الإيماء إلى أطراف أحاديث كتاب الموطأ

ابن عُبَادَة

[مقدمة التحقيق]

مقدمة

تمهيد

بسم الله الرحمن الرحيم تمهيد الحمد لله ربِّ العالَمين، إلَه الأوَّلِين والآخرين، خالقِ الخلقِ أجمعين، ومفضِّلِ بعضِهِم على بعضٍ في العقلِ والدِّين، وفي الفقرِ والغنى، وفي الضلالةِ والهدى، أَحْمَده على نِعمه المتضافرة، ومِنَنِه المتظاهرة، وآلائِه المتكاثرة، له الحمدُ على ما أَوْلَى وأَنْعَم، وأشهَدُ أن لا إله إلَّا الله وحدَه لا شريك له، وأنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه، خاتَمُ رُسلِه وأنبيائِه، ومُبَلِّغُ أحكامِه وأنبائِه، وعلى آله وأصحابه الناقِلين أقوالَه وأفعالَه، والتابعين لَهم بإحسانٍ إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد: فقد مَنَّ الله تعالى على أمَّة نبيِّه محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - بإكمال دينها، وإِتمَام نعمتِهِ عليها، بالإسلامِ الذي لا يَقبَلُ منها دِينًا سِواه، قال الله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}. ومِن فضل الله تعالى أيضًا على هذه الأمَّة أَن أَنزل عليها أفضلَ كتابٍ على أفضلِ رَسولٍ، كتابٌ فيه كلامُ ربِّ العالَمين وخالقِ الخَلقِ أجمعين، الذي هو خيرُ الكلامِ وأحْسَنُه وأصدَقُه، الذي لا يَأتيه الباطلُ من بين يديْه ولا من خلفِه، كتابٌ فيه نَبَأُ ما قَبلنا، وخَبَرُ ما بعدنا، وحُكم ما بيننا، هو الفَصْلُ لَيس بالهَزلِ، مَن تَرَكه مِن جَبَّارٍ قَصَمَه الله، ومَن ابْتَغَى الهُدَى فِي

غيرِه أَضَلَّه الله، وهو حَبْلُ الله المَتينُ، وهو الذِّكْرُ الحَكِيمُ، وهو الصِّراطُ المستقيمُ، هو الذي لا تَزِيغُ به الأهواءِ، ولا تَلْتَبِسُ به الألسن، ولا يَشْبعُ منه العُلماء، ولا يَخْلَق عَن كثرةِ الرَدِّ، ولا تَنقضي عَجَائِبُه، مَن قَال بِه صَدَقَ، ومَن عَمِل به أُجِرَ، ومَن حَكَمَ به عَدَلَ، ومَن دَعَا إليه هُدِيَ إلى صِراطٍ مستقيم. فلله الحَمد على نِعَمِه وآلائِه التِي لا تُحصَى وَصَدَق الله إِذ يقول: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا}. ومِن نِعمِه تعالى على عِباده أن بَعَث فيهم رَسولًا مِنهم، يَتْلُو عليهمِ آياتِه، ويُزَكِّيهم ويُعلِّمُهُم الكتابَ والحكمةَ، فكانت أقوالُه وأفعالهُ أحكامًا من أحكام الدِّين، مبيّنةً لِمَا أُنزلَ مِن كتابِ رَبِّ العالَمِينَ، وضَمِن الله تعالى حِفْظَها؛ إذ حِفْظُها هُو حِفظٌ للقرآن الكريمِ، قال تعالى: {بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ}، فبيّن - صلى الله عليه وسلم - كتابَ ربِّه أحسنَ بيانِ وأكملَه، وبَلَّغَ الرسالةَ، وأدَّى الأمَانَةَ، ونَصَحَ الأمَّة، وجاهَدَ في الله حق جِهَادِه، ولَحِقَ بالرَّفِيقِ الأَعلى تارِكًا أمَّتَه على المَحَجَّةِ البَيضَاءِ ليلُها كنهارِها لاَ يَزِيغ عنها إلَّا هالك، وقَامَ الصَّحابةُ رِضوان الله عليهم مِن بعده بتَبليغ سُنَّتِه وأحوالِه لِمَن بَعدهم رَاغِبِين فِي الأجرِ والثوابِ، عاملين بِما أُمروا به مِن تبليغ الدِّين وبيانِ الكتاب، ثم أَخَذ العلماءُ الكبارُ والفقهاءُ الأعلامُ في تَدوينها، والتألِيفِ بينها وتَصنِيفِها، يُمَيِّزون صَحِيحَها من سَقيمِها، حِمايةً لَها من التحريفِ والتبديلِ، ورجاءً من الله الأجْرَ الجَزيلِ. وقد بَرَز في مَجال حِفظِ السُّنة النَّبويَّة علماءٌ أجلَّاء، وأئمةٌ أعلام، منهم إمامُ دارِ الهجرة النبويَّةِ شيخُ الإسلام حُجَّةُ الأمَّة، إمامُ الأئمَّةِ، أبو عبد الله

مالك بنُ أنس بن أبي عامر بن عمرو بن الحارث الأصبحي، المدني، حَليفُ بَنِي تَيْمٍ مِن قريش، ألَّف في ذلك كتابَه العظيمَ الموسومَ بالموطأ، وأَخَذ في تَنْقيحِه وتَهْذيبِه عشرات السنين، وانتَصَبَ لتَدْريسِه ونَشْرِه، فأخذَه عنه تلامذةٌ كثيرون، ضَرَبُوا أَكبادَ الإِبل للسَّماعِ عليه والاستفادَة منه، فانتَشَر كتابُه في الآفاق، وَعَوَّلَ عليه كثَيرٌ مِن المصنفينَ والمؤلِّفين في السُّنن وجَمع الأحاديث، فرَوَوا الكثيرَ من رواياتهم من طريقِه، واستفَادوا في تهذيبِ كتبِهِم وترتِيبِها وانتقاءِ رواتِها مِن كتابِه، فكان الأصلُ في البابِ، وغيرُه اللباب، وكان الموطأ أوَّلَ خُطوة في التَّأليف في صَحيح الحديث الثابتِ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -؛ لذا كان انتشارُه أَكثرَ وأَبْلغَ من انتشارِ كتبٍ أُلفتْ في وَقت الإمامِ رحمه الله، كموطأ ابنِ أبي ذئب، ومسائلِ ربيعةَ وغيرِهما. وبعد أن دُوِّنت الدَّواوينُ، وجُمعت السننُ، لَجَأ أئمة الإسلام، وعلماءُ الأمة إلى بيان معانِيها وفقهِها، والتَّمييزِ بين صحيحِها وسقيمِها، وبيان أحوالِ رواتِها ورِجالِها، وكلِّ ما حَوَتْه من فوائِدَ عِلميَّة؛ إِسناديةٍ ومتنيةٍ، ونال الموطأَ مِن ذلكَ الشيءُ الكثيرُ، فَعَكَفَ عليه أئِمَّة الهدى شَرْحًا وتَفسيرًا، اسْتنباطًا وتدريسًا، أخرجوا منه جَواهرَ العِلم ودُرَرَه، فصَنَّفوا في ذلك مصنَّفاتٍ عِدَّة، في عُلوم شَتَّى، وكان للمغارِبَة منهم والأندلسيين فضلُ السَّبَق في ذلك، واعْتَنَوْا بموطأ الإمام مالك بَعد دخوله المغربَ على يَدِ علي بنِ زياد التونسي في رواية، أو إدريس بنِ عبد الله الكامل -مؤسِّس دولة الأدارسة بالمغرب- في رواية أخرى، وإلى الأندلسِ على يد زِياد بن عبد الرحمن شَبْطُون، ثم يحيى بن يحيى الليثي، الذي ذاعَ صِيتُه، وانتشرَت

روايتُه، وعَوَّل عليها الأئمَّة مِن بعده في شروحاتِهم، وتآلِيفِهم على موطأ الإمام مالك. وقد اشتهر بين العلماءِ أنَّ الأندلسَ والمغربَ بَلَدُ فقهٍ وفروعٍ، لا بَلدُ حديثٍ وإسناد، وأنَّ علماءَه اقْتَدَوا بعلماء الشَّرقِ وسَلَكُوا مسالِكَهم، وقلَّدوهم في علومِهم، وليس لَديهم استقلالٌ ولا تَمَيُّزٌ عِلْمِيّ، ولمَّا بلغ أبَا عَمرو بنَ الصلاح كتابُ القاضِي عياض مشارق الأنوار في بيان غريبِ الموطأ والصحيحين وغير ذلك قال فيه: مشارقُ أنوارٍ تَسَنَّت بسَبتة ... وذا عجب كون المشارق بالغرب (¬1) انتهى قوله. قلت: لا عجب من ذلك؛ فقد كان المغربُ والأندلسُ دارَ حديثٍ وفقهٍ، برَز فيه علماءُ كثيرون، وكان في الأندلس طائفةٌ من العلماءِ لا يقِلُّون عن نظرائهم بالعراق وغيرِها من يَنابِيع العلم، كبَقِيِّ بنِ مَخلِد، وقاسم بن أَصْبَغ، وابنِ أَيْمَن، ومحمد بن وضَّاح، وابنِ عبد البَر، وأَبي عَلِيٍّ الجَيَّانِي وأبي علي الصَّدَفِي، والقاضي عياض، وغيرهم. قال ابن حزم الأندلسي: "أُلِّفت عندنا تآليف في غايَة الحُسْن، لنَا خَطَرَ السَّبَق في بعضِها، فمِنها كتابُ الهِداية لعِيسى بن دِينار، وهي أرفَعُ كُتُب جُمعت في معناها على مَذهب مالك وابنِ القاسم ... -ثم عَدَّد رحمه الله بعضَ كُتُب الفقه- ثم قال: وفي تفسير القرآن كتابُ أبي عبد الرحمن بَقِيِّ بنِ مخلد فهو الكتابُ الذي أَقْطَعُ لا أسْتَثْنِي فيه أنه لَم يُؤلَّف في الإسلامِ ¬

_ (¬1) المعجم في أصحاب أبي علي الصدفي (ص: 296).

تفسيرٌ مثله، ولا تفسيرُ محمد بنِ جرير الطبري ولا غيرِه، ومنها في الحديث مصنّفه الكبيرُ الذي رَتّبه على أسماءِ الصَّحابة رضي الله تعالى عنهم، فرَوَى فيه عن أَلْفٍ وثلاثمائة صاحِبٍ ونَيِّف، ثمَّ رتَّب حَدِيثَ كلِّ صاحبٍ على أسماءِ الفقهِ وأبوابِ الأحكامِ، فهو مُصَنَّف ومسنَدٌ، وما أَعْلَمُ هذه الرتبةَ لأحدٍ قَبْلَه، مع ثِقَتِه وإتقانِه واحتِفَالِه في الحديث وجَوْدَةِ شيوخِه، فإنَّه رَوَى عن مائتَيْ رَجل وأربعةٍ وثمانينَ رَجلًا ليس فِيهم عشرة ضعفاء، وسائرُهم أعلامٌ مشاهير، ومنها مصَنّفه في فَتَاوى الصَّحابةِ ومَن دونَهم الذي أَرْبَى فيه على مصنَّفِ أبي بكر بنِ أبي شيبة ومصنّفِ عبد الرزاق بن همَّام ومصنَّف سعيد بنِ منصور وغيرِها، وانْتَظَمَ عِلمًا عظيمًا لَم يَقَعْ في شيء من هذِه، فصارتْ تآليفُ هذا الإمامِ الفاضلِ قواعدَ لِلإسلامِ لا نَظيرَ لَهَا، وكان متخيِّرًا لا يقلِّدُ أحدًا ... ومنها في الحديث مصنَّفُ أبي محمد قاسم بنِ أصبغ بنِ يوسف بنِ ناصح، ومصنّفُ محمد بنِ عبد الملك بن أَيمن، وهما مصنّفان رَفيعَان احْتَوَيَا مِن صحيح الحديث وغريبِه على ما ليس في كثيرٍ من المصنَّفَاتِ، ولقاسمِ بنِ أصبغ هذا تآليفُ حِسانٌ جدًّا منها أحكامُ القرآن على أبوابِ كتابِ إسماعيلَ وكلامِه، ومنها كتابُ المجتبى علىِ أبوابِ كتاب ابنِ الجارود المنتقى، وهو خيرٌ منه وأنْقَى حَدِيثًا وأعْلَى سَنَدًا وأكثرَ فائدَةً، ومنها كتابٌ في فضائلِ قريش وكِنانة، وكتابُه في الناسخ والمنسوخ، وكتابُ غرائب حديث مالك بن أنس مِمَّا ليس في الموطأ. ومنها كتابُ التّمهيد لصاحبنا أبي عُمر يوسف بن عبد البر، وهو الآن بعدُ في الحياة لَم يَبْلغ سِنَّ الشَّيخَوخَة، وهو كتابٌ لاَ أعلمُ في الكلامِ على فقهِ الحديث مثلَه أَصلًا، فكيفَ أحسَن مِنه، ومنها كتابُ الاستذكار، وهو

اختصار التمهيد المذكورِ، ولصاحبِنا أبي عمر بن عبد البر المذكورِ كتبٌ لا مَثيلَ لَها -مَّ ذَكَرَ بعضَ كتبه-، ثم قال: ومنها كتابُ شيخِنا القاضي أبي الوليد عبد الله بنِ يوسف بنِ الفرضي في المختلِف والمؤتلِف في أسماءِ الرجال، ولَم يَبْلُغْ عبد الغنِيُّ الحافظُ المصريُّ في ذلك إلَّا كتابين، وبَلَغَ أبو الوليد رحمه الله نَحوَ الثلاثين لا أعلم مثلَه في فنِّه أَلْبَتَّهَّ، ومنها تاريخُ أحمد بنِ سعيد ما وَضَعَ في الرِّجالِ أَحَدٌ مثلَه إلَّا ما بَلَغَنَا من تاريخ محمد بن موسى العقيلي البغدادي ولَمْ أَرَه .. - ثم ذكر كتبًا أخرى في الحديثِ والفقهِ واللّغة والتفسيرِ والشعر وغيرِ ذلك من العلومِ إلى أن قال-: وبَلَدنا على بعده مِن ينبوع العِلمِ ونَأيِه مِن مَحَلَّةِ العُلماءِ فقد ذَكَرْنا من تآليفِ أهلِه ما إن طُلبَ مثلُها بفارسَ والأهوازِ وديارِ مُضَرٍ وديارِ رَبيعةَ واليَمَنِ والشامِ أعْوِزَ وجودُ ذلك، على قُربِ المسافَةِ فِي هذه البلادِ مِن العراقِ التي هِي دارُ هجرةِ الفَهْمِ وذَوِيهِ، ومرادِ المعارفِ وأربابِها، ونحن إذا ذكرنَا أبا الأجْرَب جَعُونَة بنِ الصِّمة الكلابي في الشِّعر لَم نُباه به إلَّا جريرًا والفِرَزدَق؛ لكونِه في عصرهما، ولو أُنصف لاستثهد بشعره، فهو جار على مذهب الأوائل، لا على طريقة المحدَثين (¬1)، وإذا سَمَّينا بقيَّ بنَ مَخلد لَم نسابِق به إلَّا محمدَ بنَ إسماعيل البخاريِّ ومسلمَ بنَ الحجاج القشيريِّ وسليمانَ بنَ الأشعث السجستاني وأحمدَ بنَ شعيبٍ النسائي ... "، ثم ذكر رحمه الله بعض رجالَ الأندلسِ موازِنًا بينَ نُظرَائِهم بالشَّرقِ .. إلى آخر كلامه رحمه الله (¬2). ¬

_ (¬1) ترجم له الحميدي في جذوة المقتبس (ص: 177) وقال: "من قدماء شعراء الأندلس"، ثم أورد كلام ابن حزم الماضي فيه. (¬2) انظر: نفح الطيب (3/ 167 - 179).

وقال المَقَّرِيُّ: "وأمَّا حالُ أهلٍ الأندلسِ في فنون العلومِ؛ فتحقيقُ الإنصافِ في شأنِهم في هذا البابِ أنَّهم أحرَصُ الناس عليَّ التَّمَيُّزِ، فالجاهِلُ الذي لَم يوفِّقه اللهُ للعلمِ يَجْهَدُ أن يَتَمَيَّزَ بصَنعَةٍ، وَيَرْبأ بنفسه أن يُرى فارِغًا عَالَةً على النَّاسِ، والعالِمُ عندهم مُعَظَّمٌ مِن الخاصَّةِ والعامَّةِ، يُشار إليه ويُحال عَليه، ويَنْبُهُ قَدْرُه وذِكرُه عند النَّاسِ، ويُكرَمُ في جوارٍ أو ابْتِياع حاجَةٍ، وما أشبَهَ ذلك، ومع هذا فَلَيْسَ لأهلِ الأندلسِ مدارس تعِينهُم على طَلَب العلمِ، بل يقرؤون جميعَ العلومِ في المساجدِ -إلى أن قال-: وقراءة القرآن بالسَّبع، وروايةُ الحديث عندهم رَفيعةٌ، وللفقهِ رَوْنَقٌ وَوَجاهَةٌ، ولا مذهب لَهم إلا مذهبُ مالكٍ، وخواصُّهم يَحفظونَ مِن سائِرِ المذاهِبِ ما يُباحثون به بمَحَاضِر مُلوكِهم ذوي الهِمَمِ في العلوم .. ". اهـ كلامه رحمه الله (¬1). ولا زالَ علماءُ الأندلسِ والمغربِ لَهم أَتَمُّ عِنايةٍ بروايةِ الموطَّأ ومعرفتِه وتَحصيلِه، وألَّفوا فيه تآليفَ متَنوِّعةً، فعَمِل يحيى بنُ مُزَينٍ كتابَ تفْسير الموطأ، والمستقصية لمعاني الموطأ وتوصيل مقطوعاته، وكتابًا في رجال الموطأ، ولأبي الوليد الباجي كتابُ الإيماء، والمنتقى، والاستيفاء، كلُّها على الموطأ، ولأبي بكر بن العربي القبس، والمسالك شرحان على موطأ مالك بن أنس، ولأبي عمر الطلمنكي شرحُ مسند الموطأ، ولابن عبد البر التميهد، والاستذكار، والتجريد، ولابن الحذاء التعريف بمن ذكر في الموطأ من الرجال والنساء، ولعبد الملك بن حبيب تفسير الموطأ، وللوقَّشي تعليق على الموطأ، ولمحمد بن عيشون: توجيه الموطأ. ¬

_ (¬1) نفح الطيب (1/ 220).

ومؤلفاتُ الأندلسيين على الموطأ لا تَكاد تُحصَر، ومِن بين علماءِ أهلِ الأندلسِ الذين تَولَّوا شرحَ الموطأ شرحًا مختصرًا، الإمامُ العالِم المحدِّث الفقيهُ أبو العباس أحمد بنُ طاهر بن عيسى الداني، الأنصاري الخزرجي الأصل المولودُ سنة سبع وستين وأربعمائة، والمتوفى سنة اتنتين وثلاثين وخمسمائة، شَرَحَ موطأَ مالكٍ في كتابٍ سماه: الإيماء إلى أطراف أحاديث كتاب الموطأ، رتَّبَه على تَرتِيبِ كتب الأطراف، فذَكَرَ الصحابةَ رضي الله عنهم مُبتدئًا بِحرف الألف، وخَتَمَ كتابَه بالمراسيل، ذَكَر أحاديثَهم وبَيَّنَ مَواضِعَها من الموطأ بذِكْرِ الكتابِ أو الباب، ولم يُخلِ كتابَه من الفوائِد العلميةِ الكثيرة، فقد رَاعَى فيه الصِّناعةَ الحديثية، ببيان عِلَلِ الحديث، واختلاف الرواةِ على مالك، وكذا مخالفةِ الرواة لمالك، وصَحَّحَ وعلَّلَ، وصَوَّبَ وخَطَّأَ، ونَقَلَ عن أئمة العِلَلِ كعليِّ بن المديني، ومسلم بن الحجاج، والدارقطني، وسَمَّى كتبًا بعضُها موجودٌ، وبعضُها مفقودٌ، مراعيًا في كلُّ ذلك الضوابطَ العِلميَّةِ، وبَيَّنَ كذلك ما اشتملتْ عليه روايةُ يحيى الليثي من تَحريفٍ وتَصحيفٍ وأخطاءٍ وقع فيها يحيى بمقارَنَتِها مع الروايات الأخرى، وبَيَّنَ زوائدَ تلك الرواياتِ على رواية يحيى، إلى غيرِ ذلك من الفوائدِ العظيمةِ الموجودةِ في كتابِه. ولَمَّا وَقَعَ نظرنا على هذا الكتابِ الفَذِّ في بابه لَم نتَرَدَّد في العملِ فيه وتَقْدِيمه رسالةً لنيلِ درجة العالَمية الماجستير، وكان الفضلُ في ذلك بعد الله عزَّ وجلَّ للشيخ الدكتور عبد الصمد بن بكر عابد، الذي أَطْلَعَنا على هذا الكتابِ، وحَفَّزَنا للاشتغَال فيه وتَحقيقِه، مع أنه قام بتحقيقِ جزءٍ منه، فجزأه الله عنَّا كلَّ خيرٍ وأجْزَلَ له المثوبةَ في االدُّنيا والآخرة.

خطة العمل في الرسالة

خطّة العمل في الرسالة: جعلنا العملَ في الرسالة قسمين: قسم الدراسة وقسم التحقيق. أولًا: قسم الدراسة: ويشتمل على مقدمه وأربعة فصول. فالمقدّمة: اشتملت على ما يلي: تمهيد، وفيه كلمة موجزة حولَ حِفظ السنَّة وتأليفِ الموطأ وعنايةِ أهلِ الأندلس به. - العملُ في الرسالة. - بيانُ منهج التحقيق. - شكرٌ وتقدير. الفصل الأول: عصر المصنِّف رحمه الله باختصار، وفيه مبحثان. المبحث الأول: الحالة السياسية في عصره. المبحث الثاني: الحالة العلمية في عصره. الفصل الثاني: ترجمة المصنِّف، وفيه ستة عشر مبحثًا. المبحث الأول: المترجمون له. المبحث الثاني: اسمه ونسبه ونسبته وكنيته. المبحث الثالث: مولده. المبحث الرابع: نشأته وعنايته بالعلم ولقاء الرجال. المبحث الخامس: أسرته.

المبحث السادس: رحلاته. المبحث السابع: مسموعاته، وأعني بها التي سمعها من شيوخه من خلال ما ذكرته كتب التراجم، سواء ذكرها في كتاب الإيماء أم لا. المبحت الثامن: شيوخه. المبحث التاسع: أقرانه. المبحث العاشر: تلاميذه. المبحث الحادي عشر: أعماله. المبحت الثانى عشر: أصوله، ومصنّفاته. المبحث الثالث عشر: ثناء العلماء عليه. المبحث الرابع عشر: عقيدته. المبحث الخامس عشر: مذهبه الفقهي. المبحث السادس عشر: وفاته. الفصل الثالث: دراسة الكتاب، وفيه خمسة مباحث. المبحث الأول: إثبات اسم الكتاب. المبحث الثاني: نسبة الكتاب للمؤلف. المبحث الثالث: ثناء العلماء على الكتاب ومنزلته العلمية. المبحث الرابع: منهج المؤلف في الكتاب. وفيه سبعة مطالب: المطلب الأول: منهجُ المصنِّف في ترتيب الكتاب.

المطلب الثانى: منهجُ المصنِّفِ من حيث التطويلُ والاختصارُ. المطلب الثالت: منهجه في إيراد الأحاديث، والحكم عليها وتعليلها. وفيه مسألتان. المسألة الأولى: التخريج. المسألة الثانية: الحكم على الأحاديث وتعليلها. المطلب الرابع: منهجه في بيان غريب ألفاظ الحديث، وضبط مفرداتها، وبيان معانيها. المطلب الخامس: منهجه في علم الرجال والجرح والتعديل. المطلب السادس: منهجه في إيراد المسائل الفقهية. المطلب السابع: مصطلحاته في الكتاب. المبحث الخامس: وصف النسخة العتمدة في التحقيق. الفصل الرابع: موارد المؤلف في كتابه، ويشتمل على تمهيد وأربعة مباحث: المبحث الأول: ذكرُ روايةِ يحيى بن يحيى للموطأ، فهي الأصل في الباب. ويكون البحثُ فيه على النحوِ التالي: - ترجمةٌ موجزةٌ ليحيى بن يحيى الليثي. - ثناءُ العلماءِ عليه. - سماعُه للموطأ. - منزلتُه في الروايةِ عن مالك.

- الرواةُ عنه، وفيه ذكر الفَرقِ بين روايةِ عبيدِ الله بنِ يحيى عن أبيه، وروايةِ محمد بنِ وضَّاح القرطبي، عن يحيى بن يحيى. - النسخ الخطية للموطأ برواية يحيى بن يحيى الليثي، وفيه وصف للنسخ المعتمدةِ في التحقيق. - المطبوعُ من رواية يحيى، وفيه ذكرُ الطبعة الشهورة، وهي طبعة محمد فؤاد عبد الباقي، وأهمّ المآخذِ عليها. المبحث الثاني: ذكر الروايات الأخرى للموطأ التي اعتمدَها المصنِّف. ويكون البحثُ فيه على النحو التالي: - ترجمةٌ موجزةٌ لصاحب الرواية. - ثناء العلماء عليه. - سماعُه للموطأ. - منزلته في الرواية عن مالك. - نسخ الرواية المطبوع منها والمخطوط إنْ وُجد، مع ذكرِ أهمِّ الآخذ على المطبوع. المبحث الثالث: ما صرَّح المصنِّف فيه باسمِ الكتاب. وذكرت فيه اسمَ الكتابِ كما ذكره المصنِّف، والمواضعَ الَّتي ذُكر فيها الكتاب، أو بعضَها إن أكثرَ منها المصنِّف، وذكرت مَن ذكر الكتابَ من العلماءِ إذا لم يكن مشهورًا، وكذا نَبَّهتُ على وجوده؛ إمَّا مطبوعًا أو مخطوطًا، وإن سَكَتُّ فيعني أنني لم أَقِف عليه لا مطبوعًا ولا مخطوطًا، وقد أنبِّه أيضًا على بعض طبعاتِ الكتاب من حيث رداءتها، والتصحيفُ

منهج التحقيق

والتحريفُ الواقع فيها، وكذا صحةُ نسبتِه للمؤلف. المبحث الرابع: ما نَقلَه المصنِّف عن غيره وأَبهَمَ في نقله أسماءَ المصنَّفات. وذكرتُ فيه اسمَ المؤلِّف، وما له من الكتبِ، وأذكر أقربَ تلكَ الكتبِ إلى ما نقله المصنِّف، ونبّهتُ على وجود الكتابِ إمَّا مطبوعًا أو مخطوطًا. منهج التحقيق: اعتمدتُ في تحقيق كتاب الإيماء إلى أطراف أحاديث كتاب الموطأ لأبي العباس الداني على نسخةٍ فريدة، ولا أعلم لها ثانيةً بعد البحث وسؤال أهلِ الاختصاص. وسلكتُ في تحقيق المخطوطِ المنهجَ التالي: أولًا: اللَحَق: لم أنبِّه على اللَحَق الموجود في الحاشيةِ، وأَدخلتُه في المتن؛ لأنَّ حكمَه حكمُ الصُّلْبِ. ثانيًا: السَّقْط: نبّهتُ على ما وقع من سَقطٍ يسير في النسخة، فإذا كان الساقطُ كلمةً أو حرفًا وضعته بين معقوفين ونبَّهتُ في الحاشية أنه سقط من الأصل، والتصويبُ من كذا، أو وبه يستقيم الكلام، أو نحو ذلك. ثالثًا: التصحيفُ والتحريف. إذا وقع التصحيف والتحريف في نسخةِ الأصل نبَّهتُ عليه، فإن كان ما في الأصلِ تصحيفًا صريحًا لا يحتمله وجهٌ من أوجه اللُّغة، أو ألفاظ

الأحاديث غيَّرتُ ما في الأصل، وأشرتُ في الهامش إلى التصحيف، وأما إذا احتمل الصوابَ فإنني أُبقيه في الأصل، وأنبِّه عليه في الحاشية، وأقول: ويَحتمل كذا، ولعلّه كذا. رابعًا: الزيادات. وقع في الأصل المعتمد بعضُ الكلمات الزائدةِ لا يقتضيها السياق، وكان الناسخُ أثناءَ المقابلة يَضْرِبُ على تلك الزيادات، إلَّا أنَّه غَفَل عن بعضِها، فضربتُ عليها ولم أثبِتْها في النَّصِّ، ونبّهت على ذلك في الحاشية، فأقول: في الأصل زيادة كذا، وهو خطأ، والسياق يقتضي حذفها، أو غير ذلك من العبارات، وأمَّا الَّتي ضرب عليها الناسخُ فلم أُبيّنها، وليسَ لها حكمَ الأصلِ. خامسًا: ضبطُ النص. 1 - كتبتُ النصَّ وضبطتُه على الرسم الإملائيِّ الحديث، وضبطتُه بالشَّكل قَدْرَ الطَاقة، ثم قابَلتُه أكثرَ من أربَع مرّاتٍ، ولا أَدَّعِي أَنّني وَفّيتُه حقَّه، فمعارضةُ الكتابِ أهمُّ عَمَلٍ يقومُ به المحقِّق، وقد قال الإمامُ معمَر بن راشد رحمه الله: "لَو عُورضَ الكتابُ مائةَ مرَّة ما كاد يَسْلَمُ من أن يكون فيه سَقط -أو قال خطأ-" (¬1). 2 - حدّدتُ بداية اللوحات (أ، ب) وأثبتُّ ذلك بالهامش، ووضعت الخطَّ المائل قَبل الكلمةِ التي تبدأ بها اللوحة. 3 - رقَّمتُ الأحاديث، وراعيتُ في ذلك ما عدَّه المصنِّف حديثًا مرفوعًا ¬

_ (¬1) جامع بيان العلم (1/ 93).

أو له حكمَ الرفع، وما لَم يكن على شرطِه ولَم يَعُدَّه حديثًا وإنَّما ذكره تَنبيهًا، جعلت له دائرةً كشكل نُقطة، ولَم أضع له رقمًا. وقد راعى المصنِّف في كتابه عدَّ أحاديثَ الموطأ، وذكر في آخِر قسمِ الكنى عددَ الأحاديثِ التي تقدّمت في الكتاب. 4 - كتبتُ الأحاديثَ النبوية، وأسماءَ الكتُب، وكلمةَ: "حديث"، وكلمةَ: "قال الشيخ أبو العباس"؛ أي المصنِّف، بخطٍّ أثخن تمييزًا لها عن سائر النص. 5 - بيّنت مواضعَ أقوالِ أهل العلم من كُتبهم، أو من كَتبٍ نقلَت أقوالَهم، إلا القليلَ الذي لم أقف عليه. 6 - أَكْثَرَ المصنِّف من الإحالات على أحاديثَ ومواضعَ كثيرةٍ من كتابِه سواء تَقَدَّمت أم ستأتي، فبيّنتُ تلكَ المواضع بذكر الصفحةِ إن كانت المواضع في قِسمي، وإن كانت في القسم الآخر الذي قام بتحقيقه أخونا عبد الباري عبد الحميد، فإنَّني بيّنتُ ذلك بالإحالة إلى رقم اللوحة؛ لتعذّر الإحالة على الصفحة وقتئذٍ. سادسًا: الآيات القرآنية. 1 - كتب الناسخ الآيات القرآنية برواية ورش عن نافع، وراعيتُ ذلك في النص، فهي الروايةُ المشهورةُ في الأندلس والمغرب في عصر المصنِّف إلى يومِنا هذا، وذكرتُ إن كانت هناك فروقٌ بينها وبين القراءات الأخرى. 2 - عزوت الآيات القرآنية ببيان مواضعِها من المصحف الشريف،

بذكر السورة ورقم الآية، إلَّا الآيات المشهورة كصِغار السُّوَر مثل الفاتحة والإخلاص وغيرِهما. سابعًا: الأحاديت النبوية. قسمتُ تخريج الأحاديث إلى قسمين. القسم الأول: أحاديث الموطأ (موضوع الكتاب): اكتفيتُ بتخريجها وبيان مواضِعها من الكتب التسعة (¬1)، واقتصرتُ على هذه الكتب؛ لأنَّ مدارَ الأحاديث والسنن والأحكام عليها، واقتصرتُ في تخريجها على ما ورد منها من طريق مالكٍ خاصة دون غيره؛ تنبيهًا لاستفادة هؤلاء الأعلام من موطأ الإمام مالك، ثم طلبًا للاختصار، إلَّا في حالة ذكر الأحاديث التي خولف فيها مالك، فأذكرُ مَن تابعه من الرواة وخالفه. - وإن كان ثمَّةَ خلافٌ بين رواةِ الموطأ، أو الرواةِ عن مالك، فإنني أَجتهد في تخريج الحديث من الموطآت الأخرى، أو الكتب التي تروِي الحديث من طريقِ تلميذ مالك. القسم الثاني: الأحاديث التي يوردها المصنِّف وليست في الموطأ، كبيانِ لِما أُجمل في الموطأ، أو اختلافٍ على الرواة في رَفع ووقفٍ، أو وَصلٍ وإرسالٍ، أو تخصيص عامٍ، وغير ذلك، فنهجتُ في تخريجها ما يلي: 1 - إن كان الحديث في الصحيحين أو أحدِهما فإنني أكتفي بالعزوِ إليه دون غيرِه، إلَّا إن كان الأمرُ يَتطلّبُ جَمْعَ الطرقِ للحديثِ الواحد؛ لبيانِ ¬

_ (¬1) الموطأ والصحيحان، والسنن الأربعة، ومسند الإمام أحمد، وسنن الدارمي.

علّةٍ أو موافقةٍ أو مخالفةٍ، فإنني أخرِّجه من الطرق الأخرى. 2 - إن لم يكن في أحَدِ الصحيحين خرَّجته من كتبِ الحديثِ الأخرى, والأجزاءِ الحديثية، وغيرِها. - راعيتُ في التخريج أيضًا ما ذكرَه المصنِّفُ، فأَبْدأ بالكتابِ الذي عزا إليه إن كان مَوجودًا، أو ممَّن يَروي عن صاحِبِ ذلك الكتابِ، ثم ذَكرْته من الوجه الأخرى. - ذكرتُ في التخريج الجزءَ ورقم الصفحةِ ورقم الحديث إن وُجد، وبالنسبة للكتبِ التسعة راعيتُ فيها ذكرَ الكتاب واسمَ البابِ، وذلك لتَعدُّد طبعاتِها، وقد أُغْفِلُ ذكرَ الكتابِ والبابِ إن ذكر قبلَ ذلك فِي نفسِ حَديث البابِ، طلبًا للاختِصَار. - حكمتُ على أسانيد الأحاديثِ، وبَيَّنْتُ عِلَلَها، بذِكْرِ أقوالِ أهلِ العلمِ في ذلك. - بيّنتُ المتابعاتِ والشواهدَ والصحيحَ من الضعيفِ على ما تَقتضِيه قواعد علومِ الحديث. - قد يَذكر المصنِّف مَن أخرج حَديث مالكٍ من الأئمة المصنِّفين كالبخاري وغيره، فلا أعيد ذِكرَ موضعِه فيه، وإنَّما أَكْتَفِي بقولي: تقدّم تخريجُه، وأعني أنَّه تَقدَّم قريبًا. ثامنًا: الآثار. خرَّجت الآثار من مصادرها، وبيّنت الصحيحَ من غيره.

تاسعًا: الأعلام. ترجمت للأعلام الوارد ذكرُهم في النَّص، واستثنيتُ من ذلك: 1 - رجالَ الكتب الستة، إلَّا الضعيف والمتكلَّمِ فيه، ومَن كان مَدارُ العلَّة عليه ولو كان ثقةً، وكذا مَن ذَكَر المصنِّف شيئًا من أقوالِ أهل العلم فيه. 2 - المصنِّفين المشهورين كأصحابِ الكتب الستة، والكتب المشهورة، وغيرهم. 3 - الصحابةَ؛ لأنَّهم عدولٌ، إلَّا من ترجَمَه المصنِّف، أو اختلِفَ في صحبته. عند ترجمة العَلَم، راعيتُ في ذلك قراءةَ أقوالِ أهلِ العلم فيه، ثم ذكرتُ رتبتَه باختصَارٍ، إمَّا بكلامِ الحافظ الذهبي، أو ابن حجر، أو أَحَد أئمة الجرح والتعديل، وقد أُلَخِّص رتبتَه باجتهاد منِّي إن رأيت أنَّ ما ذكره الحافظُ مخالفٌ لسائِرِ أقوال أهل العلمِ، وقد أَكْتَفِي بذِكْرِ أقوالِ أهل العلمِ في ذلك الرجلِ بِحَسَبِ الفائدة والمناسبة، كأن يكون متكلَّمًا في روايته عن شيخٍ من شيوخه، أو في حديث من أحاديثه. عاشرًا: المسائل الفقهية. راعيتُ عند ذكرِ أقوالِ أهلِ العلم في المسألة الفقهية الاختصارَ دون التطويلِ، وبَيَّنتُ في الغالب الراجحَ في تلك المسألة بذكرِ بعضِ الأدلَّةِ المرجِّحَة. حادي عشر: الكلمات الغريبة والبلدان. - شرحتُ الألفاظَ الغريبة، وضبطتُ منها ما يَحتاج إلى ضَبطٍ،

- بيّنتُ المواضعَ والبلدانَ التي ذكرها المصنِّف في كتابه، مراعيًا في ذلك ما ذَكَرَه القدماءُ والمعاصرون، وبيّنتُ في الأغلبِ موقعَ في الزمَنِ الحاضر مُحَدِّدًا المسافاتِ بالمقياسِ الحاضر. ثاني عشر: الفهارس. وضعتُ الفهارسَ العلميةَ الضروريةَ آخرَ الرسالة، وتشتمل على: - فهرسِ الآيات القرآنية. - فهرسِ الأحاديث. - فهرسِ الآثار. - فهرسِ الأعلام الوارد ذكرهم في النص. - فهرسِ الكلمات الغريبة. - فهرسِ المواضع والبلدان. - ثَبَتِ المراجع العلمية. - فهرسِ مسانيد الصحابة على ترتيب حروف المعجم عند المشارقة. - فهرسِ الموضوعات. ثانيا: قسم التحقيق. وفيه النَّصُّ المحقق.

شكر وتقدير

شكر وتقدير: وفي الختامِ فإننا نشكرُ الله تبارك وتعالى الذي وفَّقَنا لإتمامِ هذا البحثِ، ونسأله سبحانَه أن يَجْعلَه في ميزان حسناتنا يومَ القيامةِ. ثم نشكرُ فضيلةَ الشيخ الدكتور عبد الصمد بنِ بكر عابد الأستاذ المشارك بكلية الحديث الشريف بالجامعة الإسلامية، الذي كان السَّببَ بعد الله عزَّ وجلَّ في اختيارِ هذا الكتاب. ونتقدّم بالشكرِ لمشرفنا الشيخ الدكتور عبد الرحيم بنِ محمد القشقري، الأستاذُ بقسم علوم الحديث، ورئيسُ القسم بكلية الحديث الشريف، والمشرفُ على هذه الرسالة الذي لَم يَدَّخِر وُسْعًا ولَم يَأْلُ جُهدًا في سبيل إنجاز هذا العمل، وذلك بِما قدَّمه من ملحوظات وآراء سديدة، فنشكره على ما أفادنا به، ووجّهنا وقوّم به رسالتنا. ونتقدَّم بالشكر أيضًا لعضوي المناقشة: الشيخ الدكتور عبد الصمد بن بكر عابد، والشيخ الدكتور مرزوق بن هياس الزهراني، الذين تفضَّلا مشكورين لمناقشة هذه الرسالة، فجزاهما الله خيرًا على قراءتهما هذا البحث رغم كثرة أشغالهما العلمية، فجزاهما الله خيرًا. وأخيرًا فإننا بذلنا جهدنا وطاقتنا في خدمة هذا الموضوع، فما كان فيه من صواب فمن الله وحده، وما كان فيه من خطأ فمنا ومن الشيطان، وإننا نستغفر الله، ونسأله التجاوز عنَّا في كل ما أخطأنا، فإنَّا محلّ الخطأ

والغلط والجهل، وهو سبحانه وتعالى أهل المغفرة والسَّعة والغِنى المطلق، فهو الغني ونحن الفقراء إلى رحمته، فنسأله سبحانه أن لا يعاملنا بِما نحن له أهل، ويعاملنا بما هو له أهل. قال الإمام مالك بن أنس رحمه الله تعالى: "ونحن نخطئ ومن يسلم من الخطأ" (¬1). والحمد لله وحده أولا وآخرًا وصلى الله على نبيّه وعلى آله وصحبه وسلّم. المحققان ¬

_ (¬1) انظر: فتح المغيث 1/ 238، شرح الموطأ للزرقاني 3/ 116 , 4/ 85.

القسم الأول: الدراسة

الفصل الأول: عصر المصنف

الفصلُ الأوَّل: عصرُ المصنِّف وفيه مبحثان المبحثُ الأوَّل: الحياةُ السياسية المبحثُ الثاني: الحياةُ العلمية

المبحث الأول: الحالة السياسية

المبحث الأوَّل: الحالةُ السياسية: عاصر أبو العباس الداني رحمه الله قيامَ عدّة دوَلٍ، فبعد انهيار الدولة الأموية وانتهاء حكمها في الأندلس سنة (422 هـ) قامت عدّةُ دولٍ وطوائف يمثِّل كلَّ طائفة منها رئيسٌ أو ملكٌ، استقلَّ كلُّ واحد منهم بناحيةٍ مِن نواحي الأندلس، واستبدّ كلُّ رئيس منهم بتدبير ما تغلَّب عليه من الجهات. وكانت هذه الدول الصغيرة متخاصمةً متنابذةً فيما بينها، لا تربطها صلةٌ ولا تجمع مصلحتها كلمةٌ، عُرفت بدول الطوائف، ويُعرف رؤساؤها بملوك الطوائف، وتَسمَّى كلُّ واحد منهم بألقاب مختلفة كالمقتدر والمعتمد وغير ذلك. وأبلغُ وصفٍ لحال الأندلس في عهد ملوك الطوائف ما قاله أبو الحسن بن رشيق القيرواني: ممّا يزهِّدني في أرض أندلس ... تلقيبُ معتضد فيها ومعتمد ألقابُ مملكة في غيرِ موضعِها ... كالهرِّ يحكي انتفاخًا صَولة الأسَد (¬1) وقال ابن حزم الأندلسي: "فضيحةٌ لم يقع في العالم إلى اليوم مثلُها، أربعةُ رجالٍ في مسافة ثلاثة أيَّام في مثلها كلُّهم يَتسمَّى بأمير المؤمنين، ويُخطب لهم بها في زمن واحد ... " (¬2). ¬

_ (¬1) نفح الطيب (1/ 214). (¬2) رسائل ابن حزم (2/ 97).

وكان لاختلاف عناصر المجتمع الأندلسي وتعدُّد طوائفه مِن عرَب وبرْبَرٍ وصقالبة أثره في اختلاف أجناس القيادات السياسية بين الممالك، فكان في القيادة أربعُ فئات: العربُ، والبربرُ، والفتيانُ العامريون، وموالي الأمويين. وكان على مدينة دانية في أوَّل هذه الفتنة الفتيانُ العامريون بزعامة مجاهد العامري، خرج إلى دانية وضبطها وجميع أعمالها وتَسمَّى بالموفّق بالله، وأخذ كذلك الجزائر الثلاث (ميورقة ومنورقة ويابسة)، وغزا غيرها من بلاد الروم كسردانية. وكان من أهل العفاف والخير وامتاز على ملوك الطوائف بالأنباء البديعة كالعلم والمعرفة والأدب والشجاعة وحُسن السياسة، فكانت مملكتُه أبعدَ مملكةٍ مِن الحروب الأهلية القائمة بين دول الطوائف، وذلك لموقعها المنعزل الحصين، وكانت رياستُه تمتدُّ عبر البحر، فغلبت على المدينة صفتُها البحرية على الصفة البرية، وكان لمجاهد أعظمُ أسطولٍ بحريٍّ في الأندلس (¬1). وقصده العلماء والفقهاء من الشرق والغرب وألّفوا له التواليف المفيدة في سائر العلوم، وكان محبًّا لعلوم القرآن حتى صار أهل دانية أقرأَ أهلِ الأندلس (¬2). ثمَّ ولي مِن بعده ابنُه بعد وفاة أبيه سنة (436 هـ) عليُّ بن مجاهد إقبال الدولة، وكان على سيرة أبيه، صيِّنًا عفيفًا مؤثرًا للعلوم الشرعية (¬3). ¬

_ (¬1) انظر: البيان المغرب (2/ 156)، ودول الطوائف (ص: 188 - 190). (¬2) انظر: البيان المغرب (2/ 156)، معجم البلدان (2/ 434). (¬3) المعجب في تلخيص أخبار المغرب (ص: 127).

ثم غزاه أحدُ بني هود وهو أحمدُ بن سليمان بن هود المقتدر بالله صاحبُ سرَقسطة، واستولى على مدينته دانية، وضيَّق عليه، ثمَّ بادر عليُّ بن مجاهد فأسلمه مُلكَه، ونزل له عن قصره فأمر أحمدُ بن سليمان برفع القتال عنه، وخرج عليُّ بن مجاهد مِن دانية سنة (468 هـ) إلى سرقُسطة، وأقطع له أحمد بن سليمان فيها إقطاعًا لمؤنة عيشه. وفي أواخر دولة علي بن مجاهد وُلد المصنِّف سنة (467 هـ) كما سيأتي. فبايع أهلُ دانية ومَن حولها أحمدَ بن هود، فأقام بها مدّةً ينظر في أمرها. وكان في أيَّام ابن هود وقائع بينه وبين الروم، واتفقت على يديه فتوحاتٌ عظيمة، ثمَّ لم يزل ابنُ هود يَضعُفُ والرومُ يتقوّون عليه، وفي آخر أيّامه أصابته علّةٌ في جسمه أذهبت حسَّه وعقلَه إلا أن توفي سنة (475 هـ) (¬1). ثمَّ تولّى مِن بعده ابنُه المنذرُ بن هود. ولم تزل هذه الدولُ قائمةً بالأندلس وحالُها يضعف وثغورُها تختلُّ ومُجاورُوها مِن الروم تشتدُّ أطماعُهم ويقوى تشوُّفُهم، حتى بدأت بعض دوَلهم تتساقطُ في أيدي النَّصارى. وفي سنة (479 هـ) جاز المعتمدُ على الله أحد ملوك الطوائف البحرَ قاصدًا مدينةَ مرَّاكش بالمغرب إلا يوسفَ بن تاشفين أمير المسلمين ¬

_ (¬1) انظر: البيان المغرب (3/ 228، 229).

مستنصرًا به على الروم، فأسرع أميرُ المسلمين إجابته إلى ما دعاه، فأخذ في أُهبة العبور إلى جزيرة الأندلس، فعبر البحرَ بعسكرٍ ضخمٍ، وتوجّه نحو شرق الأندلس مجاهدًا العدوَّ، ولقي في طريقه ملوكَ الأندلس، فاجتمع له مِن جيشه وما انتدب من النَّاس عشرون ألفَ مقاتل، واجتمع النَّصارى في عدد كبير بقيادة الأدفنش، ووقعت بينهم وقعةُ الزلَّاقة المشهورة التي انتصر فيها المسلمون نصرًا مؤزَّرًا، أعزَّ الله فيه دينَه وأعلى كلمتَه، وقطع طمعَ الروم عن الجزيرة الخضراء، ثمَّ رجع يوسف بن تاشفين إلى قاعدة ملكه مرَّاكش، وتركَ جندًا من جنوده على الثغور مرابطين في سبيل الله. وفي سنة (486 هـ) استولى الطاغية لذريق النصراني على بلنسية، واشتدّ حالُ أهلها، وعظم أمرُهم وبلاؤُهم، فاستصرخوا بأمير المسلمين ابن تاشفين مرةً أخرى، فجدَّ في أمرهم وأمر قوَّادَه وعمَّالَه على بلاد الأندلس بنصرهم. وفي سنة (487 هـ) تغلّب العدوُّ على بلنسية، واشتدَّ جزعُ المسلمين بدانية، وحميت بها الفتنةُ، واشتدّت المحنُ، وغلت الأسعار، وانتشر الوباء والأمراض، فخاطب الناسُ أميرَ المسلمين مستصرخين معلمين بفساد الشرق وإشراف الأمَّة على الهلاك، فتحرّك أمير المسلمين وجنَّد الأجناد، ففتح الله بلاد بلنسية على يد المرابطين بعد حين. ثمَّ بعدها بدأ ابن تاشفين يوجّه أمراءَه وقوَّادَه إلى أنحاء الأندلس، فأخذ بعضَ الجهات، ثمَّ استولى على المدن العظيمة كإشبيلية وغيرها، ثمَّ لم يزل يطوي تلك الممالك مملكةً مملكةً حتى دانت له جميع الأندلس، فأظهر النِّكايةَ بالعدوَ والدِّفاعَ عن أهل الأندلس، فأحبَّه أهل الأندلس، واشتدَّ خوفُ الروم منه، وتَسمَّى هو وأصحابه بالمرابطين.

وتوفي أميرُ المسلمين سنة (500 هـ)، ثمَّ تولى بعده ابنه عليُّ بن يوسف بن تاشفين، وكان زاهدًا متبتِّلًا، يؤثر أهلَ الفقه والدين، ولا يبتُّ في صغير ولا كبير من أمر الدولة إلَّا بمحضر أربعةٍ مِن الفقهاء، وكانت في وقته وقعاتٌ بين المسلمين والروم. وفي سنة (520 هـ) بدأت تتواتر أخبارُ ابن تومرت المدعي بالمهدي في المغرب وتَسمَّى هو وأصحابُه بالموحِّدين، وصارت بينه وبين علي بن تاشفين حروبٌ عدّة، ومحاصرةٌ لمرَّاكش، وكان على إمرة الأندلس ابنه تاشفين بن علي، عُرف بالجهاد والنكاية بالعدو، إلى أن استدعاه أبوه إلى مرَّاكش. وبعد سنة (530 هـ) بدأ تاشفين في قتال الموحدِّين، ثمَّ توفي أبوه علي بن يوسف بن تاشفين أمير المسلمين سنة (537 هـ). فهذه معظم الأحداث السياسية التي عاصرها المصنِّف في بلاد الأندلس والمغرب، -إذ كانت له رحلةٌ إلى المغرب كما سيأتي-، وتوفي سنة (532 هـ) في عهد المرابطين، ومجمل ذلك أنَّه عاصر عهد ملوك الطوائف. - علي بن مجاهد العامري (436 هـ- 468 هـ). - أحمد بن سليمان بن هود المقتدر (468 هـ - 474 هـ). - المنذر بن هود (474 هـ - 483 هـ). ثم دولة المرابطين بقيادة يوسف بن تاشفين، ومن بعده ولده علي بن يوسف بن تاشفين (¬1). ¬

_ (¬1) انظر تاريخ دول الطوائف والمرابطين في: المغرب في أخبار الأندلس والمغرب (4/ 31 - 96)، المعجب في تلخيص أخبار المغرب (ص: 147 - 241)، دول الطوائف (ص: 314 - 373)، الحلل السندسية (3/ 37 - 60).

المبحث الثاني: الحياة العلمية

المبحثُ الثاني: الحياةُ العلمية: تقدّم في المبحث السابق أنَّ المصنِّفَ عاش في فترات توتَّرت فيها سياسةُ الدويلات القائمة في عصره فيما بينها، ثمَّ فيما بين تلك الدويلات ودولة المرابطين الذين استولوا على الأندلس بعد ضعفها وأعادوا لها عزَّها ومجدَها. لكن بالرغم مِن تلك المنازعات بين ملوك الطوائف إلَّا أنَّهم أدَّوا دورًا بارزًا في النشاط العلمي، والعمل على ازدهاره ورفعته. ووُلد المصنِّف في بلده دانية آخرَ عهد العامريين، ونشأ في عهد دولة بني هود ودولة المرابطين عِظم حياته. وكان لبلده دانية شأنٌ عظيمٌ في أيَّام دول الطوائف، بدءًا بمجالد العامري الذي أَمَّه جملةٌ مِن العلماء وأنِسوا بمكانه، واجتمع عنده مِن طبقات علماء قرطبة وغيرها جملةٌ وافرةٌ، وفي بَلاطه عاش الفقيهُ المحدِّثُ أبو عمر بن عبد البر النمري. وكذا كان الأمر في عهد بني هود، ثم مِن بعدهم في دولة المرابطين الذين قدَّموا الفقهاءَ وعظّموهم. وكانت الحياةُ العلميةُ في هذا العهد في ازدهارٍ عظيمٍ، وشهدت الأندلسُ أبهى عصورها العلمية، يلتمس ذلك في آثار علمائها وفقهائها. وتميّز النشاطُ العلمي في عدّة أمور منها: - الرحلات العلمية التي قام بها علماء الأندلس إلى المشرق، وقد عقد المقري في نفح الطيب في المجلد الثاني وجزءًا من الثالث فصلًا كاملًا ترجم

فيه لمن كانت له رحلةٌ مِن الأندلس إلى المشرق وكذا بالعكس في مختلف العصور. - جمعُ الكتب وإنشاءُ المكتبات (¬1). - التعليمُ والتدريسُ، وقد عُني أهلُ الأندلس بتعليم أنفسهم وأبنائهم، قال المقري: "وأما حالُ أهل الأندلس في فنون العلوم فتحقيقُ الإنصاف في شأنهم في هذا الباب أنَّهم أحرصُ الناس على التميّز، فالجاهلُ الذي لم يوفِّقه الله للعلم يجهد أن يتميّز بصنعة، ويربأ بنفسه أن يُرى فارغًا عالةً على الناس، والعالمُ عندهم معظَّمٌ مِن الخاصة والعامة، يُشار إليه ويُحال عليه .. " (¬2). فكان التعليمُ وإلقاءُ الدروس ضاربًا أطنابه بكلِّ طرقه من إقراءٍ وإملاءٍ ومناظرةٍ، وكانت المساجدُ حاملةً لواءَ التعليم، قال المقري: "ليس لأهل الأندلس مدارسُ تعينهم على طلب العلم، بل يقرؤون جميعَ العلوم في المساجد بأجرة، فهم يقرؤون لأن يعلموا لا لأن يأخذوا جاريًا، فالعالم منهم بارع؛ لأنه يطلب ذلك العلم بباعث من نفسه يحمله على أن يترك الشغل الذي يستفيد منه، وينفق من عنده حتى يعلم" (¬3). وشهد كذلك عددٌ من منازل العلماء النشاط التعليمي، فكانت مأوى الطلبة يقرؤون الكتب فيها على مشايخهم (¬4). ¬

_ (¬1) انظر: نفح الطيب (1/ 462). (¬2) نفح الطيب (1/ 220). (¬3) نفح الطيب (1/ 220). (¬4) انظر مثاله سماع المصنف موطأ الإمام مالك بقراءة شيخه أبي داود المقرئ انظر: (2/ 9)، =

وبرَز في هذه الحقبة من الزمن الكثيرُ من العلماء، وصنَّفوا الكثيرَ مِن التصانيف، كأبي علي الجياني والصدفي، وأبي داود المقرئ، وأبي الوليد الباجي، وأبي بكر بن العربي، وأبي بكر غالب الغرناطي، والرشاطي وغيرهم من العلماء والفقهاء والأدباء. ومن تتبّع كتبَ التراجم كالصلة لابن بشكوال، وصلةَ الصلة لابن زبير، والتكملةَ لابن الأبار، والذيلَ والتكملة للمراكشي وغيرها علم ما وصلت إليه الأندلسُ في عهد المصنِّف من رِفعةٍ وتقدّمٍ في المجال العلمي (¬1). * * * ¬

_ = وكذا قراءة طاهر بن خلَف رياضة المتعلِّمين لأبي نعيم على أبي علي بمنزل أبي داود المقرئ وعند جامعها العتيق مَقدم أبي عليٍّ من المشرق (ص: 64) من هذه الدراسة. (¬1) وانظر ما أعدَّه الباحث د. سعد بن عبد الله البشري في كتابه القيّم: الحياة العلمية في عصر ملوك الطوائف في الأندلس (422 - 488 هـ).

الفصل الثاني: ترجمة المصنف

الفصلُ الثاني: ترجمة المصنِّف وفيه ستة عشر مبحثًا. المبحث الأول: المترجمون له المبحث الثاني: اسمه ونسبه ونسبته وكنيته المبحث الثالث: مولده المبحث الرابع: نشأته وعنايته بالعلم ولقاء الرجال المبحث الخامس: أسرته المبحث السادس: رحلاته المبحث السابع: مسموعاته المبحث الثامن: شيوخه المبحث التاسع: أصحابه المبحث العاشر: تلاميذه المبحث الحادي عشر: أعماله المبحث الثاني عشر: أصوله، ومصنّفاته المبحث الثالث عشر: ثناء العلماء عليه المبحث الرابع عشر: عقيدته المبحث الخامس عشر: مذهبه الفقهي المبحث السادس عشر: وفاته

المبحث الأول: المترجمون له

المبحث الأول: المترجمون له. تناول ترجمةَ المصنِّف العديدُ من علماء التراجم، وأكثرُهم من الأندلسيِّين والمغاربة، فأوَّلُ مَن ترجم له: - القاضى عياض اليَحصُبي (ت: 544 هـ) في فهرست شيوخه الغنية (ص: 118). - وأبو القاسم ابن بشكوال (ت: 578 هـ) في كتابه الصلة (1/ 78، 79) إلَّا أنه لم يستوف أخبارَه كما ينبغي، بل لم يذكره إلا ملحقًا بعد فراغه من الكتاب. قال ابن الأبّار: "ذكره ابن بشكوال في ملحقاته وزياداته التي ذيّل بها الكتاب بعد الفراغ منه، ولم يجوِّده ولا استوفى خبرَه" (¬1). - وأحمد بن يحيى الضبي (ت: 599 هـ) في بغية الملتمس (ص: 180). - وابن الأبّار محمد بن عبد الله القضاعي (ت: 658 هـ) في كتابين من كتبه، الأول: التكلمة لكتاب الصلة (1/ 43، 44) (¬2)، والثاني: المعجم في ¬

_ (¬1) التكملة لكتاب الصلة (1/ 44)، وانظر: الذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة (1/ 1/ 131). (¬2) ذكر محمد بن شريفة في حاشية (1) من تحقيقه لكتاب الذيل والتكملة (1/ 1 / 130) أنه وقع اضطراب في ترجمة أبي العباس الدانى في التكملة، إذ ورد بعض ترجمته تحت (رقم: 108)، ومعظمها تحت (رقم: 127). وبالرجوع إلى التكملة (1/ 37 / رقم: 108) نجده ترجم لأحمد بن سعيد بن عبد الله السبائي أبى جعفر. =

أصحاب أبي علي الصدفي (ص: 14 - 17). - وأبو عبد الله محمد بن محمد بن عبد الملك الأنصاري الأوسي المراكشي (ت: 743 هـ) في كتابه الذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة (1/ 1/ 131). - والإمام شمس الدين الذهبي (ت: 748 هـ) في كتابه تاريخ الإسلام (حوادث 531 - 540/ ص: 263). - وبرهان الدين إبراهيم بن علي بن محمد بن فرحون المالكي (ت: 799 هـ) في كتابه الديباج المذهب في أعيان علماء المذهب (ص: 45). - ومحمد بن محمد مخلوف في كتابه شجرة النور الزكية في طبقات المالكية (ص: 133). - وعمر رضا كحالة في كتابه معجم المؤلفين (1/ 255). - والزركلي في كتابه الأعلام (1/ 139). - والأمير شكيب أرسلان في كتابه الحلل السندسية في الأخبار والآثار الأندلسية (3/ 251) (¬1). ¬

_ = وترجم في (1/ 43/ رقم: 128) للمؤلف، ولم يقع في الكتاب أي تخليط واضطراب، فلعل ما ذكره بناه على طبعة أخرى للكتاب غير هذه، والله أعلم. (¬1) وترجم أيضًا بالصفحة نفسها لأحمد بن طاهر بن علي بن عيسى، وقال: "ذكره ابن عميرة (أي الضبي) في بغية الملتمس". قلت: وهو رجل واحد، والذي جعله يفصل بين الترجمتين سنة الوفاة، فذكر أنَّ أبا العباس توفي سنة (520 هـ)، تبع في ذلك القاضي عياض وابن بشكوال، وسيأتي التنبيه على هذا الوهم.

المبحث الثاني: اسمه ونسبه ونسبته وكنيته

المبحث الثاني: اسمه ونسبه ونسبته وكنيته هو أحمد بن طاهر بن علي بن عيسى بن محمد بن اشتَرِمِني (¬1) بن رُصَيْص (¬2) بن فاخِر بن فَرَج بن وَليد بن عبد الله بن نُعم الخلف بن حسَّان بن قيس بن سعد بن عبادة الأنصاري الخزرجي الداني، مِن ولد سَعد بن عبادة رضي الله عنه صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. كنيته: أبو العباس (¬3). أصل سَلفه من شارقة عمل بَلَنْسِية، وهي قلعة الأشراف المذكورة في التواريخ الأندلسية، وانتقل جدُّه إلى دانية (¬4). ¬

_ (¬1) هو على صيغة الأمر من الاشتراء من المتكلِّم، قال المراكشي: "وأظنه لقبًا والله أعلم". الذيل والتكملة (1/ 1/ 130). (¬2) براء وصادين مهملتين مصغرًا. الذيل والتكملة (1/ 1/ 130). (¬3) ذكر هذا النسب كاملًا ابن الأبار في التكملة (1/ 43)، والمراكشي في الذيل والتكملة (1/ 1/ 129) إلا أنّه لم يذكر جدَّه عليًّا. وكلُّ من ترجم له ذكر أنَّ اسمَ جدِّه عليٌّ، ولم يزيدوا في نسبه على جدّ أبيه عيسى. انظر: الغنية (ص: 118)، والصلة (1/ 78)، المعجم في أصحاب الصدفي (ص: 14)، بغية الملتمس (ص: 180)، تاريخ الإسلام (حوادث 531 - 540 /ص: 263)، الديباج المذهب (ص: 45)، شجرة النور (ص: 133). ووقع في الغنية للقاضي عياض (ص: 118): "أحمد بن طاهر بن علي بن شبرين بن علي بن عيسى". تفرّد بذكر شبرين بن علي، وأظنه خطأ من النساخ، بدليل أنّ المحقق ذكر في حاشية (2): أن هذه الزيادة ساقطة من نسخة (ط)، وكان الأولى إسقاطها، والله أعلم. (¬4) انظر: التكملة (1/ 43)، المعجم في أصحاب الصدفي (ص: 15).

ودَانِية: بعد الألف نون مكسورة بعدها ياء مثناة من تحت مفتوحة. مدينة في شرق الأندلس على ساحل البحر، وهي مدينة حديثة انتقل إليها أهل أندارة، ولها رساتيق واسعة كثيرة التين والعنب واللوز، ومنظرها بديع، ولها رابية تشرف على البحر يعلوها حصن، والبلدة مبنية إلى الجهة الجنوبية من هذه الرابية، وأهلها أقرأ أهل الأندلس، , ووراء دانية جبال ذات ارتفاع لها مناظر بهيجة، أشهرها جبل مونغو (MONGO) وعلوّه (761) مترًا (¬1). ولا زالت هذه المدينة تحمل اسمها القديم اليوم (Denia) تابعة لمدينة لِقنت (Alicante). والإسبانيون يلفظون دانية بالإمالة (¬2). ¬

_ (¬1) انظر: معجم البلدان (2/ 434)، الحلل السندسية (2/ 222). (¬2) الحلل السندسية (1/ 222).

خريطة الأندلس, وفيها بيان مواضع مدنها, وفي شرقيِّها عند موضع السهم مدينة دانية

المبحث الثالث: مولده

المبحث الثالث: مولده. كان أصل أبي العباس من شارقة عمل بلنسية، ثم انتقل جدّه إلى دانية، وبها وُلد أبو العباس، وكان مولده فيما ذكر ابن الأبّار في الساعة الرابعة من يوم السبت السابع عشر من شوّال سنة سبعٍ وستين وأربع مائة، قال: قرأت ذلك وبعضَ خبره بخط ابن عيّاد (¬1). المبحث الرابع: نشأته وعنايته بالعلم ولقاء الرجال. نشأ أبو العباس الداني بمدينته دانية، واشتغل بالسماع والأخذ على محدِّثيها، فكانت له عناية بمشايخ بلده فكتب الحديث عنهم، وجمع وتفقّه. قال ابن بشكوال: "كانت له عناية بالحديث ولقاء الرجال والجمع، وحدَّث" (¬2). وقال ابن الأبّار: "انتقل جدّه إلى دانية وبها وُلد أبو العباس هذا، ونشأ وكتب الحديث وتفقّه في المسائل، ثم تجوّل في العناية بالرواية. وقال: كان معتنيا بلقاء الرجال" (¬3). ¬

_ (¬1) انظر: التكملة (1/ 43)، المعجم في أصحاب الصدفي (ص: 15)، والذيل والتكملة (1/ 1/ 131). وجاء في حاشية (1) من الصلة لابن بشكوال (1/ 79) ذكر مولده من خطِّ أبيه في مصحفه، ووافق في ذلك ما قاله ابن الأبار إلَّا أنه قال: "اليوم التاسع من شوال". وزاد: "ووافق ذلك اليوم السادس من يونيه". (¬2) الصلة (1/ 79). (¬3) التكملة (1/ 43)، وانظر: الذيل والتكملة (1/ 1/ 130).

المبحث الخامس: أسرته

المبحث الخامس: أسرته. لم تسعفنا كتب التراجم بذكر أسرة أبي العباس، فلم يُذكر أبوه ولا أمّه، وتقدّم أنَّ جدّه كان من أهل شارقة ثم تحوّل إلى دانية. ولا شكَّ أنَّ أبا العباس الداني تزوّج، وكان له من الأولاد ابنٌ يسمى محمد بن أحمد بن طاهر الحزرجي الداني، يُكنى أبا عبد الله، مولده سنة خمسمائة، سمع من أبيه أبي العباس، وتفقّه به، وسمع أيضًا أبا بكر بن الحنّاط، وأخذ القراءات عن أبي عبد الله بن سعيد، وقدّم للشورى. قال ابن الأبّار: "كان جليلًا نبيهًا فاضلًا نزيهًا". وقال المراكشي: "كان فقيهًا حافظًا للمسائل، بصيرًا بالنوازل، مُشاورًا من أهل الجلالة والنباهة والفضل والنزاهة". وتوفي بمرسية سنة ست وستين وخمسمائة، واحتُمل إلى دانية فدُفن بها. وقال ابن عياد: "توفي سنة أربع وستين"، قال ابن الأبّار: "وهو وهم منه" (¬1). - ومن ولده أيضًا عيسى بن أحمد بن طاهر، ولم تذكره كتبُ التراجم، وإنَّما ترجم ابنُ الأبّار لابنِ ابنِه يحيى بن أحمد بن عيسى بن أحمد بن طاهر بن علي بن عيسى الخزرجي من ولد قيس بن سعد بن عبادة من أهل دانية (¬2). ¬

_ (¬1) انظر: التكملة (2/ 37)، والذيل والتكملة (5/ 1/ 647). (¬2) انظر: التكملة (4/ 191).

- وممّن ذُكر من أسرة أبي العباس: أخوه محمد بن طاهر بن علي بن عيسى الأنصاري الداني، يكنى أبا عبد الله، سمع ببلده من أبي داود المقرئ، قال ابن الأبّار: "وجدتُ سماعَه لكتاب التقصي لأبي عمر بن عبد البر مع أخيه وأبي الحسن بن الهذيل في سنة أربع وتسعين وأربع مائة". ورحل أخوه حاجًّا، وقدم دمشق سنة أربع وخمسمائة (¬1)، فأقام بها مدَّة ودرس بها العربية فروى عنه بها جماعةٌ منهم أبو الحسن هبة الله بن الحسن بن عساكر أخو الحافظ أبي القاسم. وقال ابنُ عساكر: "رأيته بدمشق وأنا صغير ولم أسمع منه شيئًا" (¬2). ويُذكر أنّه كان شديدَ الوسوسة، لا يستعمل ماء نهر ثَوْرَة تورعًا لما يخرج من سقاية الربوة إليه، ويبقى الأيام لا يصلي، لأنّه لا يتهيّأ له الوضوء عبى الوجه الذي يريده! (¬3). ثم خرج إلى بغداد فأقام فيها حتى توفي سنة تسع عشرة وخمسمائة (¬4). وله من المصنفات كتاب: تحصيل عين الذهب في معدن جوهر الأدب في علم مجازات العرب (¬5). ¬

_ (¬1) تاريخ دمشق (53/ 284)، والوافي بالوفيات (3/ 168)، إنباه الرواة (1/ 153). (¬2) تاريخ دمشق (53/ 284). (¬3) المقفى (5/ 733)، تاريخ دمشق (53/ 284)، إنباه الرواة (1/ 153). (¬4) تاريخ دمشق (53/ 284، 285)، إنباه الرواة (1/ 153). وهذا لا شك فيه مخالفة للشرع، نسأل الله تعالى العافية والسلامة. (¬5) انظر: التكملة (1/ 342)، الذيل والتكملة (6/ 233، 234)، تاريخ دمشق (53/ 284)، والوافي بالوفيات (3/ 168)، إنباه الرواة (1/ 153)، المقفى (5/ 733)، بغية الوعاة (1/ 120)، نفح الطيب (2/ 142، 154). تنبيه: وقع في المقفى للمقريزي، وبغية الوعاة للسيوطي خلط في السنة التي دخل فيها محمد =

المبحث السادس: رحلاته

ومن أسرة أبي العباس أيضًا أخوه سليمان وابن أخيه أحمد بن سليمان، ترجم له المراكشي وقال: "كان حيًّا سنة عشرين وخمسمائة" (¬1). ومن أسرته أيضًا حفيدُه أبو الحسين يحيى بن أحمد بن محمد بن طاهر بن علي بن عيسى الأنصاري الشاطبي، ذكره ابن رُشيد في شيوخ أبي إسحاق ابن الحاج، وقال: "رئيس بلده الفقيه الفاضل" (¬2). المبحث السادس: رحلاته. تقدّم أنَّ أبا العباس الداني كانت له عناية بلقاء الرجال والشيوخ والسماع منهم، فأخذ عن أهل بلده، ثم تجوّل في الأندلس، ورحل إلى إفريقية للأخذ عن شيوخها، والرحلةُ في طلب الحديث والعلم سنَّةُ مَن سَلف، وقد أخذ منها أبو العباس بحظٍّ وافر. قال القاضي عياض: "ممّن عُني بالحديث والرواية، ورحل فيه، وفهم الطريقة وأتقن الضَّبط، واتّسع في الأخذِ والسماع" (¬3). وقال ابن بشكوال: "له رحلةٌ لقي فيها أبا مروان وجماعة" (¬4). ¬

_ = ابن طاهر هذا دمشق، ومصر، وسنة وفاته، فذكر المقريزي أنَّ دخوله دمشق كانت سنة (554)، مع أنَّ السيوطي نقل ذلك عن ابن عساكر، وابن عساكر جعلها سنة (504)، وكذلك نقله عنه الصفدي، ولو كان كما ذكر السيوطي لسمع منه ابن عساكر. وأما صاحب نفح الطيب فجعلهما رجلين، ترجم لهما في موضعين من كتابه بناء على اختلاف سنة الولادة والوفاة، والدخول إلى دمشق ومصر، مع أن أخبارهما متحدّة، وهذا يدل أنَّهما رجل واحد أخطأ بعض المؤرخين في ولادته ودخوله إلى مصر ودمشق وبالتالي وفاته، والله أعلم. (¬1) الذيل والتكملة (1/ 1 / 127). (¬2) ملء العيبة (2/ 136). (¬3) الغنية (ص: 118). (¬4) الصلة (1/ 97).

وقال ابن عبد الملك المراكشي: "تَجَوَّل في الأندلس في لقاء الشيوخ والرواية عنهم" (¬1). ومن المدن الأندلسية التي دخلها أبو العباس وسمع فيها: 1 - قرطبة (¬2): سمع فيها من أبي علي الجياني، ذكر في مقدّمة هذا الكتاب إسنادَه للموطأ فقال: "أخبرني به الشيخُ الأجلُّ الفقيهُ الحافظُ أبو عليّ، حسين بنُ محمّد بنِ أحمد الغسّاني المعروف بالجيّاني قَرَأَه عليَّ بقُرْطُبة -حرسها الله- في شهور من عام اثنين وتسعين وأربع مائة". وانظر أيضًا: (ل: 275 / ب) من هذا الكتاب. 2 - المريّة (¬3): وكانت رحلته إليها في حدود سنة (505 هـ)، حيث سمع في هذه السنة من أبي علي الصدفي، وسمع فيها أيضًا من شيوخ كثيرين، منهم: أبو علي الغساني، وأبو محمد بن الحنَّاط، وأبو عبد الله ¬

_ (¬1) الذيل والتكملة (1/ 1/ 130). (¬2) قاعدة الأندلس وأم المدائن ومستقر الخلافة ودار الإمارة، وكان فيها الخلفاء من بني أمية، وآثارهم بها ظاهرة، وأبنيتهم فيها وفي ما جاورها بيّنة، وفيها الجامع المشهور أمره شائع ذكره من أجلِّ مصانع الدنيا. انظر: معجم البلدان (4/ 324)، واختصار اقتباس الأنوار لابن الخراط (ص: 179). ولا زالت قرطبة تحمل اسمها القديم (cordoba). (¬3) المَرِيَّة: مدينة على ساحل البحر من أجَلِّ بلاد الأندلس وأعظمِها قدرًا، وأعلاها خطرًا، بها المتاجر العظيمة والصناعات الكثيرة، وهي مدينة حديثةٌ بُنيت بعد أن خربت بجانة. انظر: اختصار اقتباس الأنوار لابن الخراط (ص: 164)، والأندلس في اقتباس الأنوار (ص: 59 - 61). وتقع المَرِيَّة اليوم في جنوب إسبانيا، ولا زالت تحمل اسمها القديم (ALMERIA).

الفراء، وأبو الحسن بن شفيع، وغيرهم (¬1). 3 - مُرسِيَة (¬2): وسمع فيها من أبي علي الصدفي أيضًا (¬3). 4 - أُورْيولة (¬4): وسمع فيها من أبي القاسم خَلَف بن فتوح، وخلف بن محمد الغرناطي (¬5). ورحل أبو العباس الداني أيضًا إلى شمال إفريقية، ومن المدن التي دخلها. 1 - سبتة (¬6): ولقيه هنالك القاضي عياض، وجالسه كثيرًا، وسمع منه فوائد (¬7). ¬

_ (¬1) انظر: المعجم في أصحاب الصدفي (ص: 15، 16)، والتكملة (1/ 43)، والذيل والتكملة (1/ 1 / 130). (¬2) بضم أوله والسكون، وكسر السين المهملة، وياء مفتوحة خفيفة. مدينة محدثة بناها الأمير عبد الرحمن بن الحكم بن هشام. انظر: معجم البلدان (5/ 106)، اختصار اقتباس الأنوار لابن الخراط (ص: 163)، والأندلس في اقتباس الأنوار (ص: 62). وتقع جنوب دانية، وتسمى اليوم باسمها القديم (MURCIA). (¬3) انظر: التكملة (1/ 43)، والذيل والتكملة (1/ 1/ 130). (¬4) إحدى مدن تُدمير السبعة، وكانت إحدى معاقل الأندلس. انظر: الأندلس في اقتباس الأنوار (ص: 20). وتقع جنوب دانية، على ساحل البحر، ولا زالت تحمل اسمها القديم (Orihuela). (¬5) انظر: التكملة (1/ 43)، والذيل والتكملة (1/ 1/ 130). (¬6) بلدة مشهورة من بلاد المغرب تقابل بلاد الأندلس تقع على ضفة البحر، ولا زالت تُسمى بهذا الاسم إلى اليوم. انظر: معجم البلدان (3/ 182). (¬7) الغنية (ص: 118)، وانظر: الذيل والتكملة (1/ 1/ 130).

المبحث السابع: مسموعاته

2 - بجاية (¬1): وسمع فيها من أبي محمد عبد الله بن محمد المَقريّ (¬2). 3 - العدوة (قلعة بني حماد) (¬3): وسمع فيها من أبي مروان الحمداني (¬4). المبحث السابع: مسموعاته. تقدّم في المبحث السابق أنَّ أبا العباس الداني أخذ من شيوخ بلده وسمع منهم، ثم رحل إلى العديد من المدن الأندلسية والإفريقية للأخذ عن علمائها والسماع منهم فاتسع في ذلك، وسمع العديدَ من الكتب، ونقل في كتابه هذا من كتب كثيرة حديثية وفقهية ولغوية وتاريخية، ولا شك أنَّه سمع كلَّ هذه الكتب، إلَّا أنه لم يذكر أسانيدَه إليها اختصارًا واكتفاءً بشهرتها كما قال في مقدّمة هذا الكتاب: "ولم أذكر أسانيدي في الموطأ عن سائرِ الروايات غير رواية يحيى، ولا أسانيدَ الكتبِ التي خَرَّجْتُ منها ما أَحَلْتُ في هذا الكتاب عليه؛ اختصارًا واكتفاءً بشهرتِها؛ ولأنِّي إنَّما ذَكَرتُ ذلك على طريق الاستشهادِ، وأكثرُه على المعنى، على حالِ ما تذكَّرتُه". ¬

_ (¬1) بِجاية: بالكسر وتخفيف الجيم، وألف وياء وهاء، مدينة على ساحل البحر بين إفريقية (تونس) والمغرب، وهي في لحف جبل شاهق، وفي قبلها جبال كانت قاعدة ملك بني حماد. معجم البلدان (1/ 339). ولا زالت تُسمَّى بهذا الاسم إلى اليوم، وتقع شرف عاصمة الجزائر، وأهلها من البربر. (¬2) انظر: التكملة (1/ 43)، والذيل والتكملة (1/ 1 / 130). (¬3) مدينة متوسِّطة لها قلعة عظيمة على قمة جبل، وكانت قاعدة ملك بني حماد الصِّنهاجي البربري، وهي قرب مدينة أشير بشرق الجزائر. معجم البلدان بتصرف (4/ 390). (¬4) انظر: التكملة (1/ 43)، والذيل والتكملة (1/ 1 / 130).

وذكر في (ل: 198/ ب) من هذا الكتاب كتابًا لأبي إسحاق ابن شعبان في مسألة إتيان النساء في الدبر فقال: "وخرّج أبو إسحاق ابن شعبان في كتاب له في هذا المعنى ... أُجيز لي هذا الكتاب ولم أقرأه". ومن هذين النصين يتبيّن أن أبا العباس الداني اتَّسع في السماع والأخذ عن المشايخ، وسمع الكتب الكثيرة، وما لم يسمعه منها ولا قرأه على مشايخه أخذه بالإجازة. وسيأتي ذِكرُ الكتب التي نقل منها المصنِّف في فصل: مصادر المصنف في كتابه، وفي هذا البحث أكتفي بذكر بعض الكتب التي نصت عليها بعض كتب التراجم مما سمعه أبو العباس على مشايخه، وبعض هذه المسموعات لم يأت لها ذكر في هذا الكتاب. فمن مسموعاته: 1 - الموطأ للإمام مالك، وسيأتي ذكر أسانيده في مقدمة هذا الكتاب (¬1). 2 - صحيح مسلم سمعه من أبي علي الصدفي بلفظه (¬2). 3 - ومسند البزار (¬3). 4 - ورياضة المتعلِّمين لأبي نعيم، وكان سماعه لها منه سنة (491 هـ) ¬

_ (¬1) انظر: (2/ 9). (¬2) انظر: المعجم في أصحاب أبي علي (ص: 15). (¬3) انظر: المعجم في أصحاب أبي علي (ص: 15, 269).

بقراءة طاهر بن خلف بن خيرة (¬1). 5 - قرأ عليه أيضًا سنن الدارقطني (¬2). 6 - وسمع أيضًا أجزاء من حديث المحاملي (¬3). 7 - وكتاب التقصي لابن عبد البر سنة (494 هـ) (¬4). 8 - وكتاب التلقين في الفقه المالكي للقاضي عبد الوهاب، سمعه من خلف بن محمد بن خلف الغرناطي (¬5). وغير ذلك. وذكري لهذه الكتب إنَّما هو بحسب ما نَصَّت عليه كتب التراجم، وإلا فقد سمع الكثير، بل كل ما سيأتي ذِكرُه في فصل مصادر المصنِّف هو من مسموعاته كما تقدّم تقريره، والله أعلم. وقد ذكرتْ أيضًا بعضُ كتب التراجم بعض مروياته، كما هي عادة الكثير من المؤلفين عند ذكر راوٍ من الرواة يذكرودن بعض مروياته، فذكر ابن الأبّار عدّة أحاديث يرويها بإسناده إلى أبي العباس الداني، وحديثا آخر ذكره المراكشي في ترجمة غيره (¬6). وفي هذا الكتاب أسند أيضًا المصنِّف حديثًا (عدا أسانيده للموطأ) ¬

_ (¬1) انظر: المعجم في أصحاب أبي علي (ص: 15، 90، 299). (¬2) انظر: المعجم في أصحاب أبي علي (ص: 15, 208). (¬3) انظر: المعجم في أصحاب أبي علي (ص: 15). (¬4) انظر: التكملة (1/ 342). (¬5) انظر: التكملة (1/ 244). (¬6) انظر: المعجم في أصحاب الصدفي (ص: 15 - 17)، والذيل والتكملة (5/ 1 / 155).

المبحث الثامن: شيوخه

فأسند في (5/ 380) من طريق شيخه أبي علي الجياني بإسناده إلى أبي بكر الشافعي، عن محمد بن الفرج بن الأزرق، عن الواقدي، عن محمد بن عمر بن عبد الحكيم، عن عوف بن الحارث، عن عائشة مرفوعا: "إذا أنشأت بحرية ثم تشاءمت ... "، وعن أبي عليٍّ الجياني بإسناده إلى ابن أبي الدنيا، عن محمد بن يحيى بن أبي حاتم، عن الواقدي به. وهذا حديث من بلاغات مالك، وقال عنه ابن عبد البر الإمام الحافظ: "لا أعرفه بوجه من الوجوه في غير الموطأ، إلا ما ذكره الشافعي في كتاب الاستسقاء عن إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى، عن إسحاق بن عبد الله: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال، وذكره" (¬1). المبحث الثامن: شيوخه. كان لأبي العباس الداني عناية بلقاء المشايخ والأخذ عنهم، ورحل في ذلك، إلَّا أنَّ أعظمَ شيخٍ لازمه وسمع منه الكثير من الكتب والروايات، بل سمع منه في مختلف المدن الأندلسية شيخُه أبو علي الصدفي، وأكثر أيضًا عن شيخيه أبي داود المقرئ وأبي علي الجياني. وقمتُ بجَرْد بعض كتب التراجم الأندلسية فظفرتُ بقائمة لا بأس بها من مشايخه، وسأذكرهم مرتَّبين على حروف المعجم، منبِّهًا على شيءٍ من سيرتهم وفضائلهم ومكانتهم باختصار، ومكانة المصنف عندهم أيضًا، فمنهم: ¬

_ (¬1) انظر: التمهيد (24/ 277).

1 - حسين بن محمد بن أحمد الغسّاني رئيس المحدّثين بقرطبة، أبو علي الجيّاني (ت: 498 هـ). أكثر عنه المصنف، وسمع منه بالمرية وقرطبة، وأفاد منه عدة فوائد في هذا الكتاب، من ضبط لأسماء، وبيان لنسب ورواة (¬1). قال القاضي عياض: "شيخ الأندلس في وقته، وصاحب رحلتهم، وأضبط الناس لكتاب وأتقنهم لرواية، مع الحظ الوافر من الأدب والنسب والمعرفة بأسماء الرجال وسعة السماع ... ورحل إليه الناس من الأقطار، وحملوا عنه، وألّف كتابه على الصحيحين المسمى تقييد الهمل وتمييز المشكل، وهو كبير الفائدة" (¬2). وقال ابن بشكوال: "كان من جهابذة المحدّثين، وكبار العلماء السندين، وعُني بالحديث وكتبه وروايته وضبطه، وكان حَسنَ الخطِّ، جيِّدَ الضَّبط، وكان له بصر باللغة والإعراب، ومعرفة بالغريب والشعر والأنساب، وجمع من ذلك كلّه ما لم يجمعه أحد في وقته، ورحل الناس إليه وعوّلوا في الرواية عليه" (¬3). 2 - حسين بن محمد بن فِيرُّه -بالتثقيل والضم- بن حَيّون بن سُكَّرة الصدفي، من أهل سَرَقُسْطَة، أبو علي المُرْسِي، استشهد في وقعة قُتَنْدَة ¬

_ (¬1) انظر: الغنية (ص: 118)، والصلة (1/ 79)، والتكملة (1/ 43)، والذيل والتكملة (1/ 1/ 130)، وتاريخ الإسلام (وفيات 531 - 540 / ص: 263). (¬2) الغنية (ص: 138). (¬3) الصلة (1/ 141)، وانظر: بغية الملتمس (ص: 265)، السير (19/ 148).

بثغر الأندلس سنة (514 هـ)، وهو ابن ستين سنة رحمه الله. أكثر عنه أبو العباس الداني، وكان من أكابر أصحابه وجِلَّتهم، وسمع منه وقرأ عليه عدَّةَ كتب في مدن مختلفة كما تقدّم (¬1). قال القاضي عياض: "كان عارفًا بالحديث، قائمًا به، حافظًا لأسماء الرجال، عارفًا بقَويِّهم من ضعيفهم، ذا دِين مَتين وخُلق حَسَنٍ وصيانةٍ، مِن أجَلِّ من لقيناه" (¬2). وقال ابن بشكوال: "رحل الناس من البلدان إليه وكثر سماعهم عليه، وكان عالمًا بالحديث وطرقه، عارفًا بعلله وأسماء رجاله ونقلته، يبصر المعدَّلين منهم والمجرَّحين، وكان حَسَنَ الخطِّ، جيّد الضبط، وكتب بخطِّه علمًا كثيرًا وقيّده، وكان حافظًا لمصنفات الحديث، قائمًا عليها، ذاكرًا لمتونها وأسانيدها ورواتها، وكتب منها صحيح البخاري في سِفر، وصحيح مسلم في سِفر، وكان قائمًا على الكتابين مع مصنف أبي عيسى الترمذي، وكان فاضلًا ديِّنًا متواضعًا حليمًا وقورًا عاملًا عالمًا" (¬3). 3 - خلَف بن محمد بن خلَف، أبو القاسم، يُعرف بالغرناطي (508 هـ). سمع منه بأوريولة، قال ابن الأبّار: "حدّث عنه أبو العباس الداني ¬

_ (¬1) الغنية (ص: 118)، المعجم في أصحاب أبي علي الصدفي (ص: 15)، التكملة (1/ 43)، الذيل والتكملة (1/ 1 / 130). (¬2) الغنية (ص: 130). (¬3) الصلة (1/ 144)، وانظر: تاريخ دمشق (14/ 321)، بغية اللتمس (ص: 269)، المعجم في أصحاب الصدفي (ص: 5)، السير (19/ 376)، ونفح الطيب (2/ 90).

بالتلقين للقاضي عبد الوهاب، وقرأت ذلك بخطه" (¬1). 4 - خلف بن فتْحون، أبو القاسم الأوريولي. سمع منه أبو العباس الداني بأوريولة (¬2). وفي الرواة: خلَف بن محمد بن خلَف بن سليمان بن خلف بن محمد بن فتحون، أبو القاسم، من أهل أوريولة، وُلد سنة (495 هـ)، وتوفي سنة (557 هـ). وأظنّه المعنيَّ، وإن كان المصنِّف أكبر منه، وتوفي قبله، فتعدُّ روايته من باب رواية الأصاغر عن الأكابر، والله أعلم. قال ابن الأبار: "كان من قضاة العدل، صارمًا في أحكامه، مَهيبًا وَقورًا، معروف السلف بالنباهة والعلم" (¬3). 5 - سليمان بن أبى القاسم نجاح مولى المؤيّد بالله هشام بن الحكم، أبو داود المقرئ المتوفى (496 هـ). سمع منه المصنف بدانية، وأكثر عنه، ومما سمع منه الموطأ وغيره (¬4). قال ابن بشكوال: "من جِلّة المقرئين وعلمائِهم وفضلائهم وخيارهم، عالمًا بالقراءات ورواياتها وطرقها حَسَن الضبط لها، وكان فاضلًا ثقة فيما ¬

_ (¬1) التكملة (4/ 221)، وانظر: (1/ 43)، الذيل والتكملة (1/ 1 / 130)، ونفح الطيب (2/ 512). (¬2) التكملة (1/ 43)، والذيل والتكملة (1/ 1/ 130). (¬3) التكملة (1/ 247). (¬4) انظر: الغنية (ص: 118)، التكملة (1/ 43)، الذيل والتكملة (1/ 1/ 130)، وتاريخ الإسلام (وفيات 531 - 540/ ص: 263).

رواه، وله تواليف كثيرة في معاني القرآن وغيره، وكان حسن الخط، جيّد الضبط، ووى عنه الناس كثيرًا، وأخبرنا عنه حماعة من شيوخنا ووصفوه بالعلم والفضل والدِّين" (¬1). 6 - عبد العزيز بن عبد الملك بن شَفيع المقرئ، أبو الحسن، من أهل المَرِيَّة (ت: 514 هـ). سمع منه أبو العباس الداني بالمرية، ومن مسموعاته عليه موطأ الإمام مالك وسيأتي ذكر إسناده في مقدّمة الكتاب (¬2). قال ابن بشكوال: "أقرأ الناسَ القرآنَ بجامع المريّة -صانه الله-، وكان شيخًا صالحًا مجوّدًا للقرآن، حسن الصوت به، وسمع الناسُ منه بعضَ روايته، وسمعتُ صاحبَنا أبا عبد الله القطان يُثني عليه يُصَحِّح سماعَه من أبي عمر بن عبد البر، وقد أخذ عنه بعضُ أصحابنا، وتكلّم بعضُهم فيه وأنكرَ سماعَه من ابن عبد البر" (¬3). 7 - عبد القادر بن محمد الصدفي القروي أبو محمد، يُعرف بابن الحنّاط، أصله من القيروان، ونزل المريّة (ت: 507 هـ). ¬

_ (¬1) الصلة (1/ 200)، وانظر: بغية الملتمس (ص: 303)، المعجم في أصحاب أبي علي الصدفي (ص: 302)، سير أعلام النبلاء (19/ 168)، والدراسة الوافية التي قام بها الشيخ أحمد شرشال في دارسته وتحقيقه: مختصر التبيين لهجاء التنزيل لأبي داود المقرئ (رسالة دكتوراه في الجامعة الإسلامية عام 1412 هـ). (¬2) انظر: التكملة (1/ 43)، والذيل والتكملة (1/ 1 / 130)، وتاريخ الإسلام (وفيات 531 - 540 / ص: 263). (¬3) الصلة (1/ 355)، وانظر: بغية الملتمس (ص: 386).

سمع منه أبو العباس بالمريّة (¬1). قال ابن بشكوال: "نزل المريّة وسمع منه جماعة من أهل الأندلس وأصله من القيروان، وكان رجلًا فاضلًا زاهدًا، معنيًا بالعلم والرواية" (¬2). 8 - أبو محمد عبد الله بن العسّال الطليطلي (ت: 487 هـ). سمع منه أبو العباس بالمرية (¬3). 9 - أبو محمد عبد الله بن محمد المَقْرِي -بفتح اليم وسكون القاف وراء منسوبًا-. سمع منه أبو العباس بمدينة بِجاية، ووصفه بالفقيه الأصولي (¬4). 10 - محمد بن علي بن عمر التميمي، أبو عبد الله المازَري (ت: 536 هـ). قال القاضي عياض: "أخذ عن أبي عبد الله المازري" (¬5). وقال ابن الأبّار: "يَروي عن أبي عبد الله المازري، وأحسبه كتب إليه" (¬6). ¬

_ (¬1) التكملة (1/ 43)، والذيل والتكملة (1/ 1/ 130). (¬2) الصلة (1/ 371، 372)، وانظر: بغية الملتمس (ص: 394). (¬3) الغنية (ص: 118)، والصلة (1/ 79)، والتكملة (1/ 43)، والذيل والتكملة (1/ 1 / 130). وانظر ترجمة ابن العسال في: الغرب في حُلى الغرب (2/ 21). (¬4) التكملة (1/ 43، 44) والذيل والتكملة (1/ 1 / 130). (¬5) الغنية (ص: 118). (¬6) التكملة (1/ 43).

وقال المراكشي: "له رواية عن أبي عبد الله محمد بن علي بن عمر التميمي المازَري -بميم وألف وزاء مفتوحة وراء منسوبًا- نزيل المهديَّة، ولعلها مكاتبة" (¬1). والمازَري قال عنه تلميذه القاضي عياض: "إمامُ بلاد إفريقية وما وراءها من المغرب، وآخر المستقلِّين من شيوخ إفريقية بتحقيق الفقه ورتبة الاجتهاد ودِقّة النظر" (¬2). 11 - محمد بن يحيى بن عبد الله بن زكريا، أبو عبد الله، يُعرف بابن الفرّاء، من أهل الرية استشهد بوقعة قُتَنْدَة (415 هـ). سمع منه أبو العباس الداني بالمريّة (¬3). قال ابن بشكوال: "كان رجلًا صالحًا، ديِّنًا متواضعًا، سمع الناسُ منه بعض ما رواه" (¬4). 12 - أبو مروان الحمداني. سمع منه أبو العباس بالعدوة في قلعة بني حماد (¬5). ¬

_ (¬1) الذيل والتكملة (1/ 1 / 130). (¬2) الغنية (ص: 65)، وانظر: السير (20/ 104)، والديباج الذهب (ص: 279)، والدراسة التي قام بها الباحث جمال عزّون في مقدمة تحقيقه قطعة من كتابه: شرح التلقين، رسالة ماجستير. (¬3) التكملة (1/ 43)، والذيل والتكملة (1/ 1/ 130). (¬4) الصلة (2/ 543)، وانظر: بغية الملتمس (ص: 146). (¬5) الغنية (ص: 118)، والصلة (1/ 79)، والتكملة (1/ 43)، والذيل والتكملة (1/ 1 / 130).

13 - ابن بشير. ذكره في شيوخه القاضي عياض (¬1). ولعله محمد بن بشير المعافري الصيرفي، أبو عبد الله القرطبي (ت: 481 هـ). قال ابن بشكوال: "كتب الحديث عن شيوخ مِصر في وقته، وحجَّ بيتَ الله الحرام ... وكان رجلًا منقبضًا، مقبلًا على ما يعنيه" (¬2). هذه قائمة بأسماء الشيوخ الذين وقفتُ عليهم، ولا شكَّ أنَّ أبا العباس كان له من الشيوخ أكثر ممَّا ذُكر، فقد اشتهر بلقاء الرجال والمشايخ، وكثرة السماع والقراءة، ورحل في ذلك، وقد استفاد كثيرا ممّن لقيهم، فكان أثر ذلك تلك المصنفات التي قرأها عليهم وأفاد منها في هذا الكتاب، خاصة الروايات المختلفة للموطأ، فقد وقعت له أربعة عشر رواية كما سيأتي ذكر ذلك في فصل مصادره. وكما أنه أفاد في هذا الكتاب بما شافهه به شيوخه ولا يكاد يوجد في كتبهم، أو كتب غيرهم مِن فوائد إسنادية ومَتنية وضبطٍ لبعض الأعلام (¬3). ¬

_ (¬1) الغنية (ص: 118). (¬2) الصلة (2/ 526). (¬3) انظر مثاله: (2/ 20، 39، 514).

المبحث التاسع: أقرانه الذين صحبهم أيام طلبه

المبحث التاسع: أقرانه الذين صحبهم أيام طلبه. من خلال رحلات أبي العباس الداني والتقائه بالمشايخ والعلماء، وقراءته للكتب والسماع منهم، كان له في هذه المدة أقران يحضرون معه تلك المجالس، وكان بعضهم يتولى القراءة على الشيخ كما تولى هو قراءة بعض الكتب، وقد نصّت بعضُ كتب التراجم على مَن كان صاحبًا لأبي العباس، ووقفتُ على عدد من هؤلاء، وأذكرهم مرتِّبًا لهم على حروف المعجم، فمن أصحابه: 1 - زاوي بن منّاد بن عطية الله بن منصور الصِّنهاجي، أبو بكر الداني، يُعرف بابن تَقْسوط (ت: 539 هـ). صحب أبا العباس الداني، وكان رجلا صالحًا، فاضلًا، معنيًّا بالرواية كتب بخطه علمًا كثيرًا، وقعد لإسماع الحديث وأُخذ عنه (¬1). 2 - عبد الله بن حيدرة بن مُفوِّز بن أحمد بن مفوّز المعافري أبو محمد الشاطبي. صحب أبا العباس الداني، وبقراءته سمع السنن للدارقطني، وكان عريقَ البيت في العلم والنَّباهة (¬2). 3 - علي بن محمد بن علي، أبو الحسن البَلَنسي (ت: 564 هـ). ¬

_ (¬1) انظر: التكملة (1/ 269). (¬2) انظر: المعجم في أصحاب الصدفي (ص: 208)، والتكملة (2/ 248) , والذيل والتكملة (4/ 221).

سمع أبي العباس كتاب التقصي لابن عبد البر سنة (494 هـ) (¬1). 4 - طاهر بن خلَف بن خيرة أبو الحسن، من أهل جزيرة شُقَر. قرأ على أبي علي رياضة المتعلِّمين لأبي نعيم بمنزل أبي داود المقرئ وعند جامعها العتيق مَقدم أبى عليٍّ من المشرق، وفرغ من ذلك يومَ الجمعة صدْرَ جمادى الآخرة سنة (491 هـ) وحضر هذه القراءة أبو العباس بن عيسى الداني (¬2). 5 - محمد بن طاهر بن علي الداني، وهو أخو أبي العباس. تقدّمت ترجمته (¬3). قال ابن الأبّار: "وجدتُ سماعه لكتاب التقصي لأبي عمر مع أخيه". 6 - يوسف بن محمد بن سماجة، أبو الحجاج الداني (561 هـ). صحب أبا بكر بن الحنّاط وأبا العباس الداني، وحمل عنهما وناظر عندهما، وكان مائلًا إلى علم الكلام وأصول الفقه، مشاركًا في علم الحديث، معروفًا بالرجاحة، وكان عقلُه أكثرَ من علمه (¬4). ¬

_ (¬1) التكملة (1/ 342). (¬2) انظر: المعجم في أصحاب الصدفي (ص: 90). (¬3) انظر: (ص: 36). (¬4) انظر: التكملة (4/ 210)، والمعجم في أصحاب الصدفي (ص: 318).

المبحث العاشر: تلاميذه

المبحث العاشر: تلاميذه. بعد أن تتلمذ أبو العباس على مشايخ بلده، ورحل إلى مدن أندلسيَّةٍ ومغربية لِلِقاء الرجال والعلماء والأخذ عنهم، وحمل عنهم مروياتهم، وتفقه على أيديهم، انصرف إلى بلده دانية، فأسمع وحدّث، وأفتى بها أكترَ من عشرين عامًا، وتتلمذ عليه عددٌ من التلاميذ، ولم تذكر كُتبُ التراجم في ترجمة المصنِّف إلّا العددَ القليلَ منهم، فقمتُ بجرد بعض الكتب الأندلسية ووقفتُ على عددٍ آخر، وأذكرهم في هذا المبحث مرتِّبًا لهم على حروف المعجم، فمنهم: 1 - أحمد بن سحنون بن أبي بكر بن علي القيسي، أبو العباس، كان حيًّا سنة إحدى وثمانين وخمسمائة. روى عن أبي العباس الداني وغيره، قال المراكشي: "كان شيخًا مسنًّا، عُمِّر طويلًا، محدّثًا مسندًا، واسعَ الرواية، زاهدًا، شهير الحسب، ذاكرًا للتواريخ، مشرفًا على حوادث الأيام" (¬1). 2 - أحمد بن خلف بن سعيد، أبو العباس بن زَرادة -بزاي ودال غُفل، بينهما ألف آخره راء وتاء التأنيث-. روى عن أبي العباس بن طاهر الداني (¬2). ¬

_ (¬1) الذيل والتكملة (1/ 1/ 118). (¬2) الذيل والتكملة (1/ 1/ 105).

3 - أحمد بن أبي القوة بن إبراهيم بن سلمة الأزدي الداني. روى عن أبي العباس الداني، وكان محدّثًا حافظًا، ذاكرًا للآداب والتواريخ، ذكيَّ القلب، متوقِّدَ الذِّهن (¬1). ولابن أبي القوة هذا قصةٌ وقعت له حكاها لشيخه أبي العباس الداني، تدل على تمسّك الشيخ والتلميذ بالسنة ولو خالفت المذهب المتَّبَع، وفيها دلالة أيضًا على تتلمذ وقراءة ابن أبي القوة على الشيخ أبي العباس الداني (¬2). 4 - أحمد بن محمد بن يوسف بن عبد ربّه اللخمي، أبو العباس الإشبيلي. روى عن أبي العباس بن طاهر الداني (¬3). 5 - أحمد بن معدّ بن عيسى بن وكيل التُّجيبي، أبو العباس الداني الأُقْلِيجي -بضم الهمزة وسكون القاف وكسر اللام وياء مدٍّ، وجيم معقودةَ تُكتب بالجيم مرة وبالشين المعجمة أخرى- (ت: 551 هـ). سمع أبا العباس الداني وتلمذ له، وكان مفسِّرا للقرآن العظيِم، عالمًا عاملًا، محدّثًا راويةً، عدلًا، بليغًا فصيحًا، شاعرًا مجوّدًا، أديبًا متصوّفًا، ورِعًا غزيرَ الدمعة، بادي الخشية والخشوع، كثير اللزوم لمطالعة كتب العلم، عاكفًا على التصنيف، صنّف في علوم القرآن والحديث، وكان من أهل ¬

_ (¬1) الذيل والتكملة (1/ 1/ 69). (¬2) انظرها في: (ص: 102) من هذه المقدّمة. (¬3) الذيل والتكملة (1/ 2 / 529).

الأدب والمعرفة بعلوم شتى (¬1). 6 - سعيد بن محمد بن سعيد العبدري، أبو الطيّب الداني، يُعرف بابن اللُّوشي. قال ابن الأبّار: "وقفتُ له على سماع من أبي العباس بن عيسى بدانية في سنة أربع عشرة وخمسمائة، وكان فقيهًا مشاورًا أديبًا" (¬2). 7 - سليمان بن محمد بن غالب بن أسامة، أبو الربيع الداني. سمع من أبي العباس الداني، وكان صالحًا فاضلًا (¬3). 8 - عبد الرحمن بن محمد بن تقي الحضرمي، أبو زيد الداني. روى عن أبي العباس الداني، وسمع منه صحيح مسلم سنة (531 هـ) (¬4). 9 - عبد الله بن علي بن عبد الله بن علي بن أحمد اللّخمي، أبو محمد الرُّشاطي من أهل المَرِية العالم النسّابة (ت: 542 هـ). روى عن أبي العباس الداني، وكانت له عناية كبيرة بالحديث والرجال والرواة والتواريخ، وله كتاب حسن سَمَّاه اقتباس الأنوار والتماس الأزهار في أنساب الصحابة ورواة الآثار أخذه الناس عنه (¬5). ¬

_ (¬1) انظر: التكملة (1/ 56)، والذيل والتكملة (1/ 2 / 543، 544)، ومعجم السفر للسِّلفي (ص: 27)، ونفح الطيب (2/ 598، 599). (¬2) انظر: التكملة (4/ 117)، والذيل والتكملة (4/ 42). (¬3) انظر: التكملة (4/ 96)، والذيل والتكملة (4/ 81، 82). (¬4) انظر: التكملة (3/ 21). (¬5) انظر: التكملة (1/ 44)، والذيل والتكملة (1/ 1/ 131)، وترجمته في الصلة (1/ 285)، والسير (20/ 258)، ونفح الطيب (4/ 462).

10 - علي بن محمد بن أحمد الأزدي، أبو الحسن الداني، يُعرف بابن الصَّيْقَل. روى عن أبي العباس الداني، وسمع منه السنن سنة تسع وعشرين وخمسمائة وغيرها، وكان فقيهًا مشاورًا حافظًا لمسائل الرأي، درّس المدوّنة، ونوظر فيها (¬1). 11 - علي بن محمد بن بالغ النحلي، أبو الحسن. روى عن أبي العباس الداني، وكان زاهدًا فاضلًا (¬2). 12 - علي بن يوسف بن أبي غالب خلَف بن غالب العبدري، أبو الحسن الداني (ت: 563 هـ)، وقيل: (559 هـ). روى عن أبي العباس الداني، وتفقَّه به، وكان فقيهًا مشاورًا عالمًا بالفتيا صدرًا فيها، حافظًا للمسائل، عارفًا بعقد الشروط، أديبًا بليغًا، مدركًا نحويًّا لغويًّا، فَكِه المجلس، له حظٌّ من قرض الشعر والتكلّم في المعاني (¬3). 13 - عياض بن موسى بن عياض بن عَمْرون بن موسى اليحصبي، أبو الفضل السِبْتي، الشهور بالقاضي عياض صاحب التصانيف الفائقة كالإلماع، وإكمال المعلم، وغيرها (ت: 544 هـ). لقي المصنِّفَ في رحلته إلى سَبتة، وأخذ عنه وجالسَه، وترجم له في فهرست شيوخه المسمى بالغنية، قال القاضي عياض: "لقيتُه ببلدنا ¬

_ (¬1) انظر: التكملة (3/ 197)، والذيل والتكملة (5/ 1/ 280). (¬2) انظر: الذيل والتكملة (5/ 1/ 286). (¬3) انظر: التكملة (3/ 198)، والذيل والتكملة (5/ 1/ 423، 424).

وجالسته كثيرًا، وسمعت منه فوائد" (¬1). 14 - محمد بن إبراهيم بن عطية العبدري، أبو عبد الله الداني، كان حيًّا سنة (520 هـ). روى عن أبي العباس الداني، وكان فقيهًا، صاحب الأحكام (¬2). 15 - محمد بن أحمد بن طاهر الأنصاري الداني، ابن المصنِّف (ت: 566 هـ). روى عن أبيه، وتفقّه به، وتقدّمت ترجمته في مبحث أسرة المصنِّف. 16 - محمد بن إسماعيل بن محمد بن عبد الملك بن عبد الرحمن بن أمية بن مطرّف، أبو عامر الجمحي، من أهل قُسْطَنْطانِية عمل دانية (ت: 543 هـ). روى عن أبي العباس الداني، وكان فقيهًا بصيرًا بالنوازل، عارفًا بعقد الشروط، جيّدَ الخط، حسنَ التصرف في الآداب (¬3). 17 - محمد بن حسين بن سَدَلِّين -بسين غفل ودال كذلك مفتوحين ولام مشدَّدة وياء مد ونون- العبدري، أبو عبد الله. روى عن أبي العباس بن طاهر (¬4). ¬

_ (¬1) الغنية (ص: 118)، وانظر: التكملة (1/ 44)، والذيل والتكملة (1/ 1 / 130). (¬2) انظر: التكملة (2/ 57)، المعجم في أصحاب أبي علي الصدفي (ص: 15)، والذيل والتكملة (6/ 98). (¬3) انظر: التكملة (2/ 4)، والذيل والتكملة (6/ 131). (¬4) انظر: الذيل والتكملة (6/ 161).

18 - محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن فَرَج القَيسي المقرئ، أبو عبد الله المعروف بابن تُرَيس، ويُعرف أيضًا بالمكناسي، من أهل شاطبة (ت: 561). سمع من أبي العباس الداني، وكان ضابطًا حسنَ الخط، أنيقَ الوراقة، وكتب علمًا كثيرًا (¬1). 19 - محمد بن علي بن عطية العبدري، أبو عبد الله الداني. قال ابن الأبّار: "له رحلةٌ حجَّ فيها، وسماعٌ من أبي العباس بن عيسى سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة، ولا أعلمه حدَّث" (¬2). 20 - موسى بن سليمان بن سعيد بن محمد بن سعيد العبدري، أبو عمران الداني. سمع من أبي العباس بن عيسى سنة تسع وعشرين (¬3). 21 - يوسف بن عبد العزيز بن يوسف بن عمر بن فِيرُّه اللّخمي الأنْدِي، أبو الوليد، يُعرف بابن الدبَّاغ (ت: 546 هـ). روى عن أبي العباس الداني، وله تخريج عنه في معجم شيوخه (¬4). ¬

_ (¬1) انظر: المعجم في أصحاب الصدفي (ص: 15، 173)، التكملة (1/ 44)، والذيل والتكملة (1/ 1 / 130)، (6/ 362). (¬2) انظر: التكملة (1/ 345)، والذيل والتكملة (6/ 456). (¬3) انظر: التكملة (4/ 94، 117). (¬4) انظر: المعجم في أصحاب الصدفي (ص: 17)، والتكملة (1/ 44)، والذيل والتكملة (1/ 1/ 131).

قال ابن بشكوال: "كان من أنبل أصحابنا وأعرفِهم بطريقة الحديثِ وأسماء الرجالِ وأزمانِهم وثقاتِهم وضعفائِهم وأعمارِهم وأقادمِهم، ومِن أهل العنايةِ الكاملة بتقييدِ العِلم ولقاءِ الشيوخ، لقيَ منهم كثيرًا، وكتبَ عنهم وسمعَ منهم، وشهر ببلده ثم خَطب به وقتًا" (¬1). 22 - يوسف بن عبد الله بن سعيد بن أبي زيد الأندلسي، أبو عمر المعروف بابن عيّاد (ت: 575 هـ). روى عن أبي العباس الداني (¬2). قال ابن الأبّار: "كان معنيًّا بصناعة الحديث، معانيًا لكَتْبها، جمّاعةً للدفاتر والدواوين، معدودًا في الرواة المكثرين، مقيِّدًا مفيدًا، أحدَ العدول الأثبات، كتب بخطِّه الكثيرَ، وسمع العاليَ والنازل، ولقيَ الكبير والصغير، ولو اعتنى بالرواية في رَيعان عمرِه اعتناءه بها في آخره، لَبَذَّ أقرانَه، وفات أصحابَه، وكان يحفظ أخبارَ المشايخ، ويُنقِّب عن ذلك، ويَحرصُ عليه، ويُغرى به، فيؤرّخ وفياتِهم وموالدَهم، ويُدَوِّن قصصَهم وأشعارَهم، وفي ذلك أنفق عمرَه، وبه تميَّز في وقته" (¬3). 23 - يوسف بن محمد بن سماجة، أبو الحجاج الداني (ت: 561). سمع من أبي العباس الداني، وحمل عنه، وتقدّم ذكرُه في أصحابه. ¬

_ (¬1) الصلة (2/ 644، 645)، وانظر: فهرس الفهارس (1/ 412). (¬2) المعجم في أصحاب الصدفي (ص: 15). (¬3) التكملة (4/ 212).

المبحث الحادي عشر: أعماله

24 - القاضي أبو بكر بن عبد الحليم. جاء في هامش اللوحة (225) من هذا الكتاب عند قول المصنِّف: عن زياد بن أبي زياد مولى عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة * " ما نصُّه: "حاشية: شاهدتُ في حاشية الأصل المعارض به قبالة هذا الموضع المعلم بالحمرة ما مثاله: انتهى ما كان عند القاضي أبي بكر بن عبد الحليم من النسخة الني قرأها وقيّد فيها على الشيخ المؤلف. ولم أقف بعدُ على ترجمة لهذا القاضي، والله أعلم. 25 - أبو محمد بن سفيان. روى عن أبي العباس الداني (¬1). المبحث الحادي عشر: أعماله. بعد أن نشأ أبو العباس الداني في جوٍّ من العلم والأخذِ عن المشايخ والالتقاءِ بالرِّجال، وبعد أن سمعَ الكثيرَ من الكتب الحديثية والفقهية، وعَلِمَ المسائلَ وأتقَنَ الضَّبطَ؛ انصرف إلى بلَدِه دانية ليبلِّغ ما تعلَّمه من علوم، فأسمَعَ بها وحدَّث، والتَفَّ حولَه التلاميذ والآخذون عنه، حتى أصبح مفتِيَ بلده دانية، وصارت له عندهم مكانة عظيمة، فوَلِيَ عدّةَ أعمال بها، وطُلب للقضاء فامتنع تورّعًا وخشيةً على نفسه، ومن الأعمال التي تولّاها: ¬

_ (¬1) المعجم في أصحاب الصدفي (ص: 15)، وأبو محمد بن سفيان ترجمه ابن خاقان في قلائد العقيان (ص: 154).

1 - التدريس: قال ابن الأبّار: "انصرف إلى بلده فأسمع وحدَّث" (¬1). 2 - الإفتاء: قال ابن الأبّار: "أفتى بها (أي دانية) نيّفًا وعشرين سنة" (¬2). وقال الذهبي: "صنّف وأفتى نيِّفًا وعشرين سنة" (¬3). ولا شك أنّ تولي الإفتاء في الغالب لا يقوم به إلّا أعلم أهل البلد، وأتقاهم وأورعهم، وهو فضل كبير لأبي العباس. 3 - تقليد خِطّة الشورى: قال القاضي عياض: "قُلِّد الشورى ببلده" (¬4). وقال ابن بشكوال: "ولي الشورى بدانية" (¬5). وقال ابن الأبّار: "ووَلِيَ خِطّة الشورى بدانية" (¬6). 4 - التصنيف، وسيأتي ذكر مصنفاته. كما أنَّ أبا العباس الدانى رحمه الله طُلب للقضاء -وكان أهلًا لذلك- ¬

_ (¬1) التكملة (1/ 43)، وانظر: الذيل والتكملة (1/ 1 / 130). (¬2) التكملة (1/ 43)، وانظر: الذيل والتكملة (1/ 1/ 131). (¬3) تاريخ الإسلام (وفيات 531 - 540 / ص: 264). (¬4) الغنية (ص: 118). (¬5) الصلة (1/ 79). (¬6) التكملة (1/ 43)، وانظر: المعجم في أصحاب الصدفي (ص: 15)، والذيل والتكملة (1/ 1 / 130).

المبحث الثاني عشر: أصوله، ومصنفاته

فامتنع مخافة على دينه، كما هو شأن كثير من الأئمة. قال القاضي عياض اليحصبي: "وقُلّد الشورى ببلده، وطلب لقضائه فامتنع" (¬1). وقال ابن بشكوال: "امتنع من ولاية قضائها" (¬2). وقال ابن الأبّار: "دُعي إلى قضائها فأبى من ذلك". ومثله قال المراكشي (¬3). المبحث الثاني عشر: أصوله، ومصنفاته. تقدّم أنَّ أبا العباس الداني اعتنى بلقاء الرجال، والضبط والتقييد، وكان يخطُّ بيده بعضَ الكتب المسموعة، وكانت له أصولٌ جيِّدة متقَنة، ¬

_ (¬1) الغنية (ص: 118). (¬2) الصلة (1/ 79). (¬3) التكملة (1/ 43)، وانظر: الذيل والتكملة (1/ 1 / 130). تنبيه: وقع في حاشية (1) من كتاب الصلة (1/ 79) ما نصّه: قوله (أي قول ابن بشكوال): من ولاية قضائها، غير صحيح، إنما كانت خطّته بدانية الصلاة على الجنائز بعد تخدمه لها (كذا، ولعله: تقدّمه) ورغبته فيها، كذا أخبرني ثقات بلده، وقد كان أهلا للقضاء رحمه الله تعالى. من هامش الأصل المعتمد عليه. قلت: لعل كاتب هذا الهامش على حاشية أصل الصلة ظنّ أنّ ابن بشكوال أثبت توليه قضاء دانية، لذا ردّ عليه بأنه لم يتولَّ قضاءها، وإنما كانت خطته الصلاة على الجنائز، ويدل عليه قوله: "وقد كان أهلًا للقضاء". والذي يظهر أنّ أبا العباس لم يتولَّ القضاء، إنما طُلب لذلك فامتنع، وما جاء في الصلة لابن بشكوال صحيح، وسبقه إلى ذلك القاضي عياض تلميذ المصنف، وتابعه ابن الأبّار والمراكشي وغيرهما، والله أعلم بالصواب.

ويدلُّ عليه اعتناؤه ببيان الفروق بين نسخ الموطأ والروايات في هذا الكتاب، بل يبيّن أحيانا الفروقات في النسخة الواحدة كرواية يحيى بن يحيى، والأمثلة في ذلك كثيرة، ومنها: - ذكر في مسند سهل بن سعد، عن سهل قال: "كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل اليد اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة. قال أبو حازم: لا أعلم إلا أنه يَنْمِي ذلك". قال الداني: "عند أحمد بن سعيد -من جملة نقلة رواية يحيى بن يحيى-: يُنمَى بالألف وضم الياء على ما لم يسمّ فاعله، وعند سائر رواة يحيى: يَنمِي بكسر الميم وياء بعدها وفتح الأولى أي: يَرفع" (¬1). - وذكر أيضًا حديث نافع، عن رجل من الأنصار: "أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى أن نستقبل القبلة لغائط أو بول". فقال: "هذا المشهور في رواية يحيى بن يحيى عن مالك، وفي بعض الطرق عن يحيى: أن الرجل سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -" (¬2). وكذا يبيّن الفروقات بين نسَخ الكتاب الواحد الذي ينقل منه، ومثال ذلك: - قوله عند ذكر حديث: "ما لي أنازع القرآن ... "، قال: "قال أبو داود: سمعت محمّد بن يحيى بن فارس يقول: فانتهى الناس من كلام الزهري. وفي رواية ابن الأعرابي عنه قال: انتهى حديث ابن أكيمة إلى ¬

_ (¬1) انظر: (3/ 109). (¬2) انظر: (3/ 577).

قوله: "ما لي أنازع القرآن" والبقية من قول الزهري" (¬1). وقوله. "وقال سلمةُ بنُ الأكوع: قلت: يا رسول الله، إني رجلٌ أَصِيدُ، أَفَأُصَلِّي في القميص الواحد؟ فقال: "نعم، وازْرُرْه ولو بشَوكة"، وهذا في بعض الروايات لأبي داود" (¬2). - وقوله: "ذَكَرَ الترمذي أنَّ البخاري قال: ما أعرف لمالك بن أنس رجلًا يستحق أن يترك حديثه غير عطاء الخراساني، قال أبو عيسى: قلت له: ما شأنه؟ قال: عامة أحاديثه مقلوبة، وذكر هذا الحديث، وقال بعض أصحابه: سألت سعيدًا عن هذا فقال: كذب عليَّ عطاء، لم أحدّثه هكذا، وذكر أحاديث انتقدها عليه، وهذا في بعض نسخ الجامع للترمذي، ثبت في بعض الروايات وسقط من بعضها" (¬3). هذه بعض الأمثلة في بيان اعتنائه بالنسخ والروايات، لذا قال ابن الأبّار: "كانت له أصول عتيقة، وكان حَسَن التقييد" (¬4). وقال المراكشي: "كان محدّثًا ضابطًا، حسَنَ التقييد، ذا أصول عتيقة" (¬5). وقال ابن الأبّار أيضًا: "وعندي من أصوله سنن الدارقطني وأجزاءَ من حديث المحاملي" (¬6). ¬

_ (¬1) انظر: (3/ 511). (¬2) انظر: (2/ 132). (¬3) انظر: (5/ 208). (¬4) التكملة (1/ 43). (¬5) الذيل والتكملة (1/ 1/ 131). (¬6) المعجم في أصحاب الصدفي (ص: 15).

وأما مصنّفاته، فقد وُصف بالتصنيف. قال ابن بشكوال: "له تصنيف" (¬1). ومن خلال تتبعي لكتب التراجم لم أقف له إلَّا على كتابين، وذكرهما القاضي عياض، ثم قال: "وغير ذلك" (¬2). ومن تصانيفه المذكورة: 1 - كتاب الإيماء إلى أطراف أحاديث كتاب الموطأ، وهو الكتاب الذي قمت بتحقيق جزء منه، وسيأتي الكلام عليه مفصّلًا في الفصل الثاني إن شاء الله. 2 - مجموع في رجال مسلم بن الحجاج، ذكره القاضي عياض، وابن الأبّار، والمراكشي، وابن فرحون، وغيرهم (¬3). ولا أعلم عن وجوده شيئًا. ومن النص المتقدّم الذي ذكره القاضي عياض يظهر أنّ للمصنف غير هذين الكتابين، وقد وقفت على كلام ذكره في أطراف الموطأ يوحي بتسمية كتاب له ثالث، ولا أجزم بذلك لاحتمال أن يكون من مسموعاته لا من تصنيفه، فقال كما في (5/ 380) عند ذكر حديث: "إذا ¬

_ (¬1) الصلة (1/ 79). (¬2) الغنية (ص: 118). (¬3) انظر: الغنية (ص: 118)، التكملة (1/ 43)، الذيل والتكملة (1/ 1 / 131)، الديباج المذهب (ص: 45)، وشجرة النور الزكية (ص: 133).

المبحث الثالث عشر: ثناء العلماء عليه

أنشأتْ بَحرِيَّة ثم تشاءَمتْ فتلك عَينٌ غُدَيقَة". "هذا غريب، لا يكاد يوجد في شيء من الأمّهات، وقد رويناه في المنشور عن عائشة مسندًا، وأخبرني الفقيه الحافظ العدل، أبو علي حسين بن محمد الغسّاني، المعروف بالجياني". ثم أورده بسنده إلى عائشة رضي الله عنها، والله أعلم بالصواب. المبحث الثالث عشر: ثناء العلماء عليه. كانت لأبي العباس الداني رحمه الله مكانةٌ ساميةٌ؛ إذ كان من كبار أهل العلم، وكان محدّثًا، فقيهًا، أصوليًّا، إلّا أنَّ علمَ الحديث كان الأغلبَ عليه. ومن أبرز الأدلة الدالة على رفعة مكانته، وعلوِّ شأنه: 1 - تتلمذُه على عدد كبير من كبار العلماء الموصوفين بالحفظ والإتقان، كأبي علي الصدفي -وكان من كبار أصحابه-، وأبي علي الجياني، وأبي داود المقرئ، وغيرهم. 2 - إفتاؤه نيّفًا وعشرين سنة في بلده دانية. 3 - تولِّيه خطة الشورى فيها. 4 - تصنيفُه على الموطأ، وفيه من الفوائد والعوائد الشيء الكثير، ومَدَحَه أكابرُ العلماء، بل وشيخه أبو عليٍّ الصدفي، كما سيأتي في الفصل الثالث من هذه المقدّمة. 5 - ثناء العلماء عليه، وغير ذلك من الأمور التي رفعته وسَمَتْ به.

وقد أثنى على أبي العباس الدانى كلُّ من ترجم له، وسأذكر أقوالهم مرتّبة على حسب وفيات القائلين، فممَّا قيل فيه: قال القاضي عياض: "مِن كبراء أصحابنا، وممّن عني بالحديث والرواية، ورحل فيه، وفهِم الطريقة (¬1)، وأتقن الضبط، واتَّسَع في الأخذ والسماع". وقال أيضًا: "كان فاضلًا، خيّرًا، صيِّنًا، أخذ عنه الناس" (¬2). وقال أبو الوليد ابن الدبّاغ: "الفقيه المشاور الفاضل" (¬3). وقال ابن بشكوال: "كانت له عنايةٌ بالحديث ولقاء الرجال والجمع" (¬4). وقال الضبي: "فقيه مشهور" (¬5). وقال ابن الأبّار: "كان عالمًا بالمسائل، محدّثًا، ضابطًا، حَسَن التقييد، معتنيًا بلقاء الرجال، ورِعًا فاضلًا" (¬6). وقال: "هو من كبار أصحابه (أي الصدفي) وجلّتهم" (¬7). ¬

_ (¬1) أي طريقة أهل الحديث في نقد الأحاديث، ومعرفة العلل، والتنبيه لها، وسير الطرق، وغير ذلك. (¬2) الغنية (ص: 118). (¬3) التكملة (1/ 44). (¬4) الصلة (1/ 79). (¬5) بغية الملتمس (ص: 180). (¬6) التكملة (1/ 43). (¬7) المعجم في أصحاب الصدفي (ص: 15).

المبحث الرابع عشر: عقيدته

وقال أيضًا: "وكان أبو محمد القليني يعظِّمه ويثني عليه" (¬1). وقال المراكشي: "كان محدّثًا ضابطًا، حسن التقييد، ذا أصول عتيقة، وعناية بلقاء المشايخ، ورعًا، فاضلًا، عالمًا بالمسائل) (¬2). وقال الذهبي: "أحمد بن طاهر .. الداني الفقيه" (¬3). ووصفه مغلطاي بالحافظ، والعلَّامة (¬4). المبحث الرابع عشر: عقيدته. كان أبو العباس الداني على عقيدة السلف رحمهم الله، في كلِّ مسائل الاعتقاد، فقد ذكر في هذا الكتاب جُملًا من المسائل أثبت فيها عقيدته ومنهجه في الاعتقاد، وردَّ من خلال ذلك على بعض الطوائف وإن كان كلّ ذلك على سبيل الاختصار، وأذكر في هذا البحث تلك المسائل التي يتبيّن من خلالها اعتقاده الذي سار عليه، فمن ذلك: المسألة الأولى: هل يجب النظر والاستدلال على كلِّ مكلَّف. أورد المصنِّف رحمه الله حديث طلحة بن عبيد الله في الرجل الذي جاء ¬

_ (¬1) التكملة (1/ 43). ووقع في الذيل والتكملة (1/ 1/ 131): "كان أبو محمد بن [-] القلن". قلت: لعلّه عبد الله بن عيسى الشيباني أبو محمد، من أهل قُلِنّة عمل سَرَقُسْطَة (ت: 530 هـ) له ترجمة في الصلة لابن بشكوال (1/ 285). (¬2) الذيل والتكملة (1/ 1 / 131). (¬3) تاريخ الإسلام (وفيات 531 - 540/ ص: 263). (¬4) الإعلام بسنته عليه السلام (3 /ل: 30/ أ)، و (3/ 155/ أ).

يسأل عن شرائع الإسلام، فسأل عن الصلاة، والزكاة، والصيام، وغيرها ثم شهد أن لا إله إلا الله ثم قال: "لا أزيد على هذا ولا أنقص"، وفي آخره قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أَفْلَحَ إنْ صَدَقَ". ثم أورده من طريق ابن عباس وهو أَكْمَلُ الطُّرُق فيه، وأَوْعَبُها مَتْنًا، ثم قال: "وليس في شيءٍ من طُرُقِه أنه سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - زَيادةَ بَيانٍ، ولا إِظهارَ مُعجِزَةٍ، ولا إِقَامَةَ بُرهانٍ. وقد قَبلَ منه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - تصديقَه، وشَهِدَ له بمُقْتضَى حقيقةِ الإيمان، كما شَهِدَ للأَمَةِ السوداء التي قال لها: "أين الله؟ " قالت: في السمَاء، وفي هذا دليلٌ على أن مُجَرَّدَ اعتقادِ العَوَامِّ كافٍ لمن هداه اللهُ سبحانَه، وشَرَحَ صدرَه للإسلام" (¬1). قلت: وهذا معتقد السلف رحمهم الله، ومعرفة الخالق تبارك وتعالى كائن في فطرة الإنسان، فكلُّ مولود يولد على الفطرة، ولا يوجد إنسان إلَّا وهو يعرف ربَّه عزَّ وجلَّ، إلَّا مَن عرض له من أفسد فطرته ابتداءً فهذا يحتاج إلى النظر. قال ابن الصلاح في معرض كلامه على حديث ضمام بن ثعلبة (أي الذي ذكره المصنِّف): "في هذا الحديث دلالة على صحة ما ذهب إليه أئمة العلماء في أنَّ العوام المقلِّدين مؤمنون، وأنَّه يُكتفى منهم بمجرّد اعتقادهم الحق جزمًا من غير شك وتزلزُلٍ، خلافًا لمن أنكر ذلك من المعتزلة، وذلك أنّه - صلى الله عليه وسلم - قرَّر ضمامًا على ما اعتمد عليه في تعرّف رسالته وصدْقه - صلى الله عليه وسلم - من مناشدته ومجرّد إخباره بذلك، ولم يُنكر عليه قائلًا: إنَّ ¬

_ (¬1) انظر: (2/ 179).

الواجب عليك أن تستدرك ذلك من النظر في معجزاتي والاستدلال بالأدلة القطعية التي تفيدك العلم، والله أعلم" (¬1). وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "الإقرار بالخالق وكماله يكون فطريًّا في حق من سلمت فطرته، وإن كان مع ذلك قد تقوم عليه الأدلة الكثيرة، وقد يحتاج إلى الأدلة عليه كثير من الناس عند تغيّر الفطرة وأحوال تعرض لها" (¬2). قلت: وإيجاب النظر والاستدلال على وجود الله أوجبه المعتزلة والأشاعرة على جميع الخلق (¬3). وما استدل به المصنف رحمه الله ومن بعده ابن الصلاح يردّ على هؤلاء المتكلّمين مذهبهم، وذكر شيخ الإسلام ابن تيمية ما ينقض هذا المذهب ويبيّن بطلانه، ثم قال: "فتبيّن أنَّ هذا النظر والاستدلال الذي أوجبه هؤلاء وجعلوه أصلَ الدين ليس ممّا أوجبه الله ورسوله، ولو قُدِّر أنه صحيح في نفسه، وأنَّ الرسول أخبر بصحته لم يلزم من ذلك وجوبه؛ إذ قد يكون للمطلوب أدلّة كثيرة ... وأما أكابر أهل العلم من السلف والخلف فعلموا أنها طريقة باطلة في نفسها مخالفة لصريح المعقول وصحيح المنقول، وأنه لا يحصل بها العلم بالصانع ولا بغير ذلك، بل يوجب سلوكها اعتقادات باطلة توجب مخالفة كثير ممّا جاء به الرسول مع مخالفة صريح المعقول، كما ¬

_ (¬1) صيانة صحيح مسلم (ص: 144، 143). (¬2) مجموع الفتاوى (6/ 73). (¬3) انظر: الإرشاد (ص: 3) لأبي المعالي الجويني.

المسألة الثانية: إثبات الكلام لله تعالى

أصاب من سلكها من الجهمية والمعتزلة والكلابية والكرامية ومن تبعهم من الطوائف ... "، إلى آخر كلامه رحمه الله (¬1). المسألة الثانية: إثبات الكلام لله تعالى. صرّح في موضع واحد من كتابه بأنَّ القرآن المنزّل من كلام الله سبحانه فقال عند ذكره لحكم القراءة التي قرأ بها الصحابة ولم تثبت في المصحف: "وليس عندنا من القرآن الثابت غيرِ المنسُوخ إلَّا ما عُلِمَ ضرورة أنه مِن كلامِ الرَّب سبحانه" (¬2). وصفة الكلام صفة ثابتة لله عزَّ وجلَّ أثبتها في كتابه وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وأثبتها السلف الصالح رضوان الله عليهم، فكلامه سبحانه غير مخلوق منه بدأ وإليه يعود، وأنَّه سبحانه يتكلّم إذا شاء بما شاء، وأنَّ كلامَه يُسمع ويُتلى، وأنّه بحرف وصوت (¬3). المسألة الثالثة: إثبات صفات الله تعالى. ذكر المصنِّف رحمه الله تعالى مسألة صفات الله تعالى عند ذكره لحديث الجارية وفيه سؤالها: "أين الله؟ "، وقولها: "في السماء"، وهذا إشارة إلى مسألة العلو، وعند حديث أبي هريرة في نزول الله تبارك وتعالى إلى سماء الدنيا، فأوجز الكلام في الموضع الأول، وأفاض في الموضع الثاني بذكر مذهب أهل الحق والمذاهب المخالفة لهم والردِّ عليهم. ¬

_ (¬1) انظر: النبوات (ص: 59 - 63). (¬2) انظر: (2/ 94). (¬3) انظر: شرح العقيدة الطحاوية (ص: 179، وما بعدها)، مختصر الصواعق المرسلة (ص: 412).

قال في الموضع الأول: "وفي هذا الحديث (أي حديث الجارية) أنَّ اللهَ جل جلاله في السَّماءِ كقوله تعالى: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ}، والله تعالى مَوْصوفٌ بذلك من غَيرِ تَكْييفٍ ولا تَحْدِيدٍ ولا تَشبيهٍ؛ إذْ ليس كمِثله شيءٌ، وقد ذكرنَا في حديثَ التَّنَزُّل طريقَ العِصْمَةِ في هذا الباب، والله المُوَفِّقُ للصواب" (¬1). وقال في الموضع الثاني -حديث النزول-: "وهذا حديثٌ صحيحٌ لا مَطْعَنَ فيه، خَرَّجه البخاريُّ ومسلمٌ وسائرُ أئمَّةِ الحديثِ وتَلَقَّوْه بالقَبولِ. قال ابنُ وضَّاح: أخبرني زهيرُ بنُ عَبَّاد قال: "كلُّ مَن أدرَكتُ من المشايِخ، مالكُ بنُ أنس، وسفيان بن عيينة، وفضيلُ بن عِياض، وعيسى بنُ يونس، وعبد الله بن المبارك، ووكيع بنُ الجراح يقولون: التنزُّلُ حقٌّ". وقيل لشَريك بن عبد الله القاضي: "إن عندنا قومًا يُنكِرون هذه الأحاديث: إنَّ الله سبحانه يَتَنزَّل إلى السماء الدنيا، وما أشبَهَها. فقال: إنَّما جاءنا بهذه الأحاديثِ مَن جاءنا بالسُّننِ عن رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - كالصَّلاةِ، والزَّكاة، والصيام، والحج، وبِهم عَرَفْنا اللهَ عزَّ وجلَّ". قال الشيخ أبو العبّاس رضي الله عنه: وهذا الحديثُ وما أشبَهُه كحديثِ: "مَن تقرَّبَ إليّ شِبرًا تَقرَّبتُ إليه ذِراعًا، ومَن تقَرَّب إليَّ ذراعًا تقرَّبتُ مِنه باعًا، ومَن أتانِي يَمشِي أتيتُه هَروَلةً"، وحديثِ الحَشْرِ: يَأتيهم اللهُ عزَّ وجل في غير الصورَةِ التي يعرفونَها وفي الصورةِ التي يعرفونها، وسائرِ الأحاديثِ التي ظاهِرُها التَّشبِيهُ كثيرةٌ مستفيضةٌ ¬

_ (¬1) انظر: (2/ 308).

نُقِلَتْ إلينا بِمجموعِها نقلَ تواتُرٍ كنَقلِ الشريعةِ التي تُعُبِّدْنَا بها، ومِصداقُها مِن كتابِ الله تعالى: {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (22)}، {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ}، {فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ} ومِثلُ هذا كثيرٌ غيرُ مَنكورٍ، امْتحَنَ الله تعالى به عبادَه كما امتَحَنَهم بعِدَّة أصحابِ النَّارِ، وبِضربِ الأمثالِ بالبعوضَة ونحوِها، {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ} ". ففي كلامه هذا بيّن أنَّ مسألة صفات الله تعالى ومنها النزول حق، جاء بها القرآن والسنة الصحيحة، وتلقّاها سلف الأمة بالقبول، وهي بمجموعها منقولة نقل تواتر تعبّدنا الله تعالى بها. ثم ذكر انقسام الناس في أحاديث الصفات إلى ثلاثة أقسام فقال: "والناسُ في هذه الأحاديث ثلاثُ فرقٍ كلُّ حِزْبٍ بما لَديهم فَرِحُون: قومٌ تعاطَوا معرفةَ حقائقِ الأشياءِ وكيفيّاتِها، فما لَم تَتَصوَّرْه أوهامُهم ولا اتّسَعَتْ له أفهامُهم نَفَوْه وأبعَدُوه وكذّبوا به وقالوا: هذا تشبِيهٌ، والرَّب تعالى مُنَزَّه عنه. وهيهاتَ أنتُم أعلمُ أم الله؟ ! كيف يُنزَّه اللهُ جلَّ جلالُه عمَّا أخبَر به رسولُه وما هو مُطابِقٌ لِمَا وصفَ به نفسَه في كتابِه، وأنّى يكون ذلك تشبِيهًا، وإنَّما التشبيهُ أن تُشبَّه صفةٌ بصِفةٍ، أو يُوصَفَ الفعلُ بِصفةٍ تقتَضِي الحدُوثَ، تعالى الله عن ذلك علُوًا كبِيرًا. ولو رَجَعَ أَحدٌ مِن هؤلاءِ إلى نفسِه، وعَلِم قُصُورَ عِلمِه، وعَجْزَه عن

إدراكِ ذاتِه بأنْ يطالِبَها بتَصَوُّرِ حقيقَةِ الرُّوح وصِفةِ الإدراكِ في النَّومِ؛ إذ يَرَى نفسَه في البلادِ الثانِيةِ، وفي صُعُودٍ وهُبوطٍ، ويَرَى أنّه يُبصِرُ ويَسمَعُ ويَتكلَّمُ، لأَذعَنَ ويَئسَ مِن تصوُّرِ أفعالِ الإلهِ الذي لا شَبِيهَ له ولا نَظير، وهو على كلِّ شيءٍ قديرٌ". وهذا القسم الأول هم المأوِّلة من المعتزلة والأشاعرة النافون لصفات الله تعالى مستدلّين بشبه كالتي ذكر المصنِّف من أنَّ إثبات الصفات يقتضي التشبيه والله منَزّه عن التشبيه، وأَحسَنَ المصنِّف الردّ عليهم، وهذا يشمله قوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}. ثم وصف الفرقة الثانية فقال: "وقَومٌ تَلَقَّوا ذلك بالقَبولِ، إلَّا أنَّهم ادّعَوا فَهْمَ ذلك الكلامِ المنقولِ، وزَعَمُوا أنه لا يَعزُب عنهم معرِفةُ حقائِقِه ولا ما أُريدَ به، وتَعاطَوا تفسيرَه، فتكلَّفوا مِن ذلك ما لَم يُكلّفوه، وشَغَلوا أنفسَهم بما لَم يُتعبَّدوا به، فَسَلَكُوا مع مَن ساواهم في العِلمِ بزَعمِه طريقَ الجِدَالِ والمِراءِ، وعَرَّضُوا العامَّةَ والمُتَعلِّمينَ للحَيْرَةِ والفِتنَةِ العَمياءِ؛ إِذ قد يَسمعُ أحدُهم كلامَ الفريقين، ويريدُ بزعمِه تَقلُّدَ أحْسَنَ القولَين، فإنْ قَصُرَ عِلمُه أو عَزَبَ فهمُه ارتابَ أو مالَ إلى قولِ المُخالفِ فَضَلَّ وغَوَى، وشَقِيَ باتّباع الهَوَى". ثم ذكر المصنِّف الفرقة الثالثة فقال: "والفرقةُ الثالثةُ، وهي النَّاجيةُ؛ قومٌ آمنوا بالغَيبِ، ولَم يُداخِلْهم شَكٌّ ولا رَيبٌ، تَركُوا الخَوضَ في الجِدالِ، واشتَغَلُوا بصالِح الأعمال،

وتَأسَّوا بالصحابةِ والتابعين وسائِرِ الأئمَّةِ المهتدِين الذين سلَّمُوا فسَلِمُوا، وكَفُّوا فعُصِموا، {أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}. قال الوليدُ بنُ مسلم: سألنا الأوزاعي وسفيانَ الثوري ومالكَ بنَ أنس واللّيثَ بنَ سعد عن هذه الأحاديث التي جاءت في الصفات؟ فكلُّهم قال: "أمِرُّوها كما جاءت بلا كيف"، وهكذا حَكى الأوزاعيُّ عن مكحولٍ والزهريِّ أنَّهما قالا: "أمِرُّوا الأحاديثَ كما جاءت"، وحكى الترمذيُّ عن مالكٍ، وسفيانَ بنِ عيينة، وعبد الله بن المبارك، أنّهم قالوا: "أمِرُّوها بلا كيف"، وجاء نحوُ هذا عن الشافعي وغيره. وقيل لمالك: يا أبا عبد الله! {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (5)} كيف استَوَى؟ فعَلاَه الرُّحَضاءُ ثم سُرِّيَ عنه فقال: "الاستواءُ غيرُ مجهول، والكَيْفُ غيرُ معقول، والإيمان به واجبٌ، والسؤالُ عنه بدعةٌ، والكلامُ فيه ضَلاَلَةٌ". وقال الأوزاعيُّ لِمَن أوصاه: "اصْبِرْ نفسَك على السُّنَّة، وقِفْ حيثُ وقَفَ القومُ، وقُلْ فيما قالوا، وكُفَّ عمَّا كَفُّوا، واسلُكْ سبيلَ سلَفِك الصالح، فإنَّك يَسَعُكَ ما يَسَعُهم". وهذا هو الاعتقادُ السليمُ والمنهجُ القويمُ، وهو الذي كان عليه السلفُ القديمُ، وكفى بالصحابَةِ رضوان الله عليهم، فَهُمْ القدوةُ، ولنا فيهم أُسْوَةٌ، لَم يبلغْنا أن أحدًا منهم خاضَ في مِثلِ هذا بنوعٍ مِن الجدالِ أو التأويلِ، ولا أنه أباح فيه تَصرّفَ القالِ والقيل، ولَهُم كانواَ أَولَى بالبيان وأَعلَمَ بالسُّنّةِ وباللِّسانِ، وأجدَرَ بتحصينِ قواعِدِ الإيمانِ، فحَسْبُنا أن نتأسّى بهم ونهتَدِيَ بهَديهِم، وأن يُعلَم أنَّ صفاتَ الرَّبِّ سبحانه لا

تُشَبَّه بصفاتِ المخلوقين، وأن أفعالَه جلَّ جلاله مقدَّسَةٌ عن اعتِراض المُبطلين، وأن نُقابِلَ جميع ما ورد مِن ذلك مُجمَلًا بالقَبول والتَّسلِيمِ، وأن نَقولَ عندَ سَماع كلامِ أهلِ الزَّيغ {مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ} (¬1). هذا آخر ما ذكره المصنِّف من اعتقاده في الصفات، وهو اعتقاد سليم، إلَّا أنَّ كلامَه فيه إجمال في بعض المواضع، قد يُفهم منه غير ما أراد المصنِّف. الموضع الأول: فمن ذلك قوله: "وسائرِ الأحاديثِ التي ظاهِرُها التَّشبِيهُ كثيرةٌ مستفيضةٌ". فأحاديث الصفات ليس ظاهرها التشبيه عند ذوي الفطر السليمة والعقول المستقيمة، وإنما ظاهرها التشبيه عند من ساء فهمه، وتغيّرت فطرته، ولعل المصنِّف يقصد بكلامه هذا المصنف من الناس الذي تغيّرت فطرته، ويدلُّ عليه ردُّه بعدها على المأوِّلة الذين شبّهوا صفات الربِّ بصفات المخلوقين، ثم نفوا عن الربِّ الصفات التي وصف بها نفسه. الموضع الثاني: قوله في وصف الفرقة الثانية: "وقَومٌ تَلَقَّوا ذلك بالقَبولِ، إلَّا أنَّهم ادّعَوا فَهْمَ ذلك الكلامِ المنقول، وزَعَمُوا أنه لا يَعزُب عنهم معرِفةُ حقائِقِه ولا ما أُريدَ به، وتَعاطَوَا تفسيرَه، فتكلَّفوا مِن ذلك ما لَم ¬

_ (¬1) انظر: (3/ 321 - 329).

يُكلَّفوه، وشَغَلوا أنفسَهم بِما لَم يُتعبَّدوا به". فلعلَّ مراد المصنِّف من هذه الفرقة المشبِّهة، الذين شبّهوا صفات الربِّ بصفات المخلوقين، وفسّروها على غير المراد منها، وشبّهوا صفة بصفة، أما السلف رضوان الله عليهم فإنهم أثبتوها على مراد الله تعالى، ولم يشبِّهوا صفة بصفة، يقول الخطيب البغدادي رحمه الله: "أما الكلام في الصفات، فإنَّ ما روي منها في السنن الصحاح، مذهبُ السلف رضوان الله عليهم إثباتها وإجراؤها على ظواهرها، ونفيُ الكيفية والتشبيه عنها، وقد نفاها قوم فأبطلوا ما أثبته الله سبحانه، وحققها قوم من المثبتين، فخرجوا في ذلك إلى ضرب من التشبيه والتكييف، والقصدُ إنما هو سلوك الطريقة المتوسّطة بين الأمرين، ودينُ الله تعالى بين الغالي فيه والمقصِّر عنه، والأصلُ في هذا أنَّ الكلام في الصفات فرعٌ على الكلام في الذات، ويُحتذى في ذلك حذوه ومثاله، فإذا كان معلومًا أنَّ إثبات ربِّ العالمين عز وجل إنّما هو إثبات وجود لا إثبات كيفية، فكذلك إثبات صفاته إنَّما هو إثبات وجود لا إثبات تحديد وتكييف. فإذا قلنا: لله تعالى يدٌ وسمعٌ وبصرٌ، فإنَّما هي إثباتُ صفاتٌ أثبتها الله لنفسه، ولا نقول: إنَّ معنى اليد القدرة، ولا إنَّ معنى السمع والبصر العلم، ولا نقول: إنَّها جوارح أو أدوات، ولا نشبّهها بالأيدي والأسماع والأبصار التي هي جوارحُ وأدوات للفعل، ونقول: إنَّما وجب إثباتها؛ لأنَّ التوقيف ورد بها، ووجب نفي التشبيه عنها لقوله تبارك وتعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} , {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4)} (¬1). ¬

_ (¬1) جواب أبي بكر الخطيب عن سؤال بعض أهل دمشق (ص: 64 - 65). وانظر: سير أعلام النبلاء (18/ 284).

الموضع الثالث: قوله في وصف الفرقة الثالثة: "الفرقةُ الثالثةُ، وهي النَّاجِيةُ؛ قومٌ آمنوا بالغَيبِ، ولَم يُداخِلْهم شَكّ ولا رَيبٌ، تَركُوا الخَوضَ في الجِدالِ، واشتَغَلُوا بصالح الأعمالِ، وتَأسَّوا بالصحابةِ والتَّابعين وسائِرِ الأئمَّة المهتدِين الذين سلَّمُوا فسَلِمُوا، وكَفُّوا فعُصِموا ... "، ثم قال في آخر كلامه: "أن يُعلَم أنَ صفاتَ الرَّبِّ سبحانه لا تُشَبَّه بصفاتِ المخلوقين، وأنَّ أفعالَه جلَّ جلالُه مقدَّسَةٌ عن اعتِراض المُبطلين، وأن نُقابِلَ جميع ما ورد مِن ذلك مُجمَلًا بالقَبول والتَّسلِيمِ". فقد يُفهم من كلامه رحمه الله تفويض المعنى إلى الله تعالى فى دون فهم لها، ولا أظن أنَّ هذا مراد المصنِّف بدليل أنه أورد بعد كلامه الأول آثار السلف في الصفات وأنّهم قالوا: "أمرِّوها كما جاءت بلا كيف"، وكذا أثر الإمام مالك في صفة الاستواء، وفيه: "الاستواء معلوم، والكيف مجهول"، وأثبت في كتابه صفة اليد لله عزَّ وجلَّ، فقال عند ذكرِه لحديث ذي اليدين في سجود السهو، فقال: "ووجه قول النبي - صلى الله عليه وسلم - ذو اليدين على قول من زعم أنَّ ذا الشمالين هو المخاطَب أنَّ ذلك على طريق التأدّب. قالت عائشة رضي الله عنها عنه: كان إذا سمع الاسم القبيح غيّره. ولم يقل له ذو اليمين؛ لأنَّهما صفة مدح اختص بها الله سبحانه وتعالى، قال - صلى الله عليه وسلم -: "كلتا يديه يمين" (¬1). ¬

_ (¬1) انظر: (5/ 290).

فالسلف رضى الله عنهم إنَّما نفوا كيفية الصفة وأثبتوا حقيقتها من غير تشبيه ولا تمثيل، بخلاف المعطِّلة من المأوِّلة والمفوِّضة، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "فقول ربيعة ومالك. "الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب" موافقٌ لقول الباقين: "أمرُّوها كما جاءت بلا كيف" فإنَّما نفوا علْمَ الكيفية ولم ينفوا حقيقة الصفة، ولو كان القوم قد آمنوا باللفظ المجرّد من غير فهم لمعناه على ما يليق بالله لما قالوا: "الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول"، ولما قالوا: "أمرُّوها كما جاءت بلا كيف"؛ فإنَّ الاستواء حينئذ لا يكون معلومًا بل مجهول بمنزلة حروف المعجم وأيضًا فإنَّه لا يحتاج إلى نفي علم الكيفية إذا لم يفهم عن اللفظ معنى، إنّما يحتاج إلى نفي علم الكيفية إذا أثبتت الصفات، وأيضًا فإنَّ من ينفي الصفات الجزئية -أو الصفات مطلقًا- لا يحتاج إلى أن يقول: "بلا كيف" فمن قال: إنَّ الله ليس على العرش، لا يحتاج أن يقول: بلا كيف، فلو كان مذهب السلف نفي الصفات في نفس الأمر لما قالوا: بلا كيف. وأيضًا فقولهم: "أمرُّوها كما جاءت" يقتضي إبقاء دلالتها على ما هي عليه، فإنّها جاءت ألفاظًا دالّة على معاني، فلو كانت دلالتُها منتفية لكان الواجب أن يُقال: أمرّوا لفظها مع اعتقاد أنَّ المفهوم منها غير مراد، أو أمرّوا لفظها مع اعتقاد أنَّ الله لا يوصف بما دلّت عليه حقيقة، وحينئذ تكون قد أُمِرَّت كما جاءت، ولا يُقال حينئذ: "بلا كيف"؛ إذ نفي الكيف عما ليس بثابت لغوٌ من القول" (¬1). ¬

_ (¬1) الفتوى الحموية (ص: 25).

وقال ابن القيم رحمه الله: "ومراد السلف بقولهم: "بلا كيف" هو نفي التأويل، فإنّه التكييف الذي يزعمه أهل التأويل، فإنَّهم هم الذين يثبتون كيفية تخالف الحقيقة فيقعون في ثلاثة محاذير: نفي الحقيقة، وإثبات التكييف بالتأويل، وتعطيل الرب تعالى عن صفته التي أثبتها لنفسه، وأما أهل الإثبات فليس أحد منهم يكيِّف ما أثبته الله تعالى لنفسه، ويقول: كيفية كذا وكذا، حتى يكون قول السلف "بلا كيف" ردًّا عليه، وإنّما ردّوا على أهل التأويل الذي يتضمّن التحريف والتعطيل، تحريف اللفظ وتعطيل معناه" (¬1). وقال أيضًا: "إنَّ العقل قد يئس من تعرّف كُنه الصفة وكيفيتها، فإنّه لا يعلم كيف الله إلّا الله، وهذا معنى قول السلف "بلا كيف" أي: بلا كيف يعقله البشر، فإنَّ من لا تعلم حقيقة ذاته وماهيته، كيف تعرف كيفية نعوته وصفاته؟ ولا يقدح ذلك في الإيمان بها، ومعرفة معانيها، فالكيفية وراء ذلك، كما أنا نعرف معاني ما أخبر الله به من حقائق ما في اليوم الآخر، ولا نعرف حقيقة كيفيته، مع قرب ما بين المخلوق والمخلوق، فعَجْزُنا عن معرفة كيفية الخالق وصفاته أعظم وأعظم. فكيف يطمع العقل المخلوق المحصور المحدود في معرفة كيفية من له الكمال كلّه، والجمال كلّه، والعلم كله، والقدرة كلّها، والعظمة كلّها، والكبرياء كلّها، مَن لو كُشف الحجاب عن وجهه لأحرقت سبحاتُه السموات والأرض وما فيهما وما بينهما، وما وراء ذلك، الذي يقبض ¬

_ (¬1) اجتماع الجيوش الإسلامية (ص: 199).

سمواته بيده فتغيب كما تغيب الخردلة في كفِّ أحدنا، الذي نسبة علوم الخلائق كلّها إلى علمه أقلَّ من نسبة نقْرة عصفور من بحار العلم الذي لو أدتَّ البحر يمدُّه من بعده سبعة أبحر مداد وأشجار الأرض من حين خلقت إلى قيام الساعة أقلام، لفَنِيَ المداد وفنيت الأقلام، ولم تنفد كلماته، الذي لو أنَّ الخلق من أول الدنيا إلى آخرها، إنسهم وجِنّهم، وناطقهم وأعجمهم، جُعلوا صفًّا واحدًا ما أحاطوا به سبحانه، الذي يضع السموات على إصبع من أصابعه، والأرض على إصبع، والجبال على إصبع، والأشجار على إصبع، ثمّ يهزّهنَّ، ثم يقول: أنا الملك. فقاتل الله الجهمية والمعطّلة! أين التشبيه ها هنا؟ وأين التمثيل؟ لقد اضمحلَّ ها هنا كلُّ موجود سواه، فضلًا عن أن يكون له ما يماثله في ذلك الكمال، ويشابهه فيه، فسبحان من حجب عقول هؤلاء عن معرفته، وولّاها ما تولّت من وقوفها مع الألفاظ التي لا حرمة لها، والمعاني التي لا حقائق لها. ولما فهمت هذه الطائفة من الصفات الإلهية ما تفهمه من صفات المخلوقين، فرَّت إلى إنكار حقائقها، وابتغاء تحريفها، وسمَّته تأويلًا، فشبّهت أوَّلًا، وعطّلت ثانيًا، وأساءت الظنَّ بربِّها وبكتابه وبنبيه، وبأتباعه" (¬1). المسألة الخامسة: هل يطلق على الله اسم الدهر. أورد المصنِّف حديث: "لا يقولَنَّ أحدُكم: يا خيبةَ الدَّهرِ، فإنَّ الله هو الدَّهر"، ثم قال: "كان أهلُ الجاهليةِ إذا أصابَتهم سَنَةٌ أو شِدَّةٌ ذَمُّوا ¬

_ (¬1) مدارج السالكين (3/ 376 - 377).

الفاعلَ لذلك، واعتقَدوا أنه الدَّهرُ كقولِهم: {وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ} , فأخبَرَ النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الله سبحانه هو الفاعِلُ لذلكَ، الذي تُسمُّونَه الدَّهرَ جهلًا وإِلحادًا، فكأنّه يقول: لا تَسبُّوا الدَّهرَ لفعلِ يظهرُ فيه تأسِيًا بأهلِ الجاهلية، فإن السَّبَّ يعود إلى الفاعِلِ بمقتضَى المَقصِدِ المذكورِ، والفاعلُ هو الله سبحانه، أيْ أنَّ الله جلَّ جلالُه هو المعني بهذا الاسمِ في هذه الحالِ، لا أنه يقعُ عليه حقيقةً" (¬1). وما ذكره المصنِّف هو اعتقاد السلف رحمهم الله، وأنَّهم لا يذكرون اسم الدهر من أسمائه الحسنى سبحانه، قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: "قال الشافعي وأبو عبيدة وغيرهما من الأئمة في تفسير قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تسبّوا الدهر فإنَّ الله هو الدهر": كانت العرب في جاهليتها إذا أصابهم شدّة وبلاء أو نكبة قالوا: يا خيبة الدهر، فيُسندون تلك الأفعال إلى الدهر ويسبّونه، وإنَّما فاعلها هو الله، فكأنهم سبّوا الله عزَّ وجلَّ؛ لأنَّه فاعل ذلك على الحقيقة، فلهذا نهى عن سبِّ الدهر بهذا الاعتبار؛ لأنَّ الله هو الدهر الذي يعنونه ويُسندون إليه تلك الأفعال، هذا أحسن ما قيل في تفسيره وهو المراد، والله أعلم، وقد غلط ابن حزم ومن نحا نحوه من الظاهرية في عدِّهم الدهر من الأسماء الحسنى أخذًا من هذا الحديث" (¬2). المسألة السادسة: إثبات القدر وأنَّه من فعل الله سبحانه. ذكر المصنف حديث: "تحاجَّ آدمُ وموسى، فحَجَّ آدمُ موسَى ... "، ¬

_ (¬1) انظر: (3/ 396). (¬2) تفسير ابن كثير (4/ 136).

وفيه قولُه: "أنتَ آدمُ الذي أغويتَ الناسَ، وأخرجتَهم من الجَنّةِ"، وقولُ آدم: "أَفَتَلُومُنِي على أَمرٍ قد قُدِّرَ عَليَّ قبلَ أنْ أُخْلَقَ". قال المصنِّف: "خَرَجَ اللَّومُ على مآلِ الذنْبِ، فلِذلك احتجَّ آدمُ بالقدَرِ الذي هو فِعلُ الله سبحانه" (¬1). وهذا مذهب أهل السنة والجماعة، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "فآدم عليه السلام إنَّما حجَّ موسى؛ لأنَّ موسى لامه على ما فعل لأجل ما حصل لهم من المصيبة بسبب أكله من الشجرة، لم يكن لومه له لأجل حق الله في الذنب، فإنَّ آدم كان قد تاب من الذنب، كما قال تعالى: {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ}، وقال تعالى: {ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى (122)}، وموسى -ومن هو دون موسى- عليه السلام يعلم أنّه بعد التوبة والمغفرة لا يبقى ملام على الذنب، وآدم أعلم بالله من أن يحتجَّ بالقدر على الذنب، وموسى عليه السلام أعلم بالله تعالى من أن يقبل هذه الحجّة، فإنَّ هذه لو كانت حجّة على الذنب لكانت حجّة لإبليس عدوّ آدم، وحجّة لفرعون عدوّ موسى، وحجّة لكلِّ كافر فاجر، وبطل أمر الله ونهيه، بل إنَّما كان القدر حجّة لآدم على موسى؛ لأنّه لام غيره لأجل المصيبة التي حصلت له بفعل ذلك، وتلك المصيبة كانت مكتوبة عليه .. ثم أورد شيخ الإسلام الآيات والأحاديث الدالة أنَّ المصيبة تكون بإذن الله وقدره، ثم قال: فهذا سبيل الذين أنعم الله عليهم من النبيّين والصّديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقًا، وهذا واجب فيما قدر من ¬

_ (¬1) انظر: (3/ 390).

المصائب بغير فعل آدمي كالمصائب السماوية، أو بفعل لا سبيل فيه إلى العقوبة كفعل آدم عليه السلام فإنه لا سبيل إلى لومه شرعًا؛ لأجل التوبة، ولا قدرًا؛ لأجل القضاء والقدر، وأما إذا ظلم رجل رجلًا فله أن يستوفي مظلمته على وجه العدل، وإن عفا عنه كان أفضل له، كما قال تعالى: {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ} " (¬1). والكلام في هذا المعنى كثير متشعّب، وما أوردته من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية جامع لشرح هذا الحديث وكلام المصنِّف، والله أعلم. المسألة السابعة عشر: معنى الفطرة الواردة في حديث أبي هريرة: "كلُّ مولود يولد على الفطرة". قال المصنِّف رحمه الله: "والفطرةُ ابتداءُ الخَلقِ، وقيل: المرادُ بها في هذا الموضعِ العهدُ الذي ذَكَر الله سبحانه في قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى}، وهدا يَتَضَمَّنُ الإقرارَ بالربوبيَّة، فكلُّ مولودٍ مَفطورٌ على ذلك الإقرارِ، ولا يزالُ على حكمِه حتى يبلغَ الحُلُمَ ويعقِلَ، فإنْ مات قبلَ ذلك كفاه الإقرارُ الأوَّلُ؛ إذ لَم يُتَعبَّدْ بغيرِه، ولا وَقَعَ منه عصيانٌ، كما قال ابن عباس: "قد أقَرُّوا بالميثاقِ الأوَّلِ، ولَم يعملوا عملًا ينقُضُ ذلك"، وإن بَلَغَ عاقلًا كُلِّف الإقرارَ بالوحدانيَّةِ، وهذا تكليفٌ عامٌّ يَعُمُّ الأديانَ كلَّها قديمًا وحديثًا، ومَن أباه كان مشركًا على الإطلاقِ، ويَتَركَّبُ على هذا الإقرارُ بالرِّسالةِ، ثمَّ قَبولُ الشرعِ الذي جاء به ¬

_ (¬1) مجموع الفتاوى (8/ 108، 109).

الرسولُ - صلى الله عليه وسلم -، وبهذا تَختلِفُ الأديان والمِلَلُ. وأمَّا الإقرارُ الأوّلُ فعامٌّ، قال الله سبحانه: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ}، روى عِياضُ بنُ حمارٍ المُجاشِعي أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال ذاتَ يومٍ في خطبتِه: "ألاَ إن ربي أمرَنِي أن أعَلِّمكم ما جَهِلتُم مِمَّا علَّمَنِي يومِي هذا، أَنِّي خلقتُ عبادِي حُنفاءَ كلَّهم، وأنَّهم أَتتْهم الشياطينُ فاجتَالَتْهم عن دِينهم فحَرَّمتْ عليهم ما أَحْلَلْتُ لهم، وأَمَرَتْهم أن يشرِكوا بي ما لَم أنَزِّل به سلطانًا ... ". الحديث خَرَّجه مسلم" (¬1). وما ذكره المصنِّف مِن تفسير الفطرة بابتداء الخلق هو أحد الأقوال المحكية عن السلف (¬2)، أو بالعهد الذي أخذه الله عزَّ وجلَّ على بني آدم، وهو قول حماد بن سلمة كما أخرجه عنه أبو داود (¬3)، وغيره من السلف (¬4). والقول المشهور عن السلف أنَّ المراد بالفطرة هنا هو الإسلام (¬5)، وليس المراد أنَّه يولد يعلم الدين، ولكن المراد أنَّ فطرته مقتضية لمعرفة دين ¬

_ (¬1) انظر: (3/ 378 - 379). (¬2) انظر: التمهيد (18/ 78). (¬3) السنن كتاب: السنة، باب: ذراري المشركين (5/ 89 / رقم: 4716). (¬4) انظر: التمهيد (18/ 83)، الفتح (3/ 293). (¬5) انظر: التمهيد (18/ 72)، تهذيب السنن لابن القيم (7/ 81)، الفتح (3/ 292). تنبيه: لم يرتض ابن عبد البر القول بأنَّ معنى الفطرة الإسلام، خلافا لما يشير إليه كلام الحافظ ابن حجر في الفتح، واختار ابن عبد البر قول من يقول إنَّ المراد بالفطرة هنا السلامة والاستقامة في الخِلقة التي يخلق عليه المولود في المعرفة بربّه، بخلاف خِلقة البهائم.

الإسلام ومحبّته، فهي تستلزم الإقرار والمحبة، فكل مولود يولد على الإقرار بالوحدانية، ثم إذا بلغ فالتفصيل ما ذكره المصنِّف. المسألة الثامنة: مآل أولاد المسلمين وأولاد المشركين. ذكر المصنِّف هذه المسألة إثر المسألة السابقة فقال: "واختَلَفت الآثارُ في مَن يَموت صغيرًا قبل بلوغِ حَدِّ التَّكليفِ، فَفِي هذا الحديث أنه قيل له: "أرأيتَ الذي يموتُ وهو صغيرٌ؟ ". وفي بعض طرقِه: "أرأيتَ مَن مات قبلَ ذلك؟ -أي قبلَ أنْ يُضِلَّه أبوه-"، فقال: "اللهُ أعلمُ بما كانوا عامِلِين"، وليس في هذا إِخبارٌ بمآلِ حالِهم، وإنَّما فيه العلمُ إلى الله سبحانه، أيْ أنَّ الله تعالى عالِمٌ بماَ كانوا يعملون لو بَلَغوا حَدَّ التَّكليفِ، فلَه أنْ يُجازِيَهم بذلك إن شاء. ونحوُ هذا ما رُوي عن عائشةَ قالت: "دُعِيَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إلى جنازةِ صَبِيٍّ مِن الأنصار، فقلتُ: يا رسولَ الله طوبَى لهذا، عصفورٌ من عصافِيرِ الجَنَّةِ لَم يعملْ السوءَ ولَم يُدرِكْهُ، قال: أَوَ غيرَ ذلك يا عائشة، إن الله تعالى خَلَقَ للجَنّة أهلًا، خَلَقَهم لَها وهم في أَصلابِ آبائِهم، وخَلَقَ للنّارِ أهلًا، خلقهم لها وهم في أصلاب آبائهم" خَرَّجه مسلم، ولَعلَّ هذا القولَ كان قبلَ أن يُوحَى إليه فِيهِم، وقد أُمِرَ أن يقول: {وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ}، ولَمَّا أُعلِمَ بعد ذلك بِمآلِهم أَخْبَرَ به. فمِن ذلك ما رواه سمرة بنُ جُندب أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "أتاني اللّيلةَ آتيان، فقالا لي: انطَلِق! انطلق! ... "، وذَكَرَ الحديثَ، وقال فيه: "فأَتَينَا على رَوضَةٍ -وَصَفَها- وإذا بَين ظهراني الروضة رجلٌ طويلٌ

وإذا حولَه مِن أكثرِ وِلدان رأيتُهم قطُّ وأحسنِه، قال: قلت: ما هذا وما هؤلاء؟ ... "، -وذكرَ كلامًا- ثمَّ قال في تفسيرِ ذلك: "وأمَّا الرَّجلُ الطويلُ الذي في الروضةِ فإنه إبراهيمُ عليه السلام، وأمَّا الولدان الذين حولَه فهو كلُّ مولودٍ مات على الفِطرة. فقيل: يا رسول الله! وأولادُ المشركين؟ فقال - صلى الله عليه وسلم -: وأولادُ المشركين" خرَّجه البخاري، وهذا كحديثِ الإسراء، ومُقتضاه أن الولدان في الجَنَّةِ مع النَّبِيِّين. وفي حديثِ خَنساءَ بنتِ معاوية، عن عمِّها قال: سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "النبي في الجَنَّةِ، والشهيدُ في الجنة، والمولودُ في الجَنّةِ، والوَئِيدُ في الجنة" خَرَّجه أبو داود، وقاسِمُ بنُ أصبغ، وابنُ أبي شيبة. وهذه أَخبارٌ تَعُمُّ جميعَ الأطفالِ، أولادُ المؤمنين وأولادُ الكافرِين، وأمَّا ما يَخُصُّ أولادَ المؤمنين فكثيرٌ، مِن ذلك حديثُ أنسٍ قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما مِن الناسِ مسلمٌ يموتُ له ثلاثةٌ من الولَدِ لَم يبلُغُوا الحِنثَ إلَّا أدخله الله الجَنَّةَ بفضلِ رحمتِه إيّاهم"، خَرَّجه البخاري، وخَرَّج النسائي عن أبي هريرةَ نحوَه وزاد فيه: "قال: يُقال لهم: ادخُلُوا الجَنَّةَ، فيقولون: لا، حتى يَدخلَ أبوانا. فيُقال لهم: ادخلُوا الجَنّةَ أنتم وآباؤكم". وقد وَرَدَ في أولادِ الكفارِ أنّهم خَدَمٌ لأَهلِ الجنة. وجاء أنّهم يُمتَحنون يومَ القيامةِ بالأمرِ بدخول النار، ورُويَ أنَّهم مع آبائِهم، وهذا في أحكام الدنيا خاصَّة، ولولاَ شرط الاخَتصارِ لتَقَصَّينا تلكَ الأخبار، والأصلُ ما ذكرناه وما صحَّ مِن الآثارِ، وقَلَّ ما يُخالِفُ معناه" (¬1). ¬

_ (¬1) انظر: (3/ 379 - 384).

ففي كلامه رحمه الله قسَّم الأولاد قسمين، فأمَّا أولاد المسلمين استدلَّ لهم بأنهم في الجنَّة، وهذا قول الأكثر من أهل العلم، وقال النووي: "أجمع من يُعتدُّ به من علماء المسلمين على أنَّ من مات من أطفال المسلمين فهو من أهل الجنة" (¬1). وأمَّا أولاد المشركين فالذي يظهر أنه اختار القول بأنهم في الجنة؛ وذلك أنَّه أورد بعض الأحاديث التي يستدل بها من ذهب إلى هذا القول كحديث خنساء وغيرها، ثم قال: "وهذه أَخبارٌ تَعُمُّ جميعَ الأطفالِ، أولادُ المؤمنين وأولادُ الكافرِين"، ثم ذكر الأقوال الأخرى في المسألة ولم يستدلَّ لها، ثم قال: "والأصلُ ما ذكرناه وما صح مِن الآثارِ، وقَلَّ ما يُخالِف معناه". وهذا القول الذي ذهب إليه المصنف هو قول بعض أهل العلم من أهل السنة والجماعة، وهو ظاهر اختيار الإمام البخاري في صحيحه (¬2)، والأدلة تعضد هذا المذهب والله أعلم، وقال النووي: "وهو الصحيح الذي ذهب إليه المحقِّقون" (¬3). هذا آخر ما يمكن تلخيصه من المسائل العقدية التي ذكرها المصنِّف في كتابه، وهي تعطينا دلالة واضحة أنه كان على منهج السلف الصالح في ¬

_ (¬1) انظر: التمهيد (18/ 96)، شرح النووي على صحيح مسلم (16/ 207)، تهذيب السنن لابن القيم (7/ 83)، الفتح (3/ 291). (¬2) انظر: الفتح (3/ 290). (¬3) شرح صحيح مسلم (16/ 208)، وانظر (3/ 379 - 384) من هذا الكتاب.

المبحث الخامس عشر: مذهبه الفقهي

عقيدتهم، وأنَّه كان متَّبعًا للكتاب والسنة في ذلك، رحمه الله وأجزل له المثوبة. المبحث الخامس عشر: مذهبه الفقهي. قال القاضي عياض رحمه الله تعالى: "يميل في فقهه إلى الظاهر" (¬1). قلت: لم يتكلَّم المصنِّف في كتابه هذا عن المسائل الفقهية وترجيحاته إلا نادراً، بل كان يضير إلى اختياراته إشارة وتلويحًا دون التصريح (¬2)، ومن خلال تتَبُّعي لما أشار إليه من المسائل الفقهية في كتابه تبيّن لي أنَّ المصنِّف كان يميل في فقهه إلى الأخذ بالدليل سواء خالف ما كان عليه المذهب في الديار الأندلسية وهو المذهب المالكي أو وافقه، وصرّح المصنِّف بهذا المنهج الذي اتَّبعه فقال بعد أن رجّح القول بقراءة المأموم الفاتحة خلف الإمام وهو خلاف ما عليه المالكية كما سيأتي، قال: "والحُجَّةُ قول النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - لاَ في قولِ مَن سِواه، ومَن انتَهى إلى قولِه وأَمْرِه فقد كَفاه" (¬3). وهذا المنهج الذي كان عليه المصنِّف تبعه عليه تلامذته، وسأذكر قصة طريفة وقعت لأحد تلامذته مع بعض المتعصّبين لمذهب مالك في الأندلس، قد تعطي لنا تصوّرًا عمَّا كان يجري من خلافات بين القلّدة وبين من كان سبيله وديدنه اتِّباع الدليل، والأخذ. مما كان عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دون التقيّد والتقليد لأحد سواه - صلى الله عليه وسلم -. ¬

_ (¬1) الغنية (ص: 118). (¬2) انظر أمثلة ذلك في مبحث: منهجه في الكتاب (1/ 157). (¬3) انظر: (3/ 519).

روى المراكشي بإسناده إلى أبي الحسن بن أحمد بن أبي القوة، عن أبيه قال: "صليتُ وأنا شابٌّ صغير بالناس في قيام رمضان، فسجدتُ بهم لى سورة الحج سجدتين (¬1)، فلما سلّمت قال لي رجل من القوم: ما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين. قال: فقلت له: لقد كنتم أنتم وآباؤكم في ضلال مبين. فلما كان من الغد ذكرتُ هذا الجواب لأبي العباس بن طاهر الفقيه، وكنتُ حينئذ أقرأ عليه، فأعجبَه واستظرفه وضحك عليه" (¬2). وسأعرض في هذا البحث بعضَ المسائل التي تكلّم عليها المصنِّف، وأشار فيها إلى مذهبه، لعلّ ذلك ممّا ييسِّر الوقوف على مذهبه الفقهي، علمًا بأنَّ المصنِّف كان من المفتين والفقهاء المشاورين في بلده، وتولى خطّة الشورى، وعُرض عليه القضاء فأبى، كما تقدّم، وكذلك لم يقع لنا من تصانيفه إلَّا هذا الكتاب، وكان له غيره، فلذلك لا يستطيع الباحث الجزم بفقهه ومذهبه الذي كان عليه، إلَّا أنَّ كلامه السابق، وما سيأتي يعطينا صورة واضحة أنَّه كان متجرِّدًا من التمذهب والتعصّب بغير دليل رحمه الله. المسألة الأولى: قراءة المأموم الفاتحة خلف الإمام في الصلاة الجهرية والسرية. رجّح فيها أنَّ المأموم يقرأ الفاتحة خلف إمامه في القراءة الجهرية، واستدلَّ لذلك بعدّة أدلة، وردَّ على قول مالك في ذلك، ثم ذكر أنَّه قول عمر بن الخطاب ومكحول، وختم ذلك بقوله: "والحجَّةُ في قولِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ¬

_ (¬1) وهو خلاف مذهب المالكية. (¬2) الذيل والتكملة (1/ 1/ 70).

لَا في قولِ مَن سِواه، ومَن انتَهى إلى قولِه وأَمْرِه فقد كَفاه، وإنَّما ذيَّلتُه بقولِ عمرَ ومكحولٍ لأُبيِّنَ أنَّه مُتَلقًى بالعمَلِ والقَبول". وما ذهب إليه المصنف في هذه المسألة هو قول الشافعي والظاهرية وغيرهم (¬1). المسألة الثانية: وجوب التعوّذ من الأربع في التشهد. ذكر المصنِّف حديت ابن عباس: "كان يُعلِّمهم هذا الدعاءَ كما يُعلِّمهم السورةَ من القرآن يقول: اللهم إني أعوذ بك من عذابِ جَهَنَّم، وعذابِ القبر، وفِتنةِ الدَّجَّال، وفِتنةِ المحيا والممات"، ثم قال: "خَرَّجه مسلم من طريق قتيبة عن مالك، وقال في آخره: بلغني أنَّ طاوسًا قال لابنِه: "أَدَعَوْتَ بها في صلاتِك؟ ". قال: "لا". قال: "أَعِدْ صَلاتَك"، وليس في هذا الحديث الأمرُ بها في الصلاة، وإنَّما جاء ذلك في حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "إذا فَرَغَ أحدُكم من التشهّد الأخِيرِ فليتَعَوَّذ من أَربع ... "، وذكرها، خَرَّجه مسلم أيضًا". فكلام المصنِّف رحمه الله يشير إلى أنَّه يرى وجوب التعوّذ من هذه الأربع في الصلاة، وهذا مذهب الظاهرية وطاوس (¬2). المسألة الثالثة: سجود التلاوة في سور المفصَّل. ذكر هذه المسألة إثر حديث أبي هريرة: "أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سجدَ في: {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} ". ¬

_ (¬1) انظر: (3/ 515، 520). (¬2) انظر: (2/ 550).

ثم أورد طرقًا عن أبي هريرة فيه شهوده أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - سجد فيها. ثم ذكر رواية عطاء بن مِيناء عن أبي هريرة: "سجدنا مع رِسول الله - صلى الله عليه وسلم -: {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} و {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ}، وقال: "خَرَّجه أَبو داود، ثم قال: "أَسلَمَ أبو هريرة سنة ست عامَ خيبر"، قال: "وهذا السُّجود من النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - هو آخِرُ فعلِه"، قاله بعد أنْ ذَكَرَ حديثَ عِكرمةَ، عن ابن عباسٍ: "أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - لَم يَسجُدْ في شيءٍ من المُفَصَّلِ منذ تَحَوَّلَ إلى المدينة"، وهاتان السُّورتَان من الفَصَّلِ، وكذلِك النَّجم، وخَرَّج أيضًا عن عَمرو بن العاصي: "أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أَقْرَأَه خَمسَ عشرةَ سَجدة في القرآن، ثلاثٌ في المفصَّلِ، وفي سورَةِ الحجِّ سجدتان". وإيراد المصنف لكلام أبي داود ورواية عمرو بن العاص فيه إشارة للرد على مذهب المالكية القائل بأن لا سجود في سور المفصل، وحديث أبي هريرة ظاهر في مشروعيته ووروده في سور المفصل، وهو عمل الخلفاء الراشدين (¬1). المسألة الرابعة: وجوب القبض قبل البيع، وأنَّه لا فرق بين الجُزاف والكيل. ذكر المصنِّف هذه المسألة إثر حديث: "كنا في زِمَن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - نَبتاع الطعامَ فيبعَثُ علينَا من يَأمرُنا بانتِقَالِه"، ثم قال: "وخَرَّج مسلم من طريق عُبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر قال: "كنَّا نشتري الطعامَ مِن الرُّكبان جُزافًا فنهانا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أنْ نَبيعه حتى نَنقلَه مِن مكانه"، وعن سالم، ¬

_ (¬1) انظر: (3/ 313 - 316).

عن أبيه: "أنهم كانوا يُضرَبون على عَهد رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - إذا اشتروا طعامًا جُزافًا أنْ يبيعوه ومكانِه حتى يُحَوِّلوه". وذِكر المصنِّف لهذه الطرق فيه إثبات لوجوب القبض في الجُزاف والمكيل كما ذهب إليه الجمهور، وفيه رد على المشهور من مذهب المالكية الذين يفرِّقون في القبض بين الجُزاف والمكيل، وأنَّه ما كان مكيلًا وبا فيه القبض، وما كان موزونا لم يجب (¬1). المسألة الخامسة: كلامه في الصرف. ذكر حديث عمر بن الخطاب - صلى الله عليه وسلم -: "الذهب بالوَرِق ربًا إلَّا هَاءَ وَهَاءَ"، وذَكَر البُرَّ، والتَّمرَ، والشَّعير. ثم قال المصنِّف: "وذَكَرَ فِى هذا الحديث خمسةَ أصنافٍ، ولم يَذكر المِلْحَ، وشَرَط التأخيرَ في الكُلِّ، ولَم يَذكُر المساواةَ، وهي مُعتبَرَةٌ في كلِّ صِنفٍ منها إذا بِيعَ بعضُه ببعض، والمحفوظ عن الزهري في هذا الحديث: "الذَّهَب بالوَرِق" كما قاَل مالك، وخرَّجه ابن أبي شَيبة عن ابنِ عيينة، عنه ثمَّ قال في آخرِه: شهادتي على ابنِ عيينة أنَّه قال: "الذَّهَب بالوَرِق"، ولَم يَقُل الذَّهَب بالذَّهَب، وهذا هو الصحيحُ في هذا الحديث؛ لأنَّ عمرَ إنَّما أنكَرَ التأخيرَ في بيع الذَّهب بالوَرِق، وإذا لَم يَجُزِ التَّفاضلُ في الصِّنفِ الواحِدِ من هذه الأشياءِ، فبَيْعُ بَعضِها ببَعض مُتساويًا يدًا بيدٍ راجعٌ إلى مَعنى البَدَلِ، وإنَّما التَّأخيرُ مع المساواةِ، فإن قَصَدَ به البيعَ لم يَجُز، وإن كان على وَجْه القَرْضِ جاز" (¬2). ¬

_ (¬1) انظر: (2/ 414 - 415). (¬2) انظر: (2/ 276 - 278).

المبحث السادس عشر: وفاته

هذه بعض المسائل التي تكلّم عنها أو أشار إليها المصنِّف في كتابه، وفي غالبها رجّح المصنِّف قول الظاهرية، مع نصِّه على الدليل المؤيّد لا ذهب إليه، ولم يقلّد في ذلك الذهب المشهور في الأندلس، وهو مذهب مالك، وهذا ما يفسّر قول القاضي عياض المتقدّم، والله تعالى أعلم. المبحث السادس عشر: وفاته. بعد حياة حافلة بالأخذ والتلقي والسماع، ثم التحديث والإلقاء والإفتاء، اخترمت المنيةُ أبا العباس الدافي ببلده دانية رحمه الله تعالى. وقد اختلف العلماء في تحديد سنة وفاته على قولين. القول الأول: أنه توفي في نحو العشرين وخمسمائة. وبه قال القاضى عياض، وتبعه ابن بشكوال (¬1). القول الثاني: أنه توفي لسبع خلون من جمادى الأولى سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة. وهو قول ابن أخيه أحمد بن سليمان، وابن الأبّار، والضبي، وابن خبيش، والمراكشي، بل هو قول غير واحد من أهل دانية، وهو الصواب (¬2). وجاء في حاشية (1) من كتاب الصلة (1/ 79) تعليقا على قول ابن بشكوال في وفاته ما نصّه: "هذا غلط كبير، نقلت من خط أبيه قي ¬

_ (¬1) انظر: الغنية (ص: 118)، والصلة (1/ 79). (¬2) انظر: التكملة (1/ 44)، وبغية الملتمس (ص: 180)، والذيل والتكملة (1/ 1 / 131)، وتاريخ الإسلام (وفيات 531 - 540/ ص: 264).

مصحفه: وُلد أحمد طاهر بن علي بن عيسى في آخر الساعة الرابعة من يوم السبت اليوم التاسع من شوال سنة سبع وستين وأربع مائة، ووافق ذلك اليوم السادس من يونيه، ونقلت من خطِّ ابن أخيه الفقيه أبي جعفر أحمد بن سليمان بن طاهر كاتب القاضي الحسيب أبي الشرف بن أسود تحت مولده: اثنتين وثلاثين وخمس مائة، وهو ثامن عشر من فبراير، قلت: وهكذا أخبرني غير واحد من أهل دانية. من هامش الأصل المعتمد عليه". اهـ. وقال ابن الأبّار: "وغلِط (أي ابن بشكوال) غلطًا لا خفاء به، فجعلها في نحو العشرين وخمسمائة كما جعلها القاضي عياض، وعنه نقل ذلك فيما أحسب. وأنا قرأت السماع منه لصحيح مسلم بدانية يا جمادى الأولى سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة، وتوفي يما سابع من جمادى الأولى سنة اثنتين وثلاثين، بعد عام كامل من تاريخ هذا السماع، وكذا قال ابن حبيش فِي وفاته" (¬1). قلت: وقد تقدّم في مبحمث تلاميذ المصنِّف أنَّ عبد الرحمن بن محمد بن تقي الحضرمي حمع من أبي العباس الداني صحيح مسلم سنة (531 هـ). ومحمد بن علي بن عطية العبدري له سماع من أبي العباس الداني سنة (531 هـ) أيضًا. وعلي بن محمد بن أحمد الأزدي، أبو الحسن الداني، روى عن أبي العباس الداني، وسمع منه السنن سنة (529 هـ). ¬

_ (¬1) التكملة (1/ 44)، وانظر: الذيل والتكملة (1/ 1/ 131).

ثم إنَّ القاضي عياضًا وابن بشكوال لم يحدِّدَا السنة التي توفي فيها تحديدًا دقيقًا، وحدّدها آخرون باليوم والشهر والسنة. فهذه أدلةٌ واضحة تدل على غلط القاضي عياض ومن تبعه في وفاة أبي العباس الداني، والصواب أنَّه توفي سنة (532 هـ) رحمه الله رحمة واسعة، وأسكنه فسيح جناته.

الفصل الثالث: دراسة الكتاب

الفصل الثالث: دراسة الكتاب وفيه خمسة مباحث المبحث الأول: إثبات اسم الكتاب. المبحث الثاني: نسبه الكتاب للمؤلف. المبحث الثالث: ثناء العلماء على الكتاب ومنزلته العلمية. المبحث الرابع: منهج المؤلف في الكتاب. المبحث الخامس: وصف النسخة المعتمدة في التحقيق.

المبحث الأول: إثبات اسم الكتاب

المبحث الأول: إثبات اسم الكتاب. ورد اسم الكتاب في طُرَّة النسخة الخطية بعنوان: كتاب الإيماء إلى أطراف أحاديث كتاب الموطأ صنعة (¬1) الشيخ الجليل العالم أبي العباس أحمد بن طاهر بن علي بن عيسى الداني رحمة الله عليه واختلفت عبارات مَن ذكر كتاب أبي العباس في تسميته، وذلك راجع إلى الاختصار أو ذكر اسم الكتاب بموضوعه الذي تناوله. قال القاضي عياض: "له تصانيف يما الحديث منها أطراف الموطأ" (¬2). وقال ابن الأبار والمراكشي: "له تصنيف على الموطأ سمّاه: كتاب الإيماء" (¬3). ¬

_ (¬1) ضُبطت في النسخة: "صَنَعَهُ"، وهو خطأ، ويدل عليه قوله: "أبي العباس"، فلو كان كما ذكر لرفع الفاعل، وكلمة: "صَنعَةُ" معروفة في استعمال المؤلفين، خاصة المغاربة منهم، والله أعلم. (¬2) الغنية (ص: 118). (¬3) التكملة (1/ 43)، الذيل والتكملة (1/ 131/1). ووقع في الديباج المذهب (ص: 45)، ومعجم المؤلفين (1/ 255): "الإنباء"، وهو تصحيف.

المبحث الثاني: إثبات نسبه الكتاب لأبي العباس الداني

وسمّاه الحافظ الراقي وابن حجر والعيني ومغلطاي: "أطراف الموطأ" (¬1). وبالنظر إلى ما ذكره القاضي عياض والراقي وابن حجر، يتبيّن أنهم راعوا في تسميته ذكر ما اشتمل عليه موضوع الكتاب، وما ذكره ابن الأبار والمراكشي إنما هو اختصار لاسم الكتاب الكامل. وما جاء في النسخة الخطية موافق لما ذكروه، بل إنَّ المصنِّف أشار في مقدّمته إلى هذه التسمية فقال: "فإنِّي أُوميء في هذا الكتاب إلى أحاديث مالكِ بنِ أنس في مُوَطَّئِه". المبحث الثاني: إثبات نسبه الكتاب لأبي العباس الداني. هناك أدلة واضحة بيّنة تُثبت نسبة الكتاب لمؤلّفه أبي العباس الداني، ومنها: 1 - أنَّ الكثيرين مِمَّن ترجموا له ذكروا في تصانيفه هذا الكتاب، ومنهم القاضي عياض، وابن الأبار، والمراكشي، وتقدّم في البحث السابق تسميتهم لهذا الكتاب. كما أنَّ الذين صنّفوا كتبًا في الأطراف نسبوا لأبي العباس الداني كتاب أطراف الموطأ، كالحافظ ابن حجر في مقدمة إتحاف الهرة (¬2). ¬

_ (¬1) انظر: طرح التثريب (1/ 120)، وفتح الباري (2/ 262)، (3/ 348)، عمدة القاري (10/ 207)، الإعلام بسنته عليه السلام (3 / ل: 155 / أ) لمغلطاي. (¬2) انظر: إتحاف المهرة (1/ 158).

2 - نقولات العلماء منه، ونسبتهم الكتاب لأبي العباس الداني. وممّن نقل من كتاب أطراف الموطأ: • الحافظ العراقي: في كتابه طرح التثريب. قال: "وذكر أبو العباس بن طاهر الداني في أطراف الموطأ أنَّ أبا علي الحنفي رواه عن مالك بلفظ: ولغ" (¬1). • الحافظ ابن حجر، في ثلاثة مواضع من فتح الباري (¬2): قال في الموضع الأول: "واعترض الداني في أطراف الموطأ فقال: هذا معلول، لأنَّه ظن من أبي حازم" (¬3). وقال في الموضع الثاني: "ادّعى أبو العباسِ الداني في أطراف الموطأ أنَّ التفسير مدرج في الحديث ولم يذكر مستَنَدًا لذلك، ثم وجدت في كتاب العسكري في الصحابة ... " (¬4). وقال في الموضع الثالث: "قال الداني في أطرافه: رواه يحيى بن يحيى الأندلسي بالموحّدة وتابعه جماعة، ورواه يحيى بن يحيى النيسابوري بالمثناة وتابعه إسماعيل وابن وهب، ورواه القعنبي بالشك" (¬5). ونقل عنه أيضًا في كتابه تهذيب التهذيب، فقال: "وقال الداني ¬

_ (¬1) انظر: طرح التثريب (1/ 120)، وهذا النقل موجود في (3/ 354 / حاشية 1). (¬2) انظر: فتح الباري (2/ 262)، (3/ 348)، (3/ 382). (¬3) انظر هذا النقل (3/ 108/ حاشية 4). (¬4) انظر هذا النقل (2/ 448/ حاشية 1). (¬5) انظر هذا النقل (2/ 40/ حاشية 3).

في أطراف الوطأ: هو عبد الرحمن بن عمرو بن أبي عمرة" (¬1). • بدر الدين العيني في شرحه على صحيح البخاري، قال: "وذكر أبو العباس أحمد بن وطاهر الداني في كتابه أطراف الموطأ: لعلَّ المغفر كان تحت العمامة" (¬2). • الحافظ مغلطاي في كتابه الإعلام بسنّته عليه السلام (شرح سنن ابن ماجه) في موضعين قال: "وفي كتاب الأطراف لأبي العباس أحمد بن محمد بن عيسى الداني الحافظ: ورواه عمرو بن مرزوق عن مالك عن الزهري عن أنس وذلك وهم" (¬3). وفي الموضع الثاني قال: "قال العلّامة أبو العباس أحمد بن طاهر الداني في كتابه أطراف الموطأ هذا حديث معدول، لأنَّه ظنٌّ" (¬4). • الزرقاني، ونقل منه في عدة مواضع من شرحه على الموطأ (¬5). 3 - أسانيده للموطأ، ونقله عن بعض شيوخه كأبي علي الجيّاني، والصدفي، وأبي داود المقرئ. فهذه أدلة كافية تفيد صحة نسبة هذا الكتاب لمؤلِّفه، والله أعلم. ¬

_ (¬1) تهذيب التهذيب (6/ 220). (¬2) عمدة القاري (10/ 207)، وانظر هذا النقل (2/ 51 / حاشية 2). (¬3) الإعلام بسنته عليه السلام (3 / ل: 30 / أ)، وانظر هذا النقل (3/ 233 / حاشية 1). (¬4) الإعلام بسنته عليه السلام (3 / ل: 155/ أ)، وانظر هذا النقل (3/ 108 / حاشية 4). (¬5) انظر: شرح الزرقاني (1/ 77)، (2/ 76).

المبحث الثالث: ثناء العلماء على الكتاب، ومنزلته العلمية

المبحث الثالث: ثناء العلماء على الكتاب، ومنزلته العلمية. أثنى على كتاب أبي العباس الداني ابنُ الأبَّار ومِن قبله شيخُ أبي العباس أبو عليٍّ الصدفي، قال ابن الأبَّار: "كتاب الإيماء ضَاهَى به كتابَ أطراف الصحيحين لأبي مسعود الدِّمشقي، وعَرَضَه على شيخِه أبي عليٍّ الصدفي فاستَحسَنَه وَأَمَر بِبَسْطِه، فزاد فيه" (¬1). وحكى المراكشي هذا القول، وزاد: "وَقفتُ عليه وكان في كتبي، ثمَّ خرجت عنه" (¬2). ومن النَّص الذي ذكره ابن الأبّار نستخلص أنَّ المصنِّف ضاهى في تصنيفه أطراف الصحيحين لأبي مسعود الدِّمشقي، والناظر في كتاب أبي مسعود يجده لا يقتصر على إيراد الأحاديث وبيان مواضعها في الصحيحين فحسب؛ بل يذكر بعضَ عِلَل الأحاديث، ببيان المحفوظ منها والشاذ، وإن كانت تعليقاتُه يسيرة. وأمّا المصنِّف فقد علَّق على أحاديث الموطأ، ببيان علَلِها وفوائدِها الإسنادية والمتنية (¬3). ثم إنَّ أبا العباس الداني صنَّف هذا الكتاب، وعَرضه على شيخِه المحدِّث أبي علي الصدفي - وهي عادة مَن سلَفه كما فعل مسلم بصحيحه ¬

_ (¬1) التكملة (1/ 43). (¬2) الذيل والتكملة (1/ 1/ 131)، وممّن وقف على الكتاب أيضًا ابنُ فرحون كما في الديباج (ص: 45). (¬3) سيأتي ذكر ذلك في البحث الخاص ببيان منهج المصنف في الكتاب.

مع أبي زرعة الرازي - فلما رآه شيخُه استحسنَ عمَلَه، وأمره أن يبسطه بين الناس ويحدِّث به، فزاد فيه المصنِّف بعد وصية شيخِه، فخرج في هذه الحُلّة، وفيه من الفوائد والعوائد الشيء الكثير. ويمكن أن نستخلص تلك الفوائد في النقاط التالية: 1 - ترتيب الكتاب على الأطراف - مسانيد الصحابة - يسهّل الرجوع إلى أحاديث الموطأ بيسر وسهولة. 2 - أنَّ الكتاب يُعتبر نسخةً موثَّقة مِن نسخ موطأ مالك برواية يحيى بن يحيى الليثي، على اختلاف الروايتين عنه، وخاصة من ناحية الأسانيد. 3 - يُعدُّ الكتابُ جامعًا لروايات الموطأ المختلفة، وذلك ببيان أوجه الفرق بين رواية يحيى بن يحيى الليثي، والروايات الأخرى، سواء كان الاختلاف في السند أو المتن. 4 - ويُعتبر أيضًا نسخة من الروايات الأخرى، خاصة ما اندثر منها وفُقد، وذلك بالنظر إلى القسم الرابع من هذا الكتاب، حيث ذكر فيه المؤلف الأحاديث الزائدة على رواية يحيى بن يحيى الليثي من الموطآت الأخرى، وقد وقعت له أربع عشرة رواية نقل منها مباشرة، وروايات أخرى نقل منها بالواسطة، كما ذكره في بداية القسم الرابع. 5 - ذكر المصنّف الكثير من أقوال أهل العلم ممّا لا وجود له إلَّا في هذا الكتاب، وذلك واضح في نقولاته عن الإمام الدارقطني والبزار وأبي مسعود الدمشقي وغيرهم، كما سيأتي ذكرهم في مصادر المصنف، وكثير من هذه الأقوال المنقولة لا توجد إلا في هذا الكتاب، وذلك إمّا لفقدان

المبحث الرابع: منهج المصنف في الكتاب

كتب هؤلاء الأئمة أو للنقص في نسخ كتبهم الموجودة بين أيدينا المطبوعة والمخطوطة. 6 - تجرّد المصنِّف من التقليد واستعمل منهج النقد، ممّا جعل كتابه ينال منزلةً ساميةً، خاصة في نقله لرواية يحيى بن يحيى الليثي، وردّه على إمام الأئمة في هذا الشأن وهو ابن عبد البر، ومثال ذلك الحديث الأول من هذا الكتاب، وغيره (¬1). المبحث الرابع: منهج المصنِّف في الكتاب. إنَّ الناظر في كتب الأئمة المتقدّمين يجد أنَّهم نهجوا ثلاتة مناهج في التأليف، فبعضُهم يذكر في ديباجة كتابه منهجَه الذي يسير عليه في تأليفه مستوعبًا، كفعل الإمام مسلم رحمه الله، وبعضهم يذكر منهجًا متوسطًا لا يُسهب في ذكر كلِّ ما اشتمل عليه كتابه، كفعل الترمذي في السنن، وآخرون يدخلون في صلب الكتاب مباشرة دون ذِكر مقدِّمةٍ يشرح فيها منهجه الذي يسير عليه، وإنَّما يتركه لفطنة القارئ وحُسن فهمه، كفعل الإمام البخاري رحمه الله في صحيحه. وأمَّا أبو العباس الداني فقد ذكر في مقدِّمة كتابه منهجه الذي يسير عليه، ولم يستوعب ذكرَ كلِّ الجزئيات والتفاصيل، وإنَّما اكتفى بذكر أهمِّ النقاط في ذلك فقال رحمه الله تعالى: "الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمّد خاتَم النّبيّين، وعلى آله ¬

_ (¬1) انظر مثال ذلك: (2/ 21، 60 - 61، 119)، (3/ 430)، (3/ 592 - 593).

الطيّبين، والسلام عليهم أجمعين، أما بعد: فإنِّي أُوميء في هذا الكتاب إلى أحاديث مالكِ بنِ أنس في مُوَطَّئِه، أُترجمُ عنها بذكرِ أطرافِها، وما يدلُّ عليها من مشهورِ ألفاظِها ومعانِيها، وأَذكَرُ أسانيدَها، مختصرًا ما دَلَّ على مواقِعِها فيه، بذِكرِ الكتاب أو تَرجمةِ الباب، وأُشيرُ إلى مواضع الخُلْفِ منهَا؛ بتَعيين النُّكتِ المختلَفِ فيها، وأُنَبِّهُ على القَصَصِ المَنُوطَةِ بها، وأُبَيِّنُ ما أُبْهِمَ من أَسماءِ ناقليها، وأُسْنِدُ مراسِلَها وأَصِلُ مَقْطُوعَها، وأَرفَعُ موقوفَها، وأَتَقَصَّى عِلَلَها وأَجْبُرُ خَلَلَها، وأُوَضِّح ما أَشْكَلَ معناه، وأَنْفِي عنها طُرُقَ التعارضِ والاشتِبَاهِ، وأُذَيِّلُها بنكتٍ لا يستغني المحدِّثُ عنها، وأُحِيلُ في هذا كلِّه إلى الكتبِ المُستَخْرَج ذلك منها، وأَبْنِيهِ على رواية يحيى بن يحيى اللَّيْثي الأندلسي القُرطبي عنه، أُقَدِّم ما رواه مِمَّا انفرَدَ به أو شُورِك فيه، ثم أُتْبِعُ ذلك ما شَذَّ من سائر الرِوايات الواصِلَةِ إلينا، وأَذْكُر رواتَه أو بعضَ رواتِه عن مالك ليَتَّصِلَ سنَدُه بذلك، وأرتِّب الكلَّ على حروف المعجم فيما اشتهرَ به من أسْندَ الحديث إليه من اسْمٍ أو كُنيةٍ، وأُقسِّمه على خمسةِ أقسامٍ: الأول: في الأسماء خاصة. الثاني: في الكنى والأنسابِ وسائرِ الألقاب. الثالث: في النساء. الرابع: في الزيادات على رواية يحيى بن يحيى الليتي لسائر رواة الموطأ. الخامس: في الراسل، وأُرَتِّب المراسل على أسماء المرسِلِين في الموطأ من التابعين فمن دونهم، وأنسبُها إلى من أمكن من رواتِها من الصحابةِ في

غير الموطأ، وأَدُلُّ على بعض من أسندَها من أئمّة الحديث في التواليف المشهورة. وأَذْكرُ المقطوعَ والموقوفَ اللَّاحِقِ بالمرفوع، وسائرَ الحديثَ المعلولِ المضاف إلى الصحابة، مع المسند المتَّصِلِ الرفوع الصحيحِ، وأنبِّه على ذلك كلِّه، وأميِّز بعضَه من بعض، وأحِيلُ على مظانّ وجوده إن شاء الله تعالى، وبه أستعينُ، وهو حسبي ونِعم الوكيل". ومن خلال هذا الكلام الموجز من المصنف يتبيّن لنا أهمُّ النقاط والمواضيع التي سيتناولها كتابُه، وسيأتي ذكرُها مفصَّلةً بذكر يعض الأمثلة لكلِّ فقرة من فقرات المنهج، فمن خلال تتبعي لمنهج المصنف وطريقته في التأليف تبيّن لي أن أقسِّم ذلك إلى عدة مطالب: المطلب الأول: منهج الصنف في ترتيب الكتاب. اتَّبع المصنف في ترتيب الكتاب ترتيبًا مفيدًا، فبدأ بحمد لله تعالى، ثم ذكر منهجه في التأليف، وذكر بعد ذلك أسانيده للموطأ رواية يحيى بن يحيى الليثي، وبعدها ذكر نسب النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولعل الناسبة في ذكر نسب النبي - صلى الله عليه وسلم - أول الكتاب أمران: 1 - أنَّ مدار الأحاديث كلّها عليه، والأسانيد كلّها تتصل به - صلى الله عليه وسلم -، وهو الأصل في الكتاب. 2 - أنَّ المصنِّف يذكر أنساب الصحابة في آخر مسانيدهم، فإذا اجتمع أحدُهم في جدِّ من أجداد النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "وفيه يجتمع مع النبي - صلى الله عليه وسلم -"، وتوقّف عند ذلك الجدِّ ولم يذكر مَن بعده، اكتفاءًا بذكرهم يما نسبه - صلى الله عليه وسلم -، وهذا تجنُّبًا للتكرار، والله أعلم.

ثم بدأ بذكر أقسام كتابه، فذكر القسم الأول وهو في الأسماء، ورتّب ذلك على حروف المعجم عند المغاربة، وهي كالتالي: أ، ب، ت، ث، ج، ح، خ، فى، ذ، ر، ز، ط، ظ، ل، م، ن، ع، ف، ع، غ، ف، ق، س، ش، هـ، و، ي (¬1). فبدأ بحرف الألف، ثم الباء وهكذا. ولم يراع الصنف في الحروف إلَّا الحرف الأول فقط، فذكر أسامة بن زيد، ثم أنس بن مالك، ثم أبيّ بن كعب، وهكذا سار في جميع الحروف، حيث لم يراع في ذلك إلَّا الحرف الأول، وربّما راعى أفضلية الصحابة مثلا، كما فعل بحرف العين، حيث بدأ بعُمر بن الخطاب رضي الله عنه، وفي الكنى بدأ بأبي بكر الصديق، وبعده ذكر أبا أيوب وغيره رضي الله عنهم، وفي النساء بدأ بعائشة، ثم سار أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم -، ثم سائر النسوان مرتِّبًا لهن على حروف المعجم. فإذا كان الصحابيُّ مكثرًا رتَّب الرواة عنه، فذكر ما لكلِّ راوٍ من الحديث عن ذلك الصحابي، كما فعل في مسند أنس بن مالك، فذكر عدة تراجم: - إسحاق بن أبي طلحة عن أنس. - الزهري عن أنس. - حميد الطويل عن أنس. ¬

_ (¬1) انظر: الذيل والتكملة (1/ 9/1).

وفي مسند عبد الله بن عمر، ذكر عدة تراجم: - أولاد عبد الله بن عمر منهم سالم، وحمزة، وعبد الله، وابن ابنه أبو بكر بن عبيد الله. ولم يراع في ذلك الترتيب على الحروف، والذي ظهر لي أنَّه راعى في ذلك عدّة أمور، منها: - القرابة بين الصحابي والتابعي (أي الراوي عنه) كما فعل بمسند أنس، فقدّم إسحاق بن أبي طلحة على الزهري، وحميد وغيرهما، وكما فعل في مسند ابن عمر حيث قدّم أولاده على نافع مثلا. - العلو، كما فعل في مسند ابن عمر، فبعد أن ذكر أحاديث أولاده، وذكر حديث نافع وابن دينار وغيرهما من شيوخ مالك ممّن يروي عن ابن عمر مباشرة، ذكر الأحاديث النازلة، فقال: "الرجلان والثلاثة من مالك إلى ابن عمر"، فذكر عدَّة تراجم، منها: - يحيى بن سعيد الأنصاري، عن محمد بن يحيى بن حَبَّان، عن واسع بن حبَّان، عن ابن عمر. - ومحمد بن عمرو بن حلحلة، عن محمد بن عمران الأنصاري، عن أبيه، عن ابن عمر. وقد يراعى أيضًا اشتراك أكثر من راو عن الصحابي، فيبدأ بترجمة المشتركين، ثم يردفها بما انفرد كلٌّ منهم بالرواية عن ذلك الصحابي، وفي مسند أبي هريرة عدة أمثلة، فمن ذلك أنَّه بدأ بترجمة: سعيد بن المسيب وأبي سلمة عن أبي هريرة، ثم ذكر ما انفرد به

سعيد، وبعده ما انفرد به أبو سلمة، ثم ما اشترك فيه أبو سلمة مع ابن ثوبان، ومع الأغر. ومنها أيضًا ترجمة الأعرج وعطاء وبسر، ثلاثتهم عن أبي هريرة، ثم ذكر ما انفرد به الأعرج وحده. وإن كان الراوي عن الصحابي مكثرًا فإنّه يرتّب أحاديثه بحسب الرواة عنه، ولا يراعي يا ذلك أن يرتب الرواة عن التابعي على حروف المعجم، بل قد يراعي مثلًا كثرة الرواية عنه، كما فعل في مسند أبي هريرة ترجمة الأعرج عنه، فذكر أحاديث أبي الزناد عن الأعرج، وهي أكثر أحاديث الترجمة، حيث بلغت ستين حديثًا، ثم ذكر أحاديث محمد بن يحيى بن حبان مع أبي الزناد، عن الأعرج، وهو حديث واحد، وذكره هنا لاشتراك ابن حَبَّان مع أبي الزناد، وبعده ذكر أحاديث محمد بن يحيى بن حبان وحده عن الأعرج، وبعده ذكر أحاديث الزهري عن الأعرج، وهكذا. فنجد منهج المصنّف يتغيّر من موضع إلى آخر، وذلك بسبب المناسبات واللطائف الإسنادية التي يراعيها، ولا شك أنَّ هذا قد يتعحب القارئ والناظر في كتابه، إلَّا أنَّ مما ييسِّر ذلك أنَّ أحاديث الموطأ قليلة بالنظر إلى كتب الأطراف الأخرى التي جمعت الكثير من الكتب. ومن الأشياء التي راعاها المصنِّف يما ترتجما كتابه أنَّه يبدأ بالأحاديث المتصلة، وبالأحاديث الصريحة في الرفع، وأمَّا الأحاديث المنقطعة مثلًا فإنَّه يجعلها في آخر مسند الصحابي إن كان مقلًّا، أو يفرد بابًا في ذكر الأحاديث المنقطعة في مسند ذلك الصحابي، كما فعل في مسند عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وفي مسند ابنه عبد الله، فبعد أن ذكر الأحاديث

المتصلة، قال: "المقطوع عن عمر"، "المقطوع عن ابن عمر"، ثم سرد الأحاديث المنقطعة. وكذا بالنسبة للأحاديث التي ليست صريحة في الرفع، أو أنَّها عند يحيى الليثي موقوفة، وقد رويت مرفوعة من طرق أخرى، فإنَّه يؤخِّر ذكرها، أو يجعل لها بابًا خاصًّا في آخر مسند الصحابي، كما قال في آخر مسند أبي هريرة: "من الموقوف على أبي هريرة"، وفي مسند عائشة، فبعد أن ذكر أحاديثه المتصلة قال: "من المقطوع والموقوف لعائشة"، وقد يذكرها في آخر ترجمة التابعي المكثر كما فعل في ترجمة أبي صالح، عن أبي هريرة، فبعد أن ذكر أحاديثه المرفوعة قال: "الموقوف لأبي صالح عن أبي هريرة". ومن منهج المصنّف أيضًا في كتابه أنَّه يرتِّب الأحاديث في مسند الصحابي على حسب ورودها في الموطأ، فجمع بين ترتيب أحاديث الموطأ على المسانيد، وفي داخل المسند على الأبواب الفقهية، وهي طريقة نافعة، سبقه إليها بعض من صنَّف في المسانيد كبقي بن مخلد الأندلسي. ومن خلال دراستي للكتاب تبيّن لي عدّة أشياء اتّبعها المصنف في كتابه عمومًا أذكرها في النقاط التالية دون إطالة: - قسَّم كتابه على الأبواب، وهذه الأبواب تمثِّل حروف المعجم، فيقول مثلًا: بابُ الألف، باب: الباء، وهكذا، ويذكر فيه عددَ الصحابة الذين سيسند أحاديثهم. - بعد ذِكر صاحب المسند يذكر عدد الأحاديث التي رواها في الموطأ، وإن كانت له أحاديث يرويها عن غيره في الموطأ نبّه عليها، وكذا إن كانت له أحاديث في قسم الزيادات على رواية يحيى الليثي.

- وإن أفرد أيضًا للتابعي المكثر ترحمةً عن ذلك الصحابي فإنَّه يذكر عدد الأحاديث التي يرويها عنه. - يرمز للحديث بحرف الحاء (ح) اختصارًا، وهو في النسخة بمداد أحمر عريض (¬1). - ثم يذكر طرَفًا منه، ثم يذكر الكتاب الذي ورد فيه حديث الموطأ، أو يذكر الباب، وقد يجمع بينهما، ثم يذكر الإسناد. - وقد يبدأ بذكر الإسناد بالنسبة للمكثرين من التابعين أو من دونهم، كترجمة لتلك الأحاديث الواردة. - وإن كانت عدّة أحاديث بسند واحد فقد يشير لذلك الاسناد بقوله: "وبه"، أي بنفس السند المتقدّم في الحديث السابق (¬2). - إذا ورد الحديث بإسنادٍ واحدٍ، وهو مركبٌ من حديثين، بعضه لابن عمر مثلًا، وبعضه لبلال، فإنه يذكره في موضعين، مثالُه حديث الصلاة في الكعبة (2/ 93)، ذكره في مسند بلال، ومسند ابن عمر. - ينبّه في آخر كلِّ باب (الحرف) على أسماء الصحابة الذين يبتدئ ¬

_ (¬1) وقد يكون هذا الاختصار من الناسخ، واستبدلت حرف الحاء بكلمة "حديث"، وجعلتها بخط مميّز عريض لتتضح وتظهر. (¬2) تنبيه: وقع في حاشية الورقة (157/ أ) ما نصه: "ح: حيث ما وقع قوله وبه كذا فإنما يعني في هذا الباب، أو في هذا الحديث، الباء بمعنى في لغة أندلسية". اهـ. قلت: لعل الناسخ يقصد بقوله في هذا الباب: أي الإسناد السابق، وهو كالباب للأحاديث الواردة تحته، أما قوله في هذا الحديث فلم يتبيّن لي وجهه، والأظهر ما قدّمت، والله أعلم.

اسمهم بذلك الحرف، إذا كانوا مذكورين في قسم من أقسام الكتاب كالكنى، أو المنسوبين، وغير ذلك. وقد يكون ذلك الصحابي واردًا في قسم الزيادات فينبِّه على ذلك قي باب الحرف الذي يبتدئ به اسم ذلك الصحابي. - إذا لم يكن في الموطأ من الصحابة من يبتدئ بحرف من الحروف يبيّن ذلك في موضعه اللائق به، وقد يذكر القعسم الوارد فيه ذلك الحرف، فيقول مثلًا: "فصل: ليس في الموطأ من الصحابة من له حديثٌ مرفوعٌ أوّلُ اسمِه ظاءٌ معجمة". "ليس في الموطأ من رجال الصحابة من له حديث مرفوع أوّل اسمه حاءٌ صُرِّح باسمه فيه، وانظر الحاء في الكنى وفي أسماء النساء". ومن فائدته أن يكون المعتني بالموطأ عالمًا بأسماء الصحابة الذين أخرج لهم الإمام مالك في كتابه. - يبيِّن في المراسيل عدد أصحابها تحت كلِّ حرف، ويشير إلى ما تقدَّم لهم من الأحاديث المسندة، كقوله: "حرف الألف فيه رجل واحد ... وتقدَّم له مسند عن أبي هريرة". - في آخر القسم الأول وهو في الأسماء ذكر عدد الصحابة الذين ترجم لهم، وعدد ما لهم من الأحاديث، وكذا في آخر قسم النساء ذكر عدد أحاديثهنَّ في الموطأ، ثم ذكر عدد أحاديث الموطأ الموصولة، فالمصنِّف بهذا اعتنى بتعداد أحاديث الموطأ، لذا نجده يذكر بعض الأحاديث المركّبة من إسنادين مثلًا، فيقول: "فيُعدُّ بحديثين". وهناك بعض النقاط الأخرى اتَّبعها المصنِّف في كتابه، قد تلتحق

بترتيب الكتاب، وهي كالتالي: - إذا اشترك صحابيان في حديث أو أحاديث، فإنَّه يذكر تلك الأحاديث والكلام عليها في مسند أحدهما، ويشير إليها في مسند الآخر منهما. - أكثرَ المصنِّف من ذكر الفصول في آخر كلِّ مسند أو ترجمة، وهذه الفصول تختلف في سياقها، ففي بعض الأحيان يذكر مناقبَ ذلك الصحابي المترجَم له، أو شيئًا من سيرته، وقد يذكر حديثًا قاله النبي - صلى الله عليه وسلم - في شأنه، وفي بعضها الآخر يذكر كلامًا حول راوٍ من الرواة، وهذا بحسب الفائدة التي يراها أولى بالذكر في ذلك الموضع. - بعد أن يورد المصنِّفُ حديثًا من الأحاديث يجمع في آخره كلَّ الأحاديث ذات الموضوع الواحد الواردة في كتابه، سواء كانت من المسندات أو المراسيل، فيقول: "انظر حديث فلان"، ويذكر الصحابي، أو: "انظره في مرسل فلان"، أو يقول: "تقدّم معناه لفلان"، وهكذا، وبهذا جمع بين بيان أطراف أحاديث الموطأ وجمع أحاديث الموضوع الواحد في مكان واحد. - إذا كان الصحابي مشهورًا بكنيته دون اسمه، فإنَّه يشير إليه في آخر باب كلِّ حرف يبدأ اسم ذلك الصحابي بذلك الحرف، مثاله أن يقول في آخر حرف الجيم: "أبو ثعلبة اسمه جرهم، ويقال: جُرثوم". - اعتنى الداني أيضًا ببيان مطابقة الأحاديث للأبواب التي يوردها مالك في الموطأ أو عدم مطابقتها (¬1). ¬

_ (¬1) انظر الأحاديث: (2/ 30، 34 - 35)، (3/ 368 - 369)، (3/ 441 - 442)، وغيرها.

المطلب الثاني: منهج المصنف من حيث التطويل والاختصار. ذكر المصنِّف في ديباجة كتابه أنَّه سيومئ فِي هذا الكتاب إلى أحاديث الموطأ، وسمّى كتابه الإيماء، والإيماء هو الإشارة، يُقال: ومأتُ إليه وَمأً وأومأتُ إيماءً أومئ، إذا أشرتُ (¬1)، والإشارة تقتضي الاختصار دون التطويل والإسهاب. ونصَّ المصنف في مواضع عدّة أنَّه راعى في كتابه هذا الاختصار، وذلك إذا أسهب في شرح حديث أو في ذكر علله أو فوائده، كما قال في حديث عمر رضي الله عنه: "إن الله عزَّ وجلَّ خلق آدم ثم مسح ظهره بيمينه فاستخرج منه ذرية ... "، بعد أن تناوله من جهة الإسناد قال: "وهو مذهب أهل السنة، وإنما تكلمنا فيه من طريق الإسناد خاصة، ولولا شرط الاختصار لذكرنا ما روي في معناه من صحيح الآثار" (¬2). وذكر أيضًا حديث أبي هريرة في مسألة نزول الله تعالى إلى السماء الدنيا، وذكر بعض الآثار المؤيّدة لمذهب أهل السنة والجماعة في إثبات الصفات، ثم قال: "ولولا شرط الاختصار لعضدنا هذا المذهب بصحيح الآثار" (¬3). وذكر أيضًا حديث "كل مولود يولد على الفطرة"، وفيه مسألة مآل أولاد الكافرين وأولاد المؤمنين، ثم قال: "ولولا شرط الاختصار ¬

_ (¬1) معجم مقاييس اللغة لابن فارس (6/ 145). (¬2) انظر: (2/ 298). (¬3) انظر: (3/ 329).

لتقصَّينا تلك الأخبار، والأصل ما ذكرناه وما صح من الآثار، وقلَّ ما يخالف معناه" (¬1). وسمّاه في بعض المواضع بالمختصر، فقال تحت حديثٍ بعد أن أورد كلامَ بعض الأئمة في عكرمة: "وفي كراهيةِ مالكٍ له، وإدخالِ حديثِه نظرٌ وكلامٌ لا يتَّسِع لبَسْطِه هذا المختصر" (¬2). ولم يخرج المصنِّف عن هذا المنهج الذي، رسَمَه لنفسه، وذلك واضح جدًّا في كتابه، إلَّا أنَّه اختصار دون إخلال، فكلُّ حديث في الموطأ تُكلّم فيه من جهة إسناده، أو اختلف فيه رواتُه وغير ذلك فإنَّه يذكر ذلك ولا يُهمله، ففي إيراد روايات الموطأ قد يذكر من تابع يحيى مثلًا ويسمِّي بعضَهم، ثم يقول: "وطائفة"، أو "وجماعة"، أو "وغيره"، أو "في آخرين"، إلى غير ذلك من العبارات الدالة على المتابعة والموافقة، وقد لا يذكر إلَّا روايةً واحدة وينبّه أنَّه قد توبع من جماعة، وقد يُبهم الرواة فلا يذكر أحدًا منهم، وإنَّما يكتفي بقوله: "رواه آخرون"، أو "من الناس من يرويه"، أو "عند بعض رواة الموطأ"، وهكذا، كما قال في حديث زيد بن خالد: "ألا أُخبركم بخير الشهداء" قال: "هكذا عند يحيى بن يحيى وطائفة من رواة الموطأ عن أبي عمرة، وقال القعنبي وابن بُكير ومعن في آخرين: عن ابن أبي عمرة" (¬3). ¬

_ (¬1) انظر: (3/ 384). (¬2) انظر: (2/ 560). (¬3) انظر: (2/ 166).

وقال تحت حديث آخر: "وهذا في الموطأ موقوف عن أبي هريرة، ومن الناس من رفعه عن مالك" (¬1)، وأمثلةُ هذا الباب كثيرة جدًّا في كتابه. وفي إيراد الطُّرُق مثلًا قد يورد طريقًا بذكر اسم الراوي، ولا يذكر من تابعه بأسمائهم، وإنَّما يكتفي بقوله: "وغيرُ مالك يرويه كذا"، أو يقول: "هكذا قال مالك وغيره"، أو: "وهكذا قال فلانٌ وغيره". وأمثلة هذا الباب أيضًا كثيرة، مثاله قوله في حديث "لا تُعمل المطيّ إلا إلى ثلاثة مساجد ... "، قال: "هكذا قال مالك وغيرُه عن يزيد. والمحفوظ عن أبي هريرة: فلقيت أبا بصرة صاحب النبي - صلى الله عليه وسلم - ... هكذا قال فيه يحيى بن أبي كثير وغيرُه عن أبي سلمة عن أبي هريرة" (¬2). ذكر حديث يحيى بن سعيد أنَّ أبا قتادة قال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ لي جمّة أفأرجلّها"، ثم قال: "هكذا هو عند ابن يحيى وجماعة عن مالك مرسلًا. وقال فيه القعنبي وطائفة: يحيى بن سعيد عن أبي قتادة. ولفظه عند قراد أبي نوح: قدت: "يا رسول الله، إن لي جمّة ... ". والحديث مع هذا مقطوع، وصله عصر بن علي المقدّمي وغيره عن يحيى بن سعيد عن محمد بن المنكدر عن أبي قتادة، وقال فيه: "فأمره أن يحسن إليها وأن يترجّل كل يوم". خرّجه النسائي، وقال ابن عيينة ¬

_ (¬1) انظر: (3/ 556). (¬2) انظر: (2/ 111 - 112).

وجماعة عن يحيى بن سعيد عن ابن المنكدر أن أبا قتادة، مرسلًا" (¬1). وهذا المثال جمع فيه المصنف المنهج الذي اتبعه في بيان الطرق والروايات باختصار. وهو المنهج الذي سار عليه المصنف في كلِّ موضوعات الكتاب، سواء ما كان منها في التخريج، أم في ذكر الطرق، أو التعليل، أو ذكر فقه الحديث، وسيأتي بيان ذلك كلٌّ في موضعه إن شاء الله، وفي بعض الأحيان يكتفي بذكر طرف الحديث وإسناده وموضعه في الموطأ، وهذا يكثر إذا لم يكن في الحديث أدنى كلام، أو متنه واضح لا تحتاج ألفاظه إلى شرح وبيان (¬2). وفي بعض المواضع استطرد في شرح الحديث، سواء كان من الناحية الإسنادية أم المتنية، ومن ذلك حديث بسرة بنت صفوان (ل: 182 / أ - 186/ ب)، فقد أكثر المصنف في ذكر علله ومسألة الوضوء من مسِّ الذَّكر، وأقوال أهل العلم في الحديث، وما خالفه، وبلغ ذلك (خمس ورقات ذات وجهين) ثم قال في آخره: "وقد أرخَينا في هذا الحديثِ زِمامَ العنان (¬3)، وأطلقنا في ميدانه قَلَم البيان، على أنَّا لم نخرج في ذلك عن طريق الاقتصاد، ولا بلغنا في مدِّ أطنابه كُنْهَ المراد، بَيْدَ أنَّ الكلامَ إذا قَلَّ ودَلَّ اكْتُفي به كيْ لا يُمَلّ". ¬

_ (¬1) انظر: (3/ 215 - 217). (¬2) انظر الأحاديث: (3/ 391 - 392). (¬3) الزِّمام والعِنان، معنى واحد.

المطلب الثالث: منهجه في إيراد الأحاديت، والحكم عليها وتعليلها. وفيه مسألتان: المسألة الأولى: التخريج: انتهج المصنِّف في إيراد الأحاديث منهجًا مختصرًا، فالكتاب أصله بيان أحاديث الموطأ، بذكر أطرافها والإحالة إلى مواضعها، ثم قد يُتبعها بأحاديث قد تكون مقيّدةً لحديث الباب، أو مخصِّصةً له، أو تبيّن مجملَه، أو تخالفه، وقد يذكر حديث الباب لكن من طرق أخرى مخالفة لطريق مالك أو متفقة معه، وهكذا، وقد انتهج المصنف في ذلك منهجًا أبيّنه في النقاط التالية: • يذكر طرف حديث الموطأ ويرمز له بحرف الحاء. • ثم يذكر إسناده، وقد يكون الإسناد مذكورًا في بداية الباب، وهذا في مسانيد المكثرين خاصة، كمالك، عن نافع، عن ابن عمر، أو مالك، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، ولا يعيد ذكرَه بعد ذلك. • يحيل على موضعه في الموطأ، إمَّا بذكر الكتاب والباب، أو بذكر الباب إن كان موضوع الحديث معروفَ الكتاب، أو بذكر الكتاب فقط دون الباب، وإن توالى أكثر من حديث في باب واحد فلا يعيد ذكره، بل يقول: "في الباب"، وهكذا. • بالنسبة للأحاديث التي يوردها المصنِّف من خارج الموطأ، فإنَّه يعزوها إلى بعض مخرّجيها، ولا يكثر من ذكر من خرّجها، بل يكتفي في ذلك على مصدر أو اثنين، وقد يزيد، فيقول: "وخرّج البزار"، "خرّج

في الصحيح، أو الصحيحين"، "خرّجه البخاري"، "خرّجه الترمذي وأبو داود"، وهكذا. • من الأشياء المُلاحظة في منهج المصنِّف أنَّه يعزو في كثير من الأحيان الأحاديث إلى مصادر نازلة، وهي في العالية، كأن يعزو الحديثَ إلى البزار أو غيره كأصحاب السنن، وهو مخرّج في أحد الصحيحين بالسند والمتن المذكور، ومن خلال تتّبعي لتلك الأحاديث تبيّنت لي عدّةُ أسباب، أجْمِلُها فيما يأتي مع ذكر أمثلة عليها. أ- قد يعزو للكتاب النازل دون العالي إذا كان في النازل فائدة، كأن يقترن بالحديث كلامٌ لصاحب الكتاب أو غيره، فيه تعليل، أو زيادة بيان، أو إيضاح إشكال، وغير ذلك، ومثال ذلك أنَّه ذكر أحاديث سجود النبي - صلى الله عليه وسلم - في المفصّل، وأورد حديث أبي هريرة من رواية عطاء فقال: "وقال في روايةِ عطاء بن مِيناء: "سجدنا مع رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - في: {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} و {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ}. خَرَّجه أبو داود، ثم قال: "أَسلَمَ أبو هريرة سنةَ ستٍّ عامَ خيبر"، قال: "وهذا السُّجود من النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - هو آخِرُ فعلِه". وحديث عطاء بن ميناء عند مسلم في صحيحه (¬1). ومثاله أيضًا في إزالة الإشكال حديث: "إن كان الشؤم في شيء ففي ثلاثة"، عزاه للطحاوي في شرح الشكل، وهو في صحيح مسلم ¬

_ (¬1) انظر: (3/ 314).

بإسناده ومتنه (¬1)، إلَّا أنَّ كتاب الطحاوي تميَّز برفع الإشكال عن الأحاديث التي ظاهرها التعارض. ب- قد يذكر حديثًا قبل هذا الحديث المعزو للنازل، ويكونان في موضوع واحد ومصدر واحد، فيكتفي بذكر ذاك المصدر، ولا يعزوه للعالي، مثال ذلك قوله: "وروى أيوب، عن نافع، عن ابن عمر بمعنى حديث الموطأ مشكوكًا في رفعه. خرّجه أبو داود. وخرّج أيضًا من طريق عكرمة، عن أبي هريرة مرفوعًا: "إذا صلى أحدكم في ثوب فليخالف بطرفيه على عاتقيه"". فالحديث الثاني - حديث أبي هريرة - عند البخاري في صحيحه (¬2). ج- أنَّه قد يذكر جملة من الأحاديث، ثم يجمل تخريجها ويعزوها إلى كتاب واحد، وبعض هذه الأحاديث مخرّج في الصحيح، ومثال ذلك قوله: "روى ابن عباس: "أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يتنفّس في الإناء أو ينفخ فيه"، وفي حديث أنس: "أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يتنفّس في الإناء ثلاثا، ويقول: هو أمرأ، وأروى"، ومعناه أنه كان يقطع شربه، وفي حديث ابن عباس مرفوعًا: "لا تشربوا واحدًا كشرب البعير ولكن اشربوا مثنى وثلاث". والكلُّ في كتاب الترمذي". قلت: وحديث أنس عند مسلم (¬3). ¬

_ (¬1) انظر: (2/ 352). (¬2) انطر: (2/ 131 - 132). (¬3) انظر: (3/ 252 - 253).

د- أنَّه قد يخرّج الحديث من حفظه، فيعزوه للنازل دون العالي، ومثال ذلك قوله: "وقوله: "فاتحة الكتاب هي السبع المثاني والقرآن العظيم"، خرّجه البزار من طريق شعبة، عن خُبيب بن عبد الرحمن، عن حفص بن عاصم، عن أبي سعيد بن المعلّى". قلت: والحديث عند البخاري في صحيحه (¬1). وقوله أيضًا: "وروى عروة عق عائشة أنها قالت: أهللت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجّة الوداع بعمرة فكنت ممّن تمتّع ولم يسق الهدي. قال: فزعمت أنها حاضت ولم تطهر حتى دخلت ليلة عرفة فقالت للنبي - صلى الله عليه وسلم -: هذا يوم عرفة ولم أطهر بعد، وكنت تمتّعت بالعمرة فقال لها: "أَهِلّي بالحج واسكتي عن العمرة. خرّجه قاسم من طريق إبراهيم بن سعد عن الزهري عنه". قلت: والحديث عند البخاري في صحيحه (¬2). ولا يُستبعد أن يَرِد هذا من المصنِّف أعني تخريجه الأحاديث من حفظه، فقد قال في ديباجة كتابه: "ولم أذكر أسانيدي في الموطأ عن سائر الروايات غير رواية يحيى، ولا أسانيد الكتب التي خرّجت منها ما أَحلْتُ في هذا الكتاب عليه اختصارًا واكتفاء بشهرتها، ولأنِّي إنما ذكرت ذلك على طريق الاستشهاد، وأكثره على المعنى على حال ما تذكّرته، وبالله تعالى التوفيق". ¬

_ (¬1) انظر: (2/ 91). (¬2) انظر: (3/ 83).

فمن هذا يتبيّن أنَّ المصنّف كان من الحفاظ، وما وقع فيه من عزوٍ للنازل دون العالي قليل بالنسبة لمادة الكتاب، وهذا يزيد في بيان منزلته ورفعة مكانته، والله أعلم. المسألة الثانية: الحكم على الأحاديث وتعليلها: اعتنى أبو العباس الداني رحمه الله في هذا الكتاب بذكر العلل، ودراستها، وذكر أقوال أهل العلم في ذلك. والناظر في كتابه هذا يُلاحظ أنَّ الكتاب وُضع لهذا الشأن، فلا يكاد يمرُّ حديث من الأحاديث فيه علّة ما، قادحة أو غير قادحة إلَّا ويذكر المصنِّف تحته ما خالفه، وقول أهل العلم في الترجيح بين ذلك، وقد ذكر في ديباجة كتابه أنَّه سيعتني بذكر العلل فقال: "وأَتَقَصَّى عِلَلَها وأَجْبُرُ خَلَلَها"، وقد استفاد المصنِّف في ذلك من الإمام في علم العلل الإمام الدارقطني رحمه الله، فكثيرًا ما ينتهج منهجه في ذلك -مع الاختصار- ويحذو حذوه في ذكر العلّة، وبيان الراجح من الأحاديث والطرق، ومع ذلك لم يَخل كتابه من الردِّ عليه في بعض المواضع، كما أنَّه ذكر تعليل الأحاديث عن أئمة آخرين غير الإمام الدارقطني، ولم يكتف أيضًا بذكر الطرق المخالفة لحديث مالك، بل ذكر أيضًا الاختلاف بين أصحاب مالك، وسأذكر في هذه النقاط منهج المصنِّف في كلِّ ذلك بشيء من الاختصار؛ لوضوحه وبروزه في الكتاب. • يورد الأحاديث التي خولف فيها مالك رحمه الله، فيذكر المخالفين، مع عدم إهماله ذكر الموافقين له في روايته، ويبيّن الراجح من هذه

الروايات، سواء رواية مالك أم غيره، مثال ذلك: - ذكر حديث أبي بَصرة الغفاري رضي الله عنه: "لا تعمل المطي إلَّا إلى ثلاثة مساجد وفيه: "فلَقِيتُ بَصرةَ بن أبي بَصرةَ الغِفاريِّ فقال: من أينَ أقبلتَ؟ ". قال: "هكذا قال مالك وغيرُه عن يزيد. والمحفوظ عن أبي هريرة: "فلقيتُ أبا بصرة صاحبَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - "، هكذا قال فيه يحيى بن أبي كثير وغيرُه عن أبي سلمة عن أبي هريرة" (¬1). - وأورد حديث: "أفضلُ الصلاةِ صلاتكم في بيوتِكُم إلَّا المكتوبة". ثم قال: "أوقفه مالكٌ في الموطأ، ورفَعَه أبو مُسهر عبد الأعلى بنُ مُسهر، عنه، ورواه موسى بن عقبة، وجماعةٌ عن أبي النضر مرفوعًا. قال الدارقطني: "وهو أصح"، خُرِّج في الصحيحين مرفوعًا مطوّلًا" (¬2). • اعتنى المصنِّف أيضًا ببيان علل رواية يحيى بن يحيى الليثي، وبيّن أيضًا التصحيفات التي وقع فيها، ومخالفته للرواة، وذَكَر الراجح من الروايات سواء كان ذلك في المتون أم في الأسانيد، وأمثلة ذلك كثيرة، ومنها: - ذكر حديث زيد بن خالد في كيفية صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - صلاة الليل، وفيه: "فقام رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فصَلَّى ركعتين طويلَتين طويلتين طويلتين". ¬

_ (¬1) انظر: (2/ 111 - 112). (¬2) انظر: (2/ 161 - 162).

ثم قال: "خالفَ يحيى الجماعةَ في مساقه، والابتداءُ عند سائر رواة الموطأ بركعتين خفيفتين، وهو المحفوظُ في هذا الحديث" (¬1). - أورد حديثًا في إسناده مجاهد بن جبر ثم قال: "قال يحيى بن يحيى في سنده: "مجاهد بن الحَجَّاج"، وهو تصحيفٌ؛ وإنَّما هو مجاهد بنُ أبي الحَجاج مُكَنًّى غير منسوبٍ، وهكذا عند سائرِ الرواة. وهو مجاهد بن جَبر، ويُقال: ابن جُبير، يُكنى أبا الحجاج" (¬2). - أورد حديث زيد بن خالد في الرجل الذي غلَّ يوم خيبر فقال: "عن يحيى بن سعيد، عن محمّد بن يحيى بن حَبَّان: أنَّ زَيدَ بنَ خالد قال: "تُوفي رجُلٌ ... "، وذكره. هذا مقطوعٌ عند يحيى بنِ يحيى، لَم يَذْكر فيه بين محمّد بنِ يحيى، وبين زيد بنِ خالد أَحدًا، ووصَله سائرُ رواةِ الموطأ، إلَّا أنَّهم اختَلفوا في أبي عَمْرَةَ، وابنِ أبي عَمْرة ... وقال يحيى بنُ يحيى في متنِه: يومَ حُنَيْن، وعند جمهورِ الرواة: خَيْبَر، وهو الصواب، يؤيّدُه ما جاء فيه من ذِكْرِ خَرَزَات اليهودِ، وهم أهلُ خيبر" (¬3). - أورد حديث: "إذا أصاب ثوب أحداكنَّ الدم ... "، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن فاطمة بنت المنذر بن الزبير، عن أسماء بنت أبي بكر، ثم قال: "هكذا وقع في كتاب يحيى بن يحيى: هشام بن عروة، عن أبيه، وقوله فيه: عن أبيه، وهَم انفرد به، ولم يُتابَع عليه، وإنما رواه هشام عن ¬

_ (¬1) انظر: (2/ 164 - 165). (¬2) انظر: (2/ 192 - 193). (¬3) انظر: (2/ 168 - 170).

فاطمة، وهي زوجته وابنة عمِّه المنذر" (¬1). - ذكر حديث. "قدم رجلان من المشرق فخطبا ... "، ثم قال: "انفرد يحيى بن يحيى بإرسال هذا الحديث، وهو عند القعنبي وسائر الرواة لزيد بن أسلم، عن ابن عمر، أسنده البخاري عن التنيسي، عن مالك" (¬2). • اعتنى المصنِّف أيضًا بوصل الأحاديث المنقطعة في الموطأ والمرسلة والموقوفة من طرق صحيحة، تنجبر بها أحاديث الإمام مالك رحمه الله، ومن ذلك: - ذكر حديث سالم عن جدِّه عمر بن الخطاب: "أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كان وأمرُ بالغُسل". ثم قال: "وهذا مقطوعٌ في الموطأ، ووَصَلَه خَارِجَهُ جماعة عن مالك، قالوا فيه: سالم، عن أبيه، عن عمر. خرّجه البخاري هكذا عن جُوَيْرِيَة، عن مالك. قال الدارقطني: وهو الصواب" (¬3). - ذكر أيضًا حديث عمر بن أبي سلمة وقول النبي - صلى الله عليه وسلم - له: "سَمِّ الله وكُلْ مِمَّا يَليكَ". ثم قال: "عن أبي نُعيم وَهْب بن كَيسان قال: "أُتيَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بطعامٍ ومعه رَبيبُه عمر بن أبي سلمة ... ظاهرُه الإرسالُ في الموطأ، وهكذا خَرَّجَه البخارَيُّ من طريق عبد الله بن يوسف عن مالك، وانتَقَدَ ذلك الدارقطني في كتاب الاستدراكات، وقال: أَرْسَلَه مالكٌ في الموطأ، ووَصَلَه عنه خالدُ بنُ مَخلد ويحيى بن صالح وهو صحيحٌ متَّصِلٌ. ¬

_ (¬1) انظر: (4/ 241). (¬2) انظر: (4/ 546)، وانظر أمثلة أخرى في: (2/ 243، 321، 357، 443، 487، 503)، (3/ 61، 65، 97، 143، 156، 188، 204، 525)، وغيرها. (¬3) انظر: (2/ 283 - 284).

قال الشيخ أبو العبّاس رضي الله عنه. وخَرَّجه الجَوهَرِيُّ في المسند والطحاوي في المُشكل من طريق خالد بن نحلد وقالا فيه: عن مالك، عن أبي نُعيم، عن عمر، وقال ابن عيينة، عن الوليد بن كثير، عن وهب سمعه من عمر، خُرِّج في الصحيح" (¬1) - ذكر حديث: عن نافع، عن سليمان بن يسار، عن أم سلمة: أنَّ امرأة كانت تُهراق الدماء ... "، ثم قال: "هذا مقطوع، رواه الليث وجماعة عن نافع، عن سليمان بن يسار، عن رجل، عن أم سلمة" (¬2). • وإذا لم يكن في الموطأ تصريح بالسماع فإنَّه يورد الطرق الأخرى المصرّح بها بالسماع، ومن ذلك: - أورد حديث: "إذا جاء أحدُكم الجمعةَ فليغتَسِل"، ثم قال: "ليس في هذا الحديث أنَّ ابنَ عمر سَمِعَه من النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وهكذا خَرَّجه البخاري عن مالك. وذَكَرَ فيه اللَّيثُ، عن نافع، عنه سَماعَه منه، خَرَّجه مسلم" (¬3). - وأورد أيضًا حديث: "خَمْسٌ من الدَّوابِّ ليس على المُحرِمِ في قتلهِنَّ خنَاحٌ"، ثم قال: "لَم يَذكر مالكٌ في هذا الحديثِ أنَّ ابن عمر سَمعه مِن رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، وتابعه حماعةٌ. وذَكَرَ السَّماعَ ابن جريج، عن نافع، وتابعَه محمّد بن إسحاق، خَرَّجه مسلم عنهما. والحديث محفوظٌ لابن عمر" (¬4). ¬

_ (¬1) انظر: (2/ 302 - 304). (¬2) انظر: (4/ 207). (¬3) انظر: (2/ 374). (¬4) انظر: (2/ 391).

• عند ذكر المخالفة لا يكثر من إيراد الطرق، وإنَّما يشير إليها إشارة، كأن يقول: "وتابعه جماعة"، أو "رواه فلان وغيره"، أو "وغير مالك يرويه كذا"، وهكذا، كما تقدّم في حديث أبي بصرة الغفاري (¬1). • وقد يشير إلى الاختلاف ولا يذكر أوجه الخلاف ولا الطرق، ومثال ذلك: - قوله: "هذا الاسنادُ هو الصحيحُ، واختُلِف فيه على الزهري" (¬2). - وقوله: "وذَكَرَ الطيالسيُّ خلافًا في سَنَدِه" (¬3). • وقد يذكر في حديث أنه معلول ويسكت عن ذكر العلَّة، ومثاله: قوله: "خرَّجه قاسم والبزار بإسناد معلول" (¬4). - وقوله: "وقد رُوي عن أنس وابن عبّاس: "خمس وستون"، خرَّجه ابنُ أبي خيثمة عن أنس، والبزار عن ابن عبّاس، وكل ذلك معلولٌ" (¬5). • وقد يذكر العلّة ويبيّن وجهها، ومثال ذلك: - قوله: "قولُ مالك في عَبَّاد بن زِياد: وهو من وَلَدِ المغيرة بن شعبة، وَهَمٌ انفَرَدَ به، وقد انتُقِدَ عليه، وإنَّما هو عَبَّاد بن زِياد بنِ أبي سُفيان، معروفُ النَّسَبِ، وليس بوَلَدِ المغيرة، قاله مسلمٌ وغيرُه. وقولُه: عن ¬

_ (¬1) وانظر أيضًا: (2/ 99). (¬2) انظر: (2/ 199). (¬3) انظر: (2/ 318). (¬4) انظر: (2/ 67). (¬5) انظر: (2/ 76).

أبيه، زيادةُ وَهَمٍ انفَرَدَ بها يحيى بنُ يحيى والموطأ، وتابَعَه خَارِجَهُ طائفةٌ، منهم: ابنُ مهدي قال فيه عن مالك: عبَّاد بن زِياد رَجُلٌ من وَلد المغيرة بن شعبة، عن أبيه المغيرة. وأَظُنُّ الوَهَمَ دخلَ فيه بِأَنْ سَقَطَ لمالكٍ من الإسنادِ كلمةُ "عن" بين عَبَّاد ورَجُل، فحَدَّثَ به كذلك. والحديثُ على هذا مقطوعٌ. وقد ثَبتت كلمةُ عن عند رَوْح بنِ عُبادة قال فيه: عن مالك، عن الزهري، عن عَبَّاد، عن رجل من ولد المغيرة، عن أبيه المغيرة. وقال الدارقطني: إِنْ كان رَوْحٌ حَفِظَهُ عن مالك هكذا فقد أَتَى بالصواب عن الزهري، والصحيحُ عنه: عَبَّاد، عن عروة بن المغيرة، عن أبيه المغيرة، هكذا قال أبو الحسن" (¬1). - وقوله: "وهذا السند معلولٌ؛ لأنَّ الشيخَ مجهولٌ" (¬2). - وذكر حديث ابن شهاب، عن عطاء بن يزيد اللّيثي، عن أبي أيوب. ثم قال: "سَمِعَه عطاءٌ من أبي أيوب في غَزوة يزيد بن معاوية، قاله مسلم في التمييز، وذَكَرَ أنَّ عُقيلًا وَهِم فيه عن الزهري فقال: عطاء، عن أُبَيِّ بن كعب، وأَبعَدَ ذلك؛ لأنَّ أُبَيًّا مات في أوّلِ خلافةِ عُثمان، ولم يُدرِكه عطاءٌ. ولعلَّ عُقيلا سَقَطَ من كتابِه أيوب فصحَّف كلمةَ أَبِي بأُبَيٍّ، ثم نَسَبَه" (¬3). • وإذا روي الحديث من عدّة أوجه، فإنَّه قد يذكر تلك الأوجه ¬

_ (¬1) انظر: (2/ 242 - 244). (¬2) انظر: (2/ 196). (¬3) انظر: (3/ 145 - 146).

ويشير إلى رواتها، ومثال ذلك: - أنَّه أورد حديث البراء بن عازب في ما لا يجوز من الضحايا ثم قال: "عن عَمرو بن الحارث بن يعقوب، عن عُبيد بن فَيْروز، عن البراء. هذا مقطوع. رواه عَمرو بن الحارث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن سليمان بن عبد الرحمنِ الدّمشقي، عن القاسم مولى خالد بن يزيد بن معاوية، عن عُبَيد بن فيْروز قال: سألت البراء. ورواه اللَّيثُ بن سعد، عن سليمان بن عبد الرحمن، عن القاسم مولى خالد، عن عبيد. وقيل لليث: إنَّ شعبة يروي عن سليمان أنَّه حمع هذا الحديث من عبيد بن فيروز. فقال الليث: لا؛ إنما حدّثنا به سليمان، عن القاسم مولى خالد بن يزيد، عن عبيد. ذكره عليُّ بن المديني في العلل بشواهده وقال: الحديث حديث الليث. وخرّج الترمذي هذا الحديثَ من طريق محمّد بن إسحاق، عن يزيد بن أبي حبيب، عن سليمان بن عبد الرحمن، عن عبيد. ومن طريق شعبة عن سليمان، عن عُبيد، ولم يذكر فيه القاسم وقال: هو حديثٌ حسنٌ صحيحٌ، لا نعرفه إلَّا مِن حديث عُبيد بن فيروز، عن البراء" (¬1). • اعتنى أبو العباس الداني رحمه الله بنقل كلام أهل العلم في تعليل الأحاديث، وأكثر في ذلك عن الإمام الدارقطني الإمام في علم العلل، ونقل عنه في مواضع كثيرة جدًّا، وكان النقل من كتب مختلفة، كالعلل، والأحاديث التي خولف فيها مالك، والتتبع، والإلزامات، وكذا نقل عن غيره وتقدّمت بعض الأمثلة في ذلك، كعلي بن المديني، والذهلي، ¬

_ (¬1) انظر: (2/ 104 - 108).

والبخاري، ومسلم، والترمذي والبزار، والساجي وغيرهم، في كتبهم المصنَّفة في العلل والسنن وغير ذلك، وكان يوافقهم في كثير من الأحيان. • ومع نقله عن هؤلاء الأئمة الأعلام، إلَّا أنَّه كان في نقله ناقدًا في بعض المواضع، وردَّ بعض أحكامهم إن كانت مخالفة للصواب، وأمثلة ذلك كثيرة جدًّا، ومنها: - ذكر حديث أنس: "نهى عن بيع الثمار حتى تُزهي ... "، ثم قال: "قال أبو مسعود الدِّمشقي: قال فيه مالك: فقيل: يا رسول الله وما تُزهي؟ ويُروى أنه غلط. وذكر الدارقطني أنَّ جماعةً خالفوا مالكًا فقالوا فيه: قال أنس: أرأيت إن منع الله الثمرة ... ، جَعَلُوه مِن كلام أنس. قال أبو الحسن: وهذا هو الصواب، قال: ومالكٌ جعل هذا الكلامَ من قول النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا يَثبت". ثم قال أبو العباس الداني: "انتهى قولُه، ولا يَلزَمُ قَبُوله مِن أَصْلِهم: إنَّ زيادةَ العدلِ الحافظِ مقبولةٌ، وكفى بمالك" (¬1). - ذكر أيضًا حديث: "مثل العائد في هبته"، ثم قال: "ذَكَر البزار أنَّ جماعةً رووه عن زيد بنِ أسلم، عن أبيه، ولم يَذكُر أَحَدٌ منهم المَثَلَ غيرُ مالك. وليس كما قال البزار، قد تابَع مالكًا في ذلك خارجةُ بنُ مُصعَب، خَرَّجه الطيالسيُّ" (¬2). ¬

_ (¬1) انظر: (2/ 58 - 61). (¬2) انظر: (2/ 273).

- ذكر حديث ابن عمر: "الدينار بالدينار .. "، ثم قال: "وقال فيه ابن عمر: "هذا عَهْدُ نبِيِّنا إلينا"، وذلك يُوهِم سماعَه منه، وهو لَم يسمعْ العهدَ، وإنَّما أخبرَه به أبو سعيد الخُدري ... ولعلَّ ابنَ عمر إنَّما أراد بقوله: "هذا عَهْد نبيّنا إلينا"، أنَّه عَهِدَ به إلى جُملةِ أصحابِه، وهو منهم، فيتناولُه العهدُ وإن كان غائبًا في حينِ الأَمر. وقال الدارقطني: ليس هذا القول بِمحفوظٍ. قال: ولعلَّه أراد هذا عَهدُ صاحبِنا إلينا، يعني عمر. وذَكَرَ أنّ نافعًا رواه عن ابن عمر عن عمرَ قولَه موقوفًا عليه. وهذا في الموطأ. وقولُ أبي الحسن تَعَسُّفٌ" (¬1). - وذكر حديثًا من طريق أبي الزناد عن الأعرج، عن أبي هريرة مرفوعًا: "رأى رجلًا يسوقُ بدنةً فقال: ارْكبها ... ". ثم قال: "خرّج في الصحيح عن مالك بهذا الإسناد. وقال زكريا بنُ يحيى الساجي في كتاب الضعفاء: "وهِمَ مالكٌ فيه، إنَّما هو أبو الزناد، عن موسى بن أبي عثمان، عن أبيه، عن أبي هريرة، كذلك رواه الثوري وابنُ عيينة وعبد الرحمن بن أبي الزناد وغيرُهم"، قال: "ولا يَعْرَى أحدٌ من الخطأ". انتهى قولُه. وقال الدارقطني في العلل: "يُشبه أن يكون القولان محفوظَين عن أبي الزِّناد. قال: وزَعَمَ الواقديُّ أنَّ مالكًا وَهِم في إسنادِه، وقد تابعه جماعةٌ ثقاتٌ منهم موسى بنُ عقبة وغيرُه". قال الشيخ أبو العبّاس رضي الله عنه: وخَرَّج البخاري في الصحيح ¬

_ (¬1) انظر: (2/ 508 - 509).

حديثَ: "لا تصوم المرأةُ بغير إِذن زوجِها ... " لأبي الزِّناد من الطريقين معًا، وهذا يؤيِّدُ ما ذهب إليه أبو الحسن، والله أعلم" (¬1). والأمثلة في هذا كثيرة، وإنّما اكتفيت ببعضها خشية الإطالة (¬2). • كما أنَّ المصنِّف رحمه الله اعتنى ببيان أوجه الترجيح، كأن يكون الحديث مخرَّجًا في الصحيحين، أو أنَّ الرواية الراجحة هي رواية الأكثر أو الأحفظ، أو أنَّها رواية القريب عن قريبه، ومثال ذلك: - أورد حديث ابن عمر رضي الله عنه: "دَعْهُ فإنَّ الحَيَاءَ من الإِيمان"، ثم قال: "أَرْسَله بعضُ الرُّواة، والأَصَحُّ إسنادُه عن الزهري، وقد خُرِّج في الصحيح" (¬3). - ذكر حديث ابن عمر: أنَّ عمر كانت تصيبه الجنابة ... "، ثم أورد الاختلاف فيه على ذلك وغيره، ثم قال: "والصحيحُ قول من قال فيه: أنَّ عمر، ولم يُسنِده إليه، قاله الدارقطني، وهكذا خُرِّج في الصحيح" (¬4). - ذكر حديث: "لا تَبْقَيَنَّ في رَقَبَةِ بعيرٍ قِلادةٌ ... ". ثم قال: "عن عبد الله بن أبي بكر بن حَزم، عن عَبَّاد بن تَمِيم، عن أبي بَشير. هكذا خُرّج في الصحيحين، وزعم محمد بن عمر الواقدي اْنَّ مالكًا وَهِم فيه، ¬

_ (¬1) انظر: (3/ 400 - 401). (¬2) انظر أمثلة أخرى في: (2/ 21، 119، 129، 138، 187، 222، 343 - 344)، وغيرها مِمَّا سيأتي في ثنايا الكتاب. (¬3) انظر: (2/ 345). (¬4) انظر: (2/ 467 - 471).

وأنَّ عبد الله بن أبي بكر رواه عن أبيه، عن أبي بَشير. قاله الدارقطني، ولَم يُصَوِّبه ولَا خَطَّأَه، ولا احتجَّ لَه ولاَ عليه" (¬1). - أورد حديث: "ما بَينَ بَيتِي ومِنبَرِي"، وحديث: "سَبعةٌ يُظلُّهم اللهُ يومَ لا ظِلَّ إلَّا ظِلُّه ... ". من طريق مالك عن خُبَيب بن عبد الرّحمن الأنصاري، عن حَفص بن عاصِم، عن أبي هريرة أو عن أبي سعيد، على الشك ثم قال: "ورَوى الحَديثَينِ معًا عُبيد الله بن عمر العُمري، عن خالِه خُبيب بن عبد الرّحمن المذكورِ، عن جَدِّه حَفص بنِ عاصم بن عمر، عن أبي هريرة وحده. خُرِّج هذا في الصحيح، وهو المحفوظُ، تابع العُمريَ في ذلك جماعة" (¬2). • واعتنى المصنِّف أيضًا بالجمع بين الطرق التي ظاهرها التعارض والاختلاف، كأن يكون الحديث مرويًّا من طرق عدة، وكلّها صحيحة، خاصة إذا كانت في الصحيحين أو أحدهما، ومثال ذلك: - ذكر حديث ابن عمر: "إنَّما سنةُ الصلاةِ أن تَنْصِبَ رِجلَكَ اليُمنى وتُثنِيَ رِجلَكَ اليُسرى"، من طريق عبد الرحمن بن القاسم، عنِ عبد الله بن عبد الله بن عمر، عن أبيه. ثم قال: "ظاهرُه الوَقفُ، وخرَّجه البخاري في المسند الصحيح ... وقال اللَّيثُ، والثوري، وابن عيينة، وغيرُهم في هذا الحديث عن يحيى، عن القاسم، عن عبد الله بن عبد الله: أنَّ أباه قال: "مِن سنَّة الصلاةِ"، وساقَه، ذكره الدارقطني. ¬

_ (¬1) انظر: (3/ 151 - 152). (¬2) انظر: (3/ 265 - 268).

فالحديت على هذا مرويٌّ من طريقين" (¬1). - أورد حديث أبي هريرة: إذا صلّى أحدُكم ثمَّ جَلَسَ فِي مصلَّاه لَم تزلِ الملائكة تُصَلِّي عليه"، ثم قال: "هكذا هو في الموطأ موقوفٌ، ورَفَعَه الوليد بنُ مسلم، وإسماعيل بنُ جعفر وغيرُهما خارِجَه، عن مالك. قال الدارقطني: ورَفْعُه صحيحٌ، إلَّا أنَّ مالكًا وقَفَه فى الموطأ" (¬2). وأمثلة هذا الباب كثيرة أيضًا. • ومن منهج المصنِّف أنه أطلق على الوجه الراجح عدَّة إطلاقات، فمرة يقول: "وهو المحفوظ"، أو "وهذا أصح"، أو "وهو الصواب"، أو "هذا الإسناد هو الصحيح"، وغير ذلك (¬3). • كما أنَّه أطلق على الوجه المرجوح عدَّة إطلاقات، كقوله: "لم يُتابع على ذلك"، أو "فيه نظر"، "وهذا غير ثابت"، "ليس بمحفوظ"، "غلط انفرد به ولم يتابعه عليه أحد"، "وهو غلط لم يُتابع عليه"، وغير ذلك (¬4). ¬

_ (¬1) انظر: (2/ 354 - 356). (¬2) انظر: (3/ 488 - 489). (¬3) انظر مثلًا: (2/ 112، 130، 165، 166، 170، 199، 345، 364)، (3/ 232، 525)، (4/ 177). (¬4) انظر مثلًا: (2/ 182، 311، 478)، (3/ 143، 204).

المطلب الرابع: منهجه في بيان غريب ألفاظ الحديث، وضبط مفرداتها، وبيان معانيها: اعتنى الداني ببيان الألفاظ الغريبة بإيضاحها وذكر معانيها أو ضبط ألفاظها، وانتهج لى ذلك منهجين، فإمَّا يشرحها بنفسه، أو يذكر شرح من سبقه من علماء العربية والغريب، ولم يكتف في ذلك بذكر مفردات الموطأ فقط، بل يشرح الألفاظ في الأحاديث التي يوردها من مصادر أخرى غير الموطأ إن احتاجت إلى شرح وبيان، ومن أمثلة ذلك قوله: - "قال أبو ذر عبد بن أحمد: بَيْرَحاء اسمان جُعلا اسمًا واحدًا وبُنيَا على الفتح، مثل رام هرمز. أخبرني به أبو عليّ الجيّاني والصدفي عن أبي الوليد الباجي عنه" (¬1). - وقوله: "قباء من جملة العوالي. وقال مالك في المدوّنة: العوالي من المدينة على ثلاثة أميال. وحكى البخاري عن الليث عن يونس قال: بُعد العوالي أربعة أميال أو ثلاثة. وقال ابن وضاح: بين قباء والمدينة نحو ممن ثلاثة أميال" (¬2). - وقوله: "البياضي اسمُه: فَروة بن عَمرو بن وَدْقَة بالدال المهملة، والوَدْقة: الروضَةُ النَّاعمة" (¬3). - وقوله: "قال الخليل وغيرُه: النَّاضِحُ: الجمل يُسقَى عليه" (¬4). ¬

_ (¬1) انظر: (2/ 39). (¬2) انظر: (2/ 56). (¬3) انظر: (3/ 571). (¬4) انظر: (3/ 592).

- وقوله: "والسَّوِيق: الحبُّ يُقلَى ثمَّ يُطحَنُ وقد يُلَتُّ بالسَّمنِ وغيرِه" (¬1). إلى غير ذلك من الأمثلة الكثيرة قي هذا الباب. المطلب الخامس: منهجه في علم الرجال والجرح والتعديل. اعتنى المصنِّف رحمه الله بعلم الرجال، والجرح والتعديل، وأورد في كتابه هذا فوائد عدّة، وتكلّم على رواة كثيرين، في مختلف أبواب علم الرجال، فبيّن المتفق والمفترق، والكنى، والأنساب، والصحابة، وغير ذلك، فكان كتابه هذا شاملًا لعدّة أنواع من العلوم، كما أنَّه نقل كلام أئمة في الرواة مِن كتُبٍ تُعدُّ ممّا فُقد من تراث المسلمين، كالتاريخ للنسائي، والضعفاء للساجي، وغير ذلك، وسأذكر في هذا الفصل عدّة نقاط تميّز بها كتاب أبي العباس الداني، فمنها: • اعتناؤه ببيان من أخرج لهم البخاري ومسلم، أو انفرد به أحدهما، ومَن لم يخرجا له في صحيحيهما. مثاله: قوله في عمرو بن أبي عمرو: "وخُرِّج عنه في الصحيحين" (¬2). - وقوله في العلاء بن عبد الرحمن: "وخَرَّج عنه مسلم دون البخاري" (¬3). - وقوله في أبي بَصرة: "ولم يُخرِّج البخاريُّ في الصحيح لأبي بصرة شيئًا، وخَرَّج له مسلمٌ غيرَ هذا" (¬4). ¬

_ (¬1) انظر: (3/ 127). (¬2) انظر: (2/ 82). (¬3) انظر: (2/ 87). (¬4) انظر: (2/ 114).

- وقوله وخنساء بنت خذام: "ولم يخرج مسلمٌ عن خنساء شيئًا" (¬1). - وقوله في ثابت بن قيس: "ولم يخرج مسلمٌ عن ثابت شيئًا، وخرَّج له البخاري حديثًا آخر" (¬2). - وقوله في حبيبة بنت سهل: "ولم يخرج في الصحيحين عن حبيبة هذه شيء" (¬3). • اعتناؤه بذكر الصحابة وبيان صحبتهم، وإن كان هناك خلاف ذَكرَه، ورجّح ما يراه راجحًا، وقد يبيّن أيضًا أسماء بعض الصحابة وإن لم يود لهم ذكر في المسند، وإنَّما ورد ذكر أسماء أبنائهم. ومثال ذلك كلِّه: - قوله: "ولا خلاف أنَّ أبا بصرة من الصحابة" (¬4). - وقوله: "ورِفاعةُ هذا هو عمُّه، ورافعٌ وابناه رِفاعةُ وخلّادٌ كلُّهم من الصحابة" (¬5). - وقوله: "وهذا الرجلُ مجهولٌ، لا يُعرف بغبر هذا الحديثِ، وليس فيه ما يَدُلُّ على صحبتِه، وقد ذُكر في الصحابة، وفي ذلك نظرٌ" (¬6). ¬

_ (¬1) انظر: (4/ 299). (¬2) انظر: (4/ 360). (¬3) انظر: (4/ 289). (¬4) انظر: (2/ 115). (¬5) انظر: (2/ 159). (¬6) انظر: (3/ 584).

- وقوله أيضًا: "وذَكر ابنُ عبد البر في جملَةِ الصحابة ساعِدةَ بن حرام بن سعد بن محيّصة وقال: حديثُه في كسب الحجّام مرسل، ولا تَصِحُّ له صُحبة. ولم يَذكر حرامًا ولا سعدًا، وذِكْرُه في الصحابهْ غَلَطٌ، والله أعلم" (¬1). إلى غير ذلك من الفوائد والأمثلة الكثيرة. • اعتناؤه بضبط أسماء الرواة وضبط أسماء آبائهم أو أجدادهم أو أنسابهم، مع بيان بعض الرواة الذين تشتبه أسماؤهم أو أنسابهم بالراوي المترجم له، فيذكرهم تمييزًا وإذ لم يرد لهم ذكرٌ في المسند، وقد يذكر الضبط عمّن سبقه من العلماء أو عن مشايخه الذين أخذ عنهم. مثاله: - قوله: "وكُريز هذا بضمّ الكاف مصغّرا. وكَريز بفتح الكاف جدّ طلحة بن عبيد الله الخزاعي، مذكور في مرسله. قال ابن وضّاح: كَريز بفتح الكاف في خزاعة، وبضمّها في بني عبد شمس بن عبد مناف" (¬2). - وقوله: "قرأتُ على أبي داود المُقرِئ: يُحَنِّس بكسر النون، وعلى أبي عليّ الجيَّاني بفتحها، وعزاه إلى الدارقطني" (¬3). - وقوله: "جابر بن عبد الله من بني سَلِمة، بكسر اللَّام وفتح السين، يُقال فيه: سَلَمي بفتحها، حكاه أبو عبيد" (¬4). ¬

_ (¬1) انظر: (3/ 592 - 593). (¬2) انظر: (2/ 92). (¬3) انظر: (2/ 514). (¬4) انظر: (2/ 140).

- وقوله: "ومحمّد بن يحيى هذا من شيوخ مالك، روى عنه، عن الأعرج، عن أبي هريرة، وجدُّه حَبَّان بفتح الحاء وبالباء المعجمة بواحدة" (¬1). - وقوله: "وأُسَيد، وهو بضم الهمزة وفتح السين، مصغَّرًا مخفَّفًا" (¬2). - وقوله: "واسم أبي ذر جُندب بن جنادة، وقيل: بُرير، برائين مهملتين وضم الباء مصغرًا" (¬3). - وقوله: "وشتير: بالشين المعجمة مضمومة، والتاء المعجمة بنقطتين من فوقها مصغرًا" (¬4). • اعتناؤه ببيان الأسماء المبهمة في السند والمتن. مثاله: - قوله: "وذكر عبد الغنيُّ بنُ سعيد في كتاب الغوامض والمبهمات له: أنَّ هذا الرجلَ الذي وَطِئَ امرأتَه في رمضان هو سَلمةُ بن صَخرٍ البَيَاضِي، وذَكَرَ شواهِدَه، وفي ذلك نَظرٌ؛ سَلمةُ بنُ صَخر هو الذي ظاهَر من امرأَتِه في رمضان احتياطًا على الصَّومِ ... " (¬5). - وقوله: "والرجل السائل لابن عمر هو أميّة بن عبد الله بن خالد بن أسيد" (¬6). ¬

_ (¬1) انظر: (2/ 157). (¬2) انظر: (4/ 4). (¬3) انظر: (4/ 39). (¬4) انظر: (4/ 79). (¬5) انظر: (3/ 341). (¬6) انظر: (2/ 518).

- وقوله في حديث أم سلمة: "أنَّ مخنَّثًا كان عند أم سلمة ... "، قال: "واسم المخنَّث هِيت" (¬1). • اعتناؤه ببيان المتفق والفترق، والأسماء المتشابهة، للتمييز وعدم الخلط بين الرواة. مثاله: - قوله: "الأَغَرُّ لَقَبٌ، وقيل: هو اسمُ أبي مسلمٍ هذا الذي روى عنه السَّبيعي. هكذا أدخله البخاريُّ، وابنُ أبي حاتم في باب: مَن اسمه أَغَر. وأمَّا أبو عبد الله الأغَر المذكورُ في الموطأ فاسمُه: سَلمان، وهو مَولى جُهينَة، وهما رجلَان مَيَّز بينهما البخاري، ومسلمٌ، وعليُّ بنُ المديني، وغيرُهم. وقد قيل: هما رَجلٌ واحدٌ قاله ابنُ أبي خيثمة، وزَعَمَ أنَّ أبا إسحاق السَّبيعيَّ روى عنه فكنَّاه أبا مسلم. وظاهرُ قوله أنَّ أبا إسحاق انفرَدَ بتكنِيتِه أبا مسلم. وقد خَرَّج أبو داود حديثَ أبي هريرة: "الكِبرياءُ رِدائي" من طريقِ عطاء بن السائِب، عن الأغَر، عن أبي هريرة، وذَكَرَ أنَّ موسى بن إسماعيل شيخَه قال فيه: عن سَلمان الأغر، وأن هنَّادًا قال فيه: عن أبي مُسلمٍ الأغَر. وكأنَّه ذهب إلَى أنَّهما رَجلٌ واحدٌ اختُلِف في تَسميته، والأصَحُّ أنَّهما رجلان اشتَركا في الروايةِ عن أبي هريرة، والله أعلم" (¬2). • اعتناؤه ببيان الإخوة. مثاله: - قوله: "وقال الذهلي: لعبد الله بن الحارث بن نوفل ثلاثة ¬

_ (¬1) انظر: (4/ 215). (¬2) انظر: (3/ 319 - 320).

بنون: عبد الله وعبيد الله ومحمّد، روى الزهري عن جميعهم" (¬1). - وقوله: "وبنو عتيك في الأنصار، وقد كَثُر الخلافُ فيهم وفي نسبةِ بعضهم من بعض، فقيل: جابر وجبر رجلٌ واحدٌ اختُلِف في اسمه، وقيل: هما أخوان، ابنا عتيك بن الحارث بن قيس بن هَيْشَةَ الأوسي من بني عمرو بن عوف، وسَهْل بن عتيك رجلٌ آخر، هو سهل بن عتيك بن النُّعمان بن عَمرو، خزرجيٌّ من بني مالك بن النَّجار، واختُلِف في الحارث بن عتيك، فقيل: هو أخو جابر أو جبر، وقيل: هو أخو سهل بن عتيك، وكذلك اختُلِف في عبد الله بنِ عتيك، فقيل: هو أخو جابر أو جبر" (¬2). • اعتناؤه بذكر أسماء من عُرف بالكنى، وكذا العكس، وكذا مَن لا يُعرف له اسم. ومثاله: - قوله: وأبو طَيبة الحَجَّام مولى بني حارثة، قيل: اسمه دينار، وقيل: نافع، وقيل: مَيْسَرة" (¬3). - وقوله: "وقال أبو زُرعة وأبو حاتم في أبي عُبيدة هذا: لا يُسَمَّى، اسمه كنيتُه. وسمّاه مسلمٌ في كتاب الكنى عامِرًا" (¬4). - وقوله: "وهو مجاهد بن جبر، ويقال: ابن جبير، يُكنى أبا الحجاج" (¬5). ¬

_ (¬1) انظر: (3/ 79). (¬2) انظر: (2/ 143 - 145). (¬3) انظر: (2/ 64). (¬4) انظر: (3/ 39). (¬5) انظر: (2/ 193).

- وقوله: "وأبو سُهيل اسمه: نافع بن مالك بن أبي عامِر، وأبوه مالك الراوي عن أبي هريرة يُكنى أبا أَنس، وقد قيل في سندِ هذا الحديثِ: نافع بن أبي أنس، وذلك سواء" (¬1). - وقوله: "وأم علقمة هي مرجانة" (¬2). • اعتناؤه بالجرح والتعديل، وبيان درجة بعض الرواة، خاصة الذين يكون مدارُ كثيرٍ من الأحاديث عليهم. وفي هذا الباب انتهج المصنِّف منهج الاختصار في ذلك، فلا يورد كلَّ ما قيل فيه، وإنَّما يشير إلى بعض أقوال أهل العلم في ذلك، أو قول أحدهم فقط، ولا يستقصي ذكر الأقوال، ويذكر ذلك غالبًا في آخر باب ذلك الراوي كأن يكون مكثرًا كترجمة أبي الزبير عن جابر، أو في آخر حديثه، وقد يعبِّر عن ذلك بقوله: "فصل"، ثم يذكر بعض ما قيل فيه، وقد يذكر معه من يشابهه في الاسم واسم الأب تمييزًا، كما أنَّه جرّح بعض الرواة، وأمثلة ذلك كثير جدًّا، منها: - قوله آخر ترجمة أحاديث أبي الزبير عن جابر: "فصل: أبو الزُّبير هو محمد بن مسلم بنِ تدرس. أَكثرَ عنه مسلمٌ، واستشهد البخاريُّ به مقْرونًا. وذكر الساجيُّ عن ابن معين: "أنَّ شعبةَ استحلفَ أبا الزبير فحلف له بين الرُّكن والمقامِ ثلاثَ مرَّاتٍ أنَّه سَمِع مِن جابر". وقال النسائي في الجنائز: "كان شعبةُ سيِّءَ الرأي فيه، وأبو الزبير من الحفَّاظ، وروى عنه يحيى بن ¬

_ (¬1) انظر: (3/ 555). (¬2) انظر: (4/ 137).

سعيد وأيّوب ومالك، وكان يدَلِّس، فإذا قال: سمعتُ جابرًا فهو صحيحٌ" (¬1). - وقوله: "ومُسلم بن يَسار ليس بالبصريِّ ولاَ المكيِّ، هو رجلٌ جُهَنِيٌّ مَدَنِيّ مجهولٍ. قال أحمد بن زُهَير: قرأتُ على يحيى بنِ معين حديث مالكٍ هذا عن زَيد بن أبي أُنَيسَةَ فكَتَبَ بيدِه على مُسلم بن يَسارٍ: لاَ يُعرَف" (¬2). - وقوله: "فصل: خَرَّج مسلم عن سُهيل بن أبي صالح أحاديثَ، واستظْهَرَ به البخاري مقرونًا بغيرِه في الجهاد، وذَكَرَ في التاريخ عن علي بنِ المديني: أنَّ سُهيلًا مات له أخٌ فوَجَدَ عليه فنسِيَ كثيرًا، وخَرَّج أبو داود من طريق عبد العزيز الداروردي، عن ربيعة، عن سُهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة مرفوعًا حديثَ اليمين مع الشاهد. ثمّ ذَكَر بإسنادٍ آخَر أنَّ الدارورديَّ قال: قد ذكرتُ ذلك لسُهيل فقال: أخبرني ربيعة وهو عندي ثقةٌ أنِّي حدَّثتُه إيّاه ولا أحفظه. قال عبد العزيز: "وقد كان أصابت سُهيلا علّةٌ أذهبتْ بعضَ عَقلِه ونَسِيَ بعض حديثه. وقال الساجي في كتابِه: أصابه بِرسامٌ في آخِرِ عمرِه فذهب بعضُ حديثِه، وكان حدَّث ربيعةَ بحديثِ اليمين مع الشاهد ثم نَسيَه سُهيل فكان يحدِّث به عن ربيعةَ عن نفسه. ووثقه ابنُ معين، ولَم يَرَ حديثَه حُجَّة. وقال النسائي: لا بأس به. قال الشيخ: وسُهيل بنُ ذكوان المكي رجلٌ آخَر روى عن عائشة ووَصَفَها" (¬3). ¬

_ (¬1) انظر: (2/ 125). (¬2) انظر: (2/ 293). (¬3) انظر: (3/ 436 - 438).

- وقوله. "الدمياطي ضعيف ليس من أهل الحديث" (¬1). - وقوله: "والمسمى في حديث الموطأ معاذا أو سعدًا رجل مجهول" (¬2). - وقوله: "وعبد الكريم هذا ضعيف متروك" (¬3). - وقوله: "هذا حديث لا أصل له، وعبد الله بن المغيرة مجهول" (¬4). المطلب السادس: منهجه في إيراد المسائل الفقهية. انتهج المصنف في إيراد المسائل الفقهية منهجًا مختصرًا، فلا يورد تلك المسائل إلَّا نادرًا، وإنَّما اكتفى في كتابه هذا بالصناعة الحديثية أكثر، مع أنَّ المصنِّف كان من فقهاء بلده، وكان من المفتين كما تقدّم في ترجمته، إلَّا أنَّه اعتنى في هذا المصنَّف ببيان حال الأحاديث، ويبيّن ذلك أنَّه ذكر حديث: "خَمْسُ صلواتٍ كتبهن الله تعالى على العِباد ... "، واستطرد شيئًا ما في إيراد الأحاديث الموجبة لصلاة الوتر، ثم ذكر ما يعارضها ثم قال: "وللكلامِ في هذه القاعدةِ موضعٌ غير هذا، وإنَّما قَصدتُ ها هنا بيانَ حال الحديثِ" (¬5). ومن خلال دراستي للكتاب تبيّن لي أنَّ المصنِّف يورد المسائل إشارة إليها دون التصريح بها، وفي هذه النقاط بيان لمنهجه في ذلك: ¬

_ (¬1) انظر: (4/ 459). (¬2) انظر: (4/ 593). (¬3) انظر: (4/ 57). (¬4) انظر: (5/ 23). (¬5) انظر: (3/ 46 - 55).

• أنَّه لا يصرِّح بالسائل، وإنَّما يذكر الأحاديث التي تدلُّ على المسألة التي يريد ذكرها، مثاله: أورد حديث أبي هريرة وفيه: "أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - سجد في {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ}، ثمَّ أورد بعده الأحاديث التي فيها أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - سجد في هذه السورة، وفي غيرها من سوَر المفصّل، ومرَادُه الردّ على مذهب المالكية القائل بأنْ لا سجود في سوَر المفصل (¬1). • قد يورد بعض الأحكام الشرعية والمسائل الفقهية دون التصريح بها، وإنَّما يكتفي بإيراد بعض طرق الحديث، وهذه الأحاديث قد تكون تخصيصًا لعامٍّ، أو تعميمًا لخاصٍّ، أو إطلاقًا لمقيَّدٍ، وهذا كثير في كتابه، وأكتفي هنا بذكر بعض الأمثلة التي يُستدلُّ بها على غيرها، فمن ذلك: - أورد حديث الموطأ: "أهدى رجلٌ إلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - راوِيَةَ خَمْر"، وفيه: "إنَّ الذي حَرَّم شُربَها حَرَّم بيعَها". ثم قال: "هذا خاصٌّ". أي أنَّ الحديث خاصٌ بتحريم بيع الخمر فقط، وليس فيه تحريمُ بيع سائر المحرّمات، ثم أورد ما يبيّن أنَّ الحكم عامٌّ في كلِّ المحرَّمات فقال: "وجاء عن ابن عباس مرفوعًا: "إنَّ الله إذا حَرَّم شيئًا حَرَّم ثمنَه". خَرَّجه الدارقطني في السنن، وخَرَّج عن تميم الداري مرفوعًا: "لا يَحِل ثمنُ شيء لا يَحِلُّ أكلُه وشُربُه" (¬2). - ومنها: أنّه ذكر حديث جابر بن عتيك: "الشهداءُ سبعةٌ سِوى القتل"، وفيه: فصاح النِّسوةُ وبكين، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "دَعْهُنَّ، فإذا وجبَ فلا ¬

_ (¬1) انظر: الحديث (3/ 313 - 315). (¬2) انظر: الحديث (2/ 547 - 548).

تبكينَّ باكية". ثم تكلّم على الحديث من جهة الإسناد، وقال في آخره: "فصل: قال في هذا الحديث. "إذا وَجَبَ فلا تبْكِيَنَّ باكيةٌ"، وجاء عن ابن عباس أنه قال في حديث طويل ذكره: لما ماتت رُقَيَّةُ بنت النبي - صلى الله عليه وسلم - بكى النساءُ عليها، فجعل عُمرُ يضربهنَّ بسوطِه، فأخذ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بيده وقال: "دَعْهنَّ يَبْكِينَ"، وقال: "ابْكِينَ، وإيّاكنَّ ونَعِيقَ الشيطان، فإنَّه مَهْمَا يَكنْ مِن القلبِ والعَينِ فَمِنَ الله الرَّحمة، ومَهْمَا يكنْ مِن اليَدِ والَلِّسانِ فمِنَ الشَّيطانِ"، وذَكَر سائرَه. خرّجه ابن أبي شيبة". ومرادُ المصنِّف من إيراد هذا الحديث بيان أنَّ قوله "لا تبكينّ باكية" ليس على عمومه، وأنَّ الراد لا تبكين صياحًا ولا نياحًا، وأنَّ البكاء على الميت جائز ما لم يشب ذلك نياح وصياح وشق جيب (¬1). - ومن ذلك أنَّه أورد حديث الجارية، وسؤالها: "أين الله"، وفيه الأمر بالعتق، قال أبو العباس الداني: "وفي هذا الحديثِ الأمْرُ بالعِتقِ مُطلَقًا، وغيرُ مالكٍ يقول فيه: "اعْتِقْها فإنَّها مُؤمِنَةٌ"، خرَّجه مسلمٌ في الصلاة". ففي حديث مسلم تقييد لما أُطلق في حديث مالك (¬2). - ومنها: أنَّه ذكر حديث: "كان يأتِي قباءَ راكبًا وماشيًا". قال: "وليس فيه عند مالكٍ ذكرُ الصلاةِ، ولا وقتُ الإتيان. وقال فيه غيرُه من طريق ابن دينار: "كان يأتي قباءَ كلَّ سَبْتٍ". ومن طريق نافع: "فيصلي فيه ركعتين" (¬3). ¬

_ (¬1) انظر: (2/ 146). (¬2) انظر: (2/ 308). (¬3) انظر: (2/ 378 - 379).

والأمثلةُ في هذا كثيرة جدًّا في تخصيصِ عامٍّ، أو تقييدِ مطلقٍ، أو تعميمِ خاصٍّ، وغير ذلك ممّا يشير إليه المصنِّف إشارات دون تصريح. • ومن منهجه أيضًا أنَّه لا يذكر المسائل والأحكام الفقهية مستوعبة بأدلّتها، وإنَّما يكتفي بالأشارة إلى الاختلاف الواقع في ذلك دون تحرير للأقوال ولا بسط للأدلة؛ وذلك أنَّه وضع هذا الكتاب مكتفيًا بالصناعة الحديثية دون الفقهية، ومن ذلك أنَّه ذكر حديث: "لَا يَحِلُّ لامرَأةٍ تؤمِن بالله واليومِ الآخِر تسافِرُ مَسيرَةَ يومٍ وليلةٍ إلَّا مع ذِي مَحْرَم منها". قال في آخره بعد أن تناوله من ناحية الإسناد: "واختَلَفَتِ الآثارُ في مسافَةِ السَّفرِ المُشتَرَطِ فيه وجودُ ذِي المَحرَم وفي ذِكرِ الزوج معه" (¬1). - وقوله في حديث: "كانت - أي عائشة - إذا ذكرت أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقبّل وهو صائم تقول: وأيّكم أملك لنفسه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ": "حَمَل مالك رحمه الله قول عائشة هذا على كراهة القبل للصائم والتحذير منه ... وحمله غيره على إباحة القبل على الإطلاق ... وكلا القولين محتمل، ولكل وجه" (¬2). • ومن منهجه أيضًا الردُّ على بعض أقوال المذاهب، خاصة المالكية منهم، إلَّا أنه يشير إلى ذلك بإشارات وتلويح دون إظهار وتصريح، ومن أمثلة ذلك: أنَّه ذكر حديث: "كنا في زَمَن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - نَبتاع الطعامَ فيبعَثُ علينَا من ¬

_ (¬1) انظر: (3/ 493). (¬2) انظر: (4/ 170).

يَأمرُنا بانتِقَالِه". ثم قال المصنف. "وخَرَّج مسلم من طريق عُبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر قال: "كنَّا نشتري الطعامَ مِن الرُّكبان جُزافًا فنهانا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أنْ نَبيعه حتى نَنقلَه مِن مكانه". وعن سالم، عن أبيه: "أنهم كانوا يُضرَبون على عَهد رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - إذا اشتروا طعامًا جُزافًا أنْ يبيعوه في مكانِه حتى يُحَوِّلوه". ومراد المصنِّف من إيراد الحديثين -وفيهما ذكر الجزاف- الرد على المشهور من مذهب مالك القائل بالتفريق بين الجزاف والمكيل، وأن ما كان مكيلا وجب فيه القبض والنقل، بخلاف الجزاف يجوز بيعه قبل القبض والنقل (¬1). ومنها: أنه أورد حديث "المُتبايعان كلُّ واحدٍ منهما بالخِيار على صاحبِه ما لم يَتَفَرَّقا إلَّا بَيعَ الخِيار" ثم قال المصنف: "وقال فيه اللَّيث، عن نافع: "ما لَم يَتفرَّقا وكانا جميعًا، أو يُخَيِّرُ أحدُهما الآخَرَ، فإنْ خَيَّرَ أحدُهما الآخَرَ فتبايعَا على ذلك فقد وَجَبَ البَيعُ، وإنْ تَفَرَّقَا بعد أنْ تبايعَا ولَم يَتركْ واحدٌ منهما البيعَ فقد وَجَبَ البَيعُ". وهذا فِي الصحيحين. وزاد البخاريُّ من طريق يحيى بن سعيد، عن نافع قال: "كان ابنُ عمر إذا اشتَرى شيئًا يعجبُه فارَقَ صاحِبَه". ومراد المصنف من إيراد أثر ابن عمر الرد على مذهب من يقول إنَّما التفرّق بالأقوال دون الأبدان (¬2). ¬

_ (¬1) انظر: (2/ 414 - 415). (¬2) انظر: (2/ 417).

ومنها أنَّه أورد حديث: "صلَّى الظهر والعصر جميعًا، والمغرب والعشاء جميعًا في غير خوفٍ ولا سَفَرٍ". ثم قال المصنف: "ليس فيه ذكرُ المَطَرِ، وقال فيه سليمان الأعمش، عن حَبيب بن أبي ثابِت، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عباس: " .. بالمدينة في غيرِ خوفٍ ولا مَطر"، خَرَّجه مسلم". ومراد المصنف من إيراد حديث مسلم الردَّ على قول مالك في الموطأ إثر الحديث: "أُرى ذلك كان في مطر" (¬1). المطلب السابع: مصطلحاته في الكتاب. ذكر المصنِّف عدَّة مصطلحات عبَّر بها في كتابه، ولم يبيّن ذلك في مقدَّمة كتابه، وبعض تلك الصطلحات جرت العادة على خلافها، وإن كانت طريقة بعض أهل العلم، كوصف الحديث المنقطع بالمقطوع وغير ذلك، وسأذكر في النقاط التالية تلك المصطلحات التي مشى عليها المصنِّف حتى يتضح للقارئ مراده في هذا الكتاب، ثم هي فوائد يستفيدها طالب الحديث، فمن تلك الصطلحات: • إطلاقه على الحديث المنقطع لفظ المقطوع (¬2). وهذا استعمله في جميع الكتاب (¬3)، وهو مصطلح اصطلحه بعض أهل العلم قبله. ¬

_ (¬1) انظر: (2/ 548 - 549). (¬2) والمقطوع في اصطلاح المحدّثين: هو الموقوف على التابعين. (¬3) انظر مثلا: (2/ 88، 95، 99، 105، 128، 136). وغيرها.

قال ابن الصلاح: "وقد وجدتُ التعبير بالمقطوع عن المنقطع غير الموصول في كلام الإمام الشافعي وأبي القاسم الطبراني وغيرهما" (¬1). قال الحافظ ابن حجر: "قوله: وغيرهما، عنى به الدارقطني والحميدي، فقد وجد التعبير في كلامهما بالمقطوع في مقام المنقطع" (¬2). قلت: وممّن استعمل أيضًا لفظ المقطوع على المنقطع ابن الحصَّار (¬3)، وابن عبد البر في بعض المواضع من التمهيد (¬4). • إطلاقه لفظ المرسل على المعلّق والمعضل. كقول مالك: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬5). وهذا الاصطلاح مشى عليه كثير من الأئمة فِي الحكم على الأحاديث، كالبخاري وأبي داود، والدارقطني، وأبي نعيم، والبيهقي، بل قال بعض الفقهاء والأصوليين إنَّ كلَّ ما كان منقطعًا يسمى مرسلًا. ¬

_ (¬1) علوم الحديث (ص: 43)، وانظر: إرشاد طلاب الحقائق (ص: 79)، اختصار علوم الحديث (ص: 44)، فتح الغيث (1/ 126)، وتدريب الراوي (1/ 740). (¬2) النكت (2/ 514). (¬3) كما في فتح المغيث (1/ 126). (¬4) انظر: التمهيد (2/ 26)، (16/ 253)، وفرّق بينهما في مقدّمة التمهيد، واستعمله في أغلب الأحيان على الاصطلاح المشهور عند المحدّثين. (¬5) انظر: (2/ 45). عند قول المولف: "وذَكَر مالكٌ هذا مرسلًا في باب: رفع الرأس قبل الإمام". و(2/ 408) عند قوله: "واحتجَّ به مرسلًا في الأقضية". و(3/ 301) عند قوله: "واحتجَّ به مرسلًا في أبواب الجمعة". و(3/ 499) عند قوله: "واحتجَّ به مرسلًا في الصيدِ".

قال الخطيب البغدادي: "وأما المرسل فهو ما انقطع إسناده بأن يكون في رواته من لم يسمعه ممّن فوقه، إلَّا أنَّ أكثر ما يوصف بالإرسال من حيث الاستعمال ما رواه التابعي عن النبي - صلى الله عليه وسلم -" (¬1). • إطلاقه على الحديث المعلَّل لفظ العلول. قال المصنِّف في المقدّمة: "وأَذْكر المقطوعَ والموقوفَ اللَّاحِقِ بالمرفوع، وسائرَ الحديثَ العلولِ" (¬2). قال ابن الصلاح: "معرفة الحديث المعلل، ويسمّيه أهل الحديث العلول، وذلك منهم ومن الفقهاء في قولهم في باب القياس: العلة والعلول، مرذول عند أهل العربية واللغة" (¬3). والمعلول قد استعمله كثير من أهل الحديث كالترمذي والدارقطني والحاكم وغيرهم، والأفصح فيه أن يُقال: معلّ (¬4). • قد يطلق لفظ المجهول، ولا يعني به الجهالة المعروفة عند المحدّثين، وإنَّما يعني به المبهم. مثال ذلك أنَّه ذكر حديث ابن شهاب عن ابن لكعب بن مالك ¬

_ (¬1) الكفاية (ص: 21)، وانظر: علوم الحديث لابن الصلاح (ص: 53)، إرشاد طلاب الحقائق (ص: 79)، اختصار علوم الحديث (ص: 45)، النكت (2/ 544)، وفتح الغيث (1/ 158). (¬2) (2/ 8)، وانظر: (2/ 67، 76، 196، 293). (¬3) علوم الحديث (ص: 81). (¬4) انظر: التقييد والإيضاح (ص: 96)، فتح المغيث (1/ 256).

قال: "نَهى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - الَّذين قَتَلوا ابنَ أبي الحقيق عن قتل النِّساء والولدان قال: فكان رجل منهم يقول: برَّحتْ بنا امرأةُ ابن أبي الحقيق بالصِّياحِ ... "، الحديث، قال المصنف: "وبهذا يُنسبُ الحديثُ إلى الرجلِ المجهولِ، وأظنُّه عبد الله بن عَتيك" (¬1). - وقوله: "امرأة مجهولة في الموطأ، وهي أم معقل الأنصارية" (¬2). - وقوله: "لعمة حصين بن محصن مجهولة غير مسماة حديث واحد" (¬3). - وقوله: "رجل من الأنصار مجهول، له حديث استقبال القبلة" (¬4). ولا شك أنَّه يعني بالجهالة هنا جهالة اسمه ونسبه، أي أنَّه مبهم؛ لأنَّ مَن ذُكر من الصحابة. وكذلك قال في آخر القسم الثاني، وهو في الكنى والألقاب والمبهمين: "وهكذا كلُّ حديث يَذكره الصحابيُّ عن غير معروفٍ مِن الصحابة على طريق الحكايةِ فلا يَقصِد بها الروايةَ عنه، فإنَّه يُنسب إلى المعروفِ دون المجهولِ" (¬5). فمراده بالمجهول، المبهم في الحديث الذي لم يُعرف اسمه، لا جهالة عينه وحاله المعتبرة عند المحدّثين، والله أعلم. ¬

_ (¬1) انظر: (3/ 608). (¬2) انظر: (4/ 341). (¬3) انظر: (4/ 478). (¬4) انظر: (5/ 354). (¬5) انظر: (3/ 614).

• إطلاقه لفظة "وبه"، ومراده بالإسناد السابق. استعمل المصنف لفظة "وبه" إذا أورد حديثًا بإسناد، ثم أتبعه بأحاديث كثيرة بذلك الإسناد الواحد، فلا يكرّره، وإنَّما يكتفي بقوله: "وبه"، أي بذلك الإسناد (¬1). • إطلاقه على كتاب الصلاة الواقع في الموطأ كتاب: الصلاة الثاني. وذلك أنَّ مالكًا رحمه الله وضع في الموطأ للصلاة كتابين، أحدهما كتاب: وقوت الصلاة، ويقع في أوَّل الكتاب قبل الطهارة، والثاني هو كتاب: الصلاة، ويقع بعد الطهارة، فلِكَيْ يميّز المصنف بينهما اصطلح أن يسمي كتاب: الصلاة، بقوله: كتاب الصلاة الثاني (¬2). • قول الصحابي: "هذا واجب"، أو قوله: "هذا سنة"، يُلحق بالمرفوع. وقد نص المصنف على ذلك في عدّة مواضع من كتابه، وألحق تلك الأحاديث بأطراف أحاديث الموطأ؛ وقال في ديباجة الكتاب: "وأَذْكرُ المقطوعَ والموقوفَ اللَّاحِقِ بالمرفوع"، ومن ذلك أنَّه ذكر قول ابن عمر: "إنَّما سنةُ الصلاةِ أن تَنْصِبَ ... "، الحديث ثم قال: "ظاهرُه الوَقفُ، وخرَّجه البخاري في المسند الصحيح؛ إذ معناه الرَّفعُ لقوله فيه: "إنَّما سُنَّةُ الصلاةَ"، والصلاةُ إنَّما تُلقِيَتْ مِن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وهو بَيَّنها وسَنَّ سُنَنَها ... "، إلى آخر كلامه رحمه الله (¬3). ¬

_ (¬1) انظر مثاله: (2/ 123 - 125). (¬2) انظر مثلًا: (2/ 269، 302، 314، 376)، وغيرها. (¬3) انظر: (2/ 354).

- وذكر أيضًا حديث عبادة: " خمس صلوات ... "، وفيه: قول أبي محمد الصحابي: "إنَّ الوترَ واجبٌ"، ثم قال المصنف: "وقوله: "إنَّ الوترَ واجبٌ" خَبَرٌ قد يُلحقُ بالمرفوع؛ لأنَّ الواجبَ هو ما أوجَبَه الله تعالى في كتابه أو على لسانِ نَبيِّه - صلى الله عليه وسلم -، فقوله: "واجبٌ"، معناه الإخبارُ بإيجابِ الله تعاَلى إيَّاه على لسانِ الرَّسول - صلى الله عليه وسلم -، إذ ليس في القرآن، وإذا قال الصحابيُّ: "أوجب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "، لَم يُطَالَب بنَقْلِ اللَّفظِ وتُلُقِّيَ بالقَبولِ" (¬1). • قول الصحابي: "قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " وإن لم يسمعه منه حجّة، ومراسيلهم مقبولة. - فمن ذلك أنَّ المصنِّف ذكر حديث ابن عمر: "يُهِلُّ أهلُ المدينةِ مِن ذي الحُليفة ... ". وفيه: أنَّه بَلَغَه قولُه: "ويُهِلُّ أهلُ اليَمن من يَلَمْلَم". ثم قال: "لم يُسَمِّ ابنُ عمر ها هنا من أخبَرَه بيَلَمْلَم، ومراسِلُ الصحابةِ مقبولةٌ، لأنَّ بعضَهم كان يأخذُ مِن بعض، وكلُّهم مَحمولون على العدالةِ، وقد كان ابنُ عباس يُكثِرُ الحديث ويَرفعُه من غيرِ واسطةٍ، ولَم يَسمع منه إلَّا يسيرًا لِصِغَر سِنِّه، ورُوي عنه أنَّه قال: "ما كُلُّ ما نحدِّثُكم به عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سمعناه منه، ولكن كان بعضُنا يحدّثُ بعضًا ويُصدِّق بعضُنا بعضًا، ولا خلافَ أنَّ قولَ الصحابي: "قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - " حُجّةٌ، وأنَّه داخلٌ في المسند، وإنْ احتَمَل أن يكون لَم يَسمعْه (¬2). ¬

_ (¬1) انظر: (3/ 47)، وذكر نحو هذا الكلام (3/ 198، 495). (¬2) انظر: (2/ 387 - 388).

- وذكر أيضًا حديث ابن عمر: "أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - خَطَبَ النَّاسَ في بعض مغازِيه ... "، وفيه: فسألتُ ماذا قال؟ فقيل لي: "نَهَى أن يُنبَذَ في الدُّبَّاءَ أو في المُزَفَّت"، ثم قال. "لم يَذكر ابنُ عمر مَن أَخبَرَه، فهو داخلٌ في مسنَدِه، وليس بمعدودٍ في المرسَلِ اصطلاحًا؛ لأنَّ أخبارَ الصحابةِ رضي الله عنهم مُتَلَقَّاةٌ بالقَبولِ لعدالَتِهم، وفائدةُ الإسنادِ معرفةُ العدالَةِ" (¬1). • حكم القراءة التي قرأ بها الصحابة الرفع وإن لم تثبت في المصحف. وصرّح بذلك المصنف في عدّة مواضع، وأدرج تلك القراءات في حكم المرفوع فأوردها في كتابه هذا، وعلّل ذلك بأنّها مأخوذة من النبي - صلى الله عليه وسلم - وطريقها النقل، والصحابة رضي الله عنهم شهدوا التنزيل. - فمن ذلك قوله بعد أن ذكر قراءة أُبَيّ بن كعب: "ثلاثة أيَّامٍ متتابعات"، قال: "وهذا الحديث معناه الرفع؛ لأنَّ القراءة مأخوذةٌ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وطريقُها النَّقل، لا مدخلَ للمقاييس فيها، فما قرأ به الصحابةُ حُمل على الرَّفع إنْ لم يُصَرِّحوا برفعه؛ إذ لا يُظنُّ بأحدٍ منهم أنَّه قَرَأَ. مما لم يُقْرَأ، هم المُقَدَّسون عن ذلك، وبِمِثل هذا تُلُقِّيَت سائرُ القراءات ... ومِن حُكم هذه القراءة وما كان مثلها، ما لم يَثْبُتْ في المُصحفِ، ولا أُجْمِعَ عليه أَنْ تُحْكَى وتُروى، ولا يُقرأ بها في صلاةٍ، ولا فيما يُتلَى من القرآنِ، إذا لم تَنْقُلها الكافةُ نَقْلَ تواترٍ، وإنَّما تُقرأ كذلك ما ثَبَتَ في المصاحفِ وما نُقِلَ تواترًا؛ لأنَّ نَقْلَ التواتر يُوجبُ العلمَ ضرورةً وقطعًا، وليس عندنا من القرآن الثابِتِ غيرِ المنسُوخِ إَلَّا ما عُلِمَ ضرورةً أنَّه مِن ¬

_ (¬1) انظر: (2/ 433).

كلامِ الرَّبِّ سبحانه، وما لم يَنقلْه إلَّا الآحادُ ولم يَبلغْ حَدَّ التواترَ فلا يَقَعِ العِلمُ الضروريُّ به، ولا يُطلقُ القولُ بأنَّه من القرآن المنزَّل، وإنْ احتَمَل عندنا أن يكون اللهُ تعالى قد أنزله على رسولِه - صلى الله عليه وسلم - ثم نَسَخَه، لكنه يُحكى ويُروى، وإن تضَمَّنَ حُكْمًا لَزِمَ العملُ به، وكان حُجّةً إن اتَّصَلَ سَندُه، وثبتَتْ عدالةُ ناقِلِيهِ، ولم يُعارِضْه ما يَدْفَعُه، وللكلامِ على هذه القاعدةِ مَوضعٌ غير هذا" (¬1). - وذكر أيضًا قراءة عمر يَقرأ: {فَامْضُوا إِلَى ذِكْرِ الله}، ثم قال: "وهي قراءةٌ تُؤثَر عن ابنِ مسعود، وهذا الحديث معناه الرَّفعَ؛ لأنَّ القراءةَ مأخوذةٌ عن رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - مُتَلَقَّاةٌ مِن الصحابة رضي الله عنهم فما قَرؤوا به تُلُقِّيَ بالقَبول، ولم يُظَنَّ بأَحَدٍ منهم أنَّه قَرَأَ إلَّا بِمَا أُقْرِئَ، لا سِيَمَا عُمر رضي الله عنه، مع ما عُلِمَ من تَحَرِّيه وإنكارِه على من قَرَأَ بما لم يَسْمَعْه، أو رَوَى عن رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - ما لم يَبْلُغْه، وقد كان يَسمَع مِن رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - سورةَ الجُمعة في كلِّ جُمعةٍ" (¬2). - وذكر أيضًا حديث عبد الله بن عمر قرأ: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ} عدّتهنّ، ثم قال: "معناه الرفع؛ لأنّ القراءةَ كالآيةِ، والكلُّ مِن عند الله تعالى، تلقّاه الصحابةُ من الرسولِ - صلى الله عليه وسلم - فما نَطَقوا به منه فقد شَهِدوا تنزيله" (¬3). ¬

_ (¬1) انظر: (2/ 93 - 94). (¬2) انظر: (2/ 285). (¬3) انظر: (2/ 488).

• قول الصحابي: "هذا عهد نبيّنا إلينا"، ولم يشهد الواقعة يريد بذلك جنس الصحابة وهو منهم. فمن ذلك أنَّه ذكر حديث ابن عمر "الدِّينارُ بالدِّينارِ والدِّرهمُ بالدِّرهمِ، لا فضلَ بينهما". ثم قال: "وقال فيه ابن عمر: "هذا عَهْدُ نبِيِّنا إلينا"، وذلك يُوهِم سماعَه منه، وهو لَم يسمعْ العهدَ، وإنَّما أخبرَه به أبو سعيد الخُدري ... ولعلَّ ابنَ عمر إنَّما أراد بقوله: "هذا عَهْد نبيّنا إلينا"، أنَّه عَهِدَ به إلى جُملةِ أصحابِه، وهو منهم، فيتناولُه العهدَ وإن كان غائبًا في حينِ الأَمر" (¬1). • طرق معرفة الصحابي. ذكر المصنِّف رحمه الله حديث الرجلٍ من بني أَسد الذي قال: "نَزلتُ أنا وأهلِي ببقِيع الغَرقَد، فقال لي أهلي: اذهبْ إلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فتَسأله لنا شيئًا نأكلُه ... ". ثم قال المصنِّف: "هذا وما أشبَهَه قد يُلحَقُ بالمسند، وإنْ لَمْ يُسَمَّ الصَّاحبُ، ولا عُرِفَ، ولا عَلمنا صُحبتَه إلَّا مِن لفظِ حديثِه؛ إذا كان التابعيُّ الراوي عنه مِن العلمِ والعدالَةِ والثقَةِ والأمانَةِ بحيث يُؤمَنُ التدلِيسُ منه، وإشكالُ الصحبةِ عليه، والتباسُ حالِ المرويِّ عنه، وهذا كقولِ التابعيِّ المَرضِيِّ: "حدَّثني رجلٌ من أصحابِ النبي - صلى الله عليه وسلم -، فإنَّه مقبولٌ وإنْ لم يُعَيِّنه؛ لأنَّ فائدةَ التَّعيينِ معرفةُ العدالة، والصحابةُ كلُّهم عدولٌ" (¬2). ¬

_ (¬1) انظر: (2/ 508 - 509)، وتعليق المصنف على قول الإمام الدارقطني: "ولعلَّه أراد هذا عَهدُ صاحبنا إلينا، يعني عمر". (¬2) انظر: (3/ 574).

وذكر أيضًا حديث صالح بن خَوَّات، عن مَن صلَّى مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومَ ذاتِ الرِّقاع صلاةَ الخوف، ثم قال: " لم يُسَمِّ صالِحٌ في هذه الرواية مَن حدَّثه بالحديثِ، وخُرِّج هكذا في الصحيحين من طريق مالك، وهو حديث مسنَدٌ صحيحٌ؛ لأنَّ صالحًا تابعيٌّ، سَمع سَهلَ بنَ أبي حثمة وغيرَه من الصحابة، ولا يَخفى عليه من صَحِبَ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - وشَهِدَ معه المشاهدَ، مِمَّن يَدَّعِي ذلك كاذبًا، ولو اتُّهِم في مثلِ هذا لاتُّهِمَ في حديثِه. قال الأثرمُ: قلتُ لأحمد بن حنبل: " إذا قال رجلٌ من التابعين: حدَّثني رجلٌ مِن أصحابِ النبي - صلى الله عليه وسلم - ولَم يُسَمِّه فالحديثُ صحيحٌ؟ قال: نعم" (¬1). هذا ما تبيّن لي من منهج المصنف في كتابه، وقد راعيتُ في ذكر ذلك إيرادَ بعض الأمثلة فقط خشيةَ التطويل، وعلى العموم فالمصنِّف تكلّم على كلِّ حديث بما رآه مناسبًا مراعيًا في ذلك ذكرَ فوائده الحديثية مِن اختلافٍ في الروايات، أو الأسانيد، أو تعليلِ روايةٍ وتصويبِ أخرى، أو بيانِ حال الرواة، وغير ذلك من أنواع علوم الحديث المبثوثة في كتابه، كما أنَّه لم يخلِ كتابَه من الفوائد الفقهية والعقدية، وكذا شرح الكلمات الغريبة وغير ذلك، فالكتاب موسوعة مختصرة فيه فوائدُ علمية جمَّة يجتنيها الباحث، فكلُّ حديث تناول المصنِّفُ فيه علمًا من العلوم، فالقارئ لا يملُّ من قراءته، والباحث يجد فيه بغيته، نسأل الله أن يجزيَ مصنِّفَه خير المجزاء، والله أعلى وأعلم. ¬

_ (¬1) انظر: (3/ 598).

المبحث الخامس: وصف النسخة المعتمدة في التحقيق

المبحث الخامس: وصف النسخة المعتمدة في التحقيق - هي نسخة فريدة فيما أعلم، أصلها محفوظ بمكتبة كوبريلي بتركيا (¬1)، (برقم: 253) (¬2)، صورت نسخة منها عن طريق الشيخ الفاضل د- عبد الصمد بن بكر عابد حفظه الله تعالى. - وعدد لوحاتها: (279) لوحة ذات وجهين، إلَّا اللوحة الأولى والأخيرة فهما من وجه واحد، وفي كلِّ لوحة (19) سطرًا. - الخط: تعدّدت خطوط الناسخين في هذه النسخة إلى ثلاثة خطوط: فالأوراق الأولى منها مكتوبة بالخط المشرقي، وهذا يمثِّل بداية الكتاب إلى اللوحة التاسعة (أ)، وكذا اللوحة الأخيرة من الكتاب. وفي اللوحة التاسعة (ب) يبدأ الخط الأندلسي إلى ما قبل اللوحة الأخيرة من الكتاب. وتخلل ذلك في اللوحة (182/ ب)، و (183/ أ) خط آخر يخالف هذا الخط. وأما الخط المشرقي فالذي يظهر أنَّه حديث، بخلاف الخط الأندلسي، ¬

_ (¬1) تقع في إستانبول - تركيا -، جعلت في مدرسة صغيرة تشرف على الشارع العام، خلفتها أسرة كوبريلي ومحمد عاصم بك والسلطان أحمد، وتبلغ عدد نسخها (2500) مخطوطة، ولها فهرس مطبوع، وقاعة للمراجعة يحجب بينها وبين جدران الخزانة فاصل خشبي. انظر: الخزائن العامة في إستانبول وأشهر مخطوطاتها لسامي الدهان (ص: 195 - مجلة المجمع العلمي العربي). (¬2) فهرس مخطوطات مكتبة كوبريلي (1/ 139)، تاريخ التراث العربي (1/ 3/ 140).

ولعلَّ النسخة كانت كلّها بخط واحد، ثم حدث أن بدأت تتلاشى أوراقها الأولى بسبب الرطوبة أو غير ذلك، محفاظًا عليها من الضياع أُعيد كتابة الأوراق الأولى، والورقة الأخيرة حفاظًا عليها؛ ولذا صار لها أكثر من خط، والله أعلم. - تاريخ النسخ: ليس في النسخة ما يدل على تاريخ النسخ، وأشار فؤاد سزكين، ورمضان ششن أنَّها كُتبت في القرن السابع الهجري، والله أعلم. - اسم الناسخ: لم يُذكر اسم الناسخ، إلَّا أنَّ ثمة تعليقات تدل على أنَّه كانت له عناية بالحديث، وإن كان لا يُوافق على بعضها (¬1). - استعمل الناسخ في الكتاب المداد الأسود، إلَّا في مواضع فاستعمل المداد الأحمر، كقوله: قال الشيخ أبو العباس رضي الله عنه، وإشارته للحديث بقوله: ح، رمزًا للحديث، وكذا كلمة فصل، وكذا بداية المسانيد، كقوله مسند أبي هريرة، وعند ذكر الرواة عن الصحابة إن كان من المكثرين، كسعيد بن المسيب عن أبي هريرة، مثلًا، وهكذا (¬2). وصف النسخة من حيث الجودة والعناية بها وضبطها: الكتاب كما أسلفت مكتوب بخطّين، وإن كان الخط المشرقي عدد ¬

_ (¬1) انظر مثال ذلك: (2/ 517، حاشية 2)، (3/ 30 - 31، حاشية 5)، (3/ 160، حاشية 7)، (3/ 579، حاشية 1). (¬2) المداد الأحمر في المصورة ظهر بالأسود العريض، ويدل على أنَّه في الأصل بالحمرة قول الناسخ في اللوحة (225/ أ): " ... هذا الموضع المعلم بالحمرة ... ".

أوراقه قليلة جدًّا بالنسبة لما كتب بالخط الأندلسي، إلَّا أنَّ الأخطاء في أوَّل الكتاب كانت ظاهرة مع قلة الأوراق، فوقع الناسخ في تصحيفات وتحريفات لا تحتاج إلى كبير جهد في معرفتها (¬1)، ومن ذلك أنَّه وقع سقط في اللوحة الثامنة عند قول المصنف: "وحَكَى (¬2) أنَّه قولُ الحسن، وقتادة. ثم قال: "أحسب أنهم ذهبوا إلى ما روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من قوله: اطلبوها لسبع يبقين. ورأى أنَّ ذلك غَلَطٌ من التأويل" (¬3). كذا وقع في النسخة، ويظهر أنَّ فيها سقطًا، ولم أهتد لصاحب هذا الكلام، والله أعلم. هذا مجمل ما في بداية المخطوط المكتوب بالخط المشرقي، وهو قليل. ثم إنَّ النسخة نُقلت من نسختين، أولاهما نسخة متقنة جيّدة، والأخرى وصفها الناسخ بأنَّها نسخة فيها خلل، وكان بدء النقل منها من اللوحة: (225/ أ) إلى آخر الكتاب، وعليه فسوف أصف المخطوط على قسميه. أما القسم المكتوب بالخط الأندلسي والمنقول من نسخة متقنة فقد اعتُني به كثيرًا، ويدل على ذلك عدّة أمور: 1 - أنَّها نُقلت من نسخة منقولة من نسخة قُرأت على المؤلف أبي العباس رحمه الله، كما جاء في هامش اللوحة (225) عند قول المصنِّف: ¬

_ (¬1) انظر على سبيل المثال: (2/ 7، 22، 25، 31، 33). (¬2) ضبطها الناسخ بضم الحاء على البناء للمجهول، وهو خطأ، وما بعده يدل عليه. (¬3) انظر: (2/ 69).

عن زياد بن أبي زياد مولى عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة * " ما نصُّه: "حاشية: شاهدتُ في حاشية الأصل المعارض به قبالة هذا الموضع المعلم بالحمرة ما مثاله: انتهى ما كان عند القاضي أبي بكر بن عبد الحليم من النسخة التي قرأها وقيّد فيها على الشيخ المؤلف، ومن العلامة إلى آخره من نسخة أخرى فيها خلل". 2 - أنَّ النسخة مقابلة، وفيها تصحيحات في الهامش، ولَحَق، وضرب على بعض الكلمات والجمل الزائدة في النص، وقد قال الإمام الشافعي: "إذا رأيتم الكتاب فيه إلحاق وإصلاح فاشهدوا له بالصحة" (¬1)، كما أنَّه ذكرت كلمة: "بلغت عرضًا"، أو "بلغ العرض"، أو "بلغ"، أو "بلغت المقابلة"، التي تدل على المقابلة في عدة مواضع من الكتاب (¬2). 3 - أنَّ الناسخ إذا لم يجزم بخطأ ما في النسخة كتب كلمة: "كذا" في هامش الكتاب، أي أنَّه كذا وجده (¬3)، وفي بعض الأحيان يصوِّب ما يراه خطأ فيقول: "صوابه كذا" (¬4)، أو "سقط من الأصل ولا بد منه" (¬5)، أو "ليس في الأصل كذا" (¬6)، أو "في الأصل كذا" (¬7)، وقد يكون ¬

_ (¬1) آداب الشافعي ومناقبه (ص: 134). (¬2) انظر مثلًا: (ل: 17، 20، 30، 35، 43، 108)، وغيرها. (¬3) انظر مثلًا" (ل: 52/ أ)، (ل: 84/ أ)، (185/ أ) (¬4) انظر مثلًا: (ل: 9/ ب)، (192/ ب). (¬5) انظر مثلًا: (ل: 176/ ب). (¬6) انظر مثلًا: (ل: 23/ ب)، (¬7) انظر مثلًا: (ل: 109/ ب)، (ل: 149/ أ)، (ل: 163/ ب).

النسخ سيّئًا في بعض الكلمات فيخرج الناسخ لَحَقًا يبيّن فيه تلك الكلمة ويقول: "بيان، أو بيانه كذا" (¬1). 3 - أنَّ الناسخ قد يعلّق على بعض المواضع ممّا يرى ويظنّ أنَّ المصنِّف أخطأ في ذلك (¬2)، أو يوضِّح كلامه (¬3)، وقد يذكر بعض أقوال أهل العلم للفائدة (¬4). 4 - كما أنَّه اعتنى بنقل الحواشي الموجودة في النسخة التي نقل منها، ومثاله أنَّ أبا العباس الداني ذكر عدد الأحاديث التي مضت في الأقسام الثلاثة الأولى (الأسماء، والكنى، والنساء) فقال: "وجميع حديثهم ستمائة حديث"، علّق الناسخ عليه بقوله: "حاشية في الأصل: هذا نقص عدد، وهكذا وقع في الأصل، والعدد في الأحاديث مائة حديث وستة وثلاثون حديثًا" (¬5). 5 - كما تميّزت النسخة أيضًا بنظام التعقيبة، والتعقيبة هي الكلمة التي تكتب أسفل الصفحة اليمنى غالبا لتدلّ على بدء الصفحة التي تليها (¬6). وكانوا يفعلون هذا وصلًا للجمل بعضها ببعض، وتفاديًا لاضطراب أوراق النسخة إذا تداخلت فيما بينها. ¬

_ (¬1) انظر مثلًا: (ل: 32 / أ)، (ل: 52 / ب)، (ل: 58/ أ)، (ل: 88 / أ). (¬2) انظر: (2/ 205، حاشية 1)، (2/ 517، حاشية 2). (¬3) انظر مثلًا: (ل: 98/ أ)، (ل: 103/ ب)، (ل: 139/ أ) (¬4) انظر مثلًا: (ل: 69/ ب)، (ل: 172/ أ) (¬5) (ل: 196/ أ). (¬6) انظر: تحقيق النصوص ونشرها (ص: 41).

6 - أنَّ الناسخ كان ينقل من الأصل، وكانت عنده نسخة أخرى أشار في مواضع إلى الفرق بينها وبين الأصل الذي ينقل منه، مشيرًا إليها في الهامش بحرف الخاء (¬1). هذا وصف مجمل للقسم المنقول من النسخة المنقولة عن نسخة القاضي أبي بكر بن عبد الحليم التي قرأها وقيّدها على المصنف، وهي موثوقة يُعتمد على مثلها في تحقيق الكتاب لشدّة عناية الناسخ بها وتصحيحها ومقابلتها، ومع هذا الاعتناء والضبط وقعت في النسخة بعض الأخطاء القليلة بالنسبة لحجم الكتاب، من تقديم وتأخير، أو تصحيف وتحريف، يأتي بيانه في قسم التحقيق (¬2). أما القسم الثاني، وهو الموصوف بأنَّه منقول من نسخة فيها خلل كما تقدّم، وهي تمثّل (53) لوحة من آخر الكتاب، فالأخطاء فيه واضحة، والنقص ظاهر في كثير من مواضعها، ومع ذلك اعتنى الناسخ بتصويبها، وكثر فيه قوله: "كذا"، "لعله كذا"، "أظنه كذا"، "صوابه كذا" (¬3)، وسقط من النسخة بعض الكلمات ممّا أدى إلى عدم استقامة الكلام، مثل قوله: "وروي عن أبي قتادة أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر أن يُجعلا معًا في قبر واحد، خرّجه، وجاء"، كذا ولم يذكر مخرّجه ووضع الناسخ فوقه ضبّة (¬4). ¬

_ (¬1) انظر: (ل: 55/ أ). (¬2) انظر مثاله: (2/ 171، حاشية 1، 2)، (2/ 181، حاشية 1). (2/ 207، حاشية 5). (¬3) انظر: (ل: 226/ ب)، (227/ ب)، (233/ أ، ب)، (254/ أ، ب)، (255/ أ)، وفي ها كثير. (¬4) انظر: (ل: 234/ ب)، ومثله أيضًا في (ل: 235/ أ).

وسقط أيضًا من النسخة مرسل القاسم، وقد أحال عليه المصنف في قسم الأسماء، مسند عبد الله بن عباس (2/ 531)، ولم أقف عليه في النسخة، وموضعه في (ل: 246) من هذا الكتاب قبل حرف السين، وكذا نقل الحافظ ابن حجر في تهذيب التهذيب (6/ 220) عن الداني أنَّه قال في عبد الرحمن بن أبي عمرة الأنصاري: "هو عبد الرحمن بن عمرو بن أبي عمرة"، وهذا النقل موضعه مرسل القاسم بن محمد؛ لأنَّ عبد الرحمن يروي عن القاسم بن محمد، وعنه مالك في الموطأ فقط. ونقْلُ الحافظ لا وجود له في النسخة ممّا يدل على وجوده في أصل المصنف وسقوطه من النسخة التي بين أيدينا، ويدل أيضًا أنَّ ابن حجر رحمه الله كان يمتلك نسخة غير هذه النسخة.

الفصل الرابع: موارد المؤلف في الكتاب

الفصل الرابع: موارد المؤلِّف في الكتاب ويشتمل على تمهيد وأربعة مباحث المبحث الأول: ذكر رواية يحيى بن يحيى للموطأ، فهي الأصل في الباب. المبحث الثاني: ذكر روايات الموطأ الأخرى التي اعتمدها المصنف. المبحث الثالث: ما صرح فيه المصنف باسم الكتاب. المبحث الرابع: ما نقله المصنِّف أبهم في نقله أسماء المصنفات.

تمهيد

تَمهيد إنّ علم الحديث علمٌ مبناه على الرواية والسماع والتلقي، والطريقة المتبعة عند سلفنا الصالح هي بالطلَّاب على الشيوخ، أو بإجازة الشيوخ لهم تلك المرويات إما بقراءتها عليهم كاملة أو غير ذلك من أنواع الإجازات المنصوص عليها في علم مصطلح الحديث، والمصنف رحمه الله كانت طريقته في ذلك كطريقة من تقدّمه، فقرأ الكثيرَ من الكتب على مشايخه، بل كان هو القارئ لبعض الكتب على محدّث المغرب أبي عليٍّ الصدفي وعلى غيره (¬1). وذكر المصنِّف بعض أسانيده لموطأ مالك برواية يحيى بن يحيى، ولم يذكر أسانيده إلى الموطآت الأخرى، ولا الكتب التي ذكرها في كتابه اختصارًا واكتفاءًا بشهرتها، فقال: "ولم أذكر أسانيدي في الموطأ عن سائر الروايات غير رواية يحيى، ولا أسانيد الكتب التي خرّجت منها ما أَحَلْت في هذا الكتاب عليه اختصارًا واكتفاءًا بشهرتها؛ ولأنِّي إنما ذكرت ذلك على طريق الاستشهاد، وأكثره على المعنى على حال ما تذكّرته، وبالله تعالى التوفيق" (¬2). ¬

_ (¬1) انظر: مثال ذلك في معجم أصحاب أبي علي الصدفي (ص: 208)، وأسانيده للموطأ في مقدمته لهذا الكتاب. (¬2) انظر: (2/ 13). والذي يظهر أنَّ كلَّ الكتب التي ذكرها المصنف يرويها بإسناده إما سماعًا أو قراءة على شيوخه، ويدل عليه قوله في كتاب ذكره لابن شعبان المالكي في مسألة إتيان المرأة من الدبر (4/ 365 - 366)، قال: "أُجيز لي هذا الكتاب ولم أقرأه".

ومن هذا النص يتبيّن أنَّ المصنِّف ذكر أقوال أهل العلم من كتبهم على حال ما تذكّره وحفظه، وقد يذكر الكتاب المنقول منه، وقد لا يذكره، وإنما يعزو الكلام إلى صاحمب الكتاب دون التنبيه من أيّ كتبه نقل، وذلك لشهرة الكتاب المنقول منه مثلًا. فتبيّن لي أن أقسّم هذا الفصل إلى عدّة مباحث: المبحث الأول: ذكر رواية يحيى بن يحيى للموطأ، فهي الأصل في الباب. ويكون البحث فيه على النحو التالي: - ترجمة موجزة ليحيى بن يحيى الليثي. - ثناء العلماء عليه. - سماعه للموطأ. - منزلته في الرواية عن مالك. - الرواة عنه، وفيه ذكر الفرق بين رواية عبيد الله بن يحيى عن أبيه، ورواية محمد بن وضاح القرطي، عن يحيى بن يحيى. - النسخ الخطية للموطأ برواية يحيى بن يحيى الليثي، وفيه وصف للنسخ المعتمدة في التحقيق. - المطبوع من رواية يحيى، وفيه ذكر الطبعة المشهورة، وهي طبعة محمد فؤاد عبد الباقي، وأهم المآخذ عليها.

المبحث الثاني: ذكر روايات الموطأ الأخرى التي اعتمدها المصنف. ويكون البحث فيه على النحو التالي: - ترجة موجزة لصاحب الرواية. - ثناء العلماء عليه. - سماعه للموطأ. - منزلته في الرواية عن مالك. - نسخ الرواية المطبوع منها والخطوط إنْ وُجد، وقد يُذكر أهم المآخذ على المطبوع. المبحث الثالث: ما صرح فيه المصنَّف باسم الكتاب. وذكرت فيه اسم الكتاب كما ذكره المصنف، والمواضع التي ذُكر فيها الكتاب، أو بعضها إن أكثر منها المصنِّف، وذكرتُ من ذكر الكتاب من العلماء إن لم يكن مشهورًا، وكذا نبّهت على وجوده إمَّا مطبوعًا أو مخطوطًا، وإن سكتُّ فيعني أنَّني لم أقف عليه لا مطبوعًا ولا مخطوطًا، وقد أنبِّه أيضًا على بعض طبعات الكتاب من حيث رداءتها، والتصحيف والتحريف الواقع فيها، وكذا صحة نسبته للمؤلف. المبحث الرابع: ما نقله المصنِّف وأبهم في نقله أسماء المصنَّفات. وذكرت فيه اسم المؤلِّف، واسم كتابه إن كان النقل منه ظاهرًا، فإن لم يتبيّن لي ذكرتُ أقرب كتاب له صلة بالكلام المنقول، ونبّهت على وجوده إمَّا مطبوعًا أو مخطوطًا، على نحو ما قدّمته في المبحث الثالث.

المبحث الأول: رواية يحيى بن يحيى الليثي

المبحث الأول: رواية يحيى بن يحيى الليثي (¬1). وهي الرواية التي اعتمدها المصنف في كتابه هذا، وذكر أسانيده إليها ¬

_ (¬1) من الدراسات المعاصرة ليحيى بن يحيى الليثي وروايته للموطأ: دراسة قام بها الطالب محمد بن حسن شُرحبيلي قدّمها رسالة جامعية لنيل دبلوم الدراسات العليا في العلوم الإسلامية بجامعة القرويين بالمغرب، بعنوان: يحيى بن يحيى الليثي وروايته للموطأ، ونوقشت الرسالة سنة (1978 م) أي قبل عشرين سنة، وطُبعت سنة (1416 هـ) (1995 م). وقدّم لها بمقدمة ثم ذكر الباب الأول في ترجمة يحيى بن يحيى، وقسّمه عدة فصول، ثم الباب الثاني وهو الخاص برواية يحيى بن يحيى، وقسّمه عدة فصول أيضًا، الأول في ترجمة الإمام مالك، والثاني في الموازنة بين رواية يحيى الليثي، وثلاث روايات أخر، والثالث في أسانيد رواية يحيى وخصائصها وأسباب انتشارها في الغرب والمشرق، والفصل الرابع في المآخذ على رواية يحيى الليثي، ثم خاتمة. ولا شك أنَّه تناول موضوعات مهمة في رسالته، إلا أنني عند قراءتها تبيّن لي شدة القصور في المعلومات، والاكتفاء بالنقل عمّن تقدّم وتأخّر، وعدم الرجوع إلى المصادر الأصلية في البحث خاصة رواية يحيى، إذ اعتمد على ما في تنوير الحوالك للسيوطي، وكذا على طبعة محمد فؤاد عبد الباقي (وسيأتي بيان رداءتها، وأنها غُيّرت عما كانت عليه رواية يحيى)، مع أنَّه ذكر في المقدمة نسخة نفيسة من رواية يحيى برواية عبيد الله عنه، نسخت سنة (726 هـ)، وكذا عند ذكره للمآخذ اكتفى بالعزو إلى ابن عبد البر في التمهيد، أو السيوطي، واعتمد أصالة على ما كتبه محمد بن حارث الخشني في كتابه القيم أخبار الفقهاء والمحدّثين، حيث ذكر فصلا كاملا في الأخطاء التي وقع فيها يحيى بن يحيى، وتبعه الباحث في كل ما قال، وبعض تلك الأخطاء ليست من يحيى، فهي إما من مالك، أو من دونه، وبعضها مما توبع عليها يحيى، ولم يدرس الباحث تلك العلل دراسة مستوفية تؤدي إلى نتائج جيدة، وأهم من ذلك كلّه لم يبيّن ما هي الفروقات بين رواية عبيد الله عن أبيه يحيى، وبين رواية محمد بن وضاح، عن يحيى، وهي مسألة اعتنى بها شرّاح الموطأ، وسيأتي تفصيل الكلام فيها إن شاء الله تعالى.

في مقدمة الكتاب، وقال: "وأَبْنِيه على رواية يحيى بن يحيى الليثي الأندلسي القرطبي عنه، أقدّم ما رواه ممّا انفرد به أو شورك فيه، ثم أُتبع ذلك ما شذّ من سائر الروايات الواصلة إلينا" (¬1). • التعريف بصاحب الرواية: هو الإمام يحيى بن يحيى بن كثير بن وَسْلاس، وقيل: وَسْلاسن بن شَمْلَل بن مَنْقايا المصمودي القرطبي أبو محمّد الليثي، أصله من البربر تولى بني ليث فنُسب إليهم، صاحب الرواية المشهورة عن مالك، ولد سنة (152 هـ)، وتوفي سنة (233 هـ)، وقيل: (234 هـ). تقييد بعض الأسماء الواردة: وَسْلاس: بالواو مفتوحة، والسين الغفل ساكنة، ولام ألف، وآخره سين غُفل. وشَمْلَل: بالضين معجمة مفتوحة، وميم ساكنة، ولامين أولهما مفتوح. ومَنْقَايا: بميم مفتوحة، ونون ساكنة، وقاف معقودة، وألف بعده ياء مسفولة وألف (¬2). ¬

_ (¬1) انظر: (ص: 3 - قسم التحقيق). (¬2) انظر: الذيل والتكملة (1/ 1/ 188) ترجة: أحمد بن عبد الله بن يحيى بن يحيى بن يحيى بن كثير. وفي وفيات الأعيان (287/ 2) "وِسلاس: بكسر الواو وسينين مهملتين، الأولى منهما ساكنة، وبينهما لام ألف، ويزاد فيه نون فيقال: وسلاسن، ومعناه بالبربرية: سبقهم. وشَمّال: بفتح الشين العجمة، وتشديد الميم، وبعد الألف لام. ومنغايا: بفتح الميم، وسكون النون، وفتح الغين العجمة، وبعد الألف ياء معجمة باثنتين من تحتها، وبعدها ألف مقصورة، ومعناه عندهم: قاتل.".

• ثناء العلماء عليه: قال ابن الفرضي: "قدم الأندلسَ بعلم كثير، فعادت فتيا الأندلس بعد عيسى بن دينار إلى رأيه وقوله". وقال أيضًا: "كالت إمامَ وقته، واحدَ بلده، وكان رجلًا عاقلًا" (¬1). وقال أحمد بن خالد: "لم يُعط أحد من أهل العلم بالأندلس منذ دخلها الإسلام من الحظوة، وعظم القدر، وجلالة الذكر ما أُعطيه يحيى بن يحيى، وسمع منه مشايخ الأندلس في وقته" (¬2). وقال أيضًا: "كان يحيى رحمه الله من العقلاء ... وكان عالمًا فاضلًا" (¬3). وقال محمد بن عمر بن لبابة: "عاقلُ الأندلس من العلماء يحيى بن يحيى، وفقيهُها عيسى بن دينار، وعالمُها عبد الملك بن حبيب" (¬4). وقال ابن عبد البر: "كان إمامَ أهل بلده، والمُقتدَى به فيهم، والمنظورَ إليه والمُعوَّلَ عليه، وكالت ثقةً عاقلًا، حسنَ الهَدي والسَّمت، كان يُشبَّه في سَمْتِه بسَمت مالك بن أنس رحمه الله، ولم يكن له بصرٌ بالحديث" (¬5). وقال الحميدي: "إليه انتهت الرياسةُ بالفقه بالأندلس، وبه انتشر مذهبُ مالك هناك" (¬6). ¬

_ (¬1) تاريخ العلماء (2/ 176، 177). (¬2) تاريخ العلماء (2/ 176، 177). (¬3) أخبار الفقهاء والمحدثين (ص: 358). (¬4) أخبار الفقهاء والمحدثين (ص: 358). (¬5) الانتقاء (ص: 109). (¬6) جذوة المقتبس (ص: 360).

وقال الخليلي: "ثقة" (¬1). وأخبار يحيى كثيرة، وذكر جملةً منها محمد بن حارث الخشني في كتابه أخبار الفقهاء والمحدّثين، ثم قال في آخر ترجمته: "وأخبارُ يحيى بن يحيى كثيرة غزيرةٌ، لو ذهبتُ إلى تقصِّيها واستيعابها لطال بها الكتاب طولًا يخرج عن حَدِّ ما بُني عليه من معرفة العلماء" (¬2). • سماعه للموطأ: طلب يحيى بن يحيى الليثي العلمَ بالأندلس عند زياد بن عبد الرحمن شبطون، راوية مالك بن أنس، ثم رحل إلى المشرق وهو ابن ثمان وعشرين سنة، فسمع من مالك بن أنس الموطأ، غير أبواب من كتاب الاعتكاف، شك في سماعها فأثبت روايتَه فيها من زياد بن عبد الرحمن شبطون. ثم التقى يحيى بعبد الرحمن بن القاسم صاحب الإمام مالك، فسمع منه المسائل التي دوّنها ابن القاسم عن مالك، فنشط يحيى للرجوع إلى مالك ليسمع منه تلك المسائل، فرحل إليه رحلة ثانية، فألفى مالكًا عليلًا، فأقام عنده إلى أن توفي رحمه الله، وحضر جنازته (¬3). وقال القاضي عياض: "كان لقاؤه لمالك سنة تسع وسبعين (أي ومائة)، السنة التي مات فيها مالك" (¬4). ¬

_ (¬1) الإرشاد (1/ 265). (¬2) أخبار الفقهاء والمحدّثين (ص: 367). (¬3) انظر: أخبار الفقهاء والمحدّثين للخشني (ص: 359، 365)، تاريخ العلماء (2/ 176)، الانتقاء (ص: 106). (¬4) ترتيب المدارك (3/ 380).

وعليه يكون يحيى بن يحيى سمع من مالك في أواخر حياته رحمه الله، وقد كتب الله لروايته القبول، وعكف عليها العلماء شرحًا لمعانيها وفقهها، وتعريفًا برجالها وأسانيدها، وغير ذلك مما صُنِّف حول الموطأ، وعوَّل عليها كثير من علماء السلمين في دراستهم لموطأ مالك، خاصة المغاربة منهم، كابن عبد البر والباجي وابن الحذاء وابن العربي، وغيرهم، فصارت روايته أشهر الروايات، وأصبحت في وقتنا المعتمدة عند الإطلاق. وكان ليحيى بن يحيى في روايته فوت أبواب من كتاب الاعتكاف، وهذا هو الشهور، وذكر ابن ناصر الدين عن هبة الله بن الأكفاني أنه ذكر في كتابه تسمية رواة الموطأ عن مالك أنَّه بقي عليه كتاب أو كتابان. قال ابن ناصر الدين: "وذكر غير ابن الأكفاني أن يحيى الليثي شك في أيوب (كذا، والصواب: أبواب) من كتاب الاعتكاف، وهي خروج المعتكف إلى العيد، وباب: قضاء الاعتكاف، وباب: النكاح في الاعتكاف، هل سمع ذلك من مالك أم لا؟ فأخذه عن زياد بن عبد الرحمن شبطون عن مالك" (¬1). ¬

_ (¬1) انظر: إتحاف السالك (ص: 137). وقال أحمد بن خالد المعروف بابن الجباب: "وقع في باب من تلك الأبواب غلط من إسناد حديث رواه يحيى بن يحيى عن زياد بن عبد الرحمن عن مالك بن أنس عن الزهري، ورواه أصحاب مالك كلهم عن يحيى بن سعيد عن عمرة. قال أحمد: فأردت أن أتثبّت وأعرف إن كان الغلط من زياد بن عبد الرحمن أو من يحيى بن يحيى، فسألت بعض آل زياد فأخرج إليَّ الكتاب الدي رواه زياد عن مالك، فوجدت الورقة التي فيها تلك الأبواب قد نُزعت من كتاب زياد، فتأوّلتُ أن زيادًا فعل ذلك إعظامًا ليحيى بن يحيى لئلا يشركه أحد في روايته عنه". أخبار الفقهاء والمحدّثين (ص: 348، 349).

• منزلته في الرواية عن مالك: تقدّم قول ابن عبد البر رحمه الله: "ولم يكن له بصر بالحديث". قال الذهبي: "نعم، ما كان من فرسان هذا الشأن، بل كان متوسِّطًا فيه رحمه الله" (¬1). قلت: فلذا أُخذ عليه في روايته للموطأ أوهام نبّه عليها كثيرٌ من العلماء كابن عبد البر، وابن الحذاء، وأبي العباس الداني، وغيرهم. وقال محمد بن حارت الخشني: "وذكر بعضُ الناس أنّه كان ليحيى بن يحيى في موطأ مالك بن أنس رحمه الله، وفي غيره تصحيف، فأما إبراهيم بن محمد بن باز (¬2) فكان يُكثر على يحيى في ذلك ويقول: غلط يحيى في الموطأ في نحو من ثلاثمائة موضع، فذُكر ذلك لأحمد بن خالد فقال: لا ولا، هذا كلّه الذي صح من ذلك نحو ثلاثين موضعًا. قال محمد (أي الخشني): قال لي يعلى بن سعيد: حصَّل محمد بن وضاح ذلك الغلط كله فأصاب ستة وثلاثين موضعًا. قال محمد: وقرأت تلك المواضع كلها في كتاب محمد بن عبد الملك بن أيمن، وإنَّما هي في الإسناد ليس في متون الأحاديث". اهـ. ثم ذكرها محمد بن حارث الخشني حديثًا حديثًا، وتكلَّم على غلط يحيى ووهمه، وبعضها مما توبع عليه يحيى، وسيأتي ذكر بعضها في هذا الكتاب (¬3). ¬

_ (¬1) السير (10/ 523). (¬2) هو أحد رواة الموطأ عن يحيى بن يحيى عن مالك، كما سيأتي. (¬3) انظر: أخبار الفقهاء والمحدثين (ص: 349 - 358)، وقد جمعتها في جزء مفرد، يسَّر الله إخراجه.

وبالرغم من تلك الأوهام كان يحيى الليثي من أحسن أصحاب مالك نقلا لموطئه، قال ابن عبد البر: "ولعمري لقد حصلت نقله عن مالك، وألفيته من أحسن أصحابه نقلًا، ومن أشدّهم تخلّصًا في المواضع التي اختلف فيها رواة الموطأ، إلا أنَّ له وهمًا وتصحيفًا في مواضع فيها سماجة" (¬1). وقال أيضًا: "وأُخذ عليه في روايته في الموطأ، وحديث الليث أوهام نُقلت، وكُلّم فيها فلم يغيّر ما في كتابه، واتَبعه الرواة عنه، وقد عرفها الناس، وبيّنوا صوابها، وأما ابن وضاح فإنَّه أصلحها ورواها الناس عنه على الإصلاح" (¬2). هذه مكانة يحيى الليثي في الرواية عن مالك، فروايته رواية متقنة إلا في مواضع يسيرة - إن شاء الله - سيأتي التنبيه عليها في ثنايا هذا الكتاب (¬3). • الرواة عن يحيى بن يحيى الليثي: أخذ الموطأ عن يحيى بن يحيى الليثي أكثر من واحد، واشتهرت رواية رجلين، وهما ابنه عبيد الله، وكان آخر من أخذ عن يحيى الليثي، والثاني محمد بن وضاح، وروى عن يحيى غيرهما (¬4)، إلَّا أنَّ روايتهما أشهر ¬

_ (¬1) التمهيد (7/ 102). (¬2) ترتيب المدارك (3/ 381) (¬3) وقد تقدَّم ذكر بعض أوهامه ومواضعها (1/ 136 - 138). (¬4) وممّن روى أيضًا عن يحيى بن يحيى: إبراهيم بن محمد بن باز يُعرف بابن القزاز، أبو إسحاق القرطبي، توفي سنة (274 هـ)، كان فقيها عالمًا زاهدًا ورعًا. انظر: تاريخ العلماء (1/ 18)، وروايته للموطأ في فهرست ابن خير (ص: 77، 79، 80).

وعليهما عوَّل كلُّ من سمع الموطأ من بعدهما (¬1). فأمَّا عبيد الله: فهو مُسنِد قرطبة عبيد الله بن يحيى بن يحيى بن كثير أبو مروان الليثي مولاهم الأندلسي، ولد سنة (210 هـ)، وقيل: (217 هـ)، وتوفي رحمه الله في رمضان سنة (299 هـ)، وقيل (298 هـ). قال محمد بن حارث الخشني: "كان عاقلًا وقورًا، وافرَ الحرمة، عظيمَ الجاه، بعيدَ الاسم، تامَّ المروءة، عزيزَ النفس، عزيزَ المعروف، نهَّاضًا بالأثقال، مشَاوَرًا في الأحكام" (¬2). وقال ابن الفرضي: "روى عن أبيه علمًا كثيرًا، ولم يسمع بالأندلس من غيره ... وكان رجلًا عاقلًا كريمًا، عظيمَ المال والجاه، مقدَّمًا في المشاورة في الأحكام، مقدَّمًا برئاسة البلد غير مدافَع" (¬3). وكان عبيد الله يروي عن أبيه الموطأ لفظًا، لا يغيّر شيئا من حروفه، ¬

_ (¬1) انظر: الأسانيد المتصلة بعبيد الله ومحمد بن وضاح عن يحيى بن يحيى الليثي في: - التمهيد (1/ 11). - الفهرست لابن خير (ص: 77 - 83). - مقدّمة المصنف (2/ 9). - فهرس ابن عطية (ص: 63 - 64)، (ص: 78 - 80)، (ص: 91، 97، 107، 109، 130). - الغنية للقاضي عياض (ص: 29 - 32) (ص: 106). - صلة الخلف (ص: 33 - 35). (¬2) أخبار الفقهاء والمحدثين (ص: 229). (¬3) تاريخ العلماء بالأندلس (1/ 292)، وانظر: جذوة المقتبس (ص: 250)، السير (13/ 531).

وبهذا امتازت روايته على رواية ابن وضاح. وأما ابن وضاح: فهو محمّد بن وضّاح بن بزيع - بالباء الموحدة والزاي ثم ياء فعين مهملة - مولى الإمام عبد الرحمن بن معاوية، القرطبي أبو عبد الله. ووقع عند ابن الفرضي بزيغ بالغين المعجمة وهو تصحيف. قال محمد بن حارث الخشني: "قال لي أحمد بن عبادة: كان ابن وضاح منتجبًا (كذا بالجيم، ولعله منتخِبًا) للرجال لا يأخذ شيئًا من روايته إلا عن الثقة، وأدخل الأندلس علمًا عظيمًا، وسمع منه من أهلها بشَرٌ كثير. قال محمد: كان ابنُ وضاح شيخَ الأندلس" (¬1). قال ابن الفرضي: "كان عالمًا بالحديث، بصيرً بطرقه، متكلمًا على عللِه، كثيرَ الحكاية عن العبّاد، وَرِعًا زاهدًا فقيرًا متعفِّفًا ... " (¬2). وكان ابنُ وضّاح رحمه الله تعالى ممن يغيّر في رواية يحيى الليثي، ويصلح الخطأ - في نظره - بحسب معرفته، أو اعتمادًا على الروايات الأخرى عن مالك. ¬

_ (¬1) أخبار الفقهاء والمحدثين (ص: 122)، وذكر في ترجمته أسماء من روى عنهم ابن وضاح من أهل الأمصار. (¬2) تاريخ العلماء بالأندلس (2/ 17)، وانظر: جذوة المقتبس (ص: 87)، السير (13/ 445). وفضائله ومناقبه كثيرة، وقد كُتبت رسالة علمية "الماجستير" بعنوان: محمد بن وضاح القرطبي مؤسِّس مدرسة الحديث بالأندلس، بدار الحديث الحَسَنية بقدم: د- نوري معمّر، ونشرتها مكتبة المعارف بالرباط سنة (1403 هـ)، ومن الغريب أنّ الباحث لم يُعرّج على ذكر رواية ابن وضاح لموطأ مالك، وإصلاحه للخطأ، وقد انتقد عليه ذلك كما سيأتي.

وتقدّم قول ابن عبد البر: "وأما ابن وضاح فإنَّه أصلحها ورواها الناس عنه على الإصلاح". قلت: إصلاحه لرواية يحيى كان موفَّقا في بعض المواطن دون بعض، وقد كره العلماء التصحيح دون تنبيه، وكان من شأن الحذّاق التنبيه على الوهم بالتضبيب لا بإصلاحه وحذف ما سواه. قال القاضي عياض: "الذي استمر عليه عمل أكثر الأشياخ نقل الرواية كما وصلت إليهم وحمعوها، ولا يغيّرونها من كتبهم، حتى أطردوا ذلك في كلمات من القرآن استمرت الرواية في الكتب عليها بخلاف التلاوة المجمع عليها، ولم يجئ في الشاذ من ذلك في الموطأ والصحيحين وغيرها حماية للباب، لكن أهل المعرفة منهم ينبهون على خطئها عند السماع والقراءة وفي حواشي الكتب، ويقرؤون ما في الأصول على ما بلغهم. ومنهم من يجسر على الإصلاح، وكان أجرأَهم على هذا من المتأخرين القاضي أبو الوليد هشام بن أحمد الكناني الوَقَّشي، فإنَّه لكثرة مطالعته وتفننه، كان في الأدب واللغة وأخبار الناس وأسماء الرجال وأنسابهم وثقوب فهمه وحدّة ذهنه، جسر على الإصلاح كثيرا، وربّما نبّه على وجه الصواب، لكنه ربما وهم وغلط في أشياء من ذلك، وتحكَّم فيها بما ظهر له أو بما رآه في حديث آخر، وربما كان الذي أصلحه صوابًا، وربما غلط فيه وأصلح الصواب بالخطأ، وقد وقفنا له من ذلك في الصحيحين والسير وغيرها على أشياء كثيرة، وكذلك لغيره ممن سلك هذا المسلك.

وحماية باب الإصلاح والتغيير أولى؛ لئلا يجسر على ذلك من لا يحسن، ويتسلط عليه من لا يعلم، وطريق الأشياخ أسلم مع التبيين، فيذكر اللفظ عند السماع كما وقع، وينبّه عليه، ويذكر وجه الصواب، إما من جهة العربية، أو النقل، أو وروده كذلك في حديث آخر، أو يقرؤه على الصواب، ثم يقول: وقع عند شيخنا أو في روايتنا كذا، أو من طريق فلان كذا، وهو أولى؛ لئلا يقول على النبي - صلى الله عليه وسلم - ما لم يقل" (¬1). وقال القاضي أيضًا في مقدمة كتابه مشارق الأنوار: "كثر في المصنفات والكتب التغيير والفساد، وشمل ذلك كثيرًا من المتون والإسناد، وشاع التحريف، وذاع التصحيف، وتعدى ذلك منثور الروايات إلى مجموعها، وعمَّ أصول الدواوين مع فروعها، حتى اعتنى صبابة أهل الإتقان والعلم - وقليل ما هم - بإقامة أودها، ومعاناة رمدها، فلم يستمر على الكافة تغييرها جملة لما أخبر عليه السلام عن عدول خلف هذه الأمة، وتكلَّم الأكياس والنقاد من الرواة في ذلك بمقدار ما أوتوه، فمن بين غال ومقصر، ومشكور عليم، ومتكلِّف هجوم، فمنهم من جسر على إصلاح ما خالف الصواب عنده، وغيّر الرواية بمنتهى علمه وقدر إدراكه، وربما كان غلطه في ذلك أشدّ من استدراكه؛ لأنه متى فتح هذا الباب لم يوثق بعد بتحمل رواية، ولا أنِس إلى الاعتداد بسماع، مع أنَّه قد لا يُسلّم له ما رآه، ولا يُوافق على ما أتاه، إذ فوق كل ذي علم عليم ... فأمَّا الجسارة فخسارة، فكثيرا ما رأينا من نبّه بالخطأ على الصواب فعكس الباب، ومن ¬

_ (¬1) الإلماع (ص: 185، 186)، وانظر: مقدمة ابن الصلاح في علوم الحديث (ص: 175).

ذهب مذهب الإصلاح والتغيير فقد سلك كل مسلك في الخطأ، ودلاه رأيه بغرور، وقد وقفت على عجائب في الوجهين، وسننبه من ذلك على ما توافيه العبر، وتحقق من تحقيقه أن الصواب مع من وقف وأحجم، لا مع من صمم وجسر، وتتأمل في هذه الفصول ما تكلمنا عليه وتكلَّم عليه الأشياخ فيما أصلحه أبو عبد الله بن وضاح في الموطأ على رواية يحيى بن يحيى فيمن تقدّم" (¬1). فابن وضاح رحمه الله كان مِمَّن جسر على رواية يحيى الليثي، وأصلح ما ظنَّه خطأ، فوقع فيما أنكره العلماء، والأمثلة فيما أصلحة وكان الصواب في تركه كثيرة جدا كما سيأتي. لذا قال مؤرخ الأندلس المحدّث أحمد بن محمّد بن عبد البر (¬2): "وله خطأٌ كثيرٌ محفوظٌ عنه، وأشياء كان يغلط فيها" (¬3). وقال محمد بن حارث الخشني: "لم يشك الناس أن محمد بن وضاح كان غاية في الصدق والثقة، غير أنَّه حُفظت عليه زلَّات، كان محمد بن قاسم يعددها عليه، فحضرت محمد بن أحمد الأشبيلي وقد استفرغ في ملامة محمد بن قاسم من أجل ما كان يذكر في ابن وضاح، فسكت محمد بن قاسم عما كان يصف من ذلك" (¬4). ¬

_ (¬1) مشارق الأنوار (ص: 3، 4). (¬2) يكنى أبا عبد الملك، كان بصيرًا بالحديث متصرِّفًا في فنون العلم، توفي سنة (338 هـ). تاريخ العلماء (1/ 50). (¬3) تاريخ العلماء بالأندلس (2/ 17). (¬4) أخبار الفقهاء والمحدّثين (ص: 130)، وذكر الخشني جملة من أوهامه في الأحاديث.

وذكر ابن عبد البر حديث عروة بن الزبير وقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لعبد الرحمن بن عوف: "كيف صنعت يا أبا محمد في استلام الركن". وزاد فيه ابن وضاح الركن الأسود، وزعم أن يحيى سقط له الأسود، قال ابن عبد البر: "وقد صنع ابن وضاح مثل هذا أيضًا في موطأ يحيى في قول مالك: سعمت بعض أهل العلم يستحب إذا رفع الذي يطوف بالبيت يده عن الركن اليماني أن يضعها على فِيه، فأمر ابن وضاح بطرح اليماني من رواية يحيى، وهذا مما تسور فيه على رواية يحيى، وهي أصوب من رواية يحيى (كذا)، ومن تابعه في هذا الموضع، وكذلك روى ابن وهب، وابن القاسم، وابن بكير، وأبو مصعب وجماعة في هذا الموضع عن مالك: أنَّه سمع بعض أهل العلم يستحب إذا رفع الذي يطوف بالبيت يده من الركن اليماني أن يضعها على فيه، زاد ابن وهب: من غير تقبيل، وقالوا كلهم: الركن اليماني، والعجب من ابن وضاح -وقد روى موطأ ابن القاسم، وفيه اليماني- كيف أنكره. وقد روى القعبي عن مالك في ذلك قال: سمعت بعض أهل العلم يستحبون إذا رفع الذي يطوف بالبيت يده عن الركن الأسود أن يضعها على فيه. هكذا قال القعنبي: الركن الأسود، وأظن ابن وضاح إنما أنكر اليماني في رواية يحيى، لأنَّه رأى رواية القعنبي، أو من تابع القعنبي على قوله الأسود، فمن هنا أنكر اليماني، على أن ابن وضاح لم يرو رواية القعنبي، وروى موطأ ابن القاسم وموطأ ابن وهب، وفيهما جميعا اليماني، كما روى يحيى، وهي بأيدي أهل بلدنا في الشهرة كرواية يحيى، ولكن الغلط لا يسلم منه أحد، وأما إدخاله في حديث عبد الرحمن بن عوف:

"الأسود"، فكذلك رواه أكثر رواة الموطأ، فابن وضاح في هذا معذور، ولكنه لم يكن ينبغي له أن يزيد في رواية الرجل، ولا يردّها إلى رواية غيره" (¬1). ومع هذا التنبيه من ابن عبد البر فقد تبع ابن وضاح في بعض ذلك فأخطأ كخطئِه، ذكر المصنف في (ل: 224 / ب) مرسل الزُّبير بن عبد الرحمن بن الزَّبير، فقال: "قيّد ابن وضاح: الزَّبير بفتح الزاي في الاسمين معا، والجد والد عبد الرحمن لا خلاف أنَّه كذلك، وأما الزُّبير بن عبد الرحمن راوي الحديث فهو عند يحيى بن يحيى بضم الزاي، وهكذا قيّده ابنه عبيد الله، وكذا هو في رواية ابن بكير عن مالك، وهو قول البخاري، وصوّبه الدارقطني، وغيره. وقال محمد بن يحيى الحذّاء في كتاب التعريف برجال الموطأ (¬2) له: عبد الرحمن بن الزُّبير الأول - يعني بالذكر - بضم الزاي، والثاني بالفتح، هكذا رويناه، وهكذا قاله لي عبد الغني بن سعيد، وقال لي: هكذا قال لي علي بن عمر الدارقطني، وهكذا نقله البخاري في التاريخ. قال الشيخ أبو العباس رضي الله عنه: وزعم أبو عمر بن عبد البر أنهما معا بفتح الزاي، تابع ابن وضاح في ذلك، وغيّرا رواية يحيى بن يحيى على طريق الإصلاح بزعمهما، ولم يأتيا بشيء". اهـ. ¬

_ (¬1) التمهيد (22/ 258، 259)، وانظر مثالا آخر (2/ 338)، وسيأتي ذكر بعض الأمثلة في ذلك عند المصنف. (¬2) انظره: في رجال الموطأ (ل: 25 / أ).

وبناء على هذا، فإن أصح الروايات عن يحيى بن يحيى رواية ابنه عبيد الله، فهي أسلم من رواية ابن وضاح، فقد يغيّر ابن وضاح، ويخطئ في تغييره، ويأتي من بعده فينسب الوهم فيه ليحيى أو مالك. • نسخ الموطأ برواية يحيى الليثي: لرواية يحيى الليثي عدة نسخ في مكتبات العالم، وغالب تلك النسخ متأخرة النسخ (¬1)، وقد وقفت على ثلاث نسخ للكتاب من رواية عبيد الله بن يحيى عن أبيه يحيى عن مالك (¬2)، اثنتان منها من محفوظات المكتبة المحمودية بالمدينة النبوية، والثالثة من محفوظات مكتبة شستربتي، والنسخ في غاية الجودة والإتقان، وعليها تكون الإحالات في تحقيق هذا الكتاب عند مخالفتها للمطبوع من رواية يحيى. النسخة الأولى: وهي من محفوظات المكتبة المحمودية -وضُمّت الآن إلى مكتبة الملك عبد العزيز- بالمدينة النبوية، تحت رقم: (469)، ولديّ صورة منها، وتقع في (157 لوحة). وجاء في آخر ورقة منها ما نصه: ¬

_ (¬1) انظر: تاريخ التراث العربي لسزكين (1/ 3/ 132). (¬2) وقد وقفت أيضًا على بعض النسخ المتأخرة، إلَّا أنَّ نُسَّاخها لم يبيّنوا سند الرواية هل هي من طريق ابن وضاح، أم من طريق عبيد الله، لذا تركت الكلام عليها، والعزو إليها، وفي ظني أن معرفة الراوي عن يحيى بن يحيى الليثي من أهم ما ينبغي أن يتحراه من أراد تحقيق نص هذه الرواية، أعني رواية يحيى بن يحيى عن مالك.

سمع هذا الكتاب من أوله إلى آخره، وهو جميع موطأ مالك بن أنس رحمة الله عليه على الشيخ الفقيه الإمام الفاضل العالم المحدّث أبي محمد عبد الله بن عبد الجبار بن عبد الله العثماني بسنده المذكور في أوله عن شيخه (¬1): سيّدُنا القاضي الأجل الفقيه العالم الإمام الأوحد الأمين عفيفُ الدين أبو حفص عمر بن عبد الله بن سبأ، والفقيه الأجل الأمين أبو حفص عمر بن محمد بن داود الرمادي العروف بالأصاني، والفقيه الأجل الأمين يحيى بن علي المسمى بحيدرة والتميمي، والشيخُ الأجل الأمين بدر الدين بن عبد الله المالكي، وذلك بقراءة كاتب هذا السماع: محمد بن عبد الله المالكي، وذلك في مجالس عدة آخرها الثالث عضر من شهر جمادى الآخرة سنة أربع عشرة وستمائة، بمسجد الله تعالى يُعرف بالسمسار في مدينة عدن - حماها الله تعالى -. قال الشيخ عبد الله بن عبد الجبار المسمع: أنبأني به الشيخ الإمام الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السِّلفي (¬2)، قال: كتب إليَّ به أبو عبد الله محمد بن عتّاب بالسند المذكور إلى مالك بن أنس مؤلفه رحمه الله. صح ذلك، وقد أجزت لهم أحسن الله توفيقهم أن يرووا عنِّي جميع ما رويته سماعًا وقراءةً وإجازةً ومناولةً على شرط الإجازة عند علماء الأثر، وكتب: [أبو محمد عبد الله بن عبد الجبّار العثماني] (¬3). ¬

_ (¬1) الذي يظهر أنّ أول النسخة فُقد؛ إذ ليس فيها السماع المذكور، وإنما ذُكرت فيها كتب الموطأ فقط. (¬2) كُتب فوقها: نسبٌ ومذهبٌ. (¬3) ما بين المعقوفين عليه كشط، وبعض حروفه ظاهر.

ومن هذا السماع يظهر عدة أمور: أنَّ صاحب هذه النسخة من علماء الحديث المشهورين، وهو عبد الله بن عبد الجبار العثماني المتوفى سنة (614 هـ). - أنّ النسخة مكتوبة بيده فيما يظهر لتشابه خطها بخطه وما كتبه في آخرها. - أنّها مكتوبة قبل سنة (614 هـ). - أنَّها من أصول الحافظ شيخ الإسلام أبي الطاهر السِّلفي. - أنّ أصلها من المغرب، كتبها شيخ الإسلام محمد بن عتّاب المحدّث المتقن لأبي الطاهر السِّلفي، والناظر في الفهارس والأثبات يجد أنّ معظم الطرق المتصلة برواية يحيى الليثي مدارها على محمد بن عتّاب، فهو شيخ أبي علي الجيّاني، وغيره، وقد رواها عن عدد جمّ من شيوخه (¬1)، فبهذه الاعتبارات تُعتبر هذه النسخة من أصح النسخ لرواية يحيى الليثي، وهذه النسخة من رواية عبيد الله بن يحيى عن أبيه، وإن كنت لم أقف على سند النسخة الذي كان أصله في الورقة الأولى وقد فُقد، إلَّا أنّه يدل على ذلك: 1 - وجود ما وقع فيه يحيى الليثي من الأخطاء في هذه النسخة، ولم تُغيّر. 2 - أنّ الناسخ أو غيره اعتنى ببيان الفروقات بين رواية عبيد الله وابن وضاح، فكتب في غير موضع في الهوامش: لابن وضاح كذا، وقال ابن ¬

_ (¬1) انظر: مثال ذلك في الغنية للقاضي عياض (ص: 29).

وضاح كذا (¬1)، وهذا ما يدل أنّ النسخة من رواية عبيد الله، وقد وافقَتْ في الغالب ما يذكره المصنِّف في هذا الكتاب من الاختلافات بين الروايات. وقد اعتمدت علي هذه النسخة ووصفتها بالمحمودية (أ). النسخة الثانية: وهي أيضًا من محفوظات المكتبة المحمودية برقم: (468)، ولديّ سورة منها، وتقع في (274 لوحة). اسم ناسخها: أبو بكر الشامي الحنفي. تاريخ النسخ: جمادي الآخرة من سنة ست وثمانين وثمانمائة. وفي اللوحة الثانية منها سند النسخة ينتهي إلي عبيد الله بن يحيي بن يحيي عن أبيه يحيي بن يحيي، عن مالك، واعتمدت علي هذه النسخة، ورمزت لها بالمحمودية (ب). النسخة الثالثة: وهي من محفوظات مكتبة شستربيتي بإيرلندا (¬2)، ولديَّ صورة منها. وهي قطعة من موطأ يحيى برواية ابنه عبيد الله، وتشتمل على بعض كتاب الحج إلي كتاب البيوع، وهي نسخة متقنة لولا النقص الذي فيها، وكذا بعض الطموسات في مواضع منها، وفي هوامشها تصحيحاتٌ، وذِكرٌ لكلام ابن وضاح والفرقِ بين روايته ورواية عبيد الله، وذكر لأقوال بعض ¬

_ (¬1) انظر مثاله في: (ل: 11 / ب)، (28/ ب)، (58 / ب)، وغيرها. (¬2) تاريخ التراث (1/ 3/ 132).

أهل العلم في ضبط وتصحيح رواية يحيي وسائر روايات الموطأ. وخطّها جميل، وجاء في آخر الورقة من المخطوط تاريخ نسخها سنة (277 هـ)، وهذا مستبعد لحداثة الخط عن ذلك العصر، ولعل الناسخ نقل هذه النسخة من نسخة كُتبت في ذلك العصر، والله أعلم. وعند العزو إليها في التحقيق ذكرتها باسم: نسخة شستربتي. المطبوع من رواية يحيي الليثي: طُبع كتاب الموطأ برواية يحيي الليثي عدة طبعات، بالأسانيد، ومجرّدة عن الأسانيد، وبعضها مع شروحات الأئمة كالتمهيد، والنتقي، وتنوير الحوالك، وغيرها. ومن أبرز تلك الطبعات التي انتشرت بين العلماء وطلاّب العلم في المشرق والمغرب، طبعة بتحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، وقد طُبعت عدة مرات، ويكون كلامي منصبًا علي هذه النسخة لشهرتها وتداولها بين الناس. ذكر المحقق في مقدمة الكتاب طريقته في التحقيق فقال: "جمعت بين يديّ من نسخ الموطأ النسخ الآتية: ثم ذكر ستة نسخ كلّها مطبوعة، وآخرها المطبوعة بشرح الزرقاني، ثم قال: فكنت أقارن نصوص بعضها ببعض، فما اتفق الجميع عليه، وأيقنت أنه الصواب أثبته، وما اختُلف فيه رجّحت الجانب الذي به شرح الزرقاني، والنسخة المطبوعة في الهند عام (1307 هـ) بعد أن أرجع إلى معاجم اللغة

وكتب الحديث والرجال، فخلصتْ لي من هذه النسخ حميعها نسخة ما آلوت جهدًا أن تكون أصح ما أخرجته المطابع الإسلامية في العالم الإسلامي" (¬1). قلت: ومن كلامه هذا يتبيّن ما يلي: 1 - أنه لم يعتمد علي أيِّ نسخة مخطوطة للموطأ مع توافرها وكثرتها. وهذا العمل جعله يُسقط من طبعته بعض الأحاديث التي قد تكون سقطت من الأصول التي اعتمدها، مثاله حديث يحيي بن سعيد المرسل: "أنّ النبي - صلي الله عليه وسلم - كُفّن في ثلاثة أثواب سحولية ليس فيها قميص ولا عمامة). وسيذكره المصنف في (ل: 257 /ب)، وهو ثابت في النسخة المحمودية (أ) (ل: 37 / ب)، وسقط أيضًا من شرح الزرقاني علي الموطأ! 2 - لم يبيّن ما هي الرواية المعتمدة، هل هي رواية ابن وضاح، أم هي رواية عبيد الله عن أبيه، وبينهما من الفروق ما تقدّم، فهو تارة يوافق عبيد الله، وتارة ابنَ وضاح، وتارة يخالفهما! 3 - أنَّه يصحح بالرجوع إلي كتب التراجم والحديث وغيرها، فبالتالِي يصلح الخطأ الذي وقع فيه يحيي بن يحيي مثلًا، وتصير روايتُه تابعةً لرواية غيره عن مالك، فينتفي ما يذكره العلماء عنه من الأخطاء التي وقع فيها؛ لذا لا يكاد يوجد في هذه الطبعة ما يذكره المصنِّف من الأخطاء التي وقع فيها يحيي إلا نادرًا، ولو أصلح المحقق ذلك وبيّن لَهَانَ الأمرُ، لكنَّه يصلح ¬

_ (¬1) انظر: المقدمة (ص: 19، 20).

ويسكت، وقد تقدّم في كلام أهل العلم نقض هذه الطريقة. في آخر كلامه ما يبيّن أنَّ نسخته هذه ملفّقة من عدَّة نسخٍ ومصححة من عدة كتب، فلم تعُد لها صلة بنسخة يحيي الليثي، لذلك وقع المحقق في أخطاء جسيمة كوصل ما يرسله يحيي، ورفع ما يوقفه (¬1). وعلي هذه النسخة عدَّةُ ملحوظات سوي ما تقدّم، منها: 1 - السقطُ والتصحيفُ، وأمثلتُه كثيرةٌ، وسيأتي ذكرُ بعضها في ثنايا الكتاب. 2 - ذِكر الكتب والتبويب، وقد انتهج المحقق في ذلك نهجًا غريبًا، ¬

_ (¬1) مثال ذلك: 1 - وقع في الموطأ -رواية يحيي بن يحيي- (2/ 358 / رقم: 9): عن نافع عن ابن عمر: "أن رسول الله - صلي الله عليه وسلم - رأى في بعض مغازيه امرأة مقتولة، فأنكر ذلك، ونهي عن قتل النساء والصبيان). كذا هو في المطبوع موصولًا. وهذا خطأ؛ لأن رواية يحيي لهذا الحديث عن مالك عن نافع مرسلة لم يذكر فيها ابن عمر,. وانظر: نسخة المحمودية (أ) (ل: 56/ ب). وقال ابن عبد البر: "هكذا رواه يحيي عن مالك عن نافع مرسلًا". التمهيد (16/ 135). والحديث أورده المصنف أبو العباس الداني في مرسل نافع (ل: 229/ أ). 2 - وقع في الموطأ (1/ 336/ رقم: 244) عن إبراهيم بن عقبة، عن كريب مولي عبد الله بن عباس، عن ابن عباس: "أنَّ رسول الله - صلي الله عليه وسلم - مرَّ بامرأة وهي في محفّتها، فقيل لها: هذا رسول الله، فأخذت بضبعي صبي، فقالت: ألهذا حج يا رسول الله؟ قال: نعم ولك أجرط. كذا ورد الحديث موصولًا في الطبعة. وورد في نسخة المحمودية (أ) (ل: 75/ ب)، و (ب) (ل: 106/ أ)، ونسخة شستربتي (ل: 22/ ب)، عن كريب مولي عبد الله بن عباس: (أن رسول الله - صلي الله عليه وسلم - ... )، مرسلًا. وذكره المصنف في مرسل كريب (ل: 225/ ب).

حيث غيّر تبويبات مالك وذِكر كتبه، وكما قيل: فقهُ البخاري في تبويبه، فكيف بمالك شيخ شيوخ البخاري. ومثلُ ذلك كتاب الجامع آخر الموطأ، فمالكٌ وضع كتابًا جامعًا، جمع فيه أحاديث عدة، في مواضيع مختلفة، بوّب عليها تبويباتٍ عدّة تدل على فقه الحديث ومعناه، فالجامع كتابٌ واحدٌ، مبوَّب إلي عدَّة أبواب، لكنَّ المحقق تجاسر وغيّر، فذكر كتبًا في الجامع وبوّب تلك الكتب، وذكر تحتها الأحاديث حسب ما اتفق، فالناظر فيها يجد أنّها لا توافق الترتيب الذي وضعه مالك، فذكر أولًا كتاب الجامع وتحته الأبواب التعلّقة بفضائل المدينة فقط. ثم ذكر كتاب القدر، وذكر الأبواب وفيها الأحاديث المتعلقة بالقدر. ثم كتاب حسن الخلق، وذكر فيه عدة أبواب متعلقة بحسن الخلق، وعدم المهاجرة. ثم كتاب اللباس، وذكر الأبواب المتعلقة بذلك. ثم كتاب: صفة النبي - صلي الله عليه وسلم -، فذكر حديثًا وبابًا واحدا في صفته - صلي الله عليه وسلم -، ثم بابًا في صفة عيسي عليه السلام والدَّجَّال، ثم الأحاديث المتعلقة بالفطرة، والأحاديث المتعلقة بالنهي عن الأكل بالشمال، وبابًا في المساكين، وما جاء في مِعَى الكافر، والنهي عن الشراب في آنية الفضة، والشرب قائما، وغير ذلك، وهذه لا علاقة لها بكتاب صفة النبي - صلي الله عليه وسلم -! وفي آخر هذا الكتاب ذكر بابًا في ما جاء في نزع المغاليق والجرس من العنق، وهذا الحديث لا تعلّق له بصفة النبي - صلي الله عليه وسلم -، بل هو في العين كما قال

مالك، ومن الغريب أنّه ذكر بعد هذا الباب كتاب العين! وفي هذا الكتاب ذكر الأبواب المتعلقة بالمريض وعيادته! ثم ذكر كتاب الشعر، وتحته بابًا في ما جاء في المتحابين في الله! ، وآخر فيما يؤمر به من التعوّذ! . وذكر كتاب الاستئذان، وفيه: ما جاء في أكل الضب! ، وما جاء في أمر الكلاب! ، والغنم! ، وهكذا يذكر كتبًا من عنده وتحتها أبوابًا لا صلة لها بالكتاب المذكور، ومالكٌ أجَلُّ من أن يفعل ذلك، وهذا لا شكَّ فيه إساءةٌ للموطأ. والغريب في ذلك أنّ المحقق لم يكتف بما في شرح الزرقاني، فالزرقاني لم يذكر إلّا كتاب الجامع، وتحت هذا الكتاب عدة أبواب في قضايا مختلفة كما وضعه مالك رحمة الله عليه، والله أعلي وأعلم. ومن هذا العرض الوجز حول رواية يحيي بن يحيي الليثي، تبيّن لي أنّ هذا الكتاب لم يُخدم خدمة تليق به من حيث إخراج نصِّه كما رواه يحيي عن مالك، مع التنبيه علي الأخطاء والمواضع التي زلَّ فيها وخالف الرواة عن مالك -وإن كانت يسيرة- فأسأل الله تعالي أن يسخِّر من يقوم بذلك، إنّه وليّ ذلك والقادر عليه.

المبحث الثاني: روايات الموطأ الأخري التي اعتمدها المصنف

المبحث الثاني: روايات الموطأ الأخري التي اعتمدها المصنف اعتمد المصنِّف في كتابه علي عدة روايات للموطأ سوي رواية يحيي، مبيّنًا الاختلافات والفروقات الواقعة بينها كما صرّح في مقدّمة الكتاب، وقد عقد قسمًا في كتابه للزيادات الواقعة فيها مما لم يقع في رواية يحيي الليثي، فقال هنالك: "روي الموطأ عن مالك جماعةٌ لا يُحصي عددُهم، فبعضُ الروايات نُقلت فاشتَهرت، وبعضُها أُهمِلَ نَقلُها فدَرست، وفيها رواياث اعتُدَّ بها فيما سلف فضُبطَ مواضعُ الخُلْفِ منها فِي المسانِيد وغيرِها، ولا تكاد توجد اليوم بأسْرِها، وإنّما أُعَوِّلِ فيما شذَّ منها عنَّا علي ما نُقل إلينا في المسانِيد المستَخْرَج ذلك منها، ونَقتصرهَا هنا علي ما رواه بضعة عشَر رجلًا، وهم: عبد الله بن وهب المصري، وعبد الرحمن بن القاسم العُتقي الصري، وعبد الله بن مسلمة بن قعنب القعني، وعبد الله بن يوسف التنّيسي، ويحيي بن عبد الله بن بكير المصري، ويحيي بن يحيي التميمي النيسابوري، ومَعن بن عيسي القزاز المدني ربيب مالك، ومطرف بن عبد الله اليساري الأصمّ المدني، وأبو المصعب أحمد بن أبي بكر الزهري المدني، ومُصعب بن عبد الله الزبيري، وسعيد بن عُفير، وسليمان بن بُرد، ومحمد بن المبارك الصوري". ثم ذكر بعض الرواة ممّن لم تقع له رواياتهم وإنَّما نَقَل عنهم بالواسطة، كالشافعي وابن نافع وغيرهم (¬1). ¬

_ (¬1) انظر: (ل: 196/ أ).

رواية أبي مصعب الزهري

وسأذكر الروايات التي وقعت له وأصحابها مرتَّبةً علي حروف المعجم: رواية أبي مصعب الزهري • التعريف بصاحب الرواية: هو أحمد بن أبي بكر -واسمه القاسم- بن الحارت بن زُرارة بن مصعب بن عبد الرحمن بن عوف القرشي، أبو مصعب الزهري المدني الفقيه، القاضي. أخرج له الشيخان في صحيحيهما، توفي سنة (241 هـ). • ثناء العلماء عليه: قال أبو حاتم وأبو زرعة: "صدوق" (¬1). وقال النسائي: "لا بأس به" (¬2). ووثقه جمع من الأئمة كمسلمة بن قاسم وابن حبان، والحاكم، والذهبي، وقال ابن حجر: "صدوق" (¬3). وتكلّم فيه أبو خيثمة، قال ولده في التاريخ الكبير: "وخرجنا سنة تسع عشرة ومائتين إلي مكة فقلت لأبي: عمّن أكتب؟ قال: لا تكتب عن أبي مصعب، واكتب عمَّن شئت" (¬4). ¬

_ (¬1) الجرح والتعديل (1/ 43). (¬2) إتحاف السالك لابن ناصر الدين (ص: 174). (¬3) تهذيب التهذيب (1/ 17)، الميزان (1/ 84)، التقريب (رقم: 17). (¬4) التاريخ (3 / ل: 151/ أ).

وعلّق الذهبي علي هذا فقال: "ما أدري ما معنى قول أبي خيثمة لابنه أحمد: لا تكتب عن أبي مصعب، واكتب عمّن شئت" (¬1). وأما ابن حجر فقال: "ويُحتمل أن يكون مراد أبي خيتمة دخوله في القضاء أو إكثاره من الفتوى" (¬2). قلت: ونصَّ على الاحتمال الثاني القاضي عياض فقال: "إنَّما قال ذلك؛ لأنَّ أبا مصعب كان يميل إلي الرأي، وأبو خيثمة من أهل الحديث، ممّن ينافر ذلك، فلذلك نهي عنه، وإلَّا فهو ثقةٌ لا نعلم أحدًا ذكره إلا بخير" (¬3). • سماعه من مالك: ذكر الخليلي أنه آخر من روي عن مالك الموطأ من الثقات (¬4). وقال ابن حزم: "آخر ما روي عن مالك موطأ أبي مصعب، وموطأ أبي حذافة السهمي" (¬5). • مكانته في الرواية عن مالك: قال الدارقطني: "أبو مصعب ثقة في الموطأ" (¬6). وقدّمه بقي بن مخلد لشرفه ونسبه، أخرَج روايتَه في مسنده وتَرَك روايةَ ¬

_ (¬1) الميزان (1/ 84). (¬2) تهذيب التهذيب (1/ 18). (¬3) ترتيب المدارك (3/ 348). (¬4) الإرشاد (1/ 228). (¬5) تذكرة الحفاظ (2/ 483). (¬6) تذكرة الحفاظ (2/ 483).

يحيى الليثي مع شهرتها في الأندلس. روي القاضي عياض وابن بشكوال بسنديهما عن أسلم بن عبد العزيز قال: قال بقي بن مخلد: "لما وضعت مسندي جاءني عبيد الله وإسحاق ابنا يحيى بن يحيى فقالا لي: بلغنا أنك وضعتَ كتابًا قدّمتَ فيه أبا مصعب الزهري ويحيي بن بكير، وأخّرت أبانا، فقلت لهما: أمَّا تقديمي لأبي مصعب فلقول رسول - صلي الله عليه وسلم -: "قدِّموا قريشًا ولا تَقَدَّموها"، وأمَّا تقديمي لابن بكير فلسنِّه، وقد قال رسول الله - صلي الله عليه وسلم -: "كبِّر كبِّر"، ولأنه سمع الموطأ من مالك سبع عشرة مرة، وأباكما لم يسمع منه إلا مرة واحدة، فخرجا من عنده، وخرجا معه إلى حدّ العداوة" (¬1). وتُعدُّ رواية أبي مصعب من آخر الروايات عن مالك كما تقدّم، فلذا تشابهت مع رواية يحيى في الغالب, قال ابن عبد البر: "وقد تأمَّلت رواية يحيى فيما أرسل من الحديث ووصل في الموطأ، فرأيتها أشد موافقة لرواية أبي مصعب في الموطأ كله من غيره، وما رأيت رواية في الموطأ أكثر اتفاقًا منها" (¬2). وأما ما يُذكر عن ابن حزم أنه قال: "في موطأ أبي مصعب زيادة على الموطآت نحو من مائة حديث" (¬3). فأمرٌ بعيد. وقد قام محقِّقا رواية أبي مصعب بإحصائية للأحاديث الزائدة في رواية ¬

_ (¬1) الغنية (ص: 98)، الصلة (1/ 82). (¬2) التمهيد (2/ 339). (¬3) بغية الملتمس للعلائي (ص: 89)، تذكرة الحفاظ (2/ 483).

أبي مصعب علي رواية يحيى، فبلغت الأحاديث المسندة خمسة عشر حديثًا مسندًا زائدًا (¬1). - وحديثين مرسلين عند يحيى، وهما متصلان في رواية أبي مصعب. - وحديثًا بلاغًا في رواية يحيى متصلًا في رواية أبي مصعب (¬2). - وفي رواية أبي مصعب ستة أحاديث مرسلة، ولا ذِكْر لها في رواية يحيى (¬3). ثم قالا: فهذه أربعة وعشرون حديثًا متصلة، لم ترد أصلًا أو لم ترد متصلة في رواية يحيى. ¬

_ (¬1) مقدمة موطأ أبي مصعب الزهري (1/ 41). قلت: وهذا العدد صحيح إلى حدّ ما، وفاتهما الحديث برقم: (2220) فلم يذكراه، وهو من الزيادات علي رواية يحيى، فتصير بذلك ستة عشر حديثًا. ثم إنَّ المصنف (أعني الداني) ذكر حديثًا في قسم الزيادات ونسبه إلي أبي مصعب (ل: 205/ ب)، وهو ما رواه سعد بن أبي وقاص: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر بقتل الوزغ"، ولم أقف عليه في المطبوع ولا المخطوط من هذه الرواية، والله أعلم. (¬2) قلت: وهو من الموقوف على عمر، فلا يدخل تحت هذا الإحصاء. (¬3) قلت: وذكرا من بينها حديث يحيى بن سعيد مرسلًا: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كفن في ثلاثة أثواب سحولية". وهذا الحديث لم يرد في رواية يحيى المطبوعة، لكنه ورد في النسخة الخطية من الكتاب (ل: 37/ ب نسخة المحمودية)، والخطأ في المطبوع. وحديثًا برقم (2501) وهو حديث سعيد بن المسيب مرسلًا: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهي عن بيع الغرر"، ونفيا وجوده في رواية يحيى، وهو موجود في المطبوع منه، إلّا أنَّه اختلف موضعه عن موضع أبي مصعب من كتاب البيوع. انظر: الموطأ -رواية يحيى الليثي- كتاب: البيوع، باب: بيع الغرر (/ 2/ 513 رقم: 75).

قلت: وهذا العدد يحتاج إلى إعادة نظر كما سبق. ثم قالا: "لكن نلاحظ في الوقت نفسه أنَّ رواية أبي مصعب تضمّنت تسعة أحاديث مرسلة، وبلاغًا واحدًا، جاءت في رواية يحيى متصلة" (¬1). ثم ذكرا ما تضمّنته رواية أبي مصعب من الزيادات علي رواية يحيى من الموقوف وأقوال التابعين وأقوال مالك، وليس من غرضنا في هذا المبحث. فهذا مما يبيّن أنَّ هذه الإحصائية تحتاج إلى إعادة نظر، ولا يمكن أن نجزم بالفروقات بين الروايتين إلَّا إذا اعتمدنا على أصول صحيحة، وأقوال أهل العلم في الأحاديث، والنظر فيها، خاصة ما ذكر أبو العباس الداني في ¬

_ (¬1) قلت: ذكرا حديثًا برقم: (321)، وهو موقوف على القاسم بن محمد، فلا يدخل تحت هذا الإحصاء. - وحديثا برقم: (364)، مرسل في رواية أبي مصعب، متصل في رواية يحيى، والصواب أن الحديث مما اختلف الرواة فيه على يحيى الليثي، انظره (3/ 420) من هذا الكتاب. - وحديثا برقم: (920)، وهو حديث نافع مولى ابن عمر مرسلًا في النهي عن قتل النساء والصبيان في الغزو، وجاء في المطبوع من رواية يحيى موصولًا، والصواب أن يحيى رواه مرسلًا، وما في المطبوع خطأ، انظره: (3/ 609) من هذا الكتاب. - وحديثًا برقم: (2011) لكنه في النسخة الهندية التي اعتمدا عليها مرسل! انظر: (3/ 504) من هذا الكتاب. - وحديثًا برقم: (2179) وقالا: "ولعله هناك سهو من الناسخ، فقد ورد الحديث من طريق مالك ... "، ثم ذكراه موصولًا وعزيا الرواية ليحيي وغيره. قلت: لا سهو على الناسخ، فالحديث مما اختلف فيه رواة الموطأ، فرواه بعضهم مرسلا كأبي مصعب والقعنبي ومحمد بن الحسن وسويد، وآخرون موصولا كيحيى الليثي، انظره (2/ 532 - 533) من هذا الكتاب.

الكتاب الذي بين أيدينا، فإنَّه وضع كلَّ حديث موضعه من الموقوف والمرفوع والمرسل، والله أعلم بالصواب. • نسخ الرواية المخطوطة والمطبوعة: وقفت لموطأ أبي مصعب على ثلاث نسخ خطية، نسختان كاملتان، وثالثة ناقصة: النسخة الأولى: أصلها محفوظ بمكتبة سالار جنك (الهند)، ولها سورة مصورة بالجامعة الإسلامية برقم: (703). النسخة الثانية: أصلها محفوظ بالظاهرية، ولها سورة في الجامعة الإسلامية برقم: (1720)، وهذه النسخة ناقصة. النسخة الثالثة: نسخة مصوّرة بالجامعة الإسلامية برقم: (4081). المطبوع من هذه الرواية: طُبعت رواية أبي مصعب في الأعوام الأخيرة, بمؤسسة الرسالة ببيروت، وقام بتحقيق هذه الرواية د- بشار عواد، ومحمود خليل، وقد قاما بضبط نص هذه النسخة، ومقابلتها برواية يحيى الليثي، وتخريج أحاديثها من طريق مالك من دواوين السنة، وترقيم نصوصها، وإخراجها بشكلٍ وحُلَّةٍ جيّدة يستفيد منها طلبة العلم. ولي على هذه النسخة عدة ملحوظات: الأولى: أنَّ المحقِّقَين لم يعتمدا إلَّا على النسخة الهندية، وهي متأخرة، وللكتاب عدَّة نسخ كما تقدّم.

رواية سعيد بن عفير

الثانية: أنَّ ناسخ النسخة الهندية أثبت الفروقات بين رواية يحيى الليثي وهذه الرواية، فأغفلا تعليقاته. الثالثة: أنَّهما ذكرا بعض هذه التعليقات (وهي فروقات) داخل النص، ولا شك أنَّ هذا خطأٌ جسيمٌ، وتسوُّرٌ علي رواية أبي مصعب، وكأنَّهما ظنَّا أنَّ تلك الفروقات التي يذكرها الناسخ لحق وسقط من رواية أبي مصعب فأثبتاها في النص (¬1)! ! الرابعة: اعتمادهم في العزو علي رواية يحيى المطبوعة، وفيها من الأخطاء من حيث السقط، ووصل المرسل ما تقدّم بيانه، وبالعكس من ذلك فقد يخطِّئون ما هو صواب في المطبوع من رواية يحيى بزعم أنَّها لم تتحد في الإسناد مثلًا مع رواية أبي مصعب وغيره (¬2). رواية سعيد بن عُفير • التعريف بصاحب الرواية: هو سعيد بن كثير بن عُفير بن مسلم بن يزيد بن الأسود الأنصاري ¬

_ (¬1) انظر مثاله: (2/ 345، حاشية 3)، (2/ 512، حاشية 3)، (3/ 541). (¬2) مثاله حديث جابر بن عبد الله: "أن رسول الله - صلي الله عليه وسلم - نحر بعض هديه بيده ... "، فهو في رواية أبي مصعب (1/ 534 / رقم: 1381) من مسند جابر، وتابعه أكثر الرواة، وقال فيه يحيى: عن علي بن أبي طالب، وتابعه القعنبي (وسيأتي في هذا الكتاب 2/ 326)، فقال المحققان في التعليق علي الحديث: "في المطبوع من رواية يحيى: 256 تحرّف إلي: علي بن أبي طالب، والصواب جابر بن عبد الله كما في التخريج"! . قلت: لو رجعا إلي النسخ الخطية، أو أقوال أهل العلم في الحديث كابن عبد البر لوجدا أنّ ما ورد في المطبوع من رواية يحيى صحيح، وسيأتي تفصيل الكلام في هذا الحديث.

مولاهم، أبو عثمان المصري، وقد يُنسب إلي جده. وُلد سنة (146 هـ)، وتوفي سنة (226 هـ). • كلام النقاد فيه: تكلّم الجوزجاني في سعيد بن عُفير بكلام مجازف فقال: "كان سعيد بن عُفير فيه غير لون من البدع، وكان مخلِّطًا غير ثقة" (¬1). كذا قال الجوزجاني رحمه الله، وحكاه ابن عدي وتعقّبه فقال: "وهذا الذي قاله السعدي لا معني له، ولم أسمع أحدا ولا بلغني عن أحد من الناس كلامًا (كذا) في سعيد بن كثير بن عفير، وهو عند الناس صدوق، وقد حدّث عنه الأئمة من الناس، إلَّا أن يكون السعدي أراد به سعيد بن عفير آخر، وأنا لا أعرف سعيد بن عفير غير المصري، أو لعله يريد سعيد بن عفير، ولا أعرف في الرواة سعيد بن عفير، وهذا الذي قال فيه غير لون من البدع، فلم يُنسب ابن عفير إلى بدع، والذي قال: غير ثقة، فلم ينسبه أحد إلى الكذب" (¬2). وقال الذهبي: "فهذا من مجازفات السعدي" (¬3). وقال أبو حاتم: "لم يكن بالثبت، كان يقرأ من كتب الناس، وهو صدوق" (¬4). ¬

_ (¬1) الشجرة في أحوال الرجال (ص: 270). (¬2) الكامل (3/ 411). (¬3) السير (10/ 584). (¬4) الجرح والتعديل (4/ 56).

وقد وثّقه جمعٌ من الأئمة كابن معين، والدارقطني، وابن يونس (¬1). وقال ابن معين: "رأيت بمصر ثلاث عجائب، النيل، والأهرام، وسعيد بن عفير". قال الذهبي: "حسبك أنَّ يحيى إمام المحدّثين انبهر لابن عفير" (¬2). • سماعه الموطأ: قال الخليلي: "سمع مالكا قليلًا" (¬3). قلت: ما أدري ما وجه قول الخليلي، وقد سمع من مالك الموطأ، وغيره. قال ابن ناصر الدين: "صحب مالكًا، وسمع منه الموطأ، وغير شيء، وغلب عليه الحديث والأخبار، فإن علّامة بأخبار الناس وله تاريخ" (¬4). • مكانته في الرواية عن مالك: إنَّ ابن عفير ثقة كما تقدّم، وليس في حديثه عن مالك مناكير، وذكر له ابن عدي في الكامل حديثين من رواية ابنه عبيد الله عنه، أحدهما انفرد به، ولم يروه غيره عن مالك، والآخر رواه أصحاب الموطأ مرسلا، ووصله سعيد، ثم قال ابن عدي: "ولعل البلاء من عبيد الله، لأني رأيت سعيد ¬

_ (¬1) انظر: سؤالات ابن الجنيد (رقم: 367)، العلل (1/ 182)، تهذيب الكمال (11/ 38)، تهذيب التهذيب (4/ 66). (¬2) السير (10/ 584). (¬3) الإرشاد (1/ 418). (¬4) إتحاف السالك (ص: 167).

رواية سليمان بن برد

ابن عُفير مستقيم الحديث" (¬1). ولا أعلم عن وجود هذه الرواية شيئا، وقد ذكر الجوهري في مسند الموطأ بعض روايات ابن عفير بإسناده. رواية سليمان بن بُرد • التعريف بصاحب الرواية: هو سليمان بن بُرد بن نجيح التجيبي، مولاهم، أبو الربيع المصري، توفي سنة (210 هـ). • ثناء العلماء عليه: كان سليمان بن برد من فقهاء مصر وقضاتها، وكان مقبولًا عند قضاة مصر (¬2). • سماعه من مالك: قال القاضي عياض: "سمع الموطأ من الإمام مالك والفقه وغير ذلك" (¬3). • مكانته في الرواية عن مالك: قال محمد بن عبد الحكم: "الموطأ الذي سمع ابن بُرد أصح موطأ" (¬4). ¬

_ (¬1) الكامل (3/ 412). (¬2) انظر: ترتيب المدارك (3/ 283)، تاريخ الإسلام (حوادث 200 - 220/ ص: 179)، إتحاف السالك (ص: 130). (¬3) انظر: ترتيب المدارك (3/ 283)، إتحاف السالك (ص: 130). (¬4) انظر: ترتيب المدارك (3/ 283)، إتحاف السالك (ص: 130).

رواية عبد الرحمن بن القاسم

رواية عبد الرحمن بن القاسم • التعريف بصاحب الرواية: عبد الرحمن بن القاسم بن خالد بن جُنادة العُتقي، أبو عبد الله المصري الفقيه، ولد سنة (128 هـ)، وتوفي سنة (191 هـ). • ثناء العلماء عليه: وثّقه سمع من الأئمة كابن معين، وأبي زرعة، والنسائي، والحاكم، والخطيب البغدادي، وابن حجر (¬1). وذكره ابن حبان في الثقات وقال: "كان خيّرًا، فاضلًا، ممّن تفقّه علي مذهب مالك، وفرّع علي حدّ أصوله، وذبّ عنها، ونصر من انتحلها" (¬2). • سماعه من مالك: صرَّح أبو العباس الداني في هذا الكتاب أنَّ سماعَ ابن القاسم للموطأ كان متأخرًا (¬3). وقال ابن وضاح: "سمع ابنُ القاسم من المصريين والشاميين، وإنَّما طلب وهو كبير، ولم يخرج لمالك حتي سمع من المصريين، وأنفق في سفرته إلى مالك ألف مثقال" (¬4). ¬

_ (¬1) انظر: سؤالات ابن الجنيد (رقم: 664)، الجرح والتعديل (5/ 279)، سؤالات السجزي (رقم: 242)، الانتقاء (ص: 96)، ترتيب المدارك (3/ 245)، المقفي الكبير (4/ 49)، تهذيب الكمال (17/ 344)، تهذيب التهذيب (6/ 227)، التقريب (رقم: 3980). (¬2) الثقات (8/ 374). (¬3) انظر: "2/ 19). (¬4) ترتيب المدارك (3/ 248).

وقال الخليلي: "أول من حمل الموطأ إلي مصر" (¬1). • مكانته في الرواية عن مالك: قدّمه النسائي علي مَن سواه في الرواية عن مالك، لذا اعتمد علي روايته في السنن الصغري والكبري. قال النسائي: "ابن القاسم ثقة، رجل صالح، سبحان الله ما أحسن حديثه وأصحه عن مالك، ليس يختلف في كلمة، ولم يرو أحد الموطأ عن مالك أثبت من ابن القاسم، وليس أحد من أصحاب مالك عندي مثله. قيل له: فأشهب؟ قال: ولا أشهب ولا غيره، هو عجب من العجب، الفضل، والزهد، وصحة الرواية، وحسن الدراية، وحسن الحديث، حديثه يشهد له" (¬2). وقال ابن عبد البر: "وروايته عن مالك رواية صحيحة، قليلة الخطأ، وكان فيما رواه عن مالك من موطئه ثقةً، حسن الضبط، متقنًا" (¬3). وقال القابسي: سمعت أبا القاسم حمزة بن محمد الكناني يقول: "إذا اختلف الناس عن مالك، فالقول ما قال ابن القاسم. وبحضرته جماعة من أهل بلده ومن الرحّالين، فما سمعت نكيرًا من أحد منهم، وهم أهل عناية بالحديث وبعلمه" (¬4). ¬

_ (¬1) الإرشاد (1/ 254). (¬2) ترتيب المدارك (3/ 245)، إتحاف السالك (ص: 155). (¬3) الانتقاء (ص: 95). (¬4) تلخيص القابسي لرواية ابن القاسم (ص: 40).

وفي سؤالات ابن بكير للدارقطني: سُئل عن أقوي أصحاب مالك عنده فقال: معن، والقعني، وعبد الله بن وهب، وعبد الرحمن بن القاسم ..... " (¬1). • نُسَخُ الكتاب: يوجد لموطأ ابن القاسم قطعة تحوي (70 لوحة)، وهي من مصورات مكتبة شيخنا حماد الأنصاري رحمه الله، والنسخة ناقصة من أولها وآخرها، تبدأ بباب ما جاء في صدقة الخلطاء من كتاب الزكاة، ثم كتاب البيوع، والنكاح والطلاق، والصيام، والاعتكاف، والحج، وفي آخرها: تم كتاب الحج بحمد الله وعونه وتأييده وإحسانه، وصلي الله علي محمد وآله، وفيها بعض التملكات بالابتياع. ولموطأ ابن القاسم أيضًا نسخة أخري، إلَّا أنَّها جمعٌ بين رواية ابن القاسم وابن وهب، جَمَعَ بينهما الحسين بن أحمد الأيوبي الوليدي المصري. وتشتمل علي السفر الثاني من الكتاب في (139 لوحة)، تبدأ بكتاب العقول والديات، ثم الجهاد، والأقضية، والوصايا، والحدود، والرضاعة، والقراض، والشفعة، والساقاة، والضحايا والذبائح، والإيمان والنذور، والجنائز، والفرائض، والمكاتب، والمدبر، ثم كتاب الجامع. وفي أول النسخة تملكات بالابتياع. • المطبوع من الكتاب: لم يُطبع موطأ ابن القاسم بعد، وقام أبو الحسن علي بن محمد ¬

_ (¬1) سؤالات ابن بكير وغيره لأبي الحسن الدارقطني (ص: 43).

رواية القعنبي

القابسي (¬1) بتلخيصه، واقتصر فيه علي الروايات المرفوعة، وما له حكم الرفع، ولم يذكر المراسيل والموقوفات، وما جري مجراها، ورتّبه علي أسماء شيوخ مالك علي حروف المعجم، وقد طُبع هذا الكتاب بدار الشروق -جدة، السعودية- عام (1405 هـ)، بتحقيق: محمد بن علوي بن عباس المالكي. وقد اعتمدت في العزو لرواية ابن القاسم علي النسخة الخطية الناقصة، والجمع بين روايته ورواية ابن وهب، وطبعة التلخيص. رواية القعنبي • التعريف بصاحب الرواية: هو عبد الله بن مسلمة بن قعنب القعنبي الحارثي، أبو عبد الرحمن المدني، نزيل البصرة، توفي سنة (221 هـ)، أخرج له الشيخان في صحيحيهما. • ثناء العلماء عليه: وثّقه أبو حاتم، وابن معين، والعجلي، وابن حبان، وابن قانع، وغيرهم، وقال الحافظ: "ثقة عابد" (¬2). ¬

_ (¬1) المالكي، حافظ المغرب، انظر ترجمته في: معالم الإيمان في معرفة أهل القيروان (3/ 134)، والسير (17/ 158). (¬2) انظر: الجرح والتعديل (5/ 181)، من كلام أبي زكريا يحيى بن معين (رواية الدقاق رقم: 373)، تاريخ الثقات (ص: 279)، الثقات (8/ 353)، تهذيب الكمال (16/ 136)، تهذيب التهذيب (6/ 28)، التقريب (رقم: 3620).

• سماعه للموطأ: قال محمد بن إسماعيل الرقي: سمعت القعنبي يقول: "لزمت مالكًا عشرين سنة حتي قرأت عليه الموطأ" (¬1). كان القعنبيُّ رجلَ علمٍ وعملٍ، قرأ الموطأ علي مالك بنفسه، ولم يرضَ بقراءة غيره من الضعفاء. قال إسماعيل بن إسحاق القاضي: "كان القعنبي لا يرضي قراءة حبيب، فما زال يجهد حتي قرأ بنفسه الموطأ علي مالك، وربما يقول: وفيما قرأت علي مالك، وكان القعبي من المجتهدين في العبادة" (¬2). وقال العجلي: "قرأ مالك عليه نصف الموطأ، وقرأ هو علي مالك النصف الباقي" (¬3). فلهذا أثني جمع من العلماء علي روايته وقدّموها علي غيرها، كما سيأتي. • مكانته في الرواية عن مالك: قدّم رواية القعنبي في مالك جمع من الأئمة كعلي بن المديني، والدارقطني، وابن خزيمة، وغيرهم. قال ابن أبي حاتم: قلت لأبي: "القعنبي أحب إليك في الموطأ أو ¬

_ (¬1) المسالك لابن ناصر الدين (ص: 157)، وحكاه أبو علي الغساني عنه كما في ترتيب المدارك (3/ 198). (¬2) سؤالات مسعود بن علي السجزي (ص: 236). (¬3) تاريخ الثقات (ص: 279).

إسماعيل بن أبي أويس؟ قال: القعنبي أحب إليَّ، لم أر أخشع منه" (¬1). وقال نصر بن مرزوق: سمعت يحيى بن معين يقول: وسألته عن رواة الموطأ عن مالك؟ فقال: "أثبت الناس في الموطأ عبد الله بن مسلمة القعبي، وعبد الله بن يوسف التنيسي" (¬2). وقال القاضي عياض: قال ابن معين: "أثبتُ النَّاس في مالك هو ومعن" (¬3). وقال النسائي: "القعنبي فوق عبد الله بن يوسف في الموطأ" (¬4). قال الدارقطني: سُئلت بعد سنة سبعين وثلاثمائة عن أصحاب الموطأ، ورواياته أيّها أصح؟ فقلت: "رواته (كذا، ولعل الصواب رواية) أبي عبد الرحمن عبد الله بن مسلمة بن قعنب القعبي العالم الزاهد. فقيل: كرواته (كذا) محمد بن يحيى، عن عبد الله بن نافع، ومطرف. فقلت: هذا محمد بن يحيى أصل، فأما القعنبي فإنه مقدّم علي الروايتين عن مالك". قال الحاكم: "فعلّقت أقاويل أهل العلم في القعنبي ليُستدلّ بها علي ما ذكرته. حدّثنا أبو النضر محمد بن محمد بن يوسف الفقيه، حدّثنا عثمان بن سعيد الدارمي، قال: سمعت علي بن عبد الله المدني، وذُكر عنده أصحاب ¬

_ (¬1) الجرح والتعديل (5/ 181). (¬2) سؤالات مسعود بن علي السجزي (ص: 239). (¬3) ترتيب المدارك (3/ 200). (¬4) سؤالات السلمي للدارقطني (ص: 193).

مالك، فقيل له: معن، ثم القعنبي؟ فقال: لا، بل القعنبي، ثم معن. حدّثنا علي بن عمر الحافظ، حدّثنا محمد بن مخلد الدوري، قال: سمعت محمد بن علي المديني يقول: سمعت أبي يقول: لا يُقدّم من رواة الموطأ أحد علي القعنبي" (¬1). وقال موسي بن سعيد البرداني: قلت لأحمد بن حنبل: "عن مَن أكتب الموطأ؟ فقال: اكتبه عن القعنبي. قلت: أيما أحب إليك إسماعيل بن أبي أويس، أو عبد العزيز بن أبي أويس، وهو عبد العزيز بن عبد الله الأويسي، أو القعنبي؟ قال: القعنبي أفضلهم" (¬2). وقال محمد بن إسحاق: سألت أبا يحيى محمد بن عبد الرحيم عن منصور بن سلمة الخزاعي، وخالد بن مخلد القطواني، وابن قعنب، أيهم المقدّم في مالك؟ فقال: "القعنبي المقدّم" (¬3). وفي سؤالات ابن بكير للدارقطني: سئل عن أقوي أصحاب مالك عنده فقال: معن، والقعنبي، وعبد الله بن وهب، وعبد الرحمن بن القاسم ... " (¬4). • نُسَخُ الرواية المخطوطة والمطبوعة: لرواية القعنبي نسختان ناقصتان، وهي: النسخة الأولي: نسخة موجودة بدار الكتب القومية بتونس، كتبت ¬

_ (¬1) سؤالات مسعود بن علي السجزي (ص: 232 - 234). (¬2) سؤالات مسعود بن علي السجزي (ص: 237). (¬3) سؤالات مسعود بن علي السجزي (ص: 237). (¬4) سؤالات ابن بكير وغيره لأبي الحسن الدارقطني (ص: 43).

رواية عبد الله بن وهب القرشي

سنة (757 هـ)، وهي في (50 ورقة)، وتشتمل علي كتاب الطهارة، والصلاة، والصيام، والاعتكاف، والحج، وباب من كتاب البيوع. ويتخلل هذه الكتب نقص في بعض أبوابها وأحاديثها (¬1). النسخة الثانية: وهي محفوظة بالمكتبة الأزهرية برقم: (3857) حديث، ولديَّ صورة منها، وتقع في (80) لوحة، وهي من بداية الكتاب إلي أثناء كتاب الحج. المطبوع من الكتاب: طُبع الكتاب في شركة الشروق - الكويت - بتحقيق: عبد الحفيظ منصور، واعتمد المحقق علي النسخة التونسية للكتاب فقط، ووقع فيها خطأ من حيث النقص، والبياض يمكن استدراكه من النسخة الأخري. وقام ببيان الفروقات بينها وبين رواية يحيى، وخرّج الأحاديث تخريجًا وسطًا. رواية عبد الله بن وهب القرشي • التعريف بصاحب الرواية: عبد الله بن وهب بن مسلم القرشي، الفهري، أبو محمد المصري الفقيه. ولد سنة (125 هـ)، وتوفي سنة (197 هـ). • ثناء العلماء عليه: أثنى عليه مالك، وأحمد بن حنبل، وأبو حاتم، وابن معين، وأبو زرعة ¬

_ (¬1) انظر: مقدمة موطأ القعنبي المطبوع (ص: 22).

الرازي، وأحمد بن صالح، وغيرهم، ووثَّقوه (¬1). وقال الذهبي: "وعبد الله حجة مطلقًا، وحديثه كثير في الصحاح، وفي دواوين الإسلام، وحسبك بالنسائي وتعنّته في النقد حيث يقول: وابن وهب ثقة، ما أعلمه روي عن الثقات حديثا منكرًا. قال الذهبي: فمن يروي مئة ألف حديث، ويندر المنكر في سعة ما روي، فإليه المنتهي في الإتقان" (¬2). • سماعه للموطأ: سمع ابن وهب من مالك الموطأ قديمًا، وحفظه قبل أن يلقاه. قال هارون بن سعيد: سمعت ابن وهب يقول: "حفظت موطأ مالك ما بين مصر إلي المدينة" (¬3). وقال أبو الطاهر عمرو بن السرح: "سمع ابن وهب من مالك قبل ابن القاسم ببضع عشرة سنة، وصحب مالكًا من سنة ثمان وأربعين إلي أن مات، ولم يشاهد ابن وهب موته، كان خرج للحج" (¬4). وقال الخليلي: "موطؤه يزيد علي من روي عن مالك" (¬5). ¬

_ (¬1) انظر: العلل لأحمد (3/ 130 - رواية عبد الله-)، (ص: 332 - رواية المروذي-)، التاريخ لابن معين (4/ 413 - الدوري-)، الجرح والتعديل (5/ 190)، ترتيب المدارك (3/ 230)، تهذيب الكمال (16/ 282)، تهذيب المهذيب (6/ 65). (¬2) السير (9/ 228). (¬3) إتحاف السالك (ص: 91). (¬4) ترتيب المدارك (3/ 230). (¬5) الإرشاد (1/ 255).

رواية عبد الله بن يوسف التنيسي

• مكانته في الرواية عن مالك: قال أحمد بن صالح: "ليس أحد من خلق الله أكبر في مالك من ابن نافع وابن وهب، وابن نافع أحب إلي أحمد، وابن وهب المقدّم في كثيرة العلم والمسائل. وقال محمد بن الحكم، وابن بكير: هو أثبت الناس في مالك" (¬1). وفي سؤالات ابن بكير للدارقطني: سُئل عن أقوي أصحاب مالك عنده فقال: معن، والقعنبي، وعبد الله بن وهب، وعبد الرحمن بن القاسم ... " (¬2). • نسخ الرواية: لم أقف علي نسخة ابن وهب إلا ما تقدّم من جمع الحسين بن أحمد الأيوبي بينه وبين رواية ابن القاسم. رواية عبد الله بن يوسف التنيسي • التعريف بصاحب الرواية: هو عبد الله بن يوسف التنيسي، أبو محمد الكلاعي المصري، أصله دمشقي، نزل تنيس. • ثناء العلماء عليه: وثّقه جمع من الأئمة كابن معين، وأبي حاتم، والعجلي، والدارقطني، وأبي مسهر، وابن يونس، وابن حبان، وأبي صالح، وغيرهم (¬3). ¬

_ (¬1) ترتيب المدارك (3/ 237). (¬2) سؤالات ابن بكير وغيره لأبي الحسن الدارقطني (ص: 43). (¬3) انظر: الجرح والتعديل (5/ 205)، تاريخ الثقات (ص: 284)، الثقات (8/ 349)، تاريخ دمشق (33/ 392)، تهذيب الكمال (16/ 335)، تهذيب التهذيب (6/ 79).

وقال البخاري: "كان من أثبت الشاميين" (¬1). وقال ابن عدي: "وعبد الله بن يوسف صدوق لا بأس به، والبخاري مع شدة استقصائه، اعتمد عليه في مالك وغيره، وسمع منه الموطأ، وله أحاديث صالحة، وهو خيّر فاضل" (¬2). • سماعه الموطأ: كان سماعه للموطأ عن مالك بالدينة، وكان معه في السماع أبو مسهر الدمشقي، وذلك بعرض إسحاق بن إبراهيم الحنيني علي مالك. وأنكر يحيى بن بكير سماع عبد الله بن يوسف الموطأ من مالك، ثم رجع بأخرة. قال محمد بن عبد الله بن الحكم: "وقد كان ابن بكير يقول في عبد الله بن يوسف الدمشقي: [متي] سمع من مالك، ومن رآه عند مالك؟ توهم فيه ما لا يجوز له، فخرجت أنا فلقيت أبا مسهر سنة ثمان عشرة ومائتين، فسألني عن عبد الله بن يوسف ما فعل فقلت: عندنا بمصر في عافية، فقال أبو مسهر: سمع معي الموطأ من مالك سنة ست وستين، فرجعت إلي مصر فجاءني ابن بكير مُسَلِّمًا، فقلت له: أخبرني أبو مسهر أن عبد الله بن يوسف سمع معه الموطأ من مالك سنة ست وستين، فلم يقل فيه شيئا بعد" (¬3). ¬

_ (¬1) تهذيب الكمال (16/ 335). (¬2) الكامل (4/ 205). (¬3) الكامل (4/ 205).

رواية محمد بن المبارك الصوري

• مكانته في الرواية عن مالك: قال نصر بن مرزوق: سمعت يحيى بن معين يقول، وسألته عن رواة الموطأ عن مالك؟ فقال: "أثبت الناس في الموطأ عبد الله بن مسلمة القعنبي، وعبد الله بن يوسف التنيسي بعده" (¬1). وقال أيضًا: "ما بقي أحد علي وجه الأرض أوثق في الموطأ من عبد الله بن يوسف" (¬2). لذا اعتمده البخاري كثيرًا في صحيحه، وقال ابن حجر: "ثقة متقن، من أثبت الناس في الموطأ" (¬3). وأما موطؤه فلا أعلم عن وجوده شيئًا. رواية محمد بن المبارك الصوري • التعريف بصاحب الرواية: محمد بن المبارك بن يعلي القرشي، أبو عبد الله الصوري، القلانسي، الدمشقي، ولد سنة (153 هـ)، وتوفي سنة (215 هـ). • ثناء العلماء عليه: وثّقه ابن معين، وأبو حاتم، وأبو داود، وابن حبان، والعجلي، وغيرهم (¬4). ¬

_ (¬1) سؤالات السجزي (رقم: 316). (¬2) تاريخ دمشق (33/ 297). (¬3) التقريب (رقم: 3721). (¬4) انظر: الجرح والتعديل (8/ 104)، تاريخ أبي زرعة الدمشقي (1/ 282)، الثقات (9/ 183)، تهذيب الكمال (26/ 354)، السير (10/ 390)، تهذيب التهذيب (10/ 375).

رواية مصعب بن عبد الله الزبيري

وقال يحيى بن معين: "محمد بن المبارك الصوري شيخ الشام بعد أبي مسهر" (¬1). • سماعه للموطأ: ذكره ابن ناصر الدين في رواة الموطأ عن مالك، وقال: "وكان من الثقات الأثبات، روي الموطأ من طريقه أبو الطيب علي بن محمد بن أبي سليمان الرقي" (¬2). رواية مصعب بن عبد الله الزبيري • التعريف بصاحب الرواية: هو مصعب بن عبد الله بن مصعب بن ثابت بن الزبير بن العوام القرشي الأسدي، أبو عبد الله الزبيري المدني، عم الزبير بن بكار، توفي سنة (230 هـ) وهو ابن ثمانين سنة. • ثناء العلماء عليه: أثنى عليه الإمام أحمد، وابن معين، والدارقطني، وابن حبان، وغيرهم، ووثّقوه (¬3). • سماعه الموطأ: سمع من مالك بعرض حبيب بن أبي حبيب -متروك-. ¬

_ (¬1) تاريخ أبي زرعة (1/ 282). (¬2) إتحاف السالك (ص: 113). (¬3) الجرح والتعديل (8/ 309)، تاريخ بغداد (13/ 114)، الثقات (9/ 175)، تهذيب الكمال (28/ 36)، تهذيب التهذيب (10/ 148).

رواية مطرف

قال ابن أبي خيثمة: سمعت مصعبًا يقول: "حضرت حَبيبًا يقرأ علي مالك، أنا عن يمينه، وأخي عن يساره، فيقرأ عليه كل يوم ورقتين ونصف، والناس ناحية، فإذا قضي، جاء الناس فعارضوا كتبنا بكتبهم، وكان حبيب يأخذ علي كل عرضة دينارين من كل إنسان، فقلت لصعب: إنّهم كانوا لا يَرضَون عرضَ حبيب. فأنكر هذا، إذ مرّ بنا يحيى بن معين، فسأله مصعب عن حبيب؟ فقال: كان يتصفّح الورقة والورقتين، ومضي ابن معين، فسكت مصعب" (¬1). ولا أعرف عن وجود موطئه شيئًا، ومن مظان روايته: حديث مصعب بن عبد الله الزبيري من رواية أبي القاسم عبد الله بن محمد البغوي (¬2). رواية مطرف • التعريف بصاحب الرواية: هو مطرّف بن عبد الله بن مطرّف بن سليمان بن يسار اليساري الهلالي، أبو مصعب المدني، مولي ميمونة زوج النبي - صلي الله عليه وسلم -، كان ابن أخت مالك بن أنس. ولد سنة (137 هـ)، وتوفي سنة (220 هـ)، وقيل: (214 هـ). ¬

_ (¬1) السير (11/ 31). (¬2) يوجد الجزء الأول منه بمكتبة الظاهرية (مجموع 117)، ومنه سورة فيلمية بالجامعة الإسلامية (برقم: 2467)، ويوجد نسخة كاملة منه بمكتبة شستربتي، يسَّر الله إخراجه.

• ثناء العلماء عليه: وثّقه ابن سعد، وابن معين، والدارقطني، وغيرهم (¬1). وقال أبو حاتم: "مضطرب الحديث، صدوق" (¬2). • سماعه الموطأ: قال ابن ناصر الدين: "كان سماع الموطأ من خاله مالك، وسماع حبيب كاتبه قراءة من مالك عليهم لأمير المؤمنين هارون الرشيد حسبما ذكر في برنامج أبي القاسم خلف بن بشكوال" (¬3). • مكانته في الرواية عن مالك: أثني ابن معين وغيره علي روايته للموطأ عن مالك. قال أبو طالب: "سألت أبا عبد الله (أي الإمام أحمد) عن مطرف؟ فقال: يقدّمونه علي أصحاب مالك" (¬4). وقال الدقاق: قيل لأبي زكريا: "مطرِّف مثل القعنبي ومعن في مالك؟ فقال: مطرف ثقة، والقعنبي ثقة، وابن نافع ثقة، كلهم ثقات" (¬5). وأما ابن عدي فتكلّم في روايته عن مالك خاصة، فقال: "يحدّث عن ¬

_ (¬1) انظر: الطبقات الكبري (5/ 504)، من كلام أبي زكريا يحيى بن معين (رواية الدقاق رقم: 373)، تهذيب الكمال (28/ 72)، تهذيب التهذيب (10/ 158). (¬2) الجرح والتعديل (8/ 315). (¬3) إتحاف السالك (ص: 84). (¬4) المعرفة والتاريخ (2/ 176). (¬5) رواية الدقاق (373).

رواية معن بن عيسى القزاز

أبي ذئب, وأبي مودود، وعبد الله بن عمر، ومالك، وغيرهم بالمناكير". وساق له في ترجمته عدة أحاديث منكرة من طريق أحمد بن داود عن أبي مصعب عنه عن مالك وغيره (¬1). وردّ الذهبي قول ابن عدي فقال: "هذه أباطيل حاشا مطرِّفًا من روايتها، وإنما البلاء من أحمد بن داود (شيخ ابن عدي)، فكيف خفي هذا على ابن عدي، فقد كذّبه الدارقطني، ولو حوّلت هذه إلي ترجمته كان أولي" (¬2). وقال ابن حجر: "ثقة، لم يُصب ابن عدي في تضعيفه" (¬3). أما روايته للموطأ فلا أعلم عن وجودها شيئًا. رواية معن بن عيسى القزاز • التعريف بصاحب الرواية: هو معن بن عيسى بن يحيى بن دينار الأشجعي، مولاهم القزاز، أبو يحيى المدني، توفي بالمدينة سنة (198 هـ). • ثناء العلماء عليه: وثّقه ابن سعد، وابن معين، وأبو حاتم، وابن حبان، وغيرهم (¬4). ¬

_ (¬1) الكامل (6/ 377 - 379). (¬2) الميزان (5/ 250). (¬3) التقريب (رقم: 6707). (¬4) انظر: الطبقات الكبري (5/ 503)، سؤالات ابن الجنيد (رقم: 333)، الجرح والتعديل (8/ 278)، الثقات (9/ 181)، تهذيب الكمال (28/ 339)، تهذيب التهذيب (10/ 236).

وقال إسحاق بن موسي الأنصاري: سمعت مَعنًا يقول: "كان مالك لا يجيب العراقيين في شيء من الحديث حتي أكون أنا أسأله عنه" (¬1). • سماعه الموطأ: كان معن بن عيسى ربيب مالك، وكان أشدّ ملازمة له، وكان مالك يتوكّأ عليه إذا خرج إلي المسجد، وكان يُقال له: عصيّة مالك (¬2). وكان هو الذي يتولي القراءة عليه، وكان يقول: "كلُّ شيء من الحديث في الموطأ سمعته من مالك إلا ما استثنيت أني عرضته عليه، وكل شيء من غير الحديث عرضته عليه إلا ما استثنيت أني سألته عنه" (¬3). • مكانته في الرواية عن مالك: قدّمه الإمام أبو حاتم علي سائر رواة الموطأ فقال: "أثبت أصحاب مالك وأوثقهم معن بن عيسى القزاز، هو أحب إلي من عبد الله بن نافع الصائغ ومن ابن وهب" (¬4). وقال عثمان بن سعيد الدارمي، قال: "سمعت علي بن عبد الله المدني، وذُكر عنده أصحاب مالك، فقيل له: معن، ثم القعنبي؟ فقال: لا، بل القعنبي، ثم معن" (¬5). ¬

_ (¬1) الجرح والتعديل (8/ 278). (¬2) الانتقاء (ص: 110). (¬3) الجرح والتعديل (8/ 278). (¬4) الجرح والتعديل (8/ 278). (¬5) سؤالات مسعود بن علي السجزي (ص: 233).

رواية ابن بكير

وقال الخليلي: "قديم متفق عليه، رضي الشافعي روايته" (¬1). وقال ابن الجنيد: قلت ليحيي بن معين: "أكان عند معن القزاز عن مالك شيء غير الموطأ؟ قال: شيء قليل، قال يحيى: وإنما قصدنا إليه في حديث مالك. فقيل ليحيي: فكيف هو في غير مالك؟ قال: ثقة" (¬2). وفي سؤالات ابن بكير للدارقطني: سئل عن أقوي أصحاب مالك عنده فقال: معن، والقعنبي، وعبد الله بن وهب، وعبد الرحمن بن القاسم ... " (¬3). قلت: وقد اعتمده البخاري في الرواية عن مالك في عدة مواضع من صحيحه. ولا أعرف عن وجود موطئه شيئًا، والله أعلم. رواية ابن بكير • التعريف بصاحب الرواية: يحيى بن عبد الله بن بكير القرشي المخزومي، أبو زكريا المصري، مولى بني مخزوم، وقد يُنسب إلي جدّه، ولد سنة (155 هـ)، وتوفي سنة (231 هـ). أقوال النقّاد فيه: اختلف أهل العلم في يحيى بن بكير توثيقًا وتجريحًا: ¬

_ (¬1) الإرشاد (1/ 227). (¬2) سؤالات ابن الجنيد (رقم: 333). (¬3) سؤالات ابن بكير وغيره لأبي الحسن الدارقطني (ص: 43).

1 - المضعّفون: قال أبو حاتم: "يكتب حديثه، ولا يحتج به، وكان يفهم هذا الشأن" (¬1). وقال النسائي: "ضعيف" (¬2)، وقال أيضًا: "ليس بثقة" (¬3). وقال ابن معين: سألني عنه أهل مصر فقلت: "ليس بشيء" (¬4). 2 - الموثّقون: قال أبو داود: سمعت يحيى بن معين يقول: "أبو صالح أكثر كتبًا، ويحيي بن بكير أحفظ منه" (¬5). وقال الساجي: "صدوق" (¬6)، وقال ابن قانع: "مصري ثقة" (¬7). وقال الخليلي: "ثقة، أخرجه البخاري في الصحيح عن مالك، وغيره، وتفرّد بأحاديث عن مالك" (¬8)، وذكره ابن حبان في الثقات (¬9). وقال الذهبي: "كان غزيرَ العلم، عارفًا بالحديث وأيام الناس، بصيرًا بالفتوي، صادقًا، ديِّنًا، وما أدري ما لَاحَ للنسائي منه حتي ضعّفه، فقد ¬

_ (¬1) الجرح والتعديل (9/ 165). (¬2) الضعفاء والمتروكون (ص: 248). (¬3) تهذيب الكمال (1/ 403). (¬4) تهذيب التهذيب (11/ 208). (¬5) تهذيب التهذيب (11/ 208). (¬6) تهذيب التهذيب (11/ 208). (¬7) تهذيب التهذيب (11/ 209). (¬8) الإرشاد (1/ 262). (¬9) (9/ 262).

احتجّ به الشيخان، وما علمت له حديثًا منكرًا حتي أورده" (¬1). قلت: ومن خلال هذه الأقوال يتبيّن أنَّه كان صدوقًا في روايته، وأنَّ أحاديثه مستقيمة، ومن ضعّفه لم يبيّن وجه التضعيف، خاصة أنه صدر من إمامين متشدِّدَين في التجريح، نعم قد ينفرد بأحاديثَ عن مالك، وهذا لا يُضعَّفُ به مثلُ ابن بكير الذي سمع من مالك موطّأه مرات، كما سيأتي. • مكانته في الرواية عن مالك: أُثر عن يحيى بن معين كلامٌ فيه تضعيفٌ ليحيي بن بكير وموطئه، قال ابن مُحرز: "سمعتُ يحيى وذُكر له يحيى بن بُكير المصري قيل له: إنَّه يحدِّث بالموطأ عن مالك بن أنس، قال: وأيُّ شيء كان يسوي، إنَّما كان بعرض حبيب، وكان حبيبٌ كذابًا، كان يعرض لهم خمس ورقات، ثم يقول لهم: عرضتُ لكم عشرة، ثم قال يحيى بن معين: وهو لا يُحسن يقرأ حديثَ ابن وهب! فكيف يقرأ الموطأ! أنا سمعتُ منه عن مالك، عن الزهري: أنَّ ابن الزبير أحرم من التنعيم، وإنَّما هو عن هشام بن عروة. أخبرنا أحمد، قال: حدَّثنا جعفر، قال: حدَّثنا أبو العباس، قال: حدَّثنا يحيى بن معين، قال: حدَّثنا معن، عن مالك، عن هشام بن عروة، عن أبيه: أنَّ ابن الزبير أحرم من التنعيم" (¬2). وقال الساجي: قال ابن معين: "سمع يحيى بن بكير الموطأ بعرض ¬

_ (¬1) السير (10/ 614). (¬2) معرفة الرجال (1/ 63).

حبيب كاتب الليث، وهو شر عرض، كان يقرأ علي مالك خطوط الناس، ويصفح ورقتين، ثلاثة". وقال مسلمة بن قاسم: "تُكلم فيه؛ لأنَّ سماعه من مالك كان بعرض حبيب" (¬1). وهذا التحامل من ابن معين رحمه الله إنَّما هو من تشدُّده، وأما ما ذكره ابن محرز عنه من خطأ ابن بكير في أثر فهو يخطئ كما يخطئ غيره من الثقات، وأمَّا كون سماعه كان بعرض حبيب فقد ردَّ ذلك القاضي عياض فقال: "وهذه الحكاية (أي عن ابن معين) باطلة الأصل، والله أعلم؛ لأنَّ مالكًا رحمه الله ومن حضره لم يصح جواز مثل هذا عليهم لحفظهم حديث الموطأ، وقد أنكر هذا بعض أصحاب مالك الجلَّة، وقال: إنَّما كانت عرضتنا علي مالك ورقتين من الموطأ، فكيف يصح هذا؟ ! " (¬2). قلت: وممَّا يدلُّ علي صحة قول القاضي عياض أنَّ المتصفِّحَ لرواية ابن بكير يجدها متفقة في الغالب مع روايات غيره في ذكر الكتب والأبواب والأحاديث، فلو صح ما ذُكر عن ابن معين لوُجد ما يبيّن ذلك من نقص أو اختلاف بين الروايات الأخري. ثمَّ إنَّ هذا الكلام فيه قدحٌ في الإمام مالك، فكأنَّه لا يدري ما يُقرأ عليه، وهو الحافظ الناقد المتيقّظ، ثمَّ إنَّ حوله أصحابًا يحفظون الموطأ، فلو غَيّر حبيبٌ شيئًا منه لتنبّه الشيخُ وفطن التلاميذُ، والله أعلم بالصواب. ¬

_ (¬1) تهذيب التهذيب (11/ 208، 209). (¬2) ترتيب المدارك (3/ 370).

قال القاضي عياض: "وقد ضعَّف أئمّةُ الصنعة روايةَ مَن سمع الموطأ علي مالك بقراءة حبيب كاتبه؛ لضعفه عندهم، وأنَّه كان يخطرف الأوراق حين القراءة ليتعجَّل، وكان يقرأ للغرباء، وقد أُنكِرَ هذا الخبرُ علي قائله؛ لحفظ مالك لحديثه، وحفظ كثير من أصحابه الحاضرين له، وأنَّ مثل هذا ممّا لا يجوز علي مالك، وأنَّ العرض عليه لم يكن من الكثرة بحيث تُخطرف عليه الأوراق ولا يفطن هو ولا من حضر، لكن عدم الثقة بقراءة مثله مع جواز الغفلة والسهو عن الحرف وشبهه، وما لا يُخلُّ بالمعنى مُؤثِّرة في تصحيح السماع كما قالوه، ولهذه العلَّة لم يخرِّج البخاري من حديث ابن بكير عن مالك إلَّا القليل، وأكثر عنه عن الليث، قالوا: لأنَّ سماعه كان بقراءة حبيب، وقد أنكر هو ذلك" (¬1). قلت: وروى القاضي عياض وابن بشكوال بسنديهما عن أسلم بن عبد العزيز قال: قال بقي بن مخلد: "لما وضعت مسندي جاءني عبيد الله وإسحاق ابنا يحيى بن يحيى فقالا لي: بلغنا أنك وضعتَ كتابًا قدّمتَ فيه أبا مصعب الزهري ويحيي بن بكير، وأخّرت أبانا، فقلت لهما: أمَّا تقديمي لأبي مصعب فلقول رسول الله - صلي الله عليه وسلم -: "قدِّموا قريشًا ولا تَقَدَّموها"، وأمَّا تقديمي لابن بكير فلسنِّه، وقد قال رسول الله - صلي الله عليه وسلم -: "كبِّر كبِّر"، ولأنه سمع الموطأ من مالك سبع عشرة مرة، وأباكما لم يسمع منه إلا مرة واحدة، فخرجا من عنده، وخرجا معه إلي حدّ العداوة" (¬2). فهذا دليل أنَّ رواية ابن بكير صحيحة عن مالك، زيادة علي ما تقدَّم. ¬

_ (¬1) الإلماع (ص: 77). (¬2) الغنية (ص: 98)، الصلة (1/ 82)، والسند صحيح إلي بقيٍّ.

• نسخ الكتاب الخطية: وقفت لرواية ابن بكير علي ثلاث نسخ خطية، نسخة كاملة، والأخري ناقصة، والثالثة لا أدري حقيقة حالها، والكتاب لم يُطبع بعد، وهو جدير بذلك. النسخة الأولي: نسخة مكتبة السليمانية بتركيا، وهي كاملة، وتوجد سورة منها بالجامعة الإسلامية تحت رقم: (2228). وتمتاز هذه النسخة بكمالها، ثم هي مقابلة كما تشير الدوائر المنقوطة فيها. كتبها موسي بن عبيد بن داود الدمشقي الصوفي في العشر الأخير من شهر ربيع الآخر سنة خمس وثمان وسبعمائة، وعليها سماع في آخرها. النسخة الثانية: نسخة دار الكتب الظاهرية، وتوجد سورة منها في الجامعة الإسلامية. وهذه النسخة متقنة، إلا أنها ناقصة من أولها، فتبدأ من كتاب الزكاة، إلي آخر الموطأ. وهي مجزّأة إلي ثمانية عشر جزءا، تبدأ بالرابع لفقدان الأجزاء الثلاثة الأول، وفي بداية كل جزء ونهايته توجد سماعات، وتاريخ نسخها سنة (600 هـ). ويُلاحظ علي النسخة أن بعض أوراقها من كتاب الحج اختل ترتيبها، ففي (اللوحة 249) -وهي من كتاب الجامع- ذُكرت فيها بعض أبواب كتاب الحج، واستمرت إلي (اللوحة 255). وخط النسخة جيّد مقروء. النسخة الثالثة: نسخة المكتبة الأزهرية برقم: (445)، ووقع لي بعض أوراقها مصوّرة، ولا أدري هل النسخة كاملة أم لا.

رواية يحيى بن يحيى النيسابوري

رواية يحيى بن يحيى النيسابوري • التعريف بصاحب الرواية: يحيى بن يحيى بن بكر بن عبد الرحمن بن يحيى بن حماد التميمي الحنظلي، أبو زكريا النيسابوري، توفي سنة (226 هـ)، وهو ابن أربع وثمانين سنة. • ثناء العلماء عليه: أثنى عليه العلماء ثناء عطرًا، ووصفه بعضهم بريحانة أهل خراسان، ووثّقه أحمد، والنسائي، وإسحاق بن راهويه، وابن حبان، وغيرهم (¬1). وقال الإمام أحمد: "ما أخرجت خراسان بعد ابن المبارك مثل يحيى بن يحيى" (¬2). • سماعه من مالك: قال ابن عبد البر: "روي عن مالك الموطأ، وقيل: إنه قرأه عليه" (¬3). مكانته في الرواية عن مالك: رضي الإمام مسلم روايةَ يحيى بن يحيى النيسابوري، وما في صحيحه من حديث مالك غالبه من رواية يحيى بن يحيى النيسابوري، وهو ثقة متفق عليه. ¬

_ (¬1) الانتقاء لابن عبد البر (ص: 112)، تهذيب الكمال (32/ 34)، السير (10/ 512)، تهذيب التهذيب (11/ 259). (¬2) العلل ومعرفة الرجال (3/ 437 - رواية عبد الله-). (¬3) الانتقاء (ص: 112).

المبحث الثالث: الموارد التي صرح المصنف بأسمائها

المبحث الثالث: الموارد التي صرح المصنِّف بأسمائها: الأطراف، لأبي مسعود الدمشقي إبراهيم بن محمد (ت 401 هـ). نقل منه المصنف في موضعين، ففي الموضع الأول (ل: 7 / أ) ذكر اسم المؤلف دون كتابه، وذكر كتابه في (ل: 204/ ب) وسماه الأطراف. قال الخطيب البغدادي: "كان له عناية بصحيحي البخاري ومسلم، وعمل تعليقة أطراف الكتابين" (¬1). وقال الذهبي: "مصنّف كتاب أطراف الصحيحين" (¬2). ويوجد من كتاب أبي مسعود الدمشقي الجزء الرابع، ويقع في (140) ورقة، وفيه بقية مسند أبي هريرة، ومسند عائشة، وفاطمة، وأم سلمة، وحفصة، وأم حبيبة، وميمونة. وهو من محفوظات دار الكتب الظاهرية بدمشق، وله سورة فيلمية في الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية برقم: (3303). الأحكام، لإسماعيل بن إسحاق بن إسماعيل بن حماد بن زيد بن درهم أبو إسحاق الأزدي المالكي، (ت 282 هـ). نقل منه في موضعين (ل: 173/ ب)، و (ل: 242/ ب)، وسمّاه في الموضع الثاني الأحكام. قال الخطيب البغدادي: "وصنّف في الاحتجاج لمذهب مالك والشرح ¬

_ (¬1) تاريخ بغداد (6/ 173). (¬2) السير (17/ 228).

له ما صار لأهل هذا المذهب مثالًا يحتذونه، وطريقا يسلكونه، وانضاف إلى ذلك علمه بالقرآن، فإنه ألّف في القرآن كتبا تتجاوز كثيرًا من الكتب المصنفة فيه، ومنها كتابه في أحكام القرآن، وهو كتاب لم يسبقه إليه أحد من أصحابه إلي مثله" (¬1). وقال ابن العربي بعد أن ذكر تفسير الطبري: "وأعظم من انتقي منه الأحكام بصيرة: القاضي أبو إسحاق، فاستخرج دُررها واستحلب دِررها، وإن كان قد غيّر أسانيدها لقد ربط معاقدها، ولم يأت بعدهما من يلق بهما" (¬2). وذكره الحافظ ابن رجب في شرحه علي صحيح البخاري في عدة مواضع (¬3)، وسمّاه: أحكام القرآن، وممّن نقل منه أيضًا الحافظ ابن حجر، وسماه أحكام القرآن (¬4). ويوجد من الكتاب قطعة في تونس. الاستدراكات لأبي الحسن الدارقطني (ت: 385 هـ). نقل منه المصنف في عدة مواضع من كتابه، انظر مثال ذلك: (ل: 21/ ب)، (ل: 35/ ب)، (ل: 55/ ب)، (ل: 79 ا/ أ)، (ل: 114 / أ)، (ل: 125/ ب). ¬

_ (¬1) تاريخ بغداد (6/ 285)، وانظر: السير (13/ 340). (¬2) أحكام القرآن (1/ 3). (¬3) فتح الباري: (2/ 244، 338)، (8/ 193)، (9/ 258). (¬4) العجاب في بيان الأسباب (1/ 544، 611).

ويُسمي الكتاب الاستدراكات كما ذكره الداني، ويُسمَّي أيضًا التتبع، وممن سماه الاستدراكات القاضي عياض، قال: "الاستدراكات علي البخاري ومسلم، وهو كتاب التتبع أيضًا" (¬1)، وسمّاه ابن خير: الاستدراكات (¬2)، وسمّاه محمد بن أحمد المالكي: التتبع علي البخاري ومسلم (¬3). وطُبع الكتاب بتحقيق الشيخ مقبل بن هادي الوادعي بعنوان الإلزامات والتتبع، ضمّن فيه كتابي الدارقطني، وسيأتي ذكر الإلزامات في موضعه. البارع لأبي علي القالي إسماعيل بن القاسم بن هارون البغدادي، مولي عبد الملك بن مروان، وتوفي بقرطبة سنة (356 هـ). نقل منه الصنف في موضع واحد (ل: 217/ أ). ذكر الحميدي كتابه البارع، وقال: "كاد يحتوي علي لغة العرب" (¬4). وقال الذهبي: "البارع في اللغة، في عشر مجلدات، لكنه ما تممّه" (¬5). ونشر جزءًا من الكتاب هاشم الطعان في مجلد بمكتبة النهضة ببغداد ودار الحضارة العربية بيروت، عام (1975 م)، واعتمد علي نسختين ¬

_ (¬1) الغنية (ص: 133). (¬2) الفهرسة (ص: 204). (¬3) ما ورد به الخطيب البغدادي دمشق (ص: 301 / رقم: 473). (¬4) جذوة المقتبس (ص: 156). (¬5) السير (16/ 46).

ناقصتين ذكرهما فؤاد سزكين (¬1). التاريخ (الأوسط) للبخاري (ت 256 هـ). نقل المصنف في موضع واحد (ل: 8/ ب) من التاريخ الأوسط للبخاري، ولم يذكر اسمه كاملًا، وقال: "خرّجه البخاري في التاريخ". وهذا النقل من الأوسط المطبوع باسم الصغير، ولم أجده في الكبير، ونقل المصنف أيضًا في مواضع كثيرة عن تاريخ البخاري، ولم يبيّن من أي التواريخ نقل، لكن عامة النقولات موجودة في الكبير، وهو المراد عند الإطلاق. وطُبع كتاب التاريخ الأوسط عدة طبعات باسم التاريخ الصغير وهمًا وخطأ، وقد بيّن الباحث موفق بن عبد القادر هذا الخطأ، وأنَّ ما طُبع باسم الصغير هو الأوسط (¬2)، ثم طُبع باسم الأوسط بتحقيق: محمد بن إبراهيم اللحيدان بدار الصميعي، سنة (1418 هـ). التاريخ الكبير للبخاري. عزا المصنف كتاب التاريخ للبخاري في عدة مواضع منها: (ل: 12/ ب)، (ل: 13 / أ)، (15/ ب)، (31/ أ)، (34/ ب)، (38 /أ)، (77/ ب)، (94/ ب)، (101 / أ)، (119 / أ)، (130 / ب)، (142/ ب)، وذكره باسم التاريخ، ولم يصرح في غالب هذه المواضع باسمه كاملًا إلّا ما ¬

_ (¬1) تاريخ التراث (8/ 2 / 487). (¬2) انظر: توثيق النصوص وضبطها عند المحدّثين (ص: 85 - 92).

جاء في (12/ أ) قوله: "وذكره البخاري فكتاباب: الحاء من التاريخ"، وكذ (في (ل: 130/ ب) قال: "وحكي البخاري في حرف العين من تاريخه"، ولا شك أنَّ المرتَّب علي الحروف هو التاريخ الكبير، وصرّح في موضع واحد (ل: 194/ أ) باسمه كاملا: التاريخ الكبير. وطُبع كتاب التاريخ للبخاري ابدائرة المعارف العثمانية في حيدر آباد الدكن (الهند)، وصوّرته دار الكتب العلمية ببيروت، ونُشر في ثمان مجلدات. التاريخ ليحيى بن معين، رواية أبي الفضل العباس بن محمد الدوري (ت: 271 هـ). نقل المصنف في عدة مواضع من تاريخ ابن معين، واستجاز نسبته لابن معين؛ لأنَّ المادة العلمية منه، والمعروف أن ابن معين لم يصنِّف كتابًا في التاريخ أو الرواة، وإنَّما هي أسئلة سألها عنه تلاميذه وأثبتوها في كتب نُسبت بعد ذلك للإمام يحيى بن معين رحمه الله، وأشهر تلك السؤالات تاريخ ابن معين برواية الدوري، والذي يظهر أنَّ المصنف اعتمد ما في هذا الكتاب، والنقولات التي نقلها موجودة فيه، منها: (32/ ب)، (54/ ب)، (58/ ب)، (67/ أ)، وصرح في هذا الموضع باسم التاريخ، وكذا صرح في (ل: 77/ أ). ونقل المصنف أيضًا أقوالًا عدَّة عن ابن معين، إلَّا أنَّ تلك الأقوال صرح بنقلها من كتاب الساجي، وبعضها عن ابن عبد البر. وقال ابن عبد البر: "عندنا تاريخ يحيى بن معين كلُّه من رواية عباس عنه" (¬1). ¬

_ (¬1) الاستيعاب (1/ 158).

والكتاب حقّقه الدكتور أحمد نور سيف، وحصل به علي درجة الدكتوراه من جامعة الأزهر بالقاهرة عام 1396 هـ طُبع بمركز البحث العلمي بجامعة أم القري في أربع مجلّدات عام (1399 هـ). تاريخ الفقهاء، لأبي إسحاق إبراهيم بن علي بن يوسف الفيروزبادي، الشيرازي الشافعي. نقل المصنِّف من كتاب تاريخ الفقهاء في موضع واحد (ل: 196/ ب). وطُبع الكتاب باسم طبقات الفقهاء سنة (1970 م) بتحقيق: إحسان عباس. التاريخ، لأحمد بن شعيب النسائي (ت: 303 هـ). نقل المصنف من كتاب التاريخ في مواضع عدة، منها: (9/ أ، ب)، (13/ ب)، (60/ أ)، (123/ ب)، وذكره باسمه في موضع واحد (85/ ب)، وسماه في موضع آخر (ل: 134/ ب) بكتاب الرجال، ونقل نقلًا واحدًا في الموضعين كليهما. ولم أقف علي من ذكر للنسائي كتابًا باسم التاريخ، والمصنِّف ذكره مرة باسم التاريخ، ومرة أخري باسم الرجال، والذي يظهر أنَّه كتابه التمييز، واسمه: أسماء الرواة والتمييز بينهم (¬1)، وينقل منه ابن خلفون كثيرًا في أسماء شيوخ مالك. ¬

_ (¬1) ذكره المزي في تهذيب الكمال (1/ 151)، والسخاوي في بغية الراغب المتمني (ص: 95)، وذكره في الإعلان بالتوبيخ: (ص: 221) باسم: التمييز.

ترتيب الفقهاء، لأبي جعفر الطبري (ت: 310 هـ). نقل المصنف من كتاب ترتيب الفقهاء في موضع واحد (ل: 179/ أ)، ونقل أيضًا عن الطبري في (ل: 36 / أ) ولم يسمِّ كتابه. ولم أقف علي من ذكر كتابًا للطبري بهذا الاسم، ويذكر أبو محمد الفرغاني -تلميذ الطبري- أنَّ من مؤلفات شيخه: - ترتيب العلماء، قال: "وهو من كتبه النفيسة، ابتدأه بآداب النفوس، وأقوال الصوفية ولم يتمّه. - وكتاب البسيط: خرج منه كتاب الطهارة، فجاء في نحو من ألف وخمسمائة ورقة؛ لأنه ذكر في كل باب منه اختلاف الصحابة والتابعين، وحجة كل قول، وخرج منه أيضًا أكثر كتاب الصلاة، وخرج منه آداب الحكام" (¬1). ويذكر بعض العلماء هذا الكتاب باسم: ترتيب العلماء من بسيط القول. ولعل هذا كتاب واحد، وما ذكر فيه من آداب النفوس إنما هو كالمقدمة لكتاب البسيط في الفقه. وقد وقف الإمام المازَري المالكي علي كتاب للطبري فيه مسائل الخلاف، ذكر البرزلي عنه أنَّه قال: "ثم أتي رجل شامي بكتاب الطبري في مسائل الخلاف ألف منه مائة مجلّد ولم يتمَّه، فقال أبو محمد عبد الحميد: بلغني أنَّ رجلًا جلب كتابًا للمهدية في مائة مجلّد لم تتم أجزاؤه، ¬

_ (¬1) السير (14/ 273، 374)، وانظر طبقات الشافعية للسبكي (3/ 122).

فاستعرتُ منه كتابًا فوجدته كتاب الطلاق قبل النكاح" (¬1). التصحيف، للإمام الدارقطني. نقل المصنف من كتاب التصحيف في موضعين: (73/ أ)، (197/ ب). والكتاب ذكره الدارقطني نفسه في كتابه المؤتلف والمختلف (¬2)، وذكره عدد من الأئمة، كابن خير (¬3)، وسمّاه: تصحيفات المحدّثين، وابن الصلاح (¬4)، والمالكي (¬5). وقال السيوطي: "أورد الدارقطني في كتاب التصحيف كلَّ تصحيف وقع للعلماء، حتي في القرآن" (¬6). التعريف برجال الموطأ، لأبي عبد الله محمد بن يحيى بن أحمد بن محمد التميمي، يُعرف بابن الحذاء، (ت: 410 هـ). ذكره المصنف في موضع واحد من كتابه (ل: 224/ ب). والكتاب ذكره أبو عبد الله الخولاني فيما نقله القاضي عياض، وسمّاه التعريف برجال الموطأ أربعة أسفار (¬7). ¬

_ (¬1) جامع مسائل الأحكام للبرزلي (1/ ل: 203/ أ)، نقلًا عن مقدّمة شرح التلقين للمازري (رسالة ماجستير) للباحث جمال عزّون (ص: 176). (¬2) (4/ 2303). (¬3) الفهرست (ص: 204). (¬4) علوم الحديث (ص: 252)، وقال: "تصنيف مفيد". (¬5) ما ورد به الخطيب مدينة دمشق (ص: 294/ رقم: 288). (¬6) تدريب الراوي (2/ 282). (¬7) ترتيب المدارك (8/ 5).

وذكره أيضًا ابن بشكوال في الصلة، وقال: "ومن تأليفه كتاب: التعريف بمن ذُكر في موطأ مالك من النساء والرجال" (¬1)، وذكره ابن الأبار وسماه: التعريف (¬2)، وقال ابن خير: "التعريف في رجال الموطأ" (¬3)، ونقل منه الذهبي، وسماه: رجال الموطأ (¬4). وكُتب في بداية نسخة القرويين (993) من الكتاب: قال القاضي أبو عبد الله محمد بن يحيى بن الحذاء رضي الله عنه: "هذا كتاب جمعت فيه من ذُكر في موطأ مالك بن أنس رحمه الله من الرجال والرواة وغيرهم من الصحابة والتابعين والتابعين بعدهم من المعروفين والمجهولين". ويوجد لكتاب ابن الحذاء ثلاث نسخ خطية، وهي: 1 - نسخة القرويين بفاس (المغرب) (برقم: 993)، وتقع في (146) ورقة. 2 - وأخرى بنفس الخزانة برقم: (179)، وتقع في (42) ورقة. 3 - ونسخة ثالثة بخزانة زاوية تنغملت بقرب مدينة أزيلال (المغرب) (برقم: 230). وذكر فؤاد سزكين نسخة أخري بالقرويين برقم: (118) (¬5)، لكن أخبرني من اطلَّع عليه أنَّه كتاب آخر. ¬

_ (¬1) الصلة (2/ 479). (¬2) المعجم في أصحاب أبي علي (ص: 266). (¬3) الفهرسة (ص: 93). (¬4) في الميزان (3/ 197). (¬5) تاريخ التراث (1/ 3/ 139).

ولديَّ من الكتاب نسخة مصورة عن نسخة القرويين (برقم: 993)، وبها تآكل في أطرافها، مع رداءة التصوير في بعض أوراقها مما يقلِّل الاستفادة منها. 13/ التفرّد، لأبي داود السجستاني صاحب السنن. نقل المصنف من كتاب التفرد في مواضع كثيرة من كتابه، منها: (30/ أ)، (48 / أ)، (50/ ب)، (79/ أ)، (87/ أ)، (134/ ب)، (142/ ب). وذكر الكتاب ابن خير الإشبيلي، وقال: "ما تفرّد به أهل الأمصار في السنن الواردة" (¬1)، وذكره أيضًا المالكي (¬2)، والقاضي عياض (¬3)، وسمياه: التفرد، وكذا الحافظ ابن رجب في شرحه على صحيح البخاري (¬4). وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "يبيّن ما اختص به أهل كل مصر من الأمصار من السنن التي لا توجد مسندة عند غيرهم" (¬5). التفسير، لأبي بكر بن المنذر النيسابوري (ت: 318 هـ). نقل المصنف من كتاب التفسير في موضعين (ل: 198/ أ)، (216/ أ). والكتاب ذكره ابن المنذر في كتابه الأوسط (2/ 140)، وسماه: التفسير. ¬

_ (¬1) الفهرسة (ص: 109). (¬2) ما ورد به الخطيب مدينة دمشق (ص: 294/ رقم: 299). (¬3) الغنية (ص: 218). (¬4) فتح الباري (7/ 315). (¬5) مجموع الفتاوى (20/ 242).

وقال الذهبي: "ولابن المنذر تفسير كبير في بضعة عشر مجلدا يقضي له بالإمامة في علم التأويل" (¬1). وذكر سزكين أنَّ منه قطعة صغيرة في مكتبة جوتا بألمانيا (برقم: 521) (¬2). التمهيد لحافظ المغرب ابن عبد البر الأندلسي (ت: 463 هـ). أفاد المصنف كثيرا من كتاب التمهيد، تارة بذكر اسم مؤلفه، وهذا الأغلب (¬3)، وتارة بذكر اسم الكتاب والمؤلِّف (¬4)، وتارة يذكر مؤلفه بعبارة: من الناس، وهذا قليل. وطُبع كتاب التمهيد كاملًا في 26 مجلدًا مع الفهارس، تحت إشراف وزراة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالمملكة المغربية، وصوّر بعد ذلك في كثير من مطبعات العالم، وقام بتحقيقه جماعة من الأساتذة المغاربة. والكتاب يحتاج إلى مزيد من التحقيق والتدقيق، ففيه تصحيف ونقص في بعض الواضع (¬5). التمييز للإمام مسلم بن الحجاج النيسابوري (ت: 261 هـ). نقل المصنف منه في مواضع عدة من كتابه، منها: (3/ ب)، (36/ أ)، ¬

_ (¬1) السير (14/ 492). (¬2) تاريخ التراث العربي (1/ 3/ 202). (¬3) انظر مثلًا: (ل: 3/ ب)، (13/ أ)، (25/ ب). (¬4) (ل: 259/ أ). (¬5) انظر: ما كتبه د- محمد عبد النبي! في مجلة الموافقات (المعهد العالي لأصول الدين بالجزائر) العدد الرابع والخامس بعنوان: ملاحظات على تحقيق التمهيد لابن عبد البر، ولم يستوعب ذكر الأخطاء.

(46/ أ)، (50/ ب)، (67/ ب)، (85/ ب)، (88/ أ). وذكر كتاب التمييز عددٌ من الأئمة في كتبهم، كابن خير (¬1)، والمالكي (¬2)، والحافظ ابن رجب في عدة مواضع من فتح الباري (¬3). وطُبعت قطعة صغيرة من كتاب التمييز للإمام مسلم ضمن كتاب: منهج النقد عند المحدّثين نشأته وتاريخه للأستاذ الدكتور: محمد مصطفى الأعظمي. 17/ توجيه الموطأ، لأبي محمد يحيى بن شراحيل. نقل المصنف منه في مواضع من كتابه (55/ ب)، (ل: 186/ أ)، (215/ أ)، (235/ أ)، إلّا أنه لم يصرح باسم الكتاب إلّا في الموضع الثاني. ويحيى بن شراحيل لم أقف على ترجمته، سمّاه المصنِّف يحيى بن شراحيل، وكنَّاه أبا محمد، ونسبه مرّة فقال: "القرطبي"، وذكر عنه أنَّه قال: "سألت النسائي". وفي أعلام الأندلسيين يحيى بن شراحيل، أبو زكريا (ت 372 هـ)، ذكره ابن الفرضي وذكر أنَّ من مؤلفاته توجيه حديث الموطأ، إلّا أنَّه كنّاه أبا زكريا، ولم يذكره بالرواية عن النسائي، ولا ذكر له رحلة إلى المشرق حتى يلقى النسائي، بل قال: "كان حافظًا للمسائل على مذهب مالك، عاقدًا للشروط، ولم تكن له رواية تشتهر عنه، ¬

_ (¬1) الفهرسة (ص: 212). (¬2) تسمية ما ورد بن الخطيب (ص: 296/ رقم: 338). (¬3) انظر: (1/ 364)، (3/ 222)، (5/ 158، 172)، (9/ 129، 405).

وكان موصوفًا بالعلم، معدودًا من أهله" (¬1). ولا أظنّه المعنيَّ ها هنا، وإن كانا اشتركا في الاسم واسم الأب، والكتاب الذي ألَّفاه، والله أعلم بحقيقة الحال. 18/ الجامع (صحيح البخاري). نقل المصنِّف مِن الجامع الصحيح للبخاري في مواضعَ كثيرةٍ جدًّا، وسمّاه بالجامع، وبالصحيح، وبالمسند الصحيح. وصحيح البخاري أصحُّ كتاب بعد كتاب الله عزّ وجلّ، وتلقته الأمَّة بالقبول، واسمه: الجامع المسند من حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسننه وأيامه. انتشر صحيح البخاري في العالم انتشارًا واسعًا، مخطوطه ومطبوعه، وطُبع كرات عديدة، وأجود نسخ البخاري المخطوطة نسخة مكتوبة بخط أبي عمران موسى بن سعادة الأندلسي -وهو من أقران المصنف- سمعها على أبي علي الصدفي مرات عديدة عن الباجي عن أبي ذر عن شيوخه الثلاثة الكشميهني، والمستملي والسرخسي، عن الفربري عن البخاري، وهذه النسخة هي معتمد المغاربة، ولديّ الخمس الثاني من الأصل، منقولة بالتصوير الشمسي، اعتنى بنشرها: لافي بروفنسال (باريس) (1347 هـ، 1928 م). ولمحمد عبد الحي الكتاني جزء في وصف هذه النسخة السعادية، وبيان أهميتها، سماه: التنويه والإشادة بمقام رواية ابن سعادة، ولديَّ صورة من نسخة المصنِّف. ¬

_ (¬1) تاريخ العلماء (2/ 190، 191).

19/ الجامع، لعبد الله بن وهب المصري. نقل منه المصنِّف في موضع واحد (ل: 218/ أ)، وقال: "رواه ابن وهب في جامعه". والكتاب ذكره ابن الفرضى (¬1)، والحميدي (¬2)، والقاضي عياض (¬3). وطُبعت قطعة من الجامع في الحديث لابن وهب، بتحقيق: د. مصطفى حسن حسين أبو الخير، ونال بها الباحث درجة العالية العالية الدكتوراه، وهذا القسم المطبوع يحوي: كتاب الأنساب، والصمت، والخاتم. 20/ الجامع، للإمام أبي عيسى الترمذي (ت: 297 هـ). نقل المصنف من كتاب الجامع في مواضع كثيرة من كتابه، وصرّح باسمه في (ل: 70/ أ). واعتمد المصنف على أكثر من نسخة، يشير إلى ذلك قوله: "وهذا في بعض نسخ الجامع للترمذي، ثبت في بعض الروايات وسقط من بعضها" (¬4). وكتاب الترمذي هو أحد الكتب الستة التي عليها مدار السنة، وأحاديث الأحكام، واسمه: الجامع الصحيح، ويُعرف يحامع الترمذي، أو سنن الترمذي. وطُبع كتاب الترمذي عدة طبعات، وأهمها طبعة الشيخ أحمد محمد شاكر، لكن لم يتمّها تحقيقا وشرحا، وأتمّها غيره، وطُبعت في خمس مجلدات. ¬

_ (¬1) تاريخ العلماء (1/ 314). (¬2) جذوة المقتبس (ص: 261). (¬3) الغنية (ص: 163). (¬4) انظر: (ل: 251/ أ).

21/ الجرح والتعديل، لابن أبي حاتم الرازي (ت: 327 هـ). نقل المصنف من كتاب الجرح والتعديل في عدة مواضع من كتابه، وذكر أقوال أبي حاتم وأبي زرعة، منها (ل: 9/ أ، ب)، (12/ أ)، (22/ أ)، (70/ أ)، (82/ ب)، (108/ ب). ولم يصرح في هذه المواضع باسم الكتاب، إلا أنه قال في (ل: 22/ أ): "وأبو حاتم في كتابه في الرجال". والواقع أن الكتاب لابن أبي حاتم، وإن كانت المادة العلمية غالبها استفادها من أبيه، فلعل المصنف استجاز نسبته لأبي حاتم من هذا الباب. وذكر في (ل: 108/ ب) اسم أغر، وقال: "أدخله ابن أبي حاتم في باب: من اسمه أغر"، فنسب الكتاب للابن لا الأب. قال الذهبي: "له كتاب نفيس في الجرح والتعديل" (¬1). طُبع كتاب الجرح والتعديل كاملًا بتحقيق العلامة عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني بمطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية بحير آباد، وصوّرته دار الكتب العلمية ببيروت، ويقع في تسع مجلدات مع التقدمة للكتاب. 22/ رواة الصحيحين، لأبي القاسم اللالكائي هبة الله بن الحسن بن منصور الرازي الطبري (ت: 418 هـ). نقل المصنف من كتاب اللالكائي في رجال الصحيحين في موضع واحد (ل: 58/ ب). ¬

_ (¬1) السير (13/ 264).

وكتابه ذكره الخطيب البغدادي فقال: "صنف كتابًا في السنن وكتابًا في معرفة أسماء مَن في الصحيحين" (¬1). • الرجال: انظر كتاب التاريخ للنسائي. 23/ السنن، لأبي داود السجستاني. ذكره المصنف في مواضع كثيرة جدا، وسماه السنن. ولسنن أبي داود عدة روايات، وأشهر الروايات عند المغاربة رواية أبي بكر محمد بن بكر بن داسة التمار (ت 346 هـ) (¬2)، ومع ذلك اعتمد المصنف غير هذه الرواية لبيان زيادة أو فائدة، كما يشير قوله في (ل: 131/ أ): "وفي رواية ابن الأعرابي عنه"، وفي (ل: 14/ ب): "وهذا في بعض الروايات لأبي داود". وكتاب أبي داود هو أحد الكتب الستة التي عليها مدار السنة، وأحاديث الأحكام، واسمه: السنن، طُبع الكتاب عدة طبعات. 24/ السنن لأبي الحسن للدارقطني. نقل المصنف من كتاب السنن في مواضع كثيرة من كتابه، منها: (ل: 26/ أ)، (34/ أ)، (50/ أ، ب)، (53/ ب)، (55/ ب)، (64/ أ)، (66/ ب)، (102/ ب)، (131/ أ)، (132/ أ). قال الخطيب البغدادي: "كتاب السنن الذي صنّفه يدل على أنه كان ¬

_ (¬1) تاريخ بغداد (14/ 70). (¬2) غاية المقصود (1/ 40).

ممن اعتنى بالفقه؛ لأنه لا يقدر على جمع ما تضمّن ذلك الكتاب إلا من تقدّمت معرفته بالاختلاف في الأحكام" (¬1). وطُبع كتاب السنن للدارقطني، وبهامشه: التعليق المغني على الدارقطني لأبي الطيب محمد آبادي، وصُوّر عدة مرات. 25/ السنن، لأبي محمد قاسم بن أصبغ القرطبي (ت: 240 هـ). نقل المصنف من كتاب السنن لقاسم في مواضع كثيرة، منها: (ل: 7/ أ، ب)، (14/ ب)، (27/ أ)، (40/ أ)، (53/ أ، ب)، (67/ أ)، (72/ أ)، (73/ ب)، (76/ أ)، (86/ أ)، (92/ أ)، (127/ أ)، (102/ ب). وصرح في موضعين باسم الكتاب: (ل: 27/ أ)، (ل: 92/ أ). قال الحميدي: "صنّف في السنن كتابًا حسنًا" (¬2). واعتمده كثيرًا ابن القطان الفاسي في بيان الوهم والإيهام، وذكر ابن خير أنَّ له مصنّفًا صنّفه على كتاب أبي داود، ثم قال: "وهو كتاب متقن حسن"، ونقل عن أبي علي الجياني قوله: "وكان قاسم بن أصبغ ومحمد بن عبد الملك بن أيمن قد رحلا جميعًا من الأندلس ووصلا العراق سنة (276 هـ)، فوجدا أبا داود السجستاني قد توفي قبل وصولهما بيسير، مات سنة خمس وسبعين، فلما فاتهما أبا داود عمل كلُّ واحد منهما مصنَّفًا في السنن على تراجم كتاب أبي داود، وخرَّجا الحديث من روايتهما عن ¬

_ (¬1) تاريخ بغداد (12/ 35). (¬2) جذوة المقتبس (ص: 311).

شيوخهما، وهما مصنَّفان جليلان" (¬1). 26/ السنن الكبرى، للنسائي. نقل المصنف من كتاب السنن الكبرى للنسائي في مواضع كثيرة جدًّا، ولم يسمّه، واقتصر على ذكر المصنِّف فقط، إلّا أنَّ تلك النقولات كلّها من السنن الكبرى، وبعضُها لا وجود لها في الصغرى (المجتبى) ممَّا يدل أنَّ المصنِّف اعتمد على الكبرى دون الصغرى، وما يدل على ذلك أيضًا أنَّ المصنف ذكر كتاب عشرة النساء فقال: "عشرة النساء من مصنف النسائي" (ل: 199/)، وكتاب عشرة النساء مبثوث في السنن الكبرى دون الصغرى. قال الحافظ ابن كثير: "قد جمع السنن الكبير وانتخب منه أقل حجمًا منه بمرات، وقد وقع لي سماعهما" (¬2). وقال محمد بن معاوية بن الأحمر -أحد رواة السنن-: قال النسائي: "كتاب السنن كله صحيح وبعضه معلول، إلَّا أنَّه لم يبيّن علته والمنتخب منه المسمى بالمجتبى صحيح كله" (¬3). وطُبع كتاب السنن الكبرى بتحقيق: عبد الغفار البنداري، وسيد كسروي، في سبعة مجلدات مع الفهارس، طبعته دار الكتب العلمية ببيروت (1411 هـ). ¬

_ (¬1) الفهرسة (ص: 124). (¬2) البداية والنهاية (11/ 123). (¬3) النكت (1/ 484).

27/ الشمائل، للترمذي. نقل المصنف من كتاب شمائل الترمذي في موضع واحد (ل: 201/ أ). ذكر كتاب الترمذي العديد من العلماء في كتبهم، كابن خير (¬1)، وسماه: شمائل النبي - صلى الله عليه وسلم -، والقاضي عياض (¬2)، وسماه: شمائل النبي عليه السلام، والذهبي (¬3)، وابن حجر (¬4)، وهو من مصادر المزي في تهذيب الكمال، وتحفة الأشراف، وطُبع مرات عديدة. 28/ الصحابة، لأبي عمر بن عبد البر القرطبي. نقل المصنف من كتاب ابن عبد البر نقولات عدة، منها: (ل: 31/ أ)، (139/ ب)، (141/ أ)، (170/ ب)، (195/ ب)، وذكره باسم الصحابة. ذكر كتاب ابن عبد البر كثيرٌ من العلماء، واختلفت تسميتهم، فاقتصر بعضهم على تسميته بكتاب الصحابة اختصارًا كالقاضي عياض (¬5)، وابن الأبار (¬6)، وذكر آخرون باسمه الكامل. قال ابن بشكوال: "وجمع في أسماء الصحابة كتابًا جليلًا مقيدًا سمَّاه: الاستيعاب في أسماء الصحابة" (¬7). ¬

_ (¬1) الفهرسة (ص: 150). (¬2) الغنية (ص: 132). (¬3) السير (7/ 158)، وغيرها. (¬4) المجمع الموسس (1/ 204). (¬5) الغنية (ص: 81، 195). (¬6) المعجم في أصحاب أبي علي (ص: 97) (¬7) الصلة (2/ 641).

وقال الحميدي: "ومنها (أي مؤلفاته) كتاب في الصحابة سمَّاه كتاب: الاستيعاب في أسماء المذكورين في الروايات والسير والمصنّفات من الصحابة رضى الله عنهم والتعريف بهم وتلخيص أحوالهم، ومنازلهم، وعيون أخبارهم على حروف المعجم اثنا عشر جزءًا" (¬1). وقال الحافظ ابن حجر: "سمى كتابه الاستيعاب لظنِّه أنه استوعب ما في كتب من قبله، ومع ذلك ففاته شيء كثير، فذيّل عليه أبو بكر بن فتحون ذيلًا حافلًا، وذيّل عليه جماعة في تصانيف لطيفة" (¬2). طُبع كتاب الاستيعاب عدة طبعات، وأشهرها طبعة على محمد البجاوي، بدار الجيل (بيروت) (1412 هـ)، في أربع مجلدات، باسم: الاستيعاب في معرفة الأصحاب، وتصرّف محققه في ترتيب الكتاب، فالمصنف رتّبه على حروف المعجم عند المغاربة، وغيّره المحقق إلى ترتيب المشارقة لتسهيل البحث في الكتاب على حدّ زعمه؟ ! 29/ الصحابة، لأبي جعفر العقيلي، صاحب الضعفاء، (ت: 322 هـ). نقل المصنف من كتاب الصحابة للعقيلي في مواضع: (99/ أ)، (141/ أ)، (255/ ب)، وسمّاه في الموضع الأول باسم: الصحابة. ذكره ابن عبد البر من حملة مصادره فقال: "ومن كتاب أبي جعفر العقيلي محمد بن عمرو بن موسى المكي في الصحابة، أجاز لي عبد الله بن ¬

_ (¬1) جذوة المقتبس (ص: 345). (¬2) الإصابة (1/ 2).

يوسف أبو الوليد عن أبي يعقوب يوسف بن أحمد الصيدلاني المكي عن العقيلي" (¬1). 30/ الصحيح، لابن السكن سعيد بن عثمان أبي علي المصري (ت: 353 هـ). نقل المصنِّف من الكتاب في عدّة مواضع، منها: (ل: 176/ أ)، (184/ أ)، (186/ ب)، وصرّح في الموضع الأخير باسم الكتاب. وذكر كتاب الصحيح لابن السكن ابن الفرضي، وسماه: الصحيح من السنن (¬2). وقال الإمام الذهبي: "كان ابن حزم يثني على صحيحة المنتقى، وفيه غرائب" (¬3). وقال ابن عساكر: "ورأيت له جزءًا من كتاب كبير صنفه في معرفة أهل النقل، يدل على توسع في الرواية، إلّا أنَّ فيه أغاليط" (¬4). وقال الذهبي: "جمع وصنَّف، وجَرَّح وعدَّل، وصحَّح وعلَّل، ولم نرَ تواليفه، هي عند المغاربة" (¬5). ¬

_ (¬1) الاستيعاب (1/ 24). (¬2) تاريخ العلماء (1/ 97). (¬3) السير (16/ 118)، وذكر قول ابن حزم في (18/ 202)، وسمع من يقول: "أجل المصنفات الموطأ، فقال: بل أولى الكتب بالتعظيم صحيحًا البخاري ومسلم، وصحيح ابن السكن. . . ". (¬4) تاريخ دمشق (21/ 219). (¬5) السير (16/ 117).

31/ صحيح مسلم. نقل المصنف من صحيح مسلم في مواضع كثيرة جدًّا. وكتاب مسلم تلقته الأمة بالقبول، وهو المصدر الثاني بعد صحيح الإمام البخاري، واشتهر الكتاب باسم صحيح مسلم، نسبة لمؤلفه، وقال ابن الصلاح: "روينا عن مسلم رضي الله عنه قال: صنفت هذا المسند الصحيح من ثلاثمائة ألف حديث مسموعة". وقال أيضًا: بلغنا عن مكي بن عبدان قال: "سمعت مسلم بن الحجاج يقول: لو أنَّ أهل الحديث يكتبون مائتي سنة الحديث، فمدارهم على هذا المسند، يعني مسنده الصحيح" (¬1). طُبع كتاب مسلم بن الحجاج عدة طبعات، وأشهرها طبعة محمد فؤاد عبد الباقي. 32/ الضعفاء، لأبي يحيى زكريا بن يحيى الساجي (ت: 307 هـ). نقل المصنف من كتاب الضعفاء للساجي في مواضع عدة، منها: (ل: 9/ أ)، (11/ ب)، (13/ ب)، (37/ أ)، (58/ ب)، (60/ ب)، (63/ ب)، (66/ ب)، (67/ أ)، (87/ أ)، (65/ أ)، (119/ أ)، (123/ ب)، (134/ ب)، وذكره في بعض هذه المواضع باسم الضعفاء: (11/ ب)، (63/ ب)، (119/ أ)، (134/ ب). ذكره ابن خير وسماه: الضعفاء والمنسوبين إلى البدعة من المحدّثين، والعلل (¬2). ¬

_ (¬1) انظر: صيانة صحيح مسلم (ص: 67)، وتاريخ بغداد (13/ 101). (¬2) الفهرسة (ص: 210).

وذكره الذهبي باسم العلل وكذا الحافظ ابن حجر (¬1). قال الذهبي: "وللساجي مصنّف جليل في علل الحديث يدلّ على تبحرّه وحفظه، ولم تبلغنا أخباره كما في النفس" (¬2). قلت: وتسمية ابن خير توافق النصوص التي ذكرها المصنف عن الساجي، فذكر منها نصوصًا تتعلق بقوم ضعفاء، وأخرى بقوم رُمُوا بنوع من البدعة كالقدر، وبعلل حديث أقوام آخرين، وسماه بكتاب الضعفاء. وجعلهما د- أكرم العمري كتابين، أحدهما الضعفاء، والآخر كتاب في علل الحديث (¬3)، وهو بعيد. لا يوجد كتاب الساجي كاملًا، وطُبع منه بعض النقولات التي نقلها ابن شاقلا عن الإيادي عن الساجي في رواة ترجم لهم ابن حبان في المجروحين، وحقق هذه النقولات: خليل بن محمد العربي، ضمن كتاب: تعليقات الدارقطني على المجروحين لابن حبان، توزيع: المكتبة التجارية (مكة الكرمة) (1414 هـ). 33/ طرَّة (¬4) كتاب الموطأ، لأبي الوليد هشام بن أحمد بن خالد الوقَّشي الأندلسي (ت: 489 هـ). نقل المصنف من كتاب الوقّشي في موضع واحد (ل: 216/ ب) قال: ¬

_ (¬1) اللسان (2/ 488). (¬2) السير (14/ 199). (¬3) موارد الخطيب البغدادي (ص: 324). (¬4) تُستعمل الطرّة بمعنى الحاشية، انظر: المعجم الوسيط (2/ 554).

"وقال أبو الوليد هشام بن أحمد الوقّشي في طرة هذا الكتاب"، يعني الموطأ. ويوجد من كتاب الوقّشي نسخة خطية بمكتبة الإسكوريال بمدريد (إسبانيا) برقم: (1067) عدد أوراقها: 135 ورقة، ناقصة من أولها، وخطها أندلسي واضح. ولدي صورة منها، وكُتب في (ل: 76/ ب) ما نصّه: "تم النصف الأول من تعليق الشيخ الفقيه الإمام القدوة المتفنن أبي الوليد هشام الوقّشي رحمه الله وعفا عنه، وهو منتسخ من مبيّضته بخطّ يده، وقوبل بها، وصح بعون الله في حادي وعشرين لذي القعدة من عام أربعة عشر وسبعمائة، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطيبين". والكتاب في ضبط ألفاظ الموطأ، وشرح غريبه. 34/ طرّة كتاب الكلاباذي لأبي الوليد الوقّشي (ت: 489 هـ). نقل منه المصنف في موضع واحد (ل: 217/ أ). ولم أقف على من نسب له هذا الكتاب غير المصنف، وكتاب الكلاباذي في رجال البخاري، وسيأتي ذكره. 35/ العلل، للإمام الدارقطني. نقل المصنف من كتاب العلل للدارقطني في مواضع كثيرة لا تكاد تُحصر، وذكره في بعضها باسمه واسم مؤلفه، واقتصر في أكثرها بذكر اسم المؤلف فقط. وكتاب العلل نقل منه الحفاظ الكبار كابن رجب في شرحه على

البخاري، والزيلعي في نصب الراية، وابن حجر في كتبه كالفتح، والتلخيص الحبير، وغيرها. وقال ابن كثير: "وقد جمع أَزِمَّة ما ذكرناه كله الحافظ الكبير أبو الحسن الدارقطني في كتابه في ذلك، وهو من أجَلِّ كتاب، بل أجَل ما رأيناه وُضع في هذا الفن، لم يُسبق إلى مثله، وقد أعجز من يريد أن يأتي بعده، فرحمه الله وأكرم مثواه، ولكن يعوزه شيء لا بدَّ منه، وهو أن يُرتَّب على الأبواب ليقرب تناوله لطلّاب العلم، أو أن تكون أسماء الصحابة الذين اشتمل عليهم مرتَّبين على حروف المعجم ليسهل الأخذ منه، فإنَّه مبدَّد جدًّا، لا يكاد يهتدي الإنسان إلى مطلوبه منه بسهولة" (¬1). وطُبع كتاب الدارقطني بتحقيق: د- محفوظ الرحمن زين الله السلفي رحمه الله، وتولت طباعته دار طيبة (الرياض)، والكتاب يصدر تباعًا ولم تتم طباعته، وطُبع منه (11) مجلدًا، وتوفي المحقق دون إكماله، وقد جعل له فهارس فنيّة يهتدي بها طلبة العلم إلى مطلوبهم بيسر وسهولة، جزاه الله خيرًا. 36/ العلل، للإمام علي بن المديني. نقل المصنف منه في موضع واحد (ل: 11/ ب)، فقال: "ذكره علي بن المديني في العلل بشواهده"، أي حديث ما يُتقى من الضحايا. وذكر السخاوي أنّ لعلي بن المديني تصانيف كثيرة في علم العلل، ¬

_ (¬1) اختصار علوم الحديث (ص: 61).

فقال: "له التصانيف الكثيرة في العلل والرجال" (¬1). وقال ابن كثير: "ومن أحسن كتاب وضع في ذلك وأجلّه وأفحله كتاب العلل لعلي بن المديني شيخ البخاري" (¬2). وقد طُبع كتاب لعلي بن المديني باسم العلل بتحقيق: د. محمد مصطفى الأعظمي، ونشره المكتب الإسلامي سنة (1392 هـ-1972 م) في نحو من (70) صفحة. وطُبع أيضًا باسم طل الحديث ومعرفة الرجال (¬3) بتحقيق: عبد المعطي أمين قلعجي سنة (1400 هـ-1980 م) بدار الوعي بحلب في (125) صفحة. وشكَّك بعض الباحثين أن يكون هذا الجزء هو كتاب العلل، وذكر لذلك عدة أسباب: 1 - أنَّ الأوصاف التي ذكرها ابن كثير وغيره لا تنطبق على هذا الجزء، فكتابُ علي بن المديني قورن بكتاب علل الحديث لابن أبي حاتم، والمطبوع لا مقارنة بينه وبين كتاب ابن أبي حاتم. 2 - أنَّ الكتاب المطبوع احتوى على التعريف بالرواة والمؤلفين، ومن يدور عليهم الإسناد، واحتوى أيضًا على بعض الأحاديت المعلّة. 3 - أنّ ثمة كتاب كان يُعرف عند الأندلسيين باسم: معرفة من يدور ¬

_ (¬1) الإعلان بالتوبيخ (ص: 342). (¬2) اختصار علوم الحديث (ص: 61). (¬3) وبهذا العنوان ذكره فؤاد سزكين في تاريخ التراث (1/ 1/ 294).

عليه الإسناد لعلي بن المديني يتدارسه الطلاب فيما بينهم. 4 - أنَّ سندَ النسخة المحققة فيها انقطاع، ولا يوجد عليها سماعات (¬1). قلت: ويؤيّد ذلك أيضًا: - نقولات العلماء من كتاب العلل لابن المديني، ولا وجود لها في هذا المطبوع، مثاله ما نقله الصنف وصرّح فيه باسم الكتاب. - أنَّ علي بن المديني من المكثرين من التصنيف، فقد صنَّف في كلِّ فن، فلا يُجزم بعنوان كتاب مِن كُتُبه إلّا بعد التأكّد. - ذكر ابن خير الإشبيلي كتابًا لعلي بن المديني وقال: "كتاب الطبقات لعلي بن المديني، جزآن" (¬2). والناظرُ في المطبوع (وهو في حدود الجزئين) يجده يتناول طبقات الرواة، فبدأه علي بن المديني بقوله: "نظرتُ فإذا الإسنادُ يدور على ستَّة، فلأهل المدينة. . . "، وذكر لكلِّ إقليم مَن اشتهر منهم بالإمامة، وذكر طبقات الرواة، وفي آخره بيانٌ لعلل بعض الأحاديث، والله أعلم بالصواب. 37/ الغوامض والمبهمات، لعبد الغني بن سعيد الأزدي (ت: 409 هـ). نقل المصنف منه في موضعين: (ل: 111/ ب)، (208/ أ). وذكر علماء المصطلح أنَّ كتابَ الأزدي أول مصنف في هذا الفن (¬3). ¬

_ (¬1) انظر: علم علل الحديث من خلال بيان الوهم والإيهام (1/ 70 - 72) للأستاذ إبراهيم الصديق. (¬2) الفهرسة (ص: 235). (¬3) انظر: علوم الحديث لابن الصلاح (ص: 339)، إرشاد طلاب الحقائق (ص: 235)، فتح المغيث (ص: 4/ 301).

وذكره العديدُ من العلماء في كتبهم، كابن خير الإشبيلي (¬1)، وابن بشكوال (¬2)، وروى أحاديث من طريقه في كتابه الغوامض والمبهمات، وذكره أيضًا الحافظ ابن حجر (¬3). لكتاب عبد الغني الأزدي عدَّة نسخ خطية. 1 - نسخة بدار الكتب الظاهرية بدمشق (رقم: 1447)، في عشرين ورقة. نسخة أخرى بنفس الدار في إحدى عشر ورقة. 2 - نسخة في مكتبة فيض الله بإسطنبول (تركيا) برقم: (261/ 1)، في عشر ورقات. 3 - نسخة في مكتبة الأوقاف ببغداد (برقم: 2886/ 1). وفي مكتبة المخطوطات بالجامعة الإسلامية صور فيلمية لنسختي الظاهرية (برقم: 410، 4583)، ونسخة بغداد (برقم: 1117). 38/ الكنى، للإمام البخاري. نقل المصنف من كتاب الكنى للإمام البخاري في عدة مواضع (ل: 128/ ب) وقال: ذكره البخاري في أبواب الكنى ولم يسمّه، وفي (131/ أ) وقال: ذكره البخاري في كتاب الكنى ولم يسمّه، وفي (190/ ب)، وقال: "وقال البخاري في الكنى"، وفي (195/ ب) وقال: ¬

_ (¬1) الفهرست (ص: 219). (¬2) الصلة (1/ 328). (¬3) المجمع المؤسس (2/ 276)، وسماه: الغوامض والمبهمات.

"وذكر البخاري هذا الحديث في كتاب الكنى". فالنقلُ الأوَّلُ يوحي أنَّ الكنى ليس كتابًا مستقلًا وإنَّما هو جزءٌ من كتاب التاريخ الكبير، وأمَّا سائر النقولات ففيها بيان أنّه كتاب مستقل عن التاريخ الكبير. وكتب العلامة المعلمي اليماني في آخر كتاب الكنى للبخاري كلمة حول الكنى، هل هو مستقل عن التاريخ أو جزء منه، وأورد عن الحافظ ابن حجر تسميته بالكنى المفردة أو المجردة، والاسمان يحتملان المجردة عن التاريخ الكير، أو الكنى المجردة عن الأسماء، ثم قال في آخر المبحث: "هذا الجزء إن لم يكن من التاريخ فهو تتمة له" (¬1). طُبع كتاب الكنى للبخاري بتحقيق العلامة المعلمي اليماني رحمه الله، وطبعته دائرة المعارف العثمانية بالهند، وصوّر عدة مرات بالطابع البيروتية. 39/ الكنى، لأبي عمر بن عبد البر. نقل منه المصنف في عدة مواضع، منها (ل: 24/ ب)، (25/ أ). ذكره ابن خير، فقال: الاستغناء في أسماء المشهورين من حملة العلم بالكنى (¬2). وقال ابن الصلاح: "ولابن عبد البر في أنواع منه كتب لطيفة رائقة" (¬3). ¬

_ (¬1) آخر الكنى (ص: 96). (¬2) الفهرسة (ص: 214). (¬3) علوم الحديث (ص: 296).

فكأنَّ ابن الصلاح جعلها كتبًا مستقلة في أنواع من الكنى، وابن عبد البر قسّم كتابه إلى ثلاثة أنواع، وهي: 1 - فيمن عُرف من الصحابة بكنيته. 2 - في أسماء المعروفين بالكنى من حملة العلم ممن اشتهر بكنيته. . . 3 - فيمن لم يوقف له على اسم. فهو كتاب واحد فيه عدة أنواع. لذا قال السخاوي: "سمى ابن عبد البر تصنيفه الاستغناء في معرفة الكنى، وهو مجلد ضخم، ولعله اندرج في قول ابن الصلاح: ولابن عبد البر في أنواع منه كتب لطيفة رائقة" (¬1). طُبع الكتاب في ثلاثة مجلدات، بتحقيق: د- عبد الله مرحول السوالمة، ونال به درجة الدكتواره، ونشرته دار ابن تيمية بالرياض (1405 هـ). 40/ الكنى، للإمام مسلم. نقل المصنف من كتاب الكنى لمسلم في عدة مواضع (ل: 70/ أ)، (119/ أ)، (131/ ب). وكتاب مسلم ذكره ابن خير الإشبيلي، وسمّاه: الأسماء والكنى (¬2)، وأبو أحمد الحاكم (¬3)، والمالكي (¬4)، وسمّاه: الأسماء والكنى، وابن ¬

_ (¬1) فتح المغيث (4/ 214). (¬2) الفهرسة (ص: 212). (¬3) الأسامي والكنى (2/ 273، 275). (¬4) تسمية ما ورد به الخطيب (ص: 295/ رقم: 337).

الصلاح (¬1)، والسخاوي (¬2)، وغيرهم. وطُبع الكتاب باسم: الكنى والأسماء، بتحقيق شيخنا: د- عبد الرحيم محمد القشقري، ونال به درجة الماجستير بالجامعة الإسلامية، وأشرف على الطبع المجلس العلمي بالجامعة بالمدينة النبوية (1404 هـ). 41/ الكنى لأبي أحمد الحاكم الكبير (ت: 378 هـ). نقل المصنف من كتاب أبي أحمد في موضع واحد (ل: 22/ أ). ذكره ابن خير، وسمّاه: الأسماء والكنى المجرّدة (¬3). وقال الذهبي: "مؤلف كتاب الكنى، في عدة مجلدات" (¬4). وقال أيضًا: "وقد جمع الحفاظ في الكنى كتبا كثيرة، ومن أجلّها وأطولها كتاب النسائي، ثم جاء بعده أبو أحمد الحاكم، فزاد وأفاد، وحرّر وأجاد، وعمل ذلك في أربعة عشر سفرًا، يجيء بالخط الرفيع خمسة أسفار أو نحوها، ولكنه يتعب الكشف منه لعدم مراعاته ترتيب الكنى على المعجم، فرتّبته واختصرته، وسهلته وشهلته" (¬5). وصل إلينا كتاب أبي أحمد الحاكم ناقصا من أوله وآخره، تنتهي النسخة الخطية منه في حرف العين، وهي من محفوظات المكتبة الأزهرية. ¬

_ (¬1) علوم الحديث (ص: 296). (¬2) فتح المغيث (4/ 213). (¬3) الفهرست (ص: 214). (¬4) السير (16/ 370). (¬5) المقتنى في سرد الكنى (ص: 47، 48).

وطُبع قدر نصف الكتاب بتحقيق: د- يوسف بن محمد الدخيل، بعنوان: الأسامي والكنى، طبعته مكتبة الغرباء بالمدينة في أربع مجلدات، ونال به الباحث درجة الدكتوراه بالجامعة الإسلامية. 42/ المؤتلف والمختلف لمحمد بن حبيب النحوي البغدادي (ت: 245 هـ). نقل المصنف من كتاب المؤتلف والمختلف في موضع واحد (ل: 216/ ب)، وهو في الاختلاف في نسب الديلي، والدؤلي. ومؤلّفه كان عالمًا بالنسب وأخبار العرب، وهو من أوائل من أفرد فن المؤتلف والمختلف بالتأليف. ذكره ابن خير، وسمّاه: المؤتلف والمختلف في أسماء القبائل (¬1)، وذكره أيضًا ابن النديم (¬2). نشر كتاب ابن حبيب باسم: مختلف القبائل ومؤتلفها، نشره المستشرق الألماني فردناند وستنفلد سنة (1850 م) عن نسخة بخط المقريزي. وأعاد النسّابة حمد الجاسر نشره مع كتاب الإيناس في علم الأنساب للوزير المغربي، بدار اليمامة في الرياض سنة (1400 هـ). 43/ المدوّنة للعلَّامة فقيه المغرب سحنون عبد السلام بن حبيب التنوخي المالكي (ت: 240 هـ). نقل المصنف من كتاب المدونة في مواضع، منها: (6/ ب)، (68/ أ)، ¬

_ (¬1) الفهرست (ص: 219). (¬2) الفهرست (ص: 119).

(92/ أ)، (95/ ب). واشتهرت المدونة اشتهارًا كبيرًا، وذكرها علماء المالكية في كتبهم الكثيرة، سواء في كتب الفقه، فعليها العمدة، أو في كتب التراجم والأثبات، لكثرة سماعهم لها. وطُبع كتاب المدونة في أربعة مجلدات عدة مرات. 44/ المراسل لأبي داود السجستاني صاحب السنن. نقل المصنف من كتاب المراسل لأبي داود السجستاني في عدة مواضع، منها: (46/ ب)، (251/ أ)، (254/ ب)، (261/ ب)، (268/ ب). ذكر كتاب أبي داود كثير من العلماء، كابن خير، وسماه: المراسل (¬1). وهو من مصادر المزي في تحفة الأشراف، وتهذيب الكمال. طُبع كتاب المراسل لأبى داود في مجلد واحد عدة طبعات (بعضها محذوف الأسانيد)، وأجودها بتحقيق: شعيب الأرنؤوط، طبعته مؤسسة الرسالة سنة (1408 هـ). وحققّ بعضه: د- عبد الله بن مساعد الزهراني، ونال به درجة الماجستير بالجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية عام (1408 هـ). 45/ المسند للإمام أحمد بن حنبل (ت: 241 هـ). نقل المصنف من كتاب المسند لأحمد بن حنبل في (ل: 77/ ب)، (138/ ب)، (273/ أ)، وصرّح باسم الكتاب في هذا الموضع. ¬

_ (¬1) الفهرست (ص: 108).

طُبع المسند في المطبعة الميمنية، وصُوّرت على هذه الطبعة الكثير من الطبعات في ست مجلدات. وتقوم مؤسسة الرسمالة بتحقيق المسند عن نسخ خطية، وضبط نصه وتخريج أحاديثه بإشراف د- عبد الله بن عبد المحسن التركي، وصدر منه إلى الآن (20) مجلدًا، وهذه من أجود الطبعات وأحسنها. 46/ المسند، لأبي بكر بن أبي شيية (ت: 235 هـ). نقل المصنف من مسند ابن أبي شيبة في مواطن كثيرة جدًّا، منها: (7/ ب)، (11/ أ)، (14/ ب)، (15/ أ، ب)، (16/ أ)، (16/ أ)، (32/ أ)، (34/ أ)، (47/ ب)، وغيرها كثير. وكتابه المسند ذكره ابن خير وقال: "إنه عشرون كتابا" (¬1)، وابن عطية (¬2)، وغيرهما. وقال الذهبي: "صاحب الكتب الكبار: المسند، والمصنف، والتفسير". فُقد معظم كتاب المسند لابن أبي شيبة، وبقيت منه قطعة صغيرة بالنسبة لحجم المسند، وهي من محفوظات خزانة الرباط، ولديَّ صورة منها، وتبدأ بمسند نبيط بن شريط، والذي يظهر أنّها من الأجزاء الأخيرة للمسند، وعامة ما فيها مسانيد المقلّين من الصحابة، وهي في (92 صفحة)، ومن الملاحظ أنَّ أوراقها مشوشة الترتيب. ¬

_ (¬1) الفهرست (ص: 138). (¬2) الفهرس (ص: 89، 131).

وهي من رواية محمد بن وضاح عن ابن أبي شيبة، وهذه الرواية هي المشتهرة عند أهل المغرب، وأسانيدها مبثوثة في المصادر السابقة كفهرس ابن خير وابن عطية، وعليها اعتمد ابني عبد البر في كتبه كالتمهيد، وغيره. لطيفة: كان سماعُ محمد بن وضاح لمسند ابن أبي شيبة في مدة ثمانية عشر يومًا مع ضِخَم المسند، وأنكر ذلك بعضُ المحدّثين الأندلسيين كبقي بن نحلد -وهو قرينه-. قال محمد بن علي الخشني: "ذكر بعض أهل العلم قال: أقام محمد بن وضاح بالكوفة ثمانية عشر يوما فسمع فيها من ابن أبي شيبة مسنده في تلك الأيام، فلما قدم قرطبة وذكر ذلك أنكر ذلك بقي بن مخلد، وقال لأصحابه: إنه ليس كان يتم المسند عند ابن أبي شيبة إلا في عام كامل، فطعنوا بذلك على ابن وضاح. قال بعض الرواة: فتذاكرت ذلك مع محمد بن قاسم فقال لي: سمعت أبا جعفر الحضرمي محمد بن عبد الله بن سليمان الثقة المأمون بالكوفة يقول رحمه الله: أبا بكر ين أبي شيبة فإنه كان يحدّث احتسابا من وقت صلاة الغداة إلى أن يصلي العشاء الآخرة على تأخير أهل بلدنا لصلاة العشاء، وربّما يؤتى بفطره بإثر صلاة المغرب بلبن أو حسو فيحسوه عند السرج، وكتب الرجل ما شاء، وكان له من يكتب له لمضي قراءة عليه، فقلت له: إن بعض من سمع منه من بلدنا يذكر أن المسند والمصنف والتفسير كان يُقرأ عليه له سنة. فقال: صدق، قراءةً من لفظه، إنما كان يقرأ ذلك على تقدير الفراغ منه في سنة، وسائر النهار عرض

عليه، فيمضي نحو من ألفي حديث أو أكثر أو أقل كل يوم، وكان إذا صلى الصبح ابتُدئ بالقراءة عليه إلى وقت يبتدئ هو بالقراءة من لفظه، ثم يُقرأ عليه إلى آخر النهار، وإلى صلاة العشاء الآخرة. قال محمد بن قاسم: فقلت له: بعض من عندنا يقول: إنه سمع المسند في ثمانية عشر يوما. فقال: صدق، وفي أقل من ذلك لمن قرأ عليه، وسمع القراءة عليه، وسمع من لفظه. فصدق بَقيٌّ فيما قال، وصدق ابن وضاح فيما قال؛ لأن بقيًّا كان سمع من لفظه، ولابن وضاح جمْعُ السماع من لفظه، ومن القراءة عليه، وما سمع يُقرأ عليه" (¬1). 47/ المسند، لأبي بكر أحمد بن عمرو البزار (ت: 292 هـ). نقل المصنف من مسند البزار في مواضع كثير جدا، منها: (5/ ب)، (6/ أ)، (7/ ب)، (8/ ب)، (10/ أ)، (14/ أ، ب)، (20/ ب)، (25/ أ، ب)، (26/ أ)، (27/ ب)، (29/ ب)، (31/ أ، ب)، (39/ ب)، (40/ أ)، ومواضع أخرى. ذكره ابن خير وقال: "مسند أبي بكر أحمد بن عمرو بن عبد الخالق البزار البصري في حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - بعلله والكلام عليه" (¬2). وذكره ابن عطية باسم المسند (¬3)، وقال الخطيب: "صنّف المسند، ¬

_ (¬1) أخبار الفقهاء والمحدّثين (ص: 129، 130). (¬2) الفهرست (ص: 138). (¬3) الفهرس (ص: 131).

وتكلّم على الأحاديث وبيّن عللها" (¬1)، وقال الذهبي: "صاحب المسند الكبير المعلل" (¬2)، وذكره الهيثمي وسماه: البحر الزخار (¬3). صدر بعض مسند البزار بتحقيق: د- محفوظ الرحمن زين الله رحمه الله، بعنوان: البحر الزخار، المعروف بمسند البزار، نشرته: مكتبة العلوم والحكم، وخرج منه (9) مجلدات، وتوفي محققه رحمه الله، ولم يتمّه بعد. 48/ المسند لأبي الوليد سليمان بن داود الطيالسي (ت: 204 هـ). نقل المصنف منه في مواضع كثيرة، منها: (ل: 24/ ب)، (29/ ب)، (31/ أ)، (33/ أ)، (37/ ب)، (53/ أ)، (59/ ب)، (61/ أ)، (72/ أ)، (110/ ب)، وغيرها. واكتفى بذكر اسم المؤلف، فيقول: خرّجه الطيالسي، إلا أنه يذكر في بعض الأحيان ما يدل على أنه في المسند، فيقول: خرّجه الطيالسي في مسند فلان، أو أدخله في مسند فلان (ل: 31/ أ). ذكره ابن خير، وقال: "وهو أول مسند صنف في الإسلام" (¬4). وقال الذهبي: "صاحب المسند" (¬5)، وذكره أيضًا ابن حجر (¬6). ¬

_ (¬1) تاريخ بغداد (4/ 334). (¬2) تذكرة الحفاظ (2/ 653، 654). (¬3) كشف الأستار (1/ 5). (¬4) الفهرست (ص: 141). (¬5) السير (9/ 378). (¬6) المجمع المؤسس (2/ 116)، ومواضع أخرى.

طُبع أجزاء منه -وهو الموجود- في حيدر آباد سنة (1321 هـ)، وأعيد تصويره في بيروت، بدار المعرفة، ونشرته مكتبة المعارف بالرياض. وحُقق أجزاء منه رسائل علمية في جامعة الإمام محمد بن سعود بالرياض، وذكر بعض مخطوطاته فؤاد سزكين (¬1). 49/ مسند حديث الموطأ لأبي القاسم عبد الرحمن بن عبد الله الجوهري (ت: 381 هـ). نقل المصنف من مسند حديث الموطأ للجوهري في مواضع منها، (ل: 3 / ب)، وسماه: مسند حديث الموطأ، وفي (87/ أ)، (126/ أ)، (142/ أ)، وسماه في هذا الموضع: المسند. ذكره ابن خير (¬2)، والقاضي عياض (¬3)، وابن فرحون (¬4)، والزرقاني (¬5)، والروداني (¬6)، وسموه: مسند الموطأ. وذكره ابن عطية، وسماه: مسند حديث مالك (¬7). وقال الذهبي: "صنف مسند الموطأ بعلله، واختلاف ألفاظه، وإيضاح لغته، وتراجم رجاله، وتسمية مشيخة مالك، فجوّده" (¬8). ¬

_ (¬1) تاريخ التراث العربي (1/ 1/ 182). (¬2) الفهرست (ص: 89). (¬3) الغنية (ص: 43، 198). (¬4) الديباج المذهب (ص: 148). (¬5) شرح الموطأ (1/ 128). (¬6) صلة الخلف (ص: 391). (¬7) الفهرس (ص: 116، 131). (¬8) السير (16/ 436).

والتسمية الأولى أصح، وأظهر في محتوى الكتاب، وأما تسمية ابن عطية فتشمل أحاديث الموطأ وغيرها، وهذا لا يظهر في محتواه، والله أعلم. ولكتاب الجوهري نسختان خطّيتان، إحداهما من محفوظات مكتبة الحرم المكي برقم: (377) وإليها العزو في هذا الكتاب. والأخرى من محفوظات مكتبة كوبريلي بتركيا برقم: (430). وطُبع الكتاب مؤخَّرًا بدار الغرب الإسلامي في مجلد ضخم، بتحقيق رجلين، هما: لطفي بن محمد الصغير، وطه بن علي بوسريح، وهما من تونس. وتحقيقهما في غاية من السقم، ضبطًا وتحقيقًا، ولا تكاد صفحة من صفحات الكتاب تخلو من سقط، وتصحيف، لذا لم أعز ما نقله المصنف عن الجوهري إلى هذه الطبعة لسقمها وكثرة أخطائها، مع أنَّهما اعتمدَا الأصلين السابقين، بل لما عزمت على العزو إليها وإبدال أرقام المخطوط بالمطبوع، وعند أول عزو لم أجد كلام المصنف في الطبعة، ولما رجعت إلى المخطوط مرة ثانية وجدت أنَّهما أسقطَا ترجمة كاملة بحديثها، وتقع في حمسة عشر سطرًا (¬1)، وهذا يكفي في إسقاط هذه الطبعة من الأعين. 50/ مسند ما ليس في الموطأ لأبي القاسم الجوهري. نقل المصنف من كتاب أبي القاسم الجوهري هذا في مواضع كثيرة جدًّا، منها: (ل: 35/ ب) وسماه: المسند، (37/ أ)، (67/ أ)، (80/ ب)، ¬

_ (¬1) انظر: (ل: 53) من المخطوط، و (ص: 272) من المطبوع.

(92/ ب)، (125/ ب)، (127/ ب)، (135/ أ)، (136/ أ)، (207/ ب)، (209/ ب)، (210/ أ)، وسماه في المواضع الثلاثة الأخيرة: مسند ما ليس في الموطأ. قال الذهبي: "ألّف حديث مالك مما ليس في الموطأ" (¬1). 51/ المصنف، لأبي بكر بن أبي شيبة. بتتبع نقولات المؤلف عن ابن أبي شيبة، اتضح لي أنه اعتمد على مسنده، وإن كان اقتصر في أكثر المواضع على ذكر اسم المؤلف دون الكتاب، إلا أنه ذكر المصنَّف في موضع واحد (270/ ب) قال: خرّجه ابن أبي شيبة في مصنفه. ذكره ابن الفرضي (¬2)، والحميدي (¬3)، وابن خير (¬4)، والذهبي (¬5)، وغيرهم. وكان أول من أدخل مصنف ابن أبي شيبة إلى الأندلس بقي بن مخلد، قال الحميدي: "لما دخل أبو عبد الرحمن بقي بن مخلد بكتاب مصنف أبي بكر بن أبي شيبة، وقرئ عليه أنكر جماعة من أهل الرأي ما فيه من الخلاف واستشنعوه، وبسطوا العامة عليه، ومنعوه من قراءته إلى أن اتصل ذلك بالأمير محمد (أي ابن عبد الرحمن) فاستحضره وإياهم، واستحضر ¬

_ (¬1) السير (16/ 436). (¬2) تاريخ العلماء (2/ 34). (¬3) جذوة المقتبس (ص: 12). (¬4) الفهرست (ص: 131). (¬5) السير (11/ 122).

الكتاب كلَّه، وجعل يتصفحه جزءًا جزءًا، إلى أن أتى على آخره، وقد ظنوا أنه يوافقهم في الإنكار عليه، ثم قال لخازن الكتب: هذا كتاب لا تستغني خزانتنا عنه، فانظر في نسخه لنا، ثم قال لبقي بن مخلد: انشر علمك، وارْوِ ما عندك من الحديث، واجلس للناس حتى ينتفعوا بك، أو كما قال، ونهاهم أن يتعرّضوا له" (¬1). طُبع كتاب المصنف لابن أبي شيبة عدة طبعات، منها: طبعة بضبط وتعليق: كمال يوسف الحوت، في دار التاج ببيروت لبنان، عام (1409 هـ)، في سبع مجلدات، وإليها العزو في هذا الكتاب. 52/ مشكل الآثار لأبي جعفر أحمد بن محمد الطحاوي (ت: 321 هـ). نقل المصنف من شرح المشكل عدة نقولات، منها: (ل: 12/ أ)، (35/ ب)، (42/ أ)، (47/ ب)، (114/ ب). ذكره ابن خير الإشبيلي، وسماه: بيان مشكل حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، واستخراج الأحكام التي فيه، ونفي التضاد عنه (¬2)، وابن عطية، وسماه: تأويل مختلف الحديث (¬3). طُبع كتاب شرح مشكل الآثار للطحاوي في ستة عشر مجلدًا مع الفهارس بتحقيق: شعيب الأرنؤوط، بمطبعة مؤسسة الرسالة بيروت (1415 هـ). ¬

_ (¬1) جذوة المقتبس (ص: 12). (¬2) الفهرست (ص: 200). (¬3) الفهرس (ص: 132).

53/ معاني الآثار، لأبي جعفر الطحاوي. نقل المصنف من كتاب معاني الآثار للطحاوي في مواطن كثيرة، منها: (ل: 154/ أ)، (158/ ب)، (159/ ب)، (161/ أ)، (172/ ب)، (182/ ب)، (187/ أ)، (250/ ب)، وغيرها. ذكره ابن خير، وسماه: شرح معاني الآثار، وقال: "عشرون جزءًا" (¬1). طُبع كتاب شرح المعاني في أربع مجلدات، بتحقيق وتعليق: محمد زهري النجار، طبعة: دار الكتب العلمية بيروت (1399 هـ). 54/ المغازي أو السير، لمحمد بن إسحاق بن يسار (ت: 151 هـ). نقل المصنف منه في موضعين (ل: 143/ أ)، و (ل: 235/ ب)، سماه في الموضع الأول: المغازي، وفي الثاني: السير. ذكره ابن خير وسمّاه: المغازي والسير (¬2)، والمالكي (¬3)، والسخاوي (¬4). طُبع جزء من الكتاب باسم: سيرة ابن إسحاق، أو المبتدأ والمبعث والمغازي، بتحقيق: محمد حميد الله، تاريخ الطبع: (1401 هـ-1981 م). والكتاب من رواية ابن بكير عن ابن إسحاق، وفي ثناياه زيادات ابن بكير عن مشايخ آخرين. ¬

_ (¬1) الفهرست (ص: 200). (¬2) الفهرست (ص: 232). (¬3) تسمية ما ورد به الخطيب (ص: 284). (¬4) الإعلان بالتوبيخ (ص: 158).

55/ المناسك للمروزي. نقل المصنف منه في موضع واحد (ل: 225/ أ)، وقال: "خرّج المروَزي في المناسك عن علي مرفوعًا. . . ". ولم يتبيّن لي مصنِّفه، ولعلَّه أبو عبد الرحمن عبد الله بن محمد بن عبد الله السَّعدي المَروَزي (ت: 311 هـ) (¬1)، فقد ذكر له ابن ناصر الدين كتابًا بهذا العنوان (¬2). 56/ المنتقى للإمام أبي عبد الله عبد الله بن علي بن الجارود النيسابوري (ت: 307 هـ). نقل المصنف منه في مواضع عديدة، منها: (8/ أ)، (44/ ب)، (48/ أ)، (58/ أ)، (70/ أ)، (91/ ب)، (106/ أ)، (111/ ب)، وسماه في هذا الموضع الأخير بالمنتقى. والكتاب ذكره ابن خير وسماه: المنتقى في السنن المسندة (¬3). وقال الذهبي: "المنتقى في السنن، مجلد واحد في الأحكام، لا ينزل عن رتبة الحسن أبدًا، إلا في النادر، في أحاديث يختلف فيها اجتهاد النقاد" (¬4). طُبع كتاب المنتقى لابن الجارود عدة طبعات، منها: طبعة بتحقيق: عبد الله هاشم يماني، في القاهرة (1383 هـ)، في مجلد. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في سير أعلام النبلاء (14/ 399). (¬2) توضيح المشتبه (5/ 98). (¬3) الفهرست (ص: 122). (¬4) السير (14/ 239).

وطبعة بتحقيق: أبي إسحاق الحويني المصري، وسماه: غوث المكدود بتخريج منتقى ابن الجارود، في مجلدين، طبعة دار الكتاب العربي، بيروت (1458 هـ). 57/ المنثور. ذكره المصنف في موضع واحد (ل: 275/ ب) عند ذكر حديث: "إذا أنشأت بحرية. . . "، ثم قال: "هذا غريب، لا يكاد يوجد في شيء من الأمهات، وقد رويناه في المنثور عن عائشة مسندًا. . . ". فلعل المنثور من كتب المصنِّف، وقد تقدّم ذكره في مصنّفاته. * * *

المبحث الرابع: الموارد التي ذكرها المؤلف، ولم يذكرها بأساميها، وإنما بأسامي مؤلفيها

المبحث الرابع: الموارد التي ذكرها المؤلف، ولم يذكرها بأساميها، وإنَّما بأسامي مؤلِّفيها: 1/ ابن أبي خيثمة، أحمد بن زهير أبو بكر البغدادي (ت: 279 هـ). نقل عنه المصنف في مواضع كثيرة، منها: (8/ ب)، (27/ أ)، (29/ أ)، (30/ أ)، (73/ ب)، (108/ ب)، (111/ ب)، وبعض هذه النقولات أحاديث خرّجها في كتابه، وبعضها سؤالات سأل عنها يحيى بن معين، وبعضها كلام عن بعض الرواة. وهذه النقولات من كتابه الكبير: التاريخ، الكثير الفائدة. وقد وُجد من هذا السفر العظيم عدة أجزاء، ويذكر ابن خير أنَّه مجزّأ إلى ثلاثين جزءًا (¬1). وهذا وصف للنسخ الموجودة: - السِّفر الثاني من الكتاب، وهو من محفوظات الخزانة العامة بالرباط برقم: (138). وقُسم هذا السفر على ثلاثة باحثين لتحقيقه لنيل درجة الماجستير بالجامعة الإسلامية، وقد نوقشت جميع الرسائل بإشراف الشيخ د. مرزوق بن هياس الزهراني حفظه الله. - السِّفر الثالث من الكتاب، وهو من محفوظات مكتبة القرويين بفاس (المغرب) رقم: (244). وقام بتحقيق جزء منه الباحث إسماعيل حسن لنيل درجة الماجستير بالجامعة الإسلامية، وهو ما يتعلّق بأخبار المكيين، وطُبع مؤخّرًا بمكتبة دار ¬

_ (¬1) الفهرسة (ص: 206).

الوطن في مجلد، وهو كثير التصحيف والتحريف والسقط، لذا لم أعتمده في العزو. - جزء صغير يتكوّن من (11) ورقة، وفيه الجزء الثامن، وأول الجزء التاسع، وهو من محفوظات الخزانة العامة بالرباط برقم: (2671 ك). - جزء من الكتاب، وفيه الجزء الخمسون، وهو نهاية التاريخ، وهو من محفوظات المكتبة المحمودية بالمدينة النبوية برقم: (36 - أصول الحديث). 2/ البرقي: الحافظ أبو بكر محمد بن عبد الله بن عبد الرحيم البرقي (ت: 249 هـ). نقل من المصنف نقلًا واحدًا في (ل: 120/ أ)، وكان النقل في الكلام على راو من الرواة. والبرقي ذكر له ابن خير كتابًا في التاريخ في رجال الموطأ وغيرهم (¬1). وذكر له الذهبي والكتاني كتابًا في الضعفاء (¬2). 3/ الكلاباذي أحمد بن محمد بن الحسين البخاري (ت: 398 هـ). نقل منه المصنف في عدة مواضع، منها: (ل: 11/ ب)، (75/ أ)، (81/ ب)، (88/ أ)، وهذه النقولات في علم الرجال، وفي رجال البخاري بالخصوص، وللكلاباذي كتاب: رجال صحيح البخاري. وكتابه في رجال البخاري طُبع باسم: رجال صحيح البخاري المسمّى ¬

_ (¬1) الفهرسة (ص: 93). (¬2) انظر: السير (13/ 46)، الرسالة المستطرفة (ص: 108).

الهداية والإرشاد في معرفة أهل الثقة والسداد الذين أخرج لهم البخاري في جامعه، بتحقيق: عبد الله الليثي، وطبعته دار المعرفة، ونشرته مكتبة المعارف بالرياض، عام (1407 هـ). 4/ الأثرم أحمد بن محمد بن هانئ، أبو بكر الأثرم الطائي. صرّح المصنف بنقل عن الأثرم عن الإمام أحمد في موضع واحد (141/ ب)، فقال: "قال الأثرم: قلت لأحمد بن حنبل: إذا قال رجل من التابعين: حدّثني رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يسمّه فالحديث صحيح؟ قال: نعم". والذي يظهر أنَّ النقلَ من كتابه في العلل ومسائل الإمام أحمد. قال الذهبي: "له مصنف في علل الحديث" (¬1). وذكره الدارقطني في ترجمة الخضر بن داود فقال: "يروي عن الأثرم علل أحمد بن حنبل" (¬2)، وكذا ذكره الخطيب البغدادي (¬3)، ونقل منه الحافظ ابن رجب في صرحه على البخاري (¬4). 5/ البلاذري أحمد بن يحيى بن جابر البغدادي (ت: بعد 270 هـ). نقل المصنف منه في موضع واحد (ل: 270/ ب) قال: "وذكر البلاذري أنَّ كنية عكرمة بن أبي جهل أبو هشام". ¬

_ (¬1) السير (12/ 624). (¬2) انظر: المؤتلف والمختلف (2/ 830). (¬3) تاريخ بغداد (5/ 110). (¬4) فتح الباري له (4/ 273).

وللبلاذري كتاب جمل من أنساب الأشراف، طُبع بتحقيق: د. سهيل زكّار، ود- رياض زركلي في (13) مجلدًا، نشرته المكتبة التجارية أحمد مصطفى الباز سنة (1417 هـ). وأُخذ بعضه رسائل علمية في الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية، كما طُبع أجزاء منه قبل الطبعة الكاملة للكتاب. 6/ الزبير بن بكّار، أبو عبد الله المدني (ت: 256 هـ). نقل منه المصنف في موضعين: (ل: 165/ أ) قال: "وذكر الزبير بن بكار بسند آخر". وفي (ل: 190/ ب)، وفيه تسمية صحابي معروف بكنيته. وللزبير بن بكار كتبٌ كثيرة (¬1)، منها: جمهرة نسب قريش وأخبارها، ولعل ما نقله المصنف من هذا الكتاب، وقد طُبع جزء منه بتحقيق: الأستاذ محمود محمد شاكر المصري، سنة (1381 هـ) بمطبعة المدني بمصر. 7/ سعيد بن منصور (ت: 227 هـ). نقل منه المصنف نقلًا واحدًا في (ل: 103/ أ) فقال: "وخرّج سعيد بن منصور بإسناد له". ولسعيد بن منصور كتاب في السنن، نصفه في حكم المفقود (¬2)، وقد طبع منه قطع، منها: ¬

_ (¬1) انظر: الفهرست لابن النديم (ص: 123)، ومقدمة محمود شاكر لكتاب جمهرة نسب قريش (ص: 70). (¬2) ذكر الشيخ المباركفوري في مقدمة تحفة الأحوذي (1/ 336) أنَّ في المكتبة الجرمنية بألمانيا نسخة كاملة بخط الإمام الشوكاني، والله أعلم بحقيقة الحال.

- ما نشره حبيب الرحمن الأعظمي في مجلد واحد، ويتضمن الجزء الثالث من الكتاب، وفيه: كتاب الفرائض، والوصايا، وكتاب النكاح، والطلاق وما يتعلق بهما، والجهاد. وهو من مطبوعات الدار السلفية -بومباي الهند- عام (1403 هـ). - ما نشره د. سعد بن عبد الله آل حميد في ستة مجلدات بالفهارس، ويتضمن الأجزاء الأخيرة من الكتاب، وفيه: كتاب فضائل القرآن، والتفسير، والمطبوع ينتهي إلى تفسير سورة الرعد، والمخطوط بقي منه ما تبقى من التفسير وكتاب الزهد، وهو آخر الكتاب (¬1)، وعليه فإن الموجود من هذا السفر العظيم نصفه، والله أعلم، وقد طُبعت هذه الأجزاء في دار الصميعي بالرياض عام (1414 هـ) وفي عام (1417 هـ). 8/ الباجي سليمان بن خلف بن سعد المالكي، أبو الوليد الأندلسي (ت: 474 هـ). نقل عنه المصنف في موضع واحد (ل: 121/ أ)، ونقل عنه أيضًا في (ل: 5/ أ) لكن من طريق شيخيه أبي علي الصدفي والجياني عنه. وللباجي شرح على موطأ الإمام مالك سمّاه المنتقى (¬2)، وهذان النقلان منه، والمنتقى مطبوع في سبعة أجزاء، سنة (1331 هـ)، ونشرته دار الكتاب العربي عدة مرات. ¬

_ (¬1) انظر: وصف هذه النسخة في مقدمة المحقق د. سعد آل حميد (1/ 221، 222). (¬2) انظر: ترتيب المدارك (8/ 124).

9/ سُنيد -بنون ثم دال مصغرا- بن داود، أبو علي المصيصي (ت: 226 هـ)، وسُنيد لقب، واسمه: حسين. ذكره في موضع واحد (ل: 173/ ب) وقال: "وروي عن سالم بن عبد الله أنَّ حفصة قالت: اكتب: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} صلاة العصر، خرّجه سُنَيد". ولسُنيد كتابان: التفسير، والمسند (¬1). ولعل ما نقله المصنف من كتابه التفسير؛ إذ نقلُه متعلق بتفسير آية مِن كتاب الله، وذكر تفسير سُنيد: الذهبي، وقال: "صاحب التفسير الكبير" (¬2). وذكر ابن حجر تفسير يحيى بن سلّام المغربي، وقال: "وهو كبير في نحو ستة أسفار". ثم قال: "ويقرب منها تفسير سنيد. . . وتفسيره نحو تفسير يحيى بن سلّام" (¬3). 10/ عبد الرزاق بن همام الصنعاني (ت: 211 هـ). نقل منه المصنف نقلين، قال في أحدهما (ل: 69/ ب): "خرّجه عبد الرزاق"، وفي الآخر (ل: 124/ أ): "وقال عبد الرزّاق: قلت لمالك". والنقلان من كتابه المصنف. ونقل عنه أيضًا في (ل: 134/ أ) وقال: "وأسند هذا عبد الرزاق عن ¬

_ (¬1) ذكره الكتاني في الرسالة المستطرفة (ص: 51). (¬2) السير (10/ 627). (¬3) العُجاب في بيان الأسباب (1/ 219).

مالك". وليس هذا النقل من المصنف، بل في المصنف خلاف هذه الرواية كما سيأتي في موضعه. وكتابه المصنف من أشهر مؤلفاته، وقد طُبع بتحقيق الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي، ونشره المجلس العلمي بالهند، وكانت أول طبعة له سنة (1392 هـ)، ثم أعاد نشره مرات المكتب الإسلامي ببيروت في (12) مجلدا مع الفهارس، وفي آخره كتاب الجامع لمعمر بن راشد الأزدي (¬1). 11/ ابن قتيبة، عبد الله بن مسلم، أبو محمد (ت 276). نقل المصنِّف في موضعين من كتابه عن ابن قتيبة (ل: 42 / أ)، (ل: 48/ ب)، والنقل الأول من كتابه تأويل مختلف الحديث، وكتاب ابن قتيبة مطبوع عدة طبعات، منها بتحقيق: محمد محيى الدين الأصفر بالمكتب الإسلامي ودار الإشراق (1409 هـ). 12/ العدوي. نقل منه المصنف في موضعين: (ل: 4/ ب) (16/ أ)، ولم يذكر اسمَ كتابه، وتناول النقلان علم النسب، وأحد هذين النقلين ذكره ابن حجر في الإصابة عن العدوي، ونسبه لكتابه: نسب الأنصار (¬2). والعدوي هذا نقل عنه أيضًا ابن عبد البر في مواضع كثيرة من التمهيد، فقال في (10/ 90): "قال العدوي في كتاب النسب". ¬

_ (¬1) وقد أعد أحمد عبد الرحمن الصويان مقالا مطولا عن عبد الرزاق ومصنفه، فأفاد فيه وأجاد. انظر: مجلة البحوث الإسلامية (العدد: 17/ ص: 273 - 300). (¬2) انظر: الإصابة (8/ 124).

ولم أقف على ترجمة العدوي، وذكره شاكر عبد المنعم (¬1)، والشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد (¬2)، واكتفيا بقولهما: "العدوي"، ولم يذكرَا له ترجمةً ولا سنةَ وفاةٍ، وكأنَّهما لم يقفا على ترجمةٍ له، وذكره محقق تعجيل المنفعة في مبحث موارد ابن حجر في التعجيل، وقال: "الأنساب، للعدوي أحمد بن محمد، وأشار في الحاشية إلى كتاب: منية الراغبين في طبقات النسابين (¬3). ومنية الراغبين، ذكره الشيخ بكر، وقال: "لمؤلفه عبد الرزاق بن حسن كمونه، وهو مشيد بأعلام التشيع، ويحط على جماعة من أهل السنة، بل من الصحابة رضي الله عنهم" (¬4). 13/ الإمام الدارقطني. تقدّم للدارقطني عدة كتب ذكرها المصنف في كتابه وسماها كالعلل، والتصحيف، والإلزامات، والتتبع، وللدارقطني أيضًا كتابا آخر نقل منه المصنف في عدة مواضع، ولم يسمّه، منها: (ل: 6/ أ، ب)، (7/ أ)، (18/ ب)، (86/ ب)، (133/ ب). وهذا الكتاب هو: الأحاديث التي خولف فيها مالك بن أنس رضي الله عنه. وطُبع كتاب الدارقطني في مجلد لطيف بتحقيقي، ونشرته مكتبة الرشد بالرياض (1418 هـ). ¬

_ (¬1) موارد ابن حجر في الإصابة (1/ 180). (¬2) طبقات النسّابين (ص: 335). (¬3) مقدمة تعجيل المنفعة (1/ 135). (¬4) طبقات النسابين (ص: 11).

14/ سيبويه عمرو بن عثمان بن قَنبر، أبو بشر الفارسي البصري النحوي. نقل منه المصنف في موضع واحد (ل: 155/ ب) قال: "لأنَّ سيبويه حكى عن العرب: مررت بأخيك وصاحبك، يريدون الصاحب هو الأخ، وإن عطفوه بالواو". وهذا النقل من كتابه: الكتاب (¬1)، وهو مطبوع، طُبع عدة طبعات، منها طبعة عالم الكتب (الطبعة الثالثة سنة 1403 هـ) بتحقيق: الأستاذ عبد السلام محمد هارون، وفي مقدمتها بيان بالطبعات المنشورة للكتاب من سنة (1881 م) إلى وقت المحقق رحمه الله تعالى. 15/ ابن سنجر، محمد بن سنجر أبو عبد الله الجرجاني (ت: 258 هـ). نقل المصنف عنه في مواضع كثيرة، منها: (7/ ب)، (85/ ب)، (83/ ب)، (195/ أ)، (207/ أ)، (210/ أ)، (216/ أ)، وغيرها. وفي (ل: 83/ ب)، و (195/ أ) إشارة إلى أنَّ النقل من المسند. ولابن سنجر مسند، ذكره ابن خير (¬2)، وابن عطية (¬3)، والحميدي (¬4)، وغيرهم. ¬

_ (¬1) انظر: (1/ 399) وهو بنحو ما ذكره المصنِّف. (¬2) الفهرست (ص: 142). (¬3) الفهرس (ص: 90). (¬4) جذوة المقتبس (ص: 130).

16/ الحاكم النيسابوري محمد بن عبد الله صاحب المستدرك. نقل المصنف عنه في موضع واحد (ل: 251/ ب)، فقال: "قال ابن معين: أصَحُّ المراسل مراسل سعيد بن المسيب، حكى هذا الحاكم عنه". قلت: وكلام الحاكم في كتابه: معرفة علوم الحديث (ص: 26)، قال: "سمعت أبا العباس محمد بن يعقوب يقول: سمعت العباس الدوري يقول: سمعت يحيى بن معين يقول، فذكره". وكتاب الحاكم مطبوع بتحقيق: السيد معظم حسين، طبعته دائرة المعارف العثمانية بحيدر آباد الدكن، وصوّرته دار الكتب العلمية ببيروت. 17/ الواقدي محمد بن عمر المدني القاضي، متروك مع سعة علمه. نقل منه المصنف في عدة مواضع، منها: (ل: 19/ أ)، (30/ أ)، (36/ أ)، (73/ ب)، (82/ ب)، (104/ أ). وغالب هذه النقول في تسمية بعض الصحابة ذُكروا بالكنى، أو الاختلاف في صحبتهم، وهذه النقول ذكرها تلميذ الواقدي عنه محمد بن سعد الزهري في كتابه الطبقات الكبرى، وكتاب الطبقات الكبرى لمحمد بن سعد مطبوع عدة طبعات، منها: طبعة محمد عبد القادر عطا في سبع مجلدات بدار الكتب العلمية، وهي ناقصة، وطبع زياد محمد منصور مجلدًا واحدًا، ويشتمل على القسم المتمم لطبقة التابعين بالمدينة، كما طبع د. عبد العزيز عبد الله السلومي الطبقة الرابعة من الصحابة في مجلدين، ود. محمد صامل السلمي الطبقة الخامسة من الصحابة في مجلدين، والأقسام المتممة كلها رسائل علمية.

18/ الترمذي، محمد بن عيسى صاحب السنن. نقل المصنِّف منه بعض سؤالاته الإمام البخاري، وهذه السؤالات في كتابه العلل الكبير، منها ما ذكره في (ل: 130/ ب). وكتابُ العلل الكبير للترمذي رتَّبه القاضي أبو طالب محمد بن علي التميمي الأصبهاني (ت 585 هـ)، وطُبع الكتابُ بتحقيق ودراسة حمزة ديب مصطفى في مجلدين. 19/ ابن شعبان، محمد بن القاسم بن شعبان المصري، يُعرف بابن القُرطي، شيخ المالكية (ت: 355 هـ). نقل منه المصنف في موضع واحد (ل: 198/ ب) فقال: "وخرّج أبو إسحاق بن شعبان في كتاب له في هذا المعنى (أي مسألة إتيان النساء في الدبر)، ثم قال: أُجيز لي هذا الكتاب ولم أقرأه". وكتابه الذي نقل منه المصنف فيه مسألة إتيان المرأة في الدبر، روى فيه أحاديث بإسناده كما يتبيّن من كلام المصنف، والكتاب ذكره ابن العربي، والقرطبي، وسمّوه: جماع النسوان وأحكام القرآن (¬1)، وابن فرحون، وسمّاه: جماع النسوان (¬2)، وقال الحميدي: "كتابه في النساء" (¬3)، وذكر بعضهم أنَّ ابن شعبان كان يذهب إلى جواز إتيان النساء في أدبارهنَّ. ¬

_ (¬1) أحكام القرآن (1/ 238)، الجامع في أحكام القرآن (1/ 62). (¬2) الديباج (ص: 248). (¬3) جذوة المقتبس (ص: 154).

20/ ابن مزين، يحيى بن إبراهيم بن مزين أبو زكريا من أهل قرطبة (ت: 259 هـ). نقل عنه في موضعين: (ل: 125/ ب)، قال: "وذكر ابن مُزَين عن القعنبي عن مالك: أنَّ مسلم بن أبي مريم كان يتهيّب رفع الحديث، وذلك مخافة الكذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للوعيد الذي جاء فيه على العموم". ونقل عنه في (ل: 226 / ب) عند كلامه على آخر حديث في الموطأ "لي خمسة أسماء" قال: "وقيل: ليس من أصل الموطأ، إنَّما هو من حديث المجالس، حكاه ابن مزين". ولابن مزين ثلاثة كتب على الموطأ: 1 - تفسير الموطأ: شرح فيه موطأ مالك، وأخذه عنه أهل الأندلس. ذكره الخشني (¬1)، وابن الفرضي (¬2)، وابن خير (¬3)، والحميدي (¬4)، وابن حزم (¬5)، وابن فرحون (¬6). وذكر فؤاد سزكين أن قطعة منه بالقيروان كتبت سنة (394 هـ) (¬7). ¬

_ (¬1) أخبار الفقهاء والمحدثين (ص: 371). (¬2) تاريخ العلماء (2/ 178). (¬3) الفهرست (ص: 81). (¬4) جذوة المقتبس (ص: 350). (¬5) نفح الطيب (3/ 168). (¬6) الديباج المذهب (ص: 354). (¬7) تاريخ التراث العربي (1/ 3/ 134)، دراسات في مصادر الفقه المالكي (ص: 188).

2 - تسمية الرجال المذكورين في الموطأ. ذكره ابن الفرضي، وابن فرحون (¬1)، وابن حزم (¬2). 3 - المستقصية: قال الخشني: "استقصى فيه علل الموطأ، واحتج فيه بالحديث" (¬3). وذكره أيضًا ابن الفرضي، وابن فرحون، وابن حزم، وابن خير (¬4). ولعل ما نقله المصنف أوَّلًا من كتابه في الرجال، وما نقله ثانيًا من المستقصية؛ لتشابه الأدة العلمية المنقولة بما في الكتابين، والله أعلم. وللمصنِّف مصادر أخرى غير ما ذُكر، فهو يروي أشياء بإسناده من طريق شيخيه الإمامين أَبَوَيْ علي الصدفي، والجياني، وأبي داود بن المقرئ كما في (ل: 5/ أ)، (13/ أ)، (60/ أ)، (75/ أ)، (102/ أ)، وهذه النقولات مما شافهه بها هؤلاء الشيوخ، وغالبها في ضبط ألفاظ الموطأ ورجاله. وأخرج حديثَ: "إذا أنشأت بحرية. . . " من طريق شيخه أبي علي الجياني بسنده إلى عائشة في (ل: 275/ ب). ¬

_ (¬1) المواضع السابقة من كتابيهما. (¬2) نفح الطيب (3/ 168). (¬3) أخبار الفقهاء والمحدثين (ص: 371). (¬4) الفهرست (ص: 92).

نماذج من النسخة الخطية المصورة

صورة ورقة العنوان

صورة الورقة الثانية

صورة اللوحة التاسعة وفيها تغير الخط من المشرقي إلى الأندلسي

صورة اللوحة ما قبل الأخيرة

صورة اللوحة الأخيرة

القسم الثاني: النصُّ المحقَّق كتاب الإيماء إلى أطراف أحاديث كتاب الموطأ صنعة الشيخ الجليل العالم أبي العباس أحمد بن طاهر بن علي بن عيسى الداني رحمة اللَّه عليه

[مقدمة المصنف]

بسم الله الرحمن الرحيم تَيَمُّنًا بذِكرِه القديم الحمد لله ربِّ العالَمين، وصلى الله على محمّد خاتم النّبيّين، وعلى آله الطيّبين، والسلام عليهم أجمعين، أما بعد: فإنِّي أُوميء في هذا الكتاب إلى أحاديث مالكِ بنِ أنس في مُوَطَّئِه، أُترجِمُ عنها بذكرِ أطرافِها، وما يدلُّ عليها من مشهورِ ألفاظِها ومعانِيها، وأَذكرُ أسانيدَها، مختصرًا [ما] (¬1) دلَّ على مواقِعِها فيه؛ بذِكرِ الكتاب أو تَرجمةِ الباب، وأُشيرُ إلى مواضع الخُلْفِ منهَا؛ بتَعيينِ النُّكتِ المختلَفِ فيها، وأُنَبِّهُ على القَصَصِ المَنُوطَةِ بها، وأُبَيِّنُ ما أُبْهِمَ من أسماءِ ناقليها، وأُسْنِدُ مراسِلَها وأَصِلُ مَقْطُوعَها، وأَرفَعُ موقوفَها، وأَتَقَصَّى عِلَلَها وأَجْبُرُ (¬2) خَلَلَها، وأُوَضِّح ما أَشْكَلَ معناه، وأَنْفِي عنها طُرُقَ التعارضِ والاشتِبَاهِ، وأُذَيِّلُها بنكتٍ لا يستغني المحدِّثُ عنها، وأُحِيلُ في هذا كلِّه إلى الكتبِ المُستَخْرَج ذلك منها، وأَبْنِيهِ على رواية يحيى بن يحيى اللَّيْثي الأندلسي القُرطبي عنه، أُقَدِّم ما رواه مِمَّا انفرَدَ به أو شُورِك فيه، ثم أُتْبِعُ ذلك ما شَذَّ من سائر الرِوايات (¬3) الواصِلَةِ إلينا، وأَذْكُر ¬

_ (¬1) في الأصل طمس، ولعل الصواب المثبت. (¬2) في الأصل: "أخبر" بالخاء، والصحيح ما أثبته. (¬3) في الأصل: "الروات"، وهو خطأ.

رواتَه أو بعضَ رواتِه عن مالك ليَتَّصِلَ سنَدُه بذلك، وأرتِّب الكلَّ على حروف المعجم (¬1) فيما اشتهرَ به من أسْنَدَ الحديثَ إليه من اسْمٍ أو كُنيةٍ، وأُقسِّمه على خمسةِ أقسامٍ: الأول: في الأسماء خاصة. الثاني: في الكنى والأنسابِ وسائرِ الألقاب. الثالث: في النساء. الرابع: في الزيادات على رواية يحيى بن يحيى الليثي لسائر رواة الموطأ. الخامس: في المراسل، وأُرَتِّب المراسِل على أسماء المرسِلِين في الموطأ من التابعين فمَن دونهم، وأنسبُها إلى مَن أمكن مِن رواتِها من الصحابةِ في غير الموطأ، وأَدُلُّ على بعض مَن أسندَها من أئمّة الحديث في التواليف المشهورة. وأَذْكرُ المقطوعَ والموقوفَ اللَّاحِقِ بالمرفوع، وسائرَ الحديثَ المعلولِ المضافِ إلى الصحابةِ، مع المسند المتَّصِلِ المرفوع الصحيح، وأنبِّه على ذلك كلِّه، وأميِّز بعضَه من بعض، وأُحِيلُ على مظانّ (¬2) وجوده (¬3) إن شاء الله تعالى، وبه أستعينُ، وهو حسبي ونِعم الوكيل. * * * ¬

_ (¬1) عند المغاربة، وسبق بيانها في المقدمة (1/ 120). (¬2) في الأصل: "مضان"، بالضاد وهو خطأ. (¬3) في الأصل: "تجويده"، والصواب المثبت.

ذكر أسانيدي في كتاب الموطأ رواية يحيى بن يحيى المذكور

ذِكرُ أسانيدي في كتابِ الموطأ رواية يحيى بن يحيى المذكور أخبرني به الشيخُ الأجلُّ الفقيهُ الحافظُ أبو عليٍّ، حسين بنُ محمّد بنِ أحمد الغسّاني، المعروف بالجِيَّاني، قَرَأَه عليَّ بقُرْطُبة -حرسها الله- في شهورٍ من عام اثنين وتسعين وأربع مائة، والشيخُ الصالح المُقرئ أبو داود سليمان بن أبي القاسم نَجَاح -مولى هشام بن الحكم (¬1) - قَرَأَهُ عليَّ في منزلِه بدانِيَة سنة تسعين وأربع مائة، والشيخُ المقرئُ أبو الحسن عبد العزيز بن شَفيع قَرَأَه عليَّ بِدانية أيضا سنة ست وثمانين وأربع مائة رضي الله عنهم، قالوا جميعًا: أخبرنا الفقيهُ الأَجَلُّ الحافظ أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمّد بن عبد البر النَّمَري رضي الله عنه (¬2)، نا أبو عثمان سعيد بن نصر (¬3) قِراءةً منه علينا، وأبو الفضل ¬

_ (¬1) هشام المؤيّد بالله بن الحكم بن عبد الرحمن أبو الوليد الأموي. بويع له بالخلافة صبيًّا سنة (366 هـ)، وكان له عشرة أعوام وأشهر، فلم يزل متغلبًا عليه لا يظهر له أمر إلى أن قُتل سنة (403 هـ). انظر: تاريخ العلماء بالأندلس (1/ 15)، جذوة المقتبس (ص: 17)، السير (17/ 123). (¬2) التُّجيبي القرطبي المالكي حافظ المغرب، صاحب التصانيف الفائقة، فقيه حافظ مكثر، عالم بالقراءات وبالخلاف في الفقه وبعلوم الحديث والرجال، كثير السماع قديم الشيوخ، على أنه لم يخرج من الأندلس، ولد سنة (368 هـ) وتوفي سنة (463 هـ). انظر: جذوة المقتبس (ص: 344)، ترتيب المدارك (8/ 127)، الصلة (2/ 640)، السير (18/ 153). (¬3) المحدّث الفاضل الأديب سعيد بن نصر بن أبي الفتح أبو عثمان مولى عبد الرحمن الناصر لدين الله الأموي القرطبي، ولد سنة (315 هـ)، وتوفي سنة (364 هـ). قال ابن عبد البر: "كتب فأحسن التقييد والضبط، وكان من أهل الدين والورع والفضل معربا فصيحًا". انظر: جذوة المقتبس (ص: 218)، الصلة (1/ 206)، بغية الملتمس (ص: 301)، السير (17/ 80).

أحمدُ بن قاسم بن عبد الرحمن التّاهرتي البزاز (¬1)، كلاهما عن أبي محمّد قاسم بن أصبغ (¬2) وأبي الحزم وَهْب بن مَسَرَّة (¬3). ¬

_ (¬1) قال ابن عبد البر: "كان ثقة فاضلًا". ولد بتاهرت سنة (309 هـ)، وقدم به أبوه الأندلس صغيرًا، وتوفي سنة (395 هـ). انظر: جذوة المقتبس (ص: 132)، الصلة (1/ 86)، بغية الملتمس (ص: 188)، السير (17/ 79). وتَاهَرْت: بفتح الهاء، وسكون الراء، وتاء فوقها نقطتان: اسم لمدينتين عظيمتين بأقصى المغرب يقال لإحداهما تاهرت القديمة، وللأخرى تاهرت المحدثة. معجم البلدان (1/ 7). قلت: وهي الآن مدينة واحدة بغرب الجزائر، يُطلق عليها أيضًا اسم تِيَارَت. (¬2) أبو محمّد قاسم بن أصبغ بن محمّد بن يوسف بن ناصح القرطبي مولى أمير المؤمنين الوليد بن عبد الملك بن مروان، يكنى ويعرف بالبيّاني، الحافظ المكثر المصنف، رحل إلى المشرق فأخذ عن الكثير، ثم انصرف إلى الأندلس بعلم كثير ومال الناس إليه حتى صارت الرحلة بالأندلس إليه، وطال عمره فسمع منه الشيوخ والكهول والأحداث، وكان بصيرًا بالحديث والرجال نبيلا في النحو والغريب. ولد سنة (244 هـ) وتوفي سنة (240 هـ). انظر: أخبار الفقهاء والمحدّثين للخشني (ص: 307)، تاريخ العلماء بالأندلس (1/ 406)، جذوة المفتبس (ص: 311)، بغية الملتمس (ص: 433)، السير (15/ 472). (¬3) وهب بن مسرّة بن مُفرّج بن حكم التميمي أبو الحزم المحدِّث السنيُّ. قال ابن الفرضي: "كان حافظا للفقه بصيرا بالحديث مع ورع وفضل، وكانت الرحلة إليه من الثغر كله للسماع منه". انظر: تاريخ العلماء بالأندلس (2/ 161، 162)، جذوة المقتبس (ص: 338)، بغية الملتمس (ص: 465). تنبيه: ذكر الحافظ الذهبي وهبَ بنَ مسرّة بأمور تحط من عدالته وديانته، فقال: "وقد كان منه هفوة بالقدر، نسأل الله السلامة". وقال أيضًا: "قال الطلمنكي في ردِّه على الباطنية: ابن مسرّة ادّعى النبوة، وزعم أنه سمع الكلام، فثبت في نفسه أنه من عند الله. قال الذهبي: ليس هذا من قبيل ادّعاء النبوة، بل من قبيل الغلط والجهل". السير (15/ 557، 558). وقال أيضا: "قال القاضي عياض: كان حافظًا للفقه بصيرًا به وبالحديث والرجال والعلل مع ورع وفضل، دارت عليه الفتيا ببلده. . . بدت منه هفوة في القدر". تذكرة الحفاظ (3/ 890). =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = كذا قال الذهبي عفا الله عنا وعنه، وتابعه على اتهام وهب بالقدر: ابنُ حجر فقال في ترجمة محمد بن مفرج القرطبي: "قال ابن الفرضي: تُرك؛ لأنه كان يدعو إلى بدعة وهب بن مسرة، ووهب كان قدريًّا". اللسان (5/ 387). وقال في ترجمة وهب (6/ 231): "من العلماء بالفقه والحديث، تكلم في شيء من القدر فعابوا عليه، وتبعه جماعة على مقالته". وهذا الكلام الذي نقله الحافظان ليس في شيء من كتب تراجمَ الأندلسيين، فلم يتّهما أحدٌ منهم وهب بن مسرة الحافظ السني بما ذُكر، والخطأ والغلط والوهم في ذلك من الذهبي وابن حجر؛ اختلط عليهما وهب بن مسرة الحافظ بمحمد بن عبد الله بن مسرة بن نجيح البجلي، من أهل قرطبة، وتُنسب إليه البدعة، فيُقال: بدعة ابن مسرة. قال ابن الفرضي: "قال لي الخطاب بن مسلمة: اتُهم بالزندقة فخرج فارا، وتردّد بالشرق مدة، فاشتغل بملاقاة أهل الجدل، وأصحاب الكلام والمعتزلة، ثم انصرف إلى الأندلس فأظهر نُسكًا وورعًا، واغترّ الناس بظاهره، فاختلفوا إليه وسمعوا منه، ثم ظهر الناسُ على سوء معتقده، وفتح مذهبه فانقبض من كان له إدراك وعلم، وتمادى في صحبته آخرون غلب عليهم الجهل فدانوا بنحلته، وكان يقول: بالاستطاعة، وإنفاذ الوعيد، ويحرّف التأويل في كثير من القرآن. إلى أن قال: وقد ردّ عليه جماعة من المشرق. . .، ولأحمد بن خالد في الردّ عليه صحيفة أخبرنا بها عنه أبو محمد الباجي". وقال الحميدي: "نُسبت إليه بذلك مقالات نعوذ بالله منها". انظر: تاريخ العلماء (2/ 41)، جذوة المقتبس (ص: 94)، أخبار الفقهاء والمحدّثين (ص: 178). وما أشار إليه الذهبي من رد الطلمنكي إنما يتّجه إلى هذا. ومن الغريب أنَّ الذهبي نقل عن القاضي عياض كلامه في وهب بن مسرة كما تقدّم، وقال: "بدت منه هفوة في القدر"، وهذا لا شك من الذهبي، مع أن القاضي عياضًا قال بعد ذلك الكلام المنقول: "وله كتاب في السنة وإثبات القدر والرؤية والقرآن". ترتيب المدارك (6/ 165). وأما نقل الحافظ ابن حجر عن ابن الفرضي في ترجمة محمد بن مفرج أنه كان يدعو إلى بدعة وهب بن مسرة، فهو نقل بما فهمه الحافظان، وليس كذلك، بل الذي قاله ابن الفرضي: "كان يعتقد مذهب ابن مسرّة ويدعو إليه"، كما في تاريخ العلماء (2/ 84)، ومذهب ابن مسرّة إذا أُطلق عند الأندلسيين يتجّه إلى محمد بن عبد الله بن مسرة المعتزلي المبتدع، لا إلى المحدّث السني =

زاد أبو الفضل التّاهَرْتِي: وعن أبي عبد الملك محمّد بن عبد الله بن أبي دُلَيم (¬1)، كلهم عن محمّد بن وضّاح، عن يحيى بن يحيى، عن مالك. قال أبو عمر بن عبد البر: وأخبرنا به أيضا أبو عمر أحمد بن محمّد بن أحمد هو ابن سعيد الأموي مولى لهم (¬2) قِراءةٌ مِنِّي عليه عن وَهب بن مسرَّة بإسناده المذكور. وعن أبي عمر أحمد بن مطرِّف المعروف بابن المَشَّاط (¬3)، وأحمد بن سعيد بن حزم الصدفي (¬4)، كليهما عن عبيد الله بن يحيى، عن أبيه يحيى بن يحيى، عن مالك. ¬

_ = وهب بن مسرة، والله الموفق. وهذا كله لا يحط من مكانة الحافظين الجليلين الذهبي وابن حجر، فالغلط لا يسلم منه أحد، وكلُّ عالم معرَّض للوهم ولو نزرًا. وانظر ما كتبه د- إبراهيم بن الصديق الغماري في رسالة لطيفة: نماذج من أوهام النقاد المشارقة في الرواة المغاربة (ص: 25 - 32). (¬1) من أهل قرطبة، توفي سنة (338 هـ). قال ابن الفرضي: "كان يُشبّه بابن وضاح في خَلقه وخُلُقه، وكان شيخًا طاهرًا ثقة سمع منه الناس كثيرًا". انظر: تاريخ العلماء بالأندلس (2/ 59)، وسقط منه دُليم، ترتيب المدارك (4/ 421)، تاريخ الإسلام (حوادث 338 هـ، ص: 167). (¬2) أحمد بن محمّد بن أحمد بن سعيد بن الحُباب بن الجَسور الأموي القرطبي أبو عمر، توفي سنة (401 هـ). قال الحميدي: "محدّث مكثر". وقال الخولاني: "كان من أهل العلم ومتقدّما في الفهم. . . حافظًا للحديث والرأي، عارفا بأسماء الرجال قديم الطلب". انظر: جذوة المقتبس (ص: 99)، الصلة (1/ 29)، بغية الملتمس (ص 143)، السير (17/ 148). (¬3) المتوفى سنة (352 هـ). قال الحميدي: "محدّث. . . كان رجلًا صالحًا فاضلًا معظَّمًا عند ولاة الأمر بالأندلس". انظر: جذوة المقتبس (ص: 138)، بغية الملتمس (ص: 194). (¬4) أحمد بن سعيد بن حزم بن يونس الصدفي المُنتليجي أبو عمر القرطبي، الحافظ الكبير المؤرخ، عُني بالآثار والسنن وجمع الحديث، مؤلف التاريخ الكبير في أسماء الرجال، في عدّة مجلّدات. ولد سنة (284 هـ) وتوفي سنة (335 هـ). انظر: تاريخ العلماء بالأندلس (1/ 55)، جذوة المقتبس (ص: 117)، السير (16/ 104).

قال الشيخ أبو العبّاس رضي الله عنه: وقد رواه كلُّ واحدٍ من مَشيختي الثلاثةِ المذكورين (¬1) عن غير أبي عمر بن عبد البر بأسانيدَ أُخر يَطول ذكرها، وإنَّما اقتصرتُ على إسناد بن عبد البر خاصةً؛ لجلالةِ قدْرِه، وبراعةِ علمِه وضبطِه وإتقانِه، واعتنائه بكتاب الموطأ، وشهرةِ تواليفِه عليه. ولم أذكر أسانيدي في الموطأ عن سائرِ الروايات غير رواية يحيى، ولا أسانيدَ الكتبِ التي خَرَّجْتُ منها ما أَحَلْتُ في هذا الكتاب عليه، اختصارًا واكتفاءًا بشهرتِها، ولأنِّي إنما ذَكَرتُ ذلك على طريق الاستشهادِ، وأكثرُه على المعنى، على حالِ ما تذكَّرته، وبالله تعالى التوفيق. * * * ¬

_ (¬1) يعني: أبا علي الغسّاني وأبا داود سليمان نجاح وأبا الحسن بن شفيع.

ذكر نسب النبي صلى الله عليه وسلم

ذِكرُ نَسَب النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلَّم هو أبو القاسم محمّد بنُ عبد الله بن عبد المُطّلب، -وقيل: اسمه شَيْبَة- بن هاشم، -واسمه: عمرو- بن عبد مَنَاف، -واسمه: المغيرة- بن قُصَيّ، -واسمه: زيد- بن كِلاَب بن مُرَّة بن كَعب بن لُؤَيّ بن غالب بن فِهر بن مالك بن النَّضر بن كِنانَة بن خُزَيمة بن مُدْرِكَة بن إلياس بن مُضَر بن نِزَار بن مَعَدّ بن عَدْنَان. عشرون جَدًّا، وهذا الصحيح من النَّسب المُجْمَع عليه (¬1)، جاء عن عروة بن الزبير أنَّه قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "إنَّما ننتسِبُ إلى مَعَدّ، وما بعد مَعَدّ لا ندري ما هو" (¬2). وقال عروة: "ما وجدنا أحدًا يعرف ما وراء مَعَدّ بن عدنان إلّا تخوُّضًا" (¬3). ¬

_ (¬1) قال ابن سعد: "ولم أر بينهم اختلافًا أن مَعَدًّا من ولد قيذر بن إسماعيل، وهذا الاختلاف في نسبته يدل على أنه لم يحفظ، وإنما أخذ ذلك من أهل الكتاب، وترجموه لهم فاختلفوا فيه، ولو صح ذلك لكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعلم الناس به، فالأمر عندنا على الانتهاء إلى مَعَدّ بن عدنان، ثم الإمساك عما وراء ذلك إلى إسماعيل بن إبراهيم". الطبقات الكبرى (1/ 48). وقال ابن حبان: "نسبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تصح إلى عدنان، وما وراء عدنان فليس عندي فيه شيء أعتمد عليه". الثقات (1/ 22). وقال ابن حزم: "عدنان من ولد إسماعيل بلا شك في ذلك، إلّا أن تسمية الآباء بين إسماعيل قد جهلت جملة، وتكلم قوم في ذلك بما لا يصح". جمهرة أنساب العرب (ص: 7). وانظر: التبيين في أنساب القرشيين (ص: 36). (¬2) أورده ابن عبد البر في الاستيعاب (1/ 26) قال: "قال أبو الأسود محمد بن عبد الرحمن، عن عروة بن الزبير"، فذكره. (¬3) كذا في الأصل: "تخوضًا"، وفي بعض المصادر التالية: "تخرصًا" بالراء والصاد. والأثر أخرجه ابن سعد في الطبقات (1/ 48)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (3/ 52)، والمزي في =

قال الشيخ أبو العبّاس رضي الله عنه: وعَدنان مِن وَلَدِ إسماعيل بن إبراهيم خَلِيلِ الرَّحمن، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ الله اصطفَى كِنَانة مِن ولد إسماعيل، واصطفى قريشًا من كنانة، واصطفى بني هاشم من قُريش، واصطفاني مِن بني هاشم"، خرّجه مسلم (¬1). وقريش هو فِهْر بن مالك، وقيل: بل هو جَدُّه النَّضر بن كِنانة، وقيل: غير ذلك (¬2). * * * ¬

_ = في تهذيب الكمال (1/ 175)، والذهبي في تاريخ الإسلام (-السيرة النبوية- ص: 18) من طريق عبد الله بن لهيعة، عن أبي الأسود يتيم عروة، عن عروة بن الزبير به. وابن لهيعة ضعيف، وسيأتي الكلام فيه (3/ 51، 212). (¬1) صحيح مسلم، كتاب: الفضائل، باب: فضل نسب النبي - صلى الله عليه وسلم -. . . (4/ 1782) (رقم: 2276). (¬2) قال مصعب بن عبد الله الزبيري: " فوَلَدَ مالك بن النضر فِهرا، وهو قريش". وقال أيضًا: "وقد قالوا: اسم فهر بن مالك: قريش، ومن لم يلد فهرٌ فليس من قريش". نسب قريش (ص: 12)، تاريخ ابن أبي خيثمة (ص: 37، 12 - رسالة كمال-). وانظر: أنساب الأشراف (1/ 45)، جمهرة أنساب العرب (ص: 11، 12)، التبيين في أنساب القرشيين (ص: 36).

القسم الأول: الأسماء

القسم الأول باب: الألف ثلاثة رجال 1/ مسند أسامة بن زيد بن حارثة حِبُّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومولاه أربعة أحاديث. 1/ حديث: "لا يَرِث المسلمُ الكافرَ"، مختصر. عن ابن شهاب، عن علي بن حسين (¬1) بن علي، عن عُمر بن عثمان بن عفّان (¬2)، عن أسامة رفعه (¬3). ¬

_ (¬1) في الأصل: "جبر"، وكتب فوقه: "حسين"، فكأنَّ الناسخ صححه من نسخة أخرى، أو ورأى أنَّ ما في الأصل خطأ فأصلحه. (¬2) كذا في الأصل: "عمر بن عثمان بن عفان"، والصواب من رواية يحيى الليثي: "عمرو" مخففًا، وما ذكره المصنف إنَّما بناه على رواية ابن عبد البر، حيث ساق في المقدمة رواية يحيى من طريق ابن عبد البر، وابن عبد البر يقول: إنَّ رواية يحيى هي عُمر لا عمرو، وسيأتي تنبيه المصنف على هذا. (¬3) الموطأ كتاب: الفرائض، باب: ميراث أهل الملل (2/ 411) (رقم: 10). وأخرجه النسائي في السنن الكبرى كتاب: الفرائض، باب: ذكر الاختلاف على مالك في حديث أسامة بن زيد فيه، (4/ 80) (رقم: 6372 - 6375) من طريق عبد الله بن المبارك، وزيد بن الحُباب، ومعاوية بن هشام. وأحمد في المسند (5/ 208) من طريق ابن مهدي، خمستهم عن مالك به.

قال الشيخ أبو العبّاس رضي الله عنه: كان مالكٌ يقول في إسناد هذا الحديث: "عُمر بن عثمان"، وهو المحفوظ عنه، وقال سائر رواة الزهري: "عَمرو مخفَّفًا" (¬1). ¬

_ (¬1) منهم: محمّد بن أبي حفصة عند البخاري في صحيحه كتاب: المغازي، باب: أين ركز النبي - صلى الله عليه وسلم - الراية يوم الفتح (5/ 110) (رقم: 4282). - وعبد الملك بن عبد العزيز بن جريج عند البخاري في صحيحه كتاب: الفرائض، باب: لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر السلم (8/ 322) (رقم: 6764). - وسفيان بن عيينة عند مسلم في صحيحه كتاب: الفرائض (3/ 1233) (رقم: 1614). - وهُشيم بن بَشير عند الترمذي في السنن كتاب: الفرائض، باب: ما جاء في إبطال الميراث بين المسلم والكافر (4/ 369) (رقم: 2107)، والنسائي في السنن الكبرى (4/ 82) (رقم: 6382)، وسعيد بن منصور في السنن (1/ 84) (رقم: 136)، وابن أبي خيثمة في التاريخ (ص: 421) (رقم: 621 - رسالة كمال-)، والطبراني في المعجم الكبير (1/ 163) (رقم: 391)، وأبي بكر الشافعي في الغيلانيات (1/ 265) (رقم: 39). إلا أن هُشيمًا قال كما عند النسائي وابن أبي خيثمة وسعيد: "لا يتوارث أهل ملتين"، خالف الجماعةَ في لفظه. - ويزيد بن الهاد عند النسائي في السنن الكبرى (رقم: 6377)، والطبراني في المعجم الكبير (1/ 168) (رقم: 412)، وأبي بكر الشافعي في الغيلانيات (1/ 268) (رقم: 44). - وعُقيل بن خالد عند النسائي في السنن الكبرى (رقم: 6378)، والطبراني في المعجم الكبير (1/ 168) (رقم: 412). - ويونس بن يزيد عند النسائي في السنن الكبرى (رقم: 6380)، والطحاوي في شرح المعاني (3/ 365)، والدراقطني في السنن (4/ 69) (رقم: 7)، والطبراني في المعجم الكبير (1/ 168) (رقم: 412). - ومعمر بن راشد عند النسائي في السنن الكبرى (رقم: 6379)، وأحمد في المسند (5/ 202، 208)، والدارمي في السنن (2/ 466) (رقم: 2998)، وعبد الرزاق في المصنف (6/ 14) (رقم: 9851)، وابن خزيمة في صحيحه (4/ 14) (رقم: 2985)، والطبراني في المعجم الكبير (1/ 168) (رقم: 412)، وأبي بكر الشافعي في الغيلانيات (1/ 266) (رقم: 40)، والخطيب في الفصل للوصل (2/ 689). =

وروجع مالك فيه فقال: "نحن أعلم به وهذه دارُه" (¬1). وروى يحيى بن معين، عن عبد الرحمن بن مهدي قال: قال لي مالك بن أنس: "أَتراني لا أعرف عُمر من عَمرو، هذه دارُ عُمر وهذه داوُ عَمرو" (¬2). وقال مسلم في التمييز: "وكانا جميعًا ولدَ عثمان، عُمر وعَمرو، غير أن ¬

_ = - وسفيان الثوري عند النسائي في السنن الكبرى (رقم: 6376). - والأوزاعي عند عبد الرزاق في المصنف (6/ 14) (رقم: 9851). - وعبد الله بن بديل بن ورقاء عند الطيالسي في المسند (ص: 87)، والطبراني في المعجم الكبير (1/ 168) (رقم: 412). - وزمعة بن صالح عند الدارقطني في السنن (3/ 62) (رقم: 237)، والطبراني في المعجم الكبير (1/ 168) (رقم: 412)، وأبي بكر الشافعي في الغيلانيات (1/ 269) (رقم: 45)، والخطيب في الفصل للوصل (2/ 692). - ومعاوية بن صالح عند الدارقطني في السنن (3/ 62) (رقم: 237). - وسفيان بن حسين عند الطبراني في المعجم الكبير (1/ 168) (رقم: 412)، وفي الأوسط (2/ 142) (رقم: 2738)، وأبي بكر الشافعي في الغيلانيات (1/ 270) (رقم: 48). - وصالح بن كيسان، ويحيى بن سعيد الأنصاري عند الطبرانى في المعجم الكبير (1/ 168) (رقم: 412)، كل هؤلاء رووه عن الزهري، وخالفوا مالكا فقالوا: عَمرو بن عثمان. (¬1) ذكر ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (6/ 248) عن يحيى بن سعيد القطان قال: "قلت لمالك: إنَّما هو عَمرو بن عثمان، فأبى أن يرجع وقال: قد كان لعثمان ابن يُقال له عمر هذه داره". (¬2) أخرجه محمّد بن المظفر البزاز في غرائب حديث مالك (ص: 117) (رقم: 63): حدّثنا علي بن أحمد بن سليمان قال: حدّثنا أحمد بن سعيد بن أبي مريم قال: سمعت يحيى بن معين، عن عبد الرحمن بن مهدي به. . فذكره، وقال في آخره: "فقلت له: فكيف حدّثكم؟ قال: كان يقول: عُمر". وأخرجه أبو القاسم الجوهري في مسند الموطأ (ل: 34/ أ) بهذا الإسناد وقال في آخره: "قلت: فكيف حدّثكم مَعن؟ قال: كان يقول: عُمر". كذا وقع في النسخة، وذكر معن فيها زيادة وخطأ، والله أعلم.

هذا الحديث عن عَمرو ليس عن عُمر" (¬1). ولَمَّا لم يُنازع مالكٌ في ولد عثمان، وخُولف في راوي هذا الحديث منهم مَن شكّ فقال مرة: "عن عُمر أو عَمرو"، وهكذا في رواية ابنِ بكير عنه (¬2). ثم رجع (¬3) بأخرَة فقال: "عَمرو"، تابع الجماعةَ؛ هكذا ثبت في الموطأ في رواية يحيى بن يحيى صاحبِنا، وابنِ القاسم، وسماعُهُما متأخِّرٌ (¬4). ¬

_ (¬1) لم أجد هذا النص في القطعة المطبوعة من التمييز، ولعله في الجزء المفقود. وانظر: علوم الحديث لابن الصلاح (ص: 73)، التقييد والإيضاح (ص: 88). وقال الشافعي: "صحّف مالك في عمر بن عثمان، إنما هو عمرو بن عثمان". آداب الشافعي لابن أبي حاتم (ص: 224)، علوم الحديث للحاكم (ص: 150). وقال أبو زرعة الرازي: "الرواة يقولون: عَمرو، ومالك يقول: عُمر، قال أبو محمد: أما الرواة الذين قالوا: عمرو بن عثمان، فسفيان بن عيينة، ويونس بن يزيد عن الزهري". علل الحديث (2/ 50). وقال الترمذي: "وحديث مالك وهم، وهم فيه مالك، وقد رواه بعضهم عن مالك فقال: عن عمرو بن عثمان، وأكثر أصحاب مالك قالوا عن مالك عن عمر بن عثمان، وعمرو بن عثمان بن عفان هو مشهور من ولد عثمان، ولا يعرف عمر بن عثمان". السنن (4/ 369). وقول الترمذي: "لا يُعرف" أي بالرواية؛ لما تقدّم من كلام الإمام مسلم أنَّ كليهما معروف، وأنَّهما من ولد عثمان بن عفان رضي الله عنه، أي معروفي النسب. (¬2) موطأ ابن بكير (ل: 92/ ب -نسخة السليمانية-) وكذا في نسخة الظاهرية (ل: 83/ ب). (¬3) يعني الإمام مالكًا. (¬4) انظر الموطأ برواية: - يحيى الليثي نسخة المحمودية (أ) (ل: 82/ ب) وفي حاشيتها ما نصه: "رواية يحيى: عمرو، واختلف فيه على مالك"، ونسخة المحمودية (ب) (ل: 122/ أ)، وفي هامشها: "لا خلاف عن يحيى في روايته عن عَمرو، وقد اختلف فيه عن مالك، فقيل كما قال يحيى، وقيل عنه أيضًا: عن عمر، وقيل عنه: عمرو أو عمر، قاله الفقيه الشاطبي رحمه الله". وكذا وقع: عن عمرو في نسخة شستربتي (ل: 51/ أ).

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وفي المطبوع من رواية يحيى: "عمر"، على الوهم! ، وهو وهم. - ورواية ابن القاسم مع تلخيص القابسي (ص: 120) (رقم: 65). ووقع في الجمع بين رواية ابن القاسم وابن وهب (ل: 84/ أ): "عُمر"، ولعل الجامع بين الروايتين حمل رواية ابن القاسم على رواية ابن وهب ولم يميّز بينهما، والله أعلم، مع أنَّ أحمد بن خالد الجباب حكى عن ابن وهب أنَّه وافق يحيى الليثي في هذه الرواية، كذا وقع في حاشية نسخة شستربيتي لرواية يحيى. - وهي رواية أبي مصعب الزهري أيضا (2/ 539) (رقم: 3061)، وسماعه من مالك بأخرة. وتابعهم: أبو حذافة أحمد بن إسماعيل السهمي عند ابن الأخضر في مشيخة شهدة (ص: 60) (رقم: 23)، وعمر بن محمد المعروف بابن الحاجب في عوالي مالك (ل: 129/ أ)، كلاهما روياه من طريق المحاملي عن أبي حذافة السهمي. وأخرجه الخطيب في عوالي مالك (ل: 71/ ب - مجموع) من طريق المحاملي، عن أبي حذافة السهمي، وفيه: "عُمر بن عثمان"، وفي هامش النسخة لَحَق: "عَمرو بن عثمان". وأخرجه البرزالي في مشيخة قاضي القضاة ابن جماعة (1/ 182) من طريق المحاملي عن أحمد بن حذافة السهمي، إلا أنه قال: "عُمر". قال ابن جماعة: "هكذا رواه مالك عن عمر بن عثمان بضم العين، وخالفه الناس في ذلك وقالوا: إنما روى هذا الحديث عمرو بن عثمان". ثم نقل عن الإمام مسلم توهيمه لمالك. وأظن أنَّ أبا حذافة السهمي اضطرب في روايته هذه عن مالك، فمرة يقول: "عمرو"، ومرة: "عُمر"، وقد كان مغفلًا، في روايته عن مالك شيء. قال الدارقطني: "أحمد بن إسماعيل السّهمي، أبو حذافة ضعيف الحديث، كان مغفّلا، روى الموطأ عن مالك مستقيمًا، وأُدخلت عليه أحاديث في غير الموطأ فقبِلَها، لا يحتج به". تاريخ بغداد (4/ 24). وقال ابن عدي: "حدّث عن مالك بالموطأ، وحدّث عنه وعن غيره بالبواطيل". الكامل (1/ 175). وقال الخطيب البغدادي: "كان أبو حذافة قد أُدخل عليه عن مالك أحاديث ليست من حديثه، ولحقه السهو في ذلك، ولم يكن ممّن يتعمّد الباطل، ولا يُدفع عن صحة السماع من مالك". تاريخ بغداد (4/ 24). وانظر: تهذيب الكمال (1/ 266)، تهذيب التهذيب (1/ 13). =

ورواه النسائيُّ كذلك عن جماعةٍ من أصحابِ مالكٍ (¬1). وزعم أبو عُمر بنُ عبد البر أنَّ رواية يحيى هذا في الموطأ عن مالك: عُمر على الوهم (¬2). قال شيخُنا أبو علي الجيّاني رحمه الله: "والمعروف في رواية يحيى بن يحيى صاحبِنا: عَمرو"، يعني مخفَّفًا، قال: "وكذلك ذَكَر أحمدُ بنُ خالد (¬3) في مسندِه (¬4) وكفى بنَقلِه". قال الشيخ أبو العبّاس رضي الله عنه: وهكذا حَكَى أبو القاسم ¬

_ = لكن تبقى رواية يحيى بن يحيى الليثي، وابن القاسم، وأبي مصعب، حيث رووه عن مالك على الصواب كما رواه أصحاب الزهري، وهؤلاء هم آخر من روى الموطأ عن مالك. (¬1) سبقت الإشارة إلى روايات أصحاب مالك عند النسائي من رواية: ابن المبارك وزيد بن الحباب ومعاوية بن هشام وفيها: "عمرو"، مخففًا. ووقع في المموع من السنن الكبرى للنسائي من رواية ابن القاسم: "عُمر"، وكذا حكاه المزي عنه في تحفة الأشراف (1/ 56)، وتقدَّم عن المؤلف أنَّ رواية ابن القاسم: عمرو، بالتخفيف، وكذا هي في المطبوع من موطئه بتلخيص القابسي، وكذا حكاه الجوهري عنه كما سيأتي، ولعل هذا من اختلاف الرواة عن ابن القاسم، أو تصرف النساخ، والله أعلم بحقيقة الحال. (¬2) التمهيد (9/ 160). (¬3) هو أحمد بن خالد بن يزيد بن محمّد بن سالم بن سليمان يعرف: بابن الجبَّاب -بفتح الجيم بعدها باء مشدّدة معجمة بواحدة- أبو عمر القرطبي، مصنّف مسند مالك. قال ابن الفرضي: "كان إمام وقته غير مدافَع في الفقه والحديث والعبادة". مولده سنة (246 هـ) وتوفي سنة (322 هـ). انظر: تاريخ العلماء بالأندلس (1/ 42)، جذوة المقتبس (ص 112)، الإكمال (2/ 138)، المؤتلف والمختلف للدارقطني (1/ 487)، السير (15/ 240)، الأنساب (2/ 14)، توضيح المشتبه (3/ 44)، الديباج المذهب (ص 34)، شجرة النور (ص 87). (¬4) في الأصل: "سنده"، ولعل الصواب المثبت، وتقدّم أنَّ له مسندًا مالك.

الجوهري (¬1) في مسند (¬2) حديث الموطأ قال: "في رواية ابنِ القاسم ويحيى بن يحيى الأندلسي: عَمرو بن عثمان". يعني مخفَّفًا (¬3). وهذا الحديث مختصر في الموطأ، وزاد في رواية ابنِ وَهب: "ولا يرثُ ¬

_ (¬1) هو عبد الرحمن بن عبد الله بن محمّد الغافقي أبو القاسم الجوهري المالكي، توفي سنة (385 هـ). قال أبو عبد الله ابن الحذّاء: "كان فقيهًا ورعًا منقبضًا خيرًا مِن جلّة الفقهاء، وكان قد لزم بيته لا يخرج منه". قال الذهبي: "صنّف مسند الموطأ بعلله واختلاف ألفاظه وإيضاح لغته وتراجم رجاله وتسمية مشايخ مالك فجوّده. . . وألّف حديث مالك ممّا ليس في الموطأ". انظر: الديباج المذهّب (ص: 148)، السير (16/ 435)، شجرة النور (ص: 93). (¬2) في الأصل: "سند"، وهو خطأ. (¬3) مسند الموطأ (ل: 34/ أ). والذي يظهر أنَّ رواية يحيى الليثي على ما ذكره المصنف بخلاف ما قاله ابن عبد البر، وأقوال هؤلاء الأئمة -وهم من أعلم الناس بموطأ مالك خاصة برواية يحيى الليثي- يُقدّم على قول ابن عبد البر، والله أعلم. وأراد المصنف بهذا النقل والكلام إثبات رجوع الإمام مالك عن قوله: "عُمر" بضم العين، وتابع جماعة الرواة عن الزهري فقال: "عمرو"، يعني مخفَّفًا، واستدل بتأخر رواية يحيى وابن القاسم، وهو الظاهر. وأما ابن عبد البر فذهب إلى تخطئة الإمام مالك فقال: "مالك لا يكاد يُقاس به غيره حفظًا وإتقانًا، ولكن الغلط لا يَسلَم منه أحدٌ، وأهلُ الحديث يأبَون أن يكون في هذا الإسناد إلَّا عَمرو بالواو. . . ". التمهيد (9/ 161). وقال أيضًا: "ومالكٌ حافظُ الدنيا، ولكن الغلط لا يسلم منه أحد". الاستذكار (15/ 490). وخطّأ مالكًا كَثيرٌ من أهل العلم كما تقدّم عن مسلم والشافعي وغيرهما، وهو قول النسائي أيضًا وأبي حاتم. انظر: السنن الكبرى (4/ 81)، علل الحديث (2/ 50). ولا شك أنَّ مالكًا أخطأ في قوله: "عُمر بن عثمان"، لكنه لما روجع عدة مرّات كما يظهر، وتبيّن له الخطأ رجع عنه في آخر حياته، تابع الجماعةَ عن الزهري كما قال المصنف، والله أعلم.

الكافرُ المسلمَ" (¬1). وفيه قِصَّةٌ، طَرَفُها في مرسلِ عليِّ بن الحُسين، انظره هناك (¬2). 2 / حديث: "كان يَسيرُ العَنَق (¬3). . . ". يعني في حَجَّة الودأع حين دَفَع، وذكر النَّصَّ (¬4). في باب: السير في الدفع. عن هشام بن عروة، عن أبيه قال: "سُئل أسامةُ وأنا جالسٌ معه" (¬5). 3/ حديث: "دفع رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - من عَرَفَةَ حتَّى كان بالشِّعبِ نَزَل فبال وتوضّأ. . . ". ¬

_ (¬1) لم أقف عليه من رواية ابن وهب عن مالك. وهو في الجمع بين رواية ابن وهب وابن القاسم (ل: 84/ أ)، وليس فيها هذه الزيادة. وأخرجه النسائي في السنن الكبرى (4/ 82) (رقم: 6379) من طريق عبد الله بن وهب، عن يونس بن يزيد، عن الزهري به، وفيه الزيادة. (¬2) سيأتي (5/ 75). (¬3) العَنَق: بالتحريك، وهو السير الذي بين الإبطاء والإسراع. انظر: النهاية (3/ 310)، الفتح (3/ 605). (¬4) النصّ: التحريك حتى يَستَخرج أقصى سير الناقة، وأصل النصّ أقصى الشيء وغايته، ثم سميّ به ضرب من السير سريع. النهاية (5/ 64). (¬5) الموطأ كتاب: الحج، باب: السير في الدفعة (1/ 315) (رقم: 176). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الحج، باب: السير إذا دفع من عرفة (2/ 516) (رقم: 1666) من طريق عبد الله بن يوسف. وأبو داود في السنن كتاب: المناسك، باب: الدفعة من عرفة (2/ 472) (رقم: 1923) من طريق القعنبي. والنسائي في السنن الكبرى كتاب: الحج، باب: كيف السير من جمع (2/ 434) (رقم: 4057) من طريق ابن القاسم، ثلاثتهم عن مالك به.

فيه: "الصلاةُ أمامَك"، والجمعُ بين المغرب والعشاء بالمُزدلفة. في الحج، باب: صلاة المزدلفة. عن موسى بن عقبة، عن كرَيب مولى ابن عبّاس، عن أسامة (¬1). هذا الصحيح (¬2)، وقيل في غير الموطأ: كُريب، عن ابن عباس، عن أسامة (¬3). وانظر الجمعَ بالمزدلفة لأبي أيوب (¬4)، وابنِ عمر من طريق سالم (¬5)، والجمعَ في السَّفَر لابن عمر من طريق نافع (¬6)، ولمعاذ (¬7) وغيرِهما، والجمعَ العام لابن عباس (¬8)، والكلُّ ثلاثة أنواع. ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الحج، باب: صلاة المزدلفة (1/ 321) (رقم: 197). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الوضوء، باب: إسباغ الوضوء (1/ 54) (رقم: 139) من طريق القعنبي، وفي كتاب: الحج، باب: الجمع بين الصلاتين بالمزدلفة (2/ 517) (رقم: 1672) من طريق عبد الله بن يوسف. ومسلم في صحيحه كتاب: الحج، باب: الإفاضة من عرفات إلى مزدلفة. . . (2/ 134) (رقم: 272) من طريق يحيى النيسابوري. وأبو داود في السنن كتاب: المناسك، باب: الدفعة من عرفة (2/ 470) (رقم: 1625) من طريق القعنبي. والنسائى في السنن الكبرى كتاب: الحج، باب: الأذان بالمزدلفة (2/ 427) (رقم: 4029) من طريق قتيبة بن سعيد. وأحمد في المسند (5/ 208) من طريق ابن مهدي وروح، ستتهم عن مالك به. (¬2) أي: كريب، عن أسامة، ليس بينهما ابن عباس. (¬3) كذا رواه أشهب وابن الماجشون عن مالك، وخالفا جمهور الرواة عنه، والصحيح طرح ابن عباس من إسناده. انظر: التمهيد (13/ 156). (¬4) سيأتي حديثه (3/ 143). (¬5) سيأتي حديثه (2/ 347). (¬6) سيأتي حديثه (2/ 376). (¬7) سيأتي حديثه (2/ 206). (¬8) سيأتي حديثه (2/ 548).

4/ حديث: "الطاعونُ رِجْزٌ. . . ". فيه: "فإذا سَمعتُم به بأرض فلا تَدْخُلوها عليه". في الجامع. عن محمّد بن المنكدر وسالم أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله، عن عامر بن سعد بن أبي وقّاص، [عن أبيه] (¬1)، عن أسامة (¬2). سمع عامرٌ أسامةَ يخبر أباه، وقولُ يحيى ومَن تابعه فيه: عن أبيه، حَشوٌ (¬3). ¬

_ (¬1) سقطت من الأصل، وهي ثابتة في الموطأ وغيره، ويدل عليها كلام المصنِّف بعده. (¬2) الموطأ كتاب: الجامع، باب: ما جاء في الطاعون (2/ 683) (رقم: 23). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: أحاديث الأنبياء، بابٌ، (4/ 505) (رقم: 3473) من طريق عبد العزيز بن عبد الله. ومسلم في صحيحه كتاب: السلام، باب: الطاعون والطيرة والكهنة ونحوها (4/ 1737) (رقم: 2218) من طريق يحيى النيسابوري. والنسائي في السنن الكبرى كتاب: الطب، باب: الخروج من الأرض التي لا تلائمه (4/ 362) (رقم: 7525) من طريق ابن القاسم. وأحمد في المسند (2/ 20) من طريق أبي سلمة الخزاعي، أربعتهم عن مالك به. (¬3) تابع يحيى من سبق ذكرهم، ومن رواة الموطأ: - أبو مصعب الزهري (2/ 66) (رقم: 1868)، وابن القاسم (ص: 140) (رقم: 87 - تلخيص القابسي-)، وابن وهب كما في الجمع بين روايته ورواية ابن القاسم (ل: 105/ أ)، وسويد بن سعيد (ص: 532) (رقم: 1249)، ومطرف كما في التمهيد (12/ 249). وخالفهم: - يحيى بن بكير (ل: 184، 185/ ب، أ -نسخة الظاهرية-)، ومحمد بن الحسن (ص: 366) (رقم: 955)، ومعن بن عيسى كما في التمهيد (12/ 250). فرووه عن مالك، عن محمد بن المنكدر وأبي النضر، عن عامر بن سعد: أنَّه سمع أباه يسأل أسامة. وبعضهم لم يذكر أنَّ أباه سأله، فرواه عن عامر عن أسامة كما هي رواية ابن بكير. =

فصل: روى ابن عمر: "أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بَعَثَ بعثًا وأَمَّرَ عليهم أسامةَ بنَ زيد، فطَعَنَ الناسُ في إمَارَتِه فقال - صلى الله عليه وسلم -: إن تَطْعنوا في إمارته فقد طعنتم في إمارةِ أبيهِ من قَبل، وايمُ اللَّه إن كان لخليقًا للإمارةِ، وإن كان لَمِن أَحَبِّ النَّاسِ إليّ، وإنَّ هذا لَمِن أَحَبِّ النَّاس إليّ بعده"، خُرِّج في الصحيح (¬1). وأبوه زيدُ بنُ حارِثة بنِ شُراحِيل الكَلبي مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، كان سُبِيَ في الجاهلية فاشترته خديجةُ وأعطتْه النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - وهو ابنُ ثمان سنين أو نحوها، فربّاه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - قبل النبوة (¬2). ¬

_ = فالراوي عن أسامة هو عامر بن سعد لا أبوه، وزيادة أبيه في الإسناد من باب المزيد في متصل الأسانيد، والله أعلم. (¬1) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الفضائل، باب: مناقب زيد بن حارثة (4/ 583) (رقم: 3730)، وفي المغازي، باب: غزوة زيد بن حارثة (5/ 101) (رقم: 4250)، وفي باب: بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - أسامة بن زيد رضي الله عنه في مرضه الذي توفي فيه (5/ 171) (رقم: 4469)، وفي الأيمان والنذور، باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "وايم الله" (7/ 278) (رقم: 6627)، وفي الأحكام، باب: من لم يكترث بطعن من لا يعلم في الأمراء حديثا (8/ 460) (رقم: 7187). ومسلم في صحيحه كتاب: فضائل الصحابة، باب: فضائل زيد بن حارثة وأسامة بن زيد رضي الله عنهما (4/ 1884) (رقم: 2426). (¬2) أورد قصة زيد بن حارثة مطولة ابنُ سعد في الطبقات (3/ 29، 31)، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخ دمشق (19/ 346 - 348)، وهي قصة مشهورة عند أهل النسب والسير. انظر: المعجم الكبير للطبراني (5/ 83)، الإصابة (2/ 598). وفي إسنادها هشام بن محمد بن السائب الكلبي، قال عنه الإمام أحمد: "من يحدّثُ عنه؟ إنما هو صاحب سمر ونسب، ما ظننت أن أحدا يحدّث عنه". وبمثله قال أبو حاتم، وضعّفه غير واحد. انظر: العلل ومعرفة الرجال (2/ 31 - رواية عبد الله-)، الجرح والتعديل (9/ 69)، اللسان (6/ 196).

وكان يُدعى زيد بن محمّد حتى أنزل الله سبحانه: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ} (¬1)، وأنزل الله تعالى: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ} (¬2). وسئل رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: مَن أحبُّ الناس إليك؟ فقال: "مَن أنْعَمَ الله عليه وأنْعَمْتُ عليه" يعني زيدًا (¬3). ¬

_ (¬1) سورة: الأحزاب، الآية: (40). وهو قول قتادة وعلي بن الحسين، وعزاه السيوطي لابن عباس. انظر: الطبقات الكبرى (3/ 31)، تفسير الطبري (10/ 305) (رقم: 28529، 28530)، الدر المنثور (6/ 617). (¬2) سورة: الأحزاب الآية: (5). أخرج البخاري في صحيحه كتاب: التفسير، باب: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ} (8/ 377) (رقم: 4782) عن ابن عمر رضي الله عنه: أن زيد بن حارثة مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما كنا ندعوه إلا زيد بن محمد حتى نزل القرآن {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ}. (¬3) لم أجده باللفظ المذكور أعني أن المعني بالحديث هو زيد بن حارثة، وإنما ورد منصوصًا على ابنه أسامة بن زيد. أخرج الترمذي في سننه كتاب: المناقب، باب: مناقب أسامة بن زيد (5/ 636) (رقم: 3819)، وابن أبي خيثمة في التاريخ (رقم: 2 - رسالة الحمدان-)، و (3/ ل: 119/ أ)، والحاكم في المستدرك (2/ 417، 3/ 596)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (15/ 323) (رقم: 5298، 5299)، والطبرانى في المعجم الكبير (1/ 158) (رقم: 369) من طرق عن أبي عوانة وهو الوضاح اليشكري عن عمر بن أبي سلمة عن أبيه عن أسامة بن زيد قال: "كنت جالسًا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - إذ جاء علي والعباس يستأذنان فقالا: يا أسامة استأذن لنا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فقلت: يا رسول الله عليّ والعباس يستأذنان. فقال: أتدري ما جاء بهما؟ قلت: لا أدري. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: لكني أدري. فأذن لهما فدخلا فقالا: يا رسول الله جئناك نسألك أيّ أهلك أحب إليك؟ فقال: فاطمة بنت محمد. فقالا: ما جئناك نسألك عن أهلك. قال: أحب أهلي إلي من قد أنعم الله عليه وأنعمت عليه أسامة بن زيد. قالا: ثم من؟ قال: ثم علي بن أبي طالب. قال العباس: يا رسول الله جعلت عمّك آخرهم؟ قال: لأن عليّا قد سبقك بالهجرة". لفظ الترمذي، وبعضهم اختصر الحديث. =

وليس في القرآنِ اسمُ أَحدٍ من الصحابة غيره رضي الله عنه. ¬

_ = قال الترمذي: "حسن صحيح"، وفي التحفة (1/ 61): "حسن". وقال الحاكم: "صحيح الإسناد ولم يخرجاه". وتعقّبه الذهبي بقوله: "عمر ضعيف". والحديث ضعَّفه الشيخ الألباني في السلسلة الضعيفة (4/ 322) (رقم: 1844). قال الطيبي: "ولم يكن أحد من الصحابة إلا وقد أنعم الله عليه وأنعم عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلّا أنَّ المراد المنصوص عليه في الكتاب وهو قوله تعالى: {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ} وهو زيد ولا خلاف في ذلك ولا شك، وهو إن نزل في حق زيد لكن لا يبعد أن يجعل تابعًا (أي أسامة) لأبيه في هاتين النعمتين". شرح الطيبي على مشكاة المصابيح (11/ 307). وقد ورد مثل هذه القصة بذكر زيد بن حارثة، روى الإمام أحمد في المسند (5/ 204)، والحاكم في المستدرك (3/ 217)، والطبراني في المعجم الكبير (1/ 160) (رقم: 378) - مختصرًا ليس فيه ذكر زيد- وابن عساكر في تاريخ دمشق (6/ 592)، (19/ 362)، والمزي في تهذيب الكمال (1/ 395) من طريق محمد بن سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن يزيد بن عبد الله بن قسيط، عن محمد بن أسامة، عن أبيه أسامة بن زيد قال: اجتمع جعفر وعلي وزيد بن حارثة فقال جعفر: أنا أحبكم إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وقال عليّ: أنا أحبكم إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وقال زيد: أنا أحبكم إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قال: فانطلقوا بنا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قال: فخرجت ثم رجعت فقلت: هذا جعفر وعلي وزيد بن حارثة يستأذنون. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ايذن لهم. فدخلوا فقالوا: يا رسول الله جئناك نسألك من أحب الناس إليك؟ قال: "فاطمة. قالوا: نسألك عن الرجال. فقال: أما أنت يا جعفر فيشبه خلقك خلقي، وأنت من شجرتي، وأما أنت يا علي فأخي وأبو ولدي ومني وإلي، وأما أنت يا زيد فمولاي ومني وإلي وأحب القوم إلي". قال الحاكم: "حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه". ووافقه الذهبي. قلت: وسنده ضعيف، محمد بن إسحاق صدوق يدلس كما في التقريب (رقم: 5725)، ولم يصرح بالتحديث، والله أعلم.

2/ مسند أنس بن مالك بن النضر خادم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وربيب أبي طلحة الأنصاري

2/ مسند أنس بن مالك بن النضر خادم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وربيب أبي طلحة الأنصاري. ستة وعشرون حديثًا، وله عن خالته حديث (¬1)، وفي الزيادات أحاديث (¬2). 1/ إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس -وهو عمّه للأم- عشرة أحاديث. مالك، عن إسحاق بن عبد الله، عن أنس. 5/ حديث: "رأيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - وحانَت صلاةُ العصرِ فالْتَمَسَ الناسُ وضوءًا فلم يجدوه. . . ". فيه: "فرأيتُ الماءَ ينبُعُ من تحت أصابعِه - صلى الله عليه وسلم - (¬3) فتوضّأ الناس". في جامع الوضوء (¬4). ¬

_ (¬1) سيأتي (4/ 294). (¬2) سيأتي (4/ 354). (¬3) في الأصل: "صلى الله عليه". (¬4) الموطأ كتاب: الطهارة، باب: جامع الوضوء (1/ 57) (رقم: 32). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الوضوء، باب: التماس الوضوء إذا حانت الصلاة (1/ 62) (رقم: 169) من طريق عبد الله بن يوسف. وفي المناقب، باب: علامات النبوة في الإسلام (4/ 531) (رقم: 3573) من طريق القعنبي. ومسلم في صحيحه كتاب: الفضائل، باب: معجزات النبي - صلى الله عليه وسلم - (4/ 1783) (رقم: 2279) من طريق معن بن عيسى وعبد الله بن وهب. =

6/ حديث: "أنَّ جدَّتَه مُلَيكة دَعَت رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - لطعامٍ صنَعَتْه. . . ". فيه: "قوموا فَلأُصَلّ لكم"، وذَكَر الاصطِفافَ، والصلاةَ على الحصير. في صلاة الضحى (¬1). على طريق التأويل، وليس فيه ذكرُ الوقت (¬2). ¬

_ = والترمذي في السنن كتاب: المناقب، باب في آيات إثبات نبوة النبي - صلى الله عليه وسلم -. . . (5/ 556) (رقم: 3631) من طريق معن بن عيسى. والنسائي في السنن كتاب: الطهارة، باب: الوضوء من الإناء (1/ 60) من طريق قتيبة بن سعيد. وأحمد في المسند (123/ 3) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، ستّتهم عن مالك به. (¬1) الموطأ كتاب: قصر الصلاة في السفر، باب: جامع سبحة الضحى (1/ 143) (رقم: 31). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الصلاة على الحصير (1/ 125) (رقم: 380)، وفي التهجّد، باب: ما جاء في التطوع مثنى مثنى (2/ 353) (رقم: 1164) من طريق عبد الله بن يوسف، مختصرا. وفي الأذان، باب: وضوء الصبيان ومتى يجت عليهم الغسل والطهور. . . (1/ 258) (رقم: 860) من طريق إسماعيل بن أبي أويس. ومسلم في صحيحه كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: جواز الجماعة في النافلة والصلاة على الحصير. . . (1/ 457) (رقم: 658) من طريق يحيى النيسابوري. وأبو داود في السنن كتاب: الصلاة، باب: إذا كانوا ثلاثة كيف يقومون (1/ 407) (رقم: 612) من طريق القعنبي. والترمذي في السنن كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في الرجل يصلي ومعه الرجال والنساء (1/ 454) (رقم: 234) من طريق معن. والنسائي في السنن كتاب: الصلاة، باب: إذا كانوا ثلاثة وامرأة (2/ 85) من طريق قتيبة. وأحمد في المسند (3/ 131، 149) من طريق ابن مهدي، وإسحاق الطبّاع. والدارمي في السنن كتاب: الصلاة، باب: الصلاة على الخمرة (1/ 369) (رقم: 1374) من طريق أبي علي الحنفي والقعنبي، مختصرا، وباب: في صلاة الرجل خلف الصفّ وحده (1/ 334) (رقم: 1287) من طريق أبي علي الحنفي، تسعتهم عن مالك به. (¬2) أي أنّ مالكا رحمه الله بوّب على هذا الحديث بصلاة الضحى وليس فيه ذكرٌ لصلاة ولا لوقت الضحى. =

وقد ذَكَر أنسٌ قصةً أخرى في الصلاةِ في منزلِ رجلٍ من الأنصار قال: "إنِّي لا أستطيع الصلاةَ معك". وقال في آخر الحديث: "ما رأيتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - صلى الضحى إلّا يومئِذٍ". خرّجه البخاري (¬1). وانظر صلاةَ الضحى لأمِّ هانئ (¬2)، ولعائشةَ من طريق عروة (¬3)، وحديث عِتبانَ بن مالك (¬4). فصل: مُلَيكة المذكورة في هذا الحديث هي جَدَّةُ أنس (¬5)، ذكر العدوي (¬6) في كتابه (¬7) أنها: "مُليكة بنت مالك بنِ عَديّ، أمُّ أمِّ سُليم وأمِّ حرام (¬8) "، ¬

_ = ووجه التأويل ما ذكره الإمام ابن العربي المالكي فقال: "أدخل مالك رضى الله عنه حديث أنس في صلاته مع اليتيم فى جامع سبحة الضحى، وليس للضحى فيه ذكر، وإنما تَلَقَّفه من قوله فيه: "أنّ جدّته مُليكة دعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى طعام صنعته. . . "، والظاهر أنّ ذلك كان في وقت الغداة عند تناول الغذاء، وإن كان يحتمل سائر الأوقات". القبس (1/ 337)، وانظر: المسالك شرح موطأ مالك له أيضًا (1/ ل: 143/ ب). (¬1) في صحيحه كتاب: الأذان، باب: هل يصلي الإمام بمن حضر؟ . . . (204/ 1) (رقم: 670)، وفي التهجّد، باب: صلاة الضحى في الحضر (2/ 356) (رقم: 1179). (¬2) سيأتي حديثها (4/ 330). (¬3) سيأتي حديثها (4/ 52). (¬4) سيأتي حديثه (3/ 60). (¬5) وهو قول أبي نعيم كما في معرفة الصحابة (2/ ل: 369/ ب)، وابن منده وابن حجر وسيأتي النقل عنهما، وابن قدامة الحنبلي كما في الإستبصار في نسب الصحابة من الأنصار (ص: 42). وقال ابن سعد في الطبقات (8/ 321): "أم سُليم بنت مِلحان بن خالد. . . وأمّها مليكة بنت مالك. يعني أنها جدّة أنس أم أم سليم". (¬6) لم أقف على ترجمته، وانظر المقدّمة (1/ 293). (¬7) "نسب الأنصار" كما سيأتي نقل ابن حجر عنه. (¬8) أم حرام كُتبت في الأصل في جميع المواضع أم حزام بالزاي، وهو خطأ.

وجماعةٍ سماهم مِن أولاد مِلحان بن خالد. وقد قيل: إنَّها جدّةُ إسحاق، أمُّ سُليم، أمُّ أنس بن مالك (¬1). ¬

_ (¬1) قاله أبو عمر بن عبد البر كما في التمهيد (1/ 264) والاستيعاب (4/ 1914)، وهو قول عبد الحق الإشبيلي والقاضي عياض كما في الفتح (1/ 583)، والقاضي ابن العربي كما في المسالك (1/ ل: 143/ ب)، وصححه النووي في شرح مسلم (162/ 5)، وبه قال ابن الأثير كما في أسد الغابة (7/ 259)، والذهبي في التجريد (2/ 305) وقال: "هي إن شاء الله أم سليم". واستدل ابن عبد البر برواية عبد الرزاق في المصنّف (2/ 407) (رقم: 3877) قال: عن جدّته مليكة. يعني جدّة إسحاق. وقال ابن الأثير: "يَصحّ قول أبي عمر أنها جدّة إسحاق، لأنه إسحاق بن عبد الله، وأم عبد الله أم سليم، ولا يصح أن تكون أم سليم على قول ابن منده وأبي نعيم، لأن أم سليم هي أم أنس بن مالك وليست بجدّة له، ولم يكن لأنس جدّة من أبيه ولا من أمّه مُسلِمة حتى يحمل عليها، فما أقرب قول أبي عمر من الصحيح، والله أعلم". أسد الغابة (7/ 259). وردّ الحافظ ابن حجر قول ابن الأثير بما استدلّ به الشيخ أبو العباس الداني من النقل عن العدوي فقال كما في الإصابة (8/ 124): "والنفي الذي ذكره مردود، فقد ذكر العدوي في "نسب الأنصار" أن اسم والدة أم سليم مليكة، ولفظه: سليم بن مِلحان وإخوته: زيد وحرام وعبّاد وأم سليم وأم حرام بنو مِلحان وأمهم مليكة بنت مالك بن عدي بن زيد بن مناة بن عدي بن عمرو بن مالك بن النجّار. وظهر بذلك أن الضمير في قوله: "جدّته" لأنس وهي جدّته أمّ أمّه، وبطل قول من جعل الضمير لإسحاق وبنى عليه أن اسم أم سليم مليكة، والله الموفق". اهـ وقال في الفتح (1/ 583): "ويؤيّده ما رويناه في "فوائد العراقيين" لأبي الشيخ من طريق القاسم بن يحيىى المقدّمي عن عبد الله بن عمر عن إسحاق بن أبي طلحة عن أنس قال: أرسلتني جدّتي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - واسمها مليكة، فجاءت فحضرت الصلاة. . . الحديث". اهـ واستدل أيضا من قال بأنها أم سليم بما وقع في صحيح البخاري في كتاب الأذان باب: المرأة وحدها تكون صفا (1/ 220) (رقم: 727) من طريق ابن عيينة عن إسحاق بن أبي طلحة عن أنس قال: "صليت أنا ويتيم في بيتنا خلف النبي - صلى الله عليه وسلم - وأمّي أم سليم خلفنا". قال الحافظ في الفتح (1/ 584): "والقصة واحدة، طوّلها مالك واختصرها سفيان، ويحتمل =

وقيل: هي خالته أمُّ حرام (¬1). ولا يَصِحُّ شيء من ذلك (¬2)، انظر مسندها (¬3). 7/ حديث: "كان إذا ذهب إلى قباء (¬4) يدخل على أمِّ حرام بنت ملحان. . . ". فيه: غزاة البحر (¬5). في باب: الترغيب في الجهاد، عند آخره (¬6). ¬

_ = تعددها فلا تخالف ما تقدّم، وكون مليكة جدّة أنس لا ينفى كونها جدّة إسحاق". قلت: لأنَّ إسحاق ابنٌ لعبد الله بن أبي طلحة، وأبو طلحة زوج أم سليم أم أنس بن مالك، ، ومليكة جدّة أنس من جهة أمه وجدّة عبد الله والد إسحاق من جهة أمه، فهي جدّة أنس وجدّة إسحاق العليا، والمقصود أنَّ مليكة أم أم سليم وليست بأم سليم، وما وقع عند عبد الرزاق من قوله في الإسناد: يعني جدّة إسحاق، يفسَّر أنها جدّته العليا، والله أعلم بالصواب. (¬1) الاستيعاب (4/ 1914)، وقال: "لا يصح". (¬2) لأنَّها أم حرام بنت مِلحان زوجة عبادة بن الصامت وأمها مليكة كما ذكر العدوي وابن سعد في الطبقات (8/ 319)، ومصعب الزبيري في نسب قريش (ص: 124)، والتاريخ الكبير لابن أبي خيثمة (ص: 180 - رسالة كمال-). (¬3) سيأتي (4/ 294). (¬4) كانت تقع قبلي المدينة، وهي اليوم حي من أحيائها. (¬5) في الأصل: "الفجر"، وهو خطأ. (¬6) الموطأ كتاب: الجهاد، باب: الترغيب في الجهاد (2/ 370) (رقم: 39). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الجهاد، باب: الدعاء بالجهاد والشهادة للرجل والنساء (3/ 273/ 2788، 2789) وفي التعبير، باب: رؤيا النهار (8/ 403) (رقم: 7001، 7002) من طريق عبد الله بن يوسف. ومسلم في صحيحه كتاب: الإمارة، باب: فضل الغزو في البحر (3/ 1518) (رقم: 1912) من طريق يحيى النيسابوري. وأبو داود في السنن كتاب: الجهاد، باب: ما جاء في الغزو في البحر (3/ 14) (رقم: 2491) من طريق القعنبي. =

وهذا الحديث مركَّبٌ، انظر آخرَه لأمِّ حرام (¬1). 8/ حديث: "أنَّ خياطًا دعا رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - لطعامٍ صنعه. . . ". فيه: ذِكرُ الدُبَّاء. في آخر النكاح، باب: الوليمة (¬2). ¬

_ = والترمذي في السنن كتاب: فضائل الجهاد، باب: ما جاء في الغزو في البحر (4/ 152/ 1645) من طريق معن. والنسائي في السنن كتاب: الجهاد، باب: فضل الجهاد في البحر (6/ 40) من طريق ابن القاسم. وأحمد في المسند (3/ 240) من طريق أبي أسامة، مختصرًا، ستتهم عن مالك به. وأبو أسامة هو حماد بن أسامة ووقع في المطبوع من المسند وبعض النسخ من أطرافه أبو سلمة وهو الخزاعي، والتصحيح من إتحاف المهرة (1/ 414)، وانظر: أطراف المسند (1/ 273). (¬1) سيأتي (4/ 294)، وقوله: "مركب"، أي أنَّ بعض متنه لأنس والبعض الآخر لأم حرام. (¬2) الموطأ كتاب: النكاح، باب: ما جاء في الوليمة (2/ 430) (رقم: 51). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: البيوع، باب: ذكر الخياط (3/ 19) (رقم: 2092) من طريق عبد الله بن يوسف. وفي الأطعمة، باب: من تتبّع حوالي القصعة مع صاحبه إذا لم يعرف منه كراهية (6/ 539) (رقم: 5379) من طريق قتيبة. وفي باب: المرق (6/ 556) (رقم: 5436) من طريق القعنبي. وفي باب: القديد (6/ 556) (رقم: 5437) من طريق أبي نعيم. وفي باب: من ناول أو قدّم إلى صاحبه على المائدة شيئًا (6/ 556) (رقم: 5439) من طريق إسماعيل بن أبي أويس. ومسلم في صحيحه كتاب: الأشربة، باب: جواز أكل المرق. . . (3/ 1615) (رقم: 2041) من طريق قتيبة. وأبو داود في السنن كتاب: الأطعمة، باب: في أكل الدبّاء (4/ 146) (رقم: 37829) من طريق القعنبي. والترمذي في السنن كتاب: الأطعمة، باب: ما جاء في أكل الدبّاء (4/ 250) (رقم: 1850) من طريق ابن عيينة. والنسائي في السنن الكبرى كتاب: الأطعمة، باب: القديد (4/ 155) (رقم: 6662) من طريق قتيبة. وأحمد في المسند (3/ 150) من طريق ابن عيينة، مختصرًا. =

وليس فيه ذِكر عُرس (¬1). 9/ حديث: "اللَّهمَّ باركْ لهم في مِكيَالِهِم. . . ". يعني أهل المدينة. وذَكَر الصاع. في أول الجامع، مختصر (¬2). ¬

_ = والدارمي في السنن كتاب: الأطعمة، باب: القرع (2/ 138) (رقم: 2050) من طريق أبي نعيم، مختصرا، ستتهم عن مالك به. (¬1) أي أنّ مالكًا رحمه الله أَدخل هذا الحديث في كتاب النكاح وترجم له بباب الوليمة وليس للعرس فيه ذكر. قال ابن عبد البر: "أدخل مالك هذا الحديث في باب الوليمة وليس فيه شيء يدل على الوليمة، ويشبه أن يكون وصل إليه من ذلك علم، وأما ظاهره فلا دليل فيه على طعام العرس والوليمة". الاستذكار (16/ 364). وعلّل الباجي ذلك فقال: "أدخل مالك رحمه لله هذا الحديث في باب ما جاء في الوليمة، وليس في ظاهر هذا الحديث ما يدل على أنّ الطعام طعام وليمة ولا غيرها، ولكنه لما احتمل الأمرين وكان مذهبه أنه يكره لذي الفضل والهيئة الإجابة إلى طعام صُنع لغير سبب أدخل هذا الحديث في باب ما جاء في الوليمة، إما لأنه ثبت عنده أنه كان في وليمة، أو لأنه يصح أن يكون طعام وليمة، فيمنع بذلك احتجاج من يوجب إجابة الطعام غير الوليمة بهذا الحديث، لأنه إذا احتمل الوجهين لم يجز أن يُحتجّ به على أحدهما". المنتقى (3/ 350). (¬2) الموطأ كتاب: الجامع، باب: الدعاء للمدينة وأهلها (2/ 674) (رقم: 1). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: البيوع، باب: بركة صاع النبي - صلى الله عليه وسلم - ومدّه (3/ 31) (رقم: 2130) وفي الاعتصام باب: ما ذَكَر النبي - صلى الله عليه وسلم - وحضّ على اتّفاق أهل العلم. . . (8/ 506) (رقم: 7331) من طريق القعنبي. وفي كفّارات الأيمان، باب: صاع المدينة ومدّ النبي - صلى الله عليه وسلم - وما توارث أهل المدينة من ذلك قرنا بعد قرن (7/ 304) (رقم: 6714) من طريق عبد الله بن يوسف. ومسلم في صحيحه كتاب: الحج، باب: فضل المدينة ودعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - فيها بالبركة (2/ 994) (رقم: 1368) من طريق قتيبة. =

10/ حديث: "قال أبو طلحة لأمِّ سليم: لقد سمعت صوتَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -[ضعيفًا] (¬1) أَعرفُ فيه الجوع، فهل عندك من شيء. . . "، وذكر الأَقْراص. فيه: "إئذنْ لعَشرة". في الجامع، باب: الطعام والشراب (¬2). 11/ حديث: "الرؤيا الحسنة من الرَّجلِ الصالحِ جزءٌ من ستةٍ وأربعين جزءًا من النبوة". في الجامع، مختصر (¬3). ¬

_ = والنسائي في السنن الكبرى كتاب: الحج، باب: مكيال أهل المدينة (2/ 484) (رقم: 4269) من طريق قتيبة. والدارمي في السنن كتاب: البيوع، باب: في صاع المدينة ومدّها (2/ 334) (رقم: 2575) من طريق أبي محمّد الحنفي، أربعتهم عن مالك به. (¬1) ما بين المعقوفين بياض بالأصل المصوّر، والتصحيح من الموطأ وغيره. (¬2) الموطأ كتاب: صفة النبي - صلى الله عليه وسلم -، باب: ما جاء في الطعام والشراب (2/ 707) (رقم: 19). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الصلاة، باب: من دعا لطعام في المسجد ومن أجاب فيه (1/ 136) (رقم: 422) مختصرا، وفي المناقب، باب: علامات النبوة في الإسلام (4/ 532) (رقم: 3578) من طريق عبد الله بن يوسف، وفي الأطعمة، باب: من أكل حتى شبع (6/ 540) (رقم: 5381) من طريق إسماعيل بن أبي أويس، وفي الأيمان والنذور، باب: إذا حلف أن لا يأتدم فأكل تمرًا بخبز وما يكون منه الأُدم (7/ 295) (رقم: 6688) من طريق قتيبة. ومسلم في صحيحه كتاب: الأشربة، باب: جواز استتباعه غيره إلى دار من يثق برضاه بذلك. . . (3/ 1609) (رقم: 2040) من طريق يحيى النيسابوري. والترمذي في السنن كتاب: المناقب، باب: في آيات إثبات نبوة النبي - صلى الله عليه وسلم - وما قد خصّه الله عزَّ وجل (5/ 555) (رقم: 3630) من طريق معن. والنسائي في السنن الكبرى كتاب: الوليمة، باب: استقبال من قد دعي (4/ 142) (رقم: 6617) من طريق قتيبة، خمستهم عن مالك به. (¬3) الموطأ كتاب: الرؤيا، باب: ما جاء في الرؤيا (2/ 728) (رقم: 1). =

وقال فيه قتادةُ خارجَ الموطأ: أنس، عن عبادة بن الصّامت، وكلاهما في الصحيح (¬1). 12/ حديث: "كان أبو طلحةَ أكثرَ أنصاريٍّ بالمدينة مالًا مِن نخل. . . ". فيه: قصة بَيْرَحاء، وأنه تصدّق بها في الأقربين عند نزول: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرّ ¬

_ = وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: التعبير، باب: ما جاء في رؤيا الصالحين (8/ 398) (رقم: 6983) من طريق القعنبي. والنسائي في السنن الكبرى كتاب: التعبير، باب: الرؤيا الحسنة من الرجل الصالح (4/ 383) (رقم: 7624) من طريق قتيبة وابن القاسم. وابن ماجه في السنن كتاب: تعبير الرؤيا، باب: الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو تُرى له (2/ 1282) (رقم: 3893) من طريق هشام بن عمّار. وأحمد في المسند (3/ 126، 141) من طريق روح بن عبادة، وإسحاق الطبّاع، خمستهم عن مالك به. (¬1) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: التعبير، باب: الرؤيا الصالحة جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة (8/ 398) (رقم: 6987) ثم قال البخاري بعد حديث أبي هريرة (برقم: 6988): "ورواه ثابت وحميد وإسحاق بن عبد الله وشعيب عن أنس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ". أي أنَّ قتادة خالف الجماعةَ عن أنس، إلَّا أنَّ المخالفة لا تضر، فالطريقان صحيحان كما سيأتي. ورواية ثابت أخرجها البخاري في صحيحه كتاب: التعبير، باب: من رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - في المنام (8/ 402) (رقم: 6994). ورواية حميد أخرجها أحمد في المسند (3/ 106) عن ابن أبي عدي عنه. ورواية إسحاق هي رواية الباب. ورواية شعيب بن الحباب قال عنها الحافظ في الفتح (12/ 391): "رويناها موصولة في كتاب الروح لأبي عبد الله بن منده من طريق عبد الوارث بن سعيد، وفي الجزء الرابع من فوائد أبي جعفر محمّد بن عمرو الرزاز من طريق سعيد بن زيد، كلاهما عن شعيب ولفظه مثل حميد". والطريقان أسندهما الحافظ في تغليق التعليق (5/ 266). وقال في الفتح (12/ 391): "وأشار الدارقطني إلى أنَّ الطريقين صحيحان".

حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} (¬1)، وقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "وذلك مالٌ رابِح". في الجامع، عند آخره (¬2). ¬

_ (¬1) سورة: آل عمران، الآية: (92). (¬2) الموطأ كتاب: الصدقة، باب: الترغيب في الصدقة (2/ 760) (رقم: 2). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الزكاة، باب: الزكاة على الأقارب (2/ 450) (رقم: 1461)، وفي الوصايا، باب: إذا وقف أو أوصى لأقاربه ومن الأقارب؟ (3/ 259) (رقم: 2752) من طريق عبد الله بن يوسف. وقال البخاري: "تابعه روح وقال يحيى بن يحيى وإسماعيل عن مالك: رايح". وفي الوكالة، باب: إذا قال الرجل لوكيله ضعه حيث أراك الله. . . (3/ 92) (رقم: 2318) من طريق يحيى بن يحيى. وقال البخاري: "تابعه إسماعيل عن مالك، وقال روح عن مالك: رابح". وفي الوصايا، باب: إذا وقف أرضا ولم يبيّن الحدود فهو جائز وكذلك الصدقة (3/ 625) (رقم: 2769) من طريق القعنبي. وقال البخاري: "قال إسماعيل وعبد الله بن يوسف ويحيى بن يحيى عن مالك: رايح". وفي الأشربة، باب: استعذاب الماء (6/ 606) (رقم: 5611) من طريق القعنبي أيضًا وفيه ذلك مال رايح أو رابح شك عبد الله (أي القعنبي)، وقال البخاري: "وقال إسماعيل يحيى بن يحيى "رايح". وفي التفسير، باب: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} (5/ 203) (رقم: 4554) من طريق إسماعيل بن أبي أويس. وقال البخاري: "قال عبد الله بن يوسف وروح بن عبادة: ذاك مال رابح، حدّثني يحيى بن يحيى قال: قرأت على مالك: مال رايح". ومسلم في صحيحه كتاب: الزكاة، باب: فضل النفقة والصدقة على الأقربين. . . (2/ 693) (رقم: 998) من طريق يحيى النيسابوري. والنسائي في السنن الكبرى كتاب: التفسير، باب: قوله تعالى: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} (6/ 311) (رقم: 11066) من طريق معن. وفيه: "ذلك مال رابح". وأحمد في المسند (3/ 141) من طريق روح. وفيه: "رابح". والدارمي في السنن كتاب: الزكاة، باب: أيّ الصدقة أفضل؟ (1/ 477) (رقم: 1655) من طريق الحكم بن المبارك، وفيه: "رابح أو رائح" بالشك، ثمانيتهم عن مالك به. =

قال أبو ذر عبد بن أحمد (¬1): "بَيْرَحاء اسمان جُعلا اسمًا واحدًا وبُنيا على الفتح، مثل رام هرمز" (¬2)، أخبرني به أبو عليّ الجيّاني والصدفي، عن أبي الوليد الباجي (¬3)، عنه (¬4). ¬

_ = وقول البخاري في كتاب الوصايا إثر رواية القعنبي عن مالك: "قال إسماعيل وعبد الله بن يوسف ويحيى بن يحيى -النيسابوري- عن مالك: رايح". الصحيح من ذلك أنَّ عبد الله بن يوسف متابع ليحيى الأندلسي وروح، وروايته عن مالك رابح بالموحّدة لا بالمثناة، والبخاري روى حديث عبد الله بن يوسف في الزكاة والوصايا ونص على متابعة روح لعبد الله بن يوسف ومخالفة إسماعيل ويحيى النيسابوري له، ولم ينبّه الحافظ على ذلك بل قال كما في الفتح (5/ 467): "رايح أي بالتحتانية، وقد وصل حديث إسماعيل في التفسير وحديث عبد الله بن يوسف في الزكاة وحديث يحيى بن يحيى في الوكاله. . . ". والحاصل أن عبد الله بن يوسف روى هذه اللفظة بالباء الموّحدة كما رواها البخاري نفسه في الزكاة، وما وقع في الوصايا من نسبة رواية "رايح" لعبد الله بن يوسف فلعله خطأ من الراوي عن البخاري، أو النساخ، والله أعلم بالصواب. (¬1) أبو ذر عبد بن أحمد بن محمّد بن عبد الله المعروف بابن السمّاك الأنصاري الخراساني الهروي المالكي، صاحب التصانيف، ولد سنة خمس أو ستا وخمسين وثلاثمائة وتوفي سنة (434 هـ). قال الخطيب: "كان ثقة ضابطا ديّنا فاضلًا". انظر: تاريخ بغداد (11/ 141)، ترتيب المدارك (4/ 696)، السير (17/ 554). (¬2) قال ياقوت: "معنى رام بالفارسية المراد والمقصود، وهُرمز أحد الأكاسرة، فكأنّ اللفظة مركّبة معناها: مقصود هرمز أو مراد هُرمز. وهي مدينة مشهورة بنواحي خوزستان". معجم البلدان (3/ 17). وهي على مسيرة ثلاثة أيام من شرق الأهواز، وما زالت تُعرف بهذا الاسم. بلدان الخلافة (ص: 278). (¬3) هو سليمان بن خلف بن سعد بن أيوب بن وارث التّجيبي الباجي المالكى أبو الوليد الأندلسي. ولد سنة (403 هـ)، وتوفي سنة (474 هـ). قال أبو علي الصدفي: "ما رأيت مثله، وما رأيت على سمته وهيئته وتوقير مجلسه، وهو أحد أئمة المسلمين". انظر: ترتيب المدارك (8/ 117 - 127)، الصلة (197/ 1)، بغية الملتمس (ص: 302)، السير (18/ 535). (¬4) قال أبو الوليد الباجي: قال لي أبو عبد الله الصوري الحافظ: "إنما هي بَيرَحاء بفتح الباء والراء. =

وفي رواية يحيى بن يحيى الأندلسي: "رابح" بالباء المعجمة بواحدة، أي ذو ربح، وتابعه رَوْحُ بن عبادة، وغيرُه (¬1). وقال يحيى النيسابوري (¬2)، وإسماعيل، [و] (¬3) ابن وهب وغيرهم (¬4): ¬

_ = واتفق هو وأبو ذر وغيرهما من الحفاظ على أن من رفع الراء حال الرفع فقد غلط، وعلى ذلك كنّا نقرؤها على شيوخ بلدنا، وعلى القول الأول أدركت أهل الحفظ والعلم بالمشرق، وهذا الموضع يعرف بقصر بني حرملة وهو موضع بفناء مسجد المدينة على ساكنها السلام". المنتقى (7/ 320). وقال ابن الأثير: "هذه اللفظة كثيرا ما تختلف ألفاظ المحدثين فيها، فيقولون بَيرَحاء بفتح الباء وكسرها، وبفتح الراء وضمّها والمدّ فيهما، وبفتحهما والقصر، وهي اسم موضع بالمدينة". النهاية (1/ 114). قلت: وبيرحاء اليوم دخلت في توسعة المسجد النبوي على صاحبه أفضل الصلاة وأزكى التسليم. (¬1) رواية روح بن عبادة عند أحمد في المسند كما سبق، وتابعه: - عبد الله بن يوسف كما عند البخاري، ومعن بن عيسى كما عند النسائي في الكبرى، وابن القاسم (ص: 167 - 468) (رقم: 116 - مع تلخيص القابسي-)، وسويد بن سعيد (ص: 602) (رقم: 1473)، وأبي مصعب الزهري (2/ 175) (رقم: 2101)، ويحيى بن بكير (ل: 267/ أ - نسخة الظاهرية-). (¬2) كما عند البخاري ومسلم، وسبق تخريجه. وقال النووي: "ضبطناه هنا بوجهين، بالياء المثناة وبالموحّدة، وقال القاضي: روايتنا فيه في كتاب مسلم بالموحّدة، واختلفت الرواة فيه عن مالك في البخاري والموطأ وغيرهما". شرح مسلم للنووي (7/ 86). (¬3) سقطت من الأصل والسياق يقتضيها، ونقل الحافظ ابنُ حجر كلامَ أبي العبّاس بالمعنى وأثبت الواو فقال كما في الفتح (3/ 382): "قال الداني في أطرافه: رواه يحيى بن يحيى الأندلسي بالموحّدة وتابعه جماعة، ورواه يحيى بن يحيى النيسابوري بالمثناة وتابعه إسماعيل وابن وهب، ورواه القعنبي بالشك". اهـ. (¬4) رواية إسماعيل بن أبي أويس عند البخاري كما تقدّم. ورواية ابن وهب أخرجها أبو عوانة في صحيحه كما في إتحاف المهرة (1/ 412).

"رائح" بالهمز، من الرواح (¬1)، وشك القعنبي فيه، حكاه البخاري (¬2). 13/ حديث: "كنت أسقي أبَا عُبيدَة بنَ الجراح وأبا طلحة الأنصاري وأُبَيَّ بن كعب. . . ". فيه: فجاءهم آتٍ فقال: "إنَّ الخمرَ قد حُرّمت". وذَكَر كسر الجِرار. في الأشربة (¬3). هذا داخلٌ في المسند بالمعنى، وقد خُرّج في الصحيح، وهو منسوب إلى أنس وإن لم يذكر فيه سماعَ التحريم. وقال فيه قتادة، عن أنس: "فخرجنا إلى المسجد، فإذا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ. . .} (¬4)، الآية"، خرّجه البزار (¬5). ¬

_ (¬1) قال إسماعيل بن أبي أويس: "يعني المال الرائح الذي يغدو بخير ويروح بخير". السنن الكبرى للبيهقي (6/ 165). (¬2) في صحيحه وسبق تخريجه، وتابع القعنبي الحكمُ بن المبارك كما عند الدارمي، وسبق. (¬3) الموطأ كتاب: الأشربة، باب: جامع تحريم الخمر (2/ 645) (رقم: 13). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الأشربة، باب: نزل تحريم الخمر وهي من البسر والتمر (6/ 599) (رقم: 5582) من طريق إسماعيل بن أبي أويس. وفي أخبار الآحاد، باب: ما جاء في إجازة خبر الواحد الصدوق لب الأذان. . . (8/ 483) (رقم: 7253) من طريق يحيى بن قزعة. ومسلم في صحيحه كتاب: الأشربة، باب: تحريم الخمر وبيان أنها تكون من عصير العنب ومن التمر. . . (3/ 1572) (رقم: 1980) من طريق ابن وهب، ثلاثتهم عن مالك به. (¬4) سورة: المائدة، الآية: (90). (¬5) قال البزار في مسنده (3/ ل: 101/ ب -نسخة الأزهرية-): حدّثنا محمّد بن مرداس نا أبو بكر الحنفي نا عبّاد بن راشد عن قتادة عن أنس. فذكره، وقال في آخره: فقال رجل لقتادة: "أأنت =

وفي حديث ثابت عنه: "ونادى منادي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ". يعني بعد الإخبار، خرجه أبو داود (¬1). 14/ حديث: "كنا نصلي العصرَ، ثم يَخرجُ الإنسان إلى بني عمرو بن عوف فيجدهم يصلّون. . . ". في وقوت الصلاة (¬2). ¬

_ = سمعته من أنس؟ قال: نعم، وقال رجل لأنس: أأنت سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: نعم أو حدّثني من لا يكذبني، أما والله ما كنّا نكذب ولا ندري ما الكذب". قال البزار: "وهذا حديث مشهور لا نعلم رواه عن قتادة إلّا عبّاد بن راشد، وهو رجل من أهل البصرة مشهور". قلت: وسنده حسن، محمّد بن مرداس الأنصاري قال عنه أبو حاتم: "مجهول". الجرح والتعديل (8/ 97)، وذكره ابن حبّان في الثقات (107/ 9) وقال: "مستقيم الحديث". وقال الذهبي: "هذا الرجل بصري شهير. . وذكره ابن حبّان في الثقات فأصاب". الميزان (5/ 157). ولو سلّم بجهالته فلا يضر ذلك الحديث، فإنّه مُتابَع بمحمّد بن بشّار كما في تفسير ابن جرير الطبري (5/ 38) (رقم: 12531) عن عبد الكبير بن عبد المجيد -وهو أبو بكر الحنفي- به. وعبّاد بن راشد التميمي البزار صدوق كما قال الذهبي في الميزان (3/ 79)، والله أعلم. (¬1) السنن كتاب: الأشربة، باب: في تحريم الخمر (4/ 81) (رقم: 3673)، وأحمد في المسند (3/ 227)، والدارمي في السنن كتاب: الأشربة، باب: في تحريم الخمر كيف كان (2/ 151) (رقم: 2089)، وأبو عوانة في صحيحه (5/ 256) من طرق عن حماد بن زيد عن ثابت به. وأصل الحديث في الصحيحين، ومحل الشاهد فيه قوله: "فدخل علينا رجل فقال: إن الخمر قد حرّمت، ونادى منادي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. . ". أي بعد أن أُخبروا بالتحريم نادى منادي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وليس في الصحيحين هذا التفصيل. (¬2) الموطأ كتاب: وقوت الصلاة، باب: وقوت الصلاة (1/ 40) (رقم: 10). =

هذا موقوف في الموطأ، ومعناه الرفع، وهكذا خُرّج في الصحيح (¬1). وقال فيه عبد الله بن المبارك عن مالك: "كنّا نصلي العصر مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " (¬2)، وهذا داخلٌ في المرفوع؛ لأنَّه تضمّن تعجيلَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بتأخير بني عمرو، وكانوا في علوّ المدينة. جاء في بعض طرق هذا الحديث أنَّهم كانوا على ثُلُثي فَرسخ، والفَرسخ ثلاثة أميال (¬3). ¬

_ = وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: مواقيت الصلاة، باب: وقت العصر (1/ 171) (رقم: 548) من طريق القعنبي. ومسلم في صحيحه كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: استحباب التبكير بالعصر (1/ 434) (رقم: 621) من طريق يحيى النيسابوري، كلاهما عن مالك به. (¬1) أي موقوفًا على أنس كما في الموطأ، قال الحافظ ابن حجر: "وإخراج المصنّف -يعني البخاري- لهذا الحديث مشعر بأنه كان يرى أن قول الصحابي: "كنا نفعل كذا" مسند ولو لم يصرّح بإضافته إلى زمن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو اختيار الحاكم. وقال الدارقطني والخطيب وغيرهما موقوف. والحق أنَّه موقوف لفظًا مرفوع حكمًا؛ لأنَّ الصحابي أورده في مقام الاحتجاج فيحمل على أنَّه أراد كونه في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - ". الفتح (2/ 34). (¬2) لم أجده باللفظ الذي ذكره المصنف، وأخرجه النسائي في السنن (1/ 252)، والدارقطني في السنن (1/ 253) (رقم: 9)، والطحاوي في شرح المعاني (1/ 190) من طريق ابن المبارك عن مالك عن الزهري وإسحاق بن أبي طلحة به، لكن بلفظ: "أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي العصر فيذهب الذاهب إلى قباء". (¬3) أي أنَّهم كانوا على ميلين، وهذا أخرجه عبد الرزاق في المصنف (1/ 547) (رقم: 2069)، ومن طريقه أحمد في المسند (3/ 161) وفيه: قال الزهري: "والعوالي على ميلين أو ثلاثة وأحسبه قال: وأربعة". وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: مواقيت الصلاة، باب: وقت العصر (1/ 172)

وانظر حديثَ الزهري، عن أنس (¬1). * * * ¬

_ = (رقم: 550). وفيه: "وبعض العوالي من المدينة على أربعة أميال أو نحوه". وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى (1/ 440) وفيه: "أربعة أميال أو ثلاثة". وأبو عوانة في صحيحه كما في الفتح (2/ 36)، ولم أجده في المطبوع، وفيه: "والعوالي من المدينة على ثلاثة أميال". والدارقطني في السنن (1/ 253) (رقم: 8) وفيه: "على ستة أميال". قال الحافظ في الفتح (2/ 36): "فتحصّل من ذلك أن أقرب العوالي من المدينة مسافة ميلين، وأبعدها مسافة ستة أميال إن كانت رواية المحاملي (عند الدارقطني) محفوظة". اهـ. والميل في التقدير المعاصر: (1848 مترًا). انظر: معجم لغة الفقهاء (ص: 470). وقيل: 1609 بريًّا، و 1852 بحريًا. المعجم الوسيط (2/ 894). (¬1) سيأتي حديثه (2/ 52).

2/ محمد بن شهاب الزهري عن أنس

2/ محمّد بن شهاب الزهري عن أنس. خمسة أحاديث. مالك، عن ابن شهاب، عن أنس. 15/ حديث: "ركِبَ فَرَسًا فصُرع [عنه] (¬1) فجُحِش (¬2) شِقُّه الأيمن، فصلى صلاةً من الصلوات وهو قاعِدٌ. . . ". فيه: "إنَّما جعل الإمام ليؤتمّ به"، وذكر القيامَ، والركوعَ، والرفع منه، والقولَ عنده، والجلوس. في صلاة الإمام جالسًا (¬3). اختلف الرواةُ في مساقِه، وزاد بعضُهم في ألفاظِه، وليس في الموطأ فيه: "فلا تختلفوا عليه"، وذَكَر مالكٌ هذا مرسلًا في باب: رفع الرأس قبل ¬

_ (¬1) ليست في الموطأ برواية يحيى الليثي المطبوع والمخطوط، وهي ثابتة في رواية القعنبي وابن يوسف ومعن وقتيبة. (¬2) قال أبو عبيد: قال الكسائي في جُحش: "هو أن يصيبه شيء فينسحج منه جلده، وهو كالخدش أو أكبر من ذلك". غريب الحديث (1/ 140). (¬3) الموطأ كتاب: صلاة الجماعة، باب: صلاة الإمام وهو جالس (1/ 129) (رقم: 16). وأخرحه البخاري في صحيحه كتاب: الأذان، باب: إنما جعل الإمام ليؤتم به (1/ 210) (رقم: 689) من طريق عبد الله بن يوسف. ومسلم في صحيحه كتاب: الصلاة، باب: ائتمام المأموم بالإمام (1/ 308) (رقم: 411) من طريق معن. وأبو داود في السنن كتاب: الصلاة، باب: الإمام يصلي من قعود (1/ 401) (رقم: 601) من طريق القعنبي. والنسائي في السنن كتاب: الصلاة، باب: الإتمام بالإمام يصلي قاعدا (2/ 98) من طريق قتيبة. والدارمي في السنن كتاب: الصلاة، باب: فيمن يصلي خلف الإمام والإمام جالس (1/ 319) (رقم: 1256) من طريق أبي علي الحنفي، خمستهم عن مالك به.

الإمام (¬1)، انظر [هـ] في مرسله (¬2). وانظر مسندَ عروة، عن عائشة (¬3)، ومرسلَه (¬4)، ومرسلَ ربيعة (¬5). فصل: خَرَّج البخاري هذا الحديث من طرق وقال فيه: عن سفيان بن عيينة: هكذا قال الزهري: "ولك الحمد" بالواو، وقال: حفظتُ من الزهري: "شِقُّه الأيمن" فلما خرجنا من عنده قال ابن جريج وأنا عنده: "فجُحِش سَاقُه الأيمن" (¬6). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الصلاة، باب: ما يفعل من رفع رأسه قبل الإمام (1/ 98). قال مالك فيمن سها فرفع رأسه قبل الإمام في ركوع أو سجود: "إنَّ السنة في ذلك أن يرجع راكعا أو ساجدا، ولا ينتظر الإمام، وذلك خطأ ممّن فعله لأنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنما جعل الإمام ليؤتم به، فلا تختلفوا عليه". (¬2) سيأتي (5/ 389). وسيأتي هناك ذكر الاختلاف فيه على مالك. (¬3) سيأتي حديثها (4/ 27). (¬4) سيأتي حديثه (5/ 86). (¬5) سيأتي حديثه (4/ 523). (¬6) انظر صحيح البخاري كتاب الأذان، باب: يهوِي بالتكبير حين يسجد (1/ 241) (رقم: 805). ورواية ابن جريج عن الزهري أخرجها عبد الرزاق في المصنف (2/ 460) (رقم: 4079)، لكن وقع في المطبوع منه من المصنف "شقّه" بدل "ساقه"، وأفاد ابن حجر في الفتح (2/ 209) أنَّ عبد الرزاق أخرجه من طريق ابن جريج عن الزهري بلفظ "ساته"، فلعلّها تصحّفت على المحقق. ولم ينفرد ابن جريج بهذه اللفظة فقد رواها البخاري في صحيحه كتاب الصلاة، باب: الصلاة في السطوح والمنبر والخشب (1/ 125) (رقم: 378) من طريق حميد، عن أنس وفيه: "فجحشت ساقه أو كتفه". قال الحافظ في الفتح (2/ 209) عن رواية ابن جريج: "وليست مصحّفة كما زعم بعضهم لموافقة رواية حميد المذكورة لها، وإنما هى مفسرة لمحلّ الخدش من الشقّ الأيمن؛ لأنَّ الخدش لم يستوعبه".

16/ حديث: "دخل مكةَ عامَ الفتح وعلى رأسِه المِغفَر. . . ". وفيه: قَتْلُ ابنِ خَطَل وهو متعلِّقٌ بأستار الكعبة، وقولُ ابن شهاب في نَفْي الإِحرام مرسلًا. في آخر الحج، باب جامع (¬1). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الحج، باب: جامع الحج (1/ 337) (رقم: 247). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الحج، باب: دخول الحرم ومكة بغير إحرام (2/ 571) (رقم: 1846) من طريق عبد الله بن يوسف. وفي الجهاد والسير، باب: قتل الأسير وقتل الصبر (4/ 355) (رقم: 3044) من طريق إسماعيل بن أبي أويس. وفي المغازي، باب: أين ركز النبي - صلى الله عليه وسلم - الراية يوم الفتح (5/ 110) (رقم: 4286) من طريق يحيى بن قزعة. وفي اللباس، باب: المغفر (7/ 51) (رقم: 5808) من طريق أبي الوليد الطيالسي. ومسلم في صحيحه كتاب: الحج، باب: جواز دخول مكة بغير إحرام (2/ 989) (رقم: 1357) من طريق القعنبي ويحيى النيسابوري وقتيبة بن سعيد. وأبو داود في السنن كتاب: الجهاد، باب: قتل الأسير ولا يعرض عليه الإسلام (3/ 134) (رقم: 2685) من طريق القعنبي. والترمذي في السنن كتاب: الجهاد، باب: ما جاء في المغفر (4/ 174) (رقم: 1693) من طريق قتيبة. وفي كتاب الشمائل باب: ما جاء في صفة مغفر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (ص: 52، 53) (رقم: 105، 106) من طريق قتيبة وابن وهب. والنسائي في السنن كتاب: المناسك، باب: دخول مكة بغير إحرام (5/ 200) من طريق قتيبة، و (5/ 201) من طريق سفيان هو ابن عيينة. وفي السنن الكبرى كتاب: السير، باب: التحصين من الناس (5/ 171) (رقم: 8584) من طريق ابن القاسم. وابن ماجه في السنن كتاب: الجهاد، باب: السلاح (2/ 938) (رقم: 2085) من طريق هشام بن عمّار وسويد بن سعيد. وأحمد في المسند (3/ 109، 186، 164، 224، 231، 232، 240) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، وعبد الرزاق، ووكيع، ومحمّد بن مصعب، وإسحاق الطباع، وأبي أحمد الزبيري، وأبي سلمة الخزاعي. =

وقال فيه سويد بن سعيد، وإبراهيم بن علي المغربي (¬1) عن مالك خارج الموطأ: "دخل مكة عر محرم". فأسندا قولَ الزهري (¬2). وهو حديث غريب، قال أبو بكر البزار: "لا نعلم رواه عن الزهري غير ابن أخيه ومالك" (¬3). ¬

_ = والدارمي في السنن كتاب: الحج، باب: في دخول مكة بغير إحرام حج ولا عمرة (1/ 101) (رقم: 1938). وفي السير، باب: كيف دخل النبي - صلى الله عليه وسلم - مكة وعلى رأسه المغفر (2/ 291) (رقم: 2456) من طريق عبد الله بن خالد بن حازم كلهم عن مالك به. (¬1) إبراهيم بن علي المغربي. قال الذهبي: "ضعّفه الدارقطني". الميزان (1/ 50)، اللسان (1/ 84). وهاتان الروايتان أشار إليهما ابن عبد البر في التمهيد (6/ 173) ولم ينصّ على من أخرجهما ولم يذكر سندهما، والله أعلم. وتابعهما: سفيان بن عبد الله، عند الطبراني في المعجم الأوسط (9/ 28) (رقم: 9034). كذا وقع في المعجم سفيان بن عبد الله، ولا أدري من هو، ولم يذكر الخطيب في الرواة عن مالك من اسمه سفيان بن عبد الله، إنما ذكر الثوري وابن عيينة، والراوي عن سفيان في هذا الطريق خالد بن نزار وهو وروي عن ابن عيينة كما في تهذيب الكمال (8/ 184). فإن ثبت أنَّ الراوي عن مالك ابن عيينة فخالد بن نزار قال عنه الحافظ: "صدوق يخطئ". التقريب (رقم: 1682). (¬2) يعني قوله: "لم يكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومئذ حرامًا". وسبق أن المصنف حكاه من قول الزهري، ووقع في المطبوع من الموطأ رواية يحيى أنه من قول مالك، وكذا وقع في نسخة المحمودية (ب) (ل: 106/ ب)، ونسخة شستربتي (ل: 23/ أ). وجاء في نسخة المحمودية (أ) (ل: 76/ أ) على ما حكاه المصنف، وكذا قال ابن عبد البر في التمهيد (6/ 157، 173). وجاء من قول مالك عند البخاري من رواية يحيى بن قزعة عنه، والإمام أحمد في المسند (3/ 109، 186) فلعل مالكًا حكاه مرة من قول الزهري ومرة من قوله، والله أعلم. (¬3) المسند (3/ ل: 45/ ب). وتمام كلامه: "ولا نعلم رواه عن ابن أخي الزهري إلّا يحيى بن هانئ". قلت: ورواية ابن أخي الزهري أخرجها البزار في مسنده -الموضع السابق- وأبو عوانة في =

قال الشيخ أبو العبّاس رضي الله عنه: والمستغرب منه ذكرُ المِغفر. وقال فيه بِشر بن عمر الزهراني وغيرُه عن مالك: "وعلى رأسه مغفرٌ من حديد" (¬1). ¬

_ = صحيحه (ص: 246 - تحقيق أيمن الدمشقي)، والنسائي في مسند مالك -كما في النكت لابن حجر (2/ 657) - والخطيب البغدادي في تاريخه (4/ 291) من طرق عن إبراهيم بن يحيى بن هانئ عن أبيه عن ابن أخي الزهري عن الزهري به. ووقع عند أبي عوانة والخطيب: عن إبراهيم بن يحيى عن أبيه عن ابن إسحاق عن ابن أخي الزهري عن الزهري به. زاد في الإسناد ابن إسحاق. وإبراهيم هو ابن يحيى بن محمّد بن عبّاد بن هانئ الشجري فيه وفي أبيه ضعف. انظر ترجمة إبراهيم في: تهذيب الكمال (2/ 230)، تهذيب التهذيب (1/ 154) وقال عنه ابن حجر في التقريب (رقم: 268): "لين الحديث". وترجمة أبيه في: تهذيب الكمال (31/ 520)، تهذيب التهذيب (11/ 239)، وقال عنه في التقريب (رقم: 7637): "ضعيف وكان ضريرًا يتلقن". وقول المصنف: "غريب"، أي من وجه يصح، وإلّا فقد روي عن غير مالك وابن أخي الزهري من أربعة عشر طريقًا وفي كلها ضعف، ذكرها الحافظ ابن ححر وبيَّن طرقها وعللها في النكت (2/ 655 - 670). وقول البزار: "لا نعلم رواه عن الزهري غير ابن أخيه ومالك" لعله عنى من وجه يصح. وقال ابن الأبار: "وهذا مما انفرد به مالك عن ابن شهاب في قولهم، وقد وجدت أنا من شاركه فيه، ويجمع الحفاظ من المحدثين طرقه، ولأبي الوليد بن الدباغ في ذلك جزء مفيد". المعجم في أصحاب الصدفي (ص: 40). (¬1) أخرجه ابن عبد البر في التمهيد (6/ 159) من طريق بشر بن عمر الزهراني. وقال ابن عبد البر: "ولا أعلم أحدًا ذكر ذلك عن مالك غير بشر بن عمر في هذا الحديث". وعلَّق الزرقاني على كلامه بقوله: "ولعلَّه أراد في الموطأ، وإلّا فقد رواه خارجَه عشرةٌ عن مالك، كذلك أخرجها الدارقطني". شرح الموطأ (2/ 396). وأخرجه أبو عوانة في صحيحه (ص: 246 - تحقيق: أيمن الدمشقي) من طريق بشر بن عمر، وليس فيه ذكر الحديد، إلّا أنه قرن روايته برواية ابن وهب عن مالك، فلعله حمل روايته على رواية ابن وهب، والله أعلم. =

وفي حديث جابر: "أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - دخل مكةَ يومَ الفتح بغير ¬

_ = وممّن تابع بشرًا على لفظة "الحديد": - معاوية بن هشام القصّار، عند أبي بكر بن المقرئ في المنتخب من غرائب أحاديث مالك (ص: 29) (رقم: 1). - وزيد بن الحباب، عند المهرواني في الجزء الخامس من الفوائد المنتخبة الصحاح الغرائب (المهرونيات -بتخريج الخطيب-) (1/ 926) (رقم: 153 - رسالة ماجستير-). وقال الخطيب: "قوله: "حديد" كلمة غريبة، لم يذكرها مالك في الموطأ، وقد تابع زيدَ بنَ الحباب جماعة منهم: معاوية بن هشام القصار، ومحمد بن عبد الله الرقاشي، ومحمد بن معاوية النيسابوري، وسفيان بن بشر، وعبيد الله بن عمرو الآمدي، وإسحاق بن منصور بن حيان الأسدي، ومحمد بن مروان الكوفي صاحب الكلبي، وأحمد بن زيد الورتنيسي الحراني، ورواه أيضًا أبو عبيد القاسم بن سلام عن يحيى بن عبد الله بن بكير عن مالك، فأورد هذه الكلمة، ورواه غيره عن ابن بكير فلم يذكرها، والله أعلم". اهـ. ونقل الحافظ ابن حجر عن الدارقطني أنه رواه عن مالك كذلك عشرة أنفس. الفتح (7/ 609). وانظر: الإرشاد للخليلي (1/ 249). ورواه أبو أويس عبد الله بن أويس عن الزهري به، وقال "من حديد"، أخرجه من طريقه أبو عوانة في صحيحه (ص: 245)، وابن عدي في الكامل (183/ 4)، وأبو بكر بن المقرئ في معجمه (2/ 802) (رقم: 583)، وابن عساكر في تاريخه (22/ 156)، وابن حجر في النكت (2/ 658). وقال ابن عدي: "وهذا يُعرف بمالك بن أنس عن الزهري، وقد قيل (كذا، والصواب قال) عن مالك: "مغفر من حديد" جماعةٌ، وقد روى عن أبي أويس هذا الحديث كما ذكرته، وابن أخي الزهري، ومعمر، والحديث مشهور بمالك". وقال الحافظ ابن حجر: "ورجال هذا الإسناد ثقات أثبات، إلّا أنَّ في أبي أويس بعض كلام، وقد جزم جماعة من الحفاظ منهم البزار أنَّه كان رفيقَ مالك في السماع، وعلى هذا فهذا اللفظ الثانى أشبه أن يكون محفوظًا، على أنَّ بعض الرواة عن مالك قد رواه عنه باللفظ الأول، كما بيَّنه الدارقطني في غرائب مالك رحمة الله عليهما، والله الموفق". قلت: ولعل من ذكر لفظة "الحديد" ذكرها بالمعنى؛ إذ إنَّ المغفر هو ما يلبسه الدارع على رأسه من الزَّرَد كما في النهاية (3/ 374).

إحرام وعليه عِمامةٌ سوداء". خَرَّجه مسلم (¬1)، وهذا هو المشهور، ولعلَّ المِغفر كان تحت العمامة، والله أعلم (¬2). 17/ حديث: "لا تباغَضوا ولا تحاسَدوا ولا تدابَروا. . . ". فيه: "ولا يَحِلُّ لمسلم أن يهجُرَ أخاه فوقَ ثلاث". في الجامع، باب: المهاجرة (¬3). وانظر حديث أبي أيوب (¬4). 18/ حديث: "أُتي بلَبَنٍ قد شِيبَ بماء، وعن يمينه أعرابي وعن يساره أبو بكر. . . ". فيه: "الأيمن فالأيمن". ¬

_ (¬1) في صحيحه كتاب الحج، باب: جواز دخول مكة بغير إحرام (2/ 990/ 1358). (¬2) نقل توجيهَ المصنِّف العينيُّ في شرحه صحيح البخاري (10/ 207). وجمع القاضي عياض باحتمال أن يكون أول دخوله كان على رأسه المغفر، ثم أزاله ولبس العمامة بعد ذلك، فحكى كلٌّ من أنس وجابر ما رآه. انظر: طرح التثريب (5/ 86)، شرح الزرقاني (2/ 391). وذكر العراقي في طرح التثريب من الجمع ما ذكره المصنف والقاضي، ثم قال: "والأول (أي ما ذكره القاضي) أظهر في الجمع، والله أعلم". (¬3) الموطأ كتاب: حسن الخلق، باب: ما جاء في المهاجرة (2/ 692) (رقم: 14). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الأدب، باب: الهجرة (7/ 119) (رقم: 6076) من طريق عبد الله بن يوسف. ومسلم في صحيحه كتاب: البر والصلة، باب: تحريم التحاسد والتباغض والتدابر (4/ 1983) (رقم: 4559) من طريق يحيى النيسابوري. وأبو داود في السنن كتاب: الأدب، باب: فيمن يهجر أخاه المسلم (5/ 213) (رقم: 4910) من طريق القعنبي، ثلاثتهم عن مالك به. (¬4) سيأتي حديثه (3/ 145).

في الجامع مختصر (¬1). 19/ حديث: "كنا نصلي العصرَ ثم يذهبُ الذاهبُ إلى قباء فيأتِيهم والشمسُ مرتفِعَةٌ. . . ". في وقوت الصلاة (¬2). هذا موقوفٌ في الموطأ ومعناه الرفع، وخُرِّج هكذا في الصحيح (¬3). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: صفة النبي - صلى الله عليه وسلم -، باب: السنة في الشرب ومناولته عن اليمين (2/ 716) (رقم: 17). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الأشربة، باب: الأيمن فالأيمن في الشرب (6/ 609) (رقم: 5619) من طريق إسماعيل بن أبي أويس. ومسلم في صحيحه كتاب: الأشربة، باب: استحباب إدارة الماء واللبن ونحوهما عن يمين المبتدئ (3/ 603) (رقم: 2029) من طريق يحيى النيسابوري. وأبو داود في السنن كتاب: الأشربة، باب: في الساقي متى يشرب (4/ 113) (رقم: 3726) من طريق القعنبي. والترمذي في السنن كتاب: الأشربة، باب: ما جاء في أن الأيمنين أحق بالشراب (4/ 218) (رقم: 1893) من طريق قتيبة ومعن. وابن ماجه في السنن كتاب: الأشربة، باب: إذا شرب أعطى الأيمن فالأيمن (2/ 1133) (رقم: 3425) من طريق هشام بن عمار، ستتهم عن مالك به. (¬2) الموطأ كتاب: وقوت الصلاة، باب: وقوت الصلاة (1/ 40) (رقم: 11). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: مواقيت الصلاة، باب: وقت العصر (1/ 172) (رقم: 551) من طريق عبد الله بن يوسف. ومسلم في صحيحه كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: استحباب التبكير بالعصر (1/ 434) (رقم: 621) من طريق يحيى النيسابوري، كلاهما عن مالك به. والنسائي في السنن كتاب: المواقيت، باب: تعجيل العصر (2/ 252) من طريق ابن المبارك عن مالك عن الزهري وإسحاق معا عن أنس به. (¬3) أي من طريق مالك عن الزهري، وسيأتي أن أصحاب الزهري رفعوا الحديث.

قال فيه عبد الله بن نافع، وخالد بن مخلد عن مالك: "أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي العصر. . . " (¬1). وهكذا قال ابنُ المبارك، عن مالك، عن الزهري وإسحاق معًا، عن أنس، ذكره أبو القاسم القشيري (¬2). وقال الدارقطني: "أسنده عن مالكٍ ابنُ المبارك وغيرُه خارجَ الموطأ" (¬3). قال الشيخ أبو العبّاس رضي الله عنه: ورَفَعَه سائرُ أصحاب الزهري وقالوا فيه: "إلى العوالي"، وهو المحفوظ (¬4). ¬

_ (¬1) رواية خالد بن مخلد عزاها الحافظ ابن حجر للدارقطي في غرائب مالك. الفتح (2/ 36). (¬2) أبو القاسم عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك بن طلحة بن محمد القشيري النيسابوري الشافعي، صاحب الرسالة القشيرية في التصوف. ولد سنة (376 هـ)، وتوفي سنة (465 هـ). سمع الحديث من أبي الحسن الخفاف، وأبي نعيم الإسفراييني، والسلمي، وابن عبدوس، وغيرهم، وجلّ مصنفاته في التصوف. قال الخطيب: "كتبنا عنه وكان ثقةً، وكان يقص، وكان حسن الوعظ، مليح الإشارة، وكان يعرف الأصول على مذهب الأشعري، والفروع على مذهب الشافعي". انظر: تاريخ بغداد (11/ 83)، البداية والنهاية (12/ 107)، السير (18/ 227). وطريق ابن المبارك: أخرجه النسائي في السنن (1/ 252)، والدارقطني في السنن (1/ 253) (رقم: 9)، والطحاوي في شرح المعاني (1/ 190). (¬3) انظر: الأحاديث التي خولف فيها مالك (ص: 63). (¬4) قال الدارقطني بعد أن أورده من طريق إبراهيم بن أبي عبلة عن الزهري عن أنس مرفوعًا: "وكذلك رواه صالح بن كيسان ويحيى بن سعيد الأنصاري وعقيل ومعمر ويونس والليث وعمرو بن الحارث وشعيب بن أبي حمزة وابن أبي ذئب وابن أخى الزهري وعبد الرحمن بن إسحاق ومعقل بن عبيد الله وعبيد الله بن أبي زياد الرصافي والنعمان بن راشد والزبيدي وغيرهم عن الزهري عن أنس". أي مرفوعا بلفظ: "إلى العوالي". انظر: السنن (1/ 253)، الأحاديث التي خولف فيها مالك (ص: 63). =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = قلت: رواية صالح بن كيسان عند البخاري في صحيحه (8/ 506) (رقم: 7329). - ورواية عمرو بن الحارث عند مسلم في صحيحه (1/ 434) (رقم: 621). - ورواية شعيب عند البخاري في صحيحه (1/ 172) (رقم: 550). - ورواية يونس ذكرها البخاري في صحيحه (6/ 508) (رقم: 7329) تعليقًا، ووصلها البيهقي في السنن الكبرى (1/ 440). - ورواية معمر عند عبد الرزاق في المصنف (1/ 547) (رقم: 2069)، وأحمد في المسند (3/ 161)، وأبي عوانة في صحيحه (1/ 351)، والطحاوي في شرح المعاني (1/ 190)، والبيهقي في السنن الكبرى (1/ 440). - ورواية الليث بن سعد عند مسلم في صحيحه (1/ 433) (رقم: 621). - ورواية ابن أبي ذئب عند أحمد في المسند (3/ 214، 217)، والدارمي في السنن (1/ 297) (رقم: 1208)، والبيهقي في معرفة السنن (1/ 457) (رقم: 613)، وابن حبّان في صحيحه (الإحسان) (4/ 385) (رقم: 1518). - ورواية إبراهيم بن أبي عبلة عند أبي عوانة في صحيحه (1/ 352)، والدارقطني في السنن (1/ 253). - ورواية ابن أخي الزهري عند أبي عوانة في صحيحه (1/ 352). وقول المصنِّف: "وهو المحفوظ"؛ لانفراد مالك بقوله فيه: "إلى قباء"، ومخالفة سائر أصحاب الزهري له، وذهب ابن عبد البر إلى توهيم مالك فقال: "وقول مالك عندهم إلى قباء وهم لا شك فيه، ولم يتابعه أحد عليه في حديث ابن شهاب هذا إلا أن المعنى في ذلك متقارب على سعة الوقت". التمهيد (6/ 178). وردّ الحافظ ابن حجر قول ابن عبد البر فقال: "وتُعقب بأنه روي عن ابن أبي ذئب عن الزهري: إلى قباء، كما قال مالك، نقله الباجي عن الدارقطني، فنسبة الوهم فيه إلى مالك منتقد، فإنه إن كان وهما احتمل أن يكون منه وأن يكون من الزهري حين حدّث به مالكا، وقد رواه خالد بن مخلد عن مالك فقال فيه: إلى العوالي كما قال الجماعة، فقد اختلف فيه على مالك وتوبع على الزهري بخلاف ما جزم به ابن عبد البر". الفتح (2/ 36). قلت: ونَقْل الباجي عن الدارقطني في المنتقى (1/ 18)، وهي رواية شاذة عن ابن أبي ذئب، والصحيح أنَّ الإمام مالكًا انفرد بقوله فيه: إلى قباء، وصرّح الدارقطني أنَّ ابن أبي ذئب تابع الجماعة، قال الدارقطني: وخالف مالكا أصحابُ الزهري في قوله: إلى قباء، فرفعوه كلّهم إلى النبي =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = - صلى الله عليه وسلم - وقالوا فيه: "فيذهب الذاهب إلى العوالي"، ولم يقل أحد منهم إلى قباء منهم: صالح بن كيسان وعمرو بن الحارث وشعيب ويونس وعقيل ومعمر والليث بن سعد وابن أبي ذئب وإبراهيم بن أبي عبلة وابن أخي الزهري والنعمان بن راشد وأبو أويس وعبد الرحمن بن إسحاق". الأحاديث التي خولف فيها مالك (ص: 63). ورواية ابن أبي ذئب بذكر العوالي عند أحمد في المسند (3/ 214، 217)، والدارمي في السنن (1/ 297) (رقم: 1208)، والبيهقي في معرفة السنن (1/ 457) (رقم: 613) وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (385/ 4) (رقم: 1518). وجاءت عن ابن أبي ذئب رواية وافق فيها الإمام مالكًا في قوله: "إلى قباء"، وهي التي أشار إليها الباجي حكاية عن الدارقطني، أخرجها البيهقي في معرفة السنن (1/ 457) قال: قال الشافعي في القديم: أخبرنا أبو صفوان بن سعيد بن عبد الملك بن مروان عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب به، وفيه: "إلى قباء". اهـ. قلت: وأبو صفوان اسمه عبد الله وهو ثقة إلّا أنَّه خالف جمعًا من الرواة عن ابن أبي ذئب وهم: حماد بن خالد وعبد الملك بن عمرو عند أحمد وعبيد الله بن موسى عند الدارمي، وعبيد الله بن عبد المجيد الحنفي عند ابن حبان ومحمد بن إسماعيل وأبو داود عند البيهقي. كلهم رووه عنه بلفظ: "العوالي"، فالذي يظهر أنَّ الصحيح عن ابن أبي ذئب ما وافق فيه الجماعة والله أعلم، ثم إنَّ ابن أبي ذئب تُكلّم في حديثه عن الزهري. قال عبد الله بن أحمد: سألت يحيى قلت: "أَسَمع ابن أبي ذئب من الزهري شيئا؟ قال: عرض على الزهري، وحديثه عن الزهري ضعيف، ثم قال: يضعفونـ[ــه] في الزهري". وقال يعقوب بن شيبة: "ابن أبي ذئب ثقة، وروايته عن الزهري خاصة فيها شيء". انظر: العلل للإمام أحمد (3/ 22 - رواية عبد الله-)، شرح العلل لابن رجب (2/ 673، 675). وأشار الخطيب البغدادي بصيغة التمريض إلى موافقة أبي أويس لمالك فقال: "ويقال: إنَّه لم يروه أحد هكذا وقال فيه: إلى قباء، سوى مالك وأبو أويس عبد الله بن عبد الله، والناس بعد يقولون: يذهب الذاهب إلى العوالي". الرواة عن مالك للخطب (ل: 7/ ب -مختصر العطار-). وسبق عن الدارقطني ما يفيد أن أبا أويس وافق في روايته الجماعة. وأما رواية خالد بن مخلد التي أشار إليها ابن حجر فهي شاذة، لمخالفتها سائر الروايات عن مالك، وصرح ابن حجر في الموضع نفسه بشذوذها. فتحصّل من هذا كلّه أن الإمام مالكًا انفرد بوقف الحديث وقوله فيه: "إلى قباء"، ولا يلزم من هذا توهيمه، وسيأتي تقرير ذلك.

وقباءُ مِن جملة العوالي (¬1)، وقال مالك في المدوّنة: "العوالي من المدينة على ثلاثة أميال" (¬2). وحكى البخاري عن اللّيث، عن يونس قال: "بُعدُ العوالي أربعة أميال أو ثلاثة" (¬3)، وقال ابن وَضَّاح: "بين قباء والمدينة نحو من ثلاثة أميال". وانظر حديث إسحاق، عن أنس (¬4). * * * ¬

_ (¬1) أي أنَّ مالكًا رحمه الله نصّ على الموضع الذي يأتي إليه الذاهب إلى العوالي، وهذا لا يقتضي توهيم مالك فإنه عيّن الموضع من العوالي. قال ابن رُشيد: "قضى البخاري بالصواب لمالك بأحسن إشارة وأوجز عبارة؛ لأنه قدَّم أولا المجمل ثم أتبعه بحديث مالك المفسّر". الفتح (2/ 37). وقوله: "قدّم المجمل" أي رواية العوالي -وهي عنده من طريق شعيب عن الزهري (برقم: 550) -ويعني بالمفسّر رواية قباء. قال ابن حجر: "ولعل مالكًا لمّا رأى أن في رواية الزهري إجمالًا حملها على الرواية المفسّرة وهى روايته المتقدّمة عن إسحاق حيث قال فيها: "يخرج الإنسان إلى بني عمرو بن عوف"، وقد تقدّم أنهم أهل قباء، فبنى مالك على أنَّ القصة واحدة لأنهما جميعا حدّثاه عن أنس، والمعنى متقارب، فهذا الجمع أولى من الجزم بأن مالكًا وهم فيه". الفتح (2/ 36). (¬2) المدونة كتاب: الصلاة، باب: فيمن تجب عليه الجمعة (1/ 142)، ونص كلامه: ". . . وإنما بَين أبْعَد العوالي وبين المدينة ثلاثة أميال". (¬3) صحيح البخاري (8/ 506/ تحت حديث رقم: 7329). (¬4) تقدّم الكلام عليه (2/ 42).

3/ حميد الطويل عن أنس

3/ حُميد الطويل عن أنس. ستة أحاديث. وحُميد هذا هو حُميد بن أبي حُميد مولى طلحة الطَلَحات (¬1). وقال الأصمعي: "لم يكن بالطويل وإنَّما كان طويل اليدين" (¬2). مالك، عن حميد، عن أنس. 20/ حديث: "سافرنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في رمضان، فلم يَعِب الصائمُ على المُفطرِ" (¬3). ¬

_ (¬1) أبو عبيدة البصري، اختلف في اسم أبيه على أقوال أشهرها تيرويه. وكان ثقة إلا أنه دلس أحاديث سمعها من ثابت عن أنس فرواها عن أنس، وكان قد سمع من أنس. ذكره الحافظ في المرتبة الثالثة من المدلسين (ص: 38). وحقه أن يوضع في الثانية، لأنَّ الواسطة بينه وبين أنس هو ثابت وهو ثقة فحميد لا يدلس إلا عن ثقة. قال العلائي: "فعلى تقدير أن يكون مراسيل -أي روايته عن أنس- قد تبيّن الواسطة فيها وهو ثقة محتج به". حامع التحصيل (ص: 168)، وذكره في الثانية في (ص: 113). وانظر: التاريخ الكبير (2/ 348)، والصغير (2/ 68)، ثقات ابن حبان (4/ 148)، تهذيب الكمال (7/ 355)، تهذيب التهذيب (3/ 34)، التقريب (رقم: 1544). (¬2) التاريخ الكبير (2/ 348)، والصغير (2/ 68)، وتمامه كما في السير (6/ 164): "وكان قصيرًا، ولم يكن بذاك بالطويل، ولكن كان له جار يقال له حميد القصير فقيل: حميد الطويل ليعرف من الآخر". (¬3) الموطأ كتاب: الصيام، باب: ما جاء في الصيام في السفر (1/ 254) (رقم: 23). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الصوم، باب: لم يعب أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - بعضهم بعضًا في الصوم والإفطار (2/ 600) (رقم: 1947) من طريق القعنبي عن مالك به.

21/ حديث: "أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - حين خَرَج إلى خَيْبَر (¬1) أتاها ليلًا. . . ". فيه: "الله أكبر خَرِبت خيبر". في الجهاد باب: الخيل والمسابقة (¬2). 22 / حديث: "نهى عن بَيع الثِّمار حتى تُزْهي. فقيل له: يا رسول الله، وما تُزهي؟ . . . ". وفيه: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أرأيتَ إذا مَنَع اللهُ الثَّمَرَة. . . " (¬3). ¬

_ (¬1) هي ناحية على ثمانية برد من المدينة لمن يريد الشام. وتبعد عن المدينة (165) ميلا شمالا على طريق الشام، وقاعدته بلدة الشُرَيف. انظر: معجم البلدان (2/ 409)، معجم المعالم الجغرافية للبلادي (ص: 118)، المعالم الأثيرة لشرّاب (ص: 109). (¬2) الموطأ كتاب: الجهاد، باب: ما جاء في الخيل والمسابقة بينها والنفقة في الغزو (2/ 373) (رقم: 48). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الجهاد، باب: دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - الناس إلى الإسلام والنبوة. . . (4/ 325) (رقم: 2945) من طريق القعنبي. وفي المغازي، باب: غزوة خيبر (5/ 87) (رقم: 4197) من طريق عبد الله بن يوسف. والترمذي في السنن كتاب: السير، باب: في البيات والغارات (4/ 102) (رقم: 1550) من طريق معن. والنسائى في السنن الكبرى كتاب: السير، باب: وقت الغارة (5/ 178) (رقم: 8598) من طريق ابن القاسم، أربعتهم عن مالك به. (¬3) الموطأ كتاب: البيوع، باب: النهي عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها (2/ 481) (رقم: 11). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الزكاة، باب: من باع ثماره أو نخله أو أرضه أو زرعه وقد وجب فيه العشر. . . (2/ 460) (رقم: 1488)، وفي البيوع، باب: إذا باع الثمار قبل أن بيدو صلاحها ثم أصابته عاهة فهو من البائع (3/ 47) (رقم: 2198) من طريق عبد الله بن يوسف. ومسلم في صحيحه كتاب: المساقاة، باب: وضع الجوائح (3/ 1190) (رقم: 1555) من طريق ابن وهب. والنسائي في السنن كتاب: البيوع، باب: شراء الثمار قبل أن يبدو صلاحها على أن يقطعها ولا يتركها إلى أوان إدراكها (7/ 264) من طزيق ابن القاسم، ثلاثتهم عن مالك به.

ثلاثة فصول (¬1). هكذا قال مالك في الموطأ، رفع الحديثَ كلَّه مفصَّلًا (¬2). وخُرِّج عنه في الصحيح من غير تفصيل، لم يُذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا في أوَّلِه (¬3). وقال فيه إسماعيل بن جعفر، عن حُميد، عن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "نهى عن بيع ثمَر النخل حتى يَزْهُو" فقلنا لأنس: "ما يَزْهو؟ " قال: "يَحْمَرَّ ويَصْفَرَّ، أرأيتَ إذا منع الله الثَّمَرَةَ. . . "، جَعَلَ التفسيرَ والتَّعليلَ من قول أنس، خرّجه البخاري ومسلم (¬4). ¬

_ (¬1) أي أن الحديث اشتمل على ثلاثة فصول: النهي عن بيع الثمر، والسؤال عن زهوها، ووضع الجوائح. (¬2) قال ابن عبد البر: "هكذا روى هذا الحديث جماعة الرواة في الموطأ لم يختلفوا فيه فيما علمت". التمهيد (2/ 190). (¬3) وهذا من طريق قتيبة عن مالك خاصة، انظر: صحيح البخاري (برقم: 1488) -وسبق تخريجه من طريق قتيبة-، وأما (برقم: 2198)، من طريق عبد الله بن يوسف فذكره مفصَّلًا مرفوعًا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -. ويظهر من صنيع البخاري أنَّه يرى رفع الحديث بكامله إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، لذا ترجم لطريق عبد الله بن يوسف المرفوعة بقوله: باب: إذا باع الثمار قبل أن ييدو صلاحها ثم أصابته عاهة فهو من البائع. ثم أورد حديث أنس مرفوعا مفصّلا وفيه: "أرأيت إذا منع الله الثمرة فبم يستحل أحدكم مال أخيه؟ ". وهذا خلاف ما ذكره المصنف عن البخاري. وتابع مالكًا على رفع الحديث كله إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يحيى بن أيوب عند الطحاوي في شرح المعاني (4/ 24) من طريق عبد الله بن صالح كاتب الليث عن الليث عن يحيى بن أيوب به. وعبد الله بن صالح قال عنه الحافظ: "صدوق كثير الغلط ثبت في كتابه وكانت فيه غفلة". التقريب (رقم: 3388). (¬4) انظر: صحيح البخاري كتاب: البيوع، باب: بيع المخاضرة (3/ 50) (رقم: 2208)، وصحيح مسلم كتاب: المساقاة باب: وضع الجوائح (3/ 1190) (رقم: 1555). =

وقال أبو مسعود الدِّمشقي (¬1): "قال فيه مالك: فقيل: يا رسول الله وما تُزهي؟ ويُروى أنَّه غلط" (¬2). وذكر الدارقطني أنَّ جماعةً خالفوا مالكًا فقالوا فيه: قال أنس: "أرأيت إن منع الله الثمرة. . . "، جَعَلُوه مِن كلام أنس. قال أبو الحسن: "وهذا هو الصواب"، قال: "ومالكٌ جعل هذا الكلامَ من قول النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا يَثبت" (¬3). ¬

_ = وتابع إسماعيلَ بنَ جعفر: - يزيد بن هارون عند أبي يعلى في المسند (4/ 67) (رقم: 3839)، والبغوي في شرح السنة (4/ 2701، 2074)، والخطيب في الفصل للوصل (1/ 123، 124). - وعبد العزيز الدراوردي -من طريق إبراهيم بن حمزة عنه -عند البيهقى في السنن الكبرى (5/ 300)، والخطيب في الفصل والوصل (1/ 124). - وأبو خالد الأحمر عند الخطيب في الفصل للوصل (1/ 126). - ومعتمر بن سليمان عند الخطيب في الفصل للوصل (1/ 120، 121)، إلَّا أنَّه قال: "فلا أدري أنس قال: بم تستحل مال أخيك، أم حدّث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ". وغيرهم كما سيأتي ذكرهم في كلام الخطيب والدارقطني. (¬1) هو إبراهيم بن محمد بن عبيد أبو مسعود الدمشقي الحافظ، توفي سنة (401 هـ). قال الخطيب: "كان صدوقًا، ديِّنًا، ورِعًا، فهمًا". انظر ترجمته في: تاريخ بغداد (6/ 173)، تاريخ دمشق (7/ 199)، السير (17/ 228). (¬2) لم أقف على قوله، ونقل المزي عنه أنه قال: "جعل مالكٌ والدراوردي قول أنس بن مالك "أرأيت إن منع الله الثمرة" من حديث النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأظنُّ حُميدًا حدَّث به في الحجاز كذلك". تحفة الأشراف (1/ 198). (¬3) الأحاديث التي خولف فيها مالك (ص: 136)، ونص كلامه: "خالفه سليمان بن بلال، وإسماعيل بن جعفر، ومحمّد بن إسحاق، ومعتمر بن سليمان، وسهل بن يوسف، ومعاذ بن معاذ، وأبو ضمرة أنس بن عياض، ويزيد بن هارون، وعبد العزيز الدراوردي -من رواية إبراهيم بن حمزة الزبيري عنه- وغيرهم، فرووه عن حميد عن أنس؟ "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الثمار حتى =

انتهى قولُه، ولا يَلزَمُ قبوله مِن أَصْلِهم: إنَّ زيادةَ العدلِ الحافظِ مقبولةٌ، وكفى بمالك (¬1). وقد خَرَّج مسلمٌ عن عبد العزيز الدراوردي، عن حميد، عن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن لم يُثمِرْها الله فبِمَ يستحلُّ أحدُكم مالَ أخيه"، مختصرًا (¬2). ¬

_ = تزهو". قال أنس: أرأيت إن منع الله الثمرة. . .، وهذا هو الصواب، ومالك جعل هذا الكلام من قول النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا يثبت". وبهذا جزم أبو حاتم وأبو زرعة الرازي، قال ابن أبي حاتم: "سألت أبي وأبا زرعة عن حديث رواه محمّد بن عبّاد عن عبد العزيز الدراوردي عن حميد عن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن لم يثمرها الله فبمَ يستحلّ أحدكم مال أخيه؟ " فقالا: هذا خطأ، إنما هو من كلام أنس. قال أبو زرعة: كذا يرويه الدراوردي ومالك بن أنس مرفوع (كذا)، والناس يروونه موقوف (كذا) من كلام أنس". علل الحديث (1/ 387). وقال الخطيب: "روى مالك بن أنس هذا الحديث عن حميد عن أنس فرفعه، وفيه هذه الألفاظ إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، ووهم في ذلك؛ لأنَّ قولَه: "أفرأيت إن منع الله الثمرة" إلى آخر المتن كلام أنس، بيّن ذلك يزيد بن هارون وعبد العزيز بن محمد الدراوردي وأبو خالد الأحمر وإسماعيل بن جعفر كلهم في روايتهم هذا الحديث عن حميد، وفَصَلوا كلامَ أنس من كلام النبي - صلى الله عليه وسلم -، ورواه محمد بن عبد الله الأنصاري وعبد الله بن المبارك وهشيم بن بشير وعبدة بن حميد أربعتهم عن حميد فاقتصروا على المرفوع حسب دون كلام أنس". الفصل للوصل (1/ 121، 122). (¬1) قال ابن حجر بعد أن ذكر بعض روايات المخالفين لمالك: "وليس في جميع ما تقدّم ما يمنع أن يكون التفسير مرفوعًا، لأن مع الذي رفعه زيادة على ما عند الذي وقفه، وليس في رواية الذي وقفه ما ينفي قول من رفعه". الفتح (4/ 466). (¬2) صحيح مسلم كتاب: المساقاة، باب: وضع الجوائح (3/ 1190) (رقم: 1555) من طريق محمّد بن عبّاد عن عبد العزيز الدراوردي به. ومراد المصنف من إخراج هذه الرواية إثبات متابعة الدراوردي لمالك على رفع الحديث، لكن هذه الرواية معلّة بمخالفة إبراهيم بن حمزة الزبيري لمحمّد بن عبَاد فرواه إبراهيم عن الدراوردي متابعا لأصحاب حميد في وقف التفسير. خرّجه البيهقي في السنن الكبرى (5/ 300)، والخطيب في الفصل والوصل (1/ 125). =

ولعلَّ أنسًا كان يُوقِف هذا تارةً ويرفعه أخرى، والله أعلم. 23 / حديث: "احتجمَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، حَجَمَه أبو طَيْبَة، فأَمَرَ له بصاعٍ من تمر". في الجامع (¬1). ¬

_ = قال الدارقطني: "وقد رواه محمّد بن عبّاد المكي عن الدراوردي موافق مالكًا ولم يضبط، والصواب رواية إبراهيم بن أبي حمزة عن الدراوردي متابعة أصحاب حميد الذين ذكرناهم وبخلاف رواية مالك والله أعلم". الأحاديث التي خولف فيها مالك (ص: 137). وقال ابن حجر: "والخطأ في رواية عبد العزيز من محمّد بن عبّاد، فقد رواه إبراهيم بن حمزة عن الدراوردي كرواية إسماعيل بن جعفر"، أي موقوفًا من قول أنس. الفتح (4/ 466). قلت: وإبراهيم بن حمزة أوثق من محمّد بن عبّاد، فقد ذُكر لمحمّد بن عبّاد أشياء يهم فيها. انظر: تهذيب الكمال (25/ 435)، تهذيب التهذيب (9/ 216) وقال عنه في التقريب (رقم: 5993): "صدوق يهم". قال الخطيب: "وإبراهيم أتقن من محمد بن عباد، وليس يصح أن أحدا رفعه سوى مالك". الفصل للوصل (1/ 126). والحاصل أنَّ مالكًا تفرّد بهذه الرواية ولم يتابعه عليها أحد، إلّا ما جاء عن يحيى بن أيوب وفي سندها ضعف، ولا يلزم توهيم مالك لحفظه وإتقانه، وزيادته مقبولة، ويؤيّد ذلك ما رواه مسلم في صحيحه (3/ 1190) (رقم: 1554) من طريق أبي الزبير عن جابر مرفوعًا: "لو بعت من أخيك ثمرا فأصابته جائحة فلا يحلّ لك أن تأخذ منه شيئًا بمَ تأخذ مال أخيك بغير حق". قال أبو عبد الله الحاكم: "هذه الزيادة في هذا الحديث "أرأيت إن منع الله الثمرة" عجيبة، فإن مالك بن أنس ينفرد بها ولم يذكرها غيره علمي في هذا الخبر، وقد قال بعض أئمتنا إنّها من قول أنس، لسمعت الشيخ أبا بكر بن إسحاق يقول: رأيت مالك بن أنس في المنام شيخ طُوال، فقلت: أَحَدَّثكم حميد الطويل عن أنس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "أرأيت إن منع الله الثمرة فبم يستحل أحدكم مال أخيه؟ " قال: نعم". علوم الحديث (ص: 135). (¬1) الموطأ كتاب: الاستئذان، باب: ما جاء في الحجامة وأجرة الحجّام (742/ 2) (رقم: 26). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: البيوع، باب: ذكر الحجّام (3/ 23) (رقم: 2102) وباب: من أجرى أمر الأمصار على ما يتعارفون بينهم في البيوع والإجارة. . . (3/ 50) (رقم: 2210) من طريق عبد الله بن يوسف.

ليس في هذا الحديث عن مالك ذكرُ الصيام، وقد جاء في بعض طرقِه (¬1). ¬

_ = وأبو داود في السنن كتاب: البيوع، باب: في كسب الحجّام (3/ 708) (رقم: 3424) من طريق القعنبي، كلاهما عن مالك به. (¬1) للحديث بهذه الزيادة عدّة طرق عن أنس رضي الله عنه: - الأول: أخرجه الطحاوي في شرح المعاني (2/ 101) ثنا ابن أبي داود، ثنا يوسف بن عدي، ثنا القاسم بن مالك، عن عاصم، عن أنس به. وابن أبي داود شيخ الطحاوي اسمه إبراهيم، لم أجد له ترجمة إلا قول ابن حجر فيه في ترجمة الطحاوي من اللسان (1/ 275): "إبراهيم بن أبي داود الضريس وكان من الحفاظ المكثرين". وقال الشيخ الألباني في الإرواء (4/ 78): "هذا سند على شرط الشيخين، إلّا أن القاسم هذا فيه كلام، وفي التقريب: صدوق فيه لين، وأنا أخشى أن يكون قوله: وهو صائم زيادة منه وهم فيها. . . ". وقول الشيخ: "على شرط الشيخين" ممّا لم أعرف وجهه، فشيخ الطحاوي لم يرو له أحد من أصحاب الكتب الستة، وشيخه يوسف بن عدي من أفراد البخاري. - الثاني: أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط (3/ 167) (رقم: 2821) من طريق سليمان الشاذكوني، عن يوسف بن خالد السمتي، عن الأعمش، عن أنس. وسنده ضعيف جدًا، سليمان بن داود الشاذكوني متروك الحديث. انظر: الميزان (2/ 395)، اللسان (3/ 84). وشيخه يوسف بن خالد السمتي ضعيف. انظر: الميزان (2/ 171)، اللسان (2/ 392). ثم وجدت للشاذكوني متابعًا، أخرجه الخطيب البغدادي في تاريخه (8/ 83) من طريق أبي بكر الشافعي صاحب الغيلانيات عن محمد بن غالب بن حرب تمتام عن عبد الرحمن بن المبارك عن يوسف بن خالد السمتي بنحوه. وهذا السند صحيح إلى يوسف بن خالد، فخرج الشاذكوني من عهدة الخطأ، والسند معلول بالسمتي. وأخرجه الطبرانى في المعجم الأوسط (6/ 93) (رقم: 5898)، والبزار في المسند (ل: 28/ ب) من طريق الربيع بن بدر عن الأعمش به. قال البزار: "الربيع بن بدر لين الحديث". قلت: بل هو متروك. انظر: تهذيب الكمال (9/ 63)، تهذيب التهذيب (3/ 207)، التقريب (برقم: 1883). وأخرجه أبو أحمد الحاكم في الأسامي والكنى (ل: 249/ أ) من طريق شريك، عن الأعمش، عن أنس. وشريك بن عبد الله القاضي صدوق يخطئ كثيرًا، تغيّر حفظه منذ وُليَّ القضاء كما في التقريب (رقم: 2787). =

وانظر مرسلَ سليمان بن يسار في حِجامة المُحْرِم (¬1). وأبو طَيبة الحَجَّام مولى بني حارثة، قيل: اسمه دينار (¬2)، وقيل: نافع (¬3)، وقيل: مَيْسَرة (¬4). ¬

_ = - الثالث: أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 309) (رقم: 9337)، وابن أبي عاصم في الآحاد والثاني (5/ 220) (رقم: 2750)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (2/ ل: 274/ أ)، والطبراني في المعجم الكبير (22/ 383) (رقم: 954)، وابن أبي حاتم في العلل (1/ 257)، وأبو يعلى في المسند (4/ 193) (رقم: 4210) من طريق شريك عن ليث عن عبد الوارث عن أنس. ووقع في المصنف بدل عبد الوارث: عبد الوهاب وهو تصحيف، وكذا تصحّف أبو طيبة إلى أبي ظبية في العلل والمصنف، وسقط الليث من إسناد ابن أبي عاصم. وهذا السند ضعيف لضعف شريك وليث بن أبي سليم. وقال أبو زرعة: "هذا حديث منكر". العلل (1/ 257). والحاصل أن طرق حديث أن أبا طيبة حجم النبي - صلى الله عليه وسلم - بزيادة: "وهو صائم" ضعيفة، والله أعلم. وقد ثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - احتجم وهو صائم من غير حديث أنس، انظر: الإرواء (4/ 75). (¬1) سيأتي حديثه (5/ 218). (¬2) حكاه ابن عبد البر بصيغة التمريض في الاستيعاب (4/ 1700)، والذهبي بالجزم في التجريد (2/ 181). قال ابن حجر: "ولا يصح، فقد ذكر الحاكم أبو أحمد أن دينارا احجام آخر تابعي، وأخرج ابن منده لدينار الحجام عن أبي طيبة". الإصابة (7/ 233). وما ذكره الحافظ عن أبي أحمد لم أقف عليه في باب: أبي طيبة من الأسامي والكنى (ل: 249/ أ). (¬3) سمّاه كذلك الدولابي في الكنى (1/ 76). وذكره أبو نعيم في معرفة الصحابة (2/ ل: 219/ ب)، وابن عبد البر في الاستيعاب، وغيرهما. وقال العسكري: "قيل: اسمه نافع، ولا يصح، ولا يُعرف اسمه". الإصابة (7/ 233)، وانظر تصحيفات المحدّثين (3/ 1107). وردّه الحافظ بأنه وقع مسمى في بعض طرق حديث محيّصة بن مسعود: "أنَّه كان له غلام حجام يقال له نافع أبو طيبة". قلت: وسيأتي ذكر أصل حديث محيّصة في مسند ابن محيّصة (3/ 586). (¬4) حكاه أبو نعيم في معرفة الصحابة (2/ 207/ أ) قال: "ذكره المنيعي قال: سألت أحمد بن عبيد بن أبي طيبة عن اسم أبي طيبة فقال: ميسرة". وانظر الاستيعاب، والإصابة. ولعل الأقرب في اسمه نافع، لما ذكر ابن حجر، والله أعلم بالصواب.

24/ حديث: "إنِّي أُريتُ هذه الليلةَ من رمضان حتى تلاحا رجلان فرُفعَتْ، فالتَمِسُوها في التاسعة والسابعة والخامسة. . . ". في باب: ليلة القدر (¬1). قال فيه أنس: خرج علينا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "إني أُريت. . . ". وهذا محفوظ لأنسٍ، عن عبادة بن الصامت، وهكذا خرّجه البخاري لأنس عن عبادة (¬2). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الإعتكاف، باب: ما جاء في ليلة القدر (1/ 262) (رقم: 13). وهذا من جملة الأحاديث التي شك يحيى في سماعها من مالك فثبّتها من ابن زياد. والحديث أخرجه بهذا السند النسائي في السنن الكبرى كتاب: الاعتكاف، باب: الاجتهاد في العشر الأواخر والتماس ليلة القدر فيها (2/ 271) (رقم: 3396) من طريق ابن القاسم عن مالك به. (¬2) صحيح البخاري كتاب: الإيمان، باب: خوف المؤمن من أن يحبط عمله وهو لا يشعر (1/ 22) (رقم: 49) من طريق إسماعيل بن جعفر، وفي فضل ليلة القدر، باب: رفع ليلة القدر لتلاحي الناس (2/ 623) (رقم: 2023) من طريق خالد بن الحارث، وفي الأدب، باب: ما ينهى من السباب واللعن (7/ 111) (رقم: 6049) من طريق بشر بن المفضل ثلاثتهم عن حميد عن أنس عن عبادة به. وكذلك رواه أكثر أصحاب حميد: عن أنس عن عبادة، وقصّر به مالك في الموطأ، وجعله من مسند أنس. قال الدارقطني: "خالفه حماد بن سلمة وأبو شهاب الحنّاط وأبو ضمرة أنس بن عياض وإسماعيل بن جعفر ومحمّد بن إسحاق ويحيى بن أيوب وهارون بن يزيد وعبد الله بن بكر السهمي وغيرهم، فرووه عن حميد، عن أنس، عن عبادة بن الصامت قال: "خرج علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. . . "، ورواه قتادة وثابت البناني عن أنس عن عبادة بن الصامت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحو ذلك". الأحاديث التي خولف فيها مالك (ص: 134). وسأل ابن أبي حاتم أباه وأبا زرعة عن حديث مالك؟ فقالا: "إنَّما هو عن أنس، عن عبادة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. قلت لهما: الوهم ممَّن هو؟ قالا: من مالك". علل الحديث (1/ 239).

وهو حديث مجملٌ في كيفية اعتبارِ العدد، والآثار مختلفة في ذلك؛ ففي بعضِها اعتبارُ العدد بأوّل الشهر على الأصل في كلِّ عام (¬1)، ودني بعضِها اعتبارُ العَدَدِ بآخره، وذلك في شهرٍ معيَّنٍ مخصوصٍ كان ناقصًا في ذلك العام، فأَخبرَ النبي - صلى الله عليه وسلم - بنقصانه قبل فراغه. روى عبد الله بن خُبيب (¬2)، عن عبد الله بن أُنيس: أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "التمسوها الليلة -وتلك الليلة ليلة ثلاث وعشرين- فقيل: يا رسول الله هي إذا أوّل ثمان. فقال: لا، بل هي أول سبع فإنَّ الشهرَ لا يتمّ". يعني ذلك ¬

_ = وقال علي بن المديني: "وهم فيه مالك، وخالفه أصحاب حميد وهم أعلم به منه، ولم يكن له وحميد (كذا في المطبوع، والصحيح بحميد) علم كعلمه بمشيخة أهل المدينة". الاستذكار (10/ 332). وقال ابن عبد البر: "هكذا روى مالك هذا الحديث لا خلاف عنه في إسناده ومتنه وفيه عن أنس: خرج علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. . . وإنما الحديث لأنس عن عبادة بن الصامت". التمهيد (2/ 200). قلت: وجاء هذا الحديث من مسند أنس من غير طريق مالك: خرّج أبو يعلى في المسند (4/ 120) (رقم: 408) من طريق الأعمش قال: أُخبرت عن أنس فذكر نحوه. وأخرجه الطبراني في المعجم الأوسط (8/ 132) (رقم: 8186) من طريق الأعمش قال: قال أنس. قال الهيثمي في المجمع (3/ 176): "رواه أبو يعلى والطبراني في الأوسط وسقط منه التابعي ورجاله ثقات". قلت: والإسنادان ضعيفان لا تقوم بهما حجة، والصحيح أنَّ الحديث من مسند عبادة، والله أعلم. (¬1) كحديث ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "تحرّوا ليلة القدر في السبع الأواخر"، أخرجه مالك في الموطأ وسيأتي الكلام عليه (2/ 476). وحديث عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "تحرّوا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان". أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: فضل ليلة القدر، باب: تحري ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر فيه عبادة (2/ 621) (رقم: 2017). (¬2) في الأصل: "حبيب" بحاء مهملة، وهو تصحيف، وإنما هو عبد الله بن عبد الله بن خُبيب بالخاء المعجمة نسبه المؤلف إلى جدّه. انظر: المؤتلف والمختلف للدّارقطني (2/ 632). ووقع الخطأ نفسه في التمهيد (21/ 213)، والمصنف لابن أبي شيبة (2/ 324).

الشهر خاصَّة. خرَّجه قاسم بنُ أصبغ، ومحمّد بن سنجر، وأبو بكر بن أبي شيبة (¬1). وروى الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال لأصحابِه في رمضان بعد ما مَضَى ثنتان وعشرون ليلة: "كم بقى مِن الشهر؟ قالوا: بَقِيَ ثمان. قال: بل بقي سبع، هذا الشهرُ تسعٌ وعشرون. وقال: التَمِسوها في هذه اللَّيلة". خرَّجَه قاسم، والبزار بإسنادٍ معلولٍ (¬2). ¬

_ (¬1) أخرجه من طريق محمد بن سنجر: ابنُ عبد البر في التمهيد (21/ 214، 213). وأخرجه ابن أبي شيبة في المسند (ل: 57/ ب)، وأحمد في المسند (3/ 495)، وابن خزيمة في صحيحه (3/ 328) (رقم: 2185، 2186)، وابن نصر المروزي في قيام رمضان (ص: 254 - مختصر المقريزي-)، كلهم من طريق محمد بن إسحاق، عن معاذ بن عبد الله، عن أخيه عبد الله بن عبد الله بن خُبيب به. ومداره على عبد الله بن عبد الله بن خُبيب ذكره ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (5/ 90)، والبخاري في التاريخ الكبير (5/ 126) ولم يذكرا فيه شيئا وقال البخاري: "كان رجلًا في زمن عمر"، وذكره ابن حبان في الثقات (5/ 30). وأما ابن إسحاق فصرح بالتحديث عند أحمد. (¬2) أخرجه البزار في مسنده (ل: 236/ ب -نسخة الأزهرية-) من طريق أبي معاوية وجرير. وأخرجه ابن ماجه في السنن كتاب: الصيام، باب: ما جاء في الشهر تسع وعشرون (1/ 530) (رقم: 1656)، وابن أبي شيبة في المصنف (2/ 332) (رقم: 9602)، وابن حبّان في صحيحه (الإحسان) (8/ 233) (رقم: 3450)، والبيهقي في السنن الكبرى (4/ 310) من طرق عن أبي معاوية. وأحمد في المسند (2/ 251) من طريق أبي معاوية ويعلى بن عبيد. وابن خزيمة في صحيحه (3/ 326) (رقم: 2179)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (6/ 289) (رقم: 2548) من طريق جرير. والدارقطني في العلل (10/ 201، 202) من طريق سفيان الثوري. والحاكم في معرفة علوم الحديث (ص: 35) من طريق يعلى بن عبيد، كلهم عن الأعمش عن أبي صالح به. وقول المصنف: "بإسناد معلول" يفسِّره كلامُ الإمام الحاكم رحمه الله إثر إخراجه للحديث قال: =

عن عبد الرحمن الصُّنابحي، عن بلال قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ليلة لقدر ليلة أربع وعشرين" (¬1). ¬

_ = "لم يسمع هذا الحديث الأعمش من أبي صالح، وقد رواه أكثر أصحابه عنه هكذا منقطعا. فأخبرني عبد الله بن محمد بن موسى ثنا محمد بن أيوب حدّثنا محمد بن عبد الله بن نمير ثنا خلاد الجعفي حدّثني أبو مسلم عبيد الله بن سعيد قائد الأعمش عن الأعمش عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة، فذكره". قلت: وأخرجه من هذا الطريق أيضا البيهقي في السنن الكبرى (4/ 310). وأما إعلال رواية الأعمش من الطريق الأول برواية عبيد الله بن سعيد عنه فيه نظر من وجهين: الأول: عبيد الله قائد الأعمش ضعيف في الأعمش وغيره. قال البخاري: "في حديثه نظر". الضعفاء للعقيلي (3/ 121). وقال أبو داود: "عنده أحاديث موضوعة". تهذيب الكمال (1949). وقال العقيلي: "في حديثه عن الأعمش وهم كثير". الضعفاء (3/ 121). وقال ابن حبان: "كثير الخطأ فاحش الوهم، ينفرد عن الأعمش وغيره. مما لا يتابع عليه". تهذيب التهذيب (7/ 15)، ولم أجده في المجروحين. وقال ابن ححر: "ضعيف". التقريب (رقم: 4295). وانظر: تهذيب الكمال (19/ 49)، تهذيب التهذيب (7/ 15). الثاني: مخالفة عبيد الله بن سعيد للثقات من أصحاب الأعمش، وفيهم أبو معاوية والثوري وهما أوثق أصحابه، وهذا مما يوهّن روايته، ولا يعتد بمخالفته، والله أعلم. وقال الدارقطني -وقد سئل عن هذا الحديث-: "يرويه الأعمش، واختلف عنه، فرواه أبو معاوية، وجرير، وأبو بكر بن عياش، وحفص بن غياث، وسليمان بن قرم، ويعلى بن عبيد، والثوري عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة. . وقال أبو مسلم قائد الأعمش: عن الأعمش عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة. وقال أبو سمير حكيم بن خذام: عن الأعمش عن أبي ظبيان عن أبي هريرة، ولا يصح عن أبي ظبيان. والصحيح حديث أبي صالح عن أبي هريرة". العلل (10/ 201). (¬1) أخرجه أحمد في المسند (6/ 12) والبزار في المسند (4/ 211) (رقم: 1376) والطحاوي في شرح المعاني (3/ 92) والطبراني في المعجم الكبير (1/ 360)، وابن نصر في قيام رمضان (ص: 256 - مختصر المقريزي-) من طرق عن عبد الله بن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن الصنابحي به. =

وحَكَى أنَّه قولُ الحسن، وقتادة. ثمَّ قال: "أحسبُ أنَّهم ذهبوا إلى ما رُوي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من قوله: "اطلبوها لسبع يبقين (¬1) " (¬2). ورأى أنَّ ذلك غَلَطٌ من التأويل" (¬3). وذَكَر عن ابن عبّاس أنَّه قال: "لا أُراها إلّا ليلة ثلاث وعشرين لسبع يبقين"، يعني بعدها (¬4). ¬

_ = وهذا حديث منكر علّته ابن لهيعة فمع ضعفه خولف. قال ابن حجر: "خالفه عمرو بن الحارث فرواه عن يزيد بهذا الإسناد موقوفا على بلال ولفظه: ليلة القدر في السبع الأواخر. أخرجه البخاري في آخر المغازي (5/ 171) (رقم: 4470) ". انظر: أطراف المسند (645/ 1)، إتحاف المهرة (2/ 650). وقال في الفتح (4/ 311): "أخطأ ابن لهيعة في رفعه فقد رواه عمرو بن الحارث عن يزيد بهذا الإسناد موقوفا بغير لفظه". ورواه ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 325) (رقم: 9521) من طريق محمّد بن إسحاق عن يزيد بن أبي حبيب عن مرثد بن عبد الله اليَزني عن الصنابحي قال: سألت بلالا عن ليلة القدر فقال: "ليلة ثلاث وعشرين". وهذا ضعيف محمّد بن إسحاق مدلس وقد عنعنه وخالفه عمرو بن الحارث كما سبق، والصحيح عن بلال ما ورد عند البخاري، والله أعلم. (¬1) في الأصل: "بيقين"، وكذا في التي بعدها والصحيح ما أثبتّه. (¬2) جاء ذلك من حديث ابن عبّاس في صحيح البخاري (2/ 622) (رقم: 2022)، ومن حديث غيره. (¬3) لم أهتد إلى الحاكي وقائل هذا القول، ولعله سقط من الأصل اسم الحاكي لهذا الكلام. (¬4) أخرجه الإمام أحمد في العلل (2/ 398) (رقم: 2778 - رواية عبد الله-) من طريق معاذ بن هشام الدستوائي عن أبيه عن عمرو بن مالك عن أبي الجوزاء أوس بن عبد الله، عن ابن عباس بنحوه. وسنده حسن، معاذ بن هشام الدستوائي صدوق ربما وهم كما في التقريب (رقم: 6742). وأخرج الإمام أحمد في العلل (2/ 399) (رقم: 2780)، وعبد الرزاق في المصنف (4/ 249) (رقم: 7686)، وابن أبي شيبة في المصنف (2/ 326) (رقم: 9541)، من طريق ابن جريج قال: حدّثني عبيد الله بن أبي يزيد عن ابن عباس: "أنه كان ينضح الماء على أهله ليلة ثلاث وعشرين من رمضان يوقظهم".

وخَرَّج ابنُ الجارود عن أبي ذر أنه قال: "صُمنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رمضان فلم يَقُمْ بنا حتى بقيَ سبعٌ قام بنا" -يعني ليلة ثلاث وعشرين- قال: "ثمَّ لَم يَقُم بنا الليلة الرابعة وقام بنا التي تليها" -يعني ليلة خمس وعشرين- قال: "ثمَّ لَم يَقُمْ بنا السادسةَ وقام بنا السابعة" (¬1)، فاعتَبَرَ ما مضى من العشر. وقد كَثُر الخلاف في تعيين ليلةِ القدر، ولو شاء الله لبَيَّنَها، ولكنه أراد كثرةَ العمل، وإلى هذا أشار بقوله - صلى الله عليه وسلم - إذ ذَكَر رفعَها: "وعسى أن يكون خيرًا لكم". جاء هذا في حديث أنس، عن عبادة بن الصامت، خرّجه النسائي وغيره (¬2). ¬

_ (¬1) المنتقى (2/ 49) (رقم: 403) مطوّلًا واختصره المصنف. والحديث أخرجه أبو داود في السنن كتاب: الصلاة، باب: في قيام شهر رمضان (2/ 105) (رقم: 1375)، والترمذي في السنن كتاب: الصوم، باب: ما جاء في قيام رمضان (3/ 169) (رقم: 806)، والنسائي في السنن كتاب: قيام الليل وتطوع النهار، باب: قيام شهر رمضان (3/ 202)، وابن ماجه في السنن كتاب: إقامة الصلاة، باب: ما جاء في قيام شهر رمضان (1/ 420) (رقم: 1327)، وأحمد في المسند (5/ 159، 163)، والدارمي في السنن كتاب: الصيام، باب: في فضل قيام شهر رمضان (2/ 42) (رقم: 1777)، والطيالسي في المسند (ص: 466)، وعبد الرزاق في المصنف (4/ 254) (رقم: 7706)، وابن أبي شيبة في المصنف (2/ 164) (رقم: 7695)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 206)، وابن خزيمة في الصحيح (3/ 337) (رقم: 2206)، والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 494) من طرق عن داود بن أبي هند عن الوليد بن عبد الرحمن الجرشي عن جبير بن نفير عن أبي ذر به. وقال الترمذي: "حديث حسن صحيح". (¬2) أخرجه النسائي في السنن الكبرى كتاب: الاعتكاف، باب: التماس ليلة القدر في التسع والسبع والخمس (2/ 270، 271) (رقم: 3394، 3395). وهو عند البخاري في صحيحه كتاب: الإيمان، باب: خوف المؤمن أن يحبط عمله وهو لا يشعر (1/ 22) (رقم: 49) وفي فضل ليلة القدر، باب: رفع معرفة ليلة القدر لتلاحي الناس (2/ 623) (رقم: 2023).

وزَعَمَ أبو قِلابة أنها تنتقل في ليالي العشر الأخير، حكاه الترمذي عنه (¬1). وانظر حديث عبد الله بن أُنيس (¬2)، وأبي سعيد (¬3)، وابن دينار عن ابن عمر (¬4)، [ومرسل عروة ومالك] (¬5). 25/ حديث: "أن عبد الرحمن بنَ عَوف جاء إلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وبه أَثَرُ صُفرَة. . . "، وذَكَر الزواج. فيه: "كم سُقتَ إليها؟ قال: زِنَةُ نَوَاةٍ من ذهب. قال: أَوْلِمْ ولو بشاة". في آخر النكاح (¬6). ¬

_ (¬1) سنن الترمذي كتاب: الصوم، باب: ما جاء في ليلة القدر (3/ 159) قال: حدّثنا بذلك عبد بن حميد أخبرنا عبد الرزاق، عن معمر، عن أيوب، عن أبي قلابة، واسمه: عبد الله بن زيد الجرمي. والأثر في المصنف لعبد الرزاق (4/ 252) (رقم: 7699) والمصنف لابن أبي شيبة (2/ 326) (رقم: 9535). وزاد عبد الرزاق: في العشر الأواخر في وتر. وحكى ابن حجر في الفتح (4/ 313) أكثر من أربعين قولا في تحديد ليلة القدر ثم قال: "هذا آخر ما وقفت عليه من الأقوال، وبعضها يمكن ردّه إلى بعض، وإن كان ظاهرها التغاير، وأرجحها كلّها أنَّها في وتر من العشر الأخير، وأنَّها تنتقل كما يُفهم من أحاديث هذا الباب، وأرجي أوتار العشر عند الشافعية ليلة إحدى وعشرين، أو ثلاث وعشرين على ما في حديث عبد الله بن أُنيس، وأرجاها عند الجمهور ليلة سبع وعشرين". (¬2) سيأتي حديثه (3/ 30). (¬3) سيأتي حديثه (3/ 227). (¬4) سيأتي حديثه (2/ 486). (¬5) في الأصل: "مرسل عروة عن مالك" وهو خطأ، والصواب المثبت، وانظر مرسل عروة (5/ 89)، ومرسل مالك (5/ 356)، وأعاد المصنِّف هذه العبارة في مسند أبي سعيد، ومسند عبد الله بن أُنيس على ما ذكرته. (¬6) الموطأ كتاب: النكاح، باب: ما جاء في الوليمة (2/ 430) (رقم: 47). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: النكاح، باب: الصفرة للمتزوج (6/ 465) (رقم: 5153) من طريق عبد الله بن يوسف. والنسائي في السنن كتاب: النكاح، باب: التزويج على النواة من ذهب (6/ 116) من طريق ابن القاسم، كلاهما عن مالك به.

هذا في الموطأ لأنس (¬1)، وقال فيه رَوح بن عبادة عن مالك: حُميد، عن أنس، عن عبد الرحمن بن عوف (¬2). وروى شعبةُ، عن حميد وغيرِه، عن أنس: "أنَّ عبد الرحمن. . . "، وَصَفَ القصة (¬3). ¬

_ (¬1) انظر الموطأ برواية: - أبي مصعب الزهري (1/ 648) (رقم: 1689)، وسويد بن سعيد (ص: 317) (رقم: 695)، وابن القاسم (ص: 201) (رقم: 150 - تلخيص القابسي-)، ومحمد بن الحسن (ص: 176) (رقم: 525)، ويحيى بن بكير (ل: 144/ أ -نسخة الظاهرية-). (¬2) أخرجه البزار في مسنده (3/ 217) (رقم: 1004) حدّثنا زيد بن أخزم ومحمد بن مَعمر قالا: نا روح بن عبادة عن مالك به. قال البزار: "وهذا الحديث قد رواه غير واحد عن ثابت وحميد عن أنس: أن عبد الرحمن بن عوف، وقالا هذين: عن أنس عن عبد الرحمن بن عوف". قلت: زيد بن أخزم -بمعجمتين ثقة حافظ كما في التقريب (رقم: 2114). ومحمد بن معمر البحراني البصري صدوق كما في التقريب (رقم: 6313). وأما روح بن عبادة فهو ثقة، وتكلّم فيه بعضهم في سماعِه من مالك، قال أبو عبيد الآجري: سمعت أبا داود يقول: "كان القواريري لا يحدّث عن رَوح، وأكثر ما أنكر عليه تسع مائة حديث حدّث بها عن مالك سماعًا". السؤالات (2/ 18). إلّا أنَّ هذا الكلام لم يُوافق عليه القواريري، قال ابن معين: "القواريري يحدّث عن عشرين شيخًا من الكذابين، ثم يقول: لا أحدِّث عن روح! ". تاريخ بغداد (8/ 403)، تهذيب الكمال (9/ 243). وذكر الذهبي قول من قال: "إنّ عبد الرحمن (أي ابن مهدي) تكلّم فيه: وهم في إسناد حديث. قال الذهبي: وهذا تعنّت وقلّة إنصاف في حق حافظ قد روى ألوفًا كثيرة من الحديث، فروح لو أخطأ في عدّة أحاديث في سَعة علمه لاغتُفر له ذلك أُسوة نظرائه، ولسنا نقول: إنَّ رتبة روح في الحفظ والإتقان كرتبة يحيى القطان، بل ما هو بدون عبد الرزاق، ولا أبي النضر". السير (9/ 406). (¬3) أخرجه مسلم في صحيحه كتاب: النكاح، باب: الصداق وجواز كونه تعلم القرآن. . . (2/ 1043) (رقم: 1427) من طريق وهب بن جرير، عن شعبة، عن حميد عن أنس قال: قال عبد الرحمن بن عوف: "تزوَّجت امرأة. . . ". =

واختُلِف في وزن النَّواة، فقال أحمد بن حنبل: "نَواةُ الذَّهَبِ ثلاثةُ دراهم". وقال إسحاق بن راهويه: "خمسةُ دراهم". حكاه الترمذي (¬1) * * * ¬

_ = ومن طريق النضر بن شميل عن شعبة قال: حدّثنا عبد العزيز بن صهيب قال: سمعت أنسًا يقول: قال عبد الرحمن بن عوف. فلعلَّ أنسًا رضي الله عنه كان يرويه تارة بواسطة صاحب القصة عبد الرحمن بن عوف، وتارة من غير واسطة، والله أعلم. (¬1) سنن الترمذي كتاب: النكاح، باب: ما جاء في الوليمة (3/ 403). وفيه: قال أحمد بن حنبل: "وزن نواة من ذهب وزن ثلاثة دراهم وثلث". وقال إسحاق: "هو وزن خمسة دراهم وثلث". قلت: وإذا عدلت وزن النواة بخمسة دراهم فهي بالتقدير المعاصر (14.875 غرام). انظر: معجم لغة الفقهاء (ص: 489).

4/ ربيعة بن أبي عبد الرحمن

4/ ربيعة بن أبي عبد الرحمن. وهو ربيعة الرأي، له حديث واحد عن أنس. واسم أبي عبد الرحمن فَرُّوخ، وهو مَولى ربيعة بن عبد الله بن الهُدَيْر (¬1). مالك، عن ربيعة، عن أنس. 26/ حديث: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليس بالطويلِ البائِنِ ولا بالقصير. . . ". فيه: وَصْفُه وسِنُّه - صلى الله عليه وسلم -. في الجامع (¬2). ¬

_ (¬1) في الأصل: "الهذير"، بالذال المعجمة، وهو خطأ، والهُدَيْر: بضم الهاء، وفتح الدال المهملة، تليها مثناة تحت ساكنة، ثم راء. انظر: المؤتلف والمختلف للدارقطني (4/ 2318)، الإكمال (7/ 314)، توضيح المشتبه (9/ 147، 148). وانظر ترجمة ربيعة في: تهذيب الكمال (9/ 123)، تهذيب التهذيب (3/ 223). (¬2) الموطأ كتاب: صفة النبي - صلى الله عليه وسلم -، باب: ما جاء في صفة النبي - صلى الله عليه وسلم - (2/ 701) (رقم: 1). وفيه: "وتوفاه الله على رأس ستين سنة". وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: المناقب، باب: صفة النبي - صلى الله عليه وسلم - (4/ 525) (رقم: 3548) من طريق عبد الله بن يوسف. وليس فيه: "توفاه الله على رأس ستين سنة". وفي اللّباس، باب: الجعد (7/ 74) (رقم: 5900) من طريق إسماعيل بن أبي أويس. وفيه: "توفاه الله على رأس ستين سنة". ومسلم في صحيحه كتاب: الفضائل، باب: في صفة النبي - صلى الله عليه وسلم - ومبعثه وسنّه (4/ 1824) (رقم: 2347) من طريق يحيى النيسابوري. والترمذي في السنن كتاب: المناقب، باب: في مبعث النبي - صلى الله عليه وسلم - وابن كم كان حين بعث (5/ 552) (رقم: 3623) وفي الشمائل، باب: ما جاء في سن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (ص: 181) (رقم: 367) من طريق قتيبة ومعن. والنسائي في السنن الكبرى كتاب: الزينة، باب: الجعد (5/ 409) (رقم: 9310) من طريق قتيبة، أربعتهم عن مالك به.

خرّجه البخاري في اللّباس على نصِّه في الموطأ، وحَذَف منه في المناقب قولَه: "على رأس ستين سنة" (¬1)، وخرّجه في التاريخ كاملًا، وذكر إثرَه عن الزبير بن عدي، عن أنس قال: "توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو ابن ثلاث وستين". قال: "وهذا أصَحُّ" (¬2). وخرّجه مسلم على الوجهين (¬3)، وكلاهما مَرويٌّ عن ابن عبّاس، وعائشة (¬4). والأصَحُّ عنهما أنَّه توفي وهو ابن ثلاث وستين سنة (¬5). ¬

_ (¬1) سبق تخريج الطريقين، وصنيع البخاري يدل على دقة فقهه ونظره، لأنه لو ذكر حديث أنس بكامله في كتاب المناقب لظُنّ أنه يصحح القول بوفاته - صلى الله عليه وسلم - وعمره ستون سنة في حين أنه يضعِّف هذا القول كما سيأتي، ولم يذكر سنة وفاته في المناقب، لأنَّ الباب متعلّق به - صلى الله عليه وسلم -، وأما ذِكره للحديث بكامله في كتاب اللّباس؛ لأنَّ هذه الزيادة لا تعلّق بها بباب: الجعد من كتاب اللّباس والله أعلم. (¬2) التاريخ الصغير (الأوسط) (1/ 56)، وليس في المطبوع قوله: "وهذا أصح". وثبت في الأوسط -ط دار الصميعي- (1/ 108). (¬3) انظر: صحيح مسلم كتاب: الفضائل، باب: في صفة النبي - صلى الله عليه وسلم - (4/ 824) (رقم: 2347) وفيه: "توفاه الله على رأس ستين سنة". وفي باب: كم سنّ النبي يوم قبض (4/ 1825) (رقم: 2348) وفيه: "قبض وهو ابن ثلاث وستين، وكلاهما عن أنس". (¬4) روى البخاري في صحيحه كتاب: المغازي، باب: وفاة النبي (5/ 170) (رقم: 4464) من طريق أبي سلمة عن عائشة وابن عبّاس رضي الله عنهم: أن النبي لبث - صلى الله عليه وسلم - بمكة عشر سنين ينزل عليه القرآن وبالمدينة عشرًا. قال ابن حجر: "هذا يخالف المروي عن عائشة عقبه أنه عاش ثلاثا وستين، إلا أن يحمل على إلغاء الكسر". الفتح (7/ 757). (¬5) حديث عائشة أخرجه البخاري إثر حديثها المتقدّم (برقم: 4466)، ومسلم في صحيحه كتاب: الفضائل، باب: كم سن النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم قبض (4/ 1825) (رقم: 2349). =

وقد رُوي عن أنس وابن عبّاس: "خمس وستون"، خرَّجه ابنُ أبي خيثمة عن أنس، والبزار عن ابن عبّاس، وكلُّ ذلك معلولٌ (¬1). ¬

_ = وحديث أبن عبّاس أخرجه مسلم في صحيحه كتاب: الفضائل، باب: كم أقام النبي - صلى الله عليه وسلم - بمكة والمدينة (4/ 1826) (رقم: 2351). قال ابن حجر: "والحاصل أن كل مَن روي عنه من الصحابة ما يخالف المشهور -وهو ثلاث وستون- جاء عنه المشهور وهم ابن عبّاس وعائشة وأنس، ولم يختلف على معاوية أنه عاش ثلاثا وستين، وبه حزم سعيد بن المسيب والشعبي ومجاهد وقال أحمد: هو الثبت عندنا". الفتح (7/ 757). (¬1) أما حديث أنس: فيغلب على الظن أنه في الجزء الأول من كتاب تاريخ ابن أبي خيثمة -وهو مفقود- فقد تتبّعت أخبار المدنيين من الجزء المخطوط فلم أجد ذكرا لهذا الحديث وإن كان ذكر فيه حجّته - صلى الله عليه وسلم - ورجوعه إلى المدينة. . . والحديث أخرجه أبو بكر الشافعي في الثالث والسبعون من الفوائد -بانتقاء الدارقطني- (ل: 249/ أ -ضمن مجموع-) قال: ثنا معاذ، حدّثني أبي، ثنا بشر بن المفضل، عن حميد، عن أنس به. ومعاذ شيخ أبي بكر الشافعي هو ابن المثنى، أبو المثنى ثقة متقن. انظر: تاريخ بغداد (13/ 136)، السير (13/ 527)، وتابعه في الرواية ابن أبي خيثمة كما سيأتي. وأبوه المثنى بن معاذ بن معاذ العنبري ثقة من من رجال مسلم. وذكر الحديث أيضًا ابن عبد البر وأعلّه فقال: "وقد روى معاذ بن معاذ (كذا، وهو تصحيف، والصواب: المثنى بن معاذ، كما عند أبي بكر الشافعي، وثبت على الصواب في التمهيد أيضا (3/ 18)، وآخر كلام ابن عبد البر يدل عليه) عن بشر بن المفضل عن حميد عن أنس قال: توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو ابن خمس وستين. ذكره ابن أبي خيثمة عن المثنى بن معاذ هكذا. وذكره المستملي -وهو محمّد بن أبان- عن معاذ بن هشام عن أبيه عن قتادة عن أنس مثله: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توفي وهو ابن خمس وستين. والصحيح عندي حديث معاذ بن هشام عن أبيه عن قتادة عن الحسن عن دغفل بن حنظلة قال: توفي النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو ابن خمس وستين". التمهيد (3/ 22). قلت: أي أن المثنى بن معاذ روى حديث أنس عن بشر بن المفضل عن حميد، وخالفه محمد بن أبان المستملي وهو أحفظ منه، فرواه عن معاذ بن هشام عن أبيه عن قتادة عن أنس. ورواه أيضا مرة أخرى عن معاذ بن هشام عن أبيه عن قتادة عن الحسن عن دغفل بن حنظلة. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وتابع محمد المستملي في رواية الوجه الثاني: أحمد بن حنبل ومحمد بن بشار وإسحاقُ بن راهويه وعلي بنُ المديني وعبيد الله بن عمر القواريري، وغيرهم. فأخرجه الترمذي في الشمائل (ص: 180) (رقم: 366) من طريق محمد بن بشار، ومحمد بن أبان هو المستملي. والبخاري في التاريخ الكبير (3/ 255) من طريق ابن المديني. وابن أبي خيثمة في تاريخه (رقم: 425 - رسالة لحمدان-) من طريق أحمد بن حنبل. وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (3/ 293) (رقم: 1672) من طريق محمد بن المثنى. والطحاوي في شرح المشكل (5/ 211) (رقم: 1956) من طريق يزيد بن سنان. وأبو بكر الشافعي في الثالث والسبعون من الفوائد -بانتفاء أبي الحسن الدارقطني- (ل: 249/ أ - ضمن مجموع-)، من طريق عبيد الله بن عمر القواريري، ومحمد بن بشار بندار. وأبو نعيم في معرفة الصحابة (1/ ل: 224/ أ) من طريق القواريري. والطبراني في المعجم الكبير (4/ 226) (رقم: 4202) من طريق علي بن المديني وإسحاق بن راهويه وعبيد الله بن عمر القواريري. كلّهم عن معاذ بن هشام، عن أبيه، عن الحسن، عن دغفل بن حنظلة يه. وقد رواه بهذا السند أيضًا المثنى بن معاذ، فوافق المستملي في إحدى روايتيه، أخرجه من طريقه ابن أبي خيثمة في تاريخه (رقم: 425 - رسالة الحمدان-). وهذا الخلط في الإسنادين أعني: - عن معاذ بن هشام عن أبيه عن قتادة عن أنس. - وعن معاذ بن هشام عن أبيه عن قتادة عن الحسن عن دغفل. إنَّما جاء من معاذ بن هشام نفسه، خاصة أنَّ محمد بن أبان روى عنه الوجهين جميعًا، وكذا المثنى بن معاذ، ولعلَّ الوجه الثاني أرجح من الأول لكثرة من رواه عنه، والله أعلم. وقال ابن عدي: "ولمعاذ بن هشام [عن أبيه] عن قتادة حديث كثير، ولمعاذ عن غير أبيه أحاديث صالحة وهو ربما يغلط في الشيء بعد الشيء، وأرجو أنه صدوق". الكامل (6/ 434)، وما بين المعقوفين من تهذيب الكمال (28/ 142). وقال الحافظ: "صدوق ربما وهم". التقريب (رقم: 6742). وإذا رجع الحديث لدغفل فهو معلٌّ. قال الترمذي بعد إخراجه: "ودغفل لا نعرف له سماعا من النبي - صلى الله عليه وسلم - وكان في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلًا". وقال أبو بكر الأثرم عن أحمد بن حنبل: "قد سمعت منه -يعني معاذ بن هشام- حديث دغفل بن =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = حنظلة أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قُبض وهو ابن خمس وستين. قلت لأبي عبد الله: دغفل بن حنظلة له صحبة؟ فقال: لا، ومن أين له صحبة، هذا كان صاحب نسب". تهذيب الكمال (8/ 487). وقال البخاري: "لا يتابع عليه، ولا يعرف سماع الحسن من دغفل، ولا يعرف لدغفل إدراك النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقال ابن عباس وعائشة ومعاوية: توفي النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو ابن ثلاث وستين، وهذا أصح". التاريخ الكبير (3/ 255). وقال ابن أبي خيثمة: "بلغني أنَّ دغفل بن حنظلة لم يسمع من النبي - صلى الله عليه وسلم - ". التاريخ (رقم: 426 - رسالة الحمدان-). وأما حديث ابن عباس: فلم أقف عليه في مسند البزار، وله عن ابن عباس عدة طرق: 1 - طريق عمار بن أبي عمار: أخرجه مسلم في صحيحه (4/ 1827) (رقم: 2353) من طريق عمار بن أبي عمار، عن ابن عباس. قال البخاري: "لا يُتابع عليه، وكان شعبة يتكلم في عمار". التاريخ الصغير (الأوسط) (1/ 55). 2 - طريق يوسف بن مهران: أخرجه أحمد في المسند (1/ 215)، وابن سعد في الطبقات (2/ 236)، وأبو يعلى في المسند (3/ 33) (رقم: 2409)، والطبراني في المعجم الكبير (12/ 188) (رقم: 12845)، والبيهقي في دلائل النبوة (7/ 240) من طريق هُشيم، عن علي بن زيد، عن يوسف بن مهران، عن ابن عباس به. وسنده ضعيف علي بن زيد بن جدعان ضعيف. التقريب (رقم: 7434). ويوسف بن مهران مختلف فيه، وقال الحافظ: "لين الحديث". التقريب (رقم: 7886). 3 - عبد الرحمن بن معاوية: أخرجه عبد الرزاق في المصنف (3/ 600) (رقم: 6790) عن ابن جريج، عن أبي الحويرث عن ابن عباس. وسنده ضعيف، أبو الحويرث، واسمه عبد الرحمن بن معاوية قال عنه الحافظ: "صدوق سيء الحفظ". التقريب (رقم: 4011). وابن جريج مدلس، ولم يصرح بالتحديث. قلت: وعلى احتمال صحته عن ابن عباس فقد قال النووي: "ورواية الخمس متأولة أيضا وحصل فيها اشتباه، وقد أنكر عروة على ابن عباس قوله: خمس وستون، ونسبه إلى الغلط وأنه لم يدرك أول النبوة ولا كثرت صحبته بخلاف الباقين". شرح صحيح مسلم (15/ 99). وقال البيهقي: "ورواية الجماعة عن ابن عباس في ثلاث وستين أصح، فهم أوثق وأكثر، وروايتهم توافق الرواية الصحيحة عن عروة عن عائشة، وإحدى الروايتين عن أنس، والرواية الصحيحة عن معاوية". دلائل النبوة (7/ 241).

5/ محمد بن أبي بكر بن عوف الثقفي عن أنس

5/ محمّد بن أبي بكر بن عوف الثقفي عن أنس. حديث واحد. مالك عن محمّد بن أبي بكر. 27/ حديث: سأل أنسَ بنَ مالك وهما غَادِيَان من مِنى إلى عَرَفة كيف كنتم تصنعون في هذا اليوم. . . فيه: "كان يُهلّ المهلُّ منَّا فلا يُنكر عليه"، وذكر التكبير. في باب: قطع التلبية (¬1). هذا داخلٌ في المرفوع؛ لأنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - سمع ذلك فأقرّه ولم يُنكره. وقال فيه أبو نعيم عن مالك بن أنس: "سألت أنسَ بن مالك عن التلبية"، خرّجه البخاري (¬2). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الحج، باب: قطع التلبية (1/ 275) (رقم: 43). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: العيدين، باب: التكبير أيام منى وإذا غدا من عرفة (2/ 292) (رقم: 970) من طريق أبي نعيم الفضل بن دكين، وفي الحج، باب: التلبية والتكبير إذا غدا من منى إلى عرفة (2/ 513) (رقم: 1659) من طريق عبد الله بن يوسف. ومسلم في صحيحه كتاب: الحج، باب: التلبية والتكبير في الذهاب من منى إلى عرفات في يوم عرفة (2/ 933) (رقم: 1285) من طريق يحيى النيسابوري. والنسائي في السنن كتاب: مناسك الحج، باب: التكبير في المسير إلى عرفة (5/ 250) من طريق أبي نعيم. وأحمد في المسند (3/ 110، 240) من طريق ابن مهدي، وأبي سلمة الخزاعي. والدارمي في السنن كتاب: المناسك، باب: كيف العمل في القدوم من منى إلى عرفة (2/ 79) (رقم: 1877) من طريق أبي نعيم، خمستهم عن مالك به. (¬2) سبق تخريجه من كتاب العيدين من صحيح البخاري، وقوله: "عن مالك بن أنس: سألتُ أنسَ بنَ مالك عن التلبية. . . "، أي أن محمّد بن أبي بكر سأل أنس بن مالك. ومراد المصنف من إيراد رواية البخاري أنّ أبا نعيم الفضل بن دكين جعل حكاية الحديث والقصة من قول محمّد بن أبي بكر بخلاف رواية يحيى الليثي والنيسابوري وابن يوسف وغيرهم جعلوا الحكاية وذكر القصة من قول مالك، وكلاهما صحيح والله أعلم.

6/ عمرو بن أبي عمرو مولى المطلب بن عبد الله بن حنطب المخزومي عن أنس

6/ عمرو بن أبي عمرو مولى المطلب بن عبد الله بن حنطب المخزومي عن أنس. حديث واحد. مالك، عن عمرو بن أبي عمرو، عن أنس. 28/ حديث: طَلَع له أُحُدٌ فقال: "هذا جبل يحبّنا ونحبّه. . . ". فيه: تحريم ما بين لَابَتَيها. يعني جبلي المدينة. في الجامع عند أوّله (¬1). تُكلِّم في عمرو بن أبي عمرو (¬2)، قال النسائي: "ليس بالقوي في الحديث وإن كان مالكٌ قد روى عنه" (¬3). واختَلَف فيه قولُ ابن معين (¬4)، وقال أحمد بن حنبل وأبو حاتم: "لا ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الجامع، باب: ما جاء في تحريم المدينة (2/ 278) (رقم: 10). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: أحاديث الأنبياء، بابٌ (4/ 465) (رقم: 3367) من طريق القعنبي. وفي المغازي، باب: أحد جبل يحبنا ونحبه (5/ 48) (رقم: 4084) من طريق عبد الله بن يوسف. وفي الاعتصام، باب: ما ذَكّرّ النبي - صلى الله عليه وسلم - وحضَّ من اتّفاق أهل العلم وما اجتمع عليه الحرمان مكة والمدينة. . . (8/ 506) (رقم: 7333) من طريق إسماعيل بن أبي أويس. والترمذي في السنن كتاب: المناقب، باب: فضل المدينة (5/ 678) (رقم: 3922) من طريق قتيبة ومعن. وأحمد في المسند (3/ 240) من طريق إسحاق الطبّاع، ستتهم عن مالك به. (¬2) في الأصل عمر، والصحيح ما أثبته. (¬3) السنن الكبرى (2/ 372/ تحت حديث رقم: 3810)، السنن (5/ 187)، وقال في الضعفاء والمتروكين (ل: 9/ أ): ليس بالقوي. وتصحّف اسمه في المطبوع من الضعفاء (ص: 220) إلى عمر بن أبي عمر وزاده المحقق! تصحيفا وتحريفا في الحاشية فذكر رجلين بهذا الاسم وهما عمر بن أبي عمر العيدي وعمر بن أبي عمر الكلاعي ورجّح أن النسائي يفصد الثاني منهما؟ ! ! . (¬4) عامة الروايات عن ابن معين فيها تضعيف عمرو بن أبي عمرو وهي كالتالي: أ- روايات عبّاس الدوري عنه: شريك بن عبد الله بن أبي نمر وعمرو بن أبي عمرو ليسا =

بأس به" (¬1)، ووثّقه أبو زرعة (¬2)، وقال الساجي: "هو صدوق إلا أنه يوهم" (¬3). ¬

_ = بالقويين. التاريخ (3/ 170) (رقم: 748، 749). - ليس به بأس وليس هو بالقوي. التاريخ (3/ 194) (رقم: 883). - في حديثه ضعف وعلقمة بن أبي علقمة أوثق منه، وقد روى مالك عن عمرو بن أبي عمرو، وكان يستضعفه. التاريخ (3/ 203) (رقم: 935). - ليس بحجّة. التاريخ (3/ 225) (رقم: 1051). - لا يحتجّ بحديثه. الضعفاء للعقيلي (3/ 289). ب- رواية ابن الجنيد عنه: ليس هو بذاك القوي. سؤالات ابن الجنيد (ص: 191/ رقم: 128). جـ- رواية الدارمي: ليس بالقوي. الضعفاء للعقيلي (3/ 289). د- رواية ابن أبي خيثمة: ضعيف الحديث، وهو عمرو الذي يروي عنه ابن الهاد. تاريخ ابن أبي خيثمة (3/ ل: 130/ ب). هـ- رواية عبد الله بن أحمد الدورقي: ليس بالقوي. الكامل (5/ 116). و- رواية ابن أبي مريم: ثقة ينكر عليه حديث عكرمة عن ابن عبّاس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "اقتلوا الفاعل والمفعول به". الكامل (5/ 116). هذه مجمل الروايات الواردة عن ابن معين، وغالبها فيها تضعيف لعمرو وإن كان تضعيفًا يسيرا لا يصل به إلى مرتبة من يترك حديثه، وما ورد في رواية ابن أبي مريم مخالف لما رواه الأكثر عن يحيى بن معين. قال العجلي: "ثقة، يُنكر عليه حديث البهيمة". تاريخ الثقات (ص: 367). وانظر: هدي الساري (ص: 453). (¬1) قول الإمام أحمد في العلل ومعرفة الرجال -رواية عبد الله- (2/ 52) (رقم: 1525)، وفيه: "ليس به بأس"، وفي (2/ 486) (رقم: 3203) وزاد: "روى عنه مالك". وقول أبي حاتم في الجرح والتعديل (6/ 253) وزاد: "روى عنه مالك". (¬2) قال ابن أبي حاتم: سئل أبو زرعة عن عمرو بن أبي عمرو فقال: "مديني ثقة". الجرح والتعديل (6/ 253). (¬3) تهذيب التهذيب (8/ 72) وفيه: "إلّا أنّه يهم". =

وخُرِّج عنه في الصحيحين (¬1). واسمُ أبيه مَيسرة، وهو مولى المطّلب بن عبد الله بن حنطب (¬2). * * * ¬

_ = وانظر: رجال الموطأ لابن الحذاء (ل: 80/ أ)، أسماء شيوخ مالك (ل: 69/ ب)، تهذيب الكمال (22/ 168)، تهذيب التهذيب (8/ 72). والذي يظهر من عامة أقوال أهل العلم أنَّه صدوق ربما وهم، والله أعلم. (¬1) انظر: الجمع بين رجال الصحيحين (1/ 369). وقال ابن حجر: "لم يخرّج له البخاري من روايته عن عكرمة شيئًا، بل أخرج له من روايته عن أنس أربعة أحاديث، ومن روايته عن سعيد بن جبير عن ابن عباس حديثًا واحدًا، ومن روايته عن سعيد المقبري عن أبي هريرة حديثًا واحدًا، واحتج به الباقون". هدي الساري (ص: 453). (¬2) المطلب بن حنطب المخزومي القرشي أحد وجوه قريش. انظر: تهذيب الكمال (28/ 21)، تهذيب التهذيب (10/ 161)، التقريب (رقم: 6710).

7/ شريك بن عبد الله بن أبي نمر، عن أنس

7/ شريك بن عبد الله بن أبي نَمِر، عن أنس. حديثٌ واحد. مالك، عن شريك، عن أنس. 29/ حديث: "هَلَكَتِ المواشي وتَقطَّعَتِ السُّبُلُ، فادْعُ اللهَ. . . ". فيه: "فمُطِرنا من الجمعةِ إلى الجمعة"، وقوله: "اللهمَّ ظُهورَ (¬1) الجبال. . . "، وذَكَر الإنجِياب (¬2). في الاستسقاء (¬3). اختَلَف قولُ ابن معين في شَريك، فقال مرَّةً: "ليس بالقوي" (¬4)، ومرَّةً ¬

_ (¬1) في الأصل: "طهور" بالطاء، وهو خطأ. (¬2) يعني قوله في الحديث: "فانجابَت عن المدينة انجياب الثوب". أي: خرجت عنها كما يخرج الثوب من لابسه. الفتح (2/ 587). (¬3) الموطأ كتاب: الاستسقاء، باب: ما جاء في الاستسقاء (1/ 170) (رقم: 3). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الاستسقاء، باب: من اكتفى بصلاة الجمعة في الاستسقاء (2/ 308) (رقم: 1016) من طريق القعنبي. وفي باب: الدعاء إذا تقطّعت السبل من كثرة المطر (رقم: 1017) من طريق إسماعيل بن أبي أويس. وفي باب: إذا استشفعوا إلى الإمام ليستسقي لهم (2/ 309) (رقم: 1019) من طريق عبد الله بن يوسف. والنسائي في السنن كتاب: الاستسقاء، باب: متى يستسقي الإمام (3/ 154) من طريق قتيبة، أربعتهم عن مالك به. (¬4) التاريخ -رواية الدوري- (3/ 170) (رقم: 748، 749) وفيه: "شريك بن عبد الله بن أبي نمر وعمرو بن أبي عمرو ليسَا بالقويين". وذكر محقّق التاريخ أحمد نور سيف أنَّ بين قول ابن معين شريك بن عبد الله بن أبي نمر وقوله: وعمرو بن أبي عمرو، السابق، سقطًا. والذي يظهر أنه لا سقط هنالك، فقد نقل قولَ ابن معين في شريك ابنُ الجوزي في الضعفاء (2/ 40)، وكذا نقل القولين ابنُ خلفون في أسماء شيوخ مالك من رواية عباس الدوري (ل: 81/ أ). أعني قوليه: "ليس بالقوي"، "وليس به بأس".

قال: "ليس به بأس" (¬1). وزعَمَ الساجيُّ أنَّه كان يرى القَدَر (¬2)، وقال النسائي: "لا بأس به" (¬3). وخُرِّج عنه في الصحيحين (¬4). * * * ¬

_ (¬1) التاريخ -رواية الدوري- (3/ 192) (رقم: 872)، تاريخ الدارمي (ص: 132) (رقم: 420). تنبيه: أشار بشار عوّاد في حاشية تهذيب الكمال (12/ 476) أنَّ ابن الجوزي وهم في نقله عن ابن معين قوله في شريك: "ليس بالقوي"، وليس كما قال، فقد نقله من قبلِه عن ابن معين: الدانيُّ ونقله أيضًا ابنُ خلفون في أسماء شيوخ مالك كما سبق. وقال في رواية ابن أبي خيثمة: "صالح". التاريخ (3/ ل: 134/ ب). (¬2) أسماء شيوخ مالك (ل: 81/ أ)، تهذيب التهذيب (4/ 297). (¬3) التمييز نقلًا عن أسماء شيوخ مالك (ل: 81/ أ)، وفيه: "ليس به بأس"، وكذا في تهذيب الكمال (12/ 476). وقال النسائي أيضًا في الضعفاء والمتروكين (ل: 6/ أ): "ليس بالقوي". وسقطت الترجمة من المطبوع؟ ! ! وقال عنه احافظ ابن حجر: "صدوق يخطئ". التقريب (رقم: 2788). (¬4) الجمع بين رجال الصحيحين (1/ 213). وقال ابن حجر: "احتجَّ به الجماعة، إلَّا أنَّ في روايته لحديث الإسراء مواضع شاذّة". هدي الساري (ص: 430).

8/ العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب مولى الحرقة عن أنس

8/ العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب مولى الحُرقة عن أنس. حديث واحد. مالك، عن العلاء بن عبد الرحمن. 30/ حديث: دخلنا على أنس بعد الظهر، فقام يصلي العصر. . . فيه: "تلك صلاة المنافقين"، وذَكر التأخير والنقر. في آخر الصلاة (¬1). بابٌ تأخَّرَ عند يحيى بن يحيى، وتقدّم عند سائر الرواة، وهو من أحاديث الوقوت (¬2). وذَكَر الساجي أنَّ ابنَ معين ضَعَّف العلاء (¬3). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: القرآن، باب: النهي عن الصلاة بعد الصبح وبعد العصر (1/ 192) (رقم: 46). وأخرجه أبو داود في السنن كتاب: الصلاة، باب: في وقت صلاة العصر (1/ 288) (رقم: 4139) من طريق القعنبي. وأحمد في المسند (3/ 103، 149) من طريق ابن مهدي، وإسحاق الطبّاع، ثلاثتهم عن مالك به. (¬2) أي في كتاب الصلاة الأول في الموطأ، انظر الموطأ برواية: سويد بن سعيد (ص: 66/ رقم: 29)، وأبي مصعب الزهري (1/ 16) (رقم: 33)، ويحيى بن بكير (ل: 6/ أ -نسخة السليمانية-)، وعبد الله بن مسلمة القعنبي (ص: 44). (¬3) اختلف قول ابن معين في العلاء وجاءت عنه عدّة أقوال وهي كالتالي: أ- روايات عبّاس الدوري: العلاء وسهيل حديثهم قريب من السواء وليس حديثهم بالحجج. التاريخ (3/ 230) (رقم: 1077). - سئل يحيى عن العلاء وسهيل فلم يقوِّ أمرَهما. التاريخ (3/ 262) (رقم: 1230). ب- رواية الدارمي: سألته عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه كيف حديثهما؟ فقال: "ليس به بأس". قلت: هو أحب إليك أو سعيد المقبري؟ فقال: "سعيد أوثق والعلاء ضعيف". التاريخ (رقم: 623، 624). =

[وقال النسائي] (¬1): "لا بأس به" (¬2)، وقال أبو حاتم: "قد روى عنه الثقات، وأنا أُنكرُ من حديثه أشياء" (¬3). ¬

_ = وعلّق الحافظ ابن حجر على رواية الدارمي فقال: "يعني بالنسبة إليه، يعني كأنه لما قال: أوثق، خشي أن يظنّ أنه يشاركه في هذه الصفة وقال: إنه ضعيف". تهذيب التهذيب (8/ 167). جـ- رواية ابن أبي خيثمة: سمعت يحيى بن معين يقول: "لم يزل الناس يثقون حديث العلاء بن عبد الرحمن". وسئل يحيى بن معين مرة أخرى عن العلاء بن عبد الرحمن فقال: "ليس بذاك". التاريخ (3/ ل: 134/ أ). د- رواية الدقّاق: صالح الحديث. رواية الدقّاق (ص: 107) (رقم: 338). هـ- رواية الدورقي: ليس بالقوي. الكامل (5/ 217). و- رواية عبد الله بن الإمام أحمد: سمعت يحيى يقول: "مضطرب الحديث ليس حديثه بحجّة". سمعته مرة يقول: "هؤلاء الأربعة ليس حديثهم بحجّة: سهيل بن أبي صالح والعلاء بن عبد الرحمن وعاصم بن عبيد الله وابن عقيل". الضعفاء للعقيلي (3/ 341). هذه مجمل الأقوال الواردة عن ابن معين في شأن العلاء، ويُلاحظ من مجموعها أن العلاء عنده في عداد من ينجبر حديثه ولا يحتج به، والله أعلم. (¬1) ما بين المعقوفين ساقط من الأصل، إلّا أنَّه ثبت في التعقيبة وهذا من فوائدها، وتقدّم تعريفها في المقدّمة (ص: 176). وهذا الموضع من الأصل تغيّر فيه الخط من المشرقي إلى الأندلسي ولعله كان السبب في سقوط الكلمة. (¬2) التمييز للنسائي نقلًا عن أسماء شيوخ مالك لابن خلفون (ل: 75/ أ)، وفيه: "ليس به بأس"، وكذا هو في تهذيب الكمال (22/ 523). (¬3) الجرح والتعديل (6/ 358). وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم: سألت أبي عن العلاء بن عبد الرحمن فقال: "صالح. قلت: هو أوثق أو العلاء بن المسيب؟ فقال: العلاء بن عبد الرحمن عندي أشبه". الجرح والتعديل (6/ 357). وقال يعقوب الفسوي: "العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب مولى الحرفيين ثقة هو وأبوه، ومن كان من أهل العلم ونصح نفسَه عَلِمَ أنَّ كلَّ مَن وضعه مالكٌ في موطئه وأظهرَ اسمه ثقة تقوم به الحجة". المعرفة والتاريخ (1/ 349). وقال الخليلي: "مختلف فيه؛ لأنه يتفرّد بأحاديث لا يُتابع عليها". الإرشاد (1/ 218). وانظر: أسماء شيوخ مالك (ل: 74/ ب)، تهذيب الكمال (22/ 520)، تهذيب التهذيب (8/ 166)، وقال عنه في التقريب (رقم: 5247): "صدوق ربما وهم".

وخَرَّج عنه مسلم دون البخاري (¬1). وانظر حديثَ أبي هريرة من طريق الأعرج وعطاء وبُسر (¬2)، ومن طريق أبي سلمة (¬3)، وحديث نافع عن ابن عمر (¬4)، ومرسل الصنابحي (¬5)، وعروة (¬6). * * * ¬

_ (¬1) الجمع بين رجال الصحيحين (1/ 380). وأخرج له مسلم حديث الباب في صحيحه كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: استحباب التبكير بالعصر (1/ 434) (رقم: 622) من طريق إسماعيل بن جعفر عن العلاء به. وقال ابن حجر: "أخرج له مسلم من حديث المشاهير دون الشواذ". تهذيب التهذيب (8/ 167). وروى له البخاري في كتاب: القراءة خلف الإمام، وفي رفع اليدين في الصلاة. انظر: تهذيب الكمال (22/ 523). (¬2) سيأتي حديثه (3/ 348). (¬3) سيأتي حديثه (3/ 301). (¬4) سيأتي حديثه (2/ 380). (¬5) سيأتي حديثه (5/ 18). (¬6) سيأتي حديثه (5/ 100).

3 / مسند أبي بن كعب بن قيس الأنصاري النجاري المعاوي

3 / مسندُ أُبَيِّ بنِ كَعب بن قَيْس الأنصاري النّجاري المُعاويِّ حديثان في أحدهما نظر. 31/ حديث: "نادى أبيَّ بنَ كعبٍ وهو يصَلي. . . ". فيه: "إنِّي لأرجو أن لا تَخرُجَ من المسجدِ حتى تَعْلَمَ سورةً ما أُنزِل في التوراةِ ولا في الإنجِيلِ ولا في الفُرقان مثلها"، وفيه: "كيف تقرأ إذا افتَتَحْتَ الصلاةَ؟ "، وفيه: "هي السبعُ المثاني والقرآن العظيم". في باب: أمِّ القرآن. عن العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب، عن أبي سعيد (¬1) مولى عامِر بن كُرَيز، رفعه (¬2). وفيه: قال أُبَيٌّ: "فجعلتُ أُبْطِئُ في المَشْي". ولهذا وما بَعده يُنسب إليه، وهو مقطوعٌ (¬3). رواه عبد الحميد بن جعفر، عن العَلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن أُبَيِّ بنِ كعب (¬4). ¬

_ (¬1) في الأصل: "سعد"، وكتب في حاشية النسخة: "صوابه سعيد". وهو الصواب. (¬2) الموطأ كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في أمّ القرآن (91/ 1) (رقم: 37). (¬3) أي منقطع؛ فإنَّ أبا سعيد لم يسمع من أُبَيّ بن كعب. وقال ابن حجر: "وهو في الموطأ في صورة المرسل". إتحاف المهرة (1/ 265). وقد خالف جماعةٌ مالكًا في إسناده كما سيأتي بيانه. (¬4) أخرجه الترمذي في السنن كتاب: التفسير، باب: ومن سورة الحجر (5/ 277) (رقم: 3125)، وأحمد في المسند (5/ 114)، والدارمي في السنن كتاب: فضائل القرآن، باب: فضل فاتحة =

وقال فيه عبد العزيز بن محمّد: عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة: "أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - خرج على أُبَيٍّ وهو يصلي" جعله لأبي هريرة (¬1). ¬

_ = الكتاب (2/ 538) (رقم: 3372)، وعبد الله بن أحمد في الزيادات على المسند (5/ 114)، وابن جرير في تفسيره (7/ 540) (رقم: 21354)، وابن خزيمة في الصحيح (1/ 252) (رقم: 500، 501)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (3/ 53) (رقم: 775) والحاكم في المستدرك (1/ 557)، وابن الضريس في فضائل القرآن (رقم: 146). وقال الحاكم: "صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، وقد اختلف على العلاء بن عبد الرحمن فيه، فرواه مالك بن أنس، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبي سعيد مولى عامر بن كُرَيز، عن أُبَيِّ بن كعب، ورواه شعبة، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبيّ". وتابع عبدَ الحميد بنَ جعفر: الوليدُ بن كثير، ذكره الدارقطني في الأحاديث التي خولف فيها مالك (ص: 116). (¬1) أخرجه الترمذي في السنن كتاب: فضائل القرآن، باب: ما جاء في فضل فاتحة الكتاب (5/ 143) (رقم: 3125)، والدارمي في السنن كتاب: فضائل القرآن، باب: فضل فاتحة الكتاب (2/ 538) (رقم: 3373). وتابع عبدَ العزيز بنَ محمّد الدراوردي كلٌّ من: - عبد الرحمن بن إبراهيم، عند أحمد في المسند (2/ 412)، والطبري في تفسيره (7/ 541) (رقم: 21360). - وإسماعيل بن جعفر في حديثه (رقم: 292)، وعند أحمد في المسند (2/ 357)، وأبي عبيد في فضائل القرآن (ص: 116)، وأبي يعلى في المسند (6/ 70) (رقم: 6451). - وروح بن القاسم عند النسائي في السنن الكبرى (6/ 351) (رقم: 11205)، وابن خزيمة في صحيحه (2/ 37) (رقم: 861)، والطبري في تفسيره (7/ 540) (رقم: 21352). - وحفص بن ميسرة عند ابن خزيمة في صحيحه (2/ 37) (رقم: 861). - وعبد الرحمن بن إسحاق عند الطبري في تفسيره (7/ 540) (رقم: 21351). - ومحمد بن جعفر عند الطبري في تفسيره (7/ 540) (رقم: 21357)، والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 375). - وعبد السلام بن حفص عند ابن عبد البر في التمهيد (20/ 218).

قال الترمذي: "وهذا أتمّ وأصحّ من حديث عبد الحميد" (¬1). قال الشيخ أبو العبّاس رضي الله عنه: وقد جاء مثلُ هذا عن أبي سعيد بن المعلّى قال: "كنت أُصلي، فناداني النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - فقَضيتُ صلاتي ثم لَحِقْتُه. . . ". وفيه: "ألم تسمع اللهَ تعالى يقول: {اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ} (¬2) ". ¬

_ (¬1) سنن الترمذي (5/ 278/ تحت حديث رقم: 3125)، ولفظه: "حديث عبد العزيز أطول وأتمّ، وهذا أصحّ من حدلِث عبد الحميد بن جعفر، هكذا روى غيرُ واحد عن العلاء بن عبد الرحمن". وذكر الدارقطني اختلاف الرواة على العلاء فقال بعد أن ذكر رواية مالك عن أبي سعيد: "رواه عبد الحميد بن جعفر والوليدُ بن كثير، عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن أبيّ. ورواه عبد الرحمن بن إبراهيم، عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة. ورواه شعبة وأبو أويس والحسن بن الحر، عن العلاء، عن أبيه، عن أُبيّ بن كعب". الأحاديث التي خولف فيها مالك (ص: 117، 116)، وانظر: العلل (9/ 14). قلت: سبقت رواية عبد الحميد وعبد الرحمن بن إبراهيم. ورواية شعبة عند الحاكم في المستدرك (1/ 558). وبقية الروايات لم أقف عليها. هذا حاصل الاختلاف على العلاء، ورجّح الإمام الترمذي رواية عبد العزيز بن محمّد ومن تابعه لكثرتهم، وقوّاه الحافظ في الفتح (8/ 7). وقال الدارقطني: "ويشبه أن يكون الحديث عن العلاء على الوجهين". العلل (9/ 16). ومال ابن عبد البر إلى ترجيح رواية عبد الحميد بن جعفر فقال: "وهو الأشبه عندي". التمهيد (20/ 218). والصحيح أنَّ الاضطراب جاء من العلاء نفسه، وأشار إلى ذلك الإمام ابن عبد البر فقال: "اختلف على العلاء في هذا الحديث كما ترى في الإسناد والمتن، وأظنه كان في حفظه شيء". التمهيد (20/ 222). وهو كما قال وقد سبق بعض أقوال أئمّة الجرح والتعديل فيه (ص: 80)، وأنَّه أُنكر عليه بعض الأحاديث، وانفرد بأشياء يهم فيها. فالظاهر أنَّ العلّة منه لا من الرواة عنه، خاصة أن فيهم الإمامين مالك وشعبة، والله أعلم. (¬2) سورة الأنفال، الآية: (24).

وفيه: "لا تخرج من المسجدِ حتى أُعلِّمك سُورة" وقوله: "فاتحة الكتاب هي السبعُ المثاني والقرآن العظيم". خرّجه البزار من طريق شعبة، عن خُبَيب بن عبد الرحمن، عن حفص بن عاصم، عن أبي سعيد بن المعلّى، وهو من الصحابة (¬1). وأبو سعيد هذا مُختلف في اسمِه واسمِ أبيه، فقيل: المُعلّى هو أبوه، وقيل: بل هو جدُّه (¬2). وأبو سعيد مولى عامر لا يُسَمَّى، ويُقال له: مولى عبد الله بن عامر بن ¬

_ (¬1) لم أقف على أحاديث أبي سعيد بن المعلى في مسند البزار ولعله مما فُقد. ومن هذا الطريق أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: التفسير، باب: ما جاء في فاتحة الكتاب (5/ 173) (رقم: 4475)، وفي باب: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} (5/ 241! (رقم: 4647)، وفي باب: قوله: {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ} (5/ 269) (رقم: 4703)، وفي كتاب: فضائل القرآن، باب: فاتحة الكتاب (6/ 421) (رقم: 5006). ولعل المصنف ذكره من حفظه فعزاه للبزار دون البخاري، والله أعلم. (¬2) كثُرت الأقوال في اسمه واسم أبيه فقيل: الحارث بن نفيع بن المعلّى بن لوذان الزرقي، قاله خليفة بن خياط كما في الطبقات (ص: 101)، وأقره ابن عبد البر في الاستيعاب (2/ 485). وقال في باب: الكنى (4/ 1760): "لا يوقف له على اسم عند أكثرهم". وقيل: رافع بن المعلّى بن لوذان الزرقي. قاله أبو نعيم كما في معرفة الصحابة (2 (ل: 264 /أ)، وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (3/ 480)، وابن حبان في الثقات (3/ 1122، والصحيح (3/ 57). وقال ابن عبد البر: "من قال هذا فقد وهم". الاستيعاب (2/ 485). وقيل: الحارث بن المعلّى، وقيل: أبو سعيد بن أوس بن المعلّى، وقيل: أوس بن المعلّى حكاها ابن عبد البر في الاستيعاب (4/ 1669)، ثم قال: "ومن قال هو رافع بن المعلى فقد أخطأ؛ لأنَّ رافع بن المعلى قُتل ببدر، وأصح ما قيل والله أعلم في اسمه: الحارث بن نفيع بن المعلى بن لوذان بن حارثة بن زيد بن ثعلبة من بني زريق الأنصاري النجاري". وانظر تهذيب الكمال (33/ 348)، والإصابة (7/ 175).

كُريز القرشي (¬1). وكُريز هذا بضمّ الكاف مصغرًا (¬2). وكَريز بفتح الكاف جدّ طلحة بن عبيد الله الخزاعي (¬3)، مذكور في مرسله (¬4). قال ابن وضّاح: "كَريز بفتح الكاف في خزاعة، وبضمّها في بني عبد شمس بن عبد مناف" (¬5). 32 / حديث: في قراءة أُبيّ: ثلاثة أيام متتابعات. . . في الصيام. عن حُمَيد بن قيس، عن مجاهد قال لمن سأله عن صيام الكفّارة: لا تَقْطَعْها، فإنَّها في قراءة أُبَيِّ بن كعب: "ثلاثة أيَّام متتابعات". يعني قوله تعالى في كفّارة الأَيمان: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ} (¬6) (¬7). ¬

_ (¬1) ذكره ابن حبّان في الثقات (5/ 586). وقال الذهبي: "ثقة". الكاشف (3/ 301). وقال ابن حجر: "مقبول". التقريب (رقم: 8132). والأقرب قول الذهبي؛ لإخراج مسلم له في صحيحه، ومالك في موطئه، والله أعلم. وانظر: تهذيب الكمال (33/ 358)، تهذيب التهذيب (12/ 122). (¬2) انظر: الإكمال (7/ 167)، المؤتلف والمختلف للدّارقطني (4/ 1955)، ولعبد الغني (ص: 108). (¬3) انظر: الإكمال (7/ 166)، المؤتلف والمختلف للدّارقطني (4/ 1958)، ولعبد الغني (ص: 108)، توضيح المشتبه (7/ 324). (¬4) انظر: (4/ 556). (¬5) ذكر ابن ناصر الدين هذا الكلام في توضيح المشتبه (7/ 325) ولم ينسبه لأحد فقال: "قال بعضهم في تقييد كُريز وكَريز: أن المضموم في قريش والمفتوح في خزاعة". (¬6) سورة المائدة، الآية: (89). (¬7) الموطأ كتاب: الصيام، باب: ما جاء في قضاء رمضان والكفّارات (1/ 252) (رقم: 49). ولم يذكره الحافظ ابن حجر في إتحاف المهرة.

وهذا الحديث معناه الرفع، لأنَّ القراءة مأخوذةٌ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وطريقُها النَّقل، لا مدخلَ للمقاييس فيها، فما قرأ به الصحابةُ حُمل على الرَّفعِ إنْ لم يُصَرِّحوا برفعه، إذ لا يُظنُّ بأحدٍ منهم أنَّه قَرَأَ بما لم يُقْرَأ، هم المُقَدَّسون عن ذلك، وبِمِثل هذا تُلُقِّيَت سائرُ القراءات (¬1). وقد رُوي من غير وجه: "أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أَقْرَأَ أُبيًّا" (¬2). وقال لأصحابه: "أقرَؤُكم أُبَيٌّ" (¬3). ¬

_ (¬1) قال ابن كثير في تفسيره (85/ 2): "وهذا إذا لم يثبت كونها متواترا فلا أقلّ أن يكون خبرًا واحدا أو تفسيرا من الصحابة وهو في حكم المرفوع". (¬2) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: المناقب، باب: مناقب أبيّ بن كعب رضي الله عنه (3/ 604) (رقم: 3809)، ومسلم في صحيحه كتاب: فضائل الصحابة، باب: من فضائل أبيّ. . . (4/ 1915) (رقم: 799) عن أنس رضي الله عنه: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لأبيّ: "إنَّ الله أمرني أن أقرأ عليك {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا} قال: وسمّاني لك؟ قال: نعم. قال: فبكى". قال الحافظ ابن حجر: "قال أبو عبيد: المراد المراد بالعرض على أُبيٍّ ليتعلّم منه أُبيٌّ منه القراءة ويتثبت فيها، وليكون عرض القرآن سنة، وللتنبيه على فضيلة أبيّ بن كعب وتقدّمه في حفظ القرآن، وليس المراد أن يستذكر منه النبي - صلى الله عليه وسلم - شيئًا بذلك العرض". الفتح (7/ 159). (¬3) هو قطعة من الحديث المرويّ عن أنس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولفظه: "أرحم أمّتي بأمّتي أبو بكر وأشدّهم في دين الله عمر وأصدقهم حياء عثمان وأقرؤهم لكتاب الله أبن بن كعب وأفرضهم زيد وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل، ألا وإن لكل أمة أمينا وأمين هذه الأمّة أبو عبيدة بن الجرّاح". أخرجه الترمذي في السنن كتاب: المناقب، باب: مناقب معاذ بن جبل وزيد بن ثابت. . . (5/ 623) (رقم: 3791)، والنسائي في السنن الكبرى كتاب: المناقب (5/ 67) (رقم: 8242)، وابن ماجه في السنن -المقدّمة- (1/ 55) (رقم: 154، 155)، وأحمد في المسند (3/ 184، 281)، والطيالسي في المسند (ص: 281)، وابن سعد في الطبقات (3/ 379)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (16/ 84) (رقم: 7131)، والحاكم في المستدرك (3/ 422)، والبيهقي في السنن الكبرى (6/ 210) من طرق عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن أنس موصولًا. والصحيح في هذا الإسناد الإرسال إلا قوله في أبي عبيدة فإنَّه موصول. =

ومِن حُكم هذه القراءة وما كان مثلها، ما لم يَثْبُتْ في المُصحفِ، ولا أُجْمِعَ عليه أَنْ تُحْكَى وتُروى، ولا يُقرأ بها في صلاةٍ، ولا فيما يُتلَى من القرآنِ، إذا لم تَنْقُلها الكافَّةُ نَقْلَ تواترٍ، وإنَّما تُقرأ كذلك ما ثَبَتَ في المصاحفِ وما نُقِلَ تواترًا، لأنَّ نَقْلَ التواتر يُوجِبُ العلمَ ضرورةً وقطعًا، وليس عندنا من القرآن الثابتِ غيرِ المنسُوخ إلَّا ما عُلَمَ ضرورةً أنَّه مِن كلامِ الرَّب سبحانه، وما لم يَنقلْه إلّا الآحادُ ولم يَبلغْ حَدَّ التواترِ فلا يَقع العِلمُ الضروريُّ به، ولا يُطلقُ القولُ بأنَّه من القرآن النزَّل، وإنْ احتَمَل عندنا أن يكون اللهُ تعالى قد أنزله على رسولِه - صلى الله عليه وسلم - ثم نَسَخَه، لكنه يُحكى ويُروى، وإن تضَمَّنَ حُكْمًا لَزِمَ العملُ به، وكان حُجّةً إن اتَّصَلَ سَندُه، وثبتَتْ عدالةُ ناقِلِيهِ، ولم يُعارِضْه ما يَدْفَعُه. وللكلامِ على هذه القاعدةِ مَوضعٌ غير هذا (¬1). ¬

_ = قال البيهقي عقب إيراده للحديث: "ورواه بشر بن المفضّل وإسماعيل بن عليّة ومحمّد بن أبي عدي عن خالد الحذّاء عن أبي قلابة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلًا إلَّا قوله في أبي عبيدة فإنهم وصلوه في آخره فجعلوه عن أنس بن مالك عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وكلُّ هؤلاء الرواة ثقات أثبات والله أعلم". وقال الحاكم في معرفة علوم الحديث (ص: 114): "وهذا مِن نوع آخر علّته، فلو صحّ بإسناده لأخرج في الصحيح، إنما روى خالد الحذّاء عن أبي قلابة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "أرحم أمتي. . . " مرسلًا، وأسندَ ووَصَلَ: "إنَّ لكلِّ أُمَّةٍ أمينًا وأبو عبيدة أمين هذه الأمة" هكذا رواه البصريّون الحفاظ عن خالد الحذّاء وعاصم جميعا، وأُسقط المرسل من الحديث وخُرّج المتّصل بذكر أبي عبيدة في الصحيحين". وقال الخطيب البغدادي في الفصل للوصل (2/ 677): "لم يكن أبو قلابة يسند جميع المتن، وإنما كان يرسله غير ذكر أبي عبيدة وحده فإنه كان يسنده عن أنس عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. . . ". وقال ابن حجر في الفتح (7/ 117): "وإسناده صحيح إلا أن الحفّاظ قالوا أن الصواب في أوّله الإرسال والموصول منه ما اقتصر عليه البخاري، والله أعلم". (¬1) وهذا قول جمهور أهل العلم، وخالف المالكية وبعض الشافعية ورواية عن أحمد. انظر: البحر المحيط (1/ 475 - 480)، المنهاج في ترتيب الحجاج (ص: 63)، شرح الكوكب المنير (2/ 138)، إرشاد الفحول (ص: 27).

والحديث الذي كلامنا فيه هو مقطوعٌ في الموطأ غيرُ متّصِلٍ فيه؛ لأنَّ مجاهدًا -وهو ابن جبر- لم يَلقَ أُبَيًّا (¬1)، وإنَّمَا قرأ القرآنَ على ابنِ عبّاس، وقرأ ¬

_ (¬1) اختلف في وفاة مجاهد فقيل إحدى أو اثنين أو ثلاث أو أربع ومائة وهو ابن ثلاث وثمانون سنة فيكون مولده على أكثر تقدير سنة (18 هـ). واختلف أيضًا في وفاة أُبيّ فقيل (32 هـ)، وهذا على أكثر ما قيل، فيكون عُمْر مجاهد عند وفاة أبيّ -على هذا التقدير- أربع عشرة سنة، ومجاهد مكيّ وأُبيّ مدني، إلّا أنَّه يُحتمل أن يسمع منه لو سافر أبيُّ إلى مكة. واختلف في سماع مجاهد من أبي هريرة وعائشة وغيرهما من الصحابة الذين تأخرت وفاتهم، فبالأحرى أن لا يسمع من أبيّ، والله أعلم. انظر: المراسيل (ص: 161)، جامع التحصيل (ص: 273)، تهذيب الكمال (27/ 228)، تهذيب التهذيب (10/ 38). فالسند منقطع كما قال المصنّف. وقد توبع مجاهد، تابعه أبو العالية الريّاحي: أخرجه ابن أبي شيبة في المصنّف (3/ 88) (رقم: 12368) من طريق وكيع. وابن جرير في التفسير (5/ 31) (رقم: 12502) والبيهقي في السنن الكبرى (10/ 60) من طريق من طريق عبيد الله بن موسى، كلاهما عن أبي جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية عن أبيّ بن كعب أنه كان يقرأ: {فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ} متتابعات. وهذا السند ضعيف، أبو جعفر الرازي واسمه عيسى بن أبي عيسى قال عنه الحافظ في التقريب (رقم: 8019): "صدوق سيء الحفظ خصوصا عن مغيرة". والربيع بن أنس البكري، قال عنه الحافظ في التقريب (رقم: 1882): "صدوق له أوهام". وذكره ابن حبّان في الثقات (4/ 228) وقال: "الناس يتّقون حديثه ما كان من رواية أبي جعفر عنه؛ لأنَّ فيه اضطراب كثير". وهذا السند من رواية أبي جعفر عنه. ثم إنَّ أبا جعفر قد اضطرب في إسناده، فرواه عبد الله بن أبي جعفر عن أبيه عن الربيع قال: "كانت في قراءة أبيّ"، أخرجه من طريقه ابن أبي داود في المصاحف (ص: 64). وأخرجه ابن جرير في تفسيره (5/ 31) (رقم: 12501) من طريق أبي كريب محمد بن العلاء، وهناد السري، وسفيان بن وكيع، ثلاثتهم عن وكيع عن أبي جعفر عن الربيع قال، وذكره. =

ابنُ عبّاسٍ على أُبَيٍّ، وهذا مذكورٌ في إسناد قراءة ابنِ كثير، وأبي عَمرو بنِ العلاء (¬1). فصل: في الكنى: أبو أمامة، وقيل: اسمه إياس بن ثعلبة (¬2). وأبو رافع، وقيل: اسمه أسلم (¬3). * * * ¬

_ = وهذه الرواية تخالف رواية ابن أبي شيبة عن وكيع، والصواب أنَّ الاضطراب في ذلك إنما جاء من أبي جعفر، وصدق ما قاله عنه ابن حبان، فالسند ضعيف. ويشهد لقراءة أبيّ قراءةُ ابن مسعود رضي الله عنه وأصحابه بها، انظر رواياتهم في مصنف عبد الرزاق (8/ 513) وابن أبي شيبة (3/ 88) وتفسير ابن جرير (5/ 31، 32) والسنن الكبرى للبيهقي (10/ 60)، وقال عقب إيراده لروايات أصحاب ابن مسعود عنه: "وكلُّ ذلك مراسيل عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه والله أعلم". (¬1) قال مكي بن أبي طالب: "وأمَّا ابن كثير فإنَّه قرأ على مجاهد، وقرأ مجاهد على ابن عبّاس، وقرأ ابن عبّاس، على أبيّ، وقرأ أبيّ وزيد على النبي - صلى الله عليه وسلم -". التبصرة (ص: 60، 61). وذكر في (ص: 63) إسناد أبي عمرو بمثل إسناد ابن كثير. وابن كثير هو عبد الله بن كثير الداري المكي أبو معبد القرئ. وأبو عمرو بن العلاء هو ابن عمار بن العُريان المازني النحوي المقرئ. (¬2) سيأتي مسنده (3/ 150). (¬3) سيأتي مسنده (3/ 168).

باب: الباء

باب: الباء أربعة رجال في أحدهم نظر 4/ مسند بلال بن أبي رباح المؤذن مولى أبي بكر الصدّيق حديث مركّب. 33/ حديث: الصلاة في الكعبة. في الحج. عن نافع، عن ابن عمر: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل الكعبةَ ... " (¬1). فيه: قال عبد الله: "فسألت بلالًا حين خرج ما صَنَع؟ "، فذَكَر الصلاةَ، وحَدَّ موضِعَها. ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الحج، باب: الصلاة في البيت وقصر الصلاة وتعجيل الخطبة بعرفة (1/ 319) (رقم: 193). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الصلاة، باب: الصلاة بين السواري في غير جماعة (1/ 159) (رقم: 505) من طريق عبد الله بن يوسف. وقال في آخره: "وقال لنا إسماعيل: حدّثني مالك ... ". ومسلم في صحيحه كتاب: الحج، باب: استحباب دخول الكعبة للحاج وغيره ... (2/ 966) (رقم: 1329) من طريق يحيى النيسابوري. وأبو داود في السنن كتاب: المناسك، باب: الصلاة في الكعبة (524/ 2) (رقم: 2023) من طريق القعنبي، و (برقم: 2024) من طريق ابن مهدي. والنسائي في السنن كتاب: القبلة (2/ 63) من طريق ابن القاسم. وأحمد في المسند (2/ 113، 138)، (6/ 13) من طريق ابن مهدي، خمستهم عن مالك به.

هذا مُرَكّبٌ (¬1)، وفيه خُلْف (¬2)، لكنه مُخَرَّجٌ في الصحيح (¬3)، انظره لابنِ عمر (¬4). ذكر البخاري في الجامع: "أنَّ الفضلَ بنَ عبّاس روى: "أنَّ النَّبي - صلى الله عليه وسلم - لم يُصَلِّ في الكعبة". قال: وقال بلالٌ: "قد صلَّى". فأُخذ قولُ بلالٍ وتُرِك قولُ الفضل؛ لأنَّ الزيادةَ مقبولةٌ، والمفسَّر يقضي على المبهم إذا رواه أهل الثَبَت" (¬5). ¬

_ (¬1) أي: أنَّ الحديث من مسند ابن عمر ومن مسند بلال، فكلاهما أسند إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - جزءًا من الحديث. (¬2) يقصد المصنف الاختلاف على مالك، فبعض الرواة عنه جعله من مسند ابن عمر فقط، وبعضهم ذكر بلالا، وسيأتي الكلام عليه في مسند ابن عمر إن شاء الله. (¬3) سبق تخريجه. (¬4) سيأتي حديثه (2/ 462). (¬5) صحيح البخاري كتاب: الزكاة، باب: العشر فيما يسقى من ماء السماء وبالماء الجاري (2/ 459/ تحت حديث (رقم: 1483). وحديث بلال هو حديث الباب، وأخرجه البخاري كما سبق. وحديث الفضل: أخرجه الإِمام أحمد في المسند (1/ 210، 211، 212، 214) وابن خريمة في صحيحه (4/ 330) (رقم: 3007)، وأبو يعلى في المسند (156/ 6) (رقم: 6701)، والطحاوي في شرح المعاني (1/ 389)، والطبراني في المعجم الكبير (18/ 270، 290) (رقم: 679، 744، 745) من طرق عن ابن عباس عن الفضل. وهو صحيح. وقال البخاري في كتاب الشهادات: "باب: إذا شهد شاهد أو شهود بشيء فقال آخرون: ما علمنا بذلك، يُحكم بقول من شهد (3/ 204): قال الحميدي: هذا كما أخبر بلال أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلّى في الكعبة، وقال الفضل: لم يصل، فأخذ الناس بشهادة بلال ... ".

5/ مسند بلال بن الحارث بن عصم المزني

5/ مسند بلال بن الحارث بن عُصم المزني حديث واحد. 34 / حديث: "إنَّ الرَّجلَ ليتكلّمُ بالكلمةِ من رِضوان الله تعالى ما يَظُنُّ أن تبلغَ ما بَلغت ... "، وذَكَرَ الكلمةَ من سَخطِ الله تعالى. في الجامع عند آخره. عن محمّد بن عَمرو بن عَلْقَمة، عن أبيه، عن بلال بن الحارث (¬1). مقطوع (¬2). وغيرُ مالك يرويه عن محمّد، عن أبيه، عن جَدِّه علقمةَ بن وقّاص، عن بلال. خرّجه ابن أبي شيبة من طريق محمّد بن بشر عنه كذلك (¬3). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الكلام، باب: ما يؤمر به من التحفّظ في الكلام (2/ 752) (رقم: 5). وأخرجه النسائي في السنن الكبرى كتاب: الرقائق، كما في تحفة الأشراف (2/ 103) من طريق قتيبة عن مالك به. (¬2) المسند فيه انقطاع بين عمرو بن علقمة وبلال بن الحارث، فعمرو بن علقمة لا يروي عن بلال إنما روايته عن أبيه عن بلال كما سيأتي بيانه. وتابع مالكًا محمد بن العجلان من رواية الليث بن سعد، وابن لهيعة عنه: أخرجه النسائي في السنن الكبرى كما في تحفة الأشراف (2/ 103) من طريق شعيب بن الليث. والطبراني في المعجم الكبير (1/ 368) (رقم: 1133)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (10/ 414) من طريق عبد الله بن صالح كاتب الليث كلاهما عن الليث عن ابن عجلان به. وأخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (10/ 413) من طريق ابن لهيعة عن محمَّد بن عجلان به. وخالفهما حيوةُ بن شريح -وهو ثقة-: فرواه عن محمَّد بن عجلان عن محمد بن عمرو عن أبيه عن جدّه عن بلال بن الحارث، ذكره الدارقطني في الأحاديث التي خولف فيها مالك (ص: 147). (¬3) المسند (ل: 4/ ب). ومن طريقه ابن ماجه في السنن كتاب: الفتن باب: كفّ اللّسان في الفتنة (2/ 1312) =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = (رقم: 3969)، وابن عبد البر في التمهيد (13/ 50). وأخرجه الحاكم في المستدرك (1/ 45)، من طريق محمد بن بشر به. - وأخرجه البخاري في التاريخ الصغير (الأوسط) (1/ 120) والتاريخ الكبير (2/ 106) من طريق المسندي عبد الله بن محمد. - وأحمد في المسند (3/ 469)، وابن أبي الدنيا في الصمت (ص: 74) (رقم: 70)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (10/ 417) من طريق أبي معاوية الضرير. - والنسائي في السنن الكبرى كما في تحفة الأشراف (2/ 103)، والحاكم في المستدرك (1/ 45) والطبراني في المعجم الكبير (1/ 318) (رقم: 1131، 1132) وابن عساكر في تاريخ دمشق (10/ 415) من طريق موسى بن أعين وزاد الطبراني عبيد الله الأشجعي، كلاهما عن سفيان الثوري به. وقال الحاكم: "هكذا رواه الثوري". أي كرواية الجماعة. وكذا ذكر أبو نعيم في معرفة الصحابة (3/ 61). وحكى الدارقطني وابن عبد البر عن سفيان الثوري أنه يرويه عن محمَّد بن عمرو عن جدّه علقمة بن وقاص به، أي لا يذكر أباه. انظر: الأحاديث التي خولف فيها مالك (ص: 147)، والتمهيد (13/ 51). ولم أقف على هذه الرواية. - والترمذي في السنن كتاب: الزهد، باب: قلة الكلام (4/ 484) (رقم: 2319)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (1/ 516) (رقم: 281)، وهناد السري في الزهد (2/ 551) (رقم: 1141) من طريق عبدة بن سليمان. - وإسماعيل بن جعفر في حديثه (رقم: 227)، ومن طريقه: الحاكم في المستدرك (1/ 54)، والطبراني في المعجم الكبير (1/ 367) (رقم: 1129)، والبغوي في شرح السنة (7/ 377) (رقم: 4019) , وابن عساكر في تاريخ دمشق (10/ 417)، وابن حجر في الأمالي المطلقة (ص: 209). - والحميدي في المسند (2/ 405) (رقم: 911)، وسعيد بن منصور في السنن (4/ 1411) (رقم: 706 - التفسير-)، والحسن بن الحسين المروزي في زيادات البر والصلة كما في إتحاف المهرة (2/ 638)، وابن عبد البر في التمهيد (13/ 51)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (10/ 415، 416) من طريق ابن عيينة. - والحاكم في المستدرك (1/ 45) والطبراني في المعجم الكبير (1/ 367) (رقم: 1130)، والبيهقي =

قال البخاري: "وهذا أصحّ" (¬1). ¬

_ = في شعب الإيمان (9/ 230) (رقم: 4606)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (10/ 419)، وابن حجر في الأمالي المطلقة (ص: 209) من طريق عبد العزيز الدراوردي. - وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (1/ 514) (رقم: 287)، والطبراني في المعجم الكبير (1/ 367) (رقم: 1129)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (3/ 60) (رقم: 1121)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (10/ 416)، وابن حجر في الأمالي المطلقة (ص: 209) من طريق يزيد بن هارون. - والحاكم في المستدرك (1/ 45)، وابن قانع في معجم الصحابة (1/ 77)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (3/ 60) (رقم: 1121)، والبيهقي في السنن الكبرى (8/ 165)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (10/ 416)، وابن حجر في الأمالي المطلقة (ص: 209) من طريق سعيد بن عامر الضبعي. - وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (1/ 514) (رقم: 280) من طريق الفضل بن موسى. - والطبراني في المعجم الكبير (1/ 367) (رقم: 1130) من طريق عبد العزيز بن مسلم. - وابن عساكر في تاريخ دمشق (10/ 416، 417، 418)، وابن حجر في الأمالي المطلقة (ص: 210) من طريق أبي ضمرة أنس بن عياض، ويعلى بن عبيد. - وابن عساكر في تاريخ دمشق (10/ 419) من طريق يحيى بن زكريا بن أبي زائدة. - وقَوّام السنة الأصبهاني في الحجة في بيان المحجة (1/ 427) (رقم: 262) من طريق محمَّد بن فُليح. كل هؤلاء رووه عن محمّد بن عمرو بن علقمة، عن أبيه، عن جده، عن بلال بن الحارث به. (¬1) التاريخ الكبير (2/ 107)، التاريخ الصغير (الأوسط) (1/ 120). وقال الترمذي في السنن (4/ 484): "وهكذا رواه غير واحد عن محمد بن عمرو نحو هذا، قالوا: عن محمد بن عمرو عن أبيه عن جدّه بلال بن الحارث، وروى هذا الحديث مالك عن محمد بن عمرو عن أبيه عن بلال بن الحارث ولم يذكر فيه عن جده". وقال الدارقطني: "خالفه -أي مالكا- سفيان بن عيينة وأبو معاوية الضرير وعبد العزيز الدراوردي ومعاذ بن معاذ وسعيد بن عامر ويزيد بن هارون ومحمد بن عبيد ويعلى بن عبيد وعبد الرحمن بن يحيى المحاربي وغيرهم، فرووه عن محمّد بن عمرو عن أبيه عن جدّه عن بلال بن الحارث ... ". الآحاديث التي خولف فيها مالك (ص: 146). وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح، وقد احتج مسلم بمحمد بن عمرو، وقد أقام إسناده عنه سعيد بن عامر، هكذا رواه سفيان الثوري وإسماعيل بن جعفر وعبد العزيز الدراوردي ومحمد بن بشر العبدي وغيرهم". =

ولم يُخَرَّج في الصحيح لبلال بن الحارث شيءٌ لقلَّةِ حديثه (¬1). ¬

_ = ثم أورد الحاكم رواية هؤلاء وقال: "قصر مالك بن أنس برواية هذا الحديث عن محمَّد بن عمرو ولم يذكر علقمة بن وقاص ... هذا لا يوهن الإجماع الذي قدمنا ذكره بل يزيده تأكيدا بمتابع مثل مالك، إلا أن القول فيه ما قالوه بالزيادة في إقامة إسناده". المستدرك (1/ 45، 46). وقال ابن عبد البر: "والقول عندي فيه والله أعلم قول من قال: عن أبيه عن جدّه، وإليه مال الدارقطني رحمه الله". التمهيد (50/ 13). وقول البخاري: "هذا أصح"، لا يعني صحة الإسناد كما لا يخفى. والحديث من وجهه الراجح إسناده ضعيف، محمّد بن عمرو بن علقمة قال عنه الحافظ: "صدوق له أوهام". التقريب (رقم: 6188). وانظر: تهذيب الكمال (26/ 212)، تهذيب التهذيب (9/ 333). وأبوه عمرو بن علقمة لم يذكره إلا ابن حبّان في الثقات (5/ 174)، ولم يرو عنه غير ابنه. وقال عنه الحافظ: "مقبول". انظر: تهذيب الكمال (22/ 160)، تهذيب التهذيب (8/ 70)، التقريب (رقم: 5080). ولحديث بلال أسانيد أخر غير ما ذكر المصنف، انظر: الأحاديث التي خولف فيها مالك (ص: 146 - 148). وللحديث شاهد من حديث أبي هريرة بمعناه أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الرقاق، باب: حفظ اللّسان (7/ 236) (رقم: 6477، 6478) ومسلم في صحيحه كتاب: الزهد والرقائق، باب: التكلم بالكلمة يهوي بها في النار (4/ 2290) (رقم: 2988). (¬1) روى له الأربعة. انظر: تهذيب الكمال (4/ 273)، تهذيب التهذيب (1/ 440). وتعليل المصنّف لعدم إخراج صاحبي الصحيح لبلال بن الحارث لقلّة حديثه غير صحيح، فلم يشترط البخاري ومسلم فيمن يخرّجا له أن يكون كثير الحديث، بل أخرج البخاري لمرداس بن مالك الأسلمي وكان قليل الحديث. انظر: تهذيب التهذيب (10/ 77). وأخرج أيضًا لحزن بن أبي وهب المخزومي وكان قليل الحديث. تهذيب التهذيب (2/ 213). ولزاهر بن الأسود الأسلمي وليس له عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إلَّا حديث واحد في لحوم الحمر. تهذيب التهذيب (3/ 263). وغير هؤلاء كثير.

وأما محمّد بن عَمرو بن علقمة فاستشهد به مسلمٌ، وذكر له البخاريُّ حديثًا واحدًا في الاعتكاف، قاله الكلاباذي (¬1). وقال عليُّ بن المديني: سألت يحيى القطّان عنه فقال: "تريد العفوَ أو التشديد؟ قلت: بل التشديد. قال: فليس بذاك. قال يحيى: وسألت مالكًا عنه فقال لي نحوًا ممّا قلتُ لك". حكاه الساجي في الضعفاء له (¬2). * * * ¬

_ (¬1) هو الحافظ أحمد بن محمَّد بن الحسين أبو نصر الكلاباذي البخاري، وكلاباذ محلّة ببخارى، وُلد سنة (323 هـ)، وتوفي سنة (398 هـ). انظر: تاريخ بغداد (4/ 434)، السير (17/ 94)، تذكرة الحفاظ (3/ 1027). وكلامه في كتابه: رجال صحيح البخاري (2/ 881، 882). وقال ابن حجر: "أخرج له الشيخان، أما البخاري فمقرونا بغيره وتعليقًا، وأما مسلم فمتابعة، وروى له الباقون". هدي الساري (ص: 464). وانظر: صحيح البخاري كتاب: الاعتكاف، باب: من خرج من اعتكافه عند الصبح (2/ 628) (رقم: 2040). (¬2) أورده الترمذي بسنده إلى علي بن المديني في السنن كتاب: العلل (5/ 699). وانظر أقوال أهل العلم فيه في: تهذيب الكمال (26/ 212)، تهذيب التهذيب (9/ 333). وقال ابن حجر: "صدوق له أوهام". التقريب (رقم: 6188).

6/ مسند البراء بن عازب بن حارث بن عدي الأنصاري الخزرجي الحارثي

6/ مسند البراء بن عازب بن حارث بن عديّ الأنصاري الخزرجي الحارثي حديثان. 35 / حديث: "صلَّيتُ مع رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - العشاءَ، فقرأ فيها بالتين والزيتون". في أبواب القراءة. عن يحيى بن سعيد، عن عَدِيِّ بن ثابت الأنصاري، عن البراء (¬1). 36 / حديث: "سُئِل ماذا يُتقى من الضَحَايَا؟ فأشار بيده وقال: أربع ... ". ذَكَرَ العَرْجَاء، والعَوْراء، والمريضةَ، والعَجْفَاء (¬2). في أوَّل الضحايا. عن عَمرو بن الحارث بن (¬3) يعقوب، عن عُبيد بن فَيْروز، عن البراء (¬4). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الصلاة، باب: القراءة في المغرب والعشاء (1/ 89) (رقم: 27). وأخرجه النسائي في السنن كتاب: الصلاة، باب: القراءة فيها بالتين والزيتون (2/ 173) من طريق قتيبة عن مالك به. (¬2) هي المهزولة من الغنم. النهاية (3/ 186). (¬3) في الأصل: "عن"، بالعين، والصحيح "بن" بالباء؛ لأنه عمرو بن الحارث بن يعقوب الأنصاري، وجاء على الصواب في الموطأ وغيره. (¬4) الموطأ كتاب: الضحايا، باب: ما ينهى عنه من الضحايا (2/ 384) (رقم: 1). وأخرجه أحمد في المسند (4/ 301) من طريق عثمان بن عمر. والدارمي في السنن كتاب: الأضاحى، باب: ما لا يجوز في الأضاحي (2/ 105) (رقم: 1949) من طريق خالد بن مخلد، كلاهما عن مالك به.

هذا مقطوع (¬1). رواه عَمرو بن الحارث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن سليمان بن عبد الرحمن الدّمشقي، عن القاسم مولى خالد بن يزيد بن معاوية، عن عُبَيد بن فَيْروز قال: سألت البراء (¬2). ¬

_ (¬1) السند فيه انقطاع بين عمرو بن الحارث وعبيد بن فيروز، وليس لعمرو رواية عن عبيد. قال علي بن المديني: "عبيد بن فيروز هذا من أهل مصر ولَم نَدْرِ أَلَقِيَه عمرو بن الحارث أم لا، فنظرنا فإذا عمرو بن الحارث لم يسمعه من عبيد بن فيروز". السنن الكبرى للبيهقي (9/ 274). وقال أبو حاتم: "نقص مالك من هذا الإسناد رجلًا". علل الحديث (2/ 41). وقال حمزة بن محمَّد الكناني: "هكذا يروي مالك هذا الحديث عن عمرو عن عبيد بن فيروز، وعمرو لم يسمع من عبيد بن فيروز شيئًا، إنما رواه عن سليمان بن عبد الرحمن عن عبيد بن فيروز". مسند الموطأ للجوهري (ل: 109/ أ). وخالف مالكًا: عبدُ الله بنُ وهب، فرواه عن عمرو بن الحارث عن سليمان بن عبد الرحمن عن عبيد بن فيروز به. أخرجه النسائي في السنن كتاب: الضحايا، باب: العجفاء (7/ 215)، وفي الكبرى (3/ 54) (رقم: 4461)، والطحاوي في شرح المعاني (4/ 168)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (13/ 243) (رقم: 5921)، والجوهرى في مسند الموطأ (ل: 109 / أ)، وابن عبد البر في التمهيد (20/ 165)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (22/ 349)، وابن خلفون في أسماء شيوخ مالك (ل: 69 / ب). وقال ابن حبان: "يُروى هذا الخبر عن مالك عن عمرو بن الحارث، وأخطأ فيه؛ لأنه أسقط سليمان بن عبد الرحمن من الإسناد". (¬2) لم أجد رواية عمرو بن الحارث بهذا الإسناد. وروي هذا الحديث من طريق عمرو بن الحارث واختلف عليه، فرواه مالك عنه عن عبيد به. ورواه ابن وهب عنه عن سليمان عن عبيد. -وسبقت هاتان الروايتان.- وخالفهما أسامة بن زيد فرواه عنه عن يزيد بن أبي حبيب عن عُبيد. ليس فيه سليمان ولا القاسم. أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (1/ 6) والبيهقي في السنن الكبرى (274/ 9) من طريق ابن المدني عن روح عن أسامة به. وأسامة صدوق يهم كما في التقريب (رقم: 317).

ورواه اللَّيثُ بن سعد، عن سليمان بن عبد الرحمن، عن القاسم مولى خالد، عن عبيد (¬1). وقيل لليث: "إنَّ شعبة يروي عن سليمان أنَّه سمع هذا الحديث من عبيد بن فيروز. فقال الليث: لا؛ إنما حدّثنا به سليمان، عن القاسم مولى خالد بن يزيد، عن عبيد". ذكره عليُّ بن المدينِي في العلل بشواهده وقال: "الحديثُ حديثُ الليث" (¬2). ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (1/ 6) والبيهقي في السنن الكبرى (9/ 274) من طريق عثمان بن عمر ثنا الليث بن سعد به. وخالف عثمانَ بنَ عمر جماعةٌ، فرووه عن الليث بن سعد عن سليمان بن عبد الرحمن عن عبيد بن فيروز عن البراء به. لم يذكروا فيه القاسم، منهم: - عبد الله بن وهب، أخرجه عنه النسائي في السنن (7/ 215)، والطحاوي في شرح المعاني (4/ 168)، والجوهري في مسند الموطأ (ل: 109 /أ)، وابن عبد البر في التمهيد (20/ 165). - عبد الله بن صالح، قال المزي في تحفة الأشراف (2/ 484): "ورواه أبو صالح عبد الله بن صالح عن الليث كرواية ابن وهب عنه". - يحيى بن عبد الله بن بكير، أخرجه من طريقه البيهقي في السنن الكبرى (9/ 274). - أبو الوليد الطيالسي، أخرجه من طريقه ابن حبّان في الصحيح (13/ 240) (رقم: 5919)، وذكره البيهقي في السنن الكبرى (9/ 274). (¬2) لم أجده في القسم المطبوع باسم: العلل لابن المديني، وتقدّم في مبحث مصادر المصنِّف أنّ المطبوع ليس كتاب العلل لعلي بن المديني الذي يذكره العلماء، وينقلون منه. وذكره البخاري في التاريخ الكبير (1/ 6)، والبيهقي في السنن الكبرى (9/ 274) من طريق علي بن المديني عن عثمان بن عمر. وفيه: قال عثمان بن عمر: "فلقيت شعبة فقلت: إنَّ ليثًا حدّثنا بهذا الحديث عن سليمان بن عبد الرحمن عن القاسم عن عبيد بن فيروز وجعل مكان الكسير التي لا تنقي العجفاء التي لا تنقي، قال: فقال شعبة: هكذا حفظته كما حدّثت به". =

وخرّج الترمذي هذا الحديثَ من طريق محمّد بن إسحاق، عن يزيد بن أبي حبيب، عن سليمان بن عبد الرحمن، عن عبيد (¬1). ¬

_ = وقول ابن المديني: "الحديث حديث الليث"، يريد بهذا الإسناد، فرجّح ابن المديني أن سليمان بن عبد الرحمن لم يسمع من عبيد بن فيروز، إنما رواه عن القاسم مولى خالد عن عبيد بن فيروز. انظر: السنن الكبرى (9/ 274). وذهب جمع من الأئمّة إلى ترجيح رواية شعبة ومن تابعه -بإسقاط القاسم من الإسناد- منهم: الإمام البخاري، قال الترمذي: قال البخاري: "روى عثمان بن عمر، عن الليث بن سعد، عن سليمان بن عبد الرحمن، عن القاسم أبي عبد الرحمن، عن عبيد بن فيروز، عن البراء، وكان علي بن عبد الله يذهب إلى أن حديث عثمان بن عمر أصح. قال محمَّد: وما أرى هذا الشيء؛ لأنَّ عمرو بن الحارث ويزيد بن حبيب رويا عن سليمان بن عبد الرحمن عن عبيد بن فيروز عن البراء. قال محمَّد: وهذا عندنا أصح". العلل الكبير للترمذي -ترتيب أبي طالب القاضي- (2/ 245)، وانظر: السنن الكبرى (9/ 275)، معرفة السنن (7/ 211). ورجحه أيضًا أبو حاتم في علل الحديث (2/ 43)، وابن عبد البر في التمهيد (20/ 166، 167). (¬1) سنن الترمذي كتاب: الأضاحي، باب: ما لا يجوز من الأضاحي (4/ 72) (رقم: 1497). وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى (9/ 274)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (22/ 348). وفي إسناده محمّد بن إسحاق مدلّس وقد عنعن. انظر: طبقات المدلسين (ص: 51). وخالفه عبد الله بن عامر: فرواه عن يزيد بن أبي حبيب، عن البراء -لم يذكر سليمانَ ولا عبيدًا- أخرجه الحاكم في المستدرك (4/ 223). لكن في الإسناد إلى عبد الله بن عامر أيوبُ بنُ سويد الرملي، قال عنه ابن معين: "ليس بشيء، كان يسرق الحديث". التاريخ (4/ 451 - رواية الدوري-). وقال أحمد: "ضعيف". الكامل (1/ 359). وقال البخاري: "يتكلّمون فيه". التاريخ الكبير (1/ 417). وقال النسائي: "ليس بثقة". الضعفاء (ص: 150). فرواية محمّد بن إسحاق أصح من رواية عبد الله بن عامر وعلّتها تدليس ابن إسحاق، والله أعلم.

ومن طريق شعبة عن سليمان، عن عُبيد، ولم يذكر فيه القاسم وقال: "هو حديثٌ حسنٌ صحيحٌ، لا نعرفه إلَّا مِن حديث عُبيد بن فيروز، عن البراء" (¬1). ¬

_ (¬1) سنن الترمذي (4/ 72) (رقم: 1497). وأخرجه أبو داود في السنن كتاب: الضحايا، باب: ما يكره من الأضاحي (3/ 235) (رقم: 2802)، والنسائي في السنن كتاب: الضحايا، باب: ما ينهى عنه من الأضاحي .. (7/ 214، 215)، وابن ماجه في السنن كتاب: الأضاحي، باب: ما يكره أن يضحى به (2/ 1050) (رقم: 2144)، وأحمد في المسند (4/ 289، 284، 300)، والدارمي في السنن كتاب: الأضاحي، باب: ما لا يجوز في الأضاحي (2/ 105) (رقم: 1950)، والطيالسي في المسند (ص: 101)، وابن الجارود في المنتقى (3/ 103) (رقم: 481)، وابن خريمة في الصحيح (4/ 292) (رقم: 2291)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (13/ 245) (رقم: 5922)، والحاكم في المستدرك (1/ 467)، والطحاوي في شرح المعاني (4/ 168)، والبيهقي في السنن الكبرى (5/ 242)، (9/ 274)، وابن عبد البر في التمهيد (20/ 166)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (22/ 349) من طرق عن شعبة عن سليمان بن عبد الرحمن عن عبيد بن فيروز عن البراء به. وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي. وصرّح سليمان بن عبد الرحمن بالسماع من عبيد بن فيروز عند الطيالسي والنسائي وابن ماجة وابن خزيمة وابن عبد البر. والظاهر أنَّ أصح الطرق رواية شعبة بإسقاط القاسم من الإسناد وذلك لأمور: - متابعة الليث بن سعد لشعبة في أصح الروايتين عنه، ورجحان رواية عثمان بن عمر عن الليث بذكر القاسم في إسناده لمخالفة جمع من الرواة له عن الليث منهم ابن وهب وهو أثبت في الليث من عثمان كما قال ابن عبد البر في التمهيد (20/ 166). - أنَّ سليمان بن عبد الرحمن صرّح بالسماع من عبيد بن فيروز فتُحمل روايته على الاتّصال إلا أن يتبين خلاف ذلك. - أنَّ الراوي عنه شعبة، وشعبة موضعه من الإتقان موضعه، كما قال ابن عبد البر في التمهيد (20/ 166). - لم يتفرّد شعبة بالرواية عن سليمان بل تابعه عمرو بن الحارث وابن لهيعة عند الجوهري في مسند =

وقال الساجي: "عَمرو بن الحارث صدوق ثقة" (¬1). قال: "وكان أحمد بن حنبل يَحمِل عليه حملًا شديدًا، ويقول: يروي عن قتادة أحاديثَ مضطربةً، ويخطئ، وعنده مناكير" (¬2). ووثّقه ابن معين وغيرُه (¬3). ¬

_ = الموطأ (ل: 109 / أ)، والليث بن سعد عند الطحاوي في شرح المعاني (4/ 168)، ويزيد بن أبي حبيب عند الترمذي -وسبق تخريجها- وزيد ابن أبي أنيسة، أشار إليها أبو حاتم في العلل لابنه (2/ 42). قال أبو حاتم: "سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي ثقة، وعبيد بن فيروز جزري لا بأس به فيشبه أن يكون زيد بن أبي أنيسة (كذا، والصحيح سليمان بن عبد الرحمن) قد سمع من عبيد بن فيروز؛ لأنَّه من أهل بلده". العلل (2/ 43). فالراجح عن الروايات رواية شعبة ومن تابعه بذكر سليمان بن عبد الرحمن وبإسقاط القاسم مولى خالد من الإسناد والله أعلم. (¬1) تهذيب التهذيب (8/ 15). (¬2) أسماء شيوخ مالك (ل: 68 / ب)، تهذيب الكمال (21/ 573)، وهي رواية الأثرم عن أحمد. وقال أبو داود: سمعت أحمد يقول: "ليس فيهم -يعني أهل مصر- أصح حديثا من الليث، وعمرو بن الحارث يقاربه". السؤالات (ص: 373) (رقم: 591). وقال أبو بكر الأثرم: سمعت أبا عبد الله يقول: "ما في هؤلاء المصريين أثبت من الليث بن سعد، لا عمرو بن الحارث، ولا أحد، وقد كان عمرو بن الحارث عندي، ثم رأيت له أشياء مناكير". تهذيب الكمال (21/ 573). وهذه الرواية تنفي التعارض بين الرواية التي ذكرها المصنف ورواية أبي داود، وتبيّن أنَّ عمرو بن الحارث كان عند أحمد مرضيًّا، ثم لما رأى بعض المناكير في حديثه غيَّر رأيه فيه، وحمل عليه حملًا شديدًا، والله أعلم. (¬3) قال إسحاق بن منصور عن ابن معين: "عمرو بن الحارث ثقة". الجرح والتعديل (6/ 225). وقال يعقوب بن شيبة: "كان ابن معين يوثّقه جدّا". تهذيب الكمال (21/ 574)، السير (6/ 351). =

وقال فيه أبو حاتم: "كان أحفظ الناس في زمانه" (¬1)، ولأبي زرعة نحوه (¬2). وخُرِّج عنه في الصحيح غيرَ هذا الحديث (¬3). * * * ¬

_ = وقال ابن سعد: "كان ثقة إن شاء الله". الطبقات (7/ 357). وقال النسائي: "ثقة". تهذيب الكمال (21/ 573)، تهذيب التهذيب (8/ 14). وقال العجلي: "ثقة". الثقات (ص: 362). وذكره ابن حبان في الثقات (7/ 228، 229) وقال: "كان من الحفّاظ المتقنين وأهل الورع في الدين". (¬1) الجرح والتعديل (6/ 225)، وزاد: "ولم يكن له نظير في الحفظ في زمانه". وقال أيضًا: "عمرو بن الحارث أحفظ وأتقن من ابن لهيعة". (¬2) قال أبو زرعة: "ثقة". الجرح والتعديل (6/ 225). وقال الذهبي: "حجّة له غرائب". الكاشف (2/ 281) (رقم: 4204). وقال ابن حجر: "ثقة فقيه حافظ". التقريب (رقم: 5004). ولعل الأقرب فيه قول الذهبي، لكلام الإِمام أحمد في حديثه عن قتادة، ويمكن أن تكون الغرائب التي ذكرها الذهبي من روايته عن قتادة، والله أعلم. (¬3) انظر: الجمع بين رجال الصحيحين (1/ 364).

7 / مسند بصرة بن أبي بصرة بن بصرة الغفاري

7 / مسند بَصْرة بن أبي بَصْرة بنِ بَصْرة الغِفاري حديثٌ مركَّب في مَسَاقِ غيرِه، وفي اسمِه خُلْف. 37 / حديث: "لا تُعمل المَطِيُّ إلا إلى ثلاثةِ مَساجِدَ ... ". في أبواب الجمعة. عن يزيد بن عبد الله بن الهادي، عن محمَّد بن إبراهيم التَّيْمي، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة (¬1). في حديث طويل ذَكَر فيه فضلَ الجمعةِ، وساعةَ الإجابةِ، وبها تَرْجَمَ. ثم قال: "فلَقِيتُ بصرةَ بن أبي بَصرةَ الغِفاريِّ فقال: من أينَ أقبلتَ؟ ". هكذا قال مالك وغيرُه عن يزيد (¬2). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الجمعة، باب: ما جاء في الساعة التي في يوم الجمعة (1/ 110) (رقم: 16). وأخرجه أبو داود في السنن كتاب: الصلاة، باب: فضل يوم الجمعة وليلة الجمعة (1/ 634) (رقم: 1046) من طريق القعنبي. والترمذي في السنن كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في الساعة التي ترجى يوم الجمعة (2/ 362) (رقم: 491) من طريق معن. وليس فيهما ذكر لقصة أبي هريرة مع أبي بصرة. وأحمد في المسند (6/ 7) من طريق ابن مهدي، ثلاثتهم عن مالك به. (¬2) أي بصرة بن أبي بصرة، بدل أبي بصرة، وتابع الإمام مالكًا كلٌّ من: - بكر بن مُضر عند النسائي في السنن كتاب: الجمعة باب: ذكر الساعة التي يستجاب فيها الدعاء يوم الجمعة (3/ 113). - والليث بن سعد عند يعقوب الفسوي في المعرفة والتاريخ (2/ 294)، وابن قانع في معجم الصحابة (1/ 99)، والطحاوي في شرح المشكل (2/ 54) (رقم: 580، 589). - وعبد العزيز بن أبي حازم عند الحميدي في المسند (2/ 421) (رقم: 944)، ومن طريقه الفسوي في المعرفة (2/ 294). =

والمحفوظ عن أبي هريرة: "فلقيتُ أبا بصرة صاحبَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - "، هكذا قال فيه يحيى بن أبي كثير وغيرُه عن أبي سلمة عن أبي هريرة. خرّجه الطحاوي في المشكل من طُرق جَمَّةٍ، وذَكَر الخلافَ فيه (¬1). ¬

_ = وأخرجه ابن قانع في معحم الصحابة (/ 99) من طرف الحميدي، إلا أنه وقع فيه: عبد العزيز بن محمَّد. وأبو حازم اسمه سلمة بن دينار، والله أعلم بالصواب. - ونافع بن يزيد عند الفسوي في المعرفة (2/ 294)، والطحاوي في شرح المشكل (2/ 56) (رقم: 583). - عبد الله بن جعفر، عند أبي نعيم في معرفة الصحابة (3/ 137)، لكن في الإسناد إليه الواقدي، وهو متروك، كما في التقريب (رقم: 6175). وتابع يزيدَ بن الهادي: عمارةُ بن غزّيَة عند الطحاوي في شرح المشكل (2/ 56) (رقم: 583). وقال عبد الرزاق في المصنف (5/ 133) (رقم: 9162): عن ابن جريج حُدِّثت عن بصرة بن أبي بصرة. وحكم ابن عبد البر على حديث مالك بالوهم في قوله: بصرة بن أبي بصرة، وإنما هو أبو بصرة فقال: "قال فيه (أي مالك) بصرة بن أبي بصرة ولم يتابعه أحدٌ عليه ... وأظنُّ الوهم فيه جاء من قِبل مالك أو مِن قِبل يزيد بن الهادي، والله أعلم". التمهيد (23/ 37، 38)، وبمثله في الاستيعاب (1/ 262). وتابعه على قوله ابن حجر كما في تهذيب التهذيب (1/ 415) وجعل الوهم والانفراد من يزيد بن الهادي. قلت: وفي كلامِهما نظر؛ لما سبق ذكره من المتابعات، والظاهر أنَّ الوهم فيه إنما جاء من محمَّد بن إبراهيم التيمي لأمرين: - أنَّ مالكا ويزيد بن الهادي توبعا على روايتهما كما تقدَّم. - أنَّ محمَّد بن إبراهيم التيمي ينفرد بأشياء لا يتابع عليها. قال الإمام أحمد: "في حديثه شيء، يروي أحاديث مناكير أو منكرة". العلل (1/ 566 - رواية عبد الله-). ووثقه الأئمة وقال فيه الحافظ ابن حجر: "ثقة له أفراد". انظر: تهذيب الكمال (24/ 301)، تهذيب التهذيب (9/ 6)، التقريب (رقم: 5691). - يؤيّد هذا مخالفة يحيى بن أبي كثير لمحمد بن إبراهيم التيمي كما سيأتي بيانه. (¬1) شرح مشكل الآثار (2/ 57) (رقم: 586) من طريق يحيى بن أبي كثير، وسبق تخريج بعض الطرق عند الطحاوي.

وأبو بَصرة هذا اسمه حُمَيل، بالحاء المهملةِ المضمومة مصغَّرًا، هكذا قال فيه الدارقطني وغيرُه (¬1). وقد قيل فيه: حَمِيل، بفتح الحاء وكسرِ الميم (¬2). وقال الطحاوي: قال سعيد بن عُفير: "هو حُميل بنُ بصرة بنِ وقَّاص بنِ حَبيب بن غِفَار" (¬3). وذكره البخاري في باب: الحاء من التاريخ، وقال: "سمّاه رَوْحُ بنُ القاسم, عن زيد بن أسلم، عن المقبري، عن أبي هريرة" (¬4)، قال: "وقال ابن الهادي: بصرة بن أبي بصرة. يعني في هذا الحديث. وقال الدراوردي: جَميل وهو وَهَمٌ". يعني بالجيم مفتوحة (¬5). ¬

_ (¬1) وهو قول علي بن المديني، والبخاري، ومحمد بن يحيى الذهلي، وابن حبان، وابن ماكولا، وابن عبد البر وغيرهم. انظر: المؤتلف والمختلف للدّارقطني (1/ 348 - 350)، الإكمال (1/ 126)، تقييد المهمل (ل: 28/ أ)، (ل: 38/ أ، ب) لأبي علي الجياني، المؤتلف والمختلف للأزدي (ص: 22)، الإصابة (2/ 130)، توضيح المشتبه (1/ 554)، (2/ 444). (¬2) لم أقف على قائله. (¬3) شرح المشكل (2/ 57)، ووقع فيه كما عند المصنف: حبيب، وكتب بدله المحقق: حاجب، وقال في الحاشية: "في الأصل حبيب وهو خطأ"؟ ! قلت: إن كان خطأ، فالخطأ قديم، ويدل عليه ما حكاه المصنف عن الطحاوي. وقال ابن حجر: "ابن وقاص بن حبيب بن غفار، وقيل: ابن حاجب بن غفار". الإصابة (7/ 43). (¬4) أي حُميل بالحاء المهملة مصغرا. (¬5) التاريخ الكبير (3/ 123)، وانظر التاريخ الصغير (الأوسط) (1/ 147). ورواية روح بن القاسم عن زيد أخرجها أبو يعلى في المسند (11/ 435) (رقم: 6558 - طبعة حسين أسد-)، والدارقطني في المؤتلف والمختلف (1/ 349)، والطبراني في المعجم الكبير (2/ 276) (رقم: 2159). (ووقع فيه: جميل بالجيم، وهو خطأ). وتابعه محمَّد بن جعفر بن أبي كثير، عند البخاري في التاريخ الكبير (3/ 123)، والطحاوي في شرح المشكل (2/ 56) (رقم: 584). =

وقال عليُّ بن المديني: "سألتُ شيخًا من بني غِفار فقلتُ: جَميلُ بن بصرة تعرِفُه؟ -يعني بالجيم مفتوحة- فقال: صَحَّفْتَ واللهِ اسمَ صاحِبِك، إنَّما هو حُميل بنُ بَصرة، وهو جَدُّ هذا الغلام. لغلامٍ كان معه". يعني بحَاء مضمومة (¬1). ولم يُخرِّج البخاريُّ في الصحيح لأبي بصرة شيئًا، وخَرَّج له مسلمٌ غيرَ هذا (¬2). ¬

_ = ورواية الدراوردي عن زيد بن أسلم بلفظ: جَميل بالجيم، أخرجها الطبراني في المعجم الكبير (2/ 276) (رقم: 2157)، وابن قانع في معجم الصحابة (1/ 151)، والطحاوي في شرح المشكل (2/ 55) (رقم: 582) - ووقع فيه حميل بالحاء، ولعله خطأ من الناسخ أو المحقق- وانظر: المؤتلف والمختلف للدارقطني (2/ 348)، تقييد المهمل (ل: 28 /أ، ب) ذكروا أن رواية الدراوردي بالجيم. وتابعه: محمَّد بن عبد الرحمن بن مجبّر عند الطبراني في المعجم الكبير (2/ 276) (رقم: 2158)، وابن قانع في معجم الصحابة (1/ 150). وكذا سماه بالجيم أبو حاتم كما في الجرح والتعديل (2/ 517). تنبيه: أخرج ابن قانع في معجم الصحابة (1/ 99) طريق عبد العزيز بن محمَّد الدراوردي، وفيه بصرة بن أبي بصرة كما قال مالك. وأظن أن الخطأ فيه جاء من ابن قانع حيث قرن رواية الدراوردي مع رواية الليث بن سعد، وتقدّم أن الليث رواه كرواية مالك. (¬1) انظر: التاريخ الكبير (3/ 123)، والأثر بإسناده وتمامه في المؤتلف والمختلف للدارقطني (2/ 348، 349). والحاصل من هذا كله أن الصحيح في اسم أبي بصرة حُميل بالحاء المهملة المضمومة وهو الذي عليه الأكثر وصححه ابن المديني، والبخاري، ومحمد بن يحيى الذهلي، وابن حبان، وابن عبد البر، وابن ماكولا وغيرهم كما تقدم. (¬2) خرّج له مسلم حديثًا واحدًا في صحيحه كتاب: صلاة المسافرين وقصرها، باب: الأوقات التي نهي عن الصلاة فيها (1/ 568) (رقم: 830) عن أبي بصرة الغفاري قال: "صلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العصر بالمخمّص فقال ... "، الحديث.

ولا خلاف أنَّ أبا بصرة من الصحابة، وأنَّه ابنُ بصرة (¬1)، ولأبي بصرة ابنٌ يُسمى بصرة، وهو معدودٌ في الصحابة، فهو بصرة بنُ أبي بصرة بنِ بصرة (¬2). ومن أسندَ هذا الحديث إلى بصرة أراد الابنَ، لا الأبَ (¬3). وقيل: إنَّ الراوي للحديث المُخبِرِ به لأبي هريرة هو رجلٌ واحدٌ معروفٌ، لم يَقَع الخلافُ فيه، وإنَّما اختُلِف في وجه التعريف فيه والعبارَةِ عن اسمِه، فمنهم من سَمِع أبا بصرة بن بصرة، ولم يحفظه، فقَلَبَه على وجْه السَّهْو والغلط، فقال فيه: بصرة بن أبي بصرة من غير أن يقصِدَ إسنادَ الحديثَ إلى الابن، والله أعلم (¬4). ¬

_ (¬1) انظر: معرفة الصحابة (4 / ل: 254 / ب) لأبي نعيم، الاستيعاب (4/ 1612)، الإصابة (7/ 43). (¬2) انظر: معرفة الصحابة (3/ 136) وذكر له حديث الباب وترجم لأبي بصرة في فصل الكنى كما سبق ولم يذكر له هذا الحديث، والاستيعاب (1/ 262)، والإصابة (1/ 320). (¬3) انظر: الروايات التي جاءت بلفظ بصرة بن أبي بصرة (2/ 111، حاشية 2). (¬4) أكثر الروايات جاءت بلفظ أبي بصرة الغفاري، أخرجها كذلك: الإِمام البخاري في التاريخ الكبير (3/ 123)، ويعقوب الفسوي في المعرفة (2/ 294)، وأبو يعلى في المسند (11/ 435) (رقم: 6591 - طبعة حسين أسد-)، والطبراني في المعجم الكبير (2/ 276) (رقم: 2159) والأوسط (1/ 471) (رقم: 471) من طرق عن زيد بن أسلم عن سعيد المقبري عن أبي هريرة. ورواه أحمد في المسند (6/ 7)، والبخاري في التاريخ الكبير (3/ 124)، والصغير (الأوسط) (1/ 148)، والطيالسي في المسند (ص: 192)، والطبراني في المعجم الكبير (2/ 277) (رقم: 2160) من طريق عمرو بن عبد الرحمن بن الحارث المخزومي بلفظ: "لقي أبو بصرة الغفاري أبا هريرة ... ". ورواه الإِمام أحمد في المسند (6/ 397)، والطبراني في المعجم الكبير (2/ 277) (رقم: 2161) من طريق مرثد بن عبد الله اليزني عن أبي بصرة الغفاري ... =

وهذا الحديث في الصحيحين لأبي هريرة بإسناد آخَرَ رَفَعَه من غير واسطة (¬1). فصل: في الكنى: أبو لبابة، وقيل: اسمه بَشير (¬2). وليس في الموطأ رواية يحيى بن يحيى من الصحابةِ من له حديثٌ مرفوعٌ أوَّلُ اسمِه تاءٌ، أو ثاءٌ، والثاءُ في الزيادات، وفي الكُنى للجميع. * * * ¬

_ = ولم تأت الرواية بلفظ بصرة بن أبي بصرة إلا من طريق محمَّد بن إبراهيم التيمي كما سبق ومن طريق ابن جريج قال: حدّثت عن بصرة بن أبي بصرة. أخرجه عبد الرزاق في المصنف (5/ 133) (رقم: 9162). والصواب في ذلك كله من قال: أبا بصرة، ومن أسنده إلى بصرة فقد وهم وأخطأ، ووجه الخطأ ما ذكره المصنف من القلب الحاصل في إسناده، والله أعلم. (¬1) صحيح البخاري كتاب: فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة، باب: فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة (2/ 360) (رقم: 1189)، وصحيح مسلم كتاب: الحج، باب: لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد (2/ 1014) (رقم: 1397) من طريق الزهري عن سعيد المقبري عن أبي هريرة بلفظ: "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد مسجدي هذا ومسجد الحرام ومسجد الأقصى". لفظ مسلم. (¬2) سيأتي مسنده (2/ 175).

باب: الجيم

باب: الجيم ثلاثة رجال 8/ جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام الأنصاري السَّلَمي خمسة عشر حديثًا، وله في الزياداتِ حديثٌ (¬1). 38 / حديث: "رأيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - رَمَلَ من الحَجَر الأسودِ حتى انتهى إليه ثلاثةَ أَطواف ... ". في باب: الرَّمَل في الطواف. عن جعفر بن محمَّد، عن أبيه، عن جابر (¬2). ¬

_ (¬1) سيأتي حديثه (4/ 361). (¬2) الموطأ كتاب: احج، باب: الرمل في الطواف (1/ 2294) (رقم: 107). وأخرجه مسلم في صحيحه كتاب: الحج، باب: استحباب الرمل في الطواف والعمرة ... (2/ 921) (رقم: 1263) من طريق القعنبي ويحيى النيسابوري وابن وهب. والترمذي في السنن كتاب: الحج، باب: ما جاء في الرمل من الحجر إلى الحجر (3/ 212) (رقم: 857) من طريق ابن وهب. والنسائي في السنن كتاب: الحج، باب: الرمل من الحجر إلى الحجر (5/ 230) من طريق ابن القاسم. وابن ماجه في السنن كتاب: المناسك، باب: من رمل ثلاثا ومشى أربعا (2/ 64) (رقم: 1840) من طريق أحمد بن عبد الله، وفي باب: الرمل حول البيت (2/ 983) (رقم: 2951) من طريق زيد بن الحُباب. وأحمد في المسند (3/ 340، 373، 388، 397) من طريق أبي سلمة الخزاعي، وحماد بن خالد، وإسحاق الطبّاع، وموسى بن داود، عشرتهم عن مالك به.

39 / وبه: "نبدَأُ بما بَدَأَ الله به"، يعني الصَّفا، بَدَأَ به قبل المَرْوَةَ في السَّعي. في كتاب: الحج (¬1). 40 / وبه: "كان إذا وَقف على الصَّفا يُكَبر ثلاثا، ويقول: لا إله إلَّا الله ... ". وذكر المروةَ إثرَ الحديث الذي قبله. في باب: البدء بالصَّفا في السعي (¬2). 41 / وبه: "كان إذا نزل من الصفا مَشَى ... ". وذكر السعيَ في بَطنِ الوادي. في جامع السعي (¬3). جاءت هذه الأحاديث الأربعةُ مفصَّلةً في الموطأ، وهي مأخوذةٌ من الحديثِ الطويلِ لجابرٍ في وصف حَجَّة الوداع، وهكذا حديثُ النحر (¬4)، وهو عند يحيى بن يحيى عن علي بن أبي طالب، انظره في مسنده (¬5). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الحج، باب: البدء بالصفا في السعى (1/ 299) (رقم: 126). وأخرجه النسائي في السنن كتاب: الحج، باب: ذكر الصفا والمروة (5/ 239) من طريق ابن القاسم. وأحمد في المسند (3/ 388) من طريق ابن مهدي، وإسحاق الطباع، ثلاثتهم عن مالك به. (¬2) الموطأ كتاب: الحج، باب: البدء بالصفا في السعي (1/ 300) (رقم: 127). وأخرجه النسائي في السنن كتاب: الحج، باب: التكبير على الصفا (5/ 240) من طريق ابن القاسم. وأحمد في المسند (3/ 388) من طريق ابن مهدي وإسحاق الطبّاع، ثلاثتهم عن مالك به. (¬3) الموطأ كتاب: الحج، باب: جامع السعي (1/ 301) (رقم: 131). وأخرجه النسائي في السنن كتاب: الحج، باب: موضع المشي (5/ 243) من طريق ابن القاسم. وأحمد في المسند (3/ 388) من طريق ابن مهدي وإسحاق الطبّاع، ثلاثتهم عن مالك به. (¬4) أي أنه مأخوذ من حديث جابر الطويل في الحج وفيه: "أنه - صلى الله عليه وسلم - نحر ثلاثًا وستين بيده .. "، الحديث. (¬5) (2/ 326)، وسيأتي تفصيل الكلام فيه وذكر الاختلاف فيه على مالك هل هو من مسند علي أو مسند جابر.

والحديث الطويلُ خرّجه مسلمٌ في الصحيح (¬1). قال الشيخ أبو العبّاس - رضي الله عنه -: والروايةُ في متن هذا الحديثِ: "إذا نزل من الصفا مشى" (¬2). وزَعَمَ أبو عُمَر بن عبد البر أنَّ في كتاب يحيى: "نزل بين الصفا والمروة" (¬3)، وأَنْكَرَ ذلك شيخُنَا أبو عليٍّ، وقال: "لم أجدْ هذا عند غيرِ أبي ¬

_ (¬1) صحيح مسلم كتاب: الحج، باب: حجّة النبي - صلى الله عليه وسلم - في (2/ 886) (رقم: 1218). (¬2) في المطبوع: "كان إذا نزل من الصفا والمروة مشى"، زاد في المتن ذكر المروة. والصواب في رواية يحيى ما ذكره المصنف، وهي كذلك في نسخة المحمودية (ب) (ل: 95/أ)، ونسخة شستربتي (ل: 7 /ب)، وفي هامشها ما نصه: "هكذا في أصل أحمد بن سعيد بن حزم "وإذا نزل من الصفا مشى"، ليس بين رواة يحيى فيه خلافٌ، وكان الكِتاب قد قرئ على إبراهيم بن محمَّد بن باز وابن ض (أي وضاح) ومطرف بن قيس وعبيد الله بن يحيى، وكذلك قرأته على ابن عتاب، ولم يذكر فيه خلافًا لأحد من شيوخه، قال أبو عمر: رواية يحيى: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا نزل بين الصفا والمروة مشى"، وكذلك قرأناه عليه، وكان يعدّه من خطأ يحيى، ولم يقله لنا غيره". وكذا وقع في نسخة المحمودية (أ) (ل: 69 / أ)، إلَّا أن الناسخ غيّر لفظة "من" إلى "بين"، والتغيير واضح في النسخة، وهو مكتوب بالمداد البني، والنسخة مكتوبة بالمداد الأسود، واستند في تغييره إلى كلام ابن عبد البر -وسيذكره المصنف- حيث ذكره في هامش نسخته، والدليل على أن التغيير وقع في هذه النسخة أنه لم يذكر المروة بعد ذكره الصفا، فقال: "إذا نزل بين الصفا مشى"، وابن عبد البر ينص أن الرواية "إذا نزل بين الصفا والمروة". (¬3) انظر: التمهيد (2/ 93)، ونص كلامه: "هكذا قال يحيى عن مالك في هذا الحديث: "إذا نزل بين الصفا والمروة" وغيره من رواة الموطأ يقول: "إذا نزل من الصفا مشى"، ولا أعلم لرواية يحيى وجها إلا أن تُحمل على ما رواه الناس؛ لأن ظاهر قوله: فنزل بين الصفا والمروة يدل على أنه كان يبدأ راكبا فنزل بين الصفا والمروة، وقول غيره: نزل من الصفا والصفا جبل لا يحتمل غير ذلك ... ". وتبعه الزرقاني، وعزا هذه الرواية لابن وضاح، عن يحيى. شرح الموطأ (2/ 318).

عُمر، وسائرُ من نَقَل روايةَ يحيى بنِ يحيى يقولون: "مِن"، بالميم، ولا يذكرون المروةَ" (¬1). وجعفر بنُ محمَّد هو ابنُ عليِّ بن الحسين بن عليِّ بن أبي طالب، يُعرف بالصَّادق، وإليه تُنسبُ الجعفرية (¬2)، كان فاضلًا ولم يكن بالحافظ. خرّج عنه مسلمٌ دون البخاري (¬3)، وذكر في التاريخ عن يحيى بن سعيد قال: "كان جعفرُ إذا أَخذتَ منه العفوَ لم يكنْ به بأسٌ، وإذا حَمَلْتَه حَمَلَ على نفسِه" (¬4)، وقال النسائي: "هو ثقة" (¬5). 42 / حديث: "مَنْ حَلف على مِنبري آثِمًا تبوَّأَ مقعدَه من النَّار". في الأقضية. ¬

_ (¬1) الظاهر أنه يقصد الجيّاني لا الصدفي؛ لأنه كثيرًا ما ينقل عن الجيّاني، وإن كانا جميعًا من شيوخه. وممّا سبق يتبيّن أن رواية يحيى صوابها: "إذا نزل من الصفا مشى"، كرواية الجماعة، وأخطأ ابن عبد البر رحمه الله في عزوه الرواية الأخرى ليحيى، والله أعلم. (¬2) وهو منها ومن أكاذيبها بريء، والجعفرية اسم من أسماء الشيعة الإثني عشرية. انظر: الملل والنحل للشهرستاني (1/ 166). (¬3) الجمع بين رجال الصحيحين (1/ 70). (¬4) التاريخ الكبير (2/ 199). وهذا يُفهم منه تضعيف يحيى القطان لجعفر، وسأله ابن المدني عنه فقال: "في نفسي منه شيء. قلت: فمجالد؟ قال: مجالد أحب إليَّ منه". تهذيب الكمال (5/ 76). وردَّ الحافظ الذهبي على القطان قوله فقال: "هذه من زلقات يحيى القطان، بل أجمع أئمة هذا الشأن على أنَّ جعفرًا أوثق من مجالد، ولم يلتفتوا إلى قول يحيى". السير (6/ 256). (¬5) تهذيب التهذيب (2/ 89)، ووثقه أيضًا ابن معين، وابن حبان والعجلي وغيرهم. وقال الذهبي: "جعفر ثقة صدوق، ما هو في المثبت كشعبة، وهو أوثق من سهيل وابن إسحاق، وهو في وزن ابن أبي ذئب ونحوه، وغالب رواياته عن أبيه مرسل". السير (6/ 257).

عن هاشم بن هاشم بن عتبة بن أبي وقّاص، عن عبد الله بن نِسْطَاس، عن جابر (¬1). في رواية ابن بكير وغيِره: هاشم بن هاشم بن هاشم، ثلاثة (¬2). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الأقضية، باب: ما جاء في الحنث على منبر النبي - صلى الله عليه وسلم - (2/ 558) (رقم: 10). وأخرجه النسائي في الكبرى كتاب: القضاء، باب: اليمين على المنبر (3/ 491) (رقم: 6018) من طريق ابن القاسم. وأحمد في المسند (3/ 344) من طريق إسحاق الطبّاع، كلاهما عن مالك به. وفي إسناده عبد الله بن نسطاس قال عنه الذهبي في الميزان (3/ 229): "لا يُعرف". لكن كلامه مردود بما نقل ابن حجر في تهذيب التهذيب (6/ 51) قال: "قال أبو عمر الصدفي: ثنا محمَّد بن القاسم هو ابن يسار سمعت النسائي يقول: عبد الله بن نسطاس ثقة". لذا قال الحاكم في المستدرك (4/ 296): "صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي! (¬2) في رواية ابن بكير (ل: 125/ ب- نسخة الظاهرية-) ومن طريقه البيهقي في السنن الكبرى (7/ 398: "هاشم بن هاشم"، اثنان، وجاء في النسخة السليمانية (ل: 165 / ب): "هاشم بن ابن هاشم". كرّرت كلمة "بن" مرتين، فلعل سقط منها كلمة هاشم بين الابنين، والله أعلم. وفي رواية سويد بن سعيد (ص: 283 رقم: 612)، وابن القاسم (ص: 499 رقم: 484 - مع تلخيص القابسي-): "هاشم بن هاشم"، اثنان. وكذا في الجمع بين روايتي ابن القاسم وابن وهب (ل: 32 / ب). وأخرجه الحاكم في المستدرك (4/ 296) من طريق القعنبي وابن وهب عن مالك وفيه: "هاشم بن هاشم"، اثنان. وفي رواية ابن القاسم عند النسائي: "هاشم بن هاشم بن هاشم"، ثلاثة. وتابع مالكا على التثنية: - أنس بن عياض، عند ابن سعد في الطبقات (1/ 195). - مكي بن إبراهيم، عند الحاكم في المستدرك (4/ 296). - أبو بدر وهو شجاع بن الوليد السَّكوني، عند البيهقي في السنن الكبرى (10/ 176). وقال المزي في تهذيب الكمال (30/ 137): "ويقال: هاشم بن هاشم بن هاشم". قال الحافظ في تهذيب التهذيب (11/ 19): "وهو أصح؛ لأن هاشم بن عتبة قتل بصفين سنة =

43 / حديث: "أيُّما رجلٍ أَعْمَر عُمْرَى له ولِعَقِبِه فإنَّها للَّذي يُعطاها ... ". في الأقضية. عن ابن شهاب، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن جابر (¬1). وقوله فيه: "لأنَّه أعطى عطاءً وقعتْ فيه المواريث". هو لأبي سلمة، فَصَله محمَّد بن أبي ذئب عن الزهري، ذكره مسلم (¬2). ¬

_ = سبع وثلاثين، فيبعد أن يكون صاحب الترجة ابنه، لبُعْد ما بين وفاتيهما". وبقي هاشم -شيخ مالك- إلى سنة (147 هـ). وممّن قال فيه هاشم بن هاشم بن هاشم: البخاري في التاريخ الكبير (8/ 233)، وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (9/ 103)، وابن حبان في الثقات (7/ 584)، والذهبي في السير (6/ 206). وقال ابن سعد في الطبقات (5/ 438): "هاشم بن هاشم بن عتبة بن أبي وقّاص بن أُهَيب بن عبد مناف بن زهرة. وأمّه أم ولد. فوَلَد هاشمُ بن هاشم: هاشما، وأمّه عمرو بنت سعد بن أبي وقّاص. وقد روى هاشم عن عامر بن سعد وغيره، وروى عنه: أبو ضمرة وعبد الله بن نمير وغيرهما". قال الحافظ في تهذيب التهذيب (20/ 11): "وكلامه (أي ابن سعد) محتمل؛ لأن يكون الراوي هو هاشم بن هاشم أو ابنه وهو الأقرب". قلت: وممّا يؤيّد أنَّ الراوي هو ابنه أن ابن سعد ذكر من الرواة عنه أبو ضمرة وهو أنس بن عياض وهو الراوي عنه حديث الباب كما عند ابن سعد (1/ 195). ومن قال فيه من الرواة هاشم بن هاشم -بالتثنية- فلعله نسبه إلى جدّه والله أعلم. (¬1) الموطأ كتاب: الأقضية، باب: القضاء في العمرى (2/ 579) (رقم: 43). وتمامه: "لا ترجع للذي أعطاها أبدا. لأنه أعطى عطاء وقعت فيه المواريث". وأخرجه مسلم في صحيحه كتاب: الهبات، باب: العمرى (3/ 1245) (رقم: 1625) من طريق يحيى النيسابوري. وأبو داود في السنن كتاب: البيوع والإجارات، باب: من قال فيه: ولعقبه (3/ 819) (رقم: 3553) من طريق بشر بن عمر. والترمذي في السنن كتاب: الأحكام، باب: ما جاء في العمرى (3/ 632) (رقم: 1350) من طريق معن، ثلاثتهم عن مالك به. (¬2) في صحيحه (3/ 1246) (رقم: 1625). أي أن هذه الزيادة من قبيل المدرج.

44/ حديث: "نهى عن أَكلِ لحومِ الضحايا بَعدَ ثلاثة أيَّامٍ، ثم قال بعدُ: كُلوا وتزوّدوا وادَّخِروا". عن أبي الزبير المكيّ، عن جابر (¬1). وانظر حديثَ عائشة (¬2)، وأبي سعيد (¬3). 45/ وبه: قال: "نحرنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عامَ الحُدَيْبِيَةَ (¬4) البَدَنَةَ عن سبعةٍ والبقرةَ عن سبعة". في الضحايا (¬5). ¬

_ = قال ابن عبد البر في التمهيد (7/ 112): "وقد جوّده ابن أبي ذئب فبيّن فيه موضع الرفع وجعل سائره من قول أبي سلمة". وانظر الفتح (5/ 283). والعمرى: هبة شيء مدة عمر الموهوب له أو الواهب بشرط الاسترداد بعد موت الموهوب له. وقيل غير ذلك، انظر اختلاف العلماء في تعريفها: التعريفات للجرجاني (ص: 157)، تهذيب الأسماء واللغات (2/ 42)، التمهيد (7/ 112 - 123)، القبس (3/ 942)، شرح صحيح مسلم (11/ 69 - 73)، فتح الباري (5/ 282) وغيرها. (¬1) الموطأ كتاب: الضحايا، باب: ادّخار لحوم الأضاحي (2/ 385) (رقم: 6). وأخرجه مسلم في صحيحه كتاب: الأضاحي، باب: بيان ما كان من النهي عن أكل لحوم الأضاحي بعد ثلاث في أول الإِسلام ... (3/ 1562) (رقم: 1972) من طريق يحيى النيسابوري. والنسائي في السنن كتاب: الضحايا، باب: الإذن في ذلك (7/ 333) من طريق ابن القاسم. وأحمد في المسند (3/ 388) من طريق إسحاق الطبّاع، ثلاثتهم عن مالك به. (¬2) سيأتي حديثها (4/ 117). (¬3) سيأتي حديثه (3/ 274). (¬4) الحُدَيْبيَة: بضم الحاء وفتح الدال وياء ساكنة وباء موحّدة مكسورة وياء مخفّفة أو مشدّدة لغتان. بينها وبين مكة (22 كيلا) على طريق جدّة، وغلب عليها اليوم اسم الشميسي. انظر: تهذيب الأسماء واللغات (3/ 81)، الفتح (7/ 504)، معجم المعالم الجغرافية للبلادي (ص: 94)، المعالم الأثيرة لشرّاب (ص: 97). (¬5) الموطأ كتاب: الضحايا، باب: الشركة في الضحايا وعن كم تذبح البقرة والبدنة (2/ 387) (رقم: 9). =

وليس منه؛ لأنَّ هذا كان في الإحلال من العمرةِ بالحُدَيْبِيَة في ذي القعدة، وليس بوقت الأضحية (¬1). 46/ وبه: "نهى أن يأكلَ الرَّجلُ بشماله ... "، وفيه: الانتعال، والاشتمال، والاحتباء (¬2). في الجامع في باب: الأكل بالشمال (¬3). ¬

_ = وأخرجه مسلم في صحيحه كتاب: الحج، باب: الاشتراك في الهدي وإجزاء البقرة والبدنة كل منهما عن سبعة (2/ 955) (رقم: 1318) من طريق يحيى النيسابوري وقتيبة. وأبو داود في السنن كتاب: الضحايا، باب: في البقر والجزور عن كم تجزئ؟ (3/ 239) (رقم: 2809) من طريق القعنبي. والترمذي في السنن كتاب: الأضاحي، باب: الاشتراك في الأضحية (4/ 75) (رقم: 1502) من طريق قتيبة. وابن ماجه في السنن كتاب: الأضاحي، باب: كم تجزئ البدنة والبقرة (2/ 1047) (رقم: 3123) من طريق عبد الرزاق. وأحمد في المسند (3/ 301، 302) من طريق عبد الرزاق وروح بن عبادة. والدارمي في السنن كتاب: الأضاحي، باب: البدنة عن سبعة والبقرة عن سبعة (2/ 107) (رقم: 1956) من طريق خالد بن مخلد، ستتهم عن مالك به. (¬1) لعل مالكًا أورده في هذا الباب ليستدل به على جواز نحر الرجل بالبقرة الواحدة أو البدنة الواحدة في الأضحى عن نفسه وعن أهل بيته، لذا قال في رواية ابن زياد: "على ذلك العمل في الأضحى، ينحر ذلك الرجل عن نفسه وعن أهل بيته". الموطأ- رواية ابن زياد- (ص: 122). والمذهب أنّ الأضحية لا يجوز أن يشترك فيها أكثر من واحد إن لم يكونوا أهل بيت، لذا تأوّلوا حديث الباب أنّ المراد بالسبعة أي أهل البيت الواحد، وهذا أحد التأويلات. انظر: المنتقى للباجي (3/ 95، 96). (¬2) الاشتمال: هو إدارة الثوب على جسده لا يخرج منه يديه. انظر: مشارق الأنوار (2/ 253). والاحتباء: هو أن ينصب الرجل ساقيه ويدير عليهما ثوبه، أو يعقد يديه على ركبتيه معتمدًا على ذلك. انظر: مسارق الأنوار (1/ 177). (¬3) الموطأ كتاب: صفة النبي - صلى الله عليه وسلم -، باب: النهي عن الأكل بالشمال (2/ 703) (رقم: 5). =

47/ وبه: "أَغلِقوا البابَ وأَوْكُوا السِّقاء ... ". وذَكَر الإناء والمصباح. في الجامع باب: الطعام والشراب (¬1). فصل: أبو الزُّبير هو محمَّد بن مسلم بنِ تدرس، أَكثرَ عنه مسلمٌ، واستشهد البخاريُّ به مقْرونًا (¬2). وذكر الساجيُّ عن ابن معين: "أنَّ شعبةَ استحلفَ أبا الزبير فحلف له بين الرُّكن والمقامِ ثلاثَ مرَّاتٍ أنَّه سَمِع مِن جابر" (¬3). وقال النسائي في الجنائز: "كان شعبةُ سيِّءَ الرأي فيه، وأبو الزبير من الحفَّاظ، وروى عنه يحيى بن سعيد وأيّوب ومالك، وكان يدَلِّس، فإذا قال: سمعتُ جابرًا فهو صحيح" (¬4). ¬

_ = وأخرجه مسلم في صحيحه كتاب: اللباس والزينة، باب: النهي عن اشتمال الصمّاء والاحتباء في ثوب واحد (3/ 1661) (رقم: 2099) من طريق قتيبة. والترمذي في الشمائل (ص: 42) (رقم: 78) من طريق معن. وأحمد في المسند (3/ 325، 344) من طريق أبي نوح قراد، وإسحاق الطبّاع، أربعتهم عن مالك به. (¬1) الموطأ كتاب: صفة النبي - صلى الله عليه وسلم -، باب: ما جاء في الطعام والشراب (2/ 708) (رقم: 21). وأخرجه مسلم في صحيحه كتاب: الأشربة، باب: الأمر بتغطية الإناء وإيكاء السقاء .. (3/ 1594) (رقم: 2012) من طريق يحيى النيسابوري. وأبو داود في السنن كتاب: الأشربة، باب: في إيكاء الآنية (4/ 117) (رقم: 3732) من طريق القعنبي. والترمذي في السنن كتاب: الأطعمة، باب: ما جاء في تخمير الإناء وإطفاء السراج والنار عند المنام (4/ 231) (رقم: 1812) من طريق قتيبة، ثلاثتهم عن مالك به. (¬2) الجمع بين رجال الصحيحين (2/ 449)، تهذيب الكمال (26/ 411). (¬3) تهذيب التهذيب (9/ 392)، وتصحّف فيه شعبة إلى: شيبة. (¬4) السنن الكبرى كتاب: الجنائز، باب: الصفوف على الجنازة (1/ 640). وقد وردت عدة عبارات عن شعبة فيها الحط من أبي الزبير: قال سويد بن عبد العزيز: قال لي شعبة: "تأخذ عن أبي الزبير وهو لا يحسن يصلي؟ ! ". =

48/ حديث: "أنَّ أَعرابيًّا بايعَ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - على الإِسلامِ، فأصابَ الأعرابيَّ وَعْكٌ (¬1) بالمدينةِ فقال: أَقِلْني بَيْعَتي ... ". ¬

_ = وقال هُشيم: "سمعت من أبي الزبير، فأخذ شعبة كتابي فمزّقه". انظر: الجرح والتعديل (8/ 75)، الكامل (6/ 122). وقال ورقاء: قلت لشعبة: "ما لك تركتَ حديث ابن (كذا) الزبير؟ قال: رأيته يزن ويسترجح في الميزان". وبمثله عن قراد. وقال هشام بن عبد الملك: "سأل رجل معتمرا وأنا عنده فقال له: لِمَ لَمْ تحمل عن أبي الزبير؟ فقال: حذّرني شعبة، فقال لي: لا تحمل فإني رأيته يسيء صلاته، ليت أني لم أكن رأيت شعبة". وقال عبد الرحمن: قال لي شعبة: "لعلك ممن تروي عن ابن (كذا) الزبير، لقد سمعت منه مائة حديث ما حدّثت منها بحرف". وقال أبو داود الطيالسي: قال شعبة: "لم يكن في الدنيا شيء أحب إلي من رجل يقدم من مكة فأسأله عن أبي الزبير، فقدمتُ مكة فسمعت عن أبي الزبير، فبينا أنا جالس عنده ذات يوم إذ جاءه رجل فسأله عن مسألة، فردّ عليه فافترى عليه، فقلت له: يا أبا الزبير تفتري على رجل مسلم؟ قال: إنه أغضبني، قلت: من يُغضبك تفتري عليه؟ ! لا رَوَيتُ عنك حديثًا أبدًا، قال: وكان يقول: في صدري أربعمائة لابن الزبير (كذا) عن جابر، والله لا أحدّث عنك حديثا أبدًا". انظر: الضعفاء للعقيلي (4/ 130 - 132)، الكامل (6/ 122). وهذا الذي قاله شعبة في أبي الزبير لا يقدح في حديثه، قال ابن عدي: "وقد حدّث عنه شعبة أيضًا أحاديث إفرادات كل حديث ينفرد به رجل عن شعبة ... وكفى بأبي الزبير صدقا أن حدّث عنه مالك، فإنَّ مالكًا لا يروي إلا عن ثقة، ولا أعلم أحدًا من الثقات تخلف عن أبي الزبير إلَّا كتب عنه، وهو في نفسه ثقة، إلَّا أن يروي عن بعض الضعفاء فيكون ذلك من جهة الضعيف، ولا يكون من قبله، وأبو الزبير يروي أحاديث صالحة ولم يتخلّف عنه أحد، وهو صدوق وثقة لا بأس به". الكامل (6/ 126). وقال ابن حبان: "لم يُنصف من قدح فيه؛ لأنَّ من استرجح في الوزن لنفسه لم يستحق الترك لأجله". الثقات (5/ 352). وتقدّم ما نقله المصنف عن النسائي، والراجح في أمره ما ذكره الحافظ: "صدوق إلَّا أنَّه يدلس". وانظر: تهذيب الكمال (26/ 402)، تهذيب التهذيب (9/ 390)، التقريب (رقم: 6291). (¬1) بسكون العين، وتُفتح، وهو ألم الحمى. انظر: مشارق الأنوار (2/ 291).

فيه: "إنَّما المدينةُ كالكِيرِ ... ". في الجامع عند أوله. عن محمَّد بن المنكدر، عن جابر (¬1). 49 / حديث: "بَعَثَ بعْثًا قِبَلَ السَّاحِلِ، وأَمَّرَ عليهم أبا عُبَيدَة بنَ الجرَّاح ... ". فيه: "حتى إذا كنَّا ببعض الطريق فَنِيَ الزَّادُ". وذَكَرَ المواساة، وقصَّةَ الحوت. في الجامع باب: الطعام والشراب. عن أبي نُعيم وَهْب بن كَيسان، عن جابرٍ، معنعنًا (¬2). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الجامع، باب: ما جاء في سكنى المدينة والخروج منها (2/ 675) (رقم: 4). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الأحكام، باب: بيعة الأعراب (8/ 468) (رقم: 7209) من طريق القعنبي. وباب: من بايع ثم استقال البيعة (8/ 469) (رقم: 7211) من طريق عبد الله بن يوسف. وفي الاعتصام، باب: ما ذَكَر النبي - صلى الله عليه وسلم - وحَضّ على اتفاق أهل العلم (8/ 504) (رقم: 7322) من طريق إسماعيل بن أبي أويس. ومسلم في صحيحه كتاب: الحج، باب: المدينة تنفي شرارها (2/ 1006) (رقم: 1383) من طريق يحيى النيسابوري. والترمذي في السنن كتاب: المناقب، باب: في فضل المدينة (5/ 677) (رقم: 3920) من طريق معن وقتيبة. والنسائي في السنن كتاب: البيعة، باب: استقالة البيعة (7/ 151) من طريق قتيبة. وأحمد في المسند (3/ 307) من طريق ابن مهدي، ستتهم عن مالك به. (¬2) الموطأ كتاب: صفة النبي - صلى الله عليه وسلم -، باب: ما جاء في الطعام والشراب (2/ 709) (رقم: 24). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الشركة، باب: الشركة في الطعام والنّهد العروض (3/ 152) (رقم: 1483) من طريق عبد الله بن يوسف. وفي المغازي، باب: غزوة سيف البحر ... (5/ 135) (رقم: 4360) من طريق إسماعيل بن أبي أويس. =

وذكر ابنُ مهدي عن مالك الإخبار، وهو صحيح (¬1). 50/ حديث: "خرجنا مع رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - في غَزْوَةِ بني أَنْمَار، فبينا أنا نازلٌ تحت شجرة ... "، وذَكَر قِصَّة لاَبِسِ البُرْدَين الخَلِقَين. فيه: "أما له ثوبان غيرَ هذين؟ ". وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "ما له ضَرَب الله عُنقَه، أليس هذا خير". في الجامع، في أبواب اللباس. عن زيد بن أسلم، عن جابر (¬2). هكذا في الموطأ، ويقال: إنَّه مقطوع (¬3). رواه الليث، عن هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن جابر. خرّجه أبو بكر البزار (¬4). ¬

_ = ومسلم في صحيحه كتاب: الصيد الذبائح، باب: إباحة ميتات البحر (3/ 1537) (رقم: 1935) من طريق عبد الرحمن بن مهدي. والنسائي في السنن الكبرى كتاب: السير، باب: جمع زاد الناس إذا فني زادهم وقسم ذلك كله بين جميعهم (5/ 244) (رقم: 8792) من طريق ابن القاسم. وأحمد في المسند (3/ 306) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، أربعتهم عن مالك به. (¬1) أي بين وهب وجابر، وهذا عند مسلم وأحمد. ولا أدري ما وجه تعليق المصنِّف بهذا، فوهب بن كيسان ثقة ولا يدلس وسماعه من جابر متيقّن! والله أعلم. انظر: تهذيب الكمال (31/ 137)، تهذيب التهذيب (11/ 146). ولعله اختلط عليه بوهب بن منبِّه الذي روى عن جابر ولم يلقه كما في جامع التحصيل (ص: 296). (¬2) الموطأ كتاب: اللباس، باب: ما جاء في لبس الثياب للجمال بها (2/ 694) (رقم: 1) (¬3) أي منقطع بين زيد بن أسلم وجابر، وسيأتي الكلام عليه. (¬4) أخرجه البزار في مسنده كما في كشف الأستار (3/ 368) (رقم: 2962)، وتصحّف فيه: هشام بن سعد عن زيد، إلى هشام بن سعد بن زيد بن أسلم. =

وقال ابن معين: "لَم يسمع زيدٌ من جابر" (¬1). وفي ذلك نظرٌ؛ قد سَمِع مِن ابنِ عمر، ومات عبدُ الله قبل جابر (¬2). ¬

_ = وأخرجه من هذا الطريق الحاكم في المستدرك (4/ 183)، وقال: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم فقد احتج في غير موضع بهشام بن سعد ولم يخرجاه، إلَّا أنَّ الحديث عند مالك عن زيد بن أسلم عن جابر رضي الله عنه". قلت: وفي إسناده هشام بن سعد المدني أبو عباد تُكلّم فيه. وقال الحافظ: "صدوق له أوهام". انظر: تهذيب الكمال (30/ 204)، تهذيب التهذيب (11/ 37)، التقريب (رقم: 7294). وروى الآجري عن أبي داود أنه قال: "هشام بن سعد أثبت الناس في زيد بن أسلم". تهذيب الكمال (30/ 208). لكن مخالفة مالك لهشام توهن إسناده، ومالك أثبت من هشام في كل شيء، والصحيح أنَّ الحديث عن زيد بن أسلم عن جابر. وأخرجه البزار في مسنده كما في كشف الأستار (3/ 369) (رقم: 2964) من طريق محمَّد بن إسحاق، عن محمَّد بن إبراهيم، عن عطاء، عن جابر بنحوه. وفيه محمَّد بن إسحاق مدلس ولم يصرّح بالتحديث. (¬1) التاريخ (3/ 219 - رواية الدوري-). (¬2) اختلف العلماء في سماع زيد بن أسلم من جابر فأثبته قوم ونفاه آخرون، وممّن نفاه ابن معين كما سبق وتابعه علي ابن الحسين بن الجنيد فقال: "زيد بن أسلم عن جابر مرسل". جامع التحصيل (ص: 178). وممّن أثبته ابن حبان فقال: "وزيد بن أسلم سمع جابر بن عبد الله؛ لأنَّ جابرًا مات سنة تسع وسبعين، ومات أسلم مولى عمر في إمارة معاوية سنة بضع وخمسين وصلى عليه مروان بن الحكم، وكان على المدينة إذ ذاك، فهذا يدلّك على أنَّه سمع جابرًا وهو كبير، ومات زيد بن أسلم سنة ست وثلاثين ومائة وقد عُمّر". الصحيح (12/ 237). واستدلال ابن حبان قويّ، وبيانه: أنَّ زيد بن أسلم عمن أبيه أسلم- وروايته عنه في الكتب الستة كما في تهذيب الكمال (10/ 13)، وانظر أمثلة ذلك في تحفة الأشراف (8/ 5) - فإذا كان سماعه من أبيه الذي توفي سنة بضع وخمسين متيقّن فسماعه من جابر المتوفَّى سنة تسع وسبعين من باب أولى، والله أعلم. =

51 / حديث: "مَن لم يجد ثوبين فَليصلِّ في ثَوبٍ واحدٍ مُلْتَحِفًا به، فإن كان الثوبُ قصيرًا فلْيَتَّزِر به ... ". في الصلاة. بلغه عن جابر، مقطوعًا (¬1)، والمحفوظ عن جابر بلفظِ الأمر (¬2) , آخرُه قال: "إن كان واسِعًا فالْتحِف به، وإن كان ضَيّقًا فاتّزر به" (¬3) , ¬

_ = وقال ابن عبد البر: "قال قوم: لم يسمع زيد بن أسلم من جابر بن عبد الله، وقال آخرون: سمع منه, وسماعه من جابر غير مدفوع عندي، وقد سمع من ابن عمر، وتوفي ابن عمر قبل جابر بن عبد الله بنحو أربعة أعوام. توفي جابر سنة ثمان وسبعين، وتوفي ابن عمر سنة أربع وسبعين". التمهيد (3/ 251). قلت: والذي يظهر أنَّ زيدًا سمع من جابر لهذه الأدلة، والمثبت مقدّم على النافي، والله أعلم، وعليه فحديث الموطأ متصل صحيح، وأما حديث هشام بن سعد فمن باب المزيد في متصل الأسانيد، والله أعلم. (¬1) الموطأ كتاب: صلاة الجماعة، باب: الرخصة في الصلاة في الثوب الواحد (1/ 134) (رقم: 34). قلت: وقد جاء من طريق آخر عن مالك موصولًا، لكنه لا يصح. أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (21/ 37) من طريق أبي نعيم الحلبي، عن عبد الله بن المبارك، عن مالك، بلفظ: "أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى خلف أبي بكر في ثوب واحد". قال الدارقطني: "ولم يُتابَع عليه، والصحيح عن مالك أنه بلغه عن جابر". العلل (4 / ل: 79 /ب). قلت: علّته أبو نعيم الحلبي، قال أبو أحمد الحاكم: "حدّث عن عبد الله بن المبارك، عن مالك بن أنس بأحاديث لا يُتابع عليها". وقال أبو داود: "ثقة، إلا أنه تغيّر في آخر عمره، لُقّن أحاديث ليس لها أصل، يُقال له ابن القلانسي، لُقّن عن ابن المبارك عن معمر عن الزهري عن أنس حديثا منكرًا". انظر: تهذيب الكمال (19/ 244). (¬2) أي أمر جابرًا كما سيأتي. (¬3) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الصلاة، باب: إذا كان الثوب ضيّقا (1/ 119) (رقم: 361). وهذا أصح، أعني لفظ الأمر.

وفيه معنى الإفراد (¬1). وجاء عنه: "أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي في ثوب واحد". خُرِّج في الصحيح (¬2). وروى أيوب، عن نافع، عن ابن عمر, بمعنى حديثِ الموطأ مشكوكًا في رفعه. خرّجه أبو داود (¬3). وخَرَّج أيضًا من طريق عِكرمة، عن أبي هريرة مرفوعًا: "إذا صلى ¬

_ (¬1) أي أنَّ الثوب واحد. (¬2) أخرجه مسلم في صحيحه كتاب: الصلاة، باب: الصلاة في ثوب واحد وصفة لبسه (1/ 369) (رقم: 518). (¬3) سنن أبي داود كتاب: الصلاة، باب: إذا كان الثوب ضيّقا يتّزر به (1/ 418) (رقم: 235) من طريق حماد بن زيد عن أيوب عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو قال عمر رضي الله عنه، فذكره. ومن هذا الطريق أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (2/ 236). وخالف حمادَ بنَ زيد سعيد بنُ أبي عروبة، فرواه عن أيوب عن نافع عن ابن عمر مرفوعًا، خرّجه الحاكم في المستدرك (1/ 253)، والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 236). وحماد بن زيد أوثق في أيوب من ابن أبي عروبة، وروايته أرجح. وتابع أيوبَ على رواية الشك: الليثُ بنُ سعد، ذكره البيهقي في السنن الكبرى (2/ 236). وخالفهما موسى بن عقبة، فرواه عن نافع عن ابن عمر مرفوعًا، أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط (9/ 144) (رقم: 9368)، والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 235). ورواية الشك أرجح من حيث الحفظ والكثرة. قال الدارقطني: "والمحفوظ في هذا الحديث رواية من رواه بالشك". فتح الباري لابن رجب (2/ 336، 358). وقال ابن تيمية عن رواية أبي داود بالشك: "إسناد صحيح، وهذا المعنى صحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من رواية جابر وغيره". اقتضاء الصراط المستقيم (1/ 257، 258).

أحدُكم في ثَوبٍ فليخالِف بطَرَفَيْه على عاتِقيه" (¬1). وقال سلمةُ بنُ الأكوع: قلت: يا رسول الله، إنِّي رجلٌ أَصِيدُ، أَفَأُصَلِّي في القميص الواحد؟ فقال: "نعم، وازْرُرْه (¬2) ولو بشَوكة"، وهذا في بعض الروايات لأبي داود (¬3)، وخرّجه النسائي (¬4). ¬

_ (¬1) سنن أبي داود كتاب: الصلاة، باب: جماع أبواب ما يصلى فيه (1/ 414) (رقم: 627). وهو في صحيح البخاري كتاب: الصلاة، باب: إذا صلى في الثوب فليجعل على عاتقيه (1/ 119) (رقم: 360). (¬2) في الأصل: "وارْزُرْه"، بزاي بين رائين، ولعل الصواب المثبت كما في مصادر التخريج بزاي ثم رائين. (¬3) سنن أبي داود كتاب: الصلاة، باب: في الرجل يصلي في قميص واحد (1/ 416) (رقم: 632) من طريق القعنبي عن عبد العزيز الدراوردي عن موسى بن إبراهيم عن سلمة به. وأخرجه البخاري في التاريخ الكبير (1/ 296) من طريق القعنبي. وأخرجه ابن خريمة في صحيحه (1/ 381) (رقم: 777)، من طريق نصر بن علي، و (برقم: 778) من طريق أحمد بن عبدة بن سليمان. وابن حبّان في صحيحه (6/ 71) (رقم: 2294) من طريق ابن أبي عمر العدني. والحاكم في المستدرك (1/ 250) من طريق إبراهيم بن حمزة. والبيهقي في معرفة السنن (2/ 99) (رقم: 1005) من طريق الشافعي. وفي السنن الكبرى (2/ 240) من طريق محمَّد بن أبي بكر المقدّمي. وذكره ابن رجب في فتح الباري (2/ 341) من طريق علي بن المدني، كلهم عن الدراوردي به. (¬4) سنن النسائي كتاب: المساجد، باب: الصلاة في قميص واحد (2/ 70) من طريق قتيبة عن عطاف بن خالد عن موسى بن إبراهيم به. وأخرجه أحمد في المسند (4/ 54، 49) من طريق هاشم بن القاسم وحماد بن خالد وإسحاق بن عيسى ويونس. ولوين في حديثه (ص: 65) (رقم: 16). والبخاري في التاريخ الكبير (1/ 297) من طريق مالك بن إسماعيل. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = والطبراني في المعجم الكبير (7/ 29) (رقم: 6279) من طريق عمرو بن خالد ومسدد بن مسرهد. والأثرم في السنن كما في فتح الباري لابن رجب (2/ 340)، والبيهقي في معرفة السنن (2/ 99) (رقم: 1005) من طريق الشافعي. والخطيب البغدادي في تالي التلخيص (1/ 105) (رقم: 37) من طريق محمَّد بن النعمان. والمزي في تهذيب الكمال (19/ 29) من طريق خلف بن هشام البزار، كلهم عن عطاف بن خالد به. قال البخاري في صحيحه كتاب: الصلاة، باب: وجوب الصلاة في الثياب (1/ 117): "ويُذكر عن سلمة بن الأكوع أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "يزرّه ولو بشوكة"، في إسناده نظر". قال ابن حجر: "وقد وصله المصنف في تاريخه من طريق الدراوردي عن موسى بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن أبي ربيعة عن سلمة بن الأكوع ... ورواه البخاري أيضًا عن إسماعيل بن أبي أويس عن أبيه عن موسى بن إبراهيم عن أبيه، زاد في الإسناد رجلًا، ورواه أيضًا عن مالك بن إسماعيل عن عطاف بن خالد قال: حدّثنا موسى بن إبراهيم قال: حدّثنا سلمة، فصرّح بالتحديث بين موسى وسلمة، فاحتمل أن يكون رواية أبي أويس من المزيد في متصل الأسانيد، أو يكون التصريح في رواية عطاف وهما، فهذا وجه النظر في إسناده. وأما من صححه فاعتمد رواية الدراوردي وجعل رواية عطاف شاهدة لها لاتصالها ... ووقع عند الطحاوي موسى بن محمَّد بن إبراهيم، فإن كان محفوظا فيحتمل على بُعدٍ أن يكونا جميعًا رويا الحديث وحمله عنهما الدراوردي وإلا فذكر محمَّد فيه شاذ". الفتح (1/ 555)، وانظر تغليق التعليق (2/ 201). قلت: والرواية عند الطحاوي في شرح المعاني (1/ 380) من طريق ابن أبي قتيلة عن الدراوردي عن موسى بن محمَّد بن إبراهيم عن أبيه عن سلمة. والقول بشذوذ هذه الرواية هو الأصح، فقد خولف ابن أبي قتيلة، خالفه الشافعي، وابن المديني، والقعنبي، ومحمد بن أبي بكر، ونصر بن علي، وأحمد بن عبدة، وابن أبي عمر العدني، وإبراهيم بن حمزة، فلم يقولوا فيه عن موسى بن محمَّد بن إبراهيم عن أبيه. ولعل هذا إسناد لمتن آخر، أخرجه الطحاوي في شرح المعانى (4/ 195) من طريق ابن أبي قتيلة نفسه عن محمَّد بن طلحة عن موسى بن محمَّد بن إبراهيم عن أبيه عن سلمة بن الأكوع .. (الحديث في انتفاء الصيد عنهم، وفيه لو كنت تصيد بالعقيق). فلعل ابن أبي قتيلة ركّب هذا =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = الإسناد للمتن الآخر، وجعل بدل محمَّد بن طلحة الدراوردي. واستدل ابن القطان برواية الطحاوي على أن المراد بموسى بن إبراهيم، موسى بن إبراهيم بن الحارث التيمي، وهو ضعيف متّفق على ضعفه، وروايته عن سلمة منقطعة. انظر: بيان الوهم والإيهام (5/ 537 - 539). وردّ ذلك الحافظ ابن رجب، وذكر أن موسى في هذا الإسناد هو موسى بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي، قال: ونصّ على ذلك علي بن المديني ومصعب الزبيري وأبو بكر الخلال وعبد الحق الإشبيلي وغيرهم. وذكر أيضًا أن ابن معين وأبا حاتم وابن المديني فرقوا بين الرجلين، وأن راوي الحديث هو المخزومي لا التيمي. وورد أيضا التصريح بنسبته في روايات متعدّدة، من رواية الشافعي عند البيهقي في المعرفة، وهاشم بن القاسم عند أحمد، ورواية الأثرم وابن المديني عنه. ثم قال ابن رجب: "وأما رواية ابن أبي قتيلة عن الدراوردي فلا يُلتفت إليها، فإن الشافعي، وعلي بن المديني، وقتيبة بن سعيد، وغيرهم رووه عن الدراوردي على الصواب، ولم يكن ابن أبي قتيلة من أهل الحديث، بل كان يعيبهم ويطعن عليهم، وقد ذكرَ عنه الإِمام أحمد أنه قال: أهل الحديث قوم سوء، فقال أحمد: زنديق، زنديق، زنديق". انظر: فتح الباري لابن رجب (2/ 337 - 341). وجاءت مثل هذه المخالفة من مسدد، ذكر المزي أنَّ مسددًا رواه عن العطاف عن موسى بن محمَّد بن إبراهيم عن أبيه عن سلمة. تهذيب الكمال (19/ 29). قلت: وخالفه الشافعي، وقتيبة بن سعيد، وحماد بن خالد، وإسحاق بن عيسى، ويونس، ومالك بن إسماعيل، والأثرم، وخلف البزار، فرووه عن عطاف بن خالد عن موسى بن إبراهيم عن سلمة. وروايتهم أرجح من رواية مسدد على فرض ثبوتها، وقد تقدّم أن الطبراني أخرجه من طريق مسدد ولم يذكر في إسناده: عن أبيه، بل صرّح في روايته بسماع موسى بن إبراهيم من سلمة. وذكر البخاري في التاريخ الكبير (1/ 296) أن أبا أويس رواه عن موسى بن إبراهيم عن أبيه عن سلمة. قال البيهقي في معرفة السنن (1/ 99): "والأول أصح". يعني رواية من لم يذكر في إسناده: عن أبيه. والحاصل أن الصحيح في هذا الحديث من رواه عن موسى بن إبراهيم المخزومي عن سلمة به. وموسى بن إبراهيم المخزومي، قال عنه ابن معين كما في رواية الغلابي عنه: "ثبت". وفي رواية مضر بن محمَّد: "ليس به بأس". انظر: فتح الباري لابن رجب (2/ 339). =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وقال علي بن المديني: "كان صالحًا وسطًا". سؤالات ابن أبي شيبة (رقم: 92). وذكره ابن حبان في الثقات (5/ 402). وقال الحافظ عنه في التقريب (رقم: 6941): "مقبول". والصواب أنَّه صدوق لما تقدّم عن ابن معين وعلي بن المديني، والله أعلم. أما موسى بن محمد بن إبراهيم التيمي فمتفق على ضعفه. انظر: الجرح والتعديل (8/ 133)، التاريخ الكبير (7/ 295)، تهذيب الكمال (29/ 140)، تهذيب التهذيب (10/ 328). وأما النظر الذي أشار إليه البخاري في صحيحه, فالذي يظهر من كلامه أن موسى بن إبراهيم اضطرب في إسناد هذا الحديث، فمرة يرويه عن سلمة، ومرة يرويه عن أبيه عن أنس مع اختلاف في متن الحديث، وطريق أنس أخرجه أحمد في المسند (3/ 127) عن عبد الرحمن بن أبي الموالي عن موسى بن إبراهيم بن أبي ربيعة عن أبيه عن أنس: "أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - صلّى في ثوب واحد ملتحفًا به". ودليل هذا الكلام ما قاله البخاري نفسه في التاريخ الكبير بعد أن ذكر جملة من الروايات عن سلمة بن الأكوع هذا الحديث، ثم قال: "هذا لا يصح، وفي حديث القميص نظر حديث سلمة، وروى ابن أبي الموال عن موسى بن إبراهيم بن أبي ربيعة عن أبيه سمع أنسا رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي في ثوب". التاريخ الكبير (1/ 297). قال الحافظ ابن رجب: "هذا هو النظر الذي أشار البخاري إلى إسناده في صحيحه, وهو الاختلاف على موسى بن إبراهيم، وفي كونه علّة مؤثرة نظر، فإنّ لفظ الحديثين مختلف جدا، فهما حديثان مختلفان إسنادا ومتنا، نعم لرواية ابن أبي الموالي عن موسى عن أبيه عن أنس علّة مؤثّرة، وهي: أن عبد الله بن عكرمة رواه عن إبراهيم بن عبد الرحمن بن أبي ربيعة -وهو والد موسى- عن جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقد خرج حديثه الإِمام أحمد (في المسند 3/ 375)، ولعلّ هذه الرواية أشبه، فإن متن هذا الحديث معروف عن حابر بن عبد الله، لا عن أنس، لكن نقل ابن أبي حاتم عن أبيه في كلام جاء على أوهام تاريخ البخاري (ص: 112): إن رواية موسى عن أبيه عن أنس، ورواية إبراهيم- والد موسى- عن جابر من غير رواية ابنه موسى. وهذا يدل على أن الإسنادين محفوظان. وأما حديث الصلاة في القميص وزرّه بالشوكة، فلا يُعرف إلا بهذا الإسناد عن سلمة، فلا يعلّل بحديث غيره، والله أعلم". فتح الباري لابن رجب (2/ 342). والحاصل أن حديث سلمة بن الأكوع حسن، والله أعلم بالصواب.

وانظر حديثَ عُمر بن أبي سلمة (¬1)، وأمِّ هانئ (¬2)، وحديث أبي هريرة من طريق ابن المسيب (¬3). 52 / حديث: "إذا عادَ الرجلُ المريضَ خاضَ الرَّحْمَة ... ". وذكر القعود (¬4) عنده. في الجامع. بلغه عن جابر مقطوعًا (¬5). رواه عُمر بن الحكم بن ثوبان، عن جابرٍ، خرّجه ابنُ أبي شيبة، والبزارُ من طريق عبد الحميد بنِ جعفر عنه (¬6)، وهذا أيضًا مقطوعٌ (¬7). ¬

_ (¬1) سيأتي حديثه (2/ 302). (¬2) سيأتي حديثها (4/ 332). (¬3) سيأتي حديثه (3/ 293). (¬4) في الأصل: العقود، بتقديم العين على القاف وهو خطأ. (¬5) الموطأ كتاب: العين، باب: عيادة المريض والطيرة (2/ 721) (رقم: 17). (¬6) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 433) (رقم: 10834)، والبزار في مسنده كما في كشف الأستار (1/ 368) (رقم: 775). ومن هذا الطريق أخرجه الإمام أحمد في المسند (3/ 304)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (7/ 222) (رقم: 2956)، والحاكم في المستدرك (1/ 350)، والبيهقي في السنن الكبرى (3/ 380)، وفي شعب الإيمان (6/ 533) (رقم: 9179 - طبعة دار الكتب العلمية-)، وابن عبد البر في التمهيد (24/ 274). وقال الحاكم: "صحيح الإسناد على شرط مسلم ولم يخرجاه". ووافقه الذهبي. (¬7) أي منقطع بين عبد الحميد بن جعفر وعمر بن الحكم، وقد تُكلم في سماعه منه. قال أبو حاتم: "عبد الحميد بن جعفر عن عمر مرسل". المراسيل (ص: 114). قال العلائي: "والظاهر أن عمر هنا هو عمر عم أبيه عمر بن الحكم، وقد قيل: إنه سمع منه والله أعلم". جامع التحصيل (ص: 219). =

خرّجه قاسمُ بن أصبغ من طريق عبد الحميد بن جعفر قال: حدّثتني أمِّي مندوس بنت عليٍّ قالت: "مَرِض عُمر بنُ الحكم فعاده أهلُ المسجد، فقال: سَمِعت جابر بن عبد الله". وساقه (¬1). ¬

_ = قلت: والأقرب إلى الصواب سماعه منه، وروايته عنه في صحيح مسلم كما قال المزي في تهذيب الكمال (16/ 417)، ووليّ الدين العراقي في تحفة التحصيل (ل: 172 /ب). ومما يؤيّد السماع أن عمر بن الحكم توفي سنة (117 هـ)، وكان عُمْر عبد الحميد أربع وثلاثين سنة حيث ولد سنة (83 هـ)، وهما مدنيان وقريبان فالأولى أن يكون سمع منه. لكن لا يلزم من هذا أن يسمع منه هذا الحديث خاصة؛ ففي سماعه منه هذا الحديث نظر كما سيأتي. (¬1) أخرجه من طريقه ابن عبد البر في التمهيد (24/ 273) قال: حدّثنا عبد الوارث بن سفيان قال: حدّثنا قاسم بن أصبغ قال: حدّثنا أبو قلابة بن عبد الملك بن محمَّد الرقاشي قال: حدّثنا بكر بن بكار قال: حدثنا عبد الحميد بن جعفر به. وهذا إسناد ضعيف, بَكر بن بكار ضعيف الحديث. انظر: التاريخ لابن معين (4/ 209 - رواية الدوري)، الجرح والتعديل (2/ 383)، الكامل (2/ 32)، الثقات (8/ 146)، الميزان (1/ 343)، تهذيب التهذيب (1/ 420). لكنه توبع، تابعه عبد الله بن حمران عند أبي يعلى في المسند كما أشار إليه الحافظ ابن حجر في إتحاف المهرة (3/ 281)، وقال محقق الكتاب: "لم أجده في مسند أبي يعلى بعد تتبع". وفي الإسناد أيضًا عبد الملك الرقاشي البصري، صدوق تغير حفظه واختلط ثم دخل بغداد، فمن سمع منه بالبصرة فحديثه مقبول، ومن سمع منه ببغداد فبعد الاختلاط، وتوفي سنة (276 هـ). انظر: تهذيب الكمال (18/ 401)، الكواكب النيرات (ص: 304). والراوي عنه في هذا الإسناد قاسم بن أصبغ، رحل إلى المشرق سنة (274 هـ) أي قبل سنتين من وفاة الرقاشي، ودخل بغداد وسمع من علمائها، فيغلب على الظنِّ أنَّه سمع منه بعد الاختلاط، ولم يذكره أحد فيمن سمع منه قبل أو بعد، وكذا لم يُذكر أنَّ قاسمًا دخل البصرة، إنما ذكروا له رحلة إلى مكة والكوفة وبغداد ومصر كما في تاريخ العلماء والرواة بالأندلس (1/ 406)، فهذا مما يقوي سماعه منه بعد الاختلاط,. ثم وجدتُ الخشني في أخبار الفقهاء والمحدّثين (ص: 308) نصَّ أنَّه لقيه ببغداد، فقال بعد أن ذكر بعض شيوخه: "عبد الملك بن محمَّد الرقاشي، بصري لقيه ببغداد". وهذا دليل أنَّ سماعَه منه كان بعد الاختلاط، والله أعلم. وفي الإسناد أيضًا مندوس بنت علي لم أجد لها ترجمة.

وذكر محمَّد بن عمر الواقدي فيه سماعَ عبد الحميد من عُمر، ولم يُتابَع على ذلك (¬1). ¬

_ (¬1) أخرجه من طريقه الحارث بن أبي أسامة في مسنده كما في بغية الباحث (1/ 354) (رقم: 250) قال: حدثنا محمَّد بن عمر ثنا عبد الحميد بن جعفر سمع عمر بن الحكم قال: سمعت جابر بن عبد الله، فذكره. والواقدي متروك، وقد خالفه هُشيم بن بشير كما عند أحمد، وابن أبي شيبة، والبيهقي، وابن حبان، وابن عبد البر، وخالفه أيضًا عبد الله بن حمران كما عند البزار فذكروه عن عبد الحميد عن عمر بن الحكم معنعنا -وقد سبق تخريج هذه الطرق-. وأخرجه البخاري في الأدب المفرد (ص: 184) (رقم: 522) قال: حدثنا قيس بن جعفر قال: ثنا خالد بن الحارث حدّثنا عبد الحميد بن جعفر أخبرني أبي: أن أبا بكر بن جَزء ومحمد بن المنكدر في ناس من أهل المسجد عادوا عمر بن الحكم بن رافع الأنصاري قالوا: يا أبا حفص حدِّثنا؟ قال: سمعت جابر بن عبد الله ... فذكره. وهذا رجاله ثقات إلا عبد الحميد بن جعفر. وأبوه هو جعفر بن عبد الله بن الحكم الأنصاري وهو ثقة. والذي يظهر أنَّ الاضطراب في إسناد هذا الحديث جاء من عبد الحميد بن جعفر، فمرة يرويه عن أبيه ومرة عن أمه ومرة عن عمر بن الحكم من غير واسطة وهذا مما يؤيد أنه لم يسمع منه هذا الحديث خاصة. لذا قال فيه الحافظ في التقريب (رقم: 3756): "صدوق رمي بالقدر وربما وهم". ولعل هذا من أوهامه، والله أعلم. وقال الحافظ عن طريق البخاري في الأدب: "إن كان محفوظا فيكون عبد الحميد حدّث به عن أبيه وعن أمّه، وإلا فخالد أحفظ الجميع". إتحاف المهرة (3/ 281). قلت: ولعل الأقرب ما ذكرته من اضطراب عبد الحميد ووهمه والله أعلم. وللحديث عدة شواهد منها: - حديث أبي الدرداء رضي الله عنه: أخرجه أبو يعلى في مسنده كما في المطالب العالية (3/ 92) (رقم: 2493) قال: حدّثنا أبو هشام الرفاعي، ثنا إسحاق، ثنا معاوية، عن يونس بن ميسرة، عن أبي إدريس، عن أبي الدرداء مرفوعًا، إلا أنه قال: "خاض في الرحمة إلى حِقويه". وسنده ضعيف، شيخ أبي يعلى واسمه محمَّد بن يزيد، ليس بالقوي كما في التقريب (رقم: 6402). =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = ومعاوية بن يحيى الصدفي قال عنه الحافظ: ضعيف، وما حدّث بالشام أحسن مما حدّث بالري. التقريب (رقم: 6772). قلت: وتلميذه إسحاق بن سليمان رازي. - حديث عمرو بن حزم الأنصاري رضي الله عنه: أخرجه عبد بن حميد في مسنده (1/ 259) (رقم: 288 - المنتخب-)، وأبو بكر بن أبي شيبة في مسنده كما في المطالب العالية (3/ 93) (رقم: 2495)، وابن قانع في معجم الصحابة (2/ 200 - ترجمة عمرو بن حزم-)، والعقيلي في الضعفاء (3/ 468)، وابن أبي الدنيا في المرض والكفارت (ص: 181) (رقم: 232)، والبغوي في الصحابة -ترجمة محمَّد بن عمرو بن حزم- كما في الإصابة (6/ 255) من طرق عن قيس أبي عمارة مولى سودة، عن عبد الله بن أبي بكر بن محمَّد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جدّه. وقال الحافظ ابن حجر في الإصابة: "وهذا من مسند عمرو بن حزم، فالضمير في قوله: عن جدّه، يعود على أبي بكر، لا على عبد الله". قلت: والسند ضعيف، فيه قيس أبو عمارة، قال عنه البخاري: "فيه نظر". التاريخ الصغير (الأوسط) (2/ 132). وذكره ابن حبان في الثقات (9/ 15). - حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط (2/ 352) (رقم: 2205)، والصغير (1/ 101) (رقم: 139) من طريق أحمد بن الحسن المصري، عن أبي عاصم النبيل، عن المفضل بن لاحق، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة به. وقال: "لم يروه عن المفضل إلَّا أبو عاصم". وقال الهيثمي: "رجاله ثقات غير شيخ الطبراني لم أعرفه". مجمع الزوائد (2/ 298). قلت: شيخ الطبراني كذاب. قال ابن عدي: "حدّث عن أبي عاصم بأحاديث مناكير عن ابن عون وعن الثوري وشعبة، ويسرق الحديث، ضعيف". الكامل (1/ 197). وقال ابن حبان: "كذاب دجَّال من الدجاجلة، يضع الحديث عن الثقات وضعًا ... لا يجوز الاحتجاج به بحال". المجروحين (1/ 149، 150). وقال الدارقطني: "متأخر كذّاب، حدّثونا عنه، يروي عن أبي عاصم النبيل". الضعفاء والمتروكون (ص: 113). =

• حديث: "العِدَة بالعطاء". في مرسل ربيعة (¬1). فصل: جابر بن عبد الله من بني سَلِمة، بكسر اللام وفتح السين، يُقال فيه: سَلَمي بفتحِهما، حكاه أبو عُبيد (¬2). وانظر دَفْنَ أبيه في مرسل عبد الرحمن بن عبد الله (¬3). * * * ¬

_ = وقال الحاكم: "يروي عن أبي عاصم وحجاج بن منهال وإبراهيم بن سيار وغيرهم أحاديث موضوعة". المدخل إلى الصحيح (ص: 120). - حديث عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه: أخرجه البزار في مسنده (3/ 246) (رقم: 1036)، وابن عدي في الكامل (4/ 68). وفي إسناده صالح بن موسى الطَلَحي وهو متروك كما في التقريب (رقم: 2891). والحاصل أن لحديث الموطأ شواهد تقويه، والله أعلم. وأخرج مسلم في صحيحه كتاب: البر والصلة، باب: فضل عيادة المريض من حديث ثوبان مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "عائد المريض في مخرفة الجنة حتى يرجع". (¬1) سيأتي حديثه (4/ 521). (¬2) أبو عبيد هو الحافظ الإِمام القاسم بن سلام البغدادي. وقال السمعاني: "وهذه النسبة بفتح السين المهملة وفتح اللام إلى بني سلمة حي من الأنصار ... وهذه النسبة عند النحويين، وأصحابُ الحديث يكسرون اللام على غير قياس النحويين". الأنساب (3/ 280)، وانظر: توضيح المشتبه (5/ 140). (¬3) سيأتي حديثه (5/ 49).

9/ مسند جابر بن عتيك الأنصاري الأوسي المعاوي

9/ مسند جابر بن عَتيك الأنصاري الأوسي المُعاويِّ (¬1). وقيل: جَبر (¬2). حديثٌ واحد، وله آخر في الزيادات مذكور لابن عمر (¬3). 53 / حديث: "الشهداءُ سبعةٌ سِوى القتل ... ". فيه: الحرق، وصاحب ذات الجَنْب، والمرأة تموت بجُمْع (¬4)، والأربعة المذكورون في حديث أبي صالح، عن أبي هريرة (¬5). وهذا في الجنائز، باب: النهي عن البكاء. عن عبد الله بن عبد الله بن جابر بن عَتِيك، عن عَتيك بن الحارث بن عَتيك -وهو جدُّه أبو أمّه-، عن جابر بن عتيك: "أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - جاء يعود عبدَ الله بنَ ثابت فوجده قد غُلِب ... " (¬6). ¬

_ (¬1) المعاوي: نسبة إلى بني معاوية بن مالك بن عوف بن عمرو بن عوف بطن من الأوس. انظر: الأنساب (5/ 335). (¬2) سيأتي ذكر الخلاف في اسمه. (¬3) سيأتي (4/ 376). (¬4) جُمْع بضم الجيم وسكون الميم. قال ابن الأثير: "أي تموت وفي بطنها ولد، وقيل التي تموت بكرا، والجمع بالضم بمعنى المجموع كالذُخر بمعنى المذخور، وكسر الكسائي الجيم، والمعنى أنها ماتت مع شيء مجموع فيها غير منفصل عنها من حل أو بكارة". النهاية (1/ 296). (¬5) وهم: المطعون والمبطون والغريق وصاحب الهدم، وسيأتي حديثه (برقم: 427). (¬6) الموطأ كتاب: الجنائز، باب: النهي عن البكاء على الميت (1/ 202) (رقم: 36). وأخرجه أبو داود في السنن كتاب: الجنائز، باب: فضل من مات في الطاعون (3/ 482) (رقم: 3111) من طريق القعنبي. =

فيه: "غُلبنا عليك يا أبا الرَّبيع"، وفيه: فصاح النّسوةُ وبكين، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "دَعْهُنَّ، فإذا وجبَ فلا تبكينَّ باكية". هكذا إسناده في الوطأ، وخرّجه النسائي وأبو داود على نصّه عن مالك (¬1). والخلاف فيه كثير: وقال فيه أبو العُمَيس -وهو عُتبة بن عبد الله بن عُتبة-: عن عبد الله بن عبد الله بن جَبر بن عَتيك، عن أبيه، عن جَدِّه: "أنه مرض فأتاهَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يعوده، فقال قائلٌ من أهله ... "، وذكر ما (¬2) في الحديث. خرّجه ابن أبي شيبة وغيره (¬3). وذكره الدارقطني في العلل وقال: "رواه كثيرُ بن زيد، عن عبد الملك بن جابر بن عتيك، عن عمّه. يريد (¬4) جَبر بن عَتيك" (¬5). ¬

_ = والنسائي في السنن كتاب: الجنائز، باب: النهي عن البكاء على الميت (4/ 13)، وفي السنن الكبرى كتاب: الطب، باب: عيادة من قد غلب عليه (4/ 355) (رقم: 7497) من طريق ابن القاسم، وعتبة بن عبد الله. وأحمد في المسند (5/ 446) من طريق روح، أربعتهم عن مالك به. (¬1) سبق تخريجه من السنن. (¬2) في الأصل: "ذكرنا"، ولعل الصواب المثبت. (¬3) أخرجه ابن أبي شيبة في مسنده (ل: 63 / ب).، لكن وقع فيه: "جابر"، بدل: "جبر"، ولعله من تغيير ابن وضاح، فالنسخة من روايته عن ابن أبي شيبة. ومن طريقه أخرجه ابن ماجه في السنن كتاب: الجهاد، باب: ما يرجى فيه الشهادة (2/ 936) (رقم: 2803)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (4/ 30) (رقم: 1972). وأخرجه أيضًا ابن سعد في الطبقات (3/ 387)، وابن أبي خيثمة في التاريخ (2 / ل: 132 / ب)، وابن قانع في معجم الصحابة (1/ 140)، والطبراني في المعجم الكبير (2/ 192) (رقم: 1780)، والدارقطني في المؤتلف والمختلف (1/ 375)، كلهم من طريق أبي العُميس، عن عبد الله بن عبد الله بن جبر بن عتيك به. (¬4) في الأصل: "يزيد"، بالزاي وهو خطأ. (¬5) العلل (4 / ل: 100 / أ).

هكذا قال أبو الحسن، فكأنَّ جَبْرًا وجابرًا على هذا أخوان، وهذا الحديث هو لِجَبرٍ منهما. وخَرَّج ابنُ أبي شيبة أيضًا من طريق عبد الله بن عيسى، عن جبر بن عتيك، عن عمِّه قال: "دخلت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ميّت ... "، وذَكَر فضلَ البكاء خاصَّةً (¬1). وقال الدارقطني: "لم يُتابِع مالكًا أحدٌ على قوله: جابر بن عتيك، والله أعلم، وهو مما يُعتدّ به على مالكٍ" (¬2). وذكر البخاريُّ في التاريخ هذا الحديث لجبر في ترجمة جابر (¬3)، وذكر لجابر حديث: "مَن اقْتَطَع مالَ مسلمٍ بيَمِينه ... " (¬4)، ولم يُخرَّج في الصحيح لجبر ولا لجابر بنِ عَتيك شيءٌ. قال الشيخ أبو العبّاس رضي الله عنه: وبنو عَتيك في الأنصار، ¬

_ (¬1) المسند (ل: 25 /أ)، وأخرجه أحمد في المسند (5/ 446). وأخرج البخاري في التاريخ الكبير (2/ 209) من طريق عبد الملك بن عمير عن جبر بمثله. (¬2) العلل (4 /ل: 100/ ب)، أي أن مالكا انفرد بقوله: جابر بن عتيك، وخالفه أبو العميس عتبة بن عبد الله وكثير بن زيد وعبد الله بن عيسى وعبد الملك بن عمير قالوا فيه: جبر. وذهب ابن حجر إلى تصحيح رواية مالك، وقال: "ورواية مالك هي المعتمدة". الإصابة (1/ 438). واستشهد ببعض الأحاديث التي فيها تسمية جابر، لكن يعكّر عليه ما ذكره الدارقطني من مخالفة الرواة لمالك، وثبوت رجل آخر اسمه جبر كما سيأتي. (¬3) التاريخ الكبير (2/ 208، 209). (¬4) أخرجه البخاري في الموضع السابق، والحاكم في المستدرك (4/ 294)، وابن قانع في معجم الصحابة (1/ 141)، والطبراني في المعجم الكبير (2/ 192) (رقم: 1782)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (1 /ل: 124 /أ) من طرق عن أبي سفيان بن جابر بن عتيك عن أبيه جابر بن عتيك به. قال الحاكم صحيح ولم يخرجاه بهذه السياقة، ووافقه الذهبي. قلت: أبو سفيان لم يوثقه أحد. وصنيع البخاري في تاريخه يدل على أن جابرًا غير جبر.

وقد كَثُر الخلافُ فيهم وفي نسبةِ بعضهم من بعض، فقيل: حابر وجبر رجلٌ واحدٌ اختُلِف في اسمه (¬1) وقيل: هما أخوان، ابنا عتيك بن الحارث بن قيس بن هَيْشَةَ الأوسي من بني عمرو بن عوف (¬2). وسَهْلُ بن عتيك رجلٌ آخر، هو سهل بن عتيك بن النُّعمان بن عَمرو، خزرجيٌّ من بني مالك بن النَّجار (¬3). واختُلِف في الحارث بن عتيك، فقيل: هو أخو جابر أو جبر (¬4)، وقيل: هو أخو سهل بن عتيك (¬5). ¬

_ (¬1) وهو قول ابن إسحاق، وموسى بن عقبة، وأبي معشر الطبري، وأبي نعيم، والبغوي وظاهر كلام ابن عبد البر. انظر: معرفة الصحابة (1/ ل: 123/ أ)، الاستيعاب (1/ 222، 230) تهذيب التهذيب (2/ 38). (¬2) وهو ظاهر قول الدارقطني والبخاري. وقال ابن قانع: "جبر بن عتيك أخو جابر بن عتيك". معجم الصحابة (1/ 141). ولم يذكر ابن سعد في الطبقات إلا جبرا ونسب إليه حديث الباب. الطبقات (3/ 357). وأما خليفة بن خياط ذكر في الطبقات (ص: 84) جابر بن عتيك بن قيس بن هيشة الأنصاري، ثم ذكر في (ص: 103) جابر بن قيس بن الأسود بن مري بن كعب بن سلمة قال: "روى أحاديث منها الشهادة لسبع". وتبعه على ذلك الذهبي في السير (2/ 36، 37)، وتجريد أسماء الصحابة (1/ 73، 76). وأما المزي فذكر جابر بن عتيك. بن قيس بن الأسود بن مري بن كعب بن غنم بن سلمة الأنصاري، وجعل جبرا أخاه ونسب الحديث لجبر منهما. انظر: تهذيب الكمال (4/ 454، 494). وجعل ابن حجر جابر وجبرا رجلين لا صلة لأحدهما بالآخر. تهذيب التهذيب (2/ 52). وتقدّم أنه صوّب رواية مالك، وأنَّ الحديث لجابر، ولعل الأقرب للصواب ما ذهب إليه ابن المديني والدارقطني والبخاري أنهما أخوان وأن الحديث لجبر منهما، والله أعلم. (¬3) انظر: الطبقات الكبرى (3/ 387)، الاستيعاب (2/ 666)، الاستبصار في نسب الأنصار (ص: 77). (¬4) وهو قول علي بن المديني كما في الاستيعاب (1/ 222)، وانظر: الإصابة (1/ 586). (¬5) وهو قول الواقدي، والزبير بن بكار، وابن سعد، وابن أبي داود، وابن قانع، وابن عبد البر، وابن قدامة. انظر: الطبقات الكبرى (3/ 387)، معرفة الصحابة (2 / ل: 25 /أ)، معجم الصحابة (115/ 2)، الاستيعاب (1/ 297)، الاستبصار في نسب الأنصار (ص: 77)، الإصابة (4/ 167).

وكذلك اختُلِف في عبد الله بنِ عتيك، فقيل: هو أخو جابر أو جبر (¬1). وقيل: هو رجل آخر من الخزرج لا من الأوس، وهو الذي قَتَل أبا رافع بن أبي الحُقيق اليهودي، وهذا مشهور عند أهلِ السَيّرَ (¬2)، وخرّجه البخاريُّ في الصحيح، وكان عبدُ الله هذا أميرَهم (¬3). وقال العدويُّ: "عبد الله بنُ عتيك أبو ثابت، أخو الحارث بن عتيك الذي عاده النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - فقال: "غُلبنا عليك يا أبا ثابت ... "، فلمَّا تُوفي شَهِدَه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وكفَّنَه في قميصِه، وصلَّى عليه في بَني معاوية، وهو المسجدُ الذي دعا فيه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عليه ألَّا تَهْلَكَ أمَّتُه بالسِّنِين، قال: وهكذا قولُ أهلِ النَّسبِ إلَّا ابن الكلبي فإنَّه قال: هو عبد الله بنُ ثابت بنِ قَيس بنِ هَيْشَة بنِ الحارث وكنيتُه أبو الربيع، قال: ووافقه الواقديُّ على أنَّه عبد الله بن ثابت" (¬4). قال الشيخ أبو العبّاس - رضي الله عنه -: وقولُ العدويّ شاذٌ لم يُتابَع عليه. وانظر حديثَ جابر بن عَتيك في الزيادات (¬5) , وحديثَ ابن عمر من طريق عبد الله بن عبد الله بنِ جابر في مسندِه (¬6). ¬

_ (¬1) وهو قول خليفة بن خياط وابن عبد البر. انظر: الطبقات (ص: 103)، الاستيعاب (3/ 946)، الإصابة (4/ 168). (¬2) انظر: سيرة ابن هشام (1/ 273، 274) البداية والنهاية (4/ 137 - 140)، زاد المعاد (3/ 275). (¬3) صحيح البخاري كتاب: المغازي، باب: قتل أبي رافع عبد الله بن أبي الحقيق (5/ 33، 32) (رقم: 4038 - 4040)، وانظر: الطبقات الكبرى (2/ 70)، الاستبصار في نسب الأنصار (ص: 168). (¬4) لم أقف على قول العدوي. (¬5) سيأتي حديثه (4/ 376). (¬6) سيأتي حديثه (2/ 489).

فصل: قال في هذا الحديث: "إذا وَجَبَ فلا تبْكِيَنَّ باكيةٌ"، وجاء عن ابن عباس أنه قال في حديث طويل ذكره: لما ماتت رُقَيَّةُ بنت النبي - صلى الله عليه وسلم - بكى النساءُ عليها، فجعل عُمرُ يضربهنَّ بسوطِه، فأخذ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بيده وقال: "دَعْهنَّ يَبْكِينَ"، وقال: "ابْكِينَ، وإيّاكنُّ ونَعِيقَ الشيطان، فإنَّه مَهْمَا يَكُنْ مِن القلبِ والعَينِ فَمِنَ الله الرَّحمة، ومَهْمَا يكنْ مِن الَيَدِ واللِّسانِ فمِنَ الشَّيطانِ"، وذَكَر سائرَه. خرّجه ابن أبي شيبة (¬1). ¬

_ (¬1) أخرجه ابن أبي شيبة في المسند كما في إتحاف الخيرة للبوصيري (3/ 274)، وأحمد في المسند (1/ 237، 335) والطيالسي في المسند (ص: 351) (رقم: 2694)، وابن سعد في الطبقات (3/ 304)، (30/ 8) والحاكم في المستدرك (3/ 190)، وأبو نعيم في الحلية (1/ 105) من طرق عن علي بن زيد بن جُدعان عن يوسف بن مهران عن ابن عباس به، وفي آخره: "وقعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على شفير القبر وفاطمة إلى جنبه تبكي فجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - يَمسح عين فاطمة بثوبه رحمة لها". وسنده ضعيف علي بن زيد بن جدعان ضعيف. التقريب (رقم: 7434). ويوسف بن مهران مختلف فيه، وقال الحافظ: "ليّن الحديث".التقريب (رقم: 7886). وقال الذهبي: "هذا الحديث منكر فيه شهود فاطمة الدفن ولا يصح". الميزان (4/ 49)، وانظر السير (2/ 252). وقال البوصيري: "ومدار هذا الطريق على علي بن زيد بن جُدعان، وهو ضعيف". إتحاف الخيرة المهرة (3/ 375). تنبيه: وقع في هذا الحديث أن المتوفاة رقيَّة رضي الله عنها، وجاء عند أحمد من طريق يزيد بن هارون أنها زينب وهو الصواب؛ لأن رقيَّة توفيت والنبي - صلى الله عليه وسلم - ببدر، ولعل هذا الخلط جاء من علي بن جدعان. وقال ابن سعد: "قال يزيد: زينب بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقال عفان: رقيَّة بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقال سليمان بن حرب: ابنةٌ لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -". الطبقات الكبرى (8/ 30). فلعل يزيدًا أصلح الخطأ، لأنَّ عفانًا توبع عليه، تابعه أبو داود الطيالسي، وعبد الصمد وحسن بن موسى عند أحمد، وحبان بن هلال عند الحاكم. ومراد المصنف من إيراد هذا الحديث بيان أنَّ قوله "لا تبكين باكية" ليس على عمومه، وأنَّ المراد لا تبكين صياحًا ولا نياحًا، وأن البكاء على الميت جائز ما لم يشب ذلك نياح وصياح وشق جيب. وقال الباجي: "يحتمل أن يكون - صلى الله عليه وسلم - منع من بكاء مخصوص عند الوجوب، وهو ما جرت العادة به من الصياح والمبالغة في ذلك بالويل والثبور فتوجَّه نهيه إلى ذلك البكاء خاصة". المنتقى (2/ 26).

10/ مسند جبير بن مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف بن قصي القرشي النوفلي

10/ مسند جُبير بن مُطعم بن عَدِيِّ بن نَوفَل بن عبد مَنَاف بن قُصَيِّ القرشي النَّوفلي حديث واحد. 54/ حديث: "قرأ بالطُّورِ في المغرب". في أبواب القراءة. عن ابن شهاب، عن محمد بن جُبير بن مطعم، عن أبيه (¬1). سمعه جُبيرٌ قَبل إسلامه، كان أتى المدينةَ في أُسارى بَدر (¬2)، وأسلمَ بعد ذلك يوم الفتح، وقيل: عامَ خيبر (¬3)، جاء عنه أنه قال: "سمعتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - يقرأ في المغرب بالطور، فلما بلغ هذه الآية: {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ (35) أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لَا يُوقِنُونَ (36) أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ} (¬4) كاد قلبي أن يطير". ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الصلاة، باب: القراءة في المغرب والعشاء (1/ 88) (رقم: 23). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الأذان، باب: الجهر في المغرب (1/ 230) (رقم: 765) من طريق عبد الله بن يوسف. ومسلم في صحيحه كتاب: الصلاة، باب: القراءة في الصبح (1/ 338) (رقم: 463) من طريق يحيى النيسابوري. وأبو داود في السنن كتاب: الصلاة، باب: قدر القراءة في المغرب (1/ 508) (رقم: 811) من طريق القعنبي. والنسائي في السنن كتاب: الصلاة، باب: القراءة في المغرب بالطور (2/ 169) من طريق قتيبة. وأحمد في المسند (4/ 85) من طريق ابن مهدي وحماد الخياط، ستتهم عن مالك به. (¬2) أي في فداء أسارى بدر. (¬3) الاستيعاب (1/ 232). (¬4) سورة الطور، الآيات: (35، 36، 37).

انظره للبخاري في الجهاد (¬1)، والتفسير (¬2)، وفي مسند ابن أبي شيبة (¬3). حديث: الأسماء. مذكور ليحيى في مرسل محمد بن جبير (¬4). فصل: في الكنى: أبو ثَعلبة، واسمه: جُرهُم، ويقال: جُرثوم (¬5). وفي المبهمين: صاحبُ الهدي، وقيل: اسمه جندب بن ناجية (¬6). وفي الزيادات: لجَرهد حديثٌ ليس عند يحيى بن يحيى (¬7). وليس في الموطأ من رجال الصحابة من له حديث مرفوعٌ أوَّل اسمِه حَاءٌ صُرِّح باسمه فيه، وانظر الحاءَ في الكنى، وفي أسماء النساء. * * * ¬

_ (¬1) باب: فداء المشركين (4/ 357) (رقم: 3050)، وفي المغازي، باب: (5/ 24) (رقم: 4023) مختصرًا. (¬2) باب: سورة الطور (6/ 353) (رقم: 4854). (¬3) وهو في المصنف (1/ 314) (رقم: 3589) مختصرًا. (¬4) سيأتي حديثه (4/ 575). (¬5) سيأتي مسنده (3/ 156). (¬6) سيأتي مسنده (3/ 603). (¬7) سيأتي مسنده (4/ 378).

باب: الخاء

باب: الخاء فيه رجل واحد 11/ مسند خالد بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشي المخزومي كان يُقال له: سيف الله (¬1). حديث واحد. 55/ حديث: الضَّب. فيه: أَحَرامٌ هو؟ قال: "لا، ولكنَّه لم يكن بأرضِ قومي فأجِدُني أعافُه". في الجامع. عن ابن شهاب، عن أبي أمامةَ بن سَهْل بن حُنيف، عن ابن عباس، عن خالد بن الوليد: "أنه دخل مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيت ميمونةَ، فأُتِي بضبّ مَحْنُوذ (¬2) ... " (¬3). ¬

_ (¬1) روى البخاري في صحيحه كتاب: فضائل أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، باب: فضائل خالد بن الوليد رضي الله عنه (4/ 589) (رقم: 3757) عن أنس رضي الله عنه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نعى زيدا وجعفرا وابن رواحة للناس قبل أن يأتيهم خبرهم فقال: "أخذ الراية زيد فأُصيب ثم أخذ جعفر فأُصيب ثم أخذ ابن رواحة فأُصيب -وعيناه تذرفان- حتى أخذها سيف من سيوف الله حتى فتح الله عليهم". (¬2) أي مشوي. مشارق الأنوار (1/ 203). (¬3) الموطأ كتاب: الاستئذان، باب: ما جاء في أكل الضبّ (2/ 737) (رقم: 10). وأخرحه البخاري في صحيحه كتاب: الذبائح والصيد، باب: الضبّ (6/ 586) (رقم: 5537) من طريق القعنبي. =

هكذا عند يحيى بن يحيى وجماعةٍ من رواة الموطأ قالوا فيه: ابن عباس، عن خالد: "أنه دخل"، وكذا قال فيه البخاري عن القعنبي، عن مالك (¬1). وقال مطرِّف ومعن، عن مالك: ابن عباس: "أنَّ خالد بن الوليد دخل" (¬2). ¬

_ = وأبو داود في السنن كتاب: الأطعمة، باب: في أكل الضبّ (3/ 1543) (رقم: 1945) من طريق القعنبي. وأحمد في المسند (4/ 88) من طريق روح، ثلاثتهم عن مالك به. (¬1) سبق تخريجه من طريق القعنبي. وتابع يحيى الليثي كل من: - ابن القاسم كما فِي روايته للموطأ (ص: 126) (رقم: 70 - مع تلخيص القابسي -)، ومحمد بن الحسن الشيباني كما في روايته (ص: 219) (رقم: 654)، وابن وهب (من طريق يونس بن عبد الأعلى عنه)، كما في الجمع بين روايته ورواية ابن القاسم (ل: 22 / ب)، وكذا ذكره الخطيب البغدادي في الرواة عن مالك (ل: 13 / ب - مختصر العطار-). ووقع فِي تهذيب الآثار للطبري (رقم: 2014) حدّثني يونس، أنبأ ابن وهب، أخبرني يونس (أي ابن يزيد) ومالك عن ابن شهاب أخبرهما عن أبي أمامة عن ابن عباس: "أنَّ خالد بن الوليد .. ". فلعله حمل رواية مالك على رواية يونس بن يزيد، والله أعلم. وإسماعيل بن أبي أويس، ذكره البيهقي في السنن الكبرى (9/ 323)، ومعرفة السنن (7/ 258)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (16/ 217). (¬2) رواية مطرّف لم أجدها، وأشار الخطيب البغدادي في الرواة عن مالك (ل: 13 / ب)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (16/ 218): أن مطرّفًا وافق في روايته أبا مصعب الزهري التي يأتي ذكرها، والله أعلم. ورواية معن أخرجها النسائي في الكبرى كتاب: الأطعمة، باب: لحم الضباب (4/ 153) (رقم: 6653). وتابعهما: - معاوية بن عبد الله بن أبي يحيى، أخرجه من طريقه الخطيب البغدادي في الرواة عن مالك (ل: 13/ أ- مختصر العطار). - وابن وهب من طريق أبي الطاهر بن السرح، ذكره الخطيب في الرواة عن مالك (ل: 13 / ب).

وقال ابن بُكير في آخرين: عن ابن عباس وخالد: "أنَّهما دخلَا" (¬1). وقال أبو مصعب: ابن عباس قال: "دخلت أنا وخالد" (¬2). وكذا قال فيه مسلم عن يحيى النيسابوري، عن مالك (¬3). وفي رواية يونس عن الزهري، عن أبي أمامة: أنَّ عبد الله بن عباس أخبره أنَّ خالد بن الوليد الذي يُقال له سيفُ الله أخبره: "أنه دخل مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ميمونة وهي خالته وخالة ابن عباس"، خُرّج هذا في الصحيحين (¬4)، وفيه: قال: "فاجتررته فأكلته". ¬

_ (¬1) الموطأ برواية ابن بكير (ل: 262 / أ - نسخة الظاهرية -). وتابعه: عبد الله بن يوسف وعبد الرحمن بن القاسم وروح بن عبادة وسعيد بن عفير وداود بن عبد الله الجعفري. ذكرهم الخطيب في الرواة عن مالك (ل: 13 / ب). وسبق أنَّ رواية ابن القاسم موافقةٌ لرواية يحيى الليثي! (¬2) رواية أبي مصعب (2/ 146) (رقم: 2037). (¬3) صحيح مسلم كتاب: الصيد والذبائح، باب: إباحة الضبّ (3/ 1543) (رقم: 1945). وتابعه: - سويد بن سعيد كما في روايته للموطأ (ص: 583) (رقم: 1407). - وعبد الله بن نافع ومطرف بن عبد الله، ذكرهما الخطيب في الرواة عن مالك (ل: 3 /ب)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (16/ 218). وشك الشافعي فيه فقال: "أشك قال مالك: عن ابن عباس عن خالد أو عن ابن عباس وخالد بن الوليد". الأم (2/ 251)، السنن الكبرى (9/ 323)، معرفة السنن (7/ 257). (¬4) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الأطعمة، باب: ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يأكل حتى يسمَّى له فيعلم ما هو (6/ 543) (رقم: 5391). ومسلم في صحيحه كتاب: الصيد والذبائح، باب: إباحة الضب (3/ 1543) (رقم: 1946). ورواه بهذا السياق عن الزهري صالح بن كيسان عند مسلم في صحيحه (3/ 1544) (رقم: 1946). ورواه معمر عند البخاري في صحيحه كتاب: الأطعمة، باب: الشواء (6/ 545) (رقم: 5400)، والزبيدي عند الطبراني في المعجم الكبير (4/ 108) (رقم: 3818) عت الزهري عن أبي أمامة عن ابن عباس عن خالد.

وكذلك في حديث الموطأ عند ابن القاسم (¬1)، والقعنبي (¬2)، وأكثر الرواة، قالوا فيه: قال خالد: "فاجْتَرَرْتُه" (¬3)، وذلك يُبيّن أنَّ الحديث له، والله أعلم (¬4). فصل: في الكنى: أبو أيوب، واسمه: خالد بن زيد (¬5). وأبو شُريح، واسمه عند الأكثر خُوَيلد بن عمرو (¬6). وليس في الموطأ من الصحابة من له حديثٌ مرفوعٌ أوّلُ اسمه ذالٌ أو دالٌ، والدَّال المهملةُ في الكنى خاصة. * * * ¬

_ (¬1) الموطأ (ص: 126) (رقم: 70). (¬2) أخرجه من طريقه البخاري وأبو داود، وسبق تخريجه. (¬3) وهو كذلك عند يحيى النيسابوري وابن بكير والشافعي وأبى مصعب. (¬4) قال الحافظ ابن حجر: "وهذا الحديث مما اخثلف فيه على الزهري هل هو من مسند ابن عباس أو من مسند خالد، وكذا اختلف فيه على مالك ... والجمع بين الروايات أن ابن عباس كان حاضرًا للقصة في بيت ميمونة كما صرح به في إحدى الروايات، وكأنه استثبت خالد بن الوليد في شيء منه لكونه الذي كان باشر السؤال عن حكم الضبّ وباشر أكله أيضًا، فكان ابن عباس ربما رواه عنه، ويؤيِّد ذلك أن محمد بن المنكدر حدّث به عن أبي أمامة بن سهل عن ابن عباس قال: أُتى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو في بيت ميمونة وعنده خالد بن الوليد بلحم ضبّ ... الحديث أخرجه مسلم (في صحيحه (3/ 1544) (رقم: 1945) .... ". الفتح (9/ 580، 581). وانظر الأحاديث التي خولف فيها مالك للدارقطني (ص: 74). (¬5) سيأتي مسنده (3/ 140). (¬6) سيأتي مسنده (3/ 277).

باب: الراء

باب: الراء رجلان 12/ مسند رافع بن خُدَيج بن رافع بن عَدِيٍّ الأنصاري الخزرجي الحارثي حديثان. 56/ حديث: "نهى عن كِراء المزارِع". وفيه: فتوى رافع في كِراء الأرض. عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن حَنظلةَ بن قَيس الزُّرَقِي، عن رافع (¬1). هذا حديث اضُطرب في إسنادِه، خرّجه مسلمٌ هكذا عن يحيى النيسابوري، عن مالك (¬2). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: كراء الأرض، باب: ما حاء في كراء الأرض (2/ 546) (رقم: 1). وأخرجه مسلم في صحيحه كتاب: البيوع، باب: كراء الأرض بالذهب والورق (3/ 1183) (رقم: 1547) من طريق يحيى النيسابوري. وأبو داود في السنن كتاب: البيوع والإجارات، باب: في المزارعة (3/ 686) (رقم: 3393) من طريق قتيبة. والنسائي في السنن كتاب: المزارعة، باب: ذكر الأحاديث المختلفة في النهي عن كراء الأرض بالثلث والربع واختلاف ألفاظ الناقلين للخبر (7/ 43) من طريق يحيى القطان. وأحمد في المسند (4/ 140) من طريق يحيى القطان، ثلاثتهم عن مالك به. (¬2) سبق تخريجه من مسلم.

وخرّجه البخاري من طريهت الليث، عن ربيعةَ، عن حنظلةَ، عن رافع، عن عمَّيْه، ولم يسمِّهما (¬1). وفي رواية سعيد بن عُفير، عن مالك، عن نافع: أنَّه سمع رافعًا يخبرُ ابنَ عمر: "أنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - نهى ... " [قد ذكر] (¬2). وخرّج مسلمٌ من طريق أيّوب، عن نافع: "أنَّ ابن عمر كان يكْرِي مزارِعَه حتى بلغه في آخرِ خلافةِ معاويةَ أنَّ رافع بن خُديج يُحدِّث فيها بنَهيٍ، قال نافع: فدخل عليه وأنا معه فسأله" (¬3). وللبخاري نحوه (¬4). وروى جويرية خارج الموطأ، عن مالك، عن ابن شهاب، عن سالم: أنَّ رافعا أخبر عبدَ الله بنَ عمر عن عمَّيْه به. خرّجه البخاري في غزوةِ بَدْر عن عبد الله بن محمّد بن أسماء، عن جويرية، عنه (¬5). وقال النسائي: "هذا غريبٌ مِن حديث مالك، لا أعلم أحدًا رواه عنه غيرُ ¬

_ (¬1) صحيح البخاري كتاب: الحرث والمزارعة، باب: كراء الأرض بالذهب والفضة (10313) (رقم: 2346 - 2347). (¬2) كذا في الأصل، ولعلَّها: "فذكره". وقال ابن حجر: "رواه سعيد بن عُفير في الموطأ عن مالك عن نافع: أنه سمع رافع بن خديج يحدّث ابن عمر به. ولم يروه من رواة الموطأ غيره". إتحاف المهرة (4/ 483). وسعيد بن كثير بن عُفير المصري صدوق عالم بالأنساب وغيرها كما في التقريب (رقم: 2382)، فلعل لمالك فيه شيخان، وسيأتي أنَّه رواه كذلك عن الزهري عن سالم، فيتحصّل من هذا كله أن مالكًا سمعه بثلاثة أسانيد، والله أعلم. (¬3) صحيح مسلم كتاب: البيوع، باب: كراء الأرض (3/ 1180) (رقم: 1547). (¬4) صحيح البخاري كتاب: الحرث والمزارعة، باب: ما كان من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - يواسي بعضهم بعضًا في الزراعة والثمرة (3/ 102) (رقم: 2343 - 2344). (¬5) صحيح البخاري كتاب المغازي، بابٌ، (5/ 23) (رقم: 4012 - 4013).

جويرية، وهو ثقة" (¬1). وقال فيه الأوزاعي: عن أبي النَجَاشِي، عن رافع، عن عمِّه ظُهَير، قال رافع: أتاني ظُهير فقال: "لقد نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أمرٍ كان بنا رافِقًا ... "، وذكره، خُرِّج في الصحيح (¬2). ولعَلَّ النهيَ تكرَّرَ فسمِعَه رافعٌ بَعدَ الإِخبارِ، والله أعلم (¬3). 57 / حديث: "لا قَطْع في ثَمَر ولا كَثَر (¬4) ". في الحدود. عن يحيى بن سعيد، عن محمّد بن يحيى بن حَبَّان (¬5). ذكره عن رافعٍ ولم يُسنِده إليه، وهو مقطوع (¬6). ¬

_ (¬1) لم أقف على كلام النسائي، وحديث جويرية عن مالك مخرّج في سننه (7/ 44)، وفي الكبرى (3/ 100) رقم: 4632)، وليس فيه كلامه على جويرية، فلعله رواية أخرى للسنن، أو في كتابه مسند حديث مالك، والله أعلم. وفي هذا دليل أنَّ الإمام مالكًا كان يروي هذا الحديث من عدة أوجه. (¬2) صحيح البخاري كتاب: الحرث والمزارعة، باب: ما كان من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - يواسي بعضهم بعضًا في الزراعة والثمرة (3/ 101) (رقم: 2339). وأبو النَجاشي بفتح النون وتخفيف الجيم واسمه عطاء بن صهيب كما في الفتح (5/ 29). وهذه الرواية تقوي رواية الليث المتقدِّمة، وفيها: أنَّ رافعا كان يروي الحديث عن عمّيه. (¬3) أي أنَّ رافعًا حدَّثه به عمَّاه، ثم سَمعه مباشرة من النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأدّاه عنه كما سَمعه، والكلُّ في الصحيح. وانظر الفتح (5/ 30، 31). (¬4) بفتح الكاف، والثاء المثلَّثة، وهو جمّار النخل. مشارق الأنوار (1/ 337). (¬5) الموطأ كتاب: الحدود، باب: ما لا قطع فيه (2/ 639) (رقم: 32). وأخرجه أبو داود في السنن كتاب: الحدود، باب: ما لا قطع فيه (4/ 549) (رقم: 4388) من طربق القعنبي، عن مالك به. (¬6) الإسناد منقطع بين محمَّد ورافع، بينهما واسع بن حبّان كما سيأتي بيانه. =

وفيه: قصةُ عَبدٍ سَرَقَ وَديًّا (¬1). ورواه ابن عيينة (¬2) وغيَره عن يحيى بن سعيد، عن محمّد بن يحيى، عن عمّه واسع بن حَبَّان - وهو سيِّدُ العبد - عن رافع. خرّجه النسائي من طريق الليث وسفيان (¬3). ¬

_ وتابع مالكًا على هذا الإسناد كلُّ من: - يحيى القطان عند النسائي في السنن (8/ 87). - وحماد بن زيد عند أبي داود في السنن (4/ 550) (رقم: 4389)، والنسائي في السنن (8/ 87). - وابن جريج عند عبد الرزاق في المصنف (10/ 223) (رقم: 18916). - وأبو معاوية الضرير عند النسائي في السنن (8/ 87). - ويزيد بن هارون عند أحمد في المسند (3/ 413)، (4/ 140، 142)، والدارمي في السنن (2/ 228) (رقم: 2304). - وشعبة عند أحمد في المسند (3/ 464). - وجرير عند الدارمي في السنن (2/ 221) (رقم: 2308). - وأبو شهاب الحنّاط عبد ربّه بن نافع عند البيهقي في السنن الكبرى (263/ 8). - ويونس بن راشد، وزائدة بن قدامة، وأنس بن عياض، والدراوردي، وأبو خالد الأحمر عند الطبراني في المعجم الكبير (4/ 262) (رقم: 4346 - 4350) (¬1) الوديّ: بتشديد الياء، وهو فسيل النخل (أي صغاره) الذي يخرج من أصوله، ينقل ويغرس، واحدها وديّة. انظر مشارق الأنوار (2/ 283)، النهاية (1/ 170). (¬2) أخرجه من طريقه: الحميدي في المسند (1/ 199) (رقم: 407)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (10/ 316) (رقم: 4466)، والطحاوي في شرح المعاني (3/ 172)، والبيهقي في الكبرى (8/ 263). (¬3) طريق الليث بن سعد عند النسائي في السنن (8/ 87)، والترمذي في السنن (4/ 42) (رقم: 1449). وأما سفيان الثوري فاختلف عليه: فرواه عنه أبو نعيم عند النسائي في السنن (8/ 78)، والدارمي في السنن (2/ 226) (رقم: 2307) والطبراني في المعجم الكبير (4/ 260) (رقم: 433). ومخلد بن يزيد القرشي عند النسائي في السنن (8/ 78) كرواية مالك. =

ومحمّد بن يحيى هذا من شيوخِ مالك، روى عنه، عن الأعرج، عن أبي هريرة (¬1). وجدُّه حَبَّان بفتح الحاء وبالباء المعجمة بواحدة (¬2)، له صحبة (¬3)، وهو ابن منقذ الذي كان يُخدع في البيوع، مذكور في حديث ابن دينار، عن ابن عمر (¬4). * * * ¬

_ = وخالفهما وكيع، فرواه عن سفيان عن يحيى بن سعيد عن محمّد بن يحيى عن واسع عن رافع. أخرجه النسائي في السنن (8/ 88)، والدارمي في السنن (2/ 228) (رقم: 2306). ووكيع ثبت في سفيان لكن خالفه اثنان من الرواة فلعل سفيان كان يحدّث به على الوجهين، والله أعلم. وتابعهم على ذكر الواسطة: - زهير بن محمّد عند الطيالسي في المسند (ص: 129 رقم: 958). وزيادة واسع في الإسناد من باب زيادة الثقة وهي مقبولة؛ لأن الذين زادوه أئمّة حفَّاظ. قال الشيخ الألبانى: "ابنُ عيينة والليث ثقتان حجَّتان وقد وصلاه، والوصلُ زيادة فيجب قَبولها". الإرواء (8/ 73). (¬1) أسماء شيوخ مالك (ل: 46 / ب)، وسيأتي ذكر هذا الإسناد (ص: 970، 973). (¬2) الإكمال (2/ 303)، المؤتلف والمختلف للدارقطني (1/ 425)، المؤتلف والمختلف للأزدي (ص: 32)، توضيح المشتبه (2/ 163). (¬3) الاستيعاب (1/ 318)، الإصابة (2/ 11). (¬4) سيأتي حديثه (2/ 480).

13/ مسند رفاعة بن رافع بن مالك بن العجلان الأنصاري الزرقي

13/ مسند رِفاعةَ بن رافع بن مالك بن العجلان الأنصاري الزُّرَقي حديث واحد. 58/ [حديث] (¬1): "كنَّا يومًا نُصلِّي وراءَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فلمَّا رفَعَ رأسَه من الرَّكعةِ ... ". فيه: قال رجل وراءه: "ربُّنا ولكَ الحمد، حمدًا كثيرًا طيِّبًا مُباركًا فيه"، وقولُ النَّبِيِّ [- صلى الله عليه وسلم -] (¬2): "لقد رأيتُ بِضعةً وثلاثين مَلَكًا يَبْتَدِرُونَهَا". في باب: الذِّكر. عن نُعَيم بن عبد الله المُجْمِر، عن علي بن يحيى الزُّرَقي، عن أبيه، عن رِفاعة (¬3). قال الشيخ رضي الله عنه: يحيى الزُّرَقيِّ، هو ابن خَلّاد بن رافع (¬4). ¬

_ (¬1) ليست في الأصل، وعادة المصنِّف إثباتها. (¬2) ليست في الأصل. (¬3) الموطأ كتاب: القرآن، باب: ما جاء في ذكر الله تبارك وتعالى (1/ 186) (رقم: 25). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الأذان، باب: فضل اللهم ربّنا لك الحمد (1/ 240) (رقم: 799) من طريق القعنبي. وأبو داود في السنن كتاب: الصلاة، باب: ما يستفتح به الصلاة من الدعاء (1/ 488) (رقم: 770) من طريق القعنبي. والنسائي في السنن كتاب: الصلاة، باب: ما يقول المأموم (2/ 196) من طريق ابن القاسم. وأحمد في المسند (4/ 340) من طريق ابن مهدي، ثلاثتهم عن مالك به. (¬4) قيل: وُلد في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -. انظر الاستيعاب (4/ 1569)، تهذيب الكمال (31/ 294)، الإصابة (6/ 693)، تهذيب التهذيب (11/ 179).

ورِفاعةُ هذا هو عمُّه، ورافعٌ وابناه رِفاعةُ وخلَّادٌ كلّهم من الصحابة (¬1) فصل: وفي الكنى: أبو لُبابة، قيل: اسمه رِفاعةُ بن عبد المنذر (¬2). * * * ¬

_ (¬1) انظر ترجمة رافع في: الاستيعاب (2/ 484)، الإصابة (2/ 444). وهو رافع بن مالك بن العجلان بن عمرو بن عامر بن زريق الزرقي الأنصاري الخزرجي أبو مالك، نقيب نجدري شهد العقبة الأولى والثانية، قتل يوم أحد شهيدًا. وابنه رفاعة أبو معاذ، شهد بدرًا وأُحدًا وسائر الشاهد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتوفي في أول إمارة معاوية. انظر الاستيعاب (2/ 497)، الإصابة (2/ 489). وأخو رفاعة خلّاد شهد بدرًا مع أخيه. انظر الاستيعاب (2/ 451)، الإصابة (2/ 338). (¬2) سيأتي مسنده (3/ 175).

باب: الزاي

باب: الزاي رجلان 14/ مسند زيد بن ثابت بن الضحّاك الأنصاري النَجَّاري حديثان، أحدُهما موقوفٌ. 59 / حديث: "أَرْخَصَ لصاحِبِ العَرِيَّة أن يبيعها بخرْصِها". في البيوع. عن نافع، عن ابن عمر، عن زيد بن ثابت، مختصرًا (¬1). مِن الناس من يجعلُ هذا الحديث لابنِ عُمر، خرّجه مسلم من رواية سالمٍ، عن أبيه، ذكره، ولم يذكر زيدًا (¬2). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: البيوع، باب: ما جاء في بيع العرية (2/ 482) (رقم: 14). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: البيوع، باب: المزابنة (3/ 45) (رقم: 2188) من طريق القعنبي. ومسلم في صحيحه كتاب: البيوع، باب: تحريم بيع الرطب بالتمر إلَّا في العرايا (3/ 1169) (رقم: 1539) من طريق يحيى النيسابوري. وأحمد في المسند (5/ 186) من طريق ابن مهدي، ثلاثتهم عن مالك به. (¬2) لم أجد حديث العرايا بهذا الإسناد في صحيح مسلم، بل الذي رواه مسلم بهذا الإسناد حديث: "نهى عن بيع الثمر حتى ييدو صلاحه وعن بيع الثمر بالتمر"، في كتاب البيوع باب: النهي عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها .... (3/ 1167) (رقم: 1534) من طريق الزهري عن سالم عن ابن عمر فذكره. ثم قال: قال ابن عمر: وحدَّثنا زيد بن ثابت: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رخَّص في بيع العرايا". ورواه أيضا (برقم: 1539) فقال: قال سالم: أخبرني عبد الله عن زيد بن ثابت عن رسول الله =

والصحيح أنَّ عبد الله سمعَه من زيد، خرّجه البخاري ومسلم كذلك (¬1) * حديث: "أفضلُ الصلاةِ صلاتكم في بيوتِكُم إلَّا المكتوبة". في فضل صلاةِ الجماعة. عن أبي النضر (¬2)، عن بُسر بن سعيد، عن زَيد بن ثابت قوله (¬3). أوقفه مالكٌ في الموطأ (¬4)، ورفَعَه أبو مُسهر عبد الأعلى بنُ مُسهر، عنه (¬5). ¬

_ = - صلى الله عليه وسلم - "أنه رخص في العرية بالرطب أو بالتمر ولم يرخِّص في غير ذلك"، فهما حديثان، حديث النهي عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها رواه ابن عمر مرفوعًا من غير واسطة، وحديث العرايا رواه بواسطة زيد بن ثابت فصلهم الإمام مسلم رحمه الله، ولم يشر المزي في التحفة إلى رواية سالم عن أبيه بحديث العرايا مرفوعًا كما قال المصنف، فلعله في نسخة أخرى من الصحيح، أو ذكره من حفظه فأخطأ، والله أعلم. (¬1) صحيح البخاري كتاب البيوع، باب: بيع الزبيب بالزبيب والطعام بالطعام (3/ 42) (رقم: 2173)، وباب: بيع المزابنة (3/ 44، 45) (رقم: 2148، 2188)، وباب: تفسير العرايا (3/ 46) (رقم: 2192). وفي المساقاة، باب: الرجل يكون له ممرّ أو شرب في حائط أو نخل (3/ 114) (رقم: 2380). وصحيح مسلم كتاب البيوع (3/ 11689 - 1170) (رقم: 1539). (¬2) هو سالم بن أبي أميّة القرشي التيمي أبو النضر المدني. (¬3) الموطأ كتاب: صلاة الجماعة، باب: فضل صلاة الجماعة على صلاة الفذّ (1/ 126) (رقم: 4). (¬4) انظر الموطأ برواية: أبي مصعب (1/ 127) (رقم: 325)، وسويد بن سعيد (ص: 126) (رقم: 198)، والقعنبي (ل: 23 / ب - نسخة الأزهرية -)، ويحيى بن بكير (ل: 21 / ب - السليمانية -). (¬5) أخرجه ابن المظفر البزاز في غرائب حديث مالك (ص: 199) (رقم: 134) قال: حدّثنا أبو الحسين أحمد بن عمير بن يوسف، نا إسماعيل بن أبان بن حُوَيّ، نا أبو مسهر، نا مالك بن أنس، عن أبي النضر، عن بُسر بن سعيد، عن زيد بن ثابت قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "خير صلاتكم في بيوتكم إلا صلاة الفريضة". ثم قال: "وكذلك رواه موسى بن عقبة وإبراهيم بن أبي النضر جميعًا عن أبي النضر مرفوعًا. والمحفوظ عن مالك موقوف في الموطأ". قلت: وشيخ البزاز هو الحافظ ابن جَوصا الدمشقي. وإسماعيل بن أبان بن محمد بن حُوَي - بحاء مهملة مضمومة بعدها واو مفتوحة وآخره ياء مشدَّدة - =

ورواه موسى بن عقبة، وجماعةٌ عن أبي النضر مرموعًا (¬1). قال الدارقطني: "وهو أصح" (¬2)، ¬

_ = أبو محمد السكسكي البتلهي، توفي سنة (263 هـ). قال عنه الدارقطني: "شيخ من أهل الشام". انظر المؤتلف والمختلف للدّارقطني (2/ 779)، الإكمال (2/ 574)، تاريخ دمشق (8/ 363). فالإسناد إلى أبي مسهر ضعيف، والله أعلم. وقال ابن حجر: "وقد رواه الدارقطني من حديث زيد بن الحباب وأبي مسهر كلاهما عن مالك مرفوعًا). إتحاف المهرة (4/ 607). قلت: لم أقف على رواية ابن الحباب، فإن صحت فالراجح عن مالك الوقف، وهى رواية عامة أصحابه. (¬1) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الأذان، باب: صلاة الليل (1/ 221) (رقم: 731)، والاعتصام، باب: ما يكره من كثرة السؤال وتكلَّف ما لا يعنيه (8/ 492) (رقم: 7290، ومسلم في صحيحه كتاب صلاة المسافرين، باب: استحباب صلاة النافلة في بيته وجوازها في المسجد (1/ 540/ 781) من طريق موسى بن عقبة عن أبي النضر عن بسر عن زيد مرفوعًا. وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الأدب، باب: ما يجوز من الغضب والشدّة لأمر الله عزَّ وجلَّ (7/ 129) (رقم: 6113)، ومسلم في صحيحه (برقم: 781) من طريق عبد الله بن سعيد بن أبي هند، عن سالم أبي النضر، عن بسر به. وأخرجه أبو داود في السنن كتاب الصلاة، باب: صلاة الرجل التطوع في بيته (1/ 632) (رقم: 1044)، والطحاوي في شرح المعاني (1/ 350)، والطبراني في المعجم الكبير (5/ 144) (رقم: 4893، 4894)، وأبو نعيم في أخبار أصبهان (2/ 8)، وابن عدي في الكامل (1/ 324)، وتمام في الفوائد (2/ 32) (رقم: 415)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (54/ 263) من طريق إبراهيم بردان بن أبي النضر عن أبيه به. وأخرجه الطحاوي في شرح المعاني (1/ 351) من طريق ابن لهيعة عن أبي النضر به. (¬2) الأحاديث التي خولف فيها مالك (ص: 109). ونصه: " .. خالفه موسى بن عقبة وعبد الله بن سعيد بن أبي هند وغيرهما رووه عن أبي النضر عن بسر بن سعيد عن زيد بن ثابت مرفوعًا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو أصح".

خُرِّج في الصحيحين مرفوعًا مطوّلًا (¬1). فصل: زَيد بن ثابت هو ابنُ الضحاك بن زَيد بن لَوذَان (¬2)، جَمَع القرآنَ في عَهد النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وكان يَكتُبُ له، وأمَرَه أبو بكر فجَمَعَه في الصُّحُف، ثم أمَرَه عثمانُ بِجمعِه في المُصْحَف المُجْمَع عليه (¬3). وابنُه خارجةُ بن زَيد أحدُ الفقهاءِ السبعةِ بالمدينة (¬4)، وليس له في الموطأ حديثٌ مرفوعٌ. ¬

_ (¬1) انظر المواضع السابقة من الصحيحين. وقال ابن المظفر البزاز: "وقد روي هذا اللفظ عن مالك عن نافع عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو غريب عنه، حدّثناه أبو العباس أحمد بن يحيى بن زكير نا أبو جعفر أحمد بن موسى بن عطاء بن بحر نا يحيى بن السكن البصري أبو محمّد نا مالك بن أنس عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "فضل صلاتكم في بيوتكم إلَّا صلاة الجماعة". غرائب مالك (ص: 200، 201). قلت: وأخرجه الخطب في تاريخ بغداد (5/ 140، 141) من طريق البزاز وغيره به. وسنده ضعيف، شيخ محمد بن المظفر البزاز ضعيف. قال الدارقطني: "لم يكن أحمد هذا برضًا في الحديث"، وقال في الغرائب: "ليس بشيء في الحديث". انظر المؤتلف والمختلف (2/ 1105)، الإكمال (4/ 92)، ذيل الميزان (ص: 115)، اللسان (1/ 323). وشيخه أحمد بن موسى بن عطاء ذكره الخطيب في تاريخه (5/ 140)، ولم يذكر فيه شيئًا. ويحيى بن السكن البصري قال عنه صالح جزرة: "لا يسوى فلسًا". وذكره ابن حبان في الثقات (9/ 253)، وكناه أبا زكريا. وقال الذهي: (ليس بالقوي). انظر تاريخ بغداد (14/ 146)، الميزان (6/ 54). (¬2) الأنصاري الخزرجي أبو سعيد المدني. ولَوْذان بفتح اللَّام وإسكان الواو وبذال معجمة. انظر: الاستيعاب (2/ 537)، تهذيب الأسماء واللغات (1/ 200)، تهذيب الكمال (10/ 24)، السير (2/ 426)، الإصابة (2/ 592)، تهذيب التهذيب (3/ 345). (¬3) انظر أخبار زيد في كتابة الوحي وجمع القرآن: صحيح البخاري كتاب فضائل القرآن باب: جمع القرآن (6/ 415 - 417) (رقم: 4968 - 4990). (¬4) انظر: تهذيب الكمال (8/ 9)، تهذيب التهذيب (3/ 65).

15/ مسند زيد بن خالد الجهني

15/ مسند زَيد بن خالد الجُهَني سبعة أحاديث. 60/ حديث: "لأَرْمُقَنَّ الليلةَ صلاةَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - ... ". فيه: "فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فصَلَّى ركعتين طويلَتين طويلتين طويلتين". وذَكَر ثنتي عشرةَ ركعة، قال: "ثم أَوْتَرَ، فَتِلك ثلاث عشرة ركعة". في صلاة الوتر. عن عبد الله بن أبي بكر بن محمّد بن حَزم، عن أبيه، عن عبد الله بن قَيس بن مَخْرَمَة، عن زَيد بن خالد (¬1). خالفَ يحيى الجماعةَ في مساقه، والابتداءُ عند سائر رواة الموطأ بركعتين ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: صلاة الليل، باب: صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - الوتر (1/ 119) (رقم: 12). وأخرجه مسلم في صحيحه كتاب: صلاة المسافرين، باب: الدعاء في صلاة الليل وقيامه (1/ 531) (رقم: 765) من طريق قتيبة. وأبو داود في السنن كتاب: الصلاة، باب: في صلاة الليل (2/ 99) (رقم: 1366) من طريق القعنبي. والترمذي في الشمائل، باب: ما جاء في عبادة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (ص: 132) (رقم: 267) من طريق معن. والنسائي في السنن الكبرى كتاب: قيام الليل، باب: صفة صلاة الليل (1/ 421) (رقم: 1336) من طريق قتيبة. وابن ماجه في السنن كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب: ما جاء في كم يصلي بالليل (1/ 433) (رقم: 1362) من طريق عبد الله بن نافع الزبيري، أربعتهم عن مالك به. وأحمد في المسند (193) من طريق ابن مهدي عن مالك به إلَّا أنه خالف الجماعةَ في إسناده فذكره عن عبد الله بن أبي بكر عن عبد الله بن قيس ولم يذكر أبا بكر. قال عبد الله بن أحمد في المسند (5/ 193): "لم يذكر عبد الرحمن في حديث مالك: عن أبيه، والصواب ما روى مصعب عن أبيه وكذا حدثنا أبو موسى الأنصاري ثنا معن ثنا مالك نحوه".

خفيفتين، وهو المحفوظُ في هذا الحديث (¬1). وروى ابنُ سيرين، عن أبي هريرة مرفوعًا: "إذا قام أحدُكم من اللَّيل فَلْيفتَتِح صلاتَه بركعتين خفيفتين"، هكذا بلَفْظِ الأمْرِ، خرّجه مسلم (¬2). وانظر حديث ابن عبّاس (¬3)، وأحاديثَ عائشة من طريق عروة (¬4)، وأبي سلمة (¬5). 61 / حديث: "أَلَا أُخْبِرُكم بخيرِ الشهداءِ، الَّذي يأتي بشهادَتِه ... ". في الأقضية، عند أوله. عن عبد الله بن أبي بكر بن حَزم، عن أبيه، عن عبد الله بن عَمرو بن عثمان، عن أبي عَمْرَةَ الأنصاري، عن زَيد بن خالد (¬6). ¬

_ (¬1) وهى رواية من تقدّم ذكرهم في التخريج، وانظر الموطأ برواية: أبي مصعب (1/ 117/ 1297)، وابن القاسم (ص: 339 رقم: 312 - مع تلخيص القابسي)، والقعنبي (ل: 22 / أ - نسخة الأزهرية -)، وابن بكير (ل: 17 / ب - نسخة السليمانية -)، ومحمّد بن الحسن الشيباني (ص: 83 رقم: 166). وروايتهم على خلاف رواية يحيى دليل على خطئه. (¬2) صحيح مسلم كتاب صلاة المسافرين، باب: الدعاء في صلاة الليل وقيامه (1/ 532) (رقم: 768)، وهذا يؤيّد خطأ يحيى الليثي رحمه الله. (¬3) سيأتي حديثه (2/ 556). (¬4) سيأتي حديثه (4/ 26). (¬5) سيأتي حديثه (4/ 84). (¬6) الموطأ كتاب: الأقضية، باب: ما جاء في الشهادات (2/ 554) (رقم: 3). وأخرحه مسلم في صحيحه كتاب: الأقضية، باب: بيان خير الشهود (3/ 1344) (رقم: 1719) من طريق يحيى النيسابوري. وأبو داود في السنن كتاب: الأقضية، باب: في الشهادات (4/ 21) (رقم: 3596) من طريق ابن وهب. =

هكذا عند يحيى بن يحيى وطائفة من رواة الموطأ: (عن أبي عَمْرَة) (¬1). وقال القعنبي، وابن بُكير، ومَعنٌ في آخرين: "عن ابنِ أبِي عَمْرَة"، وهذا أصَح (¬2). ¬

_ = والترمذي في السنن كتاب: الشهادات، باب: ما جاء في الشهداء أيُّهم خير؟ (4/ 472) (رقم: 2295، 2296) من طريق معن، والقعنبي. والنسائي في السنن الكبرى كتاب: القضاء، باب: من خير الشهداء (3/ 494) (رقم: 6029) من طريق ابن القاسم. وأحمد في المسند (4/ 115)، (5/ 193) من طريق إسحاق الطّباع، وأبي نوح قراد، سبعتهم عن مالك به. (¬1) تابع يحيى على قوله: "أبي عمرة": أبو مصعب الزهري كما في روايته للموطأ (2/ 480) (رقم: 2931)، وابن وهب كما في الجمع بين روايته ورواية ابن القاسم (ل: 33 /أ)، ومعن بن عيسى عند الترمذي، وابن القاسم عند النسائي في الكبرى، وفي الجمع بين روايته ورواية ابن وهب (ل: 33 /أ). ووقع في تلخيص القابسي (ص: 344) (رقم: 317) (ابن أبي عمرة) والذي نص عليه ابن عبد البر في التمهيد (17/ 293)، وأشار إليه المزي في التحفة (3/ 233) أن رواية ابن القاسم (أبي عمرة)، وإسحاق الطّباع عند أحمد. - عبد الله بن الحكم عند أبي نعيم في الحلية (6/ 347)، ومصعب الزبيري كما في التمهيد (17/ 293). (¬2) رواية القعنبي عند الترمذي. ورواية ابن بكير في الموطأ (ل: 126 / أ - نسخة الظاهرية -). وأما رواية معن فهي عند الترمذي بلفظ (أبي عمرة) متابعًا ليحيى الليثي، وما أشار له المصنف قاله ابن عبد البر أيضا في التمهيد (17/ 193)، فلعلها رواية أخرى عنه، أو أن ما وقع في الترمذي خطأ. وتابعهم على لفظ "ابن أبي عمرة": - محمّد بن الحسن كما في موطئه (ص: 302 رقم: 849)، ويحيى النيسابوري عند مسلم، وابن وهب عند أبي داود، وعبد الرزاق كما في المصنف (8/ 364) (رقم: 15557). وتقدّم أنه في الجمع بين روايته ورواية ابن القاسم: أبي عمرة، وكذا أخرجه من طريقه الطحاوي في شرح المعاني (4/ 152)، والله أعلم بالصواب، وأبو نوح قراد عند أحمد، وعبد الله بن يوسف وعبد الله بن الحكم عند الطبراني في المعجم الكبير (5/ 132) (رقم: 5182). =

وسمّاه ابنُ وهب: عبدَ الرحمن (¬1)، وهو عبد الرحمن بن أبي عَمرة الأنصاريُّ القاصّ (¬2). ووالده أبو عَمرة، هو الخطيب له صحبة (¬3)، قال الواقدي: "اسمه عَمرو بن مِحْصَن" (¬4)، وقال أبو عبيد: "اسمه بَشِير بن عَمرو" (¬5). ¬

_ = وشكّ فيه سويد بن سعيد فقال: "عن أبي عمرة أو ابن أبي عمرة"، الموطأ بروايته (ص: 284). قال الترمذي في السنن (4/ 472): "واختلفوا على مالك في رواية هذا الحديث، فروى بعضهم عن أبي عمرة وروى بعضهم عن ابن أبي عمرة وهو عبد الرحمن بن أبي عمرة الأنصاري وهذا أصح؛ لأنه قد رُويَ من غير حديث مالك عن عبد الرحمن بن أبي عمرة عن زيد بن خالد، وقد روى ابن أبي عمرة عن زيد غير هذا الحديتَ، وهو حديث صحيح أيضا، وأبو عمرة مولى زيد بن خالد الجهني وله حديث الغلول، وأكثر الناس يقولون عبد الرحمن بن أبي عمرة". (¬1) وروايته في سنن أبي داود، وتابعه على تسميته: عبد الرزاق ومحمّد بن الحسن، وسبق تخريج هذه الطرق، والقعنبي عند أبي عوانة في صحيحه (4/ 19). (¬2) قال ابن سعد: "ثقة كثير الحديث". وذكره ابن حبان في الثقات. انظر الطبقات الكبرى (5/ 62)، الثقات (5/ 91)، تهذيب الكمال (17/ 318)، تهذيب التهذيب (6/ 219). (¬3) انظر: الطبقات الكبرى (5/ 62)، الاستيعاب (4/ 1721)، الإصابة (7/ 290). (¬4) في الأصل: "محيصن"، وفي مصادر الترجمة: محصن. وسمّاه كذلك ابن الكلبي كما في الإصابة (7/ 290). (¬5) وهو قول آخر لابن الكلبي، وكذلك قال إبراهيم بن المنذر. انظر الاستيعاب (4/ 1721)، الإصابة (7/ 290). وقيل في اسمه أيضًا: بشر، وقيل: ثعلبة. وجعلهما ابنُ قانع رجلين فترجم لأبي عمرة الأنصاري وقال: "قيل اسمه: بشير بن عمرو". وترجم له في موضعٍ آخر وحماه: ثعلبة بن عمرو بن محصن، وأورد لهما حديث المخمصة التي أصابتهم في غزوة، ولعل هذا من أوهامه. انظر: معجم الصحابة (1/ 85، 122). وقال أبو عمر بن عبد البر: "واسمه عامر بن مالك بن النجار، وهو الصواب إن شاء الله تعالى". الاستيعاب (4/ 1721).

62/ حديث: "توفي رَجلٌ يومَ خَيْبَر ... ". فيه: "صَلُّوا على صاحبِكم"، وقال: "إنَّ صاحبَكم قد غَلَّ"، وفيه: ذِكر الخَرَزَات. في الجهاد. عن يحيى بن سعيد، عن محمّد بن يحيى بن حَبَّان: أنَّ زَيدَ بنَ خالد قال: "تُوفي رجُلٌ ... "، وذكره (¬1). هذا مقطوعٌ عند يحيى بنِ يحيى، لَم يَذْكُر فيه بين محمّد بنِ يحيى، وبين زيد بنِ خالد أَحدًا، ووصَله سائرُ رواةِ الموطأ، إلَّا أنَّهم اختَلفوا في أبي عَمْرَةَ، وابنِ أبي عَمْرة (¬2). وهذا يرويه محمّد بن يحيى، عن أبي عَمرة مَولى زيد بنِ خالد الجهني، عن زيد بن خالد، قاله الترمذي وغيرُه (¬3). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الجهاد، باب: ما جاء في الغلول (2/ 366) (رقم: 23). (¬2) سيأتي ذكر رواياتهم واختلافهم في ذلك. (¬3) قال الترمذي: "أبو عمرة مولى زيد بن خالد الجهني له حديث الغلول". السنن (4/ 472). وصرَّح بنسبته يزيد بن هارون عن يحمى بن سعيد عند ابن الجارود والطبراني، وقال فيه أبو خالد الأحمر: مولى لهم، وهذا عند ابن الجارود، وقال ابن جريج: مولى الأنصاري، أخرجه من طريقه عبد الرزاق، وسيأتي ذكر هذه الطرق. والحديث أخرجه أبو داود في السنن كتاب: الجهاد باب: في تعظيم الغلول (3/ 155) (رقم: 2710)، والنسائي في السنن كتاب: الجنائز، باب: الصلاة على من غلَّ (4/ 64)، وابن ماجه في السنن كتاب الجهاد، باب: الغلول (2/ 950) (رقم: 2848)، وأحمد في المسند (5/ 192)، وعبد الرزاق في المصنف (5/ 244) (رقم: 9501)، والحميدي في المسند (2/ 356) (رقم: 815)، وابن الجارود في المنتقى (3/ 338) (رقم: 1081)، البزار في المسند (2/ ل: 165/ أ، 166/ ب - نسخة الرباط -)، والحاكم في المستدرك (2/ 127)، وابن حبَّان في الصحيح (11/ 190) (رقم: 4853)، والبيهقي في السنن الكبرى (9/ 101)، وفي معرفة السنن (7/ 42) (رقم: 5434، 5435)، والطبراني في المعجم =

وأبو عَمْرة هذا لا يُسَمَّى، وممّن قال فيه عن أبي عَمْرَةَ من رواة الموطأ: ابنُ وَهب، ومطرِّف، ومُصعب الزبيري (¬1). ¬

_ = الكبير (5/ 230، 231) (رقم: 5174 - 5176)، (وبرقم: 5180، 5181)، من طرق عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن محمّد بن يحيى بن حَبان، عن أبي عمرة، عن زيد بن خالد به. وقال الحاكم: "صحيح على شرط الشيخين، وأظنهما لم يخرِّجاه". ووافقه الذهبي. قلت: سنده ضعيف، أبو عمرة الأنصاري مولى زيد بن خالد لم يوثِّقه إلا ابن حبَّان في الثقات (5/ 581)، وقال ابن ححر: "مقبول". التقريب (رقم: 8279). ولم يرو عنه إلا محمَّد بن يحيى بن حَبان فيقرب أن يكون مجهول عين، والله أعلم. (¬1) رواية ابن وهب عند البيهقى في السنن الكبرى (9/ 101)، وهي في الجمع بين روايته ورواية ابن القاسم (ل: 20 / أ). ولم أقف على رواية مطرف. ولم أقف على رواية مصعب الزبيري بلفظ أبي عمرة، وهو في جزء من حديثه برواية البغوي (ل: 4 / ب - نسخة شستربيتي)، و (ل: 142 / ب - مجاميع الظاهرية -)، وعنه أبو أحمد الحاكم في عوالي مالك (ص: 106)، وفيهما: ابن أبي عمرة. وممن قال فيه أبو عمرة: أبو مصعب الزهري كما في روايته للموطأ (2/ 360) (رقم: 924)، والقعنبي وعبد الله بن يوسف وعبد الله بن الحكم وروايتهم عند الطبراني في الكبير (برقم: 5176). وممن قال فيه من رواة الموطأ "ابن أبي عمرة": ابن بكير كما في روايته للموطأ (ل: 73 / أ - نسخة الظاهرية -)، وابن القاسم (ص: 522) (رقم: 504 - مع تلخيص القابسي -). ووقع في الجمع بين روايته ورواية ابن وهب (ل: 20 / أ): عن أبي عمرة. ومصعب بن عبد الله الزبري كما تقدَّم. واختلف أصحاب يحيى بن سعيد الأنصاري عليه أيضًا فبعضهم قال: أبي عمرة، ومنهم: يحيى القطَّان وروايته عند أحمد والنسائي، ويزيد بن هارون عند أحمد والطبراني وابن الجارود، وبشر بن المفضل وأبو خالد الأحمر عند أبي داود، وابن جريج عند عبد الرزاق، وعبد الوهاب الثقفي عند البزار في المسند والبيهقي في المعرفة والسنن، وابن عيينة عند الحميدي، ووردت رواية عنه بلفظ ابن أبي عمرة عند الطبراني، وابن نمير عند الطبراني ووردت رواية عنه بلفظ ابن أبي عمرة عند أحمد، والثوري عند البزار في المسند، وحماد بن زيد ذكره ابن عبد البر في التمهيد =

وقال يحيى بنُ يحيى في متنِه: "يومَ حُنَيْن" (¬1). وعند جمهورِ الرواة "خَيْبَر" وهو الصواب (¬2)، يؤيِّدُه ما جاء فيه من ذِكْرِ خَرَزَات اليهودِ، وهم أهلُ خيبر (¬3). ¬

_ = (23/ 286)، ورواه البزار من طريقه لكن قال فيه بدل أبي عمرة: عن رجل. وخالفهم آخرون فقالوا فيه: ابن أبي عمرة، منهم: - الليث بن سعد عند ابن ماجه، وابن نمير عند أحمد، والدراوردي وأنس بن عياض وابن عيينة عند الطبراني. والصواب قول من قال فيه عن أبي عمرة وهو مولى زيد بن خالد الأنصاري كما قال الترمذي وصرح به يزيد بن هارون وأبو خالد الأحمر، والله أعلم. وهذه الطرق المشار إليها سبق تخريجها. (¬1) تنبيه: وقع في المطبوع من عوالي مالك لأبي أحمد الحاكم (ص: 107): "حنين" كرواية يحيى، وهذا خطأ من المحقق، أو الناسخ، فالحديث مرويّ في جزء حديث مصعب برواية أبي القاسم البغوي (ل: 4 / ب - نسخة شستربيتي)، و (ل: 142 / أ - مجاميع الظاهرية -)، وفيه: (خيبر) كما عند سائر الرواة، وأبو أحمد الحاكم يرويه عن شيخه البغوي، عن مصعب. (¬2) انظر الروايات عن مالك في المواضع المتقدِّمة من الموطآت. وكذا جاء الحديث بلفظ "خيبر" في جميع مصادره السابقة، ووقع عند الحاكم في المستدرك (2/ 127) من طريق مسدد عن يحيى القطان وبشر بن المفضل عن يحيى الأنصاري بلفظ: "يوم حنين" كرواية يحيى الليثي. وهذا خطأ إما مطبعي أو من أحد الرواة، فقد ورد الحديث بهذا الإسناد بلفظ: "يوم خيبر" أخرجه أبو داود وابن حبان إلَّا أنهما لم يذكرا بِشرًا. (¬3) انظر التمهيد (23/ 286). وقال محمد بن حارث الخشني: "كذا رواه يحيى، وهم في إسناده ومتنه، وإنما المحفوظ عن مالك عن يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى بن حبان عن أبي عمرة أو ابن أبي عمرة عن زيد بن خالد، وقال: "يوم حنين"، وإنما هو "يوم خيبر"، وكذلك غلط في كل موضع ذكر فيه حنين من كتاب الجهاد، وإنما هو خيبر حيث وقع منه". أخبار الفقهاء والمحدثين (ص: 352).

63/ حديث: اللُّقطة. فيه: "اعْرِفْ عِفَاصَها (¬1) ووِكاءَها ثم عَرِّفها سَنَة، فإنْ جاء صاحبُها وإلَّا فشأنُك بها"، وذَكَر: ضَالَّةَ الغَنَمِ والإبِل. في الأقضية. عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن يزيد مولى المُنْبَعِث (¬2)، عن زيد (¬3) بن خالد (¬4). 64/ حديث: "أتَدْرون ماذا قال ربُّكم؟ ". فيه: "قال: أصبح من عبادي مؤمنٌ بي وكافرٌ". ¬

_ (¬1) في الأصل: "عفاصفها"، وهو خطأ. والعِفاص: بكسر العين، الوعاء الذي تكون فيه النفقة إن كان من جلد أو خرقة أو غير ذلك. والوكاء: الخيط الذي تربط به. انظر غريب الحديث (2/ 201)، مشارق الأنوار (2/ 97). (¬2) بضم الميم وسكون النون وفتح الموحدة بعدها مثلثة. انظر تهذيب الكمال (32/ 290)، تقريب التهذيب (رقم: 7798). (¬3) في الأصل: "يزيد"، وهو خطأ. (¬4) الموطأ كتاب: الأقضية، باب: القضاء في اللقطة (2/ 579) (رقم: 46). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: اللقطة، باب: إذا لم يوجد صاحب اللقطة بعد سنة فهي لمن وجدها (3/ 131) (رقم: 2429) من طريق عبد الله بن يوسف. وفي المساقاة، باب: شرب الناس وسقي الدواب من الأنهار (3/ 112) (رقم: 2372) من طريق إسماعيل بن أبي أويس. ومسلم في صحيحه كتاب: اللقطة (3/ 1346) (رقم: 1722) من طريق يحيى النيسابوري. وفي (3/ 1348) من طريق ابن وهب. وأبو داود في السنن كتاب: اللقطة، باب: التعريف باللقطة (2/ 332) (رقم: 1705) من طريق ابن وهب. والنسائي في السنن الكبرى كتاب: اللقطة، باب: الأمر بتعريف اللقطة (3/ 419) (رقم: 5814) من طريق ابن القاسم، خمستهم عن مالك به.

في أبواب الاستسقاء. عن صالح بن كيسان، عن عُبيد الله بن عبد الله بن عُتبة بن مسعود، عن زيد بن خالد قال: "صلى بنا رسولُ الله صلاةَ الصُّبح بالحُدَيْبيَة على إِثْرِ سماءٍ كانت من اللَّيلِ" (¬1). رواه الزهري، عن عُبيد الله، عن أبي هريرة (¬2). والصواب قوله صالحٍ، وهو أَسَنُّ من الزهري، قاله الدارقطني (¬3). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الاستسقاء، باب: الاستمطار بالنحوم (1/ 170) (رقم: 4). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الأذان، باب: يستقبل الإمامُ الناس إذا سلَّم (1/ 254) (رقم: 846) من طريق القعنبي. وفي الاستسقاء، باب: قول الله تعالى: {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ} (1/ 314) (رقم: 1038) من طريق إسماعيل بن أبي أويس. ومسلم في صحيحه كتاب: الإيمان، باب: بيان كفر من قال: مُطرنا بالنوء (1/ 83) (رقم: 71) من طريق يحيى النيسابوري. وأبو داود في السنن كتاب: الطب، باب: في النجوم (4/ 226) (رقم: 3905) من طرين القعنبي. والنسائي في السنن الكبرى كتاب: الاستسقاء، باب: القول عند المطر (1/ 562) (رقم: 1833) من طريق ابن القاسم. وأحمد في المسند (4/ 117) من طريق ابن مهدي وإسحاق الطبَّاع، ستتهم عن مالك به. (¬2) أخرجه مسلم في صحيحه كتاب: الانسان، باب: بيان كفر من قال: مطرنا بالنوء (1/ 84) (رقم: 72). (¬3) لم أقف على قول الدارقطني. وصالح بن كيسان أبو محمد، ثقة ثبت، وكان أكبر سنًّا من الزهري، وتلمَذ عليه، وأخذ عنه. قال ابن معين: "صالح بن كيسان أكبر من الزهري، وقد سمع صالح بن كيسان من ابن عمر، ورأى ابن الزبير". انظر: التاريخ رواية الدورى (3/ 206)، وسؤالات ابن الجنيد (رقم: 70). وجاء مثله عن علي بن المديني كما في تاريخ دمشق (23/ 367)، وتهذيب الكمال (13/ 82). وسأل عبد الله بن أحمد أباه فقال: "فصالح بن كيسان روايته عن الزهري؟ فقال: صالح أكبر من =

65/ حديث: "أَنَّ رَجُلين اختصمَا إلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فقال أحدُهما: اقْضِ بينَنَا بكتابِ الله ... ". فيه: "إنَّ ابْنِي كان عَسِيفًا على هذا فزَنَى بامْرَأَتِهِ". في الرَّجْم. عن ابن شهاب، عن عُبيد الله بن عبد الله بن عُتبة، عن أبي هريرة، وزيد بن خالد، ذكراه (¬1). ¬

_ = الزهري، قد رأى صالِحٌ ابن عمر". العلل ومعرفة الرجال (2/ 349). وقال الحاكم: "مات زيد بن أبي أنيسة وهو ابن ثلاثين سنة، وصالح بن كيسان وهو ابن مائة ونيف وستين ستة، وكان قد لقي جماعة من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم بعد ذلك تلمذ للزهري، وتلقّن عنه العلم، وهو ابن تسعين سنة، ابتدأ بالتعلم وهو ابن سبعين". تاريخ دمشق (23/ 372). وتعقّب كلٌّ من الذهبي وابن حجر قول الحاكم، فقال الذهبي: "وهم الحاكم وهمين في قَولةٍ ... ، والجواب: "أن زيدا مات كهلا من أبناء أربعين سنة أو أكثر، وصالح عاش نيفًا وثمانين سنة، ما بلغ التسعين، ولو عاش كما زعم أبو عبد الله لعُدّ في شباب الصحابة، فإنه مدني، ولكان ابن نيِّف وثلاثين سنة وقت وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولو طلب العلم كما قال الحاكم، وهو ابن سبعين سنة لكان قد عاش بعدها نيِّفًا وتسعين سنة، ولسمع من سعد بن أبي وقَّاص، وعائشة، فتلاشى ما زعمه). السر (5/ 456). وقال ابن حجر: "هذه مجازفة قبيحة، مقتضاها أن يكون صالح وُلد قبل بعثة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وما أدري من أين وقع ذلك للحاكم". تهذيب التهذيب (4/ 351). وقال يعقوب بن سفيان: "حدَّثنا عبيد الله بن سعد قال: سمعت عمي (وهو يعقوب بن إبراهيم ابن سعد) يذكر عن أبيه (إبراهيم بن سعد الزهري) قال: كان صالح بن كيسان مؤدِّب ابن شهاب، فربما ذكر صالح الشيء فيرد عليه ابن شهاب، يقول: حدثنا فلان، وحدثنا فلان، يخالف ما قال، قال: فيقول له صالح: تكلَّمني، وأنا أقمت أود لسانك". المعرفة والتاريخ (1/ 642). ولا شك أن صالح بن كيسان أكبر من الزهري سنا، وهو ثقة ثبت، لكن الزهري إمام أيضًا، ومتثبّت فيما يروي، فلعل حديث الباب كان عند عبيد الله بالوجهين، ويؤيِّده إخراج مسلم في صحيحه رواية الزهري، والله أعلم بالصواب. (¬1) الموطأ كتاب: الحدود، باب: ما جاء في الرجم (2/ 627) (رقم: 6). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الأيمان والنذور، باب: كيف كانت يمين النبي - صلى الله عليه وسلم - (7/ 279) رقم: 6633) من طريق إسماعيل بن أبي أويس، وفي المحاربين من أهل الكفر والرِّدَّة، =

66 / وبه: "سُئلَ عن الأَمَةِ إذا زنَت ولم تُحْصَن؟ ... ". فيه: "إنْ زنت فاجلِدوها"، وفي آخره: "فبِيعوها ولو بِضَفِير". في الحدود، عند أوّله (¬1). ¬

_ = باب: إذا رمى امرأته أو امرأة غيره بالزنى عند الحاكم والناس هل على الحاكم أن يبعث إليها فيسألها عمّا رميت به؟ (8/ 346) (رقم: 6842) من طريق عبد الله بن يوسف. وأبو داود في السنن كتاب: الحدود، باب: المرأة التي أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - برجمها من جهينة (4/ 591) (رقم: 4445) من طريق القعنبي. والترمذي في السنن كتاب: الحدود، باب: ما جاء في الرجم على الثيِّب (4/ 31/ بعد حديث رقم: 1433) من طريق معن. والنسائي في السنن كتاب: آداب القضاة، باب: صون النساء عن مجلس الحكم (8/ 240) من طريق القعنبي، وفِى السنن الكبرى كتاب: الرجم، باب: إقامة الرجل الحد على وليدته إذا زنت (4/ 302) رقم: 7259) من طريق قتيبة، خمستهم عن مالك به. قال مالك: "والعسيف الأجير". (¬1) الموطأ كتاب: الحدود، باب: جامع ما جاء في حدّ الزنى (2/ 630) (رقم: 14). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: البيوع، باب: بيع العبد الزاني (3/ 37) (رقم: 2153) من طريق إسماعيل بن أبي أويس. وفي المحاربين من أهل الكفر والردِّة، باب: إذا زنت الأمة (8/ 345) (رقم: 6737) من طريق عبد الله بن يوسف. ومسلم في صحيحه كتاب: الحدود، باب: رجم اليهود، أهل الذمّة في الزنى (3/ 1329) (رقم: 1704) من طريق ابن وهب. وأبو داود في السنن كتاب: الحدود، باب: في الأمة إذا زنت ولم تحصن (4/ 612) (رقم: 4469) من طريق القعنبي. والنسائي في السنن الكبرى كتاب: الرجم، باب: إقامة الرجل الحد على وليدته إذا زنت (4/ 302) رقم: 7259) من طريق قتيبة. وأحمد في المسند (4/ 117) من طريق ابن مهدي. والدارمي في السنن كتاب: الحدود، باب: في المماليك إذا زنوا يقيم عليهم ساداتهم الحدود دون السلطان (2/ 236) (رقم: 2326) من طريق خالد بن مخلد، سبعتهم عن مالك به. وقال يحيى الليثي: "سمعت مالكًا يقول: والضفير الحبل".

وأكثر الرواة لا يَذكرون فيه الإِحصانَ (¬1). فصل: في الكنى أبو طلحة، واسمه زيد بن سَهل (¬2). ¬

_ (¬1) منهم: - سفيان بن عيينة عند البخاري في صحيحه كتاب: العتق باب: كراهية التطاول على الرقيق (3/ 174) (رقم: 2555). - وزمعة بن صالح عند الطيالسي في المسند (ص: 189 رقم: 1334)، والطبراني في المعجم الكبير (5/ 239) (رقم: 5205). - والوليد بن كثير عند الطبراني في المعجم الكبير (5/ 239) (رقم: 5204). - وابن إسحاق عند الدارقطني في السنن (3/ 62). كلهم رووه عن الزهري به. ورواه سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة، ولم يقل فيه: "لمن تحصن"، أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: البيوع، باب: بيع العبد الزاني (3/ 37) (رقم: 2152)، ومسلم في صحيحه كتاب: الحدود (3/ 1328) (رقم: 1703). واستدل بهذه الروايات من قال: لا جلد على الأَمَة قبل التزويج؛ لأنَّه لم يقل في الحديث: "ولم تحصن" وزعموا أنَّ مالكًا تفرّد بها. والصحيحُ أنَّ مالكًا لم يتفرد بهذه اللفظة، بل تابعه عليها: - صالح بن كيسان، عند البخاري في البيوع باب: بيع المدبّر (3/ 58) (رقم: 2232). - ومعمر، عند مسلم في الحدود (3/ 1329) (رقم: 1704). - وابن عيينة، عند ابن ماجه في السنن كتاب: الحدود باب: إقامة الحدّ على الإماء (2/ 857) (رقم: 2565)، وأحمد في المسند (4/ 116)، والحميدي في المسند (2/ 355) (رقم: 812)، وابن أبي خيثمة في التاريخ (رقم: 769 - رسالة الحمدان -). - ويحيى بن سعيد الأنصاري، عند ابن عبد البر في التمهيد (9/ 96). بل لو تفرّد مالك بها لكانت محفوظةً فهو من الحفاظ، والذي يظهر أنَّ ذكرَ عدم الإحصان في الحديث ليس له أثر؛ لأنَّه ورد حكاية حال، ولم يرد اعتباره في جواب النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال البيهقي: "ولمّا كان معلومًا عند الرواة بدلالة المقال أنَّ الحكمَ لا يختلف بإحصانها وعدمِ إحصانها أعرض بعضُهم عن نقله والله أعلم". انظر معرفة السنن (6/ 365)، التمهيد (9/ 96)، الفتح (12/ 168). (¬2) سيأتي مسنده (3/ 170).

باب: الطاء

باب: الطاء رجل واحد 16/ مسند طلحةَ بْنِ عُبيد الله الفيَّاض القرشي التَّيميِّ حديث واحد. 67/ حديث: "جاء رجلٌ إلى رسولِ الله من أهل نَجْدٍ ... ". فيه: فإذا هو يسألُ عن الإسلامِ، فذكر الصَّلاةَ، والصِّيامَ، والزَّكاةَ، وقولَ السائِلِ: هل عليّ غيرها؟ ، وقولَه: "لا إلَّا أَنْ تَطَوَّع" وفي آخره: "أَفْلَحَ إنْ صَدَقَ". في الترغيب في الصلاة. عن عمّه أبي سُهيل بن مالك، عن أبيه، عن طلحة بن عُبيد الله (¬1). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: قصر الصلاة في السفر، باب: جامع الترغيب في الصلاة (1/ 159) (رقم: 94). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الإيمان، - باب: الزكاة من الإسلام .. (1/ 21) (رقم: 46) من طريق إسماعيل بن أبي أويس. ومسلم في صحيحه كتاب: الإيمان، باب: الصلوات التي هي أحد أركان الإسلام (1/ 40) (رقم: 11) من طريق قتيبة. وأبو داود في السنن كتاب: الصلاة، باب: فرض الصلاة (1/ 172) (رقم: 391) من طريق القعنبي. والنسائي في السنن كتاب: الصلاة، باب: كم فرضت في اليوم والليلة (1/ 226) من طريق قتيبة، وفي الإيمان، باب: الزكاة (8/ 118) من طريق ابن القاسم. وأحمد في المسند (1/ 162) من طريق ابن مهدي، خمستهم عن مالك به.

هذا الحديث مختصرٌ، وخُرِّج في الصحيحين عن مالك (¬1)، وفيه: "أنَّ شرائعَ الإسلامِ عُرِضَت على الرَّجلِ فقَبِلَها" (¬2)، ولم يُسَمَّ الرَّجُلُ، وهو ضِمامُ بنُ ثَعْلَبَة (¬3)، وحديثُه مشهورٌ، رواه جماعةٌ من الصحابةِ مُطَوَّلًا، وذكروا ¬

_ (¬1) سبق تخريجه. (¬2) قول المصنف: "وفيه أن شرائع الاسلام ... "، أي في الحديث، لا في الصحيحين، فلم ترد هذه اللفظة من طريق مالك إنما وردت من طريق إسماعيل بن جعفر عن أبي سهيل به، أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الصوم، باب: وجوب صوم رمضان (2/ 583) (رقم: 1891)، وفي الحيل، باب: في الزكاة .... (8/ 385) (رقم: 6956). (¬3) ضِمام بن ثعلبة بضاد مكسورة، وهو من بني سعد بن بكر بن هوازن. انظر الاستيعاب (2/ 751)، صيانة صحيح مسلم (ص: 142)، الإصابة (3/ 486). وما ذهب إليه المصنف من أنَّ المراد بالرجل في هدا الحديث ضمام بن ثعلبة سبقه إلى ذلك البيهقي، وابن عبد البر، وتبعه ابن العربي، والقاضى عياض، وابن بشكوال، والمنذري، وابن باطيش، وابن بطال. واستُدل لهم بما يلي: - أنَّ مسلمًا أورد حديث ضِمام من طريق أنس عقب حديث طلحة. - في كل من الحديثين أنَّه بدوي. - كان في أخر حديث كل منهما: "لا أزيد على هذا ولا أنقص". - جواب النبي - صلى الله عليه وسلم - لكليهما بجواب واحد: "أفلح إن صدق". وخالف آخرون وقالوا: إن الرجل الذي لم يسمِّه طلحة بن عبيد الله ليس ضمام بن ثعلية، ولا يُعرف من هو، ومِمَّن قال ذلك القرطبي، وابن الصلاح، . وأبو الحسن البلقيني، وابن حجر، وأبو زرعة العراقي. واستدلوا بما يلي: - اختلاف السياقين والأسئلة. - أنَّ طلحة لم يسمِّه فمن أين لهم أنه ضمام. والذي يظهر والله أعلم أن القصة واحدة اختصرها بعض الرواة وطوَّلها آخرون، وغالب الأسئلة متحدة وما كان زائدا في رواية دون أخرى كان سببه التطويل والاختصار، والله أعلم. انظر: دلائل النبوة للبيهقي (5/ 377)، التمهيد (16/ 156)، الاستيعاب (2/ 314)، الغوامض والمبهمات (1/ 61)، صيانة صحيح مسلم (ص: 143)، هدي الساري (ص: 264)، فتح الباري (1/ 131)، المستفاد من مبهمات المتن والإسناد (1/ 97).

فيه: أنَّه اسْتَفْهَمَ عن وُجوب الشرائِع. خَرَّجه مسلم من طريق ثابتٍ، عن أنس قال: جاء رجلٌ من أهلِ الباديَة فقال: يا محمّد! أتانا رسولُك فزَعَمَ لنا أنَّك تَزْعُمُ أنَّ الله أرسَلَكَ. قال: "صَدَقَ"، وذَكَرَ الصلوات الخمس، والزكاة، والصوم، والحج، وقولَه في كلِّ ذلك: فبالَّذِي أرسَلَكَ آلله أمَرَكَ بهذا، وقولَه: لا أزِيدُ عَلَيْهِنَّ ولا أَنْقُصُ منهُنَّ، وقولَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "لَئِنْ صَدَقَ لَيَدْخُلَنَّ الجَنَّةَ" (¬1). قال الشيخ أبو العبَّاس رضي الله عنه: وأَكْمَلُ الطرُقِ فيه، وأَوْعَبُها مَتْنًا حديث عِكرِمةَ، عن ابن عباسٍ قال: قَدِمَ ضِمَامُ بنُ ثَعْلَبَة أَحَدُ بَنِي سَعْدِ بنِ بَكْر على رسولِ الله صلى الله عليه وسلَّم، وكان رجلًا جَلْدًا (¬2)، أَشْعَرَ (¬3)، ذَا عَقِيصَتَيْنِ (¬4)، فَعَقَلَ بَعِيرَه بباب المسجدِ، ثم دَخَلَ وهو في أصحابه فقال: أيُّكم ابنُ عبد المُطَّلِب؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (ها أنَا ابنُ عبد المُطَّلِب". فقال: أنت محمّد؟ قال: "نَعم". قال: إنِّي سائِلُكَ فمُغَلِّظٌ عَلَيكَ في المسألة فلَا تأخُذَنَّ عَلَيَّ في نفسِك. قال: "سَلْ عَمَّا بَدَا لكَ". قال: أنشُدُك باللهِ، إلَهَك وإِلَهَ مَن كان قبلَك، وإلَه من هو كائِنٌ بَعدَك، آلله بَعَثَك إلينا رسولًا؟ قال: "اللَّهُمَّ نَعم". ثمّ ذَكَرَ تِكرارَ القَسَمِ وقولَه: آلله أمَرَكَ أن تَأمرَنا أن نَخْلَع هذه الأندادَ الّتي كانت تَعْبُد آباؤُنا وأن نَعبدَ اللهَ لا نُشرك به شيئًا، وقولَه: آلله أمرك أن نُصَلِّيَ هذه الصلوات الخمس، وأنَّه استَقْبَل الفرائضَ فريضةً فريضةً يُسَمِّيها له، حتَّى إذا فَرَغَ قال: فإنِّي أَشهد ألّا إله إلّا الله وأنَّ محمّدًا عبدُه ¬

_ (¬1) صحيح مسلم كتاب الإيمان باب: السؤال عن أركان الاسلام (1/ 41) (رقم: 12). (¬2) الجَلَد: بالفتح الصلابة والشّدّة. منال الطالب (ص: 161). (¬3) أي كثير الشعر. النهاية (2/ 480). (¬4) تثنية العقيصة، والعقيصة: الشعر المعقوص، وهو نحو من المضفور. وأصل العقص: اللَّيِّ وإدخال أطراف الشعر في أصوله. النهاية (3/ 275).

ورسولُه، وسأعمَلُ بهذه الفرائض لا أزيدُ عليها ولا أَنقُص، ثمّ وَلَّى. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنْ يَصْدُق ذو العَقِيصَتَينِ يَدْخلِ الجَنَّة". وذَكَر انصرافَه إلى قومِه وقولَه لهم، وقَبولَهُم منه، وإسلامَهم على يديه. خَرَّجه البزّار (¬1). وليس في شيءٍ من طُرُقِه أنَّه سأل النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - زيادةَ بَيانٍ، ولا إِظهارَ مُعجِزَةٍ، ولا إِقَامَةَ بُرهانٍ. وقد قَبلَ منْه النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - تصديقَه، وشَهَدَ له بمُقْتضَى حقيقةِ الإيمان، كما شَهِدَ للأَمَةِ السوداء الَّتي قال لها: "أين الله؟ " قالت: في السماءِ (¬2). ¬

_ (¬1) لم أجده من طريق عكرمة عن ابن عباس، وهو في مسند البزار (2 /ل: 156/ أ - نسخة الرباط -) من طريق محمد بن إسحاق، عن محمد بن الوليد بن نويفِع، عن كُريب مولى ابن عباس، عن ابن عباس بطوله. ثم قال البزار: "وهذا الحديث لا نعلم يروى بهذا اللفظ إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد". وأخرجه بهذا الإسناد: أبو داود في السنن كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في المشرك يدخل المسجد (1/ 327) رقم: 487)، والدارمي في السنن كتاب: الطهارة، باب: فرض الوضوء والصلاة (1/ 172) رقم: 652)، وأحمد في المسند (1/ 250، 265، 264)، وأبو نعيم في أخبار أصبهان (1/ 230)، والطبراني - ومن طريقه المزي في تهذيب الكمال (26/ 594) -، والبيهقى في دلائل النبوة (37415)، وابن بشكوال في الغوامض والمبهمات (1/ 66) (رقم: 4). وزاد أبو داود، والدارمي، وأبو نعيم والمزي في إسناده سلمة بن كهيل متابعًا لمحمد بن الوليد. وإسناد البزار ضعيف فيه محمد بن الوليد بن نويفع ذكره ابن حبان في الثقات (7/ 420). وقال الدارقطني: (يعتبر به). سؤالات البرقاني (رقم: 462). وقال ابن حجر: (مقبول). التقريب (رقم: 6374). ويرتقى الحديث للحسن بمتابعة سلمة بن كهيل - وهو ثقة - لمحمد بن الوليد، وأما ابن إسحاق فصرح بالتحديث عند أبى داود، وأحمد، والدارمي، والبيهقي، وابن بشكوال، والمزي. وأخرجه ابن سعد في الطبقات (1/ 228) من طريق شريك بن عبد الله بن أبي نمر عن كريب به. وفي إسناده الواقدي وهو متروك. وانظر: سيرة ابن هشام (4/ 573). (¬2) سيأتي الكلام عليه سندًا ومتنًا في مسند عمر بن الحكم (2/ 305).

وفي هذا دليلٌ على أنَّ مُجَرَّدَ اعتقادِ العَوَامِّ كافٍ لمن هداه الله سبحانَه، وشَرَحَ صدرَه للإسلام (¬1). فصل: طلحةُ هو ابن عُبيد الله بن عثمان بن عَمرو، وفيه يجتمع مع أبي بكر الصدّيق (¬2). ¬

_ (¬1) تقدّم الكلام على هذه المسألة في المقدمة (1/ 80 - 83). (¬2) وهو أحد العشرة المبشّربن بالجنَّة. انظر ترجمته في: الاستيعاب (2/ 764)، السير (1/ 23)، الإصابة (3/ 529). واشتهر طلحة بطلحة الفياض، كما ذكره الصنف في أول مسنده، وورد في ذلك أحاديث لا تصح عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، روى الحاكم في المستدرك (3/ 374)، وابن عدي في الكامل (3/ 284)، والطبراني في المعجم الكبير (1/ 112) (رقم: 197)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (1/ 327) (رقم: 371) من طريق سليمان بن أيوب بن عيسى بن موسى بن طلحة، عن أبيه، عن جدِّه، عن موسى بن طلحة، عن أبيه طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه قال: "سمّاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم أحد طلحة الخير وفي غزوة ذي العشيرة طلحة الفياض ويوم حنين طلحة الجود". وفي إسناده سليمان بن أيوب قال عنه الذهبي: "صاحب مناكير". انظر الميزان (2/ 387)، تهذيب التهذيب (4/ 152). وأبوه وجدّه لم أجد لهما ترجمة. وقال الهيثمي في المجمع (9/ 148): "وفيه من لم أعرفهم، وسليمان وثِّق وضعِّف". وأخرج الطبراني في المعجم الكبير (1/ 112) (رقم: 198)، والحاكم في المستدرك (3/ 374)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (1/ 328) (رقم: 373) من طريق محمَّد بن طلحة، عن إسحاق بن طلحة، عن عمِّه موسى بن طلحة: أنَّ طلحة نحر جزورا وحفر بئرا يوم ذي قرد فأطعمهم وسقاهم فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "يا طلحة الفياض"، فسمّي طلحة الفيَّاض. وقال الحاكم: "صحيح الإسناد ولم يخرجاه". ووافقه الذهبي. وقال الذهبي في السير (1/ 30): "إسناده ليّن". قلت: وفيه إسحاق بن يحيى بن طلحة قال عنه الذهبي في الكاشف (1/ 65): "ضعّفوه". وانظر: تهذيب الكمال (2/ 489)، تهذيب التهذيب (1/ 222). وأخرجه أبو نعيم في معرفة الصحابة (1/ 328) (رقم: 372) من طريق محمد بن طلحة، عن =

وأبو سُهيل (¬1) هو نافع بن مالك، يروي عن أبيه مالك بن أبي عامر (¬2) انظره في الموقوف عنه لأبي هريرة (¬3). ليس في الموطأ من الصحابة من له حديثٌ مرفوعٌ أوّلُ اسمِه ظاءٌ معجمة. * * * ¬

_ = موسى بن إبراهيم، عن أبيه، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن سلمة بن الأكوع بمثله. وفي إسناده موسى بن إبراهيم قال عنه الحافظ: "منكر الحديث". التقريب (رقم: 7006). وأخرحه الزبير بن بكار كما في الإصابة (3/ 530)، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخ دمشق (25/ 93) من طريق إبراهيم بن بسطام عن محمد بن إبراهيم بن الحارث قال: "مرّ رسول الله في غزوة ذات قرد .. "، وفيه: شراء طلحة ماء بذي قرد، "فسماه: الفياض". وسنده ضعيف، علّته الإرسال، محمد بن إبراهيم التيمي من التابعين. والراوي عن محمد بن إبراهيم التيمي: إبراهيم بن بسطام ذكره ابن حبان في الثقات (8/ 84)، وقال محققه: "لم نظفر به". والحديث بهذه الأسانيد ضعيف، والله أعلم. (¬1) في الأصل: "سَهل"، وهو خطأ. (¬2) وأبو سُهيل هو عمّ مالك بن أنس الإمام. انظر تهذيب الكمال (29/ 290)، تهذيب التهذيب (10/ 366). (¬3) سيأتي حديثه (3/ 554).

باب: الكاف

باب: الكاف 17 / مسند كَعب بن مالك بن أبي كعب الأنصاري الخزرجي السَّلمي الشاعِر أحد الثلاثة الذين تيب عليهم حديث واحد. 68/ حديث: "إنَّما نَسَمَةُ المؤمِن طيرٌ يَعْلَقُ في شَجَرِ الجَنَّة". في الجنائز. عن ابن شهاب، عن عبد الرحمن بن كعب أخبره، عن أبيه كعب بن مالك (¬1). في اتّصاله نَظرٌ، وذَكَرَه مالكٌ ها هنا بلفظ الخبر (¬2). وقال فيه يونس عن الزهري: سمعتُ عبدَ الرحمن بنَ كعب يُحَدِّث عن أبيه (¬3). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الجنائز، باب: جامع الجنائز (1/ 206) (رقم: 49). وأخرجه النسائي في السنن كتاب: الجنائز، باب: أرواح المؤمنين (4/ 108) من طريق قتيبة. وابن ماجه في السنن كتاب: الزهد، باب: ذكر القبر والبِلى (2/ 1428) (رقم: 4271) من طريق يوسف بن سعيد. وأحمد في المسند (3/ 455) من طريق محمّد بن إدريس يعني الشافعي، ثلاثتهم عن مالك به. (¬2) أي بين الزهري وعبد الرحمن، وسيأتي الكلام على سماعه منه أو عدمه. (¬3) أخرجه من طريقه أحمد في المسند (3/ 455، 456) ويونس هو ابن يزيد. وأخرجه من طريقه أيضًا أبو نعيم في معرفة الصحابة (2/ ل: 158/ ب) فقال: عن الزهري عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن أبيه، ولم يصرح في كلا الموضعين لا بالسماع ولا بالإخبار، والله أعلم.

وهكذا قال الأوزاعي وطائفةٌ عن الزهري: حدّثني عبد الرحمن بن كعب (¬1). وقال فيه شُعيب بن أبي حمزة، ومحمّد بن أخي الزهري: عن الزهري، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب، عن كعب بن مالك، وهو جَدُّه (¬2). ¬

_ (¬1) أخرجه من طريق الأوزاعي: الطبرانيُّ في المعجم الكبير (9/ 651) (رقم: 123). ورواه أحمد في المسند (3/ 460) من طريق أبي أويس عبد الله بن أويس. وابن ماجة في السنن كتاب: الجنائز، باب: ما جاء فيما يقال عند المريض إذا حضر (2/ 465) (رقم: 1449)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (50/ 184) من طريق الحارث بن فضيل. وابن حبان في صحيحه (10/ 513) (رقم: 4657) من طريق الليث بن سعد، كلهم عن الزهري عن عبد الرحمن بن كعب عن كعب به. معنعنًا. (¬2) رواية شعيب أخرجها أحمد في المسند (3/ 465)، والطبراني في مسند الشاميين (4/ 245) (رقم: 3195). ورواية ابن أخي الزهري لم أقف عليها. فجعلا الحديث من رواية عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب - لا عبد الرحمن بن كعب كما قال مالك وغيره - عن جدِّه كعب بن مالك، فهو متصل بين الزهري وعبد الرحمن بن عبد الله بن كعب، إلَّا أنَّه يُعدّ منقطعًا عند قوم بين عبد الرحمن وجدِّه، فقد اختلف في سماع عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب من جدّه كعب بن مالك، فنفى قوم سماعه من جدِّه. قال ابن حجر: "قال الذهلي في العلل: ما أظنه سمع من جدِّه شيئًا". انظر تهذيب التهذيب (6/ 195)، هدي الساري (ص: 381). وقال الدارقطني عن حديث توبة كعب: "عبد الرحمن [بن عبد الله] بن كعب عن كعب مرسلًا". التتبّع (ص: 354)، وما بين المعقوفين ساقط من المطبوع. وقال أبو العبَّاس الطَرْقي -وفي التهذيب: الطرفي-: ""إنما روى عن جدّه أحرفا في الحديث ولم يمكنه [حفظ] الحديث لطوله فاستثبته من أبيه". انظر تهذيب التهذيب (6/ 195)، وما بين المعقوفين تصحيح من تحفة التحصيل (ل: 28 / ب). وقال ابن حجر: "وقع في صحيح البخاري في الجهاد (4/ 325) (رقم: 2948) تصريحه بالسماع من جدّه). انظر تهذيب التهذيب (6/ 195)، الهدي (ص: 381). فالذي يظهر من كلام هؤلاء أنَّه سمع بعض حديث توبة كعب فقط - وهو ما وقع في صحيح =

وقال صالح بنُ كيسان: عن الزهري، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب: أنَّه بَلَغَه أنَّ كعب بن مالك كان يحدّث (¬1). وقال فيه مَعْمَر، وعُقيل، وغيرهما: عن الزهري عن ابن لِكعب بنِ مالك، لم يُسَمُّوه (¬2). وإلى هذا ذهب محمّد بن يحيى الذُّهلي، وصَوَّب هذه الروايةَ، وقال: "إنَّما روى الزهريُّ عن عبد الله بن كعب بن مالك، وروى أيضًا عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب، واختُلف في سماعه من مَعْبَد بن كعب (¬3)، فهو إذا قال: عبد الرحمن بن كعب، فإنَّما هو عبد الرحمن بن عبد الله بن ¬

_ = البخاري - ولم يتمكن من حفظ الحديث لطوله فاستثبته من أبيه، ولم يسمع من جدِّه غير جزء من حديث توبته والله أعلم. وإلى هذا يشر كلام أبي العباس الطرقي وهو أحمد بن ثابت الأصبهاني الحافظ المتوفى سنة (521 هـ) صاحب كتاب اللوامع في الجمع بين الصحاح الجوامع، وهو في طراف الكتب الخمسة. انظر الأنساب (4/ 62)، السير (19/ 528)، اللسان (1/ 143)، الرسالة المستطرفة (ص: 125). (¬1) أخرجه الإمامُ أحمد في المسند (3/ 455)، والطبراني في المعجم الكبير (19/ 65) (رقم: 124). وهذا منقطع بين عبد الرحمن وجدِّه كعب بن مالك. (¬2) رواية معمر: أخرجها الطبراني في المعجم الكبير (19/ 63) (رقم: 119) من طريق عبد الرزاق عنه كما حكاها المصنِّف، ووقع في مصنف عبد الرزاق (5/ 264) (رقم: 5956) من طريق معمر عن الزهري عن عبد الله بن كعب بن مالك عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. وما حكاه المصنف سبقه إليه ابن عبد البر في التمهيد (11/ 58) وقال: "إنَّ رواية معمر عند عبد الرزاق بلفظ: عن ابن كعب بن مالك". ورواية عُقيل لم أقف عليها. وتابعهما: عمرو بن دينار عند الترمذي في السنن كتاب: الجهاد باب: ثواب الشهداء (4/ 151) (رقم: 1641)، والحميدي في مسنده (2/ 385) (رقم: 873)، وابن قانع في معجم الصحابة (2/ 375). (¬3) لم يذكره المزي في شيوخ الزهري ولا ذكر الزهري في تلاميذه والله أعلم.

كعب (¬1)، وإذا قال: عن ابن كعب بن مالك، فربَّما كان عبد الله، وربما كان عبد الرحمن بن عبد الله (¬2)، فأما عبدُ الرحمن بن كعب فتُوفي قديمًا في خلافة سليمان بن عبد الملك" (¬3). قال الشيخ أبو العبَّاس رضي الله عنه: وتوفي ابنُ أخيه عبد الرحمن بنُ عبد الله بن كعب في خلافة هِشام بن عبد الملك (¬4). ¬

_ (¬1) أي ينسبه إلى جدِّه، وهذا عند من لم يثبت سماعه من عبد الرحمن بن كعب. (¬2) وقد سمع منهما الزهري فلا إشكال. (¬3) رجال الموطأ لابن الحذاء (ل: 69 / أ). قلت: بويع لسليمان بن عبد الملك سنة: (96 هـ)، وتوفي سنة: (99 هـ). انظر السير (5/ 113). فوفاة عبد الرحمن بن كعب بين (96) إلى (99 هـ). ووُلد الزهري سنة (50 هـ)، وقيل غير ذلك، فيكون عمره يوم موت عبد الرحمن (46) سنة، فلا يبعد أن يسمع منه. وقد اختلف العلماء في سماعه من عبد الرحمن. قال أحمد بن صالح: "لم يسمع الزهري من عبد الرحمن بن كعب بن مالك شيئًا هو الذي يروي عنه عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب". المراسيل لابن أبي حاتم (ص: 153). وهذا كقول الذهلي الذفي حكاه المصنف وابن الحذاء. وقال ابن معين: "سمع الزهري من عبد الله بن عبد الرحمن بن كعب، وسمع الزهري أيضًا من أبيه عبد الرحمن، من الأب والابن". التاريخ (3/ 150 - رواية الدوري -). وقال أبو زرعة العراقي: "روايته من عبد الرحمن بن كعب بن مالك في صحيح البخاري (كتاب الجهاد 4/ 326) (رقم: 2949، 2650) من طريق معمر ويونس). تحفة التحصيل (ل: 29 / ب). قلت: ويؤيّد سماع الزهري من عبد الرحمن التاريخ، فإن عُمْر الزهري يوم وفاة عبد الرحمن (46) سنة، والمثبت مقدّم على النافي. ثم إن الذين صرّحوا في روايتهم عن الزهري بسماعه من عبد الرحمن بن كعب من كبار أصحابه كمالك، ويونس، وفي روايتهما: عبد الرحمن بن كعب عن أبيه، وهذا لا مجاز فيه، والله أعلم. وانظر: الفتح (6/ 133). (¬4) استخلف هشام بن عبد الملك في شعبان سنة (105 هـ)، وتولني في ربيع الآخر سنة (125 هـ). انظر: البداية والنهاية (9/ 351)، السير (5/ 351).

وقال ابن وهب - في حديث سَلَمة بن الأَكْوَع: أنَّ أخاه ارْتَدَّ عليه سيفُه يوم خيبر فقَتَلَه، فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "مات جاهدًا مُجاهدًا" -: أخبرني يونس، عن ابن شهاب قال: أخبرني عبد الرحمن وعبد الله ابنا كعب بن مالك: أنَّ سَلَمة ... ، وذكره. هكذا قال فيه: "عبد الرحمن وعبد الله" بواو العطف، ثم قال: "ابنا كعب". خرّجه النسائي وأبو داود (¬1). وذكر أبو داود أنَّ أحمد بن صالح قال: "الصواب عبد الرحمن بن عبد الله" (¬2). ¬

_ (¬1) مراد المصنِّف أنَّ ابن وهب روى عن يونس عن الزهري حديث سلمة بن الأكوع فقال فيه: عن الزهري عن عبد الرحمن وعبد الله ابني كعب عن سلمة. والصحيح أنَّ الزهري إنما رواه عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب عن سلمة، كما سيأتي بيانه. وطريق ابن وهب أخرجها النسائي في السنن كتاب: الجهاد باب: من قاتل في سبيل الله فارتدّ عليه سيفه فقتله (6/ 30)، وأبو داود في السنن كتاب: الجهاد، باب: في الرجل يموت بسلاحه (3/ 44) (رقم: 2538). (¬2) سنن أبي داود: الموضع السابق، قال أبو داود: "قال أحمد بن صالح: كذا قال هو يعني ابن وهب وعنبسة يعني ابن خالد جميعا عن يونس، قال أحمد: والصواب عبد الرحمن بن عبد الله أن سلمة بن الأكوع قال ... ". أي أنَّ ابن وهب جعل بدل (عن)، (واوًا) بين عبد الرحمن وعبد الله. وسبق أنَّ أحمد بن صالح كان ينكر سماع الزهري من عبد الرحمن بن كعب. وخولف ابن وهب في قوله: عبد الرحمن وعبد الله ابنا كعب. قال الدارقطني: "وهذا يقال إن ابن وهب وهم فيه، قد خالفه القاسم بن مبرور رواه عن يونس عن الزهري عن عبد الرحمن [بن عبد الله] بن كعب عن سلمة وهو الصواب، وكذلك رواه غير واحد عن الزهري). التَّتبع (ص: 295). وما بين المعقوفين ساقط من المطبوع. ورواه الليث عن يونس عن الزهري بمثل رواية القاسم بن مبرور، أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (7/ 7) (رقم: 6225). =

وذكر الدارقطني في الاستدراكات: أنَّ مسلمًا قال فيه أيضًا من طريق ابنِ وهب عن يونس، عن الزهري: أخبرني عبد الرحمن وعبد الله ابنا كعب، ثم قال: "يُقال: إنَّ ابنَ وهب وَهِم فيه، وذَكَرَ أنَّ غيرَه قال فيه عن الزهري: عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب، قال: وهو الصواب" (¬1). قال الشيخ أبو العبّاس رضي، لله عنه: وفي روايتِنا عن مسلم: "ابنُ شهاب قال: أخبرني عبد الرحمن - ونسبه غيرُ ابن وهب فقال: ابن عبد الله بن كعب بن مالك -" (¬2). هذا نَصُّ قولِه عندنا، ولعلَّها روايةٌ أخرى عند مسلمٍ (¬3). ¬

_ = وتابع يونسَ كلٌّ مِن: - ابن جريج عند أحمد في المسند (4/ 46). - وعبد الرحمن بن خالد بن مسافر، وعبد الله بن سالم، وعقيل بن خالد عند الطبراني في المعجم الكبير (برقم: 6227، 6228، 6230)، رووه عن الزهري عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب عن سلمة به. (¬1) التتبّع (ص: 295). (¬2) صحيح مسلم كتاب: الجهاد والسير، باب: غزوة خيبر (3/ 1429) (رقم: 1812). ونصها كما ذكر المصنف. (¬3) أي التي اعتمدها الدارقطني. وقال الإمام المازري: "قال بعضهم: كان ابن وهب يهم في إسناد هذا الحديث فيقول: عن الزهري عن عبد الرحمن وعبد الله ابني كعب، فغيّره مسلم وأصلحه ولذلك قال: ونسبه غبر ابن وهب ... ". المعلم بفوائد مسلم (3/ 49). وقال النووي: "هكذا هو في جميع نسخ صحيح مسلم وهو الصحيح، وهذا من فضائل مسلم ودقيق نظره وحسن خبرته وعظيم إتقانه، وسبب هذا أن أبا داود والنسائي وغيرهما من الأئمة رووا هذا الحديث بهذا الإسناد عن ابن شهاب قال: أخبرني عبد الرحمن وعبد الله بن كعب بن مالك عن سلمة. قال أبو داود: قال أحمد بن صالح: الصواب عن عبد الرحمن بن عبد الله بن =

وقد اختُلِف عن الزهري أيضًا في روايةِ حديثِ توبَة كَعْب بنِ مالك. فقيل عنه فيه: عبد الرحمن بن كعب، عن كعب (¬1). وقيل: عن أبيه كعب (¬2). ¬

_ = كعب. وأحمد بن صالح هذا هو شيخ أبي داود في هذا الحديث وغيره وهو رواية (كذا، ولعله: راويه) عن ابن وهب. قال الحفاظ: والوهم في هذا من ابن وهب فجعل عبد الله بن كعب راويا عن سلمة وجعل عبد الرحمن راويا عن عبد الله وليس هو كذلك بل عبد الرحمن يرويه عن سلمة وإنَّما عبد الله والده فذُكر في نسبه لأن له رواية في هذا الحديث فاحتاط مسلم رضي الله عنه فلم يذكر في روايته عبد الرحمن وعبد الله كما رواه ابن وهب بل اقتصر على عبد الرحمن ولم ينسبه؛ لأن ابن وهب لم ينسبه وأراد مسلم تعريفه فقال: قال غير ابن وهب هو عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب فحصل تعريفه من غير إضافة للتعريف إلى ابن وهب وحذف مسلم ذكر عبد الله من رواية ابن وهب وهذا جائز، فقد اتفق العلماء على أنه إذا كان الحديث عن رجلين كان له حذف أحدهما والاقتصار على الآخر فأجازوا هذا الكلام إذا لم يكن عذر فإذا كان عذر بأن كان ذكر ذلك المحذوف غلطًا كما في هذه الصورة كان الجواز أولى". شرح صحيح مسلم (12/ 170 - 171). وقول النووي رحمه الله متين إلَّا قوله: "فجعل عبد الله بن كعب راويًا عن سلمة وجعل عبد الرحمن راويا عن عبد الله ... "، فهذا خطأ، وإنما صحيح العبارة: وجعل عبد الرحمن راويا مع عبد الله. فكأنه تصحّفت كلمة (مع) إلى (عن)، والله أعلم. (¬1) وهي رواية عن يونس بن يزيد عند البخاري في صحيحه كتاب: الجهاد، باب: من أراد غزوة فورَّى بغيرها (4/ 236) (رقم: 2949). ومعمر عند الدارمي في السنن كتاب: السير، باب: في الحرب خدعة (2/ 289) (رقم: 2450)، كلاهما عن الزهري به. (¬2) أي عن عبد الرحمن بن كعب، عن أبيه كعب. وهي رواية معمر أيضًا عند البخاري في صحيحه (4/ 326) (رقم: 2950). ويونس بن يزيد عند الدارمي في السنن كتاب: السير، باب: في الخروج يوم الخميس (2/ 283) (رقم: 2436)، وابن خريمة في صحيحه (4/ 132) (رقم: 2517).

وقيل: عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب، عن عبد الله بن كعب، عن كعب (¬1). ¬

_ (¬1) وهي رواية عُقيل بن خالد عند البخاري في صحيحه كتاب: الوصايا، باب: إذا تصدّق أو وقف بعض ماله .. (3/ 261) (رقم: 2757)، وفي الجهاد، باب: من أراد غزوة فورَّى بغيرها (4/ 325) رقم: 2947)، وفي المناقب باب: صفة النبي - صلى الله عليه وسلم - (4/ 526) (رقم: 3556)، وفي مناقب الأنصار، باب: وفود الأنصار إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بمكة (4/ 630) (رقم: 3889)، وفي المغازي باب: غزوة بدر (515) (رقم: 3951)، وفي باب: حديث كعب بن مالك (5/ 154) (رقم: 4418)، وفي التفسير، باب: باب: {سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ ... } (5/ 251) (رقم: 4673)، وفي باب: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ .. } (5/ 254) (رقم: 4678)، وفي الاستئذان، باب: من لم يسلّم على من اقترف ذنبًا .. (7/ 173) (رقم: 6255)، وفي الأحكام، باب: هل للإمام أن يمنع المجرمين وأهل المعصية من الكلام معه .. (8/ 473) رقم: 7225). ومسلم في صحيحه كتاب: التوبة، باب: حديث توبة كعب بن مالك (4/ 2128) (رقم: 2769). وتابعه: ابن جريج عند البخاري في صحيحه (4/ 370) (رقم: 3088)، ومسلم في صحيحه كتاب: صلاة المسافرين وقصرها، باب: استحباب الركعتين في المسجد لمن قدم من سفر أول قدومه (1/ 496) (رقم: 716). ويونس بن يزيد عند البخاري في صحيحه (4/ 630) (رقم: 3889)، ومسلم في صحيحه (4/ 2120) رقم: 2769). - وإسحاق بن راشد عند البخاري في صحيحه كتاب: التفسير، باب: {وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا ... } (5/ 253) (رقم: 4677). - وابن أخي الزهري عند أحمد في المسند (3/ 456)، وأبي عوانة في صحيحه كما في إتحاف المهرة (13/ 44، 45). وللزهري فيه أسانيد آخر، منها: - الزهري، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب، عن كعب بن مالك: أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الأيمان والنذور، باب: إذا أهدى مالَه على وجه النذر والتوبة (7/ 296) رقم: 6690) من طريق يونس بن يزيد. والنسائي في السنن الكبرى كتاب: السير، باب: اليوم الذي يُستحب الخروج فيه (5/ 242) (رقم: 8785) من طريق معمر. وأحمد في المسند (3/ 454) من طريق ابن جريج، ثلاثتهم عن الزهري به. =

ولعلّ الاضطراب في ذلك إنَّما جاء من الزهري، والله أعلم (¬1). ولم يَضَعِ البخاريُّ، ولا أبو حاتم في كتابيهِما في الرِّجال لعبد الرحمن بن كعب بن مالك ترجمة (¬2)، وإنَّما تَرْجَمَا لعبد الرحمن بن عبد الله بن كعب (¬3). ¬

_ = الزهري، عن عبد الرحمن بن كعب، عن عبد الله بن كعب، عن كعب: أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: التفسير، باب: ({لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ ... } (5/ 253) رقم: 4676) من طريق يونس بن يزيد. وأبو داود في السنن كتاب: الأيمان والنذور، باب: فيمن نذر أن يتصدّق بماله (3/ 614) (رقم: 3321) من طريق محمد بن إسحاق. - الزهري، عن ابن لكعب بن مالك، عن أبيه: أخرجه أبو داود في السنن (3/ 613) (رقم: 3319) من طريق ابن عيينة. (¬1) هذا احتمال؛ لكثرة الخلاف فيه عن الزهري، ورواية بعض الرواة عنه أكثر من وجه كيونس بن يزيد. ويُحتمل أن يكون أصح الطرق إليه طريق عُقيل بن خالد عند البخاري، وهو الوجه الثالث الذي ذكره المصنِّف؛ وذلك لمتابعة أكثر من واحد عُقيلًا عليه، وإخراج البخاري له في صحيحه في أكثر من موضع، وكذا اتفاق البخاري ومسلم عليه، وهذا ما رجَّحه الدارقطني كما في التتبُّع (ص: 353). ومال ابن حجر إلى تصحيح روايتين، وهي رواية عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب، عن أبيه، عن جدِّه كعب بن مالك، ورواية عبد الرحمن عن جدِّه كعب بن مالك قال: "لأنَّ من الجائز أن يكون عبد الرحمن سمعه من جدِّه، وثبّته فيه أبوه، فكان في أكثر الأحوال يرويه عن أبيه، عن جدِّه، وربَّما رواه عن جدِّه". هدي الساري (ص: 381). (¬2) هذا من المؤلف سهو، بل ترجم البخاري لعبد الرحمن بن كعب في التاريخ الكبير (5/ 542) (رقم: 1091) إلا أنّه لم يذكر فيه شيئًا، فقال: "عبد الرحمن بن كعب بن مالك سمع أباه". وأما أبو حاتم فالظاهر أن المؤلف يعني كتاب ابنه عبد الرحمن بن أبي حاتم وهو أيضا قد ترجم لعبد الرحمن في الجرح والتعديل (5/ 281) (رقم: 1330) وقال: "عبد الرحمن بن كعب بن مالك الأنصاري روى عن أبيه، روى عنه الزهري". (¬3) انظر التاريخ الكبير (5/ 303) (رقم: 991)، وذكر البخاري في ترجمته عدّة أحاديث اختلف على الزهري فيها غير ما ذكره المؤلف. =

ومَيَّز أبو أحمد النيسابوري (¬1) بينهما في كتاب الكنى له، وقَدَّمَ العَمَّ على ابنِ أخيه، وكنَّاهما معًا بأبي الخطَّاب (¬2)، وذَكَر أنَّ عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب سَمِع من عَمِّه عبد الله بن كعب (¬3). ووَلدُ كعبٍ مذكورون في مرسل معاذ بن سَعد (¬4). * حديث: الذكاة بالحَجَر. في مرسل معاذ بن سَعد (¬5). * حديث: النَّهي عن قَتْلِ النِّساء والوِلدان. مذكور في المبهمين (¬6)، وفي مرسل عبد الرحمن بن كعب (¬7). ¬

_ = وانظر الجرح والتعديل (5/ 249) (رقم: 1187) قال: "عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك الأسلمي الأنصاري المديني روى عن أبيه وجابر، روى عنه الزهري سمعت أبي يقول ذلك". (¬1) هو الإمام محمد بن محمد بن أحمد بن إسحاق النيسابوري الكرابيسي، المشهور بأبي أحمد الحاكم الكبير، وُلد سنة (285 هـ)، وتوفي سنة (378 هـ). قال الحاكم ابن البيّع: "هو إمام عصره في هذه الصنعة، كثير التصنيف، مقدّم في معرفة شروط الصحيح والأسامي والكنى .... ". انظر تاريخ دمشق (55/ 154)، السير (16/ 370)، تذكرة الحفاظ (3/ 976). (¬2) الأسامي والكنى (4/ 292) (رقم: 1985). (¬3) الأسامي والكنى (4/ 295) (رقم: 1989)، ونصُّ كلامه: "سمع عمَّه عبد الله بن كعب بن مالك وكان قائدَ كعب حين أُصيب بصرُه، وكان أعلمَ قومِه وأوعاهم أحاديثَ أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... يُكنى بكنية عمِّه عبد الرحمن بن كعب مات في ولاية هشام بن عبد الملك .. ". (¬4) انظر: (4/ 592). (¬5) سيأتي حديثه (4/ 590). (¬6) انظر: (3/ 608). (¬7) انظر: (5/ 52).

18/ مسند كعب بن عجرة البلوي الأنصاري

18/ مسند كعب بن عُجْرة البَلَوي الأنصاري حديثٌ بثلاثة أسانيد مختلفة فهو معدود بثلاثة أحاديث. حديث: "لعلَّك آذاكَ هَوَامّك ... ". فيه: "احْلِق رأسَك وصُمْ ثلاثةَ أيَّامٍ أو أَطْعِم ستةَ مساكينَ أو انْسُكْ بشاة". على التَّخيير. في الحج، عند آخره، بثلاثة أسانيد. 69 / أحدها (¬1): عن حُميد بن قَيس هو الأعرج المكي، عن مجاهد، عن ابن أبي ليلى، عن كعب مسندًا (¬2). وهذا أخصَرُها متنًا، قال يحيى بن يحيى في سنده: "مجاهد بن الحَجاج"، وهو تصحيفٌ (¬3)؛ وإنَّما هو مجاهد بنُ أبي الحَجاج (¬4) مُكَنًّى غير منسوبٍ، ¬

_ (¬1) في الأصل: (أحدهما) بالتثنية، ولعلّ الصواب المثبت؛ لأنَّ الضمير راجع إلى الثلاثة. (¬2) الموطأ كتاب: الحج، باب: فدية من حلق قبل أن ينحر (1/ 333) (رقم: 238). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: المحصر، باب: قول الله تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} وهو مخيّر فأما الصوم فثلاثة أيام (2/ 559) (رقم: 1814) من طريق عبد الله بن يوسف عن مالك به. (¬3) الموطأ رواية يحيى الليثي: - نسخة المحمودية (أ) (ل: 75 /أ)، وفي هامشها: "رواية يحيى: ابن الحجاج، وإنَّما هو أبي الحجاج"، ونسخة المحمودية (ب) (ل: 104 / ب)، ونسخة شستربتي (ل: 22 / أ)، وفي هامشها: "عن مجاهد أبي الحجاج لابن ض (أي وضاح) ع وهو الصواب، وهو مجاهد بن جبر يكنى أبا الحجاج". ووقع في المطبوع من رواية يحيى: "مجاهد أبي الحجاج"، على الصواب، والصواب ما ذكره المصنف. (¬4) كذا في الأصل: مجاهد بن أبي الحجاج، وأظن أنَّ الصواب: مجاهد أبو الحجاج، أي بغير (بن)، وكلام المصنف بعده يوضحه.

وهكذا عند سائرِ الرواة (¬1). وهو مجاهد بن جَبر، ويُقال: ابن جُبير، يُكنى أبا الحجاج (¬2). وقَطَعه ابنُ القاسم وطائفةٌ، لم يَذكروا فيه ابنَ أبي ليلى (¬3). وخرّجه البخاري عن عبد الله بن يوسف التِنِّيسي، عن مالك، عن حميد مُجَوَّدًا (¬4). 70 / والثاني: عن عبد الكريم بن مالك الجَزَرِي، عن عبد الرحمن بن أبي ¬

_ (¬1) انظر الموطأ برواية: - أبي مصعب الزهري (1/ 489) (رقم: 1259)، وسويد بن سعيد (ص: 503 رقم: 1176)، وابن بكير (ل: 32 / ب - نسخة الظاهرية -)، وابن القاسم (ل: 62 /أ). وكذا رواه: عبد الله بن يوسف عند البخاري والبيهقي في السنن الكبرى (5/ 24). وابن وهب عند ابن جرير في تفسيره (2/ 241) (رقم: 3375). والقعنبي ومطرف عند الطبراني في المعجم الكبير (19/ 109) (رقم: 220). والشافعي عند الطحاوي في شرح المعاني (3/ 120)، والبيهقي في معرفة السنن (4/ 88) (رقم: 2844)، وابن عبد الحكم عند البيهقي في معرفة السنن (4/ 88) (رقم: 2844). ومصعب بن عبد الله الزبيري في حديثه (ل: 3 /ب)، ومن طريقه أبو أحمد الحاكم في عوالي مالك (ص: 100). كل هؤلاء الرواة قالوا فيه: (عن مجاهد) ولم ينسبوه، ولا كنّوه. (¬2) الأسامي والكنى (4/ 88) (رقم: 1763)، المقتنى في سرد الكنى (1/ 168) (رقم: 1339)، تهذيب الكمال (27/ 238)، تهذيب التهذيب (10/ 38). (¬3) موطأ ابن القاسم (ل: 62 /أ)، ولم يذكره القابسي في تلخيصه. وتابعه: عبد الله بن وهب عند الطبري في تفسيره (2/ 241) (رقم: 3357)، وابن عُفير كما في التمهيد (2/ 233). ورواية من ذكره أرجح؛ لكثرتهم، وقد تقدَّم تخريجه من الموطآت وغيرها. (¬4) في الأصل: (مجرّدًا)، ولعلَّ الصواب المثبت، وسبق تخريجه من البخاري.

ليلى، عن كعب مقطوعًا (¬1). وفيه: "أنَّ الإطعام مُدّان مُدّان لكلِّ مِسكين". هكذا عند يحيى بن يحيى وطائفةٍ (¬2). وقال فيه ابنُ القاسم وجماعةٌ: عبد الكريم، عن مجاهد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، وهو الصواب (¬3). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الحج، باب: فدية من حلق قبل أن ينحر (1/ 332) (رقم: 237). وأخرجه أبو داود في السنن كتاب: المناسك، باب: في الفدية (2/ 433) (رقم: 1861) من طريق القعنبي مالك به. (¬2) تابعه القعنبيُّ كما سبق، وسويد بن سعيد (ص: 502) (رقم: 1175)، ويحيى بن بكير (ل: 32 /أ - نسخة الظاهرية -)، وأبو مصعب الزهري (1/ 486) (رقم: 1258). وعبد الله بن يوسف عند البيهقي في السنن الكبرى (5/ 691)، والشافعي عند ابن عساكر في تاريخ دمشق (36/ 452)، وذكره البيهقي في السنن (5/ 169). ومصعب بن عبد الله الزبيري في حديثه من رواية أبي القاسم البغوي عنه (ل: 3 / ب - نسخة شستربيتي)، (ل: 140 / ب - مجاميع الظاهرية -). وأخرجه أبو أحمد الحاكم في عوالي مالك (ص: 99) ومن طريقه ابن عساكر في تاريخ دمشق (36/ 452) عن البغوي، عن مصعب، إلَّا أنَّ فيه ذكر مجاهد، وهو خطأ، لتوافق نسختين من حديث مصعب على عدم ذكر مجاهد في الإسناد، وكذا حكاه ابن عبد البر في التمهيد. والخطأ فيه من أبي أحمد الحاكم، فال ابن عساكر: "كذا رواه أبو أحمد عن البغوي، ووهم في قوله عن مجاهد، فإن مصعب لم يذكره في روايته عن مالك". وممن لم يذكر مجاهدًا عن مالك أيضًا: ومطرف، ومعن بن عيسى، وسعيد بن عفير، ومحمّد بن المبارك الصوري، ذكر ذلك ابن عبد البر في التمهيد (20/ 62). وأشهب بن عبد العزيز، ذكره ابن عساكر في تاريخ دمشق (36/ 452). (¬3) موطأ ابن القاسم (ل: 62/ أ)، و (ص: 406) (رقم: 397 - مع تلخيص القابسي -) ومن طريقه النسائي في السنن كتاب: المناسك، باب: في المحرم يؤذيه القمل في رأسه (5/ 194). وتابعه: محمَّد بن الحسن الشيباني كما في روايته للموطأ (ص: 169) (رقم: 504). =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وابن مهدي، عند أحمد في المسند (4/ 241)، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه (36/ 453). وابن وهب، عند ابن جرير في تفسيره (2/ 241) (رقم: 3356)، وابن الجارود في المنتقى (2/ 80) رقم: 450)، وابن أبي حاتم في تفسيره (1/ 339)، والطحاوي في شرح المعاني (3/ 120)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (36/ 453). وإبراهيم بن طهمان في مشيخته (ص: 206) (رقم: 168)، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخ دمشق (36/ 453). والحسين بن الوليد عند البيهقي في السنن الكبرى (5/ 55)، وابن عساكر في تاريخه (36/ 453). ومكي بن إبراهيم عند ابن عبد البر في التمهيد (20/ 64)، وذكره ابن عساكر في تاريخه (36/ 453). وقال الشافعي: "غلط مالك في هذا الحديث، الحفاظُ حفظوه عن عبد الكريم، عن مجاهد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن كعب بن عجرة". قال البيهقي: "وإنما غلط في هذا بعض العرضات وقد رواه في بعضها على الصحة". السنن الكبرى (5/ 170). وقال ابن عبد البر: "الصواب في إسناد هذا الحديث قول من جعل فيه مجاهدًا بين عبد الكريم وبين ابن أبي ليلى، ومن أسقطه فقد غلط فيه، وزعم الشافعي أن مالكًا هو الذي وهم فيه فرواه عن عبد الكريم عن ابن أبي ليلى وأسقط من إسناده مجاهدا. وعبد الكريم لم يلق ابن أبي ليلى ولا رآه والحديث محفوظ لمجاهد عن ابن أبي ليلى من طرق شتى صحاح كلها وهذا عند أهل الحديث أبين من أن يحتاج فيه إلى استشهاد". التمهيد (2/ 62، 63). وقال ابن عساكر: "بلغني عن أبي جعفر الطحاويِّ أنَّه قال: لم يخطئ مالك فيه، وإنَّما أخطأ فيه الشافعي؛ لأنَّ ابنَ وهب رواه عن مالك على الصواب. وهذا وهم من الطحاوي، فإنَّ جماعةً قد رووه كما رواه الشافعي، وإنَّما الأمر فيه من مالك، فإنَّه كذلك رواه أخيرًا، ولعله عارضه شكٌّ في ذكر مجاهد فتركه، وكذلك كانت عادة مالك". تاريخ دمشق (36/ 452). تنبيه: وأخرجه الطبراني في العجم الكبير (19/ 109، 110) (رقم: 221) من طريق مطرف، والقعنبي، وعبد الله بن يوسف، ويحيى بن بكير، ومصعب بن عبد الله الزبيري، وفيه ذكر مجاهد في إسناده. وتقدّم أنَّ هؤلاء الرواة تابعوا يحيى الليثي فأسقطوا من الإسناد مجاهد بن جبر، فلعله خطأ من نساخ المعجم، أو من المحقق.

وخرّجه مسلمٌ من طريق سفيان الثوري، عن عبد الكريم، عن مجاهد متّصلا (¬1). والثالث: عن عطاء بن عبد الله الخراساني قال: حدَّثني شيخٌ بسوق البُرم بالكوفة عن كعب (¬2). ذكر فيه الصيامَ والإطعامَ، وقال: "وقد كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عَلِم أنَّه ليس عندي ما أَنْسُك به". وهذا السند معلولٌ؛ لأنَّ الشيخَ مجهولٌ. قيل: هو عبد الرحمن بن أبي ليلى، وقيل: هو عبد الله بن مَعْقِل الكوفي، وهذا هو الأظهر؛ لأنَّ ابنَ أبي ليلى مشهورٌ، لو كان لصُرِّحَ باسمِه (¬3). ¬

_ (¬1) لم أقف عليه من رواية الثوري، وهو في صحيح مسلم كتاب: الحج، باب جواز حلق الرأس للمحرم. (2/ 861) (رقم: 1201) قال: حدّثنا محمد بن أبي عمر، حدّثنا سفيان عن ابن أبي نجيح وأيوب وحميد وعبد الكريم، عن مجاهد به. وسفيان في هذا الإسناد هو ابن عيينة، لا الثوري، وابن أبي عمر العدني يروي عن ابن عيينة، ولا رواية له عن الثوري، والله أعلم، وانطر: تهذيب الكمال (26/ 639). ورواه الطحاوي في شرح المعاني (3/ 120)، والطبراني في المعجم الكبير (19/ 110) (رقم: 222) من طريق عبيد الله بن عمرو، عن عبد الكريم، عن مجاهد به. وانظر الأحاديث التي خولف فيها مالك للدارقطني (ص: 132). فالصحيح من هذا الإسناد ذكر مجاهد، ولعل مالكًا رحمه الله أسقطه في بعض العرضات فأدّاه عنه من أسقطه كما سمعه، والله أعلم. (¬2) الموطأ كتاب: الحج، باب: فدية من حلق قبل أن ينحر (1/ 333) (رقم: 239). (¬3) انظر التمهيد (21/ 4، 5). وممّن قال بأنه عبد الرحمن بن أبي ليلى: الطبراني في المعجم الكبير (19/ 120) (رقم: 256)، حيث بوّب لحديث مالك (وفيه: حدّثني رجل): عطاء الخراساني عن ابن أبي ليلى عن كعب بن عجرة.

وقد خُرِّج في الصحيحين من طريق عبد الرحمن بن الأصبهاني، عن عبد الله بن مَعْقِل، عن كعب (¬1). فصل: كانت قصةُ كعب بالحُدَيْبِيَة وهم مُحرِمون قَبل أن يَحِلُّوا ثم حَلُّوا بعدَ ذلك، وفيه نزلت: {فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} (¬2). ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: المحصر، باب: الإطعام في الفدية نصف صاع (2/ 559) (رقم: 1816)، وفي التفسير، باب: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ} (5/ 188) (رقم: 4517). ومسلم في صحيحه كتاب: الحج، باب: جواز حلق الرأس للمحرم. (2/ 862، 861) (رقم: 1201)، وعبد الرحمن هو ابن عبد الله بن الأصبهاني الكوفي. ومراد الشيخ أنَّ هذه القصة وقعت لعطاء الخراساني بالكوفة وعبد الله بن معقل كوفي وقد روى هذا الحديث أيضًا. وزاد الشيخ الألباني احتمالًا ثالثًا فقال: "الاحتمال الأول بعيد عندي (أي أنَّ المراد به ابن أبي ليلى)؛ لأنَّه ليس في حديث ابن أبي ليلى "وقد علم أنه ليس عندي ما أنسك به" وإنما هذه الزيادة في حديث ابن معقل وحديث القرظي كما تقدّم فالشيخ الذي لم يسمّ هو أحد هذين والله أعلم). الإرواء (4/ 232). وحديث القرظي وهو محمّد بن كعب أخرجه ابن ماجه في السنن كتاب: المناسك، باب: فدية المحصر (2/ 1029) (رقم: 3080)، والطبري في التفسير (2/ 241) (رقم: 3359، 3360)، والطبراني في المعجم الكبير (19/ 158) (رقم: 351، 352). وقال الألباني: (إسناده حسن). الإرواء (4/ 232). وعلى كل الاحتمالات فالحديث يصح بطريقيه الأولين، والله أعلم. (¬2) سورة: البقرة، الآية: (196). وانظر صحيح البخاري كتاب المحصر، باب: قول الله تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ} (2/ 559) (رقم: 1814)، وفي التفسير، باب: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ} (5/ 188) (رقم: 4517)، وتفسير ابن جرير (2/ 238 - 242).

وكعب بن عُجْرَة بَلَويٌّ (¬1) من قُضاعة، أنصاريٌّ وعدادُه في الأَوْس، قيل: بالحِلْف، وقمِل. بالنِّسبة إلى اليمن (¬2). وابنُ أبي ليلى المذكور في هذا الحديث هو عبد الرحمن، وأبوه أبو ليلى من الصحابة، واسمه يَسَار، وقيل: داود، وهو أنصاريٌّ أَوْسي نزل الكوفةَ (¬3). وابنُ أبي ليلى الفقيهُ القاضي المشهور، هو محمّد بن عبد الرحمن هذا، نُسب إلى جدِّه وكان قاضيًا بالكوفة (¬4). وانظر عطاء بن عبد الله الخراساني في مرسله (¬5). وليس في الموطأ من الصحابة من له حديثٌ مرفوعٌ أوَّلُ اسمِه لاَمٌ، وانظر ذلك في الكنى. ¬

_ (¬1) بفتح الباء المنقوطة بواحدة واللام وفي آخرها الواو، هذه النسبة إلى بَلّي وهى قبيلة من قضاعة. الأنساب (1/ 395). (¬2) وقيل: عداده في الخزرج باحلف. وقال الواقدي: "ليس بحليف للأنصار، ولكنه من أنفسهم". وردّه كاتبه ابن سعد فقال: "طلبتُ اسمه في نسب الأنصار فلم أجده". انظر الاستيعاب (3/ 1321)، تهذيب الكمال (24/ 180، 181)، الإصابة (5/ 599). (¬3) وقيل في اسمه غير ذلك، وقيل: اسمه كنيته. انظر الاستيعاب (4/ 1742)، الإصابة (7/ 352). (¬4) وكان سيء الحفظ تغيّر حفظه لما وُلِّى القضاء. انظر تهذيب الكمال (25/ 622)، تهذيب التهذيب (9/ 268). (¬5) سيأتي مرسله (5/ 150).

باب: الميم

باب: الميم سبعة رجال 19/ مسند معاوية بن أبي سفيان القرشي الأموي ثلاثة أحاديث. 72/ حديث: "هذا يومُ عاشوراء ولم يُكتَب عليكُم صيامَه وأنا صائمٌ. . .". وذَكَر التخيير. في الصوم. عن ابن شهاب، عن حُميد بن عبد الرحمن بن عَوف، عن معاوية (¬1). هذا الإسنادُ هو الصحيحُ، واختُلِف فيه على الزهري (¬2). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الصيام، باب: صيام يوم عاشوراء (1/ 248) (رقم: 34). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الصوم، باب: صوم يوم عاشوراء (2/ 616) (رقم: 2003) من طريق القعنبي. ومسلم في صحيحه كتاب: الصيام، باب: صوم يوم عاشوراء (2/ 795) (رقم: 1129) من طريق ابن وهب. وأحمد في المسند (4/ 95) من طريق روح، ثلاثتهم عن مالك به. (¬2) تابع مالكًا على هذا الإسناد: - يونس بن يزيد، وابن عيينة عند مسلم في صحيحه (2/ 795) (رقم: 1129). - وصالح بن كيسان عند النسائي في السنن الكبرى كتاب: الصيام باب: التأكيد في صيام يوم عاشوراء (2/ 161) (رقم: 2857)، وأبي عوانة في صحيحه كما في إتحاف المهرة (13/ 352)، والطبراني في المعجم الكبير (19/ 328) (رقم: 753). =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = - ومعمر عند أحمد في المسند (4/ 95)، وعبد الرزاق في المصنف (4/ 286) (رقم: 7834)، وأبي عوانة في صحيحه كما في إتحاف المهرة (13/ 352). - ومحمّد بن أبي حفصة عند أحمد في المسند (4/ 95)، والطبراني في المعجم الكبير (19/ 329) (رقم: 754)، وأبي نعيم في معرفة الصحابة. - وعبيد الله بن أبي زياد عند الفسوي في المعرفة والتاريخ (1/ 367). - وشعيب بن أبي حمزة عند أبي عوانة في صحيحه كما في إتحاف المهرة (13/ 352)، والطبراني في مسند الشاميين (4/ 183) (رقم: 3063). - وعبد الرحمن بن خالد بن مسافر، وعبد الرحمن بن إسحاق عند الطبراني في المعجم الكببر (19/ 328) (رقم: 751، 752). - وسعيد بن أبي هلال عند الطبراني في المعجم الأوسط (8/ 323) (رقم: 8761). - وتابعهم أيضًا: موسى بن عقبة، ومحمد بن أبي عتيق، وعُقيل، وابن أخي الزهري، وأبو أويس، وسفيان بن حسين، ذكرهم الدارقطني في العلل (7/ 57). وخالفهم الأوزاعي، والنعمان بن راشد، وعبد الجبار بن عمر، وأبو العطوف. 1 - مخالفة الأوزاعي: رواه الأوزاعي عن الزهري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عن معاوية. أخرجه النسائي في السنن الكبرى (2/ 161) (رقم: 2855) من طريق أحمد بن إبراهيم بن محمّد عن محمّد بن عائذ عن يحيى بن حمزة عن الأوزاعي به. وإسناده إلى الأوزاعي حسن، أحمد بن إبراهيم ومحمّد بن عائذ صدوقان. وقال النسائي: "هذا خطأ، لا نعلم أحدًا من أصحاب الزهري قال في هذا الحديث: عن أبي سلمة غير هذا، والصواب حميد بن عبد الرحمن". وأخرجه الطبراني في مسند الشاميين (1/ 164) (رقم: 272) من طريق الأوزاعي، إلا أنّه لم يُسق إسناد حديثه، لنقص في الأصل المعتمد. وأشار الدارقطني في العلل إلى أنَّ الأوزاعي وافق أصحاب الزهري فرواه عنه، عن حميد، عن معاوية. وعلى كلٍّ فالأوزاعي في الطبقة الثانية من أصحاب الزهري وخالف الثقات الأثبات من أصحابه. قال يعقوب بن شيبة: "هو ثقة ثبت إلا أن روايته عن الزهري خاصة فإن فيها شيئًا". مسند عمر بن الخطّاب (ص: 67). وقال الذهبي: "إمام ثقة وليس هو في الزهري كمالك وعقيل". الميزان (3/ 294). =

وانظر حديثَ عروة عن عائشة (¬1). ¬

_ = 2 - مخالفة النعمان بن راشد: ورواه النعمان بن راشد عن الزهري عن السائب بن يزيد الكندي عن معاوية. أخرجه النسائي في السنن الكبرى (2/ 161) (رقم: 2856) من طريق أحمد بن سعيد عن وهب بن جرير عن أبيه عن النعمان بن راشد به. وأحمد بن سعيد هو الرّباطي ثقة حافظ، وإسناده إلى النعمان صحيح لكن النعمان سيء الحفظ. وقال ابن الجنيد: سمعت يحيى بن معين يقول: "النعمان بن راشد ضعيف الحديث. قلت: ضعيف فيما روى عن الزهري وحده؟ قال: عن الزهري وعن غير الزهري هو ضعيف الحديث". سؤالات ابن الجنيد (رقم: 698، 739) وانظر: تهذيب الكمال (29/ 445)، تهذيب التهذيب (10/ 403). وقال النسائي عن هذا الإسناد: "وهذا أيضا خطأ والنعمان بن راشد ضعيف كثير الخطأ عن الزهري". 3 - مخالفة عبد الجبار بن عمر الأيلي: رواه عبد الجبار عن الزهري، عن عمر بن عبد العزيز، عن إبراهيم بن قارظ، عن معاوية. أخرجه من طريقه الطبراني في العجم الكبير (19/ 347) (رقم: 806)، والخطيب في تلخيص المتشابه في الرسم (1/ 322). وعبد الجبار ضعيف كما في التقريب (رقم: 3742). 4 - مخالفة أبي العطوف، واسمه الجراح بن منهال: ذكرها الدارقطني في العلل (7/ 58) فقال: "رواه أبو العطوف، عن الزهري فقال: عبد الرحمن التيمي، عن معاوية". قلت: لم أقف على روايته مسندةً، وأبو العطوف متروك الحديث. انظر الميزان (1/ 390)، اللسان (2/ 99). فالصواب من حديث الزهري ما رواه الحفاظ المتقنون من أصحابه عنه، عن حميد بن عبد الرحمن، عن معاوية والله أعلم. قال الدارقطني: "والصحيح من حديث الزهري عن حميد بن عبد الرحمن". العلل (7/ 58)، وانظر: الفتح (4/ 389). (¬1) سيأتي حديثها (4/ 34).

73/ وبه: قال: "سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - ينهى عن مِثْل هذه. . .". يعني قُصَّةَ الشَّعْر الموصول (¬1)، وذَكَر هلاك بني إسرائيل. في الجامع (¬2). 74/ حديث: "أيُّها النَّاس! إنَّه لا مانِع لِما أعْطى اللهُ، ولا مُعْطِيَ لما مَنع. . .". وذَكَر الفقهَ في الدِّين، وفي آخره: سمعتُ هؤلاء الكلمات من رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -. في الجامع، في أبواب القدر. عن يزيد بن زِياد، عن محمّد بن كعب القُرظي قال: "قال معاوية وهو على المِنبر" (¬3). هكذا عند يحيى بن يحيى وطائفةٍ من رواةِ الموطأ، لم يَذكروا سماعَ محمّد القرظي من معاوية (¬4). ¬

_ (¬1) القُصّة: بضم القاف وتشديد المهملة، هي ما أقبل على الجبهة من شعر الرأس، سُمي بذلك لأنّه يُقص. انظر مشارق الأنوار (2/ 188)، الفتح (6/ 596). (¬2) الموطأ كتاب: الشَعر، باب: السنة في الشعر (2/ 722) (رقم: 2). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: أحاديث الأنبياء، بابٌ (4/ 504 / 3468) من طريق القعنبي. وفي اللّباس، باب: وصل الشعر (/ 7/ 81 رقم: 5932) من طريق إسماعيل بن أبي أويس. ومسلم في صحيحه كتاب: اللّباس والزينة، باب: تحريم فعل الواصلة والمستوصلة. (3/ 1679) (رقم: 2127) من طريق يحيى النيسابوري. وأبو داود في السنن كتاب: صلة الشعر (4/ 396) (رقم: 4167) من طريق القعنبي، ثلاثتهم عن مالك به. (¬3) الموطأ كتاب: القدر، باب: جامع ما جاء في القدر (2/ 687) (رقم: 8). (¬4) تابع يحيى الليثي: - ابن القاسم (ص: 543) (رقم: 521 - مع تلخيص القابسي-)، وسويد بن سعيد (ص: 536) =

وفي رواية ابنِ بكير وغيرِه عن مالك قال فيه: قال: سمعت معاوية (¬1). ¬

_ = (رقم: 1261)، وابن وهب كما في الجمع بين روايته ورواية ابن القاسم، والقعنبي وعبد الله بن يوسف عند الطبراني في المعجم الكبير (19/ 338) (رقم: 782)، وإسماعيل بن أبي أويس عند البخاري في الأدب المفرد (ص: 232) (رقم: 666)، وقتيبة بن سعيد عند النسائي في مسند مالك كما في تهذيب الكمال (32/ 133)، والفريابي في القدر (ص: 130) (رقم: 180)، وأبي أحمد الحاكم في عوالي مالك (ص: 65)، والمزي في تهذيب الكمال- الموضع السابق-. (¬1) الموطأ برواية ابن بكير (ل: 235 / أ -نسخة الظاهرية-). وقد جاء الحديث من غير طريق مالك، مصرحًا فيه بالسماع بين محمد بن كعب القرظي ومعاوية: - أخرجه أحمد في المسند (4/ 98)، والبخاري في الأدب المفرد (ص: 232)، والطبراني في المعجم الكبير (19/ 339) (رقم: 784)، وابن عبد البر في التمهيد (79/ 23)، وجامع بيان العلم (ص: 24) من طريق محمد بن عجلان. وقال ابن عبد البر في الجامع: (صحيح). وهو كما قال. - وأحمد في المسند (4/ 92)، والطبراني في المعجم الكبير (19/ 339) (رقم: 785) من طريق أسامة بن زيد. وأسامة صدوق يهم كما في التقريب (رقم: 317). - وأحمد في المسند (4/ 95، 97) والبخاري في الأدب المفرد (ص: 232)، والطبراني في المعجم الكبير (19/ 340/ 786) من طريق عثمان بن حكيم الأنصاري. ووقع عند الطبراني (برقم: 786) من طريق يحيى الحماني ثنا شريك عن عثمان بن راشد عن محمّد بن كعب به. ولعل الصواب عثمان بن حكيم كما في الإسناد الذي قبله؛ لأنَّ شريكا يروي عن عثمان بن حكيم الأنصاري، وكذلك محمد بن كعب لم يذكروا في الرواة عنه عثمان بن راشد، والإسنادان من طريق الحسين بن إسحاق التستري عن يحيى الحماني فهو إسناد واحد والله أعلم. وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير (19/ 239) (رقم: 783) من طريق أبي أمية بن يعلى عن يزيد بن زياد عن محمّد بن كعب القرظي. وفيه: "قدم علينا معاوية فصعد المنبر. . ."، وهذا يحتمل السماع وعدمه. لكن أبو أمية بن يعلى وهو إسماعيل بن يعلى أبو أمية الثقفي البصري، متروك لحديث. انظر الميزان (1/ 254)، (4/ 167)، اللسان (1/ 445).

وأنكَرَ البخارىُّ سماعَ محمّدٍ مِن معاوية (¬1). وفي الصحيح أنَّ معاويةَ كتب إلى المغيرةَ بن شعبة: "اكتُب إليَّ بما سمعتَ من النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -"، فكَتَب إليه بالفَصلِ الأول: "إنَّه لا مانِع لما أعطى الله. . ."، في كلامٍ ذَكَره (¬2). وروى الزهري، عن حُميد بن عبد الرحمن، عن معاوية قال: سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "من يُرِد الله به خيرًا يُفَقِهْه في الدِّين ... "، مع كلامٍ آخرَ ذَكَرَه، ليس فيه: "إنَّه لا مانِع لما أعطى الله. . .". وهذا أيضًا في الصحيح (¬3). ¬

_ (¬1) لم أقف عليه. واختلف العلماء في سماع محمّد بن كعب من معاوية، فأنكره البخاري كما سبق وأثبته أبو داود فقال: "سمع من علي ومعاوية وعبد الله بن مسعود". تهذيب الكمال (26/ 343). ويؤيّد سماعه منه تصريحه بالسماع في الأسانيد السابقة وهي ثابتة إلى محمد بن كعب. ووُلد محمد بن كعب في آخر خلافة علي سنة (40 هـ)، وتوفي معاوية سنة (60 هـ) فعُمْر محمد عند وفاة معاوية (20) سنة وهذا يؤكد سماعه منه، والله أعلم. (¬2) صحيح البخاري كتاب: الأذان، باب: الذِّكر بعد الصلاة (1/ 254) (رقم: 844)، وفي الزكاة، باب: قول الله تعالى: {لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا} (2/ 456) (رقم: 1477)، وفي الدعوات، باب: الدعاء بعد الصلاة (7/ 195) (رقم: 6330)، وفي الرقاق، باب: ما يكره من قيل وقال (7/ 235) (رقم: 6473)، وفي القدر، باب: لا مانع لما أعطى الله (7/ 274) (رقم: 6615)، وفي الاعتصام، باب: ما يكره من كثرة السؤال (8/ 493) (رقم: 7292). وصحيح مسلم كتاب: المساجد، باب: استحباب الذكر بعد الصلاة .. (1/ 414، 415) (رقم: 593). (¬3) صحيح البخاري كتاب: العلم، باب: من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين (1/ 31) (رقم: 71)، وفي فرض الخمس باب: قول الله تعالى: {فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} (4/ 380) (رقم: 3116)، وفي الاعتصام، باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق يقاتلون" وهم أهل العلم (7/ 501) (رقم: 7312). وصحيح مسلم كتاب: الزكاة، باب: النهي عن المسألة (2/ 719) (رقم: 1037).

وقوله في الموطأ: "سمعتُ هؤلاء الكلمات"، إن كان أراد الفَصلَ الثاني خاصةً فذلك وِفاق، وإن كان عَنَى الكلَّ فلا يَدفع قولَه كتابُ المغيرة؛ إذ لم يسألْه عن ذلك بعينِه، وغيرُ بَعيدٍ أن يَكتبَ المغيرةُ بشيءٍ قد كان سَمِعَه (¬1) معاويةُ. فصل: أبو سفيان والد معاوية، هو صَخْر بن حَرْب بن أمية، وفيه يَجْتَمِع مع عثمان بن عفان (¬2). ومعاويةُ بن الحَكَم، سمَّاه مالكٌ أو شيخُه: عُمرَ، انظره في باب العين (¬3). * * * ¬

_ (¬1) في الأصل: "من"، أي سمعه من معاوية، وكتب في هامشها: "ليس في الأصل من". والصحيح ما كان في الأصل الأول أي حذف "من"؛ لأنَّ مراد المصنف أنَّ معاوية لما أخبر بالحديثين على المنبر أسندهما إلى سماعه ولم يسندهما إلى المغيرة، وقد كان المغيرة كتب إليه بالفصل الثاني من الحديث وهو قوله: "لا مانع لما أعطى الله. . ."، وهذا لا يلزم عدم سماع معاوية هذا الحديث أعني الفصل الثانى منه من النبي - صلى الله عليه وسلم - وكتبه له المغيرة إذ لم يسأل معاويةُ المغيرةَ عن كتابة هذا الحديث بعينه بل سأله عمّا يقال في دبر الصلاة كما جاء ذلك في حديث البخاري من كتاب القدر (برقم: 6615)، فكتب له المغيرة هذا الحديث فاتفقأن معاوية كان قد سمعه من النبي - صلى الله عليه وسلم - وكتبه له المغيرة فحدّث به عن النبي - صلى الله عليه وسلم - على المنبر، والله أعلم. (¬2) انظر الاستيعاب (2/ 714)، الإصابة (3/ 412). (¬3) سيأتي مسنده (2/ 305).

20/ مسند معاذ بن جبل بن عمرو بن أوس الأنصاري الخزرجي

20/ مسند معاذ بنِ جَبَل بن عمرو بن أوس الأنصاري الخزرجي أربعة أحاديث. 75 / حديث: "أنَّهم خَرَجوا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عامَ تَبُوك (¬1)، فكان يَجمع بين الظهر والعصرِ والمغربِ والعشاء. . .". فيه: "إنَّكم سَتأتون غدًا إن شاء الله عَينَ تَبوك"، وذَكَر قِصةً طويلةً فيها ذِكر العَين. في باب: الجمع بين الصلاتين. عن أبي الزُّبير المكي، عن أبي الطُّفُيل عامِر بن واثِلة، عن معاذ (¬2). فصل: أبو الزبير هو محمّد بن مسلم بن تَدْرُس (¬3). ¬

_ (¬1) بالفتح ثم الضم وواو ساكنة وكاف، مدينة من أطراف الشام، وهي اليوم مدينة من مدن شمال الحجاز، لها إمارة تُعرف بإمارة تبوك، وتبعد عن المدينة النبوية (778) كيلًا. انظر معجم البلدان (2/ 14)، معجم المعالم الجغرافية للبلادي (ص: 59)، المعالم الأثيرة لشرّاب (ص: 69). (¬2) الموطأ كتاب: قصر الصلاة في السفر، باب: الجمع بين الصلاتين في الحضر والسفر (1/ 136) (رقم: 2). وأخرجه مسلم في صحيحه كتاب: الفضائل، باب: في معجزات النبي - صلى الله عليه وسلم - (4/ 1784) (رقم: 706) من طريق أبي علي الحنفي. وأبو داود في السنن كتاب: الصلاة، باب: الجمع بين الصلاتين (2/ 10) (رقم: 1206) من طريق القعنبي. والنسائي في السنن كتاب: المواقيت، باب: الوقت الذي يجمع فيه المسافر بين الظهر والعصر (1/ 285) من طريق ابن القاسم. وأحمد في المسند (5/ 237، 238) من طريق ابن مهدي وروح. والدارمي في السنن كتاب: الصلاة، باب: الجمع بين الصلاتين (1/ 426) (رقم: 1515) من طريق أبي علي الحنفي، خمستهم عن مالك به. (¬3) تقدّم الكلام على أبى الزبير (2/ 125).

وأبو الطُّفَيل أدرك النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - وهو صغيرٌ، ولد عامَ أُحُد، ومات سنةَ مائة ونحوَها، ويُقال: هو آخِرُ من مات من الصحابة (¬1). روى سعيدٌ الجُرَيْرِي عنه أنه قال: "رأيتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - ولم يَبْقَ على وجهِ الأرضِ أَحَدٌ رآه غيري. . ." (¬2). وانظر أحاديثَ الجمع لابنِ عمر (¬3)، وابنِ عباس (¬4)، [و] (¬5) مرسل الأعرج (¬6)، وعلي بن حسين (¬7)، والجمع بالمزدلفة لابن عمر (¬8)، وأسامة (¬9)، وأبي أيوب (¬10). 176 / حديث: "قال الله تعالى: وَجَبَتْ مَحَبتِي للمتحابِّين فِيَّ. . .". وزاد ثلاثَ خِصال (¬11). في الجامع باب: المتحابين. ¬

_ (¬1) قال مسلم: "مات أبو الطفيل سنة مائة وكان آخر من مات من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -". صحيح مسلم (4/ 1820). وانظر: الاستيعاب (4/ 1696)، الإصابة (7/ 230). (¬2) أخرجه مسلم في صحيحه كتاب: الفضائل، باب: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - أبيض مليح الوجه (4/ 1820) (رقم: 2340) وتمامه: "فقلت له: فكيف رأيتَه؟ قال: كان أبيضَ مليحًا مقصّدًا". (¬3) سيأتي حديثه (2/ 376). (¬4) سيأتي حديثه (2/ 548). (¬5) سقطت من الأصل وإثباتها يقتضيه السياق، والله أعلم. (¬6) سيأتي حديثه (5/ 353). (¬7) سيأتي حديثه (5/ 76). (¬8) سيأتي حديثه (2/ 347). (¬9) تقدّم حديثه (2/ 23). (¬10) سيأتي حديثه (3/ 143). (¬11) وهي: المتجالسين فيّ، والمتزاورين فيّ، والمتباذلين فيّ.

عن أبي حازم بن دينار، عن أي إدريس الخَوْلاني، عن معاذ (¬1). وفيه لقاؤُه إيَّاه، وسماعُه، وقِصتُه معه. هكذا رواه جماعةٌ من أهلِ الحِجَاز والشام عن أبي إدريس، ذَكَر فيه: أنَّه لَقِي معاذًا، وأنَّ القصةَ دارَتْ بينهما (¬2). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الشعر، باب: ما جاء في المتحابين في الله (2/ 726) (رقم: 16). وأخرجه أحمد في المسند (5/ 233) من طربق روح وإسحاق الطباع عن مالك به. (¬2) منهم: أبو حازم سلمة بن دينار- كما سبق- وهو حجازي مدني. وتابعه من أهل الحجاز: - محمد بن قيس المدني أبو إبراهيم عند أحمد في المسند (5/ 247)، والطبراني في المعجم الكبير (20/ 81) (رقم: 152، 153). ومن أهل الشام: - شهر بن حوشب الشامي عند ابن المبارك في الزهد (ص: 249) (رقم: 715)، والبزار في المسند، والطبراني في المعجم الكبير (20/ 78) (رقم: 144)، وابن عبد البر في التمهيد (21/ 127). - ويزيد بن أبي مريم الدمشقي عند الطبراني في المعجم الكبير (20/ 79) (رقم: 149)، وفي مسند الشاميين (2/ 310) (رقم: 1403). - وشريح بن عبيد الحمصي عند الطبراني في المعجم الكبير (20/ 80) (رقم: 151)، وفي مسند الشاميين (2/ 440) (رقم: 1659). - وعطاء بن أبي مسلم الخراساني نزيل الشام عند الحاكم في المستدرك (4/ 170)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (10/ 35، 37) (رقم: 3893، 3894) وأبي نعيم في الحلية (5/ 206)، وابن عبد البر في التمهيد (21/ 127). - والوليد بن عبد الرحمن الشامي عند أحمد في المسند (5/ 229)، والحاكم في المستدرك (4/ 169)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (10/ 37) (رقم: 3895)، والطبراني في مسند الشاميين (1/ 362، 423) (رقم: 625، 744)، (3/ 341) (رقم: 2433، 2434)، وابن عبد البر في التمهيد (21/ 126). =

وقد أُنْكِر ذلك لصِغَرِ سِنِّه، وُلد أبو إدريس -واسمُه عائِذ الله بن عبد الله- عامَ حُنين، وهو العامُ الثامنُ من الهجرةِ، هكذا رُوي عنه أنه قال: (وُلدتُ عامَ حنين) (¬1). ومات معاذٌ في طاعون عَمَوَاس سنة ثمان عَشْرة (¬2)، وأبو إدريس إذ ذاكَ ابنُ عَشْرٍ أو نحوِها، غلامٌ لم يَبْلُغ أوانَ الحُلُم (¬3). ونحوُ هذه القصة مع معاذٍ رُوِيَت عن أبي بَحْرِيَة السَّكُونِيِّ -واسمُه عبد الله بن قَيس- (¬4)، وعن أبي مُسلم الخَولاني -واسمه عبد الله بن ثُوَب- (¬5)، كلاهما ¬

_ = - وابن حلبس، وهو يونس بن ميسرة بن حلبس الدمشقي الشامي عند الحاكم في المستدرك (4/ 169)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (10/ 34) (رقم: 3892)، وابن قانع في معجم الصحابة (3/ 25). - وربيعة بن يزيد الدمشقي عند الطبراني في مسند الشاميين (3/ 126) (رقم: 1926). (¬1) لم أقف على قوله، وانظر تاريخ دمشق (26/ 153، 154). (¬2) وقيل: سنة سبع عشرة. انظر سنة وفاته في: التاريخ الصغير (الأوسط) (1/ 76)، تاريخ دمشق (26/ 154)، تهذيب الكمال (28/ 112 - 114). وعَمَواس: كورة من فلسطين بالقرب من بيت المقدس. وتبعد منه حوالي ثلاثين كيلا، وبقيت إلى سنة (1967 م)، ثم هدمها اليهود -أخزاهم الله- وأَجْلَوا سكانها ولم ير للقرية أثر ولا عين. انظر معجم البلدان (4/ 157)، المعالم الأثيرة (ص: 203). (¬3) سيأتي ذكر مَن أنكر سماعه منه. (¬4) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (20/ 92) (رقم: 178)، وابن عبد البر في التمهيد (21/ 129)، وفي إسناده موسى بن عَبيدة الرّبذي ضعيف جدًا وكان عابدًا. انظر تهذيب الكمال (29/ 104)، تهذيب التهذيب (10/ 318). (¬5) ثُوَب -بضم المثلثة وفتح الواو بعدها موحّدة- انظر الإكمال (1/ 568)، المؤتلف والمختلف للدارقطني (1/ 336)، توضيح المشتبه (2/ 108). وأخرج حديثه الترمذي في السنن كتاب: الزهد باب: ما جاء في الحب في الله (4/ 515) =

وَصَفَ نحوَ ذلك، وأتَى أبو مُسلمٍ في الحديثِ بلفظٍ آخرَ (¬1)، ثم ذَكَرَ أنَّه لَقِيَ عُبادةَ بن الصَّامتِ فأَخبرَه بمعناه (¬2). وقد رُوي هذا الحديث عن أبي إدريس، عن عبادة مُجَرَّدًا دون القِصةِ، خَرَّجه الطيالسي (¬3). ¬

_ = (رقم: 2390) مختصرا، وأحمد في المسند (5/ 236، 239)، والحارث بن أبي أسامة في المسند (2/ 991) (رقم: 1108 - بغية الباحث-)، وعبد الله بن أحمد في زيادات المسند (5/ 328)، والطبراني في المعجم الكبير (20/ 87، 88) (رقم: 167، 168)، وابن حبّان في الصحيح (2/ 338) (رقم: 577)، وأبو نعيم في الحلية (5/ 121)، وفي معرفة الصحابة، وابن عبد البر في التمهيد (21/ 131) من طرق عن عطاء بن أبي رباح، عن أبي مسلم الخولاني، عن معاذ به. وقال الترمذي: (حسن صحيح). (¬1) زاد قوله: "على منابر من نور" وليس هذا في حديث أبي إدريس. (¬2) وهذا عند أحمد في المسند (5/ 239)، وابن حبان، والحارث بن أبي أسامة، وأبي نعيم في الحلية. (¬3) في المسند (ص: 78) من طريق يعلى بن عطاء عن الوليد بن عبد الرحمن عن أبي إدريس الخولاني قال: أتيت عبادة بن الصامت ففال: ألا أحدّثك ما سمعت على لسان محمد - صلى الله عليه وسلم - يقول: "قال الله عزَّ وجلَّ: حقّت محبّتي للمتحابين فيّ وحقّت محبّتي للمتباذلين فيّ". وسنده صحيح. وأخرجه (برقم 571) -أي قبل هذا الحديث- بالإسناد نفسه إلَّا أنَّه قال: عن معاذ بدل عبادة ووصف قصته معه. وأخرجه البزار في مسنده (7/ 143) (رقم: 2697)، والحاكم في المستدرك (4/ 169) من طريق يونس بن حلبس، عن أبي إدريس، وفيه قصته مع عبادة بن الصامت. وأخرجه الطبراني في مسند الشاميين (3/ 265) (رقم: 2225) من طريق يونس هذا عن أبي إدريس عن عبادة فقط، ولم يذكر معاذا. قال الحاكم: "وقد جمع أبو إدريس بإسناد صحيح بين معاذ وعبادة بن الصامت في هذا المتن". وقال ابن عبد البر: "وقد يمكن أن يكون أبو إدريس وأبو مسلم الخولانيان عَرَضَ لكلِّ واحد منهما ما روي في هذا الباب عنهما مع معاذ وعبادة، والله أعلم بالصحيح في ذلك ولا يقطع على خبر الآحاد". التمهيد (21/ 132).

ورِوى أبو إدريس عن أبي مسلم الخَولاني، عن عَوْف بن مالك الأشجعي حديثَ البَيْعَة (¬1). ولعلَّه إنَّما سَمِع هذا منه (¬2)؛ فإنَّ الزهريَّ روى عن أبي إدريس أنَّه قال: "فاتَنِي معاذٌ، فحُدِّثْتُ عنه". ذكره الدارقطني (¬3)، وقال: "القولُ قولُ الزهريِّ؛ لأنَّه أحفظُ الجماعة" (¬4). ¬

_ (¬1) صحيح مسلم كتاب: الزكاة، باب: كراهة المسألة للناس (2/ 721) (رقم: 1043)، وفي: "ألا تبايعون رسول الله؟ -وكنا حديث عهد ببيعة-. . ."، الحديث. ومراد المصنف من إيراده في هذا الموضع بيان أن أبا إدريس يروي عن أبي مسلم، فلعله روى حديث الباب عن أبي مسلم عن معاذ؛ لًانَّ أبا مسلم يروي الحديث نفسه عن معاذ والله أعلم، ثم استدل بما ذكره عن الزهري من الانقطاع في رواية أبي إدريس عن معاذ وأن بينهما رجلا. (¬2) الضمير في هذا يرجع إلى حديث معاذ. (¬3) العلل (6/ 71). وانظر: تاريخ أبي زرعة الدمشقي (1/ 664)، تاريخ دمشق (26/ 154، 155)، التاريخ الكبير (7/ 83). (¬4) أورد الدارقطني هذا الحديث في العلل (6/ 69 - 70) من طريق أبي إدريس عن معاذ وقال: "يرويه جماعة من أهل الحجاز والشام عن أبي إدريس منهم أبو حازم سلمة بن دينار والوليد بن عبد الرحمن بن الزجاج ومحمد بن قيس القاص وشهر بن حوشب، واختلف عنه، فرواه ابن أبي الحسين عن شهر عن أبي إدريس عن معاذ، وخالفه الحجاج بن الأسود فرواه عن شهر عن معاذ. ويرويه أيضا عطاء الخراساني ويزيد بن أبي مريم ويونس بن ميسرة بن حلبس، كلهم عن معاذ بن جبل، وكلهم ذكروا أن أبا إدريس سمعه من معاذ. وخالفهم محمد بن مسلم الزهري وهو أحفظ من جميعهم، فرواه عن أبي إدريس الخولاني قال: أدركت عبادة بن الصامت ووعيت عنه، وأدركت شدّاد بن أوس ووعيت عنه، وعدّ نفرا من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: وفاتني معاذ بن جبل وأُخبرت عنه. . . والقول قول الزهري لأنه أحفظ الجماعة" اهـ. وقال أبو زرعة الدمشقي: "أبو إدريس الخولاني يروي عن أبي مسلم الخولاني، ويروي عن عبد الرحمن بن غنم الأشعري، كلاهما يحدّث بهذا الحديث عن معاذ، والزهري يحفظ عن أبي إدريس أنّه لم يسمع من معاذ، والحديث حديثهما، والله أعلم". تاريخ دمشق (26/ 156).

وقال ابن معين: قال أبو إدريس: "فاتني معاذٌ، فحدَّثني عنه يزيدُ بن عُمَيرة" (¬1). ومَن صَحَّحَ حديثَ الموطأ لعدالَةِ ناقِلِيهِ قال: إنَّما عَنَى حُضورَ مَوتِه، وسماعَ وَصِيَّتِه (¬2)، رُوي عنه أنَّ يزيد بن عُمَيرة أخبره قال: "لما حَضَرَتِ الوفاةُ معاذَ بنَ جبل قيل له: أَوْصِنا. ."، فذَكَرَ كلامًا (¬3). فكأنَّ أبا إدريس كَرِهَ فَوَاتَ ذلك. وقيل: إنَّما أراد أنه فاته الاسْتكثارُ منه والله أعلم، وإلى هذا ذَهَب أبو عُمر بنُ عبد البر، وقال: "اختُلِف في سماعِه من معاذٍ، والصحيحُ أنَّه أدرَكَه وروى عنه وسمع منه -واحتجَّ بحديث أبي حازم هذا- قال: وقد سُئِل الوليدُ بن مسلم -وكان من العلماءِ بأخبارِ أهل الشام- هل لَقِيَ أبو إدريس الخولاني معاذَ بنَ جبل؟ فقال: نعم، أدرك معاذَ بنَ جبل، وأبا عُبيدة بن الجراح، وهو ابنُ عَشْرِ سنين؛ لأنّه وُلِد عامَ حُنين، سمعتُ سعيدَ بنَ عَبد العزيز يقولُ ذلك" (¬4). ¬

_ (¬1) التاريخ (4/ 432) (رقم: 5145 - رواية الدوري-). (¬2) أي عَنى فواتَ حضور موتِ معاذ وسماع وصيّته. (¬3) قال أبو زرعة الدمشقي: حدّثنا أبو صالح عبد الله بن صالح قال: حدّثني معاوية بن صالح، وحدّثني أحمد بن صالح قال: حدّثنا ابن وهب قال: حدّثني معاوية بن صالح عن ربيعة بن يزيد عن أبي إدريس الخولاني عن يزيد بن عميرة قال: "لما حضرت معاذَ بن جبل الوفاةُ بكيتُ، فقال لي: ما يبكيك؟ فقلت: أبكي على العلم الذي يذهب معك. فقال: لا تبك، فإنَّ العلم والإيمان مكانهما، من التمسهما وجدهما، والتمسِ العلم بعدي عند أربعة نفر، عند: سلمان الفارسي، وعبد الله بن مسعود، وعويمر أبي الدرداء، وعبد الله بن سلام، فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "هو عاشر عشرة في الجنة". تاريخ أبي زرعة الدمشقي (1/ 649). (¬4) الاستغناء في أسماء المشهورين من حملة العلم بالكنى (1/ 366)، مع الاختلاف القليل في السياق، وليس فيه التصريح أنَّه فاته الاستكثار منه، وإنما قال ابن عبد البر: "ولعل رواية الزهري عنه أنَّه قال: فاتني معاذ، أراد في معنى من المعاني". =

قال الشيخ أبو العبّاس رضي الله عنه: ولم يُنْكَر مِنْ هذا الحديثِ مُجَرَّدُ السَّمَاع لَو كان غيرُه المُخاطَبَ بهِ وهو يَسْمع، وإنَّما أُنْكِر أنْ يُخاطِبَ هو أو يُخاطَب بمثلِ هذا الكلامِ الَّذي لا يأتِي به، ولا يخاطَبُ بمثلِه إلَّا مَن كَمُلَ عَقْلُه، وبَلَغَ أشُدَّه، والله أعلم (¬1). ¬

_ = وقول الوليد بن مسلم في الأسامي والكنى لأبي أحمد الحاكم (1/ 377) (رقم: 314)، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخ دمشق (26/ 160). وكذا رجّح الطحاوي سماعه من معاذ مستدلًا بالحديث السابق وفيه لقياه لمعاذ. انظر: شرح مشكل الآثار (10/ 38، 39). وردّ آخرون القول بسماعه كما سبق عن الزهري وغيره، وقال سعيد بن عبد العزيز الدمشقي: "ولد أبو إدريس الخولاني عام حنين، ويُنكر أن يكون سمع من معاذ بن جبل". تاريخ دمشق (26/ 104). وقال أبو زرعة الدمشقي: "قلت لعبد الرحمن بن إبراهيم (أي دُحيم): أي سنة كانت حنين؟ قال: سنة ثمان. قال أبو زرعة: فإذا كان مولد أبي إدريس عام حنين وهي في سنة ثمان من التاريخ فكان أبو إدريس لوفاة معاذ بن جبل ابن عشر سنين أو أقل، وأبو إدريس إذا تحدّث عن معاذ بن جبل من حديث الثقات: الزهري وربيعة بن يزيد، أدخلا يزيد بن عميرة الزبيري". تاريخ دمشق (26/ 154). وقال أيضا: "أبو إدريس أروى عن التابعين من جبير بن نفير، حدّث أبو إدريس عن أبي مسلم الخولاني، وعبد الرحمن بن غنم، ويزيد بن عميرة، ومرثد الخولاني صاحب الكتب، وحسان الضمري، وابن الديلمي، فأما معاذ بن جبل فلم يصح له منه سماع، وإذا تحدّث أبو إدريس عن معاذ أسند ذلك إلى يزيد بن عميرة الزبيري". تاريخ دمشق (26/ 159). وقال الآجري: سمعت أبا داود يقول: "وُلد أبو إدريس عام حنين، وسمع من أبي الدرداء ومن شدّاد بن أوس ومن عبادة بن الصامت ومن أبي ثعلبهَ. قلت: ومعاذ؟ قال: لا، وقد رُوي ولا يصح". سؤالات أبي عبيد الآجري (2/ 212). (¬1) وهذا تقرير جيّد من المصنف؛ إذ كان من عادة التابعين ألّا يطلبوا العلم إلا بعد أن يبلغ الشاب مبلغ الرجال. وقد قال سفيان الثوري: "كان الرجل إذا أراد أن يطلب الحديث تعبّد قبل ذلك عشرين سنة". ومثله قول أبي الأحوص. انظر: الكفاية (ص: 54). وقال الخطيب البغدادي: "قلَّ مَن كان يثبت الحديث على ما بلغنا في عصر التابعين وقريبًا منه إلَّا مَن جاوز حدَّ البلوغ وصار في عِداد مَن يصلح لمجالسة العلماء ومذاكرتهم وسؤالهم، وقيل: =

فصل: أبو حازم سَلَمةُ بن دِينار في مسند سَهْل (¬1). وأبو مُسلم الخولاني أَدْرَك الجاهليةَ، وأَسْلَمَ في حياةِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وهو باليَمَن، ولم يَجتمِع بالنبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وقَدِم المدينةَ بعدَ موتِه في مدَّةِ أبي بكر، فهو معدودٌ في كِبار التَّابعين (¬2). ¬

_ = إنَّ أهل الكوفة لم يكن الواحدُ منهم يسمع الحديث إلَّا بعد استكماله عشرين سنة ويشتغل قبل ذلك بحفظِ القرآن وبالتعبُّد". انظر الكفاية (ص: 54)، وسَرَدَ الخطيبُ جملةً من الآثار تدلُّ على ما قرَّرَه. وقال الرامهرمزي: "وقد دلَّ قولُ الزهري: ما رأيت طالبًا للعلم أصغرَ من سفيان بن عيينة، على أنَّ طلابَ الحديث في عصرِ التابعين كانوا في حدودِ العشرين". انظر المحدث الفاصل (ص: 186 - 188). وقال الحافظ ابن حجر ردًّا على قول ابنِ عبد البر السابق في إثبات سماع أبى إدريس من معاذ: "إذا كان وُلد في غزوة حنين -يعني أبا إدريس- وهي في أواخر سنة ثمان، ومات معاذ سنة ثمان عشرة، فيكون سنه حين مات معاذ تسع سنين ونصف أو نحو ذلك، فيَبعُد في العادة أن يُجارِي معاذًا في المسجد هذه المجاراة أو يخاطبه هذه المخاطبة على ما اشتهر من عادتهم أنَّهم لا يطلبون العلم إلا بعد البلوغ". تهذيب التهذيب (5/ 75). فمِن هذا يظهر صواب مَن قال بعدم ثبوت السماع، وأنَّ حديث الموطأ منقطع بين أبي إدريس ومعاذ، ولعل أبا إدريس سمع هذا الحديث من عبادة، وسمعه أبو مسلم من معاذ فتوهَّم مَن توهَّم مِن الرواة أنَّ أبا إدريس سمعه من معاذ فرواه عنه، ولا يبعد أن يكون أبو إدريس سمعه أيضًا من أبي مسلم عن معاذ، أو عن يزيد بن عُميرة عن معاذ، فالحاصل أنَّ بين أبى إدريس ومعاذ انقطاعًا كما قال الزهري والدارقطني وغيرهما، والله أعلم. ثم مما يويّد عدمَ سماع أبي إدريس من معاذ، أنَّ أبا إدريس خولانيٌّ يَمَنِيٌّ، وفي حديث الموطأ أنه لقي معاذًا بمسجد دمشق، فكيف يُقال لِمن هو في العاشرة من عمره أو دونها رحل في طلب العلم في هذا السن، فلا يُثبت له الرحلة واللُّقيا إلَّا بدليل قطعي، والله أعلم. (¬1) انظر: (3/ 105). (¬2) ذكره محمد بن سعد في الطبقه الثانية من تابعي أهل الشام وقال: (كان ثقة). الطبقات الكبرى (7/ 312). وانظر: السير (4/ 7)، تهذيب الكمال (34/ 290).

77/ حديث: "أَحْسِنْ خُلُقَك للنَّاس". في الجامع. بلغه: أنَّ معاذَ بنَ جبل قال: "آخِرُ ما أَوصاني به" (¬1). وقال فيه ابنُ بُكير وطائفةٌ: عن مالك، عن يحيى بن سعيد، عن معاذ (¬2). وهو مقطوعٌ غريبٌ (¬3). ورواه عُمر بن نُعيم بنِ ميسرة خارجَ الموطأ: عن مالك، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب قال: قال معاذ (¬4). وخرّجه البزَّار من طريق أبي الطُّفيل عن معاذ، وذَكَرَ الوصيَّةَ حين بعثه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يعني إلى اليمن، وفي آخرِها: "ولْتُحسِن خُلُقَك ما اسْتَطَعْتَ". قال أبو بكر: "وهذا الحديثُ لا نعلمه رُوي بهذا اللَّفظِ إلا عن معاذ" (¬5). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: حسن الخلق، باب: في حسن الخلق (2/ 688) (رقم: 1). وتابع يحيى على هذا الإسناد: ابنُ القاسم وابن وهب كما في الجمع بين روايتيهما، والقعنبي كما في التمهيد (24/ 300). (¬2) موطأ ابن بكير. وتابعه: سويد بن سعيد كما في موطئه (ص: 536) (رقم: 1264). (¬3) الانقطاع بين يحيى بن سعيد ومعاذ. (¬4) خرّجه الدارقطني في غرائب مالك، والخطيب البغدادي في الرواة عن مالك. وقال الدارقطني: "لم يروه هكذا غير عمر بن نعيم"، وقال الخطيب: "لم يتابع عليه". انظر لسان الميزان (4/ 336). ومع مخالفة عمر بن نعيم للرواة عن مالك ففي المسند انقطاع بين سعيد بن المسيب ومعاذ، ولد سعيد سنة (19 هـ)، أي بعد وفاة معاذ بن جبل بسنة. انظر تهذيب الكمال (11/ 75). (¬5) مسند البزار (7/ 89) (رقم: 2642) قال: حدّثنا علي بن داود قال: حدّثنا سعيد بن كثير بن عفير قال: أخبرنا ابن لهيعة عن أبي الزبير، عن أبي الطفيل، عن معاذ بن جبل. =

قال الشيخ أبو العبّاس رضي الله عنه: وقد روى ثابتٌ عن أنسٍ قال: بعث النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - معاذًا إلى اليمن فقال: "يا معاذ! اتَّقِ اللهَ وخالِقِ النَّاسَ بخُلُقٍ حَسَن". قاله أبو عمر ابن عبد البر (¬1). ¬

_ = قلت: وسنده ضعيف، ابن لهيعة سيئ الحفظ وأبو الزبير مدلس وقد عنعن. انظر ترجمة ابن لهيعة في: تهذيب الكمال (15/ 487)، تهذيب التهذيب (5/ 327). وترجمة أبي الزبير محمد بن مسلم بن تدرس المكي في: طبقات المدلسبن (ص: 45). وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (8/ 23): "رواه البزار وفيه ابن لهيعة، وفيه لين وبقية رجاله ثقات". قلت: وأخرج ابن حبان في صحيحه (الإحسان) (2/ 283) (رقم: 524) من طريق ابن وهب. والحاكم في المستدرك (4/ 244) من طريق محمد بن صالح بن هانئ. والحاكم في المستدرك (1/ 54) أيضًا، والحافظ ابن حجر في الأمالي السفرية (ص: 63) من طريق عبد الله بن صالح، ثلاثتهم عن حرملة بن عمران، عن أبي السمط سعيد بن أبي سعيد مولى المهري "وتصحف في ابن حبان إلى المقبري، والمستدرك إلى المهدي" عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو بن العاص: "أنَّ معاذ بن جبل أراد سفرًا فقال: يا رسول الله أوصني"، وفيه: "استقم وليحسن خلقك للناس". قال الحافظ ابن حجر: "هذا حديث حسن، أخرجه الحاكم من طريق أبي صالح عبد الله بن صالح بهذا الإسناد، ورواته مصريون موثَّقون، لكن في عبد الله بن صالح مقال، ولم ينفرد به، وله شاهد من حديث أبي ذر، أخرجه الترمذي ولفظه -ثم أورده وسيأتي، ثم قال-: وفيه تعقُّبٌ على ابن عبد البر في عدِّه الأحاديث الأربعة من بلاغات مالك التي ذكر أنَّها لا توجد إلَّا في الموطأ، فمنها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أوصى معاذ بن جبل فقال: وأحسن خلقك للناس. . وكأنَّ حديث عبد الله بن عمرو أصل هذا البلاغ، والله أعلم". انظر: الأمالي السفرية (ص: 64، 65). (¬1) التمهيد (6/ 55). والحديث أخرجه ابن الأبار في معجم أصحاب الصدفي (ص: 52) من طريق الحسن بن رَشيق العسكري، عن محمد بن حفص بن عمر البصري، عن عبيد الله بن عائشة، عن حماد بن سلمة، عن ثابت به. ومحمد بن حفص بن عمر البصري أظنه محمد بن حفص القطان أبو عبد الرحمن البصري، قال عنه الحافظ ابن حجر: (مقبول). انظر تهذيب الكمال (25/ 84)، التقريب (رقم: 8525). وأما عبيد الله بن عائشة، فهو عبيد الله بن محمد بن حفص بن عمر بن موسى المعروف بالعيشي، وبالعائشي، وبابن عائشة. وهو صدوق، وله عن حماد بن سلمة تسعة آلاف حديث. انظر: تهذيب الكمال (19/ 147).

وخرّج البزار من طريق ثابت، عن أنس أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لأبي ذر: "عَلَيكَ بحُسْنِ الخُلُقِ وطُولِ الصَّمْتِ، فوالذي نَفسُ محمّدٍ بيدِه ما عَمِل الخلالقُ بمِثْلِهِمِا" (¬1). وخَرَّج الترمذي من طريق مَحمود بن غَيلان، عن أبي أحمد -وهو محمد بن عبد الله الزُّبيري- وعن أبي نُعيم الفضل بن دُكَين، عن سفيان هو الثوري، عن حَبِيب بن أبي ثابت، عن مَيْمون بن أبي شَبِيب، عن أبي ذَر مرفوعًا: "خالِقِ النَّاس بخُلُق حَسَن". وعن وكيع عن سُفيان، عن حَبيب، عن مَيمون، عن معاذ نحوَه. ¬

_ (¬1) مسند البزار (ل: 93/ ب -نسخة الرباط-) وفي أوله: لقي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبا ذر فقال: "يا أبا ذر ألا أدلك على خصلتين هما خفيفتان على الظهر وأثقل في الميزان من غيرهما. قال: بلى يا رسول الله قال: . . ."، فذكره. والحديث أخرجه ابن أبي عاصم في الزهد (ص: 16) (رقم: 2)، وأبو يعلى في مسنده (3/ 334) (رقم: 3285)، وابن حبّان في المجروحين (1/ 191)، والطبراني في المعجم الأوسط (7/ 140) (رقم: 7103)، وابن أبي الدنيا في كتاب الصمت (ص: 261) (رقم: 554)، والبيهقي في شعب الإيمان (14/ 161) (رقم: 7641) من طريق عن بشار بن الحكم عن ثابت به. قال البزار: "وحديث بشار بن الحكم لا نعلم رواه غيره عن ثابت. . .". قلت: وسنده ضعيف جدا فيه بشار بن الحكم أبو بدر الضبي. قال اْبو زرعة: "منكر الحديث". الجرح والتعديل (2/ 416). وقال ابن حبان: "منكر الحديث جدا ينفرد عن ثابت بأشياء ليست من حديثه كأنه ثابت آخر لا يكتب حديثه إلا على جهة التعجب". المجروحين (1/ 191). وقال ابن عدي: "منكر الحديث عن ثابت البناني وغيره". الكامل (2/ 23). والحديث حسّنه الشيخ الألباني في الصحيحة (4/ 578) (رقم: 1938)، وذكر له شواهد لكنها واهية، وفيها مرسل ضعيف من جهة جهالة أحد رواته.

قال محمودٌ: "والصحيحُ حديثُ أبي ذر" (¬1). ¬

_ (¬1) سنن الترمذي كتاب: البر والصلة، باب: ما جاء في معاشرة الناس (4/ 312) (رقم: 1987). وأخرجه أحمد في المسند (5/ 153، 158، 177)، والدارمي في السنن كتاب: الرقائق، باب: في حسن الخلق (2/ 415) (رقم: 2791)، والبزار في مسنده، والبيهقي في شعب الإيمان (14/ 179) (رقم: 7663)، والحاكم في المستدرك (1/ 54)، وأبو نعيم في الحلية (4/ 378)، والطبراني في مكارم الأخلاق (ص: 43) (رقم: 13)، والقضاعي في مسند الشهاب (1/ 379) (رقم: 652) من طرق عن الثوري عن حبيب عن ميمون عن أبي ذر به. وقال الترمذي: "حديث حسن صحيح". وقال الحاكم: "صحيح على شرط الشحيخين ولم يخرجاه". ووافقه الذهبي. قلت: واختلف في إسناد هذا الحديث، فرواه الثوري عن حبيب عن ميمون عن أبي ذر. وخالفه ليث بن أبي سليم، وحماد بن شعيب، وإسماعيل بن مسلم المكي، وعبد الغفار بن القاسم أبو مريم فرووه عن حبيب عن ميمون عن معاذ: ورواية ليث بن أبي سليم عند أحمد في المسند (5/ 236)، والطبرانىِ في المعجم الكبير (20/ 145) (رقم: 297، 298)، والبيهقي في شعب الإيمان (14/ 177) (رقم: 7660). ورواية أبي مريم عند الطبراني في المعجم الكبير (20/ 144) (رقم: 296). ورواية حماد وإسماعيل أشار إليها الدارقطني في العلل (6/ 72). ووافقهم وكيع في روايته عن الثوري ثم رجع بأخرة قال أحمد: "قال وكيع: وجدته في كتابي عن أبي ذر وهو السماع الأول وقال سفيان مرة: عن معاذ". المسند (5/ 228). وقال أحمد أيضا في موضع آخر (5/ 158): "حدّثنا به وكيع فقال عن ميمون عن معاذ، ثم رجع فقال: عن أبي ذر". ورواه غير هؤلاء عن ميمون مرسلًا، ورجّح الدارقطني المرسل. انظر: العلل (6/ 73). ورجح محمود بن غيلان شيخ الترمذي حديث أبي ذر وردّ ذلك ابن الصلاح فقال: "وقول محمود فيما نراه غير محمود فهو عن معاذ أكثر وأشهر". رسالة في وصل البلاغات (ص: 16). والذي يترجح والله أعلم إسناد الثوري؛ لأنَّه أحفظ الجماعة ومن خالفه متكلم في توثيقه وحفظه، إلَّا أنَّ حديثه معل بالانقطاع فميمون لم يسمع من أبي ذر. قال أبو حاتم: "يروي عن أبي ذر مرسلًا". الجرح والتعديل (8/ 234). =

78/ حديث: "أنَّ معاذَ بن جبل أَخَذَ مِن ثلاثينَ بقرة تَبِيعًا (¬1)، ومِن أربعينَ مُسِنَّة (¬2)، وأُتِيَ بما دون ذلك فأبى أن يأخذَ منه شيئًا. قَال: لم أسْمَع مِن رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فيه شيئًا حتى ألْقَاه. . .". في الزكاة. عن حُميد بن قَيس المكي، عن طاوُس اليماني (¬3). ذَكَرَه مقطوعًا موقوفًا (¬4)، وقد عُدَّ مرفوعًا بدلِيلِ الخِطَاب (¬5)؛ لأنَّ قولَه: ¬

_ = وقال ابن أبي حاتم: "سئل أبي عن ابن أبي شبيب عن أبي ذر متصل؟ قال: لا". المراسيل (ص: 167). وقال الفلاس: "كان يحدّث عن أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وحدّث عن عمر وعن معاذ بن جبل وعن أبي ذر وعن سمرة بن جندب وعن عبد الله بن مسعود، وليس عندنا في شيء منه يقول: سمعت، ولم أُخبر أن أحدا يزعم أنه سمع أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -". تهذيب الكمال (29/ 207). فقول الحاكم: "صحيح على شرط الشيخين" ليس بصحيح، وميمون لم يخرّج له البخاري شيئًا وأخرج له مسلم في المقدمة. انظر: تهذيب الكمال الموضع السابق. وللحديث شواهد في حسن الخلق انظرها في جامع العلوم والحكم لابن رجب (1/ 396 - 397). (¬1) وهو الذي دخل في السنة الثانية، وقيل: الدي استوفاها ودخل في الثالثة. مشارق الأنوار (1/ 119). (¬2) وهي التي دخلت في السنة الثالثة، أي طلع سنُّها وليس المراد كبرها كالرجل المسنّ. النهاية (2/ 412). (¬3) الموطأ كتاب: الزكاة، باب: ما جاء في صدقة البقر (1/ 220) (رقم: 24). وأخرجه أبو داود في المراسيل (ص: 129) (رقم: 108) من طريق القعنبي عن مالك به. (¬4) لم يصرح طاوس بسماعه من معاذ ولا رفعه. (¬5) وهو ما يُعرف عند الأصوليين بمفهوم المخالفة، وهو أن يكون المسكوت عنه مخالفًا حَكم المنطوق به، وقيل: هو ما يُفهم منه بطريق الالتزام. انظر شرح الكوكب المنير (3/ 489)، التعريفات للجرجاني (ص: 224)، إرشاد الفحول (ص: 157).

"فيما دون الثلاثين لم أَسمع فيه شيئًا"، دليلٌ على أنَّه قد سَمِع في الثلاثين (¬1)، مع أنَّه كانَ رسولًا مَأمورًا، بَعَثَه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - وأبَا موسى الأشعريِّ إلى اليمن، استعمَلَ كلَّ واحدٍ منهما على طائفةٍ منها ليقومَا بأمرِه هناك، وإرسالُهُما قصَّةٌ مشهورةٌ، رُوِيت عن أبي موسى، وابن عباس، وغيرِهما (¬2). وقال الأسودُ بن يزيد: "أتانا معاذُ بن جبل باليمن مُعَلِّمًا وَأَميرًا". وزِيد في بعض طُرقِه: "على عهد النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -". خَرَّجه البخاري (¬3). ومَن أرسلَ رسولًا، وأَمَرَ بطاعَتِه، كان أَمْرُ الرسول أمرًا له، وطاعتُه طاعةً له، قال الله سبحانه: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} (¬4)، وقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "من أَطَاعَ أَمِيرِي فقد أطَاعَنِي" (¬5). ¬

_ (¬1) انظر: التمهيد (2/ 273). (¬2) أخرج قصة بعث معاذ وأبي موسى إلى اليمن من طريق أبي موسى الأشعري: البخاري في صحيحه كتاب: الأدب، باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: يسّروا ولا تعسّروا (7/ 131) (رقم: 6124)، وفي الجهاد، باب: ما يكره من التنازع والاختلاف في الحرب. . . (4/ 352) (رقم: 3038). ومسلم في صحيحه كتاب: الأشربة باب: بيان أن كل مسكر خمر. . (3/ 1586) (رقم: 1733). وأخرج قصتهما من طريق ابن عباس البخاري في عدة مواضع من صحيحه منها في كتاب: الزكاة (2/ 448) (رقم: 1458). ومسلم في صحيحه كتاب: الإيمان باب: الدعاء إلى الشهادتين وشرائع الإسلام (1/ 50) (رقم: 19). وانظر: تحفة الأشراف (5/ 255). (¬3) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الفرائض، باب: ميراث البنات (8/ 315) (رقم: 6734) من طريق أشعث، عن الأسود بن يزيد، وفي باب: ميراث الأخوات مع البنات عصبة (8/ 317) (رقم: 6741) من طريق إبراهيم عن الأسود، وفيه: "قضى فينا معاذ بن جبل على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -". (¬4) سورة: النساء، الآية: (80). (¬5) طرف من حديث أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الجهاد، باب: يقاتَل من وراء الإمام ويتّقى به (4/ 328) (رقم: 2957)، وفي الأحكام، باب: قول الله تعالى: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} (8/ 444) (رقم: 7137). =

وقال محمد بنُ الحسن الشيباني في هذا الحديث. عن مالك، عن حُميد، عن طاوس: "أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - بعث معاذَ بنَ جبل إلى اليمن وأَمَرَه أن يأخذَ من كلِّ ثلاثين بقرةٍ تَبيعًا"، وساقه (¬1)، وهذا مرسل. وقال فيه عَمرو بن دينار وغيرُه: عن طاوس، عن معاذ (¬2). وزَعَم الدارقطني أنَّ هذا مقطوعٌ، وأنَّ طاوسًا لم يَسْمَع من معاذ (¬3). وخَرَّجه في السنن من طريق الحَكَم، عن طاوس، عن ابن عباس مُسندًا (¬4). وخَرَّجه أيضًا أبو بكر البزار من هذا الطريق من رواية بَقيةَ، عن المَسعودي، عن الحكم، عن طاوس، عن ابن عباس قال: "لما بعثَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - معاذًا إلى اليمنِ أَمَرَه أن يَأخذَ من كلِّ ثلاثين من البقرِ تَبيعًا"، وساقه أَكْمَلَ من حديث الموطأ وأتَمَّ، ثم قال في آخره: "وهذا الحديث إنَّما يرويه الحفَّاظُ عن الحَكم، عن طاوسٍ مُرسلًا، ولا نعلمُ أَحدًا قال فيه: طاوس، عن ابن عباس إلَّا بقيةُ، عن المسعودي، ولم يُتابِعْهُ على هذا أحَدٌ. قال: ورواه ¬

_ = ومسلم في صحيحه كتاب: الإمارة، باب: وجوب طاعة الأمراء في غير معصية وتحريمها في المعصية (3/ 1466) (رقم: 1835) كلاهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. (¬1) الموطأ برواية محمد بن الحسن (ص: 119) (رقم: 340). (¬2) أخرجه من طريق عمرو بن دينار: أحمد في المسند (5/ 230، 231)، وعبد الرزاق في المصنف (4/ 22) (رقم: 6844)، والطبراني في المعجم الكبير (20/ 165) (رقم: 348)، والبيهقي في السنن الكبرى (4/ 98)، وفي معرفة السنن (3/ 231) (رقم: 2237)، والدارقطني في السنن (2/ 99). وتابعه إبراهيم بن ميسرة: أخرجه عبد الرزاق في المصنف (4/ 60) (رقم: 6964)، والطبراني في المعجم الكبير (20/ 165) (رقم: 347)، والبيهقي في السنن الكبرى (4/ 127). (¬3) انظر: العلل (6/ 66)، وسيأتي الكلام على سماع طاوس من معاذ. (¬4) السنن (2/ 99) (رقم: 22).

الحسن بنُ عمارة، عن الحكم، عن طاوس، عن ابن عباس، والحسنُ بنُ عُمارةَ لا يُحتجُّ بحدِيثِه إذا انفرَدَ بالحديث" (¬1). قال الشيخ أبو العبّاس رضي الله عنه: وقولُ الدارقطنيِّ: "إنَّ طاوسًا لَمْ يَسْمع مِن معاذٍ"، فيه نَظَرٌ، لأنَّ معاذًا كانَ بالجَنَدِ من بلاد ¬

_ (¬1) مسند البزار (ل: 138/ أ، ب -نسخة الرباط-). وأخرجه من طريق بقية عن المسعودي أيضًا: البيهقي في السنن الكبرى (4/ 99)، وابن حزم في المحلى (4/ 95). وهذا إسناد ضعيف، المسعودي وهو عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة الهذلي صدوق اختلط قبل موته وضابطه أنَّ من سمع منه ببغداد فبعد الاختلاط. انظر تهذيب الكمال (17/ 219)، تهذيب التهذيب (6/ 190)، التقريب (رقم: 3819)، الكواكب النيّرات (ص: 282). وبقية بن الوليد صدوق كثير التدليس عن الضعفاء. وقد قدم بغداد فلعله سمع من المسعودي بعد الاختلاط، ولم أجد من نص على زمن سماعه منه. وصرح بقية بالتحديث من المسعودي عند البيهقي، إلَّا أنّه لم يصرح بذلك عن شيخ شيخه ومن بعده؟ ! انظر تاريخ بغداد (7/ 123)، تهذيب الكمال (4/ 192)، تهذيب التهذيب (1/ 416)، التقريب (رقم: 734)، طبقات المدلسين (ص: 49). وقال الحافظ: "وهذا موصول لكن المسعودي اختلط، وتفرد بوصله عنه بقية بن الوليد". التلخيص (2/ 160). وطريق الحسن بن عمارة: أخرجها الدارقطني في السنن (2/ 94) (رقم: 2)، والبيهقي في السنن الكبرى (4/ 98) وقال: "الحسن بن عمارة ليس بحجة". قلت: سنده ضعيف جدًّا، والحسن بن عمارة البجلي متروك. انظر تهذيب الكمال (6/ 265)، تهذيب التهذيب (2/ 263)، التقريب (برقم: 1264). قال ابن عبد البر في التمهيد (2/ 274): "رواه الحسن بن عمارة عن الحكم عن طاوس عن ابن عباس عن معاذ كما رواه بقية عن المسعودي عن الحكم، والحسن مجتمع على ضعفه". وقال الحافظ: "الحسن بن عمارة ضعيف، ويدل على ضعفه قوله فيه: إن معاذا قدم على النبي - صلى الله عليه وسلم - من اليمن فسأله، ومعاذ لما قدم على النبي - صلى الله عليه وسلم - كان قد مات". التلخيص (2/ 160).

اليمن (¬1)، وهي بَلدةُ طاوسٍ، وماتَ وطاوسٌ ابنُ بِضع عشرة سَنة، فيُحتمل أن يَسْمَع منه (¬2). ¬

_ (¬1) الجَنَد: بالتحريك، كانت مدينة من أعمال اليمن، ولم يبق منها اليوم غير جامعها الشهير الذي أسسه معاذ بن جبل، ومجموعة قليلة من البيوت المسكونة، وهي تبعد عن تَعَز شرقًا بنحو (25) كيلًا، ويقع شمالها مطار تعز الجديد. انظر معجم البلدان (2/ 169)، والبلدان اليمنية عند ياقوت الحموي لإسماعيل الأكوع (ص: 81). (¬2) هذا سهو وخطأ من المصنف رحمه الله، فطاوس لم يدرك معاذًا فضلا أن يسمع منه، ولعل الذي حمل المصنف على هذا القول ما جاء في مصنف ابن أبي شيبة (4/ 377) (رقم: 21229) من طريق جرير بن عبد الحميد عن ليث عن طاوس أنه قال: "جاءنا معاذ ونحن نعطي أرضنا بالثلث والربع فلم يعب ذلك علينا". ومراد طاوس بقوله جاءنا أي أهل اليمن ولهذا نظائر كثيرة في كلام السلف، انظر: التعليق على الحديث (رقم: 24). وطاوس توفِي -على أكثر تقدير- سنة (101 هـ)، وهو ابن بضع وسبعين سنة، فلو فرض أنه توفي وهو ابن تسع وسبعين سنة يكون مولده سنة (22 هـ)، أي بعد موت معاذ بأربع سنوات. انظر ترجمة طاوس وسنة وفاته في: تهذيب الكمال (13/ 357 - 374)، تهذيب التهذيب (5/ 8). وقد نصّ جمع من العلماء على عدم سماع طاوس من معاذ. قال الشافعي: "وطاوس عالم بأمر معاذ وإن كان لم يلقه على كثرة من لقيه ممن أدركَ معاذا من أهل اليمن". معرفة السنن (3/ 232). وقال علي بن المديني: "لم يسمع طاوس من معاذ شيئًا". العلل (ص: 73). وقال أبو حاتم: "طاوس عن معاذ مرسل". المراسيل (ص: 89). وقال الدارقطني: "طاوس لم يدرك معاذًا". السنن (2/ 100). وقال الإسماعيلي "طاوس عن معاذ إذا كان مرسلًا لا حجة فيه". السنن الكبرى للبيهقي (4/ 113). وقال عبد الحق الإشبيلي: "طاوس لم يلق معاذًا". نصب الراية (2/ 347). وقال ابن عبد البر: "حديث طاوس هذا عندهم عن معاذ غير متصل". الاستذكار (9/ 157). وقال المزي: "لم يلقه". تهذيب الكمال (13/ 358). وقال ابن حجر: "لم يسمع من معاذ". هدي الساري (ص: 20). فهذه طائفة من أقوال أهل العلم ينصون على عدم سماع طاوس من معاذ ونص الدارقطني وغيره على عدم إدراكه، ولم أر للمصنف فيما قاله سلفًا، والله أعلم.

وأسنَدَ هذا الحديثَ أيضًا سليمانُ الأعمش، عن أبي وائِلٍ شَقِيق بن سَلَمَة وإبراهيم النَّخعي، عن مَسْروقٍ، عن معاذ قال: "بَعثني النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - إلى اليمن، فأَمَرَني أن آخذَ من كلِّ أربعين بقرةٍ مُسنَّةً ومن كلِّ ثلاثين تَبيعًا". خرّجه النسائي، وغيرُه. وذكر الترمذي أنَّ الأصَحَّ عن مسروق مرسلًا (¬1). ¬

_ (¬1) السنن (3/ 20). هذا الحديث مداره على أبي وائل، وإبراهيم النخعي. • أما طريق أبي وائل فرواه عنه: 1 - الأعمش، واختلف عنه. - أخرجه أبو داود في السنن كتاب: الزكاة، باب: زكاة السائمة (2/ 236) (رقم: 1578)، والترمذي في السنن كتاب: الزكاة، باب: ما جاء في زكاة البقر (3/ 20) (رقم: 623)، وأحمد في المسند (5/ 230)، وعبد الرزاق في المصنف (4/ 21) (رقم: 6841)، والبزار في المسند (7/ 96) (رقم: 2654)، وابن خريمة في صحيحه (4/ 19) (رقم: 2268)، وابن الجارود في المنتقى (2/ 12) (رقم: 343)، والدارقطني في السنن (2/ 102 / 29، 30)، والطبراني في المعجم الكبير (20/ 128) (رقم: 260)، والبيهقي في السنن الكبرى (4/ 98)، والبغوي في شرح السنة (3/ 333) (رقم: 1565) من طريق سفيان الثوري. - والنسائي في السنن كتاب: الزكاة، باب: زكاة البقر (5/ 25) من طريق مفضل بن مهلهل. - أبو داود في السنن (2/ 234) (رقم: 1576)، والحاكم في المستدرك (1/ 398)، والبيهقي في السنن الكبرى (4/ 98)، (9/ 193)، وفي معرفة السنن والآثار (3/ 232) (رقم: 2239) من طريق أبي معاوية الضرير. - وابن ماجه في السنن كتاب: الزكاة، باب: صدقة البقر (1/ 586) (رقم: 1803)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (11/ 244) (رقم: 4886)، والطبراني في المعجم الكبير (20/ 129) (رقم: 261) من طريق يحيى بن عيسى الرملي. - والنسائي في السنن (5/ 26)، والدارمي في السنن كتاب: الزكاة، باب: زكاة البقر (1/ 465) (رقم: 1623)، والهيثم بن كليب في مسنده (249/ 3) (رقم: 1347)، والبيهقي في السنن =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = الكبرى (4/ 98) من طريق يعلى بن عبيد. - وعبد الرزاق في المصنف (4/ 21) (رقم: 6841)، والدارقطني في السنن (2/ 102/ 29، 30)، والطبراني في المعجم الكبير (20/ 128) (رقم: 260)، وابن حزم في المحلى (4/ 101) من طريق معمر بن راشد. - وابن خزيمة في صحيحه (4/ 19) (رقم: 2268)، والطبراني في المعجم الكبير (20/ 129) (رقم: 264) من طريق عبد الرحمن بن مغراء. - وزاد الدارقطني: شريك، وعيسى بن يونس، وزفر بن الهذيل كما في العلل (6/ 67). كل هؤلاء رروه عن الأعمش، عن أبي وائل، عن مسروق، عن معاذ موصولا. وخالفهم جماعة رووه عن الأعمش، عن أبي وائل، عن مسروق مرسلا، لم يذكروا معاذا، منهم: - شعبة بن الحجاج، أخرجه من طريقه الطيالسي في المسند (ص: 77)، والهيثم بن كليب في المسند (3/ 250) (رقم: 1348). - مروان بن معاوية الفزاري، أخرجه من طريقه الهيثم بن كليب في المسند (3/ 252) (رقم: 1350). - أبو عوانة الوضاح اليشكري، عند الهيثم (3/ 253) (رقم: 1352). - جرير بن عبد الحميد، عند الهيثم برقم: (1353). وقال أبو داود: "رواه جرير، ويعلى، ومعمر، وشعبة، وأبو عوانة، ويحيى بن سعيد، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن مسروق، قال يعلى ومعمر: عن معاذ". السنن (2/ 336). أي أن يعلى ومعمرا وصلاه، وأرسله بقية الرواة المذكورين. وذكر الدارقطني جريرا فيمن روى الرواية الموصولة. العلل (6/ 67). قلت: - وأخرجه النسائي في السنن (26/ 5) من طريق ابن إسحاق، حدّثني الأعمش، عن أبي وائل، عن معاذ، لم يذكر مسروقا. وهذه الرواية مرجوحة لتفرد ابن إسحاق بها من بين سائر الرواة. - وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 362) (رقم: 9922) عن وكيع، عن الأعمش، عن أبي وائل، لم يذكر مسروقا، ولا معاذا. وهذه أيضا مرجوحة لمخالفة وكيع الرواة عن الأعمش، ثم إن وكيعا مع كونه من ثقات أصحابه إلا أنه تُكلم في روايته، لكن دافع عنه عيسى بن يونس، وأنه كان ينتقي أحاديث الأعمش =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = ويعرفها كما في شرح العلل لابن رجب (2/ 718)، إلاّ أنَّ هذا لا يمنع من خطئه لمخالفة أكثر الرواة له. تبقى رواية الوصل والإرسال، فهما مرويتان من طرق كثيرة، وفي كلا الجانبين من هو من أوثق أصحاب الأعمش كالثوري، وشعبة، وأبي معاوية، وغيرهم. والذي يظهر أنَّ الاختلاف جاء من الأعمش نفسه، لكثرة الروايات عنه، فلعله مرة يرويه مرسلا، ومرة يرويه متصلا، والله أعلم بالصواب. وقد توبع الأعمش في روايته عن أبي وائل، تابعه: 2 - عاصم بن أبي النجود من رواية أبي بكر بن عياش، واختلف على أبي بكر: - أخرجه ابن ماجه في السنن كتاب: الزكاة، باب: صدقة الزروع والثمار (2/ 581) (رقم: 1818)، والبزار في مسنده (7/ 91) (رقم: 2646)، والبيهقي في السنن الكبرى (9/ 187) من طريق يحيى بن آدم. - والدارمي في السنن (2/ 564) (رقم: 1624، 1625) من طريق عاصم بن يوسف، وأحمد بن يوسف. - والبزار في مسنده (7/ 90) (رقم: 2645) من طريق المعلى بن منصور. - وابن أبي خيثمة في تاريخه، والهيثم بن كليب في مسنده (3/ 252) (رقم: 1349، 1351)، والطبراني في المعجم الكبير (20/ 129) (رقم: 262) من طريق محمد بن سعيد بن الأصبهاني. كلهم عن أبي بكر بن عياش، عن عاصم بن أبي النجود، عن أبي وائل، عن مسروق، عن معاذ موصولا. وخالفهم جماعة، فرووه عن أبي بكر بن أبي عياش عن عاصم عن أبي وائل، عن معاذ، لم يذكروا مسروقًا: - أخرجه النّسائي في السنن (5/ 42) من طريق هناد بن السري. - وأحمد في المسند (5/ 233) من طريق سليمان بن داود. وتابعهما: منصور بن أبي مزاحم، وعبد الرحمن بن صالح، ذكرهما الدراقطني في العلل (6/ 67)، ورجّح رواية من رواه بالوصل عن أبي بكر بن عياش، وقال: "هو أصح". قلت: ويُحتمل أن يكون الخلط والاضطراب جاء من أبي بكر بن عياش، أو من شيخه عاصم، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = فأما أبو بكر فهو وإن كان ثقة عابدا، إلا أن غير واحد من الأئمة ذكر أنه كان يخطئ، كالإمام أحمد، وأبي نعيم الفضل بن دكين، ومحمد بن نمير، وقال أحمد بن حنبل: "أبو بكر يضطرب في حديث هؤلاء الصغار، فأما حديثه عن أولئك الكبار ما أقربه عن أبي حصين وعاصم، وإنه ليضطرب عن أبي إسحاق". تاريخ بغداد (14/ 379). وفي رواية عبد الله: "ثقة، وربما غلط". العلل ومعرفة الرجال (2/ 481). وانظر: تاريخ بغداد (14/ 371)، تهذيب الكمال (33/ 132). - وتابع أبا بكر بن عياش على رواية الوصل شريكٌ القاضي، ذكره الدارقطني في العلل (6/ 66)، لكن أخرجه أحمد في المسند (5/ 347) من طريق شريك، عن عاصم، عن أبي وائل، عن معاذ، لم يذكر مسروقًا. قلت: وهذا قد يؤيّد أن الاضطراب ليس من أبي بكر بن عياش، وإنما هو من شيخه عاصم بن بهدلة أبي النجود، وعاصم هذا قال فيه ابن حجر: "صدوق له أوهام". التقريب (رقم: 3054). فالحاصل أنَّ رواية أبي وائل فيها اضطراب كثير، وأصح الطرق هي طريق الأعمش عنه، وجاءت من وجهين مرسلة، وموصولة، والروايتان محفوظتان عن الأعمش، عن أبي وائل، والله أعلم. • وأما رواية إبراهيم النخعي: فرواه عنه الأعمش واختلف عليه. - أخرجه النسائي في السنن (5/ 26)، والدارمي في السنن (1/ 465) (رقم: 1623)، ، وابن خزيمة في صحيحه (4/ 19) (رقم: 2268)، والهيثم بن كليب في مسنده (3/ 249) (رقم: 1347)، والدارقطني في السنن (2/ 102) (رقم: 31)، والبيهقي في السنن الكبرى (4/ 98)، (9/ 193) من طريق يعلى بن عبيد. - والهيثم بن كليب في مسنده (3/ 253) (رقم: 1353) من طريق جرير، كلاهما عن الأعمش، عن إبراهيم، عن معاذ به، لم يذكرَا مسروقًا، وهو منقطع. وخالفهما أبو معاوية الضرير، وعبد الرحمن بن مغراء، فروباه عن الأعمش، عن إبراهيم، عن مسروق، عن معاذ، فوصلاَ الحديث. - أخرجه أبو داود في السنن (2/ 235) (رقم: 1577)، والنسائي في السنن (5/ 26)، والدراقطني في السنن (2/ 102) (رقم: 31)، والطبراني في المعجم الكبير (20/ 129) (رقم: 263)، والبيهقي =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = في السنن الكبرى (4/ 98)، (9/ 193) من طرق عن أبي معاوية الضرير. - وأخرجه ابن خزيمة في صحيحه (4/ 19) (رقم: 2268)، والطبراني في المعجم الكبير (20/ 129) (رقم: 264) من طريق عبد الرحمن بن مغراء. وقرن في روايته بين أبي وائل وإبراهيم. وهاتان الروايتان معلولتان، أما رواية أبى معاوية فأعلّها أحمد وغيره. قال البيهقي: "قال أبو داود في بعض النسخ (أي من السنن): هذا حديث منكر، بلغني عن أحمد أنه كان ينكر هذا الحديث إنكارًا شديدًا. ثم قال البيهقي: إنما المنكر رواية أبي معاوية عن الأعمش عن إبراهيم عن مسروق عن معاذ، فأما رواية الأعمش عن أبي وائل عن مسروق، فإنها محفوظة، قد رواها عن الأعمش جماعة منهم: سفيان الثوري، وشعبة، ومعمر، وجرير، وأبو عوانة، ويحيى بن سعيد، وحفص بن غياث، وقال بعضهم: عن معاذ، وقال بعضهم: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما بعث معاذًا إلى اليمن". السنن الكبرى (9/ 193). وكذا رواية عبد الرحمن بن مغراء قال عنه الحافظ: "صدوق تُكلّم في روايته عن الأعمش". التقريب (رقم: 4013). كذا قال الحافظ، ولعل الراجح في أمره أنه صدوق، أما الكلام في روايته عن الأعمش فلم يثبت. انظر: الثقات الذي ضُعّفوا في بعض شيوخهم (ص: 191). وقد خالفه يعلى بن عبيد وجرير، وروايتهم أولى، ولعل الخطأ إنما دخل عليه من حيث لم يميّز بين رواية أبي وائل وإبراهيم فجمعهما، بخلاف يعلى وجرير ففي طريقهما الجمع بينهما إلا أنهما ميّزا بين الروايتين، وهذا مما يدل على وهم من وصل الحديث من طريق إبراهيم. قال البيهقي: "هذا هو المحفوظ حديث الأعمش عن أبي وائل شقيق بن سلمة عن مسروق، وحديثه عن إبراهيم منقطع ليس فيه ذكر مسروق". السنن الكبرى (9/ 193). والحاصل من هذا كلّه أن الأعمش يروي هذا الحديث من ثلات طرق راجحة عنه في نظري: - الأعمش عن أبي وائل عن مسروق عن معاذ متصلا. - االأعمش عن أبي وائل عن مسروق مرسلا. - الأعمش عن إبراهيم عن معاذ منقطعا. ورجّح الترمذي رواية الإرسال كما تقدّم. ورجّح الدارقطني رواية الوصل في رواية أبي وائل، ورواية القطع في رواية إبراهيم، فقال: "والمحفوظ عن أبي وائل، عن مسروق عن معاذ، وعن إبراهيم مرسلًا". العلل (6/ 67). =

وخرّجه أبو داود في المراسِل من طريق مالك وغيرِه (¬1). ¬

_ = تنبيه: تكلّم قوم في حديث مسروق عن معاذ، وأنه منقطع، فمسروق لم يلق معاذًا، قاله عبد الحق الإشبيلي في الأحكام الوسطى (3/ 189)، وأبو محمد بن حزم في المحلى (4/ 100)، ثم رجع عنه ابن حزم في (ص: 106). ونقل ابن القطان كلام ابن حزم، وفيه: "أنه صرح بإدارك مسروق لمعاذ، ثم قال: ولم أقل بعدُ: إنَّ مسروقًا سمع من معاذ، وإنما أقول: إنه يجب على أصولهم أن يُحكم لحديثه عن معاذ بحكم المتعاصرين اللذين لم يُعلم انتفاء اللقاء بينهما، فإنَّ الحكم فيه أن يُحكم له بالاتصال له عند الجمهور، وشرطُ البخاري وعلي بن المديني أن يُعلم اجتماعهما ولو مرة واحدة، فهما أعني البخاري وابن المديني إذا لم يَعلَما لقاء أحدهما للآخر لا يقولان في حديث أحدهما عن الآخر: منقطع، إنما يقولان: لم يثبتا سماع فلان من فلان". بيان الوهم والإيهام (1/ 575). وقال الحاكم في حديث مسروق عن معاذ: "صحيح على شرط الشيخين"، ووافقه الذهبي. وقال ابن عبد البر: "إسناده متصل صحيح ثابت". التمهيد (2/ 275). (¬1) سبق تخريجه من طريق مالك، عن حميد بن قيس، عن طاوس، مرسلًا (ص: 221) حاشية: (3). والحديث مداره على طاوس، ورواه عنه عمرو بن دينار، وإبراهيم بن ميسرة، واختلف عنهما. أما طريق إبراهيم بن ميسرة، فرواه عنه: ابن عيينة، والثوري. 1 - رواية ابن عيينة. - فأخرجه أبو داود في المراسيل (ص: 129) (رقم: 107) من طريق أحمد بن عبدة. - وأخرجه الهيثم بن كليب في مسنده (3/ 297) (رقم: 1406)، وابن حزم في المحلى (4/ 102) من طريق الحجاج بن منهال، كلاهما عن سفيان بن عيينة عن إبراهيم، عن طاوس مرسلا. وخالفهما الحميدي، فرواه عن سفيان، عن إبراهيم، عن طاوس، عن معاذ. - أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (4/ 127) من طريق الحميدي عن سفيان به. والحميدي من أوثق أصحاب ابن عيينة، وخالفه راويان، فلعل ابن عيينة كان يرويه على الوجهين، والله أعلم بالصواب. 2 - رواية الثوري: - أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 373) (رقم: 10055) من طريق وكيع، عن الثوري، عن إبراهيم، عن طاوس، مرسلا. وخالفه راويان، روياه عن الثوري، عن إبراهيم، عن طاوس، عن معاذ. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = - أخرجه الهيثم بن كليب في مسنده (3/ 296) (رقم: 1405) من طريق ابن وهب. - وأخرجه عبد الرزاق في مصنفه (4/ 60) (رقم: 6964)، - ومن طريقه الطبراني في المعجم الكبير (20/ 165) (رقم: 347) - كلاهما (أعني عبد الرزاق وابن وهب) عن الثوري، عن إبراهيم، عن طاوس، عن معاذ. ووكيع في الطبقة الأولى من أصحاب الثوري، أما عبد الرزاق ففي الثانية، لكنه توبع على روايته. انظر: شرح العلل لابن رجب (2/ 722). ولعل الثوري كان يرويه بالوجهين، والله أعلم. أما رواية عمرو بن دينار: - فأخرجه الإمام أحمد في المسند (5/ 231)، وعبد الرزاق في المصنف (4/ 22) (رقم: 6843) من طريق ابن جريج. - وأحمد في المسند (5/ 231)، والهيثم بن كليب في المسند (3/ 297) (رقم: 1407)، والدراقطني في السنن (2/ 99) (رقم: 21)، والبيهقي في السنن الكبرى (4/ 98)، وفي معرفة السنن والآثار (2/ 231) (رقم: 2237) من طريق سفيان بن عيينة، كلاهما عن عمرو بن دينار، عن طاوس، مرسلا. - وتابعهما الحسن بن أبي جعفر، ذكره الدارقطني في العلل (6/ 66). وخالفهم راويان: - أخرجه أحمد في المسند (5/ 230، 248)، والطبراني في المعجم الكبير (20/ 165) (رقم: 348) من طريق حماد بن زيد. "وتصحف حماد في المعجم الكبير إلى حكام". - وأحمد في المسند (5/ 230)، والهيثم بن كليب (3/ 298) (رقم: 1408) من طريق حماد بن سلمة، كلاهما عن عمرو بن دينار، عن طاوس، عن معاذ. وأرجح الروايتين عن عمرو هي الرواية الأولى؛ لأن ابن عيينة، وابن جريج من أوثق الناس في عمرو بن دينار، ثم يأتي بعدهما حماد بن زيد، ثم هم ثلاثة، وأصحاب الرواية الثانية اثنان. أما حماد بن سلمة فهو دون هؤلاء في عمرو بن دينار، وذكر الإمام مسلم أن حماد بن سلمة يخطئ كثيرا في حديث عمرو بن دينار. انظر شرح العلل (2/ 684)، التمييز (ص: 218). وسئل الدارقطني عن هذا الحديث فقال: "يرويه عمرو بن دينار، وإبراهيم بن ميسرة، فرواه ابن عيينة، والحسن بن أبي جعفر عن عمرو بن دينار، عن طاوس، عن معاذ. وكذلك رواه ابن عيينة، عن إبراهيم بن ميسرة. واختلف عن الثورىِ، فرواه ابن وهب عن الثوري، عن إبراهيم بن ميسرة، عن طاوس، عن معاذ بن جبل. ورواه وكيع، عن الثوري، عن إبراهيم بن ميسرة، عن طاوس: أن معاذا لما أتى اليمن =

فصل: رُويَ "أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - بعث عامَ الفتح معاذا إلى الجَنَد مِن اليمن معلِّمًا وأَميرًا، فقال له: "بمَ تقضي؟ قال: بكتابِ الله. قال: فإنْ لم تَجِد؟ قال: فبِسُنَّةِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قال: فإنْ لم تَجد؟ قال: أجَتَهِد رأيي ولاَ آلُوَ. فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: الحمدُ لله الَّذي وَفَّقَ رسولَ رسولِ الله لِمَاَ يُرضي رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -". خَرَّجه أبو داود وغيرُه (¬1). ¬

_ = قال: لم أومر فيها بشيء، فأرسله. ومن قال عن معاذ فهو أيضا مرسل؛ لأنَّ طاوسًا لم يسمع من معاذ". العلل (6/ 66). قلت: وتقدّم الكلام في سماع طاوس من معاذ، والصواب أنه لم يسمع منه كما قال الدارقطني وغيره، والله أعلم. (¬1) أخرجه أبو داود في السنن كتاب: الأقضية، باب: اجتهاد الرأي في القضاء (4/ 19) (رقم: 3593). والترمذي في السنن كتاب: الأحكام، باب: كيف يقضي (3/ 616) (رقم: 1327، 1328). وأحمد في المسند (5/ 230، 342 والطيالسي في المسند (ص: 76) (رقم: 559)، وابن سعد في الطبقات (3/ 438)، والعقيلي في الضعفاء (1/ 215)، والبيهقي في السنن الكبرى (10/ 114)، وابن عبد البر في جامع بيان العلم (2/ 69) من طرق عن شعبة عن أبي عون عن الحارث بن عمرو أخي المغيرة بن شعبة عن أصحاب معاذ عن معاذ به. وأخرجه أبو داود في السنن (4/ 18) (رقم: 3592)، وأحمد في المسند (5/ 236) من طريق شعبة عن أبي عون عن الحارث عن أصحاب معاذ به. قال البخاري: "لا يصح، ولا يعرف إلا بهذا مرسل". التاريخ الكبير (2/ 277). وقال الترمذي عقب إخراجه: "هذا الحديث لا نعرفه إلا من هذا الوجه وليس إسناده بمتصل". وقال الدارقطني: "المرسل أصح". العلل (6/ 89). وقال الذهبي: "تفرد به أبو عون محمد بن عبيد الله الثقفي عن الحارث بن عمرو الثقفي ابن أخي المغيرة، وما روى عن الحارث إلَّا أبي (كذا) عون فهو مجهول". الميزان (1/ 439). وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير (20/ 170) (رقم: 362) من طريق سليمان بن حرب عن شعبة عن أبي عون عن الحارث عن معاذ به. وهذا منقطع، وانظر سلسلة الأحاديث الضعيفة (2/ 273 - 286) (رقم: 881).

21/ مسند المسور بن مخرمة بن نوفل القرشي الزهري

21/ مسند المِسوَر بن مَخْرَمة بن نَوفل القُرشي الزهري حديثٌ واحد. 79 / حديث: "أنَّ سُبَيعَة الأَسلمية نُفِسَتْ بعدَ وفاةِ زوجِها بليالٍ فقال لها رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: قد حَلَلْتِ". في الطلاق، عند آخره. عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن المِسْوَر، مختصر (¬1). ثَبتَ هذا الحديثُ في الموطأ عند يحيى بن يحيى وطائفةٍ (¬2)، وسَقَطَ لأكثرِ الرواة، وخرَّجه البخاري عن مالك (¬3). وانظره لأمِّ سلمة (¬4). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الطلاق، باب: عدة المتوفى عنها زوجها إذا كانت حاملا (2/ 461) (رقم: 85). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الطلاق، باب: قول الله تعالى: {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ} (6/ 520) (رقم: 530) من طريق يحيى بن قزعة. والنسائى في السنن كتاب: الطلاق، باب: الحامل المتوفى عنها زوجها (6/ 190) من طريق ابن القاسم. وأحمد في المسند (4/ 327) من طريق إسحاق الطبّاع وروح، أربعتهم عن مالك به. (¬2) تابع يحيى على إثباته: - ابن القاسم (ص: 487) (رقم: 474 - مع تلخيص القابسي-). - وأبو مصعب الزهري (1/ 656) (رقم: 1704). - وابن بكير. (¬3) سبق تخريجه. (¬4) سيأتي حديثها (4/ 200).

فصل: المِسور هو ابنُ أخت عبد الرحمن بنِ عَوف، وُلِد بمكةَ بعد الهِجرَة (¬1)، ولأبيه مَخرَمة صُحبة (¬2). ¬

_ (¬1) وهذا قول أهل السير. وقال الحافظ ابن حجر: "وحديثه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في خطبة عليّ بنتَ أبي جهل في الصحيحين وغيرهما، ووقع في بعض طرقه عند مسلم: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - وأنا محتلم. وهذا يدل على أنه وُلد قبل الهجرة، ولكنهم أطبقوا على أنه وُلد بعدها. وقد تأوّل بعضهم أن قوله: محتلم، من الحِلم بالكسر، لا من الحُلُم بالضم، يريد أنه كان عاقلا ضابطا لما يتحمّله". انظر: الإصابة (6/ 119). ويعدّ من الصحابة، قال خليفة بن خياط: "مات بمكة سنة أربع وستين". الطبقات (ص: 15). وانظر: الاستيعاب (3/ 1399)، تهذيب الكمال (27/ 581). (¬2) انظر: الاستيعاب (3/ 1380)، الإصابة (6/ 50).

22/ مسند محجن الديلي، ويقال: الدؤلي

22/ مسند مِحْجَن الدِّيلي، ويُقال: الدُؤَلي حديثٌ واحد. 80 / حديث: "ما مَنَعَكَ أن تُصِلِّيَ مع النَّاس، أَلَسْتَ بِرَجلٍ مسلمٍ؟ . .". فيه: "إذا جئتَ فصَلّ مع النَّاس وإن كُنتَ قد صَليتَ". في إعادةِ الصلاةِ مع الإمام. عن زَيد بن أَسلم، عن رجل من بني الدِّيل يُقال له بُسْر بن مِحْجَن، عن أبيه مِحْجَن، وفيه قِصة (¬1). ومِحجن هذا ليس بالأَدْرَع، قاله البخاريُّ وغيرُه (¬2). وبُسْرٌ بالسين المهملة وضَمِّ الباء (¬3)، هكذا قال فيه مالكٌ وغيرُه (¬4). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الصلاة، باب: إعادة الصلاة مع الإمام (1/ 127) (رقم: 8). وأخرجه النسائي في السنن كتاب: الصلاة، باب: إعادة الصلاة مع الجماعة بعد صلاة الرجل لنفسه (2/ 112) من طريق قتيبة. وأحمد في المسند (4/ 34) من طريق ابن مهدي، كلاهما عن مالك به. (¬2) انظر: التاريخ الكبير (8/ 4)، ولم ينص البخاري على اختلاف الترجمتين إنما ترجم لمحجن بن الأدرع الأسلمي وقال: (له صحبة)، ثم أتبعه بترجمة محجن الدّيلي وقال: (له صحبة). وانظر: الاستيعاب (3/ 1363)، تهذيب الكمال (27/ 267)، الإصابة (5/ 778، 779). (¬3) انظر: المؤتلف والمختلف للأزدي (ص: 8)، توضيح المشتبه (1/ 522). (¬4) تابع مالكًا على قوله: بُسر، بالسين المهملة: - معمر بن راشد، عند عبد الرزاق في المصنف (2/ 421) (رقم: 3933)، ومن طريقه أحمد في المسند (4/ 34)، والطبراني في المعجم الكبير (20/ 295) (رقم: 699). - وسليمان بن بلال، عند الطبراني في المعجم الكبير (20/ 295/ 120/ 295) (رقم: 700)، والطحاوي في شرح المعاني (1/ 363). =

وقال أبو جعفر الطَحاوي: "النَّاسُ كلُّهم يقولون في أبي (¬1) مِحْجَن بالسين المهملة غير الثوري فإنَّه قال: بشْر بالشين المعجمة" (¬2). وقال أحمدُ بنُ صالح: "سألت جماعةً من وَلَدِه ورَهْطِه فلم يَختلفوا أنَّه بِشرٌ كما قال الثوري" (¬3). ¬

_ = - ومحمد بن جعفر، وحفص بن ميسرة، عند الطبراني في المعجم الكبير (20/ 296) (رقم: 701، 702). - وابن جريج عند الطحاوي في شرح المعاني (1/ 362). واْخرجه أيضا ابن قانع في معجم الصحابة (3/ 68)، وفيه: بشر بالعجمة؟ ! ورواه داود بن قيس عن زيد إلا أنه قال فيه: عن ابن محجن، ولم يصرح باسمه، خرّجه الطبراني في المعجم الكبير (20/ 698) (رقم: 294). وأخرجه من طريقه ابن قانع في معجم الصحابة (3/ 68) وقال فيه: بشر، بالمعجمة. (¬1) كذا في الأصل، ولعل الصواب (ابن)؛ لأنَّ الخلاف في بسر بن محجن. (¬2) قال أبو عبد الله بن الحذاء: "قال لي: أبو القاسم الحسين بن عبد [-] العثماني: قال لنا أبو جعفر الطحاوي. . ."، وذكره بنحوه. رجال الموطأ. وتابع الثوريَّ على قوله: بِشر: عبدُ العزيز بن محمد الدراوردي، قاله ابن عبد البر في التمهيد (4/ 223). قلت: رواية الدراوردي أخرجها الدراقطني في السنن (1/ 415)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (2/ 206) (رقم: 958)، والحاكم في المستدرك (1/ 244)، ووقع عندهم: عن بُسر، بالسين المهملة كرواية الجماعة، إلَّا الحاكم فلم يسق إسناده. بكامله وإنَّما أحال على إسناد مالك وقال: (بنحوه). وقال أبو أحمد العسكري: "وحُكي عن المدائني أنه قال: بشر، قال: وكان الدراوردي وغيره يقولون: بُسر. وحدّثنا أبو جعفر بن زهير، حدّثنا خالد بن يوسف السمتي، حدّثنا الدراوردي، حدّثنا زيد بن أسلم، عن بُسر بن محجن، عن أبيه، الحديث". تصحيفات المحدّثين (2/ 577). وأخرجه من طريقه أيضًا ابن قانع في معجم الصحابة (3/ 68)، لكنه سقط من الإسناد ذكر بسر فتبيّن من هذا أن الدراوردي وافق الجماعة، وما ذكره ابن عبد البر إما خطأ منه، اْو أنّه وقع على رواية للدراوردي موافقة لرواية الثوري، والله أعلم. وحكى الحميدي اْنَّ سفيان بن عيينة كان يخلط فيه، فيقول مرة: بِشر، ومرة: بُسر. تصحيفات المحدثين (2/ 576). (¬3) رجال الموطأ، إكمال تهذيب الكمال، وانظر: التمهيد (4/ 224)، تهذيب التهذيب (1/ 384).

وحكى البخاريُّ، عن أبي نُعيم (¬1) أنَّه قال: "وهِم سفيانُ، إنَّما هو بُسْر"، يريد بالسينِ المهمَلة (¬2). وخَرَّج قاسمُ بن أَصبغ هذا الحديثَ في كتاب السنن من طريق [ابنِ] (¬3) أبي خَيثمة، عن أبيه، عن وَكيع، عن الثوريِّ، عن زَيد، وقال فيه: "قال سفيانُ مرَّةً: عن بُسر أو بِشر بن مِحجن، ثم كان بعد ذلك يقول: عن ابن مِحْجن، عن أبيه" (¬4). ¬

_ (¬1) هو الفضل بن دكين. (¬2) التاريخ الكبير (4/ 8). وقال أبو حاتم: "بُسر أصح". الجرح والتعديل (2/ 423). وقال ابن حبان: "من قال: بشر فقد وهم". الثقات (4/ 79). وقال الطبراني: "كذا رواه سَفيان عن زيد بن أسلم عن بشر بن محجن، ووهم فيه، إنما هو بُسر ابن محجن هكذا رواه مالك وأصحاب زيد". المعجم الكبَير (20/ 294). وقال ابن عبد البر: "مالك يقول بسر والثوري يقول بشر والأكثر على ما قال مالك". الاستيعاب (3/ 1363). وأما الذهبي رحمه الله فقد تبع قول الثوري فقال: "والأصحُّ أنّه بِشر بالكسر وشين معجمة وقال مالك وغيره بالضم والإهمال". تاريخ الإسلام (حوادث 81 - 100/ص: 303). والذي يظهر أنَّ قولَ مالكٍ أولى بالصواب لمتابعة غيرِه عليه، ويؤيّدُه شكُّ الثوري فيه بأخرة كما سيأتي، والله أعلم. (¬3) ليست في الأصل ولا بد منها؛ لأنّه أحمد بن أبي خيثمة زهير بن حرب، أبو بكر صاحب التاريخ. قال الدارقطني: "ثقة مأمون". وقال الخطيب: "كان ثقة عالمًا متفنِّنًا حافظًا بصيرًا بأيام الناس راويةً للأدب، . . . وله كتاب التاريخ الذي أحسن تصنيفه وأكثر فائدته. . . ولا أعرِف أغزر فوائدَ من كتاب التاريخ"، مات رحمه الله سنة (279 هـ) انظر: تاريخ بغداد (4/ 162 - 164)، السير (11/ 492). (¬4) التاريخ لابن أبي خيثمة، وقال: "كذا يقول الثوري: بِشر، وخالفه مالك". وأخرجه من طريق وكيع: أحمدُ في المسند (4/ 338). وقال الدارقطني: "كان الثوري يقول: بِشر ثم رجع عنه فيما يقال". تهذيب الكمال (4/ 77). وما ذكره ابن أبي خيثمة يردّ على قول اَبن حجر عن رواية وكيع عن الثوري: "يُحتمل أن يكون الشك فيه من وكيع". انظر: تهذيب التهذيب (1/ 384).

وابن مِحجن ليس بالمشهور، لم يُخَرِّج البخاريُّ ولا مسلمٌ عنه، ولا عن أبيه (¬1). وقد جاء نحوُ هذا الحديث عن يزيد بن الأسود، خرّجه البزار (¬2). ¬

_ (¬1) أخرج له النسائي هذا الحديث فقط. تهذيب الكمال (4/ 77). وذكره ابن حبان في الثقات كما تقدّم. وقال ابن القطان: "لا يُعرف بغير رواية زيد بن أسلم عنه، ولا يُعرف حاله، ويحتاج إلى ثبوت عدالته، ولا يكفي تخريج مالك حديثه". إكمال تهذيب الكمال. وقال الذهبي: "غير معروف". الميزان (1/ 309). وقال ابن حجر: "صدوق". التقريب (رقم: 668). ولعل ابن حجر مال إلى قول أبي عبد الله الحاكم الآتي، والله أعلم. والحديث صححه الحاكم في المستدرك (1/ 244) فقال: "هذا حديث صحيح ومالك بن أنس الحَكَم في حديث المدنيين وقد احتج به في الموطأ". قلت: وله شاهد من حديث يزيد بن الأسود كما سيأتي. (¬2) لم أقف على أحاديث يزيد بن الأسود في مسند البزار للنقص في نسخه الخطية. وأخرجه الترمذي في السنن كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في الرجل يصلي وحده ثم يدرك الجماعة (1/ 424) (رقم: 219). وأبو داود في السنن كتاب: الصلاة، باب: فيمن صلى في منزله ثم أدرك الجماعة يصلي معهم (1/ 386، 388) (رقم: 575، 576). والنسائي في السنن كتاب: الصلاة، باب: إعادة الفجر مع الجماعة لمن صلى وحده (2/ 112). وأحمد في المسند (4/ 160، 161)، والطيالسي في المسند (ص: 175)، وعبد الرزاق في المصنف (2/ 421) رقم: 3934)، وابن سعد في الطبقات (6/ 53)، والدارقطني في السنن (1/ 413، 414)، والطبراني في المعجم الكبير (22/ 232 - 235) (رقم: 608 - 617)، وابن خزيمة في صحيحه (2/ 262) (رقم: 1279)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (431/ 4) (رقم: 1564)، و (4/ 434) (رقم: 1565)، و (6/ 155) (رقم: 2395)، وابن قانع في معجم الصحابة (3/ 222)، والطحاوي في شرح المعاني (1/ 363)، والحاكم في المستدرك (1/ 244، 245) من طرق عن يعلى بن عطاء، عن جابر بن يزيد بن الأسود العامريّ، عن أبيه. وقال الترمذي: "حديث حسن صحيح".

23/ مسند المغيرة بن شعبة بن أبي عامر الثقفي ومحمد بن مسلمة الأنصاري الحارثي

23/ مسند المغيرة بن شعبة بن أبي عامر الثقفي ومحمد بن مسلمة الأنصاري الحارثي حديثٌ واحدٌ اشتركَا فيه. 81 / حديث: جاءت الجَدَّةُ إلى [أبي] (¬1) بَكر الصِّديق تسأله ميراثَها. . . فيه: "فسأل النَّاسَ، فقال المغيرةُ بنُ شعبة: حضَرتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أعطاها السُّدُس". وفيه: "فقام محمد بن مسلمة فقال مثلَ ما قال المغيرة"، وفيه: قول عُمر للجدَّةِ الأخرى. عن ابن شهاب، عن عثمان بن إسحاق بن خَرَشَة (¬2)، عن قَبِيصَة بن ذُؤَيْب (¬3). ¬

_ (¬1) ما بين المعقوفين ساقط من الأصل. (¬2) بمعجمتين، بينهما راء، مفتوحات، القرشي العامري المدني. قال ابن معين: "ثقةط. التاريخ (3/ 191 - رواية الدوري-). وذكره ابن حبان في الثقات (7/ 190). وقال ابن عبد البر: "لا أعرفه بأكثر من رواية ابن شهاب عنه حديث الجدة هذا عن قبيصة، وأقول فيه كما قال ابن معين في أكيمة إذ سئل عنه وقال: حسبك برواية ابن شهاب عنه. هذا علمي فيه من جهة الرواية". التمهيد (11/ 90). وقال الذهبي: "لا يعرف. . . وقد وثّقوه". الميزان (3/ 428). قلت: والظاهر أنه ثقة، لتوثيق ابن معين له، ورواية الزهري عنه، وإخراج مالك حديثه، والله أعلم. (¬3) الموطأ كتاب: الفرائض، باب: ميراث الجدة (2/ 407) (رقم: 4). وأخرجه أبو داود في السنن كتاب: الفرائض، باب: الجدة (3/ 316) (رقم: 2894) من طريق القعنبي. =.

وصَفَ القصةَ، ولم يَذْكُر أنَّه شَهِدَ ذلك، ولا أنَّه أُخبِرَ به، فقيل: إنَّه مقطوعٌ (¬1). وفي ذلك نظر؛ لأنَّ قبيصةَ قَديمٌ، وُلِد عامَ الهِجرة، وقيل: عامَ الفتح (¬2)، ¬

_ = والترمذي في السنن كتاب: الفرائض، باب: ما جاء في ميراث الجدة (4/ 366) (رقم: 2101) من طريق معن. والنسائي في السنن الكبرى كتاب: الفرائض (4/ 75) (رقم: 6346) من طريق معن. وابن ماجه في السنن كتاب: الفرائض، باب: ميراث الجدة (2/ 909) (رقم: 2724) من طريق سويد بن سعيد. وأحمد في المسند (4/ 225) من طريق إسحاق الطبّاع وإسحاق بن سليمان الرازي، خمستهم عن مالك به. (¬1) أي منقطع بين قبيصة وأبي بكر. وممن أعلَّه بالانقطاع ابن حزم قال: "حديث قبيصة منقطعٌ، لأنَّه لم يدرك أبا بكر ولا سمعه من المغيرة ولا من محمد". المحلى (8/ 292). وتبعه ابن القطان كما في بيان الوهم والإيهام (2/ 617). وقال ابن حجر: "إسناده صحيح لثقة رجاله، إلا أنَّ صورته مرسل، فإنَّ قبيصة لا يصح له سماع من الصديق ولا يمكن شهوده للقصة، قاله ابن عبد البر بمعناه، وقد اختلف في مولده، والصحيح أنه ولد عام الفتح، فيبعد شهوده القصة". التلخيص الحبير (3/ 95). قلت: وقول ابن عبد البر في التمهيد (11/ 91)، إلا أنَّ لفظه: "وهو حديث مرسل عند بعض أهل العلم بالحديث؛ لأنه لم يذكر فيه سماع لقبيصة من أبي بكر ولا شهوده لتلك القصة، وقال آخرون هو متصل؛ لأن قبيصة بن ذؤيب أدرك أبا بكر وله سن لا ينكر معها السماع من أبي بكر رضي الله عنه". هذا قول ابن عبد البر حكى الخلاف من غير ترجيح، خلافًا لما نقله ابن حجر عنه، بل إنَّ ابن عبد البر يعدُّ قبيصةَ من الصحابة وأنه ولد عام الهجرة فكيف لا يسمع من أبي بكر (عنده) كما سيأتي النقل عنه. (¬2) اختلف في سنة ولادة قبيصة كما ذكر المصنف، فممّن قال إنه وُلد عام الهجرة ابنُ عبد البر في الاستيعاب (3/ 1273). وقال ابن حجر: (وتعقّبوه). الإصابة (5/ 517). وقال يزيد بن حبيب: "ولد عام الفتح". العرفة والتاريخ (1/ 236، 353، 558). ووقع في كل هذه المواضع: عام الفيل؟ ! وهذا خطأ فظيع، وكا يدل عليه أنَّ يعقوب ذكره في الطبقة الأولى من تابعي أهلِ المدينة =

وقد عُدَّ من الصحابةِ (¬1). وقال الدارقطني: "ليس بصحابي، ولأبيه صُحبة" (¬2). ¬

_ = (ص: 353)، ثم ذكر بإسناده عن ابن لهيعة عن يزيد أنه قال: "ولد عام الفيل. قال ابن لهيعة: وإن ابن شهاب كان إذا ذكر قبيصة قال: كان من علماء هذه الأمة". فلو ولد عام الفيل لكان في سنِّه - صلى الله عليه وسلم -! وقال ابن حبان: "ولد عام الفتح". الثقات (5/ 318). وكذا قال العلائي في جامع التحصيل (ص: 254)، والذهبي في السير (4/ 282). وقال ابن حجر: "وُلد يوم الفتح، وقيل: عام حنين". الإصابة (5/ 517). (¬1) عدّه ابن عبد البر في الصحابة كما سبق. وقال أبو موسى في الذيل: "أورده العسكري في الصحابة. . .". تهذيب التهذيب (8/ 311). وقال ابن حجر: "ذكره ابن شاهين في الصحابة. قال ابن قانع: له رؤية". الإصابة (5/ 517). كذا نقل الحافظ عن ابن قانع، وفي معجم الصحابة (2/ 343) قال ابن قانع: "يقال: له رؤية، وُلد في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -". (¬2) لم أقف على كلام الدارقطني. وذكره خليفة بن خياط في الطبقة الثانية من تابعي أهل الشام. الطبقات (ص: 309). وابن سعد في الطبقة الأولى من تابعي أهل المدينة. الطبقات (5/ 334). ويعقوب في الأولى من أهل المدينة كما سبق، وابن حبان في ثقات التابعين (5/ 318). وقال العجلي: (مدني تابعي ثقة). الثقات (ص: 388). والذي يظهر أن أنّه وُلد في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يعقل عنه شيئا. قال الذهبي: "مولده عام الفتح سنة ثمان، ومات أبوه ذؤيب بن حلحلة صاحب بدن النبي - صلى الله عليه وسلم - في آخر أيام النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأُتي بقبيصة بعد موت أبيه فيما فيل، فدعا له النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يَعِ هو ذلك). السير (4/ 282). وحديث الباب منقطع؛ لأنّه لم يذكر أنه سمع ذلك من أبي بكر ولا شهد القصة، ويحتمل أنه أُخبر بها والمخبر مجهول فالإسناد ضعيف، والله أعلم. وقال الذهبي: "روى عن أبي بكر -إن صح-". السير (4/ 282). والحديث ضعّفه الألباني في الإرواء (6/ 124).

والجَدَّةُ التي جاءت أبا بكر هي أمُّ الأمِّ، كذا قال فيه إسحاق بنُ راشد، عن الزهري، خرّجه النسائي (¬1). ¬

_ (¬1) السنن الكبرى (4/ 74) (رقم: 6342). لكن إسحاق بن راشد متكلم في حديثه عن الزهري. قال ابن معين: "ليس هو في الزهري بذاك". سؤالات ابن الجنيد (ص: 454). وقال الذهلي: "هو مضطرب في حديث الزهري". هدي الساري (ص: 408). وقال النسائي: "إسحاق بن راشد في الزهري ليس بذاك القوي". تحفة الأشراف (12/ 28). وقال ابن حجر: "ثقة في حديثه عن الزهري بعض الوهم". التقريب (رقم: 350). وأما إخراج البخاري حديثه عن الزهري فقد قال ابن حجر: "غالب ما أخرج له البخاري ما شاركه فيه غيره عن الزهري، وهي مواضع يسيرة. . .". الهدي (ص: 409).

24/ المغيرة وحده

24/ المغيرة وحده حديثٌ واحد 82 / حديث: "ذهَبَ لحاجةٍ في غَزوة تَبُوك، قال المغيرةُ: فذهبتُ معه بماءٍ. . .". فيه: "أنَّه توضَّأ ومَسَحَ على الخفين. . ."، وذَكَر إِمامَةَ عبد الرحمن بن عَوف. في الوضوء، باب: المسح على الخفين. عن ابن شهاب، عن عَبَّاد بن زِياد وهو من ولد المغيرة بن شعبة، عن أبيه المغيرة بن شعبة (¬1). قولُ مالكٍ في عَبَّاد بن زِياد: "وهو من وَلَدِ المغيرة بن شعبة"، وَهَمٌ انفَرَدَ به، وقد انتُقِدَ عليه، وإنَّما هو عَبَّاد بن زِياد بنِ أبي سُفيان، معروفُ النَّسَبِ، وليس بوَلَدِ المغيرة، قاله مسلمٌ وغيرُه (¬2). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الطهارة، باب: ما جاء في المسح على الخفين (1/ 59) (رقم: 41). وأخرجه النسائي في السنن كتاب: الطهارة، باب: صب الخادم الماء على الرجل للوضوء (1/ 62) من طريق ابن وهب. وأحمد في المسند (4/ 247) من طريق ابن مهدي، كلاهما عن مالك به. تنبيه: وقع في المطبوع من رواية يحيى: من ولد المغيرة بن شعبة عن أبيه عن المغيرة بن شعبة. وزيادة (عن) بين أبيه والمغيرة خطأ. وجاء على الصواب في نسخة المحمودية، ومن رواية يحيى الليثي. (¬2) التمييز للإمام مسلم (ص: 171). واحتج مسلم على خطأ الإمام مالك برواية أبي أويس عن الزهري: "أنَّ عباد بن زياد بن أبي سفيان أخبره أن المغيرة. . .". انظر: التمييز (ص: 219). وأورد ابن عساكر بإسناده إلى المزني قال: سمعت الشافعي يقول: "وهم مالك رحمه الله فقال: =

وقولُه: "عن أبيه"، زيادةُ وَهَمٍ انفَرَدَ بها يحيى بنُ يحيى في الموطأ، وتابَعَه خَارِجَهُ طائفةٌ، منهم: ابنُ مهدي قال فيه عن مالك: عبَّاد بن زِياد رَجُلٌ من وَلد المغيرة بن شعبة، عن أبيه المغيرة (¬1). ¬

_ = عباد بن زياد من ولد المغيرة بن شعبة، وإنما هو مولى المغيرة بن شعبة. قال: أصاب الشافعي رحمه الله في أخذه على مالك رحمه الله ووهم في قوله: مولى المغيرة". تاريخ دمشق (26/ 234). وقال أبو حاتم: "وهم مالك في نسب عباد وليس من ولد المغيرة، ويقال: إنه من ولد زياد بن أبي سفيان". الجرح والتعديل (6/ 80)، علل الحديث (1/ 69). وقال مصعب بن عبد الله الزبيري: "أخطأ فيه مالك خطأ قبيحًا حيث قال: عن عباد بن زياد من ولد المغيرة بن شعبة، والصواب عباد بن زياد عن رجل من ولد المغيرة بن شعبة". انظر: مسند أحمد (4/ 247)، التمهيد (11/ 122)، تاريخ دمشق (26/ 228، 231)، تهذيب الكمال (14/ 120). ونقل هذا القول ابن العربي ونسبه لأبي مصعب الزهري كما في المسالك، وهو خطأ. وقال الدارقطني: "وهم فيه رحمه الله، وهذا مما يعتدّ به عليه؛ لأنه عباد بن زياد بن أبي سفيان وهو يروي هذا الحديث عن عروة بن المغيرة عن أبيه". العلل (7/ 106). وذكر الدارقطني أيضا حديث مالك في الأحاديث التي خولف فيها مالك، وذكر من خالفه من أصحاب الزهري، ثم قال: "ولم ينسب أحد منهم عبادا إلى المغيرة بن شعبة، وهو عباد بن زياد بن أبي سفيان، قال ذلك مصعب الزبيري، وقاله علي بن المديني، ويحيى بن معين، وغيرهم، ووهم مالك رحمه الله في إسناده في موضعين، أحدهما قوله: عباد بن زياد من ولد المغيرة بن شعبة، والآخر: إسقاطه من الإسناد عروة وحمزة ابني المغيرة، والله أعلم". الأحاديث التي خولف فيها مالك، نقلا من شرح علل ابن أبي حاتم لابن عبد الهادي. وذكر ابن حجر عن أحمد بن خالد الأندلسي أن مالكًا وهم في ذكر لفظة أبيه والصواب إسقاطها. تهذيب التهذيب (5/ 81). وقال ابن عبد البر: "وهو وهم وغلط منه، ولم يتابعه أحد من رواة ابن شهاب ولا غيرهم عنه، وليس هو من ولد المغيرة من شعبة عند جميعهم" التمهيد (11/ 120). (¬1) رواية ابن مهدي أخرجها أحمد في المسند (4/ 247). وقال ابن عبد البر: "وذكر الدارقطني أن سعد بن عبد الحميد بن جعفر قال فيه: عن أبيه كما قال يحيى، قال: وهو وهم". التمهيد (11/ 121).

وأَظُنُّ الوَهَمَ دخلَ فيه بِأَنْ سَقَطَ لمالكٍ من الإسنادِ كلمةُ (عن) بين عَبَّاد ورَجُل، فحَدَّثَ به كذلك. والحديثُ على هذا مقطوعٌ (¬1). وقد ثَبتت كلمةُ "عن" عند رَوْح بنِ عُبادة قال فيه: عن مالك، عن الزهري، عن عَبَّاد، عن رجل من ولد المغيرة، عن أبيه المغيرة (¬2). وقال الدارقطني: "إِنْ كان رَوْحٌ حَفِظَهُ عن مالك هكذا فقد أَتَى بالصواب عن الزهري، والصحيحُ عنه: عَبَّاد، عن عروة بن المغيرة، عن أبيه المغيرة"، هكذا قال أبو الحسن (¬3). وقد رُوي عن يونس، عن الزهري، عن عَبَّاد، عن عروة وحمزة ابْنَيْ ¬

_ (¬1) أي منقطع بين عباد والمغيرة بن شعبة لجهالة الواسطة بينهما وهو الرجل الذي لم يسمّ. والصحيح في إسناد هذا الحديث: عن الزهري عن عباد عن عروة بن المغيرة عن المغيرة بن شعبة. كذا رواه أصحاب الزهري عنه منهم: - ابن جريج عند مسلم في صحيحه كتاب: الصلاة باب: تقديم الجماعة من يصلي بهم إذا تأخّر الإمام ولم يخافوا مفسدة بالتقديم (1/ 317) (رقم: 274). - ويونس بن يزيد عند النسائي في السنن (1/ 62)، وأبو داود في السنن كتاب: الطهارة باب: المسح على الخفين (1/ 103) (رقم: 149)، وابن حبّان في الصحيح (5/ 602) (رقم: 2224). - وعمرو بن الحارث عند النسائي في السنن (1/ 62)، وابن خزيمة في الصحيح (1/ 102) (رقم: 203). - وصالح بن كيسان عند أحمد في المسند (4/ 249)، وأبي عوانة في صحيحه (1/ 215). - ومعمر عند ابن عبد البر في التمهيد (11/ 122). - وقال ابن عساكر: "ورواه معمر وعُقيل بن خالد وعبد الرحمن بن خالد بن مسافر عن الزهري بخلاف قول مالك". تاريخ دمشق (26/ 231). (¬2) أخرجه من طريقه إسحاق بن راهويه كما في العلل للدارقطني (7/ 106). (¬3) العلل (7/ 107). وأورد الحافظ الدارقطني اختلافًا كثيرًا في إسناد هذا الحديث عن الزهري وغيره، والصحيح عن الزهري ما رواه الجماعة عنه كما سبق بيانه، والله أعلم.

المغيرة، عن أبيهما، المغيرة بن شعبة (¬1). وخَرَّجه مسلمٌ من طريق ابنِ حُريج، عن الزهري، عن إسماعيل بن محمد بن سعد، عن حمزة بن المغيرة، عن أبيه. وزاد فيه: قال: فأردتُ تأخيرَ عبد الرحمن بن عَوف فقال: (دَعْه) (¬2). وفي رواية عروة بن المغيرة، عن أبيه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لَمْ يَمُتْ نَبِيٌّ حتى يَؤُمَّه رَجلٌ مِن قَومِه". ذكره الدارقطني (¬3). ¬

_ (¬1) أخرجه بهذا الإسناد جامعًا بين حمزة وعروة ابني المغيرة يعقوبُ الفسوي في المعرفة والتاريخ (1/ 398)، وابنُ عبد البر في التمهيد (11/ 123). وأخرجه أبو داود في السنن كتاب: الطهارة، باب: المسح على الخفين (1/ 103) (رقم: 149)، وابن حبّان في الصحيح (5/ 602) (رقم: 2224)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (26/ 230) مقتصرين فيه على عروة بن المغيرة. وأخرجه النسائي في السنن (1/ 62) والطبراني في المعجم الكبير (20/ 377) (رقم: 881) مقتصرَين فيه على حمزة بن المغيرة. قال ابن عبد البر: "وربما حدّث به ابن شهاب عن عباد بن زياد عن عروة بن المغيرة عن أبيه ولا يذكر حمزة بن المغيرة، وربما جع حمزة وعروة ابني المغيرة في هذا الحديث عن أبيهما المغيرة". التمهيد (11/ 121). (¬2) صحيح مسلم كتاب: الصلاة، باب: تقديم الجماعة من يصلي بهم إذا تأخّر الإمام ولم يخافوا مفسدة بالتقديم (1/ 318) (رقم: 274). (¬3) السنن (1/ 282) (رقم: 2) من طريق عبد الله بن أبي أمية عن فليح بن سليمان عن إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص عن عروة به. وأخرجه من هذا الطريق الحاكم في المستدرك (1/ 243، 244). وقال: "صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه". ووافقه الذهبي. وقال الدارقطني: "ابن أبي أمية ليس بقوي". وقال الشيخ الألباني: "ضعيف". ضعيف الجامع (رقم: 4767). قلت: فليس على شرط الشيخين كما زعم الحاكم. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = ولهذه الزيادة شواهد: الأول: من حديث أبي بكر الصديق. أخرجه أحمد في المسند (1/ 13)، والبزار في المسند (1/ 55) (رقم: 3)، والحارت بن أبي أسامة في المسند (2/ 908) (رقم: 988 - بغية الباحث-) من طريق عاصم بن كليب قال: حدّثتي شيخ (وفي مسند الحارث: نافر) من بني تميم عن عبد الله بن الزبير عن عمر بن الخطاب عن أبي بكر به. وإسناده ضعيف لجهالة الشيخ من بني تميم. الثاني: من حديث ربيعة الرأي. - رواه سحنون عن ابن القاسم عن مالك عن ربيعة به، ذكره ابن عبد البر في التمهيد (6/ 144)، وعزاه المصنف لغير ابن القاسم. وهذا مرسل، ربيعة تابعي. الثالث: من حديث محمد بن قيس. أخرجه ابن سعد في الطبقات (2/ 171) من طريق هاشم بن القاسم الكناني عن أبي معشر عن محمد بن قيس به. وإسناده ضعيف فيه ثلاث علل: - الإرسال، محمد بن قيس ليس من الصحابة. - محمد بن قيس قال عنه الحافظ: "شيخ لأبي معشر ضعيف، ووهم من خلطه بالذي قبله". أي محمد بن قيس المدني القاص الثقة. التقريب (رقم: 6246). - أبو معشر واسمه نجيح، ضعيف. التقريب (رقم: 7100). الرابع: من حديث محمد بن إبراهيم. أخرجه ابن سعد في الطبقات (2/ 171) من طريق محمد بن عمر عن عبد الرحمن بن عبد العزيز وعبد العزيز بن محمد عن عمارة بن غزية عن محمد بن إبراهيم به. وإسناده ضعيف جدا. - شيخ ابن سعد هو الواقدي متروك. - محمد بن إبراهيم هو ابن الحارث التيمي، اختلف في سماعه من الصحابة، فإن لم يثبت سماعه من أحد منهم فهو معضل وإلا فمرسل. انظر: تهذيب الكمال (24/ 321)، تهذيب التهذيب (9/ 6). فالأسانيد كلها ضعيفة، وقال الحاكم عقب كلامه السابق: "وقد اتفقا جميعًا على صَلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خلف أبي بكر الصديق رضي الله عنه".

25/ مسند المقداد بن الأسود

25/ مسند المقداد بن الأسود وهو المِقدادُ بن عَمرو بن ثَعْلَبة الكِنْدي، وقيل: البَهرائي (¬1). تبنّاه الأسود بن عَبد يَغوث الزهري، وحالفه في الجاهلية فنُسِب إليه (¬2). له حديثٌ واحد. 83/ حديث: المَذِي. فيه: "إذا وَجَدَ ذلك أحدُكم فلْيَنْضَحْ فَرْجَه وليتَوضَّأ". في الوضوء. عن أبي النَّضر (¬3)، عن سُليمان بن يَسار، عن المِقداد: "أنَّ عليَّ بنَ أبي طالب أَمَرَه أنْ يسألَ له. . ." (¬4). ¬

_ (¬1) الكِنْدي: نسبة إلى كِنْدة، بكسر الكاف وسكون النون، قبيلة مشهورة باليمن. الأنساب (5/ 104). والبَهرائي: نسبة إلى بهراء بن عمرو بن الحاف بن قضاعة، وجاء في الأنساب (1/ 420): "البهراني بفتح الباء المنقوطة بواحدة وسكون الهاء وفتح الراء وفي آخرها نون، هذه النسبة إلى بهراء وهي قبيلة من قضاعة". وفِى اللباب (156/ 1): (منهم المقداد بن عمرو البهراني). (¬2) انظر: الاستيعاب (4/ 1480)، الإصابة (6/ 202). (¬3) هو سالم المدني. (¬4) الموطأ كتاب: الطهارة، باب: الوضوء من المذي (1/ 62) (رقم: 53). وأخرجه أبو داود في السنن كتاب: الطهارة، باب: في المذي (1/ 142) (رقم: 207) من طريق القعنبي. والنسائي في السنن كتاب: الطهارة، باب: ما ينقض الوضوء وما لا ينقض الوضوء من المذي (1/ 97) من طريق عتبة بن عبد الله المروزي. وابن ماجه في السنن كتاب: الطهارة، باب: الوضوء من المذي (1/ 169) (رقم: 505) من طريق عثمان بن عمر. وأحمد في المسند (6/ 4، 5) من طريق عثمان بن عمر، وابن مهدي، أربعتهم عن مالك به.

وهذا مقطوعٌ، لم يَلْقَ سليمانُ المِقدادَ، ولا مسَمِعَ مِن عَليٍّ (¬1). وقد رُوي عنه، عن ابن عباس، عن عليِّ بن أبي طالب قال: "أَرْسَلْنا المقدادَ. . ."، خرّجه مسلم (¬2). وجاء عن علي أنَّه قال: "سألتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - عن المَذي" (¬3). ¬

_ (¬1) قال الشافعي: "حديث سليمان بن يسار عن المقداد مرسل، لا نعلم سمع منه شيئًا. قال البيهقي: هو كما قال". معرفة السنن والآثار (1/ 204). وكذلك قال ابن عبد البر في التمهيد (21/ 202)، والقاضي عياض كما في تحفة التحصيل. وقال الذهبي: (ما أراه لقيه). السير (4/ 445). وقال أبو زرعة العراقي: "لا يمكن سماعه من المقداد؛ لأن الجمهور على أنه مات سنة سبع ومائة، وهو ابن ثلاث وسبعين سنة، فيكون مولده سنة أربع وثلاثين أو نحوها، فلا يمكن سماعه من المقداد". تحفة التحصيل. وذهب ابن حبان إلى أنه سمع منه فقال: "مات المقداد بن الأسود بالجُرف سنة ثلاث وثلاثين، ومات سليمان بن يسار سنة أربع وتسعين، وقد سمع سليمان بن يسار من المقداد، وهو دون عشر سنين". الصحيح (الإحسان) (3/ 384). وتبعه على إثبات السماع النووي، والعلائي. انظر: تهذيب الأسماء واللغات (1/ 235)، جامع التحصيل (ص: 190، 191). والصحيح أنّه لم يسمع منه، وما ذكره ابن حبان من سنة وفاته شاذ، والجمهور على خلافه، وأنه توفي سنة سبع ومائة. انظر: السير (4/ 446، 447). (¬2) صحيح مسلم، كتاب: الطهارة، باب: المذي (1/ 247) (رقم: 303). وفيه دليل أنَّ سليمان لم يسمعه من علي، وإنما سمعه من ابن عباس عن علي، والله أعلم. (¬3) أخرجه النسائي في السنن كتاب: الطهارة، باب: الغسل من المني (1/ 112). وأبو داود في السنن (1/ 142) (رقم: 206)، وأحمد في المسند (1/ 109، 125)، والطيالسي في المسند (ص: 21)، والطحاوي في شرح المعاني (1/ 46)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (3/ 385) (رقم: 1012) من طرق عن الرُكين بن الربيع الفزاري، عن حصين بن قبيصة، عن علي به. وإسناده صحيح. وأخرجه الترمذي في السنن كتاب: الطهارة، باب: ما جاء في المني والمذي (1/ 193) (رقم: 114). =

والأصَحُّ أنَّه أَمَر المِقدادَ أنْ يَسألَ، فسَأل بِحَضرتِه وسَمِعَ هو الجوابَ مِن غيرِ واسطةٍ (¬1). ¬

_ = وابن ماجه في السنن كتاب: الطهارة، باب: الوضوء في المذي (1/ 168) (رقم: 504). وأحمد في المسند (1/ 87، 109، 111، 112، 119، 121). والبزار في المسند (2/ 234) (رقم: 629، 630)، وأبو يعلى في المسند (1/ 188) (رقم: 309) من طرق عن يزيد بن أبي زياد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن علي به. وقال الترمذي: "حسن صحيح". والحديث في إسناده كلام لكن يشهد له الإسناد قبله، وانظر كلام الشيخ أحمد شاكر في حاشية سنن الترمذي. (¬1) أخرج النسائي في السنن الكبرى كتاب: الطهارة، باب: الأمر بالوضوء من المذي (11/ 96) (رقم: 147 عن أبي حصين الأسدي عن أبي عبد الرحمن السلمي عبد الله بن حبيب عن علي قال: "كنت رجلا مذاء وكانت بنت النبي - صلى الله عليه وسلم - عندي فاستحييت أن أسأله فقلت لرجل جالس إلى جني: سله. فسأله فقال: "يغسل مذاكيره، ويتوضّا وضوءه للصلاة". وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الغسل، باب: غسل المذي والوضوء منه (1/ 89) (رقم: 269) بهذا الاسناد والمتن إلا أنه ليس فيه وجه الشاهد أعني قول على - صلى الله عليه وسلم -: "فقلت لرجل جالس إلى جنبي: سله". وهذا لا يدفع الأحاديث السابقة أن السائل فيها كان عليا، بل تحمل على أنه أمر أن يُسأل له فحملها الرواة على أنه كان المباشر للسؤال. وذهب ابن حبان في الصحيح (3/ 386) إلى جمع آخر وهو أن السؤال صدر من المقداد أولا ثم من علي فقال: "يشبه أن يكون علي بن أبي طالب أمر المقداد أن يسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن هذا الحكم فسأله وأخبره، ثم أخبر المقداد عليا بذلك ثم سأل علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عما أخبره به المقداد حتى يكونا سؤالين في موضعين مختلفين، والدليل على أنهما كانا في موضعين أن عند سؤال علي النبي - صلى الله عليه وسلم - أمره بالاغتسال عند المني، وليس هذا في خبر المقداد، يدلك هذا على أنهما غير متضادين". وعلّق على هذا الكلام الحافظ في الفتح (1/ 452) فقال: ". . .وهو جمع جيّد إلا بالنسبة إلى آخره لكونه مغايرًا لقوله إنه استحيى عن السؤال بنفسه لأجل فاطمة، فيتعيّن حمله على المجاز بأن بعض الرواة أطلق أنه سأل لكونه الآمر بذلك، وبهذا جزم الإسماعيلي ثم النووي. . .".

• محمود بن الربيع الأنصاري

فصل: • مَحمود بن الرَّبيع الأنصاري مَعدودٌ في الصحابةِ، أدرك النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - وهو ابنُ أربعٍ أو خَمسٍ (¬1). • له حديث: "أنَّ عِتْبانَ بنَ مالكٍ كان يَؤُمُّ قومَه وهو أعْمَى، وأنَّه قال لرسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -" (¬2). هكذا ذَكَر القِصةَ في الموطأ، ولم يُسْنِد الحديثَ إلى عِتْبَان. والحديثُ مشهورٌ لعِتْبَان، قال فيه الأوزاعي، عن الزهري، عن محمود: "إنِّي لأعْقِل مَجَّةً مَجَّهَا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - من دَلْوٍ في دارنا"، ثم قال: حدّثني عِتْبان بنُ مالك، وذَكَرَه، خَرَّجه مسلم (¬3). وخَرَّج من طريق مَعمر، عن الزهري، عن محمود: أنه سأل عِتبان عنه فحدَّثه به (¬4). انظره في مسند عِتبان (¬5). ¬

_ (¬1) الاستيعاب (3/ 1378)، تهذيب الكمال (27/ 301)، الإصابة (6/ 39). (¬2) الموطأ كتاب: قصر الصلاة في السفر، باب: جامع الصلاة (1/ 156) (رقم: 86). وأخرحه البخاري في صحيحه كتاب: الأذان، باب: الرخصة في المطر والعلة أن يصلي في رحله (1/ 203) (رقم: 667) من طريق إسماعيل بن أبي أويس عن مالك به. (¬3) صحيح مسلم كتاب: المساجد ومواضع الصلاة (1/ 456) (رقم: 33). (¬4) صحيح مسلم الموضع السابق. (¬5) سيأتي مسنده (3/ 60)، ويأتي الكلام على الحديث ومخالفة أصحاب ابن شهاب لمالك.

• ومحيصة

• ومُحَيِّصَة • له حديث: إجَارة الحَجَّام. قال فيه يحيى بن يحيى: ابن مُحَيِّصَة. انظره فى المنسوبين (¬1)، وفي الزيادات (¬2). وهناك (¬3): • معاوية بن الحكم وهو المُسَمَّى في رواية يحيى وغيرِه: عُمَر بن الحَكَم (¬4). • ومعاذ بن سعد رَجلٌ مَجْهولٌ مَشكَوكٌ في اسْمِه، له في المراسِل حديث الذَّكاةِ بالحَجَر، وقد يُشْبِه أن يكون له صُحبة (¬5). وفي الكنى: أبو حُميد، قيل في اسمِه: المُنذِر (¬6). وأبو محمد، المذكور في حديث عُبادة في قِصةِ الوِتر، قيل: اسمه مَسعود بن أَوس (¬7). ¬

_ (¬1) سيأتي مسنده (3/ 586). (¬2) سيأتي (4/ 393). (¬3) أي في الزيادات (4/ 390). (¬4) سيأتي مسنده (2/ 305). (¬5) سيأتي مرسله (4/ 590). (¬6) سيأتي مسنده (3/ 161). (¬7) سيأتي مسنده (3/ 198).

باب: النون

باب: النون فيه رجل واحد 26/ مسند النُّعمان بن بَشِير بن سَعْد الأنصاري الخزرجي حديثان. 84/ حديث: "ما كان يَقرأُ به رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يومَ الجُمعة على إِثْرِ سورةِ الجُمعة؟ . . .". في أبواب: الجمعة. عن ضَمْرةَ بن سعيد المازني، عن عُبيد الله بن عبد الله بن عتبة: "أنَّ الضَّحاك بن قَيس سأل النُّعمانَ. . ." (¬1). هكذا قال مالك (¬2). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الجمعة، باب: القراءة في صلاة الجمعة (1/ 112) (رقم: 19). وأخرجه أبو داود في السنن كتاب: الصلاة، باب: ما يقرأ به في الجمعة (1/ 670) (رقم: 1123) من طريق القعنبي. والنسائي في السنن كتاب: الجمعة، باب: ذكر الاختلاف على النعمان بن بشير في القراءة في صلاة الجمعة (3/ 112) من طريق ابن القاسم. وأحمد في المسند (4/ 270، 277) من طريق ابن مهدي. والدارمي في السنن كتاب: الصلاة، باب: القراءة في صلاة الجمعة (1/ 443) (رقم: 1566) من طريق خالد بن مخلد، أربعتهم عن مالك به. (¬2) وصورته صورة المرسل.

وروى: ابنُ عيينة، - عن ضَمرة، عن عُبيد الله بن عبد الله: "أنَّ الضَّحاك كتب إلى النُّعمان. يسأله. . ."، خرّجه مسلم (¬1). ويه رواية أبي أويس عبد الله بن أُويس، عن ضَمرة، عن عُبيد الله، عن الضَّحاك قال: "سألنا النُّعمان. . ."، خرّجه ابن أبي خيثمة (¬2). فالحديثُ على هذا يرويه عُبيد الله، عن الضَّحاك، عن النعمان (¬3). وللضَّحاك بن قَيس صُحبة، ولم يُخَرَّج عنه في الصحيح (¬4)، وهو أخو فاطمة بنت قَيس زوج أسامةَ بن زَيد، ذُكر أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توفي وهو دُون الحُلُم (¬5). ¬

_ (¬1) صحيح مسلم كتاب: الجمعة، باب: ما يقرأ في صلاة الجمعة (2/ 598) (رقم: 878). فوافق ابن عيينة مالكًا على قوله: "أنَّ الضحاك"، وأما كون الحديث عند مالك أنَّ الضحاك سأل، وفي حديث ابن عيينة أنَّه كتب، فلا فرق بينهما. قال ابن عبد البر: "وليس مخالفًا لحديث مالك؛ لأنَّ في حديث مالك أنَّ الضحاك سأل، وقد يحتمل أن يكون سأله بالكتاب إليه". التمهيد (16/ 322). (¬2) أخرجه ابن أبي خيثمة في التاريخ، ومن طريقه ابن عبد البر في التمهيد (16/ 322). قال ابن أبي خيثمة: "كذا قال أبو أويس عن الضحاك بن قيس". وأخرجه الدارمي في السنن كتاب: (1/ 433) (رقم: 1567)، وابن خزيمة في صحيحه (3/ 171) (رقم: 1846) من طريق أبي أويس به. وأبو أويس عبد الله بن أويس قال فيه ابن حجر: (صدوق يهم). التقريب (رقم: 3412). (¬3) فهو متصل صحيح كما قال ابن عبد البر في التمهيد (16/ 321). (¬4) أخرج له النسائي، وذكره مسلم في هذا الحديث. تهذيب الكمال (13/ 279). (¬5) وهو قول الواقدي، فال ابن سعد: "قال محمد بن عمر: في روايتنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قُبض والضحاك بن قيس غلام لم يبلغ، وفي رواية غيرنا أنه أدرك النبي - صلى الله عليه وسلم - وسمع منه". الطبقات (7/ 287)، و (2/ 209 - الطبقة الخامسة من الصحابة-). قلت: اختلف في صحبة الضحاك، فأثبته جماعة ونفاه آخرون: =

85/ حديث: النِّحلة (¬1). فيه: "أكُلَّ وَلدِكَ نَحَلتَه مثلَ هذا". في الأقضية. عن ابن شهاب، عن حُميد بن عبد الرحمن وعن محمد بن النعمان بن بَشِير، عن النُّعمان: "أنَّ أباه أَتَى به رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فقال: إنِّي نَحَلْتُ ابني هذا غلامًا" (¬2). ¬

_ = قال البخاري: (له صحبة). التاريخ الكبير (4/ 332). وذكره خليفة في طبقة الصحابة. الطبقات (ص: 29). وابن سعد في الطبقة الخامسة من الصحابة- الطبقات (2/ 196 - الطبقة الخامسة-). وابن قانع في معجم الصحابة (2/ 32)، وأبو نعيم في معرِفة الصحابة. وقال ابن عساكر: "له صحبة، روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - شيئًا يسيرًا". تاريخ دمشق (24/ 280). وقال الذهبي: "عداده في صغار الصحابة". السير (3/ 241). وقال ابن حجر: "صحابي صغير". التقريب (رقم: 2976). وقال أيضًا: "واستبعد بعضهم صحة سماعه من النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولا بُعدَ فيه؛ فإن أقلّ ما قيل في سنّه عند موت النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان ابن ثمان سنين". الإصابة (3/ 479). وقال أبو حاتم: "سألت رجلًا من ولد الضحاك بن قيس بدمشق عن الضحاك بن قيس هل له صحبة؟ فقال: مات النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو ابن سبع سنين". المراسيل (ص: 85). وقال ابن أبي حاتم: "ولد قبل وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - بسنة أو نحوها". الجرح والتعديل (4/ 457). وقال ابن عبد البر: "يقال: إنه وُلد قبل وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - بسبع سنين ونحوها، وينفون سماعه من النبي - صلى الله عليه وسلم - والله أعلم". الاستيعاب (2/ 745). والذي يظهر أنَّ له صحبة، وسمع من النبي - صلى الله عليه وسلم - بضعة أحاديث، وأما قول الإمام مسلم في الكنى والأسماء (1/ 107): (شهد بدرًا)، فهو مما وهم فيه مسلم، وأنكره عليه ابن عساكر، والذهبي، وقال ابن حجر: (وهو وهم فظيع). انظر: تاريخ دمشق (24/ 287)، السير (3/ 242)، الإصابة (3/ 479). (¬1) النِّحلة: العطية بغير عوض. مشارق الأنوار (2/ 6). (¬2) الموطأ كتاب: الأقضية، باب: ما لا يجوز من النحل (2/ 576) (رقم: 39). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الهبة، باب: الهبة للولد (3/ 186) (رقم: 2576) من طريق عبد الله بن يوسف. ومسلم في صحيحه كتاب: الهبات، باب: كراهة تفضيل بعض الأولاد في الهبة (3/ 1241) =

قال الشيخ رضي الله عنه: كان النُّعمانُ إذ ذاك صغيرًا، وُلِد عامَ الهِجرة (¬1)، وقيل: في العام الثاني، قاله مُصعب (¬2)، وسماعُه صحيح (¬3). ¬

_ = (رقم: 1623) من طريق يحيى النيسابوري. والنسائي في السنن كتاب: النحل (6/ 258) من طريق ابن القاسم، ثلاثتهم عن مالك به. (¬1) وهو قول البخاري كما في السير (3/ 412). وقال ابن سعد: "وكان أول مولود من الأنصار، وُلد بالمدينة بعد هجرة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولد في شهر ربيع الآخر على رأس أربعة عشر شهرا من هجرة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. هذا في رواية أهل المدينة، وأما في رواية أهل الكوفة فيروون عنه روايات كثيرة يقول فيها: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فدلّ على أنه أكبر سنًّا مما روى أهل المدينة في مولده". الطبقات (6/ 122). (¬2) هو مصعب بن عبد الله الزبيري. وقال ابن عبد البر: "الأكثر يقولون: إنه وُلد هو وعبد الله بن الزبير عام اثنين من الهجرة في ربيع الآخر على رأس أربعة عشر شهرا من مقدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة". الاستيعاب (4/ 1496). (¬3) نفى سماعه أهل المدينة وأثبته أهل العراق. قال ابن الجنيد: "قال رجل ليحيى بن معين وأنا أسمع: النعمان بن بشير سمع من النبي - صلى الله عليه وسلم - شيئا؟ قال: أهل المدينة يقولون: لا، كان صغيرًا، ونحن نروي كما قد علمتم: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم -". سؤالات ابن الجنيد (ص: 213) (رقم: 166). وقال يعقوب الفسوي: "يقول أهل المدينة لم يسمع حبيب بن مسلمة وبسر بن أرطاة من النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا صحبة لهم، وأهل الشام يقولون قد سمعوا ولهم صحبة، ويشكّون في سماع النعمان بن بشير". المعرفة والتاريخ (3/ 19). وذكره ابن قانع في معجم الصحابة (3/ 143)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة، وذكر بعض الأحاديث التي صرّح فيها بالسماع من النبي - صلى الله عليه وسلم -. وقال ابن عبد البر: "لا يصحح بعض أهل الحديث سماعه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو عندي صحيح؛ لأنَّ الشعبي يقول عنه: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حديثين أو ثلاثة". الاستيعاب (4/ 1497). وقال الذهبي: "وُلد النعمان سنة اثنتين وسمع من النبي - صلى الله عليه وسلم - وعُدّ من الصحابة باتّفاق". السير (3/ 411). وقال الحافظ ابن حجر: "له ولأبيه صحبة". الإصابة (6/ 440). وقال ولي الدين أبو زرعة: "الصواب الجزم بصحته وسماعه وإنما ذكرته لكلام ابن معين، والله أعلم". تحفة التحصيل.

وفي بعض طرق هذا الحديث أنَّ النعمان كان المخَاطَبَ به. خَرَّجه مسلمٌ من طريق عروة عنه (¬1). وروي عن النعمان: "أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أعطاه عُنقودَ عِنَب" (¬2). ¬

_ (¬1) صحيح مسلم (3/ 242) (رقم: 1623). وأخرجه ابن حبان في صحيحه (الإحسان) (11/ 501) (رقم: 5102) من طريق جرير بن عبد الحميد عن عاصم الأحول عن الشعبي عن النعمان بن بشير به، وفيه قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ما هذا الغلام؟ قال: غلام أعطانيه أبي". وبهذا الإسناد أخرجه مسلم في صحيحه (3/ 1243) إلا أنّه لم يسق لفظه واختصره. وهذا مما يبيّن صحة سماع النعمان من النبي - صلى الله عليه وسلم -. (¬2) أخرجه ابن ماجه في السنن كتاب: الأطعمة، باب: أكل الثمار (2/ 1117) (رقم: 3368). وابن أبي خيثمة في التاريخ (وتصحف؛ فيه النعمان بن بشير إلى النعمان بن كثير)، والطبراني في المعجم الأوسط (2/ 252) (رقم: 1899)، وابن عّبد البر في الاستيعاب (4/ 1497) من طرق عن عثمان بن سعيد بن كثير الحمصي، عن محمد بن عبد الرحمن بن عرق، عن أبيه، عن النعمان قال: "أُهدي للنبي - صلى الله عليه وسلم - عنب من الطائف. فدعاني فقال: خُذ هذا العنقود فأبلِغه أمّك، فأكلته قبل أن أُبلِغه إياها. فلما كان بعد ليال قال لي: ما فعل العنقود؟ هل أبلغته أمّك؟ قلت: لا. فسمّاني غُدَر". لفظ ابن ماجه. وإسناده ضعيف، فيه عبد الرحمن بن عرق اليحصبي، لم يرو عنه غير ابنه محمد، ولم يوثقه إلا ابن حبان في الثقات (5/ 100). وقال عنه الحافظ: (مقبول). التقريب (رقم: 3951). لكنه توبع، تابعه عطية بن قيس وضمرة بن حبيب، أخرجه ابن عبد البر في الاستيعاب (4/ 1497) من طريق قاسم بن أصبغ قال: حدّثنا الحسن بن علي الأشناني ببغداد قدم علينا ونحن بها من الشام، حدّثنا إسحاق بن إبراهيم، حدّثنا بقية بن الوليد، حدّثنا أبو بكر بن أبي مريم، عن عطية بن قيس الكلابي وحمزة (كذا، والصواب ضمرة)، عن النعمان بن بشير بنحوه. وإسناده ضعيف أيضًا فيه أبو بكر بن عبد الله بن أبي مريم الغساني. قال الحافظ: "ضعيف، وكان قد سُرق بيتُه فاختلط". انظر: تهذيب الكمال (33/ 108)، تهذيب التهذيب (12/ 33)، التقريب (رقم: 7974). ومراد المؤلف من إيراد هذا الحديث إثبات سماع النعمان رضي الله عنه من النبي - صلى الله عليه وسلم -. وقد ثبتت أسانيد صحيحة صرح فيها النعمان بسماعه من النبي - صلى الله عليه وسلم - منها: 1 - ما أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الإيمان، باب: فضل من استبرأ لدينه (1/ 23) =

وبَشِير: بفتح الباء وكسرِ الشين (¬1). فصل: ناجيةُ صاحبُ هَدْي رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، له حديثٌ لم يُسَمِّه مالكٌ فيه، انظره في المبهمين (¬2)، وفي الكنىَ: أبو قتادة، قيل في اسمه نعمان (¬3). ¬

_ = (رقم: 52) ومسلم في صحيحه كتاب: المساقات، باب: أخذ الحلال وترك الشبهات (3/ 1219) (رقم: 1599) من طريق الشعبي قال: سمعت النعمان بن بشير يقول: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "الحلال بيّن والحرام بيّن. . ."، الحديث. قال ابن حجر: "وفي هذا ردّ لقول الواقدي ومن تبعه: إن النعمان لا يصح سماعه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -". الفتح (1/ 154). 2 - ما أخرجه مسلم في صحيحه كتاب: الإمارة، باب: فضل الشهادة في سبيل الله (3/ 1499) (رقم: 1879) من طريق أبي سلاّم -وهو ممطور الحبشي- قال: حدّثني النعمان بن بشير قال: كنَّا عند منبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال رجل: ما أُبالي أن لا أعمل عملا بعد الإسلام. . . الحديث، وفيه: فزجرهم عمر وقال: لا ترفعوا أصواتكم عند منبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يوم جمعة، ولكن إذا صليت الجمعة دخلتُ فاستفتيتُه فيما اختلفتم فيه- فأنزل الله عزَّ وجلَّ: {أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ} الآية. 3 - ما أخرحه البزار في المسند (8/ 229) (رقم: 3286)، (8/ 238) (رقم: 2399) من طريق الشعبي قال: سمعت النعمان بن بشير يقول: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إنما مثل المؤمنين كرجل واحد إذا اشتكى تداعى سائر الجسد بالسهر والحمى". وأخرجه مسلم في صحيحه (4/ 2000) (رقم: 2586) بهذا الإسناد إلا أنه لم يذكر فيه السماع. 4 - ما أخرجه مسلم في صحيحه كتاب: الصلاة، باب: تسوية الصفوف. . . (1/ 324) (رقم: 436) من طريق سماك بن حرب قال: سمعت النعمان بن بشير يقول: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسوّي صفوفنا حتى كأنما يسوّي بها القداح حتى رأى أنّا قد عقلنا عنه. فخرج يومًا فقام حتى كاد يكبّر فرأى رجلًا باديًا صدره من الصف فقال: "عباد الله! لتسوّن صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم". والأحاديث في إثبات سماع النعمان من النبي - صلى الله عليه وسلم - كثيرة أعرضت عن ذكرها والحجة قائمة بما ذكر والصحيح الجزم بسماعه، والله أعلم. (¬1) الإكمال (1/ 280)، توضيح المشتبه (1/ 536). (¬2) سيأتي مسنده (3/ 603). (¬3) سيأتي مسنده (3/ 200).

باب: الصاد

باب: الصاد رجل واحد، وآخر فيه نظر 27/ مسند الصَّعْب بن جَثَّامَة اللَّيثي (¬1). حديثٌ واحد. 86/ حديث: "أنّه أَهْدى لرسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - حِمارًا وَحْشِّيًّا وهو بالأَبْوَاءِ أو بِوَدَّان (¬2) فرَدَّه عليه. . .". فيه: "إنَّا لم نَرُدَّه (¬3) عليكَ إلَّا أنَّا حُرُم". ¬

_ (¬1) الصَّعْب: بفتح الصاد وسكون العين المهملتين بعدها موحدة، وأبوه جَثَّامة: بفتح الجيم وتثقيل المثلثة. الفتح (4/ 39). (¬2) الأبواء: بالفتح ثم السكون وواو وألف ممدودة، قرية من أعمال الفرع من المدينة، بينها وبين الجحفة مما يلي المدينة ثلاثة وعشرون ميلًا. وهي اليوم واد من أودية الحجاز التهامية ينحدر إلى البحر، ويسمى وادي الخريبة، بينه وبين رابغ (43) كيلًا. انظر: معجم البلدان (1/ 79)، الفتح (4/ 40)، معجم المعالم الجغرافية للبلادي (ص: 14)، المعالم الأثيرة لشرّاب (ص: 17). "أو بودّان": شك من الراوي، وهو بفتح الواو وتشديد الدال وآخرها نون، موضع بين مكة والمدينة من نواحي الفرع، بينها وبين الأبواء نحو من ثمانية أميال قريبة من الجحفة. واندثرت ودّان اليوم، ومكانها شرق مستورة إلى الجنوب، والمسافة بينهما قريبًا من (12) كيلا، وتبعد عن المدينة (250) كيلا. انظر: معجم البلدان (1/ 79)، الفتح (4/ 40)، معجم المعالم الجغرافية للبلادي (ص: 333)، المعالم الأثيرة لشرّاب (ص: 296). (¬3) قال النووي: "قال القاضي عياض: رواية المحدّثين في هذا الحديث: "لم نردَّه" بفتح الدال، قال: وأنكره محققو شيوخنا من أهل العربية وقالوا: هذا غلط من الرواة، وصوابه ضم الدال، قال: ووجدته بخط بعض الأشياخ بضم الدال وهو الصواب عندهم على مذهب سيبويه. . .". شرح صحيح مسلم (8/ 104).

في باب: ما لا يجوز للمُحرِم أكلُه من الصَّيد. عن ابن شهاب، عن عُبيد الله بن عبد الله بن عُتبة، عن ابن عباس، عن الصَّعب (¬1). هكذا قال مالك في هذا الحديث: ابن عباس، عن الصَّعب (¬2). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الحج، باب: ما لا يحل للمحرم أكله من الصيد (1/ 286) (رقم: 83). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الحج، باب: إذا أُهدي للمحرم حمارا وحشيا حيا لم يقبل (2/ 564) (رقم: 1825) من طريق عبد الله بن يوسف. وفي: الهبة، باب: قبول الهدية (3/ 182) (رقم: 2573) من طريق إسماعيل بن أبي أويس. ومسلم في صحيحه كتاب: الحج، باب: تحريم الصيد للمحرم (2/ 850) (رقم: 1193) من طريق يحيى النيسابوري. والنسائي في السنن كتاب: الحج، باب: ما لا يجوز للمحرم أكله من الصيد (5/ 183) من طريق قتيبة. وأحمد في المسند (4/ 38) من طريق ابن مهدي، خمستهم عن مالك به. (¬2) أي معنعنًا بين ابن عباس والصّعب. قال ابن حجر: "لم يختلف على مالك في سياقه معنعنًا، وأنّه من مسند الصّعب إلا ما وقع في موطأ ابن وهب فإنه قال في روايته: عن ابن عباس: أن الصعب بن جثّامة أهدى. . . فجعله من مسند ابن عباس، نبه على ذلك الدارقطني في الموطآت، . . . والمحفوظ في حديث مالك الأول". الفتح (4/ 39). وتابع مالكًا على العنعنة: - معمر بن راشد، عند عبد الرزاق في المصنف (4/ 426) (رقم: 8322) ومن طريقه أحمد في المسند (4/ 72)، وابن الجارود في المنتقى (2/ 70) (رقم: 436)، وابن خزيمة في الصحيح (4/ 177) (رقم: 2637). وهذا خلاف ما سيذكره المصنف عن معمر أنه وافق جماعة الرواة عن الزهري، كما سيأتي. - وابن أبي ذئب عند أحمد في المسند (4/ 38)، والطيالسي في مسنده (ص: 171). - وابن جريج عند أحمد في المسند (4/ 38)، وابن خزيمة في الصحيح (4/ 177) (رقم: 1637). - وعمرو بن دينار، وأبو أويس عبد الله بن أويس، وابن أخي الزهري، ومحمد بن عمرو عند أحمد في المسند (4/ 71، 72، 73). - والزبيدي عند ابن حبّان في الصحيح (9/ 280) (رقم: 3967). =

وقال فيه اللَّيثُ، ومَعمرٌ، وصالحٌ، وغيرُهم عن الزهري. أنَّ الصَّعب أخَبَرَه (¬1). وفي رواية سفيان بنِ عُيينة عن الزهري بهذا الإسناد: أنَّ الصّعب قال: "أَهديتُ له من لحمِ حِمارِ وَحْشٍ" (¬2). وفي رواية سَعيد بن جُبير، عن ابن عباس قال: "أَهْدَى الصَّعْبُ. . ." (¬3)، لم يُسنِدْه إليه وجَعَلَه لابنِ عباس. خَرَّجه مسلمٌ على الوجهين، وأَدْخَلَه الطيالسيُّ والبزارُ وغيرُهما في مسند [ابن] (¬4) عباس (¬5). ¬

_ = - ومحمد بن إسحاق عند الطبراني في المعجم الكبير (8/ 85) (رقم: 7442)، وأبي نعيم في معرفة الصحابة، وقال: "رواه عمرو بن حيان وصفوان بن سليم ومحمد بن عمرو وعمرو بن الحارث ومعمر والزبيدي ويونس وعُقيل وإسحاق بن راشد في آخرين عن الزهري". - وعبيد الله بن عمر عند الطبراني في المعجم الكبير (8/ 86) (رقم: 7443). وانظر التمهيد (9/ 54). (¬1) قال الإمام مسلم في صحيحه (2/ 850) (رقم: 1193): "حدّثنا يحيى بن يحيى ومحمد بن رمح وقتيبة جميعا عن الليث. ح وحدّثنا عبد بن حميد أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا معمر. ح وحدّثنا حسن الحلواني حدّثنا يعقوب حدّثنا أبي عن صالح كلهم عن الزهري بهذا الإسناد: أهديتُ له حمار وحشٍ. . . كما قال مالك. وفي حديث الليث وصالح: أن الصّعب بن جثّامة أخبره". اهـ. أي أنَّ معمرًا وافق في روايته مالكًا ولم يذكر الإخبار، ولعلَّ المصنف حمل روايته على رواية غيره، ولم يتنبّه لما ذكره مسلم عقب الحديث، ويؤيّده أن معمرًا تابع مالكًا وغيرَه كما تقدّم في التخريج. وتابع صالحًا والليثَ على الإخبار: صالح بن كيسان، وسفيان بن عيينة، وشعيب بن أبي حمزة عند أحمد في المسند (4/ 72، 73). (¬2) أخرجه مسلم في صحيحه (2/ 850) (رقم: 1193). (¬3) أخرجه مسلم في صحيحه (2/ 851) (رقم: 1194). (¬4) ساقطة من الأصل، والصواب إثباتها. (¬5) مسند الطيالسي (ص: 343)، مسند البزار، من طريق سعيد بن جبير، من طريق عطاء عن ابن عباس به. وانظر: مسند الإمام أحمد (1/ 230، 342)، والمعجم الكبير للطبراني (12/ 26) (رقم: 12366).

والخلاف فى متنه كثير (¬1). وانظر حديثَ أبي قتادة (¬2)، وحديثَ البَهْزِيِّ في مسند عُمَير (¬3). وتوفي الصَّعبُ في خِلافة أبي بَكر رضي الله عنه (¬4). ¬

_ (¬1) وحاصل الاختلاف أنَّ مالكًا وتابعه الأكثر قالوا فيه: (حمار وحش)، وكذا قال ابن عيينة أولًا، ثم صار يقول: "لحم حمار وحش"، وجاء في بعض الروايات: (عجز حمار)، وفي بعضها: (شق حمار)، وفي أخرى: (عضو حمار). انظر: تفصيل ذلك والخلاف فيه في: فتح الباري (4/ 39). (¬2) سيأتي حديثه (3/ 207). (¬3) سيأتي حديثه (3/ 71). (¬4) وهو قول أبي حاتم، وحكاه البخاري عن أبي علي الليثي، وقال به أيضًا أبو عبد الله بن الحذاء، وابن عبد البر. انظر: الجرح والتعديل (4/ 450)، التاريخ الكبير (4/ 322)، رجال الموطأ، الاستيعاب (2/ 739). وخالفهم يعقوب الفسوي فقال: "أخطأ من قال: إنَّ الصعب بن حثامة مات في خلافة أبى بكر خطأ بيّنًا". الإصابة لابن حجر (3/ 427). وقال ابن حبان: "مات في آخر خلافة عمر". الثقات (3/ 195). وقال ابن منده: "كان الصعب ممن شهد فتح فارس". الإصابة (3/ 427). وأورد ابن حجر من طريق ابن السكن أثرًا فيه شهوده فتح اصطخر، قال ابن السكن: (إسناده صالح). قال ابن حجر: "فيه إرسالٌ، وهو يرد على من قال: إنه مات في خلافة أبي بكر". الإصابة (3/ 427).

• صفوان بن أمية بن خلف بن وهب بن حذافة بن جمح القرشي الجمحي

• صَفْوان بن أُمَيَّة بن خَلَف بن وَهْب بن حُذافَةَ بن جُمَح القرشي الجُمَحِي في حديثه نَظَر. • حديث: العفوِ عن السَّارِقِ. انظره في مرسل ابن ولده صَفوان بن عبد الله بن صَفوان (¬1). فصل: هرب صَفوان بن أُميَّةَ من مكةَ يومَ الفتح، ثم أَسْلَمَ بعد ذلك، وقُتل أبوه أُميةُ بن خَلَف ببَدْر، وعَمُّه أُبَيُّ بن خَلَف بأُحُدٍ كافِرَيْن (¬2). ¬

_ (¬1) سيأتي حديثه (5/ 12). (¬2) انظر أخبار صفوان في الطبقات الكبرى (6/ 7)، المعرفة والتاريخ (1/ 263، 309)، الاستيعاب (1/ 718)، تهذيب الكمال (13/ 181)، السير (2/ 562)، الإصابة (3/ 432).

باب: الضاد

باب: الضاد 28/ مسند الضَّحاك بن سفيان بن عَوف بن كَعب الكِلَابِي حديثٌ واحد. 87/ حديث: "كَتَبَ إليَّ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أنْ أُوَرّث امرأةَ أَشْيَم الضِّبابِي من دِيَةِ زوجِها". في العقول، باب: ميراثِ العَقْل. عن ابن شهاب: "أنَّ عمرَ بنَ الخطَّاب نَشَدَ النَّاسَ بمِنَى فقام الضَّحاكُ. . ." (¬1). مقطوعٌ (¬2). رواه سفيان بنُ عيينة وغيرُه عن الزهري، عن سعيد بن المسيّب، ذَكَر القَضِيَّةَ. خَرَّجه النسائي، وأبو داود، والترمذي، وصحَّحَه وطَرَّقَه (¬3). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: العقول باب: ما جاء في ميراث العقل والتغليظ فيه (2/ 660) (رقم: 9). (¬2) أي منقطع بين الزهري وعمر بن الخطاب. (¬3) أخرجه النسائي في السنن الكبرى كتاب (4/ 78) (رقم: 6363، 6364). وأبو داود في السنن كتاب: الفرائض، باب: في المرأة ترث من دية زوجها (3/ 339) (رقم: 2927). والترمذي في السنن كتاب: الفرائض، باب: ما جاء في ميراث المرأة من دية زوجها (4/ 371) (رقم: 2110)، وفي كتاب: الديات، باب: ما جاء في المرأة هل ترث من دية زوجها (4/ 19) (رقم: 1415). وابن ماجه في السنن كتاب: الديات، باب: الميراث من الدية (2/ 883) (رقم: 2642). وأحمد في المسند (3/ 452)، وابن أبي شيبة في المسند، وفي المصنف (5/ 416) =

وقال أبو داود في التفرد: "هو محمولٌ على الاتِّصَالِ" (¬1). وجاء عن سعيد بن المسيّب أنَّه قال: "وُلدتُ لسنتَيْن مَضَتَا مِن خِلافةِ عمرَ، وكانت خلافتُه رضي الله عنه عشرَ سِنِين وستةَ أشهر" (¬2). وروى شعبةُ، عن إِيَاس بنِ مُعاوية قال: قال لي سعيدُ بن المسيب: "إنِّي لأذكرُ يومَ نعَى عمرُ بنُ الخطاب النُّعمانَ بنَ مُقَرِّن على المِنبر"، ذكره ابنُ أبي خيثمة (¬3). ¬

_ = (رقم: 27550)، وابن الجاررد في المنتقى (3/ 229) (رقم: 966)، والبيهقي في السنن الكبرى (8/ 57، 134)، وفي معرفة السنن والآثار (6/ 274) (رقم: 4992)، والطبراني في المعجم الكبير (8/ 300) (رقم: 8142) من طرق عن سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب: "أنَّ عمر. . .". وقال الترمذي في الموضعين كليهما: "حسن صحيح". وتابع سفان على ذكر سعيد: - معمرُ بنُ راشد عند عبد الرزاق في المصنف (9/ 397) (رقم: 17764)، ومن طريقه أحمد في المسند (3/ 452)، والطبراني في المعجم الكبير (8/ 299) (رقم: 7139). - وابن جريج عند عبد الرزاق في المصنف (9/ 398) (رقم: 17765). - ويحيى بن سعيد الأنصاري عند النسائي في السنن الكبرى (4/ 79) (رقم: 6365)، وابن أبي شيبة في المصنف (5/ 416) (رقم: 27551)، والطبراني في المعجم الكبير (8/ 300) (رقم: 4081)، وأبي نعيم في معرفة الصحابة. - وسفيان بن حسين عند الطبراني في المعجم الكبير (8/ 300) (رقم: 8141). - وهُشيم بن بشير عند ابن عبد البر في التمهيد (12/ 119). (¬1) أي حديث ابن المسيب عن عمر، وسيأتي ذكر الخلاف في ذلك. (¬2) طبقات ابن سعد (5/ 90)، ووقع فيه: "وكانت خلافته عشر سنين وأربعة أشهر"، تاريخ ابن أبي خيثمة. (¬3) تاريخ ابن أبي خيثمة قال: حدثنا أحمد بن حنبل قال: نا محمد بن جعفر قال: نا شعبة به. وذكره البخاري في التاريخ الكبير (4/ 510).

وجاء عنه أنَّه سَمِع عمرَ يقول إذْ رَأَى البيتَ: "اللهم أنتَ السَّلام. . ."، انظره في مسند عمر (¬1). ¬

_ (¬1) سيأتي ذكره (2/ 281). والأثر أخرجه ابن سعد في الطبقات (5/ 90)، وابن معين في التاريخ (3/ 211 - رواية الدوري)، وأحمد في العلل (1/ 199 - رواية عبد الله-)، وفي سؤالات أبي داود له (ص: 162) (رقم: 6)، والبيهقي في السنن الكبرى (5/ 73) عن ابن عيينة عن إبراهيم بن طريف، عن حميد بن يعقوب، عن سعيد به. وفي إسناده نظر؛ إبراهيم بن طريف اليمامي ذكره البخاري في التاريخ الكبير (1/ 294)، وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (2/ 108) ولم يذكرا فيه شيئًا. وقال الدوري: "قلت ليحيى: مَن إبراهيم بن طريف هذا؟ فقال: يمامي. فقلت من حميد بن يعقوب هذا؟ قال: روى عنه يحيى بن سعيد الأنصاري". التاريخ (3/ 211) (رقم: 978). وحميد بن يعقوب بن يسار المدني قال فيه محمد بن إسحاق: (ثقة). انظر: التاريخ الكبير (2/ 351)، الجرح والتعديل (3/ 231). وقال إسحاق بن منصور: "قلت ليحيى بن معين: حميد بن يعقوب؟ فلم يعرفه". الجرح والتعديل (3/ 231). وذكره ابن حبان في الثقات (6/ 189). وروى هذا الأثر ابن أبي شيبة في المصنف (3/ 437) (رقم: 15757) قال: نا وكيع كما العمري عن محمد بن سعيد عن أبيه: "أن عمر لما دخل البيت قال. . .". فلم يذكر أنه سمع منه كلمة: "لم يبق أحد سمعها غيره". وهذا الإسناد أيضا ضعيف فيه العمري وهو عبد الله بن عمر بن حفص العمري قال عنه الحافظ: "ضعيف". التقريب (رقم: 3489). وانظر: تهذيب الكمال (15/ 327). ثم وجدت له متابعًا قال الزيلعى: (قال في الإمام -يعني ابن دقيق-: رأيت في كتاب ابن المغلس قال: وذكر هشيم عن يحيى بن سعيد عن محمد بن سعيد بن المسيب عن أبيه أن عمر بن الخطاب ... وذكره". قلت: ومحمد بن سعيد بن المسيب لم يوثقه سوى ابن حبان في الثقات (7/ 42). وقال الحافظ: "مقبول". التقريب (رقم: 5913). فلا يجزم بسماع سعيد من عمر بهذا الأثر الضعيف المختلف في متنه. لكن قال الحافظ ابن حجر: "ووقع لي حديث إسناد صحيح لا مطعن فيه، فيه تصريح سعيد بسماعه من عمر. . . ثم ساق بإسناده إلى مسدد في مسنده قال: عن ابن أبي عدي ثنا داود وهو ابن أبي هند عن سعيد بن المسيب قال: سمعت عمر بن الخطاب على هذا المنبر يقول: عسى أن =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = يكون بعدي أقوام يكذّبون بالرجم يقولون لا نجده في كتاب الله، لولا أن أزيد في كتاب الله ما ليس فيه لكتبت، إنه حق قد رجم - صلى الله عليه وسلم - ورجم أبو بكر ورجمت. هذا الإسناد على شرط مسلم". تهذيب التهذيب (4/ 77). فهذه الآثار التي ساقها المصنف فيها سماع ابن المسيب من عمر، وقد اختلف العلماء في ذلك بين منكر ومثبت، فمن أنكر سماعه نظر إلى سنّه يوم توفي عمر رضي الله عنه، ومن قال: إنه سمع نَظَرَ إلى ما ورد من آثار فيها التصريح بسماعه منه. المذهب الأول: فمن المنكرين: الإمام مالك حيث قال: "لم يسمع سعيد بن المسيب من عمر بن الخطاب شيئًا قط". معرفة الرجال لابن محرز (1/ 128). وقال ابن وهب: "سمعت مالكًا وسئل عن سعبد بن المسيب، قيل: أدرك عمر؟ قال: لا، ولكنه وُلد في زمان عمر، فلما كبر أكبّ على المسألة عن شأنه وأمره حتى كأنه رآه". تهذيب الكمال (11/ 74). وقال الواقدي: "يروى أنه سمع من عمر، ولم أر أهل العلم يصححون ذلك وإن كانوا رووه". طبقات ابن سعد (5/ 90). وقال الدوري: سمعت يحيى يقول: "سعيد بن المسيب قد رأى عمر وكان صغيرًا. قلت ليحيى: هو يقول: وُلدت لسنتين مضتا من خلافة عمر. فقال يحيى: ابن ثمان سنين يحفظ شيئا؟ ! ". التاريخ (3/ 191) (رقم: 858). وقال الدوري أيضًا: "سمعت يحيى يقول في حديث سعيد بن المسيب رأى عمر بن الخطاب فلم يُثبت له سماعًا. فقلت: أليس يُروى عنه أنه قال: وُلدت لسنتين مضتا من خلافة عمر؟ فقال: ليس هذا بشيء، ولم يُثبت له سماعًا". التاريخ (3/ 216). وقال الدارمي: "سألته سمع ابن المسيب من عمر؟ قال: يقولون لا". التاريخ (ص: 117). وقال ابن محرز: "سمعت يحيى بن معين وقيل له: سعيد بن المسيب رأى عمر؟ قال: لا". معرفة الرجال (1/ 128). وقال إسحاق بن منصور: "قلت ليحيى بن سعيد: يصح لسعيد بن المسيب سماع من عمر؟ قال: لا". تحفة التحصيل. وقال أبو حاتم: "سعيد بن المسيب عن عمر مرسل يدخل في المسند على المجاز. المراسيل (ص: 64). ونسب العلائي هذا القول في جامع التحصيل (ص: 64) ليحيى القطان، والصحيح أنّه من قول أبي حاتم كما حكاه عنه ابن حجر في تهذيب التهذيب (4/ 77) وولي الدين العراقي في تحفة التحصيل. وقال ابن حزم: "لم يسمع سعيد من عمر شيئا إلا نعيه النعمان بن مقرن". المحلى (8/ 196). وقال المنذري: "لم يصح سماعه من عمر". مختصر سنن أبي داود (7/ 209). =

ولم يُخَرِّج البخاريُّ ولا مسلمٌ للضَّحاكِ بنِ سفيان شيئًا، وألْزَمَهما الدارقطنيُّ إخراجَ هذا الحديث لصِحَّتِه (¬1). ¬

_ = وقال الذهبي: (رأى عمر). السير (4/ 218). المذهب الثاني: - وممن أثبت له سماعًا الإمام أحمد، قال أبو طالب: "قلت لأحمد بن حنبل: سعيد بن المسيب؟ قال: ومن كان مثل سعيد بن المسيب؟ ثقة من أهل الخير. قلت: سعيد عن عمر حجة؟ قال: هو عندنا حجة، قد رأى عمر وسمع منه، إذا لم يقبل سعيد عن عمر فمن يقبل؟ ! ". الجرح والتعديل (4/ 61). وقال ابن عبد البر: "كان علي بن المديني يصحح سماعه من عمر". التمهيد (23/ 94). وأخرج البخاري في صحيحه حديث سعيد عن عمر كما في الحديث (رقم: 4454). وقال أبو داود في التفرد: "هو محمول على الاتصال"، كما حكاه المصنف عنه. وقال الحاكم: "فأما سماع سعيد من عمر فمختلف فيه، وأكثر أئمتنا على أنه قد سمع منه، وهذه ترجمة معروفة في المسانيد". المستدرك (1/ 126). وصرح في معرفة العلوم (ص: 25) بإدراك سعيد لعمر وسماعه منه. وقال النووي: "قد رأى عمر وسمع منه". تهذيب الأسماء (1/ 219). هذه بعض أقوال من أنكر ومن أثبت لسعيد سماعا من عمر، والذي يظهر والله أعلم بالصواب أن سعيدا أدرك عمر ورآه وسمع منه بعض الشيء لثبوت ذلك عنه بالأسانيد الصحيحة وإن كان لم يسمع كل ما رواه عنه إلا أنه كان يتتبّع أقضية عمر وأحكامه وكان يسمى لذلك راوية عمر كما جاء ذلك عن الإمام مالك ويحيى بن سعيد الأنصاري. انظر: المعرفة والتاريخ (1/ 470)، وطبقات ابن سعد (5/ 90، 91). فهذا ما جعل الأئمة يقبلون أحاديث سعيد عن عمر وحملوها على الاتصال كما قال أبو داود وأبو حاتم. وهذا ما رجّحه ابن رجب الحنبلي فقال بعد ذكر كلام أحمد السابق: (ومراده -أي الإمام أحمد- أنه سمع منه شيئا يسيرًا، لم يُرد أنه سمع منه كل ما روى عنه، فإنه كثير الرواية عنه، ولم يسمع ذلك كله منه قطعًا". شرح العلل (1/ 552). فالحاصل من هذا كله أن حديث مالك في الموطأ يتصل من طريق ابن عيينة وغيره عن الزهري عن سعيد عن عمر، والله تعالى أعلم. (¬1) الإلزامات (ص: 147). ولا يلزمهما ذلك للاختلاف السابق في سماع ابن المسيب من عمر، والله أعلم.

وأما قولُ ابنِ شهاب فيه: "كان قتلَ أَشْيَم خطأ"، فمرسل (¬1). ورواه عبد الله بنُ أبان، عن ابن المبارك، عن مالك، عن الزهري، عن أنس بن مالك (¬2). قال الدارقطني: "ووهم في ذلك (¬3)، وغيرُه يُرسِلُه عن ابنِ المبارك كسائرِ أصحابِ مالكٍ، وهو الصواب" (¬4). وأَشْيَم بالياء المعجمة باثنتين من تحتها (¬5)، ومن الرواة من صَحَّفَه (¬6). ¬

_ (¬1) الموطأ (2/ 660) (رقم: 90)، وسيأتي في مرسل الزهري (5/ 344). (¬2) أخرجه الطبراني في المعجم الكبر (8/ 300) (رقم: 8143)، وابن عبد البر في التمهيد (12/ 118). وقال: "وهو غريب من حديث مالك جدًّا". وقال ابن حجر: "أخرجه أبو يعلى من طريق مالك عن الزهري عن أنس". الإصابة (1/ 90). ولم أجده في المطبوع من مسند أبى يعلى، ولعله في المسند الكبير والله أعلم. (¬3) أي عبد الله بن عمر بن عمد بن أبان وهو: صدوق كما في الميزان (1/ 180) والتقريب (رقم: 3493). (¬4) لم أقف على كلام الدارقطني، وذكر الحافظ في الإصابة (1/ 90) عن الدارقطني في غرائب مالك أنه قال: (وهو المحفوظ)، أي حديث الموطأ. قلت: وخالف عبدَ الله بنَ عمد بن أبان من أصحاب ابن المبارك: حبان بن موسى، ذكره ابن عبد البر في التمهيد (12/ 119). وحبان ثقة كما في الكاشف (1/ 144)، والتقريب (رقم: 1077). وقال الذهبي في السير (11/ 10): "حدّث عن ابن المبارك وكان مليّا به". فهذا مما يرجح روايته على رواية عبد الله بن أبان، والله أعلم. (¬5) أشْيَم: بفتح الهمزة والياء المعجمة باثنتين بينها شين معجمة ساكنة. انظر: تكملة الإكمال (1/ 142) (رقم: 77). والضَّبَابي بكسر المعجمة بعدها موحدة وبعد الألف أخرى، وهو صحابي مات في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم -. انظر: الاستيعاب (1/ 138)، الإصابة (1/ 90). (¬6) لم أقف على وجه التصحيف، ولا على من صحّفه.

باب: العين

باب: العين اثنان وعشرون رجلًا 29/ مسند الفَاروق عُمر بن الخطَّاب القرشيِّ العَدَويِّ ثلاثة عشر حديثًا، وله أحاديث في الزيادات (¬1). 88/ حديث: "إنَّ هذينِ يومان نَهَى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عن صِيامِهِما". يعني الفِطر والأضحى. في الصلاة، الثاني. عن ابن شهاب، عن أبي عُبيد مولى ابنِ أَزْهَر قال: "شَهِدتُ العيدَ مع عُمر بن الخطاب. . ."، فذكره (¬2). وفيه: عنه وعن عثمان وعلي أنَّهم قَدَّموا الصلاةَ على الخُطبة، وبه تَرْجَم. ¬

_ (¬1) انظر: (4/ 398). (¬2) الموطأ كتاب: العيدين، باب: الأمر بالصلاة قبل الخطبة في العيدين (1/ 161) (رقم: 5). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الصوم، باب: صوم يوم الفطر (2/ 614) (رقم: 1990) من طريق عبد الله بن يوسف. ومسلم في صحيحه كتاب: الصوم، باب: النهى عن صوم يوم الفطر ويوم الأضحى (2/ 799) (رقم: 1137) من طريق يحيى النيسابوري. وأحمد في المسند (1/ 40) من طريق ابن مهدي، ثلاثتهم عن مالك به.

لم يُسنِد مالكٌ في هذا الحديث عن عليٍّ شيئًا (¬1)، وأسْنَدَ فيه يونس وغيرُه، عن الزهري، عن أبي عُبيد، عن عليٍّ النَّهيَ عن أَكْلِ لُحومِ النُّسُكِ بعد ثلاث، خَرَّجه مسلمٌ في الضحايا (¬2). وأبو عُبيد اسمُه: سَعد بن عُبيد (¬3)، وقيل فيه عن مالك وغيرِه: مولى عبد الرحمن بن عَوف (¬4). ¬

_ (¬1) وأسند عن عمر قوله: "إنَّ هذين يومان. .". وعن عثمان قوله: "وإنه قد اجتمع لكم في يومكم هذا عيدان فمن أحب من أهل العالية أن ينتظر الصلاة فلينتظرها، ومن أحبَّ أن يرجع فقد أذنت له". ثم قال أبو عبيد: "ثم شهدت العيد مع علي بن أبي طالب -وعثمان محصور- فجاء فصلى ثم انصرف فخطب". لفظ الموطأ. (¬2) أخرجه مسلم في صحيحه كتاب: الضحايا (3/ 1560) (رقم: 1969) من طريق يونس وسفيان وابن أخي ابن شهاب وصالح بن كيسان ومعمر كلهم عن الزهري عن أبي عبيد عن علي به. وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الأضاحي، باب: ما يؤكل من لحوم الأضاحي. (6/ 597) (رقم: 5773) من طريق يونس ومعمر به. (¬3) تاريخ ابن أبي خيثمة. (¬4) في رواية محمد بن الحسن (ص: 88) (رقم: 232): "مولى عبد الرحمن". وقال ابن عبد البر: "قال فيه جويرية عن مالك عن ابن شهاب عن أبي عبيد مولى عبد الرحمن بن عوف. وحكاه أيضا عن سعيد الزبيري (كذا، والصواب الزنبري) ومكي بن إبراهيم عن مالك به). التمهيد (10/ 236). ورواه عبد الرزاق في المصنف (3/ 278) (رقم: 5629) عن معمر عن الزهري عن أبي سعيد (كذا في المطبوع، والصحيح أبي عبيد) مولى عبد الرحمن بن عوف. ورواه الطحاوي في شرح المعاني (2/ 247) من طريق عبيد الله بن موسى عن إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع وسفيان بن عيينة عن الزهري عن أبي عبيد مولى عبد الرحمن بن عوف. وقال الزبير بن أبي بكر (كذا ولعله: بكار): "أبو عبيد الذي يقال له مولى ابن أزهر إنما هو مولى عبد الرحمن بن عوف". تاريخ ابن أبي خيثمة.

وقال البخاري في الصحيح: "قال ابن عيينة: مَن قال: مَولى ابنِ أَزْهَر فقد أَصَاب، ومَن قال: مولى عبد الرحمن بن عَوف فقد أصاب" (¬1). وقال في التاريخ: "سَعْد بن عُبيد أبو عُبيد مولى عبد الرحمن بن أزهر، وهو يُنسب إلى عبد الرحمن بن عَوف أيضًا، لأنَهما ابنا عَمٍّ" (¬2). 89/ حديث: "سمعتُ هشامَ بن حَكيم بن حِزام يقرأ سورةَ الفُرقان على غيرِ ما أَقرؤُها. . .". فيه قولُه لهما معًا: "هكذا أُنزِلتْ"، وقولُه: "إنَّ هذا القرآن أُنزِلَ على سَبْعَةِ أَحْرُفٍ فاقْرؤوا ما تَيَسَّرَ منه". في الصلاة، عند آخره. عن ابن شهاب، عن عروة بن الزُّبير، عن عبد الرحمن بن عَبْدٍ (¬3) ¬

_ (¬1) صحيح البخاري (2/ 614) (رقم: 1990). (¬2) التاريخ الكبير (4/ 60). وكذا قال ابن عبد البر في التمهيد (10/ 236). وقال ابن سعد: "قال الزهري مرة: عبد الرحمن بن أزهر، وقال مرة أخرى: عبد الرحمن بن عوف، وكذلك قال غيره". الطبقات (5 ل/ 63). وقال الواقدي: "ينسب ولاؤه إلى عبد الرحمن بن أزهر وأحيانا ينسب إلى عبد الرحمن بن عوف". التمهيد (10/ 236). قال الترمذي: "وأبو عبيد اسمه سعد، وهو مولى عبد الرحمن بن أزهر، ويُقال: مولى عبد الرحمن بن عوف، وعبد الرحمن بن أزهر هو ابن عم عبد الرحمن بن عوف". السنن (5/ 433). وقال ابن خزيمة: "أبو عبيد هذا اختلف الرواة في ذكر ولائه، فقال بعض الرواة مولى عبد الرحمن بن عوف، ومثل هذا لا يكون عندي متضاد، قد يجوز أن يكون ابن أزهر وعبد الرحمن بن عوف اشتركا في عتقه فقال بعضهم: مولى عبد الرحمن بن عوف، وقال بعضهم: مولى ابن أزهر؛ لأن ولاءه لمعتقيه جميعًا". الصحيح (4/ 313). ونقل الحافظ توجيهات أخرى في نفي التضاد عن نسبته وولائه. انظر: الفتح (4/ 282). (¬3) عبدٍ: بالتنوين غير مضاف إلى شيء. الفتح (8/ 640).

القارِيِّ، [عن] (¬1) عُمر (¬2). قال الشيخ رضي الله عنه: القارِيُّ هذا بتشديد ياءِ النَّسب مِن غيرِ هَمْزٍ (¬3)، منسوبٌ إلى القَارَة وهم بَنُو الهُونِ بن خُزَيْمَة (¬4). وقال الواقدي في عبد الرحمن هذا: "هو صحابي" (¬5). وقال ابن عبد البر: "وُلد على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، وليس له منه سَماعٌ، ولا رواية" (¬6). ¬

_ (¬1) ساقطة من الأصل، والصواب إثباتها. (¬2) الموطأ كتاب: القرآن، باب: ما جاء في القرآن (1/ 178) (رقم: 5). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الخصومات، باب: كلام الخصوم بعضهم في بعض (3/ 127) (رقم: 2419) من طريق عبد الله بن يوسف. ومسلم في صحيحه كتاب: صلاة المسافرين، باب: بيان أن القرآن نزل على سبعة أحرف (1/ 560) (رقم: 818) من طريق يحيى النيسابوري. وأبو داود في السنن كتاب: الصلاة، باب: (أنزل القرآن على سبعة أحرف) (2/ 158) (رقم: 1475) من طريق القعنبي. والنسائي في السنن كتاب: الصلاة، باب: جامع ما جاء في القرآن (2/ 150) من طريق ابن القاسم. وأحمد في المسند (1/ 40) من طريق ابن مهدي، خمستهم عن مالك به. (¬3) وهو بقاف وراء مهملة مكسورة. انظر: الأنساب (4/ 425) توضيح المشتبه (7/ 17)، الفتح (8/ 640). (¬4) قال ابن سعد: "إنما سُمُّوا القارة؛ لأنَّ يَعمر الشدّاخ بن عوف الليثي أراد أن يفرّقهم في بطون بني كنانة فقال رجل منهم: دعونا قارة لا تُنْفرونا ... فنُجفِل مثل إجفال الظليم. فسُمّوا قارة". الطبقات (5/ 42)، الأنساب (4/ 425 وانظر: طبقات خليفة (ص: 236). (¬5) الاستيعاب (2/ 839). وقال ابن حجر: "واختلف فيه قول الواقدي، فقال مرة: له صحبة. وقال مرة: كان من جلة تابعي أهل المدينة". الإصابة (5/ 43). (¬6) الاستيعاب (2/ 839). =

90/ حديث: "حَمَلتُ على فَرَسٍ عَتِيقٍ في سبيل الله. . .". فيه: "لا تَشْتَرِه وإنْ أعطاكَه بدِرْهَمٍ واحدٍ، فإنَّ العائدَ في صدَقَتِه كالكَلبِ يعودُ في قَيْئِه". في الزكاة، عند آخره. زعن زيد بن أسلم، عن أبيه (¬1)، عن عمر (¬2). ذَكَر البزار أنَّ جماعةً رووه عن زيد بنِ أسلم، عن أبيه، ولم يَذكُر أَحَدٌ منهم المَثَلَ غيرُ مالك (¬3). ¬

_ = وقال أبو داود: "أُتي به النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو صغير". تهذيب الكمال (17/ 264). وقال الحافظ: "وقد ذُكر في الصحابة لكونه أُتي به النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو صغير، أخرج البغوي ذلك في مسند الصحابة بإسناد لا بأس به". الفتح (8/ 640)، وانظر: الإصابة (5/ 20، 43). وذكره خليفة، وابن سعد، ومسلم في الطبقة الأولى من تابعي أهل المدينة، وقال العجلي: "تابعي ثقة". انظر: الطبقات (ص: 236)، الطبقات الكبرى (4215)، الطبقات لمسلم (1/ 229)، تاريخ الثقات (ص: 295). والذي يظهر أنه وُلد على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأتي به وهو صغير؛ فلذا يُعدّ من صغار الصحابة، والله أعلم. (¬1) هو أسلم العدوي مولى عمر بن الخطاب رضي الله عنه. (¬2) الموطأ كتاب: الزكاة، باب: اشتراء الصدقة والعود فيها (1/ 235) (رقم: 49). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الزكاة، باب: هل يشتري صدقته؟ (2/ 461) (رقم: 1490) من طريق عبد الله بن يوسف، وفي الهبة، باب: لا يحل لأحد أن يرجع في هبته وصدقته (3/ 198) (رقم: 2623) من طريق يحيى بن قزعة، وفي الجهاد، باب: إذا حمل على فرس فرآها تباع (4/ 341) (رقم: 3003) من طريق إسماعيل بن أبي أويس. ومسلم في صحيحه كتاب: الهبات، باب: كراهة اشتراء الإنسان ما تصدق به ممن تصدق عليه (3/ 1239) (رقم: 1620) من طريق القعنبي وابن مهدي. والنسائي في السنن كتاب: الزكاة، باب: شراء الصدقة (5/ 108) من طريق ابن القاسم. وأحمد في المسند (1/ 40) من طريق ابن مهدي، ستتهم عن مالك به. (¬3) المسند (1/ 390، 391) (رقم: 266).

وليس كما قال البزار، قد تابَع مالكًا في ذلك خارجةُ بنُ فصعَب، خَرَّجه الطيالسيُّ (¬1). وانظر حديث نافع، عن ابنِ عمر (¬2). 91 / حديث: "أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كان يَسير في بعضِ أسفارِه وعمرُ بنُ الخطاب يسير معه ليلًا، فسألَه عمر عن شيءٍ فلَم يُجِبْه. . .". فيه: "لقد أُنزِلَت عليَّ هذه الليلةَ سورةٌ لَهِيَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا طَلَعَتْ عليه الشَّمسُ، ثمَّ قَرَأَ: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} (¬3) ". في الصلاة عند آخره. عن زيد، عن أبيه، ذَكَرَه (¬4). ¬

_ (¬1) المسند (ص: 10، 20). وخارجة بن مصعب بن خارجة الضبعي أبو الحجاج السَرخسي، قال عنه الذهبي: (واه). وقال ابن حجر: "متروك وكان يدلِّس عن الكذابين، ويقال: إنَّ ابنَ معين كذّبه". انظر: تهذيب الكمال (8/ 16)، تهذيب التهذيب (3/ 67)، الكاشف (1/ 201)، التقريب (رقم: 1612). قلت: لكن تابع مالكًا أيضًا على ذِكر المَثل: - روحُ بنُ القاسم عند مسلم في صحيحه (3/ 1239) (رقم: 1620). - وهشام بن سعد عند أحمد في المسند (1/ 45)، وابن أبي خيثمة في التاريخ. (¬2) سيأتي حديثه (2/ 383). (¬3) سورة: الفتح، الآية: (1). (¬4) الموطأ كتاب: القرآن، باب: ما جاء في القرآن (1/ 180) (رقم: 9). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: المغازي، باب: غزوة الحديبية (5/ 80) (رقم: 4177) من طريق عبد الله بن يوسف، وفي التفسير، باب: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} (6/ 346) (رقم: 4833) من طريق القعنبي، وفي فضائل القرآن، باب: فضل سورة الفتح (6/ 422) (رقم: 5012) من طريق إسماعيل بن أبي أويس، ثلاثتهم عن مالك به.

ولم يُسنِدْه إلى عُمر، ويَتَّصِلُ عن عمرَ لقولِه فيه: قال عُمر: "فَحَرَّكْتُ بَعِيرِي. . ."، إلى آخرِه (¬1). وأَوْضَحَ إسنادَه محمدُ بنُ خالد بن عَثمَة وعبدُ الرحمن بنُ غزوان قالا فيه خارِجَ الموطأ: عن مالك، عن زيد، عن أبيه: سمعتُ عمرَ بن الخطاب يقول، خرّجه البزار عنهما كذلك، وقال: "لا نَعلم حَدَّث به عن زيد بنِ أسلم غيرُ مالك، ولا رواه عن مالك يعني مسندًا إلَّا محمد بن خالد بن عثمة وعبد الرحمن بن غزوان" (¬2). وسَمَّى الدارقطني جماعةً سواهما أَسندوه عن مالك (¬3). ¬

_ (¬1) قال الحافظ: "هذا السياق صورته الإرسال؛ لأنَّ أسلمَ لم يدرك زمانَ هذه القصة، لكنَّه محمول على أنَّه سمعه من عمر بدليل قوله في أثنائه: قال عمر: فحرّكت بعيري. . . إلخ، وإلى ذلك أشار القابسي) الفتح (8/ 447). (¬2) المسند (1/ 388، 389) (رقم: 264، 265). وطريق محمد بن خالد بن عثمة أخرجه أيضا الترمذي في السنن كتاب: التفسير باب: ومن سورة الفتح (5/ 359) (رقم: 3262). وطريق أبي نوح عبد الرحمن بن غزوان، أخرجه النسائي في السنن الكبرى كتاب: التفسير (6/ 461) (رقم: 11499)، وأحمد في المسند (1/ 31). وأخرجه عنهما الدارقطني في غرائب مالك كما في الفتح (8/ 447). (¬3) قال الدارقطني: "يرويه عن مالك عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر متصلًا مسندًا: محمد بن خالد بن عثمة وأبو نوح عبد الرحمن بن غزوان وإسحاق بن إبراهيم الحنيني ويزيد بن أبي حكيم ومحمد بن حرب بن سليم المكي، هؤلاء كلهم أسندوه عن مالك، وأما أصحاب الموطأ فرووه عن مالك مرسلًا منهم معن والقعنبي والشافعي ويحيى بن بكير وغيرهم". العلل (2/ 146). وانظر: التتبع (ص: 391)، والفتح (8/ 447). قلت: ورواية محمد بن حرب أخرجها ابن عبد البر في التمهيد (3/ 264)، وقال: "وهكذا رواه مسندًا رَوح بن عبادة". ورواه أبو يعلى في مسنده (1/ 105) (رقم: 143) من طريق مصعب بن عبد الله الزبيري، عن مالك، عن زيد، عن أبيه: "أن عمر بن الخطاب كان يساير. . .".

وخرّجه البخاريُّ في الصحيح من طريق إسماعيل، عن مالك كما جاء في الموطأ (¬1)، وسماعُ أسْلَمَ من عُمرَ صحيحٌ (¬2). وجاء في هذا الحديث أنَّ عمر قال: "ثَكِلَتْكَ أمُّك عُمر، نَزَرْتَ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -". وقد رُوي أنه صاح: يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬3) إذ أخَّر العشاءَ، فقال إذ خرج: "ما كان لكم أن تَنْزُروُا رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -"، خرّجه مسلم في الصلاة (¬4). وقال الأصمعي: "نزَرَ فلانٌ فلانًا إذا أَلَحَّ عليه في أَمرٍ يَطلُبُه منه ونَكَّرَه" (¬5). 92/ حديث: "الذهب بالوَرِق رِبًا إلَّا هَاءَ وَهَاءَ. . .". وذَكَر البُرَّ، والتَمرَ، والشَّعير. في البيوع. ¬

_ (¬1) سبق تخريجه من طريق إسماعيل وابن يوسف والقعنبي عن مالك. (¬2) قال ابن عبد البر: "هذا الحديث عندنا على الاتصال، لأنَّ أسلم رواه عن عمر، وسماعُ أسلم من مولاه عمر رضي الله عنه صحيحٌ لا ريب فيه". التمهيد (3/ 263). (¬3) في الأصل: "صلى الله عليه". (¬4) صحيح مسلم كتاب: المساجد، باب: وقت العشاء وتأخيرها (1/ 441) (رقم: 638) وفيه: قال ابن شهاب وذُكر لي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "وما كان لكم أن تَنْزُروا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الصلاة، وذاكَ حين صاح عمر بن الخطاب". ومراد المصنف من إيراد هذا الحديث بيان ورود هذه اللفظة في كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - وشرح أثر عمر بها والله أعلم. وقال النووي: "هو بتاء مثناة من فوق مفتوحة ثم نون ساكنة ثم زاء مضمومة ثم راء، أي: تلحّوا عليه". شرح صحيح مسلم (5/ 137). (¬5) لم أقف على قول الأصمعي، وانظر: التعليق على الموطأ للوقّشي، مشارق الأنوار (2/ 9)، النهاية (5/ 40).

عن ابن شهاب، عن مالك بن أَوس بن الحَدَثَان النَصْرِي، عن عمر (¬1). وفيه قصة في المُصارَفَةِ والتَّأخير. وذَكَرَ في هذا الحديث خمسةَ أصنافٍ، ولم يَذكر المِلْحَ (¬2)، وشَرَط التأخيرَ في الكُلِّ (¬3)، ولَم يَذكُر المساواةَ، وهي مُعتبَرَةٌ في كلِّ صِنفٍ منها إذا بِيعَ بعضُه ببِعض (¬4). والمحفوظ عن الزهري في هذا الحديث: "الذَّهَب بالوَرِق"، كما قال مالك (¬5). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: البيوع، باب: ما جاء في الصرف (2/ 494) (رقم: 38). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: البيوع، باب: بيع الشعير بالشعير (3/ 42) (رقم: 2174) من طريق عبد الله بن يوسف. وأبو داود في السنن كتاب: البيوع، باب: في الصرف (3/ 343) (رقم: 3348) من طريق القعنبي. وأحمد في المسند (1/ 45) من طريق عثمان بن عمر وأبي عامر العقدي، أربعتهم عن مالك به. (¬2) ذكر: الذهب والورِق والتمر والبر والشعير. (¬3) أي شرط التقابض في الصرف في المجلس، وذلك من قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إلا هاءَ وهاءَ". وقول عمر رضى الله عنه في هذا الحديث: "والله لا تفارقه حتى تأخذ منه". وهاءَ وهاءَ: بالمدِّ فيهما وفتح الهمزة، وقيل غير ذلك. قال ابن الأثير: "هو أن يقول كل واحد من البيّعين هاءَ فيعطيه ما في يده كحديثه الآخر: "إلَّا يدا بيد"، يعني مقابضة في المجلس. وقيل معناه: هاك وهاتِ أي خذ وأعط". انظر: النهاية (5/ 237)، شرح النووي (11/ 12)، فتح الباري (4/ 442). (¬4) وذلك لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح مثلا بمثل سواء بسواء يدا بيد". أخرجه مسلم في صحيحه كتاب: المساقاة، باب: الربا (3/ 1210، 1211) (رقم: 1587) عن عبادة بن الصامت. (¬5) تنبيه: تقدّم أنّ البخاري أخرجه من طريق مالك، ووقع في النسخة المطبوعة من صحيح البخاري، وكذا في المطبوعة مع الفتح (4/ 442)، (الذهب بالذهب) وهو خطأ، وجاء على الصواب في نسخة ابن سعادة من صحيح البخاري (الذهب بالورق)، وهي أصح النسخ التي اعتمدها أهل المغرب، وكذا جاء على الصواب عند ابن حجر في شرحه، وسيأتي زيادة بيان لهذا اللفظ.

وخَرَّجه ابن أبي شَيبة عن ابنِ عيينة، عنه ثمَّ قال في آخرِه: "شهادتي على ابنِ عيينة أنَّه قال: "الذَّهَب بالوَرِق"، ولَم يَقُل الذَّهَب بالذَّهَب" (¬1). قال الشيخ أبو العبّاس رضي الله عنه: وهذا هو الصحيحُ في هذا الحديثِ؛ لأنَّ عمرَ إنَّما أنكَرَ التَّأخيرَ في بيع الذَّهب بالوَرِق، وإذا لَم يَجُزِ التَّفاضلُ في الصِّنفِ الواحِدِ من هذه الأشياءِ، فبَيْعُ بَعضِها ببَعض مُتساويًا يدًا بيدٍ راجعٌ إلى مَعنى البَدَلِ، وإنَّما التَّأخيرُ مع المساواةِ، فإن قَصَدَ به البيعَ لم يَجُز، وإن كان على وَجْه القَرْضِ جاز. وانظر حديثَ أبي سعيد (¬2). والنَّصْرِي: بالنون والصَّاد المهملة، مَنسوبٌ إلى نَصْر بنِ معاوية (¬3). ¬

_ (¬1) الحديث في المصنف لابن أبي شيبة (4/ 496) (رقم: 22483) وليس فيه قول أبي بكر: "شهادتي. . .". والمصنِّف يعتمد على مسند أبي بكر. وأخرجه ابن عبد البر في التمهيد (283/ 6) من طريق قاسم عن ابن وضاح قال: قال لنا أبو بكر بن أبي شيبة. . . فذكره، وابن وضاح راوي مسند ابن أبي شيبة. وأخرجه ابن ماجه في السنن كتاب: التجارات، باب: صرف الذهب بالورق (2/ 759) (رقم: 2259) وفيه: قال أبو بكر بن أبي شيبة: "سمعت سفيان يقول: الذهب بالورق، احفظوا". وكذا رواها عامة أصحاب ابن عيينة عنه، وخالفهم أبو نعيم الفضل بن دكين، فرواه عنه بلفظ: (الذهب بالذهب)، ذكره ابن عبد البر في التمهيد (6/ 283). ورواه محمد بن إسحاق عن الزهري بلفظ: (الذهب بالذهب)، أخرجه الدارمي في السنن كتاب: البيوع باب: النهي عن الصرف (2/ 235) (رقم: 2578). قال ابن عبد البر: "هكذا قال مالك ومعمر والليث وابن عيينة في هذا الحديث عن الزهري (الذهب بالورق)، ولم يقولوا الذهب بالذهب والورق بالورق، وهؤلاء هم الحجة الثابتة في ابن شهاب على كل من خالفهم. . . ورواية أبي نعيم لهذا الحديث عن ابن عيينة في الذهب بالذهب مثل رواية ابن إسحاق، ولم يقله أحد عن ابن عيينة غير أبي نعيم، والله أعلم". التمهيد (6/ 283، 284). (¬2) سيأتي حديثه (3/ 248). (¬3) وهو نصر بن معاوية بن بكر بن هوازن بن مالك بن عوف. انظر: الإكمال (1/ 390، المؤتلف والمختلف للدارقطني (1/ 277)، الأنساب المتفقة (ص: 191)، الأنساب (5/ 494)، توضيح المشتبه (1/ 447)، (9/ 87).

93/ حديث: "الرَّجْم في كتاب الله تعالى حَقٌّ على من زَنَى إذا أَحْصَن". مختصر. عن ابن شهاب، عن عُبيد الله بن عبد الله بن عُتبة، عن ابن عباس، عن عمر (¬1). معناه الرَّفع وإنْ لم تُنَصَّ التلاوةُ، وسائرُ قولِه فيه بيان، وهو طَرَف من حديث السَّقيفةِ في بَيْعَة أبي بَكر. رُوي عن مالك خارِجَ الموطأ بهذا الإسناد وفيه ما يُبيِّن رَفعَه، وأنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - رَجَم، أي أَمَر بالرَّجم (¬2)، خُرِّج في الصحيح من طرق (¬3). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الحدود، باب: ما جاء في الرجم (2/ 628) (رقم: 8). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: المظالم، باب: ما جاء في السقيفة (3/ 143) (رقم: 2462)، وفي مناقب الأنصار، باب: مقدم النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه المدينة (4/ 648) (رقم: 3928) من طريق ابن وهب مختصرا ولم يذكر قصة الرجم. والنسائي في السنن الكبرى كتاب: الرجم، باب: تثبيت الرجم (4/ 273) (رقم: 7157، 7158) من طريق بشر بن عمر، وابن وهب. وأحمد في المسند (1/ 40، 55) من طريق ابن مهدي، وإسحاق الطباع. والدارمي في السنن كتاب: الحدود، باب: في حد المحصنين بالزنا (2/ 234) (رقم: 2322) من طريق خالد، خمستهم عن مالك به. (¬2) انظر: المواضع السابقة من السنن الكبرى للنسائي، ومسند أحمد، وسنن الدارمي. (¬3) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: المحاربين، باب: الاعتراف بالزنا (8/ 340) (رقم: 6829) عن سفيان. وفي باب: رجم الحبلى من الزنا إذا أحصنت (رقم: 6830) عن صالح بن كيسان. وفي الاعتصام باب: ما ذَكر النبي - صلى الله عليه وسلم - وحضَّ على اتفاق أهل العلم (8/ 504) (رقم: 7323) عن معمر. ومسلم في صحيحه كتاب: الحدود، باب: رجم الثيب في الزنا (3/ 1317) (رقم: 1691) عن سفيان ويونس كلهم عن الزهري به.

وقال فيه سَعد بن إبراهيم، عن عُبيد الله، عن ابن عباس، عن عبد الرحمن بن عَوف، عن عمر، زاد فيه: ابنَ عوف (¬1). قال الدارقطني: "وهو صحيح من حديث شعبةَ، عن سعد" (¬2). قال الشيخ أبو العبّاس رضي الله عنه: والأصَحُّ أنَّ ابنَ عَوف أَخْبَرَ ابنَ عباسٍ بكلامٍ بَلَغَ عمرَ في شأن البَيعة، ثم إنَّ عمرَ خَطبَ فذَكَر في خُطبَتِه الرَّجمَ، وِشاهَدَ ابنُ عباس الخُطبَةَ وسَمِع قولَ عُمر، وهذا مَشروحٌ في حديث البَيعة، خرَّجه البخاريُّ مُطَوَّلًا في كتاب المُحارِبِين من جامِعِه (¬3). 94/ حديث: "إيَّاكم أن تَهْلِكُوا عن آيةِ الرَّجم. . ."، فيه: "فقد رَجَمَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ورَجَمْنَا، والَّذي نَفسي بِيَدِه لولا أن يَقول النَّاسُ: زادَ عُمرُ في كتاب الله لَكَتَبْتُها، (الشَّيخُ والشَّيخَةُ فارْجُمُوهُما أَلْبَتَةَ) فإنَّا قَد قَرَأْنَاها". في آخر الرجم. عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيّب قال: "لما صَدَرَ عمرُ بن الخطاب من مِنَى أناخَ بالأَبْطَح (¬4). . ." (¬5). ¬

_ (¬1) أخرجه النسائي في الكبرى كتاب: الرجم، باب: تثبيت الرجم (4/ 272، 273) (رقم: 7151 - 7155). وأحمد في المسند (1/ 50) من طرق عن شعبة عن سعد به. (¬2) العلل (2/ 10). (¬3) صحيح البخاري كتاب: المحاربين، باب: رجم الحبلى من الزنا. . (8/ 340) (رقم: 6830). (¬4) بالفتح ثم السكون وفتح الطاء والحاء المهملة، كلُّ مسيل ماء فيه دقاق الحصى فهو أبطح يضاف إلى مكة وإلى منى؛ لأنَّ المسافة بينه وبينهما واحدة، وربما كان إلى منى أقرب، وهو المحصّب. وهو اليوم من مكة يقع بين المنحنى والحجون، ولا زال الشارع المار من المنحنى إلى ريع الحجون يُسمى شارع الأبطح، وهو شارع واسع كثير العمائر والأسواق، وعليه طريق الحاج من المسجد الحرام إلى منى. انظر: معجم البلدان (1/ 74)، معجم المعالم الجغرافية للبلادي (ص: 13، 14)، المعالم الأثيرة لشرّاب (ص: 16). (¬5) الموطأ كتاب: الحدود، باب: ما جاء في الرجم (2/ 628) (رقم: 10).

وَصَف القصةَ، ولم يذكر المشاهده، ولا أنه سمع ذلك من عمر. واختُلِف في سَمَاعِه منه، قال يحيى بن معين: رَأَى عمرَ بنَ الخطَّاب وكان صغيرًا، فلَم يَثْبُت له سماعٌ منه. ثم ذَكَرَ بإسناد له عن سعيد أنّه سَمِع عمرَ يقول إذْ رأى البيتَ: "اللهُمَّ أنتَ السَّلامُ ومنكَ السَّلام. . ." (¬1). وهذا يدل على أنّه شَهِد هذه الحَجَّة معه (¬2)، وقد تقدَّم في مسند (¬3) الضَّحاك قولُ سعيدٍ: "إنِّي لأذكرُ يومَ نَعَى عُمرُ النُّعمانَ على المِنبر". والحديثُ محفوظٌ لعمرَ، يَقرُبُ معناه من مَعنَى حديثه في بيعة أبي بكر، وكأنَّه طرفٌ منه. ورُوي عن زيد بن ثابت: "أنَّ عمرَ أتَى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - (¬4) فقال: يا رسول الله أَكْتِبْنِي آيةَ الرَّجمِ. فقال: لا أَستطيع"، خرّجه النسائي (¬5). ¬

_ (¬1) التاريخ (3/ 211) (رقم: 978 - رواية الدوري-). وتقدّم الكلام في (2/ 265) على إسناد هذا الأثر، واختلاف أهل العلم في سماع سعيد من عمر. والراجح في ذلك والله أعلم أنه سمع منه بعض الشيء ولم يسمع منه كل ما روى عنه، إلا أنه يحمل ذلك على الاتصال لتتبّعه أحاديث عمر وقضاياه. وسيذكر المصنف شاهدا لهذا الحديث رواه النسائي وغيره عن زيد بن ثابت. (¬2) هذا إن صح الأثر بلفظ: "سمعت"، وإلا ففيه ضعف كما تقدّم، ويعد أن يشهد سعيد كل هذه المواطن مع عمر رضي الله عنه ولمّا يبلغ بعد ثمان سنين، والله أعلم. (¬3) في الأصل: (سند)، والصحيح المثبت، وانظر: (2/ 364). (¬4) في الأصل: (عليه وسلم)، وكأن إسقاطها نتج بسبب مجيئها في بداية الورقة التالية فظن الناسخ أنه كتب: (صلى الله). والله أعلم. (¬5) أخرجه النسائي في السنن الكبرى كتاب: الرجم، باب؛ نسخ الجلد عن الثيب (4/ 271) (رقم: 7148) عن إسماعيل بن مسعود الجحدري عن خالد بن الحارث عن ابن عون عن محمد فال: نُبّئت عن ابن أخي كثير بن الصلت عن زيد بن ثابت به. وبهذا المسند خرّجه البيهقي في السنن الكبرى (8/ 211). =

حديث: "إذا مَسَّ الخِتانُ فقد وَجَبَ الغُسلُ". مذكورٌ في مسند عائشة من رواية سعيدٍ وأبي سلمة (¬1). ¬

_ وسنده ضعيف جهالة من نبّأ محمدًا. = وأخرجه النسائي (برقم: 7145) من طريق شعبة عن قتادة عن يونس بن جبير عن كثير بن الصلت به، وليس في طريق شعبة قوله: "لا أستطيع". وأخرجه أحمد في المسند (5/ 183)، والحاكم في المستدرك (4/ 362)، وابن حزم في المحلى (12/ 176) عن شعبة به. وقال الحاكم: "صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي. وقال ابن حزم: "إسناد جيِّد". قلت: وقد صرح قتادة بالسماع عند البيهقي في السنن الكبرى (8/ 211) فأُمن من تدليسه، والراوي عنه شعبة وقد قال: "كفيتكم تدليس ثلاثة. . ."، وذكر فيهم قتادة. انظر: معرفة السنن والآثار (1/ 86)، والنكت لابن حجر (2/ 630). (¬1) سيأتي (4/ 91) من طريق أبي سلمة عنها، وفِي (4/ 100) من طريق سعيد بن المسيب عنها.

المقطوعُ عن عمر 95/ حديث: "أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كان يَأمرُ بالغُسل". يعني للجُمعة. في أبواب الجمعة. عن ابن شهاب، عن سالم بن عبد الله، ذَكَره عن عمرَ حِكاية، وفيه قصةُ الدَّاخِلِ عليه وهو يَخطُبُ، وقولُ عمر له: "الوضوءَ أيضًا وقدْ عَلِمتَ. . ."، فشَهِدَ عليه بعِلمِ ذلك (¬1). وهذا مقطوعٌ في الموطأ (¬2)، ووَصَلَه خَارِجَهُ جماعةٌ عن مالك، قالوا فيه: سالم، عن أبيه، عن عمر. خرّجه البخاري هكذا عن جُوَيْرِيَة، عن مالك (¬3). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الجمعة، باب: العمل في غسل الجمعة (1/ 105) (رقم: 3). (¬2) الانقطاع بين سالم بن عبد الله وعمر رضي الله عنه. قال أبو زرعة: "سالم بن عبد الله بن عمر عن جدّه عمر بن الخطاب مرسل". المراسيل (ص: 71). وانظر الموطأ برواية: أبي مصعب الزهري (1/ 167) (رقم: 431)، وسويد بن سعيد (ص: 157) (رقم: 282)، ومحمد بن الحسن (ص: 47) (رقم: 62)، والقعنبي، ويحيى بن بكير. (¬3) صحيح البخاري كتاب: الجمعة، باب: فضل الغسل يوم الجمعة (1/ 263) (رقم: 878). وتابع جويرية على وصله: - ابن مهدي عند أحمد في المسند (1/ 29). - وروح بن عبادة عند أحمد في المسند (1/ 45)، والبيهقي في السنن الكبرى (1/ 294)، وابن عبد البر في التمهيد (10/ 69)، وابن بشكوال في الغوامض والمبهمات (1/ 69) (رقم: 6). - والقعنبي عند ابن عبد البر في التمهيد (10/ 69) وابن بشكوال في الغوامض (1/ 69) (رقم: 5). وتقدَّم أنَّ القعنبي رواه في الموطأ كرواية أصحاب الموطأ عن مالك، فلعل هذه الرواية خارج الموطأ، وسيأتي نص ابن عبد البر أنَّها رواية عنه. =

قال الدارقطني: "وهو الصواب" (¬1). قال الشيخ أبو العبّاس: والحديثُ محفوظٌ عن عمر وابنِه عبد الله، كلاهما يرفَعُه، وقد رُوي عن عبد الله بنِ عمر أنَّه قال: سَمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - على المِنبر يقول: "من جاء إلى الجُمعة فيغتسل"، خرّجه الطيالسي من طريق عبد العزيز بن أبي سلمة، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه (¬2). ولعلَّ عبدَ الله إنَّما قَصَدَ بالحديثِ الَّذي رواه مالكٌ حِكايةً: القِصَّةَ وإنكارَ عُمرَ على مَن تَرَكَ الغُسلَ. والدَّاخِلُ عليه هو عثمان بن عفان، سَمَّاه أبو هريرة في الصحيح (¬3). وانظر حديثَ نافع عن ابنِ عمر (¬4)، وحديثَ أبي سعيد (¬5)، وأبي هريرة ¬

_ = - وإبراهيم بن طهمان عند ابن بشكوال في الغوامض (1/ 70) (رقم: 6). قال ابن عبد البر: "ووصله عن مالك روح بن عبادة وجويرية بن أسماء وإبراهيم بن طهمان وعثمان بن الحكم الجذامي وأبو عاصم النبيل الضحاك بن مخلد وعبد الوهاب بن عطاء ويحيى بن مالك بن أنس وعبد الرحمن بن مهدي والوليد بن مسلم وعبد العزيز بن عمران ومحمد بن عمر الواقدي وإسحاق بن إبراهيم الحنيني والقعنبي في رواية إسماعيل بن إسحاق عنه، فرووه عن مالك عن ابن شهاب عن سالم عن أبيه". التمهيد (10/ 68، 69). وانظر الفتح (2/ 418). (¬1) العلل (2/ 43). وقال الترمذي: "سألت محمّدًا هو البخاري عن هذا؟ فقال: الصحيح حديث الزهري عن سالم عن أبيه، قال محمد: وقد روي عن مالك أيضا عن الزهري عن سالم عن أبيه نحو هذا الحديث". السنن (2/ 367). (¬2) المسند (ص: 250) (رقم: 1818) وعبد العزيز هو ابن عبد الله الماجشون. ورواه مسلم في صحيحه كتاب: الجمعة (2/ 580) (رقم: 844) من طريق يونس عن ابن شهاب عن سالم عن أبيه قال: "سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول. . ." بمثله. (¬3) صحيح مسلم (2/ 580) (رقم: 845). (¬4) سيأتي حديثه (2/ 373). (¬5) سيأتي حديثه (3/ 231).

من طريق المقبري (¬1)، ومرسلَ ابنِ السَبَّاق (¬2). 96/ حديث: كان عمر يَقرأ: (فَامْضُوا {فامْضُوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ}. في أبواب الجمعة. عن ابن شهاب، قاله مقطوعًا (¬3). ورواه ابنُ عيينة، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه، عن عمر (¬4). وهي قراءةٌ تُؤثَر عن ابنِ مسعود (¬5). وهذا الحديث معناه الرَّفعَ؛ لأنَّ القراءةَ مأخوذةٌ عن رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - مُتَلَقَّاةٌ مِن الصحابة رضي الله عنهم فما (¬6) قَرؤوا به تُلُقِّيَ بالقَبول، ولم يُظَنَّ بأَحَدٍ منهم أنّه قَرَأَ إلَّا بِمَا أُقْرِئَ، لا سِيَمَا عُمر رضي الله عنه، مع ما عُلِمَ من تَحَرِّيه وإنكارِه على من قَرَأَ بما لم يَسْمَعْه، أو رَوَى عن رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - ما لم ¬

_ (¬1) سيأتي حديثه (3/ 494). (¬2) سيأتي حديثه (5/ 345). (¬3) الموطأ كتاب: الجمعة، باب: ما جاء في السعي يوم الجمعة (1/ 109) (رقم: 13). والانقطاع بين الزهري وعمر، والزهري لم يدرك عمر رضي الله عنه. (¬4) أخرجه الطبري في تفسيره (12/ 94) (رقم: 34104) قال: ثنا عبد الحميد بن بيان السكري، عن سفيان به. وسنده حسن، عبد الحميد صدوق كما في التقريب (رقم: 3754). وأخرجه (برقم: 34108) من طريق يونس عن الزهري به، (وبرقم: 34107) من طريق ابن وهب، عن حنظلة بن أبي سفيان الجمحي، عن سالم به. فالإسناد إلى عمر ثابت صحيح. (¬5) أخرجه الطبري في تفسيره (12) (رقم: 34109، 34110) من طريق الأعمش عن إبراهيم النخعي قال: "كان عبد الله يقرؤها: {فَامْضُوا إِلَى ذِكْرِ الله}. . .". (¬6) في الأصل: "مما"، ولعل الصواب المثبت.

يَبْلُغْه، وقد كان يَسمَع مِن رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - سورةَ الجُمعة في كلِّ جُمعةٍ. وانظر قِصتَه مع هشامِ بن حَكيم المذكورةِ في هذا المُسند (¬1)، وقصتَه مع أبي موسى الأشعري المذكورة في مسندِه (¬2)، وانظر رَفْعَ القراءَةِ في مسند أُبَيٍّ (¬3). 97 / حديث: "أنَّ عُمرَ قال للرُّكنِ الأَسْودِ: إنَّما أنتَ حَجَرٌ، ولولا أنِّي رأيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يُقَبِّلُكَ ما قَبَّلْتُكَ". في الحج. عن هشام بن عروة، عن أبيه. ذَكَره مقطوعًا (¬4). وقد رواه الزهري، عن سالم، عن أبيه، عن عمر (¬5). وجاء عنه من طُرق، وهو محفوظٌ له مُخَرَّجٌ في الصحيح (¬6). ¬

_ (¬1) تقدّم الحديث (2/ 371). (¬2) سيأتي حديثه (3/ 194). (¬3) انظر: (2/ 93). (¬4) الموطأ كتاب: الحج، باب: تقبيل الحجر الأسود في الاستلام (1/ 296) (رقم: 115). وعروة بن الزبير لم يدرك عمر رضي الله عنه. قال أبو حاتم وأبو زرعة: "عروة بن الزبير عن عمر مرسل". المراسيل (ص: 124). (¬5) خرّجه مسلم في صحيحه كتاب: الحج، باب: استحباب تقبيل الحجر الأسود في الطواف (2/ 945) (رقم: 1270) من طرق عن الزهري به. (¬6) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الحج، باب: ما ذكر في الحجر الأسود (2/ 495) (رقم: 1597)، ومسلم في صحيحه (2/ 925) (رقم: 1270) من طريق عابس بن ربيعة عن عمر به. وأخرجه في كتاب: الحج، باب: الرمل في الحج والعمرة (2/ 498) (رقم: 1605) وفي باب: تقبيل الحجر (2/ 499) (رقم: 1610)، ومسلم في صحيحه (2/ 925) (رقم: 1270) من طريق أسلم عن عمر به. وأخرجه مسلم في صحيحه (2/ 925) (رقم: 1270) من طريق نافع عن ابن عمر عن عمر، ومن طريق عبد الله بن سرجس عن عمر به.

وقد روي عن عمر، عن أبي بكر الصديق - صلى الله عليه وسلم -، ذَكَرَه الدارقطني بإسنادِه (¬1). وإنَّما ذَكرَ عُمرُ ما كان من أبي بكر، ولم يَقْصِدْ روايةَ الرُؤيةِ عنه، والله أعلم (¬2). ¬

_ (¬1) العلل (1/ 167)، ولم يذكره بإسناده والله أعلم، وإنما فيه: "وسئل عن حديت عمر، عن أبي بكر: أنه قبّل الحجر وقال: "لولا أني رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقبّلك ما قبّلتك". فقال: يرويه سليمان بن بلال عن شريك بن أبي نمر، واختلف عنه: فرواه أبو بكر الأعشى -وهو عبد الحميد بن أبي أويس أخو إسماعيل بن أبي أويس- عن سليمان بن بلال، عن شريك بن أبي نمر، عن عيسى بن أبي طلحة، عن عمر، عن أبي بكر. وخالفه خالد بن مخلد، وعبد الله بن وهب، فروياه عن سليمان بن بلال، عن شريك بن أبي نمر، عن عيسى بن طلحة، عن رجل حدّثه- لم يسميا عمر، ولا غيره- عن أبي بكر، وقولهما أشبه بالصواب). العلل (2/ 167، 168). قلت: لم أقف على الروايات التي ذكرها الدارقطني، إلَّا رواية خالد بن مخلد، أخرجها ابن أبي شيبة في مسنده كما في المطالب العالية (2/ 38) قال: حدّثنا خالد بن مخلد، ثنا سليمان بن بلال، عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر، عن عيسى بن طلحة، عن رجل: رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - وقف عند الحجر فقال: "إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ثم قبّله"، ثم حج أبو بكر رضي الله عنه فوقف عند الحجر فقال: "إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله يقبلك ما قبّلتك". ففي رواية خالد بن مخلد أن حاكي القصة كلها رجل، ولم يسنده عن أبي بكر، خلافا لما ذكره الدارقطني، والله أعلم. وصوّب الدارقطني رواية خالد وابن وهب على رواية عبد الحميد بن أبي أويس، وعبد الحميد ثقة كما في التقريب (رقم: 3767)، إلا أن رواية الأكثر أرجح، والله أعلم. (¬2) ويؤيّده رواية خالد بن مخلد التي رواها ابن أبي شيبة، ولعل الرجل المبهم في الرواية هو عمر، والله أعلم.

98/ حديث: أنَّ عمرَ سألَ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - عن الكَلاَلَة. . . في الفرائض. عن زيد بن أسلم (¬1). ذكره مرسلًا (¬2). وزاد فيه القعنبيُّ وطائفةٌ من رواة الموطأ: عن أبيه (¬3). وصُحبةُ أَسْلمَ لعمرَ صحيحةٌ، ولَم يَذكر في هذا الحديثِ أنَّه أَخْبَرَه به، وهو محفوظٌ لعمر، خرَّجه مسلم من طريق مَعْدَانَ عنه (¬4). 99/ حديث: "ليس لِقاتلٍ شيءٌ". يعني من ميراثِ من قَتَل ولا من دِيَّتِه، والمقصودُ هَا هنا ذِكر الدِيَّة. في العقول، باب: ميراث العقل. عن يحيى بن سعيد، عن عَمرو بن شعيب: "أنَّ رجلًا من بَني مُدْلِجٍ ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الفرائض، باب: ميرات الكلالة (2/ 408) (رقم: 7). (¬2) وتابعه على إرساله جماعة، انظر الموطأ برواية: أبي مصعب الزهري (2/ 533) (رقم: 3045)، وسويد بن سعيد (ص: 228) (رقم: 467)، وابن بكير، وهي رواية عن ابن القاسم، وابن وهب، كما الجمع بين روايتيهما. ومعن، وابن عُفير، ومصعب الزبيري كما في مسند الموطأ للجوهري. قال ابن عبد البر: "هكذا رواه يحيى مرسلًا، وتابعه أكثر الرواة على إرساله". التمهيد (5/ 182). (¬3) أخرجه من طريق القعنبي: الجوهري في مسند الموطأ، وابن عبد البر في التمهيد (5/ 183). وقال الجوهري: "هذا عند ابن القاسم والقعنبي قالا فيه: عن أبيه، عن عمر". وقال ابن عبد البر في (ص: 182): "ووصله ابن القاسم على اختلاف عنه". وأخرجه أبو أحمد الحاكم في عوالي مالك (ص: 86) من طريق الوليد بن مسلم عن مالك به. (¬4) صحيح مسلم كتاب: الفرائض، باب: ميراث الكلالة (3/ 1236) (رقم: 1617)، وفيه: ما راجعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في شيء ما راجعته في الكلالة. . .

يُقال له قَتَادَةُ حَذَفَ ابنَه بالسَّيفِ. . ."، وذَكَرَ إعطاءَ الديَة لأَخِي المقتولِ (¬1). قطعه مالك (¬2)، واختُلِف على يحيى بن سعيد فيه. فرُوي عنه، عن عَمرو بن شعيب، عن أبيه، عن عمر (¬3). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: العقول، باب: ما جاء في ميراث العقل والتغليظ فيه (2/ 660) (رقم: 10). وأخرجه النسائي في السنن الكبرى كتاب: الفرائض، باب: توريث القاتل (4/ 79) (رقم: 6368) من طريق ابن القاسم عن مالك به. (¬2) الانقطاع بين عمرو بن شعيب وعمر رضي الله عنه، ولم يدركه. قال أبو زرعة: "عمرو بن شعيب عن عمر مرسل". المراسيل (ص: 123). وقال البيهقي: "هذا الحديث منقطع". السنن الكبرى (8/ 38). وتابع مالكًا على هذا الإسناد "المنقطع": - أبو خالد الأحمر عند ابن ماجه في السنن كتاب: الديات، باب: القاتل لا يرث (2/ 884) (رقم: 2646)، وابن أبي شيبة في المصنف (6/ 279) (رقم: 31394). - ويزيد بن هارون عند أحمد في المسند (1/ 49)، والبيهقي في السنن الكبرى (6/ 219)، وابن عبد البر في التمهيد (23/ 444). - وهُشيم بن بشير عند أحمد في المسند (1/ 49). - سفيان الثوري عند عبد الرزاق في المصنف (9/ 403) (رقم: 17783). وخالف عبدَ الرزاق في إسناده: أبو قرة موسى بن طارق، فرواه عن الثوري عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب، عن عمر، أخرجه من طريقه الدراقطني في السنن (4/ 95/ 84)، و (4/ 237) (رقم: 118). وأبو قرة قال عنه الحافظ: (ثقة يغرب). انظر: تهذيب الكمال (29/ 80)، تهذيب التهذيب (10/ 312)، التقريب (رقم: 6977). ولعل الراجح رواية عبد الرزاق؛ فهو من ثقات أصحاب الثوري كما في شرح العلل (2/ 722). - وحماد بن سلمة، ذكره الدارقطني في العلل (2/ 109). (¬3) كذا رواه علي بن مسهر، ذكره الدارقطني في العلل (2/ 108). وأخرجه الدراقطني في السنن (4/ 95) (رقم: 83) من طريق محمد بن سليمان بن أبي داود، عن عبدالله بن جعفر، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب، عن عمر. وعبد الله بن جعفر لعلَّه والد علي بن المديني، وهو ضعيف. انظر: تهذيب الكمال (14/ 379)، تهذيب التهذيب (5/ 152)، التقريب (رقم: 3255).

وقيل: عمرو، عن أبيه، عن جدّه، عن عمر (¬1). قال الدارقطني: "والمرسل أَوْلى بالصواب" (¬2). وخَرَّج النسائي من طريق إسماعيل بن عِيَّاش، عن يحيى بن سعيد وغيرِه (¬3)، عن عَمرو بنِ شعيب، عن أبيه، عن جدِّه عبد الله بن عَمرو: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ليس لقاتِلٍ من الميراث شيءٌ"، لم يَذكر قصةَ المُدْلِجِيِّ ولا أسنَدَه إلى عُمر (¬4). وخرّجه ابنُ أبي شيبة في مسند عبد الله بن عَمرو كذلك (¬5). ¬

_ (¬1) أي من غير طريق يحيى بن سعيد. وأخرجه أحمد في المسند (1/ 49) من طريق حجاج بن أرطاة عن عمرو به. والبيهقي في السنن الكبرى (8/ 38) من طريق محمد بن عجلان عن عمرو به. (¬2) العلل (2/ 109). ومراد الدارقطني بالإرسال الانقطاع في رواية مالك ومن تابعه، وهذا الصواب لاتفاق أكثر الرواة على ذلك وفيهم الإمامان مالك والثوري. وقال النسائي: (وهو الصواب). تحفة الأشراف (6/ 341). (¬3) هو ابن جريج وذكر الدارقطني أيضًا: المثنى بن الصباح. (¬4) السنن الكبرى (4/ 79) (رقم: 6367). (¬5) ومن هذا الطريق أخرجه الدارقطني في السنن (4/ 96، 97) (رقم: 87، 88)، وفي (4/ 237) (رقم: 117)، وابن عدي في الكامل (1/ 297)، والطبراني في المعجم الأوسط (1/ 271) (رقم: 884)، والبيهقي في السنن الكبرى (6/ 220)، وابن عبد البر في التمهيد (23/ 443). وأعلَّ النسائى هذا الإسناد بمخالفة إسماعيل بن عياش للجماعة عن يحيى بن سعيد فقال: "حديث إسماعيل خطأ". تحفة الأشراف (6/ 341). وإسماعيل بن عياش ضعيف في روايته عن غير الشاميين وهذه منها، وبه أعلّه ابن القطان الفاسي. انظر: تهذيب الكمال (3/ 163)، تهذيب التهذيب (1/ 280)، التقريب (رقم: 473)، بيان الوهم والإيهام (4/ 191). =

وخَرَّجه الدارقطني في السنن من حديث ابن عباس وأبي هريرة (¬1). ¬

_ = لكن رواه أبو داود في السنن كتاب: الديات، باب: ديات الأعضاء (4/ 692) (رقم: 4564)، والبيهقي في السنن الكبرى (6/ 220) من طريق سليمان بن موسى، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدّه به. وسليمان بن موسى هو الأشدق صدوق في حديثه بعض المناكير. انظر: تهذيب الكمال (12/ 92)، تهذيب التهذيب (4/ 197). وبالجملة فالحديث فيه اضطراب كما قال الترمذي في السنن (4/ 12)، لكن له شواهد تقويه يأتي ذكرها. (¬1) حديث ابن عباس: أخرجه الدراقطني في السنن (4/ 237) (رقم: 118) من طريق سفيان الثوري، عن ليث، عن طاوس، عن ابن عباس، به. وبهذا الإسناد أخرجه عبد الرزاق في المصنف (9/ 404) (رقم: 17786)، موقوفا على ابن عباس. وفي إسناده ليث بن أبي سُليم، ضعيف الحديث. انظر: تهذيب الكمال (24/ 279)، تهذيب التهذيب (8/ 417). وأخرجه عنه عبد الرزاق في المصنف (9/ 404) (رقم: 17787)، ومن طريقه البيهقي في السنن الكبرى (6/ 220) عن معمر عن رجل عن عطاء عن ابن عباس به. والرجل المبهم قال عبد الرزاق: هو عمرو بن برق كما في السنن الكبرى. وعمرو هذا هو ابن عبد الله بن الأسوار اليماني، يقال له: عمرو برق. وهو ضعيف. انظر: تهذيب الكمال (22/ 95)، تهذيب التهذيب (8/ 54). وقال الحافظ: عمرو بن برق ضعيف عندهم. التلخيص (3/ 98). وأخرجه عبد الرزاق في المصنف (9/ 404) (رقم: 17785) عن معمر، عن ابن طاوس، عن أبيه، عن ابن عباس، موقوفًا. ولعل الصواب في إسناده عن ابن عباس الوقف، وهو شاهد قوي لحديث عمرو بن شعيب المتقدم. وأما حديث أبي هريرة: فهو في سنن الدارقطني (4/ 96) (رقم: 86). وأخرجه الترمذي في السنن كتاب: الفرائض، باب: ما جاء في إبطال ميراث القاتل (4/ 370) (رقم: 2109)، وابن ماجه في السنن كتاب: الفرائض، باب: ميراث القاتل (2/ 913) (رقم: 2735)، وابن عدي في الكامل (1/ 32)، والطبراني في المعجم الأوسط (8/ 298) (رقم: 8690)، والبيهقي في السنن الكبرى (6/ 220) من طرق عن الليث بن سعد، عن إسحاق =

وسُراقَةُ بن جُعْشُم المذكور في الموطأ هو سَيِّدُ بني مُدْلِج (¬1). 100/ حديث: "إنَّ الله عزَّ وجلَّ خَلَقَ آدمَ ثمَّ مَسَحَ ظهرَه بيمِينِه فاستخْرَجَ منه ذُرِيَّةً فقال: خَلَقْتُ هؤلاء للجَنَّةِ وبعَمَل أهْلِ الجَنَّة يعملون، ثم مَسَح ظهرَه. . .". وفيه: فَفِيمَ العَمَل؟ في الجامع باب: القدر. عن زيد بن أبي أُنَيسَة، عن عبد الحَميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب، عن مسلم بن يَسَار: "أنَّ عمرَ سُئِل (¬2) عن هذه الآية: ¬

_ = ابن أبي فروة، عن ابن شهاب، عن حميد بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة به. وهذا إسناد ضعيف جدا، إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة متروك كما في التقريب (رقم: 368). وقال الترمذي: "هذا حديث لا يصح، لا يعرف إلا من هذا الوجه، وإسحاق بن عبد الله بن أبي فروه تركه بعض أهل الحديث منهم أحمد بن حنبل". وقال الدارقطني: "قال أبو عبد الرحمن -يعني النسائي-: إسحاق متروك الحديث، أخرجته في مشائخ الليث لئلا يترك من الوسط". وقال البيهقي: "إسحاق بن عبد الله لا يحتج به، إلَّا أن شواهده تقويه والله أعلم". قلت: وخلاصة القول أن الحديث بهذه الشواهد -سوى حديث أبي هريرة- قوي، وهو ما استقر عليه عمل أهل العلم. قال الترمذي: "والعمل على هذا عند أهل العلم". السنن (4/ 370). وقال ابن عبد البر: "وهو حديث مشهور عند أهل العلم بالحجاز والعراق، مستفيض عندهم يُستغنى بشهرته وقبوله والعمل به عن الإسناد فيه، حتى يكاد أن يكون الإسناد في مثله لشهرته تكلّفًا". التمهيد (23/ 437). (¬1) هو سراقة بن مالك بن جُعْشُم -بضم الجيم والمعجمةِ، بينهما عين مهملة- بن مالك بن عمرو بن تيم المدلجي الكناني يكنى أبا سفيان صحابي مشهور من مسلمة الفتح، وهو الذي لحق النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبا بكر حين خرجا مهاجرين إلى المدينة، وقصته مشهورة. انظر: الاستيعاب (2/ 581)، تهذيب الكمال (10/ 214)، الإصابة (3/ 41)، تهذيب التهذيب (3/ 396). (¬2) في الأصل: "سأل"، والصواب المثبت.

{وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} (¬1) " (¬2). هذا إسناد مقطوعٌ مَعلولٌ (¬3)، ومُسلم بن يَسار ليس بالبصريِّ ولاَ المكيِّ، هو رجلٌ جُهَنِيٌّ مَدَنِيٌّ مجهولٌ. قال أحمد بن زُهَير (¬4): "قرأتُ على يحيى بنِ معين حديثَ مالكٍ هذا ¬

_ (¬1) سورة: الأعراف، الآية: (172). وذريّاتِهم: بالجمع والتاء المكسورة، وهي قراءة نافع وابن عامر وأبي عمرو، وقرأ الكوفيون وابن كثير {ذُرِّيَّتَهُمْ} على الإفراد وفتح التاء. انظر: الحجة في القراءات (ص: 167)، التبصرة في القراءات السبع (ص: 349). (¬2) الموطأ كتاب: القدر، باب: النهي عن القول بالقدر (2/ 685) (رقم: 2). وأخرجه أبو داود في السنن كناب: السنة، باب: في القدر (5/ 79) (رقم: 4703) من طريق القعنبي. والترمذي في السنن كتاب: التفسير، باب: ومن سورة الأعراف (5/ 248) (رقم: 3075) من طريق معن. والنسائي في السنن الكبرى كتاب: التفسير، باب: قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ} (6/ 346) (رقم: 11190) من طريق قتيبة. وأحمد في المسند (1/ 44) من طريق إسحاق الطباع وروح، خمستهم عن مالك به. (¬3) الإسناد منقطع بين مسلم بن يسار وعمر. قال أبو زرعة: "مسلم بن يسار عن عمر مرسل". المراسيل (ص: 165). وقال ابن كثير: "وكذا قاله أبو حاتم". التفسير (2/ 242). وقال الترمذي: "مسلم بن يسار لم يسمع من عمر". وقال الدارقطني: "مسلم بن يسار لم يدرك عمر ولا زمانَه". الأحاديث التي خولف فيها مالك (ص: 157). قال ابن عبد البر: "هذا الحديث منقطع بهذا الإسناد؛ لأن مسلم بن يسار هذا لم يلق عمر بن الخطاب". التمهيد (3/ 6). وأما كونه معلولًا؛ لجهالة مسلم بن يسار كما سيأتي. (¬4) هو ابن أبي خيثمة.

عن زَيد بن أبي أُنَيسَةَ فكَتَبَ بيدِه على مُسلم بن يَسارٍ: لاَ يُعرَف" (¬1). وقد روي هذا الحديث عن مسلم بنِ يَسار، عن نُعيم بن رَبيعة الأَوْدِيِّ، عن عمر. هكذا قال فيه يزيد بن سِنان أبو فرْوَة (¬2)، عن زيد، ذكره البخاري في التاريخ (¬3). ¬

_ (¬1) التاريخ (الجزء الخمسون)، وفيه: "فكتب على عبد الحميد بيده لا يعرف، وعلى مسلم بن يسار لا يعرف". وفي قال: "لا أعرفه"، وفي: "قال يحيى بن معين: لا يُعرف مسلم بن يسار"، وفي: "مسلم بن يسار لا يُعرف". وأورده ابن عبد البر في التمهيد (6/ 4) بإسناده إلى ابن أبي خيثمة، وانظر: أسماء شيوخ مالك. وقال العجلي: (ثقة). الثقات (ص: 429). وذكره ابن حبان في الثقات (5/ 390). وقال ابن عبد البر: (مجهول). التمهيد (6/ 4). وقال ابن حجر: (مقبول). التقريب (رقم: 6654). والراجح أنه مجهول، وتوثيق ابن حبان والعجلي غير مقبول؛ لتساهلهما. (¬2) في الأصل: "أبو قرة" بالقاف، والصحيح المثبت، وانظر: الكنى لمسلم (2/ 680)، المقتنى في سرد الكنى (2/ 12) (رقم: 4988)، وغيرها. (¬3) التاريخ الكبير (8/ 97) قال: "قال محمد بن يحيى (وهو الذهلي) نا محمد بن يزيد سمع أباه سمع زيدا. . .". ومن طريق الذهلي أخرجه محمد بن نصر في كتاب الرد على ابن محمد بن الحنفية كما في النكت الظراف (8/ 113). وأخرجه ابن أبي عاصم في السنة (ص: 88) (رقم: 201) من طريق محمد بن مسلم بن وارة عن محمد بن يزيد به. ويزيد وابنه محمد ضعيفان. قال البخاري: "أبو فروة صدوق إلا أنَّ ابنه محمدًا يروي عنه مناكير". العلل الكبير للترمذي (1/ 339)، ووقع في تهذيب الكمال: "أبو فروة مقارب الحديث إلَّا أنَّ ابنه محمدًا يروي عنه مناكير". =

وقال الدارقطني: "حديث يزيد بن سِنان متصلٌ، وهو أولى بالصواب". يعني من حديث مالك؛ لأنَّه زاد فيه نُعيم بن ربيعة، ونُعيمٌ أيضًا ليس بالمشهور (¬1). ¬

_ = وقال الحافظ في يزيد: "ضعيف". التقريب (رقم: 7727). وقال في ابنه محمد: "ليس بالقوي". التقريب (رقم: 6399). وتابع يزيد بنَ سنان على هذا الإسناد: - عمر بن جُعثُم -بضم الجيم وسكون المهملة وضم المثلثة- القرشي عند أبي داود في السنن كتاب: السنة باب: في القدر (5/ 80/ 4704)، والطبري في تفسيره (6/ 113) (رقم: 15369)، والضياء في المختارة (1/ 407) (رقم: 290). وعمر بن جُعثُم ذكره ابن حبان في التقات (7/ 171)، وقال ابن حجر: "مقبول". التقريب (رقم: 4872). - وأبو عبد الرحيم الحراني عند ابن عساكر في تاريخ دمشق (34/ 71، 72)، وابن عبد البر في التمهيد (6/ 4، 5). وأبو عبد الرحيم هو خالد بن أبي يزيد، ثقة كما في التقريب (رقم: 1697). (¬1) العلل (2/ 222)، ونص كلامه: "حدّث عنه كذلك يزيد بن سنان أبو فروة الرهاوي وجوّد إسناده ووصله، وخالفه مالك بن أنس فرواه عن زيد بن أبي أنيسة ولم يذكر في الإسناد نعيم بن ربيعة وأرسله عن مسلم بن يسار عن عمر. وحديث يزيد بن سنان متصل وهو أولى بالصواب والله أعلم، وقد تابعه عمر بن جعثم فرواه عن زيد بن أبي أنيسة، كذلك قاله بقية بن الوليد عنه". قلت: وكأنَّ الشيخ أبا العباس يميل إلى ما ذهب إليه الدارقطني من ترجيح رواية يزيد ومن تابعه على رواية مالك بكثرة من خالفه. واستدل ابن كثير على ذلك بإسقاط مالك ذكر نعيم بن ربيعة عمدًا لمَّا جهل حال نعيم ولم يعرفه فإنه غير معروف إلا في هذا الحديث ولذلك يسقط ذكر جماعة ممن لا يرتضيهم، ولهذا يرسل كثيرا من المرفوعات ويقطع كثيرًا من الموصولات. انظر: تفسير ابن كثير (ص: 242). وردّ ذلك الإمام ابن عبد البر بأنَّ المخالفين لمالك ليسوا بأحفظ منه بل فيهم الضعفاء قال رحمه الله تعالى: "زيادة من زاد في هذا الحديث نعيم بن ربيعة ليست حجة؛ لأنَّ الذي لم يذكره أحفظ، =

وهذا الحديث معناه صحيحٌ، جاء الفصلُ الأول عن أبي هريرة (¬1) , والثاني عن عمر وعليٍّ وجماعةٍ (¬2). ¬

_ = وإنما تقبل الزيادة من الحافظ المتقن". التمهيد (6/ 5، 6). قلت: والظاهر أن رواية مالك أرجح لثقته وإتقانه ولا ينظر إلى مخالفة من خالفه ممن هو دونه في الثقة أو ضعيف كيزيد وعمر بن جعثم. وأما قول ابن كثير ففيه بُعدٌ؛ إذ لا يُظن بالإمام مالك أن يفعل ذلك، وإن كان الدارقطني قرّره كمنهج لمالك كما في العلل (2/ 9). قال الخطيب البغدادي: "وهذا لا يجوز وإن كان مالك يرى الاحتجاج بالمراسيل؛ لأنه قد علم أن الحديث عمن ليس بحجة عنده". الكفاية (ص: 365). وشكك ابن عبد البر في ثبوت ذلك عن مالك رحمه الله في إسقاطه ثور بن زيد من الإسناد لعدم رضاه به. انظر: التمهيد (2/ 26). وسيأتي مزيد بسط لنقض هذه القاعدة في مسند ابن عباس (2/ 560). وعلى فرض ترجيح رواية الجماعة على رواية مالك فالسند ضعيف لجهالة مسلم بن يسار كما سبق ونعيم بن ربيعة ليس بالمشهور كما قال المصنف. وذكره ابن حبان في الثقات (5/ 477). وقال الذهبي: (لا يعرف). الميزان (5/ 395). وقال ابن حجر: (مقبول). التقريب (رقم: 7169). وجملة القول أن الحديث بهذا الإسناد ضعيف إلا أن له شواهد تقويه سيأتي ذكرها، إلاَّ أنَّ تفسير الآية به فيه نظر كما سيأتي. (¬1) أخرحه الترمذي في السنن كتاب: التفسير، باب: ومن سورة الأعراف (5/ 249) (رقم: 3076). وقال: "حسن صحيح". وقال الألباني: (صحيح). شرح الطحاوية (ص: 249). (¬2) حديث عمر: أخرجه أحمد في المسند (1/ 29)، والبخاري في خلق أفعال العباد (ص: 71)، والطيالسي في المسند (ص: 4)، وابن أبي عاصم في السنة (رقم: 163)، والفريابي في القدر (ص: 50) (رقم: 33، 34)، والبزار في المسند (1/ 132) (رقم: 121)، والآجري في الشريعة (2/ 744) (رقم: 326)، وابن بطة في الإبانة كتاب: القدر (1/ 304) (رقم: 1325)، وعبد الله بن أحمد في السنة (2/ 394) =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = (رقم: 855) من طرق عن شعبة عن عاصم بن عبيد الله عن سالم عن أبيه عن عمر. وفيه عاصم بن عبيد الله العمري ضعيف كما التقريب (رقم: 3065). وأخرجه الترمذي في السنن كتاب: التفسير، باب: ومن سورة هود (5/ 270) (رقم: 3111)، وابن أبي عاصم في السنة (رقم: 170) من طريق عبد الله بن دينار عن ابن عمر عن عمر. وأخرجه ابن أبي عاصم في السنة (رقم: 165)، والآجري في الشريعة (2/ 743) (رقم: 325) من طريق ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عن عمر. وللحديث طرق أخرى بألفاظ مختلفة عن عمر رضي الله عنه. انظر: كتاب القدر للفريابي (ص: 49)، والعلل للدارقطني (2/ 91، 92). وحديث علي: أخرجه مسلم في صحيحه كتاب: القدر (4/ 2039) (رقم: 2647). وجاء أيضا من حديث عمران بن حصين عند البخاري في صحيحه كتاب: القدر، باب: جفّ القلم على علم الله (7/ 269/ 12596)، ومسلم في صحيحه كتاب: القدر (4/ 2041) (رقم: 2649). ومن حديث جابر عند مسلم (4/ 2040) (رقم: 2648). وجاء أيضا عن غير هؤلاء رضي الله عنهم أحمعين. تنبيه: جاء في حديث الموطأ أن عمر رضي الله عنه سئل عن تفسير قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ ... } الآية، فذكر حديث النبى - صلى الله عليه وسلم -: (إنَّ الله خلق آدم ثم مسح على ظهره بيمينه ... )، الحديث. وهذا الحديث ضعيف كما سبق تقريره، إلا أن الشواهد تقوِّيه، ولكن تفسير الآية به منكر، لأن الآية فى ظاهرها مخالفة لما ورد في الحديث وأوجه المخالفة كثيرة منها: - أن الآية وردت في موضوع أخذ الميثاق من بني آدم والإشهاد عليهم، والحديث جاء في موضوع بيان أهل الجنة من أهل النار. - فى الآية أن الله تعالى أخذ من بنى آدم لا من آدم كما جاء فى الحديث. - والأخذ كان من ظهورهم لا من ظهر أبيهم آدم. - ومن ذريّتهم الذين كانوا في أصلاب آبائهم لا من صلب آدم. قال ابن كثير: "فهذه الأحاديث (أي حديث عمر وغيره) دالة على أن الله عزَّ وجلَّ استخرج ذريّة آدم من صلبه وميَّز بين أهل الجنة وأهل النار، وأما الإشهاد عليهم هناك بأنه ربّهم فما هو إلا =

وهو مَذهبُ أهلِ السُّنَّة، وإنَّما تَكلَّمنَا فيه من طريق الإسنادِ خاصة، ولولاَ شَرطُ الاختصارِ لذكرنَا ما رُوِي في معناه من صَحيح الآثارِ (¬1). فصل: هو عُمر بن الخطاب بن نُفيل بن عَبد العُزَّى بن رِيَاحٍ بن عبد الله بن قُرْطٍ بن رِزَاحٍ بن عَدِىٍّ - وإليه يُنسَب - ابن كَعب، وفيه يَجْتَمِع مع النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - (¬2). ورُوي أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال لعمر: "والّذي نَفسي بيدِه ما لَقِيكَ الشَّيطان قَطُّ سالكًا فَجًّا إلاّ سَلَكَ فَجًّا غيرَ فَجِّكَ". خُرِّج في الصحيحين من طريق سَعد بن أبي وقّاص (¬3). ¬

_ = في حديث ابن عباس وحديث عبد الله بن عمرو وقد بيّنا أنهما موقوفان لا مرفوعان، ومن ثمّ قال قائلون من السلف والخلف أن المراد بهذا الإشهاد إنما هو فطرهم على التوحيد، ولهذا قال: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ} ولم يقل من آدم {مِنْ ظُهُورِهِمْ} ولم يقل من ظهره {ذُرِّيَّتَهُمْ} أي جعل نسلهم جيلا بعد جيل وقرنا بعد قرن ... " التفسير (2/ 243) بتصرف يسير. وانظر: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (7/ 201، 202)، شرح العقيدة الطحاوية (ص: 268 - 272) وذكر أوجها كثيرة فى مخالفة الآية للحديث. (¬1) قال أبو عمر بن عبد البر: "قال الله عزَّ وجلَّ: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} وقال: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ}، فليس في أحد مشيئة تنفذ إلا أن تنفذ منها مشيئة الله تعالى، وإنما يجري الخلق فيما سبق من علم الله، والقدر سِرُّ الله لا يُدرك بجدال، ولا يشفي منه مقال، والحجاج فيه مرتجة، لا يفتح شئ منها إلا بكسر شئ وغلقه، وقد تظاهرت الآثار وتواترت الأخبار فيه عن السلف الأخيار، الطيّبين الأبرار بالاستسلام والانقياد والإقرار بأن علم الله سابق، ولا يكون في ملكه إلا ما يريد، {وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ}). التمهيد (6/ 13، 14). (¬2) نسب قريش (ص: 346، 347)، والتبيين في أنساب القرشيين (ص: 359). (¬3) طرف من حديث أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: بدء الخلق، باب: صفة إبليس وجنوده (4/ 436) (رقم: 3294)، وفي فضائل أصحاب النبى - صلى الله عليه وسلم -، باب: مناقب عمر بن الخطاب (4/ 566) (رقم: 3683)، وفي الأدب، باب: التبسم والضحك (7/ 122) (رقم: 6085). ومسلم في صحيحه كتاب: فضائل الصحابة، باب: في فضائل عمر (4/ 1863) (رقم: 2396).

وخَرّج الترمذي عن عُقبةَ بنِ عامِرٍ أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لو كانَ بعدِي نَبِيٌّ لكان عمرُ بنُ الخطاب" (¬1). ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في السنن كتاب: المناقب، باب: مناقب عمر بن الخطاب رضي الله عنه (5/ 578) (رقم: 3686)، وأحمد فى المسند (4/ 154)، وفى فضائل الصحابة (1/ 346) (رقم: 498)، (1/ 356) (رقم: 519)، (1/ 436) (رقم: 694)، ويعقوب الفسوي في المعرفة والتاريخ (2/ 500)، وابن عبد الحكم في فتوح مصر (ص: 288)، والحاكم فى المستدرك (3/ 85)، والطبراني فى المعجم الكبير (17/ 298) (رقم: 822)، والروياني في المسند (1/ 171، 174) (رقم: 214، 223)، والقطيعي في جزء الألف دينار (ص: 305) (رقم: 199)، والبيهقي فى المدخل إلى السنن (ص: 124) (رقم: 65)، والخطيب البغدادي في الموضح (2/ 414) من طرق عن مِشْرَح بن هاعان، عن عقبة بن عامر به. وقال الترمدي: "حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث مشرح بن هاعان". وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه". ووافقه الذهبى. قلت: ومِشْرَح - بكسر الميم وسكون المعجمة وفتح الراء وآخره مهملة - بن هاعان المَعَافري المصري. قال عنه ابن معين: (ثقة). سؤالات الدارمي (ص: 204). ثم قال الدارمي: "ومشرح ليس بذاك وهو صدوق". وقال أحمد: (معروف). الجرح والتعديل (8/ 431، 432). وقال الفسوي فى المعرفة والتاريخ (2/ 487): "وهؤلاء ثقات التابعين من أهل مصر ... "، ثم ذكر منهم مشرح في (ص: 500). وقال العجلي: (تابعي ثقة). تاريخ الثقات (ص: 429). وقال ابن عدي: (أرجو أنه لا بأس به). الكامل (6/ 470). وذكره ابن حبان فى الثقات (5/ 452) وقال: (يخطئ ويخالف). وقال في المجروحين (3/ 28): "يروي عن عقبة بن عامر أحاديث مناكير لا يتابع عليها ... والصواب في أمره ترك ما انفرد من الروايات والاعتبار بما وافق الثقات". وقال الذهبي: (صدوق). الميزان (5/ 242). وقال الحافظ: (مقبول). التقريب (رقم: 6679). والذي يظهر من خلال هذه الأقوال أنه صدوق كما قال الذهبي، لتوثيق ابن معين والفسوي وابن عدي له. =

وعن عبد الله بن عمر مرفوعًا: "إنَّ اللهَ جَعَلَ الحَقَّ على لِسَانِ عُمرَ وقلبِه" (¬1). ولما استُحْضِرَ عمرُ جَعَل الأمْرَ شُورَى بين سِتةٍ بَقِيَّة العَشَرَة وهُم: عثمانُ بن عفان، وعليُّ بن أبي طالب، وعبدُ الرحمن بنُ عَوف، والزُّبير بنُ العوَّام، وطَلحة بن عُبيد الله، وسَعد بن أبي وقاص. ولم يَذكر فيهِم سَعِيدَ بنَ زيدٍ بنِ عَمرو بن نُفيل، وهو صهرُه وابنُ ¬

_ = وأما قول ابن حبان فيُحمل على تشدّده في التضعيف، والله أعلم. فالسند حسن، وقال الألباني: "وهذا سند حسن رجاله كلهم ثقات، وفي مشرح بن هاعان كلام لا ينزل حديثه عن رتبة الحسن وقد وثقه ابن معين". الصحيحة (3/ 582) (رقم: 327). وقد توبع مشرح، تابعه أبو عشّانة بن يؤمن وهو ثقة كما في التقريب (رقم: 1603). أخرج حديثه الطبراني فى المعجم الكبير (17/ 310) (رقم: 8570) من طريق يحيى بن كثير الناجي عن ابن لهيعة عن أبي عشانة عن عقبة به. لكن في الإسناد ابن لهيعة وهو ضعيف، والراوي عنه يحيى بن كثير لم أجد له ترجمة، فيخشى أن يكون الحديث محفوظا عن مشرح وخلّط ابن لهيعة فيه فجعله عن أبي عشانة، ويؤيّده أن الحديث جاء بهذا الإسناد عن مشرح عند أحمد في فضائل الصحابة (برقم: 498)، وقول الترمذي السابق: "لا نعرفه إلا من حديث مشرح بن عاهان". (¬1) أخرجه الترمذي في السنن كتاب: المناقب، باب: في مناقب عمر بن الخطاب (5/ 576) (رقم: 3682)، وأحمد فى المسند (2/ 53, 95)، وفي فضائل الصحابة (1/ 250) (رقم: 313)، (1/ 299) (رقم: 395)، (1/ 359) (رقم: 525)، وابن سعد فى الطبقات (2/ 255)، والفسوي فى المعرفة والتاريخ (1/ 467)، وابن حبّان في صحيحه (الإحسان) (15/ 318) (رقم: 6895)، والطبراني في المعجم الكبير (1/ 339) (رقم: 313)، وفي الأوسط (1/ 95) (رقم: 289)، (3/ 338) (رقم: 3330) من طرق عن نافع عن ابن عمر به. وقال الترمذي: "حسن غريب"، وفي التحفة (6/ 94): "حسن صحيح غريب". قلت: والحديث صحيح بمجموع طرقه.

عمِّه، يَجتمع معه في نُفيل جدِّ عُمر، وكان حيًّا ماتَ في مُدّةِ معاويةَ (¬1). وأمَّا أبو عُبيدة بن الجراح فتوفي قبلَ ذلك في طاعونِ عَمَوَاس (¬2). واختَلفَ السِّتَّةُ فجَعَلَ الزُّبيرُ أمرَه إلى عليٍّ، وجَعَلَ طلحةُ أمرَه إلى عثمانَ، وجَعَلَ سَعدٌ أمرَه إلى عَبد الرحمن، ثم أَخْرَج عبدُ الرحمن نفسَه من الأمْرِ على أن يكونَ له الاخْتِيَار، فلمَّا أُجِيبَ إلى ذلك اختَار عثمانَ فبُويِعَ له (¬3). ¬

_ (¬1) توفي رضي الله عنه سنة (51 هـ). انظر: تهذيب الكمال (10/ 453). (¬2) وكان طاعون عمواس سنة (18 هـ) كما تقدّم في مسند معاذ. (¬3) انظر قصة الشورى وبيعة عثمان رضي الله عنه بالخلافة: صحيح البخاري كتاب: فضائل أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، باب: قصة البيعة والاتفاق على عثمان بن عفان وفيه مقتل عمر رضي الله عنهما (4/ 572) (رقم: 3700)، وفي الأحكام، باب: كيف يبايع الإمامُ الناسَ (8/ 467) (رقم: 7207).

30 - مسند عمر بن أبي سلمة بن عبد الأسد القرشي المخزومي

30 - مسند عُمر بن أبي سَلَمة بن عبد الأَسَدِ القرشي المخزوميِّ رَبِيبُ النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو ابنُ أمِّ سَلَمَة. حديثان. 101 - حديث: "رَأَى رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّي في ثَوبٍ واحدٍ مُشْتَمِلًا به". فى الصلاة، الثاني. عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عمر بن أبي سَلَمة (¬1). وانظر حديثَ أمِّ هانئ (¬2)، وجابر (¬3)، وأبي هريرة من طريق ابن المسيب (¬4). 102 - حديث: "سَمِّ اللهَ وكلْ مِمَّا يَلِيكَ". وفيه قِصة. فى الجامع، باب: الطعامِ والشراب. عن أبي نُعيم وَهْب بن كَيسان قال: "أُتيَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بطعامٍ ومعه رَبِيبُه عمر بن أبي سلمة ... " (¬5). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: صلاة الجماعة، باب: الرخصة في الصلاة في الثوب الواحد (1/ 133) (رقم: 29). وأخرجه النسائي في السنن كتاب: الصلاة، باب: الصلاة في الثوب الواحد (2/ 70) من طريق قتيبة عن مالك به. (¬2) سيأتي حديثها (4/ 332). (¬3) تقدَّم حديثه (2/ 130). (¬4) سيأتي حديثه (3/ 293). (¬5) الموطأ كتاب: صفة النبي - صلى الله عليه وسلم -، باب: جامع ما جاء في الطعام والشراب (2/ 711) (رقم: 32). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الأطعمة، باب: الأكل مما يليه (6/ 539) (رقم: 5378) =

ظاهرُه الإرسالُ فى الموطأ (¬1)، وهكذا خَرَّجَه البخاريُّ من طريق عبد الله بن يوسف عن مالك (¬2)، وانتَقَدَ ذلك الدارقطني في كتاب الاستدراكات، وقال: "أَرْسَلَه مالكٌ في الموطأ، ووَصَلَه عنه خالدُ بنُ مَخلد ويحيي بن صالح وهو صحيحٌ متَّصِلٌ" (¬3). قال الشيخ أبو العبَّاس رضى الله عنه: وخَرَّجه الجَوهَرِيُّ في المسند والطحاوي في المُشكل من طريق خالد بن مخلد وقالا فيه: عن مالك، عن أبي نُعيم، عن عمر (¬4). ¬

_ = من طريق عبد الله بن يوسف. والنسائي فى السنن الكبرى كتاب: آداب الأكل، باب: أكل الإنسان مما يليه إذا كان معه من يأكل (4/ 175) (رقم: 6760)، وفي عمل اليوم والليلة، باب: ما يقول لمن يأكل (6/ 78) (رقم: 10111) من طريق قتيبة، كلاهما عن مالك به. (¬1) انظر الموطأ برواية: أبي مصعب الزهري (2/ 100) (رقم: 1943)، سويد بن سعيد (ص: 565) (رقم: 1356)، ابن بكير (ل: 244/ ب- نسخة الظاهرية-)، وابن القاسم وابن وهب كما فى الجمع بين روايتيهما (ل: 112/ أ). (¬2) سبق تخريجه. (¬3) التتبع (الاستدراكات) (ص: 245)، وتمام كلامه: "وقد رواه الوليد بن كثير ومحمد بن عمرو بن حلحلة عن وهب بن كيسان عن عمر بن أبي سلمة كرواية خالد ويحيي عن مالك وأخرجه البخاري إلا [أنه لم يخرج] حديث من وصله عن مالك". اهـ. وما بين المعقوفين من هدي الساري (ص: 395). قال ابن حجر: "إنما استجاز البخاري إخراجه -وإن كان المحفوظ فيه عن مالك الإرسال-؛ لأنه تبيّن بالطريق الذي قبله صحة سماع وهب بن كيسان عن عمر بن أبي سلمة، واقتضى ذلك أنَّ مالكًا قصر بإسناده حيث لم يصرّح بوصله وهو في الأصل موصول، ولعله وصله مرة فحفظ ذلك عنه خالد ويحيي بن صالح وهما ثقتان، أخرج ذلك الدارقطني في الغرائب عنهما، واقتصر ابن عبد البر في التمهيد على ذكر رواية خالد بن مخلد وحده". الفتح (9/ 434). (¬4) أخرجه الطحاوي في شرح مشكل الآثار (1/ 145) (رقم: 154). ومن طريق خالد بن مخلد: أخرجه النسائي في السنن الكبرى (6/ 77) (رقم: 10110)، وأبو =

وقال ابن عيينة، عن الوليد بن كثير، عن وهب سمعه من عمر، خُرِّج في الصحيح (¬1). ويُذكر أنَّ عمرَ هذا وُلد بأرضِ الحَبَشَة في السنة الثانِية من الهِجرة (¬2). ¬

_ = عوانة في المسند (5/ 361)، وأبو الحسين البزاز في غرائب مالك (ص: 168) (رقم: 102)، وأبو أحمد الحاكم في عوالي مالك (ص: 111). وطريق يحيى بنِ صالح: أخرجه أبو عوانة في المسند (5/ 361)، وأبو الحسين البزاز فى غرائب حديث مالك (ص: 168) (رقم: 102)، والطحاوي فى شرح المشكل (1/ 146) (رقم: 155)، وأبو أحمد الحاكم في عوالي مالك (ص: 112)، والدارقطني في غرائب مالك كما في الفتح (9/ 434). (¬1) صحيح البخاري كتاب: الأطعمة، باب: التسمية على الطعام والأكل باليمين (6/ 539) (رقم: 5376). وصحيح مسلم كتاب: الأشربة، باب: آداب الطعام والشراب وأحكامهما (3/ 1599) (رقم: 2022). وقال فيه محمد بن عمرو بن حلحلة: عن وهب بن كيسان عن عمر بن أبي سلمة، موصولًا. أخرجه البخاري فى صحيحه (6/ 539) (رقم: 5377)، ومسلم فى صحيحه (3/ 1599) (رقم: 2022). (¬2) حكى المصنف هذا القول بصيغة التمريض، وكأنَّه لا يرتضيه، وقد ذكره ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة بن الزبير، وذكره أيضا الزبير بن بكّار وابن عبد البر. انظر: الاستيعاب (3/ 1159)، تهذيب الكمال (21/ 372). وردَّ ذلك الحافظ الذهبى وأرَّخ مولده قبل الهجرة بسنتين أو أكثر، وتعقَّب من قال: إنَّ مولده كان في السنة الثانية من الهجرة بقوله: "ثم إنَّه فى حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - تزوَّج وقد احتلم، وكبر فسأل عن القبلة للصائم، فبطل ما نقله أبو عمر في الاستيعاب من أن مولده بأرض الحبشة سنة اثنتين، ثم إنه كان في سنة اثنتين أبواه بل وسنة إحدى بالمدينة، وشهد أبوه بدرا، فأنى يكون مولده في الحبشة في سنة اثنتين؟ ! بل وُلد قبل ذلك بكثير". السير (3/ 407). تنبيه: سؤال عمر بن أبي سلمة عن القبلة للصائم في صحيح مسلم كتاب: الصيام، باب: بيان أن القبلة في الصوم ليست محرمة على من لم تحرك شهوته (2/ 779) (رقم: 1108).

31 - مسند عمر بن الحكم

31 - مسند عمر بن الحكم قاله مالكٌ، والصواب معاوية. له طرفٌ من حديثٍ سائرُه فى الزيادات لمعاوية (¬1). 103 - حديث: إنَّ جاريةً لِي كانت تَرْعَى غَنَمًا فَجِئْتُها وقد فُقِدَتْ منها شاةٌ ... فيه: "فلَطَمْتُ وجهَهَا، وعليَّ رقبَة أفَأَعْتِقُها؟ "، وذَكَرَ سؤالَهَا: "أينَ الله؟ "، "مَن أنا؟ ". في العِتق. عن هِلالِ بن أسامة، عن عطاء بن يسار، عن عُمر بن الحَكَم قال: "أَتيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - ... "، فذَكَرَه (¬2). وزادَ فيه ابنُ بكير، ومعنٌ، ويحيى بن يحيى النيسابوري عن مالك بهذا الإسناد: قال عُمر: "يا رسول الله، أشياءُ كنَّا نَصنَعُها في الجاهليةِ، كنَّا نأتي الكهَّان ... "، وذكر الطِّيَرَةَ (¬3). ¬

_ (¬1) سيأتي (4/ 390). (¬2) الموطأ كتاب: العتق والولاء، باب: ما يجوز من العتق فى الرقاب الواجبة (2/ 595) (رقم: 8). وأخرحه النسائي فى السنن الكبرى كتاب: النعوت، باب: المعافاة والعقوبة (4/ 418) (رقم: 7756) من طريق قتيبة وابن القاسم عن مالك به. (¬3) انظر: موطأ ابن بكير (ل: 210/ ب- نسخة الظاهرية-). - وابن وهب وابن القاسم كما فى الجمع بين روايتيهما (ل: 99/ أ). وزاده أيضًا بهذا الإسناد: سعد بن عبد الحميد بن جعفر، عند ابن أبي خيثمة في التاريخ (2/ ل: 99/ ب).

وهذا الزائدُ خاصَّةً في الزيادات عن الزهري، عن أبي سلمة، عن معاوية بن الحكم من طريق ابنِ وَهْب وغيرِه (¬1). والكلُّ حديثٌ واحدٌ لمعاوية بن الحكم، ومن قال فيه: عُمر، فقد غَلِطَ، والوَهَم ها هُنا مَنصوبٌ إلى مالِكٍ، سَمَّاه فى حديثِ الزهريِّ معاوية على الصواب (¬2)، وسمّاه في حديثِ هلالٍ عُمرَ، فَوَهِم. وقد قيل: إنَّما جاء الوَهمُ فيه من شَيخِه هِلالٍ، وهو هِلالُ بنُ عَليّ بنِ أُسامة مَنْسُوبٌ إلى جدّه، وأبوه علي يُكنى أبَا ميمونةَ وبه يُعرَف (¬3). وزَعَم أبو جعفر الطَّبري ومحمد بن عُمر الواقدي أنَّ عُمر بن الحكم هو أخو معاوية بن الحَكَم، ومع هذا فالحديثُ محفوظٌ لمعاويةَ لاَ لعُمر (¬4). قال مسلم في التمييز: "ومعاويةُ بن الحَكَم مشهورٌ برِوايَةِ هذا الحديثِ في قِصَّةِ الجاريَةِ والكُهَّان والطِّيَرَة، قال: ولا نَعلم أحدًا سَمَّاه عُمر إلاَّ مالكًا حتى وَهِمَ فيه" (¬5). ¬

_ (¬1) في الأصل: "وُهيب"، والصحيح المثبت، انظره في الزيادات (4/ 309). (¬2) خرّجه مسلم في صحيحه كتاب: السلام، باب: تحريم الكهانة وإتيان الكهان (4/ 1148) (رقم: 537) من طريق إسحاق الطباع عن مالك به. (¬3) قال ابن عبد البر بعد أن أورد طريق مالك عن ابن شهاب: "فهذا مالك يقول في هذا الحديث عن ابن شهاب عن معاوية بن الحكم كما سمعه منه وحفظه عنه، ولو سمعه كذلك عن هلال لأدّاه كذلك والله أعلم، وربما كان هذا من هلال، إلا أن جماعة رووه عن هلال فقالوا فيه: معاوية بن الحكم، والله أعلم". التمهيد (22/ 79). وقال في تجريد التمهيد (ص: 187): "هكذا يقول مالك في هذا الحديث عمر بن الحكم، ولم يتابع عليه، وهو مما عُدّ من وهمه، وسائر الناس يقولون فيه معاوية بن الحكم، وليس في الصحابة عمر بن الحكم، وقد ذكرنا فى التمهيد ما فيه مخرج لمالك إن شاء الله، وأن الوهم فيه من شيخه لا منه". وانظر نسب هلال والاختلاف فيه في موضح أوهام الجمع والتفريق (2/ 444). (¬4) وممن ذكر أنهما أخوان ابن سعد في الطبقات (2/ 582 - الطبقة الرابعة من الصحابة-). (¬5) لم أجده في القطعة المطبوعة.

وهكذا قال الدارقطني: "ذلك مِمَّا يُعتدُّ به على مالِكٍ في الوَهم" (¬1). ¬

_ (¬1) لعله في العلل، ولم أقف عليه. وقال أيضًا: "خالفه (يعني مالكًا) يحيى بنُ أبي كثير، وأسامة بن زيد، روياه عن هلال عن عطاء بن يسار عن معاوية بن الحكم السلمي، وهو الصواب". الأحاديث التي خولف فيها مالك (ص: 99، 100). قلت: رواية يحيى بن أبي كثير عند مسلم في صحيحه كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: تحريم الكلام في الصلاة .. (1/ 381، 382) (رقم: 537)، وفى كتاب: السلام، باب: تحريم الكهانة وإتيان الكهان (4/ 1749) (رقم: 537). ولم أقف على رواية أسامة بن زيد لهذا الحديث. وتابعهما: فليح بن سليمان عند أبي داود في السنن (1/ 573) (رقم: 931)، وابن أبي خيثمة في التاريخ (2/ ل: 99/ ب)، وابن قانع في معجم الصحابة (3/ 73). ومِمَّن حكم بتوهيم مالك أيضًا: الشافعي والبزار وابن الجارود وأحمد بن خالد كما في التمهيد (22/ 76 - 78). وابن أبي خيثمة كما في تاريخه (2/ ل: 99/ ب)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (2/ ل: 185/ ب). قلت: ويُحتمل أن يكون الوهم فيه من هلال، وسمعه منه مالك على الوهم، وحدّث به هلال مرة أخرى على الصواب فسمعه آخرون، ويؤيّده أنَّ هلالًا تكلّم فيه بعض أهل العلم وإن كان الجمهور على توثيقه. قال أبو حاتم: "يكتب حديثه وهو شيخ". الجرح والتعديل (9/ 76). وقال النسائي: "ليس به بأس". تهذيب الكمال (30/ 344). فإلصاق الوهم به -وهو دون مالك في الحفظ والإتقان- أولى من إلصاقه بمالك، وقد حدّث به مالك على الصواب في روايته عن الزهري، فلو كان الوهم منه لوهم في الموضعين. روى أبو الفضل السليماني -وهو أحمد بن علي بن عمرو الحافظ- عن إبراهيم بن المنذر الخزامي سمعت معن بن عيسى يقول: "قلت لمالك: إن الناس يقولون إنك تخطئ في أسامي الرجال ... تقول عمر بن الحكم وإنما هو معاوية. فقال مالك: هكذا حفظنا، وهكذا وقع في كتابي، ونحن نخطئ، ومن يسلم من الخطأ". انظر: فتح المغيث (1/ 238)، شرح الموطأ للزرقاني (3/ 116)، (4/ 85).

قال الشيخ أبو العبّاس رضى الله عنه: وفي هذا الحديث أنَّ الله جلَّ جلالُه في السَّماءِ كقوله تعالى: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ} (¬1)، والله تعالى مَوصوفٌ بذلك من غَيرِ تَكْييفٍ ولا تَحْدِيدٍ ولا تَشبيهٍ؛ إذ ليس كمِثله شيء، وقد ذكرنَا في حديثِ التَّنَزُّل طريقَ العِصْمَةِ في هذا الباب، والله المُوَفّقُ للصواب، انظره لأبي هريرة (¬2). وفي هذا الحديثِ الأمْرُ بالعِتقِ مُطلَقًا، وغيرُ مالكٍ يقول فيه: "اعْتِقها فإنّها مُؤمِنَةٌ". خرَّجه مسلمٌ في الصلاة (¬3). ¬

_ (¬1) سورة: الملك، الآية: (17). (¬2) سيأتي حديثه (3/ 318)، وهذا مذهب أهل السنة كما تقدمَّ في مبحث: عقيدة المصنف من قسم الدراسة (1/ 83). (¬3) صحيح مسلم كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: تحريم الكلام في الصلاة (1/ 381) (رقم: 537) من طريق يحيى بن أبي كثير، عن هلال به.

32 - مسند عثمان بن عفان القرشي الأموي

32 - مسند عُثمان بنِ عَفَّان القرشي الأموي أربعة أحاديث. 104 - حديث: "لا يَنكِحُ المُحرِمُ ولا يُنكِح، ولا يَخْطب". في الحج. عن نافِع، عن نُبَيه بنِ وَهْب أَخِي بَني عبدِ الدَّار (¬1): "أنَّ عُمر بنَ عُبيد الله أَرْسَلَ إلى أبان بنِ عثمان وهما مُحْرِمَان ليَحْضُرَ نِكاحًا ... "، فَذَكَرَه عن عثمان (¬2). سَمِعَه نُبَيهٌ مِن أَبانٍ، وذَكَرَ فيه أيُّوب بنُ موسى، عن نافِع، عن نُبَيْهٍ: أنَّه كان الرسولَ إليه. خرَّجه مسلمٌ (¬3)، وكان أبانٌ حِينئذ أَمِيرَ الحُجَّاج. ¬

_ (¬1) نُبَيه: بالتصغير. (¬2) الموطأ كتاب: الحج، باب: نكاح المحرم (1/ 283) (رقم: 70). وأخرجه مسلم في صحيحه كتاب: النكاح، باب: نكاح المحرم وكراهة خطبته (2/ 1030) (رقم: 1409) من طريق يحيى النيسابوري. وأبو داود في السنن كتاب: الحج، باب: المحرم يتزوج (2/ 421) (رقم: 1841) من طريق القعنبي. والنسائي في السنن كتاب: المناسك (5/ 192) من طريق قتيبة ويحيى، وفي النكاح، باب: المحرم يتزوج (6/ 88) من طريق ابن القاسم ومعن. وابن ماجه في السنن كتاب: النكاح، باب: المحرم يتزوج (1/ 632) (رقم: 1966) من طريق عبد الله بن رجاء المكي، ستتهم عن مالك به. (¬3) لم يَرِد ذلك من طريق أيوب بن موسى، وإنما ورد من طريق حماد بن زيد عن أيوب - وهو السختياني - عن نافع حدَّثني نبيه بن وهب قال: "بعثني عمر بن عبيد بن معمر وكان يخطب بنت شيبة بن عثمان على ابنه، فأرسلني إلى أبان بن عثمان وهو على الموسم ... "، الحديث. انظر: صحيح مسلم (2/ 1030) (رقم: 1409). =

105 - حديث: لأُحَدِّثُكُم حديثًا لولا آيةٌ في كِتابِ الله تعالى ما حَدَّثْتُكُمُوه ... فيه: "ما مِنْ امْرِئٍ يَتَوضَّأُ فيُحْسِنُ وُضوءَه ثم يُصَلِّي الصَّلاَةَ إلاّ غُفِرَ له". في جامع الوضوء. عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن حُمْران مولى عثمان بن عَفَّان، عن عثمان (¬1). الرواية عند الجمهور: "لولا آيةٌ"، بالياء، وهو الأصَح (¬2). وعند بعض الرواة: "لولا أنَّه"، بالنون (¬3). وقال مالك في آخره: "أُراه يريد هذه الآيةَ {أَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ} (¬4) ". وقال الزهري، عن عروة: "الآية: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ ¬

_ = ورواه مسلم في (ص: 1031) من طريق أيوب بن موسى، عن نُبيه، وليس فيه أنَّه كان الرسول. فلعلَّ المصنف سبق نظره إلى رواية أيوب بن موسى فظنَّها رواية أيوب السختياني، أو ظنَّ أنَّ أيوب الذي روى عنه حماد بن زيد هو أيوب بن موسى لوروده في السند غير منسوب، والله أعلم. (¬1) الموطأ كتاب: الطهارة، باب: جامع الوضوء (1/ 55) (رقم: 29). وأخرجه النسائي في السنن كتاب: الطهارة، باب: ثواب من توضأ كما أمر (1/ 91) من طريق قتيبة عن مالك به. (¬2) وهي رواية: أبي مصعب الزهري (1/ 32) (رقم: 73)، وابن القاسم (ص: 489) (رقم: 476 - مع تلخيص القابسي -)، وابن بكير (ل: 9/ أ - نسخة السليمانية-)، والقعنبي (ل: 7/ ب - نسخة الأزهرية -). (¬3) وهي رواية يحيى الليثي، وسويد بن سعيد (ص: 76) (رقم: 58). (¬4) سورة هود، الآية: (114).

الْبَيِّنَاتِ} (¬1)، على القَطْع (¬2). وأظنُّ مالكًا إنَّما ذَهبَ إلى ذلكَ بحديثِ ابنِ مسعود في سَبَب نُزول الآيةِ الَّتي ذَكَرَ، والله أعلم، وحديثُ ابنِ مسعود مُخَرَّجٌ في الصحيح (¬3). 106 - حديث: "لا تَبِيعُوا الدِّينارَ بالدِّينارَيْن، ولا الدِّرهَم بالدِّرهَمَيْن ... ". بلغه عن جدِّه مالك بنِ أبي عامِر، عن عثمان (¬4). هذا مقطوعٌ في الموطأ (¬5)، ورواه عبد العزيز بن أبي حازِم، عن مالك بن أنس، عن مَولًى لَهم - قيل: اسمُه كَيْسَان -، عن مالك بن أبي عامِر، خرّجه الجَوهريُّ، وهذا غيرُ ثابتٍ (¬6). ¬

_ (¬1) سورة البقرة، الآية: (159). (¬2) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الطهارة، باب: الوضوء ثلاثا (1/ 60/ 160). ومسلم في صحيحه كتاب: الطهارة، باب: فضل الوضوء والصلاة عقبه (1/ 206) (رقم: 227). (¬3) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الصلاة، باب: الصلاة كفارة (1/ 166) (رقم: 526). ومسلم في صحيحه كتاب: التوبة، باب: قوله تعالى: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} (4/ 2115) (رقم: 2773). وفيه: "أنَّ رجلًا أصاب من امرأة قبلة فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبره فأنزل الله: {أَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ}، فقال: الرجل: ألي هذا؟ قال: لجميع أمتي كلهم). ورجح الحافظ ابن حجر قول عروة المذكور بالجزم. انظر: الفتح (1/ 314). (¬4) الموطأ كتاب: البيوع، باب: بيع الذهب بالفضة تبرا وعينا (2/ 492) (رقم: 32). (¬5) الانقطاع بين الإمام مالك وجدّه مالك بن أبي عامر، وانظر الموطأ برواية: أبي مصعب الزهري (2/ 334) (رقم: 2539)، وسويد بن سعيد (ص: 242) (رقم: 507)، ويحيى بن بكير (ل: 94/ أ - نسخة الظاهرية -). وأخرجه الجوهري في مسند الموطأ (ل: 152/ أ) من طريق القعنبى. (¬6) أخرجه الطحاوي في شرح المعاني (4/ 65، 66)، وابن عبد البر في التمهيد (24/ 209) من طريق يعقوب بن حُميد بن كاسب، عن عبد العزيز بن أبي حازم به. =

وابنُ وَهبٍ يرويه عن مَخْرَمَةَ، عن أبيه، عن سليمان بن يسار، عن مالك بن أبي عامر، عن عثمان. خرّجه مسلم من طريقِه (¬1). وقال زكريا بن يحيى السَّاجي: "ذَكَروا أنَّ مالكًا أخَذَه عن مَخْرَمةَ، عن أبيه" (¬2). وقال: قال عبد الله بن أحمد - يعني ابنَ حنبل -: قال أبي: "أَخْرَج ¬

_ = وقال ابن عبد البر: "يقال: اسم هذا المولى كيسان ولا يصح". قلت: عبد العزيز بن أبي حازم سلمة بن دينار صدوق، كما في التقريب (رقم: 4088)، وخالفه أصحاب الموطأ كما سبق، ولعل الخطأ من الراوي عنه يعقوب. قال عباس بن عبد العظيم العنبري: "يوصل الحديث". تهذيب الكمال (32/ 321). وقال زكريا بن يحيى الحلواني: "رأيت أبا داود السجستاني صاحب أحمد بن حنبل قد ظاهر بحديث ابن كاسب، وجعله وقايات على ظهور ركبته (كذا والصواب كتبه) فسألته عنه فقال: رأينا في مسنده أحاديث أنكرناها فطالبناه بالأصول فدافعها (كذا والصواب فدافعنا) ثم أخرجها بعد، فوجدنا الأحاديث في الأصول مغيّرة بخط طريّ كانت مراسيل فأسندها وزاد فيها". الضعفاء للعقيلي (4/ 446)، وانظر: الميزان (6/ 125). وقال ابن عدي: "لا بأس به وبرواياته، وهو كثير الحديث الغرائب، وكتبت مسنده عن القاسم بن مهدي ... وفيه من الغرائب والنسخ والأحاديث العزيزة وشيوخ من أهل المدينة يروي عنهم كاسب ولا يروي غيرُه عنهم". الكامل (7/ 151). وقال الذهبي: "كان من علماء الحديث، لكنه له مناكير وغرائب". الميزان (6/ 125). وقال ابن حجر: "صدوق ربما وهم". التقريب (رقم: 7815). وانظر: تهذيب الكمال (32/ 318)، تهذيب التهذيب (11/ 336). (¬1) صحيح مسلم كتاب: البيوع، باب: الربا (3/ 1209) (رقم: 1585). وسيأتي أنَّ هذا منقطع عند قوم، للانقطاع بين مخرمة وأبيه، وأنه كتاب وجده. (¬2) قال أبو حاتم: "سألت إسماعيل بن أبي أُويس قلت: هذا الذي يقول مالك بن أنس: حدّثني الثقة، من هو؟ قال: مخرمة بن بكير بن الأشج". الجرح والتعديل (8/ 363). قلت: ولكن الرواية هنا بلاغ، وليست عن الثقة.

مخرمةُ بنُ بُكير كُتُبًا فقال: هذه كُتُبُ أَبِي، ولَمْ أسمعْ من أبي شيئًا" (¬1). ¬

_ (¬1) قول الإمام أحمد في العلل (2/ 173 - رواية عبد الله -) وفيه: قال أبي: "سمعته من حماد الخياط: أخرج مخرمة ... ". وقال أبو طالب: "سألت أحمد عن مخرمة بن بكير فقال: هو ثقة، لم يسمع من أبيه شيئًا إنما يروي من كتاب أبيه"، الجرح والتعديل (8/ 363). وقال الميموني: سمعت أبا عبد الله يقول: "أخذ مالك كتب مخرمة بن بكير فنظر فيه، فكلُّ شيء يقول بلغني عن سليمان بن يسار فهو من كتاب مخرمة". تهذيب الكمال (27/ 326). وهذا الذي قاله الإمام أحمد هو قول ابن معين، وعلي بن المديني، وأبي داود، وابن حبان، وابن القطان، وظاهر صنيع الدارقطني. انظر: تاريخ ابن معين (3/ 254 - رواية الدوري-)، الجرح والتعديل (8/ 363)، الكامل (6/ 428)، الثقات (7/ 510)، تهذيب الكمال (27/ 326)، بيان الوهم والإيهام (2/ 372)، (5/ 237)، التتبع (ص: 23 - 2235). وروى ابن عدي وابن أبي حاتم بأسانيد عن ابن أبي مريم، عن خاله موسى بن سلمة: "أنه أتى مخرمة فحدّثه عن أبيه، ثم ذكر له أنه لم يسمع من أبيه، وإنما هي كتب". انظر: الجرح والتعديل (8/ 364)، الكامل (6/ 428). وذكر البخاري عن حماد بن خالد الخياط قال: "أخرج مخرمة بن بكير كتبا فقال: هذه كتب أبي، لم أسمع منها شيئًا". التاريخ الكبير (8/ 16). وذهب معن بن عيسى إلى تصحيح روايته عن أبيه، وأنه سمع منه، قال ابن عدي: "ثنا ابن حماد، ثنا أحمد بن يعقوب، ثنا علي بن المدبني: سمعت معن بن عيسى يقول: مخرمة سمع من أبيه، وعرض عليه ربيعة أشياء من رأي سليمان بن يسار. قال علي: ولا أظن مخرمة سمع من أبيه كتاب سليمان، لعله سمع الشيء اليسير، ولم أجد بالمدينة من يخبرني عن مخرمة أنه كان يقول في شيء من حديثه: سمعت أبي". الكامل (6/ 428). قلت: والرواية التي ذكرها المصنف عن مسلم في صحيحه من طريق ابن وهب، عن مخرمة، عن أبيه، عن سليمان بن يسار، عن مالك بن أبي عامر، عن عثمان. ضعيفة على قول من لم يثبت له سماعًا، ولعلها من الشيء اليسير الذي سمعه من أبيه عن سليمان كما قال ابن المديني، والله أعلم. وهي على مذهب مسلم محمولة على الاتصال، وهو الظاهر، فقد أورد في صحيحه أحاديث كثيرة =

ومالكُ بن أبي عامر هو جَدُّ مالكِ بن أنس (¬1). 107 - حديث: "من شَهِدَ العِشاءَ فكأنَّما قامَ نِصفَ ليلةٍ، ومن شَهِدَ الصُّبحَ فكأنَّما قام ليلةً". في الصلاة، الثاني. ¬

_ = عن مخرمة عن أبيه، وسيأتي ذكر بعضها في هذا الكتاب. وقال ابن أبي أُويس: "وجدت في ظهر كتاب مالك: سألت مخرمة عما يحدّث به عن أبيه سمعها من أبيه؟ فحلف لي وقال: ورب هذه البنية - يعني المسجد - سمعت من أبي). الجرح والتعديل (8/ 364). وهذا الأثر من أبي أُويس وجادة، ولم يذكر هل كان الخط خط مالك أو غيره؟ ! فلا يعارض ما نص عليه الأئمة والله أعلم. ثم وجدت في تاريخ أبي زرعة الدمشقي (1/ 442) قال: حدّثني أحمد بن صالح، قال: حدّثني ابن أبي أويس، قال: "رأيت في كتاب مالك بخطّه: قلت لمخرمة في حديث: سمعته من أبيك؟ فحلف لي لسمعه من أبيه". ومن طريقه أخرجه أيضا ابن حبان في الثقات (7/ 510)، لكن وقع فيه: "ما حدّثتني سمعته من أبيك". وذكر المحقق أنَّ في الأصل: حدّثني. ولعل الصواب ما وقع في تاريخ أبي زرعة. قلت: وهذا أيضا وجادة، ولو صح يحمل سماعه على حديث معيّن سأله عنه مالك، والذي تطمئن إليه النفس أنَّه لم يسمع من أبيه شيئًا، وأنَّ روايته عن أبيه وجادة، وهو ما قاله مخرمة نفسه كما سبق، وإلى هذا مال ابن حجر فقال في حديث رواه مسلم عن مخرمة عن أبيه (وهو حديث ساعة الإجابة يوم الجمعة): "أُعلّ بالانقطاع والاضطراب، أما الانقطاع فلأن مخرمة بن بكير لم يسمع من أبيه، قاله أحمد عن حماد بن خالد عن مخرمة نفسه، وكذا قال سعيد بن أبي مريم عن موسى بن مسلمة عن مخرمة، وزاد: إنما هي كتب كانت عندنا، وقال علي بن المديني: لم أسمع من أهل المدينة من يقول عن مخرمة عنه قال في شئ من حديثه: سمعت أبى، ولا يُقال مسلم يكتفي في المعنعن بإمكان اللقاء مع المعاصرة، وهو كذلك هنا، لأنا نقول: وجود التصريح عن مخرمة بأنه لم يسمع من أبيه كاف في دعوى الانقطاع". الفتح (2/ 489). وللحديث شواهد عدة، منها ما سيأتي في مسند أبي سعيد (3/ 248). (¬1) انظر: تهذيب الكمال (27/ 148)، تهذيب التهذيب (10/ 17).

عن يحيى بن سعيد، عن محمّد بن إبراهيم التَّيْمي، عن عبد الرحمن بن أبي عَمْرَة الأنصاري، عن عثمان قوله، وفيه قصة (¬1). هكذا هو عند مالكٍ موقوفٌ (¬2). ورفعه أبو حَفص الأبَّار عمرُ بن عبد الرحمن الكوفى، عن يحيى بن سعيد، بإسنادِه. ذكره الدارقطني (¬3). ورواه سفيان الثوري، عن أبي سهل عثمان بن حَكيم الأنصاري، عن ابن أبي عَمْرَةَ - وهو القاصُّ -، عن عثمان مرفوعًا، وأعاد فيه ذِكرَ العشاءِ مع ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: صلاة الجماعة، باب: ما جاء في العتمة والصبح (1/ 127) (رقم: 7). (¬2) انظر الموطأ برواية: أبي مصعب الزهرى (1/ 130) (رقم: 329)، وسويد بن سعيد (ص: 127) (رقم: 201)، والقعنبي (ل: 24/ أ- نسخة الأزهرية-)، وابن بكير (ل: 22/ ب- نسخة السليمانية-). وله حكم الرفع، ومثل هذا لا يقال بالرأي. وانظر: التمهيد (23/ 352). (¬3) العلل (3/ 48). ورواية أبي حفص الأبار: عند الطبراني في المعجم الأوسط (5/ 175) (رقم: 4991)، والصغير (2/ 47) (رقم: 757)، وابن عبد البر في التمهيد (23/ 354) من طريق أبي الربيع الزهراني عنه به. وقال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن يحيى بن سعيد إلا أبو حفص الأبار تفرّد به أبو الربيع الزهراني". وقال الدارقطني: "خالفه مالك، وحماد بن زيد، وعبد الله بن المبارك، وسفيان بن عيينة، فرووه عن يحيى بن سعيد موقوفًا غير مرفوع". العلل (3/ 48). وقال أيضا: "رفعه الأبار عن يحيى فلا يحتج على مَن وقفه؛ لأنَّهم أحفظ". التتبع (ص: 411). قلت: وأبو حفص عمر بن عبد الرحمن الأبار صدوق يحفظ كما في التقريب (رقم: 4937). فرواية الجماعة أولى من روايته، لكن للموقوف حكم المرفوع كما تقدّم. وأبو الربيع الزهراني اسمه سليمان بن داود، قال عنه الحافظ: "ثقة لم يتكلّم فيه أحد بحجة". التقريب (رقم: 2556).

الصبح وهو الأصح. خرّجه أبو داود والترمذي، وانظره لمسلم (¬1). * حديث: "إذا مَسَّ الختانُ الختانَ فقد وجَبَ الغُسلُ". مذكور في مسند عائشة من طريق سعيد (¬2) وأبي سلمة (¬3). فصل: عثمان هو ابنُ عَفَّان بنِ أبي العاصِي (¬4) بنِ أُمَيَّة - وإليه يُنْسَبُ - ابنِ عبدِ شَمس بن عبد مَنَاف - وفيه يَجتَمع مع النبيّ - صلى الله عليه وسلم - (¬5). خُرِّج في الصحيح من طريق قتادةَ، عن أنس قال: "صَعِدَ النبىُّ - صلى الله عليه وسلم - أُحُدًا ومعه أبو بكر وعُمر وعثمان فزَحَفَ (¬6) "الجَبَلُ، فقال: اسْكُنْ أُحُدًا ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في السنن كتاب: الصلاة، باب: فضل صلاة الجماعة (1/ 376) (رقم: 555)، والترمذي في السنن كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في فضل العشاء والفجر في جماعة (1/ 433) (رقم: 221) من طريق سفيان الثوري عن أبي سهل به. وأخرجه مسلم في صحيحه كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: فضل صلاة العشاء والصبح في جماعة (1/ 454) (رقم: 656) من طريق سفيان وعبد الواحد بن زياد عن أبي سهل به. وقال الترمذي: "وقد روي هذا الحديث عن عبد الرحمن بن أبي عمرة عن عثمان موقوفا، وروي من غير وجه عن عثمان مرفوعًا". وقال الدارقطني: "والأشبه بالصواب حديث الثوري (أي مرفوعًا) وقد أخرجه مسلم في صحيحه". العلل (3/ 50). (¬2) انظر: (4/ 100). (¬3) انظر: (4/ 91). (¬4) قال النووي: "الجمهور على كتابة العاصي بالياء، وهو الفصيح عند أهل العربية، ويقع في كثير من كتب الحديث والفقه أو أكثرها بحذف الياء، وهي لغة، وقد قرئ في السبع كـ {الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ} و {الدَّاعِ}، ونحوهما". انظر: تهذيب الأسماء واللغات (2/ 30 - ترجمة عمرو بن العاصي-). (¬5) نسب قريش (ص: 101)، التبيين في أنساب القرشيين (ص: 150). (¬6) في الصحيح: "فرجف" بالراء والجيم.

فليس عليكَ إلاَّ نَبِيٌّ وصِدِّيقٌ وشَهِيدان" (¬1). ومن طريق أبي موسى الأشعري قال: "دَخَلَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - حائِطًا وأَمَرَنِي بحِفظِ بابِ الحائِطِ، فجاء رَجلٌ يستَأذِنُ، فقال: ائذَن له وبَشِّرْه بالجَنَّةِ، فإذا أَبو بَكرٍ، ثم جاءَ آخَرُ يستأذِنُ، فقال: ائْذَنْ له وبَشِّرْه بالجَنَّةِ، فإذا عمرُ، ثم جاء آخَرُ يستأذِنُ، فسَكَتَ هُنَيَّةً (¬2) ثمَّ قال: ائذَنْ له وبَشِّرْه بالجَنَّةِ على بَلْوَى تُصِيبُه، فإذا عُثمان بن عَفَّان" (¬3). ورُوي عن عبد الله بن عمر أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - ذَكَرَ فِتنةً فقال: "يُقتَلُ فيها هذا مظلومًا"، لعثمان رضي الله عنه (¬4). ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: فضائل أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، باب: فضائل أبي بكر بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - (4/ 563) (رقم: 3675)، وفي باب: مناقب عمر (4/ 567) (رقم: 3686)، وفي باب مناقب عثمان (4/ 571) (رقم: 3699). (¬2) في الأصل: "هَيْبَةً"، والصواب المثبت كما في صحيح البخاري. (¬3) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: فضائل أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، باب: مناقب عمر (4/ 569) (رقم: 3693)، وفي باب: مناقب عثمان (4/ 569) (رقم: 3695)، وفي أخبار الآحاد (8/ 485) (رقم: 7262). ومسلم في صحيحه كتاب: فضائل الصحابة، باب: من فضائل عثمان بن عفان (4/ 1867 - 1869) (رقم: 2403). واللفظ للبخاري. (¬4) أخرجه الترمذي في السنن كتاب: المناقب، باب: في مناقب عثمان رضي الله عنه (5/ 588) (رقم: 3708)، وأحمد في المسند (2/ 115)، والآجري في الشريعة (4/ 1947) (رقم: 1420) من طريق أسود بن عامر، عن سنان بن هارون، عن كليب بن وائل، عن ابن عمر به. وقال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب". قلت: وهو حسن، سنان بن هارون: صدوق فيه لين كما في التقريب (رقم: 2644). وكليب بن وائل: صدوق كما في التقريب (رقم: 5663). ونقل المباركفوري في تحفة الأحوذي (10/ 203) عن الحافظ تصحيحه لإسناد الإمام أحمد. وكذا قال أحمد شاكر في تعليقه على المسند (8/ 171)، ورجّح توثيق سنان وكُليب.

33 - مسند عثمان بن أبي العاصي الثقفي

33 - مسند عثمان بن أبي العاصي الثَّقَفي حديث واحد. 108 - حديث: "أَتَى رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: وبِي وَجَعٌ ... ". فيه: "امْسَحْه بِيَمِينِك سَبعَ مَرَّاتٍ وقُلْ: أَعُوذُ بِعِزَّةِ الله وقُدْرَتِه". في الجامع. عن يزيد بن خُصَيفة (¬1)، عن عَمرو بن عبد الله بن كَعب السّلمِيِّ، عن نافع بن جُبَير، عن عثمان بن أبي العاصي (¬2). خَرَّجَه مسلمٌ من طريق الزهري، عن نافع (¬3). ولم يُخَرِّج البخاريُّ عن عثمانَ بن أبي العاصِي شيئًا. وذَكَرَ الطيالسيُّ خلافًا في سَنَدِه (¬4). ¬

_ (¬1) هو يزيد بن عبد الله بن خُصيفة -بضم الخاء، وبعدها مهملة- منسوب إلى جدّه. (¬2) الموطأ كتاب: العين، باب: التعوّذ والرقية في المرض (2/ 718) (رقم: 9). وأخرجه أبو داود في السنن كتاب: الطب، باب: كيف الرقى (4/ 217) (رقم: 3891) من طريق القعنبي. والنسائي في السنن الكبرى كتاب: عمل اليوم والليلة، باب: ذكر ما يقول الإنسان على ما يؤلمه من جسده (6/ 248) (رقم: 10837) من طريق معن. وأحمد في المسند (4/ 21) من طريق إسحاق الطباع وروح، أربعتهم عن مالك به. (¬3) صحيح مسلم كتاب: السلام، باب: استحباب وضع يده على موضع الألم مع الدعاء (4/ 1728) (رقم: 2202). (¬4) قال أبو داود الطيالسي: حدّثنا أبو مِعشر، عن يزيد بن خُصيفة، عن عمرو بن عبد الله بن كعب بن مالك، عن أبيه: أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم -، وذكر الحديث. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = ثم قال: "وهذا الحديث يرويه مالك بن أنس، عن يزيد بن خصيفة، عن عمرو بن عبد الله بن كعب بن مالك، عن نافع بن جُبير بن مطعم". المسند (ص: 127). قلت: ووجه الخلاف أنَّ أبا معشر لم يذكر في سنده نافع بن جبير، وجعله من مسند كعب بن مالك. وأخرجه من طريقه أيضا أحمد في المسند (6/ 390)، والطبراني في المعجم الكبير (19/ 92) (رقم: 179)، وفي الدعاء (3/ 1335) (رقم: 1134). ورواية مالك أرجح وأصح، فمالك إمام، وأبو معشر متكلم فيه، واسمه نجيح، وتقدّم أنه ضعيف (ص: 248)، وهذا يكفي في ردّ روايته. ويؤيّد ذلك أيضًا: أولا: أنَّ مالكًا توبع على إسناده، تابعه جماعة، منهم: - إسماعيل بن جعفر، عند النسائي في السنن الكبرى (6/ 248) (رقم: 10838)، والإمام أحمد في المسند (4/ 217)، وفى حديث وائل بن حجر عنه (ص: 530) (رقم: 328)، والحاكم في المستدرك (1/ 343)، والطبراني في المعجم الكبير (9/ 46) (رقم: 8343)، وفي الدعاء (3/ 1334) (رقم: 1131). - وزهير بن محمد، عند ابن ماجه في السنن كتاب: الطب، باب: ما عوَّذ به النبي - صلى الله عليه وسلم - (2/ 1163) (رقم: 3522)، وابن أبي شيبة في المصنف (6/ 63) (رقم: 29500)، والطبراني في المعجم الكبير (9/ 46) (رقم: 8341)، وفي الدعاء (3/ 1334) (رقم: 1132)، وأبي نعيم في معرفة الصحابة (2/ ل: 78/ أ)، وقال زهير كما في بعض المصادر: عمر بن عبد الله، بدل: عمرو، ووقع عند أبي نعيم: عون، وهو تصحيف، وأشار الطبراني وأبو نعيم إلى هذا الاختلاف. - وإسحاق بن أبي فروة، عند الطبراني في المعجم الكبير (9/ 45) (رقم: 8342)، وفي الدعاء (3/ 1335) (رقم: 1133)، وقال إسحاق -وهو متروك-: محمد بن عمرو بن كعب، وأشار أبو نعيم إلى هذا الاختلاف في كتابه. ثانيا: إخراج مسلم هذا الحديث من طريق الزهري عن نافع، كرواية مالك سواء، وتقدّم. ثالثا: هذا ما رجّحه أبو حاتم الرازي، قال ولده عبد الرحمن: "سألت أبي عن حديث رواه أبو معشر، عن يزيد بن خصيفة، عن عمرو بن عبد الله بن كعب بن مالك، عن أبيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال أبي: أخطأ أبو معشر في هذا الحديث، إنما هو ما رواه مالك بن أنس، عن يزيد بن خصيفة، عن نافع ابن جبير، عن عثمان بن أبي العاص، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو الصحيح". علل الحديث (2/ 270).

34 - مسند علي بن أبي طالب

34 - مسند عليِّ بن أبي طالب وأبو طالِبٍ عَمُّ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وهو عَبد مَنَاف بن عبد المُطلب. أربعةُ أحاديث. 109 - حديث: "نَهَى عن مُتْعَةِ النِّساء يومَ خَيبَرَ، وعن أَكْلِ لُحُوم الحُمُر الإِنسِيَّة". في النكاح. عن ابن شهاب، عن عبد الله والحسن ابني محمّد بن علي، عن أبيهما، عن عليِّ بن أبي طالب رضي الله عنهما (¬1). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: النكاح، باب: نكاح المتعة (2/ 427) (رقم: 41). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: المغازي، باب: غزوة خيبر (5/ 93) (رقم: 4216) من طريق يحيى بن قزعة. وفي الذبائح والصيد، باب: لحوم الحمر الإنسية (6/ 583) (رقم: 5523) من طريق عبد الله بن يوسف. ومسلم في صحيحه كتاب: النكاح، باب: نكاح المتعة ... (2/ 1027) (رقم: 1407) من طريق يحيى النيسابوري وجويرية. والترمذي في السنن كتاب: الأطعمة، باب: ما جاء في لحوم الحمر الأهلية (4/ 223) (رقم: 1794) من طريق يحيى بن سعيد. والنسائي في السنن كتاب: النكاح، باب: تحريم المتعة (6/ 126) من طريق ابن القاسم ويحيى بن سعيد. وفي الصيد والذبائح، باب: تحريم أكل الحمر الأهلية (7/ 202) من طريق ابن وهب. وابن ماجه في السنن كتاب: النكاح، باب: النهي عن نكاح المتعة (1/ 630) (رقم: 1961) من طريق بشر بن عمر الزهراني. والدارمي في السنن كتاب: الأضاحى، باب: في لحوم الحمر الأهلية (2/ 118) (رقم: 1990) من طريق أحمد بن عبد الله، تسعتهم عن مالك به.

وقع في كتاب يحيى بن يحيى: "عن أبيهما"، سَقَطَ له كلمةُ عن (¬1) والصوابُ: عن عليٍّ (¬2). وأبوهما هو محمّد بن الحنفية، خَرَّج البخاريُّ ومسلمٌ هذا الحديثَ (¬3). وقال مُصعب الزبيري: "عبد الله بن محمّد بن علي يُكنى أبا هاشم، كان صاحب الشيعة، والحسنُ أخوه أوَّلُ من تَكَلَّمَ في الإرْجَاء" (¬4). ¬

_ (¬1) أي: عن أبيهما علي بن أبي طالب، كذا جاء الإسناد في هامش نسخة المحمودية (ب) (ل: 127/ ب)، وفي الأصل: عن أبيهما عن علي، وكأنَّ الناسخ وجده في الأصل الذي نقل منه كذلك، أو هو في نسخة أخرى وقف عليها. وجاء على الصواب في نسخة المحمودية (أ) (ل: 86/ أ)، وفي نسخة شستربتي (ل: 80/ أ). (¬2) قال ابن عبد البر: "لم يختلف رواة الموطأ -فيما علمت- في إسناد هذا الحديث". التمهيد (10/ 94). فلعل ما حكاه المصنِّف عن يحيى موجود في بعض النسخ دون بعض، والله أعلم. (¬3) سبق تخريجه. (¬4) نسب قريش (ص: 75). وأخرجه ابن أبي خيثمة في تاريخه (2/ ل: 174/ ب) قال: حدّثنا مصعب به. وهو في (ص: 424 - رسالة كمال-) مختصرًا. وانظر: التمهيد (10/ 90). وأما قول مصعب الزبيري في أخيه: "إنّه أول من تكلّم في الإرجاء"، فهو قول ابن سعد أيضًا كما في الطبقات (5/ 252)، والعجلي كما في الثقات (ص: 117، 118)، ونقله المزي عن مغيرة بن مقسم وعثمان بن إبراهيم بن حاطب كما في تهذيب الكمال (6/ 321). إلاّ أنَّ الإرجاء الذي تكلّم به الحسن غير الإرجاء المعهود في قضايا الإيمان والعمل. قال الحافظ ابن حجر: "المراد بالإرجاء الذي تكلم الحسن بن محمد فيه غير الإرجاء الذي يعيبه أهلُ السنة المتعلق بالإيمان، وذلك أني وقفت على كتاب الحسن بن محمد المذكور، أخرجه ابن أبي عمر العدني في كتاب الإيمان له في آخره قال: حدّثنا إبراهيم بن عيينة عن عبد الواحد بن أيمن قال: كان الحسن بن محمد يأمرني أن أقرأ هذا الكتاب على الناس: أما بعد: فإنا نوصيكم بتقوى الله ... فذكر كلاما كثيرا في الموعظة والوصية لكتاب الله واتّباع ما فيه، وذكر اعتقاده، ثم قال في آخره: ونوالي أبا بكر وعمر رضي الله عنهما، ونجاهد فيهما لأنهما لم تقتتل عليهما الأمة، =

وذكر البخاري في التاريخ عن الزهري أنَّه قال: "كان الحَسنُ أَوْثَقَهُما في أنفُسِهِما، وكان عبد الله يَتْبَعُ السَّبَائِيَّة" (¬1)، وهم صِنْفٌ من الرَّوافِضِ (¬2). ¬

_ = ولم تشك في أمرهما، ونرجئ من بعدهما ممن دخل في الفتنة، فنَكِلُ أمرَهم إلى الله ... إلى آخر الكلام، فمعنى الذي تكلَّم فيه الحسن أنه يرى عدم القطع على إحدى الطائفتين المقتتلتين في الفتنة بكونه مخطئًا أو مصيبًا وكان يرى أنه يرجئ الأمر فيهما، وأما الإرجاء الذي يتعلق بالإيمان فلم يعرِّج عليه فلا يلحقه بذلك عاب والله أعلم". تهذيب التهذيب (2/ 277). وانظر تهذيب الكمال (6/ 321). (¬1) التاريخ الكبير (5/ 187)، وفيه: "أنفسنا" بدل "أنفسهما"، وكذا وقع في مسند أحمد (1/ 79). وجاء في تهذيب الكمال (16/ 87): "كان الحسن أرضاهما، وفي رواية: وكان الحسن أوثقهما في أنفسنا، قال: وكان عبد الله يتّبع السبئية، وفي رواية: مجمع أحاديث السبئية وهم صنف من الروافض". والخبر في المعرفة والتاريخ (2/ 737) بنحوه. (¬2) السَبَئيّة بمهملة ثم موحّدة، نسبة إلى عبد الله بن سبأ اليهودي الذي ادّعى الإلهية في علي - رضي الله عنه - وأنه لم يمت وهو في السحاب والرعد صوته، والبرق سوطه، وسيرجع علي إلى الأرض فيملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا ... إلى آخر ما ذكر في اعتقاداتهم الفاسدة. قال الذهبي: "عبد الله بن سبأ من غلاة الزنادقة، ضالٌّ مضلٌّ، أحسب أنّ عليًّا حرّقه بالنار". انظر: التعريفات للجرجاني (ص: 117)، الملل والنحل للشهرستاني (1/ 117)، مقالات الإسلاميين (1/ 86)، ميزان الاعتدال (3/ 140). وهذا الذي ذكره المصنف مما انتُقد على عبد الله بن محمد بن علي بن أبي طالب من اتّباعه للسبئية وأنه صاحب الشيعة. وقال ابن سعد: "وكان أبو هاشم صاحب علم ورواية، وكان ثقة قليل الحديث، وكانت الشيعة يلقونه ويتولّونه، وكان بالشام مع بني هاشم فحضرته الوفاة فأوصى إلى محمد بن علي بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب وقال: أنت صاحب هذا الأمر وهو في ولدك، واصرف الشيعة إليه". الطبقات (5/ 252). وذكر مثله ابن الحذاء في التعريف برجال الموطأ (ل: 58/ ب). وعقب الذهبي على قوله فقال: "ماذا بحمد الله جرح والله أعلم". الميزان (3/ 196). وأما إخراج البخارى له في صحيحه فمقرونا بأخيه، كما في الجمع بين رجال الصحيحين (1/ 258). وقال الحافظ: "ليس له في البخاري سوى هذا الحديث". الفتح (9/ 72).

واختُلِف في وقت النَّهي عن المُتعة (¬1). وقال البخاري: "كان ابنُ أبي أويس يقول: "الحُمُرُ الأَنَسِيَّة"، بفتح الألف والنون" (¬2). 110 - حديث: "نهى عن لُبْسِ القَسِّيِّ (¬3)، وعن تَخَتُّمِ الذَّهَبِ، وعن قِراءةِ القرآنِ في الركوع". ثلاثة فصول. في الصلاة، باب: العمل في القراءة. عن نافع، عن إبراهيم بن عبد الله بن حُنَين، عن أبيه، عن علي (¬4). ¬

_ (¬1) الاختلاف في وقت النهي عنها كثير متشعّب. انظر ما ذُكر في ذلك: التمهيد (10/ 95 - 111)، زاد المعاد (3/ 343 - 345)، الفتح (9/ 73 - 76). (¬2) أورده البخاري تحت حديث سلمة بن الأكوع رضي الله عنه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى نيرانا توقد يوم خيبر فقال: "على ما توقد هذه النيران؟ " قالوا: على الحمر الإنسية. قال: "اكسروها وأهريقوها" .. انظر: صحيح البخاري كتاب: المظالم، باب: هل تكسر الدنان التي فيها خمر ... (3/ 150) (رقم: 2477). قال الحافظ تعليقًا على قول ابن أبي أويس: "يعني أنها نُسبت إلى الأَنَس بالفتح ضد الوحشة، تقول: أنسته أنسة وأنسا بإسكان النون وفتحها، والمشهور في الروايات بكسر الهمزة وسكون النون نسبة إلى الإنس أي بني آدم؛ لأنها تألفهم وهي ضد الوحشية". الفتح (5/ 146). (¬3) القَسِّيّ: بفتح القاف وتشديد السين، ثيابٌ من كتّان مخلوط بحرير يُؤتى بها مِن مصر، نُسبت إلى قرية على شاطئ البحر قريبا من تنِّيس، يقال لها القَسّ بفتح القاف، وبعض أهل الحديث يكسرها. انظر: مشارق الأنوار (2/ 193)، النهاية (4/ 59). (¬4) الموطأ كتاب: الصلاة باب: العمل في القراءة (1/ 89) (رقم: 28). وأخرجه مسلم في صحيحه كتاب: الصلاة، باب: النهى عن قراءة القرآن في الركوع والسجود (1/ 349) (رقم: 480)، وفي اللباس والزينة، باب: النهي عن لبس الرجل الثوب المعصفر (3/ 1648) (رقم: 2078) من طريق يحيى النيسابوري. وأبو داود في السنن كتاب: اللباس، باب: من كرهه (أي لبس الحرير) (4/ 322) (رقم: 4044) من طريق القعنبي. =

تَكرَّرَ هذا الحديث عند (¬1) ابن القاسم وغيرِه في الجامع، وهناك عن عليٍّ قال: "نهانِي"، بلفظ الاخْتِصَاص، وذكر أربعًا زاد "المُعَصْفَر" (¬2). ولم يتكرَّر عند يحيى، ولا ذَكَر هذه الزيادةَ، ولا اختصاصَ النَّهيِ بعليٍّ. واختُلِف عن نافع وغيرِه في هذا الحديثِ، فمنهم من لم يَذكر فيه عبد الله بن حُنَين، ومنهم من قال: إبراهيم بن عبد الله، عن أبيه، عن ابن عباس، عن علي، ومنهم من أسقط عليًّا. خرَّجه مسلمٌ من طُرق (¬3). ¬

_ = والترمذي في السنن كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في النهي عن القراءة في الركوع والسجود (2/ 49) (رقم: 264) من طريق قتيبة ومعن، وفي اللباس، باب: ما جاء في كراهية المعصفر للرجال (4/ 191) (رقم: 1725) من طريق قتيبة. والنسائي في السنن كتاب: الافتتاح، باب: النهي عن القراءة في الركوع (2/ 189) من طريق قتيبة. وأحمد في المسند (1/ 126) من طريق ابن مهدي وإسحاق الطباع، ستتهم عن مالك به. (¬1) في الأصل: "عن"، ولعل الصواب المثبت. (¬2) انظر: موطأ ابن القاسم (ص: 194) (رقم: 161 - مع تلخيص القابسي -)، وقال (أي القابسي): "هذا لفظ كتاب الجامع، وفي كتاب الصلاة: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن لبس القسّي ... ". وانظر رواية: أبي مصعب الزهري (2/ 82) (رقم: 1901)، وسويد بن سعيد (ص: 558) (رقم: 1334)، وابن بكير (ل: 241/ أ)، وابن وهب كما في الجمع بين روايته ورواية ابن القاسم (ل: 108/ ب). تكرر هذا الحديث عندهم، وذكروا فيه المعصفر إلاّ أنَّ لفظ الاختصاص عند ابن القاسم وابن وهب خاصة، وتابعهما على ذلك يحيى النيسابوري عند مسلم في كتاب اللباس، وقتيبة بن سعيد عند الترمذي في اللباس أيضا، وسبق تخريج الطريقين. (¬3) أخرجه مسلم في صحيحه (1/ 348، 349) (رقم: 480) من طريق ابن شهاب، والوليد بن كثير، وداود بن قيس، وزيد بن أسلم، ونافع، ويزيد بن حبيب، وأسامة بن زيد، ومحمد بن عمرو، وابن إسحاق، كل هؤلاء عن إبراهيم بن عبد الله بن حنين عن أبيه عن علي. وأخرجه من طريق الضحاك بن عثمان، وابن عجلان، عن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن عباس، عن علي. ومن طريق محمد بن المنكدر، عن عبد الله بن حنين، عن على، لم يذكر فيه إبراهيم. =

وقال الدارقطني: "ضَبَطَ مالكٌ إسنادَه" (¬1). 111/ حديث: "كان يَقوم في الجنائزِ ثم جَلَسَ بَعْدُ". عن يحيى بن سعيد، عن واقد بن سَعْد بن مُعاذ، عن نافع بن جُبير بن مُطْعم، عن مسعود بن الحَكم، عن عليٍّ، مختصر (¬2). واقِدٌ منسوب إلى جدِّه (¬3)، وأكثرُ الرواة يقولون فيه: واقد بن عَمرو بنِ سَعْد (¬4). ¬

_ = ومن طريق أبي بكر بن حفص، عن عبد الله بن حنين، عن ابن عباس، لا يذكر في الإسناد عليا. ولم أجد طريق من لم يذكر عبد الله بن حنين عند مسلم. وذكر الدارقطني أن داود بن قيس رواه عنه القعنبي فأسقط من إسناده عبد الله بن حنين، وخالفه يحيى القطان ووكيع وابن وهب فرووه عن داود بن قيس بذكر عبد الله بن حنين في سنده. انظر: العلل (3/ 79). وكذا رواه حماد بن زيد عن نافع، وإسماعيل بن عياش وعبدة بن سليمان عن عبيد الله عن نافع. ذكره الدارقطني في العلل (3/ 83). (¬1) العلل (3/ 82)، وقد تابع نافعًا على إسناده أكثر الرواة، منهم: الزهري وغيره كما سبق، وانظر الاختلاف في سند الحديث ومتنه: (3/ 78 - 88). (¬2) الموطأ كتاب: الجنائز، باب: الوقوف للجنائز والجلوس على المقابر (1/ 201) (رقم: 33). وأخرجه أبو داود في السنن كتاب: الجنائز، باب: القيام للجنازة (3/ 519) (رقم: 3175) من طريق القعنبي عن مالك به. (¬3) أي في رواية يحيى الليثي، وكذا هو في نسخة المحمودية (ب) (ل: 45/ ب). ووقع في المطبوع منه النسبة إلى أبيه عمرو، وكذا في نسخة المحمودية (أ) (ل: 38/ ب)، إلا أنّ الناسخ وضع فوق عمرو ضبة، فكأنها من زيادته، والله أعلم. وقال ابن عبد البر: "هكذا قال يحيى بن يحيى عن مالك واقد بن سعد بن معاذ". التمهيد (23/ 260). (¬4) انظر الموطأ براوية: - ابن بكير (ل: 69/ أ- نسخة الظاهرية-)، وكذا رواه القعنبي عند أبي داود. - والشافعي عند البيهقي في السنن الكبرى (4/ 27)، والحازمي في الاعتبار (ص: 312). =

وعند معن: "كان يقوم إذا رَأَى جَنَازةً حتى تُوضَع" (¬1). 112 - حديث: "أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - نَحَرَ بعضَ هَدْيِه بيدِه ... ". في الحج، في باب: العمل في النحر. عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن عليِّ بن أبي طالب (¬2). مقطوعًا (¬3). هكذا عند يحيى بن يحيى قال فيه: عليٍّ، وتابعه القعنبيُّ (¬4). وهو عند ابنِ القاسم وجمهورِ الرواة: عن جعفر، عن أبيه، عن جابر بن عبد الله (¬5). ¬

_ - وابن وهب عند الطحاوي في شرح المعاني (1/ 488). - وأبو مصعب الزهري عند ابن حبان في صحيحه (الإحسان) (7/ 325) (رقم: 3054)، والبغوي في شرح السنة (3/ 224) (رقم: 1481). (¬1) لم أقف عليه. فائدة: قال ابن عبد البر: "حديث مالك في هذا الباب يدل على أن القيام للجنائز إذا مرّت بالإنسان وقيامه إذا شيّعها وشهدها حتى تدفن منسوخ، وذلك أن الأمر أوّلا كان أن لا يجلس مشيّع الجنازة حتى توضع في اللحد أو في الأرض، وإنّ من مرّت به الجنازة قام، ثم نُسخ ذلك بالتخفيف والحمد لله". التمهيد (23/ 261)، وانظر: الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار (ص: 309 - 313). (¬2) الموطأ كتاب: الحج، باب: العمل في النحر (1/ 216) (رقم: 181). (¬3) الانقطاع بين محمد بن علي بن الحسين وعلي بن أبي طالب، وسيأتي الكلام عليه. (¬4) أخرجه من طريقه الجوهري في مسند الموطأ (ل: 58/ أ) وقال: "هكذا قال القعنبي ويحيي بن يحيى الأندلسي، والذي عند الناس في الموطأ عن جابر وهو الصواب". (¬5) موطأ ابن القاسم (ل: 64/ ب)، و (ص: 200) (رقم: 145 - مع تلخيص القابسي-)، ومن طريقه النسائي في السنن كتاب: الضحايا، باب: ذبح الرجل لغير أضحيته (7/ 231). وتابعه: أبو مصعب الزهري كما في روايته: (1/ 534) (رقم: 1381)، وابن بكير (ل: 34/ أ). وإسحاق الطباع عند أحمد في المسند (3/ 388). =

وأرْسَلَه ابنُ وهب (¬1)، والأصَحُّ فيه: عن جابر، قاله الدارقطني (¬2). وهذا في حديث جابرٍ الطَّويل، خَرَّجَه مسلمٌ وغيرُه (¬3). ووالِد جعفر هو محمّد بن عَلي بن الحُسين سَمِع جابرًا، ولم يدرِك جَدَّ أبيه عليَّ بنَ أبي طالب (¬4). وحكى الترمذيُّ: "أنَّ أباه عليَّ بنَ حسين لَم يُدْرِك جدَّه عليَّ بنَ أبي طالب". ساقه على حديث: "مِن حُسنِ إسلامِ المرءِ تركُه ما لا يَعنِيه" (¬5). ¬

_ = ومصعب بن عبد الله الزبيري في حديثه (ل: 3/ أ)، ومن طريقه أبو أحمد الحاكم في عوالي مالك (ص: 90)، والعلائى في بغية الملتمس (ص: 138). وسعيد بن عفير وعبد الله بن نافع والشافعي، كما في التمهيد (2/ 106). تنبيه: علّق محققا رواية أبى مصعب على الحديث فقالا: "في المطبوع من رواية يحيى: 256 تحرّف إلى: علي بن أبي طالب، والصواب جابر بن عبد الله كما في التخريج! ". (¬1) لم أقف عليه، وذكره ابن عبد البر في التمهيد (2/ 106). (¬2) لعله في العلل، ولم أقف عليه، ومسند جابر ناقص. وقال محمد بن حارث الخشني: "وهذا إغفال شديد من يحيى؛ إنما الحديث لجعفر بن محمد عن أبيه عن جابر، وهو حديث جابر ... الحج، لم يُختلف على مالك فيه من رواته مختلف". أخبار الفقهاء والمحدثين (ص: 353). كذا قال رحمه الله، وتقدّم أن القعنبيَّ تابع يحيى الأندلسي، وإن كان الصواب في رواية الجماعة عن مالك، والله أعلم. (¬3) صحيح مسلم كتاب: الحج، باب: حجة النبي - صلى الله عليه وسلم - (2/ 886) (رقم: 1218). (¬4) قال أبو زرعة الرازي: "محمد بن علي بن الحسين عن عليّ مرسل ... لم يدرك عليّا رضى الله عنه". المراسيل (ص: 149، 150). وقال الترمذي: "لم يدرك عليّ بن أبي طالب". السنن (4/ 84/ تحت حديث (رقم: 1519). وأما رواية محمد بن علي عن جابر ففي الكتب الستة كما في تهذيب الكمال (26/ 136). (¬5) السنن (4/ 484) (رقم: 2318)، وكذا قال أبو زرعة في المراسيل (ص: 118، 150). وسيأتي الكلام على حديث: "من حسن إسلام المرء ... " في مرسل على بن الحسين (5/ 71).

وانظر حديثَ النَّحر في مسند جابر (¬1). فصل: سُئل محمّد بن كَعب القُرَظِي عن أوَّلِ من أَسْلَمَ، عليٌّ أو أبو بَكر؟ فقال: "سبحان الله! عليٌّ أوَّلُهُما إسلامًا، وإنَّما شُبِّه على النَّاس؛ لأنَّ عليًّا أخفَى إسلاَمَه من أبيه أَبِي طالب، وأَسْلَمَ أبو بَكر فأَظْهَرَ إسلاَمَه" (¬2). وقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - لعليٍّ: "أنتَ مِنِّي بمنزلَةِ هارونَ مِن موسى، إلَّا أنَّه لاَ نَبِيَّ بعدي". خُرِّج في الصحيح من طريق سَعْد بن أبي وقَّاص (¬3). ¬

_ (¬1) تقدّم حديثه (2/ 123). (¬2) أخرجه ابن أبي خيثمة في التاريخ (3/ل: 14/أ، ول: 15/ب)، وعبد الله بن أحمد في زياداته على فضائل الصحابة (1/ 226) (رقم: 268)، والفاكهي في أخبار مكة (3/ 219)، والبيهقي في دلائل النبوة (2/ 163)، وابن عبد البر في الاستيعاب (3/ 1092)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (42/ 44) من طرق عن الدراوردي، عن عُمر بن عبد الله، عن محمد بن كعب القرظي به. وسنده ضعيف، عمر بن عبد الله هو مولى غُفرة، ضعيف وكان كثير الإرسال. التقريب (رقم: 4934). وقد اختلفت الآثار عن الصحابة والتابعين في أيِّ الرجلين أسلم أولًا، ورويت في ذلك روايات عدة، والأولى ما قيل في ذلك قول الحافظ ابن كثير: "والجمع بين الأقوال كلها أن خديجة أول من أسلم من النساء وظاهر السياقات - وقيل الرجال أيضا - وأول من أسلم من الموالي زيد بن حارثة، وأول من أسلم من الغلمان علي بن أبي طالب، فإنه كان صغيرا دون البلوغ على المشهور، وهؤلاء كانوا إذ ذاك أهل البيت، وأول من أسلم من الرجال الأحرار أبو بكر الصديق، وإسلامه كان أنفع من إسلام من تقدَّم ذكرهم ... ". البداية والنهاية (3/ 26). وانظر: فضائل الصحابة للإمام أحمد (1/ 223)، التاريخ لابن أبي خيثمة (3/ل: 13 - 16)، الأوائل لابن أبي عاصم (ص: 78 - 80)، معرفة الصحابة لأبي نعيم (1/ 159)، دلائل النبوة للبيهقي (2/ 160)، الاستيعاب (3/ 1090)، تاريخ دمشق (42/ 27 - 45). (¬3) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: المناقب، باب: مناقب علي بن أبي طالب (4/ 577) (رقم: 3706)، وفي المغازى باب: غزوة تبوك (5/ 153) (رقم: 4416). ومسلم في صحيحه كتاب: فضائل الصحابة، باب: من فضائل علي بن أبي طالب رضي الله عنه (3/ 1870، 1871) (رقم: 2404).

35 - مسند عبد الرحمن بن عوف القرشي الزهري

35 - مسند عبد الرحمن بن عَوف القرشي الزهري ثلاثةُ أحاديث. حديث: الوَباء. فيه: "إذا سَمِعتُم به بأرضٍ فلا تَقْدُمُوا عليه". في الجامع. 113 - عن ابن شهاب، عن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زَيد بن الخطَّاب، عن عبد الله بن عَبد الله بن الحارث بن نَوْفَل، عن ابنِ عبَّاس، عن عبد الرحمن بن عَوف (¬1). وفيه: مَشورةُ عُمر، ورُجوعُه من سَرْغ (¬2)، وقولُ أبي عبيدة: "أَفِرارًا من قَدَرِ الله". ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الجامع، باب: ما جاء في الطاعون (2/ 682) (رقم: 22). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الطب، باب: ما يذكر في الطاعون (7/ 27) (رقم: 5729) من طريق عبد الله بن يوسف. ومسلم في صحيحه كتاب: السلام، باب: الطاعون والطيرة والكهانة ونحوها (4/ 1740) (رقم: 2219) من طريق يحيى النيسابوري. وأبو داود في السنن كتاب: الجنائز، باب: الخروج من الطاعون (3/ 478) (رقم: 3103) من طريق القعنبي. والنسائي في السنن الكبرى كتاب: الطب، باب، الخروج من الأرض التي لا تلائمه (4/ 362) (رقم: 7522) من طريق ابن القاسم ومعن. وأحمد في المسند (1/ 194) من طريق إسحاق الطباع، ستتهم عن مالك به. (¬2) بفتح أوله وسكون ثانيه ثم غين معجمة، وهو أول الحجاز وآخر الشام بين المغيثة وتبوك من منازل حاجّ الشام، بينها وبين المدينة ثلاثة عشر مرحلة. وهي المدوّرة اليوم، مركز الحدود بين السعودية والأردن، من طريق حالة عمّار. انظر: معجم البلدان (3/ 211، 212)، المعالم الأثيرة لشرّاب (ص: 139).

114 - وعن ابن شهاب، عن عبد الله بن عامِر بن ربيعة: أنَّ عُمر خرج إلى الشام فأخبره عبد الرحمن بن عَوف. مختصرًا (¬1). * وعن ابن شهاب، عن سالم بن عبد الله: "أنَّ عُمر إنَّما رَجَع بالنَّاس عن حديث عبد الرحمن بن عَوف" (¬2). وليس هذا من جُملةِ الطرُق؛ لأنَّ سالمًا لَم يذكر شيئًا من متن الحديث، فيكونُ راويًا له، وإنَّما الحديث في الموطأ بسَنَدَيْن، وهو لذلك مَعدودٌ بِحَدِيثَين. وقال إبراهيم بن أبي الوَزير، عن مالك في السند الأول: عبد الله بن عبد الله بن الحارث، عن أبيه، عن ابن عباس، ذكره الدارقطني إِثْرَ ما تَقدَّم وقال: "الأوَّلُ أصَح" (¬3). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الجامع، باب: ما جاء في الطاعون (2/ 683) (رقم: 24). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الطب، باب: ما يذكر في الطاعون (7/ 28) (رقم: 5730) من طريق عبد الله بن يوسف، وفي الحيل، باب: ما يكره من الاحتيال في الفرار من الطاعون (8/ 391) (رقم: 69) من طريق القعنبي. ومسلم في صحيحه كتاب: السلام، باب: الطاعون والطيرة والكهانة ونحوها (4/ 1742) (رقم: 2219) من طريق يحيى النيسابوري. والنسائى في السنن الكبرى كتاب: الطب، باب: الخروج من الأرض التي لا تلائمه (4/ 362) (رقم: 7521) من طريق قتيبة وابن القاسم، خمستهم عن مالك به. (¬2) الموطأ (2/ 684) (رقم: 25). وأخرجه البخاري في صحيحه (8/ 391) (رقم: 6973) من طريق القعنبي. ومسلم في صحيحه (4/ 1742) (رقم: 2219) من طريق يحيى النيسابوري، كلاهما عن مالك به. (¬3) العلل (4/ 254، 257). وطريق ابن أبي الوزير أخرجها ابن خزيمة في التوكل كما في إتحاف المهرة (10/ 653) إلاّ أنَّ ابن حجر لم يسق إسناده بكامله، وأحال على رواية روح بن عبادة، وهي متفقة مع رواية الموطأ. وعزاه في بذل الماعون (ص: 245) للدارقطني في الموطآت والغرائب، وذكره أيضًا أبو نعيم في معرفة الصحابة (1/ 189) تعليقًا. =

فصل: أبو عُبيدة بن الجَرَّاح، قيل: هو مَنسوبٌ إلى جَدِّه، وهو عامر بن عبد الله بن الجرَّاح بنِ هِلال بن أُهُيْب بن ضَبَّةَ بن الحارث بن فِهْر، وإليه يُنسبُ، وفيه يَجتمع مع النبيّ - صلى الله عليه وسلم - (¬1)، هُو أَحدُ العَشرةِ المشهودِ لهم بالجَنَّة، وليس فيهم أبْعَدَ قَرابةً مِنه، ولا أقربَ إلى فِهْرٍ منه، فهو جَدُّه السَّادس، وهو العاشِرُ من أجْدَادِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، تُوفي قبل عُمر، وليس له في الموطأ حديثٌ مرفوعٌ. 115 - حديث: "سُنُّوا بِهِم سُنَّةَ أَهلِ الكِتاب". يعني المَجوس. في الزكاة، باب: الجزية. عن جعفر بنِ محمَّد، عن أبيه: أنَّ عُمرَ ذَكَرَ المَجُوسَ، فقال عبد الرحمن (¬2). هكذا في الموطأ, وهو مقطوع (¬3). ¬

_ = وابنُ أبي الوزير هو إبراهيم بن عمر بن مطرِّف أبو إسحاق بن أبي الوزير البصري، قال عنه الحافظ: صدوق. التقريب (رقم: 222). ومخالفة إبراهيم بن أبي الوزير لسائرِ الرواة عن مالك في زيادة عبد الله بن الحارث في الإسناد، توهِن حديثه، والصواب في ذلك ما في الموطأ من غير زيادة أبيه، كما قال الدارقطني. وانظر: الفتح (10/ 194). (¬1) نسب قريش (ص: 445)، التبيين في أنساب القرشيين (ص: 441). (¬2) الموطأ كتاب: الزكاة، باب: جزية أهل الكتاب والمجوس (1/ 233) (رقم: 42). (¬3) الانقطاع بين محمد بن علي بن الحسين وعبد الرحمن بن عوف، ولم يدركه. وُلد محمد بن علي سنة (56 هـ)، وتوفي عبد الرحمن بن عوف قبل ذلك سنة (33 هـ)، وعدم إدراكه عمر رضي الله عنه أولى. وانظر الموطأ برواية: أبي مصعب الزهري (1/ 288) (رقم: 742)، وابن بكير (ل: 12/ ب - نسخة الظاهرية -)، وابن القاسم (ل: 5/أ)، والقعنبي (ل: 55/ب - نسخة الأزهرية -). وقال الحافظ عن هذا الإسناد: "وهذا منقطع مع ثقة رجاله". الفتح (6/ 302).

وقال فيه أبو عليٍّ الحَنَفِي - وهو عُبيد الله بن عبد المجيد - عن مالك: جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جَدِّه علي بن الحسين بن عليٍّ، انفَرَدَ به، وخرّجه البزّار هكذا من طريق أبي عليٍّ الحنفي، عن مالك، عن جعفر، عن أبيه، عن جدّه (¬1). قال الشيخ أبو العبّاس رضى الله عنه: وهو مع هذا مقطوعٌ أيضًا، عليُّ بن الحسين لم يُدْرِكْ عمرَ، ولا عبدَ الرحمن بنَ عَوف. ذكر الذُّهلي عن ابنِ بُكير أنَّ عليَّ بنَ الحسين مات سنةَ أربع أو خمس وتسعين، وسِنُّه ثمانٌ وخمسون سنة (¬2). ¬

_ (¬1) مسند البزار (3/ 264) (رقم: 1056). وأخرجه أيضا ابن عبد البر في التمهيد (2/ 114، 115)، والدارقطني في غرائب مالك، وابن المنذر، والخطيب في الرواة عن مالك كما في الفتح (6/ 302)، ونصب الراية (3/ 448)، والتلخيص (3/ 172). وقال البزار: "وهذا الحديث قد رواه جماعة عن جعفر عن أبيه ولم يقولوا: عن جدّه، وجدّه علي بن الحسين، والحديث مرسل ولا نعلم أحدًا قال: عن جعفر عن أبيه عن جدّه إلا أبو علي الحنفي عن مالك". قلت: وذكره الدارقطني في العلل (4/ 299) فقال: "يرويه جعفر بن محمد واختلف عنه، فرواه مالك من رواية أبي علي عبيد الله بن عبد المجيد الحنفي عنه عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جدّه علي بن الحسين، وخالفه أصحاب مالك لم يقولوا فيه: عن جدّه. وكذلك رواه الثوري وسليمان بن بلال وعبد الله بن إدريس وحفص بن غياث وأنس بن عياض وأبو عاصم النبيل عن جعفر بن محمد - ولم يسمع أبو عاصم من جعفر بن محمد غيرَه - وعبد الوهاب الثقفي والقاسم بن معن وابن جريج وعلي بن غراب وغيرهم عن جعفر عن أبيه مرسلا عن عبد الرحمن بن عوف لم يذكروا فيه علي بن الحسين، وهو الصواب". اهـ وقال أيضًا: "لم يقل فيه عن جدّه ممن رواه عن مالك غير أبي علي الحنفي وكان ثقة، وهو في الموطأ عن جعفر بن محمد عن أبيه: أن عمر". غرائب مالك نقلا عن نصب الراية (3/ 449). (¬2) تاريخ دمشق (41/ 364)، تهذيب الكمال (20/ 404).

فكأنَّه على هذا وُلِد سنةَ سِتٍّ أو سَبعٍ وثلاثين، ومات ابنُ عَوف قبلَ ذلك في خلافَةِ عثمانَ عامَ أَحَدَ، أو اثنين، أو ثلاث وثلاثين (¬1). وقال يعقوب بنُ إبراهيم بن سعد وهو من وَلَدِه (¬2) -شيخٌ لأحمدَ بنِ حَنبل-: "مات لتِسعٍ خَلَوْنَ من خِلافة عثمان". قال أحمد بنُ حنبل: "وكأنَّه على ما قال يَعقوب مات سنة اثنتين وثلاثين من الهِجرة" (¬3). وأمَّا عُمرُ فقُتِل رضي الله عنه سَنةَ ثلاثٍ وعشرين (¬4). وخَرَّج البخاري في الصحيح من طريق بَجَالةَ، عن ابن عَوف: "أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أَخَذَ الجِزْيَةَ مِن مَجوسِ هَجَر" (¬5). ¬

_ (¬1) انظر: تاريخ دمشق (35/ 305 - 308). (¬2) أي من ولد عبد الرحمن بن عوف الزهري. (¬3) التاريخ الكبير (5/ 240)، تاريخ دمشق (35/ 305)، ولم أقف على قول أحمد. (¬4) والحاصل أنَّ عليَّ بن الحسين لم يدرك عبد الرحمن بن عوف، ولا زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنهم. قال الحافظ: "وهو منقطع؛ لأنَّ جدَّه علي بن الحسين لم يلحق عبد الرحمن بن عوف ولا عمر، فإن كان الضمير في قوله: "عن جدِّه" يعود على محمد بن علي فيكون متصلًا؛ لأنَّ جدَّه الحسين بن علي سمع من عمر بن الخطاب ومن عبد الرحمن بن عوف، وله شاهد من حديث مسلم بن العلاء بن الحضرمي أخرجه الطبراني). الفتح (6/ 302)، وانظر: التلخيص الحبير (3/ 172). قلت: حديث مسلم بن العلاء الحضرمي، أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (19/ 437) (رقم: 1059)، وهو ضعيف جدا، فيه عمر بن إبراهيم الرقي لا يصلح في الشواهد، وقد أورد الحافظ هذا الحديث بهذا الإسناد في الإصابة (6/ 112) وقال: "مدار الحديث على عمر بن إبراهيم وهو ساقط". وقال أيضًا: "ورواه ابن أبي عاصم في كتاب النكاح بسند حسن". التلخيص الحبير (3/ 139). (¬5) صحيح البخاري كتاب: الجزية والموادعة، باب: الجزية والموادعة مع أهل الذمة والحرب (4/ 395) (رقم: 3156، 3157). وبَجَالة هو ابن عَبدة التميمي. وهذا الحديث مع ما ذكر الحافظ عن ابن أبي عاصم في النكاح يشهدان لحديث مالك المنقطع، والله أعلم.

116 - حديث: قال لعبد الرحمن بن عَوف: "كيفَ صَنَعْتَ يا أبَا محمّدٍ في اسْتِلامِ الرُّكنِ؟ قال: اسْتَلَمْتُ وتَركتُ". في باب: الاستلام في الطواف. عن هشام بن عروة، عن أبيه (¬1). ذَكَرَه ولم يُسنِده، ظاهِرُه الإرسالُ (¬2). وقال فيه طائفةٌ: عن أبيه، عن عبد الرحمن بن عَوف قال: قال لي رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، وهكذا خرّجه البزّار من طريق زُهير بن معاوية، عن هشام، عن أبيه، عن عبد الرحمن. وقال: "لا نَعلمه روي عن عبد الرحمن بن عَوف إلاّ من هذا الوجهِ بهذا الإسنادِ، قال: وقد رواه جَماعةٌ فلم يقولوا: عن عبد الرحمن" (¬3). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الحج، باب: الاستلام في الطواف (1/ 295) (رقم: 113). (¬2) عروة بن الزبير تابعي لم يدرك النبي - صلى الله عليه وسلم -. وتابع مالكا على إرساله: - معمر بن راشد، عند عبد الرزاق في المصنف (5/ 34) (رقم: 8900)، (5/ 41) (رقم: 8928). - وسفيان بن عيينة، وابن جريج، عند عبد الرزاق في المصنف (5/ 34، 41) (رقم: 8901، 8928). - ومحمد بن فضيل، ووكيع بن الجراح، عند ابن أبي شيبة في المصنف (3/ 172) (رقم: 13159). - وحماد بن زيد، عند أحمد بن محمد البرتي في مسند عبد الرحمن بن عوف (ص: 77) (رقم: 32). - وجعفر بن عون، عند البيهقي في السنن الكبرى (5/ 80). - ويحيى بن أبي زكريا الغساني، عند الدارقطني في الأفراد (ل: 60/أ- أطرافه-)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (35/ 245). - ومحمد بن عبيد الله، عند الدارقطني في الأفراد (ل: 60/أ- أطرافه-). - معتمر بن عبيد الله، وسعيد بن عبد الرحمن الجمحي، وعمرو بن الحارث، ذكرهم الدارقطني في العلل (4/ 293). (¬3) مسند البزار (3/ 266) (رقم: 1057) من طريق أحمد بن محمد بن سعيد الأنماطي قال: ثنا عبد الرحمن بن عبد الله الدشتكي قال: نا زهير بن معاوية به. =

وذَكَر عن الثوريِّ الوَجهين (¬1). ¬

_ = قال الهيثمي في مجمع الزوائد (3/ 241): "وشيخ البزار أحمد بن محمد بن سعيد الأنماطي لم أجد من ترجَمَهُ". وذكر الدارقطني في العلل (4/ 293) أنّ زهير بن معاوية ممّن رواه مرسلًا، والله أعلم. قلت: وتابع زهير بنَ معاوية على وصله: - عبيد الله بن عمر، عند الطبراني في المعجم الأوسط (2/ 114) (رقم: 1428)، وفي الصغير (1/ 388) (رقم: 650)، وأبو نعيم في الحلية (2/ 181)، وفي معرفة الصحابة (1/ 371) (رقم: 454)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (35/ 245)، والضياء في المختارة (3/ 112) (رقم: 913) من طريق مقدّم عن القاسم بن يحيى عن عبيد الله عن هشام به. وقال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن عبيد الله إلا القاسم تفرّد به مقدّم". وقال أبو نعيم في الحلية: "رواه جماعة عن هشام بن عروة مرسلا، ولم يجوده عن عبيد الله إلا القاسم بن محمد، تفرّد به مقدّم بن محمد". قلت: مقدّم هو ابن محمد بن يحيى الهلالي المقدّمي، قال عنه الحافظ: "صدوق ربما وهم". التقريب (رقم: 6872). - ومحمد بن فضيل، والفضل بن موسى، ذكر ذلك الدارقطني في العلل (4/ 293). وتقدّم أن ابن أبي شيبة رواه عن ابن فضيل مرسلا كرواية مالك ومن تابعه، وأشار إلى ذلك الدارقطني فقال: "وكذلك قيل: عن ابن فضيل مرسلًا". - والثوري كما سيأتي. (¬1) مسند البزار (برقم: 1058) ولفظه: "ورواه الثوري عن هشام بن عروة عن أبيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لعبد الرحمن بن عوف، إلا أنَّ محمد بن عمر بن هيّاج حدّثنا به فقال: نا أبو نعيم، عن سفيان، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عبد الرحمن بن عوف عن النبي - صلى الله عليه وسلم -". قلت: أبو نعيم هو الفضل بن دكين، ورواه عنه كذلك الحارث بن أبي أسامة في مسنده (1/ 454) (رقم: 378 - بغية الباحث)، و (2/ 37) (رقم: 1244 - المطالب العالية)، وأبو نعيم في الحلية (7/ 140)، وأحمد بن محمد البرتي في مسند عبد الرحمن بن عوف (ص: 74) (رقم: 30)، وابن عبد البر في التمهيد (22/ 262). وأخرجه ابن حبّان في صحيحه (9/ 132) (رقم: 3823) من طريق بشر بن السري عن الثوري كرواية أبي نعيم.

وفي اتِّصالِه نَظرٌ؛ وُلد عروةُ بن الزبير فيما قيل: سَنةَ ستٍّ وعشرين من الهجرة (¬1)، وذُكر عنه أنَّه قال: "أَدْرَكْتُ حِصارَ عثمان" (¬2). وكان مَقتلُ عثمان رضي الله عنه في ذي الحِجَّة من سنة خَمسٍ وثلاثين، وقد ذَكَرْنَا وفاةَ عبد الرحمن بن عَوف رضي الله عنه (¬3). ¬

_ (¬1) وقال خليفة: "وُلد سنة ثلاث وعشرين من الهجرة". التاريخ (ص: 156). وقال مصعب الزبيري: "وُلد سنة تسع وعشرين". تهذيب الكمال (20/ 22). (¬2) لم أقف عليه. (¬3) وكانت وفاته سنة ثلاث وثلاثين من الهجرة. انظر: (ص: 337). فعلى تقدير أنَّ ولادة عروة كانت سنة (26 هـ) يكون سنّه يوم توفي عبد الرحمن سبع سنين، فيبعد أن يسمع منه. وإن قدّرنا مولده سنة (23 هـ) يكون عمره آنذاك عشر سنين فيحتمل السماع وعدمه، وعلى قاعدة أنَّ التابعين لم يكونوا يطلبون العلم إلا إذا بلغوا مبلغ الرجال كما تقدّم تقرير ذلك في (ص: 215، 216) يبعد أن يسمع منه. ومما يؤيّد ذلك قول أبي حاتم: "عروة بن الزبير عن عليّ مرسل". المراسيل (ص: 149 - ط قوجاني). وكانت وفاة علي بن أبي طالب سنة (40 هـ) أي بعد وفاة عبد الرحمن بن عوف بسبع سنين. ومثل هذا لا يقطع بسماعه إلا إذا ثبت بسند صحيح السماع منه أو لقيّه، والله أعلم. وقال الحاكم: "ولست أشكّ في لقيّ عروة بن الزبير عبد الرحمن بن عوف، فإن كان سمع منه هذا الحديث فإنه صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه". المستدرك (3/ 306). وقال الحافظ ابن حجر عن هذا الإسناد: "فإن كان سمعه عروة من عبد الرحمن بن عوف فهو صحيح". المطالب العالية (2/ 37). قلت: ولعل رواية من روى هذا الحديث مرسلًا أرجح، وفيهم مثل الإمام مالك وابن عيينة، ورجّح الدارقطني المرسل وقال: "هو المحفوظ". العلل (4/ 294). وسيأتي النقل عنه أيضا في ترجيحه المرسل. وقال الأثرم: قال أحمد: "كأن رواية أهل المدينة عنه أحسن، أو قال: أصح. وقال الأثرم: قلت له: هذا الاختلاف عن هشام، منهم من يرسل، ومنهم من يسند، مِن قِبَله كان؟ قال: نعم". ثم ذكر أنَّ هشامًا كان بعض الأحيان ينشط فيسند، وقد لا ينشط فيرسل. انظر: شرح العلل (2/ 678، 679). وفي كلام الإمام أحمد أن الاختلاف قد يكون من هشام نفسه.

والحديث مَرْويٌّ عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبيه عبد الرحمن بن عوف. خرّجه قاسمُ بن أَصْبغ (¬1). ورُوي عن زهير بن معاوية وطائفة، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة (¬2). قال الدارقطني: "والصحيح عن هشام، عن أبيه: أنّ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال لعبد الرحمن" (¬3). يعني أنّ هذا أصَح ما رُوي عن هشام وإنْ كان معلولًا. ورُوي في معناه عن طاوس بن كَيْسان: "أنَّه كان يَمُرُّ بالرُّكنِ فإنْ وَجَدَ عليه زِحَامًا مَرَّ ولم يُزاحِم، وإن رَآه خاليًا قَبَّلَه ثلاثًا"، ثمّ قال: "رَأيتُ ¬

_ (¬1) ومن طريقه ابن عبد البر في التمهيد (22/ 262) عن عبد الله بن أحمد بن مسرّة عن يعقوب بن محمد الزهري عن القاسم بن عبد الرحمن الأنصاري -من ولد أُحَيحَة بن الجُلاح- عن أبي نجيح عن أبي سلمة بن عبد الرحمن به. وإسناده ضعيف فيه يعقوب بن محمد الزهري، قال أحمد بن سنان: "سُئل يحيى بن معين عن يعقوب بن محمد الزهري فقال: ما حدّثكم عن شيوخه الثقات فاكتبوه، وما لم يُعرف من شيوخه فدَعوه". الجرح والتعديل (9/ 215). وقال ابن حجر: "صدوق كثير الوهم والرواية عن الضعفاء". التقريب (رقم: 7834). وشيخه القاسم بن محمد بن عبد الرحمن الأنصاري لم أجد له ترجمة، فلعله من شيوخه المجهولين. وشيخ شيخه أبو نجيح لعله يسار المكي، وإن كان المزي لم يذكر في شيوخه أبا سلمة بن عبد الرحمن ولا في تلاميذه القاسم. وفي الإسناد علة أخرى، أبو سلمة بن عبد الرحمن لم يسمع من أبيه عبد الرحمن بن عوف، قاله يحيى بن معين وأبو حاتم، وأحمد بن حنبل، وعلي بن المديني، والبخاري، ويعقوب بن شيبة، وأبو داود. انظر: التاريخ (3/ 80 - رواية الدوري-)، المراسيل (ص 195، 196)، جامع التحصيل (ص: 213)، تحفة التحصيل (ل: 17/ أ)، تهذيب التهذيب (12/ 128). (¬2) لم أجده. (¬3) انظر: العلل (4/ 294).

ابنَ عباس فَعَلَ مثلَ ذلك"، ثمّ قال: "رأيتُ عمرَ بنَ الخطَّاب فَعَلَ مثلَ ذلك"، ثمّ قال: "رَأيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فَعَلَ مثلَ ذلك". خرّجه النسائي (¬1). فصل: عند ابنِ القاسم وأَكثرِ الرواة في الموطأ: "الرُّكن الأَسود" (¬2)، وليس في رواية يحيى ذِكْرُ: "الأسْود"، وتابعه على إِسْقَاطِه أبو المصعب، وطائفةٌ (¬3). ¬

_ (¬1) السنن كتاب: الحج، باب: كيف يقبّل (5/ 227) من طريق عمرو بن عثمان حدّثنا الوليد عن حنظلة قال: "رأيت طاوسا يمرّ بالركن ... "، وذكره. وفي إسناده الوليد بن مسلم ثقة كثير التدليس والتسوية كما في التقريب (رقم: 7456). وقد عنعن. وعثمان بن عمرو هو ابن سعيد بن كثير القرشي، وحنظلة هو ابن أبي سفيان. (¬2) رواية ابن القاسم (ل: 56/ب)، ولم يذكره القابسي في تلخيصه لموطأ ابن القاسم؛ إذ ليس على شرطه، وتابعه: أبو مصعب الزهرى (1/ 499) (رقم: 1287)، وسويد بن سعيد (ص: 473) (رقم: 1102)، وابن بكير (ل: 19/أ- نسخة الظاهرية -). والقعنبي، عند البرتي في مسند عبد الرحمن بن عوف (ص: 76) (رقم: 31). وابن وهب، كما في التمهيد (22/ 258). (¬3) ليس في المطبوع من رواية يحيى ذكر (الأسود)، لكن جاء في نسخة شستربتي (ل: 4/ب) ذكر (الأسود) إلاّ أنَّ فوقها حرف (ض) رمزًا إلى ابن وضاح، وفي هامشها: "قال ض (أي ابن وضاح): اجعله الأسود". فالظاهر أنَّ الأسود لم يكن مذكورًا في هذه النسخة، وهو من زيادات ابن وضاح. إلاّ أنَّه وقع في نسختَي المحمودية (أ) (ل: 67/ب)، و (ب) (ل: 93) ذكر (الأسود)، وهما من رواية عبيد الله عن يحيى، وسيأتي عن ابن عبد البر أنَّ ابن وضاح هو الذي كان يأمر بزيادة (الأسود) في رواية يحيى، والله أعلم بالصواب. أما أبو مصعب الزهري ففي المطبوع منه كما تقدّم ذكر الأسود. وممن أسقط ذكر الأسود: - القعنبي، عند الطبراني في المعجم الكبير (1/ 127) (رقم: 257)، والحاكم في المستدرك =

فصل: عبد الرحمن هو ابنُ عَوف بنِ عبد الحارث بن زُهْرَةَ، - وإليه يُنسَبُ - بنِ كِلاب، وفيه يَجتمِعُ مع النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - (¬1). ¬

_ = (3/ 306)، وفيهما: يعني الحجر الأسود، وأشار ابن عبد البر أن رواية القعنبي فيها ذكر الركن الأسود. التمهيد (22/ 258). قلت: وكذا وردت عن البرتي في مسند عبد الرحمن بن عوف كما تقدّم. وقال ابن عبد البر: "كان ابنُ وضاح يقول في موطأ يحيى: إنَّما الحديث "كيف صنعتَ يا أبا محمد في استلام الركن الأسود؟ "، وزعم أنَّ يحيى سقط له من كتابه (الأسود) , وأمر ابنُ وضاح بإلحاق (الأسود) في كتاب يحيى، ولم يروِ يحيى (الأسود) .. وأمَّا إدخاله في حديث عبد الرحمن بن عوف: "الأسود" فكذلك رواه أكثر رواة الموطأ، فابنُ وضاح في هذا معذور، ولكنه لم يكن ينبغي له أن يزيد في رواية الرجل ولا يردّها إلى رواية غيره ففي ذلك من الإحالة ما لا يرضاه أهلُ الحديث". التمهيد (22/ 259، 258). (¬1) نسب قريش (ص: 265)، التبيين في أنساب القرشيين (ص: 259).

36 - مسند عبد الله بن عمر بن الخطاب

36 - مسند عبد الله بن عُمر بن الخطاب مائةُ حديثٍ وتِسعةُ أحاديثَ، وله عن أختِه حفصةَ (¬1)، وبلال بنِ رباح (¬2)، وزَيد بن ثابت (¬3)، وفي الزياداتِ أحادِيث (¬4). 1 - 4 وَلَدُه عنه (¬5). تِسعةُ أحاديث. 117 - حديث: "كان إذا افتَتَحَ الصَّلاةَ رَفَعَ يديْه حَذْوَ مَنْكِبَيْه، وإذا رَفَعَ رَأْسَه من الرُّكوع ... ". فيه: "وكان لاَ يَفعلُ ذلك في السُّجودِ". في باب: افتتاح الصلاة. عن ابن شهاب، عن سالم بن عبد الله، عن أبيه (¬6). ¬

_ (¬1) سيأتي حديثه (4/ 177). (¬2) تقدّم حديثه (2/ 97). (¬3) تقدّم حديثه (2/ 160). (¬4) انظر: (4/ 403). (¬5) وهم: سالم، وحمزة، وعبد الله، وابن ابنه أبو بكر بن عبيد الله. (¬6) الموطأ كتاب: الصلاة، باب: افتتاح الصلاة (1/ 86) (رقم: 16). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الأذان، باب: رفع اليدين في التكبيرة الأولى مع الافتتاح سواء (1/ 222) (رقم: 735) من طريق القعنبي والنسائي في السنن كتاب: الصلاة، باب: رفع اليدين حذو المنكبين (2/ 123) من طريق قتيبة، وفي باب: رفع اليدين حذو المنكبين عند الرفع من الركوع (2/ 194)، من طريق يحيى القطان، وفي باب: ما يقول الإمام إذا رفع رأسه من الركوع (2/ 195)، من طريق ابن المبارك. وأحمد في المسند (2/ 18، 62) من طريق يحيى القطان، وعبد الرحمن بن مهدي. =

ليس في الموطأ عند يحيى ذِكْرُ رفْع اليدين إلاَّ في الافْتِتَاح وعِند الرَّفْع من الرُّكوعِ، وتابعه جماعةٌ (¬1). وزاد فيه ابنُ القاسم، ويحيى القطَّان، وعبد الرحمن بنُ مهدي، وابنُ المبارك في جماعةٍ من الحُفَّاظ عن مالك: الرَّفعَ عند الانحِطَاط إلى الرُّكوع (¬2). ¬

_ = والدارمي في السنن كتاب: الصلاة، باب: في رفع اليدين في الركوع والسجود (1/ 316) (رقم: 1250) وفي باب: القول بعد رفع الرأس من الركوع (1/ 342) (رقم: 1309) من طريق عثمان بن عمر، وفي باب: القول بعد رفع الرأس من الركوع (1/ 342) (رقم: 1308) من طريق خالد بن مخلد، سبعتهم عن مالك به. (¬1) منهم: - أبو مصعب الزهري (1/ 79) (رقم: 204) - ويحيى بن بكير (ل: 14/ب- نسخة السليمانية-). - والقعنبي (ل: 85/ب- نسخة الأزهرية-)، ومن طريقه الجوهري في مسند الموطأ (ل: 27/ب) والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 69)، والإسماعيلي كما في الفتح (2/ 256). - والشافعي عند أبي عوانة في صحيحه (2/ 91)، والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 69). - وقتيبة بن سعيد عند أبي أحمد الحاكم في عوالي مالك (ص: 80)، وسيأتي أنَّه عند النسائي ذكر فيه الرفع. - وطلحة بن كامل عند أبي أحمد الحاكم في عوالي مالك (ص: 80). - وإسماعيل بن أبي أويس عند محمد بن صخر الأزدي في جزء حديث مالك (ل: 6/أ). وذكر الدارقطني وابن عبد البر غير هؤلاء ممن تابعوا يحيى الليثي. انظر: نصب الراية (1/ 409)، التمهيد (9/ 210). (¬2) رواية ابن القاسم في الموطأ (ص: 113) (رقم: 59 - مع تلخيص القابسي-). - ورواية يحيى القطان عند أحمد في المسند (2/ 18). ورواه النسائي في السنن (2/ 194)، وفى السنن الكبرى (1/ 221) (رقم: 644) من طريقه وليس فيه ذكر رفع اليدين عند التكبير للركوع. - ورواية ابن مهدي، عند أحمد في المسند (2/ 62). - ورواية عبد الله بن المبارك، عند النسائي في السنن (2/ 195)، وابن حبّان في صحيحه (الإحسان) (5/ 172) (رقم: 1861). =

وهكذا روى جماعةٌ، عن الزهري: الرَّفعَ في المواطِن الثلاثة (¬1). ¬

_ = وتابعهم: - سويد بن سعيد (ص: 103) (رقم: 131).- ومحمد بن الحسن الشيباني (ص: 57) (رقم: 99). - وأخرجه البخاري في صحيحه كما تقدّم من طريق القعنبي. قال ابن حجر: "وفي روايته هذه خلاف ما في روايته عنه في الموطأ، وقد أخرجه الإسماعيلي من روايته بلفظ الموطأ". الفتح (2/ 256). قلت: وقد سبق تخريجه من موطئه ومسند الموطأ للجوهري والسنن الكبرى للبيهقى متابعًا ليحيى الليثي. - والنسائي في السنن من طريق قتيبة. - والدارمي في السنن من طريق عثمان بن عمر، و (برقم: 1308) من طريق خالد بن مخلد. - وأخرجه البخاري أيضا في رفع اليدين (ص: 82) (رقم: 12) من طريق عبد الله بن يوسف. - والطحاوي في شرح المعاني (1/ 223)، والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 69) من طريق ابن وهب. - والطحاوي في شرح المعاني (1/ 223) من طريق بشر بن عمر. - وابن عساكر في تاريخ دمشق (14/ 320) من طريق إسحاق بن إبراهيم الحنيني، كلهم عن مالك به بذكر الرفع عند الركوع. وانظر التمهيد (9/ 210)، ونصب الراية (1/ 208) فقد ذكر عن الدارقطني أنَّ عشرين نفسًا رووه عن مالك بذكر الرفع عند الانحطاط، وأخرج روايتهم عنه. (¬1) منهم: - يونس وشعيب بن أبي حمزة، عند البخاري في صحيحه (1/ 222) (رقم: 736، 738). - وابن عيينة وابن جريج، عند مسلم في صحيحه (1/ 292) (رقم: 390). - ومحمد بن الوليد الزبيدي، عند أبي داود في السنن (1/ 463) (رقم: 722)، والدارقطني في السنن (1/ 288) (رقم: 3)، والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 83). - ومعمر بن راشد، عند أحمد في المسند (2/ 47، 147) وأبي عوانة في صحيحه (2/ 91). - وابن أخي الزهري، عند أحمد في المسند (2/ 133)، والدارقطني في السنن (1/ 289) (رقم: 6، 9). - ومحمد بن أبي حفصة، عند أبي عوانة في صحيحه (2/ 92). - وعبيد الله بن عمر، عند أبي عوانة في صحيحه (2/ 91)، وابن خزيمة في صحيحه (1/ 344) (رقم: 693)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (5/ 185) (رقم: 1868). =

قال الدارقطني في العلل: "وأَحْسَبُ أنَّ مالكًا تَرَكَ ذِكرَ الرَّفع عندَ الرُّكوعِ؛ لأنَّ مَذهَبَه كانَ ألاَّ يَرفعَ يدَيْه إلاَّ في التَّكْبِيرَةِ الأولَى" (¬1). انتهى قولُه، وليس الأمرُ كمَا ظَنَّ؛ لأنَّ مالِكًا ذَكَرَ في الحديثِ رَفْعَ اليدَين عندَ رَفْعِ الرَّأسِ من الرُّكوع، وليسَ مِن مَذْهَبِه رَفْعُهُما عندَ الرَّفع مِن الرُّكوع خاصَّةً دونَ الانحِطَاطِ إليهِ بِوَجْهٍ، بل قد رُوِيَ عنه عَكسُ ذلك. روى أَشْهَبُ عن مالكٍ: "أنَّ المُصَلِّيَ يرفَعُ يديْه إذا رَكَعَ، ولا يرْفَعهُما إذا رَفَعَ" (¬2). وساوَى بينهما في سائِرِ الرِّواياتِ مَنْعًا أو إِبَاحَةً (¬3). وروى ابنُ وهب عنه رَفعَ اليديْن في الحَالَيْنِ (¬4). ¬

_ = - وعُقيل بن خالد، عند أبي عوانة في صحيحه (2/ 91)، والدارقطني في السنن (1/ 288) (رقم: 5). - وإبراهيم بن أبي عبلة وقرة بن عبد الرحمن، عند الطبراني في المعجم الكبير (12/ 279) (رقم: 13111، 13112). (¬1) لم أقف عليه في العلل للدارقطني. ونقل الزيلعي عن الدارقطني في غرائب مالك أنّه قال: "إنَّ مالكًا لم يذكر في الموطأ الرفع عند الركوع، وذكره في غير الموطأ، حدّث به عشرون نفرًا من الثقات منهم"، ثم أخرج روايتهم. نصب الراية (1/ 408). وذكره أيضًا في الأحاديث التي خولف فيها مالك (ص: 67) (رقم: 18) وقال: "ورواه عنه جماعة في غير الموطأ فذكروا فيه رفع اليدين عند التكبير للركوع، منهم يحيى القطان، وابن مهدي، وغيرهما، وكذلك رواه أصحاب الزهري عنه، وهو الصواب خلاف ما في الموطأ". (¬2) لم أقف على رواية أشهب هذه، وحكى ابن عبد البر وابن شاس عن أشهب الرفع في الحالين. انظر: التمهيد (9/ 222)، وعِقد الجواهر الثمينة لابن شاس (1/ 139، 140). (¬3) أي أن الرفع على هذه الرواية ليس بلازم، وهي رواية أشهب وابن نافع. انظر: التمهيد (9/ 222)، عِقد الجواهر الثمينة (1/ 139، 140). (¬4) التمهيد (9/ 213)، المنتقى (1/ 142)، شرح التلقين للمازري (ص: 898 - رسالة دكتوراه -)، عِقد الجواهر الثمينة (1/ 139، 140). =

وفي رِوايَةِ ابنِ القاسِم وغيرِه وهو المشهورُ عنه: "أنَّه لا يَرْفعهما في خَفْضٍ ولا رَفعٍ" (¬1). فلو رَاعَى مالكٌ مَذهبَه في تَرْكِ الرَّفع لأَسْقَطَ مِن الحديثِ رَفعَ اليدَين عندَ رَفعِ الرَّأسِ من الرُّكوع خاصَّةً، وأَثْبتَ فيه رَفعَهما عندَ الانحِطاطِ على ما ذَهَبَ إليهِ في رِوايةِ أَشْهَبَ، أو كانَ يُسقِطُ منه رَفْعَ اليدَين في الحالَيْن على ما هو المشهورُ مِن مَذهَبِه، والله أعلم (¬2). وفي حديث الموطأ: وقال: "سَمِع اللهُ لِمَن حِمِدَه، ربَّنا ولكَ الحَمْد"، جَعَلَ الكُلَّ مِن قولِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. وقال فيه إسحاقُ الحُنَيْني عن مالكٍ: قال: "سَمِع اللهُ لِمَن حَمِده"، وقال مَن خَلفَه: "ربَّنا ولَكَ الحَمْد" (¬3). ¬

_ = وأخرج الحميدي في جذوة المقتبس (ص: 130) بسنده إلى أحمد بن عمرو بن منصور، قال: أخبرنا يونس بن عبد الأعلى، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: "سئل مالك عن الإمام هل يرفع يديه عند الركوع؟ قال: نعم. قيل له: وبعد ما يرفع رأسه من الركوع؟ قال: إنه ليُؤمر بذلك". (¬1) المدوّنة (1/ 71)، التمهيد (9/ 212)، المنتقى (1/ 142)، شرح التلقين (ص: 898)، بداية المجتهد (1/ 162)، عِقد الجواهر (1/ 140). (¬2) وهذا لا يمنع أن يكون الإمام مالك أسقط ذكر الرفع عند الانحطاط لا مراعاة لمذهبه وإنَّما وهمًا منه، أو اختصارًا للرواية في بعض الأحيان، رحمه الله. قال ابن عبد البر: "قال جماعة من أهل العلم: إنَّ إسقاط ذكر الرفع عند الانحطاط في هذا الحديث إما أتى من مالك وهو الذي كان ربما وهم فيه، لأنَّ جماعةً حفَّاظًا رووا عنه الوجهين جميعًا". التمهيد (9/ 111). ومما يؤيّد الرد على الدارقطني أن الرفع عند الانحطاط إلى الركوع ثبت في بعض روايات الموطأ كرواية محمد بن الحسن، وسويد وغيرهما، ومذهب مالك لا يقتصر على رواية من هذه الروايات. (¬3) أخرجه الدارقطني في غرائب مالك كما في نصب الراية (1/ 409) لكن لم يسق لفظه. =

وهكذا روى إسحاقُ الطبَّاع عن مالك، فَصَلَ بين القَولَيْن، إلاّ أنَّه قال فيه: "ربَّنا لك الحَمْد"، بغيرِ وَاوٍ، قال: وأصحابي يُخَالفُونِي يقولون: "وَلَكَ الحَمْدُ"، بالواو، وأنَا لا أَحْفَظُ إلاَّ: "لَكَ الحَمْدُ" (¬1). وانظر مرسلَ سُليمان بن يَسار في رَفْع اليَدين (¬2). 118 - وبه: "دَعْهُ فإنَّ الحَيَاءَ من الإِيمَان". في الجامع (¬3). أَرْسَله بعضُ الرُّواة (¬4)، والأصَحُّ إسنادُه عن الزهري، وقد خُرِّج ¬

_ = وأخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (14/ 320)، وابن العديم في بغية الطلب (6/ 2773) من طريق الحنيني مختصرًا، ولم يذكر محل الشاهد. وتابعه إسحاق الطباع كما سيأتي. (¬1) لم أقف عليه، وتابعه: - سويد بن سعيد (ص: 103) (رقم: 131). - ويحيى القطان عند النسائي في السنن (2/ 149)، وفي الكبرى (1/ 221) (رقم: 644). - وطلحة بن كامل عند أبي أحمد الحاكم في عوالي مالك (ص: 93). (¬2) سيأتي حديثه (5/ 217). (¬3) الموطأ كتاب: حسن الخلق، باب: ما جاء في الحياء (2/ 691) (رقم: 10). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الإيمان، باب: الحياء من الإيمان (1/ 14) (رقم: 24) من طريق عبد الله بن يوسف. وأبو داود في السنن كتاب: الأدب، باب: في الحياء (5/ 147) (رقم: 4795) من طريق القعنبي. والنسائي في السنن كتاب: الإيمان، باب: الحياء (8/ 121) من طريق ابن القاسم ومعن. وأحمد في المسند (2/ 59) من طريق يحيى بن سعيد، خمستهم عن مالك به. (¬4) أي عن سالم عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. انظر: رواية أبي مصعب الزهري (ل: 111/ ب - نسخة مصورة في الجامعة الإسلامية برقم: 4081)، وكذا جاءت الرواية مرسلة في النسخة الهندية (ل: 230/أ) التي اعتمدها بشار عواد في تحقيقه، وأثبت الناسخ في الحاشية كلمة: "عن عبد الله" من رواية =

في الصحيح (¬1). ¬

_ = يحيى الأندلسي موضّحًا الخلاف بين الروايتين، ثم جاء بشار عواد فنقل الحاشية إلى الأصل (2/ 76) (رقم: 1890) ظنًّا منه أنها سقطت من الأصل، والصواب إسقاط لفظة: عن عبد الله، والحديث عند أبي مصعب مرسل في هاتين النسختين. وقد اختلف عليه الرواة كما سيأتي. وقال الدارقطني: "أرسله القعنبي وأبو مصعب". أحاديث الموطأ (ص: 11). وذكر الدارقطني أيضا في العلل (4/ل: 56/أ) أنَّ ابنَ القاسم رواه مرسلًا. (¬1) أخرجه البخاري في صحيحه كما سبق من طريق عبد الله بن يوسف موصولًا كرواية يحيى الليثي، وهو كذلك في رواية: سويد بن سعيد (ص: 555) (رقم: 1322)، وابن بكير، ومن طريقه العلائي فِي بغية الملتمس (ص: 168). وابن وهب وابن القاسم كما في الجمع بين روايتيهما. وأخرجه البخاري في الأدب المفرد (ص: 210) (رقم: 602) من طريق إسماعيل بن أبي أويس. وأبو داود في السنن (5/ 147) (رقم: 4795) من طريق القعنبي. ونصّ الدارقطني في أحاديث الموطأ (ص: 11) أنَّ القعنبي وصله في غير الموطأ، ورواه في الموطأ مرسلًا. - والنسائي في السنن (8/ 121) من طريق ابن القاسم ومعن. وهما من رواة الموطأ. - وأحمد في المسند (2/ 59) من طريق يحيى بن سعيد القطان. - والآجري في الشريعة (2/ 600) (رقم: 235) من طريق قتيبة. - وابن منده في الإيمان (1/ 346) (رقم: 176) من طريق قتيبة وعبد الله بن يوسف وابن مهدي. - والبيهقي في شعب الإيمان (13/ 379) (رقم: 7302) من طريق إسحاق بن سليمان الرازي، . - وابن عبد البر في التمهيد (9/ 233) من طريق سعيد بن أبي مريم. - وابن الأبار في معجم أصحاب الصدفي (ص: 32)، والعلائي في بغية الملتمس (ص: 168) من طريق أبي مصعب الزهري. - وتابعهم أيضا ابن عفير، ومحمد بن حرب، ومنصور بن أبي مزاحم، وعثمان بن عمر، ذكرهم الدارقطني في أحاديث الموطأ (ص: 11). كلهم عن مالك به موصولًا. وقال ابن عبد البر: "هكذا روى هذا الحديث كل من رواه عن مالك - فيما علمت - في الموطأ وغيره بهذا الإسناد إلا رواية جاءت عن أبي مصعب الزهري وعبد الله بن يوسف التنّيسي مرسلة، =

وبه: "صلى المغربَ والعشاءَ بالمزدَلِفَة جميعًا". في الحج باب: صلاة المزدلفة (¬1). ¬

_ = والصحيح ما في إسناده الإيصال". التمهيد (9/ 232). كذا قال ابن عبد البر، وقال الدارقطني: "اختلف على مالك بن أنس، فقال عبد الرحمن بن القاسم وجماعة من أصحاب الموطأ: عن مالك عن الزهرىِ عن سالم مرسلا عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، واختلف على أبي مصعب الزهري فأرسله قوم ووصله آخرون، ورواه يحيى بن يحيى وعبد الرحمن بن مهدي وابن وهب وعبد الملك الماجشون وإسحاق بن سليمان وعبد الله بن وهب وإسحاق الحنيني ومطرف ومنصور بن أبي مزاحم وعثمان بن عمر عن مالك عن الرهري عن سالم عن أبيه. وروي عن القعنبي على الوجهين. والصحيح عن الزهرى عن سالم عن أبيه". العلل (4/ل: 56/أ). قلت: وممَّا يؤيّده أنَّ أبا مصعب الزهري والقعنبي وعبد الله بن يوسف التنيسي جاء عنهما الوجهان. وبالوجه المتَّصل رواه أصحاب الزهري عنه، منهم: - عبد العزيز بن أبي سلمة عند البخاري في صحيحه (7/ 130) (رقم: 6118). - وابن عيينة ومعمر بن راشد، عند مسلم في صحيحه (1/ 63) (رقم: 36). - وشعيب بن أبي حمزة وعبد الرحمن بن خالد بن مسافر، عند ابن منده في الإيمان (1/ 346). - وعبد الرحمن بن إسحاق، عند محمد بن نصر المروزي في تعظيم قدر الصلاة (1/ 437) (رقم: 445). - وعبد الله بن بُديل، عند أبى نعيم في أخبار أصبهان (1/ 230). - وعبيد الله بن عمر العمري، عند ابن عدي في الكامل (3/ 53)، لكن الراوي عنه خارجة بن مصعب، وهو متروك. وانظر: الأحاديث التي خولف فيها مالك (ص: 59، 60). (¬1) الموطأ كتاب: الحج، باب: صلاة المزدلفة (1/ 321) (رقم: 196). وأخرجه مسلم في صحيحه كتاب: الحج، باب: الإفاضة من عرفات إلا المزدلفة واستحباب صلاتي المغرب والعشاء جميعا بالمزدلفة في هذه الليلة (2/ 937) (رقم: 703) من طريق يحيى النيسابوري. وأبو داود في السنن كتاب: المناسك، باب: الصلاة يحمع (2/ 274) (رقم: 1926) من طريق القعنبي. والنسائي في السنن كتاب: الصلاة، باب: الجمع بين المغرب والعشاء بالمزدلفة (1/ 192) من طريق ابن مهدي. وأحمد في المسند (2/ 62، 152) من طريق ابن مهدي، وروح، أربعتهم عن مالك به.

وانظر حديثَ أُسامة (¬1)، وأَبِي أيوب (¬2)، والجمعَ والسَّفرِ لنافع عن ابنِ عمر (¬3)، ولِمعاذ (¬4)، وغيرِهما، والجمعَ العامِّ لابنِ عباس (¬5). وبه: قال: "مَا أُرى (¬6) رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - تَرَكَ استِلامَ الرُّكنَيْنِ اللَّذَينِ يَلِيَانِ الحَجَرَ إلاّ أنَّ البيتَ لم يُتَمَّمْ على قَواعِدِ إبراهيم" (¬7). هذا فِي الموطأ مَنُوطٌ بحديثِ عبد الله بنِ محمّد، عن عائشة في بِنَاء الكعبة (¬8). شاهدَ ابن عمرَ الطَّوافَ وعايَنَ استِلامَ الرُّكنَين اليَمانِيَيْنِ، وتَرْكَ الآخَرَيْن فِي حَجَّةِ الوَداعِ، وبذلك يَنْسَنِدُ. وانظر حديثَ عُبيد بن جُريج عنه (¬9). ¬

_ (¬1) تقدّم حديثه (2/ 23). (¬2) سيأتي حديثه (3/ 143). (¬3) سيأتي حديثه (2/ 376). (¬4) تقدّم حديثه (2/ 206). (¬5) سيأتي حديثه (2/ 548). (¬6) بضم الهمزة أي أظن. الفتح (3/ 518). (¬7) الموطأ كتاب: الحج، باب: ما جاء في بناء الكعبة (1/ 293) وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الحج، باب: فضل الكعبة وبنيانها (2/ 490) (رقم: 1583) من طريق القعنبي، وفي أحاديث الأنبياء، بابٌ، (4/ 465) (رقم: 3368) من طريق عبد الله بن يوسف، وفي التفصير، باب: قوله تعالى: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ} (5/ 178) (رقم: 4484) من طريق إسماعيل بن أبي أويس. ومسلم في صحيحه كتاب: الحج، باب: نقض الكعبة وبنائها (2/ 969) (رقم: 1333) من طريق يحيى النيسابوري. والنسائي في السنن كتاب: المناسك، باب: بناء الكعبة (5/ 214) من طريق ابن القاسم، خمستهم عن مالك به. (¬8) سيأتي حديثها (4/ 19). (¬9) سيأتي حديثه (2/ 506)، وفيه مشاهدة ابن عمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين استلم الركنين.

وبه: عن سالم قال: كَتَبَ عبدُ الملك بنُ مروان إلى الحَجَّاجِ (¬1) أَلَّا يُخالِفَ عبدَ الله بنَ عُمر في شيءٍ مِن أمْرِ الحَج، فلَمَّا كان يومُ عَرَفَة جاءه عبدُ الله حِين زالتِ الشمسُ ... فيه: "الرَّوَاحَ إنْ كُنتَ تُريدُ السُّنَّةَ"، وفيه قولُ سالِمٍ: "إنْ كُنتَ تُريدُ أنْ تُصِيبَ السُّنَّةَ اليوم فأَقْصِرِ الخُطبَةَ وعَجِّل الصَّلاَةَ"، وبه تَرْجَمَ. في كتاب: الحج. وفيه قول عبد الله: "صَدَقَ" (¬2). أُدْخِلَ هذا في السند بالمعنى، وخرّجه البخاري في الصحيح (¬3)، وذَكَر عن اللَّيث، عن عُقيل، عن الزهري، عن سالم أنَّه قال للحَجَّاج: "إنْ كُنتَ تُرِيدُ السنَّة فهَجِّر بالصلاة يومَ عَرَفَة، فقال عبد الله: صَدَقَ، إنَّهم كانوا ¬

_ (¬1) هو الحجّاج بن يوسف بن أبي عقيل الثقفي الأمير الشهير. قال الذهبي: "أهلكه الله في رمضان سنة خمس وتسعين كهلًا، وكان ظلومًا جبّارًا، ناصبيًّا خبيثًا، سفّاكًا للدماء. وكان ذا شجاعة وإقدام ومكر ودهاء، وفصاحة وبلاغة، وتعظيم للقرآن ... ، فنسبُّه ولا نحبُّه، بل نبغضه في الله، فإن ذلك من أوثق عرى الإيمان. وله حسنات مغمورة في بحر ذنوبه، وأمره إلى الله، وله توحيد في الجملة، ونظراء من ظلمة الجبابرة والأمراء". وانظر ترجمته في: تاريخ دمشق (12/ 113 - 202) البداية والنهاية (9/ 117 - 139)، السير (4/ 343)، تهذيب التهذيب (2/ 184). (¬2) الموطأ كتاب: الحج، باب: الصلاة في البيت وقصر الصلاة وتعجيل الخطبة بعرفة (1/ 320) (رقم: 194). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الحج، باب: التهجير بالرواح يوم عرفة (2/ 513) (رقم: 1660) من طريق عبد الله بن يوسف، وفي باب: قصر الخطبة بعرفة (2/ 515) (رقم: 1663) من طريق القعنبي. والنسائي في السنن كتاب: المناسك، باب: الرواح يوم عرفة (5/ 252) من طريق أشهب، وفي باب: قصر الخطبة بعرفة (5/ 254) من طريق ابن وهب، أربعتهم عن مالك به. (¬3) سبق تخريجه.

يَجْمَعون بين الظُّهرِ والعَصْرِ في السّنَّة". قال الزهري: فقلتُ لسالِمٍ: "أَفَعَلَ ذلك رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -؟ "، فقال: "نَعم، وهل يَتَّبِعون إلاّ سُنَّتَه" (¬1). وفي الحديث أنَّ هذا كان عامَ نَزَل الحَجَّاجُ بابنِ الزُّبير. وخَرَّج أبو داود من طريق سعيد بن حسَّان، عن ابن عمر قال: لما قَتَلَ الحَجّاجُ ابنَ الزبير أرْسَلَ إلى ابنِ عمر: "أيّةُ ساعةٍ كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَرُوحُ في هذا اليوم؟ "، قال ابنُ عمر: "إذا كان ذلك رُحْنَا، فلما زَاغَتِ الشَّمسُ ارتَحَلَ" (¬2). وخَرَّج أيضا من طريق نافع، عن ابنِ عمر: "أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - رَاحَ عِندَ صلاةِ الظهر مُهَجِّرًا فجَمَعَ بين الظُّهرِ والعصرِ" (¬3). ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الحج، باب: الجمع بين الصلاتين بعرفة (2/ 514) (رقم: 1662) تعليقًا عن الليث. قال الحافظ: "وصله الإسماعيلي من طريق يحيى بن بكير وأبي صالح جميعًا عن الليث". الفتح (3/ 600). وأخرجه الحافظ من طريقه في تغليق التعليق (2/ 85). (¬2) سنن أبي داود كتاب: المناسك، باب: الرواح إلى عرفة (2/ 468) (رقم: 1914) من طريق أحمد بن حنبل عن وكيع عن نافع بن عمر عن سعيد بن حسان به. وهو في المسند (2/ 25)، إلا أنه سقط من الطبعة ذكر وكيع شيخ أحمد، ونبّه على هذا السقط الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على المسند (7/ 10). وأخرجه ابن ماجه في السنن كتاب: المناسك، باب: المنزل بعرفة (12/ 100) (رقم: 3009)، وأبو يعلى في المسند (5/ 286) (رقم: 5708) من طرق عن وكيع به. وفي إسناده سعيد بن حسَّان ذكره ابن حبان في الثقات (4/ 283). وقال الحافظ: "مقبول". التقريب (رقم: 2282). فالإسناد ضعيفٌ، وسياقُ القصَّة مخالفٌ لما ثبت في الموطأ وصحيحِ البخاري ففيه أنَّ الحجّاج هو الذي أرسل إلى ابن عمر يسأله عن وقت الرواح، ثم أرسل رجلًا ينظر أىَّ ساعة يروح. وفي الصحيح والموطأ أنَّ ابنَ عمر هو الذي ذهب إلى الحجّاج عندما زالت الشمس فصاح به: "الرواح إن كنت تريد السنة ... "، إلى آخر ما جاء في القصة والله أعلم. (¬3) سنن أبي داود كتاب: المناسك، باب: الخروج إلى عرفة (2/ 467) (رقم: 1913) من طريق =

حديث: "إنَّ بِلالًا ينادِي بلَيل ... ". هو مرسل عند يحيى، انظره في مرسلِ سالم (¬1). حديث: "بَيْدَاؤكم هذه ... ". فيه: "ما أَهَلَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ألَّا مِن عندِ المسجِدِ". في باب: الإهلال. عن موسى بن عقبة، عن سالم، عن أبيه (¬2). وانظر حديث عُبيد عنه (¬3)، ومرسلَ عروة (¬4). ¬

_ = أحمد بن حنبل عن يعقوب - وهو ابن إبراهيم - حدّثنا أبي عن ابن إسحاق حدّثني نافع به. وهو في المسند (2/ 129)، وتمامه: "ثم خطب الناس ثم راح فوقف على الوقف من عرفة". وهذا إسناد حسن من أجل ابن إسحاق صدوق يدلس كما في التقريب (رقم: 5725)، وقد صرّح بالتحديث، إلا أن بعض متنه معلول؛ لأنَّ خطبته عليه السلام كانت قبل الصلاة. قال عبد الحق الإشبيلي: "وفي حديث جابر أنه عليه السلام خطب قبل الصلاة وهو المشهور الذي عمل به الأئمة والمسلمون". وأعلَّه ابن القطان بابن إسحاق. انظر: الأحكام الوسطى (2/ 307)، بيان الوهم والإيهام (3/ 463)، نصب الراية (3/ 60). ومراد المصنف من سياق هذين الحديثين بيان أنَّ تعجيل الصلاة مرفوع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - من طريق ابن عمر، وأمره للحجّاج إنما هو اتباع لسنته - صلى الله عليه وسلم -، فعليه يكون حديث الموطأ له حكم الرفع. (¬1) سيأتي حديثه (5/ 231). (¬2) الموطأ كتاب: الحج، باب: العمل في الإهلال (1/ 271) (رقم: 30). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الحج، باب: الإهلال عند مسجد ذي الحليفة (2/ 477) (رقم: 1541) من طريق القعنبي. ومسلم في صحيحه كتاب: الحج، باب: أمر أهل المدينة بالإحرام من عند مسجد ذي الحليفة (2/ 843) (رقم: 1186) من طريق يحيى النيسابوري. وأبو داود في السنن كتاب: المناسك، باب: في وقت الإحرام (2/ 374) (رقم: 1771) من طريق القعنبي. والنسائي في السنن كتاب: المناسك، باب: العمل في الإهلال (5/ 126) من طريق قتيبة، ثلاثتهم عن مالك به. (¬3) سيأتي حديثه (2/ 506). (¬4) سيأتي حديثه (5/ 109).

حديث: "الشُّؤْمُ في الدَّار والمرأةِ والفَرَسِ". في الجامع. عن ابن شهاب، عن حَمزةَ وسالم ابْنَي عبد الله بن عمر، عن عبد الله بن عمر (¬1). هكذا قال الزهري عن حمزة وسالم: "الشُّؤمُ (¬2) في الدار"، على القَطْعِ. وقال عُتبة بن مسلم، عن حمزة، عن أبيه: "إن كان الشُّؤْمُ في شَيءٍ فَفِي ثلاثة"، وذَكَرَها، خرّجه الطحاوي في المشكل (¬3). وخرّجه البخاري بهذا اللَّفظ من طريق عمر بن محمّد العسقلاني، عن أبيه، عن ابن عمر (¬4). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الاستئذان، باب: ما يتقى من الشؤم (2/ 741) (رقم: 22). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: النكاح، باب: ما يتقى من شؤم المرأة (6/ 446) (رقم: 5093) من طريق إسماعيل بن أبي أويس. ومسلم في صحيحه كتاب: السلام، باب: الطيرة والفأل وما يكون فيه من الشؤم (4/ 1746) (رقم: 2225) من طريق القعنبي ويحيى النيسابوري. وأبو داود في السنن كتاب: الطب، باب: في الطيرة (4/ 237) (رقم: 3922) من طريق القعنبي. والنسائي في السنن كتاب: الخيل، باب: شؤم الخيل (6/ 220) من طريق ابن القاسم ومعن، وفي السنن الكبرى كتاب: عشرة النساء - ذكر الاختلاف على يونس فيه - (5/ 402/ 9278) من طريق ابن القاسم وابن وهب. وأحمد في المسند (2/ 126) من طريق إسحاق الطباع، سبعتهم عن مالك به. (¬2) في الأصل: "الشؤم وفي الدار"، وزيادة الواو خطأ. (¬3) شرح مشكل الآثار (2/ 250) (رقم: 779). والحديث في صحيح مسلم (4/ 1748) (رقم: 2225) بهذا الإسناد واللفظ. (¬4) صحيح البخاري (6/ 446) (رقم: 5094). وجاء بنحو هذا عن سهل بن سعد الساعدي عند البخاري في صحيحه (3/ 294) (رقم: 2859). =

وذكر ابنُ قتيبة أنَّ أبا هريرة رواه وغَلِط فيه، وأنَّ عائشة أَكْذَبَته، وذَكَرَتْ أنَّه إِخبارٌ عن قولِ أهْلِ الجاهلية (¬1). وانظر حديث سهل (¬2). ¬

_ = وعن جابر بن عبد الله عند مسلم في صحيحه (4/ 1748) (رقم: 2227). ومن حديث سعد بن أبي وقاص عند أبى داود في السنن (4/ 236) (رقم: 3921)، وأحمد في المسند (1/ 180)، وهذا يقتضي عدم الجزم بالشؤم بخلاف رواية الزهري. (¬1) تأويل مختلف الحديث (ص: 120). وحديث عائشة أخرجه اْحمد في المسند (6/ 150، 246، 240) وإسحاق بن راهويه في مسنده (3/ 751) (رقم: 822)، والحاكم في المستدرك (2/ 479)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (2/ 255) (رقم: 786)، وابن قتيبة في تأويل مختلف الحديث (ص: 120) من طرق عن قتادة عن أبي حسان قال: دخل رجلان من بني عامر على عائشة فأخبراها أن أبا هريرة يحدّث عن النبي عليه السلام أنه قال: "إنَّ الطِيرة في المرأة والدار والفرس"، فغضبت وطارت شِقّة منها في السماء وشِقّة في الأرض فقالت: والذي نزّل القرآن على محمد - صلى الله عليه وسلم - ما قالها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، إنما قال: "إن أهل الجاهلية كانوا يتطيّرون من ذلك". لفظ الطحاوي. وقال الحاكم: "صحيح الإسناد"، ووافقه الذهبي. قلت: إسناده حسن؛ فيه أبو حسان، واسمه مسلم بن عبد الله صدوق كما في التقريب (رقم: 8046)، وانظر تهذيب الكمال (33/ 242)، تهذيب التهذيب (2/ 761). ويشهد له ما أخرجه الطيالسي في مسنده (ص: 215) من طريق مكحول عن عائشة بنحوه. وسنده منقطع مكحول لم يسمع من عائشة كما في الفتح (6/ 72). وقال الذهبي: "يروي بالإرسال عن عائشة". الميزان (2/ 302). وجملة القول أنَّ الرواة اختلفوا في لفظ هذا احديث هل هو بإثبات الشؤم أم بنفيه، ولعل الراجح من ذلك من رواه بالنفي أي بقوله: "إن كان الشؤم في شيء"؛ لكثرة من رواه كذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، والله أعلم. قال الطحاوي معلقًا على حديث جابر وما في معناه من الأحاديث التي تنفي وجود الشؤم في شيء: "فكان في ذلك ما قد دلّ على انتفاء ذلك القول المضاف إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في إثباته الشؤمَ في الثلاثة الأشياء التي روينا عنه أن الشؤم فيها". شرح مشكل الآثار (2/ 253). وانظر: تأويل مختلف الحديث (ص: 117)، التمهيد (9/ 287 - 291)، الفتح (6/ 71 - 74). (¬2) سيأتي حديثه (3/ 108).

حديث: "إنَّما سنةُ الصلاةِ أن تَنْصِبَ رِجلَكَ اليُمنى وتُثنِيَ رِجلَكَ اليُسرى". يعني في الجلوس. عن عبد الرحمن بن القاسم، عن عبد الله بن عبد الله بن عمر، عن أبيه، وفيه قِصة (¬1). ظاهرُه الوَقفُ، وخَرَّجه البخاري في المسند الصحيح (¬2)، إذ معناه الرَّفعُ لقوله فيه: "إنَّما سُنَّةُ الصلاة"، والصلاة إنَّما تُلقِيَتْ مِن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وهو بَيَّنَها وسَنَّ سُنَنَها، وقال لأصحابه: "صَلُّوا كما رأيتُمُوني أُصَلِّي"، خُرِّج في الصحيح لمالك بن الحويرث (¬3). فما كانوا ليخالفوا أمرَه، ويَسُنُّوا فيها غيرَ ما سَنَّ، وقد قال ابنُ عمر في حديث القصر: "إنَّ الله بَعَثَ إلينا مُحمّدًا ولا نَعلمُ شيئًا، فإنَّما نَفعلُ كما رَأيناه يَفعل" (¬4). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الصلاة، باب: العمل في الجلوس في الصلاة (1/ 96) (رقم: 51). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الأذان، باب: سنة الجلوس في التشهد (1/ 248) (رقم: 827) من طريق القعنبي. وأبو داود في السنن كتاب: الصلاة، باب: كيف الجلوس في التشهد (1/ 587) (رقم: 958) من طريق القعنبي عن مالك به. (¬2) سبق تخريجه. (¬3) طرف من حديث طويل أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الآذان، باب: الآذان للمسافر إذا كانوا جماعة .. (1/ 194) (رقم: 631). وفي الأدب، باب: رحمة الناس بالبهائم (7/ 101) (رقم: 6008). وفي أخبار الآحاد، باب: ما جاء في إجازة خبر الواحد الصدوق في الأذان .. (8/ 481) (رقم: 7246). (¬4) سيأتي الكلام على هذا الحديث (2/ 517).

ولمالك في الموطأ أيضا عن يحيى بن سعيد: أنَّ القاسمَ بنَ محمّد أَراهم هذه الصِّفَةَ، ثم روى عن عبد الله بن عبد الله: "أنَّ أباه كان يفعلُ ذلك". أَسْندَ الفِعلَ إليه، ولم يَرفَعْه، ولا ذَكَر قولَه (¬1). وقال اللَّيثُ، والثوري، وابنُ عيينة، وغيرُهم في هذا الحديث عن يحيى، عن القاسم، عن عبد الله بن عبد الله: أنَّ أباه قال: "مِن سنَّة الصلاةِ"، وساقَه، ذكره الدارقطني (¬2). ¬

_ (¬1) الموطأ (1/ 96) (رقم: 52). وقوله: "ولا ذكر قوله"، أي: "من سنة الصلاة"، وعليه فالأثر موقوف على ابن عمر وإن كان له حكم الرفع، وقد جاء من غير طريق مالك مرفوعًا، كما سيأتي بيانه. قال ابن عبد البر: "هكذا قال مالك في حديث يحيى بن سعيد هذا، لم يذكر أن ذلك من سنة الصلاة كما ذكر في حديثه عن عبد الرحمن بن القاسم ... فلهذا لم نذكر في هذا الكتاب حديث مالك عن يحيى بن سعيد عن القاسم في باب يحيى بن سعيد؛ لاُن مالكا لم يقل عنه فيه من السنة، ولا نشك أن ذلك من السنة، لأن مالكا ذكر عن عبد الرحمن بن القاسم عن عبد الله بن عبد الله بن عمر عن أبيه، وأظن عبد الرحمن شهد ذلك من عبد الله بن عبد الله مع أبيه القاسم؛ لأن رواية مالك عنه تدل على ذلك، وعبد الرحمن ممن أدرك بسنِّه من الصحابة مثل أنس وطبقته، وإن كان لم تُحفظ له عنهم رواية، فهو أحرى أن يصير مع أبيه في درجة في مثل هذا الحديث عن عبد الله بن عبد الله بن عمر، هذا ما لا خلاف فيه ولا مدفع". التمهيد (19/ 249). (¬2) لم أقف على قول الدارقطني. ورواية الليث، عند النسائي في السنن (2/ 235). ورواية الثوري، وابن عيينة، عند ابن خزيمة في صحيحه (1/ 338) (رقم: 678، 679). وتابعهم: - عبد الوهاب الثقفي، عند أبي داود في السنن (1/ 588) (رقم: 959)، والدارقطني في السنن (1/ 349) (رقم: 2). - وجرير بن عبد الحميد، عند أبي داود في السنن (1/ 588) (رقم: 960). =

فالحديثُ على هذا مرويٌّ من طريقين (¬1). ¬

_ = - وعمرو بن الحارث، عند النسائي في السنن (2/ 235). - ويزيد بن هارون، عند أبي عوانة في صحيحه (2/ 222). - ومحمد بن فضيل، عند ابن أبي شيبة في المصنف (1/ 254) (رقم: 2927)، وابن خزيمة في صحيحه (1/ 338) (رقم: 678). - وأبو أسامة حماد بن أسامة، عند ابن أبي شيبة في المصنف (1/ 254) (رقم: 2927). - وأبو خالد الأحمر، عند ابن خزيمة في صحيحه (1/ 338) (رقم: 678)، إلا أنه وقع فيه: "حدثنا أبو كريب وعبد الله بن سعيد الأشج قالا: حدثنا أبو خالد حدّتنا هارون بن إسحاق، حدّثنا ابن فضيل .. ". والصواب: قالا: حدثنا أبو خالد، [و] حدّثنا هارون بن إسحاق، حدّثنا ابن فضيل، وانظر: إتحاف المهرة (8/ 544). - وجعفر بن عون عند البيهقي في السنن الكبرى (2/ 129). (¬1) أي من طريق عبد الرحمن بن القاسم عن عبد الله بن عبد الله كما رواه مالك، ومن طريق أبيه القاسم بن محمد عن عبد الله بن عبد الله كما رواه من سبق ذكره من الرواة، وكلاهما صحيح والله أعلم.

حديث: "إذا أَكَلَ أَحدُكم فليأْكلْ بيَمينِه وليَشرَبْ بيمينِه". في الجامع، باب: الأكل بالشمال. عن ابن شهاب، عن أبي بكر بن عُبيد الله بن عبد الله بن عمر، عن عبد الله بن عمر، وهو جَدُّه (¬1). ووَقَعَ في كتاب يحيى بن يحيى: "عن أبي بكر بن عبد الله" (¬2)، كأنَّه نَسَبَه إلى جَدِّه عبد الله بن عمر. وقيل: بل نسبه يحيى إلى عَمِّه عبد الله بن عبد الله (¬3) على طريقِ الوَهمِ ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: صفة النبي - صلى الله عليه وسلم -، باب: النهي عن الأكل بالشمال (2/ 703) (رقم: 6). وأخرجه مسلم في صحيحه كتاب: الأشربة، باب: آداب الطعام والشراب وأحكامهما (3/ 1598) (رقم: 2020) من طريق قتيبة. والنسائي في السنن الكبرى كتاب: أداب الأكل، باب: الأكل باليمين (4/ 172) (رقم: 6746) من طريق عبد الرزاق. وأحمد في المسند (2/ 33، 146) من طريق عبد الرزاق. والدارمي في السنن، كتاب: الأطعمة، باب: الأكل باليمين (2/ 132) (رقم: 2030) من طريق أبي علي الحنفي، ثلاثتهم عن مالك به. (¬2) في المطبوع: عن أبي بكر بن عبيد الله بن عبد الله، على الجادة، وكذا هو في نسخة المحمودية (أ) (ل: 147/أ)، و (ب) (ل: 255/ب). وممن قال فيه: أبي بكر بن عبد الله: سويد بن سعيد (ص: 496 - طبعة دار الغرب-). ووقع في طبعة البحرين (ص: 565) (رقم: 1355): عن أبي بكر بن عبد الله بن عمر: "أنَّ رسول الله". أي مرسلًا، وهذا تحريفى وخطأ، والصواب في رواية سويد: عن أبي بكر بن عبد الله بن عبد الله، عن عبد الله بن عمر كما جاء في نسخة الظاهرية (ل: 107/ أ)، وهي المعتمدة في طبعة البحرين. (¬3) ابن عمر بن الخطاب أبو عبد الرحمن المدني.

والغَلَط (¬1). وهو أبو بكر بن عُبيد الله مصغّرًا، وهكذا قال فيه سائِرُ الرواة (¬2). وزاد ابنُ بُكير في هذا الإسناد: عن أبيه، فقال: ابن شهاب، عن أبي بن عبيد الله، عن أبيه، عن عبد الله بن عمر، وهذا أيضا وَهَمٌ انفرد به (¬3). والحديثُ محفوظ للزهري، عن أبي بكر، عن جدّه، وهكذا خَرَّجه مسلمٌ عن قتيبة عن مالك (¬4). وقال فيه إبراهيم بن طَهمان خَارِجَ الموطأ: عن مالك، عن الزهري، عن أبي بكر بن عبيد الله، عن من حدَّثه: أنه سمع ابن عمر. ولم يُسَمِّه (¬5). ¬

_ (¬1) قاله ابن عبد البر في التمهيد (11/ 109). (¬2) هي رواية من تقدّم ذكرهم في التخريج، وانظر الموطأ برواية: أبي مصعب الزهري (2/ 95) (رقم: 1931)، وابن القاسم (ص: 117) (رقم: 62)، ومحمد بن الحسن (ص: 314) (رقم: 883)، وابن بكير (ل: 243/ ب- نسخة الظاهرية-)، وابن وهب كما في الجمع بين روايته ورواية ابن القاسم (ل: 111/ أ). وأخرجه أبو عوانة في صحيحه (5/ 337) من طريق عبد الله بن وهب. والجوهري في مسند الموطأ (ل: 35/ أ) من طريق القعنبي. والبخاري في التاريخ الكبير (7/ 165) من طريق إسماعيل بن أبي أويس. (¬3) موطأ ابن بكير (ل: 243/ ب- نسخة الظاهرية-). وسئل أبو زرعة عن هذا الإسناد فقال: "وَهِم يحيى". أي ابن بكير. علل الحديث (2/ 21)، وانظر: التمهيد (11/ 110). (¬4) سبق تخريجه. (¬5) ذكره ابن عبد البر في التمهيد (11/ 110)، وإبراهيم بن طهمان ثقة يغرب كما في التقريب (رقم: 189)، وقد خالفه جماعة من الرواة عن ذلك فيهم مثل عبد الله بن وهب وابن القاسم، والقعنبي. وحكى الدارقطني في العلل (4/ ل: 55/ ب) أن إبراهيم بن طهمان رواه عن مالك، وزاد فيه: عن أبيه أي كرواية ابن بكير المتقدّمة ولم أقف على هذه الرواية، والله أعلم.

فَحَديث الموطأ على هذا مقطوع (¬1). وخَرَّجه مسلم من طريق ابنِ وهب، عن عمر بن محمّد بن زيد، عن القاسم بن عُبيد الله بن عبد الله بن عمر، عن سالم، عن أبيه (¬2). فقيل: إنَّ القاسمَ هذا هو أبو بكر المذكور في الموطأ (¬3). ¬

_ (¬1) أي منقطع بين أبي بكر بن عبيد الله وابن عمر، وقال القابسي. "في اتصاله بعض النظر". تلخيص موطأ ابن القاسم (ص: 117). قلت: سيأتي تفصيل الكلام في ذلك، والصواب أنه متصل. (¬2) صحيح مسلم (3/ 1599) (رقم: ، 202). ووافق ابن وهب على هذه الرواية: - الثوري، عند أبي عوانة في صحيحه (5/ 359)، وابن الجارود في المنتقى (3/ 159) (رقم: 869). - عاصم بن محمد بن زيد، عند أحمد في المسند (2/ 134). هؤلاء الثلاثة رووه عن عمر بن محمد بن زيد، عن القاسم، عن سالم، عن أبيه عبد الله بن عمر به. وأخرجه البخاري في التاريخ الكبير (7/ 165)، وأبو يعلى في السند (2/ 226) (رقم: 5543) من طريق يحيى بن التوكل أبي عقيل، عن القاسم، عن سالم، عن أبيه. ويحيى بن المتوكل ضعيف كما في التقريب (رقم: 7633)، لكن روايته شاهد لحديث عمر بن محمد. (¬3) وهو قول محمد بن يحيى الذهلي، والدارقطني كما سيأتي، وأبي القاسم الجوهري كما في مسند الموطأ (ل: 35/أ). وقال البخاري: "أبو بكر بن عبيد الله، ويَرَوْنَ أنه القاسم بن عبيد الله". الكنى (ص: 9). وانظر: الأسامي والكنى لأبي أحمد الحاكم (2/ 233). واستند الذهلي على رواية عبد الحميد بن أبي أويس، عن سليمان بن بلال، عن عمر بن محمد، عن أبي بكر بن عبيد الله، عن سالم، عن أبيه، أخرجه من طريقه أبو عوانة في صحيحه (5/ 338)، وابن الجارود في المنتقى (3/ 160) (رقم: 870). فجعل بدل القاسم أبا بكر، بخلاف رواية ابن وهب ومن تابعه عن عمر بن محمد، كما تقدّم، لذا قال محمد بن يحيى الذهلي بعد هذه الرواية كما عند ابن الجارود: "القاسم عندنا هو أبو بكر بن عبيد الله إن شاء الله". وخالفه أحمد بن صالح المصري كما عند أبي عوانة فقال: "سألت الناس بالمدينة فقالوا: لأبي بكر أخ يقال له القاسم".

وقيل: بل أخوه، وأنَّ أبا بكر أدركَ جَدَّه وروى هذا الحديث عنه، واسمُه كنيتُه (¬1). وإلى القول الأوَّلِ ذهب الدارقطني، صحَّحَ روايةَ ابنِ وهب عن عمر بنِ محمّد، وذَكر أنَّ أبا بكر هو القاسم، وقال: "لَم يَسمع أبو بكر هذا الحديث من جَدِّه عبد الله بن عمر، وإنَّما سمعه من عمِّه سالم، عن أبيه، قال ذلك عمر بن محمّد، عن القاسم بن عبيد الله وهو أبو بكر بن عبيد الله" (¬2). ¬

_ (¬1) انظر: الأسامي والكنى (2/ 234)، التمهيد (11/ 110، 111). وفرّق بينهما خليفة في الطبقات (ص: 262)، وابن سعد في الطبقات (ص: 219، 220 - تحقيق زياد منصور-). وقال أبو حاتم: "أبو بكر بن عبيد الله لا يسمى". الجرح والتعديل (9/ 340). وترجم له ابنه (7/ 112)، وذكر عن أبيه أنه يروي عن عمه سالم. وتقدّم قول أحمد بن صالح المصري وأنه سأل عنه بالمدينة فذكروا له أنهما أخوان. وقال المزي: "أبو بكر بن عبيد الله أخو القاسم بن عبيد الله". تهذيب الكمال (33/ 119). قلت: ولعل ما وقع في رواية سليمان بن بلال من تكنية القاسم بأبي بكر وهم من بعض الرواة، وكأنه رأى أنهما رجل واحد فذكر القاسم بالكنية، وكناه أبا بكر، والصواب أن الرواية عن أخيه القاسم. (¬2) العلل (4/ل: 55/أ، ب)، (ل: 56/أ). وتقدّمت رواية عمر بن محمد من طريق ابن وهب وغيره. وعلى هذا القول يكون حديث الموطأ منقطعًا؛ لأنَّ أبا بكر لم يسمع هذا الحديث من جدّه ابن عمر وإنما سمعه من سالم عن أبيه. وعلى قول من قال إن أبا بكر أخو القاسم يكون حديث الموطأ متصلا، كما ذهب إلى ذلك ابن عبد البر، ولعل هذا هو الأقرب إلى الصواب لتفريق العلماء بين أبي بكر والقاسم. فأبو بكر أمه عائشة بنت عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق، مات قديما. وأما القاسم فأمه أم عبد الله بنت القاسم بن محمد، توفي في خلافة مروان بن محمد. انظر: طبقات خليفة (ص: 262)، طبقات ابن سعد (ص: 219، 220). =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = ومما يؤيّده أن مالكًا لم ينفرد بهذا الإسناد، بل تابعه عليه جماعة من الثقات، منهم: - سفيان بن عيينة، وعبيد الله بن عمر العمري، عند مسلم في صحيحه (3/ 1598) (رقم: 2020). - وعبد الرحمن بن إسحاق، عند ابن عبد البر في التمهيد (11/ 112). - ويحيى بن سعيد الأنصاري، وعبد الرحمن بن يزيد بن حابر، وإبراهيم بن سعد، وعبد الله بن عمر العمري، ذكرهم الدارقطني في العلل (4/ل: 55/ب). - معمر بن راشد، قال أبو عبيد الآجري، عن أبي داود، عن إسحاق بن إسماعيل، عن سفيان: "قلت لمعمر: كيف حفِظتَ من الزهري: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله"؟ فقال: ذكره عن سالم. فقلت له: حفظتَه عن أبي بكر بن عبيد الله؟ فقال: نعم، إنما عرضنا عليه". تحفة الأشراف (6/ 269). والحاصل أنَّ الحديث مروي عن ابن عمر من طريقين، طريق ابنه سالم، وهذا يرويه عنه القاسم بن عبيد الله بن عبد الله بن عمر. وطريق أبي بكر بن عبيد الله بن عبد الله بن عمر، عن جدّه عبد الله بن عمر بلا واسطة متصلا، كما رواه مالك وابن عيينة وعبيد الله بن العمري وغيرهم عن الزهري عنه، وأبو بكر والقاسم أخوان، والله أعلم بالصواب. وللحديث طريق آخر عن الزهري، عن سالم، عن أبيه، من غير واسطة بين الزهري وسالم، رواه عنه كذلك معمر، وعُقيل بن خالد، وإسحاق بن راشد، وعمر بن قيس، وصالح بن أبي الأخضر: أخرجه الترمذي في السنن كتاب: الأطعمة، باب: ما جاء في النهي عن الأكل والشرب بالشمال (4/ 227) (رقم: 1800)، والنسائي في السنن الكبرى كتاب: (4/ 172) (رقم: 6747)، وأحمد في المسند (2/ 146)، وعبد الرزاق في المصنف (10/ 414) (رقم: 19541)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (12/ 30، 148) (رقم: 5226، 5331)، والبخاري في التاريخ الكبير (7/ 165) -تعليقا-، والبيهقي في السنن الكبرى (7/ 277)، وابن عبد البر في التمهيد (11/ 111). وزاد النسائي: "فقال ابن عيينة لمعمر: إنَّ الزهري رواه عن أبي بكر بن عبيد الله. قال معمر: إن الزهري كان يلفَظُ الحديثَ عن النفر فلعله سمع منهما جميعًا". ورواية عُقيل بن خالد، ذكرها البخاري في التاريخ، والترمذي في السنن. وذكر الدارقطني في العلل (4/ ل: 55/ ب) أن عُقيلا رواه عن الزهري، عن سالم مرسلا، والله أعلم. ورواية إسحاق بن راشد وعمر بن قيس وصالح بن أبي الأخضر، ذكرها الدارقطني في العلل (4/ل: 55/ب). =

* حديث: لحوم الضحايا. مذكور في مرسلِ عبد الله بن واقد (¬1). فصل: ولأبي بكر بن عمر العُمَري حديثٌ يرويه عن سعيد بن يسار، عن جدّ أبيه، انظره في هذا (¬2). ¬

_ = وقال ابن حبان: "أصحاب الزهري كلهم قالوا في هذا الخبر: عن الزهري، عن أبي بكر بن عببد الله بن عبد الله بن عمر، عن أبيه، وخالفهم معمر، فقال: عن الزهري، عن سالم، عن أبيه. فقيل لمعمر: خالفتَ الناس، فقال: كان الزهري يسمع من جماعة فيحدّث مرة عن هذا، ومرة عن هذا". الصحيح (الإحسان) (12/ 31). ورجّح الزمذي رواية مالك وابن عيينة ومن تابعهما على رواية معمر وعُقيل، فقال: "ورواية مالك وابن عيينة أصح". السنن (4/ 227). وتبعه ابن عبد البر فقال: "وأخشى أن يكون خطأ عن معمر؛ لأنَّه لم يروه غيرُه، ولا يُحفظ هذا الحديث من حديث الزهري عن سالم، ولو كان عند الزهري عن سالم ما حدّث به عن أبي بكر، والله أعلم، وهو مما حدّث به معمر باليمن والبصرة؛ لأنه رواه عنه عبد الأعلى، وعبد الرزاق، وسعيد بن أبي عروبة ... وإن صح حديث معمر عن الزهري، عن سالم، فهو إسناد آخر". التمهيد (11/ 111، 112). قلت: والذي يظهر أن الروايتين صحيحتان عن الزهري، ويدل عليه: 1 - أنَّ معمرًا لم ينفرد بها عن الزهري، بل تابعه عُقيل بن خالد كما ذكر ذلك البخاري، والترمذي. 2 - أنَّ الحديث عند معمر على الوجهين، وتقدّم ما ذكره أبو داود عن ابن عيينة قال: "قلت لمعمر: كيف حفِظتَ من الزهري: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله؟ " فقال: ذكره عن سالم. فقلت له: حفظتَه عن أبي بكر بن عبيد الله؟ فقال: نعم، إنما عرضنا عليه". تحفة الأشراف (6/ 269). 3 - أن الزهري مكثر، وله في هذا الحديث شيخان، وبه صرح معمر نفسه فيما نقله النسائي قال البيهقي: "هذا محتمل". السنن الكبرى (7/ 277). (¬1) سيأتي حديثه (5/ 38). (¬2) سيأتي حديثه (2/ 503).

5/ نافع، وعبد الله بن دينار، وزيد بن أَسلَم، عن ابن عمر حديثٌ واحد حديث: "لا ينظرُ اللهُ يومَ القيامةِ إلى من يَجُرُّ ثوبَه خُيَلاء". في الجامع، باب: الإسبال. عن هؤلاء الثلاثة، عنه (¬1). هكذا هو في أثناء الباب، وهو في أوّله عن ابن دينار وحدَه، عن ابن عمر، وفي لفظه تقديمٌ وتأخيرٌ (¬2). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: اللباس، باب: ما جاء في إسبال الرجل ثوبه (2/ 697) (رقم: 11). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: اللباس، باب: قول الله تعالى: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ} (7/ 43) (رقم: 5783) من طريق إسماعيل بن أبي أويس. ومسلم في صحيحه كتاب: اللباس، باب: تحريم جرّ الثوب خيلاء .. (3/ 1651) (رقم: 2085) من طريق يحيى النيسابوري. والترمذي في السنن كتاب: اللباس، باب: ما جاء في كراهية جرّ الإزار (4/ 195) (رقم: 1730) من طريق قتيبة ومعن، أربعتهم عن مالك به. (¬2) هو في الموطأ الباب السابق (برقم: 9)، وسيأتي (2/ 487).

6/ نافع وعبد الله بن دينار، عن ابن عمر حديثٌ واحد. حديث: "صلاةُ اللَّيلِ مَثنى مَثنى، فإذا خشيَ أحدُكم الصُّبحَ صلّى ركعةً واحدةً". في باب: الأمر بالوتر. عن نافع وابن دينار، عن ابن عمر (¬1). هذا هو المتن الصحيح عن مالك، وقال فيه إسحاق بن إبراهيم الحنيني، عنه: "صلاة الليل والنّهار"، زاد النّهارَ (¬2). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: صلاة الليل، باب: الأمر بالوتر (1/ 120) (رقم: 13). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الوتر، باب: ما جاء في الوتر (2/ 300) (رقم: 990) من طريق عبد الله بن يوسف. ومسلم في صحيحه كتاب: صلاة المسافرين وقصرها، باب: صلاة الليل مثنى مثنى .. (1/ 516) (رقم: 749) من طريق يحيى النيسابوري. والنسائي فِي السنن كتاب: قيام الليل وتطوع النهار، باب: كيف الوتر بواحدة (3/ 233) من طريق ابن القاسم. والدارمي في السنن كتاب: الصلاة، باب: كم الوتر (1/ 449) (رقم: 1584) من طريق خالد بن مخلد، ولم يذكر ابن دينار، أربعتهم عن مالك به. (¬2) أخرجه أبو الحسين البزاز في غرائب مالك (ص: 181) (رقم: 113)، وتمام في الفوائد (2/ 12) (رقم: 401 - الروض-) من طريق محمد بن عوف عن إسحاق بن إبراهيم الحنيني به. وأخرجه ابن عدي فِي الكامل (6/ 283) من طريق محمد بن عيسى الطَرسوسي عن إسحاق بن إبراهيم الحنيني قال: ذكره مالك والعمري عن نافع به. قال ابن عدي: "وهذا حديث محمد بن عوف عن الحنيني فجمع بين مالك والعمري سرقه منه محمد بن عيسى". اهـ. =

ورواه عليُّ بن عبد الله البارِقِي، عن ابن عمر كذلك (¬1). ¬

_ = وأخرجه الدارقطني في غرائب مالك كما في نصب الراية (2/ 144) من طريق الحنيني به، وقال: "تفرّد به الحنيني عن مالك". وقال ابن عبد البر: "وذلك خطأ عن مالك، لم يتابعه أحد على ذلك". التمهيد (13/ 240). قلت: وإسحاق ضعيف الحديث. انظر: تهذيب الكمال (2/ 396)، تهذيب التهذيب (1/ 194)، التقريب (رقم: 337). وخالف رواةُ الموطأ إسحاقَ الحنيني، فرووه عن مالك عن نافع وعبد الله بن دينار عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بلفظ: "صلاة الليل مثنى مثنى"، لم يذكروا النهار. انظر الموطأ برواية: أبي مصعب الزهري (1/ 118) (رقم: 298)، وسويد بن سعيد (ص: 121) (رقم: 180)، وابن بكير (ل: 21/أ- نسخة السليمانية-)، وابن القاسم (ص: 253) (رقم: 202 - تلخيص القابسي)، والقعنبي (ل: 22/أ- نسخة الأزهرية-). وتقدّم تخريجه من الصحيحين وغيرهما من غير طريق هؤلاء. (¬1) أخرجه أبو داود في السنن كتاب: الصلاة، باب: في صلاة النهار (2/ 65) (رقم: 1295)، والترمذي في السنن كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في أن صلاة الليل والنهار مثنى مثنى (2/ 491) (رقم: 597)، والنسائي في السنن كتاب: قيام الليل، باب: كيف صلاة الليل (3/ 227)، وفي الكبرى كتاب: الصلاة، باب: كم صلاة النهار (1/ 179) (رقم: 472)، وابن ماجه في السنن كتاب: إقامة الصلاة، باب: ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى (1/ 419) (رقم: 1322)، وأحمد في المسند (2/ 26، 51)، والدارمي في السنن كتاب: الصلاة، باب: صلاة الليل والنهار مثنى مثنى (1/ 404) (رقم: 1458)، والبخاري في التاريخ الكبير (1/ 285)، والطيالسي في المسند (ص: 261)، وابن أبي شيبة في المصنف (2/ 74) (رقم: 6634)، والطوسي في مختصر الأحكام (3/ 166) (رقم: 424)، وابن عدي في الكامل (5/ 180)، وابن خزيمة في صحيحه (2/ 214) (رقم: 1210)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (6/ 231، 232، 241) (رقم: 2483، 2482، 2494) وابن الجارود في المنتقى (1/ 242) (رقم: 278)، والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 487)، وفي معرفة السنن (2/ 296) (رقم: 1350)، والدارقطني في السنن (1/ 417) (رقم: 2)، والطحاوي في شرح المعاني (1/ 334)، وابن المنذر في الأوسط (5/ 243)، وابن عبد البر في التمهيد (13/ 247) من طرق عن شعبة عن يعلى بن عطاء عن علي بن عبد الله البارقي به.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وإسناده حسن إلا ذكر النهار ففيه خلاف بين العلماء سيأتي تحريره. وعلي البارقي متكلم فيه. قال ابن معين: "من علي الأزدي حتى أقبل هذا منه". التمهيد (13/ 245). وقال ابن عدي: "ليس لعلي البارقي كثير حديث ولا بأس به عندي". الكامل (5/ 181). وقال العجلي: "تابعي ثقة". الثقات (ص: 351). وذكره ابن حبان في الثقات كما في تهذيب الكمال (21/ 42). وقال الذهبي: "ما علمت لأحد فيه جرحة وهو صدوق". الميزان (4/ 62). وقال ابن حجر: "صدوق ربما أخطأ". التقريب (رقم: 4762). ولعل قول الحافظ ابن حجر أعدل الأقوال، والله أعلم. وأما زيادة لفظ "النهار" في حديثه فمختلف فيها بين العلماء إثباتا ونفيا، فممن نفاها: - يحيى بن معين: أورد ابن عبد البر بسنده إلى مضر بن محمد قال: "سألت يحيى بن معين عن صلاة الليل والنهار فقال: صلاة النهار أربعا في يفصل بينهن، وصلاة الليل ركعتين. فقلت له: إن أبا عبد الله أحمد بن حنبل يقول: صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، فقال: بأي حديث؟ فقلت: بحديث شعبة عن يعلى بن عطاء عن علي الأزدي عن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "صلاة الليل والنهار مثنى مثنى". فقال: ومن علي الأزدي حتى أقبل منه هذا؟ أَدَعُ يحيى بن سعيد الأنصاري عن نافع عن ابن عمر أنه كان يتطوّع بالنهار أربعًا في يفصل بينهن، وآخذ بحديث علي الأزدي، لو كان حديث علي الأزدي صحيحًا لم يخالفه ابن عمر قال يحيى: وقد كان شعبة ينفي (كذا، ولعل الصواب: يفرق) هذا الحديث، وربما لم يرفعه". التمهيد (13/ 244، 245). وضعّف أيضا هذه الزيادة الإمام أحمد، والنسائي، والترمذي، والعقيلي، والدارقطني، وابن رجب، وابن تيمية. انظر: السنن (3/ 227)، السنن الكبرى (1/ 179) للنسائي، سنن الترمذي (2/ 291)، الضعفاء للعقيلي (4/ 241)، التمهيد (13/ 244) فتح الباري لابن رجب (9/ 101)، المجموع (23/ 169)، التلخيص الحبير (2/ 22). وقال ابن حجر: "أكثر أئمة الحديث أعلوا هذه الزيادة". الفتح (2/ 556). وحاصل ما ذكره هوً لاء الأئمة الأعلام أن زيادة النهار في الحديث معلّه بالشذوذ لما يأتي: 1 - مخالفة علي البارقي لأصحاب ابن عمر. 2 - انفراده بالزيادة. 3 - الكلام في توثيقه وحفظه. 4 - مخالفة ابن عمر لحديث الأزدي وصلاته بالنهار أربعا. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = 5 - أنَّ حديث ابن عمر خرج جوابا على سؤال صلاة الليل دون النهار بدليل قوله في آخره: "فإذا خفت الصبح فأوتر بواحدة". 6 - أنَّ عليًّا الأزدي اختلط عليه المرفوع بالموقوف. وذهب أخرون إلى تصحيح هذه الرواية منهم: - الإمام البخاري: روى البيهقي بسنده إلى محمد بن فارس قال: "سئل أبو عبد الله يعني البخاري عن حديث يعلى أصحيح هو؟ فقال: نعم. قال أبو عبد الله: قال سعيد بن جبير: كان ابن عمر في يصلي أربعا في يفصل بينهن إلا المكتوبة". السنن الكبرى (2/ 487)، صرفة السنن (1/ 296). - وصححه أيضا ابن خزيمة وابن حبان والحاكم في صحاحهم كما تقدّم في التخريج، والخطابي، والبيهقي. انظر: معالم السنن (2/ 86)، معرفة السنن (2/ 297)، طرح التثريب (3/ 86) وحاصل ما ذكره المثبتون لهذه الزيادة ما يلي: 1 - أن عليا البارقي ثقة، والزيادة من الثقة مقبولة. 2 - أنه وافق قول ابن عمر: صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، ووافق فعله. 3 - أنه لم ينفرد بالزيادة بل توبع. 4 - أن للحديث شواهد عن صحابة آخرين. ولعل الصواب ما ذكره أصحاب القول الأول؛ لأنَّ عليَّا البارقي ليس ممن يتحمّل انفراده عن ابن عمر، ولم يعرف بالحفظ والإتقان كسائر أصحاب ابن عمر، وقد خالفه من هو أضبط وأحفظ لحديث ابن عمر كسالم وعبد الله بن دينار ونافع بل قال ابن قدامة: "وأما حديث البارقي فإنه تفرّد بزيادة لفظة النهار من بين سائر الرواة، وقد رواه عن ابن عمر نحوٌ من خمسة عشر نفسا لم يقل أحد ذلك سواه، وكان ابن عمر يصلي أربعا، فيدل ذلك على ضعف روايته أو أن المراد بذلك الفضيلة مع جواز غيره". المغني (2/ 538). وأما المتابعات التي أوردها من صحح حديث البارقي فهي كالتالي: 1 - محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان: أخرجه الدارقطني في السنن (1/ 417)، وفي الأفراد كما في أطرافه (ل: 184/أ) من طريق داود بن منصور، عن الليث بن سعد، عن عمرو بن الحارث، عن بكير بن عبد الله الأشج عن ابن أبي سلمة عن محمد بن عبد الرحمن عن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وذكره. وقال في الأفراد: "غريب بهذا الإسناد، تفرّد به داود بن منصور". وقال ابن حجر: "في إسناده نظر". التلخيص الحبير (2/ 23). قلت: داود بن منصور صدوق يهم كما في التقريب (رقم: 1815)، وقد خولف، والصواب في هذا الإسناد الوقف.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = ذكره البخاري في التاريخ الكبير (1/ 285) من طريق عبد الله بن صالح كاتب الليث، عن الليث به موقوفا على ابن عمر. وذكره مالك في الموطأ بلاغا عن ابن عمر كما سيأتي. وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى (2/ 487) من طريق ابن وهب عن عمرو بن الحارث بالإسناد السابق موقوفا على ابن عمر ثم قال: "وكذلك رواه الليث بن سعد عن عمرو". (أي موقوفا من رواية عبد الله بن صالح عنه كما في التاريخ البخاري) وقال البيهقي: "وهذان الإسنادان يدلان على وهم داود بن منصور". 2 - نافع: (من رواية عبد الله العمري عنه، وتقدّمت رواية مالك وأن الصواب فيها عدم ذكر النهار). أخرجه الطبراني في الأوسط (1/ 31) (رقم: 79)، وفي الصغير (1/ 51) (رقم: 47) والطحاوي في شرح المعاني (1/ 334)، وأبو الحسين البزاز في غرائب مالك (ص: 181) (رقم: 113)، وتمام في الفوائد (2/ 12) (رقم: 401 - الروض-) من طريق إسحاق بن إبراهيم الحنيني عن عبد الله بن عمر العمري عن نافع عن ابن عمر مرفوعا. قال الطبراني: "غريب، لم يرو هذه اللفظة "والنهار" عن العمري إلا الحنيني". قلت: وهو ضعيف كما تقدّم، وشيخه العمري ضعيف أيضًا. انظر: تهذيب الكمال (15/ 327) تهذيب التهذيب (5/ 285)، التقريب (رقم: 3489). ورواه ابن عدي في الكامل (6/ 283) من طريق محمد بن عيسى الطَرسوسي عن إسحاق بن إبراهيم الحنيني قال: ذكره مالك والعمري عن نافع به. قال ابن عدي: "وهذا حديث محمد بن عوف عن الحنيني فجمع بين مالك والعمري سرقه منه محمد بن عيسى". وقد توبع إسحاق الحنيني، تابعه وكيع أخرجه الخطيب البغدادي في تاريخه (13/ 119) من طريق مكي بن محمد بن أحمد بن ماهان البلخي عن صهيب بن عاصم عن وكيع عن العمري به. وسنده ضعيف من أجل العمري، ومكي بن محمد وصهيب بن عاصم لم أجد لهما ترجمة. ومع ضعف العمري فقد خالف الثقات من أصحاب نافع. قال ابن عبد البر: "والحنيني ضعيف كثير الوهم والخطأ، والعمري هذا هو عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب أخو عبيد الله بن عمر ضعيف أيضا ليس بحجة عندهم لتخليطه في حفظه، فأما أخوه عبيد الله بن عمر فثقة أحد الجلة من أصحاب نافع، ورواية عبيد الله بن عمر لهذا الحديث عن نافع كرواية مالك "صلاة الليل مثنى مثنى" وكذلك رواية أيوب السختياني له أيضا عن نافع لم يذكر النهار، هوْلاء هم الحجة في نافع". التمهيد (13/ 240، 241). =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وأخرجه أبو نعيم في أخبار أصبهان (2/ 110) من طريق ابن لهيعة عن بكير الأشج عن نافع عن ابن عمر به. وسنده ضعيف لضعف ابن لهيعة. 3 - محمد بن سيرين: أخرجه الحاكم في علوم الحديث (ص: 58) من طريق ابن عون عن محمد بن سيرين عن ابن عمر مرفوعا. قال الحاكم: "هذا حديث ليس في إسناده إلا ثقة ثبت وذكر النهار فيه وهم والكلام عليه يطول". قلت: لعل الوهم فيه من ابن عون؛ فقد أخرجه أحمد في المسند (2/ 32)، وعبد الرزاق في المصنف (3/ 28) (رقم: 64675) من طريق هشام بن حسان الأزدي. وأخرجه أيضا عبد الرزاق في المصنف (برقم: 4676) من طريق أيوب، كلاهما عن ابن سيرين به، وليس فيه ذكر النهار. قال ابن المديني: "نسخت من كتاب: ليس أحد أثبت في ابن سيرين من أيوب وابن عون إذا اتفقا، وإذا اختلفا فأيوب أثبت". شرح علل الترمذي (2/ 688). وقال ابن أبي خيثمة: سمعت يحيى بن معين يقول: "أيوب السختياني ثقة وهو أثبت من ابن عون وإذا اختلف أبوب وابن عون فأيوب أثبت منه". الجرح والتعديل (2/ 256). فالذي يظهر من هذا كله أن طرق ابن عمر بذكر النهار شاذة، والمحفوظ عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ذكر النهار خاصة كما قال المصنف. وأما شواهد الحديث فقد جاء الحديث عن أبي هريرة، وعائشة، وعناه عن الفضل بن عباس. 1 - حديث أبي هريرة: قال الزيلعي: "رواه إبراهيم الحربي في غريب الحديث: حدّثنا نصر بن علي، حدثنا أبي، عن ابن أبي ذئب، عن المقبري، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -". نصب الراية (2/ 144). قلت: وتقدّم أن نصر بن علي إنما رواه عن أبيه، عن ابن عون، عن ابن سيرين، عن ابن عمر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهي معلة بمخالفة أيوب، وهشام بن حسان فوقفاه، ورفعه ابن عون، والله أعلم بالصواب. 2 - حديت عائشة: أخرجه أبو نعيم في أخبار أصبهان (2/ 217) عن أبي هاشم محبوب بن مسعود البصري البجلي حدثنا عمار بن عطية عن الزهري عن عروة عن عائشة مرفوعا. وفيه عمار بن عطية، قال ابن معين: "شيخ وراق كوفي كان كذابًا". تاريخ بغداد (12/ 254). والراوي عنه محبوب بن مسعود رجل مجهول، لم يذكره إلا أبو نعيم في الموضع السابق. وسئل الدارقطني عن هذا الحديث فقال: "يرويه الزهري، واختلف عنه، فرواه شيخ يُعرف بأبي هاشم محبوب بن مسعود، عن عمار بن عطية، عن الزهري، عن عروة عن عائشة، ووهم في إسناده ومتنه، فأما وهمه في الإسناد، فقوله: عن عروة عن عائشة، وأما وهمه في المتن قوله: "صلاة الليل والنهار". =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = والصحيح من ذلك ما رراه ابن عيينة، وشعيب بن أبي حمزة، والزبيدي، والأوزاعي، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "صلاة الليل مثنى مثنى"، دون ذكر النهار". العلل (5/ل: 118/أ). 3 - حديث الفضل بن عباس. أخرجه الترمذي قي السنن كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في التخشع في الصلاة (2/ 225) (رقم: 385)، والنسائي في السنن الكبرى كتاب: السهو (1/ 212) (رقم: 615)، وفي الوتر (1/ 450) (رقم: 1440)، وأحمد في المسند (1/ 211)، وأبو يعلى في المسند (6/ 157) (رقم: 6706) وابن خزيمة في الصحيح (2/ 221) (رقم: 1213)، والطبراني في المعجم الكبير (18) (رقم: 757)، والطحاري في شرح المعاني (3/ 125) (رقم: 1094، 1095)، والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 487) من طرق عن الليث بن سعد عن عبد ربه بن سعيد عن عمران بن أبي أنس عن عبد الله بن نافع بن العمياء عن ربيعة بن الحارث عن الفضل بن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الصلاة مثنى مثنى ... " الحديث. وأخرجه الطحاوي في المشكل (3/ 126) (رقم: 1096) من طريق عبد الله بن لهيعة، عن عبد ربه بن سعيد به. ووجه الشاهد منه قوله: الصلاة بالإطلاق وهي عامة تشمل صلاة الليل وصلاة النهار. لكن في إسناده عبد الله بن نافع بن العمياء، هو مجهول كما في التقريب (رقم: 3658). وقال البخاري: "لم يصح حديثه". التاريخ الكبير (5/ 213). ثم إن الحديث مضطرب، رواه شعبة بن الحجاج عن عبد ربه بن سعيد، عن أنس بن أبي أنس، عن عبد الله بن نافع بن العمياء، عن عبد الله بن الحارث، عن المطلب بن أبي وداعة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. أخرجه أبو داود في السنن (2/ 65 رقم: 1296)، والنسائي في السنن الكبرى (1/ 212) (رقم: 616)، وأحمد في المسند (4/ 167)، رالترمذي في العلل الكبير (1/ 258)، وابن خزيمة في صحيحه (2/ 220) (رقم: 1212)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (3/ 124) (رقم: 1092 - 1093)، والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 488)، وابن عبد البر في التمهيد (13/ 246)، والمزي في تهذيب الكمال (3/ 344). وقال الترمذي: "سمعت محمد بن إسماعيل يقول: قال محمد: رواية الليث بن سعد أصح من حديث شعبة. وشعبة أخطأ في هذا الحدلِث في مواضع فقال: عن أنس بن أبي أنس، وإنما هو عمران بن أبي أنس، وقال: عن عبد الله بن الحارث، وإنما هو عن عبد الله بن نافع، عن ربيعة بن الحارث، وربيعة بن الحارث هو ابن عبد المطلب، فقال هو: عن المطلب، ولم يذكر فيه عن الفضل بن عباس". وانظر: علل الحديث (1/ 132)، وشرح مشكل الآثار (3/ 124 - 127).

والمحفوظُ عنه عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - ذِكرُ صلاةِ اللَّيل خاصَّة، وصلاةُ النَّهار في الموطأ من قولِ ابنِ عمر غير مرفوعٍ (¬1)، وجاء عنه: "أنَّه كان يصلِّي بالنهار أربعًا" (¬2)، وقد رُوي عنه رفعُه (¬3). فصل: واشترك نافعٌ وابنُ دينار في أحاديث جاءت في الموطأ عند يحيى بن يحيى مُفَصَّلَةً، أُسندت إلى كلِّ واحد منهما على حِدَة، ومِن سائِرِ الرواةِ من جَمَعَ بينهما في بعضِها (¬4). ولزَيدٍ وحده حديث البَيَان، وهو مذكورٌ في مرسله (¬5). وأَسْلَمُ والدُ زيدٍ هو مولى عمر بن الخطاب (¬6). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: صلاة الليل، باب: ما جاء في صلاة الليل (1/ 118) (رقم: 7) أنه بلغه عن ابن عمر. ووصله البخاري في التاريخ الكبير (1/ 280)، والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 487) من طريق عمرو بن الحارث عن بكير بن عبد الله عن ابن أبي سلمة وهو الماجشون عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن ابن عمر به. (¬2) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 74) (رقم: 6635)، والطحاوي في شرح المعاني (1/ 334)، وابن المنذر في الأوسط (5/ 236) من طريق عبيد الله عن نافع عن ابن عمر: "أنه كان يصلي بالنهار أربعًا أربعًا". (¬3) لم أقف عليه، وكلام المصنف يشعر بتضعيفه؛ إذ ذكره بصيغة التمريض. (¬4) انظر مثاله: حديث (2/ 442، 485). (¬5) سيأتي (4/ 549)، وهو حديث: "إنَّ من البيان لسحرًا". (¬6) ويُقال له: أسلم العدوي مولاهم، أبو خالد، وأبو زيد. انظر: تهذيب الكمال (2/ 529)، تهذيب التهذيب (1/ 233).

7/ نافع مولى عبد الله بن عمر، عنه. اثنان وستون حديثًا. مالك عن نافع عن ابن عمر. حديث: "الَّذي تفوته صلاة العصرِ كأنَّما وُتِر أهلَه ومالَه (¬1) ". في الوقوت (¬2). وانظر حديثَ أبي هريرة من طريق الأعرج وعطاء وبُسر فيمَن أدرك ركعةً مِن الصبح والعصر (¬3)، وحديثَ أبي سلمة عنه (¬4). ¬

_ (¬1) قوله: "وُتر أهلَه ومالَه" قال الوقَّشي: "الصواب نصب الأهل والمال، وهكذا رويناه في الموطأ وغيره، ومن رفعه فقد غلط؛ لأن معناه أُصيب بماله وأهله، وسلب أهله ماله، ففي "وُتر" ضمير مرفوع على أنه اسم ما لم يسمّ فاعله، و "أهلَه" منصوب؛ لأنَّه مفعول ثان". ثم ذكر شواهده على ذلك. انظر: التعليق على الموطأ (ل: 5/ب). (¬2) الموطأ كئاب: وقوت الصلاة، باب: جامع الوقوت (1/ 43) (رقم: 21). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: مواقيت الصلاة، باب: إثم من فاتته العصر (1/ 172) (رقم: 552) من طريق عبد الله بن يوسف. ومسلم في صحيحه كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: التغليظ في تفويت صلاة العصر (1/ 435) (رقم: 626) من طريق يحيى النيسابوري. وأبو داود في السنن كتاب: الصلاة، باب: في وقت صلاة العصر (1/ 290) (رقم: 414) من طريق القعنبي. والنسائي في السنن الكبرى كتاب: الصلاة، باب: ترك صلاة العصر (1/ 154) (رقم: 365) من طريق قتيبة. وأحمد في المسند (2/ 64) من طريق ابن مهدي وحماد الخياط، ستتهم عن مالك به. (¬3) سيأتي حديثه (3/ 348). (¬4) سيأتي حديثه (3/ 301).

129 / حديث: "كان يَأمرُ المؤذِّن إذا كانت ليلةٌ باردة ذاتَ مَطرٍ يقول: أَلاَ صَلُّوا في الرِّحال ... "، وفيه: فِعلُ ابنِ عمر. في باب: النِّداء في السفر (¬1). وليس فيه ذكرُ السَّفر إلاَّ خارجَ الموطأ (¬2). حديث: "إذا جاء أحدُكم الجمعةَ فليغتَسِل". في أبواب: الجمعة (¬3). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الصلاة، باب: النداء في السفر وعلى غير وضوء (1/ 85) (رقم: 10). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الأذان، باب: الرخصة في المطر والعلّة أن يصلي في رحله (1/ 203) (رقم: 666) من طريق عبد الله بن يوسف. ومسلم في صحيحه كتاب: صلاة المسافرين، باب: الصلاة في الرحال في المطر (1/ 484) (رقم: 697) من طريق يحيى النيسابوري. وأبو داود في السنن كتاب: الصلاة، باب: التخلف عن الجماعة في الليلة الباردة والليلة المطيرة (1/ 642) (رقم: 1063) من طريق القعنبي. والنسائي في السنن كتاب: الأذان، باب: الأذان في التخلف عن شهود الجماعة في الليلة الطيرة (2/ 15) من طريق قتيبة. وأحمد في المسند (2/ 63) من طريق ابن مهدي، خمستهم عن مالك به. (¬2) جاء ذكره من طريق يحيى النيسابوري عند مسلم، وابن مهدي عند أحمد. (¬3) الموطأ كتاب: الجمعة، باب: العمل في غسل يوم الجمعة (1/ 106) (رقم: 4). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الجمعة، باب: فضل الغسل يوم الجمعة (1/ 263) (رقم: 877) من طريق عبد الله بن يوسف. والنسائي في السنن كتاب: الجمعة، باب: الأمر بالغسل يوم الجمعة (9313) من طريق قتيبة. وأحمد في المسند (2/ 64) من طريق ابن مهدي، وزاد ابن حجر في أطراف المسند (3/ 573) إسحاق بن سليمان وليس في المطبوع. والدارمي في السنن كتاب: الصلاة، باب: الغسل يوم الجمعة (1/ 433) (رقم: 1536) من طريق خالد بن مخلد، أربعتهم عن مالك به.

ليس في هذا الحديث أنَّ ابنَ عمر سَمِعَه من النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وهكذا خَرَّجه البخاري عن مالك (¬1). وذَكَرَ فيه اللَّيثُ، عن نافع، عنه سَماعَه منه، خَرَّجه مسلم (¬2). وخَرَّج أيضًا عن الزهري، عن سالم، عن أبيه: أنَّه سمع رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقوله (¬3). [و] (¬4) من طريق اللَّيث، عن ابن شهاب، عن عبد الله بن عبد الله بن عمر، عن أبيه عبد الله بن عمر: "أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قالَه وهو قائمٌ على المنبر" (¬5). وخَرَّجه الترمذي من هذين الطريقين، ثم قال: قال محمّد يعني البخاري: "كِلا الحديثين صحيحٌ، حديث الزهري عن سالم عن أبيه، وحديث عبد الله بن عبد الله عن أبيه". قال أبو عيسى: "وقد رُوي عن ابن عمر، عن عمر، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وهو حديث صحيحٌ، رواه يونس ومَعمَر، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه قال: بينَما عُمر يَخطُب يومَ الجمعة"، وساق الحديث المتقدِّم في مسند عمر (¬6). ¬

_ (¬1) سبق تخريجه. (¬2) صحيح مسلم كتاب: الجمعة (2/ 579) (رقم: 844). (¬3) صحيح مسلم (2/ 580) (رقم: 844). (¬4) ليست في الأصل والسياق يقتضيها. (¬5) صحيح مسلم (2/ 579) (رقم: 844). (¬6) تقدّم (2/ 283).

ثم قال: "وروى مالكٌ هذا الحديث عن الزهري، عن سالم قال: بينما عمر يَخطُب ... " (¬1)، قال: وسألتُ محمّدًا هو البخاري عن هذا؟ فقال: "الصحيحُ حديثُ الزهري، عن سالم، عن أبيه، قال: وقد رُوي عن مالك أيضًا عن الزهري، عن سالم، عن أبيه" (¬2). يعني الحديث الذي خَرَّجه في الجامع من طريق جُوَيْرِيَة عن مالك، وقد تقدَّم ذكرُه (¬3). وخَرَّج أبو داود، وابن الجارود، وغيرُهماَ من طريق بُكير بن عبد الله بن الأشج، عن نافع، عن ابن عمر، عن حفصة، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّه قال: "على كلِّ مُحتَلِمٍ رَواحُ الجمعة، وعلى مَن راح الجمعةَ الغُسل" (¬4). وكأنَّ عبد الله إنَّما قَصَدَ بيانَ شُهرةَ الحديث برواية أبيه وأُخته، وبقوله: "إنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال ذلك على المنبر"، والله أعلم. ¬

_ (¬1) أي منقطع بين سالم وجده عمر رضي الله عنه. (¬2) سنن الترمذي كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في الغسل يوم الجمعة (/ 364 - 367) (رقم: 492 - 495). (¬3) (2/ 283)، وتقدّم ترجيح الرواية الموصولة على المنقطعة. (¬4) أخرجه أبو داود في السنن كتاب: الطهارة، باب: في الغسل يوم الجمعة (1/ 244) (رقم: 342)، وابن الجارود في المنتقى (1/ 251) (رقم: 287)، والنسائي في السنن كتاب: الجمعة، باب: التشديد في التخلف عن الجمعة (3/ 89)، وابن خزيمة في صحيحه (3/ 110) (رقم: 1721)، وابن حبّان في صحيحه (الإحسان) (4/ 21) (رقم: 1220)، والطحاوي في شرح المعاني (1/ 116)، والطبراني في المعجم الكبير (23/ 195) (رقم: 334)، والبيهقي في السنن الكبرى (3/ 172، 187) وأبو نعيم في الحلية (8/ 322) من طرق عن المفضل بن فضالة عن عَيَّاش بن عبَّاس عن بكير به. وسنده حسن، فيه المفضل بن فضالة القِتباني وهو صدوق. انظر: تهذيب الكمال (28/ 415)، تهذيب التهذيب (10/ 244).

حديث: "صلاةُ الجماعَةِ تَفضُلُ صلاةَ الفَذِّ بسبعٍ وعشرين درجة". في فضل صلاة الجماعة (¬1). قال فيه أبو هريرة: "بِخمسةٍ وعشرين جزءًا"، انظره لابن المسيّب عنه (¬2). حديث: "كان إذا عجل به السَّيْرُ يَجمعُ بين المغرِب والعشاء". في الصلاة الثاني (¬3). ليس فيه ذِكر الظهر والعصر. ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: صلاة الجماعة، باب: فضل صلاة الجماعة على صلاة الفذّ (1/ 125) (رقم: 1). وأخرحه البخاري في صحيحه كتاب: الأذان، باب: فضل صلاة الجماعة (1/ 198) (رقم: 145) من طريق عبد الله بن يوسف. ومسلم في صحيحه كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: فضل صلاة الجماعة .. (1/ 450) (رقم: 650) من طريق يحيى النيسابوري. والنسائي في السنن كتاب: الصلاة، باب: فضل الجماعة (2/ 103) من طريق قتيبة. وأحمد في السند (2/ 65، 112، 156) من طريق ابن مهدي، وإسحاق الطباع، وحماد بن خالد، ستتهم عن مالك به. (¬2) سيأتي حديثه (3/ 290). (¬3) الموطأ كتاب: قصر الصلاة في السفر، باب: الجمع بين الصلاتين في السفر والحضر (1/ 137) (رقم: 3). وأخرجه مسلم في صحيحه كتاب: صلاة المسافرين، باب: جواز الجمع بين الصلاتين في السفر (1/ 488) (رقم: 703) من طريق يحيى النيسابوري. والنسائي في السنن كتاب: المواقيت، باب: الحال التي يجمع فيها بين الصلاتين (1/ 289) من طريق قتيبة. وأحمد في المسند (2/ 7، 63) من طريق ابن مهدي، ثلاثتهم عن مالك به.

وانظر ذلك لمعاذ (¬1)، وابن عباس (¬2)، وللأعرج مرسلًا، أو عن أبي هريرة (¬3)، وفي مرسل عليِّ بن الحسين (¬4). حديث: "كان يصلي قبلَ الظهرِ ركعتين وبعدَها ركعتين ... ". وذَكر المغربَ والعشاءَ، الجميعُ ثماني ركعات وبعد الجمعة حين يَنصرِفُ ركعتين. في جامع الصلاة (¬5). لم يَذكر فيه مالكٌ ركعتَي الفجرِ، وذكرَهما في موضعِ آخرَ عن نافع، عن ابن عمر عن حفصة، وهو حديثٌ واحدٌ فَصَله، قال فيه ابن عمر: "صَلَّيت مع النبيّ - صلى الله عليه وسلم - ـ"، فذَكَر المواطنَ الخمسة، وأَحَالَ على أختِه في ركعتي الفجر، انظره في مسندها (¬6). ¬

_ (¬1) تقدّم حديثه (2/ 206). (¬2) سيأتي حديثه (2/ 548). (¬3) سيأتي حديثه (3/ 420)، وفيه ذكر الاختلاف على يحيى بن يحيى في وصله وإرساله. (¬4) سيأتي حديثه (5/ 76). (¬5) الموطأ كتاب: قصر الصلاة في السفر، باب: العمل في جامع الصلاة (1/ 152) (رقم: 69). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الجمعة، باب: الصلاة بعد الجمعة وقبلها (1/ 280) (رقم: 937) من طريق عبد الله بن يوسف. ومسلم في صحيحه كتاب: الجمعة، باب: الصلاة بعد الجمعة (2/ 600) (رقم: 882) من طريق يحيى النيسابوري. وأبو داود في السنن كتاب: الصلاة، باب: تفريع أبواب التطوع وركعات السنة (2/ 43) (رقم: 1252) من طريق القعنبي. والنسائي في السنن كتاب: الإمامة، باب: الصلاة بعد الظهر (2/ 119) من طريق قتيبة. والدارمي في السنن كتاب: الصلاة، باب: في صلاة السنة (1/ 316) (رقم: 1437) من طريق أبي عاصم، خمستهم عن مالك به. (¬6) سيأتي حديثها (4/ 177).

134 / حديث: "كان يأتِي قباءَ راكبًا وماشيًا". في الباب (¬1). هذا عند جمهور رواة الموطأ لابن دينار عن ابن عمر (¬2)، وهكذا خرّجه مسلم عن يحيى بن يحيى النيسابوري، عن مالك (¬3). وليس فيه عند مالك ذكرُ الصلاةِ، ولا وقتُ الإتيان. وقال فيه غيرُه من طريق ابن دينار: "كان يأتي قباءَ كلَّ سَبْتٍ" (¬4). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: قصر الصلاة في السفر، باب: العمل في جامع الصلاة (1/ 153) (رقم: 71). وأخرجه أحمد في المسند (2/ 65) من طريق إسحاق الطباع عن مالك به. وتابع يحيى بن يحيى على هذا الإسناد أيضًا: - القعنبي كما في ررايته (ص: 120)، ومن طريقه تمام في الفوائد (2/ 267) (رقم: 661)، والخطيب في الموضح (2/ 380). (¬2) انظر الموطأ برواية: أبي مصعب الزهري (1/ 217) (رقم: 553)، وسويد بن سعيد (ص: 194) (رقم: 387)، ويحيى بن بكير (ل: 37/ب- نسخة السليمانية-)، وابن القاسم (ص: 312) (رقم: 279 - تلخيص القابسي-)، ومحمد بن الحسن (ص: 327) (رقم: 925). (¬3) صحيح مسلم كتاب: الحج، باب: فضل مسجد قباء ... (2/ 1016) (رقم: 1399). وتابعه: - قتيبة بن سعيد، عند النسائي في السنن كتاب: المساجد، باب: فضل مسجد قباء .. (2/ 37). - وابن مهدي، عند أحمد في المسند (2/ 65)، وفيه: قال أحمد: "وكان في النسخة التي قرأت على عبد الرحمن: نافع، فغيّره فقال: عبد الله بن دينار". قال ابن عبد البر: "والحديث صحيح لمالك عن نافع وعبد الله بن دينار جميعا عن ابن عمر على ما روى القعنبي ومن تابعه فهو عند مالك عنهما جميعًا". التمهيد (13/ 261). (¬4) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة، باب: من أتى مسجد قباء كل سبت (2/ 361) (رقم: 1193) من طريق عبد العزيز بن مسلم. ومسلم في صحيحه (2/ 1017) (رقم: 1399) من طريق ابن عيينة كلاهما عن ابن دينار به.

ومن طريق نافع: "فيصلي فيه ركعتين". خرّجه مسلم (¬1). 135 / حديث: "رأى بُصاقًا في جِدار القِبلةِ، فَحَكَّه ... ". فيه: "إذا كان يصلي فلا يَبصُقْ قِبل وَجهِه". في الصلاة عند آخره (¬2). وانظر حديث عروة، عن عائشة (¬3). حديث: "إنَّما مَثلُ صاحبِ القرآن كمثل صاحِب الإبلِ المُعَقَّلَةِ (¬4) ". في الصلاة عند آخره (¬5). ¬

_ (¬1) صحيح مسلم (2/ 1016) (رقم: 1399)، وهو في صحيح البخاري باب: إتيان مسجد قباء راكبا وماشيا (2/ 361) (رقم: 1194) من طريق عبيد الله عن نافع به. وهذه الطريق تؤيّد صحة طريق مالك عن نافع كما قال ابن عبد البر. (¬2) الموطأ كتاب: القبلة، باب: النهي عن البصاق في القبلة (1/ 173) (رقم: 4). وأخرحه البخاري في صحيحه كتاب: الصلاة، باب: حك البزاق باليد من المسجد (1/ 132) (رقم: 406) من طريق عبد الله بن يوسف. ومسلم في صحيحه كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: النهي عن البصاق في المسجد .. (1/ 388) (رقم: 547) من طريق يحيى النيسابوري. والنسائي في السنن كتاب: المساجد، باب: النهي عن أن يتنخّم الرجل في قبلة المسجد (2/ 51) من طريق قتيبة. وأحمد في المسند (2/ 66) من طريق ابن مهدي وإسحاق الطباع، خمستهم عن مالك به. (¬3) سيأتي حديثها (4/ 33). (¬4) في الأصل: "المغفّلة"، وفي مصادر التخريج المعقّلة بالعين المهملة والقاف. والمعقّلة: المشدودة بالعقال، وهو الحبل. انظر: مشارق الأنوار (2/ 100)، النهاية (3/ 281). (¬5) الموطأ كتاب: القرآن، باب: ما جاء في القرآن (1/ 179) (رقم: 6). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: فضائل القرآن، باب: استذكار القرآن وتعاهده (6/ 428) (رقم: 5031) من طريق عبد الله بن يوسف. =

137 / حديث: "لا يَتَحَرَّ (¬1) أحدُكم فيُصَلِّي عندَ طلوعِ الشمسِ ولا عند غروبِها". في آخر الصلاة (¬2). تأخّر بابُه عند يحيى بن يحيى (¬3). ¬

_ = ومسلم في صحيحه كتاب: صلاة المسافرين وقصرها، باب: الأمر بتعاهد القرآن .. (1/ 543) (رقم: 789) من طريق يحيى النيسابوري. والنسائي في السنن كتاب: الافتتاح، باب: جامع ما جاء في القرآن (2/ 154) من طريق قتيبة. وأحمد في المسند (2/ 64، 112) من طريق ابن مهدي، وإسحاق الطباع، خمستهم عن مالك به. (¬1) كذا في الأصل من غير ألف، وقال العراقي: "لا يتحرى، كذا وقع في الموطأ والصحيحين، بإثبات الألف، وكان الوجه حذفها ليكون ذلك علامة جزمه، ولكن الإثبات إشباع، فهو على حدّ قوله تعالى: {إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ} فيمن قرأ بإثبات الياء". طرح التثريب (2/ 182). (¬2) الموطأ كتاب: القرآن، باب: النهي عن الصلاة بعد الصبح وبعد العصر (1/ 192) (رقم: 47). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: مواقيت الصلاة، باب: في يتحرى الصلاة قبل غروب الشمس (1/ 181) (رقم: 585) من طريق عبد الله بن يوسف. ومسلم في صحيحه كتاب: صلاة المسافرين وقصرها، باب: الأوقات التي نهي عن الصلاة فيها (1/ 567) (رقم: 828) من طريق يحيى النيسابوري. والنسائي في السنن كتاب: المواقيت، باب: النهي عن الصلاة عند طلوع الشمس (2/ 277) من طريق قتيبة. وأحمد في المسند (2/ 33، 63) من طريق عبد الرزاق، وابن مهدي، خمستهم عن مالك به. (¬3) وكذا تأخّر بابه عند محمد بن الحسن الشيباني (ص: 77) (رقم: 180). وهو عند باقي الرواة في وقوت الصلاة، باب: ما جاء في النهي عن الصلاة بعد الصبح وبعد العصر، انظر الموطأ برواية: أبي مصعب الزهري (1/ 16) (رقم: 34)، وسويد بن سعيد (ص: 67) (رقم: 30)، والقعنبي (ص: 45)، ويحيى بن بكير (ل: 4/ب- نسخة السليمانية-).

138 / حديث: "إنَّ أحدَكم إذا مات عُرِضَ عليه مَقعَدُه بالغَداة والعَشِيِّ ... ". في الجنائز (¬1). في مساقه خلافٌ (¬2)، وقد رُوي موقوفًا، قال الدارقطني: "ورفعُه ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الجنائز، باب: جامع الجنائز (1/ 206) (رقم: 47). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الجنائز، باب: الميت يعرض عليه مقعده بالغداة والعشي (2/ 420) (رقم: 1379) من طريق اسماعيل بن أبي أويس. ومسلم في صحيحه كتاب: الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب: عرض مقعد الميت من الجنة أو النار .. (4/ 2199) (رقم: 2866) من طريق يحيى النيسابوري. والنسائي في السنن كتاب: الجنائز، باب: وضع الجريدة على القبر (4/ 107) من طريق ابن القاسم. وأحمد في المسند (2/ 113) من طريق إسحاق الطباع، أربعتهم عن مالك به. (¬2) أي في متنه، فيحيى الليثي قال: "حتى يبعثك الله إلى يوم القيامة". قال ابن عبد البر: "وهو خارج المعنى على وجه التفسير والبيان لحتى يبعتك الله". وقالت طائفة: "حتى يبعثك الله يوم القيامة، وهي رواية القعنبي، وابن أبي أويس عند البخاري. قال ابن عبد البر: "وهذا أبين وأوضح من أن يُحتاج فيه إلى قول". وقال سويد (ص: 377) (رقم: 861): "حتى تُبعث يوم القيامة". وقالت طائفة: "حتى يبعثك الله إليه يوم القيامة"، وهي رواية: - ابن القاسم (ص: 256) (رقم: 207 - تلخيص القابسى-)، وابن وهب كما في الجمع بين روايته ورواية ابن القاسم (ل: 77/ب)، وابن بكير (ل: 66/أ- نسخة الظاهرية-)، وأبي مصعب الزهري (1/ 391) (رقم: 990). - وإسحاق الطباع عند أحمد. - ويحيى النيسابوري عند مسلم. - وقتيبة عند الآجري في الشريعة (3/ 1353) (رقم: 922). قال ابن عبد البر: "وهذا أيضا بيّن، يريد حتى يبعثك الله إلى ذلك المقعد وإليه تصير". قلت: وهذه أولى الروايات لاتفاق الجمهور عن مالك. قال الوقشي: "الهاء من إليه، عائدة إلى المقعد، ويجوز أن تعود على الله وفيه بعدٌ". انظر التمهيد (14/ 103)، التعليق على الموطأ (ل: 49/أ)، الفتح (3/ 287).

صحيحٌ، خَرَّجه البخاري، ومسلم" (¬1). 139 / حديث: ذَكَر رمضان فقال: "لا تصوموا حتى تَرَوا الهلالَ ... ". وذَكَرَ الإفطارَ. وفيه: "فإن غُمَّ عليكم فافْدُرُوا له". في أوَّلِ الصيام (¬2). ليس فيه عددُ الأيام (¬3)، وانظر روايةَ ابنِ دينار عنه (¬4)، وحديث ابن عباس (¬5). حديث: "نَهَى عن الوِصالِ ... ". فيه: "إنَّنِي أُطْعَمُ وأُسْقَى". في الصيام (¬6). ¬

_ (¬1) لم أقف على قول الدارقطني، ولا على من أوقف الحديث، وسبق تخريجه من الصحيحين. (¬2) الموطأ كتاب: الصيام، باب: ما جاء في رؤية الهلال للصوم والفطر في رمضان (1/ 239) (رقم: 1). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الصوم، باب: فول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إذا رأيتم الهلال فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا" (2/ 588) (رقم: 1906) من طريق القعنبي. ومسلم في صحيحه كتاب: الصيام، باب: وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال (2/ 759) (رقم: 1080) من طريق يحيى النيسابوري. والنسائي في السنن كتاب: الصيام (4/ 134) من طريق ابن القاسم. وأحمد في المسند (2/ 63) من طريق ابن مهدي، أربعتهم عن مالك به. (¬3) أي إكمال العدة ثلاثين. (¬4) سيأتي حديثه (2/ 474). (¬5) سيأتي حديثه (2/ 557). (¬6) الموطأ كتاب: الصيام، باب: النهي عن الوصال في الصيام (1/ 249) (رقم: 38). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الصوم، باب: الوصال .. (2/ 605) (رقم: 1962) من طريق عبد الله بن يوسف. ومسلم في صحيحه كتاب: الصوم، باب: النهي عن الوصال في الصوم (2/ 774) (رقم: 1102) من طريق يحيى النيسابوري. =

وانظره للأعرج، عن أبي هريرة (¬1). حديث: "أنَّ عمر بن الحطاب حَمَلَ على فرسٍ في سبيل الله، فأرأد أن يبتَاعَه ... ". فيه: "لا تَبِعْه ولا تَعُدْ في صدَقَتِك". في الزكاة، عند آخرِه (¬2). هكذا الرواية عن ابنِ عمر: "أنَّ عمر .. "، وصفًا لفعلِه، في روايةً عنه (¬3). وقال فيه معنٌ، وطائفةٌ من رواة مالك: عن عمر: "أنَّه حَمَلَ ... "، أَسْنَدوا الحديثَ إلى عمر (¬4). ¬

_ = وأبو داود في السنن كثاب: الصوم، باب: في الوصال (2/ 766) (رقم: 2360) من طريق القعنبي. وأحمد في المسند (2/ 112، 128) من طريق إسحاق الطباع، وعبد الوهاب بن عطاء، خمستهم عن مالك به. (¬1) سيأتي حديثه (3/ 385). (¬2) الموطأ كتاب: الزكاة، باب: اشتراء الصدقة والعود فيها (1/ 235) (رقم: 50). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الجهاد، باب: الجعلان والحملان في السبيل (3/ 332) (رقم: 2971) من طريق إسماعيل بن أبي أويس، وفي باب: إذا حمل على فرس فرآها تباع (3/ 341) (رقم: 3002) من طريق عبد الله بن يوسف. ومسلم في صحيحه كتاب: الهبات، باب: كراهة شراء الإنسان ما تصدق به ممن تُصدق عليه (3/ 1240) (رقم: 1621) من طريق يحيى النيسابوري. وأبو داود في السنن كتاب: الزكاة، باب: الرجل يبتاع صدقته (2/ 251) (رقم: 1593) من طريق القعنبي، أربعتهم عن مالك به. (¬3) تابع يحيى من سبق ذكرهم، ومن رواة الموطأ: ابن القاسم (ص: 261) (رقم: 214 - تلخيص القابسي)، - وابن وهب، كما في الجمع بين روايته ورواية ابن القاسم (ل: 22/أ)، وأبى مصعب الزهري، عند ابن حبان (11/ 525) (رقم: 5124)، ومصعب الزبيري في حديثه (ل: 23/أ). (¬4) لم أقف على رواية معن ومَن تابعه، وذكر ابن عبد البر أنَّ معنًا تفرَّد بذلك من بين سائر الرواة، والله أعلم. انظر: التمهيد (14/ 74).

قال الدارقطني: "والأشبَه بالصواب قولُ من قال عن ابن عمر: أنَّ عمر"، يريد أنَّه من مسند عبد الله (¬1)، وقد تقدَّم معناه لعمر من رواية أَسْلَمَ عنه (¬2). وليس ها هنا ذِكرُ المَثَل (¬3). حديث: "فَرَضَ زكاةَ الفِطرِ من رمضانَ على النَّاس صاعًا من تَمْرٍ، أو صاعًا من شَعير على كلِّ حُرٍّ أو عَبدٍ، ذَكَرٍ أو أنثى ... ". في آخر الزكاة (¬4). ¬

_ (¬1) لم أقف على قول الدارقطني. وكذلك رواه عبيد الله عن نافع، عن ابن عمر: "أنَّ عمر"، أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الوصايا، باب: وقف الدواب والكراع .. (3/ 267) (رقم: 2175)، ومسلم في صحيحه كتاب: الهبات (3/ 1240) (رقم: 1621)، وهذا ما يؤيّد رواية الجماعة عن مالك. (¬2) تقدّم حديثه (2/ 273). (¬3) أي: "مثل الذي يعود في هبته كمثل الكلب يعود في قيئه"، وقد ورد في حديث أسلم عن عمر. (¬4) الموطأ كتاب: الزكاة، باب: مكيلة زكاة الفطر (236/ 1) (رقم: 52). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الزكاة، باب: صدقة الفطر على العبد وغيره من المسلمين (2/ 466) (رقم: 1504) من طريق عبد الله بن يوسف. ومسلم في صحيحه كتاب: الزكاة، باب: زكاة الفطر على المسلمين من التمر والشعير (2/ 677) (رقم: 984) من طريق القعنبي وقتيبة ويحيى النيسابوري. وأبو داود في السنن كتاب: الزكاة، باب: كم يؤدي صدقة الفطر (2/ 263) (رقم: 1611) من طريق القعنبي. والترمذي في السنن كتاب: الزكاة، باب: ما جاء في صدقة الفطر (3/ 61) (رقم: 676) من طريق معن. والنسائي في السنن كتاب: الزكاة، باب: زكاة رمضان على الصغير (5/ 48)، وفي باب: فرض زكاة رمضان على المسلمين دون المعاهدين (5/ 48) من طريق ابن القاسم. وابن ماجه في السنن كتاب: الزكاة، باب: صدقة الفطر (1/ 584) (رقم: 1826) من طريق ابن مهدي. وأحمد في المسند (2/ 63) من طريق ابن مهدي. والدارمي في السنن كتاب: الزكاة، باب: في زكاة الفطر (1/ 84/ 1661) من طريق خالد بن مخلد، ثمانيتهم عن مالك به.

ليس فيه غيرُ صِنفَيْن. التَمر والشَّعير، وفي آخره: "مِن المسلمين"، وهو لفظٌ غريبٌ، وقد تابع مالكًا فيه عمرُ بنُ نافع عن أبيه، خَرَّجه البخاري (¬1). وقال أبو داود: سمعتُ أحمدَ -يعني ابنَ حنبل- يقول: "لم يقل فيه أظُنُّ أحدٌ: "مِن المسلمين" غيرُ مالك، فإذا سعيدٌ الجَمَحِيُّ يقوله عن يونس" (¬2). وانظر حديث أبي سعيد (¬3). 143 / حديث: "ما يَلبس المحرمُ من الثياب؟ ... ". فيه: "لا تَلبسوا القُمصَ"، وذَكَرَ العمائمَ، والسَّراويلات، والبَرانسَ، والخِفَافَ، وقَطْعَها، وفي آخرِه: "ولا تلبسوا من الثياب شيئًا مَسَّه الزَّعْفَرَان ولا الوَرْسُ" (¬4). ¬

_ (¬1) صحيح البخاري كتاب: الزكاة، باب: فرض صدقة الفطر (2/ 465) (رقم: 1503). وتابعهما: الضحاك بن عثمان عند مسلم في صحيحه (2/ 678) (رقم: 984)، وغيره. (¬2) لم أقف عليه في مسائل أبي داود الفقهية والحديثية. وقال في مسائل ابنه صالح: "قد أُنكر على مالك هذا الحديث، يعني زيادته "من المسلمين"، ومالك إذا انفرد بحديث هو ثقة، وما قال أحدٌ مِمَّن قال بالرأي أثبت منه، يعني في الحديث، وقد رواه العمري الصغير والجمحي ومالك". شرح علل الترمذي لابن رجب (2/ 631). فمالك لم ينفرد بزيادة لفظة المسلمين بل توبع على ذلك، ولو انفرد لقُبلت زيادته لجلالته وحفظه. وانظر: علل الترمذي - آخر الجامع - (5/ 712)، سنن الدارقطني (2/ 139، 140)، والعلل (4/ل: 113/ب، 114/أ)، التمهيد (14/ 312 - 321)، شرح علل الترمذي (2/ 630 - 632)، التقييد والإيضاح (ص: 92 - 94)، النكت (2/ 696 - 700)، الفتح (3/ 433). (¬3) سيأتي حديثه (3/ 270). (¬4) الموطأ كتاب: الحج، باب: ما ينهى عنه من لبس الثياب في الإحرام (1/ 266) (رقم: 8). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الحج، باب: ما يلبس المحرم من الثياب (2/ 477) (رقم: 1542) من طريق عبد الله بن يوسف، وفي اللباس، باب: البرانس (7/ 49) (رقم: 5803) من طريق إسماعيل بن أبي أويس. ومسلم في صحيحه كتاب: الحج، باب: ما يباح للمحرم بحج أو عمرة وما في يباح .. (2/ 834) (رقم: 1177) من طريق يحيى النيسابوري. =

مستَوعَبًا، ليس فيه إباحةُ لُبس السراويل عند عدَم الإزارِ، وقال مالكٌ: "لَم أسْمَع به" (¬1). وقد جاء ذلك عن ابنِ عباس، خُرِّج في الصحيحين (¬2). وانظر حديثَ نافع لابن دينار مختصرًا (¬3). 144 / حديث: "يُهِلُّ أهلُ المدينةِ مِن ذي الحُليفة (¬4)، وأهلُ الشام مِن ¬

_ = والنسائي في السنن كتاب: مناسك الحج، باب: النهي عن لبس القميص للمحرم (5/ 131)، وفي باب: النهي عن لبس البرانس في الإحرام (5/ 133) من طريق قتيبة. وابن ماجه في السنن كتاب: المناسك، باب: ما يلبس المحرم من الثياب (2/ 977) (رقم: 2929)، وفي باب: السراويل والخفين للمحرم (2/ 978) (رقم: 2932) من طريق أبى مصعب الزهري. وأحمد في المسند (2/ 63) من طريق ابن مهدي. والدارمي في السنن كتاب: الحج، باب: ما يلبس المحرم من الثياب (2/ 50) (رقم: 180) من طريق خالد بن مخلد، سبعتهم عن مالك به. (¬1) الموطأ (1/ 266)، وتمام كلامه: "ولا أرى أن يلبسَ المُحرِم سراويل؛ لأنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - نهى عن لبس السراويلات فيما نهى عنه من لبس الثياب التي في ينبغي للمحرم أن يَلبسها، ولَم يستثنِ فيها كما استثنى في الخفين". (¬2) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الحج، باب: لبس الخفين للمحرم إذا لم يجد النعلين (2/ 569) (رقم: 1841)، وفي باب: إذا لم يجد الإزار فليلبس السراويل (برقم: 1843)، وفي اللباس، باب: السراويل (7/ 49) (رقم: 5804)، وفي باب: النعال السبتية وغيرها (7/ 63) (رقم: 5853). ومسلم في صحيحه (2/ 853) (رقم: 1178). وجاء مثله أيضًا عن جابر رضى الله عنه عند مسلم في صحيحه (2/ 836) (رقم: 1179). فكأنَّ حديثَ ابن عباس وجابر رضى الله عنهم لم يبلغَا الإمامَ مالكًا رحمه الله تعالى. (¬3) سيأتي حديثه (2/ 477). (¬4) قرية بظاهر المدينة على طريق مكة، بينها وبين المدينة (9) أكيال. معجم البلدان (2/ 295)، المعالم الأثيرة (ص: 103).

الجُحْفَة (¬1) وأهلُ لم نَجْدٍ من قَرْن (¬2) ". وفيه: أنَّه بَلَغَه قولُه: "ويُهِلُّ أهلُ اليَمن من يَلَمْلَم (¬3) ". في مواقيت الإهلال (¬4). لم يُسَمِّ ابنُ عمر ها هنا من أخبَرَه بيَلَمْلَم، ومراسِلُ الصحابةِ مقبولةٌ، لأنَّ بعضَهم كان يأخذُ مِن بعضٍ، وكلُّهم مَحمولون على العدالةِ، وقد كان ابنُ عباس يُكثِرُ الحديثَ ويَرفعُه من غيرِ واسطةٍ، ولَم يَسمع منه إلاَّ يسيرًا لِصِغَر سِنِّه، ورُوي عنه أنَّه قال: "ما كُلُّ ما نحدِّثُكم به عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سمعناه ¬

_ (¬1) موضع بين مكة والمدينة، وتبعد (22) كيلًا جنوب شرق مدينة رابغ. معجم البلدان (2/ 111)، المعالم الأثيرة (ص: 88). (¬2) بالفتح ثم سكون، وهو قرن المنازل، وهو على طريق الطائف من مكة، وييعد عن مكة (80) كيلًا، وعن الطائف (53) كيلًا. معجم البلدان (4/ 332)، المعالم الأثيرة (ص: 226). (¬3) وادِ فحل، يمر جنوب مكة على مسافة مائة كيل. المعالم الأثيرة (ص: 301). (¬4) الموطأ كتاب: الحج، باب: مواقيت الإهلال (1/ 270) (رقم: 22). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الحج، باب: ميقات أهل المدينة ولا يهلّون قبل ذي الحليفة (2/ 472) (رقم: 1525) من طريق عبد الله بن يوسف. ومسلم في صحيحه كتاب: الحج، باب: مواقيت الحج والعمرة (2/ 839) (رقم: 1182) من طريق يحيى النيسابوري. وأبو داود في السنن كتاب: المناسك، باب: في المواقيت (2/ 353) (رقم: 1737) من طريق القعنبي وأحمد بن يونس. والنسائي في السنن كتاب: مناسك الحج، باب: ميقات أهل المدينة (5/ 122) من طريق قتيبة. وابن ماجه في السنن كتاب: المناسك، باب: مواقيت أهل الآفاق (2/ 972) (رقم: 2914) من طريق أبي مصعب الزهري. والدارمي في السنن كتاب: الحج، باب: المواقيت في الحج (2/ 47) (رقم: 1790) من طريق أحمد بن عبد الله بن يونس، ستتهم عن مالك به.

منه، ولكن كان بعضُنا يحدِّثُ بعضًا ويُصدِّق بعضُنا بعضًا" (¬1). ولا خلافَ أنَّ قولَ الصحابي: "قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -" حُجّةٌ، وأنَّه داخلٌ في المسند، وإن احتَمَل أن يكون لَم يَسمعْه (¬2). وثَبَتَ عن ابن عباس: "أنَّ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - وَقَّت لأهلِ اليمن يَلَمْلَم"، خُرِّج في الصحيح (¬3). وليس في الموطأ عن ابن عمر غيرُ المواقيت الأربعةِ، وزاد عبدُ الرزاق عن مالك في الحديثِ مرفوعًا: "ذاتَ عِرْقٍ (¬4) لأهلِ العِراق"، قال: "وأخبرني بعضُ أَهل المدينة أنَّ مالكًا بأَخَرَة مَحَاه من كِتابه". ذَكَر هذا مسلمٌ في التمييز، وأنكرَه وضَعَّفَ ما رُوي في معناه عن ابن عمر وغيرِه، والثابتُ عن ابن عمر خلافُه (¬5). ¬

_ (¬1) لم أجده من قول ابن عباس، وروي مثله عن البراء وأنس. انظر: التاريخ لابن أبي خيثمة (3/ل: 50/ب)، الكامل لابن عدي (1/ 157، 159). (¬2) وهو قول جماهير العلماء من المحدّثين والفقهاء بل عدّه بعضهم إجماعًا، وخالف في ذلك أبو إسحاق الإسفراييني وأبو بكر الباقلاني. انظر: المستصفى (1/ 107)، الكفاية (ص: 384 - 386)، جامع التحصيل (ص: 36)، النكت (2/ 546 - 548)، فتح المغيث (1/ 178 - 179). (¬3) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الحج، باب: مهل أهل اليمن (2/ 473) (رقم: 1530)، ومسلم في صحيحه (2/ 839) (رقم: 1181). (¬4) هو الحد بين نجد وتهامة. معجم البلدان (4/ 107). (¬5) التمييز (ص: 212 - 215). وحديث عبد الرزاق عن مالك أخرجه مسلم في كتابه السابق، والدارقطني في غرائب مالك كما في الفتح (3/ 456)، وقال: "تفرّد به عبد الرزاق". قال الحافظ: "والإسناد إليه ثقات أثبات وأخرجه إسحاق بن راهويه في مسنده وهو غريب جدّا وحديث الباب يردّه". =

رَوى سفيان، عن ابن دينار: أنَّ ابن عمر لما حَدَّث بالمواقيتِ، ذُكِرَ له العِراقُ فقال: "لَم يكن عِراقٌ يومئِذ". ذكره البخاري في الاعتصام (¬1). وخَرَّج في الحج من طريق عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر أنَّه قال: "لما فُتح هذان المِصران أَتَوا عمرَ فقالوا: إنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - حَدَّ لأَهل نَجْدٍ قَرْنًا وهو جَوْرٌ عن طريقِنا، وإنْ أردنا قرنًا شَقَّ علينا. قال: فانظروا حَذوَها من طَرِيقكم، فَحَدَّ لهم ذاتَ عِرْق" (¬2)، وهذا هو الصحيح، والله أعلم (¬3). ¬

_ = أي حديث ابن عمر: أنَّ عمر هو الذي حدّ لأهل العراق ذات عِرق. وحكم مسلم على رواية عبد الرزاق بالخطأ، وأنَّ عبد الرزاق لم يحفظ، وإن كان حفظ فلعل لسان مالك سبق لسانه مع كلام كثير. التمييز (ص: 214). وأخرجه ابن عدي في الكامل (5/ 314) من طريق أحمد بن الحسين الصوفي عن محمد بن سهل بن عسكر عن عبد الرزاق به، ثم قال: "سمعت ابن صاعد يقول: قرأ علينا ابن عسكر كتاب المناسك عن عبد الرزاق فليس فيه هذا الحديث. فذكره ابن صاعد مرسلًا عن إسحاق بن راهويه عن عبد الرزاق، وهذا الحديث يعرف بابن راهويه عن عبد الرزاق ... ". (¬1) صحيح البخاري كتاب: الاعتصام، باب: ما ذَكَر النبي - صلى الله عليه وسلم - وحض على اتفاق أهل العلم (8/ 508) (رقم: 7344). (¬2) صحيح البخاري كتاب: الحج، باب: ذات عرق لأهل العراق (2/ 474) (رقم: 1531). (¬3) أي أن ذات عرق لم ينص عليها، وهذا القول هو اختيار الشافعي، وذَكر عن طاوس أنّه قال: "لم يوقّت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات عرق، ولم يكن حينئذ أهل شرق، فوقّت الناس ذات عرق. قال الشافعي: ولا أحسبه إلاّ كما قال طاوس". الأم (2/ 200). وقال مسلم: "أما الأحاديث التي ذكرناها من قبل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وقّت لأهل العراق ذات عرق فليس منها واحد يثبت". التمييز (ص: 214). وبمثله قال ابن خزيمة في صحيحه (4/ 160)، وابن المنذر كما في الفتح (3/ 456). وذهب آخرون إلى أنَّ ذات عرق منصوص عليها واستدلوا ببعض الأحاديث التي ردّها مسلم وغيره. انظر: التمهيد (15/ 140 - 142)، الفتح (3/ 455، 456).

وانظر حديثَ ابن دينار، عن ابن عمر (¬1)، ومرسلَ مالك (¬2). 145 / حديث: أنَّ تلبيةَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -: "لَبَّيْكَ اللهمّ لَبيْكَ ... "، مُطوَّلًا. في باب: الإهلال (¬3). وفيه: زيادةُ ابن عمر (¬4) 146/ حديث: "خَمْسٌ من الدَّوابِّ ليس على المُحرِمِ في قتلهِنَّ جُنَاحٌ ... "، وذكرها (¬5). ¬

_ (¬1) سيأتي حديثه (2/ 479). (¬2) سيأتي حديثه (5/ 364). (¬3) الموطأ كئاب: الحج، باب: العمل في الإهلال (1/ 271) (رقم: 28). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الحج، باب: التلبية (2/ 479) (رقم: 1549) من طريق عبد الله بن يوسف. ومسلم في صحيحه كتاب: الحج، باب: التلبية وصفتها ووقتها (2/ 841) (رقم: 1184) من طريق يحيى النيسابوري. وأبو داود في السنن كتاب: المناسك، باب: كيف التلبية (2/ 404) (رقم: 1812) من طريق القعنبي. والنسائي في السنن كتاب: مناسك الحج، باب: كيف التلبية (5/ 160) من طريق قتيبة. وأحمد في المسند (2/ 34) من طريق عبد الرزاق، خمستهم عن مالك به. (¬4) أي قول ابن عمر: "لبّيك لبّيك، لبّيك وسعديك، والخير بيديك لبّيك، والرغباء إليك والعمل". (¬5) الموطأ كتاب: الحج، باب: ما يقتل المحرم من الدواب (1/ 288) (رقم: 88). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: جزاء الصيد، باب: ما يقتل المحرم من الدواب (2/ 564) (رقم: 1826) من طريق عبد الله بن يوسف. ومسلم في صحيحه كتاب: الحج، باب: ما يندب للمحرم وغيره قتله من الدواب (2/ 858) (رقم: 1199) من طريق يحيى النيسابوري. والنسائي في السنن كتاب: مناسك الحج، باب: ما يقتل المحرم من الدواب (5/ 187) من طريق قتيبة. وأحمد في المسند (2/ 138) من طريق ابن مهدي وإسحاق الطباع، خمستهم عن مالك به.

لَم يَذكر مالكٌ في هذا الحديثِ أنَّ ابن عمر سَمعه مِن رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، وتابعه جماعةٌ (¬1). وذَكَرَ السَّماعَ ابنُ جريج، عن نافع، وتابعَه محمّد بن إسحاق، خَرَّجه مسلم عنهما (¬2). والحديث محفوظٌ لابن عمر (¬3). وقد رُوي أيضًا عن الزهري، عن سالم، عن أبيه، عن حفصة (¬4). ¬

_ (¬1) منهم: - الليث بن سعد، وجرير بن حازم، وعبيد الله، وأيوب، ويحيى بن سعيد، عند مسلم في صحيحه (2/ 859) (رقم: 1199). وقال مسلم: "لم يقل أحد منهم عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنه سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - إلَّا ابن جريج، وقد تابع ابن جريج على ذلك ابنُ إسحاق". - وابن عون، عند أحمد في المسند (2/ 3)، وأبي عوانة في صحيحه (ص: 415 - تحقيق أيمن الدمشقي-) وابن حبّان في صحيحه (الإحسان) (9/ 274) (رقم: 3961). - والليث بن أبي سليم، عند الطبراني في المعجم الكبير (1/ 351) (رقم: 10959). - وشعيب بن أبي حمزة، عند الخطيب في تاريخه (10/ 293). - وعبيد الله بن عمر، ونافع بن أبي نعيم عند ابن عساكر في تاريخ دمشق (7/ 44). (¬2) صحيح مسلم (2/ 859) (رقم: 1199). (¬3) وخالف في ذلك أبو حاتم الرازي فقال: "ابن عمر لم يسمع هذا الحديث من النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما سمعه من أخته حفصة". العلل (1/ 281). وقال ابن حجر: "والظاهر أنَّ ابن عمر سمعه من أخته حفصة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وسمعه أيضًا من النبي - صلى الله عليه وسلم - يحدّث به حين سئل عنه، فقد وقع عند أحمد (2/ 65) من طريق أيوب عن نافع عن ابن عمر: نادى رجل، ولأبي عوانة في المستخرج (ص: 114 - تحقيق أيمن-) من هذا الوجه: أنَّ أعرابيًا نادى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما نقتل من الدواب إذا أحرمنا". الفتح (4/ 43). وما ذكره ابن حجر يؤيّد حماع ابن عمر الحديث مرّتين خاصة أنَّ ابن جريج وابن إسحاق صرّحا بسماعه والله أعلم. (¬4) أخرجه البخاري في صحيحه (2/ 565) (رقم: 1828)، ومسلم في صحيحه (2/ 858) (رقم: 1200).

ورواه زَيد بن جُبير، عن ابن عمر، عن إحدى نِساء النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ولَم يُسَمِّ حفصةَ، وزاد فيه: "الحَيَّةَ" (¬1). ورواه جماعةٌ عن عائشة، وفي حديثِها: "يُقتلنَ في الحَرَمِ" (¬2). وفي حديثِ ابنِ مسعود الأمرُ بقتل الحَيَّة. بمِنَى، وهي من الحَرَم (¬3). وفي بعض طُرفِ الحديثِ: "في جُناح في قَتلهنَّ في الحَرَمِ والإِحْرَام" (¬4). وهذا أَوْعَبُ؛ لأنَّ المُحْرِم ممنوعٌ من قَتْلِ سائِرِ الدَّواب في الحِلّ والحَرَم، والحلالُ ممنوعٌ من قَتلِها في الحَرَم خاصَّة، والكلُّ في الصحيح. وانظر روايةَ ابن دينار، عن ابن عمر (¬5). ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في صحيحه (2/ 564) (رقم: 1827)، ومسلم في صحيحه (2/ 858) (رقم: 1200). (¬2) أخرجه البخاري في صحيحه (2/ 565) (رقم: 1829)، وفي كتاب: بدء الخلق، باب: إذا وقع الذباب في شراب أحدكم .. (4/ 441) (رقم: 3314)، ومسلم في صحيحه (2/ 856، 857) (رقم: 1198). (¬3) أخرج البخاري في صحيحه كتاب: الحج، باب: ما يقتل المحرم من الدواب (2/ 565) (رقم: 1830)، وفي: التفسير، باب: {هَذَا يَوْمُ لَا يَنْطِقُونَ} (6/ 388) (رقم: 4934) من طريق الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عبد الله رضي الله عنه قال: بينما نحن مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في غار بمنى إذ نزل عليه: {وَالْمُرْسَلَاتِ} وإنه ليتلوها، وإني لأتلقّاها من فيه، وإنَّ فاه لرطب بها، إذ وثبت علينا حيّة فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اقتلوها"، فابتدرناها فذهبت، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "وُقيَتْ شرَّكم كما وُقيتُم شرَّها". قال أبو عبد الله -أي البخاري-: "إنّما أردنا بهذا أن منى من الحرم وإنهم لم يروا بقتل الحيّة بأسًا". (¬4) أخرجه مسلم في صحيحه (2/ 857) (رقم: 1199) من طريق ابن عيينة عن الزهري عن سالم عن أبيه مرفوعًا. والصحيح في هذا الإسناد خاصة: سالم عن ابن عمر عن حفصة كما سبق تخريجه من الصحيحين. قال ابن حجر: "وقد رواه ابن عيينة عن ابن شهاب فأسقط حفصة من الإسناد، والصواب إثباتها في رواية سالم والله أعلم". الفتح (4/ 44). (¬5) سيأتي حديثه (2/ 480).

147 / حديث: "إنْ صُدِدْتُ عن البيتِ صَنَعْنَا كما صَنَعْنَا مع رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فأَهَلّ بعمرةٍ من أَجْل أنَّ رسولَ االله - صلى الله عليه وسلم - أَهَلَّ بعمرة عامَ الحُدَيْبِيَة ... ". فيه: "أُشهدُكم أَنِّي قد أوجبتُ الحجَّ مع العمرةِ"، ثمّ نَفَذَ (¬1) حتى جاء البيتَ فطاف طوافًا واحدًا وأَهْدَى. في باب: من أُحصر بعدوّ (¬2). اختَصَرَ مالكٌ قصةَ ابنِ عمر، وكانت عامَ نَزَل الحَجَّاجُ لقِتال ابنِ الزبير، خَشِيَ عبدُ الله أنْ يُصَدَّ عن البيت ويُمنعَ الحَج، فأَحْرَمَ بعمرة كما فعل النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عامَ الحدَيْبِية ثم قال ابنُ عمر: إنْ صُدِدْتُ عن الحج صُددت عن العمرةِ، فأَهَلَّ بالحج مع العمرة قارنًا ثمَّ إنَّه نَفَذَ إلى البيتِ ولم يُحْصَر، فطاف وبَقِيَ حَرامًا حتى حَلَّ يومَ النَّحْر وأهدى لِقِرانِه، بيانُ هذا في الصحيح (¬3). وانظر في مرسلِ مالك ذكرَ الإحلالِ بالحُدَيْبِية (¬4). ¬

_ (¬1) في الأصل: "نفد"، بالدال المهملة. (¬2) الموطأ كتاب: الحج، باب: ما جاء فيمن أحصر بعدو (1/ 291) (رقم: 99). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: المحصر، باب: إذا أحصر المعتمر (2/ 556) (رقم: 1806) من طريق عبد الله بن يوسف، وفي باب: ليس على المحصر بدل (2/ 558) (رقم: 1813) من طريق إسماعيل بن أبي أويس، وفي المغازي، باب: غزوة الحديبية (5/ 82) (رقم: 4183) من طريق قتيبة. ومسلم في صحيحه كتاب: الحج، باب: بيان جواز التحلل بالإحصار وجواز القران (2/ 903) (رقم: 1230) من طريق يحيى النيسابوري، أربعتهم عن مالك به. (¬3) انظر: صحيح البخاري كتاب: الحج، باب: طواف القارن (2/ 506) (رقم: 1640)، وفي باب: إذا أحصر المعتمر (2/ 556) (رقم: 1807)، وصحيح مسلم (2/ 903) (رقم: 1230). (¬4) سيأتي حديثه (5/ 365).

148/ حديث: "اللهمّ ارْحم المُحَلِّقين ... "، مرَّتين. فيه: "قالوا: والمُقَصِّرين يا رسول الله؟ "، فذَكَرهم في الثالثة (¬1). هكذا عند يحيى وجماعة (¬2)، وفي رواية ابن بُكير وطائفةٍ الدعاءُ للمحلِّقين ثلاثًا، وذَكَرَ المُقصِّرين في الرابعة، وهو المحفوظُ (¬3). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الحج، باب: الحلاق (1/ 317) (رقم: 184). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الحج، باب: الحلق والتقصير عند الإحلال (2/ 532) (رقم: 1727) من طريق عبد الله بن يوسف. ومسلم في صحيحه كتاب: الحج، باب: تفضيل الحلق على التقصير وجواز التقصير (2/ 945) (رقم: 1301) من طريق يحيى النيسابوري. وأبو داود في السنن كتاب: الحج، باب: الحلق والتقصير (2/ 499) (رقم: 1979) من طريق القعنبي. وأحمد في المسند (2/ 79، 138) من طريق روح بن عبادة، وابن مهدي، وإسحاق الطباع، ستتهم عن مالك به. (¬2) تابع يحيى من سبق ذكرهم إلَّا روح بن عبادة، ومن أصحاب الموطأ: - ابن القاسم (ل: 65/أ)، و (ص: 269) (رقم: 225 - تلخيص القابسي-)، وأبو مصعب الزهري (1/ 536) (رقم: 1390)، وسويد بن سعيد (ص: 509) (رقم: 1189). - وأخرجه أبو عوانة في صحيحه (ص: 84 - تحقيق أيمن-) من طريق عبد الله بن وهب، والقعنبي، ويحيى النيسابوري، ومطرف. - والجوهري في مسند الموطأ (ل: 120/ب) من طريق القعنبي. - ومصعب بن عبد الله الزبيري في حديثه (ل: 3/ب)، ومن طريقه أبو أحمد الحاكم في عوالي مالك (ص: 91). (¬3) موطأ ابن بكير (ل: 36/أ - نسخة الظاهرية -)، وضرب الناسخ على قوله: "قال: اللهم ارحم المحلقين. قالوا: والمقصرين يا رسول الله" ظنًّا منه أنَّ هذا الكلام زائد في النسخة لتوافق رواية ابن بكير سائر الروايات؟ ! ! . وجاءت على الصواب في نسخة السليمانية (ل: 79/ب). وتابع ابنَ بكير: - روح بن عبادة عند أحمد في المسند. - وابن وهب في موطئه الصغير (ص: 134) (رقم: 98)، وتقدّم أنَّ أبا عوانة أخرجه من طريقه =

وكان هذا بالحُدَيْبية حين صُدَّ عن البيتِ، فأَمَرَ أصحابَه بالنَّحر والحِلاقِ، فكَرِهُوا ذلك ولَم يفعلوا حتى نَحَر هو وحَلَقَ، فمنهم مَن قَصَّرَ حينئذ رَجاءَ أن يَعتمِرَ فيحلِقَ بمكةَ (¬1). ورَوى أبو مُرّةَ مولى أمِّ هانِئ، عن ابن عمر قال: "لما كان الهَدْيُ ¬

_ = كرواية الجماعة، ولعله حمل روايته على رواية غيره، والله أعلم. - ومعن بن عيسى ذكره الجوهري في مسند الموطأ (ل: 120/ب). ولم يشر ابن عبد البر إلى هذا الاختلاف في التمهيد، بل قال: "هكذا هذا الحديث عندهم جميعًا". التمهيد (15/ 233). قال ابن حجر: "كذا في معظم الروايات عن مالك إعادة الدعاء للمحلقين مرتين، وعطف المقصِّرين عليهم في المرة الثالثة، وانفرد يحيى بن بكير دون رواة الموطأ بإعادة ذلك ثلاث مرات نبّه عليه ابن عبد البر في التقصي وأغفله في التمهيد بل قال فيه: إنهم لم يختلفوا على مالك في ذلك. وقد راجعت أصل سماعي من موطأ يحيى بن بكير فوجدته كما قال في التقصي". الفتح (3/ 657). قلت: وكلام ابن عبد البر ثابت في بعض نسخ التقصي. انظر: تجريد التمهيد (التقصي) (ص: 20، 21 مع الهامش). وقول المصنِّف: "وهو المحفوظ"، أي عن ابن عمر كما جاء من طريق عبيد الله عن نافع، عند مسلم في صحيحه (2/ 546) (رقم: 1301). (¬1) قال ابن عبد البر: "لم يذكر واحد من رواته (يعني نافعًا) فيه أنه كان يوم الحديبية وهو تقصير وحذف، والمحفوظ في هذا الحديث أنَّ دعاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للمحلقين ثلاثا وللمقصرين مرة إنما جرى يوم الحديبية حين صُد عن البيت فنحر وحلق ودعا للمحلقين، وهذا معروف مشهور محفوظ من حديث ابن عمر وابن عباس وأبي سعيد الخدري وأبي هريرة وحبشي بن جنادة وغيرهم". التمهيد (15/ 234، 235). ونازع في ذلك النووي فقال إثر حديث ابن عمر وغيره: "كل هذا كان في حجة الوداع هذا هو الصحيح المشهور". ثم نقل عن القاضي عياض أنه في يبعد أن يكون في الموضعين. شرح صحيح مسلم (9/ 50). قال ابن حجر: "بل هو المتعيّن لتظاهر الروايات بذلك". الفتح (3/ 659).

دون الجبال التي تَطلع على وادِي الثنيةِ عَرَضَ له المشركون فَرَدُّوا وجوهَ بُدْنه، فنَحَرَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حيث حَبَسوه وهي الحديبية، وحَلَقَ وتَأَسَّى به نَاسٌ فحَلَقوا وتَرَبَّصَ آخَرون وقالوا: لعلنا نطوف بالبيت. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "رَحِم الله المحَلقين. قيل: والمُقَصِّرين؟ قال: رَحِم الله المحلقين", ثلاثًا. خَرَّجه ابن أبي شيبة (¬1). وروى مجاهد، عن ابنِ عباس: أنَّ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال يوم الحديبية: "يَرحم الله المحلقين"، فذَكَر الحديث، وزاد في آخِرِه: "قالوا: يا رسول الله ما بال المُحَلِّقين ظاهرتَ لهم الترحم؟ قال: إنهم لَم يَشكُّوا". خَرَّجه ابن أبي شيبة، والطحاوي (¬2). ¬

_ (¬1) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (7/ 389) (رقم: 36858) قال: حدّثنا عبيد الله بن موسى، قال: أخبرنا موسى بن عبيدة، قال: أخبرني أبو مرة مولى أم هانئ، فذكره. وهذا سند ضعيف جدًّا، موسى بن عبيدة الربذي ضعيف جدًّا، وقد تقدّم في (ص: 211). وأبو مرة هو يزيد المدني مشهور بكنيته وهو ثقة. التقريب (رقم: 7798). تنبيه: قال الحافظ ابن حجر: "ولم أقف على تعيين الحديبية في شيء من الطرق عنه (أي ابن عمر) وقد قدمت في صدر الباب أنه مخرّج من مجموع الأحاديث عنه أنَّ ذلك كان في حجة الوداع كما يوميء إليه صنيع البخاري". الفتح (3/ 658). قلت: فلعل الحافظ أراد أنّه لم يقف على تعيين الحديبية في شيء من الطرق الثابتة عن ابن عمر، الله أعلم. (¬2) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (3/ 220) (رقم: 13618)، وفي (7/ 390) (رقم: 36861)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (2/ 255)، وفي شرح مشكل الآثار (3/ 390، 391) (رقم: 1364، 1365)، وابن ماجه في السنن كتاب: المناسك، باب: الحلق (2/ 1012) (رقم: 3045)، وأحمد في المسند (1/ 353)، وأبو يعلى في المسند (3/ 157) (رقم: 2710)، والطبراني في المعجم الكبير (11/ 93) (رقم: 11150) من طرق عن محمَّد بن إسحاق عن عبد الله بن أبي نجيح عن مجاهد به. وسنده حسن، فيه محمَّد بن إسحاق صدوق يدلس، وقد صرح بالتحديث عند أحمد وابن ماجه والطحاوي.

وانظر القصَّةَ للبخاري في الصحيح (¬1). 149 / حديث: "أناخَ بالبَطْحَاءِ الّتي بذي الحليفةَ فصَلَّى بها". في باب: صلاة المعرّس (¬2). قال فيه ابن وهب، عن مالك: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا صدَرَ من الحجّ أو العمرة أنَاخَ .... " (¬3). 150 / حديث: "كان إذا قَفَلَ من غَزوٍ أو حَجٍّ أو عُمرةٍ يُكَبِّر على كلِّ شَرَفٍ فيه: ثمّ يقول: لا إله إلَّا الله ... "، وذَكَر كلمات. في آخر الحج، بابٌ جامع (¬4). ¬

_ (¬1) صحيح البخاري كتاب: الشروط، باب: الشروط في الجهاد ... (1/ 244) (رقم: 2731). (¬2) الموطأ كتاب: الحج، باب: صلاة المعرس والمحصب (1/ 324) (رقم: 206). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الحج، بابٌ (2/ 474) (رقم: 1532) من طريق عبد الله بن يوسف". ومسلم في صحيحه كتاب: الحج، باب: التعريس بذي الحليفة والصلاة بها .. (2/ 981) (رقم: 1207) من طريق يحيى النيسابوري. وأبو داود في السنن كتاب: المناسك، باب: زيارة القبور (2/ 535) (رقم: 2044) من طريق القعنبي. والنسائي في السنن كتاب: مناسك الحج، باب: التعريس بذي الحليفة (5/ 127) من طريق ابن القاسم، وفي السنن الكبرى كتاب: الحج، باب: التعريس والإناخة بالبطحاء (2/ 477) (رقم: 4245) من طريق ابن وهب. وأحمد في المسند (2/ 28، 112، 138) من طريق روح، وإسحاق الطباع، وابن مهدي، ثمانيتهم عن مالك به. (¬3) أخرجه النسائي عنه في السنن الكبرى وسبق. (¬4) الموطأ كتاب: الحج، باب: جامع الحج (1/ 336) (رقم: 343). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الحج، باب: ما يقول إذا رجع من الحج أو العمرة أو الغزو (2/ 553) رقم: 1797) من طريق عبد الله بن يوسف، وفي الدعوات، باب: الدعاء إذا أراد سفرًا أو رجع (7/ 209) (رقم: 6385) من طريق إسماعيل بن أبي أويس. =

151 / حديث: " [نَهَى] (¬1) أن يُسافَر بالقرآن إلى أرض العَدوِّ". في الجهاد (¬2). وفي آخره ذكْرُ العلةِ من قول مالكٍ، وقد رَفَع ذلك أيوب، عن نافع، عن ابن عمر قال: قَال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تسافروا بالقرآن، وإني لا آمَنُ أن يَنالَه العدوُّ". وخرّجه مسلم (¬3). ¬

_ = ومسلم في صحيحه كتاب: الحج، باب: ما يقول إذا قفل من سفر الحج أو غيره (2/ 980) (رقم: 1344) من طريق معن. وأبو داود في السنن كتاب: الجهاد، باب: في التكبير على كل شرف في المسير (3/ 213) (رقم: 2770) من طريق القعنبي. والنسائي في السنن الكبرى كتاب: السير، باب: ما يقول إذا رجع من سفره (5/ 236) (رقم: 8773) من طريق ابن القاسم. وأحمد في المسند (2/ 63) من طريق ابن مهدي، ستتهم عن مالك به. (¬1) ساقطة من الأصل، والصواب إثباتها. (¬2) الموطأ كتاب: الجهاد، باب: النهي عن أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو (2/ 357) (رقم: 7). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الجهاد، باب: السفر بالمصاحف إلى أرض العدو (3/ 338) (رقم: 2990) من طريق القعنبي. ومسلم في صحيحه كتاب: الإمارة، باب: النهي أن يسافر بالمصحف إلى أرض العدو .. (3/ 1490) (رقم: 1869) من طريق يحيى النيسابوري. وأبو داود السنن في كتاب: الجهاد، باب: في المصحف يسافر به إلى أرض العدو (3/ 82) (رقم: 2610) من طريق القعنبي. وابن ماجه في السنن كتاب: الجهاد، باب: النهي أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو (2/ 961) (رقم: 2879) من طريق ابن مهدي. وأحمد في المسند (2/ 7، 63) من طريق ابن مهدي، ثلاثتهم عن مالك به. (¬3) صحيح مسلم (3/ 1491) (رقم: 1869) وأخرجه أيضًا من طريق الليث بن سعد والضحاك بن عثمان عن نافع به.

152 / حديث: "بعثَ سريةً فيها عبد الله بن عمر قِبَل نَجد فَغَنِموا ... ". فيه: "ونُفِّلوا بعيرًا بعيرًا" (¬1). زاد فيه ابن وهب: "فلم يُغَيِّرْه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -" (¬2). وقال فيه عبيد الله، عن نافع: "ونفَّلَنَا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ". ذَكَره أبو داود في التفرد (¬3). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الجهاد، باب: جامع النفل في الغزو (2/ 360) (رقم: 15). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: فرض الخمس، بابٌ: (4/ 387) (رقم: 3134) من طريق عبد الله بن يوسف. ومسلم في صحيحه كتاب: الجهاد والسير، باب: النفال (3/ 1367) (رقم: 1749) من طريق يحيى النيسابوري. وأبو داود في السنن كتاب: الجهاد، باب: في نفل السرية تخرج من العسكر (3/ 179) (رقم: 2744) من طريق القعنبي. وأحمد في المسند (2/ 12، 112، 156) من طريق ابن مهدي، وإسحاق الطباع، وحماد بن خالد. والدارمي في السنن كتاب: السير، باب: في أن النفل إلى الإِمام (2/ 300) (رقم: 2481) من طريق خالد بن مخلد، سبعتهم عن مالك به. (¬2) أخرجه من طريق ابن وهب: أبو عوانة في صحيحه (4/ 106)، والبيهقي في السنن الكبرى (6/ 312)، وهو في الجمع بين روايته ورواية ابن القاسم (ل: 17/ أ)، إلاّ أنه ليس في هذه الطرق قوله: "فلم يغيّره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "، والله أعلم. وورد ذلك من حديث الليث بن سعد عن نافع عند مسلم في صحيحه (3/ 1368) (رقم: 1749). وفي هذا دليل أنَّ الأمير هو الذي نفلهم ولم يغيّره رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وأخرجه أبو داود في السنن (3/ 179) (رقم: 2743) من طريق ابن إسحاق عن نافع ولفظه: "فأصبنا نعما كثيرا، وأعطانا أميرنا بعيرًا بعيرًا لكلِّ إنسان، ثم قدمنا على النبي - صلى الله عليه وسلم - فقسم بيننا غنيمتنا". (¬3) وأخرجه من هذا الطريق مسلم في صحيحه (3/ 1368) (رقم: 1749). وتابعه على ذكر رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: =

وفي رواية شعيب، عن نافع: "أنَّ الغنيمةَ كانت لِسَرِيةٍ خَرجتْ من بَعْثٍ، فنَفلَ أصحابَ السَرِيةِ دون سائِرَ البَعْثِ". خرّجه ابن الجارود (¬1). 153/ حديث: "الخيلُ في نواصِيها الخيرُ ... ". في الجهاد، عند آخره (¬2). ¬

_ = - أيوب السختياني، عند البيهقي في السنن الكبرى (6/ 312). - وعبد الله بن عمر عند عبد الرزاق في المصنف (5/ 190) (رقم: 9336). - وموسى بن عقبة، قاله البيهقي. قال ابن عبد البر: "وقد يحتمل أن يكون قوله "نفلنا". بمعنى أجاز لنا ذلك". التمهيد (14/ 41). وقال النووي: "والجمع بين هذه الروايات أن أميرَ السريّة نفلهم فأجارُه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فيجوز نسبته إلى كل واحد منهما". شرح صحيح مسلم (12/ 55). (¬1) المنتقى (3/ 330) (رقم: 1074)، وأخرجه أبو داود في السنن (3/ 177) (رقم: 2741)، وأبو عوانة في صحيحه (4/ 107)، والبيهقي في السنن الكبرى (6/ 312). وقول المصنف: "فنفل أصحاب السرية دون سائر البعث"، أي نفّلهم بعيرا بعيرا، فكان للبعث اثني عشر اثني عشر بعيرا, وللسرية ثلاثة عشر ثلاثة عشر كما هو نص الحديث عند ابن الجارود وغيره. وقد خولف شعيب بر أبي حمزة، خالفه الإمامُ مالك والليث بن سعد وعبيد الله بن عمر وابن عون وموسى بن عقبة وأسامة بن زيد عند مسلم في صحيحه (3/ 1368) (رقم: 1749). وأيوب عند البخاري في صحيحه كتاب: المغازي، باب: السرية قبل نجد (5/ 126) (رقم: 4338)، ومسلم في صحيحه (3/ 1369) (رقم: 1749) وغبرهم، ذكروا في حديثهم أن السهام كلها كانت للسرية دون البعث بخلاف ما ذكر شعيب. قال الوليد بن مسلم: "حدّثت ابن المبارك بهذا الحديث (أي حديث شعيب) قلت: وكذا حدثنا ابن أبي فروة عن نافع. قال: لا تعدل من سميت بمالك. هكذا أو نحوه يعني مالك بن أنس". سنن أبي داود (3/ 178). وانظر: التمهيد (14/ 39 ,40). (¬2) الموطأ كتاب: الجهاد، باب: ما جاء في الخيل واالمسابقة بينها والنفقة في الغزو (2/ 372) (رقم: 44). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الجهاد، باب: الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة (3/ 292) (رقم: 2849) من طريق القعنبي. =

وزاد ابن عُفير: "معقودٌ" (¬1). وفسَّر: "الخيرَ" في بعض الطرق (¬2). 154 / حديث: "سابقَ بين الخيلِ التي قد أضمِرَت (¬3) من الحَفياءِ (¬4) .. ". ¬

_ = ومسلم في صحيحه كتاب: الجهاد، باب: الخيل في نواصيها الخير إلى يوم القيامة (3/ 1492) (رقم: 1871) من طريق يحيى النيسابوري. وأحمد في المسند (2/ 112) من طريق إسحاق الطباع، ثلاثتهم عن مالك به. (¬1) انظر: مسند الموطأ للجوهري (ل: 121/أ). وتابعه: - إسحاق بن عيسى الطباع عند أحمد. - والقعنبي في رواية عنه أخرجه من طريقه الجوهري في مسند الموطأ (ل: 121/ أ). ورواه الإمام أحمد في المسند (2/ 57)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (1/ 207) (رقم: 219) من طريق عبيد الله عن نافع به. والطيالسي في المسند (ص: 252)، ومن طريقه القطيعي في جزء الألف دينار (ص: 431) (رقم: 286)، وابن الأعرابي في المعجم (2/ 561، 562) (رقم: 1099)، وأبو نعيم في الحلية (3/ 43)، والخطيب في التاريخ (12/ 109) من طريق عبد الله بن عون عن نافع به. وهذا مما يبيّن وهَم ابن عبد البر لما قال: "ليس في حديث نافع عن ابن عمر "معقود" في هذا الحديث من رواية مالك وغيره". التمهيد (14/ 101). (¬2) ورد ذلك فيما أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: فرض الخمس، باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: " أحلت لكم الغنائم" (4/ 381) (رقم: 3119) من طريق عروة البارقي رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "الخيل معقود في نواصيها الخير والأجر والمغنم إلى يوم القيامة". كذا في المطبوع من صحيح البخاري بزيادة الواو بين الخير والأجر، والصواب حذف الواو، كما في صحيح البخاري (ل: 166/ ب) من رواية ابن سعادة الأندلسي، وهي من أصح نسخ البخاري، وبهذا يتبيَّن قول المصنف: "وفُسِّر الخير في بعض الطرق". (¬3) أضمرت: بضم أوله، تضْمر بسكون الضاد المعجمة، والمراد أن يظاهر عليها بالعلف حتى تسمن ثم لا تعلف إلا قوتا خفيفا، وتُدخل بيتا وتغشى بالجلال حتى تحمى فتعرق فاِذا جف عرقها خفّ لحمها وقويت على الجري. انظر: النهاية (3/ 99)، الفتح (6/ 85). (¬4) الحفياء: تقع بالغابة قال المدينة على بعد (13) كيلًا من وسط المدينة. وفاء الوفاء (4/ 1192)، فصول من تاريخ المدينة لعلي حافظ (ص: 292).

فيه: "وسابق بين الخيلِ التي لم تُضْمَر من الثَنيَّةِ (¬1) إلى مسجد بَنيْ زُرَيْق (¬2) ". في الباب (¬3). قال سفيان الثوري: "من الحَفْيَاء إلى الثَنِيَّةِ خمسة أميال أو سِتة، ومن الثَنِيَّةِ إلى مسجد بني زُرَيق مِيلٌ". وذَكَر موسى بن عقبة: "أنَّ بين الحفياء والثَنِيَّةِ ستة أميال أو سبعة، وأنَّ المسجد على ميل أو نحوه". حكاه البخاري عنهما (¬4). ¬

_ (¬1) موضع بالمدينة على طريق مكة. مشارق الأنوار (1/ 163). (¬2) وموقعه الآن في أول طريق أبي بكر الصديق من جهة المسجد النبوي على جهة اليمين, بمحاذاة بداية نفق المناخة، وبجوار محطة النقل الجماعي. (¬3) الموطأ (2/ 372) (رقم: 45). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الصلاة، باب: هل يقال مسجد بني فلان؟ (1/ 135) (رقم: 420) من طريق عبد الله بن يوسف. ومسلم في صحيحه كتاب: الإمارة، باب: المسابقة بين الخيل وتضميرها (3/ 1491) (رقم: 1870) من طريق يحيى النيسابوري. وأبو داود في السنن كتاب: الجهاد، باب: في السبق (3/ 64) (رقم: 2575) من طريق القعنبي. والنسائي في السنن كتاب: الخيل، باب: إضمار الخيل للسبق (6/ 226) من طريق ابن القاسم. والدارمي في السنن كتاب: الجهاد، باب: السبق (2/ 279) (رقم: 2429) من طريق خالد بن مخلد، خمستهم عن مالك به. (¬4) قول سفيان الثوري في كتاب: الجهاد، باب: السبق بين الخيل (3/ 297) (رقم: 2868)، وقول موسى بن عقبة في باب: غاية السبق للخيل المضمرة (3/ 298) (رقم: 2870). قال ابن حجر: "وهو اختلاف قريب". الفتح (6/ 85). وتقدّم (1/ 44) أنَّ الليل (1848 متر) بالتقدير المعاصر.

155 / حديث: "إن الله يَنهاكم أن تحلِفوا بآبائكم، مَن كان حالفًا فليحلفْ بالله ... ". في آخر الأَيمان (¬1). هو في الموطأ عبد الله بن عمر، وروى سالم عنه: أنه سمعه من أبيه عمر، وكلاهما في الصحيح (¬2). حديث: "لا يَخْطُب أَحدُكم على خِطبةِ أخيه". في أول النكاح (¬3). ليس فيه حَدٌّ للإباحة، وزاد عبد الملك بن جريج، عن نافع: "حتى يتركَ الخاطِبُ قبلَه أو يَأذن له". خرّجه البخاري (¬4). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الأيمان والنذور، باب: جامع الأيمان (2/ 382) (رقم: 14). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: النذور والأيمان، باب: لا تحلفوا بآبائكم (7/ 283) (رقم: 6646) من طريق القعنبي. والدارمي في السنن كتاب: الأيمان، باب: النهي عن أن يحلف بغير الله (2/ 242) (رقم: 2341) من طريق الحكم بن المبارك، كلاهما عن مالك به. (¬2) حديث سالم أخرجه البخاري في صحيحه (7/ 283) (رقم: 6647) من طريق يونس عن الزهريّ عن سالم به، ثم قال البخاري: "تابعه عُقيل والزُبيدي وإسحاق الكلبي عن الزهريّ، وقال ابن عيينة ومعمر عن الزهريّ عن سالم عن ابن عمر: سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - عمر ... ". ومسلم في صحيحه كتاب: الأيمان، باب: النهي عن الحلف بغير الله (3/ 1266) (رقم: 1646) من طريق معمر وعُقيل. قال ابن حجر بعد أن ساق اختلاف الروايات في كون الحديث من مسند عمر أو ابنه عبد الله: "ويشبه أن يكون ابن عمر سمع ابن من النبي - صلى الله عليه وسلم - والقصة التي وقعت لعمر منه فحدّث به على الوجهين". الفتح (11/ 542). (¬3) الموطأ كتاب: النكاح، باب: ما جاء في الخطبة (2/ 414) (رقم: 2). (¬4) صحيح البخاري كتاب: النكاح، باب: لا يخطب على خطبة أخيه حتى ينكح أو يدع (6/ 462) (رقم: 5142).

157 / حديث: "نَهَى عن الشِّغار". في النكاح (¬1) والتفسيرُ لمالك (¬2)، وجاء أيضا عن نافع (¬3). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: النكاح، باب: جامع ما لا يجوز من النكاح (2/ 422) (رقم: 24). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: النكاح، باب: الشغار (6/ 452) (رقم: 5112) من طريق عبد الله بن يوسف. ومسلم في صحيحه كتاب: النكاح، باب: تحريم نكاح الشغار وبطلانه (2/ 1034) (رقم: 1415) من طريق يحيى النيسابوري. وأبو داود في السنن كتاب: النكاح، باب: في الشغار (2/ 560) (رقم: 2074) من طريق القعنبي. والترمذي في السنن كتاب: النكاح، باب: ما جاء في النهي عن نكاح الشغار (3/ 431) (رقم: 1124) من طريق معن. والنسائي في السنن كتاب: النكاح، باب: تفسير الشغار (6/ 112) من طريق ابن القاسم، ومعن. وابن ماجه في السنن كتاب: النكاح، باب: النهي عن الشغار (1/ 606) (رقم: 1883) من طريق سويد بن سعيد. وأحمد في المسند (2/ 7، 62) من طريق ابن مهدي. والدارمي في السنن كتاب: النكاح، باب: في النهي عن الشغار (2/ 183) (رقم: 2180) من طريق خالد بن مخلد، ثمانيتهم عن مالك به. (¬2) وهو قوله: "والشغار أن يزوج الرجل ابنته على أن يزوجه الآخر ابنته ليس بينهما صداق". قال الحافظ ابن حجر: "اختلف الرواة عن مالك فيمن ينسب إليه تفسير الشغار، فالأكثر لم ينسبوه لأحد، ولهذا قال الشافعي فيما حكاه البيهقي في المعرفة (5/ 338): لا أدري، التفسير عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أو عن ابن عمر أو عن نافع أو عن مالك. ونسبه محرز بن عون وغيره لمالك. قال الخطيب (في الفصل للوصل 1/ 385 - 388): تفسير الشغار ليس من كلام النبي - صلى الله عليه وسلم -، وإنما هو قول مالك وصل بالمتن المرفوع، وقد بيّن ذلك ابن مهدي والقعنبي ومحرز بن عون، ثم ساقه كذلك عنهم، ورواية محرز بن عون عند الإسماعيلي والدارقطني في الموطآت، وأخرجه الدارقطني أيضًا من طريق خالد بن مخلد عن مالك قال: سمعت أن الشغار أن يزوج الرجل الخ .. ، وهذا دال على أن التفسير من منقول مالك لا من قوله". ثم أورد الحافظ ابن حجر طرقًا أخرى للحديث تبيّن أن التفسير جاء مرفوعًا من قول النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم قال: "قال القرطبي: تفسير الشغار صحيح موافق لما ذكره أهل اللغة فإن كان مرفوعًا فهو المقصود, وإن كان من قول الصحابي فمقبول أيضًا؛ لأنه أعلم بالمقال وأقعد بالحال". الفتح (9/ 67). قلت: وطريق خالد بن مخلد التي أشار إليها ابن حجر أخرحها الدارمي وقال: "قال مالك: والشغار ... ". (¬3) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الحيل، باب: الحيلة في النكاح (8/ 387) (رقم: 6960)، ومسلم في صحيحه (2/ 1034) (رقم: 1415).

158 / حديث: "إذا دُعِي أحدكم إلى وليمةٍ فليَأتِها". في آخر النكاح (¬1). وانظر حديث الأعرج، عن أبي هريرة (¬2). 159 / حديث: "أن رجلًا لاَعَن امرأتَه وانتَفَل من وَلدِها ... ". فيه: ذكرُ التفرقةِ، وإلحاقِ الوَلَدِ بالمرأة. في الطلاق باب: اللّعان (¬3). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: النكاح، باب: ما جاء في الوليمة (2/ 430) (رقم: 49). وأخرحه البخاري في صحيحه كتاب: النكاح، باب: حق إجابة الوليمة الدعوة (6/ 470) (رقم: 5173) من طريق عبد الله بن يوسف. ومسلم في صحيحه كتاب: النكاح، باب: الأمر بإجابة الداعى إلى دعوة (2/ 1052) (رقم: 1429) من طريق يحيى النيسابوري. وأبو داود في السنن كتاب: الأطعمة، باب: ما جاء في إجابة الدعوة (4/ 123) (رقم: 3736) من طريق القعنبي. والنسائي في السنن الكبرى كتاب: الوليمة، باب: إجابة الدعوة (4/ 140) (رقم: 6608) من طريق يحيى القطان. وأحمد في المسند (2/ 20) من طريق يحيى القطان، أربعتهم عن مالك به. (¬2) سيأتي حديثه (3/ 414). (¬3) الموطأ كتاب: الطلاق، باب: ما جاء في اللعان (2/ 445) (رقم: 35). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الطلاق، باب: يلحق الولد بالملاعَنة (6/ 518) (رقم: 5315) من طريق يحيى بن بكير، وفي الفرائض، باب: ميراث الملاعَنة (8/ 319) (رقم: 6748) من طريق يحيى بن قزعة. =

الأصح في رواية يحيى بن يحيى: "وانْتَفَلَ"، باللاَّم، وتابعه طائفةٌ (¬1)، وأكثرُ الرواة يقولون: "وانْتفَى"، وهكذا قال فيه البخاري من طريق ابن بُكير، ويحيى بن قَزَعَة، عن مالك (¬2). والانْتِفَالُ باللاَّم: هو الجُحود (¬3)، وقال ابن قتيبة: "يقال: انتَفَيت وانتَفَلْت. بمعنى" (¬4). ¬

_ = ومسلم في صحيحه كتاب: اللعان (2/ 1132) (رقم: 1494) من طريق قتيبة ويحيى النيسابوري وسعيد بن منصور. وأبو داود في السنن كتاب: الطلاق، باب: في اللعان (693/ 2) (رقم: 2259) من طريق القعنبي. والترمذي في السنن كتاب: الطلاق، باب: ما جاء في اللعان (3/ 508) (رقم: 1203) من طريق قتيبة. والنسائي في السنن كتاب: الطلاق، باب: نفي الولد باللعان وإلحاقه بأمه (6/ 178) من طريق قتيبة. وابن ماجه في السنن كتاب: الطلاق، باب: اللعان (1/ 669) (رقم: 2069) من طريق ابن مهدي. وأحمد في المسند (2/ 38، 7، 64، 71) من طريق ابن مهدي، ويحيى بن زكريا، وأبي سلمة الخزاعي. والدارمي في السنن كتاب: النكاح، باب: في اللعان (2/ 203) (رقم: 2232) من طريق محمَّد بن عبد الله الرقاشي، عشرتهم عن مالك به. (¬1) لم أجد من تابعه. (¬2) سبق تخريجه، وهي رواية القعنبي عند أبي داود، وابن مهدي عند ابن ماجه وأحمد، وأبي سلمة الخزاعي عند أحمد، وكذا رواه أصحاب الموطأ، انظر رواية: ابن القاسم (ل: 32 /أ)، و (ص: 273) (رقم: 232 - تلخيص القابسي-)، وأبي مصعب الزهريّ (623/ 1) (رقم: 1916)، وسويد بن سعيد (ص: 332) (رقم: 733)، ومحمد بن الحسن (ص: 199) (رقم: 587)، ويحيى بن بكير (ل: 148 /أ- نسخة الظاهرية-). وذكر الحافظ أن ابن عبد البر حكى عن بعض الرواة أنه قال: "انتقل" بقاف بدل الفاء ولام آخره، قال الحافظ: "وكأنه تصحيف، وإن كان محفوظا فمعناه قريب من الأول". الفتح (9/ 370). قلت: لم أجد حكاية ابن عبد البر، والذي قاله ابن عبد البر أنّ رواية يحيى الليثي: "انتفَلَ" بفاء ثم لام، والمعنى جحد، والله أعلم. انظر: التمهيد (15/ 13)، والاستذكار (17/ 216). والذي يظهر أنّه تصحَّف اللفظ في نسخة الحافظ ابن حجر، فحكاه كما وجده، والله أعلم. (¬3) انظر: مشارق الأنوار (2/ 21). (¬4) انظر: النهاية (5/ 100).

وقال أبو داود: تفرَّد مالك في هذا الحديث بقوله: "وأَلْحَقَ الولدَ بالمرأة" (¬1). والرجل الملاعِن قيل: هو عُويمِر العجلاني، وقِصَّته مذكورة في مسند سَهل بن سعد (¬2). وقيل: هو هِلال بن أميّة، أحدُ الثلاثةِ الذين تِيبَ عليهم، وفيه نَزلتْ آية اللِّعان، خَرَّج حديثَه مسلم من رواية أنس بن مالك (¬3). وخَرَّجه ابنُ أبي شيبة لابن عباس في مسنده مُطوَّلا مُجَوَّدًا، وفيه ذِكرُ آياتِ القذْف، وتعجُّبِ سَعد بن عبادة، وقولِه، ووَصْفِ غِيرَته. انظره هناك فإنِّي كَرِهتُ الإطالةَ بذِكرِه (¬4). ¬

_ (¬1) السنن (2/ 694)، وكذا قال الدارقطني كما في الفتح (9/ 370). قال ابن عبد البر: "حسبك بمالك حفظا وإتقانًا .. وهذه اللفظة التي زعموا أن مالكًا انفرد بها وهي محفوظة أيضًا من وجوه". ثم ذكر حديثَ يونس عن ابن شهاب عن سهل بن سعد الساعدي وفيه: "ثم خرجت حاملًا فكان الولد لأمه". وحديث الأوزاعي عن ابن شهاب عن سهل وفيه: "فكان الولد يدعى لأمه". أخرجهما أبو داود في السنن (2/ 282، 283) (رقم: 2247، 2249). ثم قال ابن عبد البر: "وحسبك بحديث مالك". التمهيد (15/ 20، 21). قلت: وجاء قوله: "فكان الولد يدعى لأمِّه" من طريق ابن جريج عن الزهريّ عند البخاري في صحيحه كتاب: الطلاق، باب: التلاعن في المسجد (6/ 516) (رقم: 5309). ولعل أبا داود عني أن مالكًا تفرّد بهذه الزيادة من بين سائر أصحاب نافع والله أعلم. (¬2) سيأتي حديثه (3/ 101). (¬3) صحيح مسلم كتاب: اللعان (2/ 1134) (رقم: 1496). (¬4) لم أقف عليه في مسند ابن أبي شيبة لنقصه. وأخرجه بطوله: الإِمام أحمد في المسند (1/ 238)، والطيالسى في المسند (ص: 347)، وأبو يعلى في المسند (3/ 168) (رقم: 2732)، والطبري في التفسير (9/ 272) (رقم: 25828)، والبيهقي في السنن الكبرى (7/ 394). =

160 / حديث: "مَن باعَ نَخلًا قد أُبّرَتْ (¬1) فثَمَرُها للبائعِ إلَّا أن يشترِطَه المُبتاع". في باب: ثَمَر المال يُباع أصلُه (¬2). واحتجَّ به مرسلًا في الأقضية (¬3). ¬

_ = وأخرج بعضه أبو داود في السنن (2/ 688) (رقم: 2256) من طرق عن عباد بن منصور عن عكرمة عن ابن عباس. وسنده ضعيف، عباد بن منصور الناجي ضعيف كما قال الذهبي في الكاشف (2/ 56). وانظر: تهذيب الكمال (14/ 156)، تهذيب التهذيب (5/ 90). وأصل الحديث في صحيح البخاري كتاب: التفسير، باب: {وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ ... } (5/ 299) (رقم: 4747)، لذا قال ابن كثير: "ولهذا الحديث شواهد كثيرة في الصحاح وغيرها من وجوه كثيرة". التفسير (3/ 251). (¬1) التأبير: التلقيح، يقال: أبرت النخلة وأبرتها فهي مأبورة ومؤبّرة، والاسم الإبار. انظر: مشارق الأنوار (1/ 12)، النهاية (1/ 13). (¬2) الموطأ كتاب: البيوع، باب: ما جاء في ثمر المال يباع أصله (2/ 480) (رقم: 9). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: البيوع، باب: من باع نخلا قد أبرت (4913) (رقم: 2204)، وفي الشروط باب: إذا باع نخلا قد أبرت (3/ 238) (رقم: 2716) من طريق عبد الله بن يوسف. ومسلم في صحيحه كتاب: البيوع، باب: من باع نخلا عليها ثمر (3/ 1172) (رقم: 1543) من طريق يحيى النيسابوري. وأبو داود في السنن كتاب: البيوع، باب: في العبد يباع وله مال (3/ 716) (رقم: 3434) من طريق القعنبي. وابن ماجه في السنن كتاب: التجارات، باب: ما جاء فيمن باع نخلا مؤبّرا أو عبد وله مال (2/ 745) رقم: 2210) من طريق هشام بن عمار. وأحمد في السند (2/ 63) من طريق ابن مهدي، خمستهم عن مالك به. (¬3) الموطأ كتاب: الأقضية، باب: القضاء في رهن الثمر والحيوان (2/ 560). وفيه قال مالك: "وفرّق بين الثمر وبين ولد الجارية أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من باع نخلًا ... ".

أكثرُ الرواة يقولون فيه: "إلَّا أن يشترِطَ" بغيرِ هاءٍ، وهكذا قال فيه البخاريُّ من طريق التِّنِّيسي، ومسلمٌ من طريق يحيى النيسابوري عن مالك (¬1)، وأصلحه ابنُ وضاح في الموطأ كذلك (¬2). وتَعلَّقَ بهذا مَن أجازَ اشتراطَ البعض (¬3). وليس في هذا الحديث عند مالك ذكرُ العبد، وذَكَره ابنُ أبي مُليكة عن نافع، حكاه البخاري (¬4)، وهكذا في حديث الزهريّ، عن سالم، عن أبيه، زاد فيه: "ومن باع عَبدًا وله مالٌ فمالُه للبائِعِ إلَّا أن يشترِطَ المُبتاع". خُرِّج في الصحيحين، وخَرَّجه أبو داود (¬5). ¬

_ (¬1) سبق تخريجه، وتابعهم من سبق ذكرهم، ويزاد: سويد بن سعيد (ص: 234) (رقم: 485). (¬2) وهو في المطبوع كما غيّره ابن وضاح، أي بغير هاء، وكذا جاءت من غير هاء في نسخة المحمودية (ب) (ل: 196 /ب)، ونسخة شستربتي (ل: 107 /أ). وثبتت الهاء في نسخة المحمودية (أ) (ل: 106/ أ)، وهي من رواية عبيد الله عن أبيه يحيى. وتابع يحيى الليثي (بذكر الهاء): أبو مصعب الزهريّ (312/ 2) (رقم: 2495)، وابن القاسم (ل: 8 /ب)، و (ص: 275) (رقم: 234 - تلخيص القابسي-)، ويحيى بن بكير (ل: 89 /ب -نسخة الظاهرية-). (¬3) أي في سقوط الهاء دليل على جواز اشتراط بعض الثمرة، كأن يشترط النصف أو أي جزء منها. وهذا قول أشهب من المالكية، وجمهور الفقهاء ممن يقول بالاشتراط بعد التأبير. وخالف ابن القاسم من المالكية وقال: "لا يجوز اشتراط الجزء، وإنما له أن يشترط جميعها أو لا يشترط شيئًا منها". والراجح قول الجمهور؛ لأنُّ ما جاز اشتراط جميعه جاز اشتراط بعضه. انظر: التمهيد (13/ 286)، المنتقى (4/ 216)، بداية المجتهد (2/ 227)، المغني (6/ 132)، الفتح (4/ 470). (¬4) صحيح البخاري (4913) (رقم: 2203) موقوفًا على نافع. وابن أبي مليكة اسمه عبد الله بن عبيد الله. (¬5) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: المساقاة، باب: الرجل يكون له ممرّ أو شِرب حائط أو نخل (3/ 114) (رقم: 2379)، ومسلم في صحيحه (3/ 1173) (رقم: 1543)، وأبو داود في السنن (3/ 713) (رقم: 3433).

وخَرَّج أيضًا من طريق القعنبي، عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعًا قِصةَ النخل خاصَّة، وعن نافع، عن ابن عمر، عن أبي عمر قِصةَ العَبد مِن قولِه غير مرفوعٍ. ثم قال: "اختَلَف الزهريّ ونافع في أربعةِ أحاديثَ هذا أحدُها" (¬1). 161 / حديث: "نَهَى عن بَيع الثِّمار حتى يَبْدُوَ صلاحُها". في البيوع (¬2)، واحتجَّ به مرسلًا في المساقاة (¬3). وانظره لأنس (¬4). ¬

_ (¬1) كذا في الأصل: "اختلف الزهريّ ونافع"، وكذا هو في سنن أبي داود (3/ 716)، والصحيح أنَّ الاختلاف بين سالم ونافع، ووجهه أن نافعًا فصّل فرفع حديث التأبير ووقف حديث بيع العبد، وأما سالم فرفع الكلَّ ولم يفصِّل، واختلف العلماء في الترجيح بينهما. فجزم أحمد، ومسلم، والنسائي، والدارقطني بترجيح رواية نافع المفصلة على رواية سالم. وجزم البخاري، وابن المديني، وابن عبد البر، والنووي، بترحيح رواية سالم. انظر: العلل الكبير للترمذي (1/ 498) التتبع (ص: 435)، العلل (4 / ل: 98 / أ)، التمهيد (13/ 282 - 286)، شرح النووي على صحيح مسلم (191/ 10)، شرح علل الترمذي (2/ 665)، هدي الساري (ص: 379)، فتح الباري (4/ 469). (¬2) الموطأ كتاب: البيوع، باب: النهي عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها (2/ 481) (رقم: 10). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: البيوع، باب: بيع الثمار قبل أن يبدو صلاحها (3/ 47) (رقم: 2194) من طريق عبد الله بن يوسف. ومسلم في صحيحه كتاب: البيوع، باب: النهي عن بيع الثمار قبل بدو صلاحها بغير شرط القطع (3/ 1165) (رقم: 1534) من طريق يحيى النيسابوري. وأبو داود في السنن كتاب: البيوع، باب: في بيع الثمار قبل أن يبدو صلاحها (3/ 663) (رقم: 3376) من طريق القعنبي. وأحمد في المسند (2/ 7، 62) من طريق ابن مهدي. والدارمي في السنن كتاب: البيوع، باب: النهي عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها (2/ 327) (رقم: 2555) من طريق خالد بن مخلد، خمستهم عن مالك به. (¬3) الموطأ كتاب: المساقاة، باب: ما جاء في المساقاة (2/ 542). (¬4) تقدّم حديثه (2/ 58).

162 / حديث: "نَهَى عن المزابَنَة ... ". وذكَر التفسيرَ (¬1). زاد فيه ابن بكير ذِكرَ المُحاقَلة (¬2)، وتابعه علي بن الحسن المعروفُ بكُرَاع (¬3). والمحفوظ عن مالك بهذا الإسنادِ النهي عن المُزابنةِ دونَ المُحاقلَةِ. قاله الدراقطني (¬4). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: البيوع، باب: ما جاء في المزابنة والمحاقلة (2/ 486) (رقم: 23). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: البيوع، باب: بيع الزبيب بالزبيب والطعام بالطعام (3/ 41) (رقم: 2171) من طريق إسماعيل بن أبي أويس، وفي باب: بيع المزابنة (3/ 44) (رقم: 2185) من طريق عبد الله بن يوسف. ومسلم في صحيحه كتاب: البيوع، باب: تحريم بيع الرطب بالتمر إلا العرايا (3/ 1171) (رقم: 1542) من طريق يحيى النيسابوري. والنسائي في السنن كتاب: البيوع، باب: بيع التمر بالزبيب (7/ 266) من طريق قتيبة. وأحمد في المسند (2/ 7، 63) من طريق ابن مهدي، خمستهم عن مالك به. (¬2) الموطأ (ل: 91/ ب -نسخة الظاهرية-). (¬3) البزاز التميمي الرازي. قال أبو حاتم: "شيخ". وقال أبو زرعة: "لم يكن به بأس". انظر: الجرح والتعديل (6/ 180)، المقدمة ذات النقاب في الألقاب للذهبي (ص: 94). ولم أقف على روايته. (¬4) لم أقف على قوله. وقد خولف ابن بكير ومن تابعه، خالفه أصحاب مالك فلم يذكروا المحاقلة كما تقدّم في التخريج، وانظر الموطأ برواية: أبي مصعب الزهريّ (2/ 232) (رقم: 2518)، وابن القاسم (ل: 9 / أ)، و (ص: 276) (رقم: 236 - تلخيص القابسي-)، وسويد بن سعيد (ص: 240) (رقم: 500)، ومحمد بن الحسن (ص: 275) (رقم: 779). وقد جاء ذكر المحاقلة في حديث ابن عمر من طريق عبيد الله بن عمر عن نافع عنه، أخرجه ابن حبّان في صحيحه (الإحسان) (11/ 371) (رقم: 4996): أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا زكريا بن يحيى قال: حدثنا هُشيم عن عبيد الله به. =

والتَّفسيرُ في الموطأ مُدرجٌ في الحديث، وظاهرُه الوَقفُ، وقال اللَّيث، عن نافع، عن ابن عمر: "نَهَى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عن المزابنة: أن يبيعَ الرَّجلُ ثَمَرَ حائطِه إن كان نخلًا بتَمْرٍ كَيلًا ... "، وذَكَرَ الزرعَ والكَرَمَ، وقال في آخِرِه: "نَهَى عن ذلك كلِّه". خُرّج في الصحيحين (¬1). وفي حديث بُشير بن يَسار، عن سَهل بن أبي حَثْمَةَ وغيرِه: "أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عن بَيعِ الثَمَر بالتَمْر وقال: ذلك الرِّبا، تِلك المُزابنَة". وهذا أيضًا في الصحيح (¬2). ¬

_ = وسنده ضعيف، هُشيم مدلس، قال عنه الحافظ: "مشهور بالتدليس مع ثقته". طبقات المدلسين (ص: 47). ولو صح الإسناد لكان شاذًّا لمخالفة جمع من الرواة عن عبيد الله هُشيمًا، منهم: - حماد بن أسامة، ومحمد بن بشر العبدي، وزكريا بن أبي زائدة، عند مسلم في صحيحه (3/ 1171) (رقم: 1542). - ويحيى القطان، عند أحمد في المسند (2/ 16)، فرووه عن عبيد الله ولم يذكروا المحافلة. والصحيح أنَّ ذكر الحاقلة في حديث ابن عمر خطأ، والله أعلم. (¬1) صحيح البخاري كتاب: البيوع، باب: بيع الزرع بالطعام كيلا (3/ 49) (رقم: 2205). وصحيح مسلم (3/ 1172) (رقم: 1542). وظاهره أنَّ التفسيرَ مرفوع. قال ابن عبد البر: "ولا خلاف كان العلماء أنَّ المزابنة ما ذكر في هذه الأحاديث تفسيره عن ابن عمر من قوله أو مرفوعًا، وأقل ذلك أن يكون من قوله، وهو راوي الحديث فيسلّم له فكيف ولا مخالف له". التمهيد (13/ 309). (¬2) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: المساقاة، باب: الرجل يكون له عمر أو شِرب في حائط أو نخل (3/ 115) (رقم: 2383)، ومسلم في صحيحه (3/ 1170) (رقم: 1540). وفيه دليلٌ أنَّ التفسيرَ مرفوع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -. والثَمَر بثاء منقوطة بثلاث مع تحريك الميم، وهو ما في رؤوس النخل رطبًا، فإذا جذّ ويبس قيل له تَمْرا بالتاء المنقوطة باثنتين مع تسكين الميم. انظر: التمهيد (13/ 310).

163 / حديث: "مَن ابْتاعَ طعامًا فلا يَبِعْه حتى يَسْتَوْفِيَه". في باب: العِينَة (¬1). ليس في هذا الحديث ذِكرُ الكَيلِ ولا الجُزَافِ، وروى القاسمُ بنُ محمّد، عن ابن عمر: "أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - نَهَى أن يَبيعَ أحدٌ طعامًا اشتَراه بكَيْلٍ حتى يَسْتَوْفيه". خَرَّجه النسائي (¬2). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: البيوع، باب: العينة وما يشبهها (2/ 497) (رقم: 40). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: البيوع، باب: الكيل على البائع والمعطي (3/ 30) (رقم: 2126) من طريق عبد الله بن يوسف، وفي باب: بيع الطعام قبل أن يقبض (3/ 32) (رقم: 2136) من طريق القعنبي. وقال البخاري: زاد إسماعيل: "من ابتاع طعاما فلا يبيعه حتى يقبضه". ومسلم في صحيحه كتاب: البيوع، باب: بطلان بيع المبيع قبل القبض (3/ 1160) (رقم: 1526) من طريق القعنبي ويحيى النبسابوري. وأبو داود في السنن كتاب: البيوع، باب: في بيع الطعام قبل أن يستوفى (3/ 760) (رقم: 3492) من طريق القعنبي. والنسائي في السنن كتاب: البيوع، باب: بيع الطعام قبل أن يستوفى (7/ 285) من طريق ابن القاسم. وابن ماجه في السنن كتاب: التجارات، باب: النهي عن بيع الطعام ما لم يقبض (2/ 749) (رقم: 2226) من طريق سويد بن سعيد. وأحمد في المسند (1/ 56)، (2/ 63) من طريق إسحاق الطباع، وابن مهدي. والدارمي في السنن كتاب. البيوع، باب: النهي عن بيع الطعام قبل القبض (2/ 329) (رقم: 2559) من طريق خالد بن مخلد، تسعتهم عن مالك به. (¬2) أخرجه النسائي في السنن كتاب: البيوع، باب: النهي عن بيع ما اشترى من الطعام بكيل حتى يستوفى (7/ 286). وأبو داود في السنن (3/ 763) (رقم: 3495)، والطحاوي في شرح المعاني (4/ 38)، والبيهقي في السنن الكبرى (5/ 314)، والطبراني في المعجم الكبير (12/ 275) (رقم: 13098)، والمزي في تهذيب الكمال (28/ 507) من طريق المنذر بن عبيد عن القاسم به. وسنده ضعيف، المنذر بن عبيد المدني ذكره ابن حبان في الثقات (7/ 480). =

وخَرَّج مسلم من طريق ابنِ عباس وأبي هريرة مرفوعًا: "من ابْتاع طعامًا فلا يَبِعْه حتى يكتَالَه" (¬1). وانظر الجزاف في الحديث الذي بَعدَه (¬2). حديث: "كنا في زَمَن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - نَبتاع الطعامَ فيبعَث علينَا من يَأمرنا بانتِقَالِه ... ". في الباب (¬3). ¬

_ = وقال ابن القطان: "لا تُعرف حاله"، وقال الحافظ: "مقبول". انظر: بيان الوهم والإيهام (48514)، تهذيب الكمال (28/ 506)، تهذيب التهذيب (10/ 268)، التقريب (رقم: 6889). وقد توبع المنذر بن عبيد، تابعه أبو الأسود محمَّد بن عبد الرحمن بن نوفل، عند أحمد في المسند (2/ 111)، والطبراني في المعجم الكبير (12/ 275) (رقم: 13097)، والأوسط (9/ 11) (رقم: 8970) من طريق ابن لهيعة عن أبي الأسود به. وسنده ضعيفٌ؛ لضعف ابن لهيعة. انظر: تهذيب الكمال (15/ 487)، تهذيب التهذيب (5/ 327). ويشهد للحديث حديث ابن عباس وأبي هريرة الآتيين. (¬1) صحيح مسلم (3/ 1160) (رقم: 1525) من حديث ابن عباس، و (3/ 1162) (رقم: 1528) من حديث أبي هريرة. (¬2) وسيأتي فيه التعليق على قول المالكية: إن ما كان جُزافًا يجوز فيه البيع قبل القبض بخلاف المكيل الوارد في الأحاديث المتقدّمة. (¬3) الموطأ كتاب: البيوع، باب: العينة وما يشبهها (2/ 497) (رقم: 42). وأخرجه مسلم في صحيحه كتاب: البيوع، باب: بطلان المبيع قبل القبض (3/ 1160) (رقم: 1528) من طريق يحيى النيسابوري. وأبو داود في السنن كتاب: البيوع، باب: بيع الطعام قبل أن يستوفى (3/ 760) (رقم: 3493) من طريق القعنبي. والنسائي في السنن كتاب: البيوع، باب: بيع ما يشترى من الطعام جزافا قبل أن ينقل من مكانه (7/ 287) من طريق ابن القاسم. وأحمد في المسند (1/ 56) من طريق إسحاق الطباع، أربعتهم عن مالك به.

قَرَأَه ابن وضاح. "فيَبعَث"، بفتح الياء، وبذلك يَنْسند (¬1). خَرَّجه مسلم من طريقِ مالكٍ (¬2)، وللبخاري معناه (¬3). وخَرَّج مسلم من طريق عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر قال: "كنا نشتري الطعامَ مِن الرُّكبان جُزافًا فنهانا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أن نَبيعه حتى نَنقلَه مِن مكانه" (¬4). وعن سالم، عن أبيه: "أنهم كانوا يُضرَبون على عَهد رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - إذا اشتروا طعامًا جُزافًا أن يبيعوه في مكانِه حتى يُحَوِّلوه" (¬5). ¬

_ (¬1) وفي نسخة المحمودية (أ) (ل: 110/ ب): "فيُبعث"، ضُبطت بضم الياء، وهي من رواية عبيد الله عن يحيى، وسيأتي فيما يذكره المصنف أنَّ الذي نهى عنه هو النبي - صلى الله عليه وسلم -. (¬2) سبق تخريجه. (¬3) صحيح البخاري كتاب: البيوع، باب: ما ذكر في الأسواق (3/ 29) (رقم: 2123) من طريق موسى عن نافع عن ابن عمر: "أنهم كانوا يشترون الطعام من الركبان على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - فيبعث عليهم من يمنعهم أن يبيعوه حيث اشتروه حتى ينقلوه حيث يباع الطعام". (¬4) صحيح مسلم (3/ 1161) (رقم: 1526). (¬5) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: البيوع، باب: من رأى إذا اشترى طعاما جزافا أن لا يبيعه حتى يؤويه إلى رحله (3313) (رقم: 2137)، ومسلم في صحيحه (3/ 1161) (رقم: 1527). ومراد المصنِّف من إيراد الحديثين -وفيهما ذكر الجزاف- الرد على المشهور من مذهب مالك القائل بالتفريق بين الجزاف والمكيل، وأن ما كان مكيلا وجب فيه القبض والنقل، بخلاف الجزاف يجوز بيعه قبل القبض والنقل. وخالف الجمهورُ قولَ مالك ولم يفرّقوا بين الجزاف وغيره في القبض والنقل عملًا بالأحاديث العامة في ذلك. انظر: المدونة (3/ 166)، التمهيد (13/ 326 - 342)، المنتقى (4/ 283)، بداية المجتهد (2/ 174)، المغني (6/ 201)، المجموع شرح التهذيب (9/ 264)، شرح فتح القدير (6/ 511)، الفتح (4/ 411).

165 / حديث: "نَهَى عن بَيع حَبَل الحَبَلَة". في باب: بيع الحيوان (¬1). والتَّفسيرُ مُدرجٌ في الحديث، وهو لابن عمر، بَيَّنَه عُبيد الله، عن نافع، عنه، قال: "كان أهلُ الجاهليةِ ... "، وساقه، خُرِّج في الصحيح (¬2). وحَبَلُ الحَبَلة: بفتح الحاء والباء فيهما، ذكره الدارقطني (¬3). حديث: "المُتبايِعان كلُّ واحدٍ منهما بالخِيار على صاحبِه ما لم يَتَفَرَّقا إلَّا بَيعَ الخيار". في باب: بيع الخيار (¬4). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: البيوع، باب: ما لا يجوز من بيع الحيوان (2/ 506) (رقم: 62). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: البيوع، باب: بيع الغرر وحبل الحبلة (3/ 35) (رقم: 2143) من طريق عبد الله بن يوسف. وأبو داود في السنن كتاب: البيوع، باب: في بيع الغرر (3/ 675) (رقم: 3380) من طريق القعنبي. والنسائي في السنن كتاب: البيوع، باب: تفسير ذلك (أي حبل الحبلة) (7/ 293) من طريق ابن القاسم. وأحمد في المسند (2/ 63) من طريق ابن مهدي، أربعتهم عن مالك به. (¬2) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: مناقب الأنصار، باب: أيام الجاهلية (4/ 613) (رقم: 3843)، ومسلم في صحيحه كتاب: البيوع، باب: تحريم بيع حبل الحبلة (3/ 1154) (رقم: 1514) وفيه: قال ابن عمر: "كان أهل الجاهلية يتبايعون لحوم الجَزور إلى حَبَل الحَبَلة، قال: وحَبَل الحَبَلة أن تُنتج الناقة ما في بطنها, ثم تحمل التي نُتجت. فنهاهم النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك". وانظر: التمهيد (13/ 313)، الفتح (4/ 419). (¬3) لم أقف على كلامه، ولعله في كتاب التصحيف له. وانظر: تصحيفات المحدّثين (1/ 262)، مشارق الأنوار (1/ 175). (¬4) الموطأ كتاب: البيوع، باب: بيع الخيار (2/ 518) (رقم: 79). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: البيوع، باب: البيّعان بالخيار ما لم يتفرّقا (3/ 25) (رقم: 2111) من طريق عبد الله بن يوسف. =

وقال فيه الليث، عن نافع: "ما لَم يَتفرقا وكانا جميعًا، أو يُخَيِّر أحدُهما الآخَرَ، فإن خيَّرَ أحدُهما الآخَرَ فتبايعَا على ذلك فقد وَجَبَ البَيعُ، وإن تَفَرَّقَا بعد أنْ تبايعَا ولَم يَتركْ واحدٌ منهما البيعَ فقد وَجَبَ البَيعُ". وهذا في الصحيحين (¬1). وزاد البخاريّ من طريق يحيى بن سعيد، عن نافع قال: "كان ابنُ عمر إذا اشتَرى شيئًا يعجبُه فارَقَ صاحِبَه" (¬2). قال البخاريّ: وقال الليث: حدَّثني عبد الرحمن بنُ خالد، عن ابن شهاب, عن سالم، عن أبيه قال: "بِعتُ مِن عثمانَ مالًا بالوادي بِمالٍ له بخَيْبَر فلما تَبايَعنَا رَجعتُ على عَقِبِي حتى خَرجتُ من بَيته خَشْيَةَ أنْ يُرادّنِي البَيعَ" (¬3). ¬

_ = ومسلم في صحيحه كتاب: البيوع، باب: ثبوت خيار المجلس للمتبايعين (3/ 1163) (رقم: 1531) من طريق يحيى النيسابوري. وأبو داود في السنن كتاب: البيوع، باب: في خيار المتبايعين (3/ 733) (رقم: 3454) من طريق القعنبي. والنسائي في السنن كتاب: البيوع، باب: ذكر الاختلاف على نافع في لفظ حديثه (7/ 248)، وفي السنن الكبرى كتاب: البيوع، باب: وجوب الخيار للمتبايعين قبل افتراقهما (4/ 7) (رقم: 6056) من طريق ابن القاسم. وأحمد في المسند (1/ 56) من طريق إسحاق الطباع، خمستهم عن مالك به. (¬1) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: البيوع، باب: إذا خيّر صاحبه بعد البيع فقد وجب البيع (3/ 25) (رقم: 2112)، ومسلم في صحيحه (3/ 1163) (رقم: 1531). ورواية الليث مفسرة لقوله: "إلا بيع الخيار"، وهو استثناء من امتداد الخيار إلى التفرق، والمراد أنهما إن اختارا إمضاء البيع قبل التفرق لزم البيع حينئذ وبطل اعتبار التفرق، فالتقدير: إلا البيع الذي جرى فيه التخاير. انظرة الفتح (4/ 390). (¬2) صحيح البخاري باب: كم يجوز الخيار (3/ 24) (رقم: 2107). وعند مسلم في صحيحه (3/ 1163) (رقم: 1531) من طريق ابن جريج عن نافع قال: "فكان إذا بايع رجلًا فأراد أن لا يقيله قام فمشى هنيّة ثم رجع إليه". (¬3) صحيح البخاري باب: إذا اشترى شيئًا فوهب من ساعته قبل أن يتفرّقا ... (3/ 26) (رقم: 2116) تعليقًا. =

وخَرَّج أبو داود عن عبد الله بن عمرو بن العاصي أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "المتبايعان بالخيار ما لَم يَتفرَّقَا إلَّا أن يكون صَفقةَ خِيارٍ ولا يَحِلُّ له أن يفارِقَ صاحِبَه خشيةَ أن يَسْتقِيلَه" (¬1). ¬

_ = قال الحافظ ابن حجر: "وصله الإسماعيلي من طريق ابن زنجويه والرمادي وغيرهما، وأبو نعيم من طريق يعقوب بن سفيان كلهم عن أبي صالح كاتب الليث عن الليث به". الفتح (4/ 394). قلت: ووصله أيضًا البيهقي في السنن الكبرى (5/ 271). وأبو صالح كاتب الليث اسمه عبد الله بن صالح، قال ابن حجر: "صدوق كثير الغلط ثبت في كتابه وكانت فيه غفلة". وقال الذهبي: "مكثر، صاع الحديث له مناكير". انظر: التقريب (رقم: 3388)، المغني (1/ 342) وتوبع أبو صالح لكن على إسناد آخر بمثله. قال البيهقي: "ورواه أبو صالح أيضًا ويحيى بن بكير عن الليث عن يونس عن ابن شهاب بمثله". السنن الكبرى (5/ 271). قلت: أخرجه الطحاوي في شرح المعاني (4/ 363) من طريق أبي صالح، والدارقطني في السنن (3/ 6) (رقم: 16) من طريق ابن بكير، كلاهما عن الليث، عن يونس، عن ابن شهاب به. ومراد المصنف من إيراد الأثرين بيان أنُّ التفرق إنما هو بالأبدان لا بالأقوال، وسيأتي أيضًا في الأحاديث الآتية ما يؤيّد ذلك. وأما فعل ابن عمر فهو مخالف لما يأتي في حديث عبد الله بن عمرو بن العاصي من النهي عن التفرق خشية الاستقالة، ويُحمل فعل ابن عمر أنه لم يبلغه النهي، والصحابي قد يخفى عليه حكم من أحكام الشريعة. انظر: التلخيص الحبير (3/ 23). (¬1) سنن أبي داود (3/ 736) (رقم: 3456). وأخرجه الترمذي في السنن كتاب: البيوع، باب: ما جاء في البيعين بالخيار ما لم يتفرّقا (3/ 550) (رقم: 1247)، والنسائي في السنن كتاب: البيوع، باب: وجوب الخيار للمتبايعين قبل افتراقهما بأبدانهما (7/ 251)، وأحمد في المسند (2/ 183)، وابن الجارود في المنتقى (2/ 196) (رقم: 620)، والدارقطني في السنن (3/ 50) (رقم: 207)، والبيهقي في السنن الكبرى (5/ 271) من طرق عن عمرو بن شعيب عن أبي عن جده. وقال الترمذي: "حسن". =

وجاء عن أبي بَرْزَة (¬1) أنَّه اسْتُفتِي في رجلين تبايعَا فَرَسًا بغلامٍ وهما في سَفَرٍ، فأقامَا بقيَّةَ يومِهما وليلتَهما في موضعِهما، ثمَّ ندِمَ بائعُ الفرَسِ فأراد أَخذَه من الغَد، واختَصَمَا إلى أبي بَرْزَةَ (¬2) فقال: "قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "البَيِّعان بالخِيار ما لم يَتَفَرَّقَا". وما أَرَاكُما افْتَرقتُما". قال الشيخ: اخْتصرتُ القِصَّةَ على المعنى (¬3). ¬

_ = وهو كما قال، ورواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه من قبيل الحسن. انظر: تهذيب الكمال (22/ 64 - 75)، تهذيب التهذيب (8/ 43 - 48)، المغني (2/ 484)، الميزان (4/ 183 - 118)، السير (5/ 165 - 180). والحديث حسّنه الشيخ الألباني في الإرواء (5/ 155). وقال الترمذي عقبه: "ومعنى هذا أن يفارقه بعد البيع خشية أن يستقيله، ولو كانت الفرقة بالكلام، ولم يكن له خيار بعد البيع، لم يكن هذا الحديث معنى حيث قال - صلى الله عليه وسلم -: "ولا يحل له أن يفارقه خشية أن يستقيله". (¬1) في الأصل: "بررة" برائين، والصواب المثبت، واسمه: نضلة بن عبيد الأسلمي. (¬2) في الأصل: "ابن بررة"، والصواب المثبت. (¬3) أخرجه أبو داود في السنن (3/ 736) (رقم: 3457). وابن ماجه في السنن كتاب: التجارات، باب: البيّعان بالخيار ما لم يتفرّقا (2/ 736) (رقم: 2182) مختصرًا، وأحمد في المسند (4/ 425)، والطيالسى في المسند (ص: 922)، وابن الجارود في المنتقى (2/ 195) (رقم: 619)، وبحشل في تاريخ واسط (ص: 53)، والدارقطني في السنن (3/ 6/ 14، 15) والطحاوي في شرح المعاني (4/ 13)، والبيهقي في السنن الكبرى (5/ 270)، وفي معرفة السنن (4/ 276) (رقم: 3319)، والعسكري في تصحيفات المحدّثين (2/ 589)، والخطيب في تاريخ بغداد (13/ 87) من طرق عن جميل بن مرة، عن أبي الوضئ، واسمه عَبَّاد بن نُسيب، عن أبي برزة به. قال المنذري: "رجال إسناده ثقات". مختصر السنن (5/ 96). قلت: فالإسناد صحيح. تنبيه: وقع في سنن الدارقطني: "إني لأراكما افترقتما"، وهذا خطأ ولعله مطبعي.

وخَرَّج النسائي عن سَمرة أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "البَيّعان بالخيار حتى يتفرّقَا ويأخُذَ كلُّ واحدٍ منهما مِن البيع ما هَوِيَ ويتخايرَا ثلاثَ مِرارٍ" (¬1). وخَرَّج الدارقطني في السنن عن جابر: "أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - اشتَرى مِن أَعرابِي حِملَ خَبَطٍ (¬2)، فلمَّا وَجبَ البَيع قال له النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: اخْتَر" (¬3). ¬

_ (¬1) أخرجه النسائي في السنن (7/ 251)، وابن ماجه في السنن (2/ 736) (رقم: 2183)، وأحمد في المسند (5/ 12، 17، 21، 22، 23) والطحاوي في شرح المعاني (4/ 13)، والحاكم في المستدرك (2/ 15)، والطبراني في المعجم الكبير (7) (رقم: 6833 - 6838)، والبيهقي في السنن الكبرى (5/ 271) من طريق الحسن البصري، عن سمرة به. وقال الحاكم: "صحيح على شرط الشيخين"، ووافقه الذهبي. قلت: وفيه الحسن البصري وهو مدلس، ولم يصرّح بالتحديث، واختلف في سماعه من سمرة غير حديث العقيقة، فأثبت سماعه جماعة ونفاه آخرون. قال الذهبي: "اختلف النُقاد في الاحتجاج بنسخة الحسن، عن سمرة، وهي نحو من خمسين حديثًا، فقد ثبت سماعه من سمرة، فذكر أنه سمع منه حديثَ العقيقة .. قال قائل: إنما أعرض أهل الصحيح عن كثير مما يقول فيه الحسن: عن فلان، وإن كان مما قد ثبت لُقيّه فيه لفلان المعيَّن؛ لأن الحسن معروف بالتدليس، ويدلّس عن الضعفاء، فيبقى في النفس من ذلك، فإننا وإن ثبّتنا سماعَه من سمرة يجوز أن يكون لم يسمع فيه غالبَ النسخة التي عن سمرة، والله أعلم". السير (587/ 4 - 588). (¬2) الخَبْط: ضرب الشجر بالعصا ليتناثر ورقها، واسم الورق الساقط خَبَط، فَعَل. بمعنى مفعول، وهو من علف الإبل. النهاية (2/ 7). (¬3) سنن الدارقطني (3/ 21) (رقم: 73، 74) من طريق يحيى بن أيوب، وعبد الله بن وهب. وأخرجه الترمذي في السنن (3/ 551) (رقم: 1249) من طريق عبد الله بن وهب مختصرًا. وابن ماجه في السنن (2/ 736) (رقم: 2184) من طريق ابن وهب. والحاكم في المستدرك (2/ 48، 49)، والبيهقي في السنن الكبرى (5/ 270) من طريق يحيى بن أيوب، وابن وهب، كلاهما عن ابن جريج عن أبي الزبير المكي عن جابر به. وقال الدارقطني: "كلهم ثقات". وقال الترمذي: "حسن غريب"، وفي التحفة (2/ 775): "صحيح غريب".

وخَرَّج الترمذي عن أبي هريرة مرفوعًا: "لا تَتفرَّقَنَّ عن بَيع إلَّا عن تَراضٍ" (¬1). ¬

_ = وقال الحاكم: "صحيح على شرط مسلم"، ووافقه الذهبي. قلت: وقد خولف عبد الله بن وهب ويحيى بن أيوب، خالفهما ابن عيينة، فرواه عن ابن جريج عن طاوس مرسلًا، أخرجه الدارقطني في السنن (3/ 22) (رقم: 75). ورواه ابن عيينة أيضًا عن عبد الله بن طاوس عن أبيه مرسلًا، أخرجه عبد الرزاق في المصنف (8/ 50) (رقم: 14261)، وابن أبي شيبة في المصنف (4/ 490)، والبيهقي في السنن الكبرى (5/ 270). وتابعه: معمر، فرواه عن ابن طاوس عن أبي مرسلًا، أخرجه عبد الرزاق في المصنف (8/ 50) (رقم: 14261)، ومن طريقه البيهقي في السنن الكبرى (5/ 271). والذي يظهر أنَّ الإرسال أصح. ويحيى بن أيوب هو الغافقي المصري، متكلم فيه، وقال ابن حجر: "صدوق ربما أخطأ". انظر: تهذيب الكمال (31/ 233)، تهذيب التهذيب (11/ 163)، التقريب (رقم: 7511). ولعل ابن وهب تبع العبادة في رواية ابن جريج، عن أبي الزبير، عن جابر، والله أعلم. (¬1) سنن الترمذي (3/ 551) (رقم: 1248). وأخرجه أبو داود في السنن (3/ 737) (رقم: 3458)، وأحمد في المسند (2/ 536)، والبيهقي في السنن الكبرى (5/ 271)، وابن جرير الطبري في التفسير (4/ 36) (رقم: 9162) من طرق عن يحيى بن أيوب البجلي عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير عن أبي هريرة به، وفيه قصة. وسنده حسن لكنه معلول كما سيأتي، ويحيى بن أيوب البجلي لا بأس به كما في التقريب (رقم: 7510). وتابعه طلق بن معاوية أبو غياث. أخرجه ابن عدي في الكامل (6/ 152) من طريق محمَّد بن جابر اليمامي عن طلق به. وطلق ثقة كما قال الذهبي في ديوان الضعفاء (ص: 156) خلافًا لقول ابن حجر في التقريب (رقم: 3044): "مقبول". وذكره ابن حبان في الثقات (6/ 491)، وروى له مسلم، وانظر تهذيب الكمال (13/ 459). ومحمد بن جابر اليمامي سيئ الحفظ. الكاشف (3/ 24). =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وخالفه الثوري فرواه عن أبي غياث وهو طلق بن معاوية عن أبي زرعة عن أبي هريرة قوله: أخرجه من طريقه عبد الرزاق في المصنف (8/ 51) (رقم: 14267) وابن أبي شيبة في المصنف (4/ 490) (رقم: 22419). وأخرجه الدارقطني في العلل (11/ 211) عن الثوري عن مالك بن مغول عن أبي زرعة عن أبي هريرة موقوفًا. وقال: "والموقوف أشبه بالصواب". العلل (11/ 210). تنبيه: وقع في المصنفين "عن أبي عتاب" بدل "أبي غياث"، وقال محقق مصنف عبد الرزاق حبيب الرحمن الأعظمي: "وهو عندي منصور بن المعتمر". وهذا خطأ، فإنَّ منصور بن المعتمر لم يُذكر في الرواة عن أبي زرعة، وإن كان من تلاميذه الثوري، وأما طلق بن معاوية فيروي عن أبي زرعة ويروي عنه الثوري كما في ترجمته من تهذيب الكمال. والحاصل أنَّ حديث أبي هريرة الصحيح أنه موقوف عليه، لكن له شاهدان مرفوعان: الأول: من حديث أبي سعيد الخدري. أخرجه ابن ماجه في السنن (2/ 736) (رقم: 2185)، وابن حبّان في صحيحه (الإحسان) (11/ 340) (رقم: 4967)، والبيهقي في السنن الكبرى (6/ 17) من طريق الدراوردي عن داود بن صالح التمار عن أبيه عن أبي سعيد به. وقال البوصيري: "إسناد صحيح رجاله ثقات". مصباح الزجاجة (2/ 168). وقال الألباني: (صحيح). الإرواء (5/ 125). والثاني: من حديث عبد الله بن أبي أوفى. أخرجه عبد الرزاق في الصنف (8/ 50) (رقم: 14264) من طريق عبد الله بن محرِّر، عن ثابت أبي الحجاج عنه به. وعبد الله بن محرِّر متروك كما في التقريب (رقم: 3573). والدولابي في الكنى (2/ 112) من طريق أبي روح الربيع بن روح، عن عبد السلام بن سالم بن أبي سلم، عن عبد الله بن سلمان الجعفي، عن عبد الله بن أبي أوفى به. وأبو روح ذكره الذهبي في المقتنى (ص: 242). وعبد السلام، وعبد الله بن سلمان لم أجد لهما ترجمة.

167 / حديث: "لا يَبِع بعضُكم على بَيْع بعض". في آخر البيوع، مختصر (¬1). وزاد فيه القعنبيُّ وطائفة عن مالك ذِكرَ التلَقِّي، وكِلا الروايتين في الصحيح (¬2). وانظر حديث الأعرج عن أبي هريرة (¬3). 168 / حديث: "نَهَى عن النَجْش". في آخر البيوع، مختصر (¬4). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: البيوع، باب: ما ينهى عن المساومة والمبايعة (2/ 526) (رقم: 95). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: البيوع، باب: لا يبيع على بيع أخيه .. (3/ 34) (رقم: 2239) من طريق إسماعيل بن أبي أويس، وفي باب: النهي عن تلقى الركبان وأن بيعه مردود (3/ 40) (رقم: 2165) من طريق عبد الله بن يوسف. ومسلم في صحيحه كتاب: البيوع، باب: تحريم بيع الرجل على بيع أخيه .. (3/ 1154) (رقم: 1412) من طريق يحيى النيسابوري. وأبو داود في السنن كتاب: البيوع، باب: في التلقي (3/ 716) (رقم: 3436) من طريق القعنبي. والنسائي في السنن كتاب: البيوع، باب: بيع الرجل على بيع أخيه (7/ 258) من طريق قتيبة. وابن ماجه في السنن كتاب: التجارات، باب: لا يبيع الرجل على بيع أخيه ولا يسوم على سومه (2/ 733) (رقم: 2171) من طريق سويد بن سعيد. وأحمد في المسند (2/ 7 , 63, 108) من طريق ابن مهدي، والشافعي. والدارمي في السنن كتاب: البيوع، باب: لا يبيع على بيع أخيه (2/ 332) (رقم: 2567) من طريق خالد بن مخلد، تسعتهم عن مالك به. (¬2) رواية القعنبي عند أبي داود، وتابعه عبد الله بن يوسف عند البخاري، وابن مهدي عند أحمد، وخالد بن مخلد عند الدارمى. ومن رواة الموطأ: أبو مصعب الزهريّ (2/ 393) (رقم: 2701). (¬3) سيأتي حديثه (3/ 389). (¬4) الموطأ كتاب: البيوع، باب: ما ينهى عنه من المساومة والمبايعة (2/ 527) (رقم: 97). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: البيوع، باب: النجش (3/ 35) (رقم: 2142) من طريق القعنبي، وفي الحيل، باب: ما يكره من التناجش (8/ 388) (رقم: 6963) من طريق قتيبة. =

وزاد فيه ابنُ عُفير وطائفة: النَهْيَ عن تَلَقِّي السِّلَع، انظره في الزيادات (¬1). والنَجْش ها هنا بالجيم والشين المعجمة (¬2)، ومن الرواةِ مَن صَحَّفَه، ذَكَرَ ذلك مسلم وغيرُه (¬3). ¬

_ = ومسلم في صحيحه كتاب: البيوع، باب: تحريم بيع الرجل على ببع أخيه .. وتحريم النجش (3/ 1156) (رقم: 1516) من طريق يحيى النيسابوري. والنسائي في السنن كتاب: البيوع، باب: النجش (7/ 258) من طريق قتيبة. وابن ماجه في السنن كتاب: التجارات، باب: ما جاء في النهي عن النجش (2/ 734) (رقم: 2173) من طريق مصعب بن عبد الله الزبيري، وأبي حذافة السهمي. وأحمد في المسند (2/ 7، 63، 108, 156) من طريق ابن مهدي، والشافعي، وحماد بن خالد. والدارمي في السنن كتاب: البيوع، باب: لا يبع على بيع أخيه (2/ 332) (رقم: 2567) من طريق خالد بن مخلد، بلفظ: "ولا تناجشوا"، تسعتهم عن مالك به. (¬1) سيأتي حديثه (4/ 407)، وقال هنالك: "حديث نهى عن تلقي السلع حتى يهبط بها الأسواق، عند معن والقعنبي وابن عفير وابن نافع، وزاد بعضهم نهى بن النجش، وعند يحيى بن يحيى وسائر الرواة ذكر النجش خاصة". وقال ابن عبد البر: "هكذا روى هذا الحديث جماعة أصحاب مالك عن مالك، وزاد فيه القعنبي وقال: وأحسبه قال: "وأن تتلقى السِلع حتى يهبط بها إلى الأسواق" ولم يذكر غيره هذه الزيادة". التمهيد (13/ 347). قلت: لم ينفرد القعنبي بهذه الزيادة، بل ذكرها ابن عفير كما قال المصنف، وتابعه عليها: - محمَّد بن الحسن الشيبانيّ (ص: 272) (رقم: 772). - وعبد الرحمن بن مهدي وحماد بن خالد عند أحمد في المسند (2/ 7, 156). (¬2) وهو بفتح النون وسكون الجيم. قال مالك عقب هذا الحديث: "والنَجْش أن تعطيه بسلعته أكثر من ثمنها, وليس لا نفسك اشتراؤها فيقتدي بك غيرك". وانظر: مشارق الأنوار (2/ 5)، النهاية (5/ 21). (¬3) قال مسلم: "وكذلك نحو رواية بعضهم حيث صحّف فقال: "نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن التحير"، أراد النجش". التمييز (ص: 171).

169 / حديث: "ما حَقُّ امْرئٍ مسلمٍ له شيءٌ يوصِي فيه ... ". في الأقضية عند آخره (¬1). 170 / حديث: "مَن أعتَقَ شِرْكًا له في عَبدٍ فكان له مالٌ يَبلغُ ثمنَ العبد قُوِّم عليه ... ". فيه: "وإلا فقد عَتَقَ منه ما عَتَق". في أوَّل العِتق (¬2). واحتجَّ به مرسلًا في أول المُكاتَب (¬3)، وعند آخِره (¬4). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الوصية، باب: الأمر بالوصية (2/ 583) (رقم: 1). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الوصايا، باب: الوصايا (3/ 253) (رقم: 2738) من طريق عبد الله بن يوسف. والنسائي في السنن كتاب: الوصايا، باب: الكراهية في تأخير الوصية (6/ 239) من طريق ابن القاسم. وأحمد في المسند (2/ 113) من طريق إسحاق الطباع، ثلاثتهم عن مالك به. (¬2) الموطأ كتاب: العتق والولاء، باب: من أعتق شركا له في مملوك (2/ 592) (رقم: 1). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: العتق، باب: إذا أعتق عبدا بين اثنين أو أَمَة بين الشركاء (3/ 165) (رقم: 2522) من طريق عبد الله بن يوسف. ومسلم في صحيحه كتاب: العتق (2/ 1139) (رقم: 1501) من طريق يحيى النيسابوري. وأبو داود في السنن كتاب: العتق، باب: فيمن روى أنه لا يستسعى (4/ 256) (رقم: 3940) من طريق القعنبي. والنسائي في السنن الكبرى كتاب: العتق، باب: ذكر العبد يكون بين اثنين فيعتق أحدهما نصيبه (2/ 180) (رقم: 4957) من طريق ابن القاسم. وابن ماجه في السنن كتاب: العتق، باب: من أعتق شركا له في عبد (2/ 488) (رقم: 2528) من طريق عثمان بن عمر. وأحمد في المسند (1/ 56 , 112)، (2/ 156) من طريق إسحاق الطباع، وحماد بن خالد، سبعتهم عن مالك به. (¬3) باب: القضاء في المكاتب (2/ 605). (¬4) باب: ولاء المكاتب إذا عتق (2/ 614).

وقال فيه معن عن مالك: "يبلغُ ثمنَ باقيَ العَبد" (¬1). واختُلِف في قَدر المرفوع منه، فاقتصَرَ بعضُ رواة نافع على الفصل الأوَّل في حُكمِ المُوسِرِ خاصَّة (¬2). ¬

_ (¬1) لم أجده، وهذا مقتضى المفهوم من رواية غيره. (¬2) أي من غير ذكر قوله: "فقد عتق منه ما عتق". أخرجه البخاري في صحيحه (3/ 166) (رقم: 2525) عن موسى بن عقبة عن نافع به، ثم قال: ورواه الليث وابن أبي ذئب وابن إسحاق وجويرية ويحيى بن سعيد وإسماعيل بن أمية عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مختصرًا. قلت: رواية الليث وصلها النسائي في السنن الكبرى (2/ 183) (رقم: 4952)، ومسلم في صحيحه (2/ 1139) (رقم: 1501) ولم يسق لفظه. ورواية ابن أبي ذئب وصلها الطحاوي في شرح المعاني (3/ 106)، وأبو نعيم في المستخرج كما في الفتح (5/ 184)، ومسلم في صحيحه (2/ 1139) (رقم: 1501) ولم يسق لفظه. ورواية ابن إسحاق وصلها الطحاوي في شرح المعاني (3/ 105). ورواية جويرية بن أسماء وصلها البخاري في صحيحه كتاب: الشركة باب: الشركة في الرقيق (3/ 185) (رقم: 2503). ورواية يحيى بن سعيد الأنصاري وصلها النسائي في السنن الكبرى (2/ 184) (رقم: 4958) ومسلم في صحيحه (2/ 1139) (رقم: 1501) ولم يسق لفظه. ورواية إسماعيل بن أمية وصلها عبد الرزاق في المصنف (9/ 151) (رقم: 16714)، ومسلم في صحيحه (2/ 1139) (رقم: 1501) ولم يسق لفظه. ووافقهم أيضًا محمَّد بن عجلان عند النسائي في السنن الكبرى (2/ 182) (رقم: 4951). وأسامة بن زيد عند البيهقي في السنن الكبرى (10/ 275) ومسلم في صحيحه (2/ 1139) (رقم: 1501) ولم يسق لفظه. وخالف هؤلاء الرواة: الإمامُ مالك وعبيد الله بن عمر فروياه عن نافع عن ابن عمر وذكرا فيه قوله: "فقد عتق منه ما عتق". أخرج رواية عبيد الله: البخاري في صحيحه (3/ 165) (رقم: 2523). وتابعهما: جرير بن حازم عند البخاري في صحيحه كتاب: العتق باب: كراهية التطاول على الرقيق (3/ 174) (رقم: 2553). =

وقال أيوب: "كان نافعٌ ربَّما قال: "فقد عَتَق منه مما عَتَق"، وربَّما لَم يَقلْه، فلا أدري هو في الحديثِ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أو شيءٌ قاله نافع" (¬1). وليس هذا في حديث سالم, عن أبيه (¬2). ورُوي هذا الحديثُ عن أبي هريرة وفيه ذِكرُ الاستسعاءِ، مُختلَفٌ في رفعِه أيضًا، انظره في الصحيحين، وفي التمييز لمسلمٍ (¬3)، ولأبي داود في السنن والتفرد، وللدارقطني في السنن والاستدراكات (¬4). ¬

_ = ورواه الدارقطني في السنن (4/ 123) (رقم: 7) من طريق يحيى بن أيوب عن عبيد الله بن عمر وإسماعيل بن أمية ويحيى بن سعيد عن نافع به وفيه: "وإلا عتق منه ما عتق". فلعل يحيى بن أيوب وهو الغافقي حمل رواية عبيد الله على رواية غيره ولم يميّز بينها، وقد كان في حفظه شيء، وتقدّم (2/ 421). (¬1) أخرجه البخاري في صحيحه (3/ 166) (رقم: 2524). ورجّح العلماء رواية مالك ومن تابعه؛ لأنها زيادةٌ مِن أوثق الناس في نافع. قال الشافعي: "لا أحسب عالمًا بالحديث ورواته يشك في أنَّ مالكًا أحفظُ لحديث نافع من أيوب؛ لأنه كان ألزمَ من أيوب، ولمالك فضلُ حفظه لحديث أصحابه خاصة، ولو استويا في الحفظ فشك أحدُهما في شيء لم يشك فيه صاحبه لم يكن في هذا موضعٌ لأنْ يغلط به الذي لم يشك، إنَّما يغلط الرجل بخلاف من هو أحفظ منه، أو يأتي بشيء في الحديث يشركه فيه من لم يحفظ منه ما حفظ منه وهم عدد وهو متفرد، وقد وافق مالكًا في زيادة "وإلا فقد عتق منه ما عتق" يعني غيره من أصحاب نافع". معرفة السنن (7/ 492). وفي هذا اللفظ حكم المعتِق المعسر الذي لا مالَ له، وظاهره يقتضي نفي الاستسعاء المذكور في حديث أبي هريرة الآتي، وسيأتي الكلام عليه. (¬2) حديث سالم أخرجه البخاري في صحيحه (3/ 165) (رقم: 2521). وهذا لا ينافي رواية نافع؛ لأنَّ المثبتَ مقدَّمٌ على الساكت. (¬3) لم أجده في القسم المطبوع منه. (¬4) تفصيل الكلام على حديث أبي هريرة: الحديث مداره على قتادة بن دعامة السدوسي: رواه عنه جمع من الرواة واختلفوا عليه، فذكر بعضهم استسعاء العبد مرفوعًا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، وذكره. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = آخرون مفصولًا عن الحديث موقوفًا على قتادة. أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: العتق، باب: إذا أعتق نصيبا في عبد وليس له مال استسعي العبد غير مشقوق عليه على نحو الكتابة (3/ 166) (رقم: 2527)، ومسلم في صحيحه كتاب: العتق، باب: ذكر سعاية العبد (2/ 1140) (رقم: 1503) من طريق سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن النضر بن أنس، عن بشر بن نهيك، عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من أعتق شِقصا له في عبد، فخلاصه من ماله إن كان له مال، فإن لم يكن له مال استسعي العبد غير مشقوق عليه". وقال البخاري عقبه: "تابعه حجاج بن حجاج وأبان وموسى بن خلف عن قتادة". قال ابن حجر: "وأما رواية حجاج فهو في نسخة: حجاج بن حجاج عن قتادة من رواية أحمد بن حفص أحد شيوخ البخاري عن أبيه عن إبراهيم بن طهمان عن حجاج، وفيها ذكر السعاية". الفتح (5/ 187). قلت: ورواية أبان بن يزيد العطار أخرجها أبو داود في السنن كتاب: العتق، باب: من ذكر السعاية في هذا الحديث (4/ 254) (رقم: 3937)، والنسائي في السنن الكبرى كتاب: العتق، باب: ذكر اختلاف الناقلين خبر أبي هريرة .. (3/ 185) (رقم: 5965)، والطحاوي في شرح المعاني (3/ 107)، والخطيب البغدادي في الفصل للوصل (1/ 353). - ورواية موسى بن خلف وصلها الخطيب البغدادي في الفصل للوصل (1/ 355). وتابعهم: - جرير بن حازم عند الدارقطني في السنن (4/ 127) (رقم: 11)، والخطيب البغدادي في الفصل للوصل (1/ 353)، والبخاري في صحيحه (3/ 166) (رقم: 2526) ولم يسق لفظَه بتمامه. - وحجاج بن أرطاة، ويحيى بن صبيح عند الطحاوي في شرح المعاني (3/ 107). وخالف هؤلاء الرواة في ذكر الاستسعاء: - شعبة بن الححاج عند مسلم في صحيحه (2/ 1140) (رقم: 1502). - وهشام الدستوائي عند أبي داود في السنن (4/ 253) (رقم: 3936)، والنسائي في السنن الكبرى (3/ 186) (رقم: 4967، 4968)، والدارقطني في السنن (4/ 136) (رقم: 9)، والبيهقي في السنن الكبرى (10/ 276)، والخطيب في الفصل للوصل (1/ 357). - وهمام عند أبي داود في السنن (4/ 252) (رقم: 3934)، والدارقطني في السنن (4/ 127) (رقم: 10)، والحاكم في علوم الحديث (ص: 40)، والبيهقي في السنن الكبرى (10/ 276)، والخطيب في الفصل للوصل (1/ 357). واختلف العلماء في الترجيح بين الروايتين، فمال الإمام البخاري إلى ترجيح رواية الأكثر، قال ابن =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = حجر عند قول البخاري: "تابعه حجاج ... ": "أراد البخاري بهذا الرد على من زعم أن الاستسعاء في هذا الحديث غير محفوظ .. ". الفتح (5/ 187). وأخرج مسلم الحديثين في صحيحه. وجزم ابن حزم بأن الحديث مرفوع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، وما ورد في ذلك من قول قتادة فهو من فتياه ولا منافاة بينهما. انظر: المحلى (8/ 185). وهذا الذي رجّحه ابن دقيق العيد في إحكام الأحكام (4/ 260). وأبى ذلك آخرون وقالوا إن ذكر الاستسعاء فيه من قول قتادة، منهم الإمام الشافعي حيث ضعّف هذه الرواية كما في السنن الكبرى للبيهقي (10/ 281). وضعّفها أيضًا الإمام أحمد كما في المغني (14/ 351) والفتح (5/ 187). وقال الحاكم: "حديث العتق ثابت صحيح، وذكر الاستسعاء فيه من قول قتادة وقد وهم من أدرجه في كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -". علوم الحديث (ص: 40). وكذا الإسماعيلي وابن المنذر والخطابي ذكروا أن الاستسعاء مدرج في الحديث. انظر: معالم السنن (5/ 396 - مع مختصر المنذري-)، السنن الكبرى (10/ 282)، الفتح (5/ 187). وقال أبو بكر النيسابوري: "ما أحسن ما رواه همام وضبطه، وفصل بين قول النبي - صلى الله عليه وسلم - وبين قول قتادة". سنن الدارقطني (4/ 127). وقال الدارقطني: "ورواه ابن أبي عروبة وجرير بن حازم عن قتادة فجعلاَ الاستسعاء من قول النبي - صلى الله عليه وسلم - وأحسبهما وهِما فيه لمخالفة شعبة وهشام وهمام إياهما". السنن (4/ 126). وقال أيضًا: "وأما همام فتابع شعبةَ وهشامًا على متنه وجعل الاستسعاء من قول قتادة وفصل بين كلام النبي - صلى الله عليه وسلم -، ويشبه أن يكون همام قد حفظه". العلل (10/ 317)، وانظر: التتبع (ص: 206). وواففه أبو مسعود الدمشقي في أجوبته على ما أشكل الدارقطني، وقال: "حديث همام حسن، وعندي أنّه لم يقع للبخاري ولا لمسلم أيضًا، ولو وقع لحكما بقوله". الأجوبة (ص: 168). وهذا ما رجّحه أيضًا ابن عبد البر وغيره. انظر: السنن الكبرى للبيهقي (10/ 281 - 284)، التمهيد (14/ 276)، طرح التتريب (6/ 202 - 206). والذي يظهر والله أعلم أن ذكرَ الاستسعاء محفوظٌ من قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لوجوه: 1 - إخراج البخاري ومسلم له مرفوعًا، قال ابن دقيق العيد: "أخرجه الشيخان لا صحيحيهما وحسبك بذلك، فقد قالوا: إنه أعلى درجات الصحيح". إحكام الأحكام (4/ 260). 2 - أنَّ سعيد بن أبي عروبة أعرف بحديث قتادة لكثرة ملازمته. قال ابن معين: "أثبت الناس في قتادة سعيد بن أبي عروبة وهشام الدستوائي وشعبة". الجرح والتعديل (4/ 65). =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وقال أبو داود الطيالسي: "كان سعيد بن أبي عروبة أحفظ أصحاب قتادة". تهذيب الكمال (9/ 11). وقال أبو حاتم: "سعيد بن أبي عروبة قبل أن يختلط ثقة، وكان أعلم الناس بحديث قتادة". الجرح والتعديل (4/ 66). ورواية سعيد هذا الحديث كانت قبل الاختلاط، إذ هي في الصحيح من طريق يزيد بن زريع وسمع منه قبل أن يختلط. 3 - شعبة وهشام وإن كانا أحفظ من سعيد إلا أنهما لم ينفيا الاستسعاء، وغاية ما في روايتهما أنهما لم يذكرا الاستسعاء لا مرفوعًا ولا موقوفًا، وعليه تكون رواية سعيد من باب زيادة الثقة -لو انفرد-، والصحيح أنه لم ينفرد كما في الوجه الرابع. 4 - أنَّ سعيدًا لم ينفرد بذكر الاستسعاء مرفوعًا، بل تابعه من سبق ذكرهم. قال ابن القيم: "وأما الطعن في رواية سعيد عن قتادة ولو لم يخالف فطعن ضعيف؛ لأنَّ سعيدًا عن قتادة حجة بالاتفاق، وهو من أصح الأسانيد المتلقاة بالقبول التي أكْثَرَ منها أصحاب الصحيحين وغيره، فكيف ولم ينفرد سعيد عن قتادة بالاستسعاء، بل قد رواه عن قتادة جرير بن حازم وناهيك به". تهذيب السنن (5/ 398). 5 - أنَّ همامًا هو الذي ميّز بين القدر المرفوع والموقوف، واختُلِف عليه في ذلك. فرواه عنه محمَّد بن كثير وعمرو بن عاصم ولم يذكرا فيه الاستسعاء بوجه، ورواه عنه أبو عبد الرحمن المقرئ -وهو من الثقات- وذكر الاستسعاء من قول قتادة. قاله الدارقطني في العلل (10/ 317). فعلى فرض ثبوت رواية همام بالفصل يكون قول قتادة من باب الفتيا, ويؤيّده ما ذكره البيهقي في السنن الكبرى (10/ 283) من طريق الأوزاعي أن قتادة كان يفتي بذلك. 6 - قال ابن حجر تعليقًا على إخراج البخاري حديث سعيد بن أبي عروبة بذكر الاستسعاء: "وكان البخاري خشى الطعن في رواية سعيد بن أبي عروبة فأشار إلى ثبوتها بإشارات خفية كعادته، فإنه أخرجه من رواية يزيد بن زريع عنه وهو من أثبت الناس فيه، وسمع منه قبل الاختلاط، ثم استظهر له برواية جرير بن حازم بمتابعته لينفي عنه التفرد، ثم أشار إلى أن غيرهما تابعهما ثم قال: اختصره شعبة، وكأنه جواب عن سؤال مقدّر، وهو أن شعبة أحفظ الناس لحديث قتادة فكيف لم يذكر الاستسعاء؟ فأجاب بأن هذا لا يؤثر فيه ضعفًا؛ لأنه أورده مختصرا وغيره ساقه بتمامه، والعدد الكثير أولى بالحفظ من الواحد والله أعلم". الفتح (5/ 188). 7 - قال الحافظ أيضًا: "وقد وقع ذكر الاستسعاء في غير حديث أبي هريرة، أخرجه الطبراني من حديث جابر، وأخرجه البيهقي (في السنن الكبرى 10/ 283) من طريق خالد بن أبي قلابة عن =

171 / حديث: أنَّ عائشةَ أرادَت أن تشتَري جاريةً تَعتِقُها ... فيه: "لا يَمنَعكِ ذلك، فإنما الولاءُ لِمنْ أعْتَق". في الولاء (¬1). تابع يحيى الأندلسي جماعةٌ على قوله فيه: "أنَّ عائشة"، على طريقِ الحِكايةِ، وهكذا خَرَّجه البخاري من طريق قتيبة، عن مالك (¬2). ¬

_ = رجل من بني عذرة". وانظر لهذه الوجوه الفتح (5/ 188 - 189). فإذا تقرر صحة حديث الاستسعاء يبقى الجمع بينه وبين حديث مالك "وإلا فقد عتق منه ما عتق"؛ لأنَّ ظاهره يسقط على العبد الاستسعاء كما قال مسلم في التمييز (ص: 191) وغيره. قال الحافظ ابن حجر: "ومعنى الحديثين أن العسر إذا أعتق حصّته لم يسر العتق في حصة شريكه بل تبقى حصّة شريكه على حالها على الرق، تم يستسعى في عتق بقيّته فيحصل ثمن الجزء الذي لشريك سيّده ويدفعه إليه ويعتق، وجعله في ذلك كالمكاتب وهو الذي جزم به البخاري، والذي يظهر أن ذلك باختياره لقوله "غير مشقوق عليه"، فلو كان على سبيل اللزوم بأن يكلف العبد الاكتساب والطلب حتى يحصل ذلك لحصل له بذلك غاية المشقة، وهو لا يلزم في الكتابة بذلك عند الجمهور لأنها غير واجبة فهذه مثلها". الفتح (5/ 189). وانظر: السنن الكبرى للبيهقي (10/ 285)، تهذيب السنن لابن القيم (5/ 400). (¬1) الموطأ كتاب: العتق والولاء، باب: مصير الولاء لمن أعتق (2/ 598) (رقم: 18). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: البيوع، باب: إذا اشترط شروطا في البيع لا تحل (3/ 41) (رقم: 2169)، وفي المكاتب، باب: ما يجوز من شروط المكاتب .. (3/ 177) (رقم: 2562) من طريق عبد الله بن يوسف، وفي الفرائض، باب: الولاء لمن أعتق .. (8/ 320) (رقم: 6752) من طريق إسماعيل بن أبي أويس، وفي باب: إذا أسلم على يديه (8/ 321) (رقم: 6757) من طريق قتيبة. وأبو داود في السنن كتاب: الفرائض، باب: في الولاء (3/ 330) (رقم: 2915) من طريق قتيبة. والنسائي في السنن كتاب: البيوع، باب: البيع يكون في الشرط الفاسد .. (7/ 300) من طريق قتيبة. وأحمد في المسند (2/ 113، 156) من طريق إسحاق الطباع، وحماد بن خالد، خمستهم عن مالك به. (¬2) سبق تخريجه، وتابعه من سبق ذكرهم، ومن رواة الموطأ: أبو مصعب الزهريّ (2/ 409) (رقم: 2745)، وسويد بن سعيد (ص: 394) (رقم: 897)، وابن بكير (ل: 211/ ب- نسخة الظاهرية-).

وقال فيه يحيى بن يحيى النيسابوري، وعبد الله بن نافع الزبيري، ومصعب، وغيرهم مِن رواة الموطأ: "عن عائشة"، جَعلُوه من مسندها، وهكذا قال فيه مسلم عن النيسابوري، عن مالك (¬1)، ومِن الرواة من اختصرَه (¬2). الجاريةُ في هذا الحديث غيرُ مُسمَّاة، وهي بَرِيرَة. وانظره لعائشة من طريق عروة وعَمرة (¬3). 172 / حديث: "مَن شرِب الخمرَ في الدنيا ثم لَم يَتُبْ عنها (¬4) ... ". في الأشربة (¬5). ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في صحيحه كتاب: العتق، باب: إنما الولاء لمن أعتق (2/ 1141) (رقم: 1504) من طريق يحيى النيسابوري. ومصعب الزبيري في حديثه (ل: 7/أ). وتابعهم: الشافعي عند البيهقي في السنن الكبرى (10/ 295). (¬2) منهم إسماعيل بن أبي أويس عند البخاري وحماد بن خالد عند أحمد ذكرا قوله: "إنما الولاء لمن أعتق" فقط. (¬3) (4/ 40) من طريق عروة، وفي (4/ 124) من طريق عمرة، وفي الطريقين تسمية الجارية بَريرَة. (¬4) كذا في الأصل: "عنها"، بالعين، وفي الموطأ وغيره: "منها". (¬5) الموطأ كتاب: الأشربة، باب: تحريم الخمر (2/ 645) (رقم: 11). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الأشربة، باب: قوله تعالى: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ} (6/ 598) (رقم: 5575) من طريق عبد الله بن يوسف. ومسلم في صحيحه كتاب: الأشربة، باب: عقوبة من شرب الخمر .. (3/ 1588) (رقم: 2003) من طريق يحيى النيسابوري والقعنبي، وفي حديث القعنبي قال: قال ابن عمر: "من شرب الخمر .. قيل لمالك: رفعه؟ قال: نعم". والنسائي في السنن كتاب: الأشربة، باب: توبة شارب الخمر (8/ 317) من طريق قتيبة، وابن القاسم. وأحمد في المسند (2/ 19، 28) من طريق ابن مهدي، وروح. والدارمي في السنن كتاب: الأشربة، باب: في التشديد على شارب الخمر (2/ 152) (رقم: 2090) من طريق خالد بن مخلد، ثمانيتهم عن مالك به.

173 / حديث: "خَطَبَ النَّاسَ في بعضِ مغازِيه ... ". فيه: فسألتُ ماذا قال؟ فقيل في: "نَهَى أن يُنبَذَ في الدباء أو في المُزَفَّت". في الأشربة (¬1). لم يَذكر ابنُ عمر مَن أَخبَرَه به فهو داخلٌ في مسنَدِه، وليس بمعدودٍ في المرسَلِ اصطلاحًا؛ لأنَّ أخبارَ الصحابةِ رضي الله عنهم مُتَلَقَّاةٌ بالقَبولِ لعدالَتِهم، وفائدةُ الإسنادِ معرفةُ العدالَةِ، وقد تقدَّم نحوُ هذا (¬2). وخَرَّج مسلم عن أبي الزبير أنّه سمع ابنَ عمر يقول: "سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يَنْهَى عن الجَرّ والدُّبَّاء والمُزَفت" (¬3). وخَرَّج النسائي عن زاذان قال: قلتُ لعبد الله بنِ عمر: حَدِّثْنِي بشيء سمعتَه مِن رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - في الأَوعيَةِ وفَسِّره. فقال: "نَهَى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عن الحَنْتَمِ -وهو الذي تُسمّونه أنتم الجَرِّ-، ونَهَى عن الدُّبَّاء -وهي التي تُسمّونها القَرع-، ونَهَى عن النقيرِ -وهي النخلة تُنقَرُ-، ونَهَى عن المُزَفت -وهو المُقير (¬4) -" (¬5). وعن سعيد بن جبير أنَّه سمع ابنَ عمر وابنَ عباس شَهِدَا على رسولِ الله ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الأشربة، باب: ما ينهى أن ينبذ فيه (2/ 643) (رقم: 5). وأخرجه مسلم في صحيحه كتاب: الأشربة، باب: النهي عن الانتباذ في المزفّت والدبّاء والحنتم والنقير وبيان أنه منسوخ .. (3/ 1581) (رقم: 1997) من طريق يحيى النيسابوري عن مالك به. (¬2) انظر: (2/ 387). (¬3) صحيح مسلم (3/ 1584) (رقم: 1998). (¬4) وهو المطلي بالقار. مشارق الأنوار (2/ 197). (¬5) سنن النسائي كتاب: الأشربة، باب: تفسير الأوعية (8/ 308). والحديث عند مسلم في صحيحه (3/ 1583) (رقم: 1997)، وزاذان هو أبو عمر الكندي البزاز.

- صلى الله عليه وسلم - ـ: "أنّه نَهَى عن الدباء والحَنْتَمِ والمُزَفت والنقِيرِ" (¬1). وهذه الأربع الّتي نَهَى عنها وَفدَ عبدِ القَيس (¬2). وقال ابن عباس: "الجَرُّ كلُّ شيءٍ يُصنَعُ من المَدَر" (¬3). يعني التراب، وهو الفَخَّار. وهذا كلّه منسوخٌ، قال جابر بن عبد الله: "لما نَهَى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الظُروفِ قالت الأنصارُ: ليس لنا وِعاء. قال: فلاَ إذا". وقال بُريدة: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "كنتُ نهيتُكم عنْ الظُّروفِ، وإن ظَرْفًا لا يُحِلُّ شيئًا ولا يُحَرّمه وكل مسكرٍ حَرام". خَرَّج البخاريُّ الأوَّلَ (¬4)، ومسلم الثاني (¬5). ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في صحيحه (3/ 1580) (رقم: 1997). وفي هذا دليل أنَّ ابن عمر سمع الحديث من النبي - صلى الله عليه وسلم - وسمعه من غيره، خلافًا لقول الدارقطني: "والصحيح أنَّ ابن عمر لم يسمع ذلك من النبي - صلى الله عليه وسلم -، وإنما سمعه من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، كذلك رواه مالك بن أنس ويحيى بن سعيد الأنصاري والليث بن سعد وعمر بن محمَّد عن نافع عن ابن عمر وهو الصحيح". العلل (4 /ل: 55 /أ). (¬2) حديث وفد عبد القيس أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الإيمان" باب: أداء الخمس من الإيمان (1/ 23) (رقم: 53)، وفي مواضع أخرى من صحيحه. ومسلم في صحيحه كتاب: الإيمان" باب: الأمر بالإيمان بالله تعالى .. (1/ 46 - 50) (رقم: 17، 18)، وفي الأشربة (3/ 1583) (رقم: 1997). (¬3) أخرجه مسلم في صحيحه (3/ 1581) (رقم: 1997). (¬4) صحيح البخاري كتاب: الأشربة، باب: ترخيص النبي - صلى الله عليه وسلم - في الأوعية والظروف بعد النهي (6/ 602) (رقم: 5592). (¬5) صحيح مسلم (3/ 1584 - 1585) (رقم: 977). وانظر: الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار (ص: 518 - 521).

وانظر مسند أبي سعيد (¬1)، وحديث عبد الرحمن بن يعقوب عن أبي هريرة (¬2). 174 / حديث: "قطَعَ في مِجَنٍّ ... ". في الحدود (¬3). فيه: ذِكر الثمَن نسَقًا، وفَصَلَه إسحاق الطّباع جَعَلَه من قولِ مالك (¬4). 175 / حديث: جاءت اليهودُ إلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فذكروا له أن رجلًا منهم وامرأةً زنيَا ... فيه: "ما تَجِدون في التوراةِ في شأن الرُّجْم"، وقولُه: "فرأيت الرَّجلَ يَحْنِي" (¬5). ¬

_ (¬1) سيأتي حديثه (3/ 274). (¬2) سيأتي حديثه (3/ 467). (¬3) الموطأ كتاب: الحدود، باب: ما يجب فيه القطع (2/ 634) (رقم: 21). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الحدود، باب: قوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} (8/ 330) (رقم: 6795) من طريق إسماعيل بن أبي أويس. ومسلم في صحيحه كتاب: الحدود، باب: حد السرقة ونصابها (3/ 1313) (رقم: 1686) من طريق يحيى النيسابوري. وأبو داود في السنن كتاب: الحدود، باب: ما يقطع فيه السارق (4/ 547) (رقم: 4385) من طريق القعنبي. والنسائي في السنن كتاب: الحدود، باب: القدر الذي إذا سرقه السارق قطعت يده (7/ 76) من طريق قتيبة. وأحمد في المسند (2/ 64) من طريق ابن مهدي، خمستهم عن مالك به. (¬4) لم أقف عليه. (¬5) الموطأ كتاب: الحدود، باب: ما جاء في الرحم (2/ 625) (رقم: 1). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: المناقب، باب: قول الله تعالى: {يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ} (4/ 550) (رقم: 3635) من طريق عبد الله بن يوسف، وفي المحاربين، باب: أحكام أهل الذمة وإحصانهم إذا زنوا ورُفعوا إلى الإمام (8/ 346) (رقم: 6841) من طريق إسماعيل بن أبي أويس. =

عند أكثرِ الرواة بالجيم وكسرِ النون من غيرِ همزٍ (¬1)، وقال فيه يحيى بن يحيى وطائفة: "يَحْنِي" بالحاء المهملة مع كسر النون وعدم الهمز (¬2)، وهذا أقربُ إلى الصواب إذا لَم تُهمَز، وإنَّما يُقال بالجيم مهموزًا مع فتح النون، ذكر ذلك أبو عُبيد القاسم بنُ سلاّم وغيرُه (¬3). ¬

_ = ومسلم في صحيحه كتاب: الحدود، باب: رجم اليهود أهل الذمّة في الزنا (3/ 1326) (رقم: 1699) من طريق ابن وهب. وأبو داود في السنن كتاب: الحدود، باب: في رجم اليهوديين (4/ 593) (رقم: 4446) من طريق القعنبي. والترمذي في السنن كتاب: الحدود، باب: في رجم أهل الكتاب (4/ 34) (رقم: 1436) من طريق معن مختصرًا. والنسائي في السنن الكبرى كتاب: الرجم، كما في تحفة الاُشراف (6/ 207) من طريق قتيبة. وأحمد في المسند (2/ 7، 63) من طريق ابن مهدي، وفي (2/ 76) من طريق إسحاق بن سليمان مختصرا، ثمانيتهم عن مالك به. قال مالك: "يحني: يُكِبّ عليها حتى تقع الحجارة عليه". (¬1) وهي رواية عن القعنبي وابن بكير كما في التمهيد (14/ 386)، ورواية القعنبي بلفظ: "يجنِي" أخرجها الجوهري في مسند الموطأ (ل: 123 /أ). وكذا رواه مصعب الزبيري كما في حديثه (ل: 8 /أ). (¬2) وهي رواية ابن أبي أويس والقعنبي عند أبي داود. ومن رواة الموطأ: ابن القاتسم (ص: 281) (رقم: 245). وابن وهب كما في الجمع بين روايته وابن القاسم (ل: 41 /ب). (¬3) وكذا رواه عبد الله بن يوسف عند البخاري. وقول أبي عبيد لم أجده. وانظر: غريب الحديث له (3/ 314). وقال ابن حجر: "وجملة ما حصل لنا من الاختلاف في ضبط هذه اللفظه عشرة أوجه ... ثم ذكرها". الفتح (12/ 176). قال القاضي عياض: "والصحيح من هذا كلّه ما قاله أبو عبيد يَجنَأ بفتح الياء والنون والجيم مهموز الأخير، معناه ينحني عليها ويقيها الحجارة بنفسه". مشارق الأنوار (1/ 157).

176/ حديث: أنَّ عمر رأى حُلةً سِيَراء تُباع عند باب المسجد ... فيه: "إنما يلبس هذه مَن لاَ خلاقَ له في الآخِرة"، وذكَر: بعثَها إلى عمر، وقولَ عمر وفعلَه. في الجامع في أبواب اللّباس (¬1). هذا لابنِ عمر، وصَف القصةَ على طريق الحِكاية ولَم يُسنِد الخبَرَ إلى أبيه (¬2). وروته طائفةٌ عن نافع، عن ابن عمر، عن أبيه عمر (¬3)، والأوَّل هو ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: اللباس، باب: ما جاء في لبس الثياب (2/ 699) (رقم: 18). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الجمعة، باب: يلبس أحسن ما يجد (2/ 266) (رقم: 886) من طريق عبد الله بن يوسف، وفي الهبة، باب: هدية ما يكره لبسه (3/ 194) (رقم: 2612) من طريق القعنبي. ومسلم في صحيحه كتاب: اللباس، باب: تحريم استعمال إناء الذهب والفضة ... (3/ 1638) (رقم: 2068) من طريق يحيى النيسابوري. وأبو داود في السنن كتاب: الصلاة، باب: اللبس للجمعة (1/ 649) (رقم: 1076) من طريق القعنبي. والنسائي في السنن كتاب: الجمعة، باب: الهيأة للجمعة (3/ 96) من طريق قتيبة، أربعتهم عن مالك به. (¬2) وتابع مالكًا على هذا الإسناد: - جويرية بن أسماء عند البخاري في صحيحه كتاب: اللباس، باب: الحرير للنساء (7/ 60) (رقم: 5841). - وجرير بن حازم عند مسلم في صحيحه (3/ 1639/ 2068). - وأيوب السختياني عند عبد الرزاق في المصنف (11/ 68) (رقم: 19929)، ومن طريقه أحمد في المسند (2/ 146). - وأيوب بن موسى عند الحميدي في المسند (2/ 299) (رقم: 679). (¬3) رواه كذلك عبيد الله بن عمر عن نافع واختلف عليه. فرواه عبد الله بن نمير عنه وجعله من مسند عمر، خرّجه النسائي في السنن الكبرى كتاب: الزينة =

الصواب، قاله الدارقطني (¬1). وعُطارد كان بائِعَ الحُلَّةِ، وكانت من حرير (¬2). 177 / حديث: "أُراني الليلةَ عندَ الكعْبةِ فرأيتُ رَجلًا آدَمَ (¬3) ... ". فيه: صفةُ عيسى بن مريم، وصفةُ الدَّجَّال. في الجامع (¬4). ¬

_ = باب: النهي عن لبس السِيَراء (5/ 462) (رقم: 6570)، والبزار في سنده (1/ 252) (رقم: 144)، وقال: "وهذا الحديث قد رواه غير واحد عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر: أن عمر رأى حلة، ولم يقل عن عمر إلا ابن نمير". قلت: وليس كما قال، فقد ذكر الدارقطني جماعة تابعوا ابن نمير على إسناده، وهم القاسم بن يحيى المقدّمي وعلي بن مسهر وسعيد بن بشير، ثم قال الدارقطني: "وغيرهم يرويه عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر: أن عمر خرج إلى السوق، فيصير من مسند ابن عمر، وكذلك رواه مالك بن أنس وابن أبي ذئب وأصحاب نافع عن ابن عمر: أن عمر". العلل (2/ 11). وممن جعله من مسند عمر أيضًا: صخر بن جويرية، أخرجه الطيالسي في مسنده (مسند عمر) (ص: 5). - ومحمد بن إسحاق عند النسائي في السنن الكبرى (5/ 461) (رقم: 9569). (¬1) العلل (2/ 12). (¬2) وعطارد هو ابن حاجب بن زرارة التميمي، وفد على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في طائفة من وجوه قومه فأسلموا، وذلك سنة تسع. انظر: الاستيعاب (3/ 1240). وقوله: "حلّة سِيَراء": الحلة ثوبان غير لفيقين رداء وإزار سميا بذلك لأنه يحلّ كل واحد منهما على الآخر. مشارق الأنوار (1/ 196)، وانظر النهاية (1/ 432). وسِيَراء: بكسر السين وفتح الفوقانية، وهي ثياب ذو ألوان وخطوط كأنها السيور، وهي الشراك يخالطها الحرير. مشارق الأنوار (1/ 195). (¬3) أي: شديد السمرة. مشارق الأنوار (1/ 24). (¬4) الموطأ كتاب: صفة النبي - صلى الله عليه وسلم -، باب: ما جاء في صفة عيسى بن مريم عليه السلام والدجال (2/ 702) (رقم: 2). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: اللباس، باب: الجعد (7/ 75) (رقم: 5902) من طريق =

قال الشيخ: لفْظُ المسيح في الاسمين سواءٌ، وإنَّما يَختلف المعنى (¬1). وقولُه في صفةِ الدَّجَّال: "عنبة طافِيَة"، يقال: بالهمز، ويقال: بفتح الياء من غير همز وهو الأكثر، وهكذا قرأناه، والمعنى مختلف (¬2). وفي حديث الموطأ: "أنّه أعورُ العَينِ اليُمنى"، وهكذا خُرِّج في ¬

_ = عبد الله بن يوسف، وفي التعبير، باب: رؤيا الليل (8/ 403) (رقم: 6999) من طريق القعنبي. ومسلم في صحيحه كتاب: الإيمان" باب: ذكر المسيح بن مريم والمسيح الدجال (1/ 154) (رقم: 169) من طريق يحيى النيسابوري، ثلاثتهم عن مالك به. (¬1) قيل في معناهما عدة أقوال، قال ابن العربي: "إلا أنه يفرق بينهما الهدى والضلالة, والصالح والكاذب، والدجال والنبي، والأعور والسليم". انظر: التمهيد (14/ 188)، التعليق على الموطأ للوقّشي (ل: 44/أ)، اللّبس (3/ 1105)، إكمال المعلم (2/ 716 - كتاب الإيمان). (¬2) في المطبوع من الموطأ ونسختي المحمودية (أ) (ل؛ 146/ ب)، و (ب) (ل: 255/ أ): "طافية"، بالياء. وقال القاضي عياض: "أكثر الروايات فيه بغير همز، وهو الذي صححه الشيوخ والمفسرون، أي ناتئة، كحبة العنب الطافية فوق الماء". مشارق الأنوار (1/ 326)، إكمال المعلم (2/ 723 - 726 - كتاب الإيمان). أما طافئة بالهمز، فهي التي ذهب ضوؤها، وصححها القاضي عياض، وجعل إحدى عينيه وهي اليمنى طافئة، أي ذهب ضوؤها، واليسرى هي الطافية، وأباه غيرُه، وردوا رواية الهمز، وصححوا رواية الياء من غير همز، كالقرطبي وغيره. قال الحافظ ابن حجر: "والذي يتحصّل من مجموع الأخبار أن الصواب في طافية أنه بغير همز، فإنها قُيّدت في رواية الباب بأنها اليمنى، وصرّح في حديث عبد الله بن مغفل وسمرة وأبي بكرة بأنَّ عينَه اليسرى ممسوحة، والطافية هي البارزة، وهي غير الممسوحة، والعجب ممن يُجوّز رواية الهمز في طافية وعدمه مع تضاد المعنى في حديث واحد، فلو كان ذلك في حديثين لسَهُل الأمر". الفتح (13/ 105).

الصحيحين من طريق مالك وغيرِه، عن نافع، عن ابن عمر (¬1). وجاء في حديث الفَلتان (¬2) مرفوعًا: "أنّه ممسوحُ العَين اليُسرى"، خَرَّجه ابن أبي شيبة (¬3). ¬

_ (¬1) تقدّم تخريجه من طريق مالك. وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا} (4/ 395) (رقم: 3439)، ومسلم في صحيحه (1/ 155) (رقم: 169)، وفي كتاب: الفتن وأشراط الساعة، باب: ذكر الدجال وصفة من معه (4/ 2249) (رقم: 169) من طريق موسى بن عقبة. ومسلم في صحيحه (4/ 2247) (رقم: 169) من طريق عبيد الله، كلاهما عن نافع، عن ابن عمر به. (¬2) كتب الناسخ في حاشية النسخة: "كذا". أي كذا وجد اللفظة في الأصل الذي نقل منه. وكأنّه لم يعرف الفلتان، وهو صحابي كما سيأتي. (¬3) أخرجه ابن أبي شيبة في المسند - كما في المطالب العالية (1/ 433) (رقم: 2/ 1138)، وفي المصنف (7/ 477) (رقم: 37457). وأخرجه أيضًا البزار في مسنده (ل: 2/ 157/ أ - نسخة الرباط-)، وإسحاق بن راهويه في مسنده كما في المطالب العالية (1/ 431) (رقم: 1138/ 1) من طرق عن عاصم بن كُليب، عن أبيه، عن خاله الفلتان بن عاصم به. وقال البزار: "وهذا الحديث لا نعلم أحدا يرويه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا من هذا الوجه، ولا نعلم للفلتان طريقا غير هذا الطريق، وقد روي نحو كلامه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - "من وجوه بألفاظ مختلفة". قلت: وسنده حسن، عاصم بن كليب بن شهاب الجرمي هو وأبوه صدوقان. انظر: التقريب (رقم: 3075)، (ور قم: 5660). وله شاهد من حديث حذيفة بن اليمان عند مسلم في صحيحه (4/ 2248) (رقم: 2934)، وفيه: "أنه أعور العين اليسرى". وظاهر الحديثين التعارض مع حديث الباب، ورجّح ابن عبد البر حديث مالك؛ لأنه أثبت من جهة الإسناد، وكأن المصنف يميل إلى ذلك بقوله: "وهكذا خرّج في الصحيحين من طريق مالك وغيره". وقال الحافظ بعد أن ذكر اختلاف الروايات في أي العينين العور: "وقد اتفقا عليه (أي حديث مالك) فيكون أرجح". انظر: التمهيد (14/ 193)، الفتح (13/ 104).

وفي حديث عُبادة بن الصامت: "أنّه مطموسُ العَين ليسَت بناتِئَةٍ ولا حَجْرَاءَ (¬1) "، خَرَّجه أبو داود (¬2). وفي حديث حُذيفة: "أنه ممسوحُ العين عليه ظُفرَة غلِيظة"، خَرَّجه مسلم، وابن أبي شيبة (¬3). ولابن أبي شيبة عن أنسٍ مثله (¬4). ¬

_ (¬1) كذا في الأصل، وعند أبي داود وغيره: "جحراء" بتقديم الجيم على الحاء، والمعنى: أنها غائرة منحجرة في نقرتها. أما بتقديم الحاء على الجيم، فقال ابن الأثير: "قال الهروي: إن كانت هذه اللفظة محفوظة فمعناها أنها ليست بصلبة متحجّرة، وقد رويت جحراء بتقديم الجيم". انظر: النهاية (1/ 240، 343). (¬2) أخرجه أبو داود في السنن كتاب: الملاحم، باب: خروج الدجال (4/ 495) (رقم: 4320)، والنسائي في السنن الكبرى كتاب: النعوت، باب: المعافاة والعقوبة (4/ 419) (رقم: 1157)، وأحمد في المسند (5/ 324)، والبزار في المسند (7/ 129) (رقم: 2681)، ونعيم بن حماد في الفتن (2/ 519) رقم: 1454)، والشاشي في المسند (3/ 150) (رقم: 1126)، وعبد الله بن أحمد في السنة (2/ 448) (رقم: 1007)، والآجري في الشريعة (3/ 1310) (رقم: 881)، والطبراني في مسند الشاميين (2/ 185) (رقم: 1157)، وأبو نعيم في الحلية (5/ 157، 221)، (9/ 235) من طرق عن بقية بن الوليد، حدّثني بَحير بن سَعْد، عن خالد بن معدان، عن عمرو بن الأسود، عن جُنادة بن أبي أمية، عن عبادة بن الصامت به. وسنده حسن، فيه بقية بن الوليد صدوق كثير التدليس عن الضعفاء كما في التقريب (رقم: 734)، إلا أنّه صرح بالتحديث في أغلب هذه الطرق، وبقيةُ رجاله ثقات. (¬3) أخرجه مسلم في صحيحه (4/ 2249) (رقم: 2934)، وابن أبي شيبة في المصنف (7/ 490) (رقم: 37472). (¬4) المصنف (7/ 489) (رقم: 37469) حدّثنا يزيد بن هارون، عن حميد، عن أنس به. وفيه: "الدجال أعور العين اليمنى، عليها ظفرة .. ". وسنده صحيح. وأخرجه أحمد في المسند (3/ 201)، والضياء في المختارة (6/ 49) (رقم: 2021) من طريق يزيد بن هارون به، إلَّا أنّه قال: "أعور العين اليسرى". =

والظُفرة المذكورة زائدةٌ ناتئةٌ على العَين، وهي المُشبَّهةُ بِحَبَّة العِنَب الصَّحيحة الطافيةِ كَطُفُوِّ الشيِءِ على الماء، وذاتُ العَين مَمسوحةٌ غيرُ ناتِئَةٍ، ممَن وَصف ذاتَ العين خاصةً قال: هي ممسوحةٌ، ومن وصَفَها بالظُفرة قال: هي ناتئة، وهذا مَثَار الخلاَفِ في ذلك، والله أعلم (¬1). 178/ حديث: "من اقْتَنَى إلَّا كلبًا ضاريًا (¬2) أو كلبَ ماشِيةٍ نَقَصَ مِن عملِه ... ". في الجامع (¬3). ¬

_ = وأخرجه أبو يعلى في مسنده (4/ 43) (رقم: 3756) من طريق خالد، عن حميد، عن أنس مرفوعًا: "الدجال أعور العين الشمال". وأخرجه الآجري في الشريعة (3/ 1309) (رقم: 880) من طريق يزيد، إلَّا أنّه قال: "ممسوح العين"، ولم يذكر اليمنى ولا اليسرى. وأخرجه عبد الله بن أحمد في السنة (2/ 446) (رقم: 1002) من طريق حماد بن سلمة، عن حميد به، وفيه: "الدجال أعور، وإنَّ ربُّكم ليس بأعور". (¬1) وهذا الجمع من المصنف جيد، وقال الحافظ ابن حجر: "أما الظفرة فجائز أن تكون في كلا عينيه؛ لأنه لا يضاد الطمس ولا النتوء، وتكون التي ذهب ضوؤها هي المطموسة والمعيبة مع بقاء ضوئها هي البارزة". الفتح (13/ 105). وذهب أبو بكر بن العربي إلى أن الاختلاف في أحاديث صفة الدجال إنما منشؤة من تغيّر صفته، فقال: "كأن الله يغيّر هيئته في عينيه؛ لأن التغيّر علامة الحدوث، والثبوث علامة القدم، فيأتي عوره وتغيره دليلًا على دليل، ونقصانا على نقصان". القبس (3/ 1106). (¬2) أي المعتاد بالصيد. مشارق الأنوار (2/ 85). (¬3) الموطأ كتاب: الاستئذان، باب: ما جاء في أمر الكلاب (2/ 738) (رقم: 13). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الذبائح، والصيد باب: من اقتنى كلبا ليس كلب صيد أو ماشية (6/ 571) (رقم: 5482) من طريق عبد الله بن يوسف. ومسلم في صحيحه كتاب: المساقاة، باب: الأمر بقتل الكلاب وبيان نسخه وبيان تحريم اقتنائهما ... (2/ 1201) (رقم: 1574) من طريق يحيى النيسابوري. وأحمد في المسند (2/ 113) من طريق إسحاق الطباع، ثلاثتهم عن مالك به.

هكذا عند يحيى بن يحيى: "مَن اقْتَنَى إلا كلبًا" (¬1)، وعند القعنبي وغيرِه: "من اقتنى كلبًا إلَّا كلبَ ماشيةٍ أو ضارٍ"، وهو الصواب (¬2). وزاد بعضهم في السنَد ابنَ دينار (¬3). وليس في حديث ابنِ عمر كلب الزرع، ورواه عنه أبو الحكم عِمران السُّلَمي، خَرَّجه مسلم (¬4)، وقال في النَّقصِ قيراطٌ واحدٌ كحديث سفيان بن ¬

_ (¬1) في المطبوعة ونسخة المحمودية (أ) (ل: 152/ أ)، و (ب) (ل: 266 /أ): "من اقتنى كلبًا إلا كلبًا ضاريًا"، على الجادة. وقال ابن عبد البر: "هكذا قال يحيى: "من اقتنى إلَّا كلبًا"، وغيره يقول: "من اقتنى كلبًا إلا كلبًا ضاريًا". التمهيد (14/ 217). (¬2) أخرجه الجوهري في مسند الموطأ (ل: 125 /أ) من طريق القعنبي، وهو كذلك عند: - أبي مصعب الزهريّ (2/ 147) (رقم: 2040)، وسويد بن سعيد (ص: 584) (رقم: 1410)، وابن القاسم (ص: 290) (رقم: 256 - تلخيص القابسي-)، وابن بكير (ل: 261 /أ)، وابن وهب كما في الجمع بين روايته ورواية ابن القاسم (ل: 122 /ب). (¬3) زاده عبد الله بن وهب، أخرجه من طريقه ابن عبد البر في التمهيد (14/ 217). ومعن بن عيسى، ذكره المصنِّف (ص: 490). ورواه محمَّد بن الحسن في الموطأ (ص: 318) (رقم: 894) عن مالك عن ابن دينار عن ابن عمر به. قال ابن عبد البر: "والحديث عن مالك عنهما جميعًا عن ابن عمر". التمهيد (14/ 217). (¬4) صحيح مسلم (3/ 1202) (رقم: 1574). وقوله: "إلا كلب زرع"، هذه الزيادة في حديث ابن عمر ذكرها عمران بن الحارث عنه، وخالفه نافع وسالم وابن دينار وهم أعلم بحديث ابن عمر منه. وعمران هذا قال عنه أبو حاتم: "صالح الحديث". الجرح والتعديل (6/ 296). وقال ابن حبان والعجلي: "ثقة". الثقات (7/ 219)، تاريخ الثقات (ص: 373). وفي الإسناد أيضًا قتادة بن دعامة، وهو مدلس، لكن الراوي عنه شعبة وقد كفانا تدليسه. وأخرج مسلم في صحيحه (3/ 1203) (رقم: 1575) من طريق الزهريّ عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من اتخذ كلبا، إلا كلب ماشية أو صيد أو زرع نقص من أجره كل يوم قيراط". =

أبي زهير، والنقص ها هنا قيراطان (¬1). وانظر مسند سفيان (¬2). 179/ حديث: "أَمَرَ بقتْلِ الكِلاب". في الجامع (¬3). ¬

_ = قال الزهريّ: "فذكر لابن عمر قول أبي هريرة فقال: يرحم الله أبا هريرة, كان صاحب زرع". وبمثله جاء من طريق ابن دينار عن ابن عمر عند مسلم في صحيحه (3/ 1200) (رقم: 1571). وهذا يحتمل أمرين: الأول: أنه إنكار من ابن عمر على أبي هريرة وأنه لم يُجز اقتناءه للزرع ووقف عند ما سمع. الثاني: أنَّ ابن عمر أراد بذلك الإشارة إلى تثبيت رواية أبي هريرة وأن سبب حفظه لهذه الزيادة دونه أنه كان صاحب زرع دونه، ومن كان مشثغلا بشيء احتاج إلى تعرّف أحكامه، وهذا هو الأولى. انظر: التمهيد (14/ 219)، الفتح (5/ 8، 9). فلعل ابن عمر لا تأكّد من ثبوت هذه الرواية عن النبي - صلى الله عليه وسلم - صار يرويها مرفوعة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - دون ذكر من أخبره بها، وهذا مما يعد من مراسيل الصحابة، فسمعها منه عمران بن الحارث فأدّها عنه، فتكون روايته لها من باب زيادة الثقة والله أعلم. وقد جاء ذكر الزرع في حديث سفيان بن أبي زهير وسيأتي، وفي حديث عبد الله بن مغفل عند مسلم في صحيحه (3/ 1201) (رقم: 1573). (¬1) وقد جمع بينها العلماء بعدة وجوه منها: - أنَّ الحكم للزائد لكونه حفظ ما لم يحفظه الآخر. - أنه - صلى الله عليه وسلم - أخبر بنقصان القيراط فسمعه الراوي الأول ثم أخبر بالقيراطين فسمعه الثاني. - أنه ينزّل على حالين، فنقصان القيراطين باعتبار كثرة الأذى، والقيراط باعتبار قلته. إلى غير ذلك من وجوه الجمع بين اللفظين، وانظر: شرح صحيح مسلم (10/ 239)، شرح الطيبي على المشكاة (8/ 108)، الفتح (5/ 10). (¬2) سيأتي حديثه (3/ 125). (¬3) الموطأ كتاب: الاستئذان باب: ما جاء في أمر الكلاب (2/ 738) (رقم: 14). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: بدء الخلق، باب: إذا وقع الذباب في شراب أحدكم ... (2/ 738) (رقم: 3323) من طريق عبد الله بن يوسف. ومسلم في صحيحه كتاب: المساقاة، باب: الأمر بقتل الكلاب وبيان نسخه .. (3/ 1200) (رقم: 1570) من طريق يحيى النيسابوري. =

هذا منسوخٌ بالَّذي قبلَه، وقال جابرُ بن عبد الله: "أمَرَنا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بقتْل الكِلاب ثم نَهَى عن قتلِها، وقال: عليكم بالأَسْود البَهِيمِ ذِي النُّقطَتَين فإنَّه شيطان". خرَّجه مسلم (¬1). وفي حديث عبد الله بن مُغَفل، أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لولا أنَّ الكلاب أُمَّةٌ من الأمم لأمرتُ بقتلِها"، وذَكَرَ باقيه (¬2). خرجه النسائي (¬3). ¬

_ = والنسائي في السنن كتاب: الصيد والذبائح، باب: الأمر بقتل الكلاب (7/ 184) من طريق قتيبة. وابن ماجه في السنن كتاب: الصيد، باب؛ قتل الكلاب إلا كلب صيد أو زرع (2/ 1068) (رقم: 3202) من طريق سويد بن سعيد. وأحمد في المسند (2/ 113) من طريق إسحاق الطباع. والدارمي في السنن كتاب: الصيد، باب: في قتل الكلاب (2/ 125) (رقم: 2007) من طريق خالد بن مخلد، ستتهم عن مالك به. (¬1) صحيح مسلم (3/ 1200) (رقم: 1572). (¬2) في الأصل: "وذكرنا فيه"، ولعل الصواب المثبت. (¬3) سنن النسائي كتاب: الصيد، باب: صفة الكلاب التي أمر بقتلها (7/ 185). وأخرجه أبو داود في السنن كتاب: الصيد، باب: في اتخاذ الكلب للصيد وغيره (3/ 267) (رقم: 2845). والترمذي في السنن كتاب: الأحكام والفوائد، باب: ما جاء في قتل الكلاب (4/ 66) (رقم: 1486). وابن ماجه في السنن كتاب: الصيد، باب: النهي عن اقتناء الكلب إلا كلب صيد ... (2/ 1069) (رقم: 3205). وأحمد في المسند (4/ 85)، (5/ 56)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (12/ 473) (رقم: 5657)، وأبو بكر الشافعي في الثالث والسبعون من الفوائد - بانتقاء الدارقطني (ل: 249 /ب- ضمن مجموع-) وابن عبد البر في التمهيد (14/ 230) من طرق عن يونس بن عبيد عن الحسن عن عبد الله بن مغفل به. وقال الترمذي: "حسن صحيح". قلت: والحسن هو البصري، وقد سمع هذا الحديث من عبد الله بن مغفل. أخرج أحمد في المسند (5/ 54) من طريق وكيع، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (12/ 471) =

180/ حديث: "لا يَحتَلِبَنَّ أحدٌ ماشيةَ أحدٍ بغير إذنه ... ". وذكر المشرُبَة (¬1). في الجامع، في أمر الغنم (¬2). ¬

_ = (رقم: 5656) من طريق سعيد بن عبيد قال: "كنا في جنازة أبي سفيان بن العلاء ومعنا شعبة, فلما دُفن قال شعبة: حدّثني هذا وأشار إلى قبر أبي سفيان بن العلاء قال: قلت للحسن: من حدّثك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لولا أن الكلاب أمة من الأمم لأمرت بقتلها؟ ". قال: عبد الله بن مغفّل والله الذي لا إله إلا الله حدّثني في هذا المسجد، وأومأ إلى مسجد الجامع". وأخرج أحمد في المسند (5/ 56) عن عبد الصمد حدّثنا الحكم بن عطية قال: "سألت الحسن عن الرجل يتّخذ الكلب في داره؟ قال: حدّثني عبد الله بن مغفل أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم - قال: "من اتّخذ كلبًا نقص من أجره كل يوم قيراط". وبهذا يصح حديث ابن مغفل رضي الله عنه من طريق الحسن، وأصلُ الحديث عند مسلم في صحيحه كتاب: الطهارة باب: حكم ولوغ الكلب (1/ 235) (رقم: 280)، وفي البيوع (3/ 1200) (رقم: 1573) من طرق عن شعبة عن أبي التيّاح -واسمه: يزيد بن حميد- عن مطرف بن عبد الله عن عبد الله بن مغفل قال: "أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقتل الكلاب، تم قال: ما بالهم وبال الكلاب، ثم رخّص في كلب الصيد وكلب الغنم". وانظر: الاعتبار للحازمي (ص: 529 - 533)، التمهيد (14/ 227 - 234). (¬1) المشرُبة: يقال بضم الراء وبفتحها، وهي الغرفة والخزانة التي يكون فيها الطعام. مشارق الأنوار (2/ 247). (¬2) الموطأ كتاب: الاستئذان، باب: ما جاء في أمر الغنم (2/ 740) (رقم: 17). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: اللقطة، باب: لا تحتلب ماشية أحد بغير إذن (3/ 133) (رقم: 2435) من طريق عبد الله بن يوسف. ومسلم في صحيحه كتاب: اللقطة، باب: تحريم حلب الماشية بغير إذن مالكها (3/ 1352) (رقم: 1726) من طريق يحيى النيسابوري. وأبو داود في السنن كتاب: الجهاد، باب: فيمن قال لا يحلب (3/ 91) (رقم: 2623) من طريق القعنبي، ثلاثتهم عن مالك به.

181/ حديث: "العبدُ إذا نَصَح لسَيّدِه وأحسنَ عِبادَةَ الله ... ". وذكَرَ أجرَه. في الجامع (¬1). 182/ حديث: "إذا كان ثلاثة فلا يتناجَ اثنان دون واحدٍ". في الجامع عند آخره (¬2). 183/ حديث: "اليدُ العليا خيرٌ من اليدِ السُّفلَى". في الجامع عند آخره (¬3). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الاستئذان، باب: ما جاء في المملوك وهبته (2/ 747) (رقم: 43). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: العتق، باب: العبد إذا أحسن عبادة ربه ونصح لسيّده (3/ 172) (رقم: 1546) من طريق القعنبي. ومسلم في صحيحه كتاب: الأيمان، باب: ثواب العبد إذا نصح لسيده وأحسن عبادة الله (3/ 1284) (رقم: 1664) من طريق يحيى النيسابوري. وأبو داود في السنن كتاب: الأدب، باب: ما جاء في المملوك إذا نصح (5/ 365) (رقم: 5169) من طريق القعنبي، كلاهما عن مالك به. (¬2) الموطأ كتاب: الكلام، باب: ما جاء يا مناجاة اثنين دون واحد (2/ 754) (رقم: 13). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الاستئذان، باب: لا يتناجى اثنان دون الثالث (7/ 183) (رقم: 6288) من طريق عبد الله بن يوسف وإسماعيل بن أبي أويس. ومسلم في صحيحه كتاب: السلام، باب: تحريم مناجاة اثنين دون الثالث بغير رضاه (4/ 1717) (رقم: 2183) من طريق يحيى النيسابوري، ثلاثتهم عن مالك به. (¬3) الموطأ كتاب: الزكاة، باب: ما جاء في التعفف عن المسألة (2/ 762) (رقم: 8). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الزكاة، باب: لا صدقة إلا عن ظهر غنى (2/ 439) (رقم: 1429) من طريق القعنبي. ومسلم في صحيحه كتاب: الزكاة، باب: بيان أن اليد العليا خير من اليد السفلى .. (2/ 717) (رقم: 1033) من طريق قتيبة. وأبو داود في السنن كتاب: الزكاة، باب: في الاستعفاف (2/ 297) (رقم: 1648) من طريق القعنبي. والنسائي في السنن كتاب: الزكاة، باب: اليد السفلى (5/ 61) من طريق قتيبة، كلاهما عن مالك به.

والتفسيرُ مُدرجٌ في الحديث (¬1). هذا مَقولٌ على المنبر، وفيه: ذِكر الصَّدقةِ والتعَففِ عن المسألة، وتَفسيرُ اليدين في سَرْدِ الكلامِ من غير فَصل، وهو مرفوع وإنْ ظُنَّ لبَعض الرواة. واليدُ العليَا في التفسير ها هنا هي المُنفقَةُ أي المُعطية، هكذا روى مالك وغيرُه عن نافع عن ابن عمر (¬2). وروي عن أيوب عن نافع، واختُلِف عنه، ففي بعض الطرُق عن أيوب: "اليد العليا المنفقة" كما قال مالك (¬3)، وفي بعضها: "اليد العليا المتَعَفِّفَة" ¬

_ (¬1) يعني قوله: اليد العليا هي المنفقة والسفلى هي السائلة. والإدراج في حديث ابن عمر خاصة، وقد روي عن بعض الصحابة ما يبيّن رفعه كما سيأتي. قال ابن حجر: "ادّعى أبو العباس الداني في أطراف الموطأ أنَّ التفسير مدرج في الحديث ولم يذكر مستندًا لذلك، ثم وجدت في كتاب العسكري في الصحابة بإسناد له فيه انقطاع عن ابن عمر أنه كتب إلى بشر بن مروان: إني سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "اليد العليا خير من اليد السفلى"، ولا أحسب اليد السفلى إلا السائلة، ولا العليا إلا المعطية. فهذا يشعر بأن التفسير من ابن عمر، ويؤيّده ما رواه ابن أبي شيبة من طريق عبد الله دينار عن ابن عمر قال: كنا نتحدّث أن العليا هي المنفقة". الفتح (3/ 348). (¬2) تابع مالكًا: موسى بنُ عقبة واختلف عليه. رواه الإمام أحمد في المسند (2/ 67) من طريق ابن المبارك. وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (8/ 151) (رقم: 3364) من طريق فضيل بن سليمان. والبيهقي في السنن الكبرى (4/ 198) من طريق حفص بن ميسرة، ثلاثتهم عن موسى بمثل رواية مالك. وخالفهم إبراهيم بن طهمان فرواه عن موسى بلفظ: "يد العليا هي المتعففة"، أخرجه من طريقه البيهقي في السنن الكبرى (4/ 198)، والخطيب في تاريخ (3/ 435). ووقع عند الخطيب "المنفقة" كرواية الجماعة، وهذا خطأ؛ لأنَّ البيهقي أشار إلى هذا الاختلاف ونسب رواية "المتعففة" وإبراهيم بن طهمان. (¬3) أخرجه البخاري في صحيحه (2/ 439) (رقم: 1429) من طريق أبي النعمان -وهو محمَّد بن الفضل- عن حماد بن زيد عن أيوب، ولم يسق لفظه، وساق لفظه البيهقي في السنن الكبرى (4/ 197، 198). =

أي المُنقَبِضة عن الأخْذِ. خَرَّجه أبو داود عن عبد الوارث عن أيوب (¬1)، وخَرَّجه قاسم بنُ أصبغ عن حماد عنه (¬2)، والأول أصح (¬3). روي عن جماعةٍ من الصحابة أنَّهم سَمِعوا النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يقول: "يَدُ الُمعطِي ¬

_ = وأحمد في المسند (2/ 98) من طريق يونس عن حماد بن زيد به. والدارمي في السنن كتاب: الزكاة، باب: في فضل اليد العليا (1/ 476) (رقم: 1652) من طريق سليمان بن حرب عن حماد به. وتابع حمادَ بنَ زيد: إسماعيلُ بنُ إبراهيم، أخرجه من طريقه البزار في مسنده (3 /ل: 8 /أ- نسخة الأزهرية-) عن أيوب عن نافع عن ابن عمر مرفوعًا، وفيه: "اليد العليا المعطية، واليد السفلى السائلة". (¬1) قال أبو داود: "اختلف على أيوب عن نافع في هذا الحديث، قال عبد الوارث: "اليد العليا المتعففة"، وقال أكثرهم عن حماد بن زيد عن أيوب: "اليد العليا المنفقة". السنن (2/ 297). وقال البيهقي: "ورواه عن أيوب فقال في الحديث: "اليد العليا المتعففة". السنن الكبرى (4/ 198). قال ابن حجر: "أما رواية عبد الوارث فلم أقف عليها موصولة". الفتح (3/ 349). (¬2) هذه رواية مسدد عن حماد وقال فيه: "المتعففة"، أخرجه من طريق قاسم: ابنُ عبد البر في التمهيد (15/ 246)، وأشار إليها أبو داود بقوله: "وقال واحد عن حماد المتعففة". السنن (2/ 297). قال ابن حجر: "وتابعه على ذلك أبو الربيع الزهراني كما رويناه في كتاب الزكاة ليوسف بن يعقوب القاضى". الفتح (3/ 349). والراجح عن حماد ما رواه عمه أكثر أصحابه، وعن أيوب ما رواه عنه حماد وتابعه عليه إسماعيل بن إبراهيم. (¬3) أي بلفظ: "المنفقة"، لكثرة من رواها كذلك. قال ابن عبد البر: "رواية مالك أولى وأشبه بالأصول". التمهيد (15/ 248). وقال ابن حجر: "وهذا يدل على أن من رواه عن نافع بلفظ "المتعففة" فقد صحّف". الفتح (3/ 349). ومما يؤيّد ذلك الرواياتُ التي سيوردها المصنف عن بعض الصحابة شاهدة لليد العليا أنها المنفقة.

العليا". خَرَّجه النسائي عن طارق المُحارِبي (¬1)، وقاسمٌ عن عَطية السَّعدي (¬2)، ¬

_ (¬1) أخرجه النسائي في السنن كتاب: الزكاة، باب: أيتهما اليد العليا (5/ 61)، وابن أبي شيبة في المسند (ل: 52 /أ، ب)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (8/ 130) (رقم: 3341)، والدارقطني في السنن (3/ 44) (رقم: 186)، والحاكم في المستدرك (2/ 611)، والطبري في تهذيب الآثار (3212) (رقم: 1843)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (1 /ل: 333 /ب)، والبيهقي في دلائل النبوة (5/ 381) من طرق عن يزيد بن زياد بن أبي الجعد عن جامع بن شداد عن طارق به. بعضهم مطولًا وبعضهم مختصرًا. وقال الحاكم: "صحيح الإسناد". قلت: في إسناده يزيد بن زياد، قال عنه الحافظ: "صدوق". التقريب (رقم: 7714). لذا قال الألباني: "سنده جيد". الإرواء (3/ 319). قلت: وقد تابعه أبو جَنَاب الكلبي، أخرجه من طريقه ابن سعد في الطبقات (6/ 114)، والطبراني في المعجم الكبير (8/ 314) (رقم: 8175)، والبيهقي في دلائل النبوة (5/ 380). وأبو جَنَاب الكلبي اسمه يحيى بن أبي حيّة قال عنه الحافظ: "ضعّفوه لكثرة تدليسه". التقريب (رقم: 7537). وقد صرّح بالتحديث عند البيهقي، والله أعلم. (¬2) أخرجه من طريق قاسم: ابنُ عبد البر في الاستعياب (3/ 1070). وأخرجه أحمد في المسند (4/ 226)، وعبد الرزاق في المصنف (11/ 108) (رقم: 20055)، والطبراني في المعجم الكبير (17/ 166) (رقم: 441، 442)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (40/ 461). وأخرجه أيضا: ابن سعد في الطبقات الكبرى (7/ 300)، وابن أبي خيثمة في التاريخ (2 /ل: 127/ أ)، والبزار في مسنده (1/ 433) (رقم: 916 - كشف الأستار-)، وعبد بن حميد في مسنده (1/ 433) (رقم: 484 - المنتخب-)، والحاكم في المستدرك (4/ 273)، ودعلج في مسند المقلّين كما في المنتقى منه (رقم: 2)، والطبري في تهذيب الآثار (2/ 25) (رقم: 1812، 1813)، والطبراني في المعجم الكبير (17/ 169) (رقم: 447)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (2 /ل: 130/ ب)، وابن قانع في معجم الصحابة (2/ 307)، والبيهقي في السنن الكبرى (4/ 198)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (40/ 462)، من طرق عن عروة بن محمَّد بن عطية، عن أبي، عن جدّه. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وسنده ضعيف، فيه عروة بن محمَّد، ذكره ابن حبان في الثقات (7/ 287)، وقال: "يخطئ". وقال ابن حجر: "مقبول". التقريب (رقم: 4567). وأبوه لم يذكره إلا ابن حبان في الثقات (5/ 351)، وأما ابن حجر فقال عنه: "صدوق". التقريب (رقم: 6140). وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير (17/ 165) (رقم: 440)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (40/ 463) من طريق عبد الواحد بن غياث (وفي الطبراني: عتاب، وهو خطأ) عن حماد بن سلمة عن أبي المقدام وهو رجاء بن أبي سلمة عن إسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر عن عطية رجل من بني جُشَم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال، فذكره بنحوه. ووقع عند الطبراني: عن إسماعيل بن عطية، وهو تصحيف. وقد خولف حماد بن سلمة في سنده، خالفه ضعيفان. أخرجه دعلج في مسند المقلين كما في منتقاه (رقم: 3)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (40/ 463) من طريق ضرار بن صُرد عن سعيد بن عبد الجبار الحمصي الزبيدي عن منصور بن رجاء عن إسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر عن عطية بن عمرو عن أبيه مرفوعًا. وضرار بن صرد ضعيف وتركه بعضهم. انظر: تهذيب الكمال (13/ 302)، تهذيب التهذيب (4/ 400). وخالفه إبراهيم بن هانئ: أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (40/ 463) من طريقه، عن سعيد بن عبد الجبار بن وائل الكوفي، عن منصور بن رجاء به. وإبراهيم بن هانئ ثقة كما في الجرح والتعديل (2/ 144)، وتاريخ بغداد (6/ 204). ويظهر أن روايته أرجح من رواية ضرار، حيث جعل الحديث عن سعيد بن عبد الجبار الكوفي -وهو ضعيف- وضرار جعله عن سعيد بن عبد الجبار الحمصي الزبيدي -وهو ضعيف وكذبه جرير-. لكن الذي ترجّح لي رواية ضرار على ضعفه، وذلك للقرائن التالية: 1 - أنَّ الثقة قد يهم. 2 - أنَّ شيخه منصور بن رجاء ذكره ابن حبان في الثقات (9/ 172) وقال: يروي عن إسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر، روى عنه سعيد بن عبد الجبار الزبيدي. 3 - ما قاله ابن عدي في الكامل (3/ 387) - ترجمة سعيد بن عبد الجبار بن وائل الكوفي-: "ليس =

والبزّار عن ثَعلَبة بن زَهْدَم اليربوعي (¬1). ¬

_ = لسعيد بن عبد الجبار كثير حديث إنما له عن أبيه عن جده أحاديث يسيرة نحو الخمسة أو الستة". وهذا الحديث ليس عن أبيه. وإذا عاد الحديث لضرار بن صرد عن سعيد بن عبد الجبار الحمصي عن منصور بن رجاء عن إسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر عن عطية بن عمرو عن أبيه، فهو ضعيف منكر، لضعف ضرار وسعيد، وجهالة منصور بن رجاء إذ لم يذكره إلا ابن حبان في ثقاته كما سبق. ثم مخالفة حماد بن سلمة تؤيد نكارة هذا الإسناد، فالصحيح ما رواه حماد بن سلمة. قال ابن عساكر: "والمحفوظ هو الأول، فقد رواه حماد بن سلمة عن رجاء أبي المقدام عن إسماعيل بن عبيد الله عن عطية رجل من بني جشم بن سعد أن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فذكره". تاريخ دمشق (40/ 463). فالحديث بطريق حماد بن سلمة وعروة بن محمَّد حسن، ويشهد له ما سبق وما سيأتي. (¬1) أخرجه البزار في مسنده (1/ 434) (رقم: 917، 918 - كشف الأستار-). وأخرجه ابن أبي شيبة في المسند (ل: 22 /أ)، والفسوي في المعرفة والتاريخ (3/ 86)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (3/ 260) (رقم: 1362)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (2/ 386) (رقم: 1176)، والطبري في تهذيب الآثار (2/ 32) (رقم: 1843)، والطبراني في المعجم الكبير (8512) (رقم: 1384)، وابن قانع في معجم الصحابة (1/ 125) من طرق عن أشعث بن أبي الشعثاء عن الأسود بن هلال عن ثعلبة به. إلا أن ابن أبي عاصم قال: عن رجل من ثعلبة. وقال أبو نعيم عقبه: "رواه قيس بن الربيع عن أشعث نحوه، ورواه شعبة عن أشعث عن الأسود عن رجل من بني ثعلبة نحوه، وقال زيد بن أبي أنيسة عن الأشعث عن الأسود حدّثني رجل من بني ثعلبة، وقال معاوية بن سلمة البصري عن أشعث عن الأسود أن بني ثعلبة بن يربوع سألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقال أبو الأحوص عن أشعث عن أبيه عن رجل بني يربوع". قلت: وأخرجه ابن أبي عاصم (برقم: 1175)، وأحمد في المسند (4/ 64) عن أشعث بن سليم عن أبيه عن رجل من بني يربوع، والله أعلم بالصواب. وهذا الحديث طرف من حديث طويل رواه النسائي في سننه كتاب: القسامة، باب: هل يُؤخذ أحد بجريرة غيره (8/ 53) وليس فيه الطرف المذكور هنا، وقال ابن حجر: "وله في النسائي حديث بإسناد صحيح إليه". (أي إلى ثعلبة بن زهدم). ولم يجزم الحافظ بصحة الحديث للاختلاف في صحبة ثعلبة بن زهدم. =

وجاء من طرق مرفوعًا: "الأيدي ثلاث: فيد الله العليا، ويد المعطِي التي تليها ويد السائِل السفلَى". خَرَّجه أبو داود السِّجستاني عن مالك بن نَضْلة (¬1)، والطيالسي عن ابن مسعود وحكيم بن حزام (¬2). ¬

_ = وذكره في الصحابة من تقدّم ذكرهم في تخريج الحديث، وقال ابن حجر: "جزم بصحة صحبته ابن حبان، وابن السكن، وأبو محمَّد بن حزم، وجماعة ممن صنف في الصحابة يطول تعدادهم". قلت: وممن قال بصحبته أيضًا ابن منده، وابن عبد البر، وذكره ابن حجر في القسم الأول من الصحابة. انظر: تهذيب التهذيب (2/ 20)، الاستيعاب (1/ 211)، تجريد أسماء الصحابة (1/ 67) الإصابة (1/ 402). قال البخاري: "وقال الثوري: له صحبة، ولا يصح". التاريخ الكبير (2/ 173، 174). وقال أبو حاتم: "يُقال له صحبة". الجرح والتعديل (2/ 463). وقال ابن حجر: "قال الترمذي في تاريخه: أدرك النبي - صلى الله عليه وسلم -، وعامة روايته عن الصحابة". تهذيب التهذيب (2/ 20). وقال العجلي: "كوفي تابعي ثقة". تاريخ الثقات (ص: 90). قلت: فإن لم تثبت صحبته فالحديث مرسل صحيح، ويشهد له ما تقدّم، والله أعلم بالصواب. (¬1) سنن أبي داود (2/ 298) (رقم: 1649). وأخرجه أحمد في المسند (3/ 473)، (4/ 137)، وابن خزيمة في صحيحه (4/ 97) (رقم: 2440)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (8/ 148) (رقم: 3362)، وابن الأعرابي في المعجم (2/ 668) (رقم: 1333)، والحاكم في المستدرك (1/ 408)، والبيهقي في السنن الكبرى (4/ 198)، وابن بشكوال في الغوامض والمبهمات (2/ 778) (رقم: 812) من طرق عن عبيدة بن حميد التيمي، عن أبي الزعراء الجشمي -واسمه عمرو بن عمرو-، عن أبي الأحوص -واسمه عوف بن مالك- عن أبيه مالك بن نضلة به. وقال الحاكم: "صحيح". وقال ابن حجر: "سنده صحيح". الإصابة (5/ 752). (¬2) حديث ابن مسعود: أخرجه الطيالسي في المسند (ص: 40) (رقم: 312) من طريق شعبة عن إبراهيم الهجري عن أبي الأحوص عن ابن مسعود موقوفًا، وقال: "غير شعبة يرفعه". ورواه أحمد في المسند (1/ 446) من طريق القاسم بن مالك. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وأبو يعلى في المسند (5/ 70) (رقم: 5103) من طريق محمَّد بن دينار. وابن خزيمة في صحيحه (4/ 96) (رقم: 2435)، والحاكم في المستدرك (1/ 408) من طريق شعبة وجرير. والطحاوي في شرح المعاني (2/ 12) من طريق سفيان. والبيهقي في السنن الكبرى (4/ 198) من طريق علي بن عاصم، كلهم عن إبراهيم بن مسلم الهجري عن أبي الأحوص عن ابن مسعود مرفوعًا. وسنده ضعيف، إبراهيم بن مسلم الهجري ليّن الحديث، رفع موقوفات. التقريب (رقم: 252). وانظر تهذيب الكمال (2/ 203). لكن للحديث شواهد كما سبق، إلا زيادة زادها إبراهيم هذا: أن يد السائل أسفل إلى يوم القيامة. قال الألباني: "إسناده ضعيف من أجل الهجري، وله شاهد صحيح دون قوله: إلى يوم القيامة". انظر: التعليق على صحيح ابن خزيمة. وأما حديث حكيم بن حزام: أخرجه الطيالسي (ص: 187) (رقم: 137)، وأحمد في المسند (3/ 402)، والطبري في تهذيب الآثار (3/ 22) (رقم: 1800)، والطبراني في المعجم الكبير (3/ 193) (رقم: 3095) من طريق ابن أبي ذئب عن مسلم بن جندب عن حكيم به. وسنده صحيح، ابن أبي ذئب هو محمَّد بن عبد الرحمن، ومسلم بن جندب الهذلي ثقة فصيح قارئ كما في التقريب (رقم: 6620). وأخرجه الطبراني في المعحم الكبير (3/ 186) (رقم: 3081) من طريق فليح بن سليمان. وأبو نعيم في معرفة الصحابة (1/ل: 155 /أ) من طريق الأوزاعي، كلاهما عن الزهريّ عن سعيد بن المسيب وعروة عن حكيم به. قال ابن حجر: "إسناده صحيح". الفتح (3/ 349). وأصل الحديث في الصحيحين لكن بلفظ: "اليد العليا خير من اليد السفلى". قال ابن حجر: "فهذه الأحاديث متضافرة على أن اليد العليا هي المنفقة المعطية وأن السفلى هي السائلة، وهذا هو المعتمد وهو قول الجمهور". الفتح (3/ 349).

حديث: عن نافع: أنَّ عبد الله بن عمر طَلَّق امرأتَه وهي حائِض ... فيه: فسأل عمرُ بن الخطاب رسولَ الله- صلى الله عليه وسلم - عن ذلك فقال: "مُرْهُ فليُراجِعْها". في الطلاق (¬1). ليس بمُسندٍ في رواية يحيى بن يحيى، وقال فيه ابنُ القاسم وغيرُه: نافع، عن عبد الله: "أنَّه طلق"، وهكذا خُرِّج في الصحيح (¬2). والحديث لعبد الله، وإنْ كان المخَاطَب أباه، قال فيه الليث، عن نافع، عن ابن عمر: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أَمَرني بهذا". خَرَّجه البخاري (¬3). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الطلاق، باب: ما جاء في الأقراء وعدة الطلاق وطلاق الحائض (2/ 451) (رقم: 53). (¬2) انظر الموطأ برواية: ابن القاسم (ل: 33 /ب)، و (ص: 274) (رقم: 233 - تلخيص القابسي-)، وسويد بن سعيد (ص: 335) (رقم: 749)، وأبي مصعب الزهريّ (1/ 636) (رقم: 1655)، ابن بكير (ل: 149 /ب- نسخة الظاهرية-)، ومحمد بن الحسن (ص: 186) (رقم: 553). وأحرجه البخاري في صحيحه كتاب: الطلاق، باب: أحصيناه: حفظناه وعددنا، وطلاق السنة أن يطلقها طاهرا من غير جماع .. (6/ 496) (رقم: 5251) من طريق إسماعيل بن أبي أويس. ومسلم في صحيحه كتاب: الطلاق، باب: تحريم طلاق الحائض بغير رضاها (2/ 1093) (رقم: 1471) من طريق يحيى النيسابوري. وأبو داود في السنن كتاب: الطلاق، باب: في طلاق السنة (2/ 632) (رقم: 2179) من طريق القعنبي. والنسائي في السنن كتاب: الطلاق، باب: وقت الطلاق للعدة التي أمر الله .. (6/ 138) من طريق ابن القاسم. وأحمد في المسند (2/ 63) من طريق ابن مهدي. والدارمي في السنن كتاب: الطلاق، باب: السنة في الطلاق (2/ 213) (رقم: 2262) من طريق خالد بن مخلد، ستتهم عن مالك به. (¬3) صحيح البخاري كتاب: الطلاق، باب: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ} (6/ 523) (رقم: 5332). وأخرجه أيضًا مسلم في صحيحه (2/ 1093، 1094) (رقم: 1470).

وقال فيه بشر بن حَرب: سمعنا ابنَ عمر يقول: طَلَّقت امرأتي وهي حائِض، فقال ليَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "راجِعها". خَرَّجه الطيالسي (¬1). ولعل القولَ تكرَّرَ، فخوطِب مرَّةً عبد الله ومرَّةً أبوه، والله أعلم. 184/ حديث: "إن كان الرِّجالُ والنساءُ في زمان رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - ليتوضّؤون جميعًا". في باب: الطهور للوضوء (¬2). معناه الرفع؛ لأنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قد عَلِمَ بذلك فَأَقَرَّه، وما أَقَرَّه ولَم يُنكِرْه فهو مباح، قال - صلى الله عليه وسلم -: "ما سكتَ عنه فهو عفوٌ" (¬3). ¬

_ (¬1) المسند (ص: 254) (رقم: 1862) من طريق حماد بن سلمة عن بشر بن حرب به. وبشر بن حرب فيه ضعف، وقال ابن ححرت "صدوق في لين". انظر: تهذيب الكمال (4/ 110)، تهذيب التهذيب (1/ 390)، التقريب (رقم: 681). ثم قال أبو داود الطيالسي عقبه: "حدّثنا حماد بن سلمة عن ابن سيرين سمع ابن عمر يذكر مثله". (¬2) الموطأ كتاب: الطهارة، باب: الطهور للوضوء (1/ 51) (رقم: 15). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الوضوء، باب: وضوء الرجل مع امرأته وفضل وضوء المرأة (1/ 70) (رقم: 193) من طريق عبد الله بن يوسف. وأبو داود في السنن كتاب: الطهارة، باب: الوضوء بفضل المرأة (1/ 62) (رقم: 79) من طريق القعنبي. والنسائي في السنن كتاب: الطهارة، باب: وضوء الرجال والنساء جميعًا (1/ 57) من طريق ابن القاسم ومعن، وفي الكبرى (1/ 78) (رقم: 72) من طريق معن. وابن ماجه في السنن كتاب: الطهارة، باب: الرجل والمرأة يتوضأن من إناء واحد (1/ 134) (رقم: 381) من طريق هشام بن عمار. وأحمد في المسند (2/ 113) من طريق ابن مهدي، ستتهم عن مالك به. (¬3) ورد من طريق أبي الدرداء وابن عباس وسلمان. أما طريق أبي الدرداء: أخرجه البزار في مسنده (1/ 78) (رقم: 123)، والطبراني في مسند الشاميين (3/ 58) (رقم: 2231) من طريق إسماعيل بن عياش. والدارقطني في سننه (2/ 137)، والحاكم في المستدرك (2/ 375)، والطبراني في مسند الشاميين (3/ 209) (رقم: 2102)، والبيهقي في السنن الكبرى (10/ 12) من طريق أبي نعيم، كلاهما =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = عن عاصم بن رجاء بن حيوة، عن أبيه، عن أبي الدرداء به. وقال البزار: "لا نعلمه يروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا بهذا الإسناد، وعاصم بن رجاء حدَّث عنه جماعة، وأبوه روى عن أبي الدرداء غير حديث، وإسناده صالح؛ لأن إسماعيل قد حدَّث عنه الناس". قلت: إسماعيل توبع، تابعه أبو نعيم. وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه". ووافقه الذهبي. والحديث حسَّنه الألباني في السلسة الصحيحة (5/ 325). أما طريق ابن عباس: فأخرجه أبو داود في السنن كتاب: الأطعمة، باب: ما لم يذكر تحريمه (4/ 157) (رقم: 3800)، والحاكم في المستدرك (4/ 115) من طريق الفضل بن دكين عن محمَّد بن شريك المكي عن عمرو ابن دينار عن أبي الشعثاء وهو جابر بن زيد عن ابن عباس به موقوفًا. وقال الحاكم: "صحيح الإسناد"، ووافقه الذهبي. وأما حديث سلمان: فأخرجه أخرجه الترمذي في السنن كتاب: اللباس، باب: ما جاء في لباس الفراء (4/ 192) (رقم: 1726)، وابن ماجه في السنن كتاب: الأطعمة، باب: أكل الجبن والسمن (2/ 1117)، (رقم: 3367)، والحاكم في المستدرك (4/ 115)، والطبراني في الكبير (6/ 250) (رقم: 6124)، والبيهقي في السنن الكبرى (10/ 12)، والعقيلي في الضعفاء (2/ 174)، وابن عدي في الكامل (3/ 430) من طرق عن سيف بن هارون، عن سليمان التيمي، عن أبي عثمان النهدي، عن سلمان به. وقال الترمذي: "هذا حديث غريب لا نعرفه مرفوعًا إلَّا من هذا الوجه، وروى سفيان وغيره عن سليمان التيمي، عن أبي عثمان، عن سلمان قوله، وكأنَّ الحديث الموقوف أصح، وسألت البخاري عن هذا الحديث فقال: ما أُراه محفوظًا، روى سفيان، عن سليمان التيمي، عن أبي عثمان، عن سلمان موقوفًا ... ". وقال الحاكم: "هذا حديث مفسر في الباب، وسيف بن هارون لم يخرجاه". فتعقبه الذهبي بقوله: "سيفٌ ضعفه جماعة". وقال أحمد: "هو منكر"، وأنكره ابن معين أيضًا، انظر: جامع العلوم والحكم (2/ 151). وقال أبو حاتم الرازي: "هذا خطأ، رواه الثقات عن التيمي، عن أبي عثمان، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلا ليس فيه سلمان". العلل لابن أبي حاتم (2/ 10). قلت: أخرج البيهقي في "السنن الكبرى" (10/ 12) من طريق الحميدي، عن سفيان، ثنا سليمان، عن أبي عثمان، عن سلمان رضي الله عنه أراه ركعه. وقال الألباني "رجال إسناده ثقات، لكن الراوي -ولعله سفيان- لم يجزم برفعه، لا سيما وقد جزم البخاري والترمذي أنَّ رواية سفيان، عن سليمان موقوفة ... ". "غاية المرام" (ص: 16). وللحديث طرق أخرى عن سلمان مرفوعة، لكنها ضعيفة. انظر: غاية المرام للألباني (ص: 16 - 17). فالحديث بهذه الطرق ثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، والله أعلم.

وخَرَّج البخاري حديث الموطأ من طريق التنيسي عن مالك (¬1). وفي بعض طرقه "من الإناء الواحد". قاله أيوب وغيرُه عن نافع، وهو معنى الحديث، انظره لأبي داودَ (¬2). وجاء عن أم صُبَيَّة (¬3) خَوْلةَ بنت قَيسي الجُهنِيَّة أنَّها قالت: "اختلفتْ يدِي ويد رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - في إناء واحدٍ في الوضوء". خَرَّجه قاسم بن أصبغ، والدارقطني في السنن (¬4). ¬

_ (¬1) سبق تخريجه. قال الحافظ ابن حجر: "يستفاد منه أن البخاري يرى أن الصحابي إذا أضاف الفعل إلى زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يكون حكمه الرفع وهو الصحيح، وحُكي عن قوم خلافه لاحتمال أنه لم يطلع، وهو ضعيف لتوفر دواعي الصحابة على سؤالهم إياه عن الأمور التي تقع لهم ومنهم، ولو لم يسألوه لم يُقَرّوا على فعل غير الجائز في زمن التشريع". الفتح (1/ 358). (¬2) سنن أبي داود (1/ 62) (رقم: 79) من طريق مسدد عن حماد عن أيوب به. و(برقم: 80) من طريق عبيد الله عن نافع. وكذا رواه هشام بن عمار عن مالك عند ابن ماجه، وأبي أحمد الحاكم في عوالي مالك (ص: 70). وتابعه: أبو مصعب الزهريّ (1/ 26) (رقم: 56). (¬3) في الأصل: "ظبية"، بالظاد والصواب المثبت، وصُبَية بضم الصاد وفتح الباء الموحدة، واسمها خولة بنت قيس الجهنية، أسلمت وبايعت بعد الهجرة. انظر: طبقات ابن سعد (8/ 229)، الاستيعاب (4/ 1943)، توضيح المشتبه (5/ 433). (¬4) أخرجه الدارقطني في السنن (1/ 53) (رقم: 9)، والبخاري في الأدب المفرد (ص: 363) (رقم: 1054)، وأحمد في المسند (6/ 366)، والترمذي في العلل الكبير (1/ 131)، وابن سعد في الطبقات (8/ 229)، والطبراني في المعجم الكبير (24/ 235) (رقم: 595)، ومن طريقه المزي في تهذيب الكمال (8/ 6) من طرق عن خارجة بن الحارث الجهني عن سالم بن سرج أبي النعمان عن أم صُبيّة به. وسنده حسن، خارجة بن الحارث صدوق كما في الكاشف (1/ 200)، والتقريب (رقم: 1607). وسالم بن سَرج -بفتح المهملة وسكون الراء وبعدها جيم- ثقة. التقريب (رقم: 2174). =

وانظر حديث الغسل لعائشة في الزيادات (¬1). 185/ حديث: "أنَّ عبد الله بنَ عمر كان إذا سُئِل عن صلاةِ الخَوفِ قال: يتقدَّم الإمامُ وطائفةٌ من الناس ... ". فذَكَرَ صفةً معناها: أنَّ الإمامَ يُصلِّي بالطائِفةِ الأولى ركعةً، وبالثانية أخرى، ثم يُسلم وحدَه، ويتمّ الجميعُ بعد سلامِه، وذَكَرَ شِدَّةَ الخوف، وصلاتَهم عند ذلك قيامًا على أقدامِهم، ورُكبانًا إلى القبلَةِ أو إلى غيرِها. وفي آخِرِه قال نافع: "لا أُرى عبد الله حدَّثه إلاّ عن رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - " (¬2). ¬

_ = وتابع خارجةَ بنَ الحارث: - أسامةُ بنُ زيد الليثي، أخرجه من طريقه أبو داود في السنن (1/ 61) (رقم: 78)، وابن ماجه في السنن (1/ 135) (رقم: 382)، وأحمد في المسند (6/ 367)، والترمذي في العلل الكبير (1/ 130)، وابن سعد في الطبقات (8/ 229)، وابن أبي شيبة في المصنف (1/ 40) (رقم: 371)، وابن أبي خيثمة في التاريخ (ص: 256/ 1384 - رسالة كمال)، و (3/ ل: 106/ ب)، والطحاوي في شرح المعاني (1/ 25)، والطبراني في المعجم الكبير (24/ 235 - 236) (رقم: 596 - 599)، وفي (25/ 168) (رقم: 409)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (2/ ل: 381/ ب)، والبيهقي في السنن الكبرى (1/ 190). وأسامة بن زيد الليثي صدوق يهم. التقريب (رقم: 317). فالحديث صحيح بالطريقين، والله أعلم. - أبو حفص: أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (24/ 236) (رقم: 600)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (2 /ل: 381 / ب) من طريق يونس بن محمَّد عن محمَّد بن مهزم عن أبي حفص عن أبي النعمان به. تنبيه: توضؤ الرجال والنساء جميعًا في إناء واحد كان قبل نزول الحجاب والله أعلم. الفتح (1/ 359). (¬1) سيأتي حديثها (4/ 466). (¬2) الموطأ كتاب: صلاة الخوف، باب: صلاة الخوف (1/ 164) (رقم: 3). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: التفسير، باب: {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا} (5/ 194) (رقم: 4535) من طريق عبد الله بن يوسف عن مالك به.

هكذا في الموطأ (¬1)، ورَفَعَه إسحاقُ بن عيسى الطبّاع عن مالك، ذكَرَ فيه عن نافع أنَّ ابن عمر روى ذلك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، على القَطع (¬2). وقال فيه موسى بنُ عُقبةَ، عن نافع، عن ابن عمر: "صلى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - صلاةَ الخوف في بعضِ أيامِه ... "، وساقه، خُرِّج في الصحيح (¬3). وقال شعيبٌ، عن الزهريّ، عن سالم، عنِ أبيه: "غَزَوت مع رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - قِبل نجد، فوازَيْنَا العَدُوُّ ... "، وذكره، خرَّجه البخاري (¬4). وغزوةُ نَجد هذه هي الثانية، وهي غزوةُ ذاتِ الرِّقاع المذكورة في حديث صالح عن مَن لَم يُسَمِّه (¬5). ¬

_ (¬1) انظر الموطأ برواية: - أبي مصعب الزهريّ (1/ 233) (رقم: 601)، وسويد بن سعيد (ص: 209) (رقم: 420)، ومحمد بن الحسن (ص: 103) (رقم: 290)، والقعنبي (ل: 43 / ب- نسخة الأزهرية-)، ويحيى بن بكر (ل: 40 / ب- نسخهَ السليمانية-). - وكذا هو من طريق عبد الله بن يوسف عند البخاري، وأخرجه ابن خزيمة في صحيحه (2/ 90، 307) (رقم: 980، 1367) من طريق ابن وهب، والشافعي به. (¬2) أخرجه من طريقه ابن خزيمة في صحيحه (2/ 90، 306) (رقم: 981, 1366). ثم قال ابن خزيمة في الموضع الثاني: "روى أصحاب مالك هذا الخبر عنه فقالوا: قال نافع: لا أرى ابن عمر ذكره إلاَ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ". (¬3) أخرجه مسلم في صحيحه كتاب: صلاة المسافرين، باب: صلاة الخوف (1/ 574) (رقم: 839). (¬4) صحيح البخاري كتاب: صلاة الخوف، باب: صلاة الخوف (1/ 272) (رقم: 942). وأخرحه مسلم في صحيحه (1/ 574) (رقم: 839) من طريق معمر عن الزهريّ بلفظ: "صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة الخوف ... ". وفي هذا دليل أنّ الحديث مرفوع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -. (¬5) سيأتي حديثه (3/ 597).

وهذه الصِفة هي اختيارُ أَشهَب من أصحابِ مالك (¬1). وانظر حديث سَهل بن أبي حَثمَة (¬2)، ومن صلّى مع رسولِ الله- صلى الله عليه وسلم - في المبهمين (¬3). • حديث: نافع: أن عبد الله بن عمر كان إذا افتَتَح الصلاةَ رَفَعَ يديه حَذوَ مَنكِبَيه ... وذكَر الرَّفعَ من الركوع (¬4). هذا موقوف في الموطأ (¬5)، وروي عن يحيى القطان وغيرِه، عن مالك مرفوعًا (¬6). وخَرَّجه البخاري من طريق عُبيد الله، عن نافع مستوعبًا، وقال في آخِره: "ورَفَع ذلك ابنُ عمر إلى نَبيِّ الله - صلى الله عليه وسلم -" (¬7). ¬

_ (¬1) انظر: التمهيد (15/ 260)، المنتقى (1/ 324)، بداية المجتهد (1/ 218)، القبس (1/ 378). ورجّح ابن عبد البر هذه الصفة دون غيرها؛ لأنها أصح إسنادًا وأشبهها بالأصول. التمهيد (15/ 278). وللفقهاء تفاصيل كثيرة في كيفية صلاتها على حسب اختلاف الأحاديث في ذلك. قال أحمد: "كل حديث يروى في أبواب صلاة الخوف فالعمل به جائز". المغني (3/ 311). (¬2) سيأتي حديثه (3/ 120). (¬3) سيأتي حديثه (3/ 597)، وسيذكر المصنِّف هناك بعض أقوال أهل العلم في ذلك. (¬4) الموطأ كتاب: الصلاة، باب: افتتاح الصلاة (1/ 87). وأخرجه أبو داود في السنن كتاب: الصلاة، باب: افتتاح الصلاة (1/ 475) (رقم: 742) من طريق القعنبي عن مالك به. (¬5) انظر الموطأ برواية: - أبي مصعب الزهريّ (1/ 81) (رقم: 210)، وسويد بن سعيد (ص: 104) (رقم: 135)، ومحمد بن الحسن (ص: 57) (رقم: 100)، والقعنبي (ل: 15/ ب- نسخة الأزهرية-)، ويحيى بن بكير (ل: 14 / ب- نسخة السليمانية-). (¬6) أخرجه ابن حبان في الصلاة، كما في إتحاف المهرة (9/ 276) من طريق يحيى القطان، ولم أقف عليه في الإحسان. (¬7) صحيح البخاري كتاب: الصلاة، باب: رفع اليدين إذا قام من الركعتين (1/ 223) (رقم: 739). واختلف على نافع في رفع الحديث ووقفه، والرفع صحيح. انظر: الفتح (2/ 262 - 664).

وتقدَّم حديث سالمٍ عن أبيه (¬1). • حديث: "دَخَلَ الكعبةَ هو وأسامةُ وبلالٌ وعثمان بن طلحة ... " (¬2). هذا مُركيفي الموطأ، بعضُه لابنِ عمر وبعضُه لبلال، وقد تقدم له (¬3)، وهو في روايةِ إسحاق الطبَّاع وابنِ مهدي وجماعةٍ خارِجَ الموطأ عن مالك لابن عمر وحدَه، قال فيه: "إن؛ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - صلى في البيت ... "، ذَكَرَ الصلاةَ وحَدَّ الموضِعَ، ولم يَذكر فيه بلالًا ولا غيرَه (¬4). ¬

_ (¬1) تقدّم حديثه (2/ 340). (¬2) الموطأ كتاب: الحج، باب: الصلاة في البيت وقصر الصلاة وتعجيل الخطبة بعرفة (1/ 319) (رقم: 193). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الصلاة، باب: الصلاة بين السواري في غير جماعة (1/ 159) (رقم: 505) من طريق عبد الله بن يوسف. وقال في آخره: وقال لنا إسماعيل: حدّثني مالك. ومسلم في صحيحه كتاب: الحج، باب: استحباب دخول الكعبة للحاج وغيره ... (2/ 966) (رقم: 1329) من طريق يحيى النيسابوري. وأبو داود في السنن كتاب: المناسك، باب: الصلاة في الكعبة (2/ 524) (رقم: 2023) من طريق القعنبي. و (برقم: 2024) من طريق ابن مهدي. والنسائي في السنن كتاب: القبلة (2/ 63) من طريق ابن القاسم. وأحمد في المسند (2/ 113، 138)، (6/ 13) من طريق ابن مهدي، وإسحاق الطباع، سبعتهم عن مالك به. (¬3) تقدّم حديثه (2/ 97). (¬4) رواية إسحاق الطباع وابن مهدي عند أحمد، لكن وقع في الروايتين ذكر بلال وغيره. وأما أبو داود فأورده من طريق ابن مهدي عقب رواية القعنبي عن مالك وقال: "بهذا الحديث لم يذكر السواري قال: "ثم صلى وبينه وبين القبلة ثلاثة أذرع". فلعل الحديث جاء عن ابن مهدي على الوجهين، ويؤيّده أن الدارقطني ذكره فيمن ذكروا بلالًا، وذكره أيضًا فيمن لم يذكروه كما في العلل (7/ 187). =

قال الدارقطني: "والصحيح قول من ذكَرَ فيه بلالًا" (¬1). وقد رُوي عن ابن عمر عن الثلاثةِ المذكورين في الموطأ، خرَّجه البزّار في مسند بلال (¬2). وروى ابن عباس، عن أسامة: "أنّه دعا في نواحِيه ولَم يُصَلِّ فيه، فلما خَرَجَ ركع في قُبُلِ البيت ركعتين". خَرَّجه مسلم (¬3). وانظره في مسند بلال (¬4). • حديث: "إذا جاوز الخِتان الخِتان فقد وجبَ الغُسل" (¬5). ¬

_ = وممن لم يذكر بلالا وغيرَه: - شبابة بنُ سوار عند ابن عبد البر في التمهيد (15/ 315). - وموسى بن داود عند أبي الحسن بن صخر في جزء حديث مالك (ل: 12/ أ). قال الدارقطني: "رواه مالك في غير الموطأ عن نافع عن ابن عمر ... ولم يذكر بلالًا فيه، حدّث به عنه جماعة منهم: عبد الرحمن بن مهدي، وإسحاق بن عيسى، وهشام بن بهرام، وخالد أبو الهيثم، ومنصور بن يعقوب بن أبي نويرة، وموسى بن داود، كل هؤلاء رووه عن مالك عن نافع عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يذكروا فيه بلالا ولا غيرَه". العلل (7/ 187، 188). (¬1) العلل (7/ 192)؛ لأنَّ الذين ذكروه عن مالك أوثق ممن لم يذكره، ولإخراج صاحبي الصحيح رواية من ذكره كما سبق. (¬2) مسند البزار (4/ 191). (¬3) صحيح مسلم كتاب: الحج، باب: استحباب دخول الكعبة للحاج وغيره .. (2/ 968) (رقم: 1330). وقول من قال إنه صلى أرجح ممن لم يذكر الصلاة، وزيادة الثقة مقبولة، وسبق ذكر ذلك في مسند بلال عن الإمام البخاري والحميدي. (¬4) تقدّم حديثه (2/ 97). (¬5) الموطأ كتاب: الطهارة، باب: واجب الغسل إذا التقى الختانان (1/ 67) (رقم: 75). ورواه كذلك عن نافع موقوفًا على ابن عمر: - ابن جريج وعبد الله بن عمر عضد عبد الرزاق في المصنف (1/ 247) (رقم: 948، 946). =

كان ابن عمر يقوله، وليس فيه تصريح بالرفع، وقد يُلحَق بالمرفوع على المعنى، انظر الكلام عليه في مسند عائشة من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن (¬1)، وسعيد بن المسيب (¬2). فصل: • حديث: الضبّ. ليس عند يحيى بن يحيى إلاّ لابن دينار، وهو عند ابن بكير وطائفةٍ بهذا الإسناد، ومنهم من جَمَعهُما فيه (¬3). • حديث: قَتْلِ النساء والصِّبيان. مذكور ليحيى بن يحيى في مرسل نافع (¬4). • حديث: ليلةِ القَدْر في السَّبع الأواخر. مذكورٌ ليحيى في مرسلِ مالك (¬5). * * * ¬

_ - عبيد الله بن عمر عند ابن أبي شيبة في المصنف (1/ 86) (رقم: 951). - جويرية بن أسماء عند الطحاوي في شرح المعاني (1/ 60). (¬1) سيأتي حديثها (4/ 91). (¬2) سيأتي حديثها (4/ 100). وانظر التمهيد (23/ 100 - 117). (¬3) سيأتي الكلام عليه (2/ 485). (¬4) سيأتي حديثه (4/ 596). (¬5) سيأتي حديثه (5/ 356).

مالك، عن أبي بكر بن نافع مولى ابن عمر، عن أبيه نافع، عن ابن عمر. 186/ حديث: "أمَرَ بإِحفاءِ الشَّوارِب وإعْفاءِ اللِّحَى". في الجامع، باب: الشعر (¬1). هذا الصحيحُ في إسناده، وأبو بكر اسمه كنيتُه، وله أخوان عُمر وعبد الله، ومِن الرواةِ من لم يَذكرْه في هذا الحديث (¬2). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الشعر، باب: السنة في الشعر (2/ 722) (رقم: 1). وأخرجه مسلم في صحيحه كتاب: الطهارة، باب: خصال الفطرة (1/ 222) (رقم: 259) من طريق قتيبة. وأبو داود في السنن كتاب: الترجل، باب: في أخذ الشارب (4/ 413) (رقم: 419) من طريق القعنبي. والترمذي في السنن كتاب: الأدب، باب: ما جاء في إعفاء اللحية (5/ 88) (رقم. 2764) من طريق معن، ثلاثتهم عن مالك به. (¬2) منهم: - حماد بن خالد الخياط عند أحمد في المسند (2/ 156)، ومن طريقه القطيعي في جزء الألف دينار (ص: 79) (رقم: 56). - والنعمان بن عبد السلام عند أبي نعيم في تاريخ أصبهان (2/ 67، 278) - وكذلك رواه بعض الرواة عن ابن بكير وابن وهب كما التمهيد (23/ 142). قلت: رواية ابن بكير (ل: 243 /أ- نسخة الظاهرية-)، و (ل: 189 / ب- نسخة السليمانية-) كرواية الجمهور، وكذا أخرجه من طريقه ابن عدي في الكامل (7/ 298). وهذا مما يدل على اختلاف روايات ابن بكير كما أشار إلى ذلك ابن عبد البر في التمهيد (23/ 285). أما رواية ابن وهب فأخرجها الطحاوي في شرح المعاني (4/ 230)، ومن طريقه ابن المظفر البزاز في غرائب مالك (ص: 120) (رقم: 64) عن عبد الغني بن رفاعة، عن ابن وهب، عن مالك، عن نافع. وأخرجه ابن عبد البر في التمهيد (23/ 142) من طريق أحمد بن سعيد الهمداني، عن ابن وهب، عن مالك وعبد الله عن نافع، عن ابن عمر به. وخالفهما يونس: فرواه عن ابن وهب كرواية الجماعة، أخرجه من طريقه أبو عوانة في صحيحه (1/ 189)، والطحاوي في شرح المعاني (4/ 230)، وهو كذلك في الجمع بين رواية ابن وهب وابن القاسم (ل: 117/ أ) وهي من طريق يونس. =

وقال ابنُ معين: "أبو بكر بن نافع ليس به بأس". وقال مرَّةً: "ليس بشيء" (¬1)، ولم يُسَمِّه (¬2). ¬

_ = وكذا رواه أصحابي الموطأ، انظر الموطأ برواية: أبي مصعب الزهريّ (2/ 125) (رقم: 1990)، وسويد بن سعيد (ص: 542) (رقم: 1283)، وابن القاسم (ص: 546) (رقم: 524)، وابن بكير (ل: 243 / أ- نسخة الظاهرية-). وصحح الدارقطني رواية الجماعة كما في العلل (4 /ل: 111/ ب). وقال ابن عبد البر: "وهذا لا يصح عند أهل العلم بحديث مالك (أي مالك عن نافع)، وإنما هذا الحديث لمالك عن أبي بكر بن نافع عن أبيه عن ابن عمر، هذا هو الصحيح عن مالك في إسناد هذا الحديث كما رواه يحيى وسائر الرواة عن مالك". التمهيد (24/ 142). قلت: ويؤيّد هذا الترجيح إخراج مسلم له في الصحيح على هذا الوجه، ولعل من لم يذكر فيه أبا بكر بن نافع تبع العبادة في حديث مالك، عن نافع، عن ابن عمر، والله أعلم. (¬1) التاريخ (3/ 206، 231 - رواية الدوري-). وقال ابن عدي: "وأبو بكر بن نافع قد روى عنه مالك، ولولا أنّه لا بأس به لما روى عنه مالك؛ لأنَّ مالكًا لا يروي إلا عن ثقة، وقد روى غير مالك عن أبي بكر بن نافع أشياء غير محفوظة، وأرجو أنه صدوق لا بأس به". الكامل (7/ 218). وأخرج حديثَه هذا مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي في حديث مالك، وليس في عندهم غيره. انظر: تهذيب الكمال (34/ 145). وعليه يمكن حمل قول ابن معين: "ليس بشيء"، على قلّة حديث الراوي لا على التضعيف الشديد، فإنه قد عهد من قول ابن معين ذلك فيمن يقلّ حديثه. وانظر: بيان الوهم والإيهام لابن القطان (5/ 565)، وهدي الساري (ص: 441)، وطليعة التنكيل (1/ 54, 55 - مع التنكيل-). (¬2) وكذا ذكره أبو أحمد الحاكم في الأسامي والكنى (2/ 255) (رقم: 764) في من لم يقف على اسمه. وقال ابن عبد البر: "لا يوقف على اسمه". التمهيد (23/ 141). وأخرج ابن حبان حديثه هذا في صحيحه (الإحسان) (12/ 288) (رقم: 5475)، وسمّاه: عمر. وقال ابن حجر: "يقال: اسمه عمر". التقريب (رقم: 7991). وهذا وهَم من ابن حبان، فعمر هذا أخوه كما سبق. انظر ترجمة عمر بن نافع في: تهذيب الكمال (21/ 512)، وكان ثقة. وترجمة أخيهما عبد الله في: تهذيب الكمال (16/ 213)، وكان واهيًا.

5/ عبد الله بن دينار مولى ابن عمر، عنه. اثنان وعشرون حديثًا. مالك، عن ابن دينار. 187/ حديث: ذَكَرَ عمر لرسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - أنّه تُصيبُه جنابةٌ من الليل ... فيه: "توضّأ واغسِلْ ذَكَرَكَ ثمّ نَمْ". في الطهارة (¬1). هكذا في الموطأ لابن عمر ذَكَرَه ولم يُسنِدْه إلى أبيه، ولا ذَكَر أنه أخبَرَه به (¬2)، وقال فيه قُراد أبو نوح وطائفةٌ عن مالك: ابن عمر، عن عمر (¬3). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الطهارة، باب: وضوء الجنب إذا أراد أن ينام أو يطعم قبل أن يغتسل (1/ 67) (رقم: 76). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الغسل، باب: الجنب يتوضأ ثم ينام (1/ 94) (رقم: 290) من طريق عبد الله بن يوسف. ومسلم في صحيحه كتاب: الحيض، باب: جواز نوم الجنب واستحباب الوضوء له .. (1/ 229) (رقم: 306) من طريق يحيى النيسابوري. وأبو داود في السنن كتاب: الطهارة، باب: في الجنب ينام (1/ 150) (رقم: 221) من طريق القعنبي. والنسائي في السنن كتاب: الطهارة، باب: وضوء الجنب وغسل ذكره إذا أراد أن ينام (1/ 140) من طريق قتيبة. وأحمد في المسند (2/ 64) من طريق ابن مهدي، خمستهم عن مالك به. (¬2) انظر الموطأ برواية: أبي مصعب الزهريّ (1/ 53) (رقم: 130)، وسويد بن سعيد (ص: 87) (رقم: 91)، وابن القاسم (ص: 313) (رقم: 280)، والقعنبي (ص: 58)، و (ل: 11 - نسخة الأزهرية-)، وابن بكير (ل: 11/ ب- نسخة السليمانية-)، ومحمد بن الحسن (ص: 45) (رقم: 55). (¬3) أخرجه النسائي في السنن الكبرى كتاب: عشرة النساء، باب: اختلاف الناقلين لخبر عبد الله بن عمر (5/ 332) (رقم: 9055) من طريق أبي نوح قراد وهو عبد الرحمن بن غزوان. =

واختُلِف فيه على ابن دينار ونافع (¬1). ¬

_ = وتابعه مروان بن محمَّد كما في العلل (2/ 64). وقراد ثقة له أفراد كما التقريب (رقم: 3977). وأما مروان بن محمَّد فلا أدري من هو، فقد روى عن مالك ممن اسمه مروان بن محمَّد ثلاثة: - مروان بن محمَّد الطَاطَري وهو ثقة. التقريب (رقم: 6573). - ومروان بن محمَّد السنجاري، ضعيف. التقريب (رقم: 6574). - ومروان بن محمَّد الموصلى. وذكرهم الخطيب في الرواة عن مالك (ل: 12 /ب- مختصر العطار-). وأيًّا كان منهم فالصحيح عن مالك ما رواه أصحابه الثقات عنه، والله أعلم. (¬1) أما ابن دينار فرواه عنه مالك، عن ابن عمر. وتابعه: - شعبة عند الإِمام أحمد في المسند (2/ 46)، والطيالسي في مسنده (ص: 5)، وأبي عوانة في صحيحه (1/ 278)، وابن خزيمة في صحيحه (1/ 107) (رقم: 214)، والطحاوي في شرح المعاني (1/ 127)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (4/ 13) (رقم: 1212). - وعبد العزيز بن مسلم عند أحمد في المسند (2/ 74). - وصالح بن قدامة عند النسائي في السنن الكبرى (5/ 332) (رقم: 9057). - وإسماعيل بن جعفر عند ابن حبان في صحيحه (الإحسان) (4/ 16) (رقم: 1214). - والحسن بن صالح عند أبي نعيم في الحلية (7/ 332). - وسفيان بن عيينة، واختلف عليه: فرواه عنه الحميدي في المسند (2/ 291) (رقم: 657)، وابن الجارود في المنتقى (1/ 98) (رقم: 95) من طريق عبد الله بن هاشم ومحمود بن آدم، وابن خزيمة في صحيحه (1/ 107) (رقم: 212) من طريق سعيد بن عبد الرحمن المخزومي وجعلوه من مسند ابن عمر. - وسفيان الثوري، واختلف عليه: فرواه أحمد في المسند (2/ 56، 116) من طريق يحيى القطان والفضل بن دكين، والطحاوي في شرح المعاني (1/ 127) من طريق الفضل بن دكين والفريابي وأبي حذيفة -وهو موسى بن مسعود- كلهم عنه عن ابن دينار عن ابن عمر من مسنده. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وخالفهم: - سفيان بن عيينة من رواية الإِمام أحمد عنه في المسند (1/ 24). وأخرجه ابن خزيمة في صحيحه (1/ 106) (رقم: 211)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (4/ 18) (رقم: 1216) من طريق أحمد بن عبدة عنه. - والثوري عند أحمد في المسند (1/ 38)، والدارقطني في العلل (2/ 65) من طريق أبي أحمد محمَّد بن عبد الله الزبيري. وتابعه: أبو داود الحفري ويحيى بن آدم وحسين بن حفص كما في العلل للدارقطني (1/ 63) عن الثوري وجعلوه من مسند عمر رضي الله عنه. والراجح من رواية ابن عيينة من جعله من مسند ابن عمر؛ لأنّهم أكثر. وكذا رواية الثوري؛ لأنّهم أوثق وهم الفضل بن دكين ويحيى القطان وتابعهما الفريابي وموسى بن مسعود، وأما المخالفون فهم أقلّ ضبطًا منهم. قال أحمد: "أبو أحمد الزبيري كان كثير الخطأ في حديث سفيان". تاريخ بغداد (5/ 403). وقال ابن نمير: "أبو أحمد الزبيري صدوق وهو في الطبقة الثالثة من أصحاب الثوري". المصدر السابق. وقال ابن أبي خيثمة: "سمعت يحيى بن معين وسئل عن أصحاب الثوري أيهم أثبت؟ قال: هم خمسة، يحيى بن سعيد ووكيع بن الجراح وعبد الله بن المبارك وعبد الرحمن بن مهدي وأبو نعيم بن دكين، فأما الفريابي وأبو حذيفة وقبيصة وعبيد الله وأبو عاصم وأبو أحمد الزبيري وعبد الرزاق وطبقته فهم كلهم في سفيان بعضهم قريب من بعض، وهم ثقات كلهم، دون أولئك في الضبط والمعرفة". شرح العلل (2/ 722). وكذا يحيى بن آدم وحسين بن حفص وأبو داود الحفري دون الطبقة الأولى في الحفظ والإتقان. انظر: المعرفة والتاريخ (1/ 717)، شرح العلل (2/ 722 - 726). ومما سبق يتبيّن أن الصحيح من رواية ابن دينار لهذا الحديث من جعله من مسند ابن عمر. وأما نافع فرواه عنه: - الليث بن سعد عند البخاري في صحيحه (1/ 94) (رقم: 287). - وابن جريج عند مسلم في صحيحه (1/ 249) (رقم: 306). - وأسامة بن زيد، ويحيى بن أبي كثير عند النسائي في السنن الكبرى (5/ 334) (رقم: 9063، 9065). =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = - وأيوب السختياني عند عبد الرزاق في المصنف (1/ 289) (رقم: 1075)، وأحمد في المسند (1/ 35)، (2/ 36) من طريق معمر عنه. وعزاه الحافظ في أطراف المسند (3/ 495) من طريق سفيان عنه. - وعمرو بن سعد الفدكي عند النسائي في السنن الكبرى (5/ 334) (رقم: 9064). - ويحيى بن سعيد عند النسائي في السنن (1/ 139) من طريق عبيد الله بن سعيد. - وعبيد الله بن عمر، واختلف عليه فرواه: عبد الله بن المبارك عند النسائي في السنن الكبرى (5/ 333) (رقم: رقم: 9060). وحماد بن أسامة عند مسلم في صحيحه (1/ 248) (رقم: 306). ومحمد بن عبيد عند أحمد في المسند (2/ 102)، وأبي عوانة (1/ 277)، والبيهقي في السنن الكبرى (1/ 200)، والحاكم في علوم الحديث (ص: 125). وعبد الأعلي بن عبد الأعلى عند ابن ماجه في السنن (1/ 193) (رقم: 585). وعبد الله بن نمير من رواية ابنه محمَّد عند مسلم في صحيحه (1/ 248/ 306). وعبد الرزاق عند أحمد في المسند (1/ 36)، (2/ 36)، وعبد بن حميد في مسنده (2/ 17) (رقم: 748)، وأبي عوانة في صحيحه (1/ 277). (وهو في المصنف (1/ 278) (رقم: 1074) عن ابن عمر عن عمر؟ ! ووقع فيه أيضًا عن عبد الله وكذا في المسند (1/ 36) بدل عبيد الله، والصحيح عبيد الله، كذا ذكره الحافظ في أطراف المسند، وكذا هو عند عبد بن حميد وأبي عوانة وأحمد في (2/ 36). وخالد بن الحارث عند النسائي في السنن الكبرى (5/ 333) (رقم: 9061). ومعتمر بن سليمان عند ابن أبي شيبة في المصنف (1/ 63) (رقم: 677)، كل هؤلاء عن عبيد الله من مسند ابن عمر. وخالفهم عن عبيد الله: عبيدة بن حميد عند أحمد في المسند (1/ 17)، والنسائي في السنن الكبرى (5/ 333) (رقم: 9058). ولا شك أن رواية الجمع أولى من روايته. وخالف هؤلاء عن نافع: - ابن إسحاق عند أحمد في المسند (1/ 16، 44) والطحاوي في شرح المعاني (1/ 127). - يحيى بن سعيد القطان عند مسلم في صحيحه (2/ 248) (رقم: 306) ولم يسق لفظه، والترمذي =

والصحيح قول من قال فيه: "أنَّ عمر ... "، ولم يسنِده إليه، قاله الدارقطني (¬1)، وهكذا خرّج في الصحيح (¬2). 188/ حديث: "إن بلالًا يُنادي بليلٍ فكُلُوا واشرَبوا حتى ينادِي ابنُ أم مَكتوم". في الصلاة (¬3). هذا مختصرٌ ليس فيه حال ابنِ أمّ مكتوم ولا وَقت أذانِه، وذلك في مرسلِ سالم (¬4). ¬

_ = (1/ 206) (رقم: 120)، والنسائي في السنن الكبرى (5/ 333) (رقم: 9059)، والبزار في المسند (1/ 253) (رقم: 147). - أيوب السختياني عند النسائي في السنن الكبرى (5/ 334) (رقم: 9063) من طريق هلال بن العلاء عن معلى عن وهيب عن أيوب. وخالف وهيبًا: سفيان ومعمر كما سبق. وهلال بن العلاء صدوق. - عبد الله بن نمير عند أحمد في السند (1/ 35). وخالف أحمدَ: محمَّد بن عبد الله بن نمير. والراجح كان الروايات عن نافع ما رواه الأكثر والأحفظ، ويؤيَده إخراج البخاري ومسلم واتّفاقهما على رواية من جعله من مسند ابن عمر، والله أعلم بالصواب. (¬1) العلل (2/ 64)، وقال أيضًا: "وهو المحفوظ المضبوط". (2/ 65). (¬2) سبق تخريجه. (¬3) الموطأ كتاب: الصلاة، باب: قدر السحور من النداء (1/ 86) (رقم: 14). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الأذان، باب: الأذان بعد الفجر (1/ 191) (رقم: 620) من طريق عبد الله بن يوسف. والنسائي في السنن كتاب: الأذان، باب: الموذنان للمسجد الواحد (2/ 10) من طريق قتيبة. وأحمد في المسند (2/ 64) من طريق ابن مهدي، ثلاثتهم عن مالك به. (¬4) سيأتي حديثه (5/ 231).

189/ حديث: "كان يصلي على راحِلتِه في السفرِ حيتْ تَوجهَت به". في باب النافلة في السفر وعلى الدّابة (¬1). وليس في حديث مالكٍ هذا ذكرُ النافلةِ، وزاده موسى بن عُقبة وغيرُه عن ابن دينار (¬2). وقال فيه جُوَيْرِيَة، عن نافع، عن ابن عمر: "صلاة الليل إلاّ الفرائض"، خَرَّجه البخاري (¬3). وانظر حديث سعيد بن يسار عنه (¬4). 190/ حديث: "بينما النَّاس بقباء في صلاةِ الصُّبح إذ جاءهم آتٍ فقال: إن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قد أُنزِل عليه الليلةَ قرآن، وقد أُمِرَ أن يَستقبِلَ الكعبةَ ... ". وفيه: ذِكرُ الاستِدارَة. ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: قصر الصلاة في السفر، باب: صلاة النافلة في السفر بالنهار والليل والصلاة على الدابة (1/ 142) (رقم: 26). وأخرجه مسلم في صحيحه كتاب: صلاة المسافرين وقصرها، باب: جواز صلاة النافلة على الدابة في السفر حيث توجّهت به (1/ 487) (رقم: 700) من طريق يحيى النيسابوري. والنسائي في السنن كتاب: الصلاة، باب: الحال التي يجوز فيها استقبال غير القبلة (1/ 244)، وفي كتاب: القبلة (2/ 61) من طريق قتيبة. وأحمد في المسند (2/ 66) من طريق إسحاق الطباع وابن مهدي، أربعتهم عن مالك به. (¬2) كذا في الأصل، ولم أقف على رواية موسى بن عقبة، عن ابن دينار، بل رواه البخاري في صحيحه كتاب: تقصير الصلاة، باب: صلاة التطوع على الدواب .. (2/ 333) (رقم: 1095) من طريق موسى بن عقبة، عن نافع، عن ابن عمر، وفيه: "أنه كان يصلي على راحلته ويوتر عليها" الحديث. وأخرجه مسلم في صحيحه (1/ 487) (رقم: 700) من طريق يزيد بن الهاد، عن ابن دينار، عن ابن عمر: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يوتر على راحلته". (¬3) صحيح البخاري كتاب: الوتر، باب: الوتر في السفر (2/ 302) (رقم: 1000). (¬4) سيأتي حديثه (2/ 504).

في الصلاة عند آخره (¬1). هذا محمولٌ على الاتِّصالِ، خُرِّج في الصحيح، وهو معدودٌ لابنِ عمر إذ لم يُسَمِّ الآتي، وجاء عن جابرٍ وأنسٍ: "أنَّ الآتيَ كان مناديَ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - " (¬2). ¬

_ (¬1) كتب الناسخ في الحاشية أن في نسخة أخرى زيادة: "حاشية: في ما جاء في القِبلة". وهو الموطأ كتاب: القِبلة، باب: ما جاء في القبلة (1/ 173) (رقم: 6). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في القِبلة (1/ 132) (رقم: 403) من طريق عبد الله بن يوسف، وفي التفسير، باب: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ ... } (5/ 181) (رقم: 4494) من طريق يحيى بن قزعة، وفي باب: {وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} من طريق قتيبة، وفي أخبار الآحاد، باب: ما جاء في إجازة خبر الواحد الصدوق في الأذان والصلاة ... (8/ 481) (رقم: . 7250) من طريق إسماعيل بن أبي أويس. ومسلم في صحيحه كتاب: الصلاة، باب: تحويل القبلة من القدس إلى الكعبة (1/ 375) (رقم: 526) من طريق قتيبة. والنسائي في السنن كتاب: القِبلة، باب: استبانة الخطأ بعد الاجتهاد (2/ 61) من طريق قتيبة. وأحمد في المسند (2/ 113) من طريق إسحاق الطباع، خمستهم عن مالك به. (¬2) لم أقف على حديث جابر. وأما حديث أنس، فأخرجه البخاري في التاريخ الكبير (2/ 216)، والدراقطني في السنن (1/ 274)، وفي الأفراد كما في أطرافه (ل: 67 /أ)، والطبراني في المعجم الأوسط (2/ 151) (رقم: 1545) من طريق زيد بن الحباب، عن جميل بن عبيد أبي النضر الطائي، عن ثمامة ابن عبد الله، عن جده، عن أنس بن مالك به، وفيه: "نادى منادي رسول الله: قد حوّلت القبلة ... ". قال الدارقطني: "تفرّد به جميل عن ثمامة". وقال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن ثمامة إلَّا جميل، تفرّد به زيد". قلت: وفي سنده جميل بن عبيد الطائي، ذكره البخاري في التاريخ الكبير (2/ 216) ولم يذكر فيه شيئًا، وذكره ابن حبان في الثقات (6/ 147). وزيد بن الحباب صدوق يخطئ في حديث الثوري كما في التقريب (رقم: 2124). وأصل الحديث في صحيح مسلم (1/ 375) (رقم: 527) من طريق ثابت، عن أنس، وفيه: "فمرَّ رجل من بني سلمة وهم ركوع في صلاة الصبح وقد صلوا ركعة، فنادى: ألا إن القبلة قد حوِّلت، فمالوا كما هم نحو القبلة".

والاستدارةُ محمولة على الرَّفع للعلمِ بها وعَدمِ إنكارِها. وانظر مرسل سعيد بن المسيب (¬1). 191/ حديث: "الشهرُ تِسعٌ وعشرون فلا تصوموا حتى تروا الهلال ... ". وذَكَر الإفطارَ. فيه: "وإن غُمَّ عليكم فاقدُروا له". في أوّل الصيام (¬2). خَرَّجه البخاري من طريق القعنبي، عن مالك، عن ابن دينار وقال فيه: "فإن غمَّ عليكم فأَكْمِلوا العِدة ثلاثين" (¬3). وأمّا أوّنه فالمحفوظُ عنه عن ابن عمر: "الشهرُ تِسع وعشرون"، على العمومِ واستغرِاقِ الجِنس، وقال فيه أيّوب عن نافع عنه: "إنَّما الشهرُ تسعٌ وعشرون" خرَّجه الدارقطني في السنن (¬4). وجاء في حديث الإيلاء لعائشةَ وأمِّ سلمةَ وغيرِهما أنَّ الشهرَ يكون تِسعًا وعشرين (¬5). ¬

_ (¬1) سيأتي حديثه (5/ 196). (¬2) الموطأ كتاب: الصيام، باب: ما جاء في رؤية الهلال للصوم والفطر في رمضان (1/ 239) (رقم: 2). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الصوم، باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إذا رأيتم الهلال فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا" (2/ 588) (رقم: 1907) من طريق القعنبي عن مالك به. (¬3) فيكون مالك رواه على الوجهين، ويفسّر قوله: "فاقدروا له" أي انظروا أول الشهر واحسبوا تمام ثلاثين، وأولى ما فُسّر الحديث بالحدثِ. انظر: القبس (2/ 483)، الفتح, (4/ 145). (¬4) سنن الدارقطني (2/ 161) (رقم: 22). وهو بهذا الإسناد والمتن في صحيح مسلم كتاب: الصيام، باب: وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال .. (2/ 759) (رقم: 1080). (¬5) حديث عائشة: أخرجه مسلم في صحيحه كتاب: الصوم، باب: الشهر يكون تسعًا وعشرين (2/ 763) (رقم: 1083)، وفي الطلاق، باب: الإيلاء (2/ 1113) (رقم: 1475). =

وروى أبو سلمة عن أبي هريرة مرفوعًا: "الشهرُ يكون تسعًا وعشرين ويكون ثلاثين". خَرَّجه النسائي (¬1). ¬

_ = وحديث أم سلمة: أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الصوم (2/ 588) (رقم: 1910)، وفي النكاح، باب: هجر النبي - صلى الله عليه وسلم - نساءه في غير بيوتهن (6/ 482) (رقم: 5202). ومسلم في صحيحه (2/ 764) (رقم: 1055). (¬1) أخرجه النسائي في السنن (4/ 139) من طريق علي بن المبارك عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة به. والإسناد ظاهره الصحة لثقة رواته، إلا أنه تُكلّم في رواية علي بن المبارك عن يحيى بن أبي كثير، والراجح أنَّ روايته عنه صحيحة، وهو في الطبقة الثانية من أصحابه كما في تاريخ ابن معين (4/ 180 - رواية الدوري-)، وانظر: الثقات الذين ضعّفوا في بعض شيوخهم (ص: 141). وقد خولف علي بن المبارك في إسناده ومتنه: فرواه الإِمام مسلم في صحيحه (2/ 760) (رقم: 1080) من طريق شيبان بن عبد الرحمن. والنسائي في السنن (4/ 134)، وفي الكبرى (2/ 74) (رقم: 2449)، وأحمد في المسند (2/ 40)، والطحاوي في شرح المعاني (3/ 123) من طريق معاوية بن سلاّم، كلاهما عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن ابن عمر مرفوعًا: "الشهر تسع وعشرون"، وليس فيه أنه يكون ثلاثين. وشيبان بن عبد الرحمن قال عنه أحمد: "ثبت في كل المشايخ". وقال أيضًا: "ثبت في يحيى بن أبي كثير". الجرح والتعديل (4/ 356). وقال ابن معين: "ثقة في كل شيء". سؤالات الدارمي (رقم: 56). وانظر: تهذيب الكمال (12/ 594). ومعاوية بن سلاّم ثقة كما في التقريب (رقم: 6761). وقد جاء عن ابن عمر ما يدل أنَّ الشهر يكون تسعًا وعشرين ويكون ثلاثين. أخرج مسلم في صحيحه (2/ 761) (رقم: 1080) عن ابن عمر يحدّث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنا أمّة أميّة لا نكتب ولا نحسب الشهر هكذا وهكذا وهكذا -وعقد الإبهام في الثالثة- والشهر هكذا وهكذا وهكذا" يعني تمام ثلاثين. وعلى هذه الرواية يكون تأويل حديثه "الشهر تسع وعشرون" أنه محمول على الأكثر الأغلب، أو أنَّ اللام للعهد والمراد شهر بعينه. انظر: التمهيد (17/ 80)، الفتح (4/ 147).

ويُذكرُ أنَّ عائشة أَنكرَت على ابنِ عمر إطلاقَه الشهرَ تسعٌ وعشرون، ذكره ابن شراحيل (¬1). وانظر روايةَ نافع عن ابن عمر (¬2)، وحديث ابن عباس (¬3). 192/ حديث: "تَحَرَّوا ليلةَ القَدرِ في السبع الأواخِر". مختصر (¬4). وانظر مرسلَ مالك (¬5)، وعروة (¬6)، ومسندَ أبي سعيد (¬7)، وأنس (¬8)، وعبد الله بن أُنيس (¬9). ¬

_ (¬1) لم أقف على قوله، ويحيى بن شراحيل تقدَم ذكره في المقدّمة (ص: 205). وقال الزركشي: "روى أبو منصور البغدادي بإسناده إلى ابن جريج قال: ثنا ابن أبي مليكة، عن رجل لا يكذّبه: أخبرت عائشة رضي الله عنها يقول ابن عمر رضي الله عنه: "إن الشهر تسع وعشرون"، فأنكرت ذلك عليه وقالت: يغفر الله لأبي عبد الرحمن، ما هكذا قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولكنه قال: "إنّ الشهر قد يكون تسعًا وعشرين". الإجابة لإيراد ما استدركته عائشة على الصحابة (ص: 109). وسنده ضعيفٌ لجهالة الرجل. (¬2) تقدّم حديثه (2/ 382). (¬3) سيأتي حديثه (2/ 557). (¬4) الموطأ كتاب: الاعتكاف، باب: ما جاء في ليلة القدر (1/ 262) (رقم: 11). وهذا من الأحاديث التي شك يحيى في سماعها من مالك فثبّتها من ابن زياد. وأخرجه مسلم في صحيحه كتاب: الصيام، باب: فضل ليلة القدر (2/ 823) (رقم: 1165) من طريق يحيى النيسابوري. وأبو داود في السنن كتاب: الصلاة، باب: من روى في السبع الأواخر (2/ 111) (رقم: 1385) من طريق القعنبي. والنسائي في السنن الكبرى كتاب: الاعتكاف، باب: التماس ليلة القدر في التسع والسبع والخمس (2/ 272) (رقم: 3400) من طريق ابن القاسم. وأحمد في المسند (2/ 113) من طريق إسحاق الطباع، أربعتهم عن مالك به. (¬5) سيأتي حديثه (5/ 356). (¬6) سيأتي حديثه (5/ 89). (¬7) سيأتي حديثه (3/ 227). (¬8) تقدّم حديثه (2/ 65). (¬9) سيأتي حديثه (3/ 30).

193 / حديث: "نَهَى أن يَلبسَ المحرم ثوبًا مَصبوغًا بزَعْفَرَان أو وَرْس ... ". وذَكَر قطعَ الخُفَّين عند عَدَمِ النَّعلين (¬1). من الرواة من فصَل هذا الحديث وجَعَلَه حديثين (¬2). وزاد فيه أبو عاصم النَّبيل، عن الثوري، عن ابن لم دينار، عن ابن عمر: "مَن لَم يَجِد إزارًا فليلبس سراويل" (¬3). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الحج، باب: لبس الثياب المصبغة في الإحرام (1/ 266) (رقم: 9). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: اللباس، باب: النعال السبتية وغيرها (7/ 63) (رقم: 5852) من طريق عبد الله بن يوسف. ومسلم في صحيحه كتاب: الحج، باب: ما يباح للمحرم بحج أو عمرة .. (2/ 835) (رقم: 1177) من طريق يحيى النيسابوري. والنسائي في السنن كتاب: المناسك، باب: النهي عن الثياب المصبوغة بالورس والزعفران في الإحرام (5/ 129) من طريق ابن القاسم. وابن ماجه في السنن كتاب: المناسك، باب: ما يلبس المحرم من الثياب (2/ 977) (رقم: 2930) من طريق أبي مصعب. وأحمد في المسند (2/ 66) من طريق ابن مهدي، خمستهم عن مالك به. (¬2) لم أقف على من فصله. (¬3) لم أجده من هذا الطريق مسندا، وذكره الدارقطني في العلل كما سيأتي. وأبو عاصم النبيل هو الضحاك بن مخلد ثقة ثبت كما في التقريب (2977)، إلا أنه لم يذكر هذه الزيادة عن الثوري غيرُه. والحديث عند البخاري في صحيحه كتاب: اللباس، باب: الثوب المزعفر (7/ 62) (رقم: 5874) من طريق أبي نعيم الفضل بن دكين. وعند أحمد في المسند (2/ 59) وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (9/ 98) (رقم: 3788) من طريق وكيع بن الجراح. وعند أحمد أيضًا (2/ 50 , 56 , 111) من طريق محمَّد بن عبد الله الزبيري، ويحيى القطان، ومؤمّل بن إسماعيل، خمستهم عن سفيان، ولم يذكروا هذه الزيادة. =

قال الشيخ أبو العباس رضي الله عنه: وليس بمحفوظٍ عن ابنِ عمر إباحةُ لبسِ السَّراويل، وقد جاء ذلك عن غيره، قال ابن عباس: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول وهو يَخطُب: "السراويلُ لِمن لَم يَجِدِ الإزارَ والخُفَّان لِمن لَم يَجِدِ النعلين"، خَرَّجه مسلم (¬1). وقال الدارقطني: "كلُّ مَن ذَكر السراويلَ في حديث ابنِ عمر فقد وَهِم، ومَن ذَكَرَ قطعَ الخُفَّين في حديث ابنِ عباس فقد وَهِم" (¬2). ¬

_ = وقد سبق أنَّ أوثق أصحاب الثوري وكيع وأبو نعيم ويحيى القطان. قال الدارقطني بعد أن ذكر رواية أبي عاصم النبيل وفيها: "لبس السراويل لمن لم يجد الإزار: ووهم في ذكر السراوبل؛ لأن كل من رواه عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر ومن رواه عن الثوري أيضا لم يذكروا فيه السراويل، وكذلك رواه سالم ونافع عن ابن عمر وهو الصحيح عن ابن عمر". العلل (4 /ل: 70 /ب). (¬1) صحيح مسلم (2/ 835) (رقم: 1178). وفي هذا رد على قول مالك في الموطأ (1/ 266): "لا أرى أن يلبس المحرم سراويل؛ لأنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن لبس السراويلات فيما نهى عنه من لبس الثياب التي لا ينبغي للمحرم أن يلبسها، ولم يستثن فيها كما استثنى في الخفين". (¬2) العلل (4 /ل: 70 /ب). بلفظ: "وكل من ذكر السراويل في حديث ابن عمر فقد وهم". ولم يذكر ابن عباس، ولعله ذكره في مسند ابن عباس، ولم أقف عليه فيه. قلت: وأخرج ابن حبان في صحيحه (الإحسان) (9/ 95) (رقم: 3782)، والخطيب في تاريخه (13/ 392) من طريق إبراهيم بن الحجاج السامي عن حماد بن زيد عن أيوب عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "السراويل لمن لم يجد الإزار والخفّان لمن لم يجد النعلين". وإبراهيم بن الحجاج السامي قال عنه في التقريب (رقم: 162): "ثقة يهم قليلًا". قلت: فلعل هذا الحديث من أوهامه كما قال الدارقطني. ومما يدل على وهمه أن البخاري روى الحديث في صحيحه كتاب: اللباس باب: لبس القميص (7/ 496) (رقم: 5794) من طريق قتيبة بن سعيد. =

وحديث ابن دينار هذا مختصر، انظره مُطوَّلًا لنافع عن ابن عمر (¬1). 194/ حديث: "أمَرَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أهلَ المدينة أن يُهِلُّوا من ذِي الحُلَيفةَ ... "، وذَكَرَ الجُحفَةَ وقَرْنًا، سَمِع الثلاثةَ وأخبِرَ بيَلَمْلَم. في مواقيت الإهلال (¬2). والكل معدودٌ له، انظره لنافع عنه (¬3)، وانظر مرسلَ مالك (¬4). ¬

_ = والبيهقي "السنن الكبرى (5/ 49) من طريق سليمان بن حرب ومحمد بن أبي بكر المقدمي ثلاثتهم عن حماد بن زيد عن أيوب عن نافع عن ابن عمر مرفوعًا بلفظ: " ... لا يلبس المحرم القميص ولا السراويل ولا البرنس ولا الخفين، إلا أن لا يجد النعلين فليلبس ما هو أسفل من الكعبين". ولم يذكروا فيه لبس السراويل لمن لم يجد الإزار. ورواية الأكثر مقدّمة على رواية من يهم قليلًا، خاصة أن سليمان بن حرب قال عنه أبو حاتم: "إمام من الأئمة كان لا يدلس ويتكلم لا الرجال ولا الفقه ... وهو أحب إليّ من أبي سلمة التبوذكي في حماد بن سلمة وفي كل شيء". الجرح والتعديل (4/ 108). وقال هو عن نفسه: "جالست حماد بن زيد تسع عشرة سنة". المعرفة والتاريخ (1/ 170). ومما يؤيّد وَهَم إبراهيم بن الحجاج لا هذا الحديث: "أنَّ مالكًا لا سئل عما ذُكر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ومن لم يجد الإزار فليلبس سراويل"؟ قال: لم أسمع بهذا". الموطأ (1/ 266). فكيف لا يسمع مالك بحديث يُروى من طريق شيخه نافع عن ابن عمر وقد روى عنه أصل هذا الحديث كما تقدم. فالحاصل أن من روى عن ابن عمر الرخصة لا لبس السراويل لمن لم يجد الإزار فقد أخطأ ووهم كما قال الدراقطني. (¬1) تقدم حديثه (2/ 385). (¬2) الموطأ كتاب: الحج، باب: مواقيت الإهلال (1/ 270) (رقم: 23، 24). وأخرجه الدارمي في السنن كتاب: الحج، باب: المواقيت في الحج (2/ 47) (رقم: 1790) من طريق أحمد بن عبد الله بن يونس عن مالك به. (¬3) تقدّم حديثه (2/ 386). (¬4) سيأتي حديثه (5/ 364).

195/ حديث: "خمسٌ من الدَّوابِ مَن قَتَلَهُن وهو مُحرِمٌ فلا جُناحَ عليه ... " (¬1). ليس فيه سماعُ ابنِ عمر من النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وقد روي عنه عن حفصة. وانظر روايةَ نافع عنه (¬2)، ومرسل عروة (¬3). 196/ حديث: "مَن ابتاع طعامًا فلا يَبِعه حتى يَقبِضَه". في باب العينة (¬4). وقال فيه ابن وهب: "حتى يَسْتَوْفِيه" (¬5). وانظر حديث نافع عن ابن عمر (¬6). 197/ حديث: "إذا بايعتَ فقُلْ لاَ خِلابَة". في آخر البيوع (¬7). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الحج، باب: ما يقتل المحرم من الدواب (1/ 289) (رقم: 89). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: بدء الخلق، باب: إذا وقع الذباب في شراب أحدكم .. وخمس فواسق يقتلن في الحرم (4/ 441) (رقم: 3315) من طريق القعنبي. وأحمد في المسند (2/ 138) من طريق ابن مهدي وإسحاق الطباع، ثلاثتهم عن مالك به. (¬2) تقدّم حديثه (2/ 390)، وفيه ذكر الاختلاف في سماع ابن عمر هذا الحديث من النبي - صلى الله عليه وسلم - أو من حفصة. (¬3) سيأتي حديثه (5/ 85). (¬4) الموطأ كتاب: البيوع، باب: العينة وما يشبهها (2/ 497) (رقم: 41). وأخرجه النسائي في السنن كتاب: البيوع، باب: بيع الطعام قبل أن يستوفى (7/ 285) من طريق ابن القاسم. (¬5) أخرجه من طريق ابن وهب: الطحاويُّ في شرح المعاني (4/ 38) إلا أنه قال فيه: "حتى يقبضه". (¬6) تقدّم حديثه (2/ 413)، وهو بلفظ: "حتى يستوفيه". (¬7) الموطأ كتاب: البيوع، باب: جامع البيوع (2/ 527) (رقم: 98). =

قاله لِلذي كان يُخدعُ في البيوع، وهو حَبان بن مُنْقِذ بالذال المعجمة (¬1). ¬

_ = وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: البيوع، باب: ما يكره من الخداع في البيع (3/ 27) (رقم: 2117) من طريق عبد الله بن يوسف. وفي الحيل، باب: ما ينهى عنه من الخداع في البيوع (8/ 388) (رقم: 6964) من طريق إسماعيل بن أبي أويس. وأبو داود في السنن كتاب: البيوع، باب: الرجل يقول في البيع لا خلابة (3/ 765) (رقم: 3500) من طريق القعنبي. والنسائي في السنن كتاب: البيوع، باب: الخديعة في البيع (7/ 252) من طريق قتيبة، أربعتهم عن مالك به. (¬1) اختلف في تسمية المبهم في هذا الحديث فقيل: هو حَبَّان بن منفذ، وقيل: بل هو أبوه منقذ بن عمرو. وأخرجه الحاكم في المستدرك (2/ 22) , والبيهقي في السنن الكبرى (5/ 273) من طريق ابن أبي عمر. وابن الجارود في المنتقى (2/ 158) (رقم: 567) ومن طريقه ابن بشكوال في الغوامض والمبهمات (1/ 131) (رقم: 73) من طريق محمَّد بن آدم. والدارقطني في السنن (3/ 54) (رقم: 217)، والخطيب في الأسماء المبهمة (ص: 365) من طريق عبد الجبار بن العلاء. والبيهقي في معرفة السنن (4/ 283) (رقم: 3326) من طريق الشافعي، كلُّ هؤلاء عن سفيان بن عيينة، عن محمَّد بن إسحاق، عن نافع، عن ابن عمر: "أنَّ حبان بن منقد كان سفع في رأسه مأمومة ... "، الحديث. وقال الذهبي في تلخيص المستدرك: "صحيح". قلت: رسنده حسن من أجل ابن إسحاق، وقد صرح بالتحديث عند الإمام أحمد في المسند (2/ 129)، إلاّ أنّه أبهم اسم الرجل فيه. وأخرجه الحميدي في المسند (2/ 292) (رقم: 262) ومن طريقه ابن بشكوال في الغوامض والمبهمات (1/ 131) (رقم: 75) عن سفيان عن ابن إسحاق عن نافع عن ابن عمر به، وسمّاه منقذ بن عمرو. والبخاري في التاريخ الصغير (الأوسط) (1/ 87)، والدارقطني في السنن (3/ 55) (رقم: 220)، والبيهقي في السنن الكبرى (5/ 272)، والخطيب في الأسماء المبهمة (ص: 365) من طرق عن ابن إسحاق عن نافع عن ابن عمر، وفيه: قال ابن إسحاق: "وحدّثني محمَّد بن يحيى بن حَبَّان قال: هو جدّي منقذ بن عمرو". =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وأخرجه أبو نعيم في معرفة الصحابة (2 / ل: 208 / أ) من طريق عباد بن العوام عن ابن إسحاق عن محمَّد بن يحيى بن حبان حدّثني منقذ بن عمر، وقد بلغ ثلاثين ومائة سنة، وذكر القصة. والرواية الأولى عند الحميدي حسنةٌ إلَّا أنّه خالف كلَّ الرواة عن سفيان في تسمية الرجل المبهم، وأما رواية محمَّد بن إسحاق عن محمَّد بن يحيى بن حبان فهي مرسلة؛ لأنَّ محمدا ليس بصحابي ولم يدرك لقصة، لكنه إرسال لا يؤثر في تسمية الرجل المبهم. وأما رواية عباد بن العوام فاختلف عنه، فرواه إسماعيل بن سعيد عنه بالوصل، وخالفه سعيد بن سليمان ومعلى بن منصور، روباه عن عباد مرسلًا، والكل عند أبي نعيم في معرفة الصحابة. وأخرجه ابن أبي شيبة في المسند (ل: 13/ أ) من طريق عبد الأعلى عن محمَّد بن إسحاق عن محمَّد بن يحيىى بن حبان قال: حدّثني منقذ بن عمرو، وذكر القصة. وعلى هذه الروايات اختلف العلماء في الترجيح. فحكى الخطيب وابن بشكوال القولين وسكتا. وقال ابن حجر: "والحاصل أنه اختلف في القصة هل وقعت لحبّان بن منقذ أو لأبيه منقذ بن عمرو؟ ". الإصابة (2/ 12). ورجّح النووي أنه منقذ بن عمرو فقال: "الأصح المشهور أنه منقذ، كذا ذكره البخاري في تاريخه ورواه بإسناده ولم يذكر غيره". الإشارات (ص: 574 - آخر الأسماء المبهمة-). وقول النووي مشعر بترجيح البخاري أنه منقذ. وذهب النووي في موضع أخر إلى ترجيح قول من قال إنه حَبان بن منقذ. انظر: شرح صحيح مسلم (10/ 177). قلت: وهو الذي عليه أكثر الروايات. ولعل ما يؤيد هذا القول ما أخرجه الدارقطني في السنن (3/ 57) (رقم: 222) من طريق عبد الله بن لهيعة عن حبان بن واسع عن أبيه عن جدّه عن عمر. والبيهقي في السنن الكبرى (3/ 275) من طريق ابن لهيعة أيضًا عن حبان بن واسع عن طلحة بن زيد بن ركانة: "أنه كلم عمر بن الخطاب رضي الله عنه في البيوع فقال: ما أجد لكم شيئًا أوسع مما جعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لحبان بن منقذ أنه كان ضرير البصر فجعل له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عهدة ثلاثة أيام إن رضي أخذ وإن سخط ترك". وهذا ضعيفٌ من أجل ابن لهيعة. وما أخرجه ابن بشكوال في الغوامض والمبهمات (1/ 132) (رقم: 74) من طريق طاوس قال: "كان حبان بن منقذ يُخدع في بيعه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "بيع ولا خلابة". وهذا مرسل.

اختَلَّ عقلُه وثقُلِ لسانُه لِمأمومةٍ أصابته في رأسِه. ذكرَه أنس وعْيرُه (¬1)، تَكرَّر اسمه في أحاديث ولدِه محمّد بن يحيى بن حَبَّان. انظره في مسند أبي هريرة من طريق الأعرج (¬2). 198/ حديث: "نَهى عن بَيع الولاءِ وعن هِبَتِه". في الولاء (¬3). هذا المحفوظ عن ابن دينار، وفي المتن خُلْف (¬4). ¬

_ (¬1) المأمومة: هي الشجة التي بلغت أم الرأس، وهي الجلدة التي تجمع الدماغ. النهاية (1/ 68). وحديث أنس أخرجه: أبو داود في السنن (3/ 767) (رقم: 3501)، والترمذي في السنن كتاب: البيوع باب: ما جاء فيمن يخدع في البيع (3/ 552) (رقم: 1250)، والنسائي في السنن (7/ 252)، وابن ماجه في السنن كتاب: الأحكام باب: الحجر على من يفسد ماله (2/ 788) (رقم: 2354)، وأحمد في المسند (3/ 217)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (11/ 431) (رقم: . 5050)، والحاكم في المستدرك (4/ 101)، وابن الجارود في المنتقى (2/ 159) (رقم: 568)، والدارقطني في السنن (3/ 55) من طرق عن سعيد عن قتادة عن أنس، وفيه: أن رجلا كان يبايع على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان في عقدته ضعف .. الحديث. وقال الترمذي: "حسن صحيح غريب". وفي حديث محمَّد بن إسحاق عن نافع عن ابن عمر عند الحميدي وابن الجارود وغيرهما: "أنه كان سفع في رأسه في الجاهلية مأمومة فثقلت لسانه". (¬2) سيأتي ذكر محمَّد بن يحيى بن حَبَّان (3/ 403 - 411). (¬3) الموطأ كتاب: العتق والولاء، باب: مصير الولاء لمن أعتق (2/ 599) (رقم: 20). وأخرجه النسائي في السنن كتاب: البيوع، باب: بيع الولاء (7/ 306) من طريق قتيبة. والدارمي في السنن كتاب: البيوع، باب: النهي عن بيع الولاء (2/ 333) (رقم: 2572) من طريق خالد بن مخلد كلاهما عن مالك به. (¬4) جاء في بعض طرق هذا الحديث عن ابن دينار بلفظ: "الولاء لحمة كلحمة النسب". أخرجه الحاكم في المستدرك (4/ 341)، والبيهقي في السنن الكبرى (10/ 292) من طريق أبي يوسف القاضي بن ابن دينار به. =

وقال الترمذي: "تفرَّد عبد الله بن دينار بهذا الحديث" (¬1). وقال مسلم: "الناسُ كلُّهم عِيال على عبد الله بن دينار في هذا الحديث" (¬2). 199/ حديث: "كان يلبس خاتَمًا من ذَهَب، ثمّ قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنَبَذَه ... ". في الجامع باب: لبس الخاتم (¬3). ¬

_ = قال الحاكم: "صحيح الإسناد ولم يخرجاه". وقال الذهبي: "صحيح بالدبوس! ". وسألت شيخَنا الشيخ حماد الأنصاري -رحمه الله- عن عبارة الذهبي فأفاد أنّه صحيح بالقوة، أي بالمتابعات والشواهد. قلت: وأبو يوسف القاضي هو يعقوب بن إبراهيم صاحب أبي حنيفة، وُثّق وضُعّف. انظر: تاريخ بغداد (14/ 242 - 262)، الميزان (6/ 121)، اللسان (6/ 300). وقال الحافظ: "واتفق جميع من ذكرنا على هذا اللفظ، وخالفهم أبو يوسف ... وأخرجه أبو نعيم من طريق عبد الله بن جعفر بن الحسن عن بشر فزاد في المتن: "لا يباع ولا يوهب"، ومن طريق عبد الله بن نافع عن عبد الله بن دينار: "إنما الولاء نسب لا يصح بيعه ولا هبته"، والمحفوظ في هذا ما أخرجه عبد الرزاق (في المصنف (9/ 5) (رقم: 16149) عن الثوري عن داود ابن أبي هند عن سعيد بن المسيب موقوفًا: الولاء لحمة كلحمة النسب ... ثم قال: قال ابن بطال: أجمع العلماء على أنه لا يجوز تحويل النسب، فإذا كان حكم الولاء حكم النسب فكما لا ينتقل النسب لا ينتقل الولاء، وكانوا في الجاهلية ينقلون الولاء بالبيع وغيره فنهى الشرع عن ذلك". الفتح (12/ 45). (¬1) سنن الترمذي (3/ 537) ولفظه: "هذا حديث حسن صحيح، لا نعرفه إلا من حديث عبد الله بن دينار عن ابن عمر، والعمل على هذا الحديث عند أهل العلم". (¬2) صحيح مسلم (2/ 1145). وقال الحافظ ابن حجر: "وقد اعتنى أبو نعيم الأصبهاني يجمع طرقه عن عبد الله بن دينار فأورده عن خمسة وثلاثين نفسا ممن حدّث به عن عبد الله بن دينار". الفتح (12/ 44). (¬3) الموطأ كتاب: صفة النبي، باب: لبس الخاتم (2/ 713) (رقم: 37). =

ليس فيه تصريح بالنهي عنه، وتقدّم النهيُ في مسند علي (¬1). 200/ حديث: "أنَّ اليهود إذا سلم عليكم أحدُهم فإنّما يقول: السَّام عليكم ... ". في الجامع (¬2). والسَّام: الموت. 201/ حديث: ما تَرى في الضَّب؟ فيه: "لستُ بآكلِه ولا بمُحَرمِه". في الجامع (¬3). مِن رواةِ الموطأ من زاد في سنده نافعًا (¬4)، واقتصر ابنُ بكير عليه دون ¬

_ = وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: اللباس، باب (7/ 67) (رقم: 5867) من طريق القعنبي. وأحمد في المسند (2/ 72) من طريق أبي سلمة الخزاعي، كلاهما عن مالك به. (¬1) تقدم حديثه (ص: 327). (¬2) الموطأ كتاب: السلام، باب: ما جاء في السلام على اليهودي والنصراني (2/ 731) (رقم: 3). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الاستئذان، باب: كيف يرد على أهل الذمة السلام؟ (7/ 173) (رقم: 6257) من طريق عبد الله بن يوسف، وفي استتابة المرتدين، باب: إذا عرض الذمي وغيره بسبّ النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يصرّح .. (373/ 8) (رقم: 6928) من طريق يحيى القطان. وأحمد في المسند (2/ 19) من طريق يحيى القطان. والدارمي في السنن كتاب: الاستئذان، باب: في رد السلام على أهل الكتاب (2/ 358) (رقم: 2635) من طريق خالد بن مخلد، ثلاثتهم عن مالك به. (¬3) الموطأ كتاب: الاستئذان، باب: ما جاء في الضب (2/ 738) (رقم: 11). وأخرجه الترمذي في السنن كتاب: الأطعمة، باب: ما جاء في أكل الضب (4/ 221) (رقم: 1790) من طريق قتيبة. والنسائي في السنن كتاب: الصيد، باب: الضب (7/ 197) من طريق قتيبة عن مالك به. (¬4) منهم: قتيبة بن سعيد عند النسائي. - وأبو مصعب الزهريّ (2/ 146) (رقم: 2038). - وأحمد بن إسماعيل السهمي عند أبي أحمد الحاكم في عوالي مالك (ص: 82).

ابن دينار (¬1). وانظر مسندَ خالد بن الوليد (¬2). 202 / حديث: "ها إن الفتنةَ ها هنا ... ". وفيه: الإشارةُ إلى المشرق. في الجامع (¬3). 203/ حديث: "كنا إذا بايعنا رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - على السَّمعِ والطاعةِ يقول لنا: فيما استطعتم". في الجامع، باب البيعة (¬4). 204 / حديث: أنَّ عبد الله بن عمر كَتب إلى عبد الملك بن مروان يُبايعه. فيه: "على سنةِ الله وسنةِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فيما استطعتُ". في الباب (¬5). هذا مرفوع، وهو مأخوذٌ من الّذي قبلَه، خَرَّجه البخاري (¬6). ¬

_ (¬1) الموطأ (ل: 262 /ب- نسخة الظاهرية-). والقولان صحيحان، والله أعلم. (¬2) تقدّم حديثه (2/ 149). (¬3) الموطأ كتاب: الاستئذان، باب: ما جاء في المشرق (2/ 743) (رقم: 29). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: بدء الخلق، باب: صفة إبليس وجنوده (4/ 433) (رقم: 3279) من طريق القعنبي عن مالك به. (¬4) الموطأ كتاب: البيعة، باب: ما جاء في البيعة (2/ 749) (رقم: 1). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الأحكام، باب: كيف يبايع الإِمام الناس (8/ 466) (رقم: 7202) من طريق عبد الله بن يوسف عن مالك به. (¬5) الموطأ كتاب: البيعة، باب: ما جاء في البيعة (75012) (رقم: 3). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الاعتصام بالكتاب والسنة (8/ 487) (رقم: 7272) من طريق إسماعيل بن أبي أويس عن مالك به. (¬6) تقدّم تخريجه.

205/ حديث: "من قال لأخيه كافرٌ فقد باءَ بهَا أحدُهما". في الجامع (¬1). عند يحيى بن يحيى: "بَاءَ بِأَحَدِهما" وهو غَلَط (¬2) 206/ حديث: "لا يتناجَى اثنان دُون واحدٍ ... ". في الجامع عند آخره. وفيه قصة (¬3). 207/ حديث: "الّذي يَجُرُّ ثوبَه خُيلاء ... ". في الجامع (¬4). وتكرر هناك لابن دينار ونافع وزيد، وقد تقدّم الثلاثة (¬5). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الكلام، باب: ما يكره من الكلام (2/ 751) (رقم: 1). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الأدب، باب: من كفّر أخاه من غير تأويل فهو كما قال (3/ 127) (رقسم: 6104) من طريق إسماعيل بن أبي أويس. والترمذي في السنن كتاب: الإيمان, باب: ما جاء فيمن رمى أخاه بالكفر (5/ 23) (رقم: 2637) من طريق قتيبة. وأحمد في المسند (2/ 113) من طريق إسحاق الطباع، ثلاثتهم عن مالك به. (¬2) في المطبوع من رواية يحيى: "باء بها" على الصواب. وكذا هو في نسخة المحمودية (ب) (ل: 269 / ب)، وفي نسخة المحمودية (أ) (ل: 153 / ب)، إلَّا أنَّ على كلمة "باء" شيء من الضرب والتصحيح، فلعل الرواية في هذه النسخة كما ذكر المصنِّف فغيّرها الناسخ، والله أعلم. (¬3) الموطأ كتاب: الكلام، باب: ما جاء في مناجاة اثنين دون واحد (2/ 754) (رقم: 13). (¬4) الموطأ كتاب: اللباس، باب: ما جاء في إسبال الرجل ثوبه (2/ 697) (رقم: 9). (¬5) تقدّم حديثهم (2/ 363).

208 / حديث: "سمعت عبدَ الله بن عمر قرأ: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ} (¬1) لقبل عدّتهنّ ... ". في جامع الطلاق (¬2). معناه الرفع؛ لأنَّ القراءةَ كالآيةِ، والكلُّ مِن عند الله تعالى، تلقّاه الصحابة من الرسولِ - صلى الله عليه وسلم - فما نَطَقوا به منه فقد شَهِدوا تنزيله. • حديث: "كان يأتي قباء ... ". ليس عند يحيى بن يحيى إلا لنافع، وهو عند ابنِ بكيرِ وجُلِّ الرواة بهذا الإسناد، ورواه القعنبي في الموطأ عن ابن دينار، وخارِجَه عن نافع، وهو محفوظٌ لهما (¬3). • حديث: اقتناء الكلب. ليس عند يحيى أيضًا إلاّ لنافع، وجَمَع معنٌ وطائفةٌ بينهما (¬4) * * * ¬

_ (¬1) سورة: الطلاق الآية: (1). (¬2) الموطأ كتاب: الطلاق، باب: جامع الطلاق (2/ 459) (رقم: 79). (¬3) تقدّم الكلام على الحديث واختلاف الرواة فيه (2/ 378). (¬4) تقدّم الكلام عليه (2/ 442).

6/ عبد الله بن عبد الله بن جابر بن عتيك عن ابن عمر. حديث واحد. مالك، عنه. 209 / حديث: جاءنا عبد الله بن عمر في بَني معاوية فقال: هل تدرون أينَ صلى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - من مسجدِكم هذا؟ ... فيه: "فقال لي: هل تَدري ما الثلاث التي دعا بهنَّ فيه؟ "، فذَكر إظهارَ العَدُوِّ، والإهلاكَ بالسنين وألاَّ يَجعلَ بأسَهم بينهم، وفي آخِره قال: "صدقتَ". وبهذا يَنسنِد إلى أبنِ عمر، وقولُه في تمادي الهرْج موقوفٌ (¬1). في الصلاة باب الدعاء (¬2). الحديث عند يحيى بن يحيى لعبد الله بن عبد الله بن جابر، عن ابن عمر (¬3). وقال البخاري: "سَمِع منه" (¬4). ¬

_ (¬1) وهو قول ابن عمر: "فلن يزال الهَرج إلى يوم القيامة". (¬2) الموطأ كتاب: القرآن، باب: ما جاء في الدعاء (1/ 189) (رقم: 35). (¬3) وتابعه: أبو مصعب الزهريّ (1/ 246) (رقم: 624)، وابن القاسم (ص: 326) (رقم: 300 - تلخيص القابسى)، وابن بكير (ل: 42 /ب- السليمانية-) إلا أنّه وقع فيه: عبيد الله بدل عبد الله. - وسويد بن سعيد، وروح بن عبادة، عند أبي أحمد الحاكم في عوالي مالك (ص: 115). - وابن وهب، عند ابن عبد البر في التمهيد (195/ 19)، وذكر أيضًا معن بن عيسى. (¬4) التاريخ الكبير (5/ 126).

وأدْخَل ابنُ وضّاح بينهما عَتيك بن الحارث بن عَتيك فغَلِطَ، وهي روايةُ مطرِّف عن مالك (¬1). ومنهم من أَدخلَ بينهما جابرَ بن عتيك (¬2). وقال الدارقطني: "القولُ الأوّل أصح" (¬3). والحديث محفوظٌ لسَعد بن أبي وقّاص وحذيفةَ وغيرِهما. خَرَّجه البزّار من طريق عامر بن سَعد عن أبيه قال: "أقْبلنا رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - حتى مَرَرْنا بمسجد بَني معاوية فدخل فصَلَّى ركعتين، ثمّ دعا ربَّه طويلًا، ثمّ قال: إنّي سألتُ ربي ثلاثًا"، وذكرها (¬4). ¬

_ (¬1) أفاد ابن عبد البر في التمهيد (19/ 195) أن رواية مطرّف جاءت بزيادة جابر بن عتيك بين شيخ مالك وابن عمر، وأما زيادة عتيك بن الحارث بينهما فعزاها لابن القاسم على اختلاف عليه. (¬2) هي رواية: القعنبي (ل: 46 /ب- نسخة الأزهرية-)، وسويد بن سعيد (ص: 217) (رقم: 438 - طبعة البحرين-)، (ص: 174) (رقم: 204 - طبعة دار الغرب-) وتقدّم أنَّ أبا أحمد أخرجه من طريقه موافقًا رواية يحيى الليثي، فلعله حمل روايته على رواية غيره، أو أنها رواية أخرى لسويد، والله أعلم. وأخرجه أحمد في المسند (4/ 45) من طريق عبد الرحمن بن مهدي. وعزا هذه الرواية أيضًا ابن عبد البر للتنيسي وموسى بن أعين ومطرّف. التمهيد (19/ 195). (¬3) لم أقف عليه. ويؤيّده تصحيح البخاري سماع عبد الله بن عبد الله من ابن عمر، واجتماع يحيى الليثي وابن وهب ومعن وابن بكير عليه، قال ابن عبد البر: "وحسبك بإتقان ابن وهب ومعن". التمهيد (19/ 195). فالحديث من طريق يحيى الليثي صحيح متصل، والله أعلم. (¬4) مسند البزار (3/ 328) (رقم: 1125). والحديث عند مسلم في صحيحه كتاب: الفتن، باب: هلاك هذه الأمة بعضهم ببعض (4/ 2216) (رقم: 2890).

وخَرَّج ابن أبي شيبة عن حذيفة قال: "خرج النبيّ - صلى الله عليه وسلم - إلى حَرة بني معاوية حتّى ظهر عليها فصلى الضحى ثمان ركعات طول فيهنّ، وقال: إنّي سألتُ الله فيها ثلاثًا فأعطاني اثنتين ومَنعني واحدةً، سألته أن لا يُظهر على أمَّتي غيرَها فأعطانيها، وسألتُه أن لا يهلِكَها بالسنين فأعطانِيها، وسألتُه أن لا يَجعلَ بأسَها بينها فمنَعَنِيها" (¬1). وانظره في الزيادات لجابر بن عَتيك (¬2)، وهو جَبر وقد تقدَّم العَلامُ في اسمه في حرف الجيم (¬3). * * * ¬

_ (¬1) أخرجه ابن أبي شيبة في المسند (1/ 268) (رقم: 663 - المطالب العالية)، وفي المصنف (6/ 64) (رقم: 29506) من طريق محمَّد بن إسحاق، عن حكيم بن حكيم، عن علي بن عبد الرحمن، عن حذيفة به. وفي إسناده محمَّد بن إسحاق، صدوق مدلس، ولم يصرّح بالسماع؛ لكن يشهد للحديث ما قبله. (¬2) سيأتي حديثه (4/ 376). (¬3) تقدّم (2/ 141).

7/ الرجلان والثلاثة من مالك إلى ابن عمر. عشرة أحاديث. 210/ حديث: "لقد ارتَقَيتُ على ظَهْر بيتٍ لنا فرأيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - على لَبِنَتَين مستقبلا بيتَ المقدِسِ لحاجَتِه ... ". ثمّ قال: "لعلك من الّذين يُصلون على أوْرَاكِهم". في الصلاة، عند آخره. وفيه: إنكارُ ابنِ عمر على من أنكرَ استقبالَ القِبلَتَين. عن يحيى بن سعيد، عن محمّد بن يحيى بن حَبَّان، عن عمّه واسع بن حَبَّان، عن ابن عمر (¬1). من النَّاسِ من لم يَذكرْ في هذا الإسنادِ واسعًا، والأصحُّ ذكرُه (¬2)، ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: القِبلة، باب: الرخصة في استقبال القبلة لبول أو غائط (1/ 172) (رقم: 3). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الطهارة، باب: من تبرّز على لبنتين (1/ 56) (رقم: 154) من طريق عبد الله بن يوسف. وأبو داود في السنن كتاب: الطهارة، باب: الرخصة في ذلك (1/ 21) (رقم: 12) من طريق القعنبي. والنسائي في السنن كتاب: الطهارة، باب: الرخصة في ذلك في البيوت (1/ 23) من طريق قتيبة، ثلاثتهم عن مالك به. (¬2) قال الدارقطني: "رواه الثوري، عن عبيد الله (أي ابن عمر)، عن محمَّد بن يحيى بن حبان، عن ابن عمر، ولم يذكر واسعًا". العلل (4 / ل: 69/أ). قلت: وقد خولف الثوري، خالفه جماعة فرووه عن عبيد الله به، وذكروا واسعا، منهم: - أنس بن عياض، عند البخاري في صحيحه كتاب: الوضوء، باب: التبرز في البيوت (1/ 57) (رقم: 148)، وفي فرض الخمس، باب: ما جاء في بيوت أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - .. (4/ 376) (رقم: 3102). - ومحمد بن بشر، عند مسلم في صحيحه, كتاب: الطهارة، باب: الاستطابة (1/ 225) (رقم: 266). - وعبدة بن سليمان، عند الترمذي في السنن كتاب: الطهارة، باب: الرخصة في ذلك (أي =

وهكذا خَرَّجه البخاري من طريق مالك وغيرِه (¬1). وفي بعض طرقِه: "رأيتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قاعدًا لحاجةٍ مستقبلَ بيتَ المقدس مستدبرَ الكعبةِ" (¬2). ¬

_ = استقبال القبلة) (1/ 16) (رقم: 11)، وأحمد في المسند (2/ 12). - ويحيى بن سعيد القطان، عند أحمد في المسند (2/ 13)، وابن خزيمة في صحيحه (1/ 34) (رقم: 59)، والدراقطني في العلل (4 /ل: 69 /ب)، والبغوي في شرح السنة (1/ 275) (رقم: 177). - ووُهيب بن خالد، عند ابن خزيمة في صحيحه (1/ 34) (رقم: 59)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (4/ 266) (رقم: 1418)، والطحاوي في شرح المعاني (4/ 234). - وعبد الأعلى بن عبد الأعلى، عند ابن خزيمة في صحيحه (1/ 34) (رقم: 59). - وعقبة بن خالد، عند ابن الجارود في المنتقى (1/ 37) (رقم: 30). - وعبد الرزاق، عند الطبراني في المعجم الكبير (11/ 349) (رقم: 13312)، إلا أنه وقع فيه: "عبد الله بن عمر"، بدل "عبيد الله"، وهو خطأ، فعبد الله بن عمر العمري لا يروي عن محمَّد بن يحيى بن حبان، وإنما الذي يروي عنه عبيد الله كما في سائر الطرق المتقدمة، وكما في ترجمة محمَّد من تهذيب الكمال (26/ 607). وقال الدارقطني: "رواه عبيد الله بن عمر واختلف عنه، فرواه يحيى بن سعيد القطان، وأنس بن عياض، وعباد بن عباد، وعبدة بن سليمان، ومحمد بن بشر العبدي، ووُهيب بن خالد، عن عبيد الله بن عمر، عن محمَّد بن يحيى بن حبان، عن عمّه واسع بن حيان، ورواه الثوري، عن عبيد الله، عن محمَّد بن يحيى بن حبان، عن ابن عمر، ولم يذكرا واسعا ... والصحيح قول من ذكر فيه واسع". العلل (4/ ل: 69 /أ). (¬1) سبق تخريجه من طريق مالكٍ، ومن طريق عبيد الله عن محمَّد بن يحيى. وأخرجه البخاري أيضًا في الطهارة باب: التبرز في البيوت (1/ 57) (رقم: 149)، من طريق يزيد بن هارون عن يحيى بن سعيد الأنصاري. (¬2) وقع ذلك في رواية عبيد الله بن عمر عند البخاري (برقم: 148)، وفيه: "فرأيت رسول الله- صلى الله عليه وسلم - مستدبر القبلة مستقبل الشام". وباللفظ الذي ذكره المصنف هو عند ابن الجارود في المنتقى (1/ 37) (رقم: 30). قال الحافظ: "ولم يقع في رواية يحيى (أي الأنصاري) مستدبر القبلة أي الكعبة كما في رواية عبيد الله بن عمر؛ لأن ذلك من لازم من استقبل الشام بالمدينة، وإنما ذكرت في رواية عبيد الله للتأكيد والتصريح به، والتعبير تارة بالشام وتارة ببيت المقدس بالمعنى؛ لأنهما في جهة واحدة". الفتح (1/ 301).

وخَرَّج أبو داود وابنُ الجارود وغيرُهما عن مروان الأصْفَر قال: رأيتُ ابنَ عمر أناخ راحلَتَه مستقبلَ القِبلة، ثمّ جَلَسَ يبول إليها، فقلت: أَلَيس قد نهي عن هذا؟ قال: "بَلَى إنَّما نُهيَ عن ذلك في الفضاء، فإذا كان بينَكَ وبين القِبلة شيء يستُرُك فلا بأس" (¬1). ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في السنن كتاب: الطهارة، باب: كراهية استقبال القبلة عند قضاء الحاجة (1/ 20) (رقم: 11)، وابن الجارود في المنتقى (1/ 39) (رقم: 32)، وابن خزيمة في صحيحه (1/ 35) (رقم: 60)، والحاكم في المستدرك (1/ 154)، والدارقطني في السنن (1/ 58) (رقم: 1)، والبيهقي في السنن الكبرى (1/ 92) من طرق عن الحسن بن ذكوان، عن مروان الأصفر به. قال الحاكم: "صحيح على شرط البخاري، فقد احتج بالحسن بن ذكوان، ولم يخرجاه". ووافقه الذهبي. وقال الدارقطني: "صحيح كلهم ثقات". قلت: وفي إسناده الحسن بن ذكوان، قال عنه الحافظ: "صدوق يخطئ ورمي بالقدر وكان يدلس". التقريب (رقم: 1240)، وانظر: طبقات المدلسين (ص: 38). ولم يصرح بالتحديث في كل الطرق المتقدِّمة، والحديث حسنه الحازمي في الاعتبار (ص: 137)، والألباني في الإرواء (1/ 100)، وله شواهد تقويه، والله أعلم. وأما قول الحاكم: "فقد احتج به البخاري"، فالبخاري لم يحتجّ به، وإنما روى له حديثًا واحدًا متابعة". فقال الحافظ: "روى له البخاري حديثًا واحدًا في كتاب الرقاق (7/ 260) (رقم: 6566) من رواية يحيى بن سعيد القطان عن أبي رجاء العطاردي عن عمران بن حصين .. ولهذا الحديث شواهد كثيرة". الهدي (ص: 316). وقال أيضًا: "ليس له في البخاري سوى هذا الحديث من رواية يحيى القطان عنه مع تعنّته في الرجال، مع ذلك فهو متابعة". الفتح (11/ 450). ومروان الأصفر هو أبو خليفة البصري، قيل: اسم أبيه خاقان، وقيل: سالم التقريب (رقم: 6576). ومراد المصنف من إيراد هذا الأثر بيان وجه الجمع بين نهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن استدبار القبلة واستدبارها ببول أو غائط، وبين فعله - صلى الله عليه وسلم -.

وحَبَّان والد واسِع بفتح الحاء، وهو ابن منقذ، مذكورٌ وحديث ابن دينار عن ابن عمر (¬1). ومحمّد بن يحيى من شيوخ مالك، روى عنه، عن الأعرج، عن أبي هريرة (¬2). وانظر حديث أبي أيوب (¬3)، وحديثَ رجل من الأنصار في المجهولين (¬4). * * * ¬

_ (¬1) تقدّم حديثه (2/ 480)، وهو بفتح الحاء المهملة، والباء المعجمة بواحدة. وانظر: الإكمال (2/ 303)، توضيح المشتبه (2/ 163). (¬2) انظر: أسماء شيوخ مالك (ل: 46/ ب)، تهذيب الكمال (26/ 605)، وسيأتي ذكر هذا الإسناد (3/ 403 - 411). (¬3) سيأتي حديثه (3/ 140). (¬4) كذا في الأصل: "في المجهولين"، والمصنِّف ذكر حديثه في قسم المنسوبين (3/ 577)، إلَّا أنّه مجهول ليس في الحديث ما بين صحبته، فلعلّه أطلق كونه في المجهولين لذلك، والله أعلم.

211 / حديث: "إذا كنتَ بين الأخْشَبَين من مِنى -ونَفَخَ بيدِه نحوَ المَشرِق- فإنَّ هناك واديًا يقال له السُّرَر (¬1) ... ". وذَكر الأنبياء. في آخر الحج، باب جامع. عن محمّد بن عمرو بن حَلْحَلة الدّيلي، عن محمّد بن عِمران الأنصاري، عن أبيةـ، عن ابن عمر، وفيه: قصة (¬2). ¬

_ (¬1) السُّرر: بضم السين، وضبطه أبو علي الجياني بالضم والكسر معا. وقوله في الحديث: "سُرّ تحتها سبعون نبيًّا"، قيل: هو من السرور، أي بُشّروا بالنبوة. وقيل: وُلدوا تحتها وقطعت سررهم، والسُّر بكسر السين وضمّها ما تقطعه القابلة من المولود عند الولادة من المشيمة. انظر: غريب الحديث لأبي عبيد (4/ 258)، مشارق الأنوار (2/ 212)، النهاية (2/ 359). (¬2) الموطأ كتاب: الحج، باب: جامع الحج (1/ 337) (رقم: 249). وأخرجه النسائي في السنن كتاب: المناسك، باب: ما ذكر في منى (5/ 248) من طريق ابن القاسم. وأحمد في المسند (2/ 138) من طريق ابن مهدي كلاهما عن مالك به. وهذا سند ضعيف؛ محمد بن عمران الأنصاري ذكره ابن حبان في الثقات (7/ 411). وقال الذهبي: "لا يُدرى من هو". الميزان (5/ 118). وقال ابن حجر: "مجهول". التقريب (رقم: 6198). وأبوه عمران الأنصاري، نقل ابن حجر عن مسلمة بن قاسم أنّه قال: "لا بأس به". تهذيب التهذيب (8/ 126). وقال الذهبي: "لا يُدرى من هو، تفرّد عنه ابنه محمد، وحديثه في الموطأ منكر". الميزان (4/ 165). وقال ابن حجر: "مقبول". التقريب (رقم: 5176). وللحديث شواهد: أخرجه أبو يعلى في المسند (5/ 280) (رقم: 5697)، وابن عدي في الكامل (4/ 130)، والفاكهي في أخبار مكة (4/ 31) (رقم: 2333) من طريق عبد الله بن ذكوان، عن ابن عمر مرفوعا بلفظ: "لقد سُرَّ في ظل سَرحة سبعون نبيّا لا تُسرق ولا تُجرّد ولا تُعبل". وعبد الله بن ذكوان قال عنه الذهبي: "لا يعرف من ذا". الميزان (3/ 132). =

ومحمّد بن عمرو هذا دِيْليٌّ بكسرِ الدَّالِ وبياءٍ ساكنَةٍ مِن غيرِ هَمز، ويقال: دُؤَيلي بِضَمِّ الدَّالِ، بِهمزَة مَفتوحة. قاله محمّد بن إسحاق (¬1)، انظره في مرسل ثور (¬2). ¬

_ = وقال البوصيري: "هذا إسناد رواته ثقات إن كان عبد الله بن ذكوان أبو الزناد، وإلا فهو مجهول لا يُعرف". إتحاف الخيرة المهرة (ص: 976 - رسالة سعد بن حمد-). وقال الحافظ: "يحتمل أن يكون أبا الزناد، فقد ذكر خليفة بن خياط وغيره أنه لقى ابن عمر رضى الله عنهما". اللسان (3/ 284). قلت: فإن كان أبا الزناد فالإسناد منقطع. قال أبو حاتم: "أبو الزناد لم يرَ ابنَ عمر بينهما عبيد بن حنين، وقال مرة: لم يدرك ابن عمر". المراسيل (ص: 97). وإن كان غيره فلا يُدرى من هو كما قال الذهبي. ثم تبيّن لي أنّ عبد الله بن ذكوان هو أبو الزناد، أخرجه يحيى بن معين في الجزء الثاني من حديثه -رواية أبي بكر المروزي- (ص: 133) (رقم: 21) عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن أبي الزناد، عن ابن عمر به. وذكر أبو عبيد القاسم بن سلام حديث ابن عمر، ثم قال: "يروى هذا عن الأعمش، عن أبي الزناد، عن ابن عمر". غريب الحديث (4/ 257). وعليه فالسند منقطع، والحديث بهذا السند وسند الإمام مالك يحتمل التحسين، والله أعلم. وأخرجه الفاكهي في أخبار مكة (4/ 31) (رقم: 2333) من طريق ابن عجلان، عن زيد بن أسلم، عن رجل، عن ابن عمر نحوه موقوفًا. وأخرجه عبد الرزاق في المصنف (11/ 450) (رقم: 20975) عن معمر، عن زيد بن أسلم قال: كان رجل من الأنصار مستظلًا تحت سرحة، فمرَّ عمر رضي الله عنه"، ثم ذكره عن عمر موقوفًا بنحو حديث الموطأ. وبهذه الطرق يُعلم أنّ للحديث أصلًا، والله أعلم. (¬1) التاريخ الكبير (1/ 191)، الأنساب (2/ 528)، أسماء شيوخ مالك (ل: 43 / أ). (¬2) انظر: (4/ 497)، وفيه ذكر الاختلاف في نسبة الدّيلي والدؤلي.

212 / حديث: "كلُّ شيءٍ بقَدَر ... ". وذَكَرَ العَجزَ والكَيْسَ. في الجامع. عن زِياد بن سعد -هو الخراساني-، عن عَمرو بن مسلم، عن طاووس اليماني، عن ابن عمر (¬1). وفيه: قولُ ناسٍ من الصحابة. قال الدارقطني: "رواه عبد الله بن طاوس وإبراهيم بن مَيسَرة، عن طاوس، عن ابن عباس موقوفًا، وهو عن ابن عباس أشبَهُ منه عن ابن عمر، والله أعلم" (¬2). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: القدر، باب: النهي عن القول بالقدر (2/ 686) (رقم: 4). وأخرجه مسلم في صحيحه كتاب: القدر، باب: كل شيء بقدر (4/ 2054) (رقم: 2655) من طريق قتيبة وعبد الأعلى بن حماد النّرسي. وأحمد في المسند (2/ 110) من طريق إسحاق الطباع، ثلاثتهم عن مالك به. (¬2) لم أقف عليه. وأثر ابن عباس موقوفًا: أخرجه عبد الرزاق في المصنف (11/ 114) (رقم: 20073)، (11/ 117) (رقم: 20080)، والبخاري في خلق أفعال العباد (ص: 47)، والفريابي في القدر (ص: 190) (رقم: 303، 305)، وابن بطة في الإبانة (2/ 158) (رقم: 1616، 1617 - القدر-) واللالكائى في شرح أصول اعتقاد أهل السنة (3/ 607) (رقم: 970)، (3/ 740) (رقم: 1221)، والآجري في الشريعة (3/ 870) (رقم: 448)، والبيهقي في الأسماء والصفات (1/ 287) كلهم من طريق عبد الله بن طاوس، عن أبيه، عن ابن عباس. وأما طريق إبراهيم بن ميسرة عن طاوس، فلم أقف عليه. تنبيه: وقع في القدر للفريابي (رقم: 304) عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن حفص بن غياث، عن ليث، عن طاوس، عن ابن عباس. فكأن ليث بن أبي سليم متابع لعبد الله بن طاوس، وإبراهيم بن ميسرة. وأخرجه الآجري في الشريعة (2/ 869) (رقم: 447) عن الفريابي به، إلا أنه لم يذكر ابن عباس إنما جعله عن طاوس، وكذا هو في نسخة خطية من الشريعة، وهو الصواب، وما وقع في القدر للفريابي من تصحيف المحقق، والله أعلم.

وقال زكريا الساجي: "عَمرو بن مسلم صدوق يوهم" (¬1). وقال ابن معين: "عَمرو بن مسلم صاحب طاوس ليس بالقوي" (¬2). ¬

_ = وعبد الله بن طاوس وإبراهيم بن ميسرة أوثق الناس في حديث طاوس بن كيسان. قال الدارمي: قلت ليحيى بن معين: "إبراهيم بن ميسرة ما حاله؟ فقال: ثقة. قلت: هو أحب إليك عن طاوس أو ابن طاوس؟ فقال: كلاهما". قال ابن أبي حاتم: "يعني أنهما نظيران في الرواية عن طاوس". انظر: سؤالات الدارمي (ص: 65)، الجرح والتعديل (2/ 134). وقال ابن المديني: "سمعت سفيان يقول: كان ابن طاوس أحفظ عندنا من غيره. قلت لسفيان: أين كان حفظ إبراهيم بن ميسرة عن طاوس من حفظ ابن طاوس؟ قال: لو شئت قلت لك إني أقدّم إبراهيم عليه في الحفظ لفعلت". تقدمة الجرح والتعديل (1/ 48). وأما عمرو بن مسلم الجَنَدي متكلم فيه كما سيأتي، وقد خالفه أوثق الناس في طاوس. وأخرج الفريابي في القدر (رقم: 302) من طريق سفيان، عن عمرو بن مسلم، عن طاوس قال: قال عمر، وذكره موقوفا على عمر رضي الله عنه. ثم أورده الفريابي من طريق سفيان، عن عبد الله بن طاوس، عن أبيه، عن ابن عباس موقوفًا. قال سفيان: "حديث عمرو بن مسلم هو عندي وهم، ابن طاوس أحفظ من عمرو بن مسلم". (¬1) تهذيب التهذيب (8/ 92). (¬2) التاريخ (3/ 100 - رواية الدوري-). وقال أيضًا: "لا بأس به". رواية ابن الجنيد (ص: 346). وقال عبد الله بن أحمد: "سألت يحيى عن هشام بن حجير فضعفه جدّا. قلت ليحيى: شيخ روى عنه ابن عيينة ومعمر يقال له: عمرو بن مسلم. قال: الجَنَدي؟ قلت: نعم. قال: هو أضعف من هشام بن حجير وضعّف عمرا. قلت ليحيى: هشام بن حجير أحب إليك من عمرو؟ قال: نعم". العلل (4/ 30). وقال عبد الله بن أحمد: "قلت لأبي: عمرو بن مسلم الجنَدي الذي روى عنه ابن عيينة ومعمر، قلت: هو أضعف من هشام؟ قال: هو ضعيف". العلل (1/ 385). وقال أيضا: "ليس هو بذاك". العلل (2/ 495). وقال ابن المديني: "سمعت يحيى بن سعيد القطان وذكر عمرو بن مسلم صاحب طاوس فحرّك يده وقال: ما أرى هشام بن حجير إلا أمثل منه. قلت له: أَضرِب على حديث هشام بن حجير؟ فقال: نعم". الجرح والتعديل (6/ 259). =

وقال أيضًا: "اسمُ ابن أُكيمةَ عَمرو بن مسلم وهو ثقة" (¬1). فهما رجلان عنده؛ لأنّه فَصَل بينهما بالذِّكر، وهكذا جعلَهما البخاري وغيرُه رجلين أحدُهما عَمرو بن مسلم الجَنَدي بفتح الجيم والنون وكسر الدال، يروي عن طاوس وعكرمة وهو راوي حديث القَدَر، لا خلافَ في اسمِه. والآخَر عَمرو بن مسلم اللَّيثي الجُنْدَعي بزيادة عين وبضمّ الجيم وإسكان النون وفتح الدال ويقال بضمها، قال فيه البخاري: "ويقال عُمر يروي عن سعيد بن المسيب، روى عنه مالك" (¬2). يعني حديث: "من رأى هلالَ ذي الحِجة وأراد أن يُضحي .. "، رواه مالك خارِجَ الموطأ عن عَمروِ بن مسلم بن عَمَّار بن أُكيمة اللّيثي، عن سعيد بن المسيب، عن أمّ سلمة، خرَّج مسلم هذا الحديثَ وحديثَ القَدَر كليهما عن مالك (¬3). ¬

_ = وقال النسائي: "ليس بالقوي". تهذيب الكمال (22/ 244). وذكره ابن حبان في الثقات (7/ 217). وقال ابن عدي: "ولعمرو بن مسلم غير حديث رواه عن طاوس، وليس له حديث منكر جدًّا فأذكره". الكامل (5/ 119). وقال ابن حجر: "صدوق له أوهام". التقريب (رقم: 5115). وأما الذهبي فقال: "صدوق". معرفة الرواة (ص: 155). والظاهر أنَّ جمهور المحدّثين على تضعيفه، وفيهم مثل الإمام أحمد، ومخالفته لأوثق الناس وأحفظهم عن طاوس توهن حديثه، فالأشبه أن الحديث عن ابن عباس موقوف أصح والله أعلم. (¬1) التاريخ (3/ 176 - رواية الدوري-). (¬2) التاريخ الكبير (6/ 369، 370 الترجمة رقم: 2664، 2665). وانظر الجرح والتعديل (6/ 259 الترجمة رقم: 1430، 1431). (¬3) حديث القدر سبق تخريجه من صحيح مسلم. وحديث الأضحية عند مسلم في صحيحه كتاب: الأضاحي (3/ 1565) (رقم: 1977) من طريق شعبة عن مالك وغيره، وفيه عمر بالضم، وعمرو بالفتح، والوجهان منقولان في اسمه كما قال البخاري.

ومَيَّز أبو القاسم اللاّلكائي (¬1) في رواة الصحيحين بين العَمْرين، وزاد: عَمرو بن مسلم صاحب المقصورة روى عن أنس، قال: "وليس هو مِن هؤلاء في شيء" (¬2). وانظر ابنَ أُكَيمَة في حديث: "ما لي أُنازَع القرآن ... "، لأبي هريرة (¬3). * * * ¬

_ (¬1) هو هبة الله بن الحسن بن منصور الرازي الطبري اللالكائي صاحب كتاب شرح أصول اعتقاد أهل السنة، توفي سنة (418 هـ). قال الخطيب البغدادي: "كتبنا عنه وكان يفهم ويحفظ". تاريخ بغداد (14/ 70). (¬2) وميّز بينهم أيضًا البخاري في التاريخ الكبير وزاد هذا الثالث (6/ 370) (رقم: 2667)، وكذا ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (6/ 260) (رقم: 1432)، والخطيب في تالي التلخيص (2/ 434 - 436)، وذكر الثالث أيضًا ابن حجر في تهذيب التهذيب (8/ 22) تمييزًا. وانظر ضبط الجَنَدي في الأنساب (2/ 96)، والجندُعَي في الأنساب (2/ 93)، وتوضيح المشتبه (2/ 466). (¬3) سيأتي حديثه (3/ 510).

213 / حديث: "كان إذا جلس في الصلاة وضعَ كَفَّه اليمنى على فخِذه اليمنى وقبض أصابعَه كلَّها وأشار بإصبعه التي تَلي الإبْهام ... ". وذَكَر الكفَّ اليسرى. في باب: الجلوس في الصلاة. عن مسلم بن أبي مريم، عن علي بن عبد الرحمن المُعاوي، عن ابن عمر، وفيه قصة (¬1). واختُلف في إسناده، وخَرَّجه مسلم هكذا عن يحيى النيسابوري عن مالك (¬2). وقال الدارقطني بعد أن ذكر الخلافَ فيه: "الصحيحُ من ذلك ما رواه مالك ومن تابعه" (¬3). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الصلاة، باب: العمل في الجلوس في الصلاة (1/ 95) (رقم: 48). وأخرجه مسلم في صحيحه كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: صفة الجلوس في الصلاة .. (1/ 408) (رقم: 580) من طريق يحيى النيسابوري. وأبو داود في السنن كتاب: الصلاة، باب: الإشارة في التشهد (1/ 602) (رقم: 987) من طريق القعنبي. والنسائي في السنن كتاب: الصلاة، باب: قبض الأصابع من اليد اليمنى دون السبابة (3/ 36) من طريق قتيبة. وأحمد في المسند (2/ 65) من طريق ابن مهدي وإسحاق الطابع، خمستهم عن مالك به. (¬2) سبق تخريجه. (¬3) لم أقف على كلام الدارقطني، وممّن تابع مالكًا على إسناده: - ابن عيينة، ويحيى القطان، عند مسلم في صحيحه (1/ 409) (رقم: 580). - وإسماعيل بن جعفر عند النسائي في السنن (2/ 236)، وابن خزيمة في صحيحه (1/ 355) (رقم: 719)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (5/ 273) (رقم: 1947)، وأبي عوانة في صحيحه (2/ 224، 226)، والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 132). - ووُهيب بن خالد، عند أحمد في المسند (2/ 73)، وأبي عوانة في صحيحه (2/ 224). - وشعبة بن الحجاج، عند أبي عوانة في صحيحه (2/ 224).

214/ حديث: "كان يُوتِر على البَعير". في الأمر بالوتر. عن أبي بكر بن عُمر، عن سعيد بن يسار، عن ابن عمر، وفيه قصة (¬1). عند يحيى بن يحيى: "عن أبي بكر بن عَمرو"، مخفَّفًا وذلك وَهَم انفرَدَ به (¬2)، وإنَّما هو أبو بكر بن عُمر بن عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر العُمري، ولا يسَمَّى (¬3). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: صلاة الليل، باب: الأمر بالوتر (1/ 120) (رقم: 15). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الوتر، باب: الوتر على الدابة (2/ 302) (رقم: 999) من طريق إسماعيل بن أبي أويس. ومسلم في صحيحه كتاب: صلاة المسافرين وقصرها، باب: جواز صلاة النافلة على الدابة (1/ 487) (رقم: 700) من طريق يحيى النيسابوري. والترمذي في السنن كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في الوتر على الراحلة (2/ 335) (رقم: 472) من طريق قتيبة. والنسائي في السنن كتاب: قيام الليل وتطوع النهار، باب: الوتر على الراحلة (3/ 232) من طريق قتيبة. وابن ماجه في السنن كتاب: إقامة الصلاة، باب: ما جاء في الوتر على الراحلة (1/ 379) (رقم: 1200) من طريق ابن مهدي. وأحمد في المسند (2/ 7، 57، 113) من طريق ابن مهدي ووكيع، وإسحاق الطباع، ستتهم عن مالك به. (¬2) الموطأ نسخة المحمودية (أ) (ل: 22/ ب)، و (ب) (ل: 24/ أ). ووقع في المطبوع: أبي بكر بن عمر، على الصواب! وقال ابن عبد البر: "كان أحمد بن خالد يقول: إن يحيى رواه "أبو بكر بن عمرو"، وهو خطأ، وإنما هو أبو بكر بن عمر كذلك رواه جماعة أصحاب مالك. قال: وهو كما قال أحمد بن خالد، أبو بكر بن عُمر". التمهيد (24/ 137). (¬3) وكذا قال أبو حاتم والخليلي وغيرهما. انظر: الجرح والتعديل (9/ 337)، الإرشاد (1/ 215)، الأسامي والكنى (2/ 254) (رقم: 762)، تهذيب الكمال (33/ 126)، تهذيب التهذيب (12/ 37).

215 / حديث: "رأيتُ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- يصلّي على حِمار وهو مُتَوجِّهٌ إلى خيبر". في باب: النافلة في السفر وعلى الدّابة. عن عَمرو بن يحيى المازني، عن أبي الحُباب سعيد بن يسار، عن ابن عمر (¬1). قال النسائي: "لم يُتابَع عَمرو بن يحيى على قولِه: "يصلِّي على حمار"، إنَّما يقولون: "على راحلته" (¬2). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: قصر الصلاة في السفر، باب: صلاة النافلة في السفر بالليل والنهار على الدابة (1/ 141) (رقم: 25). وأخرجه مسلم في صحيحه كتاب: صلاة المسافرين وقصرها، باب: جواز صلاة النافلة على الدابة (2/ 487) رقم: 700) من طريق يحيى النيسابوري. وأبو داود في السنن كتاب: الصلاة، باب: التطوع على الراحلة والوتر (2/ 22) (رقم: 1226) من طريق القعنبي. والنسائي في السنن كتاب: المساجد، باب: الصلاة على الحمار (2/ 60) من طريق قتيبة. وأحمد في المسند (2/ 7، 57) من طريق ابن مهدي، أربعتهم عن مالك به. (¬2) السنن (2/ 60)، السنن الكبرى (1/ 269). قال ابن عبد البر: "بين الصلاة على الحمار والصلاة على الراحلة فرق في التمكن لا يجهل ... وأما قول النسائي: إن عمرو بن يحيى انفرد بقوله على حمار فإنما أراد والله أعلم في حديث ابن عمر، فإنه لا يعرف في حديث ابن عمر إلا على راحلته، وأما غير ابن عمر فقد روي من حديث جابر قال: "كان رسول الله-صلي الله عليه وسلم- يصلي أينما كان وجهه على الدابة"، رواه مسعر عن بكير بن الأخنس عن جابر بن عبد الله". التمهيد (20/ 132). قلت: حديث جابر لم أقف عليه، وبكير بن الأخنس لا يعرف بالرواية عن جابر. وقال ابن حبان: "روى عنه مسعر بن كدام إن كان سمع منه". الثقات (4/ 76). وجاء معنى هذا الحديث عن ابن عمر، أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: تقصير الصلاة باب: =

وليس في هذا الحديث ذكرُ النافلة، وزاد فيه سالمٌ وجماعةٌ عن ابن عمر: "غير المكتوبة" (¬1). وانظر حديث ابن دينار عنه (¬2). * * * ¬

_ = ينزل للمكتوبة (2/ 334) (رقم: 1098) من طريق سالم قال: "كان ابن عمر يصلي على دابته من الليل وهو مسافر ما يبالي حيث كان وجهه. قال ابن عمر: "وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسبّح على الراحلة قِبل أي وجه توجّه ... ". فلعل ابن عمر لم ير التفريق بين الراحلة وغيرها. وقال البخاري: باب: صلاة التطوع على الحمار (2/ 334) (رقم: 1100) ثم أورد بسنده عن أنس بن سيرين قال: "استقبلنا أنسا حين قدم من الشام فلقيناه بعين التمر فرأيته يصلي على حمار ووجهه من ذا الجانب -يعني عن يسار القبلة- فقلت: رأيتك تصلي لغير القبلة؟ فقال: "لولا أني رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعله لم أفعله". قال الحافظ ابن حجر: "وهل يؤخذ منه أن النبي -صلى الله عليه وسلم-صلى على حمار؟ فيه احتمال، وقد نازع فيه في ذلك الإسماعيلى فقال: خبر أنس إنما هو في صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم- راكبا تطوعا لغير القبلة، فإفراد الترجمة في الحمار من جهة السنة لا وحه له عندي. اهـ، وقد روى السراج من طريق يحيى بن سعيد عن أنس: "أنه رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- يصلي على حمار وهو ذاهب إلى خيبر"، إسناده حسن، وله شاهد عند مسلم من طريق عمرو بن يحيى المازني عن سعيد بن يسار عن ابن عمر -ثم ذكر حديث الباب- ثم قال: فهذا يرجّح الاحتمال الذي أشار إليه البخاري". الفتح (2/ 671). (¬1) انظر: (2/ 472). (¬2) تقدّم حديثه (2/ 472).

216 / حديث: رأيتُك تصنعُ أربعًا لم أرَ أحدًا من أصحابِك يصنعُها ... ذَكَر الاقتصارَ على مَسِّ الرُّكنين اليمانيين، ولُبسَ النِّعال السِّبْتِيَّة التي ليس فيها شَعر، والصَّبغَ بالصُّفرَة، والإهلالَ يوم التروية، وعندَ انبعاثِ الراحلة. في الإهلال بالحج. عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن عُبيد بن جُريج أنَّه قال لعبد الله بن عمر، فذكره (¬1). المرادُ بالأركان ها هنا أركان الكعبة، والمرادُ بالصَّبغ صبغ اللِّحية من أَجْل الشّيب، وفي رواية العمري وهو عبد الله بن عمر بن حفص، عن سعيد، عن عُبيد أنَّه قال لابن عمر: "رأيتُك تُصفِّر لِحيتَك ... "، وفيه: قال ابن عمر: "رأيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يَمَسُّ لِحيتَه بشيءٍ من الصُّفْرَةِ، قال: وأمّا ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الحج، باب: العمل في الإهلال (1/ 272) (رقم: 31). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الوضوء، باب: غسل الرجلين في النعلين ولا يمسح على النعلين (1/ 61) (رقم: 166) من طريق عبد الله بن يوسف. ومسلم في صحيحه كتاب: الحج، باب: الإهلال من حيث تنبعث الراحلة (2/ 844) (رقم: 1187) من طريق يحيى النيسابوري. وأبو داود في السنن كتاب: المناسك، باب: وقت الإحرام (2/ 374) (رقم: 1772) من طريق القعنبي. والترمذي في كتاب الشمائل، باب: ما جاء في نعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (ص: 41) (رقم: 74) من طريق معن. والنسائي في السنن كتاب: الطهارة، باب: الوضوء فِي النعل (1/ 80)، وفي المناسك باب: العمل في الإهلال (5/ 163)، وفي باب: ترك استلام الركنين الآخرين (5/ 232) من طريق ابن إدريس، وهو عبد الله بن إدريس. وأحمد في المسند (2/ 66، 110) من طريق ابن مهدي، وعبد الرزاق، وإسحاق الطباع، ثمانيتهم عن مالك به.

الركنان فإنِّي طُفتُ مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم أرَه يَستَلِم غيرَهما". خَرَّجه الطيالسي عنه (¬1). وانظر حديثَ الإهلالِ لسالم عنه (¬2)، ومرسلَ عروة (¬3)، وحديثَ الاستلامِ في رواية سالم أيضًا (¬4). * * * ¬

_ (¬1) المسند (ص: 261). وعبد الله العمري مُتكلم فيه، وتقدّم (2/ 368). لكن تابعه أخوه عبيد الله، عند ابن ماجه في السنن كتاب: اللباس باب: الخضاب بالصفرة (2/ 1198) (رقم: 3626)، وأحمد في المسند (2/ 17) وفيه: "ورأيتك تصفّر لحيتك؟ ... قال: وأما تصفيري لحيتي فإني رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصفّر لحيته. . ."، الحديث. (¬2) تقدّم حديثه (2/ 351). (¬3) سيأتي حديثه (5/ 109). (¬4) تقدّم حديثه (2/ 341).

217 / حديث: "الدِّينارُ بالدِّينارِ والدِّرهمُ بالدِّرهمِ، لا فضلَ بينهما". عن حُميد بن قيس المكي، عن مجاهد، عن ابن عمر، وفيه قصة (¬1). وقال فيه ابن عمر: "هذا عَهْدُ نبِيِّنا إلينا"، وذلك يُوهِم سماعَه منه، وهو لم يسمعْ العهدَ، وإنَّما أخبرَه به أبو سعيد الخُدري، وقد كان ابن عمر يُجِيزُ التفاضلَ في الذَّهبِ بالذهب، والفضةِ بالفضةِ إذا كان يدًا بيدٍ حتّى بَلَغَه حديث أبي سعيد في ذلك فانتَهَى عنه (¬2). وجاء عن نافع أنَّه سمع ابنَ عمر يَسألُ عن ذلك أبا سعيدٍ الخدري فأخبَرَه به (¬3). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: البيوع، باب: بيع الذهب بالفضة تبرا وعينا (2/ 492) (رقم: 31). وأخرجه النسائي في السنن كتاب: البيوع، باب: بيع الدرهم بالدرهم (7/ 278)، وفي الكبرى (4/ 29) رقم: 6161) من طريق قتيبة عن مالك به. ووقع في السنن الصغرى والكبرى: "مجاهد عن عمر"، وهو خطأ، انظر: تحفة الأشراف (6/ 32). وأفاد محقق التحفة أن في نسخة السنن الكبرى: "ابن عمر" على الصواب. وكذا قال السندي في حاشيته على السنن. (¬2) أخرج مسلم في صحيحه كتاب: المساقاة، باب: بيع الطعام مثلا بمثل (3/ 1217) (رقم: 1594) من طريق أبي نضرة قال: "سألت ابن عمر وابن عباس عن الصّرف؟ فلم يَرَيَا به بأسا. فإني قاعد عند أبي سعيد الخدري فسألته عن الصّرف؟ فقال: ما زاد فهو ربا. فأنكرت ذلك لقولهما. فقال: لا أحدّثك إلا ما سمعت من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-جاءه صاحب نخلة بصاع من تمر طيّب. وكان تمر النبي -صلى الله عليه وسلم-هذا اللون. فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم-: "أنّى لك هذا؟ " قال: انطلقت بصاعين فاشتريت به هذا الصاع، فإن سعر هذا في السوف كذا، وسعر هذا كذا. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: طويلك أَرْبَيت، إذا أردت ذلك فبع تمرك بسلعة، ثم اشتري بسلعتك أي تمر شئت". قال أبو سعيد. فالتمر بالتمر أحق أن يكون ربا أم الفضة بالفضة؟ . قال: فأتيت ابن عمر بعد فنهاني، ولم آت ابن عباس. قال: فحدّثني أبو الصهباء أنه سأل ابن عباس عنه بمكة فكرهه". (¬3) أخرجه مسلم في صحيحه كتاب: المساقاة، باب: الربا (3/ 1208) (رقم: 1584).

ولعلَّ ابنَ عمر إنَّما أراد بقوله: "هذا عَهْد نبيّنا إلينا"، أنَّه عَهِدَ به إلى جُملةِ أصحابِه، وهو منهم، فيتناولُه العهدُ وإن كان غائبًا في حينِ الأَمر. وقال الدارقطني: "ليس هذا القول بِمحفوظٍ". قال: "ولعلَّه أراد هذا عَهدُ صاحبِنا إلينا، يعني عمر". وذَكَرَ أنّ نافعًا رواه عن ابن عمر عن عمرَ قولَه موقوفًا عليه (¬1). وهذا في الموطأ (¬2). وقولُ أبي الحسن تَعَسُّفٌ (¬3). ¬

_ (¬1) لم أقف على قول الدارقطني. (¬2) الموطأ كتاب: البيوع، باب: بيع الذهب بالفضة تبرًا وعينًا (2/ 493) (رقم: 34). وإسناده من أصح الأسانيد. (¬3) لأنَّ استعمالَ هذه الصيغة أعني (عهد إلينا) أو (خرج علينا) أو غير ذلك شائع عند السلف وإن لم يكن المخبر موجودًا في تلك الواقعة، وهذا كقول البراء بن عازب فيما أخرجه ابن عدي في الكامل (2/ 18)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (60/ 162)، و (17/ 140، 141 - مخطوط): "لم يكن فينا فارس يوم بدر إلاّ المقداد". قال ابن عساكر: "قوله: "فينا" يعني المسلمين؛ لأنَّ البراء لم يشهد بدرًا". "ووقع فيه: لأن البراء شهد بدرًا. والصحيح ما أثبتّه". لكن الأثر معلّ، والصحيح فيه أنه من قول علي رضى الله عنه، كما في العلل للدارقطني (2/ 184). ولعل مما يشهد لهذه القاعدة ما ذكره علي بن سهيل النسائي: "سمعت الإمام أحمد يقول: قدم علينا ابن المبارك سنة تسع وسبعين فقال: من سمع من ابن لهيعة منذ عشرين سنة فهو صحيح. قلت له: سمعتَ ابن المبارك؟ قال: لا". المجروحين (2/ 12). يبيّنه قوله: "بلغني عن ابن المبارك أنه قال ها هنا ببغداد". المعرفة والتاريخ (2/ 185). ويدل عليها أيضًا حديث الرجل الذي لا يسلّط عليه الدجال عند خروجه فيقول الرجل: "أشهد أنك الدجال الذي حدثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حديثه". أخرجه البخاري في صحيحه (8/ 442) (رقم: 7132). قال السخاوي: "إذ من المعلوم تأخر ذلك الرجل فيكون حينئذ مراده حدّث الأمة وهو منهم". فتح المغيث (2/ 157). لذا كان قول الدارقطني فيه تكلّف وتعسّف كما قال المؤلف رحمه الله تعالى، خاصة أن ابن عمر قال: "هذا عهد نبيّنا إلينا". =

وحُميد بن قَيسِ هو الأعرج قارئُ أهلِ مكّةَ، قال ابن حنبل: "ليس بقويٍّ في الحديث" (¬1). وقال النسائي: "لا بأس به" (¬2). ¬

_ = تنبيه: أخرج البيهقي في السنن الكبرى (5/ 271)، ومعرفة السنن (4/ 292) عن الشافعي أنه خطّأ قول حميد عن مجاهد: "هذا عهد نبيّنا إلينا"، وقال: "هذا خطأ، أخبرنا سفيان بن عيينة عن وردان الرومي أنه سأل ابن عمر، -ثم ذكر الحديث- وفيه: هذا عهد صاحبنا إلينا وعهدنا إليكم. قال الشافعي: يعني بصاحبه عمر بن الخطاب". قال البيهقي في معرفة السنن: "هو كما قال، فالأخبار دالة على أن ابن عمر لم يسمع في ذلك من النبي -صلى الله عليه وسلم- شيئا، ثم قد يجوز هذا بعهد نبيّنا -صلى الله عليه وسلم- وهو يريد أصحابه بعدما أُثبت له ذلك عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في حديث أبي سعيد وغيره". اهـ. قال ابن عبد البر: "قول الشافعي عندي غلط على أصله، لأن حديث ابن عيينة في قوله: صاحبنا، مجمل يحتمل أن يكون أراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو الأظهر فيه، ويحتمل أن يكون أراد عمر، فلما قال مجاهد عن ابن عمر: هذا عهد نبيّنا، فسر ما أجمل وردان الرومي. وهذا أصل ما يعتمد عليه الشافعي في الآثار، ولكن الناس لا يسلم منهم أحد من الغلط، وإنما دخلت الداخلة على الناس من قبل التقليد لأنهم إذا تكلّم العالم عند من لا يُنعم النظر بشيء كَتَبه وجعله دينا يرد به ما خالفه دون أن يعرف الوجه فيه فيقع الخلل، وبالله التوفيق". التمهيد (2/ 248)، وانظر: الجوهر النقي (5/ 280). قلت: ووردان الرومي مجهول، لم يرو عنه إلا ابن عيينة وعبد الله بن لاحق، وذكره ابن حبان في الثقات على قاعدته. انظر: التاريخ الكبير (8/ 179)، الجرح والتعديل (9/ 36)، الثقات (5/ 500). فكيف تُعارض رواية حميد بن قيس الثقة برواية المجهول، فالصحيح في هذه الرواية من قال: "هذا عهد نبيّنا"، والمراد به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والتأويل ما ذُكر. (¬1) العلل (1/ 398) (رقم: 808 - رواية عبد الله-). وتفرّد الإمام أحمد رحمه الله تعالى بتليينه. ونقل أبو طالب عن أحمد رواية أخرى أنّه ثقة. الجرح والتعديل (3/ 227). (¬2) التمييز نقلًا عن أسماء شيوخ مالك (ل: 19/ أ)، تهذيب الكمال (7/ 387)، وفيهما: ليس به بأس. ووثقه جمع من الأئمة كابن معين والبخاري وأبي زرعة وأبي داود ويعقوب الفسوي وابن حبان. وقال أبو حاتم: "ليس به بأس". وقال ابن عدي: "حُميد بن قيس هذا له أحاديث صالحة، وهو عندي لا بأس مجديثه، وإنما يؤتى =

وحُميد الأعرج الكوفي هو ابن عليٍّ، رجلٌ آخَر (¬1). وانظر حديثَ أبي سعيد (¬2). * * * ¬

_ = ما يقع في حديثه من الإنكار من جهة من يروي عنه، وقد روى عنه مالك، وناهيك به صدقًا إذا روى عنه مثل مالك فإن أحمد ويحيى قالا: لا نبالي أن لا نسأل عن من روى عنه مالك". وقال الذهبي: "ثقة"، وقال ابن حجر: "ليس به بأس". قلت: وقد أخرج البخاري ومسلم حديثه عن مجاهد بن جبر، ولعل الأقرب أن يكون ثقة كما قال الذهبي والله أعلم، وعليه فحديث الوطأ صحيح. انظر: تاريخ ابن معين (3/ 194 - رواية الدوري-)، رواية ابن اجنيد (ص: 481)، تاريخ ابن أبي خيثمة (3 / ل: 34/أ)، المعرفة والتاريخ (3/ 41)، الجرح والتعديل (3/ 427)، الكامل (2/ 272)، سؤالات البرذعي لأبي زرعة (2/ 359)، الجمع بين رجال الصحيحين (1/ 91)، أسماء شيوخ مالك (ل: 18/ ب)، رجال الموطأ (ل: 17/ب) تهذيب الكمال (7/ 384)، تهذيب التهذيب (3/ 41)، الكاشف (1/ 193)، التقريب (رقم: 1556). (¬1) ويقال فيه: ابن عطاء، ويقال: ابن عبيد، ويقال: ابن عبد الله. ضعّفه بعضهم ووهّاه آخرون، وقال الحافظ: "ضعيف". انظر: تهذيب الكمال (7/ 409)، تهذيب التهذيب (3/ 46)، التقريب (رقم: 1566). (¬2) سيأتي حديثه (3/ 248).

218 / حديث: "لاَ يَصبِرُ على لأْوائِها وشِدَّتِها أَحَدٌ إلاَّ كنتُ له شفيعًا أو شهيدًا يومَ القيامة". يعني المدينة. في الجامع عند أوّله. عن قَطن بنِ وَهْب بن عُويْمِر (¬1) بنِ الأَجدَع، عن يُحَنَّس مولى الزُّبير بن العوَّام، عن ابن عمر، وفيه: قصة (¬2). عند بعض الرواة: عن عُويمر، وهو تصحيف، تَصَحف "بنٌ" بِـ "عَن" (¬3)، ¬

_ (¬1) وقع فِي المطبوع من رواية يحيى: عمير، وهو خطأ. وانظر: نسخة المحمودية (أ) (ل: 143 / ب)، و (ب) (ل: 248 / أ). (¬2) الموطأ كتاب: الجامع، باب: ما جاء في سكنى المدينة والخروج منها (2/ 675) (رقم: 3). وأخرجه مسلم في صحيحه كتاب: الحج، باب: الترغيب في سكنى المدينة والصبر على لأوائها (2/ 1004) (رقم: 377) من طريق يحيى النيسابوري. والنسائي في السنن الكبرى كتاب: الحج، باب: ثواب من صبر على جَهد المدينة وشدّتها (2/ 487) (رقم: 4281) من طريق قتيبة. وأحمد في المسند (2/ 113، 119، 133) من طريق إسحاق الطباع، وعثمان بن عمر، وإسماعيل بن عمر، خمستهم عن مالك به، وشك إسحاق في اسم قطن، فقال: "عن قطن بن وهب أو وهب بن قطن". (¬3) وهي رواية أبي مصعب الزهري (2/ 54) (رقم: 1847)، وهي كذا في الأصل كما في النسخة الهندية (ل: 224/أ) وأصلحها المحقق؟ ! فقال في حاشيته: "في الأصل: عن، والصواب: بن". قلت: الصواب من رواية أبي مصعب: عن، كما ثبت في النسخة الهندية، وفي نسخة أخرى بالجامعة الإسلامية (برقم: 4081). وكذا جاء بالتصحيف عند ابن القاسم (ص: 417) (رقم: 406)، وجاء في الجمع بين رواية ابن وهب وابن القاسم (ل: 103/ أ): عن قطن بن وهب بن عويمر بن الأجدع، على الصواب، والله أعلم. وأخرجه البيهقي في شعب الإيمان (7/ 124) (رقم: 9721 - طبعة دار الكتب العلمية-) من طريق يحيى النيسابوري، كرواية ابن القاسم وأبي مصعب. وأخرجه أبو أحمد الحاكم في عوالي مالك (ص: 115) من طريق سويد بن سعيد، ومعن بن =

ولَم يَنسُبْ القعنبيُّ وَهْبًا (¬1)، وقَطن سمِعَه مِن يُحنَّسَ أخبره: "أنَّه كان جالسًا عند عبد الله بنِ عمر في الفِتنة، فأتَته مولاةٌ له تُسلِّم عليه ... "، وساقه. وقال فيه عُبيد الله بن عمر: عن قَطَن، عن مولاةٍ لعبد الله (¬2)، وقال مَرَّةً: "أنَّ مولاةً ... "، مقطوعًا (¬3). ¬

_ = عيسى، وروح بن عبادة، وعبد الله بن رافع، وإسحاق الطباع، جميعهم عن مالك عن قطن بن وهب عن عويمر بن الأجدع: أنَّ يُحنّس. كذا في المطبوع، ولعل الراوي حمل رواية بعضهم عن بعض، بدليل أن أحمد أخرجه من طريق إسحاق الطباع ولم يصحف فيه ابن بعَن، أو أنَّ الخطأ فيه من المحقق أو الطابع، والله أعلم بالصواب. وأخرجه البخاري في التاريخ الكبير (/ 190) من طريق عبد الله بن يوسف عن قطن بن وهب بن عويمر بن الأجدع، كرواية يحيى، ووقع فيه: "يحنّسق"، آخره قاف. وهو في موطأ سويد (ص: 529) (رقم: 1239): قطن بن وهب بن عويمر. وكذا في رواية ابن بكير (ل: 232 /أ- نسخة الظاهرية-): قطن بن وهب بن عويمر بن الأجدع، وأخرجه من طريقه المزي في تهذيب الكمال (23/ 622)، واقتصر على قطن بن وهب فقط. (¬1) أخرجه من طريقه أبو القاسم الجوهري في مسند الموطأ (ل: 114/ أ)، والطبراني في المعجم الكبير (12/ 347) رقم: 13307). وتابع القعنبيَ: إسحاق الطباع وإسماعيل بن عمر عند أحمد. - وأبو مصعب الزهري فِي رواية عنه كما في التمهيد (21/ 23)، وأخرجه من طريقه الدارقطني في العلل كما في الصارم المنكي (ص: 46). - معن بن عيسى وعثمان بن عمر، عند الدارقطني في العلل كما في الصارم المنكي (ص: 46). - ومحمد بن عبد الله الرقاشي عند ابن عبد البر في التمهيد (21/ 23). ورواية القعنبي ومن تابعه تشهد لصحة رواية يحيى، وأنَّ من رواه عن قطن عن عويمر صحّف. (¬2) أخرجه الدارقطني في العلل كما في الصارم المنكي لابن عبد الهادي (ص: 45) عن يحيى بن صاعد، عن الزبير بن بكار، عن أبي ضمرة أنس بن عياض عن عبيد الله به. (¬3) أخرجه الدارقطني في العلل كما في الصارم المنكى (ص: 45، 46) من طريق محمد بن منصور الخزاعي، عن أبيه، عن عبيد الله، عن قطن: "أنّ مولاةً". وأخرجه أبو يعلى في المسند (10/ 166) (رقم: 5786 - طبعة حسين أسد-) من طريق عبيد الله بن عبد المجيد عن عبيد الله: أن مولاة، وهذا منقطع، عبيد الله لَم يحضر القصة. =

ولعلَّه أراد بقوله: "عن مَولاة"، عن قِصةِ مولاة كما جاء في حديث البَهزيِّ، والله أعلم (¬1). قال الشيخ أبو العبّاس رضى الله عنه: قرأتُ على أبي داود المُقرِئ (¬2): يحَنِّس بكسر النون، وعلى أبي عليّ الجيَّاني بفتحها، وعزاه إلى الدارقطني (¬3). ¬

_ = قلت: وقع في المطبوع من مسند أبي يعلى- طبعة إرشاد الحق- (5/ 308) (رقم: 5762) عن عبيد الله بن عبد المجيد عن عبد الله بن عمر، وضعف المحقق الإسناد به؟ ! وأخرجه الدارقطني في العلل كما في الصارم المنكى (ص: 45) من طريق سالم بن نوح العطار، عن عبيد الله، عن نافع: "أنّ مولاة". وسُئل الدارقطني عن هذا الحديث، فذكر الاختلاف فيه على أيوب عن نافع، ثم قال: "وأما عبيد الله بن عمر فإن معتمر بن سليمان وسالم بن نوح والمفضّل بن صدقة أبا حماد، رووه عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر، وخالفهم أبو ضمرة أنس بن عياض، رواه عن عبيد الله، عن قطن بن وهب بن عويمر بن الأجدع، عن مولاة لابن عمر، عن ابن عمر. ويُشبه أن يكون القولان محفوظين، حديث نافع وحديث قطن؛ لأنّ حديث نافع له أصل عنه، رواه أيوب وأبو بكر بن نافع وربيعة بن عثمان، وحديث قطن بن وهب محفوظٌ أيضا حدّث به عبيد الله بن عمر، وقيل: عن أبي ضمرة، عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن قطن، وذلك وهم من قائله". انظر: الصارم المنكي (ص: 43 - 46). قلت: ولحديث أنس بن عياض طريق آخر: وقال الترمذي: "سألت محمدًا عن هذا الحديث فقال: روى أنس بن عياض هذا الحديث عن عبيد الله عن قطن بن وهب عن رجل، قال محمد: أراه يُحَنس، وحديث أنس عندي صحيح". العلل الكبير (2/ 944). (¬1) سيأتي حديت البهزي في مسند عمير (3/ 71). وعلى هذا تكون رواية عبيد الله من الطريقين منقطعة، والله أعلم. (¬2) هو سليمان بن نجاح، وقد تُرجم. (¬3) لم أجده من كلام الدارقطني، ولعله في كتابه التصحيف، والله أعلم. وضبطه ابن حجر: بضم أوله وفتح المهملة وتشديد النون ثم مهملة. التقريب (رقم: 7493).

• حديث: عن صَدَقة بن يسار، عن الغيرة بن حكيم أنَّه رأى عبد الله بن عمر يرجِع في سجدتين في الصلاةِ على صدورِ قَدَميه. فيه: فقال: "إنَّها ليست بسُنَّة الصَّلاةِ"، ولَم يَذكرْ سُنَّة الصلاةِ ما هي. في باب الجلوس (¬1). أُدخل هذا في المسنَدِ (¬2)، والأَظهرُ أنَّه ليس منه؛ لأنَّه نَفيٌ وليس كحديث ابنِه عبد الله عنه في هيئةِ الجُلوسِ، وربّما ضاهَى حديثَه في تَركِ استِلامِ الرُّكنَين، انظره لسالم عنه (¬3). والمغيرةُ بن حَكيم وصَدَقةُ بن يسار خَرَّج لهما مسلمٌ دون البخاري (¬4). وزَعَمَ الساجيُّ أنَّ صدقةَ كان قَدرِيًّا (¬5)، وذكرَ ابنُ سُحنون (¬6)، عن ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الصلاة، باب: العمل في الجلوس في الصلاة (6/ 96) (رقم: 50). (¬2) أدخله ابن عبد البر في كتابه التمهيد (16/ 271)، وشرطُه أن لا يدخل فيه إلاّ حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وما يمكن إضافته إليه كما في مقدمة التمهيد (1/ 8). ولم يذكر الأثرَ الجوهري في مسند الموطأ، إذ ليس على شرطه. (¬3) تقدّم حديثه (2/ 348)، وحديث عبد الله بن عبد الله بن عمر في هيئة الجلوس (2/ 354). (¬4) انظر: رجال مسلم (2/ 226)، (1/ 319)، الجمع بين رجال الصحيحين (2/ 500)، (1/ 225)، تهذيب الكمال (28/ 356)، (13/ 155). (¬5) لم أقف عليه. (¬6) هو الإمام ابن الإمام محمد بن سحنون عبد السلام بن سعيد بن حبيب التنوخي القيرواني المالكي. ولد سنة (202 هـ)، وتوفي سنة (255 هـ). كان إمامًا في الفقه عالمًا بالآثار صحيح الكتاب، لم يكن في عصره أحذق بفنون العلم منه، جلس مجلس أبيه بعد موته، وكان كثير التصنيف، صنف المسند في الحديث، وتفسير الموطأ، وغير ذلك. انظر: ترتيب المدارك (4/ 204)، معالم أهل الإيمان في معرفة أهل القيروان (3/ 122 - 136)، الديباج المذهب (ص: 234 - 237)، شجرة النور الزكية (ص: 70).

ابن عيينة فيه كلامًا (¬1). وانظر روايةَ ابنه عبد الله عنه (¬2). • حديث: الضحايا بعد ثلاث. مذكورٌ في مرسل عبد الله بن واقد (¬3)، ومسند عائشة (¬4). * * * ¬

_ (¬1) كلام ابن عيينة نقله عبد الله بن الإِمام أحمد عن أبيه ويعقوب الفسوي عن ابن أبي عمر كلاهما عن سفيان قال: "قلت لصدقة بن يسار: يزعمون أنك من الخوارج؟ فال: فتبسّم فقال: ما أنا منهم، وقد كنتُ منهم". انظر: العلل (1/ 458) (رقم: 1042)، المعرفة والتاريخ (1/ 437). وصدقة وثّقه الأئمة. انظر: تهذيب الكمال (13/ 155)، تهذيب التهذيب (4/ 367). (¬2) تقدّم حديثه (2/ 354). (¬3) سيأتي حديثه (5/ 38). (¬4) سيأتي حديثها (4/ 117).

المقطوع عن ابن عمر ثلاثةُ أحاديث. 219/ حديث: "إنَّ الله تعالى بَعث إلينا محمّدًا -صلى الله عليه وسلم- ولا نعلَم شيئًا فإنَّما نفعلُ كما رأيناه يَفعل". في قصر الصلاة. عن ابن شهاب، عن رَجلٍ من آل خالد بن أَسيد، أنَّه سأل ابنَ عمر فقال: "يا أبا عبد الرّحمن إنّا نجد صلاةَ الخوف وصلاةَ الحضر في القرآن ولا نجد صلاة السفر؟ " فقاله (¬1). هذا معلولٌ مقطوعٌ (¬2)، وهو داخلٌ في المرفوع على المعنى وليس ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: قصر الصلاة في السفر، باب: قصر الصلاة في السفر (1/ 138) (رقم: 7). وأخرجه أحمد في المسند (2/ 65) من طريق ابن مهدي عن مالك به. (¬2) في حاشية الأصل ما نصّه: "قوله: "هذا معلول مقطوع"، فيه نظر؛ فإنَّ الرجل المبهم اسمه في هذا الإسناد قد سُمِي من طريق آخر قد ذكره المصنِّف فمما بعد من الكلام على هذا الحديث، ولو لم يُسمّ هذا الرجل المبهم اسمه من طريق أخرى لم يكن مقطوعا عند أكثر أهل النّقل، لكنّه يكون عندهم مسندا وقعت الجهالة في أحد رواته، والله عزَّ وجلَّ أعلم". قلت: وهذا التعليق لا شيء؛ لأنَّ المصنف لم يرد بالمقطوع -وهو المنقطع- في هذا الإسناد الإبهام الواقع فيه، بل الانقطاع الذي أراده ما وقع بين الزهري والرجل من آل خالد بن أسيد، فإن بينهما رجلا كما سيأتي بيانه. ثم لو فرض أنه أراد بالانقطاع الابهام فلا اعتراض عليه؛ لأنَّه اصطلاح بعض العلماء وقد سبقه إلى ذلك أبو عبد الله الحاكم وتبعه ابن الصلاح، فسمّيا ما كان في إسناده مبهما بالمنقطع، وما جاء من طريق أخرى مصرّحا باسمه بالمنقطع الذي لا يعرفه إلا المتبحّر في هذا الفن، وقصره بعضهم كالعلائي على إذا لم يعرف المبهم فهو منقطع فإن عُرف فمتصل في إسناده جهالة. وجمهور المحدّثين أنَّ ما وقع في إسناده مبهمٌ لا يُسمى منقطعًا بل هو متّصل في إسناده جهالة والله أعلم. فقول المصنف: "معلول" أي في إسناده جهالة، "مقطوع" أي بين الزهري والرجل المبهم المجهول. وانظر: معرفة علوم الحديث (ص: 27)، مقدمة ابن الصلاح (ص: 51)، جامع التحصيل (ص: 96)، فتح المغيث (1/ 182)، تدريب الراوي (1/ 260).

بالصرِيح، والصريحُ عنه رواية حَفص بن عاصم قال: "صَحِبتُ ابنَ عمر في طريق مكّة، فصلّى لنا الظهرَ ركعتين". وذَكَرَ قِصةً فيها أنَّه قال: "صَحِبتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - في السَّفرِ فلم يَزِد على ركعتين حتى فبَضَه الله تعالى". خُرِّج الصحيح (¬1). والرَّجلُ السائل لابنِ عمر هو أميَّة بن عبد الله بن خالد بن أَسيد. روى الليث وغيرُه حديثَ الموطأ عن الزهري، عن عبد الله بن أبي بكر بن عبد الرّحمن بن الحارِث، عن أميّة بن عبد الله بن خالد: أنَّه قال لعبد الله بن عمر ... فذكره، خرَّجه النّسائي، وهو الصواب (¬2). ¬

_ (¬1) أخرجه بهذا اللفظ مسلم فِي صحيحه كتاب: صلاة المسافرين وقصرها (1/ 479) (رقم: 689). وهو بمعناه عند البخاري في صحيحه كتاب: تقصير الصلاة، باب: من لم يتطوّع في السفر دبر الصلاة (2/ 335) (رقم: 1102). (¬2) أخرجه النسائي في السنن كتاب: تقصير الصلاة في السفر (3/ 117)، وابن ماجه في السنن كتاب: إقامة الصلاة، باب: تقصير الصلاة في السفر (1/ 339)، (رقم: 1061) -، وأحمد في المسند (2/ 94)، وابن خزيمة في صحيحه (2/ 72) (رقم: 946)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (4/ 301) (وقم: 1451)، (6) (وقم: 2735)، والحاكم في المستدرك (1/ 258)، وابن المنذر في الأوسط (4/ 341)، والجوهري في مسند الموطأ (ل: 40 /أ)، وابن عبد البر في التمهيد (11/ 163)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (9/ 289) من طرق عن الليث به. وقال الحاكم: "صحيح على شرط الشيخين"، وقال الذهبي: "رواته ثقات". قلت: وتابع الليثَ بنَ سعد: 1 - يونس بن يزيد: أخرجه يعقوب الفسوي في المعرفة والتاريخ (1/ 372)، والجوهري في مسند الموطأ (ل: 40 / أ)، والبيهقي في السنن الكبرى (3/ 136)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (9/ 289) من طريق ابن وهب عنه، إلاَّ أنه جعل بدل عبد الله بن أبي بكر: عبد الملك بن أبي بكر. قال النسائي: "وحديث الليث أولى بالصواب عندنا من حديث ابن وهب هذا عن يونس". مسند الموطأ (ل: 40/أ). قال ابن عبد البر: "فغلط ووهم". التمهيد (11/ 162). =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وكذا قال الزبيدي: عبد الملك بن أبي بكر، قال البخاري: "ولا يصح". التاريخ الكبير (5/ 55). وخالفهما: عنبسة ين سعيد الأيلي، فرواه عن يونس كرواية الليث سواء أي عن عبد الله بن أبي بكر، أخرجه الهروي في ذم الكلام (2/ 162) (رقم: 310)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (9/ 289، 290) وقال: "قال أحمد "أي ابن صالح": القول قول عنبسة". وحسان بن إبراهيم، ذكره البخاري في التاريخ الكبير (5/ 55). ويؤيّده أن ابن عبد البر أخرجه في التمهيد (11/ 163) من طريق الليث عن يونس عن ابن شهاب عن عبد الله بن أبي بكر به على الجادة. 2 - ومعمر بن راشد، عند عبد الرزاق فِي المصنف (2/ 517) (رقم: 4276)، والهروي في ذم الكلام (2/ 161) (رقم: 310)، إلا أنه قال في المصنف: عن عبد الله بن أبي بكر عن عبد الرحمن بن أمية بن عبد الله. وأصلحه محقق المصنف فأخطأ. قال ابن عبد البر: "هكذا في كتاب عبد الرزاق، عبد الله بن أبي بكر عن عبد الرحمن بن أمية، وإنما هو عبد الله بن أبي بكر بن عبد الرحمن عن أمية بن عبد الله، وهو من غلط الكاتب والله أعلم، وإنما قلنا أن ذلك في كتاب عبد الرزاق، لأنَّا وجدناه في كتاب الدَّبَري وغيره عنه كذلك. وكذلك ذكره الذهلي محمد بن يحيى وقال: لا أدري هذا الوهم أمِن معمر جاء أم من عبد الرزاق؟ قال أبو عمر: هو عندي من كتاب عبد الرزاق، والله أعلم". التمهيد (11/ 162، 163). وقال البخاري: "وقال معمر: عبد الله بن أبي بكر عن عبد الرحمن بن أمية بن عبد الله، ولا يصح". التاريخ الكبير (5/ 55). - وفُليح بن سليمان عند الهروي في ذم الكلام (2/ 162) (رقم: 310)، وذكره البخاري في التاريخ الكبير (5/ 55) تعليقا. - وعُقيل بن خالد وغيرهم قاله الدارقطني في الأحاديث التي خولف فيها مالك (ص: 50). ورجح الحفاظ رواية الجماعة على رواية مالك: وقال ابن عساكر: "قال أحمد (أي ابن صالح المصري) رواه مالك بن أنس عن الزهري فأفسده، أسقط عبد الله ولم يسمّ أمية". تاريخ دمشق (9/ 290). وقال الدارقطني: "ورواه مالك عن الزهري فلم يُقم إسناده، وقال: عن الزهري عن رجل من آل خالد بن أسيد عن ابن عمر، ولم يذكر عبد الله بن أبي بكر، والصواب قول الليث ومن تابعه عن الزهري). العلل (4/ل: 75 /ب)، وانظر: الأحاديث التي خولف فيها مالك (ص: 49، 50). =

وجاء عن يَعلى بن أُميّة -رجلٌ آخَر- أنَّه قال: "قلتُ لعمر بن الخطّاب: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ} (¬1) فقد أَمِنَ النّاسُ؟ ". فقال عمر: عَجبتُ مِمَّا عجبتَ منه فسألتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك فقال: "صدقةٌ تَصدَّقَ الله بها عليكم فاقتلوا صدقتَه". خَرَّجه مسلم (¬2). وروى عبد الرّحمن بن أبي ليلى عنِ عمر قال: "صلاةُ السفر ركعتان تَمَام غير قَصر على لِسانِ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-". خرَّجه النّسائي والطيالسي (¬3). ¬

_ = وقال ابن عبد البر: "لم يُقِم مالك إسناد هذا الحديث أيضا، لأنه لم يسم الرجل الذي سأل ابن عمر، وأسقط من الإسناد رجلا، والرجل الذي لم يسمّه هو أمية بن عبد الله بن خالد بن أسيد بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف، وهذا الحديث يرويه ابن شهاب عن عبد الله بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن أمية بن خالد بن عبد الله بن أسيد عن ابن عمر ... ". التمهيد (11/ 161). وقال أبو القاسم الجوهري: "يقال إن مالكا انفرد بهذا القول، وقد رواه الليث عن الزهري فجوّده". مسند الموطأ (ل: 40/أ). (¬1) سورة: النساء، الآية: (101). (¬2) صحيح مسلم (1/ 478) (رقم: 686). (¬3) أخرجه النسائي في السنن كتاب: صلاة العيدين، باب: عدد صلاة العيدين (3/ 183)، وفي الكبرى (1/ 183) (رقم: 491)، والطيالسي فِي المسند (ص: 10)، وأحمد في المسند (2/ 371)، وعبد الرزاق في المصنف (2/ 518) (رقم: 4278)، والطحاوي في شرح المعاني (1/ 421) من طرق عن الثوري، عن زُبَيد الإيامي، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى به. وأخرجه النسائي في السنن كتاب: الجمعة، باب: عدد صلاة الجمعة (3/ 111)، وفي تقصير الصلاة (3/ 118)، وفي السنن الكبرى (1/ 182) (رقم: 489)، وابن ماجه في السنن (1/ 338) (رقم: 1063)، والبزار في المسند (1/ 465) (رقم: 331)، والطحاوي في شرح العاني (1/ 441)، وأبو نعيم في الحلية (4/ 353)، والبيهقي في السنن الكبرى (3/ 199) من طرق عن زُبيد به. وأُعلّ الحديث بعدم سماع عبد الرحمن بن أبي ليلى من عمر رضي الله عنه. قال النسائي: "ابن أبي ليلى لم يسمعه من عمر". تحفة الأشراف (8/ 84)، مسند عمر لابن كثير (1/ 203). =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وقال ابن أبي حاتم: "قلت لأبي: صحّ لعبد الرحمن بن أبي ليلى سماع من عمر؟ قال: لا". المراسيل (ص: 108). وقال الدوري: "سئل يحيى بن معين عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عمر؟ قال: لم يره". التاريخ (3/ 97). وقال ابن المديني: "لم يثبت عندنا من جهة صحيحة أن ابن أبي ليلى سمع من عمر، وكان شعبة ينكر أن يكون سمع من عمر رضي الله عنه". جامع التحصيل (ص: 226). وهذا أيضا قول وكيع بن الجراح كما في معرفة الرجال لابن محرز (2/ 234)، والدراقطني في السنن (2/ 168). وأخرج النسائي في السنن الكبرى (1/ 183) (رقم: 490)، وابن ماجه في السنن (1/ 338) (رقم: 1064)، وابن خزيمة في صحيحه (2/ 340) (رقم: 1425) من طريق يزيد بن زياد بن أبي الجعد عن زُبيد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن كعب بن عجرة عن عمر به. فخالف يزيدُ بنُ زياد الثورىِ وشعبةَ في إسناده، وزاد رجلا. وسئل أبو حاتم عن حديث يزيد هذا فقال: "الثوري أحفظ". العلل (1/ 138). وقال البزار: "وهذا الحديث رواه يزيد بن زياد بن أبي الجعد عن زُبيد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن كعب بن عجرة عن عمر، وشعبة والثوري فلم يذكرا كعب بن عجرة، وهما حافظان ويزيد بن زياد فغير حافظ". المسند (1/ 465). وعليه تكون طريق يزيد بن زياد شاذة، والله أعلم. قلت: وصحح بعض الأئمة سماع عبد الرحمن من عمر. قال مسلم: "أسند عبد الرحمن بن أبي ليلى وقد حفظ عن عمر بن الخطاب". الصحيح (1/ 34). وقال الترمذي: "وقد روى عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عمر بن الخطاب ورآه". السنن (5/ 471). واستدل من صحح سماعه بما أخرجه أبو خيثمة في مسنده كما في تهذيب التهذيب (6/ 235) من طريق يزيد بن هارون عن الثوري عن زُبيد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: "سمعت عمر يقول ... "، فذكر الحديث. قال أبو خيثمة: "تفرّد به يزيد بن هارون هكذا، ولم يقل أحد سمعت عمر غيره". وقال الدارقطني: "لم يتابع يزيد بن هارون على قوله هذا". العلل (2/ 116). =

وانظر حديثَ عروة عن عائشة، وانظر القصرَ فِي السفر لعروة عن عائشة (¬1)، والقصرَ بمنى وبذي الحليفة في مرسلِ عروة (¬2). ¬

_ = قلت: وقد توبع يزيد بن هارون، ولم يتفرّد بذكر السماع، أخرجه ابن أبي خيثمة كما في التجريح والتعديل للباجي (2/ 882): حدّثناه أبو نعيم (هو الفضل بن دكين) عن سفيان، عن زُبيد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى: "سمعت عمر يقول ... "، وذكره. قال الحافظ ابن كثير: "يزيد بن هارون أحد أئمة الإسلام فيقبل تفرّده، وسماع عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عمر قد ثبت في غير هذا الحديت كما قال الحافظ أبو يعلى الموصلي (في مسنده (1/ 129) (رقم: 206): حدّثنا محمد بن علي بن الحسن بن شقيق سمعت أبي حدّثنا الحسين بن واقد عن الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت أن عبد الرحمن بن أبي ليلى حدّثه قال: خرجتُ مع عمر إلى مكة فاستقبلنا أمير مكة ... "، وساق الحديث. قال: "وهذا صريح في ذلك وقد أُثبت سماع جماعة من الصحابة بدون هذا والله أعلم". مسند عمر (1/ 203). قلت: وأخرج أحمد في المسند (1/ 28، 44)، والدارقطني في السنن (2/ 168)، وأبو نعيم فِي الحلية (4/ 354) والبيهقي في السنن الكبرى (4/ 249) من طرق عن عبد الأعلى الثعلبي عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: "كنت مع عمر فأتاه رحل فقال: إني رأيت الهلال هلال شوال ... "، الحديث. لكن إسناده ضعيف. قال الدارقطني: "عبد الأعلى ليس بالقوي عندهم". العلل (2/ 106). وقال الدوري: "سئل ابن معين عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عمر؟ قال: لم يره. فقلت له: الحديث الذي يروى: قال: كنا مع عمر رضى الله عنه نتراءى الهلال؟ فقال: ليس بشيء"، التاريخ (3/ 97). والذي يظهر أنَّ عبد الرحمن بن أبي ليلى أدرك عمر ورآه، وعقل منه بعض حديثه، والله أعلم، وعليه فإنَّ حديث الثوري وشعبة عن زبيد الإيامي عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عمر، متصل. (¬1) سيأتي حديثها (4/ 72). (¬2) سيأتي حديثها (5/ 103 - 106).

220 / حديث: "أَوْتَر رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- وأَوتَرَ المسلمون". في باب الأمر بالوتر (¬1). بلغه: "أنّ رجلًا سأل ابنَ عمر عن الوِتر أواجب هو؟ "، فقاله. هذا مقطوعٌ، وقد روي معناه مسندًا من وجوه فعلًا وأمرًا، وتقدَّم لنافع وابن دينار، عن ابن عمر الأمرُ به (¬2)، ولسعيد بن يسار عنه فعلُه (¬3). وانظر ذلك في أحاديث صلاةِ اللَّيل لعائشة (¬4)، وابن عبّاس (¬5)، وزيد بن خالد (¬6)، وانظر حديثَ أبي محمّد في مسنده (¬7). 221 / حديث: "لا تَمنَعوا إِماءَ الله مساجدَ الله". في الصلاة عند آخره (¬8). بلغه عن ابنِ عمر مرفوعًا. هذا مقطوعٌ في الموطأ (¬9)، وهو لَفظ نافع عن ابن عمر، وقد خُرِّج في ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: صلاة الليل، باب: الأمر بالوتر (1/ 121) (رقم: 17). وأهمل ابن عبد البر هذا الحديث في كتابه التمهيد وهو على شرطه. (¬2) تقدّم حديثهما عنه (2/ 364). (¬3) تقدّم حديثه (2/ 503). (¬4) انظر: (4/ 26، 47، 84، 106). (¬5) سيأتي حديثه (2/ 556). (¬6) تقدّم حديثه (2/ 164). (¬7) سيأتي حديثه (3/ 198). (¬8) الموطأ كتاب: القِبلة، باب: ما جاء في خروج النساء إلى المساجد (1/ 175) (رقم: 12). (¬9) انظر الموطأ برواية: - أبي مصعب الزهري (1/ 212) (رقم: 540)، وسويد بن سعيد (ص: 190) (رقم: 365)، والقعنبي (ص: 114)، ويحيى بن بن بكير (ل: 37/أ- نسخة السليمانية-).

الصحيح مسندًا من طُرُق (¬1). وروي عن ابن عمر عن أبيه في قِصةِ امرأةٍ له، وقد سَمِعاه جميعًا (¬2). ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الجمعة، بابٌ، (1/ 269) (رقم: 900)، ومسلم في صحيحه كتاب: الصلاة، باب: خروج النساء إلى المساجد .. (1/ 327) (رقم: 442) من طريق عبيد الله عن نافع عن ابن عمر به. (¬2) أخرجه أبو بكر النجاد في مسند عمر (رقم: 26) من طريق إسماعيل بن مسلم عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر عن عمر، وفيه قصة امرأته. وأخرجه البزار في مسنده (1/ 256) (رقم: 151) من طريق إسماعيل، ولم يسق قصة امرأته. وسنده ضعيف، إسماعيل بن مسلم المكى أبو إسحاق ضعيف الحديث كما في التقريب (رقم: 484). وأخرج أبو يعلى في مسنده (1/ 107) (رقم: 149)، وابن عدي فِي الكامل (5/ 76)، والخطيب في تاريخه (11/ 344)، وأبو بكر النجاد في مسند عمر (رقم: 25) - إلا أنه لم يذكر عمر-، والضياء في المختارة (1/ 302) (رقم: 193) من طريق بشر بن منصور عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر قال: قال عمر: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تمنعوا إماء الله مساجد الله"، وليس فيه ذكر قصة امرأته. قال ابن كثير: "وهذا إسناد جيّد". مسند عمر (ص: 152). قلت: هو كما قال؛ بشر بن منصور صدوق كما في التقريب (رقم: 704)، إلاَّ أنَّ الحديثَ أعلَّه ابنُ عدي والبزار. قال البزار: "هكذا رواه إسماعيل بن مسلم وبشر بن منصور عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر عن عمر عن النبي -صلى الله عليه وسلم-. ورواه يحيى القطان وغيره من الحفاظ عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر عن النبي -صلى الله عليه وسلم-". وقال ابن عدي: "وبشر أخطأ فِي هذا الإسناد حيث زاد فيه عمر، وإنما هو ابن عمر عن النبي -صلى الله عليه وسلم-". قلت: أخرج أحمد في المسند (1/ 40) من طريق سالم بن عبد الله قال: كان عمر رجلًا غَيورًا فكان إذا خرج إلى الصلاة اتّبعته عاتقة ابنة زيد فكان يكره خروجها ويكره منعها، وكان يحدّث أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إذا استأذنكم نساؤكم إلى الصلاة فلا تمنعوهنّ". وهذا مرسل، قال أبو زرعة: "سالم عن جدّه عمر رضي الله عنه مرسل". المراسيل (ص: 71). فهذا مما يبيّن أنَّ للحديت أصلًا عن عمر رضي الله عنه سمعه من النبي -صلى الله عليه وسلم- كما سمعه ابنه والله أعلم. =

وروى مجاهد، عن ابن عمر مرفوعًا: "ائذَنوا للنساء باللَّيل إلى المساجد". خُرِّج في الصحيح (¬1). وانظر قولَ عائشة (¬2). • حديث: "يُعذَّبُ المّيتُ ببكاءِ الحَيِّ". لفظه موقوفٌ والمقصود رفعُه، انظره في حديثِ عمرة عن عائشة (¬3). ¬

_ = وأخرج البخاري في صحيحه (1/ 269) (رقم: 900) من طريق نافع عن ابن عمر قال: كانت امرأة لعمر تشهد صلاة الصبح والعشاء في الجماعة في المسجد فقيل لها: لم تخرجين وقد تعلمين أن عمر يكره ذلك ويغار؟ قالت: وما يمنعه أن ينهاني؟ قال يمنعه قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تمنعوا إماء الله مساجد الله". قال الحافظ ابن حجر -بعد أن أورد حديث سالم عن عمر المتقدم عند أحمد-: "وعُرف من هذا أن قوله في حديث الباب: "فقيل لها: لمَ تخرجين .. "، إلخ، أنَّ قائل ذلك كله هو عمر بن الخطاب، ولا مانع أن يعبّر عن نفسه بقوله: "إنَّ عمر .. "، إلخ، فيكون من باب التجريد والالتفات، وعلى هذا فالحديث من مسند عمر كما صرّح به في رواية سالم المرسلة، ويحتمل أن تكون المخاطبة دارت بينها وبين ابن عمر أيضًا، لأنَّ الحديث مشهور من روايته، ولا مانع أن يعبّر عن نفسه "بقيل لها"، إلخ، وهذا مقتضى ما صنع الحميدي وأصحاب الأطراف، فإنهم أخرجوا هذا الحديث من هذا الوجه في مسند ابن عمر". الفتح (2/ 446). (¬1) أخرجه البخاري في صحيحه (1/ 269) (رقم: 889)، ومسلم في صحيحه (1/ 327) (رقم: 442)، وعند مسلم قصة معارضة ابن عبد الله بن عمر للحديث وضرب ابن عمر له على صدره وقوله: "أحدّثك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتقول: لا". وإيراد المصنف لطريق مجاهد عن ابن عمر وفيه تقييد الإذن بالليل مشعر بأنه يرى أن إذن الخروج مخصص بالليل ويحمل المطلق على المقيّد، ويؤيّد ذلك قوله: "وانظر قول عائشة" وقولها فيه: "أنهن كنّ يصلين الفجر مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - متلفّعات بمروطهن لا يعرفن من الغلس"، وهذا ما جنح إليه البخاري في صحيحه كما قال الحافظ وهو قول ابن عبد البر. وذهب آخرون إلى أنَّ الإذن في النهار من باب الأولى، وذَكَر الليل في الحديث؛ لأنَّه مظنة للريبة فاقتصر عليه. انظر: التمهيد (23/ 395)، الفتح (2/ 404، 446). (¬2) انظر: (4/ 127). (¬3) سيأتي حديثها (4/ 113).

37 - مسند عبد الله بن عباس

37 - مسند عبد الله بن عباس عَمِّ النبيّ -صلى الله عليه وسلم- وهو ابن عبد المطلب. خمسةَ عشر حديثًا، وله أحاديث عن أمِّه أمِّ الفضل (¬1)، وخالتِه ميمونة (¬2)، وابن خالتِه خالد بن الوليد (¬3)، وعمر بن الخطاب (¬4)، وعبد الرّحمن بن عَوف (¬5)، والصَّعب بن جثّامة (¬6). 222 / حديث: أقبلتُ راكبًا على أتانٍ وأنا قد ناهَزْتُ الاحتِلام ... فيه: "ورسولُ الله-صلى الله عليه وسلم- يصلي للنّاس بمنى، فمَررت بين يدي بعض الصَّف"، وقولُه: "فلم يُنكِر ذلك عليَّ أحدٌ". في المرور بين يدي المصلّي. عن ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله بن عُتبة بن مسعود، عن ابن عباس (¬7). ¬

_ (¬1) سيأتي حديثه عنها (4/ 227). (¬2) سيأتي حديثه عنها (4/ 309). (¬3) تقدّم حديثه عنه (2/ 149). (¬4) تقدّم حديثه عنه (2/ 279). (¬5) تقدّم حديثه عنه (2/ 329). (¬6) تقدّم حديثه عنه (2/ 258). (¬7) الموطأ كتاب: قصر الصلاة في السفر، باب: الرخصة في المرور بين يدي المصلي (1/ 145) (رقم: 38). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: العلم، باب: متى يصح سماع الصغير (1/ 33) (رقم: 76) من طريق إسماعيل بن أبي أويس، وفي الصلاة، باب: سترة الإمام سترة من خلفه (1/ 157) (رقم: 493) من طريق عبد الله بن يوسف، وفي الأذان، باب: وضوء الصبيان ... (1/ 259) (رقم: 861) من طريق القعنبي. ومسلم في صحيحه كتاب: الصلاة، باب: سترة المصلي (1/ 361) (رقم: 504) من طريق يحيى النيسابوري. =

كان هذا في حَجَّة الوداع. وانظر حديثَ أبي سلمة عن عائشة (¬1)، وحديث أبي سعيد (¬2)، وأبي جُهيم (¬3). 223 - وبه: "خرَج إلى مكةَ عامَ الفتح في رمضان فصام حتى بَلَغ الكديد (¬4) ثمّ أفْطَر ... ". في الصيام (¬5). ¬

_ = وأبو داود في السنن كتاب: الصلاة، باب: من قال الحمار لا يقطع الصلاة (1/ 458) (رقم: 715) من طريق القعنبي. والنسائي في السنن الكبرى كتاب: العلم، باب: متى يصح سماع الصغير (3/ 438) (رقم: 5864) من طريق ابن القاسم. وأحمد في المسند (1/ 344) من طريق ابن مهدي ستتهم عن مالك به. (¬1) سيأتي حديثها (4/ 89). (¬2) سيأتي حديثه (3/ 225). (¬3) سيأتي حديثه (3/ 158). (¬4) الكدِيد والكُدَيد: فيه روايتان، رفع أوله وكسر ثانيه وياء، وآخره دال أخرى، ويقال بالتصغير. قال البخاري: "الكديد ماء بين عسفان وقديد". ويُعرف اليوم باسم الحمْض أرض بين عسفان وخَليص على (90) كيلًا من مكة على الجادة العظمى إلى المدينة، وسُمي الحمْض لكثرة- نبات العصلاء فيها. انظر: صحيح البخاري (2/ 600)، معجم البلدان (4/ 442)، معجم المعالم الجغرافية للبلادي (ص: 263)، المعالم الأثيرة لشرّاب (ص: 231). (¬5) الموطأ كتاب: الصيام، باب: ما جاء في الصيام في السفر (1/ 244) (رقم: 21). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الصوم، باب: إذا صام أياما من رمضان ثم سافر (2/ 600) (رقم: 1944) من طريق عبد الله بن يوسف. والدارمي في السنن كتاب: الصيام، باب: الصوم في السفر (2/ 16) (رقم: 1708) من طريق خالد بن مخلد كلاهما عن مالك به.

والتذييل لابن شهاب قولُه: "كانوا يأخذون بالأَحْدَث فالأحْدَث" (¬1). انظر هذا لبعضِ الصحابة في المبهمين (¬2)، وانظر حديثَ أنس (¬3)، ومرسلَ عروة (¬4). ¬

_ (¬1) قال ابن عبد البر: "يقولون إنه من كلام ابن شهاب". التمهيد (9/ 64). قلت: جزم به البخاري في صحيحه كتاب: المغازي (5/ 108). وأخرج مسلم في صحيحه كتاب: الصيام، باب: جواز الصوم والفطر في شهر رمضان للمسافر .. (2/ 784) (رقم: 1113) من طريق الليث، عن ابن شهاب، وفي آخره: "وكان صحابةُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يتّبعون الأحدث فالأحدث من أمره". ومن طريق سفيان عن الزهري، وفي آخره قال سفيان: "لا أدري مِن قول من هو؟ ". ومن طريق معمر عن ابن شهاب، وفي آخره: "قال ابن شهاب: وكان الفطرُ آخرَ الأمرين، إنَّما يؤخذ من أمرِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالآخِر فالآخِر". ومن طريق يونس: "قال ابن شهاب: فكانوا يتّبعون الأحدث فالأحدث من أمره ويرونه الناسخ المحكم". فهذا يبيّن أنَّ التذييل من قولِ ابن شهاب. قال الحافظ ابن حجر: "وظاهرُه أنَّ الزهري ذهب إلى أنَّ الصومَ في السفر منسوخ، ولم يُوافَق على ذلك". الفتح (4/ 214). وقال أيضًا ردًّا على قول الزهري: "أخرج مسلم (في صحيحه 2/ 789) (رقم: 1120) من حديث أبي سعيد أنه -صلى الله عليه وسلم- صام بعد هذه القصة في السفر، ولفظه: "سافرنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى مكة ونحن صيام، فنزلنا منزلا، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: إنكم قد دنوتم من عدوكم والفطر أقوى لكم فأفطروا، فكانت رخصة فمنا من صام ومنا من أفطر، فنزلنا منزلًا فقال رسول الله: إنَّكم مصبحو عدوكم فالفطر أقوى لكم فأَفطِروا، فكانت عزيمة فأفطرنا، لقد رأيتنا نصوم مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعد ذلك في السفر"، وهذا الحديث نصٌّ في المسألة". الفتح (4/ 217). (¬2) سيأتي حديثه (3/ 601). (¬3) تقدّم حديثه (2/ 57). (¬4) سيأتي حديثه (5/ 79).

224 / وبه: أنَّ سعد بن عُبادة استَفْتَى رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: إنَّ أمِّي ماتت وعليها نذرٌ لَمْ تقضِه، فقال: "اقْضِه عنها". في أوّل النذور (¬1). الحديث في الموطأ لابن عباس، وهكذا خَرَّجه البخاري ومسلم من طريق مالك وغيرِه، عن الزهري، عن عبيد الله، عن ابن عباس رفعه من غيرِ واسطة (¬2). وإنَّما رواه ابن عباس، عن سعد بن عبادة، قاله الأوزاعي وغيرُه عن الزهري (¬3). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: النذور والأيمان، باب: ما يجب من النذور في المشي (2/ 376) (رقم: 1). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الوصايا، باب: ما يستحب لمن توفي فجأة أن يتصدقوا عنه وقضاء النذور عن الميت (3/ 262) (رقم: 2761) من طريق عبد الله بن يوسف. ومسلم في صحيحه كتاب: النذر (3/ 1260) (رقم: 1638) من طريق يحيى النيسابوري. وأبو داود في السنن كتاب: الأيمان والنذور، باب: في قضاء النذر عن الميت (3/ 603) (رقم: 3307) من طريق القعنبي، ثلاتتهم عن مالك به. (¬2) سبق تخريجه من طريق مالك. وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الأيمان والنذور، باب: من مات وعليه نذر (7/ 298) (رقم: 6698) من طريق شعيب بن أبي حمزة. وفي ترك الحيل، باب: في الزكاة (8/ 386) (رقم: 6959) من طريق الليث. ومسلم في صحيحه (3/ 1260) (رقم: 1638) من طريق الليث وابن عيينة ويونس ومعمر وبكر بن وائل كلهم عن الزهري به. (¬3) أخرجه النسائي في السنن كتاب: الوصايا، باب: فضل الصدقة على الميت (6/ 253)، وفي الكبرى (4/ 110) (رقم: 6484، 6485) من طريق عيسى بن يونس ومحمد بن شعيب عن الأوزاعي به. وتابعهم: حماد بن محمد بن كثير، ذكره ابن عساكر في تاريخ دمشق (20/ 238)، وقال: "لم نسق رواياتهم خشية التطويل". =

وخَرَّج النسائي من طريق سليمان بن كثير، عن الزهري، عن عُبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس، عن سعد أنَّه أتى النبيّ -صلى الله عليه وسلم- فقال: "إنّ أمِّي ماتت وعليها نَذْرٌ، أفيجزِئُ عنها أنْ أعتِقَ عنها؟ " قال: "اعْتِقْ عن أمِّك" (¬1). والنَّذرُ في حديثِ الموطأ مطلقٌ ليس فيه ذكرُ العِتق (¬2). ¬

_ = وخالفهما: الوليد بن مزيد فرواه عن الأوزاعي عن الزهري عن عبيد الله عن ابن عباس قال: "استفتى سعد ... "، الحديث، أخرجه النسائي في السنن (6/ 253)، وفي الكبرى (4/ 111) (رقم: 6486). وأخرجه النسائي أيضًا فِي السنن (6/ 253)، وفي الكبرى (4/ 110) (رقم: 6483)، وأحمد في المسند (5/ 285) من طريق سليمان بن كثير عن الزهري عن عبيد الله عن ابن عباس عن سعد. واختلف على ابن عيينة، فأخرجه من طريقه مسلم كما سبق كرواية الجماعة أعني أنه من مسند ابن عباس. وأخرجه النسائي فِي السنن (6/ 254)، وفي الكبرى (4/ 111) (رقم: 6488)، وابن الجارود في المنتقى (3/ 212) (رقم: 940)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (20/ 237) من طريق محمد بن عبد الله بن يزيد بن المقرئ. والحاكم في المستدرك (3/ 254) من طريِق محمد بن عيسى المدائني كلاهما عن سفيان -جعله من مسند سعد-. والراجح أنَّ الحديث لسعد ابتداء؛ لأنَّ ابن عباس لم يحضر القصة، كانت سنة خمس وكان بمكة مع أبويه، فتكون روايته للحديث دون واسطة من باب مرسل الصحابي، ويحتمل أن من قال: عن سعد لم يقصد الرواية، وإنما أراد عن قصة سعد فتتحد الروايتان. انظر: طبقات ابن سعد (3/ 461)، الفتح (5/ 453، 458). تنبيه: قال ابن عبد البر: "ليس عن مالك ولا عن ابن شهاب اختلاف في إسناد هذا الحديث - فيما علمت-). في التمهيد (9/ 24). كذا قال رحمه الله، والاختلاف كائن، وعدم العلم بالشيء لا يستلزم عدم وجوده والله أعلم. (¬1) السنن (6/ 253)، السنن الكبرى (4/ 110) (رقم: 6483)، مسند أحمد (5/ 285). (¬2) فرواية سليمان بن كثير مبيّنة للإطلاق في حديث مالك. وانظر: التمهيد (9/ 29 - 32)، الفتح (5/ 458).

وانظر العِتقَ في مرسلِ القاسم بن محمّد (¬1)، والصدقةَ في مسندِ سَعد بن عُبادة (¬2)، ومسندِ عائشة من طريقِ عروة (¬3)، والكلُّ حديثٌ واحدٌ، وجاء عن ابن عباس في معناه أحاديث (¬4). 225 / وبه: "مَرَّ بشاةٍ ميتة ... ". فيه: "أفلا انتفعتم بجلدِها"، وفيه: "إنَّما حُرِّمَ أكلُها". في الصيد (¬5). جَوَّدَه يحيى بن يحيى فأسندَه إلى ابنِ عبَّاس، وتابعه جماعة (¬6)، وخُرِّج هكذا في الصحيح (¬7). ¬

_ (¬1) سقط مرسل القاسم بن محمد كما تقدّم بيانه في المقدمة (1/ 178)، واستُدرك (5/ 170). (¬2) سيأتي حديثه (3/ 94). (¬3) سيأتي حديثها (4/ 51). (¬4) سيأتي تخريجها والكلام عنها في مسند سعد بن عبادة. (¬5) الموطأ كتاب: الصيد باب: ما جاء جلود الميتة (2/ 397) (رقم: 16). وأخرجه النسائي في السنن كتاب: الفرع والعتيرة، باب: جلود الميتة (7/ 172)، والنسائي في السنن الكبرى (3/ 82) (رقم: 4560) من طريق بن القاسم. وأحمد في السند (1/ 327) من طريق حماد بن خالد، كلاهما عن مالك به. (¬6) تابعه: ابن القاسم (ص: 106) (رقم: 52 - تلخيص القابسي-)، وعلي بن زياد كما في روايته (ص: 161) (رقم: 77)، وابن وهب كما في الجمع بين روايته ورواية ابن القاسم (ل: 68 /أ). والشافعي عند أبى عوانة (1/ 210). ومعن وابن عفير وابن برد كما في مسند الموطأ (ل: 30/أ). (¬7) أخرجه البخاري فِي صحيحه كتاب: الزكاة، باب: الصدقة على موالي أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- (2/ 461) (رقم: 1492) من طريق يونس، وفي البيوع، باب: جلود الميتة قبل أن تدبغ (3/ 55) (رقم: 2221)، وفي الذبائح والصيد، باب: جلود الميتة (6/ 584) (رقم: 5531) من طريق صالح بن كيسان. =

وأرسله القعنبي وطائفةٌ، لم يذكروا فيه ابنَ عبّاس (¬1). ¬

_ = ومسلم في صحيحه كتاب: الحيض، باب: طهارة جلود الميتة (2/ 276) (رقم: 363) من طريق يونس وصالح كلاهما عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس موصولا. وتابعهما: - معمر بن راشد، عند أبي داود في السنن، كتاب: اللباس، باب: في أهب الميتة (4/ 365) (رقم: 4121)، وأحمد في المسند (1/ 365)، وعبد الرزاق في المصنف (1/ 62) (رقم: 184) وأبي عوانة في صحيحه (1/ 210)، وفي (1/ 211)، والطبري في تهذيب الآثار (2/ 271) (رقم: 1690 - مسند ابن عباس-)، وابن المنذر في الأوسط (259/ 2)، والطبراني في المعجم الكبير (23/ 428) (رقم: 1038). - وعُقيل بن خالد، عند أبي عوانة في صحيحه (1/ 210)، والدراقطني في السنن (1/ 41)، والبيهقي في السنن الكبرى (1/ 20). - وحفص بن الوليد، عند النسائي في السنن (7/ 172)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (14/ 447). - وأبو عمرو الأوزاعي، عند أحمد في المسند (1/ 329)، وأبي يعلى في المسند (3/ 35) (رقم: 2414)، والطبراني في المعجم الكبير (23/ 428) (رقم: 1039)، والطبري في تهذيب الآثار (2/ 272) (رقم: 1692)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (4/ 98) (رقم: 1282). - ومحمد بن الوليد الزبيدي، عند الطبري في تهذيب الآثار (2/ 271) (رقم: 1691)، والدراقطني في السنن (1/ 42). - وسليمان بن كثير، عند الدارقطني في السنن (1/ 43). - وإسحاق بن راشد، وصالح بن أبي الأخضر، عند الطبراني في المعجم الكبير (23/ 428) (رقم: 1040، 1041). - وابن عيينة، إلا أنه اختلف عنه، فرواه عنه جماعة وجعلوه من مسند ابن عباس، ورواه آخرون عنه، وجعلوه من مسند ميمونة، وسيأتي ذكر هذه الروايات عند كلام المصنف على رواية ابن عيينة. (¬1) تابع القعنبي على الإرسال: - أبو مصعب الزهري (ل: 367 /ب- النسخة الهندية-)، و (ل: 11 - نسخة الظاهرية)، و (ل: 123 / أ- نسخة مصورة بالجامعة الإسلامية رقم: 4081). - وسويد بن سعيد (ص: 382) (رقم: 870)، ومحمد بن الحسن (ص: 342) (رقم: 987)، وابن بكير (ل: 171 /أ- نسخة الظاهرية-). =

ورواه ابن أبي شيبة، عن ابن عيينة، عن الزهري فقال فيه: ابن عباس، عن ميمونة، وهي خالته. خَرَّجه مسلم (¬1). ¬

_ = - وجويرية كما في التمهيد (9/ 49). وقال ابن عبد البر: "والصحيح فيه اتصاله وإسناده". التمهيد (9/ 49). وأما محمد بن حارث الخشني فعدّه من أوهام يحيى الليثى، فقال: "أسنده يحيى والحديث مرسلًا (كذا) ليس فيه ابن عباس". أخبار الفقهاء والمحدّثين (ص: 356). قلت: ولم ينفرد يحيى بإيصاله كما تقدّم، ووصله صحيح، فلعل مالكًا كان يوصله مرة، ويرسله أخرى، والله أعلم. تنبيه: قال محققا رواية أبي مصعب في حاشيتهما على الحديث (2/ 203) (رقم: 2179): "هكذا ورد هذا الإسناد في النسخة الخطية مرسلًا، ولعله سهو من الناسخ، فقد ورد الحديث من طريق مالك، عن ابن شهاب، عن عُببد الله بن عبد الله بن مسعود، عن عبد الله بن عباس، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، أخرجه يحيى في روايته ... ". قلت: لا سهو على الناسخ، وموطأ مالك بكل رواياته لا يصحح بالنظر إلى الروايات الأخرى، لأنّ الرواة يختلفون على الشيخ، وأبو مصعب ممّن روى هذا الحديث عن مالك مرسلًا، كما تقدّم في النسخ الخطية من روايته، وإحداهما ممّا اعتمد عليها المحققان، وناسخها أثبت في هامشها الفرق بين رواية أبي مصعب ويحيى الليثى فقال: "زاد يحيى عن عبد الله بن عباس"، فالناسخ عالم بالفرق ولم يقع منه سهو، ثم إنَّ أبا مصعب لم ينفرد بالإرسال، بل تابعه غيره. (¬1) صحيح مسلم (1/ 276) (رقم: 363) من طريق أبى بكر بن أبي شيبة عن ابن عيينة به. وهذا الوجه الأول من الرواية عن ابن عيينة (جعله من مسند ميمونة)، وقد تابع ابنَ أبي شيبة جماعةٌ: - الإمام أحمد في مسنده (6/ 329). - والحميدي في مسنده (1/ 150) (رقم: 315)، وقال: "وكان سفيان ربما لم يذكر فيه: ميمونة، فإذا وُقّف عليه قال فيه: ميمونة". وأخرجه من طريق الحميدي: الطبراني في المعجم الكبير (23/ 427) (رقم: 1036)، وابن المنذر في الأوسط (2/ 260). - ومحمد بن أبي عمر العدني، عند مسلم في صحيحه (1/ 276) (رقم: 363). =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = - ومسدد بن مسرهد، ووهب بن بيان، عند أبي داود في السنن كتاب: اللباس، باب: إهاب الميتة (4/ 365) (رقم: 4120). - وزهير بن حرب، عند أبي يعلى في المسند (6/ 311) (رقم: 7042)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (4/ 104) (رقم: 1289). - وإسحاق بن أبي إسرائيل، عند أبي يعلى في المسند (6/ 319) (رقم: 7064). - وقتيبة بن سعيد، عند النسائي فِي السنن كتاب: الفرع والعتيرة، باب: جلود الميتة (7/ 171). - وشعيب بن عمرو الدمشقي، عند أبي عوانة في صحيحه (1/ 209). - وعبد الله بن مسلمة القعنبي، عند الطبراني في المعجم الكبير (23/ 427) (رقم: 1037). - وسعدان بن نصر، عند البيهقي فِي السنن الكبرى (1/ 15). - وعبيد الله بن سعيد، عند ابن حجر في موافقة الخُبر الخبر (1/ 490). كل هؤلاء، وعددهم (13) رووه عن ابن عيينة، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس، عن ميمونة، وهي خالته. وخالفهم جماعة، فرووه عن ابن عيينة، وجعلوه من مسند ابن عباس، كرواية الجماعة عن الزهري، منهم: - عمرو الناقد، ويحيى بن يحيى الحنظلىِ، عند مسلم في صحيحه (1/ 276) (رقم: 363). - وعثمان بن أبي شيبة، وابن أبي خلف، عند أبي داود في السنن (4/ 365) (رقم: 4120). - والإمام الشافعي، عند أبي عوانة في صحيحه (1/ 209)، والبيهقي في معرفة السنن (1/ 143) (رقم: 28)، والبغوي في شرح السنة (1/ 392) (رقم: 305). - ويحيى بن حسان، عند الدارمي في السنن كتاب: الأضاحي، باب: الاستمتاع بجلود الميتة (2/ 118) (رقم: 1988). - وعلي بن المديني، عند أبي عوانة فِي صحيحه (1/ 209)، وقال علي: "وقال سفيان غير مرة: عن ابن عباس، عن ميمونة". - ويحيى بن آدم، وسفيان بن وكيع، ومحمد بن عيسى الدمغاني، عند الطبري في تهذيب الآثار (2/ 270) (رقم: 1687 - 1689). - وعبد الجبار بن العلاء، ومحمد بن أبي عبد الرحمن المقرئ، عند الدراقطنى في السنن (1/ 42). - والحسن بن محمد الزعفراني، عند البيهقي في السنن الكبرى (1/ 15)، وابن حجر في موافقة الخبر الخبر (1/ 490). - وعبد الرحيم بن شبيب، عند ابن حجر في موافقة الخبر الخبر (1/ 490). كلُّ هؤلاء، وعددهم (14) رووه عن ابن عيينة، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عباس. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = والذي يظهر أنَّ الروايتين ثابتتان عن ابن عيينة، والاختلاف منه، لا من أصحابه، وعليه اختلف العلماء في إعلال هذه الرواية، فأعلها بعضهم وذكر آخرون أنّها صحيحة؛ لثقة ابن عيينة، وإتقانه. وقد خالف ابنَ عيينة الرواةُ عن الزهري، فجعلوه من مسند ابن عباس، منهم: - مالك بن أنس كما تقدّم. - وصالح بن كيسان، ويونس بن يزيد، وتقدّمت روايتهما في الصحيحين. - والزبيدي، عند الدارمى في السنن (2/ 118) (رقم: 1989)، والدراقطني في السنن (1/ 42)، والطبري في تهذيب الآثار (2/ 271) (رقم: 1691). - ومعمر بن راشد، عند أحمد في المسند (1/ 365)، وعبد الرزاق في المصنف (1/ 62) (رقم: 184)، وأبي عوانة في صحيحه (1/ 210)، والطبري في تهذيب الآثار (2/ 271) (رقم: 1690).، وابن المنذر في الأوسط (25912). - وعُقيل بن خالد، عند أبي عوانة في صحيحه (1/ 210)، والدراقطني في السنن (1/ 41)، والبيهقي في السنن الكبرى (1/ 20). - والأوزاعي، عند ابن حبان في صحيحه (الإحسان) (4/ 98) (رقم: 1282)، وأبي يعلى في المسند (3/ 53) (رقم: 2414)، والطبري في تهذيب الآثار (2/ 272) (رقم: 1692)، والطبراني في المعجم الكبير (23/ 428) (رقم: 1039). - وإسحاق بن راشد، عند الدراقطني في السنن (1/ 44)، والطبراني في المعجم الكبير (23/ 428) (رقم: 1040). - وعبد الجبار بن مسلم، عند الدراقطني فِي السنن (1/ 43)، وتمام في الفوائد (1/ 195) (رقم: 141، 142)، والبيهقي في السنن الكبرى (1/ 23). وخالف في متنه، وهو ضعيف. - وسليمان بن كثير، عند الدراقطني في السنن (1/ 47). - وصالح بن أبي الأخضر، عند الطبراني في المعجم الكبير (23/ 428) (رقم: 1041). وذهب بعض العلماء إلى ترجيح رواية الأكثر على رواية ابن عيينة المخالفة. قال الذهلي: "لست أعتمد في هذا الحديث على ابن عيينة لاضطرابه فيه". التمهيد (9/ 50)، وانظر الفتح (9/ 575). وأما البخاري فمال إلى الجمع بين الروايتين، قال الترمذي: "وسمعت محمدًا يصحح حديث ابن عباس عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وحديث ابن عباس عن ميمونة، وقال: احتمل أن يكون روى ابن عباس عن ميمونة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وروى ابن عباس عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولم يذكر فيه ميمونة". السنن (4/ 221). قلت: ولعل المصنف يميل إلى هذا الترجيح، وذلك من قوله: "وهي خالته"، ثم ذكر حديث ابن =

ورواه إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي، عن عكرمة، عن ابن عباس، عن سَوْدة خرَّجه البخاري (¬1). وفيه عند يحيى بن يحيى: "كان أعطاها مولىً لميمونةَ". جَعَلَ المُعطَى ذَكَرًا (¬2)، وعند سائرِ الرواة: "مولاةً"، بزيادة تاء التأنيث (¬3). وانظر حديث ابنِ وَعْلة، عن ابن عباس (¬4). 226 - حديث: "أَكَلَ كَتِفَ شاةٍ ثم صَلَّى ولم يتوضّأ". في الوضوء. عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن ابن عباس (¬5). ¬

_ = عباس عن سودة كما سيأتي، ومراده أنَّ لابن عباس فيه عدة أسانيد صحيحة، رضي بإخراجها البخاري ومسلم في صحيحيهما، وهذا ترجيح قوي، لكن الحديث عن الزهري هو كما رواه الجماعة عنه، ولا يمنع أن يكون لابن عباس فيه أسانيد أخر، والله أعلم. (¬1) صحيح البخاري كتاب: الأيمان والنذور، باب: إذا حلف أن لا يشرب نبيذا .. (7/ 294) (رقم: 6686) .. بمعناه. (¬2) الموطأ نسخة شستربتي (ل: 40 /أ)، ونسخة المحمودية (أ) (79 / أ)، وفى حاشيتها: "مولى ليحيى، مولاة لميمونة لغيره"، ونسخة المحمودية (ب) (ل: 71/ ب). ووقع في المطبوع: "مولاة" بتاء التأنيث! (¬3) تقدّم ذكر المواضع من الموطآت الأخرى (2/ 531، 532). (¬4) سيأتي حديثه (2/ 546). (¬5) الموطأ كتاب: الوضوء، باب: ترك الوضوء مما مسّت النار (1/ 52) (رقم: 19). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الوضوء، باب: من لم يتوضأ من لحم الشاة والسويق (1/ 73) (رقم: 207) من طريق عبد الله بن يوسف. ومسلم في صحيحه كتاب: الحيض، باب: نسخ الوضوء مما مسّت النار (1/ 273) (رقم: 354) من طريق القعنبي. وأبو داود في السنن كتاب: الطهارة، باب: في ترك الوضوء مما مسّت النار (1/ 130) (رقم: 178) من طريق القعنبي. وأحمد في المسند (1/ 226) من طريق يحيى القطان، ثلاثتهم عن مالك به.

جاء عن ابن عباس أنَّه عايَنَ ذلك، وهو صحيحٌ، ذكره مسلم وغيرُه (¬1). وقد روي عن ابن عباس، عن أبي بكر الصدّيق (¬2). وقال الترمذي: "لا يصح حديثُ أبي بكر من قِبلِ إسناده، والصحيحُ إنَّما هو عن ابن عباس، عن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- هكذا رواه الحفَّاظُ من غيرِ وَجهٍ ولم يذكروا فيه: عن أبي بكر" (¬3). ¬

_ (¬1) صحيح مسلم (1/ 275) (رقم: 359). وذكره أيضًا: أحمد في المسند (1/ 228، 271، 281)، وعبد الرزاق في المصنف (1/ 167) (رقم: 649)، والطبراني فِي الكبير (10/ 324، 325) (رقم: 10792، 10794، 10795). وعند أحمد في المسند (1/ 264): فرفع ابن عباس يده إلي عينيه -وقد كُفّ بصره- فقال: "بصر عيني هاتين رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... "، الحديث. ومفادُ معاينة ابن عباس لفعلِ النبي -صلى الله عليه وسلم- أنَّ سماعَه متأخرٌ، فيكون حديثه ناسخًا لأحاديث إيجاب الوضوء مما مسّت النار. (¬2) أخرجه البزار في مسنده (1/ 72) (رقم: 19)، وأبو يعلى في مسنده (1/ 46) (رقم: 24)، وأبو نعيم فِي معرفة الصحابة (1/ 188) (رقم: 125)، وتمام في الفوائد (1/ 248) (رقم: 201)، وأبو بكر المروزي في مسند أبي بكر (رقم: 33، 34) من طرق عن حسّام بن مِصكّ، عن محمد بن سيرين، عن ابن عباس، عن أبي بكر الصديق به. (¬3) السنن (1/ 119) بمعناه. وقال البزار: "وهذا الحديث قد رواه هشام بن حسان وأشعث بن عبد الملك وغيرهما عن محمد بن سيرين عن ابن عباس عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولم يقولوا: عن أبي بكر. وإنَّما قاله حسام عن ابن عباس عن أبي بكر، وحسام فليس بالقوي، على أن محمد بن سيرين لم يسمع من ابن عباس". المسند (1/ 73). وسئل الدارقطني عن هذا الحديث فقال: "يرويه حسام بن مصك عن ابن سيرين عن ابن عباس عن أبي بكر، قاله موسى بن داود وزيد بن الحباب عنه. وخالفه أيوب السختياني وهشام بن حسان وأشعث بن سوار وغيرهم، فرووه عن ابن سيرين عن ابن عباس عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولم يذكروا فيه أبا بكر، وهم أثبت من حسام، والقول قولهم". العلل (1/ 211). فعلة السند حُسام بن مِصَكّ -بكسر الميم وفتح المهملة بعدها كاف مثقلة- بن ظالم بن شيطان، قال ابن حجر: "ضعيف يكاد أن يترك". انظر: تهذيب الكمال (6/ 5)، تهذيب التهذيب (2/ 213)، التقريب (رقم: 1193).

وخَرَّج الترمذي عن أبي سلمة، عن أبي هريرة: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "الوضوءُ مما مَسَّتِ النّارُ ولو من ثَوْرِ أَقِط (¬1) " قال: فقال له ابنُ عبّاس: "أتوضّأ من الدُّهْنِ؟ ! أتوضّأ من الحَمِيم؟ ! ". قال: فقال أبو هريرة: "يا ابنَ أخي إذا سمعتَ حديثًا عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلا تضرِبْ له مثلًا" (¬2). وخَرَّج الترمذي أيضا في أبواب الأطعمة عن عِكْراش بنِ ذؤَيب في ¬

_ (¬1) أي قطعة أَقِط، وهو لبن جامد مستحجر. انظر: مشارق الأنوار (1/ 135)، النهاية (1/ 228). (¬2) سنن الترمدي كتاب: الطهارة، باب: ما جاء في الوضوء مما غيّرت النار (1/ 114) (رقم: 79). وأخرجه ابن ماجه فِي السنن كتاب: الطهارة، باب: الوضوء مما غيّرت النار (1/ 163) (رقم: 485)، وأحمد في المسند (2/ 503)، والطحاوي في شرح المعاني (1/ 63)، وأبو نعيم في الحلية (7/ 160) من طرق عن محمد بن عمرو بن علقمة عن أبي سلهة به. قلت: وسنده حسن؛ لأجل محمد بن عمرو بن علقمة، صدوق له أوهام كما في التقريب (رقم: 6188). ومع ذلك فقد توبع، تابعه: - الزهري عند الطحاوي فِي شرح المعاني (1/ 63). - ويحيى بن أبي كثير عند الطبراني في المعجم الأوسط (1/ 220) (رقم: 722)، (2/ 353) (رقم: 2209). وللحديث شاهد عند أحمد في المسند (1/ 366)، وعبد الرزاق في المصنف (1/ 165) (رقم: 642)، وأبي يعلى في المسند (3/ 165) (رقم: 2725)، والطبراني في المعجم الكبير (10/ 311) (رقم: 10757)، والبيهقي في السنن الكبرى (157/ 1) من طرق عن ابن جريج عن سليمان بن يسار عن ابن عباس بنحو هذه القصة. وسنده صحيح، وصرح ابن جريج بالسماع عند أحمد وعبد الرزاق والطبراني. وحديث الباب ناسخ لحديث أبي هريرة وما في معناه، وكان هذا الخلاف في صدر الأمة قائمًا كما جرى لأبي هريرة وابن عباس، ثم أجمعت الأمة بعدهم على ترك الوضوء مما مسّت النار وأنه مما نسخ. انظر: السنن الكبرى (1/ 153 - 158)، معرفة السنن (1/ 249)، التمهيد (3/ 329 - 354)، المحلى (1/ 226)، بداية المجتهد (1/ 56)، المغني (1/ 254)، الاعتبار في الناسخ والمنسوخ (ص: 156 - 165)، الفتح (1/ 372).

قِصةٍ طويلةٍ: أنَّه أَكَلَ مع رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- في جَفْنِةٍ كثيرةِ الثَّريدِ والوَذْر (¬1)، قال: "ثم أُتينَا بماء فغَسَل يديه ومسَح ببَلَلِ كفّيه وَجهَه وذراعَيه ورأسَه وقال: يا عِكراش هذا الوضوءُ مما غيّرتِ النار" (¬2). ¬

_ (¬1) الوَذْرة بالسكون القطعة من اللحم، والوَذْر بالسكون جمعها. النهاية (5/ 170). (¬2) سنن الترمذي كتاب: الأطعمة، باب: ما جاء في التسمية في الطعام (4/ 249) (رقم: 1848). وأخرجه ابن ماجه في السنن كتاب: الأطعمة، باب: الأكل مما يليك (2/ 1089) (رقم: 3274)، وابن سعد فِي الطبقات (7/ 52)، وابن حبان في المجروحين (2/ 183)، والعقيلي في الضعفاء (3/ 125)، وأبو بكر الشافعي في الغيلانيات (2/ 371) (رقم: 932)، والطبراني في المعجم الكبير (18/ 82) (رقم: 154)، وفي الأوسط (6/ 180) (رقم: 6126)، وأبو نعيم فِي معرفة الصحابة (2 /ل: 135/ب)، والمزي في تهذيب الكمال (19/ 118) من طرق عن العلاء بن الفضل بن عبد الملك المنقري عن عبيد الله بن عكراش عن أبيه عكراش بن ذؤيب به. وقال الترمذي: "هذا حديث غريب لا تعرفه إلا من حديث العلاء بن الفضل، وقد تفرّد العلاء بهذا الحديث، ولا نعرف لعكراش عن النبي -صلى الله عليه وسلم- إلا هذا الحديث". وقال البخاري: "لا يثبت". التاريخ الكببر (5/ 394). وقال: "لم يصح إسناده". التاريخ الكبير (7/ 89). وقال أيضًا: "في إسناده نظر". الضعفاء للعقيلي (3/ 125). وقال ابن عبد البر: "إسناده ضعيف لا يحتج بمثله، وأهل العلم ينكرونه". التمهيد (3/ 354). قلت: آفته عبيد الله بن عكراش. قال عنه البخاري: "لا يثبت حديثه". الضعفاء الصغير (ص: 76). وقال أبو حاتم: "شيخ مجهول". الجرح والتعديل (5/ 330). وكذا قال ابن القطان في بيان الوهم والإيهام (4/ 584). وقال ابن حبان: "منكر الحديث جدا، فلا أدري المناكير من حديثه وقع من جهته أو من العلاء بن الفضل ومن أيهما كان فهو غير محتج به على الأحوال". المجروحين (2/ 62). وقال ابن حزم: "ضعيف جدا". تهذيب التهذيب (7/ 34). وفي إسناده أيضًا العلاء بن الفضل، قال ابن حبان: "كان ممن ينفرد بأشياء مناكير عن أقوام مشاهير لا يعجبني الاحتحاج بأخباره التي انفرد بها، فأما ما وافق فيها الثقات فإن اعتبر به معتبر لم أر بذلك بأسًا". المجروحين (2/ 183). =

ومن النَّاس من ذهَبَ إلى أنَّ معنى الوضوء ممّا مسّت النار غَسلُ اليَدِ (¬1)، لِحديث سَلمان قال: قرأتُ في التوراة أنَّ بركَةَ الطعامِ الوضوءُ بعده، فذكرتُ ذلك للنبيِّ -صلى الله عليه وسلم- فقال: "بركةُ الطعام الوضوءُ قبلَه والوضوءُ بعده". خَرَّجه الترمذي وغيره (¬2). ¬

_ = وقال ابن القطان: "لا تُعرف حاله". بيان الوهم (4/ 584). واتّهمه العباس بن عبد العظيم بوضع هذا الحديث. نقولات من الضعفاء للساجي (ص: 161)، تهذيب التهذيب (7/ 34). قلت: وقد توبع العلاء بن الفضل، أخرجه الدارقطني في تعليقاته على المجروحين (ص: 207) من طريق محمد بن سليمان المالكي ثنا أبو الحجاج النضر بن طاهر عن عبيد الله بن عكراش به. قلت: والنضر بن طاهر قال عنه ابن عدي: "ضعيف جدا، يسرق الحديث، ويحدّث عمن لم يرهم ولا يحمل سنّه أن يراهم ... والنضر بن طاهر معروف بأنه يثب على حديث الناس ويسرقه ويروي عمن لم يلحقهم والضعف على حديثه بيّن". الكامل (7/ 27، 29). فلعله سرق الحديث من العلاء بن الفضل، ولا يفرح بمتابعته له، فالحديث على كل حال واه. (¬1) وهو ظاهر قول الشافعي كما في السنن الكبرى للبيهقي (1/ 155)، ومعرفة السنن (1/ 251). (¬2) السنن كتاب: الأطعمة، باب: ما جاء في الوضوء قبل الطعام وبعده (4/ 248) (رقم: 1746). وأخرجه أبو داود في السنن كتاب: الأطعمة، باب: في غسل اليد قبل الطعام (4/ 136) (رقم: 376)، وأحمد فِي المسند (5/ 441)، والطيالسي في المسند (ص: 91)، والبزار في المسند (6/ 486، 488) (رقم: 2519، 2520)، والحاكم في المستدرك (3/ 604)، (4/ 106)، والطبراني في المعجم الكبير (6/ 238) (رقم: 6096)، وتمام في الفوائد (3/ 173) (رقم: 914)، والدارقطني في الأفراد (ل: 140 / ب- أطرافه-)، وابن عدي في الكامل (6/ 45)، وأبو بكر الشافعي فِي الغيلانيات (2/ 89) (رقم: 472)، والبيهقي في السنن الكبرى (7/ 275)، وفي شعب الإيمان (11/ 361) (رقم: 5421)، والبغوي في شرح السنة (6/ 66) (رقم: 827) من طرق عن قيس بن الربيع، عن أبي هاشم الرمّاني، عن زاذان، عن سلمان به. وقال الترمذي: "لا نعرف هذا الحديث إلا من حديث قيس بن الربيع، وقيس بن الربيع يضعّف في الحديث". وقال أبو داود: "وهو ضعيف". =

وفي هذا نظرٌ، لأنَّ الصحابةَ والتابعين إنما اختلفوا في إيجابِ الوضوءِ الشرعيِّ (¬1). وانظر حديث مسند سويد (¬2)، ومرسلَ محمّد بن المنكدر (¬3). ¬

_ = وقال الحاكم: "تفرّد به قيس بن الربيع عن أبي هاشم، وانفراده على محله أكثر من أن يمكن تركها في هذا الكتاب". وتعقبه الذهبي بقوله: "مع ضعف قيس فيه إرسال". قال الشيخ الألباني: "لم يتبيّن لي الإرسال الذي أشار إليه". الضعيفة (1/ 200). والحديث ضعّفه الأئمة قال ابن القيم: "قال الخلال في الجامع: عن مهنا قال: سألت أحمد عن حديث قيس بن الربيع -ثم ساقه-؟ فقال لي أبو عبد الله: هو منكر. قلت: ما حدّث بهذا إلا قيس بن الربيع؟ قال: لا ... وضعّف أحمد حديث قيس بن الربيع". تهذيب السنن (5/ 279). وقال أبو حاتم: "هذا حديث منكر، لو كان الحديث صحيحًا لكان حديثًا، وأبو هاشم الرماني ليس هو، ويشبه هذا الحديث أحاديث أبي خالد الواسطي عمرو بن خالد عنده من هذا النحو أحاديث موضوعة عن أبي هاشم". علل الحديث (2/ 10). (¬1) قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وأضعف من ذلك قول بعضهم: إنَّ المراد بذلك الوضوء اللغوي، وهو غسل اليد، أو اليد والفم، فإنَّ هذا باطل من وجوه: - أحدها: أنَّ الوضوء في كلام رسولنا -صلى الله عليه وسلم- لم يرد به قط إلَّا وضوء الصلاة، وإنَّما ورد بذلك المعنى في لغة اليهود كما روي أنَّ سلمان قال: "يا رسول الله إنه فِي التوراة: من بركة الطعام الوضوء قبله، فقال: من بركة الطعام الوضوء قبله والوضوء بعده". فهذا الحديث قد تنوزع في صحته، وإذا كان صحيحًا فقد أجاب سلمانَ باللغة التي خاطبه بها لغة أهل التوراة، وأما اللغة التي خاطب الرسول -صلى الله عليه وسلم- بها أهل القرآن فلم يرد فيها الوضوء إلا في الوضوء الذي يعرفه المسلمون ... ". ثم ذكر شيخ الإسلام أوجهًا أخرى لإبطال قول من قال إنَّ المراد بالوضوء هنا هو غسل اليد. انظر: الفتاوى الكبرى (1/ 69 - 70)، وانظر: التمهيد (3/ 330)، المجموع شرح المهذب (2/ 59). (¬2) سيأتي حديثه (3/ 127). (¬3) سيأتي حديثه (4/ 580).

227/ وبه: "خَسفت الشمسُ فصلَّى رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- والناسُ معه، فقام قيامًا طويلًا، قال: نحوًا من سورةِ البقرة ... ". ووَصفَ الصلاةَ أربعَ ركعات وأربَعَ سَجَدات وذَكَرَ القولَ بعدها. فيه: "إنَّ الشمسَ والقمرَ آيتان مِن آيات الله لا يَخسِفان لِمَوتِ أحد ولا لِحياتِه، فإذا رأيتم ذلِك فاذكروا الله ... ". وفيه: قال: "إنّي رأيتُ الجَنَّة ورأيتُ اَلنارَ، ورأيتُ أكثرَ أهلِها النّساء ... ". وذَكَرَ كُفرانَ العَشِير وكُفرانَ الإحسان (¬1). خُرّج هذا في الصحيح (¬2). وروى طاووس عن ابن عباس خلافًا في عدد الركعات (¬3)، والخلافُ في ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: صلاة الكسوف، باب: العمل في صلاة الكسوف (1/ 166) (رقم: 2). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الإيمان، باب: كفران العشير وكفر دون كفر (1/ 15) (رقم: 26)، وفي الكسوف، باب: صلاة الكسوف جماعة (2/ 320) (رقم: 1052) من طريق القعنبي، وفي الأذان، باب: رفع البصر إلى الإمام في الصلاة (1/ 225) (رقم: 748)، وفي بدء الخلق، باب: صفة الشمس والقمر (4/ 412) (رقم: 3202) من طريق إسماعيل بن أبي أويس، وفى النكاح، باب: كفران العشير (6/ 480) (رقم: 5197) من طريق عبد الله بن يوسف. ومسلم في صحيحه كتاب: الكسوف، باب: ما عرض على النبي -صلى الله عليه وسلم- في صلاة الكسوف من أمر الجنة والنار (2/ 627) (رقم: 907) من طريق إسحاق الطباع. وأبو داود فِي السنن كتاب: الصلاة، باب: القراءة في صلاة الكسوف (1/ 702) (رقم: 1189) من طريق القعنبي. والنسائي في السنن كتاب: الكسوف، باب: قدر القراءة في صلاة الكسوف (3/ 146) من طريق ابن القاسم. وأحمد في المسند (1/ 296، 358) من طريق إسحاق الطباع، وابن مهدي، سنتهم عن مالك به. (¬2) سبق تخريجه. (¬3) أخرجه مسلم في صحيحه كتاب: الكسوف، باب: ذكر من قال أنه ركع ثمان ركعات في أربع سجدات (2/ 627) (رقم: 908) من طريق إسماعيل بن علية عن سفيان عن حبيب عن طاوس عن ابن =

صِفتِها كثيرٌ. وكان هذا يومَ موت إبراهيم (¬1). وانظر حديث عائشة من طريق عروة (¬2)، وعمرة (¬3)، وحديث أسماء (¬4). 228 / حديث: أنَّ فريضةَ الله تعالى في الحج أدركتْ أبي شيخًا كبيرًا لا يستطيع أن يَثبُتَ على الراحلة، أفأحج عنه؟ . في باب الحج عمّن يحج عنه. عن ابن شهاب، عن سليمان بن يسار، عن عبد الله بن عباس قال: ¬

_ = عباس قال: "صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين كسفت الشمس ثمان ركعات في أربع سجدات". ومن طريق يحيى القطان عن سفيان قال: حدّثنا حبيب عن طاوس عن ابن عباس عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: "أنه صلى في كسوف، قرأ ثم ركع، ثم قرأ ثم ركع، ثم قرأ ثم ركع، ثم قرأ ثم ركع، ثم سجد، قال: والأخرى مثلها". وخطّأ البيهقي وابن عبد البر هذه الرواية لمخالفتها الرواية المشهورة عن ابن عباس، وسيأتي أنّ الحديث متحد المخرج في واقعة واحدة لا يمكن تعدّدها. انظر: السنن الكبرى (3/ 327)، التمهيد (3/ 305 - 306). (¬1) واختلف العلماء في الصفة التي تصلى بها صلاة الكسوف، فرجّح الحفاظ حديث ابن عباس -حديث الباب- على غيره لمتابعة أكثر الصحابة له على هذه الصفة، كعائشة وعبد الله بن عمرو وجابر وأبي هريرة وعلى وابن عمر وأم سفيان. وأما الأحاديث التي جاءت بخلاف هذه الصفة من زيادة في عدد ركوعها فلا تسلم من علة، خاصة أنَّ الصلاة متحدّة المخرج، كانت يوم موت إبراهيم كما قال المصنف. وفي المسألة مذاهب أخر من حيث الجمع بين الأحاديث والترجيح. انظر: السنن الكبرى للنسائي (1/ 569 - 578)، وللبيهقي (3/ 321 - 331)، التمهيد (3/ 305)، شرح السنة (2/ 639)، المعلم بفوائد مسلم (1/ 482)، شرح صحيح مسلم (6/ 198)، الفتح (2/ 618). (¬2) سيأتي حديثها (4/ 30). (¬3) سيأتي حديثها (4/ 120). (¬4) سيأتي حديثها (4/ 238).

"كان الفضلُ رديفَ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم-، فجاءته امرأةٌ من خَثْعَم تَستَفْتِيه ... "، ذَكرَ القِصةَ ولَم يُسنِدها إلى أخيه (¬1). مالكٌ يقول في هذا الحديث عن ابن شهاب: عبد الله بن عباس، وغيرُه من أصحاب الزهري لا يُسمِّيه (¬2). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الحج، باب: الحج عمن يحج عنه (1/ 290) (رقم: 97). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الحج، باب: وجوب الحج وفضله (2/ 496) (رقم: 1513) من طريق عبد الله بن يوسف، وفي جزاء الصيد، باب: حج المرأة عن الرجل (2/ 572) رقم: 1855) من طريق القعنبي. ومسلم في صحيحه كتاب: الحج، باب: الحج عن العاجز .. (2/ 973) (رقم: 1334) من طريق يحيى النيسابوري. وأبو داود في السنن كتاب: المناسك، باب: الرجل يحج عن غيره (2/ 400) (رقم: 1809) من طريق القعنبي. والنسائي في السنن كتاب: المناسك، باب: حج المرأة عن الرجل (5/ 118)، وفي آداب القضاة (8/ 220) من طريق ابن القاسم. وأحمد في المسند (1/ 346، 359) من طريق يحيى القطان، وابن مهدي، ستتهم عن مالك به. (¬2) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الحج، باب: الحج عمن لا يستطيع الثبوت على الراحلة (2/ 572) رقم: 1854) من طريق عبد العزيز الماجشون. وفي المغازي، باب: حجة الوداع (5/ 148) (رقم: 4399) من طريق الأوزاعي. والنسائي في السنن (5/ 117)، وأحمد في المسند (1/ 219)، والدارمي في السنن (2/ 62) (رقم: 1834) والحميدي في المسند (1/ 235) (رقم: 507)، وابن الجارود في المنتقى (2/ 112) (رقم: 497)، وابن خزيمة في صحيحه (4/ 342) (رقم: 3032)، والبيهقي في السنن الكبرى (5/ 179) من طريق ابن عيينة. والنسائي في السنن كتاب: (5/ 119)، وأحمد في المسند (1/ 251)، والطبراني في المعجم الكبير (رقم: 725) من طريق صالح بن كيسان. والطيالسي في المسند (ص: 347)، والطبراني في المعجم الكبير (18/ 283) (رقم: 724) من طريق زمعة. وابن خزيمة في صحيحه (4/ 342) (رقم: 3031)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (9/ 308) (رقم: 3995)، والطبراني في المعجم الكبير (رقم: 231) من طريق الليث. =

وقال فيه ابن جُريج: عن ابن شهاب، عن سليمان، عن ابن عباس، عن الفضل بن العباس، وكلاهما مخَرَّجٌ في الصحيح (¬1). ¬

_ = والطبراني في المعجم الكبير (رقم: 727) من طريق أيوب السختياني، و (برقم: 728، 729) من طريق أيوب بن موسى، و (برقم: 730) من طريق قرة بن عبد الرحمن، و (برقم: 734) من طريق هشام بن عروة، كل هؤلاء عن الزهري عن سليمان بن يسار عن ابن عباس، ولم يسمّوه. وسمّاه الإمام مالك وهو إمام حافظ، وتابعه على تسميته: - شعيب بن أبي حمزة عند البخاري في صحيحه كتاب: الاستئذان (7/ 164) (رقم: 6228)، والبيهقي في السنن الكبرى (5/ 179). - والأوزاعي عند البيهقي في السنن الكبرى (4/ 329). - وعبيد الله بن أبي زياد الرصافي عند الطبراني في المعجم الكبير (رقم: 735)، فالحديث من مسند عبد الله بن عباس. (¬1) أخرجه من طريقه البخاري في صحيحه (2/ 572) (رقم: 1853)، ومسلم في صحيحه (2/ 974) رقم: 1335). وتابعه: - معمر عند أحمد في المسند (1/ 212)، والدارمي في السنن (2/ 61) (رقم: 1831)، والطبراني في المعجم الكبير (18/ 282) (رقم: 721). - الأوزاعي عند النسائي في السنن (8/ 227)، وفي الكبرى (3/ 470) (رقم: 5950)، وابن ماجه في السنن (2/ 971) (رقم: 2909). - ابن عيينة وعبد الرحمن بن إسحاق بن مسافر عند الطبراني في المعجم الكبير (برقم: 732، 733). وكلاهما صحيح. قال الترمذي: "سألت محمدًا -يعني البخاري- عن هذه الروايات؟ فقال: أصح شيء في هذا الباب ما روى ابن عباس عن الفضل بن عباس عن النبي -صلى الله عليه وسلم-. قال محمد: ويحتمل أن يكون ابن عباس سمعه من الفضل وغيره عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، ثم روى هذا عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وأرسله، ولم يذكر الذي سمعه منه". السنن (3/ 268). قال ابن حجر: "وإنما رجّح البخاري الرواية عن الفضل؛ لأنَّه كان ردف النبي -صلى الله عليه وسلم- حينئذ، وكان ابن عباس قد تقدّم من مزدلفة إلى منى مع الضعفة". ثم ذكر ابن حجر احتمالا آخر أن يكون عبد الله بن عباس سمعه أيضا من النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأن سؤال الخثعمية وقع بعد رمي جمرة العقبة وحضره عبد الله بن عباس. انظر: الفتح (4/ 79، 80).

واختُلف علي ابن سيرين وغيرِه فيه، انظره في الزيادات (¬1). 229 / حديث: "إذا دُبغ الإهابُ فقد طَهُر". في الصيد. عن زيد بن أسلم، عن ابن وَعْلَة المصري، عن ابن عباس (¬2). قال فيه ابن وهب: عبد الرحمن بن وَعْلة (¬3). وخَرَّج مسلم لابن وَعْلَة هذا الحديث من طريق زيد بن أسلم وغيرِه (¬4)، ولم يُخَرِّج له البخاري شيئًا. وسُئل ابنُ عيينة عن هذا الحديث وذُكر له الاختلاف فيه فقال: "كان في حِفظِ زيدٍ شيءٌ، وكان رجلًا فاضلًا". حكاه الساجي في الضعفاء (¬5). ¬

_ (¬1) سيأتي حديثه (4/ 419). (¬2) الموطأ كتاب: الصيد، باب: ما جاء في جلود الميتة (2/ 397) (رقم: 17). (¬3) قاله في الحديث الذي بعد هذا، كما في الجمع بين روايته ورواية ابن القاسم (ل: 50/أ)، وخرّجه من طريقه مسلم كما سيأتي. وأخرج أبو أحمد الحاكم حديث الباب في عوالي مالك (ص: 77) من طريق سويد بن سعيد والقعنبي، وقالا فيه: عبد الرحمن بن وعلة. وهو عبد الرحمن بن وَعْلة -بفتح الواو وسكون المهملة- السبئي المصري، صدوق، أصله من مصر ثم انتقل إلى المدينة وسكنها وهو معدود في أهل المدينة. انظر: رجال الموطأ (ل: 70/ ب)، تهذيب الكمال (17/ 478)، تهذيب التهذيب (6/ 263)، التقريب (رقم: 4039). (¬4) صحيح مسلم كتاب: الحيض، باب: طهارة جلود الميتة بالدباغ (1/ 277، 278) (رقم: 366). (¬5) ونقل الساجي عن ابن عيينة قال: "كان زيد بن أسلم رجلًا صالحًا، وكان في حفظه شيء". انظر: تهذيب التهذيب (3/ 342). ولم يذكر هذا الحديث، ولم يتبيّن لي وجه الخلاف فيه. وذكر ابن عدي زيدَ بن أسلم في الكامل، وروي بسنده إلي حماد بن زيد قال: "قدمت المدينة =

وخَرَّجه البزّار من طُرِق كثيرة عن ابن وَعلَة ثم قال: "وإنَّما ذكرنا جماعةً ممّن روي هذا الحديث عن عبد الرحمن بن وَعْلَة؛ لأَنْ لا يقول جاهلٌ: إنَّ عبد الرحمن رجلٌ مجهولٌ" (¬1). 230 / وبه: "أهدي رجلٌ إلي رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - راوِيَةَ خَمْر (¬2) ". فيه: "إنَّ الذي حَرَّم شُربَها حَرَّم بيعَهاط. وفيه قصة. في الأشربة (¬3). هذا خاصٌّ، وجاء عن ابن عباس مرفوعًا: "إنَّ الله إذا حَرَّم شيئًا حَرَّم ثمنَه". خَرَّجه الدارقطني في السنن (¬4). ¬

_ = وأهل المدينة يتكلّمون في زيد بن أسلم، فقلت لعبد الله: ما تقول في مولاكم هذا؟ قال: ما نعلم به بأسًا إلَّا أنَّه يفسِّر القرآن برأيه". الكامل (3/ 208). قال الذهبي: "تناكد ابن عدي في ذكره في الكامل، فإنَّه ثقة حجة". الميزان (2/ 228). (¬1) لم أقف عليه في مسند البزار للنقص في نسخه الخطية. وقال الزيلعي: "رواه البزار من حديث يحيى بن سعيد، عن ابن وعلة، ومن حديث القعقاع بن حكم، عنه، ثم قال: وإنَّما رويناه كذلك؛ لئلا يقول جاهل: إنَّ عبد الرحمن رجل مجهول، وروي عنه أيضًا عبد الله بن هبيرة". نصب الراية (1/ 116). وقال محمد بن سحنون في عبد الرحمن بن وعلة: "هو من أهل إفريقية، ومسجده بها ومواليه إلي اليوم. وذكره أبو سعيد بن يونس وأثني عليه، وقال كان شريفًا بمصر ثم سار إلي إفريقية". معالم الإيمان في معرفة أهل القيروان (1/ 196). (¬2) هي القربة الكبيرة. انظر: مشارق الأنوار (1/ 303). (¬3) الموطأ كتاب: الأشربة، باب: جامع تحريم الخمر (2/ 645) (رقم: 12). وأخرجه مسلم في صحيحه كتاب: المساقاة، باب: تحريم بيع الخمر (3/ 1206) (رقم: 1579) من طريق ابن وهب. والنسائي في السنن كتاب: البيوع، باب: بيع الخمر (7/ 307) من طريق قتيبة. وأحمد في المسند (1/ 358) من طريق ابن مهدي، ثلاثتهم عن مالك به. (¬4) سنن الدارقطني (3/ 7/ 20). وأخرجه أبو داود في السنن كتاب: البيوع، باب: في ثمن الخمر والميتة (3/ 758) (رقم: 3488) , =

وخَرَّج عن تَميم الداريِّ مرفوعًا: "لا يَحِلُّ ثمنُ شيءٍ لا يَحِلُّ أكلُه وشُربُه" (¬1). وانظر في مرسلِ عبد الله بن أبي بكر حديثَ بَيعِ اليهود الشَّحمَ (¬2). 231 / حديث: "صلَّى الظهر والعصر جميعًا، والمغرب والعشاء جميعًا في غير خوفٍ ولا سَفَرٍ". في الصلاة الثاني. ¬

_ = وأحمد في المسند (1/ 247، 293, 322) والبخاري التاريخ الكبير (2/ 147)، والطبراني في المعجم الكبير (12/ 200) (رقم: 12887)، والبيهقي في السنن الكبري (6/ 13) من طرق عن خالد الحذاء عن بركة أبي الوليد عن ابن عباس به. وسنده صحيح رجاله ثقات. (¬1) السنن (3/ 7) (رقم: 22) من طريق شبابة بن سوار، عن أبي مالك النخعي، عن المهاجر أبي الحسن، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن تميم به. وسنده ضعيف جدًّا، فيه أبو مالك النخعي واسمه عبد الملك بن الحسين الواسطي متروك. انظر: تهذيب الكمال (34/ 247)، تهذيب التهذيب (12/ 240)، التقريب (رقم: 7338). وجاء عن تميم الداري بنحو حديث الباب. أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (2/ 57) (رقم: 1275) من طريق عبد الحميد بن جعفر عن شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن غنم عن تميم به. وعبد الحميد وشهر فيهما ضعف. وأخرجه في الأوسط (4/ 265) (رقم: 4155) من طريق الصباح بن محارب عن أشعث بن سوار عن أبي هبيرة يحيى بن عباد عن تميم به. وأشعث بن سوار ضعيف. التقريب (رقم: 524). فالحديث بالطريقين بنحو حديث الباب حسن لغيره والله أعلم. ومراد المصنِّف من إيراد الحديثين بيان عموم حرمة بيع ما حرّم الله، وأنَّ ذلك ليس خاصًا بالخمر كما في ظاهر حديث مالك. (¬2) سيأتي حديثه (5/ 31).

عن أبي الزبير المكي، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عباس (¬1). ليس فيه ذكرُ المَطَرِ. وقال فيه سليمان الأعمش، عن حَبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن خبير، عن ابن عباس. " .. بالمدينة في غيرِ خوفٍ ولا مَطَر"، خرَّجه مسلم (¬2). وانظر الجمعَ في السفر لمعاذ (¬3)، وابن عمر (¬4)، وحديث الأعرج مرسلًا أو عن أبي هريرة (¬5)، ومرسلَ علي بن حسين في ذلك (¬6)، والجمعَ بالمزدلفة لأسامة (¬7)، وابن عمر (¬8)، وأبي أيوب (¬9)، والكلُّ ثلاثةُ أنواع. ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: قصر الصلاة في السفر، باب: الجمع بين الصلاتين في الحضر والسفر (1/ 137) (رقم: 4). وأخرجه مسلم في صحيحه كتاب: صلاة المسافرين وقصرها، باب: الجمع بين الصلاتين في الحضر (1/ 489) (رقم: 705) من طريق يحيى النيسابوري. وأبو داود في السنن كتاب: الصلاة، باب: الجمع بين الصلاتين (2/ 14) (رقم: 1210) من طريق القعنبي. والنسائي في السنن كتاب: المواقيت، باب: الجمع بين الصلاتين في الحضر (1/ 290) عن طريق قتيبة، ثلاثتهم عن مالك به. (¬2) صحيح مسلم (1/ 490) (رقم: 705)، وفي آخره: "قال: قلت لابن عباس: لِمَ فعل ذلك؟ قال: كي لا يُحرِج أمَّتَه". وفي هذا ردٌّ علي قول مالك إثر الحديث: "أُري ذلك كان في مطر"، وتعليلُ ابن عباس يؤيّد أنَّ ذلك لم يكن في المطر، إذ الجمع في المطر جائز في كل وقت على مذهب مالك وغيره، وليس فيه رفع الحرج المنصوص عليه في قول ابن عباس. وانظر: مجموع الفتاوي لابن تيمية (22/ 25). (¬3) تقدّم حديثه (2/ 206). (¬4) تقدّم حديثه (2/ 376). (¬5) سيأتي حديثه (3/ 420). (¬6) سيأتي حديثه (5/ 76). (¬7) تقدّم حديثه (2/ 23). (¬8) تقدّم حديثه (2/ 347). (¬9) سيأتي حديثه (3/ 143).

232 / حديث: "كان يُعلِّمهم هذا الدعاءَ كما يُعلِّمهم السورةَ من القرآن يقول: اللهم إني أعوذ بك من عذابِ جَهَنَّم ... ". وذَكَر: عذابَ القبر وفِتنةَ الدَّجَّال وفِتنة المحيا والممات، أربع كلمات. في الصلاة عند آخره. عن أبي الزبير المكي، عن طاوس اليماني، عن ابن عباس (¬1). خَرَّجه مسلم من طريق قتيبة عن مالك، وقال في آخره: بلغني أنَّ طاوسًا قال لابنِه: "أَدَعَوْتَ بها في صلاتِك؟ ". قال: "لا". قال: "أَعِدْ صَلاتَك" (¬2). وليس في هذا الحديث الأمرُ بها في الصلاة، وإنَّما جاء ذلك في حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلّي الله عليه وسلّم: "إذا فَرَغَ أحدُكم من ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: القرآن، باب: ما جاء في الدُّعاء (1/ 188) (رقم: 33). وأخرجه مسلم في صحيحه كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: ما يستعاذ منه في الصلاة (1/ 513) (رقم: 590) من طريق قتيبة. وأبو داود في السنن كتاب: الصلاة، باب: في الاستعاذة (2/ 190) (رقم: 1542) من طريق القعنبي. والترمذي في السنن كتاب: الدعوات (5/ 490) (رقم: 3494) من طريق معن. والنسائي في السنن كتاب: الجنائز، باب: التعوذ من عذاب القبر (4/ 104)، وفي الاستعاذة، باب: الاستعاذة من فتنة الممات (8/ 276) من طريق قتيبة. وأحمد في المسند (1/ 242 , 258، 298، 311) من طريق ابن مهدي، وإسماعيل بن عمر، وإسحاق الطباع، وروح، سبعتهم عن مالك به. (¬2) سبق تخريجه من طريق مالك. وبلاغ مسلم: وصله عبد الرزاق في المصنف (2/ 208) (رقم: 3087) من طريق معمر عن ابن طاوس به، وفيه: أنه قال لرجل بدل لابنه.

التشهّد الآخِرِ فليتَعَوَّذ من أَربع ... "، وذكرها، خَرَّجه مسلمٌ أيضًا (¬1). 233 / وبه: "كان إذا قامَ إلى الصلاة من جَوف الليل يقول: اللهم لك الحَمد أنتَ نورُ السموات والأرض ... ". مطوّلا فيه فصولٌ جَمَّة. في الباب (¬2). حديث: "الأيِّم أحقُّ بنفسِها من وَليِّها، والبِكرُ تستأذنُ ... ". وذكر الصُمات. في النكاح عند أوّله. ¬

_ (¬1) صحيح مسلم (1/ 412 / 1588). ومراد المصنف من إيراد أثر طاوس في إعادة الصلاة لمن ترك لتعوّذ من الأربع، وحديث أبي هريرة بلفظ الأمر القول بوجوب ذلك في الصلاة، وهذا مذهب الظاهرية وظاهر قول طاوس. وذهب الجمهور أن ذلك مستحب أُكّد بقوله: "كما يعلّمهم السورة من القرآن". انظر: المغني (2/ 233)، المنتقي (1/ 358)، المحلي (2/ 301)، شرح صحيح مسلم (5/ 89)، الفتح (2/ 373). (¬2) الموطأ كتاب: القرآن، باب: ما جاء في الدعاء (1/ 188) (رقم: 34). وأخرجه مسلم في صحيحه كتاب: صلاة المسافرين وقصرها، باب: الدعاء في صلاة الليل وقيامه (1/ 532) (رقم: 769) من طريق قتيبة. وأبو داود في السنن كتاب: الصلاة، باب: ما يستفتح به الصلاة من الدعاء (1/ 488) (رقم: 771) من طريق القعنبي. والترمذي في السنن كتاب: الدعوات، باب: ما يقول إذا قام من الليل إلي الصلاة (5/ 449) (رقم: 3418) من طريق معن. والنسائي في السنن الكبري كتاب: النعوت، باب: النور (4/ 405) (رقم: 7704)، وفي عمل اليوم والليلة، باب: ما يقول إذا قام إلي الصلاة من جوف الليل (6/ 217) (رقم: 10704) من طريق قتيبة. وأحمد في المسند (1/ 298، 308) من طريق إسحاق الطباع، وابن مهدي، خمستهم عن مالك به.

عن عبد الله بن الفضل هو الهاشمي، عن نافع بن جُبير بن مطعم، عن ابن عباس (¬1). خَرَّج مسلم هذا الحديث عن جماعة عن مالك، وقال فيه: "الأيّم" (¬2). وقال الدارقطني: "لفظُ ابن وهب، ومعنٍ، وأبي مصعب، وأصحاب الموطأ: "الأيّم". وقال شعبة عن مالك: "الثيّب"، وكذلك قال ابنُ عيينة، وعبد الله بن داود الخُرَيبي، وموسي بن داود (¬3)، ومروان بن محمّد السِّنجاري (¬4)، كلّهم يقولَ عن مالك: "الثيّب" (¬5). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: النكاح، باب: استئذان البكر والأيّم في أنفسهما (2/ 415) (رقم: 4). وأخرجه مسلم في صحيحه كتاب: النكاح، باب: استئذان الثيّب في النكاح بالنطق والبكر بالسكوت (2/ 1037) (رقم: 4121) من طريق سعيد بن منصور وقتيبة ويحيي النيسابوري. وأبو داود في السنن كتاب: النكاح، باب: في الثيب (2/ 577) (رقم: 2098) من طريق القعنبي وأحمد بن يونس. والترمذي في السنن كتاب: النكاح، باب: ما جاء في استئمار البكر والثيب (3/ 416) (رقم: 1108) من طريق قتيبة. والنسائي في السنن كتاب: النكاح، باب: استئذان البكر في نفسها (6/ 84) من طريق قتيبة وشعبة. وابن ماجه في السنن كتاب: النكاح، باب: استئمار البكر والثيب (2/ 601) (رقم: 1870) من طريق إسماعيل بن موسي السدي. وأحمد في المسند (1/ 219، 241، 345، 363) من طريق ابن مهدي، ووكيع، وابن نمير. والدارمي في السنن كتاب: النكاح، باب: استئمار البكر والثيب (2/ 186) (رقم: 2188، 2189) من طريق خالد بن مخلد، وإسحاق الطباع، جميعهم عن مالك به. (¬2) سبق تخريجه. (¬3) موسي بن داود الضبي، قال عنه الحافظ ابن حجر: "صدوق فقيه زاهد له أوهام". انظر: تهذيب الكمال (29/ 57)، التقريب (رقم: 6959). (¬4) تقدّم (2/ 468)، وأنَّه ضعيف. (¬5) انظر: السنن (3/ 240). وفيه دليل أن المراد بالأيم الثيب، قال البغوي: "الأيّم أحق بنفسها" أراد بها الثيّب بدليل أنه ذكر حكم البكر بعدها. شرح السنة (5/ 25).

وخَرَّجه مسلم من طريق سفيان بن عيينة، عن زياد بن سعد، عن ابن الفضل بإسناده وقال فيه: "الثيّب أحقّ بنفسها من وليّها، والبكر يستأذنها أبوها في نفسها" (¬1). وخَرَّج أبو داود هذا عن سفيان ثمّ قال: "أبوها ليس بمحفوظ" (¬2). وهذا من سفيان (¬3). وخَرَّج الدارقطني هذا الحدلمجا يخا كتاب السنن من طرق في بعضها: "واليتيمة تُستأمر"، وفي بعضها: "البكر"، ثمّ قال: يشبه أن يكون قوله: "البكر تستأمر" إنّما أراد البكر اليتيمة، والله أعلم. قال: وكذلك روي عن أبي بردة عن أبيه أبي موسي أنَّ اليتيمة تستأمر، وطَرَّقه كذلك عن أبي موسى الأشعري، قال: "وأما قولُ ابن عيينة عن زياد: "والبكر يستأمرها أبوها". فإنّا لا نعلمُ أحدًا وافق ابنَ عيينة علي هذا اللَّفظِ، قال: ولعلَّه ذكرَه من حِفظِه فسبقَه لسانُه، والله أعلم" (¬4). ¬

_ (¬1) صحيح مسلم (2/ 1037) (رقم: 4121). (¬2) السنن (2/ 577) (رقم: 2099). (¬3) وكذا قال الشافعي والبيهقي كما في الفتح (9/ 100). (¬4) انظر: السنن (3/ 239 - 242). ونحى الحافظ ابن حجر منحى آخر، فجعل زيادة الأب في الحديث من باب زيادة الحافظ الثقة، وقال: "ولو قال قائل بل المراد باليتيمة البكر لم يُدفع". الفتح (9/ 100). قلت: ولفظة الأب تفرّد بها ابن عيينة عن زياد بن سعد ومالك بن أنس. وتقدّم إخراج الحديث من طريق ابن عيينة عن زياد من صحيح مسلم. وأخرجه محمد بن المظفر البزاز في غرائب مالك (ص: 133) (رقم: 75)، والدارقطني في السنن (3/ 240)، والطبراني في المعجم الكبير (10/ 317) (رقم: 10745) من طرق عن ابن عيينة، عن زياد بن سعد، ومالك بن أنس، عن عبد الله بن الفضل به، وفيه ذكر الأب. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وقد خولف ابن عيينة في حديثه عن زياد وعن مالك. فأما حديث زياد: فأخرجه ابن عبد البر في التمهيد (19/ 76) من طريق محمد بن زُنبور المكي عن فضيل بن عياض عن زياد بن سعد به، ولم يذكر الأب في حديثه. ومحمد بن زنبور صدوق له أوهام، كما في التقريب (رقم: 5886). وأما حديث مالك فرواه الجمع الكثير عنه وخالفوا ابنَ عيينة في متنه فلم يذكروا (لفظة الأب). انظر الموطأ برواية: - أبي مصعب الزهري (2/ 569) (رقم: 1469)، وسويد بن سعيد الحدثاني (ص: 304) (رقم: 658)، وابن القاسم (ل: 23/ أ)، و (ص: 395) (رقم: 381 - تلخيص القابسي-)، ويحيى بن بكير (ل: 38 / أ). وأخرجه مسلم كما تقدّم، من طريق سعيد بن منصور وقتيبة ويحيي النيسابوري. وأبو داود من طريق أحمد بن يونس. وأبو داود في السنن، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (9/ 395، 397) (رقم: 4084، 4087)، والطحاوي في شرح المعاني (3/ 11)، (4/ 366)، والمزي في تهذيب الكمال (15/ 434) من طريق القعنبي. والنسائي في السنن، والطبراني في المعجم الكبير (10/ 307) (رقم: 10743)، والدارقطني في السنن (3/ 240)، والبيهقي في السنن الكبري (7/ 118)، وابن عبد البر في التمهيد (19/ 74 , 75)، وابن ناصر الدين في إتحاف السالك (ص: 220) من طريق شعبة. وابن ماجه في السنن، والبرقاني في التخريج لصحيح الحديث (رقم: 28)، وأبو أحمد الحاكم في عوالي مالك (ص: 54)، والمزي في تهذيب الكمال (15/ 435) من طريق إسماعيل بن موسي السدي. وأحمد في المسند، والدارقطني في السنن (3/ 240) من طريق ابن مهدي. وأحمد في المسند، وابن الجارود في المنتقي (3/ 43) (رقم: 709) من طريق وكيع. وأحمد في المسند، والقطيعي في جزء الألف دينار (رقم: 54) من طريق ابن نمير. والدارمي في السنن من طريق خالد بن مخلد، وإسحاق الطباع. وعبد الرزاق في المصنف (6/ 142) (رقم: 10283). وابن أبي شيبة في المصنف (3/ 459) (رقم: 15969) من طريق عبد الله بن إدريس الأودي. والطحاوي في شرح المعاني (3/ 11)، (4/ 366)، والبيهقي في السنن الكبري (7/ 115) من طريق ابن وهب. والطبراني في المعجم الكبير (10/ 307) (رقم: 10744)، وتمام في الفوائد (2/ 414) (رقم: 766 =

قال الشيخ أبو العبّاس رضي الله عنه: والخلافُ في ألفاظِ هذا الحديثِ كثيرٌ، وكأنّهم رَأَوا أنَّ الكلامَ والأيِّمِ الثَيِّب، وو البكر اليَتيمة، والله أعلم (¬1). وانظر مسند خَنْسَاء (¬2). ¬

_ = - الروض-)، ومحمد بن مخلد في ما رواه الأكابر عن مالك (رقم: 15، 20)، ومحمد بن صخر الأزدي في جزء من حديث مالك (ل: 4 /ب)، وابن عبد البر في التمهيد (19/ 74) من طريق الثوري. والبيهقي في السنن الكبري (7/ 118)، وابن عبد البر في التمهيد (19/ 75) من طريق الشافعي. والدارقطني في السنن (3/ 239، 240) من طريق زيد بن الحباب، وعبد الله بن داود الخريبي، ويحيى بن أيوب. والدارقطني في السنن (3/ 241)، والخليلي في الإرشاد (14/ 401) من طريق يحيى بن أيوب. والدارقطني في السنن (3/ 241)، وابن عبد البر في التمهيد (19/ 75) من طريق يحيى القطان. ومحمد بن مخلد في ما رواه الأكابر عن مالك (رقم: 16)، والخطيب في تاريخه (12/ 445)، وابن ناصر الدين في إتحاف السالك (ص: 219) من طريق حماد بن أبي حنيفة. والخليلي في الإرشاد (3/ 942) من طريق علي بن مهران. وابن عبد البر في التمهيد (19/ 75) من طريق مطرّف. والخطيب في الرواة عن مالك (ل: 15/ أ- المختصر-) من طريق يحيى بن أبي بكير قاضي كرمان. وابن سيد الناس في أجوبته علي أسئلة ابن أيبك (ص: 73) من طريق النعمان بن شبل، وسويد، وسعيد بن عبد الجبار. وابن ناصر الدين الدمشقي في إتحاف السالك (ص: 218) من طريق محمد بن معاوية الطرابلسي. كلُّ هؤلاء عن مالك عن عبد الله بن الفضل عن نافع بن جُبر عن ابن عباس به، ولم يذكر أحد منهم عن مالك لفظ الأب في الحديث. ولعل الراجح عدم ذِكر الأب، والله تعالي أعلم، ولعل ابن عيينة زاد هذه الزيادة؛ لأنّ الغالب في الولاية على المرأة من جهة الأب، وفي قول الدارقطني: "ولعلَّه ذكره من حفظِه فسبقَه لسانُه"، إشارةٌ إلى هذا، والله أعلم. (¬1) فسِّرت الأيّم بالتي لا زوج لها ثيّبًا كانت أو بكرًا، فالأيّم أعمُّ من الثيّب، فقد تكون ثيبًا وقد تكون بكرًا، ورواية من روي الأيم مجملة تفسِّرها رواية الثيّب، فهذا يوضِّح أنَّ المراد هنا: الأيّم الثيّب. انظر: أجوبة ابن سيد الناس على أسئلة ابن أيبك (ص: 85 - 87). (¬2) سيأتي حديثها (4/ 298).

235 / حديث: "بات ليلةً عند ميمونةَ وهي خالته، قال: فاضطجعتُ في عَرْضِ فالوِسادة واضطجعَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأهلُه في طولها". فيه: "فصلَّى ركعتين"، ذكرها ستَّ مرّات. قال: "ثمّ أَوترَ ثمّ اضطَجَع"، وذَكَر فيه ركعتَي الفجرِ بعد الاضطجاع. في صلاة الوتر. عن مَخْرَمَةَ بن سليمان هو الوَالِبِي، عن كريب، عن ابن عبّاس (¬1). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: صلاة الليل، باب: صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - في الوتر (1/ 119) (رقم: 11). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الوضوء، باب: قراءة القرآن بعد الحدث وغيره (1/ 66) (رقم: 183) من طريق إسماعيل بن أبي أويس، وفي الوتر، باب: ما جاء في الوتر (2/ 300) (رقم: 992) من طريق القعنبي، وفي العمل في الصلاة، باب: استعانة اليد في الصلاة إذا كان من أمر الصلاة (2/ 363) (رقم: 1198) من طريق عبد الله بن يوسف، وفي التفسير، باب: {والذين يذكرون الله قياما وقعودا .. } (5/ 210) (رقم: 4570) من طريق ابن مهدي، وفي باب: {ربّنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته} (5/ 210) (رقم: 4571) من طريق معن، وفي باب: {ربّنا إننا سمعنا مناديا ... } (5/ 211) (رقم: 4572) من طريق قتيبة. ومسلم في صحيحه كتاب: صلاة المسافرين (1/ 526) (رقم: 763) من طريق يحيى النيسابوري. وأبو داود في السنن كتاب: الصلاة، باب: في صلاة الليل (2/ 100) (رقم: 1367) من طريق القعنبي. والترمذي في الشمائل، باب: ما جاء في عبادة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (ص: 130) (رقم: 263) من طريق قتيبة ومعن. والنسائي في السنن كتاب: قيام الليل، باب: ذكر ما يستفتح به القيام (3/ 210) من طريق ابن القاسم، وفي الكبري كتاب: قيام الليل (1/ 421) (رقم: 1337)، وفي التفسير، باب: {إن في خلق السموات والأرض} (6/ 318) (رقم: 11087) من طريق قتيبة. وابن ماجه في السنن كتاب: إقامة الصلاة، باب: ما جاء في كم يصلي بالليل (1/ 433) (رقم: 1393) من طريق معن. وأحمد في المسند (1/ 242، 358) من طريق ابن مهدي، سبعتهم عن مالك به.

ذَكَر اللَّيثُ، عن مَخرَمَة بإسناده هذا. أنَّه ابتدأ بركعتين خفيفتين، كحديث زيد بن خالد عند غيرِ يحيى بن يحيى، وخالف في مساقِه (¬1). العددُ في الموطأ ثلاثَ عشرة ركعة حاشَي ركعتي الفجر، والخلاف في ذلك عن ابن عباس وغيرِه كثيرٌ. الوَالِبِي: بباء معجمة بواحدة (¬2). والعَرْض: بفتح العين وإسكان الراء، خلادث الطُّول (¬3). وانظر حديثَ زيد بن خالد الجهني (¬4)، وحديثَ عائشة من طريق عروة (¬5)، وأبي سلمة (¬6). 236 / حديث: "لا تصوموا حتي تَروا الهلالَ". وذكر الإفطار، فيه: "فإنْ غُمَّ عليكم فأكْمِلوا العدَّة ثلاثين". ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في السنن (2/ 98) (رقم: 1364)، والنسائي في السنن الكبري (1/ 422) (رقم: 1338)، وابن عبد البر في التمهيد (13/ 212، 213) من طريق شعيب بن الليث عن أبيه عن خالد بن يزيد المصري عن سعيد بن أبي هلال عن مخرمة به. وسنده حسن، سعيد بن أبي هلال صدوق. التقريب (رقم: 2410). (¬2) الوَالِبِي: بفتح الواو وكسر اللام والباء المنقوطة بواحدة، نسبة إلي والبة، وهي حي من بني أسد. انظر: الأنساب (5/ 568)، تهذيب الكمال (27/ 328). (¬3) وقيل بالضم، وهو الجانب، وأنكره الباجي والقاضي عياض. وصححه ابن حجر، لأنَّه لفظ مشترك، وقد وردت به الرواية، ولقوله في الحديث (في طوله) فتعيّن المراد. انظر: المنتقي (1/ 217)، مشارق الأنوار (2/ 73)، الفتح (1/ 354). (¬4) تقدّم حديثه (2/ 164)، وفيه بيان وهم يحيى بن يحيى في سياق الحديث، وأنَّه ابتدأ الصلاة بركعتين طويلتين. (¬5) سيأتي حديثها (4/ 26). (¬6) سيأتي حديثها (4/ 84).

في أوّل الصيام. عن ثَور بن زيد، عن ابن عباس (¬1). مقطوعًا (¬2). هكذا في الموطأ (¬3)، وقال فيه رَوْحٌ خارِجَه عن مالك: ثَور، عن عِكرمةَ، عن ابن عباس (¬4). وهو محفوظ لعكرمة (¬5)، وأسقط مالكٌ من الموطأ ذكرَ عِكرمةَ؛ لأنَّه ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الصيام، باب: ما جاء في رؤية الهلال والفطر في رمضان (1/ 239) (رقم: 3). (¬2) الانقطاع بين ثور وابن عباس. (¬3) انظر الموطأ برواية: أبي مصعب الزهري (1/ 298) (رقم: 764)، وابن القاسم (ل: 39/ أ)، والقعنبي (ل: 57 /ب- نسخة الأزهرية-)، وابن بكير (ل: 50 / أ- نسخة الظاهرية-). وأخرجه الجوهري في مسند الموطأ (ل: 59 / أ) من طريق القعنبي. (¬4) ذكره ابن عبد البر في التمهيد (2/ 26)، وروح ثقة، إلَّا أنَّ رواية الجماعة أصح، والله أعلم. وفي حاشية نسخة ابن القاسم: بين ثور وابن عباس عكرمة، قاله ابن وضاح. (¬5) أخرجه النسائي في السنن كتاب: الصيام (4/ 136، 153) والترمذي في السنن كتاب: الصوم، باب: ما جاء أن الصوم لرؤية الهلال والإفطار له (3/ 72) (رقم: 688)، وأحمد في المسند (1/ 226، 258) والدارمي في السنن كتاب: الصوم، باب: النهي عن صيام يوم الشك (2/ 5) (رقم: 1683)، والطيالسي في المسند (ص: 348) (رقم: 2671)، وأبو يعلي في المسند (3/ 16) (رقم: 2351)، وابن خزيمة في صحيحه (3/ 204) (رقم: 1912)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (8/ 356) (رقم: 3590)، (8/ 360) (رقم: 3594)، والحاكم في المستدرك (1/ 224)، والطحاوي في شرح المعاني (1/ 436)، والطبراني في المعجم الكبير (11/ 286) (رقم: 11754 - 11757)، والبيهقي في السنن الكبري (4/ 207، 208)، وابن عبد البر في التمهيد (2/ 35, 36) من طرق عن سماك بن حرب عن عكرمة به. وقال الترمذي: "حسن صحيح". =

كان لا يرضاه لرأيٍ نُسب إليه؛ ولِحَملِ سعيد بن المسيب عليه. واستظهَرَ بِحديثِه هذا مقطوعًا بعد أنْ ذَكَره من طُرق صِحاحٍ عن ابن عمر، ولَم يُخَرِّج في الموطأ عن عكرمةَ شيئًا إلَّا رأيًا مَنسوبًا بالظنِّ إلي ابن عباس فِيمن جامَع قبلَ أن يُفيض، ذكره في كتاب الحج (¬1). ويُذكر عن ابن عمر قولٌ في عكرمةَ لَم يثبُت وإنْ كان مشهورًا (¬2). ¬

_ = وقال الحاكم: "صحيح الإسناد"، ووافقه الذهبي. قلت: سماك روايته عن عكرمة مضطربة كما في التقريب (رقم: 2624)، لكن ممن روي عنه الحديث شعبة عند ابن خزيمة وابن حبان والحاكم، وقد قال الحافظ ابن حجر في حديث "الماء ليس عليه جنابة": "وقد أعله قوم بسماك بن حرب راويه عن عكرمة؛ لأنَّه كان يقبل التلقين، لكن قد رواه عنه شعبة وهو لا يحمل عن مشايخه إلا صحيح حديثهم". الفتح (1/ 360). قلت: ومع ذلك فقد توبع. أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (11/ 271) (رقم: 11706) من طريق أشعث بن سوار عن عكرمة به. وأشعث ضعيف، فالحديث بالطريقين ورواية شعبة عن سماك يرتقي إلي الحسن إن لم يكن صحيحًا، فهو محفوظ عن عكرمة كما قال المصنف. (¬1) الموطأ (1/ 309) (رقم: 156). (¬2) ذكره ابن سيد الناس في أجوبته علي أسئلة ابن أيبك (ص: 116) عن العقيلي في تاريخه قال: ثنا روح بن الفرج، قال: ثنا أحمد بن يزيد الفزاز، قال: ثنا ضمرة، ثنا أبرد بن يزيد، قال: قال ابن عمر لنافع: "لا تكذب عليَّ كما كذب عكرمة علي ابن عباس". وسنده ضعيف، أبرد بن يزيد ذكره ابن عساكر في تاريخه (7/ 295) ولم يذكر شيئًا. وأحمد بن يزيد القزاز أظنه الفلسطيني، يروي عن ضمرة بن ربيعة، وهو مستور كما في التقريب (رقم: 128). وأورده الذهبي في السير (5/ 22) قال: "قال أبو خلف عبد الله بن عيسى الخزاز عن يحيى البكّاء سمعت ابن عمر يقول لنافع: اتق الله ويحك لا تكذب عليّ كما كذب عكرمة علي ابن عباس، كما أحل الصرف وأسلم ابنه صيرفيًا. قال الذهبي: البكّاء واه". =

وأَكْثَرَ البخاريُّ عنه، وأمَّا مسلم فقَرَنَه بغيرِه في حديثِ ضُباعَةَ (¬1). وقال البزّار: "تَكلَّمَ في عكرمةَ قومٌ، ولا نَعلمُ أحدًا تَرَكَ حديثَه إلَّا مالكًا" (¬2). وفي كراهيةِ مالكٍ له، وإدخالِ حديثِه نظرٌ وكلامٌ لا يتَّسِع لبَسْطِه هذا المختصرُ (¬3). ¬

_ = وقال في الميزان (4/ 17): "لم يصح". وقال ابن حجر: "لم يثبت عنه ويحيي البكاء متروك الحديث". هدي الساري (ص: 448). وقال الإمام أحمد: "حدّثنا إسحاق الطباع قال: سألت مالك بن أنس قلتُ: أَبَلَغَكَ أنَّ ابنَ عمر قال لنافع: لا تكذِبنّ عليّ كما كذب عكرمة علي ابن عباس؟ قال: لا، ولكن بلغني أن سعيد بن المسيب قال كذلك لبُردٍ مولاه". العلل (2/ 70) (رقم: 1582 - رواية عبد الله-). قلت: أما قول سعيد فقد ثبت عنه بالسند الصحيح، أخرجه يعقوب الفسوي في المعرفة والتاربخ (2/ 5)، والإمام أحمد في العلل (2/ 71) (رقم: 1583)، 1584)، وانظر: أجوبة ابن سيد الناس (ص: 116). لكن يحمل الكذب بمعني الخطأ، وأهل الحجاز يسمّون الكذب خطأ كما قال ابن حبان في الثقات (6/ 144). أو يحمل على كلام الأقران للعداوة التي كانت بينهما كما قاله ابن عبد البر في جامع بيان العلم (2/ 190)، والتمهيد (2/ 28). وقال ابن عبد البر: "هذا باب قد غلط فيه كثير من الناس وضلت به نابتة جاهلة لا تدري ما عليها في ذلك، والصحيح في هذا الباب أن من صحت عدالته وثبتتت في العلم أمانته وبانت ثقته وعنايته بالعلم لم يلتفت فيه إلي قول أحد إلا أن يأتي في جرحته ببيّنة عادلة تصح بها جرحته علي طريق الشهادات ... ". جامع بيان العلم (2/ 186). (¬1) حديث ضباعة بنت الزبير بنت عبد المطلب، وقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أهلي بالحج واشترطي أن محلي حيث حبستني"، أخرجه مسلم في صحيحه (2/ 868) (رقم: 1208) من طريق طاوس وعكرمة وبإسناد آخر من طريق سعيد بن جبير وعكرمة. (¬2) أقف عليه في مسنده. (¬3) تكلّم قوم في عكرمة ورموه بثلاثة أشياء، الكذب، رأي الخوارج، وأنه كان يقبل جوائز السلطان. =

وانظر ثورًا في مرسلِه (¬1)، وحديثَ نافع (¬2)، وابنَ دينار عن ابنِ عمر (¬3). ¬

_ = قال ابن حجر: "وتعقّب جماعة من الأئمة ذلك وصنّفوا في الذب عن عكرمة منهم أبو جعفر الطبري ومحمد بن نصر المروزي وابن منده وابن حبان وابن عبد البر". ثم سرد الحافظ وجوه الطعن فيه، وردّه ردا لا مزيد عليه في هدي الساري (ص: 446 - 451). وأما مسألة إدخال مالك له في الموطأ، فتكلم بعض العلماء فيها وأنَّ مالكًا لم يكن يرضي عكرمة وكان يسقطه من الأحاديث. قال الدارقطني: "ومالك لا يرضي عكرمة ويروي أحاديث مدلسة مرسلة يسقط اسمه من الإسناد في غير حديث في الموطأ". الأحاديث التي خولف فيها مالك (ص: 150). وقال: "ولمالك عادة أن يسقط اسم الضعيف عنده من الإسناد مثل عكرمة ونحوه". العلل (2/ 9). قلت: ومالك أجل وأتقي وأورع أن يعمل هذا العمل. قال ابن القطان: "ولقد ظن بمالك علي بُعدِه عنه عمله". النكت (2/ 620). وقال الخطيب البغدادي: "وُيقال: إن ما رواه مالك بن أنس عن ثور بن زيد عن ابن عباس، كان ثور يرويه عن عكرمة عن ابن عباس، وكان مالك يكره الرواية عن عكرمة فأسقط اسمه من الحديث وأرسله، وهذا لا يجوز وإن كان مالك يري الاحتجاج بالمراسيل؛ لأنَّه علم أنَّ الحديث ليس بحجة عنده". الكفاية (ص: 365). وكذا شكّك ابن عبد البر لا صحة ذلك فقال: "وزعموا أنَّ مالكًا أسقط ذكر عكرمة منه؛ لأنَّه كره أن يكون في كتابه لكلام سعيد بن المسيب وغيره فيه، ولا أدري صحة هذا؛ لأنَّ مالكًا قد ذكره في كتاب الحج باسمه ومال إلي روايته عن ابن عباس وترك رواية عطاء في تلك المسألة، وعطاء أجل التابعين في علم المناسك والثقة والأمانة". التمهيد (2/ 26). وحمل السخاوي إسقاطه من الإسناد وهو ضعيف عنده أن الحديث قد ثبت عنده من طريق آخر. فتح المغيث (1/ 238). والذي يظهر أنَّ إسقاط مالك لعكرمة من الإسناد لا لضعفه، وإنما قد يسقط الرجل وهو ثقة ويكون الحديث موصولًا من طريق آخر وقد سبق مثل هذا في هذا الكتاب، والله أعلم. (¬1) انظر: (4/ 496). (¬2) تقدّم حديثه (2/ 382). (¬3) تقدّم حديثه (2/ 474).

• حديث: الضَّبِّ. مذكورٌ في مسند خالد (¬1)، ومرسلِ سليمان بن يسار (¬2). • حديث: الحمارِ الوحشِيِّ. مذكورٌ في مسند الصَّعْب (¬3). • حديث: الفأرة تقعُ في السَّمن. مذكورٌ ليحيى في مسند ميمونة (¬4)، وهو في الزيادات عن ابن عباس (¬5). • حديث: حجِّ الصَّبِيِّ. مذكورٌ ليحيى في مرسل كُريب (¬6). • حديث: الغُبَيْرَاء. مذكورٌ ليحيي في مرسل عطاء بن يسار (¬7). فصل: وُلد عبد الله بنُ عباس في الشِّعب قبل الهِجرة بثلاثِ سنين (¬8) , وجاء عنه أنَّه كان قد ناهَزَ الاحتَلامَ في حَجَّة الوداع (¬9). ¬

_ (¬1) تقدّم حديثه (2/ 149). (¬2) سيأتي حديثه (5/ 223). (¬3) تقدّم حديثه (2/ 258). (¬4) سيأتي حديثها (4/ 227). (¬5) سيأتي حديثه (4/ 417). (¬6) سيأتي حديثه (4/ 562). (¬7) سيأتي حديثه (5/ 131). (¬8) المستدرك (3/ 534)، تاريخ بغداد (1/ 173)، الاستيعاب (3/ 933)، وقال ابن حبان في الثقات (3/ 207): "بأربع سنين". (¬9) وهو أول حديث من مسند ابن عباس من هذا الكتاب، انظره (2/ 526)، وهو في صحيح البخاري. قال ابن حجر: "ناهزت: أي قاربت، والمراد بالاحتلام البلوغ الشرعي". الفتح (1/ 206).

وروي سعيد بن جُبير عنه أنّه قال: "توفي رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا ابنُ خمسَ عشرة سنة" (¬1). وفي بعض الطرق عن سعيد: "وأنا ابنُ ثنتي عشرة سنة". ذَكَرَه البزّار (¬2). ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في المسند (1/ 373)، وفي العلل (2/ 105) (رقم: 1714 - رواية عبد الله-) والبخاري في التاريخ الكبير (5/ 4)، والطيالسي في المسند (ص: 343)، والحاكم في المستدرك (3/ 533)، وابن أبي عاصم في الآحاد والثاني (1/ 284) (رقم: 373، 372) والطبراني في المعجم الكبير (10/ 235) (رقم: 10578) من طرق عن شعبة عن أبي إسحاق عن سعيد بن جبير به. وأخرجه الحاكم في المستدرك (3/ 534) من طريق سعيد بن أبي عروبة عن أبي إسحاق به. وفي بعض طرق الحديث زيادة: "وقد ختنت". قال أحمد في العلل: "حديث شعبة كأنه يوافق حديث الزهري عن عبيد الله عن ابن عباس: جئت علي أتان وقد ناهزت الاحتلام". وقال ابن عبد البر: "قال أحمد: وهذا هو الصواب". الاستيعاب (3/ 934). (¬2) قال البزار: "حدّثنا عبد الله بن سعد بن إبراهيم بن سعد الزهري، قال: حدّثني عمي يعقوب بن إبراهيم بن سعد، قال: حدّثني أبي، عن أبي إسحاق، عن الحجاج بن أرطاة، عن عطاء، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "قبض النبي - صلى الله عليه وسلم - وأنا ختين". وهذا الحديث قد روي عن سعيد بن جُبير، عن ابن عباس، فاختلفوا في لفظه، فقال أبو إسحاق عن سعيد بن جُبير، عن ابن عباس: "قبض النبي - صلى الله عليه وسلم - وأنا ختين"، وقال أبو بشر، عن سعيد بن جُبر، عن ابن عباس: "قبض النبي - صلى الله عليه وسلم - وأنا ابن ثنتي عشرة سنة"، فذكرنا حديث الحجاج، عن عطاء، عن ابن عباس لأنّه تابع أبا إسحاق عن سعيد بن جُبير عن ابن عباس في روايته". المسند (ل: 153/ أ، ب- نسخة الرباط-). قلت: أما حديث أبي بشر عن سعيد، فساق البزار نفسه في مسنده (ل: 146/ أ- نسخة الرباط-) إسناده إليه من طريق أبي داود الطيالسي، نا شعبة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، ولم يسق لفظه، ثم ذكر بعده حديث أبي إسحاق، وفيه: "وأنا ابن خمس عشرة سنة". وطريق أبي بشر -وهو جعفر بن أبي وحشية إياس من أثبت الناس في سعيد بن جُبير- أخرجه الطيالسي في مسنده (ص: 343) إلا أنه قال فيه: "وأنا ابن عشر سنين" بدل ثنتي عشرة سنة كما عند البزار. =

وقال فيه رسول الله - صلي الله عليه وسلم -: "اللهم فقهه في الدّين وعلّمه الحكمة والتأويل" (¬1). ¬

_ = وقد اختلفت الآثار عن ابن عباس في سنّه يوم توفي النبي - صلي الله عليه وسلم -، ففي بعضها أنه ابن عشر سنين وفي بعضها أنه ابن ثلاث عشرة سنة، وصحح ابن عبد البر هذا الأخير تبعا لأهل السير. وصحح الإمام أحمد رواية خمس عشرة سنة، لقوله في حديث حجة الوداع: "وقد ناهزت الاحتلام"، وقوله في بعض طرق الحديث: "قد ختنت"، وقد قال ابن عباس لما سئل مثل من أنت حين قبض النبي - صلي الله عليه وسلم - قال: "أنا يومئذ مختون، قال: وكانوا لا يختنون الرجل حتي يدرك". وهذا في صحيح البخاري كتاب: الاستئذان باب: الختان بعد الكبر (7/ 185) (رقم: 6299). وجمع ابن حجر بين هذه الأقوال فقال: "المحفوظ الصحيح أنَّه وُلد بالشعب وذلك قبل الهجرة بثلاث سنين فيكون له عند الوفاة النبوية ثلاث عشرة سنة، وبذلك قطع أهل السير وصححه ابن عبد البر وأورد بسند صحيح عن ابن عباس أنه قال: ولدت وبنو هاشم لب الضعب، وهذا لا ينافي قوله: ناهزت الاحتلام، أي قاربته، ولا قوله: وكانوا لا يختنون الرجل حتي يدرك، لاحتمال أن يكون أدرك فختن قبل الوفاة النبوية وبعد حجة الوداع، وأما قوله: وأنا ابن عشر، فمحمول علي إلغاء الكسر، وروي أحمد من طريق أخري عن ابن عباس أنه كان حينئذ ابن خمس عشرة، ويمكن رده إلي رواية ثلاث عشرة بأن يكون ابن ثلاث عشرة وشيء وولد في أثناء السنة فجبر الكسرين بأن يكون ولد مثلا في شوال فله من السنة الأولي ثلاثة أشهر فأطلق عليها سنة وقبض النبي - صلى الله عليه وسلم - في ربيع فله من السنة الأخيرة ثلاثة أخري وأكمل بينهما ثلاث عشرة، فمن قال ثلاث عشرة ألغي الكسرين ومن قال خمس عشرة جبرهما والله أعلم". الفتح (11/ 93)، وانظر: الإصابة (4/ 141). (¬1) لم أجده تامًّا بهذا اللفظ. وأخرجه الإمام أحمد في المسند (1/ 266، 314، 328، 335)، وفي فضائل الصحابة (2/ 955، 956) (رقم: 1856، 1858)، وابن سعد في الطبقات الكبري (2/ 279)، (1/ 121، 122) (رقم: 13، 14 - الطبقة الخامسة من الصحابة-) والفسوي في المعرفة والتاريخ (1/ 493، 494)، والحارث بن أبي أسامة في مسنده (2/ 917/ 11006 - بغية الباحث-)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (15/ 531) (رقم: 7055)، والحاكم في المستدرك (3/ 534)، والطبراني في المعجم الكبير (10/ 238) (رقم: 10587) , (10/ 263) (رقم: 10614) من طرق عن سعيد بن جبير عن ابن عباس بلفظ: "اللهم فقّهه في الدين وعلّمه التأويل". وقال الحاكم: "صحيح الإسناد"، ووافقه الذهبي. =

وكان عمرُ بن الخطاب يُدْنِيه ويُقرِّبه ويشاوِره مع جِلَّة الصحابةِ ويقول: "ابنُ عبَّاس فَتَي الكُهولِ، له لِسانٌ سَؤولٌ وقلبٌ عَقولٌ" (¬1). سَمِعَ مِن رسول الله - صلي الله عليه وسلم - يسيرًا وأَخَذَ عن سائرِ الصحابة عِلمًا كثيرًا، وكان يَرفعُ الحديثَ ولا يُسندُه؛ لعِلمِه بعدالَة مَن أَخَذَ عنه. ¬

_ = والجملة الأولى عند البخاري في صحيحه كتاب: الوضوء، باب: وضع الماء عند الخلاء (1/ 56) (رقم: 143). وأخرجه أيضا في صحيحه كتاب: العلم، باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اللهم علّمه الكتاب" (1/ 33/ 75) بلفظ: "اللهم علِّمه الكتاب". وفي فضائل أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، باب: ذكر ابن عباس (4/ 589) (رقم: 3756) بلفظ: "اللهمّ علِّمه الحكمة" "اللهمّ علّمه الكتاب". وأخرجه ابن ماجه في السنن (1/ 58) (رقم: 166) من طريق أبي بكر بن خلاد الباهلي عن عبد الوهاب الثقفي عن خالد الحذاء عن عكرمة عن ابن عباس بلفظ: "اللهم علّمه الحكمة وتأويل الكتاب". قال ابن حجر: "وهذه الزيادة مستغربة من هذا الوجه". الفتح (1/ 205). قلت: وأخرجه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (1/ 285) (رقم: 376) من طريق محمد بن المثني، عن عبد الوهاب الثقفي به بلفظ: "اللهم علّمه الحكمة". وأخرجه بلفظ ابن ماجه: ابنُ سعد في الطبقات (2/ 278)، وفي (1/ 121) (رقم: 12 - الطبقة الخامسة من الصحابة-) من طريق إسماعيل بن مسلم عن عمرو بن دينار عن طاوس عن ابن عباس به. وسكت عليه الحافظ في الفتح، وإسناده ضعيف لضعف إسماعيل بن مسلم كما في التقريب (رقم: 484). (¬1) أخرجه الحاكم في المستدرك (3/ 539)، والبيهقي في المدخل إلي السنن الكبري (ص: 290) من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري قال: "قال المهاجرون لعمر بن الخطاب: ادع أبناءنا كما تدعو ابن عباس. قال: ذاكم فتي الكهول إن له لسانًا سؤولًا وقلبًا عَقولًا". قال الذهبي: "منقطع". أي بين الزهري وعمر رضي الله عنه. وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير (10/ 323)، وأبو نعيم في الحلية (1/ 318) من طريق عبد الرزاق عن ابن عيينة عن أبي بكر الهذلي قال: "دخلت علي الحسن فقال: إن ابن عباس كان من القرآن بمنزل، كان عمر يقول ... "، وذكره. وسنده ضعيف جدا، أبو بكر الهذلي أخباري متروك الحديث كما في التقريب (رقم: 8002). وقصة إدخال عمر رضي الله عنه لابن عباس مع أشياخ بدر في صحيح البخاري كتاب: التفسير (6/ 408) (رقم: 4970)، وغير ذلك من المواضع.

38 / مسند عبد الله بن عمرو بن العاصي بن وائل القرشي السهمي

38 / مسند عبد الله بن عَمرو بن العاصي بنِ وائل القرشيِّ السَّهميِّ أربعةُ أحاديث، وله حديثٌ في الزيادات (¬1)، وآخرُ عن أبيه مختَلَفٌ فيه (¬2). 237 / حديث: "وَقَف للنَّاس بِمِنَى .. ". فيه: فجاءه رَجلٌ فقال: "لَم أشعُرْ فحَلَقْتُ قبل أن أنْحَر". وذَكَر تقديمَ النَّحرِ علي الرَّميِ. وقولُه: فما سُئِل رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عن شيء قُدِّمَ ولا أُخِّرَ إلَّا قال: "افعَلْ ولَا حَرَج (¬3) ". في آخرِ الحجِّ، بابٌ جامع. عن ابن شهاب، عن عيسى بن طلحة بن عُبيد الله، عن عبد الله بن عَمرو (¬4). ¬

_ (¬1) لم أقف علي حديثه في قسم الزيادات من هذا الكتاب، والله أعلم. (¬2) سيأتي حديثه (3/ 57). (¬3) في الأصل: "خرِّج" وهو خطأ. (¬4) الموطأ كتاب: الحج، باب: جامع الحج (1/ 335) (رقم: 242). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: العلم، باب: الفتيا وهو واقف علي الدابة وغيرها (1/ 35) (رقم: 83) عن طريق إسماعيل بن أبي أويس، وفي الحج، باب: الفتيا علي الدابة عند الجمرة (2/ 534) (رقم: 1736) من طريق عبد الله بن يوسف. ومسلم في صحيحه كتاب: الحج، باب: من حلق قبل النحر أو نحر قبل الرمي (2/ 948) (رقم: 1306) من طريق يحيى النيسابوري. وأبو داود في السنن كتاب: المناسك، باب: فيمن قدّم شيئا قبل شيء في حجه (2/ 516) (رقم: 2014) من طريق قتيبة. والنسائي في السنن الكبري كتاب: الحج، باب: الحلق قبل النحر (2/ 447) (رقم: 4108، 4109) من طريق يحيى القطان وابن وهب. =

238 / حديث: "الرَّاكبُ شيطانٌ ... "، وذَكَر الاثْنَين. فيه: "والثلاثةُ رَكْب". في الجامع، باب: الوِحدةِ في السَّفر. عن عبد الرحمن بن حَرْمَلة الأَسْلَمي، عن عَمرو بن شُعيب، عن أبيه، عن جدِّه (¬1). عَمرو بن شعيب لَم يُخرِّج عنه البخاري ولا مسلم، وفي حديثه نَظر. قال عليُّ بن المديني: "عَمرو بن شعيب بنِ محمّد بن عبد الله بن عَمرو بن العاصِي، سَمِع عَمرو من أبيه، وسَمِع أبوه شعيب من عبد الله بن عَمرو" (¬2). ¬

_ = وأحمد في المسند (2/ 112) من طريق ابن مهدي. والدارمي في السنن كتاب: الحج، باب: فيمن قدّم نسكه شيئًا قبل شيء (2/ 90) (رقم: 1908) من طريق يحيى القطان، سبعتهم عن مالك به. (¬1) الموطأ كتاب: الاستئذان, باب: ما جاء في الوحدة في السفر للرجال والنساء (2/ 745) (رقم: 35). وأخرجه أبو داود في السنن كتاب: الجهاد، باب: في الرجل يسافر وحده (80/ 3) (رقم: 2607) من طريق القعنبي. والترمذي في السنن كتاب: الجهاد، باب: في كراهية أن يسافر الرجل وحده (4/ 166) (رقم: 1674) من طريق معن. والنسائي في السنن الكبري كتاب: السِّير، باب: النهي عن سير الراكب وحده (5/ 266) (رقم: 8849) من طريق قتيبة، ثلاثتهم عن مالك به. (¬2) السير (5/ 176) بنحوه. وقال يعقوب بن شيبة: سمعت علي بن المديني يقول: "قد سمع أبوه شعيب من جدّه عبد الله بن عمرو. قال علي: وعمرو بن شعيب عندنا ثقة، وكتابه صحيح). التمهيد (3/ 62)، تهذيب التهذيب (8/ 48). وقال البخاري: "رأيت أحمد بن حنبل وعلي بن المديني والحميدي وإسحاق بن إبراهيم يحتجّون بحديث عمرو بن شعيب عن أبيه". التاريخ الكبير (6/ 342). وروي محمد بن عثمان بن أبي شيبة قال: سألت عليا عن عمرو بن شعيب؟ فقال: "ما روي عنه =

وقال الدارقطني: سمعت أبا بكر النيسابوري (¬1) يقول: "قد صَحَّ سماعُ عَمرو بن شعيب من أبيه شعيب، وسماعُ شعيب من جدِّه عبد الله". وروي عنه، عن محمّد بن علي الورّاق (¬2) قال: "قلتُ لأحمد بن حنبل: عَمرو بن شعيب سمع من أبيه شيئًا؟ " قال: "يقول حدّثني أبي". قال: "قلت: فأبوه سمع من عبد الله بن عَمرو؟ " قال: "نعم أُراه قد سمع منه". وروى أيضًا عن محمّد بن الحسن النَقَّاش (¬3)، عن أحمد بن تَمِيم (¬4) قال: ¬

_ = أيوب وابن جريج فذلك كله صحيح، وما روي عن أبيه عن جدّه فذلك كتاب وَجَدَه، فهو ضعيفي". السؤالات (رقم: 116). والظاهر أنَّ رواية محمد بن أبي شيبة مرجوحة برواية يعقوب والبخاري، خاصة أنَّه صرح في رواية يعقوب بصحة كتابه، والله أعلم. (¬1) الإمام الحافظ أبو بكر عبد الله بن محمد بن زياد بن بن واصل بن ميمون، النيسابوري، الفقيه الشافعي مولي أبان بن عثمان بن عفان. توفي سنة (324 هـ). قال البرقاني: سمعت الدارقطني يقول: "ما رأيت أحفظ من أبي بكر النيسابوري". انظر: تاريخ بغداد (10/ 120)، السير (15/ 65). (¬2) محمد بن علي بن عبد الله بن مهران، أبو جعفر الوراق، يُعرف بحَمدان. توفي سنة (272 هـ). قال أحمد بن عثمان الواعظ: "كان من نبلاء أصحاب أحمد". وقال الخلال: "رفيع القدر، كان عنده عن أبي عبد الله مسائل حسان". وقال الخطيب: "كان فاضلًا حافظًا عارفًا ثقة". انظر: تاريخ بغداد (3/ 61)، طبقات الحنابلة (1/ 308). (¬3) محمد بن الحسن بن محمد بن زياد الموصلي البغدادي، أبو بكر النقاش المفسّر المقرئ. وُلد سنة (266 هـ)، وتوفي سنة (351 هـ). قال طلحة بن محمد الشاهد: "كان يكذب في الحديث، والغالب عليه القصص". وقال البرقاني: "كلُّ حديثه منكر". وقال الخطيب: "في أحاديث مناكير بأسانيد مشهورة". وقال الذهبي: "قد اعتمد الداني (أبو عمرو المقرئ) في التيسير علي رواياته للقراءات، والله أعلم، فإنّ قلبي لا يسكن إليه، وهو عندي متّهم عفاك الله عنه". انظر: تاريخ بغداد (2/ 202 - 205)، السير (15/ 573)، الميزان (4/ 440)، اللسان (5/ 132). (¬4) لعله أحمد بن تميم بن عباد المُرَيْنِي -بضم الميم ونون مكسورة مع فتح الراء وسكون المثناة =

"قلت لأبي عبد الله البخاري: شعيب والِدُ عمرو سمع من عبد الله بن عَمرو؟ " قال: "نعم". قال. "قلت له: فعَمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه يتكلّم الناس فيه؟ ". فقال: "رأيتُ عليَّ بن المديني وأحمدَ بن حنبل والحميديَّ وإسحاقَ بن راهويه يَحتَجُّون به". قلت: "فمَن يتكلَّمُ فيه يقول ماذا؟ " قال: "يقولون: عَمرو بن شعيب أَكثَرَ ونحوَ هذا". ذكره الدارقطني في البيوع من كتاب السنن (¬1). وذكر السَّاجي عن أحمد بن حنبل أنّه قال: "إنّا نَكتبُ حديثَه وربَّما احتَجَجْنا به وربَّما وَجَسَ في القلبِ منه شيءٌ" (¬2). ¬

_ = من تحت- المروزي. مات سنة (300 هـ). ذكره الذهبي في الميزان (1/ 86) وقال: "أحمد بن تميم بن عباد عن رجل عن ابن عيينة بخبر منكر. وعنه القاسم بن القاسم السياري. قال الحاكم- وروي حديثه- فقال: الحمل فيه عليه". وانظر: توضيح المشتبه (8/ 128). (¬1) السنن (3/ 50). والسند إلي قول البخاري ضعيف، لكن نقل الترمذي في السنن (2/ 140) عن شيخه البخاري نحوه، وفي آخره قال البخاري: "وقد سمع شعيب بن محمد من جده عبد الله بن عمرو. قال أبو عيسى: ومن تكلم في حديث عمرو بن شعيب إنَّما ضعّفه؛ لأنَّه يحدّث عن صحيفة جدّه، كأنّهم رأوا أنّه لم يسمع هذه الأحاديث من جدّه". وانظر: العلل الكبير (1/ 325). وسيأتي نقل كلام الإمام البخاري من طريق أبي داود أيضًا. (¬2) نقولات من كتاب الضعفاء للساجي (ص: 166). ونقلها ابن أبي يعلي من خط ابن شاقلا في ترجمة أحمد بن علي الوراق كما في طبقات الحنابلة (1/ 310). وهي كذلك رواية الأثرم عن أحمد كما في الجرح والتعديل (6/ 238). وقال أبو داود: سمعت أحمد ذُكر له عمرو بن شعيب فقال: "أصحاب الحديث إذا شاؤوا احتجوا به وإذا شاؤوا تركوه". السؤالات (رقم: 216). والناظر في كلام الإمام أحمد يدرك من هاتين الروايتين أمرين: الأول: أنّه لم يتكلّم في رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه، وإنّما كلامه في عمرو بن شعيب فقط. =

وعن ابن معين قال: "عَمرو بن شعيب عن أبيه عن جدِّه لا حُجَّة فيه ليس بمتَّصلٍ، وهو ضعيفٌ من قِبل أنَّه مرسلٌ، وَجَدَ شعيبٌ كُتُبَ عبد الله بن عمرو وكان يَرويها عن جَدِّه إرسالًا، وهي صحاحٌ عن عبد الله بن عمرو غيرَ أنَّه لم يسمَعْها" (¬1). وقال ابن معين في تاريخه: "كان عمرو بن شعيب ثبتًا، وإنَّما كانوا يَرَونَ ما روي عن أبيه عن جدِّه كتابًا وَجَدَه فمِن ها هُنا جاء ضَعفُه" (¬2). ¬

_ = الثاني: المراد بنقله عن أصحاب الحديث في ترك الاحتجاج بعمرو، وربما احتجوا به لا علي سبيل التشهي وإنما للتردد في الاحتجاج به، وقوله: "تركوه" أي لم يحتجوا به وقد يعتبرون بروايته بدليل قوله في رواية ستأتي: "ما أعلم أحدًا تركه". وانظر: السير (5/ 168). وقال عبد الملك بن عبد الحميد: سمعت أحمد بن حنبل يقول: "عمرو بن شعيب له أشياء مناكير، إنما نكتب حديثه نعتبر به، فأما أن يكون حجة فلا". الضعفاء للعقيلي (3/ 274). وقال البخاري: "رأيت علي بن المديني وأحمد بن حنبل ... يحتجون بحديث عمرو بن شعيب عن أبيه". وقال أبو داود: سمعت أحمد قال: "ما أعلم أحدًا ترك عمرو بن شَعيب عن أبيه عن جدّه. قلت: يُحتج بحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه؟ قال: ما أدري". السؤالات (رقم: 218). وأما قضية سماع عمرو بن شعيب من أبيه وسماع شعيب من جدّه عبد الله فأثبتها الإمام أحمد كما نقل الدارقطني وعنه المصنف. والخلاصة أنَّ الإمام أحمد أثبت السماع، أما الاحتجاج فجاء عنه ثلاثة أوجه: الاحتجاج، الاعتبار (من قوله: إنا نكتب حديثه) التردد، والتردد يبيّن ورود الوجهين والله أعلم. (¬1) هذه رواية الساجي عن ابن معين كما في تهذيب التهذيب (8/ 48)، وأول كلامه: "هو ثقة في نفسه، وما روي عن أبيه عن جده لا حجة فيه ... ". ويبيّن هذا الرواية الثانية عن ابن معين. (¬2) لم أجده بهذا السياق، وكأنَّ المصنِّف ذكره بالمعني، وقد ذكر الدوري عن ابن معين قوله في موضعين من كتابه فقال: "عمرو بن شعيب ثقة". التاريخ (3/ 193) (رقم: 874). =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وقال أيضا: "إذا حدّث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه فهو كتاب، هو عمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص، وهو يقول: أبي عن جدي عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فمِن ها هنا جاء ضعفه، أو نحو هذا الكلام قاله يحيى، فإذا حدّث عمرو بن شعيب عن سعيد بن السيب أو عن سليمان بن يسار أو عن عروة فهو ثقة عن هؤلاء، أو قريب من هذا الكلام، قاله يحيى". التاريخ (4/ 462) رقم: 5302). وتعددت الروايات عن ابن معين فوثقه وضعفه وفصّل في أمره. - روايات التوثيق: رواية عباس الدوري ومعاوية بن صالح: "ثقة". رواية ابن أبي حاتم: قال: سألت ابن معين عن عمرو بن شعيب؟ فقال: "ما شأنه؟ وغضب، وقال: ما أقول فيه، روي عنه الأئمة". الجرح والتعديل (6/ 239). وهذا يوحي بتوثيقه. - روايات التضعيف: رواية ابن أبي خيثمة: سئل يحيى بن معين عن حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدِّه؟ فقال: "ليس بذاك". التاريخ (3/ل: 117/ أ)، والجرح والتعديل (6/ 239)، وليس فيه: "عن أبيه عن جدِّه"، المجروحين (2/ 72). رواية إسحاق بن منصور: قال ابن معين: "عمرو بن شعيب يكتب حديثه". الجرح والتعديل (6/ 239). - الروايات المفصّلة: رواية ابن الجنيد: قلت لابن معين: عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه ضعيف؟ فقال: "كأنه ليس بذاك". قلت: فما روي عن سعيد بن السيب وغيره؟ فقال: "عمرو بن شعيب ثقة". السؤالات (ص: 431). رواية الدوري والساجي اللتين نقلهما المؤلف. رواية الدقّاق: قال ابن معين: "عمرو بن شعيب ثقة". قيل له: فيما يروي عن أبيه؟ قال: "كذا يقول أصحاب الحديث". قلت له: كانت صحيفة؟ قال: "نعم". رواية الدقاق (رقم: 71). رواية ابن أبي خيثمة: قال: قلت ليحيي بن معين: "عمرو بن شعيب لِمَ ردُّوه؟ ما تقول فيه؟ لم يسمع من أبيه؟ قال: بلي. قلت: اللهم تنكرون ذلك؟ قال: قال أيوب: حدّثني عمرو بن شعيب، فذكر أبًا عن أبٍ إلي جدِّه, وقد سمع من أبيه، ولكنهم قاموا (كذا والصواب قالوا) حين صارت عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدِّه، إنَّما هذا كتاب". التاريخ (3/ل: 117/ ب). هذا مجمل الروايات عن ابن معين، وخلاصتها أن يحمل المطلق علي المقيّد فهو ثقة عن غير أبيه عن =

وذَكَرَ الترمذي عن يحيى بن سعيد أنَّه قال: "حديث عَمرو بنِ شُعيب عندنا واهِي". ووَصَفَ قولَ البخاريِّ وغيرِه في باب: البيع في المسجد (¬1). ¬

_ = جدّه، ضعيف فيما روي عن أبيه عن جدّه؛ لأنَّها وجادة كان يرويها عنه إرسالًا، وهذا تضعيف يسير بدليل قوله في رواية الساجي: "وهي صحاح عن عبد الله بن عمرو ولم يسمعها". وعلّق الحافظ ابن حجر علي هذه الرواية بقوله: "فإذا شهد له ابن معين أن أحاديثه صحاح غير أنه لم يسمعها وصح سماعه لبعضها فغاية الباقي أن يكون وجادة صحيحة، وهو أحد وجوه التحمل". تهذيب التهذيب (8/ 48). تنبيه: وقع تصحيف شنيع من محقق ضعفاء العقيلي (3/ 274) من رواية الدوري عن ابن معين قال: "عمرو بن شعيب كذاب؟ ؟ ! ! "، صحّف كتاب إلي كذاب، والله المستعان. (¬1) السنن (2/ 140)، وفيه: قال علي بن المديني: "ذكر عن يحيى بن سعيد ... ". وقول القطان أورده ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (6/ 238)، والعقيلي في الضعفاء (3/ 274) من طريق صالح بن أحمد نا علي بن المديني قال: سمعت يحيى القطان به. وابن أبي خيثمة في التاريخ (3/ل: 117 / أ) قال: "رأيته في كتاب ابن المديني: سمعت يحيى بن سعيد .. ". وحكاه ابن حبان بما فهمه فقال: "تركه القطان". المجروحين (2/ 72). وروي صدقة بن الفضل عن يحيى القطان أنه قال: "إذا روي عن عمرو بن شعيب الثقات فهو ثقة محتج به". السير (5/ 166). ونقد الذهبي هده الرواية سندًا وابن حجر متنًا. قال الذهبي: "هكذا نقل صدقة! ". وقال ابن حجر: "وأما اشتراط بعضهم أن يكون الراوي عنه ثقة فهذا شرط معتبر في جميع الرواة لا يقتصر به عمرو". تهذيب التهذيب (8/ 46). فلعل الثابت عن يحيى القطان ما رواه ابن المديني عنه، ومجمل قوله علي تشددّه، والله أعلم. وكلام العلماء في عمرو بن شعيب وروايته عن أبيه عن جدّه كثير، والصحيح من أمره أنه صدوق في نفسه، وقد صح سماعه من أبيه وسماع أبيه من جدّه عبد الله بن عمرو ولم يسمع عمرو كلَّ أحاديثه عنه فبعضها سماع وبعضها صحيفة، وقبلها العلماء وأوجبوا بها أحكامًا. =

239 / حديث: "نهي عن بيع العُربان". في أول البيوع. عن الثقةِ عنده، عن عَمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جَدِّه (¬1). ¬

_ = قال ابن تيمية: "وكان عند آل عبد الله بن عمرو بن العاص نسخة كتبها عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وبهذا طعن بعض الناس في حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه وقالوا: هي نسخة وشعيب هو شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص، وقالوا: عن جدّه الأدني محمد فهو مرسل فإنه لم يدرك النبي - صلى الله عليه وسلم - وإن عني جدّه الأعلي فهو منقطع، فإن شعيبًا لم يدركه. وأما أئمة الإسلام وجمهور العلماء فيحتجّون بحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه إذا صح النقل إليه، مثل مالك وسفيان بن عيينة ونحوهما، ومثل الشافعي وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وغيرهم قالوا: الجد هو عبد الله فإنه يجئ مسمًّى ومحمدٌ أدركه. تالوا: إذا كانت نسخة مكتوبة من عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - كان هذا أوكد لها وأدل علي صحّتها، ولهذا كان في نسخة عمرو بن شعيب من الأحاديث التي فيها مقدّرات ما احتاج إليه عامة المسلمين). مجموع الفتاوي (18/ 8، 9). وقال ابن حجر: "عمرو بن شعيب ضعّفه ناس مطقا ووثّقه الجمهور وضعّف بعضهم روايته عن أبيه عن جدّه حسب، ومن ضعّفه مطما فمحمول علي روايته عن أبيه عن جدّه، فأما روايته عن أبيه فربّما دلّس ما في الصحيفة بلفظ "عن" وإذا قال: حدّثني فلا ريب في صحّتها ... وأما رواية أبيه عن جدّه فإنما يعني بها الجد الأعلي عبد الله بن عمرو لا محمد بن عبد الله وقد صرّح شعيب بسماعه من عبد الله في أماكن وصح سماعه منه". تهذيب التهذيب (8/ 45). وللحافظ الذهبي كلام كثير في تاريخ الإسلام والسير وديوان الضعفاء والمغني والميزان وغير ذلك من كتبه -ترجمة عمرو بن شعيب- وحاصل كلامه أنه حسن حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه في الجملة. وانظر: تهذيب الكمال (22/ 64 - 75)، تهذيب التهذيب (43 - 48)، وغير ذلك من كتب الرجال. (¬1) الموطأ كتاب: البيوع، باب: ما جاء في بيع العربان (2/ 47511). وأخرجه أبو داود في السنن كتاب: البيوع، باب: في العربان (3/ 768) (رقم: 3502) من طريق القعنبي. وابن ماجه في السنن كتاب: التجارات، باب: بيع العربان (2/ 738) (رقم: 2192) من طريق هشام بن عمار. وأحمد في المسند (2/ 183) من طريق إسحاق الطباع، ثلاثتهم عن مالك به.

هكذا عند يحيى بن يحيى وطائِفةٍ (¬1)، وعند القعنبيِّ وجماعةٍ: مالك أنَّه بَلَغه، عن عَمرو، وهكذا خَرَّجه أبو داود من طريقِ القعنبي عن مالك (¬2). واختُلِف في الثقةِ عند مالك مَن هو؟ وهذا الحديثُ محفوظٌ لابنِ وَهب، عن عبد الله بن لَهِيعَة، عن عَمرو بن شعيب (¬3). ¬

_ (¬1) تابع يحيى علي قوله: "عن الثقة عنده": - أبو مصعب الزهري (2/ 305) (رقم: 2470)، وسويد بن سعيد (ص: 231) (رقم: 476). - وإسحاق الطباع عند أحمد. - وعبد الله بن يوسف عند أبي أحمد الحاكم في عوالي مالك (ص: 114). (¬2) سبق تخريحه من طريق القعنبي، وتابعه علي قوله: "أنه بلغه": - يحيى بن بكر (ل: 87/ أ- نسخة الظاهرية-)، وأخرجه من طريقه أبو أحمد الحاكم في عوالي مالك (ص: 114)، إلا أنه قال: عن الثقة عنده، كرواية يحيى الليثي. - ابن القاسم (ل: 6/ ب). - وهشام بن عمار عند ابن ماجه، وأخرجه من طريقه أبو أحمد الحاكم في عوالي مالك (ص: 114)، وقال فيه: بلغني عن رجل. - ومصعب الزبيري عند ابن أبي خيثمة في التاريخ (3/ ل: 118/ أ). - وابن وهب عند البيهقي في السنن الكبري (5/ 343). - وعبد الله بن يوسف كما في التمهيد (24/ 176)، وسبق تخريجه من طريق عبد الله بن يوسف عند أبي أحمد الحاكم في عوالي مالك، وفيه: عن الثقة. (¬3) لم أجده من هذا الطريق، وأشار ناسخ رواية ابن القاسم (ل: 6 / ب) إلي هذه الرواية، وكذلك ابن عبد البر في التمهيد (24/ 177). وأخرجه البيهقي في السنن الكبري (5/ 343)، وابن عدي في الكامل (4/ 153) من طريق قتيبة. وابن عبد البر في التمهيد (24/ 177) من طريق أسد بن موسي، كلاهما عن ابن لهيعة به. وسنده ضعيف لضعف ابن لهيعة.

ورواه محمّد بن معاويةَ النَّيسابوري، عن مالك، عن ابن لهيعة، عن عَمرو. خرَّجه الجوهري (¬1). ¬

_ (¬1) لعله في مسند ما ليس في الموطأ. ومن طريق محمد بن معاوية النيسابوري أخرجه أبو أحمد الحاكم في عوالي مالك (ص: 114). ومحمد بن معاوية بن أعين أبو علي النيسابوري قال عنه الحافظ ابن حجر: "متروك مع معرفته؛ لأنَّه كان يتلقّن، وقد أطلق عليه ابن معين الكذب". التقريب (رقم: 6310). وانظر: تهذيب الكمال (26/ 478)، تهذيب االتهذيب (9/ 409). وأخرجه ابن عبد البر في التمهيد (24/ 177) من طريق حرملة بن يحيى عن ابن وهب عن مالك عن ابن لهيعة به. وأعلّه بقوله: "هكذا قال عن عبد الله بن وهب عن مالك عن ابن لهيعة، والمعروف فيه ابن وهب عن ابن لهيعة". قلت: وحرملة بن يحيى وإن كان من أروي الناس عن ابن وهب إلّا أن مخالفته للمشهور من رواية مالك تُعِلُّ حديثَه. وقد تكلَّم بعضهم فيه لانفراده بأحاديث عن ابن وهب، وقال الذهبي فيه: "صدوق يغرب". وقال ابن حجر: "صدوق". انظر: تهذيب الكمال (5/ 548)، المغني (1/ 153)، التقريب (رقم: 1175). ثم إنَّ مع مخالفته للمشهور من رواية مالك فقد خولف أيضًا في الرواية عن ابن وهب، خالفه: محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، أخرجه من طريقه البيهقي في السنن الكبري (5/ 343) عن ابن وهب عن مالك أنه بلغه. ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم المصري ثقة كما في التقريب (رقم: 6028). وذكر ابن حجر في اللسان (6/ 212) أنَّ الدراقطني أخرج في غرائب مالك من طريق أحمد بن هارون، ثنا عيسى بن طلحة الرازي، ثنا الهيثم بن اليمان، ثنا مالك، عن عمرو بن الحارث، عن عمرو بن شعيب به. قال الدارقطني: "تفرّد به الهيثم بن اليمان عن مالك، عن عمرو بن الحارث، وقد رواه حبيب عن مالك عن عبد الله بن عامر الأسلمي، وقيل: عن مالك عن ابن لهيعة، وهو في الموطأ عن مالك: أنه بغله عن عَمرو بن شعيب". قلت: الهيثم بن اليمان ضعّفه الأزدي كما في الميزان (5/ 451). وأما طريق مالك عن ابن لهيعة فتقدّم بيان ضعفه. =

وقال زكريا بن يحيى الساجي: "يُقالُ إنَّ مالكًا أَخَذَه عن ابنِ وهب، عن ابن لهيعة، عن عَمرو بن شعيمب. قال: وما روي ابنُ لهيعة، عن عَمرو بن شعيب فَفِيه ضَعفٌ, يقال: إنَّ ابنَ لهيعة لَم يَسمع مِنه إلَّا حديثَ القَدَر لرافِع بن خدَيج، وسَمِع ابنُ وهب مِق ابن لهيعة قَبل احتراقِ كُتُبِه" (¬1). ¬

_ = وطريق مالك عن عبد الله بن عامر الأسلمي: أخرجه ابن ماجه في السنن (2/ 739) (رقم: 2193)، والبيهقي في السنن الكبري (4/ 342)، وابن عبد البر في التمهيد (24/ 177) من طريق حبيب بن أبي حبيب كاتب مالك عن مالك عن عامر بن عبد الله الأسلمي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه به. قال البيهقي: "حبيب بن أبي حبيب ضعيف، وعبد الله بن عامر الأسلمي لا يحتج به". وقال ابن عبد البر: "حبيبٌ ضعيف، له عن مالك خطأ كثير ومناكير". وقال ابن حجر في حبيب هذا: "متروك، كذّبه أبو داود وجماعة". التقريب (رقم: 1087). وقال في عبد الله بن عامر: "ضعيف". التقريب (رقم: 3406). والحاصل أنَّ الصحيح عن مالك: أنّه بلغه، أو عن الثقة عنده، كما رواه أصحاب الموطأ، والحديث أكثر ما يُعرف من حديث ابن لهيعة، وابن لهيعة يضعّف في الحديث. وضعَّف الإمامُ أحمد الحديثَ ومال إلي إجازة بيع العربان. انظر: تهذيب السنن لابن القيم (5/ 143). (¬1) انظر: نقولات من كتاب الضعفاء للساجي (ص: 167) بنحوه. وقال أبو داود: "إنَّما سمع ابن لهيعة من عمرو بن شعيب ثلاثة أشياء أو أربعة أشياء". سؤالات الآجري (2/ 177). وقال علي بن المديني: قال عبد الرحمن بن مهدي: "كتب إليَّ ابن لهيعة كتابًا فيه: ثنا عمرو بن شعيب. قال عبد الرحمن: فقرأته علي ابن المبارك، فأخرج إليَّ ابن المبارك من كتابه عن ابن لهيعة فإذا فيه: حدّثني إسحاق بن أبي فروة عن عمرو بن شعيب". الجرح والتعديل (5/ 146). وذكر ابن أبي مريم أنَّ بعض الرواة لقّنوه أحاديث عمرو بن شعيب كان سمعها عن أقوام عن عمرو، ثم نسي فصار يحدّث بها عن عمرو. انظر: المعرفة والتاريخ (2/ 184 , 435). وقال أبو حاتم: "لم يسمع ابن لهيعة من عمرو بن شعيب شيئًا". المراسيل (ص: 114 - قوجاني). والأقوال في عدم سماعه من عمرو كثيرة؛ لذا وصفه ابن حبان في المجروحين (2/ 12)، وابن حجر بالتدليس، وأما مسألة احتراق كتبه، فنفاها أخص الناس به، وهم تلاميذه، وسيأتي ذكرها (ص: 782).

وخَرَّج قاسمُ بنُ أَصبغ هذا الحديث من طريقِ الحارث بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي ذُباب (¬1)، عن عَمرو بن شعيب مسندًا (¬2). حديث: "صلاةُ أَحدِكم وهو قاعِدٌ مِثلُ نِصفِ صلاِته وهو قائِمٌ". في فضلِ صلاةِ القائِم. عن إسماعيل بن محمّد بن سعد بن أبي وقّاص، عن موليً لعمرو بن العاصِي أو لعبد الله بن عَمرو، عن عبد الله بن عَمرو (¬3). هذا مَعلولٌ (¬4). ¬

_ (¬1) بذال معجمة مضمومة بعد باء مخففة معجمة بواحدة. انظر: الإكمال (3/ 308)، المؤتلف والمختلف (2/ 974). (¬2) أخرجه من طريق قاسم: ابنُ عبد البر في التمهيد (24/ 177)، وهو في السنن الكبري للبيهقي (4/ 343) كلاهما من طريق عاصم بن عبد العزيز الأشجعي، عن الحارث بن عبد الرحمن بن أبي ذباب به. قال البيهقي: "عاصم بن عبد العزيز الأشجعي فيه نظر". وكذا قال البخاري في التاريخ الكبير (6/ 493). وقال أبو زرعة والنسائي والدارقطني: "ليس بالقوي". انظر: الضعفاء (2/ 389)، تهذيب الكمال (13/ 500)، السنن (1/ 331). ووثّقه معن بن عيسى القزاز. تهذيب الكمال (13/ 500). وذكره ابن حبان في الثقات (8/ 505)، وقال في المجروحين (2/ 129): "كان ممن يخطئ كثيرًا فبطل الاحتجاج به إذا انفرد". وقال ابن حجر في التقريب (رقم: 3064): "صدوق يهم". قلت: ولعل الأقرب أن يكون ضعيفًا، والله أعلم. تنبيه: أخرج الطبراني في المعجم الأوسط (8/ 98) (رقم: 8087) من طريق عاصم بن عبد العزيز عن الحارث بن عبد الرحمن عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهي عن بيع الغرر". فلا أدري هل ذِكر الغرر تصحيف من العربان، أو أنَّ عاصمًا هذا روي الحديثين بإسناد واحد واهِمًا في ذلك. (¬3) الموطأ كتاب: صلاة الجماعة، باب: فضل صلاة القائم علي صلاة القاعد (1/ 130) (رقم: 19). (¬4) لجهالة المولي.

وعن ابن شِهاب، عن عبد الله بن عَمرو نحوَه وزِيادة (¬1). وهذا مقطوعٌ (¬2). قال فيه يونس عن الزهري: "كان عبد الله بن عمرو يُحدِّث"، وذكره، ولَم يَقُلْ إنَّه أخبرَه (¬3)، والخلافُ في وصلِه كثيرٌ. وقد رُوي عن ابن عيينة، عن الزهري، عن عيسى بن طَلحَة، عن عبد الله بن عمرو (¬4). وعن الزهريِّ أيضًا، عن إسماعيل بن محمّد، عن أنس (¬5). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: صلاة الجماعة، باب: فضل صلاة القائم علي صلاة القاعد (1/ 131) (رقم: 20). ولم يذكره ابن حجر في إتحاف المهرة الحديث بإسناديه، فليستدرك. (¬2) الانقطاع بين الزهري وعبد الله بن عمرو، ولم يسمع منه، وُلد الزهري سنة (51 هـ)، وتوفي عبد الله سنة (65 هـ) بمكة وقيل: بالطائف، وقيل: بالشام، والزهري مدني، وقد اختلف في سماعه من ابن عمر وقد توفي سنة (73 هـ). انظر: تهذيب الكمال (15/ 362)، (26/ 419). (¬3) لم أقف علي رواية يونس بن يزيد مسندة، وذكرها الإمام مسلم في التمييز كما سيأتي، وهي موافقة لرواية مالك في الانقطاع. (¬4) أخرجه النسائي في السنن الكبري (1/ 431) (رقم: 1372)، والبزار في المسند (6/ 399) (رقم: 2419)، وأبو أحمد الحاكم في عوالي مالك (ص: 83)، والدارقطني في الأفراد كما في- أطرافه (ل: 205/ ب)، وابن عبد البر في التمهيد (12/ 49). قال النسائي: "هذا خطأ، والصواب الزهري عن عبد الله بن عمرو مرسل". وقال الدارقطني: "تفرّد به سفيان بن عيينة عن الزهري عنه". وقال البزار: "وحديث عيسى بن طلحة لا نعلم رواه إلا ابن عيينة عن الزهري". (¬5) لم أجده من طريق الزهري عن إسماعيل بن محمد. وأخرجه النسائي في السنن الكبري (1/ 429) (رقم: 1364)، وابن ماجه في السنن كتاب: إقامة الصلاة باب: صلاة القاعد علي النصف من صلاة القائم (1/ 388) (رقم: 1230)، وأحمد في المسند (3/ 214، 240) وابن أبي شيبة في المصنف (2/ 403) (رقم: 4639) من طرق عن عبد الله بن جعفر المخرمي عن إسماعيل بن محمد عن أنس. =

ورواه غيره عن الزهري، عن سعيدٍ وأبي سلمةَ، عن عبد الله بن عَمرو (¬1). قال مسلم في التمييز: "والمحفوظُ عندنا مِن هذا: مالكٌ ويونس ومن تابَعهما عن الزهري، عن عبد الله بن عمرو". يعنِي من غيرِ واسطةٍ مقطوعًا، يُريد أنَّه لا يُحفظ للزهري متصلًا (¬2). ¬

_ = وأعلّه النسائي بقوله: "هذا خطأ، والصواب إساعيل عن مولي لابن العاص عن عبد الله بن عمرو". وأخرجه عبد الرزاق في المصنف (2/ 471) (رقم: 4121)، وأحمد في المسند (3/ 136)، وابن عبد البر في التمهيد (12/ 48) من طريق ابن جريج عن الزهري عن أنس به. وأخرجه ابن عبد البر في التمهيد (12/ 48) من طريق صالح بن أبي الخضر عن ابن شهاب عن أنس، ولم يذكر إسماعيل. (¬1) أخرجه البزار في المسند (6/ 399) (رقم: 2420)، والدارقطني في الأفراد كما في أطرافه (ل: 207 / أ)، والطبراني في المعجم الأوسط (1/ 226) (رقم: 746) من طريق محمد بن إسحاق عن الزهري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عبد الله بن عمرو به. وقال الدارقطني: "تفرّد به محمد بن إسحاق عن الزهري عنه". وقال ابن عبد البر: "ورواه يزيد بن عياض عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن عبد الله بن عمرو". التمهيد (12/ 47). وقال البزار: "وقد رواه يعلي بن الحارث وشعيب بن خالد عن الزهري عن مولي لعبد الله بن عمرو عن عبد الله بن عمرو". المسند (6/ 399). والحاصل أنه اضطُرب في إسناد هذا الحديث اضطرابًا كثيرًا، والصواب فيه ما رواه مالك ومَن تابعه كما سيأتي. (¬2) لم أقف علي قول مسلم في القسم المطبوع من التمييز. وذكر ابن عبد البر في التمهيد (12/ 46 - 59) الاختلاف علي الزهري وقال: "وكلُّ هذا خطأ". وكذا الطبراني في المعجم الأوسط (1/ 227) ورجّح رواية ابن عيينة عن الزهري. وكذا رجّحها أبو أحمد الحاكم فقال: "قد اختلفوا علي الزهري في رواية هذا الحديث علي وجوه شتي، لكني روي عن سفيان بن عيينة عن عيسى بن طلحة عن عبد الله بن عمرو، وهو أقربها إلي عبد الله بن عمرو، والصحيح من باقيها المراسيل مثل رواية مالك بن أنس وسائرها واهية". عوالي مالك (ص: 83). =

وقد وَصَلَه غيرُه، خَرَّجه مسلمٌ في الصحيح من طريق مَنصور، عن هِلال بن يَساف، عن أبي يحيى مِصْدَع، عن عبد الله بن عمرو (¬1). وهو محفوظٌ له ولِعمران بن حُصَين (¬2). قال الشيح أبو العباس رضي لله عنه: وهذا الحديث إنما هو في صلاة النافلة خاصة دون الفريضة، وذكر الترمذي عن سفيان الثوري: "أنَّ المصليَ جالسًا إنَّما يكون له نِصف أَجْرِ القائِمِ إذا لَم يكنْ له عُذرٌ يَمنَعُه من القيام، وأمَّا مَن كان له عُذرٌ مِن مَرضٍ أو غيرِه فَصَلَّي جالسًا فلَه أَجْرُ القائِم". قال الترمذي: "وقد رُويَ نحوُ هذا في بعضِ الحديث" (¬3). ¬

_ = قلت: والصواب رواية مالك ويونس؛ لأنهما من أحفظ الناس لحديث الزهري، وأما رواية ابن عيينة فمرجوحة ومما يؤيّد خطأ روايته عن الزهري: ما أخرجه يعقوب الفسوي في المعرفة والتاريخ (2/ 735) عن ابن عيينة أنه قال: "حدّثنا الزهري أو حُدِّثت عنه عن عيسى بن طلحة -وربما قال سفيان: أراه عن عيسى بن طلحة، وربما لم يذكر سفيان عيسى بن طلحة أصلًا- عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال .. "، الحديث. وهذا التردُّد من ابن عيينة يبيّن صحة رواية مالك ويونس جزمًا بالانقطاع، والله أعلم. (¬1) صحيح مسلم كتاب: صلاة المسافرين وقصرها، باب: جواز النافلة قائما وقاعدا .. (1/ 507، 508) (رقم: 735). ومنصور هو ابن المعتمر، ومِصْدَع، بكسر الميم، وسكون الياء، وفتح الدال كما في التقريب (رقم: 6683). (¬2) حديث عمران أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: تقصير الصلاة، باب: صلاة القاعد (2/ 238) (رقم: 1115)، وباب: صلاة القاعد بالإيماء (رقم: 1116)، وباب: إذا لم يطق قاعدا صلي علي جنب (2/ 339) (رقم: 1117). (¬3) السنن (2/ 210). وقول الترمذي: "وقد روي نحو هذا"، يشير إلي ما أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الجهاد، باب: يكتب للمسافر ما كان يعمل في الإقامة (4/ 339) (رقم: 2996) من طريق أبي موسي الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيمًا صحيحًا". =

فصل: عبد الله بن عَمرو أَسْلَمَ قَبل أبِيه وبينهما في السِّنِّ اثنَيْ عَشر عامًا (¬1)، وكان عبد الله يَسْرُدُ الصومَ ويصلِّي اللَّيل فقال له النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ لعينِك عليكَ حقًّا ولِنفسِكَ عليكَ حقًّا ولأَهلِكَ عليكَ حقًّا". خُرِّج هذا في الصحيح (¬2). وقال أبو هريرة: "ما كان أَحدٌ قط أحفظَ لحديث رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - مِنِّى إلَّا عبد الله بن عَمرو فإنَّه كان يَكتُبُ وأنا لَا أَكتب" (¬3). ¬

_ = قال ابن حجر: "ويؤيّد ذلك قاعدة تغليب فضل الله تعالي وقبول عذر من له عذر". انظر: الفتح (2/ 681, 682). (¬1) وهذا قول الواقدي كما في الطبقات لابن سعد (4/ 198). لذا قال الذهبي: "أسلم قبل أبيه فيما بلغنا". السير (3/ 80). وانظر: الاستيعاب (3/ 957)، الإصابة (4/ 193). (¬2) انظر: صحيح البخاري كتاب: الصوم، باب: حق الضيف في الصوم (2/ 608) (رقم: 1974)، وفي باب: حق الجسد في الصوم (2/ 609) (رقم: 1975)، وفي النكاح، باب: لزوجك عليك حق (6/ 481) (رقم: 5199)، وفي الأدب، باب: حق الضيف (7/ 134) (رقم: 6134). وصحيح مسلم كتاب: الصوم، باب: النهي عن صوم الدهر لمن تضرّر به .. (2/ 812 - 818) (رقم: 1959). (¬3) انظر: صحيح البخاري كتاب: العلم، باب: كتابة العلم (1/ 45) (رقم: 113)، وفيه: "ما من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أحد أكثر حديثا عنه مني .. ". وأخرجه الخطيب البغدادي في تقييد العلم (ص: 83) بلفظ: "ما كان أحد أحفظ لحديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مني إلا عبد الله بن عمرو، فإني كنت أعي بقلبي ويعي بقلبه ويكتب، فاستأذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأذن له".

39 / مسند عبد الله بن زيد بن عاصم المازني الأنصاري

39 / مسند عبد الله بن زَيد بن عاصِم المازنيِّ الأنصاريِّ أربعةُ أحاديث. 242 / حديث: هل تَستطيع أن تُرِيَني كيفَ كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يتوضَّأ ... فَوَصَفَه. فيه: غَسلُ اليدَيْن قبلَ إدخالهما الإناءَ، وذِكرُ أعضاءِ الوضوءِ كلِّها غير الأُذُنين، وفيه: استِيعابُ مسح الرأس، وليس فيه ذِكرُ استئنافِ الماءِ له. في أول الوضوء. عن عَمرو بن يحيى المازِني، عن أبيه: أنَّه قال لعبد الله بن زيد بن عاصم وهو جَدُّ عَمرو (¬1) بنِ يحيى (¬2). ¬

_ (¬1) سقطت الواو من الأصل سهوًا، وضبطه الناسخ بفتح العين. (¬2) الموطأ كتاب: الطهارة، باب: العمل في الوضوء (1/ 47) (رقم: 1). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الوضوء، باب: مسح الرأس كله (1/ 67) (رقم: 185) من طريق عبد الله بن يوسف. ومسلم في صحيحه كتاب: الطهارة، باب: وضوء النبي - صلى الله عليه وسلم - (1/ 211) (رقم: 235) من طريق معن. وأبو داود في السنن كتاب: الطهارة، باب: صفة وضوء النبي - صلى الله عليه وسلم - (1/ 86) (رقم: 118) من طريق القعنبي. والترمذي في السنن كتاب: الطهارة، باب: ما جاء في مسح الرأس .. (1/ 47) (رقم: 32) من طريق معن. والنسائي في السنن كتاب: الطهارة، باب: حد الغسل (1/ 71) من طريق ابن القاسم، وفي باب: صفة مسح الرأس (1/ 71) من طريق عتبة بن عبد الله. وابن ماجه في السنن كتاب: الطهارة، باب: ما جاء في مسح الرأس (1/ 149) (رقم: 434) من طريق الشافعي. وأحمد في المسند (4/ 38، 39) من طريق ابن مهدي، وعثمان بن عمر وعبد الرزاق، تسعتهم عن مالك به.

انفرَدَ مالكٌ بقولِه في عبد الله بن زيد: "هو جَدّ عمرو بن يحيى"، ولعلَّه كان جَدَّه لأمِّه، وهو عَمرو بنُ يحيى بن عُمارةَ بنِ أبي حَسَن. نَسَبَه البخاري وغيرُه (¬1). ¬

_ (¬1) انظر: التاريخ الكبير (6/ 382)، طبقات ابن سعد (ص: 291 - تحقيق زياد منصور-)، الجرح والتعديل (6/ 269). وأحسن المؤلف إذ لم يجزم بكون عبد الله بن زيد جدَّه لأمِّه، وجزم بذلك المزي في تهذيب الكمال (22/ 296) فقال: "ابن بنت عبد الله بن زيد بن عاصم الأنصاري". وقال ابن سعد: "وأمه أم النعمان بنت أبي حنّة بن غزيّة بن عمرو بن عطية بن خنساء بن مبذول". الطبقات (ص: 292). وقال ابن حبان: "وأم عمرو بن يحيى أم النعمان بنت أبي حبّة بن عابد بن عمرو بن قيس". الثقات (7/ 215). وأبو حبّة وأبو حنّة بالباء وبالنون، وانظر اختلاف أصحاب المغازي في المؤتلف والمختلف للدارقطني (2/ 581 - 583)، توضيح المشتبه (3/ 77 - 86). وقال ابن حجر: "وقول المصنف (أي المزي) إنَّه ابن بنت عبد الله بن زيد وهم تبع فيه صاحب الكمال، وسببه ما في رواية مالك عن عمرو بن يحيى عن أبيه أنَّ رجلًا سأل عبد الله بن زيد وهو جدّ عمرو بن يحيى، فظنوا أنَّ الضمير يعود علي عبد الله، وليس كذلك بل إنما يعود علي الرجل، وهو عمرو بن أبي حسن عم يحيى، وقيل جدّ عمرو بن يحيى تحوّزًا؛ لأنَّ العمَّ صِنوُ أبيه، وأما عمرو بن يحيى فأمّه فيما ذكر محمد بن سعد في الطبقات حميدة بنت محمد بن إياس بن البكير، وقال غيره: أم النعمان بنت أبي حيّة (كذا والصواب: حبّة) فالله أعلم". تهذيب التهذيب (8/ 105)، ومثله في الفتح (1/ 348). قلت: وعلي كلام الحافظ تنبيهان: الأول: تأويل الحافظ بأنَّ الضمير يعود علي الرجل لا علي عبد الله بن زيد يتّجه علي رواية البخاري في صحيحه، وفيه: "أنَّ رجلًا سأل". وأما الرواية في الموطأ فالسائل يحيى والد عمرو، ووقع في المدوّنة كما سيأتي أنَّ السائل أبو حسن جد يحيى، وعليه لا يتّجه تأويل الحافظ ابن حجر، والصواب في هذه الرواية أن الضمير يعود علي عبد الله بن زيد وأن مالكا كان يراه جدّه وعلي قول ابن سعد وأهل السير يكون واهما في ذلك، =

واختلِف في السائِل، ففي الموطأ أنَّ يحيى سأل عبد الله، وفي المدوّنة من طريق مالكٍ أيضًا أنَّ يحيى سَمع جدّه أبا حَسَنٍ يَسألُ عبد الله بن زيد (¬1). وفي رواية وُهَيب، عن عَمرو بن يحيى، عن أبيه: "شَهِدتُ عَمرو بن أبي حسن سأل عبد الله بن زيد". وعَمرو بن أبي حَسن هو أخو عمارة وعمّ يحيى. وقال سليمانُ بن بلال عن عمرو عن أبيه: "كان عَمِّي يُكثِرُ مِن الوضوءِ، فقال لعبد الله بن زيد"، خَرَّجهما البخاري في الصحيح (¬2). ¬

_ = ويؤيّد ذلك ما أخرجه ابن خزيمة في صحيحه (1/ 88) من طريق ابن وهب عن مالك عن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه أنه قال لعبد الله بن زيد بن عاصم- وكان من أصحاب رسول الله وهو جدّ عمرو بن يحيى- الحديث. وهذه الرواية لا يَسْلَم معها تأويل الحافظ والله أعلم. الثاني: قوله: "وأما عمرو بن يحيى فأمُّه فيما ذكر ابن سعد في الطبقات حميدة بنت محمد بن إياس بن البكير". وهذا سبق نظر من الحافظ رحمه الله؛ لأنَّ ابن سعد ذكر أنَّ أمّه أم النعمان بنت أبي حنّة .. كما سبق. ثم قال ابن سعد: "فولد عمرو بن يحيى: يحيى ومريم وأمهما حميدة بنت محمد بن إياس بن البكير". فحميدة هي زوجة عمرو بن يحيى لا أمه، والله أعلم بالصواب. والذي يظهر أنّ الخطأ في هذا من مالك رحمه الله، وألزق ابن العربي الوهم بيحيي بن يحيى وغيره فقال: "وهذا وهم قبيح من يحيى بن يحيى وغيره، وأعجب منه أنه سئل عنه ابن وضاح -وكان من الأئمة- فقال: هو جدّه لأمه، ورحم الله من انتهي إلي ما سمع، ووقف دون ما لا يعلم، وكيف جاز هذا علي ابن وضاح، والصواب في المدونة التي كان يقرئها ويرويها عن سحنون، وهي بين يديه ينظر في كل حين فيها، وصواب الحديث: مالك، عن عمرو بن يحيى المازني، عن أبيه: أنّ رجلا قال لعبد الله بن زيد، وهذا الرجل هو عمارة بن أبي حسن المازني جدّ عمرو بن يحيى". القبس (1/ 118). (¬1) المدوّنة (1/ 2). (¬2) طريق وُهيب بن خالد عند البخاري في صحيحه كتاب: الوضوء، باب: غسل الرجلين إلي الكعبين (1/ 68) (رقم: 186)، وفي باب: مسح الرأس مرة (1/ 69) (رقم: 192). وطريق سليمان في باب: الوضوء من التور (1/ 71) (رقم: 199).

والاختلافُ في السَّائِلِ لا يُوهِنُ الإسنادَ، وقد خَرَّج البخاريُّ ومسلمٌ هذا الحديثَ من طريقِ مالكٍ وغيرِه (¬1). وعُمارة بنُ أبي حَسن من الصحابة (¬2)، وكذلك أبو حَسن والِدُ عُمارةَ وجَدُّ يحيى هو صحابيٌّ أيضًا قيل: اسمه كنيتُه، وقيل: تَمِيم (¬3). 243 / حديث: "خَرَج إلي المُصلَّي فاسْتَسْقَي وحَوَّلَ رِداءَه ... ". في الصلاة، الثاني. عن عبد الله بن أبي بَكر بن حَزم، عن عَبَّاد بن تَميم، عن عبد الله بن زَيد المازني (¬4). ¬

_ (¬1) سبق تخريجه. وذكر ابن حجر الاختلاف في السائل وجمع بين الروايات بأن يكون اجتمع عند عبد الله بن زيد أبو حسن الأنصاري وابنه عمرو وابن ابنه يحيى بن عمارة بن أبي حسن فسألوه عن صفة وضوء النبي - صلى الله عليه وسلم -، والذي تولي السؤال منهم عمرو بن أبي حسن، فحيث نسب إليه كان علي الحقيقة، وحيث نسب إلي غيره كان علي المجاز لحضورهم مجلس السؤال. انظر: الفتح (1/ 348). قلت: ولا يبعد أن يكون راوي الحديث اضطرب في تسمية السائل؛ لأن الغاية من حديثه كان بيان صفة وضوء النبي - صلى الله عليه وسلم - فاعتني بذلك ولم تكن له عناية بحفظ اسم السائل، وهذا لا يوهن الإسناد والحديث كما قال المصنف والله أعلم. (¬2) الاستيعاب (3/ 1141)، الإصابة (4/ 580). (¬3) الاستيعاب (4/ 1632)، الإصابة (7/ 89). (¬4) الموطأ كتاب: الاستسقاء، باب: العمل في الاستسقاء (1/ 169) (رقم: 1). وأخرجه مسلم في صحيحه كتاب: صلاة الاستسقاء (2/ 611) (رقم: 894) من طريق يحيى النيسابوري. وأبو داود في السنن كتاب: الصلاة، باب: في أي وقت يحول رداءه إذا استسقي (1/ 690) (رقم: 1167) من طريق القعنبي. والنسائي في السنن كتاب: الاستسقاء، باب: متي يحول الإمام رداءه (3/ 157) من طريق قتيبة. وأحمد في المسند (4/ 39، 41) من طريق ابن مهدي، وإسحاق الطباع، خمستهم عن مالك به.

زاد فيه إسحاقُ بنُ عيسى الطَبَّاع عن مالك ذِكرَ الصلاةِ (¬1). 244 / وبه: "ما بَين بيتِي ومِنبَرِي رَوضَةٌ ... ". في الصلاة عند آخره مختصر (¬2). ليس فيه ذِكرُ الحَوضِ. 245 / وانظر المشتَرك لأبي سعيد وأبي هريرة في مسنَدِ أبي سعيد (¬3). حديث: "رَأَى رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - مُسْتَلْقي في المسجدِ واضعًا إِحدَى رِجلَيْه علي الأخرى". في جامع الصلاة. ¬

_ (¬1) أخرجه من طريقه أحمد في المسند كما سبق. وإسحاق الطباع صدوق كما في التقريب (رقم: 375). وجاء ذكر الصلاة في حديث ابن عيينة عن عبد الله بن أبي بكر به، خرّجه البخاري في صحيحه كتاب: الاستسقاء، باب: تحويل الرداء في الاستسقاء (2/ 306) (رقم: 1012)، ومواضع أخري. ومن طريق الزهري عن عباد بن تميم به، خرّجه البخاري في صحيحه كتاب: الاستسقاء، باب: الجهر بالقراءة في الاستسقاء (2/ 311) (رقم: 1024)، ومواضع أخري. (¬2) الموطأ كتاب: القِبلة، باب: ما جاء في مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - (1/ 175) (رقم: 11). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة، باب: فضل ما بين القبر والمنبر (2/ 361) (رقم: 1195) من طريق عبد الله بن يوسف. ومسلم في صحيحه كتاب: الحج، باب: ما بين القبر والمنبر روضة من رياض الجنة (2/ 1010) (رقم: 1390) من طريق قتيبة. والنسائي في السنن كتاب: المساجد، باب: فضل مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - والصلاة فيه (2/ 35)، وفي الكبري كتاب: المناسك، باب: ما بين القبر والمنبر (2/ 489) (رقم: 4289) من طريق قتيبة. وأحمد في المسند (4/ 40) من طريق ابن مهدي، ثلاثتهم عن مالك به. (¬3) سيأتي حديثهما (3/ 265)، وفيه ذكر الحوض.

عن ابن شهاب، عن عَبَّاد بن تَميم، عن عَمِّه يعني عبد الله بن زيد بن عاصِم (¬1). وعبد الله هذا عمُّ عَبَّاد بن تَمِيم، يُعرف بابن أمِّ عُمارَة، وهي أمُّه (¬2)، وليس هو الَّذي أُرِيَ النِّداءَ، ذاك عبد الله بن زيد بنِ عبد رَبِّه رَجُلٌ آخَر حارِثيٌّ لَم يَثبُتْ له غير حديثِ الأذان وكِلاهما من الأنصار، انظره في مرسل يحيى بن سعيد (¬3). وخرّج البخاري عن المازنِي حديثَ الاستسقاء ثم قال في آخِره: "كان ابنُ عُيينة يقول: هو صاحبُ الأذان، ولكنَّه وَهِمَ؛ لأنَّ هذا عبد الله بن زيد بن عاصم المازني، مازِن الأنصار" (¬4). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: قصر الصلاة في السفر، باب: جامع الصلاة (1/ 157) (رقم: 87). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الصلاة، باب: الاستلقاء في المسجد ومدّ الرِّجل (1/ 152) (رقم: 475) من طريق القعنبي. ومسلم في صحيحه كتاب: اللباس، باب: في إباحة الاستلقاء ووضع إحدي الرِّجلين علي الأخري (3/ 1662) رقم: 2100) من طريق يحيى النيسابوري. وأبو داود في السنن كتاب: الأدب، باب: في الرَّجل يضع إحدي رجليه علي الأخري (5/ 188) (رقم: 4866) من طريق القعنبي والنفيلي، وهو عبد الله بن محمد. والنسائي في السنن كتاب: المساجد، باب: الاستلقاء في المسجد (2/ 50) من طريق قتيبة. وأحمد في المسند (4/ 38) من طريق ابن مهدي، خمستهم عن مالك به. (¬2) الاستيعاب (3/ 913)، الإصابة (4/ 98). (¬3) (ل: 256/ أ). (¬4) صحيح البخاري كتاب: الاستسقاء، باب: تحويل الرداء في الاستسقاء (2/ 306) (رقم: 1012). وكذا قال النسائي في السنن (3/ 155). وقال ابن حجر: "وقد اتّفقَا في الاسمِ واسمِ الأب والنِّسبةِ إلا الأنصاريِّ ثم إلي الخزرج والصُحبةِ والروايةِ، وافترقَا في الجَدِّ والبَطْنِ الذي مِن الخزرج؛ لأنَّ حفيدَ عاصم من مازِن، وحفيدَ عبد ربّه من بلحارث بن الخزرج، والله أعلم". الفتح (2/ 581).

40 / مسند عبد الله بن بحينة

40 / مسند عبد الله بن بُحَيْنَة حديث واحد. حديث: "صلّي لنا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - الظهرَ فقام في اتْنتين ولَم يَجلس فيهما ... ". وذَكَر السَّجدتَين قَبل السلام. في أبواب السهو. 246 / عن يحيى بن سعيد، عن عبد الرّحمن بن هُرْمُز، عن عبد الله بن بُحَينَة (¬1). 247 / وعن ابن شهاب، عن الأعرج، عن عبد الله بن بُحينَة نحوَه (¬2). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الصلاة، باب: من قام بعد الإتمام أو في الركعتين (1/ 101) (رقم: 66). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: السهو، باب: ما جاء في السهو إذا قام من ركعتي الفريضة (2/ 372) (رقم: 1225) من طريق عبد الله بن يوسف عن مالك به. (¬2) الموطأ (1/ 101) (رقم: 65). وأخرجه البخاري في صحيحه (2/ 372) (رقم: 1224) من طريق عبد الله بن يوسف. ومسلم في صحيحه كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: السهو في الصلاة والسجود له (1/ 399) (رقم: 570) من طريق يحيى النيسابوري. وأبو داود في السنن كتاب: الصلاة، باب: من قام من ثنتين ولم يتشهّد (1/ 625) (رقم: 1034) من طريق القعنبي. والنسائي في السنن كتاب: السهو، باب: ما يفعل من قام من اثنتين ناسيا ولم يتشهّد (3/ 19) من طريق قتيبة. وأحمد في المسند (5/ 345) من طريق ابن مهدي. والدارمي في السنن كتاب: الصلاة، باب: إذا كان في الصلاة نقصان (1/ 421) (رقم: 1499) من طريق أبي علي الحنفي، ستتهم عن مالك به.

عبد الله هذا منسوبٌ إلي أمِّه، وهو عبد الله بن مالِك بن القِشْب (¬1) الأزدِي والأَسْدِي، بالسين الساكنة (¬2). والأعرج هو عبد الرّحمن بن هرمز. وهذا الحديث معدودٌ في الموطأ بحَديثين؛ لأنَّه بسَنَدَيْن. وانظر أحاديثَ السَّهو لأبي هريرة (¬3)، وفي مرسلِ أبي بَكر بن أبي حَثْمَة (¬4)، ومرسلِ عطاء بن يسار (¬5)، كلُّها ثلاثةُ أنواع (¬6). * * * ¬

_ (¬1) بكِسر القاف وسكون المعجمة ثم موحدة. الإصابة (4/ 222). (¬2) الأَزْدِي: بفتح الألف وسكون الزاي وكسر الدال المهملة، نسبة إلي أزد شنوءة. انظر: الأنساب (1/ 120)، مشتبه النسبة (ص: 5). والأَسْدِي: بفتح الهمزة وسكون السين المهملة وبعدها دال مهملة، نسبة إلي الأزد، فيبدلون السين من الزاي. انظر: الأنساب (1/ 137)، الاستيعاب (3/ 982)، الإصابة (4/ 222). (¬3) انظر: (3/ 479، 481). (¬4) سيأتي حديثه (5/ 288). (¬5) سيأتي حديثه (5/ 121). (¬6) في حديث أبي هريرة لمن نسي وسلّم من ركعتين، وكذا حديث أبي بكر بن أبي حثمة، وفي مرسل عطاء فيمن شك في صلاته كم صلي؟ ، والنوع الثالث ما ذكر في حديث الباب وهو فيمن لم يجلس في التشهد الأول.

41 / مسند عبد الله بن الأرقم بن عبد يغوث بن وهب بن عبد مناف بن زهرة القرشي الزهري

41 / مسند عبد الله بن الأَرقَم بن عبد يَغوث بن وهب بن عبد مَنَاف بن زُهرة القرشيِّ الزهريِّ حديث واحد. 248 / حديث: "إذا أراد أحدُكم الغائِطَ فليَبدأْ به قبل الصَّلاة". في الصلاة، الثاني. عن هشام بن عروة، عن أبيه: "أنَّ عبد الله بن الأرقم كان يَؤمُّ أصحابَه ... "، وذَكَرَه (¬1). ظاهرُه الانقطاع؛ إذ ليس فيه ما يُبَيِّن أنَّ عروةَ رواه عن عبد الله. وقال فيه جماعةٌ: عن هشام، عن أبيه، عن عبد الله (¬2). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: قصر الصلاة في السفر، باب: النهي عن الصلاة والإنسان يريد حاجته (1/ 148) (رقم: 49). وأخرجه النسائي في السنن كتاب: الإمامة، باب: العذر في ترك الجماعة (2/ 110) من طريق قتيبة عن مالك به. (¬2) وهي رواية الشافعي وإسحاق الطباع عن مالك، أخرجه عنهما البيهقي في السنن الكبري (3/ 72). وتابعهما: ابن وهب عند الطحاوي في شرح المشكل (5/ 242) (رقم: 1994). - وعبد الله بن الحكم وإسماعيل بن أبي أويس وعبد الله بن يوسف عند الطبراني في المعجم الكبير- قطعة من الجزء 13 - (رقم: 457). ورواه كذلك أكثرُ أصحاب هشام منهم: - زهير بن حرب عند أبي داود في السنن كتاب: الطهارة، باب: أيصلي الرجل وهو حاقن؟ (1/ 68) رقم: 88)، والحاكم في المستدرك (1/ 168)، والطبراني في المعجم الكبير- قطعة من 13 - (رقم: 456)، والبيهقي في السنن الكبري (3/ 72). - وأبو معاوية الضرير عند الترمذي في السنن كتاب: الطهارة، باب: ما جاء إذا أقيمت الصلاة ووجد أحدكم الخلاء فليبدأ بالخلاء (1/ 262) (رقم: 142)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار =

وقيل مع هذا: إنَّه مقطوعٌ، لأنَّ أبا صمرةَ أنسَ بن عياض ووُهَيبًا وطائفةً قالوا قيه: عن هشام، عن أبيه، عن رجلٍ حدَّثه، عن عبد الله بن الأرقم، حكي هذا أبو داود والترمذي (¬1). ¬

_ = (5/ 243) (رقم: 1996)، والطبراني في المعجم الكبير- قطعة من 13 - (رقم: 464). - وابن عيينة عند ابن ماجه في السنن كتاب: الطهارة، باب: ما جاء في النهي للحاقن أن يصلي (2/ 201) (رقم: 616)، والحميدي في المسند (2/ 385) (رقم: 872)، وابن خزيمة في صحيحه (2/ 65) (رقم: 932)، والحاكم في المستدرك (1/ 257)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (1/ 460) (رقم: 640)، والطبراني في المعجم الكبير- قطعة من 13 - (رقم: 461). - ويحيي بن سعيد القطان عند أحمد في المسند (3/ 483)، (35/ 4)، ووقع في المسند الموضع الثاني عبد الله بن سعيد، وهو خطأ، وانظر: أطراف المسند (2/ 679)، إتحاف المهرة (6/ 493). - ومحمد بن كناسة عند الدارمي في السنن كتاب: الصلاة، باب: النهي عن دفع الأخبثين في الصلاة (1/ 392) (رقم: 1427)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (1/ل: 340/ أ)، وابن عبد البر في التمهيد (22/ 204). - وحماد بن زيد، وعمرو بن علي، وأبو أسامة حماد بن أسامة، وأيوب عند ابن خزيمة في صحيحه (2/ 65) (رقم: 932)، وأعاد طريق حماد بن زيد (3/ 76) (رقم: 1652)، وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير- قطعة من 13 - (رقم: 458، 464، 465) من طريق حماد وأيوب السختياني. - وأيوب بن موسي عند الحاكم في المستدرك (3/ 335)، والطبراني في المعجم الكبير- قطعة من 13 - (رقم: 454)، وأبي نعيم في معرفة الصحابة (1 /ل: 340/ أ). - وقيس بن سعد عند الطبراني في الأوسط (7/ 92) (رقم: 6949). - وعيسي بن يونس، وعبد الله بن نمير، عند الطحاوي في شرح مشكل الآثار (5/ 243) (رقم: 1995، 1996). - وشعبة، وزائدة بن قدامة، ومرجان بن رجاء، وأبو الربيع السّمان عند الطبراني في المعجم الكبير - قطعة من 13 - (رقم: 455، 459، 460، 462). - ووكيع بن الجراح عند ابن عبد البر في التمهيد (22/ 205). كل هؤلاء عن هشام، عن أبيه، عن عبد الله بن الأرقم. (¬1) سنن أبي داود (1/ 68)، ولفظه: "روي وهيب بن خالد وشعيب بن إسحاق وأبو ضمرة هذا الحديث عن هشام بن عروة عن أبيه عن رجل حدّثه عن عبد الله بن أرقم، والأكثر الذين رووه عن هشام قالوا كما قال زهير". =

وقالا فيه أيوب بن موسي، عن هشام عن عروة قال: "خرجْنا في حَجٍّ أو عُمرةٍ مع عبد الله بن الأرقم الزهريِّ فأقام الصلاةَ ثم قال: صلُّوا"، وذكر الحديث. فبَيَّن اتَّصَالَه، خَرَّجه عبد الرزاق، عن عبد الملك بن جُريج، عن أيوب، وكلُّهم حافظٌ متقِنٌ (¬1). ¬

_ = وسنن الترمذي (1/ 263)، ولفظه: "حديث عبد الله بن أرقم حديث حسن صحيح، هكذا روي مالك بن أنس ويحيي بن سعيد القطان وغير واحد من الحفاظ عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن أرقم، وروي وهيب وغيره عن هشام بن عروة عن أبيه عن رجل عن عبد الله بن أرقم". فظاهر كلام أبي داود والترمذي ترجيح رواية الأكثر الأحفظ. ورواية وُهيب أخرجها البخاري في التاريخ الكبير (5/ 23)، والصغير (الأوسط) (1/ 93)، والطحاوي في شرح المشكل (5/ 244) (رقم: 1997). ورواية أنس بن عياض أخرجها البخاري في التاريخ الكبير (5/ 33)، والصغير (الأوسط) (1/ 93). (¬1) مصنف عبد الرزاق (1/ 451) (رقم: 1761)، وأخرجه البخاري في التاريخ الكبير (5/ 33)، والحاكم في المستدرك (3/ 335)، إلا أن الحاكم ساق الحديث دون القصة. وعبد الملك بن جريج مدلس، وقد صرّح بالتحديث عند البخاري، وذكره أيضا في التاريخ الصغير (الأوسط) (1/ 93) بلفظ الإخبار. وتابع أيوبَ بنَ موسي معمرُ بن راشد، أخرجه من طريقه عبد الرزاق في المصنف (1/ 450) (رقم: 1759) عن هشام بن عروة عن أبيه قال: "كنا مع عبد الله بن الأرقم .. ". ورواية معمر عن هشام وإن كان فيها شيء كما في التقريب (رقم: 6809)، إلا أنها تتقوي بالرواية الأولي والله أعلم. وأخرجه عبد الرزاق في المصنف (1/ 450) (رقم: 1760)، ومن طريقه الطبراني في المعجم الكبير- قطعة من 13 - (رقم: 452) عن الثوري عن هشام عن أبيه عن عبد الله بن الأرقم قال: كنا معه في سفر. وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير- قطعة من الجزء 13 - (رقم: 466) من طريق أسد بن موسي عن ابن لهيعة عن أبي الأسود سمع عروة: كنا في سفر مع عبد الله بن الأرقم. قال ابن عبد البر بعد أن ذكر طريق ابن جريج: "فهذا الإسناد يشهد بأن رواية مالك ومن تابعه في هذا الحديث متصلة، وابن جريج وألِوب بن موسي ثقتان حافظان". التمهيد (22/ 204). قلت: ورواية معمر تؤيّد ذلك، فعروة سمع الحديث من عبد الله بن الأرقم، ورواية الأكثر الأحفظ أرجح، ومن أدخل الرجل بين عروة وعبد الله فقد أخطأ، وهو من المزيد في متصل الأسانيد، والله أعلم بالصواب.

42/ مسند عبد الله بن أنيس الجهني الأنصاري

42/ مسند عبد الله بن أُنَيس الجُهَني الأنصاري حديث واحد. 249/ حديث: إنّي شاسعُ الدَّار فمُرْنِي ليلةً أَنزِلُ لَهَا ... فيه: "انزل ليلةَ ثلاثٍ وعشرين". في ليلة القدر. عن أبي النضر: "أنَّ عبد الله بن أُنيس قال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -" (¬1). هكذا عند يحيى بن يحيى: "أنَّ عبد الله" (¬2). وقال فيه بعضُ رواةِ مالك: عن عبد الله (¬3)، وهو مقطوعٌ في الموطأ (¬4). وقال الدارقطني: "هكذا رواه مالكٌ مرسلًا". قال: "ورواه موسي بن عُقبةَ والضَّحاك بن عثمان، عن أبي النَّضر، عن بُسر بن سعيد، عن عبد الله بن أُنيس" (¬5). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الاعتكاف، باب: ما جاء في ليلة القدر (1/ 262) (رقم: 12). (¬2) تابع يحيى الليثي: أبو مصعب الزهري (1/ 341) (رقم: 886)، وسويد بن سعيد (ص: 409) (رقم: 926)، وابن القاسم (ل: 46/ ب)، وابن بكير (ل: 60/ ب- نسخة الظاهرية)، والقعنبي (ل: 67/ أ- نسخة الأزهرية). (¬3) لم أقف علي هذه الرواية. (¬4) وقال ابن عبد البر: "هذا حديثٌ منقطعٌ، ولَم يَلقَ أبو النَّضر عبدَ الله بنَ أُنيس ولا رآه". التمهيد (21/ 210). (¬5) ذكر الدارقطني هذا الحديث في الأحاديث التي خولف فيها مالك (ص: 158) فقال: "خالفه موسى بن عقبة، والضحاك بن عثمان، روياه عن أبي النضر، عن بُسر بن سعيد، عن عبد الله بن أنيس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك. قاله الدراوردي عن موسي بن عقبة. وقاله ابن أبي حازم وأبو ضمرة عن الضحاك بن عثمان". =

قال الشيخ أبو العبّاس - رضي الله عنه -: وخَرَّجه أبو داود من طريق محمّد بن إسحاق، عن محمّد بن إبراهيم، عن ابنِ عبد الله بن أُنيس، عن أبيه (¬1). ¬

_ = قلت: وطريق موسى بن عقبة لم أجده. وأخرجه الطحاوي في شرح المعاني (3/ 87)، والطبراني في المعجم الكبير (قطعة من الجزء 13) (رقم: 355) من طريق يحيى الحماني، عن عمد العزيز الدراوردي عن موسى بن عقبة عن سالم أبي النضر عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن بسر بن سعيد عن عبد الله بن أنيس مرفوعًا بلفظ: "رأيتني في ليلة القدر كأني أسجد في ماء وطين، فأصابتنا ليلة مطيرة فصلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصبح فرأيته يسجد في ماء وطين فإذا هي ليلة ثلاث وعشرين". ويحيى بن عبد الحميد الحماني الراوي عن الدراوردي متهم بسرقة الحديث، كما في التقريب (رقم: 7591). وطريق الضحاك بن عثمان عند أبي عوانة في صحيحه (2 /ل: 214 /ب- نسخة كوبرلي-) من طريق ابن أبي حازم وأبي ضمرة عن الضحاك. وأخرجه مسلم في صحيحه من طريق أبي ضمرة به، وسيأتي، كلهم بلفظ الطحاوي. تنبيه: في هامش الأصل ما نصه: "حاشية: قال ابن الحذاء: هذا حديث مرسل، فإنَّ عبد الله بن أنيس قديم الموت، ولم يدركه أبو النضر، وقد رواه الضحاك بن عثمان، عن أبي النضر، عن بُسر بن سعيد، عن عبد الله بن أُنيس، وهكذا أخرجه مسلم". (¬1) سنن أبي داود كتاب: الصلاة، باب: في ليلة القدر (2/ 108) (رقم: 1380). وأخرجه ابن أبي خيثمة في تاريخه (رقم: 817 - رسالة الحمدان-)، وابن خزيمة في صحيحه (3/ 334) (رقم: 2200)، وابن نصر في قيام رمضان (ص: 254 - مختصر المقريزي)، والطحاوي في شرح المعاني (3/ 88)، والطبراني في المعجم الكبير (قطعة من الجزء 13) (رقم: 340)، والبيهقي في السنن الكبرى (4/ 309)، وابن عبد البر في التمهيد (21/ 211) من طريق محمَّد بن إسحاق به. ومحمد بن إسحاق مدلس إلا أنه صرّح بالتحديث عند أبي داود والبيهقي. وابن عبد الله بن أنيس، قيل هو عمرو، وقيل ضمرة الآتي في الإسناد بعده. وأيّهما كان فهو مجهول، وقال في كليهما الحافظ: "مقبول". انظر ترجمة عمرو في: تهذيب الكمال (22/ 97)، التقريب (رقم: 5091). وترجمة ضمرة في: تهذيب الكمال (13/ 332)، التقريب (رقم: 2990).

ومن طريق الزهري، عن ضَمرة بن عبد الله بن أُنيس، عن أبيه نحوَه في تَعيِينِ ليلةِ القَدْر ثلاثٍ وعشرين (¬1). وخَرَّج مسلمٌ من طريق الضحاك بن عثمان، عن أبي النَّضر، عن بُسر، عن عبد الله نحوَه، قال ديه: إنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال. "أُريتُ ليلةَ القَدْر ثم أُنسِيتُها، وأُرانِي صَبيحَتَها أَسجُدُ في ماء وطِين"، قال: "فمُطِرْنا ليلةَ ثلاثٍ وعشرين فصَلَّى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وانصرف وإنَّ أثرَ الماءِ ¬

_ (¬1) سنن أبي داود (2/ 107) (رقم: 1379). وأخرجه النسائي في السنن الكبرى كتاب: الاعتكاف، باب: ليلة القدر أي ليلة هي؟ (2/ 272) (رقم: 3401) من طريق إبراهيم بن طهمان عن عباد بن إسحاق عن الزهري به. وخالف إبراهيمَ: موسى بنُ يعقوب: أخرجه من طريقه النسائي في الكبرى (2/ 273) (رقم: 3402) عن عبد الرحمن بن إسحاق -وهو عباد- عن الزهري أن عبد الله بن كعب بن مالك الأنصاري وعمرو بن عبد الله بن أنيس أخبراه أن عبد الله بن أنيس. وأعلَّ النسائي هذا الطريق بقوله: "موسى بن يعقوب ليس بذلك القوي". قلت: والإسناد الأول فيه عباد بن إسحاق صدوق رمي بالقدر كما في التقريب (رقم: 3800). وضمرة مقبول كما تقدّم. وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير (قطعة من الجزء 13) (رقم: 339)، والأوسط (3/ 181) (رقم: 2858) من طريق فضيل بن سليمان النميري عن بكير بن مسمار عن الزهري به، إلا أنه قال في آخره: "اطلبها في العشر الأواخر". وسنده ضعيف؛ لضعف فضيل. انظر: تهذيب الكمال (23/ 271)، تهذيب التهذيب (8/ 262). وبكير بن مِسمار يروي عن الزهري ضعيفٌ أيضًا. التقريب (رقم: 767). وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير (قطعة من الجزء 13) (رقم: 338) من طريق يحيى بن كثير، عن ابن لهيعة، عن بكير بن عبد الله، عن ضمرة، عن أبيه، وفيه: "تحرّها ليلة ثلاث وعشرين". وابن لهيعة ضعيف.

والطين لعَلَى أنفِه وجَبْهته" (¬1). قال الشيخ: وهذه القصةُ في الموطأ لأبي سَعيد الخُدري إلَّا أنَّه قال فيها: "ليلةَ إِحدَى وعشرين". وانظر حديثَ أبي سَعيد (¬2)، وأَنسٍ (¬3)، وابنِ دينار عن ابنِ عمر (¬4) ومرسلَ عروة (¬5)، ومالكٍ (¬6). * * * ¬

_ (¬1) صحيح مسلم كتاب: الصيام، باب: فضل ليلة القدر ... (2/ 827) (رقم: 1168). وهذا الصحيح عن أبي النضر، عن بُسر، عن عبد الله بن أُنيس. قال ابن حجر: "وأبو النضر لم يلق عبد الله بن أنيس، وقد بيّن الضحاك بن عثمان الواسطة". إتحاف المهرة (6/ 498). (¬2) سيأتي حديثه (3/ 227). (¬3) تقدّم حديثه (2/ 65). (¬4) تقدّم حديثه (2/ 486). (¬5) سيأتي حديثه (5/ 89). (¬6) سيأتي حديثه (5/ 356).

43 / مسند عبد الله بن مسعود الهذلي

43 / مسند عبد الله بن مسعود الهذلي حديثٌ واحد. 250 / حديث: "أيُّما بَيِّعَيْنِ تبايَعَا فالقولُ ما قال البائِعُ أو يَتَرَادَّانِ". في باب: بَيع الخِيار (¬1). بَلَغَه، عن ابن مسعودٍ مقطوعًا. هذا الحديثُ محذوفٌ، ليس فيه اختلافُ المُتبايعَيْنِ، ولا اسْتِيعابُ الحُكمِ، واختَلَفَ الرواةُ في نَصِّه، وهو لأَهلِ الكوفةَ، ولعلَّ مالكًا إنَّما تَركَ إسنادَه لذلك، رواه أبو العُمَيس عُتبةُ بن عبد الله بن عُتبة الكوفي، عن عبد الرحمن بن قَيس بن محمّد بن الأشعث، عن أبيه، عن جَدِّه محمّد بن الأشعث، عن عبد الله بن مسعود. خَرَّجه أبو داود وغيرُه (¬2). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: البيوع، باب: بيع الخيار (2/ 518) (رقم: 80). (¬2) سنن أبي داود كتاب: البيوع، باب: إذا اختلف البيّعان والمبيع قائم (3/ 780) (رقم: 3511) بلفظ: "إذا اختلف البيّعان .. ". وأخرجه النسائي في السنن كتاب: البيوع، باب: اختلاف المتبايعين في الثمن (7/ 302)، والدارقطني في السنن (3/ 20) (رقم: 63)، والحاكم في المستدرك (2/ 45)، وابن الجارود في المنتقى (2/ 198) (رقم: 625)، والبيهقي في السنن الكبرى (5/ 332)، وابن عبد البر في التمهيد (24/ 291) من طرق عن عمرو بن حفص بن غياث عن أبيه عن أبي العميس به. ووقع عند النسائي: عن عبد الرحمن بن محمَّد بن الأشعث عن أبيه عن جدّه. وقال الحاكم: "صحيح الإسناد"، ووافقه الذهبي. وقال البيهقي: "هذا إسناد حسن موصول، وقد روي من أوجه بأسانيد مراسيل إذا جمع بينها صار الحديث قويًّا". قلت: وسنده ضعيف، فيه عبد الرحمن بن قيس، قال عنه الحافظ: "مجهول الحال". التقريب (رقم: 3986). =

وقد رُوي عنِ القاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود، عن أبيه، عن جَدِّه عبد الله. خرَّجه ابنُ الجارود (¬1). ¬

_ = وأبوه قيس بن محمَّد لم يوثّقه إلا ابن حبان في الثقات (5/ 315)، وقال الحافظ: "مقبول". التقريب (رقم: 5586). وجدّه محمد بن الأشعث لم يوثّقه إلا ابن حبان في الثقات (5/ 352)، وقال ابن حجر: "مقبول". التقريب (رقم: 5742). وقال ابن القطان: "عبد الرحمن بن قيس هذا ليس فيه مزيد، فهو مجهول الحال، وكذلك أبوه قيس، وكذلك جدّه محمَّد، إلا أنّ أشهرهم هو أبو القاسم محمَّد بن الأشعث .. وروى عن عائشة، فأما روايته عن ابن مسعود فمنقطعة". بيان الوهم والإيهام (3/ 525). وقال ابن عبد البر: "وعبد الرحمن هذا غير معروف يحمل العلم، وهذا الإسناد ليس بحجّة عند أهل العلم، ولكن الحديث عندهم مشهور ومعلوم، والله أعلم". التمهيد (24/ 292). (¬1) المنتقى (2/ 198) (رقم: 624). وأخرجه الدارقطني في السنن (3/ 20) (رقم: 65)، والبزار في مسنده (5/ 364) (رقم: 1995) من طرق عن عمرو بن أبي قيس عن عمر بن قيس الماصر عن القاسم بن عبد الرحمن به. وعمر بن قيس الماصر صدوق ربما وهم كما في التقريب (رقم: 4958). وتابعه على هذا الإسناد: - أبو حنيفة، ذكره الدارقطني في العلل (5/ 204)، إلا أن في الإسناد إليه عبد الله بن بزيع. قال ابن عدي: "ليس هو عندي ممّن يحتجّ به". الكامل (4/ 254). وقال الدارقطني: "ليّن وليس بمتروك". الميزان (3/ 110). وقال الساجي: "ليس بحجة روى عنه يحيى بن غيلان مناكير". اللسان (3/ 263). - والحسن بن عمارة، أخرجه من طريقه الدارقطني في السنن (3/ 20) (رقم: 66). قال البيهقي: "وهو متروك لا يحتج به". السنن الكبرى (5/ 334). وخالف هؤلاء: 1 - أبان بن تغلِب، أخرجه من طريقه أبو يعلى في المسند (5/ 178) (رقم: 5383)، وابن عبد البر في التمهيد (24/ 293). وأبان ثقة غال في التشيّع، قال الذهبي: "شيعي جلد، لكنه صدوق، فلنا صدقه وعليه بدعتُه". انظر: تهذيب الكمال (2/ 6)، الميزان (1/ 5). 2 - المسعودي، واسمه عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة، أخرجه من طريقه أحمد في المسند (1/ 466)، والطيالسي في المسند (ص: 53)، والبيهقي في السنن الكبرى (5/ 333). =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = والمسعودي صدوق اختلط، وسمع منه الطيالسي بعد الاختلاط، لكن الراوي عنه عند أحمد وكيع، وعند البيهقي جعفر بن عون، وسمعا منه قبل الاختلاط. انظر: الكواكب النيّرات (ص: 282 - 298). 3 - أبو عميس عتبة بن عبد الله بن مسعود: أخرجه من طريقه البيهقي في السنن الكبرى (5/ 333). وعتبة ثقة كما في التقريب (رقم: 4432). ثلاثتهم عن القاسم عن ابن مسعود، منقطعًا. قال البيهقي: "وكذلك رواه معن بن عبد الرحمن أخو القاسم عن القاسم بن عبد الرحمن عن عبد الله بن مسعود، وهو منقطع". قلت: واختلف على معن بن عبد الرحمن، فرواه موسى بن مسعود عن الثوري عن معن عن القاسم عن أبيه عن ابن مسعود، أخرجه من طريقه الدارقطني في العلل (5/ 205). وموسى بن مسعود أبو حذيفة في حديثه عن الثوري شيء، حتى قال أحمد بن حنبل: "كأنّ سفيان الذي يحدّث عنه أبو حذيفة ليس هو سفيان الثوري الذي يحدّث عنه الناس". تهذيب الكمال (29/ 147). وخالفه: - ابن مهدي عند أحمد في المسند (1/ 466). - وأبو داود الحفري عمر بن سعد عند أحمد في المسند (1/ 466). - وعبد الرزاق في المصنف (8/ 271) (رقم: 15185)، ثلاثتهم عن الثوري عن معن عن القاسم عن ابن مسعود منقطعًا. وأخرج الطبراني في المعجم الكبير (10/ 174) (رقم: 10365) من طريق علي بن حسان العطار عن ابن مهدي عن سفيان عن معن عن القاسم عن أبيه عن ابن مسعود، وذكر أباه، وخالف علي بن حسان الإمام أحمد في روايته عن ابن مهدي. وعلي بن حسان هذا لم أجد له ترجمة، ولو كان ثقةً فلا تُقارن روايته برواية الإمام أحمد. وعليه فالصحيح من رواية معن عن القاسم الانقطاع، وهذه متابعة رابعة. ورواه محمَّد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى واختلف عليه: فرواه موسى بن عقبة عن ابن أبي ليلى عن القاسم عن أبيه عن ابن مسعود به، أخرجه من طريقه الدارقطني في السنن (3/ 20، 21) (رقم: 67 - 69)، والطبراني في المعجم الأوسط (4/ 105) (رقم: 3720 عن إسماعيل بن عيّاش عن موسى بن عقبة به. قال البيهقي: "وإسماعيل بن عيّاش إذا روى عن أهل الحجاز لم يحتجّ به، ومحمد بن عبد الرحمن ابن أبي ليلى، وإن كان في الفقه كبيرا فهو ضعيف في الرواية لسوء حفظه، وكثرة خطئه في الأسانيد والمتون، ومخالفته الحفاظ فيها والله يغفر لنا وله". السنن الكبرى (5/ 334). ورواه هُشيم عن ابن أبي ليلى واختلف عليه: =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = فأخرجه أبو داود في السنن (3/ 783) (رقم: 3512) من طريق عبد الله بن محمَّد النفيلي. وابن ماجه في السنن كتاب: التجارات، باب: البيّعان يختلفان (2/ 732) (رقم: 2186) من طريق عثمان بن أبي شيبة ومحمد بن الصباح. والدارمي في السنن كتاب: البيوع، باب: إذا اختلف المتبابيعان (2/ 325) (رقم: 2549)، والدارقطني في السنن (3/ 21) (رقم: 72) من طريق عثمان. والبيهقي السنن الكبرى (5/ 333) من طريق النفيلي وعثمان. والبزار في مسنده (5/ 372) (رقم: 2003) من طريق عيسى بن المختار. وأبو يعلى في مسنده (5/ 12) (رقم: 4963) من طريق أبي معمر إسماعيل الهذلي، جميعهم عن هشيم عن ابن أبي ليلى عن القاسم عن أبيه عن ابن مسعود به. وخالفهم: الإمام أحمد وسعيد بن منصور، فروياه عن هشيم عن ابن أبي ليلى عن القاسم عن ابن مسعود منقطعًا، أخرجه أحمد في المسند (1/ 466) عن هشيم به. ورواية سعيد بن منصور ذكرها الدارقطني في العلل (5/ 204). وعلى فرض ثبوت رواية ابن أبي ليلى بذكر أبيه فهي ضعيفة لضعف ابن أبي ليلى، فيحتمل أن يكون الخلط منه، قال البيهقي: "خالف ابن أبي ليلى الجماعة في إسناده في رواية هذا الحديث حيث قال: عن أبيه". السنن الكبرى (5/ 333). وقال أيضًا: "وابن أبي ليلى كثير الوهم في الإسناد والمتن، وأهل العلم بالحديث لا يقبلون منه ما تفرّد به لكثرة أوهامه". معرفة السنن (4/ 371). فالراجح من هذه الروايات من قال فيه: عن القاسم عن ابن مسعود، وهم أبان بن تغلب والمسعودي وعتبة أبو العميس ومعن بن عبد الله في أصح الروايات عنه، ورجّح الدارقطني هذه الرواية فقال: "والمحفوظ هو المرسل". العلل (5/ 205). قلت: وعلى فرض ثبوت رواية القاسم عن أبيه عبد الرحمن عن ابن مسعود، ففي اتّصالها نظر، عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود اختلف في سماعه من أبيه، فأثبته قوم ونفاه آخرون، وأثبت بعضهم سماع شيء يسير. انظر تفصيل ذلك في التابعون الثقات المتكلّم في سماعهم من الصحابة (ص: 608 - 619 - رسالة دكتوراه-). وانظر: تهذيب الكمال (17/ 239). وأخرج الطبراني في المعجم الكبير (10/ 177) (رقم: 10377) من طريق أبي بكر بن عياش عن أبي سعد البقّال عن الشعبي عن عبد الرحمن بن عبد الله عن أبيه ابن مسعود به. وسنده ضعيف، أبو سعد البقّال واسمه سعيد بن المرزبان ضعيف مدلس كما في التقريب (رقم: 2389).

ورُوي عن أبي عُبيدة بن عبد الله، عن أبيه، عبد الله بن مسعود. خَرَّجه النسائي (¬1). ¬

_ (¬1) السنن (7/ 303)، وأخرجه الدارقطني في السنن (3/ 18) (رقم: 61)، كلاهما من طريق حجاج الأعور عن ابن جريج عن إسماعيل بن أمية عن عبد الملك بن عبيد عن أبي عبيدة به. كذا قال حجاج الأعور: عبد الملك بن عبيد، وتابعه هشام بن يوسف إلا أنه قال عبد الملك بن عبيدة كما في المسند (1/ 466)، وكذا وقع في سنن الدارقطني من طريق حجاج. وتابعه أيضًا: سعيد بن مسلمة، أخرجه من طريقه الدارقطني في السنن (3/ 18) (رقم: 60)، والبيهقي في السنن الكبرى (5/ 333)، وقال فيه: عبد الملك بن عبيدة عن ابن لعبد الله بن مسعود. وخالف حجاجًا ومن تابعه: سعيدُ بنُ سالم القدّاح فقال فيه: عبد الملك بن عمير، كذلك أخرجه عنه الإمام أحمد في المسند (1/ 466)، والدارقطني في السنن (3/ 19) (رقم: 62)، والحاكم في المستدرك (2/ 48) - وتصحّف فيه عمير إلى عبيد-، والبيهقي في السنن الكبرى (5/ 332)، وفي معرفة السنن (4/ 370) (رقم: 3493، 3494). وتابع سعيدا القداح: يحيى بن سليم الطائفي، أخرجه من طريقه البيهقي في السنن الكبرى (5/ 333)، إلا أنه قال فيه: عن بعض بني عبد الله بن مسعود. قال الحاكم: "هذا حديث صحيح إن كان سعيد بن سالم حفظ في إسناده عبد الملك بن عمير". قال الذهبي: "تفرّد به سعيد بن سالم القدّاح عن ابن جريج، وقال حجاج الأعور: عبد الملك بن عبيد". قلت: الراجح أنه عبد الملك بن عبيد بالدال. قال البخاري: "عبد الملك بن عبيد عن بعض ولد عبد الله بن مسعود عن ابن مسعود رضي الله عنه، روى عنه إسماعيل بن أمية مرسل". التاريخ الكبير (5/ 424). وقال البيهقي: "هذا هو الصواب، ورواه يحيى بن سليم عن إسماعيل بن أمية عن عبد الملك بن عمير كما قال سعيد بن سالم، ورواية هشام بن يوسف وحجاج عن ابن جريج أصح". معرفة السنن (4/ 370). وقال المزي: "عبد الملك بن عبيد، ويقال: ابن عبيدة، روى عن أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود .. روى عنه إسماعيل بن أمية .. ثم ذكر له المزي هذا الحديث". تهذيب الكمال (18/ 363). قال الحافظ ابن حجر: "ووفع في النسائي عبد الملك بن عبيد، ورجّح هذا أحمد والبيهقي وهو ظاهر كلام البخاري، وقد صحّحه ابن السكن والحاكم". التلخيص الحبير (3/ 35). قلت: إذا ثبت أنه عبد الملك بن عبيد فهو مجهول الحال كما في التقريب (رقم: 4198). وأبو عبيدة لم يسمع من عبد الله بن مسعود كما سيأتي.

وقال الترمذي في باب الاستنجاء من جامعه: "أبو عُبيدة بن عبد الله بن مسعود لَم يَسمع من أبيه، ولا يُعرف اسمُه" (¬1). وخَرَّج من طريقِ شُعبةَ، عن عمرو بن مُرَّة أنَّه قال: "سألتُ أبا عُبيدة بن عبد الله: هل تَذكرُ مِن عبد الله شيئًا؟ قال: لا" (¬2). وقال أبو زُرعة، وأبو حاتم في أبي عُبيدة هذا: "لا يُسَمَّى، اسمُه كنيتُه" (¬3). وسمّاه مسلمٌ في كتاب الكنى عامِرًا (¬4). ¬

_ (¬1) سنن الترمذي (1/ 28). (¬2) السنن (1/ 26). وانظر: المراسيل (ص: 196)، جامع التحصيل (ص: 204)، تهذيب الكمال (14/ 61)، تهذيب التهذيب (5/ 65). (¬3) الجرح والتعديل (9/ 403)، وكذا ذكره البخاري في الكنى (ص: 51)، ولم يسمّه. (¬4) الكنى والأسماء (1/ 588) (رقم: 2398). ولحديث ابن مسعود طرق أخرى منها: ما أخرجه الترمذي في السنن كتاب: البيوع، باب: ما جاء إذا اختلف البيّعان (3/ 570) (رقم: 1270)، وأحمد في المسند (1/ 466)، وابن أبي شيبة في المصنف (4/ 342)، والبيهقي في السنن الكبرى (5/ 332)، وفي معرفة السنن (4/ 369) (رقم: 3492)، وابن عبد البر في التمهيد (24/ 291) من طريق محمَّد بن عجلان عن عون بن عبد الله عن ابن مسعود به. قال الترمذي: "هذا حديث مرسل، عون بن عبد الله لم يدرك ابن مسعود". وبنحوه قال ابن عبد البر. ونقل البيهقي عن الشافعي أنه قال: "هذا حديث منقطع، لا أعلم أحدا يصله عن ابن مسعود". - طريق آخر: أخرجه الدارقطني في السنن (3/ 21) (رقم: 71) من طريق محمَّد بن عبيد بن عبد عن أحمد بن مسبح الجمال عن عصمة بن عبد الله عن إسرائيل عن الأعمش عن أبي وائل عن ابن مسعود به. والحاصل أن حديث ابن مسعود من جميع طرقه فيه ضعف إما من جهة الانقطاع أو الضعف في بعض رواته. قال ابن الجوزي: "في هذه الأحاديث مقال فإنها مراسيل وضعاف". التحقيق (2/ 186). وقال المنذري: "وقد روي هذا الحديث من طرق عن عبد الله بن مسعود كلها لا تثبت". مختصر السنن (5/ 164). وقال ابن عبد البر: "هذا الحديث وإن كان في إسناده مقال من جهة الانقطاع مرة، وضعف بعض نقلته أخرى، فإن شهرته عند العلماء بالحجاز والعراق يكفي ويغني". التمهيد (24/ 293)، وانظر: (ص: 290).

فصل: عبد الله بن مسعود هو ابن غَافِل -بالفاء وغين معجمة- هُذَليٌّ حَلِيفٌ لبني زُهرةَ، وأمُّه أمُّ عَبدٍ هُذَلِيَّة أيضًا، وربَّما نُسِب إليها فقيل: ابنُ أمّ عَبدٍ, أَسْلَمَ بِمكةَ قَديمًا وهاجَرَ الهِجرَتنِن (¬1)، وقال فيه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما حَدَّثَكم ابنُ مسعود مِن شيء فصَدّقوه". خرّجه الترمذي، وابنُ أبي شيبة عن حُذيفةَ، وفي بعضِ طُرُقِه: "إذا حَدَّثكم ابنُ أمّ عَبدٍ فصَدّقوه" (¬2). ¬

_ (¬1) انظر: الطبقات الكبرى (3/ 111)، المعجم الكبير (9/ 64)، المستدرك (3/ 312)، الاستيعاب (3/ 987)، الإصابة (4/ 233)، تهذيب الكمال (16/ 121). (¬2) لم أجده باللفظ الذي ذكره المصنف، ولعله ذكره من حفظه فأخطأ فيه. وأخرجه الترمذي في السنن كتاب: المناقب، باب: مناقب حذيفة بن اليمان رضي الله عنه من طريق عبد الله بن عبد الرحمن، عن إسحاق بن عيسى، عن شريك بن عبد الله، عن أبي اليقظان، عن زاذان، في حذيفة قال: قالوا: يا رسول الله لو استخلفت؟ قال: "إن أستخلف عليكم فعصيتموه عذّبتم، ولكن ما حدّثكم حذيفة فصدّقوه، وما أقرأكم عبد الله فاقرءوه". قال عبد الله: فقلت لإسحاق بن عيسى: "يقولون هذا عن أبي وائل؟ قال: عن زاذان إن شاء الله". قال الترمذي: "هذا حديث حسن، وهو حديث شريك". وأخرجه الحاكم في المستدرك (3/ 70) من طريق الأسود بن عامر، عن شريك بن عبد الله، عن عثمان بن عمير -وهو أبو اليقظان-، عن شقيق بن سلمة -وهو أبو وائل-، عن حذيفة قال: قالوا: يا رسول الله، لو استخلفت علينا؟ قال: "إن أستخلف عليكم خليفة فتعصوه ينزل بكم العذاب". قالوا: لو استخلفت علينا أبا بكر؟ قال: إن أستخلفه عليكم تجدوه قويا في أمر الله ضعيفا في جسده". قالوا: لو استخلفت علينا عمر؟ قال: "إن أستخلفه عليكم تجدوه قويا أمينا لا تأخذه في الله لومة لائم". قالوا: لو استخلفت علينا عليّا؟ قال: "إنكم لا تفعلوا، وإن تفعلوا تجدوه هاديا مهديا يسلك بكم الطريق المستقيم". ولم يذكر حذيفة ولا ابن مسعود. قال الذهبي: "عثمان أبو اليقظان ضعّفوه، وشريك شيعي ليّن الحديث". قلت: وهذا الاختلاف في المتن والإسناد من أبي اليقظان، قال عنه الحافظ: "ضعيف واختلط وكان يدلّس ويغلو في التشيّع". انظر: تهذيب الكمال (19/ 469)، تهذيب التهذيب (7/ 132)، التقريب (رقم: 4507). قلت: والخبر منكر ففيه أثر التشيّع. وأخرج البخاري في صحيحه كتاب: فضائل أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، باب: مناقب سالم مولى أبي حذيفة رضي الله عنه (4/ 589) (رقم: 3758) عن مسروق قال: ذُكر عبد الله عند عبد الله بن عمرو فقال: ذاك رجل لا أزال أحبّه بعد ما سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "استقرئوا القرآن من أربعة: من عبد الله بن مسعود فبدأ به، وسالم مولى أبي حذيفة، وأبيّ بن كعب، ومعاذ بن جبل".

44 / مسند عبد الله بن سلام بن الحارث الإسرائيلي حليف الأنصار

44 / مسند عبد الله بن سَلام (¬1) بن الحارث الإسْرائِيلي حليفُ الأنصار حديث في مساق غيره وهو مشترك، وفيه نظر. * حديث: أَلَم يَقلْ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من جَلَسَ مَجلِسًا ينتَظِر الصلاةَ فهو في صلاةٍ حتى يُصلِّي". في أبواب الجمعة. عن يزيد بن الهادي، عن محمّد بن إبراهيم، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن عبد الله بن سَلام، قاله في حديث طويل لأبي هريرة، وقال فيه أبو هريرة: "بلى" (¬2). وفي إضافةِ هذا إلى عبد الله نظرٌ؛ لأنَّ قولَه يَحتَمِلُ أن يكون استِفهامًا، ويَحتَمِلُ أن يكون تقريرًا، وأبو هريرة لَم يقْصِدْ روايتَه عنه، بل شَهِدَ له به، وهو محفوظٌ لأبي هريرة. وجاء عنه في الموطأ من طريق الأعرج بلفظٍ آخَر (¬3). ورُوي عن عبد الله بن سَلام بلفظِ الخَبَرِ (¬4). ¬

_ (¬1) سَلاَم: بتخفيف اللَّام. انظر: مختصر من الكلام في الفرق بين مَن اسم أبيه سلاّم وسلام لأبي على الحسيني (ص: 589 - ضمن مجلة المجمع العلمي العربي). (¬2) الموطأ كتاب: الجمعة، باب: ما جاء في الساعة التي في يوم الجمعة (1/ 110) (رقم: 16). وسيأتي تخريجه في مسند أبى هريرة (3/ 312). (¬3) سيأتي حديثه (3/ 362). (¬4) أخرجه ابن ماجه في السنن كتاب: إقامة الصلاة، باب: ما جاء في الساعة التي ترجى في الجمعة (1/ 360) (رقم: 1139)، وأحمد في المسند (5/ 451)، وأبي بكر المروزي في جزء الجمعة =

وفي حديث الموطأ قولُ عبد الله بن سَلاَم في ساعةِ الإِجابَةِ على آخِر ساعةٍ موقوفًا عليه، وقد رُوي عن أبي سلمة، عن جابر بن عبد الله أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "التَمِسوها آخِرَ ساعةٍ بعد العصر". خَرَّجه أبو داود وقاسِم بن أصبغ (¬1). ¬

_ = وفضلها (رقم: 4)، وابن حجر في نتائج الأفكار (2/ 410) من طريق الضحاك بن عثمان، عن أبي سلمة، عن عبد الله بن سلام قال: قلت، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالس: إنا لنجد في كتاب الله: في يوم الجمعة ساعة لا يوافقها عبد مؤمن يصلي يسأل الله فيها شيئا إلا قضى له حاجته. قال عبد الله: فأشار إليّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أو بعض ساعة". فقلت: صدقت، أو بعض ساعة. قلت: أيّ ساعة هي؟ قال: "هى آخر ساعات النّهار". قلت: إنها ليست ساعة صلاة. قال: "بلى، إنَّ العبد المؤمن إذا صلى ثم جلس، لا يحبسه إلا الصلاة فهو في صلاة". لفظ ابن ماجه. قال البوصيري: "إسناده صحيح، رجاله ثقات على شرط الصحيح". مصباح الزجاجة (3/ 380). وقال ابن حجر: "حديث صحيح، وظاهر سياقه الرفع". نتائج الأفكار (2/ 410). (¬1) أخرجه أبو داود في السنن كتاب: الصلاة، باب: الإجابة، أيّة ساعة هي في يوم الجمعة (1/ 636) (رقم: 1048)، والنسائي في السنن كتاب: الجمعة، باب: وقت الجمعة (3/ 99)، والحاكم في المستدرك (1/ 279)، والطبراني في الدعاء (2/ 861) (رقم: 184)، والبيهقي في السنن الكبرى (3/ 250)، وابن عبد البر في التمهيد (19/ 20)، وابن حجر في نتائج الأفكار (2/ 411) من طرق عن عمرو بن الحارث، عن الجُلاح مولى عبد العزيز، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن جابر به. وقال الحاكم: "صحيح على شرط مسلم، فقد احتج بالجُلاح أبي كثير ولم يخرجاه". ووافقه الذهبي. وقال البيهقي في الشعب: "وهذا إسناد ضعيف". قلت: فيه الجُلاح -بضم الجيم وتخفيف اللام ثم مهملة- أبو كثير مولى عبد العزيز، وهو صدوق كما في التقريب (رقم: 990). وحسّن الحافظ إسناد الحديث في الفتح (2/ 487)، وقال في نتائج الأفكار: "حديث صحيح". قلت: ولعل البيهقي ضعّفه لمخالفة موسى بن عقبة للجُلاح، أخرجه عبد الرزاق في المصنف (3/ 262) (رقم: 5579) عن ابن جريج قال: حدّثني موسى بن عقبة أنه سمع أبا سلمة بن عبد الرحمن أنه سمع عبد الله بن سلام يقول، فذكره بنحوه. وإسناده صحيح موقوف. قال ابن رجب: "وعندي أنَّ رواية موسى بن عقبة الموقوفة أصح، ويؤيّده أن جماعة رووه عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن عبد الله بن سلام". فتح الباري له (8/ 288).

وللترمذي عن أنسٍ نحوه (¬1). وروي غيرُ هذا، انظره في مسند أبي هريرة من طريقِ الأعرج (¬2)، وطريق أبي سلمة (¬3). فصل: في الكنى: أبو بكر الصديق، واسمه عَتِيق، وقيل: عبد الله (¬4)، وأبو موسى الأشعريِّ واسمه: عبد الله بن قَيس (¬5)، وأبو جُهيم قيل: اسمه عبد الله ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في السنن كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في الساعة التي ترجى في يوم الجمعة (2/ 360) (رقم: 489)، والبغوي في شرح السنة (2/ 554) (رقم: 1046) من طريق عبيد الله بن عبد المجيد الحنفي. وأخرجه أبو نعيم في أخبار أصبهان (1/ 176) من طريق بكر بن بكار، كلاهما عن محمَّد بن أبي حميد عن موسى بن وردان عن أنس بن مالك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "التمسوا الساعة التي تُرحى في يوم الجمعة بعد العصر إلى غيبوبة الشمس". وقال الترمذي: "هذا حديث غريب من هذا الوجه، وقد روي هذا الحديث عن أنس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من غير هذا الوجه، ومحمد بن أبي حميد يُضعَّف، ضعّفه بعض أهل العلم من قِبل حفظه، ويُقال له: حماد بن أبي حميد، ويُقال له: أبو إبراهيم الأنصاري، وهو منكر الحديث". وقال ابن حجر: "إسناده ضعيف". الفتح (3/ 478). والوجه الذي أشار إليه الترمذي ما أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (1/ 258) (رقم: 347)، والأوسط (1/ 49) (رقم: 136)، والدعاء (3/ 861) (رقم: 185)، وابن حجر في نتائج الأفكار (2/ 412) من طريق يحيى بن بكير عن عبد الله بن لهيعة عن موسى بن وردان بنحوه. وسنده ضعيف لضعف ابن لهيعة. وقال ابن حجر في نتائج الأفكار (2/ 412): "حديث غريب من هذا الوجه". ثم ذكر متابعة محمَّد بن أبي حميد لابن لهيعة وقال: "وقد توبع كما ترى، واجتماعهما يدل على أنّ للحديث أصلًا". (¬2) سيأتي حديثه (3/ 362)، ويأتي هناك ذكر الاختلاف في ساعة الإجابة يوم الجمعة. (¬3) سيأتي حديثه (3/ 312). (¬4) سيأتي مسنده (3/ 133). (¬5) سيأتي مسنده (3/ 189).

ابن جُهيم (¬1) , وأبو هريرة قيل: اسمه عبد الله، وقيل: عبد الرّحمن، وقيل: عبد شمس (¬2)، وأبو حميد قيل: اسمه عبد الرّحمن (¬3). وفي المنسوبين: ابن النضر أو أبو النضر وسمّاه ابن وهب: عبد الله بن عامر (¬4). انظر الكلَّ في موضعِه. ولعبد الرّحمن بن الزَّبير حديث العُسيلة، انظره في مرسَلِ ابنه الزُّبير بن عبد الرّحمن (¬5). * * * ¬

_ (¬1) سيأتي مسنده (3/ 158) ووقع في الأصل: "أبو جَهم" في الموضعين، وسيأتي في مسنده أنَّه أبو جهيم، ويذكر المصنف الاختلاف في اسمه وكنيته. (¬2) سيأتي مسنده (3/ 284). (¬3) سيأتي مسنده (3/ 161). (¬4) سيأتي مسنده (3/ 583). (¬5) سيأتي مرسله (4/ 552).

45/ مسند عبادة بن الصامت بن قيس الأنصاري السلمي

45/ مسند عُبادة بن الصّامت بن قيس الأنصاري السّلمي حديثان. 251/ حديث: "بايعنا رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - على السَّمع والطاعةِ في العُسْرِ واليُسر ... ". وذَكَر أشياء. في الجهاد، في باب: الترغيب في الجهاد المذكور في أوّله، ولا يُطابِقُ الترجمة (¬1). عن يحيى بن سعيد، عن عُبادة بن الوليد بن عُبادة، عن أبيه، عن جَدِّه عبادة بن الصَّامت (¬2). جَوَّدَه يحيى بنُ يحيى وفيه خُلْف، وهذا هو الصوابُ، قاله الدارقطني (¬3). ¬

_ (¬1) إذ ليس في الحديث ما يبيّن فضيلة الجهاد، ولا الترغيب فيه، والله أعلم. (¬2) الموطأ كتاب: الجهاد، باب: الترغيب في الجهاد (2/ 357) (رقم: 5). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الأحكام، باب: كيف يبايع الناس الإمام (8/ 466) (رقم: 7199، 7200) من طريق إسماعيل بن أبي أويس. والنسائي في السنن كتاب: البيعة، باب: البيعة على أن لا ننازع الأمر أهله (7/ 138) من طريق ابن القاسم، كلاهما عن مالك به. (¬3) لم أقف على قول الدارقطني. وتابع يحيى على إسناده: - ابن القاسم (ص: 523) (رقم: 505 - تلخيص القابسي-)، والجمع بين روايته ورواية ابن وهب (ل: 15 / ب)، و (ل: 126 / ب)، وأبو مصعب الزهري (1/ 345) (رقم: 896)، ويحيى بن بكير (ل: 69 / ب- نسخة الظاهرية-). وابن وهب كما في الجمع بين روايته ورواية ابن القاسم (ل: 15 / ب)، و (ل: 126 / ب)، وأخرجه =

وانظر أحاديثَ البَيْعَة لأُمَيمة (¬1)، ولابنِ عمر من طريقِ ابن دينار (¬2). 252/ حديث: "خَمْسُ صلواتٍ كتبهن الله تعالى على العِباد فمن جاء بهنَّ لَم يُضَيِّعْ منهن شيئًا ... ". في الأمر بالوتر. عن يحيى بن سعيد، عن محمّد بن يحيى بن حَبَّان، عن ابن مُحَيْرِيز، عن رجل من بني كِنانة يُدعى المُخْدجي، عن عُبادة (¬3). ¬

_ = من طريقه أبو عوانة كما في إتحاف المهرة (6/ 461)، ووقع في المطبوع من أبي عوانة (4/ 455): أخبرني عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت قال: أخبرني أبي عبادة بن الصامت، فلعلها سقطت كلمة "عن" بين أبي، وعبادة بن الصامت. - ومصعب الزبيري في حديثه (ل: 21/ أ). - والقعنبي عند البيهقي في السنن الكبرى (8/ 451). وخالف هؤلاء الرواة عن مالك: قتيبة بن سعيد فرواه عن مالك عن يحيى بن سعيد قال: أخبرني عبادة بن الوليد قال: أخبرني أبي قال: "بايعنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... " الحديث، أخرجه النسائي في السنن الكبرى (5/ 212) (رقم: 8693). قال ابن عبد البر: "ورواه القعنبي في جامع الموطأ وعبد الله بن يوسف عن مالك عن يحيى عن عبادة بن الوليد عن عبادة بن الصامت، ولم يذكر أباه". ثم قال بعد أن ذكر رواية يحيى الليثي ومن تابعه: "وما خالفه عن مالك فليس بشيء". التمهيد (23/ 271). (¬1) سيأتي حديثها (4/ 246). (¬2) تقدّم حديثاه (2/ 486). (¬3) الموطأ كتاب: صلاة الليل، باب: الأمر بالوتر (1/ 120) (رقم: 14). وأخرحه أبو داود في السنن كتاب: الصلاة، باب: فيمن لم يوتر (2/ 130) (رقم: 1420) من طريق القعنبي. والنسائي في السنن كتاب: الصلاة، باب: المحافظة على الصلوات الخمس (1/ 230) من طريق قتيبة. وسنده ضعيف، لجهالة المخدجي وسيأتي الكلام عليه.

وفيه قولُ أبي محمّد: "إنَّ الوترَ واجبٌ"، وتكذيبُ عُبادةَ له. وأبو محمّد هذا هو مسعود، وقيل: سَعد بن أَوْس، من الصحابة (¬1). وقوله: "إنَّ الوترَ واجبٌ" خَبَرٌ قد يُلحقُ بالمرفوع؛ لأنَّ الواجبَ هو ما أوجَبَه الله تعالى في كتابه أو على لسانِ نَبيِّه - صلى الله عليه وسلم -، فقوله: "واجبٌ"، معناه الإخبارُ بإيجابِ الله تعالى إِيَّاه على لسان الرَّسولِ - صلى الله عليه وسلم -، إذ ليس في القرآن، وإذا قال الصحابيُّ: "أوجب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "، لَم يُطَالَب بنَقْلِ اللَّفظِ وتُلُقِّيَ بالقَبولِ. وقد سُئِلَ ابنُ عمر عن وجوب الوِتر فحَادَ عن الجوابِ؛ إذ لَم يَكن عنده فيه نصٌّ جَلِيٌّ، وقال: "أَوْتَرَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأَوْتَرَ المسلمون" (¬2). مع أنَّه روى الأمرَ به، روى نافع، عنه أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "اجعَلُوا آخِرَ صلاِتكم باللَّيلِ وِتْرًا". خُرِّج في الصحيح (¬3). وروى ابنُ سيرين، عن ابن عمر أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "صلاةُ المغرب وِتْرُ صلاةِ النَّهارِ فأَوتِروا صلاةَ اللَّيل". خرّجه النسائي (¬4). ¬

_ (¬1) اختلف في اسمه، واسم أبيه على أقوال كثيرة، وهو مشهور بكنيته ونسبته للأنصار. انظر: الاستيعاب (4/ 1754)، الإصابة (7/ 366). (¬2) تقدّم هذا الحديث (2/ 523). (¬3) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الوتر, باب: يجعل آخر صلاته وترا (2/ 302) (رقم: 998). (¬4) السنن الكبرى كتاب: الوتر، باب: الأمر بالوتر (1/ 435) (رقم: 1382). وأخرجه أحمد في المسند (2/ 30)، وابن أبي شيبة في المصنف (2/ 80) (رقم: 6709)، وعبد الرزاق في المصنف (3/ 28) (رقم: 4675)، وابن عدي في الكامل (5/ 192)، من طرق عن هشام بن حسّان عن ابن سيرين به. وتابع هشامًا على هذا الإسناد: -أيوب السختياني عند عبد الرزاق في المصنف (2/ 28) (رقم: 4676). =

ولمَّا كان مُجَرَّدُ الأمرِ لا يقتَضِي الوجوبَ عنده لم يَجْتَزِ بهذا فيقول: "إنَّه واجب" (¬1). ولعلَّ أبا محمَّدٍ سَمع الأمرَ به فتَلَقَّاه على الوجوبِ، وقال: "الوِترُ واجبٌ" مُتَأَوِّلًا، ولِهذا أَكذَبَه عُبادةُ، وعارَضَه بالحديث الذي ذَكَر، وفي الإجتزَاءِ به نَظرَ (¬2)؛ لأنَّ الله تعالى يُحْدِثُ مِن أمرِه ما شاء. ¬

_ = - خالد الحذّاء عند ابن عدي في الكامل (5/ 192)، لكن الراوي عنه علي بن عاصم، وهو صدوق يخطئ ويصرّ كما في التقريب (رقم: 4758)، وروايته عن خالد الحذّاء خاصة فيها شيء. انظر: تهذيب الكمال (20/ 504). - هارون بن إبراهيم الأهوازي عند أحمد في المسند (2/ 82)، والطبراني في المعجم الصغير (2/ 131) (رقم: 1081). وخالفهم: - خالد السّلمي عند ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 80) (رقم: 6714). - والأشعث بن عبد الملك عند النسائي في الكبرى (1/ 435) (رقم: 1383)، فروياه عن محمَّد بن سيرين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلًا. وخالد السلمي لا أدري من هو، فإن كان ابن اللجلاج فهو مجهول كما في التقريب (رقم: 1673). والأشعث ثقة. لكن رواية الأكثر والأحفظ أصح وأرجح؛ هشام بن حسّان من أوثق الناس في ابن سيرين. قال أبو حاتم: "كان يتثبّت في رفع الأحاديث عن ابن سيرين". الجرح والتعديل (2/ 256). وكذا أيوب، قال ابن المديني: "ليس في القوم يعني هشامًا وسلمة بن علقمة وعاصمًا الأحول وخالدًا الحذّاء مثل أيوب وابن عون، وأيّوب أثبت في ابن سيرين من خالد الحذاء". الجرح والتعديل (2/ 256). فالحديث صحيحٌ متصلٌ، والله أعلم. (¬1) ويُحتمل أنَّ ابنَ عمر سمع الأحاديث الصارفة للأمرِ عن الوجوب فلم يَقل به. (¬2) أي حدثنا عبادة.

قال خارِجةُ بن حُذافةَ: خَرَجَ علينا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "إنَّ الله أمرَكم بصلاةٍ هي خَيْرٌ لكم من حُمْرِ النَّعَم، الوترُ جَعَلَه الله فيما بين صلاةِ العشاءِ إلى أن يَطْلُعَ الفَجرُ". خَرَّجه الترمذي، وأبو داود وغيرُهما (¬1). ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في السنن كتاب: الصلاة، باب: استحباب الوتر (2/ 128) (رقم: 1418). والترمذي في السنن كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في فضل الوتر (2/ 314) (رقم: 452). وابن ماجه في السنن كتاب: إقامة الصلاة، باب: ما جاء في الوتر (1/ 369) (رقم: 1168). وأحمد في المسند كما في أطرافه (2/ 292)، وإتحاف المهرة (4/ 349)، وسقط من المطبوع. والدارمي في السنن كتاب. الصلاة، باب: في الوتر (1/ 446) (رقم: 1576). والبخاري في التاريخ الكبير (3/ 203)، وابن سعد في الطبقات (4/ 143)، وابن أبي شيبة في المصنف (2/ 92) (رقم: 6857) (وسقط منه عبد الله بن أبي مرّة، وتصحّف الزوفي إلى الرزقي)، وابن أبي خيثمة في تاريخه (رقم: 410، 412 - رسالة الحمدان-)، وابن نصر المروزي في الوتر (ص: 267 - المختصر) وابن عدي في الكامل (3/ 50)، والطحاوي في شرح المعاني (1/ 430)، والدارقطني في السنن (2/ 30)، والحاكم في المستدرك (1/ 306)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (2/ 112) (رقم: 816)، والطبراني في المعجم الكبير (4/ 200، 201) (رقم: 4136، 4137)، والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 477)، والمزي في تهذيب الكمال (8/ 8) من طرق عن يزيد بن أبي حبيب عن عبد الله بن راشد الزوفيّ عن عبد الله بن أبي مرّة الزوفيّ عن خارجة به. وقال الترمذي: "حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث يزيد بن أبي حبيب". وقال الحاكم: "صحيح الإسناد"، ووافقه الذهبي. قلت: وأعلّه بعض أهل العلم بالانقطاع. قال البخاري: " [لا يعرف] لإسناده سماع بعضهم من بعض". التاريخ الكبير (3/ 203)، وما بين المعقوفين زيادة من الكامل وتهذيب الكمال. وقال ابن حبّان: "خارجة بن حذافة ... إسناد خبره مظلم، لا يعرف سماع بعضهم من بعض". الثقات (3/ 111). وقال أيضا: "إسناد منقطع ومتن باطل". الثقات (5/ 45). وقال: "عبد الله بن راشد الزوفيّ، يروي عن عبد الله بن أبي مرّة إن كان سمع منه، روى عنه يزيد بن أبي حبيب: "إن الله زادكم صلاة وهي الوتر"، ومن اعتمده اعتمد إسنادًا مشوَّشًا". الثقات (7/ 35). قلت: وعبد الله بن راشد الزوفي قال عنه الذهبي: "قيل: لا يعرف سماعه من أبي مرّة، قلت: ولا هو بالمعروف". الميزان (3/ 134). =

وروى عَمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جَدِّه مرفوعًا قال: "إنَّ الله تعالى قد زَادَكم صلاةً وهي الوِترُ فحافِظوا عليها". خَرَّجه قاسمُ بن أَصبغ، وابنُ أبي شيبة، والطيالسي (¬1). ¬

_ = وقال ابن حجر: "مستور". التقريب (رقم: 3303). والحديث بهذا الإسناد ضعيف، إلا أن له شواهد تقوّيه ذكرها الزيلعي في نصب الراية (2/ 108 - 113)، والحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير (2/ 14 - 17)، والشيخ الألباني في الإرواء (2/ 158 - 159)، ومنها حديث عمرو بن شعيب الآتي. (¬1) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 92) (رقم: 6858)، وأحمد في المسند (2/ 180، 208) من طريق حجاج بن أرطاة، عن عمرو بن شعيب به. وحجَّاج صدوقٌ كثيرُ الخطأ والتدليس. التقريب (رقم: 1119). ولم يصرح بالتحديث. وقال ابن معين: "صدوق، ليس بالقوي يدلس عن محمَّد بن عبيد الله العرزمي عن عمرو بن شعيب". وقال ابن المبارك: "كان حجّاج يدلس، وكان يحدّثنا الحديث عن عمرو بن شعيب مما يحدّثه العرزمي، والعرزمي متروك لا نقرّ به". انظر: تهذيب الكمال (5/ 425). قلت: ولعل هذا الحديث من تلك الأحاديث، فقد أخرجه الدارقطني في السنن (2/ 31) (رقم: 3) من طريق محمَّد بن عبيد الله العرزمي. وقال الدارقطني: "محمَّد بن عبيد الله العرزمي ضعيف". قلت: هو متروك كما قال ابن المبارك. وانظر: تهذيب الكمال (20/ 41)، تهذيب التهذيب (9/ 287)، التقريب (رقم: 6008). وأخرجه الطيالسي في مسنده (ص: 299)، وأحمد في المسند (2/ 206)، وابن نصر المروزي في الوتر (ص: 268 - مختصر المقريزي) من طريق المثنى بن الصباح، عن عمرو به. والمثنى ضعيف، وقال صالح جزرة: "مثنى بن الصباح عن عمرو بن شعيب ينقض الوضوء ويقطع الصلاة". انظر: الكامل (6/ 424)، تهذيب الكمال (27/ 203)، التقريب (رقم: 6471). وأخرجه الحارث بن أبي أسامة في مسنده (1/ 336) (رقم: 226 - بغية الباحث) من طريق العباس بن الفضل عن همام عن قتادة عن عمرو به. والعباس بن الفضل ضعيف جدًّا. قال ابن حجر: "ضعيف، وقد كذّبه ابن معين". انظر: تهذيب الكمال (14/ 243)، الميزان (3/ 99)، تهذيب التهذيب (5/ 112)، التقريب (رقم: 3186).

ورُوي عن أبي أَيّوب الأنصاريِّ أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال. "الوِترُ حَقٌّ على كلِّ مسلمٍ". وعن عبد الله بن بُريدَة، عن أبيه مرفوعًا: "الوِترُ حَقٌّ، فمَن لَم يوتِر فليسَ منَّا". خَرَّجهما أبو داود في السنن (¬1). ¬

_ = وأخرجه ابن حبان في المجروحين (2/ 73، 74) من طريق ابن لهيعة، عن عمرو بن شعيب به. وابن لهيعة ضعيف، وقال ابن حبان بعد أن ذكر عدَّة أحاديث بهذا الإسناد: "في نسخة كتبناها عنه طويلة لا ينكر من هذا الشأن صناعته أنّ هذه الأحاديث موضوعة أو مقلوبة، وابن لهيعة قد تبرأنا من عهدته في موضعه من هذا الكتاب". قلت: وكلام ابن حبان وجيه؛ إذ إن ابن لهيعة كان يدلس أحاديث عمرو بن شعيب، وذلك لغفلته وسوء حفظه. قال عبد الرحمن بن مهدي: "كتب إليّ ابن لهيعة كتابا فيه: ثنا عمرو بن شعيب. قال عبد الرحمن: فقرأته على ابن المبارك فأخرج إليّ ابن المبارك من كتابه عن ابن لهيعة فإذا فيه: حدّثني إسحاق بن أبي فروة عن عمرو بن شعيب". الجرح والتعديل (5/ 146)، والكامل (4/ 144، 145). وقال العقيلي: "حدّثنا محمَّد بن عيسى قال: حدثنا محمَّد بن علي قال: سمعت أبا عبد الله وذكر ابن لهيعة وقال: كان كتب عن المثنى بن الصباح عن عمرو بن شعيب، وكان بعد يحدّث بها عن عمرو بن شعيب نفسه". الضعفاء (2/ 294). وللحديث طريق آخر، أخرجه الإمام أحمد في كتاب الأشربة (ص: 84) (رقم: 213): حدّثنا هاشم، ثنا فَرَج، ثنا إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو به. وإبراهيم هو ابن عبد الرحمن بن رافع الحضرمي مجهول كما في تعجيل المنفعة (ص: 19). قلت: والحديث بكل هذه الطرق والأسانيد لم يسلم من علّة. قال الحافظ ابن حجر: "رواه أحمد والدارقطني من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه، وإسناده ضعيف". التلخيص الحبير (2/ 16)، وانظر: إرواء الغليل (2/ 240). (¬1) حديث أبي أيوب اختلف في رفعه ووقفه: أخرجه أبو داود في السنن كتاب: الصلاة، باب: كم الوتر؟ (2/ 132) (رقم: 1422)، والحاكم في المستدرك (1/ 303) من طريق بكر بن وائل. والنسائي في السنن كتاب: قيام الليل، باب: ذكر الاختلاف على الزهري في حديث أبي أيوب في الوتر (3/ 238)، وفي الكبرى (1/ 440) (رقم: 1401)، وابن ماجه في السنن كتاب: إقامة =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = الصلاة، باب: ما جاء في الوتر بثلاث .. (1/ 376) (رقم: 1190)، وابن حبّان في صحيحه (الإحسان) (6/ 170) (رقم: 2410)، والطحاوي في شرح المعاني (1/ 291)، وابن نصر المروزي في الوتر (ص: 293 - مختصر المقريزي) (وتصحّف فيه الزهري إلى الزبير)، والحاكم في المستدرك (1/ 302)، والدارقطني في السنن (2/ 22)، والطبراني في المعجم الكبير (4/ 147) (رقم: 3961) من طريق الأوزاعي. والنسائي في السنن (3/ 238)، وفي الكبرى (1/ 440) (رقم: 1401)، والدارقطني في السنن (2/ 23) (رقم: 4)، والطبراني في المعجم الكبير (رقم: 3965) من طريق دويد بن نافع. والطبراني في المعجم الكبير (رقم: 3967) من طريق محمَّد بن أبي حفصة. (ووقع في المطبوع: محمَّد بن أبي حفصة عن أبي حفصة، وزيادة أبي حفصة في الإسناد خطأ، والمعروف بالرواية عن الزهري محمَّد، وعزا أبو حاتم في العلل (1/ 172)، والدارقطني في العلل (6/ 98) هذه الطريق لمحمد بن أبي حفصة). والطبراني في المعجم الكبير (رقم: 3964)، وفي الأوسط (2/ 267) (رقم: 1944) من طريق أشعث بن سوّار. وأحمد في المسند (5/ 418)، والدارمي في السنن (1/ 448) (رقم: 1582)، وابن أبي شيبة في المصنف (2/ 91) (رقم: 6845)، والطحاوي في شرح المعاني (1/ 291)، والدارقطني في السنن (2/ 23) (رقم: 5)، والحاكم في المستدرك (1/ 303)، والطبراني في المعجم الكبير (رقم: 3963) من طريق سفيان بن حسين. والدارقطني في السنن (2/ 23) (رقم: 3)، والحاكم في المستدرك (1/ 302) من طريق محمَّد بن الوليد الزبيدي. كلُّ هوَلاء عن الزهري عن عطاء بن يزيد الليثي عن أبي أيوب عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرفوعًا. إلَّا أن الزبيدي وسفيان بن حسين لم يذكرا في الحديث: "الوتر حق". وأفاد الدارقطني في العلل (6/ 99)، أنَّ أشعث بن سوار شك في رفعه، ولم أجد روايته بالشك، وما في المعجمين بالجزم في رفعه، وقال في روايته: "الوتر واجب"، لكن أشعث ضعيف. واختلف على ابن عيينة: فأخرجه الدارقطني (2/ 22/ 1)، والحاكم في المستدرك (1/ 303) من طريق محمَّد بن حسّان الأزرق عن ابن عيينة عن الزهري مرفوعًا. وتابعه: إبراهيم بن محمَّد عند الطبراني في المعجم الكبير (4/ 148) (رقم: 3966) قال: ثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن عطاء بن يزيد عن أبي أيوب بلغ به. وخالفهما: - ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 91، 92) (رقم: 6846، 6859). =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = - ويونس عند الطحاوي في شرح المعاني (2/ 292). - والحارث بن مسكين عند النسائي في السنن (3/ 239)، وفي الكبرى (1/ 441) (رقم: 1402). - والحميدي، وقتيبة، وسعيد بن منصور، ذكرهم الدارقطني في العلل (6/ 100). كل هوُلاء رووه عن ابن عيينة عن الزهري به موقوفًا على أبي أيوب. ورواية الأكثر والأحفظ أرجح والله أعلم. واختلف على معمر: فأخرجه الدارقطني في السنن (2/ 23) (رقم: 7)، والحاكم في المستدرك (1/ 303) من طريق عدي بن الفضل عن معمر عن الزهري مرفوعًا. قال الذهبي: "عدي بن الفضل تركوه". قلت: وتابعه وهيب بن خالد عند الطحاوي في شرح المعاني (1/ 291). وخالفهما: - عبد الرزاق في المصنف (3/ 19) (رقم: 4633). - وحماد بن زيد وعبد الأعلى وابن علية ذكرهم- الدارقطني في العلل (6/ 99)، رووه عن معمر عن الزهري به موقوفا. قال الدارقطني: "والذين وقفوه عن معمر أثبت ممّن رفعه". العلل (6/ 100). واختلف على يونس: فرواه ابن حبّان في صحيحه (6/ 167) (رقم: 2407)، (6/ 171) (رقم: 2411) من طريق حرملة بن يحيى عن يونس عن الزهري به مرفوعًا. قال الدارقطني: "وخالفه ابن أخي ابن وهب عن عمّه عن يونس فوقفه، وتابعه عثمان بن عمر ". العلل (6/ 99). واختلف أيضًا على محمَّد بن إسحاق: فرواه الحاكم في المستدرك (1/ 303) من طريقه عن الزهري موقوفًا. وأشار الدارقطني في العلل (6/ 98) أنه ممّن رواه مرفوعًا. وممن وقفه من أصحاب الزهري ولم يختلف عليه: - شعيب بن أبي حمزة عند البيهقي في السنن الكبرى (3/ 27). - عبد الله بن بُديل الخزاعي عند الطيالسي في المسند (ص: 80) (رقم: 593). - أبو مُعَيد، واسمه حفص بن غيلان عند النسائي في السنن (3/ 238)، وفي الكبرى (1441) (رقم: 1402). وذهب الحاكم إلى ترجيح الرفع على الوقف فقال: "هذا حديث صحيح الإسناد على شرط الشيخين ولم يخرجاه ... لست أشك أن الشيخين تركا هذا الحديث لتوقيف بعض أصحاب الزهري إياه، وهذا ممّا لا يعلل مثل هذا الحديث والله أعلم". المستدرك (1/ 302، 303). =

فمَن أَوْجَبَ الوِترَ قال في حديث عُبادة: مَن جاء بالخَمس قَبل إيجابِ الوترِ فله العَهدُ. وأقوى ما عورِضَ به آثارُ الوجوبِ قولُه تعالى في حديث الإسراء: "هِي خمسٌ وهي خمسون لا يُبَدَّلُ القولُ لَدَيَّ". خُرِّج في الصحيح (¬1). ¬

_ = وخالفه جمع من الحفاظ فرجّحوا الوقف على الرفع: قال أبو حاتم: "هو من كلام أبي أيوب". العلل (1/ 172). وقال النسائي: "الموقوف أولى بالصواب". السنن الكبرى (1/ 441). وقال ابن حجر: "وصحّح أبو حاتم والذهلي والدارقطني في العلل والبيهقي وقفه، وهو الصواب". التلخيص الحبير (2/ 14). وممّا يدل على أن الصواب الوقف أنَّ الرواة عن الزهري بالوقف من أحفظ أصحابه وفيهم معمر في أصح الروايات عنه، وكذا ابن عيينة، وشعيب بن أبي حمزة وغيرهم. وأما من وقفه كالأوزاعي والزبيدي ومحمد بن أبي حفصة فهم دون هؤلاء في الحفظ والإتقان. انظر: شرح العلل لابن رجب (2/ 613، 671). وأما حديث عبد الله بن بريدة عن أبيه: فأخرجه أبو داود في السنن كتاب: الصلاة باب: فيمن لم يوتر (2/ 129) (رقم: 1419)، وأحمد في المسند (5/ 37)، وابن أبي شيبة في المصنف (2/ 92) (رقم: 6863)، وابن نصر في الوتر (ص: 268 - مختصر المقريزي)، والحاكم في المستدرك (1/ 305)، والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 469، 470) من طرق عن أبي المُنيب عبيد الله بن عبد الله العتكي عن عبد الله بن بريدة به. وسنده ضعيف، أبو المنيب العتكي في حديثه عن عبد الله بن بريدة نكارة. قال الإمام أحمد: "ما أنكر حديث حسين بن واقد وأبي المنيب عن ابن بريدة". العلل (1/ 301 - رواية عبد الله-). واختلف الأئمة فيه توثيقًا وتجريحًا، وقال الحافظ ابن حجر: "صدوق يخطئ". انظر: تهذيب الكمال (19/ 82)، تهذيب التهذيب (7/ 25)، التقريب (رقم: 4312). والحاصل أنَّ الأحاديث التي ذكرها المؤلف في جميعها ضعف، إلا أنَّ بعضها يشدّ بعضًا، والله أعلم. (¬1) قطعة من حديث الإسراء الطويل، وهذا لفظ الإمام مسلم، أخرجه في صحيحه كتاب: الإيمان, باب: الإسراء برسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى السموات وفرض الصلوات (1/ 148) (رقم: 163). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: التوحيد، باب: قوله: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} (8/ 567) (رقم: 7517).

وللكلامِ في هذه القاعدةِ موضعٌ غير هذا، وإنَّما قَصدتُ ها هنا بيانَ حالِ الحديثِ (¬1). وانظر حديثَ أبي محمّد في مسنده (¬2). وابن مُحَيْرِيز اسمه: عبد الله، جُمَحِيٌّ، وهو أخو عبد الرّحمن (¬3). والمُخْدِجي لقب واسمه: رُفَيع، وهو مجهول (¬4). ¬

_ (¬1) اختلف العلماء في صلاة الوتر على قولين: فقال الجمهور والظاهرية بسنيّته، وجعلوه من أوكد السنن. وذهب أبو حنيفة إلى وجوبه (وهو دون الفرض عنده) استدلالًا بالأحاديث التي نصّت على أن الوتر حق، وواجب. وأقوى ما عورض به الوجوب كما قال المصنف حديث الإسراء؛ لأنَّه خبر من الله عزَّ وجلَّ والأخبار لا يدخلها النسخ، وأما ما جاء من الأحاديث التي فيها أن الوتر حق، فيحمل على تأكيد سنيته، والله أعلم. انظر: المنتقى للباجي (1/ 221)، المحلى (2/ 4 - 7)، بداية المجتهد (1/ 113)، المغني (2/ 591)، المجموع شرح المهذّب (4/ 19)، شرح فتح القدير (1/ 423)، البناية في شرح الهداية (2/ 565)، نيل الأوطار (3/ 34). (¬2) سيأتي حديثه (3/ 198). (¬3) مُحَيْرِيز: بمهملة وراء آخره زاي، مصغّر. والجُمَحي: بضم الجيم وفتح اليم بعدها مهملة. انظر: تهذيب الكمال (16/ 106)، تهذيب التهذيب (6/ 20)، التقريب (رقم: 3604). (¬4) قال ابن عبد البر: "قال مالك: المخدجي لقب وليس بنسب في شيء من قبائل العرب. وقيل: إن المخدجي اسمه رفيع ذكر ذلك عن ابن معين". التمهيد (23/ 289). قلت: ذكره ابن حبّان في الثقات (5/ 570) وقال: "أبو رفيع المخدجي من بني كنانة". وكذا قال في صحيحه (الإحسان) (5/ 24). وحكى المزي القولين في تهذيب الكمال (34/ 315). وقال ابن حجر: "أبو رُفيع -بالتصغير-، المخدجي -بالخاء المعجمة ثم جيم- ويقال: اسمه رفيع، مقبول". التقريب (رقم: 8100).

ورَوى الزهري حديث عُبادة هذا عن أبي إدريس عائِذ الله، عنه. خَرَّجه الطيالسي (¬1). ¬

_ (¬1) مسند الطيالسي (ص: 78)، وأخرحه ابن نصر المروزي في تعظيم قدر الصلاة (2/ 970) (رقم: 1054)، كلاهما من طريق زمعة بن صالح عن الزهري به. وسنده ضعيف، لضعف زمعة بن صالح. وقال ابن أبي حاتم: "سئل أبو زرعة عن زمعة بن صالح فقال: ليّن واهي الحديث، حديثه عن الزهري، كأنه يقول مناكير". انظر: الجرح والتعديل (3/ 624)، تهذيب الكمال (9/ 386)، تهذيب التهذيب (3/ 292)، التقريب (رقم: 2053). وأخرجه أبو داود في السنن كتاب: الصلاة، باب: المحافظة على وقت الصلوات (1/ 295) (رقم: 425)، وأحمد في المسند (5/ 317)، وأبو نعيم في الحلية (5/ 130)، وابن نصر المروزي في تعظيم قدر الصلاة (2/ 955) (رقم: 1034)، والطبراني في المعجم الأوسط (5/ 56) (رقم: 4658)، (9/ 126) (رقم: 9315)، وأبو بكر الشافعي في الغيلانيات (2/ 315، 316) (رقم: 847)، والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 215)، والبغوي في شرح السنة (2/ 501) (رقم: 973) من طرق عن محمَّد بن مطرّف أبي غسان عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن الصنابحي عن عبادة بن الصامت به. ورجاله ثقات، والصنابحي اسمه عبد الرحمن بن عسيلة. وقال أبو نعيم: "غريب من حديث الصنابحي عن عبادة، ومشهوره رواية ابن محيريز عن المخدجي عن عبادة". وللحديث طريق آخر، أخرجه محمَّد بن نصر المروزي في تعظيم قدر الصلاة (2/ 969) (رقم: 1053) قال: حدّثنا محمَّد بن يحيى، قال: حدّثنا أبو نعيم، قال: حدّثنا النعمان -نسبه أبو نعيم في غير هذا الحديث فقال: ابن داود بن محمَّد بن عبادة بن الصامت- عن عبادة بن الوليد عن أبيه الوليد بن عبادة عن عبادة به. وحديث الموطأ بهذه الطرق والمتابعات يرتقي إلى الحسن، والله أعلم.

46 / مسند عمرو بن العاصي بن وائل بن هشام بن سعيد بن سهم القرشي السهمي

46 / مسند عَمرو بن العاصِي بن وائِل بن هشام بن سعيد بن سَهم القرشي السهمي حديثٌ واحد. 253 / حديث: "هذه الأيَّامُ الَّتِي نَهَى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عن صِيامِهِنَّ". يعني أيَّامَ التشريق. في الحج. عن يزيد بن عبد الله بن الهادِي، عن أبي مُرَّة مَولَى أمِّ هانِئ، عن عبد الله بن عَمرو: أخْبَرَه: "أنَّه دخل على أبيه" (¬1). هكذا عند يحيى بن يحيى، جَعَلَ الحديث لأبي مُرَّة، عن عبد الله، عن أبيه. وقال فيه القعنبيُّ، وابنُ وهب، وابن بُكير وغيرُهم: عن أبي مُرَّة: "أنه دخَل مع عبد الله بن عمرو على أبيه عمرو بن العاصي". ذكروا سماعَ أبي مُرَّةَ مِن عَمرو (¬2). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الحج، باب: ما جاء في صيام أيام منى (1/ 303) (رقم: 137). (¬2) رواية القعنبي عند أبي داود في السنن كتاب: الصوم، باب: صيام أيام التشريق (2/ 803) (رقم: 2418)، والبيهقي في السنن الكبرى (4/ 297)، والحاكم في المستدرك (1/ 435). - ورواية ابن وهب عند ابن خزيمة في صحيحه (4/ 313) (رقم: 2961). - ورواية ابن بكير في موطئه (ل: 24 /ب- نسخة الظاهرية-). وتابعهم: أبو مصعب الزهري (1/ 529) (رقم: 1369)، وسويد بن سعيد (ص: 484) (رقم: 1128)، ومحمد بن الحسن (ص: 130) (رقم: 371)، ومصعب الزبير في حديثه (ل: 22/ أ). - والشافعي عند الحاكم في المستدرك (1/ 435)، والبيهقي في السنن الكبرى (4/ 297). - وروح بن عبادة عند أحمد في المسند (4/ 197). وانظر: التمهيد (23/ 67).

وأبو مُرَّة اسمه: يزيد، وقيل: عبد الرحمن بن مُرَّة، والأكثرُ يقولون فيه: مولَى عَقِيل، وهكذا جاء في مسند أبي واقد (¬1)، ومسندِ أمِّ هانِئ، وهي أُختُ عَقِيل بن أبي طالِب (¬2). وانظر صيامَ أيَّام مِنى في مرسل سليمان بن يسار (¬3)، ومرسلِ ابن شهاب (¬4)، وصيامَ العيدَين للأعرج عن أبي هريرة (¬5). ¬

_ (¬1) انظر: (3/ 282). (¬2) انظر مسندها (4/ 330). قال الواقدي: "إنما هو مولى أم هانئ، ولكنه كان يلزم عَقيلا فنُسب إلى ولائه". انظر: الطبقات الكبرى (5/ 134)، تهذيب الكمال (32/ 290)، تهذيب التهذيب (11/ 328)، التقريب (رقم: 7797). وقول المصنف في اسمه: "وقيل: عبد الرحمن بن مرة"، لم أجده، والله أعلم. وقال ابن عبد البر: "واسمه يزيد بن مرة". التمهيد (22/ 68). وقول المصنف: "وهي أخت عقيل بن أبي طالب" فيه رد على قول يحيى بن يحيى في إسناده حيث قال: "وهي امرأة عَقيل بن أبي طالب". كذا وقع في رواية عبيد الله عن يحيى عن مالك كما في نسخة شستربتي (ل: 8 / أ)، وفي هامشها: "رواية يحيى خطأ، وصوابه: أم هانئ بنت أبي طالب"، وفي نسخة المحمودية (ل: 69 / ب)، وأصلحها الناسخ وكتب في الحاشية: "رواية يحيى: مولى أم هانئ امرأة عَقيل بن أبي طالب، وردّه ابن وضاح كما في الكتاب، وإنما هي أخت عقيل، خالة محمَّد وغيره". وأما في نسخة المحمودية (ب) (ل: 95 / ب) فوقع فيها: "أم هانئ بنت أبي طالب". وأما في المطبوع من رواية يحيى فجاءت على الصواب كما أصلحها ابن وضاح. وقال محمَّد بن حارث الخشني: "وهم فيه يحيى فقال: أم هانئ امرأة عَقيل، وإنما هي أخته، وليست امرأته، واسمها فاختة". أخبار الفقهاء والمحدثين (ص: 352). (¬3) سيأتي حديثه (5/ 219). (¬4) سيأتي حديثه (5/ 330). (¬5) سيأتي حديثه (3/ 408).

وأيَّامُ التشريقِ هي أيَّامُ مِنَى، وهي الأيَّامُ المعدودات، ثلاثةُ أيامٍ بعدَ يومِ النَّحْرِ. فصل: روى مُجالدٌ، عن الشَّعبِيِّ قال: "دُهاةُ العَربِ أربعةٌ: معاويةُ بن أبي سفيان، وعَمرو بن العاصِي، والمغيرةُ بن شعبة، وزِياد". يعني المُلْحَقَ بأبِي سُفيان (¬1). ولَمَّا وَقَعَ التَّحكيمُ بين عَليٍّ ومعاويةَ، قَدَّم معاويةُ عَمرًا، وقَدَّم عليٌّ أبا موسى الأشعريِّ، فكان مِن أمرِهِما ما كان (¬2). * * * ¬

_ (¬1) أخرجه ابن أبي خيثمة في التاريخ (2 /ل: 100/ب)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (19/ 182، 315)، والمزي في تهذيب الكمال (22/ 82)، ومجالد هو ابن سعيد الهمداني. وتمامه: " .. فأمَّا معاوية فللأناة والحكم، وأمَّا عمرو فللمعضلات، وأمَّا المغيرة بن شعبة فللمبادهة، وأما زياد فللصغير والكبير". وفي إسناده مجالد بن سعيد الهمداني، قال عنه الحافظ ابن حجر: "ليس بالقوي، وقد تغيّر في آخر عمره". التقريب (رقم: 6478). وأخرجه الإمام في العلل (2/ 127 - رواية عبد الله-) من طريق وُهيب بن خالد، عن داود بن أبي هند، عن الشعبي به، وسنده صحيح. (¬2) انظر: قضية التحكيم بعد وقعة صفين: تاريخ الطبري (5/ 67)، البداية والنهاية (7/ 302).

47/ مسند عتبان بن مالك بن عمرو السالمي الأنصاري

47/ مسند عِتْبانَ بن مَالك بن عَمرو السَّالمِيِّ الأنصاري حديثٌ واحد. 254 / حديث: إنَّها تكونُ الظُلمةُ والمَطَرُ والسَّيْلُ، وأنا رَجلٌ ضريرُ البَصرِ، فَصَلِّ يا رسولَ الله في بَيتِي مكانًا أتَّخِذُه مُصَلَّى. في جامع الصلاة. عن ابن شهاب، عن محمود بن الرَّبيع الأنصاري: "أنَّ عِتْبان بن مالك كان يَؤُمُّ قومَه وهو أَعْمَى وأنَّه قال ... " (¬1). لم يذكر محمودٌ أنَّ عِتْبانَ أخبَرَه به، وهو محفوظٌ له عنه، قال فيه جماعةٌ عن الزهري: محمود، عن عِتْبان، وخرّج هكذا في الصحيحين (¬2)، ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: قصر الصلاة في السفر، باب: جامع الصلاة (1/ 156) (رقم: 86). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الأذان باب: الرخصة في المطر والعلّة أن يصلي في رحله (1/ 203) (رقم: 667) من طريق إسماعيل بن أبي أويس. والنسائي في السنن كتاب: الإمامة، باب: إمامة الأعمى (2/ 80) من طريق معن، وابن القاسم، ثلاثتهم عن مالك به. (¬2) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الصلاة باب: إذا دخل بيتا يصلي حيث شاء .. (1/ 136) (رقم: 424) من طريق إبراهيم بن سعد. وفي باب: المساجد في البيوت (1/ 137) (رقم: 424) من طريق عُقيل. وفي الأذان باب: إذا زار الإمام قوما فأمّهم (1/ 208) (رقم: 686)، وفي باب: يسلم حين يسلّم الإِمام (1/ 252) (رقم: 838)، وفي باب: من لم يردّ السلام على الإِمام .. (1/ 252) (رقم: 839، 840) من طريق معمر، وفيه: سمعت عتبان. وفي التهجّد باب: صلاة النوافل جماعة (2/ 358) (رقم: 1185) من طريق إبراهيم بن سعد، وفيه ذكر السماع. ومسلم في صحيحه كتاب: المساجد ومواضع الصلاة باب: الرخصة في التخلّف عن الجماعة لعذر (1/ 456) (رقم: 33) من طريق معمر والأوزاعي، وفيه: حدّثني عتبان.

وخَرَّجه البخاري أيضًا من طريق إسماعيل، عن مالك كما في الموطأ (¬1). ومحمود بن الرَّبيع له صُحبةٌ، خَرَّج له البخاري حديثَ المَجَّةِ في دَرَج هذا وطَوَّله (¬2). وقال فيه يحيى بن يحيى: "محمود بن لَبِيد"، وهو من غَلَطِه، لَم يُتابِعْه ¬

_ (¬1) تقدّم تخريجه. (¬2) صحيح البخاري برقم: (1185) مطوّلًا، وبرقم: (839) مختصرًا. وهو في صحيح مسلم أيضًا (1/ 456) (رقم: 33). واختلف في صحبته: ذكره في الصحابة ابن سعد، ومسلم، والترمذي، وابن حبان، وابن قانع، وابن عبد البر. وقال ابن معين: "له صحبة". وقال البخاري: "أدرك النبي - صلى الله عليه وسلم -"، وأخرج له هذا الحديث في صحيحه. وذكره ابن حجر والقسم الأول من الصحابة. انظر: الطبقات الكبرى (2/ 265 - الطبقة الخامسة-)، التاريخ (3/ 145 - رواية الدوري-)، الطبقات لمسلم (1/ 155)، تسمية أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (رقم: 594)، الثقات (3/ 397)، معجم الصحابة (3/ 117)، الاستيعاب (3/ 1378)، والإصابة (6/ 39). وأما ابن أبي خيثمة فذكره في طبقة الصحابة في موضع من التاريخ (2 /ل: 101/ أ)، وذكره في فصل: "من حدّث من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - عن تابعي"، وأورد رواية أنس عنه، وكأنَّه عنده من الصحابة، وذكره مرة أخرى في فصل: "من أدرك النبي - صلى الله عليه وسلم - وكان بعهده ولم يُلفِه". انظر: التاريخ (ص: 331، 361 - رسالة كمال-). وذكره خليفة، ويعقوب الفسوي في الطبقة الأولى من التابعين، وقال العجلي: "تابعي ثقة". وقال أبو حاتم: "أدرك النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو صبي، ليست له صحبة وله رؤية". انظر: الطبقات (ص: 2138)، المعرفة والتاريخ (1/ 355)، الجرح والتعديل (8/ 289)، تاريخ الثقات (ص: 421). والذي يظهر أنَّه صحابي صغير، أدرك النبي - صلى الله عليه وسلم - ورآه، وعقل عنه بعض شأنه، والله أعلم. وقال الحافظ: "صحابي صغير، وجلّ روايته عن الصحابة". التقريب (رقم: 6512).

أحدٌ من رواةِ الموطأ عليه (¬1). وذكر الدارقطني في التصحيف أنَّ عبد الرزاق أخطأ فيه أيضًا، روى عن مَعمَر، عن الزهري حديثَ المَجَّةِ فقال فيه: حدّثنا محمود بن لَبِيد. قال أبو الحسن: "وإنَّما هو محمودُ بن الرَّبيع" (¬2). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الصلاة، باب: جامع الصلاة نسخة المحمودية (أ) (ل: 29 /ب)، و (ب) (ل: 33 / ب)، وفي هامشها: "إنَّما هو محمود بن الربيع، كذا يقول فيه جميع الرواة عن مالك وعن ابن شهاب، وقول يحيى: محمود بن لبيد خطأ لا شك فيه عند أهل العلم". وجاء في المطبوع محمود بن الربيع! ، وليست رواية يحيى كذلك. وقال ابن عبد البر: "قال يحيى في هذا الحديث: عن مالك، عن ابن شهاب، عن محمود بن لبيد، وهو غلط بيّن، وخطأ غير مشكل، ووهم صريح لا يُعرّج عليه، ولهذا لم نشتغل بترجمة الباب عن محمود بن لبيد؛ لأنَّه من الوهم الذي يدركه من لم يكن له بالعلم كبير عناية، وهذا الحديث لم يروه أحد من أصحابي مالك، ولا من أصحاب ابن شهاب، إلا عن محمود بن الربيع، ولا يُحفظ إلا لمحمود بن الربيع، وهو حديث لا يُعرف إلا به، وقد رواه عنه أنس بن مالك، عن عتبان بن مالك، ومحمود بن لبيد ذكره في هذا الحديث خطأ، والكمال لله، والعصمة به لا شريك له". التمهيد (6/ 227). كذا قال ابن عبد البر رحمه الله، وسيأتي أنَّ عبد الرزاق أخطأ أيضًا -فيما حكاه الدارقطني- فرواه عن معمر عن الزهري، وقال فيه: "محمود بن لبيد" كما قال يحيى عن مالك. ونقل الحافظ ابن حجر عن ابن خزيمة أنَّه قال: "محمود بن الربيع هو محمود بن لبيد، وإنه محمود بن الربيع بن لبيد، نُسب لجدّه". قال الحافظ: "وفيه بعدٌ، ولا سيما ومحمود بن لبيد أشهلي من الأوس، ومحمود بن الربيع خزرجي". الإصابة (6/ 42). (¬2) لم أقف عليه، وكتاب الدارقطني في عداد المفقود، والله أعلم. والحديث أخرجه عبد الرزاق في مصنفه (2/ 502) (رقم: 1229). ومن طريق عبد الرزاق أخرجه كلٌّ من: مسلم في صحيحه (1/ 456) (رقم: 33)، وأحمد في المسند (4/ 44)، (5/ 449)، وابن خزيمة في التوحيد (2/ 775)، وأبو عوانة في صحيحه (1/ 12)، وابن منده في الإيمان (1/ 206) (رقم: 50)، والطبراني في المعجم الكبير (18/ 28) (رقم: 47)، وليس عند أحد منهم: محمود بن لبيد, بل محمود بن الربيع على الصواب، والله أعلم.

قال الشيخ أبو العباس - رضي الله عنه -: ومحمود بن لَبيد رجلٌ آخَر، وُلِد في حياةِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، ولَم تَصِحَّ له رِواية عنه (¬1). ¬

_ (¬1) اختلف في صحبته أيضًا، فأثبتها البخاري والترمذي وابن حبان، وابن عبد البر، وابن حجر. انظر: التاريخ الكبير (7/ 402)، تسمية أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (رقم: 595)، الثقات (3/ 397)، (5/ 434)، الاستيعاب (3/ 1378)، الإصابة (6/ 42). وأما ابن أبي خيثمة فذكره مرة في الصحابة. التاريخ (2/ل: 101 /أ). وذكره مرة أخرى في فصل: "من أدرك النبي - صلى الله عليه وسلم - وكان بعهده ولم يُلفِه، وقال: بلغني أن محمود بن لبيد وُلد في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -". انظر: التاريخ (ص: 364 - رسالة كمال-). ونفى صحبته أبو حاتم، قال عبد الرحمن ابنُه: "قال البخاري: له صحبة، فخَطَّ أبي عليه، وقال: لا تعرف له صحبة"، وذكره خليفة، وابن سعد، يعقوب الفسوي في الطبقة الأولى من التابعين. وجعله مسلم في الثانية، وقال العجلي: "تابعي ثقة". انظر: الطبقات لخليفة (ص: 238)، الطبقات الكبرى (5/ 57)، المعرفة والتاريخ (1/ 356)، الجرح والتعديل (8/ 189)، الطبقات لمسلم (1/ 231)، تاريخ الثقات (ص: 421)، تهذيب الكمال (27/ 309)، تهذيب التهذيب (10/ 59). قال ابن عبد البر: "وهو أولى بأن يُذكر في الصحابة من محمود بن الربيع، فإنه أسنّ منه". الاستيعاب (3/ 1379). قلت: والذي يظهر أنَّ له صحبة، وقد استدل من أثبتها بعدة أحاديث فيه شهوده الصلوات مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، منها: - حديث صلاة الكسوف يوم موت إبراهيم بن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وفيه: "فخرج وخرجنا حتى أمّنا في المسجد، فأطال القيام"، أخرجه ابن أبي شيبة في مسنده كما في الاستيعاب (3/ 1378) قال: أخبرنا يونس بن محمَّد، حدثنا عبد الرحمن الغسيل، عن عاصم بن عمر، عن محمود بن لبيد به. وسنده حسن، رجاله ثقات، إلا عبد الرحمن بن سليمان الغسيل، فصدوق فيه لين كما في التقريب (رقم: 3887)، وروايته عن عاصم بن عمر بن قتادة في الصحيحين. انظر: تهذيب الكمال (17/ 155). - حديث جنازة سعد بن معاذ، وفيه: قول محمود بن لبيد: "أسرع النبي - صلى الله عليه وسلم - بنا حتى انقطعت نعالنا يوم مات سعد بن معاذ"، أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (7/ 402) قال: قال لنا أبو نعيم: عن عبد الرحمن بن الغسيل، عن عاصم بن عمر، عن محمود بن لبيد به. =

وليس [له] (¬1) في الموطأ حديثٌ مرفوع، وله فيه عن عُمرَ، وزيدٍ قولهما (¬2). ولَم يذكر في هذا الحديث وقتَ الصلاةِ، ويُشبِه أن يكون ضُحًى؛ لأنَّ أَنَسًا قاله في ما يُضاهِي هذه القصَّةَ. انظره للبخاريِّ في أبواب الجماعةِ وصلاةِ النوافل (¬3). ¬

_ = والكلام في إسناده كسابقه. - حديث صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - المغرب في مسجدهم، وفيه: قال محمود بن لبيد: "أتانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فصلى بنا الغرب في مسجدنا، فلمّا سلّم قال: اركعوا هاتين الركعتين في بيوتكم .. "، أخرجه الإمام أحمد في المسند (5/ 428) من طريق ابن إسحاق، حدّثني عاصم بن عمر بن قتادة الأنصاري، عن محمود بن لبيد به. وسنده حسن. فقول المصنف في محمود بن لبيد: "ولم تصح له رواية عنه"، فيه نظر، والله أعلم. (¬1) ساقطة من الأصل، والسياق يقتضيها. (¬2) انظر روايته عن عمر في الموطأ كتاب: الأشربة، باب: جامع تحريم الخمر (2/ 645) (رقم: 14). وروايته عن زيد بن ثابت في كتاب: الطهارة، باب: واجب الغسل إذا التقى الختانان (1/ 67) (رقم: 74). (¬3) صحيح البخاري كتاب: الأذان، باب: هل يصلي الإِمام بمن حضر؟ (1/ 204) (رقم: 670)، وفي التهجّد (2/ 356) (رقم: 1179)، وفيه: "أنَّ أنصاريًّا قال للنبي - صلى الله عليه وسلم -: إني لا أستطيع الصلاة معك -وكان رجلًا ضخمًا- فصنع للنبي - صلى الله عليه وسلم - طعاما فدعاه إلى منزله"، الحديث. ولم يجزم المصنف باتّحاد القصة، وإنما استنبط اتّحاد وقت الصلاة من حديث الأنصاري؛ لأنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - أتاه وقت الطعام وكان ضحى. قال ابن حجر: "قوله في حديث أنس: رجل من الأنصار، قيل: إنَّه عتبان بن مالك، وهو محتمل لتقارب القصتين، لكن لم أر ذلك صريحا". الفتح (2/ 186). قلت: القصتان متغايرتان، فالعذر في قصة الأنصاري ضخم جسمه، وأمَّا في حديث عِتبان فالعمى، وبُعدُ المنزل والسيول. قال ابن رجب: "والظاهر أنَّ هذا الرجل غير عتبان بن مالك، فإن ذاك كان عذره العمى مع بُعدِ المنزل وحيلولةِ السيول بينه وبين المسجد". فتح الباري له (6/ 93).

48/ مسند عاصم بن عدي بن الجد بن العجلان

48/ مسند عاصِم بن عَدِيِّ بن الجَدِّ بن العَجْلان حديثٌ واحد. 255/ حديث: "أَرْخَصَ لرِعاءِ الإبِل في البَيتوتَةِ عن مِنى ... ". وذَكَر أيَّامَ الرمي. في باب: الرُّخصةِ في رَمي الجِمار. عن عبد الله بن أبي بَكر بنِ حَزم، عن أبيه، عن أبي البَدَّاح بن عاصم بن عَدِيٍّ، عن أبيه (¬1). في كتاب يحيى بن يحيى: "أنَّ أبا البدّاح عاصم بن عدي أخبره". سقط له كلمة: "ابن"، وأَلْحَقها ابنُ وضّاح، وهو الصواب (¬2). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الحج باب: الرخصة في رمي الجمار (1/ 326) (رقم: 218). وأخرجه أبو داود في السنن كتاب: المناسك باب: في رمي الجمار (2/ 497) (رقم: 1975) من طريق القعنبي وابن وهب. والترمذي في السنن كتاب: الحج باب: ما جاء في الرخصة للرعاء أن يرموا يوما ويَدَعوا يوما (2/ 289) (رقم: 955) من طريق عبد الرزاق. والنسائي في السنن كتاب: المناسك باب: رمي الرعاة (5/ 273) من طريق يحيى القطان، وفي الكبرى (2/ 438) (رقم: 4075)، (2/ 462) (رقم: 4178) من طريق ابن مهدي. وابن ماجه في السنن كتاب: المناسك باب: تأخير رمي الجمار من عذر (2/ 1010) (رقم: 3073) من طريق عبد الرزاق وابن مهدي. وأحمد في المسند (5/ 450) من طريق عبد الرزاق وابن مهدي. والدارمي في السنن كتاب: الحج باب: في جمرة العقبة أي ساعة ترمى؟ (2/ 86) (رقم: 1897) من طريق القعنبي، خمستهم عن مالك به. (¬2) هو في المطبوع على ما أصلحه ابن وضاح، وكذا في نسخة المحمودية (ب) (ل: 102 /ب)، وذكر في هامشها عن أحمد بن خالد أن الصواب: أبا البداح بن عاصم بن عدي. =

وأبو البدّاح لا يُسمَّى (¬1)، وقال الواقدي: "أبو البدّاح لَقَبٌ، ويكنى أبا عَمرو" (¬2). قال الشيخ أبو العبّاس - رضي الله عنه -: واختُلِف في صُحبتِه، فقيل: له صُحبَة (¬3)، وقيل: لا صُحبةَ له، وإنَّما هو من التَّابعين (¬4). ¬

_ = وجاءت الرواية في النسخة المحمودية (أ) (ل: 73 / ب): أن أبا البداح عاصم بن عدي. وتحت عاصم بخط صغير مغاير كلمة "بن". وفي نسخة شستربتي (ل: 18 /أ): أن أبا البداح بن عاصم بن عدي، وفوقها حرف (ض) أي لابن وضاح. وقال محمَّد بن حارث الخشني: "كذا قال يحيى: أنَّ أبا البداح عاصم بن عدي، وإنما هو عن أبي البداح بن عاصم بن عدي، كما روى القعنبي ومطرف وغيرهم عن مالك". أخبار الفقهاء والمحدّثين (ص: 353). قلت: فما وقع في النسخ من رواية عبيد الله عن أبيه يحيى بن يحيى إنَّما هو من تغيير النساخ استنادًا على رواية ابن وضاح عن يحيى، ورواية رواة الموطأ عن مالك. (¬1) انظر: الكنى للبخاري (ص: 16)، الأسامي والكنى (2/ 386) (رقم: 926). (¬2) الطبقات الكبرى (5/ 201)، وكذا قال ابن حبان في الثقات (5/ 592). وقال الحافظ: "أبو البَدَّاح -بفتح الموحدة، وتشديد المهملة، وآخره مهملة- ابن عاصم بن عديّ بن الجَدّ -بفتح الجيم- البلوي حليف الأنصار، يقال: اسمه عديّ، ويقال: كنيته أبو عمرو، وأبو البَدّاح لقب. ثقة". التقريب (رقم: 7951). (¬3) وهو قول ابن عبد البر في الاستيعاب (4/ 1608)، وقال: "الأكثر يذكرونه في الصحابة". (¬4) وهو الصحيح، ذكره ابن سعد في الطبقة الثانية من التابعين، وابن حبان في التابعين. انظر: الطبقات الكبرى (5/ 201)، الثقات (5/ 592). وأما قول ابن عبد البر: "والأكثر يذكرونه في الصحابة"، فوهم، وهذا ينطبق على أبي البداح بن عاصم الأنصاري، اشتركا في الكنية واسم الأب، وردّ ابن حجر على ابن عبد البر قوله فقال: "وعليه مؤاخذات ... "، ثم ذكر: 1 - أنَّ أبا البداح الذي أخرج حديثه مالك في الموطأ يروي عنه أبو بكر بن عمرو بن حزم؛ وأبو =

والحديث لأبيه عاصم، وهو صاحب عُوَيْمِر العجلاني، ولم يُخَرِّج له البخاريُّ ولا مسلمٌ شيئًا، وأَلْزَمَهُما الدارقطني إخراجَ هذا الحديث لصحَّتِه (¬1). فصل: عاصم هذا عَجْلانيٌّ بَلَويُّ قُضاعِيٌّ أنصاريٌّ، وعِدادُه في الأَوْسِ، قيل: بالحِلفِ، وقيل: بالنِّسبةِ إلى مالك بن حِمْيَر (¬2). وهو مذكورٌ في قصَّةِ اللِّعان، انظره في مسند سَهل بن سَعْد (¬3). * * * ¬

_ = بكر لم يدرك العصر النبوي. 2 - قال الواقدي: "مات أبو البداح سنة عشر ومائة وله أربع وثمانون سنة"، فعليه يكون مولده سنة ست وعشرين بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - بخمس عشرة سنة. انظر: الإصابة (7/ 48)، وترجمة أبي البداح بن عاصم الأنصاري في (7/ 35). (¬1) الإلزامات (ص: 146). (¬2) انظر: الطبقات الكبرى (3/ 354)، التاريخ الكبير (6/ 477)، الاستيعاب (2/ 781)، الاستبصار في نسب الأنصار (ص: 298)، الإصابة (3/ 572)، تهذيب الكمال (13/ 507)، تهذيب التهذيب (5/ 43)، التقريب (رقم: 3066). (¬3) سيأتي حديثه (3/ 101).

49/ مسند عويمر بن أشقر بن عوف الأنصاري

49/ مسند عُوَيْمِر بن أشْقَر بن عَوف الأنصاري 256/ حديث: أنَّ عُوَيْمِر بنِ أَشْقَر ذَبَحَ ضَحِيَّتَه قَبل أن يَغدُوَ يومَ الأضْحَى ... فيه: "فأَمَرَه أن يَعودَ بِضَحِيَّةٍ أخرى". عن يحيى بن سعيد، عن عَبَّاد بن تَميم: "أنَّ عُوَيْمِر بن أَشْقَر ذبح" (¬1). ظاهرُه الإرسال (¬2). وخَرَّجه ابنُ وهب في موطئه عن مالك وغيرِه فقال فيه: عَبّاد، عن عُويمِر (¬3)، وهكذا قال فيه حمّاد بن سلمة، عن يحيى بن سعيد، عن عبّاد، عن عويمر (¬4). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الضحايا باب: النهي عن ذبح الضحية قبل انصراف الإمام (2/ 385) (رقم: 5). (¬2) لأنَّ عبّادًا لم يدرك ذلك الوقت. (¬3) لم أقف عليه من طريق ابن وهب. وفي الجمع بين رواية ابن وهب وابن القاسم (ل: 63 /ب): عباد: أن عويمر، كرواية الجماعة. وذكر ابن المظفر البزاز هذا الحديث بسند آخر عن مالك، ثم قال: في الموطأ: "مالك، عن يحيى، عن عباد، عن عويمر". غرائب مالك (ص: 82، 83)، ولعله ذكره من رواية ابن وهب، وكثيرًا ما يذكر الأحاديث من طريقه. (¬4) أخرجه ابن أبي خيثمة في التاريخ (2 /ل: 69 /أ)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (2 /ل: 110/أ)، وابن قانع في معجم الصحابة (2/ 252) من طريق حماد بن سلمة به. وهذا ما يبيّن اتصال الرواية بين عباد وعويمر، وتابع حمادًا في ذلك جماعة، منهم: - أبو خالد الأحمر، عند ابن ماجه في السنن (2/ 1053) (رقم: 3153). - وأنس بن عياض، عند الترمذي في العلل الكبير (2/ 648)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (4/ 190) (رقم: 2172). - ويزيد بن هارون، عند أحمد في المسند (3/ 454)، (4/ 341)، وأبي نعيم في معرفة الصحابة (2 /ل: 110 /أ)، والمزي في تهذيب الكمال (22/ 469). =

وخرجّه قاسم بن أصبغ من طريق ابن أبي خيثمة، وذَكَر أنَّ ابنَ معين سُئِل عنه فقال: "هو مرسل" (¬1). ولعلَّه أطلَق ذلك لظاهِرِ حديثِ (¬2) مالك في الموطأ، وقال فيه عبد العزيز الدَراوَرْدِي: عن يحيى بن سعيد، عن عَبَّاد: أنَّ عويمر بن أشقر أخبره. فصرّح بالاتِّصالِ، ذَكَرَ هذا أبو عُمر بنُ عبد البر (¬3). ¬

_ = - وعمرو بن الحارث، عند ابن حبان في صحيحه (الإحسان) (13/ 233) (رقم: 5912)، وابن قانع في معجم الصحابة (2/ 252). - وهُشيم بن بشير، عند ابن قانع في معجم الصحابة (2/ 252). - وعبد العزيز بن محمَّد الدراوردي، عند ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (4/ 190) (رقم: 2171)، وابن قانع في معجم الصحابة (2/ 252). (¬1) تاريخ ابن أبي خيثمة (2 /ل: 69 /أ). وهو قول البخاري، قال الترمذي: "سألت محمدًا عن هذا الحديث، فقال: الصحيح: عن عباد بن تميم مرسلًا: "أنَّ عويمر بن أشقر ذبح قبل أن يغدو رسول الله"، ولا أعرف لعويمر بن أشقر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - شيئًا، ولا أعرف أنه عاش بعد النبي - صلى الله عليه وسلم -". العلل الكبير (2/ 649). وأخرج هذا الحديث البيهقي في معرفة السنن والآثار (7/ 196) من طريق مالك، ومن طريق عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي، كلاهما عن يحيى بن سعيد عن عباد: "أنَّ عويمر". ثم قال: "وهما منقطعان". قلت: والطرق المتقدّمة تبيّن أن الحديث موصول لا انقطاع فيه، وقد ردّ الحافظان ابن عبد البر وابن حجر على دعوى الانقطاع كما سيأتي. (¬2) في الأصل: "الحديث"، ولعل الصواب ما أثبتّه. (¬3) قال ابن عبد البر: "وأظنُّ يحيى بن معين إنَّما قال ذلك مِن أجل رواية مالك هذه عن يحيى عن عباد بن تميم: "أنَّ عويمر بن أشقر ذبح"، وظاهرُ هذا اللفظ الانقطاع؛ لأنَّ عبادَ بن تميم لا يجوز أن يظن به أحدٌ من أهل العلم أنَّه أدرك ذلك الوقت، ولكنه ممكن أن يدركَ عويمر بن أشقر، فقد روى هذا الحديث عبد العزيز الدراوردي، عن يحيى بن سعيد، عن عباد بن تميم: أنَّ عويمر =

وعُويمر بن أَشْقَر ليس بالعجلاني، هو رَجل آخَر، لم يُخرَّج له في الصحيح شيءٌ (¬1). وانظر حديثَ أبي بُردَة (¬2). فصل: وفي الكنى. أبو الدرداء، قيل: اسمه عُويْمِر، وقيل: عامِر (¬3). ¬

_ = ابن أشقر أخبره: "أنه ذبح قبل الصلاة، وذكر ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد ما صلى، فأمره أن يعيد أضحيته"، وهذه الرواية مع رواية حماد بن سلمة، تدل على خطأ يحيى بن معين، وقوله في ذلك ظنٌّ لَم يُصِب فيه، والله أعلم". انظر: التمهيد (23/ 229، 230). وقال ابن حجر: "وذكر ابنُ معين أنَّ عبادًا لم يسمع منه (يعني عويمرًا)، لكن وقع التصريح بسماعه منه في حديث الدراوردي عن يحيى بن سعيد عن عباد بن تميم: سمعت عويمرًا". تهذيب التهذيب (8/ 156). قلت: ورواية عبد العزيز التي ذكرها ابن عبد البر وابن حجر وفيها التصريح بالإخبار والسماع بين عباد وعويمر لم أقف عليها صريحًا، وتقدّم أنَّ ابن أبي عاصم وابن قانع أخرجَا رواية الدراوردي، وهي عندهما بالعنعنة، ولعلَّه حُملت رواية الدراوردي على رواية غيره، فابن أبي عاصم قرنها بطريق أنس بن عياض، وابن قانع قرنها بعدة طرق، والله أعلم بالصواب. والذي يظهر أنَّ الراجح في هذا الحديث الاتصال، وسماع عباد من عويمر ممكن؛ لأن عبادا قديمٌ، وروايته عن غير واحد من الصحابة، كما في تهذيب الكمال (14/ 108). وقال الواقدي -وهو متروك-: "عن موسى بن عقبة قال: قال عبّاد بن تميم: أنا يوم الخندق ابن خمس سنين". الطبقات الكبرى (5/ 60). (¬1) هو أنصاري بدري. انظر: الاستيعاب (3/ 1227)، الإصابة (4/ 747)، تهذيب الكمال (22/ 468)، تهذيب التهذيب (8/ 155). (¬2) سيأتي حديثه (3/ 153). (¬3) سيأتي مسنده (3/ 163).

50/ مسند عمير بن سلمة الضمري

50/ مسند عُمَير بن سَلمَة الضَّمْرِي (¬1) حديثٌ واحد. 257/ حديث: "أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - خَرَج يُريدُ مكةَ وهو مُحْرِمٌ حتى إذا كان بالرَوْحَاء (¬2) إذا حِمارٌ وحْشِيٌّ عَقير (¬3) ... ". فيه: فجاء البَهْزي -وهو صاحبُه- فقال: "يا رسولَ الله شأنُكُم بهذا الحِمار". وذَكَر قِسمةً، وقصَّةَ الظَبْي الحاقِف (¬4). في باب: ما يأكل المحرم من الصيد. عن يحيى بن سعيد، عن محمّد بن إبراهيم بن الحارث التَّيمي، عن عيسى بن طلحة بن عبيد الله، عن عُمَير بن سَلَمة الضَّمْري، عن البهزي، وساقه (¬5). مِن النَّاس من يَجعَلُ هذا الحديثَ للبَهْزِيِّ، ومنهم من يَجْعَلُه لعُمَير، اختُلِف فيه على يحيى بن سعيد وغيرِه (¬6). ¬

_ (¬1) بفتح الضاد المعجمة، وسكون الميم، وكسر الراء. الأنساب (4/ 20). (¬2) الرَّوْحاء: بفتح الراء وسكون الواو وحاء مهملة، من عمل الفُرْع، وهي اليوم محطة على الطريق بين المدينة وبدر، توجد بها مقاهٍ وحوانيت بسيطة، وتقع على بُعد (74) كيلا من المدينة. انظر: معجم البلدان (3/ 76)، معجم المعالم الجغرافية (ص: 143)، المعالم الأثيرة (ص: 131). (¬3) أي أصابه عقر ولم يمت بعد. النهاية (3/ 272). (¬4) أي نائم مُنْحَنٍ في نومه. مشارق الأنوار (1/ 210). (¬5) الموطأ كتاب: الحج باب: ما يجوز للمحرم أكله من الصيد (1/ 284) (رقم: 79). وأخرجه النسائي في السنن كتاب: المناسك باب: ما يجوز للمحرم أكله من الصيد (5/ 182) من طريق ابن القاسم عن مالك به. (¬6) أخرجه أحمد في المسند (3/ 452)، وابن أبي شيبة في المسند (ل: 4 /أ)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (3/ 67) (رقم: 1382)، والطبراني في المعجم الكبير (5/ 259) (رقم: 5283)، =

وعُمير من كِبار الصحابة، وقد جاء عنه أنَّه شاهَدَ القصَّةَ، روى ذلك يزيدُ بن الهادي، وعبدُ ربِّه بن سعيد، عن محمّد بن إبراهيم. في حديثِ عبد رَبِّه أنَّ عُميرًا قال: "خرجنَا مع النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - "، وفي حديث يزيد: "بينا نحن نسيِرُ مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "، ذكره الدارقطني (¬1). ¬

_ = وأبو نعيم في معرفة الصحابة (1/ل: 261 /أ)، من طريق يزيد بن هارون عن يحيى بن سعيد، وجعله من مسند البهزي كما رواه مالك. وأخرجه ابن عبد البر في التمهيد (23/ 342) من طريق يزيد بن هارون أيضًا إلَّا أنه جعله من مسند عمير. وأخرجه الدارقطني في العلل (4 /ل: 119/ أ، ب) من طريق عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي، ويونس بن راشد، وعباد بن العوام، عن يحيى بن سعيد، وجعلوه من مسند البهزي. وذكر معهم جرير بن عبد الحميد، وأبا ضمرة أنس بن عياض، والنضر بن محمَّد المروزي، وعبد الرحيم بن سليمان. وزاد أبو نعيم والحافظ ابن حجر: أبا أويس، وحماد بن سلمة. معرفة الصحابة (2 /ل: 106 /أ)، الإصابة (4/ 720). وفي رواية عباد بن العوام، ويونس بن راشد عن يحيى بن سعيد: أنَّ البهزي حدّثه وأخبره. ورواه آخرون، وجعلوه من مسند عُمير: أخرجه الإمام أحمد في المسند (3/ 418)، والدارقطني في العلل (4 /ل: 117 /ب) من طريق هُشيم بن بشير عن يحيى بن سعيد، وجعله من مسند عمير. وتابعه: - حماد بن زيد عند الدارقطني في العلل (4 /ل: 117 /ب)، وابن عبد البر في التمهيد (342/ 23). - وعلي بن مسهر عند الدارقطني في العلل (4/ل: 117 /ب)، وأبي نعيم في معرفة الصحابة (2 /ل: 105 /ب). - والليث بن سعد، ذكره أبو نعيم في معرفة الصحابة (2 /ل: 106 /أ)، والحافظ في الإصابة (4/ 716). (¬1) العلل (4/ ل: 99 /أ). وحديث عبد ربّه بن سعيد: أخرجه ابن قانع في معجم الصحابة (2/ 227) من طريق الليث بن سعد عن خالد بن يزيد عن سعيد عن أبي هلال عن عبد ربه به. =

وحَكى عن إسماعيل القاضي (¬1) أنَّه قال: "قولهم: عن البهزي، زيادةٌ في الإسناد لا أنَّه من رواية البهزي" (¬2). وذكر أيضًا عن موسى بن هارون أنَّه قال: "الصحيحُ عندنا أنَّ هذا الحديثَ رواه عُمَير بن سَلَمة عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، ليس بينَه وبينَه فيه أحدٌ" (¬3). ¬

_ = وحديث يزيد بن الهاد: أخرجه النسائي في السنن كتاب: الصيد والذبائح باب: إباحة أكل لحوم حمر الوحش (7/ 205)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (2/ 216) (رقم: 972)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (2 /ل: 105/ب)، وابن قانع في معجم الصحابة (2/ 227)، وابن أبي حاتم في الوحدان كما في الإصابة (4/ 719) من طرق عن يزيد بن الهاد به. ثم قال الدارقطني: "فهذا شيء بيّن وأمر واضح أنَّ عمير بن سلمة هو روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ليس بينه وبين النبي - صلى الله عليه وسلم - فيه أحد". ومثله في مسند الموطأ للجوهري (ل: 145/ ب). (¬1) هو إسماعيل بن إسحاق بن إسماعيل بن حماد بن زيد أبو إسحاق المالكي، توفي سنة (282 هـ). قال ابن أبي حاتم: "كتب إلينا ببعض حديثه وهو ثقة". وقال الخطيب: "كان فاضلًا عالمًا متقنًا فقيهًا على مذهب مالك، شرح مذهبه ولخّصه، واحتج له وصنَّف المسند وكتبًا عدة في علوم القرآن، وجمع حديث مالك ... ". انظر: الجرح والتعديل (2/ 158)، تاريخ بغداد (6/ 284)، السير (13/ 339). (¬2) العلل (4 /ل: 99 / أ)، وتمام كلام القاضي: "وقد رأيت سليمان بن حرب ينكر أن يكون عمير رواه عن البهزي، وجعل سليمان يغضب ويقول: إنما الحديث عن عمير بن سلمة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، والذين قالوا عن البهزي إنما هو لأنَّ البهزي هو صاحب القصة، لا أنَّ عميرًا رواه عنه. قال إسماعيل: وهو عندنا كما قال سليمان بن حرب والله أعلم؛ لأنَّ حماد بن زيد وهشيمًا روياه عن يحيى بن سعيد ولم يجعلاه عن البهزي". (¬3) قال أبو القاسم الجوهري: أخبرنا محمَّد بن أحمد الذهلي قال: قال لنا موسى بن هارون: "اتفق حماد بن زيد، وهُشيم، وعلي بن مسهر، فرووا هذا الحديث عن يحيى بن سعيد عن محمَّد بن إبراهيم عن عيسى بن طلحة عن عمير بن سلمة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - كما رواه يزيد بن الهاد وعبد ربه بن سعيد، ورواه جماعة عن يحيى بن سعيد فقالوا في إسناده: عن عمير بن سلمة عن رجل من =

وأَلْزَم الدارقطني أهلَ الصحيح إخراجَه؛ إذ لم يُختَلَف في إسناده إلى عُمير أو البَهزي، وكلاهما صحابيٌّ (¬1)، ولم يُخَرَّج لهما في الصحيح شيءٌ. وانظر حديثَ أبي قتادة (¬2)، والصَّعبِ بن جَثَّامَةَ (¬3). فصل: في المنسوبين: رجلٌ من الأنصار روى حديث استقبالِ القِبلةِ للغائِطِ، قيل: اسمُه عَمرو (¬4). وفي الكنى: أبو مسعود، واسمه: عُقبةُ بن عمرو (¬5). ¬

_ = بهز عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. قال موسى بن هارون: وليس الوهم فيه عندي من الجماعة الذين رووه عن يحيى فقالوا في إسناده عن البهزي؛ لأنَّ فيهم مالك بن أنس وغيره من الرفعاء، ولكن يحيى بن سعيد كان يحدّث به أحيانًا فلا يقول فيه: عن البهزي، ويرويه أحيانا فيقول فيه: عن البهزي، وكان هذا عن المشيخة الأُوَّل جائز، يقولون: عن فلان، وليس هو من روايته، وإنما هو عن قصة فلان، والصحيح عندنا أنَّ هذا الحديث رواه عمير بن سلمة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ليس بينه وبين النبي - صلى الله عليه وسلم - أحد. وفي رواية ابن الهاد: "بينما نحن نسير مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "، وفي حديث عبد ربه قال: "خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "، فهذا شيء واضح أن عمير بن سلمة هو الذي روى هذا الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ليس بينه وبين النبي فيه أحد". انظر: مسند الموطأ (ل: 145 /أ، ب). وذكر ابن حجر هذا الاحتمال عن يزيد بن هارون، ثم قال: "وتعكّر عليه رواية عباد بن العوام، ويونس بن راشد (وتقدّمتا) عن يحيى، فإنه قال: إنَّ البهزي حدّثه. ويمكن أن يجاب بأنهما غيَّرَا قوله: عن البهزي، إلى قوله: البهزي، ظنًّا أنَّهما سواء، لكون الراوي غير مدلس، فيستوي في حقّه الصيغتان". الإصابة (4/ 720). (¬1) الإلزامات (ص: 138). وانظر: الاستيعاب (3/ 1217)، الإصابة (4/ 719) ترجمة عمير بن سلمة. والاستيعاب (2/ 558) ترجمة البهزي، واسمه زيد بن كعب. (¬2) سيأتي حديثه (3/ 207). (¬3) تقدّم حديثه (2/ 258). (¬4) سيأتي مسنده (3/ 577). (¬5) سيأتي مسنده (3/ 178).

وأبو واقد، وقيل: اسمُه عَوف بن الحارث (¬1). فصل: وليس في الموطأ من رِجال الصحابةِ من له حديثٌ مرفوعٌ أوَّلُ اسمِه غَينٌ معجمة، أو فاءٌ، أو قافٌ صُرّح باسمِه فيه. وفي الكنى: أبو بَشير، قيل. اسمه قَيس، ولَم يَصِح (¬2). وفي المنسوبين: البَيَاضِي، واسمه. فَروة بن عَمرو (¬3). وفي المبهمين: مُخبِرٌ أخبَرَ أبا سعيد الخدري يحديثٍ في الضحايا، وهو قَتادةُ بن النعمان (¬4). وانظر القافَ في الكنى, والفاءَ في النِّساء. * * * ¬

_ (¬1) سيأتي مسنده (3/ 280). (¬2) سيأتي مسنده (3/ 151). (¬3) سيأتي مسنده (3/ 571). (¬4) سيأتي مسنده (3/ 610).

باب: السين

باب: السين 51/ مسند سَعد بن أبي وقَّاص القرشي الزهري أربعةُ أحاديث، وله حديثٌ في الزيادات (¬1)، وآخَرُ عن خَوْلَة (¬2). واسمُ أبي وقَّاص: مالك بن أُهَيْب بنِ عبد مَناف بن زُهرةَ بن كِلاب، وفيه يجتمع مع النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - (¬3). 258 / حديث: "جاءني رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَعودني عامَ حَجَّةِ الوَداع ... ". فيه: "أَفَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثَيْ مَالِي؟ " قال: "الثُلُثُ والثُلُثُ كثيرٌ"، وذَكَرَ الهِجرةَ. في الأقضيةِ، عند آخِره. عن ابن شهاب، عن عامر بن سَعْد، عن أبيه، ذَكَرَه (¬4). وفي آخره: "لكنِ البائِسُ سَعدُ بن خَولَة"، وبعده متّصلًا من غيرِ فصلٍ: "يَرثِي له رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أن ماتَ بمكة". ¬

_ (¬1) سيأتي حديثه (4/ 431). (¬2) سيأتي حديثه عنها (4/ 302). (¬3) نسب قريش (ص: 263)، التبيين في أنساب القرشيين (ص: 253). (¬4) الموطأ كتاب: الوصية باب: الوصية في الثلث لا تتعدّى (2/ 584) (رقم: 4). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الجنائز باب: رثى النبي - صلى الله عليه وسلم - سعد بن خولة (2/ 393) (رقم: 1295) من طريق عبد الله بن يوسف. والنسائي في السنن الكبرى كتاب: عمل اليوم والليلة، باب: الدعاء لمن مات بالأرض التي هاجر منها (6/ 268) (رقم: 10929) من طريق ابن القاسم، كلاهما عن مالك به.

وهذا مِن قولِ سَعد بنِ أبي وقَّاصٍ، رواه إبراهيم بن سعد عن الزهري. خَرَّجه البخاري (¬1). 259/ حديث: "قد صنَعَها رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وصنعنَاها معه ... ". يعني مُتعةَ الحجِّ. في باب: التَّمَتُّع. عن ابن شهاب، عن محمّد بن عبد الله بن الحارث بن نَوْفل بن عبد المطّلب، عن سعد (¬2). وفيه: قولُ الضَّحاك بن قَيس، ونَهْيُ عُمر. هكذا ساق يحيى بنُ يحيى نسبَ محمّدٍ هذا، جَعَلَ الحارثَ جدَّه الأَقربَ، ذَكرَه بين عبد الله ونَوْفَلَ، ولَمْ يُعِدْ ذِكرَه بين نوْفَل وبين عبد المطّلب، ومن الرُّواةِ من ذَكرَه كذلك قبل نَوْفَل (¬3)، ومنهم من ذَكرَه بعد ¬

_ (¬1) صحيح البخاري كتاب: الدعوات باب: الدعاء برفع الوباء والوجع (7/ 206) (رقم: 6373)، وفيه: قال سعد: "رثى له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ". وانظر: الفتح (11/ 184). (¬2) الموطأ كتاب: الحج باب: ما جاء في التمتع (1/ 279) (رقم: 60). وأخرجه الترمذي في السنن كتاب: الحج باب: ما جاء في التمتع (3/ 185) (رقم: 823) من طريق قتيبة. والنسائي في السنن كتاب: المناسك باب: التمتع (5/ 152) من طريق قتيبة. وأحمد في المسند (1/ 174) من طريق ابن مهدي وعبد الرزاق، ثلاثتهم عن مالك به. (¬3) كذا رواه ابن القاسم (ل: 51 /ب)، و (ص: 122/ 67 - تلخيص القابسي-)، وتابعه: - سويد بن سعيد (ص: 458) (رقم: 1055). - وابن مهدي وعبد الرزاق عند أحمد. - وقتيبة بن سعيد عند الترمذي. - والقعنبي (ل: 73 /ب- نسخة الأزهرية-)، إلا أنه وقع فيه: "عن محمَّد أبي عبد الله الحارث بن نوفل بن عبد المطلب". وهذا خطأ من الناسخ.

نَوْفَل (¬1)، ومنهم من أَسْقَطَ ذِكرَه في الموضعين، وهكذا قال فيه البخاري في التاريخ عن إسماعيل عن مالك (¬2)، وذَكَر الخلافَ فيه عن غيرِه (¬3). وأَثْبَتَ الكَلاباذيُّ الحارِثَ في الموضعين قبل نَوْفَل وبعدَه (¬4). وتابع يحيى الأندلسيَّ في هذه النِّسبة عن مالك: أحمدُ بنُ إسماعيل أبو حُذافة (¬5) فلَمْ يذكُر الحارثَ إلَّا قبل نَوْفَل (¬6)، قال شيخُنا أبو عليٍّ الغسَّاني: "وهو الصواب" (¬7). ¬

_ (¬1) هي رواية يحيى بن بكير (ل: 250 /ب- نسخة الظاهرية-)، ومن طريقه البيهقي في السنن الكبرى (5/ 16). - وأبي مصعب الزهري (1/ 437) (رقم: 1107)، ومن طريقه المزي في تهذيب الكمال (25/ 462). وأخرجه من طريقه ابن حبان في صحيحه (الإحسان) (9/ 246) (رقم: 3939)، إلا أنه لم يذكر الحارث في الموضع الثاني. - وقتيبة بن سعيد عند النسائي في السنن. - ومصعب الزبيري في حديثه (ل: 17 /ب). - والقعنبي والشافعي وعبد الملك بن عبد العزيز عند البيهقي في السنن الكبرى (5/ 16). (¬2) التاريخ الكبير (1/ 125)، وإسماعيل هو ابن أبي أويس. وتابعه على إسقاطه في الموضعين: عثمان بن عمر عند أبي يعلى في المسند (1/ 372) (رقم: 801). وأخرجه يعقوب الفسوي في المعرفة والتاريخ (1/ 363) من طريق القعنبي وابن بكير وعبد الملك بن عبد العزيز عن مالك به. إلَّا أنَّه أسقط ذكر الحارث في الموضع الثاني، ولم يذكر نوفلًا. وأخرجه من طريق الفسوي البيهقي كما سبق وذكر الحارث في الموضعين ونوفلًا، والله أعلم بالصواب. (¬3) انظر: التاريخ الكبير (1/ 125، 126). (¬4) أثبته في ترجمة والده عبد الله من كتابه رجال صحيح البخاري (1/ 399)، وسيأتي أنَّ محمدًا ليس من رجال البخاري. (¬5) في الأصل: "بن حذافة"، والصواب المثبت، وتقدّم (2/ 20). (¬6) تقدّم ذكر جماعة ممّن تابعوا يحيى على إسناده. (¬7) ولعله أراد الصحة والصواب في حديث مالك خاصة، أما من حيث النسب فهو محمَّد بن عبد الله بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب. =

ولم يُخَرِّج البخاريُّ ولا مسلمٌ عن محمَّدٍ هذا شيئًا؛ إذ لَم يشتَهِرْ بالروايَة (¬1). وأبوه عبد الله بنُ الحارث هو المُلَقَّب ببَبَّة، ذكره البخاري في باب: الحاء من أسماء المُعَبَّدِين (¬2). وقال الذُهليُّ: "لعبد الله بن الحارث بن نَوْفَل ثلاثةُ بَنون: عبد الله، وعُبيد الله، ومحمّد، روى الزهري عن جَمِيعِهِم" (¬3). ¬

_ = قال مصعب الزبيري: "ووَلَدَ الحارثُ بن عبد المطلب: نوفلا ... كان نوفل بن الحارث أسنّ ولد الحارث بن عبد المطلب، وكان له من الولد: الحارث، وبه كان يكنى، وهو أكبر ولده، صحبَ الحارثُ النبي - صلى الله عليه وسلم -، وروى عنه، ووُلدَ له على عهده ابنه عبد الله بن الحارث، الذي يقال له بَبَّة .. ولنوفل بن الحارث عقب بالمدينة وبالبصرة، وببغداد، منهم: عبد الله بن عبد الله بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب .. ، ومنهم: محمَّد بن عبد الله بن الحارث بن نوفل بن الحارث". انظر: نسب قريش (ص: 85، 86)، جمهرة أنساب العرب (ص: 70). وذكر ابن عبد البر الحارثَ في الموضعين، وقال: "معروف النسب". التمهيد (8/ 341). (¬1) سبق نقض مثل هذا الكلام؛ إذ لم يشترط الشيخان فيمن يخرجون حديثه أن يكون مشهور الرواية. انظر: (2/ 102). وله في سنن الترمذي والنسائي هذا الحديث فقط. تهذيب الكمال (25/ 462). وقال ابن عبد البر: "لا أعرفه إلا برواية ابن شهاب عنه". وذكره ابن حبان في الثقات (5/ 355). وقال ابن حجر: "مقبول". التقريب (رقم: 6008). والذي يظهر أنه صدوق؛ لرواية الزهري عنه، ولإدخال مالك حديثه في الموطأ، وهما أعرف بحديث المدنيين، وتصحيح الترمذي لحديثه كما سيأتي، والله أعلم. (¬2) التاريخ الكبير (5/ 63). وانظر سبب تلقيبه ببَبَّة: الاشتقاق لابن دريد (ص: 70)، تاريخ دمشق (27/ 317)، تهذيب الكمال (14/ 399). وبَبَّة: بفتح الموحدتين والثانية مشدّدة، تليها هاء. توضيح المشتبه (1/ 336). (¬3) ذكر نحوه ابن عبد البر في التمهيد (8/ 341) عن الذهلي، وعن أحمد بن صالح. =

وصَحَّحَ الترمذيُّ هذا الحديثَ (¬1)، وأخرجه مسلمٌ عن غُنَيم، عن سَعد معناه (¬2). وقال عمر بن الخطّاب لابنِه عبدَ الله: "إذا حدَّثَك سعْدٌ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بشيءٍ فلا تسألْ عنه غيرَه". ذكره البخاري في التيمم (¬3). ولَم يأْتِ عن سعْدٍ في المُتعةِ خلافٌ، ولا اختُلِفَ في أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أمَرَ بها في حَجَّةِ الوداع، وإنّما الخلافُ في فِعلِه هو، وفي جوازِ التَّمتُّع بعدَه. ¬

_ = وكذا ذكرهم أبو داود في الرواة من الإخوة والأخوات (ص: 185، 186)، إلا أنه لم يذكر أنّ محمدًا يروي عنه الزهري. وذكر مصعب الزبيري عبدَ الله ومحمدًا، وقال: "إن الزهري روى عنهما, ولم يذكر عبيد الله". نسب قريش (ص: 86، 87). وأما علي بن المدني فذكر عبيد الله فقط، وذكر من إخوته آخرون غير عبد الله ومحمد. الرواة من الإحوة والأخوات (ص: 80، 81). ومنهم من جعل عبيد الله هو عبد الله، قال أبو داود: قال أحمد بن صالح: "ذكر عبيد الله بن عبد الله بن الحارث، وكأنّه ذكر أنهما كليهما عبد الله بن عبد لله بن الحارث بن نوفل، ورأيت من لم يعدّ عبيد الله في بني عبد الله بن الحارث". اهـ. وممن ذكر أنّ عبيد الله هو عبد الله أبو حاتم في الجرح والتعديل (5/ 91) قال: "وعبد الله أصح". وقال ابن حجر: "الظاهر أنّه رجل واحد اختلف في اسمه، والله أعلم". تهذيب التهذيب (7/ 21). والذي يظهر أنَّهما اثنان، روى الزهري عن كليهما كما ذكر أحمد بن صالح والذهلي، والذهلي من أعلم الناس بحديث الزهري، والله أعلم. (¬1) السنن (3/ 158). (¬2) صحيح مسلم كتاب: احج باب: جواز التمتع (2/ 898) (رقم: 1225)، وغُنيم هو ابن قيس. (¬3) كذا قال المصنف، ولعله ذكره من حفظه فيها رحمه الله، ويحتمل أن يكون الخطأ من الناسخ، والأثر في صحيح البخاري كتاب: الوضوء باب: المسح على الخفّين (1/ 72) (رقم: 202). لا في التيمم.

وقولُ سَعْدٍ وغيرِه: "تمتّعَ رسولُ الله وتمتَّعْنَا معه"، كقَول عُمر: "رَجَمَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ورَجَمْنا بعدَه" (¬1)، وقولِهِم: "كتبَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إلِى كِسرَى وقَيصَرَ". أي أَمَرَ بذلك (¬2). وقد كان عثمان يَنهَى عن المُتعة فقال له عَلِيٌّ: "ألَم تَسمعْ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - تَمتَّعَ؟ " قال: "بلى". خرّجه النسائي (¬3). وفِعلُ المُتعةِ يُرَى ولا يُسمَع؛ لأنَّه إحلاَلٌ وإنَّما يُسمعُ الأَمرُ بها. وِسُئلَ ابنُ عمر عن المُتعةِ فقال: "هي حلال". فقال له السائل: "إنَّ أباك قدْ نهَى عنها". فقال: أَرأيتَ إنْ نَهَى عنها أبي وصَنعَها رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، أَأَمْرُ أَبِي يُتَّبَعْ أمْ أَمْرُ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - (¬4)؟ ) فقال له الرجلُ: "بَل أَمْرُ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -"، فقال: "قد صَنَعَها رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -". خَرَّجَه الترمذي (¬5). ¬

_ (¬1) تقدّم هذا الحديث (2/ 280). (¬2) انظر: مثال ذلك في صحيح البخاري كتاب: العلم باب: ما يُذكر في المناولة (1/ 29) (رقم: 65). (¬3) سنن النسائي (5/ 152) من طريق عبد الرحمن بن حرملة عن سعيد بن المسيب به. وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الحج باب: التمتع والإقران والإفراد بالحج (2/ 486) (رقم: 1569)، ومسلم فِي صحيحه (2/ 897) (رقم: 1223) من طريق عمرو بن مرة عن ابن المسيب به، وفيه قول علي: ما تريد إلا أمر فعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... وأخرجه أيضًا في (2/ 896) (رقم: 1223) من طريق عبد الله بن شقيق عن علي وفيه: "لقد علمتَ. أنّا قد تمتّعنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -". (¬4) في الأصل: "صلى الله عليه". (¬5) أخرجه الترمذي في السنن (3/ 185) (رقم: 824) من طريق صالح بن كيسان عن الزهري عن سالم عن ابن عمر به. وأخرجه أبو عوانة في صحيحه (ص: 328) من طريق عُقيل عن الزهري به. وإسناده صحيح. وأخرجه أحمد في المسند (2/ 95) من طريق صالح بن أبي الأخضر عن ابن شهاب بمثله، وفي متنه بعض الاختلاف، وصالح بن أبي الأخضر ضعيف في الزهري كما تقدّم.

وظاهِرُ هذا أنَّ الصُّنْعَ عندَه بِمعنَى الأَمْرِ (¬1). وقال عبد الله بن عمر في حديث طويل: "تَمتَّعَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في حَجَّةِ الوداع بالعمرةِ إلى الحج، وبدأ فأَهَلَّ بالعمرةِ ثمّ أهلّ بالحج ... "، وذَكر طوافَه وسعيَه ثم قال: "ولَم يَحْلِلْ من شيءٍ حَرُمَ منه حتى قَضَى حَجَّه ونَحَرَ هديَه وأفاض". خُرِّج في الصحيحين (¬2). وفي آخِر الحديث عن عائشةَ مثلُ ذلك مُحالًا عليه (¬3)، وآخِرُ هذا الكلامِ يُفسِّرُ أوَّلَه ويُبَيِّنُ أنَّ قولَه: "تَمَتَّع" تَجَوُّزٌ، بمعنى: أَمَرَ بالمتُعةِ، أو سَمَّى القِرانَ تَمَتُّعًا لإِدخالِ العمرةِ في الحَجِّ. وجاء عن ابن عمر أيضًا: أنَّه دخل مكةَ قارِنًا فطاف طوافًا واحدًا وسَعَى سعيًا واحدًا بِحَجَّةٍ وعمرةٍ ثم قال: "هكذا رَأيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - صَنَعَ حين قَرَن". خَرَّجه الدارقطني (¬4). وفي هذا دليلٌ على أنَه أراد بقوله: "تَمَتَّعَ" قرَن عمرةً مع حَجَّتِه أو أَمَر بالمُتعةِ. ¬

_ (¬1) ويدل عليه ما أخرجه أحمد في المسند (2/ 151) عن عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن سالم قال: سئل ابن عمر عن متعة الحج، فأمر بها، وقال: "أحلّها الله تعالى، وأمر بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -". وسنده صحيح على شرط الشيخين. (¬2) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الحج باب: من ساق البدن معه (2/ 522) (رقم: 1691)، ومسلم في صحيحه كتاب: الحج باب: وجوب الدم على المتمتع .. (2/ 901) (رقم: 1227). (¬3) صحيح البخاري (برقم: 1692)، وصحيح مسلم (برقم: 1228). (¬4) السنن (2/ 257) (رقم: 96) من طريق عبد الرزاق عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر به. ومن طريق عبد الرزاق أخرجه أبو عوانة في صحيحه (ص: 338 - تحقيق أيمن الدمشقي-). وسنده صحيح.

وروى عُروة، عن عائشة أنَّها قالت: "أهلَلْتُ مع رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - في حجّةِ الوداع بعمرة فكنتُ مِمَّن تَمَتعَ ولم يَسُقِ الهديَ". قال: "فزعَمتْ أنَّها حاضت ولَم تَطهُرْ حتى دخلتْ ليلةُ عرفةَ فقالت للنبي - صلى الله عليه وسلم -: هذا يومُ عرفة ولم أَطهرْ بعدُ، وكنتُ تمتّعتُ بالعمرةِ" فقال لها: "أَهِلّي بالحج واسكتي عن العمرة". خرّجه قاسم من طريق إبراهيم بن سعد، عن الزهري، عنه (¬1). فأخبرتْ عائشةُ عن نفسِها في هذا الحديثِ أنَّها تَمَتَعتْ مِن أجْلِ أنَّها أَهَلَّتْ بعمرة، وهذا تَجَوُّزٌ؛ إذ لاَ خلافَ أنَّها لَم تَحِلَّ من عُمرتِها حتى كَمُلَ حَجُّها، فأيْنَ حقيقةُ التَمَتُّع؟ (¬2). ¬

_ (¬1) وهو في صحيح البخاري بمتنه وإسناده كتاب: الحيض باب: امتشاط المرأة عند غسلها من المحيض (1/ 102) (رقم: 316). (¬2) روى ذلك جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في قصة عائشة صريحًا، خرّجه مسلم في صحيحه كتاب: الحج باب: بيان وجوه الإحرام .. (2/ 881) (رقم: 1213). وانظر: فتح الباري لابن رجب (2/ 104 - 108). والحاصل أنَّ الأحاديث التي جاءت بإضافة التمتع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - موُوّلة إلى أنه أمر بذلك أو أنه أُطلق التمتع على القران. قال ابن حبان بعد أن ساق جملة من تلك الروايات: "وأما الأخبار التي ذكرناها قبل فِي التمتع، فإنها ما نقول في كتبنا: إن العرب تنسب الفعل إلى الآمر كما تنسبه إلى الفاعل، فلما أذن لهم - صلى الله عليه وسلم - في التمتع وقال: "من أهلّ بعمرة ولم يكن ساق الهدي فلْيحلّ" كان فيه إباحة التمتع لمن شاء، فنُسب هذا الفعل إلى المصطفى - صلى الله عليه وسلم - على سبيل الأمر به، لا أنه - صلى الله عليه وسلم - كان متمتِّعا، ولذلك قال عمر بن الخطاب للصُّبيّ بن معبد حيث أخبره أنه أهلّ بالحج والعمرة فقال: هُديت إلى سنّة نبيّك". الصحيح (الإحسان) (9/ 249). وأورد الإمام ابن القيم رحمه الله في كتابه القيّم زاد المعاد أكثر من عضرين دليلًا صحيحًا صريحًا من السنة، فيه أنه - صلى الله عليه وسلم - كان قارنًا في حجّته، وبيّن أن التمتع يُطلق على معنيين، منها تمتّع القران، وهي لغة القرآن، ورجّح بأكثر من عشرة أوجه أن حجّته - صلى الله عليه وسلم - كان فيها قارنًا. انظره في: زاد المعاد (2/ 107 - 158).

وقولُ الضحاكِ في حديثِ الموطأ: "إنَّ عمرَ قد نَهَى عن ذلك". يعني عن التمتّع. الصحيحُ: كان عمرُ ينهَى عنه ويَأمرُ بالإفرادِ لرَأيٍ رآهُ، ولَم يُنكِرْ مع هذا أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَرَنَ، ولا أنَّه أَمَرَ بالمتعة. جاء عنه أنَّه قال لأبي موسى: "قد علمتُ أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قد فَعَلَه هو وأصحابُه". يريدُ التمتُّع، أي: أَمَرَ به، خرّجه مسلم (¬1). وقال للصُّبَيِّ (¬2) بن مَعبَد -وقد قَرَن-: "هُدِيتَ لسُنَّةِ نبيِّك - صلى الله عليه وسلم -)، خرّجه النسائي (¬3). ¬

_ (¬1) صحيح مسلم كتاب: الحج باب: في نسخ التحلل من الإحرام والأمر بالتمام (2/ 896) (رقم: 1222)، وتمامه: "ولكن كرهت أن يظلوا مُعرِسِين بهن في الأراك، ثم يروحون في الحج تقطر رؤوسهم". نقل النووي عن القاضي عياض: "أن نهي عمر عن التمتع إنما هو من باب ترك الأولى لأنه (كذا في المطبوع، والصحيح لا أنه) منع ذلك منع تحريم وإبطال، ويؤيّد هذا قوله: قد علمتُ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد فعله وأصحابه، لكن كرهت أن يظلّوا ... ". شرح مسلم (8/ 200). (¬2) الصُبَيّ: بضم الصاد المهملة وفتح الباء المنقوطة بواحدة، وتشديد الياء بعدها بنقطتين من تحتها، وهو تصغير الصَبِيّ. انظر: المؤتلف والمختلف (3/ 1441)، توضيح المشتبه (5/ 408)، الأنساب (3/ 523). وقال السمعاني: "وهو اسم، ولكن له شكل النسبة فذكرته". (¬3) سنن النسائي كتاب: الحج باب: القران (5/ 146، 147). وأخرجه أبو داود في السنن كتاب: المناسك باب: في القران (2/ 393) (رقم: 1799)، وابن ماجه في السنن كتاب: المناسك باب: من قرن الحج والعمرة (2/ 989) (رقم: 2970)، وأحمد في المسند (1/ 14، 25، 34، 37، 53)، والحميدي في المسند (1/ 11) (رقم: 18)، والطيالسي في المسند (ص: 12)، وابن أبي خيثمة في التاريخ (3 /ل: 42/ب)، وابن خزيمة في صحيحه (4/ 357) (رقم: 3069)، والطحاوي في شرح المعاني (2/ 145)، والبيهقي في السنن الكبرى =

وعمرُ هو الراوي حديثَ: "قُلْ: عمرة في حَجَّة" (¬1). وروى مَعمَر، عن الزهري، عن سالم: "أنَّ ابن عمر أَمَر بالمتعة". فقيل له: "إنَّك لتخالِفُ أباك". فقال: "إنَّ عمرَ لَم يَقُلِ الَّذي يقولون، إنَّما قال عمر: أَفرِدوا الحجَّ مِن العمرةِ فإنَّه أَتَمُّ للعمرة. أيْ إنَّ العمرةَ لا تَتِمُّ في أشهرِ الحجِّ إلا بِهَدْي، وأراد أن يُزارَ البيتُ في غيرِ أشهُرِ الحجِّ فجعلتموها أنتم حَرامًا، وعاقَبْتُم النَّاسَ عليها وقد أَحَلَّها الله تعالى، وعَمِلَ بها رسولُه - صلى الله عليه وسلم -" (¬2). ¬

_ = (4/ 352، 354)، (5/ 16) والطبراني في المعجم الأوسط (2/ 202) (رقم: 1725)، (8/ 157، 170) (رقم: 8260، 8301) من طرق عن أبي وائل شقيق بن سلمة عن الصُّبَيّ به. وللحديث طرق أخرى عن الصُّبَيّ، وهدا أصحها وأحسنها. وذكره الدارقطني في العلل (2/ 164 - 166) ثم قال: "وهو حديث صحيح، وأحسنها إسنادًا حديث منصور عن الأعمش عن أبي وائل عن الصُّبَيّ عن عمر". وقال ابن كثير: "فهو محفوظ بل متواتر إلى أبي وائل، وقد صرّح بالتحديث عن الصُّبَيّ بن معبد، فهو على شرط البخاري ومسلم". مسند عمر (1/ 302). (¬1) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الحج باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "العقيق واد مبارك" (2/ 474) (رقم: 1534)، وفي الحرث والزارعة بابٌ: (3/ 100) (رقم: 2337)، وفي الاعتصام باب: ما ذَكَر النبي - صلى الله عليه وسلم - وحضّ على اتّفاق أهل العلم (8/ 508) (رقم: 7343). (¬2) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (5/ 21) من طريق عبد الرزاق عن معمر عن الزهري به. وأخرجه أحمد في المسند (2/ 95)، والبيهقي فِي السنن الكبرى (5/ 21) من طريق صالح بن أبي الأخضر عن الزهري بمثله، وتقدّم التنبيه على ضعف صالح في الزهري. وأخرج مالك في الموطأ كتاب: الحج، باب: جامع ما جاء في العمرة (1/ 282) (رقم: 67) عن نافع عن ابن عمر: أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال: "افصلوا بين حجّكم وعمرتكم، فإن ذلك أتمّ لحج أحدكم، وأتمّ لعمرته أن يعتمر في غير أشهر الحج". وأخرج مسلم في صحيحه كتاب: الحج، باب: فِي المتعة بالحج والعمرة (2/ 886) (رقم: 1217) من طريق قتادة عن أبي نضرة عن جابر قال: قال عمر - رضي الله عنه -: " ... فافصلوا حجّكم من عمرتكم، فإنه أتمّ لحجّكم، وأتمّ لعمرتكم".

وخَرَّج البزارُ أنَّ عُروةَ قال لابن عبّاس: "أرأيتَ حين تُفْتِي في المتعةِ -يعني متعةَ الحَجِّ- وقد عرفتَ أنَّ أبا بكر وعمر كان يَنْهَيَانِ عنها ويَكْرَهَانِها؟ " فقالا ابنُ عبّاس: "إنَّه كان آخِرَ عهدِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الَّذي فارقَ النَّاس عليه". فقال عُروةُ: "والله يا أبا عبَّاسٍ (¬1)، لأَبو بَكرٍ وعُمر كانا أَعْلَمَ بسُنَّةِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - مِنك". فقال ابنُ عبَّاس: "يا عُرَيَّة! (¬2) ما أُرَى العذابَ إلَّا سينْزِلُ عليكم، أُخْبِرُك أنَّه كان آخِرَ عهدِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - الذي فارَقَ النَّاسَ عليه وتقول: كان أبو بكر وعمر! " (¬3). ¬

_ (¬1) هي كنية ابن عباس. (¬2) تصغير عروة. (¬3) أخرجه البزار في مسنده (ل: 147/ب- نسخة الرباط-) قال: حدّثنا أحمد بن داود الكوفي، قال: نا عمرو بن عبد الغفار، قال: نا الأعمش، عن فضيل بن عمرو، عن سعيد بن جُبير قال: كنت جالسًا عند ابن عباس فأتاه عروة فقال، وذكره. قال البزار: "وهذا الحديث لا نعلمه يُروى- عن ابن عباس بأحسن من هذا الإسناد، وإنما عنى ابن عباس متعة الحج لا متعة النساء". قلت: وسند البزار ضعيف جدًّا، فيه عمرو بن عبد الغفار الفُقيمي. قال أبو حاتم: "ضعيف الحديث، متروك الحديث" الجرح والتعديل (6/ 46). وقال علي بن المديني: "رافضي، تركته من أجل الرفض". الميزان (4/ 192). وقال العقيلي: "منكر الحديث". الضعفاء (3/ 286). وقال ابن عدي: "حدّث بالمناكير في فضائل علي - رضي الله عنه -". الكامل (5/ 146). وذكره ابن حبان في الثقات (8/ 478). لكنه توبع، أخرجه أحمد في المسند (1/ 337)، وابن عبد البر في جامع بيان العلم (2/ 239، 240) من طريق شريك بن عبد الله القاضي، عن الأعمش به. وشريك سيء الحفظ، وتقدّم. وأخرجه أحمد في المسند (1/ 252) من طريق وُهيب، عن أيوب السختياني، عن ابن أبي مليكة -عبيد الله بن عبد الله- قال: قال عروة، وذكره بنحوه، وسنده صحيح.

وانظر القِرانَ لِحَفصةَ (¬1)، والإفرادَ لعائشة مِن طريق عروةَ (¬2)، والقاسمِ بن محمّد (¬3)، وفِعلَ الصحابةِ لعائشةَ أيضًا مق طريق عَمرَةَ وغيرِها (¬4). 260 /حديث: سَمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يُسألُ عن اشتِراءِ الرُّطَبِ بالتَمْرِ؟ فقال: "أَيَنقُصُ الرُّطَبُ إذا يَبِسَ؟ ". في باب: ما يُكرَه من بَيع التَمر. عن عبد الله بن يزيد، عن زَيد أبي عَيَّاش، عن سَعد (¬5). وفيه: سؤالُ زَيدٍ عن البَيضاءَ بالسَّلْتِ (¬6). ¬

_ (¬1) سيأتي حديثها (4/ 180). (¬2) سيأتي حديثها (87). (¬3) سيأتي حديثها (4/ 65). (¬4) سيأتي حديثها (4/ 121). (¬5) الموطأ كتاب: البيوع باب: ما يكره من بيع التمر (2/ 485) (رقم: 22). وأخرجه أبو داود في السنن كتاب: البيوع باب: في التمر بالتمر (3/ 654) (رقم: 3359) من طريق القعنبي. والترمذي في السنن كتاب: البيوع باب: في النهى عن المحافلة والمزابنة (3/ 528) (رقم: 1225) من طريق قتيبة ووكيع. والنسائي في السنن كتاب: البيوع باب: اشتراء التمر بالرطب (7/ 268) من طريق يحيى القطان، وفي الكبرى كتاب: القضاء باب: مسألة الحاكم أهل العلم بالسلعة التي تباع (3/ 497) (رقم: 6034) من طريق معن. وابن ماجه في السنن كتاب: التجارات باب: بيع الرطب بالتمر (2/ 761) (رقم: 2264) من طريق وكيع وإسحاق بن سليمان. وأحمد في المسند (1/ 175، 179) من طريق ابن نمير وابن مهدي، ثمانيتهم عن مالك به. (¬6) هو حَبٌّ بين الحَبِّ والشعير. مشارق الأنوار (2/ 217). وقال ابن الأثير: "ضرب من الشعير أبيض لا قشر له، وقيل: هو نوع من الحنطة، والأول أصح؛ لأنَّ البيضاء الحنطة". النهاية (2/ 388).

وزَيدٌ هذا مجهولٌ، قيلٌ: هو مولَى بَنِي زُهرةَ (¬1)، وليس بأبي عَيَّاشٍ الزُّرَقِيِّ الأنصاري ذاك من كِبارِ الصحابة (¬2). ¬

_ (¬1) جاء ذلك عند ابن ماجه، وقد سبق. وقال ابن الحذاء: "مولى بني مخزوم، وقال مسلم: مولى بني زهرة". رجال الموطأ (ل: 26 /ب). وزيد هو ابن عياش، مختلف فيه، فجهّله أبو حنيفة، والمصنف، وابن حزم. انظر: الاستذكار (19/ 149)، التحقيق لابن الجوزي (2/ 172) نصب الراية (4/ 41)، المحلى (7/ 399). والذي يظهر أن أقلّ أحواله أن يكون صدوقًا، فقد ذكره ابن حبّان فِي الثقات، ونقل ابن حجر في تهذيب التهذيب (3/ 365) عن الدارقطني أنه قال: "ثقة". وصحح الترمذي حديثه هذا، وأخرجه ابن حبان في صحيحه (الإحسان) (11/ 372) (رقم: 4997)، والحاكم في المستدرك (2/ 38)، وصححّه ابن خزيمة كما في تهذيب التهذيب. وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح؛ لإجماع أئمة النقل على إمامة مالك بن أنس، وأنَّه محكم في كل ما يرويه من الحديث؛ إذ لم يوجد في رواياته إلا الصحيح خصوصًا في حديث أهل المدينة ... والشيخان لم يخرجاه لما خشياه من جهالة زيد أبي عياش". المستدرك (3912). وقال المنذري: "وقد حُكي عن بعضهم أنه قال: زيد أبو عياش مجهول، وكيف يكون مجهولا وقد روى عنه اثنان ثقتان، عبد الله بن يزيد مولى الأسود بن سفيان، وعمران بن أبي أنس، وهما (كذا) ثمن احتج به مسلم في صحيحه، وقد عرفه أئمّة هذا الشأن؟ هذا الإمام مالك قد أخرج حديثه في موطئه، مع شدّة تحرّيه في الرجال ونقده، وتتبعه لأحوالهم، والترمذي قد أخرج حديثه وصحّحه .. ، وصحح حديثه أيضًا الحاكم اُبو عبد الله النيسابوري، وقد ذكره مسلم بن الحجاج في كتاب الكنى، وذكر أنه سمع من سعد بن أبي وقاص، وذكره أيضا الحافظ أبو أحمد الكرابيسي في كتاب الكنى، وذكر أنه سمع من سعد بن أبي وقاص، وذكره أيضا النسائي في كتاب الكنى، وما علمت أحدا ضغفه، والله عز وجل أعلم" بمختصر سنن أبي داود (5/ 34)، وانظر: التحقيق لابن الجوزي (2/ 172). فالظاهر من أمره أنه محتج به، لذا قال الحافظ: "صدوق". التقريب (رقم: 2153). وقد صحح الأئمةُ حديثه هذا كما تقدّم عن الترمذي وابن حبان وغيرهما، وصححّه أيضًا علي بن المديني كما في بلوغ المرام لابن حجر (ص: 173)، والشيخ الألبانى في الإرواء (5/ 199). (¬2) قال الطحاوي بعد أن ذكر رواية من قال فيه: أبو عيّاش الزُّرقي: "هذا محال؛ لأنَّ أبا عيّاش الزُّرَقي رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - جليل القَدْر، وليس لعبد الله بن يزيد لقاء مثله". شرح مشكل الآثار (15، 472، 473). =

وعبد الله بن يَزيد شيخُ مالكٍ هو مولَى الأسود بن سفيان، وليس بابنِ هُرمُز (¬1). وقال حمادُ بنُ سلمةَ، عن مالك في متنه: "أَلَيسَ يَنقصُ الرُّطَبُ إذا يَبِس؟ " (¬2). ¬

_ = قال الحافظ ابن حجر: "وقد فرّق أبو أحمد الحاكم بين زيد أبي عياش الزرقي الصحابي وبين زيد أبي عياش الزرقي التابعي، وأما البخاري فلم يذكر التابعي جملة، بل قال زيد أبو عياش هو زيد بن الصامت من صغار الصحابة". تهذيب التهذيب (3/ 365). (¬1) انظر: التمهيد (9/ 170، 171)، أسماء شيوخ مالك (ل: 62 /أ)، تهذيب الكمال (16/ 318)، تهذيب التهذيب (6/ 75). وابن هرمز هو عبد الّله بن يزيد بن هرمز أبو بكر الأصم، فقيه المدينة. قال أبو حاتم: "ليس بقوي، يُكتب حديثه، وهو من فقهاء أهل المدينة". وقال الذهبي: "قلّ ما روى، كان يتعبَّد ويتزهّد، وجالسه مالكٌ كثيرًا وأخذ عنه". انظر: طبقات ابن سعد (5/ 419)، الجرح والتعديل (5/ 199)، السير (6/ 379). (¬2) لم أقف على رواية حماد بن سلمة، وتابعه على لفظه: - القعنبي، أخرجه من طريقه ابن حبان في صحيحه (الإحسان) (11/ 372) (رقم: 4997). - عبد الله بن نمير عند أحمد، وقد سبق. وأخرجه أبو أحمد الحاكم في عوالي مالك (ص: 80) من طريق خلف بن هشام عن مالك بلفظ: "أَوَ ينقص الرطب إذا يبس". وأخرجه أيضًا في (ص: 84)، والدارقطني في السنن (3/ 49) من طريق أبي محمد عبد الله بن عون الخراز عن مالك، ولفظه: "نهى رسول الّله - صلى الله عليه وسلم - عن التمر بالرّطب، وقال: إنَّه إذا يبس نقص". ومراد المصنف من إيراد طريق حماد بن سلمة بهذا اللّفظ بيان معنى الاستفهام في الطرق الأخرى، وأنه استفهام تقرير وتوبيخ منه - صلى الله عليه وسلم - لهم، وحكى ابن عبد البر في ذلك قولين: طالأول: أنَّه استفهام استفهم من أهل النخيل والمعرفة بالتمر والرطب وردّ الأمر إليهم في علم نقصان الرطب إذا يبس، وضعّف هذا القول. الثاني: قال: وهو أصحها، أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يستفهم عن ذلك، ولكنه قرّر أصحابه على صحة نقصان الرطب إذا يبس، ليبيِّن لهم المعنى الذي منه منع فقال: "ينقص الرطب إذا يبس؟ " أي أليس =

وانظر أحاديثَ المزابَنَةِ، وتفاضلِ الجِنسِ الواحد لابنِ عمر (¬1)، وأبي سعيد (¬2)، وأبي هريرة وغيرِهم (¬3). 261 /حديث: "إنَّما مَثَلُ الصلاةِ كمَثَلِ نَهْرٍ غَمْرٍ (¬4) عَذْبٍ بِبابِ أحدِكُم يَقْتَحِمُ فيه كلَّ يومٍ خَمسَ مَرَّاتٍ ... ". وفيه: قِصَّةُ الأَخَوَينِ اللَّذَينِ هَلَكَ أحدُهما قبلَ صاحبِه. في جامع الصلاة. بلغه، عن عامر بن سَعد، عن أبيه (¬5). هذا مقطوعٌ (¬6)، ورواه ابنُ وهب، عن مَخْرَمَةَ بن بُكير، عن أبيه، عن ¬

_ = ينقص الرطب إذا يبس، وقد نهيتكم عن بيع التمر بالتمر إلا مثلا بمثل. فهذا تقرير منه وتوبيخ، وليس باستفهام على الحقيقة؛ لأن مثل هذا لا يجوز جهله على النبي - صلى الله عليه وسلم - .. ثم استدل ابن عبد البر على أن الاستفهام يأتي عند العرب ويراد به التوبيخ والتقرير بقوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَاعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ}، وذكر آيات أخر. انظر: التمهيد (19/ 193، 192). وكأن ابن عبد البر لم يقف على الرواية التي ذكرها المصنف من طريق حماد، ولا على رواية القعنبي وغيره، وإلاّ لاستدل بها على ذلك، وخير ما فسّر الحديث بالحديث، وطريق عبد الله بن عون تؤيّد ذلك، وهي صريحة أنه - صلى الله عليه وسلم - كان عالما بذلك. وبمثل قول ابن عبد البر قال الخطابي في معالم السنن (5/ 32)، والطيبي في شرح المشكاة (6/ 54، 55). (¬1) تقدّم حديثه في المزابنة (2/ 411)، وحديثه في تفاضل الجنس الواحد (2/ 508). (¬2) سيأتي حديثاه (3/ 247، 248). (¬3) سيأتي حديثه (3/ 474)، وانظر حديث عمر (2/ 276)، وحديث عثمان (2/ 311). (¬4) بفتح الغين، أي كثير الماء، متّسع الجري. مشارق الأنوار (2/ 135). (¬5) الموطأ كتاب: قصر الصلاة في السفر باب: جامع الصلاة (1/ 158) (رقم: 91). (¬6) الانقطاع بين مالك وعامر بن سعد، وهذا بيّن.

عامر بن سَعْد، عن أبيه. انفرَدَ ابنُ وهب فيه بهذا الإسنادِ (¬1). وقال الدارقطني: "يُقال: إنَّ مالكًا أَخذَ هذا الحديث من مَخرمَةَ بن بُكير" (¬2). وقال ابنُ معين في التاريخ: "بلغنِي أنَّ مالكًا كان يَستَعِيرُ كُتُبَ بُكيرٍ فينظرُ فيها ويحدِّثُ عنها" (¬3). وأنْكَرَ أبو بكر البزار هذا الحديث وقال: "لَم يَروِه أحدٌ غيرُ سَعدٍ" (¬4). وخرَّج المَثَلَ المضروبَ في الصلاة مُجَرَّدًا مِن سائِرِ الحديث بإسنادٍ له عن عامِر بن سعد، عن أبان، عن أبيه عثمان بن عفّان. وقال: "قد رُوي عن غير عثمان" (¬5). ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في المسند (1/ 177)، وابن خزيمة في صحيحه (1/ 160) (رقم: 310)، وأبو أحمد الحاكم في عوالي مالك (ص: 69) والحاكم في المستدرك (1/ 200)، والطبراني في المعجم الأوسط (6/ 303) (رقم: 6476)، وابن عبد البر في التمهيد (24/ 221) من طرق عن ابن وهب به. قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، فإنما لم يخرجا مخرمة بن بكير، والعلة فيه أن طائفة من أهل مصر ذكروا أنه لم يسمع من أبيه لصغر سنه، وأثبت بعضهم سماعه منه". ووافقه الذهبي. (¬2) العلل (4/ 346). (¬3) ذكره ابن البرقي عن يحيى بن معين. انظر: التمهيد (24/ 202). وتقدّم الكلام في رواية مخرمة بن بكير عن أبيه وأقوال أهل العلم في ذلك، وأنه لم يسمع من أبيه إنما هي وجادة. انظر: (2/ 312 - 314). (¬4) لم أجد هذا الكلام في مسند البزار، لا في مسند سعد ولا في مسند عثمان - رضي الله عنهما -. وحكاه ابن عبد البر وتعقّبه بقوله: "وما كان ينبغي له أن ينكره، لأن مراسيل مالك أصولها صحاح كلها، وجائز أن يَروي ذلك الحديث سعد وغيره ... " التمهيد (24/ 220). (¬5) المسند (2/ 18)، ولفظه: "وهذا الحديث لا نعلم يروى عن عثمان عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد، وهذا الحديث أرفع حديث في هذا الباب عن النبي - صلى الله عليه وسلم -". =

وخُرِّج في الصحيح عن أبي هريرة وغيرِه (¬1). ¬

_ = قلت: أخرجه ابن ماجه في السنن كتاب: إقامة الصلاة والسنة فيها باب: ما جاء في أن الصلاة كفارة (1/ 447) (رقم: 1397)، وأحمد في المسند (1/ 71)، وعبد بن حميد في مسنده (1/ 111) (رقم: 56 - المنتخب)، وابن نصر المروزي في تعظيم قدر الصلاة (1/ 151) (رقم: 84، 85) من طريق ابن أخي الزهري عن عمّه الزهري عن صالح بن أبي فروة عن عامر بن سعد عن أبان به. وسأل ابن أبي حاتم أباه عن حديث مخرمة بن بكير وحديث ابن أخي الزهري؟ فقال: "هذا أدخل بينه وبين عتمان أبان، وهو عندي أشبه".العلل (1/ 130). وقال الدارقطني: "تفرّد به ابن أخي الزهري عن الزهري، فإن كان ضبطه فالحديث حديثه، والله أعلم". العلل (4/ 344). قلت: ابن أخي الزهري قي حديثه عن عمّه ضعف. قال الدارمي: قلت ليحيى: "فابن أخي الزهري ما حاله؟ (أي في الزهري) قال: ضعيف". التاريخ (ص: 48). وقال أيضا: "محمد بن عبد الله بن أخي الزهري أحب إليَّ في الزهري من محمد بن إسحاق". التاريخ (3/ 246 - رواية الدوري-). قال العقيلي: "ومحمد بن إسحاق عند يحيى بن معين ضعيف لا يحتج به بروايته". ثم قال العقيلي: "وأما محمد بن يحيى الذهلي فجعله في الطبقة الثانية من أصحاب الزهري مع أسامة بن زيد وأبي أويس وفليح وعبد الرحمن بن إسحاق، وهؤلاء كلهم في رجال (كذا والصواب حال) الضعف والاضطراب). ثم ذكر الذهلي ثلاثة أحاديث ينفرد بها ابن أخي الزهري عن الزهري، وليس منها هذا الحديث. انظر: الضعفاء (4/ 88). وقال ابن رجب: "وأما ابن إسحاق وابن أخي الزهري فتكلّم أحمد في حديثهما عن الزهري وليّنه". شرح العلل (2/ 675). وقال ابن حبان: "كان رديء الحفظ، كثير الوهم يخطئ عن عمّه في الروايات، ويخالف فيما يروي الأثبات، فلا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد". المجروحين (2/ 249). وانظر: تهذيب الكمال (25/ 554)، تهذيب التهذيب (9/ 249). (¬1) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: مواقيت الصلاة باب: الصلوات الخمس كفّارة (1/ 167) (رقم: 528)، ومسلم في صحيحه كتاب: المساجد ومواضع الصلاة باب: المشي إلى الصلاة تُمحى به الخطايا وترفع به الدرجات (1/ 462) (رقم: 667) عن أبي هريرة به. وأخرجه مسلم (1/ 463) (رقم: 668) من حديث جابر أيضا.

وأمَّا قِصَّةُ الأَخَوينِ فمَرْوِيَّةٌ عن طلحة بن عُبيد الله، وعن جماعةٍ سواه. خَرَّجه ابنُ حَنبل، وابنُ أبي شَيبة (¬1). ¬

_ (¬1) في القصة أنَّ أحدَهما توفي قبل الآخر، فذكر فضل الأول فقال - صلى الله عليه وسلم -: "ألم يكن يصلي"، ثم قال: "وما يدريك ماذا بلغت صلاته"، ثم ذكر الحديث. وحديث طلحة بن عبيد الله: أخرجه أحمد في المسند (1/ 161، 163)، وابن ماجه في السنن كتاب: تعبير الرؤيا باب: تعبير الرؤيا (2/ 1263) (رقم: 3925)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (7/ 248) (رقم: 2982)، وأبو يعلى في المسند (1/ 314) (رقم: 644)، والهيثم بن كليب في مسنده (1/ 85) (رقم: 27)، والبيهقي في السنن الكبرى (3/ 371)، وابن عبد البر في التمهيد (24/ 221، 223) من طرق عن أبي سلمة عن طلحة بن عبيد الله به. وسنده منقطع، أبو سلمة بن عبد الرحمن لم يسمع من طلحة. قاله ابن أبي خيثمة عن ابن معين. نقله الهيثم بن كليب في مسنده. وكذا قال ابن المديني كما في تحفة الأشراف (4/ 221). وأخرجه ابن أبي شيبة كما قال المصنف ومن طريقه ابن عبد البر في التمهيد (24/ 225)، والبزار في مسنده (3/ 143) (رقم: 929) من طريق زياد بن عبد الرحمن عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن طلحة به. قال البزار: "وهذا الحديث قد رواه غير واحد عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن طلحة بن عبيد الله، ورواه محمد بن إبراهيم عن أبي سلمة عن طلحة، فذكرناه عن زياد لأنه وصله، فرواه عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن طلحة بن عبيد الله رحمه الله. وقد تابع زيادا على روايته غير واحد". وسئل الدارقطني عن هذا الحديث فذكر هذه الطرق وغيرها، وصحح الرواية المنقطعة، وقال: "وذكر أبي هريرة فيه وهم والله أعلم". انظر: العلل (4/ 214، 215). والحاصل أن حديث مالك في الموطأ منقطع، إلا أن له أصولا تقوّيه والله أعلم.

52/ مسند سعد بن عبادة بن دليم بن حارثة الأنصاري الخزرجي

52/ مسند سَعدِ بنِ عُبادةَ بن دُلَيم بن حارثة الأنصاريِّ الخَزْرَجي حديثٌ واحد. 262/ حديث: خَرج سعدُ بن عُبادة مع رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - في بعضِ مغازِيه فحَضَرَتْ أمَّه الوفاةُ بالمدينة ... فيه قولُها: "إنَّما المالُ مالُ سعد"، وقولُه: "هل ينفَعُها أنْ أتَصَدَّقَ عنها"، وذَكَر الحائِطَ. في الأقضية، عند آخره. عن سعيد بن عَمرو بن شُرَحْبِيل بنِ سَعيد بنِ سَعْد بنِ عُبادة، عن أبيه، عن جَدِّه قال: "خرج سعد" (¬1). هكذا هو في الموطأ، وظاهِرُه الإرسال؛ لأنَّ سَعِيدًا الأصْغرَ رواه عن أبيه عَمرو، وعَمرو رواه عن أبيه شُرحْبِيل وهو جَدُّ سَعِيدٍ الأدْنَى، وشُرِحْبيلُ وَصَفَ القِصَّةَ ولَمْ يَشْهَدْها؛ إذْ لاَ صُحبةَ له، لكنَّه قد روى هذا الحديث عن جَدِّه سَعْد بن عبادة، بَيَّنَ إسنادَه عبد المَلِك بنُ الماجِشون قال فيه خارِجَ الموطأ عن مالك: سَعيد، عن أبيه، عن جَدِّه، عن سَعْد بن عُبادة: "أنَّه خرج" (¬2). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الأقضية باب: صدقة الحي عن الميت (2/ 582) (رقم: 52). وأخرجه النسائي فِي السنن كتاب: الوصايا باب: إذا مات الفجأة، هل يستحبّ لأهله أن يتصدّقوا عنه؟ (6/ 250) من طريق ابن القاسم عن مالك به. (¬2) أخرجه من طريقه ابن عبد البر في التمهيد (21/ 93)، وقال: "وهذا الحديث مسند ... ، وشرحبيل غير نكير أن يلقى جدّه سعد بن عبادة". قلت: لكن عبد الملك بن عبد العزيز الماجشون قال عنه الساجي: "حدّث عن مالك بمناكير". وقال الحافظ: "صدوق له أغلاط في الحديث". انظر: تهذيب الكمال (18/ 358)، تهذيب التهذيب (6/ 361)، التقريب (رقم: 4195).

وذكر البخاري في التاريخ أنَّ سعيدَ بنَ عَمرو يروي عن أبيه، وأنَّ أباه عَمرو بن شُرحبيل بن سعِيد بن سَعْد يروي عن أبيه شُرحبيل، عن جَدِّه، سَعْد بن عبادة (¬1). وذكر غيرُه أنَّ شُرحبيل يَروي عن أبيه سَعِيد بن سَعْد (¬2). وذَكرَ البزارُ سعِيد بن سعْد بن عُبادة في جُملةِ الصحابةِ، وخَرَّج له حديثَ ضَرْبِ الزِانيِّ الضَعيفِ بعُثْكُولٍ فيه مائةُ شِمْراخٍ (¬3)، إلاَّ أنَّه ذَكَر أنَّ أباه سعْدًا هو الَّذي رَفعَ شأنَه إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وقال في آخِرِه: "لا نَعلمُ أسنَدَ سعِيدُ بنُ سعْدٍ إلاّ هذا الحديثَ" (¬4). ¬

_ (¬1) التاريخ الكبير (4/ 44، 251)، ولم يذكره البخاري من قوله، وإنما حكى الخلاف في ذلك، وحكى القول الثاني الذي سيذكره المصنف. (¬2) والجمع بين ذلك أنه يروي عن أبيه وعن جدّه. انظر: تهذيب الكمال (12/ 418). (¬3) العثكول، ويقال: عثكال، وهو العِذف من أعذاف النخل يكون فيه الرطب. وكل غصن من أغصانه شمراخ. انظر: النهاية (2/ 500)، (3/ 183). (¬4) لم أقف عليه في مسند البزار للنقص في نسخه الخطية. والحديث أخرجه النسائي في السنن الكبرى كتاب: الرجم (4/ 313/ 17309)، وابن ماجه في السنن كتاب: الحدود باب: الكبير والمريض يجب عليه الحد (2/ 859) (رقم: 2574)، وأحمد في المسند (5/ 222)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (4/ 74) (رقم: 2024)، والطبراني في المعجم الكبير (6/ 63) (رقم: 5521، 5522)، والبيهقي في السنن الكبرى (8/ 230)، والبغوي فِي شرح السنة (5/ 474) (رقم: 2585) من طريق محمد بن إسحاق عن يعقوب بن عبد الله بن الأشج عن أبي أمامة بن سهل عن سعيد بن سعد به. وفيه محمد بن إسحاق مدلس ولم يصرّح بالتحديث، لكنه توبع. أخرجه ابن عبد البر في الاستيعاب (2/ 621) من طريق قاسم بن أصبغ عن عبد الله بن روح المدائني عن يعقوب بن الأشج به. واستدل به ابن عبد البر على صحبة سعيد بن سعد. وعبد الله بن روح قال عنه الدارقطني: "ليس به بأس". وقال هبة الله بن الحسن الطبري: "ثقة". انظر: تاريخ بغداد (9/ 454). =

وقال الساجي: "شُرَحبِيل بن سعِيد ضعيفٌ" (¬1). وقال يحيى بنُ يحيى في أوَّلِ السَّندِ: "سعِيد بن عَمرو"، وتابعه الأكثرُ (¬2)، وقال فيه القعنبيُّ وطائفةٌ: "سَعْد" بغيرِ ياءٍ (¬3). ¬

_ = وخولف محمد بن إسحاق وعبد الله بن روح المدائني: خالفهما محمد بن عجلان، فرواه عن يعقوب الأشج عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف: "أن امرأة حملت فقيل لها ... "، الحديث، أخرجه من طريقه النسائي في السنن الكبرى (4/ 313) (رقم: 7310). ومحمد بن عجلان ثقة، ويؤيّد روايته أن النسائي أخرج الحديث في السنن الكبرى (4/ 311) (رقم: 7301) من طريق أبي حازم. و(برقم: 7302، 7304) من طريق أبي الزناد. و(برقم: 7304 - 7036) من طريق يحيى بن سعيد الأنصاري. و(برقم: 7307، 7309) من طريق الزهري، كلهم عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف به. قال النسائي: "أجودها حديث أبي أمامة مرسل". السنن الكبرى (4/ 314). فلا يُجزم بصحبة سعيد بن سعد بحديث ابن إسحاق وروح بن عبد الله المدائني، وذلك لمخالفة من هو أوثق وأحفظ، وسيأتي ذكر الاختلاف فِي صحبته. (¬1) وذكره ابن حبّان في الثقات (6/ 448). وقال ابن حجر: "مقبول". التقريب (رقم: 2765)، ولم يُذكر في تهذيب التهذيب قول الساجي. (¬2) منهم: أبو مصعب الزهري (2/ 510) (رقم: 2999)، ومن طريقه المزي في تهذيب الكمال (11/ 23). - ويحيى بن بكير (ل: 132 /ب- نسخة الظاهرية-). - وابن القاسم وابن وهب كما في الجمع بين روايتيهما (ل: 39 / ب)، وأخرجه النسائي من طريق ابن القاسم كما تقدّم. - وعبد الله بن يوسف عند البخاري في التاريخ الكبير (3/ 498). - وعبد الله بن الحكم عند الطبراني في المعجم الكبير (6/ 64) (رقم: 5523). - وروح بن عبادة عند المزي في تهذيب الكمال (11/ 23). (¬3) تابعه ابن البرقي كما في التمهيد (93/ 21).

وأدخلَه البخاريُّ في باب سَعيدٍ، بالياءِ كما قال يحيى ومَن تابعه (¬1). ووقع في كتاب يحيى بنِ يحيى: "شُرَحبيل، عن سعيد" تَصَحَّفَ له "ابْنٌ" بـ "عَن" وهو خطأٌ بيِّنٌ، والصواب: "ابن سعيد"، وهكذا عندَ سائِرِ الرواة (¬2). وسعِيدُ بن سَعْدٍ والِدُ شُرَحبِيل له صُحبة، هذا قولُ الأكثَرِ، وهو الأَشْهَرُ (¬3). وقد قيل: لَم تَثبتْ له صُحبة، وتَوَقَّف في ذلك أحمدُ بنُ حنبل (¬4). وأمّا أخوه قَيسُ بن سَعْد، وأبوهما سَعْدُ بن عُبادة فمِن جِلَّةِ الصحابةِ (¬5)، كان سعْدُ بنُ عُبادة سيِّدَ الخَزْرَج، كما كان سعدُ بنُ مُعاذٍ سَيِّدَ ¬

_ (¬1) التاريخ الكبير (3/ 498)، وانظر: الجرح والتعديل (4/ 49)، تهذيب الكمال (11/ 22). وفي موطأ سويد بن سعيد (ص: 297) (رقم: 646)، وفي طبعة دار الغرب (ص: 248) (رقم: 309): "مالك عن عمرو بن شرحبيل عن أبيه عن جدّه". سقط منه سعيد بن عمرو، وهو شيخ مالك في هذا الإسناد. (¬2) نسخة المحمودية (أ) (ل: 136 /ب)، و (ب) (ل: 180/ب). وفي المطبوع وقع على الصواب! ولم يشر ابنُ عبد البر في التمهيد إلى هذا الوهم، وذكره محمد بن حارث الخشني في جملة أوهام يحيى على مالك. انظر: أخبار الفقهاء والمحدّثين (ص: 356). (¬3) قال ابن حجر: "ذكره الجمهور في الصحابة ... واختلف فيه قول ابن حبان فذكره في الصحابة، وفي ثقات التابعين". الإصابة (3/ 105 - القسم الأول-). وجزم ابن عبد البر بصحبته واستدلّ بحديث الذي أصاب حدّا وضرب بعثكول، وقد تقدّم. انظر: الاستيعاب (2/ 620). (¬4) ذكره ابن سعد فِي الطبقة الأولى من تابعي أهل المدينة، وقال: "كان سعيد بن سعد قد أدرك النبي - صلى الله عليه وسلم -، وفي بعض الرواية أنه سمع منه، وكان ثقة قليل الحديث". الطبقات الكبرى (5/ 59، 60). وذكره ابن حبان في التابعين. الثقات (4/ 277). (¬5) انظر: ترجمة قيس في الاستيعاب (3/ 1289)، الإصابة (5/ 474)، وإليه ينتسب أبو العباس الداني صاحب هذا الكتاب. وترجمة سعد في الاستيعاب (2/ 594)، الإصابة (3/ 67).

الأَوسِ، وفيهما جاءَ الخَبَرُ المأثورُ أنَّ قُريشًا سَمِعوا صائِحًا يَصيحُ ليلًا على جَبَلِ أبِي قُبَيسٍ: فإن يُسْلِمْ السَّعداِن يُصبحْ مَحمَّدٌ ... بمكةَ لاَ يَخشَى خِلاَفَ المُخالِفِ (¬1). وإلى سَعْد بن عُبادة اجتَمعت الأنصارُ للبَيعَةِ عند مَوتِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وحديثُ السَّقِيفَةِ في ذلك مشهورٌ (¬2). ولم يُخرَّج لسَعِيد بن سَعْد في الصحيح شيءٌ؛ لقِلَّةِ حديثِه (¬3). فصل: حديثُ سَعْدٍ هذا رُوي من طُرقٍ جَمَّةٍ عنه، وعن غيرِه واختُلِف في مَتنِه، وخَرَّجه مالكٌ في الموطأ في مَواضِعَ مُفْتَرِقَةٍ بأسانيدَ مختلفةٍ على وجوهٍ شَتَّى، ذَكَره عن سَعْد في باب: صَدقةِ الحَيِّ عن الميّتِ، من كتاب الأقضية. وفيه: "أنَّ أمَّه امتنعتْ عن الوصِيَّةِ إذْ كان المالُ مالَه فسَأَلَ هل يَنفَعُها صَدقته" (¬4). وذَكَر في الباب عن عائشةَ: "أنَّ رجلًا قال: إنَّ أمِّي افْتُلِتَتْ (¬5) نفسَها وأُرَاها لَو تكَلَّمتْ تَصَدَّقَتْ، أَفَأَتَصَدَّقُ عنها؟ " (¬6). ¬

_ (¬1) ذكره البخاري في التاريخ الصغير (الأوسط) (1/ 51)، وفيه تتمّة. وانظر: الاستيعاب (3/ 596)، الفتح (7/ 154). (¬2) انظره مطوّلًا في صحيح البخاري كتاب: المحاربين، باب: رجم الحُبلى من الزنا إذا أحصنت (8/ 340 - 343) (رقم: 6830). (¬3) سبق نقض هذا التعليل. انظر: (2/ 102). (¬4) وهو حديث الباب. (¬5) أي ماتت فجأة كما في الطريق الآخر، وانظر: مشارق الأنوار (2/ 157)، النهاية (3/ 467). (¬6) الموطأ (2/ 582) (رقم: 52)، وسيأتي في مسند عائشة (4/ 41).

وفيه: أنَّها ماتَت فُجَاءَةً فلِذلك لَم تُوصِ، ولَم يَذكُر هَل المالُ مالُه أو مالُها، وكَنَّتْ عائشةُ عن سَعْدٍ ولَم تُسَمِّه. وذَكَرَ في كتاب: العِتق، عن القاسم بن محمّد مُرسلًا: "أنَّ سعدًا استَأذَنَ في العِتقِ عن أمِّه"، ولَم يَذكر صدقةً ولا نَذرًا (¬1). وذَكَر في كتاب: النذور عن ابن عباس: أنَّ سعدًا قال: "إنَّ أمِّي ماتتْ وعليها نذرٌ"، ولَم يُسَمِّ النَّذر، ولا ذَكَرَ العِتقَ ولا الصدقة (¬2). والكلُّ قصةٌ واحدةٌ، واضطُرِبَ في نقلِها، واختَلَفَت العباراتُ في ذلك، والله أعلم (¬3). وقد جاء في هذا المعنَى أحاديثُ جَمَّة عن ابن عبّاس، وأبي هريرة، وبُريدةَ، وغيرِهم فيها ذِكر الصيامِ، والحجِّ، وقضاء الدَّيْن على الإطلاقِ مالًا كان أو عَملًا، والكلُّ في الصحيح (¬4). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: العتق باب: عتق الحي عن الميت (2/ 597) (رقم: 13)، وسقط مرسل القاسم من النسخة الخطية لهذا الكتاب، وتقدّم بيان ذلك في المقدّمة (1/ 178). (¬2) الموطأ كتاب: العتق باب: ما يجب من النذور في المشي (2/ 376) (رقم: 1)، وتقدّم تخريجه في مسند ابن عباس (2/ 529). (¬3) وذكر الحافظ ابن حجر جمعا بين بعض الروايات، فيحتمل أنه سأل عن النذر وعن الصدقة، وكان النذر عتق رقبة. كما يحتمل أن يكون نذرًا مطلقًا. انظر: الفتح (5/ 457، 458). (¬4) حديث ابن عباس أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الصوم باب: من مات وعليه صوم (2/ 603) (رقم: 1953)، وفيه ذكر الصوم. وفي كتاب: جزاء الصيد باب: الحج والنذور عن الميت (2/ 572) (رقم: 1852)، وفيه ذكر الحج. وحديث أبي هريرة أخرجه مسلم في صحيحه كتاب: الوصية باب: وصول ثواب الصدقات إلى الميت (3/ 1254) (رقم: 1630)، وفيه ذكر المال. وحديث بريدة أخرجه مسلم في صحيحه كتاب: الصوم باب: قضاء الصيام عن الميت (2/ 805) (رقم: 1149)، وفيه ذكر الصدقة والصوم والحج.

وللفقهاء في هذا تَفصيلٌ ذَكَرَه أهلُ التَّأويلِ (¬1). فصل: وفي الكنى: أبو سعيد الخدري واسمُه: سَعْد بن مالك (¬2). وأبو محمّد المذكور في حديثِ عُبادة لقولِه: "الوترُ واجبٌ". قيل: اسمه سَعد بن أَوْس (¬3). وسَعْدُ بن معاذ رَجلٌ مَجهولٌ مشكوكٌ في اسمِه، قيل فيه: مُعاذُ بن سعد، انظره في المراسِل (¬4). * * * ¬

_ (¬1) انظر: السنن الكبرى للبيهقي (4/ 254 - 257)، الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (17/ 75)، المغني (13/ 655)، المجموع شرح المهذب (6/ 367 - 371)، الفتح (4/ 228). (¬2) سيأتي مسنده (3/ 225). (¬3) سيأتي مسنده (3/ 198). (¬4) سيأتي مرسله (4/ 590).

53 / مسند سهل بن سعد بن مالك الأنصاري الساعدي

53 / مسند سَهل بن سَعْد بن مالك الأنصاري السَّاعِديِّ ثمانيةُ أحاديث، وله حديثٌ واحدٌ في الزيادات (¬1). 1 - محمدّ بن شهاب، عن سَهل حديثٌ واحد. مالك، عن ابن شهاب، عن سَهل بن سعد. 263 /حديث: أنَّ عُوَيْمِر العجلانيَّ جاء إلى عاصِم بن عَدِيٍّ فقال: أرأيتَ رجلًا وَجَدَ مع امرَأَتِه رجلًا أيَقْتُلُه فيَقْتُلونَه أم كَيف يَفْعَلْ؟ ... فيه: "قد أُنزِلَ فيكَ وفِي صاحِبَتِكَ، فاذْهَبْ فأْتِ بها". وذَكَر اللِّعان، وقَولَ عُوَيْمِر: "كذبتُ عليها يا رسول الله إنْ أَمْسَكْتُها"، وأنَّه طَلَّقَها ثلاثًا قبلَ الأَمْرِ به، وقولَ الزهري: "فكانت تلك بَعدُ سنّةَ المُتَلاَعِنَين" (¬2). ¬

_ (¬1) سيأتي حديثه (4/ 429). (¬2) الموطأ كتاب: الطلاق باب: ما جاء في اللّعان (2/ 444) (رقم: 34). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الطلاق باب: من أجاز طلاق الثلاث (6/ 498) (رقم: 5259) من طريق عبد الله بن يوسف، وفي باب: اللّعان ومن طلّق بعد اللّعان (6/ 515) (رقم: 5308) من طريق إسماعيل بن أبي أويس. ومسلم في صحيحه كتاب: اللّعان (2/ 1129) (رقم: 1492) من طريق يحيى النيسابوري. وأبو داود فِي السنن كتاب: الطلاق باب: اللّعان (2/ 679) (رقم: 2245) من طريق القعنبي. والنسائي في السنن كتاب: الطلاق باب: الرخصة في ذلك (أي طلاق الثلاث) (6/ 143) من طريق ابن القاسم. وأحمد في المسند (5/ 334، 335، 336) من طريق نوح بن ميمون، وأبي نوح قراد، وابن مهدي، وإسحاق الطبّاع. والدارمي في السنن كتاب: النكاح باب: في اللّعان (2/ 201) (رقم: 2229) من طريق أبي علي الحنفي، عشرتهم عن مالك به.

ومِن النَّاس من أَدْرَجَ هذا الكلامَ لسَهل (¬1)، وزِيدَ في بعضِ الطُّرقِ عنه: فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "ذاكم التفرق بين كلِّ متلاعنين"، خُرِّج هذا في الصحيحين (¬2). وقال فيه عياضُ بن عبد الله وغيرُه، عن الزهري، عن سَهل: "فطلَّقَها ثلاثَ تطلِيقاتٍ عند رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فأَنفَذَه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وكان ما صَنَعَه عندَه سُنَّةً". خَرَّجه أبو داود في التفرّد (¬3). ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: التفسير باب: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} الآية (6/ 298) (رقم: 4745) من طريق الأوزاعي. وفي باب: {وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ} (6/ 298) (رقم: 4746) من طريق فُليح بن سليمان. وفي الاعتصام باب: الاقتداء بأفعال النبي - صلى الله عليه وسلم - (8/ 297) (رقم: 7304) من طريق ابن أبي ذئب. ومسلم في صحيحه (2/ 1130) (رقم: 1492) من طريق يونس. ونسبته إلى ابن شهاب لا تمنع نسبته إلى سهل. وانظر: الفتح (9/ 361). (¬2) وهي رواية ابن جريج عن الزهري عند البخاري في صحيحه كتاب: الطلاق باب: التلاعن في المسجد (6/ 516) (رقم: 5309)، ومسلم في صحيحه (2/ 1130) (رقم: 1492). قال ابن حجر: "وجدت في نسخة الصغاني في آخر الحديث: قال أبو عبد الله (يعني البخاري): قوله "ذلك تفريق بين المتلاعنين" من قول الزهري، وليس من الحديث. انتهى، وهو خلاف ظاهر سياق ابن جريج، فكأن المصنف رأى أنه مدرج فنبّه عليه". الفتح (9/ 361). (¬3) وهو في سننه (2/ 683) (رقم: 2250)، وفي آخره: قال سهل: "حضرت هذا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فمضت السنة بعد في المتلاعنين أن يفرِّق بينهما ثم لا يجتمعان أبدًا". وهذا يؤيّد أن الإدراج وهو قوله: "تلك سنة المتلاعنين"، من قول سهل. وأما قوله: "فأنفذه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -"، فيحتمل وجهين: أحدهما: أنه أنفذ الطلاق. الثاني: أنه أنفذ الفرقة الدائمة المتأبّدة، وهذا الظاهر، ويشهد له قول سهل: "ثم لا يجتمعان أبدًا". انظر: معالم السنن (3/ 162)، الفتح (9/ 361).

وقال ابنُ عيينة، عن الزهري، عن سَهل: "إنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فَرَّقَ بين المُتَلاَعِنَين"، خرَّجه البخاري (¬1). وانتَقَدَ ذلك الدارقطنيُّ في الاستدراكات وقال: "هذا مِمَّا وَهِمَ فيه ابنُ عيينة؛ لأنَّ أصحابَ الزهري قالوا: فطلَّقها قبل أن يأمرَه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - فكان فراقُه إِيّاها سُنَّةً. لمَ يقلْ أحدٌ منهم أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَرَّق بينهما غيرُه" (¬2). ¬

_ (¬1) لم أجده بهذا اللفظ، أعني ذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيه. وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: المحاربين باب: من أظهر الفاحشة واللَّطخ والتهمة بغير بيّنة (8/ 349) (رقم: 6854)، وفي الأحكام باب: من قضى ولاعن في المسجد (8/ 453) (رقم: 7165) بلفظ: "شهدتُ المتلاعنين وأنا ابنُ خمس عشرة فُرِّق بينهما". والمعنى واحد؛ لأن المراد بالمفرّق في طريق ابن عيينة هو رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وجاء بتمامه عند أبي داود في السنن (2/ 684) (رقم: 2251). وقال أبو داود: "لم يُتابِع ابنَ عيينة أحدٌ على أنه فرّق بين المتلاعنين". وفي تاريخ ابن أبي خيثمة (3 /ل: 44/أ): "سئل يحيى بن معين عن حديث ابن عيينة، عن الزهري، عن سهل بن سعد الساعدي: أنَّه شهد المتلاعنين على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - فرَّق بينهما؟ فقال: أخطأ، ليس النبي فرَّق بينهما". (¬2) التتبّع (ص: 287). قال الحافظ ابن حجر: "لم أره عند البخاري بتمامه، وإنما ذكر بهذا الإسناد طرفًا منه، وكأنه اختصره لهذه العلّة، فبطل الاعتراض عليه". هدي الساري (ص: 400). قلت: بطلان الاعتراض على البخاري لا من جهة عدم ورود طريق ابن عيينة في صحيحه، بل روايته موجودة عنده بالمعنى، ولكن يبطل الاعتراض من جهتين: 1 - أنَّ ابن عيينة لم ينفرد بقوله: "ففرّق بينهما"، بل تابعه الزبيدي كما في السنن الكبرى للبيهقي (7/ 400، 401)، وقال البيهقي بعد أن أورد كلام أبي داود السابق: "يعني بذلك في حديث الزهري عن سهل بن سعد، إلاَّ ما رويناه عن الزبيدي عن الزهري: أنَّه فرَّق بينهما النبي - صلى الله عليه وسلم -". 2 - أنه جاء من حديث ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - هو الذي فرّق بينهما، وسيورده المصنف. ولم تقع الفرقة بطلاقه إيّاها، وإنما باللعان نفسه، فيصدق أنه فرّق بينهما النبي - صلى الله عليه وسلم -. وفي حديث ابن عمر بعد أن ذكر الطلاق قال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا سبيل لك عليها"، أي ليست في ملكك، فلا يصح طلاقك لها. وللعلماء في ذلك تفصيل واختلاف. انظر: التمهيد (6/ 194)، الفتح (9/ 275، 360).

وقد تقدَّم حديثُ ابنِ عمر من طريق نافع، والقِصَّةُ واحدة (¬1). وجاء عن أنسٍ وابن عبّاسٍ أنَّ القرآنَ نَزلَ في شأنِ هِلالِ بنِ أُميّة -وهو أحدُ الثلاثة الذين تِيبَ عليهم- قَذَفَ امرأتَه بشَرِيك بن سَمْحَاء (¬2). خَرَّجه مسلم عن أنس (¬3)، وخَرَّجه ابنُ أبي شيبة عن ابن عبّاس، وهي قِصَّةٌ أخرى (¬4). فصل: عُوَيْمِر المذكورُ لا هذا الحديث هو ابنُ أَبيض من الأنصار (¬5)، وعاصِم بنُ عَدِيٍّ بالدال مذكور في مسنده (¬6). * * * ¬

_ (¬1) تقدّم حديثه (2/ 405)، وفيه: "أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - فرّق بينهما". فكأنَّ المصنِّف يرى أن لا اعتراض على البخاري، والله أعلم. (¬2) في الأصل: "سحماء"، بتقديم الحاء على الميم. (¬3) صحيح مسلم (2/ 1134) (رقم: 1496). (¬4) وهو في صحيح البخاري كتاب: الشهادات باب: إذا ادّعى وقذف فله أن يلتمس البيّنة .. (3/ 219) (رقم: 2671)، وفي التفسير {وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ} (6/ 299) (رقم: 4747)، وفي الطلاق باب: يبدأ الرجل بالتلاعن (6/ 515) (رقم: 5307). (¬5) انظر: الاستيعاب (3/ 1226)، الإصابة (4/ 746). (¬6) تقدّم مسنده (3/ 65).

2 - أبو حازم سلمة بن دينار، عن سهل

2 - أبو حازم سلمة بن دينار، عن سهل سبعةُ أحاديث. مالك، عن أبي حازم بن دينار، عن سهل. 264/ حديث: "ذَهبَ إلى بَنِي عَمرو بن عَوف ليُصلِحَ بينهم وحانتِ الصلاةُ فجاء المؤَذِّن إلى أبي بَكر فقال: أَتصلِّي للنّاس فَأقيم؟ قال: نعم. فصلى أبو بكر ... ". وذَكَر مَجِيئَه وتَقدُّمَّه وتصفيقَ النَّاس، وفيه: "ما لي رَأيتكمْ أكَثرْتُم مِن التّصْفِيحِ، مَن نابه شيءٌ في صلاِته فليسبِّح". في باب: الالتفاتِ والتَّصفيقِ في الصلاة (¬1). قال فيه حمّاد بنُ زيد، عن أبي حازم: "إذا نابَكم شيءٌ في الصلاةِ فليُسَبِّح الرِّجالُ وليُصَفِّح النِّساء". خَرَّجه البخاري (¬2). وقال عبد العزيز بن أبي حازم، عن أبيه: قال سهل: "هل تَدرون ما ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: قصر الصلاة في السفر باب: الالتفات والتصفيق عند الحاجة في الصلاة (1/ 150) (رقم: 61). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الأذان باب: من دخل ليؤمّ الناس، فجاء الإمام الأول فتأخر الأول أم لم يتأخر جازت صلاته (1/ 207) (رقم: 684) من طريق عبد الله بن يوسف. ومسلم في صحيحه كتاب: الصلاة باب: تقديم الجماعة من يصلي بهم إذا تأخّر الإمام ولم يخافوا مفسدة بالتقديم (1/ 316) (رقم: 421) من طريق يحيى النيسابوري. وأبو داود في السنن كتاب: الصلاة باب: التصفيق في الصلاة (1/ 578) (رقم: 940) من طريق قتيبة. وأحمد في المسند (5/ 337) من طريق ابن مهدي، أربعتهم عن مالك به. (¬2) صحيح البخاري كتاب: الأحكام باب: الإمام يأتي قوما فيصلح بينهم (8/ 461) (رقم: 7190).

التَّصفِيحُ؟ هو التصفيق". خَرَّجه البخاري أيضًا (¬1). انظر إمامَةَ ابنِ عَوف في مسندِ المغيرةَ (¬2). 265/ حديث: "لاَ يزالُ الناسُ بِخير ما عَجَّلوا الفِطرَ". في الصيام (¬3). وانظر مرسلَ سعيد بن المسيّب (¬4)، ومرسلَ عبد الكريم بن أبي المخارق (¬5). 266/ حديث: جاءته امرأةٌ فقالت: يا رسول الله إنِّي قد وَهَبْتُ نفسِي لَكَ ... وذَكَر قولَ الرَّجلِ: "زَوِّجْنِيهَا"، فيه: "قد أَنْكَحْتُكَها بما معك مِن القرآن". في باب: الصداق (¬6). ¬

_ (¬1) صحيح البخاري كتاب: العمل في الصلاة باب: ما يجوز من التسبيح والحمد في الصلاة للرجال (2/ 364) (رقم: 1201)، وفِي باب: رفع الأيدي في الصلاة لأمر ينزل به (2/ 369) (رقم: 1218). وأخرجه مسلم في صحيحه (1/ 317) (رقم: 421)، ولم يسق لفظه. (¬2) تقدّم حديثه (2/ 242). (¬3) الموطأ كتاب: الصيام باب: ما جاء في تعجيل الفطر (1/ 241) (رقم: 6). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الصوم باب: تعجيل الإفطار (2/ 604) (رقم: 1957) من طريق عبد الله بن يوسف. والترمذي في السنن كتاب: الصوم باب: ما جاء في تعجيل الإفطار (3/ 82) (رقم: 699) من طريق أبي مصعب الزهري. وأحمد في المسند (5/ 337، 339) من طريق إسماعيل بن عمر وإسحاق الطبّاع، أربعتهم عن مالك به. (¬4) سيأتي حديثه (5/ 202). (¬5) سيأتي حديثه (5/ 59). (¬6) الموطأ كتاب: النكاح باب: ما جاء في الصداق والحباء (2/ 416) (رقم: 8). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الوكالة باب: وكالة المرأة الإمام في النكاح (3/ 90) (رقم: 2310)، وفي النكاح باب: السلطان وليّ (6/ 459) (رقم: 5135)، وفي التوحيد باب: =

قال فيه زائدة عن أبي حازم: "انطَلِقْ فقد زوَّجْتكَها فعَلِّمها مِن القرآن". خَرَّجه مسلم (¬1). 267 /حديث: "أُتي بشرابٍ فشَرِب منه، وعَن يَمينِة غلامٌ وعن يسارِه الأشياخُ ... ". فيه: "أتأذَنُ لِي أن أُعْطِيَ هؤلاء؟ " قال: "لا". في الجامع (¬2). وتقدَّم لأنس (¬3). ¬

_ = {قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً} (8/ 532) (رقم: 7417) من طريق عبد الله بن يوسف. وأبو داود في السنن كتاب: النكاح باب: في التزويج على العمل يُعمل (2/ 586) (رقم: 2111) من طريق القعنبي. والترمذي في السنن كتاب: النكاح (3/ 421) (رقم: 1114) من طريق عبد الله بن نافع وإسحاق الطبّاع. والنسائي في السنن كتاب: النكاح باب: هبة المرأة نفسها لرجل بغير صداق (6/ 123) من طريق معن. وأحمد في المسند (5/ 336) من طريق ابن مهدي وإسحاق الطّبّاع، ستتهم عن مالك به. (¬1) صحيح مسلم كتاب: النكاح باب: الصداق وجواز كونه تعليم القرآن ... (2/ 1041) (رقم: 1425). وزائدة هو ابن قدامة. (¬2) الموطأ كتاب: صفة النبي - صلى الله عليه وسلم - باب: السنة في الشرب ومناولته عن اليمين (2/ 706) (رقم: 18). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: المظالم باب: إذا أذن له أو أحلّه ولم يبيّن كم هو (3/ 140) (رقم: 2451) من طريق عبد الله بن يوسف، وفِى الهبة باب: هبة الواحد للجماعة (3/ 192) (رقم: 2602) من طريق يحيى بن قزعة، وفي باب: الهبة المقبوضة وغير المقبوضة والمقسومة وغير المقسومة (3/ 193) (رقم: 2605) من طريق قتيبة، وفي الأشربة باب: هل يستأذن الرجل عن يمينه في الشرب ليعطي الأكبر (6/ 609) (رقم: 5620) من طريق إسماعيل بن أبي أويس. ومسلم في صحيحه كتاب: الأشربة باب: استحباب إدارة الماء واللبن ونحوهما عن يمين المبتدئ (3/ 1604) (رقم: 2030) من طريق قتيبة. والنسائي في السنن الكبرى كتاب: آداب الشرب باب: من يناول فضل الشراب (4/ 195) (رقم: 6868) من طريق قتيبة. وأحمد في المسند (5/ 333، 338) من طريق إسحاق الطبّاع وموسى بن داود، ستتهم عن مالك به. (¬3) في الأصل: "وتقدّم حديث أنس: إن كان ففي الفرس ... "، والصواب المثبت؛ لأنَّ حديث التيامن في الشرب تقدّم لأنس، وحديث الشؤم تقدّم لابن عمر كما سيذكره المصنِّف، فكأنّه وقع في الأصل تقديمٌ وتأخيرٌ أخَلَّا بالمعنى، والله أعلم. وحديث أنس تقدّم (2/ 51).

268/ حديث: "إن كان فَفِي الفَرَسِ والمرأةِ والمَسْكَ". يعني الشُؤمَ. في الجامع (¬1). وتقدّم لابنِ عمر (¬2). • حديث: عن سَهل قال: "كان النَّاس يُؤمَرون أن يَضع الرَّجلُ اليدَ اليُمنَى على ذِراعِه اليُسرى في الصلاة". قال أبو حازِم: لا أَعلمُ إلاَّ أنَّه يَنْمِي ذلك. في الصلاة، الثاني (¬3). هذا معلولٌ؛ لأنَّه ظَنٌّ (¬4). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الاستئذان باب: ما يتّقى من الشؤم (2/ 740) (رقم: 21). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الجهاد باب: ما يُذكر من شؤم الفرس (3/ 294) (رقم: 2859) من طريق القعنبي، وفِي النكاح باب: ما يتقى من شؤم المرأة (6/ 446) (رقم: 5095) من طريق عبد الله بن يوسف. ومسلم في صحيحه كتاب: السلام باب: الطيرة والفأل وما يكون فيه من الشؤم (4/ 1748) (رقم: 2226) من طريق القعنبي. وابن ماجه في السنن كتاب: النكاح باب: ما يكون فيه اليمن والشؤم (2/ 642) (رقم: 1994) من طريق عبد الله بن نافع. وأحمد في المسند (5/ 335، 338) من طريق روح، وإسماعيل بن عمر، خمستهم عن مالك به. (¬2) تقدّم حديثه (2/ 352). (¬3) الموطأ كتاب: قصر الصلاة في السفر باب: وضع اليدين إحداهما على الأخرى في الصلاة (1/ 147) (رقم: 47). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الأذان باب: وضع اليمنى على اليسرى (1/ 223) (رقم: 740) من طريق القعنبي. وأحمد في المسند (5/ 336) من طريق ابن مهدي. (¬4) قول المصنف: "وهذا معلول، لأنه ظن"، حكاه عنه مغلطاي في الإعلام (ل: 155/ أ)، وابن حجر وتعقبه بقوله: "واعترض الداني في أطراف الموطأ فقال: هذا معلول؛ لأنّه ظن من أبي =

عند أحمد بن سعيد (¬1) - من جُملة نقلة روايةِ يحيى بنِ يحيى-: "يُنمَى" بالألف، وضمِّ الياءِ على ما لَم يُسَمّ فاعِلُه (¬2)، وعند سائرِ رواة يحيى: "يَنمِي" بكسرِ الميم، وياء بعدها، وفتح الأولى أي: يَرفع (¬3). وهكذا قال فيه البخاري عن القعنبي وزاد: "إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -"، وهي روايةُ مَعنٍ عن مالك (¬4)، وقال البخاريُّ: "قال إسماعيل يعني عن مالك: يُنمَى ¬

_ = حازم، ورُدّ بأنَّ أبا حازم لو لم يقل لا أعلمه إلخ لكان في حكم المرفوع؛ لأنَّ قول الصحابي: كنا نؤمر بكذا يصرف بظاهره إلى من له الأمر وهو النبي - صلى الله عليه وسلم -، لأنَّ الصحابي في مقام تعريف الشرع فيحمل على من صدر عنه الشرع، ومثله قول عائشة: كنَّ نؤمر بقضاء الصوم، فإنه محمول على أنَّ الآمر بذلك هو النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأطلق البيهقي أنه لا خلاف في ذلك بين أهل النقل، والله أعلم". الفتح (2/ 262). قلت: في نظري أنَّ تعليل الداني وجيه؛ لأنَّ أبا حازم لم يجزم، وإنَّما شك في رفعه، قال ابن الحصار: "هذا يدخل في المسند، وإن بقي في النفس منه شيء، فيستند بما تقدّم". الإعلام (ل: 155/أ). وقد رواه عمار بن مطر عن مالك بلفظ: "أُمرنا أن نضع .. "، وهذا ما يبيّن الآمر، أخرجه من طريقه ابن عبد البر في التمهيد (9/ 96). (ووقع فيه: عمار بن مطرف وهو خطأ). ولكن عمار بن مطر العنبري أبو عثمان الرّهاوي، متروك لحديث. انظر: الكامل (5/ 72)، المجروحين (2/ 196)، الميزان (4/ 89)، اللسان (4/ 275). وذكر ابن رجب روايته هذه ثم قال: "عمار ليس بحجة". فتح الباري له (6/ 359). (¬1) أحمد بن سعيد بن حزم بن يونس الصدفي المُنتلِيجِي أبو عمر القرطبي، وتقدّم (2/ 12). (¬2) وكذا وقع في نسخة المحمودية (أ) (ل: 27/ب). وهي رواية أبي مصعب الزهري (1/ 165) (رقم: 426)، وكذا في نسخه الخطية. (¬3) وكذا هي فِي نسخة المحمودية (ب) (ل: 31/أ)، وفي المطبوع من رواية يحيى، وتصحّفت في المطبوع من رواية ابن القاسم إلى (ينهى) من النهي؟ ! وقال ابن بكير: "يَنْمِي". نسخة السليمانية (ل: 28/ب). (¬4) لم أقف على رواية معن.

ذلك، ولم يقل: يَنمِي". "أي لَم يَقلْ كما قال القعنبي (¬1). وانظر مرسلَ عبد الكريم (¬2). 269 / حديث: عن سهل قال: "ساعتَان تُفتحُ لهمَا أبوابُ السماء ... ". ذَكَر: النداءَ في الصلاة والصفَّ في سبيل الله. في باب: النِّداء للصلاة (¬3). هذا موقوفٌ في الموطأ (¬4)، ورَفَعَه بِشر بنُ عمر الزَّهراني وغيرُه عن مالك، وخَرَّجه الجوهري من طريق أيُّوب بن سويد، عنه مرفوعًا (¬5). ¬

_ (¬1) تقدّم تخريجه. ووافق إسماعيل بن أويس على روايته: سويد بن سعيد، أخرجه الدارقطني في غرائب مالك كما في الفتح (2/ 263). ووقع في المطبوع من رواية سويد (ص: 155) (رقم: 277): "أنْمَى". وفي طبعة التركي (ص: 123): "أُنْمِي". (¬2) سيأتي حديثه (5/ 57). (¬3) الموطأ كتاب: الصلاة باب: ما جاء في النداء (1/ 83) (رقم: 7). (¬4) وله حكم الرفع؛ لأن مثله لا يقال بالرأي، وانظر الموطأ برواية: - أبي مصعب الزهري (1/ 74) (رقم: 185)، والقعنبي (ص: 88)، وسويد بن سعيد (ص: 100) (رقم: 123)، ويحيى بن بكير (ل: 14/ أ - نسخة السليمانية-). وتابعهم: إسماعيل بن أبي أويس، عند البخاري في الأدب المفرد (ص: 230) (رقم: 661). - وعبد الرزاق في المصنف (1/ 1/ 495) (رقم: 1910). - ومعن بن عيسى، عند ابن أبي شيبة في المصنف (6/ 30) (رقم: 29242). (¬5) لعلّه في مسند ما ليس في الموطأ. وطريق أيوب بن سويد: أخرحه ابن حبان في صحيحه (الإحسان) (5/ 60) (رقم: 1764)، والطبراني في المعجم الكبير (6/ 140) (رقم: 5774)، والدارقطني في غرائب مالك كما في إتحاف المهرة (6/ 100)، ومحمد بن المظفر البزاز في غرائب مالك (ص: 159) (رقم: 97)، وابن عبد البر في التمهيد (21/ 138 - 139). وأيوب بن سويد ضعيف الحديث، وعامة العلماء على تضعيفه، وقول ابن حجر فيه: "صدوق يخطئ"، فيه نظر، وتقدّم (2/ 107). =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = ومن طريق بشر بن عمر الزهراني: أخرجه الدارقطني في غرائب مالك، ذكره ابن حجر في إتحاف المهرة (6/ 100) عن الدارقطني بإسناده. وبشرٌ ثقة. وتابعهما: 1 - إسماعيل بن عمر الواسطي أبو المنذرَ عند ابن حبان في صحيحه (الإحسان) (515) (رقم: 1720)، والدارقطني في الغرائب كما في الإتحاف (6/ 100)، وأبي الفرج المقرئ في الأربعين في فضل الجهاد والمجاهدين (ص: 75)، وعبد الغني المقدسى في الترغيب في الدعاء (ص: 40)، وابن حجر فِي نتائج الأفكار (1/ 380). وإسماعيل ثقة. 2 - محمد بن مخلد عند أبي نعيم في الحلية (6/ 343)، والدارقطني في الغرائب كما في الإتحاف (6/ 100)، وابن عبد البر في التمهيد (21/ 189)، وابن حجر في نتائج الأفكار (1/ 381). ومحمد بن مخلد قال عنه ابن عدي: "منكر الحديث". الكامل (6/ 257). وقال الدارقطني في الغرائب: "متروك الحديث". اللسان (5/ 375). وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي عنه فقال: "لم أر في حديثه منكرًا". الجرح والتعديل (8/ 93). وقال الخليلي: "يروي عن مالك أحاديث تفرّد بها، وهو صالح". اللسان (5/ 375). 3 - أبو مطر، واسمه منيع بن ماجد عند أبي نعيم في الحلية (6/ 343). ومنيع هذا أشار الدارقطني في الغرائب إلى لينه، وقال ابن حجر: "لم تقع له رواية منيع هذا". اللسان (6/ 104). والحاصل أنَّ الصحيح عن مالك ما رواه أصحاب الموطأ عنه موقوفًا، إلاّ أنَّ له حكم الرفع. وورد الحديث عن سهل مرفوعا من غير طريق مالك. أخرجه أبو داود في السنن كتاب: الجهاد، باب: الدعاء عند القتال (3/ 45) (رقم: 2540)، والدارمي في السنن كتاب: الأذان باب: الدعاء عند الأذان (1/ 393 (رقم: 1)، وابن خزيمة فِي صحيحه (1/ 219) (رقم: 419)، وابن أبي عاصم في الجهاد (1/ 164) (رقم: 18)، وابن الجارود في المنتقى (1/ 323) (رقم: 1065)، والطبراني في المعجم الكبير (6/ 135) (رقم: 5756)، والحاكم في المستدرك (1/ 198)، والبيهقي في السنن الكبرى (1/ 410)، (3/ 360)، وابن حجر في نتائج الأفكار (1/ 378) من طرق عن سعيد بن أبي مريم عن موسى بن يعقوب الزمعي عن أبي حازم عن سهل مرفوعًا. وسنده ضعيف لضعف موسى بن يعقوب، قال عنه الحافظ: "صدوق سيء الحفظ". التقريب (رقم: 7026). وقال في نتائج الأفكار (1/ 380): "رجاله رجال الصحيح إلا موسى وهو مدني مختلف فيه". =

فصل: أبو حازم سَلَمة بنُ دينار هو الزَّاهدُ الحَكيم الأَعرج، ويُقال له: الأَفْزَر مولَى الأسود بن سفيان، وقد تقدّم ذكرُه في مسند معاذ (¬1). وانظر أبا حازِمٍ التَمَّار في مسندِ البَياضِي (¬2). * * * ¬

_ = قلت: وتابعه جماعة منهم: - عبد الحميد بن سليمان الخزاعي أخرجه من طريقه الطبراني في المعجم الكبير (6/ 196) (رقم: 5847)، وفي الدعاء (2/ 1023) (رقم: 489)، ولوين في حديثه (ص: 84) (رقم: 73)، وأبو الشيخ في طبقات المحدثين (4/ 322)، وابن حجر في نتائج الأفكار (1/ 381). وعبد الحميد بن سليمان ضعيف. التقريب (رقم: 3764). - دَبَّاب بن محمد المديني أبو العباس، أخرجه من طريقه الدولابي في الكنى (2/ 24). ودَبَّاب بفتح الدال وموحدتين الأولى مشدّدة مفتوحة، مجهول. انظر: المؤتلف والمختلف للدارقطني (2/ 912)، توضيح المشتبه (4/ 15). والحاصل أن الصحيح فيه عن مالك الوقف، وله حكم الرفع، وجاء عن سهل من طرق أخرى مرفوعة يقوّي بعضها بعضا. لذا قال الحافظ ابن حجر في نتائج الأفكار: "هذا حديث حسن صحيح". (¬1) تقدّم (2/ 214)، وانظر: أسماء شيوخ مالك (ل: 76 / أ)، تهذيب الكمال (11/ 272)، تهذيب التهذيب (4/ 126)، والأَفْزَر: الذي يتطامن ظهرُه، كأنَّه ينفرق لحمتا ظهره. معجم مقاييس اللغة (4/ 502). (¬2) سيأتي مسنده (3/ 571).

54/ مسند سهل بن حنيف الأنصاري الأوسي

54/ مسند سَهل بن حُنَيف الأنصاري الأوسي حديث واحدٌ بسندين، وله آخَر مشتَرَكٌ. حديث: رأى عامرُ بن ربيعة سهلَ بن حُنيف يَغتسل فقال: ما رأيتُ كاليومِ ولا جِلدَ مُخبَّأَةٍ (¬1). فيه: "علامَ يَقتلُ أحدُكم أخاه؟ ألاَ برَّكْتَ! اغْتَسِل له". في الجامع. 270/ عن ابن شهاب، عن أبي أمامة بن سهل بن حُنيف. ساقه، وذَكَر فيه ما يُغسَل من الأعضاءِ والإزار (¬2). 271/ وعن محمّد بن أبي أمامة بن سهل، عن أبيه قال: "اغتسلَ أبي سهلُ بنُ حنيف بالخرَّار (¬3) "، فذكره. وقال فيه: "ألاَ برَّكتَ، إنَّ العينَ حقٌّ، تَوَضّأْ له" (¬4). ¬

_ (¬1) بضم الميم وفتح الخاء وشدِّ الباء، أي جلد عذراء، وهي البكر. انظر: مشارق الأنوار (1/ 228). (¬2) الموطأ كتاب: العين باب: الوضوء من العين (2/ 716) (رقم: 2). وأخرجه النسائي في السنن الكبرى كتاب: الطب باب: وضوء العائن (4/ 381) (رقم: 7618) من طريق معن وابن القاسم، كلاهما عن مالك به. (¬3) الخَرَّار: بفتح الخاء المعجمة، ورائين مهملتين، أولاهما مشدّدة. موضع اختلف في تحديده، فقيل: موضع بخيبر، وقمِل بالجحفة، وقيل: بالمدينة، وقيل: واد بها. ولعلَّه وادي الجحفة، يقع شرق رابغ على قرابة (25) كيلا من غدير خمّ. انظر: مشارق الأنوار (1/ 250)، معجم البلدان (2/ 350)، معجم المعالم الجغرافية للبلادي (ص: 112). (¬4) الموطأ (2/ 715) (رقم: 1). وأخرجه النسائي في السنن الكبرى كتاب: الطب باب: العين (4/ 380) (رقم: 7616) من طريق قتيبة عن مالك به.

ظاهرُه الانقطاع لعدم التصريح بالإخبار، وقال فيه محمّد بن أبي ذئب، عن الزهري، عن أبي أُمامة، عن أبيه (¬1). وقال غيرُه: عن أبي أُمامة، حدّثني سَهل بن حنيف، خَرَّجه ابن سَنْجَر (¬2). ¬

_ (¬1) أخرجه من طريقه النسائي فِي السنن الكبرى كما في تحفة الأشراف (4/ 98)، والطبراني في المعجم الكبير (6/ 81) (رقم: 5578). ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب قال ابن حجر: "ثقةٌ فقيهٌ فاضلٌ". (التقريب (رقم: 6082). قلت: وفي روايته عن الزهري شيء. قال عبد الله بن أحمد: سألت يحيى قلت: "أَسَمع ابن أبي ذئب من الزهري شيئًا؟ قال: عَرَضَ على الزهري، وحديثُه عن الزهري ضعيف، ثم قال: يضَعِّفونـ[ـــه] في الزهري". وقال يعقوب بن شيبة: "ابن أبي ذئب ثقة، وروايته عن الزهري خاصة فيها شيء". انظر: العلل للإمام أحمد (3/ 22 - رواية عبد الله-)، شرح العلل لابن رجب (2/ 673، 675). وتابعه: إبراهيم بن إسماعيل بن مجمّع عند الطبراني في المعجم الكبير (6/ 78) (رقم: 5573). وإبراهيم هذا قال عنه ابن حجر: "ضعيف". التقريب (رقم: 148). (¬2) أخرجه الإمام أحمد في المسند (3/ 486) من طريق أبي أويس- وهو عبد الله بن عبد الله بن أويس عن الزهري عن أبي أمامة ابن سهل أنَّ أباه حدّثه به. وأبو أويس قال عنه الحافظ ابن حجر: "صدوق يهم". التقريب (رقم: 3412). قلت وفي روايته عن الزهري نظر، قال البرقاني: قلت لأبي الحسن (أي الدارقطني): "أبو أويس صاحب الزهري؟ قال: اسمه عبد الله بن عبد الله بن أويس بن مالك بن أبي عامر، وهو ابن عم مالك بن أنس من أهل المدينة، سماعه مع مالك عن الزهري. قلت: كيف حديثه عن الزهري؟ قال: في بعضها شيء". السؤالات (ص: 73) (رقم: 570). وأخرجه ابن قانع في معجم الصحابة (1/ 266) من طريق مسلمة (وفي المطبوع والأصل: مسلم) ابن خالد الأنصاري قال: سمعت أبا أمامة بن سهل: أنَّ سهل بن حنيف حدّثه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، الحديث. ومسلمة بن خالد الأنصاري ذكره ابن حبان في الثقات (5/ 431). وقال الذهبي: "مسلمة بن خالد الأنصاري عن أبي أمامة بن سهل، مجهول"، الميزان (5/ 233). قلت: والصواب حديث مالك عن الزهري عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف به، ورواية من خالفه لا تسلم من علَّة، ومالك مِن أوثق الناس فِي الزهري، والله أعلم.

وزعمَ محمّدُ بنُ يحيى الذُّهلي أنَّه لا يَصحّ لأبي أُمامة عن أبيه إلا حديثُ واحدٌ وهو: "لا يقل أحدُكم خَبُثَت نفسي" (¬1). وفي ذلك نَظر، والظنُّ به أنَّه قال ذلك لقِلَّةِ حديثه عنه، ولم يُرِد نَفْيَ صُحبَتِه لأبيه، ولا أَنْكَر سَماعَه منه؛ لأنَّ أبا أمامة وُلِدَ في حياة النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ومات أبوه سنةَ ثمانٍ وثلاثين بعدَ صِفِّين، فصُحبتُه لأبيه معلومة لمكان النِّسبَةِ، والسَّماعُ متيقَّنٌ لطولِ الصُّحبةِ، وإنَّما أراد أنَّه لَم يُروَ عنه حديث أسندَه إلى أبيه وأفْصَحَ فيه بسماعِه منه غيرَ الحديثِ الواحدِ الَّذِي ذكر، وسائِرُ ما رُوِيَ عنه من حديثِ أَبيه فغَيرُ مُصَرَّحٍ بالسَّماعِ فيه، وإذا كان كذلِك دَخَلَه الاحتِمالُ، ولم يُلحقْ بالصَّحيح عندَه (¬2). وهذا غيرُ لاَزِمٍ عند أهلِ الحديثِ، وقد خَرَّج له مسلمٌ عن أبيه حديثَ: "مَن سألَ الشهادةَ". وكَفَى بِمسلمٍ (¬3). ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الأدب باب: لا يقل أحدكم خبثت نفسي (7/ 149) (رقم: 6180). (¬2) أي أنَّ الذهليَّ يشترط التصريح بالسماع في كل حديث ولا يكتفي بالسماع ولو مرّة واحدة، وهذا محلّ نظر، وقد حكاه الرامهرمزي عن بعض الفقهاء وابن الصلاح عن قوم لم يسمّهم، ولا أظن أنَّ الذهلي يقول به، بل لو قال به لاشتهر عنه ونقل. قال ابن رُشيد السِّبتي: "وإذ بان أنه قولٌ لبعض الفقهاء المتأخرين، فهو مسبوق بإجماع علماء الشأن". انظر: المحدّث الفاصل (ص: 450)، علوم الحديث لابن الصلاح (ص: 56)، السَنَن الأبين لابن رُشيد (ص: 43 - 51). (¬3) انظر: صحيح مسلم كتاب: الإمارة باب: استحباب طلب الشهادة في سبيل الله (3/ 1517) (رقم: 1909). وسماعُ أبي أمامة من أبيه ثابتٌ حتى على مذهب البخاري؛ لأنَّ من شرطه أن يثبت السّماعُ واللقاءُ ولو مرّة واحدة، وقد ثبت سماعُه لحديث "لا يقل أحدكم خبثت نفسي"، وخرّجه البخاري كما سبق. وكأنَّ المصنِّف يرجّح مذهب مسلم في هذه المسألة، فلا يشترط ثبوت اللقاء، وإنما المعاصرة وإمكان اللقاء، وللمحدّثين في ذلك تفصيل، وانظر: كتاب ابن رُشيد "السَنَن الأبين والموردُ الأمعن في المحاكمة بين الإمامين في السند المعنعن".

وروي معنى حديث الموطأ عن عامر بن ربيعة (¬1). وجاء عن أبي هريرة: "العينُ حقٌّ". خُرِّج في الصحيح (¬2) والحديثُ فِي الموطأ معدودٌ بحديثين؛ لأنَّه فيه من طريقين. وانظر أبا أمامة في مرسله (¬3). • حديث: التصاوير. مذكور في مسند أبي طَلحة (¬4). ¬

_ (¬1) أخرجه النسائي في السنن الكبرى كتاب: عمل اليوم والليلة، باب: ما يُقرأ على من أُصيب بعين (6/ 256) (رقم: 10872)، وأحمد في المسند (3/ 447)، وأبو يعلى في المسند (6/ 365) (رقم: 7160)، وابن أبي شيبة في المصنف (5/ 50) (رقم: 23594)، والحاكم في المستدرك (4/ 215) من طرق عن عبد الله بن عيسى، عن أمية بن هند، عن عبد الله بن عامر بن ربيعة، عن أبيه به. وأخرجه ابن ماجه في السنن كتاب: الطب باب: العين (2/ 1159) (رقم: 3506) مختصرًا بلفظ: "العين حق". وقال الحاكم: "صحيح الإسناد ولم يخرجاه". ووافقه الذهبي. قلت: وفي سنده أمية بن هند. قال ابن معين: "لا أعرفه". سؤالات الدارمي (ص: 70) (رقم: 142). وذكره ابن حبان في الثقات (6/ 70). وقال ابن حجر: "مقبول". التقريب (رقم: 560). ويشهد للحديث حديثُ الموطأ. (¬2) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الطب باب: العين حق (7/ 30) (رقم: 5740)، وفي اللباس باب: الواشمة (7/ 84) (رقم: 5944)، ومسلم في صحيحه كتاب: السلام باب: الطب والمرض والرقى (4/ 1719) (رقم: 2187). (¬3) انظر: (5/ 270). (¬4) سيأتي حديثه (3/ 170).

55/ مسند سهل بن أبي حثمة الأنصاري الأوسي

55/ مسند سَهل بن أبي حَثْمَة الأنصاريِّ الأوسيِّ حديثان. 272/ حديث: القَسَامة. عن أبي ليلى بن عبد الله بن عبد الرحمن بن سَهل، عن سَهل بن أبي حَثْمة: أنَّه أخبره رجالٌ مِن كُبراء قومِه: "أنَّ عبدَ الله بنَ سَهل ومُحيِّصة خرجَا إلى خيبرَ مِن جَهْدٍ أصابَهم، فأَتَى مُحَيِّصةُ فأخبَرَ أنَّ عبد الّله بنَ سهل قد قُتل". فيه: "أتَحلِفون وتَستَحِقُّون دَمَ صاحِبكم؟ قالوا: لاَ. قال: فتَحلِفَ لكم يهودُ"، وفي آخرِه: "فوَدَاه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - مِن عنده"، وقول سَهل: "لقد رَكَضَتْنِي منها ناقَةٌ حَمراء". وهذا يَقْتَضِي المشاهَدَةَ (¬1). هكذا عند يحيى بنِ يحيى في السند: "عن سَهل أنَّه أخبره رجالٌ"، أسنده إلى مجهولين مِن قومه وكلُّهم من الصحابة، فهو لِهذا مُسندٌ وهو معدودٌ ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: القسامة باب: تبرئة أهل الدم في القسامة (2/ 2 / 668) (رقم: 1). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الأحكام باب: كتاب الحاكم إلى عماله والقاضي إلى أمنائه (8/ 463) (رقم: 7192) من طريق عبد الله بن يوسف وإسماعيل بن أبي أويس. ومسلم في صحيحه كتاب: القسامة والمحاربين باب: القسامة (3/ 1294) (رقم: 1669) من طريق بشر بن عمر. وأبو داود في السنن كتاب: الديات باب: القتل بالقسامة (4/ 658) (رقم: 4521) من طريق ابن وهب. والنسائي في السنن كتاب: القسامة باب: تبدئة أهل الدم في القسامة (8/ 5) من طريق ابن وهب، وفي (8/ 6) من طريق ابن القاسم. وابن ماجه في السنن كتاب: الديات باب: القسامة (2/ 892) (رقم: 677) من طريق بشر بن عمر. وأحمد في المسند (4/ 3) من طريق الشافعي، ستتهم عن مالك به.

لسَهلٍ؛ إذ لَمْ يُسَمِّ المُخْبِرين به (¬1). وتابع يحيى جماعةٌ على قوله: "أخبره رجالٌ" (¬2)، وهكذا قال فيه مسلمٌ من طريق إسحاق بن منصور، عن بِشر بن عمر، عن مالك: "أخبره عن رجال من كبراء قومه" (¬3). وعند ابنِ القاسم في آخَرِين من رواة الموطأ: "أخبره هو ورجال" (¬4). فسَهلٌ على هذا مُخبِرٌ بما عندَه والرِّجالُ تابِعون له في الإخبار، وهكذا قال فيه البخاريُّ من طريقِ عبد الله التِنِّيسي وإسماعيل بنِ أبي أُويس، عن مالك (¬5). ¬

_ (¬1) وذكره في فصل المبهَمين من الصحابة، وقال: "رجال من كبراء قوم سهل بن أبي حثمة، في حديثهم نظر، حديث: القسامة، هو عند يحيى بن يحيى لرجال من كبراء قوم سهل ابن أبي حثمة أخبروه به، وعند غيره من رواة الموطأ لسهل والرجال على طريق الاشتراك". (¬2) منهم: ابن بكير (ل: 203 /أ- نسخة الظاهرية)، ومن طريقه الفسوي في المعرفة والتاريخ (2/ 774). - ومصعب الزبيري في حديثه (ل: 24 /ب). والقعنبي عند الفسوي، الموضع السابق. وأخرجه ابن سعد في الطبقات (2/ 248) (رقم: 702 - الطبقة الخامسة من الصحابة-) عن معن بن عيسى، ومحمد بن عمر هو الواقدي، عن مالك عن أبي ليلى عبد الله بن عبد الرحمن بن سهل بن أبي حثمة: أنه أخبره رجال من كبراء قومه. كذا قال، ولم يذكر في السند سهل بن أبي حثمة، ولعله سقط من الإسناد. (¬3) سبق تخريجه. (¬4) موطأ ابن القاسم (ص: 547) (رقم: 525 - تلخيص القابسي-)، ووقع فيه رجل بدل رجال، ومن طريقه النسائي كما سبق. (¬5) سبق تخريجه. وتابعهم: - أبو مصعب الزهري (2/ 259) (رقم: 2352). - وعبد الله بن وهب عند أبي داود، والشافعي عند أحمد. ولعل هذا أرجح من غيره، ويدل عليه قول سهل في الحديث: "ركضتني منها ناقةٌ حمراء"، وتقدّم قول المصنف: "وهذا يقتضي المشاهدة"، أي أنّ سهلًا حضر القسامة هو ورجال من كبراء قومه. =

والحديث في الموطأ عن أبي ليلى بن عبد الله، منسوبٌ غيرُ مسَمًّى، وفيه خُلْفٌ. ذَكَرَ الكلاباذِيُّ أبا ليلى هذا في باب: عبد الله، وزَعَم أنَّ ابنَ يوسف يعني التِنِّيسي قال فيه: عن مالك، عن أبي ليلى عبد الله بن سهل، سَمَّى أبا ليلى عبد الله، وخالف في النِّسبةِ (¬1). وذكر أبو نَصْرٍ أيضًا أنَّ محمّد بنَ إسحاق قال فيه: "أبو ليلى عبد الله بن سهل بن عبد الرحمن بن سهل بن أبي حثمة" (¬2). ¬

_ = تنبيه: وقع في الجمع بين رواية ابن وهب وابن القاسم (ل: 11/ب): عن سهل أنه أخبره رجال، وهذا مخالف لما تقدّم عن ابن القاسم وابن وهب، فلعله من اختلاف الروايات، والله أعلم. (¬1) أي جعل أباه سهلًا بدل عبد الله، انظر: رجال صحيح البخاري (1/ 409). وكذا قال البخاري في التاريخ الكبير (5/ 98)، وابن الحذاء في رجال الموطأ (ل: 60 /ب). وأخرجه الدولابي فِي الكنى (2/ 92) من طريق بشر بن عمر الزهراني، عن مالك، وقال: حدّثني أبو ليلى عبد الله بن سهل بن عبد الرحمن بن سهل، عن سهل بن أبي حثمة. (¬2) رجال صحيح البخاري (1/ 409). ومحمد بن إسحاق قال ذلك في حديث أخرجه أحمد في المسند (3/ 385) عنه عن أبي ليلى عبد الله بن سهل عن جابر رضي الله عنه. وفي أثر أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (5/ 99) عنه عن أبي ليلى عبد الله بن سهل عن عائشة. وأبو ليلى سمّاه عبد الله جماعةٌ من أهل العلم، منهم: ابن سعد والبخاري، ومسلم، والنسائي، والدولابي، وابن حبان، والذهبي، وغيرهم. انظر: الطبقات الكبرى (5/ 409)، التاريخ الكبير (5/ 98)، الكنى للدولابي (2/ 92)، الثقات (5/ 27)، المقتنى في سرد الكنى (2/ 37) (رقم: 5260)، تهذيب التهذيب (12/ 236). وفِي الكنى والأسماء لمسلم (2/ 712) (رقم: 2861): "أبو ليلى عبد الرحمن بن سهل الحارثي"، سقط عبد الله بن، والصواب عنده: أنه أبو ليلى عبد الله بن عبد الرحمن بن سهل، وكذا حكاه ابن الحذاء في رجال الموطأ عن مسلم (ل: 60 /ب). =

وعبد الرحمن المذكور في المتنِ هو أخو المَقتُول (¬1). وحُويِّصة ومُحَيِّصَةُ أخوان وهما ابنا عمِّهِما (¬2). وليس في الحديتِ عَددُ الأَيمان، انظره في مرسلِ بُشَير بن يَسار (¬3). ومُحَيِّصَةُ المذكور في هذا الحديثِ هو الَّذي استأذَنَ في إجارَةِ الحَجَّام. انظره في الزيادات (¬4)، وفي المنسوبين (¬5). 273 /حديث: صلاة الخَوف. عن يحيى بن سعيد هو الأنصاري، عن القاسم بن محمّد، عن صالح بن خَوَّات الأنصاري: أنَّ سَهل بن أبي حَثْمَةَ الأنصاري حدّثه: "أنَّ صلاةَ الخوفِ أن يقومَ الإمامُ ومعه طائفةٌ من أصحابه". فذَكَرَ صفةً معناها: أنَّ الإمامَ يُصَلِّي بطائفةٍ ركعةً ويقوم. فيه: "فيُتِمّون وهو قائمٌ"، يعني ويسلِّمون، "ثم يصلِّي بالأخرى ركعةً ويسلِّمُ وحدَه فُتتِمُّ هي بعد سلامِه" (¬6). ¬

_ = وأما أبو حاتم فذكر أبا ليلى عبد الله بن سهل في الأسماء من الجرح والتعديل (5/ 65). وذكر أبا ليلى بن عبد الله بن سهل في الكنى من الجرح والتعديل (9/ 431)، فهو عنده رجلان، والصحيح ما ذهب إليه الجمهور أنه رجل واحد اسمه عبد الله بن سهل، وكنيته أبو ليلى، واختلف في اسم أبيه، فقيل: عبد الرحمن بن سهل، وقيل: سهل بن عبد الرحمن. (¬1) انظر: تسمية الإخوة لأبي داود (ص: 165). (¬2) انظر: تسمية الإخوة لأبي داود (ص: 167). (¬3) سيأتي حديثه (4/ 483). (¬4) سيأتي حديثه (4/ 363). (¬5) سيأتي حديثه (3/ 586). (¬6) الموطأ كتاب: صلاة الخوف باب: صلاة الخوف (1/ 164) (رقم: 2). وأخرجه أبو داود في السنن كتاب: الصلاة باب: من قال: إذا صلى ركعة وثبت قائما، أتمّوا لأنفسهم .. (2/ 31) (رقم: 1239) من طريق القعنبي. وأحمد في المسند (3/ 448) من طريق روح، كلاهما عن مالك به.

هذا موقوفٌ في الموطأ (¬1)، وهكذا خَرَّجه البخاري في المغازي من طريق مسدَّد، عن يحيى بن سعيد القطّان، عن يحيى بن سعيد الأنصاري، بإسناده هذا موقوفًا (¬2). وخُرّج في الصحيحين من طريق شعبة، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن صالح، عن سَهل مرفوعًا، وخَرَّجه أبو داود وغيرُه أيضًا عنه كذلك (¬3). وليس في شيءٍ من طُرُقِه المرفوعةِ أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - سلَّم بعد سلامِ الطائفةِ الأولى وقبلَ تَمَام الثانيةِ، ولا أنَّ الطائفةَ الثانيةَ قَضَت بعد سلامِه كما جاء في الموطأ من قَولِ سَهل. ¬

_ (¬1) انظر الموطأ برواية: - أبي مصعب الزهري (1/ 232) (رقم: 600)، وسويد بن سعيد (ص: 209) (رقم: 419)، ويحيى بن بكير (ل: 40/أ- نسخة السليمانية-)، والقعنبي (ل: 43 /ب- نسخة الأزهرية-)، وسقط منها يحيى بن سعيد شيخ مالك. (¬2) صحيح البخاري كتاب: المغازي باب: غزوة ذات الرّقاع (5/ 64) (رقم: 4131). (¬3) صحيح البخاري، الموضع السابق، وصحيح مسلم كتاب: صلاة المسافرين باب: صلاة الخوف (1/ 575) (رقم: 841)، وأخرجه أبو داود في السنن كتاب: الصلاة باب: من قال: يقوم صفٌّ مع الإمام، وصفٌّ وُجاه العدوّ .. (2/ 30) (رقم: 1237). والحاصل أن يحيى بن سعيد الأنصاري وقف الحديث، ورفعه عبد الرحمن بن القاسم. قال الإمام أحمد: "رفعه عبد الرحمن، ويحيى لم يرفعه، ثم قال: حسبك بعبد الرحمن، هو ثقة، ثقة، ثقة، ثم قال: قد رواه يزيد بن رومان عن صالح بن خوّات عمّن صلى مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، فهذا يشدّ ذاك. يريد أنه يقوّي رفعه". فتح الباري لابن رجب (8/ 380). ونقل الترمذي عن البخاري أنه قال: "حديث سهل بن أبي حثمة، هو حديث حسن، وهو مرفوع، رفعه شعبة عن عبد الرحمن بن القاسم". العلل الكبير (1/ 302). قلت: وحديث يحيى بن سعيد الأنصاري أيضًا مرفوع حكمًا؛ لأنَّه تشريعٌ لا يُقال من قبل الرأي. انظر: التمهيد (23/ 165).

وإلى هذا الحديثِ رَجَعَ مالكٌ في اختيارِه، وقد كان أوَّلًا يأخذُ بحديثِ صالح، عن من لَم يسمِّه: "أنَّ الإمام يسلِّم بالطائفة الثانية" ثم قال: "يكون قضاؤُهم بعدَ السلاَمِ أحبُّ إليَّ". يعني الطائفةَ الثانيةَ خاصَّة، وأما الأولى فإنَّها تُسَلِّم عند فراغِها قبلَ الإمامِ في كلاَ الروايتين عن صالِح (¬1). وقد ساوَى ابنُ عمر بينهما في روايته، وذَكَر أنَّ الكلَّ قَضَوا بعدَه. وقال إسحاق بنُ راهويه: "ثبتَتِ الرِّواياتُ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في صلاةِ الخَوفِ، وهذا على قَدْرِ الخوف، ورَأْيي أنَّ كلَّ ما رُويَ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في صلاة الخَوف فهو جائِزٌ، ولَسْنَا نختارُ حديث سهل بن أبي حثمة على غيرِه". حكاه الترمذي (¬2). وقد تقدَّم حديث ابن عمر (¬3)، وانظر حديثَ من لَم يُسَمَّ في المبهمين (¬4). فصل: ذَكَر الواقديُّ أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قُبض وسَهلُ بن أبي حثمة ابنُ ثمانِي سِنينَ (¬5). ¬

_ (¬1) انظر: الموطأ (1/ 165 - رواية يحيى الليثي-)، المدوّنة (1/ 150)، التمهيد (15/ 261). (¬2) السنن (2/ 454)، ونقل أيضًا عن الإمام أحمد قوله: "قد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلاة الخوف على أوجه، وما أعلم فِي هذا الباب إلاَّ حديثًا صحيحًا، وأختار حديثَ سهل بن أبي حثمة". وقال الترمذي: سألت محمدًا، فقلت: "أي الروايات في صلاة الخوف أصح؟ فقال: كلُّ الروايات عندي صحيح، وكلٌّ يُستعمل، وإنَّما هو على قدر الخوف، إلاَّ حديث مجاهد عن أبي عياش فإنِّي أراه مرسلًا". العلل الكبير (1/ 301). وانظر: المغني (3/ 311). (¬3) تقدم حديثه (2/ 459). (¬4) سيأتي حديثه (3/ 597). (¬5) الطبقات الكبرى (2/ 247 - الطبقة الخامسة من الصحيحة-) وزاد: "وقد حفظ عنه". وهذا قول الطبري وابن حبان وأكثر أهل السير. انظر: الثقات (3/ 169)، فتح الباري لابن رجب (8/ 381)، وسيأتي النقل عن ابن القطان وابن حجر في ذلك.

وذَكَر أبو حاتم الرَّازي: أنَّه سِمعَ رجلًا من ولَدِه يقول: "كان مِمَّن بايع تحتَ الشجرةِ، وكان دليلَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ليلةَ أُحُدٍ" (¬1). فإنْ صَحَّ قولُ أبي حاتِمٍ أَمْكَن أن يَشْهَدَ صلاةَ الخَوفِ، والله أعلم (¬2). وأبو حثمة والِدُ سهل من الصحابةِ، واسمُه: عبد الله، وقيل: عامِر بن ساعِدَةَ بن عامِر بن عَدِيٍّ، أنصاريٌّ أَوسيٌّ حارِثيٌّ (¬3). ¬

_ (¬1) الجرح والتعديل (4/ 200). (¬2) قال ابن القطان: "مَن ظنَّ هذا فقد أخطأ، ولا يُدرى من هذا الرجل المخطئ الذي أخبر أبا حاتم بهذا، فإن هذا إنما يُعرف لأبيه أبي حثمة، هو الذي ذكره الناس بهذا. قال أبو جعفر الطبري: كان أبو حثمة كبيرًا، وهو دليلُ النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى أحد، وشهد معه المشاهد بعد ذلك، وبعثه النبي - صلى الله عليه وسلم - خارصًا إلى خيبر، وضرب له بسهمه وسهم فرسه، وتوفي في خلافة معاوية. وقال فِي ابنه سهل بن أبي حثمة: كان يُكنى أبا يحيى، وقيل: أبا محمد، قُبض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو ابن ثمان سنين، وقد حفظ عنه. وكذا قال أبو علي بن السكن: إنَّه إذ قُبض النبي - صلى الله عليه وسلم - ابن ثمان سنين. وكذا قاله الواقدي وغيره. وإنما وُلد سنة ثلاث من الهجرة، وقد روى عنه أبو هريرة أنه قال: لقد ضربني بَكر من معقّلة بخيبر، وأنا غلام، دنوت منها فركضني. ذكر ذلك أبو القاسم البغوي. وهذا بلا شك على ما ذكر، إنما كان إذ ذاك غلاما، وأين أُحُد من خيبر؟ ! فكيف يصح أن يُقال فيه: إنه كان دليل النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى أُحُد، فاعلم ذلك". اهـ. بيان الوهم والإيهام (2/ 567). وقال ابن حجر: "قال ابن منده: قول الواقدي أصح. وكذا جزم به ابن حبان وأبو جعفر الطبري، وابن السكن والحاكم أبو أحمد، وغيرهم". تهذيب التهذيب (4/ 218)، وانظر: الإصابة (3/ 196). وقال ابن عبد البر: "والذي قاله الواقدي أظهر". الاستيعاب (2/ 661). (¬3) وهو مشهور بكنيته انظر: الاستيعاب (2/ 791)، الإصابة (7/ 85).

56 / مسند سفيان بن أبي زهير الشنئي

56 / مسند سُفيان بن أبي زُهَير الشَنَئِي من أزْدِ شَنُوءَة، وقال ابنُ المديني: "اسمُ أبيه القرد" (¬1). حديثان. 274 /حديث: "تُفتح اليمن فيأتي قومٌ يَبُسُّون (¬2) فيتَحَمَّلونَ بأهْلِيهِم ومَن أطاعَهم، والمدينةُ خيرٌ لهم لو كانوا يعلمون ... ". وذَكَرَ الشَّامَ والعِراقَ. في الجامع، عند أوَّله. عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عبد الله بن الزبير، عن سفيان بن أبي زُهَير (¬3). ¬

_ (¬1) وهو قول خليفة بن خياط أيضًا. وقال ابن سعد: "ويُقال له: ابن أبي القرد". قال ابن عبد البر: "وأظنُّه تصحيفًا". انظر: الطبقات لخليفة (ص: 115)، الطبقات لكبرى (2/ 792 - الطبقة الرابعة من الصحابة-)، الاستيعاب (2/ 629)، الإصابة (3/ 122). (¬2) ويَبُسُّون: بفتح الياء المثناة من تحتها، وبعدها باء موحدة، تضم وتكسر، قال أبو عبيد: "وهو صوت الزجر للسوق، إذا سقت حمارًا أو غيره". وذكر العلماء للحديث عدة معان، قال النووي: "الصواب الذي عليه المحقّقون أن معناه الإخبار عمّن خرج من المدينة متحمّلًا بأهله بأسا في سيره، مسرعا إلى الرخاء في الأمصار التي أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بفتحها". انظر: غريب الحديث (3/ 89)، شرح صحيح مسلم (9/ 159). (¬3) الموطأ كتاب: الجامع باب: ما جاء في سكنى المدينة والخروج منها (2/ 677) (رقم: 7). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: فضائل المدينة باب: من رغب عن المدينة (2/ 578) (رقم: 1875) من طريق عبد الله بن يوسف. والنسائي في السنن الكبرى كتاب: الحج باب: الكراهية في الخروج من المدينة (2/ 482) (رقم: 4263) من طريق معن. وأحمد في المسند (5/ 220) من طرق إسحاق الطبّاع، ثلاثتهم عن مالك به. ووقع في سنن النسائي: عن هشام بن هارون، بدل هشام بن عروة، وفي متنه يئسون بدل "يبسّون"، وهو خطأ.

فصل: عبد الله بنُ الزبير من الصحابةِ، وُلِدَ عامَ الهِجرةِ، وهو أوَّلُ مَن وُلِد بالمدينةِ من المهاجرينَ، أمُّه أسماءُ بنتُ أبي بَكرٍ، وليس له في الموطأ حديثٌ مرفوعٌ غير هذا، وله مسند في الصحيح (¬1). 275 /حديث: "من اقتَنَى كلبًا لاَ يُغنِي عنه زَرْعًا ولا ضَرْعًا نَقَصَ مِن عَمَلِه ... ". في الجامع. عن يزيد بن خُصَيفَةَ، عن السَّائِبِ بن يزيد، عن سفيان بن أبي زُهير. وذَكَرَ السَّماعَ (¬2). للسَّائبِ بن يزيد صُحبةٌ، وله مسند في الصحيح (¬3). ¬

_ (¬1) انظر: الاستيعاب (3/ 905)، الإصابة (4/ 89 - 95)، وانظر أحاديثه في تحفة الأشراف (4/ 320). (¬2) الموطأ كتاب: الاستئذان باب: ما جاء في أمر الكلاب (2/ 738) (رقم: 12). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الحرث والمزارعة باب: اقتناء الكلب للحرث (3/ 95) (رقم: 2323) من طريق عبد الله بن يوسف. ومسلم فِي صحيحه كتاب: المساقاة باب: الأمر بقتل الكلاب، وبيان نسخه ... (3/ 1204) (رقم: 1576) من طريق يحيى النيسابوري. وابن ماجه في السنن كتاب: الصيد باب: النهي عن اقتناء الكلب ... (2/ 1069) (رقم: 3206) من طريق خالد بن مخلد. وأحمد في المسند (5/ 219)، 220 من طريق حماد بن خالد، وروح. والدارمي في السنن كتاب: الصيد باب: في اقتناء كلب الصيد أو الماشية (2/ 124) (رقم: 2005) من طريق الحكم بن المبارك، ستتهم عن مالك به. وقوله: "وذكر السماع"، أي أنَّ يزيد بن السائب وهو صحابي سمع هذا الحديث من سفيان بن أبي زهير، ففيه: "أنَّه سمع سفيان بن أبي زهير، وهو رجل من أزد شنوءة من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو يحدّث ناسًا معه عند باب المسجد"، فهي رواية صحابي عن صحابي. (¬3) انظر: الاستيعاب (2/ 576)، الإصابة (3/ 26). وانظر أحاديثَه في تحفة الأشراف (3/ 251).

فصل: في هذا الحديث ذِكرُ الزَّرع، والنَّقصُ فيه قِيراطٌ واحدٌ، وتقدَّم حديثُ نافع، عن ابن عمر ليس فيه ذِكرُ الزَّرعِ، والنَّقصُ هناكَ قِيراطان، وقد ذكرنَا الخلافَ فيه. وجاء عن أبي هريرة ذكرُ الزرع والصَّيدِ، واختُلِف عنه في قَدْرِ النَّقص. انظر الكلَّ في الصحيح (¬1). * * * ¬

_ (¬1) تقدّم حديث ابن عمر (2/ 442). وحديث أبي هريرة أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الحرث والمزارعة باب: اقتناء الكلب للحرث (3/ 94) (رقم: 2322)، وفي بدء الخلق باب: إذا وقع الذباب في إناء أحدكم .. (4/ 443) (رقم: 3324)، ومسلم في صحيحه (3/ 1203) (رقم: 1575). وتقدّم كلام العلماء في الجمع بين قدر النقص عند ذكر حديث ابن عمر.

57 / مسند سويد بن النعمان بن مالك الأنصاري الأوسي

57 / مسند سُويد بن النُّعمان بن مالك الأنصاري الأوسي حديث واحد. 276 /حديث: "دعا بالأزوادِ فلَم يُؤْتَ إلا بالسَّوِيق، فأَمَرَ به فثُرِّيَ (¬1)، فأَكَل وأكلْنا ... ". فيه: "ثم صَلَّى ولَم يتوضَّأ"، وذَكَرَ المَضْمَضَة. في ترك الوضوءِ ممّا مَسَّت النار. وفيه: أنَّ ذلك كان بالصَّهباء وهي من أدنى خيبر (¬2). عن يحيى بن سعيد، عن بُشير بن يسار، عن سُويد بن النعمان (¬3). خَرَّجه البخاريُّ، ولَم يُخَرِّج مسلمٌ عن سُوَيد بن النعمان شيئًا (¬4). والسَّوِيق: الحبُّ يُقلَى ثمَّ يُطحَنُ وقد يُلَتُّ بالسَّمنِ وغيرِه (¬5). وانظر تَركَ الوضوء مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ في مسند ابن عباس (¬6)، ومرسلِ محمّد بن المنكدر (¬7). وبُشير المذكور في هذا الحديث هو بضمِّ الباء، انظره في مرسلِه (¬8). ¬

_ (¬1) أي بُلَّ بالماء ولين حتى صار كالثرى، وهو التراب الندي. مشارق الأنوار (1/ 129). (¬2) وهو جبل أحمر يُشرِف على خيبر من الجنوب، يسمى اليوم جبل عطوة. انظر: معجم المعالم الجغرافية للبلادي (ص: 162)، العالم الأثيرة لشرّاب (ص: 162). (¬3) الموطأ كتاب: الطهارة باب: ترك الوضوء ممّا مسّت النار (1/ 52) (رقم: 20). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الوضوء باب: من مضمض من السَّويق ولم يتوضّأ (1/ 73) (رقم: 209) من طريق عبد الله بن يوسف. والنسائي في الكبرى كما في تحفة الأشراف (4/ 138) من طريق ابن القاسم، كلاهما عن مالك به. (¬4) سبق تخريجه من البخاري. (¬5) انظر: مشارق الأنوار (2/ 231). (¬6) تقدّم حديثه (2/ 535). (¬7) سيأتي حديثه (4/ 580). (¬8) (4/ 483). وانظر ضبطه بضم الباء: المؤتلف والمختلف للأزدي (ص: 9)، توضيح المشتبه (1/ 536).

58/ مسند السائب بن خلاد بن سويد الأنصاري الخزرجي

58/ مسند السائب بن خلّاد بن سويد الأنصاري الخزرجي حديثٌ واحد. 277/ حديث: "أتاني جبريلُ فأمَرَنِي أن آمُرَ أصحابِي أو مَن مَعِي أن يَرفَعُوا أصواتَهم بالتَّلْبِيةِ أو بالإِهلالِ". في الحج عند أوَّلِه. عن عبد الله بن أبي بكر بن محمّد بن حَزم، عن عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هِشام، عن خلاّد بن السَّائب الأنصاري، عن أبيه (¬1). جَوَّدَه مالكٌ، وصحّحه الترمذيُّ وقال: "رواه بعضُهم عن خلَّاد (¬2) بنِ السَّائب، عن زيد بن خالد، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولا يصح"، قال: "والصحيحُ هو خلاّد بنُ السائب، عن أبيه" (¬3). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الحج باب: رفع الصوت بالإهلال (1/ 272) (رقم: 34). وأخرجه أبو داود في السنن كتاب: المناسك باب: كيف التلبية؟ (2/ 404) (رقم: 1814) من طريق القعنبي. وأحمد في المسند (4/ 56) من طريق ابن مهدي وروح. والدارمي، في السنن كتاب: الحج باب: فِي رفع الصوت بالتلبية (2/ 53) (رقم: 1809) من طريق خالد بن مخلد، أربعتهم عن مالك به. وسقط من مطبوع سنن الدارمي عبد الملك بن أبي بكر، والصواب إثباته، وانظر إتحاف المهرة (5/ 46). (¬2) في الأصل: "خالد"، والصواب المثبت. (¬3) أخرجه الترمذي في السنن كتاب: الحج باب: ما جاء في رفع الصوت بالتلبية (3/ 191) (رقم: 829) من طريق ابن عيينة عن عبد الله بن أبي بكر به، وقال: "حديث خلاّد عن أبيه، حديث حسن صحيح". ثم ذكر ما ذكره المصنف عنه. =

قال، الشيخ أبو العباس - رضي الله عنه -: وخَرَّجه ابنُ أبي شَيبة وابنُ سَنجَر والبزارُ وغيرُهم في مسند زَيدِ بنِ خالد (¬1). ¬

_ = ومن طريق ابن عيينة أخرجه: النسائي في السنن كتاب: المناسك باب: ما جاء رفع الصوت بالتلبية (5/ 162)، وابن ماجِه في السنن كتاب: المناسك باب: رفع الصوت بالتلبية (2/ 975) (رقم: 2922)، والدارمي في السنن (2/ 53) (رقم: 1810)، وأحمد في المسند (4/ 55، 56)، وابن أبي شيبة في المسند (ل: 58/أ)، والحميدي في المسند (2/ 377) (رقم: 853)، وابن خزيمة في صحيحه (4/ 173) (رقم: 2627، 2625)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (9/ 111) (رقم: 3802)، وابن الجارود في المنتقى (2/ 70) (رقم: 434)، والدارقطني في السنن (2/ 238)، والطبراني في المعجم الكبير (7/ 142) (رقم: 6627، 6628)، والبيهقي في السنن الكبرى (5/ 42). وأخرجه أحمد في المسند (4/ 56)، والطبراني في المعجم الكبير (رقم: 6629) من طريق ابن جريج عن عبد الله بن أبي بكر به. (¬1) أما ابن أبي شيبة فأخرجه في المصنف (3/ 373) (رقم: 15055) عن وكيع، عن الثوري، عن عبد الله بن أبي لبيد، عن المطلّب بن عبد الله بن حنطب، عن خلاّد بن السائب، عن زيد بن خالد به. تنبيه: مراد المصنف من عزوه لابن أبي شيبة أي في المسند، ومسنده ناقص وليس في الموجود منه ترجمة زيد بن خالد، فأخرجته من المصنف. وتقدّم أيضًا أنَّ ابن أبي شيبة أخرجه في مسند السائب. وأخرجه من طريقه: الحاكم في المستدرك (1/ 450)، والطبراني في المعجم الكبير (5/ 229) (رقم: 5170). وأخرجه ابن ماجه في السنن (2/ 975) (رقم: 2923)، وأحمد في المسند (5/ 192)، وابن خزِيمة في صحيحه (4/ 174) (رقم: 2628)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (9/ 112) (رقم: 3803)، والطبراني في المعجم الكبير (5/ 229) (رقم: 5170) من طرق عن وكيع عن الثوري به. وأخرجه البزار (9/ 219) (رقم: 3763)، و (ل: 84/ أ - نسخة الرباط-) من طريق محمد بن الزّبرقان قال: نا موسى بن عقبة، عن ابن أبي لبيد، عن المطلب به. وأخرجه ابن خزيمة في صحيحه (4/ 174) (رقم: 2629) من طريق محمد بن الزِّبرقان عن موسى بن عقبة عن المطلب بن عبد الله بن حنطب به، كذا عند ابن خزيمة، وكذلك هو في إتحاف المهرة (5/ 14) لم يذكر ابن أبي لبيد. =

فصل: السَّائِبُ هذا من الصَّحابَةِ (¬1)، ولأبيه خلاّد بن سُويد بن ثَعلبَةَ صُحبةٌ (¬2) واختُلِف في ابنه خلاّد بن السائب فقيل: له صحبة، وقيل: لا صحبةَ له (¬3). ¬

_ = ومحمد بن الزِّبرقان صدوق ربما وهم كما في التقريب (رقم: 5884). وخالفه جماعةٌ، فرووه عن موسى بن عقبة عن أبي المغيرة عبد الله بن أبي لبيد عن المطلب به. أخرجه ابن أبي خيثمة في تاريخه (رقم: 498 - رسالة الحمدان-) من طريق زهير بن معاوية. والطبراني في المعجم الكبير (5/ 229) (رقم: 5171، 5172) من طريق وُهيب ويونس، ثلاثتهم عن موسى بن عقبة، عن أبي المغيرة، عن المطلب، عن خلاّد بن السائب، عن زيد بن خالد به. وروايتهم أصح من رواية ابن الزِّبرقان، وموسى متابع للثوري. وأما ابن سنجر فرواه عن قبيصة عن سفيان الثوري عن عبد الله بن أبي لبيد قال: أخبرنا المطلب بن عبد الله بن حنطب عن خلاد بن السائب عن أبيه عن زيد بن خالد به. زاد في الإسناد ذكر السائب بين خلاد وزيد بن خالد. ومن طريق قبيصة أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (5/ 228) (رقم: 5168). وتابعه: معاوية بن هشام عند الطبراني في المعجم الكبير (رقم: 5169). هذا حاصل الاختلاف الذي ذكره الترمذي والمصنف، ورجّح الترمذي رواية ابن عيينة ومالكا ومن تابعهما. وقال ابن عبد البر: "وقد جوّده مالك وابن عيينة وابن جريج ومعمر". الاستيعاب (2/ 571). وأما ابن حبان فصحح الطريقين، أعني رواية ابن عيينة، ورواية الثوري فقال: "سمع هذا الخبر خلاّد بن السائب من أبيه ومن زيد بن خالد الجهني، ولفظاهما مختلفان، وهما طريقان محفوظان". الصحيح (الإحسان) (9/ 113). (¬1) انظر: الاستيعاب (2/ 571)، الإصابة (3/ 21). (¬2) انظر: الاستيعاب (2/ 451)، الإصابة (2/ 240). (¬3) ذكره ابن سعد في التابعين، وكذا خليفة بن خياط، وقال العجلي: "تابعي ثقة". انظر: الطبقات الكبرى (5/ 207)، الطبقات (ص: 254)، تاريخ الثقات (ص: 142). وذكره ابن حبان فِي الصحابة من ثقاته (3/ 111)، وأعاده في التابعين (4/ 208). وممّن جزم بصحبته أبو حاتم، وابن منده، وأبو نعيم وابن السكن. انظر: الجرح والتعديل (3/ 364)، معرفة الصحابة (1/ل: 211 / ب)، تهذيب التهذيب (3/ 148). قال ابن حجر: "وشبهتهم في ذلك، الحديثُ الذي رواه عنه عبد الملك بن أبي بكر، فقال: عن خلاد عن أبيه رفعه، وقيل: عن خلاّد بن السائب عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. وقال الترمذي: والسائب بن خلاّد أصح". تهذيب التهذيب (3/ 149).

ولم يُخَرَّج في الصحيح لأحدٍ منهم شيءٌ. فصل: ليس في الموطأ من الصحابةِ من له حديثٌ مرفوعٌ أوَّلُ اسمِه شِينٌ أو هاءٌ أو واوٌ أو لامُ ألِفٍ أو ياءٌ صُرِّح باسمِه فيه. وفي الكنى: أبو بردةَ واسمُه هانِئ بن نِيَار (¬1). وفي المنسوبين: البَهزي، وقيل: اسمُه يزيدُ بن كعب (¬2). وانظر الشِينَ والهاءَ والواوَ في الكنى. آخرُ القِسمِ الأوَّلِ وفيه من الصحابة الَّذين تُرجم لهم بالمُسنَد ونُسب إليهم الحديث ثمانيةٌ وخمسون رجلًا، لجمِيعِهم فيه مائتا حديثٍ وسبعةٌ وسبعون حديثًا. ¬

_ (¬1) سيأتي مسنده (3/ 153). (¬2) سيأتي مسنده (3/ 594).

القسم الثاني: في من عدل عن اسمه من الصحابة - رضي الله عنهم - إلى كنية أو غيرها

القسم الثاني: في مَن عُدِلَ عن اسمِه من الصحابة - رضي الله عنهم - إلى كنيةٍ أو غيرها 59/ أبو بكر الصدِّيق ويُقال له: عَتيق، واسمُه: عبد الله بن أبي قحافَة، واسمُ أبي قحافَة عثمان بن عامر. حديثٌ واحد. 278/حديث: "ما دُفن نبيٌّ قَط إلاَّ في مكانِه الذي تُوفِيَ فيه". في الجنائز. بلغه: "أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - توفي يومَ الاثنين". فيه: أنَّهم اختلفوا في دفنِه فجاء أبو بكر فقال: سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - (¬1). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الجنائز، باب: ما جاء في دفن الميت (1/ 200) (رقم: 27).

هذا مقطوعٌ (¬1)، وهو محفوظٌ لأبي بكر من طريق عائشةَ وابنِ عباس، خَرَّجه الترمذي والبزار (¬2). فصل: وحديث أسماءَ بنتِ عُمَيس فِي إهلالِها بالحجّ بعد الوضْع مذكورٌ فِي مسندها (¬3). ¬

_ (¬1) قال ابن عبد البر: "هذا الحديث لا أعلمه يروى بهذا النسق بوجه من الوجوه غير بلاغ مالك، والسند صحيح من وجوه مختلفة، وأحاديث شتى جمعها مالك". التمهيد (24/ 394). (¬2) حديث عائشة: أخرجه الترمذي في السنن كتاب: الجنائز (2/ 338) (رقم: 1018)، والبزار في المسند (1/ 130) (رقم: 60، 61)، وأبو يعلى في المسند (1/ 53) (رقم: 41)، وأبو بكر المروزي في مسند أبي بكر (ص: 80) (رقم: 43)، من طريق عبد الرحمن بن أبي بكر بن عبيد الله بن أبي مليكة عن ابن أبي مليكة عن عائشة به. قال الترمذي: "وهذا حديث غريب، وعبد الرحمن بن أبي بكر المليكي يضعّف من قبل حفظه، وقد روي هذا الحديث من غير هذا الوجه، فرواه عبد الله بن عباس عن أبي بكر الصديق عن النبي - صلى الله عليه وسلم -". وحديث ابن عباس: أخرجه البزار في المسند (1/ 70) (رقم: 18)، وابن ماجه في السنن كتاب: الجنائز، باب: ذكر وفاته ودفنه - صلى الله عليه وسلم - (1/ 520) (رقم: 1628)، وأبو يعلى في المسند (1/ 45، 46) (رقم: 22، 23) والبيهقى في دلائل النبوة (7/ 260)، وأبو بكر المروزي في مسند أبى بكر (ص: 66) (رقم: 26، 27) من طريق محمد بن إسحاق حدّثني حسين بن عبد الله عن عكرمة عن ابن عباس به. قال البزار: "وهذا الكلام لا نعلم رواه إلا أبا بكر، ورواه عن أبي بكر ابن عباس وعائشة - رضي الله عنهما -". قلت: وفي سند حديث ابن عباس حسين بن عبد الله بن عبيد الله الهاشمي، ضعيف الحديث. انظر: تهذيب الكمال (6/ 383)، تهذيب التهذيب (2/ 296)، التقريب (رقم: 1326). وللحديث طريق آخر، أخرجه أبو بكر المروزي في مسند أبي بكر (ص: 170) (رقم: 136) من طريق محمد بن إسحاق عمّن حدَثه عن عروة عن عائشة به. وسنده ضعيف؛ لجهالة من حدّث ابن إسحاق. والحديث بهذه الأسانيد الضعيفة وبلاغ مالك يكون قويًا صالحًا، والله أعلم. (¬3) سيأتي حديثها (4/ 243)، ونبّه عليه المصنف هاهنا؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: لأبي بكر: "مرها فلتغتسل ثم لتهلّ"، وأبو بكر هو المبلِّغ لها كما أُمر.

فصل: وأبو بكر هو عَبد الله بن عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تَيْم -وإليه يُنسَب- ابن مُرّة -وفيه يجتمع مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو قرشيٌّ تَيْمِيٌّ (¬1)، أَسلَمَ أبوه يوم الفتح (¬2)، ولابنِه عبد الرحمن صُحبة (¬3)، وأبو عَتيق محمد ابنُ ابنِه عبد الرحمن أدركَ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - ورآه (¬4)، فَهُم أربعةٌ تلاحَقوا في حياةِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. أبو عَتيق محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر بن أبي قُحافة رضي الله عن جميعهم. ويقال: لم يُدرك النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أربعةٌ [ولاءً، أبٌ] (¬5)، وابنٌ، وابنُ ابنٍ، وابنُ ابنِ ابنٍ غيرهم، نبَّه على هذا موسى بن عُقبة وغيرُه (¬6). وأبو بكر - رضي الله عنه - أوّلُ مَن أسلم بعد خَديجة، وكان عليٌّ - رضي الله عنه - صغيرًا في عِيالِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فلم يَكن منه كُفرٌ ولاَ تكذِيبٌ (¬7). ¬

_ (¬1) انظر: نسب قريش (ص: 257)، التبيين في أنساب القرشيين (ص: 269)، الاستيعاب (3/ 963 - 978)، الإصابة (4/ 169)، وانظر ترجمته الموسعة في تاريخ دمشق المجلد (30) بأكمله. (¬2) الاستيعاب (4/ 1732)، الإصابة (4/ 453). (¬3) الاستيعاب (2/ 824)، الإصابة (4/ 325). (¬4) الاستيعاب (3/ 1374)، الإصابة (6/ 250 - القسم الثاني فيمن له رؤية-). (¬5) في الأصل: "ولا أب"، وكتب الناسخ في الحاشية: كذا. أي كذا وجده في النسخة التي نقل منها، ولعل الأقرب إلى الصواب ما أثبتّه، والله أعلم. (¬6) الاستيعاب (3/ 1374). وقال ابن حجر: "وتلقّاه عنه جماعة، واستدرك بعضهم عليه عبد الله بن الزبير، فإنه هو وأمه وأسماء بنت أبي بكر، وجدّها وأباها في نسق، وقد يُلحق بذلك ابن أسامة بن زيد بن حارثة، الثلاثة في تراجمهم إلا ابن أسامة فإنه لم يسمّ". الإصابة (6/ 250). (¬7) انظر: (2/ 328).

وخَرَّج البخاريّ من طريق أبي الدرداء قصةً جَرتْ بين أبي بكر وعمر وفيها: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬1) قال: "إنَ الله بعثني إليكم فقلتم: كَذَبَ، وقال أبو بكر: صَدَق، وواساني بنفسه وماله، فهل أنتم تاركوا لي صاحبي" (¬2). وخَرَّج الترمذي (¬3) من طريق حُذيفة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "اقْتَدوا باللَّذيْنِ مِن بعدي أبِي بكر وعُمرَ" (¬4). قال الشيخ: رُوي عن سَعيد بن زيد، وعبد الرحمن بن عَوف أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "عشرةٌ في الجَنَّة: أبو بكر، وعمر، وعلي، وعثمان، ¬

_ (¬1) سقطت من الأصل: "صلى الله". (¬2) صحيح البخاري كتاب: فضائل أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لو كنت متخذا خليلا" (4/ 558) (رقم: 3661)، وفِى التفسير، باب: {قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ} (5/ 238) (رقم: 4640). (¬3) كتب في الأصل فوق كلمة الترمذي: أظنه. (¬4) سنن الترمذي كتاب: المناقب، باب: مناقب أبي بكر وعمر (5/ 569) (رقم: 3362). وأخرجه ابن ماجه في السنن، المقدمة، باب: فضل أبي بكر (1/ 37) (رقم: 97)، وأحمد في المسند (5/ 382، 385، 399، 402)، وفي فضائل الصحابة (1/ 332) (رقم: 478، 479)، والحميدي في المسند (1/ 214) (رقم: 449)، وابن سعد في الطبقات (2/ 254)، ويعقوب الفسوي في المعرفة والتاريخ (1/ 480)، وابن أبي عاصم في السنة (ص: 531) (رقم: 1148، 1149)، والحاكم في المستدرك (3/ 75)، وابن عدي فِي الكامل (2/ 249)، وأبو نعيم في الحلية (9/ 109)، والطبراني في المعجم الأوسط (4/ 140) (رقم: 3816)، (5/ 344) (رقم: 5503)، (6/ 76) (رقم: 5840)، والطحاوي في شرح المشكل (3/ 256) (رقم: 1224 - 1233)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (15/ 327) (رقم: 6902)، والبيهقي في السنن الكبرى (5/ 153)، وابن عبد البر في الاستيعاب (3/ 970)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (44/ 228 - 233) من طريق عن ربعي بن خِراش، عن حذيفة به. والحديث بمجموع طرقه صحيح، وانظر سلسلة الأحاديث الصحيحة (3/ 233).

والزبير، وطلحة، وعبد الرحمن، وسعد، وسعيد، وأبو عبيدة". خَرَّجه الترمذي (¬1). ¬

_ (¬1) حديث سعيد بن زيد: أخرجه الترمذي في السنن كتاب: المناقب، باب: مناقب سعيد بن زيد (5/ 610/ بعد حديث (رقم: 3757)، والنسائي في السنن الكبرى (5/ 60) (رقم: ، 821)، وابن ماجه في السنن، المقدمة، باب: فضائل العشرة (1/ 48) (رقم: 133)، وأحمد في المسند (1/ 188)، وفي فضائل الصحابة (1/ 116) (رقم: 87)، وأبو يعلى فِي المسند (1/ 458) (رقم: 967)، والطيالسي في المسند (ص: 32)، وابن أبي عاصم في السنة (ص: 605) (رقم: 1429، 1430)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (15/ 454) (رقم: 6993)، وبحشل في تاريخ واسط (ص: 158)، والدارقطني في الأفراد (ل: 58 /ب- أطرافه-)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (21/ 70 - 76)، (35/ 275، 276) من طرق عن سعيد بن زيد به. وحديث عبد الرحمن بن عوف: أخرجه الترمذي في السنن كتاب: المناقب، باب: مناقب عبد الرحمن بن عوف (5/ 605) (رقم: 3747)، والنسائي في السنن الكبرى (5/ 56) (رقم: 8194)، وأحمد في المسند (1/ 193)، وفي فضائل الصحابة (1/ 229) (رقم: 278)، وأبو يعلى في المسند (1/ 382) (رقم: 831)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (5/ 463) (رقم: 7002)، والدارقطني في الأفراد (ل: 59/أ- أطرافه-)، والبغوي في شرح السنة (7/ 212) (رقم: 3818، 3819)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (21/ 78) من طرق عن الدراوردي عن عبد الرحمن بن حميد بن عبد الرحمن عن أبيه عن عبد الرحمن بن عوف به. وهذا الصواب عن الدراوردي، كذا رواه عنه جماعة من أصحابه. ورواه عنه مروان بن محمد الطاطَري عن عبد الرحمن بن حميد عن أبيه عن سعيد بن زيد به، ذكر ذلك الدراقطني في العلل (4/ 417 , 418)، وقال: "واجتماعهم على خلاف مروان بن محمد يدل على أن قولهم أصح من قوله". قلت: وعبد العزيز بن محمد الدراوردي قال عنه الحافظ ابن حجر: "صدوق، كان يحدث من كتب غيره فيخطئ". التقريب (رقم: 4119). وقد خولف في إسناد هذا الحديث، خالفه: =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = عمر بن سعيد بن سريج، فرواه عن عبد الرحمن بن حميد عن أبيه عن سعيد بن زيد به. أخرجه الترمذي في السنن (5/ 606) (رقم: 3748)، والنسائي في السنن الكبرى (5/ 56) (رقم: 8195)، وابن أبي عاصم في السنة (606) (رقم: 1436)، والحاكم في المستدرك (3/ 440)، وعبد الله بن أحمد في الزيادات على الفضائل (1/ 114) (رقم: 85) من طريق موسى بن يعقوب بن وهب الزمعي عن عمر بن سعيد به. ورجّح العلماء حديث عمر بن سعيد على حديث الدراوردي: قال ابن أبي حاتم: "سألت أبي عن حديث رواه عبد العزيز الدراوردي عن عبد الرحمن بن حميد عن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه عن جده عبد الرحمن بن عوف عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "عشرة في الجنة"، ورواه موسى بن يعقوب الزمعي عن عمر بن سعيد بن شريح (كذا، والصواب سريج بالمهملة) عن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه عن سعيد بن زيد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قلت لأبي: أيَّهما أشبه؟ قال: حديث موسى أشبه؛ لأن الحديث يُروى عن سعيد من طرق شتى، ولا يُعرف عن عبد الرحمن بن عوف عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا شيء". علل الحديث (2/ 366). وقال الترمذي بعد أن أورد حديث عمر بن سعيد: سمعت محمدًا يقول: "هو أصح من الأول" (أي حديثِ الدراوردىِ). السنن (5/ 606). وبمثل قول البخاري قال الترمذي فِي الموضع السابق. تنبيه: تقدَّم قولُ أبي حاتم إن الحديثَ مروي عن موسى بن يعقوب، عن عمر بن سعيد بن سريج، وكذا قال الدارقطني في العلل (4/ 416)، وكذا جاء في بعض مصادر الحديث عند الحاكم وابن أبي عاصم في السنة، إلاَّ أنَّه وقع فيهما شريح، وهو تصحيف، وزاد ابن أبي عاصم نسبته فقال: اللخمي، ولعل الصواب التنوخي كما جاء في ترجمته. وتقدّم أن الحديثَ مرويٌّ في سنن الترمذي والنسائي، وورد فيهما اسم عمر بن سعيد فقط، ولم يذكر اسم الجد ولا النسبة. ولم يُترجِم المزي ولا ابن حجر لعمر بن سعيد بن سريج، وإنما ترجما لعمر بن سعيد بن أبي الحسين المكي -وهو ثقة- وذكر له المزي في شيوخه: عبد الرحمن بن حميد بن عبد الرحمن بن عوف ورمز له بـ (ت س)، وذكر فِي تلاميذه موسى بن يعقوب الزمعي، ورمز له بـ (ت س) يعني هذا الحديث الذي معنا. انظر: تهذيب الكمال (21/ 364)، تهذيب التهذيب (397/ 7)، التقريب (رقم: 4905). =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = ولم يعرّجا على ذكر عمر بن سعيد بن سريج لا ترجمة ولا تمييزًا. والذي يظهر أنه هو صاحب هذا الحديث لا عمر بن سعيد بن أبي الحسين، وأنه من رجال الترمذي والنسائي، لقول ابن أبي حاتم وإقرار أبيه، وقول الدارقطني، وورود اسمه كاملًا في إسناد الحاكم وابن أبي عاصم، وذُكر أيضا في ترجمة ابن سريج أن موسىّ بن يعقوب يروي عنه، وهو يروي عن عبد الرحمن بن حميد كما سيأتي النقل عن البخاري وابن عدي وغيرهما، فهذه دلائل تبيّن أن راوي هذا الحديت هو عمر بن سعيد بن سريج اللخمي، لا عمر بن سعيد بن أبي الحسين المكي. وعمر بن سعيد بن سريج -بالسين المهملة وآخره جيم وقيل: شريج بالشين المعجمة، والصواب الأول-. انظر: المؤتلف المختلف للدارقطني (3/ 1272)، الإكمال (4/ 273)، توضيح المشتبه (5/ 325). ذكره البخاري في التاريخ الكبير (6/ 159) وقال: "عن الزهري وعبد الرحمن بن حميد". وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي عنه فقال: "مضطرب الحديث ليس بقوي، يروي عن الزهري وينكر). الجرح والتعديل (6/ 111). وقال ابن عدي: "ويقال له ابن سرحة، التنوخي، أظنه شامي عن الزهري، أحاديثه عنه غير مستقيمة". وقال في آخر ترجمته: "وهذا يرويه عن موسى بن سعيد موسى الزمعي، ولعمر بن سعيد من الحديث غير ما ذكرت شيء يسير، وفي بعض رواياته يُخالف الثقات". الكامل (5/ 62، 63). وذكره ابن حبان في الثقات (7/ 175) وقال: "من أهل المدينة، يروي عن الزهري وعبد الرحمن بن حميد ... ، يُعتبر بحديثه من غير [رواية] الضعفاء عنه". وقال الذهبي: "ليّن، ... ضعّفه الدارقطني". الميزان (4/ 120)، وانظر اللسان (4/ 309). وخلاصة القول: أنَّ الحديثَ مرويٌّ من طريق عمر بن سعيد بن سريج، وهو من رجال الترمذي والنسائي، وهو ضعيف الحديث، وأغفله المزي وابن حجر وهو على شرطهما، وجعلا بدله عمر بن سعيد بن أبي الحسين المكي وهو ثقة، لاتفاقه مع الآخر في اسمه واسم أبيه، واختلافه في اسم الجد والنسبة. إذا ثبت هذا، فعمر بن سعيد بن سريج خالف الدراوردي في حديثه عن حميد بن عبد الرحمن، فجعله من مسند سعيد بن زيد، والدراوردي جعله من مسند عبد الرحمن بن عوف، ورجّح أبو حاتم رواية سعيد بن سريج -مع ضعفه- لأنها وافقت الروايات الكثيرة -من غير طريق حميد بن عبد الرحمن- لهذا الحديث وكلها توصل الحديث عن سعيد بن زيد، والله أعلم بالصواب.

60 / مسند أبي أيوب الأنصاري الخزرجي

60 / مسند أبي أيوب الأنصاري الخزرجي واسمه: خالد بن زيد. سبعة أحاديث. 279 / حديث: "إذا ذهب أحدُكم الغائِطَ أو البولَ فلا يستقبل القِبلةَ ولا يستدْبِرها بفَرْجِه". في الصلاة عند آخره. عن إسحاق بن عبد الّله بن أبي طلحة، عن رافع بن إسحاق مولىً لآل الشِّفَاء، -وكان يُقال له مولى أبي طلحةَ-، عن أبي أيوب (¬1). خَرَّج ابنُ أبي شيبة هذا الحديث من طريق مالكٍ وغيرِه (¬2). وخُرِّج في الصحيح من طريق الزهري، عن عطاء بن يزيد الليثي، عن أبي أيوب (¬3). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: النهي عن استقبال القبلة والإنسان على حاجة (1/ 172) (رقم: 1). وأخرجه النسائي فِي السنن كتاب: الطهارة، باب: النهي عن استقبال القبلة عند الحاجة (1/ 21) من طريق ابن القاسم. وأحمد في المسند (5/ 414) من طريق إسحاق الطبّاع، كلاهما عن مالك به. (¬2) المصنف (1/ 139) (رقم: 1602) من طريق زيد بن الحباب عن مالك به. وأخرجه برقم: (1601) من طريق الزهري، وهو بهذا الإسناد في الصحيحين كما سيأتي. (¬3) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الوضوء، باب: لا يستقبل القبلة ببول أو غائط إلا عند البناء (1/ 56) (رقم: 144) من طريق ابن أبي ذئب، وفي الصلاة، باب: قبلة أهل المدينة وأهل الشام والمشرق (1/ 129) (رقم: 394) من طريق ابن عيينة. ومسلم في صحيحه كتاب: الطهارة، باب: الاستطابة (1/ 224) (رقم: 264) من طريق ابن عيينة، كلاهما عن الزهري به.

وقال الترمذي: "حديثُ أبي أيوب أحسنُ شيءٍ في هذا الباب وأصَحُّ" (¬1). وخَرَّج عن جابر بن عبد الله قال: "نَهَى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أن تُستقبلَ القبلةُ لبولٍ، فَرَأَيتُه قبلَ أن يُقبضَ بِعامٍ يسْتقبِلُها" (¬2). ¬

_ (¬1) السنن (1/ 14). (¬2) السنن كتاب: الطهارة، باب: ما جاء في الرخصة في ذلك (1/ 21) (رقم: 13). وأخرجه ابن ماجه في السنن كتاب: الطهارة، باب: الرخصة في ذلك فِي الكنيف وإباحته دون الصحاري (1/ 117) (رقم: 325)، وأحمد فِي المسند (3/ 360)، وابن خزيمة في صحيحه (1/ 34) (رقم: 58)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (1/ 268) (رقم: 1420)، وابن الجارود في المنتقى (1/ 38) (رقم: 31)، والحاكم في المستدرك (1/ 154)، والطحاوي في شرح المعاني (4/ 234)، والدارقطني في السنن (1/ 58) (رقم: 2)، والبيهقي في السنن الكبرى (1/ 92)، وابن شاهين في الناسخ والنسوخ (ص: 83) (رقم: 82)، والحازمي في الاعتبار (ص: 135) من طرق عن محمد بن إسحاق عن أبان بن صالح عن مجاهد عن جابر به. قال الترمذي: "حسن غريب". وقال الحاكم: "صحيح على شرط مسلم"، ووافقه الذهبي. قلت: وفي إسناده محمد بن إسحاق، وليس على شرط مسلم، وهو مدلس إلاَّ أنَّه صرّح بالتحديث عند أحمد وابن خزيمة وابن حبان وابن شاهين والطحاوي والبيهقي، وأبان بن صالح لم يخرّج له مسلم. وضعّف ابنُ عبد البر وابنُ حزم هذا الحديث بأبان بن صالح. قال ابن عبد البر: "وليس حديث جابر بصحيح عنه فيُعرّج عليه؛ لأن أبان بن صالح الذي يرويه ضعيف". التمهيد (1/ 312). وقال ابن حزم: "أما حديث جابر فإنه من رواية أبان بن صالح وليس بالمشهور". المحلى (1/ 192). قلت: وأبان بن صالح بن عمير القرشي مولاهم، وثّقه الأئمة: قال ابن معين، وأبو حاتم، وأبو زرعة: "ثقة". تاريخ الدارمي (ص: 72)، الجرح والتعديل (2/ 297). ووثّقه يعقوب بن شيبة وغيرهم. انظر: تهذيب الكمال (2/ 9). وردّ ابن حجر قول ابن عبد البر وابن حزم بقوله: "وهذه غفلة منهما وخطأ تواردا عليه، فلم يضعّف أبانًا هذا أحدٌ قبلهما، ويكفى فيه قول ابن معين ومن تقدّم معه". تهذيب التهذيب (1/ 82). ونقل ابن حجر في التلخيص (1/ 114) تصحيح البخاري وتحسين الترمذي والبزار وقال: "وضعّفه ابن عبد البر بأبان بن صالح، ووهم في ذلك، فإنّه ثقة باتفاق، وادّعى ابن حزم أنه مجهول فغلط".

وهذا ناسخٌ للنَّهي، أو مُخَصِّصٌ له (¬1). وانظر حديثَ رجلٍ من الأنصار في المنسوبين (¬2)، وحديثَ ابنِ عمر من طريق واسِع (¬3). 280 /حديث: كيف كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يغسِلُ رأسَه وهو مُحْرِمٌ؟ فيه: "حَرَّكَ رأسَه بِيدَيْه". في أوَّل الحج. عن زيد بن أسلم، عن إبراهيم بن عبد الله بن حُنَين، عن أبيه، عن أبي أيوب، وفيه قصة (¬4). ¬

_ (¬1) وهذان مسلكان من مسالك الجمع والترجيح، وللعلماء في ذلك تفصيل. انظر: الأوسط لابن المنذر (1/ 324 - 328)، التمهيد (4/ 301 - 312)، المحلى (189/ 1 - 193)، المغني (1/ 220)، المجموع شرح المهذب (2/ 78 - 83)، الفتح (1/ 295). (¬2) سيأتي حديثه (3/ 577). (¬3) تقدّم حديثه (2/ 492). (¬4) الموطأ كتاب: الحج، باب: غسل المحرم (1/ 264) (رقم: 4). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الحج، باب: الاغتسال للمحرم (2/ 566) (رقم: 1840) من طريق عبد الله بن يوسف. ومسلم في صحيحه كتاب: الحج، باب: جواز غسل المحرم بدنَه ورأسه (2/ 864) (رقم: 205) من طريق قتيبة. وأبو داود في السنن كتاب: المناسك، باب: المحرم يغتسل (2/ 420) (رقم: 1840) من طريق القعنبي. والنسائي في السنن كتاب: المناسك، باب: غسل المحرم (5/ 128) من طريق قتيبة. وابن ماجه في السنن كتاب: المناسك، باب: المحرم يغسل رأسه (2/ 978) (رقم: 2934) من طريق أبي مصعب الزهري. وأحمد في المسند (5/ 418) من طريق ابن مهدي، خمستهم عن مالك به.

عند يحيى بن يحيى: "زيد، عن نافع، عن إبراهيم" (¬1). وذِكرُ نافع ها هنا غَلَطٌ انفرَدَ به، لَم يُتابِعه عليه أحدٌ، وتقدَّم لمالك، عن نافع، عن إبراهيم حديث آخَرُ عن عليٍّ في القراءةِ في الرُّكوع، وما نُهيَ عن لَبسِه، ليس فيه ذِكْرُ زَيد بن أسلم (¬2). 281/ حديث: "صَلَّى مع النبي (¬3) - صلى الله عليه وسلم - في حَجَّةِ الوداع المغرب والعشاء بالمزدلفة جميعًا". في الحج، باب: صلاة المزدلفة. عن يحيى بن سعيد، عن عَدِيِّ بن ثابت الأنصاري، عن عبد الله بن يزيد الخَطْمِي، عن أبي أيوب (¬4). ¬

_ (¬1) الموطأ نسخة المحمودية (أ) (ل: 60/ب)، و (ب) (ل: 82 /أ). وفي المطبوع: "زيد، عن إبراهيم، عن أبيه"! ونصّ ابن عبد البر أن ابن وضّاح طرح ذكر نافع من الإسناد. انظر: التمهيد (4/ 261). وقال محمد بن حارث الخشني: "وهم فيه يحيى فزاد في إسناده نافعًا، وليس فيه اسم نافع، وكذلك رواه القعنبي وابن بكير وابن وهب، وعامة أصحاب مالك". أخبار الفقهاء والمحدثين (ص: 352). (¬2) تقدّم حديثه (2/ 323)، ومراد المصنف من إيراد هذا الطريق أنَّ نافعًا يروي عن إبراهيم بن عبد الله بن حنين، ولا يلزم من ذلك أن يكون حديث الباب من روايته عنه، والله أعلم. (¬3) كتب الناسخ فوقها: خ: رسول الله. أي في نسخة أخرى. (¬4) الموطأ كتاب: الحج، باب: صلاة المزدلفة (1/ 321) (رقم: 198). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: المغازي، باب: حجة الوداع (5/ 152) (رقم: 4414) من طريق القعنبي. والنسائي في السنن كتاب: الصلاة، باب: الجمع بين المغرب والعشاء بالمزدلفة (1/ 291) من طريق قتيبة، كلاهما عن مالك به.

خُرِّج هذا في الصحيح (¬1)، وروي عن عَدِيٍّ بأسانيدَ أُخَر ليس فيها ذِكرُ أبي أيّوب (¬2). ¬

_ (¬1) تقدّم تخريجه. (¬2) أخرجه الطحاوي في شرح المعاني (2/ 213) من طريق أبي يوسف القاضي عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عدي بن ثابت عن عبد الله بن يزيد عن البراء بن عازب مرفوعًا. وخولف أبو يوسف، خالفه علي بن مسهر: فرواه عن ابن أبي ليلى عن عدي عن عبد الله بن يزيد عن أبي أيوب به، أخرجه من طريقه الطبراني في المعجم الكبير (4/ 123) (رقم: 3871). وعلي بن مسهر أوثق من يعقوب بن إبراهيم أبي يوسف القاضي، إن كان أبو ليلى حفظه. ورواه قيس بن الربيع واختُلف عنه: أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (4/ 83) (رقم: 3714) من طريق الهيثم بن جميل. و(برقم: 3715)، وفي الأوسط (8، 203) (رقم: 8406) من طريق داود بن منصور، كلاهما عن قيس بن الربيع عن غيلان بن جامع وابن أبي ليلى وجابر الجعفي عن عدي عن عبد الله بن يزيد عن خزيمة بن ثابت مرفوعا. - وقال الدارقطني: "وقال الحسن بن عطية عن قيس عن ميسرة بن حبيب وغيلان بن جامع وجابر عن عدي بن ثابت عن عبد الله بن يزيد عن أبي بن كعب". العلل (6/ 115). ولعل الخطأ في هذه من قيس بن الربيع، واختلف الأئمة فيه توثيقًا وتجريحًا، وأجمع ما قيل فيه قول ابن حبان: "قد سبرتُ أخبار قيس بن الربيع من رواية المتقدّمين والمتأخرين، وتتبعتها، فرأيته صدوقا مأمونا حيث كان شابا، فلما كبر ساء حفظه، وامتحن بابن سوء فكان يُدخل عليه الحديث فيُجيب فيه ثقة منه بابنه، فلما غلب المناكير على صحيح حديثه ولم يتميّز استُحق مجانبته عند الاحتجاج، فكل من مدحه من أئمتنا وحثّ عليه فكان ذلك منهم لما نظروا إلى الأشياء المستقيمة التي حدّث بها عن سماعه، وكل من وهّاه منهم فكان ذلك لما علموا مما في حديثه من المناكير التي أدخل عليه ابنه وغيرُه". المجروحين (2/ 219). وقال عنه الحافظ: "صدوق تغيّر لما كبر، وأدخل عليه ابنه ما ليس من حديثه فحدّث به". التقريب (رقم: 5573)، وانظر: تهذيب الكمال (24/ 25)، تهذيب التهذيب (8/ 350).

قال الدارقطني: "والصوابُ حديثُ أبي أيوب" (¬1). وعبد الله بن يزيد صحابيٌّ أنصاريٌّ أَوْسِيٌّ خَطْمِيٌّ، وهو جَدُّ عَدِي بن ثابت لأمِّه (¬2)، وأبوه يزيد بن حُصين يُقال: إنَّه من الصحابة، وفيه نظر (¬3). وانظر حديث أسامة (¬4)، وابن عمر من طريق سالم (¬5)، والجمعَ في السفر لنافع عن ابن عمر (¬6)، ولمعاذ وغيرِهما (¬7)، والجمعَ العامَّ لابن عباس (¬8). 282/ حديث: "لا يَحِلُّ لِمسلمٍ أن يهجُرَ أخاه فوقَ ثلاثٍ ... ". وذَكَر الإعراضَ. فيه: "وخيُرهما الذي يبدأ بالسَّلامِ". في الجامع. عن ابن شهاب، عن عطاء بن يزيد اللّيثي، عن أبي أيوب (¬9). ¬

_ (¬1) العلل (6/ 115). وقال الطبراني: "روى هذا الحديث يحيى بن سعيد الأنصاري وشعبة وزهير وغيرهم عن عدي بن ثابت عن عبد الله بن يزيد عن أبي أيوب الأنصاري، وخالفهم غيلان وجابر الجعفي فقالا: عن خزيمة بن ثابت، والصواب حديث أبي أيوب، ورواه الثوري عن عدي بن ثابت عن عبد الله بن يزيد عن أبي أيوب". المعجم الكبير (4/ 83). (¬2) الاستيعاب (3/ 1001)، الإصابة (4/ 267). والخَطْمِي بفتح الخاء المنقوطة، وسكون الطاء المهملة، وفي آخرها ميم، نسبة إلى بطن من الأنصار. الأنساب (2/ 382). (¬3) ذكره في الصحابة خليفة بن خياط، والذهبي، ونص على صحبته الدارقطني. وقال ابن حجر: "قال الطبري: شهد أُحدًا، وذكره في الصحابة العسكري وغيره". انظر: الطبقات (ص: 83)، العلل (6/ 114)، تجريد أسماء الصحابة (2/ 137)، الإصابة (6/ 657). (¬4) تقدّم حديثه (2/ 23). (¬5) تقدّم حديثه (2/ 347). (¬6) تقدّم حديثه (2/ 376). (¬7) تقدّم حديثه (2/ 206). (¬8) تقدّم حديثه (2/ 548). (¬9) الموطأ كتاب: حسن الخلق، باب: ما جاء في المهاجرة (2/ 692) (رقم: 13). =

سَمِعَه عطاءٌ من أبي أيوب في غَزوة يزيد بن معاوية (¬1)، قاله مسلم في التمييز، وذَكَرَ أنَّ عُقيلًا وَهِم فيه عن الزهري فقال: "عطاء، عن أُبَيِّ بن كعب"، وأَبعَدَ ذلك؛ لأنَّ أُبَيًّا مات في أوّلِ خلافةِ عُثمان، ولَم يُدرِكه عطاءٌ (¬2). ولعلَّ عُقيلا سَقَطَ من كتابِه أيوب فصحَّف كلمةَ "أَبِي" بـ "أُبَيٍّ"، ثم نَسَبَه (¬3). وهذا طَرفٌ من حديث أنسٍ وفيه زيادة (¬4). ¬

_ = وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الأدب، باب: الهجرة (9/ 117) (رقم: 6077) من طريق عبد الله بن يوسف. ومسلم في صحيحه كتاب: البر والصلة والآداب، باب: تحريم الهجر فوق ثلاث بلا عذر شرعي (4/ 1984) (رقم: 2560) من طريق يحيى النيسابوري. وأبو داود في السنن كتاب: الأدب، باب: فيمن يهجر أخاه المسلم (5/ 214) (رقم: 4911) من طريق القعنبي. وأحمد في المسند (5/ 422) من طريق روح، أربعتهم عن مالك به. (¬1) هي غزوة القسططينية، وكان يومئذ أميرَها. (¬2) لم أجده في القسم المطبوع من التمييز. وطريق عُقيل بن خالد: أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (4/ 146) (رقم: 396) عن سلامة بن روح عنه به. (¬3) وذكر المزي مثل هذا التوجيه في تحفة الأشراف (3/ 98). قلت: ويحتمل أن يكون التصحيف من الراوي عنه سلامة بن روح ابن أخي عُقيل، تكُلّم في سماعه من عُقيل، وقيل: إنه حدّث من كتبه، وأغرب في بعض أحاديثه عنه. وذكر ابن عدي له جملة من الأحاديث التي أُنكرت عليه ثم قال: "وهذه الأحاديث عن عُقيل عن الزهري كتاب نسخة كبيرة يقع في جزأين، وفيها عن عُقيل عن الزهري أحاديث أنكرت من حديث الزهري بما لا يرويه غير سلامة عن عُقيل عنه، ... وهذه النسخة عن ابن عزيز عن سلامة روى المتقدّمون عنه، وسمعوا منه قديمًا، حتى جعفر الفريابي كان يحدّثنا عنه فيقول: حدّيث محمد بن عزيز، لأنه سمع قديما". الكامل (3/ 315)، وانظر: تهذيب الكمال (12/ 304). قلت: وهذه الرواية من رواية محمد بن عزيز عن سلامة عن عُقيل. (¬4) تقدّم حديثه (2/ 51)، وفيه ذكر التباغض والتحاسد والتدابر.

• حديث: "أنَّ أبا أيوب وَجَدَ غِلْمانًا قد أَلجئُوا ثعلبًا إلى زاويةٍ فطردهم عنه ... ". قال مالكٌ: لاَ أعلم إلاَّ أنَّه قال: "أَفِي حَرَمِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -". في الجامع عند أوله. عن يونس بن يوسف، عن عطاء بن يسار، عن أبي أيوب (¬1). هذا معلولٌ؛ إذ لَم يُتحقّق رَفعُه (¬2). ويونس بن يوسف هذا يقال: هو ابنُ حِمَاس الذي يروِي عن عَمِّه، عن أبي هريرة حديث: "لَتَترُكُنَّ المدينة" (¬3)، وقيل: بل هو رَجلٌ آخر وليس بابنِ حِمَاس (¬4)، خَرَّج عنه مسلمٌ في الصحيح. وقال النسائي في تاريخ: "يونس بن يوسف ثقةٌ، روى عنه بكير بن الأشج ومالك" (¬5). وذَكَرَ ابنَ حماس في موضع آخَر وسمّاه يوسف بن يونس، انظره في مسند أبي هريرة (¬6). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الجامع، باب: ما جاء فِي تحريم المدينة (2/ 678) (رقم: 10). (¬2) فالعلة الوقف؛ إذ لم يجزم مالك برفع ذلك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. (¬3) سيأتي هذا الحديث (3/ 542). (¬4) قال ابن عبد البر: "وليس بشيء". التمهيد (24/ 125). (¬5) نقله عن النسائي ابنُ خلفون في أسماء شيوخ مالك (ل: 88/أ، ب). (¬6) نقل ابن خلفون كلام النسائي في التمييز فقال: "قال النسوي في التمييز: يوسف بن يونس بن حماس ثقة، روى عنه مالك بن أنس". أسماء شيوخ مالك (ل: 88/ أ). وكذا قال مسلم في تسمية من روى عنه مالك، حكاه الخطيب في موضح أوهام الجمع (1/ 300). ثم قال الخطيب: "وقد وهم في هذا القول؛ لأنه رجل واحد يُختلف على مالك فيه، فيقال: يونس بن يوسف بن حماس، ويقال: يوسف بن يونس بن حماس". ثم أورد الخطب اختلاف أصحاب مالك في تسميته عن مالك. الوضح (1/ 300 - 302). قلت: وسيأتي ذكر الاختلاف في اسمه في مسند أبي هريرة (3/ 542).

283/ حديث: أنَّ أبا أيوب قال: "كنَّا نُضَحِّي بالشَّاة الواحدة .. ". فيه: "ثم تباهى النَّاس بعدُ". في الضحايا. عن عُمارة بن صَيَّاد، عن عطاء بن يسار ذكره (¬1). هذا حديثٌ مختصرٌ حَذَف مالكٌ منه السؤالَ، وفيه معنى الرفع، قال فيه الضحاك بن عثمان، عن عُمارة، عن عطاء: "سألت أبا أيوب كيف كانت الضحايا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -"، وذَكَر قولَه، خَرَّجه الترمذي وصححه (¬2). وعُمارة هذا هو ابن عبد الله بن صَيَّاد (¬3). • حديث: عن عَفِيف بن عَمرو السَّهمي، عن رَجل من بَني أَسَده أنَّه سألَ أبا أيوب فقال: إنِّي أُصَلي في بيتي ثم آتِي المسجدَ فأَجِدُ الإمامَ يُصَلِّي، أفأصلي معه؟ قال: نَعَم، فإنَ من صَنَعَ ذلك له سَهْمُ جَمْعٍ. في الصلاة الثاني (¬4). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الضحايا، باب: الشركة في الضحايا، وعن كم تذبح البقرة والبدنة (2/ 387) (رقم: 10). (¬2) سنن الترمذي كتاب: الأضاحي، باب: ما جاء أن الشاة الواحدة تجزي عن أهل البيت (4/ 77) (رقم: 1505). وأخرجه بهذا الاسناد: ابنُ ماجه في السنن كتاب: الأضاحي، باب: من ضحّى بشاة عن أهله (2/ 1051) (رقم: 3147)، والطبراني في المعجم الكبير (4/ 137) (رقم: 3920)، ومن طريقه المزي في تهذيب الكمال (21/ 250). وقال الترمذي: "حديث حسن صحيح". (¬3) الأنصاري أبو أيوب المدني، وأبوه الذي قيل عنه: إنه الدجّال، وعمارة ثقة فاضل، انظر: تهذيب الكمال (21/ 249)، تهذيب التهذيب (7/ 366). (¬4) الموطأ كتاب: صلاة الجماعة، باب: إعادة الصلاة مع الإمام (1/ 128) (رقم: 8).

هذا موقوفٌ (¬1). وقال فيه ابن وهب: عن عَمرو بن الحارث وابن لهيعة، عن بكير بن الأشج، عن عَفيف بن عمرو السّهمي، عن رجل من بني أسد بن خزيمة، عن أبي أيوب، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. خَرَّجه قاسم بن أصبغ من طريق سُحنون (¬2) عنه، وانظره لأبي داود في السنن (¬3). والرَّجلُ الأزدي مجهولٌ، وانظر حديث مِحْجَن (¬4). فصل: توفي أبو أيّوب بالقُسطَنْطِينيَّة من أرض الرُّوم (¬5) في غَزَاةٍ كانت زمنَ معاوية (¬6)، وقَبْرُه هناك قُربَ سُورِها ظاهِرٌ معروفٌ، يُقال: إنَّ الرُّوم يُعظِّمونه ويَسْتَسْقونَ به فيُسْقَون (¬7). ¬

_ (¬1) وهو معلول بالجهالة كما سيأتي. (¬2) الإمام سُحنون عبد السلام بن حبيب بن حسان التنوخي أبو سعيد القيرواني، إمام المالكية فقيه المغرب (ت 240 هـ). انظر: معالم الإيمان (2/ 77)، السير (12/ 63). (¬3) أخرجه أبو داود في السنن (2/ 388) (رقم: 578)، والطبراني في المعجم الكبير (4/ 158) (رقم: 3998)، والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 30)، والمزي في تهذيب الكمال (20/ 123) من طريق عمرو بن الحارث عن بكير بن الأشج به مرفوعا. وحكى الدارقطني الاختلاف على عفيف رفعًا ووقفًا، ولم يرجّح شيئًا. انظر: الأحاديث التي خولف فيها مالك (ص: 121). ولو صح الطريق المرفوع فهو معلول بجهالة الرجل الأزدي. (¬4) تقدّم حديثه (2/ 234). (¬5) القسطنطنية، ويقال: قسططنة بإسقاط ياء النسبة. معجم البلدان (4/ 347). وتُسمى اليوم اصطنبول. (¬6) قال سعيد بن عبد العزيز: "ثم أغزاهم ابنَه يزيد في سنة خمس وخمسين في جماعة من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في البر والبحر، حتى جاز بهم الخليج، وقاتلوا أهل القسططينية على بابها، ثم قفل". قال أبو زرعة: "فدلّنا خبر سعيد بن عبد العزيز هذا أنَّ أبا أيوب مات سنة خمس وخمسين بالقسطنطنية". تاريخ أبي زرعة (1/ 188). (¬7) الاستيعاب (2/ 426)، (4/ 1606).

61/ مسند أبي أمامة الحارثي الأنصاري

61/ مسند أبي أمامة الحارِثيِّ الأنصاري واسمه: إِيَاس بن ثَعْلَبة، على اختلاف فيه (¬1). حديث واحد. 284/ حديث: "من اقْتَطَعَ حَقَّ امرئٍ مسلمٍ بيَمِينِه حَرَّمَ اللهُ عليه الجَنَّة .. ". في الأقضية، باب: الحِنثِ على المنبر. عن العلاء بن عبد الرحمن، عن مَعْبَد بن كعب السَّلمي، عن أخيه عبد الله بن كعب بن مالك، عن أبي أمامة (¬2). خَرَّج مسلمٌ هذا الحديث (¬3)، ولم يُخَرِّج البخاري لأبي أمامة الحارثيِّ شيئًا. وأبو أمامة الحارثيّ هو صاحبُ أبي بُردةَ بنِ نِيَارٍ، وليسَ بالبَاهِلِيِّ (¬4). وانظر وَلَدَ كَعبٍ في مرسل معاذ بن سعد (¬5)، والخلافَ فيهم في مسند أبيهم (¬6). ¬

_ (¬1) اسمه عند الأكثر إياس بن ثعلبة، وقيل: عبد الله وهو قول أحمد بن حنبل، وقيل: ثعلبة بن سهل، وفي بعض المصادر: سُهيل مصغرًا. وقال الترمذي: "هو ابن ثعلبة، ولا نعرف اسمَه". قال ابن عبد البر: "ولا يصح فيه غير إياس بن ثعلبة". انظر: طبقات خليفة (ص: 105)، الجرح والتعديل (2/ 462)، الثقات (3/ 47)، سنن الترمذي (5/ 220)، الاستيعاب (1/ 128)، (4/ 1601)، الإصابة (7/ 19)، تهذيب الكمال (33/ 49). (¬2) الموطأ كتاب: الأقضية، باب: ما جاء في الحنث على منبر النبي - صلى الله عليه وسلم - (2/ 559) (رقم: 11). (¬3) صحيح مسلم كتاب: الإيمان، باب: من اقتطع حق امرئ مسلم بيمين فاجرة بالنار (1/ 122) (رقم: 137) من طريق إسماعيل بن جعفر، عن العلاء بن عبد الرحمن به. ومن طريق الوليد بن كثير، عن محمد بن كعب، عن أخيه عبد الله بن كعب به. (¬4) وهو ابن أخت أبي بردة، وأما الباهلي فاسمه صُدَّي بن عجلان. (¬5) انظر: (4/ 592). (¬6) تقدّم مسنده (2/ 182).

62/ مسند أبي بشير الأنصاري

62/ مسند أبي بَشير الأنصاري يُقال فيه: المازني، ويُقال: السَاعدي، ويُقال: الحارثي، لم يُوقَفْ على حقيقةِ اسمِه، ولا على حقيقةِ نَسَبِه، وإنَّما اشَتهرَ بكنيتِه، وبالنِّسبةِ إلى الأنصارِ، وقيل: اسمُه قَيس بن عُبَيد، ولَم يَصِحّ (¬1). حديثٌ واحد. 285/ حديث: "لا تَبْقَيَنَّ في رَكبةِ بعيرٍ قِلادةٌ ... ". في الجامع، في أبواب العَين، على طريقِ التأويل (¬2)، عن عبد الله بن أبي بكر بن حَزم، عن عَبَاد بن تَمِيم، عن أبي بَشير (¬3). ¬

_ (¬1) قال ابن سعد: "أبو بَشير الأنصاري السّاعدي، ويقال: المازني، ويقال: الحارثي، وإسمه: قيس الأكبر بن عُبيد بن الحُرير بن عمرو بن الجعد بن عوف بن مَبذول بن عمرو بن غنم بن مازن بن النجار". تهذيب الكمال (33/ 79). وذكره خليفة بن خياط فيمن لم يحفظ له نسبًا إلى أقصى آبائه من الأنصار، وأبو أحمد الحاكم فيمن لا يُعرف اسمه. الطبقات (ص: 105)، الأسامي والكنى (2/ 372). وانظر: الاستيعاب (4/ 1610)، الإصابة (7/ 41). (¬2) وهو قول مالك في الموطأ: "أُرى ذلك من العين". وانظر: التمهيد (7/ 160). (¬3) الموطأ كتاب: صفة النبي - صلى الله عليه وسلم -، باب: ما جاء في نزع المعاليق والجرس من العنق (2/ 714) (رقم: 39). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الجهاد، باب: ما قيل في الجرس ونحوه في أعناق الإبل (4/ 342) (رقم: 3005) من طريق عبد الله بن يوسف. ومسلم في صحيحه كتاب: اللباس والزينة، باب: كراهية قلادة الوَتَر في رقبة البعير (3/ 1672) (رقم: 2115) من طريق يحيى النيسابوري. وأبو داود في السنن كتاب: الجهاد، باب: في تقليد الخيل بالأوتار (3/ 52) (رقم: 5252) من طريق القعنبي. والنسائي فِي السنن الكبرى كتاب: السير، باب: النهي عن قلائد الوَتَر في أعناق الإبل (5/ 251) (رقم: 8808) من طريق قتيبة، إلا أنه لم يسمّ أبا بشير فقال: أن رجلا من الأنصار. وأحمد في المسند (5/ 216) من طريق روح وإسماعيل بن عمر، خمستهم عن مالك به.

هكذا خُرّج في الصحيحين (¬1)، وزعم محمد بن عمر الواقدي أنَّ مالكًا وَهِم فيه، وأنَّ عبد الله بن أبي بكر رواه عن أبيه، عن أبي بَشير. قاله الدارقطني، ولَم يُصَوِّبه ولاَ خَطَّأَه، ولا احتجَّ لَه ولاَ عليه (¬2). وخَرَّجه أبو داود في التفرّد عن مالك (¬3). وفي الموطأ أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أرسلَ بذلك رسولًا غير مُسَمًّى، وقال فيه رَوح، عن مالك: "أرْسَلَ زيدًا مولاه"، ذَكَرَه الجوهري (¬4). وأبو بَشِير بفتح الباء وكسر الشين. فصل: أبو بَصرة الغفاريّ حديثُه في المساجدِ الثلاثة، قال فيه مالك: "بصرة بن أبي بصرة"، انظره في حرف الباء من الأسماء (¬5). ¬

_ (¬1) سبق تخريجه. (¬2) الأحاديث التي خولف فيها مالك (ص: 124) (رقم: 60)، ونص كلامه: "خالفه جماعة، رووه عن عبد الله بن أبي بكر عن أبيه عن أبي بشير المازني عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. قال ذلك الواقدي. قال: حدّثني عبد الجبار بن عمارة وعبد الرحمن بن عبد العزيز وابن أبي سبرة وإسحاق بن حازم ومالك بن الرّجال كلهم عن عبد الله بن أبي بكر عن أبيه عن أبي بشير، والله أعلم". اهـ. قلت: الواقدي متروك، ولم أجد الروايات التي نصَّ عليها، وقد احتج لمالك المصنِّف بإخراج البخاري ومسلم حديثه في صحيحيهما، وهو كما قال رحمه الله. (¬3) وهو في السنن وقد سبق. (¬4) مسند الموطأ (ل: 93/أ). وأخرجه من طريق روح بن عبادة: أبو أحمد الحاكم في الأسامي والكنى (2/ 373)، وابن عبد البر في التمهيد (17/ 160). وأخرجه أحمد في المسند كما سبق وقرن روايته برواية إسماعيل بن عمر. وأبو نعيم في معرفة الصحابة (2 /ل: 253/ب) من طريق روح بن عبادة، وعبد الله بن يوسف، وعبد الله بن نافع الصائغ، كلهم عن مالك به، وليس فيه عند أحمد وأبي نعيم أنَّ الرسول مولاه زيد، ولعله حُملت رواية روح على رواية غيره، والله أعلم. (¬5) تقدّم مسنده (2/ 111).

63/ مسند أبي بردة بن نيار

63/ مسند أبي بُردةَ بن نِيار واسمُه: هانئ على اختلافٍ في اسمه واسمِ أبيه (¬1)، وهو بَلَوي قُضَاعِيٌّ، معدودٌ في الأنصار. حديثٌ واحد. 286/ حديث: "أنَّ أبا بردة بن نِيَّار ذبح ضَحِيَّتَه قبلَ أن يذبحَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ... ". فيه: "أنَّه أَمَرَه أن يعود بضَحِيَّةٍ أخرى"، وذكر الجَذَع. عن يحيى بن سعيد، عن بُشَير بن يَسار: أنَّ أبا بردة (¬2). هكذا قال فيه يحيى بن يحيى وجماعةٌ من رواة الموطأ: أنَّ أبا بُردة (¬3). وقال آخرون منهم: ابنُ القاسم ومعن: عن أبي بُردة (¬4). ¬

_ (¬1) وقيل في اسمه: مالك بن هبيرة، وقيل: الحارث بن عمرو، وقيل غير ذلك، وهانئ هو قول أهل الحديث والأكثر الأشهر. انظر: التاريخ الكبير (8/ 227)، الأسامي والكنى (2/ 332)، الاستيعاب (4/ 1608)، الإصابة (6/ 523)، (7/ 36)، تهذيب الكمال (33/ 71). (¬2) الموطأ كتاب: الضحايا، باب: النهي عن ذبح الضحية قبل انصراف الإمام (2/ 385) (رقم: 4). وأخرجه الدارمي فِي السنن كتاب: الأضاحي، باب: في الذبح قبل الإمام (2/ 110) (رقم: 1963) من طريق أبي علي الحنفي عن مالك به. (¬3) تابع يحيى على إسناده: ابن زياد في موطئه (ص: 122) (رقم: 11)، وأبو مصعب الزهري (2/ 188) (رقم: 2133)، ويحيى بن بكير (ل: 167/أ)، وابن وهب كما في الجمع بين روايته ورواية ابن القاسم (ل: 63/ب)، وذكره الدارقطني في العلل، والقعنبي عند الدارقطني في العلل (6/ 24). (¬4) موطأ ابن القاسم (ص: 518) (رقم: 501 - تلخيص القابسي-). ووقع في الجمع بين روايته ورواية ابن وهب: أن أبا بردة، فلعل الجامع لم يفرّق بين الروايتين، أو أنها رواية أخرى عن ابن القاسم. - ورواية معن ذكرها ابن عبد البر في التمهيد (23/ 180) من طريق ابن المديني عنه. =

واختُلِف في سماع بُشير منه (¬1). وقصة أبي بُردةَ محفوظةٌ مُخَرَّجةٌ في الصحيح من حديث البراءِ بن عازِب حكاية (¬2)، وقد نُقلت عن البراء، عن خاله أبي بُردة رواية. ¬

_ = وتابعهما: أبو علي الحنفي عند الدارمي. ورجّح الدارقطني رواية من قال فيه: عن بشير: أن أبا بردة. قال: "وكذلك قال حماد بن سلمة، وحماد بن زيد، وابن عيينة، ويحيى (أي عن يحيى بن سعيد)، وهو المحفوظ". العلل (6/ 24). (¬1) انظر: التمهيد (23/ 180). قلت: وبُشير بن يسار قال عنه ابن سعد: "أدرك عامة أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -". الطبقات (5/ 232). ثم عدَّد ابن سعد من شاهد منهم، وهم من صغار الصحابة، كسويد بن النعمان، ورافع، وسهل بن أبي حثمة. وقال الذهبي: "توفي سنة بضع ومائة". السير (4/ 592). وأما أبو بردة فشهد العقبة مع السبعين، وشهد بدرًا وأُحدًا، والمشاهد كلها مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكانت معه راية بني حارثة في غزوة الفتح، فيُعدّ من كبار الصحابة. وقيل: توفي في خلافة معاوية. وقال الذهبي: وقيل: توفي سنة اثنتين وأربعين. انظر: الطبقات الكبرى (3/ 344)، السير (2/ 35). قلت: فإن كان أبو بردة بقي إلى خلافة معاوية يكون بُشيرًا سمع منه، أما إن توفي سنة ثنتين وأربعين فيُحتمل السماع وعدمه، ورواية يحيى ومن تابعه تؤيّد عدم السماع، والله أعلم بالصواب. (¬2) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: العيدين، باب: الأكل يوم النحر (289/ 2) (رقم: 955)، وفي باب: الخطبة بعد العيد (2/ 291) (رقم: 965)، وفي باب: التكبير للعيد (2/ 292) (رقم: 968)، وفي باب: استقبال الإمام الناس في خطبة العيد (2/ 295) (رقم: 976)، وفي باب: كلام الإمام والناس في خطبة العيد (2/ 297) (رقم: 983)، وفي كتاب: الأضاحي، باب: سنة الأضحية (6/ 590) (رقم: 5545)، وفي باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لأبي بردة: "صحّ بالجذع .. " (6/ 593) (رقم: 5556، 5557)، وفي باب: الذبح بعد الصلاة (6/ 594) (رقم: 5560)، وفي باب: من ذبح قبل الصلاة أعاد (6/ 595) (رقم: 5563). ومسلم في صحيحه كتاب: الأضاحي، باب: وقتها (3/ 1552 - 1554) (رقم: 1961) من طرق عن الشعبي عن البراء به.

قال فيه ابن أبي شيبة من طريق إسرائيل، عن أبي إسحاق هو السَّبِيعي -واسمه عَمرو- عن البراء، عن خالِه أبي بردة: "أنه عَجَّل بشاةٍ ثم ذكرَها للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ... "، وساق الحديث (¬1). وخَرَّجه في مسندِ أبي بُردةَ لقَول أبي إسحاق (¬2) فيه: "البراء، عن خاله أبي بردة" (¬3). ولعلَّه أراد عن قِصَّةِ خالِه، ولَم يقصِد الروايةَ عنه؛ لأنَّ عامرًا الشَّعْبِيَّ قال فيه: عن البراء: سمعتُ النبي - صلى الله عليه وسلم - يَخطُبُ فقال: "إنَّ أوَّل ما نبدأُ في يومِنا هذا أن نُصَلِّيَ ثم نرجعَ فنَنحرَ"، فقال أبو بردة ... ، وساقَه، هكذا على النَسَق. خَرَّجه البخاري (¬4). وهذا يقتَضِي مشاهدةَ الكُلِّ، والله أعلم. وبُشَير بن يسار بضم الباء وفتح الشين المعجمة مُصَغَّرًا (¬5). ¬

_ (¬1) لم أقف على أحاديث أبي بردة في مسند ابن أبي شيبة، وهو ناقص. وأخرجه من طريقه الطبراني في المعجم الكبير (22/ 194) (رقم: 507). (¬2) في الأصل: "أبي إسرائيل"، وهو خطأ؛ لأن الراوي عن البراء هو أبو إسحاق، ويؤيّده أنه ذكر إسرائيل بالكنية. (¬3) وكذا أخرجه أحمد في المسند- مسند أبي بردة- (4/ 54)، وابن قانع في معجم الصحابة- ترجمة أبي بردة- (3/ 204)، والطبراني في المعجم الكبير- ترجمة أبي بردة- (22/ 193، 194) (رقم: 504 - 506). (¬4) سبق تخريجه. (¬5) الإكمال (1/ 298)، المؤتلف والمختلف للأزدي (ص: 9)، توضيح المشتبه (1/ 536).

64/ مسند أبي ثعلبة الخشني

64/ مسند أبي ثَعلبة الخُشَنيّ واسمه: جُرهُم، ويقال: جُرثوم، وقيل غيرُ هذا، وكذلك اختُلف في اسمِ أبيه (¬1)، ولم يُختلف في نسبِه إلى خشَني بالخاء المعجمة، وهو مشهورٌ في الصحابة (¬2). له حديثٌ واحد غَلِطَ يحيى في متنِه. مالك، عن ابن شهاب، عن أبي إدريس الخولاني، عن أبي ثعلبة الخشني. 287 / حديث: "أَكْلُ كلِّ ذي نابٍ من السِّباع حرامٌ". في الصيد (¬3). هذا هو متن هذا الإسناد عند يحيى بن يحيى، وذلك غلطٌ انفرَد به. وعند سائِرِ الرواة بهذا الإسناد: "أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عن أَكْلِ كُلِّ ذي ناب من السِّباع" (¬4)، وهكذا خُرِّج في الصحيحين من طريق مالك ¬

_ (¬1) انظر الاختلاف الكثير في اسمه واسم أبيه: الاستيعاب (4/ 1618)، الإصابة (7/ 58)، تهذيب الكمال (33/ 167). وجُرهُم: بضم الميم والهاء، بينهما راء ساكنة. وجرثوم مثله، لكن بدل الهاء مثلثة وبعدها واو. قال ابن حجر: "صحابي مشهور، معروف بكنيته، واختلف في اسمه اختلافًا كثيرًا، كذا في اسم أبيه". ثم ذكر له الحافظ ثمانية عشر اسمًا، ولأبيه أربعة عشر. (¬2) خُشَني منسوب إلى بني خشين من قضاعة. انظر: جمهرة أنساب العرب (ص: 455)، الأنساب (2/ 370). (¬3) الموطأ كتاب: الصيد، باب: تحريم أكل كل ذي ناب من السباع (2/ 396) (رقم: 13). (¬4) انظر الموطأ برواية: - ابن زياد (ص: 172) (رقم: 96)، وأبي مصعب الزهري (2/ 201) (رقم: 2176)، وابن القاسم =

وغيرِه عن الزهري بلفظ النَّهَي دون ذِكر التحريم (¬1)، والمتن الذي ذَكَرَ يحيى ها هنا هو لأبي هريرةَ عندَ الجميع، انظره في مسنده من رواية عَبِيدَة (¬2). وقال يونس وغيره عن الزهري: "لم نسمع ذلك من علمائِنا بالحجازِ حتى حَدَّثَنِي أبو إدريس، وكان من فقهاءِ أهلِ الشَّام". ذكره مسلم (¬3). وبَين لفظِ النَّهي والتَّحَريمِ فُرقانٌ هو مذكورٌ في موضعِه (¬4). ¬

_ = (ص: 130) (رقم: 76 - تلخيص القابسي-)، وسويد بن سعيد (ص: 380) (رقم: 868)، ويحيى بن بكير (ل: 171/ب- نسخة الظاهرية-)، ومحمد بن الحسن (ص: 219) (رقم: 643)، والجمع بين رواية ابن وهب وابن القاسم (ل: 68/أ). (¬1) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الصيد، باب: أكل كل ذي ناب من السباع (6/ 584) (رقم: 5530) من طريق عبد الله بن يوسف. ومسلم في صحيحه كتاب: الصيد والذبائح، باب: تحريم أكل كل ذي ناب من السباع .. (3/ 1534) رقم: 1932) من طريق ابن وهب. وأبو داود في السنن كتاب: الأطعمة، باب: النهى عن أكل السباع (4/ 159) (رقم: 3802) من طريق القعنبي. والترمذي في السنن كتاب: الأطعمة، باب: ما جاء في كراهية كل ذي ناب وذي مخلب (4/ 61) (رقم: 1477) من طريق القعنبي. والدارمي في السنن كتاب: الأضاحي، باب: ما لا يؤكل من السباع (2/ 116) (رقم: 1980) من طريق خالد بن مخلد، أربعتهم عن مالك به. (¬2) سيأتي حديثه (3/ 531). (¬3) صحيح مسلم (3/ 1533) من طريق يونس وابن عيينة. (¬4) والفرق في ذلك أنَّ لفظَ التحريم صريح في الحرمة والمنع، أمَّا النهى فهو وإن كان معناه الحقيقي للتحريم، إلاَّ أنَّه يأتي لعدَّةِ معان كالكراهة، والتحقير، وبيان العاقبة، وغير ذلك. انظر: الرسالة للشافعي (ص: 217، 343)، شرح الكوكب المنير (1/ 386)، (3/ 77، وما بعدها)، إرشاد الفحول (ص: 96).

65/ مسند أبي جهيم الأنصاري

65/ مسند أبي جهيم الأنصاري واسمه: عبد الله بن جُهيم، سمّاه وكيعٌ، قاله مسلم وغيرُه (¬1). حديثٌ واحد. 288/ حديث: "لو يَعلمُ المارُّ بين يَدَيِ المُصَلِّي ماذا عليه، لكان أن يقفَ أربعين خيرًا له". في الصلاة الثاني. عن أبي النَّضر، عن بُسر بن سَعيد، عن أبي جُهيم (¬2). ¬

_ (¬1) الكنى والأسماء (1/ 195) (رقم: 598)، الأسامي والكنى (3/ 185) (رقم: 1224). (¬2) الموطأ كتاب: قصر الصلاة في السفر، باب: التشديد في أن يمر أحد بين يدي المصلي (1/ 144) (رقم: 34). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الصلاة، باب: إثم المارّ بين يدي المصلي (1/ 161) (رقم: 510) من طريق عبد الله بن يوسف. ومسلم في صحيحه كتاب: الصلاة، باب: منع المار بين يدي المصلي (1/ 363) (رقم: 507) من طريق يحيى النيسابوري. وأبو داود في السنن كتاب: الصلاة، باب: ما يُنهى عنه من المرور بين يدي المسلم (1/ 446) (رقم: 701) من طريق القعنبي. والترمذي في السنن كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في كراهية المرور بين يدي المصلي (2/ 158) (رقم: 336) من طريق معن. والنسائي في السنن كتاب: القبلة، باب: التشديد في المرور بين يدي المصلي .. (2/ 66) من طريق قتيبة. وأحمد في المسند (4/ 169) من طريق عبد الرزاق وابن مهدي. والدارمي في السنن كتاب: الصلاة، باب: كراهية المرور بين يدي المصلي (1/ 387) (رقم 1417) من طريق أبي علي الحنفي عبيد الله بن عبد المجيد، ثمانيتهم عن مالك به.

خُرِّج في الصحيح (¬1). وخَرَّجه ابن أبي شيبة عن وكيع، عن الثوري، عن سالم أبي النضر، وقال في أبي جُهيم: "عبد الله بن جُهيم"، على ما حكاه مسلم في التمييز (¬2). وقيل: أبو جُهَيم هذا هو أبو الجَهْم بن الحارث بن الصِّمّة راوي حديث التيمم في غير الموطأ، قاله الكلاباذِي وأبو مسعود الدِّمشقي وغيرُهما (¬3). والأصَحُّ أنَّ ذلك رجلٌ آخَرُ يُقال فيه: أبو الجُهيم، ويُقال فيه: أبو الجَهم (¬4). ¬

_ (¬1) سبق تخريجه. (¬2) أخرجه ابن أبي شيبة فِي المسند (ل: 10/أ)، وفي المصنف (1/ 253) (رقم: 2610)، ومن طريقه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (4/ 107) (رقم: 2077)، وتصحف في المصنف جهيم إلى جهم. وأما نقل الإمام مسلم عن وكيع فسبق توثيقه من الكنى له، ولم أجده في القسم المطبوع من التمييز. (¬3) انظر: رجال صحيح البخاري للكلاباذي (2/ 831). وهو قول وكيع ومسلم وابن منده وأبي نعيم وغيرهم. انظر: الكنى والأسماء (1/ 195)، الجرح والتعديل (9/ 355)، معرفة الصحابة لأبي نعيم (2/ل: 265/ب)، الأسامي والكنى (3/ 185)، رجال الموطأ لابن الحذّاء (ل: 120/ب، تهذيب الكمال (33/ 206)، تحفة الأشراف (9/ 140)، تهذيب التهذيب (12/ 64)، الإصابة (7/ 73). وحديث أبي الجهم بن الحارث بن الصِّمة في التيمم أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: التيمم، باب: التيمم في الحضر إذا لم يجد الماء وخاف فوت الصلاة (1/ 109) (رقم: 337)، ومسلم في صحيحه كتاب: الحيض، باب: التيمم (1/ 281) (رقم: 239 تعليقًا-) من طريق عمير مولى ابن عباس قال: "أقبلت أنا وعبد الله بن يسار مولى ميمونة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى دخلنا على أبي جُهيم (وفي مسلم: أبي الجَهم) بن الحارث بن الصمة الأنصاري ... "، الحديث. (¬4) فرّق بينهما كذلك ابن عبد البر في الاستيعاب (4/ 1624، 1625)، وقال عن صحابيِّ حديث الباب: "لست أقف على نسبه في الأنصار". وهو ظاهر صنيع ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني، فترجم لأبي جهيم في موضعين (4/ 107، 193). =

وأبوه الحارث مِن كبار الصحابةِ مشهورٌ (¬1)، وليس بصاحبِ الخَميصَة، ذلك أبو جَهم بن حُذيفة بن غَانِم (¬2)، مذكورٌ في مسند عائشة من روايةِ أمِّ عَلْقَمَةَ، وهو رَجلٌ ثالثٌ (¬3). وبُسر راوي حديث الموطأ بالسين المهملة وضَمِّ الباء المعجمةِ بواحدة (¬4). وانظر حديثَ أبي سعيد (¬5)، وحديثَ ابن عباس (¬6)، وعائشة من طريق أبي سلمة (¬7). ¬

_ = وقال الذهبي: "أبو جُهيم عبد الله بن جُهيم، جعله وابن الصِّمة واحدا أبو نعيم وابن منده، وكذا قاله مسلم في بعض كتبه، وجعلهما ابن عبد البر اثنين، وهو أشبه، لكن متن الحديث واحد". تجريد أسماء الصحابة (2/ 156). (¬1) انظر ترجمة الحارث في: الاستيعاب (1/ 292)، الإصابة (1/ 578). (¬2) وقع في الأصل بين كلمة "أبو جهم" و "ابن حذيفة" زيادة: "وأبوه الحارث"، وهو سبق نظر من الناسخ، سبق نظرُه إلى السطر الذي قبله وفيه: أبو الجهم وأبوه الحارث، فأثبتها لصاحب الخميصة، وليس كذلك. (¬3) انظر: (4/ 135)، وهو قرشي. وانظر ترجمته في: الاستيعاب (4/ 1623)، الإصابة (7/ 71). (¬4) وهو المدني العابد، مولى ابن الحضرمي. الإكمال (1/ 296)، توضيح المشتبه (1/ 524)، تهذيب الكمال (4/ 72). (¬5) سيأتي حديثه (3/ 225). (¬6) تقدّم حديثه (2/ 526). (¬7) في الأصل: ابن أبي سلمة، وفي حاشية النسخة ما نصّه: "أظن (ابن) زائدة)، وهو كما ظن؛ لأنه أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف الزهري، وحديثه عن عائشة في (4/ 89).

66 / مسند أبي حميد الساعدي الأنصاري

66 / مسند أبي حُميد السَّاعدي الأنصاري واسمه: عبد الرحمن، وقيل: المنذر (¬1)، واختُلِفَ في اسمِ أبيه، فقيل: سَعْد، وقيل: عَمرو بن سَعْد (¬2). حديثٌ واحد. 289/ حديث: قالوا: يا رسول الله كيف نصلِّي عليك؟ فقال: "قولوا: اللهمّ صلِّ على محمدٍ وأزواجِه وذريَّيه كما صَلَّيتَ على آل إبراهيم ... ". وذَكَر التَّبْرِيكَ. في الصلاة الثاني. عن عبد الله بن أبي بكر بن حَزم، عن أبيه، عن عَمرو بن سُلَيم الزُّرَقي، عن أبي حُميد الساعدي (¬3). ¬

_ (¬1) سمّاه خليفة، وأحمد، وابن معين، ومسلم، وأبو أحمد الحاكم، وغيرهم: عبد الرحمن. وسمّاه البخاري: المنذر. انظر: الطبقات (ص: 98)، الأسامي والكنى لأحمد (ص: 31 - رواية صالح-)، التاريخ (3/ 146 - رواية الدوري-)، الكنى للبخاري (ص: 87)، الكنى والأسماء (1/ 246)، الأسامي والكنى للحاكم أبي أحمد (4/ 118)، معرفة الصحابة (2 /ل: 44/ب)، معجم الصحابة (2/ 158). (¬2) سماه خليفة، وأحمد، وابن قانع: عَمرًا. وسماه ابن معين، ومسلم، والبخاري، وأبو أحمد الحاكم: سعدًا. انظر: المصادر السابقة، والاستيعاب (4/ 1633)، الإصابة (7/ 94). (¬3) الموطأ كتاب: قصر الصلاة في السفر، باب: ما جاء في الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - (1/ 152) (رقم: 66). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: أحاديث الأنبياء (4/ 466) (رقم: 3369) من طريق عبد الله بن يوسف، وفي الدعوات، باب: هل يُصلّى على غير النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ (6/ 202) =

فصل: سُلَيم والد عَمرو بضم السين وفتح اللاَّم مصغّرًا. وانظر حديث أبي مسعود الأنصاري (¬1). * * * ¬

_ = (رقم: 6360) من طريق القعنبي. ومسلم في صحيحه كتاب: الصلاة، باب: الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد التشهّد (1/ 306) (رقم: 407) من طريق روح بن عبادة، وعبد الله بن نافع. وأبو داود في السنن كتاب: الصلاة، باب: الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد التشهد (1/ 599) (رقم: 979) من طريق القعنبي وابن وهب. والنسائي في السنن كتاب: السهو (3/ 49) من طريق قتيبة وابن القاسم. وابن ماجه في السنن كتاب: إقامة الصلاة، باب: الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - (1/ 293) (رقم: 905) من طريق عبد الملك بن عبد العزيز الماجشون. وأحمد في المسند (5/ 424) من طريق ابن مهدي، تسعتهم عن مالك به. (¬1) سيأتي حديثه (3/ 186).

67/ مسند أبي الدرداء

67/ مسند أبي الدرداء واسمه: عُوَيْمِر، وقيل: عامر فصُغّر، فَعُوَيْمِر كاللَّقَبِ (¬1)، واختُلِف في اسمِ أبيه، وهو أنصاريّ خزرجيٌّ (¬2). حديثان، أحدُهما موقوفٌ، والآخَرُ فيه نَظرَ. 290/ حديث: "أن معاوية بن أبي سفيان باع سِقَايةً (¬3) من ذَهَبٍ أو وَرِق بأكثرَ مِن وَزنِها، فقال أبو الدرداء: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عن مِثلِ هذا إلاَّ مثلًا بمِثلٍ ... ". وفيه: قِصةٌ تَضمَّنت أنَّ عمر كَتَبَ إلى معاويةَ أن لاَ تَبيعَ ذلك إلاَّ مِثلًا بمثلٍ وَزنًا بوزنٍ. عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار: "أنَّ معاوية" (¬4). هكذا قال فيه مالك: عطاء: "أنَّ معاوية"، وساق القِصةَ على القَطع، ولَم يَشهدْ عطاءٌ هذه القصةَ، لأنَّها كانت في زَمنِ عمر، ووُلد عطاءٌ في آخِرِ خِلافَتِه (¬5). ¬

_ (¬1) قاله الفلاس عن رجل من ولد أبي الدرداء. انظر: التاريخ الكبير (7/ 76)، تاريخ دمشق (47/ 96، 89). (¬2) الاستيعاب (4/ 1646)، تاريخ دمشق (47/ 95، وما بعدها)، الإصابة (4/ 747). (¬3) هي آنية يُسقى فيها الماء ويُشرب، وقيل: يُبرّد فيها الماء. انظر: مشارق الأنوار (2/ 228)، النهاية (2/ 382). (¬4) الموطأ كتاب: البيوع، باب: بيع الذهب بالفضة تبرا وعينا (2/ 492) (رقم: 33). وأخرجه النسائي في السنن كتاب: البيوع، باب: بيع الذّهب بالذهب (7/ 279) من طريق قتيبة. وأحمد في المسند (6/ 448) من طريق يحيى القطان، كلاهما عن مالك به. (¬5) عطاء بن يسار من تابعي أهل المدينة، ذكره ابن سعد ومسلم في الطبقة الأولى، وذكره خليفة في الثانية، واختُلف في سنة وفاته على أقوال عدة، فقيل: سنة أربع وتسعين، وقيل: سبع وتسعين، وقيل: أربع ومائة. =

ومِنَ النَّاس من قال في هذا الحديث: "عطاء، عن أبي الدرداء" (¬1)، ولاَ يُحفظ لعطاء سماعٌ من أبي الدرداء (¬2)، وقد رُويَ عن رَجل عنه حديثُ: " {لَهُمُ الْبُشْرَى} " (¬3). ¬

_ = وقال محمد بن نمير، وعمرو بن علي الفلاس، وابن حبان والواقدي: "توفي سنة ثلات ومائة، وهو ابن أربع وثمانين". أي أنه وُلد سنة تسع عشرة، وهي آخر خلافة - رضي الله عنه -. انظر: الطبقات لخليفة (ص: 247)، الطبقات الكبرى (5/ 131، 132)، الطبقات لمسلم (1/ 250)، الثقات (5/ 199)، تهذيب الكمال (20/ 127). (¬1) لم أقف عليه. (¬2) قال البخاري: "هو مرسل". الميزان (3/ 474). وأبو الدرداء قيل: توفي آخر خلافة عثمان، وقيل: عاش بعدها، فإن كانت وفاته آخر خلافة عثمان، ومولد عطاء بن يسار سنة (19 هـ)، فيكون لعطاء من العمر على أكثر تقدير (14) سنة، وهذا محتمل السماع، ولا يُجزم به إلا بدليل صريح، وما سيذكره المصنف يؤيّد قول البخاري، والله أعلم. (¬3) أخرجه الترمذي في السنن كتاب: الرؤيا، باب: {لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} (4/ 462) (رقم: 2273)، وفِي التفسير، باب: سورة يونس (5/ 267) (رقم: 3106)، وأحمد في المسند (6، 445، 452، 447)، والحميدي في المسند (1/ 193) (رقم: 391، 393)، والطيالسي في المسند (ص: 131)، وابن أبي شيبة في المصنف (17316) (رقم: 30452)، وابن أبي خيثحة في التاريخ (3 /ل: 110/ أ)، وسعيد بن منصور في السنن (5/ 318، 320) (رقم: 1066، 1067)، والطبري في التفسير (6/ 577) (رقم: 17737 - 17739)، وابن أبي حاتم في التفسير (6/ 1965)، ويعقوب الفسوي في المعرفة والتاريخ (2/ 699)، والطحاوي في شرح المشكل (5/ 420) (رقم: 2180)، والبيهقي فِي شعب الإيمان (9/ 45) (رقم: 4420، 4421) من طرق عن عطاء بن يسار عن رجل من أهل مصر عن أبي الدرداء مرفوعًا، وفيه تفسير البشرى بالرؤيا الصالحة يراها المسلم أو تُرى له. وأخرجه ابن أبي خيثمة في التاريخ (3 /ل: 110/ أ) من طريق الأعمش، عن أبي صالح وهو ذكوان، عن رجل من أهل مصر به. وقال ابن أبي حاتم: "قلت لأبي: مَن هذا لشيخ الذي مِن أهل مصر؟ قال: لا يُعرف". علل الحديث (2/ 89). وللحديث طرق أخرى عن أبي الدرداء، وطريق عطاء أمثل الطرق، وهي معلولة بجهالة الرجل. انظر: العلل للدارقطني (6/ 211 - 213). =

وهذه القصة محفوظةٌ لمعاويةَ مع عُبادة بن الصَّامتِ لا مع أبي الدرداء، خَرَّج ذلك مسلمٌ من طريق أبي الأشعث شُراحِيل، ذَكَرَ القِصَّةَ وأَسْنَدَ الحديث إلى عُبادة (¬1). وقال أبو قُرَّة موسى بن طارق، ومحمد بن الحسن عن مالك في حديث الموطأ: "عطاء بن يسار أو سليمان بن يسار"، على الشَّك (¬2)، قال الدارقطني: "والصواب عطاء بن يسار بغير شك" (¬3)، وهما أخوان (¬4). • حديث: أَلاَ أُخْبِرُكُم بخيرِ أعمالِكم ... فيه: "قالوا: بلى. قال: ذكر الله". وفي آخرِه قولُ معاذٍ. في الصلاة عند آخره، ما جاء في ذِكرِ الله. عن زياد بن أبي زياد قال: قال أبو الدرداء: "ألا أُخبرُكم" (¬5). هكذا موقوفًا (¬6). ¬

_ = قلت: ومراد المصنف من إيراد الحديث أنَّ عطاء بن يسار لم يسمع من أبي الدرداء، بدليل هذه الرواية حيث جعل بينه وبين أبي الدرداء الرجل المجهول. وانظر: التمهيد (4/ 72). (¬1) أخرجه مسلم في صحيحه كتاب: المساقاة، باب: الربا (3/ 1210) (رقم: 1587)، وشراحيل هو ابن آدة -بالمد وتخفيف الدال- الصنعاني. وفيه أنَّ معاوية اعترض على عمادة كما اعترض على أبي الدرداء، وبعيدٌ أن يسمع معاوية النهي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم يعود إلى ما نهى عنه حتى يخبره أبو الدرداء، فالظاهر أن القصة محفوظة مع عبادة كما قال المصنف، والله أعلم. (¬2) انظر: موطأ محمد بن الحسن الشيباني (ص: 290) (رقم: 818). (¬3) العلل (6/ 208)، ورواية الجماعة بالجزم أولى من رواية من شك. (¬4) انظر: الرواة من الإخوة والأخوات لعلي بن المديني (ص: 67)، ولأبي داود (ص: 199). (¬5) الموطأ كتاب: القرآن، باب: ما جاء في ذكر الله تبارك وتعالى (1/ 185) (رقم: 24). (¬6) وظاهره الانقطاع بين زياد وأبي الدرداء، ولا يُعرف لزياد سماع من أبي الدرداء، ولم يذكره المزي في الرواة عنه، وإنما روى عنه بواسطة كما سيأتي. =

وخَرَّجه الترمذي من طريق عبد الله بن سعيد بن أبي هِند، عن زِيادٍ هذا، عن أبي بَحْرِيَّة، عن أبي الدرداء، فقال فيه: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ألا أُنَبّئُكم ... "، وذكرَه مرفوعًا. وقال الترمذي في آخِرِه: "روى بعضُهم هذا الحديثَ عن عبد الله بن سعيد مثل هذا بهذا الإسناد، ورواه بعضُهم عنه فأرسَلَه". انتهى قولُه (¬1). ¬

_ = وتابع مالكًا على روايته: موسى بن عقبة عند أحمد في المسند (5/ 195)، (6/ 447)، إلاَّ أنَّ موسى رفع الحديث. (¬1) السنن كتاب: الدعوات باب (4/ 428) (رقم: 3377). وأخرجه من هذا الطريق: ابن ماجه في السنن كتاب: الأدب، باب: فضل الذكر (2/ 1245) (رقم: 3790)، وأحمد في المسند (5/ 195)، والحاكم في المستدرك (1/ 496)، والطبراني في الدعاء (3/ 1636) (رقم: 1872)، وأبو نعيم في الحلية (2/ 11، 12)، والبيهقي في الدعوات الكبير (1/ 16) (رقم: 20)، وفي شعب الإيمان (3/ 414) (رقم: 516)، وابن عبد البر في التمهيد (6/ 85)، والبغوي في شرح السنة (3/ 66) (رقم: 1237)، والمزي في تهذيب الكمال (9/ 469)، وابن حجر في نتائج الأفكار (1/ 95). وقال الحاكم: "صحيح الإسناد، ولم يخرجاه". ووافقه الذهبي. فجعل عبدُ الله بن سعيد بن أبي هند بين زياد وأبي الدرداء أبا بحرية، وخالفه مالك وموسى بن عقبة، إلا أن مالكًا وقف الحديث وموسى رفعه. وعبد الله بن سعيد صدوق ربما وهم كما في التقريب (رقم: 3358). وقد ورد الحديث من طريق آخر موقوفًا، أخرجه أبو نعيم في الحلية (1/ 219)، والفريابي في الذكر وبإسناده إليه ابن حجر في نتائج الأفكار (1/ 96) من طريق أبي أسامة، عن عبد الحميد بن جعفر، عن صالح بن أبي عريب، عن كثير بن مرة قال: سمعت أبا الدرداء يقول: "ألا أخبركم". الحديث. قال ابن حجر: "ورجاله ثقات".

وزياد بن أبي زياد هو مولى عبد الله بن عَيَّاش بن أبي رَبِيعة المخزومي (¬1). وأبو بَحرية ببَاء مفتوحةٍ مُعجَمة بواحدة، وحاءٍ مهملةٍ، وراءٍ بعدها ياءٌ معجمةٌ بنقطتيَن من تَحْتِها (¬2)، هو السَّكُونى التَراغِمي، واسمُه: عبد الله بن قَيس (¬3). * * * ¬

_ (¬1) واسم أبي زياد ميسرة، وانظر: رجال الموطأ (ل: 28/أ)، أسماء شيوخ مالك (ل: 26/ب)، تهذيب الكمال (9/ 465)، تهذيب التهذيب (3/ 317). (¬2) انظر: التقريب (رقم: 3544). (¬3) السَّكوني: بفتح السين المهملة وضم الكاف وفي آخرها نون، نسبة إلى السَّكون بطن من كندة. والتَرَاغِمي: بفتح التاء ثالث الحروف، والراء والغين المعجمة المكسورة، وفي آخرها الميم، نسبة إلى التراغم بطن من السكون. انظر: الأنساب (1/ 455)، (3/ 207)، تهذيب الكمال (15/ 456)، تهذيب التهذيب (5/ 319)، التقريب (رقم: 3544).

68/ مسند أبي رافع، مولى النبي - صلى الله عليه وسلم -

68/ مسند أبي رافع، مولى النبي - صلى الله عليه وسلم - قيل: اسمُه أَسْلَمُ، وفيه خُلْف (¬1). حديث واحد، وله آخَرُ في المراسِل. 291/ حديث: "اسْتَسْلَفَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بَكْرًا، فجاءتْه إِبِلُ الصَّدَقَةِ ... ". فيه: "خِيارُ النَّاسِ أَحسَنُهم قَضَاءً". في البيوع عند آخره. عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي رافع (¬2). ¬

_ (¬1) قيل: اسمه إبراهيم، وقيل: قُزمان، وقيل: صالح، وقيل: غير ذلك. والأشهر في اسمه: أسلم، وجزم به ابن سعد، والبخاري، وأبو حاتم، وقال ابن حبان: "وهو الصحيح". وسمّاه ابن معين: إبراهيم، قال: "قال لي ذاك ابنُه مُعمَّر". يعني ابن معين: مُعمر بن محمد بن عبيد الله بن أبي رافع، وهو ابنه الأدنى، إلا أن معمّرا هذا منكر الحديث كما قال ابن حجر في التقريب (رقم: 6816). انظر: الطبقات الكبرى (4/ 54)، التاريخ (3/ 44 - رواية الدوري-)، التاريخ الكبير (2/ 23)، الجرح والتعديل (2/ 306)، الثقات (3/ 16)، الاستيعاب (4/ 1656)، الإصابة (7/ 134). (¬2) الموطأ كتاب: البيوع، باب: ما يجوز من السلف (2/ 524) (رقم: 89). وأخرجه مسلم في صحيحه كتاب: المساقاة، باب: من استسلف شيئا فقضى خيرا منه .. (3/ 1224) (رقم: 1600) من طريق ابن وهب. وأبو داود في السنن كتاب: البيوع، باب: في حسن القضاء (3/ 641) (رقم: 3346) من طريق القعنبي. والترمذي في السنن كتاب: البيوع، باب: ما جاء في استقراض البعير أو الشيء من الحيوان أو السّن (3/ 609) (رقم: 1318) من طريق روح بن عبادة. =

• حديث: زواج ميمونة. مذكورٌ في مرسل سليمان بن يسار (¬1). فصل: كان أبو رافع قِبطِيًّا، وكان للعبَّاس فوَهَبَه للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فأعتَقَه، وقد نُسب إلى غيرِه، ولاَ يَصِح ذلك، والله أعلم (¬2). * * * ¬

_ = والنسائي في السنن كتاب: البيوع، باب: استسلاف الحيوان واستقراضه (7/ 291)، وفي الكبرى (4/ 40) (رقم: 6210) من طريق ابن عبد الرحمن. كذا في السنن الصغرى والكبرى، ووقع في تحفة الأشراف (9/ 203): عبد الملك بن الماجشون. وأحمد في المسند (6/ 390) من طريق يحيى القطان. والدارمي في السنن كتاب: البيوع، باب: في الرخصة في استقراض الحيوان (2/ 331) (رقم: 2565) من طريق الحكم بن المبارك، ستتهم عن مالك به. (¬1) سيأتي حديثه (5/ 225). (¬2) أخرج ابن سعد في الطبقات (4/ 54) قصة أبي رافع وإسلام العبّاس من طريق حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس عن عكرمة عن ابن عباس عن أبي رافع مطولة. وفي سندها حسين بن عبد الله ضعّفوه. انظر: تهذيب الكمال (6/ 383)، تهذيب التهذيب (2/ 296).

69/ مسند أبي طلحة الأنصاري

69/ مسند أبي طلحة الأنصاري واسمه: زَيد بن سَهل بن الأسود بن حرام الأنصاري الخزرجي النّجَاري. حديثٌ مشترك 292/ حديث: التصاوير. في الجامع. عن سالم أبي النَّضر، عن عُبيد الله بن عبد الله بن عُتبة بن مسعود: "أنَّه دخل على أبي طلحة الأنصاري يعودُه، قال: فوجد عنده سَهلَ بن حُنيف فدعا أبو طلحة إنسانًا فنزع نَمَطًا (¬1) من تحته- وذَكَرَ التَّصاوير-، وقال: قد قال فيه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - ما قد علمتَ -فلم يفسِّرْه- فقال سَهل: ألَمْ يقُل: "إلاَّ ما كان رقمًا في ثَوب". قال: بَلَى" (¬2). وهذا إقرارٌ به. قال الشيخ: كَثُر الخلاف في إسناد هذا الحديث، وخَرَّجه النسائيُّ والترمذيُّ من طريق مَعن، عن مالك كما في الموطأ، وقال الترمذي: "هو حَسنٌ صحيح" (¬3). ¬

_ (¬1) النمط: ضرب من البُسط. انظر: مشارق الأنوار (2/ 13)، النهاية (5/ 119). (¬2) الموطأ كتاب: الاستئذان، باب: ما جاء في الصور والتماثيل (2/ 736) (رقم: 7). وأخرجه الترمذي في السنن كتاب: اللباس، باب: ما جاء في الصورة (4/ 202) (رقم: 1750) من طريق معن. والنسائي في السنن كتاب: الزينة، باب: التصاوير (8/ 212) من طريق معن. وأحمد في المسند (3/ 486) من طريق إسحاق الطبّاع، كلاهما عن مالك به. (¬3) سنن الترمذي الموضع السابق.

وخَرَّجه النسائي أيضًا من طريق محمد بن إسحاق، عن سالم، عن عُيد الله قال: "خرجتُ أنا وعُثمان بن حُنيف نعود أبا طلحة ... "، وذَكَرَ القصةَ، وفيها: أنَّ عثمان هو القائل: "إلاَّ رقمًا في ثوب" (¬1). وخَرَّج من طريق الوليد، عن الأوزاعي، عن الزهري، عن عُبيد الله بن عبد الله أنَّه قال. حدّثني أبو طلحة، فذكره (¬2). ¬

_ (¬1) السنن الكبرى (5/ 499) (رقم: 9765)، ووقع فيه: أبو إسحاق بدل ابن إسحاق، وهو خطأ، وانظر: تحفة الأشراف (3/ 251). وأخرجه من طريق ابنِ إسحاق: ابنُ حبان في صحيحه كما في إتحاف المهرة (5/ 34) - ولم أجده في المطبوع-، والطبراني في المعجم الكبير (5/ 104) (رقم: 4732)، ولم يصرّح ابن إسحاق بالتحديث. ورجّح ابن عبد البر متن هذه الرواية على رواية مالك استنادا للتاريخ فقال: "وأما سهل بن حُنيف فلا يشكُّ عالمٌ بأن عبيد الله بن عبد الله لم يَرَه، ولا لقيه، ولا سمع منه، وذِكْرُه في هذا الحديث خطأ لا شك فيه؛ لأن سَهل بن حُنيف توفي سنة ثمان وثلاثين، وصلى عليه عليٌّ - رضي الله عنه -، ولا يَذْكُرُه في الأغلب عبيد الله بن عبد الله لصغر سنّه يومئذ، والصواب في ذلك والله أعلم: عثمان بن حنيف، وكذلك رواه ابن إسحاق عن أبي النضر سالم عن عبيد الله بن عبد الله". التمهيد (21/ 192). قلت: فإذا رجع الحديث إلى أبي النضر عن عبيد الله: "أنه دخل هو وعثمان على أبي طلحة"، فقد خولف أبو النضر في إسناده، خالفه الزهري فرواه عن عبيد الله بن عبد الله، عن عبد الله بن عباس، عن أبي طلحة، أدخل بين أبي طلحة وعبيد الله عبدَ الله بنَ عباس، وسيأتي. (¬2) السنن الكبرى (5/ 500) (رقم: 9767). وتابع الوليدَ بن مسلم عن الأوزاعي: بِشر بن بَكر، عند الهيثم بن كليب في مسنده (3/ 8) (رقم: 1046)، وابن عبد البر في التمهيد (21/ 192). وخالفهما: هِقل بن زياد، فرواه عن الأوزاعي عن عبيد الله عن سمع عبد الله بن عباس يقول: سمعت أبا طلحة، أخرجه من طريقه النسائي فِي السنن الكبرى (رقم: 9768)، وقال كما في تحفة الأشراف (3/ 251): "هذا هو الصواب، وحديث الوليد خطأ". (أي أن الصواب من أدخل ابنَ عباس بين عبيد الله وأبي طلحة). =

وخَرَّج أيضا من طرق جَمّة عن الزهري قال: أخبرني عُبيد الله بن عبد الله بن عتبة: أنَه سمع ابنَ عباس يقول: سمعتُ أبا طلحة يقول، فذكره (¬1). وهكذا خُرِّج في الصحيحين من طريق عُبيد الله، عن ابن عباس، عن أبي طلحة (¬2). ¬

_ = قلت: يُحتمل أن يكون الخطأ من الأوزاعي وهو ما رجّحه ابن عبد البر بقوله: "هذا عندهم خطأ من الأوزاعي، وكان في حفظه شيء، لم يكن بالحافظ". التمهيد (21/ 194). وقوله: "لم يكن بالحافظ" أي عن الزهري خاصة، وبالنسبة لأصحاب الزهري المقدّمين فيه كمالك وابن عيينة؛ إذ هو في الطبقة الثانية كما في شرح العلل لابن رجب (2/ 614، 674)، وقد خالفه جمعٌ من الرواة كما سيأتي، وانظر: العلل للدارقطني (6/ 8، 9). تنبيه: أخرج الطبراني في المعجم الكبير (5/ 94) (رقم: 4692) هذا الحديث من طريق الوليد بن مسلم عن الأوزاعي، وفيه ذكر ابن عباس، ولعل زيادة ابن عباس فِي هذا الطريق خاصة غلط من الناسخ أو محقق الكتاب، والله أعلم. (¬1) أخرجه (برقم: 9769) من طريق سفيان بن عيينهَ. و(برقم: 9770) من طريق يونس. و(برقم: 9776) من طريق معمر، ثلاثتهم عن الزهري به. (¬2) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: بدء الخلق، باب: إذا قال أحدكم أمين، والملائكة في السماء آمين .. (4/ 419) (رقم: 3225) من طريق معمر. وفي باب: إذا وقع الذباب في إناء أحدكم .. (4/ 443) (رقم: 3322) من طريق سفيان بن عيينة، وفيه: "حفظته من الزهري كما أنك ها هنا". وفي المغازي، بابٌ (5/ 19) (رقم: 4002) من طريق معمر، ومحمد بن عتيق. وفي اللباس، باب: التصاوير (7/ 85/ 15949) من طريق ابن أبي ذئب، ومن طريق يونس تعليقا. ومسلم في صحيحه كتاب: اللباس والزينة، باب: تحريم تصوير صورة الحيوان (3/ 1665) (رقم: 2106) من طريق ابن عيينة، ويونس، ومعمر، كلهم عن الزهري، عن عبيد الله، عن ابن عباس، عن أبي طلحة.

ولهذا قيل: إنَّ عُبيد الله لَم يَسمعْه من أبي طلحة (¬1). وإذا ثَبتَ ما قدّمناه، احتَمَلَ أن يكون عُبيد الله قد سمعه من أبي طلحة، ثم سَمِع ابنَ عباس يُحدَثُ به عنه، فأَخبَرَ هو أنَّ ابنَ عباس ساواة في الروايةِ عنه، والله أعلم (¬2). وفِي الصحيح عن بُسر بن سعيد: أنَّ زيد بن خالد الجُهني حدّثه وعُبيد الله الخولاني رَبِيبُ ميمونة، عن أبي طلحة مرفوعًا: "إنَّ الملائكة لا تدخلُ بيتًا فيه صورة"، قال بُسر: "ثم اشتكى زيدٌ فعُدْناه فإذا على بابه سِتْرٌ فيه صورة، فقلت لعُبيد الله الخولاني: ألَم يُخبِرْنا زيدٌ عن الصُوَر؟ "، فقال عُبيد الله: ألَم ¬

_ (¬1) وهو قول علي بن المديني. وقال الدارقطني: "والقول قول من ذكر فيه ابن عباس". العلل (6/ 9). ونصره ابن عبد البر فقال: "قد يكون إنكار من أنكر هذا الحديث فِي دخول عبيد الله وسهل بن حُنيف من أجل رواية ابن شهاب لهذا الحديث على ما رواه ابن أبي ذئب، فصح بهذا وَهَمُ مالكٍ في سهل بن حنيف، وكذلك وَهَمَ أبو النضر في روايته عن عبيد الله بن عبد الله عن أبي طلحة، ولم يُدخل بينهما ابن عباس، فالصحيح في هذا الحديث رواية الزهري له عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس عن أبي طلحة، كذا قال علي بن المديني وغيره، وهو عندي كما قالوه، والله أعلم" التمهيد (21/ 193). (¬2) وهذا يتمّ إذا رُجّحت رواية ابن إسحاق -وفيها عثمان بن حنيف- على رواية مالك- وهو ما أشار إليه المصنف بقوله: "وإذا ثبت ما قدّمناه"؛ لأن عثمان بن حنيف تأخّرت وفاته إلى زمن معاوية، وأدركه عبيد الله بن عبد الله، وكذا أدرك أبا طلحة، واستظهر هذا القول ابن حجر، وقال: "لا يبعد أن يكون عبيد الله أدركهما، قال: ويوُيّد ذلك زيادة القصة في رواية أبي النضر". انظر: الفتح (10/ 394). ويعني بالزيادة ما وقع في حديث أبي النضر أن عبيد الله عاد أبا طلحة الأنصاري .. إلخ، وهذا لم يقع في حديث ابن عباس، وإنما روى فقط لفظ حديث النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهذا الأظهر، والله أعلم بالصواب.

تسمعه حين قال: "إلاَّ رقمًا في ثَوب" (¬1). وخَرّج النسائي هذا من طرقٍ، وفي بعضها أنَّ زيدَ بن خالد قال: سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إلاَّ رقمًا في ثوب" (¬2). وانظر مسندَ أبي سعيد (¬3)، وحديثَ القاسم عن عائشة (¬4). ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في صحيحه (4/ 419) (رقم: 3226)، وفي كتاب: اللباس، باب: من كره القعود على الصور (7/ 87) (رقم: 5958). ومسلم في صحيحه (3/ 16665، 1666) (رقم: 2106). وهذا طريق آخر ثابت عن أبي طلحة من غير رواية ابن عباس، وفيه دليل أن أبا طلحة حدّث به غيرَ ابن عباس، وبه يترجح ما قاله المصنف آنفا، والله أعلم. (¬2) أخرجه النسائي في السنن الكبرى (5/ 498) (رقم: 9761) من طريق عبد، العزيز بن محمد عن عبد الرحمن بن أبي عمرو عن بُسر بن سعيد عن مخرمة بن سليمان قال: "دخلت أنا وأصحاب لي على زيد بن خالد الجهني .. "، وذكره. و(برقم: 9762) من طريق عبد العزيز بن محمد عن عبد الرحمن بن أبي عمرو عن بُسر عن عبيدة بن سفيان قال: "دخلت أنا وأبو سلمة بن عبد الرحمن على زيد بن خالد نعوده .. "، وذكره. قلت: وفي سند الحديث ثلاث علل: 1 - قوله في الإسناد الأول: عن مخرمة بن سليمان بدل عبيدة بن سفيان وهم، قال الحافظ المزي: "وهو خطأ؛ فإن مخرمة بن سليمان لا يروي عن زيد بن خالد، ولا يروي عنه بُسر بن سعيد". تحفة الأشراف (3/ 239). 2 - وقع هذا الخلط من عبد الرحمن بن أبي عمرو. قال الذهبي: "له ما ينكر". الميزان (3/ 294). وقال ابن حجر: "مقبول". التقريب (رقم: 3967). 3 - أن الحديث محفوظ عن زيد بن خالد عن أبي طلحة، كما خرج في الصحيحين، والله أعلم بالصواب. (¬3) سيأتي حديثه (3/ 255). (¬4) سيأتي حديثها (4/ 16).

70/ مسند أبي لبابة بن عبد المنذر الأنصاري الأوسي

70/ مسند أبي لُبابة بن عبد المنذر الأنصاري الأوسي واسمُه: رِفاعة، وقيل: بَشير بفتح الباء (¬1). حديث واحد. 293/ حديث: "نَهَى عن قتلِ الحيَّاتِ التي في البُيوتِ". في الجامع. عن نافع، عن أبي لُبابة (¬2). هذا الصحيح في إسناده، وهكذا قال فيه أكثرُ الرواة (¬3). ¬

_ (¬1) سماه أحمد، وابن معين، والبخاري، وأبو زرعة، ومسلم، وأبو نعيم: رفاعة. وسماه موسى بن عقبة، وخليفة، وابن سعد، وأبو حاتم، وغيرهم: بَشير. قال ابن حبان: "اسمه بَشير ... ، وهم ثلاث إخوة: مبشر، ورفاعة، وأبو لبابة، وقد قيل: إنَّ اسم أبي لبابة رفاعة بن المنذر، والأول أصح". وقال ابن حجر فِي التقريب (رقم: 8329): "اسمه بشير، وقيل: رفاعة، ووهم من سمّاه مروان". انظر: الأسامي والكنى لأحمد (ص: 29 - رواية صالح-)، التاريخ (3/ 146 - رواية الدوري-)، التاريخ الكبير (3/ 322)، الجرح والتعديل (2/ 375)، طبقات خليفة (ص: 84)، الطبقات الكبرى (3/ 348)، الكنى لمسلم (2/ 714)، معرفة الصحابة (1/ ل: 238/ ب)، الثقات (3/ 32)، الاستيعاب (4/ 1740)، الإصابة (7/ 349). (¬2) الموطأ كتاب: الاستئذان، باب: ما جاء في قتل الحيّات وما يقال في ذلك (2/ 743) (رقم: 31). وأخرجه أبو داود في السنن كتاب: الأدب، باب: في قتل الحيّات (5/ 412) (رقم: 5253) من طريق القعنبي عن مالك به. (¬3) تابع يحيى على إسناده: - القعنبي عند أبي داود، والخطيب في الفصل للوصل (2/ 714). =

وقال فيه ابنُ وهب (¬1) وطائفة: عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر، عن أبي لُبابة. والأوَّل أصَحُّ (¬2). ¬

_ = - وسعيد بن داود الزنبري، وسعيد بن عُفير عند الخطيب في الفصل للوصل (2/ 716، 717). وقال الدارقطني: "أسقط ابن القاسم وابن عُفير والقعنبي: ابنَ عمر". أحاديث الموطأ (ص: 28). قلت: سيأتي عن الخطيب وغيره أنَّ ابن القاسم زاد في إسناده ابنَ عمر. وليس الحديث عند أبي مصعب وابن بكير ومحمد بن الحسن وسويد، وكذا لم أجده في موطأ ابن القاسم بتلخيص القابسي. (¬1) في الأصل: "وُهيب" مصغَّرًا، وهو خطأ. (¬2) رواية ابن وهب في الجمع بين روايته ورواية ابن القاسم (ل: 124/ب). وأخرجه من طريقه الطحاوي فِي شرح المشكل (7/ 377) (رقم: 2934). والخطيب فِي الفصل للوصل (2/ 717)، وزاد مع ابن وهب: ابنَ القاسم. كذا أخرجه الخطيب من طريقهما، وكذا وقع في الجمع بين روايتيهما، وتقدّم عن الدارقطني أنَّ ابن القاسم لم يذكر في إسناده ابنَ عمر، والخطيب البغدادي يروي هذا الحديث من طريق عبد الوهاب بن الحسن الكلابي، عن أحمد بن عمير بن جوصا، عن عيسى بن إبراهيم، عن ابن القاسم، وعن ابن جوصا، عن يونس بن عبد الأعلى، عن ابن وهب. وهذا هو نفس سند النسخة الجامعة بين الروايتين، فلعل أحد الرواة حمل رواية ابن القاسم على رواية ابن وهب، ونقلها الخطيب كذلك، والله أعلم بالصواب. وتابع ابنَ وهب على روايته: سعيد بن سلام، والواقدي، عند الخطيب في الفصل للوصل (2/ 717، 718). وسعيد بن سلام العطار قال عنه ابن نمير: "كذاب كذاب". وقال البخاري: "يُذكر بوضع الحديث". الكامل لابن عدي (3/ 404). وضعّفه غيرُ هؤلاء. انظر: الميزان (2/ 331)، اللسان (3/ 31). والواقدي مثله متروك الحديث. والصحيح رواية الجماعة عن مالك بإسقاط ابن عمر من الإسناد. وقال ابن عبد البر: "والصحيح ما قاله يحيى وغيره عن مالك عن نافع عن أبي لبابة". انظر: التمهيد (16/ 17)، مسند الموطأ للجوهري (ل: 125/ب).

ورَوى عُبيد الله بن عمر، عن نافع: أنَّه سمع أبا لُبابة يُخبرُ به ابنَ عمر، خرَّجه مسلم (¬1). وقال يحيى وطائفةٌ في المتن: "الحيّات"، وأكثرُ الرواة يقولون: "الجِنَّان"، بالجيم ونونين (¬2). وللقعنبي فيه زيادةُ ذكرِ ذي الطُفْيَتَيْن والأَبْتَر (¬3). وانظر مسندَ أبي سعيَد (¬4)، وانظر قصَّةَ أبي لُبابة في مرسل ابن شهاب (¬5). ¬

_ (¬1) صحيح مسلم، كتاب: السلام، باب: قتل الحيّات وغيرها (4/ 1754) (رقم: 2233). وفيه دليل أنَّ نافعًا سمع الحديث عن أبي لبابة من غير واسطة. (¬2) وهى رواية القعنبي عند أبي داود، وابن وهب وابن القاسم كما في الجمع بين روايتيهما. وصنيع ابن عبد البر في التمهيد يدل أن رواية يحيى عنده: "الجنّان"؛ إذ لم يتعرّض لذكر اختلاف الروايات، وشرح كلمة الجنّان بالحيّات على أنها هى لفظة حديث يحيى، وفي النسخة المحمودية (ب) (ل: 267 /ب): "الحيات)، كما ذكر المصنف، وفي نسخة (أ) (ل: 152/ ب) جاءت اللفظة مهملة من النقط والشكل، واللفظان متقاربان خطًّا ومعنى، والله أعلم. (¬3) أي باستثنائهما من النهي. وأعلّها ابن عبد البر والخطيب بانفراد القعنبي بها، قال ابن عبد البر: "وليس بصحيح في حديث أبي لبابة، وهو وهم، وإنما اللفظ محفوظ من حديث ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ومن حديث سائبة عن عائشة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -". التمهيد (16/ 19 - 22). وقال الخطيب: "وهى زيادة تفرّد بها القعنبي عن مالك بهذا الإسناد، وليست عند مالك عن نافع في حديث أبي لبابة، وإنَّما هي عنده عن نافع، عن سائبة، عن عائشة أم المؤمنين، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -". الفصل للوصل (2/ 716). قلت: وحديث سائبة مرسل في موطأ يحيى، وسيأتي (5/ 234)، فلعل القعنبي دخل عليه حديث في حديث، والله أعلم. (¬4) سيأتي حديثه (3/ 255). (¬5) سيأتي حديثه (5/ 310).

71/ مسند أبي مسعود الأنصاري الخزرجي

71/ مسند أبي مسعود الأنصاري الخزرجي واسمه: عُقبة بن عَمرو، ويُعرف بالبَدري؛ لأنه سكن بدرًا، ويُقال: إنَّه لَم يَشهَد الغزوةَ (¬1)، وقيل: بَل شَهِدَ غزوةَ بَدرٍ، وذَكَره البخاريُّ في من شَهِدَ بدرًا (¬2). ثلاثةُ أحاديث. 294/ حديث: "إنَّ جبريلَ نزل فصَلَّى، فصَلَّى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ... ". ذَكَرَهَا خمسًا، وفيه: ثم قال: "بِهَذا أُمِرتَ (¬3) ". استَفتَح به الموطأ. ¬

_ (¬1) وهو قول جمهور أهل السير، ونسبه أهل الكوفة على أنه شهد بدرا، ولم يذكره أهل المدينة فيمن شهدها، وإنما نزل ماء ببدر فنُسب إليها. انظر: الطبقات الكبرى (6/ 94)، معرفة الصحابة (2/ل: 118/ب)، الاستيعاب (4/ 1756)، الإصابة (4/ 524). (¬2) صحيح البخاري، كتاب: المغازي، باب: تسمية من سمي من أهل بدر (5/ 26). وتبعه مسلم كما في الكنى والأسامى (2/ 778). قال ابن حجر: "وجزم البخاري، واستدل بأحاديث أخرجها في صحيحه فِي بعضها التصريح بأنه شهدها، منها حديث عروة بن الزبير .. "وهو حديث الباب"، وفيه: وكان شهد بدرًا". الإصابة (4/ 524)، ورجَّح في الفتح شهوده بدرًا، وذكر أن البخاري لم يجزم بكونه شهد بدرًا بنسبته للبدري، وإنَّما بقول عروة إنه شهد بدرًا، فقال: "لم يكتف البخاري في جزمه بأنَّه شهد بدرًا بذلك بل بقوله في الحديث الذىِ يليه إنَّه شهد بدرًا، فإن الظاهر أنَّه من كلام عروة بن الزبير، وهو حجة في ذلك؛ لكونه أدرك أبا مسعود". ثم ذكر الحافظ مرجِّحات أخرى، وقال: "والمثبِت مقدَّم على النافي". انظر: فتح الباري (7/ 370). (¬3) قال الوقّشي: "بالفتح رويناه، أي بهذا أمرك ربُّك، ومن رواه بالضم فهو إخبار عن نفسه، أي بهذا أمرني ربي أن أعلّمك". التعليق على الموطأ (ل: 1/ب).

عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير، عن بَشير بن أبي مسعود، عن أبيه (¬1). قال فيه الزهري: "إنَّ عمر بن عبد العزيز أَخَّر الصلاةَ يومًا فدَخَلَ عليه عروة بن الزبير فأخبَره أنَّ المغيرةَ ابن شعبة أَخَّرَ الصلاةَ يومًا وهو بالكوفة فدخل عليه أبو مسعود". وفي آخره قال عروة: "كذلك كان بَشير بنُ أبي مسعود الأنصاري يُحدّث عن أبيه". ظاهرُه الانقطاع، وهو متّصل، بيَّنَ إسنادَه شعيب، والليثُ، وغيرُهما عن الزهري. قال شعيبٌ عنه: سمعتُ عروة يحدّث عمرِ بن عبد العزيز في إمارته: "أخر المغيرةُ بن شعبة العصرَ وهو أميرُ الكوفة"، خرَّجه البخاري في المغازي (¬2). وقال اللَّيثُ، عن الزهري، عن عروة: سمعتُ بَشير بن أبي مسعود يقول: سمعتُ أبا مسعود يقول: سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "نَزَلَ جبريلُ فأَمَّني فَصَلَّيتُ معه"، خَرَّجه البخاري أيضا في بَدءِ الخَلْقِ، ومسلم في الصَّلاة (¬3). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الوقوت، باب: وقوت الصلاة (1/ 37) (رقم: 1). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: مواقيت الصلاة، باب: مواقيت الصلاة وفضلها (1/ 165) (رقم: 521) من طريق القعنبي. ومسلم في صحيحه كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: أوقات الصلوات الخمس (1/ 425) (رقم: 610) من طريق يحيى النيسابوري. وأحمد في المسند (5/ 274) من طريق ابن مهدي. والدارمي في السنن كتاب: الصلاة، باب: مواقيت الصلاة (1/ 284) (رقم: 1185) من طريق أبي علي الحنفي عبيد الله بن عبد المجيد، أربعتهم عن مالك به. (¬2) صحيح البخاري، كتاب: المغازي، باب: شهود الملائكة بدرًا (5/ 22) (رقم: 4007)، وفيه سماع الزهري من عروة وهو يحدّث عمر بن عبد العزيز. وانظر: الفتح (2/ 8). (¬3) صحيح البخاري، كتاب: بدء الخلق، باب: ذكر الملائكة صلوات الله عليهم (4/ 418) (رقم: 3226)، وصحيح مسلم (1/ 425) (رقم: 610). وانظر: التمهيد (8/ 11).

وحديثُ مالكٍ مختصر محذوفٌ، ليس فيه تصريح بإمامةِ جبريل، ولا ذكرُ الأوقاتِ، وقد جاء في بعضِ طرقه أنَّ أبا مسعود قال في آخر الحديث: "فرأيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - صلى الظهرَ حين تزِولُ الشمسُ"، وذَكَرَ لكلِّ صلاةٍ وقتًا واحدًا إلاَّ الفجر؛ فإنَّه ذَكَرَ لها وقتين. خرَّجه أبو داود من طريق أسامة، عن الزهري، وذَكَرَ أنَّ جماعةً رَوَوْهُ عن الزهري ولَم يذكروا فيه الأوقات (¬1). ¬

_ (¬1) سنن أبي داود كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في المواقيت (1/ 278) (رقم: 394). وأخرجه أيضا الدارقطني في السنن (1/ 250، 251) (رقم: 1، 2)، وابن خزيمة في صحيحه (1/ 181) (رقم: 352)، والطبراني في المعجم الكبير (17/ 259) (رقم: 716)، وفي الأوسط (8/ 299) (رقم: 8694)، والبيهقي في السنن الكبرى (1/ 363)، والخطيب في الفصل للوصل (2/ 653، 654)، وابن عبد البر في التمهيد (8/ 18) من طرق عن أسامة بن زيد الليثي به. وقال أبو داود: "روى هذا الحديث عن الزهري معمرٌ ومالك وابنُ عيينة وشعيب بن أبي حمزة والليث بن سعد وغيرهم، لم يذكروا الوقت الذي صلى فيه، ولم يفسّروه". قال ابن خزيمة: "وهذه الزيادة لم يقلها إلا أسامة بن زيد". وقال الطبراني: "لم يَحُدّ أحد ممن روى هذا الحديث عن الزهري المواقيت إلا أسامة بن زيد". قلت: وأسامة بن زيد الليثي صدوق يهم كما في التقريب (رقم: 317). وفِي بعض حديثه عن الزهري شيء خاصة إذا خالف. قال عمرو بن علي الفلاس في كتابه: "كان يحيى القطان حدّثنا عن أسامة بن زيد ثم تركه، قال: يقول: سمعت سعيد بن المسيب، على النكرة لما قال". انتهى كلامه. قال ابن القطان الفاسي: "هذا أمر منكر كما ذكر" لأنه بذلك يساوي شَيْخَه الزهري، وذلك لا يصح له". انظر: بيان الوهم والإيهام (4/ 84). ونقل ابن حجر قول ابن القطان هذا، إلا أن في المطبوعة من تهذيب التهذيب: "لأنه بذلك يساوي نسخة الزهري". وهذا خطأ. ثم تعقب ابن حجر كلام ابن القطان فقال: "لم يُرِد يحيى (أي ابن سعيد القطان) بذلك ما فهمه عنه، بل أراد ذلك في حديث مخصوص يتبيّن من سياقه اتفاق أصحاب الزهري على روايته عنه عن سعيد بن المسيب بالعنعنة، وشذّ أسامة فقال: عن الزهري سمعت سعيد بن المسيب، فأنكر عليه القطان هذا لا غير". انظر: الكامل (1/ 394)، تهذيب التهذيب (1/ 184). =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = قلت: وقد خالف أسامةَ: مالكٌ، ومعمرُ، وشعيب، وغيرهم، وهؤلاء أوثق أصحاب الزهري. ورواه يونس بن يزيد وابن أخي الزهري عن الزهري وذكرا المواقيت من بلاغات الزهري فقالا: عن الزهري: "بلغنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -"، فذكر مواقيت الصلاة من غير إسناد. قال الدارقطني: "وحديثهما أولى بالصواب؛ لأنهما فصلا ما بين حديث أبي مسعود وغيره". العلل (6/ 186). وقال الخطيب البغدادي: "وَهِم أسامة بن زيد إذ ساق جميع الحديث بهذا الإسناد؛ لأنَّ قصة المواقيت ليست من حديث أبي مسعود، وإنما كان الزهري يقول فيها: "وبلغنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي الظهر حين تزول الشمس ... " إلى آخره الحديث، بيّن ذلك يونس بن يزيد في روايته عن ابن شهاب، وفصَل حديث أبي مسعود المسند من حديث المواقيت المرسل، وأورد كل واحد منهما مفردا، وقد روى عن ابن شهاب حديث أبي مسعود: مالك بن أنس، وعُقيل بن خالد، وعبد الملك بن جريج، والليث بن سعد، وسفيان بن عيينة، وشعيب بن أبي حمزة، ومعمر بن راشد، وعبيد الله بن زياد الرصافي، فلم يذكر أحدٌ منهم قصة المواقيت، وفي ذلك دليل على أئه ليس من حديث أبي مسعود بسبيل، والله أعلم". الفصل للوصل (2/ 655، 656). قلت: وهذه القرائن دالة على خطأ أسامة إذ رفع الحديث كلّه من طريق الزهري. وصحّح الذهلي، وابن عبد البر، وتبعهما ابن حجر روايةَ أسامة بن زيد الليثي، وذلك لورود ذكر المواقيت عن أبي مسعود من طريق أيوب بن عتبة عن أبي بكر بن عمرو بن حزم عن عروة عن أبي مسعود به، وفيه ذكر المواقيت. وقال ابن حجر: "وليس في رواية مالك ومن تابعه ما ينفي الزيادة المذكورة، فلا توصف والحالة هذه بالشذوذ". انظر: التمهيد (8/ 20 - 25)، الفتح (2/ 9). قلت: ورواية أيوب بن عتبة: أخرجها الطبراني في المعجم الكبير (17/ 260) (رقم: 718)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (3/ 121) (رقم: 1195)، وابن عبد البر في التمهيد (8/ 23)، والباغندي في مسند عمر بن عبد العزيز (ص: 130) (رقم: 64) عن أبي بكر بن عمرو بن حزم عن عروة عن أبي مسعود أو بشير بن أبي مسعود كلاهما صحب النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - به. وأخرجه الدارقطني في السنن (1/ 261) (رقم: 17) من هذا الطريق إلا أنه قال: عن ابن أبي مسعود عن أبيه - إن شاء الله -. =

وجاء عن ابن عباس: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "أَمَّنِي جبريل عند البيتِ مَرَّتين"، يعني في يومين مُتَوَالِيَيْن، وذَكَرَ لِكُلِّ صلاةٍ وقتَينِ إلاَّ المغربَ، ثمَّ قال: "الوقتُ فيما بين هَذين". خَرَّجه أبو داود، والترمذي، وابن الجارود (¬1). ¬

_ = قلت: وفي إسناده أيوب بن عتبة اليمامي تُكلّم فيه، وقال ابن حجر: "ضعيف". التقريب (رقم: 619). قال ابن رجب: "وقد شكّ في إسناد هذا الحديث هل هو عن أبي مسعود، أو عن بشير ابنه؟ وعلى تقدير أن يكون عن بشير ابنه فيكون مرسلًا، وقوله: وكلاهما صحب النبي - صلى الله عليه وسلم - وَهَمٌ". وقال ابن حجر: "وهو من تخليط أيوب بن عتبة، وإنما رواه عروة، عن بَشير بن أبي مسعود، عن أبيه كما هو في الصحيحين". الإصابة (1/ 334). ثم أورد ابن رجب رواية الدارقطني بلفظ: "عن أبي مسعود - إن شاء الله -" وقال: "وهذا يدل على أنه اضطرب في إسناده، وقد خالفه الثقات في هذا فرووا هذا الحديث مرسلا". ثم أورد ابن رجب روايات من خالفه. انظر: فتح الباري له (4/ 168)، العلل للدارقطني (6/ 186). قلت: والذي يظهر أن رواية أسامة شاذة، وذلك لأمرين: 1 - مخالفة أصحاب الزهري له. 2 - أن يونس بن يزيد وابن أخي الزهري بيّنا في حديث الزهري الموصول من المنقطع المرسل، وهذا يرد على قول ابن حجر السابق: "وليس في رواية مالك ومن تابعه ما ينفي الزيادة المذكورة، فلا توصف والحالة هذه بالشذوذ". اهـ، وكأنَّه لم يقف على رواية يونس وابن أخي الزهري، ولم يشر لهما في الفتح، والله أعلم. وأما رواية أيوب بن عتبة التي أوردها ابن حجر كالشاهد لرواية أسامة فهي ضعيفة كما سبق، والصحيح فيها الإرسال، ولو صحّت فلا تشهد لطريق أسامة؛ لأن تعليل طريق أسامة من جهة مخالفة الرواة له عن الزهري. أما من ناحية المتن فجاء ذكر المواقيت من حديث جابر وابن عباس كما سيورد ذلك المصنف. (¬1) أخرجه أبو داود في السنن كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في المواقيت (1/ 274) (رقم: 393)، والترمذي في السنن كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في مواقيت الصلاة (1/ 278) (رقم: 149)، وابن الجارود في المنتقى (1/ 149، 150) (رقم: 149، 150). وأخرجه أحمد في المسند (3/ 333، 354)، وعبد الرزاق في المصنف (1/ 531) (رقم: 2028)، =

وخَرَّج الترمذي من طريق وَهْب بن كَيسان، عن جابر نحوَه، ثم قال: قال محمَّدٌ يعني البخاري: "أصَحُّ شيءٍ في المواقيت حديثُ جابر" (¬1). ¬

_ = وابن أبي شيبة في المصنف (1/ 280) (رقم: 3220)، وابن أبي خيثمة في التاريخ (3/ل: 18/ب)، وابن خزيمة في صحيحه (1/ 168) (رقم: 325)، والحاكم في المستدركِ (1/ 193)، والدارقطني في السنن (1/ 258) (رقم: 7)، والطحاوي في شرح المعاني (1/ 146)، وابن عبد البر في التمهيد (8/ 25 - 27) من طرق عن عبد الرحمن بن الحارث، عن حكيم بن حكيم، عن نافع بن جبير، عن عبد الله اين عباس به. وقال الترمذي: "حسن صحيح". قلت: وفي إسناده عبد الرحمن بن الحارث بن عبد الله بن عيّاش المخزومي، قال عنه الحافظ: "صدوق له أوهام". التقريب (رقم: 3831). وتابعه: محمد بن عمرو عند الدارقطني في السنن (1/ 258) (رقم: 7). وحكيم بن حكيم بن عباد الأوسي الأنصاري، قال عنه الذهبي: "حسن الحديث". وقال ابن حجر: "صدوق". انظر: الكاشف (1/ 185)، التقريب (رقم: 1471). وقد توبع، أخرجه ابن أبي خيثمة في التاريخ (3/ل: 18/ب)، والدارقطني في السنن (1/ 258) (رقم: 8) من طريق إسماعيل بن عياش عن عبد الله بن عمر عن زياد بن أبي زياد عن حدثنا نافع بن جبير به. وإسماعيل بن عياش ضعيف في روايته عن غير أهل بلده. وكذا عبد الله بن عمر العمري متكلَّم فيه. وأخرجه ابن أبي خيثمة في التاريخ (3/ل: 18/ب)، ومن طريقه ابن عبد البر في التمهيد (8/ 41) من طريق ابن إسحاق، عن عتبة بن مسلم، عن نافع بن جبير به. وابن إسحاق مدلس، ولم يصرِّح بالتحديث في هذا الطريق. وأخرجه أيضا الدارقطني في السنن (1/ 258) (رقم: 9) من طريق عبيد بن مقسم عن نافع به، وفي إسناده الواقدي وهو متروك. والحديث بمجموع هذه الطرق حسن، والله أعلم. (¬1) سنن الترمذي (1/ 281) (رقم: 150)، وقال: "حديث حسن صحيح". وأخرجه أيضا النسائي كتاب: المواقيت، باب: أول وقت العشاء (1/ 263)، وأحمد في المسند (3/ 330)، وابن أبي خيثمة في التاريخ (3/ل: 19/أ)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) =

وخَرَّج النسائي من طريق عطاء بن أبي رباح، عن جابر نحوَه في إمامةِ جِبريل (¬1). ومن طريق آخَر عن عطاء، عن جابر قال: سُئل رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عن مواقيت الصلاة فقال للسَّائل: "صلِّ معي ... ". ووَصَفَ أنَّه صلى يومين، كلُّ صلاة يا وقتين، المغربُ وغيرُها (¬2). وفي حديث سُليمان بن بُريدة، عن أبيه، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: أنَّ رجلا سأله عن وقتِ الصلاة فقال له: "صلِّ معنا هذين اليومين ... "، ووَصَفَ أنَّه صلى الصلوات كلَّها في اليوم الأوَّل أوَّلَ الوقت، ولا اليوم الثاني في آخِرِ الوقتِ، ¬

_ = (4/ 335) (رقم: 1472)، والحاكم في المستدرك (1/ 195)، والدارقطني في السنن (1/ 256، 257) (رقم: 1، 2)، والبيهقي في السنن الكبرى (1/ 368) من طرق عن عبد الله بن المبارك، عن حسين بن علي بن حسين، عن وهب بن كيسان به. وقال الحاكم: "حديث صحيح"، ووافقه الذهبي. وهو كما قالا، وحسين بن علي بن حسين، ثقة مقلّ. انظر: تهذيب الكمال (6/ 396). (¬1) سنن النسائي، كتاب: المواقيت، باب: آخر وقت العصر (1/ 255). وأخرجه الحاكم في المستدرك (1/ 196)، والدارقطني في السنن (1/ 257) (رقم: 3)، والطبراني في المعجم الأوسط (2/ 192) (رقم: 1689)، والبيهقي في السنن الكبرى (1/ 368) من طريق برد بن سنان الدمشقي عن عطاء بن أبي رباح به. وبرد بن سنان صدوق. انظر: تهذيب الكمال (4/ 43)، التقريب (رقم: 654). (¬2) أخرجه النسائي في السنن كتاب: المواقيت، باب: أول وقت العصر (1/ 255)، وأحمد في المسند (3/ 351)، وابن خزيمة في صحيحه (1/ 182) (رقم: 353)، والطحاوي في شرح معانى الآثار (1/ 147)، والبيهقي في السنن الكبرى (1/ 373، 371) من طريق سليمان بن موسى الأشدق، عن عطاء به. وسنده حسن، وسليمان بن موسى الأشدق صدوق فقيه، في بعض حديثه لين. انظر: تهذيب الكمال (12/ 92)، تهذيب التهذيب (4/ 197)، التقريب (رقم: 2616).

والمغربَ كذلك قبل مَعيبِ الشَّفَق. خَرَّجه مسلم (¬1). وحرَّج أيضًا عن أبي موسى الأشعري نحوَه، وذَكَر أنَّه صلَّى المغربَ في اليومِ الثاني عندَ سُقوطِ الشَّفَقِ، قال: "ثمَّ أصبحَ فدَعَا السَّائِلَ وقال: الوَقتُ فيما بين هَذين" (¬2). فصل: بَشِير بن أبي مسعود له صُحبة، وهو بفتح الباء وكَسرِ الشين المعجمة (¬3). ¬

_ (¬1) صحيح مسلم (1/ 428، 429) (رقم: 613). (¬2) صحيح مسلم (1/ 429، 430) (رقم: 614). (¬3) الإكمال (1/ 283). وقد اختلف في صحبة بَشير، فأثبتها جماعة، ونفاها آخرون. قال أبو نعيم: "أدرك النبي - صلى الله عليه وسلم -، له ولأبيه صحبة". معرفة الصحابة (3/ 121). وذكره في الصحابة أيضا ابن منده والذهبي. الإصابة (1/ 334)، تجريد أسماء الصحابة (1/ 52). وقال ابن عبد البر: "رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو صغير". الاستيعاب (1/ 170). وممّن نفى صحبته ابن سعد، فذكره في الطبقة الثانية من التابعين. الطبقات الكبرى (5/ 206). وذكره مسلم في الطبقة الأولى من التابعين من أهل المدينة ممّن وُلد في عهده - صلى الله عليه وسلم -. الطبقات (1/ 227)، وانظر: رجال الموطأ (ل: 11/أ). وقال العجلي: تابعي ثقة. أسماء الثقات (ص: 82). وذكره ابن حبان في طبقة التابعين من ثقاته (4/ 70). وقال ابن حجر: "وجزم البخاري والعجلي ومسلم وأبو حاتم وغيرهم بأنه تابعي". الإصابة (1/ 334، 335)، وذكره الحافظ في القسم الثاني، وذلك لأنه قيل: إنه وُلد في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -. قلت: والذي يظهر أنه تابعي، ولا صحبة له، ومن ذكره في الصحابة استدل برواية أيوب بن عتبة لحديث المواقيت، وفيه: بشير بن أبي مسعود أو عن أبيه، وفيه أيضًا: وكلاهما صحب النبي - صلى الله عليه وسلم -، وتقدّم الكلام في أيوب بن عتبة وتضعيف هذه الرواية، وبيان أن قوله: وكلاهما صحب النبي - صلى الله عليه وسلم - من تخليطه واضطرابه.

295 / حديث: قاله بَشِير بن سَعْد: "أَمَرَنا اللهُ أن نُصَلِّيَ عليكَ يا رسول الله، فكيفَ نُصَلِّي عليك؟ ". فيه: سكوتُه، وقولُه: "قولوا: اللهمّ صلِّ على محمدٍ وعلى آل محمَّدٍ كمَا صلَّيتَ على إبراهيم ... ". وذَكَرَ التَّبْرِيكَ، وقال في آخِره: "والسَّلامُ كما قَد عَلِمْتُم". يعني في التَّحِيَّات. في الصلاة الثاني. عن نُعَيم بن عبد الله المُجْمِر، عن محمد بن عبد الله بن زيد، عن أبي مسعود قال: "أتانَا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - (¬1) ... " (¬2). قال الدارقطني: "رواه داود بن قَيس الفَرَّاء، عن نُعَيم بن عبد الله، عن أبي هريرة رفَعَه، خالفَ فيه مالكًا، وحديثُ مالكٍ أولى بالصواب". انتهى قولُه (¬3). ¬

_ (¬1) في الأصل: صلى الله عليه. (¬2) الموطأ كتاب: قصر الصلاة في السفر، باب: ما جاء في الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - (1/ 152) (رقم: 67). وأخرجه مسلم في صحيحه كتاب: الصلاة، باب: الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد التشهد (1/ 305) (رقم: 405) من طريق يحيى النيسابوري. وأبو داود في السنن كتاب: الصلاة، باب: الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد التشهد (1/ 600) (رقم: 980) من طريق القعنبي. والترمذي في السنن كتاب: التفسير، باب: ومن سورة الأحزاب (5/ 334) (رقم: 3220) من طريق معن. والنسائي في السنن كتاب: السهو، باب: الأمر بالصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - (3/ 45)، وفي السنن الكبرى كتاب: عمل اليوم والليلة (6/ 17) (رقم: 9876) من طريق ابن القاسم. وأحمد في المسند (4/ 118)، (5/ 273، 274) من طريق عثمان بن عمر، وابن مهدي، وإسحاق الطباع. والدارمي في السنن كتاب: الصلاة، باب: الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - (1/ 356) (رقم: 1343) من طريق عبيد الله بن عبد المجيد الحنفي، ثمانيتهم عن مالك به. (¬3) العلل (6/ 190).

ولا يَبعُدُ أن يكون نُعيمٌ قد رواه بسَنَدٍ آخر (¬1). ¬

_ (¬1) أي أن القولين محفوظان، وفي هذا نظر. وطريق داود بن قيس الفراء: أخرجه النسائي في السنن الكبرى (6/ 17) (رقم: 9875)، وقال: "خالفه مالك". قلت: وداود بن قيس ثقة فاضل كما في التقريب (رقم: 1808). وسئل أبو حاتم عن هذا الحديث فقال: "حديث مالك أصح، وحديث داود خطأ". علل الحديث (1/ 76). قلت: وقد وردت متابعات لداود بن قيس لكنها ضعيفة، تابعه: 1 - محمد بن علي الهاشمي. قال ابن أبي حاتم: "قيل لأبي: إن إسماعيل أبا سلمة قد روى عن حبان بن يسار قال: حدّثنا أبو مطرف عبيد الله بن طلحة بن كُريز قال: حدّثني محمد بن علي الهاشمي يعني أبا جعفر عن المجمر عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -". علل الحديث (1/ 76). قلت: وفي إسناده أبو مطرف، ذكره ابن حبان في الثقات (7/ 146)، وقال العجلي: "ثقة". أسماء الثقات (ص: 316). وقال ابن حجر: "مقبول". التقريب (رقم: 4302). ومحمد بن علي الهاشمي قال عنه الحافظ ابن حجر: "كأنه أبو جعفر الباقر، أو آخر مجهول". التقريب (رقم: 3163). قلت: هو أبو جعفر الباقر كما ورد التصريح به عند ابن أبي حاتم. وقال ابن أبي حاتم: "قد تابع هذا داود بن قيس؟ قال (أي أبو حاتم): مالك أحفظ، والحديث حديث مالك". علل الحديث (1/ 76). 2 - داود بن أبي هند. أخرجه الدارقطني في الأفراد كما أطرافه (ل: 308/ب) من طريق عمرو بن الحصين عن مسلمة بن علقمة عن داود بن أبي هند عن نعيم المجمر به. وقال الدارقطني: "تفرّد به عمرو بن الحصين". قلت: وهو متروك. انظر: تهذيب الكمال (21/ 587)، التقريب (رقم: 5012). وأَسْلَمُ الطرق طريق داود بن قيس، ورجّح أبو حاتم والدارقطني طريق مالك لحفظه وإمامته، ولعل داود بن قيس تبع الجادة في رواية نعيم المجمر عن أبي هريرة فأخطأ، والله أعلم بالصواب.

وعبد الله بن زيد والِد محمَّدٍ راوي هذا الحديثِ هو ابنُ عبد ربِّه الأنصاري الذي أُرِيَ النِّداء (¬1). وبَشِير بن سَعْد بفتح الباء وكسر الشين (¬2). وانظر حديث أبي حُميد (¬3). 296 / حديث: "نَهَى عن ثمَنِ الكلب ومَهرِ البَغِيِّ وحُلْوَان الكاهِن". في البيوع، باب: ثمن الكلب. عن ابن شهاب، عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث، عن أبي مسعود (¬4). وَقَع في كتاب يحيى بن يحيى: "وعن أبي مسعود"، وزيادةُ الواو ها هنا خطأٌ فاحِشٌ من جُملةِ أوْهَامِه (¬5). ¬

_ (¬1) انظر: (3/ 24). (¬2) الإكمال (1/ 280)، توضيح المشتبه (1/ 536). (¬3) تقدّم حديثه (3/ 161). (¬4) الموطأ كتاب: البيوع، باب: ما جاء في ثمن الكلب (2/ 508) (رقم: 68). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: البيوع، باب: ثمن الكلب (3/ 59) (رقم: 2237) من طريق عبد الله بن يوسف، وفي الإجارة، باب: كسب البغي والإماء (3/ 76) (رقم: 2282) من طريق قتيبة. ومسلم في صحيحه كتاب: المساقاة، باب: تحريم ثمن الكلب وحلوان الكاهن .. (3/ 1198) (رقم: 1567) من طريق يحيى النيسابوري، ثلاثتهم عن مالك به. (¬5) الموطأ نسخة الحمودية (ب) (ل: 208/أ). وجاء في المطبوع على الصواب، وكذا في نسخة الحمودية (أ) (ل: 119/أ). وذكر هذا الخطأ محمد بن حارث الخشني من جملة أوهام يحيى بن يحيى. انظر: أخبار الفقهاء والمحدّثين (ص: 355). وقال ابن عبد البر: "وقع في نسخة موطأ يحيى: وعن أبي مسعود، وهذا من الوهم البيّن، والغلط الواضح، لا يعرج على مثله". التمهيد (8/ 397).

72/ مسند أبي موسى الأشعري

72/ مسند أبي موسى الأشعري واسمه: عبد الله بن قَيس، وهو أحدُ الحَكَمين. حديثان، أحدُهما بسندين، معدودٌ في الموطأ بحديثين، فالجملةُ ثلاثة. حديث: "من لَعِبَ بالنَّرْدِ فقَد عصى اللهَ تعالى ورسولَه". في الجامع. عن موسى بن مَيسرَة، عن سَعيد بن أبي هِند، عن أبي موسى (¬1). عند مُطرِّف: "وعن سعيد"، بواو العطف (¬2)، وقد لَقِيَه مالِكٌ، ذَكَرَ عنه في المُدوَّنة الجلوسَ بعد الصُّبح (¬3). ويُقال: إنَّ هذا الحديث مقطوع (¬4)، رُوي عن موسى بن مَيسرة، عن ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الرؤيا، باب: ما جاء في النرد (2/ 729) (رقم: 6). وأخرجه أبو داود في السنن كتاب: الأدب، باب: النهي عن اللعب بالنرد (5/ 230) (رقم: 4938) من طريق القعنبي. وأحمد في المسند (4/ 397) من طريق أبي نوح قراد، كلاهما عن مالك به. (¬2) ذكر ابن عبد البر في التمهيد (13/ 172) أنَّ رواة الموطأ لم يختلفوا في إسناده، وما ذكره المصنف يردّه، ومطرف من رواة الموطأ، والله أعلم بالصواب. (¬3) المدوّنة (1/ 119)، وفيه: "قال مالك: وإنما يُكره الكلام بعد الصبح، قال: ولقد رأيت نافعا مولى ابن عمر، وموسى بن ميسرة، وسعيد بن أبي هند يجلسون بعد أن يصلوا الصبح، ثم يتفرقون للذكر، وما يكلم أحد منهم صاحبه، يريد بذلك اشتغالا بذكر الله". وانظر: المعرفة والتاريخ (1/ 646). قلت: ورؤية مالك لسعيد والتقاؤه به في يدل على أنه سمع منه هذا الحديث، لاتفاق جميع الرواة عن مالك بذكر الواسطة بينه وبين سعيد، وزيادة الواو في إسناده خطأ، والله أعلم. (¬4) أي منقطع بين موسى بن ميسرة وسعيد بن أبي هند.

عبد الله بن سعيد، عن أبيه سعيد بن أبي هِند، وهكذا خَرَّجه قاسم بن أصبغ في السنن من طريق اللَّيث بن سعد، عن ابن الهادي، عن موسى، عن عبد الله (¬1). وقد رواه ابنُ المبارك، عن أسامةَ بن زيد اللَّيثي، عن سعيد بن أبي هند، ¬

_ (¬1) أخرجه ابن عبد البر في التمهيد (13/ 174) من طريق قاسم، عن إبراهيم بن إسحاق النيسابوري، عن يحيى بن يحيى عن الليث بن سعد به. وإبراهيم بن إسحاق قال عنه الدارقطني: ثقة. تاريخ بغداد (6/ 26). ويحيى بن يحيى هو النيسابوري شيخ مسلم. وقد خولف إبراهيم بن إسحاق في إسناده: فأخرجه الحاكم في المستدرك (1/ 50) عن ابن خزيمة عن إسماعيل بن قتيبة السلمي النيسابوري عن يحيى بن يحيى عن الليث بن سعد عن يزيد بن الهادي عن سعيد بن أبي هند به. لم يذكر في إسناده موسى بنَ ميسرة ولا عبد الله بنَ سعيد. وإسماعيل بن قتيبة ثقة صاحب كتاب، قال الحاكم: "إسماعيل بن قتيبة البُشْتَنِقاني - وهي قرية على نصف فرسخ من البلد - سمعت أبا بكر بن إسحاق - وهو ابن خزيمة - يقول: أول من اختلفت إليه في سماع الحديث إسماعيل بن قتيبة، وذلك سنة ثمانين، وكان الإنسان إذا رآه يذكر السلف، لسَمْتِه وزهده وورعه، كنا نختلف إلى بُشْتَنِقان فيَخرجُ، فيقعد على حصباء النهر والكتاب بيده، فيحدّثنا وهو ببكي، وإذا قال: حدّثنا يحيى بن يحيى يقول: رحم الله أبا زكريا. قال الحاكم: قرأ إسماعيل على ابن أبي شيبة المصنّفات كلَّها، وهي أجلّ رواية عندنا لابن أبي شيبة". وقال الذهبي: "الإمام القدوة المحدّث الحجّة ... وكان من حملة الحُجّة، ومن سالكي المحجّة، رحمه الله". انظر: السير (13/ 344). والقصة التي ذكرها ابن خزيمة فيها دلالة على أنَّ إسماعيل بن قتيبة كان ملازما لشيخه يحيى بن يحيى؛ إذ كلما ذكره دعا اللهَ له بالرحمة، وهذا ما يقوي روايته عنه، ثم إنه كان يحدّث من كتابه، وهذا يؤكّد تثبّته في الرواية، بخلاف إبراهيم بن إسحاق الذي لم يُنقل فيه إلا قول الدارقطني: ثقة. والذي يظهر أن رواية إسماعيل بن قتيبة أصح من رواية إبراهيم، وأن يزيد بن الهادي ساوى في الرواية موسى بن ميسرة، والله أعلم، وعليه فلا تُعَلُّ رواية مالك بهذه الرواية.

عن أبي مُرّة مولى أمِّ هانِئ، عن أبي موسى (¬1). قال الدارقطني: "وهو الأشبهُ بالصواب" (¬2)؛ لأنَّ سعيدَ بن أبي هِند لَم يسمعْ مِن أبي موسى شيئًا (¬3). ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في المسند (4/ 394)، والدارقطني في العلل (7/ 240)، والآجري في تحريم النرد (ص: 56) (رقم: 11)، والخطيب البغدادي في تاريخ بغداد (7/ 352) من طريق عبد الله بن المبارك، عن أسامة بن زيد الليثي، عن سعيد بن أبي هند، عن أبي مرة مولى عقيل - فيما أعلم -، عن أبي موسى. وخولف عبد الله بن المبارك في إسناده: أخرجه أحمد في المسند (4/ 394)، وابن أبي شيبة في المصنف (5/ 287) (رقم: 26153) من طريق وكيع. وابن عبد البر في التمهيد (13/ 174) من طريق ابن وهب، كلاهما عن أسامة بن زيد (ووقع في المصنف أبو أسامة بن يزيد وهو خطأ) عن سعيد بن أبي هند عن أبي موسى. كرواية مالك عن موسى بن ميسرة سواء. والذي يظهر أن الاضطراب جاء من أسامة بن زيد، فهو صدوق يهم كما تقدّم، ثم إن الرواة عنه كلهم ثقات حفاظ، ويؤيد وهمه قوله في الإسناد الأول: "فيما أعلم". فلم يجزم بذكر أبي مرة في إسناده، وهذا الشك إن كان من أسامة فهو دليل على وهمه، وإن كان من ابن المبارك فتُرجّح رواية الأكثر، والله أعلم. (¬2) العلل (7/ 240). (¬3) كذا قال المصنف، وتبع الدارقطني في ترجيح رواية أسامة بن زيد على رواية موسى بن مسرة، وفي ذلك نظر، والصحيح في إسناده ما رواه مالك عن موسى بن ميسرة - على انقطاعه - لأمور: - موسى بن ميسرة ثقة، وهو أحفظ من أسامة. - اختلف على أسامة، فروي عنه ما يوافق رواية موسى. - عدم الجزم في رواية أسامة بذكر الواسطة. - أنَّ موسى بن ميسرة توبع، تابعه: 1 - نافع مولى ابن عمر، واختلف عليه: أخرجه ابن ماجه في السنن كتاب: الأدب، باب: اللعب بالنرد (2/ 1237) (رقم: 3762)، والبخاري في الأدب المفرد (ص: 434) (رقم: 1272)، وأحمد في المسند (4/ 400)، وابن أبي شيبة في المصنف (5/ 286) (رقم: 26141)، وأبو يعلى في المسند (6/ 405) (رقم: 8253)، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = والروياني في المسند (/ 352) (رقم: 539)، والبزار في المسند (8/ 77) (رقم: 3075)، والدارقطني في العلل (7/ 240)، والآجري في تحريم النرد (ص: 61) (رقم: 14)، والحاكم في المستدرك (1/ 50)، والخرائطي في مساويء الأخلاق (ص: 334) (رقم: 753)، والبيهقي في السنن الكبرى (10/ 215) من طرق عن عبيد الله بن عمر. والبزار في المسند (8/ 79) (رقم: 3076)، وابن الأعرابي في المعجم (1/ 359، 360) (رقم: 698) من طريق عبد الله بن سعيد بن أبي هند. وابن عدي في الكامل (4/ 121) من طريق الزهري، ثلاثتهم، عن نافع، عن سعيد بن أبي هند، عن أبي موسى. وخالفهم أيوب السختياني: فأخرجه عبد الرزاق في المصنف (10/ 468) (رقم: 19730) عن معمر، عن أيوب، عن نافع، عن سعيد بن أبي هند، عن رجل، عن أبي موسى: أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم -، وذكره. كذا رواه عبد الرزاق عن معمر، وأخرجه الطيالسي في المسند (ص: 69) عن حماد بن زيد، عن أيوب، عن نافع، عن سعيد بن أبي هند، عن أبي موسى موقوفًا، لم يذكر الرجل بين سعيد وأبي موسى، وهذا يؤيّد رواية الجماعة عن نافع، عن سعيد، عن أبي موسى من غير واسطة. ولعل الوهم في رواية معمر عن أيوب بزيادة رجل في الإسناد من عبد الرزاق، وحماد بن زيد من أوثق الناس في أيوب كما في شرح العلل لابن رجب (2/ 699). وأما روايته الموقوفة عند الطيالسي فأشار إليها ابن عبد البر في التمهيد (13/ 174، 175) (وسقط من المطبوع أيوب) فقال: "والذين رفعوه ثقات، يجب قبول زيادتهم، وفي قول أبي موسى" فقد عصى الله ورسوله" ما يدل على رفعه". اهـ. 2 - يزيد بن الهادي: أخرجه الحاكم في المستدرك (1/ 50)، وقد سبق الكلام على هذه الرواية. 3 - عبد الله بن نافع: أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط (5/ 368) (رقم: 5581) من طريق قيس بن الربيع عن أبي الهيثم - صاحب القصب - عن عبد الله بن نافع به. 4 - وموسى بن عبد الله بن سويد: اْخرجه من طريقه الآجري في تحريم النرد (ص: 61) (رقم: 15). 5 - الضحاك بن عثمان، أخرجه من طريقه الروياني في المسند (1/ 352) (رقم: 541)، وابن عبد البر في التمهيد (13/ 174). 6 - عبيد الله بن سعيد بن أبي هند، ذكره الدارقطني في العلل (7/ 238). =

وقال إسحاقُ بن سُليمان الرازي، عن مالك في متنِه: "من لَعِبَ بالنَّرْدَشِير"، حكاه الدارقطني (¬1). حديث: "الاستئذانُ ثلاث، فإن أَذِن لَكَ فادْخُل وإلَّا فارْجِعْ". في الجامع. بسندين: ¬

_ = وقد روي الحديث أيضا بإسناد آخر، أخرجه أحمد في المسند (4/ 392)، وعبد بن حميد في المسند (1/ 485) (رقم: 547)، والحاكم في المستدرك (1/ 50) من طريق عبد الرزاق، عن عبد الله بن سعيد بن أبي هند، عن أبيه، عن رجل، عن أبي موسى الأشعري. وقال الحاكم بعد أن أخرج رواية نافع مولى ابن عمر المتقدّمة: "صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه لوهم وقع لعبد الله بن سعيد بن أبي هند لسوء حفظه". قلت: والوهم الذي وقع فيه هو زيادة الرجل المبهم بين أبيه وأبي موسى، والرواة يروونه عن أبيه عن أبي موسى خلا رواية عن أسامة بن زيد مرجوحة. قال البيهقي: "واختلف فيه على عبد الله بن سعيد بن أبي هند فقيل: عنه عن أبيه عن رجل عن أبي موسى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الكعاب، وقيل: عنه عن أبي موسى نحو رواية الجماعة، وهو أولى". السنن الكبرى (10/ 215). وجملة القول أن الصحيح في إسناده ما رواه موسى بن ميسرة ومن تابعه عن سعيد بن أبي هند عن أبي موسى به، وهذا منقطع. قال أبو حاتم: "لم يلق سعيد بن أبي هند أبا موسى الأشعري". المراسيل (ص: 97). وللحديث شاهد من حديت بُريدة بن الحصيب، أخرجه مسلم في صحيحه كتاب: الشعر، باب: تحريم اللعب بالنردشير (14، 177) (رقم: ، 226) مرفوعا بلفظ: "من لعب بالنردشير فكأنما صبغ يده في لحم خنزير ودمه". (¬1) لعله في كتابه: غرائب مالك. وأخرجه من طريق إسحاق بن سليمان الرازي: ابنُ أبي الدنيا في ذمِّ الملاهي (ص: 71) (رقم: 84). وإسحاق بن سليمان الرازي ثقة فاضل كما في التقريب (رقم: 357). واللفظان متقاربان، فالنرد معرّب، وضعه أردشير بن باك، ولهذا يقال: النردشير. وقال ابن الأثير: "النرد اسم أعجمي معرّب، وشير بمعنى: حلو". انظر: القاموس المحيط (1/ 353)، النهاية (5/ 39).

298 / أحدهما: عن الثِّقةِ عنده، عن بُكير بن عبد الله بن الأَشَجِّ، عن بُسر بن سعيد، عن أبي سعيد الخدري، عن أبي موسى الأشعري، مختصرًا (¬1). والثاني: عن رَبيعة بن أبي عبد الرحمن، عن غيرِ واحدٍ مِن علمائِهم: "أنَّ أبا موسى جاء يستأذن على عمر فكره الحديث هو وأبو سعيد الخدري ... ". وفيه: إنكارُ عمر على أبي موسى، وشهادةُ أبي سعيد في قِصَّةٍ طويلة (¬2). وهذا الحديث معدودٌ بحديثيِن لاختلافِ سندِه، وهو معلولٌ في كِلتَا الروايتَين. أمَّا حديث ربيعة عن غيرِ واحد، فعَن مجهولين (¬3)، وقال فيه ابن وضاح: "وعن غيرِ واحد"، بواو العطف، فمالِكٌ على هذا حَدَّث عنهم وعن ربيعة، وهو مع هذا مقطوعٌ (¬4). وأمَّا حديث الثقةِ عن بُكير، فالثقة مجهولٌ، وقال فيه عبد الرحمن بن ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الاستئذان، باب: الاستئذان (2/ 734) (رقم: 2). (¬2) الموطأ (2/ 734) (رقم: 2)، وهو بهذا الإسناد في النسخة المحمودية (أ) (ل: 151/أ)، و (ب) (ل: 264/ب) وهما من رواية عبيد الله عن أبيه يحيى الليثي. (¬3) وتابع يحيى الليثي على هذا الإسناد: - سويد بن سعيد (ص: 551) (رقم: 1312)، ويحيى بن بكير (ل: 261/ب - نسخة الظاهرية -). (¬4) وعلى رواية ابن وضاح عن يحيى الليثي يكون الانقطاع بين ربيعة ومن تابعه من العلماء وبين أبي موسى. وهذه رواية جماعة من رواة الموطأ، منهم: - أبو مصعب الزهري (2/ 141) (رقم: 2030)، وابن القاسم وابن وهب كما في الجمع بين روايتيهما (ل: 121/أ).

المغيرة الحزامي: عن مالك، عن مَخرمة بن بُكير، عن أبيه. خَرَّجه الجوهري وغيرُه (¬1). وقال العلاّف (¬2): يقولون: "إنَّ مالكًا أخذ كتابَ مَخرمة بن بُكير ¬

_ (¬1) لعله في مسند ما ليس في الموطأ للجوهرىِ. وأخرجه أبو عوانة في الاستئذان كما في إتحاف المهرة (5/ 173) عن مسرور بن نوح، عن إبراهيم بن المنذر، عن عبد الرحمن بن المغيرة به. وقال: "تفرّد به مسرور". قال ابن حجر: "لم يتفرّد به، بل تابعه الحسين بن عبد الله بن شاكر السمرقندي، عن إبراهيم بن المنذر، أخرجه الدارقطني في الغرائب، وقال: تفرّد به إبراهيم بن المنذر". قلت: وذكره الدارقطني أيضا في العلل (7/ 198). وأخرجه محمد بن المظفر البزاز في غرائب مالك (ص: 190) (رقم: 124) قال: حدّثنا محمد بن محمد بن سليمان حدثنا الحسين بن عبد الله بن شاكر حدثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي حدثنا عبد الرحمن بن المغيرة الحزامي به. قلت: والحسين بن عبد الله بن شاكر، أبو علي السمرقندي. قال عنه الخطب: "ذكره الدارقطني فقال: ضعيف. وقال عبد الرحمن بن محمد الإدريسي: كان فاضلًا ثقةً، كثيرَ الحديث، حسنَ الرواية". انظر: تاريخ بغداد (8/ 58). وأما المتابع له: مسرور بن نوح فلم أجد له ترجمة. وإبراهيم بن المنذر وعبد الرحمن بن المغيرة الحزاميان صدوقان كما في التقريب (رقم: 253)، و (رقم: 4015). ولو صح السند إلى عبد الرحمن، فهو معلول بمخالفة رواة الموطأ له. انظر الموطأ برواية: - أبي مصعب الزهري (2/ 141) (رقم: 2029)، وسويد بن سعيد (ص: 550) (رقم: 1311)، وابن القاسم (ص: 549) (رقم: 527)، وابن بكير (ل: 261/ب) - نسخة الظاهرية -). - وأخرجه أبو عوانة في الاستئذان كما في إتحاف المهرة (5/ 173)، والجوهري في مسند الموطأ (ل: 151/ب) من طريق القعنبي. (¬2) لعله يحيى بن أيوب بن بادي - بالموحدة - الخولاني مولاهم أبو زكريا المصري العلاّف (ت: 289 هـ)، وهو صدوق. انظر: تهذيب الكمال (31/ 230)، السير (13/ 453)، التقريب (رقم: 7509).

من مَعن بن عيسى فأَلْحَقَ منه لى موطَّئِه فقال فيه: الثقة" (¬1). وللنسائيِّ نحوُ هذا الكلام، وقال: "هذا مشهورٌ بيّن" (¬2). وقال ابنُ معين: "حَدَّث مخرمةُ مِن كتابٍ لأبيه، ولَم يسمعه منه" (¬3). وروى ابنُ وهب هذا الحديثَ عن عَمرو بن الحارث، عن بُكير بإسناده هذا. خَرَّجه مسلمٌ كذلك (¬4). وخَرَّجه أيضا هو والبخاري من طريق يزيد بن خُصَيفة، عن بُسر، عن أبي سعيد مطولًا (¬5). وأبو سعيد حَكَى قولَ أبي موسى ولَم يَقصِدْ الروايةَ عنه، بل شَهِدَ له عند عمر وصَدَّق قولَه (¬6). ورَوَى هذا الحديث طلحةُ بنُ يحيى، عن أبي بردة، عن أبي موسى، ¬

_ (¬1) لم أقف على هذا القول. (¬2) لم أقف على كلام النسائي. (¬3) هذه رواية ابن البرقي كما في التمهيد (24/ 202)، وانظر: رجال الموطأ لابن الحذاء (ل: 128/ب). وفي رواية عباس الدوري، ورواية ابن أبي خيثمة حكاه ابن معين عن غيره فقال: يقال، يقولون. انظر: التاريخ (3/ 254/ - رواية الدورى-)، الجرح والتعديل (8/ 363). وقال ابن محرز: "سمعت يحيى بن معين سئل عن مخرمة بن بكير سمع من أبيه؟ فقال: كتاب. وقال يحيى: مخرمة لا يُكتب حديثه". معرفة الرجال (1/ 56). وتقدّم الكلام في سماع مخرمة بن بكير من أبيه (ص: 316). (¬4) صحيح مسلم كتاب: الآداب، باب: الاستئذان (3/ 1694) (رقم: 2153). (¬5) صحيح مسلم - الموضع السابق-، وصحيح البخاري كتاب: الاستئذان، باب: التسليم والاستئذان ثلاثا (7/ 169) (رقم: 6245). (¬6) انظر: التمهيد (3/ 191).

وَصَفَ قصتَه مع عمر، وذَكَرَ أنَّ أبَيَّ بنَ كعبٍ شَهِدَ له بذلك. خَرَّجه مسلم في الصحيح (¬1). قال الدارقطني: "وحديث أبي سعيد هو المحفوظ" (¬2). قال الشيخ: وأبو بردة هذا هو ابن أبي موسى، واسمُه: عامِر بن عبد الله بن قَيس، وقيل: اسمُه الحارث، والأوَّلُ أشهَر (¬3). وعَمُّه أبو بُردة عامر بن قَيس من الصَّحابَة (¬4). ¬

_ (¬1) صحيح مسلم (3/ 1696) (رقم: 2154)، ولم يذكر أبا سعيد، وطلحة بن يحيى صدوق يخطئ. انظر: تهذيب الكمال (13/ 441)، تهذيب التهذيب (5/ 25)، التقريب (رقم: 3036). (¬2) العلل (7/ 199)، وتمام كلامه: "على أن مسلم بن الحجاج قد أخرج حديث طلحة بن يحيى في الصحيح". (¬3) وقيل: اسمه كنيته. انظر: تهذيب الكمال (33/ 66)، تهذيب التهذيب (12/ 21). (¬4) وهو مشهور بكنيته، انظر: الاستيعاب (4/ 1608)، الإصابة (7/ 36).

73/ مسند أبي محمد

73/ مسند أبي محمد واسمه: مَسعود، وقيل: سَعْد بن أَوس بن زَيد، وهو أنصاريٌّ نَجَّاريٌّ بَدري (¬1) حديثٌ مَنُوطٌ بغيره، وفيه نظر. 300/ حديث: "إنَّ الوِترَ واجِبٌ". في باب: الأمر بالوتر. عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن يحيى بن حَبَّان، عن ابن مُحَيْرِيز، عن المُخْدِجِي: سمع رجلًا بالشام يُكنى أبا محمد يقولُه (¬2). هذا خَبَرٌ قد يُلحقُ بالمرفوعِ؛ لأنَّ الواجبَ ما أوجبَه اللهُ تعالى، ومُبَلِّغُ ذلك هو الرسولُ - صلى الله عليه وسلم -، وإذا قال الصحابيُّ: "هذا واجبٌ أو فرضٌ أو سُنَّةٌ"، أُحْسِنَ الظَّنُ به، وحُمِلَ ذلك على الرفع، ولَم يُطالَبْ بنَقلِ اللَّفظِ. وأبو محمد هذا صحابيٌّ، فكأنَّه أَخْبَرَ بأنَّ الرسولَ - صلى الله عليه وسلم - أَعلَمَ بأنَّ الله تعالى أَوْجَبَه، ولِكَونِه عندَهم خَبَرًا لاَ رَأْيًا، قال عُبادة: "كذب أبو محمد"، ¬

_ (¬1) وقيل في اسمه واسم أبيه غير ذلك، وهو مشهور بكنيته. انظر: الاستيعاب (4/ 1754)، الإصابة (7/ 366). (¬2) الموطأ كتاب: صلاة الليل باب: الأمر بالوتر (1/ 120) (رقم: 14). وأخرجه أبو داود في السنن كتاب: الصلاة باب: فيمن لم يوتر (2/ 130) (رقم: 1420) من طريق القعنبي. والنسائي في السنن كتاب: الصلاة باب: المحافظة على الصلوات الخمس (1/ 230) من طريق قتيبة.

ولو كان عندَه رأيًا لقال فيه: أخطأَ، ولَم يقُلْ كدْبَ (¬1). وقد تَقدَّم الكلامُ عليه في مسند عبادة، ورواتُه مذكورُون هناك (¬2)، وابن حَبَّان في مسندِ رافعٍ وغيرِه (¬3). ¬

_ (¬1) هذا إن لَم يُحمل قولُه "كذب" على معنى أخطأ، وهي لغة أهل الحجاز كما تقدّم نظير ذلك في (2/ 560). وما ذكره المصنف من قول الصحابي "هذا سنة أو واجب ... "، يُحمل على الرفع، وهو قول أصحاب الحديث وأكثر أهل العلم. انظر تفصيل ذلك في: الكفاية (ص: 420 - 442)، علوم الحديث للحاكم (ص: 22)، علوم الحديث لابن الصلاح (ص: 45)، إرشاد طلاب الحقائق (ص: 77)، النكت (2/ 515)، فتح المغيث (1/ 127 - 139)، تدريب الراوي (1/ 228 - 234). (¬2) تقدّم (3/ 46). (¬3) انظر ضبط حَبّان في مسند رافع (2/ 157).

74/ مسند أبي قتادة الأنصاري السلمي

74/ مسند أبي قَتادة الأنصاري السَّلَمي بفتح السِّين واللاَّم (¬1). قيل: اسمُه الحارثُ بن رِبْعِي، قال البخاري: "ويُقال: نعمان" (¬2)، وقيل غير ذلك (¬3). عشرةُ أحاديث. حديث: "إذا دخل أحدُكم المسجدَ فليركعْ ركعتين قبلَ أن يَجلسَ". في باب: انتظار الصلاة. وليس مِنه (¬4). عن عامر بن عبد الله بن الزبير، عن عَمْرو (¬5) بن سُليم الزُّرَقي، عن أبي قتادة (¬6). ¬

_ (¬1) مشتبه النسبة (ص: 36). (¬2) التاريخ الكبير (2/ 258)، التاريخ الصغير (الأوسط) (1/ 131)، وهو قول الواقدي، وابن الكلبي، وابن القداح. (¬3) قيل: عمرو بن ربعي، وقيل: بلدمة بن خناس، والمشهور الحارث بن ربعي. وانظر: الاستيعاب (4/ 1731)، تهذيب الكمال (34/ 194)، الإصابة (7/ 327). (¬4) قال الباجي: "ومعنى ذلك والله أعلم، أن هذه المساجد إنما بُنيت للصلاة، وإنما تُقصد للصلاة، فيُستحب أن يكون أول ما يبدأ به فيها من الأعمال الصلاة، ليأمن بذلك فوات ما قصد له بحَدَث أو غيره، وأيضا فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد أعلمنا أن المنتظر للصلاة في صلاة، وأن القاعد في المسجد بعد الصلاة تصلي عليه الملائكة، فيُستحب له أن يصلي ثم يجلس فيحصل له أحد الأمرين أو يكون للصلاة فيحصلان له". المنتقى (1/ 285). (¬5) سقطت واو عمرو من الأصل سهوًا، وضبطها الناسخ بفتح العين وسكون الميم. (¬6) الموطأ كتاب: قصر الصلاة في السفر، باب: انتظار الصلاة والمشي إليها (1/ 149) (رقم: 57). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الصلاة، باب: إذا دخل المسحد فليركع ركعتين (1/ 143) (رقم: 444) من طريق عبد الله بن يوسف. =

وسُليم بضمِّ السِّين مصغّرًا دون نونٍ. 302 / وبه: "كان يصلي وهو حامل أمامةَ بنت زينب ... ". في جامع الصلاة (¬1). ¬

_ = ومسلم في صحيحه كتاب: صلاة المسافرين وقصرها، باب: استحباب تحية المسجد بركعتين .. (1/ 495) (رقم: 714) من طريق القعنبي وقتيبة ويحيى النيسابوري. وأبو داود في السنن كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في الصلاة عند دخول المسجد (1/ 318) (رقم: 467) من طريق القعنبي. والترمذي في السنن كتاب: الصلاة، باب: ما جاء إذا دخل أحدكم المسجد فليركع ركعتين (2/ 129) (رقم: 316) من طريق قتيبة. والنسائي في السنن كتاب: المساجد، باب: الأمر بالصلاة قبل الجلوس فيه (2/ 53) من طريق قتيبة. وابن ماجه في السنن كتاب: إقامة الصلاة والسنة فيها، باب: من دخل المسجد فلا يجلس حتى يركع (1/ 324) (رقم: 1013) من طريق الوليد بن مسلم. وأحمد في المسند (5/ 295، 303) من طريق ابن مهدي وعبد الرزاق. والدارمي في السنن كتاب: الصلاة، باب: إذا دخل المسجد (2/ 376) (رقم: 1393) من طريق يحيى بن حسّان، ثمانيتهم عن مالك به. (¬1) الموطأ كتاب: قصر الصلاة في السفر باب: جامع الصلاة (1/ 155) (رقم: 81). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الصلاة، باب: إذا حمل جارية صغيرة على عنقه في الصلاة (1/ 163) (رقم: 516) من طريق عبد الله بن يوسف. ومسلم في صحيحه كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: جواز حمل الصبيان في الصلاة (1/ 385) (رقم: 543) من طريق القعنبي وقتيبة ويحيى النيسابوري. وأبو داود في السنن كتاب: الصلاة، باب: العمل في الصلاة (1/ 563) (رقم: 917) من طريق القعنبي. والنسائي في السنن كتاب: السهو، باب: حمل الصبايا في الصلاة ووضعهن في الصلاة (3/ 10) من طريق قتيبة. وأحمد في المسند (5/ 295، 303) من طريق ابن مهدي وعبد الرزاق. والدارمي في السنن كتاب: الصلاة، باب: العمل في الصلاة (1/ 364) (رقم: 1360) من طريق خالد بن مخلد، سبعتهم عن مالك به.

قال فيه يحيى بن يحيى: "ولأَبي العاصِي بن ربيعة"، وتابعه جماعةٌ (¬1). وقال آخرون: "ابن الربيع" (¬2)، وهو الصواب، وأبو العاصي صِهْر رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - مشهورٌ، وهو أبو العاصِي بن الرَّبيع بن عبد العُزَّى بن عَبد شمس بن عبد مَناف - وفيه يجتمع مع النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - لم يُختلف في نسَبِه، واختُلِف في اسمِه (¬3). ¬

_ (¬1) تابعه: عبد الله بن يوسف عند البخاري. ومن رواة الموطأ: ابن بكير (ل: 38/أ - نسخة السليمانية -). وقال ابن عبد البر: "وتابعه ابن وهب، والقعنبي، وابن القاسم، وابن بكير، ومطرف، وابن نافع". التمهيد (20/ 94). (¬2) وهي رواية القعنبي وقتيبة ويحيى النيسابوري عند مسلم، وسبق حكاية ابن عبد البر عن القعنبي أنه تابع يحيى الليثي، فلعل مسلمًا حمل روايته على رواية غيره. وتابعهم من رواة الموطأ: أبو مصعب الزهري (1/ 220) (رقم: 566)، وابن القاسم (ص: 410) (رقم: 389) - تلخيص القابسي-)، كذا وجدته في المطبوع، وحكى ابن عبد البر أنه تابع يحيى الليثي، وسويد بن سعيد (ص: 197) (رقم: 390)، ومحمد بن الحسن (ص: 103) (رقم: 288). وزاد ابن عبد البر: معن بن عيسى. قلت: وأخرجه أبو أحمد الحاكم في عوالي مالك (ص: 98) من طريق معن، إلا أنه لم يذكر فيه ابن الربيع، وإنما قال: "أمامة بنت زينب بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -"، والله أعلم. (¬3) قال الدارقطني- بعد أن أورد رواية مالك بلفظ: "ابن ربيعة بن عبد شمس" -: "وهذا وَهَم، خالفه أصحاب عامر قالوا: "لأبي العاص بن الربيع بن عبد العزى بن عبد شمس"، وكذلك نسبُه وهو الصواب". انظر: الأحاديت التي خولف فيها مالك (ص: 104، 105). قلت: أخرجه عبد الرزاق في المصنف (2/ 33) (رقم: 2379)، ومن طريقه أحمد في المسند (5/ 304)، والطبراني في المعجم الكبير (22/ 438) (رقم: 1066) عن ابن جريج عن عامر به، وفيه: "ابن الربيع بن عبد العزى". والنسائي في السنن الكبرى (1/ 189) (رقم: 522) والطبراني في المعجم الكبير (رقم: 1070) من طريق الزبيدي عن عامر، وفيه: "بنت أبي العاص بن الربيع". وأحمد في المسند (5/ 310، 296)، والطبراني في المعجم الكبير (رقم: 1068) من طريق عثمان بن أبي سليمان ومحمد بن عجلان عن عامر، وفيه: "بنت أبي العاص بن الربيع". =

أسلمَتْ زوجتُه زَينب قبلَه بنحوِ ستِّ سِنينَ، وزَينبُ هذه هي أَكبرُ بناتِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - (¬1). 303 / حديث: الهِرَّة. فيه: "إنَّها ليست بنَجَس ... ". في باب: الطهور للوضوء. عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن حَمِيدَة، عن خالتها كَبْشَة بنت كعب بن مالك - وكانت تحت ابن أبي قتادة -، عن أبي قتادة. وفيه قصَّةٌ تَضَمَّنَت شُربَ الهِرَّة في إناءِ الوضوء (¬2). ¬

_ = والحاصل أنَّ مالكًا روى هذا الحديث فقال فيه - في رواية يحيى الليثي ومن تابعه -: "لأبي العاص بن ربيعة بن عبد شمس"، وهذا خطأ، وخالفه أصحاب عامر في تسمية والد أبي العاص ونسبه، فقالوا: "لأبي العاص بن الربيع بن عبد العزى"، وهذا هو الصواب؛ لأنَّ ربيعة - بتاء التأنيث - ابن عبد شمس، والد عتبة وشيبة، أما الربيع بن عبد العزى بن عبد شمس فهو والد أبي العاص. وأما على رواية معن وأبي مصعب وغيرهما يُحمل قول مالك على أنه نسب الربيع إلى جدّه، فلا يضره مخالفه من خالفه. وأما إخراج البخاري لرواية الخطأ، فيُعتذر له بأنه أراد أصل الحديت والحكم الشرعي، ولا تعلّق لاختلاف النسب بالحكم، والله أعلم. وانظر: نسب قريش (ص: 157، 152)، جمهرة أنساب العرب (ص: 77)، الاستيعاب (4/ 1701)، التمهيد (20/ 94)، التبيين في أنساب القرشيين (ص: 194)، فتح الباري لابن رجب (4/ 141)، الإصابة (7/ 207)، الفتح (1/ 704). (¬1) انظر: الاستيعاب (4/ 1853)، الإصابة (7/ 665). (¬2) الموطأ كتاب: الطهارة، باب: الطهور للوضوء (1/ 50) (رقم: 13). وأخرجه أبو داود في السنن كتاب: الطهارة، باب: سؤر الهرة (1/ 60/ 75) من طريق القعنبي. والترمذي في السنن كتاب: الطهارة، باب: ما جاء في سؤر الهرة (1/ 153) (رقم: 92) من طريق معن. والنسائي في السنن كتاب: الطهارة، باب: سؤر الهرة (1/ 55)، وفي المياه، باب: سؤر الهرة (1/ 178) من طريق قتيبة. =

وقع عند يحيى بن يحيى: "حَمِيدة بنت أبي عبيدة بن فَرْوَة"، وهو غَلطٌ لم يُتابَع عليه، وإنَّما هي حُمَيدة بنت عبيد بن رِفاعة بن رافِع، وهي زوجُ إسحاق بن عبد الله (¬1). فمن الرواة من يقول فيها: "حُمَيدة بنت عبيد بن رِفاعة" (¬2)، ومنهم من يقول: "بنت عُبيد بن رافع"، يَنسُبُ أباها عبيدًا إلى جدِّه رافِع ولا يَذكرُ أباه (¬3). ¬

_ = وابن ماجه في السنن كتاب: الطهارة، باب: الوضوء بسؤر الهرة (1/ 131) (رقم: 367) من طريق زيد بن الحُباب. وأحمد في المسند (5/ 303، 309) من طريق إسحاق الطبّاع وابن مهدي وحماد بن خالد. والدارمي في السنن كتاب: الطهارة، باب: الهرة إذا ولغت في الإناء (1/ 203) (رقم: 736) من طريق الحكم بن المبارك، ثمانيتهم عن مالك به. (¬1) انظر: رجال الموطأ (ل: 132/ب)، والتمهيد (1/ 308)، وتجريد التمهيد (ص: 20). وترجمة حُميدة في الثقات لابن حبان (6/ 250)، تهذيب الكمال (35/ 159)، تهذيب التهذيب (12/ 441)، وقال ابن حجر في التقريب (رقم: 8568): "مقبولة". وقال محمد بن حارث الخشني: "وهم فيه يحيى، وإنما المحفوظ: حَميدة بفتح الحاء بنت عبيد بن رفاعة، كما رواه القعنبي وابن وهب وابن بكير وغيرهم". أخبار الفقهاء والمحدثين (ص: 349). قلت: أصاب الخشني في قوله بنت عبيد بن رفاعة، وأخطأ في ضبط اسمها، فهي عند يحيى بفتح الحاء، وعند غيره بضمّها، وهو الصواب كما سيأتي. (¬2) وهو قول من تقدّم ذكرهم، وانظر الموطأ برواية: أبي مصعب الزهري (1/ 25) (رقم: 54)، وابن بكير (ل: 5/ب - نسخة السليمانية -)، وابن القاسم (ص: 176) (رقم: 123 - تلخيص القابسي -)، ومحمد بن الحسن (ص: 54) (رقم: 90). (¬3) وهي رواية زيد بن الحباب عن مالك، أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (1/ 36) (رقم: 325)، ومن طريقه ابن ماجه - وقد سبق - إلا أنه وقع عند ابن ماجه: "بن رفاعة"، كرواية الجمهور. وقال ابن عبد البر: "إلَّا أنَّ زيدَ بن الحباب قال فيه عن مالك: حميدة بنت عبيد بن رافع، والصواب رفاعة، وهو رفاعة بن رافع الأنصاري". التمهيد (1/ 318). =

وحُمَيدة، بضمِّ الحاء وفتح المِيمِ على التَّصغيرِ، وقال يحيى فيها: "حَمِيدة"، يفتح الحاء وكسر الميم (¬1). وأما قول يحيى في المسند: "عن خالتِها كَبشة"، فتابعَه محمد بنُ الحسن الشيباني قال فيه: عن مالك، عن إسحاق: أنَّ امرأتَه حُميدة بنت عُبيد بن رِفاعة أخبرته، عن خالتِها كبشة. ذكره الدارقطني (¬2). وقال جمهور الرواة: "حُمَيدة عن كبشة"، لم يَذكرُوا أنَّها خالة. وقال فيه ابن جريج: عن هشام بن عروة، عن إسحاق، عن امرأتِه عن أمِّها، والسند مُختلَفٌ فيه (¬3). ¬

_ = قلت: وما ذكره المصنف أقرب إلى الصواب، فقد يَنسبُ الراوي الرجلَ إلى أبيه وجدّه، ولا يلزم تخطئته، وهذا كثير في الأسانيد. ومما يدل عليه إخراج الحاكم في المستدرك (1/ 160)، والبيهقي في السنن الكبرى (1/ 245) طريق زيد بن الحباب عن الحسن بن علي بن عفان عنه به، وفيه: ابن رفاعة، كرواية الجماعة. وقال سويد في موطئه (ص: 72) (رقم: 45): حميدة بنت عبيد. (¬1) انظر: التمهيد (1/ 318)، تهذيب الكمال (35/ 159). ويحيى بن يحيى أخطأ في موضعين من اسمها، فقال فيها حَميدة بفتح الحاء، ونسبها فقال: بنت أبي عبيدة بن فروة، وهذا وهم منه. (¬2) انظر: الموطأ (ص: 54) (رقم: 90 - رواية محمد بن الحسن الشيباني). وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى (1/ 245) من طريق حسين المعلم وهمام بن يحيى كلاهما عن إسحاق، وفيه: أنها خالتها. (¬3) أخرجه عبد الرزاق في المصنف (1/ 100) (رقم: 352)، والدارقطني في الأفراد كما في أطرافه (ل: 281/ب). وقال الدارقطني: "صحيح من حديث هشام بن عروة عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، وهو غريب من حديث ابن جريج عن هشام". قلت: ولا تعارض بين رواية ابن جريج ومالك ومن تابعه، ولعلّ ابن جريج نزّل الخالة منزلة الأم لحديث: "الخالة بمنزلة الأم"، أخرجه البخاري في صحيحه (3/ 230) (رقم: 2699). وانظر الخلاف في طريق هشام التي ذكرها المصنف، العلل (6/ 161 - 163).

قال الدارقطني: "جَوَّدَه مالكٌ، وحَفِظَ أسماءَ النِّسوةِ وأنسابَهم" (¬1). وقال الترمذي: "جَوَّدَ مالكٌ هذا الحديث، ولَم يأتِ به أحَدٌ أتَمَّ منه، وهو أحسنُ شيءٍ في هذا الباب" (¬2). 304 / حديث: "مُسترِيحٌ ومُستراحٌ منه ... ". في الجنائز. عن محمد بن عَمرو بن حَلْحَلة، عن مَعْبَد بن كعب بن مالك، عن أبي قتادة (¬3). ¬

_ (¬1) العلل (6/ 163)، وقال قبله: "ورفعه صحيح ... وأحسنها إسنادًا ما رواه مالك". (¬2) السنن (1/ 155)، وقال قبله: "هذا حديث حسن صحيح". قلت: وصحّحه جمع من الأئمة منهم ابن خزيمة بإخراجه له في صحيحه (1/ 55/ 104)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (4/ 114) (رقم: 1299)، والحاكم في المستدرك (1/ 159)، وقال: "هذا حديث صحيح ولم يخرجاه على ما أصّلاه في تركه، غير أنهما شهدا جميعًا لمالك بن أنس أنه الحَكَم في حديث المدنيين، وهذا الحديث مما صحّحه مالك واحتج به في الموطأ". ووافقه الذهبي. وقال العقيلي: "إسناد ثابت صحيح". الضعفاء (2/ 142). وقال الترمذي: سألت البخاري عنه فتمال: "جوّده مالك بن أنس، وروايته أصح من رواية غيره". البدر المنير (2/ 340). وقال البيهقي: "إسناده صحيح، الاعتماد عليه". معرفة السنن (1/ 313). وللحديث طرق أخرى وشاهد. انظر: البدر المنير (2/ 338 - 355)، نصب الراية (1/ 133، 134، 136)، التلخيص الحبير (1/ 53، 54). (¬3) الموطأ كتاب: الجنائز، باب: جامع الجنائز (1/ 208) (رقم: 54). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الرقاق، باب: سكرات الموت (7/ 246) (رقم: 6512) من طريق إسماعيل بن أبي أويس. ومسلم في صحيحه كتاب: الجنائز، باب: ما جاء في مستريح مستراح منه (2/ 656) (رقم: 950) من طريق قتيبة. والنسائي في السنن كتاب: الجنائز، باب: استراحة المؤمن بالموت (4/ 48) من طريق قتيبة، كلاهما عن مالك به.

انظر نَسبَ محمد بن حَلْحَلة في مسند ابن عمر (¬1)، ومرسل ثَوْر بن زيد (¬2). حديث: "تخلَّفَ مع أصحابِ له مُحْرِمين وهو غيرُ مُحْرِم، فرَأَى حِمارًا وَحْشِيًّا ... ". فيه. فسأَلَ أصحابَه أن يناوِلوه سَوطَه ووُمحَه فأَبَوا، وأنَّه قَتَلَه فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّما هِي طُعْمَةٌ أَطْعَمَكُمُوها الله". في باب: ما يَأكل المُحْرِم من الصيد. 305/ عن أبي النَّضر، عن نافع مولى أبي قتادة، عن أبي قتادة (¬3). 306 / وعن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي قتادة، مثله (¬4). ¬

_ (¬1) انظر: (2/ 497). (¬2) سيأتي مرسله (4/ 497). (¬3) الموطأ كتاب: الحج، باب: ما يجوز للمحرم أكله من الصيد (1/ 284) (رقم: 76). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الجهاد، باب: ما قيل في الرماح (3/ 311) (رقم: 2914) من طريق عبد الله بن يوسف، وفي الذبائح والصيد، باب: ما جاء في التصيّد (6/ 573) (رقم: 5490) من طريق إسماعيل بن أبي أويس. ومسلم في صحيحه كتاب: الحج، باب: تحريم الصيد للمحرم (2/ 852) (رقم: 1196) من طريق يحيى النيسابوري وقتيبة. والترمذي في السنن كتاب: الحج، باب: ما جاء في أكل الصيد للمحرم (3/ 204) (رقم: 847) من طريق قتيبة. والنسائي في السنن كتاب: الحج، باب: ما يجوز للمحرم أكله من الصيد (5/ 182) من طريق قتيبة. وأحمد في المسند (5/ 301) من طريق ابن مهدي، خمستهم عن مالك به. (¬4) الموطأ - الموضع السابق - (رقم: 78). وأخرجه البخاري في صحيحه (3/ 312) (رقم: 2914) من طريق عبد الله بن يوسف، وفي (6/ 574) (رقم: 5491) من طريق إسماعيل بن أبي أويس. ومسلم في صحيحه (2/ 852) (رقم: 1196) من طريق قتيبة. والترمذي في السنن (3/ 205) (رقم: 848) من طريق قتيبة أيضًا. وأحمد في المسند (5/ 301) من طريق ابن مهدي، أربعتهم عن مالك به.

ساق مالكٌ المتنَ مع السند الاوَّلِ، وأَحَالَ في الثاني عليه، وذَكَر أنَّ فيه زيادة: "هل مَعكَم من لَحمِه شيءٌ"، فقَد يُعدّ حديثين لاختلاَف السَّنَدِ. ونافعٌ مولى أبي قتادة يُعرف بالأقْرَع (¬1). وانظر حديث البهزي في مسنده (¬2)، ومسندِ عُمَير (¬3)، وحديث الصَّعْب في مسنده (¬4). حديث: "خرجنَا مع رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - عامَ حُنَين فلما الْتَقَيْنَا كانت للمسلمين جَوْلَةٌ ... ". فيه: "مَن قتلَ قتيلًا له عليه بيّنةٌ فَلَهُ سَلَبُه". كتاب الجهاد. وفيه قصةٌ، وقولُ أبي بكر: "لاها الله (¬5) ". عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن عَمْرو بن كَثير بن أَفْلَح، عن أبي محمد مولى أبي قتادة، عن أبي قتادة (¬6). ¬

_ (¬1) وهو نافع بن عباس، أبو محمد الأقرع مولى أبي قتادهَ، نُسب إليه ولم يكن مولاه، وقيل له ذلك للزومه. انظر: تهذيب الكمال (29/ 278)، تهذيب التهذيب (10/ 362)، التقريب (رقم: 7074). وأبو النضر الراوي عنه هو سالم بن أبي أمية المدني. (¬2) سيأتي حديثه (3/ 594). (¬3) تقدّم حديثه (3/ 71). (¬4) تقدّم حديثه (2/ 258). (¬5) الهاء للتنبيه، وقد يُقسم بها، يُقال: لاها الله ما فعلتُ كذا. انظر: الفتح (7/ 633). (¬6) الموطأ كتاب: الجهاد، باب: ما جاء في السلب في النفل (2/ 313) (رقم: 18). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: البيوع، باب: بيع السلاح في الفتنة وغيرها (3/ 22) (رقم: 2100)، وفي فرض الخمس، باب: من لم يخمّس الأسلاب (4/ 390) (رقم: 3142) من طريق القعنبي، وفي المغازي، باب: قوله تعالى: {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ .. } (5/ 119) (رقم: 4321) من طريق عبد الله بن يوسف. =

قال يحيى بن يحيى، وطائفةٌ ي هذا الإسناد: "عَمْرو بن كَثِير" مُخَفَّفًا (¬1). وقال الأكثرُ: "عُمَر" بضم العَين، وهو الأصَحُّ ها هنا (¬2). ¬

_ = ومسلم في صحيحه كتاب: الجهاد والسير، باب: استحقاق القاتل سلب القتيل (3/ 1370) (رقم: 1751) من طريق ابن وهب. وأبو داود في السنن كتاب: الجهاد، باب: في السلب يعطى القاتل (3/ 159) (رقم: 2717) من طريق القعنبي. والترمذي في السنن كتاب: السير، باب: في مَن قتل قتيلا فلَه سَلَبُه (4/ 111) (رقم: 1562) من طريق معن. (¬1) تابعه: ابن وهب - من رواية يونس بن عبد الأعلى عنه - عند الطحاوي في شرح المعاني (3/ 226). ووقع في الجمع بين رواية ابن وهب وابن القاسم (ل: 18/ب) - وهي من رواية ابن جوصا الحافظ، عن يونس بن عبد الأعلى، عن ابن وهب -: عُمر بن كثير، وفي حاشية النسخة: رواه ابن بكير وأكثر الرواة عمر، وكذلك أصلحه ابن وضاح، وهو الصواب، ورواه يحيى ومطرف: عمرو، ورواه الشافعي في موطئه: عن ابن كثير ولم يذكر في عمرو ولا عمر، للاختلاف. قلت: ولعل الناسخ أصلح رواية يونس عن ابن وهب، كما أصلح ابن وضاح رواية يحيى، أو حمل رواية ابن وهب على رواية ابن القاسم، والله أعلم بالصواب. (¬2) وهي رواية القعنبي وعبد الله بن يوسف ومعن وابن وهب - من رواية أبي الطاهر أحمد بن السرح وحرملة - عند مسلم. ومن رواية الربيع بن سليمان عند ابن الجارود في المنتقى (3/ 331) (رقم: 1076). وتابعهم من رواة الموطأ: أبو مصعب الزهري (1/ 369) (رقم: 940)، وابن القاسم (ص: 526) (رقم: 508 - تلخيص القابسي-)، وابن بكير (ل: 71/ب- نسخة الظاهرية -). وأخرجه أبو عوانة في صحيحه (4/ 111)، والبيهقى في السنن الكبرى (6/ 306) من طريق الشافعي. وأخرجه أبو عوانة أيضًا (4/ 111) من طريق روح بن عبادة. ومصعب بن عبد الله الزبيري في حديثه (ل: 4/أ)، ومن طريقه أبو أحمد الحاكم في عوالي مالك (ص: 105). وانظر: التمهيد (23/ 243)، الفتح (4/ 378). وقال محمد بن حارث الخشني: "وهم فيه يحيى، فقال: عن عمرو بن كثير، والمحفوظ: عُمر بن كثير، كما روته الرواة عن مالك". أخبار الفقهاء والمحدثين (ص: 352).

وذَكَرَ البخاري في التاريخ عَمْرا وعُمر، فلَعلَّهما أخوان، وعُمرُ هو المشهور (¬1). وأبو محمد مولى أبي قتادة هو نافع الأقرع، قاله مسلم (¬2). 308/ حديث: إنْ قُتلتُ في سبيلِ الله صابرًا محتسبًا فقبِلًا غيرَ مُدْبرٍ، أيكفِّرُ اللهُ عني خطاياي؟ . فيه: "نَعَم، إلَّا الدَّيْن". في الجهاد، باب: الشهداء. عن يحيى بن سعيد، عن سعيد المقبري، عن عبد الله بن أبي قتادة، عن أبيه (¬3). مِن رواةِ الموطأ من لا يَذكر فيه يحيى بن سعيد (¬4). وقال الدارقطني: "قولُ من قال: عن مالك عن يحيى بن سعيد، عن المقبري أصَحُّ" (¬5). ¬

_ (¬1) انظر: التاريخ الكبير (6/ 188، 366). وخلط بينهما ابن أبي حاتم فقال: "عمرو بن كثير بن أفلح، ويقال عمر بن كتير بن أفلح". الجرح والتعديل (6/ 256). والصحيح التفريق، ويُحتمل أن لا يكونا أخوين، فالمصغّر مكيّ، والمكبّر مدني، والله أعلم. (¬2) الكنى والأسماء (2/ 720) (رقم: 2891). (¬3) الموطأ كتاب: الجهاد، باب: الشهداء في سبيل الله (2/ 368) (رقم: 31). وأخرجه النسائي في السنن كتاب: الجهاد، باب: من قاتل في سبيل الله وعليه دين (6/ 34) من طريق ابن القاسم عن مالك به. (¬4) هي رواية مصعب الزبيري كما في حديثه (ل: 22/ب)، وكذا ذكره الدارقطني في العلل، وتابعه: معن بن عيسى والقعنبي. انظر: العلل (6/ 134)، التمهيد (23/ 231)، مسند الموطأ (ل: 143/أ)، إتحاف المهرة (4/ 140). إلَّا أنَّ الدارقطني جعل معْنًا موافقًا ليحيى الليثي، والله أعلم. (¬5) العلل (6/ 134). =

وانظر الحديثَ لمسلم (¬1). 309 / حديث: "نهى أن يُشربَ التمرُ والزُّبيبُ جميعًا، والزَّهْوُ (¬2) والرُّطَبُ جميعًا". في الأشربة. عن الثقة عنده، عن بُكَير بن عبد الله بن الأشَجّ، عن عبد الرحمن بن الحُباب الأنصاري، عن أبي قتادة (¬3). هكذا قال مالك في الموطأ: "عن الثقة"، ولم يسمِّه (¬4). ¬

_ = وتابع يحيى الليثي على روايته: - ابن القاسم (ص: 525) (رقم: 507 - تلخيص القابسي-)، وأبو مصعب الزهري (1/ 365) (رقم: 933)، وابن بكير (ل: 74/أ- نسخة الظاهرية -). - وابن وهب كما في الجمع بين روايته ورواية ابن القاسم (ل: 21/أ)، وأخرجه من طريقه أبو عوانة في صحيحه (5/ 52). قال ابن عبد البر: "وفي الممكن أن يكون مالك قد سمعه من يحيى عن سعيد، ثم سمعه من سعيد". التمهيد (23/ 231). (¬1) صحيح مسلم كتاب: الإمارة، باب: من قتل في سبيل الله كفّرت خطاياه إلا الدين (3/ 1501، 4502) (رقم: 1885) من طريق عبد الله بن أبي قتادة عن أبي قتادة به. (¬2) هو الثمرة إذا ابتدأ إرطابها وطيبها. انظر: مشارق الأنوار (1/ 312). (¬3) الموطأ كتاب: الأشربة، باب: ما يكره أن ينبذ جميعا (2/ 644) (رقم: 8). وأخرجه النسائي في السنن الكبرى - رواية الأسيوطي - كما في تحفة الأشراف (9/ 261) من طريق ابن القاسم. (¬4) انظر الموطأ برواية: أبي مصعب الزهري (2/ 48) (رقم: 1835)، وابن القاسم (ص: 549) (رقم: 526 - تلخيص القابسي-)، ويحيى بن بكير (ل: 165/ب- نسخة الظاهرية -)، ومحمد بن الحسن الشيباني (ص: 250) (رقم: 717).

وقال فيه الوليدُ بن مسلم: عن مالك، عن ابن لهيعة، عن بُكير (¬1). وقال ابن معين: "كان عبد الله بنُ لَهيعة ضعيفًا لا يُحتَجُّ بحديثِه" (¬2). وذكرَ السَّاجي وغيرُه أنَّ سبَبَ ضَعفِه كان احتراقُ كتُبِه، وروى عنه جماعةٌ قبلَ ذلك (¬3). ¬

_ (¬1) أخرجه المهرواني في الفوائد المنتخبة الصحاح والغرائب (بتخريج الخطيب) (1/ 492) (رقم: 17)، وابن عبد البر في التمهيد (24/ 205)، والمزي في تهذيب الكمال (17/ 50، 51). وقال الخطيب البغدادي: "هذا حديث غريب جدا، من حديث مالك بن أنس عن عبد الله بن لهيعة بن عقبة الحضرمي قاضي مصر، تفرّد بروايته الوليد بن عتبة عن الوليد بن مسلم، وكلاهما من أهل دمشق، والمحفوظ: عن مالك عن الثقة عنده غير مسمى عن بكير، كذلك هو في الموطأ وغيره". وقال المزي: "إسناد غريب". (¬2) هذه الرواية عن ابن معين ملفّقة من روايات عدّة أصحابه. قال في رواية الدوري عنه: "ابن لهيعة لا يحتج به". وقال في رواية ابن محرز وعثمان الدارمي ومعاوية بن صالح: "ضعيف". انظر: التاريخ - رواية الدوري - (4/ 482)، معرفة الرجال (1/ 67) (رقم: 134)، تاريخ الدارمي (ص: 153)، الكامل (4/ 144)، الضعفاء للعقيلي (2/ 295). ولابن معين أقوال عدة في ابن لهيعة يجمعها التضعيف وإنكار احتراق كتبه. (¬3) انظر: إكمال تهذيب الكمال (2/ل: 315/ب). ومسألة احتراق كتب ابن لهيعة فيها نظر، أثبتها جماعة من الأئمة كالفلاس، وابن خراش، والحاكم، وابن حبان وغيرهم، ممّن لم يلق ابن لهيعة ولا أدرك زمانه، والكلام في ذلك يطول، ولعل الصواب في أمر ابن لهيعة أنَّه ضعيف آفته التلقين، حيث كان يحدّث من كتابه فترك كتابه وحدّث من حفظه فأخطأ، ووقعت في رواياته بعض المناكير، ولقن فقبل التلقين، وأما احتراق الكتب فلا تُثبت إلَّا بدليل قطعي، وبعض العلماء ذكر احتراق بيت ابن لهيعة دون كتبه، أو أنَّه احترق بعضها وبقيت أصوله، وغالب الأئمة ينكرون وينفون ذلك، ومنهم أخص الناس بابن لهيعة، كيحيى بن بكير وسعيد بن أبي مريم ويحيى بن حسّان التنيسي، وهؤلاء تلامذته. وقال ابن معين: "ليس لهذا أصل، سألت عنها بمصر". سؤالات الدقاق لابن معين (ص: 97). =

وابنُ وهب يَروي هذا الحديت عن عَمرو بن الحارث، عن بُكير (¬1)، وهو محفوظٌ لأبي قتادة، مُخَرَّجٌ له في الصحيح، خَرَّجه مسلم من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن وعبد الله بن أبي قتادة، عن أبي قتادة (¬2)، ولَم يُخَرِّجه البخاري من هذا الطريق (¬3). وَوَقَعَ في متنِ حديث الموطأ: "نهى أن يُشرب"، والجمهورُ يقول فيه: "نهى أن يُنبَذَ"، وهو المَقصودُ عندَ الأكثَرِ، إلاَّ أنَّ مالكًا كَرِهَ خَلطَ النَّبِيذَيْنِ الحَلاَلَيْنِ عِندَ الشُّربِ لمِهذا اللَّفظِ. ¬

_ = وقال أيضًا: "أنكر أهل مصر احتراق كتب ابن لهيعة". الكامل (4/ 145). وقال أبو زرعة: "لم تحترق كتبه، ولكن كان ردئ الحفظ". أجوبة أبي زرعة (2/ 345). وقال سعيد بن أبي مريم - تلميذه -: "لم تحترق كتب ابن لهيعة ولا كتاب، إنَّما أرادوا أن يرقِّقوا عليه أمير مصر، فأرسل إليه أمير مصر بخمسمائة دينار". سؤالات الآجري أبا داود (2/ 174). وانظر: العلل ومعرفة الرجال (2/ 67، 68)، الكامل (4/ 145)، الجرح والتعديل (5/ 146)، التاريخ الكبير (5/ 183)، تاريخ بغداد (13/ 11)، أجوبة أبى زرعة (2/ 345)، الضعفاء للعقيلي (2/ 295)، الكامل (4/ 145)، سؤالات السجزي للحاكم (ص: 135)، سؤالات ابن الجنيد (ص: 393)، المجروحين (1/ 75، 76)، (2/ 11، 13)، تهذيب الكمال (15/ 487)، تهذيب التهذيب (5/ 337). (¬1) أخرجه النسائي في السنن الكبرى - رواية الأسيوطي - كما في تحفة الأشراف (9/ 261)، وابن عبد البر في التمهيد (24/ 206)، والمزي في تهذيب الكمال (17/ 50). وأشار إليه الدارقطني في الأحاديث التي خولف فيها مالك (ص: 119). وقال المزي: "وقول مالك عن الثقة، يُحتمل أن يكون عمرو بن الحارث، ويُحتمل أن يكون عبد الله بن لهيعة، فإنه قد روي عن مالك عن ابن لهيعة بإسناد غريب". تهذيب الكمال (17/ 50). (¬2) صحيح مسلم كتاب: الأشربة، باب: كراهة انتباذ التمر والزبيب مخلوطين (3/ 1575، 1576) (رقم: 1988). (¬3) وأخرجه في صحيحه كتاب: الأشربة، باب: من رأى أن في يخلط البسر والتمر إذا كان مسكرا (6/ 604) (رقم: 5602) من طريق يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبي قتادة به.

قال في المدوّنة: "لاَ أُحبُّ أنْ يُخلطَ في إناءٍ واحدٍ ثم يُشرب، لأنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم -: نهى أن يُنبذ التَّمرُ والبُسر جميعًا، وأن يُشرب التَّمرُ والزَّهوُ جميعًا" (¬1). وهذا غريبٌ (¬2). وقال مالكٌ في المسند: "عبد الرحمن بن الحُباب"، بحاء مُهملة وبائين مُخَفَّفَتَيْن كُلُّ واحدةٍ منهما مُعجمةٌ بواحدةٍ من تحتها (¬3). وقال عليُّ بن المديني: "الصوابُ: ابن الحتات". يعني بتائين معجمتين من فوقِهما بنقطتين نقطتين وهما مُخَفَّفَتَان، وهو ابنُ المنذر ابن أخِي أبي لُبابة. حكاه الدارقطني (¬4). ¬

_ (¬1) المدوّنة (4/ 410)، وفيه: "لا أحب أن يخلطَا ... ثم يشربَا .. "، بالتثنية. (¬2) ووجه الغرابة أن من مذهب مالك أنه في يرى أن يخلطا في عند الشرب ولا عند الانتباذ، كما هو مذهب الجمهور، قال مالك في الموطأ بعد أن أورد حديث عطاء بن يسار عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "نهى أن يُنبذ البسر والرطب جميعا، والتمر والزبيب جميعا"، وحديث الباب بلفظ: الشرب، قال: "وهو الأمر الذي لم يزل أهل العلم ببلدنا، أنه يُكره ذلك لنهي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -". وذهب الليث إلى أن النهي إنما هو عند الشرب فقط، وهذا موافق لما ذكره مالك في المدوّنة، لذا استغربه المصنف، والله أعلم بالصواب. انظر: الموطأ (2/ 644)، الإشراف على مذاهب أهل العلم (2/ 370)، الفتح (10/ 71). (¬3) انظر: المؤتلف والمختلف للدارقطني (1/ 482)، تصحيفات المحدّثين (2/ 414)، الإكمال (2/ 143). (¬4) العلل (6/ 156)، ووقع في المطبوع والمخطوط (2/ل: 60/ب) من قول ابن المديني: "الحباب"، بالباء الموحدة كما قال مالك، وهو تصحيف، فلو كان بالباء الموحدة فلا فرق بين قول ابن المدني وقول مالك، ويوْئده قول الدارقطني أيضا: "ورأيت هذا الحديث في مسند علي بن المديني، وقد ذكره عن مالك على ما ذكرناه عنه، ثم قال علي: هذا عندي عبد الرحمن بن الحُتَات بن عمرو السَّلمي أخو أبي اليسر بن عمرو. كذا رأيته في كتابه، الحُتات بالتاء". الأحاديث التي خولف فيها مالك (ص: 119). وقال أبو حاتم والبخاري: "عبد الرحمن بن الحُباب السلمي". انظر: التاريخ الكبير (5/ 271)، الجرح والتعديل (5/ 223)، المؤتلف والمختلف (1/ 482).

310 / حديث: "الرؤيا الصالحةُ من الله، والحُلمُ من الشيطان ... ". وفيه: التعوُّذ. في الجامع. عن يحيى بن سعيد، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي قتادة (¬1). حديث: عن يحيى بن سعيد: أنَّ أبا قتادة قال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن لي جُمَّة (¬2) أفأرجلّها؟ فيه: "نَعم، وأَكْرِمْها"، وفيه: فعلُ أبي قتادة. في الجامع (¬3). هكذا هو عند ابن يحيى وجماعة عن مالك مرسلًا (¬4). وقال فيه القعنبي وطائفة: يحيى بن سعيد، عن أبي قتادة (¬5). ولفظه عند قراد أبي نوح: قلت: "يا رسول الله، إن لي جُمَّة" (¬6). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الرؤيا، باب: ما جاء في الرؤيا (2/ 729) (رقم: 4). وأخرجه النسائي في السنن الكبرى كتاب: التعبير، باب: الرؤيا بشرى من الله (4/ 383) (رقم: 7627) من طريق معن وابن القاسم عن مالك به. (¬2) الجُمة: بضم الجيم، فيل: الجُمة أكبر من الوفرة، وذلك إذا سقطت على المنكبين. مشارق الأنوار (1/ 153). (¬3) الموطأ كتاب: الشَّعر، باب: إصلاح الشعر (2/ 723) (رقم: 6). (¬4) تابع يحيى على هذا الإسناد: أبو مصعب الزهري (2/ 121) (رقم: 1994)، وسويد بن سعيد (ص: 543) (رقم: 1286)، وابن بكير (ل: 241/ب)، وابن وهب وابن القاسم كما في الجمع بين روايتيهما (ل: 117/ب). (¬5) لم أقف عليه من طريق القعنبي وغيره معنعنا بين يحيى بن سعيد وأبي قتادة، وأخرجه الجوهري في مسند الموطأ (ل: 147/ب) من طريق القعنبي، وفيه: عن يحيى بن سعيد: أن أبا قتادة، ثم قال الجوهري: "وهذا حديث مرسل". (¬6) لم أقف على طريق أبي نوح قراد. وهذا الاختلاف بين الرواة عن مالك لم يذكره ابن عبد البر في التمهيد (24/ 9)، بل قال: "لا أعلم ببن رواة الموطأ اختلافا في إسناد هذا الحديث، وهو عند جميعهم هكذا مرسل منقطع؟ ! ! ".

والحديث مع هذا مقطوعٌ (¬1)، وَصَلَه عُمر بن علي المُقَدَّمي وغيرُه عن يحيى بن سعيد عن محمد بن المنكدر عن أبي قتادة، وقال فيه: "فأَمَرَه أن يُحْسِنَ إليها وأن يَتَرَجَّل كلَّ يوم". خَرَّجه النسائي (¬2). ¬

_ (¬1) الانقطاع بين يحيى بن سعيد وأبي قتادة. (¬2) السنن كتاب: الزينة، باب: تسكين الشعر (8/ 184). وأخرجه ابن عبد البر في التمهيد (24/ 9) من طريق عمر بن علي المقدّمي به. وقال: "ولا ينكر سماع ابن المنكدر من أبي قتادة". قلت: وهذا سند ضعيف، عمر بن علي المقدّمي مدلس تدليس السكوت. قال عبد الله بن الإمام أحمد: "سمعت أبي ذكر عمر بن علي فأثنى عليه خيرا، وقال: كان يدلس. وسمعت أبي يقول: حجّاج سمعته، يعني حديثا آخر، قال أبي: كذا كان يدلّس". وقال ابن سعد: "كان ثقة، وكان يدلس تدليسا شديدا، وكان يقول: سمعت وحدّثنا، ثم يسكت، ثم يقول: هشام بن عروة، الأعمش". انظر: العلل ومعرفة الرجال (3/ 14)، الطبقات الكبرى (7/ 213). ثم إن محمد بن المنكدر لم يسمع من أبي قتادة، وروايته عنه مرسلة، كما قال الحافظ ابن حجر في تهذيب التهذيب (9/ 419)، وهذا خلاف ما ذكره ابن عبد البر. وحكى الحافظ قول ابن عبد البر ثم قال: "كذا قال، وفي سماعه من أبي قتادة بُعدٌ شديد". إتحاف المهرة (4/ 160). قلت: وقد خولف عمر بن علي المقدمى كما سيأتي، إلا أنه توبع في وصله لكن عن غير أبي قتادة. أخرجه الدارقطني في الأفراد كما في أطرافه (ل: 281/ب) من طريق يحيى بن سعيد الأموي عن يحيى بن سعيد عن محمد بن المنكدر عن جابر. وقال: "تفرّد به يحيى بن سعيد الأموي عن يحيى بن سعيد الأنصاري". قلت: يحيى بن سعيد الأموي ثقة، لكنه خولف، كما سيأتي. وأخرجه ابن عدي في الكامل (1/ 299)، والطبراني في المعجم الأوسط (1/ 208) (رقم: 671)، والبيهقي في شعب الإيمان (11/ 421، 422) (رقم: 6041، 6042) من طريق منصور بن أبي مزاحم عن إسماعيل بن عياش عن هشام بن عروة عن محمد بن المنكدر عن جابر قال: "كانت لأبي قتادة ... ". =

وقال ابنُ عيينة وجماعةٌ: عن يحيى بن سعيد، عن ابن المنكدر: "أنَّ أبا قتادة"، مرسلًا (¬1). قال الدارقطني: "وهو الصواب" (¬2). ¬

_ = وقال ابن عدي: "وهذا الحديث موصولا هكذا لم يروه عن يحيى غير ابن عياش، وجماعة غيره رووه عن يحيى عن ابن المنكدر قال: "كان لأبي قتادة وفرة"، ولم يذكر في الإسناد جابرا". وقال البيهقي: "هكذا روي هذا الإسناد موصولا، وما قبله (يعني طريق ابن عيينة عن محمد بن المنكدر مرسلا، وستأتي) بإرساله أصح، ووصله ضعيف". (¬1) كذا قال المصنف، والصواب أن ابن عيينة في يروي هذا الحديث عن يحيى بن سعيد، وإنما ساواه فيه. أخرجه البيهقي في شعب الإيمان (11/ 421) (رقم: 6040) عن سفيان عن محمد بن المنكدر مرسلا. وتابعه ابن جريج، قال الدارقطني: "وكذلك قال ابن جريج وابن عيينة عن ابن المنكدر: أن أبا قتادة". العلل (6/ 148). وذكر المزي في تحفة الأشراف (9/ 164): "أن ابن جريج يرويه عن عطاء عن ابن المنكدر: أن أبا قتادة، والله أعلم". ورواه حماد بن زيد عن يحيى بن سعيد عن ابن المنكدر مرسلا، أخرجه البيهقي في شعب الإيمان (11/ 420) (رقم: 6039)، وهذا الصحيح في إسناده. وقال ابن حجر: "والمحفوظ في هذا عن ابن المنكدر: أن أبا قتادة، كذا قال حماد بن زيد، عن يحيى بن عياش (كذا، ولعل الصواب: كذا قال حماد بن زيد عن يحيى. ورواه إسماعيل بن عياش) عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن المنكدر، عن جابر، وعدّه ابن عدي في منكراته". إتحاف المهرة (4/ 160). (¬2) العلل (6/ 148). والصحيح في إسناده الإرسال؛ لأن من وصله أقل حفظا ممن أرسله، ثم لو صحّت رواية من وصله لكان المسند منقطعا؛ لأن محمد بن المنكدر لم يسمع من أبي قتادة كما سبق. تنبيه: قوله في رواية النسائي: "فأمره أن يحسن إليها وأن يترجّل كل يوم" وفيه: رفع الأمر بالترجّل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - كل يوم، وليس في حديث من أرسله كابن عيينة وحماد بن زيد هذه الزيادة، وعند ابن عيينة: "وكان يدّهنه يوما ويدَعه يوما"، من فعل أبي قتادة، مع عدم استمرار الترجيل كل يوم. فحديث المقدّمي مع كونه معلا بالانقطاع والإرسال، فمتنه منكر إذ هو مخالف للأحاديث التي سيذكرها المصنف: "أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الترجّل كل يوم". =

وروى سُهِيل (¬1)، عن أبيه، عن أبي هريرة مرفوعًا: "من كان له شَعْرٌ فليُكرِمْه"، خرَّجه أبو داود (¬2). وخَرَّج البزارُ عن عائشةَ مرفوعًا: "أَكْرِموا الشَّعرَ" (¬3). ¬

_ = وأخرج عبد الرزاق في المصنف (11/ 270) (رقم: 20516) عن معمر عن سعيد بن عبد الرحمن الجُحشي: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لأبي قتادة: "إن اتخذت شعرا فأكرمه"، قال: وكان أبو قتادة - حسبت - يرجّله كل يوم مرّتين. وأخرجه البيهقي في الشعب (11/ 420) (رقم: 6038) من طريق عبد الرزاق، إلا أنَّه قال: عن سعيد بن عبد الرحمن عن أشياخهم: أن النبي - صلى الله عليه وسلم -. فلعل ما في المصنَّف سقط، والله أعلم. ومتنه مخالف لرواية المقدّمي، إذ أسند الفعل إلى أبي قتادة مع الشك في أيام الترجيل. وانظر: سلسلة الأحاديت الصحيحة (5/ 318). (¬1) في الأصل: "سهل"، والصواب المثبت. (¬2) أخرجه أبو داود في السنن كتاب: الترجّل، باب: إصلاح الشعر (4/ 394) (رقم: 4163)، والطبراني في المعجم الأوسط (8/ 229) (رقم: 8485)، والبيهقي في شعب الإيمان (11/ 419) (رقم: 6036)، وابن عبد البر في التمهيد (24/ 10) من طريق عبد الرحمن بن أبي الزناد عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه به. وسنده حسن كما قال الحافظ في الفتح (10/ 381). وأخرجه الطحاوي في شرح مشكل الآثار (8/ 434) (رقم: 3365) من طريق عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه عن الأعرج عن أبي هريرة به. وصحّحه الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة (1/ 819) (رقم: 500)، وذكر لابن أبي الزناد متابعًا، وللحديت شاهدين، أحدهما حديث عائشة، وسيأتي. (¬3) كشف الأستار (3/ 372) (رقم: 2974). وأخرجه ابن عدي في الكامل (3/ 6)، وأبو نعيم في أخبار أصبهان (2/ 214)، وابن عبد البر في التمهيد (24/ 10) من طريق خالد بن إياس عن هشام بن عروة (وزاد ابن عبد البر: مسلم بن يسار) كلاهما عن عروة عن عائشة به. وقال البزار: "لا نعلم أحدا رواه بهذا الإسناد إلا في خالد". قلت: وهو خالد بن إلياس، ويقال: إياس، أبو الهيثم المدني، متروك الحديث. =

قال السيخ أبو العبّاس رضي الله عنه: وجاء في حديث عبد الله ابن مُغفَّل: "أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عن التَرَجُّل إلَّا غِبًّا" خَرَّجه أبو داود والنسائي (¬1). ¬

_ = انظر: تهذيب الكمال (8/ 29)، تهذيب التهذيب (3/ 70)، التقريب (رقم: 1617). وأخرجه الطحاوي في شرح مشكل الآثار (8/ 432) (رقم: 3360)، والبيهقي في شعب الإيمان (11/ 419) (رقم: 6037)، وأبو بكر الشافعي في الغيلانيات (2/ 263، 264) (رقم: 759، 760)، وبحشل في تاريخ واسط (ص: 241، 242) من طريق محمد بن إسحاق عن عمارة بن غزية عن القاسم عن عائشة بنحوه. وفيه محمد بن إسحاق، مدلس ولم يصرح بالتحديث. وحسّنه الحافظ في الفتح (10/ 381). وقال الشيخ الألباني: "وهذا تساهل منه، فإن ابن إسحاق مدلس، وقد عنعنه من الطريقين عنه، إلا إن كان يعني أنه حسن لغيره فهو صواب". السلسلة الصحيحة (1/ 820). ويفهم من هذه الأحاديث التي أوردها المصنف جواز ترجيل الشعر كل يوم، وأن المسلم مطالب بإكرامه وترجيله. (¬1) أخرجه أبو داود في السنن كتاب: الترجّل (4/ 392) (رقم: 4159)، والنسائي في السنن كتاب: الزينة، باب: الترجّل غبا (8/ 132)، والترمذي في السنن كتاب: اللباس، باب: ما جاء في النهي عن الترجّل غبًا (4/ 205) (رقم: 1756)، وفي الشمائل (ص: 25)، وأحمد في المسند (8614)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (12/ 295) (رقم: 1480)، والحربي في غريب الحديث (2/ 415)، وأبو نعيم في الحلية (6/ 276)، وفي معرفة الصحابة (2/ل: 37/ب)، والطبراني في المعجم الأوسط (3/ 49) (رقم: 2436)، وأبو بكر الخلال في الجامع كتاب: الترجّل (ص: 82) (رقم: 22)، والبيهقي في شعب الإيمان (11/ 427) (رقم: 6048)، والبغوي في شرح السنة (6/ 202) (رقم: 2436)، من طريق الحسن البصري عن عبد الله بن مغفّل به. وقال الترمذي: "حديث حسن صحيح". وقال الشيخ الألباني: "ورجاله ثقات رجال الشيخين، لكن الحسن البصري مدلس، وقد عنعنه في جميع الطرق المشار إليها، لكن له شاهدان يتقوى بهما". السلسلة الصحيحة (2/ 3) (رقم: 501). ثم ذكر شاهدين، أحدهما حديث عبد الله بن شقيق عن رجل من الصحابة الآتي بعد حديث.

وخَرج النسائي أيضًا عن حُميد بن عبد الرحمن الحميري، عن رجلٍ من الصحابة لَم يُسمِّه قال: "نَهَى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أن يَمتَشِطَ أحدُنا كلَّ يوم" (¬1). وعن عبد الله بن شَقيق، عن رجل من الصحابة كان عاملًا بمصر قال: "كان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - ينهانَا عن الإرْفاهِ. قُلنَا: ما الإرْفاه؟ قال: التَرجُّلُ كلُّ يوم" (¬2). وخَرَّج أبو داود عن أبي أمامةَ مرفوعًا: "البذاذة (¬3) من الإيمان". وفَسَّر البذاذةَ بالتَقَحُّلِ، وهو اليُبس (¬4). ¬

_ (¬1) سنن النسائي كتاب: الطهارة، باب: النهي عن الاغتسال بفضل الجنب (1/ 130)، وفي الزينة، باب: الأخذ من الشارب (8/ 131). وأخرجه أبو داود في السنن كتاب: الطهارة، باب: في البول في المستحم (1/ 130) (رقم: 28)، وأحمد في المسند (4/ 110، 111)، (5/ 369) من طريق داود بن عبد الله الأودي عن حميد بن عبد الرحمن الحميري به. وسنده صحيح رجاله ثقات. (¬2) أخرجه النسائي في السنن كتاب: الزينة، باب: الترجّل غبا (8/ 132). وفيه: عن عبد الله بن شقيق قال: "كان رجل من أصحاب رسول الله ... " الحديث. وظاهره الإرسال، ويشهد له ما قبله، وما أخرجه النسائي في السنن كتاب: الزينة، باب: الترجل (8/ 185)، وأبو داود في السنن (4/ 392) (رقم: 4160)، وأحمد في المسند (6/ 22) من طريق يزيد بن هارون وإسماعيل بن علية كلاهما عن سعيد الجُريري عن عبد الله بن بريدة: "أن رجلا من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ... "، بنحوه. وهذا أيضا صورته صورة المرسل، وفيه سعيد بن إياس الجُريري، ثقة إلا أنه اختلط، وسماع يزيد بن هارون منه بعد الاختلاط، أما إسماعيل بن أمية فسمع منه قبل ذلك. انظر: الكواكب النيّرات (ص: 181، 183). ومع ذلك فقد توبع، أخرجه ابن عبد البر في التمهيد (24/ 11) من طريق كهمس بن الحسن عن ابن بريدة عن رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - به، فاتصل السند وصح، والله أعلم. (¬3) في الأصل: "البذاة"، والتصحيح من مصادر التخريج. (¬4) القحولة: بالقاف، قال الخطابي: "يقال: قحل الشيء قحولًا: أي يبس". غريب الحديث (1/ 437). =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وحديث أبي أمامة المذكور مختلف في إسناده: رواه جماعة عن عبد الله بن أبي أمامة، عن عبد الله بن كعب بن مالك، عن أبي أمامة به، منهم: 1 - محمد بن إسحاق، واختلف عنه: - أخرجه أبو داود في السنن (4/ 393) (رقم: 4161)، والبيهقي في شعب الإيمان (12/ 429) (رقم: 6051)، وفي الآداب (ص: 160) (رقم: 262) من طريق بن سلمة. - وأخرجه البيهقي في شعب الإيمان (14/ 289) (رقم: 7784)، وابن عبد البر في التمهيد (24/ 11) من طريق عباد بن العوام، كلاهما عن محمد بن إسحاق، عن عبد الله بن أبي أمامة. وخالفهما: - حماد بن سلمة، فرواه عن محمد بن إسحاق عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف، عن عبد الله بن كعب، عن أبي أمامة، أخرجه من طريقه ابن عبد البر في التمهيد (24/ 12). - وأخرجه الحميدي في مسنده (1/ 173) (رقم: 357) عن سفيان بن عيينة، عن محمد بن إسحاق، عن معبد بن كعب، عن عمّه أو عن أمه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. ولعل الاضطراب في إسناد هذا الطريق من محمد بن إسحاق، فهو صدوق يدلس، وقد عنعن في كل هذه الطرق. ولعل كلام ابن عبد البر يشير إلى هذا حين أورد الطريقين الأوليين عن ابن إسحاق قال: "اختلف في إسناد قوله: "البذاذة من الإيمان" اختلافا يسقط معه الاحتجاج به، ولا يصح من جهة الإسناد". التمهيد (24/ 12). 2 - عبد الله بن عبيد الله بن حكيم بن حزام: أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (1/ 272؛ (رقم: 789) من طريق إسماعيل بن عياش، عن عبد الله بن عبيد الله، عن عبد الله بن عبيد الله بن حكيم بن حزام، عن عبد الله بن أبي أمامة، عن عبد الله بن كعب بن مالك، عن أبي أمامة. وهذا سند ضعيف، عبد العزيز بن عبيد الله بن حمزة بن صهيب الحمصي ضعّفه غير واحد من الأئمة، وتركه بعضهم، وقال أبو زرعة الرازي: "مضطرب الحديث، واهي الحديث". وقال أبو حاتم: "يروي عن أهل الكوفة وأهل المدينة، ولم يرو عنه غير إسماعيل بن عياش، وهو عندي عجيب ضعيف الحديث منكر الحديث، يُكتب حديثه، يروي أحاديث مناكير، ويروي أحاديث حسانًا". وقال ابن حجر: "ضعيف الحديث، ولم يرو عنه غير إسماعيل بن عياش". انظر: الجرح والتعديل (5/ 387، 388)، تهذيب الكمال (18/ 170)، التقريب (رقم: 4111). وشيخه عبد الله بن عبيد الله بن حكيم بن حزام لم أجد له ترجمة، وأخاف أن يكون تصحيفا، فلم =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = يُذكر في ولد حكيم بن حزام من يسمى عبيد الله، وإنما يُعرف من ولده عبد الله. انظر: الطبقات الكبرى (1/ 215، 238 - الطبقة الرابعة من الصحابة -). 3 - عبد الحميد بن جعفر: تابع كُلًّا من محمد بن إسحاق وعبد الله بن عبيد على إسناده، إلا أنه خالفهما في تسمية عبد الله بن كعب، فسماه عبد الرحمن بن كعب. أخرجه الطحاوي في شرح مشكل الآثار (4/ 191) (رقم: 1531)، و (8/ 35) (رقم: 3036)، والطبراني في المعجم الكبير (1/ 272) (رقم: 791)، وأبو أحمد الحاكم في الأسامي والكنى (2/ 14) من طريق عبد الله بن حمران، عن عبد الحميد بن جعفر، عن عبد الله بن ثعلبة (وهو عبد الله بن أبي أمامة بن ثعلبة)، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك، عن أبي أمامة. وعبد الله بن حمران صدوق يخطئ قليلا، كما في التقريب (رقم: 3282). وعبد الحميد بن جعفر صدوق ربما وهم، كما في التقريب (رقم: 3756). وهذه الطريق أمثل الطرق المتقدّمة وأجودها. - وأخرج البخاري الحديث في الكنى (ص: 3) من طريق إسحاق بن محمد. والطبراني في المعجم الكبير (1/ 271) (رقم: 788)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (4/ 58) (رقم: 2002) من طريق سعيد بن أبي مريم، كلاهما عن عبد الله بن المنيب، عن أبيه المنيب بن عبد الله بن أبي أمامة، عن رجل، عن أبي أمامة به. واستظهر الشيخ الألباني أن المراد بالرجل في هذه الطريق هو ابن لكعب بن مالك في سبق ذكره في الطرق المتقدّمة. الصحيحة (1/ 603). والذي يظهر أنه غير ابن كعب بن مالك، بدليل أنه جاء عند البخاري في آخِر الحديث قول المنيب: "فسألت عنه (أي الرجل الذي حدّثه) فقيل لي: هذا محمود بن لبيد". والشيخ الألباني لم يقف على هذه الطريق. لكن المنيب قال عنه الحافظ: "مقبول". التقريب (رقم: 6919). فطريقه هذه ضعيفة لجهالته، ومخالفتها الطرق المتقدّمة. والحاصل من هذا كله أن محمد بن إسحاق وعبد الله بن عبيد الله وعبد الحميد بن جعفر رووه عن عبد الله بن أبي أمامة، عن ابن كعب بن مالك، عن أبي أمامة. (قال الأوّلان: عبد الله بن كعب بن مالك، وقال عبد الحميد: عبد الرحمن بن كعب). وخالف هؤلاء الرواة جماعة، فرووه عن عبد الله بن أبي أمامة، عن أبي أمامة من غير واسطة بينهما، منهم: 1 - صالح بن كيسان: وهو ثقة ثبت فقيه. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = أخرجه الإمام أحمد في المسند كما في أطرافه (6/ 12)، وفي الزهد (ص: 19) (رقم: 29)، والقضاعي في مسند الشهاب (1/ 125) (رقم: 157)، والبيهقي في شعب الإيمان (14/ 290) (رقم: 7785)، (14/ 291) (رقم: 7789) من طريق عبد الرحمن بن مهدي. والروياني في المسند (4/ 212) (رقم: 1273) من طريق أبي عامر العقدي، كلاهما عن زهير بن محمد. وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير (1/ 272) (رقم: 790)، وأبو أحمد الحاكم في الكنى والأسماء (2/ 13) من طريق سعيد بن سلمة بن أبي الحسام، كلاهما (زهير وسعيد بن سلمة) عن صالح بن كيسان، عن عبد الله بن أبي أمامة، عن أبي أمامة. تنبيهان: الأول: أخرج الحاكم في المستدرك (عن شيخه القطعي، عن عبد الله بن أحمد، عن أحمد بن حنبل، عن عبد الرحمن بن مهدي، عن صالح بن أبي صالح، عن عبد الله بن أبي أمامة به. قال الحاكم: "احتج مسلم بصالح بن أبي صالح السمان". كذا قال الحاكم رحمه الله، وهو وهم منه، والحديث في يرويه صالح بن أبي صالح السمان، وإنما رواه صالح بن كيسان، كذا رواه أحمد، ومن طريقه أخرجه البيهقي، وروي من غير طريق أحمد كما عند القضاعي، والوهم في هذا كله من الحاكم؛ لأن القطيعيُّ هو راوي المسند عن عبد الله بن أحمد عن أبيه أحمد. الثاني: لم يذكر ابن حجر طريق الإمام أحمد، ولا طريق الحاكم في إتحاف المهرة ترجمة: إياس بن ثعلبة أبي أمامة، وهما على شرطه، وذكر طريق أحمد في أطراف المسند كما سبق، وسقطت من طبعة المسند. 2 - أسامة بن زيد الليثي: وهو صدوق يهم. أخرجه ابن ماجه في السنن كتاب: الزهد، باب: من لا يُؤبه له (2/ 1379) (رقم: 4118) من طريق أيوب بن سويد. وأبو أحمد الحاكم (2/ 13) من طريق عبد الله بن المبارك، كلاهما عن أسامة بن زيد، عن عبد الله بن أبي أمامة، عن أبي أمامة. 3 - محمد بن عمرو بن علقمة: أخرجه الروياني في مسنده (2/ 315) (رقم: 1274) من طريق محمد بن عمرو، عن عبد الله بن أبي أمامة، عن أبي أمامة به. وخلاصة القول: أن الرواة اختلفوا على عبد الله بن أبي أمامة، ففال صالح بن كيسان، وأسامة بن زيد، ومحمد بن عمرو: عن عبد الله بن أبي أمامة، عن أبيه. وقال محمد بن إسحاق، وعبد الله بن عبيد، وعبد الحميد بن جعفر: عنه عن ابن كعب بن مالك عن أبي أمامة. =

قال الشيخ: ولكلِّ هذا وجهٌ، والمكروهُ الغُلُو والإِغبَاءُ في كلِّ طَرفٍ، وقد يَخْتَلِفُ، المقالُ لاختلافِ الأحوالِ. وانظر مرسلَ عطاء بن يسار (¬1). ¬

_ = ورجّح الشيخ الألباني طريق من زاد في المسند ابن كعب بن مالك، قال: "ويبدو أن رواية هولاء الثلانة أرجح؛ لأنهم أكثر؛ ولأن معهم زيادة علم، ومن علم حجة على من لم يعلم". الصحيحة (1/ 306). قلت: الروايات متحدّة من حيث العدد، (والشيخ الألباني لم يقف على رواية محمد بن عمرو) أما من حيث القوة والحفظ، فالذي يظهر أنَّها روايات من لم يذكر في الإسناد ابن كعب بن مالك، وفيهم مثل صالح بن كيسان، يزاد على ذلك أن رواية محمد بن إسحاق مضطربة، ورواية عبد الله بن عبيد الله ضعيفة، فترحيح رواية صالح بن كيسان ومن تابعه هو الموافق للقواعد الحديثية، وعليه تكون زيادة من زاد ابن كعب بن مالك من باب المزيد في متصل الأسانيد، والله أعلم. والحاصل أن الصواب رواية عبد الله بن أبي أمامة عن أبيه من غير واسطة، وهي رواية حسنة، فعبد الله بن أبي أمامة صدوق كما في التقريب (رقم: 3214). (¬1) سيأتي مرسله (5/ 120).

75/ مسند أبي سعيد الخدري

75/ مسند أبي سعيد الخُدْري واسمه: سَعْدُ بن مالك بن سِنان، أنصاريٌّ خزرجيٌّ. ثلاثة وعشرون حديثًا، شاركه في أحدِها أبو هريرة (¬1)، وفي آخَر منها أبو موسى، وقد تقدّم له (¬2)، ومنها حديثان مشكوكٌ فيهما، وقد رُويا عنه وعن أبي هريرة (¬3)، وفي حديثين منها (¬4) نَظر. حديث: "إذا كان أحدُكم يصلِّي فَلاَ يَدَعْ أحدًا يَمُرُّ بين يديه ... ". وفيه: "فإن أَبَى فلْيقاتِلْه". في الصلاة، الثاني. عن زيد بن أسلم، عن عبد الرحمن بن أبي سعيد، عن أبيه (¬5). ¬

_ (¬1) سيأتي (3/ 260). (¬2) تقدّم (3/ 193). (¬3) سيأتيان (3/ 265، 266) (¬4) في الأصل: "منهما"، ولعل الصواب المثبت؛ لاْنَّ الضمير يرجع إلى الثلائة وعشرين حديثًا. (¬5) الموطأ كتاب: قصر الصلاة في السفر، باب: في التشديد في أن يمر أحد بين يدي المصلي (1/ 144) (رقم: 33). وأخرجه مسلم في صحيحه كتاب: الصلاة، باب: منع المار بين يدي المصلي (1/ 362) (رقم: 505) من طريق يحيى النيسابوري. وأبو داود في السنن كتاب: الصلاة، باب: ما يُؤمر المصلي أن يدرأ عن الممر بين يديه (1/ 447) (رقم: 697) من طريق القعنبي. والنسائي في السنن كتاب: القبلة، باب: التشديد في المرور بين يدي المصلي وبين سترته (2/ 66) من طريق قتيبة. وأحمد في المسند (3/ 34، 43) من طريق ابن مهدي وإسحاق الطبّاع، خمستهم عن مالك به.

هكذا هو في الموطأ بهذا الإسناد (¬1)، ولابن وهب (¬2) خارِجَ الموطأ طرفٌ منه عن مالك، عن زيد، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد (¬3)، والأوَّلُ هو المحفوظُ عن زيد (¬4). وانظر حديث أبي جُهيم (¬5)، وحديثَ ابن عباس (¬6)، وعائشة من طريق أبي سلمة (¬7). حديث: "يَخرُج فيكم قومٌ تَحْقِرون صلاتَكم مع صلاِتهم ... ". فيه: "يَقرَؤون القرآن ولا يجاوزُ حَناجرَهم، يَمْرُقُون من الدِّينِ كما يَمرُق السَّهمُ من الرَمِيَّة". في الصلاة عند آخره، باب: ما جاء في القرآن. ¬

_ (¬1) انظر الموطأ برواية: أبي مصعب الزهري (1/ 159) (رقم: 408)، وسويد بن سعيد (ص: 151) (رقم: 261)، ومحمد بن الحسن (ص: 98) (رقم: 273)، وابن القاسم (ص 228) (رقم: 175 - تلخيص القابسي)، وابن بكير (ل: 24/ب- نسخة السليمانية)، والقعنبي (ل: 29/ب- نسخة الأزهرية). (¬2) في الأصل: "وابن وهب"، ولعل الصواب المثبت. (¬3) ذكره ابن عبد البر في التمهيد (4/ 185)، وقال: "وعند ابن وهب أيضًا عن مالك عن زيد بن أسلم عن عبد الرحمن بن أبي سعيد عن أبيه". قلت: وبهذا الوجه أخرجه الطحاوي في شرح المعاني (1/ 460) من طريق عبد الله بن وهب كرواية الجماعة عن مالك سواء. (¬4) وهذا الظاهر، لاتفاق جمهور الرواة عن مالك على إسناده، وعليه فإن رواية ابن وهب المخالفة شاذة، ويؤيّده ورود الوجه المحفوظ عن ابن وهب أيضًا. (¬5) تقدّم حديثه (3/ 158). (¬6) تقدّم حديثه (2/ 526). (¬7) سيأتي حديثها (4/ 89).

عن يحيى بن سعيد، عن محمّد بن إبراهيم التَّيْمي، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي سعيد (¬1). ليس في الموطأ سبب هذا الحديث، وجاء في الصحيح من طُرق أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَسَمَ مالًا، وآثرَ المؤلَّفةَ قلوبَهم، فقال له ذو الخُوَيْصِرَة - رَجل من بنِي تَمِيم -: "يا محمّد اعْدِل". فقال بعد كلامٍ ذَكَرَه: "يَخرُجُ من ضِئْضِئِ (¬2) هدا قومٌ ... "، وذكرَ سِيمَاهم، وما دَلَّ أنّهم الحَرُورِيَّة (¬3). 314 / حديث: "كان يَعتَكِف العَشْرَ الوَسَط من رمضان ... ". وفيه: "وقَد رأيتُ هده اللّيلةَ ثمّ أُنْسِيتُها، وقد رأيتُنِي أَسجُدُ في ماءٍ وطِينٍ من صَبِيحَتِها، فالْتَمِسوها في العشر الأواخر، والتَمسوها في كلِّ وِتر". يعني ليلةَ القَدْرِ. ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: القرآن، باب: ما جاء في القرآن (1/ 180) (رقم: 10). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: فضائل القرآن، باب: من رايا بتمراءة القرآن أو تأكّل به أو فخر به (6/ 435) (رقم: 5058) من طريق عبد الله بن يوسف. والنسائي في السنن الكبرى كتاب: فضائل القرآن، باب: من قال بالقرآن بغير علم (5/ 31) (رقم: 8089) من طريق ابن القاسم. وأحمد في المسند (3/ 60) من طريق ابن مهدي، ثلاثتهم عن مالك به. (¬2) بكسر الضادين المعجمتين، وهمزة ساكنة، أي من أصله، والضئضئ أصل الشيء ومعدنه، وقيل: نسله. مشارق الأنوار (2/ 55). (¬3) انظر: صحيح البخاري كتاب: المناقب، باب: علامات النبوة في الإسلام (4/ 542) (رقم: 3610)، وفي الأدب، باب: ما جاء في قول الرجل: ويلك (7/ 144) (رقم: 6163)، وفي استتابة المرتدين، باب: من ترك قتال الخوارج للتألّف وأن لا ينقر الناس (8/ 375) (رقم: 6933). وصحيح مسلم كتاب: الزكاة، باب: ذكر الخوارج وصفاتهم (2/ 744) (رقم: 1064) من طرق عن الزهري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن به.

في باب: ليلة القدر. عن يزيد بن عبد الله بن الهادي، عن محمّد بن إبراهيم التيمي، عن أبي سلمة بن عبد الرّحمن، عن أبي سعيد (¬1). وذَكَرَ في آخِرِه: "أنَّه رآه انصَرَفَ صُبحَ لَيلةِ إحدى وعشرين وعلى جَبِينِه وَأنفِه أَثَرُ الماءِ والطينِ". وقال يحيى بن يحيى في صَدْرِ هذا الحديثِ: "فاعتكفَ عامًا، حتى إذا كان ليلة إحدى وعشرين وهِي اللّيلةُ الَّتي يَخرج فيها من صُبْحَتها من اعتكافه". وتابعه طائفةٌ من رواة الموطأ على قولِه فيه: "مِن صُبحَتِها" (¬2). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الاعتكاف، باب: ما جاء في ليلة القدر (1/ 261) (رقم: 9). وهذا من الأحاديث التي ثبتها يحيى الليثي من زياد. وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الاعتكاف، باب: الاعتكاف في العشر الأواخر، والاعتكاف في المساجد كلها (2/ 624) (رقم: ) 2027 من طريق إسماعيل بن أبي أويس. وأبو داود في السنن كتاب: الصلاة، باب: فيمن قال: ليلة إحدى وعشرين (2/ 109) (رقم: 1382) من طريق القعنبي. والنسائي في السنن كتاب: الافتتاح، باب: السجود على الجبين (2/ 208 - مختصرا-)، وفي الكبرى كتاب: الاعتكاف، باب: متى يخرج المعتكف (2/ 269) (رقم: 3387) من طريق ابن القاسم، ثلاثتهم عن مالك به. (¬2) تابعه: - ابن القاسم (ل: 46/ب)، و (ص: 538) (رقم: 516)، ومن طريقه النسائي في الكبرى. - وأبو مصعب الزهري (1/ 339) (رقم: 883)، ومن طريقه ابن حبان في صحيحه (الإحسان) (8/ 431) (رقم: 3674). - وسويد بن سعيد (ص: 408) (رقم: 924)، ويحعى بن بكير (ل: 60/أ- نسخة الظاهرية-). - وابن وهب عند أبي عوانة في صحيحه (ص: 215)، وابن خزيمة (3/ 353) (رقم: 2243). - وإسماعيل بن أبي أويس عند البخاري في صحيحه. =

وأكثرُ الرواة في يذكرون هذه الكلمةَ، يقولون: "وهي اللّيلةُ الّتي يَخرجُ فيها من اعتكافِه" (¬1). وقال فيه عبد العزيز الداروردي، عن يزيد بن الهادي بإسنادِه هذا: "فإذا كان يُمسِي من عشرين ليلةٍ تَمْضِي، ويستقبلُ إحدى وعشرين يَرجِعُ إلى مسكنه". خَرَّجه أبو جعفر الطحاوي من طريق الشافعي عنه (¬2). ¬

_ = - والشافعي، عند ابن عبد البر في التمهيد (21/ 52). - وروح بن عبادة، عند أبي عوانة في صحيحه (ص: 215). - وأبو حذافة السهمي أحمد بن إسماعيل، عند ابن عساكر في تاريخ دمشق (5/ 32). (¬1) وهي رواية القعنبي عند أبي داود، والجوهري في مسند الموطأ (ل: 150/أ)، والبيهقي في السنن الكبرى (4/ 309)، وفضائل الأوقات (ص: 223) (رقم: 88). وتابعه: محمد بن الحسن الشيباني (ص: 132) (رقم: 378). ومعن بن عيسى عند ابن نصر المروزي في قيام رمضان (ص: 255 - مختصر المقريزي). وذكر ابن عبد البر في التمهيد (23/ 52) أن ابن القاسم وابن وهب لم يذكرا في الحديث: "من صبحتها"، وهذا خلاف ما في موطأ ابن القاسم، ولعله من اختلاف الروايات. (¬2) لم أقف عليه عند الطحاوي، في في شرح المشكل ولا في شرح المعاني، والله أعلم. وهو في صحيح البخاري كتاب: فضل ليلة القدر، باب: تحري ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر (2/ 621) (رقم: 2018) من طريق ابن أبي حازم والدراوردي به، بلفظه. وأخرجه مسلم في صحيحه كتاب: الصيام، باب: فضل ليلة القدر .. (2/ 824، 825) (رقم: 1167) من طريق بكر بن مضر والدراوردي بنحوه. وأخرج الطحاوي في شرح المعاني (3/ 89) من طريق الوليد بن مسلم عن الأوزاعي قال: حدثنا يحيى بن أبي كثير: أن أبا أسامة حدّثه قال: "أتيت أبا سعيد الخدري فقلت: هل سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يذكر ليلة القدر؟ فقال: نعم اعتكفنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - العشر الوسط من شهر رمضان، فلما كان صبيحة عشرين قام النبي - صلى الله عليه وسلم - فينا فقال: "من كان خرج فليرجع، فإني أريت الليلة وإني أنسيتها ... "، الحديث. وفي هذا دليل أن الخروج كان ليلة عشرين في صبيحتها، لقوله: "من كان خرج"، وهذا يوافق رواية الدراوردي، والله أعلم.

فبَيَّنَ أنَّ الانصِرَافَ كان في أوَّلِ اللّيلَةِ لانقِضَاءِ العَشْرِ الوَسَطِ بتمَام أيَّامِهَا، وهو المَعروفُ (¬1). وخَرَّج مسلمٌ عن عبد الله بن أُنيس نَحوَ هذا، وذَكَرَ العَلاَمَة إلاَّ أنَّه قال فيه: "ليلةَ ثلاثٍ وعشرين". وقد ذكرناه في مسنَدِ عبد الله (¬2). قال الشيخ: كَثُرَ الخلافُ في تَعيِين ليلةِ القَدْرِ، وقال الشافعيُّ: "كان هذا عندي والله أعلم أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كان يُجيبُ على نحوِ ما يُسأل عنه، يُقال له: نَلتمسها في ليلةِ كذا؟ فيقول: نعم. قال: وأقوى الرّوايات فيها عندي ليلةُ إحدى وعشرين". حكاه الترمذي (¬3). وذَكَر عن أبي قِلابة أنَّه قال: "ليلةُ القَدْرِ تنتقلُ في العشر الأواخِر" (¬4). ¬

_ (¬1) حكى ابن عبد البر الإجماع أن المعتكف العشر الأول أو الوسط من رمضان أنه يخرج إذا غابت الشمس من آخر يوم من اعتكافه، قال: وفي إجماعهم على ذلك ما يوهن رواية من روى: "يخرج من صبحتها"، واختلفوا في العشر الأواخر، وما أجمعوا عليه يقضي على ما اختلفوا فيه من ذلك، ويدل - والله أعلم - على تصويب رواية من روى: "يخرج فيها من اعتكافه" يعني بعد الغروب، والله أعلم. التمهيد (23/ 55). (¬2) انظر: (3/ 30). (¬3) السنن كتاب: الصوم باب: ما جاء في ليلة القدر (3/ 159)، وفيه: "كأن هذا عندي"، بدل "كان هذا عندي". (¬4) سنن الترمذي (3/ 159) فال: حدّثنا بذلك عبد بن حميد أخبرنا عبد الرزاق عن معمر عن أيوب عن أبي قلابة. والأثر في المصنف لعبد الرزاق (4/ 252) (رقم: 7699) والمصنف لابن أبي شيبة (2/ 326) (رقم: 9535). وزاد عبد الرزاق: "في العشر الأواخر في وتر". وحكى ابن حجر في الفتح (4/ 313) أكثر من أربعين قولا في تحديد ليلة القدر ثم قال: "هذا آخر ما وقفت عليه من الأقوال، وبعضها يمكن ردّه إلى بعض، وإن كان ظاهرها التغاير، وأرجحها كلها أنها في وتر من العشر الأخير، وأنها تنتقل كما يُفهم من أحاديث هذا الباب، وأرجى أوتار العشر عند الشافعية ليلة إحدى وعشرين، أو ثلاث وعشرين على ما في حديث عبد الله بن أُنيس، وأرجاها عند الجمهور ليلة سبع وعشرين". اهـ.

انظر مسندَ عبد الله بن أُنيس (¬1)، ومسندَ أنس (¬2)، وحديث ابنِ دينار عن ابن عمر (¬3)، ومرسلَ عروة (¬4)، ومالك (¬5). 315 / حديث: "غُسلُ يومِ الجمعةِ واجبٌ على كلِّ مُحتَلِمٍ". في أبواب الجمعة. عن صفوان بن سُليم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد (¬6). ليس فيه تمثيلٌ، والإسنادُ قَويمٌ. ¬

_ (¬1) تقدّم حديثه (3/ 30). (¬2) تقدّم حديثه (2/ 65). (¬3) تقدّم حديثه (2/ 486). (¬4) سيأتي حديثه (5/ 89). (¬5) سيأتي حديثه (5/ 356). (¬6) الموطأ: كتاب: الجمعة، باب: العمل في غسل يوم الجمعة (1/ 106) (رقم: 4). وأخرجه البخاري في صحيحه كثاب: الجمعة، باب: فضل الغسل يوم الجمعة (1/ 264) (رقم: 879) من طريق عبد الله بن يوسف، وفي باب: هل على من لم يشهد الجمعة غسل من النساء والصبيان .. ؟ (2/ 269) (رقم: 895) من طريق القعنبي. ومسلم في صحيحه كتاب: الجمعة، باب: وجوب غسل الجمعة على كل بالغ من الرجال (2/ 580) (رقم: 846) من طريق يحيى النيسابوري. وأبو داود في السنن كتاب: الطهارة، باب: في الغسل يوم الجمعة (1/ 243) (رقم: 341) من طريق القعنبي. والنسائي في السنن كتاب: الجمعة، باب: إيجاب الغسل يوم الجمعة (3/ 93) من طريق قتيبة. وأحمد في المسند (3/ 60) من طريق ابن مهدي وأبي سلمة الخزاعي. والدارمي في السنن كتاب: الصلاة، باب: الغسل يوم الجمعة (1/ 434) (رقم: 1537) من طريق: خالد بن مخلد، سبعتهم عن مالك به.

وانظر حديثَ المقبري عن أبي هريرة قولَه (¬1)، وحديث عمر (¬2)، وابنِه (¬3) ومرسلَ ابن السَّباق (¬4) 316 / حديث: "إذا سَمعتم النِّداءَ فقولوا مثلَ ما يقول". عن ابن شهاب، عن عطاء بن يزيد الليثي، عن أبي سعيد (¬5). هذا الصحيحُ عن الزهري، وقد رُوي عن سعيد، عن أبي هريرة (¬6). ¬

_ (¬1) سيأتي حديثه (3/ 494)، وفيه تمثيل غسل الجمعة بغسل الجنابة، ويأتي الكلام عليه سندًا ومتنًا. (¬2) تقدّم حديثه (2/ 283). (¬3) تقدّم حديثه (2/ 373). (¬4) سيأتي حديثه (5/ 348). (¬5) الموطأ كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في النداء للصلاة (1/ 81) (رقم: 2). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الأذان، باب: ما يقول إذا سمع المنادي (1/ 189) (رقم: 611) من طريق عبد الله بن يوسف. ومسلم في صحيحه كتاب: الصلاة، باب: استحباب القول مثل قول المؤذن .. (1/ 288) (رقم: 383) من طريق يحيى النيسابوري. وأبو داود في السنن كتاب: الصلاة، باب: ما يقول إذا سمع المؤذن (1/ 359) (رقم: 522) من طريق القعنبي. والترمذي في السنن كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في ما يقول الرجل إذا أذّن المؤذّن (1/ 407) (رقم: 208) من طريق معن وقتيبة .. وابن ماجة في السنن كتاب: الأذان والسنة فيها (1/ 238) (رقم: 720) من طريق زيد بن الحباب. وأحمد في السند (3/ 6، 53، 78، 90) من طريق ابن مهدي ويحيى القطان ومحمد بن جعفر غندر وعثمان بن عمر، عشرتهم عن مالك به. (¬6) أخرجه النسائي في السنن الكبرى كتاب: عمل اليوم والليلة، باب: ما يقول إذا سمع المؤذِّن يتشهَّد (6/ 13) (رقم: 9861)، وابن ماجة في السنن (1/ 238) (رقم: 718)، والبخاري في جزء القراءة (ص: 59 - تعليقًا -)، والطحاوي في شرح المعاني (1/ 144)، وابن عدي في الكامل (4/ 302)، وأبو نعيم في الحلية (3/ 378، 379) من طريق عن عبد الرحمن بن إسحاق -ويقال عبّاد بن إسحاق- عن الزهريّ عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة به. =

ورُوي عن عَمرو بن مَرزوق، عن مالك، عن الزهري، عن أنس، وذلك وَهَمٌ، قاله الدارقطني (¬1). ¬

_ = ووقع في الحلية في الموضع الأول: محمد بن إسحاق، وهو خطأ، ويدل عليه ما بعده. وعبد الرحمن بن إسحاق قال عنه البخاري: "ليس ممّن يُعتمد على حفظه إذا خالف من ليس بدونه، وإن كان ممّن يُحتمل في بعض". انظر: القراءة خلف الإمام (ص: 59)، تهذيب الكمال (16/ 524). قلت: وقد خالفه أوثق الناس وأعلمهم بحديث الزهري، الإمام مالك، وتابع مالكا على روايته: - معمر بن راشد، عند عبد الرزاق في المصنف (1/ 478) (رقم: 1842)، وأبي عوانة في صحيحه (1/ 337). - ويونس بن يزيد، عند أحمد في المسند (3/ 90)، والدارمي في السنن كتاب: الصلاة، باب: ما يقال في الأذان (1/ 293) (رقم: 1201)، والطيالسي في المسند (ص: 294)، وأبي عوانة في صحيحه (1/ 373)، وابن خزيمة في صحيحه (1/ 215) (رقم: 411)، والطحاوي في شرح المعاني (1/ 143). - وابن جريج، عند أبي عوانة في صحيحه (1/ 337)، كلهم عن ابن شهاب، عن عطاء بن يزيد، عن أبي سعيد. وسئل أبو حاتم عن حديث عبد الرحمن بن إسحاق فقال: "رواه جماعة، مالكٌ وغيرُه عن الزهري عن عطاء بن يزيد عن أبي سعيد عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو أشبه). علل الحديث (1/ 81). وقال البخاري: "وهذا مستفيض عن مالك ومعمر ويونس وغيرهم عن الزهري عن عطاء عن أبي سعيد عن النبي. جزء القراءة (ص: 60). وقال الترمذي: "ورواية مالك أصح". السنن (1/ 408). وقال النسائي: "الصواب حديث مالك، وحديث عبد الرحمن خطأ". السنن الكبرى (6/ 14). وقال ابن عدي بعد أن أورد حديث عبد الرحمن بن إسحاق: "هكذا رواه عبد الرحمن بن إسحاق، ولم يضبط إسناده. وذكره الدارقطني في موضعين من علله، وصحّح حديث مالك ومن تابعه. العلل (7/ 271)، (11/ 265). وقال الحافظ ابن حجر: "قال أحمد بن صالح وأبو حاتم وأبو داود والترمذي: حديث مالك ومن تابعه أصح). الفتح (2/ 108)، وانظر: النكت الظراف (10/ 28). (¬1) لم أقف على قول الدارقطني، ونقل مُغلطاي كلامَ المصنف في الإعلام بسنته - عليه السلام- (3/ ل: 30/أ). ورواية عمرو بن مرزوق عند أبي نعيم في الحلية (3/ 378)، والدارقطني كما في اللسان (5/ 257) من طريق محمد بن عبد الرحيم الشماخي عنه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وقال الدارقطني. "الشماخي ليس بشيء". قلت: وعمرو بن مرزوق الباهلي ثقة، وإلزاق الوهم بالشماخي أولى. قال الحافظ ابن رحب بعد أن ذكر رواية عمرو: "وهو وهم، وقيل: إِنَّهُ ممّن رواه عن عمرو، وهو محمد بن عبد الرحيم الشماخي". فتح الباري له (5/ 242). وللحديث عن مالك أسانيد أخر غريبة: الأول: أخرجه أبو نعيم في الحلية (6/ 351) من طريق عبد المنعم بن بشير عن مالك عن نافع عن ابن عمر بمثله. وعبد المنعم منكر الحديث، ورماه أحمد وغيره بالكذب. انظر: الكامل (5/ 336)، المجروحين (2/ 158)، الإرشاد (1/ 158). وقال ابن رجب: "ورواه عبد المنعم بن بشير - وهو ضعيف جدًّا - عن مالك عن نافع عن ابن عمر، ولا يصح. فتح الباري له (5/ 242). الثاني: أخرجه محمد بن المظفر البزاز في غرائب مالك (ص: 192) (رقم: 126)، وابن عدي في الكامل (6/ 359) من طريق المغيرة بن سقلاب عن مالك عن الزهري عن سعيد بن المسيب وعطاء بن يزيد عن أبي سعيد. زاد في الإسناد سعيد. ووقع في الكامل وفتح الباري لابن رجب (5/ 241: عن سعيد عن عطاء، وهو خطأ. وجاء على الصواب في التمهيد (10/ 134). والمغيرة بن سقلاب مختلف فيه: قال أبو حاتم: "صالح الحديث، وقال أبو زرعة: "ليس به بأس". الجرح والتعديل (8/ 224). وقال ابن عدي: "منكر الحديث ... وعامة ما يرويه لا يُتابع عليه". الكامل (6/ 359، 360). وقال ابن حبان: "كان ممّن يخطئ، ويروي عن الضعفاء والمجاهيل، وغلب على حديثه المناكير والأوهام فاستحقّ الترك". المجروحين (3/ 8). وقال ابن حجر: "ضعَّفه الدارقطني". اللسان (6/ 79). وقال أبو جعفر النفيلي: "لم يكن مؤتَمنًا". وقال على بن ميمون الرقي: "لا يسوى بعرة". الميزان (5/ 288). وقال ابن عدي بعد أن أخرج حديثه هذا: "وذِكر سعيد في هذا الإسناد غريب، لا أعلم يرويه عن مالك غير مغيرة هذا". وقال ابن رجب: "وزيادة سعيد بن المسيب لا تصح، ومغيرة متروك". فتح الباري له (5/ 241)، والظاهر من حاله أنه إلى الضعف أقرب منه إلى الصدق، والله أعلم. الثالث: ما رواه إسحاق الحنيني عن مالك، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد. =

وهذا الحديثُ مُختصرٌ، وزاد عبد الله بن عمرو: الصلاةَ عليه وسؤالَ الوسيلة. وجاء عن عمر بن الخطاب قولُ السامِع مُفَسَّرًا في الذِّكر خاصَّة، وأنَّه يقول في حَيَّ على الصلاة، وحيّ على الفلاح: "لا حول ولا قوة إلا بالله". كلُّ هذا في الصحيح (¬1). 317/ وبه: "أنَّ ناسًا من الأنصار سألوا رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - (¬2) فأعطاهم ... ". فيه: "ما يَكن: عندي من خَيرٍ فَلَن: أَدَّخِرَه عنكم ... ". وذَكَرَ التَّعَفُّفَ والاستِغنَاءَ والتَّصَبُّرَ. في الجامع عند آخره (¬3). ¬

_ = ذكره الدارقطني في العلل (11/ 263) وقال: "ووهم فيه على مالك، والصحيح عن مالك، عن الزهري، عن عطاء بن يزيد الليثي، عن أبي سعيد". اهـ. والحاصل أن الصحيح عن مالك ما رواه أصحاب الموطأ وحفاظ أصحابه، والصحيح عن الزهري ما رواه مالك ومن تابعه عنه عن عطاء بن يزيد عن أبي سعيد، والله أعلم. (¬1) انظر: صحيح مسلم كتاب: الصلاة، باب: استحباب القول مثل قول المؤذن لمن سمعه ثم يصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم يسأل الله الوسيلة (1/ 288، 289) (رقم: 384، 385). (¬2) في الأصل زيادة: "عليه" بعد - صلى الله عليه وسلم -، وهو خطأ. (¬3) الموطأ كتاب: الصدقة، باب: ما جاء في التعفف عن المسألة (2/ 762) (رقم: 7). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الزكاة، باب: الاستعفاف- عن المسألة (2/ 454) (رقم: 1469) من طريق عبد الله بن يوسف. ومسلم في صحيحه كتاب: الزكاة، باب: فضل التعفف والصبر (2/ 729) (رقم: 1053) من طريق قتيبة. وأبو داود في السنن كتاب: الزكاة، باب: في الاستعفاف (2/ 295) (رقم: 1644) من طريق القعنبي. والترمذي في السنن كتاب: البر والصلة، باب: ما جاء في الصبر (4/ 328) (رقم: 2024) من طريق معن. والنسائي في السنن كتاب: الزكاة، باب: الاستعفاف عن المسألة (5/ 95) من طريق قتيبة، وفي السنن الكبرى كتاب: الرقاق من طريق ابن القاسم كما في تحفة الأشراف (3/ 401). =

وانظر حديثَ الأَسَدِي في المنسوبين (¬1). 318 / حديث: "إنَّه لا: يَسمَعُ مَدى صوتِ المؤذِّن: جنٌّ ولا إنسٌ ولا شيءٌ إلا شَهِدَ له يومَ القيامة". في باب: النِّداء. عن عبد الرحمن / بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صَعْصَعَة، عن أبيه، عن أبي سعيد (¬2). وفي أوّله ذِكْرُ الغَنَم والبادية. 319 / وبه: "يوشِكُ أن يكون خَيرُ مال المسلمِ غنمًا يَتبَع بها شُعُبَ الجبال ... ". في الجامع، ما جاء فِي أمر الغنم (¬3). ¬

_ = وأحمد في المسند (9413) من طريق إسحاق الطبّاع. والدارمي في السنن كتاب: الزكاة، باب: في الاستعفاف في المسألة (1/ 474) (رقم: 1646) من طريق الحكم بن المبارك، سبعتهم عن مالك به. (¬1) سيأتي حديثه (3/ 574). (¬2) الموطأ كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في النداء للصلاة (1/ 82) (رقم: 5). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الأذان، باب: رفع الصوت بالنداء (1/ 188) (رقم: 609) من طريق عبد الله بن يوسف، وفي بدء الخلق، باب: ذكر الجن وثوابهم وعقابهم (4/ 437) (رقم: 3296) من طريق قتيبة، وفي التوحيد، باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "الماهر بالقرآن مع الكرام البررة (8/ 580) (رقم: 7548) من طريق إسماعيل بن أبي أويس. والنسائي في السنن كتاب: الأذان، باب: رفع الصوت بالأذان (2/ 12) من طريق ابن القاسم. وأحمد في المسند (3/ 35، 43) من طريق ابن مهدي، وإسحاق الطباع، وأبي سلمة الخزاعي، سبعتهم عن مالك به. (¬3) الموطأ: كتاب: الاستئذان، باب: ما جاء في أمر الغنم (2/ 739) (رقم: 16). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الإيمان، باب: من الدين الفرار من الفتن (1/ 12) (رقم: 19) من طريق القعنبي، وفي بدء الخلق، باب: خير مال المسلم غنم يتبع بها شعف الجبال =

وقع في رواية يحيى بن يحيى صاحبنا: "شُعُبَ"، بالباء وضم الشين، جَمعُ: شِعب (¬1). وعند سائرِ الرواة: "شَغَفَ"، بالفاء وفَتح حروف الكلمة، وشَعَفُ الشيءِ أعلاه (¬2). ¬

_ = (4/ 439) (رقم: 3300) من طريق إسماعيل بن أبي أويس، وفي الفتن، باب: التعرّب في الفتنة (8/ 431) (رقم: 7088) من طريق عبد الله بن يوسف. وأبو داود في السنن كتاب: الفتن، باب: ما يُرخّص فيه من البداوة في الفتنة (4/ 461) (رقم: 4267) من طريق القعنبي. والنسائي في السنن كتاب: الإيمان، باب: الفرار بالدين من الفتنة (8/ 123) من طريق معن وابن القاسم. وأحمد في المسند (3/ 57، 43) من طريق إسحاق الطّباع وعبد الرزاق، سبعتهم عن مالك به. (¬1) الموطأ رواية يحيى نسخة المحمودية (أ) (ل: 152/ أ)، وفي هامشها: "خ شعف"، أي في نسخة أخرى. ونسخة (ب) (ل: 266 / ب). ووقع في المطبوع: "شعف" بالفاء كرواية الجماعة! ! وقال ابن عبد البر: "هكذا وقع في هذه الرواية "شعب الجبال" وهو عندهم غلط، وإنما يرويه الناس "شعف الجبال". التمهيد (19/ 219). فكأنَّ المصنف يذهب إلى تصحيح رواية يحيى الليثي من حيث المعنى. وقال القاضي عياض: "واختلف الرواة عنه (أي يحيى الليثي) فأكثرهم يقول: "شُعب - بضم الشين - الجبال، أي أطرافها ونواحيها، وما انفرج منها، والشُعبة ما انفرج بين الجبلين، وهو الفجَّ، وعند ابن المرابط: بفتح السين (كذا، ولعله الشين للسياق)، وهو وهم، وعند الطرابلسي: سعف، بالسين المهملة المفتوحة والفاء، وهو أيضا بعيد هنا، وإنما هو جرائد النخل. مشارق الأنوار (2/ 226). (¬2) وهي رواية من تقدّم ذكرهم، ومن رواة الموطأ: أبي مصعب الزهري (2/ 142/ 12043)، وابن بكير (ل: 251 / ب - نسخة الظاهرية -)، وسويد بن سعيد (ص: 584) (رقم: 1412)، وابن القاسم (ص: 405) (رقم: 313 - تلخيص القابسي)، وابن وهب كما في الجمع بين روايته ورواية ابن القاسم (ل: 122 /أ). وانظر: غريب الحديث للهروي (1/ 7)، التمهيد (1/ 219، 220).

320 / وبه: "أنَّه سمع رجلًا يقرأ: {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} يُرَدِّدُها، فلمَّا أصبحَ غَدَا إلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - ... . فيه: "إنَّها لَتَعدِلُ ثُلُثَ القرآن". في الصلاة، عند آخره (¬1). هذا الحديث في الموطأ لأبي سعيد، وهكذا خَرَّجه البخاري في مواضعَ من الصحيح عن جماعةٍ عن مالك (¬2)، وقال في بعضها: "زاد أبو مَعمَر - يعني إسماعيل بن إبراهيم القَطعي -، عن إسماعيل بن جعفر، عن مالك، عن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي سعيد قال: أخبرني أخي قتادةُ بن النعمان: أنَّ رِجلًا قام في زمن النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - يقرأ من السَّحَرِ {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} ... ، وذَكَرَ نحوَه (¬3). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: القرآن، باب: ما جاء في قراءة {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} و {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْك} (1/ 183 رقم: 17). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: فضائل القرآن، باب: فضل {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} (6/ 423) رقم: 5013) من طريق عبد الله بن يوسف، وفي الأيمان والنذور، باب: كيف كانت يمين النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - (7/ 282) (رقم: 6643) من طريق القعنبي، وفي التوحيد، باب: ما جاء في دعاء النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - أمَّته إلى توحيد الله تبارك وتعالى (8/ 520) (رقم: 7374) من طريق إسماعيل بن أبي أويس. وأبو داود في السنن كتاب: الصلاة، باب: في سورة الصَّمد (2/ 152) (رقم: 1461) من طريق القعنبي. والنسائي فِي السنن كتاب: الافتتاح، باب: الفضل في قراءة {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} (2/ 171) من طريق قتيبة. وأحمد في المسند (3/ 23، 43، 35) من طريق يحيى القطان، وابن مهدي، وإسحاق الطبَّاع، سبعتهم عن مالك به. (¬2) سبق تخريجها من طريق القعنبي، وعبد الله بن يوسف، وإسماعيل بن أبي أويس. (¬3) ذكر ذلك في كتاب: فضائل القرآن، والتوحيد، وسبق بيان المواضع. وأبو معمر الهذلي القطيعي شيخ البخاري. ووصله من طريقه النسائي في السنن الكبرى كتاب: عمل اليوم والليلة (6/ 176) (رقم: 10536)، وأبو يعلى في مسنده (2/ 215) (رقم: 1545)، وفي المفاريد (ص: 62)، والإسماعيلي كما في الفتح (8/ 676)، والطحاوي في شرح المشكل (3/ 252) (رقم: 1218)، والبيهقي في السنن الكبرى (3/ 21)، وفي شعب الإيمان (5/ 474) (رقم: 2302)، وابن عبد البر في التمهيد (19/ 226، 230)، وابن حجر في تغليق التعليق (4/ 385).

وخَرَّجه البزارُ من طريق محمد بن جهضم، عن إسماعيل بن جعفر، عن مالك فقال فيه: عن ابن أبي صعصعة، عن أبيه، عن أبي سعيد، عن قتادة بن النعمان: أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} تعدِل ثُلُثَ القرآن (¬1). ¬

_ (¬1) جاء إسناده في الأصل: "ابن أبي صعصعة عن أبيه عن أبي سَعيد عن قتادة بن النعمان، ثم ألحق الناسخ بعد أبي سَعد "أبي سعيد عن"، وقال في الحاشية: "عن قتادة: لعله قتادة بن النعمان كما تقدّم له". فظن الناسخ أن محمد بن جهضم رواه عن إسماعيل بن جعفر وزاد في الإسناد أبا سَعْد، وهذا خطأ، والصواب إسقاطه من الإسناد، كذا رواه محمد بن جهضم عن إسماعيل، والخطأ في ذلك من الناسخ، ويُحتمل أن يكون تصحّف أبو سعيد في الأصل الذي نقل منه إلى أبي سعد، فلم يتنبّه له الناسخ، فتركه وزاد في الإسناد أبا سعيد، والله أعلم بالصواب. ولم أقف على أحاديث قتادة بن النعمان فِي مسند البزار للنقص في نسخه الخطية. ومن طريق إسماعيل بن جعفر: أخرجه أيضا النسائي في السنن الكبرى (4/ 16) (رقم: 8029)، وفي (6/ 176) (رقم: 10535)، ويعقوب الفسوي في المعرفة والتاريخ (1/ 320)، والبيهقي في الأسماء والصفات (9/ 101) (رقم: 62). وإسماعيل بن جعفر ثقة ثبت كما في التقريب (رقم: 431). وتابع إسماعيل بن جعفر على إسناده: - إبراهيم بن المختار عند ابن عبد البر في التمهيد (19/ 230). وإبراهيم بن المختار التميمي قال عنه الحافظ: "صدوق ضعيف الحفظ". التقريب (رقم: 245). - وعبد الله بن سعيد بن عبد الملك أبو صفوان الأموي، وهو ثقة. - وعباد بن صهيب - وهو متروك -، ذكرهما الدارقطني في العلل (11/ 283). فلعل أبا سعيد سمعه من أخيه قتادة، وسمعه مرة أخرى من النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -، والله أعلم. وقال ابن أبي حاتم: "سألت أبي عن حديث رواه إسماعيل بن جعفر، عن مالك بن أنس، عن ابن أبي صعصعة، عن أبيه، عن أبي سعيد الخدري، عن أخيه قتادة بن النعمان، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: ({قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} تعدل ثلث القرآن"؟ فقال: كذا رواه إسماعيل بن جعفر، وهو صحيح، ورواه جماعة من أصحاب مالك عن مالك يقصرون به. قلت لأبي: هل تابع إسماعيلَ بنَ جعفر أحدٌ؟ قال: ما أعلمه، إلا ما رواه ابن حميد، عن إبراهيم بن المختار، عن مالك، فإنه يُتابع إسماعيل. علل الحديث (2/ 68).

وقتاده: بن النُّعمان الظَفَرِيِّ هو أخو أبي سعيد الخدري لأُمِّه (¬1). وانظر حديثَ أبي هريرة من طريق عُبيد بن حُنَين (¬2). حديث: "ليس فيما دون خَمسِ ذَوْدٍ (¬3) صَدقة ... ". وذَكَرَ الأواقِيَ والأَوْسُقَ. في أوَّلِ الزكاة بإسنادين. 321 / أحدهما: عن عَمرو بن يحيى المازني (¬4)، عن أبيه، عن أبي سعيد. ومتنُه أَخْصَرُ (¬5). 322 / والثاني: عن محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صَعْصَعَة، عن أبيه، عن أبي سعيد. ¬

_ (¬1) الاستيعاب (4/ 1274)، الإصابة (5/ 416). (¬2) سيأتي حديثه (3/ 521). (¬3) الذود من الإبل، قيل: ما بين الاثنين إلى تسع، وقيل: ما بين الثلاث إلى العشر. مشارق الأنوار (1/ 271)، النهاية (2/ 171). (¬4) سقطت واو عمروٍ سهوًا، وضبطها الناسخ بفتح العين. (¬5) الموطأ كتاب: الزكاة، باب: ما تجب فيه الزكاة (1/ 210) (رقم: 1). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الزكاة، باب: زكاة الوَرِق (2/ 444) (رقم: 1447) من طريق عبد الله بن يوسف. وأبو داود في السنن كتاب: الزكاة، باب: ما تجب فيه الزكاة (2/ 208) (رقم: 1558) من طريق القعنبي. والترمذي في السنن كتاب: الزكاة، باب: ما جاء في صدقة الزرع والتمر والحبوب (3/ 22) (رقم: 627) من طريق ابن مهدي. والنسائي في السنن كتاب: الزكاة، باب: زكاة الإبل (5/ 17) من طريق ابن مهدي، ثلاثتهم عن مالك به.

وفي هذا ذِكرُ التَّمرِ والوَرِقِ والإبلِ (¬1). خَرَّج البخاري هذا الحديثَ عن جماعةٍ عن مالك من الطريقين، وذكر حديث ابن أبي صعصعة في موضعين، قال في أحدهما: "محمد بن عبد الرحمن (¬2)، وفي الموضع الآخَر: "محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن (¬3)، وهو المعروف، ومن قال فيه: محمد بن عبد الرحمن، نَسَبَه إلى جدِّه، وقد تكرَّرَ ذكرُه وذِكرُ أخيه عبد الرحمن. ولَم يخرِّج مسلمٌ هذا الحديث عن مالك، ولا عن ابنِ أبي صَعْصَعَة (¬4). وقد رَوَتْهُ طائفةٌ عن محمد بن أبي صعصعة هذا، عن يحيى بن عُمارة عن أبي سعيد، لَم يذكروا فيه أباه (¬5)، وهو محفوظ ليحيى بنِ عمارة (¬6). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الزكاة، باب: ما تجب فيه الزكاة (1/ 210) (رقم: 1). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الزكاة، باب: ليس فيما دون خمس ذود صدقة (2/ 449) (رقم: 1459) من طريق عبد الله بن يوسف، وفي باب: ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة (2/ 459 رقم: 1484) من طريق يحيى القطان. والنسائي في السنن كتاب: الزكاة، باب: زكاة الورق (5/ 36) من طريق ابن القاسم. وأحمد في المسند (3/ 60) من طريق ابن مهدي، أربعتهم عن مالك به. (¬2) ذكر ذلك من طريق عبد الله بن يوسف. (¬3) ذكر ذلك من طريق يحيى القطان. (¬4) وخرَّجه من طريق عمرو بن يحيى عن أبيه به، ومن طريق محمد بن يحيى بن حَبَّان عن يحيى بن عمارة به. انظر: صحيح مسلم كتاب: الزكاة (2/ 673 - 675) (رقم: 979). (¬5) أي يذكروا أبا محمد بن صعصعة. (¬6) أخرجه النسائي فِي السنن (5/ 37)، وأبو عوانة فِي صحيحه (ل: 219 /أنسخة كوبرلي)، والبيهقي في السنن الكبرى (4/ 134)، وابن عبد البر في التمهيد (13/ 115) من طريق الوليد بن كثير عن محمد بن أبي صعصعة عن يحيى بن عمارة وعباد بن تميم عن أبي سعيد به. ووقع في صحيح أبي عوانة: "عن يحيى بن عباد". =

وقال أبو عمر بن عبد البر: "حديثُ عَمرو بن يحيى في هذا الباب أصَحُّ من حديث محمد بن عبد الله، وحديثُ محمد مضطربُ الإسنادِ، ومحمدٌ هذا وأخوه عبد الرحمن وأبوهما عبد الله بن عبد الرحمن ليسوا بالمشاهير" (¬1). ¬

_ = قال ابن حجر: "كذا قال، إنما هو يحيى بن عمارة". إتحاف المهرة (5/ 464). قلت: فلعله تصحّفت "الواو" إلى "بن"، والحديث يرويه محمد بن أبي صعصعة عن يحيى وعباد. ووقع عند البيهقي: "يحيى بن عمارة عن عباد"، وهو خطأ. وأخرجه النسائي في السنن (5/ 37)، وأحمد في المسند (3/ 86)، والبخاري في التاريخ الكبير (1/ 141)، وابن عبد البر في التمهيد (13/ 115) من طريق محمد بن إسحاق عن محمد بن أبي صعصعة عن يحيى بن عمارة وعباد بن تميم به. (¬1) التمهيد (13/ 114). ثم قال ابن عبد البر: "ولم يخرِّج أبو داود ولا البخاري حديث مالك عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة هذا في الزكاة للاختلاف عليه فيه". ثم أسند ابن عبد البر ما سبق عن الوليد بن كثير ومحمد بن إسحاق كلاهما عن محمد بن أبي صعصعة عن يحيى بن عمارة وعباد بن تميم عن أبي سعيد. ثم قال: "اتفق ابن إسحاق، والوليد بن كثير على مخالفة مالك في هذا الحديث، (فجعلاه) عن محمد عن يحيى بن عمارة وعباد بن تميم عن أبي سعيد، وجعله مالك عن محمد عن أبيه عن أبي سعيد، وهو عند أكثر أهل العلم بالحديث وهم من مالك، والله أعلم". التمهيد (13/ 115). كذا قال ابن عبد البر، وفي كلامه نظر من وجوه: 1 - قوله في محمد وأخيه وأبيهما: "ليسوا بالمشاهير"، فإن لم يكونوا مشاهير فهم ثقات. أما محمد فقال عنه ابن إسحاق في الأسانيد السابقة عنه: "ثقة". وقال ابن سعد: "كان ثقة قليل الحديث، قال مالك: ولآل أبي صعصعة حلقة بين القبر والمنبر، وكان فيهم رجال أهل علم ورواية له، ومعرفة به، وكلهم كان يفتي". الطبقات (5/ 405 - 406). وهذا ما يبيِّن أنه كان لهم شهرة بالعلم والفتيا بخلاف ما قال ابن عبد البر. وأما أبوه، فهو ثقة قاله النسائي، وذكره ابن حبان في الثقات (5/ 13). وانظر تهذيب الكمال (15/ 208). وأما أخوه فقال عنه أبو حاتم: "ثقة"، وكذا قال النسائي. انظر: الجرح والتعديل (5/ 250)، تهذيب الكمال (17/ 217). وكلهم أخرج عنهم البخاري في صحيحه. =

وقال حمزةُ بن محمد الكِناني (¬1): "لا تَصحُّ هذه السُّنَّةُ (¬2) عن أحدٍ من الصحابةِ إلَّا عن أبي سعيد" (¬3). قال الشيخ أبو العبّاس رضي الله عنه: هكذا رَوَيْنَاه عنه، وليس كما قال، خَرَّجه مسلمٌ بإسنادٍ صحيحٍ عن جابر بن عبد الله (¬4). وذَكَرَ البخاري هذا الحديث إِثرَ حديث ابن عمر: "فيما سَقَتِ السَّماءُ والعيون أو كان عَثَريًّا (¬5) العُشر، وما سُقي بالنَّضحِ نصفُ العُشرِ، ثم قال: "في حديث أبي سعيد هذا تفسيرُ الأوَّلِ؛ لأنَّه لم يُوَقِّت في الأوَّل، ويعني: في ¬

_ = 2 - قوله: "إن البخاري لم يخرِّج حديث مالك عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة في الزكاة، وليس كما قال، فقد أخرجه البخاري في موضعين من صحيحه في كتاب الزكاة من طريق عبد الله بن يوسف ويحيى القطان عن مالك به، وقد سبقا. 3 - استدلاله لتوهيم مالك بمخالفة الوليد بن كثير ومحمد بن إسحاق له، فيه نظر: فلا يمنع أن تكون الطرق صحيحة عن محمد بن أبي صعصعة، ويكون له عن أبي سعيد ثلاثة شيوخ، فحفظه مالك من وحه، وحفظه الوليد وابن إسحاق من الوجهين الآخرين -وهما دون مالك في الحفظ والإتقان والمعرفة بعلماء المدينة ورواتها-، ويؤيّده إخراج البخاري طريق مالك في صحيحه. ونقل البيهقي عن محمد بن يحيى الذهلي قوله: "هذه الطرق محفوظة عن محمد بن عبد الرحمن، وصار الحديث عنه عن ثلاثة عن أبي سعيد: عن أبيه ويحيى بن عمارة وعباد بن تميم". السنن الكبرى (4/ 134). وانظر: الفتح (3/ 379). (¬1) هو الإمام الحافظ أبو القاسم حمزة بن محمد الكناني المصري، محدِّث الديار المصرية، جمع وصنَّف، وكان متقنًا جوادًا، ذا تألّه وتعبَّد. ولد سنة (275 هـ)، وتوفي سنة (357 هـ). انظر: السير (17/ 179). (¬2) في الأصل: "النسبة، والصواب المثبت. (¬3) انظر: التمهيد (13/ 116)، (20/ 135)، النكت الظراف (3/ 480). (¬4) صحيح مسلم (2/ 675) (رقم: 980) من طريق أبي الزبير عن جابر، وانظر: الفتح (3/ 364). وذكر ابن عبد البر (113 - 116) حديث جابر من طريق محمد بن مسلم الطائفي عن عمرو بن دينار عن حابر، وضعَّفه بانفراد محمد بن مسلم عن عمرو من بين سائر رواته، وكأنه لم يستحضر رواية جابر في صحيح مسلم، والله أعلم. (¬5) في الأصل: "عُبريًا" والصواب المثبت، والعَثَري هو ما سقته السماء. مشارق: الأنوار (2/ 67).

حديثِ ابن عمر، وبَيَّن في هذا ووَقَّت، والزيادةُ مقبولة، والمفسَّرُ يَقضِي على المُبهَمِ إذا رواه أهلُ الثَّبَتِ، كما روى الفضلُ بن عباس: "أنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - لَم يُصَلِّ في الكعبة"، وقال بلالٌ: "قد صَلَّى"، فأُخِذَ بقولِ بلالٍ وتُرِكَ قولُ الفضلِ" (¬1). وانظر حديث ابنِ عمر فِي مرسلِ بُسر بن سعيد (¬2). 323 / حديث: العَزْل. فيه: "ما عَليكم ألَّا تفعلوا". في الطلاق، عند آخره. عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن محمد بن يحيى بن حَبَّان، عن ¬

_ (¬1) صحيع البخاري (2/ 459). ووقع كلام البخاري في بعض النسخ من صحيحه بين حديث ابن عمر (برقم 1483)، وحديث أبي سعيد. قال ابن حجر: "هكذا وقع في رواية أبي ذر هذا الكلام عَقِب حديث ابن عمر في العثري، ووقع في حديث غيره عقب حديث أبي سعيد المذكور في الباب الذي بعده، وهو الذي وقع عند الإسماعيلي أيضًا، وجزم أبو على الصدفي بأن ذكره عقب حديث ابن عمر من قِبل بعض نسَّاخ الكتاب. انتهى، ولم يقف الصغاني على اختلاف الروايات فجزم بأنه وقع هنا في جميعها، قال: وحقه أن يُذكر في الباب الذي يليه، قلت: ولذِكره عقِب كل من الحديثين وجه، لكن تعبيره بالأول يرجِّح كونه بعد حديث أبي سعيد، لأنه هو المفسِّر للذي قبله وهو حديث ابن عمر، فحديث ابن عمر بعمومه ظاهر في عدم اشتراط النصاب، وفي إيجاب الزكاة فِي كل ما يُسقى بمؤنة وبغير مؤنة، ولكنه عند الجمهور مختص بالمعنى الذي سيق لأجله، وهو التمييز بين ما يجب في العشر أو نصف العشر، بخلاف حديث أبي سعيد فإنه مُساق لبيان جنس المخرج منه وقدره فأخذ به الجمهور عملًا بالدليلين". الفتح (3/ 409). وانظر: حديث بلال بن أبي رباح (2/ 97) والتعليق عليه. (¬2) أي أن حديث ابن عمر "فيما سقت السماء" ورد عند مالك في الموطأ من مرسل بسر، انظر: (4/ 490).

ابن مُحَيْرِيز، عن أبي سعيد (¬1). هكذا هو في الموطأ لمالك عن ربيعة، عن ابن حَبَّان (¬2). ورواه جُوَيْرِيَةُ بنُ أسماء عن مالك، عن ابن شهاب، عن ابن مُحَيْرِيز، وخَرَّجه البخاري عن مالك بالإسنادين (¬3)، وخَرَّجه مسلمٌ من طريقِ جُوَيْرِيَة، عن مالك، عن الزهري (¬4). واختُلِف عن الزهريِّ فيه، وهذا الصحيحُ عنه (¬5). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الطلاق، باب: ما جاء في العزل (2/ 464) (رقم: 94). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: العتق، باب: عتق المشرك (3/ 171) (رقم: 2542) من طريق عبد الله بن يوسف. وأبو داود في السنن كتاب: النكاح، باب: ما جاء في العزل (2/ 624) (رقم: 2172) من طريق القعنبي. وأحمد في المسند (3/ 68) من طريق إسحاق الطبَّاع وعبد الرحمن بن مهدي. (¬2) انظر الموطأ برواية: أبي مصعب الزهري (1/ 666) (رقم: 1729)، وابن القاسم (ص: 215) (رقم: 161 - تلخيص القابسي)، وسويد بن سعيد (ص: 349) (رقم: 783)، وابن بكير (ل: 153 / أ- نسخة الظاهرية). (¬3) سبق تخريجه من طريق عبد الله بن يوسف، عن مالك، عن ربيعة الرأي. وأخرجه في صحيحه كتاب: النكاح، باب: العزل (6/ 484) (رقم: 5210) من طريق جويرية عن مالك به. (¬4) أخرجه مسلم في صحيحه كتاب: النكاح، باب: حكم العزل (2/ 1062) (رقم: 1438). (¬5) تابع مالكًا على إسناده: - شعيب بن أبي حمزة عند البخاري في صحيحه كتاب: البيوع، باب: بيع الرقيق (3/ 57) (رقم: 2229). - ويونس بن يزيد عند البخاري في صحيحه كتاب: المقدر، باب: وكان أمر الله قدرا مقدورا (7/ 270 رقم: 6603). - وعُقيل بن خالد عند النسائي في السنن الكبرى (3/ 201) (رقم: 5046)، وابن عبد البر في التمهيد (3/ 133). =

وابن مُحَيْرِيز هذا قرشيّ جُمَحي، احمه عبد الله، يُكنى أبا مُحَيْرِيز، وهو أخو عبد الرحمن تابعيٌّ، وذكره العُقيليُّ في الصحابة، ولم يُتَابَع على ذلك، وقد تقدَّم ذِكرُه في مسند عُبادة (¬1). ¬

_ = - ومحمد بن الوليد الزُبيدي عند النسائي في السنن الكبرى، كتاب: عشرة النساء (5/ 343) (رقم: 9087). وخالفهم: إبراهيم بن سعد، فرواه عن الزهري عن عيد الله بن عبد الله بن عتبة عن أبي سعيد به. أخرجه النسائي في السنن الكبرى (5/ 342) (رقم: 9085)، وابن ماجة في السنن كتاب: النكاح، باب: العزل (1/ 620) (رقم: 1926)، وأحمد في المسند (3/ 92)، والدارمي في السنن كتاب: النكاح، باب: في العزل (2/ 199) (رقم: 2223)، وأبو يعلى في المسند (2/ 16) (رقم: 1045)، (2/ 84) (رقم: 1245)، والطبراني في المعجم الأوسط (3/ 109) (رقم: 2635) من طرق عن إبراهيم بن سعد به. وإبراهيم بن سعد الزهري ثقة، تُكلِّم في حديثه عن ابن شهاب الزهري بلا حجّة، وإن كان دون مالك فيه. انظر: تهذيب الكمال (2/ 88)، تهذيب التهذيب (1/ 105)، هدي الساري (ص: 407)، الثقات الذي ضُعّفوا في بعض شيوخهم (ص: 48). وكونه ثقة لا يمنع أن يهم في هذا الحديث لمخالفة جمع من الرواة له عن الزهري. قال حمزة بن محمد الكناني عن رواية إبراهيم: "هو خطأ. تحفة الأشراف (3/ 394). وقال ابن عبد البر: "وحديث مالك وشعيب وعُقيل هو الصواب عندهم". التمهيد (3/ 132). وخالف الجميعَ معمرُ، فرواه عن الزهري، عن عطاء بن يزيد الليثي، عن أبي سعيد. أخرجه عنه عبد الرزاق في المصنف (7/ 146) (رقم: 12576)، ومن طريقه النسائي في السنن الكبرى (5/ 342) (رقم: 9086). وقال النسائي: "ورواية مالك ومن تابعه أولى بالصواب". الفتح (9/ 217). (¬1) ذكره في طبقة التابعين: خليفةُ بن خياط، وابن سعد، ويعقوب الفسوي، ومسلم، وابن حبان، والعجلي، وغيرهم. وقال ابن عبد البر: "فهذه منزلة ابن محيريز وموضعه، فأما أن تكون له صحبة فلا، ولا يُشكل أمره على أحد من العلماء". =

وابنُ حَبَّان بفتح الحاءِ من شيوخِ مالك، انظره في مسند أبي هريرة من طريق الأعرج (¬1). 324 /حديث: "نهى عن المُزابَنَة والمُحاقَلَة ... ". وفَسَّرهما في سَرْدِ الحديثِ من غيرِ فَصلٍ (¬2). في البيوع. عن داود بن الحُصين، عن أبي سفيان مولى ابن أبي أحمد، عن أبي سعيد (¬3). انظر داودَ وأبا سفيان في مسند أبي هريرة (¬4). ¬

_ = وقال ابن قدامة: "ذكره العقيلي في الصحابة، والصحيح أنّه لا صحبة له، لكنه من فضلاء التابعين وخيارهم وعبّادهم وزهَّادهم". انظر: الطبقات لخليفة (ص: 294)، الطبقات الكبرى (7/ 311)، المعرفة والتاريخ (1/ 375)، الطبقات لمسلم (1/ 369)، الثقات (5/ 6)، تاريخ الثقات (ص: 277)، الاستيعاب (3/ 983)، تجريد أسماء الصحابة (1/ 333)، الإصابة (5/ 208). وانظر نسبه في: نسب قريش (ص: 399)، والتبيين في أنساب القرشيين (ص: 412). (¬1) سيأتي حديثه (3/ 403). (¬2) وهو قوله: "والمزابنة اشتراء الثمر بالتمر في رؤوس النخل، والمحاقلة كِراء الأرض بالحنطة". (¬3) الموطأ كتاب: البيوع، باب: ما جاء في المزابنة والمحاقلة (2/ 486) (رقم: 24). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: البيوع، باب: بيع المزابنة (3/ 44) (رقم: 2186) من طريق عبد الله بن يوسف. ومسلم في صحيحه كتاب: البيوع، باب: كراء الأرض (3/ 1179) (رقم: 1564) من طريق ابن وهب. وابن ماجة في السنن كتاب: الرهون، باب: كراء الأرض (2/ 830) (رقم: 2455) من طريق مطرف بن عبد الله. وأحمد في المسند (3/ 8، 60) من طريق الشافعي وابن مهدي، خمستهم عن مالك به. (¬4) انظر: (3/ 481).

325/ حديث: "لا تَبيعوا الذَّهَبَ بالذَّهَبِ إلَّا مِثلًا بِمِثلٍ ... ". وذَكَر الوَرِق بالوَرِق، والتَّأخِيرَ. عن نافع، عن أبي سعيد (¬1). هذا الصحيحُ في إسناد هذا الحديث، ومن قال فيه: نافع، عن ابن عمر، فقد وَهِمَ (¬2). رَوى اللَّيثُ وغيرُه، عن نافع: أنَّه سمِع ابنَ عمر يَسألُ عنه أبا سعيد فأَخبَرَه به. وهذا في الصحيح (¬3). وفي روايةِ مجاهدٍ أنَّ ابنَ عمر قال فيه لِمَن سأله: "هذا عَهدُ نَبِيّنَا إلينا". فأَوْهَمَ أنْ يكون سَمِعَه، وإنَّما أراد الجِنسَ، أي الصحابة. انظره في مسنده (¬4). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: البيوع، باب: بيع الذهب بالفصة تبرا وعينا (2/ 491) (رقم: 30). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: البيوع، باب: بيع الفضة بالفضة (3/ 43) (رقم: 2177) من طريق عبد الله بن يوسف. ومسلم في صحيحه كتاب: المساقاة، باب: الربا (3/ 1208) (رقم: 1584) من طريق يحيى النيسابوري. والنسائي في السنن كتاب: البيوع، باب: بيع الذهب بالذهب (7/ 278) من طريق قتيبة. (¬2) أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط (3/ 17) (رقم: 2325)، (9/ 93) (رقم: 9224) من طريق عتاب بن بَشير عن خُصيف بن عبد الرحمن الجزري عن نافع عن ابن عمر عن أبي سعيد به. وهذا سند منكر. قال أبو طالب: "سئل أحمد بن حنبل عن عتاب بن بشير: فقال: أرجو أن لا يكون به بأس، روى بأخرة أحاديث منكرة، وما أرى إلا أنها من قِبل خُصيف". وقال الجوزجاني: سمعت أحمد بن حنبل يقول: "أحاديث عتاب عن خُصيف منكرة. انظر: الجرح والتعديل (7/ 13)، تهذيب الكمال (8/ 257)، (19/ 286). (¬3) أخرجه مسلم في صحيحه (3/ 1208، 1209) (رقم: 1584) من طريق الليث ويحيى بن سعيد وعبد الله بن عون عن نافع به. وفيه دليل أنَّ نافعًا سمعه من أبي سعيد كما رواه مالك. (¬4) تقدّم حديثه (2/ 508)، وفيه بيان تأويل قوله "هذا عهد نبيّنا إلينا".

وهذا الحديثُ مختصرٌ، اقتصَرَ فيه أبو سَعيد على ذِكرِ الذَّهبِ والوَرِق خاصَّة دون سائِرِ الأصنافِ السِّتَّةِ، لأنَّه إنَّما أجاب مَن سألَه عن الصَّرْفِ لا غير. وانظر حديث عمر (¬1)، وعثمان (¬2). 326/ حديث: "إِزرَة المسلمِ (¬3) إلى أَنصافِ ساقَيْه ... ". وفيه: "لا يَنظُرُ الله يومَ القيامةِ إلى مَن جَرَّ إزارَه بَطَرًا". في الجامع باب: الإسبالِ. عن العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب، عن أبيه قال: "سألتُ أبا سعيد عن الإزار ... " (¬4). هذا الإسنادُ محفوظ، ورواه فليح بن سليمان، عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة (¬5). ¬

_ (¬1) تقدَّم حديثه (2/ 276). (¬2) تقدَّم حديثه (2/ 311). (¬3) في المطبوع من الموطأ: "المؤمن، وفي نسخة المحمودية (1) (ل: 146 /أ) "المسلم"، كما ذكر المصنف، وفي نسخة المحمودية (ب) (ل: 254 / أ) الجمع بين اللفظين، فقال: "إزرة المؤمن المسلم". (¬4) الموطأ كتاب: اللباس، باب: ما جاء في إسبال الرجل ثوبه (2/ 697) (رقم: 12). (¬5) أخرجه النسائي في السنن الكبرى كتاب: الزينة (5/ 490) (رقم: 3/ 97). وفُليح بن سليمان صدوق كثير الخطأ كما في التقريب (رقم: 5443)، إلا أنه توبع، تابعه: 1 - صفوان بن سُليم: أخرجه الدارقطني في الأفراد (ل: 299 /ب - أطرافه -). وصفوان ثقة مفتٍ كما في التقريب (رقم: 2933). إلَّا أنَّ الراوي عنه عبد الله بن علي أبو أيوب الإفريقي صدوق يخطئ. التقريب (رقم: 3487). 2 - زبير بن حبيب بن ثابت المدني: ذكره ابن عدي في الكامل (3/ 226)، وقال: "أحاديثه ليست بالكثيرة". وأورد له حديثين، أحدهما حديث الباب، ثم قال: "لم أجد للزبير غير هذا الذي أخطأ، وحديث عاصم بن عبيد الله ولا أنكر منهما". =

قال الدارقطني: "وقولُ مَن قال عن أبي سعيد أَحَبُّ إليَّ" (¬1). ¬

_ = وقال الذهبي: "فيه لين". الميزان (25712). 3 - ورقاء بن عمر اليشكري: أخرجه من طريقه أبو بكر الشافعي في الغيلانيات (1/ 572) (رقم: 373)، إلا أنه قال: عن أبي هريرة وأبي سعيد. وورقاء صدوق. التقريب (رقم: 7403). وأخرجه الطبراني في المعجم الأوسط (5/ 241) (رقم: 5204) من طريق ورقاء، ولم يذكر في إسناده أبا هريرة. وخالفهم: - الإمام مالك، وتقدّم. - وشعبة بن الحجاج - في أصح الروايات عنه -، عند أبي داود في السنن كتاب: اللباس، باب: في قدر موضع الإزار (4/ 353) (رقم: 4093)، وأحمد في المسند (3/ 5، 44، 97)، والطيالسي في المسند (ص: 295) (رقم: 2228)، وابن عبد البر في التمهيد (5/ 483). - وسفيان بن عيينة، عند النسائي في السنن الكبرى (5/ 490) (رقم: 9715)، وابن ماجة في السنن كتاب: اللباس، باب: موضع الإزار أين هو؟ (2/ 1183) (رقم: 3573)، وأحمد في المسند (613)، والحميدي في مسنده (2/ 323) (رقم: 737)، وأبي يعلى في المسند (1/ 460) (رقم: 976)، وأبي عوانة في صحيحه (5/ 483)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (12/ 262) (رقم: 5446)، والدارقطني في العلل (11/ 277)، والبيهفي في السنن الكبرى (2/ 244). - وعبيد الله بن عمر عند النسائي في الكبرى (5/ 491) (رقم: 9717)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (12/ 265) (رقم: 5450). - ومحمد بن إسحاق عند أحمد في المسند (3/ 30، 52)، وأبي بكر بن أبي شيبة في المصنف (5/ 166) (رقم: 24821). - وإسماعيل بن جعفر، ويزيد بن أبي حبيب عند النسائي في الكبري (5/ 490) (رقم: 9714، 9716). - وعبد الله بن عمر العمري عند البيهقي في السنن الكبرى (2/ 244). - ورقاء بن عمر اليشكري عند الطبراني في الأوسط كما سبق. (¬1) العلل (11/ 71). ورجَّح في نفس الموضع رواية مالك ومن تابعه، وقال: "وهو الصواب". العلل (11/ 70). وقال النسائي: "وهذا الحديث خطأ، يعني حديث فليح، وفليح ليس بالقوي". السنن الكبرى (5/ 490). =

وانظره مختصرًا لأبي هريرة من طريق الأعرج (¬1)، ولابنِ عمر من طرق (¬2). 327 / حديث: "نَهَى عن النَّفخ في الشراب ... ". فيه: "فَأَبِن القَدَحَ عن فِيكَ ثمَّ تَنَفَّس"، وذَكَرَ القَذَاةَ. في الجامع. عن أيوب بن حَبيب مولى سعد بن ألي وقاص، عن أبي (¬3) المثنى الجُهني، ¬

_ = وذكر ابن عدي رواية فليح والزبير بن حبيب ثم قال: "وأخطأ جميعًا على العلاء حيث قالا: عن أبي هريرة، والحديث عن أبي سعيد". الكامل (3/ 226). قلت - والله الموفق -: ويُحتمل أن يكون الخطأ من العلاء نفسه وذلك لعدة أمور: 1 - أن فُليحًا لم يتفرّد به، بل تابعه صفوان بن سليم والزبير وورقاء. 2 - رواية ورقاء عن العلاء بالوجهين جميعًا دليل أنه كان يذكره مرة عن أبي هريرة ومرة عن أبي سعيد. 3 - أن العلاء متكلَّم فيه من فبل حفظه، وذكر أبو حاتم أنه أنكر من حديثه أشياء وضعّفه ابن معين. وقال الخليلي: "يتفرّد بأحاديث لم يُتابع عليها". وتقدَّم كلام الأئمة فيه (ص: 80)، وتال عنه في التقريب (رقم: 5247): "صدوق ربما وهم". 4 - أنه ورد عن العلاء طريق آخر مخالف للوجهين المتقدمين، فرواه زيد بن أبي أُنيسة عنه عن نعيم المجمر عن ابن عمر. أخرجه النسائي في الكبرى (5/ 491) (رقم: 9718)، والطبراني في المعجم الأوسط (1/ 131) (رقم: 412)، (2/ 39) (رقم: 1169). وقال النسائي: "وهذا خطأ، والمحفوظ حديث العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي سعيد وأبي هريرة. تحفة الأشراف (6/ 256). قلت: وزيد بن أبي أنيسة ثقة. انظر: تهذيب الكمال (10/ 18). ولعل الاضطراب في هذه الأسانيد من العلاء نفسه، والله أعلم بالصواب. (¬1) سيأتي (3/ 392). (¬2) تقدّم من طريق نافع وابن دينار وزيد (2/ 363)، ومن طريق عبد الله بن دينار (2/ 487). (¬3) في الأصل: "ابن"، وهو خطأ.

عن أبي سعيد: "سأله مروانُ ... " (¬1). قال الشيخ أبو العبَّاس رضي الله عنه: أبو المُثنى لا يُسَمَّى (¬2). وغيرُ مالكٍ يَجعلُ أيوبَ جُمَحِيًّا (¬3). فصل: في أوَّلِ الحديثِ النَّهيُ عن النَّفخ داخلَ الإناءِ، وفي آخِرِه إباحةُ التَنَفُّسِ خَارِجَهُ. ورَوى ابنُ عباس: "أنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى أن يُتنفَّس في الإِناءِ أو يُنفَخَ فيه". وفي حديثِ أَنسٍ: "أنَّ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - كان يَتَنَفَّس في الإناءِ ثلاثًا، ويقول: هو ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: صفة النبي - صلى الله عليه وسلم -، باب: النهي عن الشراب في آنية الفضة والنفخ في الشراب (2/ 705 رقم: 12). ومروان هو ابن الحكم الأموي. وأخرجه الترمذي في السنن كتاب: الأشربة، باب: ما جاء في كراهية النفخ في الشراب (4/ 268 رقم: 1887) من طريق عيسى بن يونس. وأحمد في المسند (3/ 26، 32، 57) من طريق يحيى القطان، ووكيع، وعبد الرزاق. والدارمي في السنن كتاب: الأشربة، باب: من شرب بنَفَس واحد (2/ 161) (رقم: 2121) من طريق إسحاق الطبّاع، وفِي باب: النهي عن النفخ في الشراب (2/ 164) (رقم: 2133) من طريق خالد بن مخلد، سنتهم عن مالك به. (¬2) الكنى للبخاري (ص: 72)، الكنى والأسماء لمسلم (2/ 782). وهو ثقة، قاله ابن معين في رواية إسحاق بن منصور كما في الجرح والتعديل (9/ 444). وذكره ابن حبان في الثقات (5/ 565، 582)، وقال الترمذي عن حديت الباب: "حسن صحيح. ووثقه ابن عبد البر في التمهيد (1/ 391). وقال الذهبي في الكاشف (3/ 330): "ثقة". وقال الحافظ في التقريب (رقم: 8339): "مقبول". والصواب أنه ثقة. (¬3) ذكره مصعب الزبيري في ولد الأعور بن عمرو بن أُهيب بن حذافة بن جُمح. انظر: نسب قريش (ص: 397).

أَمْرَأُ، وَأرْوَى"، ومعناه أنَّه كان يَقْطعُ شُرْبَه. وفي حديثِ ابنِ عباسٍ مرفوعًا: "لا تَشربوا واحدًا كشرْبِ البَعيرِ، ولكن اشرَبُوا مَثنى وثَلاث. والكلُّ في كتاب الترمذي، وليس فيه تناقُضٌ (¬1). ¬

_ (¬1) حديث ابن عباس الأول: أخرجه الترمذي في السنن (4/ 269) (رقم: 1888)، وأبو داود في السنن كتاب: الأشربة، باب: في النفخ في الشراب والتنفس فيه (4/ 144) (رقم: 3782)، وابن ماجة في السنن كتاب: الأشربة، باب: النفخ في الشراب (2/ 1134) (رقم: 3429)، وأحمد في المسند (1/ 220، والدارمي في السنن (2/ 164) (رقم: 2134)، والحميدي في المسند (1/ 241) (رقم: 525)، وابن أبي شيبة في المصنف (5/ 106) (رقم: 24168)، وأبو يعلى في المسند (3/ 30) (رقم: 2398)، والبيهقي في السنن الكبرى (7/ 284) من طرق عن سفيان بن عيينة عن عبد الكريم بن مالك الجزري عن عكرمة عن ابن عباس به. (وسقط عند الحميدي ذكر ابن عيينة). وقال الترمذي: "حسن صحيح". قلت: وللحديث طرق أخرى منها: - ما أخرجه أحمد في المسند (1/ 309، 357) من طريق إسرائيل عن عبد الكريم به. - وما أخرجه ابن ماجة في السنن (2/ 1134) (رقم: 3428)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (12/ 136) (رقم: 5316)، والطبراني في المعجم الكبير (11/ 249) (رقم: 11978)، والحاكم في المستدرك (4/ 138) من طريق يزيد بن زريع عن خالد الحذاء عن عكرمة به. وقال الحاكم: "صحيح على شرط البخاري". ووافقه الذهبي. وحديث أنس: أخرجه الترمذي في السنن كتاب: الأشربة، باب: ما جاء في التفس في الإناء (4/ 267) (رقم: 1884). وهو عند مسلم في صحيحه كتاب: الأشربة، باب: كراهة التنفّس في نَفْس الإناء، واستحباب التنفس خارج الإناء (3/ 1602) (رقم: 2028) من طريق أبي عاصم البصري عن أنس رضى الله عنه به. وحديث ابن عباس الثاني: أخرجه الترمذي في السنن (4/ 227) (رقم: 1885) من طريق يزيد بن سنان الفروي عن ابنٍ لعطاء بن أبي رباح عن عطاء عن ابن عباس رضي الله عنه به. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وقال الترمذي: "غريب". قلت: فيه يزيد بن سنان ضعيف، كما في التقريب (رقم: 7727). وابن عطاء يُحتمل أن يكون يعقوب بن عطاء بن أبي رباح، فإن كان هو فضعيف، وإلا فمجهول. انظر: تهذيب الكمال (32/ 355)، تهذيب التهذيب (11/ 344)، التقريب (رقم: 7826، 8442). ويشهد لقوله في هذا الحديث: "اشربوا ثلاثًا" الأحاديثُ المتقدّمة. ولا تناقض بين حديث ابن عباس الأول وحديث أنس بن مالك، وليس المراد من قوله في حديث أنس "أنه كان يتنفّس في الإناء أي داخله، وإنما المراد أنه كان يتنفس إذا شرب ثلاثًا، وجاء في صحيح مسلم في هذا الحديث: "كان يتنفس في الشراب ثلاثا" قال النووي: "معناه في أثناء شربه من الإناء، أو في أثناء شربه الشراب". شرح صحيح مسلم (13/ 199). - وأما حديث ابن عباس الثاني فهو يُناقض حديث الباب، ففيه: أن الرجل قال للنبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا أروى من نفس واحد". ففال له النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -: "فأَبِن القدح عن فيك ... "، الحديث، ومفهومه يدل أنه إن رَوِيَ من نَفَس واحد حاز له الشرب بنفس واحد، وهذا الظاهر، لكن حديث ابن عباس ضعيف من جهة الإسناد فلا يُعارَض به حديث الموطأ، ويشهد للجواز ما أخرجه ابن ماجة في السنن كتاب: الأشربة، باب: التنفّس في الإناء (2/ 1133) (رقم: 3427)، وابن أبي شيبة في المصنف (4/ 106) (رقم: 24169)، والحاكم في المستدرك (4/ 139)، من طريق الحارث بن أبي ذباب عن عمّه عن أبي هريرة مرفوعًا: "لا يتنفّس أحدكم في الإناء إذا شرب منه، ولكن إذا أراد أن يتنفّس فليؤخّره عنه ثم يتنفَّس" لفظ الحاكم، وقال: "صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي. قلت: وسنده حسن، الحارث بن عبد الرحمن بن عبد الله بن سعد بن أبي ذباب قال عنه أبو حاتم: "يروي عنه الدراوردي أحاديث منكرة، وليس بذاك القوي، يُكتب حديثه". وقال أبو زرعة: "ليس به بأس". انظر: الجرح والتعديل (3/ 80). وذكره ابن حبان في الثقات (6/ 172)، وزاد في تهذيب التهذيب (2/ 128): "وكان من المتقنين". وقال ابن حجر: "صدوق يهم". التقريب (رقم: 1030). وعمّه صحابي، ذكره ابن منده في الصحابة وسمَّاه عياضًا. انظر: الإصابة (4/ 756).

328 / حديث: "إنَّ الملائكةَ لا تَدخُل بيتًا فيه تماثيلُ أو تصاوِير ... "، شَكَّ إسحاقُ فيهما. في الجامع. عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طَلحة، عن رافع بن إسحاق مولى الشَّفَّاء، عن أبي سعيد (¬1). قال فيه: "دَخلتُ أنا وعبد الله بن أبي طلحة على أبي سعيد الخدري نَعُودُه، فذكره عامًّا لَم يَستَثْنِ فيه الرَّقمَ. وانظر حديثَ عائشةَ من طريق القاسم (¬2)، ومسندَ أبي طلحة (¬3)، وتقدَّم ولاءُ رافعٍ في مسند أبي أيوب (¬4). 329 / حديث: "إنَّ بالمدينةِ جنًّا قد أسلَموا، فهاذا رأيتُم منهم شيئًا فآذِنُوه ثلاثةَ أيَّامٍ ... ". وفيه قِصَّةُ الَفَتَى المقتولِ مُطوَّلة. في الجامع باب: قتلِ الحيّات. عن صَيْفيِّ مولى ابن أَفْلح (¬5)، عن أبي السَّائب مولى هِشام بن زهرة، عن أبي سعيد (¬6). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الاستئذان، باب: ما جاء في الصور والتماثيل (2/ 736) (رقم: 6). وأخرجه الترمذي في السنن كتاب: الأدب، باب: ما جاء أن الملائكة لا تدخل بيتًا فيه صورة ولا كلب (5/ 106) (رقم: 2805) من طريق روح بن عبادة. وأحمد في المسند (3/ 90) من طريق روح عن مالك به. (¬2) سيأتي حديثها (4/ 16). (¬3) تقدّم حديثه (3/ 170). (¬4) انظر: (3/ 140). (¬5) هو صيفي بن زياد الأنصاري أبو زياد، ويقال: أبو سعيد المدني. (¬6) الموطأ كتاب: الاستئذان، باب: ما جاء في قتل الحيات، وما يقال في ذلك (2/ 744) (رقم: 33). =

عند ابن بُكير وحماعةٍ من رواة الموطأ في متنِه زيادة: "ادعُ الله أن يُحيِيَه لنا" (¬1). وأبو السَّائبِ لاَ يُسَمَّى (¬2). فصل: خَصَّ في هذا الحديثِ حيَّاتِ المدينة، وقد تقدّم لأبي لُبابة النَّهيُ عن قَتلِ حيَّاتِ البيوتِ، وهو أَعَمُّ (¬3). وخَرَّج الترمذيُّ عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبيه أبي ليلى الأنصاري - وهو من الصحابة - قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا ظَهرتِ الحيّةُ في المسكنِ ¬

_ = وأخرجه مسلم في صحيحه كتاب: السلام، باب: قتل الحيّات وغيرها (4/ 1756) (رقم: 2236) من طريق عبد الله بن وهب. وأبو داود في السنن كتاب: الأدب، باب: في قتل الحيّات (5/ 415) (رقم: 5259) من طريق عبد الله بن وهب. والترمذي في السنن كتاب: الأحكام والفوائد، باب: ما جاء في قتل الحيات (4/ 65 / تحت حديث (رقم: 1484) من طريق معن. والنسائي في السنن الكبرى كتاب: السير، باب: إذن الإمام للرجل وهو يحاف عليه (5/ 274) (رقم: 8871) من طريق معن، وفي عمل اليوم والليلة، باب: ما يقول إذا رأى حيَّة في مسكنه (6/ 241 رقم: 10808) من طريق ابن القاسم، ثلاثتهم عن مالك به. (¬1) انظر: رواية ابن بكير (ل: 264 /أ)، وبعده قال: "استغفروا لصاحبكم". وتابعه على ذكره: - أبو مصعب الزهري (2/ 155) (رقم: 2056). - وابن وهب وابن القاسم كما في الجمع بين روايتيهما (ل: 125/ أ)، ورواية ابن وهب عند مسلم أيضًا. - ومعن عند النسائي. (¬2) الكنى للبخاري (ص: 38)، والكنى والأسماء لمسلم (1/ 406)، تهذيب الكمال (33/ 338). وقال ابن حجر: "ويقال: اسمه عبد الله". التقريب (رقم: 8113). (¬3) تقدَّم حديثه (3/ 157).

فقولوا لها: إنَّا نسألكِ بعَهدِ نوحٍ وبِعهدِ سليمان بنِ داودَ أَلَّا تُؤذِينا، فإِنْ عادَت فاقتُلُوهَا" (¬1). وخَرَّج أبو داود عن ابن مسعودٍ مرفوعًا: "اقتُلُوا الحَيَاتِ كلَّهنَّ فمَن خاف ثَأرَهُنَّ فلَيسَ مِنِّي" (¬2). ¬

_ (¬1) سنن الترمذي (4/ 61) (رقم: 1485)، وأخرجه أبو داود في السنن (5/ 415) (رقم: 5260، والنسائي في السنن الكبرى (6/ 241) (رقم: 10804)، وابن عبد البر في التمهيد (16/ 26) من طريق محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن ثابت البناني عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبيه به. وقال الترمذي: "حسن غريب، لا نعرفه من حديث ثابت البناني إلا من هذا الوجه من حديث ابن أبي ليلى". قلت: ومحمد بن عبد الرحمن صدوق سيء الحفظ جدًّا كما في التقريب (رقم: 6081). وانظر: تهذيب الكمال (25/ 622)، تهذيب التهذيب (9/ 268). والحديث ضعَّفه الشيخ الألباني في الضعيفة (4/ 17). (¬2) سنن أبي داود (5/ 409) (رقم: 5249)، وأخرجه النسائي في السنن كتاب: الجهاد، باب: من خلّف غازيا في أهله (6/ 51)، والطبراني في المعجم الكبير (10/ 170) (رقم: 10355)، وابن عبد البر في التمهيد (16/ 24) من طريق شريك عن أبي إسحاق عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه عن ابن مسعود به. وأخرجه أبو بكر الشافعي في الغيلانيات (1/ 504) (رقم: 311) بهذا الإسناد إلَّا أنَّ متنه بنحو حديث أبي هريرة الآتي. وفي سند الحديث شريك بن عبد الله القاضي، سيء الحفظ، إلَّا أنَّ بعض الأئمة قوّى روايته عن أبي إسحاق كابن معين وأحمد بن حنبل. انظرة شرح العلل (2/ 710)، تهذيب الكمال (12/ 468). وفي الحديث علَّة أخرى، عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود لم يسمع من أبيه إلا حديثين، وليس هذا منهما. انظر: جامع التحصيل (ص: 223)، تهذيب الكمال (17/ 239)، التقريب (رقم: 3924). وأخرجه أبو داود في سننه (5/ 415) (رقم: 5261) من طريق إبراهيم النخعي، عن ابن مسعود موقوفًا: "اقتلوا الحيات كلهن إلا الجان الأبيض كأنه قضيب فضة". وهذا منقطع موقوف، إبراهيم لم يسمع من ابن مسعود. وللحديث شواهد كما سيأتي.

وعن أبي هريرة قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما سالَمْنَهنَّ منذُ حاربنَاهنَّ، ومَن تَرك شيئًا منهنَّ خِيفَةً فليس مِنَّا" (¬1). ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في السنن (5/ 409) (رقم: 5248)، وابن عبد البر في التمهيد (16/ 24) من طريق إسحاق بن إسماعيل الطالقاني عن ابن عيينة. - وأحمد في المسند (2/ 232)، والبزار في المسند (ل: 109/ أ- نسخة كوبرلي -)، وابن عبد البر في التمهيد (16/ 24) من طريق يحيى القطان. - وأحمد في المسند (2/ 520) من طريق صفوان. - وابن حرير في تفسيره (1/ 278) (رقم: 763) من طريق حيوة بن شريح. - والطبراني في المعجم الأوسط (6/ 215) (رقم: 6223) من طريق عبد الله بن محمد بن عجلان عن أبيه عن جدّه. - والطحاوي في شرح المشكل (3/ 370) (رقم: 1338) من طريق أبي عاصم النبيل. - وابن عبد البر في التمهيد (16/ 25) من طريق محمد بن جعفر، كل هؤلاء عن محمد بن عجلان عن أبيه عن أبي هريرة به. وأخرجه أحمد في المسند (2/ 247)، والحميدي في مسنده (2/ 489) (رقم: 1156)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (12/ 461) (رقم: 5644) من طريق ابن عيينة عن ابن عجلان عن بكير بن عبد الله عن عجلان عن أبي هريرة. فزاد في سنده بكير بن عبد الله بن الأشج بين محمد بن عجلان وأبيه. قال الدارقطني: "ولعل محمد بن عجلان سمعه عن أبيه واستثبته من بكير بن الأشج". العلل (11/ 138). قلت: وممَّا يؤيِّد ذلك أنه عند ابن عيينة بالإسنادين جميعًا. وسند حديث أبي هريرة حسن، عجلان بن محمد لا بأس به. تهذيب الكمال (19/ 516). وللحديث شواهد من حديث عبد الله بن عباس وابن مسعود وعثمان بن أبي العاص: - أخرجه أبو داود في السنن (5/ 410) (رقم: 5250)، وأحمد في المسند (1/ 230)، والطبراني في المعجم الكبير (11/ 130 / 1180) من طريق ابن نمير عن موسى بن مسلم الطحان عن عكرمة - يرفع الحديث فيما أُرى إلى ابن عباس - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وذكره. وفي سنده موسى بن مسلم الطحان لا بأس به كما في التقريب (رقم: 7013)، إلا أنه شك في وصل الحديث. =

أراد - صلى الله عليه وسلم - قولَ الله سبحانه: {اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ} (¬1). وقال ابنُ عباس: "الخِطابُ لآدمَ وإبليسَ والحَيَّةَ" (¬2). ¬

_ = - وأخرجه ابن أبي خيثمة في تاريخه (رقم: 866 - رسالة الحمدان -)، والبزار في المسند (6/ 313) (رقم: 2325)، والطحاوي في شرح المشكل (3/ 371) (رقم: 1340)، والطبراني في المعجم الكبير (9/ 46) (رقم: 8344) من طرق عن عبد الرحمن بن إسحاق الواسطي، عن يزيد بن الحكم، عن عثمان بن أبي العاص به. وسنده ضعيف: لضعف عبد الرحمن بن إسحاق كما في التقريب (رقم: 3799). ويزيد بن الحكم بن أبي العاص، ذكره ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (9/ 257) ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا. وقال الهيثمي: "فيه عبد الرحمن بن إسحاق أبو شيبة الواسطى، وهو ضعيف". مجمع الزوائد (4/ 46). - وأخرجه الطحاوي في شرح المشكل (3/ 371) (رقم: 1339) من طريق زائدة بن قدامة عن منصور عن عبد الله بن مرة عن مسروق عن عبد الله بن مسعود عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - مثله. (¬1) سورة: البقرة الآية: (36)، وسورة: الأعراف، الآية: (24). (¬2) أخرجه ابن جرير في تفسيره (1/ 278) (رقم: 760، 761)، وابن أبي حاتم في تفسيره (1/ 89) من طريق إسماعيل بن عبد الرحمن السّدي، عمّن حدّثه، عن ابن عباس. وسنده ضعيف لجهالة الواسطة، وإسماعيل تكلم فيه بعضهم، وقال ابن حجر: "صدوق يهم". انظر: تهذيب الكمال (3/ 132)، تهذيب التهذيب (1/ 273)، التقريب (رقم: 463). وجاء بنحوه عند ابن جرير (1/ 277) عن أبي صالح ومجاهد والسدي. وفسّر أحمد بن صالح حديث: "ما سالمنهنَّ .. بالآية. التمهيد (16/ 25). وقال ابن كثير: "قيل المراد بالخطاب في {اهْبِطُوا} آدم وحواء وإبليس والحَيَّة، ومنهم من لم يذكر الحيّة، والله أعلم، والعمدة في العداوة آدم وإبليس، ولهذا قال تعالى في سورة طه قال: {اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا} الآية، وحوّاء تبع لآدم، والحيّة إن كان ذكرها صحيحًا فهي تبع لإبليس". التفسير (2/ 192). واختلف العلماء فيما يُقتل من الحيات، ولعل الأقرب في ذلك الجمع بين هذه الأحاديث الواردة في هذا الباب وحديث أبي لبابة الذي فيه النهي عن قتل حيّات البيوت، فتُقتل الحيات عمومًا إلَّا ما كان في البيوت فلا تُقتل إلا بعد الأذن، وخصَّ بعضُ أهل العلم بيوت المدينة من سائر البيوت، وهو مذهب مالك. انظر: التمهيد (16/ 25، 257)، تفسير القرطبي (1/ 215، 216).

330 / حديث مُشتركٌ: "استعمَلَ رَجلًا على خيبَرَ فجاءَه بتَمْرٍ جَنِيبٍ (¬1) ... ". فيه: "بِع الجَمْعَ (¬2) بالدراهمَ ثمَّ ابْتَع بالدراهم جَنِيبًا". في باب: ما يُكره من بيع التمر. عن عبد الحميد بن سُهيل بن عبد الرحمن بن عوف، عن سعيد بن المسيّب، عن أبي سعيد الخدري وعن أبي هريرة (¬3). هكذا قال يحيى بن يحيى، وطائفةٌ في شيخ مالكٍ هذا: "عبد الحَميد، بالحاء مُقدَّمةً على الميم (¬4)، والأكثرُ يقول فيه: "عبد المَجِيد، بالجيمِ وتقديمِ ¬

_ (¬1) الجَنيب، قيل: هو تمر ليس. ممختلط، وقيل: الطيب، وقيل: المتين، وقال مالك: "هو الكبيس". وقال ابن الأثير: "نوع جيِّد معروف من أنواع التمر". انظر: مشارق الأنوار (1/ 155)، النهاية (1/ 304). (¬2) قيل: هو كلُّ ما لا يُعرف له اسم من التمر، وقيل: تمر مختلط من أنواع متفرِّقة، وليس مرغوبًا فيه، وما يختلط إلا لرداءته. انظر: مشارق الأنوار (1/ 153)، النهاية (1/ 296). (¬3) الموطأ كتاب: البيوع، باب: ما يكره من بيع التمر (2/ 485) (رقم: 26). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: البيوع، باب: إذا أراد بيع تمر بتمر خير منه (3/ 48) (رقم: 2201) من طريق قتيبة، وفي الوكالة، باب: الوكالة في الصرف والميزان (3/ 86) (رقم: 2302) من طريق عبد الله بن يوسف، وفي المغازي، باب: استعمال النبي - صلى الله عليه وسلم - على أهل خيبر (5/ 100) (رقم: 4244) من طريق إسماعيل بن أبي أويس. ومسلم في صحيحه كتاب: المساقاة، باب: بيع الطعام مثلا بمثل (3/ 1215) (رقم: 1593) من طريق يحيى النيسابوري. والنسائي في السنن كتاب: البيوع، باب: بيع التمر بالتمر متفاضلًا (7/ 271) من طريق ابن القاسم، خمستهم عن مالك به. (¬4) كذا وقع في المطبوع، وفي نسخة المحمودية (ب) (ل: 146 /ب). وتابعه: - أبو مصعب الزهري 6 (ل: 308 / ب - النسخة الهندية-)، و (ل: 142 /ب) نسخة مصورة بالجامعة الإسلامية (برقم: 4081). وأصلحه محققَا هذه الرواية (2/ 322) (رقم: 2516) فقالا: "تحرّف في الأصل ورواية يحيى إلى عبد الحميد، والصواب ما كتبناه"! =

المِيم، وهو الأصَحُّ، وهكذا قال فيه البخاري في التاريخ، ولَم يَذكر خلافًا (¬1). والحديثُ في الموطأ عن أبي سعيد وأبي هريرةَ معًا على الاشتِراكِ. ¬

_ = - وسويد بن سعيد (ص: 239) (رقم: 498 - الطبعة البحرينية -)، (ص: 193 طبعة دار الغرب) وأَشار محقق هذه الطبعة أن في نسختين من الرواية: "عبد المجيد، أي بتقديم الميم. وممن قال أيضا عبد الحميد: ابن نافع وعبد الله بن يوسف كما في التمهيد (20/ 53). قلت: ورواية عبد الله بن يوسف عند البخاري كرواية الجماعة، وقال الحافظ ابن حجر -بعد أن حكى قول ابن عبد البر-: "ولم أر ذلك في شيء من نسخ البخاري عن عبد الله بن يوسف، فلعلّه وقع كذلك في رواية غير البخاري". الفتح (4/ 562). (¬1) التاريخ الكبير (6/ 110). وانظر: التمهيد (20/ 53 - 55)، أحماء شيوخ مالك (ل: 67 / ب). قلت: ولعل الصحيح من رواية يحيى الليثي: عبد المجيد، كما قال الجماعة، وما وقع في الرواية التي ذكرها المصنف وابن عبد البر وغيرهما وما في نسخة المحمودية (ب) إنَّما في بعض النسخ دون بعض كما سيأتي بيانه. وقد رواها عبيد الله بن يحيى عن أبيه عن مالك على الصواب، كذا ثبت في نسخة المحمودية (أ) (ل: 112/ أ)، ووقع في نسخة شستربتي (ل: 108/ ب): عبد الحميد، ووضع الناسخ فوقها (صح علامة التصحيح، وفي هامشها: عبد المجيد وفوقها حرف (ن) أي في نسخة، ثم قال: لابن ض (أي وضاح) وابن القاسم وأكثر الرواة، وهو الصواب. وجاءت على الصواب في نسخة أبي عبد القه بن الحذاء من رواية عبيد الله عن أبيه يحيى الليثي، قال أبو عبد الله محمد بن الحذاء: "هكذا قال جلّ أصحاب مالك: عبد المجيد، وقال ابن بكير وابن نافع ويحيى بن يحيى الليثي عن مالك: عبد الحميد، وكذلك قال ابن عيينة وغيره، وقال أحمد: وعبد المجيد أصح، وإليه كان يذهب ابن وضّاح. قال محمد (أي ابن الحذّاء): ووجدت في روايتي عن شيوخي عن عيد الله بن يحيى عن أبيه يحيى بن يحيى عن مالك عن عبد المجيد، وكذلك في روايتي عن ابن بكير عن مالك: عبد المجيد، وهو الصحيح، وكذلك يقول جماعة أهل النسب. رجال الموطأ (ل: 73/ ب). قلت: ورواية ابن بكير (ل: 91 / أ - نسخة الظاهرية -)، و (ل: 99 / ب - نسخة السليمانية -) كرواية الجماعة أَي عبد المجيد، وهذا موافق لرواية ابن الحذاء. فتحصل من هذا كله أنَّ نسخ رواية عبيد الله بن يحيى عن أَبيه اختلفت في تسمية الرجل، ففي بعضها عبد الحميد، وفي بعضها عبد المجيد، وهي الموافقة لرواية ابن وضاح عن يحيى، ورواية الجماعة عن مالك، وهو الصواب في اسمه، والله أَعلم.

وقال فيه إسحاقُ الرّازي، عن مالك: عن أبي سعيد وحدَه (¬1). وقال سُويد بن سعيد، عن مالك: عن أبي هريرة وحده (¬2). قال الدّارقطني: "وكلاهما صحيحٌ" (¬3). ويُقال: إنّ عبد المجيد هذا انفرَدَ بقولِه فيه: عن أبي هريرة (¬4). وذكر أبو بكر البزّارُ أنّه قد رُوي أيضًا عن سعيد بن المسيّب، عن عُمر وبلال (¬5). ¬

_ (¬1) لم أجده، وذكره الدارقطني في العلل كما سيأتي. (¬2) في الطبعتين من روايته أبي سعيد وأبي هريرة كرواية يحيى الليثي والجماعة. (¬3) العلل (9/ 208). (¬4) قاله ابن عبد البر، وقال: "وإنما يُحفظ هذا لأبي سعيد الخدري". التمهيد (20/ 56). قلت: وعبد المجيد ثقة يُقبل انفراده، ويؤيِّده إخراج البخاري ومسلم حديثه هذا، وانظر: فتح الباري (4/ 467). (¬5) مدار حديث ابن المسيب عن عمر وبلال على أبي حمزة ميمون الأعور، واختلف عليه فيه: 1 - طريق أبي حمزة، عن سعيد بن المسيب، عن عمر: أخرجه البزار في مسنده (4/ 201) (رقم: 1363) من طريق قيس بن الربيع، عن أبي حمزة، عن سعيد بن المسيب، عن عمر. وتابع قيسَ بنَ الربيع: عمرو بنُ أبي قيس، وخلاد الصفار، عن أبي حمزة، عن سعيد، عن عمر، ذكره الدارقطني في العلل (2/ 158). وذكر الدارقطني أيضًا أن سيف بن محمد رواه عن منصور والثوري، عن أبي حمزة، عن سعيد، عن عمر. لكن سيف بن محمد كذبوه كما في التقريب (رقم: 2726). ثم إن جرير بن عبد الحميد خالفه، فرواه عن منصور عن أبي حمزة عن سعيد عن بلال، وهي الطريق الثانية. 2 - طريق أبي حمزة، عن سعبد بن السيب، عن بلال: أخرجه البزار في مسنده (4/ 200) (رقم: 1362)، والطبراني في المعجم الكبير (1/ 339) (رقم: 1018)، والهيثم بن كليب في مسنده (2/ 375) (رقم: 982)، والروياني في مسنده (2/ 18) (رقم: 755) من طرق عن جرير، عن منصور بن المعتمر، عن أبي حمزة، عن سعيد، عن بلال به. =

وزاد مُطرِّفٌ وغيرُه من رواةِ الموطأ في متنِه (¬1)، وقال: "في الميزان مِثل ذلك، وذَكَرَ البخاري هذه الزيادةَ من طريق عبد الله بن يوسف التِنِّيسي عن مالك (¬2). ¬

_ 3 - طريق أبي حمزة، عن سعيد بن المسيب، عن عمر بن الخطاب، عن بلال: أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (1/ 339) (رقم: 1017)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (3/ 55) (رقم: 1113) من طريق أبي بلال الأشعري مرداس بن محمد، عن قيس بن الربيع، عن أبي حمزة، عن سعيد، عن عمر، عن بلال. ومدار هذه الطرق كلها على أبي حمزة، والاضطراب فيها منه، واسمه ميمون الأعور القصاب، وهو ضعيف، وتركه بعضهم. انظر: تهذيب الكمال (29/ 237)، تهذيب التهذيب (10/ 353)، التقريب (رقم: 7057). وسئل الدارقطني عن هذا الحديث فذكر هذه الطريق عن سعيد ثم قال: "وأبو حمزة مضطرب الحديث، والاضطراب في الأسناد من قِبَله، والله أعلم". العلل (2/ 158، 159). تنبيه: أخرج طريق سعيد بن المسيب عن بلال: إسحاقُ بنُ راهويه في مسنده كما في المطالب العالية لابن حجر (ل: 48 / أ)، (2/ 89) (رقم: 1390) قال: أخبرنا جرير، عن منصور، عن أبي وَجزة السعدي، عن سعيد بن المسيب، عن بلال. كذا قال، جعل بدل أبي حمزة أبا وجزة، واسمه يزيد بن عبيد وهو ثقة، وقال ابن حجر عقبه: "وهذا الأسناد حسن، إلَّا أنَّ ابن المسيب لم يسمع من بلال". قلت: كذا وقع في المطالب، وهو تصحيف لا شك فيه، ولست أدري ممن وقع، ومنشؤه تشابهُ الكنيتين في الخط (أعني أبا حمزة وأبا وجزة) وأما زيادة نسبة المسعدي في الإسناد فمن تصرف المصحَّف، والله أعلم، وفي كل المصادر السابقة جاء الحديث عن أبي حمزة، ونص الدارقطني أنه ميمون الأعور! ! (¬1) لم أقف على رواية مطرف. (¬2) تقدّم تخريجه. ومراد المصنف بقوله: "وقال في الميزان مثل ذلك، أي أن الموزون مثل المكيل، فما داخله الربا في الجنس الواحد من جهة التفاضل والزيادة، لم يَجز فيه الزيادة والتفاضل، لا في الكيل ولا في الوزن. وهذه الزيادة مذكورة في حديث مالك كما ذكر المصنف، وذكر ابن عبد البر في التمهيد (20/ 57) أنَّ مالكًا لم يذكر هذه الزيادة في حديثه، وذكرها كل من روى الحديث عن عبد المجيد. وفي قوله نظر، ويردّه ما ذكره المصنف، وانظر: الفتح (4/ 468).

وزاد فيه أبو نَضْرَة (¬1)، عن أبي سعيد وحدَه: "هذا الرِّبا فرُدُّوه" خَرَّجه مسلم وغيرُه (¬2). وهكذا قال فيه أَنس بن مالك مرفوعًا: "رُدُّوه على صَاحبِه. خَرَّجه البزّارُ من طريق ثابتٍ عنه (¬3). ورَوى أبو دِهْقَانَة عن ابن عمر: أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - ضافَه ضَيفٌ فقال لبلالٍ: "ائتِنَا بطعامٍ"، فذهب بلالٌ إلى صاعَين من تَمْرٍ دُونٍ فاشتَرَى به صاعًا مِن تَمرٍ جَيِّدٍ، فأَعجَبَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - التَّمرُ، وقال: "مِن أيْنَ هو؟ "، فأَخبرَه أنَّه بَدَّل صاعَين بصاعٍ، فقال: "رُدَّ علينَا تَمْرَنا". خَرَّجه ابنُ أبي شيبة. وأبو دِهْقَانَة لا يُسَمَّى (¬4). ¬

_ (¬1) في الأصل أبو بصرة، بالباء والصاد المهملة، والصواب المثبت، واسمه: المنذر بن مالك العبدي. (¬2) صحيح مسلم (3/ 1216) (رقم: 1594). (¬3) أخرجه البزار في مسنده (2/ 108) (رقم: 1317 - كشف الأستار)، والطبراني في المعجم الأوسط (10312) (رقم: 1390)، والبخاري في التاريخ الكبير (7/ 214) تعليقا من طرق عن روح بن عبادة، عن أبي الفضل كثير بن يسار (وتصحف في كضف الأستار: إلى بشار)، عن ثابت البناني به. وقال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن ثابت إلا كثير أبو الفضل، تفرَّد به روح". قلت: وكثير بن يسار أبو الفضل أثنى عليه سعيد بن عامر خيرا كما في التاريخ الكبير (7/ 214). وذكره ابن حبان في الثقات (5/ 331)، وذكر ابن حجر أنه روى عنه عشرة أنفس، وهو من التابعين. اللسان (4/ 485). وقال ابن القطان الفاسي: "كثير بن يسار تفرَّد عن ثابت، وحاله غير معروفة، وإن كان قد روى عنه جماعة". بيان الوهم والإيهام (4/ 489). قلت: وردَّه الحافظ ابن حجر. مما تقدّم من ثناء سعيد بن عامر وذكر ابن حبان له في الثقات ورواية الجمع الكثير عنه، ثم قال: "فكيف لا يكون معروفًا؟ ! ". اللسان (4/ 485). ولعل الصواب في أمره أنه صدوق، فالحديث حسن، ويشهد له ما قبله، والله أعلم. (¬4) مسند ابن أبي شيبة ناقص. وأخرجه أحمد في المسند (1/ 21، 144)، وأبو يعلى في المسند (5/ 275) (رقم: 5684)، =

331/ حديث: "ما بَينَ بَيتِي ومِنبَرِي رَوضَةٌ من رِياضِ الجَنَّةِ ... ". فيه: : ومِنبَري على حَوْضِي". في الصلاة عند آخره. عن خُبَيب بن عبد الرّحمن الأنصاري، عن حَفص بن عاصِم، عن أبي هريرة أو عن أبي سعيد (¬1). هكذا على الشكِّ، وانظر حديث عبد الله بن زيد (¬2). ¬

_ = وعبد بن حميد (2/ 42) (رقم: 823) من طريق فضيل بن غزوان عن أبي دِهقانة به. وأبو دهقانة كما قال المصنف لا يسمى، وا يرو عنه إلا فضيل بن غزوان، وهو مجهول. وقال أبو زرعة: "كوفي لا أعرف اسمه". وذكره البخاري في الكنى (ص: 29)، وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (9/ 368). وذكره ابن حبان في الثقات (5/ 580) على قاعدته. ويشهد للحديث ما قبله. وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير (1/ 342) (رقم: 1028)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (3/ 55) (رقم: 1113) من طريق أبي دهقانة عن ابن عمر عن بلال، فجعله من مسند بلال. وأخرج أبو يعلى في المسند - كما في المطالب العالية (2/ 90) (رقم: 1390) - من طريق إسرائيل عن أبي إسحاق عن مسروق عن بلال، بنحوه. وفي هذه الأدلة التي أوردها المصنف بيان أن البيع الذي وقع مفسوخ، قال ابن عبد البر: "وأما سكوت من سكت من المحدّثين في الحديث عن ذكر فسخ البيع الذي باعه العامل على خيبر: فلأنه معروف في الأصول أنَّ ما ورد التحريم به لم يجز العقد عليه، ولا بد من فسخه". التمهيد (20/ 58). (¬1) الموطأ كتاب: القبلة، باب: ما جاء في مسجد النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - (1/ 174) (رقم: 10). وأخرجه أحمد في المسند (2/ 465، 533) من طريق إسحاق الطبّاع وابن مهدي، كلاهما عن مالك به. (¬2) في الأصل: "يزيد"، وهو خطأ، وتقدَّم حديثه (3/ 23). وانظر الحديث الآتي.

332 / وبه: "سَبعةٌ يُظلُّهم اللهُ يومَ لا ظِلَّ إلا ظِلُّه ... ". في الجامع، باب المتحابِّين (¬1). هكذا قال يحيى بن يحيى وجمهورُ الرواة في هذين الحديث: "عن أبي هريرة أو عن أبي سعيد" على الشكِّ (¬2). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الشعر، باب: ما جاء في المتحابين في الله (2/ 726) (رقم: 14). وأخرجه مسلم في صحيحه كتاب: الزكاة، باب: فضل إخفاء الصدقة (2/ 716) (رقم: 1031) من طريق يحيى النيسابوري. والترمذي في السنن كتاب: الزهد، باب: ما جاء في الحب في الله (4/ 516) (رقم: 2391) من طريق معن، كلاهما عن مالك به. (¬2) تابع يحيى على حديث الروضة: إسحاق الطبّاع، وابن مهدي عند أحمد. ومن رواة الموطأ: - أبو مصعب الزهري (1/ 201) (رقم: 518)، ومن طريقه أبو أحمد الحاكم في عوالي مالك (ص: 122). - وابن القاسم (ص: 208) (رقم: 154)، وابن بكير (ل: 1135 - نسخة السليمانية -). - والقعنبي (ص: 99، 100)، ومن طريقه العقيلي في الضعفاء (4/ 73)، ووقع في نسخة الأزهرية (ل: 37 / ب): عن أبي سعيد وأبي هريرة بالجمع بينهما. - وعبد الله بن وهب، ومطرف بن عبد الله، عند الطحاوي في شرح مشكل الآثار (7/ 316، 317) (رقم: 2876، 2875). وأخرجه ابن الأعرابي في المعجم (1/ 353) (رقم: 682) من طريق خالد بن إسماعيل المخزومي، عن مالك به. وانظر: التمهيد (21/ 285). وتابع يحيى على حديث السبعة: يحيى النيسابوري عند مسلم، ومعن بن عيسى عند الترمذي. ومن رواة الموطأ: - أبو مصعب الزهري (2/ 131) (رقم: 2005)، ومن طريقه ابن حبان في صحيحه (الإحسان) (16/ 332) (رقم: 7338)، والبغوي في شرح السنة (2/ 116) (رقم: 471). - وابن القاسم (ص: 209) (رقم: 155 - تلخيص القابسي -). - وابن وهب كما في الجمع بين روايته ورواية ابن القاسم (ل: 118 / ب). وأخرجه أبو عوانة في صحيحه (4/ 411)، والطحاوي في شرح المشكل (15/ 69) (رقم: 5844) من طريق عبد الله بن وهب. =

وقال مصعبُ الزبيري (¬1) وأبو قُرَّة موسى بن طارق، عن مالك في حديث السَّبعةِ خاصَّةً: "عن أبي هريرة وأبي سعيد" جَمْعًا بينهما (¬2)، وهكذا قال ¬

_ = - وسويد بن سعيد (ص: 538) (رقم: 1271)، وابن بكير (ل: 239 / أ). - وأخرجه الطبراني في الدعاء (3/ 1641) (رقم: 1884) من طريق القعنبي. - وابن عساكر في تاريخ دمشق (5/ 214) من طريق يحيى بن سليمان بن نضلة. وقال ابن عبد البر: "روى هذا الحديث عن مالك كل من نقل الموطأ عنه - فيما علمت - على الشك في أبي هريرة وأبي سعيد، إلا مصعبا الزبيري وأبا قرة موسى بن طارق، فإنهما قالا فيه: عن مالك عن خُبيب عن حفص عن أبي هريرة وأبي سعيد جميعا". التمهيد (2/ 280). وقال ابن حجر: "واتفق رواة الموطأ على ذكره هكذا بالشك عن أبي هريرة أو عن أبي سعيد، وانفرد أبو قرة موسى بن طارق عن مالك فقال: عن أبي هريرة وأبي سعيد، جمع بينهما. الأمالي المطلقة (ص: 99). (¬1) في الأصل: "أبو مصعب الزهري"، ولعل الصواب المثبت - كما سبق نقله عن ابن عبد البر -، وسبق أن أبا مصعب الزهري تابع في روايته يحيى والجماعة، والذي يظهر أنه تصحيف، ولعله اشتبه على الناسخ أبا مصعب الزهري بمصعب الزبيري، والله أعلم. (¬2) رواية موسى بن طارق عند ابن عبد البر في التمهيد (2/ 280). وأما مصعب الزبيري فاختلف عنه: فأخرجه ابن عبد البر في التمهيد (2/ 280) من طريق أبي بكر الشافعي عن إبراهيم الحربي عن مصعب عن مالك، وفيه: "عن أبي هريرة وأبي سعيد"، بصيغة الجمع. وهو في حديث مصعب من رواية أبي القاسم البغوي (ل: 14 / أ)، ومن طريقه أخرجه ابن شاهين في الترغيب في فضائل الأعمال (ص: 238) (رقم: 225)، وابن حجر في الأمالي المطلقة (ص: 99) عن مصعب، عن مالك، بصيغة الشك. وأشار ابن حجر في (ص: 100) إلى الاختلاف على مصعب الزبيري. وذكر أيضًا أن الدارقطني أخرجه في غرائب مالك من طريق أبي معاذ البلخي عن مالك فقال: عن أبي هريرة أو أبي سعيد، أو عنهما جميعا. اهـ. وأخرجه ابن عبد البر في التمهيد (2/ 281) من طريق زكريا بن يحيى الوقار، عن عبد الله بن وهب، وعبد الرحمن بن القاسم، ويوسف بن عمر بن يزيد، كلهم عن مالك، وفيه: "عن أبي سعيد وحده" من غير شك. =

مَعنٌ ورَوحٌ في حديث الرَوضَةِ (¬1). ورَوى الحَديثينِ معًا عُبيد الله بن عمر العُمري، عن خالِه خُبيب بن عبد الرّحمن المذكورِ، عن جَدِّه حَفص بنِ عاصم بن عمر، عن أبي هريرة وحده. خُرِّج هذا في الصحيح، وهو المحفوظُ، تابع العُمريَ في ذلك جماعةٌ (¬2). ¬

_ = قال ابن عبد البر: "لم يُتابع الوقار على ذلك عنهم، وإنما هو في الموطأ عنهم على الشك في أبي هريرة أو أبي سعيد". وقال ابن حجر: "والمحفوظ عن مالك بالشك، ورواية زكريا خطأ". الأمالي المطلقة (ص: 100). قلت: وزكريا بن يحيى الوقار أبو يحيى المصري قال عنه ابن عدي: "يضع الحديث ويوصلها، وقال في آخر ترجمته: "سمعت مشايخ أهل مصر يثنون عليه في باب العبادة والاجتهاد والفضل، وله حديث كثير بعضها مستقيمة وبعضها ما ذكرت وغير ما ذكرت موضوعات، وكان يتهم الوقار بوضعها: لأنه يروي عن قوم ثقات أحاديث موضوعات، والصالحون قد رسموا بهذا الرسم أن يرووا في فضائل الأعمال موضوعات وبواطيل ويتهم جماعة منهم بوضعها". انظر: الكامل (3/ 215، 217)، الميزان (2/ 267)، اللسان (2/ 485). (¬1) أخرجه ابن عبد البر في التمهيد (2/ 285) من طريق معن بن عيسى. وأخرجه أحمد في المسند (3/ 4)، والحارث بن أبي أسامة في المسند (1/ 471) (رقم: 400 - بغية الباحث -)، والطحاوي في شرح المشكل (7/ 317) (رقم: 2877) من طريق روح بن عبادة. وتابعهما: أيوب بن صالح المري كما في العلل (11/ 275). (¬2) حديث الروضة: أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة، باب: فضل ما بين القبر والمنبر (2/ 361) (رقم: 1196)، وفي: فضائل المدينة، بابٌ: (2/ 581) (رقم: 1888)، وفي: الرقاق، باب: في الحوض (7/ 266) (رقم: 6588)، ومسلم في صحيحه (2/ 1017) (رقم: 1391) من طرق عن عبيد الله بن عمر العمري به. وتابع العمريَ على حديث الروضة: - شعبة عند الدارقطني في العلل (11/ 275)، والبزار في المسند (ل: 92/ أ - نسخة كوبرلي -)، والطبراني في المعجم الصغير (2/ 249) (رقم: 1110)، وأبي نعيم في أخبار أصبهان (2/ 332). =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = - وعبد الله بن عمر العمري عند عبد الرزاق في المصنف (3/ 182) (رقم: 5243)، وأحمد في المسند (2/ 401)، وابن أبي خيثمة في التاريخ (3 / ل: 61 / أ). - ومحمد بن إسحاق، عند أحمد في المسند (2/ 528، 397)، والبزار في المسند (ل: 92 / ب - نسخة كوبرلي -)، والطحاوي في شرح المشكل (7/ 317) (رقم: 2878). وانظر: الأحاديث التي خولف فيها مالك للدارقطني (ص: 98). وأما حديث السبعة: فأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الأذان، باب: من جلس في المسجد ينتظر الصلاة، وفضل المساجد (1/ 200) (رقم: 660)، وفي: الزكاة، باب: الصدقة باليمين (2/ 438/ 11423)، وفي: الرقاق، باب: البكاء من خشية الله (7/ 237 / 16479)، وفي: المحاربين، باب: فضل من ترك الفواحش (8/ 333) (رقم: 6806)، ومسلم في صحيحه (2/ 715) (رقم: 1031) من طرق عن عبيد الله بن عمر العمري به. وتابع العمريَ على حديث السبعة: - شعبة عند البيهقي في الأسماء والصفات (2/ 227) (رقم: 793). - ومبارك بن فضالة عند الطيالسي في المسند (ص: 323)، والإسماعيلي في معجمه (1/ 340)، والطبراني في الدعاء (3/ 1640) (رقم: 1884)، والبيهقي في الدعوات الكبير (1/ 14) (رقم: 16)، والخطيب في تاريخ بغداد (12/ 239). ومبارك بن فضالة صدوق يدلس ويسوِّي. التقربب (رقم: 6464). - وسعيد بن أبي الأبيض عند الطبراني في المعجم الأوسط (6/ 251) (رقم: 6324)، والدعاء (3/ 1641) (رقم: 1884)، ومن طريقه أبو نعيم في فضيلة العادلين (ص: 145) (رقم: 33). وسعيد هذا مجهول كما في اللسان (3/ 23). وانظر: الأحاديث التي خولف فيها مالك للدارقطني (ص: 97). ورواية عبيد الله بن عمر أرجح من رواية مالك، وقد حفظه لكونه لم يشك فيه، ولكونه من رواية خاله - وهو خُبيب - وجدّه - وهو حفص بن عاصم، وهذا ما أشار إليه المصنف بقوله: "عبيد الله عن خاله خبيب عن جده حفص". قال ابن حجر: "وعبيد الله أحد الحفاظ الأثبات، وخُبيب خاله، وحفص جدّه، ولم يشك، فروايته أولى". الأمالي المطلقة (ص: 100). وانظر: التمهيد (2/ 281، 286)، الفتح (2/ 168).

وهكذا قال البخارىُّ في حديث الرَوضةِ من طريق عبد الرحمن بن مَهدي، عن مالك (¬1). وخَرَّج مسلمٌ حديثَ السَّبعةِ من طريق يحيى التميمي، عن مالك فقال فيه: "عن أبي سعيد أو عن أبي هريرة"، على الشك، كرواية يحيى بن يحيى اللَّيثي (¬2). وخُبيب شيخُ مالكٍ بالخاء المعجَمَة مُصَغَّرًا (¬3). 333 / حديث: "كنا نُخرِجُ زكاةَ الفِطرِ صاعًا من طعامٍ وصاعًا من شَعِيرٍ .... ". وذَكَر التَّمْرَ والأَقِطَ (¬4) والزَّبيبَ. في آخر الزكاة. عن زيد بن أسلم، عن عِياض بن عبد الله بن سعد بن أبي سَرحِ، عن أبي سعيد (¬5). ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الاعتصام، باب: ما ذَكَر النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - وحضَّ على اتِّفاق أهل العلم (8/ 507) (رقم: 7335). وهذا يؤيِّد ترجيح رواية عبيد الله على رواية مالك، والله أعلم. (¬2) سبق تخريجه. وأما إخراجه للوجه المرجوح في صحيحه، فإنه صدَّر الباب برواية عبيد الله الجازمة، وأتى برواية مالك متابعة، ويظهر أن ذلك لا لكونه يحتج بها، ولكن ليبيّن أنها لا تُعلّ بها رواية الجزم، والله أعلم بالصواب. (¬3) بضم الخاء المعجمة وبعدها باء مفتوحة معجمة بواحدة. انظر: الإكمال (2/ 301)، والمؤتلف والمختلف (2/ 631). (¬4) بفتح الهمزة وكسر القاف، هو جبن اللبن المستخرج زبده، هذه اللغة المشهورة. انظر: مشارق الأنوار (1/ 48). (¬5) الموطأ كتاب: الزكاة، باب: مكيلة زكاة الفطر (1/ 11) (رقم: 53). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الزكاة، باب: صدقة الفطر صاع من طعام (2/ 466) (رقم: 1506) من طريق عبد الله بن يوسف. =

هذا موقوفٌ في الموطأ، ومعناه الرَّفعُ، وخُرّج هكذا في الصحيحين عن مالك (¬1). وقال فيه الثوري عن زيد بن أسلم بإسناده هذا: "كنَّا نُعطِيها في زَمَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - صاعًا من طعامٍ أو صاعًا من تَمرٍ ... ، وساقَه كمساقِ مالك، ولَم يَذكر الأَقِطَ. خَرَّجه البخاري (¬2). ورفعُ هذا أَبْيَنُ؛ لأنَّ فيه ذكرُ الزَّمانِ، وهو مَحمولٌ على العلمِ والإقرارِ، لا سِيَمَا وقد قال: "كنَّا"، وكلمةُ (كان) تَقتَضِي المُداوَمَةَ والتِّكرارَ، لكن للنَّظرَ فيه مَجَال (¬3). وذِكرُ الطعام في هذا الحديت مُختَلَفٌ في إثباتِه ومعناه، فمِنهم من لَم يَذكرْه رأسًا (¬4)، ومِنهم من جَعَلَه اسمًا لسائِرِ المُسَمَّيَاتِ الأَربع، ثمَّ فَسَّرَ فقال: ¬

_ = ومسلم في صحيحه كتاب: الزكاة، باب: زكاة الفطر على المسلمين من التمر والشعير (2/ 678) (رقم: 985) من طريق يحيى النيسابوري. والدارمي في السنن كتاب: الزكاة، باب: في زكاة الفطر (2/ 481) (رقم: 1664) من طريق خالد بن مخلد، ثلاثتهم عن مالك به. (¬1) سبق تخريجه. (¬2) صحيح البخاري كتاب: الزكاة، باب: صاع من زبيب (2/ 466) (رقم: 1508). وكذلك قال أبو عمر حفص بن ميسرة عن زيد به، خرجه البخاري في باب: الصدقة قبل العيد (2/ 467) (رقم: 1510). (¬3) قال السيوطي: "تختص كان بمرادفة: لم يزل كثيرًا، أي أنَّها تأتي دالَّة على الدوام، وإن كان الأصل فيها أن يدل على حصول ما دخلت عليه فيما مضى مع انقطاعه عند قوم، وعليه الأكثر". همع الهوامع (2/ 99). وتأتي كان أيضًا بمعنى صار، كقوله تعالى: {وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا (5) فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا}. همع الهوامع (2/ 75، 76). (¬4) وهي رواية إسماعيل بن أمية والحارث بن عبد الرحمن بن أبي ذباب ومحمد بن عجلان ثلاثتهم عن عياض بن عبد الله به، أخرج حديثهم مسلم في صحيحه (2/ 679) (رقم: 985).

"صاعًا من شعير"، دونَ (أو)، وهكذا تَلَقَّيْنَاه مِن شيخِنا أبي عليٍّ الغَسَّاني رحمه الله في الموطأ (¬1)، ومِنهم من أَثبَتَ كلِمةَ "أو" بإن الطعامِ والشَّعير، وهكذا خُرِّج في الصحيح من طريق مالك (¬2)، وقيل على هذا: المرادُ بالطعامِ ها هنا الحِنطَةُ خاصَّة (¬3). والمحفوظُ عن أبي سعيد خلافُ هذا التَّأويلِ، قال في حديثِ محمد بن عجلان، عن عِياضٍ: أنَّ معاويةَ لَمَّا جَعل نِصفَ الصَّاع من الحِنطة عِدْلَ صاعٍ من تَمر، أَنكَر ذلك أبو سعيد وقال: "لا أُخرِجُ فيها إلَّا الَّذي كنتُ أُخرِجُ في عَهدِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، صاعًا من تمر، أو صاعًا من زَبيب، أو صاعًا من شعيرٍ، أو صاعًا من أَقِط". خَرَّجه مسلم (¬4). فَفِي هذا أنَّ أبا سَعيد أَنكَرَ إخراجَ الحِنطَةِ وإن كانت طعامًا، واقتصَرَ على الأنواع الأربعةِ المَعهودِ إخراجُها في عَصرِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. ¬

_ (¬1) كذا ثبت في نسخة المحمودية (أ) (ل: 1/ 48)، إلا أن الناسخ زاد في الهامش بعد ذكر الطعام "أو"، وكتب عليه رمز صح. (¬2) سبق تخريجه، وهو كذلك في المطبوع من رواية يحيى، وفي نسخة المحمودية (ب) (ل: 58 /ب)، وكذلك أثبتها ابن عبد البر في التمهيد (4/ 127). وهي رواية: أبي مصعب الزهري (1/ 295) (رقم: 756)، وابن القاسم (ل: 6 /أ)، و (ص: 229) (رقم: 176 - تلخيص القابسي -)، والقعنبي (ص: 202)، و (ل: 1157 نسخة الأزهرية -)، وابن بكير (ل: 14 / أ - نسخة الظاهرية -). (¬3) قال ابن عبد البر: "وتأوَّل أصحابنا وغيرهم في ذكر الطعام في حديث أبي سعيد هذا أنه الحنطة؛ لأنه مقدّم في الحديث، ثم الشعير، ثم التمر، والأَقط بعد". التمهيد (4/ 134). وكذلك قال الباجي والخطّابي وغيرهم. انظر: المنتقى (2/ 187)، أعلام الحديث (2/ 829)، معالم السنن (2/ 218)، شرح صحيح مسلم (7/ 60)، الفتح (3/ 439). (¬4) صحيح مسلم (2/ 679) (رقم: 985).

وفي حديثِ حَفص بن مَيسَرَةَ، عن زيد بن أسلم، عن عِياض، عن أبي سعيد قال: "كنَّا نُخرِجُ في عَهد النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - يومَ الفِطر صاعًا مِن طعام، قال أبو سَعيد: وكان طعامُنا الشعيرُ والزَّبيبُ والأَقِطُ والتمر. خَرَّجه البخاري (¬1). وهذا الحديثُ بَيِّنٌ، مُطابِقٌ لِمَا رَوَيْنَاه عن الغَسَّاني؛ لأنَّه أَطلَقَ ذِكرَ الطعامِ أَوَّلًا وجعَلَه اسمًا للجِنسِ، ثمَّ قَيَّدَ ذلك بتخصِيصِ الأنواع الأربعةِ من سائِرِ الجنسِ العام (¬2). ورَوى الزهري، عن مالك بن أوس بن الحدثان، عن أبيه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أَخرِجُوا زكاةَ الفِطرٍ صاعًا من طعامٍ، قال: "وطعامُنا يومئِذٍ البُرُّ والتمرُ والزَّبيبُ والأَقِطُ". خرَّجه الدارقطني في السنن (¬3). ¬

_ (¬1) صحيح البخاري (2/ 467) (رقم: 1510). (¬2) وعليه تكون رواية يحيى الليثي التي ذكرها المصنف عن شيخه أبي على موافقة لما ذهب إليه أبو سعيد الخدري رضي الله عنه، والله أعلم. (¬3) سنن الدارقطني (2/ 147) (رقم: 35، 36). وأخرجه أيضا الطبراني في المعجم الكبير (1/ 194) (رقم: 623)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (3/ 115) (رقم: 1437)، وابن عدي في الكامل (5/ 13)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (2/ 346) (رقم: 970)، وابن قانع في معجم الصحابة (1/ 38) من طرق عن محمد بن بكر عن عمر بن صُهبان عن الزهري به. وقال الدارقطني: "ابن صُهبان ضعيف". إتحاف المهرة (2/ 429)، وليس في طبعة السنن. قلت: وإسناده ضعيف جدًّا، وعمر بن صُهبان، وهو ابن محمد، يُنسب إلى جدِّه، متروك الحديث. انظر: تهذيب الكمال (21/ 398)، تهذيب التهذيب (7/ 408). وما ذكره المؤلف يدل أن أبا سعيد أجمل الطعام ثم فسَّره بالأشياء المذكورة. قال ابن المنذر: "لا نعلم في القمح خبرًا ثابتًا عن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - يُعتمد عليه، ولم يكن البر بالمدينة في ذلك الوقت إلا الشيء اليسير منه، فلما كثر في زمن الصحابة رأوا أن نصف صاع منه يقوم مقام صاع من شعير، وهم الأئمة، فغير جائز أن يعدل عن قولهم إلا إلى قول مثلهم". فتح الباري لابن حجر (3/ 437). =

وقد جاء إخراجُ الحِنطةِ من جِنس الطعامِ في حديثِ المصَرَّاةِ من رواية أبي هريرة قال فيه: "إن شاء ردَّها وردَّ معها صاعًا من طعامٍ لا سَمْرَاءَ". خَرَّجه مسلم، والسَّمراءُ الحِنطَةُ (¬1). * حديث: "ألَم يكنْ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عنها. يعني لحومَ الأَضحَى بعد ثلاث. عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن أبي سعيد (¬2). ¬

_ = ويؤيِّده ما أخرجه ابن خزيمة في صحيحه (4/ 89) (رقم: 2419) من طريق محمد بن إسحاق عن عبد الله بن عبد الله بن عثمان عن عياض بن عبد الله قال: قال أبو سعيد وذكروا عنده صدقة رمضان، فقال: "لا أُخرج إلا ما كنت أخرج في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صاع تمر، أو صاع حنطة، أو صاع شعير، أو صاع أقط، فقال له رجل من القوم: لو مُدين من قمح: فقال: لا، تلك قيمة معاوية، لا أقبلها ولا أعمل بها. قال أبو بكر (أي ابن خزيمة): "ذكر الحنطة في خبر أبي سعيد غير محفوظ، ولا أدري ممّن الوهم، قوله: وقال رجل من القوم: أو مدّين من قمح إلى آخر الخبر دال على أن ذكر الحنطة في أول القصة خطأ أو وهم، إذ لو كان أبو سعيد قد أعلمهم أنهم كانوا يخرجون في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صاع حنطة لما كان لقول الرجل: أو مدّين من قمح معنى". (¬1) صحيح مسلم، كتاب: البيوع، باب: حكم بيع المصراة (3/ 1158) (رقم: 1524). وهذا التأويل الذي ذكره المؤلف فيه خلاف بين العلماء. ومنهم من رجَّح أن المردود صاعًا من تمر لوروده في عدة روايات، قال البخاري: "والتمر أكثر". ورجَّحه الحافظ ابن حجر. انظر: صحيح البخاري (3/ 36/ 2148)، فتح الباري (4/ 426). وكأن المصنف يميل إلى جواز إخراج زكاة الفطر من قوت أهل البلد من غير الأصناف المذكورة، وهو قول مالك والشافعي، وللمذاهب في ذلك تفصيل. انظر: المنتقى (2/ 187)، التمهيد (4/ 137)، المحلى (4/ 239)، المغني (4/ 289)، المجموع شرح المهذب (6/ 144)، الفتح (3/ 437). (¬2) الموطأ كتاب: الضحايا، باب: ادِّخار لحوم الأضاحي (2/ 386) (رقم: 8).

وفيه قِصَّة، وأنَّه سأل فَأُخبِرَ بإباحَةِ لحوم الأضاحى بعد ثلاث، وإباحةِ الانتباذ، وزيارةِ القبور. ليس لأبي سعيد من هذا الحديث إلَّا طَرفُه، ولفْظُ ذلك الطَّرَفِ مُحتَمَلٌ، وفي رفعه نَظر، وسائرُ الحديث في الموطأ لغيرِه، والكلُّ مقطوعٌ فيه (¬1). وقد رواه إبراهيم بن أبي يحيى، عن ربيعة، عن محمد بن يحيى بن حَبَّان، عن أبي سعيد (¬2). ورواه أسامةُ بن زيد الليثي، عن محمد بن يحيى بن حَبَّان، عن عمِّه واسع بن حَبَّان، عن أبي سعيد (¬3). قال الدارقطني: "وهو الصواب" (¬4). وخَرَّجه مسلمٌ من طريق أبي نَضْرَة، عن أبي سعيد قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فذَكَر النَّهيَ والإباحةَ بعد التَّشَكِّي مِن غيرِ واسطةٍ، ولَم يذكر القصَّةَ ولا الاستخبارَ (¬5). وخَرَّج سعيدُ بن مَنصور بإسنادٍ له أنَّ عبد الله بن عمر قال لأبي سعيد: ما ¬

_ (¬1) الانقطاع بين ربيعة بن أبي عبد الرحمن وأبي سعيد. قال ابن عبد البر: "لم يسمع ربيعة من أبي سعيد الخدري". التمهيد (3/ 214). (¬2) لم أجده، وذكره الدارقطني في العلل (11/ 319)، وإبراهيم بن أبي يحيى متروك الحديث. انظر: تهذيب الكمال (2/ 184)، تهذيب التهذيب (1/ 137)، التقريب (رقم: 241). (¬3) أخرجه أحمد في المسند (3/ 38)، وعبد بن حميد في المسند (2/ 103) (رقم: 983)، والطحاوي في شرح المعاني (4/ 186)، والحاكم في المستدرك (1/ 374). وقال الحاكم: "صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه". ووافقه الذهبي. (¬4) العلل (11/ 319). (¬5) صحيح مسلم كتاب: الأضاحي، باب: ما كان من النهي عن أكل لحوم الأضاحي ... (3/ 1562 رقم: 1973).

حديثٌ بلغني عنك، وذكره. فقال أبو سعيد: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "كنتُ نهيتُكم عن لُحومِ الأضاحِي وادّخارِها بعد ثلاثٍ فقد جاء الله بالسَّعَة، فكُلُوا وادَّخِروا ما بدَا لكم، وكنت نهيتُكم عن زيارةِ القبورِ، فإنْ زُرْتُموها فلا تقولوا هُجْرًا، ونهيتكم عن الأنبذَةِ فاشرَبوا ما بدَا لكم، وكلُّ مُسكِرٍ حرامُ" (¬1). ذَكَر أبو سعيد في هذا الحديث أنَّه سَمِع الكلَّ من رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، وهذا لَا يَدفَعُ حديثَ الموطأ: إذ لعلَّه سَمِعَه في مَوطِنٍ آخَر بعد أن كان بلغه، والله أعلم (¬2). وقد جاء إباحةُ الثلاث عن بُريدة (¬3) مرفوعًا، خَرَّجه النسائي (¬4). وانظر حديثَ نافعٍ عن ابن عمر (¬5). والمُخبِرُ في هذا الحديث هو قتادة بن النعمان، أخو أبي سعيد لأمِّه، انظر حديثَه في المبهَمين (¬6). * حديث: الاستئذان. يُعدُّ ها هنا، وقد تقدّم إسنادُه والكلامُ عليه في مسند أبي موسى (¬7). ¬

_ (¬1) لم أقف عليه. (¬2) هذا إن صح سند سعيد بن منصور. وقال الحافظ ابن حجر: "والتحرير أن أبا سعيد سمع المنسوخ وهو النهي، وأما الناسخ فإنما سمعه من أخيه قتادة بن النعمان". إتحاف المهرة (5/ 289). (¬3) في الأصل: "يزيد"، والصواب المثبت، والله أعلم. (¬4) أخرجه النسائي في السنن كتاب: الجنائز، باب: زيارة القبور (4/ 89). وهو في صحيح مسلم كتاب: الجنائز، باب: استئذان النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - ربَّه عزَّ وجلَّ في زيارة قبر أمه (2/ 672 رقم: 977). (¬5) تقدّم حديثه (2/ 433). (¬6) سيأتي حديثه (3/ 610). (¬7) انظر: (3/ 193).

76 / مسند أبي شريح الكعبي

76 / مسند أبي شُرَيح الكَعْبي ويقال: الخزاعي (¬1)، الأشهر في اسمه: خُويلد بن عَمرو على خلافٍ فيه (¬2). حديثٌ واحد. 334/ حديث: "من كان يؤمن بالله واليومِ الآخِرِ فليَقلْ خيرًا أو لِيصْمت ... ". وذَكَرَ الجارَ والضَّيفَ، وجائِزَتَه. في الجامع، باب: الطعامِ والشراب. عن سعيد المَقبري، عن أبي شُرَيحٍ الكَعبي (¬3). ¬

_ (¬1) وبنو كعب بَطنٌ من خزاعة. انظر: جمهرة أنساب العرب (ص: 467). (¬2) الأشهر في اسمه كما قال المصنف خويلد بن عمرو، كذا قال يحيى بن بكير، والبخاري، وابن سعد، ومسلم، والترمذي، والطبري، وأبو نعيم. وقيل: عمرو بن خويلد، قاله خليفة، وقال ابن نمير، وخيثمة: اسمه كعب. انظر: الطبقات لخليفة (ص: 108)، الكنى للبخاري (ص: 83)، الطبقات الكبرى (4/ 221)، الكنى والأسماء (1/ 429)، سنن الترمذي (4/ 305)، معرفة الصحابة (1/ ل: 211 / أ)، الاستيعاب (2/ 455)، (4/ 1688)، الإصابة (7/ 204). (¬3) الموطأ كتاب: صفة النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -، باب: جامع ما جاء في الطعام والشراب (2/ 708) (رقم: 22). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الأدب، باب: إكرام الضيف وخدمتِه إياه بنفسه (7/ 135) (رقم: 6135) من طريق عبد الله بن يوسف، وإسماعيل بن أبي أويس. وأبو داود في السنن كتاب: الأطعمة، باب: ما جاء في الضيافة (4/ 127) (رقم: 3748) من طريق القعنبي. والنسائي في السنن الكبرى كتاب: الرقائق من طريق معن وابن القاسم كما في التحفة الأشراف (9/ 224). وأحمد في المسند (6/ 385) من طريق يحيى القطان، ستتهم عن مالك به.

هذا صحيحٌ، ورواه محمد بن عَجلان، عن المقبري، عن أبي هريرة (¬1). ¬

_ (¬1) أخرجه ابن المبارك في الزهد (ص: 126) (رقم: 372) عن محمد بن عجلان به. وتابع محمدَ بنَ عجلان على هذا الإسناد جماعة، منهم: 1 - عبد الرحمن بن إسحاق المدني (عباد): أخرجه من طريقه أبو يعلى في المسند (6/ 104) (رقم: 6559)، والحاكم في المستدرك (4/ 164)، وأبو إسحاق الحربي في إكرام الضيف (ص: 26). وعبد الرحمن بن إسحاق قال عنه البخاري: "ليس ممّن يُعتمد على حفظه إذا خالف من ليس بدونه، وإن كان مِمَّن يُحتمل في بعض". انظر: القراءة خلف الإمام (ص: 59)، تهذيب الكمال (16/ 524)، وقد تقدَّم. 2 - أبو معشر السندي، واسمه نجيح: أخرجه من طريقه الحربي في إكرام الضيف (ص: 25). وأبو معشر ضعيف كما في التقريب (رقم: 7100). 3 - عبد الله بن عمر العمري: أخرجه من طريقه الحربي أيضًا (ص: 26). وعبد الله العمري متكلم فيه، وقال عنه الحافظ: "ضعيف". التقريب (رقم: 3489). 4، 5 - أبو بكر بن عمر، وعبد الله بن عبد العزيز: ذكرهما الدارقطني في العلل (8/ 154). والحديث بهذه الطرق يكون محفوظًا عن المقبري عن أبي هريرة. ولابن عجلان فيه أسانيد أخر: أخرجه أحمد في المسند (2/ 433)، والحربي في إكرام الضيف (ص: 25) عن يحيى القطان، عن محمد بن عجلان، عن أبيه عن أبي هريرة. وأخرجه الفاكهي في حديثه عن أبي يحيى (ص: 142) (رقم: 23) من طريق ابن جريج وزياد بن سعد، عن ابن عجلان، عن سعيد المقبري، عن أبيه، عن أبي هريرة. وأخرجه الترمذي في السنن كتاب: البر والصلة، باب: ما جاء في الضيافة كم هو؟ (4/ 304) (رقم: 1967)، وابن ماجة في السنن كتاب: الأدب، باب: حق الضيف (2/ 1212) (رقم: 3675)، والحربي في إكرام الضيف (ص: 59، 27) من طريق ابن عجلان عن سعيد بن أبي =

قال الدارقطني: "والقولان محفوظان" (¬1)، ورُويَ عن أبي هريرةَ من طُرق (¬2). ¬

_ = سعيد عن أبيه عن أبي شريح الخزاعي. وأخرجه ابن أبي الدنيا في قِرى الضيف (ص: 17) (رقم: 2)، والفاكهي في حديثه عن أبي يحيى (ص: 140) (رقم: 22) من طريق ابن عجلان، عن سعيد المقبري، عن أبي شريح. وهذا الاختلاف في الأسانيد من محمد بن عجلان، وهو ثقة، إلَّا أنَّه اختلطت عليه أحاديث سعيد المقبري عن أبيه، عن أبي هريرة، فجعلها عن سعيد عن أبيه، وبعضها ممَّا سمعه سعيد عن أبي هريرة، لكن ليس هذا ممّا يهي الإنسان به، لأنَّ الصحيفة كلّها صحيحة. انظر: الثقات لابن حبان (7/ 386، 387)، تهذيب الكمال (26/ 101). وهذا الحديث ليس هو عن سعيد المقبري فحسب، بل رواه محمد بن عجلان من طرق أخرى: - فرواه عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة. - وعن سعيد عن أبيه، عن أبي هريرة. - ورواه عن أبيه عجلان، عن أبي هريرة. - ورواه أيضًا عن سعيد المقبري، عن أبيه، عن أبي شريح. - وعن سعيد، عن أبي شريح. فلعل محمد بن عجلان حفظ هذا الحديث من طرق عدّة، والله أعلم بالصواب. (¬1) العلل (8/ 145)، أي حديث أبي شريح، وحديث أبي هريرة من طريق المقبري عنه. (¬2) أخرجه البخاري في صحيحه (7/ 135) (رقم: 6136)، ومسلم في صحيحه (1/ 68) (رقم: 47) من طريق أبي صالح. وأخرجه البخاري برقم: (6138)، ومسلم - الموضع السابق - من طريق أبي سلمة، كلاهما عن أبي هريرة به. وفي هذا دليل أنَّ الحديثَ محفوظٌ عن أبي هريرة وأبي شريح الخزاعي معًا، والله أعلم.

77/ مسند أبي واقد الليثـ[ـي]

77/ مسند أبي واقدٍ اللَّيثـ[ـيِّ] (¬1) واسمُه: الحارثُ بن عَوف، وقيل: بالعكس (¬2)، وقيل: ابن مالك (¬3). حديثان، وله حديث في الزيادات (¬4). 335 / حديث: "ما كان يَقرأ به رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في الأَضحى والفِطر ... ". ذكر ق، والقَمر. في أبواب: العَيدين. عن ضَمْرة بن سعيد المازني، عن عُبيد الله بن عبد الله بن عُتبة: "أنَّ عمر سأَلَ أبا واقد" (¬5). ظاهرُه الانقطاعُ: لأنَّ عُبيد الله لَم يَشهَدِ القِصَّةَ، ولاَ ذَكَر من أَخبَرَه. ¬

_ (¬1) ما بين المعقوفين ساقط من الأصل. (¬2) في الأصل حاشية: عوف بن الحارث يعني. (¬3) انظر: التاريخ الكبير (2/ 258)، الجرح والتعديل (3/ 88)، الثقات (3/ 7)، الاستيعاب (4/ 1714)، الإصابة (7/ 455)، تهذيب الكمال (34/ 387). (¬4) سيأتي حديثه (4/ 438). (¬5) الموطأ كتاب: العيدين، باب: ما جاء في التكبر والقراءة في صلاة العيدين (1/ 162) (رقم: 8). وأخرجه مسلم في صحيحه كتاب: العيدين، باب: ما يقرأ في صلاة العيدين (2/ 607) (رقم: 891) من طريق يحيى النيسابوري. وأبو داود في السنن كتاب: الصلاة، باب: ما يقرأ في الأضحى والفطر (1/ 683) (رقم: 1154) من طريق القعنبي. والترمذي في السنن كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في القراءة في العيدين (2/ 415) (رقم: 534) من طريق معن. والنسائي في السنن الكبرى كتاب: التفسير، سورة القمر (6/ 475) (رقم: 11550) من طريق قتيبة. وأحمد في المسند (5/ 217) من طريق ابن مهدي، خمستهم عن مالك به.

وقال فيه فُليح: عن ضمْرة، عن عُبيد الله، عن أبي واقد قال: "سألَني عمر ... "، خَرَّجه مسلم من الوَجهَين معًا (¬1). وسؤالُ عمر إيَّاه كان على طريقِ الاختبارِ لصِغَرِ سِنِّهِ، كما سأل ابنَ عباسٍ عن سورةِ النَّصرِ (¬2). قال الوِاقدي: "أبو واقد، اسمُه الحارث بن مالك، مات سنة ثمانٍ وستين وهو ابنُ خمسٍ وستين سنة" (¬3). وذَكَر الذهلي عن ابنِ بُكير نحوَه، إلا أنَّه ذَكَر أنَّ سِنَّه إذْ مات كان سَبعين سنة (¬4). وزَعَم البخاريّ أنَّه شَهِد بدرًا (¬5)، فإنْ صَحَّ هذا لَم يَبعُد السؤالُ على سبيلِ ¬

_ (¬1) صحيح مسلم (2/ 607) (رقم: 891). (¬2) انظر: صحيح البخاري كتاب: المغازي، باب: مرض النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - ووفاته (5/ 161) (رقم: 4430). (¬3) معرفة الصحابة (1/ ل: 164/ أ)، تهذيب الكمال (34/ 387)، ووقع في الإصابة: "وله خمس وسبعون. وهو تصحيف: لأن ابن حجر ذكر بعد ذلك قول من قال: إِنَّهُ مات ابن خمس وسبعين. وعليه يكون مولده بعد وقعة بدر. (¬4) معرفة الصحابة (1/ ل: 164 / أ)، تهذيب الكمال (34/ 387). وكذا قال ابن حبان في الثقات (3/ 72). (¬5) التاريخ الكبير (2/ 258)، وقاله أيضًا ابن حبان في الثقات، ونقله الذهبي في السير (2/ 575) عن أبي أحمد الحاكم. وحجَّتهم ما أخرجه يونس بن بكير في مغازي ابن إسحاق عنه عن أبيه، عن رجال من بني مازن، عن أبي واقد: "إني لأتبع رجلا من المشركين يوم بدر". قال ابن عساكر: "في سند ابن إسحاق من لا يُعرف". انظر: الإصابة (7/ 456، 457). وجزم الزهري أنه أسلم يوم الفتح، وأسنده إلى سنان بن أبي سنان، وصحّحه ابن عبد البر. وأنكر أبو نعيم على من فال: إِنَّهُ شهد بدرا، قال: "أُراه وهما، والصحيح أنه أسلم عام الفتح: لأنه شَهِد على نفسه أنه كان مع النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم حنين ونحن حديثوا عهد بكفر، وليس لشهوده بدرا أصل". انظر: معرفة الصحابة (1/ ل: 164 / أ)، الإصابة (7/ 456). وقال الذهبي: "وقيل: إِنَّهُ شهد بدرا، وليس بشيء، بل شهد الفتح، نزل في الآخر بمكة، وتوفي سنة ثمان وستين، ولعل الذي شهد بدرا سَمِيٌّ له". التجريد (2/ 210).

الاستِذكارِ، والله أعلم (¬1). 336 / حديث: "بينما هو جالِسٌ في المسجد والناسُ معه إذْ أقبل نَفَرٌ ثلاثة ... ". فيه: "أَلاَ أُخبرُكم عن النَّفَرِ الثلاث ... ". في الجامع، باب: السلام. عن إسحاق بن عبد الله، عن أبي مُرَّة مولى عَقيل بن أبي طالب، عن أبي واقد (¬2). قال الشيخ: السَّلامُ مذكورٌ فيه ليحيى بنِ يحيى وجماعةٍ (¬3)، ومِن رواةِ الموطأ مَن لَم يذكره (¬4). ¬

_ (¬1) والظاهر أنه لم يشهد بدرًا، فيكون سؤال عمر إياه على طريق الاختبار، والله أعلم. (¬2) الموطأ كتاب: السلام، باب: جامع السلام (2/ 732) (رقم: 4). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: العلم، باب: من قعد حيث ينتهي به المجلس، ومن رأى فرجة في الحلقة فجلس فيها (1/ 129) (رقم: 66) من طريق إسماعيل بن أبي أويس، وفي الصلاة، باب: الحلق والجلوس في المسجد (1/ 152) (رقم: 474) من طريق عبد الله بن يوسف. ومسلم في صحيحه كتاب: السلام، باب: من أتى مجلسا فوجد فرجة فجلس فيها، وإلا وراءهم (4/ 1713 رقم: 2176) من طريق قتيبة. والترمذي في السنن كتاب: الاستئذان، بابٌ (5/ 68) (رقم: 2724) من طريق معن. والنسائي في السنن الكبرى كتاب: العلم، باب: الجلوس حيث ينتهي به المجلس (3/ 453) (رقم: 5900) من طريق قتيبة وابن القاسم، أربعتهم عن مالك به. (¬3) أي قوله في الحديث: "فلمَّا وقفَا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سلَّمَا .. ". وتابع يحيى الليثي: أبو مصعب الزهري (2/ 139) (رقم: 2023)، وابن القاسم (ص: 179) (رقم: 126)، وسويد بن سعيد (ص: 545)، وابن بكير (ل: 260 /أ)، وابن وهب كما في الجمع بين روايته ورواية ابن القاسم (ل: 120 /أ). ومعن عند الترمذي. (¬4) منهم: القعنبي، أخرجه من طريقه الجوهري في مسند الموطأ (ل: 53 /أ)، (وسقط الحديث بكامله من المطبوع من مسند الموطأ، وهو في خمسة عشر سطرًا). وأخرجه أيضًا من طريقه وقتيبةَ: أبو نعيم في معرفة الصحابة (1/ ل: 164 / أ). ولم يذكره أيضًا: إسماعيل بن أبي أويس وعبد الله بن يوسف وقتيبة، وتقدّمت رواياتهم. =

وأبو مُرَّةَ مذكورٌ في مسند عَمرو (¬1). وفي هذا الحديثِ أنَّ هذه القِصَّةَ كانت بالمسجد في المدينة، وجاء في حديثِ أبي خُنَيسٍ (¬2) الغِفارِيِّ أنَّها كانت بعُسْفانَ (¬3) في غزوة تِهامَة. خَرَّجه البزار (¬4). ¬

_ = وتبويب مالك في الموطأ يدل على زيادة السلام في الحديث. وقال ابن حجر: "زاد أكثر رراة الموطأ "فلما وقفا سلَّمَا" وكذا عند الترمذي والنسائي، ولم يذكر المصنف (أي البخاري) هنا ولا في الصلاة السلامَ، وكذا لم يقع عند مسلم، ويُستفاد منه أن الداخل يبدأ بالسلام، وأن القائم يسلّم على القاعد". الفتح (1/ 189). (¬1) في الأصل: "سند عمرو"، والصواب المثبت، وانظر ذكره (3/ 58). (¬2) بالخاء المعجمة مضمومة بعدها نون مفتوحة، وآخره سين مهملة. انظر: الإكمال (2/ 340)، المؤتلف والمختلف (2/ 693)، تصحيفات المحدثين (2/ 991). (¬3) بضم أوله وسكون ثانيه ثم فاء، وآخره نون. وهي بلدة على بُعد (80) كيلًا من مكة شمالًا على الجادة إلى المدينة. انظر: معجم البلدان (4/ 121)، معجم المعالم الجغرافية للبلادي (ص: 191)، المعالم الأثيرة لشرّاب (ص: 208). (¬4) مسند البزار (3/ 138) (رقم: 2419 - كشف الأستار -). وأخرجه أيضًا: ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (5/ 238) (رقم: 2768)، والطبراني في المعجم الأوسط (4/ 28 / 3528)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (2/ ل: 261 /ب)، وأبو أحمد الحاكم في الأسامي والكنى (4/ 382) (رقم: 2096)، والدولابى في الكنى (1/ 26)، والبيهقي في دلائل النبوة (6/ 122)، والدارقطني في المؤتلف (2/ 693) - تعليقًا - من طرق عن عبد الله بن رجاء عن سعيد بن سلمة عن أبي بكر بن عمر بن عبد الرحمن عن إبراهيم بن عبد الرحمن بن أبي ربيعة عن أبي خُنيس به. وقال البزار: "لا نعلم روى أبو خنيس إلا بهذا الإسناد". وقال الطبراني: "لا يُروى هذا الحديث عن أبي خنيس إلا بهذا الإسناد، تفرّد به عبد الله بن رجاء". قلت: وعبد الله بن رجاء الغُداني، صدوق يهم قليلًا كما في التقريب (رقم: 3312). وسعيد بن سلمة بن أبي الحسام أبو عمرو المدني، صدوق صحيح الكتاب يخطئ من حفظه كما في التقريب (رقم: 2326). وإبراهيم بن عبد الرحمن بن أبي ربيعة ذكره ابن حبان في الثقات (6/ 6)، وأخرج له البخاري في صحيحه، وروى عنه الزهري، فهو ثقة إن شاء الله، وانظر: تهذيب الكمال (2/ 133). وقال ابن حجر عن الحديث: "سند الحديث حسن، وشاهده في الصحيحين". الإصابة (7/ 110). قلت: فإن صح الحديث أمكن حمله على تعدد القصة، ويؤيِّده اختلاف مخرج الحديثين، وفي حديث أبي خنيس قصة لم ترد في حديث أبي واقد، والله أعلم بالصواب.

78/ مسند أبي هريرة الدوسي

78/ مسند أبي هريرة الدَّوسي اشتُهِر بكُنيَيه، وكَثُر الخلافُ في اسمِه واسمِ أبيه، وهو عند الجمهورِ معدودٌ في المُعتَدِّين (¬1)، قيل: كان اسمُه في الجاهليةِ عبد شَمس، فسُمِّيَ في الإسلام عبد الله، أو عبد الرحمن. وقال ابنُه المُحَرَّرُ (¬2): "اسمُ أبي: عبدُ عمروٍ بن عبد غُنم" (¬3). ¬

_ (¬1) أي الذين تعدَّدت أسماؤهم. (¬2) بضم أوله وفتح الحاء المهملة، ورائين الأولى مشدّدة. وهو ابن أبي هريرة الدوسي المدني. قال ابن سعد: "قليل الحديث". وذكره ابن حبان في الثقات (5/ 460). وقال ابن حجر: "مقبول". انظر: الطبقات الكبرى (5/ 196)، الإكمال (7/ 217)، المؤتلف والمختلف (4/ 2062)، توضيح المشتبه (8/ 74)، التقريب (رقم: 6500). (¬3) أخرجه بحشل في تاريخه كما في الإصابة (7/ 428) (ولم أجده في المطبوع من تاريخ واسط وفيه خرم في أوله)، من طريق عمرو بن علي الفلاس عن سفيان بن حسين عن الزهري، عن المحرر به. قال ابن حجر: "وأخرجه البغوي عن المقدّمي، عن عمه سفيان، ولفظه: كان اسم أبي هريرة: عبد الرحمن بن غنم. كذا في رواية عيسى بن علي، عن البغوي. وأخرجه ابن أبي الدنيا من طريق المقدمي مثل ما قال عمرو بن علي، وكذا هو في الذهليات، عن عمر بن بكار، عن عمرو بن علي المقدسي (كذا). قال ابن خزيمة: قال الذهلي: هذا أوضح الروايات عندنا على القلب". الإصابة (7/ 428). وقال أيضًا: "قال ابن خزيمة: قال سفيان بن حسين، عن الزهري، عن المحرر بن أبي هريرة: اسم أبي عبد عمرو. وقال محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة: كان اسمي عبد شمس. قال ابن خزيمة: ومحمد بن عمرو عن أبي سلمة أحسن إسنادا من سفيان بن حسين عن الزهري، اللَّهم إلَّا أن يكون له اسمان قبل إسلامه، فأما بعد إسلامه فلا أُنكر أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - غيّر اسمه فسمّاه عبد الله كما ذكره أبو عبيد. تهذيب التهذيب (12/ 291). وروى الحاكم في المستدرك (3/ 507)، والبخاري في التاريخ الكبير (6/ 132) من طريق محمد بن إسحاق قال: حدَّثني بعض أصحابي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "كان اسمي في =

ومن أَلَّف في الأسماءِ لم يَعُدَّ بالترجمةِ هذه الأربعة - فيما علمتُ - (¬1). ودَوْس مِن الاَزْد تميّزوا بنَسَبِهم كالأنصار (¬2). لأبي هريرة مائةُ حديثٍ وثلاثةٌ وأربعون حديثًا حاشى ما تقدَّم من المشترَك، وله عن بَصْرَةَ حديثٌ (¬3)، وفي الزيادات جملةُ أحاديث (¬4). ¬

_ = الجاهلية عبد شمس، فسمّاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: عبد الرحمن". ورويت عدة روايات في تسميته عبد الرحمن، أو عبد الله. انظر: المستدرك (3/ 506، 507)، معرفة الصحابة لأبي نعيم (2 / ل: 52 / ب)، الاستيعاب (4/ 1768)، تهذيب الكمال (34/ 366)، الإصابة (7/ 426)، تهذيب التهذيب (12/ 291). قال ابن عبد البر: "مُحال أن يكون اسمه في الإسلام عبد شمس، أو عبد عمرو، أو عبد غنم، أو عبد نهم، وهذا إن كان شيء منه فإنما كان في الجاهلية، وأما في الإسلام فاسمه عبد الله أو عبد الرحمن، والله أعلم، على إِنَّهُ اختلف في ذلك اختلافًا كثيرًا. ثم قال: ومثل هذا الاختلاف والاضطراب لا يصح معه شيء يُعتمد عليه، إلَّا أن عبد الله أو عبد الرحمن هو الذي سكن إليه القلب في اسمه في الإسلام، والله أعلم، وكنيته أولى به على ما كناه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -". الاستيعاب (4/ 1769، 1770). وقال ابن حجر: "الرواية التي ساقها ابن خزيمة أصح ما ورد في ذلك، ولا ينبغي أن يُعدل عنها: لأنه روى ذلك عن الفضل بن موسى السيناني، عن محمد بن عمرو، وهذا إسناد صحيح متصل، وبقية الأقوال إما ضعيفة السند أو منقطعة. تهذيب التهذيب (12/ 292). وقال الذهبي: "اختلف في اسمه على أقوال جمة، أرجحها: عبد الرحمن بن صخر". السير (2/ 578). (¬1) أي لم يُترجموا لأبي هريرة باسم من أسمائه المختلف فيها، وإنما ذكروه في قسم الكنى من كتبهم، وهذا فيه نظر، فقد ترجمه البخاري في تاريخه الكبير (6/ 132) وقال: "عبد شمس أبو هريرة الدوسي اليماني، وترجمه أبو نعيم في معرفة الصحابة (2 / ل: 52 / ب) وقال: "عبد الرحمن بن صخر أبو هريرة، وترجمه ابن أبي خيثمة في تاريخه (2 / ل: 78/ ب) في حرف العين، وقال: "عبد شمس أبو هريرة الدوسي". (¬2) انظر: جمهرة أنساب العرب (ص: 367، 379). (¬3) تقدّم حديثه عن بصرة (2/ 111). (¬4) انظر: (4/ 439).

1/ ابن المسيب وأبو سلمة، عن أبي هريرة

1/ ابنُ المسيِّب وأبو سلمة، عن أبي هريرة. حديثان اشتركَا فيهما. مالك، عن ابن شهب، عن سعيد بن المسيِّب وأبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة. 337 / حديث: "إذا أَمَّنَ الإِمامً فأَمِّنوا، فإنَّه مَن وافقَ تأمِينه تأمينَ الملائكةِ ... ". في الصلاة، باب التأمين (¬1). وفيه: قول ابنِ شهاب مرسلًا (¬2)، ولفظُ الحديث يَدُّل عليه، انظره في مرسلِه (¬3). وقال فيه مَعمر، عن الزهري، عن ابن المسيب وحده، عن أبي هريرة مرفوعًا: "إذا قال الإمامُ {وَلَا الضَّالِّينَ} فقولوا: آمين، فإِنَّ الملائِكةَ تقول: ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في التأمين خلف الإمام (1/ 94). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الأذان، باب: جهر الإمام بالتأمين (1/ 235) (رقم: 780) من طريق عبد الله بن يوسف. ومسلم في صحيحه كتاب: الصلاة، باب: التسميع والتحميد والتأمين (1/ 307) (رقم: 410) من طريق يحيى النيسابوري. وأبو داود في السنن كتاب: الصلاة، باب: التأمين وراء الإمام (1/ 576) (رقم: 936) من طريق القعنبي. والنسائي في السنن كتاب: الافتتاح، باب: حهر الإمام بآمين (2/ 144) من طريق قتيبة. وأحمد في المسند (2/ 459) من طريق ابن مهدي، خمستهم عن مالك به. (¬2) يعني قوله: كان رسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: "آمين". (¬3) سيأتي حديثه (5/ 314).

آمين، وإنَّ الإمامَ يقول: آمين". ذكره الدارقطني (¬1). ¬

_ (¬1) العلل (8/ 87). وطريق معمر أخرجه: النسائي في السنن (2/ 144)، وأحمد في المسند (2/ 233، 270)، والدارمي في السنن كتاب: الصلاة، باب: فضل التأمين (1/ 314) (رقم: 1246)، وعبد الرزاق في المصنف (2/ 97) (رقم: 2644)، وابن خزيمة في صحيحه (1/ 288) (رقم: 575)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان). (5/ 106) (رقم: 1804)، والدارقطني في العلل (8/ 92)، وابن المنذر في الأوسط (3/ 131)، والبغوي في شرح السنة (2/ 29) (رقم: 590)، وفي معالم التنزيل (1/ 55)، وابن حجر في نتائج الأفكار (2/ 34). وخولف معمرُ في متنه، فرواه أصحاب الزهري عنه، عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة، عن أبي هريرة بلفظ حديث مالك. - أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الدعوات، باب: التأمين (7/ 214) (رقم: 6402) من طريق ابن عيينة، ولم يذكر أبا سلمة. - ومسلم في صحيحه (1/ 307) (رقم: 410) من طريق يونس. - والنسائي في السنن (2/ 144) من طريق محمد بن الوليد الزبيدي، ولم يذكر سعيد بن المسيب. - والنسائي في السنن الكبرى كما في تحفة الأشراف (1/ 421)، والدارقطني في العلل (8/ 92) من طريق قرة بن عبد الرحمن، ولم يذكر سعيد بن المسيب. - والبزار في مسنده (ل: 36 /أ - كوبرلي -) من طريق محمد بن أبي حفصة. وأيضا في (ل: 43/ أ - كوبرلي -) من طريق يحيى بن سعيد الأنصاري، ولم يذكر أبا سلمة. - والدارقطني في العلل (8/ 92) من طريق شعيب بن أبي حمزة. - وفي الأفراد والغرائب (ل: 291 /ب)، و (ل: 293 /ب) من طريق عبيد الله بن عمر العمري، وعبد الله بن أبي بكر، لكن قال في متنه: "إذا أمَّن القارئ". - وفي السنن (1/ 335) من طريق بحر بن كنيز السقاء، ولم يذكر سعيد بن المسيب. - والطبراني في المعجم الأوسط (9/ 7، 25) (رقم: 8906، 9024) من طريق عُقيل بن خالد. وتابعهم: إسماعيل بن أمية، وابن مسلم، وعبد الله بن زياد بن جمعان وغيرهم، ذكرهم الدارقطني في العلل (8/ 84). وقال في (ص: 87): "وذلك وهم من معمر، والمحفوظ عن الزهري: إذا أمَّن الإمام فأمِّنوا".

وانظر روايةَ أبي صالح، والأعرج عن أبي هريرة (¬1). 338 / حديث: "جِراحُ العَجْمَاءِ جُبار (¬2) ... ". وذَكَرَ البِئرَ، والمَعدِنَ، والرِّكازَ. في العقول (¬3). وفي كتاب الزكاة ذِكْرُ الرِّكاز خاصَّة (¬4)، وهذا عند طائفةٍ لأبي الزِّناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة (¬5). صَحَّفَ عبدُ الرزاق "البئرَ" فقال: "النَّارُ جُبَار"، بالنون والألف، ذكره الدارقطني. وسببُه أنَّ مِنَ النَّاسِ من يَكتبُ النَّارَ بالياءِ للإِمالَةِ فاشتَبَه عليه الخَطُّ (¬6). ¬

_ (¬1) سيأتي حديث أبي صالح (3/ 442)، وحديث الأعرج (3/ 359). (¬2) العجماء: البهيمة، سُميت به لأنَّها لا تتكلَّم، يريد فعلُ البهيمة هدر. انظر: مشارق الأنوار (2/ 68)، النهاية (3/ 187). (¬3) الموطأ كتاب: العقول، باب: جامع العقل (2/ 661) (رقم: 12). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الزكاة، باب: في الرّكاز الخمس (2/ 464) (رقم: 1499) من طريق عبد الله بن يوسف. ومسلم في صحيحه كتاب: الحدود، باب: جرح العجماء والعدن والبئر جبار (3/ 1335) (رقم: 1710) من طريق إسحاق الطبّاع. والنسائي في السنن كتاب: الزكاة، باب: المعدن (5/ 45) من طريق قتيبة. والدارمي في السنن كتاب: الزكاة، باب: في الركاز (1/ 483) (رقم: 1668) من طريق خالد بن مخلد، أربعتهم عن مالك به. (¬4) الموطأ كتاب: الزكاة، باب: زكاة الرّكاز (1/ 214) (رقم: 9). (¬5) هي رواية ابن القاسم (ص: 375) (رقم: 356 - تلخيص القابسي -)، وأخرجه من طريقه النسائي في السنن الكبرى - رواية ابن حيويه - كما في تحفة الأشراف (10/ 198). وتابعه ابن وهب، كما في الجمع بين رواية ابن القاسم وابن وهب (ل: 9/ أ). (¬6) وهذا قول أحمد بن حنبل. انظر: سنن الدارقطني (3/ 153). وقال ابن معين: "أصله "البير جبار"، ولكنه صحَّفه معمر". التمهيد (7/ 26). =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = ونفى ابنُ عبد البر أن يكون وقع في تصحيف فقال: "لم يأت ابن معين على قوله بدليل، وليس بهذا تُرد أحاديث الثقات". الاستذكار (25/ 216). قال ابن حجر: "ولا يُعترض على الحفاظ الثقات بالاحتمالات، ويؤيد ما قال ابن معين اتفاق الحفاظ من أصحاب أبي هريرة على ذكر البئر دون النار، وقد ذكر مسلم أن علامة الحديث المنكر في حديث المحدث أن يعمد إلى مشهور بكثرة الحديث والأصحاب، فيأتي عنه. مما ليس عندهم، وهذا من ذاك، ويؤيّده أيضًا أنه وقع عند أحمد من حديث حابر بلفظ: "والجُبُّ جبار" بجيم مضمومة وموحدة ثقيلة، وهي البئر". الفتح (12/ 267). قلت: ويبعد أن يكون التصحيف وقع فيه من معمر أو عبد الرزاق للأمور التالية: 1 - ما أخرجه الدارقطني في السنن (3/ 152) (رقم: 210) قال: نا أحمد بن محمد بن إسماعيل الآدمي، نا زهير بن محمد، ح ونا أبو بكر النيسابوري، نا أحمد بن منصور الرمادي قالا: نا عبد الرزاق، أنا معمر، عن همام بن منبّه، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "النار جُبار"، قال الرمادي: "قال عبد الرزاق: قال معمر: ما أُراه إلا وهمًا". فهذا عبد الرزاق ينقل عن شيخه معمر أنه وهّم هذه الرواية، فكيف يقال: إنَّ التصحيف وقع من أحدهما. 2 - ما وقع في سنن ابن ماجة كتاب: الديات، باب: الجبار (2/ 892) (رقم: 2676) من طريق عبد الرزاق عن معمر عن همام عن أبي هريرة مرفوعا: "النار جُبار والبئر جُبار". فقرن بين اللفظين، فلو كان تصحيفا، لذكر أحدَهما دون الآخر. 3 - أن عبد الرزاق لم ينفرد بالرواية عن معمر، بل توبع على روايته، أخرجه أبو داود في السنن كتاب: الديات، باب: في النار تعدّى (4/ 716) (رقم: 4594) من طريق عبد الرزاق وعبد الملك الصنعاني كلاهما عن معمر عن همام عن أبي هريرة مرفوعا: "النار جُبار". قال الخطابي: "لم أزل أسمع أصحاب الحديث يقولون: غلط فيه عبد الرزاق، إنما هو "البئر جبار"، حتى وجدته لأبي داود عن عبد الملك الصنعاني عن معمر، فدل أن الحديث لم ينفرد به عبد الرزاق، ومن قال: هو تصحيف "البئر" احتجّ في ذلك بأن أهل اليمن يُميلون النار، ويكسرون النون منها، فسمعه بعضهم على الإمالة فكتبه بالياء، ثم نقله الرواة مصحّفًا. قلت: إن صح الحديث على ما روى فإنه متأوَّل على النار يوقدها الرجل في ملكه لأرَب له فيها، فتطير بها الريح، فتشعلها في بناء أو متاع لغيره من حيث لا يملك ردّها فيكون هدرا غير مضمون عليه، والله أعلم". معالم السنن (6/ 385).

2 - سعيد بن المسيب وحده عنه

2 - سعيد بن المسيب وحده عنه ستةُ أحاديث وتقدَّم له سابع (¬1). مالك، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيِّب، عن أبي هريرة. 339 / حديث: "صلاةُ الجماعةِ أفضلُ مِن صلاةِ أحدِكم وحدَه ... ". في فضل صلاة الجماعة (¬2). وهو فَصْلٌ واحدٌ مختصرٌ. رواه قومٌ خارجَ الموطأ: عن مالك، عن أبي الزِّناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة (¬3). ¬

_ (¬1) بل تقدَّم له عن أبي هريرة الحديثان السابقان. (¬2) الموطأ كتاب: صلاة الجماعة، باب: فضل صلاة الجماعة على صلاة الفذّ (1/ 125) (رقم: 2). وأخرجه مسلم في صحيحه كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: فضل صلاة الجماعة وبيان التشديد في التخلف عنها (1/ 449) (رقم: 649) من طريق يحيى النيسابوري. والترمذي في السنن كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في فضل الجماعة (1/ 421) (رقم: 216) من طريق معن. والنسائي في السنن كتاب: الإمامة، باب: فضل الجماعة (2/ 103) من طريق قتيبة. وأحمد في المسند (2/ 473، 486) من طريق يحيى القطان، وابن مهدي، (وزاد في أطراف المسند (7/ 266) عثمان بن عمر) ستتهم عن مالك به. (¬3) أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط (1/ 114) (رقم: 351)، والبيهقي في السنن الكبرى (3/ 59)، وابن ناصر الدين في إتحاف السالك (ص: 112) من طريق الربيع بن سليمان عن الشافعي عن مالك به. قال البيهقي: "كذا رواه الربيع عن الشافعي في كتاب الامامة، ورواه المزني وحرملة عن الشافعي عن مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو المشهور عن مالك، فمن الحفاظ من زعم أن الربيع واهم في روايته، ومنهم من زعم أن مالك بن أنس روى في الموطأ عدة أحاديث رواها خارج الموطأ بغير تلك الأسانيد، وهذ من جملتها، فاقد رواه روح بن =

وقد رُوي عن الزهري، عن سعيد وأبى سلمة معًا، خُرِّج في الصحيح، وزِيد فيه اجتماعُ ملائِكهِ اللَّيلِ والنَّهارِ (¬1). وعَدَدُ التَّضعيفِ ها هُنا خمسةٌ وعشرون جزءًا، وقال أبو صالح، عن أبي هريرة: "بضعةٌ وعشرون، ولَم يَحُدَّ. خُرِّج ذلك في الصحيح (¬2). ¬

_ = عبادة عن مالك نحو رواية الربيع". السنن الكبرى (3/ 60). ثم أورده البيهقي من طريق روح بن عبادة. وتابعهما أيضًا: عمار بن مطر، ذكره ابن عبد البر في التمهيد (6/ 316). وعمار بن مطر الرهاوي هالك. انظر: الميزان (4/ 89)، واللسان (4/ 275). وقال ابن ناصر الدين: "هو غريب من حديث الشافعي عن مالك، تفرّد بروايته عنه الربيع بن سليمان، وقيل: إِنَّهُ وهم فيه عن الشافعي، وصوابه: مالك عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة، والله أعلم، قاله أبو بكر أحمد بن علي الخطيب". قلت: والأقرب أن يكون لمالك فيه إسنادان، لمتابعة روح بنِ عبادة الشافعيَّ، والله أعلم بالصواب. (¬1) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الصلاة، باب: فضل صلاة الفجر في جماعة (1/ 198) (رقم: 648)، ومسلم في صحيحه (1/ 450) (رقم: 449) من طريق شعيب بن أبي حمزة. وأخرجه البخاري أيضًا في التفسير، باب: قوله تعالى {إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} (6/ 276) (رقم: 4717)، ومسلم في صحيحه (1/ 450) (رقم: 449) من طريق معمر، كلاهما عن الزهري به. (¬2) أخرجه مسلم في صحيحه كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: فضل صلاة الجماعة وانتظار الصلاة (1/ 459) (رقم: 649) من طريق أبي معاوية عن الأعمش عن أبي صالح السمان به. وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الصلاة، باب: الصلاة في مسجد السوق (1/ 153) (رقم: 477) من طريق أبي معاوية به، وفيه تحديد العدد بخمس وعشرين. وأخرجه أيضًا في كتاب: الأذان، باب: فضل صلاة الجماعة (1/ 198) (رقم: 647) من طريق عبد الواحد بن زياد عن الأعمش عن أبي صالح به، وحدّ العدد بخمس وعشرين. ولعل عدم التحديد في رواية مسلم ممّن دون أبي هريرة، والله أعلم. ولا منافاة بينه وبين من حدّ، لصدق البضع على الخمس.

ولعلَّ أبا هريرة شَكَّ في التضعيفِ فإنّ ابنَ عمر يقول: "سبعٌ وعشرون درجة". وهو الأظهَرُ، انظره لنافعٍ عنه (¬1). 340 / حديث: "الصلاةُ في الثوبِ الواحدِ". فيه: "أَوَ لِكُلِّكُم ثوبان". في باب: الصلاة في الثوب الواحد (¬2). رواه يونس بن يزيد وغيرُه، عن الزهري، عن سعيد وأبي سلمة، عن أبي هريرة، وكلاهما محفوظٌ مُخَرَّجٌ في الصحيح (¬3). ¬

_ (¬1) تقدّم هذا الحديث (2/ 376). وعامة الروايات عن أبي هريرة فيها تحديد العدد بخمس وعشرين، واختلف العلماء في الجمع بينها وبين رواية ابن عمر، وذكروا في ذلك أقوالًا كثيرة، منها: - أنَّ النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - ذكر في كل وقت ما أعلمه الله وأوحاه إليه من الفضل. - أنَّ صلاة الجاعة يتفاوت ثوابُها في نفسها. - أنَّ التضعيف إنَّما يكون بشرف الزمان، أو المكان، وقيل غير ذلك. انظر: فتح الباري لابن رجب (6/ 14 - 19)، ولابن حجر (2/ 155). (¬2) الموطأ كتاب: صلاة الجماعة، باب: الرخصة في الصلاة في الثوب الواحد (1/ 133) (رقم: 30). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الصلاة، باب: الصلاة في الثوب الواحد ملتحفا به (1/ 119 رقم: 358) من طريق عبد الله بن يوسف. ومسلم في صحيحه كتاب: الصلاة، باب: الصلاة في ثوب واحد وصفة لبسه (1/ 367) (رقم: 515) من طريق يحيى النيسابوري. وأبو داود في السنن كتاب: الصلاة، باب: جماع أبواب ما يصلى فيه (1/ 414) (رقم: 625) من طريق القعنبي. والنسائي في السنن كتاب: القبلة، باب: الصلاة في الثوب الواحد (2/ 69) من طريق قتيبة، أربعتهم عن مالك به. (¬3) سبق تخريج طريق مالك من الصحيحين. وأخرجه مسلم في صحيحه (1/ 368) (رقم: 515) من طريق يونس بن يزيد وعُقيل بن خالد كلاهما عن الزهري عن سعيد وأبي سلمة عن أبي هريرة به. وانظر: علل الحديث لابن أبي حاتم (1/ 165)، والعلل للدارقطني (9/ 371 - 374).

وانظر حديثَ جابر (¬1)، وعمر بن أبي سلمة (¬2)، وأمّ هانئ (¬3). 341 / حديث: "نَعَى النَّجَاشِيَّ للنّاسِ في اليومِ الَّذي مات فيه ... ". فيه: "فصَفَّ بهم وكَبَّرَ أربعَ تكبيرات ... "، يعني في الصلاة عليه. في باب: التكبير على الجنائز (¬4). رواه يونس وجماعةٌ عن الزهري، عن سعيد وأبي سلمة معًا، عن أبي هريرة، والأصَحُّ أنّهما اشتركَا في أوَّلِه، ذَكَرَا (¬5) النَّعيَ، وانفرد سعيدٌ وحده بذِكر الصلاة عليه. قاله الدارقطني (¬6). ¬

_ (¬1) تقدّم حديثه (2/ 130). (¬2) تقدّم حديثه (2/ 302). (¬3) سيأتي حديثها (4/ 332). (¬4) الموطأ كتاب: الجنائز، باب: التكبير على الجنائز (1/ 197) (رقم: 14). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الجنائز، باب: الرجل ينعى إلى أهل الميت بنفسه (2/ 380) (رقم: 1245) من طريق إسماعيل بن أبي أويس، وفي باب: التكبير على الجنازة أربعا (2/ 405) (رقم: 1333) من طريق عبد الله بن يوسف. ومسلم في صحيحه كتاب: الجنازة، باب: التكبير على الجنازة (2/ 656) (رقم: 991) من طريق يحيى النيسابوري. وأبو داود في السنن كثاب: اجنائز، باب: المسلم يموت في بلاد الشرك (3/ 451) (رقم: 3204) من طريق القعنبي. والنسائي في السنن كتاب: الجنائز، باب: الصفوف على الجنائز (4/ 69) من طريق عبد الله بن المبارك، وفي باب: عدد التكبير على اجنازة (4/ 72) من طريق قتيبة. وأحمد في المسند (2/ 438) من طريق يحيى القطان، سبعتهم عن مالك به. (¬5) في الأصل: "ذكر" ولعل الصواب المثبت. (¬6) العلل (9/ 358).

انظره في الصحيح (¬1). والنَّعْيُ في هذا الحديث مِن قولِ أبي هريرةَ على طريقِ التَّأويلِ، وهكذا قال أنسٌ: "إنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - نَعَى زيدًا وجَعفَرًا. خَرَّجه النسائي (¬2). وهذا أيضًا مِن قولِ أنس. وقال حذيفةُ بن اليمان: "إذا مِتُّ فلا تُؤذِنُوا بِي أحدًا، إنِّي أخافُ أن يكون نَعيًا، وإنِّي سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يَنهَى عنِ النَّعْيِّ". خَرَّجه الترمذي وقال: "هو حسن صحيح" (¬3). ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الجنائز، باب: الصلاة على الجنائز بالمصلى والمسجد (2/ 403، 404) (رقم: 1328، 1327)، ومسلم في صحيحه (2/ 657) (رقم: 951) من طريق عُقيل بن خالد. وأخرجه البخاري أيضًا في صحيحه كتاب: مناقب الأنصار، باب: موت النجاشي (6/ 626) (رقم: 3880، 3881)، ومسلم في صحيحه (2/ 657) (رقم: 951) من طريق صالح بن كيسان، كلاهما عن الزهري به. وبيّن عُقيل وصالح في روايتهما المقدر المشترك فيه، وما انفرد به سعيد وحده. وأخرجه ابن حبان في صحيحه (الإحسان) (7/ 368) (رقم: 3101) من طريق يونس بن يزيد عن الزهري عن سعيد وأبي سلمة به، لم يبيّن ما اشتركا فيه وما انفرد به سعيد. وأخرجه الدارقطني في العلل (9/ 361) من طريق يونس، وفيه بيان القدر المشترك وما انفرد به سعيد، إلا أن روايته مقرونة برواية عُقيل، فلعل الراوي عنهما حمل رواية يونس على رواية عُقيل، والله أعلم. وانظر اختلاف الرواة على الزهري وسياق رواياتهم علل الدارقطني (9/ 353 - 363). (¬2) أخرجه النسائي في السنن كتاب: الجنائز، باب: النعي (4/ 26) من طريق حماد بن زيد عن أيوب عن حميد بن هلال عن أنس به. وهو بهذا الإسناد والمتن في صحيح البخاري كتاب: المناقب، باب: علامات النبوة في الإسلام (4/ 548) (رقم: 3630). (¬3) سنن الترمذي، كتاب: الجنائز، باب: ما جاء في كراهية النهي (3/ 313) (رقم: 986). =

وخَرَّج أيضًا عن ابن مسعود مرفوعًا وغيرِ (¬1) مرفوعٍ: "إيَّاكم والنَّعي، فإنَّ النَّعيَ مِن عَملِ الجاهلية قال: "والنَّعيُ أذانٌ بالميِّتِ" (¬2). ¬

_ = وأخرجه ابن ماجة في السنن كتاب: الجنائز، باب: ما جاء في النهي عن النعي (1/ 474) (رقم: 1476)، وأحمد في المسند (5/ 385، 406)، والمزي في تهذيب الكمال (5/ 376) من طرق عن حبيب بن سُليم العبسي عن بلال بن يحيى العبسي عن حذيفة بن اليمان به. والحديث حسَّنَه الحافظ ابن حجر في الفتح (3/ 140). قلت: وفيه حبيب بن سُليم العبسي ذكره ابن حبان في الثقات (6/ 182). وقال الذهبي: "صالح الحديث". الكاشف (1/ 145). وقال ابن حجر: "مقبول". التقريب (رقم: 1094). وبلال بن يحيى العبسي قال عنه ابن معين: "روايته عن حذيفة مرسلة. تهذيب التهذيب (1/ 443). وقال ابن أبي حاتم: "والذي روى عن حذيفة وجدته يقول: بلغني عن حذيفة". الجرح والتعديل (2/ 396). وقال ابن القطان: "صحح الترمذي حديثه، فمعتقده أنه سمع من حذيفة. تهذيب التهذيب (1/ 443). لكن يشهد له الحديث الآتي. (¬1) في الأصل: "وغيرهم"، ولعل الصواب المثبت. (¬2) أخرجه الترمذي في السنن (3/ 312) (رقم: 984) من طريق عنبسة، عن أبي حمزة، عن إبراهيم، عن علقمة، عن ابن مسعود، عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - مرفوعًا. وأخرجه (برقم: 985) من طريق الثوري، عن أبي حمزة، عن إبرايم، عن علقمة، عن ابن مسعود عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - (كذا! ) نحوه. ثم قال: "ولم يرفعه، ولم يذكر فيه: والنعي أذان الميِّت. وهذا أصح من حديث عنبسة عن أبي حمزة، وأبو حمزة هو ميمون الأعور، وليس هو بالقوي عند أهل الحديث. قال أبو عيسى: حديث عبد الله حديث حسن غريب". اهـ. وفي تحفة الأشراف (7/ 112): "وهو غريب". قلت: وزيادة ذكر النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - في طريق الثوري خطأ، لعله مطعي، ويبيِّنه قول الترمذي بعده: "ولم يرفعه". =

قال الشيخ أبو العبَّاس رضي الله عنه: وليس النَّعيُ المكروه إعلامَ الخاصَّةِ لِمَا لاَ بُدَّ منه مِن صلاةٍ ومُواراةٍ ونحوِ ذلك، وإنَّما هو النِّداءُ في النَّاس عامةً للإشهارِ، كضرْبٍ من النَّوْح، والله أعلم. وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الأَمَة التي كانت تَقُمُّ المسجدَ: "إذا ماتت فآذِنونِي بها". انظره في مرسلِ (¬1) أبي أمامة (¬2). وخَرَّج النسائي من حديث خارجةَ بن زيد، عن عمِّه يزيد بن ثابت نحوَه، وزاد فيه: "لا يَموتَنَّ فيكم مَيِّتٌ ما دُمتُ بين أظهرِكم إِلَّا آذنتُمُوني به، فإنَّ صلاِتي له رَحْمَة" (¬3). ¬

_ = ورواه أبو سعيد الأشج فقال: عن أبي خالد أو غيره، عن أبي حمزة، عن إبراهيم، عن ابن مسعود، عن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -، ذكره الدارقطني في العلل (5/ 166). وطريق الثوري الموقوفة أخرجها أيضًا ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 475) (رقم: 11206)، والبزار في المسند (5/ 19) (رقم: 1575)، والدارقطني في العلل (5/ 165)، والطبراني في المعجم الكبير (10/ 70) (رقم: 9978). وقال الدارقطني: "والصحيح من قول عبد الله". قلت: والاضطراب فيه من ميمون الأعور أبو حمزة القصاب الكولا، وهو ضعيف، وتركه بعضهم، وتقدّم (3/ 263). (¬1) في الأصل: "حديث"، وكتب فوقها مرسل، وهو الصواب. (¬2) سيأتي حديثه (5/ 270). (¬3) سنن النسائي كتاب: الجنائز، باب: الصلاة على القبر (4/ 84). وأخرجه ابن ماجة في السنن كتاب: الجنائز، باب: ما جاء في الصلاة على القبر (1/ 489) (رقم: 1528)، وأحمد في المسند (4/ 388)، وابن أبي شيبة في السند (ل: 34 / ب)، وفي المصنف (2/ 475) (رقم: 11217)، وأبو يعلى في المسند (1/ 441) (رقم: 933)، والبخاري في التاريخ الصغير (الأوسط) (1/ 679)، والحاكم في المستدرك (3/ 591)، وابن حبان في صحيحه =

وانظر التَّكبير في مرسلِ أبي أمامةَ (¬1). 342 / حديث: "لا يموتُ لأحدٍ من المسلمين ثلاثةٌ من الوَلدِ فتَمَسَّه النَّارُ إلَّا تَحِلَّةَ القَسَمِ". في الجنائز (¬2). ¬

_ = (الإحسان) (7/ 356) (رقم: 3087)، والطبراني في المعجم الكبير (22/ 239، 240) (رقم: 627 - 629)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (4/ 27) (رقم: 1970)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (2 / ل: 242 / ب)، وابن قانع في معجم الصحابة (3/ 228)، والبيهقي في السنن الكبرى (4/ 48) من طرق عن عثمان بن حكيم الأنصاري عن خارجة بن زيد بن ثابت به. ورجاله ثقات، إلَّا أنَّ في سماع خارجة بن زيد من عمّه نظر. قال البخاري: "إن صح قول موسى بن عقبة أن يزيد بن ثابت قُتل أيام اليمامة في عهد أبي بكر فإنَّ خارجة يدرك يزيد". التاريخ الصغير (الأوسط) (1/ 67). وقال ابن عبد البر: "لا أحسبه سمع منه". الاستيعاب (4/ 1572). وأورد المصنِّف هذه الآثار دلالة على أنَّ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - كان يُعلَم ويُذكر له من مات من الصحابة ليشهد دفنَه ويدعوَ له. قال الترمذي: "وقد كره بعض أهل العلم النَّعي، والنعى عندهم أن يُنادى في الناس أن فلانا مات ليشهدوا جنازته. وقال بعض أهل العلم: لا بأس أن يُعلم أهل قرابته وإخوانه، وروي عن إبراهيم أنه قال: لا بأس بأن يُعلم الرجل قرابته". السنن (3/ 312، 313). وانظر: الفتح (3/ 140). (¬1) في الأصل: "أبي لبابة"، وهو خطأ، وأبو لبابة من الصحابة، وقد تقدّم مسنده (3/ 175)، وأما أبو أمامة بن سهل بن حنيف فمختلف في صحبته، انظره في المراسيل (5/ 270). (¬2) الموطأ كتاب: الجنائز، باب: الحسبة في المصيبة (1/ 203) (رقم: 38). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الأيمان والنذور، باب: قول الله تعالى ({وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ} (7/ 286) (رقم: 6656) من طريق إسماعيل بن أبي أويس. وورطم في صحيحه كتاب: البر والصلة، باب: فضل من يموت له ولد فيحتسبه (4/ 2028) (رقم: 2632) من طريق يحيى النيسابوري. =

خَرَّجه الدارقطني من طريق عبد العزيز بنِ عبد الله بن أبي سلمة، عن الزهري بإسناده هذا، وزاد فيه: قال عبد العزيز: "فقلتُ لابنِ شهاب: أمَا في هذا الحديثِ: "فيَحتَسِبهم؟ ". قال: لا (¬1). قال الشيخ أبوالعبَّاس: وانظر هذه الكلمةَ لابنِ النَّضرِ في المنسوبين (¬2). 343 / حديث: "ما بين لاَبتَيْها (¬3) حَرامٌ". يعني المدينة. في الجامع عند أوَّلِه (¬4). زاد في رواية مَعمر، عن الزهري: "وجَعَلَ اثنَي عشرَ مِيلًا حولَ المدينة حِمًى". خَرَّجه مسلم (¬5). ¬

_ = والترمذي في السنن كتاب: الجنائز، باب: ما جاء في ثواب من قدّم ولدًا (3/ 374) (رقم: 1060) من طريق قتيبة ومعن. والنسائي في السنن كتاب: الجنائز، باب: من يُتوفى له ثلاثة (4/ 25) من طريق قتيبة. وأحمد في المسند (2/ 473) من طريق يحيى القطان، خمستهم عن مالك به. (¬1) العلل (9/ 144). وعبد العزيز هو الماجشون. (¬2) سيأتي حديثه (3/ 583). (¬3) اللابة: الحرَّة، وهي الأرض التي قد ألبستها حجارة سود. غريب الحديث لأبي عبيد (1/ 314). (¬4) الموطأ كتاب: الجامع، باب: ما جاء في تحريم المدينة (2/ 678) (رقم: 11). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: فضائل المدينة، باب: لابتي المدينة (2/ 578) (رقم: 1873) من طريق عبد الله بن يوسف. ومسلم في صحيحه كتاب: الحج، باب: فضل المدينة ... (2/ 999) (رقم: 1372) من طريق يحيى النيسابوري. والترمذي في السنن كتاب: المناقب، باب: فضل المدينة (5/ 677) (رقم: 3921) من طريق معن وقتيبة. والنسائي في السنن الكبرى كتاب: الحج، باب: من مات بالمدينة (2/ 488) (رقم: 4286) من طريق قتيبة. وأحمد في المسند (2/ 236) من طريق ابن مهدي، خمستهم عن مالك به. (¬5) صحيح مسلم (2/ 1000) (رقم: 1873).

وقال مالكٌ: "حَرَمُ المدينة بَرِيدٌ فِي بَرِيد". ذكرَه ابن الجارود (¬1). 344/ حديث: "ليس الشَّديدُ بالصُّرَعَةِ ... ". وذَكَرَ الغضب. في الجامع، باب: الغضب (¬2). ¬

_ (¬1) المنتقى (2/ 118) (رقم: 510). وتمامه: "واللابتان من الشجر، وهما الحرتّان". كذا، وفي التمهيد (6/ 311): "حرم المدينة بريد في بريد، يعني من الشجر، قال: واللابتان هما الحرّتان. وهذا أصح، وما وقع في المنتقى تصحيف، ففيه تقديم وتأخير لا يستقيم به المعنى. والبريد في التقدير المعاصر: (22179 مترًا). انظر: معجم لغة الفقهاء (ص: 107)، وتقدَّم (2/ 44) أنَّ الميل (1848 متر). وذكر ابن عبد البر عن ابن حبيب أنه قال: "وتحريم النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - ما بين لابتي المدينة إنما يعني في الصيد، فأما في قطع الشجر فبَرِيد في بَرِيد في دور المدينة كلها محرَّم، كذلك أخبرني مطرف عن مالك وعمر بن عبد العزيز. ثم قال ابن عبد البر: "وكذلك فسَّر ابن وهب "ما بين لابتيها"، قال: ما بين حرّتيها، قال: وهو قول مالك، قال ابن وهب: وهذا الذي حرّمه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيها إنما هو في قتل الصيد. قيل لابن وهب: فما حرَّمه فيها في قطع الشجر؟ قال: حد ذلك بريد في بريد، بلغتي ذلك عن عمر بن عبد العزيز). انظر: التمهيد (6/ 312). والحاصل أنَّ حرم المدينة ما بين اللابتين، وما ورد زائدًا على ذلك في طريق معمر، وفي قول مالك: "بريد في بريد"، إنما هو خاص بالشجر. وقد وردت أحاديث كثيرة فيها حد زيادة الحرم على ما بين اللابتين، إلَّا أنها ضعيفة وبعضها شديد الضعف. انظر: الأحاديث الواردة في فضائل المدينة للشيخ صالح الرفاعي (ص: 102 - 116). (¬2) الموطأ كتاب: حسن الخلق، باب: ما جاء في الغضب (2/ 691) (رقم: 12). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الأدب، باب: الحذر من الغصب (7/ 129) (رقم: 6114) من طريق عبد الله بن يوسف. ومسلم في صحيحه كتاب: البر والصلة، باب: فضل من يملك نفسه عند الغضب (4/ 2014) (رقم: 2659) من طريق يحيى النيسابوري وعبد الأعلى بن حماد. والنسائي في السنن الكبرى كتاب: عمل اليوم والليلة، باب: من الشديد؟ (6/ 105) (رقم: 10226) من طريق ابن القاسم. وأحمد في المسند (2/ 236، 517) من طريق ابن مهدي وروح بن عبادة، ستتهم عن مالك به.

غيرُ مالك يقول فيه: الزهري، عن حُميد، عن أبي هريرة (¬1). قال الدارقطني: "وأرجو أن يكون القولان محفوظَين" (¬2). * حديث: الإنصات للخُطبة. ليس هذا الحديث عند يحيى بنِ يحيى إلَّا لأبي الزِّناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، وهو عند ابنِ القاسم، وابن وهبٍ، وجماعةٍ بهذا الإسناد، وللزهري فيه أسانيدُ أُخَر (¬3). * حديث: التمر الجَنِيب. من رواية عبد الحميد أو عبد المجيد، عن سعيد، وهو حديث مشتَرَك تقدَّم ذكرُه في مسند أبي سعيد (¬4). ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في صحيحه (4/ 2014، 2015) (رقم: 2609) من طريق معمر بن راشد، وشعيب بن أبي حمزة، ومحمد بن الوليد الزبيدي، عن الزهري به. وتابعهم: يونس بن يزيد، وعُقيل بن خالد، والجراح بن المنهال - وهو متروك - ذكرهم الدارقطني في العلل (10/ 249)، وفي الأحاديث التي خولف فيها مالك (ص: 46). وتابع مالكا على روايته: - عبد الله بن عبد الله أبو أويس المدنى، أخرجه من طريقه أبو داود في مسند مالك كما في النكت الظراف (10/ 41). - وعبد الرحمن بن إسحاق، ذكره حمزة بن محمد الكنانى كما في تحفة الأشراف (10/ 42). وقال ابن عبد البر: "وكذلك رواه أبو أويس وعبد الرحمن بن إسحاق عن الزهري عن سعيد عن أبي هريرة". التمهيد (6/ 321). (¬2) العلل (10/ 249). وقال حمزة بن محمد الكناني: "لا أعلم أحدا رواه غير مالك وعبد الرحمن بن إسحاق عن الزهري يعني عن سعيد عن أبي هريرة، قال: ورواه أكثر الناس عن الزهري عن حميد، وكلاهما محفوظ". تحفة الأشراف (10/ 41). وهذا الظاهر لاعتماد البخاري ومسلم رواية مالك، ومتابعة أبي أويس وعبد الرحمن بن إسحاق مالكا، والله أعلم. (¬3) سيأتي الكلام عليه (3/ 360). (¬4) تقدّم حديثه (3/ 260).

3 - أبو سلمة بن عبد الرحمن وحده، عنه

3 - أبو سلمة بن عبد الرحمن وحدَه، عنه. سبعةُ أحاديث، أحدُها مُركَّب. مالك، عن ابن شهاب، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عَوف، عن أبي هريرة. 345/ حديث: "مَن أدرَك ركعةً من الصَّلاةِ فقد أدرك الصَّلاةَ". في الوقوت (¬1). واحتَجَّ به مرسلًا في أبواب الجمعة لعمومِه (¬2). وقال فيه ياسين بن معاذ الزَيَّات وطائفةٌ عن الزهري: "مَن أدرَك ركعةً من الجمعة" (¬3). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: وقوت الصلاة، باب: من أدرك ركعة من الصلاة (1/ 42) (رقم: 15). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: مواقيت الصلاة، باب: من أدرك من الصلاة ركعة (1/ 180 رقم: 580) من طريق عبد الله بن يوسف. ومسلم في صحيحه كتاب: الصلاة، باب: من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك تلك الصلاة (1/ 423، 424) (رقم: 607) من طريق يحيى النيسابوري وعبد الله بن المبارك. وأبو داود في السنن كتاب: الصلاة، باب: من أدرك من الجمعة ركعة (1/ 669) (رقم: 1121) من طريق القعنبي. والنسائي في السنن كتاب: المواقيت، باب: من أدرك ركعة من الصلاة (1/ 274) من طريق قتيبة، خمستهم عن مالك به. (¬2) الموطأ كتاب: الجمعة، باب: فيمن أدرك ركعة من الجمعة (1/ 108)، وفيه: "قال مالك: وذلك أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وذكره. (¬3) أخرجه الدارقطني في السنن (2/ 10، 11) (رقم: 3، 7، 8)، وفي العلل (9/ 223، 224)، وابن عدي في الكامل (7/ 148)، والطبراني في المعجم الأوسط (8/ 286) (رقم: 8606)، والخطيب في تاريخ بغداد (11/ 257) من طرق عن ياسين بن معاذ الزيات عن الزهري عن أبي سلمة بن =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = عبد الرحمن (وفي بعض الطرق عنه وسعيد بن المسيب، وفي بعضها عنه أو سعيد على الشك، وفي بعضها عن سعيد وحده) كلاهما عن أبي هريرة به. وياسين بن معاذ الزيّات متروك الحديث. انظر: الميزان (6/ 32)، اللسان (6/ 238). وسأل ابن أبي حاتم أباه عن حديث ياسين فقال: "أما حديث سعيد عن أبي هريرة فمتنه: "من أدرك من الصلاة ركعة فقد أدركها"، وهذا حديث لا أصل له". علل الحديث (1/ 203). وتابع ياسينَ الزيات على متنه جماعة منهم: 1 - أسامة بن زيد الليثي: أخرجه من طريقه ابن خزيمة في صحيحه (3/ 174) (رقم: 185)، والدارقطني في السنن (2/ 10) (رقم: 4)، وفي العلل (9/ 224)، والحاكم في المستدرك (1/ 291)، وابن الأعرابي في المعجم (2/ 473) (رقم: 921)، وابن المنذر في الأوسط (4/ 103)، والبيهقي في السنن الكبرى (3/ 203). قلت: وأسامة بن زيد الليثي صدوق يهم كما في التقريب (رقم: 317)، وفي بعض حديثه عن الزهري شيء خاصة إذا خالف، كما سبق في (ص: 749). 2 - ابن أبي ذئب: أخرجه من طريقه ابن ماجة في السنن كتاب: إقامة الصلاة، باب: فيمن أدرك من الجمعة ركعة (1/ 356) (رقم: 1121)، والدارقطني في العلل (9/ 224). لكن الراوي عن ابن أبي ذئب هو عمر بن حبيب العدوي، وهو ضعيف كما في التقريب (رقم: 4874). ثم إنَّ ابن أبي ذئب متكلّم في حديثه عن الزهري كما تقدّم (3/ 114). 3 - عمر بن قيس المكي: أخرجه من طريقه الدارقطني في السنن (2/ 11)، والعلل (9/ 224). وعمر بن قيس متروك كما في التقريب (رقم: 4959). 4 - صالح بن أبي الأخضر: أخرجه من طريقه الدارقطني في السنن (2/ 11) (رقم: 6)، والحاكم في المستدرك (1/ 291)، والبيهقي في السنن الكبرى (3/ 203). وصالح بن أبي الأخضر قال عنه ابن معين والبخاري: "ليس بشيء في الزهري". انظر: سؤالات الدارمي (ص: 44)، الكامل (4/ 65). 5 - حجاج بن أرطاة: أخرجه من طريقه الدارقطني السنن (2/ 10) (رقم: 2)، وفي العلل (9/ 224)، وابن عدي في الكامل (2/ 228). وحجاج كثير الخطأ والتدليس كما في التقريب (رقم: 1119). وقال الإمام أحمد: حديث ابن خلّاد قال: "سمعت يحيى يذكر أنَّ حجاجًا لم يرَ الزهري". العلل ومعرفة الرجال (3/ 126 - رواية عبد الله -). وقال ابن عدي: "هذا لا يرويه الثقات عن الزهري، ولا يذكرون الجمعة، وإنما قالوا: "من أدرك من الصلاة ركعة"، وإنما ذكر الجمعة مع الحَجّاج قوم ضعاف عن الزهري". الكامل (2/ 228). =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = 6 - عبد الرزاق بن عمر: أخرجه من طريقه الدارقطني في السنن (2/ 10) (رقم: 1)، وابن عدي في الكامل (5/ 310)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (36/ 151). وعبد الرزاق بن عمر الدمشقي قال عنه الحافظ: "متروك الحديث عن الزهري، ليِّن في غيره". التقريب (رقم: 4062). وقال ابن عدي: "وهذا بهذا الإسناد عن الزهري عن سعيد لا يقول: "من أدرك من الجمعة ركعة" إلا ضعيف، والثقات يقولون: "من أدرك من الصلاة ركعة. 7 - سليمان بن أبي داود الحرَّاني: أخرجه من طريقه الدارقطني في السنن (2/ 12) (رقم: 9، 10). وسليمان ضعيف. انظر: الميزان (2/ 396)، اللسان (3/ 90). 8 - يحيى بن أبي أُنيسة: ذكره الدارقطني في العلل (9/ 220)، وأخرجه من طريقه ابن عدي في الكامل (7/ 188)، إلا أنَّه في المطبوع من قول سعيد بن المسيب. ويحيى بن أبي أنيسة الجزري ضعيف كما في التقريب (رقم: 7508). 9 - الأوزاعي - من رواية محمد بن عبد الله بن ميمون عن الوليد بن مسلم عنه -. أخرجه من طريقه ابن خزيمة في صحيحه (3/ 173) (رقم: 1850). وخالف محمدَ بنَ عبد الله: علي بن سهل. أخرجه ابن خزيمة في صحيحه (برقم 1849)، وأبو عوانة في صحيحه (2/ 80) من طريق على بن سهل الرملي عن الوليد عن الأوزاعي بلفظ: "من أدرك من الصلاة". وأخرجه مسلم في صحيحه (1/ 424) (رقم: 607) من طريق ابن المبارك. والنسائي في السنن (1/ 274) من طريق موسى بن أعين. والبيهقي في السنن الكبرى (3/ 202) من طريق الوليد بن مزيد، كلهم عن الأوزاعي للفظ: "من أدرك من الصلاة ركعة". قال الدارقطني: "واختلف عن الأوزاعي، فرواه الحفاظ عنه عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "من أدرك من الصلاة ركعة". وقال محمد بن عبد الله بن ميمون الإسكندراني عن الوليد عنه: "من أدرك ركعة من الجمعة"، ووهم في هذا القول". العلل (9/ 215). والحاصل أن الصحيح عن الأوزاعي ما وافق فيه الحفاظ من أصحاب الزهري. 10 - يونس بن يزيد الأيلي: ذكره الدارطني في العلل (9/ 216) فقال: "واختلف عن يونس، فرواه ابن المبارك وعبد الله بن رجاء وابن وهب والليث بن سعد وعثمان بن عمر عن يونس عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة على الصواب. وخالفهم عمر بن حبيب فقال: عن يونس بهذا الإسناد: "من أدرك الجمعة"، فقال ذلك محمد =

وقال فيه أبو عليٍّ عُبيد الله الحنفي، عن مالك خَارِج الموطأ: "فقد أدرَك الفضْلَ" (¬1). وقال عمَّارُ بنُ مَطَر (¬2)، عن مالك: "فقد أدرك الصَّلاةَ ووقتَها" (¬3). ¬

_ = ابن ميمون الخياط عنه ووهم في ذلك، والصواب: "من أدرك من الصلاة". قلت: أخرجه مسلم في صحيحه (1/ 424) (رقم: 607) من طريق ابن المبارك وابن وهب. وأبو عوانة في صحيحه (2/ 80)، والدارقطني في العلل (9/ 223) من طريق عثمان بن عمر، كلهم عن يونس به. ثم قال الدارقطني: "ورواه بقية بن الوليد عن يونس فوهم في إسناده ومتنه فقال: عن الزهري عن سالم عن أبيه: "من أدرك من الجمعة ركعة"، والصحيح قول ابن المبارك ومن تابعه". قلت: رواية بقية عند النسائي في السنن (1/ 274)، وابن ماجة في السنن (1/ 356) (رقم: 1126)، والدارقلىني في العلل (9/ 220)، وابن عدي في الكامل (2/ 76). وسأل ابن أبي حاتم أباه عن حديث بقية فقال: "هذا خطأ المتن والإسناد، إنما هو الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -، وأما قوله من صلاة الجمعة فليس هذا في الحديث، فوهم في كليهما". علل الحديث (1/ 172). وبنحوه قال ابن عدي في الكامل. 11 - محمد بن الوليد الزبيدي: ذكره الدارقطني في العلل (9/ 220). وخالف هؤلاء: الحفاظُ من أصحاب الزهري فرووه بلفظ: "من أدرك من الصلاة ركعة"، منهم: - الإمام مالك وقد تقدّم. - وعبيد الله بن عمر، والأوزاعي، ومعمر، ويونس بن يزيد، وروايتهم عند مسلم في صحيحه (1/ 424) (رقم: 607). - ويحيى بن سعيد الأنصاري عند البزار، لكن الإسناد إليه فيه نظر، وسيأتي. وهذا الصحيح عن الزهري، كما قال الدارقطني في العلل (9/ 222). وتقدّم قول أبي حاتم وابن عدي. (¬1) أخرجه ابن عبد البر في التمهيد (7/ 64)، وقال: "لم يقله غير الحنفي عن مالك، والله أعلم، ولم يُتابع عليه". وانظر: فتح الباري لابن رجب (5/ 17). (¬2) في الأصل: "مطرّف"، والصواب المثبت. وهو عمار بن مطر أبو عثمان الرّهاوي، متروك الحديث، وتقدّم (3/ 109). (¬3) ذكره ابن عبد البر في التمهيد (7/ 64)، ثم قال: "وهذا لم يقله عن مالك غير عمار بن مطر، وليس ممّن يحتج به فيما خولف فيهط. وانظر: فتح الباري لابن رجب (5/ 15).

وقال يحيى بن سعيد، عن الزهري: "فقد أدرَك الصلاةَ كلَّها إِلَّا أنّه يقضي ما فاته". خرّجه البزّار (¬1). قال الدارقطني: "والصحيح ما في الموطأ" (¬2). وهذا في إدراكِ صلاةِ الجماعة (¬3). وانظر روايةَ الأعرج وعطاء وبُسر عن أبي هريرة (¬4)، وحديثَ أنسٍ (¬5)، وابنِ عمر (¬6)، ومرسلَ الصُّنابِحي (¬7)، وعروة (¬8). 346 / حديث: أنّ أبا هريرة كان يصلِّي لهم فيُكَبِّرُ كُلَّما خَفَضَ ورَفَع ... فيه: "إنّي (¬9) لأَشبَهكُم صلاةً برسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -". ¬

_ (¬1) مسند البزار (ل: 38/ أ - نسخة كوبرلي -) قال: حدّثنا عبد الله بن شبيب، قال: نا أيوب بن سليمان بن هلال، قال: حدّثني أبو بكر بن أبي أويس، عن سليمان بن بلال، عن يحيى بن سعيد به. ورجال ثقات، إلا شيخ البزار عبد الله بن شبيب الربعي، فهو واه. قال فضلك الرازي: "عبد الله بن شبيب يَحِلُّ ضربُ عنقِه". وقال أبو أحمد الحاكم: "ذاهب الحديث". وقال الذهبي: "أخباري علّامة، لكنه واهٍ". انظر: الكامل (4/ 262)، تاريخ بغداد (9/ 474)، الميزان (3/ 152)، اللسان (3/ 299). (¬2) قال الدارقطني: "والصحيح قول عبيد الله بن عمر ويحيى الأنصاري ومالك ومن تابعهم على الإسناد والمتن". العلل (9/ 222). (¬3) أي حديث الباب. (¬4) سيأتي حديثه (3/ 348)، وهو في إدراك الصلاة قبل خروج وقتها، وهو لأهل الأعذار. (¬5) تقدّم حديثه (2/ 85). (¬6) تقدّم حديثه (2/ 380). (¬7) سيأتي حديثه (5/ 18). (¬8) سيأتي حديثه (5/ 100). (¬9) في الأصل: "إنّ"، والمثبت من الموطأ ومصادر التخريج، وهو ما يقتضيه السياق.

في باب: استفتاحِ الصلاة (¬1). ليس فيه استثناءُ الرَّفع من الرُّكوع. وقال ابن عباس فيمَن كبَّرَ ثِنتَين وعشرين تكبيرة في الرُّباعِيَةِ: "تلكَ سُنَّةُ أبي القاسم - صلى الله عليه وسلم -" (¬2). 347 / حديث: "إنَّ أحدَكم إذا قام يُصَلِّي جاءه الشَّيطانُ فَلَبَّسَ عليه حتى لا يَدري كم صَلَّى، فإذا وَجَدَ ذلك أحدُكم فليسْجُدْ سجدَتَيْن". في باب: السَّهْو (¬3). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الصلاة، باب: افتتاح الصلاة (1/ 87) (رقم: 19). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الأذان، باب: إتمام التكبير في الركوع (1/ 236) (رقم: 785) من طريق عبد الله بن يوسف. ومسلم في صحيحه كتاب: الصلاة، باب: إثبات التكبير في كل خفض ورفع في الصلاة .. (1/ 293) رقم: 392) هن طريق يحيى النيسابوري. والنسائي في السنن كتاب: الافتتاح، باب: التكبير للنهوض (2/ 235) من طريق قتيبة. وأحمد في المسند (2/ 236) من طريق ابن مهدي، أربعتهم عن مالك به. (¬2) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الأذان، باب: التكبير إذا قام من السجود (1/ 237) (رقم: 788). ووجه إيراد هذه الرواية أنَّه إذا حُسبت ثنتان وعشرون تكبيرة في الصلاة الرباعية خرج الرفع من الركوع. وأخرج البخاري (برقم: 789) من طريق أبي بكر بن عبد الرحمن أنه سمع أبا هريرة يقول: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قام إلى الصلاة يكبّر حين يقوم، ثم يكبر حين يركع، ثم يقول: سمع الله لمن حمده حين يرفع صلبه من الركعة، ثم يقول وهو قائم ... " الحديث. وهذان يبيّنان استثناء التكبير عند الرفع من الركوع. وقال الحافظ ابن حجر: "هو عام (أي حديث مالك) في جميع الانتقالات في الصلاة، لكن خُصّ منه الرفع من الركوع بالإجماع، فإنه شُرع فيه التحميدُ". الفتح (2/ 316). (¬3) الموطأ كتاب: السهو، باب: العمل في السهو (1/ 104) (رقم: 1). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: السهو، باب: السهو في الفرض والتطوع (2/ 374) (رقم: 1232) من طريق عبد الله بن يوسف. =

هذا مختصرٌ، بَيَّنَه أبو سَعِيد قال فيه: "فيصلِّ ركعةً ولْيَسْجُدْ". انظرْه في مرسلِ عطاء (¬1)، وانظرْ حديثَ الأعرج عن أبي هريرة (¬2)، وأحاديثَ السَّهو له (¬3)، ولعبد الله بن بُحينة (¬4)، وعطاء بن يَسار (¬5). 348 / حديث: "كان يُرَغِّبُ في قيام رمضان ... ". فيه: "مَن قام رمضان إيمانًا واحتِسابًا غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ من ذَنْبِه". في أوَّل الصَّلاة، الثاني (¬6). وفيه قولُ ابنِ شهاب في استمرارِ ذلك. هكذا هو هذا الحديثُ عند يحيى بن يحيى بهذا الإسناد مسندًا، وتابعه على إسنادِه ابنُ بُكير، والتِنِّيسي، وابنُ عُفَير، وغيرُهم (¬7). ¬

_ = ومسلم في صحيحه كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: السهو في الصلاة والسجود له (1/ 398) (رقم: 389) من طريق يحيى النيسابوري. وأبو داود في السنن كتاب: الصلاة، باب: من قال: يتم على أكبر ظنه (1/ 624) (رقم: 1030) من طريق القعنبي. والنسائي في السنن كتاب: السهو، باب التحري (3/ 30) من طريق قتيبة، أربعتهم عن مالك به. (¬1) سيأتي حديثه (5/ 121)، وفيه ذكر الاختلاف على مالك في وصله وإرساله. (¬2) سيأتي حديثه (3/ 358). (¬3) انظر حديث محمد بن سيرين عن أبي هريرة (3/ 479)، وحديث أبي سفيان عنه (3/ 481). (¬4) تقدّم حديثه (3/ 25). (¬5) سيأتي حديثه (5/ 121). (¬6) الموطأ كتاب: الصلاة في رمضان، باب: الترغيب في الصلاة في رمضان (1/ 113) (رقم: 2). وأخرجه أبو داود في السنن كتاب: الصلاة، باب: في قيام شهر رمضان (2/ 102) (رقم: 1371) من طريق عبد الرزاق. وأحمد في المسند (2/ 529) من طريق عثمان بن عمر، كلاهما عن مالك به. (¬7) الموطأ برواية ابن بكير (ل: 19 / ب - نسخة السليمانية -). وأخرجه من طريقه الجوهري في مسند الموطأ (ل: 21 / أ)، والخطيب البغدادي في الفصل للوصل =

وأرْسَلَه أكثرُ رواةِ الموطأ فلَم يَذكروا فيه أبا هريرةَ (¬1). ¬

_ = (1/ 320)، وابن ناصر الدين الدمشقي في إتحاف السالك (ص: 134). وأخرجه محمد بن المظفر البزاز في غرائب مالك (ص: 107) (رقم: 104)، وأبو أحمد الحاكم في عوالي مالك (ص: 101) من طريق ابن وهب، ولم يذكر أوله. وتابعهم: - عبد الرزاق عند أبي داود في السنن، وفي المصنف (4/ 258) (رقم: 7719)، وعند أبي أحمد الحاكم في عوالي مالك (ص: 101)، والخطيب في الفصل للوصل (1/ 458)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (13/ 328). - وعثمان بن عمر، عند أحمد، والخطيب في الفصل للوصل (1/ 459). - وإسحاق بن سليمان الرازي عند الخطيب في الفصل للوصل (1/ 459). - ومعن بن عيسى وابن القاسم من رواية الحارث بن مسكين عنه، عند ابن عبد البر في التمهيد (7/ 95 - 96). (¬1) وهي رواية: - القعنبي (ص: 153، 154)، ومن طريقه الخطيب البغدادي في الفصل للوصل (1/ 455). - وأبي مصعب الزهري (1/ 108) (رقم: 176)، ومن طريقه الخطيب في الفصل (1/ 456). - وابن القاسم عند ابن الظفر البزاز في غرائب مالك (ص: 172) (رقم: 106)، ومن طريقه الخطيب في الفصل (1/ 456، 457) وقال الجوهري: "وأرسله ابن وهب، ومعن، والقعنبي، وابن القاسم إلا في رواية ابن عمر عن الحارث عن ابن القاسم، فإنه أسنده أيضًا". مسند الموطأ (ل: 21 / أ). - وعبد الله بن يوسف، ويحيى بن يحيى النيسابوري، وقتيبة بن سعيد، ومعن بن عيسى، عند الخطيب في الفصل (1/ 456). وتقدّم أنَّ معنًا وعبد الله بن يوسف التنيسي وافتما في الرواية من وصله، فلعلها رواية أخرى عنهما. - وعثمان بن عمر عند ابن خزيمة في صحيحه (3/ 336) (رقم: 2202). وتقدَّم أن أحمد أخرجه من طريقه موصولا، وكذا ذكره ابن ناصر الدين في إتحاف السالك (ص: 135). - وكامل بن طلحة عند أبي أحمد الحاكم في عوالي مالك (ص: 101). - ومطرف، وابن رافع، وابن وهب، ووكيع بن الجراح، وجويرية بن أسماء. كما في التمهيد (7/ 96).

ومِنهم من قال في إسناده: الزهري، عن حُميد، عن أبي هريرة، وحَذَفَ أوَّلَه (¬1). وأَسندَه جويريةُ، عن مالك، عن الزهري، عن أبي سلمةَ وحُميد معًا، عن أبي هريرة (¬2). ¬

_ (¬1) وهي رواية للقعبي (ص: 154). - وابن القاسم (ص: 81) (رقم: 29)، ومن طريقه النسائي في السنن كتاب: الصيام، باب: ثواب من قام رمضان (4/ 154)، وفِي الإيمان باب: قيام رمضان (8/ 117). - وأبي مصعب الزهري (1/ 109) (رقم: 278). - وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الإيمان، باب: تطوع قيام رمضان من الإيمان (1/ 18) (رقم: 37) من طريق إسماعيل بن أبي أويس. (وخلط ابن أبي أويس في بعض الروايات عنه بين حديث حميد وأبي سلمة، فذكر أول الحديث لحميد، وغلط في ذلك كما في العلل (1/ 229)، والتمهيد (7/ 97). وأخرجه البخاري أيضًا في صلاة التراويح، باب: فضل من قام رمضان (2/ 618) (رقم: 2009) من طريق عبد الله بن يوسف. ومسلم في صحيحه كتاب: صلاة المسافرين، باب: الترغيب في قيام رمضان (1/ 523) (رقم: 759) من طريق يحيى النيسابوري. والنسائي في السنن (4/ 154) من طريق قتيبة. وأحمد في المسند (2/ 486) من طريق إسحاق الطبّاع، كلهم عن مالك عن الزهري عن حميد عن أبي هريرة به. (¬2) أخرجه من طريقه النسائي في السنن (4/ 154)، (8/ 117، 118)، والدارقطني كما في التمهيد (7/ 99)، والخطيب في الفصل للوصل (1/ 457). وقال الخطيب: "وروى جويرية بن أسماء عن مالك هذا الحديث فأسند قولَه: "من قام رمضان إيمانا واحتسابا غُفر له ما تقدّم من ذنبه" عن الزهري، عن أبي سلمة وحميد ابني عبد الرحمن جميعا عن أبي هريرة، وأرسل ما قبله من ذكر الترغيب عن أبي سلمة وحده". وقال ابن عبد البر: "فرواية جويرية هذه مهذبة مجوّدة، والله أعلم". =

وذَكَرَ الدارقطني أنَّ هذا هو المحفوظُ عن الزهري (¬1). والخلافُ في متنِه كثيرٌ (¬2). ¬

_ = قلت: وتابعه: عبد الله بن وهب، أخرجه من طريقه ابن المظفر البزاز في غرائب مالك (ص: 171) (رقم: 105)، وأبو أحمد الحاكم في عوالي مالك (ص: 101)، والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 492)، وابن عبد البر في التمهيد (7/ 100)، ولم يذكر أول الحديث. (¬1) ذكر الدارقطني هذا الحديث في العلل (9/ 225 - 231)، ولم أجد الكلام الذي ذكره عنه المصنف. وقال محمد بن المظفر الحافظ: "حديث أبي سلمة في الموطأ مرسل، وحديث حميد بن عبد الرحمن متصل". غرائب مالك (ص: 172). قلت: كذا قال، وتقدّم أنَّ من رواة الموطأ من رواه بالوجهين، والذي يظهر أن أحسن الروايات في ذلك رواية جويرية: إذ جمع الحديث عن أبي سلمة وحميد، وفصل أوله وهو قوله: "كان يرغب في قيام رمضان ... "، فأرسله، ووافقه على الجمع بين حميد وأبي سلمة عبد الله بن وهب، وذكر في روايته المقدر المتفق على رفعه، ورواه بعضهم عن حميد وحده مرفوعا، وبعضهم عن أبي سلمة وحده مرفوعًا، وآخرون عنه مرسلا. والصواب أن الرواية موصولة عن مالك من كلا الطريقين، متنها مرفوع بكامله، أوله وآخرَه، ورواية جويرية تؤيّد رواية يحيى بن يحيى الليثي ومن تابعه في رفع طريق أبي سلمة، ويحيى قد توبع في رفع الحديث كله عن مالك، تابعه معن، وهو من أوثق أصحاب مالك، وكذا عبد الرزاق، وابن بكير، وعثمان بن عمر، ورواية عن ابن القاسم، وغيرهم. ودافع ابن عبد البر على رواية يحيى، ورجّحها من بين سائر الروايات، وذكر أيضًا أن بعض أصحاب الزهري رووه كرواية يحيى عن مالك، ثم قال: "وهذا كله يشدّ ما رواه يحيى، ولعمري لقد حصلت نقله عن مالك، وألفيته من أحسن أصحابه نقلا، ومن أشدّهم تخلصًا في المواضع التي اختلف فيها رواة الموطأ، إلَّا أنَّ له وهمًا وتصحيفًا في مواضع فيها سماجة". انظر: التمهيد (7/ 95 - 103). (¬2) الخلاف في متنه بين أصحاب الزهري، وأصحاب أبي سلمة بن عبد الرحمن، ولم يُختلف في ذلك على مالك، انظر: علل الدارقطني (9/ 225)، التمهيد (7/ 101).

349 / حديث: أنَّ امرأتَين من هُذَيل رَمَت إحداهما الأُخرى فطَرَحَتْ جَنينَها ... فيه ذِكْرُ الغُرَّة. في العقول (¬1). زاد فيه مَعنٌ، عن مالك قولَ الذي قَضَى عليه: "كيفَ أَغرِم؟ "، وجوابَه، وهو حَمَلُ بن النَّابغة (¬2). قال الدارقطني: "وهذه الزيادةُ غيرُ محفوظةٍ بهذا الإسنادِ" (¬3). ورواه جماعةٌ عن الزهري، عن سعيد وأبي سلمة معًا، عن أبي هريرة. خُرِّج هكذا في الصحيح، وزِيدَ في متنِه، وحديثُ مالكٍ مُختصَرٌ (¬4). وانظره في مرسلِ سعيد بنِ المسيب (¬5). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: العقول، باب: عقل الجنين (2/ 651) (رقم: 5). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الطب، باب: الكهانة (7/ 35) (رقم: 5759) من طريق قتيبة، وفي الديات، باب: جنين المرأة (8/ 365) (رقم: 6904) من طريق عبد الله بن يوسف، وإسماعيل بن أبي أويس. ومسلم في صحيحه كتاب: القسامة، باب: دية الجنين (3/ 1309) (رقم: 1681) من طريق يحيى النيسابوري. والنسائي في السنن كتاب: الديات، باب: دية جنين المرأة (8/ 48) من طريق ابن وهب. وأحمد في المسند (2/ 236) من طريق ابن مهدي، ستتهم عن مالك به. (¬2) لم أقف على رواية معن. وحَمَل: بفتح الحاء المهملة والميم. انظر: المؤتلف والمختلف للدارقطني (1/ 393)، الإكمال (2/ 122). (¬3) لم أقف على قوله في العلل، ولعله في غرائب مالك. (¬4) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الديات، باب: جنين المرأة ... (8/ 366) (رقم: 6910). ومسلم في صحيحه (3/ 308) (رقم: 1681) كلاهما من طريق يونس بن يزيد عن الزهري عن سعيد وأبي سلمة عن أبي هريرة، وفيه: أن الدية على عاقلة المرأة. وانظر: العلل (9/ 948 - 353). (¬5) سيأتي حديثه (5/ 184).

* حديث: "لكلِّ نَبِيٍّ دَعوة ... ". ليس عندَ يحيى بنِ يحيى وجُلِّ الرواةِ إلَّا أبي الزِّناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة (¬1). وهو عند ابنِ وهبٍ وحدَه بهذا الإسناد، ورواه هكذا جماعةٌ عن مالك خَارِجَ الموطأ، وهو محفوظٌ، خُرِّج في الصحيح (¬2). ومالك، عن يزيد بن عبد الله بن الهادي، عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التَّيمي، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة. 350 / حديث: "خيرُ يومٍ طَلَعَتْ عليه الشَّمسُ يومُ الجمعة ... ". ذَكَرَ فيه سبعةَ أشياءَ منها: ساعة الدُّعاء، وبه تَرْجَمَ. ¬

_ (¬1) سيأتي (3/ 374). (¬2) أخرجه مسلم في صحيحه كتاب: الإيمان، باب: اختباء النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - دعوة الشفاعة لأمته (1/ 188) (رقم: 198)، وأبو عوانة في صحيحه (1/ 90)، وابن خزيمة في التوحيد (2/ 628) (رقم: 370)، وابن منده في الإيمان (3/ 103) (رقم: 892)، والجوهري في مسند الموطأ (ل: 21/ أ)، والقضاعي في مسند الشهاب (2/ 134) (رقم: 1045)، واللالكائي في شرح الاعتقاد (16/ 116) (رقم: 2039) من طريق يونس بن عبد الأعلى. وابن عبد البر في التمهيد (19/ 62) من طريق أحمد بن صالح، كلاهما عن ابن وهب به. وقال الجوهري: "هذا في الموطأ لابن وهب، وقيل: لمعن، وليس عند ابن القاسم ولا القعنبي ولا أبي مصعب ولا ابن بكير ولا ابن عفير". وأخرجه ابن عبد البر في التمهيد (19/ 62) من طريق أيوب بن سويد الرملي عن مالك به. وأيوب بن سويد الرملي: ضعيف الحديث، وعامة العلماء على تضعيفه، وتقدّمت ترجمته (2/ 107). وأخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (41/ 355) من طريق الوليد بن مسلم، نا مالك به. ولابن وهب فيه إسناد آخر، أخرجه ابن خزيمة في التوحيد (2/ 623) (رقم: 365) من طريق يونس عن ابن وهب عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة، وهذا كإسناد يحيى الليثي سواء. قال ابن عبد البر: "وهما إسنادان صحيحان عن مالك". التمهيد (19/ 63).

وفيه: حديثُ بَصْرَةَ بن أبي بَصْرَةَ، وعبد الله بن سلَام، وقد تقدَّمَا (¬1)، مساق الكُلِّ واحدٌ، وهي ثلاثةُ أحادِيث. في أبواب الجمعة (¬2). وحديت ابنِ سلَّام منسوب إلى أبي هريرة: لأنَّه قال فيه: "بلى". وانظر معناه وحديثَ ساعة الدُّعاءِ للأعرج عنه (¬3). ومالك، عن عبد الله بن يزيد مولى الأسود بن سفيان، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة. 351 / حديث: "أنَّ: رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - سجدَ فيها". يعني في: {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} (¬4). في الصَّلاةِ، عند آخره (¬5). ¬

_ (¬1) انظر: حديث بصرة (2/ 111)، وحديث عبد الله بن سلام (3/ 41). (¬2) الموطأ كتاب: الجمعة، باب: ما جاء في الساعة التي في يوم الجمعة (1/ 110) (رقم: 16). وأخرجه أبو داود في السنن كتاب: الصلاة، باب: فضل يوم الجمعة وليلة الجمعة (1/ 634) (رقم: 1046) من طريق القعنبي. والترمذي في السنن كتاب: الجمعة، باب: ما جاء في الساعة التي ترجى في يوم الجمعة (2/ 362) (رقم: 491) من طريق معن. وأحمد في المسند (2/ 486)، (5/ 451) من طريق ابن مهدي، ثلاثتهم عن مالك به. (¬3) سيأتي حديثه (3/ 362). (¬4) سورة الإنشقاق، آية: (1). (¬5) الموطأ كتاب: القرآن، باب: ما جاء في سجود القرآن (1/ 181) (رقم: 12). وأخرجه مسلم في صحيحه كتاب: المساجد ومواضع الصلاة (1/ 406) (رقم: 578) من طريق يحيى النيسابوري. والنسائي في السنن كتاب: الافتتاح، باب: السجود في {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} (2/ 161) من طريق قتيبة. وأحمد في المسند (2/ 487، 529) من طريق ابن مهدي وعثمان بن عمر، أربعتهم عن مالك به.

ليس في هذا الحديثِ أنَّ أبا هريرة شاهَدَ السجودَ فيها. وفي رواية يحيى بن أبي كثير (¬1)، عن أبي سلمة: أنَّ أبا هريرةَ سَجدَ في: {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ}، وقال: "لو لَم أرَ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - يَسجُدُ لَم أسجُد". لفط البخاريِّ مختصرًا (¬2). وجاء عنه من طُرقٍ جَمَّةٍ صِحاحٍ أنَّه سجَدَ فيها مع النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - (¬3). وقال في روايةِ عطاء بن مِيناء: "سجدنا مع رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -: {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} و {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} (¬4) ". خَرَّجه أبو داود، ثم قال: "أَسلَمَ أبو هريرة سنةَ ستٍّ عامَ خيبر"، قال: "وهذا السُّجود من النّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - هو آخِرُ فعلِه" (¬5). قاله بعد أنْ ذَكَرَ حديثَ عِكرمةَ، عن ابن عباسٍ: "أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - لَم يَسجُدْ في شيءٍ من المُفَصَّلِ منذ تَحَوَّلَ إلى المدينة". وهاتان السُّورتَان (¬6) من المُفَصَّلِ، وكذلِك النَّجم (¬7). ¬

_ (¬1) في الأصل: "بكير"، وهو خطأ، والصواب المثبت، ويحيى بن بكير من تلاميذ مالك، فلعل الخطأ من الناسخ لتقارب الاسمين في الخط. (¬2) صحيح البخاري كتاب: أبواب السجود، باب: سجدة {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} (2/ 328) (رقم: 1074)، وصحيح مسلم (1/ 406) (رقم: 578). (¬3) انظر: صحيح البخاري كخاب: الأذان، باب: الجهر في العشاء (1/ 230) (رقم: 766)، وفي باب: القراءة في العشاء بالسجدة رقم: 768)، وفي أبواب سجود القرآن، باب: من قرأ السجدة في الصلاة فسجد بها (2/ 329) (رقم: 1078)، وصحيح مسلم (407/ 1) (رقم: 578). (¬4) سورة العلق، الآية: (1). (¬5) السنن كتاب: الصلاة، باب: السجود في {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} و {اقْرَأْ} (2/ 123) (رقم: 1407). وحديث عطاء بن ميناء عن أبي هريرة أخرجه مسلم في صحيحه (1/ 406) (رقم: 578). وأثبته المصنف من أبي داود دون مسلم لكلام أبي داود في مشاهدة البخاري، وتأخر إسلامه. (¬6) في الأصل: "الصورتان" بالصاد. (¬7) حديت ابن عباس: أخرجه أبو داود في السنن كتاب: الصلاة، باب: من لم ير السجود في =

وخَرَّج أيضًا عن عَمرو بن العاصي: "أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أَقْرَأَه خَمسَ عشرةَ سَجدة في القرآن، ثلاثٌ في المفصَّلِ، وفي سورَةِ الحجِّ سجدتان" (¬1). ¬

_ = المفصل (2/ 121) (رقم: 1403)، والطيالسي في المسند (ص: 350)، وابن خزيمة في صحيحه (1/ 281) (رقم: 560)، والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 312)، وابن عبد البر في التمهيد (19/ 120) من طريق أبي قدامة الحارث بن عبيد الإيادي، عن مطر بن طهمان الوراق، عن عكرمة، عن ابن عباس به. وسنده ضعيف: أبو قدامة ضعيف الحديث. انظر: تهذيب الكمال (5/ 258)، تهذيب التهذيب (2/ 130). ومطر بن طهمان الوراق قال عنه ابن حجر: "صدوق كثير الخطأ، وحديثه عن عطاء ضعيف". انظر: تهذيب الكمال (28/ 51)، تهذيب التهذيب (10/ 152)، التقريب (رقم: 6699). قال ابن خزيمة: "وتوهّم بعض من لم يتبحّر العلم أن خبر الحارث بن عبيد، عن مطر، عن عكرمة، عن ابن عباس: "أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يسجد في شيء من المفصل منذ تحوّل إلى المدينة"، حجة من زعم أن لا سجود في المفصل، وهذا من الجنس الذي أَعْلَمتُ أن الشاهد من يشهد برؤية الشيء أو سماعه، لا من ينكره ويدفعه، وأبو هريرة قد أعلم أنه فد رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - قد سجد في {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ}، و {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} الذي خلق بعد تحوّله إلى المدينة، إذ كانت صحبته إياه إنما كان بعد تحوّل النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة لا قبل". وقال عبد الحق الإشبيلي: "إسناده ليس بالقوي، ويروى مرسلًا، والصحيح حديث أبي هريرة: "أنَّ النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - سجد في {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ}، وإسلامه متأخر. وفد على النبي - صلى الله عليه وسلم - في السنة السابعة من الهجرة". نصب الراية (2/ 182). وقال ابن عبد البر: "وهذا عندي حديث منكر، يرده قول أبي هريرة: "سجدت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ}، ولم يصحبه أبو هريرة إلا بالمدينة". التمهيد (19/ 120). وقال ابن حجر: "وأما ما رواه أبو داود وغيره من طريق مطرق الوراق - وذكره - فقد ضعّفه أهل العلم بالحديث لضعف في بعض رواته، واختلاف في إسناده. وعلى تقدير ثبوته، فرواية من أثبت أرجح: إذ المثبت مقدّم على النافي". الفتح (2/ 646). (¬1) السنن كتاب: الصلاة، باب: كم سجدة في القرآن (2/ 120) (رقم: 1401). وأخرجه ابن ماجة في السنن كتاب: إقامة الصلاة، باب: عدد سجود القرآن (1/ 335). =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = (رقم: 1057)، ويعقوب الفسوي في المعرفة والتاريخ (1/ 527)، والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 314 /، والمزي في تهذيب الكمال (5/ 233) من طريق نافع بن يزيد عن الحارث بن سعيد العتقي عن عبد الله بن مُنين عن عمرو بن العاص به. وسنده ضعيف. الحارث بن سعيد العتقي قال عنه ابن القطان: "لا يُعرف له حال". بيان الوهم (3/ 159). وقال الذهبي: "لا يُعرف". الميزان (1/ 434). وقال ابن حجر: "مقبول". التقريب رقم: 1023). وعبد الله بن مُنين - بنونين مصغر - ذكره الفسوي في ثقات التابعين من أهل مصر كما في المعرفة والتاريخ (1/ 527). وقال عبد الحق: "لا يحتج به". قال ابن القطان: "معنى قوله: "لا يحتج به" أنّه لمجهول فإنّه لا يُعرف، والمجهول لا يحتج به". انظر: الأحكام الوسطى (2/ 92)، بيان الوهم والإيهام (3/ 158). وقال الحافظ: "وثَّقه يعقوب بن سفيان". التقريب (رقم: 3643). ومراد المصنف من إيراد كلام أبي داود ورواية عمرو بن العاص الرد على مذهب المالكية القائل بأن لا سجود في سور المفصل، وحديث أبي هريرة ظاهر في مشروعيته ووروده في سور المفصل، وهو عمل الخلفاء الراشدين. انظر: المدونة (1/ 105)، التمهيد (19/ 118 - 125)، المنتقى (1/ 349)، المحلى (2/ 329)، المسالك (ل: 211 / ب) لابن العربي، الفتح (2/ 246). وهذا مذهب المصنِّف، ومن طرائف ما حُكي ما أورده ابن عبد الملك المراكشي بإسناده إلى أبي الحسن بن أحمد بن أبي القوة، عن أبيه (وهو من تلاميذ المصنف) قال: "صلَّيت وأنا شاب صغير بالناس في قيام رمضان، فسجدت بهم في سورة الحج سجدتين، فلما سلّمت قال لي رجل من القوم: {مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ} قال: فقلت له: {قَالَ لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ}، فلما كان من الغد ذكرتُ هذا الجواب لأبي العباس بن طاهر الفقيه، وكنت حينئذ أقرأ عليه، فأعجبه واستظرفه، وضحك عليه". الذيل والتكملة (1/ 1 / 70).

4 / أبو سلمة وابن ثوبان، عن أبي هريرة

4 / أبو سلمة وابن ثوبان (¬1)، عن أبي هريرة. حديثٌ واحد. 352 / حديث: "إذا اشتدَّ الحَرُّ فأبرِدُوا عن الصَّلاةِ، فإنَّ شِدَّةَ الحَرِّ مِن فَيْحِ جَهنَّمَ ... ". وذَكَرَ: "أنَّ: النَّارَ اشتَكَتْ إلى ربِّها فأَذِن لَها في كلِّ عام بِنَفَسَيْن". في الوقوت. عن عبد الله بن يزيد مولى الأسود بن سُفيان، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عَوف ومحمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، عن أبي هريرة (¬2). ليس في هذا الحديث تعيينُ الصلاةِ، وقال فيه أبو سعيد الخدري: "أبرِدُوا بالظُّهرِ ... ". خَرَّجَه البخاري (¬3). وانظر حديثَ الأعرج عن أبي هريرة (¬4)، ومرسلَ عطاء بن يسار (¬5)، ومرسلَ الصُّنابِحي (¬6). ¬

_ (¬1) في الأصل: "أبو ثوبان"، وهو خطأ، ومحمد بن عبد الرحمن بن ثوبان كنيته أبو عبد الله. وذكره على الصواب في مرسل عطاء بن يسار (5/ 135). وانظر: تهذيب الكمال (25/ 596)، المقتنى في سرد الكنى (1/ 350). (¬2) الموطأ كتاب: وقوت الصلاة، باب: النهي عن الصلاة بالهاجرة (1/ 46) (رقم: 28). وأخرجه مسلم في صحيحه كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: استحباب الإبراد بالظهر في شدة الحر .. (1/ 432) (رقم: 617) من طريق معن. وأحمد في المسند (2/ 462) من طريق ابن مهدي، كلاهما عن مالك به. (¬3) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: مواقيت الصلاة، باب: الإبراد بالظهر في شدة الحر (1/ 169) (رقم: 538). (¬4) سيأتي حديثه (3/ 350). (¬5) سيأتي حديثه (5/ 135). (¬6) سيأتي حديثه (5/ 18).

5/ أبو سلمة والأغر، عن أبي هريرة

5/ أبو سلمة والأغَرُّ، عن أبي هريرة حديثٌ واحدٌ. 353/ حديث: "ينزِلُ ربُّنا تباركَ وتعالى كلُّ ليلةٍ إلى السَّماءِ الدُّنيا حينَ يبْقى ثُلُثُ اللَّيلِ الآخِر ... ". في الصلاة عند آخِرِه، باب: الدعاء. عن ابن شهاب، عن أبي عبد الله الأغر وأبي سلمة، عن أبي هريرة (¬1). مِن رواة الطويل من لا يذكرُ في هذا (¬2) الحديثِ أبا سلمة (¬3)، والصحيحُ ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: القرآن، باب: ما جاء في الدعاء (1/ 187) (رقم: 30). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: التهجّد، باب: الدعاء والصلاة من آخر الليل (2/ 347) (رقم: 1145) من طريق القعنبي، وفي الدعوات، باب: الدعاء نصف الليل (7/ 193) (رقم: 6321) من طريق عبد العزيز بن عبد الله، وفي التوحيد، باب: قوله تعالى {يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ} (8/ 559) (رقم: 7494) من طريق إسماعيل بن أبي أويس. ومسلم في صحيحه كتاب: صلاة المسافرين وقصرها، باب: الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل والإجابة فيه (1/ 521) (رقم: 758) من طريق يحيى النيسابوري. وأبو داود في السنن كتاب: الصلاة، باب: أي الليل أفضل؟ (2/ 76) (رقم: 5/ 13)، وفي السنة، باب: في الرد على الجهمية (5/ 100) (رقم: 4733) من طريق القعنبي. والترمذي في السنن كتاب: الدعوات، بابٌ (5/ 492) (رقم: 3498) من طريق معن. والنسائي في السنن الكبرى كتاب: النعوت، باب: المعافاة والعقوبة (4/ 420) (رقم: 7768) من طريق ابن القاسم. وأحمد في المسند (2/ 267، 487) من طريق ابن مهدي، وإسحاق الطبّاع، ثمانيتهم عن مالك به. (¬2) في الأصل: "في هذا في"، وزيادة "في" الثانية خطأ. (¬3) وهي رواية القعنبي (ل: 46/ أ - نسخة الأزهرية -)، وتابعه: إسماعيل بن أبي أويس عند البخاري، وابن مهدي وإسحاق الطباع عند أحمد. =

اجتماعُهُما فيه. قاله الدارقطني (¬1)، وخَرَّجه البخاريُّ على الوجهَين، وأمَّا مسلمٌ فلَم يَذكر عن مالكٍ إلَّا طريقَ الجمع خاصَّة (¬2). وخَرَّجه أيضًا من طريق أبي إسحاق عَمرو بن عبد الله السَّبيعي، عن الأغَرِّ أبي مسلم، عن أبي سعيد وأبي هريرة (¬3). قال الشيخ أبو العبَّاس رضي الله عنه: الأَغَرُّ لَقَبٌ، وقيل: هو اسمُ أبي مسلمٍ هذا الذي روى عنه السَّبيعي. هكذا أدخله البخاريُّ، وابنُ أبي حاتم في باب: مَن اسمه أَغَر (¬4). وأمَّا أبو عبد الله الأغَر المذكورُ في الموطأ فاسمُه: سَلمان، وهو مَولى جُهينَة، ¬

_ = وأخرجه الفسوي في المعرفة والتاريخ (1/ 414) من طريق يحيى بن بكير. وهو في موطئه (ل: 42 / أ - نسخة السليمانية -): عن أبي عبد الله الأغر عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة. ولعل ما وقع فيه تصحيف، فالأغر رواه عن أبي هريرة لا عن أبي سلمة. وأخرجه الدارقطني في النزول (ص: 112)، واللالكائي في شرح السنة (3/ 483) (رقم: 744) من طريق بشر بن عمر الزهراني، وزاد الدارقطني عبد الله بن يوسف التنيسي. وأخرجه ابن منده في التوحيد (3/ 291) (رقم: 866) من طريق عبد الله بن يوسف، وقرن معه يحيى النيسابوري، وابن وهب، وذكر في روايته أبا سلمة، فلعله حمل رواية ابن يوسف على رواية غيره، والله أعلم. (¬1) العلل (9/ 237). (¬2) تقدّم تخريجه من الصحيحين. والذي يظهر أنَّ الوجهين صحيحان؛ لإخراج البخاري لهما، فلعل مالكا كان يقتصر بعض الأحيان على أحدهما، وفي الغالب يجمعهما، والله أعلم. (¬3) صحيح مسلم (1/ 523) (رقم: 758). (¬4) التاريخ الكبير (2/ 44)، الجرح والتعديل (2/ 308)، وهو مولى أبي هريرة وأبي سعيد، اشتركا في عتقه.

وهما رجلَان مَيَّز بينهما البخاري، ومسلمٌ، وعليُّ بنُ المديني، وغيرُهم (¬1). وقد قيل: هما رَجلٌ واحدٌ قاله ابنُ أبي خيثمة، وزَعَمَ أنَّ أبا إسحاق السَّبيعيَّ روى عنه فكنَّاه أبا مسلم. وظاهرُ قولِه أنَّ أبا إسحاق انفرَدَ بتكنِيتِه أبا مسلم (¬2). وقد خَرَّج أبو داود حديث أبي هريرة: "الكِبرياءُ رِدائي" من طريقِ عطاء بن السائِب، عن الأغَر، عن أبي هريرة، وذَكَرَ أنَّ موسى بنَ إسماعيل شيخَه قال فيه: عن سَلمان الأغر، وأن هنَّادًا قال فيه: عن أبي مُسلمٍ الأغَر. وكأنَّه ذهب إلَى أنَّهما رَجلٌ واحدٌ اختُلِف في تَسميتِه (¬3). والأصَحُّ أنَّهما رجلان اشتَركا في الروايةِ عن أبي هريرة، والله أعلم (¬4). ¬

_ (¬1) التاريخ الكبير (4/ 377)، الكنى لمسلم (1/ 476)، (2/ 785). وقال ابن حجر: "وممّن فرّق بينهما البخاري، ومسلم، وابن المديني، والنسائي، وأبو أحمد الحاكم، وغيرهم". تهذيب التهذيب (4/ 122). (¬2) انظر: التاريخ الكبير لابن أبي خيثمة (فقرة: 41 - 46 - رسالة الحمدان -). (¬3) سنن أبي داود كتاب: اللباس، باب: ما جاء في الكبر (4/ 350) (رقم: 4090)، وهناد هو ابن السَري. وممّن جعلهما رجلًا واحدًا أيضًا ابنُ خزيمة، فقال: "الحجازيون والعراقيون يختلفون في كنية الأغر، يقول الحجازيون: الأغر أبو عبد الله، ويقول العراقيون: أبو مسلم. وغير مستنكر أن يكون للرجل كنيتان، وقد يكون للرجل ابنان، اسم أحدهما: عبد الله، واسم الآخر: مسلم، فيكون له كنيتان على اسم ابنيه". التوحيد (1/ 294). وهو قول عبد الغني بن سعيد الأزدي في كتابه إيضاح الإشكال، كما في تهذيب الكمال (11/ 257). (¬4) قال الحافظ المزي - ترجمة سلمان الأغر -: "ومن زعم أنَّه الأغر أبو مسلم الذي يروي عنه أهل الكوفة كما حكاه عنهم - أي الأزدي - فهو زعم باطل، والذي يدل على بطلانه وجوه: أحدها: أنَّه مدني وليس بكوفي، ولا يُعرف له ذكر بالكوفة، ولا لأحد من أهل الكوفة عنه رواية، إلا ما حكى عبد الغني بن سعيد من أنّه مسلم المدنيُّ الذي يروي عنه الشعبي، فإن صحّ ذلك - وما أبعده من الصحة - فإنَّ اسمه مسلم ولقبه الأغر وذلك ممَّا يؤكد أنَّه غير سلمان، وذاك حديثه =

وهذا حديثٌ صحيحٌ لا مَطْعَنَ فيه، خَرَّجه البخاريُّ ومسلمٌ وسائرُ أئمَّةِ الحديثِ وتَلَقَّوْه بالقَبول. قال ابنُ وضَّاح: أخبرني زهيرُ بنُ عَبَّاد قال: "كلُّ مَن أدرَكتُ من المشايِخ، مالك ابنُ أنس، وسفيانُ بن عيينة، وفضيلُ بن عِياض، وعيسى بنُ يونس، وعبد الله بن المبارك، ووكيع بنُ الجراح يقولون: التنزُّلُ حقٌّ" (¬1). وقيل لشَريك بن عبد الله القاضي: "إنَّ عندنا قومًا يُنكِرون هذه الأحاديث، "أنَّ الله سبحانه يَتَنزَّل إلى السماء الدنيا"، وما أشبَهَها. فقال: إنَّما جاءنا بهذه الأحاديث مَن جاءنا بالسُّننِ عن رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - كالصَّلاةِ، والزَّكاة، والصيام، والحجِّ، وبِهم عَرَفْنا اللهَ عزَّ وجلَّ" (¬2). ¬

_ = عند أهل الكوفة دون أهل المدينة كما تقدم. الثاني: أنّه مولى جُهينة وذلك مولى أبي سعيد الخدري، وأبي هريرة الدوسي وليسَا من جهينة. الثالث: أنَّه يكنى بابنه عبد الله بن سلمان، وذاك كنيته أبو مسلم، ولا يعرف له ولد. الرابع: أنه يروي عن جماعة سوى أبي سعيد وأبي هريرة كما تقدم وذاك لا يعرف له رواية عن غيرهما. الخامس: أنَّ اسمه سلمان ولقبه الأغر، وذاك اسمه الأغر ولا يعرف له اسم ولا لقب سواه إلا ما حكي عن الشعبي إن صح ذلك". (¬1) لم أقف عليه من كلام زهير بن عباد. وأخرجه ابن عبد البر في التمهيد (7/ 151) من طريق ابن وضاح قال: سألت يحيى بن معين عن التنزل؟ فقال: "أَقِرَّ به ولا تَحِدْ فيه بقول، كلُّ من لقيت من أهل السنة يصدق بحديث التنزّل، قال: وقال يا ابن معين: صَدِّق به ولا تصفه". وأخرجه أيضًا ابن قدامة المقدسي في ذم التأويل (ص: 235) (رقم 361)، وفيه: قال ابن وضاح: "كلُّ من لقيت من أهل السنة يُصدِّق بها كحديث التنزل، وقال ابن معين: صدَّق به ولا تصفه، وقال: أَقِرُّوه ولا تحدُّوه". (¬2) أخرجه الآجري في الشريعة (3/ 1126) (رقم: 695)، وعبد الله بن أحمد في السنة (1/ 273) (رقم: 508)، وابن منده في التوحيد (3/ 116) (رقم: 522)، من طرق عن أبي معمر القطيعي، عن عباد بن العوام، عن شريك به. =

قال الشيخ أبو العبَّاس رضي الله عنه: وهذا الحديثُ وما أشبَهه كحديثِ: "مَن تقرَّبَ إليَّ شَبرًا تَقَرَّبتُ إليه ذِراعًا، ومَن تَقَرَّب إليَّ ذراعًا تَقَرَّبتُ منه باعًا، ومَن أتانِي يَمشِي أتيتُه هَروَلةً" (¬1)، وحديثِ الحَشْرِ: يَأتيهم اللهُ عزَّ وجلَّ في غير الصُّورَةِ التي يعرفونَها وفي الصُّورةِ التي يعرفونها (¬2)، وسائرِ الأحاديثِ التي ظاهِرُها التَّشبِيهُ كثيرة مستفيضة نُقِلَتْ إلينا بِمجموعِها نقلَ تواتُر كنَقلِ الشريعةِ التي تُعُبِّدْنَا بها، ومِصداقُها مِن كتابِ الله تعالى: {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا} (¬3)، {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ} (¬4)، {فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ} (¬5)، ومِثلُ هذا كثيرٌ غيرُ مَنكورٍ، امْتحَنَ الله تعالى به عبادَه كما امتَحَنَهم بعِدَّة أصحابِ النَّارِ، وبِضربِ ¬

_ = وأخرجه الدارقطني في الصفات (ص: 73)، ومن طريقه ذكره الذهبي في العلو (ص: 144) (رقم: 393) عن محمد بن إسحاق الصاغاني: حدَّثنا سلم بن قادم، حدَّثنا موسى بن داود، حدَّثنا عباد بن العوام، بنحوه. وصححه الشيخ الألباني في مختصر العلو (ص: 149). (¬1) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: التوحيد، باب: ذكر النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - وروايته عن ربه (8/ 577) (رقم: 7536) عن أنس. وأخرجه (برقم: 7537)، ومسلم في صحيحه كتاب: الذكر، باب: الحث على ذكر الله (4/ 2061) (رقم: 2675) عن أبي هريرة. (¬2) انظره في: صحيح البخاري كتاب: التوحيد، باب: قوله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} (8/ 538) (رقم: 7427)، و (برقم: 7439). وصحيح مسلم كتاب: الإيمان، باب: معرفة طريق الرؤية (1/ 163) (رقم: 182، 183). (¬3) سورة: الفجر، الآية: (22). (¬4) سورة: البقرة، الآية: (210). (¬5) سورة: الأعراف، الآية: (143).

الأمثالِ بالبعوضَة ونحوِها، {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ} (¬1). والناسُ في هذه الأحاديث ثلاثُ فرقٍ كلُّ حِزْبٍ بما لَديهم فَرِحُون: * قومٌ تعاطَوا معرفةَ حقائقِ الأشياءِ وكيفيّاتِها، فما لَم تَتَصوَّرْه أوهامُهم ولا اتّسَعَتْ له أفهامُهم نَفَوْه وأبعَدُوه وكذّبوا به وقالوا: هذا تشبِيهٌ، والرَّبُّ تعالى مُنَزَّه عنه. وهيهاتَ أنتُم أعلمُ أم الله؟ ! كيف يُنزَّه اللهُ جلَّ جلالُه عمَّا أخبَر به رسولُه وما هو مُطابقٌ لِمَا وصفَ به نفسَه في كتابه، وأنَّى يكونُ ذلك تشبِيهًا، وإنَّما التَّشبيهُ أنْ تُشَبَّه صفةٌ بصِفةٍ، أو يُوصَفَ الفعَلُ بِصفةٍ تقتَضِي الحدُوثَ (¬2)، تعالى الله عن ذلك علُوًّا كبِيرًا. ولو رَجَعَ أَحدٌ مِن هؤلاءٍ إلى نفسِه، وعَلِم قُصُورَ عِلمِه، وعَجْزَه عن إدراكِ ذاتِه بأنْ يُطالِبَها بتَصَوُّرِ حقيقةِ الرُّوح وصِفةِ الإدراكِ في النومِ، إذ يَرَى نفسَه في البلادِ النَّائِيةِ، وفي صُعُودٍ وهُبوطٍ، ويَرَى أنَّه يُبصِرُ ويَسمَعُ ويَتكلَّمُ، لأَذعَنَ ويَئسَ مِن تصوُّرِ أفعالِ الإلهِ الذي لا شَبِيهَ له ولا نَظِير، وهو على كلِّ شيءٍ قديرٌ. * وقَومٌ تَلَقَّوا ذلك بالقَبولِ، إلَّا أنَّهم ادّعَوا فَهْمَ ذلك الكلامِ المنقولِ، وزَعَمُوا أنَّه لا يَعزُب عنهم معرِفةُ حقائِقِه ولا ما أُريدَ به، وتَعاطَوا تفسيرَه، فتكلَّفوا مِن ذلك ما لَم يُكلَّفوه، وشَغَلوا أنفسَهم بِما لَم يُتعبَّدوا به، فَسَلَكُوا مع مَن ساواهم في العِلمِ بزَعمِه طريقَ الجِدالِ والمِراءِ، وعَرَّضُوا العامَّةَ والمُتَعلِّمينَ ¬

_ (¬1) سورة: البقرة، الآية: (26). (¬2) كتب في الهامش: "في الأصل: الحدود".

للحَيْرَةِ والفِتنَةِ العَمياءِ: إِذ قد يَسمعُ أحدُهم كلامَ الفريقين، ويريدُ بزعمِه تَقلُّدَ أحْسَنَ القولَين، فإنْ قَصُرَ عِلمُه أو عَزَبَ فهمُه ارتابَ أو مالَ إلى قولِ المُخالفِ فَضَلَّ وغَوَى، وشَقِيَ باتِّباع الهَوَى. * والفرقةُ الثالثةُ، وهي النَّاجيةُ: قومٌ آمنوا بالغَيبِ، ولَم يُداخِلْهم شَكٌّ ولا رَيبٌ، تَركُوا الخَوضَ في الجدالِ، واشتَغَلُوا بصالِح الأعمالِ، وتَأسَّوا بالصحابةِ والتَّابعين وسائِرِ الأئمَّةِ المهتَدِين الذين سلَّمُوا فسَلِمُوا، وكَفُّوا فعُصِموا، {أُولَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ} (¬1). قال الوليدُ بنُ مسلم: سألنا الأوزاعيَّ وسفيانَ الثوري ومالكَ بنَ أنس واللّيثَ بنَ سعد عن هذه الأحاديث التي جاءت في الصفات؟ فكلُّهم قال: "أمِرُّوها كما جاءت بلا كيف" (¬2). وهكذا حكى الأوزاعيُّ عن مكحولٍ والزهريِّ أنَّهما قالا: "أمِرُّوا الأحاديث كما جاءت" (¬3). ¬

_ (¬1) سورة: المجادلة، الآية: (22). (¬2) أخرجه ابن أبي خيثمة في تاريخه (3/ ل: 145 /أ)، في (الجزء 50 / ل: 16/ ب)، والآجري في الشريعة (3/ 1146) (رقم: 720)، والخلال في السنة (1/ 259)، والدارقطني في الصفات (ص: 75)، وابن منده في التوحيد (3/ 115) (رقم: 520)، والبيهقي في الأسماء والصفات (2/ 198)، وفي الاعتقاد (ص: 44)، والصابوني في عقيدة السلف (ص: 70) (رقم: 90)، وابن عبد البر في التمهيد (7/ 149، 158)، وفي الانتقاء (ص: 73) من طرق عن الهيثم بن خارجة (ووقع في الموضع الثاني من التمهيد: القاسم بن خارجة، وهو تصحيف)، قال: حدَّثنا الوليد بن مسلم به. والهيثم بن خارجة المرُّوذي قال عنه الحافظ: "صدوق". التقريب (رقم: 7363). (¬3) أخرجه ابن أبي خيثمة في تاريخه (3/ ل: 124 / ب)، وابن نصر في تعظيم قدر الصلاة (1/ 494) (رقم: 535)، واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة (3/ 478) (رقم: 735)، وابن عبد البر في جامع بيان العلم (2/ 118)، وابن قدامة في ذم التأويل (ص: 229) (رقم: 21) من طريق الوليد بن مسلم، نا الأوزاعي قال: "كان مكحول والزهري ... "، وذكره.

وحكى الترمذيُّ عن مالكٍ، وسفيانَ بنِ عيينة، وعبد الله بن المبارك، أنَّهم قالوا: "أمِرُّوها بلا كيف" (¬1). وجاء نحو هذا عن الشافعي وغيرِه (¬2). وقيل لمالك: يا أبا عبد الله {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} (¬3) كيف استَوَى؟ فعَلَاه الرُّحَضاءُ (¬4) ثم سُرِّيَ عنه فقال: "الاستواءُ غيرُ مجهولٍ، والكَيْفُ غير معقولٍ، والإيمانُ به واجبٌ، والسؤالُ عنه بِدعةٌ، والكلامُ فيه ضَلاَلَةٌ" (¬5). ¬

_ (¬1) السنن كتاب: الزكاة، باب: ما جاء في فضل الصدقة (3/ 51 / تحت حديث رقم: 661). (¬2) انظر: التوحيد لابن منده (3/ 115)، والصفات للدارقطني (ص: 70 - 76)، والشريعة للآجري (3/ 1127). (¬3) سورة: طه، الآية: (5). (¬4) عرقٌ يغسل الجِلدَ لكثرته، وكثيرًا ما يُستعمل في عرق الحمى والمرض. النهاية (2/ 208). (¬5) لأثر مالك طرق عدّة، منها: 1 - ما أخرجه أبو نعيم في الحلية (6/ 325)، والصابوني في عقيدة السلف (رقم: 25، 26)، واللالكائي في شرح الأصول (3/ 444) (رقم: 664) - تعليقًا -، والذهبي في سير أعلام النبلاء (8/ 100) من طرق عن سلمة بن شبيب، عن مهدي بن جعفر بن ميمون الرملي، عن جعفر بن عبد الله، عن مالك به. كذا رواه سلمة، وخالفه الدارمي، فرواه في الرد على الجهمية (ص: 66) (رقم: 104) عن مهدي، عن جعفر، عن رجل، عن مالك. زاد في الإسناد الرجل المبهم. وسلمة بن شبيب ثقة، ولعل الوهم في ذلك من مهدي بن جعفر، ذكره ابن حجر تمييزًا وقال: "صدوق له أوهام". التقريب (رقم: 6930). وأخرجه ابن عبد البر في التمهيد (7/ 151) من طريق بقي بن مخلد، حدّثنا بكار بن عبد الله القرشي، قال: حدَّثنا مهدي بن جعفر، عن مالك، فلم يذكر جعفر بن عبد الله ولا الرجل المبهم. ووقع في التمهيد: "استواؤه مجهول"، وهي عبارة مصحفة، والصواب استواؤه غير مجهول كما في الطرق المتقدِّمة والآتية. وهذا ما يدل على وهم مهدي بن جعفر من جهة الإسناد، وأنَّه لم يضبط إسناده، واضطرب فيه، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وإن صح فالراوي عن مالك جعفر بن عبد الله لا يُعرف إلَّا بما وقع عند الدارمي في الردّ على الجهميَّة: حدَّثنا مهدي بن جعفر الرملي ثنا جعفر بن عبد الله - وكان من أهل الحديت ثقة -. وذكر الذهبي في مشتبه النسبة (1/ 299) جعفر بن عبد الله فقال: "جفر بن عبد الله بن الصباح الزابي، عن مالك". قال ابن حجر: "حيث يُطلق مالك في العرف يُراد به الإمام صاحب المذهب، وجعفر هذا إنَّما روى عن مالك بن خالد الأسدي، كذا في الإكمال وما هو في الرواة عن مالك". تبصير المنتبه (2/ 621). وقال ابن ناصر الدين: وقول المصنف (أي الذهبي): "وجعفر بن عبد الله بن الصباح الزابي، عن مالك. فيه نظر؛ لأنَّ هذا الاطلاق يوهم أنَّ شيخ جعفر مالكُ بن أنس الإِمام، وكأنَّه والله أعلم عند المصنف الإمام مالك، فلهذا أطلقه، وليس بالإمام؛ إنما هو مالك بن خالد الأسدي البصري كذا سمَّاه الأمير وغيره، والراوي عن جعفر أبو عون محمدُ بن عمرو بن عون الواسطي. انظر: توضيح المشتبه (4/ 98، 99)، الإعلام بما وقع في مشتبه الذهبي من الأوهام (ص: 288)، الإكمال لابن ماكولا (4/ 133). قلت: فإن كان المراد بجعفر بن عبد الله الزابي هذا الراوي الذي معنا في الإسناد، فلا يبعد أن يكون الذهبي قال ذلك بالنظر إلى رواية جعفر بن عبد الله هذا الأثر عن مالك، وتقدّم أنَّ فيها اضطرابًا، ولعل الأقرب أنّ يكون جعفر بن عبد الله رواه عن رجل عن مالك، والله أعلم بالصواب، فتكون هذه الطريق ضعيفة لاضطرابها، وجهالة جعفر بن عبد الله والرجل الذي حدَّثه، لكن الأثر صحيح بالنظر إلى الطرق الآتية والله أعلم. 2 - ما أخرجه البيهقي في الأسماء والصفات (2/ 304) (رقم: 866) من طريق أبي الربيع بن أخي رشدين بن سعد، قال: سمعت عبد الله بن وهب يقول: "كنا عند مالك بن أنس"، وذكره. قال الذهبي: "إسناد صحيح". العلو (ص: 138). وقال ابن حجر: "وأخرج البيهقي بسند جيّد عن عبد الله بن وهب"، وذكره. الفتح (13/ 417). قلت: وأبو الربيع هو سليمان بن داود بن حماد بن سعد المَهْري، وجدّه حماد بن سعد أخو رِشْدين بن سعد. وهو ثقة. انظر: تهذيب الكمال (11/ 409 - 410). 3 - ما أخرجه البيهقي أيضًا في الأسماء والصفات (2/ 305) (رقم: 867)، وفي الاعتقاد (ص: 116) من طريق محمد بن النضر النيسابوري، عن يحيى بن يحيى النيسابوري قال: "كنا عند مالك"، فذكره. وأورد الذهبي في العلو هذه الطريق ثم قال: "وهذا ثابت عن مالك". العلو (ص ت 139). وقال شمس الدين ابن عبد الهادي: "صحيح ثابت عن مالك". كتاب الاستواء (ل: 4 / ب). =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = 4 - ما أخرجه ابن عبد البر في التمهيد (7/ 151) من طريق بقي بن مخلد، حدَّثنا أيوب بن صلاح المخزومي بالرملة، قال: "كنا عند مالك بن أنس"، وذكره. كذا وقع في التمهيد: أيوب بن صلاح، وهو خطأ، والصواب أيوب بن صالح وهو ابن سلمة الحراني المخزومي أبو سليمان المدني، سكن الرملة، وروى عن مالك الموطأ، وهو ضعيف. انظرة الكامل (1/ 365)، والميزان (1/ 289)، اللسان (1/ 483)، إتحاف السالك (ص ت 245). 5 - ما أخرجه الصابوني في عقيدة السلف (ص: 38) (رقم: 24) من طريق شاذان، عن ابن مخلد بن يزيد القهستاني، عن جعفر بن ميمون، عن مالك به. وجعفر بن ميمون قال عنه ابن حجر: "صدوق يخطئ". التقريب (رقم: 961). وابن مخلد القهستاني لم أجد له ترجمة. 6 - ما أخرجه ابن عبد البر في التمهيد (7/ 138) من طريق عبد الّله بن أحمد بن حنبل، قال: حدّثني أبي، قال: حدَّثنا سريج بن النعمان، قال: حدّثنا عبد الله بن نافع، قال: قال مالك بن أنس، وذكره بنحوه. وسريج بن النعمان هو أبو الحسن البغدادي، ثقة يهم قليلا كما في التقريب (رقم: 2218). وأما عبد الله بن نافع، فلعلّه الصائغ. 7 - ما أخرجه أبو الشيخ الأنصاري في طبقات المحدِّثين (2/ 240) قال: حدَّثنا عبد الرحمن بن الفيض، قال: ثنا هارون بن سليمان، قال: سمعت محمد بن النعمان بن عبد السلام يقول: "أتى رجل مالكَ بنَ أنس"، وذكره. ورجاله ثقات، عبد الرحمن بن الفيض أبو الأسود، قال عنه أبو الشيخ: "شيخ ثقة". الطبقات (4/ 381). وهارون بن سليمان الخراز قال عنه أبو الشيخ: "أحد الثقات". الطقات (2/ 305). ومحمد بن النعمان بن عبد السلام قال عنه أبو الشيخ: "محدِّث بن محدِّث بن محدِّث، أحد الورعين، قليل الحديث لم يحدِّث إلا بالقليل". الطبقات (2/ 239). إِلَّا أن في السند علَّة، وهو أنَّ محمد بن النعمان لا يُعرف بالرواية عن مالك، توفي سنة (244 هـ)، ولم يذكر أبو الشيخ ولا أبو نعيم أنه يروي عن مالك، وإنما ذكروا روايته عن ابن عيينة، وحفص بن غياث، ووكيع بن الجراح، وهؤلاء من تلاميذ مالك، ثم إنَّه لم تُذكر له رحلة إلى المدينة، وإنما ذكر أبو نعيم أنه خرج إلى البصرة، كما في أخبار أصبهان لأبي نعيم (2/ 183، 184). وأما أبوه فقد روى عن مالك. 8 - ما أخرجه ابن ماجة في التفسير كما في تهذيب الكمال (4/ 90)، و (20/ 449): حدّثنا علي بن سعيد، قال: حدّثنا بشّار الخفَّاف أو غيره، قال: "كنت عند مالك بن أنس"، وذكره. =

وقال الأوزاعيُّ لِمَن أوصاه: "اصْبِرْ نفسَك على السُّنَّة، وقِفْ حيثُ وقَفَ القومُ، وقُلْ فيما قالوا، وكُفَّ عمَّا كَفُّوا، واسلُكْ سبيلَ سلَفِك الصالِح، فإنَّك يَسَعُكَ ما يَسَعُهم" (¬1). قال الشيخ أبو العبّاس رضي الله عنه (¬2): وهذا هو الاعتقادُ السليمُ والمنهجُ القويمُ، وهو الذي كان عليه السلفُ القديمُ، وكفى بالصحابَةِ رضوانُ الله عليهم، فَهُمْ القدوةُ، ولنا فيهم أُسْوَةٌ، لَم يبلغْنا أنَّ أحدًا منهم خاضَ في مِثلِ هذا بنوع مِن الجِدالِ أو التَّأويلِ، ولا أنَّه أباح فيه تَصرّفَ القالِ والقيل، ولَهُمْ كانوا أَوْلَى بالبيانِ وأَعلَمَ بالسُّنَةِ وباللِّسانِ، وأجْدَرَ بتحصينِ قواعِدِ الإيمانِ، ¬

_ = وسنده ضعيف، بشار الخفاف قال عنه ابن حجر: "ضعيف، كثير الغلط، كثير الحديث". التقريب (رقم: 674). وقال أحمد بن يحيى بن الجارود: سمعت عليًّا - وذكر بشار بن موسى - فقال: "ما كان ببغداد أصلب منه في السنة، وما أحسن رأي أبي عبد الله فيه يعني أحمد بن حنبل". تهذيب الكمال (4/ 86). 9 - ذكر القاضي عياض في ترتيب المدارك (2/ 39)، ونقله الذهبي في سير أعلام النبلاء (8/ 106، 107)، رواية ابن عيينة عن مالك لهذا الأثر. 10 - قال ابن رشد في البيان والتحصيل (16/ 367 - 368): قال سحنون: أخبرني بعض أصحاب مالك أنَّه كان قاعدًا عند مالك فأتاه رجل فقال، وذكره. فهذه طرق أثر مالك في الاستواء، وبمجموعها يرتقي إلى الصحيح، وأنه ثابت عن ملك رحمه الله خلافًا لما زعمه بعض المعاصرين من ضعف سنده إلى مالك، لذا صححه كثير من أهل العلم كما سبق نقله عن الذهبي وابن عبد الهادي، والحافظ ابن حجر، بل قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وقد تلقى الناس هذا الكلام بالقبول، فليس في أهل السنة من ينكره". مجموع الفتاوى (13/ 309). (¬1) أخرجه أبو نعيم في الحلية (6/ 143)، واللالكائي في شرح أصول السنة (1/ 174) (رقم: 315)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (35/ 200)، وابن قدامة في ذم التأويل (ص: 246) (رقم: 70). (¬2) في الأصل: "رضي الله عنهم"، وهو خطأ.

فحَسْبُنا أنْ نتأسّى بهم ونهْتَدِيَ بهَديهِم، وأن يُعلَم أنَّ صفاتِ الرَّبِّ سبحانه لا تُشَبَّه بصفاتِ المخلوقين، وأنَّ أفعاله جلَّ جلائه مقدَّسَةٌ عن اعتِراض المُبطلين، وأن نُقابِلَ جميع ما ورد مِن ذلك مُجمَلًا بالقَبول والتَّسلِيمِ، وأنْ نَقولَ عندَ سَماع كلامِ أهلِ الزَّيغ {مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ} (¬1). ولولا شَرطُ الاختصارِ لعَضَّدْنا هذا المذهبَ بصحيح الآثارِ، ولرفعنا بعَوْنِ الله تعالى كلَّ شُبهةٍ تَعرُضُ فيه، ولبَيَّنَا أنَّ سببَ التَّعمُّقِ هو طَلَبُ الظهورِ والتَّنْوِيهِ وما نَبَّه عليه النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في قولِه: "مِن حُسنِ إسلامِ المَرءِ تركه ما لا يَعْنِيه" (¬2). * * * ¬

_ (¬1) سورة النور، الآية: (16). (¬2) هو في الموطأ، وسيأتي الكلام عليه في (5/ 71)، وانظر التعليق على كلام المصنف في مقدمة التحقيق: (1/ 83 - 93).

6 - أبو عبد الله الأغر وحده عنه

6 - أبو عبد الله الأغر وحده عنه. حديثٌ واحد. 354/ حديث: "صلاةٌ في مسجدِي هذا خيرٌ من ألفِ صلاةٍ في ما سواه إلَّا المسجدَ الحرام". في الصَّلاة عند آخره. عن زَيد بن رَباح وعبيد الله بن أبي عبد الله الأغر، عن الأَغَر عن أبي هريرة (¬1). قال الشيخ: عُبيد الله بن الأغر مصغَّرًا، والأَغَرُّ بغَين معجمة (¬2). وخَرَّج البخاريُّ هذا الحديثَ عن ابنِ يوسف عن مالك، وليس فيه ذكرُه بيتَ المَقدسِ (¬3). واختَلفَت الآثارُ في قَدْرِ التَّضعيفِ فيه. وأمَّا المسجد الحرام فمائةُ ألفٍ، ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: القبلة، باب: ما جاء في مسجد النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - (1/ 174) (رقم: 9). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة، باب: فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة (2/ 360) (رقم: 1190) من طريق عبد الله بن يوسف. والترمذي في السنن كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في أي المساجد أفضل (2/ 147) (رقم: 325) من طريق معن وقتيبة. وقال الترمذي: "ولم يذكر قتيبة في حديثه: عن عبيد الله، إنما ذكر عن زيد بن رباح عن أبي عبد الله الأغر عن أبي هريرة". وابن ماجة في السنن كتاب: إقامة الصلاة، باب: ما جاء في فضل الصلاة في المسجد الحرام ومسجد النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - (1/ 450) (رقم: 1404) من طريق أبي مصعب الزهري. وأحمد في المسند (2/ 466) من طريق إسحاق الطبّاع، خمستهم عن مالك به. (¬2) وراء. انظر: الإكمال (1/ 101)، توضيح المشتبه (1/ 253). وقال البخاري في اسمه: "ويقال: عبد الله". التاريخ الكبير (5/ 384)، تهذيب الكمال (9/ 551). (¬3) تقدَّم تخريجه.

رواه جماعةٌ، خَرَّجه البزارُ لأبي الدرداء، والطيالسيُّ لعبد الله بن الزبير (¬1). ¬

_ (¬1) حديث أبي الدرداء: أخرجه البزار في مسنده (1/ 212) (رقم: 422 - كشف الأستار-)، ومن طريقه ابن عبد البر في التمهيد (6/ 30). وأخرجه أيضًا الطحاوي في شرح المشكل (2/ 69) (رقم: 609)، وابن عدي في الكامل (3/ 398)، والبيهقي في الشعب (8/ 79، 80) (رقم: 3845) من طريق سعيد بن سالم القدّاح، عن سعيد بن بشير الشامي، عن إسماعيل بن عبيد الله الدمشقي، عن أم الدرداء، عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "فضل الصلاة في المسجد الحرام على غيره مائة ألف صلاة. . . " الحديث. وسنده ليّن، سعيد بن سالم القداح صدوق يهم. انظر: تهذيب الكمال (10/ 456)، تهذيب التهذيب (4/ 33)، التقريب (رقم: 2315). وشيخه سعيد بن بشير الشامي مختلف فيه، وثّقه جماعة وضعّفه آخرون، وقال ابن حجر: "ضعيف". ولعل أعدل الأقوال فيه قول ابن عدي، قال: "لعله يهم في الشيء بعد الشيء ويغلط، والغالب على حديثه الاستقامة، والغالب عليه الصدق". انظر: الكامل (3/ 376)، تهذيب الكمال (10/ 348)، تهذيب التهذيب (4/ 8)، التقريب (رقم: 2276). ويشهد للحديث حديثُ ابن الزبير الآتي. أخرجه الطيالسي في المسند (ص: 195)، وأبو نعيم في الحلية (3/ 322)، والبيهقي في الشعب (8/ 82) (رقم: 3847) من طريق الرببع بن صَبيح قال: سمعت عطاء بن أبِي رباح يقول: بينما ابن الزبير يخطبنا إذ قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام، وصلاة في المسجد الحرام تفضل بمائة" قال عطاء: فكأنه "مائة ألف". والربيع بن صَبيح قال عنه الحافظ ابن حجر: "صدوق سيء الحفظ". التقريب رقم: (1895). وتابعه حبيب المعلِّم، أخرجه أحمد في المسند (4/ 5)، والترمذي في العلل الكبير (1/ 241)، وابن أبي خيثمة في التاريخ الكبير (3/ ل: 11/ ب)، وعبد بن حميد في مسنده (1/ 465) (رقم: 520 - المنتخب-)، والبخاري في التاريخ الكبير (4/ 29)، والحارث بن أبي أسامة في المسند (1/ 470) (رقم: 398 - بغية الباحث-)، والبزار في المسند (6/ 156) (رقم: 2196)، وابن خزيمة في صحيحه كما في إتحاف المهرة (6/ 605)، والبيهقي في السنن الكبرى (5/ 246)، وفي الشعب (8/ 81) (رقم: 3846)، وابن عبد البر في التمهيد (6/ 24، 29) كلهم من طريق حماد بن زيد عن حبيب المعلِّم عن عطاء بن أبي رباح به. وحبيب المعلّم أبو محمد البصري صدوق كما في التقريب (رقم: 1115). وأخرجه ابن أبي خيثمة في (3/ ل: 11/ ب) من طريق حجاج، عن عطاء، عن عبد الله بن الزبير. والحديث بهذه المتابعات والشواهد يرتقي إلى الحسن إن لم يكن صحيحًا، والله أعلم.

7 / حميد بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة

7 / حُمَيد بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة. ثلاثة أحاديث. مالك، عن ابن شهاب، عن حُميد بن عبد الرحمن بن عَوف، عن أبي هريرة. 355 / حديث: "أنَّ رجلًا أفطَرَ في رمضان، فأَمَرَه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أن يُكفِّر. . . ". وذَكَرَ الكفَّارةَ على التَّخيير بعِتْقِ رقبةٍ، أو صِيامِ شهرَين متتابعَين، أو إِطعامِ ستِّين مسكينًا، وفيه: قصةُ عَرَق التَّمر (¬1)، وقولُه: "كُلْه" (¬2). وليس في الموطأ مِن هذا الطريق ذِكرُ (¬3) الشَّكوَى، ولا الجماعُ، ولا ترتيبُ الكفّارة، ولا قضاءُ اليومِ. وذَكَرَ فيه الوليدُ بنُ مسلم وغيرُه عن مالك خَارِجَ الموطأ: "أنَّه أفْطَرَ بِجِماعٍ" (¬4). ¬

_ (¬1) عَرَق: بفتح العين والراء، وهو الزنبيل يسع خمسة عشر صاعا إلى عشرين. مشارق الأنوار (2/ 76). (¬2) الموطأ كتاب: الصيام، باب: كفارة من أفطر في رمضان (1/ 246) (رقم: 28). وأخرجه مسلم في صحيحه كتاب: الصيام، باب: تغليظ تحريم الجماع في نهار رمضان على الصائم. . (2/ 782) (رقم: 1111) من طريق إسحاق الطبّاع. وأبو داود في السنن كتاب: الصوم، باب: كفارة من أتى أهله في رمضان (2/ 785) (رقم: 2392) من طريق القعنبي. والنسائي في السنن الكبرى كتاب: الصيام، باب: ذكر اختلاف الناقلين لخبر أبي هريرة (2/ 212) (رقم: 3115)، وفي الشروط كما في التحفة (9/ 328) من طريق معن. وأحمد في المسند (2/ 516) من طريق عثمان بن عمر. والدارمي في السنن كتاب: الصيام، باب: في الذي يقع على امرأته في شهر رمضان نهارا (2/ 20) (رقم: 1717) من طريق عبيد الله بن عبد المجيد، أبي بكر الحنفي، خمستهم عن مالك به. (¬3) في الأصل: "ذكرى". (¬4) ذكره الدارقطني في العلل (10/ 224). =

وساقَه إبراهيم بنُ طهمان وطائفةٌ عن مالكٍ خارِجَ الموطأ على التَّرتيبِ كَكفَّارةِ الظِّهارِ (¬1). ورواه شُعيبٌ وجماعةٌ عن الزهريِّ فاستَوْعَبوا فيه الفُصولَ كلَّها غيرَ قضاءِ اليومِ، خُرِّج هكذا في الصحيح (¬2). ¬

_ = وقال ابن عبد البر: "وكذلك رواه الوليد بن مسلم عن مالك، ذكره صفوان بن صالح عن الوليد بن مسلم قال: قلت للأوزاعي: رجل واقع امرأته في شهر رمضان نهارا ثم جاء تائبا؟ قال: يؤمر بالكفارة بما أخبري الزهري عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر الذي واقع امرأته في يوم من شهر رمضان بعتق رقبة. قال: لا أجد. قال: فصم شهرين متتابعين. قال: لا أستطيع. قال: أطعم ستين مسكينا. قال: لا أجد. قال الوليد: وأخبرني مالك بن أنس والليث بن سعد عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحوه. هكذا قال الوليد، وهو وهم منه على مالك، والصواب عن مالك ما في الموطأ: "أن رجلا أفطر، فخيّره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يعتق أو يصوم أو يطعم". التمهيد (7/ 162). قلت: ولعل الوليد بن مسلم حمل رواية مالك على رواية الليث فأخطأ. وتابعه على متنه: حماد بن مسعدة، ذكره البخاري في التاريخ الكبير (1/ 51)، والصغير (الأوسط) (1/ 326)، وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى (4/ 225). وحماد بن مسعدة ثقة، لكن الصحيح عن مالك ما رواه عنه أصحابه المتقنون كما تقدّم في التخريج، ويزاد من رواة الموطأ: أبو مصعب الزهري (1/ 310) (رقم: 802)، وسويد بن سعيد (ص: 421) (رقم: 960)، وابن القاسم (ل: 41/ أ)، و (ص: 82) (رقم: 30 - تلخيص القابسي-)، وابن بكير (ل: 53/ أ -نسخة الظاهرية-)، ومحمد بن الحسن (ص: 122) (رقم: 349). (¬1) وهي رواية الوليد بن مسلم وحماد بن مسعدة كما تقدّم. وهذا خلاف مذهب مالك، فمذهبه أنَّ من أفطر في رمضان بأي فطر كان، سواء بجماع أو أكل أو شرب فعليه الكفارة المذكورة في حديثه على التخيير لا الترتيب. انظر: التمهيد (7/ 162)، المنتقى (2/ 52)، القبس (2/ 499)، الفتح (4/ 195). (¬2) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الصوم، باب: إذا جامع في رمضان ولم يكن له شيء فتُصدّق عليه فليكفّر (2/ 597) (رقم: 1936) من طريق شعيب بن أبي حمزة. وفي باب: المجامع في رمضان هل يُطعِم أهله من الكفارة إذا كانوا محاويج (2/ 598) =

وزاد فيه هشامُ بن سَعد وطائفة عن الزهريّ: "وصُمْ يومًا مكانَه" (¬1). ¬

_ = (رقم: 1937)، ومسلم في صحيحه (2/ 782) (رقم: 1111) من طريق منصور بن المعتمر. والبخاري في صحيحه كتاب: الهبة، باب: إذا وهب هبة فقبضها الآخر ولم يقل قبلت (3/ 191) (رقم: 2600)، وفي كفارت الأيمان، باب: من أعان المعسر في الكفارة (8/ 302) (رقم: 6710)، ومسلم في صحيحه (2/ 783) (رقم: 1111) من طريق معمر. والبخاري في النفقات، باب: نفقة المعسر على أهله (6/ 535) (رقم: 5368)، وفي الأدب، باب: التبسّم والضحك (7/ 123/ 16087) من طريق إبراهيم بن سعد. وفي باب: ما جاء في قول الرجل: ويلك (7/ 145) (رقم: 6164) من طريق الأوزاعي. وفي كفارات الأيمان، باب: قوله تعالى: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ}. . (8/ 302) (رقم: 6709)، وفي باب: يعطي في الكفارة عشرة مساكين قريبا كان أو بعيدا (8/ 303) (رقم: 6711)، ومسلم في صحيحه (2/ 781) (رقم: 1111) من طريق ابن عيينة. والبخاري في كتاب: المحاربين، باب: من أصاب ذنبا دون الحدّ فأخبر الإمام فلا عقوبة عليه. . (8/ 338) (رقم: 6821)، ومسلم في صحيحه (2/ 782) (رقم: 1111) من طريق الليث بن سعد، كلهم عن الزهري به. (¬1) أخرجه أبو داود في السنن (2/ 786) (رقم: 3393)، وابن خزيمة في صحيحه (3/ 223) (رقم: 1954)، وأبو عوانة في صحيحه (ص: 146 - تحقيق أيمن الدمشقي-) (ولم يسق لفظه) والدارقطني في السنن (2/ 190)، والطحاوي في شرح المشكل (4/ 173) (رقم: 1516)، وابن عدي في الكامل (7/ 109)، والدراقطني في العلل (10/ 241، 242)، والبيهقي في السنن الكبرى (4/ 226)، وابن عبد البر في التمهيد (7/ 168) من طريق هشام بن سعد، عن الزهري، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة به. خالف هشامُ بنُ سعد الرواةَ عن الزهري، فجعل الحديث عن أبي سلمة، وهو عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن. قال ابن خزيمة: "هذا الإسناد وهم، الخبر عن ابن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن هو الصحيح لا عن أبي سلمة". وقال أبو عوانة: "غلط فيه هشام فقال: عن أبي سلمة". وبمثله قال ابن عدي، وقال الخليلي: "أنكر الحفاظ قاطبة حديثه في قصة المواقع في رمضان من =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = حديث الزهري، عن أبي سلمة، قالوا: وإنما رواه الزهري، عن حميد". الإرشاد (1/ 345). قلت: وقد توبع هشام بن سعد على إسناده، تابعه: - محمد بن أبي حفصة من رواية عبد الوهاب بن عطاء عنه، أخرجه الدارقطني في العلل (10/ 241). وعبد الوهاب بن عطاء قال عنه الحافظ: "صدوق ربما أخطأ". التقريب (رقم: 4262). وقد خالفه روحٌ، وإبراهيم بن طهمان، فروياه عن محمد بن أبي حفصة كرواية الجماعة عن الزهري. أخرج رواية روح بن عبادة: الإمام أحمد في المسند (2/ 516)، والطحاوي في شرح المعاني (2/ 61)، والدارقطني في العلل (10/ 242)، وذكر رواية ابن طهمان في (10/ 230). - صالح بن أبي الأخضر: أخرجه من طريقه الدارقطني في العلل (10/ 240)، وقال فيه: "عن أبي سلمة وحميد بن عبد الرحمن"، جمع فيه الإسنادين معا. وصالح بن أبي الأخضر ضعيف في الزهري، وقد تقدّم. - إبراهيم بن سعد -من رواية عمار بن مطر عنه- أخرجه الدارقطني في العلل (10/ 242). وعمار بن مطر الرهاوي متروك، وتقدّم، وتقدّمت أيضًا رواية إبراهيم بن سعد في الصحيح موافقة سائر الروايات عن ابن شهاب، ورواية أصحاب الزهري عنه عن حميد أرجح من حيث الحفظ والكثرة. قال ابن حجر: "هكذا توارد عليه أصحاب الزهري، وقد جمعت منهم في جزء مفرد لطرق هذا الحديث أكثر من أربعين نفسا. . . وخالفهم هشام بن سعد فرواه عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة. . قال البزار وابن خزيمة وأبو عوانة: أخطأ فيه هشام بن سعد، قلت: وقد تابعه عبد الوهاب بن عطاء عن محمد بن أبي حفصة، فرواه عن الزهري أخرجه الدارقطني في العلل، والمحفوظ عن ابن أبي حفصة كالجماعة، كذلك أخرجه أحمد وغيره من طريق روح بن عبادة عنه، ويُحتمل أن يكون الحديث عند الزهري عنهما، فقد جمعهما عنه صالح بن أبي الأخضر، أخرجه الدارقطني في العلل من طريقه". الفتح (4/ 193، 194). قلت: الاحتمال الذي ذكره ابن حجر ضعيف، فلو كان صالحٌ ثقةً وخالف الأربعين نفسًا لضُعّفت روايته، فكيف وليس بشيء في الزهري، والحاصل أن الصواب في رواية الجماعة عن الزهري عن حميد عن أبي هريرة. وأما من حيث زيادة قضاء يوم مكانه فقد توبع عليه هشام بن سعد، تابعه: 1 - عبد الجبار بن عمر الأيلي، عند أبي عوانة في صحيحه (ص: 145)، والبيهقي في السنن الكبرى (4/ 226). وعبد الجبار ضعيف كما في التقريب (رقم: 3742). =

فصل: خَرَّج أبو داود هذا الحديث عن القعنبيِّ، عن مالكٍ على نصِّه في الموطأ، وقال في آخِرِه: رواه ابنُ جُريج، عن الزهريِّ كما قال مالكٌ: "أنَّ رجلًا أفطَرَ" (¬1). وخَرَّجه أيضًا من طريق سفيان بنِ عُيينة، عن الزهريِّ بإسنادِه وقال فيه: "أنَّ رجلًا أَتَى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فقال: هَلكْتُ. قال: "مَا شأنُكَ"؟ . قال: وقعتُ على امرَأتِي في رَمضانَ. . . " وساقَه. ثمَّ قال أبو داود: "رواه اللَّيث، والأوزاعيُّ، ومنصور، وعِراك، عن الزهريِّ على معنى حديث ابنِ عيينة" (¬2). ¬

_ = 2 - أبو أويس عبد الله بن أويس، عند البيهقي في السنن الكبرى (4/ 226). وأبو أويس فيه ضعف، انظر: تهذيب الكمال (15/ 166)، وقال في التقريب (رقم: 3412): "صدوق يهم". 3 - إبراهيم بن سعد، عند أبي عوانة في صحيحه (ص: 146). وروايته في الصحيح ليس فيها ذكر قضاء اليوم. وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى (4/ 226) من طريق إبراهيم بن سعد عن الليث. وقال البيهقي: "وإبراهيم سمع الحديثين الزهري ولم يذكر عنه هذه اللفظة، فذكرها عن الليث بن سعد عن الزهري". 4 - الليث بن سعد، كما تقدّم في كلام البيهقي. وقال ابن حجر: "وحديث إبراهيم بن سعد في الصحيح عن الزهري نفسه بغير هذه الزيادة، وحديث الليث عن الزهري في الصحيحين بدونها، ووقعت الزيادة أيضا في مرسل سعيد بن المسيب ونافع بن جبير والحسن ومحمد بن كعب، وبمجموع هذه الطرق تعرف أن للزيادة أصلًا". الفتح (4/ 204). (¬1) السنن (2/ 785، 786) (رقم: 2392). ورواية ابن جريج في صحيح مسلم (2/ 782) (رقم: 1111). (¬2) السنن (2/ 785 - 787) (رقم: 2390، 2391).

قال الشيخ أبو العبّاس رضي الله عنه: وذَكَر ابنُ الجارود في منتقاه أنَّ ابنَ عيينة في عشرةٍ سَمَّاهم قالوا فيه عن الزهريِّ. "وقَعتُ على أهلِي" (¬1). وطَرَّقَ النسائيُّ هذا الحديثَ، وذَكَر الخلافَ فيه عن أبي هريرة وعائشة، وذَكَر في أكثرِ الطُرقِ عنها الجِماعَ، وفي بعضِها الإفطارَ، وكِلَا الحديثَيْن مُخرَّجٌ في الصحيح (¬2). وخَرَّج أبو داود، والترمذيُّ من طريقِ أبِي المُطَوِّس، عن أبيه، عن أبي هريرة مرفوعًا: "مَن أفطَرَ يومًا مِن رمضانَ مِن غَيرِ رُخصةٍ ولا مَرَضٍ لَم ¬

_ (¬1) المنتقى (2/ 35) (رقم: 384). وذكر الدارقطني حماعة ممن وافق مالكًا على متنه، ثم قال: "ورواه عن الزهري أكثر منهم عددا بهذا الإسناد، وقالوا فيه: أن فطره كان بجماع، وأنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - أمره أن يعتق، فإن لم يجد صام، فإن لم يستطع أطعم". ثم ذكر أكثر من عشرة أنفس. انظر: العلل (10/ 223 - 227). (¬2) السنن الكبرى كتاب: الصيام، باب: ما ينقض الصوم (2/ 210 - 213) (رقم: 3110 - 3119). وحديث أبي هريرة تقدّم تخريجه من الصحيحين من طرق. وانظر حديث عائشة في: صحيح البخاري كتاب: الصوم، باب: إذا جامع في رمضان (2/ 597) (رقم: 1935)، وفي المحاربين، باب: من أصاب ذنبا دون الحد. . (8/ 338) (رقم: 6822)، وصحيح مسلم (2/ 783) (رقم: 1112)، وفيه ذكر الوطء في رمضان. فلعل مراد المصنف من قوله: "كلا الحديثين مخرّج في الصحيح"، أي حديث عائشة وأبي هريرة، لا حديث ذكر الإفطار، وذكر الوطء في حديث عائشة خاصة، إلا أنه وقعت رواية في صحيح مسلم من طريق عبد الوهاب الثقفي عن يحيى بن سعيد عن عبد الرحمن بن القاسم أن محمد بن جعفر بن الزبير أخبره أن عبادة بن عبد الله بن الزبير حدّثه أنه سمع عائشة تقول: أتى رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يسق مسلم المتن- وساقه أبو عوانة في صحيحه (ص: 147) فقال: "أفطرت في رمضان" ولم يذكر الوطء. ولعل المصنف أراد ما قدّمت، والله أعلم.

يقْضِ عنه صَومُ الدَّهرِ كلِّه وإنْ صامَه". وقال أبو عيسى: سمعتُ محمَّدًا يقول: "أبو المُطَوِّس اسمُه: يزيد بنُ المُطَوِّس، ولا أعرفُ له غيرَ هذا الحديث". انتهى قولُه (¬1). ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في السنن كتاب: الصوم، باب: التغليظ في من أفطر عمدا (2/ 789) (رقم: 2397)، وأحمد في المسند (2/ 470)، والدارقطني في العلل (8/ 269) من طريق يحيى بن سعيد القطان. وأحمد في المسند (2/ 470 من طريق أبي نعيم الفضل بن دكين وابن مهدي، كلهم عن الثوري عن حبيب بن أبي ثابت، عن عمارة بن عمير، عن ابن المطوس، عن أبيه، عن أبي هريرة. (وفي المسند والعلل: قال حبيب: فلقيت ابن المطوس فحدَّثني عن أبيه). وأخرجه الترمذي في السنن كتاب: الصوم، باب: ما جاء في الإفطار متعمّدا (3/ 101) (رقم: 723)، والنسائي في السنن الكبرى (2/ 244) (رقم: 3279)، والطحاوي في شرح المشكل (4/ 179) (رقم: 1523) من طريق يحيى بن سعيد وعبد الرحمن بن مهدي. والنسائي في الكبرى (رقم: 3278)، وإسحاق بن راهويه في مسنده (1/ 296) (رقم: 274)، والدارقطني في العلل (8/ 270)، وابن حجر في تغليق التعليق (17013) من طريق أبي نعيم الفضل بن دكين. وابن ماجه في السنن كتاب: الصوم، باب: ما جاء في كفارة من أفطر يوما من رمضان (1/ 535) (رقم: 1672)، وأحمد في المسند (2/ 442)، وابن أبي شيبة في المصنف (2/ 347) (رقم: 9783)، وإسحاق بن راهويه في مسنده (1/ 296) (رقم: 273) من طريق وكيع. وأحمد في المسند (2/ 442، 470)، والدارقطني في العلل (8/ 270) من طريق يزيد بن هارون. والدارمي في السنن (2/ 18) (رقم: 1414) من طريق محمد بن يوسف. وعبد الرزاق في المصنف (4/ 199) (رقم: 7479). والدارقطني في السنن (2/ 211)، وفي العلل (8/ 274) من طريق أبي أحمد الزبيري. وفي العلل (8/ 274) من طريق عمر بن سعد الحفري. وابن حبان في المجروحين (3/ 157) من طريق الوليد بن مسلم، كلهم عن الثوري عن حبيب بن أبي ثابت عن ابن المطوس عن أبيه عن أبي هريرة (ولم يذكروا عمارة بن عمير). =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = تنبيه: سقط من إسناد إسحاق بن راهويه ذكر الواسطة بين أبي المطوس وأبي هريرة، وهو أبوه، وأظنه من الطابع). قال الدارقطني: "وأضبطهم للإسناد يحيى القطان ومن تابعه عن الثوري". العلل (8/ 269). قلت: يحيى القطان ومن تابعه روي عنهم الوجهان، ويحتمل أن يكون الاختلاف فيه من الثوري ولا يضره، إذ أن حبيب بن أبي ثابت سمع الحديث في أول أمره من عمارة بن عمير ثم التقى بأبي المطوس فسمعه منه مباشرة، فكان الثوري يذكر مرة في حديثه عمارة بن عمير ومرة لا يذكره، والله أعلم. ومما يؤيّده: ما أخرجه أبو داود في السنن (2/ 788) (رقم: 2396)، والنسائي في الكبرى (رقم: 3281 - 3283)، وأحمد في المسند (2/ 386، 458)، والدارمي في السنن (2/ 19) (رقم: 1415)، والطيالسي في المسند (ص: 331)، وإسحاق بن راهويه في المسند (2/ 297) (رقم: 275)، وابن خزيمة في صحيحه (3/ 238) (رقم: 1987، 1988)، والدارقطني في العلل (8/ 271، 272، 274)، والطحاوي في شرح المشكل (4/ 177، 178) (رقم: 1521، 1522)، والبيهقي في السنن الكبرى (4/ 228)، وابن حجر في تغليق التعليق (3/ 170) من طرق عن شعبة عن حبيب بن أبي ثابت عن عمارة بن عمير وأبي المطوس عن أبيه عن أبي هريرة. وسقط من شرح المشكل (الموضع الثاني) ومسند إسحاق ذكر عمارة. ونقل الدارقطني في العلل (8/ 267) عن شعبة قوله: "لم يسمعه حبيب من أبي المطوس وقد رآه". قلت: أَثبَتَ الثوريُّ سماعَه من أبي المطوس، وصرّح بالتحديث في بعض طرقه، وقال عنه ابن حجر: "ثقة فقيه جليل، كثير الإرسال والتدليس". التقريب (رقم: 1084). وتدليسه مأمون بتصريحه بالتحديث، فسماعه ألين والله أعلم. وقال ابن أبي حاتم: "سألت أبي عن حديث رواه الثوري وشعبة، فقال الثوري: عن حبيب بن أبي ثابت عن أبي المطوس عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (وذكر الحديث). ورواه شعبة عن حبيب عن عمارة عن ابن المطوس عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، الحديث، قلت: أَيَّهما أصح؟ قال: جميعًا صحيحين، أحدهما قصر والآخر جوّد". علل الحديث (1/ 231). والاختلاف بين شعبة والثوري في تسمية أبي المطوس أو ابن المطوس لا يضر، فكلاهما أصاب كما قال ابن حجر في تهذيب التهذيب (12/ 260). وهذان الإسنادان أصح ما روي لهذا الحديث، وذكر الدارقطني في العلل (8/ 266) طرقًا أخرى =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = عن حبيب، لكنها عن ضعفاء ومتكلم فيهم فلذا أعرضت عن ذكرها. وأشار ابن حجر إلى هذا الاختلاف فأعلَّ الحديث بالاضطراب كما في الفتح (4/ 191). قلت: أما الاضطراب فيمكن أن ينفى بما سبق ذكره، وأن أصح الطرق في ذلك طريق شعبة والثوري ولا خلاف بينهما، فإذا رجع الحديث إلى حبيب عن أبي المطوس، أو حبيب عن عمارة، عن أبي المطوس فهو معلول بثلاث علل أخر، اثنتان منها فيها نظر. الأولى: جهالة أبي المطوس. قال أحمد: "لا أعرفه ولا أعرف حديثَه عن غيره". تهذيب التهذيب (12/ 260). وتقدّم فيه قول البخاري. وقال ابن حبان: "يروي عن أبيه ما لا يُتابع عليه، لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد". المجروحين (3/ 157). وتعقبه ابن حجر بقوله: "وإذا لم يكن له إلا هذا الحديث فلا معنى لهذا الكلام". وقال ابن معين: "ثقة". ذكره الدارقطني في العلل (8/ 273) بإسناده إلى ابن أبي خيثمة عنه. وقال في التقريب (رقم: 8374): "ليّن الحديث". قلت: والأقرب أن يكون صدوقًا لتوثيق ابن معين له، ومن عرف حجة على من لم يعرف. والعلة الثانية: الشك في سماع أبيه من أبي هريرة. قال البخاري: "لا أدري سمع أبوه من أبي هريرة أم لا". قال ابن حجر: "وهذه تختص بطريقة البخاري في اشتراط اللقاء". الفتح (4/ 191). قلت: البخاري لم ينف السماع، بل توقف في ذلك. العلة الثالثة: جهالة أبيه. ذكره ابن حبان في الثقات (5/ 465)، ولم يوثقه غيرُه، ولم يرو عنه سوى ابنه، وقال ابن حجر: "مجهول". التقريب (رقم: 6714). وانظر: تهذيب الكمال (28/ 89). فالحديث فيه نظر، والله أعلم. ولعل المصنف أورد هذا الحديث لبيان أن المراد من حديث أبي هريرة (حديث الباب) أن الرجل أفطر بالجماع؛ إذ لو كان المراد به الإفطار المطلق سواء كان بجماع أو غيره لما جعل له النبي - صلى الله عليه وسلم - كفارة وقضاء يوم؛ إذ إن صيام الدهر كله لا يقضي عنه صيام ذلك اليوم، فعليه يُحمل حديث أبي هريرة المتقدم على الإفطار بالجماع، وهو قول الجمهور، فما أُطلق في حديث مالك يُحمل على ما قيّد في حديث أصحاب ابن شهاب، والقصة واحدة والمخرج متحد، والله أعلم.

وقال ابن أبي خيثمة: سألتُ ابن معينَ عن اسمِه فقال: "عبد الله" (¬1). وذكر عبد الغنيُّ بنُ سعيد (¬2) في كتاب الغوامض والمبهمات له: أنَّ هذا الرجلَ الذي وَطِئَ امرأتَه في رمضان هو سَلمةُ بن صَخرٍ البَيَاضِي، وذَكَرَ شواهِدَه (¬3). وفي ذلك نَظرٌ؛ سَلمةُ بنُ صَخر هو الذي ظاهَر من امرأَتِه في رمضان احتياطًا على الصَّومِ، فتَكَشَّفَ له منها شيءٌ ذاتَ ليلةٍ لِضوء القَمَرِ فَوَثَب عليها فوَاقَعَها ليلًا قبلَ أن يُكفِّرَ ثمَّ نَدِمَ، وذَكَرَ ذلك للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فأَمَرَه بكفَّارَةِ الظِّهَارِ على نحوِ ما ذُكِر في هذا الحديثِ، خَرَّج ذلك عنه أبو داود، وابنُ أبي شَيبة في مسنده (¬4). ¬

_ (¬1) لم أقف عليه في تاريخ ابن أبي خيثمة. ونقل الترمذي كما تقدّم عن البخاري أنّ اسمه يزيد. (¬2) هو الحافظ عبد الغني بن سعيد بن علي بن سعيد بن بشر بن مروان، أبو محمد الأزدي المصري، محدّث الديار المصرية، الحافظ الحجة، ولد سنة (332 هـ)، وتوفي سنة (409 هـ). انظر: تاريخ دمشق (36/ 395)، السير (17/ 268). (¬3) انظر: الغوامض والمبهمات (ل: 17 - 19 - النسخة البغدادية-). وسيأتي ذكر الشواهد التي ذكرها في الكلام على حديث سلمة البياضي. (¬4) أخرجه أبو داود في السنن كتاب: الطلاق، باب: الظهار (2/ 660) (رقم: 2213)، وابن أبي شيبة في المسند (ل: 20/ ب)، والترمذي في السنن كتاب: الطلاق، باب: ما جاء في المظاهر يواقع قبل أن يكفر (3/ 502) (رقم: 1198)، وفي التفسير، باب: ومن سورة المجادلة (5/ 377) (رقم: 3299)، وابن ماجه في السنن كتاب: الطلاق، باب: الظهار (1/ 665) (رقم: 2062)، وفي باب: المظاهر يجامع قبل أن يكفر (2/ 666) (رقم: 2064)، وأحمد في المسند (5/ 436)، والدارمي في السنن، كتاب: الطلاق، باب: في الظهار (2/ 217) (رقم: 2273)، وابن خزيمة في صحيحه (4/ 73) (رقم: 2378)، وابن الجارود في المنتقى (3/ 63) (رقم: 744)، والحاكم في المستدرك (2/ 203)، والدراقطني في السنن (3/ 318، 317)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (4/ 201) (رقم: 2185)، ويعقوب الفسوي في المعرفة والتاريخ (1/ 335)، وأبو نعيم في معرفة =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = الصحابة (1/ ل: 291/ ب)، وعبد الغني الأزدي في الغوامض والمبهمات (ل: 17/ ب -نسخة بغداد-)، والطبراني في المعجم الكبير (43/ 7) (رقم: 6333)، والبيهقي في السنن الكبرى (7/ 390)، وابن بشكوال في الغوامض والمبهمات (2/ 238) (رقم: 185) من طرق عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن عمرو بن عطاء، عن سليمان بن يسار، عن سلمة بن صخر البياضي به. وقال الترمذي في الموضع الأول: "هذا حديث حسن غريب"، وقال في الموضع الثاني: "هذا حديث حسن". وقال الحاكم: "صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه". ووافقه الذهبي. قلت: وفي الحديث علتان: الأولى: تدليس ابن إسحاق، وقد عنعن في جميع الطرق السابقة. الثانية: سليمان بن يسار لم يسمع من سلمة بن صخر، قال البخاري: "سليمان بن يسار لم يسمع عندي من سلمة بن صخر". سنن الترمذي (5/ 377). لذا قال في التاريخ الكبير (4/ 72): "سلمة بن صخر، ويقال سلمان بن صخر البياضي، له صحبة، ولم يصح حديثه". قلت: أما تدليس ابن إسحاق فيرتفع بالمتابعات. أخرجه أبو داود في السنن (2/ 665) (رقم: 2217)، وابن الجارود في المنتقى (3/ 63) (رقم: 45)، وابن بشكوال في الغوامض والمبهمات (1/ 240) من طريق ابن لهيعة وعمرو بن الحارث. وأحمد في المسند (4/ 37)، وابن أبي شيبة في المسند (ل: 21/ أ)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (4/ 202) (رقم: 2186)، والطبر انى في المعجم الكبير (7/ 44) (رقم: 6334)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (1/ ل: 292/ أ)، وعبد الغني بن سعيد الأزدي في الغوامض والمبهمات (ل: 18/ ب)، والدراقطني في السنن (3/ 318)، وابن بشكوال في الغوامض والمبهمات (1/ 240) (رقم: 186) من طريق إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة، ثلاثتهم عن بكير بن عبد الله بن الأشج، عن سليمان بن يسار، عن سلمة بن صخر به. وإسحاق بن أبي فروة متروك كما في التقريب (رقم: 368). وخالف هؤلاء الثلاثة: محمد بن عجلان ويزيد بن أبي حبيب. - فرواه الأزدي في الغوامض والمبهمات (ل: 18/ ب) من طريق سعيد بن أبي مريم، عن يحيى بن أيوب. - وأخرجه ابن قانع في معجم الصحابة (1/ 277) من طريق يعقوب بن حميد، عن رجل، كلاهما عن محمد بن عجلان، عن بكير بن الأشج (ووقع في معجم الصحابة: بكير بن سلمة، وهو =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = تصحيف) عن سعيد بن المسيب به مرسلًا. - وأخرجه الأزدي في الغوامض (ل: 18/ ب) من طريق يحيى بن أيوب، عن يزيد بن أبي حبيب عن بكير به مرسلا، وليس فيه ابن المسيب. ولعل الصواب رواية عمرو بن الحارث وابن لهيعة، خاصة أن في هذه الروايات يحيى بن أيوب، وهو متكلم فيه كما تقدّم، ولعل الرجل المبهم عند ابن قانع هو يحيى، وعليه تكون رواية الأكثر أرجح، والله أعلم. وللحديث طرق أخرى عن سلمة بن صخر ينجبر بها. - أخرجه عبد الرزاق في المصنف (6/ 431) (رقم: 11528)، والطبراني في المعجم الكبير (7/ 42) (رقم: 6328) من طريق معمر بن راشد. - وأخرجه الدراقطني في السنن (3/ 316)، والطبراني في المعجم الكبير (7/ 43) (رقم: 6330)، والبيهقي في السنن الكبرى (7/ 390) من طريق شيبان النحوي، كلاهما عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن سلمة بن صخر به. (وسقط من طبعة سنن الدارقطني أبو سلمة، وثبت في الإتحاف لابن حجر (5/ 608). - وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير (7/ 42) (رقم: 6329)، وابن بشكوال في الغوامض (1/ 240) (رقم: 187) من طريق أبان بن يزيد العطار، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة: أن سلمة بن صخر. - وأخرجه الترمذي في السنن (3/ 503) (رقم: 1200)، والحاكم في المستدرك (2/ 203)، والطبراني في المعجم الكبير (7/ 43) (رقم: 6331)، والبيهقي في السنن الكبرى (7/ 390)، من طريق علي بن المبارك، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ومحمد بن عبد الرحمن بن ثوبان: أن سلمان بن صخر. والطريقان الأخيران ظاهرهما الإرسال. وخالف هؤلاء الرواة الأوزاعي: فرواه عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن سلمة بن صخر، أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (7/ 390) من طريق هِقل بن زياد عن الأوزاعي به. ورواية الأكثر أرجح من رواية الأوزاعي، وقال البيهقي: "وهو خطأ، المشهور عن يحيى مرسل دون ذِكر أبي هريرة". وجملة القول أن الحديث بهذه الطرق صحيح، والله أعلم. وفي هذا الحديث أنَّ سلمة بن صخر ظاهَر من امرأته فدخل شهر رمضان فجامعها ليلا، هكذا جاء في حديث ابن إسحاق، وأبي سلمة، ومحمد بن ثوبان. =

وانظر مرسلَ سعيد بن المسيب (¬1). ¬

_ = وهذا لا يستقيم به القول أن المبهم في حديث مالك هو سلمة بن صخر؛ لأنَّ في حديث مالك أنه أفطر بجماع، أما سلمة بن صخر فجامع ليلا فلم يفطر، وإنما جامع في الظهار قبل أن يكفر. واستدل بهذا الحديث عبد الغني بن سعيد الأزدي وتبعه ابن بشكوال والعراقي بأن المبهم في حديث مالك هو سلمة بن صخر، إلا أن ما ذكره ابن إسحاق في حديثه من أنه جامع ليلًا ضعيف، وإنما جامع نهارًا فأفطر بالجماع، وذكر عبد الغني شاهدَه على ذلك فقال: "ومما يؤيد أنَّه سلمة بن صخر ما رواه الأويسي عن ابن أبي الزناد، عن عبد الرحمن بن الحارث، عن محمد بن جعفر، عن عباد بن عبد الله بن الزبير، عن عائشة: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان في ظل فارع فجاءه رجل من بني بياضة. . "، (وذكر الحديث). وفي حديث الليث، عن يحيى بن سعيد، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن محمد بن جعفر، عن عباد بن عبد الله بن الزبير، عن عائشة: أن ذلك كان نهارا، وهو أصح من قول ابن إسحاق: ليلا". انظر: الغوامض والمبهات (ل: 18). قلت: لم ينفرد ابن إسحاق بذكر الجماع في الليل في حديث سلمة بن صخر، بل تابعه أبو سلمة بن عبد الرحمن ومحمد بن عبد الرحمن بن ثوبان. وحديث عائشة الذي أشار إليه الأزدي أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الصوم، باب: إذا جامع في رمضان (2/ 597) (رقم: 1935)، ومسلم في صحيحه كتاب: الصوم، باب: تغليظ تحريم الجماع في نهار رمضان. . (2/ 783) (رقم: 1112). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: المحاربين، باب: من أصاب ذنبا دون الحد. . (8/ 338) (رقم: 6822) من طريق الليث بن سعد تعليقا. وليس في الصحيحين ذكر أن الجماع كان نهارًا، لكنه يُفهم ذلك من السياق، وجاء مصرحا به في السنن الكبرى للنسائي (2/ 211). وعند ابن خزيمة في صحيحه (3/ 218) (رقم: 1947) أن الرجل من بني بياضة. والقصتان متشابهتان، لكن لا يلزم أن يكون الرجل من بني بياضة في حديث عائشة هو سلمة بن صخر، قال الحافظ ابن حجر: "والظاهر أنهما واقعتان، فإن في قصة المجامع في حديث الباب (أي حديث أبي هريرة وهو حديث الموطأ) أنه كان صائما، وفي قصة سلمة بن صخر أن ذلك كان ليلا فافترقا، ولا يلزم من اجتماعهما في كونهما من بني بياضة، وفي صفة الكفارة، وفي كون كل منهما كان لا يقدر على شيء من خصالهما اتحاد القصتين". الفتح (4/ 194). (¬1) سيأتي حديثه (5/ 208).

356/ حديث: "مَن أنفقَ زوجَيْن في سبيلِ الله نُودِيَ في الجَنَّةِ: يا عبد الله هذا خَيْرٌ. . . ". وذَكَرَ أهلَ الصلاةِ، والجهادِ، والصدقةِ، والصيام، أربعة. في الجهاد، عند آخِرِه (¬1) أسنَدَ هذا الحديثَ أكثرُ رواةِ الموطأ (¬2)، وأرسَلَه ابنُ بُكير وطائفةٌ، لَم يَذكروا فيه أبا هريرة (¬3)، والمسنَدُ أشبَه بالصوابِ، قاله الدارقطني (¬4)، وخَرَّجه البخاريُّ مِن طريق مَعنٍ، عن مالكٍ (¬5). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الجهاد، باب: ما جاء في الخيل والمسابقة بينهما والنفقة في الغزو (1/ 373) (رقم: 49). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الصوم، باب: الريان للصائمين (2/ 585) (رقم: 1897) من طريق معن. والترمذي في السنن كتاب: المناقب، باب: مناقب أبي بكر وعمر رضي الله عنهما كليهما (5/ 573) (رقم: 3674) من طريق معن. والنسائي في السنن كتاب: الصيام، باب: ذكر الاختلاف على محمد بن يعقوب. . . (4/ 168) من طريق ابن وهب، وفي الجهاد، باب: فضل النفقة في سبيل الله (6/ 47) من طريق ابن القاسم، ثلاثتهم عن مالك به. (¬2) انظر الموطأ برواية: - أبي مصعب الزهري (1/ 353) (رقم: 910)، وابن القاسم (ص: 83) (رقم: 31 - تلخيص القابسي-)، وابن وهب، كما في الجمع بين روايته ورواية ابن القاسم (ل: 24/ أ). وقال الجوهري: "هذا في الموطأ عند ابن وهب، وابن القاسم، ومعن، وابن بكير، وابن عُفير، وابن يوسف، وأبي مصعب، وابن برد، وابن المبارك الصوري، ويحيى بن يحيى الأندلسي، وليس هو القعنبي، ولم يقل فيه ابن بكير: عن أبي هريرة، ورواه مرسلًا". مسند الموطأ (ل: 23/ أ). (¬3) موطأ ابن بكير (ل: 77/ أ -نسخة الظاهرية-). وتابعه على إرساله: عبد الله بن يوسف التنيسي كما في التمهيد (7/ 183). (¬4) العلل (10/ 249)، ولم يذكر الاختلاف على مالك، وإنما على الزهري. (¬5) تقدّم تخريجه، وهذا يؤيّد أن الموصول أصح.

357/ حديث: أنّ أبا هريرة قال: "لولَا أن يَشُقَّ على أمَّتِه لأمَرَهم بالسِّواكِ مع كلِّ وضوء ". في آخِرِ الطهارة (¬1). هذا موقوفٌ عندَ يحيى بن يحيى وطائفةٍ (¬2)، ورَفَعَه رَوحٌ، وسعيدُ بن عُفير، ومُطرِّف، وجماعةٌ عن مالك، زادوا فيه: "قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -"، كحديث الأعرج عنه (¬3). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الطهارة، باب: ما جاء في السواك (1/ 80) (رقم: 115). وأخرجه النسائي في السنن الكبرى كتاب: الصيام، باب: السواك للصائم بالغداة (2/ 198) (رقم: 3044، 3045) من طريق قتيبة وابن القاسم، كلاهما عن مالك به. (¬2) تابع يحيى على وقفه: - أبو مصعب الزهري (1/ 174) (رقم: 454)، وابن القاسم (ص: 84) (رقم: 32). - والقعنبي (ل: 8/ أ -نسخة الأزهرية-) ومن طريقه البيهقي في معرفة السنن والآثار (1/ 150). - وابن وهب، وابن نافع عند ابن عبد البر في التمهيد (7/ 196). (¬3) الموطأ برواية: ابن بكير (ل: 11/ أ -نسخة السليمانية-). - وأخرجه أحمد في المسند (2/ 517)، والبزار في المسند (ل: 49/ أ -نسخة كوبرلي-)، والبيهقي في السنن الكبرى (1/ 35)، وفي معرفة السنن (1/ 150، 151)، وابن عبد البر في التمهيد (7/ 199) من طريق روح بن عبادة. - وابن عبد البر في التمهيد (7/ 196) من طريق مطرّف. - وأحمد في المسند (2/ 460، 517) من طريق ابن مهدي وإسحاق الطباع. - والنسائي في السنن الكبرى (2/ 198) (رقم: 3043)، وعلي بن صخر الأزدي في حديث مالك (ل: 13/ ب)، وابن عبد البر في التمهيد (7/ 197) من طريق بشر بن عمر الزهراني. - والبيهقي في السنن الكبرى (1/ 35)، وابن عبد البر في التمهيد (7/ 196) من طريق إسماعيل بن أبي أويس. وذكر البيهقي أن الشافعي رواه عن مالك مرفوعا. معرفة السنن (1/ 151). وذكر أيضا الاختلاف على القعنبي، وقال: "والمحفوظ عن القعنبي موقوف". معرفة السنن (1/ 150).

وقال فيه بعضهم: "مع كلِّ صلاةٍ" وهي رواية مَعنٍ، ومُطرِّفٍ، وجويرية (¬1). ولم يُخَرَّج في الصحيح بهذا الإسناد. وانظر حديثَ الأعرج عن أبي هريرة (¬2)، ومرسلَ ابن السَبَّاق (¬3). • حديث مزيدٌ: "مَن قام رَمضان. . . ". ليس عند يحيى بن يحيى إلّا لأبي سلمة عن أبي هريرة، وهو عند القعنبيِّ وجماعةٍ بهذا الإسنادِ مختصرًا، وقد تقدَّم ذِكرُه (¬4). * * * ¬

_ (¬1) وقال فيه ابن القاسم: "مع كل صلاة أو وضوء". (¬2) سيأتي حديثه (3/ 357). (¬3) سيأتي حديثه (5/ 345). (¬4) تقدّم (3/ 307).

8/ الأعرج وعطاء وبسر، عن أبي هريرة

8/ الأعرج وعطاء وبسر، عن أبي هريرة. حديث واحد. 358/ حديث: "مَن أدرك ركعةً من الصبح قبلَ أن تَطلعَ الشَّمسُ فقد أدرَك الصُّبحَ. . . ". وذَكَرَ العصرَ. في وقوت الصلاة. عن زَيد بن أَسْلَم، عن عطاء بن يَسار وبُسرِ بن سعيد والأعرج، كلِّهم عن أبي هريرة (¬1). خُرِّج هكذا في الصحيح (¬2)، واختُلِفَ فيه على زَيد (¬3)، وهو عند مَعنٍ، ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: وقوت الصلاة، باب: وقوت الصلاة (1/ 39) (رقم: 5). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: مواقيت الصلاة، باب: من أدرك من الفجر ركعة (1/ 180) (رقم: 579) من طريق القعنبي. ومسلم في صحيحه كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة (1/ 424) (رقم: 608) من طريق يحيى النيسابوري. والترمذي في السنن كتاب: الصلاة، باب: ما جاء فيمن أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس (1/ 353) (رقم: 186) من طريق معن. والنسائي في السنن كتاب: وقوت الصلاة، باب: من أدرك ركعتين من العصر (1/ 257) من طريق قتيبة. وأحمد في المسند (2/ 462) من طريق ابن مهدي وإسحاق الطبّاع. والدارمي في السنن كتاب: الصلاة، باب: من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك (1/ 301) (رقم: 1222) من طريق أبي علي الحنفي عبيد الله بن عبد المجيد، سبعتهم عن مالك به. (¬2) تقدّم تخريجه. (¬3) انظر: علل الدارقطني (10/ 320 - 324).

عن مالك، لأبي الزِّناد عن الأعرج حَسب (¬1). وزاد فيه أبو سلمة عن أبي هريرة: "فليُتِمَّ صلاتَه" (¬2). وهذا لأَهلِ الأعذارِ (¬3). وانظر روايةَ أبي سلمة عن أبي هريرة (¬4)، ومسندَ أنس (¬5)، وابنِ عمر (¬6) ومرسلَ الصُّنابِحي (¬7)، وعروة (¬8). * * * ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي من طريق معن كما سبق إلا أنه ذكر مع الأعرج بسرًا وعطاء، فلعل الترمذي رواه عن معن خارج الموطأ، والله أعلم. (¬2) تقدّمت هذه الرواية من طريق يحيى بن سعيد، عن الزهري، عن أبي سلمة، انظر: (3/ 305). (¬3) أي حديث الباب. (¬4) تقدّم حديثه (3/ 301)، وهو في إدراك صلاة الجماعة، لا وقت الصلاة. (¬5) تقدّم حديثه (2/ 85). (¬6) تقدّم حديثه (2/ 380). (¬7) سيأتي حديثه (5/ 18). (¬8) سيأتي حديثه (5/ 100).

9/ الأعرج وحده، وهو عبد الرحمن بن هرمز، عن أبي هريرة

9/ الأعرج وحده، وهو عبد الرحمن بن هُرمُز، عن أبي هريرة. ستون حديثًا، منها واحدٌ مشتَرَكٌ مُنفَصِلُ الإسنادِ، وآخَرُ مرسَل عند الجمهور. مالك، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة. 359/ حديث: "إذا اشتدَّ الحَرُّ فأبْرِدُوا عن الصلاةِ، فإنَّ شِدَّةَ الحَرِّ من فَيْحِ جهنّم". في الوقوت، مختصرًا (¬1). ليس فيه ذِكرُ الشَّكوَى، وانظره مِن طريق أبي سَلمة وابنِ ثوبان عن أبي هريرة (¬2)، وفي مرسلِ عطاء بن يسار (¬3). 360/ حديث: "إذا توضَّأَ أحدُكم فليجعَلْ في أنفِه ماءً (¬4) ثمَّ لينثِر. . . ". وذَكَرَ الاستجْمَارَ. في الوضوء (¬5). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: وقوت الصلاة، باب: النهي عن الصلاة بالهاجرة (1/ 46) (رقم: 29). وأخرجه ابن ماجه في السنن كتاب: الصلاة، باب: الإبراد بالظهر في شدة الحر (1/ 222) (رقم: 677) من طريق هشام بن عمار. وأحمد في المسند (2/ 462) من طريق ابن مهدي وإسحاق الطبّاع، ثلاثتهم عن مالك به. (¬2) تقدّم حديثهما (3/ 317). (¬3) سيأتي حديثه (5/ 135). (¬4) في الأصل زيادة: "واختلف فيه" بعد قوله "ماء"، وهو سبق نظر من الناسخ، والكلمة تأتي بعد أسطر. (¬5) الموطأ كتاب: الطهارة، باب: العمل في الوضوء (1/ 47) (رقم: 2). =

عند الأكثرِ: "فليجْعَل في أنفِه ماء" (¬1)، واختُلِف فيه عن يحيى بنِ يحيى، والأصَحُّ عنه سقوطُ كلمة "ماء" (¬2). ¬

_ = وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الوضوء، باب: الاستجمار وترًا (1/ 60) (رقم: 162) من طريق عبد الله بن يوسف. وأبو داود في السنن كتاب: الطهارة، باب: الاستنثار (1/ 96) (رقم: 140) من طريق القعنبي. والنسائي في السنن كتاب: الطهارة، باب: اتخاذ الاستنشاق (1/ 65) من طريق معن. وأحمد في المسند (2/ 278) من طريق عبد الرزاق، أربعتهم عن مالك به. (¬1) وهي رواية: - أبي مصعب الزهري (1/ 21) (رقم: 44)، وابن القاسم (ص: 349) (رقم: 320 - تلخيص القابسي-)، وابن بكير (ل: 10/ أ -السليمانية-). - والقعنبي عند أبي داود، وأبي عوانة في صحيحه (1/ 246)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (4/ 287) (رقم: 1439)، والجوهري في مسند الموطأ (ل: 96/ ب)، والبيهقي في معرفة السنن (1/ 158) (رقم: 55). - ومعن عند النسائي. - وعبد الله بن وهب، عند أبي عوانة في صحيحه (1/ 246). - وروح بن عبادة عند ابن الجارود في المنتقى (1/ 47) (رقم: 39). (¬2) ثبت في المطبوع ذكر الماء، وكذا هي في نسخة المحمودية (أ) (ل: 4/ ب)، وهى من رواية عبيد الله عن أبيه يحيى. وكذا ثبت ذكر الماء في نسخة المحمودية (ب) (ل: 4/ ب)، إلّا أنَّ في هامشها: "ليس في كتاب يحيى ماء، وهو لسائر الرواة، وأثبته ابن وضاح". فتبيّين أنَّ ناسخ هذه الرواية زاد لفظة الماء من رواية ابن وضاح عن يحيى. وقال ابن عبد البر: "هكذا رواه يحيى: "فليجعل في أنفه ثم ليستنثر"، ولم يقل: ماء، وهو مفهوم من الخطاب، وهكذا وجدناه عند جماعة شيوخنا إلّا فيما حدّثناه أحمد بن محمد، عن أحمد بن مطرف، عن عبيد الله بن يحيى، عن أبيه، فإنه قال فيه: "فليجعل في أنفه ماء"". التمهيد (18/ 220). قلت: وهي رواية عبد الله بن يوسف عند البخاري، وعبد الرزاق عند أحمد، ورواية للقعنبي كما =

وانظر روايةَ أبي إدريس عن أبي هريرة (¬1)، ومرسلَ عروة (¬2). 361/ حديث: "إذا استَيقَظَ أحدُكم مِن نومِه فليغسِلْ يَدَه قبلَ أن يُدخِلَها في وَضُوئِه. . . ". وذَكَرَ مَبِيتَ اليَدِ (¬3). ليس فيه ذِكرُ عددِ الغسلِ، وقال فيه جماعةٌ عن أبي هريرة: "يَغْسِلها ثلاثًا". خُرِّج في الصحيحين (¬4). ¬

_ = في موطئه (ل: 5/ ب -نسخة الأزهرية-)، وذكره ابن عبد البر في التمهيد (18/ 220)، وتقدّم عنه من طرق ذكر الماء. قال ابن عبد البر: "وهذا كله معنى واحد والمراد مفهوم". التمهيد (18/ 221)، وانظر: الفتح (1/ 316). (¬1) سيأتي حديثه (3/ 497). (¬2) سيأتي حديثه (5/ 101). (¬3) الموطأ كتاب: الطهارة، باب: مبيت النائم إذا قام إلى الصلاة (1/ 49) (رقم: 9). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الوضوء، باب: الاستجمار وترا (1/ 60) (رقم: 162) من طريق عبد الله بن يوسف. وأحمد في المسند (2/ 465) من طريق ابن مهدي وإسحاق الطبّاع، ثلاثتهم عن مالك به. تنبيه: ساق البخاري هذا الحديث والذي قبله سياقًا واحدًا، وهو في الموطأ مفصول، وإن كان الإسناد واحدًا. قال ابن حجر: "فكأنَّ البخاري كان يرى جواز جمع الحديثين إذا اتّحد سندُهما في اصياف واحد، كما يرى جواز تفريق الحديث الواحد إذا اشتمل على حكمين مستقلين". الفتح (1/ 317). (¬4) كذا في الأصل، ولم أجد هذه اللفظة في صحيح البخاري من طريق أبي هريرة، وأخرجه مسلم في صحيحه كتاب: الطهارة، باب: كراهة غمس المتوضئ وغيره يده المشكوك في نجاستها. . (1/ 233) (رقم: 278) من طريق عبد الله بن شقيق وأبي رزين وأبي صالح وابن المسيب وجابر بن عبد الله رضى الله عنه، كلهم ذكروا عن أبي هريرة لفظ الثلاث.

وفي بعص طُرُقِه: "إذا استيقَظَ أحدُكم مِن اللَّيلِ". خَرَّجه أبو داود والترمذي (¬1). 362/ حديث: "إذا شَرِبَ الكلبُ في إناءِ أحدِكم فليَغْسِلْه سَبعَ مرَّاتٍ. . . ". في جامع الوضوء (¬2). ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في السنن كتاب: الطهارة، باب: في الرجل يدخل يده في الإناء قبل أن يغسلها (1/ 76) (رقم: 103، 104) من طريق أبي معاوية عن الأعمش عن أبي رزين وأبي صالح عن أبي هريرة به. وأخرجه مسلم في صحيحه (1/ 233) (رقم: 278) بهذا الإسناد ولم يسق لفظه. وأخرجه الترمذي في السنن كتاب: الطهارة، باب: ما جاء إذا استيقظ أحدكم من منامه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها (1/ 36) (رقم: 24) من طريق الوليد بن مسلم عن الأوزاعي عن الزهري عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة عن أبي هريرة به. وأخرجه مسلم في صحيحه (1/ 233) (رقم: 278) من طريق ابن عيينة عن الزهري عن أبي سلمة، ومن طريق معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب، ولم يسق لفظه. واستدل بهذه اللفظة من قال أن الحكم خاص بنوم الليل دون النهار، وهو مذهب الإمام أحمد، ويؤيّده قوله في الحديث "أين باتت يده"، وحقيقة المبيت لا يكون إلا بالليل. وذهب الجمهور أن النوم عام في الحديث سواء كان بالليل أو النهار، رخصَّ ذكر الليل للغلبة، والتعليل في الحديث يقتضي إلحاق نوم النهار بنوم الليل. انظر: التمهيد (18/ 255)، المنتقى (1/ 48)، المغني (1/ 140)، الفتح (1/ 317). (¬2) الموطأ كتاب: الطهارة، باب: جامع الوضوء (1/ 58) (رقم: 35). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الوضوء، باب: إذا شرب الكلب من إناء أحدكم فليغسله سبعا (1/ 63) (رقم: 172) من طريق عبد الله بن يوسف. ومسلم في صحيحه كتاب: الطهارة، باب: حكم ولوغ الكلب (1/ 234) (رقم: 279) من طريق يحيى النيسابوري. والنسائي في السنن كتاب: الطهارة، باب: سؤر الكلب (1/ 52) من طريق قتيبة. وابن ماجه في السنن كتاب: الطهارة، باب: غسل الإناء من ولوغ الكلب (1/ 130) (رقم: 364) من طريق روح بن عبادة. وأحمد في المسند (2/ 460) من طريق ابن مهدي وإسحاق الطباع، ستتهم عن مالك به.

وقال فيه أبو عليٍّ الحنفِيِّ، عن مالك: "إذا وَلَغَ"، وهكذا يقولُ غيرُ مالك، وهو المعروف (¬1). ¬

_ (¬1) أخرجه الدارقطني في الموطآت كما في الفتح (1/ 330) من طريق أبي علي الحنفي. ونفل العراقيُ كلامَ أبي العباس الداني في طرح التثريب (2/ 120). وتابع أبا عليّ الحنفي على لفظه: - روح بن عبادة عند ابن ماجه. - وإسماعيل بن عمر الواسطي عند أبي عبيد في الطهور (ص: 263) (رقم: 201) ومن طريقه الإسماعيلي كما في الفتح (1/ 330)، وهما ثقتان، والصحيح عن مالك ما في الموطأ، والله أعلم. قال ابن حجر عن لفظ الولوغ في حديث مالك: "هو غريب". الدراية في تخريج أحاديث الهداية (1/ 61). وتابع مالكًا على لفظ الشرب جماعة منهم: 1 - شعيب بن أبي حمزة، عند الطبراني في مسند الشاميين (4/ 291) (رقم: 3331). 2 - عبد الرحمن بن أبي الزناد عند ابن المنذر في الأوسط (1/ 304). 3 - المغيرة بن عبد الرحمن عند أبي يعلى كما في الفتح (1/ 330)، وعنه أبو الشيخ في الجزء الثالث من العوالي كما في نصب الراية (1/ 133). 4 - ورقاء بن عمر اليشكري عند أبي بكر الجوزقي كما في نصب الراية (1/ 133)، والفتح (1/ 330). وخالفهم ابن عيينة وهشام بن عروة فروياه عن أبي الزناد بلفظ الولوغ. أخرجه من طريق ابن عيينة: الإمام أحمد في المسند (2/ 245)، والحميدي في المسند (2/ 428) (رقم: 967)، وابن خزيمة في صحيحه (1/ 51) (رقم: 96)، وابن الجارود في المنتقى (1/ 58) (رقم: 52). وأخرجه من طريق هشام: ابن حبان في صحيحه (الإحسان) (4/ 19) (رقم: 1294)، والبزار في مسنده (ل: 162/ ب - نسخة كوبرلي-)، والدراقطني في السنن (1/ 65)، وابن عدي في الكامل (7/ 177). قال الحافظ ابن حجر: "والمحفوظ عن أبي الزناد من رواية عامة أصحابه "إذا ولغ"، وكذا رواه عامة أصحاب أبي هريرة عنه". التلخيص الحبير (1/ 35). قلت: بل عامة أصحاب أبي الزناد رووه بلفظ الشرب، وأما بلفظ الولوغ فلم يروه إلا ابن عيينة =

وليس فيه عندَ مالكٍ ذكرُ الإِراقَةِ، ولا التَّعفِيرُ بالترابِ، وهو مشهورٌ من حديثِ أبي هريرةَ، قال فيهِ: "فَليُرِقْه ثمَّ ليَغسِلْه سبْعَ مِرارٍ، أولاهنَّ بالتُّرابِ". خَرَّجه مسلمٌ (¬1). ¬

_ = وهشام بن عروة، لذا قال أبو عوانة بعد أن أورد رواية مالك: "كذا قال أصحاب أبي الزناد إلا سفيان فإنه قال: "إذا ولغ"". الصحيح (1/ 207). والصحيح أن أبا الزناد حدّث باللفظين معا لتقاربهما في المعنى، وهذا الوجه استظهره ابن حجر في الفتح (33011)، ثم قال: "لكن الشرب أخص من الولوغ فلا يقوم مقامه". (¬1) أخرجه مسلم في صحيحه (1/ 234) (رقم: 279) من طريق علي بن حجر، عن علي بن مسهر، عن الأعمش، عن أبي رزين وأبي صالح، عن أبي هريرة، ثم قال مسلم: "وحدّثني محمد بن الصباح حدّثنا إسماعيل بن زكريا عن الأعمش بهذا الإسناد مثله، ولم يقل "يرقه"". وكأنَّ الإِمامَ مسلمًا يعلّ رواية علي بن مسهر وإن لم يصرّح بذلك، وصرّح الإمام النسائي بإعلالها في السنن (1/ 53) قال: "لا أعلم أحدا تابع علي بن مسهر على قوله "فليرقه"". وقد خالفه جماعة فلم يذكروها، منهم: - إسماعيل بن زكريا عند مسلم، وقد سبق. - أبو معاوية الضرير عند أحمد في المسند (2/ 253). - عبد الواحد بن زياد عند الدارقطني في السنن (1/ 63). - وأخرجه أحمد في المسند (2/ 480)، والطيالسي في المسند (ص: 317)، والطحاوي في شرح المعاني (1/ 21)، وابن عبد البر في التمهيد (18/ 267) من طريق شعبة. - والطحاوي في شرح المعاني (1/ 21) من طريق حفص بن غياث، كلاهما عن الأعمش عن أبي صالح وحده به. - وأخرجه الطبراني في المعجم الصغير (1/ 164) (رقم: 256) من طريق عبد الرحمن الرؤاسي. - وفي الأوسط (7/ 331) (رقم: 7644)، والصغير (2/ 149) (رقم: 942) من طريق أبان بن تغلب كلاهما عن الأعمش عن أبي رزين وحده به. كل هؤلاء خالفوا علي بن مسهر فلم يذكروا لفظة الإراقة في حديثهم، وعلي بن مسهر ثقة، إلا أنَّ الإمام أحمد ذكر له بعض المفاريد. قال ابن رجب: "قال أحمد في رواية الأثرم: كان ذهب بصرُه، فكان يحدّثهم من حفظه، وأنكر عليه حديثه عن هشام -ثم ذكر حديثا- ثم قال: وعلي بن مسهر له مفاريد. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = قال ابن رجب: ومنها في حديث "إذا شرب الكلب في إناء أحدكم فليرقه"، وقد خرّجه مسلم. وذكر الأثرم أيضا عن أحمد أنه أنكر حديثا فقيل له: رواه علي بن مسهر؟ فقال: إنَّ علي بن مسهر كانت كتبه قد ذهبت فكتب بعد، فإن كان روى هذا غيره، وإلا فليس بشيء يُعتمد". شرح العلل (2/ 755). لذا قال عنه الحافظ: "ثقة له غرائب بعد أن أضر". التقريب (رقم: 4800). وهذا من غرائبه ومفاريده كما قال الحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى. وقال حمزة الكناني: "لم يروها غير علي بن مسهر، وهي غير محفوظة". طرح التثريب (2/ 121). وقال ابن منده: "لا تُعرف عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بوجه من الوجوه إلا عن علي بن مسهر بهذا الإسناد". الفتح (1/ 331، 331). وقال ابن عبد البر: "أما هذا اللفظ في حديث الأعمش "فليهرقه" فلم يذكره أصحاب الأعمش الثقات الحفاظ مثل شعبة وغيره". التمهيد (18/ 273). وذهب الحافظ العراقي إلى تقوية رواية علي بن مسهر فقال: "وهذا غير قادح فيه، فإن زيادة الثقة مقبولة عند أكثر العلماء من الفقهاء والأصوليين والمحدّثين، وعلي بن مسهر قد وثّقه أحمد بن حنبل ويحيى بن معين والعجلي وغيرهم، وهو أحد الحفاظ الذين احتجّ بهم الشيخان، وما علمت أحدا تكلّم فيه فلا يضره تفرّده به". طرح التثريب (2/ 121). وهذا الكلام يردة ما قبله، وكلامُ الإمام أحمد في علي بن مسهر، والصواب أنَّها لفظة شاذة، والله أعلم. وقد ورد ذكر الإراقة في حديث مرفوع، أخرجه ابن عدي في الكامل (2/ 366) من طريق الحسين بن علي الكرابيسي عن إسحاق الأزرق عن عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء بن أبي رباح عن أبي هريرة به. والرواية منكرة تفرّد بها الكرابيسي، وخالفه ثقتان من أصحاب إسحاق الأزرق، عمر بن شبة عند ابن عدي في الكامل (2/ 366)، وسعدان بن نصر عند الدارقطني في السنن (1/ 66) كلاهما عن عبد الملك عن عطاء عن أبي هريرة موقوفًا من قوله. وأخرجه الدارقطني في السنن (1/ 66) من طريق أسباط بن محمد ومحمد بن فضيل كلاهما عن عبد الملك به موقوفا من قول أبي هريرة وفعله. وذكر ابن الجوزي طريق الكرابيسي، ثم قال: "هذا الحديث لا يصح، لم يرفعه عن إسحاق غير الكرابيسي، وهو ممّن لا يحتجُّ بحديثه، وأصل هذا الحديث أنَّه موقوف". العلل المتناهية (1/ 333). وبهذا يظهر أنَّ ذكر الإراقة إنما جاء عن أبي هريرة موقوفًا، والمرفوع شاذٌّ منكر، والله أعلم.

363/ حديث: "لولا أنْ أشقَّ على أمَّتِي لأَمَرتُهُم بالسِّواكِ. . . ". في آخِر الطهارة (¬1). هذا مختصرٌ، ليس فيه تَحديدٌ، وزاد فيه مَعنٌ، عن مالك: "عندَ كلِّ صلاة" (¬2)، وقال فيه ابن بُكير وطائفةٌ: "لولا أن أشقَّ على المؤمنين أو على النَّاسِ" (¬3). وانظر حديثَ حُميد، عن أبي هريرة (¬4). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الطهارة، باب: ما جاء في السواك (1/ 80) (رقم: 114). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الجمعة، باب: السواك يوم الجمعة (1/ 266) (رقم: 887) من طريق عبد الله بن يوسف. والنسائي في السنن كتاب: الطهارة، باب: الرخصة في السواك بالعشي للصائم (1/ 12) من طريق قتيبة، كلاهما عن مالك به. (¬2) نسبها الحافظ في الفتح (2/ 436) لمعن في موطئه، وتابعه: عبد الله بن يوسف عند البخاري لكن بلفظ "مع كل صلاة"، ورواية قتيبة بن سعيد عند النسائي. (¬3) انظر الموطأ برواية: - ابن بكير (ل: 11/ أ -نسخة السليمانية-)، وسويد بن سعيد (ص: 159) (رقم: 287)، وأبي مصعب (1/ 147) (رقم: 453)، وابن القاسم (ص: 349) (رقم: 321). - وأخرجه تمام في الفوائد (1/ 205) (رقم: 152) من طريق عبد الله بن وهب. وتابعهم: أيوب بن صالح عند ابن عبد البر في التمهيد (18/ 299). وقال عبد الله بن يوسف: "على أمتي أو على الناس"، وانظر: الفتح (2/ 439). وأخرجه ابن حبان في صحيحه (الإحسان) (3/ 350) (رقم: 1068) من طريق أبي مصعب الزهري بلفظ: "لولا أن أشق على أمّتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة". فلم يشك وذكر الصلاة. (¬4) تقدّم حديثه (3/ 346).

364/ حديث: "إذا نُودِي للصَّلاةِ أَدْبَرَ الشيطانُ له ضُراطٌ حتَّى لا يَسْمعَ النِّداءَ. . . ". فيه: "حتى إذا قُضِيَ التثويبُ أقبلَ حتى يَخطرَ بين المرءِ ونفسِه يقول: اذكرْ كذا [لِمَا] (¬1) لَم يكن يَذكر، حتّى يَظَلَّ الرجلُ إِنْ يدرِي كمْ صلّى". في باب النداء (¬2). "إِن" ها هنا مكسورةٌ، وفي بعضِ الطرُقِ "لَا يدرِي" (¬3)، وزاد فيه أبو ¬

_ (¬1) سقطت من الأصل، والتصويب من الموطأ وغيره، وبها يستقيم الكلام. (¬2) الموطأ كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في النداء للصلاة (1/ 82) (رقم: 6). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الأذان، باب: فضل التأذين (1/ 188) (رقم: 608) من طريق عبد الله بن يوسف. وأبو داود في السنن كتاب: الصلاة، باب: رفع الصوت بالصلاة (1/ 355) (رقم: 516) من طريق القعنبي. والنسائي في السنن كتاب: الأذان، باب: فضل التأذين (2/ 21) من طريق قتيبة. وأحمد في المسند (2/ 460) من طريق ابن مهدي، أربعتهم عن مالك به. (¬3) وهي رواية: - ابن بكير (ل: 13/ ب -نسخة السليمانية-)، وسويد بن سعيد (ص: 100) (رقم: 122). وعبد الله بن يوسف عند البخاري. وفي رواية القعنبي (ص: 88)، (ل: 14/ ب -نسخة الأزهرية-): "ما يدري"، وأخرجه من طريقه أبو داود بلفظ "إن يدري". و"إِن يدري" بالكسر بمعنى لا يدري، وجعل ابن عبد البر الرواية بالفتح فقال: "من رواه بكسر الهمز "إِن يدري" فـ "إِن" بمعنى "ما" كثير، ولكن الرواية عندنا بفتح الهمزة". التمهيد (18/ 319). قال القاضي عياض: "قوله: "حتى يظل الرجل إِن يدري" كذا لجمهور الرواة والأشياخ بكسر الألف وهو الصواب، ومعناها هنا ما يدري، وضبطه الأصيلي بالفتح وابن عبد البر، وقال: هي رواية أكثرهم، قال: ومعناها لا يدرى، وليس بشيء وهو مفسد للمعنى؛ لأن "إن" هنا =

سلمة، عن أبي هريرة: "فإذا وَجَدَ أحدُكم ذلك فليَسجُدْ سجدَتينْ". تقدَّم مختصرًا (¬1)، وخُرِّج في الصحيح مستَوعَبًا (¬2). 365/ حديث: "إذا قال أحدُكم: آمين، قالت الملائكةُ: آمين في السَّماءِ، فوافقت إحداهما الأخرى". في الصلاة، باب: التأمين (¬3). ¬

_ = المكسورة بمعنى "ما" النافية، والجملة في موضع نظر يضل، وفي رواية ابن بكير والتنيسي "لا يدرى" مفسرًا، وكذا ذكره البخاري في حديث التنيسي، وكذا لرواة مسلم في حديث قتيبة، وعند العذرى هنا "ما يدرى" وكله بمعنى، وبالفتح إما أن تكون مع فعلها بمعنى اسم الفعل وهو المصدر ولا يصح هنا، أو بمعنى من أجل، ولا يصح هنا أيضًا، بل كلاهما يقلب المعنى المراد بالحديث وهذا على الرواية الصحيحة، يظل بالظاء المفتوحة بمعنى يصير وإما على رواية من رواه يضل بالضاد أي ينسى ويسهوا ويتحير، فيصح فتح الهمزة فيها بتأويل المصدر ومفعول ضل أي يجهل درايتَه وينسى عدد ركعاته وبكسر الهمزة على ما تقدم". انظر: مشارق الأنوار (1/ 41، 42). (¬1) انظر: (3/ 306). (¬2) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: السهو، باب: إذا لم يدر كم صلى. . (2/ 374) (رقم: 1231)، وفي بدء الخلق، باب: صفة إبليس وجنوده (4/ 434) (رقم: 3285)، ومسلم في صحيحه كتاب: المساجد، باب: السهو في الصلاة والسجود له (1/ 398) (رقم: 389) من طريق يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة به، وفيه ذكر الشيطان، وسجود سجدتين. (¬3) الموطأ كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في التأمين خلف الإمام (1/ 95) (رقم: 46). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الأذان، باب: فضل التأمين (1/ 235) (رقم: 781) من طريق عبد الله بن يوسف. والنسائي في السنن كتاب: الافتتاح، باب: فضل التأمين (2/ 144) من طريق قتيبة، وفي الكبرى من طريق ابن القاسم كما في التحفة (10/ 193). وأحمد في المسند (2/ 459) من طريق ابن مهدي، أربعتهم عن مالك به.

عند سائرِ رواةِ الموطأ "وقالتْ الملائكة" بالواو (¬1)، وسقطَت الواو ليحيى بن يحيى (¬2). وهذا الحديثُ مختصرٌ، انظر روايةَ سعيدٍ وأبي سلمة وأبي صالحٍ، عن أبي هريرة (¬3). 366/ حديث: "إذا قلتَ لصاحبِك: أَنصِت -والإمام يخْطُبُ- فقدْ لغَوْتَ". في أبواب الجمعة (¬4). ¬

_ (¬1) انظر الموطأ برواية: - أبي مصعب الزهري (1/ 98) (رقم: 254)، وابن القاسم (ص: 354) (رقم: 327)، والقعنبي (ص: 141)، وابن بكير (ل: 18/ أ -نسخة السليمانية-). (¬2) ثبتت الواو في المطبوع، وكذا في نسخة المحمودية (1) (ل: 16/ أ). وفي نسخة (ب) (ل: 17/ أ): "فقالت الملائكة"، بالفاء بدل الواو. ولم تثبت الواو في التمهيد لابن عبد البر (18/ 348) إلَّا أنَّه لم يشر إلى هذا الاختلاف. وتابعه على إسقاطها ابن مهدي عند أحمد في السند. قال الزرقاني: "هكذا بالواو في النسخ الصحيحة من الموطأ، وهو الذي في البخاري من طريق مالك، ومسلم من طريق غيره، فما يقع في نسخ من إسقاط الواو ليس بشيء؛ لأنّه جواب الشرط إذ جوابه غفر له، ولا يستقيم المعنى على حذفها". شرح الموطأ (1/ 182). (¬3) تقدّم حديثه (3/ 286) من طريق ابن المسيب وأبي سلمة، وسيأتي حديثه (3/ 442) من طريق أبي صالح. (¬4) الموطأ كتاب: الجمعة، باب: ما جاء في الإنصات يوم الجمعة والإمام يخطب (1/ 106) (رقم: 7). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الجمعة، باب: الإنصات يوم الجمعة والإمام يخطب، من طريق عبد الله بن يوسف، كما في فتح الباري لابن رحب (8/ 274)، وقال: "وهذا الحديث يوجد في بعض روايات هذا الكتاب ولا يوجد في أكثرها". قلت: وهذا مما فات المزي وابن حجر وغيرهما التنبيه عليه. =

اختُلِفَ في حدِّ المرفوع منه، وقيل: قولُه: "والإمام يخْطُبُ" تفسيرٌ (¬1). والحديثُ عند بعضِ رواةِ الموطأ للزهريِّ، عن ابن المسيّب، عن أبي هريرة (¬2). ¬

_ = وأحمد في المسند (2/ 485) من طريق ابن مهدي، وإسحاق الطباع. والدارمي في السنن كتاب: الصلاة، باب: الاستماع يوم الجمعة عند الخطبة والإنصات (1/ 437) (رقم: 1548) من طريق خالد بن مخلد، أربعتهم عن مالك به. (¬1) ولفظه عند جماعة من رواة الموطأ: "إذا قلت لصاحبك أنصِت فقد لغوت" وقال: يريد بذلك والإمام يخطب يوم الجمعة. انظر الموطأ برواية: - أبي مصعب الزهري (1/ 169) (رقم: 438)، وسويد بن سعيد (ص: 160) (رقم: 290)، وابن بكير (ل: 29/ ب -نسخة السليمانية-). - والقعنبي (ل: 31/ أ -نسخة الأزهرية-)، وأخرجه من طريقه الجوهري في مسند الموطأ (ل: 98/ أ). وهي رواية عبد الله بن يوسف عند البخاري، إلا أنه لم يذكر التفسير. وانظر: التمهيد (19/ 29). (¬2) كان الأولى بالمصنف أن يذكر هذا الطريق في فصل الزيادات على رواية يحيى الليثي، وفاته ذلك فليستدرك. وهو بهذا الإسناد عند ابن القاسم (ص: 66) (رقم: 13)، وأخرجه من طريقه النسائي في السنن كتاب: الجمعة، باب: الإنصات للخطبة (3/ 188). وتابعه: القعنبي عند أبي داود في السنن كتاب: الجمعة، باب: الكلام والإمام يخطب (1/ 665) (رقم: 1112). وأخرجه أحمد في المسند (2/ 474) من طريق يحيى القطان، والدارمي في السنن (1/ 438) (رقم: 1549) من طريق خالد بن مخلد. والحديث عند مالك بالإسنادين جميعًا. وهو في موطأ أبي مصعب (1/ 169) (رقم: 437)، وسويد (ص: 160) (رقم: 289) عن ابن شهاب عن سعيد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلًا.

ورواه عُقيل، عن الزهري بهذا الإسناد وغيره، انظره في الصحيح (¬1). 367/ حديث: ذَكَر يومَ الجمعةِ فقال: "فيه ساعةٌ لا يصادِفُها عبدٌ مسلمٌ وهو قائِمٌ يُصلِّي يسألُ الله شيئًا إلّا أعطاه إيَّاه. . . ". وذَكَرَ الإشارةَ بالتقليلِ. في الصلاة، الأول، مختصرٌ (¬2). سَقَطَ لبعضِ الرواةِ كلمةُ: "قائِم" وهي محفوظة في هذا الحديث (¬3). ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الجمعة، باب: الإنصات يوم الجمعة والإمام يخطب (1/ 279) (رقم: 934) عن يحيى بن بكير. ومسلم في صحيحه كتاب: الجمعة، باب: الإنصات يوم الجمعة في الخطبة (2/ 583) (رقم: 851) عن قتيبة ومحمد بن رمح، ثلاثتهم عن الليث عن عُقيل بن خالد عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة. وأخرجه مسلم أيضا -الوضع السابق- من طريق عبد الملك بن سعيد بن الليث عن أبيه عن جدّه الليث عن عُقيل عن ابن شهاب عن عمر بن عبد العزيز عن عبد الله بن إبراهيم بن قارط وعن ابن المسيب أنهما حدّثاه أن أبا هريرة قال. قال الحافظ ابن حجر: "والطريقان معا صحيحان". الفتح (2/ 481). (¬2) الموطأ كتاب: الجمعة، باب: ما جاء في الساعة التي في يوم الجمعة (1/ 109) (رقم: 15). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الجمعة، باب: الساعة التي في يوم الجمعة (1/ 280) (رقم: 935) من طريق عبد الله بن يوسف. ومسلم في صحيحه كتاب: الجمعة، باب: في الساعة التي في يوم الجمعة (2/ 583) (رقم: 852) من طريق يحيى النيسابوري وقتيبة. والنسائي في السنن الكبرى كتاب: الجمعة، باب: الساعة التي يُستجاب فيها الدعاء يوم الجمعة (1/ 538) (رقم: 1748) من طريق قتيبة، وفي عمل اليوم والليلة، باب: ما يُستحب من الاستغفار يوم الجمعة (6/ 121) (رقم: 10303) من طريق ابن القاسم. وأحمد في المسند (2/ 485، 486) من طريق ابن مهدي، وإسحاق الطبّاع، ستتهم عن مالك به. (¬3) سقطت من رواية أبي مصعب الزهري (1/ 177) (رقم: 462)، وقتيبة بن سعيد عند النسائي. وتابعهما على إسقاطه: ابن أبي أويس وعبد الله بن يوسف التنيسي عند الطبراني في الدعاء =

وليس فيه تعيينُ الساعةِ، وجاء عن جابرٍ مرفوعًا: "التَمِسوهَما آخِرَ ساعةٍ بعدَ العَصرِ" خَرَّجه أبو داود، وقاسمُ بنُ أَصبغ. وخَرج الترمذيُّ من طريقِ أنسٍ مرفوعًا نحوَه (¬1). وذَكَرَ عن أحمد بن حنبل أنَّه قال: "أكثرُ الأحاديثِ في السَّاعةِ التي يُرجَى فيها إجابةُ الدعوةِ أنّها بعد العَصرِ، وتُرجَى بعد زوال الشَّمس" (¬2). وخَرَّج أيضًا من طريق عَمرو بن عَوف المُزنيِّ أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنَّ في الجمعة ساعةً لَا يسألُ الله العبدُ فيها شيئًا إلا أتاه إيّاه. قالوا: يا رسول الله أيةُ ساعة هي؟ قال: حين تُقامُ الصلاة إلى انصرافٍ منها" (¬3). ¬

_ = (2/ 855) (رقم: 170)، وقرن معهما ابن بكير والقعنبي في سياق واحد. قلت: والرواية عند ابن بكير (ل: 30/ ب -نسخة السليمانية-)، والقعنبي (ص: 162)، و (ل: 32/ ب -نسخة الأزهرية-). بإثبات كلمة قائم، فلعل أحد الرواة حمل روايتهما على رواية غيرهما، والله أعلم. وانظر: التمهيد (19/ 17). وقال الحافظ: "وحكى أبو محمد بن السيد عن محمد بن وضّاح أنه كان يأمر بحذفها من الحديث، وكان السبب في ذلك أنه يُشكل على أصح الأحاديث الواردة في تعيين هذه الصلاة". الفتح (2/ 482). (¬1) تقدّم تخريج هذا الحديث والذي قبله (3/ 42، 43). (¬2) السنن (2/ 361). (¬3) أخرجه الترمذي في السنن (2/ 361) (رقم: 490)، وابن ماجه في السنن كتاب: إقامة الصلاة، باب: ما جاء في الساعة التي ترجى في يوم الجمعة (1/ 360) (رقم: 1138)، وابن أبي شيبة في المصنف (1/ 477) (رقم: 5515)، وعبد بن حميد في المسند (1/ 262) (رقم: 291)، والبزار في المسند (8/ 316) (رقم: 3388)، والطبراني في المعجم الكبير (17/ 14) (رقم: 7)، وفي الدعاء (2/ 860) (رقم: 182)، وابن قانع في معجم الصحابة (2/ 198)، والبيهقى في الشعب (6/ 241) (رقم: 2721)، والبغوي في شرلح السنة (2/ 555) (رقم: 1047)، وابن عبد البر في التمهيد (19/ 20) من طرق عن كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف، عن أبيه، عن جدّه عمرو بن عوف المزني به. وقال الترمذي: "حديث حسن غريب". =

وخَرَّج مسلم من طريق أبي بُردة، عن أبي موسى مرفوعًا: "هي ما بَين أن يَجلسَ الإمامُ على المنبر إلى أن تُقضَى الصلاةُ" (¬1). وانتقَدَ هذا الدارقطنيُّ في كتاب الاستدراكات وقال: "لَم يُسنده أحدٌ غيرُ مَخرمةُ بنُ بُكير عن أبي بُردةَ، ورواه جماعةٌ عن أبي بُردةَ قولَه، ومِنهم مَن بَلغَ به أبا موسى ولَم يَرفعْه وهو الصواب". وقال: "قال أحمد بنُ حنبل، عن حماد بن خالد: قلتُ لمخرمة: سمعتَ من أبيكَ شيئًا؟ قال: لا" (¬2). ¬

_ = قلت: وفيه كثير بن عبد الله أكثر العلماء على ضعفه، ونسبه الشافعي إلى الكذب، إلا أن الترمذي قال: "قلت لمحمد -يعني البخاري- في حديث كثير بن عبد الله عن أبيه عن جدّه في الساعة التي تُرجى في يوم الجمعة: كيف هو؟ قال: حديث حسن، إلا أن أحمد بن حنبل كان يَحْمِل على كثير يضعّفه، وقد روى يحيى بن سعيد الأنصاري -يعني على إمامته- عن كثير بن عبد الله". تهذيب الكمال (24/ 139). وسأله الترمذي أيضًا عن حديث التكبير في العيدين، يرويه كثير بن عبد الله عن أبيه، عن جده؟ فقال: "ليس في الباب شيء أصح من هذا، وبه أقول". العلل الكبير (1/ 287، 288). وقال ابن حجر: "ضعيف، أفرط من نسبه إلى الكذب". التقريب (رقم: 5617). قلت: وهو إلى الضعف أقرب، وقول عامة العلماء يقدّم على قول البخاري، والله أعلم. وانظر: العلل ومعرفة الرجال (3/ 213 - رواية عبد الله-)، الجرح والتعديل (7/ 154)، الضعفاء والمتروكين للنسائي (ص: 228)، المجروحين (2/ 221)، الضعفاء للعقيلي (414)، الكامل (6/ 57)، تهذيب الكمال (24/ 139)، تهذيب التهذيب (8/ 377). وفي المسند أيضا أبوه عبد الله بن عمرو، ذكره ابن حبان في الثقات (5/ 41). وقال ابن حجر: "مقبول". التقريب (رقم: 3503). وذكر ابن حجر هذا الحديث فقال: "وقد ضعّف كثيرٌ روايةَ كثيرٍ". الفتح (2/ 486). (¬1) أخرجه مسلم في صحيحه (2/ 584) (رقم: 853) من طريق ابن وهب عن مخرمة بن بكير عن أبيه عن أبي بردة به. (¬2) التتبع (ص: 233 - 235). وانظر كلام الإمام أحمد في العلل (2/ 173 - رواية عبد الله-). =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وأعلّ الدارقطني هذا الحديث بأمرين: الأول: الانقطاع بين مخرمة وأبيه. الثاني: الاختلاف على أبي بردة. وبيان ذلك كما يلي: أما الانقطاع: فإن مخرمة لم يسمع من أبيه عند أكثر العلماء، وتقدّم نقل أقوال أهل العلم في عدم السماع وإنما هو كتاب وَجَدَه. انظر: (ص: 316). وأما الاختلاف على أبي بردة: فرواه مخرمة بن بكير عن أبيه عن أبي بردة عن أبي موسى مرفوعا، وهذه رواية مسلم. وخالفه: 1 - واصل بن حيان الأحدب عند ابن أبي شيبة في المصنف (1/ 472) (رقم: 5464)، وابن المنذر في الأوسط (4/ 11)، وابن عبد البر في التمهيد (19/ 22). 2 - معاوية بن قرة عند ابن عبد البر في التمهيد (19/ 22). 3 - مجالد بن سعيد ذكره الدارقطني في العلل (7/ 212)، هؤلاء الثلاثة عن أبي بردة من قوله. وتابعهم أبو إسحاق السبيعي على اختلاف عليه: فرواه إسماعيل بن عمرو عن الثوري عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن أبي موسى الأشعري عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، أخرجه من طريقه ابن عدي في الكامل (1/ 322)، والدارقطني في العلل (7/ 122). وإسماعيل بن عمرو البجلي صاحب غرائب ومناكير. انظر: الكامل (1/ 322)، الثقات لابن حبان (8/ 100)، الميزان (1/ 239)، تهذيب التهذيب (1/ 279)، اللسان (1/ 425). وخالفه النعمان بن عبد السلام، فرواه عن الثوري بهذا الإسناد موقوفا على أبي موسى، أخرجه من طريقه الدارقطني في العلل (7/ 213). وخالفهما أوثق الناس في الثوري: وكيع، وعبد الرحمن بن مهدي، ويحيى القطان، وأبو نعيم الفضل بن دكين، فرووه عن الثوري عن أبي إسحاق السبيعي عن أبي بردة قوله. أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (1/ 472) (رقم: 5465) من طريق وكيع. وابن المنذر في الأوسط (4/ 11) من طريق أبي نعيم. وابن عبد البر في التمهيد (19/ 22) من طريق ابن مهدي. وهذا هو الصواب عن الثوري، وتابعه عمر بن رزيق عن أبي إسحاق، ذكره الدارقطني في العلل (7/ 212). وعلى ذلك يكون أبو إسحاق متابعا رابعا لواصل الأحدب ومجالد ومعاوية بن قرة، مخالفين في ذلك بكير بن عبد الله. قال الدارقطني: "وحديث مخرمة بن بكير أخرجه مسلم في الصحيح، والمحفوظ من رواية =

وانظر حديثَ أبي سلمة عن أبي هريرة (¬1)، ومسندَ عبد الله بن سلام (¬2). ¬

_ = الآخرين عن أبي بردة قوله غير مرفوع". العلل (7/ 212). وقال ابن حجر: "ورواه أبو إسحاق وواصل الأحدب ومعاوية بن قرة وغيرهم عن أبي بردة من قوله، وهؤلاء من أهل الكوفة، وأبو بردة كوفي، فهم أعلم بحديثه من بكير المدني، وهم عدد وهو واحد". الفتح (2/ 489). هذا قول من أعل حديث مسلم، وحكى النووي كلام الدارقطني ثم قال: "وهذا الذي استدركه بناء على القاعدة المعروفة له ولأكثر المحدّثين أنه إذا تعارض في رواية الحديث وقف ورفع، أو إرسال واتصال حكموا بالوقف والارسال، وهي قاعدة ضعيفة ممنوعة، والصحيح طريقة الأصوليين والفقهاء والبخاري ومسلم ومحققي المحدّثين أنه يُحكم بالرفع والاتصال؛ لأنها زيادة ثقة". شرح صحيح مسلم (6/ 141). كذا قال النووي رحمه الله، وعلى قوله أن زيادة الثقة مقبولة مطلقًا، وهذا غير صحيح، بل الزيادة تُقبل عند عدم المخالفة، فعلى كلامه لا معنى للحديث الشاذ، والصواب أن حكم المحققين من المحدّثين إنما يدور مع القرائن، فتارة يُرجح الوقف على الرفع، والإرسال على الوصل والعكس، بحسب القرائن والأدلة التي تظهر للمعلل، والدارقطني وابن حجر أعلا هذا الحديث بقرائن قوية تقدّمت الإشارة إليها. وانظر لنقض قاعدة النووي فتح المغيث للسخاوي (1/ 203)، بين الإمامين مسلم والدارقطني لشيخنا ربيع بن هادي (ص: 223 - 230). وقد اختلفت الأحاديث والآثار في تعيين ساعة الإجابة يوم الجمعة، فبلغت أكثر من أربعين قولا، وأشهرها قولان: أحدهما: أنها بعد العصر إلى المغرب. والثاني: أنها بعد الزوال. وسلك العلماء في الترجيح والجمع مسالك عدة. انظر: التمهيد (19/ 17 - 24)، (24/ 42 - 50)، فتح الباري لابن رجب (8/ 286 - 318)، ولابن حجر (2/ 482 - 489). وذكر ابن حجر كلام الإمام أحمد المتقدّم: "أكثر الأحاديث. . .، ثم قال: وفي هذا الكلام إشارة إلى الجمع، وهو أولى من الترجيح فضلًا عن التخطئة". نتائج الأفكار (2/ 407). (¬1) تقدّم حديثه (3/ 312). (¬2) تقدّم حديثه (3/ 41).

368 / حديث: "والذي نفسِي بيده لقد هَمَمْتُ أن آمرَ بحَطَبٍ فيُحطَبَ، ثمَّ آمرَ بالصلاةِ فيُؤَذن لَها. . . ". فيه: "ثم أخالِفَ إلى رجالٍ فأُحَرِّقَ عليهم بيوتَهم"، وذَكَرَ شهودَ العِشاءِ. في فضلِ صلاة الجماعة (¬1). ذَكَرَ فيه أبو صالح، عن أبي هريرةَ أنَّ ذلك كان في صلاةِ العشاء (¬2). وقال فيه العَجلاني، عن أبي هريرة: "ليَنْتَهِيَنَّ رجالٌ لا يشهدون العِشاء أو لأُحَرِّقَنَّ بيوتَهم أو قال: حولَ بيوتِهم". خَرَّجه البزارُ، وقاسم (¬3). وجاء عن ابن مسعودٍ مرفوعًا توعُّدُ المتخلِّفِين عن الجمعة بِمثل ذلك، وهي ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: صلاة الجماعة، باب: فضل صلاة الجماعة على صلاة الفذّ (1/ 125) (رقم: 3). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الأذان، باب: وجوب صلاة الجماعة (1/ 197) (رقم: 644) من طريق عبد الله بن يوسف، وفي الأحكام، باب: إخراج الخصوم وأهل الريب من البيوت بعد المعرفة (8/ 472) (رقم: 7224) من طريق إسماعيل بن أبي أويس. والنسائي في السنن كتاب: الإمامة، باب: التشديد في التخلف عن الجماعة (2/ 107) من طريق قتيبة، ثلاثتهم عن مالك به. (¬2) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الأذان، باب: فضل صلاة العشاء في الجماعة (1/ 200) (رقم: 657)، ومسلم في صحيحه كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، (1/ 451) (رقم: 651)، وفيه ذكر أثقل الصلاة على المنافقين الفجر والعشاء. (¬3) أخرجه البزار في مسنده (ل: 109/ ب -نسخة كوبرلي-) من طريق أبي عاصم، عن ابن أبي ذئب، عن عجلان، عن أبي هريرة به. وأخرجه أحمد في المسند (2/ 376)، والدارمي في السنن كتاب: الصلاة، باب: فيمن تخلّف عن الجمعة (1/ 327) (رقم: 1274)، وابن خزيمة في صحيحه (2/ 369) (رقم: 1482) من طريق محمد بن عجلان، عن أبيه، عن أبي هريرة، إلا أنه ليس فيه ذكر الجمعة، ولا صلاة العشاء، وإنما ذكر الصلاة مطلقًا، وقال: "فأحرق عليهم بيوتهم"، من غير شك.

قصَّةٌ أخرى، والله أعلم (¬1)، 369/ حديث: "إذا صلَّى أحدُكم بالنَّاس فليخفِّفْ، فإنَّ فيهمُ الضعيفَ والسَّقيمَ والكبِيرَ". في أبواب: صلاةِ الجماعة (¬2). في تعيين ذَوُوا الأعذارِ خُلْفٌ، والمذكورُ ها هنا ثلاثة، ولَم يذكر أبو الزناد ذا الحاجَةِ، وذكره الزهريُّ، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة. خَرَّجه مسلم (¬3). 370/ حديث: "الملائِكة تُصلِّي على أحدِكم ما دام في مُصلَّاه الذي صَلَّى فيه ما لَم يُحدِث. . . ". ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في صحيحه (1/ 452) (رقم: 652). وقول المصنف أنَّ ذلك قصة أخرى ردًّا على من خصَّ أحاديث الباب التي فيها ذكر الجماعة بهذا الحديث، وقال يُحمل الوعيد على الجمعة خاصة. قال ابن رجب: "وأما ذكر الجمعة في حديث ابن مسعود فلا يدل على اختصاصها بذلك، فإنه كما همّ أن يحرق على المتخلف عن الجمعة فقد همّ أن يحرق على المتخلّف عن العشاء. وقيل: إنه عبّر بالجمعة عن الجماعة للاجتماع لها". انظر: السنن الكبرى للبيهقي (3/ 56)، شرح صحيح مسلم للنووي (5/ 154)، فتح الباري لابن رجب (5/ 454، 456)، ولابن حجر (2/ 151). (¬2) الموطأ كتاب: صلاة الجماعة، باب: العمل في صلاة الجماعة (1/ 129) (رقم: 13). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الأذان، باب: إذا صلى لنفسه فليطول ما شاء (1/ 214) (رقم: 703) من طريق عبد الله بن يوسف. وأبو داود في السنن كتاب: الصلاة، باب: في تخفيف الصلاة (1/ 502) (رقم: 794) من طريق القعنبي. والنسائي في السنن كتاب: الإمامة، باب: ما على الإمام من التخفيف (2/ 94) من طريق قتيبة. وأحمد في المسند (2/ 486) من طريق ابن مهدي وإسحاق الطبّاع، خمستهم عن مالك به. (¬3) أخرجه مسلم في صحيحه كتاب: الصلاة، باب: أمر الأئمة بتخفيف الصلاة في تمام (1/ 341) (رقم: 467)، وهذه أشمل الألفاظ.

في باب: انتظار الصلاة (¬1). ولا يُطابِقُ الترجمةَ (¬2). فَسَّرَ مالكٌ الأحداثَ، ورُوي تفسيرُه عن أبي هريرة (¬3). 371/ حديث: "لا يزال أحدُكم في صلاةٍ ما كانتِ الصلاةُ تَحْبِسُه. . . ". في الباب (¬4). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: قصر الصلاة في السفر، باب: انتظار الصلاة والمشي إليها (1/ 148) (رقم: 51). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الصلاة، باب: الحدث في المسجد (1/ 143) (رقم: 445) من طريق عبد الله بن يوسف، وفي الأذان، باب: من جلس في المسجد ينتظر الصلاة، وفضل المساجد (1/ 200) (قم: 659) من طريق القعنبي. وأبو داود في السنن كتاب: الصلاة، باب: فضل القعود في المسجد (1/ 319) (رقم: 469) من طريق القعنبي. والنسائي في السنن كتاب: المساجد، باب: الترغيب في الجلوس في المسجد وانتظار الصلاة (2/ 55) من طريق قتيبة، وفي الكبرى كما في التحفة (10/ 191) من طريق ابن القاسم. وأحمد في المسند (2/ 486) من طريق ابن مهدي، خمستهم عن مالك به. (¬2) إذ ليس فيه ذكر الانتظار، لكن قوله في الحديث: "ما دام في مصلاه" قد يُفهم منه أنه يعني الانتظار، ويؤيّده ما أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الوضوء، باب: من لم ير الوضوء إلا من المخرجين (1/ 64) (رقم: 176) عن أبي هريرة قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - "لا يزال العبد في صلاة ما كان في المسجد ينتظر الصلاة ما لم يحدث"، فقال رجل أعجمي: "ما الحدث يا أبا هريرة؟ قال: الصوت يعني الضرطة". (¬3) انظر: التعليق السابق. وقال ابن عبد البر: "كل من أحدث وقعد في المسجد فليس بمنتظر للصلاة؛ لأنه إنما ينتظرها من كان على وضوء". التمهيد (19/ 44). (¬4) الموطأ كتاب: قصر الصلاة في السفر، باب: انتظار الصلاة والمشي إليها (1/ 148) (رقم: 52). =

وهو مطابقٌ للترجمَةِ، وانظر معناه لعبد الله بن سَلَام (¬1)، ولأبي هريرة من طريق أبي سلمة (¬2). 372/ حديث: "أترَون قِبلتِي ها هنا، فوالله ما يَخفَى عَليَّ خشوعُكم ولا ركوعُكم، إنِّي لأراكُم مِن وراءِ ظَهرِي". في (¬3) الصلاة، الثاني، باب جامع (¬4). 373/ حديث: "يتعاقبون فيكم ملائكةٌ باللّيل وملائكةً بالنَّهارِ ويَجتَمعونَ في صلاةِ العصرِ وصلاةِ الفجر. . . ". ¬

_ = وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الأذان، باب: من جلس في المسجد ينتظر الصلاة، وفضل المساجد (1/ 200) (رقم: 659) من طريق القعنبي. ومسلم في صحيحه كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: فضل صلاة الجماعة وانتظار الصلاة (1/ 460) (رقم: 649) من طريق يحيى النيسابوري. وأبو داود في السنن كتاب: الصلاة، باب: في فضل القعود في المسجد (1/ 320) (رقم: 470 من طريق القعنبي. وأحمد في المسند (2/ 486) من طريق ابن مهدي، ثلاثتهم عن مالك به. (¬1) تقدّم حديثه (3/ 41). (¬2) تقدّم حديثه (3/ 312). (¬3) في الأصل: "من"، وهو خطأ. (¬4) الموطأ كتاب: الصلاة، باب: العمل في جامع الصلاة (1/ 153) (رقم: 70). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الصلاة، باب: عظة الإمام الناسَ في إتمام الصلاة وذكر القبلة (1/ 134) (رقم: 418) من طريق عبد الله بن يوسف، وفي الأذان، باب: الخشوع في الصلاة (1/ 224) (رقم: 741) من طريق إسماعيل بن أبي أويس. ومسلم في صحيحه كتاب: الصلاة، باب: الأمر بتحصين الصلاة وإتمامها والخشوع فيها (1/ 339) (رقم: 424) من طريق قتيبة. وأحمد في المسند (2/ 303، 375) من طريق ابن مهدي، وإسحاق الطبّاع.

وذَكَرَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سؤال الرَّبِّ سبحانه. في جامع الصلاة (¬1). 374/ حديث: "يَعقِدُ الشيطانُ على قافيةِ رأسِ أحدِكم إذا هو نائمٌ ثلاثَ عُقَدٍ. . . ". فيه: "فإِنْ استيقَظَ فذَكَرَ اللهَ انحلَّت عُقْدَة. . . ". وذَكَرَ الوضوءَ والصَّلاةَ. في جامع الترغيبِ في الصلاة (¬2). قرأ ابنُ وضَّاح في الحرف الأخير: "انحلَّت عُقَدُه" على الجمْعِ (¬3). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الصلاة، باب: جامع الصلاة (1/ 155) (رقم: 82). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: مواقيت الصلاة، باب: فضل صلاة العصر (1/ 173) (رقم: 555) من طريق عبد الله بن يوسف، وفي التوحيد، باب: قول الله تعالى: {تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ} (8/ 536) (رقم: 7429) من طريق إسماعيل بن أبي أويس، وباب: كلام الرب مع جبريل ونداء الله الملائكة (8/ 558) (رقم: 7486) من طريق قتيبة. ومسلم في صحيحه كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: فضل صلاتي الصبح والعصر والمحافظة عليهما (1/ 439) (رقم: 632) من طريق يحيى النيسابوري. والنسائي في السنن كتاب: الصلاة، باب: فضل صلاة الجماعة (1/ 240) من طريق قتيبة، وفي الكبرى كتاب: النعوت، باب: المعافاة والعقوبة (4/ 418) (رقم: 7760) من طريق ابن القاسم. وأحمد في المسند (2/ 486) من طريق ابن مهدي، وإسحاق الطبّاع، ثمانيتهم عن مالك به. (¬2) الموطأ كتاب: قصر الصلاة في السفر، باب: جامع الترغيب في الصلاة (1/ 159) (رقم: 95). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: التهجد، باب: عقد الشيطان على قافية الرأس إذا لم يصل بالليل (1/ 346) (رقم: 1142) من طريق عبد الله بن يوسف. وأبو داود في السنن كتاب: الصلاة، باب: قيام الليل (2/ 72) (رقم: 1306) من طريق القعنبي، كلاهما عن مالك به. (¬3) أي عند قوله: "فإن صلى انحلّت عقده". وهو كذلك في المطبوع، وفي نسخة المحمودية (أ) (ل: 30/ ب) من رواية عبيد الله عن أبيه لم =

وقال فيه ابنُ عيينة، عن أبي الزناد بهذا الإسناد: "انحلّت العُقَد". خَرَّجه مسلم (¬1). وفي حديث الموطأ: "أصبح خبيثَ النَّفْسِ". وهو المحفوط من طريقِ الأعرج. وقال فيه يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة: "أصبح لَقِيسَ (¬2) النَّفسِ". خرّجه الطحاوي في المشكل (¬3). ¬

_ = تُضبط الكلمة ولم تنقط، وهي تحتمل الأمرين. وفي نسخة (ب) (ل: 34/ ب): "انحلت عقدة" على الإفراد. وممن رواه بالجمع أيضا عن مالك: - سويد بن سعيد (ص: 187) (رقم: 357)، كذا وقع في مطبوعة دولة البحرين. وفي مطبوعة دار الغرب (ص: 151): "عقدة"، بالإفراد. وفي نسخة الظاهرية (ل: 27/ أ): "عقده"، وهي تحتمل الأمرين، لكن الجمع أقوى. - وعبد الله بن يوسف عند البخاري. وقال فيه غير هؤلاء: "عقدة"، بالإفراد، منهم: - أبو مصعب الزهري (1/ 208) (رقم: 532)، وابن القاسم (ص: 358) (رقم: 334). - والقعنبي عند أبي داود، واختصره في موطئه، لم يذكر الثالثة. (¬1) صحيح مسلم كتاب: صلاة المسافرين، باب: ما روي فيمن نام الليل أجمع حتى أصبح (1/ 538) (رقم: 776). وهذا يؤيّد صحة رواية الجمع عن مالك. وظاهره أن الصلاة تحل كل العقد، لكن جاء عند أحمد في المسند (2/ 497) من طريق الحسن عن أبي هريرة: "فإن قام وذكر الله أُطلقت واحدة، وإن مضى فتوضأ أطلقت الثانية، فإن مضى فصلى أطلقت الثالثة". ويمكن حمل رواية الجمع أنها تنحل كل العقد بانحلال الثالثة التي يتم بها انحلال العقد، ولا مخالفة بين الروايات، والله أعلم. وقد أشار ابن حجر في الفتح (3/ 23) إلى هذا المعنى وإن كان قرّر غيرَه. وقال القاضي عياض: "وكلاهما صحيح، والجمع أوجَه". مشارق الأنوار (2/ 100). (¬2) اللَّقس: الغثيان. النهاية (4/ 263). (¬3) أخرجه الطحاوي في شرح مشكل الآثار (1/ 321) (رقم: 346) من طريق عبد الله بن محمد الفهمي عن سليمان بن بلال عن يحيى بن سعيد الأنصاري به. =

وجاء عن عائشةَ وسَهلٍ مرفوعًا: "لا يقولَنُّ أحدُكم خَبُثَتْ نفسِي، وليقُلْ: لَقِسَتْ نَفسِي" (¬1). ¬

_ = وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: بدء الخلق، باب: صفة إبليس وجنوده (4/ 431) (رقم: 3269) من طريق إسماعيل بن أبي أويس عن أخيه عن سليمان بن بلال به، إلا أنه قال: "أصبح خبيث النفس" كرواية الأعرج سواء. ولعل رواية الطحاوي رويت بالمعنى لمكان النهي كما سيأتي، والله أعلم. (¬1) حديث عائشة أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الأدب، باب: لا يقل خبثت نفسي (7/ 149) (رقم: 6179)، ومسلم في صحيحه كتاب: السلام، باب: كراهة قول الإنسان: خبثت نفسي (4/ 1765) (رقم: 2250). وحديث سَهل بن حُنيف أخرجه البخاري في صحيحه (برقم: 6180)، ومسلم في صحيحه (برقم: 2251). وظاهر الحديثين يتعارض مع حديث الباب. قال الباجي: "وليس بين الحديثين اختلاف؛ لأنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى المسلمَ أن يقول خبثت نفسي لما كان خبث النفس بمعنى فساد الدين، والنبي وصف بعض الأفعال بذلك تحذيرا عنها". المنتقى (1/ 315). وقال ابن عبد البر: "وليس ذلك عندي كذلك؛ لأن النهي إنما ورد عن إضافة المرء ذلك إلى نفسه كراهية لتلك اللفظة وتشاؤما لها إذا أضافها الإنسان إلى نفسه، والحديث الثاني إنما هو خبر عن حال من لم يذكر الله في ليله، ولا توضّأ، ولا صلى، فأصبح خبيث النفر ذما لفعله، وعيبا له، ولكل من الخبرين وجه، فلا معنى أن يُجعلا متعارضين؛ لأن من شأن أهل العلم ألا يجعلوا شيئا من القرآن ولا من السنن معارضا لشيء منها ما وجدوا إلى استعمالها وتخريج الوجوه لها سبيلا". التمهيد (19/ 47). وعلّق الحافظ على كلام ابن عبد البر بقوله: "تقرير الإشكال أنه - صلى الله عليه وسلم - نهى عن إضافة ذلك إلى النفس، فكل ما نهى المؤمن أن يضيفه إلى نفسه نهى أن يضيفه إلى أخيه المؤمن، وقد وصف - صلى الله عليه وسلم - هذا المرء بهذه الصفة، فيلزم جواز وصفنا له بذلك لمحل التأسي، ويحصل الانفصال فيما يظهر بأن النهي محمول على ما إذا لم يكن هناك حامل على الوصف بذلك كالتنفير والتحذير". الفتح (3/ 33). وقول الحافظ شبيه بكلام الباجي، والله أعلم. وانظر: شرح المشكل (1/ 321، 322).

375/ حديث: "لكلِّ نبيٍّ دعوةٌ يدعو بها. . . ". وذَكَرَ الشفاعَةَ. في الصلاة عند آخِره، ما جاء في الدُّعاء (¬1). هذا عند بعضِ الرواةِ للزهريِّ، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة (¬2). وقال فيه أبو صالح وغيرُه عن أبي هريرة: "لكلِّ نبيٍّ دعوةٌ مستجابَةٌ"، خرّجه مسلم (¬3). 376/ حديث: "لا يَقُلْ أحدُكم إذا دعا: اللهمَّ اغفِرْ لي إن شِئتَ. . . ". فيه: "لِيعزِمِ المسألةَ". في الباب (¬4). 377/ حديث: "كلُّ ابنِ آدَمَ تأكلُه الأرضُ إلّا عَجْبَ الذَّنَبِ (¬5). . . ". ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: القرآن، باب: ما جاء في الدعاء (1/ 186) (رقم: 26). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الدعوات، باب: لكل نبي دعوة مستجابة (7/ 187) (رقم: 6304) من طريق إسماعيل بن أبي أويس. وأحمد في المسند (2/ 486) من طريق ابن مهدي وإسحاق الطبّاع، ثلاثتهم عن مالك به. (¬2) تقدّم بيان الروايات (3/ 312). (¬3) صحيح مسلم (1/ 189، 190) (رقم: 199) من طريق أبي صالح ذكوان، وأبي زرعة ومحمد بن زياد. (¬4) الموطأ كتاب: القرآن، باب: ما جاء في الدعاء (1/ 186) (رقم: 28). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الدعوات، باب: ليعزم المسألة فإنه لا مكره له (7/ 198) (رقم: 6339) من طريق القعنبي. وأبو داود في السنن كتاب: الصلاة، باب: الدعاء (2/ 163) (رقم: 1483) من طريق القعنبي. والترمذي في السنن كتاب: الدعوات، بابٌ (5/ 491) (رقم: 3497) من طريق معن. وأحمد في المسند (2/ 486) من طريق ابن مهدي وإسحاق الطبّاع. (¬5) عَجْب الذَّنَب: بفتح العين وسكون الجيم، وآخره باء بواحدة، وهو العظم أسفل الصلب عند العجُز. انظر: مشارق الأنوار (2/ 67)، النهاية (1/ 184).

في جامع الجنائز (¬1). 378/ حديث: "قال الله تعالى: إذا أحبَّ عبدِي لِقائِي أحبَبتُ لقاءَه. . . ". وذكَرَ الكراهَةَ. في الباب (¬2). جاء عن عُبادة بن الصَّامت مرفوعًا: أنَّ ذلك عند حضورِ الموت. خرّجه البخاري (¬3). وخَرَّجه البزّارُ من طريق مجاهد، عن أبي هريرة، وفي آخِره قال مجاهد: فذكرتُ ذلك لعائشةَ فقالت: يرحمُ الله أبا هريرة، حدَّثكم بآخِرِ الحديثِ ولم يُحدِّثكم بأوَّلِه، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أراد الله بعبدٍ خيرًا بَعَثَ إليه مَلَكًا مِن عامِه الَّذي يموتُ فيه فيسدِّدُه ويُبشِّره، فإذا كان عند موتِه أتاه مَلَكُ ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الجنائز، باب: جامع الجنائز (1/ 206) (رقم: 48). وأخرجه أبو داود في السنن كتاب: السنة، باب: في ذكر البعث والنشور (5/ 108) (رقم: 4743) من طريق القعنبي. والنسائي في السنن كتاب: الجنائز، باب: أرواح الؤمنين (4/ 111) من طريق قتيبة، كلاهما عن مالك به. (¬2) الموطأ كتاب: الجنائز، باب: جامع الجنائز (1/ 207) (رقم: 50). وأخرجه البخاري في صحمحه كتاب: التوحيد، باب: قول الله تعالى: {يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ} (8/ 562) (رقم: 7504) من طريق إسماعيل بن أبي أويس. والنسائي في السنن كتاب: الجنائز، باب: فيمن أحب لقاء الله (4/ 10)، وفي النعوت، باب: الحب والكراهية (4/ 415/ 17744) من طريق ابن القاسم، كلاهما عن مالك به. (¬3) صحيح البخاري كتاب: الرقاق، باب: من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه (7/ 245) (رقم: 6507)، وفيه قول عائشة أو بعض أزواجه: إنا لنكره الموت، قال: "ليس ذاك، ولكن المؤمن إذا حضره الموت بُشِّر برضوان الله وكرامته. . . "، الحديث.

الموتِ فقعد عند رأسِه فقال: أيَّتُها النَّفسُ المُطمَئنَّةُ اخرُجِي إلى مَغفرةٍ مِن الله ورضوانٍ، فذلك حين يُحبُّ لقاءَ الله، ويحبُّ اللهُ لقاءَه، وإذا أراد الله بعبدٍ شَرًّا، بعث إليه شيطانًا من عامِه الذي يموتُ فيه، فيُغْوِيَه، فإذا كان عند موتِه أتاه مَلَكُ الموتِ فقعَد عند رأسِه فيقول: أيَّتُها النَّفسُ الخبيثةُ، اخرُجي إلى سَخَطٍ مِن الله وغَضَبٍ، فذلِك حين يُبغِضُ لقاءَ اللهَ، ويبغِضُ اللهُ لقاءَه" (¬1). 379/ حديث: "قال رجلٌ لَم يعمَلْ حسَنَةً قَطّ: إذا مات فحَرِّقوه ثمَّ آذْرُوا نِصفَه في البَرِّ ونصفَه في البحر، فوالله لَئِن قَدَرَ الله عليه ليعذِّبنَّه. . . ". فيه: "لِمَ فعلتَ هذا؟ قال: مِن خشيتِك يا رَبِّ. . . ". في الباب (¬2). ¬

_ (¬1) لم أقف عليه في مسند البزار للنقص في النسخ الخطية. وأخرجه أحمد في المسند (2/ 420) من طريق محمد بن فضيل، عن عطاء بن السائب، عن مجاهد، عن أبي هريرة، وليس فيه القصة، ولا حديث عائشة. وأخرجه أحمد في المسند (6/ 218) من طريق الحسن عن عائشة بنحو هذا الحديث، وليس فيه إنكارها على أبي هريرة. وقد ورد إنكار عائشة على أبي هريرة عند مسلم في صحيحه (4/ 2066) (رقم: 2685) من طريق شريح بن هانئ، وفيه: قالت عائشة: "وليس بالذي تذهب إليه، ولكن إذا شخص البصر، وحشرج الصدر، واقشعرَّ الجلد، وتشنجت الأصابع، فعند ذلك من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه". وانظر: التمهيد (18/ 25)، الفتح (11/ 367). (¬2) الموطأ كتاب: الجنائز، باب: جامع الجنائز (1/ 207) (رقم: 51). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: التوحيد، باب: قول الله تعالى: {يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ} (8/ 562) (رقم: 7506) من طريق إسماعيل بن أبي أويس. ومسلم في صحيحه كتاب: التوبة، باب: في سعة رحمة الله تعالى وأنها سبقت غضبه (4/ 2109) (رقم: 2756) من طريق روح بن عبادة. والنسائي في السنن الكبرى كتاب: الرقاق كما في تحفة الأشراف (10/ 190) من طريق ابن القاسم، ثلاثتهم عن مالك به.

يُقال: إنَّه جَهِلَ صفةً من صفاتِ الرَّبِّ سبحانه (¬1). وجاء أنَّه كان نبَّاشًا (¬2). 380/ حديث: "كُلُّ مولودٍ يُولدُ على الفِطرةِ. . . ". فيه: "قالوا: يا رسول الله! أرأيتَ الذي يموتُ وهو صغيرٌ؟ قال: الله أعلمُ بِما كانوا عامِلين". في الباب (¬3). وهذا حديثٌ مشهورٌ، مُخَرَّجٌ في الصحيح، وفي بعضِ طرقِه أنَّ أبا هريرة كان يقول في آخِرِه: واقرؤوا إنْ شِئتُم: {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} (¬4). ¬

_ (¬1) قال الخطابي: "وقد يُسأل عن هذا فيقال: كيف يُغفر له وهو منكر للبعث والقدرة على إحيائه وإنشاره؟ فيقال: إنه ليس بمنكر للبعث، إنما هو رجل جاهل ظن أنه إذا فُعل به هذا الصنيع تُرك فلن يُنشر ولم يُعذب، ألا تراه يقول: "فجمعه، فقال: لمَ فعلت ذلك؟ فقال: من خشيتك"، فقد تبيّن أنه رجل مؤمن، فعل ما فعل من خشية الله إذا بعثه، إلا أنه جهل، فحسب أن هذه الحيلة تنجيه مما يخافه". أعلام الحديث (3/ 1565). (¬2) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: ما ذُكر عن بني إسرائيل (4/ 498) (رقم: 3452) عن عقبة بن عمرو الأنصاري رضي الله عنه. (¬3) الموطأ كتاب: الجنائز، باب: جامع الجنائز (1/ 207) (رقم: 52). وأخرجه أبو داود في السنن كتاب: السنة، باب: في ذراري المشركين (5/ 86) (رقم: 4714) من طريق القعنبي عن مالك به. (¬4) سورة: الروم، الآية: (30). والحديث أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الجنائز، باب: إذا أسلم الصبي فمات هل يصلى عليه (2/ 413) (رقم: 1358، 1359). وفي باب: ما قيل في أولاد المشركين (2/ 421) (رقم: 1385) (وليس فيه قول أبي هريرة). =

قال الشيخ أبو العباس رضي الله عنه: والفطرة ابتداءُ الخَلقِ، وقيل: المرادُ بها في هذا الموضع العهدُ الَّذي ذَكَر الله سبحانه في قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} (¬1)، وهذا يَتَضَمَّنُ الإقرارَ بالربوبيَّة، فكلّ مولودٍ مَفطورٌ على ذلك الإقرارِ، ولا يزالُ على حكمِه حتى يبلغَ الحُلُمَ ويعقِلَ، فإنْ مات قبلَ ذلك كفاه الإقرارُ الأوَّلُ؛ إذ لَم يُتَعمدْ بغيرِه، ولا وَقَعَ منه عصيانٌ، كما قال ابن عباس: "قد أقَرُّوا بالميثاقِ الأوَّلِ، ولَم يعملوا عملًا ينقُضُ ذلك" (¬2). وإنْ بَلَغَ عاقلًا كُلِّف الإقرارُ بالوحدانيَّةِ، وهذا تكليفٌ عامٌّ يَعُمُّ الأديانَ كلَّها قديمًا وحديثًا، ومَن أباه كان مشركًا على الإطلاقِ، ويَتَركَّبُ على هذا الإقرارُ بالرِّسالةِ، ثمَّ قَبولُ الشرع الذي لم جاء به الرسولُ - صلى الله عليه وسلم -، وبهذا تَختلِفُ الأديانُ والمِلَلُ. ¬

_ = وفي التفسير، باب: {لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ} (6/ 318) (رقم: 4775)، وفي القدر، باب: الله أعم بما كانوا عاملين (8/ 269) (رقم: 6599) (وليس فيه قول أبي هريرة). ومسلم في صحيحه كتاب: القدر، باب: معنى كل مولود يولد على الفطرة (4/ 2047) (رقم: 2658) من طريق ابن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة، إلا الطريق الأول عند البخاري فلم يذكر ابنُ شهاب أبا سلمة وهو منقطع. وأخرجه مسلم أيضا (4/ 2048) (رقم: 2658) من طرق أخرى عن أبي هريرة به، وليس فيه قوله الأخير. (¬1) سورة: الأعراف، الآية: (172). وذريّاتِهم: بالجمع والتاء المكسورة، وهي قراءة نافع وابن عامر وأبي عمرو، وقرأ الكوفيون وابن كثير {ذريّتَهم} على الإفراد وفتح التاء. انظر: الحجة في القراءات (ص: 167)، التبصرة في القراءات السبع (ص: 349). (¬2) لم أقف عليه.

وأمَّا الإقرارُ الأوّلُ فعامٌّ، قال الله سبحانه، {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} (¬1)، روى عِياضُ بنُ حمارٍ المُجاشِعي أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال ذاتَ يومٍ خطبتِه: "ألَا إنَّ ربي أمرَنِي أن أعَلِّمكم ما جَهِلتُم مِمَّا علمَنِي يومِي هذا، أَنِّي خلقتُ عبادِي حُنفاءَ كلَّهم، وأنَّهم أَتتْهم الشياطينُ فاجتَالَتْهم (¬2) عن دِينِهم فحَرَّمتْ عليهم ما أَحْلَلْتُ لهم، وأَمَرَتْهم أنْ يشرِكوا بي ما لَم أُنَزِّل به سلطانًا. . . ". الحديث خَرَّجه مسلم (¬3). واختَلَفت الآثارُ في مَن يَموت صغيرًا قبل بلوغ حَدِّ التَّكليفِ، فَفِي هذا الحديث أنَّه قيل له: "أرأيتَ الذي يموتُ وهو صغيرٌ؟ ". وفي بعضِ طرقِه: "أرأيتَ مَن مات قبلَ ذلك؟ -أي قبلَ أنْ يُضِلَّه أبوه-"، فقال: "الله أعلمُ بما كانوا عامِلِين" (¬4). وليس في هذا إِخبارٌ بِمآلِ حالِهم، وإنَّما فيه العلمُ إلى الله سبحانه، أي أنَّ الله تعالى عالِم بما كانوا يعملون لو بَلَغوا حَدَّ التَّكليفِ، فلَه أنْ يُجازِيَهم بذلك إن شاء (¬5). ونحوُ هذا ما رُوي عن عائشةَ قالت: "دُعيَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إلى جنازةِ صَبِيٍّ مِن الأنصار، فقلتُ: يا رسولَ الله طوبَى لهذا، عصفورٌ من عصافِيرِ الجَنَّةِ ¬

_ (¬1) سورة: الزخرف، الآية: (87). (¬2) في الأصل: "فاختالتهم"، بالخاء، وهو خطأ. (¬3) صحيح مسلم كتاب: صفة الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب: الصفات التي يعرف بها في الدنيا أهل الجنة وأهل النار (4/ 2197) (رقم: 2865). (¬4) وهي رواية أبي صالح عن أبي هريرة عند مسلم في صحيحه (4/ 2048) (رقم: 2658). (¬5) انظر: تهذيب السنن لابن القيم (7/ 85)، فإنَّه أجاب عن استدلال من يقول بالوقف في شأنهم بنحو هذا الكلام.

لَم يعملْ السوءَ ولَم يُدرِكْهُ، قال: أَوَ غيرَ ذلك يا عائشة، إنَّ الله تعالى خَلَقَ للجَنَّة أهلًا، خَلَقَهم لَها وهم في أَصلابِ آبائِهم، وحلَقَ للنَّارِ أهلًا، خلقهم لَها وهم في أصلاب آبائهم" خَرَّجه مسلم (¬1). ولَعلَّ هذا القولَ كان قبلَ أن يُوحَى إليه فِيهِم، وقد أُمِرَ أن يقول: {وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ} (¬2)، ولَمَّا أُعلِمَ بعد ذلك بِمآلِهم أَخْبَرَ به (¬3). فمِن ذلك ما رواه حمرة بنُ جُندب أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "أتاني اللّيلةَ آتيان، فقالا لي: انطَلِق! انطلق! . . . "، وذَكَرَ الحديث. وقال فيه: "فأَتَينَا على رَوضَةٍ -وَصَفَها- وإذا بَين ظهرانَي الروضةِ رَجلٌ طويلٌ وإذا حولَه مِن أكثرِ وِلدان رأيتُهم قط وأحسنِه، قال: قلت: ما هذا وما هؤلاء؟ . . . "، وذَكَر كلامًا- ثمَّ قال في تفسيرِ ذلك: "وأمَّا الرَّجلُ الطويلُ الذي في الروضةِ فإنَّه إبراهيمُ عليه السلام، وأمَّا الولدانُ الذين (¬4) حولَه فهو كلُّ مولودٍ مات على الفِطرة. فقيل: يا رسول الله! وأولادُ ¬

_ (¬1) صحيح مسلم (4/ 2059) (رقم: 2662). (¬2) سورة: الأحقاف، الآية: (9). (¬3) وهذا أحد الأجوبة على حديث عائشة رضي الله عنها، قال النووي: "أجمع من يُعتدُّ به من علماء المسلمين على أنَّ من مات من أطفال المسلمين فهو من أهل الجنة؟ لأنَّه ليس مكلَّفًا، وتوقف فيه بعض من لا يُعتدُّ به لحديث عائشة هذا، وأجاب العلماء بأنّه لعله نهاها عن المسارعة إلى القطع من غير أن يكون عندها دليل قاطع، كما أنكر على سعد بن أبي وقاص في قوله: "اعطه إني لأراه مؤمنًا"، قال: أو مسلمًا"، الحديث، ويُحتمل أنَّه - صلى الله عليه وسلم - قال هذا قبل أن يعلم أنَّ أطفال المسلمين في الجنّة، فلما علم قال ذلك. . . ". شرح النووي على صحيح مسلم (16/ 207). (¬4) في الأصل: "الذي".

المشركِين؟ فقال - صلى الله عليه وسلم -: وأولادُ المشركين" خَرَّجه البخاري (¬1). وهذا كحديث الإسراء، ومُقتضاه أنَّ الولدانَ في الجَنَّةِ مع النَّبِيِّين (¬2). وفي حديث خَنساءَ بنتِ معاوية، عن عمِّها قال: سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "النبيُّ في الجَنَّةِ، والشهيدُ في الجَنَّةِ، والمولودُ في الجَنَّةِ، والوَئِيدُ في الجَنَّةِ" خَرَّجه أبو داود، وقاسِمُ بنُ أصبغ، وابنُ أبي شيبة (¬3). ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: التعبير، باب: من لم ير الرؤيا لأول عابر إذا لم يُصب (8/ 417/ 17046) بتمامه مطولا، وساقه في الجنائز، بابٌ (2/ 421) (رقم: 1386) باختلاف في السياق، وفي مواضع أخرى مقطّعًا. (¬2) لم أقف على وجه الشاهد في طرق حديث الإسراء، والله أعلم، ولعلَّ مراد المصنف أنَّه كحديث الإسراء من حيث المعراج ودخول الجنة ولقياه بالأنبياء كموسى وإبراهيم وغيرهما عليهم السلام، وغير ذلك مما وقع في تلك الليلة المباركة، والله أعلم. (¬3) أخرجه أبو داود في السنن كتاب: الجهاد، باب: فضل الشهادة (3/ 33) (رقم: 2521)، وابن أبي شيبة في المسند (ل: 3/ أ)، وأخرجه من طريق قاسم: ابنُ عبد البر في التمهيد (18/ 116). وأخرجه أيضا أحمد في المسند (5/ 58، 409)، وابن أبي خيثمة في التاريخ (2/ ل: 112/ ب)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (2/ ل: 300/ أ)، وابن سنجر في مسنده كما في التذكرة للقرطبي (2/ 324) كلهم من طريق عوف بن أبي جميلة الأعرابي، عن خنساء بنت معاوية الصُّريمية به. وسنده ضعيف، خنساء، ويُقال حسناء -بالحاء المهملة وتقديم السين على النون- لم يوثِّقها أحد، وليس لها إلا هذا الحديث، وقال ابن حجر: "مقبولة". انظر: تهذيب الكمال (35/ 151)، تهذيب التهذيب (12/ 438)، التقريب (رقم: 8560). والحديث قال عنه الحافظ ابن حجر: "إسناده حسن". الفتح (3/ 290). والوئيد: أي الموؤود، فعيل بمعنى مفعول، وهو من فعل الجاهلية، كان إذا ولد لأحدهم في الجاهلية بنت دفنها في التراب وهي حيّة، ومنهم من كان يئد البنين للمجاعة. انظر: النهاية (5/ 143). وللحديث شاهدان: الأول: من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، أخرجه الطبراني في العجم الأوسط (2/ 206) (رقم: 1743) من طريق محمد بن بكار عن إبراهيم بن زياد القرشي عن أبي حازم عن أنس، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وفيه: "المولود في الجنة". وسنده ضعيف، إبراهيم بن زياد القرشي قال عنه العقيلي: "شيخ يحدث عن الزهري وعن هشام بن عروة، فيحمل حديث الزهري عن (كذا، ولعله: على) هشام بن عروة، وحديث هشام بن عروة عن (كذا، ولعله: على) الزهري، ويأتي أيضًا مع هذا عنهما. مما لا يُحفظ". الضعفاء (1/ 53). وقال الذهبي: "لا يُعرف من ذا". الميزان (1/ 32). وأبو حازم ذكره الذهبي في المقتنى (1/ 164)، ولم يسمه، ولم يذكر فيه شيئا. والثاني: من حديث الأسود بن سريع رضى الله عنه، أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (1/ 286) (رقم: 838) عن البزار عن محمد بن عقبة السدوسي ثنا سلام بن سليمان ثنا عمران القطان عن قتادة عن الحسن عن الأسود بن سريع رضى الله عنه قال: قيل: يا رسول الله مَن في الجنة؟ قال: "النبي في الجنة والمولود في الجنة". وسنده ضعيف، محمد بن عقبة السدوسي قال عنه أبو حاتم: "ضعيف الحديث، كتبت عنه ثم تركت حديثه، فليس نحدّث عنه". وقال ابن أبي حاتم: "ترك أبو زرعة حديثه ولم يقرأه علينا، وقال: لا أحدث عنه". وقال البرذعي: قلت (لأبي زرعة): "محمد بن عقبة هو واهٍ؟ قال: ليس بشيء". وذكره ابن حبان في الثقات (9/ 100). انظر: الجرح والتعديل (8/ 36)، أسئلة البرذعي (2/ 449). وسلام بن سليمان لم أجد له ترجمة، ولعله تصحّف. وعمران القطان هو عمران بن حطان، السدوسي. قال عنه الحافظ: "صدوق إلا أنه كان على مذهب الخوارج، ويقال: رجع عن ذلك". التقريب (رقم: 5152). وقتادة هو ابن دعامة السدوسي مدلس وقد عنعن. وكذا شيخه الحسن البصري، ولم يسمع من الأسود بن سريع، قاله علي بن المديني، ويحيى بن معين. انظر: المعرفة والتاريخ (2/ 54)، التاريخ (4/ 322 - رواية الدوري)، الثقات لابن حبان (3/ 8). وبالجملة فالحديث بهذه الطرق قد يرتقى إلى الحسن لغيره، والله أعلم. ويشهد له بالمعنى أيضا حديث أنس رضى الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "سألت ربي عن اللاهين من ذرية البشر ألا يعذّبهم فأعطانيهم". حسّنه الحافظ في الفتح (3/ 290)، والشيخ الألباني في الصحيحة (4/ 502) (رقم: 1881). وقال ابن عبد البر: "إنما قيل للأطفال اللاهين؛ لأن أعمالهم كاللهو واللعب من غير عقد ولا عزم، من قولهم: لهيت عن الشيء أي لم أعتمده كقوله: {لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ}. التمهيد (18/ 117).

وهذه أَخبارٌ تَعُمُّ جميعَ الأطفالِ، أولادُ المؤمنين وأولادُ الكافرِين، وأمَّا ما يَخُصُّ أولادَ المؤمنين فكثير، مِن ذلك حديثُ أنسٍ قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - (¬1): "ما مِن الناسِ مسلمٌ يموت له ثلاثةٌ من الولَدِ لَم يبلُغُوا الحِنثَ إلّا أدخله الله الجَنَّةَ بفضلِ رحمتِه إيّاهم"، خَرَّجه البخاري (¬2). وخَرَّج النسائي عن أبي هريرةَ نحوَه وزاد فيه: "قال: يُقال لهم: ادخُلُوا الجَنَّةَ، فيقولون: لا، حتى يَدخلَ أبوانا. فيُقال لهم: ادخلُوا الجَنَّةَ أنتم وآباؤكم" (¬3). وقد وَرَدَ في أولادِ الكفَّارِ أنَّهم خَدَمٌ لأَهلِ الجَنَّةِ (¬4)، وجاء أنَّهم ¬

_ (¬1) في الأصل زيادة: "قال" بعد - صلى الله عليه وسلم -. (¬2) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الجنائز، باب: فضل من مات له ولد فاحتسب (2/ 381) (رقم: 1248)، وفي باب: ما قيل في أولاد المشركين (2/ 420) (رقم: 1381). (¬3) أخرجه النسائي في السنن كتاب: الجنائز، باب: من يتوفي له ثلاثة (4/ 25)، وابن عبد البر في التمهيد (18/ 113) من طريق عوف بن أبي جميلة الأعرابي، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة به. وسنده صحيح. (¬4) ورد ذلك من حديث أنس وسمرة بن جندب رضي الله عنهما: أما حديث أنس: فأخرجه الطيالسي في المسند (ص: 282)، وأبو يعلى في المسند (4/ 142) (رقم: 4076)، وابن عبد البر في التمهيد (18/ 118) من طريق الأعمش. وأبو نعيم في الحلية (6/ 308) من طريق الربيع بن صبيح، كلاهما عن يزيد الرقاشي، عن أنس. وسنده ضعيف، يزيد بن أبان الرقاشي قال عنه الحافظ: "زاهد ضعيف". التقريب (رقم: 7683). وتابعه علي بن زيد بن جُدعان وهو ضعيف كما تقدّم (ص: 73)، أخرجه من طريقه البزار في المسند (3/ 31) (رقم: 2170 - كشف الأستار-)، وضعَّفه الحافظ في الفتح (3/ 290). وأما حديث سمرة بن جندب: فأخرجه البزار في مسنده (3/ 31) (رقم: 2172 - كشف الأستار)، وفي إسناده عبَّاد بن منصور، وهو ضعيف، وتقدّم (2/ 408). وذكر الشيخ الألباني أنّ ابن منده رواه في المعرفة تعليقًا قال: حدّث إبراهيم بن المختار، عن محمد بن إسحاق، عن يزيد بن أبي حبيب، عن سنان بن سعد، عن أبي مالك به. والحديث صححه الألباني بمجموع طرقه وشواهد. انظر: الصحيحة (3/ 452) (رقم: 1468).

يُمتَحنون يومَ القيامةِ بالأمرِ بدخول النَّارِ (¬1)، ورُويَ أنَّهم مع آبائِهم، وهذا في أحكام الدنيا خاصَّة (¬2)، ولولَا شرط الاختصارِ لتَقَصَّينَا تلكَ الأخبارِ، والأصلُ ما ذكرناه وما صحَّ مِن الآثارِ، وقَلَّ ما يُخالِفُ معناه (¬3). ¬

_ (¬1) رُوي ذلك من حديث أبي سعيد الخدري، وأنس، ومعاذ. أما حديث أبي سعيد: فأخرجه البزار في المسند (3/ 34) (رقم: 2176 - كشف الأستار-)، وابن عبد البر في التمهيد (18/ 127) من طريق فضيل بن مرزوق، عن عطية بن سعد، عن أبي سعيد. وسنده ضعيف، عطية بن سعد العوفي قال عنه الحافظ: "صدوق يخطئ كثيرًا، وكان شيعيًا مدلِّسًا". التقريب (رقم: 4616). قلت: وكان يأخذ التفسير عن الكلبي -وهو متروك-، ويكنِّيه بأبي سعيد، وهذا وجه تدليسه. انظر: تهذيب الكمال (20/ 147). وأمَّا حديث أنس: فأخرجه البزار في مسنده (3/ 34) (رقم: 2177 - كشف الأستار)، وابن عبد البر في التمهيد (18/ 128) من طريق ليث بن أبي سليم، عن عبد الوارث، عن أنس. وسنده ضعيف، ليث بن أبي سليم ضعيف، وتقدّم (ص: 295). وأما حديث جابر: فأخرجه الطبراني في المعجم الكبير (20/ 83) (رقم: 158)، والأوسط (8/ 57) (رقم: 7955)، ومسند الشاميين (3/ 257) (رقم: 2205) من طريق عمرو بن واقد، عن يونس بن حلبس، عن أبي إدريس، عن معاذ. وسنده ضعيف جدًّا، فيه عمرو بن واقد الدمشقي، قال عنه الحافظ: "متروك". التقريب (رقم: 5132). وبالجملة فالأحاديث في أنهم يُمتحنون ضعيفة، والله أعلم. وذكرها الحافظ ابن حجر في الفتح وسكت عنها، ثم قال: "وصحت مسألة الامتحان في حق المجنون ومن مات في الفترة من طرق صحيحة". الفتح (3/ 290). (¬2) وذلك مثل حديث الصعب بن جثامة قال: "مرَّ بي النبي - صلى الله عليه وسلم - بالأبواء -أو بودان- وسئل عن أهل الدار يُبيّتون من المشركين، فيُصاب من نسائهم وذراريهم، قال: هم منهم". أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الجهاد، باب: أهل الدار يُبيّتون، فيُصاب الولدان والمشركين (4/ 345) (رقم: 3012)، ومسلم في صحيحه كتاب: الجهاد، باب: جواز قتل النساء والصبيان في البيات من غير تعمّد (3/ 1364) (رقم: 1745). وهذا في أحكام الدنيا خاصة كما قال المصنف، فليس على من قتلهم قود ولا دية؛ لأنَّهم أولاد من لا دية له في قتله. وانظر: التمهيد (18/ 121). (¬3) أي أنَّ الأصح في ذلك أنَّهم في الجئة للآثار التي ذكرها المصنِّف كحديث الولدان الذين كانوا مع =

381/ حديث: "لا تقومُ الساعةُ حتى يَمرَّ الرَّجلُ بقَبر الرَّجلِ فيقول: يا لَيتَنِي مكانَه". في الباب (¬1). 382/ حديث: "إيَّاكم والوِصال. . . "، مَرَّتين. فيه: "إنِّي أبِيتُ يُطعِمُني ربِّي ويَسقِينِ". في الصِّيام (¬2). وانظره لنافعٍ، عن ابن عمر (¬3). 383/ حديث: "الصيامُ جُنَّةٌ، فإذا كان أحدُكم صائِمًا فلَا يَرْفثْ ولَا يَجْهَل. . . ". وذَكَرَ قولَه عندَ المقاتَلَةِ والمشاتَمَةِ: "إنِّي صائِمٌ". ¬

_ = إبراهيم، وكذا حديث خنساء عن عمّها، وغيرهم، وهذا أحد الأقوال المروية عن السلف، وهو ظاهر اختيار البخاري في صحيحه كما في الفتح (3/ 290)، وقال النووي: "وهو الصحيح الذي ذهب إليه المحقِّقون"، ثم أورد الأدلة الدالة على ذلك، ومنها ما تقدّم عند المصنف، انظر: شرح صحيح مسلم (16/ 208). (¬1) الموطأ كتاب: الجنائز، باب: جامع الجنائز (2/ 208) (رقم: 53). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الفتن، باب: لا تقوم الساعة حتى يُغبط أهل القبور (8/ 438) (رقم: 7115) من طريق إسماعيل بن أبي أويس. ومسلم في صحيحه كتاب: الفتن وأشراط الساعة، باب: لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل فيتمنى أن يكون مكان الميت من البلاء (4/ 2231) (رقم: 157) من طريق قتيبة. وأحمد في المسند (2/ 236) من طريق ابن مهدي، ثلاثتهم عن مالك به. (¬2) الموطأ كتاب: الصيام، باب: النهي عن الوصال في الصيام (1/ 249) (رقم: 39). وأخرجه أحمد في المسند (2/ 237) من طريق ابن مهدي. والدارمي في السنن كتاب: الصوم، باب: النهي عن الوصال في الصيام (2/ 14) (رقم: 1703) من طريق خالد بن مخلد، كلاهما عن مالك به. (¬3) تقدّم حديثه (2/ 382).

في جامع الصيام (¬1). 384/ حديث: "لَخُلُوفُ فَمِ الصائِمِ أَطْيَبُ عندَ اللهِ مِن ريحِ المِسكِ، إنَّما يَذَرُ شهوتَه وطعامَه وشرابَه مِن أجلِي. . . ". في الباب، آخر الصيام (¬2). هكذا قال فيه يحيى بنُ يحيى وطائفة، وَصَلوا قولَه: "إنَّما يَذَر شهوتَه" بأوَّلِ الحديث، وجَعَلوا الكلَّ نَسَقًا واحدًا (¬3). وفَصَله ابنُ وهبٍ وجماعةٌ، قالوا فيه: "قال الله تعالى: إنَّما يَذَر شهوتَه"، وهو الصحيحُ (¬4). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الصيام، باب: جامع الصيام (1/ 255) (رقم: 57). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الصوم، باب: فضل الصوم (2/ 584) (رقم: 1894) من طريق القعنبي. وأبو داود في السنن كتاب: الصوم، باب: الغيبة للصائم (2/ 768) (رقم: 2363) من طريق القعنبي. والنسائي في السنن الكبرى كتاب: الصيام، باب: ما يؤمر به الصائم من ترك الرفث والصخب (2/ 239) (رقم: 3253) من طريق ابن القاسم. وأحمد في المسند (2/ 465) من طريق إسحاق الطبّاع، ثلاثتهم عن مالك به. (¬2) الموطأ كتاب: الصيام، باب: جامع الصيام (1/ 256) (رقم: 58). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الصوم، باب: فضل الصوم (2/ 584) (رقم: 1894) من طريق القعنبي. وأحمد في المسند (2/ 465، 516) من طريق إسحاق الطبّاع وروح بن عبادة. (¬3) تابع يحيى الليثي على وصل الحديث كلّه: - القعنبيُّ في موطئه (ص: 229)، ومن طريقه البخاري. - وأبو مصعب الزهري (1/ 329) (رقم: 854)، وسويد بن سعيد (ص: 432) (رقم: 992). - وروح، عند أحمد. (¬4) لم أقف على رواية ابن وهب، وتابعه: - يحيى بن بكير (ل: 57/ ب -نسخة الظاهرية-). =

385/ حديث: "مَثلُ المجاهدِ في سبيلِ الله كمَثَلِ الصائِمِ القائِمِ الدائِمِ الذي لا يفْتُر. . . ". في أوَّل الجهاد، باب: التَّرغيب في الجهاد (¬1). 386/ حديث: "تَكفَّل اللهُ تعالى لِمنْ جاهَدَ في سَبيلِه لا يُخرِجُه مِن بَيتِه إلّا الجِهادُ في سبيلِه وتصديقُ كلماتِه. . . ". في الباب (¬2). 387/ حديث: "لَوَدِدتُ أنِّي أقاتِلُ في سبيلِ الله فأُقتَلُ. . . "، كَرَّرَ القتلَ ثلاثًا. في باب: الشهداء، مختصر (¬3). ¬

_ = - وابن القاسم (ل: 44/ ب)، ولم تُذكر كلمة "يقول الله" في تلخيص القابسي (ص: 365). - وإسحاق الطباع، عند أحمد. ويؤيّده ما أخرجه سعيد بن منصور كما في الفتح (4/ 128) عن مغيرة بن عبد الرحمن عن أبي الزناد، قال في أول الحديث: "يقول الله عزَّ وجلَّ". وقال ابن حجر عن رواية القعنبي ومن تابعه: "ولم يصرح بنسبته إلى الله للعلم به، وعدم الإشكال". الفتح (4/ 128). (¬1) الموطأ كتاب: الجهاد، باب: الترغيب في الجهاد (2/ 355) (رقم: 1). وأخرجه أحمد في المسند (2/ 465) من طريق إسحاق الطبّاع عن مالك به. (¬2) الموطأ كتاب: الجهاد، باب: الترغيب في الجهاد (2/ 355) (رقم: 2). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: فرض الخمس، باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أُحلَّت لكم الغنائم" (4/ 381) (رقم: 3123)، وفي التوحيد باب: ما جاء في تخليق السماوات والأرض وغيرها من الخلائق (8/ 546) (رقم: 7457) من طريق إسماعيل بن أبي أويس، وفي باب: قول الله تعالى {قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي. . .} (8/ 551) (رقم: 7463) من طريق عبد الله بن يوسف. والنسائي في السنن كتاب: الجهاد، باب: ما تكفّل الله عزَّ وجلَّ لمن يحاهد في سبيله (6/ 16) من طريق ابن القاسم، ثلاثتهم عن مالك به. (¬3) الموطأ كتاب: الجهاد، باب: الشهداء في سبيل الله (2/ 367) (رقم: 27). =

وهو طَرَفٌ من حديثِ أبي صالح عنه، انظرْه في آخِرِ حديثِه (¬1). 388/ حديث: "يَضحكُ اللهُ تعالى إلى رَجلَينِ يَقتلُ أحدُهما الآخَرَ كلاهما يَدخلُ الجَنَّةَ. . . ". في الباب (¬2). 389/ حديث: "لا يُكْلَمُ أحدٌ في سبيلِ الله والله أعلمُ بمَن يُكْلَمُ في سبيلِه إلَّا جاء يومَ القيامةِ. . . ". في الباب (¬3). 390/ حديث: "لا يُجمعُ بَين المرأةِ وعمَّتِها. . . ". وذَكَرَ الخَالَةَ. في النكاح (¬4). ¬

_ = وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: التمني، باب: ما جاء في التمني ومن تمنى الشهادة (8/ 474) (رقم: 7227) من طريق عبد الله بن يوسف عن مالك به. (¬1) سيأتي حديثه (3/ 453). (¬2) الموطأ كتاب: الجهاد، باب: الشهداء في سبيل الله (2/ 367) (رقم: 28). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الجهاد، باب: الكافر يقتل المسلمَ ثم يسلمُ فيسدَّد بعد ويُقتل (3/ 285) (رقم: 2826) من طريق عبد الله بن يوسف. والنسائي في السنن كتاب: الجهاد، باب: تفسير ذلك (أي اجتماع القاتل والمقتول في سبيل الله في الجنة) (6/ 38) من طريق ابن القاسم. (¬3) الموطأ كتاب: الجهاد، باب: الشهداء في سبيل الله (2/ 367) (رقم: 29). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الجهاد، باب: من يُجرح في سبيل الله عزَّ وجلَّ (3/ 277) (رقم: 2803) من طريق عبد الله بن يوسف عن مالك به. (¬4) الموطأ كتاب: النكاح، باب: ما لا يُجمع بينه من النساء (2/ 420) (رقم: 20). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: النكاح، باب: لا تُنكح المرأة على عمتها (6/ 451) (رقم: 5109) من طريق عبد الله بن يوسف. =

391 / حديث: "مَطْلُ الغنِيِّ ظُلمٌ. . . ". وذكَرَ الإِتِبَاعَ. في البيوع، باب: الدَّيْنِ والحِوَلِ (¬1). 392/ حديث: "لا تَلَقَّوا الرّكبان للبيعِ، ولا يَبِعْ بعضكم على بَيعِ بعضٍ. . . ". وفيه ذِكرُ النَّجْشِ، وبيع الحاضِر للبادي، والمُصَرَّاة، خمسةُ فصولٍ. في آخِر البيوع (¬2). ¬

_ = ومسلم في صحيحه كتاب: النكاح، باب: تحريم الجمع بين المرأة وعمّتها وخالتها في النكاح (2/ 1028) (رقم: 1408) من طريق القعنبي. والنسائي في السنن كتاب: النكاح، باب: تحريم الجمع بين المرأة وعمّتها (6/ 96) من طريق معن. وأحمد في المسند (2/ 462، 465، 529، 532) من طريق ابن مهدي، وإسحاق الطبّاع، وروح بن عبادة، وعثمان بن عمر، وحماد بن خالد. والدارمي في السنن كتاب: النكاح، باب: الحال التي يجوز للرجل أن يخطب فيها (2/ 183) (رقم: 2179) من طريق عبيد الله بن عبد المجيد الحنفي، تسعتهم عن مالك به. (¬1) الموطأ كتاب: البيوع، باب: جامع الدَّين والحول (2/ 520) (رقم: 84). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الحوالات، باب: في الحوالة وهل يرجع في الحوالة (3/ 78) (رقم: 2287) من طريق عبد الله بن يوسف. ومسلم في صحيحه كتاب: المساقاة، باب: تحريم مطل الغني، وصحة الحوالة، واستحباب قبولها إذا أحيل على مليّ (3/ 1197) (رقم: 1564) من طريق يحيى النيسابوري. وأبو داود في السنن كتاب: البيوع، باب: في المطل (3/ 640) (رقم: 3345) من طريق القعنبي. والنسائي في السنن كتاب: البيوع، باب: الحوالة (7/ 317) من طريق ابن القاسم. وأحمد في المسند (2/ 380، 465) من طريق الشافعي وإسحاق الطبّاع. والدارمي في السنن كتاب: البيوع، باب: مطل الغني ظلم (2/ 338) (رقم: 2586) من طريق خالد بن مخلد، ستتهم عن مالك به. (¬2) الموطأ كتاب: البيوع، باب: ما يُنهى عنه من المساومة والمبايعة (2/ 526) (رقم: 96). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: البيوع، باب: النهي للبائع أن لا يحفل الابل والبقر. . (3/ 37) (رقم: 2150) من طريق عبد الله بن يوسف. =

393/ حديث: "لا يُمنعُ فضلُ الماءِ ليُمنعَ به الكَلأُ". في الأقضية (¬1). 394/ حديث: "تحاجَّ آدمُ وموسى، فحَجَّ آدمُ موسَى. . . ". فيه قولُه: "أنتَ آدمُ الذي أغويتَ الناسَ، وأخرجتَهم من الجَنَّةِ"، وقولُ آدم: "أَفَتَلُومُنِي على أَمرٍ قد قُدّرَ عَليَّ قبلَ أن أُخْلَقَ". في الجامع، باب: القَدَر (¬2). قال الشيخ أبو العبّاس رضي الله عنه: خَرَجَ اللَّومُ على مآلِ الذَّنْبِ، فلِذلك احتجَّ آدمُ بالقدَرِ الَّذي هو فِعلُ الله سبحانه. ¬

_ = ومسلم في صحيحه كتاب: البيوع، باب: تحريم بيع الرجل على بيع أخيه وسومه على سومه (3/ 1155) (رقم: 1515) من طريق يحيى النيسابوري. وأبو داود في السنن كتاب: البيوع، باب: من اشترى مصراة فكرهها (3/ 722) (رقم: 3443) من طريق القعنبي. والنسائي في السنن كتاب: البيوع، باب: بيع الحاضر للبادي (7/ 256) من طريق قتيبة. وأحمد في المسند (2/ 465) من طريق إسحاق الطبّاع، خمستهم عن مالك به. (¬1) الموطأ كتاب: الأقضية، باب: القضاء في المياه (2/ 571) (رقم: 29). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: المساقاة، باب: من قال: إن صاحب الماء أحق بالماء حتى يروي (3/ 106) (رقم: 2353) من طريق عبد الله بن يوسف، وفي الحيل، باب: ما يكره من الاحتيال في البيوع (8/ 388) (رقم: 6962) من طريق إسماعيل بن أبي أويس. ومسلم في صحيحه كتاب: المساقاة، باب: تحريم بيع فضل الماء. . (2/ 1198) (رقم: 1566) من طريق يحيى النيسابوري. والنسائي في السنن الكبرى كتاب: إحياء الموات، باب: المانع فضله (3/ 407) (رقم: 5774) من طريق ابن القاسم، أربعتهم عن مالك به. (¬2) الموطأ كتاب: القدر، باب: النهي عن القول بالقدر (2/ 685) (رقم: 1). وأخرجه مسلم في صحيحه كتاب: القدر، باب: احتجاج آدم وموسى عليهما السلام (4/ 2043) (رقم: 2652) من طريق قتيبة عن مالك به.

395/ حديث: "لا تَسألِ المرأة طلاقَ أختِها. . . ". فيه: "فإنَّما لَها ما قُدِّر لَها". مختصرٌ، في أبواب القَدَر (¬1). 396/ حديث: "إيَّاكم والظَّنَّ، فإنَّ الظنَّ أكذبُ الحديثِ. . . ". وذَكرَ النَّهيَ عن سِتةٍ: التَّحَسُّس، والتَّجَسُّس (¬2)، والتَّنافُس، والتحاسد، والتباغض، والتدابر، وفي آخِرِه: "وكونوا عبادَ الله إخوانًا". في الجامع، باب: المهاجرة (¬3). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: القدر، باب: جامع ما جاء في القدر (2/ 687) (رقم: 7). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: القدر، باب: وكان أمر الله قدرا مقدورا (7/ 270) (رقم: 6600) من طريق عبد الله بن يوسف. وأبو داود في السنن كتاب: الطلاق، باب: في المرأة تسأل زوجها طلاق امرأة له (2/ 630) (رقم: 2176) من طريق القعنبي. والنسائي في السنن الكبرى كتاب: عشرة النساء، باب: مسألة المرأة طلاق أختها (5/ 385) (رقم: 9212) من طريق قتيبة، ثلاثتهم عن مالك به. (¬2) التحسّس بالحاء، والتجسّس بالجيم، قيل: هما لفظتان معناهما واحد. وقيل: بالجيم أن يطلبه لغيره، وبالحاء أن يطلبه لنفسه. وقيل: بالجيم السؤال عن عورات الناس، وبالحاء الاستماع وتولي ذلك بنفسه. انظر: مشارق الأنوار (1/ 160)، النهاية (1/ 272). (¬3) الموطأ كتاب: حسن الخلق، باب: ما جاء في المهاجرة (2/ 692) (رقم: 15). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الأدب، بابٌ (7/ 117) (رقم: 6066) من طريق عبد الله بن يوسف. ومسلم في صحيحه كتاب: البر والصلة، باب: تحريم الظن. . (4/ 1985) (رقم: 2563) من طريق يحيى النيسابوري. وأبو داود في السنن كتاب: الأدب، باب: في الظن (5/ 266) (رقم: 4917) من طريق القعنبي. وأحمد في المسند (2/ 465، 517) من طريق إسحاق الطبّاع وروح، خمستهم عن مالك به.

وليس فيه ذِكرُ الهَجْر (¬1). 397/ حديث: "لا يَنظر الله يومَ القيامة إلى مَن يَجرُّ إزارَه بَطَرًا". في الجامع، باب: الإسبال (¬2). 398/ حديث: "لا يَمْشِيَنَّ أحدُكم في نَعْلٍ واحدةٍ. . . ". في الجامع، باب: الانتعال (¬3). 399/ حديث: "إذا انتعَلَ أحدُكم فليبدأ باليمين. . . ". وذَكَرَ النَّزعَ. في الباب (¬4). ¬

_ (¬1) وأورده مالك في باب: المهاجرة، وأورد قبله حديث أنس المتقدِّم (2/ 51) بنحو حديث الباب، وفيه: "ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلات". (¬2) الموطأ كتاب: اللباس، باب: ما جاء في إسبال الرجل ثوبه (2/ 697) (رقم: 10). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: اللباس، باب: من جر ثوبه من الخيلاء (7/ 44) (رقم: 5788) من طريق عبد الله بن يوسف عن مالك به. (¬3) الموطأ كتاب: اللباس، باب: ما جاء في الانتعال (2/ 698) (رقم: 14). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: اللباس، باب: لا يمشي في نعل واحدة (7/ 64) (رقم: 5856) من طريق القعنبي. ومسلم في صحيحه كتاب: اللباس والزينة، باب: استحباب لبس النعال في اليمنى أولا. . وكراهية المشي في نعل واحدة (3/ 1660) (رقم: 2097) من طريق يحيى النيسابوري. وأبو داود في السنن كتاب: اللباس، باب: الانتعال (4/ 376) (رقم: 4136) من طريق القعنبي. والترمذي في السنن كتاب: اللباس، باب: كراهية المشي في النعل الواحدة (4/ 213) (رقم: 1774) من طريق قتيبة ومعن، أربعتهم عن مالك به. (¬4) الموطأ كتاب: اللباس، باب: ما جاء في الانتعال (2/ 698) (رقم: 15). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: اللباس، باب: ينزع نعل اليسرى (7/ 64) (رقم: 5855) من طريق القعنبي. وأبو داود في السنن كتاب: اللباس، باب: في الانتعال (4/ 377) (رقم: 4139) من طريق القعنبي. =

400/ حديث: "نهى عن لِبْسَتين وعن بَيعَتَين. . . ". وفَسَّرَهما. في الجامع، في أبواب اللّباس (¬1). ليس فيه ذِكرُ الصلاةِ ولا الصومِ، وفي البيوع طَرَفٌ منه بزيادةٍ في السَّند، وسيأتي ذِكر ذلك إن شاء الله تعالى (¬2). 401/ حديث: "ليس المسكينُ بهذا الطوَّافِ الذي يطوفُ على الناسِ. . . ". في الجامع، باب: المساكين (¬3). 402/ حديث: "يأكلُ المسلمُ في مِعًى واحد والكافرُ يأكلُ في سبعةِ أمعاء". ¬

_ = والترمذي في السنن كتاب: اللباس، باب: بأي رجل يبدأ إذا انتعل (4/ 215) (رقم: 1779) من طريق معن وقتيبة. وأحمد في المسند (2/ 465) من طريق إسحاق الطبّاع، أربعتهم عن مالك به. (¬1) الموطأ كتاب: اللباس، باب: ما جاء في لبس الثياب (2/ 699) (رقم: 17). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: اللباس، باب: الاحتباء في ثوب واحد (7/ 54) (رقم: 5821) من طريق إسماعيل بن أبي أويس. عزاه المزي في تحفة الأشراف (10/ 192) لمسلم في صحيحه من طريق قتيبة، كلاهما عن مالك به. (¬2) انظر: (3/ 403). (¬3) الموطأ كتاب: صفة النبي - صلى الله عليه وسلم -، باب: ما جاء في المساكين (2/ 704) (رقم: 7). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الزكاة، باب: قوله الله تعالى: {لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا} (2/ 457) (رقم: 1479) من طريق إسماعيل بن أبي أويس. والنسائي في السنن كتاب: الزكاة، باب: تفسير المسكين (5/ 85) من طريق قتيبة، كلاهما عن مالك به.

في الجامع، مختصرًا (¬1). ليس فيه ذِكرُ الضيفِ، انظره لأبي صالح عنه (¬2). 403/ حديث: "طعامُ الاثنين كافي الثلاثةِ، وطعامُ الثلاثةِ كافي الأربعةِ. . . ". في الجامع، باب: الطعام والشراب (¬3). هكذا قال أبو هريرة. وقال فيه جابرٌ: "طعامُ الواحدِ يكفي الاثنينِ، وطعامُ الاثنين يكفِي الأربعةَ، وطعامُ الأربعةِ يكفي الثمانيةَ"، خرَّجه مسلم (¬4). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: صفة النبي - صلى الله عليه وسلم -، باب: ما جاء في معى الكافر (2/ 704) (رقم: 9). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الأطعمة، باب: المؤمن يأكل في معًى واحد (6/ 545) (رقم: 5396) من طريق إسماعيل بن أبي أويس عن مالك به. (¬2) سيأتي حديثه (3/ 427). (¬3) الموطأ كتاب: صفة النبي - صلى الله عليه وسلم -، باب: ما جاء في الطعام والشراب (2/ 707) (رقم: 20). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الأطعمة، باب: طعام الواحد يكفي الاثنين (6/ 544) (رقم: 5392) من طريق عبد الله بن يوسف، وإسماعيل بن أبي أويس. ومسلم في صحيحه كتاب: الأشربة، باب: فضيلة المواساة في الطعام القليل ... (3/ 1630) (رقم: 2058) من طريق يحيى النيسابوري. والترمذي في السنن كتاب: الأطعمة، باب: ما جاء في طعام الواحد يكفي الاثنين (4/ 235) (رقم: 1820) من طريق معن وقتيبة. والنسائي في السنن الكبرى كتاب: آداب الأكل، باب: كم يكفي طعام الواحد (4/ 178) (رقم: 6773) من طريق قتيبة ومعن، خمستهم عن مالك به. (¬4) صحيح مسلم (4/ 1630) (رقم: 2059). قال ابن حجر: "الجامع بين الحديثين أن مطلق طعام القليل يكفى الكثير لكن أقصاه الضعف، وكونه يكفي مثله لا ينفي أن يكفى دونه، نعم كون طعام الواحد يكفي الاثنين يؤخذ منه أن =

404/ حديث: "رأسُ الكفرِ نحوَ المشرِق، والفَخرُ والخيلاءُ في أهل الخَيلِ والإِبلِ. . . ". فيه: "والسَّكينةُ أهلِ الغَنَمِ". في الجامع، في أمر الغَنَم (¬1). 405/ حديث: "لا يقولَنُّ أحدُكم: يا خيبةَ الدَّهرِ. . . ". في الجامع عند آخره، باب: ما يُكره من الكلام (¬2). قال فيه سعيدُ بنُ هشام، عن مالك بهذا الإسناد: "لا تسبُّوا الدَّهرَ"، ذكره الجوهري (¬3)، وهو المحفوظُ عن أبي هريرة (¬4). ¬

_ = طعام الإثنين يكفي الثلاثة بطريق الأولى بخلاف عكسه". الفتح (9/ 445). وقيل: العدد ليس على التحديد، وإنما الراد المواساة في الطعام، وأنه وإن كان قليلا حصلت الكفاية المقصودة. انظر: شرح صحيح مسلم (14/ 33)، شرح الطيبي على المشكاة (8/ 143)، طرح التثريب (6/ 15)، الفتح (9/ 446). (¬1) الموطأ كتاب: الاستئذان، باب: ما جاء في أمر الغنم (2/ 739) (رقم: 15). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: بدء الخلق، باب: خير مال السلم غنم يتبع بها شعب الجبال (4/ 439) (رقم: 3301) من طريق عبد الله بن يوسف. ومسلم في صحيحه كتاب: الإيمان، باب: تفاضل أهل الإيمان فيه ورجحان أهل اليمن فيه (1/ 72) (رقم: 52) من طريق يحيى النيسابوري، كلاهما عن مالك به. (¬2) الموطأ كتاب: الكلام، باب: ما يُكره من الكلام (2/ 751) (رقم: 3). (¬3) لعله في مسند ما ليس في الموطأ، وأخرجه من هذا الطريق ابن عبد البر في التمهيد (18/ 152). وسنده ضعيف، سعيد بن هشام -ويقال: هاشم- المخزومي نزيل مصر، توفي بالفيّوم من صعيد مصر. قال الدارقطني: "ضعيف الحديث". وقال ابن عدي: "مدنى ليس بمستقيم الحديث". وقال الخطيب: "حدّث عن مالك بن أنس ونافع بن أبي نعيم أحاديث مناكير". انظر: الكامل (3/ 406)، المتفق والمفترق (2/ 1081)، تاريخ دمشق (21/ 317)، الميزان (2/ 351)، اللسان (3/ 46). (¬4) أخرجه مسلم في صحيحه كتاب: الألفاظ من الأدب، باب: النهي عن سب الدهر (4/ 1763) =

قال الشيخ أبو العبّاس رضي الله عنه: كان أهلُ الجاهليةِ إذا أصابَتهم سَنَةٌ أو شِدَّةٌ ذَمُّوا الفاعلَ لذلك، واعتقَدوا أنَّه الدَّهرُ كقولِهم: {وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ} (¬1)، فأخبَرَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّ الله سبحانه هو الفاعِلُ لذلكَ الذي تُسمُّونَه الدَّهرَ جهلًا وإِلحادًا، فكأنه يقول: لا تَسبُّوا الدَّهرَ لفعلٍ يظهرُ فيه تأسِيًا بأهل الجاهلية، فإنَّ السَّبَّ يعود إلى الفاعِلِ بِمقتضَى المَقصِدِ المذكورِ، والفاعلُ هو اللَّه سبحانه، أيْ أنَّ الله جلَّ جلاله هو المعنيُّ بهذا الاسمِ في هذه الحالِ، لا أنَّه يقعُ عليه حقيقةً (¬2). 406/ حديث: "مِن شرِّ الناس ذو الوجهَين. . . ". مختصرٌ. في الجامع، عند آخِرِه (¬3). ¬

_ = (رقم: 2246) من طريق ابن سيرين عن أبي هريرة بلفظ: "لا تسبّوا الدّهر". لكن تابع مالكًا على لفظه جماعةٌ: أخرجه مسلم من طريق المغيرة بن عبد الرحمن. وأحمد في المسند (2/ 394) من طريق سفيان بن عيينة. والطبراني في مسند الشاميين (4/ 272) (رقم: 3357) من طريق شعيب بن أبي حمزة ثلاثتهم عن أبي الزناد به كلفظ مالك في الموطأ. وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الأدب، باب: لا تسبوا الدهر (7/ 150) (رقم: 6182) من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة بلفظ حديث مالك في الموطأ. والذي يظهر أن اللفظين محفوظان عن أبي هريرة، والصواب عن مالك ما رواه أصحابه الثقات، والله أعلم. (¬1) سورة: الجاثية، الآية: (24). (¬2) انظر: المقدمة قسم الدراسة، عقيدة المصنف (1/ 93). (¬3) الموطأ كتاب: الكلام، باب: ما جاء في إضاعة المال، وذي الوجهين (2/ 756) (رقم: 21). وأخرجه مسلم في صحيحه كتاب: البر والصلة، باب: ذم ذي الوجهين وتحريم فعله (4/ 2011) (رقم: 2526) من طريق يحيى النيسابوري عن مالك به.

407/ حديث: "لا يَقسِمُ ورَثَتِي دنانيرَ. . . ". في الجامع، عند آخره (¬1). هكذا قال يحيى بنُ يحيى: "دنانير"، وسائِرُ الرواة يقولون: "دينارًا" (¬2)، زاد ابنُ وهبٍ: "ولا دِرهمًا" (¬3). 408/ حديث: "نارُ بنِي آدمَ التي يوقِدونَ جُزءٌ مِن سبعين جزءًا. . . ". في الجامع عند آخِرِه (¬4). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الكلام، باب: ما جاء في تركة النبي - صلى الله عليه وسلم - (2/ 758) (رقم: 28). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الوصايا، باب: نفقة القيّم للوقف (3/ 267) (رقم: 2776)، وفي فرض الخمس، باب: نفقة نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد وفاته (4/ 375) (رقم: 3096) من طريق عبد الله بن يوسف، وفي الفرائض، باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا نورث ما تركناه صدقة" (8/ 313) (رقم: 6729) من طريق إسماعيل بن أبي أويس. ومسلم في صحيحه كتاب: الجهاد والسير، باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا نورث ما تركنا فهو صدقة" (3/ 1382) (رقم: 1760) من طريق يحيى النيسابوري. وأبو داود في السنن كتاب: الخراج والإمارة، باب: في صفايا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الأموال (3/ 379) (رقم: 2974) من طريق القعنبي. (¬2) وهي رواية من تقدّم ذكرهم، وانظر الموطأ برواية: - أبي مصعب (2/ 172) (رقم: 2097)، وسويد بن سعيد (ص: 600) (رقم: 1469)، وابن بكير (ل: 269/ أ)، وابن القاسم (ص: 386) (رقم: 372)، وابن وهب كما في الجمع بين روايته ورواية ابن القاسم (ل: 129/ ب)، ومحمد بن الحسن (ص: 252) (رقم: 726). وذكر ابن عبد البر غير هؤلاء ممّن أفرد الدينار، ثم قال: "وهو الصواب؛ لأن الواحد في هذا الموضع أهم عند أهل اللغة، لأنه يقتضي الجنس والقليل والكثير". التمهيد (18/ 171). (¬3) الجمع بين رواية ابن وهب وابن القاسم (ل: 129 ب)، وتابعه: - عبد الله بن يوسف عند البخاري في كتاب الوصايا كما تقدّم. (¬4) الموطأ كتاب: جهنم، باب: ما جاء في صفة جهنم (2/ 759) (رقم: 1). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: بدء الخلق، باب: صفة النار وأنها مخلوقة (4/ 429) (رقم: 3265) من طريق عبد الله بن يوسف عن مالك به.

409/ حديث: "لِيأخذْ أحدُكم حبلَه فيَحطِبَ على ظهرِه خيرٌ مِن أن يأتيَ رجلًا أعطاه الله مِن فضله فيَسأله. . . ". في الجامع، عند آخِرِه (¬1). 410/ الحديث: "الرؤيا الحسنةُ مِن الرجلِ الصالحِ جزءٌ. . . ". في الجامع أيضًا (¬2). ذَكَر متنَه لإسحاقَ، عن أنس، ثمَّ قال: عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مثلَ ذلك. فهو حديثٌ واحد بسنَدَين، اشتَرك فيه أنسٌ وأبو هريرة، وقد تقدَّم ذكرُه، والأَخَر ها هنا ستةٌ وأربعون (¬3). 411/ حديث: "رأى رجلًا يسوقُ بدنةً فقال: ارْكبها. . . ". تَكرَّر الجوابُ، وفي آخِره: "وتِلك في الثانية أو الثالثة". في الحج، باب: ما يجوز من الهَدْيِ (¬4). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الصدقة، باب: ما جاء في التعفف عن المسألة (2/ 763) (رقم: 10). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الزكاة، باب: الاستعفاف عن المسألة (2/ 454) (رقم: 1470) من طريق عبد الله بن يوسف. والنسائي في السنن كتاب: الزكاة، باب: الاستعفاف عن المسألة (5/ 96) من طريق معن بن عيسى، كلاهما عن مالك به. (¬2) الموطأ كتاب: الرؤيا، باب: ما جاء في الرؤيا (2/ 728) (رقم: 1). (¬3) تقدّم ذكره (2/ 36). وقول المصنف: "والأَخَر ها هنا. . . "، لم يتبيّن لي المراد منه، والسياق في بيان أجزاء النبوة، ولعله والجزء ها هنا، والله أعلم. (¬4) الموطأ كتاب: الحج باب: ما يجوز من الهدي (1/ 304) (رقم: 139). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الحج، باب: ركوب البدن (2/ 522) (رقم: 1689) من =

خرّج في الصحيح عن مالك بهذا الإسناد (¬1). وقال زكريا بنُ يحيى الساجي في كتاب الضعفاء: "وهِمَ مالكٌ فيه، إنَّما هو أبو الزناد، عن موسى بن أبي عثمان، عن أبيه، عن أبي هريرة، كذلك رواه الثوري وابن عيينة وعبد الرحمن بن أبي الزناد وغيرُهم"، قال: "ولا يَعْرَى أحدٌ من الخطأ". انتهى قولُه (¬2). ¬

_ = طريق عبد الله بن يوسف، وفي الوصايا، باب: هل ينتفع الواقف بوقفه؟ (3/ 260) (رقم: 2755) من طريق إسماعيل بن أبي أويس، وفي الأدب باب: ما جاء في قول الرجل: ويلك (7/ 144) (رقم: 6060) من طريق قتيبة. ومسلم في صحيحه كتاب: الحج، باب: جواز ركوب البدنة المهداة لمن احتاج إليها (2/ 960) (رقم: 1322) من طريق يحيى النيسابوري. وأبو داود في السنن كتاب: المناسك، باب: في ركوب البدن (2/ 367) (رقم: 1760) من طريق القعنبي. والنسائي في السنن كتاب: الحج، باب: ركوب البدنة (5/ 176) من طريق قتيبة. وأحمد في المسند (2/ 487) من طريق ابن مهدي وإسحاق الطبّاع، ستتهم عن مالك به. (¬1) تقدّم تخريجه. (¬2) انظر: أسماء شيوخ مالك (ل: 61/ أ، ب)، ورواية الثوري لم أقف عليها مسندة، وعزاها إليه أيضًا الدارقطني في الأحاديث التي خولف فيها مالك (ص: 122). وأخرجه ابن ماجه في السنن (2/ 1036) (رقم: 3103)، وأحمد في المسند (2/ 481)، وابن أبي شيبة في المصنف (3/ 359) (رقم: 14922) من طريق الثوري كرواية مالك سواء. قال ابن حجر: "رواه الثوري عن أبي الزناد بالإسنادين". الفتح (3/ 627). - ورواية ابن عيينة عند الحميدي في المسند (439/ 2) (رقم: 1003)، وأحمد في المسند (2/ 245، 464) وابن الجارود في المنتقى (2/ 65) (رقم: 427)، والطحاوي في شرح المعاني (2/ 160)، وابن حبّان في صحيحه (9/ 326) (رقم: 4016)، وابن عبد البر في التمهيد (18/ 297). وقال ابن حجر: "رواه ابن عيينة فقال: عن الأعرج عن أبي هريرة أو عن أبي الزناد عن موسى بن أبي عثمان عن أبيه عن أبي هريرة، أخرجه سعيد بن منصور عنه". الفتح (3/ 627). قلت: وهي بهذا الشك عند أحمد في المسند (2/ 245)، ثم قال: ولم يشك فيه مرة، فقال: عن =

وقال الدارقطني في العلل: "يُشبِه اُن يكون القولان محفوظَين عن أبي الزِّناد. قال: وزَعَمَ الواقديُّ أنَّ مالكًا وَهِم في إسنادِه، وقد تابعه جماعةٌ ثقاتٌ منهم موسى بنُ عقبة وغيرُه" (¬1). قال الشيخ أبو العبّاس رضي الله عنه: وخَرَّج البخاري في الصحيح حديثَ: "لا تصوم المرأةُ بغير إِذنِ زوجِها. . . " لأبي الزِّناد من ¬

_ = موسى بن أبي عثمان، عن أبيه، عن أبي هريرة. - ورواية عبد الرحمن بن أبي الزناد عزاها إليه الدارقطني، وذكر غير هؤلاء ممّن خالف مالكا في إسناده فقال: "خالفه الثوري، وابن عيينة، ونافع بن أبي نعيم، والمغيرة بن عبد الرحمن، وإسحاق بن حازم، رووه عن أبي الزناد عن موسى بن أبي عثمان عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. واختلف عن ابن أبي الزناد فيه: فقال الواقدي عنه عن أبيه عن موسى بن أبي عثمان عن أبيه عن أبي هريرة. وقال غيره عنه مثل قول مالك، والله أعلم". انظر: الأحاديث التي خولف فيها مالك (ص: 122، 123). قلت: لم أقف على روايتي ابن أبي الزناد، والواقدي متروك، ورواية غيره أرجح، وسيأتي ذكر من تابع مالكًا على إسناده. وأما رواية المغيرة بن عبد الرحمن فلم أقف عليها، وأخرجه مسلم كما سيأتي عنه كرواية مالك. (¬1) العلل (10/ 299). وتابع مالكًا على إسناده: - المغيرة بن عبد الرحمن الحزامي، عند مسلم في صحيحه (2/ 960) (رقم: 1322). - وسفيان الثوري وابن عيينة في إحدى الروايتين عنهما كما تقدّم. - وعبد الرحمن بن إسحاق، عند أحمد في المسند (2/ 254)، وأبي يعلى في المسند (6/ 12) (رقم: 6277)، وعبد الرحمن هو ابن إسحاق -ويقال عباد بن إسحاق- وليس بابن أبي الزناد كما هو مبيّن في أطراف المسند (7/ 352). - وموسى بن عقبة وأبو أيوب الأفريقي، ذكرهما الدارقطني في العلل (10/ 297، 298). - وعبد الرحمن بن أبي الزناد من غير رواية الواقدي عنه كما قال الدارقطني في الأحاديث التي خولف فيها مالك.

الطريقين معًا، وهذا يؤيِّدُ ما ذهب إليه أبو الحسن، والله أعلم (¬1). وأبو عثمان والِدُ موسى هو التَبَّان، بتاءٍ معجمةِ بنقطَتين مِن فوقِها، بعدها باءٌ معجمةٌ بواحدةٍ، ونونٌ مُتَطَرِّفَة (¬2)، ذَكرَه مسلمٌ في الكنى ولَم يُسمِّه (¬3)، وذَكَرَ البخاريُّ ابنَه في التاريخ وقال فيه: "مولى المغيرة بن شعبة" (¬4). •/ حديث: "العَجماءُ جُبار. . . ". وفيه ذكرُ الرِّكازِ. ليس عند يحيى بن يحيى إلّا للزهريِّ، عن ابَنِ المسيب وأبي سلمة، عن أبي هريرة، وقد تقدَّم له. وهو عند ابنِ وهبٍ وابن القاسم وطائفةٍ بهذا الإسناد، ومِنهم من اختصره (¬5). ¬

_ (¬1) لم يخرّج البخاري الحديث بالإسنادين متصلا، وإنما خرّجه في صحيحه كتاب: النكاح، باب: لا تأذن في بيت زوجها لأحد إلا بإذنه (6/ 479) (رقم: 5195) من طريق شعيب بن أبي حمزة عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة به، ثم قال: ورواه أبو الزناد أيضا عن موسى عن أبيه عن أبي هريرة. وهذا معلق عند البخاري. واستدل به المؤلف على أن لأبي الزناد فيه إسنادين محفوظان، فيشبه حديث الباب؛ إذ هو مروي بالإسنادين جميعا، وهذا هو الصواب أن القولين محفوظان كما قال الدارقطني، ومما يدل عليه: 1 - أنَّ مالكًا إمامٌ. 2 - إخراج البخاري ومسلم روايته في صحيحيهما. 3 - متابعة جماعة من الثقات له. 4 - أنَّ الثوري وابن عيينة روياه بالوجهين، كما تقدّم بيانه. (¬2) وهو بفتح التاء وباء مشدّدة. انظر: الإكمال (1/ 495)، توضيح المشتبه (2/ 11). (¬3) الكنى والأسماء (1/ 545). (¬4) التاريخ الكبير (7/ 290). وقيل في اسم أبي عثمان: سعيد، وقيل: عمران. انظر: المقتنى في سرد الكنى (1/ 388)، تهذيب الكمال (34/ 70)، تهذيب التهذيب (12/ 182). (¬5) تقدّم الحديث (3/ 288)، وتقدّم ذكر رواية ابن القاسم وغيره.

• حديث: الخِطبةِ على الخِطبة. ليس عند يحيى بن يحيى إلّا من طريق محمّد بن يحيى بنِ حَبَّان، عن الأعرج، وسيأتي ذكرُه وهو عند ابنِ بُكيرٍ وطائفةٍ بهذا الإسنادِ (¬1). • حديث: "مَن أدرك ركعةً مِن الصبح والعصر. . . ". ليس عند يحيى بن يحيى بهذا الإسناد، وإنما هو عنده وعندَ جمهورِ الرواة للأعرج وعطاء وبُسر (¬2)، عن أبي هريرة من طريق زَيد بن أسلم عنهم. وهو عند معنٍ بهذا الإسناد (¬3). • حديث: "إنَّما جُعِل الإمامُ ليؤتَمَّ به فلا تختلفوا عليه". ليس عند يحيى بن يحيى بهذه الزيادةِ أعني قولَه: "فلا تختلفوا عليه" إلا في مرسلِ مالكٍ (¬4). وهو عند معنٍ بهذا الإسناد، انظره في الزيادات (¬5)، والمراسِل (¬6). * * * ¬

_ (¬1) سيأتي الحديث (3/ 409)، وفيه ذكر اختلاف الرواة على مالك. (¬2) في الأصل: "بشر"، بالشين المعجمة، وهو خطأ، والصواب بالسين المهملة. (¬3) تقدّم الكلام على الحديث (3/ 348). (¬4) وتقدّم مسندًا دون الزيادة (2/ 45). (¬5) سيأتي حديثه (4/ 389). (¬6) سيأتي حديثه (5/ 389).

مالك، عن محمد بن يحيى بن حَبَّان وأبي الزنار، عن الأعرج، عن أبي هريرة. 412/ حديث: "نهى عن المُلامسة والمُنابدة". في البيوع، مختصرًا (¬1). وهو طرفٌ من حديثِ أبي الزناد وحدَه في النَّهي عن لِبسَتَيْنِ وعن بَيعَتَيْنِ، وَقَعَ ذلك في جامع الموطأ، وقد تقدَّم ذِكرُه (¬2). فصل: أبو الزِّناد لَقبٌ، واسمُه: عبد الله بن ذَكوان، يُكنى أبا عبد الرحمن، خُرِّج له في الصحيح (¬3)، وهو مولَى رَمْلَة بِنتِ شَيْبَةَ بنِ ربيعة ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: البيوع، باب: الملامسة والمنابذة (2/ 515) (رقم: 76). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: البيوع، باب: بيع المنابذة (3/ 36) (رقم: 2146) من طريق إسماعيل بن أبي أويس. والنسائي في السنن كتاب: البيوع، باب: بيع الملامسة (7/ 259) من طريق ابن القاسم. وأحمد في المسند (2/ 379) من طريق الشافعي، ثلاثتهم عن مالك به. (¬2) تقدّم (3/ 393). (¬3) انظر: الطبقات الكبرى لابن سعد (ص: 318 - تحقيق زياد منصور-)، الكنى والأسماء للدولابي (2/ 645)، (1/ 185)، تاريخ دمشق (28/ 49 - 51)، المقتنى في سرد الكنى (1/ 367)، الجمع بين رجال الصحيحين (1/ 250)، تهذيب الكمال (14/ 476). وقال ابن عيينة: "كان كنية أبي الزناد أبو عبد الرحمن، وكان يغضب من أبي الزناد". تاريخ دمشق (28/ 51). وقال أيضا: "لم نكن نكنيه بأبى الزناد، كنا نكنيه بأبي عبد الرحمن". الأسامي والكنى للإمام أحمد (ص: 128)، العلل ومعرفة الرجال (2/ 215). وذكره مسلم في كتابه الكنى (1/ 350)، وكناه أبا عبد الرحمن، وذكره في موضع آخر (1/ 517)، وقال: أبو عبد الرحمن عبد الله بن ذكوان هو أبو الزناد.

زوج عثمان بنِ عفان، ويُقال: مَولى آل عثمان (¬1). وقال البَرقيُّ (¬2): "كان على دِيوان المدينة ثمَّ كتب لعبد الحميد بن عبد الرحمن بالكوفة" (¬3). ورُوي عن ابنِ القاسم: أنَّ مالكًا أنكرَ حديثَ: "خَلَقَ آدمَ على صورَتِه". فقيلَ له: رواه محمد بنُ عجلان، عن أبي الزناد. فقال: "لَم يكنْ ابنُ عجلان يَعرِف هذه الأشياء، ولا كان عالمًا". وقال في أبي الزناد: "لَم يزل عامِلًا لهؤلاء حتى مات" (¬4). ¬

_ (¬1) وقيل: مولى عائشة بنت شيبة، وقيل: مولى بني تيم. والصحيح أنه مولى رملة بنت شيبة بن ربيعة، وكانت رملة تحت عثمان بن عفان رضي الله عنه. انظر: الطبقات الكبرى (ص: 318)، تاريخ دمشق (28/ 47 - 49). (¬2) لعله الحافظ أبو بكر أحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم الزهري مولاهم المصري، ابن البرقي (ت: 270 هـ)، صاحب كتاب التاريخ في رجال الموطأ وغيرهم، وكان من أئمة الأثر. انظر: الجرح والتعديل (2/ 61)، السير (13/ 47). أو أخوه أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن عبد الرحيم الزهري مولاهم المصري، مؤلف كتاب الضعفاء. (¬3) رجال الموطأ (ل: 60/ أ). وعبد الحميد بن عبد الرحمن هو ابن زيد بن الخطاب القرشي أبو عمر المدني الأعرج. قال الزبير بن بكار: "وليَ الكوفة لعمر بن عبد العزيز، وكان أبو الزناد كاتبا له". تهذيب الكمال (116/ 450). وروى له الجماعة وكان قليل الحديث كبير القدر. انظر: السير (5/ 149)، تهذيب الكمال (116/ 450). (¬4) أخرجه العقيلي في الضعفاء (2/ 251)، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخ دمشق (28/ 61) قال: حدّثنا مقدام بن داود، قال: حدّثنا أبو زيد أحمد بن أبي الغمر والحارث بن مسكين قالا: حدّثنا =

وفي هذا الكلامِ بُعدٌ؛ لأنَّ مالكًا رضي الله عنه لَم يُحدِّث في موطئِه إلَّا عن مَن لا مَطعنَ فيه عندَه، وقد كان يُرسِلُ الحديثَ إذا كان في رواتِه رَجلٌ فيه مَغْمَزُ فيَتْرُكُ ذِكرَه وإن كان عنده مرضيًّا، ليُتأسَّى به في انتِقاءِ الرِّجالِ، ولا يكونُ لأحدٍ في اختيارِه مقالٌ، فكيف يَقدَحُ في أبي الزِّناد وقد أَكثَرَ عنه، وعَوَّلَ في كثيرٍ من الأحكامِ عليه، مع شهرةِ عدالتِه وتقدُّمِه وجلالتِه، وقد قال أحمد بن حَنبل: "كان سفيان الثوري يسمِّي أبا الزناد: أمير المؤمنين في الحديثِ"، حَكَى هذا أبو القاسم اللَّالَكائي وقال: "أبو الزِّناد ثقةٌ فَقِية، صاحبُ سنَّةٍ، تقوم به حجَّةٌ إذا ¬

_ = عبد الرحمن بن القاسم، وذكره بنحوه. وسنده ضعيف، فيه مقدام بن داود بن عيسى بن تَليد المصري. قال ابن أبي حاتم: "سمعت منه بمصر وتكلّموا فيه". الجرح والتعديل (8/ 303). وقال النسائي: "ليس بثقة". وقال الدارقطني: "ضعيف". وقال ابن يونس: "تكلّموا فيه". انظر: الميزان (5/ 300)، السير (13/ 345)، اللسان (6/ 84). وذكر الذهبي في السير (8/ 103) إسنادًا آخر للأثر نقلًا عن ابن عدي فقال: "أبو أحمد بن عدي: حدَّثنا أحمد بن علي المدائني، حدَّثنا إسحاق بن إبراهيم بن جابر، حدَّثنا أبو زيد بن أبي الغمر قال: قال ابن القاسم"، وذكر مثله. ثم قال الذهبي: "أنكر الإمام ذلك؟ لأنّه لم يثبت عنده ولا اتصل به فهو معذور". قلت: شيخ ابن عدي قال عنه ابن يونس: "لم يكن بذاك". اللسان (1/ 226). وشيخ شيخه إسحاق بن إبراهيم لم أجد له ترجمة. وأبو زيد هو عبد الرحمن بن أبي الغمر المصري، ذكره ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (5/ 274)، ولم يذكر فيه شيئًا، وذكره ابن حبان في الثقات (8/ 380)، رذكره أيضًا ابن حجر في تهذيب التهذيب (6/ 225) ولم يذكر فيه توثيقًا لأحد. والذي يظهر أنَّ الأثر لم يثبت عن الإمام مالك، والله أعلم.

روى عنه الثقات" (¬1). ¬

_ (¬1) كلام اللالكائي لعله في كتابه الذي ذكر فيه أسماء رواة الصحيحين. وهو قول أبي حاتم كما في الجرح والتعديل (5/ 49)، فلعل اللالكائي نقل كلامه ولم ينسبه إليه. وقول سفيان الثوري في الجرح والتعديل (5/ 49)، وتاريخ دمشق (28/ 54). وقال البخاري: "أصح أسانيد أبي هريرة: أبو الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة". تاريخ دمشق (28/ 56). وذكر الدوري عن ابن معين قال: قال مالك بن أنس: "أبو الزناد كان كاتب هؤلاء -يعني بني أمية، وكان لا يرضاه-". التاريخ (3/ 237). قلت: وهذا منقطع بين يحيى ومالك، ويردّه ما ذكر المؤلف من اعتماد مالك أبا الزناد في موطئه. وقال الذهبي: "أكثر عنه مالك، وقيل: كان لا يرضاه، ولم يصح ذا". الميزان (5/ 132). وأما إنكار مالك حديث الصورة على ابن عجلان وأبي الزناد فغير صحيح، والسند إليه ضعيف كما تقدّم. وزاد الذهبي فقال: "الحديث في أن الله خلق آدم على صورته لم ينفرد به ابن عجلان، فقد رواه همام عن قتادة عن أبي موسى أيوب (كذا) عن أبي هريرة، ورواه شعيب وابن عيينة عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة، ورواه معمر عن همام عن أبي هريرة، ورواه جماعة كالليث بن سعد وغيره عن ابن عجلان عن المقبري عن أبي هريرة، ورواه شعيب أيضا وغيره عن أبي الزناد عن موسى بن أبي عثمان عن أبي هريرة، ورواه جماعة عن ابن لهيعة عن الأعرج وأبي يونس عن أبي هريرة، ورواه جرير عن الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وله طرق أخر، . . . وهو مخرّج في الصحاح". الميزان (3/ 133، 134). والصواب أن كلام مالك في أبي الزناد لم يصح عنه، والله أعلم بالصواب.

مالك، عن محمد بن يحيى بن حَبَّان، عن الأعرج، عن أبي هريرة. 413/ حديث: "نَهى عن الصلاةِ بعد العصرِ حتى تَغربَ الشمسُ، وبعد الصبحِ حتى تطلعَ". في آخِر الصلاة (¬1). بابٌ تأخّر عند يحيى بن يحيى وتقدَّم لغيره (¬2)، واحتجَّ به مالك مرسلًا في باب: سجودِ القرآن (¬3). جاء في الصحيحين لابنِ عباس، عن عمر بن الخطاب نحوُ هذا الحديثِ (¬4). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: القرآن، باب: النهي عن الصلاة بعد الصبح وبعد العصر (1/ 192) (رقم: 48). وأخرجه مسلم في صحيحه كتاب: صلاة المسافرين وقصرها، باب: الأوقات التي نهي عن الصلاة فيها (1/ 566) (رقم: 825) من طريق يحيى النيسابوري. والنسائي في السنن كتاب: الصلاة، باب: النهي عن الصلاة بعد الصبح (1/ 276) من طريق قتيبة. وأحمد في المسند (2/ 462) من طريق ابن مهدي، وإسحاق الطبّاع، أربعتهم عن مالك به. (¬2) وهو عند رواة الموطأ في كتاب: وقوت الصلاة، باب: النهي عن الصلاة بعد الصبح والعصر، انظر الموطأ برواية: - أبي مصعب الزهري (1/ 17) (رقم: 35)، وسويد بن سعيد (ص: 67) (رقم: 31)، والقعنبي (ل: 5/ أ -نسخة الأزهرية-)، وابن بكير (ل: 4/ أ -نسخة السليمانية-). (¬3) قال مالك رحمه الله: "لا ينبغي أن يقرأ من سجود القرآن شيئا بعد الصبح، ولا بعد صلاة العصر، وذلك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الصلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس، وعن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس، والسجدة من الصلاة، فلا ينبغي لأحد أن يقرأ سجدة في تينك الساعتين". الموطأ كتاب: القرآن، باب: ما جاء في سجود القرآن (1/ 182). (¬4) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: مواقيت الصلاة، باب: الصلاة بعد الفجر حتى ترتفع الشمس (1/ 180) (رقم: 581)، ومسلم في صحيحه (1/ 566) (رقم: 826) من طريق أبي العالية الرياحي عن ابن عباس قال: شهد عندي رجال مرضيّون، وأرضاهم عندي عمر: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الصلاة بعد الصبح حتى تشرق الشمس، وبعد العصر حتى تغرب". لفظ البخاري.

ورَوى طاوسُ، عن عائشة رضي الله عنها أنَّها قالت: "وهِم عمر، إنَّما نهى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أنْ يَتَحرَّى طلوعَ الشمس وغروِبَها"، وقالت: "ما تَرك رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ركعتين بعد العصرِ عِندي قطُّ". خرَّج هذا مسلم (¬1). وتقدَّم لابن عمر مرفوعًا مثلُ حديثِ عائشة في تَحَرِّي طلوعَ الشمس وغروبَها (¬2). وانظر مرسلَ عروة (¬3)، وعبد الله الصنابحي في باب: العين (¬4). 414/ حديث: "نَهَى عن صيامِ يومين يومِ الفِطرِ ويومِ الأضحى". ¬

_ (¬1) صحيح مسلم، كتاب: صلاة المسافرين وقصرها، باب: لا تتحرّوا بصلاتكم طلوع الشمس ولا غروبها (1/ 571) (رقم: 833). (¬2) تقدّم حديثه (2/ 308). ولا يُنسب الوهم لعمر رضي الله عنه في حديثه، ويدل عليه قول ابن عباس: "شهد عندي رجال مرضيُّون"، وهذه متابعات لعمر على حديثه في النهي العام. ثم إنَّ عائشة ثبت عنها أنها ردّت الحديث في صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد العصر إلى أم سلمة، فأخبرت أم سلمة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلّاها مرة واحدة، لما شغله وفد عبد القيس، ولم يصلها قبل ولا بعد. وهذا في صحيح البخاري كتاب: السهو، باب: إذا كُلِّم وهو يصلي فأشار بيده. . . (2/ 375) (رقم: 1233). وذكر الحافظ ابن رجب أحاديث كثيرة بنحو هذا المعنى ثم قال: "فقد تبيّن بهذا كله أن حديث عائشة كثير الاختلاف والاضطراب، وقد ردّه بذلك جماعة منهم الترمذي والأثرم وغيرهما. ومع اضطرابه واختلافه فتُقدّم الأحاديث الصحيحة الصريحة التي لا اختلاف فيها ولا اضطراب في النهي عن الصلاة بعد العصر عليه. وعلى تقدير معارضته لذلك الأحاديث فللعلماء في الجمع بينهما مسالك". اهـ. ثم ذكر ابن رجب تلك المسالك، وأطال في ذلك. انظر: فتح الباري له (5/ 27 - 100). (¬3) سيأتي حديثه (5/ 100). (¬4) سيأتي حديثه (5/ 18).

في الصيام، والحج (¬1). خَرَّجه مسلم عن يحيى النيسابوري، عن مالك بهذا الإسناد (¬2). وقال فيه ابن بُكير: عن مالك، عن محمد بن يحيى، عمَّن حدّثه، عن أبي هريرة (¬3). وانظر حديث صيامِ أيام مِنى لعمرو بن العاصي (¬4)، وفي مرسلِ سليمان بنِ يسار (¬5)، ومرسلِ ابن شهاب (¬6). 415/ حديث: "لا يَخطُب أحدُكم على خِطبَة أخيه". في أوَّل النكاح (¬7). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الصيام، باب: صيام يوم الفطر والأضاحي والدهر (1/ 248) (رقم: 36). وفي كتاب: الحج، باب: ما جاء في صيام أيام منى (1/ 303) (رقم: 136). وأخرجه مسلم في صحيحه كتاب: الصوم، باب: النهي عن صوم يوم الفطر ويوم الأضحى (2/ 799) (رقم: 1138) من طريق يحيى النيسابوري. والنسائي في السنن الكبرى كتاب: الصيام، باب: صيام العيدين وعرفة (2/ 150) (رقم: 2795) من طريق ابن القاسم. وأحمد في المسند (2/ 511) من طرحق روح بن عبادة، ثلاثتهم عن مالك به. (¬2) تقدّم تخريجه. (¬3) موطأ ابن بكير (ل: 24/ ب -نسخة السليمانية-)، ورواية يحيى الليثي ومن تابعه تبيّن المبهم في رواية ابن بكير. (¬4) تقدّم حديثه (3/ 57). (¬5) سيأتي حديثه (5/ 219). (¬6) سيأتي حديثه (5/ 330). (¬7) الموطأ كتاب: النكاح، باب: ما جاء في الخطبة (2/ 414) (رقم: 1). وأخرجه النسائي في السنن كتاب: النكاح، باب: النهي أن يخطب الرجل على خطبة أخيه (6/ 73) من طريق معن، وابن القاسم. وأحمد في المسند (2/ 462) من طريق ابن مهدي، ثلاثتهم عن مالك به.

هذا الحديث عند طائفةٍ لأبي الزناد، عن الأعرج، في حديثٍ طويلٍ جَمَعَ فيه أشياءَ كثيرة (¬1). وهو في الموطأ لمالك، عن محمد بنِ يحيى بن حَبَّان، من غيرِ واسطة (¬2). وروي خارج الموطأ عن مالك، عن عمرو بن يحيى وعن يحيى بن سعيد، كليهما عن محمد بن يحيى (¬3). ومحمدٌ هذا شيخٌ لمالكٍ، لكَنه قد رَوَى في الموطأ عن ربيعة وعن يحيى بن سعيد، عنه (¬4). ¬

_ (¬1) لم أقف على من ذكره مطوّلًا من رواة الموطأ، وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الأدب، باب: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ. . .} (5/ 117) (رقم: 6066) من طريق عبد الله بن يوسف، عن مالك، وفيه: التحذير من الظن، والنهي عن التحسس والتجسس وغيرها، ولم يذكر خطبة الرجل على خطبة أخيه، والله أعلم. (¬2) تابع يحيى الليثي على إسناده: محمد بن الحسن (ص: 177) (رقم: 528)، ومعن بن عيسى كما تقدّم. وهو عند أبي مصعب الزهري (1/ 567) (رقم: 1465، 1466). وابن القاسم (ل: 22/ ب)، و (ص: 148، 370) (رقم: 97، 351 - تلخيص القابسي-). وابن بكير (ل: 138/ أ) بالإسنادين، أي عن محمد بن يحيى بن حبان عن الأعرج، وعن أبي الزناد عن الأعرج، فلمالك فيه إسنادان. ووقع عند سويد بن سعيد (ص: 303) (رقم: 656 - طبعة البحرين-)، و (ص: 254 - طبعة دار الغرب-) عن مالك عن محمد بن يحيى بن حبان عن أبي الزناد عن الأعرج. فإن ثبت هذا عن سويد فهو مما وهم فيه على مالك، أو أنَّه سقطت الواو بين محمد بن يحيى بن حبان وأبي الزناد، والله أعلم. (¬3) لم أقف عليه، فإن كان هذا الإسناد محفوظا فلمالك فيه ثلاثة أسانيد، وإلا فما في الموطأ أصح، والله أعلم. (¬4) انظر: حديثه عن ربيعة عنه (3/ 244)، وحديثه عن يحيى بن سعيد عنه (2/ 155).

وجَدّه حَبَّان: بفتح الحاءِ، وبالباءِ المعجمةِ بواحدة، وهو ابنُ مُنْقِذ له صحبةٌ. انظره في حديث ابنِ دينار، عن ابن عمر (¬1)، وانظر محمَّدًا في مسند رافع (¬2)، ومسندِ أبي سعيد (¬3). * * * ¬

_ (¬1) تقدّم حديثه (2/ 480). (¬2) انظر: (2/ 155). (¬3) انظر: (3/ 244).

مالك، عن ابن شهاب، عن الأعرج، عن أبي هريرة. 416/ حديث: "لا يمنَع أحدُكم جارَه خشبةً يَغْرِزُها في جِدارِه". في الأقضية (¬1). هكذا في الموطأ بهذا الإسنادِ (¬2). ورواه خالد بنُ مَخلد خارج الموطأ، عن مالك، عن أبي الزناد، عن الأعرج (¬3). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الأقضية، باب: القضاء في المرفق (2/ 576) (رقم: 32). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: المظالم، باب: لا يمنع جارٌ جاره أن يغرز خشبة في جداره (3/ 143) (رقم: 2463) من طريق القعنبي. ومسلم في صحيحه كتاب: المساقاة، باب: غرز الخشب في جدار الجار (3/ 1230) (رقم: 1609) من طريق يحيى النيسابوري. وأحمد في المسند (2/ 463) من طريق ابن مهدي، ثلاثتهم عن مالك به. (¬2) انظر الموطأ برواية: - أبي مصعب الزهري (2/ 467) (رقم: 2896)، وسويد بن سعيد (ص: 275) (رقم: 597)، وابن القاسم (ص: 136) (رقم: 82 - تلخيص القابسي-)، وابن بكير (ل: 119/ أ -نسخة الظاهرية-)، ومحمد بن الحسن الشيباني (ص: 284) (رقم: 804). (¬3) أخرجه من طريقه الطحاوي في شرح المشكل (6/ 202) (رقم: 2413)، وابن عدي في الكامل (3/ 34)، وأبو نعيم في أخبار أصبهان (2/ 269). وقال أبو نعيم: "تفرّد به خالد عن مالك عن أبي الزناد". قلت: وخالد بن مخلد القَطَواني قال عنه أحمد: "له أحاديث مناكير". العلل (2/ 18) (رقم: 1403 رواية عبد الله-). وقال أبو حاتم: "يُكتب حديثه". الجرح والتعديل (3/ 354). وقال ابن حجر: "صدوق يتشيّع، وله أفراد". التقريب (رقم: 1677). وانظر: تهذيب الكمال (8/ 163)، تهذيب التهذيب (3/ 101).

والصحيحُ عن مالك ما في الموطأ، قاله الدارقطني (¬1). وقال أبو جَعفر الطحاويُّ: سمعتُ يونس بن عبد الأعلى يقول: سألتُ ابنَ وهبٍ عن "خَشَبةٍ" أو "خُشُبَه" في هذا الحديث. فقال: سمعتُ من جماعةٍ: "خَشَبة". يعني على الإفراد (¬2). وقال محمد بن عليٍّ الصوريِّ (¬3): سألتُ أبا محمد عبد الغني (¬4) عن هذا؟ فقال: "الناسُ كلُّهم يقولون على الجمع، إلَّا ما كان مِن أبي جعفر الطحاوي ¬

_ (¬1) العلل (10/ 294). وقال في الغرائب: "والمحفوظ عن مالك الأول". الفتح (5/ 132). وقال ابن عدي بعد أن أخرج طريق خالد: "وهذا الحديث لا يرف عن مالك عن أبي الزناد إلا من رواية خالد عنه، ورواه مالك في الموطأ عن الزهري عن الأعرج عن أبي هريرة". قلت: لعل خالدا تبع الجادة في هذا الإسناد، فإنَّ مالكًا عن أبي الزناد عن الأعرج سلسلة معروفة يسبق إليها لسان من لا يضبط، ومالك عن الزهري عن الأعرج غريب لا يقوله إلا حافظ متقن. وأشار ابن عبد البر في التمهيد (10/ 216) إلى احتمال كون الحديث عن مالك بالإسنادين جميعًا. لكن هذا يتم لو كان المتفرد بذلك ثقة حافظ، أما مثل خالد الذي قال فيه أحمد: "له مناكير" فلا يحتمل تفرّده عن سائر الرواة عن مالك، والله أعلم. (¬2) التمهيد (10/ 221). ووقع في الجمع بين رواية ابن وهب وابن القاسم (ل: 26/ ب): "خُشُبه"، وكتب الناسخ في الحاشية: "خشبة"، فلعله أراد أنَّ خشبة رواية ابن القاسم، وخشبه رواية ابن وهب، والله أعلم. (¬3) هو الحافظ البارع، أبو عبد الله محمد بن علي بن عبد الله بن رُحيم، الشامي الساحلي الصوري، وُلد سنة (377 هـ)، وتوفي سنة (441 هـ). قال الخطيب: "أقام ببغداد يكتب الحديث وكان من أحرص الناس عليه، وأكثرهم كَتبًا له، وأحسنهم معرفة به، ولم يقدم علينا من الغرباء الذين لقيتهم أفهم منه بعلم الحديث. . . وكان صدوقًا، كتبت عنه وكتب عني". انظر: تاريخ بغداد (3/ 103)، تاريخ دمشق (54/ 370)، السير (17/ 627). (¬4) هو الأزدي، وتقدّم.

فإنَّه كان يقول على التوحيد". حكاه أبو الوليد الباجي (¬1). وقولُ أبي هريرة: "لأَرْمِيَنَّ بها بَين أكتافِكم". هو بالتاء، ويقال: بالنون، والأوَّلُ أكثرُ، قاله أبو عمر (¬2) بن عبد البرّ (¬3). 417/ حديث: أنَّ أبا هريرة كان يقول: "شَرُّ الطعامِ طعامُ الوَليمَة. . . ". فيه: "ومَن لَم يأتِ الدَّعوةَ فقد عَصَى الله ورسولَه". وبهذا يَدخلُ في المسند. ¬

_ (¬1) المنتقى (6/ 45)، وزاد: "والمعنى متقارب، والله أعلم وأحكم". وقال ابن عبد البر: "قد روي اللفظان جميعًا في الموطأ عن مالك، وقد اختلف علينا فيهما الشيوخ في موطأ يحيى على الوجهين جميعا، والمعنى واحد؛ لأن الواحد يقوم مقام الجمع في هذا المعنى إذا أتى بلفظ النكرة عند أهل اللغة والعربية". التمهيد (10/ 221). وذكر ابن حجر اختلاف رواة الصحيح في هذا اللفظ ثم قال: "وما ذكرته من اختلاف الرواة في الصحيح يرد على عبد الغني بن سعيد، إلّا إن أراد خاصًا من الناس كالذين روى عنهم الطحاوي فله اتجاه". الفتح (5/ 132)، وانظر: مشارق الأنوار (1/ 247). وقال ابن حجر في التلخيص (3/ 52): "لم يقله الطحاوي إلا ناقلا عن غيره، قال: سمعت يونس بن عبد الأعلى يقول: سألت ابن وهب عنه فقال: سمعت من جماعة "خشبة" على لفظ الواحد، قال: وسمعت روح بن الفرج يقول: سألت أبا يزيد، والحارثَ بن مسكين، ويونس بن عبد الأعلى عنه فقالوا: "خشبةً" بالنصب والتنوين واحدة". (¬2) في الأصل: "عمرو"، بالواو. (¬3) التمهيد (10/ 121)، وقال: "والصواب فيه إن شاء الله -وهو الأكثر- بالتاء". وقال القاضي عياض: "هو الذي يقتضيه الحديث على ما رواه سفيان عن الزهري في كتاب الترمذي (السنن كتاب: الأحكام، باب: ما جاء في الرجل يضع على حائط جاره خشبا (3/ 635) (رقم: 1353) من قوله، فلما حدّث به أبو هريرة طأطؤوا رؤوسهم، فقال حينئذ ما قال". مشارق الأنوار (1/ 336). وقال الوقَّشي: "بين أكتافكم بالتاء، وهو الوجه، ويروى بالنون، وليس بصحيح". التعليق على الموطأ (ل: 108/ أ).

في آخِر النكاح (¬1). هكذا هو في الموطأ (¬2)، أوَّلُه موقوفٌ، والمرفوعُ منه على المعنى: الأمرُ بإِتيانِ الدعوةِ، وهكذا خُرِّج في الصحيحين مِن طريقِ مالك (¬3). ورَفَعَ جميعَه روحُ بنُ القاسم، وإسماعيلُ بنُ مسلمةَ بنِ قَعنَب، كلاهما عن مالكٍ بإسناده قالا فيه: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "شَرُّ الطعامِ طعامُ الوليمة .. "، إلى آخِرِه (¬4). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: النكاح، باب: ما جاء في الوليمة (2/ 430) (رقم: 50). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: النكاح، باب: من ترك الدعوة فقد عصى الله ورسوله (6/ 471) (رقم: 5177) من طريق عبد الله بن يوسف. ومسلم في صحيحه كتاب: النكاح، باب: الأمر بإجابة الداعي إلى الدعوة (2/ 1054) (رقم: 1432) من طريق يحيى النيسابوري. وأبو داود في السنن كتاب: الأطعمة، باب: ما جاء في إجابة الدعوة (4/ 125) (رقم: 3742) من طريق القعنبي، ثلاثتهم عن مالك به. (¬2) انظر الموطأ برواية: أبي مصعب الزهري (1/ 650) (رقم: 1692)، وسويد بن سعيد (ص: 318) (رقم: 696)، وابن بكير (ل: 144/ أ -نسخة الظاهرية-)، وابن القاسم (ص: 136) (رقم: 83 - تلخيص القابسي)، ومحمد بن الحسن الشيباني (ص: 316) (رقم: 887). (¬3) تقدّم تخريجه. (¬4) أخرجه محمد بن المظفر البزاز في غرائب مالك (ص: 52) (رقم: 14)، وابن عبد البر في التمهيد (10/ 176)، من طريق إسحاق بن داود الصواف، حدّثنا يحيى بن غيلان، حدّثنا عبد الله بن بزيع، حدّثنا روح بن القاسم به. ووقع في التمهيد: "يحيى بن زريع"، وهو تصحيف. والإسناد ضعيف، عبد الله بن بزيع الأنصاري متكلّم فيه. قال ابن عدي: "أحاديثه عمن يروي عنه ليست بمحفوظة، أو عامتها. . . وليس هو عندي ممّن يحتجّ به". الكامل (4/ 253، 254). وقال الدارقطني: "ليّن، وليس بالمتروك". العلل (10/ 288). وقال الساجي: "ليس بحجّة، وقد روى عنه يحيى بن غيلان مناكير". اللسان (3/ 263). =

وهكذا رُوي عن الأوزاعي، وابنِ عيينة، وابنِ جريج، عن الزهريِّ بخلافٍ عنهم (¬1). ¬

_ = أما طريق إسماعيل بن مسلمة بن قعنب: أخرجه الدارقطني في غرائب مالك كما في الفتح (9/ 153)، وابن عبد البر في التمهيد (10/ 176). وإسماعيل صدوق يخطئ كما في التقريب (رقم: 491). وقال الدارقطني: "ورفعه إسماعيل بن مسلمة القعنبي عن مالك ووهم في رفعه". العلل (9/ 117). وقال ابن حجر: "روى عن مالك حديثا في طعام الوليمة رفعه فأخطأ، وهو في الموطأ من قول أبي هريرة". تهذيب التهذيب (1/ 292). ولمالك فيه إسناد آخر: أخرجه محمد بن مخلد الدوري في ما رواه الأكابر عن مالك (رقم: 62)، ومن طريقه الخطيب في تاريخ بغداد (9/ 32) عن سليمان بن سفيان الجهني عن ورقاء بن عمر اليشكري عن مالك عن سمي عن أبي صالح عن أبي هريرة موقوفا. قال الدارقطني: "ولا يصح عن سمي". العلل (9/ 117). قلت: في إسناده سليمان الجهني، ذكره الخطيب في تاريخه (9/ 32)، ولم يذكر فيه توثيقا ولا جرحا. وورقاء قال عنه ابن حجر: "صدوق في حديثه عن منصور لين". التقريب (رقم: 7403). (¬1) تفصيل الكلام على حديث أبي هريرة: 1 - رواية الأوزاعي: رواه عنه عبد القدوس بن الحجاج، والوليد بن مسلم، والفريابي، وبشر بن بكر أربعتهم عن الأوزاعي عن الزهري عن الأعرج عن أبي هريرة قوله. أخرجه الدارمي في السنن كتاب: الأطعمة، باب: في الوليمة (2/ 143) (رقم: 2066) من طريق أبي المغيرة عبد القدوس بن الحجاج الشامي. وأخرجه الخطيب البغدادي في الفصل للوصل (2/ 730، 731) من طريق محمد بن يوسف الفريابي، والوليد بن مسلم. وأما رواية بشر بن بكر فذكرها الدارقطني في العلل (9/ 116). وخالفهم إسماعيل بن عياش: فرواه عن الأوزاعي بهذا الإسناد وقال فيه: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. ذكره الدارقطني في العلل (9/ 116) بعد رواية بشر والفريابي وعبد القدوس، وقال: "ورواه إسماعيل بن عياش، عن الأوزاعي، بهذا الإسناد أيضًا، وقال فيه: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -". وذكره عن الدارقطني ابنُ الجوزي في العلل المتناهية (2/ 137) إلّا أنه قال: "روى إسماعيل بن =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = عياش عن الأوزاعي، عن الزهري، عن سعيد، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ". أي جعله من رواية الزهري عن ابن المسيب لا عن الأعرج. وإسماعيل صدوق في روايته عن أهل الشام، وهذه منها، إلّا أنَّ رواية الأكثر والأحفظ أرجح وأقوى، والله أعلم. فالصواب عن الأوزاعي رواية الوقف. 2 - رواية ابن عيينة: - أخرجه مسلم في صحيحه (2/ 1055) (رقم: 1432) من طريق ابن أبي عمر العدني. - والنسائي في السنن الكبرى (4/ 141) (رقم: 6613) من طريق قتيبة بن سعيد. - وابن ماجه في السنن كتاب: النكاح، باب: إجابة الداعي (1/ 616) (رقم: 1913) من طريق علي بن محمد. - وأحمد في المسند (2/ 240). - والحميدي في المسند (2/ 493) (رقم: 1171). - وسعيد بن منصور في السنن (1/ 174) (رقم: 524). - وأبو يعلى في المسند (5/ 464) (رقم: 6222) من طريق زهير بن حرب. - والخطيب في الفصل للوصل (2/ 731) من طريق أبي قدامة عبيد الله بن سعيد. كلهم عن سفيان بن عيينة عن الزهري عن الأعرج عن أبي هريرة قوله. وخالفهم علي بن عمرو الأنصاري: فرواه عن ابن عيينة عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة -جعل بدل الأعرج أبا سلمة- ذكره الدارقطني في العلل (9/ 117). وعلي بن عمرو الأنصاري قال عنه ابن حجر: "صدوق له أوهام". التقريب (رقم: 4776). وقال الدارقطني بعد أن ذكره: "ووهم فيه على ابن عيينة". قلت: وأخرجه يعقوب الفسوي في المعرفة والتاريخ (2/ 737)، والطحاوي في شرح المشكل (8/ 16) (رقم: 3016)، والبيهقي في السنن الكبرى (9/ 261) من طريق الحميدي عن سفيان عن الزهري عن الأعرج عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وتقدّم أن الحميدي رواه في مسنده موقوفًا، وهذا الاختلاف في الوقف والرفع من سفيان بن عيينة رحمه الله، ويدل عليه قول الفسوي عقِب الحديث: "وكان سفيان ربما رفع هذا الحديث، وربما لم يرفعه إلا في أخرة". ثم إنَّ الحميدي لم ينفرد عن ابن عيينة برواية الرفع، بل تابعه محمد بن هشام، أخرج روايته الخطيب في جامع أخلاق الراوي (1/ 214). وقال الطحاوي: "فاختلف سفيان ومالك في هذا الحديث، فرواه سفيان كله من كلام النبي =

وخَرَّجه مسلم كذلك من طريق زياد بن سعد، عن ثابت الأعرج، عن أبي هريرة مرفوعًا (¬1). ¬

_ - صلى الله عليه وسلم -، ورواه مالك كله من كلام أبي هريرة، إلا ما ذكره فيه فيمن تخلّف عن ذلك أنه قد عصى الله ورسوله". شرح المشكل (8/ 18). 3 - رواية ابن جريج: أخرجه ابن عدي في الكامل (4/ 66)، والدراقطني في الأفراد كما في أطرافه (ل: 299/ أ) من طريق حجاج الأعور عن ابن جريج عن صالح بن أبي الأخضر عن الزهري عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. وتابع حجاجًا الأعور: هشام بن سليمان المخزومي، أخرجه من طريقه أبو الشيخ الأصبهاني في طبقات المحدثين (4/ 319، 320)، والفاكهي في حديثه عن أبي يحيى (الفوائد) (ص: 466) (رقم: 234). وخالف هشامًا يوسف بن سعيد بن سلم في رواية ذكرها من حفظه، فرواه عن حجاج عن ابن جريج عن زياد بن سعد عن الزهري به، لم يذكر صالح بن أبي الأخضر، أخرجه من طريقه الدارقطني في الأفراد (ل: 29/ أ)، وأخرجه أيضا من طريقه محدّثا به من كتابه، وذكر فيه صالح بن أبي الأخضر ثم قال: "غريب من حديث زياد بن سعد عن الزهري، تفرّد به يوسف عن حجاج عن ابن جريج عنه إن كان حفظه، وحديث صالح بن أبي الأخضر هو المحفوظ". وذكر الدارقطني أيضًا رواية حجاج المحفوظة عنه عن ابن جريج عن صالح، ثم قال: "وخالفه همام وعبد الوارث روياه عن ابن جريج عن الزهري مثل ذلك، إلا أنهما أسقطا صالح بن أبي الأخضر". قلت: وأما رواية عبد الوارث فأخرجها ابن عبد البر في التمهيد (10/ 177). 4 - وممّن رواه مرفوعًا أيضًا محمد بن أبي حفصة، أخرجه من طريقه ابن عدي في الكامل (6/ 261). قلت: ولعل الصواب في حديث الزهري الوقف على أبي هريرة، ويؤيد ذلك أمور: 1 - أنَّه من رواية مالك، وهو أثبت الناس في الزهري. 2 - أنَّ مالكًا قد توبع عليه، تابعه الأوزاعي في أصح الروايات عنه. - ومعمر عند مسلم في صحيحه (2/ 1055) (رقم: 1432). - ويونس بن يزيد وعمرو بن الحارث، ذكرهما الدارقطني في العلل (9/ 117). 3 - أن طريق الوقف مخرّج في الصحيحين. 4 - أنَّ ابن عيينة كان يشك فيه، فربما وقفه وربما رفعه. ولا يمنع إن كان موقوفًا من طريق الزهري أن لا يَرِد مرفوعًا من طرق أخرى كما سيأتي. (¬1) صحيح مسلم (2/ 1055) (رقم: 1432)، وثابت هو ابن عياض الأحنف الأعرج. =

قال الدارقطني: "والأصحُّ عن أبي هريرة قولُه" (¬1). ¬

_ (¬1) العلل (9/ 119). ونقل ابن الجوزي عنه أيضًا أنّه قال: "وقد رواه جماعة مرفوعًا وجماعة موقوفًا، والصحيح الموقوف". العلل المتناهية (2/ 137). قلت: وقد جاء الحديثين أبي هريرة مرفوعًا من طرق أخرى غير طريق ثابت الأعرج. الأول: أخرجه أبو نعيم في الحلية (8/ 267) من طريق مسلم بن أبي مسلم، ثنا مخلد بن الحسين، عن هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرفوعًا. ورجاله ثقات، غير مسلم بن أبي مسلم الجرمي، ذكره ابن حبان في الثقات (9/ 158)، وقال: "ربما أخطأ". وقال الخطيب: "ثقة". تاريخ بغداد (13/ 100). الثاني: أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط (3/ 314) (رقم: 3264) من طريق محمد بن فضيل، عن إسماعيل بن سُميع، عن الحسن، عن أبي هريرة به، وفي آخره قال أبو هريرة: "ما أنا قلته". وسنده حسن لولا الحسن البصري، وهو مدلس. وإسماعيل بن سُميع الحنفي صدوق تُكلم فيه لبدعة الخوارج كما في التقريب (رقم: 452). الثالث: أخرجه ابن عدي في الكامل (2/ 299) من طريق محمد بن مصعب، ثنا الحسن بن دينار، عن الحسن، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "بئس الطعام طعام الوليمة، يَدعون الشبعان ويطردون الجائع". وهذا منكر، فيه الحسن بن دينار التميمي متروك الحديث. انظر: الميزان (2/ 10)، اللسان (2/ 203). وقال ابن عدي: "وهذا الحديثين الحسن عن أبي هريرة غريب، يرويه ابن دينار عنه، ولفظ الحديث على خلاف سائر الأحاديث أيضًا". والحاصل من هذا الاختلاف أنَّ الصواب في حديث مالك ما رواه أصحاب الموطأ عنه عن الزهري عن الأعرج عن أبي هريرة قوله، والصواب في رواية الزهري ما رواه مالك ومن تابعه. وجاء الحديثين طرق أخرى عن أبي هريرة مرفوعًا في صحيح مسلم وغيره، والله أعلم.

مالك، عن داوو بن الحصين، عن الأعرج، عن أبي هريرة

مالك، عن داوو بن الحُصين، عن الأعرج، عن أبي هريرة. • حديث: "كان يَجمعُ بين الظهرِ والعصرِ في سَفَرِه إلى تبوك". في الصلاة الثاني، مختصرًا (¬1). هكذا جاء في بعضِ الطرقِ عن يحيى بنِ يحيى صاحبِنا مسندًا، والأصَحُّ عنه إرسالُه (¬2)، وكذلك هو عند جمهورِ رواةِ الموطأ مرسلًا ليس فيه: عن أبي هريرة (¬3). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: قصر الصلاة في السفر، باب: الجمع بين الصلاتين في الحضر والسفر (1/ 136) (رقم: 1). (¬2) في المطبوع موصول. وكذا في نسختي المحمودية (1) (ل: 25/ أ)، و (ب) (ل: 28/ أ) وهما من رواية عبيد الله بن يحيى عن أبيه يحيى بن يحيى. ونقل ابن عبد البر عن أحمد بن خالد أنَّ رواية يحيى لهذا الحديث في الموطأ مسندًا، ثم قال (أي ابن عبد البر): "وقد يمكن أن يكون ابن وضاح طرح أبا هريرة من روايته عن يحيى؛ لأنَّه رأى ابن القاسم وغيره ممن انتهت إليه روايته عن مالك في الموطأ أرسل الحديث، فظنَّ أنَّ رواية يحيى غلط لم يُتابع عليه، فرمى أبا هريرة وأرسل الحديث، فإن كان فعل هذا ففيه ما لا يخفى على ذي لبّ، وقد كان له على يحيى تَسَوُّر في الموطأ في بعضه، فيمكن أن يكون هذا من ذلك إن صح أن رواية يحيى لهذا الحديث على الإسناد والاتصال، وإلا فقول أحمد وهم منه، وما أدري كيف هذا، إلَّا أنَّ روايتنا لهذا الحديث في الموطأ عن يحيى مرسلًا". التمهيد (2/ 339). قلت: ثبوت الاتصال في نسختَي المحمودية (وهما من رواية عبيد الله عن يحيى) يؤيّد قول أحمد بن خالد الأندلسي، ولعل ما جاء من الإرسال في رواية يحيى إنَّما هو من رواية ابن وضاح عنه، وكان ممّن يصلح رواية يحيى ويردّها إلى ما يراه الصواب، والله أعلم بحقيقة الحال. (¬3) انظر: الموطأ برواية: - أبي مصعب الزهري (1/ 142) (رقم: 364)، وسويد بن سعيد (ص: 139) (رقم: 225)، والقعنبي (ص: 182)، ويحيى بن بكير (ل: 24/ أ -السليمانية-)، ومحمد بن الحسن الشيباني (ص: 82) (رقم: 203).

وأسنَدَه محمد بنُ المبارك الصوري، ومحمد بن خالد بن عَثْمة، وغيرُهما عن مالك (¬1). وزِيدَ فيه في بعضِ الروايات ذكرُ المغربِ والعشاء، وتقدَّم لمعاذ بن جبل مُطوَّلًا (¬2). انظر داود في حديث أبي سفيان، عن أبي هريرة (¬3). وانظر أحاديثَ الجمع لابنِ عمر (¬4)، وابنِ عباس (¬5)، وفي مرسلِ علي بنِ حسين (¬6). ¬

_ (¬1) أخرجه ابن عبد البر في التمهيد (2/ 337، 338) من طريق إسماعيل بن داود المخراقي، ومحمد بن خالد بن عثمة. وأخرجه أبو بكر بن المقرئ في المنتخب من غرائب أحاديث مالك (ص: 78) (رقم: 26)، والجوهري في مسند الموطأ (ل: 60/ أ)، وابن عبد البر في التمهيد (12/ 339) من طريق جعفر بن الصباح الجرجرائي عن أبي مصعب الزهري به موصولًا. قال الدارقطني: "لم يسنده عن أبي مصعب غير جعفر بن صباح، وهو في الموطأ عن أبي مصعب وغيره مرسل". التمهيد (12/ 339). كذا قال، وذكر في العلل (10/ 300) أنَّ عبد الكريم بن الهيثم تابع الجرجرائي في روايته عن أبي مصعب، ثم قال: "وأرسله القعنبي ومعن ويحيى القطان وابن وهب ومحمد بن الحسن وأصحاب الموطأ". وقال ابن عبد البر: "وهذا الحديث هكذا [عند] جماعة من أصحاب مالك مرسلا، إلا أبا مصعب في غير الموطأ ومحمد بن المبارك الصوري ومحمد بن خالد بن عثمة ومطرف والحنيني وإسماعيل بن داود المخراقي فإنهم قالوا: عن مالك عن داود بن الحصين عن الأعرج عن أبي هريرة مسندًا". التمهيد (2/ 337). (¬2) تقدّم حديثه (2/ 206). (¬3) انظر: (3/ 486). (¬4) تقدّم حديثه (2/ 376). (¬5) تقدّم حديثه (2/ 548). (¬6) سيأتي حديثه (5/ 76).

10/ أبو صالح السمان، واسمه: ذكوان، عن أبي هريرة

10/ أبو صالح السمّان، واسمه: ذكوان، عن أبي هريرة. خمسةٌ وعشرون حديثًا. مالك، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة. 418/ حديث: "إذا توضَّأ العبدُ المسلمُ أو المؤمنُ فغسلَ وجهَه خرَجتْ مِن وجهِهِ كل خطيئةٍ نَظَرَ إليها بعَيْنَيْه مع الماء. . . ". وذَكَرَ اليدين، قال في آخِره: "حتى يَخرُجَ نقيًّا من الذنوب". في جامع الوضوء، مختصرٌ (¬1). لَم يَستوعِبْ أعضاءَ الوضوءِ، وزاد فيه ابنُ وهب وطائفةٌ عن مالك ذِكرَ الرِّجْلَيْن (¬2). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الطهارة، باب: جامع الوضوء (1/ 56) (رقم: 31). وأخرجه مسلم في صحيحه كتاب: الطهارة، باب: خروج الخطايا مع ماء الوضوء (1/ 215) (رقم: 244) من طريق سويد بن سعيد وعبد الله بن وهب. والترمذي في السنن كتاب: الطهارة، باب: ما جاء في فضل الطهور (1/ 6) (رقم: 2) من طريق معن وقتيبة. وأحمد في المسند (2/ 303) من طريق ابن مهدي. والدارمي في السنن كتاب: الطهارة، باب: فضل الوضوء (1/ 197) (رقم: 718) من طريق الحكم بن المبارك، ستتهم عن مالك به. (¬2) في المطبوع من رواية يحيى ذكر الرجلين، وهو خطأ، ولم تثبت في نسخة المحمودية (أ) (ل: 6/ ب)، ولا في (ب) (ل: 6/ ب). ورواية ابن وهب عند مسلم كما تقدّم، ولم أجد من تابعه صريحًا. وأخرجه أبو عوانة في صحيحه (1/ 246) من طريق ابن وهب، وفيه: ذكر الرِّجلين، ثم أورده من طريق عبد الله بن نافع، ومطرف، والقعنبي ولم يسق ألفاظَهم، وقال: "بإسناده مثله". =

وانظره مُستَوعَبًا في مرسلِ عبد اللَّه الصُّنابِحي (¬1). 419/ حديث: "مَن حَلَف بِيمينٍ فرَأَى خيرًا منها فليكفِّر عن يَمينه وليفعلْ الذي هو خيرٌ". في الأَيمان (¬2). ورُوي بإسنادِه: "فَليَأتِ الذي هو خيرٌ وليكفِّرْ عن يَمينِه". خَرَّجه مسلم (¬3). ورَوى هذا الحديثَ جماعةٌ من الصحابةِ، فمِنهم مَن قَدَّم الحِنثَ على الكفَّارةِ، ومِنهم مَن قَدَّم الكفَّارةَ على الحِنثِ، ورُوي الوجهانِ معًا عن أبي ¬

_ = وقال ابن عبد البر: "في رواية ابن وهب عن مالك فما هذا الحديث زيادة ليست لغيره من الرواة عن مالك، وذلك أنه زاد في هذا الحديث ذكر الرجلين". التمهيد (21/ 261). وقال الجوهري: "وهذه الزيادة عند ابن وهب دون غيره". مسند الموطأ (ل: 80/ ب)، والله أعلم بالصواب. (¬1) سيأتي حديثه (5/ 17). (¬2) الموطأ كتاب: النذور والأيمان، باب: ما تجب فيه الكفارة من الأيمان (2/ 380) (رقم: 11). وأخرجه مسلم في صحيحه كتاب: الأيمان، باب: ندب من حلف يمينا فرأى غيرها خيرا منها. . (3/ 1272) (رقم: 1650) من طريق عبد الله بن وهب. والترمذي في السنن كتاب: النذور والأيمان، باب: ما جاء في الكفارة قبل الحنث (4/ 90) (رقم: 1530) من طريق قتيبة. والنسائي في السنن الكبرى كتاب: الأيمان والكفارات (3/ 126) (رقم: 4722) من طريق قتيبة. وأحمد في المسند (2/ 361) من طريق أبي سلمة الخزاعي، ثلاثتهم عن مالك به. (¬3) أخرجه مسلم في صحيحه (3/ 1272) (رقم: 1650) من طريق عبد العزيز بن المطّلب، عن سهيل بن أبي صالح به. ثم أخرجه من طريق سليمان بن بلال عن سهيل بهذا الإسناد بمعنى حديث مالك "فليكفّر عن يمينه وليأت الذي هو خير".

هريرة، وعبد الرحمن بن سَمرة، وأبي موسى الأشعري، وعَدِيِّ بن حاتِم، وعبد الله بن عَمرو، وعن غيرهم، نَبَّه على هذا جماعةٌ من المحدِّثين، وخَرَّج حديثَهم أئمة المصنِّفِين (¬1). ¬

_ (¬1) تقدّم تخريج حديث أبي هريرة من طريق سهيل على الوجهين. وأخرجه مسلم أيضا (2/ 1271) (رقم: 1650) من طريق أبي حازم عن أبي هريرة وفيه تقديم الكفارة على الحنث. - وحديث عبد الرحمن بن سمرة: أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الأيمان والنذور، بابٌ (7/ 277) (رقم: 6622)، وفي الأحكام، باب: من لم يسأل الإمارة أعانه الله (8/ 446) (رقم: 7146)، وفيه تقديم الكفارة على الحنث. وفي كفارات الأيمان، باب: الكفارة قبل الحنث وبعده (7/ 306) (رقم: 6722)، وفي الأحكام، باب: من سأل الإمارة وكل إليها (8/ 446) (رقم: 7147)، وفيه تقديم الحنث على الكفارة. ومسلم في صحيحه (3/ 1273) (رقم: 1652) بتقديم الكفارة على الحنث. - وحديث أبي موسى الأشعري: أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: فرض الخمس، بابٌ (4/ 386) (رقم: 3133)، وفي المغازي، باب: قدوم الأشعريين وأهل اليمن (5/ 143) (رقم: 4385)، وفي الذبائح، باب: الدجاج (6/ 582) (رقم: 5518)، وفي الأيمان والنذور، باب: لا تحلفوا بآبائكم (7/ 283) (رقم: 6649)، وفي باب: اليمين فيما لا يملك (7/ 293) (رقم: 6680)، وفي كفارات الأيمان، باب: الكفارة قبل الحنث وبعده (7/ 305) (رقم: 6721)، وفي التوحيد، باب: قوله تعالى: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} (8/ 582) (رقم: 7555) بتقديم الحنث على الكفارة، إلا في المغازي فإنه لم يذكر الكفارة. وأخرجه في كتاب: كفارت الأيمان، باب: الاستثناء في الأيمان (7/ 305) (رقم: 6718) بتقديم الكفارة على الحنث. وأخرجه (برقم: 6719)، وكذا في كتاب: الأيمان والنذور، بابٌ (7/ 277) (رقم: 6623) بالشك في أيهما يقدّم. وأخرجه مسلم في صحيحه (3/ 1268 - 1271) (رقم: 1649) من طرق وفيها الوجهان. - وحديث عدي بن حاتم: أخرجه مسلم في صحيحه (3/ 1272) (رقم: 1651) من طرق مع الاختلاف في تقديم الكفارة على الحنث وبالعكس. - وحديث عبد الله بن عمرو: أخرجه النسائي في السنن كتاب: الأيمان والنذور، باب: الكفارة قبل الحنث (1017)، وقدّم الحنث على الكفارة.

وحَكَى أبو داود أنَّ أكثَرَهم ذَكَرَ تقديمَ الكفَّارة (¬1) قال الشيخ أبو العبّاس رضي الله عنه: والرُّتبةُ ارتفاعُها بعد الوجوبِ وهو الاختيارُ، فإنْ قُدِّمَتْ جازَ لصِّحَةِ الأخبارِ (¬2). 420/ حديث: أنَّ سَعد بن عُبادة قال: يا رسول الله! أرأيتَ لو أنِّي وجدتُ مع امرأتِي رجلًا أَأُمْهِلُهُ حتى آتي بأربعةِ شهداء؟ . . . في الأقضية، والرَّجمِ (¬3). ¬

_ (¬1) لم أجد كلامه في السنن، ولعله في كتابه التفرد. وقال في السنن (3/ 585): "أحاديث أبي موسى الأشعري وعدي بن حاتم وأبي هريرة في هذا الحديث روي عن كل واحد منهم في بعض الرواية الحنث قبل الكفارة، وفي بعض الرواية الكفارة قبل الحنث". (¬2) أي أنَّ الكفارة تؤخر بعد ما يجب الحنث ويقع وهو اختيار الشيخ، فإن قدّمت الكفارة جاز ذلك لورودها في الأخبار الصحيحة. وبكلا الأمرين قال جمهور أهل العلم والظاهرية، وخالف في ذلك أبو حنيفة وأصحابه، فقالوا: لا تجزئ الكفاره قبل الحنث؛ لأنها لا تجب عليه بنفس اليمين، وإنما يكون وجوبها بالحنث. وقول الجمهور أرجح وأصح لصحة الأخبار الدالة على جواز الأمرين، وفي المذاهب تفاصيل أخرى لا يتسع المقام لذكرها. انظر: المدونة (2/ 38)، التمهيد (21/ 247)، البناية شرح الهداية (6/ 36)، شرح فتح القدير (5/ 82)، المغني (13/ 481)، الحاوي (15/ 290)، العزيز شرح الوجيز (12/ 258)، المحلى (6/ 336)، الفتح (11/ 716). (¬3) الموطأ كتاب: الأقضية، باب: القضاء فيمن وجد مع امرأته رجلا (2/ 566) (رقم: 17). وفي كتاب: الحدود، باب: ما جاء في الرجم (2/ 628) (رقم: 7). وأخرجه مسلم في صحيحه كتاب: اللعان (2/ 1135) (رقم: 1498) من طريق إسحاق الطبّاع. وأبو داود في السنن كتاب: الديات، باب: في من وجد مع أهله رجلا، أيقتله؟ (4/ 671) (رقم: 4533) من طريق القعنبي. والنسائي في السنن الكبرى كتاب: الرجم، باب: عدد الشهود على الزنا (4/ 320) (رقم: 7333) من طريق قتيبة. وأحمد في المسند (2/ 465) من طريق إسحاق الطبّاع، ثلاثتهم عن مالك به.

وقع عند يحيى بنِ يحيى في الأقضية مقطوعًا، ليس فيه عن أبيه، وزاد ابن وضاح هناك فوصله كالذي في الرجم (¬1). 421/ حديث: كان الناسُ إذا رأوا أوَّلَ الثَمرِ جاؤوا به إلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -. . . فيه: "اللهم بارِكْ لنا في مَدينتِنا"، وذَكَر الصَّاعَ، والمُدَّ، ودعاءَ إبراهيم. في أوَّل الجاح، مطوَّلًا (¬2). 422/ حديث: "تُفتح أبواب الجَنَّةِ يوم الإثنين ويومَ الخميس فيُغفَر لكلِّ عبدٍ مسلمٍ لا يُشرِك بالله شيئًا. . . ". وذَكَر الشحناءَ، فيه: "فيقال: أَنظِروا هذين حتى يَصْطَلِحَا". في الجامع، باب: المهاجرة (¬3). ¬

_ (¬1) في المطبوع على ما أصلحه ابن وضاح، وكذا وقع في رواية عبيد الله عن يحيى نسخة المحمودية (أ) (ل: 133/ ب)، و (ب) (ل: 175/ ب). ولم يذكر ابن عبد البر الاختلاف في التمهيد، وذكره محمد بن حارث الخشني في جملة أوهام يحيى على مالك فقال: "أسقط يحيى من الإسناد رجلًا، ورواه الرواة كلهم عن مالك عن سهيل بن أبي صالح [عن أبيه] عن أبي هريرة". أخبار الفقهاء والمحدّثين (ص: 356)، وما بين المعقوفتين ساقط من المطبوع، والسياق يقتضيه. (¬2) الموطأ كتاب: الجامع، باب: الدعاء للمدينة وأهلها (2/ 675) (رقم: 2). وأخرجه مسلم في صحيحه كتاب: الحج، باب: فضل المدينة. . (2/ 1000) (رقم: 1373) من طريق قتيبة. والترمذي في السنن كتاب: الدعوات، باب: ما يقول إذا رأى الباكورة من الثَّمَر (5/ 472) (رقم: 3454) من طريق معن، وزاد في تحفة الأشراف (9/ 417) قتيبة. والنسائي في السنن الكبرى كتاب: عمل اليوم والليلة، باب: ما يقول إذا دعي بأول الثمر فأخذه (6/ 83) (رقم: 10134) من طريق قتيبة وابن القاسم، ثلاثتهم عن مالك به. (¬3) الموطأ كتاب: حسن الخلق، باب: ما جاء في المهاجرة (2/ 693) (رقم: 17). وأخرجه مسلم في صحيحه كتاب: البر والصلة، باب: النهي عن الشحناء والتشاجر (4/ 1987) (رقم: 2565) من طريق قتيبة. وأحمد في المسند (2/ 400، 465) من طريق إسحاق الطبّاع، وموسى بن داود، ثلاثتهم عن مالك به.

قال الدارقطني: "لم يُختلَف عن سُهيل (¬1) في رفعِه"، -وذَكَر الخلافَ عن أبي صالح فيه- ثم قال: "ومَن وقفه أثبتُ مِمَّن أسنده" (¬2). وكأنَّه لَم يَثِق بحفظِ سُهَيل (¬3)، وخَرَّجه مسلم عن مالك من هذا الطريق وغيرِه (¬4)، انظره في الوقف لأبي صالح (¬5). 423/ حديث: "ضافَه ضيفٌ كافرٌ فأَمَرَ له بشاةٍ فحُلِبَت فشَرِبَ حِلابَها. . . ". فيه: "المؤمن يشرب في معًى واحد، والكافرُ يشرَبُ في سبعةِ أمعاء". في الجامع (¬6). ¬

_ (¬1) في الأصل: "سهل"، وهو خطأ. (¬2) العلل (10/ 87 - 89). وسيأتي ذكر الاختلاف فيه على أبي صالح (3/ 454). (¬3) تُكلّم في حفظ سهيل، وأَجْمَعُ ما قيل فيه قول ابن حجر. "صدوق تغيّر حفظه بأخرة". وقال الذهبي: "ثقة، تغيّر حفظه". انظر: تهذيب الكمال (12/ 223)، تهذيب التهذيب (4/ 231)، المعني في الضعفاء (1/ 415)، التقريب (رقم: 2675)، وسيأتي ذكر بعض أقوال أهل العلم فيه (3/ 463). ومثله لا يوثق بحفظه إذا انفرد أو خالف من هو أوثق منه، إلَّا أنَّ الحديث في صحيح مسلم كما قال المصنف، وسيأتي مزيد بحث وذكر الاختلاف فيه على أبي صالح. (¬4) تقدّم تخريجه من طريق مالك، وأخرجه أيضًا من طريق جرير بن عبد الحميد، وعبد العزيز الدراوردي كلاهما عن سهيل به. صحيح مسلم (4/ 1987) (رقم: 2565). (¬5) انظر: (3/ 454). (¬6) الموطأ كتاب: صفة النبي - صلى الله عليه وسلم -، باب: ما جاء في معى الكافر (2/ 704) (رقم: 10). وأخرجه مسلم في صحيحه كتاب: الأشربة، باب: المؤمن يأكل في معى واحد والكافر يأكل في سبعة أمعاء (3/ 1632) (رقم: 2063) من طريق إسحاق الطبّاع. والترمذي في السنن كتاب: الأطعمة، باب: ما جاء أن المؤمن يأكل في معى واحد والكافر يأكل في سبعة أمعاء (4/ 235) (رقم: 1819) من طريق معن. والنسائي في السنن الكبرى كتاب: آداب الشرب، باب: الفرق بين شرب المسلم وبين شرب الكافر (4/ 200) (رقم: 6893) من طريق معن. وأحمد في المسند (2/ 375) من طريق إسحاق الطبّاع، ثلاثتهم عن مالك به.

والضيف هو جَهجَاه الغِفاري، وقد جاء هذا الحديثُ عنه مُستوْعَبًا. خَرَّجه ابنُ أبي شيبة، والبزّار (¬1). ¬

_ (¬1) أخرجه ابن أبي شيبة في المسند (ل: 15/ أ)، والبزار في المسند (3/ 339) (رقم: 2891 - كشف الأستار-)، والحربي في إكرام الضيف (ص: 41)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (2/ 243) (رقم: 998)، والطحاوي في شرح المشكل (5/ 255) (رقم: 2021)، والطبراني في المعجم الكبير (2/ 274) (رقم: 2152)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (1/ ل: 145/ أ)، وابن عبد البر في التمهيد (21/ 264)، وابن بشكوال في الغوامض والمبهمات (2/ 261، 262) (رقم: 209، 210) بن طرق عن زيد بن الحُباب عن موسى بن عَبيدة الرَّبذي عن عبيد بن سلمان الأغر عن عطاء بن يسار عن جهجاه الغفاري به، وفيه قصة إسلامه. وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (5/ 143) (رقم: 24550)، وابن أبي خيثمة في التاريخ (رقم: 246 - رسالة الحمدان-)، وأبو عوانة في صحيحه (5/ 429)، وأبو يعلى في المسند (1/ 425) (رقم: 912) بهذا الإسناد مختصرا. وسنده ضعيف جدا، فيه موسى بن عبيدة الرّبذي ضعيف جدا، وقد تقدّم (ص: 211). وضعّفه الحافظ في الفتح (9/ 448)، وقال: "وهذا الرجل يشبه أن يكون جهجاه الغفاري". قلت: وهو قول الأكثر، قاله ابن بشكوال في الغوامض والمبهمات (1/ 260). ولا يُجزم بكونه جهجاه الغفاري لضعف سند حديثه، وقد قيل في تعيين المبهم أقوال أخرى منها: • إنه نضلة بن عمرو الغفاري: أخرج حديثه أحمد في المسند (4/ 336)، والبخاري في التاريخ الكبير (8/ 118)، وابن قانع في معجم الصحابة (3/ 157، 158)، والبغوي في الصحابة كما في الفتح (9/ 449)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (2/ 245) (رقم: 999)، وأبو نعيم في أخبار أصبهان (1/ 112)، وفي معرفة الصحابة (2/ 221/ ب)، وعبد الغني الأزدي في الغوامض والمبهمات (ل: 24/ أ -نسخة بغداد-)، وأبو مسلم الكجي وقاسم بن ثابت السرقسطي في الدلائل كما في الفتح (9/ 449)، ومن طريقه ابن بشكوال في الغوامض (262/ 2) (رقم: 211) كلهم عن أبي معن محمد بن معن قال: حدّثني جدي محمد بن معن عن أبيه معن بن نضلة عن نضلة بن عمرو بنحو حديث جهجاه، مع اختلاف في السياق. وسنده ضعيف، فيه أبو معن محمد بن معن قال ابن حجر: "مقبول". التقريب (رقم: 8384). وجده محمد بن معن بن نضلة ذكره ابن حبان في الثقات (7/ 412). وقال ابن حجر: "لا ينبغي أن يفسّر به مبهم حديث الباب لاختلاف السياق". الفتح (9/ 449). =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = • إنه أبو بصرة حُميل بن بصرة الغفاري، جزم به الخطيب البغدادي. وحديثه أخرجه: أحمد في المسند (6/ 497)، وأبو إسحاق الحربي في إكرام الضيف (ص: 43)، والطحاوي في شرح المشكل (5/ 257) (رقم: 2024) من طريق يحيى بن إسحاق عن ابن لهيعة عن عبد الله بن هبيرة عن أبي تميم الجيشاني عن أبي بصرة به. وأخرجه أبو إسحاق الحربي في إكرام الضيف (ص: 42)، والطحاوي في شرح المشكل (5/ 256) (رقم: 2023)، والخطيب البغدادي في الأسماء المبهمة (ص: 349) من طريق سعيد بن عفير عن عبد الله بن لهيعة عن موسى بن وردان عن أبي الهيثم عن أبي بصرة به. وفي كلا الإسنادين ابن لهيعة وهو ضعيف، ولعله اضطرب في إسناده، والله أعلم. وأخرجه عبد الغني الأزدي في الغوامض والمبهمات (ل: 24/ أ -نسخة بغداد-)، ومن طريقه ابن بشكوال في الغوامض والمبهمات (1/ 264) (رقم: 213) من طريق محمد بن كثير العبدي عن سليمان بن كثير عن حصين عن أبي صالح به، وذكر قصة أبي بصرة مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، وسنده مرسل. وصحح ولي الدين العراقي حديث أبي بصرة فقال: "رواه أحمد بإسناد صحيح". طرح التثريب (6/ 20). قلت: وقد تقدّم أن في إسناده ابن لهيعة، والحديث بأسانيده الثلاثة حسن لغيره، والله أعلم. وقال ابن حجر: "وهذا لا يفسّر به المبهم في حديث الباب، وإن كان المعنى واحدا". الفتح (9/ 449). • إنه أبو غزوان: أخرجه ابن بشكوال في الغوامض (1/ 266) (رقم: 215) من طريق حُيّي عن أبي عبد الرحمن الحبلي عبد الله بن يزيد عن عبد الله بن عمرو بن العاص بنحو حديث جهجاه الغفاري، وسمّاه أبو غزوان. وأخرجه أبو عوانة في صحيحه (5/ 430) من هذا الطريق مختصرا، ولم يذكر القصة. وجوّد إسناده الحافظ، ثم قال: "وهذه الطرق أقوى من طريق جهجاه، ويُحتمل أن تكون تلك كنيته". الفتح (9/ 449). • إنه ثمامة بن أثال: ذكره ابن إسحاق في السيرة، وسيأتي ذكره، وأنه ضعيف. والحاصل أن الأحاديث في تعيين المبهم في حديث الباب لا تخلو من ضعف، وإن صحت فهي تخالفه من حيث السياق، والظاهر أن القصة تعددّت كما قال الحافظ في الفتح (9/ 449)، ولا يمكن حمل المبهم على قصة معيّنة، وبالله التوفيق.

وانظر طرَفَه الآخَر للأعرج عن أبي هريرة (¬1). فصل: مِن النَّاسِ مَن ادَّعَى تَخصيصَ هذا الحديث، وزَعَمَ أنَّ المعنَّي به جَهْجَاه خاصَّة (¬2)، وقد جاء نحوُ هذا في ثُمامَة بنِ أُثَال الحَنفيِّ، كان مأسورًا وكان يأكلُ كلَّ يوم أكلًا كثيرًا، فلمَّا أسلَمَ لَم يأكلْ إلَّا يسيرًا، فعَجِبَ النَّاسُ ¬

_ (¬1) تقدّم حديثه (3/ 393). (¬2) قال ابن عبد البر: "هذا الحديث ظاهره العموم، والمراد به الخصوص، وهو خبر خرج على رجل بعينه كافر ضاف رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فعرض له معه ما ذكر في هذا الحديث. . ثم قال: "يحتمل أن الإشارة بالألف واللام في الكافر والمؤمن في هذا الحديث إلى ذلك الرجل بعينه، وإنما يحملنا على هذا التأويل، لأن المعاينة -وهي أصح علوم الحواس- تدفع أن يكون ذا عموما في كل كافر ومؤمن، ومعروف من كلام العرب الإتيان بلفظ العموم والمراد به الخصوص، ألا ترى إلى قول الله عز وجلَّ {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ} -وهذه الإشارة في الناس إنما هي إلى رجل واحد أخبر أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - أن قريشًا جمعت لهم، وجاء اللفظ -كما ترى- على العموم. ومثله: {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ}، {مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ} -ومثل هذا كثير لا يجهله إلّا من لا عناية له بالعلم، وقد قيل إنه في كل كافر، وإنه لِمَوضِع التسمية يقل أكله، وهذا تدفعه المشاهدة وعلم الضرورة، فلا وجه له". التمهيد (21/ 264، 265)، وانظر الاستيعاب (1/ 268). وسبقه إلى التخصيص والتعليل الطحاوي كما في شرح المشكل (5/ 257)، والغوامض والمبهمات للأزدي (ل: 23/ ب)، وأبو عبيدة كما في الفتح (9/ 450). قال الحافظ: "وقد تُعقّب هذا الحمل بأن ابن عمر راوي الحديث فهِم منه العموم، فلذلك منع الذي رأه يأكل كثيرا من الدخول عليه واحتج بالحديث، ثم كيف يتأتى حمله على شخص بعينه مع ما تقدّم من ترجيح تعدد الواقعة". الفتح (9/ 450). قلت: وحديث ابن عمر المشار إليه، أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الأطعمة، باب: المؤمن يأكل في معَى واحد (6/ 454) (رقم: 5395) عن عمرو بن دينار قال: كان أبو نهيك رجلا أكولا، فقال له ابن عمر: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن الكافر يأكل في سبعة أمعاء"، فقال: فأنا أؤمن بالله ورسوله.

لذلك، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ المسلمَ يأكل في معًى واحدٍ، وإنَّ الكافرَ يأكلُ في سبعةِ أمعاء"، ذَكَرَه ابنُ إسحاق في السِيَرِ وفيه نَظر (¬1). والتخصيصُ عندي راجعٌ إلى الإيمان لا إلى الكفرِ، وكأنَّها صفةُ كمالٍ في المؤمن، كقولِ الله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ} (¬2)، ومَن حقَّق إيمانه، وتَدَبَّر قولَ الله سبحانه: {وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا} (¬3)، وقولَه: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} (¬4)، لَم يتَّبِعْ في الطعامِ والشرابِ هَواهُ، ولا أكل أكْلَ الكافرِ بالله، وهذا بيّن لِمَن تأمَّلَ معناه (¬5). ¬

_ (¬1) قال ابن إسحاق: "بلغني عن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة أنه قال"، ثم ذكر حديث أسر ثمامه بن أثال، وإحسان النبي - صلى الله عليه وسلم - له، وقصة أكله. وإسناده منقطع. وذكره الحافظ في الفتح (9/ 449)، وسكت عنه. ومراد المؤلف من ذكره أنَّ القصة وقعت لغير جهجاه، فكيف يخصّ به الحديث، وقد تقدّم تعقب ابن حجر لابن عبد البر وغيره بتعدد الواقعة. (¬2) سورة: الأنفال، الآية: (2). (¬3) سورة: الأحقاف، الآية: (20). (¬4) سورة: التكاثر، الآية: (8). (¬5) وعليه فلا يُعترض بما اعترض به ابن عبد البر من أن المسلم قد يأكل أكلا كثيرا، وأن الكافر لا يأكل حفاظا على صحته لا رغبة فيما عند ربّه، وقد أشار الخطابي إلى هذا الكلام فقال: "ومعنى هذا الكلام أن المؤمن الممدوح بإيمانه المستحق لشرائط كماله يُقلّ الطعام ويكتفي باليسير منه ويؤثر على نفسه لما يرجو من ثوابه، وأن الكافر يستكثر منه ويستأثر به، ولا يدّخر للآخرة ولا ينظر للعاقبة وبذلك وُصفوا في قوله تعالى: {وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ}، وقوله: {وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلًا لَمًّا}، وليس وجه الحديث أن من كان كثير الأكل لا يُشبعه القليل من الطعام كان ناقص الإيمان، فقد ذُكر عن غير واحد من أفاضل السّلف وصالحي الخلف أنهم كانوا يستوفون الطعام وينالون منه النيل الصالح، فلم يكن ذلك وصمة في دينهم ولا نقصا في إيمانهم". أعلام الحديث (3/ 2045). =

424/ حديث: "إذا أَحَبَّ اللهُ العبدَ قال لجبريل: إنّي قد أحْبَبْتُ فلانًا فَأَحِبَّه. . . ". فيه: "ثمّ يَضَع له القَبولَ في الأرض". في الجامع، باب: المتحابِين (¬1). لم يَتَحَقَّق مالكٌ ذِكرَ البُغضِ فيه (¬2)، وذَكَرَه جريرٌ، ومَعمر، وعبد العزيز بن أبي سلمة، وحمّاد بن سلمة، وغيرُهم عن سُهيل، نَسَقًا دون شكٍّ. فمِنهم مَن طَوّل ومِنهم مَن اختصر، خَرَّجه مسلم من طرق (¬3). ¬

_ = والحاصل من هذا كله أن المؤمن يأكل في معى واحد استغناء بغذاء القلب والروح عن غذاء البطن. وانظر: زاد المعاد (2/ 33). وذكر العلماء في تأويل هذا الحديث أقوالا كثيرة، ولعل أرجحها ما ذكره المصنف وسبقه إليه الخطابي، والله أعلم. انظر: المنتقى (7/ 432)، المعلم بفوائد مسلم (3/ 120)، القبس (3/ 1112)، شرح الطيبي على المشكاة (8/ 142)، شرح صحيح مسلم للنووي (14/ 24)، طرح التثريب (6/ 17)، الفتح (9/ 449، 450). (¬1) الموطأ كتاب: الشعر، باب: ما جاء في المتحابين في الله (2/ 729) (رقم: 15). وأخرجه مسلم في صحيحه كتاب: البر والصلة، باب: إذا أحب الله عبدا حبّبه إلى عباده (4/ 2031) (رقم: 2637) من طريق عبد الله بن وهب. والنسائي في السنن الكبرى كما في تحفة الأشراف (9/ 417) من طريق قتيبة وابن القاسم، ثلاثتهم عن مالك به. (¬2) قال مالك إثر الحديث: "لا أحسبه إلا أنه قال في البغض مثل ذلك". (¬3) أخرجه مسلم في صحيحه (4/ 2030، 2031) (رقم: 2637) من طريق جرير، ويعقوب بن عبد الرحمن القاري، وعبد العزيز بن محمد الدراوردي، وعبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون. وأخرجه أحمد في المسند (2/ 267)، وعبد الرزاق في المصنف (10/ 450) (رقم: 19673)، وأبو يعلى في المسند (6/ 136) (رقم: 6655) من طريق معمر. وأحمد في المسند (2/ 341)، والطيالسي في المسند (ص: 319) من طريق وهيب بن خالد. وأحمد في المسند (2/ 413) من طريق أبي عوانة الوضاح اليشكري. وأبو نعيم في الحلية (7/ 141) من طريق الثوري. =

425/ حديث: أنَّ رَجلًا مِن أَسْلَم قال: ما نِمتُ هذه اللّيلةَ. . . وذَكَر لَدْغَ العقرَب. فيه: "لو قلتَ حين أمسيتَ: أعوذ بكلماتِ الله التمامَّات من شَرِّ ما خلق لَم يَضرَّك. . . ". في الجامع، باب: التعوذ (¬1). هكذا هو عند مالك: عن أبي هريرة (¬2). ¬

_ = وطريق حماد بن سلمة لم أقف عليها. تنبيه: قال ابن عبد البر: "ورواه ابن أبي سلمة (أي الماجشون) عن سهيل فلم يذكر البغض أصلًا". ثم أورده من طريق ابن أبي شيبة عن يزيد بن هارون عن الماجشون به، وليس فيه ذكر البغض. التمهيد (21/ 238). قلت: تقدّم أن مسلما أخرجه من طريق الماجشون، ولم يسق لفظَه، إلا أنه قال: "بمثل حديث جرير عن سهيل". أي أنه ذكر البغض، ولو أيكن فيه ذكر البغض لبيّنه مسلم أو قال: بنحوه، بدليل أنه أورد طريق العلاء بن المسيب عن سهيل، وقال: "غير أن حديث العلاء بن المسيب ليس فيه ذكر البغض". لذا جزم المصنف بأن رواية الماجشون فيها ذكر البغض، والله أعلم. (¬1) الموطأ كتاب: الشعر باب: ما يؤمر به من التعوذ (2/ 725) (رقم: 11). وأخرجه النسائي في السنن الكبرى كتاب: عمل اليوم والليلة، باب: ما يقول إذا خاف شيئا من الهوام حين يمسي (6/ 152) (رقم: 10425) من طريق قتيبة. وأحمد في المسند (2/ 375) من طريق إسحاق الطبّاع، كلاهما عن مالك به. (¬2) وتابعه على إسناده: -عبيد الله بن عمر عند النسائي في السنن الكبرى (6/ 152) (رقم: 10427) والبزار في مسنده (ل: 233 / أ -نسخة الأزهرية-)، وابن حبّان في صحيحه (309/ 3) (رقم: 1036)، وأبي يعلى في مسنده (6/ 137) (رقم: 6658). - وهشام بن حسان عند الترمذي في السنن (5/ 780) (رقم: 3675)، وأحمد في المسند (2/ 290). - وجرير بن حازم عند ابن حبّان في صحيحه (3/ 299) (رقم: 1022). - وعبد العزيز الدراوردي، عند البزار في مسنده (ل: 233/ أ -نسخة الأزهرية-). - وعبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون عند أبي بكر الشافعي في الغيلانيات (2/ 169) (رقم: 605). - وعبد الله بن عمر العمري، وروح بن القاسم، وسعيد الجمحي، ومحمد بن رفاعة القرظي، وعبيدة بن حميد كما في علل الدارقطني (10/ 176). - وزهير بن معاوية والثوري والحمادان وشعبة إلا أنه اختلف عليهم، انظر: العلل (10/ 177 - 179).

وقال ابنُ عيينة فيه وجماعةٌ: سُهيل، عن أبيه، عن رجل مِن أَسلمَ، لَم يذكروا أبا هريرة (¬1)، وكلاهما محفوظٌ، قاله الدارقطني (¬2). وقال البزار: "رَوى هذا الحديث جماعةٌ، عن سُهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة، ورواه غيرُ واحدٍ، عن سُهيل، عن أبيه، عن رجل من أصحاب النبي ¬

_ (¬1) أخرجه النسائي في السنن الكبرى (6/ 153 رقم: 10431) من طريق سفيان بن عيينة. وأخرجه (برقم: 10429، 10431) من طريق وهيب بن خالد، وزهير بن محمد التميمي. وعبد الرزاق في المصنف (11/ 36) (رقم: 19834) من طريق معمر. وأخرجه أبو نعيم في معرفة الصحابة (2/ ل: 306/ ب) من طريق شعبة. وتابعهم: خالد بن عبد الله الواسطي، وأبو عوانة، وجرير بن عبد الحميد، ذكرهم الدارقطني في العلل (10/ 177). (¬2) لم أقف على قول الدارقطني هذا، وأظن أن المؤلف نقله بالمعنى، وكلام الدارقطني لا يدل على ذلك. قال الدارقطني: "والمحفوظ عن سهيل عن أبيه عن رجل من أسلم، وأما قول من قال: عن أبي هريرة، فيشبه أن يكون سهيل حدّث به مرة هكذا فحفظه عنه من حفظه كذلك؛ لأنهم حفاظ ثقات، ثم رجع سهيل إلى إرساله". العلل (10/ 179). هذا في العلل، ومَالَ في الأحاديث التي خولف فيها مالك إلى ترجيح رواية ابن عيينة ومن تابعه فقال -بعد أن ذكر رواية مالك-: "وتابعه عبيد الله بن عمر، وهشام بن حسان وغير واحد. وخالفهم جماعة أكثر منهم، رووه عن سهيل عن أبيه عن رجل مِن أسلم. لم يذكروا أبا هريرة". الأحاديث التي خولف فيها مالك (ص: 112). وقال الحافظ ابن حجر: "وذكر الدارقطني الاختلاف فيه على سهيل، ورجّح قول شعبة ومن وافقه، وكأنه رجّح بالكثرة، ويعارضه كون مالك أحفظ بحديث المدنيين من غيره، والذي يظهر لي أنه كان عند سهيل على الوجهين، فإن له أصلا من رواية أبي صالح عن أبي هريرة. . . في رواية مسلم". نتائج الأفكار (2/ 341). قلت: ولعل الوهم من سهيل، كان يرويه تارة عن رجل، وتارة عن أبي هريرة؛ لأن رواة الوجهين ثقات حفاظ، وسهيل كان في حفظه شيء، فإلزاق الوهم به أولى من غيره، وأشار إلى هذا الدارقطني في العلل كما تقدّم، والله أعلم بالصواب.

- صلى الله عليه وسلم -، ورواه أبو معاوية، عن سُهيل، عن أبيه، عن عبد الرحمن بن عائِش". انتهى قولُه (¬1). وخَرَّجه مسلم بإسناده عن أبي صالح، عن أبي هريرة (¬2)، وعن خَولَة من طرق (¬3). ¬

_ (¬1) المسند (ل: 233/ أ، ب -نسخة الأزهرية-). وحديث عبد الرحمن بن عائش أخرجه أبو نعيم في معرفة الصحابة (2/ ل: 56/ ب) قال: حدّثنا محمد بن أحمد بن الحسن، ثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة، نا أبي، ثنا أبو معاوية، عن سهيل، عن أبيه، عن عبد الرحمن بن عائش: قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من نزل منزلا فقال: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم ير في منزله ذلك شيئا يكرهه حتى يرتحل عنه"، قال سهيل: قال أبي: فلقيت عبد الرحمن بن عائش في المنام فقلتُ له: أحدّثك النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا الحديث؟ قال: نعم. قال أبو نعيم: "ورواه موسى بن يعقوب الزمعي عن سهيل نحوه". قلت: ولعل الوهم في هذا الإسناد من أبي معاوية الضرير أو سهيل بن أبي صالح، وأبو معاوية الضرير قال عنه أحمد: "أبو معاوية الضرير في غير حديث الأعمش مضطرب لا يحفظها حفظا جيّدا". وقال الحافظ: "ثقة أحفظ الناس لحديث الأعمش وقد يهم في حديث غيره". انظر: العلل ومعرفة الرجال (1/ 378 - رواية عبد الله-)، تهذيب الكمال (25/ 123)، تهذيب التهذيب (9/ 120)، التقريب (رقم: 5841). لكن تابعه موسى بن يعقوب الزمعي كما قال أبو نعيم، وهو صدوق سيء الحفظ، وقد تقدّم، فلذا يُحتمل أن يكون الوهم فيه من سهيل، وكذلك فمتنه مخالف لمتن حديث مالك وغيره، والله أعلم بالصواب. ثم إن عبد الرحمن بن عائش مختلف في صحبته، والأصح أن لا صحبة له. انظر: الاستيعاب (2/ 838)، تهذيب الكمال (17/ 202) والإصابة (5/ 237 - القسم الرابع). وذكر البخاري له حديثًا واحدًا وهو حديث رؤية الرب، وذكر له دُحيم حديثين فقط، حديث الرؤية، وحديث الفجر فجران. انظر: تاريخ دمشق (34/ 473، 476)، تهذيب الكمال (17/ 202). قلت: وهذا الحديث يُعد ثالث حديث لعبد الرحمن بن عائش. (¬2) صحيح مسلم كتاب: الذكر، باب: في التعوّذ في سوء القضاء. . . (4/ 2081) (رقم: 2709) من طريق القعقاع بن حكيم ويعقوب بن عبد الله بن الأشج، كلاهما عن سهيل به. (¬3) صحيح مسلم (4/ 2080، 2081) (رقم: 2708) من طريق سعد بن أبي وقاص عن خولة بنت حكيم السّلمية به.

وانظر حديثَ خَولَة (¬1). • حديث: "إنَّ الله يَرضَى لكم ثلاثًا. . . ". مذكورٌ في مرسلِ أبي صالح (¬2). فصل: خَرَّج مسلم عن سُهيل بن أبي صالح أحاديث، واستظْهَرَ به البخاري مقرونًا بغيرِه في الجهاد (¬3)، وذَكَرَ في التاريخ عن علي بنِ المديني: "أنَّ ¬

_ (¬1) سيأتي حديثها (4/ 302). (¬2) سيأتي حديثه (5/ 300). استدراك: من أحاديث مالك، عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة مرفوعًا. ما أخرجه مالك في الموطأ، كتاب: الكلام، باب: ما يُكره من الكلام (2/ 751) (رقم: 2)، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة: أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا سمعتَ الرجل يقول: هلك الناس، فهو أهلكهم". وهو في نسخة المحمودية (أ) (ل: 153/ ب) و (ب) (ل: 269/ ب) بهذا الإسناد والمتن. وأخرجه مسلم في صحيحه كتاب: البر والصلة، باب: النهي من قول: هلك الناس (4/ 2024) (رقم: 2623) من طريق يحيى النيسابوري. وأبو داود في السنن كتاب: الأدب، بابٌ (5/ 260) (رقم: 4983) من طريق القعنبي. وأحمد في المسند (2/ 465، 517) من طريق إسحاق الطباع وروح، أربعتهم عن مالك به. (¬3) صحيح البخاري كتاب: الجهاد، باب: فضل الصوم في سبيل الله (3/ 289) (رقم: 2840) قال: حدّثنا إسحاق بن نصر حدّثنا عبد الرزاق أخبرنا ابن جريج قال: أخبرني يحيى بن سعيد وسهيل بن أبي صالح أنهما سمعا النعمان بن أبي عياش عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "من صام يوما فما سبيل الله بعّد الله وجهه عن النار سبعين خريفا". وعاب النسائي على البخاري عدم إخراج حديث سهيل له في صحيحه. قال السلمي: "وسألته (أي الدارقطني) لِمَ ترك محمد بن إسماعيل البخاري حديث سهيل بن أبي صالح في الصحيح، فقال: لا أعرف له فيه عذرا، فقد كان أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي إذا مرّ بحديث لسهيل قال: سهيل والله خير من أبي اليمان ويحيى بن بكير، وكتاب البخاري من هؤلاء ملآن. وقال: قال أحمد بن شعيب النسائي: ترك محمد بن إسماعيل البخاري حديث سهيل بن أبي صالح في كتابه، وأخرج عن ابن بكير وأبي اليمان وفليح بن سليمان، لا أعرف له وجها، ولا أعرف فيه عذرًا". سؤالات السلمي للدارقطني (ص: 192، 193).

سُهيلًا مات له أخٌ فوَجَدَ عليه فنَسِيَ كثيرًا" (¬1) وخَرَّج أبو داود من طريق عبد العزيز الداروردي، عن ربيعة، عن سُهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة مرفوعًا حديث اليمين مع الشاهد. ثمّ ذَكَر بإسنادٍ آخَر أنَّ الدارورديَّ قال: "قد ذكرتُ ذلك لسُهيل فقال: أخبرني ربيعة وهو عندي ثقة أنِّي حدَّثتُه إيّاه ولا (¬2) أحفظه". قال عبد العزيز: "وقد كان أصابت سُهيلا علّةٌ أذهبتْ بعضَ عَقلِه ونَسِيَ بعضَ حديثه" (¬3). وقال الساجي في كتابِه: "أصابه بِرسامٌ (¬4) في آخِرِ عمرِه فذهب بعضُ حديثِه، وكان حدَّث ربيعةَ بحديث اليمين مع الشاهد ثم نَسيَه سُهيل فكان يحدِّث به عن ربيعةَ عن نفسه" (¬5). ووثَّقه ابنُ معين، ولَم يَرَ حديثَه حُجَّة (¬6). ¬

_ (¬1) تهذيب التهذيب (4/ 432)، ولم ينسبه لعلي، وإنما للبخاري، ولم أجده في تاريخيه المطبوعين. (¬2) في الأصل: "أولا"، وهو خطأ، والصواب المثبت كما في سنن أبي داود. (¬3) السنن كتاب: القضاء، باب: القضاء باليمين مع الشاهد (4/ 34) (رقم: 3610). (¬4) البرسام: بالكسر، علّة يهذى فيها. القاموس المحيط (4/ 80). (¬5) لم أقف على قول الساجي عند غير المصنف. (¬6) لابن معين في سهيل عدة أقوال تلتقي مع ما قاله المؤلف عنه. قال الدوري: سئل يحيى عن حديث سهيل والعلاء وابن عَقيل وعاصم بن عبد الله؟ فقال: "عاصم وابن عَقيل أضعف الأربعة، والعلاء وسهيل حديثهم قريب من السواء، وليس حديثهم بالحُجَج، أو قريبا من هذا الكلام تكلّم به يحيى". التاريخ (3/ 230). وقال: "سئل يحيى عن العلاء وسهيل فلم يقوِّ أمرهما". التارلِخ (26213). وقال أيضا: سمعت يحيى يقول: "أبو صالح السمان كان له ثلاثة بنين، سهيل وعبّاد وصالح، كلهم ثقة". الكامل (3/ 447). وقال: وسمعت يحيى يقول: "سهيل بن أبي صالح صويلح، وفيه لين". الضعفاء للعقيلي (2/ 156) =

وقال النسائي: "لا بأس به" (¬1). قال الشيخ: وسُهيل بنُ ذكوان المكي رجلٌ آخَر روى عن عائشة ووَصَفَها (¬2). ¬

_ = وقال الدارمي: "فسهيل بن أبي صالح أحب إليك عن أبيه أو سُمي عنه؟ فقال: سمي خير منه". التاريخ (ص: 123). وقال الدقاق: سمعته يُسأل عن سمي مولى أبي بكر؟ فقال: "ثقة، قيل له: سمي أكثر أم سهيل؟ فقال: سمي أكثر من سهيل مائة مرة". من كلام أبي زكريا (رقم: 187). وقال أيضًا: "قيل له: يكون عمارة بن القعقاع، عن أبيه يقارب سهيلًا عن أبيه؟ فقال: كيف لسهيل يكون مثله. قيل له: أيما أحب إليك قتادة عن الحسن عن سمرة، أو سهيل عن أبيه عن أبي هريرة؟ فقال: الحسن لم يسمع من سمرة، وكلاهما ليس بشيء، لو كان الحسن سمع من سمرة كان أحب إليّ". من كلام أبي زكريا (رقم: 389، 390). (¬1) التمييز نقلا عن أسماء شيوخ مالك (ل: 79/ ب)، تهذيب الكمال (12/ 227). ونقل الجوهري ومغلطاي عن النسائي أنه قال: "ثقة". مسند الموطأ (ل: / 81 أ)، إكمال تهذيب الكمال (2/ ل: 146/ ب)، أسماءء شيوخ مالك (ل: 79/ ب). وتقدّم ملخص ما قيل في سهيل من قول الذهبي وابن حجر، وأنه صدوق تغير بأخرة، انظر: (. .). (¬2) ذكره المصنف تمييزًا، ولم يذكره المزي ولا ابن حجر، وكان الأولى ذكره لتوافقهما في الاسم واسم الأب، وهذا مكي، أصله من واسط، وقد اتهم بالكذب، ودلك أنه ادّعى رؤية عائشة، ولما سئل عن وصفها قال: "كانت سوداء". وعائشة إنما كانت بيضاء شقراء. وكذلك ادّعى رؤية إبراهيم النخعي، ولما سئل عن وصفه قال: "كان كبير العينين". وإبراهيم كان أعور العين، فثبت كذبه. قال ابن عدي: "وسهيل بن ذكوان هذا مع ما يُنسب إلى الكذب ليس له كثير حديث، وإنما لم يعتبر الناس بكذبه في كثرة رواياته، لأنه قليل الرواية، وإنما تبيّنوا كذبه بمثل ما بيّنا أن عائشة كانت سوداء، وأن إبراهيم النخعي كان كبير العينين، وعائشة كانت بيضاء، وإبراهيم النخعي أعور، وهو في مقدار ما يرويه ضعيف". انظر: التاريخ (3/ 509 - رواية الدوري-)، العلل ومعرفة الرجال (1/ 442 - رواية عبد الله-)، التاريخ الكبير (4/ 104)، الجرح والتعديل (4/ 246)، الكامل (3/ 447)، الضعفاء للعقيلي (3/ 154)، المجروحين (1/ 349)، وتعليقات الدارقطني عليه (ص: 123).

مالك عن سُميٍّ مولى أبي بكر بن عبد الرحمن هو ابن الحارث بن هشام، عن أبي صالح السَّمَان، عن أبي هريرة. 426/ حديث: "لو يَعلمُ الناسُ ما في النِّداء والصَّفِ الأوَّل. . . ". وذكر التهجيرَ، والعَتَمَة، والصبح. في باب: النداء للصلاة (¬1). فيه: ذِكرُ العتمةِ بهذا الاسمِ، وقال فيه رَوحٌ عن مالك: "ولو يعلمُ الناسُ ما في العِشاء والصُّبح"، ذكرَه الدارقطني (¬2). وهكذا قال فيه أبو بكر البزار من طريق عبد الرحمن بن مهدي، عن مالك (¬3). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في النداء للصلاة (1/ 81) (رقم: 3). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الأذان، باب: الاستهام في الأذان (1/ 190) (رقم: 615) من طريق عبد الله بن يوسف، وفي الشهادات، باب: القرعة في المشكلات (3/ 226) (رقم: 2689) من طريق إسماعيل بن أبي أويس. ومسلم في صحيحه كتاب: الصلاة، باب: تسوية الصفوف وإقامتها. . (1/ 325) (رقم: 437) من طريق يحيى النيسابوري. والترمذي في السنن كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في الصف الأول (1/ 437) (رقم: 225، 226) من طريق معن وقتيبة. والنسائي في السنن كتاب: موافيت الصلاة، باب: الرخصة أن يقال للعشاء العتمة (1/ 269) من طريق عتبة بن عبد الله بن القاسم، وفي الأذان، باب: الاستهام (2/ 23) من طريق قتيبة. وأحمد في المسند (2/ 236، 303، 233، 278، 374) من طريق ابن مهدي، وعبد الرزاق، وإسحاق الطبّاع، ثمانيتهم عن مالك به. (¬2) لم أقف عليه في العلل، ولعله في غرائب مالك. (¬3) المسند (ل: 171 / أ -نسخة كوبرلي-). ومن طريق ابن مهدي أخرجه أحمد في المسند (2/ 236) كما سبق. وأخرجه أحمد أيضا (2/ 303) من طريق ابن مهدي وذكر العتمة بدل العشاء.

والمحفوظ عن مالك في هذا الحديث ذِكرُ العتمةِ، وكذلك هو في الموطأ عند الجميع (¬1). وقال عبد الرزّاق: قلتُ لمالكٍ: "أما تكرَه أن يُقال العتمة؟ فقال: هكذا قال الذي حدَّثني" (¬2). وجاء النَّهيُ عن ذلك في حديث ابن عمر، خَرَّجه مسلم (¬3). وانظر مرسلَ سعيد بن المسيب (¬4). ¬

_ (¬1) انظر الموطأ برواية: أبي مصعب الزهري (1/ 71) (رقم: 181)، وسويد بن سعيد (ص: 99) (رقم: 119)، وابن القاسم (ص: 447) (رقم: 433)، والقعنبي (ص: 85)، وابن بكير (ل: 13/ ب -السليمانية-). وكذلك هو عند من سبق ذكرهم في التخريج إلا ابن مهدي. (¬2) المصنف (1/ 524) (رقم: 2007)، ومن طريقه أحمد في المسند (2/ 277)، والبيهقي في السنن الكبرى (10/ 288)، والخطيب البغدادي في الرواة عن مالك (ل: 13/ أ -مختصر العطار-). وهذا يؤيّد أن المحفوظ عن مالك ذكر العتمة، ومن رواه بلفظ العشاء رواه بالمعنى للنهي الوارد في ذلك كما سيأتي، والله أعلم. (¬3) أخرجه مسلم في صحيحه كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: وقت العشاء وتأخيرها (1/ 445) (رقم: 644) عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن ابن عمر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا تغلبنّكم الأعراب على اسم صلاتكم، ألا إنها العشاء، وهو يُعتمون بالإبل". قال النووي: "وفي هذا الحديث (أي حديث الباب) تسمية العشاء عتمة، وقد ثبت النهي عنه، وجوابه من وجهين: أحدهما: أن هذه التسمية بيان للجواز، وأن ذلك النهي ليس للتحريم. والثاني: وهو الأظهر، أن استعمال العتمة هنا لمصلحة ونفي مفسدة؛ لأن العرب كانت تستعمل لفظة العشاء في المغرب، فلو قال: "لو يعلمون ما في العشاء والصبح" لحملوها على المغرب، ففسد المعنى، وفات المطلوب، فاستعمل العتمة التي يعرفونها ولا يشكون فيها، وقواعد الشرع متظاهرة على احتمال أخف المفسدتين لدفع أعظمهما". شرح صحيح مسلم (4/ 158). (¬4) سيأتي حديثه (5/ 201).

427 / حديث: "بينما رجلٌ يمشي بطريقٍ إذ وَجَدَ غُصْنَ شَوْكٍ على الطريقِ فأخَّرَه. . .". وفيه: "الشهداءُ خمسة: المَطْعونُ، والمَبْطونُ، والغَرِقُ، وصاحبُ الهَدْمِ، والشهيدُ في سبيل الله". في الصلاة، الثاني، في باب: العتمة والصبح (¬1). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: صلاة الجماعة، باب: ما جاء في العتمة والصبح (1/ 126) (رقم: 6). وفي المطبوع ذكر شهود العتمة والصبح (أي الحديث السابق)، وسيأتي التنبيه على ذلك. وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الأذان، باب: فضل التهجير إلى الظهر (1/ 199) (رقم: 652 - 654) من طريق قتيبة بكامله، وفي باب: الصف الأول (1/ 218) (رقم: 720، 721) من طريق أبي عاصم بالشطرين الأخيرين. وفي المظالم، باب: من أخذ الغصن وما يؤذي الناس في الطريق فرمى به (3/ 148) (رقم: 2472) من طريق عبد الله بن يوسف بالشطر الأول منه. وفي الجهاد، باب: الشهادة سبع سوى القتل (3/ 286) (رقم: 2829) من طريق عبد الله بن يوسف بالشطر الثاني منه. وفي الطب، باب: ما يذكر في الطاعون (7/ 28) (رقم: 5833) عن أبي عاصم مقتصرا على قوله: "المبطون شهيد والمطعون شهيد". ومسلم في صحيحه كتاب: الإمارة، باب: بيان الشهداء (3/ 1521) (رقم: 1914) من طريق يحيى النيسابوري بالشطر الأول والثاني. وفي البر والصلة باب: ما جاء في إماطة الأذى من الطريق (4/ 2021) (رقم: 1914) من طريق يحيى النيسابوري بالشطر الأول. والترمذي في السنن كتاب: الجنائز، باب: ما جاء في الشهداء من هم؟ (3/ 377) (رقم: 1063) من طريق معن وقتيبة بالشطر الثاني. وفي البر والصلة باب: ما جاء في إماطة الأذى من الطريق (4/ 300) (رقم: 1958) من طريق قتيبة بالشطر الأول. والنسائي في السنن الكبرى كتاب: الطب، باب: في الطاعون (4/ 363) (رقم: 7528) من طريق قتيبة بالشطر الثاني. وأحمد في المسند (2/ 324، 533) من طريق روح بن عبادة، وعبد الرحمن بن مهدي، بالشطر الثاني، سبعتهم عن مالك به.

هذا الحديثُ فصلان، وليس فيه عند يحيى بن يحيى ما تقتضيه الترجمةُ (¬1)، وسائِرُ رواة الموطأ يَصِلون به الحديث الذي قبله، وبه يُطابقها (¬2). وانظر حديث الشهداء لجابر بن عَتِيك (¬3). 428/ حديث: "إذا قال الإمام: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} فقولوا: آمين، فإنّه من وافَقَ قولُه قولَ الملائكة. . . ". في باب: التأمين (¬4). ¬

_ (¬1) في الطبوع ثلاثة فصول، وفيه ما تقتضيه الترجمة! وفي نسخة المحمودية (أ) (ل: 23/ أ)، و (ب) (ل: 25/ ب) بالفصلين فقط، ولم يذكر ما يطابق الترجمة، أعني شهود العتمة والصبح. قال ابن عبد البر: "هذه ثلاثة أحاديث في واحد، كذلك يرويها جماعة من أصحاب مالك، وكذا هي محفوظة عن أبي هريرة، أحدها: حديث الذي نزع غصن الشوك عن الطريق، والثاني: حديث الشهداء، والثالث: قوله: "لو يعلم الناس ما في النداء"، إلى آخر الحديث، وهذا القسم الثالث سقط ليحيى من باب، وهو عنده في باب آخر منها ما كان ينبغي أن يكون في باب العتمة والصبح، وقوله: "ولو يعلم الناس ما في النداء" إلى قوله: "ولو حبوا"، فلم يروه عنه ابنه عبيد الله في ذلك الباب، ورواه ابن وضاح عن يحيى". التمهيد (22/ 11). قلت: والذي يظهر أن ذكر الشطر الأخير من الحديث في هذا الباب من إصلاحات ابن وضاح، حتى يطابق الحديث الترجمة، وكأنَّ المصنف رحمه الله اعتمد على رواية عبيد الله عن يحيى، ولم يذكر ما في رواية ابن وضاح، والله أعلم. (¬2) انظر الموطأ برواية: - أبي مصعب الزهري (1/ 128) (رقم: 327)، وابن القاسم (ص: 446) (رقم: 433)، وابن بكير (ل: 22/ ب -نسخة السليمانية-)، والقعنبي (ل: 23/ ب -نسخة الأزهرية-). (¬3) تقدّم حديثه (2/ 141). (¬4) الموطأ كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في التأمين خلف الإمام (1/ 95) (رقم: 48). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الأذان، باب: جهر المأموم بالتأمين (1/ 235) (رقم: 782) من طريق القعنبي، وفي التفسير، باب: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} (5/ 173) (رقم: 4475) من طريق عبد الله بن يوسف. =

قال فيه ابن وهب عن مالك: نُعيم، عن أبي هريرة (¬1). وخَرَّجه البخاري من طريق مالك، عن سُمى، عن أبي صالح، ثم قال: "تابعه محمّد بنُ عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، ونعيم المُجمر، عن أبي هريرة" (¬2). ¬

_ = وأبو داود في السنن كتاب: الصلاة، باب: التأمين وراء الإمام (1/ 575) (رقم: 935) من طريق قتيبة. والنسائي في السنن كتاب: الافتتاح، باب: الأمر بالتأمين خلف الإمام (2/ 144) من طريق قتيبة، وفي الكبرى كما في تحفة الأشراف (9/ 391) من طريق عبد الله بن المبارك، وابن القاسم، خمستهم عن مالك به. (¬1) لم أقف عليه. (¬2) صحيح البخاري (1/ 235). وطريق محمد بن عمرو وصله: الدارمي في السنن كتاب: الصلاة، باب: في فضل التأمين (1/ 314) (رقم: 1245)، وإسماعيل بن جعفر في حديثه (ص: 373) (رقم: 131)، والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 55)، وابن حجر في تغليق التعليق (2/ 320). وطريق نعيم المجمر وصله: النسائي في السنن كتاب: الافتتاح، باب: قراءة بسم الله الرحمن الرحيم (2/ 134)، وأحمد في المسند (2/ 497)، وابن خزيمة في صحيحه (1/ 251) (رقم: 499)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (5/ 104) (رقم: 1801)، والحاكم في المستدرك (1/ 232)، وابن الجارود في المنتقى (1/ 174) (رقم: 184)، والطحاوي في شرح المعاني (1/ 199)، وابن حجر في تغليق التعليق (2/ 320)، كلهم عن سعيد بن أبي هلال عن نعيم به. ولعل مراد المصنف من إيراد طريق نعيم إثبات أن الحديث محفوظ من طريقه، وعبد الله بن وهب ثقة حافظ، وتفرّده عن مالك مقبول إن صح السند إليه، والله أعلم. تنبيه: قال ابن حجر ردًّا على الكرماني: "وأغرب الكرماني فقال: حاصله أن سُميًّا ومحمد بن عمرو ونعيما ثلاثتهم روى عنهم مالك هذا الحديث، لكن الأول والثاني روياه عن أبي هريرة بالواسطة، ونعيم بدونها. وهذا جزم منه بشيء لا يدل عليه السياق، ولم يرو مالك طريق نعيم ولا طريق محمد بن عمرو أصلا". الفتح (2/ 312). قلت: وطريق ابن وهب، عن مالك، عن نعيم تردُّ على ابن حجر قوله، إلا أنَّ كلام البخاري لا يدل على ما ذهب إليه الكرماني، والله أعلم.

وانظر روايةَ سعيد وأبي سلمة والأعرج عن أبي هريرة (¬1). 429/ حديث: "إذا قال الإمام: سمِع الله لمن حمِدَه، فقولوا، اللهمّ ربَّنا لك الحمد. . . ". وذَكَرَ الموافقَةَ. في الباب المذكور، باب: التأمين (¬2). وليس منه؛ إذ ليس فيه ذِكرُ التأمين. عند بعضِ رواة الموطأ ها هنا: "ولك الحمد" بالواو (¬3)، وهكذا في حديث الزهري، عن أنس (¬4)، وتقدّم في حديث سالِم، عن ابن عمر أنَّ الإمامَ يجمعُ بين الكلمتين (¬5). ¬

_ (¬1) تقدّم حديث ابن المسيب وأبي سلمة (3/ 286)، وحديث الأعرج (3/ 359). (¬2) الموطأ كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في التأمين خلف الإمام (1/ 95) (رقم: 47). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الأذان، باب: فضل اللهم ربنا لك الحمد (1/ 239) (رقم: 766) من طريق عبد الله بن يوسف، وفي بدء الخلق، باب: إذا قال أحدكم آمين. . . (4/ 42) (رقم: 3228) من طريق إسماعيل بن أبي أويس. ومسلم في صحيحه كتاب: الصلاة، باب: التسميع والتحميد التأمين (1/ 306) (رقم: 409) من طريق يحيى النيسابوري. وأبو داود في السنن كتاب: الصلاة، باب: ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع (1/ 529) (رقم: 848) من طريق القعنبي. والنسائي في السنن كتاب: الافتتاح، باب: قوله: ربنا ولك الحمد (2/ 196) من طريق قتيبة، وفي الكبرى كما في تحفة الأشراف (9/ 388) من طريق عبد الله بن المبارك، وابن القاسم. وأحمد في المسند (2/ 459) من طريق ابن مهدي، وإسحاق الطبّاع، تسعتهم عن مالك به. (¬3) هي رواية: ابن بكير (ل: 18/ أ -السليمانية-). وابن القاسم (ص: 443) (رقم: 430). وقتيبة بن سعيد عند النسائي في السنن. (¬4) تقدّم (2/ 45). (¬5) تقدّم حديثه (2/ 340).

430/ حديث: "مَن اغتَسَلَ يومَ الجمعة غُسلَ الجنابة، ثم راح في الساعةِ الأولى فإنّما قَرَّبَ بَدَنَة. . . ". وذَكَرَ في الثانية البقرةَ، وفي الثالثة كبشًا، وفي الرابعة دَجاجةً، وفي الخامسة بَيضةً. في أبواب الجمعة، العمل في الغسل (¬1). 431/ حديث: "مَن قال: لا إله إلّا الله وحده لا شريك له. . . ". فيه: "كانت له عِدْلَ عَشرِ رِقاب"، وذَكر خصالًا. وفي آخره: "ولَم يأتِ أَحدٌ بأفضَل مِمَّا جاء به". في الصلاة، عند آخره، باب: ذكر الله تعالى (¬2). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الجمعة، باب: العمل في غسل يوم الجمعة (1/ 105) (رقم: 1). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الجمعة، باب: فضل الجمعة (1/ 264) (رقم: 881) من طريق عبد الله بن يوسف. ومسلم في صحيحه كتاب: الجمعة، باب: الطب والسواك يوم الجمعة (1/ 249) (رقم: 351) من طريق القعنبي. والترمذي في السنن كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في التبكير إلى الجمعة (2/ 372) (رقم: 499) من طريق معن. والنسائي في السنن كتاب: الجمعة، باب: وقت الجمعة (3/ 99) من طريق قتيبة، في الكبرى كما في تحفة الأشراف (9/ 389) من طريق ابن القاسم. وأحمد في المسند (2/ 460) من طريق ابن مهدي، وإسحاق الطبّاع، سبعتهم عن مالك به. (¬2) الموطأ كتاب: القرآن، باب: ما جاء في ذكر الله تبارك وتعالى (1/ 184) (رقم: 20). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: بدء الخلق، باب: صفة إبليس وجنوده (4/ 436) (رقم: 3293) من طريق عبد الله بن يوسف، وفي الدعوات، باب: فضل التهليل (7/ 214) (رقم: 6403) من طريق القعنبي. ومسلم في صحيحه كتاب: الذكر والدعاء، باب: فضل التهليل والتسبيح والدعاء (4/ 2071) (رقم: 2691) من طريق يحيى النيسابوري. =

هذا الحديث مفردٌ عند يحيى بن يحيى، ليس فيه ذِكر التسبيح (¬1). 432/ حديث: "مَن قال: سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرّة حُطّت خطاياه. . . ". في الباب (¬2). أكثر الرواة يَصِلُ هذا الحديثَ بالذي قبله، ولا يُعيد إسنادَه، يَجعل ¬

_ = والترمذي في السنن كتاب: الدعوات، بابٌ (5/ 478) (رقم: 3468) من طريق معن. والنسائي في السنن الكبرى، كتاب: عمل اليوم والليلة، باب: من قال ذلك مائة مرة (6/ 11) (رقم: 9853) من طريق قتيبة. وابن ماجه في السنن كتاب: الأدب، باب: فضل لا إله إلا الله (2/ 1248) (رقم: 3798) من طريق زيد بن الحُباب. وأحمد في المسند (2/ 302، 375) من طريق ابن مهدي وإسحاق الطبّاع، ثمانيتهم عن مالك به. (¬1) انظر الحديث بعده. (¬2) الموطأ كتاب: القرآن، باب: ما جاء في ذكر الله تبارك وتعالى (1/ 184) (رقم: 21). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الدعوات، باب: فضل التسبيح (7/ 215) (رقم: 6405) من طريق القعنبي. ومسلم في صحيحه كتاب: الذكر والدعاء، باب: فضل التهليل والتسبيح والدعاء (4/ 2071) (رقم: 2691) من طريق يحيى النيسابوري. والترمذي في السنن كتاب: الدعوات، بابٌ (5/ 478، 479) (رقم: 3468) من طريق عبد الرحمن المحاربي ومعن. والنسائي في السنن الكبرى كتاب: عمل اليوم والليلة، باب: ثواب من قال: سبحان الله وبحمده (6/ 207) (رقم: 10662) من طريق حماد بن مسعدة. وابن ماجه في السنن كتاب: الأدب، باب: فضل التسبيح (2/ 1253) (رقم: 3812) من طريق عبد الرحمن المحاربي. وأحمد في المسند (2/ 375، 515) من طريق روح وابن مهدي، سبعتهم عن مالك به.

الكلَّ حديثًا واحدًا (¬1)، ومِنهم من يُكرِّرُ هذا مفردًا بعد الجَمع (¬2). 433/ حديث: "بينما رجلٌ يمشي بطريق إذ اشْتدَّ عليه العَطَشُ، فوَجَدَ بِئرًا فنزلَ فيها فشَرِبَ وخرج، فإذا كلبٌ يَلْهَث. . . ". فيه: "في كلِّ ذي كَبدٍ رَطْبَةٍ أجرٌ". في الجامع، باب: الطعام والشراب (¬3). 434/ حديث: "العمرةُ إلى العمرةِ كفَّارةٌ لما بينهما. . . ". وذَكَر الحَجَّ المبرور. في باب: العمرة (¬4). ¬

_ (¬1) انظر الموطأ برواية: سويد بن سعيد (ص: 183) (رقم: 347)، وابن القاسم (ص: 444) (رقم: 431)، والقعنبي (ص: 101)، وابن بكير (ل: 135/ أ -نسخة السليمانية-). وتابع يحيى على تفريق الحديثين أبو مصعب الزهري (1/ 202، 203) (رقم: 520، 521). (¬2) لم أقف على من جمع الحديثين في سياق واحد ثم أفرد الثاني منهما، والله أعلم. (¬3) الموطأ كتاب: صفة النبي - صلى الله عليه وسلم -، باب: جامع ما جاء في الطعام والشراب (2/ 708) (رقم: 23). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: المساقاة، باب: فضل سقي الماء (3/ 109) (رقم: 2363) من طريق عبد الله بن يوسف، وفي المظالم، باب: الآبار التي على الطرق إذا لم يتأذ بها (3/ 145) (رقم: 2466) من طريق القعنبي، وفي الأدب، باب: رحمة الناس بالبهائم (7/ 102) (رقم: 6009) من طريق إسماعيل بن أبي أويس. ومسلم في صحيحه كتاب: السلام، باب: فضل ساقي البهائم المحترمة وإطعامها (4/ 1761) (رقم: 2244) من طريق قتيبة. وأبو داود في السنن كتاب: الجهاد، باب: ما يؤمر به من القيام على الدواب والبهائم (3/ 50) (رقم: 2550) من طريق القعنبي. وأحمد في المسند (2/ 375، 517) من طريق إسحاق الطبّاع وروح بن عبادة، ستتهم عن مالك به. (¬4) الموطأ كتاب: الحج، باب: ما جاء في العمرة (1/ 281) (رقم: 65). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: العمرة، باب: العمرة، وجوب العمرة وفضلها (2/ 545) (رقم: 1773) من طريق عبد الله بن يوسف.

يقال: إنَّ سُمَيًّا انفرد به، وقد رواه سُهيل عن سُمَيٍّ (¬1). 435/ حديث: "السَّفرُ قِطعةٌ من العذاب. . .". وذَكَرَ العَجَلَةَ إلى الأهل. في الجامع، باب: العمل في السفر (¬2). ¬

_ = ومسلم في صحيحه كتاب: الحج، باب: فضل الحج والعمرة ويوم عرفة (2/ 983) (رقم: 1349) من طريق يحيى النيسابوري. والنسائي في السنن كتاب: المناسك، باب: فضل العمرة (5/ 115) من طريق قتيبة. وابن ماجه في السنن كتاب: المناسك، باب: فضل الحج والعمرة (2/ 964) (رقم: 2888) من طريق أبي مصعب الزهري. وأحمد في المسند (2/ 461) من طريق ابن مهدي، خمستهم عن مالك به. (¬1) أخرجه مسلم في صحيحه (2/ 983) (رقم: 1349) من طريق سُهيل عن سُميّ به. قال ابن عبد البر: "هذا حديث انفرد به سميّ، ليس يرويه غيرُه، واحتاج الناس إليه فيه، [فرواه عنه مالك والسفيانان وغيرهما، حتى إنَّ سهيل بن أبي صالح حدّث به عن] سمي عن أبيه أبي صالح". التمهيد (22/ 38)، وما بين المعقوفين من الفتح (4/ 699)، وسقط من التمهيد، والسياق يقتضيه. ثم قال ابن حجر: "فكأن سهيلًا لم يسمعه من أبيه، وتحقّق تفرّد سمي به، فهو من غرائب الصحيح". قلت: كذا قال ابن عبد البر والحافظ، جَزَما بتفرّد سمي به، ولم يجزم المؤلف بل أورده بصيغة التمريض؛ وذلك لأنه روي عن سهيل عن أبيه، رواه عنه جماعة، وإن كان الراجح رواية من جعل بينه وبين أبيه سميًّا. قال الدارقطني: "روى هذا الحديث سهيل بن أبي صالح، واختلف عنه، فرواه شعبة وعبد العزيز بن المختار ويحيى بن سعيد عن سهيل عن سمي عن أبي صالح عن أبي هريرة، وخالفهم حماد بن سلمة وعبد الرحمن بن عبد الله بن دينار وسعيد بن عبد الرحمن الجُمحي وعبيد الله بن تمام، رووه عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة، ولم يذكروا بينهما سميا. وكذلك قال القاسم بن الحكم العرني عن الثوري عن سهيل عن أبي صالح عن أبي هريرة، والصحيح قول من قال: عن سهيل عن سمي عن أبي صالح عن أبي هريرة". العلل (10/ 174). (¬2) الموطأ كتاب: الاستئذان، باب: ما يؤمر به من العمل في السفر (2/ 746) (رقم: 39). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: العمرة، باب: السفر قطعة من العذاب (2/ 554) =

هذا غريبٌ، انفرد به مالكٌ عن سُمَيّ، وقد رُوي عن مالك بأسانيدَ أُخَر (¬1). ¬

_ = (رقم: 1804) من طريق القعنبي، وفي الجهاد، باب: السرعة في السير (4/ 341) (رقم: 3001) من طريق عبد الله بن يوسف، وفي الأطعمة، باب: ذكر الطعام (6/ 553) (رقم: 5429) من طريق أبي نعيم الفضل بن دكين. ومسلم في صحيحه كتاب: الإمارة، باب: السفر قطعة من العذاب. . (3/ 1526) (رقم: 1926) من طريق القعنبي، وإسماعيل بن أبي أويس، وأبي مصعب الزهري، ومنصور بن أبي مزاحم، وقتيبة، ويحيى النيسابوري. والنسائي في السنن الكبرى كتاب: السير، باب: السفر (5/ 242) (رقم: 8783، 8784) من طريق قتيبة، ويحيى بن سعيد القطان. وابن ماجه في السنن كتاب: المناسك، باب: الخروج إلى الحج (2/ 962) (رقم: 2882) من طريق هشام بن عمار، وأبي مصعب الزهري، وسويد بن سعيد. وأحمد في المسند (2/ 236، 245) من طريق ابن مهدي ووكيع. والدارمي في السنن كتاب: الاستئذان، باب: السفر قطعة من العذاب (2/ 372) (رقم: 2670) من طريق خالد بن مخلد، جميعهم عن مالك به. (¬1) منها: الأول: عن مالك عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة. أخرجه تمام في فوائده (3/ 58) (رقم: 856 - الروض-)، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخ دمشق (51/ 199) من طريق أبي عبد الله محمد بن إبراهيم الرازي، عن أبي مصعب الزهري، عن مالك، عن سهيل به. وهذا ضعيف، علته محمد بن إبراهيم، قال ابن عساكر: "قد أخطأ الرازي على أبي مصعب، فإنه إنما رواه عن مالك على ما رواه غيره من الثقات عن سمي عن أبي صالح". قلت: ومحمد بن إبراهيم الرازي قال عنه الدارقطني: "متروك"، وقال مرة أخرى: "ضعيف". وقال البرقاني: "بئس الرجل". انظر: تاريخ بغداد (1/ 407)، تاريخ دمشق (51/ 198). وقد توبع، تابعه: إبراهيم بن عبد الصمد، أخرجه من طريقه ابن عساكر في تاريخ دمشق (51/ 200) عن أبي مصعب، عن مالك، عن سهيل، عى أبي صالح به. وإبراهيم بن عبد الصمد أبو إسحاق الهاشمي آخر من روى الموطأ عن أبي مصعب، قال ابن أم شيبان القاضي: "رأيت سماعه للموطأ سماعًا قديمًا صحيحًا". =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وقال أبو الحسن علي بن لؤلؤ الوراق: "رحلت إليه إلى سامراء لأسمع منه الموطأ فلم أر له أصلا صحيحا فتركته وخرجت". قال الذهبي: "لا بأس به إن شاء الله". انظر: الميزان (1/ 46). قلت: والحديث في موطأ أبي مصعب (2/ 159) (رقم: 2063) عن مالك، عن سمي، عن أبي صالح، وتقدّم أنَّ مسلمًا وابن ماجه أخرجاه من طريق أبي مصعب بهذا السند، وهذا يؤيّد كلام أبي الحسن الوراق في أنَّ أصولَ إبراهيم بن عبد الصمد لم تكن صحيحة عن أبي مصعب، والله أعلم. - وأخرجه الطبراني في المعجم الأوسط (1/ 233) (رقم: 763) عن أحمد بن بشير عن محمد بن جعفر الوركاني. - وابن عدي في الكامل (3/ 43) عن أبي أمية الطرسوسي عن خالد بن مخلد القطواني، كلاهما عن مالك. والروايتان معلّتان، أما رواية أحمد بن بشير عن الوركاني، خالفه فيها موسى بن هارون، رواه عن الوركاني عن مالك عن سمي. قال الدارقطني: حدّثنا به دعلج عن موسى، قال: "والوهم في هذا من الطبراني أو من شيخه". الفتح (3/ 729). وأما رواية أبي أمية الطرسوسي، -واسمه محمد بن إبراهيم- عن خالد بن مخلد، خالفه فيها الدارمي، فرواه عن خالد عن مالك عن سمي، كما تقدّم. وأبو أمية قال عنه الحافظ: "صدوق صاحب حديث يهم". التقريب (رقم: 5700). ويحتمل أن يكون الوهم من خالد بن مخلد، قال عنه ابن حجر: "صدوق يتشيّع وله أفراد" كما في التقريب (رقم: 1677). وقال في الفتح (3/ 729): "وشذّ خالد بن مخلد عن مالك فقال: عن سُهيل". وتابعهم: -محمد بن خالد بن عثمة، ذكره الطبراني في الأوسط. - الماجشون، ذكره الدارقطني كما في الفتح (3/ 729). أما رواية محمد بن خالد بن عثمة فلم أقف عليها، وهو صدوق يخطئ كما في التقريب (رقم: 5847). وأما رواية الماجشون، فهي من رواية أبي علقمة القروي عنه، قال الدارقطني: "تفرّد به عن الماجشون، وإنه وهم فيه". الفتح (3/ 729). الثاني: مالك عن أبي النضر سالم مولى عمر عن أبي صالح عن أبي هريرة. =

قال الدارقطني: "والصحيح عنه حديث سمي" (¬1). وهو مخرج في الصحيح (¬2). وجاء عن مالك أنه قال: "ما لأهلِ العراق لا يسألون إلَّا عن حديثِ سُمَيٍّ هذا؟ فقيل له: إنَّك انفردتَ به لا يوجد عند غيرِك. فقال: لو عَلِمتُ هذا ما حدَّثتُ به" (¬3). ¬

_ = أخرجه أبو نعيم في الحلية (6/ 344)، والدارقطني في الرواة عن مالك كما في اللسان (4/ 130، وتمام في فوائده (3/ 60) (رقم: 857 - الروض-) من طريق عَتيق بن يعقوب المدني عن مالك به. قال الدارقطني: "تفرّد به". قلت: "وهو صدوق له مناكير". انظر: اللسان (4/ 129). الثالث: مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن القاسم عن عائشة. أخرجه العقيلي في الضعفاء (2/ 49)، والطبراني في المعجم الأوسط (4/ 366) (رقم: 4451)، والصغير (1/ 366) (رقم: 613)، وأبو بكر الشافعي في الغيلانيات (2/ 275) (رقم: 779)، والخطيب في تاريخ بغداد (10/ 94)، وابن عبد البر في التمهيد (22/ 34)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (32/ 372) من طريق روّاد بن الجراح عن مالك به. وروّاد بن الجراح أبو عصام العسقلاني مختلف فيه توثيقا وتجريحا، والأقرب فيه أن يكون صدوقا يخطئ ويخالف. وقال ابن عدي: "ولروّاد بن الجراح أحاديث صالحة، وإفرادات وغرائب يتفرّد بها عن الثوري وغير الثوري، وعامة ما يروي عن مشايخه لا يتابعه الناس عليه، وكان شيخا صالحا، وفي حديث الصالحين بعض النكرة، إلا أنه ممن يكتب حديثه". الكامل (3/ 179). وانظر: تهذيب الكمال (9/ 227)، تهذيب التهذيب (3/ 249). (¬1) العلل (10/ 120). (¬2) تقدّم تخريجه، وهذا ما يؤيّد قول الدارقطني. وقال ابن عبد البر: "إنما هو لمالك عن سميّ، لا عن سهيل، ولا عن ربيعة، ولا عن أبي النضر". التمهيد (22/ 35). (¬3) التمهيد (22/ 34) بنحوه.

مالك، عن زيد بن أسلم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة. 436/ حديث: "الخَيلُ لرجل أجرٌ، ولرجل سِتْرٌ، وعلى رجل وِزر. . . ". وفسّرها. فيه: "وسُئل عن الحُمُر". في باب: الترغيب في الجهاد المذكور في أوّل الكتاب (¬1). قال فيه جمهورُ الرواةِ: "الخيلُ لثلاثة" (¬2). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الجهاد، باب: الترغيب في الجهاد (2/ 356) (رقم: 3). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: المساقاة، باب: شرب الناس وسقي الدواب من الأنهار (3/ 11) (رقم: 2371) من طريق عبد الله بن يوسف، وفي الجهاد، باب: الخيل لثلاثة (3/ 295) (رقم: 2860)، وفي المناقب، بابٌ (4/ 553) (رقم: 3646) من طريق القعنبي، وفي التفسير، باب: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ} (6/ 404) (رقم: 5692)، وفي الاعتصام، باب: الأحكام التي تعرف بالدلائل (8/ 512) (رقم: 7356) من طريق إسماعيل بن أبي أويس. وفي التفسير، باب: {وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} (6/ 405) (رقم: 4963) من طريق ابن وهب مختصرا. والنسائي في السنن كتاب: الخيل (6/ 216) من طريق ابن القاسم، خمستهم عن مالك به. تنبيه: قول المصنف: ". . . المذكور في أول الكتاب". يعني بذلك أن هذا الباب مذكور في كتاب الجهاد في موضعين، وسيأتي الموضع الثاني في الحديث التالي. (¬2) هي رواية: - ابن بكير (ل: 69/ أ -نسخة الظاهرية-). - وعبد الله بن وهب وابن القاسم كما في الجمع بين روايتيهما (ل: 15/ أ)، وفي حاشية النسخة: "الخيل لثلاثة، لرجل أجر، كذا لجيمع الرواة إلّا يحيى وأبو المصعب فإنهما أسقطا لثلاثة". - والقعنبي وإسماعيل بن أبي أويس عند البخاري. وتابع يحيى الليثي: - أبو مصعب الزهري (1/ 347) (رقم: 901). - وابن القاسم (ص: 231) (رقم: 178 - تلخيص القابسي-)، وتقدّم أن في نسخة أخرى وافق من ذكر ثلاثة، والله أعلم.

مالك، عن يحيى بن سعيد، عن أبي صالح، عن أبي هريرة. 437/ حديث: "لولا أن أشقَّ على أمَّتي لأحببث ألّا أتَخَلَّفَ عن سَرِيَّةٍ تَخرجُ في سبيل الله. . . ". فيه: "فوَدِدتُ أنْ أقاتِلَ في سبيل الله فأُقْتَل"، ذَكَرَ القتلَ ثلاثا. في باب: الترغيب في الجهاد الذي عند آخِره (¬1). تقدّم طرف منه للأعرج، عن أبي هريرة (¬2). * * * ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الجهاد، باب: الترغيب في الجهاد (2/ 371) (رقم: 40). وأخرجه النسائي في السنن الكبرى كتاب: السير، باب: التخلف عن السرية (5/ 259) (رقم: 8835) من طريق ابن القاسم عن مالك به. (¬2) وهو قوله: "فوددت أني أقاتل في سبيل الله .. "، وتقدّم (3/ 387).

الموقوف لأبي صالح، عن أبي هريرة

الموقوف لأبي صالح، عن أبي هريرة. أربعةُ أحاديث قد رُويت مرفوعة. مالك، عن مسلم بن أبي مريم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قوله. 438/ حديث: "تُعرضُ أعمالُ الناسِ كلَّ جمعةٍ مرَّتين، يوم الاثنين ويوم الخميس فيُغفَرُ لكلِّ عبدٍ مؤمِن. . . ". وذَكَرَ الشَّحناءَ، فيه: فقال: "اترُكُوا هذين حتَّى يفِيئَا". في الجامع، باب: المهاجرة (¬1). هذا الحديثُ موقوفٌ عند جمهورِ رواةِ الموطأ (¬2)، ورَفَعَه أبو حذافة أحمد بنُ إسماعيل السَّهمي عن مالك في الموطأ (¬3). واختُلِف فيه على ابنِ وهبٍ، وخَرَّجه مسلمٌ عنه عن مالك بهذا الإسنادِ مرفوعًا (¬4)، وانتَقَدَ ذلك الدارقطني، وقال في كتاب الاستدراكات: "لَم يَرفَعْه ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: حسن الخلق، باب: ما جاء في المهاجرة (2/ 693) (رقم: 18). (¬2) انظر الموطأ برواية: - أبي مصعب الزهري (2/ 80) (رقم: 1898)، وسويد بن سعيد (ص: 557) (رقم: 1330)، وابن بكير (ل: 238/ ب). وأخرجه محمد بن المظفر البزاز في غرائب حديث مالك (ص: 175) (رقم: 108) من طريق ابن القاسم. (¬3) لم أقف على روايته. وأبو حذافة السّهمي آخر من سمع الموطأ من مالك، لكنه كان مغفّلا. وتقدّمت ترجمته (2/ 20). (¬4) أخرجه مسلم في صحيحه (4/ 1988) (رقم: 2565) من طريق أبي الطاهر وعمرو بن سواد. والحديث في الجامع لابن وهب (1/ 384) (رقم: 271). وفي الجمع بين رواية ابن القاسم وابن وهب (ل: 108/ أ)، وهي من رواية يونس عن ابن وهب. وتقدّم أن ابن القاسم رواه موقوفًا، ولعل الجامع بين الروايتين حمل روايته على رواية ابن وهب. =

عن مالك غيرُ ابن وهب، وأصحابُ الموطأ وغيرُهم يَقِفُونَه" (¬1). وذَكَرَ في كتاب العلل اختلافَ أصحابِ أبي صالح عنه فيه، ثمَّ قال: "ومَن وَقَفَه أثبتُ مِمَّن أسنَدَه" (¬2). ¬

_ = وأخرجه ابن خزيمة في صحيحه (3/ 299) (رقم: 2120)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (12/ 483) (رقم: 5667)، وابن المظفر في غرائب مالك (ص: 174) (رقم: 107) من طريق يونس بن عبد الأعلى. والجوهري في مسند الموطأ (ل: 115/ ب) من طريق عمرو بن سواد. وابن عبد البر في التمهيد (13/ 199) من طريق الحارث بن مسكين، وأبي الطاهر، وسحنون وعمرو بن سواد، وأحمد بن عبد الرحمن بن وهب، كل هؤلاء عن ابن وهب به مرفوعًا. وأخرجه محمد بن المظفر البزاز في غرائب مالك (ص: 175) (رقم: 108) من طريق أبي الطاهر عمرو بن السرح، عن ابن وهب، عن مالك، عن مسلم بن أبي مريم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة موقوفًا. (¬1) التتبّع (ص: 191). (¬2) انظر: العلل (10/ 87 - 89). وحاصل الاختلاف على أبي صالح فيه كما يلي: رواه عنه جماعةٌ، منهم من اختلف عليه في رفعه ووقفه، ومنهم من جاءت عنه رواية واحدة، فرواه عنه: 1 - ابنه سهيل، ولم يختلف عنه. أخرجه مالك عنه عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعًا، وتقدّم حديثه (3/ 426)، وتابع مالكًا على رفعه جماعة، منهم: - جرير بن عبد الحميد، وعبد العزيز الدراوردي عند مسلم في صحيحه كتاب: البر والصلة، باب: النهي عن الشحناء والتشاجر (4/ 1987) (رقم: 2565). - وأبو عوانة الوضاح اليشكري عند أبي داود في السنن كتاب: الأدب، باب: فيمن يهجر أخاه المسلم (5/ 216) (رقم: 4916). - ومحمد بن رفاعة عند الترمذي في السنن كتاب: الصوم، باب: في صوم الاثنين والخميس (3/ 122) (رقم: 747)، وفي الشمائل (ص: 44) (رقم: 299)، وابن ماجه في السنن كتاب: الصيام، باب: صيام يوم الاثنين والخميس (1/ 533) (رقم: 1740)، وأحمد في المسند (2/ 329)، والدارمي في السنن كتاب: الصوم، باب: صيام يوم الاثنين والخميس (2/ 33) (رقم: 1751)، والمزي في تهذيب الكمال (25/ 201). - ووُهيب بن خالد عند أحمد في المسند (2/ 389)، والطيالسي في المسند (ص: 316). =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = - ومعمر بن راشد عند أحمد في المسند (2/ 268)، وعبد الرزاق في المصنف (4/ 413) (رقم: 7915)، و (11/ 168) (رقم: 20226)، وأبي يعلى في المسند (6/ 136) (رقم: 6654)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (8/ 405) (رقم: 3644). - وخالد بن عبد الله عند ابن حبان في صحيحه (الإحسان) (12/ 477) (رقم: 5661)، والخطيب في تاريخ بغداد (14/ 314). - وابن جريج عند الطبراني في المعجم الأوسط (7/ 121) (رقم: 7036). - وإبراهيم بن طهمان عند الخرائطي في مساوئ الأخلاق (ص: 244) (رقم: 547). - ويونس بن عبيد عند ابن عساكر في تاريخ دمشق (22/ 363)، كلهم عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعًا. 2 - مسلم بن أبي مريم: رواه عنه مالك، واختلف عليه، وتقدّم ذكر الاختلاف في بداية الحديث. - ورواه عنه أيضًا ابن عيينة، واختلف عليه: فأخرجه مسلم (4/ 1987) (رقم: 2565) عن ابن أبي عمر العدني. والحميدي في مسنده (2/ 430) (رقم: 975)، كلاهما عن ابن عيينة عن مسلم بن أبي مريم عن أبي صالح أنه سمع أبا هريرة رفع مرة الحديث. وخالفهما: -سعدان بن نصر الثقفي، فرواه عن ابن عيينة موقوفًا، أخرجه من طريقه الخرائطي في مساوئ الأخلاق (ص: 244) (رقم: 546). - وسعيد بن منصور، وإسحاق بن إسرائيل، وغيرهما، فرووه عن ابن عيينة موقوفا، ذكر ذلك الدارقطني في التتبع (ص: 192). - ورواه أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة عن مسلم بن أبي مريم مرفوعا، أخرجه من طريقه عبد الرزاق في المصنف (4/ 314) (رقم: 7915). وأبو بكر هذا رموه بالوضع كما في التقريب (رقم: 7973). والظاهر أن الصحيح عن مسلم بن أبي مريم من رواه عنه موقوفًا، ويُحتمل أن يكون الاختلاف منه، فكان يقفه مرة ويرفعه أخرى، وسيأتي عنه أنه كان يتهيّب من رَفْع الحديث، والله أعلم. 3 - الحكم بن عُتيبة: -رواه عنه شعبة، واختلف عنه: قال الدارقطني: "رواه يحيى بن السكن عن شعبة عن الحكم عن أبي صالح عن أبي هريرة وأبي سعيد عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. وخالفه: بدل، ومعاذ، وعمرو بن مرزوق، فرووه عن شعبة عن الحكم عن أبي صالح عن أبي هريرة وأبي سعيد موقوفًا". =

وتقدَّم لسُهيل عن أبي صالح مرفوعًا (¬1). 439/ حديث: "نساءٌ كاسِياتٌ عارِياتٌ، مائِلاتٌ مُمِيلاتٌ، لَا يَدخلنَّ الجَنَّةَ ولَا يَجِدْن ريحَها. . . ". في الجامع، في أبوابِ اللّباس (¬2). ¬

_ = قلت: يحيى بن السكن قال عنه الذهبي: "ليس بالقوي". الميزان (6/ 54). ومن خالفه أوثق منه، والصحيح عن شعبة الوقف. - ورواه عن الحكم أيضًا مرفوعًا عبد المؤمن بن القاسم الأنصاري، أخرجه من طريقه العقيلي في الضعفاء (3/ 92)، وعبد المؤمن قال العقيلي: "شيعي، لا يُتابع على كثير من حديثه". وتابعه أخوه عبد الغفار، ذكره الدارقطني في العلل (10/ 89)، وعبد الغفار، رافضي متروك الحديث. انظر: الميزان (3/ 355)، اللسان (4/ 42). فالصحيح عن الحكم ما رواه عنه شعبة، عن أبي صالح موقوفًا. 4 - الأعمش: قال الدارقطني: "رواه عن أبي صالح عن أبي هريرة أو عن كعب قوله غير مرفوع". قلت: وأخرجه البزار في مسنده (ل: 245/ ب -نسخة الأزهرية-) من طريق هشام بن عبد الرحمن عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعًا. وقال البزار بعد أن ذكر حديثين آخرين بهذا الإسناد: "وأحاديث هشام بن عبد الرحمن هذه الثلاثة لا نعلم أحدا شاركه فيها عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة". قلت: وهشام بن عبد الرحمن الكوفي، ذكره البخاري في التاريخ الكبير (8/ 199) ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا. 5 - المسيب بن رافع: قال الدارقطني: "ورواه المسيب بن رافع عن أبي صالح عن أبي هريرة موقوفا". ثم قال: "ومن وقفه أثبت ممّن أسنده". العلل (10/ 89). قلت: وهذا الظاهر لكثرة من رواه كذلك. وعلى ترجيح الوقف على الرفع، فللوقف حكم الرفع. قال ابن عبد البر: "ومعلوم أنَّ هذا ومثلَه لا يجوز أن يكون رأيًا من أبي هريرة، وإنما هو توقيف لا يشك في ذلك أحدٌ له أقل فهم وأدنى منزلة من العلم؛ لأنَّ مثلَ هذا لا يُدرَك بالرأي". التمهيد (13/ 198). (¬1) تقدّم حديثه (3/ 426). (¬2) الموطأ كتاب: اللباس، باب: ما يكره للنساء لبسه من الثياب (2/ 696) (رقم: 6).

هكذا هذا الحديثُ في الموطأ موقوفًا (¬1)، ورَفَعَه عبد الله بن نافِع عن مالك، ذكره الجوهريُّ وغيرُه (¬2). ¬

_ (¬1) انظر الموطأ برواية: - أبي مصعب الزهري (2/ 84) (رقم: 1908)، وسويد بن سعيد (ص: 559) (رقم: 1338)، وابن بُكير (ل: 240/ ب -نسخة الظاهرية-)، وابن وهب وابن القاسم كما في الجمع بين روايتيهما (ل: 109/ أ). (¬2) لعله في مسند ما ليس في الموطأ. ورواية عبد الله بن نافع الصائغ أخرجها ابن عبد البر في التمهيد (13/ 203). وعبد الله بن نافع تُكلّم في حفظه، وروايته عن مالك خاصة. وقال أحمد: "لم يكن صاحبَ حديث، كان صاحبَ رأي مالك، وكان يفتي أهل المدينة برأي مالك، ولم يكن في الحديث بذاك". الجرح والتعديل (5/ 184). قال ابن سعد: "كان قد لزم مالكًا لزومًا شديدًا، لا يقدّم عليه أحدًا، وهو دون معن". الطقات (5/ 503). وقال البرذعي: "ذكرتُ أصحابَ مالك -أي لأبي زرعة- فذكرتُ عبد الله بن نافع الصائغ فكلح وجهَه". السؤالات (2/ 732). وقال ابن عدي: "قد روى عن مالك غرائب، وروى عن غيره من أهل المدينة، وهو في رواياته مستقيم الحديث". الكامل (4/ 242). وقال أبو حاتم: "ليس بالحافظ، هو ليّن، تعرف حفظه وتنكر، وكتابه أصح". الجرح والتعديل (5/ 184). وقال البخاري: "في حفظه شيء". التاريخ الصغير (الأوسط) (2/ 282). وقال الخليلي: "أقدم من روى الموطأ عن مالك، ثقة". الإرشاد (1/ 316). ووثّقه أيضًا ابن معين، والنسائي، والعجلي. انظر: تاريخ الدارمي (ص: 153)، والجرح والتعديل (5/ 184)، وتاريخ الثقات (ص: 281)، تهذيب الكمال (16/ 208)، تهذيب التهذيب (6/ 46). وأخرجه أيضًا ابن عبد البر في التمهيد (13/ 203) من طريق يحيى بن بكير عن مالك موقوفًا. ثم قال: "وهذا إسناد لا مطعن فيه عن ابن بكير، وكذلك رواية ابن نافع". قلت: كذا قال ابن عبد البر رحمه الله! والراوي عن يحيى بن بكير أحمد بن محمد بن الحجاج بن رشدين بن سعد المصري. =

قال الدارقطني: "ووَقَفَه أصحابُ الموطأ وهو المحفوظُ" (¬1). وذكر ابن مُزَين (¬2)، عن القعبني، عن مالك: "أنَّ مسلم بن أبي مريم كان يَتَهَيَّبُ رفعَ الحديثِ (¬3)، وذلك مخافةَ الكذبِ على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للوعيد الذي جاء فيه على العمومِ" (¬4). ¬

_ = قال ابن أبي حاتم: "سمعت منه بمصر، ولم أحدّث عنه لما تكلّموا فيه". الجرح والتعديل (2/ 75). وقال ابن عدي: "صاحب حديث كثير، يحدّث عن الحفاظ بحديث مصر، أُنكرت عليه أشياء مما رواه، وهو ثمن يكتب حديثه مع ضعفه". الكامل (1/ 98). وانظر: اللسان (1/ 256). وممّا يؤيّد ضعفه وخطأه في هذه الرواية أن الحديث في موطأ ابن بكير (ل: 240/ ب -نسخة الظاهرية-)، و (ل: 188/ أ -نسخة السليمانية-) موقوف، كرواية الجماعة عن مالك. ولعل المصنف لم يذكره كمتابع لعبد الله بن نافع لضعف الرواية عنه، والله أعلم. (¬1) العلل (10/ 150). وعلى القول بأنَّ الموقوف أصح فله حكم الرفع. قال ابن عبد البر: "ومعلوم أن هذا لا يمكن أن يكون من رأي أبي هريرة؛ لأنَّ مثل هذا لا يدرك بالرأي، ومحال أن يقول أبو هريرة من رأيه "لا يدخلن الجنة"، "ويوجد ريح الجنة من مسيرة كذا"، ومثل هذا لا يُعلم رأيًا، وإنما يكون توقيفًا، مما لا يدفع عن علم الغيب - صلى الله عليه وسلم -". التمهيد (13/ 202). ومثله قال ابن الحذاء في رجال الموطأ (ل: 44/ ب). (¬2) هو يحيى بن إبراهيم بن مزين أبو زكريا مولى رملة بنت عثمان رضي الله عنه، من أهل قرطبة، توفي سنة (259 هـ). قال الخشني: "كان قليل الرواية، متقن الحفظ لما روى، ولم يكن بالأندلس أحفظ لموطأ مالك ومعانيه من يحيى بن إبراهيم بن مزين". وقال ابن الفرضي: "كان حافظًا للموطأ، فقيهًا فيه .. ولم يكن عنده علم بالحديث". أخبار الفقهاء والمحدّثين (ص: 370)، تاريخ العلماء (2/ 178)، جذوة المقتبس (ص: 350)، شجرة النور (ص: 75). (¬3) في الأصل: "الحدَث"، وهو خطأ، وتصحيف. (¬4) نقل ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (8/ 196) عن القعنبي نحو هذا الكلام. وانظر: رجال الموطأ (ل: 44/ أ)، أسماء شيوخ مالك (ل: 49/ أ).

ولعلّ مالكًا أراد الأغلبَ مِن حالِه، ثمّ إنَّه تَحَرَّى مذهبَه فلَم يرفَع عنه ما كان أحيانًا يرفَعُه، وقد رَوى عنه مرفوعًا حديثَ ابنِ عمر في صفةِ الجلوس في الصلاة، استَخَفَّ ذكرَه؛ لأنَّه وصفُ فِعلٍ لا نقلُ قَولٍ، والله أعلم (¬1). * * * ¬

_ (¬1) تقدّم حديث ابن عمر في صفة الجلوس (2/ 502). ويُحتمل أيضا أن مالكًا لم يسمعه مرفوعا عن مسلم بن أبي مريم، وإنما هو عنده موقوفا فأدّاه كما سمعه، والله أعلم.

مالك، عن عبد الله بن دينار، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قوله

مالك، عن عبد الله بن دينار، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قوله. 440/ حديث: "إنَّ الرجلَ لَيَتَكلَّمُ بالكلمةِ ما يُلقِي لَها بالًا يَهْوِي بها في نارِ جَهنم. . . ". وذَكَر الطرَف الآخَر. في الجامع، عند آخِرِه (¬1). هكذا هو في الموطأ موقوفٌ (¬2)، ورَفَعَه عبد الله بنُ المبارك، عن مالك (¬3). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الكلام، باب: ما يؤمر به من التحفّظ في الكلام (2/ 752) (رقم: 6). (¬2) انظر الموطأ برواية: - أبي مصعب الزهري (2/ 163) (رقم: 2073)، وسويد بن سعيد (ص: 592) (رقم: 1438)، وابن القاسم وابن وهب كما في الجمع بين روايتيهما (ل: 127/ أ). (¬3) قال ابن عبد البر: "هكذا هذا الحديث موقوفا في الموطأ، وقد أسنده عن مالك من لا يوثق به. حدّثنا خلف بن القاسم حدّثنا محمد بن أحمد بن يحيى حدّثنا الحسن (كذا والصواب الحسين) بن الحسن المروزي حدّثنا عبد الله بن المبارك حدّثنا مالك عن عبد الله بن دينار عن أبي صالح عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن الرجل ليتكلّم بالكلمة لا يلقي لها بالا يرفعه الله بها يوم القيامة"، هكذا حدّثناه مرفوعا، وهو عندي من غلطه أو غلط شيخه، والله أعلم، ولا يصح عن مالك رفعه فيما أحسب، وإن صح عن ابن المبارك ما ذكرنا، فابن المبارك ثقة حجة". التمهيد (17/ 144). قلت: شيخ ابن عبد البر هو خلف بن القاسم بن سهل الأزدي، أبو القاسم المعروف بابن الدباغ القرطبي، ثقة حافظ عارف بالحديث وطرقه منسوب إلى فهمه. انظر: تاريخ العلماء بالأندلس (1/ 163)، تاريخ دمشق (17/ 13)، السير (17/ 113). وشيخ شيخه محمد بن أحمد بن يحيى لم يتبيّن لي من هو، والخطأ منه في هذا الحديث، خالفه يحيى بن صاعد، فرواه عن الحسين بن الحسن المروزي عن ابن المبارك عن أبي صالح عن أبي هريرة قوله، وهو في زيادات الزهد للحسين المروزي (ص: 489). وقال ابن صاعد في آخره: "ورفعه عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار". ويحيى بن محمد بن صاعد من الحفاظ المتقنين، بل قال الذهبي: "عالم بالعلل والرجال". انظر: تاريخ بغداد (14/ 231)، السير (14/ 501). =

وكذلك رواه عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار، عن أبيه مرفوعًا، خَرَّجه البخاري عنه (¬1). ورَفَعَه أيضًا محمّد بنُ يحيى بن حَبَّان، عن أبي صالح، عن أبي هريرة (¬2). قال الدارقطني: "والموقوفُ هو المحفوظُ". يعنِي من طريقِ أبي صالح (¬3). ¬

_ = وأخرجه النسائي في السنن الكبرى كما في تحفة الأشراف (9/ 431) من طريق سويد بن نصر عن ابن المبارك به موقوفا، وهذا ما يؤيد أن الصواب في رواية ابن المبارك الوقف، ومن رفعه أخطأ، والله أعلم. (¬1) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الرقاق، باب: حفظ اللسان (7/ 237) (رقم: 6478). (¬2) ذكره الدارقطني في العلل (8/ 214)، ولم أقف عليه مسندًا. (¬3) العلل (8/ 214). وترجيح الدارقطني للموقوف نظرا لثقة مالك وإتقانه، وهو من أوثق أصحاب ابن دينار كما في شرح العلل لابن رجب (2/ 668). ثم إنّ عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار متكلّم فيه، وفي روايته عن أبيه. قال الدوري: قال ابن معين: "قد حدّث يحيى القطان عن عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار، قال يحيى: وفي حديثه ضعف". التاريخ (4/ 203). وقال الدقاق: قال يحيى: "ليس بذاك القويّ، وقد روى عنه يحيى". السؤالات (رقم: 340). وقال أبو حاتم: "فيه لين، يُكتب حديثه ولا يحتج به". الجرح والتعديل (5/ 254). وقال ابن المديني: "صدوق". تهذيب التهذيب (6/ 186). وقال أبو زرعة: "ليس بذاك". أسئلة البرذعي (2/ 443). وقال ابن عدي: "بعض ما يرويه منكر مما لا يتابع عليه، وهو في جملة من يكتب حديثه من الضعفاء". الكامل (4/ 299). وقال ابن حبان: "كان ممن ينفرد عن أبيه بما لا يُتابع عليه، مع فحش الخطأ في روايته، لا يجوز الاحتجاج بخبره إذا انفرد، كان يحيى القطان يحدّث عنه، وكان محمد بن إسماعيل الجعفي البخاري ممن يحتج به في كتابه ويترك حماد بن سلمة". المجروحين (2/ 52). وقال الدارقطني: "خالف البخاريُّ فيه الناسَ وليس بمتروك". سؤالات السلمي (ص: 216). =

وخَرَّجه البخاريُّ ومسلمٌ مِن طريق عيسَى بنِ طلحة بن عُبيد الله، عن أبي هريرة مرفوعًا (¬1). وانظر معناه في مسنَدِ بلال بنِ الحارث (¬2). 441/ حديث: "مَن كان لَه مالٌ لَم يُؤَدِّ زكاتَه مُثِّل له يوم القيامةِ شجاعًا أَقْرَعَ. . . ". فيه: "فيقول: أنا كَنزُك". في الزكاة، باب الكنز (¬3). هذا في الموطأ موقوفٌ مختصرٌ (¬4)، ورَفَعَه عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار، عن أبيه. خرَّجه البخاري عنه (¬5). وخَرَّج مسلمٌ معناه من طريقِ زيدِ بن أسلم وسُهيل، عن أبي صالح، عن ¬

_ = وقال أيضًا: "أخرج عنه البخاري، وهو عند غيره ضعيف فيُعتبر به". سؤالات البرقاني (رقم: 287). وانظر: تهذيب الكمال (17/ 208)، تهذيب التهذيب (6/ 187). ولعل البخاري أخرج له هذا الحديث في صحيحه لما جاء عن أبي هريرة من طريق ثابتٍ مرفوعٍ كما سيأتي، والله أعلم. (¬1) أخرجه البخاري في صحيحه (6/ 236) (رقم: 6478). ومسلم في صحيحه كتاب: الزهد، باب: التكلم بالكلمة يهوي بها في النار (4/ 2290) (رقم: 2988). (¬2) تقدّم حديثه (2/ 99). (¬3) الموطأ كتاب: الزكاة، باب: ما جاء في الكنز (1/ 219) (رقم: 22). (¬4) انظر الموطأ برواية: أبي مصعب الزهري (1/ 264) (رقم: 679)، وابن بكير (ل: 5/ ب - نسخة الظاهرية-)، والقعنبي (ل: 50/ أ -نسخة الأزهرية-). (¬5) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الزكاة، باب: مانع الزكاة (2/ 430) (رقم: 1403)، وفي التفسير، باب: {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ. . .} الآية (5/ 207) (رقم: 4565) من طريق أبي النضر هاشم بن القاسم عن عبد الرحمن بن عبد الله به.

أبي هريرة مرفوعًا مَنوطًا بحديث: "الخيلُ ثلاثةٌ" (¬1). وقال الدارقطني: "قولُ مالكٍ أَشْبَه بالصواب" (¬2). * * * ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في صحيحه كتاب: الزكاة، باب: إثم مانع الزكاة (2/ 680 - 683) (رقم: 987) من طريق زيد بن أسلم وسهيل بن أبي صالح وبكير بن عبد الله بن الأشج ثلاثتهم عن أبي صالح به بنحو حديث الباب. (¬2) العلل (10/ 154). وهذا التعليل من الدارقطني بالنسبة لحديث عبد الله بن دينار خاصة، ولم يذكر معه الطرق الأخرى عن أبي صالح التي أخرجها مسلم، فالخلاف فيه بين مالك وعبد الرحمن بن عبد الله بن دينار، عن ابن دينار، فوقفه مالك ورفعه عبد الرحمن، وتقدّم سبب ترجيح رواية مالك على رواية عبد الرحمن في الحديث السابق، وأما إخراج البخاري لهذا الحديث في صحيحه فلعله نظر إلى ثبوته مرفوعًا من طرق أخرى عن أبي صالح كما رواه مسلم، والله أعلم بالصواب.

11 - عبد الرحمن بن يعقوب، عن أبي هريرة

11 - عبد الرحمن بن يعقوب، عن أبي هريرة. ثلاثةُ أحاديث، وله رابع مشتَرَكٌ يُذكر فيما بعد. مالك، عن العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب، عن أبيه، عن أبي هريرة. 442/ حديث: "خرج إلى المقبرةِ فقال: السلامُ عليكم دارَ قومٍ مؤمِنين، وإنَّا إنْ شاء الله بكم لاحِقون، وَوَدِتُّ أنِّي قد رَأيت إخوانَنَا. . . ". فيه: "كيف تَعرِفُ مَن يَلِدُ بعدَك مِن أمَّتِك؟ ". وفيه: "فإنَّهم يأتونَ يومَ القيامة غُرًّا مُحَجَّلِين مِن الوضوءِ، وأنا فَرَطُهُم على الحَوضِ"، وذكر الذَوْدَ والتَّبدِيلَ. في جامع الوضوء (¬1). قال فيه يحيى بنُ يحيى: "فلا يُذادَنَّ" على النَّهي، كقولِه تعالى: {فَلَا تَمُوتُنَّ} (¬2)، وتابعه مُطرِّف (¬3)، وقال سائِر الرواةِ: "فليذادَنَّ" على الخَبَرِ (¬4). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الطهارة، باب: جامع الوضوء (1/ 54) (رقم: 28). وأخرجه مسلم في صحيحه كتاب: الطهارة، باب: استحباب إطالة الغرّة والتحجيل في الوضوء (1/ 218) (رقم: 249) من طريق معن. وأبو داود في السنن كتاب: الجنائز، باب: ما يقول إذا زار القبور أو مرّ بها (3/ 558) (رقم: 3237) من طريق القعنبي مختصرًا. والنسائي في السنن كتاب: الطهارة، باب: حلية الوضوء (1/ 93) من طريق قتيبة. وأحمد في المسند (2/ 375) من طريق إسحاق الطبّاع، أربعتهم عن مالك به. (¬2) سورة: البقرة، الآية: (132). (¬3) لم أقف عليه من طريق مطرف، وعزاه إليه ابن عبد البر، وزاد ابن نافع. التمهيد (20/ 258). (¬4) انظر الموطأ برواية: ابن القاسم (ص: 178) (رقم: 133)، وابن بكير (ل: 10/ ب -نسخة السليمانية-)، والقعنبي =

ورُوي عن أمِّ سلمة نحوٌ مِن هذا الحديث، وفيه: "فإيَّايَ لَا يأتِيَن أحدُكم فيُذَبُّ (¬1) عنِي كما يُذَبُّ (1) البعيرُ الضَّال". خَرَّجه مسلم (¬2)، وهو مُطابِقٌ لمِعنَى روايةِ يحيى ومطرِّف، لكنَّهما خالفَا الجمهورَ عن مالك (¬3). 443/ حديث: "ألَا أُخبِرُكم بما يَمحو اللهُ به الخطايَا، ويرفَعُ به الدَّرجات. . . ". فذَكَرَ ثلات خصالٍ، وفي آخِرِه: "فذلِكُم الرِّباطُ ثلاثًا". في باب: انتظار الصلاة والمشي إليها (¬4). ¬

_ = (ل: 7/ أ -نسخة الأزهرية-)، وأبي مصعب الزهري (ل: / 11 أ -النسخة الهندية-)، و (ل: 6/ ب) نسخة مصورة بالجامعة الإسلامية برقم (4081). ووقع في المطبوع (1/ 31) (رقم: 72) "فلا يذادن" كرواية يحيى، وهو من إصلاح المحققين. وهي رواية -أعني "فليذادنّ"- معن بن عيسى عند مسلم. وأما أبو داود والنسائي وأحمد فلم يذكروا اللفظة في الحديث، واختصروه. (¬1) في الأصل: "يدب"، بالدال المهملة، وفي الصحيح بالذال المعجمة، وهو بمعنى يدفع ويمنع، وأصل الذبّ الطرد. انظر: مشارق الأنوار (1/ 268). (¬2) صحيح مسلم، كتاب: الفضائل، باب: إثبات حوض نبيّنا - صلى الله عليه وسلم - وصفاته (4/ 1795) (رقم: 2295). (¬3) وقال ابن وضاح: "ومعنى "فلا يذادنّ" لا يفعلنّ رجلا فعلا يذاد به عن حوضي كما يذاد البعير الضال". المنتقى (1/ 70). وقال أبو الوليد الوقّشي: "فليذادنّ" فليدفعنّ ويمنعن، واللام لام القسم، كأنّه قال: فوالله ليذادنّ، أي أنّ هذا سيكون لا محالة، وكذلك كل فعل مضارع تدخل أوله اللام الثقيلة أو الخفيفة فإنه [. .] القسم كقوله: {فليعلمن الله الذين آمنوا}، {ولتبلونّ في أموالكم}. ويروى: "فلا يذادنّ" على معنى النهي، وذلك أنّ العرب قد توقع النهي على الفعل ومرادها غيره إذا كان أحدُ الفعلين متعلّقا بالآخر يوجد بوجوده ويرتفع بارتفاعه". ثم ذكر شواهد ذلك من كلام العرب. التعليق على الموطأ (ل: 12/ ب، 13/ أ). وانظر: التمهيد (20/ 257)، والمسالك لابن العربي (ل: 44/ ب). (¬4) الموطأ كتاب: قصر الصلاة في السفر، باب: انتظار الصلاة والمشي إليها (1/ 149) (رقم: 55). وأخرجه مسلم في صحيحه كتاب: الطهارة، باب: فضل إسباغ الوضوء على المكاره (1/ 219) (رقم: 251) من طريق معن. =

وانظر أحاديثَ انتظارِ الصلاهِ للأعرج عن أبي هريرة (¬1)، ولأبي سَلَمة عنه مُخبرًا عن نفسِه (¬2)، وعن عبد الله بن سلَام في حديثٍ طويلٍ (¬3). 444/ حديث: "نَهى أن يُنبذَ في الدُّبَّاء والمزَفَّت". في الأشربة، مختصرا (¬4). ليس فيه إلَّا ذِكرُ طَرَفَيْن، وتقدَّم نحوُه لنافع عن ابن عمر، وإلى هذا ذهب مالكٌ، نَهَى عنهما دونَ الحَنتَمِ والنَّقيرِ (¬5). وقد جاء نسخُ الجميع عن أبي هريرة وغيرِه، انظره لأبي سعيد الخدري (¬6). وانظر حديث نافع عن ابن عمر (¬7)، وانظر في المُبهمِين حديثَ المخبِر لأبي سعيد الخدري (¬8). والعلاءُ مذكور في مسند أنس، ضَعَّفَه ابنُ معين، وخَرَّج له مسلمٌ دون البخاري (¬9). ¬

_ = والنسائي في السنن كتاب: الطهارة، باب: الفضل في ذلك (1/ 89) من طريق قتيبة. وأحمد في المسند (2/ 277، 303) من طريق ابن مهدي، وإسحاق الطبّاع، وعبد الرزاق، خمستهم عن مالك به. (¬1) انظر: (3/ 368 - 369). (¬2) تقدّم حديثه (3/ 312). (¬3) تقدّم حديثه (3/ 41). (¬4) الموطأ كتاب: الأشربة، باب: ما يُنهى أن ينبذ فيه (2/ 643) (رقم: 6). وأخرجه أحمد في المسند (2/ 514) من طريق روح بن عبادة عن مالك به. (¬5) المدوّنة (4/ 411). (¬6) تقدّم حديثه (3/ 274) (¬7) تقدّم حديثه (2/ 433). (¬8) سيأتي حديثه (3/ 610). (¬9) تقدّم الكلام فيه (2/ 85).

12 - عبد الرحمن وإسحاق معا عن أبي هريرة

12 - عبد الرحمن وإسحاق معا عن أبي هريرة. حديثٌ واحدٌ. 445/ حديث: "إذا ثُوِّبَ بالصلاةِ فلا تأتُوها وأنتم تَسعُون. . . ". فيه: "فما أَدرَكتُم فَصَلوا وما فاتَكم فأتمّوا". في باب: النداء. عن العلَاء بن عبد الرحمن، عن أبيه وإسحاق أبي (¬1) عبد الله، عن أبي هريرة (¬2). إسحاقُ هذا هو مَولى زائِدة، يُكنَى أبا عبد الله ولا يُنسَبُ (¬3)، ومِن رواةِ الموطأ من قال فيه: "إسحاق بن عبد الله"، وذلك خطأٌ (¬4). ¬

_ (¬1) في الأصل: (بن)، ولعل الصواب المثبت كما سيأتي عن المصنِّف. (¬2) الموطأ كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في النداء للصلاة (1/ 82) (رقم: 4). وأخرجه أحمد في المسند (2/ 237، 460، 529) من طريق ابن مهدي، وإسحاق الطباع، وعثمان بن عمر (ولم يذكر إسحاق)، ثلاثتهم عن مالك به. (¬3) وهي رواية يحيى الليثي كما في نسخة المحمودية (أ) (ل: 12/ ب)، و (ب) (ل: 13/ أ). ووقع في المطبوع منه: إسحاق بن عبد الله، وهو خطأ. وانظر: الكنى والأسماء لمسلم (1/ 485)، الجرح والتعديل (2/ 238)، المقتنى في سرد الكنى (1/ 353). وقال البخاري: "إسحاق أبو عبد الله مولى زائدة المدني، كناه العلاء بن عبد الرحمن". التاريخ الكبير (1/ 396). (¬4) انظر الموطأ برواية: - أبي مصعب الزهري (1/ 72) (رقم: 182)، وكذا ثبت في نسختين خطيتين منه. وأخرجه من طريقه البغوي في شرح السنة (2/ 92) (رقم: 243) وفيه: إسحاق أبي عبد الله، كرواية يحيى الليثي. - وابن القاسم (ص: 190) (رقم: 135)، ومحمد بن الحسن (ص: 55/ 93)، والقعنبي (ص: 86)، =

وقال الدارقطني: "إسحاق أبو عبد الله لا يعرف إلّا في هذا الحديث" (¬1). وقوله: "فأتِمُّوا"، اختُلِف فيه على أبي هريرة وأبي ذر، جاء عنهما: "فأتِمُّوا"، وهو الأكثرُ، وروي عنهما: "فاقْضوا". وقال ابنُ مسعود وأبو قتادة وأنس: "فأتِمُّوا"، حكاه أبو داود السِّجستاني (¬2). ¬

_ = و (ل: 14/ أ -نسخة الأزهرية-)، ومن طريقه أخرجه الجوهري في مسند الموطأ (ل: 111/ أ). وأخرجه ابن حبان في صحيحه (الإحسان) (5/ 522) (رقم: 2148) من طريق القعنبي. وفيه: إسحاق أبي عبد الله. - وابن بكير (ل: 13/ ب -نسخة السليمانية-)، ومن طريقه أخرجه الجوهري في مسند الموطأ (ل: 111/ أ)، والبيهقي في السنن الكبرى (3/ 228). - وهي رواية ابن مهدي عند أحمد. - ولم ينسبه سويد ولا كناه (ص: 99) (رقم: 120). - وأخرجه أبو عوانة في صحيحه (1/ 413) من طريق مطرف وعبد الله بن نافع، وفيه: إسحاق أبي عبد الله. - وأخرجه البخاري في جزء القراءة (رقم: 183، 184) من طريق عبد الله بن يوسف وإسماعيل بن أبي أويس. وفيه إسحاق بن عبد الله. - والطحاوي في شرح المعاني (1/ 396) من طريق ابن وهب، وفيه: إسحاق بن عبد الله. وأما ابن عبد البر فقال: "هذا الحديث لم يختلف على مالك فيما علمت في إسناده ولا في متنه". (¬1) العلل (11/ 72)، وفيه قال البرقاني: "إسحاق أبو عبد الله من هو؟ قال: "، وذكره. قلت: وقد روى أحاديث غير حديث الباب عند مسلم وأبي داود والنسائي والبخاري في القراءة خلف الإمام. انظر: تحفة الأشراف (9/ 294)، تهذيب الكمال (2/ 500). وقال المزي: "إسحاق مولى زائدة، ويقال: إسحاق بن عبد الله المدني، والد عمر بن إسحاق، كنيته أبو عبد الله، ويقال: أبو عمرو". قلت: والأكثر على أنه لا يُنسب، وإنما يُعرف بإسحاق أبي عبد الله، والله أعلم. (¬2) انظر: السنن كتاب: الصلاة، باب: السعي إلى الصلاة (1/ 384). وتفصيل الكلام في الاختلاف في هذا الحديث أن يقال: =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = روي الحديث عن أبي هريرة، وأبي ذر، وابن مسعود، وأنس، وأبي قتادة. فأما حديث أبي هريرة: فأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الأذان، باب: لا يسعى إلى الصلاة وليأت بالسكينة والوقار (1/ 195) (رقم: 636) من طريق محمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب، وفي الجمعة، باب: المشي إلى الجمعة (1/ 271) (رقم: 908) من طريق شعيب بن أبي حمزة. ومسلم في صحيحه كتاب: المساجد، باب: استحباب إتيان الصلاة بسكينة ووقار (1/ 420) (رقم: 602) من طريق إبراهيم بن سعد، ويونس بن يزيد، كلهم عن الزهري عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة عن أبي هريرة به. والترمذي في السنن كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في المشي إلى المسجد (2/ 148) (رقم: 327)، والبخاري في جزء القراءة (رقم: 181) من طريق معمر. وأخرجه أحمد في المسند (2/ 270، 452)، والبخاري في جزء القراءة (رقم: 171) من طريق يزيد بن الهاد. وأحمد المسند (2/ 239) من طريق محمد بن أبي حفصة. والبخاري في جزء القراءة (رقم: 173، 172) من طريق عُقيل بن خالد، كلهم عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة به. وأخرجه أحمد في المسند (2/ 270)، والترمذي في السنن (2/ 149) (رقم: 328)، والبخاري في جزء القراءة (رقم: 182)، وعبد الرزاق في المصنف (2/ 288) (رقم: 3404)، وابن الجارود في المنتقى (1/ 263) (رقم: 306)، والبغوي في شرح السنة (2/ 91) (رقم: 442) من طريق معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة به. وفي كل هذه الطرق بلفظ: "فأتموا ". وخالف هؤلاء الرواة عن الزهري سفيان بن عيينة، فرواه عنه عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة بلفظ: "فاقضوا". أخرجه من طريقه مسلم في صحيحه (1/ 420) (رقم: 602)، ولم يسق لفظه، وساق لفظه النسائي في السنن (2/ 114)، وأحمد في المسند (2/ 238)، والحميدي في المسند (2/ 418) (رقم: 935)، والبخاري في جزء القراءة (رقم: 178)، وابن الجارود في المنتقى (1/ 262) (رقم: 305)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (5/ 517) (رقم: 2145)، والطحاوي في شرح =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = المعاني (1/ 396)، والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 296). وذكر أبو داود في السنن (1/ 385) أن ابن عيينة تفرّد بهذا اللفظ من بين سائر أصحاب الزهري. وذكر البيهقي بإسناده عن أحمد بن سلمة عن الإمام مسلم -وعزاه الحافظ في الفتح (2/ 140) إلى كتابه التمييز- أنه قال: "لا أعلم هذه اللفظة رواها عن الزهري غير ابن عيينة "واقضوا ما فاتكم"، قال مسلم: أخطأ ابن عيينة في هذه اللفظة". السنن الكبرى (2/ 296). قلت: ابن عيينة إمام، وهو من أكابر أصحاب الزهري، ولم ينفرد بهذا اللفظ، بل تابعه عليه جماعة، منهم: 1 - معمر بن راشد، أخرجه من طريقه أحمد في المسند (2/ 270) عن عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، وفيه: "فاقضوا". لكن تقدّم أن الحديث في مصنف عبد الرزاق ومن طريقه أخرجه أحمد في المسند (2/ 270)، (وهو مخرّج في هذا الموضع باللفظين)، وهو أيضًا عند ابن الجارود والبغوي بلفظ: "فأتموا" كرواية الجماعة عن الزهري. 2 - سليمان بن كثير، أخرجه من طريقه البخاري في جزء القراءة (رقم: 175)، ولفظه: "صلوا ما فاتكم، واقضوا ما سبقتم". وسليمان بن كثير العبدي، متكلم في روايته عن الزهري، وقال ابن حجر: "لا بأس به في غير الزهري". التقريب (رقم: 2602). 3 - محمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب، أخرجه من طريقه الطيالسي في المسند (ص: 307)، والبخاري في جزء القراءة (رقم: 176)، وفيه: "وما فاتكم فاقضوا". لكن تقدّم أن البخاري أخرج رواية ابن أبي ذئب في صحيحه كرواية الجماعة عن الزهري، ثم إن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب على ثقته وفضله فقد تكلم في أحاديثه عن الزهري، كما تقدّم (2/ 55). 4 - يزيد بن الهاد، أخرجه من طريقه الطحاوي في شرح المعاني (1/ 396). لكن تقدّمت الرواية عن يزيد بن الهاد بلفظ الإتمام، وطريق الطحاوي فيه عبد الله بن صالح، وهو سيء الحفظ، وتقدّم. 5 - بحر بن كنيز السقاء، ذكره ابن رجب في فتح الباري له (5/ 395)، قال: "وبحر فيه ضعف". والذي يظهر والله أعلم أن الحديث كان عند الزهري على الوجهين، فكان يرويه تارة بلفظ الإتمام =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وتارة بلفظ القضاء، ويدل عليه أن الحديث جاء من طرق أخرى عن أبي هريرة باللفظين. الطريق الأول: همام عن أبي هريرة. أخرجه مسلم في صحيحه (1/ 421) (رقم: 602) بلفظ: "أتموا". الطريق الثاني: محمد بن سيرين عن أبي هريرة. أخرجه مسلم بعد حديث همام وفيه: "واقض ما سبقك". الطريق الثالث: أبو رافع عن أبي هريرة. أخرجه أحمد في المسند (2/ 489)، والبخاري في جزء القراءة (رقم: 190) من طريق أبي رافع عن أبي هريرة بلفظ: "وما سبقه فليقض". الطريق الرابع: حديث مالك (حديث الباب) وفيه لفظ الإتمام. ورجّح البيهقي لفظ الإتمام عن أبي هريرة، وقال: "والذين قالوا "فأتموا" أكثر وأحفظ وألزم لأبي هريرة - رضي الله عنه -، فهو أولى، والله تعالى أعلم". قلت: والذي يظهر أنَّ الروايتين صحيحتان عن أبي هريرة لورودهما في أكثر من طريق، وإمكان الجمع بينهما كما سيأتي. ثانيا: حديث أنس. أخرجه البخاري في جزء القراءة (رقم: 166) من طريق إسماعيل بن جعفر. وعبد الرزاق في المصنف (2/ 288) (رقم: 340) من طريق عبد الله بن عمر. والطحاوي في شرح المعاني (1/ 397) من طريق عبد الوهاب الثقفي، ثلاثتهم عن حميد عن أنس بلفظ القضاء. وخالفهم: عبد العزيز الماجشون، فرواه عن حميد، عن أنس بلفظ الإتمام، أخرجه البخاري في جزء القراءة (رقم: 167). ثالثًا: حديث أبي قتادة. أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الأذان، باب: قول الرجل فاتتنا الصلاة (1/ 195) (رقم: 635) من طريق أبي نعيم. وأحمد في المسند (5/ 306)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (5/ 521) (رقم: 2147) من طريق حسين بن عمر. وأبو عوانة في صحيحه (2/ 83) من طريق حسن الأشيب، ويزيد بن هارون، وأبي أمية، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وعبيد الله، كل هوْلاء عن شيبان عن يحيى بن أبي كثير، عن عبد الله بن أبي قتادة، عن أبي قتادة بلفظ الإتمام. وأخرجه الطبراني في المعجم الأوسط (1/ 43) (رقم: 453) من طريق أبي نعيم، عن شيبان به، بلفظ القضاء. وتقدّم أن حديث أبي نعيم عند البخاري بلفظ الإتمام، لكن قال ابن رجب: "وقد وُجد في بعض نسخ صحيح البخاري في حديث أبي قتادة هذا: "وما فاتكم فاقضوا". فتح الباري (5/ 388). وأخرجه مسلم في صحيحه (1/ 421) (رقم: 603) عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن معاوية بن هشام، عن شيبان، عن يحيى بن أبي كثير به، ولم يسق لفظه. وساقه بقي بن مخلد في مسنده كما في فتح الباري لابن رجب (5/ 389) عن أبي بكر بن أبي شيبة به، بلفظ القضاء. وأخرجه مسلم أيضا من طريق معاوية بن سلام، عن يحيى بن أبي كثير به بلفظ الإتمام. رابعًا: حديث أبي ذر الغفاري، وهو موقوف، انظره في مصنف عبد الرزاق (2/ 290). خامسًا: حديث ابن مسعود لم أقف عليه. هذه معظم الروايات التي أشار إليها أبو داود، ففي أكثرها وردت بلفظ الإتمام، وفي الأخرى وردت بلفظ القضاء، وكلا الروايتين صحيحة؛ إذ الجمع بين اللفظين ممكن، ولا تعارض بينهما. قال البغوي: "فيه دليل (أي فأتموا) على أن الذي يدركه المسبوق من صلاة إمامه هو أول صلاته، وإن كان آخر صلاة الإمام، لأن الإتمام يقع على باقي شيء تقدّم أوله. . . ومن روى: "فاقضوا"، فقد يكون القضاء بمعنى الأداء والإتمام، كقوله سبحانه وتعالى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا}، وكقوله عز وجل: {فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ}، وليس المراد منه قضاء شيء فائت، فكذلك المراد من قوله: "فاقضوا"، أي: أدّوه في تمام". شرح السنة (2/ 93، 94). وقال ابن حجر: "والحاصل أن أكثر الروايات ورد بلفظ: "فأتموا"، وأقلها بلفظ: "فاقضوا"، وإنما تظهر فائدة ذلك إذا جعلنا بين الإتمام والقضاء مغايرة، لكن إذا كان مخرج الحديث واحدا واختلف في لفظه منه، وأمكن رد الاختلاف إلى معنى واحد كان أولى، وهنا كذلك؛ لأن القضاء وإن كان يُطلق على الفائت غالبا، لكنه يُطلق على الأداء أيضا، ويَرِد بمعنى الفراغ كقوله تعالى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا}، ويرد بمعان أخر، فيُحمل قوله: "فاقضوا" على معنى الأداء أو الفراغ، فلا يغاير قوله: "فأتموا". فتح الباري (2/ 140).

13 - أبو الحباب سعيد بن يسار، عن أبي هريرة

13 - أبو الحُباب سعيد بن يَسار (¬1)، عن أبي هريرة. خمسةُ أحاديث. 446/ حديث: "الدِّينارُ بالدِّينارِ، والدِّرهمُ بالدِّرهمِ، لَا فَضْلَ بينهما". عن موسى بن أبي تَمِيم، عن أبي الحُباب سعيد بن يسار، عن أبي هريرة (¬2). انظره لأبي سعيد (¬3)، ولابنِ عمر من طريق مجاهد (¬4). 447/ حديث: " أُمرتُ بقريةٍ تأكل القُرَى، يقولون يثرِب وهي المدينة (¬5). . . ". ¬

_ (¬1) الحُباب: أوله حاء مهملة مضمومة، وبعدها باء خفيفة معجمة بواحدة، وبعد الألف مثلها. انظر: المؤتلف والمختلف (1/ 480)، الإكمال (2/ 142)، توضيح المشتبه (3/ 36). (¬2) الموطأ كتاب: البيوع، باب: بيع الذهب بالفضة تبرا وعينا (2/ 491) (رقم: 29). وأخرجه مسلم في صحيحه كتاب: المساقاة، باب: الصرف وبيع الذهب بالورق نقدا (3/ 1212) (رقم: 1588) من طريق عبد الله بن وهب. والنسائي في السنن كتاب: البيوع، باب: بيع الدينار بالدينار (7/ 278) من طريق قتيبة. وأحمد في المسند (2/ 379، 485) من طريق الشافعي وابن مهدي، أربعتهم عن مالك به. (¬3) تقدّم حديثه (3/ 248). (¬4) تقدّم حديثه (2/ 508) (¬5) والمراد بأكل المدينة القرى ما ذكره الخطابي فقال: "يريد أن الله ينصر الإسلام بأهل المدينة، وهم الأنصار، ويفتح على أيديهم القرى ويغنّمها إياهم فيأكلونها، وهذا في الاتساع والاختصار كقوله تعالى: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} يريد أهل القرية". غريب الحديث (1/ 434). وذكر ابن حبان معنى آخر فقال: "مرادها أن الإسلام يكون ابتداؤه من المدينة، ثم يغلب على سائر القرى، ويعلو على سائر الملك، فكأنها قد أتت عليها، لا أن المدينة تأكل القرى". الصحيح (الإحسان) (9/ 36).

في الجامع، عند أوّله. عن يحيى بن سعيد، عن أبي الحُباب، عن أبي هريرة (¬1). 448/ حديث: "إنَّ الله تعالى يقول يومَ القيامة: أينَ المُتَحابُّون لِجلالي، اليوم أُظِلُّهم في ظِلِّي". في الجامع. عن عبد الله بن عبد الرحمن بن مَعمر، عن أبي الحُباب، عن أبي هريرة (¬2). عبد الله هذا هو أبو طُوالة. ورَوى هذا الحديث إبراهيمُ الحربي (¬3)، عن مُصعب الزبيريِّ، عن ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الجامع، باب: ما جاء في سكنى المدينة والخروج منها (2/ 676) (رقم: 5). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: فضائل المدينة، باب: فضل المدينة وأنها تنفي الناس (2/ 577) (رقم: 1871) من طريق عبد الله بن يوسف. ومسلم في صحيحه كتاب: الحج، باب: المدينة تنفي شرارها (2/ 1006) (رقم: 1382) من طريق قتيبة. والنسائي في السنن الكبرى كتاب: الحج، باب: فضل المدينة (2/ 482) (رقم: 4261)، وفي التفسير، باب: قوله تعالى: {يثرب} (6/ 430) (رقم: 11399) من طريق قتيبة. وأحمد في المسند (2/ 237) من طريق ابن مهدي، ثلاثتهم عن مالك به. (¬2) الموطأ كتاب: الشعر، باب: ما جاء في المتحابين في الله (2/ 725) (رقم: 13). وأخرجه مسلم في صحيحه كتاب: البر والصلة، باب: فضل الحب في الله (4/ 1988) (رقم: 2566) من طريق قتيبة. وأحمد في المسند (2/ 237، 535) من طريق ابن مهدي، وروح بن عبادة. والدارمي في السنن كتاب: الرقائق، باب: في المتحابين في الله (2/ 403) (رقم: 2757) من طريق الحكم بن المبارك، أربعتهم عن مالك به. (¬3) هو إبراهيم بن إسحاق بن إبراهيم بن بشير أبو إسحاق الحربي البغدادي. ولد سنة (198 هـ)، وتوفي سنة (285 هـ). =

مالك فقال فيه: عن أبي طُوالة، عن ابن المسيب، عن أبي هريرة. والذى قَبلَه أصوبُ، قاله الدارقطني (¬1). 449/ حديث: "من يُرِد الله به خيرًا يُصِبْ منه". في الجامع، باب: أجر المريض. عن محمّد بن عبد الله بن أبي صَعْصَعة، عن أبي الحُباب، عن أبي هريرة (¬2). ¬

_ = قال الخطيب البغدادي: "كان إماما في العلم، رأسا في الزهد، عارفا بالفقه، بصيرا بالأحكام، حافظا للحديث، مميّزا لعلله، قيما بالأدب، جمّاعا للغة، وصنف كتبا كثيرة منها غريب الحديث، وغيره". انظر: تاريخ بغداد (6/ 27)، السير (13/ 356). (¬1) العلل (8/ 163). وحديث إبراهيم الحربي رواه في كتابه الأدب، كما ذكر ذلك الدارقطني. والخطأ في هذا الحديث من إبراهيم الحربي؛ فمع ثقته وحفظه قال عنه الدارقطني في موضع آخر من العلل (11/ 48): "إبراهيم يخطئ كثيرا ولا يرجع". وجاء الحديث عن مالك بإسناد آخر: رواه إبراهيم بن طهمان في مشيخته (ص: 137) (رقم: 80)، عن مالك عن سعيد المقبري عن أبي هريرة. وأخرجه من طريقه الدارقطني في الأفراد كما في أطرافه (ل: 295/ أ)، وقال: "تفرّد به إبراهيم بن طهمان عن مالك عن سعيد، وتفرّد به حفص بن عبد الله عنه". قلت: وحفص بن عبد الله هو ابن راشد السلمي أبو عمرو، النيسابوري، راوي نسخة إبراهيم بن طهمان، وهو صدوق كما قال ابن حجر في التقريب (رقم: 1408). وقال الدارقطني في العلل (8/ 162): "لم يتابع عليه". (أي إبراهيم بن طهمان). قلت: وإبراهيم بن طهمان قال عنه الحافظ ابن حجر: "ثقة يغرب". التقريب (رقم: 189). ولعل هذا من غرائبه عن مالك، والصحيح عن مالك ما في الموطأ، ويؤيّده إخراج مسلم له، والله أعلم. (¬2) الموطأ كتاب: العين، باب: ما جاء في أجر المريض (2/ 718) (رقم: 6). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: المرض والطب، باب: ما جاء في كفارة المرض (7/ 4) (رقم: 5645) من طريق عبد الله بن يوسف. والنسائي في السنن الكبرى كتاب: الطب، باب: الطب (4/ 351) (رقم: 7478) من طريق عبد الله بن المبارك وابن القاسم. وأحمد في المسند (2/ 237) من طريق ابن مهدي، أربعتهم عن مالك به.

450/ حديث: "ما يزَال المؤمنُ يُصابُ في ولدِه وحامَّتِه (¬1). . . " في الجنائز، باب: الحسبة. بلغه، عن أبي الحباب، عن أبي هريرة (¬2). هذا مقطوعٌ في الموطأ (¬3)، ورواه عبد الله بنُ جعفر البَرمَكي، عن معن، عن مالك، عن رَبيعة، عن أبي الحُباب مُتَّصلًا، تَفَرَّد به، خَرَّجه الجوهريُّ (¬4). وزَعَمَ بعضُ النَّاس أنَّ البرمكيَّ زاد راءً في الخطِّ، فصَحَّفَ "بَلَغَه" بـ "ربيعة"، ولَا يوجدُ لمالِكٍ متَّصِلًا (¬5). ¬

_ (¬1) بالحاء وتشديد الميم: أي قرابته ومن يهمه أمره ويحزنه، مأخوذ من الماء الحميم وهو الحار، وهو بمعنى خاصته. انظر: مشارق الأنوار (1/ 201)، النهاية (1/ 446). (¬2) الموطأ كتاب: الجنائز باب: الحسبة في المصيبة (1/ 204) (رقم: 40). (¬3) انظر الموطأ برواية: سويد بن سعيد (ص: 373) (رقم: 849)، وأبي مصعب الزهري (1/ 388) (رقم: 984)، وابن بكير (ل: 63/ أ -نسخة الظاهرية-)، والجمع بين روايتي ابن القاسم وابن وهب (ل: 76/ ب). وأخرجه الجوهري في مسند الموطأ (ل: 152/ أ) من طريق القعنبي. (¬4) لعله في مسند ما ليس في الموطأ. وأخرجه محمد بن المظفر البزاز في غرائب مالك (ص: 79، 80) (رقم: 36)، وأبو نعيم في الحلية (3/ 265)، وابن عبد البر في التمهيد (24/ 180) عن البرمكي به. (¬5) قاله الدارقطني في العلل (11/ 7)، وقال: "والصحيح أنه بلغه". وقال أبو نعيم: "هذا حديث صحيح ثابت من حديث أبي هريرة، قد رواه أصحاب مالك عنه في الموطأ أنه بلغه عن أبي الحباب، ولم يسموا ربيعة، وتفرد به معن بتسمية ربيعة". قلت: معن بن عيسى من أوثق أصحاب مالك، والخطأ في هذا الحديث من الراوي عنه عبد الله بن جعفر بن يحيى البرمكي كما أشار إليه الدارقطني، فهو وإن كان ثقة، لكن الوهم لا يسلم منه أحد، والله أعلم.

ورَوَى محمّد بنُ عَمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يزالُ البلاءُ بالمؤمِن والمؤمِنَة في نفسِه ومالِه وفي ولَدِه حتى يَلقَى الله تعالى وما عليه خَطِيئة"، خَرَّجه قاسمُ بنُ أصبغ، وابنُ أبي شَيبَة (¬1). • حديث: "الصدقةُ من الكسبِ الطَيِّب". مذكورٌ في مرسَلِ سعيد بنِ يسار، وانظر سعيدَ بنَ يسار في مرسَلِه (¬2). ¬

_ (¬1) أخرجه من طريق قاسم: ابنُ عبد البر في التمهيد (24/ 182). وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 441) (رقم: 10811)، ومن طريقه أخرجه ابن عبد البر في التمهيد (24/ 182). وأخرجه أيضا الترمذي في السنن كتاب: الزهد، باب: ما جاء في الصبر على البلاء (4/ 520) (رقم: 2399)، وأحمد في المسند (2/ 287، 450)، والبخاري في الأدب المفرد (ص: 174)، وهناد السري في الزهد (1/ 490) (رقم: 409)، والبزار في المسند (ل: 71/ أ -نسخة كوبرلي-)، وأبو يعلى في المسند (5/ 346) (رقم: 5886)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (7/ 176، 187) (رقم: 2913، 2924)، والحاكم في المستدرك (1/ 346)، وأبو نعيم في الحلية (7/ 91)، (8/ 212)، وابن شاهين في الترغيب في فضائل الأعمال (ص: 365) (رقم: 461)، والبيهقي في السنن الكبرى (3/ 374)، وفي شعب الإيمان (7/ 159) (رقم: 9837 - طبعة دار الكتب العلمية-)، والبغوي في شرح السنة (3/ 189) (رقم: 1430) من طرق عن محمد بن عمرو بن علقمة به. وقال الترمذي: "حسن صحيح". قلت: وفي إسناده محمد بن عمرو، قال عنه الحافظ: "صدوق له أوهام". التقريب (رقم: 6188). والحديث حسن، ويشهد له بلاغ مالك. (¬2) انظر: (5/ 215).

14 - محمد بن سيرين، عن أبي هريرة

14 - محمّد بن سيرين، عن أبي هريرة. حديثٌ واحدٌ. 451/ حديث: "أنَّ رسوِلَ الله - صلى الله عليه وسلم - انصرَفَ من اثنَتَين، فقال له ذو اليدين: أَقَصُرَتِ الصلاةُ أم نسِيتَ يا رسول الله؟ ". فيه: "أَصَدَقَ ذو اليدين؟ "، فقال النَّاس: "نعم"، وذَكَرَ سَجدَتَي السَّهوِ بعدَ السلامِ. في أبواب السهو. عن أيوب بن أبي تَميمة السختياني، عن محمّد بن سيرين، عن أبي هريرة (¬1). قال فيه حمّاد بن زيد، عن أيوب، عن محمّدٍ، عن أبي هريرة: "صلّى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "، وقال: "فقام رجلٌ كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يُسمِّيه ذا ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الصلاة، باب: ما يفعل من سلّم من ركعتين ساهيًا (1/ 99) (رقم: 58). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الأذان، باب: هل يأخذ الإمام إذا شك بقول الناس (1/ 217) (رقم: 714) من طريق القعنبي، وفي السهو، باب: من لم يتشهد في سجدتي السهو (2/ 373) (رقم: 1228) من طريق عبد الله بن يوسف، وفي أخبار الآحاد، باب: ما جاء في إجازة خبر الواحد الصدوق في الأذان والصلاة. . (8/ 482) (رقم: 725) من طريق إسماعيل بن أبي أويس. وأبو داود في السنن كتاب: الصلاة، باب: السهو في السجدتين (1/ 614) (رقم: 1009) من طريق القعنبي. والترمذي في السنن كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في الرجل يسلم في الركعتين من الظهر والعصر (2/ 247) (رقم: 399) من طريق معن. والنسائي في السنن كتاب: السهو، باب: ما يفعل من سلم من ركعتين ناسيا وتكلَّم (3/ 2) من طريق ابن القاسم، خمستهم عن مالك به.

اليدين". خرّجه أبو داود، وذَكَرَ أنَّ حمّادًا جَوَّدَه لزياداتٍ زادَها في المتن (¬1). وقال فيه ابنُ عَون، عنِ ابن سيرين: "وفي القومِ رجلٌ في يدَيْه طولٌ، وكان يُسمَّى ذا اليدين". خرَّجه النسائي (¬2). انظر الحديث بعد هذا. * * * ¬

_ (¬1) انظر: سنن أبي داود (1/ 612 - 615) (رقم: 1008 - 1011). وأخرجه مسلم في صحيحه (1/ 403) (رقم: 573) من طريق حماد بن زيد به، ولم يسق لفظه. (¬2) السنن (3/ 20). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الصلاة، باب: تشبيك الأصابع في المسجد وغيره (1/ 154) (رقم: 482) بهذا السند والمتن. وابن عون هو عبد الله بن عون أبو عون البصري.

15 - أبو سفيان، عن أبي هريرة

15 - أبو سفيان، عن أبي هريرة. حديثان. 452 / حديث: "صلّى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - صلاةَ العصر، فسَلَّم في ركعتين، فقام ذو اليدين". فيه: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "كلُّ ذلك لَم يَكن". وقوله: "أَصَدَقَ ذو اليدين" وفي آخِرِه: "فأتَمَّ ما بَقِي من الصلاةِ ثمَّ سجد سجدَتَين بعد التسليم". في أبواب السَّهو. عن داود بن الحُصين، عن أبي سفيان مَولى ابنِ أبي أحمد، عن أبي هريرة (¬1). عند ابنِ القاسم، وطائفةٍ: "صلّى بِنا" (¬2)، وعند الأكثرِ: "صلَّى لنا" ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الصلاة، باب: ما يفعل من سلّم من ركعتين ساهيا (1/ 99) (رقم: 59). ومسلم في صحيحه كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: السهو في الصلاة والسجود له (1/ 404 رقم: 573) من طريق قتيبة. والنسائي في السنن كتاب: السهو، باب: ما يفعل من سلم من ركعتين ناسيا وتكلّم (213) من طريق قتيبة. وأحمد في المسند (2/ 532، 447، 459)، من طريق وكيع وحماد بن خالد وإسحاق الطباع وابن مهدي، خمستهم عن مالك به. (¬2) انظر الموطأ برواية: ابن القاسم (ص: 210) (رقم: 156 - تلخيص القابسي-). وتابعه: القعنبي (ص: 170)، و (ل: 33/ ب -نسخة الأزهرية-).

باللاَّم (¬1)، وليس عند يحيى بنِ يحيى "لنا" ولا "بنا" (¬2). وقال فيه يحيى بنُ أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة: "بينما أنا أصَلِّي مع رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - صلاةَ الظهر". خرّجه مسلم (¬3). وذو اليدين، هذا رجلٌ من بَنِي سُلَيم يقال له الخِرْبَاق، عُمِّر إلى خلافَةِ معاوية، وقد رُوي هذا الحديث عنه (¬4)، وليس بذِي الشِّمالين ذلك رجلٌ ¬

_ (¬1) انظر الموطأ برواية: - أبي مصعب الزهريّ (1/ 181) (رقم: 471)، ومن طريقه ابن حبان في صحيحه (الإحسان) (6/ 28) رقم: 2251)، والبغوي في شرح السنة (2/ 337) (رقم: 760). - وسويد بن سعيد (ص: 169) (رقم: 309)، وابن بكير (ل: 31/ ب -نسخة السليمانية-). وهي رواية قتيبة، وإسحاق الطباع. وابن وهب عند أبي عوانة في صحيحه (2/ 196)، والطحاوي في شرح المعاني (1/ 445). وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى (2/ 358) من طريق ابن وهب، ولم يذكر فيه لا "بنا"، ولا "لنا" كرواية يحيى الليثي سواء كما سيأتي. (¬2) وتابعه: محمَّد بن الحسن الشيباني (ص: 65) (رقم: 136). وعبد الرزاق في مصنفه (2/ 299) (رقم: 3448). (¬3) صحيح مسلم (1/ 404) (رقم: 573). ومراد المصنف من إيراد الاختلاف على مالك في هذه اللفظة بيان أن أبا هريرة حضر تلك الصلاة مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأصرح الألفاظ في ذلك رواية مسلم هذه. وذكر العلائي طرقا أخرى في الصحيح وغيره تفيد أن أبا هريرة حضر الصلاة، ثم قال: "فهذه طرق صحيحة ثابتة يفيد مجموعها العلم النظري أن أبا هريرة - صلى الله عليه وسلم - كان حاضرًا القصة يومئذ". انظر: نظم الفرائد (ص: 61 - 64). وإذا ثبت هذا دلَّ أنَّ ذا اليدين المذكور في هذا الحديث غير ذي الشمالين كما سيأتي، ومن جعلهما واحدا فقد وهم. (¬4) أخرج مسلم في صحيحه (1/ 404) (رقم: 574) عن عمران بن حصين رضي الله عنه: "أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى العصر فسلّم من ثلاث ركعات، ثم دخل منزله فقام إليه رجل يُقال له الخِرْباق وكان في يديه طول" الحديث. =

آخَرُ من خُزاعَة حَليفٌ لبنِي زُهرة، اسمُه عُمير بن عبد عَمرو، قُتِل ببَدرٍ، قاله ابنُ إسحاق وغيرُه (¬1). ولَم يدْرِك أبو هريرة ذا الشِّمالين المقتول ببَدر؛ لأنَّه أَسلمَ عامَ خيبر، وفيه قَدِم المدينةَ مهاجرًا، وذلك بعد بَدرٍ بأعوام (¬2). وزعم الزهريّ أنّه ذو الشِّمالَين، وذلك غَلَطٌ لَم يُتَابَع عليه (¬3). ¬

_ = واختلف العلماء هل ذو اليدين المذكور في حديث أبي هريرة هو الخرباق أم رجل آخر. والذي اختاره الخطيب البغدادي والقاضي عياض وابن الأثير والنووي وابن حجر أنهما رجل واحد. انظر: الأسماء المبهمة (ص: 65)، شرح صحيح مسلم (5/ 68)، نظم الفرائد (ص: 76)، فتح الباري (3/ 121). وجزم ابن حبان في الثقات (3/ 114) بأنهما رجلان، وكذا ابن خزيمة كما سيأتي. وذكر ابن عبد البر والقرطبي أنهُ يُحتمل أن يكون ذو اليدين هو الخرباق، ويحتمل أن يكون رجلين. انظر: التمهيد (1/ 363)، المفهم (2/ 188). قال ابن حجر: "وذهب الأكثر إلى أن اسم ذي اليدين الخِرْباق -بكسر المعحمة وسكون الراء، بعدها موحدة، وآخره قاف- اعتمادا على ما وقع في حديث عمران بن حصين عند مسلم ولفظه: "فقام إليه رجل يقال له الخرباق وكان في يده طول"، وهذا صنيع من يوحد حديث أبي هريرة بحديث عمران وهو الراجح في نظري، وإن كان ابن خزيمة ومن تبعه جنحوا إلى التعدد، والحامل لهم على ذلك الاختلاف الواقع في السياقين". الفتح (3/ 121). (¬1) وهو قول سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير وموسى بن عقبة، وغيرهم. انظر: السيرة النبوية لابن هشام (1/ 707)، السنن الكبرى للبيهقي (2/ 366)، التمهيد (1/ 361)، نظم الفرائد (ص: 65). (¬2) سيأتي الكلام على زمن إسلام أبي هريرة وقدومه المدينة (3/ 528). (¬3) وأنكره عليه جمهور أهل العلم كالإمام الشافعي وأحمد، وغيرهما. قال ابن عبد البر: "لا أعلم أحدا من أهل العلم والحديث المنصفين فيه عوّل على حديث ابن شهاب في قصة ذي اليدين، لاضطرابه فيه، وأنه لم يتم له إسنادًا ولا متنًا، وإن كان إمامًا عظيمًا في هذا الشأن، فالغلط لا يسلم منه أحد، والكمال ليس لمخلوق، وكل أحد يؤخذ من قوله ويترك إلا النبي - صلى الله عليه وسلم -، فليس قول ابن شهاب أنه المقتول يوم بدر حجة؛ لأنَّه قد تبين غلطه في ذلك". التمهيد (1/ 366)، وانظر: فتح الباري لابن رجب (9/ 414). =

وقيل للخِربَاقِ ذو اليدين؛ لأنَّه كان طويلَ اليدين، هكذا جاء عن ابنِ سيرين، عن أبي هريرة (¬1)، وقاله عِمران بنُ حصين في حديثه، خَرَّجه مسلم (¬2). وذو الشمالين كان يعملُ بكلتَا يدَيه، انظره في مرسلِ أبي بكر بن أبي حَثمة (¬3)، ومرسل سعيدٍ وأبي سلمة (¬4)، وكلُّ هذه الأحاديث نوعٌ واحدٌ (¬5). وفي مرسلِ عطاء بن يسار نوعٌ آخَر (¬6)، ولعبد الله بن بُحينة نوعٌ ثالثٌ (¬7). 453 / وبه: "أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أَرخَصَ في بيع العرايَا بخَرصِها". وذَكَرَ الأَوسُقَ (¬8). ¬

_ = وذكر العلائي عدة روايات من طريق الزهريّ فيها اختلاف متنًا وإسنادًا لأحاديث غيره، ثم قال: "فهذه الروايات كلها تدل على اضطراب عظيم من الزهريّ في هذا الحديث وعلى أنه لم يتقن حفظه". نظم الفرائد (ص: 69 - 72). وانظر: طرح التثريب (3/ 4)، والتمييز للإمام مسلم (ص: 182)، وإنكاره على الزهري متن حديثه. (¬1) تقدّم تخريجه من صحيح البخاري في الحديث الذي قبل حديث الباب (3/ 479). (¬2) تقدّم تخريجه (3/ 482). (¬3) في الأصل: "خيثمة"، وهو خطأ، ومرسله في (5/ 288)، وذكر فيه المصنف سبب تسميته بذي الشمالين، واضطراب الزهريّ في حديثه سندًا ومتنًا. (¬4) سيأتي حديثه (5/ 190). (¬5) أي أنهما في التسليم من نقصان. (¬6) سيأتي حديثه (5/ 121)، وهو في شك المصلى كم صلى؟ (¬7) تقدّم حديثه (3/ 25)، وهو فيمن قام ولم يتشهّد التشهد الأول. (¬8) الموطأ كتاب: البيوع، باب: ما جاء في بيع العرية (2/ 482) (رقم: 14). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: البيوع، باب: بيع الثمر على رؤوس النخل بالذهب والفضة (3/ 45) (رقم: 2190) من طريق عبد الله بن عبد الوهاب الحجبي قال: "سمعت مالكا وسأله عبيد الله بن الربيع: أحدّثك داود ... ؟ قال: نعم". وفي المساقاة باب: الرجل يكون له ممر أو شِرب في حائط أو نخل (3/ 115) (رقم: 2382) من طريق يحيى بن قزعة. =

مِن رواة الموطأ مَن لَم يَذكر في هذا الحديثِ الخَرصَ، مِنهم ابنُ وهب وغيرُه (¬1). ¬

_ = ومسلم في صحيحه كتاب: البيوع، باب: تحريم بيع الرطب بالتمر إلا في العرايا (3/ 1171) (رقم: 1541) من طريق القعنبي ويحيى النيسابوري. وأبو داود في السنن كتاب: البيوع، باب: في مقدار العرية (3/ 662) (رقم: 3364) من طريق القعنبي. والترمذي في السنن كتاب: البيوع، باب: ما جاء في العرايا والرخصة في ذلك (3/ 595) (رقم: 1301) من طريق زيد بن الحُباب. والنسائي في السنن كتاب: البيوع، باب: بيع العرايا بالرطب (7/ 268) من طريق ابن مهدي. وأحمد في المسند (2/ 237) من طريق ابن مهدي، ستتهم عن مالك به. (¬1) أخرجه من طريق ابن وهب: ابنُ الجارود في المنتقى (2/ 232) (رقم: 660). وتابعه على عدم ذكر الخرص: - سويد بن سعيد (ص: 237) (رقم: 492)، ومن طريقه أبو يعلى في السند (6/ 39) (رقم: 6355). - ومحمد بن الحسن الشيباني (ص: 267) (رقم: 758). - وعبد الله بن عبد الوهاب عند البخاري. - والقعنبي عند أبي داود، والجوهري في مسند الموطأ (ل: 60/ ب). - وزيد بن الحباب عند الترمذي. - وعثمان بن عمر عند الطحاوي في شرح المعاني (4/ 30). وتابع يحيى الليثي على ذكر الخرص جماعة منهم: - أبو مصعب الزهريّ (2/ 318) (رقم: 2506)، ومن طريقه البغوي في شرح السنة (4/ 266) (رقم: 269). وأخرجه ابن حبان في صحيحه (الإحسان) (11/ 379، 381) (رقم: 5005، 5006) من طريقه ولم يذكر الخرص. - وابن القاسم (ص: 211) (رقم: 156). - ويحيى بن قزعة عند البخاري. - ويحيى النيسابوري عند مسلم. - وعبد الرحمن بن مهدي عند النسائي وأحمد. - والشافعي، أخرجه من طريقه البيهقي في السنن الكبرى (5/ 310). ولم يشر ابن عبد البر في التمهيد إلى هذا الاختلاف.

وقيل: قولُه: "بِخرصِها" ليس مِن كلامِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - (¬1). وأبو سفيان مَولى ابنِ أبي أحمد، قيل: اسمُه قُزْمان ولَم يصِحَّ (¬2)، ذَكَرَه البخاري في أبواب الكنى ولَم يُسَمِّه (¬3). وداود بنُ الحُصين وثَّقَه مالكٌ، ويُذكر أنَّه كان يكرَهُه لصُحبَتِه عِكرمة، وعنده مات مُسْتخفِيًا، وقد نُبِز داودُ هذا بالقَدَرِ ورأيِ الخوارج، ولَم يَصِحَّ ذلك عنه (¬4). ¬

_ (¬1) لم أقف على قائله، والله أعلم. (¬2) قُزْمان: بضم القاف، وسكون الزاىِ، هكذا ضبطها ابن ناصر الدين إلا أنه لم يذكر هذا الراوي في الباب. انظر: توضيح المشتبه (7/ 191). وسمّاه كذلك ابن عبد البر كما في التمهيد (2/ 328). وقال في الاستغناء: "وقيل: اسمه قرمان (كذا)، ولا يصح، وقد ذكرناه فيمن لا يُعرف له اسم". وقال في ذلك الفصل: "لا يصح له اسم غير كنيته". انظر: الاستغناء (2/ 912)، (3/ 1566). وسماه الدارقطني: وهب. تهذيب الكمال (3/ 364). (¬3) الكنى (ص: 39). وذكره ابن سعد في الطبقات (5/ 235)، وقال: "أبو سفيان مولى عبد الله بن أبي أحمد بن جحش". وذكره مسلم في الكنى والأسماء (1/ 390)، وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (9/ 381)، وابن حبان في الثقات (5/ 561) ولم يذكروا له اسما. وقال ابن حجر: "أبو سفيان مولى ابن أبي أحمد، قيل: اسمه وهب، وقيل: قُزمان، ثقة". التقريب (رقم: 8136). (¬4) انظر: التمهيد (2/ 310)، أسماء شيوخ مالك (ل: 20/ أ). وقال الدوري عن ابن معين: "وداود بن حصين ثقة، وقد روى مالك عن داود بن حصين، وإنما كره مالك له؛ لأنَّه كان يحدّث عن عكرمة وكان مالك يكره عكرمة". التاريخ (3/ 194) (رقم: 888).

وقال النسائي: "لا بأس به" (¬1). وخَرَّج عنه البخاري ومسلم، انظره في مرسل ثور (¬2). ¬

_ = وقال أبو حاتم: "ليس بقوي، ولولا أنَّ مالكًا روى عنه لتُرك حديثه". الجرح والتعديل (3/ 409). وأما رميه بالقدر فحكاه ابن البر في في الطبقات كما في أسماء شيوخ مالك (ل: 20/ أ). وقال الذهبي: "ثقة قدري". الديوان (ص: 91). وذكره ابن حبان في الثقات ورماه برأي الخوارج فقال: "وكان يذهب مذهب الشراة (فرقة من الخوارج) وكل من ترك حديثه على الإطلاق وهِم؛ لأنَّه لم يكن بداعية إلى مذهبه، والدعاة يجب مجانبة رواياتهم على الأحوال، فمن انتحل نحلة بدعة ولم يدع إليها وكان متقنا (وفي سخة متقيا وكذا في تهذيب الكمال) كان جائز الشهادة محتجا بروايته، فإن وجب ترك حديثه وجب ترك حديث عكرمة لأنه كان يذهب مذهب الشراة مثله". الثقات (6/ 284). وقال ابن حجر: "ثقة إلا في عكرمة، رمي برأي الخرارج". التقريب (رقم: 1779). (¬1) التمييز نقلا عن أسماء شيوخ مالك (ل: 20/ أ)، وفيه: "ليس به بأس"، وكذا في تهذيب الكمال (8/ 381). وتكلّم قوم في روايته عن عكرمة خاصة، كعلي بن المديني وأبي داود للمناكير التي وقعت في روايته عنه، وتقدّم فيه قول ابن حجر، ولعل الصواب لا أمره ما ذكره ابن عندي فقال: "وداود هذا له حديث صالح، وإذا روى عنه ثقة فهو صحيح الرواية, إلا أن يروي عنه ضعيف فيكون البلاء منهم لا منه، مثل ابن أبي حبيبة هذا، وإبراهيم بن أبي يحيى .. ". الكامل (3/ 93). وانظر: الثقات الذين ضعفوا في بعض شيوخهم للشيخ د - صالح الرفاعي (ص: 154 - 159). (¬2) انظر: (4/ 496)، ونقل هناك عن الساجي في الضعفاء عن المعيطي أنه قال: "كان مالك يتكلّم في سعد بن إبراهيم سيّد من سادات قريش، ويروي عن ثور بن زيد وداود بن الحصين خارجيين خبيثين. وقال سحنون: إنما جالس ثور بن زيد وداود وصالح بن كيسان وجماعة سمّاهم غيلانَ القدري في الليل، فأنكر ذلك عليهم أهل المدينة، وأما هم فأتقياء أنقياء من كل بدعة". لذا قال المصنف: "وقد نُبِز داود هذا بالقدر ورأي الخوارج ولم يصح ذلك عنه".

16 - نعيم بن عبد الله، عن أبي هريرة

16 - نُعيم بن عبد الله، عن أبي هريرة. حديثان. 454 / حديث: "على أنقاب المدينةِ ملاِئكةٌ، لا يَدخلُها الطاعونُ ولا الدَّجَّال". في الجامع، باب: وَباء المدينة. عن نُعيم بن عبد الله المُجْمِر، عن أبي هريرة (¬1). قال مالكٍ: "جالس نعيمٌ أبا هريرة عشرين سَنة"، ذكره الجوهري (¬2). 455 / حديث: "إذا صلّى أحدُكم ثمَّ جَلَسَ في مصلاَّه لَم تزلِ الملائكة تُصَلِّي عليه ... ". فيه: "فإنْ قام مِن مصلاّه فجَلَسَ في السجد يَنتظِرُ ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الجامع، باب: ما جاء في وباء المدينة (2/ 680) (رقم: 16). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: فضائل المدينة، باب: لا يدخل الدجال المدينة (2/ 579) (رقم: 1880) من طريق إسماعيل بن أبي أويس، وفي الطب، باب: ما يُذكر في الطاعون (7/ 28) (رقم: 5731) من طريق عبد الله بن يوسف، وفي الفتن، باب: لا يدخل الدجال المدينة (8/ 442) (رقم: 7133) من طريق القعنبي. ومسلم في صحيحه كتاب: الحج، باب: صيانة المدينة من دخول الطاعون والدجال إليها (2/ 1005) (رقم: 1379) من طريق يحيى النيسابوري. والنسائي في السنن الكبرى كتاب: الحج، باب: منع الدجال من المدينة (2/ 485) (رقم: 4273) من طريق قتيبة، وفي الطب، باب: الخروج من الأرض التي لا تلائمه (4/ 363) (رقم: 7526) من طريق قتيبة، وابن القاسم. وأحمد في المسند (2/ 237, 375) من طريق ابن مهدي، وإسحاق الطبّاع، ثمانيتهم عن مالك به. (¬2) مسند الموطأ (ل: 129/ ب)، بإسناده عن ابن أبي مريم عن مالك به. وانظر: رجال الموطأ (ل: 47/ ب)، أسماء شيوخ مالك (ل: 53 / ب)، تهذيب الكمال (29/ 489).

الصلاةَ لَم يَزلْ في صلاةٍ حتى يُصَلِّي ... ". في باب: انتظار الصلاة. عن نُعيم بن عبد الله، عن أبي هريرة قوله (¬1). هكذا هو في الموطأ موقوفٌ (¬2)، ورَفَعَه الوليد بنُ مسلم، وإسماعيل بنُ جعفر وغيرُهما خارِجَه، عن مالكٍ (¬3). قال الدارقطني: "ورَفْعُه صحيحٌ، إلَّا أنَّ مالكًا وقَفَه في الموطأ" (¬4). وتقدّم معناه للأعرجِ عن أبي هريرة مرفوعًا في حديثين (¬5)، والفصلُ ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: قصر الصلاة في السفر، باب: انتظار الصلاة والمشي إليها (1/ 148) (رقم: 54). (¬2) انظر الموطأ برواية: - أبي مصعب الزهريّ (1/ 207) (رقم: 530)، وسويد بن سعيد (ص: 186) (رقم: 355 - تلخيص القابسي-)، ويحيى بن بكير (ل: 36/ ب- نسخة السليمانية)، والقعنبي (ص: 107). - وأخرجه ابن المظفر البزاز في غرائب حديث مالك (ص: 152) (رقم: 91) من طريق أبي طاهر، عن ابن وهب. (¬3) أخرجه ابن عبد البر في التمهيد (16/ 207، 206) من طريق الوليد، وإسماعيل بن جعفر. وتابعهما: - عثمان بن عمر بن لقيط البصري، عند البزار في مسنده (ل: 170/ ب- نسخة الأزهرية-)، وابن المظفر البزاز في غرائب مالك (ص: 151) (رقم: 90)، وابن عبد البر في التمهيد (16/ 206). -وابن وهب- من رواية إبراهيم بن منذر عنه -، أخرجه ابن عبد البر في التمهيد (16/ 206). - ومحمد بن الحسن الشيباني (ص: 106) (رقم: 295)، وأخرجه من طريقه ابن ناصر الدين في إتحاف المسالك (ص: 179) , ثم قال: "تابعه إسماعيل بن جعفر، وروح بن عبادة, وعثمان بن عمر، والوليد بن مسلم، ويحيى بن مالك بن أنس، كلهم عن مالك كذلك مرفوعًا بنحوه". (¬4) العلل (11/ 163). قلت: والموقوف له حكم الرفع، ومثله لا يُقال بالرأي، والله أعلم. (¬5) تقدّم حديثاه (3/ 368، 369).

الثاني خاصَّة لأبي سلمة عن أبي هريرة (¬1). • حديث: التأمين. ليس عند يحيى بن يحيى مِن هذا الطريقِ، وهو مذكورٌ في حديث سُمَيٍّ، عن أبي صالح (¬2). * * * ¬

_ (¬1) تقدّم حديثه (3/ 312). (¬2) تقدّم حديثه (3/ 442). استدراك: من أحاديث مالك، عن نعيم بن عبد الله المجمر، عن أبي هريرة موقوفًا عليه وله حكم الرفع: ما رواه مالك في الموطأ كتاب: الطهارة، باب: جامع الوضوء (1/ 57) (رقم: 33) عن نعيم بن عبد الله المدني المجمر: أنَّه سمع أبا هريرة يقول: "من توضأ فأحسن وضوءه ثم خرج عامدًا إلى الصلاة، فإنَّه في صلاة ما كان يعمد إلى الصلاة، وإنَّه يُكتب له بإحدى خطوتيه حسنة، ويُمحى عنه بالأخرى سيّئة، فإذا سمع أحدكم الإقامة فلا يَسْعَ، فإنَّ أعظمُكم أجرًا أبعدَكم دارًا، قالوا: لِمَ يا أبا هريرة؟ قال: من أجل كثرة الخُطى". قال ابن عبد البر: "هكذا هذا الحديث موقوف في الموطأ، لم يتجاوز به أبا هريرة، ولم يُختلف على مالك في ذلك، ومعناه يتصل ويستند إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - من طرق صحاح من غير حديث نعيم عن أبي هريرة، من حديث أبي سعيد الخدري وغيره، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، والأسانيد صحاحٌ كلُّها، ومثلُه أيضًا لا يُقال بالرأي". التمهيد (16/ 201).

17 - سعيد المقبري، عن طريق أبي هريرة

17 - سعيد المقبري، عن طريق أبي هريرة. حديثان. 456/ حديث: "لاَ يَحِلُّ لامرَأةٍ تؤمِن بالله واليومِ الآخِر تسافِرُ مَسيرَةَ يومٍ وليلةٍ إلاَّ مع ذِي مَحْرَم منها". في الجامع، باب: الوِحدة في السفر. عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي هريرة (¬1). هكذا هو في الموطأ لسعيدٍ عن أبي هريرة مِن غيرِ واسِطَةٍ (¬2)، ورواه بِشر بنُ عمر الزهراني وطائِفةٌ، عن مالك، عن سعيد، عن أبيه, عن أبي هريرة (¬3). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الاستئذان، باب: ما جاء في الوحدة في السفر للرجال والنساء (2/ 746/ 37). وأخرجه أبو داود في السنن كتاب: المناسك، باب: في المرأة تحج بعير محرم (2/ 347) (رقم: 1724) من طريق القعنبي، وعبد الله بن محمَّد النفيلي. وأحمد في المسند (2/ 236) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، ثلاثتهم عن مالك به. (¬2) انظر الموطأ برواية: - أبي مصعب الزهريّ (2/ 158) (رقم: 2061)، وسويد بن سعيد (ص: 591) (رقم: 1436)، وابن القاسم (ص: 426) (رقم: 415 - تلخيص القابسي-)، وابن بكر (ل: 265/ ب -نسخة الظاهرية-). (¬3) أخرجه أبو داود في السنن (2/ 347) (رقم: 1724)، والترمذي في السنن كتاب: الرضاعة، باب: ما جاء في كراهية أن تسافر المرأة وحدها (3/ 473) (رقم: 1170)، وابن خزيمة في صحيحه (4/ 134) (رقم: 2523)، وابن حجر في تغليق التعليق (2/ 420)، كلهم من طريق بشر بن عمر عن مالك به. وبِشرٌ ثقة. وقال الترمذي: "حسن صحيح". =

وخرِّج في الصحيح عن مالك، عن سعيد، عن أبي هريرة كما في الموطأ (¬1). ¬

_ = وقال ابن خزيمة: "لم يقل -علمي- أحد من أصحاب مالك في هذا الخبر: عن أبيه، خلا بشر بن عمر، وهذا الخبر في الموطأ عن سعيد عن أبي هريرة". قلت: بل تابع بشرًا على إسناده جماعةٌ كما قال المصنف، منهم: - يحيى بن يحيى النيسابوري عند مسلم في صحيحه كتاب: الحج، باب: سفر المرأة مع محرم في الحج وغيره (2/ 977) (رقم: 1339). - وإسحاق بن محمَّد الفروي عند الدارقطني في غرائب مالك كما في تغليق التعليق (2/ 420)، وذكره في العلل (10/ 332)، ووقع فيه: الفزاري، بدل الفروي! وهو خطأ، والفَرْوي بفتح الفاء وسكون الراء المهملة، وهو إسحاق بن محمَّد بن إسماعيل بن عبد الله بن أبي فروة، والنسبة إلى جدّه الأعلى كما في الأنساب (4/ 374). - والوليد بن مسلم عند الإسماعيلي كما في الفتح (2/ 662). - وعبد الله بن نافع الصائغ، ذكره الدارقطني في العلل (10/ 332). (¬1) هذا في بعض النسخ من صحيح مسلم، وفي بعضها عن أبيه عن أبي هريرة وكذا هي في المطبوعة التي بين أيدينا، كما تقدّم. قال القاضي عياض: قال الجياني: "كذا وقع هنا لرواة مسلم، والصحيح عنه إسقاط أبيه، كذا ذكره أبو مسعود الدمشقي عن مسلم". مشارق الأنوار (2/ 348). وقال النووي: "هكذا وقع هذا الحديث في نسخ بلادنا عن سعيد عن أبيه، قال القاضي عياض: وكذا وقع في النسخ عن الجلودي وأبي العلاء والكسائي، وكذا رواه مسلم في الإسناد السابق قبل هذا عن قتيبة عن الليث عن سعيد عن أبيه، وكذا رواه البخاري ومسلم من رواية ابن أبي ذئب عن سعيد، عن أبيه، واستدرك الدارقطني عليهما إخراجه هذا عن ابن أبي ذئب، وعلى مسلم إخرجه إياه عن الليت عن سعيد عن أبيه، وقال: الصواب عن سعيد، عن أبي هريرة، من غير ذكر أبيه، واحتج بأن مالكا ويحيى بن أبي كثير وسهيلا قالوا: عن سعيد عن أبي هريرة، ولم يذكروا عن أبيه، قال: والصحيح عن مسلم في حديثه هذا عن يحيى بن يحيى عن مالك عن سعيد عن أبي هريرة من غير ذكر أبيه، وكذا ذكره أبو مسعود الدمشقي، وكذا رواه معظم رواة الموطأ عن مالك، قال الدارقطني: ورواه الزهراني والقروي (كذا) عن مالك فقالا: عن سعيد عن أبيه، هذا كلام القاضي. قلت: وذكر خلف الواسطي في الأطراف أن مسلما رواه عن يحيى بن يحيى عن مالك عن سعيد عن أبيه عن أبي هريرة، وكذا رواه أبو داود في كتاب: الحج من سننه، والترمذي في النكاح عن الحسن بن علي عن بشر بن عمر عن مالك عن سعيد =

ومِن غيرِ طريقِ مالك، عن سعيد، عن أبيه، عن أبي هريرة (¬1). وسعيدٌ سمع مِن أبي هريرة، ورَوى أيضًا عن أبيه، عنه (¬2)، واسمُ أبيه كَيسان، وحديثُه مذكورٌ في الموقوفِ (¬3). واختَلَفَتِ الآثارُ في مسافَةِ السَّفرِ المُشتَرَطِ فيه وجودُ ذِي المَحرَم وفي ذِكرِ الزوج معه (¬4). ¬

_ = عن أبيه عن أبي هريرة، قال الترمذي: حديث حسن صحيح، ورواه أبو داود في الحج أيضًا عن القعنبي والعلاء عن مالك [و] عن يوسف بن موسى عن جرير كلاهما عن سهيل عن سعيد عن أبي هريرة، فحصل اختلاف ظاهر بين الحفاظ في ذكر أبيه، فلعله سمعه من أبيه عن أبي هريرة، ثم سمعه من أبي هريرة نفسه، فرواه تارة كذا وتارة كذا، وسماعه من أبي هريرة صحيح معروف، والله أعلم". اهـ شرح صحيح مسلم (9/ 107 - 109). وغالب كلام القاضي المتقدّم حكاه المازري عن بعضهم ولم ينسبه. انظر: المعلم بفوائد مسلم (2/ 111). (¬1) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الصلاة، باب: في كم يقصر الصلاة؟ (2/ 332) (رقم: 1088)، ومسلم في صحيحه (2/ 977) (رقم: 1339) من طريق ابن أبي ذئب، والليث بن سعد (عند مسلم خاصة)، كلاهما عن سعيد المقبري عن أبيه عن أبي هريرة. (¬2) قال ابن حبان: "سمع هذا الخبر سعيد المقبري عن أبي هريرة، وسمعه من أبيه عن أبي هريرة، فالطريقان جميعا محفوظان". الصحيح (6/ 438). قلت: وعليه فحديث مالك من الطريقين صحيح، فلعل مالكًا سمعه بالإِسنادين، فحدّث به على الوجهين، والله أعلم. وانظر: العلل (10/ 333 - 339)، التتبع (ص: 181)، الفتح (2/ 662). (¬3) سيأتي حديثه (ص: 1116). (¬4) حدّد قوم المسافة بثلاثة أيام، وقال بعضهم بيوم وليلة. واشترطَ الإمام أحمد وجودَ المَحْرَم، ولم يشترطْه مالك والشافعي، وقالوا: لا بأس بخروجها مع جماعة من النساء على قول مالك، ومع امرأة حرة مسلمة على قول الشافعي. وذكر ابنُ سيرين أنَّها تخرج مع رجل من المسلمين، وقال الأوزاعي وغيره: مع جماعة من المسلمين تتخذ سلما تصعد به وتنزل ولا يقربها رجل، إلى غير ذلك من التفاصيل. واختلفوا أيضًا في المَحرم، هل يدخل فيه العبد، والأخ من الرضاع، وهل الكافر محرم لابنته إذا أسلمت. انظر: التمهيد (21/ 52 - 55)، المنتقى (7/ 304)، المحلى (5/ 19)، شرح صحيح مسلم (9/ 103)، المغني (5/ 30 - 34)، الفتح (2/ 659 - 662)، (4/ 90 - 92).

457 / حديث: "غسلُ يومِ الجمعة واجبٌ على كلِّ مُحتَلِمٍ كغسلِ الجنابَة". في الصلاة. عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة قوله (¬1). هكذا هو في الموطأ من قول أبي هريرة لم يذكر فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬2)، وقد رُوي خارِجَ الموطأ عن مَعن، عن مالك، عن سعيد، عن أبي هريرة، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - (¬3). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الجمعة، باب: العمل في غسل الجمعة (1/ 105) (رقم: 2). (¬2) انظر الموطأ برواية: أبي مصعب الزهريّ (1/ 168) (رقم: 433)، وسويد بن سعيد (ص: 158) (رقم: 284)، ومحمد بن الحسن (ص: 46) (رقم: 60)، وابن بكير (ل: 28 / أ) - السليمانية)، والقعنبي (ل: 31/ أ- الأزهرية). وأخرجه ابن المظفر البزاز في غرائب مالك (ص: 145) (رقم: 84) من طريق ابن القاسم. (¬3) لم أقف عليه مسندًا من رواية معن، وذكره أبو نعيم في الحلية (6/ 349) فقال: "تفرّد به معن، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة". وأشار الدارقطني في العلل (10/ 385) إلى رواية معن لكن موقوفًا على أبي هريرة، وذكر أنَّ أبا خالد يزيد بن سعيد الأصبحي الإسكندراني رواه عن مالك عن سعيد المقبري عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - به مرفوعًا. ورواية يزيد بن سعيد هذا أخرجها محمَّد ابن المظفر البزاز في غرائب مالك (ص: 143) (رقم: 82)، وأبو أحمد الحاكم في عوالي مالك (ص: 72)، وابن عبد البر في التمهيد (11/ 211)، وعمر بن الحاجب في عوالي مالك (ل: 135/ ب) لكن بلفظ: "يا معشر المسلمين إن هذا يوم جعله الله لكم عيدا فاغتسلوا وعليكم بالسواك". وقال الخطيب فيما نقله ابن الحاجب: "لم يرفعه عن مالك غير الصباحي (كذا)، ولا أعلم روى عن مالك غير هذا". قلت: واضطرب يزيد في إسناد هذا الحديث فمرة يرويه عن مالك عن سعيد عن أبيه عن أبي هريرة، ومرة لا يذكر أبا سعيد، وروايته عند ابن عبد البر في التمهيد (11/ 211)، وأخرجه أيضًا =

قال الدارقطني: "والصحيحُ عن مالك قولُ أصحاب الموطأ موقوفًا" (¬1). هكذا سمَّاه أبو الحسن موقوفًا، وقد يُلحَقُ بالمرفوع على المعنى؛ إذ لاَ موجِبَ إلاَّ الله جلَّ وعَزَّ، والرسولُ - صلى الله عليه وسلم - هو المُبلِّغُ عن الله تعالى، فإذا قال الصحابيُّ في االشيء: "هو واجب"، فكأنَّه أخبَرَ بأنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أَعْلَمَ بإيجابه، لا سِيما وقد أكَّدَ أبو هريرة ذلك بقوله: "كغسل الجنابة"، وهذا آكَدُ من قولهم في الشيء هو السُّنَّة، وقد أُلحِقَ ما قالوا فيه: إنَّه سنة بالمرفوع، وتَكرَّر القولُ في هذا المعنى (¬2). وقوله: "كغُسل الجنابة" إنْ لَم يثبُتْ من جِهة النقلِ، احتُمِل أن يكون رأيًا, والله أعلم (¬3). ¬

_ = في (ص: 210) من طريق الحسن بن أحمد عن يزيد عن مالك عن صفوان بن سُليم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري به. وهذا كله يدل على اضطراب يزيد الإسكندارني في إسناد هذا الحديث. فإن كان ما ذكره الدارقطني صحيحًا فهو نوع آخر من اضطراب يزيد الإسكندارني هذا في متنه. تنبيه: حديث "يا معشر المسلمين إن هذا يوم جعله الله لكم عيدا ... " فهو في الموطأ من رواية عبيد بن السباق مرسلا، وسيأتي ذكره لا مرسله (5/ 345). (¬1) العلل (10/ 385). قلت: ويدل عليه ما أخرجه عبد الرزاق في المصنف (3/ 198) (رقم: 5305)، ومن طريقه محمَّد بن المظفر البزاز في غرائب مالك (ص: 145) (رقم: 83) عن مالك عن سعيد بن أبي سعيد المقبري قال: سمعت أبا هريرة يقول: "الغسل يوم الجمعة واجب. فقال رجل: عن النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: لا تلقِّنِّي، أتحب أن أكذب! ثم قام". لفظ ابن المظفر. (¬2) انظر: (3/ 47، 198). (¬3) وسبق أن الصحيح عن مالك موقوف، وله حكم الرفع، إلا قوله كغسل الجنابة فللاجتهاد فيه مجال كما قال المصنف. =

وتقدَّم لأبي سعيد الخدري مرفوعًا بهذا اللَّفظِ من غيرِ تشبِيه (¬1). وانظر معناه لعمر (¬2)، وابنِه من طريق نافع (¬3)، وفي مرسلِ ابن السَبَّاق (¬4). * * * ¬

_ = ويحتمل أن لا يراد به الوجوب، قال أبو الوليد الوقّشي: "اعلم أنَّ تشبيه الشيء بالشيء لا يقتضي المماثلة له من جميع الجهات، ولو اقتضى ذلك لكان هو هو، ولم يكن غيره، فقولنا: زيد كالأسد، إنما يراد في الجرأة والشجاعة، وأيضًا فضد قال أبو هريرة للمرأة التي تطيّبت للمسجد: والله لا يقبل منك حتى ترجعي فتغتسلي كغسلك من الجنابة". التعليق على الموطأ (ل: 27/ أ). (¬1) تقدّم حديثه (3/ 231). (¬2) تقدّم حديثه (2/ 283). (¬3) تقدّم حديثه (2/ 373). (¬4) سيأتي حديثه (5/ 348).

18 - 30 - سائر الرواة المقلين، عن أبي هريرة

18 - 30 - سائر الرواة المقلِّين، عن أبي هريرة. وهم ثلاثة عشر رجلًا، لهم ثلاثة عشر حديثًا. 458 / حديث: "مَن توضَّأ فلْيَستَنْثِر، ومَن استَجْمَرَ فليوتِر". في الوضوء. عن ابن شهاب، عن أبي إدريس الخَولاني، عن أبي هريرة (¬1). في هذا الحديثِ خُلْفٌ، وهذا هو الصواب (¬2). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الطهارة، باب: العمل في الوضوء (1/ 48) (رقم: 3). وأخرجه مسلم في صحيحه كتاب: الطهارة، باب: الإيتار في الاستنثار والاستجمار (1/ 212) (رقم: 237) من طريق يحيى النيسابوري. والنسائي في السنن كتاب: الطهارة، باب: الأمر بالاستنثار (1/ 66) من طريق قتيبة، وابن مهدي. وابن ماجه في السنن كتاب: الطهارة، باب: ما جاء في الاستنشاق والاستنثار (1/ 143) (رقم: 409) من طريق زيد بن الحُباب وداود بن عبد الله الجعفري. وأحمد في المسند (2/ 236, 377) من طريق عبد الرحمن بن مهدي وعبد الرزاق، ستتهم عن مالك به. (¬2) خالف أصحابَ مالك في إسناد هذا الحديث كاملُ بنُ طلحة الجحدري، فرواه عن مالك عن الزهريّ عن أبي إدريس الخولاني عن أبي ثعلبة الخشني به، أخرجه من طريقه أبو أحمد الحكم في عوالي مالك (ص: 102)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (26/ 139) عن أبي القاسم البغوي عن كامل به. وكامل بن طلحة قال عنه الحافظ ابن حجر: "لا بأس به". التقريب (رقم: 5603). فمثله إذا خالف الثقات من أصحاب مالك تردّ روايته. قال أبو القاسم البغوي: "هكذا حدّثنا بهذا الحديث كامل عن أبي ثعلبة، وغلط فيه، إنما هو عن أبي هريرة". وقال الدارقطني: "خالفهم (أي أصحاب مالك) كامل بن طلحة، رواه عن مالك عن الزهريّ عن أبي إدريس عن أبي ثعلبة الخشني، ووهم فيه على مالك". العلل (8/ 296). =

وانظر روايةَ الأعرج عن أبي هريرة (¬1)، ومرسلَ عروة (¬2). * * * ¬

_ = وقال ابن عساكر بعد إيراد كلام البغوي: "وهذا كما قال البغوي، وقد رواه عن مالك على الصواب: عبدُ الله بنُ وهب، وبشر بن عمر، وعثمان بن عمر بن فارس، وروح بن عبادة، وعبد الرزاق بن همام، وعبد الله بن مسلمة القعنبي، ومطرف بن عبد الله اليساري، ويحيى بن سليمان بن نضلة الخزاعي، ويحيى بن يحيى النيسابوري، وأبو مصعب أحمد بن أبي بكر الزهري، وهشام بن عمار السلمي الدمشقي، وعبد العزيز بن يحيى المديني، وأبو حذافة أحمد بن إسماعيل السهمي، وجميع رواة الموطأ عن مالك". ثم سرد روايات كثير من أصحاب مالك بأسانيده إليهم. انظر: تاريخ دمشق (26/ 139 - 145). (¬1) تقدّم حديثه (3/ 350). (¬2) سيأتي حديثه (5/ 101).

459 / حديث: إنّا نركَبُ البحرَ ونَحمِلُ معنا القليلَ من الماءِ ... فيه: "أفَنَتَوضَّأُ من ماء البحرِ"، وقوله: "هو الطهورُ ماؤُه الحِلُّ ميتته". في باب: الطهور للوضوء. عن صفوان بن سُليم، عن سعيد بن سلمة مِن آل بني الأزرق، عن المغيرة بن أبي بُردة وهو من بني [عبد] (¬1) الدار أخبره: أنَّه سمع أبا هريرة يقول: "جاء رجلٌ إلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فقال ... " (¬2). واحتجَّ به مرسلًا في الصيدِ (¬3). ¬

_ (¬1) سقطت من الأصل، وهي ثابتة في الموطأ وغيره، وكما سيأتي. (¬2) الموطأ كتاب: الطهارة، باب: الطهور للوضوء (1/ 50) (رقم: 12). وأخرجه أبو داود في السنن كتاب: الطهارة، باب: الوضوء بماء البحر (1/ 64) (رقم: 83) من طريق القعنبي. والترمذي في السنن كتاب: الطهارة، باب: ما جاء في ماء البحر أنه طهور (1/ 100) (رقم: 69) من طريق قتيبة ومعن. والنسائي في السنن كتاب: الطهارة، باب: ماء البحر (1/ 50) من طريق قتيبة، وفي الصيد، باب: ميتة البحر (7/ 207) من طريق عبد الرحمن بن مهدي. وابن ماجه في السنن كتاب: الطهارة، باب: الوضوء بماء البحر (1/ 136) (رقم: 386)، وفي الصيد، باب: الطافي من صيد البحر (2/ 1081) (رقم: 3246) من طريق هشام بن عمار. وأحمد في المسند (2/ 237، 361، 392) من طريق عبد الرحمن بن مهدي وأبي سلمة الخزاعي. والدارمي في السنن كتاب: الطهارة، باب: الوضوء من ماء البحر (1/ 201) (رقم: 729)، وفي الصيد، باب: صيد البحر (2/ 126) (رقم: 2011) من طريق محمَّد بن المبارك، سبعتهم عن مالك به. (¬3) الموطأ كتاب: الصيد، باب: ما جاء في صيد البحر (2/ 395)، وفيه قال مالك: "لا بأس بأكل الحيتان يصيدها المجوسى؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال، -وذكره-، قال مالك: وإذا أكل ذلك ميتا فلا يضره من صاده".

قال الشيخ: المغيرةُ بن أبي بُردة هذا كان مع موسى بن نُصير (¬1) بالمغربِ في مغازِيه. ويُقال: إنَّ مالكًا تفرَّد بقولِه فيه: "إنَّه من بني عبد الدار"، ذكر هذا محمّد بن مفرِّج (¬2) وغيرُه (¬3). ¬

_ (¬1) موسى بن نُصير أبو عبد الرحمن اللّخمي، الأمير الكبير أمير إفريقية والمغرب، وصاحب فتح الأندلس. خرج مع سليمان بن عبد الملك حاجًّا وتوفي سنة (79 هـ). انظر أخباره في: تاريخ العلماء بالأندلس (2/ 144)، جذوة المقتبس (ص: 317)، تاريخ دمشق (61/ 211)، السير (4/ 496). (¬2) محمَّد بن أحمد بن محمَّد بن يحيى بن مفرِّج مولى الإمام عبد الرحمن بن الحكم، القاضي أبو عبد الله القرطبي، وُلد أول سنة (315 هـ)، وتوفي سنة (380 هـ)، وله رحلة إلى المشرق. قال ابن الفرضي: "كان حافظًا للحديث، عالمًا به، بصيرًا بالرجال، صحيحَ النقل، جيّدَ الكتاب على كثرة ما جمع". وقال أبو عبد الله الحميدي: "محدِّثٌ حافظٌ جليلٌ ... وحدَّث بالأندلس، وصنّف كتبًا في فقه الحديث، وفي فقه التابعين، منها فقه الحسن البصري في سبع مجلدات، وفقه الزهريّ في أجزاء كثيرة، وجمع مسند حديث قاسم بن أصبغ للحكم المستنصر". انظر: تاريخ العلماء بالأندلس (2/ 93)، جذوة المقتبس (ص: 38)، السير (16/ 390)، نفح الطيب (2/ 218). (¬3) لم أقف على قول ابن مفرج. وقال ابن يونس: "المغيرة بن أبي بردة الكناني، حليف لبني عبد الدار، ولي غزو البحر لسليمان بن عبد الملك سنة ثمان وتسعين، والطالعة من مصر لعمر بن عبد العزيز سنة مائة". وقال أيضًا: "حدّثني زياد بن يونس بن موسى القطان عن محمَّد بن سحنون أنَّ ولد المغيرة بن أبي بردة بإفريقية اليوم". تهذيب الكمال (28/ 353)، وانظر: التمهيد (16/ 218). وقال ابن الدبّاغ: "حليف بني عبد الدار، وقيل: إنَّه من بن عبد الدار حليف كنانة، كان من أهل الفضل والدين ... ولما قُتل يزيد بن أبي مسلم أمير إفريقية اجتمع أهل الفضل والدين على أن يولّوا المغيرة لما علموا من فضله ودينه وحزمه فأبى ذلك". معالم الإيمان في معرفة أهل القيروان (1/ 196، 197). ونقل ابن حجر في التهذيب (10/ 230) عن علي بن المديني أنَّه قال: "رجل من بني عبد الدار". وكذا قال ابن عبد الحكم في فتوح مصر (ص: 214).

وطَرَح ابنُ وضاح ذلك من كتابه (¬1). وقال فيه ابن عيينة، عن يحيى بن سعيد، عن رجلٍ مِن أهلِ المغربِ يُقال له: المغيرة بن عبد الله بن أبي بُردة: "أنَّ ناسًا من بنِي مُدلِج أَتَوا رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - ... "، وساقَه مرسلًا (¬2). وحكى البخاريُّ في حرف العَين من تاريخه أنَّ اللَّيثَ قال: حدَّثنا يحيى بنُ سعيد، عن عبد الله بن مغيرة: أنَّ رجلًا من بنِي مُدلِج قال: سألْنا النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فقال: "هو الحِلُّ ميتته" (¬3). وذَكَر الدارقطني في العلل الخلافَ فيه وقال: "أشبَهُها بالصواب قولُ مالِكٍ ومَن تابعه عن صفوان" (¬4). وذَكر الترمذي أنَّه سأل البخاريَّ عن هذا الحديث فقال: "هو صحيحٌ. قال: قلت: هُشيم يقول فيه المغيرة بن أبي بَرْزَة، -يعني بالزاي وفتح الباء- فقال: وَهِمَ فيه، إنَّما هو المغيرة بن أبي بُرْدَة -بالدال وضمِّ الباء-، قال: ¬

_ (¬1) وأثبته عبيد الله عن أبيه كما في روايته. انظر: نسختي المحمودية (أ) (ل: 5/ أ)، و (ب) (ل: 5/ أ). (¬2) أخرجه ابن عبد البر في التمهيد (16/ 219). وأخرج أبو عبيد في الطهور (ص: 296) (رقم: 234) من طريق يزيد، عن يحيى بن سعيد، عن عبد الله بن المغيرة بن أبي بردة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. (¬3) التاريخ الكبير (5/ 205). وأخرجه أبو عبيد في الطهور (ص: 296) (رقم: 234)، والحاكم في المستدرك (1/ 143) من طريق هُشيم، عن يحيى بن سعيد، عن المغيرة بن أبي بردة، عن رجل من بني مدلج، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. وقد اختُلف على يحيى بن سعيد اختلافًا كثيرًا في إسناد هذا الحديث، حتى قال ابن حجر: "والاضطراب منه". التلخيص الحبير (1/ 22)، وانظر: العلل (9/ 11 - 13). (¬4) انظر: العلل (9/ 7 - 13).

وهُشيم ربَّما وِهم في الإسنادِ وهو في المقطَّعات أحفظُ" (¬1). قال الشيخ أبو العبّاس رضي الله عنه: وقد رُوي هذا الحديثُ عن أبي هريرة مِن غيرِ هذا الوجهِ، ورُوِي عن جابر وعبد الله بن عمر، وغيرِهما (¬2). ¬

_ (¬1) العلل الكبير (1/ 135). وقد انتقد ابن عبد البر على البخاري تصحيحه لهذا الحديث، وضعّفه بعضهم وذكر له أربع علل: 1 - الجهالة في سعيد بن سلمة والمغيرة بن أبي بردة. 2 - الاختلاف في اسم سعيد بن سلمة. 3 - الإرسال. 4 - الاضطراب. وردّ الأئمة هذه العلل، وبيّنوا وجه صواب قول البخاري، وصحح الحديث كثير من أهل العلم كالترمذي، وابن حبان، وابن خزيمة، وابن السكن، والبيهقي، والطحاوي، وابن منده، وابن المنذر، والخطابي، والنووي، وابن دقيق العيد، وابن الملقن، والزيلعي، وابن حجر، في قوم يطول ذكرهم. انظر: المجموع للنووي (1/ 82)، البدر المنير (2/ 2 - 19)، نصب الراية (1/ 95 - 99)، التلخيص الحبير (1/ 21)، نيل الأوطار (1/ 24 - 27)، إرواء الغليل (1/ 42)، سلسلة الأحاديث الصحيحة (رقم: 480). (¬2) حديث أبي هريرة روي من غير وجه كما قال المصنف، منها: 1 - ما أخرجه الدارقطني في السنن (1/ 37)، والحاكم في المستدرك (1/ 142) من طريق عبد الله بن محمَّد بن ربيعة القدامي، عن إبراهيم بن سعد، عن الزهريّ، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة به. وسنده واه، القدامي متروك، وتقدّم. 2 - ما أخرجه الدارقطني في السنن (1/ 36)، والحاكم في المستدرك (1/ 142) من طريق محمَّد بن غزوان، عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة. وهذا واه أيضًا، محمَّد بن غزوان الدمشقي قال عنه أبو زرعة: "منكر الحديث". وقال ابن حبان: "شيخٌ من أهل الشام، يقلب الأخبار ويُسند الموقوف، لا يحل الاحتجاج به". وقال أيضا: "حديث أبي هريرة صحيح، ولكن ليس من حديث أبي سلمة، ولا يحيى بن أبي =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = كثير". انظر: الجرح والتعديل (8/ 54)، والمجروحين (2/ 299). - وأشار ابن منده إلى وجه آخر فقال: "وقد روى هذا الحديث ... الأعرج عن أبي هريرة، ولا يثبت". البدر المنير (2/ 20). وحديث جابر بن عبد الله: أخرجه ابن ماجه في السنن (1/ 137) (رقم: 388)، وأبو الحسن بن سلمة في زياداته عليه، وأحمد في المسند (3/ 373)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (4/ 5) (رقم: 1244)، وابن خزيمة في صحيحه (1/ 30) (رقم: 112)، والدارقطني في السنن (1/ 34) (رقم: 3) من طريق أبي القاسم بن أبي الزناد عن إسحاق بن حازم عن عبيد الله بن مقسم عن جابر به. وسنده حسن، رجاله ثقات إلا إسحاق بن حازم المدني، وهو صدوق تُكلم فيه للقدر، كما في التقريب (رقم: 348). وأبو القاسم بن أبي الزناد مدني لا بأس به. التقريب (رقم: 8310). وقد خولف أبو القاسم في إسناده: أخرجه الدارقطني في السنن (1/ 34) (رقم: 4) من طريق عبد العزيز بن أبي ثابت عن إسحاق بن حازم عن وهب بن كيسان عن جابر عن أبي بكر الصديق، فأسند الحديث إلى أبي بكر وجعله عن وهب عن جابر. لكن عبد العزيز هذا وهو ابن عمران قال عنه. الحافظ ابن حجر: "متروك احترقت كتبه فحدّث من حفظه فاشتد غلطه". التقريب (رقم: 4114). وضعف روايته الدارقطني فقال: "وخالفه عبد العزيز بن عمران وليس بالقوي". وقال ابن سيد الناس: "لا يصلح أن يكون معللا لرواية ابن أبي الزناد عن إسحاق، لتوثيق ابن أبي الزناد وضعف عبد العزيز بن عمران بن أبي ثابت عندهم، ورواية الضعيف لا تُعِل رواية الثقة". البدر المنير (2/ 22). ولحديث جابر طريق آخر: أخرجه الحاكم في المستدرك (1/ 143)، والطبراني في المعجم الكبير (2/ 203) (رقم: 1759)، والدارقطني في السنن (1/ 34) (رقم: 3) من طريق ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر. قال ابن الملقن: "وهذا سند على شرط الصحيح، إلا أنه يُخشى أن يكون ابن جريج لم يسمع =

وانظر مرسلَ عبد الله بن المغيرة في المراسل (¬1). ¬

_ = من أبي الزبير فإنه مدلس، وأبو الزبير مدلس أيضا وقد عنعنا في هذا الحديث". البدر المنير (2/ 23). وقال ابن حجر: "وإسناده حسن، ليس فيه إلا ما يُخشى من التدليس". التلخيص الحبير (1/ 23). قلت: وقد توبع ابن جريج، تابعه المبارك بن فضالة، أخرجه من طريقه الدارقطني في السنن (1/ 143) (رقم: 1). ومبارك قال عنه الحافظ: "صدوق يدلس ويسوي". التقريب (رقم: 6464). وقد عنعن في هذا الحديث، وكذا أبو الزبير مدلس. وحديث جابر بهذه الطرق صحيح، والله أعلم. - حديث ابن عمر: أخرجه الدارقطني في السنن (4/ 267) من طريق إبراهيم بن يزيد عن عمرو بن دينار عن عبد الرحمن بن أبي هريرة عن ابن عمر بنحوه. وهذا سند واه، إبراهيم بن يزيد الخُوزي -بضم الخاء المعجمة وبالزاي- قال عنه الحافظ: (متروك الحديث). التقريب (رقم: 272). وعبد الرحمن بن أبي هريرة ذكره ابن حبان في الثقات (5/ 82). وللحديث طريق آخر عن ابن عمر، أخرجه الدارقطني في غرائب مالك كما في البدر المنير (2/ 33) عن مالك عن نافع عن ابن عمر، ثم قال: "وهو باطل بهذا الإسناد مقلوب، وهو في الموطأ عن صفوان بن سليم عن سعيد بن سلمة عن المغيرة حسن أبي بردة". وللحديث طرق أخرى عن عبد الله بن عمرو بن العاص وابن عباس وعلي وغيرهم. انظر تخريجها في: البدر المنير (2/ 24 - 37)، نصب الراية (1/ 95 - 99)، التلخيص الحبير (1/ 23، 24). وبعض أسانيد الحديث واهية وبعضها ضعيف، وبمجموعها يرتقي الحديث إلى الصحة، بل لا شك في صحته، ونقل الماوردي في الحاوي (1/ 37) على الشافعي أنه قال: "هذا الحديث نصف علم الطهارة". (¬1) سيأتي مرسله (5/ 23).

حديث: "مَن صلّى صلاةً لَم يقرأْ فيها بأمِّ القرآن فهِي خِداج ... ". فيه: "قال الله تعالى: قَسَمت الصلاةَ بيني وبين عبدي بنِصفين"، وقولُ أبي هريرة للمصلِّي وراء الإِمام: "اقرَأ بها في نفسِك". في باب: القراءة خَلف الإِمام فيما لا يجهر فيه. عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبي السَّائب مولى هشام بن زهرة، عن أبي هريرة (¬1). هكذا هو في الموطأ بهذا الإسناد (¬2)، ورواه أبو سَبرة عبد الرحمن بن ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الصلاة، باب: القراءة خلف الإمام فيما لا يجهر فيه بالقراءة (1/ 92) (رقم: 9). وأخرجه مسلم في صحيحه كتاب: الصلاة، باب: قراءة الفاتحة في كل ركعة .. (1/ 296) (رقم: 395) من طريق قتيبة. وأبو داود في السنن كتاب: الصلاة، باب: من ترك القراءة في صلاته بفاتحة الكتاب (1/ 512) (رقم: 821) من طريق القعنبي. والنسائي في السنن الكبرى كتاب: فضائل القرآن، باب: فضل فاتحة الكتاب (5/ 11) (رقم: 8012) من طريق قتيبة، وزاد في تحفة الأشراف (10/ 454) عبد الله بن المبارك وابن القاسم. وأحمد في المسند (2/ 460) من طريق عبد الرحمن بن مهدي (وسقط من المطبوع ذكر أحمد)، وإسحاق الطباع، ستتهم عن مالك به. (¬2) انظر الموطأ برواية: أبي مصعب الزهريّ (1/ 94) (رقم: 245)، والقعنبي (ص: 137)، ومحمد بن الحسن (ص: 60) (رقم: 114)، ويحيى بن بكير (ل: 16/ أ -نسخة السليمانية-). وتابع مالكًا على هذا الإسناد: - ابنُ جريج عند مسلم في صحيحه (1/ 297) (رقم: 395). - والوليد بن كثير عند ابن جرير الطبري في تفسيره (1/ 117) (رقم: 223)، والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 166)، وفي القراءة خلف الإمام (ص: 21). - ومحمد بن إسحاق عند أحمد في المسند (2/ 286)، والبخاري في القراءة خلف الإمام (ص: 42)، وابن جرير الطبري في تفسيره (1/ 117) (رقم: 223)، والبيهقي في القراءة خلف الإمام (ص: 23). - وورقاء اليشكرى عند الطيالسي في المسند (ص: 334)، والبيهقي في القراءة خلف الإمام (ص: 23). - ومحمد بن عجلان، عند البيهقي في القراءة خلف الإمام (ص: 22، 23).

محمّد المدِيني، عن مُطرِّف، عن مالك، عن الزهريّ، عن أبي السَّائب، عن أبي هريرة (¬1). وكذلك قال فيه عُقيل، عن الزهريّ، عن أبي السائب (¬2). ورواه ابنُ عيينة وشعبةُ وجماعةٌ، عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة (¬3). ¬

_ (¬1) لم أقف عليه، وذكره الدارقطني في العلل (9/ 21)، ونقل ابن عبد البر عنه أنه قال: "وهو غريب من حديث مالك عن ابن شهاب، لم يروه غير مطرف، وتفرد به عنه أبو سبرة بن عبد الله المدني، وهو صحيح من حديث الزهريّ، حدّث به عنه عُقيل". التمهيد (20/ 186). قلت: والخطأ فيه من أبي سبرة، وهو عبد الرحمن بن محمَّد أبو سبرة المدني. قال أبو أحمد الحاكم: "له مناكير". الميزان (3/ 301). وقال الذهبي: "ربما يخالف في حديثه". المقتنى في سرد الكنى (1/ 259). وقال الدارقطني في غرائب مالك: "يروي عن مطرف عن مالك أحاديث عدد يخطئ فيها عليه". وقال أيضًا: "أبو سبرة كثير الوهم". اللسان (7/ 50). ومطرف بن عبد الله المدني لا يحتمل مثل هذه الأخطاء، وقال عنه الحافظ: "ثقة، لم يصب ابن عدي في تضعيفه". التقريب (رقم: 6706). ثم وجدت أنَّ مطرفًا رواه كرواية الجماعة، أخرجه أبو عوانة في صحيحه (2/ 126) من طريق محمَّد بن يحيى الدهلي عن مطرف عن مالك عن العلاء عن أبي السائب به. وهذا يؤيّد أن الوهم والخطأ من أبي سبرة لا من مطرف، والله أعلم بالصوإب. (¬2) أخرجه البيهقي في القراءة خلف الإمام (ص: 33، 32)، وتقدّم أن الدارقطني صححه. (¬3) أخرجه مسلم في صحيحه (1/ 296) (رقم: 395) من طريق ابن عيينة. وأخرجه أحمد في المسند (2/ 457, 478)، وابن خزيمة في صحيحه (1/ 248) (رقم: 490)، وأبو عوانة في صحيحه (2/ 127)، والبخاري في جزء القراءة (ص: 88)، وأبو يعلى في المسند (6/ 61) (رقم: 6423)، والطحاوي في شرح العاني (1/ 216)، وفي شرح المشكل (3/ 122) (رقم: 1090)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (5/ 96) (رقم: 1794)، وابن المنذر في الأوسط (3/ 99)، والبيهقي في القراءة خلف الإمام (ص: 24) كلهم من طريق شعبة. وتابعهما جماعةٌ منهم: =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = 1 - عبد العزيز الدراوردي: أخرجه من طريقه الترمذي في السنن كتاب: التفسير، باب: ومن سورة الفاتحة (5/ 184) (رقم: 2953)، والحميدي في المسند (2/ 430) (رقم: 974)، والبخاري والقراءة خلف الإمام (ص: 44)، وأبو عوانة في صحيصه (2/ 128)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (5/ 96) (رقم: 1795) والبيهقي في القراءة خلف الإمام (ص: 28). 2 - عبد العزيز بن أبي حازم: أخرجه من طريقه ابن ماجه في السنن كتاب: الأدب، باب: ثواب القرآن (2/ 1243) (رقم: 3784)، والحميدي في المسند (2/ 430) (رقم: 974)، وأبو عوانة في صحيحه (2/ 128)، والبخاري في القراءة خلف الإمام (ص: 42). 3 - روح بن القاسم: أخرجه من طريقه البخاري في القراءة خلف الإمام (ص: 11، 43)، والبيهقي في جزء القراءة (ص: 27). 4 - إسماعيل بن جعفر: في حديث علي بن حجر عنه (ص: 496) (رقم: 291)، وأخرجه من طريقه: أحمد في المسند (3/ 66)، والبخاري في القراءة (ص: 43)، وأبو يعلى في المسند (6/ 79) (رقم: 6491)، والبيهقي في القراءة خلف الإمام (ص: 27). 5 - سعد بن سعيد: أخرجه من طريقه ابن حبان في صحيحه (الإحسان) (5/ 89) (رقم: 1788). 6 - أبو غسان محمَّد بن مطرف: أخرجه من طريقه الطحاوي في شرح المعاني (1/ 216)، وفي شرح المشكل (3/ 123) (رقم: 1091)، والبيهقي في القراءة خلف الإِمام (ص: 28). 7 - عبد الله بن جعفر بن نجيح: أخرجه من طريقه سعيد بن منصور في السنن (2/ 505) (رقم: 168 - التفسير-). 8 - عبد الله بن زياد بن سمعان: أخرجه من طريقه الدارقطني في السنن (1/ 312) (رقم: 35)، والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 39، 40)، وفي القراءة خلف الإمام (ص: 30). إلاَّ أنَّ ابن سمعان زاد في متنه ذكر التسمية. قال الدارقطني: "وهو ضعيف الحديث". العلل (9/ 23). ونقل عنه البيهقي في السنن قوله: "ابن سمعان هو عبد الله بن زياد بن سمعان، متروك الحديث، وروى هذا الحديث جماعة من الثقات عن العلاء بن عبد الرحمن منهم: مالك بن أنس، وابن جريج، وروح بن القاسم، وابن عيينة، وابن عجلان، والحسن بن الحر، وأبو أويس، وغيرهم، على اختلاف منهم في الإسناد، واتفاق منهم في المتن، فلم يذكر أحد منهم في حديثه "بسم الله الرحمن الرحيم"، واتفاقهم على خلاف ما رواه ابن سمعان أولى بالصواب". 9 - 12 - إبراهيم بن طهمان، ومحمد بن يزيد، وزهير بن محمَّد، وجهضم بن عبد الله: أخرج روايتهم البيهقي في القراءة (ص: 26، 29، 30). وذكر الدارقطني غير هؤلاء ممن رواه عن العلاء بهذا الإسناد. انظر: العلل (9/ 16).

وقال فيه أبو أُويس عبد الله المديني، عن العلاء، عن أبيه وأبي السائب معًا. خَرَّجه مسلم في الصحيح (¬1). وقال البزار: "لا نعلمُ رَوى هذا الكلام عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - إلاّ أبا هريرة" (¬2). يعنِي قولَه: "قَسَمتُ الصلاة"، وأمَّا أوَّلُ الحديث فجاء عن غيرِه، رَوى عَمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدِّه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَن صلى صلاة مع إمامٍ يَجهرُ فليقرَأ بفاتِحة الكتاب في بعض سكتَاتِه، فإنْ لَم يفعلْ فصلاتُه خِداج غير تَمامٍ". خَرَّجه الدارقطني في السنن (¬3). ¬

_ (¬1) صحيح مسلم (1/ 297) (رقم: 395). وتابعه على هذا الإسناد: - الحسن بن الحر، أخرجه من طريقه أبو نعيم في الحلية (10/ 31)، والبيهقي في القراءة خلف الإمام (ص: 32). مع الاختلاف على الحسن بن الحر كما في العلل (9/ 22). - ومحمد بن عجلان، أخرجه من طريقه البيهقي في جزء القراءة (ص: 32). مع الاختلاف عليه كما في العلل (9/ 22 - 24). والحديث من الطريقين صحيح، فكان عند العلاء عن أبيه، وعن أبي السائب، ويدل عليه إسناد أبي أويس عند مسلم قال: "سمعت من أبي ومن أبي السائب، وكانا جليسي أبي هريرة". قال الترمذي: "سألت أبا زرعة عن هذا الحديث؟ [فقال]: كلا الحديث صحيح". السنن (5/ 186)، العلل الكبير (1/ 235). وقال البيهقي: "وهذا الحديث محفوظ صحيح من حديث العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه وعن أبي السائب جميعًا عن أبي هريرة، لكن كان يرويه مرة عن أبيه، ومرة عن أبي السائب، ومرة عنهما جميعا". القراءة خلف الإمام (ص: 31). (¬2) لم أقف عليه في مسند البزار. (¬3) السنن (1/ 320) (رقم: 15) من طريق محمَّد بن مخلد الدوري، عن محمَّد بن عبد الوهاب، عن محمَّد بن عبد الله بن عبيد الله بن عمير، عن عمرو بن شعيب به. قال الدارقطني: "محمَّد بن عبد الله بن عبيد بن عمير ضعيف". =

وهذا يدفَع ما تأوَّلَه مالكٌ في التَّرجمة (¬1). وأبو السَّائب هذا ذكره البخاريُّ في كتاب الكنى ولَم يُسَمِّه (¬2). ¬

_ = قلت: وسنده ضعيف جدًّا، محمَّد بن عبد الله بن عبيد هو المكي. قال ابن معين: "ليس حديثه بشيء". التاريخ (3/ 130 - الدوري-). وقال في رواية الدورقي: "ضعيف". وقال في رواية ابن أبي مريم: "ليس بثقة". الكامل (6/ 220). وقال البخاري: "ليس بذاك الثقة". التاريخ الكبير (1/ 142)، الضعفاء الصغير (ص: 106). وقال أيضًا: "منكر الحديث". الكامل (6/ 220). وقال النسائي: "متروك". الضعفاء والمتروكون (ص: 231). وقال ابن حبان: "كان ممن يقلب الأسانيد من حيث لا يفهم من سوء حفظه، فلما فحش ذلك استحق الترك". المجروحين (2/ 258). وقال ابن عدي: "هو مع ضعفه يُكتب حديثه". الكامل (6/ 222). وانظر: الميزان (5/ 36)، واللسان (5/ 316). وهو مع ضعفه خولف في متن الحديث، فرواه حسين المعلم عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه مرفوعًا بلفظ: "كل صلاة لا يقرأ بها بفاتحة الكتاب فهي خداج فهي خداج"، أخرجه من طريقه ابن ماجه في السنن كتاب: إقامة الصلاة، باب: القراءة خلف الإمام (1/ 274) (رقم: 841)، والبخاري في جزء القراءة (ص: 12). وسنده حسن؛ لحال رواية عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدّه. (¬1) أي إنَّ مالكًا تأول حديث أبي هريرة -ولم يذكر الصلاة هل جهرية كانت أم سرية- بالصلاة السرية، وفي حديث عبد الله بن عمرو التنصيص بًانَّ الصلاة جهرية؛ لكن الحديث منكر لا تقوم به حجة، وسيأتي الكلام في حكم قراءة المأموم الفاتحة في الصلاة الجهرية في الحديث التالي. (¬2) الكنى (ص: 38). وانظر: الكنى والأسماء (1/ 406)، المقتنى (1/ 258). وقال المزي: "أبو السائب الأنصاري المدني، مولى هشام بن زهرة، ويقال: مولى عبد الله بن هشام بن زهرة، ويقال: مولى بني زهرة". تهذيب الكمال (33/ 338).

461 / حديث: "انصرَفَ مِن صلاةٍ جَهَرَ فيها بالقِراءَة، فقال: هَل قرأَ معي مِنكم أحدٌ آنِفًا ... ". فيه: "ما لِي أُنازَعُ القرآن". في باب: تركِ القراءةِ خَلف الإِمام إذا جهر. عن ابن شهاب، عن ابنِ أُكَيمَة اللَّيثي، عن أبي هريرة، ذكرَه (¬1). وقال في آخِرِه: "فانتَهى الناسُ عن القراءةِ"، موصولًا بالحديث. وهذا الكلامُ قيل: هو مِن قولِ أبي هريرة (¬2)، وقيل: مِن كلامِ ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الصلاة، باب: القراءة خلف الإمام فيما جهر فيه (1/ 94) (رقم: 44). وأخرجه أبو داود في السنن كتاب: الصلاة، باب: القراءة بفاتحة الكتاب إذا جهر الإمام (1/ 516) (رقم: 826) من طريق القعنبي. والترمذي في السنن كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في ترك القراءة خلف الإِمام إذا جهر الإِمام بالقراءة (2/ 118) (رقم: 312) من طريق معن بن عيسى. والنسائي في السنن كتاب: الافتتاح، باب: القراءة خلف الإمام في ما جهر به (2/ 140) من طريق قتيبة. وأحمد في المسند (2/ 301) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، أربعتهم عن مالك به. (¬2) وهي رواية أحمد بن الطاهر بن السرح عن معمر عن الزهريّ قال: قال أبو هريرة، أخرجه من طريقه أبو داود في السنن (1/ 517) (رقم: 826). وقد خولف: أخرجه أحمد في المسند (2/ 284)، عن عبد الرزاق وهو في المصنف (2/ 135) (رقم: 2795). وأخرجه ابن ماجه في السنن كتاب: إقامة الصلاة، باب: إذا قرأ الإِمام فأنصتوا (1/ 277) (رقم: 849)، من طريق عبد الأعلى. والطبراني في المعجم الأوسط (5/ 308) (رقم: 5397)، والخطب في تاريخ بغداد (7/ 86)، من طريق يزيد بن زريع، وعند الطبراني أيضًا قال يزيد: قدم علينا أيوب السختياني قبل الطاعون بالبصرة، فحدّثنا هذا الحديث عن معمر عن الزهريّ عن ابن أكيمة، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحوه، ثم سمعته من معمر. كل هؤلاء رووه عن معمر، ولم يذكروا ما ذكره عمرو بن السرح في حديثه.

ابنِ أُكَيمَة (¬1). وقال أبو داود: سمعتُ محمّد بن يحيى بن فارِس (¬2) يقول: "فانتَهى النَّاس، مِن كلامِ الزهريّ" (¬3). وفي رواية ابنِ الأعرابيِّ (¬4) عنه قال: "انتَهى حديثُ ابنِ أُكَيمَة إلى قولِه: "ما لِي أنازَعُ القرآن" والبقيةُ مِن قولِ الزهريّ" (¬5). ¬

_ (¬1) قال الخطيب البغدادي: "وقال بعضُ الرواة عن سفيان: قال: فحدّثني معمر، عن الزهريّ، عن ابن أُكيمة قال: فانتهى الناس". ثم أورده الخطيب من طريق جعفر بن محمَّد الفريابي، عن قتيبة بن سعيد، عن سفيان، عن الزهريّ به. ثم قال: "وقال جعفر: نا قتيبة، نا سفيان، عن معمر، عن الزهريّ، عن ابن أُكيمة قال: فانتهى الناس ... ". انظر: الفصل للوصل المدرج في النقل (1/ 291، 292). (¬2) هو الإمام الذهلي. (¬3) السنن (1/ 518). (¬4) هو أحمد بن محمَّد بن زياد بن بشر بن درهم، أبو سعيد العنزىِ البصري، المعروف بابن الأعرابي، نزيل مكة. وُلد سنة نيّف وأربعين ومائتين، وتوفي سنة (304 هـ). وروى عن أبي داود السنن. قال أبو يعلى الخليلي: "ثقة، متفق عليه، أخرجه المتأخرون في الصحيح، أثنى عليه كل من لقيه من أصحابه". وقال الذهبي: "حمل السنن عن أبي داود، وله في غضون الكتاب زيادات في المتن والسند". انظر: تاريخ دمشق (5/ 353)، السير (15/ 407). ويُذكر أنّ في هذه النسخة فوت، ككتاب الملاحم والفتن وغيرها. انظر: غاية المقصود (1/ 40). (¬5) ذكر الخطيب كلام الذهلي هذا في الفصل للوصل (1/ 296)، وطريقه إلى أبي داود من رواية محمَّد بن بكر بن عبد الرزاق التمار، فوافقا رواية التمار روايةَ ابن الأعرابي في ذكر كلام الذهلي بهذا التفصيل. وكذا نصَّ جمعٌ من الأئمة على أنَّ هذا من قول الزهريّ: قال البخاري: "فانتهى الناس، وهو من كلام الزهريّ، الحسن [بن] صباح، قال: حدّثنا مبشر، عن الأوزاعي، قال الزهريّ: فاتّعظ المسلمون بذلك، فلم يكونوا يقرؤون في ماجهر، وأدرجوه في حديث النبي - صلى الله عليه وسلم -، وليس هو من حديث أبي هريرة، والمعروف عن أبي هريرة أنَّه كان يأمر =

قال الشيخ أبو العبّاس رضي الله عنه: واختُلِف في اسمِ ابنِ أُكَيمَةَ، فقال مسلمٌ في الكنى: "أبو الوليد عُمارة بنُ أُكَيمَة اللَّيثيّ، سمِع أبا هريرة" (¬1). وهكذا سمّاه البخاريُّ: عُمارةُ بن أُكَيمة، قال: "ويُقال (¬2): عَمَّار" (¬3). وقال الترمذي: "اسمه: عُمارة، ويقال: عَمرو بن أُكَيمَة" (¬4). وقال ابنُ معين: "ابنُ أُكَيمة يقولون: عَمرو، ويقولون: عَمَّار، ويقولون: عُمر" (¬5). ¬

_ = بالقراءة". التاريخ الصغير (الأوسط) (1/ 206). وانظر: القراءة خلف الإمام (ص: 49). وقال الخطيب البغدادي: "والصحيح أنه من كلام ابن شهاب". الفصل للوصل (1/ 292). وتقدّم ما نقله المصنِّف عن الذهلي. وذهب الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على المسند (12/ 261) أن هذا من الحديث المرفوع، وما قاله فيه نظر، لكلام أئمة هذا الشأن في هذه الرواية. وقد جاء من طرق متعددة الفصل بين المرفوع والمدرج، كما تقدّم في رواية ابن عيينة عن الزهريّ. وأخرجه أحمد في المسند (2/ 240) عن سفيان هو ابن عيينة عن الزهريّ به، وفي آخره قال: قال معمر عن الزهريّ: "فانتهى الناس عن القراءة فيما جهر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -". قال سفيان: "فخفيت عليّ هذه الكلمة". وأخرجه البيهقي في السبن الكبرى (2/ 157)، وابن عبد البر في التمهيد (11/ 251) من طريق علي بن المديني، وعبد الله بن محمَّد، كلاهما عن ابن عيينة، وفي آخره قوله: "فانتهى الناس من كلام الزهري". قال ابن حجر: "فانتهى الناس إلى آخره مدرج في الخبر من كلام الزهريّ، بيّنه الخطيب، واتفق عليه البخاري في التاريخ, وأبو داود ويعقوب الفسوي والذهلي والخطابي وغيرهم". التلخيص الحبير (1/ 246). (¬1) الكنى والأسماء (2/ 858). (¬2) في الأصل: "ويقول"، والصواب المثبت، وهو كذلك في التاريخ الكبير. (¬3) التاريخ الكبير (6/ 498). (¬4) السنن (2/ 120). (¬5) رجال الموطأ لابن الحذاء (ل: 79/ ب).

قال الشيخ رضي الله عنه: وهذا عندي تَخلِيطٌ، إنَّما هو عُمارة أو عَمَّار كما قال البخاري، وهو والِد مسلم، وأما عَمرو أو عُمر فهو وَلَدُ ابنِه مسلم، شيخٌ لمالِك، رَوى عنه، عن سعيد بن المسيب، عنِ أمِّ سلمةَ حديث: "مَن رأى هِلالَ ذِي الحِجَّة وأراد أن يُضَحي ... " خرَّجه مسلم وغيرُه وليس في الموطأ (¬1)، وتَكَلَّم عليه النسائي وأبو داود في الضحايَا. قال النسائي: "عُمر بن مسلم بن عمار بن أُكَيمة، اختُلف في اسمِه فقيل: عُمر، وقيل: عَمرو" (¬2). وقد ذكرتُ هذا في حديث القَدَرِ لابنِ عمر (¬3) من رواية طاووس (¬4). ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في صحيحه كتاب: الأضاحي، باب: فيمن دخل عليه عشر ذي الحجة وهو يريد التضحية .. (3/ 1565، 1566) (رقم: 1977) من طريق شعبة عن مالك وغيره. (¬2) السنن الكبرى (3/ 52)، لكن وقع فيه: "عمرو بن مسلم بن عمار .. ". وقال أبو داود: "اختلفوا على مالك وعلى محمَّد بن عمرو, في عمرو بن مسلم، قال بعضهم: عمر، وأكثرهم قال: عمرو. قال أبو داود: وهو عمرو بن مسلم بن أكيمة الليثي الجندعي". السنن (3/ 229). (¬3) في الأصل: "لابن عمرو" بالواو، وهو خطأ. (¬4) تقدّم حديثه (2/ 498)، وفيه: الكلام في عمرو أو عمر بن مسلم الليثي جرحًا وتعديلًا. ووقع ابن الحذاء في مثل هذا الاشتباه الذي وقع فيه ابن معين، فذكر ابن أكيمة هذا في باب: عمرو من كتابه رجال الموطأ، ثم قال: "هكذا قال مالك". رجال الموطأ (ل: 79 / ب). ومالك لم يسم راوي هذا الحديث؛ بل لم يسمه أحد عن ابن شهاب، إلا في رواية ضعيفة عن مالك خالف فيها الراوي عنه جميع أصحابه فسماه عباد (كذا وقع في التمهيد، ولعل الصواب عمار) بن أكيمة قال الدارقطني: "لا أعلم أحدا سمّاه في حديث مالك، ولا في حديث ابن شهاب إلا في هذه الرواية" ورواه جماعة أصحاب ابن شهاب عنه عن ابن أكيمة عن أبي هريرة". التمهيد (11/ 23). فلعل ابن الحذاء اشتبه عليه عمرو بن مسلم بن أكيمة بجده ابن أكيمة فسماه كذلك. =

ويُقال: إنَّ ابنَ أُكَيمَة الأعلَى جَدُّ هذا انفَرَدَ بِحديث: "ما لي أُنازَعُ القرآن"، وإنَّ الزهريَّ إنَّما سمِعَه منه وهو يُحدِّثُ به سعيدَ بنَ المسيّب، قاله يونس وابنُ عيينة (¬1). وذَكَرَ أبو عُمر بنُ عبد البر: أنَّ ابنَ معين قيل له: مَن ابنُ أُكَيمَةَ؟ فقال: "يَكفِيكَ قولُ الزهريِّ: حدَّثني ابنُ أكيمة" (¬2). ¬

_ = وقال ابن خزيمة: قال لنا محمَّد بن يحيى (أي الذهلي): "ابن أكيمة هو عمار، ويقال: عامر، والمحفوظ عندنا عمار، وهو جد عمرو بن مسلم الذي روى عنه مالك بن أنس ومحمد بن عمرو حديث أم سلمة "إذا دخل العشر وأراد أحدكم أن يضحي". وقال ابن حبان: "ويشبه أن يكون المحفوظ عمار بن أكيمة، وهو تابعي، روى عنه الزهريّ. وابن ابنه عمرو بن مسلم بن عمار بن أكيمة من أتباع التابعين". الثقات (5/ 242). (¬1) أخرجه البخاري في القراءة خلف الإمام (ص: 49) من طريق يونس بن يزيد عن الزهريّ سمعت ابن أكيمة الليثي يحدّث سعيدَ بنَ المسيب يقول: سمعت أبا هريرة. وأخرجه أبو داود في السنن (1/ 517) (رقم: 827) من طريق سفيان بن عيينة عن الزهريّ بمثل رواية يزيد. (¬2) التمهيد (11/ 22). ونقل ابن حجر في تهذيب التهذيب (7/ 360) عن الدوري عن ابن معين أنه قال: "ثقة". ولم أجد هذه الرواية في التاريخ. وقال أبو حاتم: "صحيح الحديث، حديثه مقبول". الجرح والتعديل (6/ 362). وقال يعقوب الفسوي: "من مشاهير التابعين". تهذيب التهذيب (7/ 360). وذكره ابن حبان في الثقات (5/ 242). ومنهم من وصفه بالجهالة، قال ابن سعد: "روى عن الزهريّ حديثا واحدا، ومنهم من لا يحتج بحديثه يقول فيه: شيخ مجهول". الطبقات (5/ 193). وذكر ابن حجر أن الحميدي قال فيه: "مجهول". تهذيب التهذيب (7/ 360). وكذا قال البيهقي في السنن الكبرى (2/ 159). والصواب أنه ثقة محتج به، روى عنه الزهريّ، وأدخله مالك في كتابه الموطأ، وحدّث بحضرة =

وهذا الحديثُ مُجمَلٌ، لَم يَذكُرْ فيه أمَّ القرآن، فتلقّاه مالكٌ على العمومِ (¬1)، وقد رَوى مكحولٌ، عن نافع بن محمود بن الربيع الأنصاري، عن عُبادة بن الصامت قال: "صلى بنا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بعضَ الصلوات التي يَجهرُ فيها بالقراءةِ، فالتَبَست عليه القراءةُ، فلمَّا انصرفَ أقبلَ علينا بوجهِهِ فقال: هل تَقرؤُون إذا جهرتُ بالقراءةِ؟ "، فقال بعضُنا لبعضٍ: إنا لنَصنَعُ ذلك. قال: "فلاَ تفعَلوا، وأنا أقول: ما لِي أنازَع القرآن، فلا تقرؤوا بشيءٍ مِن القرآن إذا جهرتُ إلاَّ بأمِّ القرآن". خَرَّجه الدارقطني في السنن مِن طريقِ زيد بن واقِد، عن مكحولٍ، وقال في رواتِه: "كلُّهم ثقات" (¬2). وخَرَّجه أبو داود بهذا الإسناد واللَّفظِ (¬3). ¬

_ = سعيد بن المسيب عن أبي هريرة، وهؤلاء هم الحجة في حديث أهل المدينة. وقال ابن حجر: "عُمارة -بضم أوله والتخفيف- بن أكَيمة -بالتصغير- الليثي، أبو الوليد المدني، وقيل: اسمه عمار، أو عمرو، أو عامر، ويأتي غير مسمى، ثقة، من الثالثة، مات سنة إحدى ومائة، وله تسع وسبعون". التقريب (رقم: 4836). (¬1) أي أن المأموم لا يقرأ وراء إمامه في الصلاة الجهرية لا فاتحة الكتاب ولا غيرها، وسيأتي ذكر مذهب مالك وغيره في المسألة. (¬2) السنن (1/ 319) (رقم: 9). (¬3) السنن (1/ 515) (رقم: 824). وأخرجه أيضًا البيهقي في السنن الكبرى (2/ 164، 164) من طرق عن زيد بن واقد عن مكحول به. وأخرجه النسائي في السنن (2/ 141)، والبخاري في خلق أفعال العباد (ص: 106)، والدارقطني في السنن (1/ 320) (رقم: 12)، والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 165)، والقراءة خلف الإمام (ص: 50)، والمزي في تهذيب الكمال (22/ 292) من طريق صدقة بن خالد عن زيد بن واقد عن حرام بن حكيم عن نافع بن محمود عن عبادة به. قال الدارقطني: "هذا إسناد حسن، رجاله ثقات كلهم". وقال البيهقي: "الحديث صحيح عن عبادة". السنن الكبرى (2/ 169). وأخرجه الدارقطني في السنن (1/ 320) (رقم: 13) من طريق يحيى بن عبد الله البَابْلُتِي عن صدقة =

وخَرَّجَا أيضًا من طريق محمّد بن إسحاق، عن مكحول، عن محمود بن الرَّبيع، عن عبادة بن الصَّامت -واللَّفظُ لأبي داود- قال: "كنَّا خَلفَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - في صلاة الفجر، فقرأ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فثَقُلَت عليه القِراءةُ، فلمَّا فَرَغَ قال: لعلَّكم تقرَؤون خَلفَ إمامِكم؟ " قلنَا: نَعم، هَذا يا رسول الله. قال: "لا تَفعلوا إلَّا بفاتحة الكتاب، فإنَّه لا صلاةَ لِمن لا يَقرأ بها". قال الدارقطني: "وهذا إسنادٌ حسن". وخَرَّجه من وجوهٍ كثيرةٍ بألفاظٍ مُختلِفَةٍ والمعنى واحدٌ (¬1). ¬

_ = ابن خالد عن زيد بن واقد عن عثمان بن أبي سودة عن نافع بن محمود به. ومدار هذه الأسانيد كلها على نافع بن محمود بن الربيع. ذكره ابن حبان في الثقات (5/ 470). وقال ابن عبد البر: "مجهول". التمهيد (11/ 46). وقال الذهبي: "ثقة". الكاشف (3/ 174). وقال ابن حجر: "مستور). التقريب (رقم: 7082). ولعل الأقرب قول ابن حجر؛ إذ لم يوثّقه سوى ابن حبان على قاعدته في توثيق المجهولين. فالإسناد ضعيف؛ لكن رواه محمَّد بن إسحاق عن مكحول عن محمود بن الربيع والد نافع، وقد خولف ابن إسحاق في حديثه كما سيأتي بيانه في الحديث التالي. (¬1) أخرجه أبو داود في السنن (1/ 515) (رقم: 823)، والدراقطني في السنن (1/ 318، 319) (رقم: 5 - 8). وأخرجه أيضا الترمذي في السنن كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في القراءة خلف الإِمام (2/ 116) (رقم: 2311)، وأحمد في المسند (5/ 313، 316، 322)، والبخاري في جزء القراءة (ص: 36، 87، 88)، والبزار في المسند (7/ 146) (رقم: 2703)، والهيثم بن كليب في مسنده (3/ 194) (رقم: 1280)، وابن خزيمة في صحيحه (3/ 36) (رقم: 1581)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (5/ 86) (رقم: 1785)، (5/ 95) (رقم: 1792)، (5/ 156) (رقم: 1848)، والحاكم في المستدرك (1/ 238)، والطحاوي في شرح المعاني (1/ 215)، وابن المنذر في الأوسط (3/ 107)، والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 164)، وفي القراءة خلف الإِمام (ص: 43، 44)، وابن عبد البر في التمهيد (11، 43, 44)، وابن حزم في المحلى (2/ 226) من طرق عن محمَّد بن إسحاق عن مكحول الشامي عن محمود بن الربيع عن عبادة به. وقال الترمذي: "حديث عبادة حسن، وقد روى هذا الحديث الزهريّ عن محمود بن الربيع عن عبادة بن الصامت عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب". قال: وهذا أصح". قلت: إسناد حديث محمَّد بن إسحاق ضعيف، فأما محمَّد بن إسحاق فقد صرح بالتحديث عند =

وخَرَّج هو وغيرُه من طريق سفيان بن عيينة، عن الزهريّ، عن محمود بنِ الربيع، عن عبادة بن الصَّامت، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا صلاةَ لِمن لَم يقرأْ بفاتحة الكتاب فصاعدًا". وصَحَّحَ هذا الترمذي والدارقطني (¬1). ¬

_ = الدارقطني وابن خزيمة وابن حبان والبيهقي، فأُمنت علة تدليسه، لكن يبقى في الإسناد علّتان: الأولى: عنعنعة مكحول الشامي، ولم يصرح بالتحديث في هذه الطرق، وذكره ابن حجر في المرتبة الثالثة من المدلسين، وقال: "مكحول الشامي الفقيه المشهور، تابعي، يُقال: إنه لم يسمع من الصحابة إلا عن نفر قليل، ووصفه بذلك ابن حبان، وأطلق الذهبي أنه كان يدلس، ولم أره للمتقدّمين إلا في قول ابن حبان". طبقات المدلسين (ص: 46). الثانية: الاضطراب في إسناده، ومخالفة زيد بن واقد لابن إسحاق، فابن إسحاق يرويه عن مكحول عن محمود بن الربيع. وزيد بن واقد يرويه عن مكحول عن نافع بن محمود بن الربيع، ونافع مجهول، وقد تقدّم تخريج روايته هذه. ورواية زيد أرجح من حيث القوة والضبط والإتقان، فزيد شامي ثقة، وهو أوثق من ابن إسحاق، بل إنه من كبار أصحاب مكحول. قال يعقوب الفسوي: "سألت أبا سعيد عبد الرحمن بن إبراهيم (دُحيم): أي أصحاب مكحول أعلى؟ (فذكر جماعة) ثم قال: لكن زيد بن واقد وبرد بن سنان من كبارهم". المعرفة والتاريخ (2/ 394، 395). وقال عبد الرحمن النصري: قلت له (يعني أبا زرعة): "فيزيد بن يزيد فوق العلاء بن الحارث؟ قال: نعم، قلت: فنعمان بن موسى فوق يزيد؟ قال: نعم، وهو المقدّم في أصحاب مكحول؟ قال: نعم، قلت: فمن بعد العلاء بن الحارث؟ قال: زيد بن واقد". تاريخ أبي زرعة الدمشقي (394). فإذا رجع الحديث إلى زيد بن واقد ففي سنده مجهول، فهو ضعيف. وذكر ابن عبد البر وجها آخر من الاختلاف على مكحول فقال: "رواه الأوزاعي عن مكحول عن رجاء بن حيوة عن عبد الله بن عمرو -فذكر الحديث، ثم قال: - ومثل هذا الاضطراب لا يثبت فيه عند أهل العلم بالحديث شيء، وليس في هذا الباب ما لا مطعن فيه من جهة الإسناد غير حديث الزهريّ عن محمود بن الربيع عن عبادة، وهو محتمل التأويل". التمهيد (11/ 54). قلت: وأشار الترمذي إلى إعلال حديث ابن إسحاق فقال: "هو حسن، ثم ذكر حديث الزهريّ عن محمود بن الربيع عن عبادة وقال: وهذا أصح". اهـ. وحديث الزهريّ عن محمود عن عبادة ليس فيه أن الصلاة جهرية؛ لذا قال ابن عبد البر وهو محتمل. (¬1) أخرجه أبو داود في السنن (1/ 514) (رقم: 822)، والترمذي في السنن كتاب: الصلاة، باب: =

وخَرَّج الدارقطني من طريق عطاء، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَن صلى صلاةً مكتوبةً مع الإمامِ فليقرأ بفاتحة الكتاب في سكتاتِه، ومَن انتَهَى إلى أمِّ القرَآن فقد أجْزَأَه" (¬1). وعن يزيد بن شَريك قال: سألتُ عمر (¬2) عن القراءةِ حلفَ الإمامِ. فقال: "اقرأ بفاتحة الكتابِ. قلتُ: وإنْ كنتَ أنتَ؟ قال: وإنْ كنتُ أنا. قلتُ. وإنْ جهرتَ؟ قال: وإنْ جهرتُ". قال الدارقطني: "هذا إسنادٌ صحيحٌ، رواتُه كلُّهم ثقات" (¬3). ¬

_ = لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب (2/ 25) (رقم: 247)، وقال: "حديث حسن صحيح". والدراقطني في السنن (1/ 321) (رقم: 17)، وقال: "إسناد صحيح". وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الأذان، باب: وجوب القراءة للإمام والمأموم .. (1/ 228) (رقم: 756)، ومسلم في صحيحه (1/ 295، 296) (رقم: 394) من طرق عن الزهري به. واللفظ الذي أورده المصنف هو لأبي داود (من طريق ابن عيينة)، وليس في حديث البخاري وغيره "فصاعدًا"، وجاء هذا اللفظ أيضًا من طريق معمر عند مسلم. قال البخاري: "وعامة الثقات لم يتابع معمرًا على قوله "فصاعدًا"، مع أنه قد أثبت فاتحة الكتاب، وقوله "فصاعدًا" غير معروف، ما أردته حرفا أو أكثر من ذلك (كذا)، إلا أن يكون كقوله: "لا تُقطع اليد إلا في ربع دينار فصاعدا" فقد تُقطع اليد في دينار وفي أكثر من دينار". جزء القراءة (ص: 8). (¬1) أخرجه الدراقطني في السنن (1/ 317) (رقم: 1) من طريق فيض بن إسحاق عن محمَّد بن عبد الله بن عبيد الله بن عمير عن عطاء عن أبي هريرة به. وقال الدارقطني: "محمَّد بن عبد الله بن عبيد الله ضعيف". وأخرجه أيضًا (1/ 320) (رقم: 15) في طريق محمَّد بن عبد الله هذا، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه عن جده. وقال: "محمَّد بن عبد الله بن عبيد الله بن عمير ضعيف". قلت: وهو متروك وتقدّم، والإسنادان لا تقوم بهما حجة. (¬2) في الأصل: "ابن عمر"، وهو خطأ، وجاء على ما هو مثبت في مصادر التخريج، وجاء في بعض الطرق وصفه بأمير المؤمنين، ثم إن يزيد بن شريك معروف بالرواية عن عمر لا عن ابنه عبد الله، ويُقال: إنه أدرك الجاهلية. انظر: تهذيب الكمال (32/ 160)، التقريب (رقم: 7729). (¬3) أخرجه الدارقطني في السنن (1/ 317) (رقم: 2) والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 167) من =

وخَرَّج أبو داود، عن مكحولٍ قال: "اقْرَأ بها سِرًّا فيما جَهَر به الإمامُ إذا قَرَأَ بفاتحة الكتابِ وسكتَ، فإنْ لَم يسكُتْ فاقرَأْ بها قبلَه ومعه وبعدَه، لا تَتْرُكهَا على حالٍ" (¬1). قال الشيخ: والحجَّةُ في قولِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - لاَ في قول مَن سِواه، ومَن انتَهى إلى قولِه وأَمْرِه فقد كَفاه، وإنَّما ذيَّلتُه بقولِ عمرَ (¬2) ومكَحولٍ لأُبيِّنَ أنَّه مُتَلقًى بالعمَلِ والقَبول (¬3). ¬

_ = طريق محمَّد بن عبد الله بن نوفل، عن أبيه، عن حفص بن غياث، عن أبي إسحاق الشيباني، عن إبراهيم بن محمَّد بن المنتشر وجوّاب التيمي، كلاهما عن الحارث بن سويد، عن يزيد بن شريك به. وقال الدارقطني: "رواته ثقات". وأخرجه أيضا (1/ 317) (رقم: 3)، والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 167) من طريق أبي كريب، عن حفص بن غياث، عن الشيباني، عن جوّاب، عن يزيد به. وقال الدارقطني: "هذا إسناد صحيح". وأخرجه البخاري في جزء القراءة (ص: 33)، وعبد الرزاق في المصنف (2/ 131) (رقم: 2776) عن سفيان. وابن المنذر في الأوسط (3/ 109) من طريق هُشيم، كلاهما عن الشيباني، عن جوّاب، عن يزيد به. وكأنَّ لجوّاب شيخان لهذا الأثر، فتارة يرويه عن يزيد مباشرة وتارة يجعل بينه وبين يزيد، الحارث بن سويد. ويُحتمل أن تكون الرواية الأولى التي ذكرها الدارقطني من باب المزيد في متصل الأسانيد في رواية جواب خاصة، وإليه أشار البيهقي بقوله: "والذي يدل عليه سائر الروايات أن جوّابا أخذه عن يزيد بن شريك، وإبراهيم أخذه عن الحارث بن سويد عن يزيد بن شريك". ثم ذكر البيهقي إسنادا أخر لرواية إبراهيم عن أبي عن عباية رجلًا من بني تميم عن عمر بمثله. انظر: السنن الكبرى (2/ 167). وعلى كل فالأثر صحيح رواته ثقات كما قال الدارقطني. (¬1) أخرجه أبو داود في السنن (1/ 516) (رقم: 825) في طريق علي بن سهل الرملي عن الوليد هو ابن مسلم عن ابن جابر وسعيد بن عبد العزيز وعبد الله بن العلاء كلهم عن مكحول به. وسنده ضعيف، الوليد بن مسلم مدلس تدليس التسوية، ولم يصرح بالتحديث، والله أعلم. (¬2) في الأصل: "ابن عمر"، والصحيح المثبت، وتقدّم التنبيه عليه. (¬3) اختلف أهل العلم في قراءهْ فاتحة الكتاب خلف الإمام، واستدل كلُّ فريق بأدلة من الكتاب والسنة. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = قال البغوي: "قد اختلف أهل العلم من الصحابة والتابعين فمَن بعدهم في القراءة خلفَ الإمام، فذهب جماعةٌ إلى إيجابها سواءٌ جهر الإمام أو أسرّ، يُروى ذلك عن عمر وعثمان وعلي وابن عباس ومعاذ وأبيّ بن كعب، وبه قال مكحول، وهو قول الأوزاعي والشافعي وأبي ثور, فإن أمكنه أن يقرأ في سكتة الإمام، وإلا قرأ معه. وذهب قومٌ إلى أنّه يقرأ فيما أسرّ الإمام فيه القراءة، ولا يقرأ فيما جهر، يُقال: هو قول عبد الله بن عمر، يُروى ذلك عن عروة بن الزبير، والقاسم بن محمَّد ونافع بن جببر، وبه قال الزهريّ ومالك وابن المبارك وأحمد وإسحاق، وهو قولٌ للشافعي. وذهب قوم إلى أنه لا يقرأ أحدٌ خلف الإمام سواء أسرّ الإِمام أو جهر، يُروى ذلك عن زيد بن ثابت وجابر، ويُروى عن ابن عمر: "إذا صلى أحدُكم خلف الإمام فحسبه قراءة الإمام"، وبه قال سفيان الثوري وأصحاب الرأي، واحتجوا بحديث أبي هريرة: "ما لي أنازع القرآن"، وذلك محمول عند الأكثرين على أن يجهر على الإمام بحيث ينازعه القراءة". شرح السنة (2/ 223). قلت: وما ذهب إليه المصنف هو مذهب الظاهرية أيضًا كما في المحلى (2/ 268). ولعل أولى الأقوال وأقواهها ما ذهب إليه مالك رحمه الله وغيره إلى أنّ المأموم يقرأ في السرية ويستمع في الجهرية، يدل عليه قوله تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا}، وهو عام، قال القرطبي: "قال النقاش: أجمع أهل التفسير أنّ هذا الاستماع في الصلاة المكتوبة وغير المكتوبة". الجامع لأحكام القرآن (8/ 224)، وانظر: الأوسط لابن المنذر (3/ 104)، والمغني لابن قدامة (2/ 261). قال ابن عبد البر: "في قول الله عزَّ وجلَّ: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} من إجماع أهل العلم أنّ مراد الله من ذلك في الصلوات المكتوبة أوضح الدلائل على أنّ المأموم إذا جهر إمامُه في الصلاة أنه لا يقرأ معه بشيء وأن يستمع له وينصت". التمهيد (11/ 30، 31). ويدل عليه أيضًا قول - صلى الله عليه وسلم -: "إذا قرأ (أي الإمام) فأنصتوا"، ولم يخص الفاتحة من غيرها، والإنصات يكون في الصلاة الجهرية، والحديث عند مسلم في صحيحه (رقم: 404). وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "من كان له إمام فقراءته له قراءة"، وهو حديث حسن. وبمجموع طرقه كما في الإرواء (2/ 268). وفي المذاهب تفاصيل أخر لا يسع المقام لذكرها. انظر في ذلك: المنتقى للباجي (1/ 159)، التمهيد (11/ 27 - 55)، المغني (2/ 259 - 264)، الأوسط لابن المنذر (3/ 101 - 110)، المجموع شرح المهذب (3/ 365)، المحلى (2/ 268 - 273)، الفتح (2/ 283).

462 / حديث: "أقبلتُ مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسمع رجلًا يقرَأُ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] فقال: وَجَبَتْ". في الصلاة، عند آخِرِه. عن عُبيد الله بن عبد الرحمن، عن عُبيد بن حُنين مَولى آل زيد بن الخطاب، عن أبا هريرة (¬1). هكذا قال جمهورُ رواةِ الموطأ في هذا الإسنادِ: عُبيد الله بنُ عبد الرحمن مُصَغرًا (¬2). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: القرآن، باب: ما جاء في قراءة {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} [الإخلاص: 1] و {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ} (1/ 183) (رقم: 18). وأخرجه الترمذي في السنن كتاب: فضائل القرآن، باب: ما جاء في سورة الإخلاص (5/ 154) (رقم: 2897) من طريق إسحاق بن سليمان الرازي. والنسائي في السنن كتاب: الافتتاح، باب: الفضل في قراءة {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} [الإخلاص: 1] (2/ 171) من طريق قتيبة، وفي التفسير أيضًا كما في تحفة الأشراف (10/ 247) من طريق ابن القاسم. وأحمد في المسند (2/ 302، 535، 536) من طريق أبي عامر العقدي، وعثمان بن عمر، ومحمد بن خالد بن عثمة، ستتهم عن مالك به. (¬2) هي رواية يحيى الليثي، وتابعه: - سويد بن سعيد (ص: 116) (رقم: 169)، (وتصحّف فيه حنين إلى حسين). - وأبو مصعب الزهريّ (1/ 100) (رقم: 256)، وابن القاسم (ص: 396) (رقم: 382)، ويحيى بن بكير (ل: 17/ ب -نسخة السليمانية-). وهي رواية قتيبة بن سعيد عند النسائي، وإسحاق بن سليمان الرازي عند الترمذي، ومحمد بن خالد بن عثمة عند أحمد. ويحيى القطان عند الدارقطني في العلل (11/ 68). ومعن بن عيسى، ذكره الدارقطني في العلل (11/ 66). وابن وهب وعبد الله بن يوسف، ذكرهم ابن عبد البر في التمهيد (19/ 215).

وقال فيه بعضُهم: عُبيد، غير مضاف (¬1). وقال طائفةٌ مِنهم: عبد الله (¬2)، فأَوْهَمُوا أن يكونَ أبو طُوالة (¬3). وذكر الدارقطني عن إسماعيل القاضِي (¬4) أنَّه قال: "الصحيحُ إمَّا عبيد وإمّا عُبيد الله، لا عبد الله" (¬5). ¬

_ (¬1) أي عبيد بن عبد الرحمن، ذكره الدارقطني العلل (3/ ل: 203/ أ)، ووقع في المطبوع منه (11/ 68): عبد بن عبد الرحمن، وهو خطأ وتصحيف. (¬2) وهي رواية القعنبي (ص: 143)، ومن طريقه أخرجه اجوهري في مسند الموطأ (ل: 104/ أ)، وتابعه: - أبو عامر العقدي، وعثمان بن عمر عند أحمد. - والشافعي، ذكره الدارقطني في العلل (11/ 68). - ومطرّف، ذكره ابن عبد البر في التمهيد (19/ 215). تنبيه: أخرج الحاكم في المستدرك (1/ 566) الحديث من طريق القعنبي إلا أنه قال فيه: عبيد الله بن عبد الرحمن كرواية الجماعة عن مالك، وتصحف فيه عبيد بن حنين إلى عبيد بن جبير. (¬3) واسمه عبد الله بن عبد الرحمن، وهو شيخ لمالك، روى عنه في الموطأ، وقد تقدّم ذكره في هذا المسند (3/ 475)، فعلى قول من قال في هذا الإسناد: عبد الله مكبَّرًا، يشتبه أن يكون المعنيّ به أبو طوالة، وليس الأمر كذلك، وممّن اشتبه عليه أحمد بن خالد -وهو أحد رواة الموطأ وله مسند الموطأ، وتقدم ذكره (ص: 18) -، قال ابن عبد البر: "وقد غلط في هذا أحمد بن خالد غلطًا بيّنًا، فأدخل الحديث في باب أبي طوالة عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر الأنصاري، وإنَّما دخل عليه الغلط من رواية القعنبي، وقوله فيه: عبد الله، فتوهم أنَّ قول يحيى: عبيد الله غلط، وظنّه أبا طوالة، فليس كما ظن". التمهيد (19/ 215). وانظر: رجال الموطأ (ل: 72/ أ). (¬4) هو إسماعيل بن إسحاق القاضى المالكي، وتقدّم (3/ 73). (¬5) لم أقف عليه. وقال الجوهري: "وهو الصواب إن شاء الله". مسند الموطأ (ل: 104/ أ).

وقال أبو عمر بنُ عبد البر: "هو عُبيد الله بن عبد الرحمن بن السَّائب بن عُمير مدنِيٌّ ثقة" (¬1). وقال أبو الفتح الأزدي: "لَم يروِ عنه غيرُ مالك بن أنس" (¬2). وأمَّا عُبيد بن حُنَين فهو عُبيد مصغَّرًا، غيرُ مضاف، واختُلف في ولاءِه (¬3). وروى ابنُ معين هذا الحديث عن يحيى القطَّان، عن مالك، عن عُبيد الله بن عبد الرحمن، عن ابن أُذَينة، عن أبي هريرة (¬4). وقال الدارقطني: "لا أعرِفُ ابنَ أذينة" (¬5). ¬

_ (¬1) التمهيد (19/ 215). (¬2) لم أقف عليه. وانظر: أسماء شيوخ مالك (ل: 63/ أ). (¬3) قال فيه محمَّد بن إسحاق والزبير بن بكار: "مولى الحكم بن أبي العاصي". التمهيد (19/ 216). وقال مصعب الزبيري: "مولى لبابة ابنة أبي لبابة بن عبد المنذر أم عبد الرحمن بن زيد". تاريخ ابن أبي خيثمة (3/ ل: 105/ أ). وقوله هذا يؤيّد قول مالك أنه مولى لآل زيد بن الخطاب. قال ابن الحذاء: "ولذلك يُنسب أبي ولاء بني زيد بن الخطاب". رجال الموطأ (ل: 74/ ب). وقال البخاري: "مولى زيد بن الخطاب، قاله مالكٍ، عن عبيد الله، قال محمَّد بن جعفر بن أبي كثير، عن عتبة بن مسلم: عن عبيد هو مولى بني زريق. وقال ابن عيينة: مولى آل عباس، ولا يصح". التاريخ الكبير (5/ 446). (¬4) أخرجه الدارقطني في العلل (11/ 68) من طريق محمَّد بن مخلد، عن جعفر بن أبي عثمان الطيالسي، عن يحيى بن معين به. (¬5) العلل -الموضع السابق- وقال أيضًا: "لم يقل أحد منهم عن ابن أذينة غير يحيى من هذه الرواة". قلت: وأذينة: بذال معجمة بعدها ياء ونون. انظر: الإكمال (1/ 48).

463 / حديث: "يُستجاب لأحدِكم ما لَم يَعْجَل فيقول: قد دعوتُ ... ". في الصلاة، عند آخِره. عن ابن شهاب، عن أبي عُبيد مولى ابنِ أزهر، عن أبي هريرة (¬1). اسمُ أبي عُبيد هذا سَعد، وقد تقدَّم ذكرُه في مسند عمر (¬2). * * * ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: القرآن، باب: ما جاء في الدعاء (1/ 187) (رقم: 29). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الدعوات، باب: يُستجاب لأحدكم ما لم يعجل (7/ 198) (رقم: 6340) من طريق عبد الله بن يوسف. ومسلم في صحيحه كتاب: الذكر والدعاء، باب: بيان أنه يُستجاب للداعي ما لم يعجل .. (4/ 2095) (رقم: 2735) من طريق يحيى النيسابوري. وأبو داود في السنن كتاب: الصلاة، باب: الدعاء (2/ 163) (رقم: 1484) من طريق القعنبي. والترمذي في السنن كتاب: الدعوات، باب: ما جاء فيمن يستعجل في دعائه (5/ 433) (رقم: 3387) من طريق معن بن عيسى. وابن ماجه في السنن كتاب: الدعاء، باب: يستحاب لأحدكم ما لم يعجل (2/ 1266) (رقم: 3853) من طريق إسحاق بن سليمان الرازي. وأحمد في المسند (2/ 487) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، وإسحاق الطباع، سبعتهم عن مالك به. (¬2) انظر: (2/ 270)، وفيه ذكر اسمه وولائه.

464 / حديث: "ليس على المسلمِ في عبدِه ولا في فرسِه صدقة". في الزكاة. عن عبد الله بن دينار، عن سُليمان بن يسار، عن عِراك بن مالك، عن أبي هريرة (¬1). في كتاب يحيى بن يحيى: "وعن عِراك"، بواو العطف، وهو غَلَطٌ انفرد به (¬2)، وسائِرُ الرواة يقولون: "سُليمان، عن عراك"، وهو الصواب (¬3). وليس في حديثِ الموطأ ذِكرُ صدقةِ الفِطرِ عن العبيد، وفي بعضِ الطرُقِ عن أبي هريرة مرفوعًا: "ليس في الخيلِ والرَّقيق زكاةٌ، إلاَّ أنَّ زكاةَ الفِطرِ في ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الزكاة، باب: ما جاء في صدقة الرقيق والخيل والعسل (1/ 232) (رقم: 26). وأخرجه مسلم في صحيحه كتاب: الزكاة، باب: لا زكاة على المسلم في عبده وفرسه (2/ 675) (رقم: 982) من طريق يحيى النيسابوري. وأبو داود في السنن كتاب: الزكاة، باب: صدقة الرقيق (2/ 251) (رقم: 1595) من طريق القعنبي. والنسائي في السنن كتاب: الزكاة، باب: زكاة الرقيق (5/ 36) من طريق ابن القاسم، ثلاثتهم عن مالك به. (¬2) الموطأ نسخة المحمودية (أ) (ل: 46/ ب)، و (ب) (ل: 56/ ب). ووقع في المطبوع من غير واو كرواية الجماعة! (¬3) انظر الموطأ برواية: - أبي مصعب الزهريّ (2/ 287) (رقم: 734)، وابن القاسم (ل: 4/ ب)، و (ص: 325) (رقم: 299 - تلخيص القابسي-)، والقعنبي (ل: 55/ أ -نسخة الأزهرية-)، ومحمد بن الحسن (ص: 118) (رقم: 336)، وابن بكير (ل: 12/ أ -نسخة الظاهرية-). وقال ابن عبد البر: "وهذا الحديث أيضا أخطأ فيه يحيى بن يحيى .. وأدخل بين سليمان وعراك بن مالك واوا، فجعل الحديث لعبد الله بن دينار وعراك (كذا، والصواب: عن عراك)، وهو خطأ غير مشكل، وهذان الموضعان مما عُدَّ عليه من غلطه في الموطأ، والحديت محفوظ في الموطآت كلها وغيرها لسليمان بن يسار عن عراك بن مالك، وهما تابعان نظيران، وعِراك أَسَنُّ من سليمان، وسليمان عندهم أفقه، وكلاهما ثقة جليل عالم، وعبد الله بن دينار تَابِعٌ أيضا ثقة". التمهيد (17/ 123).

الرَّقيق". خَرَّجه أبو داود (¬1). ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في السنن (2/ 251) (رقم: 1594)، والبيهقي في السنن الكبرى (4/ 117) من طريق عبيد الله بن عمر عن رجل عن مكحول عن عراك بن مالك عن أبي هريرة به. وهذا سند معلول، لجهالة الرجل. وأخرجه مسلم في صحيحه (2/ 676) (رقم: 982) من طريق ابن وهب عن مخرمة بن بكير عن أبيه عن عراك بن مالك قال: سمعت أبا هريرة يحدّث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ليس في العبد صدقة إلا صدقة الفطر". وأُعل حديث مسلم بالانقطاع بين مخرمة بن بكر وأبيه، وأنه لم يسمع منه، ذكر ذلك ابن القطان في بيان الوهم والإيهام (2/ 372)، (5/ 237). وتقدّم كلام أهل العلم في حديث مخرمة عن أبيه وعدم سماعه منه، وأنَّه كتاب (ص: 316). لكن لهذا الحديث طرق أخرى يتصل بها إسناد الحديث ويصح، منها: - ما أخرجه ابن خزيمة في صحيحه (4/ 29) (رقم: 2288)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (8/ 65) (رقم: 3272)، والطحاوي في شرح المشكل (6/ 28) (رقم: 2254)، والدارقطني في السنن (2/ 127) (رقم: 7)، وقاسم بن أصبغ كما في بيان الوهم والإيهام (5/ 237) من طرق عن سعيد بن أبي مريم عن نافع بن يزيد عن جعفر بن ربيعة عن عراك بن مالك عن أبي هريرة به. وهذا سند رجاله كلهم ثقات. قال ابن القطان: "وليس في الإسناد من يُنظر فيه". - وأخرجه الدارقطني في السنن (2/ 127) (رقم: 5)، والطحاوي في شرح المشكل (6/ 29) (رقم: 2255)، والطبراني في المعجم الأوسط (6/ 232) (رقم: 6270)، والبيهقي في السنن الكبرى (4/ 117) من طريق يحيى بن أبي زائدة عن عبيد الله بن عمر عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة به. ثم رواه البيهقي من طريق عبيد الله بن عمر عن رجل عن مكحول عن عراك -بإسناد أبي داود الذي ذكره المصنف- وقال: "وهذا هو الأصح، وحديثه عن أبي الزناد غير محفوظ، ومكحول لم يسمع من عراك، إنما رواه عن سليمان بن يسار عن عراك". قلت: وله إسناد آخر من طريق عبيد الله بن عمر، أخرجه الطحاوي في شرح المشكل (6/ 29) (رقم: 2259) من طريق عبيد الله بن عمر عن أسامة بن زيد الليثي عن عراك بن مالك به. وأخرجه الطبراني في المعجم الأوسط (6/ 90) (رقم: 5887) من طريق عبد السلام بن مصعب عن موسى بن عقبة عن عراك به. والحديث بهذه الطرق وإخراج مسلم له صحيحٌ ثابت، وصححه ابن القطان في بيان الوهم والإيهام (5/ 237، 238). وهو مخصّص لحديث الباب العام، فالعبد مستثنى منه زكاة الفطر، والله أعلم.

465 / حديث: "خرجنا مع رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - عامَ خيبَر ... ". وذَكَرَ قِصَّةَ مِدْعَم (¬1) بوادِ القُرَى (¬2). فيه: "إنَّ الشَّملةَ التي أخذَ يومَ خيبر مِن الغنَائِم لَم تُصِبْها المقاسمُ لتَشْتَعِلُ عليه نارًا". وقولُه في الشِّراكِ. في باب: الغُلول. عن ثَور بن زَيد الدِّيلي، عن أبي الغيثِ سالم مَولى ابنِ مُطيع، عن أبي هريرة (¬3). قال الشيخ: "خيبر" مذكورةٌ في موضِعَين من هذا الحديثِ، وتصحَّفَ ليحيى بن يحيى في كلا الموضِعَين بـ "حُنين" بنونين (¬4)، وأصلحَه ¬

_ (¬1) في الأصل: "مِذْعم" بالذال المعجمة، وفي الموطأ ومصادر التخريج: مِدْعَم، بكسر الميم وسكون المهملة وفتح العين المهملة، وكذا ضبطه ابن حجر في الفتح (7/ 559). (¬2) واد بين المدينة والشام، فيه قرى كثيرة، وبه سمي واد القرى. وهو بين المدينة وتبوك، وأعظم مدنه مدينة العُلا شمال المدينة، على مسافة (350) كيلًا، ويُعرف اليوم وادي العلا. انظر: معجم البلدان (4/ 338)، (5/ 345)، المعالم الأثيرة لشرّاب (ص: 224). (¬3) الموطأ كتاب: الجهاد، باب: ما جاء في الغلول (2/ 366) (رقم: 25). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: المغازي، باب: غزوة خيبر (6/ 97) (رقم: 4234) من طريق أبي إسحاق الفزاري، وفي الأيمان والنذور، باب: هل يدخل في الأيمان والنذور الأرضُ والغنم والزروع والأمتعة (7/ 300) (رقم: 6707) من طريق إسماعيل بن أبي أويس. ومسلم في صحيحه كتاب: الأيمان، باب: غلظ تحريم الغلول .. (1/ 108) (رقم: 115) من طريق عبد الله بن وهب، وزاد في تحفة الأشراف (9/ 459) إسحاق بن عيسى الطباع، والقعنبي. وأبو داود في السنن كتاب: الجهاد، باب: في تعظيم الغلول (3/ 155) (رقم: 2711) من طريق القعنبي. والنسائي في السنن الكبرى كتاب: السير، باب: الغلول (5/ 232) (رقم: 8763) من طريق ابن القاسم، ستتهم عن مالك به. (¬4) انظر: الموطأ نسخة المحمودية (أ) (ل: 58/ ب) وفي هامشها: "خيبر لابن وضاح". ونسخة (ب) (ل: 86/ ب) والتصحيح في هامشها، وفي نسخة شستربتي (ل: 29/ ب) صُححت في =

ابنُ وضاح فَرَدَّ (خيبر) بالراء والخاء المعجمةِ كما عند سائِرِ الرواة (¬1). وهكذا خُرّج في الصحيحين من طريق مالك وهو الصوابُ (¬2)؛ لأنَّ فتحَ وادٍ القرى كان إِثرَ خيبر (¬3)، وكانت غزوةُ حُنين بعدها بنحوِ العشرين شهرًا (¬4). وقال أبو هريرة في هذا الحديث: "خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -"، وهو لمَ يُدرِك الخروج إلى خيبر. وقال الدارقطني: "قولُه: "خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -" وَهَمٌ، قال: وقد خالفَ محمدُ بن إسحاق لفظَ مالكٍ فيه" (¬5). ¬

_ = الموضع الأول وتُركت في الثاني، وفي هامشها: "رواية ع عن أبيه (أي عبيد الله عن أبيه يحيى) حُنين، وأمرض (أي ابن وضاح) بردِّه خيبر، وقال: رواه ابن القاسم ومطرف وعلي بن زياد خيبر، قال: وكل موضع في كتاب الجهاد قال فيه حنين قال فيه غيره خيبر، هكذا قال ض، قال أبو عمر: ليس كما قال ض". (¬1) هو في المطبوع من رواية يحيى على ما أصلحه ابن وضاح، وانظر الموطأ برواية: - أبي مصعب الزهريّ (1/ 361، 362) (رقم: 927)، وابن القاسم (ص: 196) (رقم: 141)، وابن بكير (ل: 37/ أ، ب -نسخة الظاهرية-)، وابن وهب، كما في الجمع بين روايته ورواية ابن القاسم (ل: 20/ أ). وانظر: أخبار الفقهاء والمحدثين للخشني (ص: 352). (¬2) تقدّم تخريجه. (¬3) كانت غزوة خيبر سنة سبع من الهجرة، وغزوة واد القرى بعد انصراف الرسول - صلى الله عليه وسلم - من خيبر. انظر: تاريخ الطبري (2/ 9، 16)، البداية والنهاية (4/ 212، 218). (¬4) كان الخروج إلى حنين في شهر شوال من السنة الثامنة للهجرة بعد فتح مكة المكرّمة. انظر: سيرة ابن هشام (2/ 437)، تاريخ الطبري (2/ 70)، البداية والنهاية (4/ 322). (¬5) الأحاديث التي خولف فيها مالك (ص: 154). ونص كلامه: "وهذا وهم؛ لأن أبا هريرة لم يشهد خيبرا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يكن أسلم، وإنما قدم =

وقال أبو إسحاق إبراهيمِ بن محمّد الفَزاري عن مالك بإسناده هذا عن أبي هريرة: "افتتحنا خيبر". خرَّجه البخاري عنه في غزوة خيبر (¬1). ¬

_ = مسلما بعد فتح خيبر إلى المدينة وسِباع بن عُرفطة بالمدينة يصلي بالناس، فصلَّى معه ثم خرج فتلقى النبي - صلى الله عليه وسلم - قافلًا من خيبر. قال ذلك مالك بن مالك عن أبي هريرة وهو الصواب. وروى هذا الحديث ابن إسحاق عن ثور بن زيد عن أبي الغيث عن أبي هريرة، فخالف لفظ مالك فيه". قلت: لم ينفرد مالك بهذا المتن، بل تابعه عبد العزيز بن محمَّد الدراوردي، أخرجه من طريقه مسلم في صحيحه (1/ 108) (رقم: 115) بإسناد مالك ومتنه. وأما رواية محمَّد بن إسحاق، فأخرجها إسحاق بن راهويه في مسنده (1/ 458) (رقم: 533) عن جرير بن عبد الحميد عنه به، ولفظه: أهدى رفاعة بن زيد الجزامي (كذا والصواب الجذامي) غلامًا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فخرج معه إلى خيبر، فلما انصرف النبي - صلى الله عليه وسلم - من خيبر نزل ناحية الوادي عشية من العصر والمغرب ... الحديث. ولم يذكر ابن إسحاق في حديثه هذا أنّه خرج مع النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى خيبر ولا افتتحها معه. قال ابن حجر: "كأن محمَّد بن إسحاق صاحب المغازي استشعر بوهم ثور بن زيد في هذه اللفظة فروى الحديث عنه بدونها، أخرجه ابن حبان والحاكم وابن منده من طريقه بلفظ: "انصرفنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى وادي القرى". قلت: الحديث عند ابن حبان في صحيحه (الإحسان) (11/ 189) (رقم: 4852) من طريق محمَّد بن إسحاق عن يزيد بن خُصيفة (لا عن ثور) عن سالم مولى أبي مطيع. وكذلك أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (6/ 526) (رقم: 33537). وهو عند الحاكم في المستدرك (3/ 40) عن محمَّد بن إسحاق قال حدّثني ثور بن يزيد عن سالم أبي مطيع به، وفيه: "انصرفنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن خيبر إلى واد القرى ... ". قلت: ورواية ابن راهويه في مسنده أصرح من هذه الروايات فلم يعز فيها الفعل إلا للنبي - صلى الله عليه وسلم -. وكلام الدارقطني يوحي أنَّ الخطأ والوهم في هذا من مالك، وقد تقدّم أنَّ مالكًا توبع على متنه، وحكى أبو مسعود الدمشقي عن الدارقطني عن موسى بن هارون أن الوهم في الحديث من ثور بن يزيد. انظر: الأجوبة عمّا أشكل الدارقطني على صحيح مسلم (ص: 187). وسيأتي أنَّ المتن صحيح، ويأوّل قوله: "خرجنا" أي خرج المسلمون. (¬1) تقدّم تخريجه.

وفي هذا أيضًا نظر؛ لأنَّ أبا هريرة لَم يَشهدْ فتحَ خيبر، وإنَّما قدِمَ المدينةَ مهاجرًا والنبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بخيبر فخرجَ إليه ووَصَلَ بعد فتحِها، هكذا روى عَنبسةُ، عنه قال: "أتيتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو بخيبر بعدما افتتحوها فقلت: اسهِم لي". خرّجه البخاري في الجهاد (¬1)، وانظر القصَّةَ في المغازي (¬2). ¬

_ (¬1) الصحيح كتاب: الجهاد، باب: الكافر يقتل المسلمَ، ثم يسلم فيسدّد بعد ويقتل (3/ 286) (رقم: 2827)، وعنبسة هو ابن سعيد بن العاص الأموي. (¬2) الصحيح، كتاب: المغازي، باب: غزوة خيبر (5/ 98) (رقم: 4237 - 4241). ويمكن حمل قوله: "خرجنا"، "افتتحنا"، أنَّ المراد بذلك المسلمون، وقد أشار ابن حجر إلى هذا فقال: "ورواية أبي إسحاق الفزاري التي في هذا الباب تسلم من هذا الاعتراض بأن يحمل قوله: "افتتحنا"، أي المسلمون وقد تقدم نظير ذلك قريبا، وروى البيهقي في الدلائل [4/ 270، وفي سنده الواقدي وهو متروك] من وجه آخر عن أبي هريرة قال: "خرجنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - من خيبر إلى واد القرى"، فلعل هذا أصل الحديث". الفتح (7/ 558). وقال في النكت الظراف (9/ 458: "ولعل المراد من قوله: خرجنا إلى خيبر، خرجنا من خيبر". واعتذر أبو مسعود الدمشقي للبخاري ومسلم في إخراجهما هذا الحديث من طريق مالك أنّهما أرادا من الحديث نفسه قصة مِدعم في غلول الشملة التي لم تصبها القاسم، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنها لتشتعل عليه نارًا"، قال: "ولا يشك أحد من أهل العلم أنَّ أبا هريرة كان قد شهد قسم النبي - صلى الله عليه وسلم - غنائم خيبر ... فإن كان ثورٌ وهم في قوله: خرجنا؛ فإنَّ القصة المرادة من نفس الحديث صحيحة". الأجوبة عما أشكل الدارقطني على صحيح مسلم (ص: 189 - 190). قلت: والأولى في هذا أن يُحمل قوله "خرجنا"، و "افتتحنا"، أي خرج المسلمون وافتتح المسلمون، وهذا سائغ ومستعمل عند السلف، وقد تقدّم نظير ذلك، والأمثلة في ذلك. انظر: (2/ 509)، وهذا أولى من تخطئة مثل الإمام مالك، أو ثور بن زيد، والله أعلم.

466 / حديث: "أَكْل كلِّ ذي نابٍ من السِّباع حرامٌ". في الصَّيد. عن إسماعيل بن أبي حَكيم، عن عَبِيدة بن سفيان الحَضرمي، عن أبي هريرة (¬1). لَم يختَلِف الرواةُ في هذا المتن، وتقدَّم الخلافُ في حديث أبِي ثَعلبة، انظره في مسندِه (¬2). وعَبِيدَة هذا، بكسرِ الباء وفتح العَين (¬3). * * * ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الصيد، باب: تحريم أكل ناب من السباع (2/ 396) (رقم: 14). وأخرجه مسلم في صحيحه كتاب: الصيد والذبائح، باب: تحريم أكل كل ذي ناب من السباع .. (3/ 1534) (رقم: 1933) من طريق عبد الرحمن بن مهدي وعبد الله بن وهب. والنسائي في السنن كتاب: الصيد والذبائح، باب: تحريم أكل السباع (7/ 200) من طريق عبد الرحمن بن مهدي. وابن ماجه في السنن كتاب: الصيد، باب: أكل كل ذي ناب من السباع (2/ 1077) (رقم: 3233) من طريق معاوية بن هشام وعبد الرحمن بن مهدي. وأحمد في المسند (2/ 236) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، ثلاثتهم عن مالك به. (¬2) تقدّم حديثه (3/ 156). (¬3) المؤتلف والمختلف للدارقطني (2/ 1508)، الإكمال (6/ 48)، توضيح المشتبه (6/ 130).

467 / حديث: "أيُّما رَجلٍ أَفْلَسَ فأدركَ الرجلُ مالَه بعينه فهو أحقُّ به مِن غيره". في البيوع عند آخره، بسنَدَين. أحدُهما: عن يحيى بن سعيد، عن أبي بكر بن محمَّد بن حزم، عن عمر بن عبد العزيز، عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث، عن أبي هريرة (¬1). وهذا مسنَدٌ. والثاني -وهو المقدَّم في الموطأ-: عن ابن شهاب، عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث رَفَعَه (¬2). وهذا مرسلٌ في الموطأ، ليس فيه ذكرُ أبي هريرة، ومتنُهُ أَوْعَبُ. قال فيه: "أيُّما رجلٍ باع متاعًا فأفلَسَ الذي ابتاعَه منه، ولم يَقبض الذي باعَه مِن ثمنِه شيئًا". وزاد فيه: "وإن مات الذي ابتاعَه فصاحبُ المتاع فيه أُسْوَة الغُرمَاء". وأسنَدَ هذا عبد الرزاق عن مالك، فزاد فيه: عن أبي هريرة (¬3). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: البيوع، باب: ما جاء في إفلاس الغريم (2/ 523) (رقم: 88). وأخرجه أبو داود في السنن كتاب: البيوع، باب: في الرجل يفلس فيجد الرجلُ متاعه بعينه عنده (3/ 789) (رقم: 3519) من طريق القعنبي عن مالك به. (¬2) الموطأ (2/ 522) (رقم: 86). وأخرجه أبو داود في السنن (3/ 791) (رقم: 3520) من طريق القعنبي عن مالك به. وسيأتي ذكره فما مرسل أبي بكر بن عبد الرحمن (5/ 276). (¬3) اختلف على عبد الرزاق في وصله وإرساله، فوصله عنه جماعة، وأرسله آخرون، فممن وصله: - عبد الرحمن بن بشر بن الحكم، أخرجه من طريقه الطحاوي في شرح المشكل (12/ 18) (رقم: 4606). =

وخَرَّجه ابنُ الجارود من طريق موسى بن عُقبة ومحمد الزُبَيدي، عن الزهريّ، عن أبي بكر، عن أبي هريرة مسندًا. ¬

_ = - عبد الله بن بركة الصنعاني، أخرجه من طريقه ابن عبد البر في التمهيد (8/ 407)، وقال: - وكذلك رواه محمَّد بن علي. - وإسحاق بن إبراهيم بن جوي (كذا والصواب جُوْتِي كما في توضيح المشتبه 2/ 547) الصنعانيان عن عبد الرزاق عن مالك بهذا الإسناد، مسندا عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. - عباس بن يزيد البحراني، ذكره الدارقطني في العلل (11/ 168). وخالفهم جماعة، فرووه عن عبد الرزاق عن مالك به مرسلا، كرواية أصحاب الموطَّأ، منهم: - إسحاق بن إبراهيم الدبري، -وهو راوية المصنف لعبد الرزاق- وحديثه في المصنف (26418) (رقم: 15158)، ووقع في التمهيد (8/ 406): البيري بدل الدبري، وهو تصحيف. - محمَّد بن يوسف الحذامي، أخرجه من طريقه ابن عبد البر في التمهيد (8/ 406). ومحمد بن يوسف هذا لم أعرفه، وأظنه تصحف الحذامي من الزبيدي، ومحمد بن يوسف الزبيدي أبو حمة معروف بالرواية عن عبد الرزاق، والله أعلم. - محمَّد بن يحيى الذهلي، ذكره الدارقطني في العلل (11/ 119). وتابع عبد الرزاق -على رواية الوصل-: اثنان، أحمد بن موسى، وأحمد بن أبي حبيبة، ذكرهما الدارقطني، ثم قال: "وإنما هو في الموطأ مرسل". التمهيد (8/ 406). قلت: أحمد بن موسى هذا قال عنه الخطيب البغدادي: "مجهول". الرواة عن مالك -مختصر العطار- (ل: 1/ ب). وانظر: اللسان (1/ 315). وأحمد بن أبي حبيبة لا أدري من هو، ولم يذكره الخطيب في الرواة عن مالك، ولا رشيد الدين في الاستدراك عليه، والله أعلم. والصحيح عن مالك ما رواه أصحاب الموطأ، انظر الموطأ برواية: - أبي مصعب (2/ 387) (رقم: 2686)، وسويد بن سعيد (ص: 255) (رقم: 553)، وابن القاسم (ل: 21/ أ)، وابن بكير (ل: 111/ ب -نسخة الظاهرية-). - والقعنبي عند أبي داود كما تقدّم. - وعبد الرزاق -في رواية عنه- وتقدّمت. - وعبد الله بن وهب، عند الطحاوي في شرح المشكل (12/ 17) (رقم: 4605)، وشرح المعاني (4/ 166). - والإمام الشافعي، عند البيهقي في السنن الكبرى (6/ 46).

وذَكَرَ عن محمَّد بن يحيى الذُّهلي أنَّه قال: "رواه مالكٌ وصالح بنُ كيسان ويونس، عن الزهريّ، عن أبي بكر مطلقًا، يعني مرسلًا. قال: وَهُمْ أَوْلَى بالحديث". قال أبو محمَّد (¬1): "يعني مِن طريق الزهريّ" (¬2). ¬

_ (¬1) هو ابن الجارود. (¬2) انظر: المنتقى (2/ 202 - 204) (رقم: 631 - 633). وطريق موسى بن عقبة: أخرجه أيضًا ابن ماجه لب السنن كتاب: الأحكام، باب: من وجد متاعه عند رجل بعينه قد أفلس (2/ 790) (رقم: 2359)، والدارقطني في السنن (3/ 30) (رقم: 109) و (4/ 230) (رقم: 93)، والطحاوي في شرح المشكل (12/ 19) (رقم: 4607)، والعقيلي في الضعفاء (1/ 89)، والبيهقي في السنن الكبرى (6/ 47)، وابن عبد البر في التمهيد (8/ 407)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (5/ 381) كلهم من طريق إسماعيل بن عياش عن موسى بن عقبة به. وطريق محمَّد بن الوليد الزُبيدي: أخرجه أبو داود في السنن (3/ 792) (رقم: 3522)، والدارقطني في السنن (3/ 30) (رقم: 111)، (4/ 230) (رقم: 94)، والطحاوي في شرح المشكل (12/ 19) (رقم: 4608)، والبيهقي في السنن الكبرى (6/ 47) كلهم من طريق إسماعيل بن عياش عن الزبيدي به. وخولف إسماعيل بن عياش في روايته عن الزبيدي، فرواه اليمان بن عدي عن الزبيدي عن الزهريّ، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، جعل بدل أبي بكر أبا سلمة. أخرجه من طريقه ابن ماجه في السنن (2/ 791) (رقم: 2361)، والدارقطني في السنن (3/ 30) (رقم: 111)، والطبراني في المعجم الأوسط (8/ 155) (رقم: 8254)، وفي مسند الشاميين (3/ 27) (رقم: 1737)، وابن عبد البر في التمهيد (8/ 409). واليمان بن عدي قال عنه الحافظ ابن حجر: "ليّن الحديث". التقريب (رقم: 7853). وسأل ابن أبي حاتم أباه وأبا زرعة عن حديث اليمان هذا فقالا: "هذا خطأ، قال أبو زرعة: رواه إسماعيل بن عياش عن الزبيدي وموسى بن عقبة عن الزهريّ عن أبي بكر بن عبد الرحمن عن أبي هريرة". علل الحديث (1/ 388). وقال الدارقطني في الموضع الثاني من السنن: "خالفه إسماعيل بن عياش عن الزبيدي وموسى بن عقبة، واليمان بن عدي وإسماعيل بن عياش ضعيفان". وقال البيهقي: "اليمان بن عدي ضعيف". =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وقال ابن عبد البر: "وهو خطأ، وإنما يُحفظ عن الزهريّ عن أبي بكر بن عبد الرحمن، لا عن أبي سلمة". قلت: فإذا رجع الحديث لإسماعيل بن عياش فهو معل بمخالفة مالك وغيره عن الزهريّ (خاصة) عن أبي بكر مرسلا، كما ذكر محمَّد بن يحيى الذهلي فيما نقله عنه ابن الجارود. وأشار إلى ذلك العقيلي فقال بعد إخراج رواية إسماعيل: "رواه مالك ويونس بن كيسان عن الزهريّ، عن أبي بكر بن عبد الرحمن عن النبي عليه السلام نحوه مرسلًا". الضعفاء (1/ 89). ووجدت متابعًا لإسماعيل بن عياش، وهو الإمام شعبة، لكن في الإسناد إليه نظر. أخرجه ابن النجار في ذيل تاريخ بغداد (16/ 198) من طريق أبي قرصافة محمَّد بن عبد الوهاب العسقلاني، عن يحيى بن آدم، عن شعبة، به. ومحمد بن عبد الوهاب ذكره الذهبي في المقتنى في سرد الكنى (2/ 23)، ولم يذكر فيه شيئًا. والصواب أن إسماعيل انفرد بهذه الرواية, وخولف في ذلك، فرواه مالك كما تقدّم مرسلًا، وتابعه على الإرسال: 1 - يونس بن يزيد، أخرجه من طريقه أبو داود في السنن (3/ 792) (رقم: 3521)، والطحاوي في شرح المعاني (4/ 165). 2 - صالح بن كيسان، ذكره الذهلي كما تقدّم، وابغ عبد البر في التمهيد (8/ 406). 3 - معمر بن راشد، ذكره ابن عبد البر في التمهيد (8/ 406). ورجّح العلماء حديث مالك ومن تابعه، وتقدّم قول الذهلي، وأن هؤلاء هم المقدّمون في الزهريّ. وقال أبو داود: "وحديث مالك أصلح"، كذا في السنن (3/ 793)، وفي تحفة الأشراف (10/ 428): أصح. وقال أبو حاتم وأبو زرعة: "الصحيح عندنا من حديث أبي بكر بن عبد الرحمن عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسل". علل الحديث (1/ 389). قلمت: ولعل الخطأ في حديث الزبيدي وموسى بن عقبة من إسماعيل بن عيش، ومدار الإسنادين عليه، فأما روايته عن موسى بن عقبة فهي ضعيفة؛ لأن موسى بن عقبة حجازي، وإذا روى إسماعيل عن غير الشاميين ضعّف. قال ابن حجر: "صدوق في روايته عن أهل بلده، مخلّط في غيرهم". التقريب (رقم: 473). وأما روايته عن الزبيدي فهي من باب روايته عن أهل بلده، لكن إسماعيل لم يكن بذاك المثبت الثقة الذي يُقبل تفرّده، لذا قال فيه ابن حجر صدوق في روايته عن أهل بلده، وقد أشار الدارقطني إلى إعلال الحديث به فقال: "إسماعيل بن عياش مضطرب الحديث، ولا يثبت هذا عن الزهريّ مسندا، إنما هو مرسل". السنن (3/ 30). =

وخُرِّج في الصحيحين من طريق يحيى بن سعيد بإسنادِه المتقدِّم، كحديث مالك عنه مختصرًا ليس فيه لفظُ البيع (¬1)، وزاد (¬2) ابنُ أبي حسين، عن أبي بكر بن حزم، عن عمر بالإسنادِ المذكور، خَرَّجه النسائي (¬3). ¬

_ = وإلزاق الوهم به أولى من إلزاقه بمثل محمَّد بن الوليد الزبيدي وموسى بن عقبة، وقد سئل يحيى بن معين عن أثبت الناس في الزهريّ - فقال: "مالك بن أنس ثم معمر ثم عُقيل ثم يونس ثم شعيب، والأوزاعي والزبيدي، وسفيان بن عيينة، وكل هؤلاء ثقات. قلت (ابن الجنيد) ليحيى: أيما أثبت سفيان أو الأوزاعي؟ فقال: سفيان ليس به بأس، والأوزاعي أثبت منه، والزبيدي أثبت منه -يعني من سفيان بن عيينة-". السؤالات (رقم: 147). وقال أبو عبيد الآجري عن أبي داود: قال الأوزاعي: "لم يكن في أصحاب الزهريّ أثبت من الزبيدي. قال أبو داود: وليس في حديثه خطأ". تهذيب الكمال (26/ 590). وقال الجوزجاني: "إذا صحّت الرواية عن الزبيدي فهو من أثبت الناس فيه". شرح العلل (2/ 674). وأما موسى بن عقبة فلم تصح رواية إسماعيل بن عياش عنه فإنها من روايته عن أهل الحجاز كما تقدّم، وموسى بن عقبة قال عنه يحيى بن معين: "كتاب موسى بن عقبة عن الزهريّ من أصح هذه الكتب". تهذيب الكمال (29/ 120). وقال الإمام أحمد: "موسى بن عقبة ما أراه سمع من ابن شهاب، إنما هو كتاب نظر فيه". شرح العلل (2/ 675). كذا قال الإمام أحمد، وأما البخاري فروى عنه عن الزهريّ في صحيحه كما في الحديث (رقم: 2537)، وشرط البخاري معروف في إثبات اللقاء والسماع. والحاصل أن الصحيح من حديث الزهريّ خاصة الإرسال، والحديث يصح من طريق يحيى بن سعيد الأنصاري موصولا كما رواه مالك وغيره. (¬1) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الاستقراض، باب: إذا وجد ماله عند مفلس في البيع والقرض والوديعة فهو أحق به (3/ 121) (رقم: 2402) من طريق زهير بن حرب. ومسلم في صحيحه كتاب: المساقاة، باب: من أدرك ما باعه عند المشتري وقد أفلس فله الرجوع (3/ 1193) (رقم: 1559) من طريق زهير بن حرب، والليث بن سعد، وحماد بن زيد، وسفيان بن عيينة، وعبد الوهاب الثقفي، ويحيى بن سعيد القطان، وحفص بن غياث، كل هؤلاء عن يحيى بن سعيد الأنصاري به. (¬2) كذا في الأصل، ولعله: زاده. أي زاد لفظ البيع في الحديث. (¬3) أخرجه النسائي في السنن كتاب: البيوع، باب: الرجل يبتاع البيع فيفلس ويوجد المتاع بعينه (7/ 312). =

وفي حديث الزهريِّ الفَرقُ بين حكمِ الموتِ والفَلْسِ (¬1)، وقال فيه عُمر ¬

_ = وابن أبي الحسين اسمه: عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين النوفلي، والحديث في صحيح مسلم (3/ 1193، 1194) (رقم: 1559) بإسناده ومتنه، وقال فيه: "عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الرجل الذي يعدم، إذا وجد عنده المتاع ولم يفرقه أنه لصاحبه الذي باعه". وهذا يشهد لحديث مالك المرسل، وفيه ذكر البيع. وفي هذا ردّ على مذهب الحنفية المؤوِّلين لحديث الباب على ما إذا كان المتاعُ وديعةً أو لقطة أو عارية، لا بيعا؛ لأن السلعة صارت بالبيع ملكا للمشتري، فالمال الباع يكون في حالة الإفلاس بين البائع وسائر الغرماء سواء، ولا يحق له أخذه دونهم. انظر: شرح الهداية (10/ 147 - 149)، شرح معاني الآثار (4/ 164، 165)، الفتح (4/ 78). قال ابن عبد البر: "وهو مما يُعدّ عليهم من السنن التي ردّوها بغير سنة، صاروا إليها وأدخلوا النظر حيث لا مدخل له فيه، ولا مدخل للنظر مع صحيح الأثر". انظر: التمهيد (8/ 411). فائدة: كان الطحاوي من جملة من يقول بمذهب الحنفية في هذه المسألة، ثم تبيّن له صحة حديث مالك عنده (وهو مرسل عند علماء الحديث، لكن يشهد له حديث مسلم المتقدم) فرجع إلى قول الجمهور وترك قول الأحناف، فقال رحمه الله: "وقد كنا نقول في هذا الحديث: إن قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيه: "فوجد رجل ماله بعينه" أن ذلك قد يُحتمل أن يكون أريد به الودائع والعواري وأشباههما، التي مِلك واجدها قائمٌ فيها، ليست الأشياء المبيعات التي ليست لواجدها حينئذ، وإنما هي أشياء قد كانت له فزال ملكه عنها، كما يقول أبو حنيفة وأصحابه في ذلك، وقد كان بعض الناس ممن يذهب في ذلك مذهب مالك ومن تابعه على قوله في ذلك يحتج علينا في ذلك -ثم أورد حديث مالك المرسل ثم قال-: وكنا لا نرىَ ذلك حجة علينا في خلافنا إياه الذي ذكرنا؛ لانقطاع هذا الحديث حتى - ثم ذكر طريق عبد الرزاق عن مالك الموصولة، ثم قال -: فقويَ بذلك هذا الحديث في قلوبنا لما اتصل لنا إسناده عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما قد ذكرنا- ثم ذكر حديث إسماعيل بن عياش من روايته عن أهل الحجاز، وروايته عن أهل بلده فقبلها ثم قال-: فلم يسع عندنا خلاف هذا الحديث لمن بلغه، ووقف عليه من هذه الوجوه القبولة خلافه، ورجعنا في هذه العاني الروية فيه إلى ما كان مالك يقوله فيها، وعَذَرْنا من خالفها في خلافه إياها إنما كان ذلك منه؛ لأنها لم تتصل به هذا الاتصال، ولو اتصلت به هذا الاتصال، وقامت عنده كمثل ما قامت عندنا لما خالفها, ولرجع إليها وقال بها، كما قد رأيناه فعل في أمثالها". انظر: شرح مشكل الآثار (12/ 17 - 20). (¬1) أي أن الرجل أحق بسلعته من الغرماء في حالة حياة المفلس، أما إن مات فهو إسوة الغرماء، =

ابن خَلْدة، عنِ أبي هريرة: "مَن أفلَسَ أو مات فوَجَدَ رجلٌ متاعَه بعينِه فهو أحَقُّ به". خَرَّجه أبو داود في التفرد (¬1). ¬

_ = فيستوي واجد عين ماله مع الغرماء، وهذا التفريق في حديث الزهريّ المرسل خاصة، أما في حديث يحيى بن سعيد الأنصاري فلم يتطرّق لذكر الموت أصلا. وهذا قول الجمهور، واحتجوا بحديث الزهريّ المرسل (وهو عند بعضهم مسند متصل)، واحتجوا أيضا بالقياس، فقالوا: إن بينهما فرقا، وذلك أن المفلس يمكن أن تطرأَ له ذمة، وليس البيت كذلك. انظر: المدونة (4/ 122)، التمهيد (8/ 415)، المغني (6/ 589). وخالفهم الشافعي، فلم ير فرقا بين حكم الموت والحياة، فجعل صاحب السلعة أحق بها من الغرماء سواء مات المفلس أو لا، واحتج بحديث عمر بن خلدة عن أبي هريرة، وفيه التسوية بين حكم الحياة والموت كما سيأتي. انظر: الأم (3/ 229)، معرفة السنن والآثار (4/ 452)، فتح الباري (4/ 79). (¬1) وهو في السنن (3/ 793) (رقم: 3523). وأخرجه ابن ماجه في السنن (2/ 790) (رقم: 2360)، والشافعي في الأم (3/ 228)، والطيالسي في المسند (ص: 313)، وابن الجارود في المنتقى (2/ 204) (رقم: 634)، والدارقطني في السنن (3/ 29) (رقم: 106، 107)، وفي المؤتلف والمختلف (2/ 884)، والطحاوي في شرح المشكل (12/ 21) (رقم: 4609)، والحاكم في المستدرك (2/ 50)، والبيهقي في السنن الكبرى (6/ 46) وفي معرفة السنن (4/ 450) (رقم: 3636)، والبغوي في شرح السنة (4/ 341) (رقم: 2127)، والمزي في تهذيب الكمال (21/ 329) من طرق عن محمَّد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب قال: حدّثني أبو المعتمر عمرو بن رافع عن عمر بن خلدة الزرقي عن أبي هريرة به. وقال الحاكم: "عال صحيح الإسناد". ووافقه الذهبي. وقال ابن حجر: "حديث حسن يُحتج بمثله". الفتح (4/ 79). قلت: وسنده ضعيف، فيه أبو المعتمر بن عمرو بن رافع قال عنه الذهبي نفسه في الميزان (6/ 249): "لا يُعرف". وقال في الكاشف (3/ 335): "وُثِّق". وهذا إشارة إلى ذكر ابن حبان له في الثقات كما سيأتي. =

والحديث في الموطأ معدودٌ بحديثَين؛ لاختلافِ سندِه ومساقِه (¬1). * * * ¬

_ = وقال في عمر بن خلدة: "لا يكاد يُعرف". الميزان (4/ 112). قلت: أما عمر بن خلدة ويقال عمر بن عبد الرحمن بن خلدة الزرقي المدني القاضي فمعروف. وثّقه النسائي وعمرو بن علي الفلاس. انظر: تهذيب التهذيب (7/ 389). لذا قال الحافظ ابن حجر في التقريب (رقم: 4890): "ثقة". وأما أبو المعتمر فذكره ابن حبان في الثقات (7/ 663)، ولم يرو عنه إلا ابن أبي ذئب. وقال الحافظ: "مجهول الحال". التقريب (رقم: 8378). قلت: ومثله الأقرب فيه أن يكون مجهول العين لا الحال، والله أعلم. فالحديث ضعيف، ولا حجة فيه للشافعي. وقال الطحاوي: "وهذا الحديث إنما رجع إلى أبي المعتمر الذي لا يُعرف ولا يُدرى من هو، ولا سمعنا له ذكرا إلا في هذا الحديث، ومن هذا سبيلُه فليس ممن يجوز أن يُحتج به في هذا المعنى، مع أنه لو كان ثابتا لكان حديث الزهريّ عن أبي بكر عن أبي هريرة أولى منه؛ لأنه قد روته الأئمة الذين تقوم الحجة برواياتهم، والذين لا يجب أن يعارض ما رووا بمثل ما روى أبو المعتمر الذي لا يُعرف ولا يُدرى من هو، ولو تدبر حديث أبي المعتمر لوقف على أنه لا حجة فيه؛ لأن فيه: "أيما رجل أفلس أو مات"، فقد يحتمل أن يكون ذلك على الشك، فيعود الحديث إلى أن لا يُدرى ما فيه مما ذكر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - هل هو في التفليس أو في الموت، وما وجدنا أحدا من أهل العلم أخذ بكل ما في هذا الحديث إلا مالك بن أنس، فأما من سواه فقد ذكرنا أقوالهم في هذا الباب، ونسأل الله التوفيق". شرح مشكل الآثار (12/ 22, 23). (¬1) وسيأتي ذكر حديث الزهريّ في مرسل أبي بكر بن عبد الرحمن (5/ 276).

468 / حديث: "ليس يَبقَى بعدي مِن النبوَّةِ إلَّا الرؤيا الصالحة". وفيه: السؤالُ عن الرؤيا بعد صلاةِ الغداة. في الجامع. عن إسحاق بن عبد الله، عن زُفر بن صَعْصَعَة بن مالك، عن أبيه، عن أبي هريرة (¬1). جَوَّده يحيى بنُ يحيى، وتابعه الأكثرُ (¬2)، ومِن رواةِ الموطأ مَن قَطَعَه فلم يقلْ فيه: عن أبيه، فالساقِط منه صَعصَعة (¬3). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الرؤيا، باب: ما جاء في الرؤيا (2/ 728) (رقم: 2). وأخرجه أبو داود في السنن كتاب: الأدب، باب: ما جاء في الرؤيا (5/ 280) (رقم: 5017) من طريق القعنبي. وأحمد في المسند (2/ 325) من طريق روح بن عبادة، وأبي المنذر وهو إسماعيل بن عمر الواسطي، ثلاثتهم عن مالك به. (¬2) تابع يحيى على إسناده: - سويد بن سعيد (ص: 540) (رقم: 1277)، وابن القاسم (ص: 181) (رقم: 127 - تلخيص القابسي-)، وابن بكير (ل: 258/ ب) -نسخة الظاهرية-). - والقعنبي عند أبي داود. - وإسماعيل بن عمر وروح عند أحمد. (¬3) أخرجه النسائي في السنن الكبرى كتاب: التعبير، باب: الرؤيا (4/ 382) (رقم: 7621) من طريق معن بن عيسى، وابن القاسم. وأخرجه أيضًا في مسند مالك كما في تحفة الأشراف (9/ 452) من طريق موسى بن أعين، ثلاثتهم عن مالك، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن زفر بن صعصعة، عن أبي هريرة. والصواب رواية يحيى ومن تابعه. قال أبو القاسم حمزة بن محمَّد الكناني: "والمحفوظ عن مالك: إسحاق، عن زفر بن صعصعة، عن أبيه، عن أبي هريرة، وكذلك رواه عن مالك جماعة منهم عبد الله بن مسلمة والقعنبي وأبو =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = مصعب الزهري ومصعب بن عبد الله الزبيري". تحفة الأشراف (9/ 452). تنبيهان: الأول: سبق أن ابن القاسم رواه في موطئه كرواية الجماعة عن مالك، وفي رواية النسائي عنه أسقط صعصعة، والذي يظهر أن النسائي أو من دونه حمل روايته على رواية معن، وقد قرنا في الإسناد، والله أعلم. الثاني: روى أبو مصعب الزهريّ هذا الحديث في موطئه (ل: 346/ ب النسخة الهندية-) عن مالك، عن إسحاق بن عبد الله، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. كذا جاء الحديث في هذه النسخة. وقد أثبت ناسخ هذه النسخة الفرق بين رواية يحيى وأبي مصعب في الحاشية فقال: يحيى بدل: زفر بن صعصعة، عن أبيه، عن أبي هريرة. وفي المطبوع من هذه الرواية (2/ 135) (رقم: 2011) ألحق المحققان في إسناده -وقد اعتمدا النسخة الهندية-: زفر بن صعصعة بن مالك، عن أبيه، عن أبي هريرة! ولم يبيّنا ما وقع في نسختهما من النقص.

469 / حديث: "لتُتْرَكَنَّ المدينةُ على أحسن ما كانت ... ". ودكَر العَوافِي. في الجامع، عند أوله. عن ابن حِمَاس (¬1)، عن عمِّه، عن أبي هريرة (¬2). لم يسمِّ يحيى حِماس، واختلَف رواةُ الموطأ عن مالك في اسمِه، فعند بعضِهم: يونس بن يوسف (¬3)، وعند الأكثر بالعكس (¬4)، وقال القعنبي في هذا ¬

_ (¬1) بمهملتين وتخفيف. الفتح (4/ 108). (¬2) الموطأ كتاب: الجامع، باب: ما جاء في سكنى المدينة والخروج منها (2/ 677) (رقم: 8). (¬3) وهي رواية: - أبي مصعب الزهريّ (2/ 57) (رقم: 1852)، ومن طريقه الجوهري في مسند الموطأ (ل: 148/ أ). - وابن بكير (ل: 232/ أ -نسخة الظاهرية-)، وكتب الناسخ أولا: يوسف بن يونس، ثم ضرب على يوسف، وأثبته بعد يونس. وأخرجه الحاكم في المستدرك (4/ 426) من طريق القعنبي. وابن عبد البر في التمهيد (4/ 122) من طريق سعيد بن أبي مريم. وقال الخطيب: "هكذا رواه يحيى بن يحيى (أي النيسابوري)، وأبو مصعب، وتابعه يحيى بن عبد الله بن بكير المصري، وزيد بن الحباب الكوفي عن مالك عن يونس بن يوسف". موضح أوهام الجمع والتفريق (1/ 33). (¬4) أي يوسف بن يونس، وهي رواية: - سويد بن سعيد (ص: 530) (رقم: 1243)، وابن القاسم (ص: 533) (رقم: 513 - تلخيص القابسي-)، وابن وهب، كما في الجمع بين روايته ورواية ابن القاسم (ل: 103/ ب). وأخرجه البخاري في التاريخ الكبير (8/ 374) من طريق إسماعيل بن أبي أويس. والجوهري في مسند الموطأ (ل: 148/ أ) من طريق سعيد بن أبي مريم. والخطيب البغدادي في الموضح (1/ 301) من طريق مطرف بن عبد الله، وقال: "وتابع معن بنُ عيسى مطرفا وسويدا على هذا القول". =

الحديث: مالك، أنَّه بلغه عن أبي هريرة، لم يذكر ابنَ حماس ولا عمَّه (¬1). وقال النسائي في كتاب الرجال: "يوسف بن يونس بنِ حِماس ثقة". وذكر يونس بن يوسف في موضِع آخَر، جعله رجلًا آخرَ غيرَ ابنَ حِماس، وزَعَمَ أنَّ مالكًا روى عنهما معًا (¬2). ¬

_ = قال الجوهري: "قال معن، وابن يوسف، وأبو مصعب: يونس بن يوسف، وقال ابن وهب، وابن القاسم، وابن عُفير، وابن بكير، وابن أبي مريم، وابن المبارك الصوري، وابن بُرد، ومصعب الزبيري: يوسف بن يونس". مسند الموطأ (ل: 148/ ب). وقال ابن عبد البر: "وكذلك قال ابن بكير وسعيد بن أبي مريم ومطرف وابن نافع وعبد الله بن وهب وسعيد بن عفير ومحمد بن المبارك وسليمان بن برد ومصعب الزبيري". التمهيد (24/ 121). قلت: وفي نسخة السليمانية من موطأ ابن بكير (ل: 182/ ب): يوسف بن يونس، أي تابع سويدا ومعنا، وغيرهما، وتقدّم في النسخة الظاهرية وما نقله الخطيب عنه أنه تابع يحيى النيسابوري وغيره، والذي يظهر أن هذا من الاختلاف نسخ موطأ ابن بكير، وكذلك بالنسبة لسعيد بن أبي مريم. وذكر الخطيب أيضًا أن الرواية اختلفت على ابن وهب. وخالفهم عبد الله بن يوسف التنيسي فقال فيه: يوسف بن سنان، أخرجه من طريقه البخاري في التاريخ الكبير (8/ 374)، ثم قال: "والأول أصح. أي يوسف بن يونس". (¬1) انظر: مسند الموطأ (ل: 148/ ب)، والتمهيد (24/ 122). وتقدّم أنّ الحاكم رواه في المستدرك من طريق القعنبي وقال فيه: يونس بن يوسف بن حماس، ولعله خارج الموطأ. (¬2) وقال في كليهما: "ثقة". انظر: أسماء شيوخ مالك (ل: 88/ أ، ب)، وفرّق بينهما ابن خلفون. وذكر البخاري في التاريخ الكبير (8/ 374) يوسف بن يونس بن حماس، وقال: "يروي عنه مالك"، وذكر في (8/ 404) يونس بن يوسف وقال: "سمع سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار، روى عنه بكير بن الأشج وابن جريج". وكذا ذكرهما الإِمام مسلم في موضعين من كتابه: تسمية من روى عنه مالك بن أنس، ذكر ذلك الخطيب البغدادي في موضح أوهام الجمع والتفريق (1/ 300) ثم قال: "وقد وهم في هذا القول؛ لأنه رجل واحد، يُختلف على مالك فيه، فيقال: يونس بن يوسف بن حماس، ويقال: يوسف بن يونس بن حماس". =

ويونس مذكورٌ مسندِ أبي أيوب (¬1). قال الشيخ: وعَمُّ ابن حِماس هذا لا أعرِفه حقيقةً، ولعله أبو الوليد بن عَمرو بنِ حِماس، ذكرَه زكريا بنُ يحيى الساجي في الضعفاء, وزَعَمَ أنَّ ابنَ معين ضَعَّفَه، وقال: "رَوى حَديثين عن أبي هريرة أحدُهما: "إذا أممتم الناس فخففوا" (¬2). قال الشيخ: وأما أبو عَمرو (¬3) بنِ حِماس بن عَمرو اللَّيثي المدني وهو الخَنْدَعِي، فلا أعلَمُه يروي عن أبي هريرة، وقد قيل: إنَّه عمُّ شيخِ مالكٍ هذا، والله أعلم (¬4). ¬

_ = والذي ذكره الخطيب أرجح وأظهر، وهو رجل واحد اختلف الرواة في تسميته، والاضطراب إنما جاء فيه من مالك بن أنس رحمه الله، قاله ابن عبد البر في التمهيد (24/ 122). ولعل مالكًا أدرك هذا الاضطراب في أخر حياته فأصبح يقول فيه: ابن حماس كما في رواية يحيى الليثي، وجماعه منه كان متأخرا، والله أعلم. (¬1) تقدّم ذكره (3/ 147). (¬2) لم أقف على هذا الراوي، ولا قول ابن معين، ولا حديثه عن أبي هريرة. ولعل حديثه الثاني عن أبي هريرة هو حديث الباب، والله أعلم. وأما ابن حبان فجعل رواية ابن حماس عن أبيه لا عن عمّه، فذكر أباه في الثقات (5/ 555)، وقال: "يونس بن حِماس، يروي عن أبي هريرة، روى عنه ابنه يوسف بن يونس". وهذا لا شك خطأ، والله أعلم. (¬3) في الأصل: "عمر"، وسقطت واو عمرو سهوا، وضبطه الناسخ بفتح العين. (¬4) أبو عمرو بن حماس من رجال أبي داود، ذكره ابن سعد في الطبقة الثالثة من أهل المدينة من كتابه الطبقات (9/ 344)، وفي تهذيب الكمال (34/ 119) نقل عن ابن سعد أنه في الرابعة. ولا يُعرف بالرواية عن أبي هريرة كما ذكر المصنف. قال المزي: "روى عن أبيه حماس بن عمرو، وحمزة بن أسيد، ومالك بن أوس بن الحدثان". تهذيب الكمال (34/ 119). =

ومعنى هذا الحديثِ في الصحيح للزهري، عن ابن المسيِّب، عن أبي هريرة (¬1). * * * ¬

_ = وقال الذهبي: "مجهول". الميزان (6/ 231). وقال ابن حجر: "مقبول". التقريب (رقم: 8270). وحديث مالك راويه مبهم، وقال ابن خلفون: "قال ابن صالح الكوفي: يوسف بن يونس بن حماس مدني ثقة، روى عن عمّه، عن أبي هريرة، وعمُّه ثقة". أسماء شيوخ مالك (ل: 88/ أ). فإن صح هذا فسند الموطأ صحيح، وإن كان أبا الوليد الذي ذكره الساجي -وهو ضعيف- فللحديث طريق آخر في الصحيحين كما سيأتي. ولم يشر ابن عبد البر في التمهيد (24/ 12)، والاستذكار (26/ 28) إلى عمِّ ابن حماس، ولم يتعرض لذكره ولا لتسميته. (¬1) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: فضائل المدينة، باب: من رغب عن المدينة (2/ 578) (رقم: 1874)، ومسلم في صحيحه كتاب: الحج، باب: في المدينة حين يتركها أهلها (2/ 1009، 1010) (رقم: 1389) من طريق الزهريّ عن سعيد بن المسيب أن أبا هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "يتركون المدينة على خير ما كانت، لا يغشاها إلا العواف -يريد عوافي السباع والطير- وآخر من يُحضر راعيان من مزينة يريدان المدينة يَنْعِقان بغنمهما فيجدانها وحوشا، حتى إذا بلغا ثنيّة الوداع خرّا على وجوههما". لفظ البخاري.

470 / حديث: "للمَملوكِ طعامُه وكسوتُه بالمعروف ... ". في الجامع. بَلَغَه، عن أبي هريرة (¬1). هذا مقطوعٌ في الموطأ (¬2)، ووَصَلَه إبراهيم بنُ طَهمان وغيرُه عن مالك، عن محمَّد بن عَجلان، عن أبيه، عن أبي هريرة، خَرَّجه الجوهري عنه (¬3). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الاستئذان، باب: الأمر بالرفق بالمملوك (2/ 747) (رقم: 4). (¬2) انظر الموطأ برواية: - أبي مصعب الزهريّ (2/ 160) (رقم: 2064)، وسويد بن سعيد (ص: 599) (رقم: 1464)، وابن بكير (ل: 265/ أ -نسخة الظاهرية-)، وابن القاسم وابن وهب كما في الجمع بين روايتيهما (ل: 126/ أ). (¬3) لعله في مسند ما ليس في الموطأ، وأخرجه ابن طهمان في مشيخته (ص: 136) (رقم: 78) عن مالك به. وأخرجه من طريق ابن طهمان: الطبراني في المعجم الأوسط (2/ 191/ 12/ 191) (رقم: 1685)، والدارقطني في غرائب مالك كما في اللسان (16816)، والحاكم في معرفة علوم الحديث (ص: 37)، الخليلي في الإرشاد (1/ 164)، وابن عبد البر في التمهيد (24/ 284). وإبراهيم بن طهمان قال عنه الحافظ ابن حجر: "ثقة يغرب". التقريب (رقم: 189). وتابعه على هذا الإسناد: 1 - النعمان بن عبد السلام: أخرجه من طريقه البزار في مسنده (ل: 110/ أ -نسخة كوبرلي-)، وأبو نعيم في أخبار أصبهان (1/ 173)، وأبو الشيخ في طبقات المحدثين (2/ 167)، والخليلي في الإرشاد (1/ 164)، وابن عبد البر في التمهيد (24/ 284). وقال ابن عبد البر: "ولا أدري من النعمان هذا؛ لأنه لم ينسبه، وربما كان النعمان بن راشد". التمهيد (24/ 285). قلت: هو النعمان بن عبد السلام أبو المنذر الأصبهاني، جاء منسوبا عند الخليلي وأبي نعيم، وأورد أبو الشيخ هذا الحديثَ في ترجمته، وهو ثقة كما في التقريب (رقم: 7158)، وانظر: اللسان (6/ 168). =

وهكذا قال فيه جماعةٌ عن الثوري: محمَّد بنُ عجلان، عن أبيه (¬1). ورواه ابنُ عيينة، واللَّيث، ووُهَيب، وجماعةٌ عن ابنِ عجلان، عن بُكير بن عبد الله بن الأشَج، عن عجلان أبي محمَّد، عن أبي هريرة، خَرَّجه ابنُ أبي شيبة (¬2). ¬

_ = 2 - أبو سفيان عبد الرحمن بن عبد ربه: ذكره الدارقطني في غرائب مالك كما في اللسان (6/ 168). وعبد الرحمن هو ابن عبد الله بن عبد ربه اليشكري، قال عنه الحافظ: "مقبول". التقريب (رقم: 3916). والذي يظهر أن الحديث كان عند مالك بلاغا، وكان يرويه أحيانا موصولا، والله أعلم. قال الحاكم: "هذا معضل أعضله مالك هكذا في الموطأ، إلا أنّه قد وُصِل عنه خارج الموطأ ... فينبغي للعالم بهذه الصنعة أن يميّز بين المعضل الذي لا يوصل، وبين ما أعضله في وقت ثم وصله في وقت". علوم الحديث (ص: 37). وقال الخليلي: "فقد صار الحديث بتبيين الإسناد صحيحا يُعتمد عليه، وهذا من الصحيح المبيّن بحجة ظهرت، وكان مالك رحمه الله يرسل أحاديث لا يبين إسنادها، وإذا استقصى عليه من يتجاسر أن يسأله ربما أجابه إلى الإسناد". الإرشاد (1/ 165). (¬1) أخرجه أبو نعيم في الحلية (8/ 181)، والخرائطي في مكارم الأخلاق (1/ 549) (رقم: 577)، وابن عبد البر في التمهيد (24/ 284) من طريق عبد الله بن المبارك. وأبو نعيم في الحلية (7/ 91) من طريق عباد بن موسى الأزرق، وعصام بن يزيد، ثلاثتهم عن الثوري به. وذكر لهم الدارقطني في العلل (11/ 134) متابعا رابعا، وهو عبد الصمد بن حسان. فالثوري متابع لمالك (في حديثه المسند)، حيث جعلا الحديث عن محمَّد بن عجلان عن أبيه، وخالفهم جماعة كما سيأتي. (¬2) في المسند، ولم أجده في المصنف. - وأخرجه أحمد في المسند (2/ 247)، وعبد الرزاق في المصنف (9/ 448) (رقم: 17967)، والحميدي في المسند (2/ 489) (رقم: 1155)، والبزار في المسند (ل: 107/ أ -نسخة كوبرلي-)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (10/ 152) (رقم: 4313)، والطحاوي في شرح المعاني =

وهذا هو الصحيحُ، قاله الدارقطني وغيرُه (¬1). وخَرَّجه مسلمٌ من طريق ابنِ وهب، عن عمرو بن الحارث، عن بُكير، عن عجلان (¬2). • حديث: "لاَ عَدْوَى ... ". مذكورٌ في مرسلِ ابنِ عَطيَّة؛ لأنَّه مرسلٌ في رواية يحيى بن يحيى، لَم يذكر فيه أبا هريرة (¬3). ¬

_ = (4/ 357)، والبيهقي في السنن الكبرى (8/ 6)، والبغوي في شرح السنة (5/ 244) (رقم: 2396)، وابن عبد البر في التمهيد (24/ 286) من طرق عن سفيان بن عيينة. - وأخرجه أحمد في المسند (2/ 342)، وابن عبد البر في التمهيد (24/ 285) من طريق وُهيب بن خالد. - وأخرجه البخاري في الأدب المفرد (ص: 77) (رقم: 193)، والبيهقي في السنن الكبرى (8/ 8)، وابن عبد البر في التمهيد (24/ 286) من طريق الليث بن سعد. - وأخرجه البخاري في الأدب المفرد (ص: 77) (رقم: 192) والفاكهي في حديثه عن أبي يحيى (ص: 121) (رقم: 5) من طريق سعيد بن أبي أيوب. - وأخرجه ابن عبد البر في التمهيد (24/ 286) من طريق سليمان بن بلال. وتابعهم: - بكر بن مضر، وطارق بن عبد العزيز، وأنس بن عياض، ذكرهم الدارقطني في العلل (11/ 134). - وعبد العزيز الدراوردي، ذكره ابن عبد أبي في التمهيد (24/ 286). كلُّ هؤلاء خالفوا الثوري، فرووه عن محمَّد بن عجلان، عن بكير بن عبد الله الأشج، عن عجلان أبي محمَّد، عن أبي هريرة، أدخلوا بكيرًا بين محمَّد بن عجلان وأبيه. (¬1) العلل (11/ 135). ورواية الثوري مرجوحة لمخالفة الأكثر له، ولعل الثوري تبع الجادة في رواية محمَّد بن عجلان بن أبيه. وقال أبو داود: "هذا الحديث إنما يرويه ابن عجلان، عن بكير بن عبد الله الأشج عن ابن عجلان عن أبيه عن أبي هريرة". التمهيد (24/ 284). (¬2) صحيح مسلم كتاب: الأيمان، باب: إطعام المملوك مما يأكل ... (3/ 1284) (رقم: 1662). وهذا يؤيّد أن الرواية عن بكير عن عجلان مولى فاطمة، ويبيّن أن حديث الموطأ أصل، والله أعلم. (¬3) انظره في مرسل ابن عطية (5/ 349).

من المشترك لأبي هريرة

من المشترَكِ لأبي هريرة أربعةُ أحاديث تقدَّمت. • حديث: العَسيفِ الزاني. • حديث: الأَمَةُ إذا زَنت. تقدَّمَا في مسندِ زَيد بنِ خالد من طريق الزهريّ، عن عبيد الله عنهما معًا اشتركَا فيهما (¬1). • حديث: الرَّوضة. • حديث: السَّبعة. تقدَّما في مسندِ أبي سعيدٍ الخدري من طريق خُبيب، عن حفص بن عاصم، عن أحدِهما على الشكِّ. هكذا عند الأكثَرِ وقد رُوِيَا عنهما معًا، وهما محفوظان لأبي هريرة (¬2). * * * ¬

_ (¬1) تقدم الحديثان (2/ 173، 174). (¬2) تقدّم الحديثان (3/ 265، 266).

من الموقوف على أبي هريرة

من الموقوف على أبي هريرة سبعةُ أحاديث قد رُويت مرفوعة 471 / حديث: "خمسٌ من الفِطرة ... ". في الجامع. عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبيه، عن أبي هريرة قوله (¬1). هكذا هو في الموطأ موقوفٌ (¬2)، ورَفَعَه بِشر بن عمر الزهراني، رواه عن مالك، عن سعيد المقبري، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬3). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: صفة النبي - صلى الله عليه وسلم -، باب: ما جاء في السنة في الفطرة (2/ 702) (رقم: 3). (¬2) انظر الموطأ برواية: - أبي مصعب الزهريّ (2/ 93) (رقم: 1926)، ويحيى بن بكير (ل: 242/ ب - نسخة الظاهرية)، وابن القاسم (ص: 431) (رقم: 419 - تلخيص القابسي)، وابن وهب كما في الجمع بين روايته ورواية ابن القاسم (ل: 110/ ب). - وأخرجه محمَّد بن المظفر البزاز في غرائب مالك (ص: 142) (رقم: 81) من طريق ابن وهب. - وأخرجه أبو القاسم الجوهري في مسند الموطأ (ل: 72/ ب) من طريق القعنبي. - والبخاري في الأدب المفرد (ص: 440) (رقم: 1294) من طريق عبد العزيز. - والخطيب البغدادي في تاريخه (5/ 438) من طريق القاسم بن يزيد الجرمي، عن مالك به. ثم قال: "وكذلك رواه معن بن عيسى، والقعنبي، ويحيى بن يحيى، وأبو مصعب عن مالك موقوفا، ورواه بشر بن عمر الزهراني عن مالك بإسناده مرفوعًا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -". (¬3) أخرجه محمَّد بن المظفر البزاز في غرائب مالك (ص: 79) (رقم: 79) من طريق علي بن مسلم عن بشر بن عمر به. وأخرجه ابن عبد البر في التمهيد (21/ 56) من طريق محمَّد بن بشار بندار عن بشر بن عمر به. وقال: "وكذلك ذكره ابن الجارود عن عبد الرحمن بن يوسف عن بندار ويحيى بن حكيم عن بشر ابن عمر عن مالك عن سعيد بن أبي سعيد عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -". =

وقال فيه عيسى بنُ موسى بنِ حُميد بن أبي الجَهم: عن مالك، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة يَأثُرُه، فنحَى به نَحوَ الرَّفع ولَم يَذكر فيه أبا سعيد (¬1). وقال يحيى بن سعيد القطان: عن مالك، عن سعيد المقبري: سمعه من أبي هريرة، ولَم يذكرْ فيه أبا سعيدٍ، واسمُه كيسان (¬2). قال الدارقطني: "والصوابُ عن مالكٍ ما رواه أصحابُ الموطأ" (¬3). ¬

_ = وقال الدارقطني: "رواه بشر بن عمر عن مالك عن المقبري عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ورواه علي بن مسلم عن بشر بن عمر، فلم يذكر أبا سعيد المقبري، والمحفوظ عن بشر بن عمر عن مالك عن المقبري عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا". العلل (10/ 142). قلت: رواية علي بن مسلم عند البزاز في غرائب مالك، وذكر فيها أبا سعيد المقبري، فلعل ما في النسخة خطأ، أو هي رواية أخرى عن علي بن مسلم، والله أعلم بالصواب. (¬1) أخرجه محمَّد بن المظفر البزاز في غرائب مالك (ص: 141) (رقم: 80)، وابن عبد البر في التمهيد (21/ 57) من طريق يحيى بن عثمان بن صالح عن عبد الله بن لهيعة عن عيسى بن موسى به. وفي إسناده عبد الله بن لهيعة المصري، ضعيف، كان يُلقَّن فيقبل التلقين. انظر: تهذيب الكمال (15/ 487)، تهذيب التهذيب (5/ 326). وشيخه ذكره الخطب في الرواة عن مالك (ل: 9/ ب -مختصر رشيد الدين-)، ولم أقف له على ترجمة في كتب الجرح والتعديل, فلعله من شيوخ ابن لهيعة المجهولين. (¬2) ذكره الدارقطني في العلل (10/ 142). وممّن لم يذكر أبا سعيد المقبري، سويد بن سعيد في موطئه (ص: 564) (رقم: 1352). وقتيبة بن سعيد، أخرجه من طريقه النسائي في السنن كتاب: الزينة، باب: من السنن الفطرة (8/ 129). (¬3) العلل (10/ 142). قلت: ويحتمل أن يكون سعيد المقبري سمعه من أبيه، وسمعه أيضًا من أبي هريرة، وأداه على الوجهين، وسمعه مالك أيضًا كذلك، فأدّاه على نحو ما سمعه، ويؤيِّده أن يحيى بن سعيد القطان لم ينفرد عن مالك بعدم ذكر أبا سعيد في إسناده. والحاصل أنَّ الصحيح في إسناده: الوقفُ، خلافا لرواية بشر بن عمر الزهراني، ويُحتمل أن يكون له عند مالك إسنادان، أحدهما من طريق سعيد المقبري عن أبيه عن أبي هريرة، والثاني: على سعيد المقبري عن أبي هريرة، والله أعلم.

ورُوي عن الزهريّ، عن سعيد بن المسيّب، عن أبي هريرة مرفوعًا، ليس فيه ذكرُ أبي سعيد، خُرِّج هكذا في الصحيح (¬1). وقد سَمِعَ سعيدٌ من أبي هريرة، ورَوى أيضًا عن أبيه، عنه (¬2). وقال البخاري: قال إسماعيل بن أبي أُوَيس: "إنَّما سُمِّيَ المَقبُرِي؛ لأنَّه كان ينزل ناحيةَ المقابِر" (¬3). واختلفَتِ الآثارُ في ذكرِ ما يُعدُّ من الفِطرة (¬4). ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: اللباس، باب: قص الشارب (7/ 73) (رقم: 5889)، وفي باب: تقليم الأظفار (7/ 73) (رقم: 5891)، وفي الاستئذان، باب: الختان بعد الكبر وقف الإبط (7/ 185) (رقم: 6297). ومسلم في صحيحه كتاب: الطهارة، باب: خصال الفطرة (1/ 221، 222) (رقم: 257) من طرق عن الزهريّ به. (¬2) روايته عن أبي هريرة وعن أبيه في الكتب الستة. انظر: تهذيب الكمال (10/ 468). وهذا ما يؤيّد أن حديث مالك صحيح على الوجهين، وكأن المصنف بقوله هذا يذهب إلى هذا الترجيح، والله أعلم. (¬3) صحيح البخاري كتاب: المظالم، باب: من كانت له مظلمة عند الرجل .. (4/ 140/ تحت حدثنا رقم: 2449)، وتمامه: "قال أبو عبد الله -أي البخاري-: وسعيد المقبري هو مولى بني ليث، وهو سعيد بن أبي سعيد، واسم سعيد كيسان". وهو بمعناه في التاريخ الكبير (3/ 474). (¬4) في حدثنا أبي هريرة (حديث الباب) عدّ خمسًا. وأخرج البخاري في صحيحه (7/ 73) (رقم: 5890) من حديث ابن عمر مرفوعًا: "الفطرة: حلق العانة، وتقليم الأظفار، وقص الشارب"، فعدّ ثلاثا. وأخرج مسلم في صحيحه (1/ 223) (رقم: 261) من طريق مصعب بن شيبة عن طلق بن حبيب عن عبد الصحة بن الزبير عن عائشة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "عشر من الفطرة ... "، الحديث، فعدّ عشرًا. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وحديث مسلم هذا تُكلم في إسناده، ففيه مصعب بن شيبة، قال عنه الحافظ ابن حجر: "ليّن الحديث". التقريب (رقم: 6691). وقد خالفه ثقتان، فروياه عن طلق بن حبيب من قوله. قال الدارقطني: "خالفه رجلان حافظان: سليمان وأبو بشر، روياه عن طلق بن حبيب من قوله، قاله معتمر عن أبيه، وأبو عوانة عن ابن بشر، ومصعب منكر الحديث، قاله النسائي". التتبع (ص: 506). قلت: رواية سليمان التيمي وأبي بشر جعفر بن إياس أخرجها النسائي في السنن (8/ 128) ثم قال: "وحديث سليمان التيمي، وجعفر بن إياس أشبه بالصواب من حديث مصعب بن شيبة، ومصعب منكر الحديث". قلت: وأما الحافظ ابن حجر فدافع عن حديث مصعب، فقال: "والذي يظهر لي أنها ليست بعلة قادحة، فإن راويها مصعب بن شيبة وثّقه ابن معين والعجلي وغيرهما, وليّنه أحمد وأبو حاتم وغيرهما، فحديثه حسن، وله شواهد من حديث أبي هريرة وغيره فالحكم بصحته من هذه الحيثية سائغ، وقول سليمان: سمعت طلق بن حبيب يذكر عشرا من الفطرة، يُحتمل أن يريد أنه سمعه يذكرها من قبل نفسه على ظاهر ما فهمه النسائي، ويحتمل أن يريد أنه سمعه يذكرها وسندها، فحذف سليمان السند". الفتح (10/ 350). قلت: الظاهر أن حديث سليمان موقوف على طلق، والاحتمال بعيد، ولا داعي لتأويله، وقد توبع سليمان على وقفه، فلا يُعقل أن يتوارد ثقتان على حذف السند، ويذكره من هو ليّن الحديث عند ابن حجر نفسه، والله أعلم. وقد ورد عن ابن عباس وغيره ما يفيد أن سنن الفطرة أكثر مما ذكر في حديث أبي هريرة وابن عمر، وللجمع بين هذه الروايات عدة طرق، منها: - أن العدد لا مفهوم له. - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أُعلم بالثلاث ثم بالخمس، وهكذا. - أن يذكر في كل موضع ما يليق بالمخاطَب. انظر: شرح مشكل الآثار (3/ 168)، شرح صحيح مسلم (3/ 147)، طرح التثريب (2/ 73، 74)، فتح الباري (10/ 349).

472 / حديث: "إذا دَخَلَ رمضانُ فُتحَت أبوابُ الجَنَّةِ وغُلِّقتْ أبوابُ النَّارِ، وصُفِّدتِ الشياطين ... ". في آخر الصيام. عن عمِّه أبي سهيل بن مالك، عن أبيه، عن أبي هريرة قوله (¬1). هكذا هو موقوفٌ في الموطأ (¬2)، ورَفَعَه مَعنٌ، وسعيدُ بن أبي مريم خارِجَ الموطأ عن مالك بهذا الاسنادِ، خَرَّجه الجوهريُّ كذلك، وهو المحفوظُ (¬3). وعن أبي سُهيلٍ هكذا رواه الزهريّ وغيرُه عنه، ذَكَرَه الدارقطني عن جماعةٍ وقال: "الصحيحُ عن مالكٍ موقوفٌ، وعن الباقِينَ مرفوعٌ" (¬4). وخُرِّج في الصحيحين من طُرق عن أبي سُهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة مرفوعًا (¬5). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الصيام باب: جامع الصيام (1/ 256) (رقم: 59). (¬2) انظر الموطأ برواية: - أبي مصعب الزهريّ (1/ 329) (رقم: 855)، وسويد بن سعيد (ص: 432) (رقم: 993)، والقعنبي (ص: 229)، وابن القاسم (ل: 44/ ب)، وابن بكير (ل: 57/ ب- نسخة الظاهرية-). (¬3) أخرجه ابن عبد البر في التمهيد (16/ 149) من طريق معن بن عيسى، ثم قال: "ومعن بن عيسى من أوثق أصحاب مالك، أومن أوثقهم وأتقنهم". ورواية سعيد بن أبي مريم لم أقف عليها. وقال الدارقطني: "وتابعه (أي معنًا) عثمان بن عبد الله الشامي -وكان ضعيفًا- عن مالك فرفعه أيضًا". العلل (10/ 79). قلت: ورواية معن في الموطأ موافقة لرواية يحيى الليثي، كما ذكر ذلك الدارقطني في العلل (10/ 78). ولا مانع أن يرويه مالك تارة موقوفًا، وتارة مرفوعًا، والله أعلم. (¬4) العلل (10/ 79). (¬5) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الصوم، باب: هل يقال رمضان أو شهر رمضان؟ (2/ 585) (رقم: 1898)، ومسلم في صحيحه كتاب: الصيام، باب: فضل شهر رمضان =

وأبو سُهيل اسمُه: نافع بن مالك بن أبي عامِر (¬1)، وأبوه مالك الراوي عن أبي هريرة يُكنى أبا أَنس (¬2)، وقد قيل في سندِ هذا الحديثِ: نافع بن أبي أنس، وذلك سواء (¬3). وتقدَّم ذِكرُ أبي سئهيل في مسنَدِ طلحة بن عُبيد الله (¬4). 473 / وبه: "قال: أَتَرَونَها حمراءَ كنارِكم هذه؟ لَهِيَ أسودُ من القار". في الجامع، عند آخره (¬5). ¬

_ = (2/ 758) (رقم: 1079) من طريق إسماعيل بن جعفر. وأخرجه البخاري أيضًا في صحيحه (2/ 586) (رقم: 1899)، وفي بدء الخلق، باب: صفة إبليس وجنوده (4/ 432) (رقم: 3277)، ومسلم في صحيحه (2/ 758) (رقم: 1079) من طريق الزهريّ، كلاهما عن أبي سهيل به. فمالك يوقف الحديث، وخالفه الزهريّ وغيره فرفعوه. قال الدارقطني: "خالفه الزهريّ، ومحمد بن جعفر، وأخوه إسماعيل بن جعفر بن أبي كثير، وغيرهم، والدراوردي، وعبد الله بن جعفر المديني، رووه عن أبي سهيل عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرفوعًا، وهو الصواب". الأحاديث التي خولف فيها مالك (ص: 153). قلت: رواية محمَّد بن جعفر التي ذكرها الدارقطني عند أبي عوانة في صحيحه (ص: 92 - تحقيق أيمن الدمشقي-)، وابن عبد البر في التمهيد (16/ 150). ورواية الدراوردي عند أحمد في السند (2/ 378)، وأبي عوانة في صحيحه (ص: 91)، وابن عبد البر في التمهيد (16/ 150). وحديث مالك مع وقفه في بعض الطرق عنه له حكم الرفع، لذا أورده ابن عبد البر في التمهيد (16/ 149 - وليس على شرطه ظاهرًا-)، وقال: "ذكرنا هذا الحديث ههنا؛ لأنَّ مثله لا يكون رأيا ولا يدرك مثله إلَّا توقيفًا". (¬1) الكنى والأسماء (1/ 416). (¬2) الكنى والأسماء (1/ 97)، والأسامي والكنى (1/ 423). (¬3) وهي رواية صالح بن كيسان عن الزهريّ، وهي في صحيح مسلم، وتقدّم تخريجها. (¬4) تقدم ذكره (2/ 181). (¬5) الموطأ كتاب: جهنَّم، باب: ما جاء في صفة جهنم (2/ 759) (رقم: 2). فيه: والقار: الزِّفت.

وهذا في الموطأ موقوفٌ عن أبي هريرة (¬1)، ومِن النَّاسِ مَن رَفَعَه عن مالكٍ، ولاَ يَصِحُّ وسمعه عنه (¬2). رُوي معناه عن أبي هريرة مرفوعًا، رَوى عاصمُ بنُ بَهْدَلَة، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "أُوقِدَ على النَّارِ ألف سنةٍ حتىِ احمَرَّت، ثُمَّ أُوقِدَ عليها ألف سنةٍ حتى ابيضَّت، ثم أُوقِد عليها ألف سنَةٍ حتَّى اسْوَدَّت، فهي سوداءُ مُظلِمَةٌ". خَرَّجه الترمذي مرفوعًا، وقال: "الموقوفُ أصَحُّ" (¬3). ¬

_ (¬1) انظر الموطأ برواية: أبي مصعب الزهريّ (2/ 173) (رقم: 2099)، وسويد بن سعيد (ص: 601) (رقم: 1471)، وابن بكير (ل: 270/ أ -نسخة الظاهرية-)، وابن القاسم وابن وهب كما في الجمع بين روايتيهما (ل: 129/ ب). (¬2) أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط (1/ 155) (رقم: 485) من طريق إبراهيم بن المنذر الحزامي عن معن بن عيسى عن مالك به مرفوعًا. وإبراهيم بن المنذر الحزامي قال عنه الحافظ ابن حجر: "صدوق، تكلم فيه أحمد لأجل القرآن". التقريب (رقم: 253). ولعله أخطأ في رفع الحديث عن معن. وذكر الدارقطني أن ابن أبي بكير رفعه أيضا عن مالك، ثم قال: "والصحيح موقوف". العلل (10/ 83). قلت: وابن أبي بكير هو يحيى بن أبي بكير قاضي كرمان، ثقة كما في التقريب (رقم: 7516)، وذكره الخطيب في الرواة عن مالك (ل: 15/ أ -مختصر العطار-). ولم يورد ابن عبد البر هذا الحديث في التمهيد ولا الجوهري في مسند الموطأ، وهو على شرطهما؛ لأنَّ مثله -وإن لم يرفعه أبو هريرة- لا يقال بالرأي. قال الباجيّ: "ومثل هذه لا يعلمها أبو هريرة إلا بتوقيف، والله أعلم وأحكم". المنتقى (7/ 319). وقال ابن عبد البر: "حديث مالك عن عمّه موقوف عن أبي هريرة، ومعناه مرفوع؛ لأنَّه لا يُدرك مثله بالرأي، ولا يكون إلا توقيف". الاستذكار (27/ 390). (¬3) أخرجه الترمذي في السنن كتاب: صفة جهنّم، بابٌ (4/ 612) (رقم: 2591)، وابن ماجه في السنن كتاب: الزهد، باب: صفة النار (2/ 1445) (رقم: 4320)، وابن أبي شيبة في المصنف =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = (7/ 54) (رقم: 34165)، والبيهقي في البعث والنشور (ص: 287)، وابن أبي الدنيا في صفة النار (ص: 102)، وعبد الغني المقدسي في ذكر النار (ص: 72)، كلُّهم من طريق يحيى بن أبي بكير، عن شريك بن عبد الله القاضي، عن عاصم بن أبي النجود، عن أبي صالح وهو ذكوان السمان، عن أبي هريرة به. قال الترمذي: "حديث أبي موقوفٌ هذا موقوفٌ أصحُّ، ولا اُعلم أحدًا رفعه غير يحيى بن أبي بكير عن شريك". وقال البيهقي: "تفرّد يحيى بن أبي بكير عن شريك، ورواه ابن المبارك عن شريك عن عاصم عن أبي صالح عن أبي هريرة موقوفًا". قلت: يحيى بن أبي بكير الكرماني ثقة كما تقدّم قريبًا. وخالفه عبد الله بن المبارك، وأبو كامل مظفر بن مدرك، وإسحاق بن عيسى الطباع. - فرواه عبد الله بن المبارك عن شريك عن عاصم عن أبي صالح أو رجل عن أبي هريرة موقوفًا. أخرجه من طريقه الترمذي في السنن -الموضع السابق-، ونعيم بن حماد في زوائده على الزهد لابن المبارك (ص: 88) (رقم: 309). - وتابعه على هذا الإسناد: أبو كامل مظفر بن مدرك، ذكره الدارقطني في العلل (10/ 151). - قال الدارقطني: "ورواه إسحاق بن عيسى الطباع، عن شريك، عن عاصم، عن رجل لم يسمّه (لم يذكر أبا صالح) عن أبي هريرة موقوفًا. قال: وهو أشبه بالصواب". قلت: وهذا الاضطراب في إسناد هذا الحديث لعلّه من شريك أو من شيخه عاصم بن بهدلة. فشريك بن عبد الله النخعي له أحاديث أُنكرت عليه، ووصفه كثير من أهل العلم بسوء الحفظ. وقال ابن عدي: "ولشريك حديثٌ كثيرٌ من المقطوع والمسند وأصناف، وإنَّما ذكرت من حديثه وأخباره طرفًا، وفي بعض ما لَم أتكلَّم على حديثه مما أمليت بعض الإنكار، والغالب على حديثه الصحة والاستواء، والذي يقع في حديثه من النكرة إنَّما أتى فيه من سوء حفظه، لا أنّه يتعمّد في الحديث شيئًا مما يستحق أن ينسب فيه إلى شيء من الضعف". وقال ابن حجر: "صدوق، يخطئ كثيرا، تغيّر حفظه منذ وُلّي القضاء بالكوفة، وكان عادلا عابدا شديدا على أهل البدع". انظر: الكامل (4/ 22)، تهذيب الكمال (12/ 462)، تهذيب التهذيب (4/ 293)، التقريب (رقم: 2786). =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وأما عاصم بن بهدلة وهو ابن أبي النجود الكوفي المقرئ ففي حديثه أيضًا اضطراب لسوء حفظه. قال ابن حجر: "صدوق له أوهام، حجة في القراءات، وحديثه في الصحيحين مقرون". انظر: تهذيب الكمال (13/ 473)، تهذيب التهذيب (5/ 35)، التقريب (رقم: 354). فإلزاق الوهم بأحدهما أولى من إلزاقه بيحيى بن أبي بكير الثقة، ويدل عليه أن عبد الله بن المبارك لم يتفق مع إسحاق بن عيسى الطباع على إسناده وإن اتفقا على الوقف، فعبد الله بن المبارك يقول فيه: عن عاصم عن أبي صالح أو رجل بالشك، وإسحاق الطباع يقول فيه: عن عاصم عن رجل لم يسمه، فهو دليل أن الخطأ فيه ممّن دون يحيى بن أبي بكير. وجاء من طريق آخر عن عاصم، أخرجه ابن أبي الدنيا في صفة النار (ص: 31) (رقم: 24) من طريق الحكم بن ظُهر، عن عاصم، عن زر، عن عبد الله بن مسعود موقوفًا. والحكم بن ظُهير الفزاري متروك ورمي بالرفض كما في التقريب (رقم: 1445). وخلاصة القول أن الحديث موقوف على أبي هريرة، ضعيف من جهة اضطراب إسناده، والله أعلم بالصواب. وحديث الموطأ صحيح من جهة إسناده، موقوف على أبي هريرة، وله حكم الرفع؛ لأن مثله لا يقال بالرأي، والله أعلم. ولحديث الترمذي شاهد من حديث عمر بن الخطاب، لكنه لا يفرح به لضعف إسناده: أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط (3/ 89) (رقم: 2583)، وابن أبي الدنيا في صفة النار (ص: 103) (رقم: 157) من طريق سلام بن سَلْم الطويل، عن الأجلح بن عبد الله، عن عدي بن عدي الكندي، قال: قال عمر بن الخطاب: "جاء جبريل - صلى الله عليه وسلم - إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - في غير حينه، ثم ذكر حديثًا طويلًا، وفيه: إنَّ الله أمر بجهنم فأوقد عليها ألف عام حتى احمرّت، ثم أوقد عليها ألف عام حتى ابيضت، ثم أوقد عليها ألف عام حتى اسودّت، فهي سوداء مظلمة لا يُضيء شررُها ولا يُطفأ لهبها ... ". لفظ ابن أبي الدنيا. قال الطبراني: "لا يُروى هذا الحديث عن عمر إلا بهذا الإسناد، تفرّد به سلاَّم". قلت: وسلاّم بن سلم الطويل أبو سليمان، قال عنه الحافظ: "متروك". التقريب (رقم: 2702).

474 / حديث: "أَسْرِعوا بجنائِزِكم ... ". وذَكَرَ الخيرَ والشَّرَّ. في آخِر الجنائز. عن نافع مولى ابنِ عمر، عن أبي هريرة قوله (¬1). هكذا هو في الموِطأ موقوفٌ، وهو المحفوظُ عن مالك (¬2)، وقد رَفعَه الوليدُ بنُ مسلم عنه، خرَّجه الجوهري، ولَم يُتابَع الوليدُ على ذلك (¬3). وغيرُ مالك رَفَعَه، رواه عبد الوارث وغيرُه عن أيوب السختياني، عن نافع، عن أبي هريرة مرفوعًا (¬4). ورُوي عن الأوزاعي، عن الزُّبيدي -وهو محمدُ بنُ الوليد-، عن نافع: أنَّ رجلًا أخبَره عن أبي هريرة، وذَكَرَه. وهو معلولٌ؛ لأنَّ الرجلَ مجهولٌ (¬5). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الجنائز، باب: جامع الجنائز (2/ 259) (رقم: 56). (¬2) انظر الموطأ برواية: - أبي مصعب الزهريّ (1/ 405) (رقم: 1028)، وسويد بن سعيد (ص: 368) (رقم: 833)، وابن بكير (ل: 62/ ب -نسخة الظاهرية-)، ومحمد بن الحسن (ص: 109) (رقم: 306)، وابن وهب وابن القاسم كما في الجمع بين روايتيهما (ل: 78/ ب). (¬3) لم أقف عليه مسندًا، وأشار إليه ابن عبد البر في التمهيد (16/ 31). (¬4) أخرجه ابن عبد البر في التمهيد (16/ 32) من طريق عبد الوارث بن عبد الصمد. وأحمد في المسند (2/ 488) من طريق إسماعيل بن أمية، كلاهما عن أيوب به. وقد خالف أيوب مالكًا في هذه الرواية, فمالك يوقف الحديث، وأيوب يرفعه، وقد تقدّم أنهما من أوثق أصحاب نافع، واختلف العلماء في أيّهما يُقدّم، ولعل الصواب في هذه الرواية مع أيوب؛ إذ جاء الحديث من طرق أخرى مرفوعًا، والله أعلم. (¬5) هذه رواية يحيى البابْلُتي عن الأوزاعي، ذكرها الدارقطني في العلل (9/ 146). ويحيى هو ابن عبد الله بن الضحاك بن بَابْلُت البَابْلُتيّ -بموحدتين ولام مضمومة ومثناة ثقيلة- أبو =

ورَفَعَه ابنُ عيينةَ وجماعةٌ، عن الزهريّ، عن سعيد بن المسيب، عن أبي ¬

_ = سعيد الحراني، أصله من الري وهو ابن امرأة الأوزاعي. قال ابن عدي: "له عن الأوزاعي أحاديث صالحة وفي تلك الأحاديث أحاديث ينفرد بها عن الأوزاعي، ويروي عن غير الأوزاعي من المشهورين والمجهولين، والضعف على حديثه بيَّن". وقال الذهبي: "ليّن". وقال ابن حجر: "ضعيف". انظر: الكامل (7/ 250)، الكاشف (3/ 229)، التقريب (رقم: 593). وقد خولف يحيى، خالفه عقبة بن علقمة، فرواه عن الأوزاعي عن الزهريّ عن نافع أن رجلًا أخبره عن أبي هريرة، فجعل بدل الزبيدي الزهري. وعقبة بن علقمة بن حديج البيروتي، صدوق إلا في رواية ابنه عنه، فإنه كان يدخل عليه في حديثه ما ليس منه. وقال ابن عدي: "روى عن الأوزاعي ما لم يوافقه عليه أحد، من رواية ابنه محمَّد بن عقبة وغيره عنه". انظر: تاريخ دمشق (40/ 503)، الكامل (5/ 280)، تهذيب الكمال (20/ 211) تهذيب التهذيب (7/ 219)، التقريب (رقم: 4645). - ورواه داود بن الجراح عن الأوزاعي عن محمَّد بن محمَّد عن نافع عن أبي هريرة مرفوعًا. ذكره ابن أبي حاتم في علل الحديث (1/ 362)، وقال: "قلت لأبي من محمَّد بن محمَّد؟ قال: لا أعرفه، ونافع هو مولى ابن عمر". - وذكر الدارقطني في العلل (9/ 146) أن غير هؤلاء رواه عن الأوزاعي قال: حدّثني نافع عن أبي هريرة. قلت: اضطربت الروايات عن الأوزاعي، ولا شك أنه لم يسمعه من نافع، بينه وبين نافع رجل مجهول، والدليل عليه أن الأوزاعي ليس له رواية عن نافع. قال ابن معين: "لم يسمع الأوزاعي من نافع". التاريخ (4/ 420 - الدوري-). وقال أبو زرعة الدمشقي: "حدّثني إسحاق بن خالد الختّلي قال: حدّثنا عمرو بن أبي سلمة قال: قلت للأوزاعي: يا أبا عمر: الحسن، أو رجل عن الحسن؟ قال: رجل عن الحسن. قلت: فنافع، أو رجل عن نافع؟ قال: رجل عن نافع. قلت: عمرو بن شعيب، أو رجل عن عمرو بن شعيب؟ قال: عمرو بن شعيب. قال أبو زرعة: لا يصح عندنا للأوزاعي عن نافع شيء. وقد سمعت أبا مسهر يقول: حدّثني ابن سماعة قال: أخبرنا الأوزاعي قال: حدّثني رجل عن نافع". تاريخ أبي زرعة الدمشقي (2/ 723).

هريرة، خُرِّج هكذا في الصحيح (¬1). ورَفَعَه أيضًا عُقيل وغيرُه، عن الزهريّ، عن أبي أُمامة، عن أبي هريرة (¬2). وقال الدارقطني: "حديثُ سعيدٍ وأبي أمامة محفوظانٍ" (¬3). * * * ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الجنائز، باب: السرعة بالجنازة (2/ 400) (رقم: 1315)، ومسلم في صحيحه كتاب: الجنائز، باب: الإسراع بالجنازة (2/ 651) (رقم: 944) من طريق ابن عيينة. وأخرجه مسلم أيضًا (2/ 652) (رقم: 944) من طريق معمر ومحمد بن أبي حفصة. والطحاوي في شرح المعاني (1/ 478) من طريق زمعة بن صالح، كلهم عن الزهريّ عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة به. (¬2) أخرجه الدارقطني في العلل (9/ 147) من طريق عُقيل بن خالد. وأخرجه مسلم في صحيحه (2/ 652) (رقم: 944) من طريق يونس بن يزيد، كلاهما عن الزهريّ، عن أبي أمامة بن سَهل بن حُنيف، عن أبي هريرة به. (¬3) العلل (9/ 147). وقال العراقي: "والظاهر أنه كان للزهري فيه إسنادان، فحدّث به مرة هكذا، ومرة هكذا". طرح التثريب (3/ 288). وبمثله قال ابن حجر في الفتح (3/ 219).

475 / حديث: "مَن سَبَّح دُبُرَ كلِّ صلاةٍ ثلاثًا وثلاثين ... ". وذَكَرَ: التكبيرَ والتحميدَ، وختمَ المائةِ بلا إله إلاّ الله. في الصلاة عند آخِره. عن أبي عُبيد مَولى سليمان بن عبد الملك، عن عطاء بن يزيد اللَّيثي، عن أبي هريرة قوله (¬1). هكذا هو في الموطأ موقوفٌ (¬2)، ورَفَعَه يحيى بنُ صالح، عن مالكٍ خارِجَ الموطأ، ذَكَرَه الجوهري (¬3). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: القرآن، باب: ما جاء في ذكر الله تبارك تعالى (1/ 184) (رقم: 22). وأخرجه النسائي في السنن الكبرى كتاب: عمل اليوم والليلة، باب: التسبيح والتكبير والتهليل والتحميد دبر الصلوات (6/ 41) (رقم: 9970) من طريق قتيبة عن مالك به. (¬2) انظر الموطأ برواية: أبي مصعب الزهريّ (1/ 204) (رقم: 522)، والقعنبي (ص: 102)، ويحيى بن بكير (ص: 35/ ب -نسخة السليمانية-). (¬3) أخرجه أبو عوانة في صحيحه (2/ 247)، وابن حبان في صحيحه (5/ 355) (رقم: 2013)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (67/ 64)، وابن ناصر الدين في إتحاف المسالك (ص: 269) من طريق يحيى بن صالح الوحاظي به. ويحيى بن صالح الوحاظي الدمشقي، قال عنه الذهبي: "ثقة في نفسه، تُكلّم فيه لرأيه". معرفة الرواة (ص: 187). وقال ابن حجر: "صدوق من أهل الرأي". التقريب (رقم: 7568). وتابعه على رفع الحديث عن مالك: - أبو معاذ خالد بن سليمان البلخي، ذكره الدارقطني في العلل (11/ 108). وأبو معاذ هذا يروي بعض المناكير عن مالك. قال ابن عدي: "له أحاديث شبه الموضوعة، فلا أدري هو من قبله أو من قبل الراوي عنه، ومثل تلك الرواية التي يرويها هو توجب أن يكون ضعيفًا". =

وقال الدارقطني: "الصحيحُ عن مالك موقوفًا" (¬1). وخَرَّجه مسلم مرفوعًا من طريق سُهيل بن أبي صالح، عن أبي عُبيد شيخِ مالكٍ بإسنادِه (¬2). واسمُ أبي عُبيد هذا: حُيَيّ (¬3). * * * ¬

_ = وقال الخليلي: "في روايته تعرف وتنكر، حدّثونا بأحاديث من حديثه مستقيمة، ومنها ما لا يُتابعه عليه، ومنها ما يرويه عن الضعفاء". انظر: الكامل (3/ 45)، الإرشاد (3/ 930)، اللسان (2/ 377). (¬1) العلل (11/ 108). قلت: هو مع وقفه له حكم الرفع؛ لأنه تشريع. قال ابن عبد البر: "ومثله لا يُدرك بالرأي". التمهيد (24/ 160). (¬2) أخرجه مسلم في صحيحه كتاب: المساجد، باب: استحباب الذكر بعد الصلاة، وبيان صفته (1/ 418, 419) (رقم: 597) من طريقين عن سهيل به. وهذا يؤيّد أن الطريق الموقوف له حكم الرفع، والله أعلى. (¬3) حُيَيّ: بضم أوله، مثناتين تحت، الأولى مفتوحة. وقيل في اسمه غير ذلك، وهو حاجب سليمان بن عبد الملك. انظر: الكنى والأسماء (1/ 593)، تاريخ دمشق (67/ 68)، أسماء شيوخ مالك (ل: 92/ أ)، تهذيب الكمال (34/ 49)، التقريب (رقم: 8227).

476 / حديث: "الَّذي يرفَعُ رأسَه ويخفِضُه قبل الإِمام، فانَّما ناصيَتُه بيدِ شيطانٍ". في الصلاةِ الأول. عن محمَّد بن عَمرو بن عَلقمَة، عن مَلِيح بن عبد الله السَّعدي، عن أبي هريرة قوله (¬1). هكذا هو في الموطأ موقوفٌ (¬2)، ورَفَعَه عبد العزيز الداروردي، عن محمَّد بن عَمرو، عن مَلِيح، عن أبي هريرة (¬3). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الصلاة، ما يفعل من رفع رأسه قبل الإِمام (1/ 98) (رقم: 57). (¬2) انظر الموطأ برواية: - أبي مصعب الزهريّ (1/ 190) (رقم: 492)، وسويد بن سعيد (ص: 175) (رقم: 325)، وابن بكير (ل: 34/ ب -نسخة السليمانية-)، والقعنبي (ص: 180). (¬3) أخرجه من طريقه البزار في مسنده (ل: 254/ ب -نسخة الأزهرية-). وقال: "لا نعلم روى مَليح بن عبد الله عن أبي هريرة إلا هذا الحديث". قلت: وعبد العزيز بن محمَّد الدراوردي قال عنه الحافظ ابن حجر: "صدوق، كان يحدث من كتب غيره فيخطئ". التقريب (رقم: 4119). لكنه توبع على رفعه، تابعه: - محمَّد بن عجلان، أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط (7/ 348) (رقم: 7692) من طريق محمد بن سعد، أبو سعد الأشهلي. والدراقطني في الأفراد (ل: 308/ ب -أطرافه-) من طريق بكر بن صدقة، كلاهما عن محمَّد بن عجلان به. قال الدارقطني: "تفرّد به بكر بن صدقة عن محمَّد بن عجلان". قلت: لم يتفرّد به، بل تابعه أبو سعد الأشهلي عند الطبراني، وهو ثقة كما في الكاشف (3/ 41). وابن عيينة في بعض الأحيان كما سيأتي. ورواه غير هؤلاء عن محمَّد بن عمرو موقوفًا، منهم: =

وقد رُوي عن حَفص بن عمر العَدَني، عن مالك، عن محمَّد بن عَمرو بن علقمة، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة مرفوعًا، عَوَّضَ مِن مَلِيح بأبي سَلَمة، قاله الدارقطني، وذَكَر أنَّ الصحيحَ عن مالكٍ ما في الموطأ (¬1)، وانظره في ¬

_ = - الإمام مالك، وقد تقدّم. - سفيان بن عيينة، أخرجه من طريقه عبد الرزاق في المصنف (2/ 373) (رقم: 3753)، والحميدي في المسند (2/ 435) (رقم: 989)، وقال الحميدي: "كان سفيان ربما رفعه، وربما لم يرفعه". وذكره ابن حجر في المطالب العالية (1/ 192) (رقم: 429) عن الحميدي عن ابن عيينة به مرفوعًا. - واختلف على حماد بن زيد، فروي عنه موقوفا، ومرفوعا، قال الخليلي: "والوقف أصح". الإرشاد (1/ 343). وقال أيضًا: "يتفرّد به محمَّد عن مليح، والأئمة وقفوه عن محمَّد عن مليح عن أبي هريرة". الإرشاد -الموضع السابق-. وقال ابن حجر: "وهو المحفوظ". الفتح (2/ 215). قلت: والذي يظهر أنَّ الاضطراب في هذا إنما هو من محمَّد بن عمرو بن علقمة، فرواه تارة مرفوعًا وتارة موقوفًا، وذلك أن رواة الوجهين عنه تتابعوا، وخاصة أنَّ ابن عيينة وحماد بن زيد روياه بالوجهين، ثم إن محمَّد بن عمرو بن علقمة الليثي متكلّم في حفظه، وقال عنه الحافظ ابن حجر: "صدوق له أوهام". التقريب (رقم: 6188). ومع ذلك فالسند إلى أبي هريرة ضعيف. فشيخُه مَلِيح يُعدّ في أهل المدينة، ذكره ابن حبان في الثقات (5/ 450)، ولم يرو عنه سوى محمَّد بن عمرو، فهو مجهول. وقال ابن حجر: "روى ابن أبي شيبة من طريق أخرى عن أبي هريرة: "الذي يرفع رأسه ويخفضه قبل الإِمام فإنما ناصيته بيد شيطان يخفضها ويرفعها"، وأخرجه محمَّد بن عبد الملك بن أيمن في مصنفه من هذا الوجه مرفوعًا". التلخيص الحبير (2/ 40). قلت: لم أقف عليه في مصنف ابن أبي شيبة، ولا ذكره ابن حجر في المطالب العالية، ولم أقف على سند ابن أيمن المرفوع، والله أعلم بالصواب. (¬1) العلل (8/ 16). وحديث حفص بن عمر العدني عن مالك مرفوعًا، أخرجه محمَّد بن المظفر البزاز في غرائب مالك =

كتاب السنن لقاسِم. ومَليحٌ هذا الإسناد بفَتح الميمِ وكسرِ اللاَّم (¬1). ¬

_ = (ص: 176) (رقم: 109)، والدارقطني في العلل (8/ 17). وحفص بن عمر هو ابن ميمون أبو إسماعيل العدني، يلقّب بالفرخ، ضعّفه الأئمة. وقال ابن حبان: "يروي عن مالك بن أنس وأهل المدينة، كان ممّن يقلب الأسانيد، لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد". وقال ابن حجر: "ضعيف". انظر: المجروحين (2/ 257)، تهذيب الكمال (7/ 42)، تهذيب التهذيب (2353)، التقريب (رقم: 1420). فالسند إلى مالك ضعيف، لضعف حفص بن عمر، وخالفه أصحاب الموطأ فرووه من طريق مليح لا أبي سلمة موقوفا على أبي هريرة لا مرفوعًا، وهذا من قلبه للأسانيد كما قال ابن حبان. قال ابن عبد البر: "رواه حفص بن عمر العدني عن مالك عن محمَّد بن عمرو عن أبي هريرة (كذا، والصواب: عن أبي سلمة عن أبي هريرة) عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولم يتابع عليه عن مالك". التمهيد (13/ 59). قلت: والصحيح من هذا الحديث عن أبي هريرة ما أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الأذان، باب: إثم من رفع رأسه قبل الإمام (1/ 211) (رقم: 691) من طريق شعبة. ومسلم في صحيحه كتاب: الصلاة، باب: تحريم سبق الإمام بركوع أو سجود أو نحوهما (1/ 320، 321) (رقم: 427) من طريق حماد بن زيد، ويونس، وشعبة، وحماد بن سلمة، كلهم عن محمَّد بن زياد الجمحي عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "أما يخشى أحدكم -أو ألا يخشى أحدكم- إذا رفع رأسه قبل الإمام أن يجعل الله رأسه رأس حمار، أو يجعل الله صورته صورة حمار" لفظ البخاري. قال الخليلي: "والصحيح من هذا الحديث حديث محمَّد بن زياد عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، رواه عنه الأئمة: شعبة، وحماد بن سلمة، وحماد بن زيد، والخلق، والناس يَجمَعون من رواه عن ابن زياد، وهو مخرّج في الصحيحين". الإرشاد (1/ 243). (¬1) المؤتلف والمختلف (4/ 2046) الإكمال (7/ 223)، توضيح المشتبه (8/ 263، 264).

477/ حديث: "قال: الحمدُ لله الذي أشبَعَنا مِن الخبز بعد أن لم يكنْ طعامُنا إلاّ الأسودَين: التمر والماء ... ". في الجامع، باب: الطعام والشراب. عن محمَّد بن عَمرو بن حَلْحَلَة، عن حُميد بن مالك بن خُثَيم (¬1)، عن أبي هريرة قوله (¬2). وفيه قصَّةٌ، وهذا قد يدخُلُ في المسند المرفوع بالمعنى؛ لأنَّه أراد النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - وأصحابَه في حياتِه، وقد رُوي معناه مرفوعًا من طرق (¬3). رَوى سعيد المقبري عن أبي هريرة قال: "إن كان لَيَمرُّ برسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - هلالٌ ثم هلالٌ لا يوقَدُ في شيء من بيوتِه نارٌ لِخبز ولا طَبيخ. قال: فبأيِّ ¬

_ (¬1) في الأصل: "خثعم"، وهو خطأ، والصواب المثبت. وهو حميد بن مالك بن خُثيم، ويقال: خُثَم. وقال القاضي عياض: "حميد بن مالك بن خُثَم، بضم الخاء، وفتح الثاء بثلاث مخفّفة ومشدّدة أيضًا يقالان معا". مشارق الأنوار (1/ 251). قال ابن حجر: "ذكره البخاري في التاريخ فضبطه في الرواة عنه بضم المعجمة، وفتح المثناة الخفيفة، وضبطوه في رواية ابن القاسم في الموطأ كذلك، لكن بالمثلثة، وضبطه مسلم كذلك لكن بتشديد المثناة، وضبطوه في الأحكام لإسماعيل القاضي بتشديد المثلثة". تهذيب التهذيب (3/ 42). وقال في التقريب (رقم: 1557): "حميد بن مالك بن خُثيم، بالمعجمة والمثلثة، مصغر على المشهور". (¬2) الموطأ كتاب: صفة النبي - صلى الله عليه وسلم -، باب: ما جاء في الطعم والشراب (1/ 711) (رقم: 31). وهذا الحديث أخرجه البخاري في الأدب المفرد (ص: 201) (رقم: 572) من طريق إسماعيل بن أبي أويس عن مالك به. قال المزي: "وهو حديث عزيز". تهذيب الكمال (7/ 391). (¬3) لم يورد ابن عبد البر هذا الحديث في التمهيد، وليس على شرطه ظاهرا، والأقرب ما ذكره المصنف، والله أعلم.

شيء كانوا يعيشون يا أبا هريرة؛ قال: بالأسودَين التمر والماء". خرّجه البزار (¬1). ورُوي نحوُ هذا عن عائشة، وهو معدود في المرفوع، مُخَرَّجٌ في المسندات (¬2) ¬

_ (¬1) أخرجه البزار في مسنده (ل: 124/ ب -نسخة كوبرلي-) من طريق جابر بن إسحاق، عن أبي معشر السندي، عن سعيد المقبري به. وأخرجه أحمد في المسند (2/ 404, 405) من طريق خلف، عن أبي معشر به. وهذا سند ضعيف؛ لضعف أبي معشر السندي، وقد تقدّم. لكن يشهد له حديث مالك الموقوف، وما أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الأطعمة، باب: ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه يأكلون (6/ 550) (رقم: 5414) من طريق ابن أبي ذئب، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة قال: "خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الدنيا ولم يشبع من الخبز الشعير". وانظر حديث عائشة الآتي. (¬2) حديث عائشة أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الرقاق، باب: كيف كان عيش النبي - صلى الله عليه وسلم - والصحابة وتخليهم عن الدنيا (7/ 232) (رقم: 6459)، ومسلم في صحيحه كتاب: الزهد والرقائق (4/ 2282, 2283) (رقم: 2972) من طريق عروة عن عائشة: "إن كنا آل محمَّد لنمكث شهرا ما نستوقد بنار، إن هو إلا التمر والماء" لفظ مسلم. ومراد المصنف من قوله: مخرج في المسندات، أي حديث عائشة، وإن لم يكن مرفوعا لفظا، إلا أنَّ معناه مرفوع، لذا أخرجه الأئمة في المرفوعات كالبخاري ومسلم، والمسندات كالامام أحمد في مسند (6/ 48، 56، 108، 207، 212)، وإسحاق بن راهويه في مسنده (2/ 355) (رقم: 346 - 348). وهذا ما يؤيّد أن حديث الموطأ قد يُلحق بالمرفوع كما قال المصنف، والله أعلم. تنبيه: ورد في حديث مالك قصة، وفيها قول أبي هريرة لحميد بن خثيم: "أَحسِن إلى غَنَمِك، وامسح الرغام عنها، وأطب مراحها، وصلّ في ناحيتها، فإنها من دوابّ الجنة". فقوله: "امسح الرغام عنها، وصل في ناحيتها، فإنها من دواب الجنة"، له حكم الرفع، فإنه لا يقال من قبل الرأي، وقد جاءت هذه الألفاظ عن أبي هريرة مسندة مرفوعة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -. انظر: سلسلة الأحاديث الصحيحة (3/ 120) (رقم: 1128). وهذا يفيد أن حديث الموطأ مرفوع سواء من طرفه الذي أورده المصنف، أو من هذا الطرف المشار إليه، والله وليّ التوفيق.

• حديث: "مَن أصبح جُنُبا أفطر ذلك اليوم ... ". أطْلَقَه أوَّلًا ثمَّ قال: "أخْبَرَنِيهِ مُخْبِر"، يعني عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬1). هكذا هو في الموطأ عن مجهول، وقد روي أن أبا هريرة رَفَعَه من غير واسطةٍ، ورُوي أيضًا أنّه قال: "لمَ أسمعه مِن النبي - صلى الله عليه وسلم -، إنَّما حدثنيه الفضلُ عنه"، انظره في مسند عائشة من رواية أبي بكر بن عبد الرحمن (¬2). فصل: أبو هريرة من المُكثرين، قال البخاري: "رَوى عنه أكثرُ من ثَمانِ مائةِ رجلٍ من بَينِ صاحبٍ وتابِعٍ" (¬3). ورُوي عن أبي هريرة أنَّه قال: "يقولون: إنَّ أبا هريرة يُكثِرُ الحديثَ عن رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - والله المَوعِد، ويقولون: ما بال المهاجرين والأنصار لاَ يُحدِّثودن مثلَ أحاديثه، وسَأخبرُكم عن ذلك: كان المهاجرون يَشغَلُهم الصَّفقُ بالأسواقِ، وكذلك الأنصارُ يَشْغَلُهم القيامُ على أموالِهِم، وكنتُ رجلًا مسكينًا أَلْزَمُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - على مِلء بَطْنِي، فأَشهَدُ إذا غابُوا وأحْفَظُ إذا نَسُوا, ولقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومًا: "أَيُّكم يَبسُطُ ثوبَه فيأخُذُ مِن حديثِي هذا ثمَّ يَجمَعُه ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الصيام، باب: ما جاء في صيام الذي يصبح جنبا في رمضان (1/ 232) (رقم: 11). (¬2) سيأتي تخريجه، والكلام عليه سندا ومتنا في مسند عائشة (4/ 96). وقول المصنف: "هكذا في الموطأ عن مجهول"، ليس المراد بجهالة الحال والعين المصطلح عليها عند المحدثين، وإنما مراده بجهالة اسمه، ولا شك أنه من الصحابة، كما جاء في بعض الطرق التي أشار إليها المصنف. (¬3) تهذيب الكمال (34/ 377). وذكر ابن حزم في ما لكل واحد من الصحابة من الحديث (ضمن كتاب: بقي بن مخلد القرطبي) (ص: 31) أنّه روى خمسة آلاف حديث، وثلاثمائة حديث وأربعة وسبعين حديثًا.

إلى صدرِه فلن يَنسَى شيئًا سَمِعَه منِّي"، فبسطتُ ثوبِي حتى قَضَى حديثَه ثم جمعتُه إلى صدرِي، فما نَسِيتُ بعد ذلك اليومِ شيئًا سمعتُه منه". خُرِّج هذا في الصحيح (¬1). * * * ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: البيوع، باب: في قوله تعالى {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا} (313) (رقم: 2047)، وفي الحرث والمزارعة، باب: ما جاء في الغرس (3/ 104) (رقم: 2350)، وفي الاعتصام، باب: الحجة على من قال: إن أحكام النبي - صلى الله عليه وسلم - كانت ظاهرة، وما كان يغيب بعضهم عن مشاهد النبي - صلى الله عليه وسلم - .. (8/ 511) (رقم: 7354) مطولًا، ومواضع أخرى مختصرًا. ومسلم في صحيحه كتاب: فضائل الصحابة, باب: فضائل أبي هريرة (4/ 1939، 1940) (رقم: 2492).

المنسوبون من الصحابة

المنسوبون من الصحابة 79/ البياضِي حديث واحدٌ. 478/ حديث: "إن المصلِّيَ يُناجي ربَّه ... ". فيه: "ولا يَجهَرْ بعضكم على بعضٍ في القرآن". في باب: العمل في القراءة. عن يحيى بن سعيد، عن محمَّد بن إبراهيم بن الحارث التَّيمي، عن أبي حازم التَمَّار، عن البياضي (¬1). البياضي اسمُه: فَروة بن عَمرو بن وَدْقَة بالدال المهملة، -والوَدْقة: الروضَةُ النَّاعمة- (¬2)، وهو مشهورٌ في الصحابةِ، شَهِد بدرًا وما بعدها، وبنو ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الصلاة، باب: العمل في القراءة (1/ 90) (رقم: 29). وأخرجه النسائي في السنن الكبرى كتاب: الاعتكاف، باب: هل يعظ المعتكف؟ .. (2/ 264) (رقم: 3364)، وفي فضائل القرآن، باب: ذكر قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا يجهر بعضكم على بعض في القرآن" (5/ 32) (رقم: 8091) من طريق ابن القاسم. وأحمد في المسند (4/ 344) من طريق ابن مهدي، كلاهما عن مالك به. (¬2) كذا في الأصل: الودقة بالقاف، وفي معجم مقاييس اللغة (6/ 96): "الواو والدال والفاء، =

بَياضَة فخِذ مِن الأنصار (¬1). وأبو حازم التَمَّار الراوي عنه اسمُه: دينار، وهو تابعيٌّ مَدنيٌّ مَولى أبي رُهْم، وأبو رُهْم هو مَولى عْفار (¬2). ¬

_ = يقولون: الوَدْفة: الروضة الخضراء". ثم ذكر ودق، وقال: "كلمة تدل على إتيان وأنَسة، يُقال: ودَقتُ به، إذا أنِستَ ودْقًا". ولعل المصنِّف أراد الودفة بالفاء؛ للتمييز بينها وبين الودقة بالقاف، والله أعلم. (¬1) الطبقات الكبرى (3/ 309، 449)، الاستيعاب (3/ 1259)، جمهرة أنساب العرب (ص: 357)، الاستبصار في نسب الأنصار (ص: 177)، الإصابة (5/ 364). وضبط الحافظ ابن حجر الودْقة: بفتح الواو وسكون الدال. وذكر الأستاذ عبد السلام هارون في تعليقه على جمهرة الأنساب أنَّ في نسخة منه: ودفة بالفاء، وقال: "تحريف". وكذا وقع في الاستبصار: ودفة، بالفاء. (¬2) وهو ثقة، قاله أبو داود والعجلي وابن عبد البر، وذكره ابن حبان في الثقات (5/ 590). انظر: تاريخ الثقات (ص: 495)، الأسامي والكنى (4/ 10)، رجال الموطأ (ل: 22/ ب)، تهذيب الكمال (33/ 218)، تهذيب التهذيب (12/ 69). وقد خولف مالك في إسناد هذا الحديث. أخرجه النسائي في الكبرى (5/ 262) (رقم: 3365 - 3367) من طريق ابن المبارك، والليث بن سعد، ويزيد بن هارون. وأخرجه مسدد في مسنده, ومن طريقه ابن عبد البر في التمهيد (23/ 316)، والمزي في تهذيب الكمال (33/ 218) عن حماد بن زيد، أربعتهم عن يحيى بن سعيد عن محمَّد بن إبراهيم عن أبي حازم مرسلًا. وقال ابن عبد البر: "والقول قول مالك". الاستيعاب (3/ 1260). قلت وممّا يدل على صحة قول مالك أن يزيد بن الهادى، والوليد بن كثير روياه عن محمَّد بن إبراهيم عن أبي حازم عن رجل من بني بياضة، كرواية مالك. أخرج طريق يزيد: النسائيُّ في الكبرى (2/ 264) (رقم: 3362)، وابن أبي عمر العدني في مسنده كما في أطراف مسند أحمد (8/ 339)، وابن عبد البر في التمهيد (23/ 317، 318). وأخرج طريق الوليد بن كثير: المزيُّ في تهذيب الكمال (33/ 216).

لم يُخرِّج البخاري ولا مسلم في أبي حازم التَمَّار شيئًا، وخَرَّجَا عن أبي حازم سلمة بن دينار، تابعيٌّ شيخ مالكٍ، وهو الحكيم الأعوج الأَفْزَر المدنيُّ مولى الأسود بن سفيان (¬1)، وعن أبي حازم سليمان مَولى عَزَّة الأشجعية، وهو كوفيٌّ عِظَم روايته عن أبي هريرة (¬2). * * * ¬

_ (¬1) الجمع بين رجال الصحيحين (1/ 191). (¬2) الجمع بين رجال الصحيحين (1/ 193).

80 / رجل من بني أسد

80 / رجلٌ من بني أَسَد حديثٌ واحدٌ. 479/ حديث: "مَن سأل مِنكم وله أُوقِيةٌ أو عِدلُها فقد سأل إِلْحافًا ... ". وفيه: قصَّةُ السَّائلِ الذي قال: "لعَمْري، إنَّك لتُعطيِ من شئتَ". في الجامع، عند آخِره. عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن رجلٍ من بني أَسد قال: "نَزلتُ أنا وأهلِي ببقِيع الغَرقَد، فقال لي أهلي: اذهبْ إلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فتَسأله لنا شيئًا نأكلُه ... " (¬1). هذا وما أشبَهَه قد يُلحَقُ بالمسند، وإنْ لَمْ يُسَمَّ الصَّاحبُ، ولا عُرِفَ، ولا عَلمنا صُحبتَه إلَّا مِن لفظِ حديثِه؛ إذا كان التابعيُّ الراوي عنه مِن العلمِ والعدالَةِ والثقَةِ والأمانَةِ بحيث يُؤمَنُ التدلِيسُ منه، وإشكالُ الصحبةِ عليه، والتباسُ حالِ المرويِّ عنه، وهذا كقولِ التابعيِّ المَرضِيِّ: "حدَّثني رجلٌ من أصحابِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -"؛ فإنَّه مقبولٌ وإنْ لم يُعَيِّنه؛ لأنَّ فائدةَ التَّعيينِ معرفةُ العدالة، والصحابةُ كلُّهم عدولٌ (¬2). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الصدقة، باب: ما جاء في التعفف عن المسألة (2/ 763) (رقم: 11). وأخرجه أبو داود في السنن كتاب: الزكاة، باب: من يعطىَ من الصدقة، وحدّ الغنى (2/ 278) (رقم: 1627) من طريق القعنبي. والنسائي في السنن كتاب: الزكاة، باب: إذا لم يكن له دراهم وكان له عدلها (5/ 98) من طريق ابن القاسم، كلاهما عن مالك به. (¬2) وهذا تفصيل جيّد من المصنف. =

وقد رَوى عُمارة بن غَزِيَّة، عن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري، عن أبيه قال: "سرّحتني أمِّي إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فأتيته فقعدتُ، فاستقبلَني وقال: "مَن استغنَى أغناه الله، ومَن استعفَّ أعفَّه الله، ومن استَكفَّ كفاه الله، ومَن سأل وله قيمةُ أُوقية فقد ألْحَفَ"، فقلتُ: ناقَتي الياقوتةُ خيرٌ مِن أُوقية، فرجعتُ ولم أسألْه". خَرَّجه النسائي، واختَصَره أبو داود، واحتجَّ به ابنُ حنبل (¬1). ¬

_ = وانظر: الكفاية للخطيب (ص: 52)، تحقيق منيف الرتبة للعلائي (ص: 53 - 59)، الإصابة (1/ 8)، فتح المغيث (4/ 92). وممّا يدل أن الحديث مسند، والمخبِر به صحابي إخراج الإمام أحمد هذا الحديث في مسنده (4/ 36)، (5/ 430) من طريق سفيان عن زيد بن أسلم به. وقال الأثرم: "قلت لأبي عبد الله أحمد بن حنبل: إذا قال رجل من التابعين: حدّثني رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يسمّه، فالحديث صحيح؟ قال: نعم". التمهيد (4/ 94). (¬1) أخرجه النسائي في السنن كتاب: الزكاة، باب: من الملحف؟ (5/ 98)، وأبو داود في السنن (2/ 279) (رقم: 1628)، وأحمد في المسند (3/ 7، 9)، وابن خزيمة في صحيحه (4/ 100) (رقم: 2447)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (8/ 184) (رقم: 3390)، والدارقطني في السنن (2/ 118) (رقم: 1)، والطحاوي في شرح المعاني (2/ 20) من طرق عن عبد الرحمن بن أبي الرجال عن عُمارة بن غزيّة به. وسنده حسن، عمارة لا بأس به. التقريب (رقم: 4858). وللحديث طرق أخرى يصح بها، أخرجه أحمد في المسند (3/ 12، 47)، وأبو نعيم في الحلية (1/ 370) من طريق عطاء بن يسار. وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (8/ 192) (رقم: 3399)، وأبو نعيم في الحلية (1/ 370) من طريق سعيد المقبري، كلاهما عن أبي سعيد به. وقول المصنف: "واحتج به ابن حنبل". أي في رواية الأثرم عنه. أسند ابن عبد البر في التمهيد (4/ 120) عن الأثرم قال: سمعت أبا عبد الله يعني أحمد بن حنبل =

والأُوقيةُ: أربعون دِرهما مِن الورِق (¬1). وانظر حديثَ أبي سعيد في مسندِه (¬2). * * * ¬

_ = يُسأل عن المسألة متى تحل؟ فقال: "إذا ايكن عنده ما يغذّيه ويعشّيه على حديث سهل بن الحنظلية. قيل لأبي عبد الله: فإن اضطر إلى المسألة؟ قال: هي مباحة له إذا اضطر. قيل له: فإن تعفّف؟ قال: ذلك خير له. ثم قال: ما أظن أحدًا يموت من الجوع، الله يأتيه برزقه، ثم ذكر حديث أبي سعيد الخدري: "من استعفّ أعفّه الله". (¬1) ذكره مالك في الموطأ إثر الحديث. (¬2) تقدّم حديثه (3/ 235).

81/ رجل من الأنصار

81/ رجل من الأنصار حديثٌ واحدٌ. 480 / حديث: "نَهَى أن تُستقبلَ القبلةُ لغائطٍ أو بول". في الصلاة، عند آخِره. عن نافع، عن رجل من الأنصار: "أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - نهى ... " (¬1). هذا المشهورُ في رواية يحيى بنِ يحيى عن مالك، وفي بعضِ الطرقِ عن يحيى: أنَّ الرجلَ سمِع رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - (¬2). وعند ابنِ القاسم وجمهورِ الرواة عن مالك عن نافع: أنَّ رجلًا من الأنصار أخبَره عن أبيه: أنَّه سمعَ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - (¬3). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: القبلة، باب: النهي عن استقبال القبلة والإنسان على حاجة (1/ 172) (رقم: 1). (¬2) كذا هو في الموطأ نسخة المحمودية (أ) (ل: 33/ أ) وهي من رواية عبيد الله عن أبيه يحيى. ووقع في المطبوع: عن رجل من الأنصار: أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكذا في نسخة المحمودية (ب) (ل: 38 / أ). (¬3) انظر الموطأ برواية: - ابن القاسم (ص: 217) (رقم: 264 - تلخيص القابسي-)، وأبي مصعب الزهريّ (1/ 197) (رقم: 508)، وسويد بن سعيد (ص: 180) (رقم: 336)، وابن بكير (ل: 34/ ب -نسخة السليمانية-). - وأخرجه الجوهري في مسند الموطأ (ل: 128/ ب من طريق القعنبي. - والطحاوي في شرح المعاني (4/ 232) من طريق عبد الله بن وهب. - وابن عبد البر في التمهيد (16/ 126) من طريق الشافعي. - والبيهقي في الخلافيات (2/ 57) من طريق يحيى النيسابوري، كلهم عن مالك به. وهذا هو الصحيح خلافا لرواية يحيى الليثي. قال ابن عبد البر: "وهو الصواب إن شاء الله". التمهيد (16/ 125). قلت: وأصلحه ابن وضاح كما هي عادته في روايته عن يحيى الليثي، أخرجه ابن بشكوال في الغوامض (12، 68) (رقم: 690) من طريق ابن وضاح عن يحيى الليثي، وفيه: أن رجلًا أخبره عن أبيه أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

فالحديثُ على هذا معلولٌ؛ لأنَّ الرجلَ الراوي عن أبيه مجهولٌ، وهو في روايةِ يحيى مقطوعٌ (¬1). ورواه عبد الله بن نافع، عن أبيه، عن عبد الرحمن بن عمرو العجلاني، عن أبيه سمَّى الرجلَ وأباه (¬2). قال الدارقطني: "والقولُ قولُ مالك ومَن تابعه، وهو عن رجلٍ، عن أبيه". يعني غير مُسَمًّى (¬3). ¬

_ (¬1) أي منقطع بين الرجل المجهول والنبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو مرسل ضعيفٌ لجهالة المرسِل. وهو في رواية من وصله ضعيف، لجهالة المبهم. (¬2) أخرجه يعقوب الفسوي في المعرفة (1/ 329)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (4/ 65) (رقم: 2001)، والطبراني في المعجم الكبير (17/ 12) (رقم: 1)، وابن عدي في الكامل (4/ 166)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (2/ ل: 85/ ب)، وابن السكن في مصنفه كما في الغوامض لابن بشكوال (2/ 680)، والبيهقي في الخلافيات (2/ 58) من طرق عن ابن أبي فديك عن عبد الله بن نافع به. وقال ابن السكن: "لم يرو عمرو هذا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - غير هذا الحديث، وهو ممّا ينفرد به عبد الله بن نافع". قلت: عبد الله بن نافع منكر الحديث. انظر: تهذيب الكمال (16/ 213)، تهذيب التهذيب (6/ 48). (¬3) لم أقف على قول الدارقطني. وتابع مالكًا على هذا الإسناد: - أيوب السختياني عند أحمد في المسند (5/ 430). - وجويرية بن أسماء، كما سيأتي النقل عن قاسم بن أصبغ. وممّا يدل على اضطراب عبد الله بن نافع، أنه روي عنه الحديث بإسناد أخر: أخرجه البزار في مسنده (7/ 66) (رقم: 2614)، وأبو يعلى في مسنده كما في المطالب العالية (1/ 66) (رقم: 40)، وابن عدي في الكامل (4/ 163، 164) من طريق أبي بكر الحنفي -وهو عبد الكبير بن عبد المجيد، وأخطأ من ظنهما اثنين- عن عبد الله بن نافع عن أبيه نافع عن أسامة بن زيد مرفوعًا. =

وذَكَرَ قاسمُ بنُ أصبغ أنَّ أيوب السختياني وجويريةَ بنَ أيضاء وغيرَهما مِن أصحاب نافع قالوا فيه: "نَهى أن تُستقبَل واحدةٌ مِن القبلتَين". قال: "وخالَفهم مالكٌ وابن غَنَج (¬1)، فقالا: "القبلة" (¬2). وخَرَّج عن مَعقِل بن أبي معقِل -وهو ابنُ أمِّ مَعقِل- الأسديِّ نحوَه، ذَكَرَ فيه القِبلتَين (¬3). ¬

_ = وقال البزار: "ولا نعلم أسند نافع عن أسامة إلا هذا الحديث, ولا يُروى عن أسامة إلا من هذا الطريق". وقال ابن حجر: "خالفه (أي عبد الله بن نافع) أيوب، فرواه عن نافع، عن رجل من الأنصار، عن أبيه، أخرجه أحمد وابن أبي شيبة ومسدد". المطالب العالية (1/ 66). (¬1) في الأصل حاشية، نصها: "هو محمَّد بن عبد الرحمن بن غَنَج من أصحاب نافع مولى ابن عمر، والله أعلم". قلت: وغَنَج بفتح المعجمة والنون، بعدها جيم. قال ابن حجر: "مقبول". التقريب (رقم: 6079). وذكره علي بن المديني في الطبقة السادسة من أصحاب نافع، وهي عنده على تسع طبقات. انظر: شرح علل الترمذي لابن رجب (2/ 616). (¬2) لم أقف على رواية جويرية، ورواية أيوب عند أحمد كما تقدّم. ومالك إمامٌ، وقد توبع على إفراد القبلة، ولكن الحديث بكل طرقه معلول من طريق مالك وغيره لجهالة الرجل كما تقدّم. (¬3) لعل قاسم رواه عن شيخه ابن أبي خيثمة، وهو في تاريخه برواية قاسم (2/ ل: 99/ ب، 100/ أ). وأخرجه أبو داود في السنن كتاب: الطهارة، باب: كراهية استقبال القبلة عند قضاء الحاجة (1/ 20) (رقم: 10)، وابن ماجه في السنن كتاب: الطهارة، باب: النهي عن استقبال القبلة بالغائط والبول (1/ 115) (رقم: 319)، وأحمد في المسند (4/ 210)، (6/ 406)، والبخاري في التاريخ الكبير (7/ 391, 392)، وابن أبي شيبة في المصنف (1/ 139) (رقم: 1603)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (2/ 295) (رقم: 1057)، والطبراني في المعجم الكبير (20/ 234) (رقم: 549, 550)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (2/ ل: 187/ ب)، والطحاوي في شرح المعاني (4/ 233)، والبيهقي في السنن الكبرى (1/ 91)، وفي الخلافيات (2/ 54 , 55)، والخطيب =

قال: "وسئُل يحيى بنُ معين عن حديثِ مَعقل بن أبي مَعقل هذا فقال: ضعيفٌ" (¬1). قال الشيخ أبو العبّاس رضي الله عنه: ولم يُذكرْ في هذا الحديثِ استدبارُ القِبلةِ، وذكر ذلك أبو أيوب وغيرُه، وقد رُؤيَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - مستقبلًا ومستدبرًا، فقيل: مِن أجلِ الاستِتار بالبناء، وقيل: على وجه النَّسخِ، والله أعلم. وانظر حديثَ أبي أيوب (¬2)، وحديثَ ابن عمر من طريق واسع (¬3). * * * ¬

_ = البغدادي في الموضح (2/ 412)، وابن عبد البر في التمهيد (1/ 304) من طرق عن أبي زيد - وبعضهم قال: زيد- مولى بني ثعلبة عن معقل بن أبي معقل به. ووقع عند الطحاوي، وأبي نعيم: "القبلة" بدل "القبلتين". وسنده ضعيف، أبو زيد مجهول كما في التقريب (رقم: 8109). (¬1) تاريخ ابن أبي خيثمة (3/ ل: 30/ أ). وقال ابن حجر: "حديث ضعيف؛ لأنَّ فيه راويًا مجهول الحال، وعلى تقدير صحّته فالمراد بذلك أهل المدينة ومن على سمتها؛ لأن استقبالهم بيت المقدس يستلزم استدبارهم الكعبة، فالعلة استدبار الكعبة لا استقبال بيت المقدس". الفتح (1/ 296). (¬2) تقدّم حديثه (3/ 140). (¬3) تقدّم حديثه (2/ 492).

82/ رجل من بني ضمرة

82/ رجلٌ من بني ضَمْرَة حديثٌ واحدٌ. 481/ حديث: "لا أحِبُّ العُقوقَ ... ". وذَكَرَ النُّسُكَ. في العقيقة. عن زيد بن أَسلم، عن رجلٍ من بني ضَمرة، عن أبيه قال: "سُئل رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ... " (¬1). الرجلُ مجهولٌ، وليس في الحدبهاِ ما يدُلُّ على صحبةِ أبيه. وقال فيه الثوري: رجلٌ من بني ضمرة، عن رجل مِن قومِه، لَم يذكرْ أنّه أباه (¬2). وهذا يُروى عن عبد الله بن عَمرو، خَرَّجه أبو داود وابنُ أبي شيبة من ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: العقيقة باب: ما جاء في العقيقة (2/ 399) (رقم: 1). (¬2) أخرجه أحمد في المسند (5/ 430)، والحارث بن أبي أسامة في مسنده (1/ 474) (رقم: 404 - بغية الباحث-)، والطحاوي في شرح المشكل (3/ 80) (رقم: 1056). وتابعه: عبد العزيز الدراوردي عند ابن أبي عاصم في الآحاد والثاني (2/ 266) (رقم: 980). وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (5/ 114) (رقم: 24240) من طريق وكيع عن الثوري عن زيد عن رجل من بني ضمرة عن أبيه، كما قال مالك. فيكون الثوري روي عنه الوجهان، ويمكن حمل الوجه الذي ذكره المصنف بأن أبا الرجل من قومه. وأخرجه أحمد في المسند (5/ 430)، والطحاوي في شرح المشكل (3/ 80) (رقم: 1057) من طريق ابن عيينة عن زيد به، وفيه: عن أبيه أوعن عمه. قال ابن عبد البر: "والقول في ذلك قول مالك". التمهيد (3/ 304). وانظر: الأحاديث التي خولف فيها مالك (ص: 142).

طريق عَمرو بن شُعيب، عن أبيه، عن جدّه (1). وفي حديثِ سَمرة: "الغلامُ مُرتَهَنٌ بعقيقته ... ". خَرَّجه البخاري (¬2). * * * ¬

_ = أخرجه أبو داود في السنن كتاب: الضحايا، باب: في العقيقة (3/ 262) (رقم: 2842)، وابن أبي شيبة في المصنف (5/ 114) (رقم: 24244)، والنسائي في السنن كتاب: العقيقة (7/ 162)، وأحمد في السند (3/ 182, 193)، وعبد الرزاق في المصنف (4/ 330) (رقم: 7961)، والطحاوي في شرح المشكل (3/ 79) (رقم: 1055)، والحاكم في المستدرك (4/ 238)، والبيهقي في السنن الكبرى (9/ 300، 312)، وابن عبد البر في التمهيد (4/ 317) من طريق داود بن قيس، عن عمرو بن شعيب به. وقال الحاكم: "صحيح ولم يخرجاه". ووافقه الذهبي. قلت: وهو حسن؛ لحال رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه. (¬2) لم يخرِّجه البخاري بلفظه من حديث سمرة، وإنما أخرج حديث سلمان بن عامر مرفوعًا بلفظ: "مع الغلام عقيقة ... "، تم قال: حدّثني عبد الله بن أبي الأسود حدّثنا قريش بن أنس عن حبيب بن الشهيد قال: "أمرني ابن سيرين أن أسأل الحسن ممّن سمع حديث العقيقة، فسألته فقال: من سمرة بن جندب". قال الحافظ ابن حجر: "لم يقع في البخاري بيان الحديث المذكور، وكأنه اكتفى عن إيراده بشهرته، وقد أخرجه أصحاب السنن من رواية قتادة عن اخسن عن سمرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: وذكره ... ". انظر: صحيح البخاري كتاب: العقيقة، باب: إماطة الأذى عن الصبي في العقيقة (6/ 566، 567) (رقم: 5472)، والفتح (9/ 507).

83/ ابن النضر, وقيل: أبو النضر السلمي

83/ ابنُ النَّضر, وقيل: أبو النَّضر السلمي حديثٌ واحدٌ. 482 / حديث: "لا يموتُ لأحدٍ مِن المسلمين ثلاثةُ وَلدٍ فيحتَسِبُهم إلَّا كانوا له جُنَّةً مِن النار ... ". وذَكَرَ الاثنين. في الجنائز. عن محمَّد بن أبي بكر بن محمَّد بن عَمرو بن حَرم، عن أبيه، عن ابنِ الثضر السّلمي: "أنَّ رسولَ الله- صلى الله عليه وسلم -" (¬1). مِن الرواةِ مَن يقولُ فيه: عن أبي النَّضر، كنية (¬2)، والنِّسبةُ أَشهَرُ (¬3)، ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الجنائز، باب: الحسبة في المصيبة (1/ 203) (رقم: 39). (¬2) هي رواية: - أبي مصعب الزهريّ (1/ 387) (رقم: 981)، وابن بكير (ل: 63/ أ -نسخة الظاهرية-)، وسويد بن سعيد (ص: 372) (رقم: 981). - والقعنبي، أخرجه من طريقه الجوهري في مسند الموطأ (ل: 46/ ب). - وعبد الله بن نافع عند ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (4/ 185) (رقم: 2166). - والمعافى بن عمران عند ابن منده في الصحابة كما في الإصابة (7/ 421)، وذكره أبو نعيم في معرفة الصحابة (2/ ل: 292/ أ). (¬3) أي: ابن النضر، وهي رواية يحيى كما ذكر المصنف، ووضع الناسخ فوقها علامة التصحيح. ووقع في المطبوع من الموطأ: أبي النضر، وكذا هو في نسخة المحمودية (أ) (ل: 39/ أ)، وفي (ب) (ل: 46/ أ) إلاَّ أنَّ أثر التغيير ظاهر في كلمة (ابن). وممّن قال: ابن النضر من رواة الموطأ: - ابن القاسم (ص: 146) (رقم: 94)، وابن وهب كما في الجمع بين روايته ورواية ابن القاسم (ل: 76/ ب). قال أبو نعيم: "وهو الصواب"، وكذا قال ابن حجر في الإصابة (7/ 421).

ويُسمَّى عبد الله، وقيل: محمدًا (¬1). وقال فيه ابن وهب، عن مالك: "عبد الله بن عامر"، انفرَد بذلك (¬2). وهذا الرجلُ مجهولٌ، لا يُعرف بغير هذا الحديث، وليس فيه ما يَدُلُّ على صحبتِه، وقد ذُكر في الصحابة، وفي ذلك نظر (¬3). وذكره أبو عُمر بن عبد البر في باب: عبد الله من كتاب الصحابة وقال: "لا أعلمُ في الموطأ رجلًا مجهولًا غير هذا" (¬4). وجاء معنى هذا الحديث عن أنعر، خرّجه النسائي عنه (¬5)، وهو أنس بنُ مالك بن النَّضر، فظنَّ بعضُ الناسِ أنَّه المعنيُّ هاهُنا، وأنه راوي الحديثِ، وليس كذلك؛ لأنَّ أنسَ بنَ مالك مِن بني عدي بنِ النجار، لا مِن بني سَلِمة (¬6). ¬

_ (¬1) انظر: التمهيد (13/ 86). (¬2) الاستيعاب (3/ 999)، ولم أجد روايته موصولة، وليست في الجمع بين روايته ورواية ابن القاسم. وذكر كلامَ المصنف الزرقانيُّ في شرحِ الموطأ (2/ 76). (¬3) ذكره ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (4/ 185). (¬4) الاستيعاب (3/ 998, 999)، وقال في التمهيد (13/ 87): أبو النضر هذا مجهول في الصحابة والتابعين. (¬5) سنن النسائي كتاب: الجنائز، باب: من يُتوفى له ثلاثة (4/ 24). والحديث في صحيح البخاري كتاب: الجنائز، باب: فضل من مات له ولد فاحتسب (2/ 381) (رقم: 1248). ولفظه: "ما من الناس مسلم يُتوفى له ثلاث لم يبلغوا الحنث إلا أدخله الله الجنة بفضل رحمته إياهم". (¬6) انظر: التمهيد (13/ 87)، ولم يسمّ من ذهب إلى هذا القول، وقال: "وقال بعض المتأخرين فيه: إنه أنس بن مالك بن النضر، نسب إلى جدّه، وهذا جهل".

وزعم مَن ذهب إلى هذا أنَّ أنس بن مالك يُكنى أبا النَّضر، وذلك لا يُعرف، وإنَّما يُكْنَى أنسٌ أبا حمزة، وقد كان له ابنٌ يُسمَّى النَّضر، لكنَّه لم يتَكَنَّ به، وليس أنَسٌ مِمَّن يُكَنَّى عنه لشهرَتِه وعدالَتِه (¬1). والحديثُ محفوظٌ لأبي سعيد وغيرِه (¬2). * * * ¬

_ (¬1) نقل كلامَ المصنف الزرقانيُّ في شرح الموطأ (2/ 76)، وهو تقرير جيد عن المصنف. (¬2) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: العلم، باب: هل يُجعل للنساء يوم على حدة في العلم (1/ 42) (رقم: 101، 102)، وفي الجنائز، باب: فضل من مات له ولد فاحتسب (2/ 381) (رقم: 1249، 1250)، وفي الاعتصام، باب: تعليم النبي - صلى الله عليه وسلم - أمّته من الرجال والنساء .. (8/ 500) (رقم: 7310). ومسلم في صحيحه كتاب: البر والصلة، باب: فضل من يموت له ولد فيحتسيه (4/ 2028) (رقم: 2633) عن أبي سعيد الخدري بنحوه. وتقدّم معناه أيضًا لأبي هريرة (3/ 297).

84 - ابن محيصة

84 - ابنُ مُحَيِّصَة حديثٌ يُنسب إليه غَلَطًا، وهو لجدِّه مُحيِّصَة. 483 / حديث: إجارة الحَجَّام. فيه النهيُ عنها، وقولُه: "اعلِفْه نُضَّاحَك (¬1) ". في الجامع. عن ابن شهاب، عن ابن مُحَيِّصة الأنصاري أحدُ بني حارثة: "أنّه استأذن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - ... " (¬2). هكذا عند يحيِى بن يحيى عن ابنِ محيِّصَة: "أنّه استأذن"، وتابعه ابنُ القاسم جَعَلاَ الحديث لابنِ محيّصة شيخ ابن شهابٍ ولم يُسَمِّياه (¬3). وذلك خطأٌ عند أهلِ الحديثِ؛ لأنَّ المُستأذِنَ إنَّما هو محيّصة بنُ مسعود، وهو الصاحبُ، وليس لابنِه صُحبة. وذكر أبو عُمر بن عبد البر في هذا الحديث أنَّ ابنَ شهاب يرويه عن حَرام بن سعد بن محيّصة، وقال: "ليس لسَعد بنِ مُحيّصة صحبةٌ فكيف لابنِه حرام". قال: "ولا يُختلَف أنَّ الذي روى عنه الزهريّ هذا الحديثَ وحديثَ ناقَة البراء هو حرام بن سَعْد بن محيّصة". انتهى قولُه (¬4). ¬

_ (¬1) بضم النون وتشديد الضاد. انظر: مشارق الأنوار (2/ 16). (¬2) الموطأ كتاب: الاستئذان، باب: ما جاء في الحجامة وأجرة الحجّام (2/ 742) (رقم: 28). (¬3) انظر: التمهيد (11/ 77)، رجال الموطأ (ل: 18 / أ)، مسند الموطأ (ل: 39/ ب)، الغوامض والمبهمات (1/ 464). ولم يورد القابسي رواية ابن القاسم. ووقع في الجمع بين رواية ابن القاسم ورواية ابن وهب (ل: 124/ أ): عن ابن محيِّصة، عن أبيه، كما رواه الجماعة -وسيأتي- وأظن أن الجامع بين الروايتين حمل رواية ابن القاسم على رواية ابن وهب، ولم يميز بينهما والله أعلم. (¬4) التمهيد (11/ 77).

قال الشيخ أبو العبّاس رضي الله عنه: وسائِرُ رواةِ الموطأ يقولون فيه عن مالك: ابن شهاب، عن ابن محيّصة، عن أبيه: "أنَّه استأذن"، وهكذا خَرَّجه أبو داود من طريق القعنبي عن مالك (¬1). وكذلك يقول فيه أكثرُ أصحاب الزهريّ، ومِنهم من سَمَّى ابنَ محيّصة فيقول: عن حرام بن محيّصة، عن أبيه، وهكذا خرّجه ابنُ الجارود من طريق مَعمر، عن الزهريّ (¬2). ¬

_ (¬1) سنن أبي داود كتاب: البيوع، باب: في كسب الحجّام (3/ 707) (رقم: 3422)، وأخرجه عن طريق القعنبي أيضا الجوهري في مسند الموطأ (ل: 39/ ب). وتابع القعنبيَّ: - أبو مصعب الزهريّ (2/ 153) (رقم: 2053)، وسويد (ص: 587) (رقم: 1422)، وابن بكير (ل: 263/ ب -نسخة الظاهرية-). - وابن وهب كما في الجمع بين روايته ورواية ابن القاسم (ل: 124/ أ)، وأخرجه من طريقه الطحاوي في شرح المعاني (4/ 132). - وأخرجه الترمذي في السنن كتاب: البيوع، باب: ما جاء في كسب الحجّام (3/ 575) (رقم: 1277) من طريق قتيبة. - وأحمد في المسند (5/ 436) من طريق إسحاق الطبّاع. - وابن قانع في معجم الصحابة (3/ 116) من طريق عبد العزيز الأويسي، كلهم عن مالك عن الزهريّ عن ابن محيصة عن أبيه به. قال محمَّد بن حارث الخشني: "أسقط يحيى من الإسناد رجلا، والمحفوظ عن ابن شهاب عن ابن محيصة عن أبيه كما رواه رواة مالك". أخبار الفقهاء والمحدثين (ص: 357). وقال ابن الحذّاء: "وهو الصحيح عن مالك". رجال الموطأ (ل: 18/ أ). (¬2) المنتقى (3/ 169) (رقم: 583). وأخرجه من طريق معمر: أحمدُ في المسند (5/ 436). وأخرجه ابن ماجه في السنن كتاب: التجارات، باب: كسب الحجام (2/ 732) (رقم: 2166)، وأحمد في السند (5/ 436)، وابن أبي خيثمة في التاريخ (2/ ل: 103/ أ)، وابن أبي شيبة في =

وهذا أيضًا ليس بصحيح؛ لأنَّ سعدًا والِدُ حرامٍ لا صُحبةَ له، فكيف يقال فيه: "إنَّه استَأذَن". وأمَّا نِسبةُ حرامٍ إلى جَدِّه وقولُهم فيه: حرام بن محيّصة، فجائِزٌ في عُرف الاستعمالِ، وهو شائِعٌ معروفٌ، وليس الروايةُ عنه كذلك؛ إذ ليس المُستَعمَلُ فيها ذلك كاستعمالِ النسبةِ، والمفهومُ مِن قولِ القائل: "حدّثني أبي"، أنَّه يريد الأبَ الأدنى، إلَّا أن يبيِّن أنَّه أراد الجَدَّ فيخَرَّج على طريقِ المجاز (¬1). ¬

_ = (ل: 33/ ب)، والطبراني في المعجم الكبير (48/ 6) (رقم: 5471)، والطحاوي في شرح المعاني (4/ 132)، وابن بشكوال في الغوامض والمبهمات (1/ 464) من طرق عن محمَّد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب عن الزهريّ، كرواية معمر سواء. وأخرجه أبو بكر الشافعي في الغيلانيات (2/ 238) (رقم: 720 - طبعة د. مرزوق الزهراني-) من طريق عباد بن إسحاق عن الزهريّ عن حرام بن محيّصة الأنصاري: "أنه استأذن ... "، ولم يذكر أباه. وزاده فاروق بن مرسي من عنده فما طبعته للغيلانيات (ص: 250/ رقم: 694). وعباد بن إسحاق صدوق له مناكير. انظر: تهذيب الكمال (16/ 519)، وقد خالفه أصحاب الزهريّ الثقات كمعمر. وأخرجه ابن أبي خيثمة في التاريخ (2/ ل: 103/ أ) من طريق الليث بن سعد، عن الزهريّ، عن ابن محيصة (ولم يسمّه): "أن أباه استأذن النبي - صلى الله عليه وسلم -". قال ابن أبي خيثمة: "وابن محيِّصة هذا هو حرام بن محيِّصة". وأخرجه الطحاوي في شرح المعاني (4/ 131) من طريق عبد الرحمن بن خالد بن مسافر، عن الزهريّ، عن حرام بن سعد، بن محيّصة، عن محيّصة به. (¬1) وعليه يكون المراد بأبيه في هذا الحديت سعد بن محيّصة، وهو قول الطبراني حيث أخرج طريق ابن أبي ذئب عن الزهريّ في ترجمة سعد بن محيصة من كتابه المعجم الكبير (6/ 48). وقال المصنف في (4/ 397) من هذا الكتاب: "ولعل من خرّج هذا الحديث عن الزهريّ عن ابن محيّصة، واقتصر فيه على قوله: عن أبيه، أقام الجدّ في هذا مقام الأب، وتأول أن حراما هو =

وقد قال ابن عيينة في هذا الحديث: عن الزهريّ، عن حرام، عن أبيه: "أنَّ محيّصة سأل النبي - صلى الله عليه وسلم -" (¬1). وهذا لفظٌ مُلَخَّصٌ، ومقتضاه أنَّ حرامًا رواه عن أبيه سَعد، وأنَّ سعدًا وَصَفَ القصَّةَ، وهو لَم يشهَدْها ولا ذَكَرَ أنَّ أباه محيّصةَ أخبره بها، فالحديثُ على هذا مرسلٌ، ولفظُه قائِمٌ لا دَرَكَ فيه. وقال فيه محمَّد بن إسحاق: عن الزهريّ، عن حرام، عن أبيه، عن جدّه محيّصة. فجَوَّدَه، حَكَى هذا الذهلي عنه، وهذه الروايةُ أحسنُ الروايات كلِّها إنْ ثبتَت مِن جهَةِ النَّقلِ (¬2). ¬

_ = ابن محيّصة، لكون محيّصة جدّه، وإن قول الزهريّ فيه عن أبيه، إنما يعني به عن جده". قلت: وهذا يسلم إذا كان الحديث عن حرام عن محيِّصة، والصحيح أنه عن حرام عن أبيه سعد: أن محيصة، وصف القصة، وسيأتي بيان هذا من طريق ابن عيينة. وقد اضطرب أصحاب الزهريّ في هذا الحديث، ولعل أصح الطرق عنه طريق ابن عيينة كما سيأتي. (¬1) أخرجه أحمد في المسند (5/ 436)، والحميدي في المسند (2/ 387) (رقم: 878)، -ومن طريقه ابن قانع في معجم الصحابة (1/ 251) - والطحاوي في شرح المعاني (4/ 131)، والبيهقي في السنن الكبرى (9/ 337) من طرق عن ابن عيينة به. وفي مسند الحميدي قال الزهري: أخبرني حرام بن سعد. قال سفيان: "هذا الذي لا شك فيه، وأراه قد ذكر عن أبيه: أن محيصة". (¬2) أخرجه من طريق محمَّد بن إسحاق: أحمد في المسند (5/ 436)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (4/ 137) (رقم: 2119)، والطبراني في المعجم الكبير (20/ 312) (رقم: 743)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (2/ ل: 206/ أ). وتابعه: زمعة بن صالح عند ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (4/ 138/ 2120)، والطبراني في المعجم الكبير (20/ 313) (رقم: 744) (ووقع فيه ربيعة بن صالح، وهو تصحيف). والطريقان غير ثابتان من جهة النفل، فابن إسحاق ضعيف في الزهريّ. قال ابن معين: "هو ضعيف الحديث عن الزهريّ". =

والحديثُ محفوظٌ لمحيّصةَ، وقد رواه غيرُ الزهريّ عنه (¬1). ¬

_ = وقيل لأحمد: محمَّد بن إسحاق وابن أخي الزهريّ في حديث الزهريّ؟ فقال: "ما أدري، وحرك يده كأنه ضعّفهما". وقال الجوزجاني: "وابن إسحاق روى عن الزهريّ، إلا أنه يمضغ حديث الزهريّ بمنطقه، حتى يعرف من رسخ في علمه أنه خلاف رواية أصحابه عنه". انظر: تاريخ الدارمي (ص: 44)، العلل لأحمد (ص: 126 - رواية المروذي-)، شرح العلل (2/ 674). وأما زمعة بن صالح سئل عنه أبو زرعة فقال: "أحاديثه عن الزهريّ كأنه يقول مناكير". وقال النسائي: "كثير الخطأ عن الزهريّ". انظر: سؤالات البرذعي (2/ 759)، المجرحون (ص: 112). ولعل الصحيح من هذه الروايات عن الزهريّ رواية ابن عيينة، لتقدّمه وثقته في الزهريّ، وجوّد روايته ابن عبد البر في التمهيد (11/ 79). وعليه فالحديث مرسل مع جهالة سعد. قال ابن عبد الهادي: "مع الاضطراب، ففيه من يُجهل حاله". نصب الراية (4/ 135). (¬1) أخرجه أحمد في المسند (5/ 435)، والبخاري في التاريخ الكبير (4/ 53)، والطبراني في المعجم الكبير (20/ 312) (رقم: 742)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (2/ ل: 206/ أ)، والطحاوي في شرح المعاني (4/ 131)، والدولابي في الكنى (1/ 76)، والبيهقي في السنن الكبرى (9/ 337)، وابن عبد البر في التمهيد (11/ 79)، وابن بشكوال في الغوامض والمبهمات (1/ 465) (رقم: 437) من طرق عن الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي عفير الأنصاري عن محمد بن سهل بن أبي حثمة عن محيّصة به. وفي سنده أبو عفير، والذي يظهر أنه مجهول، ومنهم من قال اسمه محمَّد بن سهل بن أبي حثمة، وهذا خطأ بل يروي عن محمَّد بن سهل، وقال ابن حجر: "يُحتمل أن يكون أخاه". انظر: تعجيل المنفعة (ص: 506). وأخرجه أحمد في المسند (5/ 436) من طريق عبد الصمد، عن هشام بن يحيى، عن محمَّد بن أيوب، عن محيصة. كذا وقع هذا الإسناد في المطبوع، وكذا ورد في التحقيق في أحاديث الخلاف لابن الجوزي (2/ 220). وفي أطراف المسند (5/ 267): عن عبد الصمد، عن هشام، عن يحيى، عن محمَّد بن أيوب، عن محيِّصة. =

ولم يُخَرِّج البخارِيُّ ولا مسلمٌ لمحيّصةَ شيئًا، وانظر هذا الحديث لمحيّصة في الزيادات (¬1)، وحديثَ ناقةِ البراء لحرام في مرسلِه (¬2). وقال يحيى بنُ يحيى في متن هذا الحديثِ: "اعلِفْه نضَّاحك". يَعني رقيقَك. وهذا التفسيرُ لمالكٍ، وهكذا حَكَى ابنُ القاسم عنه أنَّه قال: "النُضَّاحُ: الرقيقُ، قال: ويكون من الإبِل، ولكن تفسيرُه الرقيق" (¬3). وقال فيه ابنُ بكير عن مالك: "اعلفه نضَّاحَك ورقيقَك". هكذا بواو العطف (¬4). ¬

_ = ولا أدري من هو محمَّد بن أيوب هذا، والذي يظهر أنَّ ما في الكتابين تصحيف. ونقل الزيلعي عن أحمد هذا الحديث فقال: حدّثنا عبد الصمد، ثنا هشام، عن يحيى بن محمَّد، عن أيوب: أنّ رجلًا يُقال له محيّصة! كذا ورد السند في هذه الكتب، ولعل التصحيف لا ذلك قديم، والله أعلم، والذي ظهر لي أنّ صوابه: عبد الصمد، عن هشام بن عبد الله وهو الدستوائي، عن محمَّد بن زياد وهو انجمحي، عن محيصة. فعبد الصمد يروي عن هشام، وهشام يروي عن محمَّد بن زياد وهو يروي عن محيصة كما لا تراجمهم من تهذيب الكمال. وبهذا الإسناد أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط (8/ 183) (رقم: 8341) من طريق السكن بن إسماعيل، عن هشام الدستوائي، عن محمَّد بن زياد الجمحي، عن محيصة به. ورجاله ثقات، إلا السكن بن إسماعيل وهو صدوق كما في التقريب (رقم: 2459)، والله أعلم بالصواب، فإن صح ما ذكرته عن المسند فقد توبع السكن، تابعه عبد الصمد، والله أعلم بحقيقة الحال. (¬1) سيأتي حديثه (4/ 393). (¬2) سيأتي حديثه (4/ 508). (¬3) انظر: مسند الموطأ للجوهري (ل: 39/ ب). (¬4) موطأ ابن بكير (ل: 198/ ب -نسخة السليمانية-)، وكذا حكاه ابن عبد البر في التمهيد (11/ 78)، والقاضي عياض في مشارق الأنوار (2/ 16). وفي نسخة الظاهرية من رواية ابن بكير (ل: 263/ ب: "أعلفه ناضحك رقيقك"، ولم تثبت الواو.

واختُلِف عن القعنبي في إثبات الواو (¬1). وقال فيه الليث وغيرُه عن ابن شهاب: فلَم يزل به حتى قال: "أطعِمْه رقيقَك، وأعلِفه نواضِحَك" (¬2). وهذا هو المعروفُ، قال الخليل (¬3) وغيرُه: "النَّاضِحُ: الجمل يُسقَى عليه" (¬4). فصل: مُحيِّصةُ المذكورُ من الصحابة، وهو محيّصة بن مسعود بن كَعب بن عامِر الأنصاري الخزرجيِّ الحارثي، وهو مذكورٌ مع أخيه حويّصة في حديث القَسامة لسَهل بن أبي حَثْمَة (¬5). وذَكر ابنُ عبد البر في جملَةِ الصحابة ساعِدةَ بن حرام بن سعد بن ¬

_ (¬1) ثبتت عند أبي داود في السنن والجوهري في مسند الموطأ. ورواه ابن بشكوال في الغوامض (1/ 463) من طريق الجوهري وفيه: "أو"، بدل الواو، وهما بمعنى، وهي رواية أبي مصعب. وثبتت الواو أيضا عند سويد بن سعيد، وابن القاسم وابن وهب كما في الجمع بين روايتيهما، وسبق تخريج هذه الروايات. (¬2) وهي رواية معمر وابن أبي ذئب وابن عيينة وابن مسافر وزمعة بن صالح، وسبق تخريجها. (¬3) الخليل بن أحمد الفراهيدي، أبو عبد الرحمن البصري، صاحب العربية، منشئ علم العروض. قال عنه الذهبي: "كان رأسًا في لسان العرب، دينًا ورعًا، قانعًا، متواضعًا، كبيرَ الشأن". انظر: التاريخ الكبير (3/ 199)، الجرح والتعديل (3/ 380)، السير (7/ 429). (¬4) انظر: التمهيد (11/ 78)، وكذا قال الحربي في غريب الحديث (2/ 896). وهذا يشهد لرواية الجماعة عن الزهريّ، وفيه دليل أنَّ الناضح المعنيَّ به في الحديث غير الرقيق خلاف قول مالك رحمه الله. (¬5) تقدّم حديثه (3/ 117)، وانظر: ترجمة محيصة في الاستيعاب (4/ 1463).

محيّصة وقال: "حديثُه في كسب الحجّام مرسل، ولا تَصِحُّ له صُحبة" (¬1). ولم يَذكر حرامًا ولا سعدًا، وذِكْرُه في الصحابة غَلَطٌ، والله أعلم (¬2) * * * ¬

_ (¬1) الاستيعاب (2/ 566). (¬2) ووجهه أنه لم يذكر أباه ولا جده -وليسا من الصحابة- فالأولى عدم ذكر ساعدة لتأخره ولا إشكال في عدم صحبته، والله أعلم. وذكر ابن حجر ساعدة في القسم الثاني من الإصابة (3/ 239) وقال: "وقد ذكره البخاري في الصحابة ولم يخرّج له شيئًا قاله ابن منده، ثم وجدت في تاريخ البخاري (التاريخ الكبير 4/ 210) من طريق ابن إسحاق، حدّثني بشير بن يسار: أن ساعدة بن حرام بن محيصة حدّثه أنه كان لمحيّصة عبد حجام يُقال له أبو طيبة، الحديث، وفيه: "اعلفه نضّاحك"، قال ابن عبد البر: هذا عندي مرسل، قلت: محيّصة صحابي بلا ريب، وابنه حرام بن محيصة تقدّم ذكره، وأما ساعدهَ فيُحتمل أن يكون له رؤية".

البهزي السلمي

البهزيُّ السلمي وقد تقدَّم حديثُه. حديث: الحمار الوحشي. معدود لعُمير بن سلمة، مذكورٌ في مسنده, قال فيه: عن البهزيِّ (¬1). وقيل: أراد عن قِصَّةِ البهزيِّ، لا أنَّه أسندَ الحديثَ عنه. وقال فيه يونس بن راشد وطائفةٌ: عن يحيى بن سعيد -شيخ مالك- بإسناده في الموطأ: عن عُمير بن سلمة: أنَّ رجلًا مِن بَهز أخبره. ذكر هذا الدراقطني (¬2). وذكر الجوهري في مسنده عن محمَّد الذهليِّ، عن موسى بن هارون: أنَّه ذكر الخلافَ فيه عن يحيى بن سعيد وغيرِه، وقال: "كان يحيى أحيانًا يقول فيه: عن البهزي، وأحيانًا لا يقوله، وكان هذا عند المَشيخَة الأُول جائزًا، يقولون: عن فلان، وليس هو عن رواية فلان، وإنَّما هو عن قصة فلان. قال: والصحيحُ عندنا أنَّ هذا الحديثَ رواه عُمير بن سلمةَ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ليس بينه وبينه فيه أحدٌ" (¬3). ¬

_ (¬1) انظر: حديثه (3/ 71)، وتقدّم هنالك تخريجه، والكلام على الاختلاف فيه. (¬2) أخرجه الدارقطني في العلل (4/ ل: 119/ أ، ب) من طريق يونس كان راشد، وعبد الوهاب بن عبد المجيد، وعباد بن العوام عن يحيى بن سعيد به. وذكر معهم جرير بن عبد الحميد وأبا ضمرة أنس بن عياض والنضر بن محمَّد المروزي وعبد الرحيم بن سليمان، ولم يسنده عنهم، وتقدّم ذكر هذه الطرق ومن وافقهم في مسند عمير بن سلمة الضمري. (¬3) مسند الموطأ (ل: 142/ أ).

قال الشيخ أبو العبّاس رضي الله عنه: والبَهزيُّ اسمُه: يزيد بن كعب، حكاه أبو جعفر العُقيلي عن داود بن رُشَيد (¬1)، وسمّاه غيرُه. زيدًا (¬2)، انظره في حرف العين (¬3). فصل: جَدُّ عَمرو بن شعيب هو عبد الله بن عَمرو بن العاصِي، وقد تقدَّم حديثُه (¬4). وعمُّ عبّاد بن تَميم هو عبد الله بن زيد بن عاصِم, تقدَّم حديثُه أيضًا (¬5). * * * ¬

_ (¬1) كذاك سمّاه خليفة بن خياط، وأبو حاتم، والطبراني. انظر: الطبقات (ص: 52)، الجرح والتعديل (3/ 571)، المعجم الكبير (5/ 259). وداود بن رُشيد الهاشمي مولاهم، أبو الفضل الخوارزمى، البغدادي، من رجال البخاري ومسلم. (¬2) الاستيعاب (2/ 558). (¬3) مسند عمير (3/ 71). (¬4) تقدّم حديثه (3/ 3). (¬5) تقدّم حديثه (3/ 19).

المبهمون من الصحابة

المبهمون من الصَّحابة 85 - مَن صلى مع وسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - صلاةَ الخوف حديثٌ واحدٌ. حديث: صلاة الخوف. عن يزيد بن رُومان، عن صالح بن خَوَّات، عن مَن صلَّى مع رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - يومَ ذاتِ الرِّقاع (¬1) صلاةَ الخوف: "أنَّ طائفةً صَفَّت معه ... ". فذَكَرَ صِفةً معناها: أنّه صلى بطائفةٍ ركعةً وأتَمُّوا وهو قائِمٌ، يعني وسَلَّموا، ثم صلَّى بالأخرى ركعةً وأتَمُّوا وهو جالِسٌ، أي أتَمُّوا الفعلَ دون السَّلامِ، ثمَّ سَلَّم بِهم يعني بالثانيةِ خاصَّة (¬2). ¬

_ (¬1) كانت غزوة ذات الرقاع في المحرم على رأس سبعة وأربعين شهرًا من مهاجر النبي - صلى الله عليه وسلم -، وذات الرقاع جبل فيه بُقع حمرة وسواد وبياض، وهو واد محصور بين نخيل الحناكية وبين الشقرة في مسافة (25) كيلًا طولا. انظر: الطبقات الكبرى لابن سعد (2/ 47، 46)، المعالم الأثيرة لشراب (ص: 128). (¬2) الموطأ كتاب: صلاة الخوف، باب: صلاة الخوف (1/ 164) (رقم: 1). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: المغازي، باب: غزوة ذات الرقاع (5/ 63) (رقم: 4/ 29) من طريق قتيبة. ومسلم في صحيحه كتاب: صلاة المسافرين، باب: صلاة الخوف (1/ 575) (رقم: 842) من طريق يحيى النيسابوري. وأبو داود في السنن كتاب: الصلاة، باب: من قال إذا صلى ركعة وثبت قائما أتموا لأنفسهم =

لم يُسَمِّ صالِحٌ في هذه الرواية مَن حدَّثه بالحديث، وخُرِّج هكذا في الصحيحين من طريق مالك (¬1)، وهو حديثٌ مسنَدٌ صحيحٌ؛ لأنَّ صالحًا تابعيٌّ، سَمع سَهلَ بنَ أبي حثمة وغيرَه من الصحابة، ولا يَخفي عليه من صَحِبَ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - وشَهِدَ معه المشاهدَ، مِمَّن يَدَّعِي ذلك كاذبًا، ولو اتهِم في مثلِ هذا لاتُّهِمَ في حديِثه. قال الأثرمُ: قلتُ لأحمد بن حنبل: "إذا قال رجلٌ من التابعين: حدَّثني رجلٌ مِن أصحابِ النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬2) ولَم يُسَمِّه فالحديثُ صحيحٌ؟ قال: نعم" (¬3). وقد رَوى هذا الحديثَ أبو أويس عبد الله، عن يزيد بن رومان، عن صالِحٍ هذا عن أبيه خَوَّات بن جُبير، -وهو من الصحابةِ مشهورٌ، وله قِصةُ ذاتِ النِّحيَين- (¬4). ¬

_ = ركعة ... (2/ 30) (رقم: 1238) من طريق القعنبي. والنسائي في السنن كتاب: صلاة الخوف (3/ 171) من طريق قتيبة. وأحمد في المسند (5/ 370) من طريق إسحاق الطبّاع، خمستهم عن مالك به. (¬1) تقدّم تخريجه. (¬2) في الأصل: "صلى الله عليه". (¬3) تقدّم ذكر مثل هذا الكلام، وبم تثبت الصحبة، انظر: (3/ 574). (¬4) أخرجه أبو نعيم في معرفة الصحابة (2/ ل: 215/ أ) من طريق أبي أويس به. وذكره ابن أبي حاتم في علل الحديث (1/ 127)، وقال: قال أبو زرعة: "الصحيح من حديث يزيد بن رومان ما يقول مالك. قلت لأبي زرعة: الوهم من أبي أويس؟ قال: نعم. قال أبي: هذا خطأ، يقال: عن صالح بن خوّات عن سهل بن أبي حثمة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهذا الصحيح". اهـ. وذكر أيضًا أن عبد الله بن عمر العمري رواه عن أخيه عبيد الله بن عمر عن القاسم بن محمَّد عن صالح بن خوّات عن أبيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. قال: قال أبو زرعة: "هذا خطأ، إنما صالح بن خوّات عن سهل بن أبي حثمة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. قلت: الوهم ممّن هو؟ قال: مِن العمري". علل الحديث (1/ 78). قلت: وحديث العمري أخرجه الشافعي في الرسالة (ص: 244) قال: أخبرنا من سمع عبد الله بن =

وتقدّم حديث صالِحِ، عن سَهل من طريق يحيى بن سعيد الأنصاري، عن القاسم بن محمَّد، عنه موقوفًا (¬1). وقال الشافعي: "حديثُ يزيد بن رومان عن صالح بن خوّات مسنَدٌ، والمصيرُ إليه أَولَى مِن حديث القاسم؛ لأنَّه موقوفٌ" (¬2). ¬

_ = عمر بن حفص يخبر عن أخيه عبيد الله بن عمر، عن القاسم بن محمَّد، عن صالح بن خوّات بن جبير، عن أبيه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. وخالف الإمامُ مالك أبا أويس في حديث يزيد بن رومان، وهو أصح. وأما حديث القاسم فقد رواه يحيى بن سعيد الأنصاري عنه وقال فيه: عن سهل حسن أبي حثمة، وتقدّم حديثه (3/ 120). وأما تفسير المبهم في حديث يزيد بن رومان بسهل بن أبي حثمة كما ذهب إليه أبو حاتم وأبو زرعة ففيه نظر، وتقدّم في حديث سهل بن أبي حثمة قولُ أهل السير والغازي أنَّ سهلًا توفي النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - وهو ابن ثمان سنين، وتخطئة أي حاحم وأبي زرعة الرازيين. ثم إن حديث سهل بن أبي حثمة يخالف حديث الباب (المبهم)، فذكر الإِمام أحمد في المسند (3/ 448)، وأبو داود في السنن (2/ 32)، أن الروايتين تختلفان في السلام، ففي رواية الصحابي المبهم: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سلّم بالطائفة الثانية، وفي رواية سهل: أنهم قضوا الركعة بعد سلامه، وهذا ما يؤيّد اختلاف المخرج، والله أعلم. تنبيه: قول المصنِّف في خوات بن جُبير: "وله قصة ذات النحيين". النِّحي في كلام العرب هو سقاء السَّمن، وذات النحيين امرأة كانت تبيع السمن، لخوات بن جبير قصة مشهورة معها قد محاها الإِسلام. انظر: الطبقات الكبرى (3/ 364)، الاستيعاب (2/ 456)، جمهرة الأمثال للعسكري (2/ 321). (¬1) تقدّم حديثه (3/ 120). (¬2) لم أقف على كلام الشافعي. وذكر الشافعي في كتاب الرسالة حديث صالح بن خوّات، ثم قال: "وإنّما أخذنا بهذا دونه؛ لأنّه كان أشبهَ بالقرآن، وأقوى في مكايدة العدوّ، وقد كتبنا هذا بالاختلاف فيه وتبيّن الحجة في كتاب الصلاة، وتركنا ذكر من خالفنا فيه وفي غيره من الأحاديث؛ لأنّ ما خولِفنا فيه منا مُفْتَرِقٌ في كتبه". الرسالة (ص: 245)، وانظر: الأم للشافعي أيضًا (1/ 361). =

وقال ابنُ وهب في إِثْرِ حديث يزيد عن صالح: قال لِي مالكٌ: "هذا أَحبُّ إِلَيَّ" (¬1). ثم رَجع إلى حديثِ القاسِم، عن صالح، عن سَهل، وقال: "يكون قضاؤُهم بعد السلامِ أحبَّ إليَّ" (¬2). يعني الطائفةَ الثانيةَ دون الأولى بِخلاف حديثِ ابنِ عمر وغيرِه. وقال ابنُ حنبل: "لا أعلمُ أنَّه روي في صلاة الخوفِ إلاَّ حديثٌ ثابتٌ، هي كلُّها ثابتةٌ، فعَلَى أيِّ حديثٍ صلَّى المصلِّي صلاةَ الخوفِ أجْزَأَه" (¬3). وانظر حديثَ سَهل (¬4)، وحديثَ ابن عمر (¬5). ¬

_ = وما قاله الشافعي في كتابيه وما نقله عنه المصنف فيه نظر؛ إذ إنَّ حديث القاسم مرفوعٌ أيضًا من طرق أخرى في الصحيحين، وغيرهما، كما تقدّم في (3/ 121). (¬1) لم أقف عليه. وأخرجه الطحاوي في شرح المعاني (1/ 312) من طريق ابن وهب، ولم يذكر قول مالك. وذكر قول مالك القعنبي في روايته (ل: 43/ ب)، وعند أبي داود، وابن المنذر في الأوسط (5/ 43). وذكره أيضًا ابن بكير (ل: 40/ ب -نسخة السليمانية-). وقال في رواية أبي مصعب (1/ 234) (رقم: 603): "أحسن ما سمعتُ في صلاة الخوف حديث يزيد بن رومان، عن صالح بن خوَّات". (¬2) انظر: الموطأ (1/ 165 - رواية يحيى-)، (ص: 210 - رواية سويد-)، المدوّنة (1/ 150). (¬3) انظر: المغني (3/ 311). وحكى مثله الترمذي في السنن (2/ 454)، عن إسحاق بن راهويه، وفي العلل الكبير (1/ 301) عن البخاري. وقال ابن رجب: "وقد أجاز الإِمام أحمد، وإسحاق، وأبو خيثمة، وابن أبي شيبة، وابن جرير، وجماعة من الشافعية صلاة الخوف على كل وجه صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وإن رجّحوا بعض الوجوه على بعض". فتح الباري له (8/ 388). (¬4) تقدّم حديثه (3/ 120). (¬5) تقدّم حديثه (2/ 459).

86 - بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم

86 - بعضُ أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلَّم حديثٌ واحدٌ. 485/ حديث: "أَمَرَ الناسَ في سفره عامَ الفتح بالفِطر، وقال: تَقَوَّوا لعدوِّكم ... ". فيه: "أنّه صام ثُمَّ أفطَر بالكُدَيد". في الصيام. عن سُمَيٍّ مولى أبي بكر بن عبد الرحمن، عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث، عن بعض أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬1). فيه: قال أبو بكر: قال الذي حدَّثني: "لقد رأيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - بالعَرْج (¬2) يَصُبُّ على رأسِه الماءَ". وهذا بيَّن صحبتَه، وهذا الحديثُ يدخلُ في المسنَدِ وإنْ لَم يُسَمَّ راويه حسبَ ما قدَّمنا (¬3). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الصيام، باب: ما جاء في الصيام في السفر (1/ 245) (رقم: 22). وأخرجه أبو داود في السنن كتاب: الصوم، باب: الصائم يصب عليه الماء من العطش، ويبالغ في الاستنشاق (2/ 769) (رقم: 2365) من طريق القعنبي. والنسائي في السنن الكبرى كتاب: الصيام، باب: صب الصائم الماء على رأسه (2/ 196) (رقم: 3029) من طريق قتيبة. وأحمد في المسند (3/ 475) من طريق إسحاق الطباع، وفي (63/ 4) من طريق عثمان بن عمر، وفي (5/ 376) من طريق أبي نوح قراد، وفي (5/ 380، 408، 430) من طريق ابن مهدي وعبد الرزاق، سبعتهم عن مالك به. (¬2) العَرْج: واد من أودية الحجاز، يقع جنوب المدينة على مسافة (113) كيلا، على طريق الحاج. انظر: معجم البلدان (4/ 99)، معجم المعالم الجغرافية للبلادي (ص: 203)، المعالم الأثيرة لشرّاب (ص: 188). (¬3) انظر: (3/ 574). =

وقد رُوي معناه عن جابر (¬1)، وتقدَّم لابن عباس (¬2). وانظر مسنَدَ أنس (¬3)، ومرسلَ عروة (¬4). وأبو بكر بن عبد الرحمن، قيل: اسمه أبو بكر، وكنيتُه أبو عبد الرحمن (¬5). انظره في مرسلِه (¬6). ¬

_ = وجاء عن مالك بإسناد آخر، أخرجه أبو أحمد الحاكم في عوالي مالك (ص: 110) من طريق إسماعيل جنب داود بن مخراق عن مالكٍ عن سمي عن أبي بكر بن عبد الرحمن عن خلاد بن سويد الأنصاري قال: "رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - ... "، وذكره. وهذا منكر، إسماعيل بن داود قال أبو حاتم: "ضعيف الحديث جدًّا. الجرح والتعديل (2/ 168). وقال البخاري: "منكر الحديث". التاريخ الكبير (1/ 374). وقال أبو داود: "لا يساوي شيئًا". اللسان (1/ 404). وقال ابن حبان: "يسرق الحديث ويُسَوِّيه". المجروحين (1/ 129). وقال الدارقطني: "ليس بالقوي". اللسان (1/ 403). والصحيح ما في الموطأ، وجهالة الصحابي لا تضر، والله أعلم. (¬1) أخرجه مسلم في صحيحه كتاب: الصيام، باب: جواز الصوم والفطر في شهر رمضان للمسافر .. (2/ 785) (رقم: 1114) من طريق جعفر بن محمد بن علي عن أبيه عن جابر بنحوه. (¬2) تقدّم حديثه (2/ 527). (¬3) تقدم حديثه (2/ 57). (¬4) سيأتي حديثه (5/ 77). (¬5) ذكره البخاري في التاريخ الكبير (1/ 146)، ومن طريقه أبو أحمد الحاكم في الأسامي والكنى (2/ 101) عن عبد الملك بن سُمي عن أبيه. وعبد الملك لم أجد له ترجمة. وقال البخاري: "أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث هو اسمه وكنيته أبو عبد الرحمن". الكنى (ص: 9). وقال مسلم: "يقال: اسمه [أبو] بكر وكنيته أبو عبد الرحمن". الكنى (1/ 113). وقال الواقدي: "ليس له اسم، كنيته اسمه". الطبقات الكبرى (5/ 160). وكذا قال الطبري كما في تهذيب التهذيب (12/ 35). وقال المزي: "والصحيح أن اسمه وكنيته واحد". تهذيب الكمال (33/ 112). (¬6) سيأتي حديثه (5/ 276).

87 - صاحب هدي رسول الله صلي الله عليه وسلم

87 - صاحبُ هَدْيِ رسولِ الله صلي الله عليه وسلم وهو ناجية بن جُنْدُب (¬1)، وقيل: بالعكس (¬2)، وقيل: كان اسمه ذَكوان، فسمَّاه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ناجيةَ إذْ نَجَا مِن قريش (¬3)، وقد يُنسب إلى بعض أجدادِه وهو أَسلَمِيٌّ. له حديثٌ، لم يسمِّه مالكٌ فيه. 486 / حديث: "كلُّ بدنةٍ عَطِبَت (¬4) من الهَدْي فانْحَرْها، ثم أَلْقِ قلاِئدَها في دَمِها، ثمّ خَلِّ بينها وبينَ الناسِ". في الحج، عند آخره. عن هشام بن عروة، عن أبيه: "أنَّ صاحب هَدْي رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: يا رسول الله كيف أصنَع؟ " (¬5). هكذا هو في الموطأ، وظاهرُه الإرسالُ (¬6)، وأسنَدَه أبو قُرَّة عن مالك ¬

_ (¬1) كذا سمّاه علي بن المديني، وخليفة بن خياط، وابن سعد، وابن عبد البر. انظر: التاريخ الكبير (8/ 106)، الطبقات (ص: 112)، الطبقات الكبرى (4/ 235)، الاستيعاب (4/ 1522). (¬2) أي جندب بن ناجية. (¬3) ذكره ابن عبد البر في الاستيعاب (4/ 1522) عن ابن عُفير. (¬4) عَطِب الهدي: هلاكه، وقد يُعبّر به عن آفة تعتريه يُخاف عليه منها الهلاك، فيُنحر؛ لأنَّ ذلك مفض إلى الهلاك. انظر: مشارق الأنوار (2/ 81)، النهاية (3/ 259). (¬5) الموطأ كتاب: الحج، باب: العمل في الهدي إذا عطِب أو ضلّ (1/ 306) (رقم: 148). (¬6) انظر الموطأ برواية: - أبي مصعب الزهريّ (1/ 475) (رقم: 1215)، وسويد بن سعيد (ص: 464) (رقم: 1075) =

قال فيه: عن صاحب الهَدْي (¬1). وقال فيه الثوري، وابنُ عيينة، وجماعةٌ: عن هشام، عن أبيه، عن ناجيةَ الأسلمي -وهو الخزاعي- صاحِب بُدْن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. خَرَّجه النسائي وأبو داود (¬2). ¬

_ = وابن القاسم (ل: 59/ ب)، ويحيى بن بكير (ل: 17/ أ -نسخة الظاهرية-)، ومحمد بن الحسن (ص: 141) (رقم: 405). - وأخرجه الجوهري في مسند الموطأ (ل: 137/ أ) من طريق القعنبي. وقد توبع مالك على إسناده، تابعه: - زهير بن معاوية، أخرجه من طريقه ابن قانع في معجم الصحابة (3/ 161). - وعمر بن علي بن عطاء، عند ابن بشكوال في الغوامض والمبهمات (1/ 109) (رقم: 50). وعمر بن علي هذا قال عنه الحافظ: "ثقة، وكان يدلّس شديدًا". التقريب (رقم: 4952). وقال أبو نعيم: "ورواه مالك ووُهيب وشعيب بن إسحاق وحماد بن سلمة وجرير وأبو خالد الأحمر عن هشام، عن أبيه: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم - بعث الهدي مع ناجية". كذا قال، وسيأتي أن طريق وُهيب، وشعيب بن إسحاق متصلان، والله أعلم بالصواب. (¬1) لم أجده. وأبو قرة هو موسى بن طارق الزَّبيدي اليماني ثقة يغرب كما في التقريب (رقم: 6799)، وما في الموطأ أصح عن مالك. (¬2) أخرجه النسائي في السنن الكبرى كتاب: الحج، باب: كيف يفعل بالبدن إذا زحفت فنحرت؟ (2/ 454) (رقم: 4137)، والترمذي في السنن كتاب: الحج، باب: ما جاء إذا عطِب الهدي ما يصنع به (3/ 253) (رقم: 910)، وابن بشكوال في الغوامض والمبهمات (1/ 109) (رقم: 49) من طريق عبدة بن سليمان. وأبو داود في السنن كتاب: المناسك، باب: الهدي إذا عطِب قبل أن يبلغ (2/ 368) (رقم: 1762)، والبيهقي في السنن الكبرى (5/ 243)، والخطيب في الأسماء المبهمة (ص: 391)، وابن عبد البر في التمهيد (22/ 263) من طريق الثوري. وابن ماجه في السنن كتاب: المناسك، باب: الهدي إذا عطب (2/ 1036) (رقم: 3106)، وأحمد في المسند (4/ 334)، وابن أبي شيبة في المصنف (3/ 400) (رقم: 15342)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (4/ 287) (رقم: 2308)، وابن خزيمة في صحيحه (4/ 154) =

وسماعُ عروة مِن ناجيةَ غيرُ مَنكور (¬1). ولم يُخَرِّج البخاريُّ ولا مسلمٌ عن ناجية شيئًا، وألْزَمَهما الدارقطني إخراجَ هذا الحديثِ لصِحَةِ إسنادِه (¬2). وخَرَّج مسلم معناه عن ذؤَيب بن قبيصة الخزاعي (¬3)، وذكر هذا البخاري في التاريخ (¬4)، وأبو داود في التفرد. وذَكَرَ البزار أنّه اختُلِف في إسناده، وخَرَّجه عن سِنان بن سلمة، عن ¬

_ = (رقم: 2577)، والحاكم في المستدرك (1/ 447) من طريق وكيع بن الجراح. وأحمد في المسند (4/ 334)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (9/ 331) (رقم: 4023) من طريق أبي معاوية الضرير. والدارمي في السنن كتاب: الحج، باب: سنة البدنة إذا عطبت (2/ 90) (رقم: 1909، 1910) من طريق شعيب بن إسحاق وحفص بن غياث. والحميدي في المسند (2/ 388) (رقم: 880)، وابن قانع في معجم الصحابة (3/ 161)، والبيهقي في معرفة السنن (4/ 266) (رقم: 3298)، وابن عبد البر في التمهيد (22/ 264)، وابن بشكوال في الغوامض (1/ 108) (رقم: 48) من طريق ابن عيينة. وابن خزيمة في صحيحه (4/ 154) (رقم: 2577) من طريق عبد الرحيم بن سليمان. وأبو نعيم في معرفة الصحابة (2/ ل: 224/ ب) من طريق علي بن مسهر. والبخاري في التاريخ الكبير (8/ 107)، وابن أبي خيثمة في التاريخ (2/ ل: 106/ أ)، وابن عبد البر في التمهيد (22/ 264) من طريق وُهيب بن خالد. كل هؤلاء، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن ناجية به. (¬1) وقد صرح بالتحديث بين عروة وناجيةَ عبد الرحيم بن سليمان -وهو ثقة- عند ابن خزيمة في صحيحه. (¬2) الإلزامات (ص: 123). (¬3) صحيح مسلم كتاب: الحج، باب: ما يُفعل بالهدي إذا عطِب في الطريق (2/ 963) (رقم: 1326) من طريق عبد الأعلى بن عبد الأعلى، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن سنان، عن ابن عباس، عن ذؤيب به. (¬4) التاريخ الكبير (3/ 262).

ابن عباس قال: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُرسِلُ ببُدنِه مع ذُؤيب الخزاعي وقال له ... "، فذَكَرَ نحوَه (¬1). ومن طريق آخَر عن سنان، عن ابن عباس، عن ذؤيب (¬2). ¬

_ (¬1) لم أقف عليه في مسند البزار للنقص في النسخ الخطية، ولا في كشف الأستار. ومن هذا الوجه أخرجه ابن خزيمة في صحيحه (4/ 155) (رقم: 2578) من طريق ابن أبي عدي -محمَّد بن إبراهيم- عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن ابن عباس: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث مع ذؤيب ببدن .. "، الحديث. فجعله من مسند ابن عباس، وابن أبي عدي ثقة، إلا أنه خولف كما سيأتي. (¬2) تقدّم تخريجه من صحيح مسلم من طريق عبد الأعلى عن سعيد عن قتادة به، وتابع عبد الأعلى جماعةٌ فجعلوه من مسند ذؤيب، منهم: - محمَّد بن جعفر غندر عند أحمد في المسند (4/ 225)، وابن أبي خيثمة في التاريخ (رقم: 448 - رسالة الحمدان-)، وابن خزيمة في صحيحه (4/ 154) (رقم: 2578). - ومحمد بن بكر البرساني عند البخاري في التاريخ الكبير (3/ 262). - ومحمد بن بشر عند ابن أبي شيبة في المصنف (3/ 400) (رقم: 15343)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (4/ 286) (رقم: 2307)، والطبراني في المعجم الكبير (4/ 230) (رقم: 4213). - ويزيد بن زريع عند أبي عوانة في صحيحه كما في إتحاف المهرة (4/ 457)، والطبراني في المعجم الكبير (4/ 230) (رقم: 4213)، والبيهقي في السنن الكبرى (5/ 243). - وعبد الوهاب بن عطاء وأبو حاتم الأنصاري عند أبي عوانة كما في الإتحاف (4/ 457). - وخالد بن الحارث عند الطبراني في المعجم الكبير (4/ 230) (رقم: 4213). كل هؤلاء رووه عن سعيد، عن قتادة، عن سنان، عن ابن عباس، عن ذؤيب. وهذا أصح لكثرة من رواه كذلك. وقد أعلّ يحيى بن معين وغيره حديث قتادة بالانقطاع بينه وبين سنان. قال ابن الجنيد: قلت ليحيى بن معين: "إن يحيى بن سعيد يزعم أن قتادة لم يسمع من سنان بن سلمة الهذلي حديث ذؤيب الخزاعي في البدن؟ فقال: ومن يشك في هذا؟ ! إنّ قتادة لم يسمع منه ولم يلقه". السؤالات (ص: 340). =

ومن طريق آخر عن سنان، عن أبيه (¬1). * * * ¬

_ = وقال الدوري: سمعت يحيى يقول: "لم يسمع قتادة من سنان بن سلمة أحاديثه عنه مرسلة، وسمع من موسى بن سلمة". التاريخ (4/ 119). قلت: وقد روي الحديث عن ابن عباس من وجه آخر، أخرجه مسلم في صحيحه (2/ 962) (رقم: 1325) من طريق أبي التياح الضبعي، عن موسى بن سلمة الهذلي، عن ابن عباس به. (¬1) ومن هذا الطريق: أخرجه أحمد في المسند (5/ 6)، والبخاري في التاريخ الكبير (3/ 263)، ويعقوب الفسوي في المعرفة والتاريخ (1/ 333)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (3/ 311) (رقم: 1073)، والطبراني في المعجم الكبير (7/ 47) (رقم: 6345)، والدارقطني في المؤتلف والمختلف (3/ 1429، 1430) من طرق عن ابن جريج، عن عبد الكريم بن أبي المخارق، عن معاذ بن سَعْوَة، عن سنان، عن أبيه به. وهذا السند ضعيف؛ لضعف عبد الكريم بن أبي المخارق كما في التقريب (رقم: 4156). ومعاذ بن سعوة ذكره ابن حبان في الثقات (7/ 481)، وأما ابن حجر فقال: قال الحسيني: "وثّقه ابن حبان، ولم أره فيه". تعجيل المنفعة (ص: 406). وسَعْوَة: بسين مهملة وآخره هاء كما في الإكمال (5/ 71). وتصحّف في المسند إلى (معاوية)، وفي إتحاف المهرة (5/ 616) وتعجيل المنفعة إلى (مسعود)، وجاءت في المعرفة على الصواب، وأبدلها المحقق بمعاوية وقال: سعوة تصحيف! !

88 - رجل من الذين قتلوا ابن أبي الحقيق

88 - رجلٌ من الذين قَتَلوا ابن أبي الحُقيق حديثٌ مركَّبٌ. • حديث: عن ابن شهاب عن ابن لكعب بن مالك -قال: حسِبتُ أنَّه قال عبد الرحمن- قال: "نَهى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - الَّذين قَتَلوا ابنَ أبي الحقيق عن قتل النِّساء والولدان قال: فكان رجل منهم يقول: برَّحتْ بنا امرأةُ [ابن] (¬1) أبي الحقيق بالصِّياحِ، فأرفَعُ عليها السيفَ ثم أذكرُ نهيَ رسول - صلى الله عليه وسلم - ـ فأكُفُّ" (¬2). وبهذا يُنسبُ الحديثُ إلى الرجلِ المجهول (¬3)، وأظنّه عبد الله بن عَتيك، والمرويُّ عنه منه: النهي عن قتل النِّساء خاصة (¬4)، وأما النَّهي عن قتلِ الولدان فمرسلٌ في الموطأ (¬5). وخَرَّج ابنُ إسحاق في المغازي عن الزهريّ عن عبد الله بن كعب بن مالك هذا الحديث مطوَّلًا في قتل [أبي] (¬6) رافِع بن أبي الحقيق اليهودي، وفيه: ¬

_ (¬1) ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل. وهو أبو رافع ابن أبي الحقيق اليهودي. (¬2) الموطأ كتاب: الجهاد، باب: النهي عن قتل النساء والولدان في الغزو (2/ 358) (رقم: 8). وهذا مرسل، أي النهي عن قتل النساء، وأما قصة القتل فلم يصرّح فيها ابن كعب بالتحديث بينه وبين الرجل، وإنما ذكرها حكاية، فهي في صورة المرسل أيضًا. واختلف الرواة عن مالك وعن الزهريّ في تسمية ابن كعب بن مالك. انظر: التمهيد (11/ 66 - 71)، وسيأتي ذكر الاختلاف في مرسل عبد الرحمن بن كعب (5/ 52). (¬3) أي مجهول اسمه، لا حاله على اصطلاح المحدّثين؛ لأنَّه من الصحابة، وهم عدول. (¬4) يُفهم من كلام المصنف أن النهي عن قتل النساء خاصة روي من حديث عبد الله بن عتيك، ولم أجده، والله أعلم. (¬5) سيأتي في مرسل نافع (4/ 596). (¬6) ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.

"أنّه خرج إليه خمسةُ نَفَر من الخزرج: عبد الله بن عَتيك، ومسعود بن سنان، وعبد الله بن أنيس، وأبو قتادة الحارث بن ربعي، وخُزاعِي بن أسود حَليفٌ لَهم، وأنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - نهاهم عن قتل النساء والولدان، وأنَّهم دخلوا عليه ليلًا فقتلوه، وصاحتْ امرأتُه يعني مستعْيثَةً فَهَمُّوا بقتلِها -لولا النَّهيُ المذكور-" (¬1). وخَرَّج البخاريُّ من طريق البراء بن عازب قصةَ قتلِ أبي رافعِ هذا ولم يُسَمِّ فيها جملةَ مَن قتَلَه، إلَّا أنَّه ذَكر منهم عبد الله بن عتيك وعبد الله بن عُتبة، وذَكَر النهيَ عن قتلِ النساء والولدان (¬2). انظر الحديثَ في مرسل عبد الرحمن بن كعب (¬3)، ومعناه في مرسلِ نافع (¬4). ¬

_ (¬1) سيرة ابن هشام (2/ 273 - 275)، وصرّح أخبرنا إسحاق بالتحديث عن الزهريّ، والراوي للخبر تابعي فهو مرسل، لكن يشهد له حديث البخاري الآتي. (¬2) صحيح البخاري كتاب: الجهاد، باب: قتل النائم المشرك (4/ 348) (رقم: 3023، 3022)، وفي: المغازي، باب: قتل أبي رافع عبد الله بن أبي الحقيق (5/ 32) (رقم: 4038 - 4040). (¬3) في الأصل: "مسند عبد الرحمن بن كعب"، والصواب المثبت، وحديثه في مرسله (5/ 52)، ولا مسند له؛ لأنَّه من التابعين. (¬4) سيأتي حديثه (4/ 596). تنبيه: وقع في المطبوع من الموطأ -رواية يحيى بن يحيى- (2/ 358) (رقم: 9): عن نافع عن ابن عمر: "أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... "، الحديث، أي موصولًا. وهذا خطأ؛ لأنَّ رواية يحيى لهذا الحديث عن مالك عن نافع مرسلة لم يذكر فيها ابن عمر، كما ذكر المصنف. وانظر: نسخة المحمودية (أ) (ل: 56/ ب)، و (ب) (ل: 73/ ب)، ونسخة شستربتي (ل: 25/ أ). وقال ابن عبد البر: "هكذا رواه يحيى عن مالك عن نافع مرسلًا". التمهيد (16/ 135).

89 - مخبر أخبر أبا سعيد الخدري

89 - مخبِر أخبَرَ أبا سعيد الخدري حديثٌ تقدَّم طرفُه وهو مركَّبٌ. 487 / حديث: "نهيتُكم عن لحومِ الأضْحَى بعد ثلاثٍ، فكُلُوا وتصَدَّقوا وادَّخِروا". وذَكر إباحةَ الانتباذِ وزيارةِ القبور. في الضحايا. عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن أبي سعيد الخدري، في قصةٍ فيها ذكرُ النَّهيِ عن لحوم الأضاحي، وأنَّ أبا سعيد سَأل فأُخبِر أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال ذلك (¬1). هذا مقطوعٌ عند مالكٍ، وربيعةُ إنَّما رواه عن محمَّد بن يحيى بن حَبَّان، عن عمِّه واسع بن حَبَّان، عن أبي سعيد (¬2). والمخبِرُ لأبي سعيد غيرُ مسمًّى ها هنا، وهو أخوه لأمِّه قتادةُ بن النُّعمان الظَّفَري، خَرَّجه البخاريُّ من طريق يحيى بن سعيد، عن القاسم بن محمَّد، عن عبد الله بن خَبَّاب، عن أبي سعيد، عن قتادة، ذَكَر القصَّةَ واختَصَرَ الحديث (¬3). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الضحايا، باب: ادّخار لحوم الأضاحي (2/ 386) (رقم: 8). (¬2) كذا قال المصنف رحمه الله، وتقدّم في مسند أبي سعيد (3/ 275) أنَّه عزا هذه الرواية لإبراهيم بن أبي يحيى، وليس فيها واسع بن حبّان -عمّ محمَّد-، وكذا ذكرها الدارقطني في العلل (11/ 319)، وإبراهيم بن أبي يحيى متروك ااحديت. والذي رواه عن محمَّد بن يحيى بن حبان عن عمّه واسع عن أبي سعيد هو أسامة بن زيد الليثي، وتقدّم ذكر ذلك في مسند أبي سعيد، ولعل المصنف ذكر ذلك من حفظه فوهم، والله أعلم. (¬3) انظر: صحيح البخاري كتاب: المغازي، بابٌ (5/ 18) (رقم: 3997)، وفي الأضاحي، باب: ما يُؤكل من لحوم الأضاحي، وما يُتزوّد منها (6/ 596) (رقم: 5568). =

وخَرَّج البزارُ عن شريك بن عبد الله بن أبي نَمِر، عن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري، عن أبيه، عن أخيه لأمِّه قتادة بن النعمان: "أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن لحوم الأضاحي فوق ثلاثٍ ثم رخصَ فيها بعدُ" (¬1). ¬

_ = ووقع في الموضع الثاني: أبو قتادة بدل قتادة، قال ابن حجر: "كذا لأبي ذر، ووافقه الأصيلي والقابسي في روايتهما عن أبي زيد المروزي وأبي أحمد الجرجانيّ، وهو وهم، وقال الباقون: حتى آتي أخي قتادة، وهو الصواب ... ، وقد نبّه على اختلاف الرواة في ذلك أبو علي الجيّاني في تقييده، وتبعه عياض وآخرون". الفتح (10/ 26). (¬1) كذا في الأصل، ولم أقف عليه في مسند البزار لنقص في نسخه الخطية. وأخرجه أحمد في المسند (3/ 48)، (4/ 15)، (6/ 384)، وأبو يعلى في المسند (2/ 78) (رقم: 1230)، والطحاوي في شرح المعاني (4/ 185)، والحاكم في المستدرك (4/ 232)، والدولابي في الكنى (1/ 34) من طرق عن زهير بن محمَّد، عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر، عن عبد الرحمن بن أبي سعيد، عن أبيه وعمّه قتادة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "كلوا لحوم الأضاحي وادّخروا". فجعل الحديث عن أبي سعيد وقتادة على السواء. وشريك تقدّم فيه قول الحافظ ابن حجر: "صدوق يخطئ". التقريب (رقم: 2788). وأخرج البخاري في صحيحه كتاب: المغازي، بابٌ (5/ 18) (رقم: 3997)، وفي الأضاحي، باب: ما يؤكل من لحوم الأضاحي وما يُتزوّد منها (6/ 596) (رقم: 5568) من طريق يحيى بن سعيد، عن القاسم بن محمَّد، عن عبد الله بن خبّاب: أنّ أبا سعيد بن مالك الخدري - صلى الله عليه وسلم - قَدِم من سفر، فقدّم إليه أهله لحمًا من لحوم الأضحى فقال: ما أنا بآكله حتى أسأل، فانطلق إلى أخيه لأمّه وكان بدريًّا قتادة بن النعمان فسأله فقال: "إنّه حدَثَ بعدك أمرٌ، نقضٌ لما كان يُنهون عنه من أكل لحوم الأضحى بعد ثلاثة أيام". وتقدّم في مسند أبي سعيد من هذا الكتاب أنَّ مسلمًا أخرجه في صحيحه من طريق أبي نضرة عن أبي سعيد مستوعبًا، ذكر فيه النهي والإباحة بعد النهي. انظر: (3/ 275). وتقدّم هناك أنّ المصنف رجّح أن أبا سعيد سمع النهيَ في موطن، ثم سمع الإِباحةَ في موطن آخر، واستدل ببعض الطرق المصرحة بسماع الكل، وأما ابن حجر فذهب إلى أنّ أبا سعيد إنما سمع النهي، وأما الإباحة فسمعها بواسطة أخيه لأمّه قتادة بن النعمان.

وتقدَّم لأبي سعيد طَرفٌ مِن هذا الحديثِ في ذِكر لحومِ الأضاحي خاصَّة، وقد رُوي عنه مُستَوعَبًا بلفظِ السَّماع، انظره في مسنَدِه (¬1). وانظر حديث جابر (¬2)، وعائشةَ من طريق عَمرة (¬3). وقتادةُ بنُ النعمان خَرَّج له البخاريُّ دون مسلمٍ (¬4). وحَبَّان المذكورُ في إسناد هذا الحديثِ بفتح الحاء المهملةِ، وقد تقدَّم ذكرُه (¬5). وأما خَبَّاب المذكورُ في سَنَد البخاريِّ فهو بالخاء المعجمةِ، وباءَيْن الأولَى مشدَّدَةٌ والثانيةُ مُتَطَرِّفَةٌ مِن غيرِ نون (¬6). * * * ¬

_ (¬1) انظر: (3/ 275، 276). (¬2) تقدّم حديثه (2/ 123). (¬3) سيأتي حديثها (4/ 117). (¬4) رجال البخاري للكلاباذي (2/ 619)، الجمع بين رجال الصحيحين (2/ 422). (¬5) انظر: (2/ 157، 480). (¬6) وهو عبد الله بن خبّاب المدني، مولى فيما عديّ بن النجّار. انظر: الإكمال (2/ 149)، المؤتلف والمختلف للدارقطني (1/ 470)، توضيح المشتبه (3/ 36).

• رجال من كبراء قوم سهل بن أبي حثمة

• رِجال من كُبراء قَوم سَهل بن أبي حَثمة في حديثِهم نَظر. • حديث: القَسامة. هو عند يحيى بن يحيى لرِجال مِن كبراء قوم سهل بن أبي حثمة أخبروه به، وعند غيرِه مِن رواة الموطأ لسَهل والرِّجال على طريق الاشتِراك، وقد تقدَّم في مسند سَهل (¬1). * * * ¬

_ (¬1) تقدّم حديثه (3/ 117).

• مخبر لابن عمر

• مُخبِرُ لابن عمر غيرُ معدود في الرواةِ، والحديثُ لابن عمر. • حديث: "يُهِلُّ أهلُ اليمن مِن يَلَمْلَم ... ". • حديث: "نَهى أن يُنبَذَ في الدبّاء والمزفَّت ... ". تقدَّما في مسند ابنِ عمر وهما معدودان له (¬1). • وأمَّا حديث: الأمرِ باستقبال القبلة للصلاة، فلابنِ عمر (¬2). وهكذا كلُّ حديث يَذكره الصحابي عن غير معروفٍ مِن الصحابة على طريق الحكايةِ فلا يَقصِد بها الروايةَ عنه، فإنّه يُنسب إلى المعروفِ دون المجهول، كحديثِ تحريمِ الحُمُرِ الإنسِية لأنسٍ، ولَم أتَتَبَّع هذا النوعَ (¬3). ¬

_ (¬1) انظر حديث المواقيت (2/ 386)، وحديث الانتباذ (2/ 433). (¬2) تقدّم حديثه (2/ 472). (¬3) يشير المؤلف إلى ما أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: المغازي، باب: غزوة خيبر (5/ 88) (رقم: 4199)، وفي: الذبائح والصيد، باب: لحوم الحمر الأنسية (6/ 584) (رقم: 5528)، ومسلم في صحيحه كتاب: الصيد والذبائح، باب: تحريم أكل لحم الحمر الإنسية (3/ 1540) (رقم: 1940 من طريق محمَّد بن سيرين عن أنس رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جاءه جاءٍ فقال: أُكلت الحمر، ثم جاءه جاء فقال: أُكلت الحمر، ثم جاءه جاء فقال: أُفنيت الحمر، فأمر مناديا فنادى في الناس: "إن الله ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر الأهلية، فإنها رجس" فأُكفئت القدور، وإنها لتفور باللحم. والله أعلم وأحكم، والحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.

القسم الثالث: في أسماء النساء

القسم الثالث: في أسماء النساء حديث أزاوج النبي - صلى الله عليه وسلم - وهنّ أمّهات المؤمنين المخاطبات بقوله تعالى: {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ} (¬1) 90 - مسند عائشة بنت أبي بكر الصديق أحد وتسعون حديثًا، ولها حديث عن جُدامة (¬2)، وفي الزيادات أحاديث (¬3). 1 - القاسم بن محمّد بن أبي بكر، عن عمّته عائشة ثمانية أحاديث، في أحدها خُلْف. مالك، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة ¬

_ (¬1) سورة الأحزاب، الآية: (34). (¬2) سيأتي حديثها (4/ 284). (¬3) هي ثمانية أحاديث، ستأتي في الزيادات (4/ 462 - 474).

488 / حديث: "خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بعض أسفارِه حتى إذا كنَّا بالبَيْدَاء (¬1)، أو بذات الجيش (¬2) انقطع عِقد لي، فأقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على التماسه، وأقام الناس معه، وليسوا على ماء، وليس معهم ماء ... ". فيه: فأنزل الله تعالى آية التيمم (¬3). في الطهارة (¬4). وفيه قول أبي بكر، وأُسَيد (¬5)، وهو بضم الهمزة وفتح السين، مصغَّرًا مخفّفا (¬6). ¬

_ (¬1) البيداء: هو الشُّرف الذي قُدام ذي الحليفة في طريق مكة. انظر: معجم ما استعجم (1/ 291). وقد وقع وهم في معجم البلدان (1/ 523) للحموي نبه عليه الشيخ عاتق البلادي في كتابه معجم معالم الحجاز (1/ 264)، وذكر أولها وآخرها أحمد ياسين الخياري في معالم المدينة قديمًا وحديثًا (ص: 240)، وقال: "إنها تقع في الجنوب الغربيّ من المدينة على بعد تسعة كيلو مترات تقريبًا". (¬2) ذات الجيش: وادٍ جنوب غرب المدينة، أوله من جبال المفرحات على بعد أربعة وعشرين كيلا من المدينة، ويُعرف بالشَّلبيَّة. انظر: المدينة بين الماضي والحاضر للعياشي (ص: 447 - 450)، ومعجم معالم الحجاز للبلاَدي (2/ 193 - 194). (¬3) هي قوله تعالى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا}، سورة المائدة، الآية: (6). وانظر: أسباب النزول للواحدي (ص: 146). (¬4) الموطأ كتاب: الطهارة، باب: في التيمم (1/ 71، 72) (رقم: 89). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: التيمم، باب (1): (1/ 125) (رقم: 334) من طريق عبد الله بن يوسف، وفي فضائل الصحابة (3/ 12) (رقم: 3672) من طريق قتيبة، وفي تفسير سورة المائدة (3/ 222) (رقم: 4607)، وفي الحدود (4/ 261) (رقم: 6844) من طريق إسماعيل بن أبي أويس. ومسلم في صحيحه كتاب: الحيض، باب: التيمم (1/ 279) (رقم: 108) من طريق يحيى النيسابوري. والنسائي في السنن كتاب: الطهارة، باب: بدء التيمم (1/ 179) (رقم: 309) من طريق قتيبة. وأحمد في المسند (6/ 179) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، خمستهم عن مالك به. (¬5) قول أبي بكر هو: حبستِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وليسوا على ماء ... وقول أُسَيدهو: ما هي بأوَّل بركتكم ... (¬6) انظر: المؤتلف والمختلف للأزدي (ص: 4)، والإكمال (1/ 67)، وتوضيح المشتبه (1/ 218).

489 / حديث: "كنتُ أُطيّبُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - لإحرامه قبل أن يُحرم، ولحلّه". في الحج عند أوله (¬1). وانظر مرسل عطاء بن أبي رباح (¬2). 490 / حديث: "أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أفرد الحجَّ". في باب الإفراد، مختصرًا (¬3). ¬

_ (¬1) الموطأ، كتاب: الحج، باب: ما جاء في الطب في الحج (1/ 268) (رقم: 17). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الحج، باب: الطيب عند الإحرام (1/ 475) (رقم: 1539) من طريق عبد الله بن يوسف. ومسلم في صحيحه كتاب: الحج، باب: الطيب عند الإحرام (2/ 846) (رقم: 33) من طريق يحيى النيسابوري. وأبو داود في السنن كتاب: الناسك، باب: الطيب عند الإحرام (2/ 358) (رقم: 1745) من طريق القعنبي، وأحمد بنِ يونس. والنسائي في السنن كتاب: المناسك، باب: إباحة الطيب عند الإحرام (5/ 147) (رقم: 2684) من طريق قتيبة بن سعيد. وأحمد في السند (6/ 186) من طريق روح بن عبادة، ستتهم عن مالك به. (¬2) سيأتي حديثه (5/ 148). (¬3) الموطأ كتاب: الحج، باب: إفراد الحج (1/ 273) (رقم: 37). وأخرجه مسلم في صحيحه كتاب: الحج، باب: بيان وجوه الإحرام .. (2/ 875) (رقم: 122) من طريق إسماعيل بن أبي أويس، ويحيى النيسابوري. وأبو داود في السنن كتاب: المناسك، باب: في إفراد الحج (2/ 377 - 379) (رقم: 1777) من طريق القعنبي. والترمذي في السنن كتاب: الحج، كتاب: ما جاء في إفراد الحج (3/ 183) (رقم: 820) من طريق أبي مصعب. =

انظره لعروة عنها من طريق أبي الأسود (¬1). 491 / حديث: أنَّ صفيَّةَ بنتَ حُيَّيَّ حاضت، فذكرتُ ذلك .. فيه: فقال: "أَحَابِسَتُنَا هي"، فقيل: إنها قد أفاضت. قال: "فلا إذًا". في باب: إفاضة الحائض (¬2). انظره لعروة (¬3)، وعمرة عنها (¬4)، وانظر حديث أم سُليم في مسندها" (¬5). 492 / حديث: "قدمتُ مُكَّةَ وأنا حائض فلم أطف بالبيت ولا بين الصَّفا والمروة ... ". فيه: "افْعَلِي ما يفعل الحاجُّ غير أن لا تطوفي بالبيت ولا بين الصَّفَا والمروة حتى تطهري". ¬

_ = والنسائي في السنن كتاب: المناسك، باب: في إفراد الحج (5/ 158) (رقم: 2714) من طريق عبد الرحمن بن مهدي. وابن ماجه في السنن كتاب: المناسك، باب: الإفراد في الحج (2/ 988) (رقم: 2964) من طريق هشام بن عمار وأبي مصعب. وأحمد في المسند (6/ 36، 104) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، وأبي سلمة، وهو منصور بن سلمة الخزاعي. والدارمي في السنن كتاب: المناسك، باب: في إفراد الحج (2/ 35) من طريق خالد بن مخلّد، تسعتهم عن مالك به. (¬1) سيأتي (4/ 65). (¬2) الموطأ كتاب: الحج، باب: إفاضة الحائض (1/ 329) (رقم: 225). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الحج، باب: إذا حاضت المرأة بعد ما أفاضت (1/ 533) (رقم: 1757) من طريق عبد الله بن يوسف عن مالك به. (¬3) سيأتي حديثه (4/ 36). (¬4) سيأتي حديثها (4/ 115). (¬5) سيأتي حديثها (4/ 326).

في باب دخول الحائض مكة، مختصرًا (¬1). انفرد يحيى بن يحيى في هذا الحديث بالنّهي عن الطواف بين الصفا والمروة (¬2) وهو وَهْم لَم يُتابَع عليه (¬3)، ولا جاء في شيءٍ من الآثار أنَّ الحائضَ ممنوعةٌ من السعي بين الصفا والمروة (¬4)، وإنَّما مُنِعَتْ من الطواف بالبيت؛ لأنَّ الطوافَ به مُشَبَّهٌ بالصلاة، ولا يكون إلاَّ على وضوء، ولأنَّ البيتَ داخلُ المسجد، وليس الصفا والمروة كذلك (¬5). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الحج، باب: دخول الحائض مكة (1/ 329) (رقم: 224). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الحج، باب: تقضي الحائض المناسك كلها إلاّ الطواف بالبيت (1/ 506) (رقم: 1650) من طريق عبد الله بن يوسف. والدارمي في السنن كتاب: الحج، باب: ما تصنع الحاجّة إذا كانت حائضًا (2/ 44) من طريق خالد بن مخلد، كلاهما عن مالك به. (¬2) انظر الموطأ برواية: - أبي مصعب الزهريّ (1/ 514) (رقم: 1325)، وسويد بن سعيد (ص: 456) (1046)، ومحمد بن الحسن الشيباني (ص: 156) (465)، ويحيى بن بكير (ل: 250/ أ) -الظاهرية-. - والقعنبي عند الجوهري في مسنده (ل: 105/ ب). - وابن القاسم (ص: 401) (رقم: 387) -القابسي-. فكلهم رووا هذا الحديث وليس فيه النهي عن الطواف بين الصفا والمروة كما ورد عند يحيى. (¬3) وممن حكم على هذه الزيادة بالوهم وأنها غير محفوظة في حديث عبد الرحمن بن القاسم: ابنُ عبد البرّ في التمهيد (5/ 263 - 264)، والاستذكار (13/ 258)، والقاضي عياض في مشارق الأنوار (2/ 309)، والعراقي في طرح التثريب شرح التقريب (5/ 122). (¬4) لعلّ المصنِّف يقصد بالآثار: الأحاديث المرفوعة، وإلاّ فقد ورد في الموطأ كتاب: الحج، باب: ما تفعل الحائض في الحج (1/ 278) (رقم: 54) عن ابن عمر موقوفًا أنَّه قال في المرأة الحائض: " .. وهي تشهد المناسك كلَّها مع الناس، غير أنَّها لا تطوف بالبيت، ولا بين الصفا والمروة"، فيستبعد أن يقول الصنف هذا الكلام، وهذا الأثر الموقوف بين يديه في الموطأ، والله أعلم. (¬5) كون الطواف مشبّهًا بالصلاة ورد من حديث ابن عباس مرفوعًا، أخرجه الترمذي في السنن كتاب: الحج، باب: ما جاء في الكلام في الطواف (3/ 293) (رقم: 965)، والدارمي في السنن =

وفي الحديث أنَّ عائشة لم تطف بالبيت ولا بين الصفا والمروة، وإنما تركت الطواف بين الصفا والمروة لأنَّ التطوف بهما لا يكون إلاَّ إِثْرَ الطواف بالبيت، فلمَّا مُنِعتْ من الطواف بالبيت من أجل الحيض تركَتْ هي الطواف بهما من غير مجرّد أمر، وأخبرت عن نفسها بما كان منها في ذلك (¬1). ¬

_ = كتاب: الحج، باب: الكلام في الطواف (2/ 44)، وأحمد في المسند (3/ 414) و (4/ 64)، و (5/ 377)، وابن الجارود في المنتقى (ص: 161) (461)، والحاكم في المستدرك (1/ 459) و (2/ 267)، والبيهقي في السنن الكبرى (5/ 87)، وابن حجر في الإمتاع بالأربعين المتباينة السماع (ص: 81 - 82)، وحسنه، كلّهم من طرق عن عطاء بن السائب، عن طاوس، عن ابن عباس، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "الطواف حول البيت مثل الصلاة، إلَّا أنكم تتكلمون فيه". وسنده حسن، وعطاء بن السائب وإن كان قد اختلط، لكن الحديث جاء عنه من أحد طرقه عن سفيان الثوري، كما هو عند الحاكم والبيهقي، وهو قد سمع منه قبل الاختلاط كما قال أحمد بن حنبل وغيره، ثم إنه لم ينفرد به، فقد تابعه ليث بن أبي سُليم عند الطبراني في الكبير (11/ 34) (رقم: 10955)، والبيهقي في السنن الكبرى (5/ 87)، وليث لا بأس به في المتابعات. انظر: علوم الحديث لابن الصلاح (ص: 353)، والكواكب النيّرات في معرفة من اختلط من الرواة الثقات لابن الكيّال (ص: 322) هذا، وقد اختلف في رفعه ووقفه، ورجّح غير واحد من أهل العلم كالترمذي والبيهقي وابن الصلاح وقفه، إلاَّ أنه مرفوع حكما؛ لأن مثله لا يقال من قبل الرأي. انظر: شرح مشكل الوسيط لابن الصلاح (ل: 242/ ب)، وطرح التثريب شرح التقريب (5/ 120). والحديث صحّحه ابن السكن كما نقله ابن حجر في التلخيص الحبير (1/ 138)، وابن خزيمة (4/ 222) (رقم: 2739)، وابن حبان (الإحسان) (9/ 143) (رقم: 2836)، والألباني في إرواء الغليل (1/ 154). وممّن ذكر السببين المذكورين لمنع عائشة من الطواف: ابن قدامة في المغني (5/ 367 - 368)، وكر السبب الثاني وحده: العينيّ في عمدة القاري (9/ 292، 293). (¬1) كلام المؤلّف هذا جاء ردًا على سؤال مقدّر وهو: إذا كان السعي بين الصفا والمروة لا يشترط له الطهارة كالطواف، وهما ليسا أيضًا داخل المسجد، فلم لم تطف عائشة رضي الله عنها بينهما؟ فرد المؤلّف على هذا فقال: "إنما تركت الطواف ... ". وانظره أيضًا في طرح التثريب شرح التقريب (5/ 123).

493 / حديث: "خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عَامَ حَجُّة الوداع فأهللنا بعمرة، ثمَّ قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: مَن كان معه هدي فليهلل بالحج مع العمرة ثم لا يحل ... ". فيه: "قالت: فقدمتُ مكةَ وأنا حائض فلم أطف بالبيت ولا بين الصفا والمروة". وقولُ النبي - صلى الله عليه وسلم -: "انقضي رأسك وأمتشطي وأهلّي بالحج ودعي العمرة ... ". وذِكرُ اعتمارِها من التنعيم بعد الحج، وفعلُ مَن تمتّع، ومَن أفرد، ومَن قَرَن. في باب: دخول الحائض مكةَ، عند آخر كتاب الحج نائيا عن أبواب الإهلال. ذَكَرَه في أوَّلِ الباب مطوّلًا (¬1)، واحتجَّ ببعضه مرسلًا في باب القرآن (¬2). انفرد يحيى بن يحيى بهذا المتن ساقه عليه كاملًا، وقال بعده: "مالك، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة, بمثل ذلك"، فجمع الإسنادين معا. وسائر رواة الموطأ رووه عن مالك بهذا الإسناد الثاني وحده -أعني: ابن شهاب، عن عروة، ولم يذكروا فيه عبد الرحمن عن أبيه (¬3)، إلَّا أن عند ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الحج، باب: دخول الحائض مكة (1/ 328) (رقم: 223). (¬2) (1/ 275). (¬3) انظر: الموطأ برواية: - أبي مصعب الزهريّ (1/ 504, 505) (رقم: 1303)، و (513/ 1) (رقم: 1324)، وسويد بن سعيد (ص: 455) (رقم: 1045)، ومحمد بن الحسن الشيباني (ص: 156، 157) (466)، وابن القاسم (ص: 89 - 90) (رقم: 38 - تلخيص القابسي-)، وابن بكير (ل: 249/ ب) -الظاهرية-. - وهكذا أخرجه البخاري في الصحيح، كتاب: الحج، باب: كيف تهلّ الحائض والنفساء (1/ 479) (رقم: 1556) من طريق القعنبي، وفي المغازي، باب: حجة الوداع (3/ 172) (رقم: 4395) من طريق إسماعيل بن أبي أويس. - ومسلم في صحيحه, كتاب: الحج، باب: بيان وجوه الإحرام (2/ 870) (رقم: 111) من طريق =

الجميع لعبد الرحمن عن أبيه عن عائشة قولها: "قدمت مكة وأنا حائض فلم أطف ... "، وهو مذكور في الحديث الواقع ههنا قبله، وهو حديث آخر لم يُختلف في إسناده. وقوله في هذا الحديث: "انقضي رأسك وامتشطي" يقال: إن عروة انفرد به عن عائشة (¬1). وزعم بعض الناس أنه لم يسمعه منها (¬2)، لما رواه حمّاد ¬

_ = يحيى بن يحيى النيسابوري. - وأبو داود في السنن كتاب: المناسك، باب: إفراد الحج (2/ 381) (رقم: 1781) من طريق القعنبي. - والنسائي في السنن كتاب: المناسك، باب: في المهلَّة بالعمرة (5/ 180 - 181) (رقم: 2762) من طريق ابن القاسم. - وأحمد في المسند (6/ 35، 177) من طريق عبد الرحمن بن مهدي. - وابن خزيمة في صحيحه (4/ 242 - 243) (رقم: 2788). - وأبو أحمد الحاكم في عوالي مالك (ص: 56) (رقم: 11) من طريق ابن وهب، كلهم عن مالك به. قال ابن عبد البر: هكذا روى يحكى هذا الحديث عن مالك بهذا الإسناد عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة، ولم يتابعه عليه أحد فيما علمت من رواة الموطأ، إلى أن قال: وقد يجوز ويحتمل أن يكون عند مالك في هذا الحديث إسنادان فيدخل الحديث في موطّئه بإسناد واحد منهما، ثم رأى أن يردف الإسناد الآخر إذا ذكره أو نشط إليه، فأفاد بذلك يحيى، وكان يحيى من آخر من عرض عليه الموطأ، ولكن أهل العلم بالحديث يجعلون إسناد عبد الرحمن بن القاسم في هذا الحديث خطأ، لانفراد واحد به عن الجماعة. التمهيد (19/ 263 - 264)، وانظر أيضًا: (8/ 200). وقال أيضا: حصل ليحيى حديث هذا الباب بإسنادين، ولم يفعل ذلك أحد غيره، وإنما هو عند جميعهم عن مالك بإسناد واحد عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة، وهو المحفوظ المعروف عن مالك وسائر رواة ابن شهاب. التمهيد (8/ 200). (¬1) وهو قول إسماعيل القاضي كما حكاه ابن عبد البر في التمهيد (8/ 219 - 220). (¬2) مراد المؤلف بالبعض هنا الحافظ ابن عبد البر؛ لأنَّه ذكر كلام إسماعيل بن إسحاق القاضي السابق ثم قال مؤيّدًا له: "قد روى حماد بن زيد أن هذا الكلام لم يسمعه عروة في حديثه ذلك، فبيّن موضع الوهم فيه"، لكن سيأتي ردّ المؤلف عليه بأنَّ حماد بن زيد الذي فصل هذا الكلام قد انفرد به عن بقية أصحابي هشام، وأما سائر أصحابه فإنهم يدرجون هذا الكلام في حديث عروة عن عائشة من غير فصل.

ابن زيد عن هشام عن أبيه عن عائشة قالت: "خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - موافين لهلال ذي الحجة، قالت: حتى إذا كنت بِسَرِف حضت. وقال فيه: قال عروة: فحدّثني غير واحد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لها: "دعي عمرتك وانقضي رأسك وامتشطي". وهذا الفصل انفرد به حمّاد بن زيد، عن هشام، خرّجه أبو عمر ابن عبد البر من طريق أحمد بن خالد بإسناده عنه (¬1). وسائر الناس يدرجون هذا الكلام في حديث عروة عن عائشة من غير فصل (¬2). وفي آخر الحديث: "وأما الذين كانوا جمعوا الحج والعمرة فإنما طافوا طوافا واحدا". ذُكر عن أبي داود السِّجِستانِي أنه قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول: "لم يرو هذا الكلام إلا مالك بن أنس، ومالك ثقة" (¬3). ¬

_ (¬1) التمهيد (8/ 225 - 226). (¬2) الذين خالفوا حمادا في وصل الحديث وإدارجه في حديث عروة هم: أبو أسامة حماد بن أسامة عند البخاري في الصحيح كتاب الحيض، باب: نقض المرأة شعرها عند غسل المحيض (1/ 119) (رقم: 317)، وعبدة بن سليمان وابن نمير عند مسلم في صحيحه كتاب: الحج باب: بيان وجوه الإحرام (2/ 872) (رقم: 115، 116)، وحماد بن سلمة ووهيب عند أبي داود في السنن كتاب: المناسك، باب: في إفراد الحج (2/ 379 - 380) (رقم: 1778). بل روى سليمان بن حرب عنه عند أبي داود كرواية الجماعة، وقد لازمه طويلًا، فروايته أولى من رواية أحمد بن خالد عنه. ويُحتمل أيضًا أن تكون عائشة أحد من حدّثه ذلك، وعليه فلا بيان فيه للوهم كما زعمه ابن عبد البر. (¬3) لم أقف عليه، لكن أشار أبو داود نفسه في السنن (2/ 382) إلى تفرد مالك بهذه الزيادة فقال: "رواه إبراهيم بن سعد ومعمر عن ابن شهاب نحوه، لم يذكروا طواف الذين أهلوا بعمرة, =

وقال أبو داود: رأيته في كتاب جويرية عن مالك عن الزهريّ: "أنَّ الذين جمعوا ... " ليس فيه عروة ولا عائشة -يعني أنَّه من قوله الزهريّ، غيرُ مرويٍّ عنهما- (¬1). قال الشيخ أبو العباس رضي الله عنه: وإهلالُ عائشة وفعلُها في الحج مختلف فيه، والأكثر يرون أنَّها قرنت الحج مع العمرة، والله أعلم (¬2). ¬

_ = وطواف الذين جمعوا الحج والعمرة"، وأشار ابن عبد البر أيضًا إلى هذه الزيادة وأنَّها مقبولة من مالك فقال: "مالك أحسن الناس سياقة لهذا الحديث عن ابن شهاب، وفي حديثه معان قصّر عنها، وكان أثبت الناس في ابن شهاب". وقال في معرض بيانه لفقه الحديث: "فيه أيضًا أنَّ القارن يجزيه طواف واحد وسعي واحد، وبهذا قال مالك والشافعي وأصحابهما، وأحمد ... وحجة من قال بهذا القول حديث مالك هذا عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة، وفيه قالت: إنَّ أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذين جمعوا الحج والعمرة إنما طافوا طوافا واحدا. فإن قيل: إن من روى هذا الحديث عن ابن شهاب لم يذكر هذا فيه من قول عائشة، قيل له: إن تقصير من قصّر عنه ليس بحجة على من حفظه، ومالك أتت الناس عند الناس في ابن شهاب، وقد ذكره مالك وحسبك به". التمهيد (8/ 205، 230 - 231). (¬1) لم أقف عليه أيضًا، لكن تقدّم أن الجمهور من أصحاب مالك رووه عن مالك مسندًا موصولًا، فلا تقدح فيه رواية جويرية المرسلة. (¬2) ذهب أبو حنيفة وأصحابه إلى أنها كانت متمتعة، فلما حاضت ولم تتمكّن من الطواف بالبيت ولا بين الصفا والمروة رفضت عمرتها، وأحرمت بالحج، واستدلوا على ذلك بما تقدّم في حديث عروة: "دعي عمرتك، وانقضي رأسك، وامتشطي". قالوا: فلو كانت باقية على إحرامها لما جاز لها أن تمتشط، ولأنه - صلى الله عليه وسلم - قال للعمرة التي أتت بها من التنعيم: "هذه مكان عمرتك". التمهيد (8/ 228)، والمغني (5/ 368). وذهب بعض أهل العلم كإسماعيل القاضي وغيره إلى أنها كانت مفرِدة، لما روى الأسود بن يزيد وعمرة بنت عبد الرحمن عنها أنها قالت: "خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا نرى إلا أنه الحج"، وروى القاسم بن محمَّد عنها أنها قالت: "لبَّينا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالحج"، قال إسماعيل القاضي: "قد اجتمع هؤلاء يعني الأسود والقاسم وعمرة على الروايات التي ذكرنا فعلمنا بذلك =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = أن الروايات التي رويت عن عروة غلط). التمهيد (8/ 217 - 220)، وزاد المعاد (2/ 171)، وطرح التثريب (5/ 29). وذهب مالك والأوزاعي والشافعي وكثير من أهل العلم إلى أنَّها كانت معتمرة ابتداء، فلما حاضت وتعذّر عليها الطواف بالبيت وبالصفا والروة أهلت بالحج فصارت قارنة. التمهيد (8/ 216)، والمغني (5/ 367 - 368)، وزاد المعاد (2/ 170). وقد جمع شراح الحديث كالحافظ العراقي وابن حجر وأبي عبد الله الأبي وغيرهم بين هذه الروايات فقالوا: يُحتمل أنها أحرمت أولا بحج كما ورد في حديث الأسود وغيره، ثم فسخته في عمرة حين أمرهم بالفسخ، فصارت متمتِّعة، وعلى هذا يتنزل حديث عروة، فلما حاضت وتعذّر عليها إتمام العمرة أمرها بالإحرام بالحج فصارت مردفة للحج على العمرة وقارنة. انظر: طرح التثريب شرح التقريب (5/ 30)، وإكمال إكمال العلم للأبي (5/ 324)، وفتح الباري (3/ 495 - 496). وقال السنوسي: "هو أحسن ما يجمع به"، لكن يأبى عنه ألفاظ روايات عروة وغيره، فإنها صريحة في أنها لم تهلل أولًا بغير العمرة، فلفظ البخاري في رواية عُقيل عن الزهريّ عن عروة عنها: "خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... ولم أهلّل إلا لعمرة ... "، وفي رواية أبي أسامة عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة أنها قالت: "وكنت ممن أهلّ بعمرة"، أخرجه أيضًا البخاري. وفي حديث جابر عند مسلم: "وأهلّت عائشة بعمرة"، وفي صحيح مسلم من حديث طاوس عنها: "أهللتُ بعمرة"، وهكذا رواه مجاهد عنها. فالصواب الذي لا معدل عنه أنها كانت معتمرة ابتداء، كما قال الجمهور، فلما حاضت وتعذّر عليها الطواف بالبيت وبين الصفا والمروة أمرها النبي - صلى الله عليه وسلم - أن تهلّ بالحج، ففعلت ووقفت المواقف كلّها، حتى إذا طهرت طافت بالكعبة وبالصفا والمروة، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "قد حللتِ من حجك وعمرتك"، وبذلك أصبحت قارنة. وقد ورد في صحيح مسلم من حديث طاوس عنها: أهللت بعمرة وقدمت ولم أطف حتى حضت، فنسكت المناسك كلّها، فقال لها النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم النفر: "يسعكِ طوافك لحجك وعمرتك". قال ابن القيِّم: فهذه نصوص صريحة أنها كانت في حج وعمرة لا في حج مفرد، وحكى ذلك عن الجمهور. وقال النووي: قوله - صلى الله عليه وسلم -: "يسعك طوافك لحجك وعمرتك" تصريح بأن عمرتها باقية صحيحة =

وانظر رواية الأسود، عن عروة، عن عائشة (¬1)، ورواية عمرة عنها (¬2)، حديث حفصة (¬3) * * * ¬

_ = مجزئة، وأنها لم تلغها. إلى أن قال: وأما عائشة فإنما حصل لها عمرة مندرجة في حجة بالقرآن. انظر: صحيح البخاري كتاب: الحيض، باب: كيف تهل الحائض بالحج والعمرة (1/ 119، 120) (رقم: 319)، وصحيح مسلم كتاب: الحج، باب: بيان وجوه الإحرام ... (2/ 870 - 872) (رقم: 112 - 117) و (2/ 875 - 881) (رقم: 123، 125، 128، 132، 136)، وزاد المعاد (2/ 166 - 173)، وشرح النووي على مسلم (8/ 138 - 140)، ومكمل الإكمال للسنوسي- بذيل شرط الأبي (3/ 324). (¬1) سيأتي (4/ 65). (¬2) سيأتي (4/ 121). (¬3) سيأتي (4/ 180).

مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن القاسم بن محمَّد، عن عائشة. 494/ حديث: "كانت في بريرة ثلاث سنن ... ". ذكرت التَّخْيِير والوَلاَءَ وإهداءَ الصَّدقة. في الطلاق، باب التخيير (¬1). * * * ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الطلاق، باب: ما جاء في الخيار (2/ 441) (رقم: 25). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: النكاح، باب: الحرة تحت العبد (3/ 361) (رقم: 5097)، من طريق عبد الله بن يوسف، وفي الطلاق، باب: لا يكون بيع الأمة طلاقا (3/ 407) (رقم: 5979) من طريق إسماعيل بن عبد الله. ومسلم في صحيحه كتاب: الزكاة، باب: إباحة الهدي للنبي - صلى الله عليه وسلم - (2/ 756) (رقم: 173)، وفي العتق، باب: إنما الولاء لمن أعتق (2/ 1144) (رقم: 14) من طريق ابن وهب. والنسائي في السنن كتاب: الطلاق، باب: خيار الأمة (6/ 474) (رقم: 3447) من طريق عبد الرحمن بن القاسم. وأحمد في المسند (6/ 178) من طريق عبد الرحمن بن مهدي وإسحاق بن عيسى، ستّتهم عن مالك به.

مالك عن نافع هو مولى ابن عمر، عن القاسم، عن عائشة

مالك عن نافع هو مولى ابن عمر، عن القاسم، عن عائشة. 495/ حديث: "أنها اشترت نُمْرُقَةً (¬1) فيها تصاوير، فلمَّا رآها النَّبي - صلى الله عليه وسلم - قام على الباب فلم يدخل ... "، فيه: اشْتَرَيْتُها لك، تقعدُ عليها وتَوَسَّدُهَا. وقوله: "إنَّ أصحاب هذه الصُّوَر يُعَذَّبون". وفيه: "إنَّ البيت الذي فيه الصُّور لا تدخله الملائكة". في الجامع (¬2). خُرّج هذا في الصحيح (¬3). وخرج مسلم عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة: أنها نصبت سترًا فيه تصاوير فدخل رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فنزعه. قالت: فقطعته وسادتين. فسمع الحديث ربيعة بن عطاء مولى بني زهرة فقال: أنا سمعت أبا محمّد -يعني القاسم- يذكر أنَّ عائشة قالت: فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرتَفِقُ عليهما (¬4). ¬

_ (¬1) بضمّ النون والراء وبكسرهما، الوسادة الصغيرة. مشارق الأنوار (2/ 13)، والنهاية (5/ 118). (¬2) الموطأ كتاب: الاستئذان، باب: ما جاء في الصوَر والتماثيل (2/ 736) (رقم: 8). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: البيوع، باب: التجارة فيما يكره لبسه للرجال والنساء (2/ 90) (رقم: 2105) من طريق عبد الله بن يوسف، وفي النكاح، باب: ذهاب النساء والصبيان إلى العرس (3/ 381) (رقم: 5181) من طريق إسماعيل بن عبد الله، وفي اللباس، باب: من يدخل بيتا فيه صورة (4/ 83) (رقم: 5961) من طريق القعنبي. ومسلم في صحيحه كتاب: اللباس والزينة، باب: تحريم تصوير صورة الحيوان (3/ 1669) (رقم: 96) من طريق يحيى النيسابوري. وأحمد في المسند (6/ 246) من طريق روح، خمستهم عن مالك به. (¬3) تقدّم تخريجه. (¬4) أخرجه في كتاب: اللباس، باب: تحريم تصوير صورة الحيوان ... (3/ 1669) (رقم: 95). وهو أيضًا عند البخاري، أخرجه في المظالم، باب: هل تكسر الدّنان التي فيها خمر ... (2/ 202) =

وخرج النسائي عن مجاهد عن أبي هريرة قال: "استأذن جبريلُ على النّبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: كيف أدخل وفي بيتك ستر فيه تماثيل، خيلا ورجالا، فإمّا أن تُقطع رؤوسُها أو تُجعل بساطا يوطأ" (¬1). قال الشيخ أبو العباس - رضي الله عنه -: تقدّم لأبي سعيد كراهة التصاوير مطلقًا على العموم (¬2)، ولأبي أيوب إلاَّ رقمًا في ثوب (¬3). ¬

_ = (رقم: 2479) من طريق عبيد الله بن عمر عن عبد الرحمن بن القاسم به. قال القاضي عياض: إنما اتّخد النّمط وسادتين؛ لأن الصورة انقسمت بالهتك فلم يبق في الوسادة صورة تامة. انظر: إكمال إكمال العلم للأبي (5/ 397). وقال البغوي: الصور إذا غيِّرت هيئتها بأن قطع رأسها، أو حلّت أوصالها حتى لم يبق منها إلا أثر لا على شبه الصور فلا بأس. شرح السنة (6/ 240). (¬1) أخرجه النسائي في السنن كتاب: الزينة، باب: ذكر أشد الناس عذابا (8/ 607) (رقم: 5380). وكذا عبد الرزاق في المصنف (10/ 399) (رقم: 19488). ومن طريقه أحمد في المسند (2/ 308)، والبيهقي (7/ 270)، والبغوي (6/ 240) (رقم: 3116). والطحاوي في شرح المعاني (4/ 287)، كلهم من طرق عن أبي إسحاق السبيعي عن مجاهد به. وهذا حديث صحيح، رجاله ثقات رجال الصحيح، إلا أن فيه أبا إسحاق وقد اختلط بأخرة، لكنه توبع، تابعه يونس بن أبي إسحاق عند أبي داود في السنن كتاب: اللباس باب: في الصور (4/ 388) (رقم: 4158)، والترمذي في السنن كتاب: الأدب، باب: ما جاء أنَّ الملائكة لا تدخل بيتا فيه صورة ولا كلب (5/ 106) (رقم: 2806)، وأحمد (2/ 305)، والطحاوي (4/ 287) - وبعضهم يزيد فيه على بعض -. وصححه ابن حبان من الوجهين. انظر: الإحسان (13/ 164 - 165) (رقم: 5853، 5854). (¬2) تقدَّم حديثه (3/ 255). (¬3) كذا وقع في الأصل: ولأبي أيوب: "إلا رقما في ثوب" وهو لأبي طلحة الأنصاري كما تقدّم في مسنده (3/ 170) دون أبي أيوب. ونقل النووي عن الزهري أنَّ النهي في الصورة على سبيل العموم، وكذلك ما هي فيه، ودخول البيت الذي هي فيه سواء كانت رقما في ثوب أو غير رقم، وسواء كانت في حائط أو ثوب أو =

وفي حديث عائشة هذا كراهة الصور وإن كانت رقمًا في ثوب يُمتهن، وهذا مطابق لحديث أبي سعيد. وفي حديثها خارج الموطأ (¬1) تغيير الصُّوَرِ بالقطع، وفي حديث أبي هريرة تحديدُ موضع القطعِ، وأن يكون في الرأس لتتغيّر صفة الوجه، فتأمّل ذلك كلّه (¬2). • حديث: "طلاق فاطمة بنت قيس". من رواية يحيى بن سعيد عن القاسم، مذكور في مرسل مروان بن الحكم (¬3). ¬

_ = بساط ممتهن أو غير ممتهن، عملا بظاهر الأحاديث لا سيما حديث النمرقة الذي ذكره مسلم وهذا مذهب قوي. شرح صحيح مسلم (14/ 82). (¬1) وهو الذي تقدّم عند مسلم. (¬2) الذي يظهر من حديث عائشة وأبي سعيد في الموطأ هو ما ذهب إليه الزهري وقوّاه النووي من أنَّ النهي عن الصُور على سبيل العموم، وأنَّه يُكره الدخول في بيت فيه صورة إلاَّ بعد تغييرها بقطع رأسها أو بجعلها بساطًا يوطأ كما دلّ عليه حديث عائشة في غير الموطأ وحديث أبي هريرة، هذا هو ما قرّره المؤلف أيضًا، وأما حديث أبي طلحة الذي يعارض في الظاهر الأحاديث الأخرى فقد أجاب عنه النوويّ بأنه محمول على رقم على صورة الشجر وغيره مما ليس بحيوان، وقال: "إنَّه جائز عندنا". قال ابن حجر: "ويُحتمل أن يكون ذلك قبل النهي كما يدل عليه حديث أبي هريرة الذي أخرجه أصحاب السنن". شرح النوويّ على صحيح مسلم (14/ 85 - 86)، وفتح الباري (10/ 405). (¬3) سيأتي حديثه (4/ 585).

2 - عبد الله بن محمد بن أبي بكر الصديق عن عمته عائشة

2 - عبد الله بن محمَّد بن أبي بكر الصِّديق عن عمّته عائشة. حديث واحد 496 / حديث: "ألم تَرَيْ (¬1) أن قومك حين بنوا الكعبة اقتصروا عن قواعد إبراهيم. . .". فيه: أفلا تَرُدّها على قواعد إبراهيم. وقوله: "لولا حِدْثان قومِك بالكفر". في الحج. عن ابن شهاب، عن سالم بن عبدِ الله أنَّ عبد الله بن محمَّد بن أبي بكر أخبر عبد الله بن عمر، عن عائشة. وفي آخره، قول ابن عمر في الاستلام (¬2). ¬

_ (¬1) وقع في الأصل: "ألم تر" بحذف الياء، والصواب إثباتها كما في الوطأ؛ لأنَّ المرأة يقال لها ترين، وعند دخول أداة الجزم تحذف النون فيقال: "ألم تري". انظر: زهر الربى على المجتبى (5/ 235)، وحاشية السندي على سنن النسائي (5/ 235). (¬2) الموطأ كتاب: الحج، باب: ما جاء في بناء الكعبة (1/ 293) (رقم: 104). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الحج، باب: فضل مكة وبنيانها (1/ 288) (رقم: 1583) من طريق القعنبي، وفي الأنبياء (2/ 466) (رقم: 3368) من طريق عبد الله بن يوسف، وفي التفسير، باب: قوله تعالى: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ. . .} (3/ 192) (رقم: 4484) من طريق إسماعيل. ومسلم في صحيحه كتاب: الحج، باب: نقض الكعبة وبناءها (2/ 969) (رقم: 399) من طريق يحيى النيسابوري. والنسائي في السنن كتاب: المناسك، باب: بناء الكعبة (5/ 235، 236) (رقم: 2900) من طريق ابن القاسم. وأحمد في المسند (6/ 176، 247) من طريق عبد الرحمن بن مهدي وعثمان بن عمر، سبعتهم عن مالك به.

قال فيه عبد الرزاق: عن سالم عن عائشة، لم يذكر عبد الله بن محمَّد (¬1). قال البخاري في التاريخ: وحديث مالك أصحّ (¬2). وزعم أبو مسعود الدِّمشقي أنَّ عبد الله هذا هو ابن أبي عتيق (¬3)، وليس كذلك، وإنما هو ابن محمَّد بن أبي بكر. وأبو عتيق هو محمَّد بن عبد الرحمن بن أبي بكر، فصل بينهما البخاري وغيره (¬4). وانظر حديث عُبيد بن جُريج عن ابن عمر في استلام الركنين (¬5). ¬

_ (¬1) في المصنف (5/ 90)، باب مطول في بنيان الكعبة، وليس فيه هذا الحديث. وقد أخرجه في (5/ 128) (رقم: 9151) لكنه عن الزهري مرسلًا، فلا أدري أين قال هذا؟ (¬2) التاريخ الكبير (5/ 186)، وقد بيَّن فيه أيضًا سبب ترجيح حديث مالك على رواية عبد الرزاق، وهو أن سالما لم يسمعه من عائشة. (¬3) أطراف الصحيحين (ل: 58/ أ)، وتبعه في هذا الحميدي في الجمع بين الصحيحين (4/ 42) (رقم: 3162). (¬4) قال الحافظ المزي: "هو أخو القاسم بن محمَّد بن أبي بكر، ومن قال: إنه ابن أبي عتيق فقد أخطأ". تحفة الأشراف (11/ 470). فعبد الله بن محمَّد بن أبي بكر الصديق الذي يروي عن عائشة حديث بناء الكعبة هو ابن عم أبي عتيق محمَّد بن عبد الرحمن بن أبي بكر، وهو غير عبد الله بن محمَّد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق، المعروف بابن أبي عتيق الذي يروي أيضًا عن عائشة أم المؤمنين، وهي عمّة أبيه. وقد قال ابن حجر في الأول: "ثقة"، وفي الآخر: "صدوق فيه مزاح". انظر ترجمتهما في: طبقات ابن سعد (5/ 148، 149)، والتاريخ الكبير (1/ 128) و (5/ 184، 186)، وتهذيب الكمال (16/ 49، 65)، وتهذيب التهذيب (6/ 6، 10)، والتقريب (3579، 3588). (¬5) تقدّم حديثه (2/ 506).

3 - عروة بن الزبير، عن خالته عائشة

3 - عروة بن الزبير، عن خالته عائشة. اثنان وأربعون حديثا، أحدها مشترك مكرّر. مالك عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة. 497 / حديث: "كان إذا اغتسل من الجنابة بدأ بغسل يديه ثمَّ توضّأ كما يتوضّأُ للصّلاة". في الطهارة (¬1). 498/ حديث: "كنتُ أرَجِّلُ رأسَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا حائض". في أبواب الحيض (¬2). هكذا هو عند يحيى بن يحيى عن هشام وحده عن أبيه، وتابعه القعنبي وأبو مصعب (¬3). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الطهارة، باب: العمل في غسل الجنابة (1/ 65) (رقم: 67). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الغسل، باب: الوضوء قبل الغسل (1/ 100) (رقم: 248) من طريق عبد الله بن يوسف. والنسائيُّ في السنن كتاب: الطهارة، باب: ذكر وضوء الجنب قبل الغسل (1/ 147) (رقم: 247) من طريق قتيبة، كلاهما عن مالك به. (¬2) الموطأ كتاب: الطهارة، باب: جامع الحيضة (1/ 76) (رقم: 102). (¬3) انظر الموطأ برواية: القعنبي (ص: 78)، وأبي مصعب الزهري (1/ 66، 67) (رقم: 168)، إلا أن أبا مصعب رواه من طريق ابن شهاب أيضًا. وممن تابع يحيى عليه: سويد بن سعيد (ص: 74) (66) - تحقيق: عبد المجيد التركي -، والشيباني (ص: 53) (88).

ورواه ابن وهب وابن القاسم، وجلُّ الرواة عن مالك عن هشام وابن شهاب معًا عن عروة عن عائشة (¬1). وهكذا خرَّجه البخاري من طريق ابن يوسف عن مالك (¬2). وزاد فيه إسحاق بن سليمان: "وهو معتكف" (¬3). وانظر حديث عروة، عن عمرة، عن عائشة (¬4). 499 / حديث: "قالت فاطمةُ بنت أبي حُبيش يا رسول الله: إنِّي لا أطهرُ أفأدع الصلاة؟ . . .". فيه: "إنما ذلك عرق". وقوله: "فإذا أقبلت الحيضة فاتركي الصلاة فإذا ذهب قدرُها فاغسِلِي الدَّمَ عنكِ وصلّي". في باب الاستحاضة (¬5). ¬

_ (¬1) أخرجه الجوهري في مسند الموطأ (ل: 24/ب) من طريق قتيبة عن مالك عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، ثمَّ قال: "هو في الموطأ عند ابن وهب، وابن القاسم ومعن، وابن يوسف، ومحمد بن المبارك الصوري، عن الزهري وهشام جميعًا". وانظر: رواية ابن القاسم في تلخيص القابسي (ص: 474) (462). (¬2) انظر: صحيح البخاري كتاب: الحيض، باب: غسل الحائض رأس زوجها وترجيله (1/ 113) (رقم: 295) وكتاب اللباس، باب: ترجيل الحائض زوجها (4/ 77) (رقم: 5925). وهكذا أخرجه الدارمي في السنن كتاب: الطهارة، باب: الحائض تمشط زوجها (1/ 246) من طريق خالد بن مخلّد عن مالك عن ابن شهاب وهشام معا عن عروة به. وهكذا رواه عبد الله بن نافع، وأبو حذافة، كما قال ابن حجر في فتح الباري (10/ 380). (¬3) لم أقف عليه، وهذه الزيادة وإن كان قد تفرّد بها إسحاق بن سليمان عن بقية الرواة عن مالك إلاَّ أنَّها محفوظة في حديث عائشة، رواها البخاري في صحيحه كتاب: الحيض، باب: مباشرة الحائض (1/ 14) (رقم: 301) من طريق الأسود عنها، وفي كتاب: الاعتكاف باب: المعتكف يدخل رأسه البيت للغسل (2/ 71) (رقم: 2046) من طريق معمر عن الزهري عن عروة عنها، وهكذا ورد من طريق عمرة عنها كما أشار المؤلف. (¬4) سيأتي (ص: 108). (¬5) الموطأ كتاب: الطهارة، باب: المستحاضة (1/ 77) (رقم: 104).

هذا في الصحيح، خرَّجه البخاري عن مالك (¬1). وكثر الخلاف في إسناده ومتنه. قال فيه بكير بن عبد الله بن الأشجّ عن المنذر بن المغيرة عن عروة: "أنَّ فاطمة بنت أبي حبيش حدّثته"، هكذا من غير واسطة (¬2). وقال سُهيل عن الزهري، عن عروة، عن أساء بنتا عُميس - وهي زوج أبي بكر الصديق - أنّها قالت: يا رسول الله فاطمة بنت أبي حبيش ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الحيض، باب: الاستحاضة (1/ 116) (رقم: 306) من طريق عبد الله بن يوسف. وأبو داود في السنن كتاب: الطهارة، باب: من روى أن الحيض إذا أدبرت لا تدع الصلاة (1/ 195) (رقم: 283) من طريق القعنبي. والنسائيُّ في السنن كتاب: الطهارة، باب: الفرق بين دم الحيض والاستحاضة (1/ 134) (رقم: 218) من طريق قتيبة بن سعيد، ثلاثتهم عن مالك به. (¬2) أخرجه أبو داود في السنن كتاب: الطهارة، باب: في المرأة تستحاض (1/ 191) (رقم: 280). والنسائي في السنن كتاب: الطهارة، باب: ذكر الأقراء (1/ 131) (رقم: 211). وابن ماجه في السنن كتاب: الطهارة، باب: ما جاء في المستحاضة (1/ 203) (رقم: 620). كلهم من طريق يزيد بن أبي حبيب عن بكير به. وهذا إسناد ضعيف للجهل بحال المنذر بن المغيرة، فقد سأل ابن أبي حاتم أباه عنه فقال: "مجهول ليس بمشهور". وقال ابن القطان: "مجهول الحال، لا يعرف بغير هذا"، وقد قال عنه الحافظ: "مقبول"، أي إذا توبع، ولم يتابع. لكن الحديث صحيح من طريق هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة إلا قوله: "فإذا مرّ قرؤك فتطهّري ثمَّ صلّي ما بين القرء إلى القرء". قال النسائي: "وقد روى هذا الحديث هشام بن عروة عن عروة، ولم يذكر فيه ما ذكر المنذر". وانظر: ما قيل عن المنذر في: الجرح والتعديل (8/ 242)، وبيان الوهم والإيهام (4/ 132)، وتقريب التهذيب (6891).

استحيضت (¬1). وجاء أن فاطمة أمرت أسماء أن تسأل لها عن ذلك (¬2). ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في السنن كتاب: الطهارة، باب: من قال تجمع بين الصلاتين وتغتسل لهما غسلا (1/ 207) (رقم: 296). والدارقطني في السنن (1/ 215) من طريق خالد بن عبد الله الواسطي عن سهيل بن أبي صالح، عن الزهري، عن عروة، عن أسماء قالت: قلت يا رسول الله. . . وفيه: "فلتغتسل للظهر والعصر غسلا واحدا، وتغتسل للمغرب والعشاء غسلا واحدا، وتغتسل للفجر غسلا واحدا، وتتوضأ فيما بين ذلك". (¬2) أخرجه أبو داود في السنن كتاب: الطهارة، باب: في المرأة تُستحاض ومن قال: تدع الصلاة في عدة الأيام التي كانت تحيض (1/ 192) (رقم: 281) من طريق جرير عن سهيل، عن الزهري، عن عروة: حدّثتني فاطمة بنت أبي حبيش أنها أمرت أسماء أن تسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأمرها أن تقعد الأيّام التي كانت تقعد ثمَّ تغتسل. ورجال الإسنادين ثقات، غير سهيل بن أبي صالح فهو صدوق، وقد اختلف عنه فيه كما تقدَّم. قال الدارقطني: "روى هذا الحديث سهيل بن أبي صالح، عن الزهري، واختلف عنه: فرواه خالد بن عبد الله الواسطي، وعمران بن عبد الغني، وأبو عوانة، وعلي بن عاصم عن سهيل، عن الزهري، عن عروة، عن أسماء بنت عميس أنها قالت: يا رسول الله، إن فاطمة بنت أبي حبيش اسحيضت. وخالفهم جرير بن عبد الحميد، فرواه عن سهيل. . ."، فذكره. العلل (5/ ل: 33/ ب). وقال ابن عبد البر: "روى هذا الحديث سهيل بن أبي صالح عن الزهري، عن عروة بن الزبير، قال: حدّثتني فاطمة بنت أبي حبيش أو أسماء، حدّثتني أن فاطمة؛ فلم يقم الحديث" التمهيد (22/ 106). وأعلّه ابن القطان بانقطاع إسناده ونكارة متنه فقال: "وكذلك - أي من الأحاديث التي أوردها على أنها متصلة وهي منقطعة أو مشكوك في اتصالها - حديث سهيل بن أبي صالح، عن الزهري. . . فإنَّه مشكوك في سماعه إياه من فاطمة، أو من أسماء، وفي متن الحديث ما أُنكر على سهيل، وعدَّ مما ساء فيه حفظه، وظهر أثر تغيُّره عليه، وكان تغيّر، وذلك أنَّه أحال فيه على الأيام، وذلك أنَّه قال: "فأمرها أن تقعد الأيّام التي كانت تقعد"، والمعروف في قصة فاطمة الإحالة على الدم والقُرء. وعن عروة فيه رواية أخرى لم يشك فيها أن التي حدّثته هي أسماء، رواها عن سهيل علي بن =

وانظر حديث أم سلمة (¬1). 500 / حديث: "أُتِيَ بصبيٍّ فبال على ثوبه فدعا بماء فأتبعه إيّاه". في آخر الطهارة (¬2). هذا مختصر، وزاد فيه عطاء عن عائشة: "إنه لم يطعم الطعام فلا يُقذّر بوله". خرّجه الدارقطني (¬3). وانظر حديث ابن عباس (¬4). ¬

_ = عاصم، ذكرها الدارقطني والمتقدم ذكره أبو داود". بيان الوهم والإيهام (2/ 458 - 459). قلت: وعلى هذا فالراجح كما قال ابن عبد البر وابن حجر طريق مالك ومن معه ممن جعل الحديث من مسند عائشة. انظر: الاستيعاب (13/ 110)، والإصابة (13/ 79). وانظر: الاختلاف الوارد في متنه في فتح الباري (1/ 488). (¬1) سيأتي حديثها (4/ 606). (¬2) الموطأ كتاب: الطهارة، باب: ما جاء في بول الصبي (1/ 78 - 79) (رقم: 109). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الطهارة، باب: بول الصبيان (1/ 91) (رقم: 222) من طريق عبد الله بن يوسف. والنسائيُّ في السنن كتاب: الطهارة، باب: بول الصبي الذي لم يأكل الطعام (1/ 174) (رقم: 302) من طريق قتيبة، كلاهما عن مالك به. (¬3) أخرجه في السنن (1/ 129) من طريق حجاج بن أرطاة، عن عطاء به. وسنده ضعيف؛ لأنَّ مداره على حجاج بن أرطاة، وهو كما قال ابن حجر: "صدوق كثير التدليس والإرسال"، وهو هنا عنعن. تقريب التهذيب (رقم: 1119)، وتعريف أهل التقديس (ص: 125). قال عبد الحق: "الحجاج بن أرطاة كان كثير التدليس، ولم يقل في هذا الحديث: حدّثنا، ولو قال لما كان حجة". الأحكام الوسطى (1/ 225). (¬4) من عادة المؤلف - رحمه الله - أنَّه يقول عند نهاية مبحث كل حديث: انظر حديث فلان، ويكون حديث ذلك الصحابي في الموطأ، وفي موضوع حديث الباب، وهنا أحال إلى حديث ابن عباس، وليس في مسند ابن عباس ذكر بول الصبي، وعليه فما وقع في النسخة خطأ ووهم، والصواب: وانظر حديث أم قيس بنت محصن، والله أعلم. وحديثها سيأتي برقم: (619).

501 / حديث: "إذا نعس أحدكم في صلاته فليرقد حتى يذهب عنه النوم. . .". وذَكَر السَّبب (¬1). في باب: صلاة الليل (¬2). 502 / حديث: "كان يصلِّي بالليل ثلاثَ عَشْرةَ ركعةً ثمّ يصلّي إذا سمع النداء بالصبح ركعتين". في صلاة الوتر (¬3). هذا مُخرَّج في الصحيح (¬4). وفي حديث الزهري عن عروة عن عائشة: "إحدى عَشْرة ركعة" (¬5). ¬

_ (¬1) السبب هو: "فإن أحدكم إذا صلى وهو ناعس لا يدري، لعله يذهب يستغفر فيسب نفسه". (¬2) الموطأ كتاب: صلاة الليل، باب: ما جاء في صلاة الليل (1/ 116) (رقم: 3). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الوضوء، باب: الوضوء من النوم (1/ 88) (رقم: 212) من طريق عبد الله بن يوسف. ومسلم في صحيحه كتاب: صلاة المسافرين وقصرها، باب: أمر من نعس في صلاته. . (1/ 542) (رقم: 222) من طريق قتيبة. وأبو داود في السنن كتاب: الصلاة، باب: النعاس في الصلاة (2/ 74) (رقم: 1310) من طريق القعنبي، ثلاثتهم كان مالك به. (¬3) الموطأ كتاب: صلاة الليل، باب: صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - في الوتر (1/ 119) (رقم: 10). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: التهجد، باب: ما يُقرأ في ركعتي الفجر (1/ 361) (رقم: 1164) من طريق عبد الله بن يوسف. وأبو داود في السنن كتاب: الصلاة، باب: في صلاة الليل (2/ 86) (رقم: 1339) من طريق القعنبي. والنسائيُّ في السنن الكبرى (1/ 166 - 167) (رقم: 420) من طريق قتيبة. وأحمد في المسند (6/ 230) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، أربعتهم عن مالك به. (¬4) تقدّم تخريجه. (¬5) سيأتي حديثه (4/ 52).

وقال عراك عن عروة عنها: "كان يصلي ثلاث عشرة ركعة بركعتي الفجر"، خرَّجه مسلم (¬1). وروى نحوه جماعة عن عائشة (¬2). وانظر حديث أبي سلمة عنها (¬3)، وحديث ابن عباس (¬4)، وزيد بن خالد (¬5). 503 / حديث: "صلَّى وهو شاكٍ، فصلَّى جالسا وصلَّى وراءه قوم قياما فأشار إليهم أن اجلسوا". فيه: "إنَّما جُعل الإمام ليؤتمّ به فإذا ركع فاركعوا". وذَكَر الرفع والجلوسَ، مختصر. في صلاة الإمام جالسًا (¬6). ¬

_ (¬1) أخرجه في صحيحه، كتاب: صلاة المسافرين، باب: صلاة الليل. . (1/ 509) (رقم: 124). (¬2) منهم أبو سلمة بن عبد الرحمن، والقاسم بن محمَّد، أخرجه مسلم في الصحيح، كتاب: صلاة المسافرين، باب: صلاة الليل (1/ 509 - 510) (رقم: 126، 128). قال القرطبي: "أشكلت روايات عائشة على كثير من أهل العلم حتى نسب بعضهم حديثها إلى الاضطراب، وهذا إنَّما يتم لو كان الراوي عنها واحدًا، أو أخبرت عن وقت واحد، والصواب أنَّ كل شيء ذكرته في ذلك محمول على أوقات متعددة وأحوال مختلفة بحسب النشاط وبيان الجواز". انظر: المفهم لما أشكل من تلخيص صحيح مسلم للقرطبي (2/ 367)، وزاد المعاد (1/ 325 - 327)، وشرح النوويّ على صحيح مسلم (6/ 16 - 19)، وإكمال إكمال المعلم (2/ 374 - 375)، وفتح الباري (2/ 561 - 562) (3/ 26). (¬3) سيأتي حديثه (4/ 84). (¬4) تقدَّم حديثه (2/ 556). (¬5) تقدَّم حديثه (2/ 164). (¬6) الموطأ كتاب: صلاة الجماعة، باب: صلاة الإمام وهو جالس (1/ 130) (رقم: 17). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الأذان، باب: إنما جعل الإمام ليؤتمّ به (1/ 229) (رقم: 688) من طريق عبد الله بن يوسف، وفي تقصير الصلاة، باب: صلاة القاعد (1/ 347) (رقم: 1113) من طريق قتيبة، وفي السهو، باب: الإشارة في الصلاة (1/ 382) (رقم: 1236) من طريق إسماعيل بن أبي أويس. =

قال فيه أبو مصعب وطائفة عن مالك: "صلى في بيته" (¬1). وفي حديث حُميد عن أنس أنَّ الصلاة كانت في المشرُبة إذ آل من نسائه شهرًا. جاء هذا في الصحيح (¬2). وقال البخاري: قال الحميدي: قوله: "إذا صلى جالسًا فصلوا جلوسًا" هذا في مرضه القديم، ثمَّ صلى بعد ذلك جالسًا والناس خلفه قيام لم يأمرهم بالقعودِ، وإنّما يؤخذ بالآخرِ فالآخرِ من فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬3). ¬

_ = وأبو داود في السنن كتاب: الصلاة، باب: الإمام يصلي من قعود (1/ 405) (رقم: 605) من طريق القعنبي. وأحمد في المسند (6/ 148) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، خمستهم عن مالك به. (¬1) انظر: الموطأ رواية أبي مصعب الزهري (1/ 134) (رقم: 340)، ورواية سويد (ص: 102) (رقم: 108)، ورواية القعنبي (ل: 24/ ب - نسخة الأزهرية-). (¬2) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الصلاة، باب: الصلاة في السطوح والمنبر والخشب (1/ 143) (رقم: 378). والمَشرُبة: بفتح الميم وسكون المعجمة، وبضم الرّاء، ويجوز فتحها، هي الغرفة المرتفعة كما ورد التصريح بها في كتاب المظالم والغصب، باب: إماطة الأذى (2/ 199) (رقم: 2469)، حيث قال أنس: "فجلس في عليّة له"، وهي كانت في بيت عائشة وحجرتها كما ورد في حديث جابر عند أبي داود كتاب: الصلاة، باب: الإمام يصلي من قعود (1/ 404) (رقم: 602)، وعليه فلا تعارض بين جلوسه - صلى الله عليه وسلم - في بيته وفي المشرُبة. انظر: النهاية (2/ 455)، وفتح الباري (2/ 208). (¬3) انظر: صحيح البخاري، كتاب: الأذان، باب: إنما جعل الإمام ليؤتم به (1/ 229)، وقال في كتاب المرضى، باب: إذا عاد مريضا فحضرت الصلاة فصلى بهم (4/ 27/ عقب حديث رقم: 5658): قال الحميدي: "هذا الحديث منسوخ؛ لأنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - آخر ما صلى قاعدا والناس خلفه قيام". قال البغوي: "اختلف أهل العلم فيما إذا صلى الإمام قاعدا بِعذر، هل يقعد القوم خلفه؟ فذهب جماعة إلى أنهم يقعدون خلفه، وبه قال من الصحابة: جابر بن عبد الله، وأسيد بن حضير، وأبو هريرة وغيرهم، وهو قول أحمد وإسحاق. وذهب جماعة إلى أن القوم يصلون خلفه قياما، وهو قول سفيان الثوري وابن المبارك والشافعي وأصحاب الرّأي، وقالوا: حديث أبي هريرة منسوخ بما روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى في مرضه الذي مات فيه =

وانظر حديث أنس (¬1)، ومرسل عروة (¬2)، وربيعة (¬3). 504 / حديث: "لم تَرَ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يصلِّي صلاة الليل قاعدا قطّ، حتى أسنّ، فكان يقرأ قاعدًا، حتى إذا أراد أن يركع قام". في صلاة النافلة قاعدًا (¬4). لم يحدَّد في هذا الحديث وقت القيام، وانظر ذلك في رواية أبي سلمة عن عائشة (¬5)، وانظر مسند حفصة (¬6). 505 / حديث: "مُرُوا أبا بكر فليصلِّ للناس. . .". وفيه: قول عائشة وحفصة وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إنّكُنّ لأنتنّ صواحبات يوسف". في جامع الصلاة (¬7). ¬

_ = قاعدا، والناس خلفه قيام، وإنما يؤخذ بالآخر فالآخر من فعل النبي - صلى الله عليه وسلم -". شرح السنة (2/ 412) وانظر أيضًا: شرح النوويّ على صحيح مسلم (4/ 133)، وفتح الباري (2/ 206 - 208). (¬1) تقدّم حديثه (2/ 45). (¬2) سيأتي حديثه (5/ 86). (¬3) سيأتي حديثه (4/ 523). (¬4) الموطأ كتاب: صلاة الجماعة، باب: ما جاء في صلاة القاعد في النافلة (1/ 131) (رقم: 22). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: تقصير الصلاة، باب: إذا صلى قاعدا ثمَّ صح (1/ 348) (رقم: 1118) من طريق عبد الله بن يوسف. وأحمد في المسند (6/ 178) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، كلاهما عن مالك به. (¬5) سيأتي حديثها (4/ 88). (¬6) سيأتي حديثها (4/ 189). (¬7) الموطأ كتاب: قصر الصلاة في السفر، باب: جامع الصلاة (1/ 155 - 156) (رقم: 83). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الأذان، باب: أهل العلم والفضل أحق بالإمامة (1/ 225) (رقم: 679) من طريق عبد الله بن يوسف، وفي باب: إذا بكى الإمام في الصلاة (1/ 236) (رقم: 716) من طريق إسماعيل بن أبي أويس. =

مختصرًا وباقيه في مرسل عروة (¬1). 506 / حديث: "كان أحبُّ العمل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الّذي يَدُومُ عليه صاحبُه". في الباب (¬2). 507 / حديث: "خسفت الشَّمس فصلَّى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بالنَّاس فقام، فأطال القيام، ثمّ ركع. . .". وَصَفَت الصلاةَ وذكرت الخطبةَ وفيها: "ما من أحد أغير من الله". وفيها: "لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلًا ولبكيتم كثيرًا" (¬3). ¬

_ = والترمذي في السنن كتاب: المناقب، باب: في مناقب أبي بكر وعمر (5/ 537) (رقم: 3672) من طريق معن. والنسائيُّ في السنن الكبرى (6/ 368) (رقم: 11252) من طريق ابن القاسم، أربعتهم عن مالك به. (¬1) سيأتي حديثه (5/ 85). (¬2) أي في الباب الذي تقدَّم، وهو باب: جامع الصلاة (1/ 158) (رقم: 90). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الرقاق، باب: القصد والمداومة على العمل (4/ 184) (رقم: 6462) من طريق قتيبة. وأحمد في المسند (6/ 176) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، كلاهما عن مالك به. (¬3) الموطأ كتاب: صلاة الكسوف، باب: العمل في صلاة الكسوف (1/ 166) (رقم: 1). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الكسوف، باب: الصدقة في الكسوف (1/ 328) (رقم: 1044) من طريق القعنبي. ومسلم في صحيحه كتاب: الكسوف، باب: صلاة الكسوف (2/ 618) (رقم: 1) من طريق قتيبة. وأبو داود في السنن كتاب: الصلاة، باب: الصدقة في صلاة الكسوف (1/ 703) (رقم: 1191) من طريق القعنبي مختصرا. والنسائيُّ في السنن كتاب: الكسوف، باب: نوع آخر منه عن عائشة (3/ 148) (رقم: 1473) من طريق قتيبة. والدارميُّ في السنن كتاب: الصلاة، باب: الصلاة عند الكسوف (1/ 360) من طريق الشافعي، ثلاثتهم عن مالك به.

الصلاة ههنا ركعتان، في كل ركعة ركوعان، فهي أربع ركعات وأربع سجدات، واختلفت الآثار في ذلك (¬1). ¬

_ (¬1) روى البخاري في صحيحه، كتاب الكسوف، باب طول السجود في الكسوف، وباب صلاة الكسوف جماعة (1/ 331) (رقم: 1051 - 1052)، ومسلم في صحيحه كتاب الكسوف، باب ما عرض على النبي - صلى الله عليه وسلم - في صلاة الكسوف. . . (2/ 627، 628) (رقم: 17، 20) من حديث عبد الله بن عمرو، وابن عباس، ومسلم (2/ 622، 626) (رقم: 9، 16) من حديث جابر وأسماء بنت أبي بكر. والنسائي في السنن، كتاب الكسوف، باب نوع آخر من صلاة الكسوف (3/ 155 - 156) (رقم: 1482) من حديث أبي هريرة. وأحمد في المسند (2/ 143) من حديث علي بن أبي طالب: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى ركعتين، في كل ركعة ركوعان. . ."، كحديث عائشة. وروى مسلم في صحيحه، كتاب: الكسوف، باب: صلاة الكسوف (2/ 620 - 623) (رقم: 6، 7) من حديث عائشة من طريق عبيد بن عمير، وفي باب: ما عرض على النبي - صلى الله عليه وسلم - في صلاة الكسوف من حديث جابر: "أنَّه - صلى الله عليه وسلم - صلى في كل ركعة ثلاث ركوعات. . .". وروى مسلم أيضًا في كتاب الكسوف، باب ذكر من قال إنه ركع ثمان ركعات في أربع سجدات (2/ 627) (رقم: 18)، من حديث ابن عباس: "أنَّه صلى ركعتين، في كل ركعة أربع ركوعات. . .". وروى أبو داود في السنن: كتاب الصلاة باب من قال: أربع ركعات (1/ 699) (رقم: 1182) والحاكم في المستدرك (1/ 333) من حديث أُبيّ بن كعب: "أنَّه صلى ركعتين في كل ركعة خمس ركوعات. . .". قال الحاكم: هذا الحديث فيه ألفاظ ورواته صادقون، لكن تعقّبه الذهبي فقال: هذا خبر منكر، وعبد الله بن أبي جعفر ليس بشيء، وأبوه فيه لين. وروى أبو داود في السنن: كتاب الصلاة باب من قال: يركع ركعتين (1/ 704) (رقم: 1194)، وأحمد (2/ 198)، وابن خزيمة في صحيحه (1/ 322) (رقم: 1389) والحاكم (1/ 329) والبيهقي (3/ 324) من حديث عبد الله بن عمرو: "أنَّه - صلى الله عليه وسلم - صلى ركعتين في كل ركعة ركوع واحد كسائر الصلوات". =

وانظر رواية عمرة عن عائشة (¬1)، وحديث ابن عباس (¬2)، وأسماء (¬3). ¬

_ = وإسناده حسن، فيه عطاء بن السائب قد اختلط، لكن من الرواة عنه في هذا الحديث سفيان الثوري، وهو سمع منه قبل الاختلاط. وجاء نحوه عن سمرة بن جندب عند أبي داود في صلاة الكسوف، باب من قال: أربع ركعات (1/ 700) (رقم: 1184)، والحاكم (1/ 330)، وعن النعمان بن بشير عند أبي داود في صلاة الكسوف، باب من قال: يركع ركعتين (1/ 704) (رقم: 1193)، والنسائيُّ (3/ 157، - 158) (رقم: 1484)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 33). هذه هي معظم الآثار الواردة في كيفية صلاة الكسوف وعدد ركعاتها، وقد أوردها بتوسع البيهقي في الكبرى (3/ 331 - 359) والبغويُّ في شرح السنة (1/ 634 - 640) وابن القيم في زاد المعاد (1/ 450 - 456) وغيرهم. وقال البيهقي: من أصحابنا من ذهب إلى تصحيح الأخبار الواردة في هذه الأعداد وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - فعلها مرات، مرة ركوعين في كل ركعة، ومرة ثلاث ركوعات في كل ركعة، ومرة أربع ركوعات في كل ركعة فأدى كل منهم ما حفظ، وأن الجميع جائز، وكأنه - صلى الله عليه وسلم - كان يزيد في الركوع إذا لم ير الشمس قد تجلت، ذهب إلى هذا إسحاق بن راهويه، ومن بعده محمَّد بن إسحاق بن خزيمة، وأبو بكر أحمد بن إسحاق بن أيوب الصبغي، وأبو سليمان الخطابي، واستحسنه أبو بكر محمَّد بن إبراهيم بن المنذر. السنن الكبرى (3/ 331). وانظر أيضًا معالم السنن للخطابي (1/ 221)، وزاد المعاد (1/ 445). قلت: ما ذكره البيهقي هو ما قوّاه النوويّ أيضًا، لكن الذي رجّحه هو أنَّه يصلي ركعتين في كل ركعة ركوعان، وقال: هذا هو ما ذهب إليه البخاري والشافعيُّ. شرح النوويّ على صحيح مسلم (6/ 198 - 199). قلت: بل هو مذهب الجمهور كمالك وأحمد وإسحاق، وهو ما رجّحه أيضا ابن عبد البر، وابن حجر، وقال عن الرويات الأخرى: لا يخلو إسناد منها عن علة. انظر: التمهيد (3/ 302، 305)، وفتح الباري (2/ 612، 616، 618). (¬1) سيأتي حديثها (4/ 120). (¬2) تقدَّم حديثه (2/ 542). (¬3) سيأتي حديثها (4/ 238).

508 / حديث: "رأى في جدار القبلة بصاقا أو مخاطا أو نخامة فحكّه. . .". في الصلاة، عند آخره (¬1). مختصر ليس فيه قول (¬2)، وانظر حديث نافع، عن ابن عمر (¬3)، 509 / حديث: "أن الحارث بن هشام سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: كيف يأتيك الوحي؟ ". في الصلاة، عند آخره، باب: ما جاء في القرآن (¬4). وفيه قول عائشة: ولقد رأيته ينزل عليه. والحارث هو أخو أبي جهل (¬5). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: القبلة، باب: النهي عن البصاق في القبلة (1/ 173) (رقم: 5). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الصلاة، باب: حك البزاق باليد من المسجد (1/ 150) (رقم: 407) من طريق عبد الله بن يوسف. ومسلم في صحيحه كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، (1/ 389) (رقم: 52) من طريق قتيبة. وأحمد في المسند (6/ 148) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، ثلاثتهم عن مالك به. (¬2) يعني به قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث ابن عمر: "إذا كان أحدكم يصلي فلا يبصق قِبل وجهه. . .". (¬3) تقدَّم حديثه (2/ 379). (¬4) الموطأ كتاب: القرآن، باب: ما جاء في القرآن (1/ 179) (رقم: 7). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: بدء الوحي (1/ 13) (رقم: 2) من طريق عبد الله بن يوسف. والترمذي في السنن كتاب: المناقب، باب: ما جاء كيف ينزل الوحي على النبي - صلى الله عليه وسلم - (5/ 557) (رقم: 3634) من طريق معن. والنسائيُّ في السنن كتاب: الافتتاح، باب: ما جاء في القرآن (2/ 485 - 486) (رقم: 933) من طريق ابن القاسم. وأحمد في المسند (6/ 256 - 257) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، ثلاثتهم عن مالك به. (¬5) هو الحارث بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم، أبو عبد الرحمن القرشي، أخو أبي جهل، أسلم يوم فتح مكة، وحسن إسلامه، وخرج إلى الشام مجاهدا، ولم يزل بها إلى أن =

510 / حديث: "إن كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليقبل بعض أزواجه وهو صائم" (¬1). انظر هذا في المقطوع لعائشة (¬2)، وفي مسند أم سلمة (¬3)، ومرسل عطاء (¬4). 511 / حديث: "كان يوم عاشوراء يوما (¬5) تصومه قريش في الجاهلية وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصومه. . .". فيه: "فلما فرض رمضان كان هو الفريضة، وترك يوم عاشوراء، فمن شاء صامه" (¬6). طرفاه موقوفان في الموطأ (¬7)، ورَفَع آخره جرير عن هشمام وغيره، عن عروة. وروى نافع، عن ابن عمر قال: ذكر عند النبي - صلى الله عليه وسلم - صيام يوم عاشوراء، ¬

_ = قُتل باليرموك، وقيل: مات في طاعون عمواس. انظر: الاستيعاب (2/ 259 - 263)، والإصابة (2/ 181 - 182)، وتهذيب الكمال (5/ 294). (¬1) الموطأ كتاب: الصيام، باب: ما جاء في الرخصة في القبلة للصائم (1/ 243) (رقم: 14). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الصوم، باب: القبلة للصائم (2/ 38) (رقم: 1928) من طريق القعنبي، عن مالك به. (¬2) سيأتي حديثها (4/ 169). (¬3) سيأتي حديثها (4/ 218). (¬4) أي عطاء بن يسار، وسيأتي حديثه في (5/ 142). (¬5) في الأصل: "يومٌ" وهو خطأ لغةً. (¬6) الموطأ كتاب: الصيام، باب: صيام يوم عاشوراء (1/ 248) (رقم: 32). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الصوم، باب: صيام يوم عاشوراء (2/ 58) (رقم: 2002) من طريق القعنبي. وأبو داود في السنن كتاب: الصيام، باب: في صوم يوم عاشوراء (2/ 817) (رقم: 2442) من طريق القعنبي، عن مالك به. (¬7) أي على عائشة.

فقال: "كان يصومه أهل الجاهلية فمن شاء صامه ومن شاء فليفطره"، خرجه مسلم (¬1). وقد رُوي عن مالك (¬2). وانظر حديث معاوية (¬3). 512 / حديث: "قلت لعائشة وأنا يومئذ حديث السنّ: أرأيت قول الله تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ}. . .). فيه: "إنما أنزلت هذه الآية في الأنصار كانوا يهلّون لمناة وكانوا يتحرّجون أن يطوفوا بين الصفا والمروة فلما جاء الإِسلام سألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك فأنزل الله تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ} ". وبهذا ينسند ويلحق بالمرفوع (¬4). في جامع السعي (¬5). ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في صحيحه كتاب: الصيام، باب: صوم يوم عاشوراء (2/ 792 - 793/ رقم: 113، 114، 119، 120). (¬2) أخرجه ابن المظفر في غرائب مالك (ص: 206 - 207) (رقم: 142) ومن طريقه ابن ناصر الدين في الإتحاف (ص: 156)، من طريق عبد الرحمن بن القاسم عن مالك، عن نافع عن ابن عمر قال: ذكر عند النبي - صلى الله عليه وسلم - صيام يوم عاشوراء فذكره. قال ابن المظفر: هذا غريب بهذا الإسناد، والمحفوظ في الموطأ: مالك، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة - رضي الله عنها -. وأورده ابن عبد البر في التمهيد (22/ 149) وقال: هذا إسناد غريب لمالك في هذا الحديث، لا أعلمه لغير ابن القاسم عن مالك. (¬3) تقدَّم حديثه (2/ 199). (¬4) لأنَّ الصحابي إذا أخبر عن سبب وقع في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، أو نزول آية له بذلك فهو في حكم المسند المرفوع. انظر: علوم الحديث (ص: 45)، والنكت على كتاب ابن الصلاح (2/ 530) وتدريب الراوي (1/ 237). (¬5) الموطأ كتاب: الحج، باب: جامع السعي (1/ 300 - 301) (رقم: 129). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: العمرة، باب: ما يفعل بالعمرة ما يُفعل بالحج (1/ 542) =

وذكر فيه الزهري عن عروة عن عائشة: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طاف وسنّ الطواف بينهما". وجاء عن أنس نحو حديث عائشة، ولأبي بكر بن عبد الرحمن قول آخر في سبب نزول الآية، والكل في الصحيحين (¬1). 513 / حديث: "ذكر صفية بنت حيي فقيل له: إنها قد حاضت فقال: لعلها حابستنا، فقالوا: إنها قد طافت. . .". يعني يوم النحر. في إفاضة الحائض (¬2). انظره من طريق القاسم (¬3)، وعمرة (¬4)، ولأم سُليم في مسندها (¬5). ¬

_ = (رقم: 1790)، وفي التفسير، باب: تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ} (3/ 195) (رقم: 4495) من طريق عبد الله بن يوسف. وأبو داود في السنن كتاب: المناسك، باب: أمر الصفا والمروة (2/ 452 - 453) (رقم: 1901) من طريق القعنبي، وعبد الله بن وهب. والنسائي في السنن الكبرى (6/ 293) (رقم: 11009) من طريق ابن القاسم، أربعتهم عن مالك به. (¬1) انظر: صحيح البخاري كتاب: الحج، باب: وجوب الصفا والمروة (1/ 504 - 505/ رقم: 1643، 1648). وصحيح مسلم كتاب: الحج، باب: بيان أن السعي بين الصفا والمروة ركن. . . (2/ 929 - 930) (رقم: 261 - 264). (¬2) الموطأ كتاب: الحج، باب: إفاضة الحائض (1/ 330) (رقم: 228). وأخرجه أبو داود في السنن كتاب: المناسك، باب: الحائض تخرج بعد الإفاضة (2/ 510) (رقم: 2003) من طريق القعنبي. (¬3) تقدّم حديثه (4/ 6). (¬4) سيأتي حديثها (4/ 115). (¬5) سيأتي حديثها (4/ 326)، وتصحف في الأصل إلى "أم سلمة" والصواب ما أثبته إذ ليس في مسند أم سلمة حديث في هذا المعنى، وهكذا كان في أصل المؤلف أيضًا كما نبه عليه الناسخ في الهامش.

514 / حديث: "جاء عمي من الرضاعة يستأذن علي، فأبيت أن أذن له علي حتى أسأل. . .". فيه: "إنه عمّك فأذني له". وقولها: إنما أرضعتني المرأة لا الرجل. في أوّل الرضاع (¬1). اختلف فيه على هشام، وهذا المحفوظ عنه (¬2)، خُرِّج في الصحيح (¬3). وفي آخر هذا الحديث قول عائشة موقوفًا: "يحرم من الرضاعة ما يحرم من الولادة". وسيأتي هذا مرفوعًا من طريق سليمان بن يسار عن عروة (¬4). وانظر حديث ابن شهاب عن عروة (¬5)، وحديث عمرة عن عائشة (¬6). 515 / حديث: "سئل عن الرقاب أيُّها أفضل. . .". في العتق (¬7). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الرضاع، باب: رضاعة الصغير (2/ 469) (رقم: 2). (¬2) قال الدارقطني: "رواه عبد الوارث عن أيوب عن هشام بن عروة، عن وهب بن كيسان عن عروة، عن عائشة. وقال أبو أسامة عن هشام بن عرَوة، عن عبد الله بن أبي بكر، عن عمرة، عن عائشة، وكذلك قال وهيب وعبد الله بن داود عن هشام، وغيره يرويه عن هشام عن أبيه عن عائشة، وهو المحفوظ" العلل (5/ ل: 127/ ب). (¬3) أخرجه البخاري في النكاح، باب ما يحل من الدخول والنظر إلى النساء في الرضاع (3/ 396) (رقم: 5239) من طريق عبد الله بن يوسف عن مالك، ومسلم في الرضاع، باب يحرم من الرضاعة ما يحرم من الرلادة (2/ 1070) (رقم 7) من طريق ابن نمير، وحماد بن زيد، وأبي معاوية أربعتهم عن هشام به. (¬4) سيأتي حديثه (4/ 74). (¬5) سيأتي حديثه (4/ 63). (¬6) سيأتي حديثها (4/ 118). (¬7) الموطأ كتاب: العتق، باب: فضل عتق الرقاب، وعتق الزانية وابن الزنا (2/ 597) (رقم: 15).

هذا عند يحيى بن يحيى، وأبي المصعب مسندا عن عائشة (¬1). ورواه جمهور الرواة عن مالك مرسلًا، لم يذكروا فيه عن عائشة (¬2). ويقال: إنَّ مالكا انفرد بروايته عن عائشة، وغيره يرويه عن هشام، عن أبيه، عن أبي مراوح عن أبي ذر الغفاري (¬3)، وهكذا خرّج ¬

_ (¬1) هو عند يحيى الليثي كما قال المؤلف مسند غير مرسل، لكن ورد عند أبي مصعب الزهري (2/ 408) (قم: 2742) مرسلًا غير مسند، وهكذا ورد في الأصل الذي اعتمده بشار عواد في تحقيقه لرواية أبي مصعب، وكذا في نسخة مصورة في الجامعة الإِسلامية برقم (4081) (ل: 159/ أ) وأخرجه الجوهري في مسنده (ل: 133/ ب) من طريقه مسندا كما قال المؤلف، ولعل هذا من اختلاف النسخ - والله أعلم - وتابعهما على وصله إسماعيل بن أبي أويس عند أبي نعيم في الحلية (6/ 354) ومطرف وروح وعبد الله بن الحكم كما قال الدارقطني في أحاديث الموطأ (ص: 30). (¬2) انظر الموطأ برواية: سويد بن سعيد (ص: 393) (رقم: 894)، يحيى بن بكير (ل: 211/ أ) - الظاهرية -، وهو المشهور عن مالك. انظر: أحاديث الموطأ (ص: 30)، والتمهيد (22/ 157)، وفتح الباري (5/ 177). (¬3) حكى ابن عبد البر عن ابن الجارود أنَّه قال: لا أعلم أحدا قال عن عائشة غير مالك، ورواه الثوري، ويحيى القطان، وابن عيينة، ووكيع، وغير واحد عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن أبي مرواح، عن أبي ذر. التمهيد (22/ 259). وقال الخشني: هذا حديث يُحمل الغلط فيه على مالك؛ لأنَّ الحديث حديث هشام بن عروة، عن أبيه، عن أبي مرواح، عن أبي ذر، كما رواه الأئمة، سفيان الثوري، وسفيان بن عيينة، وشعبة، والليث، وغيرهم، غير أن يحيى وهم فيه أيضًا على وهم مالك، فزاد في الإسناد عائشة، وإنما رواه مالك مرسلًا عن عروة، وليس فيه عائشة. أخبار الفقهاء والمحدّثين (ص: 355). وقال الدارقطني: "روى مالك في الموطأ عن هشام بن عروة، عن أبيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سئل أي الرقاب. . . وخالفه أصحاب هشام، فرووه عن هشام، عن أبيه، عن أبي مراوح الغفاري، عن أبي ذر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، منهم: سفيان الثوري، ويحيى بن سعيد القطان، وابن جريج وغيرهم". الأحاديث التي خولف فيها مالك (ص: 79) (رقم: 26). قلت: الحديث من طريق الثوري أخرجه ابن البر في التمهيد (22/ 159)، ومن طريق يحيى بن سعيد القطان أخرجه النسائي في الكبرى (3/ 172) (رقم: 4894)، وأحمد في المسند (5/ 171)، وابن الجارود في المنتقى (ص: 324) (رقم: 969).

في الصحيح (¬1). وقد رواه سعيد الزنبري، وحبيب الكاتب عن مالك خارج الموطأ كذلك (¬2). قال الدارقطني: "والمرسل هو المحفوظ عن مالك" (¬3). واسم أبي ذر جُنْدُب بن جُنادَة، وقيل: بُرَيْر، برائين مهملتين، وضم ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: العتق، باب: في العتق وفضله (2/ 213) (رقم: 2518) من طريق عبيد الله بن موسى. ومسلم في صحيحه كتاب: الإيمان، باب: بيان كون الإيمان أفضل الأعمال (1/ 89) (رقم: 136) من طريق حماد بن زيد. وتابعهم: - سفيان الثوري، ويحيى بن سعيد القطان - كما تقدم - وأبو معاوية عند ابن ماجه في السنن كتاب العتق باب العتق (2/ 843) (رقم: 2523). - وابن عيينة عند أحمد في المسند (5/ 150) والحميدي في المسند (1/ 72) (رقم: 131). - وعبد العزيز بن محمَّد، وابن نمير عند البزار في مسنده (9/ 428) (رقم 4037، 4038 - البحر الزخار -). - وجعفر بن عون عند أبي عوانة في صحيحه (1/ 62)، والبيهقيُّ في السنن الكبرى (6/ 273). وأنس بن عياض عند ابن منده في الإيمان (2/ 60) (رقم 232) وعمرو بن الحارث عند ابن حبَّان في صحيحه (10/ 148) (رقم: 4310 - الإحسان)، وعبيد الله بن جعفر عند الطبراني في المعجم الأوسط (8/ 310) (رقم: 8723). بل حكى الحافظ عن الإسماعيلي أنَّه ذكر عددا كثيرا نحو العشرين نفسا، كلهم رووه عن هشام، عن أبيه، عن أبي مرواح، عن أبي ذر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وخالفهم مالك، فأرسله في المشهور عنه عن هشام، عن أبيه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. فتح الباري (5/ 177). (¬2) ذكرهما الدارقطني في العلل (6/ 289)، وابن عبد البر في التمهيد (22/ 160). (¬3) العلل (6/ 289). قلت: المرسل وإن كان هو الراجح كما قال الدارقطني، لكن المحفوظ عن هشام هو ما رواه الجماعة كما قال الحافظ في فتح الباري (5/ 177).

الباء مصغرًا (¬1). وأبو مُرَاوِح (¬2)، قيل: اسمه سَعْد، ولم يصح (¬3). 516 / حديث: "جاءت بريرة فقالت: إني كاتبت أهلي على تسع أواقٍ، في كل عام أوقية فأعينيني. . .". فيه: "خذيها واشترطي لهم الولاء، فإنما الولاء لمن أعتق"، وذكرت الخطبة بذلك. في الولاء (¬4)، واحتج بحكم الولاء مرسلًا في العقول (¬5). وليس في حديث الموطأ ذكر التخيير، وذكره فيه جماعة (¬6). قال الشيخ أبو العباس - رضي الله عنه -: قد أخبر أن الولاء لِمن أعتق، وفشا من قوله - صلى الله عليه وسلم -: "من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو ¬

_ (¬1) والأصح هو الأوّل، كما قال غيرُ واحد من أهل العلم. انظر: الأسامي والكنى للإمام أحمد (24، 192)، والكنى والأسماء لمسلم (1/ 308)، والاستغناء لابن عبد البر (1/ 170)، والإصابة (11/ 118). (¬2) بضم الميم، وراء مهملة، وكسر واو. المغني في ضبط الأسماء (ص: 227). (¬3) في الأصل: سعيد، وما أثبته هو المذكور في مصادر ترجمته. انظر: ذكر من اشتهر بكنيته من الأعيان (ص: 388)، وتهذيب الكمال (34/ 270). (¬4) الموطأ كتاب: العتق والولاء، باب: مصير الولاء لمن أعتق (2/ 598) (رقم: 17). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: البيوع، باب: إذا اشترط شروطا في البيع لا تحل (2/ 106) (رقم: 2168) من طريق عبد الله بن يوسف، وفي الشروط، باب: الشروط في الولاء (2/ 278) (رقم: 2729) من طريق إسماعيل بن أبي أويس، كلاهما عن مالك به. (¬5) الموطأ كتاب: العقول، باب: جامع العقول (2/ 662). (¬6) ذكره الأسود، والقاسم، وعروة، وعمرة. انظر: صحيح البخاري كتاب العتق، باب بيع الولاء وهبته (2/ 217 - 218) (رقم: 2536)، وكتاب الهبة، باب قبول الهدية (2/ 230) (رقم: 2578). وصحيح مسلم كتاب العتق، باب إنما الولاء لمن أعتق (2/ 1143) (رقم: 9، 10، 11) وسنن أبي داود كتاب الطلاق، باب في المملوكة تعتق وهي تحت حر أو عبد (2/ 672) (رقم: 2233)، والسنن الكبرى للبيهقي (7/ 227).

رد" (¬1)، فلذلك أنكر هذا الشرط، ورده وأغلظ فيه، والله أعلم. 517 / حديث: "أن رجلًا قال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن أمي افْتُلِتَت نفسها (¬2)، وأُراها لو تكلّمت تصدّقت، أفأتصدّق عنها؟ . . .". في الأقضية عند آخره (¬3). وخرّجه البخاري من طريق مالك وغيره، ومسلم من طرق جمة عن هشام بن عروة بإسناده (¬4). والرجل المستفتي هو سعد بن عبادة، كَنتْ عنه عائشة ولم تسمِّه (¬5). ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الصلح، باب: إذا اصطلحوا على صلح جور، فالصلح مردود (2/ 267) (رقم: 2697). ومسلم في صحيحه كتاب: الأقضية، باب: نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور (3/ 1343) (رقم: 17) من حديث عائشة - رضي الله عنها -. (¬2) أي ماتت فجأة وأخذت نفسها فلتة. النهاية (3/ 467). (¬3) الموطأ كتاب: الأقضية، باب: صدقة الحي على الميت (2/ 582) (رقم: 53). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الوصايا، باب: ما يُستحب لمن توفي فجأة أن يتصدّقوا عنه (2/ 293) (رقم: 2760) من طريق إسماعيل بن أبي أويس. والنسائيُّ في السنن كتاب: الوصايا، باب: إذا مات الفجأة هل يستحب لأهله أن يتصدّقوا عنه (6/ 560 - 561) (رقم: 3651) من طريق ابن القاسم، كلاهما عن مالك به. (¬4) سبق تخريجه من طريق مالك. وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الجنائز، باب: موت الفجأة (1/ 427) (رقم: 1388) من طريق محمَّد بن جعفر. ومسلم في صحيحه كتاب: الوصية، باب: وصول ثواب الصدقات إلى الميت (3/ 1254) (رقم: 12، 13) من طريق يحيى بن سعيد ومحمد بن بشر، وأبي أسامة، وشعيب بن إسحاق، وروح بن القاسم، وجعفر بن عون، كلهم عن هشام بن عروة عن أبيه، به. (¬5) وقد سماه عبد الله بن عباس في حديثه، حيث قال: "إن سعد بن عبادة استفتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: إن أمي ماتت وعليها نذر. . ." انظره في مسنده (2/ 529).

وهذا الحديث مطابق للحديث المروي عنه في ذكر الصدقة، ومخالف له في تعمُّد ترك الوصية. انظر الحديث لسعد (¬1)، وابن عباس (¬2)، وفي مرسل القاسم (¬3). 518 / حديث: "لما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة وُعِك أبو بكر وبلال. . .". فيه: "اللهمّ حبِّب إلينا المدينة كحُبِّنا مكة أو أشدّ وصحِّحها". وذكر الصاع، والمد، والحمى. وفيه: شعر أبي بكر وبلال. في الجامع عند أوّله (¬4). 519 / حديث: "إن عائشة كانت تقول: إذا أصاب أحدكم المرأة ثمَّ أراد أن ينام قبل أن يغتسل، فلا ينم حتى يتوضأ". في الطهارة (¬5). ظاهره الوقف، وقد يدخل في المرفوع؛ لأنها إنما أمرت بما شاهدت فعله. ¬

_ (¬1) تقدَّم حديثه (3/ 93). (¬2) تقدَّم حديثه (2/ 529). (¬3) سقط مرسل القاسم من النسخة، واستدركته في المراسيل (5/ 170). (¬4) الموطأ كتاب: الجامع، باب: ما جاء في وباء المدينة (2/ 679) (رقم: 14). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: مناقب الأنصار، باب: مقدم النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه المدينة (3/ 76) (رقم: 3926) من طريق عبد الله بن يوسف، وفي المرضى، باب: عباة النساء الرجال (4/ 25) (رقم: 5654) من طريق قتيبة، وفي باب: من دعا برفع الوباء والحمى (4/ 31) (رقم: 5677) من طريق إسماعيل بن أبي أويس. والنسائيُّ في السنن الكبرى (4/ 354) (رقم: 7495) من طريق معن، وابن القاسم. وأحمد في المسند (6/ 260) من طريق إسحاق الطباع، ستتهم عن مالك به. (¬5) الموطأ كتاب: الطهارة، باب: وضوء الجنب إذا أراد أن ينام أو يطعم قبل أن يغتسل (1/ 68) (رقم: 77).

وقد روى أبو الأسود عن عروة عنها أنها قالت: "كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد أن ينام وهو جنب غسل فرجه، وتوضأ وضوءه للصلاة"، خرجه البخاري (¬1)، وتكلم عليه مسلم في التمييز، وذكره الطحاوي (¬2). وانظر حديث ابن عمر من طريق ابن دينار (¬3). 520 / حديث: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كُفِّن في ثلاثة أثواب بيض سحولية، ليس فيها قميص ولا عمامة". في الجنائز (¬4). ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الغسل، باب: الجنب يتوضّأ ثمَّ ينام (1/ 110) (رقم: 288) من طريق عبيد الله بن أبي جعفر عنه. (¬2) روى مسلم في التمييز (ص: 181 (40) من طريق زهير عن أبي إسحاق، عن الأسود، عن عائشة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنَّه كان ينام وهو جنب ولا يمس الماء، ثمَّ قال: "هذه الرواية عن أبي إسحاق خاطئة، وذلك أن النخعي وعبد الرحمن بن الأسود جاءا بخلاف ما روى أبو إسحاق". فساق بإسناده عنها عن الأسود عن عائشة أنها قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا كان جنبا فأواد أن يأكل أو ينام توضأ وضوءه للصلاة. ثمَّ أخرجه من طريق ابن شهاب عن أبي سلمة عنها. وقد ذكر الطحاوي أيضا رواية أبي إسحاق عن الأسود من طرق عنه ثمَّ قال: "قد ذهب قوم إلى هذا ومنهم أبو يوسف فقالوا: لا نرى بأسا أن ينام الجنب من غير أن يتوضأ؛ لأنَّ التوضيء لا يخرجه من حال الجنابة إلى حال الطهارة. وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا: ينبغي له أن يتوضأ وضوءه للصلاة قبل أن ينام، وقالوا: هذا الحديث غلط؛ لأنه حديث مختصر، اختصره أبو إسحاق من حديث طويل فأخطأ في اختصاره إياه، ثمَّ ذكر القصة بطولها، وقال: وقد بين ذلك غير أبي إسحاق عن الأسود عن عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يتوضأ وضوءه للصلاة، فأورده من طريق إبراهيم النخعي وأبي سلمة، وعروة ثمَّ قال: فثبت بما ذكرنا فساد ما روي عن أبي إسحاق عن الأسود مما ذكرنا وثبت ما روى إبراهيم عن الأسود" انظر: التمييز ص 181 - 182، وشرح معاني الآثار (1/ 124 - 126). (¬3) تقدَّم حديثه (2/ 467). (¬4) الموطأ كتاب: الجنائز، باب: ما جاء في كفن الميت (1/ 195) (رقم: 5). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الجنائز، باب: الكفن بلا عمامة (1/ 392) (رقم: 1273) من طريق إسماعيل بن أبي أويس.

ليس هذا بمرفوع، وقد أدخل في المسند المرفوع على المعنى، وزيد في ألفاظه، وهو مخرج في الصحيحين (¬1). وانظره في المقطوع لعائشة (¬2)، وفي مرسل يحيى بن سعيد (¬3). وانظر حديث اللحد في مرسل عروة (¬4)، وحديث الغسل في القميص في مرسل محمَّد بن علي (¬5)، ومرسل مالك في آخر الكتاب (¬6). ورفع هذا كله جارٍ على طريق واحد، وإنما أُلحق بالمرفوع من أجل أنَّ الله اختاره لنبيِّه - صلى الله عليه وسلم -؛ لا أنَّه مروي عنه. فصل: • حديث: الخميصة. ¬

_ (¬1) تقدَّم تخريجه من طريق مالك. وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الجنائز، باب: الثياب البيض للكفن (1/ 390) (رقم: 1264) من طريق عبد الله بن المبارك عن هشام به، ولفظه: "كفن في ثلاثة أثواب يمانية بيض سحولية من كرسف ليس فيهن قميص ولا عمامة". وفي باب: الكفن بغير قميص (1/ 392) (رقم: 1271، 1272) من طريق سفيان ويحيى، عن هشام به، ولفظ سفيان "ثلاثة أثواب سحول كرسف. . .". ومسلم في صحيحه كتاب: الجنائز، باب: في كفن الميت (2/ 649 - 650) (رقم: 45، 46) من طريق أبي معاوية، وعلي بن مسهر، وحفص بن غياث، وابن عيينة، وابن إدريس، ووكيع، وعبد العزيز بن محمَّد، كلهم عن هشام به. (¬2) سيأتي حديثها (4/ 148). (¬3) سيأتي حديثه (5/ 258). (¬4) سيأتي حديثه (5/ 112). (¬5) سيأتي حديثه (4/ 570). (¬6) سيأتي حديثه (5/ 395).

• حديث: الصوم في السفر. • حديث: الخروج من المدينة. • حديث: الحمى. هذه الأربعة مذكورة في مرسل عروة (¬1). * * * ¬

_ (¬1) ستأتي (5/ 77 - 82).

مالك، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة

مالك، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة. 521 / حديث: "كان يصلي العصر والشمس في حجرتها قبل أن تظهر" (¬1). هذا في الموطأ منوط بحديث أبي مسعود في المواقيت. قال فيه مالك، عن الزهري: قال عروة، ولم يصرّح بالإخبار. وقال يونس عن الزهري: أخبرني عروة. خرجه مسلم (¬2). وجاء في الصحيح بلفظ أَبْيَن من هذا (¬3). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الوقوت، باب: وقوت الصلاة (1/ 38) (رقم: 1، 2). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: مواقيت الصلاة، باب: مواقيت الصلاة وفضلها (1/ 182) (رقم: 522) من طريق القعنبي. ومسلم في صحيحه كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: أوقات الصلوات الخمس (1/ 425) (رقم: 168) من طريق يحيى النيسابوري. والدارميُّ في السنن، كتاب الصلاة، باب في مواقيت الصلاة (1/ 268) من طريق عبيد الله بن عبد المجيد الحنفي. وأحمد في المسند (5/ 274) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، أربعتهم عن مالك به. (¬2) أخرجه مسلم في صحيحه كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: أوقات الصلوات الخمس (1/ 426) رقم: 169) من طريق يونس به. قلت: لما كان سياق مالك عن ابن شهاب: قال عروة، يحتمل الانقطاع لعدم تصريحه بالسماع من عروة، لا سيما وقد كان هو ممن جُرّب عليه التدليس أورد المؤلف - رحمه الله - رواية يونس عنه، فأزال بها الإشكال المحتمل. انظر: فتح الباري (2/ 8)، وتعريف أهل التقديس (ص: 109). (¬3) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: المغازي (3/ 93) (رقم: 4007) من طريق شعيب، عن الزهري أنَّه قال: سمعت عروة بن الزبير يحدّث عمر بن عبد العزيز. وروى عبد الرزاق في المصنف (1/ 540) (رقم: 2044) عن معمر، عن الزهري قال: كنا مع عمر بن عبد العزيز فأخّر صلاة العصر مرة، فقال له عروة: حدّثني بشير بن أبي مسعود، فذكره.

ولا حجة فيه على حال؛ لأنَّ الفيء يختلف باتساع الحجرات، وارتفاع الجدرات وباختلاف الأزمان والبلدان، وهذا أوضح من أن يحتاج فيه إلى بيان (¬1). 522/ حديث: "كان يغتسل من إناء هو الفَرَق (¬2) من الجنابة". في الطهارة (¬3). زاد فيه جويرية عن مالك: "وكان يغتسل هو وعائشة من إناء واحد". انظر هذا في الزيادات (¬4). 523/ حديث: "صلى في المسجد ذات ليلة، فصلّى بصلاته ناس، ثمَّ صلى القابلة فكثر الناس. . .". فيه: "لم يمنعني من الخروج إليكم إلا أني ¬

_ (¬1) انتقد المؤلف بهذا عروة بن الزبير، وكذلك الشافعي ومن تبعه في احتجاجهم بحديث عائشة هذا على تعجيل صلاة العصر، لكن كون حجرات أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - ضيقة العرصة، وقصيرة الجدار مما عُرف بالاستفاضة والمشاهدة، وعليه فالاحتجاج به على تعجيل صلاة العصر مستقيم. قال ابن حجر: والمستفاد من هذا الحديث تعجيل صلاة العصر في أول وقتها، وهذا هو الذي فهمته عائشة، وكذا الراوي عنها عروة، واحتج به على عمر بن عبد العزيز في تأخيره صلاة العصر، ثمَّ انتقد الطحاوي في قوله بأن لا دلالة فيه على التعجيل. انظر: شرح النوويّ على صحيح مسلم (5/ 109)، وفتح الباري (2/ 32). (¬2) الفرق بالتحريك: مكيال يسع ستة عشر رطلا، والفرْق بالسكون فمائة وعشرون رطلا. النهاية (3/ 437). (¬3) الموطأ كتاب: الطهارة، باب: العمل في غسل الجنابة (1/ 65) (رقم: 68). وأخرجه مسلم في صحيحه كتاب: الحيض، باب: القدر المستحب من الماء (1/ 255) (رقم: 40) من طريق يحيى النيسابوري. وأبو داود في السنن كتاب: الطهارة، باب: مقدار الماء الذي يجزئ في الغسل (1/ 165) (رقم: 238) من طريق القعنبي، كلاهما عن مالك به. (¬4) سيأتي حديثه في قسم الزيادات (4/ 466).

خشيت أن يفرض عليكم"، وفي آخره متصلًا به: وذلك في رمضان. وكأنَّ هذا من قول عائشة (¬1). وهو في باب: الترغيب في الصلاة في رمضان (¬2). وخرجه البخاري في الصيام (¬3). وجاء عن زيد بن ثابت أن ذلك كان في رمضان (¬4). 524 / حديث: "كان يصلي من الليل إحدى عشرة ركعة يوتر منها بواحدة، فإذا فرغ اضطجع على شقه الأيمن". في صلاة الوتر، مختصر (¬5). ¬

_ (¬1) جزم العيني بأنّه من كلام عائشة، ذَكَرَته إدراجا لتبيّن أن هذه القضية كانت في شهر رمضان. عمدة القاري (7/ 177). (¬2) الموطأ كتاب: الصلاة في رمضان، باب: الترغيب في الصلاة في رمضان (1/ 113) (رقم: 1). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: التهجد، باب: تحريض النبي - صلى الله عليه وسلم - على قيام الليل والنوافل من غير إيجاب (1/ 325) (رقم: 1129) من طريق عبد الله بن يوسف، وفي صلاة التراويح باب: فضل من قام رمضان (2/ 60) (رقم: 2011) من طريق إسماعيل بن أبي أويس. ومسلم في صحيحه كتاب: صلاة المسافرين وقصرها، باب: الترغيب في قيام رمضان (1/ 524) (رقم: 177) من طريق يحيى النيسابوري. وأبو داود في السنن كتاب: الصلاة، باب: في قيام رمضان (2/ 104) (رقم: 1373) من طريق القعنبي. والنسائيُّ في السنن كتاب: قيام الليل، باب: قيام شهر رمضان (3/ 223) (رقم: 1603) من طريق قتيبة. وأحمد في المسند (6/ 177) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، خمستهم عن مالك به. (¬3) تقدَّم تخريجه. (¬4) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الأذان، باب: صلاة الليل (1/ 240) (رقم: 731) من طريق بسر بن سعيد عنه. (¬5) الموطأ كتاب: صلاة الليل، باب: صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - في الوتر (1/ 118) (رقم: 8). =

وزاد فيه ابن نافع، وأبو المصعب عن مالك: "حتى يأتيه المؤذن فيصلي ركعتين خفيفتين" (¬1). وخرجه مسلم عن يحيى بن يحيى التميمي، عن مالك كذلك، ذكر فيه ركعتي الفجر بعد الاضطجاع (¬2). والمحفوظ ذكر ركعتي الفجر قبل الاضطجاع، وكون الاضطجاع بعدهما. قال الذهلي: "وهو الصواب" (¬3). وقال مسلم في التمييز: "وَهَمَ مالك في ذلك، وخولف فيه عن الزهري"، وساقه عن جماعة من أصحاب الزهري، ذكروا فيه الاضطجاع بعد ركعتي الفجر (¬4). ¬

_ = وأخرجه مسلم في صحيحه كتاب: صلاة المسافرين، باب: صلاة الليل. . . (1/ 508) (رقم: 121) من طريق يحيى النيسابوري. وأبو داود في السنن كتاب: الصلاة، باب: في صلاة الليل (2/ 84) (رقم: 1335) من طريق القعنبي. والترمذي في السنن كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في وصف صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - بالليل (2/ 303) (رقم: 440، 441) من طريق معن، وقتيبة. والنسائيُّ في السنن كتاب: قيام الليل، باب: كيف الوتر بواحدة (3/ 259) (رقم: 1695) من طريق عبد الرحمن بن مهدي. وأحمد في المسند (6/ 35، 182) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، خمستهم عن مالك به. (¬1) انظر: الموطأ برواية أبي مصعب الزهري (1/ 114) (رقم: 292). وتابعه: سويد بن سعيد (ص: 120) (رقم: 177). (¬2) تقدَّم تخريجه. (¬3) نقله ابن عبد البر في التمهيد (8/ 121). (¬4) قول مسلم لا يوجد في الجزء المطبوع من كتاب التمييز لكن نقله الحافظ ابن رجب عنه وعن غيره حيث قال: "وأسقط البخاري منه: ذكر "الاضطجاع"؛ لأنَّ مالكا خالف أصحاب ابن شهاب فيه، فإنَّه جعل الاضطجاع بعد الوتر، وأصحاب ابن شهاب كلهم جعلوه بعد ركعتي الفجر، وهذا مما عده الحفاظ من أوهام مالك، منهم: مسلم في كتاب التمييز، وحكى أبو بكر =

وخرج هكذا في الصحيحين من طرق (¬1). ¬

_ = الخطيب مثل ذلك عن العلماء وحكاه ابن عبد البر عن أهل الحديث. فتح الباري (6/ 219). قلت: ما نقله الخطيب عن العلماء من ترجيح رواية الجماعة نقله أيضا ابن القيم في زاد المعاد (1/ 321) وذكر الدارقطني رواية مالك ثمَّ قال: "خالفه في لفظه جماعة، منهم عقيل ويونس وشعيب بن أبي حمزة، وابن أبي ذئب، والأوزاعي وغيرهم، رووه عن الزهري، عن عروة عن عائشة، فذكروا: "أنَّه كان يركع الركعتين ثمَّ يضطجع على شقه الأيمن حتى يأتيه المؤذن فيخرج معه"، ذكروا أنَّه كان يركعهما قبل الاضطجاع على شقه الأيمن، وقبل إتيان المؤذن، وزادوا في الحديث ألفاظا لم يأت بها فذكرها". الأحاديث التي خولف فيها مالك (ص: 66). وقال الحافظ: "وأما ما رواه مسلم من طريق مالك عن الزهري، عن عروة، عن عائشة: أنَّه - صلى الله عليه وسلم - اضطجع بعد الوتر، فقد خالفه أصحاب الزهري، عن عروة، فذكروا الاضطجاع بعد الفجر، وهو المحفوظ". فتح الباري (3/ 54). هكذا ذهب هؤلاء الحفاظ كالذهلي ومسلم بن الحجاج والدارقطني وغيرهم إلى ترجيح رواية الجماعة على رواية مالك، وإليه يميل المؤلف، وهذا ما تقتضيه أيضًا الصناعة الحديثية لكون مالك في طرف وعامة أصحاب الزهري الثقات في طرف آخر، لكن ما رواه مالك من كون اضطجاعه - صلى الله عليه وسلم - قبل ركعتي الفجر ورد من حديث ابن عباس أيضًا رواه مالك في الموطأ، كتاب صلاة الليل، باب صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - في الوتر (1/ 119) (رقم 11) ومن طريقه البخاري في الصحيح، كتاب الوضوء، باب قراءة القرآن بعد الحدث وغيره (1/ 80) (رقم: 183)، ومسلم في صحيحه، كتاب صلاة المسافرين وقصرها (1/ 526) (رقم: 182) وفيه: ثمَّ اضطجع حتى أتاه المؤذن فقام فصلى ركعتين خفيفتين، وبه عضد ابن عبد البر رواية مالك، وأقره الحافظ ابن رجب بذكر عواضد أخرى له، وعليه فيقال: الحديثان محفوظان، روى إمام الأئمة مالك أحدهما، ونقل الباقون الآخر، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يضطجع مرة قبل ركعتي الفجر ومرة بعدها، وهذا هو ما ذهب إلى إليه النوويّ، وقال العظيم آبادي: هو الصحيح. انظر: التمهيد (8/ 121 - 122) وشرح النوويّ على صحيح مسلم (6/ 19 - 20)، وفتح الباري لابن رجب (6/ 220)، وإعلام أهل العصر بأحكام ركعتي الفجر ص: 58. (¬1) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الأذان، باب: من انتظر الإقامة (1/ 211) (رقم: 226)، وفي الوتر (1/ 314) (رقم: 994)، وفي التهجد، باب: فضل قيام الليل (1/ 350) (رقم: 1123) من طريق شعيب. وفي الدعوات، باب: الضجع على الشق الأيمن (4/ 154) (رقم: 6310) من طريق معمر. ومسلم في صحيحه كتاب: صلاة المسافرين، باب: صلاة الليل. . . (1/ 508) (رقم: 122) من =

وجاء عن أبي هريرة مرفوعًا: "إذا صلى أحدكم الركعتين قبل الصبح فليضطجع على يمينه" خرجه أبو داود وغيره (¬1). ¬

_ = طريق عمرو بن الحارث، ويونس، أربعتهم عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، ذكروا أنَّه - صلى الله عليه وسلم - كان يركع الركعتين ثمَّ يضطجع على شقه الأيمن حتى يأتيه المؤذن فيخرج معه. وقد تابعهم: - ابن أبي ذئب، عند أبي داود في السنن، كتاب الصلاة، باب في صلاة الليل (2/ 84) (رقم: 1336، 1337)، والنسائيُّ في السنن، كتاب الأذان، باب إيذان المؤذنين الأئمة بالصلاة (2/ 359) (رقم: 684)، وابن ماجه في السنن، كتاب إقامة الصلاة، باب ما جاء في كم يصلي بالليل (1/ 432) (رقم: 1358)، وأحمد (6/ 74، 215). - والأوزاعي، عند أبي داود (2/ 84) (رقم: 1336)، وابن ماجه (1/ 432) (رقم: 1358)، وأحمد (6/ 83، 85). - وعبد الرحمن بن إسحاق، عند أحمد أيضًا (6/ 48). - وعُقيل بن خالد، عند ابن عبد البر في التمهيد (8/ 123). (¬1) أخرجه أبو داود في السنن كتاب: الصلاة، باب: الاضطجاع بعدهما (2/ 47) (رقم: 1261)، والترمذي في السنن كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في الاضطجاع بعد ركعتي الفجر (2/ 281) (رقم: 420)، وأحمد في المسند (2/ 415)، وابن خزيمة في صحيحه 2/ 167 (1120)، وابن حبَّان في صحيحه (الإحسان) (6/ 22) (رقم: 2468)، والبيهقيُّ في السنن الكبرى (3/ 45) من طرق عن عبد الواحد بن زياد، عن الأعمش، عن أبي صالح به. والحديث قال عنه الترمذي: حسن صحيح غريب، وصححه النوويّ على شرط البخاري ومسلم، وفيه الأعمش، وهو مدلس، وقد عنعن، ثمَّ إنه جعل الحديث من قول النبي - صلى الله عليه وسلم - وخالفه سهيل بن أبي صالح فرواه عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا صلى ركعتي الفجر اضطجع، أخرجه ابن ماجة في السنن، كتاب: إقامة الصلاة، باب: ما جاء في الضجعة بعد الوتر، وبعد ركعتي الفجر (1/ 378) (رقم: 1199)، وتابعه محمَّد بن إبراهيم التيمي، رواه الإمام أحمد في مسائل ابن هانيء النيسابوري (1/ 107) من طريق يعقوب بن إبراهيم قال: حدثني أبي عن ابن إسحاق قال: حدثني محمَّد بن إبراهيم عن أبي صالح قال: سمعت أبا هريرة يحدث مروان بن الحكم - وهو على المدينة - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يفصل بين ركعتيه من الفجر ومن الصبح بضجعة على شقه الأيمن. ولأجل اتفاق سهيل ومحمد بن إبراهيم على رواية الحديث عن أبي صالح من فعله - صلى الله عليه وسلم - أعل الإمام أحمد رواية الأعمش فقال: "ليس هذا أمرًا من النبي - صلى الله عليه وسلم - وإنما فعله النبي - صلى الله عليه وسلم -" مسائل الإمام أحمد =

وانظر حديث رواية هشام عن أبيه، عن عائشة (¬1)، ورواية أبي سلمة عنها (¬2)، وعدد الركعات لابن عباس (¬3)، وزيد بن خالد (¬4). 525 / حديث: "ما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي سبحة (¬5) الضحى قط. . .". فيه: "وإن كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليدع العمل وهو يحب أن يعمله". في صلاة الضحى (¬6). ¬

_ = رواية إسحاق بن إبراهيم بن هاني (1/ 106، 108). وقال البيهقي - بعد رواية حديث التيمي - "هذا أولى أن يكون محفوظا لموافقته سائر الروايات عن عائشة وابن عباس" السنن الكبرى (3/ 45). ونقل ابن القيم عن شيخه شيخ الإسلام ابن تيمية أنَّه قال عن رواية القول: "هذا باطل وليس بصحيح، وإنما الصحيح عنه الفعل لا الأمر بها، والأمر تفرد به عبد الواحد بن زياد، وغلط فيه" زاد المعاد (1/ 170). هكذا أعله شيخ الإِسلام بعبد الواحد، والأرجح أن العلة فيه من جهة الأعمش حيث رواه عن أبي صالح بالعنعنة، وهو مدلس، وخالفه ثقتان فجعلا الحديث من فعله - صلى الله عليه وسلم - وأما عبد الواحد بن زياد فهو ثقة في الأعمش وفي غيره كما حرره الشيخ صالح الرفاعي في "الثقات الذين ضعفوا في بعض شيوخهم" ص: 140، فالحمل فيه على الأعمش أولى" والله أعلم. انظر تصحيح النوويّ للحديث في شرحه على مسلم (6/ 19). (¬1) تقدَّم حديثه (4/ 26). (¬2) سيأتي حديثه (4/ 84). (¬3) تقدَّم حديثه (2/ 556). فيه: "فصلى ركعتين" ذكرها ست مرات. (¬4) تقدّم حديثه (2/ 164) فيه: "فصلى ركعتين طويلتين طويلتين طويلتين" وذكر ثنتي عشرة ركعة. (¬5) في الأصل: بِسبحة، والصواب ما أثبتُّه كما في الموطأ وبقيّة المصادر. (¬6) الموطأ كتاب: قصر الصلاة في السفر، باب: صلاة الضحى (1/ 143) (رقم: 29). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: التهجد، باب: تحريض النبي - صلى الله عليه وسلم - على قيام الليل (1/ 351) (رقم: 1128) من طريق عبد الله بن يوسف. ومسلم في صحيحه كتاب: صلاة المسافرين وقصرها، باب: استحباب صلاة الضحى (1/ 497) (رقم: 77) من طريق يحيى النيسابوري. وأبو داود في السنن كتاب: الصلاة، باب: صلاة الضحى (2/ 64) (رقم: 1293) من طريق القعنبي. =

المرفوع منه الفصل الثاني دون الأوّل؛ لأنَّ الإحاطة ممتنعة، وهي إنما نفت ههنا رؤيتها خاصة (¬1). وقد سألها عبد الله بن شقيق: أكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي الضحى؟ فقالت: "لا، إلا أن يجيء من مغيبه". وروت مُعاذة عنها: "أنَّه - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي الضحى أربعًا، ويزيد ما شاء الله"، خرّجهما مسلم (¬2). ولعلها أخبرت بذلك ولَم تره (¬3). وانظر حديث أم هانئ (¬4)، وحديث أنس (¬5). ¬

_ = والنسائيُّ في السنن الكبرى كتاب: الصلاة الأوّل، باب: عدد صلاة الضحى (1/ 180) (رقم: 840) من طريق قتيبة. وأحمد في المسند (6/ 178) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، خمستهم عن مالك به. (¬1) قال النوويّ في سبب نفيها الرؤية: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - ما كان يكون عند عائشة في وقت الضحى إلا في نادر من الأوقات؛ فإنَّه قد يكون في ذلك مسافرا، وقد يكون حاضرا ولكنه في المسجد أو في موضع آخر، وإذا كان عند نساءه فإنما كان لها يوم من تسعة فيصح قولها ما رأيته يصلّيها وقد تكون علمت بخبره أو خبر غيره أنَّه صلاها. (¬2) انظر: صحيح مسلم كتاب: صلاة المسافرين وقصرها، باب: استحباب صلاة الضحى (1/ 497) (رقم: 76). (¬3) هذا وجه من وجوه الجمع بين روايات عائشة النافية والمثبتة، ذكره أيضًا القرطبي والنووي وغيرهما، وهناك وجوه أخرى: منها أنها نفت وأنكرت مواظبته - صلى الله عليه وسلم - عليها لا أنها أنكرت الصلاة جملة لأنها كانت تصلّيها وتقول لو نشر لي أبواي لم أتركها، وقيل: إنها أنكرت صلاة الضحى المعهودة عند الناس حينئذ من كونها ثمان ركعات وهو - صلى الله عليه وسلم - إنما كان يصلّيها أربعًا، وهذا هو ما رجّحه القرطبي. انظر: شرح النوويّ على صحيح مسلم (5/ 230)، وإكمال إكمال المعلم للأُبّي (2/ 364)، وفتح الباري (3/ 67)، وزاد المعاد (1/ 356). (¬4) سيأتي حديثها (4/ 330). (¬5) تقدَّم حديثه (2/ 30).

526/ حديث: "إنَّ أفلح أخا أبي القعيس جاء يستأذن عليها، وهو عمها من الرضاعة. . .". فيه: "فأمرني أن آذن له عليَّ". في أوّل الرضاع (¬1). قال فيه عقيل، ويونس عن الزهري: قالت عائشة: فإن أخا أبي القعيس ليس هو أرضعني، ولكن أرضعتني امرأة أبي القعيس. خرّج في الصحيحين (¬2). وقال فيه عطاء بن أبي رباح عن عروة: جاء عمي أبو الجعد. خرجه مسلم (¬3). وأبو الجعد هو أفلح، يقال فيه: ابن أبي القعيس، ويقال: أخو أبي القعيس، وكلا القولين مروي عن عائشة (¬4). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الرضاع، باب: رضاعة الصغير (2/ 470) (رقم: 3). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: النكاح، باب: لبن الفحل (3/ 363) (رقم: 5103) من طريق عبد الله بن يوسف. ومسلم في صحيحه كتاب: الرضاع، باب: تحريم الرضاعة من ماء الفحل (2/ 1069) (رقم: 3) من طريق يحيى النيسابوري. والنسائيُّ في السنن كتاب: النكاح، باب: لبن الفحل (6/ 412) (رقم: 3216) من طريق معن. وأحمد في المسند (6/ 177) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، أربعتهم عن مالك به. (¬2) أخرجه البخاري في الأدب، باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "تربت يمينك" (4/ 120) (رقم: 6156). ومسلم في الرضاع، باب: تحريم الرضاعة من ماء الفحل (2/ 1069) (رقم: 5). (¬3) انظر: صحيح مسلم (2/ 1070) (رقم: 8). (¬4) كونه ابن أبي القعيس، ورد من طريق ابن عيينة عن الزهري، عن عروة، عن عائشة. أخرجه مسلم في صحيحه (2/ 1069) (رقم: 4) عن أبي بكر بن أبي شيبة عنه. وأما كونه أخا أبي القعيس فقد ورد من طريق مالك - كما تقدَّم - وشعيب وعقيل عند البخاري في الصحيح (3/ 280) (رقم: 4796) و (4/ 120) (رقم: 6156). =

واسم أبي القعيس: وايل، وقد قيل فيه: وايل بن أفلح، ذكره الدارقطني عن عكرمة (¬1). وفي هذا الحديث عن عراك عن عروة: فقال: "لا تحتجبي منه، فإنه يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب" (¬2). وانظر رواية هشام عن عروة (¬3)، وحديث عمرة عن عائشة (¬4). 527 / حديث: "كان عتبة بن أبي وقاص عهد إلى أخيه سعد بن أبي وقاص أن ابن وليدة زمعة مني، فاقبضه إليك، فلما كان عام الفتح أخذه سعد". فيه قوله: "هو لك يا عبد بن زمعة"، وقوله: "الولد للفراش وللعاهر الحجر"، وقوله لسودة بنت زمعة: "احتجبي منه". في الأقضية (¬5). ¬

_ = ويونس ومعمر عند مسلم (2/ 1069) (رقم: 5، 6)، وهذا الأخير هو المحفوظ عن الزهري، وهو الذي رجّحه أهل العلم كابن عبد البر وغيره. قال النوويّ: قال الحفاظ: الصواب الرواية الأولى "إن أفلح أخا أبي القعيس" وهي التي كرّرها مسلم في أحاديث الباب، وهي المعروفة في كتب الحديث وغيرها. انظر: الاستيعاب (1/ 192)، وشرح النوويّ (10/ 21)، وإكمال إكمال المعلم للأُبّي (4/ 70)، وفتح الباري (9/ 54). (¬1) ذكره ابن عبد البر في الاستيعاب (12/ 94). (¬2) أخرجه مسلم في صحيحه (2/ 1070) (رقم: 9). (¬3) تقدَّم حديثه (4/ 37). (¬4) سيأتي حديثها (4/ 118). (¬5) الموطأ كتاب: الأقضية، باب: القضاء بإلحاق الولد بأبيه (2/ 567) (رقم: 20). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: البيوع، باب: تفسير المشبهات (2/ 75) (رقم: 2053) من طريق يحيى بن قزعة، وفي الوصايا، باب: قول الموصي لوصيّه: تعاهدني (2/ 288) (رقم: 2745)، وفي المغازي، باب، (3/ 153) (رقم: 4303) من طريق القعنبي، وفي الفرائض، =

528 / حديث: "ما خُيِّرَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أمرين قط إلا أخذ أيسرهما ما لم يكن إثمًا. . .". فيه: ذكر الانتقام. في الجامع، باب: حسن الخلق (¬1). هذا بلفظ العموم. وقال فيه منصور بن المعتمر، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة: "ما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - انتصر لنفسه من مظلمة ظُلِمها"، وذكرت التخيير، خرّجه البزار (¬2). ¬

_ = باب: الولد للفراش حرة كانت أو أمة (4/ 241) (رقم: 6849) من طريق عبد الله بن يوسف، وفي الأحكام، باب: من قضي له بحق أخيه (4/ 338) (رقم: 7182) من طريق إسماعيل بن أبي أويس. وأحمد في المسند (6/ 246) من طريق عثمان بن عمر - مختصرا. والدارميُّ في السنن، كتاب النكاح، باب الولد للفراش (2/ 152) من طريق القعنبي، خمستهم عن مالك به. (¬1) الموطأ كتاب: حسن الخلق، باب: ما جاء في حسن الخلق (2/ 688) (رقم: 2). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: المناقب، باب: صفة النبي - صلى الله عليه وسلم - (2/ 581) (رقم: 3560) من طريق عبد الله بن يوسف، وفي الأدب، باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "يسروا ولا تعسروا" (4/ 114) (رقم: 6126) من طريق القعنبي. ومسلم في صحيحه كتاب: الفضائل، باب: مباعدته - صلى الله عليه وسلم - للآثام واختياره من المباح أسهله (4/ 1813) (رقم: 77) من طريق يحيى النيسابوري، وقتيبة. وأبو داود في السنن كتاب: الأدب، باب: في التجاوز في الأمر (5/ 142) (رقم: 4785) من طريق القعنبي. وأحمد في المسند (6/ 115، 181، 189، 262) من طريق موسى بن داود، وعبد الرحمن بن مهدي، وإسحاق الطباع، سبعتهم عن مالك به. (¬2) لم أقف عليه في مسند البزار للنقص في نسخه الخطية، لكن أخرجه أيضا الحميدي في المسند (1/ 125) (رقم: 258) من طريق الفضيل بن عياض، وإسحاق في المسند (2/ 294) (رقم: 270) من طريق جرير، كلاهما عن منصور به، وسنده صحيح، وفيه نفي للرؤية فقط، وهذا أخص من الأوّل.

529 / حديث: "كان إذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوذات، وينفث. . .". في الجامع (¬1). هكذا في الموطأ (¬2)، وقال فيه عيسى بن يونس، عن مالك: "قرأ على نفسه بـ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}، والمعوذتين" (¬3). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: العين، باب: التعوّذ والرقية من المرض (2/ 719) (رقم: 10). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: فضائل القرآن، باب: فضل المعوذات (3/ 344) (رقم: 5016) من طريق عبد الله بن يوسف. ومسلم في صحيحه كتاب: الطب، باب: رقية المريض بالمعوذات والنفث (4/ 1723) (رقم: 51) من طريق يحيى النيسابوري. وأبو داود في السنن كتاب: الطب، باب: كيف الرقى (4/ 224) (رقم: 3902) من طريق القعنبي. والنسائيُّ في السنن الكبرى (4/ 367، 368) (رقم: 7544، 7549) من طريق قتيبة، وابن القاسم، وعيسى بن يونس. وابن ماجه في السنن كتاب: الطب، باب: النفث في الرقية (2/ 1166) (رقم: 3529) من طريق معن، وبشر بن عمر. وأحمد في السند (6/ 104، 181، 256، 263) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، وحماد بن خالد، وأبي سلمة الخزاعي، وسليمان بن داود، وإسحاق الطباع، كلهم عن مالك به. (¬2) انظر الموطأ برواية: - أبي مصعب الزهري (2/ 120) (رقم: 1981)، وسويد بن سعيد (ص: 580) (رقم: 1399)، وابن القاسم (ص: 96) (رقم: 42 - تلخيص القابسي)، وابن بكير (ل: 256/ أ - نسخة الظاهرية). (¬3) الحديث من طريق عيسى بن يونس تقدَّم عند النسائي، لكن ليس فيه: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}، وأخرجه من طريقه ابن المقرئ في المنتخب من غرائب حديث مالك (ص: 61) (رقم: 18)، وابن عبد البر في التمهيد (8/ 131) من طريق عبد الغفار بن داود، عن عيسى بن يونس، وقال: "فزاد عيسى بن يونس ذكر {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}، وقد يُحتمل أن يكون ذلك بمعنى رواية يحيى بالمعوذات". =

530 / حديث: "لا نورث، ما تركنا فهو صدقة". وفيه: قصة الأزواج. في الجامع، عند آخره (¬1). وقال فيه جماعة عن الزهري: عائشة عن أبي بكر أنَّه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقوله. وكلاهما محفوظ، مخرج في الصحيح، واعترف به جماعة من الصحابة ¬

_ = قلت: بل هو المتعيّن؛ لأنَّ المعوذات هي الإخلاص، و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ}، و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ}، لما رواه النسائي في السنن، كتاب الاستعاذة (8/ 643) (رقم: 5445، 5446)، وأحمد (4/ 149، 158)، والطبراني في المعجم الكبير (17/ 346) (رقم: 952) من طرق عن عقبة بن عامر: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قرأ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}، و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ}، و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ}، ثمَّ قال: "ما تعوّذ بمثلهنّ أحد". وهذا حديث صحيح بمجموع طرقه. وقد عقد الإمام البخاري في صحيحه (3/ 344) بابا في فضل المعوّذات، وساق تحته حديث عائشة: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا آوى إلى فراشه كل ليلة جمع كفّيه ثمَّ نفث فيهما، فقرأ فيهما {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}، و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ}، و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ})، فهذا دليل أيضًا على كون الإخلاص من المعوذات، وإنما أُطلق عليه ذلك مع عدم ورود لفظ التعوذ فيها صريحا لما اشتملت عليه من صفة الرب. انظر: فتح الباري (8/ 679)، وعمدة القاريء (20/ 34). (¬1) الموطأ كتاب: الكلام، باب: ما جاء في تركة النبي - صلى الله عليه وسلم - (2/ 758) (رقم: 27). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الفرائض، باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا نورث. ." (4/ 236) (رقم: 6730) من طريق القعنبي. ومسلم في صحيحه كتاب: الجهاد والسير، باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: لا نورث ما تركنا فهو صدقة (3/ 1379) (رقم: 51) من طريق يحيى النيسابوري. وأبو داود في السنن كتاب: الخراج، باب: في صفايا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (3/ 381) (رقم: 2976) من طريق القعنبي. والنسائي في السنن الكبرى (5/ 66) (رقم: 6311) من طريق قتيبة. وأحمد في المسند (6/ 262) من طريق إسحاق الطباع، خمستهم عن مالك به.

في قصة العباس وعلي (¬1). 531 / حديث: "خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام حجة الوداع، فأهللنا بعمرة. . .". فيه: "من كان معه هدي فليهلل بالحج مع العمرة، ثمَّ لا يحل حتى يحل منهما جميعًا". وذكرت حيضتها وعمرتها مع أخيها عبد الرحمن، وفعل سائر الناس. في الحج، باب: دخول الحائض مكة (¬2). بهذا السند وحده هو عند سائر رواة الموطأ، وأما يحيى بن يحيى فساقه بسند آخر: عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة، ثمَّ جرّد هذا السند وأحال في آخره على المتن، ولم يُعِد ذكره، انفرد بجمع الإسنادين معًا. وقد تقدم ذكره للقاسم عن عائشة (¬3). ¬

_ (¬1) الحديث من طريق أبي بكر أخرجه البخاري في فضائل الصحابة، باب: مناقب قرابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (3/ 24) (رقم: 3711، 3712) من طريق شعيب، وفي المغازي، باب: غزوة خيبر (3/ 142) (رقم: 4240، 4241) من طريق عُقيل، وفي غزوة بني النضير (3/ 99) (رقم: 4035، 4036) من طريق معمر، وفي كتاب فرض الخمس، باب: فرض الخمس (2/ 386) (رقم: 3092، 3093) من طريق صالح بن كيسان. ومسلم في الجهاد والسير، باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا نورث. . ." (3/ 1380 - 1381) (رقم: 52 - 54) من طريق عقيل، ومعمر وصالح بن كيسان - أيضًا، أربعتهم عن الزهري، عن عروة عن عائشة، عن أبي بكر. وانظر: قصة العباس وعليّ في صحيح البخاري (3/ 425 - 426) (رقم: 5358) و (4/ 4728) و (4/ 364) (رقم: 7304). والرهط الذين اعترفوا به هم: عثمان بن عفان، عبد الرحمن بن عوف، الزبير بن العوّام، وسعد بن أبي وقّاص. (¬2) انظر: الموطأ كتاب: الحج، باب: دخول الحائض مكة (1/ 328) (رقم: 223). (¬3) تقدَّم حديثه (4/ 9).

ورواه أشهب عن مالك، عن الزهري، وهشام عن عروة، خرجه الجوهري (¬1) عنه. وخرجه أبو داود في التفرد من طريق هشام، عن أبيه (¬2). وعبد الرحمن المذكور في هذا الحديث هو شقيق عائشة، أسلم في هدنة الحديبية، وحسن إسلامه (¬3). 532 / حديث: "عن عروة أن أم سليم قالت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: المرأة ترى في المنام مثل ما يرى الرجل، أتغتسل؟ . . .". فيه: فقالت لها عائشة: أفّ لك، وهل ترى ذلك المرأة؟ ، وقوله: "تربت يمينك، ومن أين يكون الشبه؟ ". في الطهارة (¬4). ليس في هذا الحديث إسناد لعروة عن عائشة (¬5). وقد أدخل في المسند بقوله: قالت عائشة، وإن كان قولًا قالته بحضرة النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يشهده عروة، لكن لما وصف عروة قصة لعائشة فيها مدخل ظن ¬

_ (¬1) لم أجده في مسند الموطأ فلعله في كتابه الآخر "مسند ما ليس في الموطأ" ولم أقف أيضا على من تابع أشهب في الجمع بين الإسنادين. (¬2) لم أقف عليه. (¬3) انظر: الاستيعاب (6/ 29 - 34)، والإصابة (6/ 295). (¬4) الموطأ كتاب: الطهارة، باب: غسل المرأة إذا رأت في المنام مثل ما يرى الرجل (1/ 70) (رقم: 84). (¬5) تابع يحيى الليثي على هذا الإسناد: - أبو مصعب الزهري (1/ 57) (رقم: 139)، والقعنبي (ص: 64)، وسويد بن سعيد (ص: 89) (رقم: 97)، ومحمد بن الحسن الشيباني (ص: 51) (رقم: 81). - ومعن، وعبد الرحمن بن القاسم، ويحيى بن بكير، وأيوب بن صالح، ذكرهم الدارقطني في العلل (5/ ل: / 31/ ب)، وانظر أيضًا: الأحاديث التي خولف فيها مالك (ص: 55).

به أنَّه سمعها تخبر به لمكانه منها (¬1)، وطول صحبته إيّاها، وذلك محتمل غير لازم، إلا أنَّه قد جاء عن عروة تحقيق هذا، وأنه أسند الحديث إليها. رواه إبراهيم بن أبي الوزير وغيره خارج الموطأ عن مالك، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة، ذكره الجوهري (¬2). وهكذا قال فيه عُقيل، ويونس، وغيرُهما عن الزهري خُرّج في الصحيح (¬3). وجاءت القصة أيضًا في الموطأ وغيره عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن زينب، عن أم سلمة (¬4). واختلف فيه على هشام (¬5)، قال الدارقطني: والصحيح عن الزهري ¬

_ (¬1) في الأصل: لمكانها منها، وهو خطأ. (¬2) انظر: مسند الموطأ (ل: 26/ ب)، والتمهيد (8/ 334). وتابعه: حُباب بن جَبَلة، ومطرف حسن عبد الله، وعبد الله بن نافع ذكرهم الدارقطني في العلل (5/ ل: 31/ ب)، وانظر أيضًا أحاديث الموطأ (ص: 13)، والأحاديث التي خولف فيها مالك (ص: 56). (¬3) أخرجه مسلم في صحيحه كتاب: الحيض، باب: وجوب الغسل على المرأة بخروج المنيّ منها (1/ 251) (رقم: 314) من طريق عُقيل. وأبو داود في السنن كتاب: الطهارة، باب: في المرأة ترى ما يرى الرجل (1/ 162) (رقم: 237) من طريق يونس. والنسائيُّ في السنن كتاب: الطهارة، باب: غسل المرأة ترى في منامها ما يرى الرجل (1/ 121) (رقم: 196) من طريق الزبيدي. وابن عبد البر في التمهيد (8/ 334) من طريق صالح بن أبي الأخضر، كلهم عن الزهري، عن عروة، عن عائشة: أن أم سُليم. (¬4) سيأتي حديثها (4/ 193). (¬5) رواه جاعة من الحفاظ، منهم: روح بن القاسم، وزائدة بن قدامة، وزهير بن معاوية، والليث بن سعد، وسفيان بن عيينة، ويحيى القطان، وآخرون، فرووه عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن =

قول من قال: عن عروة عن عائشة، وعن هشام قول من قال: عن أبيه عن زينب، عن أم سلمة، ويشبه أن يكون عروة حفظ الوجهين معا، فأدى إلى كل واحد منهما وجهًا والله أعلم (¬1). وروى القاسم بن محمَّد، عن عائشة أنها قالت: قالت أم سلمة للنبي - صلى الله عليه وسلم -: يا رسول الله، هل على المرأة ترى ذلك غسل؟ قال: "نعم، إن النساء شقائق الرجال". خرجه الترمذي (¬2). وجاء نحو هذا عن أنس، وأمه أم سليم، خرجه مسلم عنهما (¬3). وانظر مسند أم سلمة (¬4). ¬

_ = زينب بنت أم سلمة، عن أم سلمة: أن أم سُليم. ورواه حماد بن سلمة عن هشام، عن أبيه، عن زينب: أن أم سُليم، ولم يذكر أمَّ سلمة. ورواه جرير بن عبد الحميد، وعبد الله بن نافع، عن هشام، عن أبيه، عن أم سلمة، ولم يذكر زينب. وقال ابن أبي الزناد، عن هشام، عن أبيه، عن أم سُليم، ولم يذكر زينب ولا أمَّها. انظر: العلل (5/ ل: 32/ أ). (¬1) العلل (5/ 32/ أ). (¬2) أخرجه الترمذي في السنن كتاب: الطهارة، باب: ما جاء فيمن يستيقظ فيرى بللا ولا يذكر احتلاما (1/ 189) (رقم: 113)، وكذا أبو داود في السنن كتاب الطهارة، باب في الرجل يجد البلة في منامه (1/ 161) (رقم: 236)، وابن ماجه في السنن، كتاب الطهارة، باب من احتلم ولم ير بللا (1/ 200) (رقم: 612)، وأحمد في المسند (6/ 256) كلهم من طريق عبد الله بن عمر العمري، عن عبيد الله بن عمر، عن القاسم بن محمَّد به. وسنده ضعيف، فيه عبد الله العمري المكبّر، وهو ضعيف لكن أصل القصة له شاهد من حديث أنس وأم سلمة عند مسلم كما سيأتي. (¬3) انظر: صحيح مسلم، كتاب: الحيض، باب: وجوب الغسل على المرأة بخروج المني منها (1/ 250) (رقم: 29، 30). (¬4) سيأتي حديثها (4/ 193).

533/ حديث: "عن ابن شهاب أنَّه سئل عن رضاعة الكبير؟ فقال: أخبرني عروة، أن أبا حذيفة. . .". وذكر قصة فيها أن سهلة بنت سهيل قالت: يا رسول الله، كنا نرى سالما ولدا، وكان يدخل عليَّ وأنا فضل، وليس لنا إلا بيت واحد؟ فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما بلغنا: "أرضعيه خمس رضعات"، وفي آخره: فأخذت بذلك عائشة (¬1). وبها أدخل في مسند الموطأ (¬2). وقال فيه عبد الرزاق، وغيره عن مالك، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة. فأوضحوا إسناده، وصرّحوا باتصاله (¬3). وخرّجه الجوهري في مسنده عن عروة، عن عائشة من طريق عثمان بن عمر عن مالك كذلك، قال فيه: عن عائشة: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر امرأة أبي حذيفة أن ترضع سالما خمس رضعات" (¬4). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الرضاع، باب: ما جاء في الرضاعة بعد الكبر (2/ 472) (رقم: 12). هذا مرسل، وقد أدخله المؤلف وغيره في المسند لبعض القرائن. (¬2) وبهذا عدّه القابسي أيضا في المسند حيث قال: الذي اتصل به رفع هذا الحديث قول عروة: فأخذت بذلك عائشة. وقال ابن عبد البر: هذا الحديث يدخل في المسند للقاء عروة عائشة وسائر أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم -، وللقائه سهلة بنت سهل. وذكر الجوهري أن النسائي أيضًا أدخله في المسند. انظر: تلخيص القابسي (ص: 93)، ومسند الجوهري (ل: 27/ ب)، والتمهيد (8/ 250). (¬3) أخرجه في المصنف (7/ 459) (رقم: 13886). (¬4) انظر مسند الموطأ (ل: 27/ ب)، وكذا أخرجه ابن عبد البر في التمهيد (8/ 250) من طريق يزيد بن سنان، عن عثمان بن عمر به. وتابع عبد الرزاق وعثمان بنَ عمر، عبدُ الكريم بنُ روح، ذكره الدارقطني في العلل (5/ ل: 119/ أ). قلت: تبيّن بهذا أن الحديث ورد عند مالك مسندا ومرسلا، فرواه أصحابه عنه على الوجهين، لكن الراجح عن الزهري اتصاله كما سيأتي.

وهكذا رواه جماعة عن الزهري مسندا، خرجه البخاري من طريق الليث عن يونس، عنه كذلك (¬1). وقال الدارقطني: الصحيح عن عائشة متصلًا (¬2). وجاء نحوه عن أم سلمة (¬3). فصل: • حديث: "ترجيل الحائض". ليس عند يحيى بن يحيى إلا لهشام بن عروة، عن أبيه (¬4). وهو عند ابن القاسم وطائفة بالإسنادين معا (¬5). ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: المغازي، باب: (3/ 91) (رقم: 4000) من طريق الليث، عن عُقيل دون يونس. وفي النكاح، باب: الأكفاء في الدين (3/ 360) (رقم: 5088) من طريق شعيب. وأبو داود في السنن كتاب: النكاح، باب: من حرّم به (2/ 549) (رقم: 2061) من طريق يونس. والنسائيُّ في السنن كتاب: النكاح (6/ 371) (رقم: 3223) من طريق شعيب. وأحمد في المسند (6/ 228، 269، 270، 271) من طريق معمر، وابن إسحاق، وابن أخي الزهري، وابن جريج، كلهم عن ابن شهاب به مسندا. (¬2) العلل (5/ ل: 119/ أ). (¬3) لم أجد لها حديثا في هذا الباب إلا ما رواه الترمذي في السنن، كتاب الرضاع، باب ما جاء ما ذكر أن الرضاعة لا تحرم إلا في الصغر دون الحولين (3/ 458) (رقم: 1152)، وابن حبَّان في صحيحه (الإحسان) (10/ 38) (رقم: 4224) من طريق فاطمة بنت المنذر عنها: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يحرّم من الرضاعة إلا ما فتق الأمعاء"، وإسناده صحيح. (¬4) تقدَّم حديثه (4/ 21)، وهو من هذا الوجه أيضًا عند القعنبي (ص: 78)، وسويد بن سعيد (ص: 96) (رقم: 112)، والشيباني (ص: 53) (رقم: 88). (¬5) انظر: الموطأ برواية ابن القاسم (ص: 474) (رقم: 462)، وهكذا عند أبي مصعب الزهري (1/ 66 - 67) (رقم: 168، 169)، وابن وهب، ومعن، وابن يوسف، وابن بكير، ومحمد بن المبارك الصوري، كما قال الجوهري في مسند الموطأ (ل: 24/ ب).

مالك عن أبي الأسود - محمَّد بن عبد الرحمن وكان يتيمًا في حِجر عروة - عن عروة، عن عائشة. 534 / حديث: "خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام حجة الوداع فمنّا من أهلّ بعمرة، ومنّا من أهلّ بحجة وعمرة، ومنّا من أهلّ بالحج، وأهلّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالحج، فأما من أهلّ بعمرة فحلّ، وأما من أهلّ بحج أو جمع الحج والعمرة، فلم يحلوا حتى كان يوم النحر". في باب إفراد الحج (¬1). هكذا ذكرت عائشة في هذا الحديث: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أهلّ بالحج"، ولم يقل فيه أنَّه أهلّ بالحج وحده. وجاء عن ابن عباس، وغيره نحو قولها أنَّه أهلّ بالحج على الإطلاق (¬2). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الحج، باب: إفراد الحج (1/ 273) (رقم: 36). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الحج، باب: التمتع والقران والإفراد بالحج (1/ 482) (رقم: 1562) من طريق عبد الله بن يوسف، وفي المغازي، باب: حجة الوداع (3/ 174) (رقم: 4408) من طريق القعنبي، وإسماعيل بن أبي أويس. ومسلم في صحيحه كتاب: الحج، باب: بيان وجوه الإحرام. . . (2/ 873) (رقم: 118) من طريق يحيى النيسابوري. وأبو داود في السنن كتاب: المناسك، باب: في إفراد الحج (2/ 381) (رقم: 1779، 1780) من طريق القعنبي، وعبد الله بن وهب. والنسائيُّ في السنن كتاب: المناسك، باب: في إفراد الحج (5/ 159) (رقم: 2715) من طريق قتيبة، مقتصرا منه على: "أهل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالحج". وأحمد في المسند (6/ 36، 104) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، وأبي سلمة الخزاعي، كلهم عن مالك به. (¬2) رواه مسلم في الصحيح، كتاب الحج، باب جواز العمرة في أشهر الحج (2/ 910) (رقم: 199)، وفي باب تقليد الهدي وإشعاره عند الإحرام (2/ 912) (رقم: 205) من حديث ابن عباس، وفي =

وروى عن ابن عباس أيضًا أنَّه قال: "أهلّ بعمرة"، خرجه مسلم (¬1). وقال أنس: "سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يلبّي بالعمرة والحج جميعًا يقول: لبيك عمرة وحجا" (¬2). وهذه الروايات كلها غير متعارضة، لأنَّ زيادة العدل مقبولة، ومن لبّى بالحج والعمرة معا فقد لبّى بكل واحد منهما، ويمكن سماع أحد اللفظين دون الآخر (¬3). وأما قول عائشة ههنا: "فيمن أهلّ بالحج، أو جمع الحج والعمرة أنهم لم يحلوا"، فليس على عمومه، وإنما عنت من كان معه هدي، فأهلّ بذلك بعد أن أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحاب الهدي أن لا يحلوا (¬4)، وأما ¬

_ = باب وجوه الإحرام (2/ 882، 884) (رقم: 138، 142) من حديث جابر أنَّه قال: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مهلّين بالحج. (¬1) انظر: صحيح مسلم (2/ 909) (رقم: 196). (¬2) أخرجه مسلم في صحيحه (2/ 905) (رقم: 185). (¬3) المقصود بزيادة العدل هنا رواية أنس: "سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يلبّي بالعمرة والحج جميعًا"، فإنَّه زاد على عائشة وابن عباس العمرة، وعلى رواية ابن عباس الأخرى الحج، وهذا من باب زيادة بعض الصحابة على صحابي آخر، ولا خلاف في قبولها، وأما إذا كانت الزيادة من غير الصحابي فتُقبل إذا كان راويها عدلا حافظًا متقنا ضابطا حيث يستوي مع من زاد عليهم في ذلك، فإن كانوا أكثر عددا منه أو كان فيهم من هو أحفظ منه، فإن زيادته لا تُقبل، قال الحافظ: هذا حاصل كلام الأئمة. انظره في النكت له (2/ 690، 691 - 692). وممن ذكر هذين الوجهين في الجمع بين الروايات مضيفا إليهما وجوها أخرى ابن العربي وأبو زرعة العراقي انظر: القبس (2/ 558 - 559)، وطرح التثريب (5/ 20 - 22). (¬4) تقدَّم ذلك (برقم: 493)، من حديث القاسم بن محمَّد عن عمّته عائشة أنها قالت: "خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام حجة الوداع، فأهللنا بعمرة، ثمَّ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من كان معه هدي فليهلل بالحج مع العمرة ثمَّ لا يحلّ حتى يحلّ منهما جميعًا".

المهلون قبل ذلك فاختلفت أحوالهم (¬1). وقد تظاهرت الأخبار بأنّه - صلى الله عليه وسلم - أمر بالإحلال كل من كان لا هدي معه - وإن كان مفردًا أو قارنًا - ففعلوا. وانظر رواية الزهري عن عروة عنها (¬2)، ورواية ابن القاسم (¬3) وعمرة عنها أيضًا (¬4)، وحديث حفصة في ذلك (¬5)، ومرسل سليمان بن يسار (¬6). 535 / حديث: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أفرد الحج". في الباب، مختصر (¬7). ¬

_ (¬1) منهم من أهلّ بعمرة، ومنهم من أهلّ بحجة وعمرة، ومنهم من أهلّ بالحج كما جاء ذلك في حديث عائشة هذا. (¬2) تقدَّم (4/ 59). (¬3) تقدَّم (4/ 9). (¬4) سيأتي حديثها (4/ 121). (¬5) سيأتي حديثها (4/ 180). (¬6) سيأتي حديثه (5/ 218). وورد أيضا من حديث عائشة عند البخاري في الصحيح، كتاب الحج، باب التمتع والقران والإفراد بالحج وفسخ الحج لمن لم يكن معه هدي (1/ 482) (رقم: 1561)، ومسلم في صحيحه، كتاب الحج، باب بيان وجوه الإحرام. . . (2/ 870، 871) (رقم: 112)، وفي حديث جابر عند مسلم أيضًا (2/ 881) (رقم: 136) وذكر ابن حجر أيضًا أن الأحاديث في ذلك متظافرة. فتح الباري (3/ 499). (¬7) الموطأ كتاب: الحج، باب: إفراد الحج (1/ 274) (رقم: 38). وأخرجه أبو داود في السنن كتاب: المناسك، باب: في إفراد الحج (2/ 381) (رقم: 1779) من طريق القعنبي. وابن ماجه في السنن كتاب: المناسك، باب: الإفراد بالحج (2/ 988) (رقم: 2965) من طريق أبي مصعب الزهري. وأحمد في المسند (6/ 104، 243) من طريق أبي سلمة الخزاعي، وروح، أربعتهم عن مالك به.

وقول عائشة في هذا الحديث: "أفرد الحج"، أبين من قولها في الحديث الذي قبله: "أهلّ بالحج"، إذ ليس في قولها: "أهلّ بالحج"، ما يمنع من الإهلال بالعمرة، ولفظ الإفراد أبعد من الاحتمال، وهكذا قال القاسم عنها: "أفرد الحج" (¬1). وروت أم علقمة عن عائشة: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أفرد الحج، ولم يعتمر"، خرَّجه الطحاوي في معاني الآثار (¬2). واحتج بها من ذهب إلى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قرن، فقال: معناه: أهلّ بالحج وحده في وقت، وإن كان قد أهلّ بالعمرة في وقت آخر (¬3). ¬

_ (¬1) تقدّم حديثه (3/ 5). (¬2) أخرجه في شرح معاني الآثار (2/ 140) من طريق ابن أبي الزناد، وأحمد في المسند (6/ 92) وإسحاق في مسنده (2/ 455) (رقم: 483) والحميدي في مسنده (1/ 102) (رقم: 204) من طريق عبد العزيز الدراوردي كلاهما عن علقمة عن أمه به. والحديث صحيح ما عدا لفظة "ولم يعتمر" فإنها غير محفوظة، لأنَّ مدارها على عبد الرحمن بن أبي الزناد، وقد تكلم فيه، قال الحافظ في التقريب: (3861): "صدوق تغير حفظه لما قدم بغداد"، وتابعه الدراوردي لكنه مثله، فقد قال أبو زرعة فيما نقل عنه ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (5/ 396): "عبد العزيز الدراوردي سيء الحفظ، فربما حدث من حفظه الشيء فيخطيء"، وقد رواه مالك من طريق عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة ومن طريق الأسود عن عروة عن عائشة، والبيهقيُّ في السنن الكبرى (5/ 3) من الزهري عن عروة عن عائشة وليس فيه: "ولم يعتمر" وقد رواه أحمد (6/ 92، 107)، وإسحاق في مسنده (2/ 176) (رقم: 135) من طريق هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة وفيه هذا اللفظ، لكن مداره على الداروردي المذكور. (¬3) قال الطحاوي في معنى حديث أم علقمة عن عائشة: يجوز أن تكون تريد بذلك أنَّه لم يعتمر في وقت إحرامه بالحج كما فعل بعض من كان معه، ولكنه اعتمر بعد ذلك. شرح معاني الآثار (2/ 143). قلت: ظاهر كلامه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أحرم بعمرة بعد خروجه من الحج، وهذا لم يقله أحد من الصحابة ولا التابعين، ولا الأئمة الأربعة، ولا أحد من أئمّة الحديث، كما قال ابن القيِّم في زاد المعاد (2/ 121). =

وقيل: معناه: أفرد عمل الحج، ودخلت العمرة فيه حكمًا لا عملا؛ لأنَّ طوافه وسعيه الأوّل أجزأه عن الحج والعمرة معا، ولم يعتمر بعد تمام الحج كما فعلت عائشة (¬1). وروى مجاهد عن عائشة: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اعتمر ثلاثًا سوى العمرة التي قرنها بحجة الوداع"، خرّجه أبو داود (¬2). وروى عن أنس: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اعتمر أربعًا، إحداهن مع حجته"، خرّج في الصحيح (¬3). ¬

_ = وعليه فمعنى قولها: لم يعتمر، على فرض ثبوتها أي لم يعتمر عمرة مستقلّة بل أدخل العمرة على الحج بحيث صار قارنا، وهذا هو المعنى الثاني الذي ذكره المؤلّف هذا الحديث مرجّحا إيّاه بما ورد عن عائشة وأنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اعتمر أربعًا إحداهن مع حجته. (¬1) وهذا هو الذي صوّبه الإمام ابن القيِّم حيث قال: "وإن أراد به أنَّه اقتصر على أعمال الحج وحده ولم يفرد للعمرة أعمالا فقد أصاب، وعلى قوله تدل جميع الأحاديث"، وجاء نحو هذا القول عن الحافظ ابن كثير أيضًا. انظر: زاد المعاد (2/ 121)، والبداية والنهاية (5/ 126). (¬2) أخرجه في المناسك، باب: العمرة (2/ 505، 506) (رقم: 1992). والنسائيُّ في السنن الكبرى (2/ 470) (رقم: 4218)، وأحمد في المسند (2/ 70)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (2/ 150)، والبيهقيُّ في السنن الكبرى (5/ 10) من طرق عن زهير بن معاوية عن أبي إسحاق السبيعي عن مجاهد به. وهذا إسناد رجاله ثقات إلا أن سماع زهير من أبي إسحاق كما ذكره ابن الكيّال في الكواكب النيرات (ص: 350) عن أبي زرعة كان بعد الاختلاط. وقد تابعه شريك بن عبد الله النخعي عند أحمد في المسند (2/ 139)، وهو وإن كان قديم السماع من أبي إسحاق كما حكاه الذهبي في الميزان (2/ 461) عن الإمام أحمد إلا أنَّه سيء الحفظ، وعلى هذا فالإسناد فيه ضعف لكن الحديث يشهد له حديث أنس الآتي. (¬3) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: العمرة، باب: كم اعتمر النبي - صلى الله عليه وسلم - (1/ 538) (رقم: 1779، 1780). ومسلم في صحيحه كتاب: الحج، باب: بيان عدد عُمَر النبي - صلى الله عليه وسلم - (2/ 916) (رقم: 217).

ورُوي عن ابن عمر، وجابر، وابن عباس ما يدلّ على الإفراد، وجاء عنهم ما يدلّ على القران (¬1). ¬

_ (¬1) رواية عبد الله بن عمر للإفراد: روى مسلم في صحيحه كتاب الحج، باب في الإفراد والقران بالحج والعمرة (2/ 904/ رقم: 184)، وأحمد في المسند (2/ 97) من طريق نافع، عن ابن عمر: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أهلّ بالحج مفردا". ورواية جابر للإفراد: روى أحمد في المسند (3/ 315) عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر بن عبد الله قال: "أهل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجته بالحج". قال ابن كثير في البداية (5/ 111): إسناده جيّد على شرط مسلم. وروى البيهقي في السنن الكبرى (5/ 4) عن الحاكم وغيره، عن الأصم، عن أحمد بن عبد الجبار، عن أبي معاوية به، وزاد: "أليس معه عمرة". قال ابن كثير: وهذه الزيادة غريبة جدًّا، ورواية الإمام أحمد أحفظ. البداية (5/ 111). قلت: آفتها أحمد بن عبد الجبار العطاردي، وهو ضعيف عند جميعهم. الميزان (1/ 112)، والتقريب (رقم: 64). وجاء في حديثه الطويل عند مسلم (2/ 887) (رقم: 147): "لسنا ننوي إلا الحج لسنا نعرف العمرة". وروى ابن ماجه في السنن كتاب المناسك، باب الإفراد بالحج (2/ 988) (رقم: 2966) من طريقين، عن جعفر بن محمَّد، عن أبيه، عن جابر: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أفرد الحج". قال ابن كثير في البداية (5/ 111): هذا إسناد جيّد. وجوّده أيضا ابن القيم في زاد المعاد (2/ 132) إلا أنَّه قال: وهذا يقينا مختصر من حديثه الطويل في حجة الوداع، ومروي بالمعنى، والناس خالفوا الداروردي في ذلك، وقالوا: أهل بالحج، وأهل بالتوحيد. ورواية ابن عباس للإفراد: روى مسلم في صحيحه كتاب الحج، باب جواز العمرة في أشهر الحج، وباب تقليد الهدي وإشعاره عند الإحرام (2/ 910، 912) (رقم: 199، 205) من طريقين، عن ابن عباس أنَّه قال: "أهلّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالحج". رواية ابن عمر للقران: روى البخاري في صحيحه، كتاب الحج، باب من ساق البدن معه (1/ 517) (رقم: 1691)، ومسلم في الصحيح كتاب الحج باب وجوب الدم على المتمتع. . (2/ 901) (رقم: 174) من طريق سالم، عن ابن عمر أنَّه قال: "تمتّع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع بالعمرة إلى الحج". =

انظر القران في مسند حفصة (¬1)، والتمتع في مسند سعد (¬2)، وذكر العمر في مرسل عروة (¬3)، ومرسل مالك (¬4). وانظر رواية القاسم عن عائشة (¬5). * * * ¬

_ = رواية جابر للقِران: روى الترمذي في السنن كتاب الحج، باب ما جاء أن القارن يطوف طوافا واحدا. (3/ 283) (رقم: 947) من طريق حجاج بن أرطاة، عن أبي الزبير، عن جابر: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قرن الحج والعمرة فطاف لهما طوافا واحدًا". قال الترمذي: "حديث جابر حديثٌ حسن". قلت: فيه الحجاج بن أرطاة، وهو متكلّم فيه، إلا أنَّه روي من وجه آخر عن أبي الزبير، عن جابر. أخرجه ابن حبَّان في صحيحه (الإحسان) (9/ 127) (رقم: 3819) من طريق ابن جريج، عن أبي الزبير، عن جابر قال: "لم يطُف النبي - صلى الله عليه وسلم - بين الصفا والمروة إلا طوافا واحدا لحجته وعمرته". إسناده صحيح، وقد صرّح ابن جريج وأبو الزبير بالتحديث، فانتفت شبهة تدليسهما. رواية ابن عباس للقِران: روى أبو داود في السنن، كتاب المناسك، باب العمرة (2/ 506) (رقم: 1993)، والترمذي في السنن كتاب الحج، باب كم اعتمر النبي - صلى الله عليه وسلم - (3/ 180) (رقم: 816)، وابن ماجه في السنن كتاب المناسك، باب كم اعتمر النبي - صلى الله عليه وسلم - (2/ 999) (رقم: 3003)، وأحمد في المسند (1/ 264، 321) من طرق، عن داود بن عبد الرحمن، عن عمرو بن دينار، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: "اعتمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أربعًا. ."، وفيه: "والرابع مع حجّته". وإسناده صحيح. (¬1) سيأتي حديثها (4/ 180). (¬2) تقدَّم حديثه (3/ 77). (¬3) سيأتي حديثه (5/ 90). (¬4) سيأتي حديثه (5/ 362). (¬5) تقدَّم حديثه (4/ 9).

مالك عن صالح بن كيسان، عن عروة، عن عائشة. 536 / حديث: "فرضت الصلاة ركعتين. . .". فيه: فأقرت صلاة السفر، وزيد في صلاة الحضر. في باب: قصر الصلاة (¬1). هذا يدخل في المرفوع، وإن لم يسم الفاعل، لأنَّ الفرض لا يكون إلا من الله تعالى، والرسول - صلى الله عليه وسلم - هو المبلغ لذلك لا يعلم إلا بإخباره، فكأنها أخبرت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - به (¬2). وقال فيه الأوزاعي، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة: "فرض الله الصلاة على رسوله - صلى الله عليه وسلم - ركعتين ركعتين" (¬3). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: قصر الصلاة في السفر، باب قصره الصلاة في السفر (1/ 138) (رقم: 8). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الصلاة، باب: كيف فُرضت الصلاة في الإسراء (1/ 133) (رقم: 350) من طريق عبد الله بن يوسف. ومسلم في صحيحه كتاب: صلاة المسافرين، باب: صلاة المسافرين وقصرها (1/ 478) (رقم: 1) من طريق يحيى النيسابوري. وأبو داود في السنن كتاب: الصلاة، باب: كيف فرضت الصلاة (2/ 5) (رقم: 1198) من طريق القعنبي. والنسائي في السنن كتاب: الصلاة، باب: كيف فرضت الصلاة (1/ 245) (رقم: 454) من طريق قتيبة، أربعتهم عن مالك به. (¬2) أورده الحافظ في كتابه الوقوف على ما في صحيح مسلم من الموقوف (ص: 132)، وقال في فتح الباري (1/ 533): وهذا مما لا مجال للرأي فيه، فله حكم الرفع. (¬3) أخرجه النسائي في السنن كتاب: الصلاة، باب: كيف فرضت الصلاة (1/ 244) (رقم: 453)، وأبو عوانة في مستخرجه (2/ 25)، والبيهقيُّ في السنن الكبرى (1/ 363)، وفي الدلائل (2/ 406) كلهم من طريق الأوزاعي به. قلت: والحديث بهذا السياق عند مسلم في الصحيح كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة المسافرين وقصرها (1/ 478) (رقم: 2) من طريق يونس، عن الزهري به.

وهذا مسند عند الجميع. وفي رواية داود بن أبي هند عن عامر الشعبي عن عائشة: "فرضت الصلاة أوّل ما فرضت ركعتين ركعتين إلا المغرب فإنها وتر، فلما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة زيد مع كل صلاة ركعتين ركعتين إلا المغرب والفجر" (¬1). هكذا قال داود المذكور: الشعبي عن عائشة. وقيل: الشعبي، عن مسروق، عن عائشة، ذكره الدارقطني في العلل (¬2). وهذا المعنى مروي عن عمر، وابن عباس في الصحيح (¬3). وانظر القصر في السفر لابن عمر (¬4)، والقصر بمنى وبذي الحليفة في مرسل عروة (¬5). ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في المسند (6/ 241)، وهو منقطع كما أشار إليه المؤلف؛ لأنَّ الشعبي لم يسمع من عائشة، وإنما يروي عن مسروق، عن عائشة. انظر: المراسيل لابن أبي حاتم (ص: 159 - 160)، وجامع التحصيل للعلائي (ص: 204). (¬2) (العلل (5/ ل: 66). قلت: رواه ابن خزيمة في صحيحه (1/ 157) (رقم: 305)، وابن حبَّان في صحيحه (الإحسان) (6/ 447) (رقم: 2738)، كلاهما من طريق محبوب بن الحسن، عن داود بن أبي هند، عن الشعبي، عن مسروق، عن عائشة. قال ابن خزيمة عقبه: هذا حديث غريب لم يسنده أحدٌ أعلمه غير محبوب بن الحسن، رواه أصحاب داود فقالوا: عن الشعبي، عن عائشة خلا محبوب بن الحسن. كذا قال! ! وقد أسنده أيضا مرجّى بن رجاء عند الطحاوي في شرح المعاني (1/ 183)، والقاسم بن يحيى بن عطاء وبكار بن يونس كما قال الدارقطني في العلل (5/ ل: 66)، وعليه فالإسناد حسن. (¬3) انظر: صحيح مسلم، كتاب صلاة المسافرين، باب صلاة المسافرين وقصرها (1/ 478 - 479/ رقم: 4، 5، 6). (¬4) تقدَّم حديثه (2/ 519). (¬5) سيأتي حديثه (5/ 103 - 106).

مالك عن عبد الله بن دينار، عن سليمان بن يسار، عن عروة، عن عائشة مرفوعًا. 537 / حديث: "يحرم من الرضاعة ما يحرم من الولادة". في آخر الرضاع، مختصر (¬1). وقع في كتاب يحيى بن يحيى: وعن عروة، بواو العطف، وزيادة الواو وهم انفرد به، لم يُتابع عليه. وإنما رواه عبد الله، عن سليمان وحده، ورواه سليمان عن عروة (¬2). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الرضاع، باب: ما جاء في الرضاعة (2/ 473) (رقم: 15). وأخرجه أبو داود في السنن كتاب: النكاح، باب: يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب (2/ 545) (رقم: 2055) من طريق القعنبي. والترمذي في السنن كتاب: الرضاع، باب: ما جاء يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب (3/ 453) (رقم: 1147) من طريق يحيى القطان، ومعن بن عيسى. والنسائيُّ في السنن كتاب: النكاح، باب: ما يحرم من الرضاع (6/ 407) (رقم: 3300) من طريق يحيى القطان. وأحمد في المسند (6/ 44، 51) من طريق يحيى القطان. والدارميُّ في السنن كتاب: النكاح، باب: ما يحرم من الرضاع (2/ 156) من طريق يحيى القطان، ثلاثتهم عن مالك به. (¬2) انظر الموطأ برواية أبي مصعب الزهري (2/ 13) (رقم: 1752)، وابن بكير (ل: 154/ ب) - الظاهرية - ومحمد بن الحسن الشيباني (ص: 193) (رقم: 617) - وسقط عروة من إسناده - وهكذا رواه القعنبي ومعن، ويحيى القطان، كما تقدم وابن القاسم والتنيسي وابن وهب كما ذكرهم ابن عبد البر وقال: "رواه يحيى القطان عن مالك، كما رواه سائر أصحاب مالك غير يحيى بن يحيى وحسبك بيحيى بن سعيد القطان إتقانا وحفظا وجلالة" التمهيد (17/ 121 - 122). وقد نبه الخشني أيضًا قبلهما على هذا الوهم فقال: "إنما هو عن سليمان بن يسار عن عروة كما رواه رواة مالك" أخبار الفقهاء والمحدثين (ص: 356).

خرجه النسائي عن مالك، وقال في آخره: وقفه الزهري. وخرجه من طريق الزهري، عن عروة، عن عائشة موقوفًا (¬1). * * * ¬

_ (¬1) أخرجه في السنن الكبرى (3/ 295) (رقم: 5436، 5437). قلت: والراجح رفعه لوروده من طرق أخرى غير طريق سليمان بن يسار فقد روى النسائي في السنن، كتاب النكاح، باب ما يحرم من الرضاع (6/ 407) (رقم: 3301) وابن ماجه في السنن، كتاب النكاح، باب يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب (1/ 623) (رقم: 1937) من طريق عراك بن مالك. وأحمد في المسند (6/ 66، 72) من طريق أبي الأسود، وأبي بكر بن صخر، كلهم عن عروة، عن عائشة مرفوعًا نحوه، وأسانيدها صحيحة. ثمَّ إن هذا الوقف في حكم الرفع، لكونه مما لا مجال للرأي فيه.

مالك عن يزيد بن خصيفة، عن عروة، عن عائشة

مالك عن يزيد بن خصيفة، عن عروة، عن عائشة. 538 / حديث: "لا يصيب المؤمنَ من مصيبة حتى الشوكة إلا قصّ بها أو كُفّر بها من خطاياه". في الجامع، باب: أجر المريض (¬1). روى هذا خارج الموطأ عن مالك، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة. خرجه مسلم من طريق ابن وهب، عنه كذلك (¬2). وخرجه البخاري من طريق شعيب، عن الزهري، عن عروة (¬3). * * * ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: العين، باب: ما جاء في أجر المريض (2/ 717) (رقم: 6). (¬2) أخرجه مسلم في صحيحه كتاب: البر والصلة، باب: ثواب المؤمن فيما يصيبه من مرض. . (4/ 1992) (رقم: 50) من طريق عبد الله بن وهب. والنسائيُّ في السنن الكبرى (4/ 353) (رقم: 7487) من طريق قتيبة، وبشر بن عمر، ثلاثتهم عن مالك به. (¬3) انظر: صحيح البخاري كتاب المرض، باب ما جاء في كفارة المرض (4/ 23) (رقم: 5640).

4 - عباد بن عبد الله بن الزبير عن عائشة - وهي خالة أبيه

4 - عباد (¬1) بن عبد الله بن الزبير عن عائشة - وهي خالة أبيه. حديث واحد. 539 / حديث: "اللهم اغفر لي وارحمني، وألحقني بالرفيق. . .". في الجنائز. عن هشام بن عروة، عن عباد بن عبد الله بن الزبير، عن عائشة (¬2). انظر التخيير في الأحاديث المقطوعة لعائشة (¬3). * * * ¬

_ (¬1) بفتح العين وتشديد الباء الموحدة. المغني في ضبط الأسماء ص: 164. (¬2) الموطأ كتاب: الجنائز، باب: جامع الجنائز (1/ 205) (رقم: 46). وأخرجه مسلم في صحيحه كتاب: فضائل الصحابة، باب: في فضل عائشة (4/ 1893) (رقم: 85) من طريق قتيبة، عن مالك به. (¬3) سيأتي حديثها (4/ 168).

5 - أبو يونس مولى عائشة عنها

5 - أبو يونس مولى عائشة عنها. حديثان، أرسل يحيى أحدَهما. 540 / حديث: "أمرتني عائشة أن أكتب لها مصحفًا. . .". فيه: فأملت عليّ: " {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى، وصلاة العصر}، ثمَّ قالت: سمعتها من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -". في الصلاة، الثاني، باب: الصلاة الوسطى. عن زيد بن أسلم، عن القعقاع بن حكيم، عن أبي يونس، ذكره (¬1). الواو ثابتة في قوله: "وصلاة العصر"، عند الجميع (¬2). وروي أن ابن عباس قرأ: {وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} صلاة العصر؛ بغير واو على التفسير (¬3). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: صلاة الجماعة، باب: الصلاة الوسطى (1/ 132) (رقم: 25). وأخرجه مسلم في صحيحه كتاب: الصلاة، باب: الدليل لمن قال الصلاة الوسطى هي صلاة العصر (1/ 437) (رقم: 207) من طريق يحيى النيسابوري. وأبو داود في السنن كتاب: الصلاة، باب: في وقت صلاة العصر (1/ 278) (رقم: 410) من طريق القعنبي. والترمذي في السنن كتاب: تفسير القرآن، باب، (5/ 201) (رقم: 2982) من طريق قتيبة، ومعن. والنسائيُّ في السنن كتاب: الصلاة، باب: المحافظة على صلاة العصر (1/ 255) (رقم: 471) من طريق قتيبة، وفي الكبرى (6/ 304) (رقم: 11046) من طريق قتيبة، وابن القاسم. وأحمد في المسند (6/ 73، 176) من طريق إسحاق الطباع، وابن مهدي، ستتهم عن مالك به. (¬2) انظر الموطأ برواية: - أبي مصعب الزهري (1/ 138) (رقم: 348)، وسويد بن سعيد (ص: 136) (رقم: 214)، وابن القاسم (ص: 230) (رقم: 177 - تلخيص القابسي -)، والشيباني (ص: 315) (رقم: 1000). (¬3) رواه زيد بن عُبيد عنه، أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 172). ورواه هبيرة بن يَريم عنه بإثبات الواو، أخرجه ابن أبي داود في المصاحف (ص: 87)، والطبري في التفسير (5/ 213) (رقم: 5468). =

وليست زيادة الواو توجب أن تكون الوسطى غير صلاة العصر؛ لأنَّ سيبويه حكى عن العرب: مررت بأخيك وصاحبك، يريدون الصاحب هو الأخ، وإن عطفوه بالواو (¬1). وقد تظاهرت الأخبار عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الصلاة الوسطى هي العصر. ومن ذلك: ما رواه شُتير بن شكل، عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال يوم الأحزاب: "شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر"، هكذا قال فيه: "صلاة العصر"، نسقا على البدل من غير واو. خرجه مسلم (¬2). وشُتَير: بالشين المعجمة مضمومة، والتاء المعجمة بنقطتين من فوقها مصغّرا (¬3). وسأل عَبيدة عليًّا عن الصلاة الوسطى فقال: كنا نراها الفجر، حتى ¬

_ = ثمَّ إنها على تقدير ثبوتها في قراءة ابن عباس لا توجب أن تكون الوسطى غير صلاة العصر، كما سيبين المصنف لأنها ليست نصا في المغايرة. (¬1) انظر: الكتاب له (1/ 399). وقد نص غير واحد من أهل العلم كشيخ الإِسلام ابن تيمية والحافظ ابن كثير وابن حجر أيضًا على أن الواو ليست صريحة في اقتضاء المغايرة؛ فإنها قد تكون زائدة، وقد تكون لعطف الصفات لا لعطف الذوات، وذكر ابن كثير شواهد على ذلك، منها حكاية سيبويه السابقة. انظر: شرح العمدة لشيخ الإِسلام ص: 157، تفسير القرآن الكريم لابن كثير (1/ 300)، فتح الباري (8/ 45)، وإعراب القرآن لأبي جعفر النحاس (1/ 272 - 273). (¬2) في الصحيح كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: الدليل لمن قال الصلاة الوسطى هي صلاة العصر (1/ 437) (رقم: 205). (¬3) انظر: المؤتلف والمختلف للأزدي (ص: 77)، وإكمال ابن ماكولا (1/ 378)، وتوضيح المشتبه (1/ 544)، والتبصير (2/ 775).

سمعنا النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول يوم الأحزاب: "شغلونا عن الصلاة الولسطى صلاة العصر". خرجه النسائي، وقاسم (¬1). وعَبيدة: بفتح العين وكسر الباء (¬2). وروي عن ابن مسعود، وعن سمرة بن جندب أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "صلاة الوسطى صلاة العصر"، خرجه الترمذي عنهما، وصحّح إسنادهما (¬3). ¬

_ (¬1) أخرجه النسائي في السنن الكبرى (1/ 152) (رقم: 360)، وكذلك عبد الرزاق في المصنّف (1/ 576) (رقم: 2192). وأحمد في المسند (1/ 122)، وأبو يعلى في المسند (1/ 314) (رقم: 390) كلّهم من طرق عن سفيان الثوري، عن عاصم بن أبي النجود، عن زر بن حبيش، عن عَبيدَة به. وفي سنده ضعف؛ لأنَّ عاصم بن أبي النجود وإن كان ثبتا في القراءة إلا أن غير واحد من النقاد وصفوه بسوء الحفظ في الرواية لكن الحديث صحيح، انظر تهذيب الكمال (13/ 477 - 478) والميزان (3/ 71). (¬2) انظر: المؤتلف والمختلف للأزدي (ص: 83)، والإكمال لابن ماكولا (6/ 47)، وتوضيح المشتبه (6/ 129)، وهو عَبيدة بن عمرو السلماني. (¬3) أخرجه النسائي في السنن كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في صلاة الوسطى أنها العصر (1/ 339 - 342) (رقم: 181، 182)، وفي كتاب التفسير (5/ 202، 203) (رقم: 2983، 2985) وقال عن كلا الحديثين حديث حسن صحيح، إلا أن تصحيحه لحديث سمرة في كتاب التفسير دون الصلاة. قلت: حديث عبد الله بن مسعود لا شك في صحته، فقد أخرجه مسلم أيضا في الصحيح كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب الدليل لمن قال الصلاة الوسطى هي صلاة العصر (1/ 437) (رقم: 206). وأما حديث سمرة فقد أخرجه أيضًا أحمد في المسند (5/ 7، 12، 13) والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 174)، والطبراني في الكبير (7/ 299 - رقم 7009، 7010) كلهم من طريق الحسن عن سمرة، وقد اختلف في صحة سماعه منه، فنقل الترمذي في السنن (1/ 341 - 342) عن الإمام البخاري عن علي بن المديني أنَّه قال: حديث الحسن عن سمرة بن جندب حديث صحيح، وقد سمع منه، وحكاه عن البخاري نفسه في العلل الكبير (2/ 963). قال الزيلعي: الظاهر من الترمذي أنَّه يختار هذا القول، فإنَّه صحح في كتابه عدة أحاديث من رواية الحسن عن سمرة، وهذا اختيار الحاكم أيضًا في المستدرك (1/ 215). نصب الراية (1/ 89). =

وروى كُهيل عن أبي هريرة أنهم اختلفوا في الصلاة الوسطى، قال: فقال أبو هاشم بن عتبة: أنا أعلم لكم ذلك، "فاستأذن على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثمَّ خرّج إلينا فأعلمنا أنها صلاة العصر". خرجه البزار وغيره (¬1). ¬

_ = ومنهم من نفى سماعه عنه مطلقا كشعبة بن الحجاج ويحيى بن معين وابن حبَّان وابن حزم. ومنهم من جعل أحاديثه عنه كلها وجادة من كتاب كيحيى بن سعيد القطان، وابن القطان صاحب بيان الوهم والإيهام. ومنهم من ذهب إلى أن الحسن لم يسمع منه إلا حديث العقيقة والباقي يرويه عنه وجادة من كتاب، وهذا قول النسائي والبزار والدارقطني وجماعة من الحفاظ، وهذا هو الراجح إن شاء الله. قال البيهقي: "ذهب جماعة من الحفاظ إلى أن الحسن عن سمرة كتاب وأنه لم يسمع منه غير حديث العقيقة". وقال ابن كثير: "حديثه عنه كتاب إلا حديث العقيقة". وعلى هذا فالإسناد فيه ضعف لما فيه من شائبة الإنقطاع لكن يشهد له حديث علي وابن مسعود وغيرهما. وانظر الأقوال في سماع الحسن عن سمرة في: التاريخ لابن معين - رواية الدوري - (4053، 4094) ومعرفة الرجال له برواية ابن محرز (1/ 130) (رقم 661) والتاريخ الكبير (2/ 290) والمعرفة والتاريخ (3/ 11) والمراسيل لابن أبي حاتم ص: 33 (96)، والمجروحين (2/ 163) وسنن النسائي (2/ 105) (رقم: 1379)، وسنن الدارقطني (1/ 336) والسنن الكبرى للبيهقي (5/ 288) (8/ 35) (9/ 359) والأحكام الوسطى (1/ 414) (2/ 54، 98)، والتمهيد (22/ 286)، وجامع المسانيد لابن كثير (5/ 527) والتلخيص الحبير (2/ 71)، ومن الدراسات الأخيرة في المسئلة: المرسل الخفي وعلاقته بالتدليس، دراسة نظرية تطبيقية على مرويات الحسن البصري (3/ 1147 فما بعدها) للشريف حاتم العوفي. (¬1) أخرجه البزار في مسنده (1/ 197) (رقم: 391 - كشف الأستار)، وابن جرير في التفسير (5/ 191) (رقم: 5436)، وابن حبَّان في الثقات (5/ 341)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 174)، والحاكم في المستدرك (3/ 638) كلهم من طريق خالد سبلان، عن كُهيل بن حرملة به. والحديث ذكره ابن كثير في التفسير (1/ 299) وقال: "غريب من هذا الوجه جدًّا". وقال الهيثمي في المجمع (1/ 309): رواه الطبراني في الكبير والبزار وقال: "لا نعلم روى أبو هاشم بن عتبة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا هذا الحديث، وحديث آخر، وقال: رجاله موثقون". وقد وهم الحافظ في الإصابة (12/ 61) حيث عزى حديث أبي هاشم هذا إلى أبي داود والترمذي =

وانظر حديث حفصة (¬1). وأبو هاشم المذكور مختلف في اسمه، فقيل: شيبة، وقيل: هشيم، وقيل: مُهَشِّم، وهو خال معاوية (¬2). 541 / حديث: "إني أصبح جنبا وأنا أريد الصيام. . .". فيه: إنك لستَ مثلنا، وقوله: "والله إني لأرجو أن أكون أخشاكم لله، وأعلمكم بما أتّقي". في الصيام. عن عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر الأنصاري، عن أبي يونس، عن عائشة (¬3). ¬

_ = والنسائيُّ، وليس عندهم. قلت: وفي تعيين الصلاة الوسطى أقوال أخرى، قيل: إنها الصبح، وقيل: إنها الظهر، وقيل: المغرب. وذهب إلى كل قول فريق من أهل العلم، لكن الذي اختاره المؤلف هو الراجح إن شاء الله، وهو قول أكثر علماء الصحابة كما قال الترمذي، وقال الإمام أحمد: "تواطأت الأحاديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعن أصحابه أن صلاة العصر هي الصلاة الوسطى". الإنصاف مع الشرح الكبير (3/ 141)، وقال الماوردي: "إنه قول جمهور التابعين"، وقال ابن عبد البر: "هو قول أكثر أهل الأثر". وقال الحافظ: "هو المعتمد". انظر: سنن الترمذي (1/ 342)، والتمهيد (4/ 289)، وشرح السنة (2/ 45)، والنكت والعيون (1/ 257)، وفتح الباري (8/ 44 - 45). (¬1) سيأتي حديثها (4/ 190). (¬2) هو أبو هاشم بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف القرشي، العَبْشَمِي، خال معاوية، وأخو أبي حذيفة لأبيه، وأخو مصعب بن عمير لأمه. قيل: اسمه شيبة، وقيل: هُشيم، وقيل: مهشّم، وقيل: خالد، وبه جزم النسائي، وقيل: اسمه كنيته، أسْلَم يوم فتح مكة، وكان أبو هريرة إذا ذكر أبا هاشم قال: ذاك الرجل الصالح. انظر: الاستيعاب (12/ 165)، وتهذيب الكمال (34/ 359)، وذكر من اشتهر بكنيته من الأعيان (ص: 397 - مع الرسائل الست للذهبي -)، والإصابة (12/ 60 - 61). (¬3) الموطأ كتاب: الصيام، باب: ما جاء في صيام الذي يصبح جنبا في رمضان (1/ 241) (رقم: 9). وأخرجه أبو داود في السنن كتاب: الصوم، باب: فيمن أصبح جنبا في شهر رمضان (2/ 782) =

هذا مرسل عند يحيى بن يحيى، سقط من كتابه: عن عائشة، واستدركه ابن وضاح (¬1). وثبت لابن وهب، وابن القاسم، والقعنبي، وسائر الرواة (¬2)، وهو الصحيح (¬3). وأبو يونس لا يسمّى (¬4). وانظر حديث أبي بكر بن عبد الرحمن، عن عائشة، وأم سلمة، في صيام الجنب (¬5)، وآخر الحديث لأم سلمة (¬6)، وفي مرسل عطاء (¬7). ¬

_ = (رقم: 2389) من طريق القعنبي. وأحمد في المسند (6/ 68، 156، 245) من طريق إسماعيل بن جعفر، وأبي نوح قراد، وروح بن عبادة، أربعتهم عن مالك به. (¬1) قال ابن عبد البر: "هكذا روى يحيى هذا الحديث مرسلًا وهي رواية عبيد الله ابنه عنه، وأما ابن وضاح في روايته عن يحيى في الموطأ فإنَّه جعله عن عائشة، فوصله وأسنده" التمهيد (18/ 419). قلت: كذا قالا، وقد ورد الحديث في المطبوع من رواية يحيى، وكذا في نسختي المحمودية (أ) (ل: 48/ ب) (ب) (ل: 59/ ب) مسندا بذكر عائشة مع كون هاتين النسختين من رواية عبيد الله بن يحيى. والله أعلم. (¬2) انظر الموطأ برواية: - القعنبي (ل: 58 - الأزهرية)، وأبي مصعب الزهري (1/ 301) (رقم: 777)، وسويد بن سعيد (ص: 414) (رقم: 942)، ومحمد بن الحسن (ص: 123) وابن بكير (ل: 51/ أ) - الظاهرية. - وابن يوسف، وابن عبد الحكم كما قال ابن عبد البر في التمهيد (17/ 418). (¬3) قال ابن عبد البر: "هذا محفوظ صحيح"، حاشا رواية يحيى التمهيد (17/ 419). (¬4) قال الذهبي: لا يُحفظ اسمه. انظر: ذكر من اشتهر بكنيته من الأعيان (ص: 400)، وكذا تهذيب الكمال (34/ 418). (¬5) سيأتي (4/ 96). (¬6) سيأتي حديثها (4/ 218). (¬7) سيأتي حديثه في (5/ 142).

6 - أبو سلمة بن عبد الرحمن، عن عائشة

6 - أبو سلَمة بن عبد الرحمن، عن عائشة. سبعة أحاديث، في أحدها نظر. 542 / حديث: "ما كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يزيد في رمضان، ولا في غيره على إحدى عشرةَ ركعةً. . .". ووصفتَها أربعًا، ثمَّ أربعًا، ثمَّ ثلاثًا. وفيه: "إنَّ عَيْنيَّ تنامان، ولا ينام قلبي". في صلاة الوتر. عن سعيد المقبُري، عن أبي سلَمة بن عبد الرحمن بن عوف، عن عائشة (¬1). خُرِّج هذا في الصحيح (¬2). وقال فيه عبد الله بن أبي لَبيد، عن أبي سلَمة، عن عائشة: "ثلاث ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: صلاة الليل، باب: صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - في الوتر (1/ 118) (رقم: 9). أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: التهجد، باب: قيام النبي - صلى الله عليه وسلم - بالليل في رمضان وغيره (1/ 356) (رقم: 1147) من طريق عبد الله بن يوسف. وفي كتاب: التراويح، باب: فضل من قام رمضان (2/ 61) (رقم: 2013) من طريق إسماعيل بن أبي أويس. وفي كتاب: المناقب، باب: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - تنام عينه ولا ينام قلبه (2/ 520) (رقم: 3569) من طريق القعنبي. ومسلم في صحيحه كتاب: صلاة المسافرين، باب: صلاة الليل (1/ 509) (رقم: 125) من طريق يحيى النيسابوري. وأبو داود في السنن كتاب: الصلاة، باب: في صلاة الليل (2/ 86) (رقم: 1341) من طريق القعنبي. والترمذي في السنن كتاب: الصلاة (2/ 302) (رقم: 439) من طريق معن. والنسائيُّ في السنن كتاب: قيام الليل، باب: كيف الوتر بثلاث (3/ 260) (رقم: 1696) من طريق ابن القاسم. وأحمد في المسند (6/ 36، 73، 104) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، وإسحاق الطباع، وأبي سلمة الخزاعي، كلهم عن مالك به. (¬2) وسبق تخريجه.

عشرة ركعة، منها ركعتا الفجر". خرّجه مسلم (¬1)، والمعنى واحد (¬2). وانظر حديث عروة عنها من طريق الزهري (¬3)، وهشام (¬4)، وحديث ابن عباس (¬5)، وزيد بن خالد (¬6). وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ عينيَّ تنامان ولا ينام قلبي" إشارة إلى العلم بالحدَث، وإياه عَنت عائشة (¬7). وقد جاء عن ابن عباس: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نام حتى نفخ، ثمَّ صلّى ولم يتوضّأ". خرّجه البخاري (¬8). ولا يُعارض هذا حديث النوم عن صلاة الصبح (¬9)؛ لأنَّ دلائل الوقت إنما تُرى بحاسّة البصر لا بالقلب (¬10). ¬

_ (¬1) انظر: صحيح مسلم (1/ 510) (رقم: 127). (¬2) لأنَّ سعيد المقبري لم يعُدّ منها ركعتي الفحر. (¬3) تقدَّم حديثه (4/ 48). (¬4) تقدَّم حديثه (4/ 26). (¬5) تقدَّم حديثه (2/ 556). (¬6) تقدَّم حديثه (2/ 164). (¬7) وذلك في قولها: "أتنام قبل أن توتر؟ ". (¬8) أخرجه في صحيحه كتاب: الوضوء، باب: التخفيف في الوضوء (1/ 66) (رقم: 138). قال البغوي: ونومه مضطجعًا حتى نفخ، وقيامه إلى الصلاة من خصائصه؛ لأنَّ عينه كانت تنام ولا ينام قلبه، فيقظة قلبه تمنعه من الحدَث. شرح السنة (2/ 443)، وانظر أيضًا: فتح الباري (1/ 288 - 289). (¬9) وهو حديث ليلة التعريس الذي رواه مالك (1/ 44) (رقم: 25) عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيّب مرسلًا، ووصله مسلم في صحيحه كتاب: المساجد، باب: قضاء الصلاة الفائتة (1/ 471) (رقم: 309) عن أبي هريرة. (¬10) ذكر هذا أيضًا النوويّ في شرحه على صحيح مسلم (6/ 21)، وابن رجب في فتح الباري (2/ 271)، والحافظ في فتح الباري (1/ 536).

543 / حديث: "كل شراب أسكر فهو حرام". وفيه السؤال عن البِتْع (¬1)، وهو شراب العسل. عن ابن شهاب، عن أبي سلمة، عن عائشة (¬2). هذا المحفوظ عن الزهري، واختلف عنه فيه (¬3). ¬

_ (¬1) بكسر الموحّدة وسكون التاء المثناة - وقد تُحرَّك التاء - والعين المهملة: نبيذ العسل، وهو حمر أهل اليمن. النهاية (1/ 94). (¬2) الموطأ كتاب: الأشربة، باب: تحريم الخمر (2/ 644) (رقم: 9). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الأشربة، باب: الخمر من العسل وهو البِتْع (4/ 12) (رقم: 5585) عن طريق عبد الله بن يوسف. ومسلم في صحيحه كتاب: الأشربة، باب: بيان أن كل مسكر خمر، وأن كل خمر حرام (3/ 1585) (رقم: 67) من طريق يحيى النيسابوري. وأبو داود في السنن كتاب: الأشربة، باب: النهي عن المسكر (4/ 88) (رقم: 3682) من طريق القعنبي. والترمذي في السنن كتاب: الأشربة، باب: ما جاء كل مسكر حرام (4/ 257) (رقم: 1863) من طريق معن. والنسائيُّ في السنن كتاب: الأشربة، باب: تحريم كل شراب أسكر (8/ 696) (رقم: 5608) من طريق عبد الله بن المبارك وقتيبة. وأحمد في المسند (6/ 190) من طريق عبد الرحمن بن مهدي. والدارميُّ في السنن، كتاب: الأشربة، باب: ما قيل في المسكر (2/ 113) من طريق عبيد الله بن عبد المجيد، كلهم عن مالك به. (¬3) قال الدارقطني: "يرويه الزهري، واختلف عنه: فرواه يحيى بن سعيد الأنصاري وشعيب بن أبي حمزة، وأبو أويس، ومعمر وسليمان بن كثير عن الزهري عن أبي سلمة عن عائشة. . . ورواه أيوب بن معبد عن الزهري عن أبي سلمة عن عائشة فقال فيه "ما أسكر كثيره فقليله حرام"، ولا يصح هذا اللفظ عن الزهري، ورواه الواقدي عن ابن أخي الزهري وعن عبد الرحمن بن عبد العزيز عن الزهري عن عروة عن عائشة وقال: ما أسكر الفرَق فالحسو منه حرام، وهذا أيضًا لا يصح عن الزهري، والمحفوظ عن الزهري ما رواه عنه يحيى بن سعيد الأنصاري ومن تابعه". العلل (5/ ل: 73 - 74). =

وقال ابن معين: "هذا أصح حديث رُوي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في تحريم المسكر" (¬1). وقال إسحاق الطبّاع: "قلت لمالك: إنّي أرى ترك النبيذ بهذا الحديث، ولا أرى تحريمه لما يُرى بالعراق فيه. فقال: لا، حتى تقول حرام كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -". ذكره الدارقطني (¬2). ¬

_ = قلت: رواية معمر عند مسلم في الصحيح، وممن تابع يحيى بن سعيد على هذه الرواية: - سفيان بن عيينة عند البخاري في الصحيح كتاب: الوضوء، باب: لا يجوز الوضوء بالنبيذ (1/ 97) (رقم: 242)، ومسلم في الصحيح كتاب: الأشربة، باب: بيان أن كل مسكر خمر (3/ 1586) (رقم: 69). - ويونس وصالح بن كيسان عند مسلم أيضًا (3/ 1586) (رقم: 68، 69). (¬1) هكذا نقله أيضا ابن عبد البر في التمهيد (7/ 124)، والحافظ في فتح الباري (10/ 46). وقد نقل الدوري في التاريخ عنه أنَّه قال: "حديث الزهري عن أبي سلمة، عن عائشة في المسكر صحيح، وأنا أقف عنده، لا أقول لمن شرب: شربت ما لا يحلُّ لك، وقد شرب النبيذ قوم صالحون". تاريخ ابن معين - رواية الدوري عنه - (4/ 204). قلت: وقوله رحمه الله: لا أقول لمن شرب. . . محلُّ توقُّفٍ أيضًا؛ لأنَّ النبيذ المسكر وهو ما يُعمل من الأشربة من التمر، والزبيب والعسل والحنطة والشعير وغير ذلك حرام، وإن هذه الأنبذة كلّها تسمّى خمرًا، كما دلّت على ذلك الأحاديث، وهو قول مالك وأحمد والجماهير من السلف والخلف رحمهم الله، وذهب أبو حنيفة رحمه الله وقوم من أهل العراق إلى أن الخمر يختص بما يعصر من العنب وحده، وأن المحرّم من سائر الأنبذة المسكرة هو السُّكْر، قال ابن العربي: وإني لأعجبُ ممن قال ذلك من الفقهاء ومن سلك من علماء من مضى مع أن الصحابة - رضي الله عنهم - لما حرّمت عليهم الخمر أراقوها وكسروا دنانها وبادروا إلى امتثال الأمر فيها مع أنهم لم يكن عندهم بالمدينة عصير عنب وإنما كان جميعه نبيذ تمر، ثمَّ ساق بعض الأحاديث في تحريم الأنبذة المسكرة من أيِّ صنف كان. انظر: القبس (2/ 652)، وشرح السنة (6/ 115 - 116)، وشرح النوويّ على صحيح مسلم (13/ 184)، وشرح فتح القدير لابن الهمام (10/ 88)، والنهاية (5/ 7). (¬2) لم أقف عليه.

والسائل عنه هو أبو موسى الأشعري، بيانه في الصحيحين (¬1). 544 / حديث: "كان يُصلي جالسا، فيقرأ وهو جالس، فإذا بقي من قراءته قدرُ ما يكون ثلاثين أو أربعين آية قام". في صلاة النافلة قاعدًا. عن عبد الله بن يزيد - هو مولى الأسود بن سفيان -، وعن أبي النّضر مولى عمرَ بن عُبيد الله، عن أبي سلمة، عن عائشة (¬2). سقطت واو العطف ليحيى بن يحيى في قوله: وعن أبي النَّضر (¬3)، ¬

_ (¬1) انظر: صحيح البخاري كتاب: المغازي، باب: بعث أبي موسى ومعاذ إلى اليمن قبل حجة الوداع (3/ 161) (رقم: 4343). وصحيح مسلم كتاب: الأشربة، باب: بيان أن كل مسكر خمر (3/ 1586) (رقم: 70، 71). (¬2) الموطأ كتاب: صلاة الجماعة، باب: ما جاء في صلاة القاعد في النافلة (1/ 131) (رقم: 23). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: تقصير الصلاة، باب: إذا صلى قاعدًا ثمَّ صح أو وجد خفّة تمم ما بقي (1/ 348) (رقم: 1119) من طريق عبد الله بن يوسف. ومسلم في صحيحه كتاب: صلاة المسافرين وقصرها، باب: جواز النافلة قائما قاعدًا. . . (1/ 505) (رقم: 112) من طريق يحيى النيسابوري. وأبو داود في السنن كتاب: الصلاة، باب: في صلاة القاعد (1/ 585) (رقم: 954) من طريق القعنبي. والنسائي في السنن كتاب: قيام الليل، باب: كيف يفعل إذا افتتح الصلاة قائما. . . (3/ 243) (رقم: 1647) من طريق ابن القاسم. وأحمد في المسند (6/ 178) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، خمستهم عن مالك به. وأخرجه الترمذي في السنن كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في الرجل يتطوّع جالسًا (2/ 212) (رقم: 374) من طريق معن، عن مالك، عن أبي النضر وحده. (¬3) نبّه على هذا السقط أيضًا الخشني في أخبار الفقهاء والمحدّثين (ص: 351)، وابن عبد البر في التمهيد (21/ 165) وذكر أن الرواية بسقوط الواو هي رواية عبيد الله بن يحيى عن أبيه، وأنها وهم واضح لا يُعرّج عليه. =

وثبتت لسائر الرواة، والصواب ثبوتها (¬1). شارك عبدُ الله سالما فيه، ورواه مالك عنهما معا، وهكذا خُرّج في الصحيح من طريق مالك (¬2). وانظر رواية عروة، عن عائشة (¬3)، وحديث حفصة (¬4). 545/ حديث: "كنتُ أنام بين يدي رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - ورِجلايَ في قِبْلَتِه، فإذا سَجَدَ غَمَزَنِي. . .". وذَكرتْ عدمَ المصابيح. في صلاة الليل. عن أبي النضر - هو سالم -، عن أبي سلمة، عن عائشة (¬5). ¬

_ = قلت: ردّه ابن وضاح إلى الصواب كعادته كما ذكره القاضي عياض في المشارق (2/ 91) وقال: "وكذا كان بالواو في كتاب لأبي عيسى من رواية ابن سهل وهو الصواب". وهكذا وقع في إحدى النسخ الخطية في الخزانة المحمودية (ب) (ل: 27/ أ) وكذا في المطبوعة من رواية يحيى ولعل هذا التصحيح فيهما جاء من قبل النساخ والمحققين، ووقع في النسخة الخطية الأخرى في الخزانة المحمودية (أ) (ل: 24/ أ) بسقوط الواو كما قال المؤلف. (¬1) انظر الموطأ برواية: - أبي مصب الزهري (1/ 136) (رقم: 344)، وابن القاسم (ص: 391) (رقم: 378) - تلخيص القابسي -، وسويد بن سعيد (ص: 134) (رقم: 210). وانظر: التمهيد (21/ 165). (¬2) تقدَّم تخريجه. (¬3) تقدَّم (4/ 29). (¬4) سيأتي حديثها (4/ 189). (¬5) الموطأ كتاب: صلاة الليل، باب: ما جاء في صلاة الليل (1/ 116) (رقم: 2). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الصلاة، باب: الصلاة على الفراش (1/ 144) (رقم: 382) من طريق إسماعيل بن أبي أويس، وفي باب: التطوع خلف المرأة (1/ 179) (رقم: 513) من =

وانظر أحاديث المرور بين يدي المصلي لابن عباس (¬1)، ولأبي سعيد (¬2)، وأبي جُهَيم (¬3). 546/ وبه (¬4): "كان يصوم حتى نقول لا يفطر، ويُفطر حتى نقول لا يصوم. . .". وذكرت الصّيام في شعبانَ. في جامع الصيام (¬5). ¬

_ = طريق عبد الله بن يوسف، وفي العمل في الصلاة، باب: ما يجوز من العمل في الصلاة (1/ 373) (رقم: 1209) من طريق القعنبي. ومسلم في صحيحه كتاب: الصلاة، باب: الاعتراض بين يدي المصلي (1/ 367) (رقم: 272) من طريق يحيى النيسابوري. والنسائي في السنن كتاب: الطهارة، باب: ترك الوضوء من مسّ الرجل امرأته من غير شهوة (1/ 110) (رقم: 168) من طريق قتيبة. وأحمد في المسند (6/ 148، 225، 255) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، وعبد الرزاق، وعثمان بن عمر، وإسحاق الطباع، كلهم عن مالك به. (¬1) تقدَّم حديثه (2/ 526). (¬2) تقدَّم حديثه (3/ 225). (¬3) تقدَّم حديثه (3/ 158). (¬4) وقع هنا في الحاشية: "حـ حيث ما وقع قوله وبه كذا فإنما يعني في هذا الباب، أو في هذا الحديث، الباء بمعنى في لغة أندلسية". ا. هـ. قلت: لعل الناسخ يقصد بقوله في هذا الباب أي بالإسناد السابق؛ لأنه كالباب للأحاديث الواردة تحته، وأما قوله في هذا الحديث فلم يتبين لي وجهه، والله أعلم. (¬5) الموطأ كتاب: الصيام، باب: جامع الصيام (1/ 255) (رقم: 56). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الصوم، باب: صوم شعبان (2/ 50) (رقم: 1969) من طريق عبد الله بن يوسف. ومسلم في صحيحه كتاب: الصيام، باب: صيام النبي - صلى الله عليه وسلم - في غير رمضان (2/ 81) (رقم: 175) من طريق يحيى النيسابوري. =

547 / وبه: "عن عائشة قالت: إذا جاوز الختانُ الختانَ فقد وجب الغسل. . .". وفيه: ضرب المثل بالفرّوج. في الطهارة (¬1). ظاهره الوقف، وقد يدخل في المسند المرفوع على المعنى؛ لأنَّ الواجب ما أوجبه الله تعالى، والرسول - صلى الله عليه وسلم - هو المخبر به عنه، والصحابة هم النقلة، فربما نقلوا لفظا، وربما نقلوا معنى، وما كانوا ليوجبوا حكما لم يوجبه الله تعالى ولا رسوله وعائشة قد شاهدت الغسل منه، واغتسلت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - بنية الوجوب. روى عطاء (¬2) أنها قالت: "كنت أنا ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - نفعله فنغتسل"، خرّجه قاسم بن أصبغ (¬3). ¬

_ = وأبو داود في السنن كتاب: الصوم، باب: كيف كان صوم النبي - صلى الله عليه وسلم - (2/ 813) (رقم: 2434) من طريق القعنبي. والترمذي في الشمائل (رقم: 307) من طريق أبي مصعب الزبيري. والنسائيُّ في السنن كتاب: الصيام، باب: صوم النبي - صلى الله عليه وسلم - (4/ 514) (رقم: 2350) من طريق عبد الله بن وهب. وأحمد في المسند (6/ 107، 153، 242) من طريق إسحاق الطباع، وعبد الرزاق، وروح، كلهم عن مالك به. (¬1) الموطأ كتاب: الطهارة، باب: واجب الغسل إذا التقى الختانان (1/ 66) (رقم: 72). (¬2) هو ابن أبي رباح. (¬3) أورده من طريقه ابن عبد البر في التمهيد (23/ 103 - 104) من طريق عبد الله بن روح، قال: حدّثنا عثمان بن عمر، قال: أخبرنا عبيد الله بن زياد، عن عطاء قال: قالت عائشة: فذكره. وكذا أخرجه إسحاق في مسنده (3/ 637) (رقم: 676)، وابن أبي شيبة في المصنّف (1/ 84)، كلاهما من طريق وكيع عن عبيد الله بن زياد به. والإسناد رجاله ثقات ما عدا عبيد الله بن أبي زياد القدّاح، فقد قال عنه الذهبي في الكاشف (2/ 198): "فيه لين"، وقال الحافظ في التقريب (رقم: 4292): "ليس بالقوي"، إلا أنَّه =

وروت أم كلثوم عن أختها عائشة أنَّ رجلًا سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك وهي جالسة، فقال - صلى الله عليه وسلم -: "إني لأفعل ذلك أنا وهذه ثمَّ نغتسل"، خرّجه مسلم (¬1). وخَرّج هو والبخاري عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا جلس بين شُعَبِها الأربع ثمَّ جَهِدها فقد وجب عليه الغسل" (¬2). وروى عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا التقى الختانان، وتوارت الحشفة فقد وجب الغسل"، خرّجه ابن أبي شيبة (¬3). وانظر رواية ابن المسيّب، عن عائشة (¬4). ¬

_ = يتقوّى بوروده من طرق أخرى، فقد روى الترمذي في السنن، كتاب: الطهارة، باب: ما جاء إذا التقى الختانان وجب الغسل (1/ 180) (رقم: 108)، وابن ماجه في السنن كتاب: الطهارة، باب: ما جاء في وجوب الغسل إذا التقى الختانان (1/ 199/ 608)، وأحمد في المسند (6/ 161)، وابن الجارود (ص: 41) (رقم: 93)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 55)، والبيهقيُّ في السنن (1/ 164) من طرق عن الأوزاعي، عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة: أنها سئلت عن الرجل يجامع فلا يُنزل الماء؟ قالت: "فعلت ذلك أنا ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاغتسلنا منه". قال الترمذي: "حديث عائشة حديث حسن صحيح"، وصححه أيضًا ابن كثير في تحفة الطالب (ص: 140)، وابن الملقن في التذكرة (ص: 42). وللحديث شواهد أخرى ذكرها المؤلف. (¬1) أخرجه مسلم في صحيحه كتاب: الحيض، باب: نسخ الماء من الماء، ووجوب الغسل بالتقاء الختانين (1/ 272) (رقم: 89). (¬2) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الغسل، باب: إذا التقى الختانان (1/ 111) (رقم: 291). ومسلم في صحيحه (1/ 271) (رقم: 87). (¬3) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (1/ 86)، ومن طريقه ابن ماجه في السنن (1/ 200) (رقم: 611)، عن أبي معاوية، عن حجاج، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدّه. إسناده ضعيف؛ فيه حجاج، وهو ابن أرطاة، مدلس وقد رواه بالعنعنة، ولأجله ضعّفه البوصيري في مصباح الزجاجة (1/ 225). (¬4) سيأتي (4/ 100).

548 / حديث: "قالت: إنْ كان ليكون عليَّ الصّيام في رمضان، فما أستطيع أصومه حتى يأتي شعبان". في باب: قضاء الصيام. عن يحيى بن سعيد - هو الأنصاري - عن أبي سلمة، عن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - قولها (¬1). هكذا هو في الموطأ غير مرفوع (¬2). وزاد فيه إسحاق بن عيسى الطباع عن مالك: "على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -" (¬3)، وهو مع هذا من نوع الموقوف (¬4)، لكنه مخرج في الصحيحين (¬5). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الصيام، باب: جامع قضاء الصيام (1/ 254) (رقم: 54). وأخرجه أبو داود في السنن كتاب: الصوم، باب: تأخير قضاء رمضان (2/ 790) (رقم: 2399) من طريق القعنبي، عن مالك به. (¬2) قال ابن عبد البر في التجريد (ص: 214): "ليس يصح إدخاله عندي في المسند". وفي التمهيد (23/ 148) انتقد النسائي والجوهري في إدخالهما إياه في المسند فقال: "أدخلا هذا في المسند، ولا وجه له عندي إلا وجه بعيد، وذلك أنَّه - يعني الجوهري - زعم أن ذلك كان لحاجة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إليها، واستدل بحديث مالك، عن أبي النضر، عن أبي سلمة، عن عائشة قال: "ما رأيت رسول الله أكثر صياما منه في شعبان". انظر: مسند الجوهري (ل: 141/ ب). (¬3) لم أقف على رواية إسحاق الطباع، وهي رواية شاذة؛ لأنَّ الحديث مما رواه القعنبي (ص: 220)، وابن بكير (ل: 56/ أ)، وأبو مصعب الزهري (1/ 322) (رقم: 834)، وسويد بن سعيد (ص: 426) (رقم: 974)، كرواية يحيى الليثي، ولم يذكروا فيه تلك الزيادة. (¬4) هذا غير مسلّم؛ لأنَّ الصحابي إذا قال: كنا نقول، أو نفعل كذا، وأضافه إلى زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - فهو مرفوع عند الجمهور من أهل الحديث والأصول، وعلّله ابن الصلاح بأن ظاهر ذلك مشعر بأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اطّلع على ذلك وأقرّهم عليه، لتوفر دواعيهم على سؤالهم عن أمور دينهم، لكن تقدَّم أن هذه الزيادة في ثبوتها نظر؛ لتفرّد إسحاق الطباع بها، ومع هذا فإن الراجح رفعه؛ لأنَّ الظاهر اطّلاع النبي - صلى الله عليه وسلم - على ذلك، كما سيذكره المؤلف. انظر: علوم الحديث (ص: 43)، وفتح المغيث (1/ 135 - 136)، وفتح الباري (4/ 225)، وتدريب الراوي (1/ 228). (¬5) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الصيام، باب: متى يُقضى قضاء رمضان (2/ 45) =

وزاد فيه زهير، عن يحيى بن سعيد: "الشغل من النبي - صلى الله عليه وسلم -، أو به". ذكر هذه الزيادة مسلم، وبها يدخل في المسند المرفوع (¬1). ¬

_ = (رقم: 950) من طريق زهير. ومسلم في صحيحه كتاب: الصيام، باب: قضاء رمضان في شعبان (2/ 802) (رقم: 151) من طريق زهير، وسليمان بن بلال، وابن جريج، وعبد الوهاب، وسفيان بن عيينة، كلهم عن يحيى بن سعيد به. (¬1) ذكرها أيضا البخاري إلا أنَّه فصلها فجعلها من قول يحيى، وأما مسلم فإنَّه رواها من طريق زهير مدرجة كأنها من كلام عائشة، ولذا مثّل بها ابن حجر في النكت (2/ 821) لما أُدرج من كلام بعض التابعين أو من بعدهم في كلام الصحابة أي الموقوفات، وضعّفها في فتح الباري (4/ 225) لأمرين: الأول: "تفرّد زهير عن يحيى بها، فإن الحديث أخرجه أبو داود من طريق مالك، والنسائيُّ من طريق يحيى القطان، وسعيد بن منصور عن ابن شهاب وسفيان، والإسماعيلي من طريق أبي خالد، كلهم عن يحيى بدون هذه الزيادة". قلت: وأخرجه أيضًا عبد الرزاق في المصنف (4/ 246) (رقم: 7677) من طريق الثوري، وابن ماجه (1/ 533) (رقم: 1669) من طريق عمرو بن دينار، كلاهما عن يحيى بن سعيد بدون هذه الزيادة. الثاني: قال: "مما يدلّ على ضعف الزيادة أنَّه - صلى الله عليه وسلم - كان يقسم لنسائه فيعدل، وكان يدنو من المرأة في غير نوبتها فيُقبل ويلمس من غير جماع، فليس في شغلها بشيء من ذلك ما يمنع الصوم، اللهم إلا أن يُقال إنها كانت لا تصوم إلا بإذنه ولم يكن يأذن لاحتمال احتياجه إليها، وكان هو - صلى الله عليه وسلم - يكثر الصوم في شعبان فلذلك كان لا يتهيّأ لها القضاء إلا في شعبان". قلت: وعلى تقدير عدم ثبوت تلك الزيادة كما قال الحافظ فقد جاء في حديث محمَّد بن إبراهيم ما يدلّ على أن العلّة المذكورة من قولها. فقد روى مسلم (2/ 803) (رقم: 152) من طريق يزيد بن عبد الله بن الهاد عنه، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن عائشة أنها قالت: "إن كانت إحدانا لتفطر في زمان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فما تقدر على أن تقضيه مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى يأتي شعبان". فقولها: "فما تقدر على أن تقضيه مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -" يدلّ على أن ذلك كان لحاجة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إليها كما قال الجوهري، وبذلك يصحّ إدخاله في المسند والله أعلم.

وقد يُقتبس من حديث الطّباع عن مالك إباحة تأخير القضاء على تأويل العلم به، والإقرار عليه، وعلى هذا قد يُلحَق بالمرفوع (¬1). وأما حديث الموطأ فليس فيه ذكر العهد، ولا تعيين الوقت، فلو لم يرد ما بيّنه لاحتمل أن يقال: لعل ذلك كان بعد فقد النبي - صلى الله عليه وسلم - وما قبل هذا الاحتمال لم يكن للنظر في رفعه مجال. * * * ¬

_ (¬1) انظر: التمهيد (23/ 149)، وفتح الباري (4/ 225).

7 - أبو بكر بن عبد الرحمن، عن عائشة

7 - أبو بكر بن عبد الرحمن، عن عائشة حديث واحد مشترك. 549 / حديث: "كان يُصبح جنبا من جماع غيرِ احتلام في رمضان، ثمَّ يصوم". عن عبد ربه بن سعيد بن قيس، عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن عائشة وأم سلمة مختصرا (¬1). وعن سمي مولى أبي بكر، عن أبي بكر بن عبد الرحمن، عن عائشة وأم سلمة نحوه مطوّلا. . . وفيه: أن مروان ذكر له أن أبا هريرة يقول: "من أصبح جُنُبًا أفطر ذلك اليوم"، وأنه أمر عبد الرحمن بن الحارث أن يسأل عائشة وأمّ سلمة عن ذلك، فسألهما، وأبو بكر معه. . . وفي آخره قول أبي هريرة: "لا علم لي، إنما أخبرنيه مخبر" (¬2). هكذا عند مالك. ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الصيام، باب: ما جاء في صيام الذي يصبح جنبًا في رمضان (1/ 241) (رقم: 10). وأخرجه مسلم في صحيحه كتاب: الصيام، باب: صحة صوم من طلع عليه الفجر وهو جنب (2/ 780 - 781) (رقم: 78) من طريق يحيى النيسابوري. وأبو داود في السنن كتاب: الصوم، باب: فيمن أصبح جنبا في شهر رمضان (2/ 781) (رقم: 2388) من طريق القعنبي وعبد الرحمن بن مهدي. والنسائيُّ في السنن الكبرى (2/ 186) (رقم: 2974) من طريق ابن القاسم، أربعتهم عن مالك به. (¬2) الموطأ كتاب: الصيام، باب: ما جاء في صيام الذي يصبح جنبا في رمضان (1/ 242) (رقم: 11). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الصيام، باب: الصائم يصبح جنبا (2/ 37) (رقم: 1925) من طريق القعنبي، وفي باب: اغتسال الصائم (2/ 39) (رقم: 1931) من طريق إسماعيل بن أبي أويس. والنسائيُّ في السنن الكبرى (2/ 180) (رقم: 2937) من طريق ابن القاسم، ثلاثتهم عن مالك به.

واختلف في هذا قولُ أبى هريرة: فمرّةً رفعه من غير واسطة (¬1)، ومرّةً أسنده إلى الفضل بن عباس (¬2). ¬

_ (¬1) أخرجه النسائي في السنن الكبرى (2/ 176) (رقم: 2924)، وابن ماجه في السنن كتاب: الصيام، باب: ما جاء في الرجل يصبح جنبًا وهو يريد الصيام (1/ 543) (رقم: 1702)، وعبد الرزاق في المصنف (4/ 180 - 181) (رقم: 7399)، وأحمد في المسند (2/ 248، 286)، والحميدي في المسند (2/ 443) (رقم: 1018)، وابن شاهين في ناسخ الحديث ومنسوخه (393)، والحازمي في الاعتبار (ص 135) من طريق عمرو بن دينار، عن يحيى بن جَعدة، عن عبد الله بن عمرو القاري، قال: سمعت أبا هريرة يقول: لا وربِّ هذا البيت، ما أنا قلت: "من أصبح جنبا فلا يصوم" محمدٌ وربِّ البيت قاله. إسناده صحيح، كما قاله البوصيري. مصباح الزجاجة (2/ 22). وأخرج أحمد أيضا (2/ 314) عن عبد الرزاق عن معمر، عن همام قال: هذا ما حدّثنا به أبو هريرة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفيه: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا نودي للصلاة، صلاة الصبح، وأحدكم جنب، فلا يصم يومئذ"، وإسناده صحيح. وروى النسائي أيضًا (2/ 176 - 177) (رقم: 2925، 2926) من طريق شعيب بن أبي حمزة وعقيل بن خالد كلاهما عن الزهري، عن ابن عبد الله بن عمر - قال شعيب: عبد الله، وقال عقيل: عبيد الله -، عن أبي هريرة أنَّه قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمر بالفطر إذا أصبح الرجل جنبًا، وفيه قصة. (¬2) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الصوم، باب: الصائم يصبح جنبًا (2/ 37) (رقم: 1926) من طريق الزهري، ومسلم في صحيحه كتاب: الصيام، باب: صحة صوم من طلع عليه الفجر وهو جنب (2/ 779 - 780) (رقم: 75) من طريق ابن جريج كلاهما عن أبي بكر بن عيد الرحمن بن الحارث بن هشام مطوّلا وفيه: كذلك حدّثني الفضل بن عباس أو نحوه. وهكذا رواه النسائي في السنن الكبرى (2930، 2135، 2136) من طرق عن أبي بكر به. وجاء في بعض الروايات عند النسائي في الكبرى (2/ 178 - 179) (رقم: 2932) أنَّه أسنده إلى أسامة بن زيد. وذكر الحافظ في فتح الباري (4/ 173) وجهًا للجمع بين هذه الروايات فقال: "يُحمل على أنَّه كان عنده عن كل منهما أي الفضل بن عباس وأسامة بن زيد، وأن هذا الاختلاف من تصرّف الرواة، منهم من أبهم الرجلين فقال: "حدّثني فلان وفلان"، ومنهم من اقتصر على أحدهما تارة مبهمًا وتارة مفسّرًا، ومنهم من لم يذكر عن أبي هريرة أحدًا، وأما قوله: "محمَّد وربِّ الكعبة قاله" قال الحافظ: كأنه لشدّة وثوقه بخبرهما يحلف على ذلك".

قال فيه يعلي بن عقبة عنه: أما إني لم أسمعه من النبي - صلى الله عليه وسلم -، إنما حدثنيه الفضل عنه، خرّجه الطحاوي في المعاني والمشكل، وذكر أنَّه منسوخ بالقرآن والسنة (¬1). وأَعَادَ مالك الحديثَ في الباب بهذا الإسناد الثاني، مختصرا، وهو إسناد صحيح (¬2). ¬

_ (¬1) أخرج الطحاوي في شرح معاني الآثار (2/ 103) من طريق رجاء بن حيوة عن يعلى بن عقبة أنَّه قال: أصبحت جنبًا وأنا أريد الصوم، فأتيت أبا هريرة - رضي الله عنه - فقال لي: "أفطر"، ثمَّ ذكر في آخره أنَّه قال: لم أسمعه من النبي - صلى الله عليه وسلم -، إنما حدثنيه الفضل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وسنده صحيح. وذكر في شرح المشكل (2/ 17 - 18) (رقم: 536) أن حديث عائشة وأم سلمة في صحّة صوم من أصبح جنبًا ناسخ لحديث أبي هريرة، واستدلّ بقوله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ. . .} وقال: "إن الاغتسال الذي يوجبه ذلك الإتيان المذكور لا يكون إلا في النهار". أهـ. قلت: وإلى القول بالنسخ ذهب أيضًا ابن المنذر والخطابي وقال كل منهما: "هو أحسن ما سمعته في تأويل حديث أبي هريرة"، وهو الذي قرّره الجعبري وغيره، بل ورد في صحيح مسلم (2/ 780) أن أبا هريرة رجع عن قوله. قال النوويّ: "وإذا دلّ القرآن وفعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على جواز الصوم لمن أصبح جنبًا وجب الجواب عن حديث أبي هريرة عن الفضل عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وجوابه من ثلاثة أوجه. . . فذكر الأوّل والثاني ثمَّ قال: والثالث: جواب ابن المنذر فيما رواه عن البيهقي أن حديث أبي هريرة منسوخ وأنه كان في أول الأمر حين كان الجماع محرما في الليل بعد النوم، كما كان الطعام والشراب محرما ثمَّ نسخ ذلك ولم يعلمه أبو هريرة، فكان يفتي بما علمه حتى بلغه الناسخ فرجع إليه، قال ابن المنذر هذا أحسن ما سمعت فيه". شرح النوويّ على مسلم (7/ 221). وقال العراقي: "وهذا (حديث أبي هريرة) إما منسوخ كما رجحه الخطابي أو مرجوح كما قاله الشافعي رحمه الله والبخاري بما في الصحيحين من حديث عائشة وأم سلمة فذكره". تقريب الأسانيد (ص: 54). وانظر أيضًا: معالم السنن (2/ 99)، وشرح السنة للبغوي (3/ 481، 482)، والاعتبار (ص: 135)، وإخبار أهل الرسوخ لابن الجوزي (ص: 85)، ورسوخ الأخبار للجعبري (ص: 353 - 355)، وفتح الباري (4/ 175). (¬2) الموطأ كتاب: الصيام، باب: ما جاء في صيام الذي يصبح جنبًا في رمضان (1/ 242) (رقم: 12). =

وأما الإسناد الأوّل (¬1) ففيه خلف: قال فيه عمرو بن الحارث: عن عبد ربه، عن عبد الله بن كعب الحميري، عن أبي بكر. رواه ابن وهب عن عمرو كذلك. وخرّجه مسلم على الوجهين، ذكر طريقَ مالك، عن عبد ربه، وطريقَ ابن وهب عن عمرو، عنه (¬2). وهذا معدود بثلاثة أحاديث، لأنَّ عائشة وأم سلمة اشتركتا فيه، وبعضه لأبي هريرة. وانظر رواية أبي يونس عن عائشة (¬3). ¬

_ = وأخرجه من هذا الوجه البخاري في صحيحه، كتاب: الصوم، باب: الصائم يصبح جنبًا (2/ 37) (رقم: 1925) من طريق القعنبي، وفي باب: اغتسال الصائم (2/ 39) (رقم: 1931) من طريق إسماعيل بن أبي أويس، كلاهما عن مالك به. (¬1) وهو: مالك عن عبد ربه بن سعيد عن أبي بكر بن عبد الرحمن عن عائشة وأم سلمة. (¬2) انظر: صحيح مسلم، كتاب: الصيام، باب: صحة صوم من طلع عليه الفجر وهو جنب (2/ 780) (رقم: 77، 78). والمقصود بالخلاف هنا أن مالكا لم يذكر واسطة بين شيخه عبد ربه بن سعيد وأبي بكر بن عبد الرحمن، وأما عمرو بن الحارث فقد ذكر بينهما عبد الله بن كعب، ومثل هذا لا يضرّ إن شاء الله؛ لأنَّ لقاء عبد ربه بن سعيد مع أبى بكر بن عبد الرحمن، وروايته عنه ثابت. فدخول الواسطة بينهما في بعض الطرق غير قادح، ولهذا شواهد ذكرها خالد منصور في كتابه موقف الإمامين البخاري ومسلم من اشتراط اللقيا والسماع (ص: 128، 129). (¬3) تقدَّم حديثه (4/ 82).

8 - سعيد بن المسيب، عن عائشة

8 - سعيد بن المسيب، عن عائشة حديث واحد. 550 / حديث: "قالت: إذا جاوز الختانُ الختانَ فقد وجب الغسل. . .". في الطهارة. عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيّب، أن أبا موسى الأشعري سأل عائشة، فقالته، وفيه قصة (¬1). وعن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيّب، أن عُمر، وعثمان بن عفان، وعائشة كانوا يقولونه (¬2). هذا داخل في المرفوع؛ لأنه إخبار بالوجوب، والوجوب متلقى من النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد ذكرنا أن قول الصحابي في الشيء: هو واجب أو مسنون، منزّل منزلة الرفع؛ لحسن الظن بهم، وما عُهِد من مقاصدهم، ويتأكّد ههنا قول عائشة؛ لاختصاصها بالمشاهدة (¬3). روى القاسم بن محمَّد عنها أنها قالت: "فعلتُه أنا ورسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الطهارة، باب: واجب الغسل إذا التقى الختانان (1/ 67) (رقم: 73). قال البيهقي في المعرفة (1/ 463): "هذا إسناد صحيح إلا أنَّه موقوف". لكن سيأتي في كلام المؤلف وكذا ابن عبد البر ما يبيّن رفعه. (¬2) انظره في الباب السابق (1/ 66) (رقم: 71). (¬3) سبق نحو هذا الكلام في (3/ 47)، (4/ 91)، وغيرها، وانظر المقدِّمة (1/ 166). قال ابن عبد البر: "تسليم أبي موسى لعائشة في هذه المسألة دليل على صحة رفعها إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنَّ مثل هذا لا يُقال من جهة الرأي، وكذلك قطعها - رضي الله عنها - بصحة ذلك، ألا ترى إلى توبيخها لأبي سلمة في ذلك؟ ". التمهيد (23/ 104).

فاغتسلنا"، خرّجه الترمذي، والنسائيُّ، وابن الجارود (¬1). وروى موسى بن طارق خارج الموطأ عن مالك، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيّب، عن أبي موسى الأشعري، عن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا جاوز الختان الختان فقد وجب الغسل"، خرّجه الجوهري (¬2). والحديث على هذا لسعيد، عن أبي موسى. وقد جاء أنَّه سمعه من عائشة من غير واسطة، وهكذا خرّجه الترمذي ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في السنن كتاب: الطهارة، باب: ما جاء إذا التقى الختانان وجب الغسل (1/ 180) (رقم: 108)، والنسائيُّ في السنن الكبرى (1/ 108) (رقم: 196)، وابن الجارود في المنتقى (ص: 41) (رقم: 93)، وكذلك ابن ماجه في السنن كتاب: الطهارة، باب: ما جاء في وجوب الغسل إذا التقى الختانان (1/ 199) (رقم: 608)، وأحمد في المسند (6/ 161)، والدارقطني في السنن (1/ 111) كلهم من طريق الأوزاعي، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن القاسم به. قال الترمذي: حديث عائشة حسن صحيح. وصححه أيضًا ابن حبَّان (3/ 451) (رقم: 1175)، وابن كثير في تحفة الطالب (ص: 140)، وابن الملقن في تذكرة المحتاج (ص: 42). (¬2) لعله في مسند ما ليس في الموطأ، وقد ذكره الدارقطني وقال: "لا يصح رفعه عن مالك". العلل (5/ ل: 18/ أ)، وأخرجه أيضًا ابن عبد البر في التمهيد (23/ 100) من طريق علي بن زياد اللخمي، عن أبي قرة وهو موسى بن طارق، عن مالك به مرفوعًا، وقال: "هذا خطأ، والصواب ما في الموطأ". أي الوقف. وقال في التجريد (ص: 210): "لم يُتابع (أي موسى بن طارق) على رفعه عن مالك". وذكر مغلطاي أيضًا رواية موسى بن طارق هذه ثمَّ حكى عن الدارقطني أنَّه قال في الغرائب: "لم يُسنده عن مالك غير أبي قرة". الإعلام بسنته عليه السلام (2/ ل: 45). قلت: أبو قرة هذا ذكره ابن حبَّان في الثقات (9/ 159)، وأثنى عليه ثمَّ قال: "يُغرب". وقد ظهر أثر إغرابه في هذا الحديث حيث تفرّد عن بقية أصحاب مالك برفعه.

عن سعيد، عن عائشة (¬1). روى عن علي بن زيد بن جدعان، عن سعيد بن المسيّب قال: انطلقت أنا وأبو موسى حتى دخلنا على عائشة فسألها فقالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا جلس الرجل بين الشعب الأربع، وألصق الختان بالختان فقد وجب الغسل". خرّجه قاسم بن أصبغ مستوعبًا (¬2). ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في السنن كتاب: الطهارة، باب: ما جاء إذا التقى الختانان وجب الغسل (1/ 182) (رقم: 109)، وكذا عبد الرزاق في المصنف (1/ 245) (رقم: 939)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 56) من طريق سفيان، عن علي بن زيد بن جُدعان، عن سعيد بن المسيّب، عن عائشة قالت: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إذا جاوز الختانُ الختانَ وجب الغسل". وسنده ضعيف لأجل علي بن زيد بن جدعان، ضعّفه ابن سعد، وأحمد، وابن معين، والنسائيُّ، وابن حجر، وغيرهم، وذلك لسوء حفظه كما قال ابن خزيمة، وقلبِه الأخبار كما قاله حماد بن زيد، واختلاطه كما قال شعبة. لكن الحديث صحيح لوروده من طرق أخرى، منها ما تقدَّم عن القاسم، عن عائشة، وعن أبي سلمة، عنها. ومنها ما رواه ابن حبَّان في صحيحه (الإحسان) (3/ 453) (رقم: 1177) من طريق حماد بن سلمة، عن ثابت، عن عبد الله بن رباح، عن عبد العزيز بن النعمان، عنها. ومنها ما رواه ابن أبي شيبة في المصنف (1/ 85) من طريق وكيع، عن عبد الله بن أبي زياد، عن عطاء، عن عائشة، نحوه. ولذا قال الترمذي: "وقد روي هذا الحديث عن عائشة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من غير وجه"، ولأصله أيضًا شاهد من حديث أبي هريرة رواه الشيخان. انظر ترجمة علي بن زيد بن جُدعان في: طبقات ابن سعد (7/ 187)، وتاريخ ابن معين - رواية الدوري عنه - (2/ 417)، وتهذيب التهذيب (7/ 283)، والتقريب (رقم: 4734). وقال الألباني في الصحيحة (1/ 111): مثله يُحسّن حديثه أو يصحح إذا توبع. (¬2) أورده من طريقه ابن عبد البر في التمهيد (23) (رقم: 101 - 102)، وهو حسن بالشواهد والمتابعات التي ذكرها المؤلف.

وخرجه مسلم من طريق أبي بردة، عن أبي موسى، عن عائشة (¬1). وطرَّق الطحاوي الحديث عن عائشة (¬2). وروى الزهري، عن عروة، عنها: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يفعل ذلك ولا يغتسل قبل فتح مكة، ثمَّ اغتسل بعد ذلك، وأمر الناس بالغسل". خرّجه الدارقطني في السنن (¬3). وأما عمر بن الخطّاب فجاء عنه أنَّه أنكر على زيد بن ثابت قوله: لا غسل على من خالط امرأته حتى يُمنى، فقال له رفاعة بن رافع: "قد كنَّا نصنع هذا على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال له عمر: هل علمتم أنَّه اطّلع على شيء من ذلك؟ فقال: لا". ¬

_ (¬1) انظر: صحيح مسلم كتاب: الحيض، باب: نسخ الماء من الماء ووجوب الغسل بالتقاء الختانين (1/ 271) (رقم: 88) وفيه قصة. (¬2) رواه من طريق القاسم بن محمَّد وعبد العزيز بن النعمان، وأبي موسى، وأم كلثوم، وعروة بن الزبير، وسعيد بن المسيب عن عائشة. شرح معاني الآثار (1/ 55 - 56). (¬3) انظر: السنن (1/ 127)، وأخرجه أيضًا ابن حبَّان في صحيحه (الإحسان) (3/ 454) (رقم: 1180) من طريق الحسين بن عمران، عن الزهري به. إسناده ضعيف، فيه حسين بن عمران، قال البخاري: "لا يتابع في حديثه"، وقال أيضًا: قال أبو ضمرة: "حدثنا حسين بن عمران عن الزهري مناكير"، وذكره ابن حبَّان في الثقات لكنه من المتساهلين في هذا الباب فلا يرفع ذلك من رتبته، لا سيما ولم تثبت له ملازمة طويلة للزهري لكن الحديث يشهد له حديث أُبيّ الآتي. قال الحازمي: "هذا حديث قد حكم ابن حبَّان بصحته، غير أن الحسين بن عمران كثيرا ما يأتي عن الزهري بالمناكير، وقد ضعّفه غير واحد من أهل الحديث، وعلى الجملة فالحديث بهذا السياق فيه ما فيه، ولكنه حسن جيّد الاستشهاد". وقال مغلطاي أيضًا: "هو حديث حسن في باب الاستشهاد على النسخ". انظر: التاريخ الكبير (2/ 387، 388)، الثقات (6/ 207)، الاعتبار (ص: 70)، والإعلام بسنته عليه السلام (2/ ل: 49/ أ).

وأنكر جماعة على عمر اعتراضَه هذا، فلم يكن عنده برهان حتى أرسل إلى عائشة يسألها، فقالت: "إذا جاوز الختان الختان فقد وجب الغسل". خرّجه قاسم بن أصبغ في سننه (¬1). وخرج الطحاوي في معاني الآثار نحوه، وزاد فيه: فقال عمر عند ذلك: لا أسمع أحدا يقول: الماء من الماء إلا جعلته نكالا (¬2). وخرّج أبو داود وغيره عن أُبَيّ بن كعب أن الفتيا التي كانوا يفتون أن الماء من الماء كانت رخصة رخّصها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بدء الإِسلام، ثمَّ أمر بالاغتسال بعد (¬3). ¬

_ (¬1) لم أقف عليه، لكن القصة أخرجها ابن أبي شيبة في المصنّف (1/ 78، 88)، والإمام أحمد في المسند (5/ 115)، وأحمد بن منيع في مسنده كما في المطالب العالية (1/ 114). (¬2) انظر: شرح معاني الآثار (1/ 58)، وكذا شرح مشكل الآثار (10/ 122، 123) (رقم: 123). (¬3) أخرجه أبو داود في السنن كتاب: الطهارة، باب: في الإكسال (1/ 146) (رقم: 214)، والترمذي في السنن كتاب: الطهارة، باب: ما جاء أنَّ الماء من الماء (1/ 183، 184) (رقم: 110)، وابن ماجه في السنن كتاب: الطهارة، باب: ما جاء في وجوب الغسل إذا التقى الختانان (1/ 200) (رقم: 609)، وابن أبي شيبة في المصنّف (1/ 89)، وأحمد في المسند (5/ 115 - 116)، والدارميُّ في السنن (1/ 194)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 57)، وابن الجارود في المنتقى (ص: 40) (رقم: 91)، وابن خزيمة في صحيحه (1/ 112) (رقم: 225)، وابن حبَّان في صحيحه (الإحسان) (3/ 447) (رقم: 1173)، والبيهقيُّ في السنن (1/ 165)، كلهم من طرق عن الزهري، عن سهل بن سعد عن أُبيّ به مرفوعًا. قال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح"، وصححه أيضًا ابن خزيمة وابن حبَّان كما تقدَّم، ونقل الحافظ في فتح الباري (1/ 473) عن الإسماعيلي أنَّه قال: صحيح على شرط البخاري، لكن أعلّه الدارقطني وموسى بن هارون كما حكاه الحافظ في التلخيص (1/ 143)، وكذا علاء الدين مغلطاي في الإعلام بسنته عليه السلام (2/ ل: 49/ ب) بالانقطاع بين الزهري وسهل بن سعد، ووقع عند أبي داود ما يقتضي انقطاعه فإنَّه قال: عن عمرو بن الحارث عن ابن شهاب: حدّثني بعض من أرضى أن سهل بن سعد أخبره أن أبي بن كعب أخبره. وفي رواية ابن ماجه من طريق يونس عن الزهري، قال: "قال سهل"، لكن وقع في رواية لابن =

وقال ابن عباس: "إنَّما الماءُ من الماء في الاحتلام". خرّجه الترمذي (¬1). وانظر رواية أبي سلمة، عن عائشة (¬2). ¬

_ = خزيمة من طريق غندر عن معمر عن الزهري "أخبرني سهل" وفي الناسخ والمنسوخ لابن شاهين (18): "حدّثني سهل"، وكذا في مسند بقيّ كما في بيان الوهم لابن القطّان (2/ 426) عن ابن المبارك عن يونس عن الزهري قال: "نبّأني سهل بن سعد"، وقال الحافظ في الإتحاف (1/ 208) عنه: "إنها متابعة قويّة لمحمد بن جعفر غندر"، وعليه فالحديث موصول صحيح. قال ابن حبَّان: "روى هذا الخبر معمر عن الزهري من حديث غندر فقال: أخبرني سهل بن سعد، ورواه عمرو بن الحارث عن الزهري، قال: حدّثني من أرضى عن سهل بن سعد، ويشبه أن يكون الزهري سمع الخبر من سهل بن سعد كما قاله غندر، وسمعه عن بعض من يرضاه عنه، فرواه مرّة عن سهل بن سعد، وأخرى عن الذي رضيه عنه". الإحسان (3/ 449). قلت: وعلى تقدير انقطاع هذا الطريق فإن له طريقًا أخرى متّصلة، أخرجه أيضًا أبو داود (1/ 147) (رقم: 215)، والدارميُّ (1/ 194)، والدارقطني (1/ 126)، وابن حبَّان (3/ 453 - 454) (رقم: 1179)، والبيهقيُّ (1/ 166) من طريق أبي حازم عن سهل بن سعد به. وهو صحيح كما قال الدارقطني والبيهقيُّ. (¬1) أخرجه الترمذي في السنن كتاب: الطهارة، باب: ما جاء أن الماء من الماء (1/ 186) (رقم: 112) عن علي بن حجر، عن شريك، عن أبي الجُحاف - داود بن أبي عوف -، عن عكرمة، عن ابن عباس به. وسنده ضعيف، فيه شريك بن عبد الله النخعي، صدوق يخطئ كثيرا، وتغيّر حفظه لما ولي القضاء كما في التقريب (رقم: 2787). وشيخه أبو الجحاف ذكره ابن حبَّان في الثقات (6/ 280)، وقال: "يخطئ". ولأجلهما قال الحافظ في التلخيص (1/ 143): "في إسناده لين". وهذا التأويل الذي ذكره ابن عباس - رضي الله عنه - هو رأي له، والجمهور على أنَّه منسوخ، بحديث أبي هريرة وعائشة: "إذا جلس بين شعبها الأربع ثمَّ جهدها فقد وجب الغسل". وقد دلّ على النسخ حديث أُبيّ المتقدّم. انظر: القبس (1/ 167 - 171)، وشرح السنة (1/ 337 - 338)، وإخبار أهل الرسوخ لابن الجوزي (ص: 68)، وشرح النوويّ على صحيح مسلم (4/ 36)، ونصب الراية (1/ 81)، وفتح الباري (1/ 473)، والتلخيص الحبير (1/ 143). (¬2) تقدَّم حديثها (4/ 91).

9 - رجل رضى عن عائشة

9 - رجل رضًى عن عائشة حديث واحد. 551 / حديث: "ما من امرىٍ تكون له صلاةٌ بليل، يغلبُه عليها نوم إلا كتب الله عَزَّ وَجَلَّ له أجر صلاته. . .". في صلاة الليل. عن محمَّد بن المنكدر، عن سعيد بن جبير، عن رجل عنده رضًى، عن عائشة (¬1). الرجل الرضى، قيل: هو الأسود بن يزيد، رواه محمَّد بن سليمان بن أبي داود، عن أبي جعفر الرازي - وهو عيسى بن أبي عيسى - عن ابن المنكدر ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: صلاة الليل، باب: ما جاء في صلاة الليل (1/ 116) (رقم: 1). وأخرجه أبو داود في السنن كتاب: الصلاة، أبواب قيام الليل، باب: نوى القيام فنام (2/ 76) (رقم: 1314) من طريق القعنبي. والنسائيُّ في السنن كتاب: قيام الليل، باب: من كان له صلاة بالليل فغلبه عليها النوم (3/ 286) (رقم: 1783) من طريق قتيبة. وأحمد في المسند (6/ 180) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، ثلاثتهم عن مالك به. والإسناد رجاله كلهم ثقات سوى الرجل الذي لم يُسمّ، وهو وإن كان رضىً عند سعيد بن جُبير كما قال هو نفسه، إلا أن ذلك لا يكفي في توثيقه حتى يُسمّى، فيتبيّن أنَّه ثقة، وهذا هو الذي قرّره الخطيب البغدادي وابن الصلاح وغيرهما من أرباب المصطلح، وعلّلوا ذلك بأمور، منها: أن ذلك المبهم الموثّق قد يكون ثقة عند من أبهمه مجروحا عند غيره. انظر: الكفاية (ص: 411 - 412)، وعلوم الحديث (ص: 99)، وفتح المغيث (2/ 34 - 35). هذا وقد سمّاه النسائي في رواية له: الأسود بن يزيد كما سيأتي، إلا أن فيه ضعفًا.

عن سعيد بن جبير، عن الأسود بن يزيد، عن عائشة، خرّجه النسائي عنه (¬1). * * * ¬

_ (¬1) أخرجه النسائي في السنن كتاب: قيام الليل، باب: اسم الرجل الرضى (3/ 286) (رقم: 1784) وفيه أبو جعفر الرازي وقد تكلم في حفظه، قال عنه النسائي عقب الحديث: "ليس بالقوي في الحديث"، وقال أبو زرعة: "شيخ يهم كثيرًا"، وقال ابن حجر: "صدوق سيء الحفظ"، ثمَّ إنه اختلف عليه فيه: فرواه النسائي في السنن (1785)، وأحمد في المسند (6/ 63) من طريق يحيى بن أبي بُكير عن أبي جعفر هذا بإسقاط الواسطة بين سعيد وعائشة، ويحيى بن أبي بُكير ثقة كما أن محمَّد بن سليمان وهو لُوين ثقة، وقد تابع أبا جعفر على هذه التسمية أبو أويس وهو عبد الله بن عبد الله بن أبي أويس عند أحمد في المسند (6/ 72) لكن فيه ضعف أيضا، وعليه فالراجح عن محمَّد بن المنكدر ما رواه مالك بصيغة الإبهام، وما ورد من التصريح في بعض الطرق لا ينهض لمعارضة رواية مالك. وقد ورد معناه من حديث أبي الدرداء، أخرجه النسائي في السنن كتاب: قيام الليل، باب: من أتى فراشه وهو ينوي القيام فنام (3/ 287) (رقم: 1786)، وابن ماجه في السنن كتاب: إقامة الصلاة، باب: ما جاء فيمن نام عن حزبه من الليل (1/ 426) (رقم: 1344)، وابن حبَّان في صحيحه (الإحسان) (6/ 323) (رقم: 2588)، والحاكم في المستدرك (1/ 311) وقال: صحيح على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي. وانظر ترجمة أبي جعفر الرازي في: أجوبة أبي زرعة على سؤالات البرذعي (2/ 443)، تهذيب الكمال (33/ 192)، وتهذيب التهذيب (12/ 59)، والتقريب (رقم: 8019).

10 - عمرة بنت عبد الرحمن بن سعد، ويقال: ابن أسعد بن زرارة، عن عائشة

10 - عمرة بنت عبد الرحمن بن سعد، ويقال: ابن أَسْعد بن زرارة (¬1)، عن عائشة ثلاثة عشر حديثًا، أحدها غير مرفوع. مالك عن ابن شهاب، عن عروة، عن عمرة، عن عائشة. 552 / حديث: "كان إذا اعتكف يُدني إليّ رأسه فأرجّله. . .". وفيه: دخول البيت لحاجة الإنسان. في أوّل الاعتكاف (¬2). هكذا قال جمهور رواة الموطأ في هذا الإسناد: "عروة عن عمرة"، وهو المشهور عن مالك (¬3). ¬

_ (¬1) والصواب الأوّل؛ لأنَّ أسعد بن زرارة أخا سعد لم يكن له عقِب، هكذا نُقل عن علي بن المديني وغيره، قال ابن أبي خيثمة: "قلت ليحيى: محمَّد بن عبد الرحمن، ابن من هو؟ قال: ابن سعد بن زرارة". انظر: تاريخ ابن أبي خيثمة (ص: 682 - رسالة كمال -)، وتهذيب الكمال (35/ 243)، وتهذيب التهذيب (12/ 466). (¬2) الموطأ كتاب: الاعتكاف، باب: ذكر الاعتكاف (1/ 257) (رقم: 1). وأخرجه مسلم في صحيحه كتاب: الحيض، باب: جواز غسل الحائض رأس زوجها. . (1/ 244) (رقم: 6) من طريق يحيى النيسابوري. وأبو داود في السنن كتاب: الصوم، باب: المعتكف يدخل البيت لحاجته (1/ 832) (رقم: 2467) من طريق القعنبي. والنسائيُّ في السنن الكبرى (2/ 266) (رقم: 3274) من طريق ابن القاسم. وأحمد في المسند (6/ 104، 262) من طريق أبي سلمة منصور بن سلمة، وإسحاق الطباع، كلاهما عن مالك به. (¬3) انظر الموطأ برواية: - أبي مصعب الزهري (1/ 331) (رقم: 860)، والقعنبي (ص: 230)، وابن القاسم (ص: 100) =

وخرّجه مسلم عن يحيى النيسابوري، عن مالك كذلك (¬1). وقال فيه ابن عفير: عروة عن عائشة، لم يذكر عمرة (¬2). ومن الرواة من ذكرها دون عروة، جعل الحديث للزهري عنها من غير واسطة (¬3). وقال فيه ابن وهب وطائفة: عن عروة وعن عمرة، بواو العطف، جعلوا الحديث لابن شهاب عنهما معا كليهما عن عائشة (¬4). ¬

_ = (رقم: 46)، وسويد بن سعيد (ص: 406) (رقم: 919)، ومحمد بن الحسن الشيباني (ص: 131) (رقم: 377)، وابن بكير (ل: 58/ أ) - الظاهرية -. وهكذا قال معن بن عيسى، وروح بن عبادة، وخالد بن مخلد، ومنصور بن سلمة، وإسحاق الطباع، كما ذكرهم الدارقطني في العلل (5/ ل: 151/ أ). قال ابن عبد البر: "والمحفوظ لمالك عن أكثر رواته في هذا الحديث: ابن شهاب، عن عروة، عن عمرة، وأما سائر أصحاب ابن شهاب غير مالك فقال أكثرهم فيه: عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة، منهم معمر، وسفيان بن حسين. . .". التمهيد (8/ 317). (¬1) سبق تخريجه. (¬2) لم أقف عليه، وقد عزا الدارقطني هذا الوجه أيضًا إلى عبد الرحمن بن مهدي وهو عند أحمد في المسند (6/ 181)، والوليد بن مسلم، وعيسى بن خالد. العلل (5/ ل: 151/ أ). وزاد ابن عبد البر: "إسحاق بن سليمان الرازي، وأبا سعيد مولى بني هاشم، ومحمد بن إدريس الشافعي - على اختلاف عنه - وبشر بن عمر وخالد بن مخلد - على اختلاف عنهما أيضًا - والمعافي بن عمران الحمصي". التمهيد (8/ 317 - 318). (¬3) منهم الوليد بن مسلم كما ذكره الدارقطني في العلل (5/ ل: 151/ أ). (¬4) أخرجه ابن خزيمة في صحيحه (3/ 348) (رقم: 2231)، والبيهقيُّ في السنن الكبرى (4/ 315) من طريق ابن وهب عن يونس ومالك والليث، عن الزهري، عن عروة وعمرة به. لكن قال البيهقي: "كأن ابن وهب حَمَل رواية مالك على رواية الليث ويونس، وأما مالك فإنَّه يقول فيه: عن عروة، وعمرة، رواه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى هكذا، وأخرجاه من حديث الليث بن سعد عن ابن شهاب عن عروة وعمرة عن عائشة". وهكذا قال ابن عبد البر في التمهيد (8/ 317).

وهكذا خرّجه الترمذي من طريق أبي مصعب المدني، عن مالك، وقال: "هو الصحيح" (¬1). ولعله أراد أن هذا هو الصحيح عن الزهري؛ لأنَّه اختلف عليه فيه (¬2). ¬

_ (¬1) انظر: السنن كتاب الصوم، باب: المعتكف يخرج لحاجته أم لا؟ (3/ 167) (رقم: 804). (¬2) رواه مالك في المشهور عنه، وعبيد الله بن عمر كما ذكره الحافظ في النكت الظراف (12/ 412) عن علي بن المديني، وأخرجه من طريقه الطبراني في الأوسط (6/ 354) (رقم: 6604)، والخطيب البغدادي في تاريخه (2/ 130)، كلاهما عن الزهري، عن عروة، عن عمرة، عن عائشة. ورواه الليث بن سعد، عند البخاري في صحيحه كتاب: الاعتكاف، باب: لا يدخل البيت إلا لحاجة (2/ 66) (رقم: 2029)، ومسلم في صحيحه كتاب: الحيض، باب: جواز غسل الحائض رأس زوجها. . . (1/ 244) (رقم: 7)، وأبو داود في السنن كتاب: الصيام، باب: المعتكف يدخل البيت لحاجته (2/ 833) (رقم: 2468)، والترمذي في السنن كتاب: الصوم، باب: المعتكف يخرج لحاجته أم لا؟ (3/ 168) (رقم: 805)، وابن ماجه في السنن كتاب: الصيام، باب: في المعتكف يعود المريض ويشهد الجنائز (1/ 565) (رقم: 1776)، وأحمد في المسند (6/ 81). ويونس بن يزيد، عند ابن خزيمة في صحيحه (3/ 348) (رقم: 2230، 2231)، وابن الجارود في المنتقى (ص: 147) (رقم: 409)، والبيهقيُّ في السنن الكبرى (4/ 215)، والبغويُّ في شرح السنة (3/ 554) (رقم: 1831)، وابن عبد البر في التمهيد (8/ 317). والأوزاعي كما ذكره الدارقطني في الأحاديث التي خولف فيها مالك (ص: 43)، وابن عبد البر في التمهيد (8/ 319)، ثلاثتهم عن الزهري، عن عروة وعمرة، عن عائشة. وهكذا رواه عُقيل كما قال الدارقطني في الأحاديث التي خولف فيها مالك (ص: 43)، لكن لم أجد روايته بالجمع، وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى (4/ 315) من طريقه، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، ولم يذكر عمرة. ورواه معمر عند البخاري في صحيحه كتاب: الاعتكاف، باب: المعتكف يُدخل رأسه البيت للغسل (2/ 71) (رقم: 2046). وزياد بن سعد عند النسائي في الكبرى (2/ 265) (رقم: 3370). وابن أخي الزهري عند أحمد في المسند (6/ 272). وسفيان بن حسين عند النسائي أيضًا في الكبرى (2/ 266) (رقم: 3372)، وابن أبي شيبة في =

وهو المحفوظ: الجمع بينهما تارة، والاقتصار على أحدهما أخرى (¬1). ¬

_ = المصنف (3/ 339)، وأحمد في المسند (6/ 264). وزمعة بن صالح عند الطيالسي في المسند (ص: 204) (رقم: 1443). وابن جريج، والزبيدي، والأوزاعي، وعبد الرحمن بن نمر، ومحمد بن أبي حفصة، وسفيان، وعبد الله بن بديل كما قال الدارقطني في الأحاديث التي خولف فيها مالك (ص: 44)، رووه عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، لم يذكروا فيه عمرة، ثمَّ قال الدارقطني: "ويشبه أن يكون القول قولهم لكثرة عددهم، واتفاقهم على خلاف مالك". وذكر الذهلي أيضًا اختلاف أصحاب الزهري عنه في هذا الحديث ثمَّ قال: "اجتمع هؤلاء كلهم - وهم: يونس والأوزاعي والليث ومعمر وسفيان بن حسين والزبيدي - على خلاف مالك في ترجيل النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلم يجامعه عليه منهم أحد، فأما يونس والليث فجمعا عروة وعمرة عن عائشة، وأما معمر والأوزاعي وسفيان بن حسين فاجتمعوا على عروة عن عائشة، والمحفوظ عندنا حديث هؤلاء". التمهيد (8/ 320). (¬1) تقدَّم أن الترمذي رجّح رواية من روى عنه الجمع بين عروة وعمرة، وهو ما رجّحه أيضا البخاري وغير واحد من الأئمة. قال البخاري: "هو صحيح عن عروة وعمرة، ولا أعلم أحدا قال عن عروة عن عمرة غير مالك وعبيد الله بن عمر". انظر: تحفة الأشراف (12/ 79)، وطرح التثريب شرح التقريب (4/ 172). وقال البغوي عقِب ذكر رواية مالك: "وأخرجاه عن قتيبة عن ليث، عن ابن شهاب، عن عروة وعمرة، عن عائشة، وكذلك رواه غير واحد عن مالك، وهو الأصح". شرح السنة (3/ 553). وقال ابن رُشيد: "والصحيح في هذا الحديث أنَّه عند ابن شهاب عن عروة وعمرة معا". السَنَن الأبين (ص: 99). وقال ابن حجر: "اتفقوا على أن الصواب قول الليث، وأن الباقين اختصروا منه ذكر عمرة، وأن ذكر عمرة في رواية مالك من المزيد في متصل الأسانيد". فتح الباري (4/ 321). وتقدّم أيضًا أن الدارقطني وكذلك الذهلي رجّحا الوجهين: الجمع بينهما والاختصار على عروة؛ لكثرة عددهم واتفاقهم على خلاف مالك، وأما المؤلف أبو العباس فظاهر كلامه أن المحفوظ في هذا الحديث هو الجمع بين عروة وعمرة تارة، وكذا الاختصار على أحدهما أي على عروة أو عمرة، ولكن لم أقف على رواية من قال: عن الزهري، عن عمرة، ولم يذكرها أيضًا الدارقطني وابن عبد البر، والله أعلم.

وأما مالك فالأشهر عنه ما قدّمناه من رواية الزهري عن عروة وحده، ورواية عروة عن عمرة. وقد احتجَّ مسلم في صدر كتابه برواية مالك عن الزهري عن عروة، عن عمرة، وكأنه آثر هذا (¬1). ¬

_ (¬1) انظر: صحيح مسلم (1/ 244) (رقم: 6). قلت: إنما رجّح مسلم هذه الرواية لما كان يرى فيها الاتصال، وفي طريق الليث وغيره الانقطاع لما قرّره في المقدّمة "أن هشاما قد سمع من أبيه، وأن أباه قد سمع من عائشة، لكن قد يجوز أن يكون بين هشام وبين أبيه، وكذا بين أبيه وبين عائشة إنسان آخر، وذكر من أمثلته هذا الحديث فقال: روى هشام عن أبيه عن عائشة قالت: "كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا اعتكف. . ." فرواها بعينها مالك بن أنس عن الزهري، عن عروة، عن عمرة، عن عائشة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -". مقدمة صحيح مسلم (ص: 31). لكن ناقشه ابنُ رشيد فقال: "وأما أنت فظهر من فعلك في كتابك أنك لم يصفُ عندك كدر الإشكال في هذا الحديث فأوردت في كتابك حديث مالك مصدِّرا به بناء على اعتقادك فيه الاتصال وفي غيره الانقطاع. . ثمَّ أتبعته باختلاف الرواة فيه على شرطك من أنك لا تكرّر إلا لزيادة معنى أو إسناد يقع إلى جنب إسناد لعلة تكون هناك. . . وقد كفى الإمام أبو عبد الله البخاري مؤونة البحث، وبيّن أنَّه عن عروة مسموع من عائشة، فذكر رواية هشام عن أبيه بإسقاط عمرة من طريق مالك وابن جريج، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة، ووقع في رواية ابن جريج من قول عروة: أخبرتني عائشة. . . فهذا نص جليّ على سماع عروة من عائشة، وذلك بخلاف ما اعتقده مسلم رحمه الله من انقطاع رواية من أسقط عمرة من الإسناد فيما بين عروة وعائشة". ثمَّ قال: "والصحيح عندي في هذا الحديث أنَّه عند ابن شهاب عن عروة وعمرة معا، ولا شك أنَّه عند عروة مسموع من عائشة كما بيّنه البخاري من طريق ابن جريج حيث قال: أخبرتني عائشة، ويؤيّد ذلك أن مالكا رضوان الله عليه قد اختلف عليه في هذا الحديث". السَنَن الأبين (ص: 99 - 107)، وانظر أيضًا: جامع التحصيل للعلائي (ص: 129). وانظر رواية مالك وابن جريج عن هشام، عن عروة، عن عائشة التي أشار إليها ابن رُشيد وعزاها للبخاري في صحيحه كتاب: الحيض، باب: غسل الحائض رأس زوجها (1/ 113) (رقم: 295، 296).

وأنكره أبو داود السجستاني، وقال: "لَم يتابَع مالك على قوله: عروة عن عمرة" (¬1). وذكر الدارقطني أن عبيد الله بن عمر وأبا أويس عبد الله تابعَا مالكًا على ذلك روياه عن الزهري، عن عروة عن عمرة (¬2). مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم، عن أبيه، عن عمرة - وهي خالته - عن عائشة. 553 / حديث: "إنَّما مرّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيهودية يبكي عليها أهلُها، فقال: إنَّكم لتبكون عليها، وإنَّها لتعذَّب في قبرها. . .". في الجنائز. وفيه: أن عائشة ذُكر لها أنَّ عبد الله بن عمر يقول: إنَّ الميّت ليعذّب ¬

_ (¬1) انظر: السنن كتاب: الصوم، باب: أين يكون الاعتكاف (2/ 834)، وتقدم نحو هذا الكلام عن الذهلي والبخاري. (¬2) العلل (5/ ل: 179/ أ)، والأحاديث التي خولف فيها مالك (ص: 45). قلت: رواية عبيد الله بن عمر أعلّها الدارقطني نفسه فقال: وقد رواه أنس بن عياض أبو ضمرة عن عبيد الله بن عمر، عن الزهري فوافق مالكا، ولا نعلم أحدا تابع أبا ضمرة عن عبيد الله على هذه الرواية، والله أعلم. الأحاديث التي خولف فيها مالك (ص: 45). وبمثله قال الطبراني في الأوسط (6/ 354) (رقم: 6604)، وفي الصغير (ص: 421) (رقم: 1019). وأما أبو أويس عبد الله بن عبد الله فقد قال الدارقطني في سؤالات البرقاني (رقم: 570): "في بعض حديثه عن الزهري شيء". وقال الحافظ في التقريب (رقم: 3412): "صدوق يهم"، وعلى هذا فالمحفوظ في هذا الحديث الجمع بينهما تارة، والاقتصار على أحدهما أخرى كما قال المؤلف، وأن ذكر عمرة في رواية مالك من باب المزيد في متصل الأسانيد كما قال ابن حجر.

ببكاء الحيّ - موقوفًا - وقولها: نسي أو أخطأ (¬1). وقد رُوي هذا عن ابن عمر، وعن أبيه عمر بن الخطّاب موفوعًا، وردّت عائشة عليهما معًا، والكلُّ في الصحيح (¬2). وخرّج ابنُ أبي شيبة في مسنده عن ابن عباس نحو قول عائشة، وإنكارها على ابن عمر خاصّة (¬3)، ولعله إنما أخذه عنها (¬4). وروى حديث الموطأ يحيى القطان عن مالك، عن عبد الله بن أبي بكر، ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الجنائز، باب: النهي عن البكاء على الميت (1/ 203) (رقم: 37). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الجنائز، باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "يعذّب الميت ببعض بكاء أهله عليه" (1/ 397) (رقم: 1289) من طريق عبد الله بن يوسف. ومسلم في صحيحه كتاب: الجنائز، باب: الميت يعذّب ببكاء أهله عليه (2/ 642) (رقم: 27) من طريق قتيبة. والترمذي في السنن كتاب: الجنائز، باب: الرخصة في البكاء على الميت (3/ 328) (رقم: 1006) من طريق قتيبة، ومعن. والنسائيُّ في السنن كتاب: الجنائز، باب: النياحة على الميت (4/ 316) (رقم: 1855) من طريق قتيبة. وأحمد في المسند (6/ 107) من طريق إسحاق الطباع، أربعتهم عن مالك به. (¬2) حديث ابن عمر، أخرجه البخاري في الصحيح كتاب: الجنائز، باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: يعذَّب الميت ببعض بكاء أهله (1/ 396) (رقم: 1286)، ومسلم في صحيحه كتاب: الجنائز، باب: الميت يعذب ببكاء أهله عليه (2/ 641 - 642) (رقم: 22، 23). وأما حديث عمر وردّ عائشة عليه فهو في صحيح البخاري (1/ 396 - 397) (رقم: 1287، 1288)، وفي صحيح مسلم (2/ 640 - 642) (رقم: 22، 23). (¬3) ذكره البوصيري في مختصر الإتحاف (2/ 154). (¬4) يؤيّده ما رواه النسائي في السنن كتاب: الجنائز، باب: النياحة على الميت (3/ 317) (رقم: 1856) بسند حسن من طريق ابن أبي مليكة عنه أنَّه قال: قالت عائشة: إنما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ الله عَزَّ وَجَلَّ يزيد الكافر عذابًا ببعض بكاء أهله عليه".

عن عمرة، لم يقل فيه: عن أبيه (¬1). قال الدارقطني: "ويشبه أن يكون عبد الله بن أبي بكر سمعه هو وأبوه من عمرة" (¬2). حديث: "قالت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إنَّ صفية قد حاضت فقال: لعلّها تحبسنا، ألم تكن طافت معكن؟ . . .". فيه: فاخرجن. في إفاضة الحائض (¬3). وانظر رواية القاسم (¬4)، وعروة عن عائشة (¬5)، وحديث أم سُليم (¬6). مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم، عن عمرة، عن عائشة. 555/ حديث: "أنا فتلتُ قلائدَ هديِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيدي، ثمَّ قلَّدها ¬

_ (¬1) وتابعه عثمان بن عمر، ذكرهما الدارقطني في العلل (5/ ل: 99/ ب)، ومن طريق عثمان أخرجه أحمد في المسند (6/ 255). (¬2) العلل (5/ ل: 99/ ب). (¬3) الموطأ كتاب: الحج، باب: إفاضة الحائض (1/ 329) (رقم: 226). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الحيض، باب: المرأة تحيض بعد الإفاضة (1/ 123) (رقم: 328) من طريق عبد الله بن يوسف. ومسلم في صحيحه كتاب: الحج، باب: وجوب طواف الوداع وسقوطه عن الحائض (2/ 965) (رقم: 385) من طريق يحيى النيسابوري. والنسائيُّ في السنن كتاب: الحيض، باب: المرأة تحيض بعد الإفاضة (1/ 212) (رقم: 389) من طريق ابن القاسم. وأحمد في المسند (6/ 177) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، أربعتهم عن مالك به. (¬4) تقدَّم حديثه (4/ 6). (¬5) تقدَّم حديثه (4/ 36). (¬6) سيأتي حديثها (4/ 326).

رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، ثمَّ بعث بها مع أبي، فلم يحرم عليه شيء أحله الله له حتى نُحر الهدي". في باب ما لا يوجب الإحرام من تقليد الهدي (¬1). وفيه: قول ابن عباس موقوفًا: "من أهدى هديا حرم عليه ما يحرم على الحاج حتى ينحر" (¬2). وقد رُوي هذا عن جابر مرفوعًا قال: "كنت عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فَقَدَّ قميصَه مِن جيبه حتى أخرجه من رجليه، فنظر القوم إليه، فقال: إني أمرت ببدني التي بعثت بها أن تقلّد وتشعر على مكان (¬3) كذا وكذا، فلبست قميصي، ونسيت، فلم أكن لأخرج قميصي من رأسي، قال: وكان بعث ببدنه وأقام بالمدينة". خرّجه الطحاوي في معاني الآثار (¬4). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الحج، باب: ما لا يوجب الإحرام من تقليد الهدي (1/ 277) (رقم: 51). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الحج، باب: من قلّد القلائد بيده (1/ 519) (رقم: 1700) من طريق عبد الله بن يوسف، وفي كتاب: الوكالة، باب: الوكالة في البدن وتعاهدها (2/ 151) (رقم: 2317) من طريق إسماعيل بن أبي أويس. ومسلم في صحيحه كتاب: الحج، باب: استحباب بعث الهدي إلى الحرم لمن لا يريد الذهاب (2/ 959) (رقم: 369) من طريق يحيى النيسابوري. والنسائي في السنن كتاب: المناسك، باب: هل يوجب تقليد الهدي إحراما (5/ 192) (رقم: 2792) من طريق عبد الرحمن بن مهدي. وأحمد في المسند (6/ 180) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، أربعتهم عن مالك به. ولم يرد قول ابن عباس عند النسائي. (¬2) انظر: الوقوف على ما في صحيح مسلم من الموقوف (ص: 62). (¬3) في الأصل: "على ما كان كذا وكذا"، وهذا خطأ، والصواب ما أثبته كما ورد في شرح معاني الآثار، وجاء عند أحمد: "على ماء كذا وكذا" وهو بمعنى ما ورد عند الطحاوي. (¬4) أخرجه الطحاوي (2/ 264)، وكذا أحمد في المسند (3/ 200) من طريق حاتم بن إسماعيل، والبزار في مسنده (2/ 20) (رقم: - كشف الأستار -) من طريق داود بن قيس كلاهما عن =

556 / حديث: "دفَّ (¬1) ناس من أهل البادية حضرةَ الأضحى ... ". فيه: "ادّخروا لثلاث، وتصدّقوا بما بقي"، يعني من لحوم الضحايا. وفيه: "إنما نهيتكم من أجل الدافّة، فكلوا وتصدّقوا وادّخروا" (¬2). وقول عبد الله بن واقد مذكور في مرسله (¬3). وانظر حديث جابر (¬4)، وأبي سعيد (¬5). ¬

_ = عبد الرحمن بن عطاء، عن عبد اللك بن جابر بن عتيك عن جابر به. والإسناد فيه ضعف؛ لأن مداره على عبد الرحمن بن عطاء، وهو مختلف فيه، فوثقه النسائي، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال البخاري: "فيه نظر"، وقال أبو أحمد الحاكم: "ليس بالقوي عندهم"، وقال ابن عبد البر: "ليس عندهم بذاك، وترك مالك الرواية عنه وهو جاره"، وقال ابن حجر: "صدوق فيه لين". ومتن الحديث شاذ أيضا؛ لأنه يخالف حديث عائشة أنه - صلى الله عليه وسلم - قلّد هديَه فلم يحرم عليه شيء حتى نحر الهدي. انظر ترجمة عبد الرحمن بن عطاء في: الضعفاء الصغير (ص: 73)، وثقات ابن حبان (7/ 79)، وتهذيب الكمال (17/ 285)، وتهذيب التهذيب (6/ 209)، والتقريب (رقم: 3953). (¬1) دفَّ: أتى، والدافَّة: القوم يسيرون جماعة سيرا ليس بالشديد. النهاية (2/ 124). (¬2) الموطأ كتاب: الضحايا، باب: ادّخار لحوم الأضاحي (2/ 386) (رقم: 7). وأخرجه مسلم في صحيحه كتاب: الأضاحي، باب: بيان ما كان من النهي عن أكل لحوم الأضاحي في أول الإسلام، وبيان نسخه وإباحته إلى متى شاء (3/ 156) (رقم: 28) من طريق روح. وأبو داود في السنن كتاب: الضحايا، باب: في حبس لحوم الأضاحي (3/ 241) (رقم: 2812) من طريق القعنبي. والنسائي في السنن كتاب: الضحايا، باب: الادّخار من الأضاحي (7/ 269) (رقم: 4443) من طريق يحيى بن سعيد القطان. وأحمد في المسند (6/ 51) من طريق يحيى القطان؛ ثلاثتهم عن مالك به. (¬3) سيأتي حديثه (5/ 38). (¬4) تقدّم حديثه (2/ 123). (¬5) تقدّم حديثه (3/ 274).

557/ حديث: "أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان عندها، وأنَّها سمعت صوتَ رجلٍ يستأذنُ في بيت حفصةَ ... ". فيه: "لو كان فلان حيًّا -لعمِّها من الرَّضاعة- دخل عليّ". وقوله: "نعم، إن الرضاعة تحرِّم ما تحرِّم الولادة". في أول الرضاع (¬1). عمُّ عائشة هذا كان أخا أبي بكر من الرضاعة، وليس هو أفلح المذكور في حديث عروة (¬2). 558/ حديث: "قالت: كان فيما أُنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يُحَرِّمن، ثم نُسخن بخمس معلومات". في آخر الرضاع (¬3). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الرضاع، باب: رضاعة الصغير (2/ 469) (رقم: 1). وأخرجه البخاري في صحيحيه كتاب: الشهادات، باب: الشهادة على الأنساب (2/ 249) (رقم: 2646)، وفي فرض الخمس (2/ 390) (رقم: 3105) من طريق عبد الله بن يوسف، وفي النكاح، باب: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ} (3/ 362) (رقم: 5099) من طريق إسماعيل بن أبي أويس. ومسلم في صحيحه كتاب: الرضاع، باب: يحرم من الرضاعة ما يحرم من الولادة (2/ 1068) (رقم: 1) من طريق يحيى النيسابوري. والنسائي في السنن كتاب: النكاح، باب: لبن الفحل (6/ 411) (رقم: 1313) من طريق معن. وأحمد في المسند (6/ 44، 51، 178) من طريق يحيى القطان، وعبد الرحمن بن مهدي. والدارمي في السنن كتاب: النكاح، باب: ما يحرم من الرضاع (2/ 155) من طريق روح، ستتهم عن مالك به. (¬2) قرَّر الحافظ أيضًا أنَّ عمَّ عائشة هذا ليس بأفلح أخي أبي القعيس. انظر: فتح الباري (9/ 44). (¬3) الموطأ كتاب: الرضاع، باب: جامع ما جاء في الرضاعة (2/ 474) (رقم: 17). وأخرجه مسلم في صحيحه كتاب: الرضاع، باب: التحريم بخمس رضعات (2/ 1075) (رقم: 24) من طريق يحيى النيسابوري. =

هذا داخل في المرفوع، وكذلك جميع ما أخبر به الصحابة من نزول القرآن؛ لأنه إنما أُنزل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو المعلِّم به، فهو مسند إليه، ذُكر أم لم يُذكر، وقد قال الله سبحانه لنسائه - صلى الله عليه وسلم -: {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ} (¬1)، فما ذَكَرْنَه مِن ذلك وجب قَبُولُه، وإنَّما تُركت تلاوته؛ لأنه منسوخ، ولولا نسخه لكان محفوظا بنقل الكافة. وقد روى محمد بن إسحاق، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن عروة، عن عائشة أنها قالت: "لقد نزلت آية الرجم، وآية الرضاع، فكانتا في صحيفة تحت سريري، فلما مات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تشاغلنا بموته، فدخل داجن فأكلها". خرّجه البزار (¬2). ¬

_ = وأبو داود في السنن كتاب: النكاح، باب: هل يحرم ما دون خمس رضعات؟ (2/ 551) (رقم: 2062) من طريق القعنبي. والترمذي في السنن كتاب: الرضاع، باب: ما جاء لا تحرم المصة والمصتان (3/ 456) (رقم: 1150) من طريق معن. والنسائي في السنن كتاب: النكاح، باب: القدر الذي يحرم من الرضاعة (6/ 409) (رقم: 3307) من طريق معن، وابن القاسم. والدارمي في السنن كتاب: النكاح، باب: كم رضعة تحرم (2/ 157) من طريق روح، خمستهم عن مالك به. (¬1) سورة الأحزاب، الآية: (34). (¬2) هكذا الإسناد في الأصل: عبد الرحمن بن القاسم، عن عروة. ولم أقف عليه في مسند البزار لنقص نسخه الخطية، وقد أخرجه ابن ماجه في السنن كتاب: النكاح، باب: رضاع الكبير (1/ 625) (رقم: 1944) من طريق محمد بن إسحاق، عن عبد الله بن أبي بكر، عن عمرة، وعن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، كلاهما عن عائشة. وقال في زيادات تحفة الأشراف (12/ 413): وهو الصواب. وأخرجه ابن الجوزي في نواسخ القرآن (ص: 118 - 119) من طريق محمد بن إسحاق، عن عبد الله بن أبي بكر وحده عن عمرة عن عائشة، سنده ضعيف، فيه محمد بن إسحاق وهو مدلس وقد عنعنه.

مالك، عن يحيى بن سعيد، عن عمرة، عن عائشة

وأنكر هذا قوم (¬1) لقول الله سبحانه: {إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (17)} (¬2). وطريق الجمع بين معنى الآية والحديث أن يُقال: ما لم يجمعه الله تعالى، ولا قرأه الكافة فهو من جملة ما نسخه، وإن نقل نقل آحاد، ولا يبعد أن يكون الله تعالى قد جعل أكل الداجن سببا للنسخ كالنسيان، والمنسوخ أنواع مذكورة في غير هذا الموضع (¬3). مالك، عن يحيى بن سعيد، عن عمرة، عن عائشة 559 / حديث: "ركب رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ذات غداة مركبا، فخسفت الشمس فرجع ضحىً، فمرّ بين ظهراني (¬4) الحُجَر، ثم قام يصلِّي، وقام الناس وراءَه ... ". فوصفت الصلاة أربع ركعات، وأربع سجدات. فيه: "ثم انصرف فقال ما شاء الله أن يقول، ثم أمرهم أن يتعوّذوا من عذاب القبر". ¬

_ (¬1) منهم الإمام ابن حزم، حيث إنّه كذّبه وأغلظ القول في إنكاره. انظر: الإحكام في أصول الأحكام (4/ 77 - 78). (¬2) سورة القيامة، الآية (17). (¬3) جمهور العلماء أن أنواع النسخ في القرآن ثلاثة: 1 - نسخ الحكم دون التلاوة، قال ابن الجوزي: وله وضعنا هذا الكتاب. يعنى "نواسخ القرآن" له. 2 - نسخ التلاوة دون الحكم، ويمثّلون له بآية الرجم. 3 - نسخ التلاوة والحكم معا، ومن أمثلته قول عائشة: "كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن ثم نسخن بخمس معلومات". انظر: الناسخ والمنسوخ لأبي جعفر النحاس (1/ 428 - 435)، والحجة في القراءات السبعة (2/ 180 - 181) والناسخ والمنسوخ لابن العربي (2/ 5)، والتمهيد (4/ 273 - 277)، ونواسخ القرآن لابن الجوزي (ص: 110 - 122)، الفقيه والمتفقه (1/ 245). (¬4) في الأصل: "ظهري"، وفي الموطأ: "ظهراني"، ولعل هذا هو الصواب.

وفيه قصة اليهودية، وقولها: أعاذك الله من عذاب القبر، مختصرا (¬1). وانظر رواية عروة عن عائشة (¬2)، وحديث ابن عباس (¬3)، وأسماء (¬4). 560 / حديث: "خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لخمس ليال بقين من ذي القعدة، ولا نرى إلا أنه الحج، فلما دنونا من مكة ... ". فيه: ذكر الإحلال بعمرة، والنحر عن الأزواج. في باب النحر في الحج، بعيدا من أبواب الإهلال. وفي آخره قول القاسم ليحيى بن سعيد: أتتك والله بالحديث على وجهه، يريد عمرة (¬5). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: صلاة الكسوف، باب: العمل في صلاة الكسوف (1/ 167) (رقم: 3). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الكسوف، باب: التعوذ من عذاب القبر في الكسوف (1/ 330) (رقم: 1049) من طريق القعنبي، وفي جاب: صلاة الكسوف في المسجد (1/ 332) (رقم: 1055) من طريق إسماعيل بن أبي أويس، كلاهما عن مالك به. (¬2) تقدّم حديثه (4/ 30). (¬3) تقدّم حديثه (2/ 542). (¬4) سيأتي حديثها (4/ 238). (¬5) الموطأ كتاب: الحج، باب: ما جاء في النحر في الحج (1/ 316) (رقم: 179). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الحج، باب: ذبح الرجل البقر عن نسائه من غير أمرهن (1/ 521) (رقم: 1709) من طريق عبد الله بن يوسف، وفي الجهاد والسير، باب: الخروج آخر الشهر (2/ 346) (رقم: 2952) من طريق القعنبي. والنسائي في السنن الكبرى (2/ 452) (رقم: 4132) من طريق ابن القاسم، ثلاثتهم عن مالك به. قال الحافظ في بيان معنى كلام القاسم أن عمرة ساقت الحديث له تاما لم تختصر منه شيئا: كأنه يشير بذلك إلى روايته هو عن عائشة فإنها مختصرة. فتح الباري (3/ 645). وقد سبق الحديث من طريق عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه (برقم: 493).

وزاد فيه محمد بن إسحاق، عن يحيى، عن القاسم: "كذلك حدّثتني عائشة"، فأسنده من طريق القاسم أيضا، وبيّن بهذا معنى تصديقه للحديث (¬1). وقول عائشة فيه: "خرجنا لخمس ليال بقين من ذي القعدة" لعلها عنت الدفع من ذي الحليفة (¬2)؛ لأنَّه - صلى الله عليه وسلم - خرَج من المدينة يوم الخميس لِستٍّ بَقِين لذي القعدة بعد أن صلى الظهر بها أربعا، وصلى العصر بذي الحليفة ركعتين، وبات بها، هكذا قال أنس، وابن عمر (¬3). ثم أحرم من الغد من ذي الحليفة يوم الجمعة إثر صلاة الظهر. قال ابن عباس: "لخمس بقين من ذي القعدة"، خرّجه البخاري، وهذا محفوظ عند أهل الحديث (¬4). ¬

_ (¬1) ذكرها الدارقطني وقال: "إن هذه الزيادة لم يأت بها غيرُه من أصحاب يحيى كمالك، وسليمان بن بلال، وأبي أويس، وابن جريج، وذكر آخرين"، وعليه فما ذكره الحافظ من التوجيه هو الراجح إن شاء لله. انظر: العلل (5/ 150 / ب). (¬2) قرية بوادي العقيق على طريق مكة عند سفح جبل "عَير" الغربي، بينها وبين المدينة تسعة أكيال، وتعرف اليوم بـ "أبيار علي"، وهي ميقات أهل المدينة ومن مرّ بها حاجًا أو معتمرًا. المعالم الأثيرة (ص: 103). (¬3) حديث أنس رواه البخاري في صحيحه كتاب: الحج، باب: من بات بذي الحليفة حتى أصبح (1/ 477) (رقم: 1546، 1547) من طريق محمد بن المنكدر وأبي قلابة، عنه أنه قال: "صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة أربعا، وبذي الحليفة ركعتين، ثم بات حتى أصبح بذي الحليفة ... ". وحديث ابن عمر علقه البخاري في باب: من بات بذي الحليفة حتى أصبح (1/ 477)، وأورده موصولا في باب: خروج النبي - صلى الله عليه وسلم - على طريق الشجرة (1/ 473) (رقم: 1533)، وفيه: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا خرج إلى مكة يصلي في مسجد الشجرة ... وبات حتى يصبح. (¬4) أخرجه لني الصحيح كتاب: الحج، باب: ما يلبس المحرم من الثياب والأردية والأزر (1/ 477) (رقم: 1545) من طريق كريب عنه، وهذا جزء من حديثه الطويل. قلت: ما ذكره المؤلف من تأويل قول عائشة: "خرجنا لخمس ليال ... " بأنها عنت الدفع من =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = ذي الحليفة، وأنه - صلى الله عليه وسلم - خرج من المدينة يوم الخميس لسِت بقين من ذي القعدة هو ما قرّره ابن حزم واستدل على ذلك بأمور منها قول ابن عباس: "وذلك لخمس بقين من ذي القعدة"، فقال: "ثبت أنه - صلى الله عليه وسلم - صلى الظهر بالمدينة أربعا، فتبيّن أن خروجه من المدينة لم يكن يوم الجمعة، وإنما كان يوم الخميس لست بقين لذي القعدة، واندفع من ذي الحليفة لخمس بقين من ذي القعدة، قال: ولو كان خروجه من المدينة لخمس بقين لكان خروجه بلا شك يوم الجمعة، وهذا خطأ". حجة الوداع (ص: 231). قال ابن كثير: "قوله: "لخمس بقين من ذي القعدة" إن أراد به صبيحة يومه بذي الحليفة صح قول ابن حزم في دعواه أنه - عليه السلام -، خرج من المدينة يوم الخميس وبات بذي الحليفة ليلة الجمعة، وأصبح بها يوم الجمعة، وهو اليوم الخامس والعشرون من ذي القعدة. وإن أراد ابن عباس بقوله: "وذلك لخمس بقين من ذي القعدة" يوم انطلاقه - عليه السلام - من المدينة بعد ما ترجّل وادّهن ولبس إزاره ورداءه كما فالت عائشة وجابر أنهم خرجوا من المدينة لخمس بقين من ذي القعدة بَعُدَ قول ابن حزم، وتعذّر المصير إليه، وتعين القول بغيره ولم ينطق ذلك إلا على يوم الجمعة إن كان شهر ذي القعدة كاملا، ولا يجوز أن يكون خروجه - عليه السلام - من المدينة كان يوم الجمعة لما رواه البخاري ومسلم وغيرهما من حديث أنس أنه قال: "صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن معه الظهر بالمدينة أربعا .. " كما لا يجوز أيضا أن يكون خروجه يوم الخميس كما قال ابن حزم؛ لأنه كان يوم الرابع والعشرين من ذي القعدة، فلو كان خروجه يوم الخميس الرابع والعشرين من ذي القعدة لبقي في الشهر ست ليال قطعا، وقد قال ابن عباس وعائشة وجابر أنه خرج لخمس بقين من ذي القعدة، وتعذر أنه يوم الجمعة لحديث أنس، فتعيّن عدى هذا أنه - عليه السلام - خرج من المدينة يوم السبت، وظن الراوي أن الشهر يكون دائما تاما، فاتفق في تلك السنة نقصانه، فانسلخ يوم الأربعاء، واستهل شهر ذي الحجة ليلة الخميس، ويؤيده ما وقع في رواية جابر: "لخمس بقين أو أربع"، وهذا التقرير على هذا التقدير لا محيد عنه ولا بد منه". اهـ. البداية والنهاية (3/ 101 - 102). وهذا الذي قرّره ابن كثير هو ما قرّره الإمام ابن القيم في بحث ممتع له مع ردود قوية على الإمام ابن حزم، وهو الذي اختاره أيضا ابن حجر مؤيدًا بما رواه ابن سعد في الطبقات (2/ 131) أن خروجه - صلى الله عليه وسلم - من المدينة كان يوم السبت لخمس بقين من ذي القعدة. وعلى هذا فتأويل المؤلف قول عائشة بما ذكر مرجوح، والله أعلم.

وقولها فيه: "دخل علينا يوم النحر بلحم بقر"، قيل: إنها أرادت الجنس لا الكثرة (¬1). انظره في مرسل ابن شهاب (¬2)، وانظر الإهلال والإحلال لعروة (¬3)، والقاسم عن عائشة (¬4)، وفي مرسل سليمان بن يسار (¬5)، والتمتع في مسند سعد (¬6)، ومسند حفصة (¬7). 561 / حديث: "عن عمرة: أنَّ بريرة جاءت تستعين عائشة ... ". فيه: "اشتريها وأعتقيها، فإنَّما الولاَءُ لمن أعتق". في الولاء، مختصر (¬8). ليس في هذا الحديث أنّ عمرة أسندته إلى عائشة، وخرّجه البخاري هكذا عن مالك (¬9)، وأسنده عن غيره، وذكر أن جعفر بن عون قال فيه عن ¬

_ (¬1) أي أن اللحم الذي دخل به النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن لحم جمل ولا غنم وإنما كان لحم البقر، وعلى هذا يتفق الحديث مع ما رواه مالك (2/ 387) عن الزهري مرسلا: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما نحر عنه وعن أهل بيته إلا بدنة واحدة أو بقرة واحدة". انظر: التمهيد (12/ 136 - 138). (¬2) سيأتي حديثه (5/ 326). (¬3) تقدّم حديثه (4/ 65). (¬4) تقدّم حديثه (4/ 9). (¬5) سيأتي حديثه (5/ 218). (¬6) تقدّم حديثه (3/ 77). (¬7) سيأتي حديثها (4/ 180). (¬8) الموطأ كتاب: العتق، باب: مصير الولاء لمن أعتق (2/ 599) (رقم: 19). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: المكاتب، باب: بيع المكاتب إذا رضى (2/ 226) (رقم: 2564) من طريق عبد الله بن يوسف. والنسائي في السنن الكبرى (4/ 87) (رقم: 6408) من طريق ابن القاسم. وقال: "إنه مرسل". (¬9) تقدّم تخريجه، وصورته صورة الإرسال. وذكر الحافظ في فتح الباري (5/ 231) أنّ الرواة عن مالك لم يختلفوا في روايته مرسلا.

يحيى بن سعيد: سمعت عمرة تقول: سمعت عائشة (¬1). وتقدّم لعروة عن عائشة مجوّدًا (¬2). 562 / حديث: "ما طال عليَّ وما نسيتُ، القطع في ربع دينار فصاعدًا". في الحدود (¬3). أُدخل هذا في المسند المرفوع على المعنى (¬4). وقد أفصح برفعه جماعةٌ عن يحيى بن سعيد وغيره، خرّجه البزار من طريق أبان بن يزيد وغيره عن يحيى بن سعيد بإسناده هذا مرفوعا (¬5). ¬

_ (¬1) روى البخاري في صحيحه، كتاب: الصلاة، باب: ذكر البيع والشراء على المنبر في المسجد (1/ 163 - 164) (رقم: 456) من طريق سفيان عن يحيى، عن عمرة عن عائشة قالت: أتتها بريرة تسألها في كتابتها ... تم قال: وقال جعفر بن عون عن يحيى قال: سمعت عمرة قالت: سمعت عائشة. قال ابن حجر: "أفادت رواية جعفر بن عون التصريح بسماع يحيى من عمرة وبسماع عمرة من عائشة فأمن بذلك ما يخشى فيه من الإرسال المذكور". فتح الباري (1/ 657). (¬2) تقدّم حديثه (4/ 40). (¬3) الموطأ كتاب: الحدود، باب: ما يجب فيه القطع (2/ 634) (رقم: 24). وأخرجه النسائي في السنن كتاب: السارق، باب: ذكر الاختلاف على الزهري (8/ 452) (رقم: 4942) من طريق ابن القاسم عن مالك به. (¬4) قال ابن عبد البر: "هذا مسند بالدليل الصحيح لقول عائشة: "ما طال عليَّ وما نسيتُ" فكيف وقد رواه الزهري وغيره مسندا". التمهيد (23/ 380). وقال ابن حجر: "وهو وإن لم يكن رفعه صريحا لكنه في معنى الرفع". فتح الباري (12/ 104). (¬5) لم أقف عليه في مسند البزار. وأخرجه أيضا النسائي في السنن كتاب: السارق، باب: ذكر الاختلاف على الزهري (8/ 451) (رقم: 4937 - 4942) من طريق سعيد بن أبي عروبة، وأبان بن يزيد، عن يحيى بن سعيد مرفوعا. ومن طريق عبد الله بن المبارك، وعبد الله بن إدريس، وسفيان بن عيينة، ومالك عنه موقوفا، وقال عن الموقوف: هذا الصواب من حديث يحيى. =

وقال فيه إسحاق الحنيني: عن مالك، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة قالت: ما طال عليّ ولا نسيتُ، سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "القطع في ربع دينار فصاعدًا"، خرّجه الجوهري في المسند (¬1). وقال فيه ابن عيينة: عن الزهري، عن عمرة، عن عائشة: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقطع السارق في ربع دينار فصاعدا"، خرّجه مسلم (¬2). وقال فيه ابن وهب: عن يونس، عن الزهري، عن عروة وعمرة معًا، عن عائشة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "تقطع يد السارق في ربع دينار"، لفظ ¬

_ = قلت: وسبب ترجيحه الموقوف على المرفوع أن الذين أوقفوه أئمة ثقات أمثال مالك وابن المبارك، وابن عيينة، وعبد الله بن إدريس، وتابعهم أيضا: عبد الرحيم بن سليمان عند ابن أبي شيبة في المصنف (10/ 470). وأما أبان بن يزيد فهو وإن كان ثقة إلا أن له أفرادا كما في التقريب (رقم: 143)، وسعيد بن أبي عروبة اختلط، والراوي عنه عبد الوهاب بن عطاء، وهو وإن كان سمع منه قبل الاختلاط لكن قال عنه الحافظ في التقريب (رقم: 4262): "صدوق ربما أخطأ". وعليه فالراجح عن يحيى الوقف، وقد صح مرفوعا من طرق عن عمرة وعروة، عن عائشة، وهذا الوقف لا يضر الرفع؛ لأنه مما لا مجال للرأي فيه، ولأن الموقوف قد يكون من باب الفتوى كما قال ابن حجر في فتح الباري (12/ 140). (¬1) لم أجده في مسند الموطأ فلعله في مسند ما ليس في الموطأ، لكن ذكره الدارقطني في العلل (5 /ل: 98 /ب)، وابن عبد البر في التمهيد (23/ 380) وقال: "إنه ليس بصحيح؛ لأن دون مالك من لا يحتج به". قلت: يريد بمن دون مالك إسحاق الحنيني، فإنه ضعيف كما في التقريب (رقم: 337) وقد خالف أصحابَ مالك الثقات حيث إنه جعله عن مالك، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة مسندا، وبقية الرواة جعلوه عن يحيى، عن عمرة، عن عائشة موقوفا، وعليه فالإسناد من طريقه منكر، لكن صح الحديث من غير هذا الوجه. (¬2) انظر: صحيح مسلم كتاب: الحدود، باب: حد السرقة ونصابها (3/ 1312) (رقم: 1).

البخاري، ومعناه لمسلم (¬1). وذكر أبو بكر البزار عن سفيان بن عيينة قال: حفظناه من أربعة، من الزهري، ويحيى بن سعيد، وعبد الله بن أبي بكر، ورُزيق بن حكيم، كُلٌّ يحدّث به عن عمرة، عن عائشة، فأوقفه ثلالة منهم، ورفعه الزهوي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "القطع في ربع دينار فصاعدا" (¬2). 563/ حديث: "لو أدرك رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ما أحدث النّساء لمنعهنَّ المساجدَ كما مُنِعه نساء بني إسرائيل". في الصلاة، عند آخره (¬3). ¬

_ (¬1) انظر: صحيح البخاري كتاب: الحدود، باب: قول الله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} (4/ 249) (رقم: 6790)، وصحيح مسلم (3/ 1312) (رقم: 2). (¬2) لم أجده في مسند البزار، لكن أخرجه الحميدي في مسنده (1/ 134) (رقم: 280) عن سفيان، عن الزهري، عن عمرة، عن عائشة مرفوعا، ثم قال سفيان: وحدّثناه أربعة عن عمرة، عن عائشة لم يرفعوه: عبد الله بن أبي بكر، ورُزيق بن حكيم الأيلي، ويحيى بن سعيد، وعبد ربه بن سعيد، والزهري أحفظهم كلهم، إلا أن في حديث يحيى ما دل على الرفع: "ما نسيت ولا طال عليَّ، القطع في ربع دينار فصاعدا". والحديث من طريق سفيان عن يحيى بن سعيد، وعبد ربه، ورُزيق أخرجه أيضا النسائي في السنن كتاب: السارق، باب: ذكر الاختلاف على الزهري (8/ 451) (رقم: 4941) ومن طريق ابن عيينة عن الزهري عن عمرة عن عائشة، تقدّم في صحيح مسلم. قال الدارقطني: "ورفعه صحيح عن عمرة، عن عائشة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -". العلل (5 /ل: 99 / أ). (¬3) الموطأ كتاب: القبلة، باب: ما جاء في خروج النساء إلى المساجد (1/ 176) (رقم: 15). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الأذان، باب: انتظار الناس قيام الإمام العالم (1/ 277) (رقم: 869) من طريق عبد الله بن يوسف. وأبو داود في السنن كتاب: الصلاة، باب: التشديد في ذلك (1/ 383) (رقم: 569) من طريق القعنبي، كلاهما عن مالك به.

أُدخل هذا في السند المرفوع، وخرّجه البخاري ومسلم، وغيرهما (¬1). وفي إلحاقه بالمرفوع بُعدٌ؛ لأنَّ هذا القول لا يقتضي رفعَ الحديث إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمنع ولا إباحةٍ، أمَّا المنعُ فإنما أوجبته بشرط الإدراك، والإدراكُ معدومٌ، فالكل غير واقع؛ لأن كلمة لو تدل على امتناع الشيء لامتناع غيره، وكلُّ هذا ظنٌّ لا مدخل له فيما طريقه النقل، والسنن لا تثبت بالمقاييس، مع أن الذي ذهبت إليه فيه نظر، لأنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يمنع، ولا يبيح، ولا يأمر، ولا ينهى إلا بأمر الله تعالى، وقد علم الله سبحانه ما يحدثه النساء قبل خلقهن، فلو شاء لمنعهن (¬2). وقد روى أبو الدرداء أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما أحل الله في كتابه فهو حلال، وما حرّم فهو حرام، وما سكت عنه فهو عفو، فاقبلوا من الله عزَّ وجلَّ عافيته، فإن الله تعالى لم يكن ينسى شيئا، ثم تلا: {وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} "، خرّجه البزار، وقال: إسناده صالح (¬3). ¬

_ (¬1) تقدّم تخريحه من صحيح البخاري. وأخرجه مسلم في صحبحه كتاب: الصلاة، باب: خروج النساء إلى المساجد (1/ 329) (رقم: 144) من طريق سليمان بن بلال، وعبد الوهاب الثقفي، وابن عيينة، وأبي خالد الأحمر، وعيسى بن يونس، كلهم عن يحيى بن سعيد به. (¬2) قال ابن حجر: "وتمسّك بعضهم بقول عائشة في منع النساء مطلقا، وفيه نظر؛ إذ لا يترتب على ذلك تغيير الحكم؛ لأنها علقته على شرط لم يوجد بناء على ظن ظنته، فقالت: لو رأى لمنَع، فيقال عليه: لم ير ولم يمنع، فاستمر الحكم، حتى إن عائشة لم تصرح بالمنع، وإن كان كلامها يشعر بأنها كانت ترى المنع، وأيضا فقد علم الله سبحانه ما سيحدثن فما أوحى إلى نبيّه بمنعهن، ولو كان ما أحدثن يستلزم منعهن من المساجد لكان منعهن من غيرها كالأسواق أولى، وأيضا فالإحداث إنما رقع من بعض النساء لا من جميعهن". فتع الباري (2/ 207). (¬3) أخرجه البزار في المسند (3/ 58) (رقم: 2231 - كشف الأستار-) من طريق إسماعيل بن عياش، عن إسماعيل بن رجاء بن حيوة (كذا) - والصواب: عاصم بن رجاء- عن أبيه، عن أبي الدرداء فذكره. =

وخرّج الترمذي في اللباس عن سلمان نحوه (¬1). ¬

_ = قال البزار: "لا نعلمه يروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا بهذا الاسناد، وعاصم بن رجاء حدث عنه جماعة، وأبوه روى عن أبي الدرداء غير حديث، وإسناده صالح لأن إسماعيل قد حدث عنه الناس". قلت: إسماعيل بن عياش وإن كان قد حدث عنه الناس إلا أن النقاد فصّلوا في أمره فقالوا: حديثه عن أهل بلده أي الشام جيد، وعن غير أهل بلده مضطرب، حكى ذلك عنهم الحافظ ابن رجب في شرح علل الترمذي (2/ 773) لكن شيخه هنا عاصم بن رجاء بن حيوة فلسطينيّ، وفلسطين من الشام ثم إنه لم ينفرد بهذا الحديث فقد تابعه أبو نعيم الفضل بن دكين عند الحاكم في المستدرك (2/ 375)، وقال: صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي وعليه فالإسناد حسن. وأخرجه أيضا الحاكم في المستدرك (2/ 375) من طريق عاصم بن رجاء بن حيوة، عن أبيه، عن أبي الدرداء به، وقال صحيح الإسناد، وأقرّه الذهبي. (¬1) أخرجه الترمذي في السنن كتاب: اللباس، باب: ما جاء في لبس الفراء (4/ 192) (رقم: 1726)، وابن ماجه في السنن كتاب: الأطعمة، باب: أكل الجبن والسمن (2/ 1117) (رقم: 3367)، والطبراني في المعجم الكبير (6/ 250) (رقم: 6124)، والحاكم في المستدرك (4/ 115)، والبيهقي في السنن الكبرى (11/ 12)، والعقيلي في الضعفاء (2/ 174) من طريق سيف بن هارون، عن سليمان التيمي، عن أبي عثمان النهدي، عن سلمان قال: سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن السمن والجبن والفراء فقال: "الحلال ما أحل الله في كتابه، والحرام ما حرم الله في كتابه، وما سكت عنه فهو مما عفا عنه". قال الترمذي: "وفي الباب عن مغيرة، وهذا حديث غريب لا نعرفه مرفوعا إلا من هذا الوجه، وروى سفيان وغيره عن سليمان التيمي، عن أبي عثمان، عن سلمان قوله، وكأن الحديث الموقوف أصح، وسألت البخاري عن هذا الحديث فقال: ما أراه محفوظا، روى سفيان عن سليمان التيمي عن أبي عثمان عن سلمان موقوفا". وقال أبو حاتم الرازي: "هذا خطأ، رواه الثقات عن التيمي عن أبي عثمان عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ليس فيه سلمان وهو الصحيح". العلل لابن أبي حاتم (2/ 10). قلت: الحمل في المرفوع على سيف بن هارون البرجمي فإنه ضعيف، ضعفه يحيى بن معين، والنسائي، والدارقطني، وغيرهم، لكن الحديث يشهد له حديث أبي الدرداء المتقدّم، فهو حسن لغيره. انظر: تاريخ ابن معين -رواية الدوري عنه- (2/ 246)، والضعفاء للنسائي (ص: 122) (رقم: 269)، وسؤالات البرقاني للدارقطني (ص: 35) (رقم: 203)، وتهذيب الكمال (12/ 332).

وهذا الذي تقتضيه الأصول، وعليه الجمهور (¬1)، وقد حدّث ابن عمر بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا تمنعوا إماء الله مساجد الله"، فقال له ابنه: إذًا يتّخذنه دَغَلًا (¬2)، فزبره (¬3) عبد الله، ورأى ذلك معارضة، خُرّج هذا في الصحيح (¬4). وأما عدم المنع الذي يقتضي الإباحة فلم تفصح به عائشة ههنا، وإنما يتلقى من قولها بدليل الخطاب، ولا يثبت بمثله خبر، ولو صرّحت بما يقتضيه دليل الخطاب فقالت: ما منع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - النساء المساجد لم يُوجب النظرُ إلحاقَه بالمرفوع؛ لأنَّه نفي لمحتمل لا يحاط بعلمه، وقد يحتمل أن يكون منعهن المساجد في وقت، ولم يبلغ عائشة المنع. وإنما للقائل أن يقول: ما أعلمه منع، أو يقول: نهى عن المنع، أو أباح خروجهن أو أمر به. ومن الصريح في مثل هذا حديثُ ابن عمر: "لا تمنعوا إماء الله مساجد الله"، وقد تقدّم في مسنده (¬5). ¬

_ (¬1) أي أن عدم المنع هو الذي تقتضيه الأدلة، وعليه جمهور أهل العلم إلا أنهم اشترطوا لذلك شروطا بأن لا يخرجن متعطرات، أو متبرجات، أو لابسات لزينة، وأن لا يخشى عليهن أو بهن فتنة. انظر: الإحسان (5/ 587 - 590)، التمهيد (23/ 401 - 403)، وشرح السنة للبغوي (2/ 421)، فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (29/ 296)، شرح النووي على صحيح مسلم (4/ 161 - 162)، فتح الباري لابن رجب (5/ 319)، طرح التثريب (2/ 316 - 317)، إكمال إكمال المعلم (2/ 187)، الإفصاح لابن هبيرة (1/ 151). (¬2) الدَغَل -بفتح الدال المهملة والغين المعجمة-: الفساد والخداع والريبة. النهاية (2/ 123)، فتح الباري (2/ 405). (¬3) زبره: أي نهره وأغلظ له في القول والردّ. النهاية (2/ 293). (¬4) أخرجه مسلم في صحيحه كتاب: الصلاة، باب: خروج النساء إلى المساجد إذا لم يترتب عليه فتنة (1/ 327) (رقم: 138). (¬5) تقدَّم (2/ 523).

وفي الصحيح عن ابن عمر مرفوعا: "إذا استأذنكم نساؤكم بالليل إلى المسجد فأذنوا لهن" (¬1)، وفي بعض الطُرق: "ائذنوا للنساء بالليل إلى المساجد" (¬2). وأما قول عائشة: كما مُنعه نساء بني إسرائيل، فقد يعارضه حديث نافع عن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "خالفوا المشركين"، خرّجه البخاري في اللباس (¬3)، وهذا لفظ عام لا يُخصّص إلا بما يجب له التسليم. وقول عائشة رضي الله عنها له وجه ليس هذا موضع ذكره، وإنما قصدنا ههنا الكلام في المرفوع المسند إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وقد ذيّل عبيد الله بن عمر عن عمرة، عن عائشة بحديث الموطأ حديثا مرفوعا ساقه على النسق من غير فصل، وهو: "لقد رأيتنا ونحن نصلي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة الفجر في مروطنا وما يعرف بعضنا وجوه بعض". وإذا اتصل به هذا وجُعلاَ حديثًا واحدًا، حسُن إخراحه في المسند المرفوع، خرّجه البزار، والمرفوع منه صلاة النساء مع الرجال (¬4). ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الأذان، باب: خروج النساء إلى المساجد بالليل والغلس (1/ 277) (رقم: 865)، ومسلم في صحيحه كتاب: الصلاة، باب: خروج النساء إلى المساجد (1/ 327) (رقم: 137) من طريق نافع، عنه. (¬2) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الجمعة، باب (1/ 286) (رقم: 899)، ومسلم في صحيحه كتاب: الصلاة، خروج النساء إلى المساجد (1/ 327) (رقم: 139) من طريق مجاهد، عن ابن عمر. (¬3) انظر: صحيح البخاري كتاب: اللباس، باب: تقليم الأظفار (4/ 73) (رقم: 5892). (¬4) لم أقف عليه في مسند البزار للنقص في نسخه الخطيّة. وأخرجه أبو يعلى فِي المسند (7/ 466) (رقم: 4493) عن إبراهيم قال: حدّثنا حماد عن عبيد الله بن عمر به. =

وهذه الزيادة في الموطأ حديث مفرد منفصل، وفي اتصاله فائدة (¬1). 564 / حديث: "إن كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ليصلِّي الصبحَ فينصرفُ النساءُ متلفّعات بمروطهن، ما يُعرَفْن من الغلَس". في وقوت الصلاة، أوّل الكتاب (¬2). هكذا وقع هذا الحديث في الموطأ. وقال الدارقطني: "أغرب له مالك من هذا الطريق، يعني من طريق يحيى بن سعيد، قال: وهو محفوظ للزهري، عن عروة، عن عائشة" (¬3). ¬

_ = إسناده صحيح، وقد صحح الألباني في الصحيحة (رقم: 332) وقال: إسناده صحيح رجاله كلهم ثقات رجال مسلم غير إبراهيم هذا. قال: لم يتعيّن عندي هل هو إبراهيم بن الحجاج البصري، أم إبراهيم بن الحجاج النيلي، ولا ضير في ذلك فإنهما ثقتان. قلت: هذا من جهالة التعيين، ومثلها لا يضر ما دام الرجل ثقة. وقول المصنِّف: "والمرفوع منه صلاة النساء مع الرجال"، ورد في ذلك عدّة أحاديث في الصحيحين وغيرهما من طريق مالك، وغيره كما سيأتي. (¬1) هو الحديث الآتي، وسيأتي فيه بيان الفائدة التي أشار إليها المؤلف. (¬2) الموطأ كتاب: وقوت الصلاة، باب: وقوت الصلاة (1/ 38) (رقم: 4). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الأذان، باب: انتظار الناس قيام الإمام (1/ 277) (رقم: 867) من طريق القعنبي، وعبد الله بن يوسف. ومسلم في صحيحه كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: استحباب التبكير بالصبح فِي أول وقتها (1/ 445) (رقم: 232) من طريق معن. وأبو داود في السنن كتاب: الصلاة، باب: في وقت الصبح (1/ 239) (رقم: 423) من طريق القعنبي. والترمذي في السنن كتاب: الصلاة، في التغليس في الفجر (1/ 287) (رقم: 153) من طريق قتيبة، ومعن. والنسائي في السنن كتاب: المواقيت، باب: التغليس في الحضر (1/ 272) (رقم: 544) من طريق قتيبة. وأحمد في المسند (6/ 178) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، خمستهم عن مالك به. (¬3) العلل (5 / ل: 118/ أ).

قال الشيخ أبو العباس رضي، الله عنه: وكلاهما مخرَّج في الصحيحين، أخرجاه من طريق مالك عن يحيى عن عمرة، ومن طرق جَّمة عن الزهري، عن عروة (¬1). وفي حديث عمرة: "ما يُعرفن من الغَلَس". وهكذا في بعض الطرق عن عروة (¬2)، وفي بعض الطرق عنه: "ما يَعرفهن أحد" (¬3)، فقيل: إن ذلك لتسترهن لا من شدة الغلس، وهذا هو المفهوم من الحديث المذكور آنفا عن عبيد الله، عن عمرة، عن عائشة؛ فإنها قالت: "لو رأى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - من النساء ما نرى لمنعهن الساجد كما منعت نساء بني إسرائيل، لقد رأيتُنَا ونحن نصلي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة الفجر في مروطنا ما يعرف بعضنا وجوهَ بعض" (¬4). ¬

_ (¬1) تقدّم تخريجه من طريق مالك، عن يحيى بن سعيد، عن عمرة، عن عائشة. وأما من طريق الزهري، عن عروة فأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الصلاة، باب: في كم تصلي المرأة من الثياب (1/ 140) (رقم: 372) من طريق شعيب. وفي مواقيت الصلاة، باب: وقت الفجر (1/ 197) (رقم: 578) من طريق عُقيل. ومسلم في صحيحه كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: استحباب التبكير بالصبح (1/ 445 - 446) (رقم: 230، 231) من طريق ابن عيينة، ويونس، أربعتهم عن الزهري وبه. (¬2) وهي طريق عُقيل عند البخاري (رقم: 578)، ويونس عند مسلم (1/ 446) (رقم: 231). (¬3) هي طريق شعيب عند البخاري (رقم: 372)، وابن عيينة عند مسلم (1/ 445) (رقم: 230). (¬4) هكذا استدل المؤلف بمفهوم حديث عبيد الله هذا على أن عدم المعرفة بهنّ كان لتسترهن ومبالغتهن في التغطية، لا لأجل الغلس وبقاء الظلمة، وهذه هي الفائدة التي سبق أن أشار إليها في آخر الحديث السابق، لكن هذا الاستدلال محل نظر؛ لأن ما ذكره من حديث عبيد الله: "ما يعرف بعضنا وجوه بعض" هو نحو حديث شعيب وابن عيينة: "ما يعرفهن أحد" يحتمل أمرين أيضا، والذي يعيّن أحد الاحتمالين هو ما ورد من طريق عُقيل ويونس: "ما يُعرَفن من =

قال الشيخ رضي الله عنه: وكان النساء بعد ذلك يتبرجن وخرجن عن عادتهن في التَّستُّر، ولعل هذه الشبهة عرضت من تفصيل الحديث لما لم يذكر سبب إيراده جعل الناقل التغليس سببًا، وأدرجه في الحديث، ولا يبعد اجتماع الصببين، والله أعلم (¬1). فصل: • حديث: "الاعتكاف". مذكور ليحيى في مرسل عمرة (¬2). * * * ¬

_ = الغلس" كما ذكر ذلك الحافظ في فتح الباري (1/ 575). ولو سلّم أن مفهوم حديث عبيد الله يدل على أن ذلك كان لتسترهن كما قاله المؤلف فيقال: إن قوله: "من الغلس" نص في ذلك، وعند تعارض المفهوم بالنطوق يتعيّن الأخذ بالمنطوق. (¬1) هكذا حكم المؤلف على أن التغليس مدرج من الناقل من غير حجة والأصل فيما يسوقه الراوي مرفوعا وموقوفا أن يكون كله من كلام من يضاف إليه، والله أعلم. (¬2) سيأتي حديثها (5/ 168).

11 - أم علقمه، عن عائشة

11 - أم علقمه، عن عائشة حديثان، قَطَعَ يحيى أحدَهما. 565/ حديث: "قام رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ذاتَ ليلة، فلبس ثيابه، ثم خرَج ... ". فيه: "إني بُعثت إلى أهل البقيع (¬1) لأصلي عليهم". في آخر الجنائز. عن علقمة بن أبي علقمة، عن أمه، عن عائشة، مختصر (¬2). 566/ وبه: "قالت: أهدى أبو جَهم بن حذيفة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - خميصة (¬3) شامية لها علم، فشهد فيها الصلاة ... ". ¬

_ (¬1) هو مقبرة أهل المدينة بجوار المسجد النبوي من جهة الشرق. المعالم الأثيرة (ص: 52). (¬2) الموطأ كتاب: الجنائز، باب: جامع الجنائز (1/ 208) (رقم: 55). وأخرجه النسائي في السنن كتاب: الجنائز، باب: الأمر بالاستغفار للمؤمنين (4/ 398/ رقم: 2037) من طريق ابن القاسم عن مالك به. وصححه من هذا الوجه ابن حبان (9/ 63) (رقم: 3748)، والحاكم في المستدرك (1/ 488)، وقال: صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي. قلت: إسناه حسن، فيه أم علقمة واسمها مرجانة لم يوثّقها إلا العجلي وابن حبان، وقال ابن حجر: "مقبولة". أي عند المتابعة، وقد تابعها محمد بن قيس بن مخرمة عند مسلم في حديث طويل كتاب: الجنائز، باب: ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها (2/ 669 - 671) (رقم: 103) وفيه: "إنّ ربك يأمرك أن تأتي فتستغفر لهم". وانظر ترجمة أم علقمة في معرفة الثقات للعجلي (2/ 461)، وثقات ابن حبان (5/ 466)، والتقريب (رقم: 8680) (¬3) قال الأصمعي: الخميصة كساء من صوف أو خزّ معلّمة سوداء، وقال أبو عبيدة: هي كساء مربّع لها علمان، نقلهما القاضي عياض وقال: في الحديث ما يفسّر قول الأصمعي، وهو قوله: خميصة لها أعلام. مشارق الأنوار (1/ 240).

فيه: "إني نظرت إلى علمها في الصلاة، فكاد يفتنني". في أبواب السهو (¬1). هذا مقطوع عند يحيى بن يحيى، سقط من كتابه قوله: عن أمه (¬2)، واستدركه ابن وضاح وثبت لسائر الرواة، فهو عندهم متصل كإسناد الحديث الذي قبله (¬3). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الصلاة، باب: النظر في الصلاة إلى ما يشغلك عنها (1/ 102) (رقم: 67). وأخرجه أحمد في المسند (6/ 177) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، وإسحاق الطباع، كلاهما عن مالك به. وإسناد هذا الحديث كإسناد الحديث قبله، وأم علقمة مقبولة، لكن تابعها عروة عن عائشة، أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب: الصلاة، باب: إذا صلى في ثوب له أعلام (1/ 141) (رقم: 373)، وفي الأذان (1/ 245) (رقم: 752)، ومسلم في صحيحه كتاب: المساجد، باب: كراهة الصلاة في ثوب له أعلام (1/ 391) (رقم: 61، 62). فالحديث صحيح. (¬2) انظر: نسخة الخزانة المحمودية (أ) (ل: 18/ أ) وثبت في المطبوع من رواية يحيى، وكذا في نسخة المحمودية الأخرى (ب) (ل: 19/ أ) لكن تصحّف فيه إلى "أبيه". (¬3) انظر الموطأ برواية: أبي مصعب الزهري (1/ 187) (رقم: 484)، وسويد بن سعيد (ص: 173) (رقم: 320)، وابن القاسم (ص: 415) (رقم: 404)، والقعنبي (ص: 175). وقال محمد بن حارث الخشني: "وهم فيه يحيى، فقال: عن علقمة بن أبي علقمة: أن عائشة. والصواب: عن علقمة بن أبي علقمة، عن أمه، عن عائشة كما رواه القعنبي، وابن بكير، وابن وهب، وغيرهم عن مالك". وقال ابن عبد البر: "هكذا قال يحيى عن مالك في إسناد هذا الحديث عن علقمة بن أبي علقمة، عن عائشة، ولم يُتابعه أحدٌ من الرواة، وكلهم رووه عن مالك في الموطأ عن علقمة عن أمه عن عائشة، وسقط ليحيى عن أمه وهو مما عُدّ عليه". أخبار الفقهاء والمحدّثين (ص: 350)، والتمهيد (20/ 108).

فصل: وفي الحديث: "إن أبا جهم بعث بالخميصة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فردّها إليه". وذكر الزبير بن بكار بسند آخر: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتي بخميصتين، فلبس إحداهما، وبعث بالأخرى إلى أبي جهم" (¬1). وأم علقمة هي مَرْجانة مولاة عائشة (¬2). وأبو جَهم هذا غير مصغر هو ابن حذيفة بن غانم القرشي، العدوي (¬3)، اسمه عامر، وقيل: عبيد (¬4)، انظره في مسند فاطمة بنت قيس (¬5). وأخوه أبو حثمة جد أبي بكر بن سليمان، انظره في مرسله (¬6). وانظر مسند أبي جُهيم -مصغرًا- (¬7)، وانظر هذا الحديث في مرسل عروة (¬8). ¬

_ (¬1) ذكرها الحافظ في فتح الباري (1/ 576)، وقال: إنها مرسلة. قلت: وعلى هذا فلا ينهض لمعارضة الحديث المرفوع. (¬2) انظر: طبقات ابن سعد (8/ 356)، وتهذيب الكمال (35/ 304)، وتهذيب التهذيب (12/ 478) والتقريب (رقم: 8680). (¬3) بفتح العين والدال المهملتين -نسبة إلى عدي بن كعب-. اللباب (2/ 328). (¬4) الأول هو قول البخاري وابن عبد البر وجماعة، والثاني قاله الزبير بن بكار وابن سعد. وقيل: عبيد الله بالإضافة، قال القاضي عياض: "ورُوي مصغرًا"، وما قاله المؤلف هو الأشهر. انظر: نسب قريش (ص: 369)، وطبقات ابن سعد (5/ 451)، وتاريخ خليفة (ص: 227)، والاستيعاب (11/ 177 - 179)، والاستغناء (1/ 130)، والمشارق (1/ 171)، وأسد الغابة (6/ 256)، والسير (2/ 556 - 557)، والإصابة (11/ 66 - 67). (¬5) سيأتي حديثها (4/ 312). (¬6) سيأتي حديثه (5/ 288). (¬7) تقدّم حديثه (3/ 158). (¬8) سيأتي حديثه (5/ 79).

12 - صفية بنت أبي عبيد الثقفية، عن عائشة

12 - صفيّة بنت أبي عُبيد الثقفيّة، عن عائشة حديث واحد مشترك. 567 / حديث: "لا يحلُّ لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تَحُدَّ على ميّت فوق ثلاث إلا على زوج". في آخر الطلاق (¬1). عن نافع (¬2)، عن صفية بنت أبي عبيد، عن عائشة وحفصة مختصر. هكذا قال فيه يحيى وجماعة من رواة الموطأ: عن عائشة وحفصة. جعلوا الحديث لهما معا (¬3). وقال فيه القعنبي وطائفة: أو حفصة على الشك (¬4). وقال ابن وهب عن مالك والليث: عن عائشة أو حفصة، أو كلتيهما (¬5). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الطلاق، باب: ما جاء في الإحداد (2/ 467) (رقم: 104). وأخرجه أحمد في المسند (6/ 286) من طريق عبد الرحمن بن مهدي عن مالك به. (¬2) هو مولى ابن عمر. (¬3) انظر: الموطأ برواية أبي مصعب الزهري (1/ 663) (رقم: 1720)، ورواية ابن القاسم (ص: 296) (رقم: 263 - تلخيص القابسي-)، وهكذا قال ابن المبارك الصوري كما قال أبو القاسم الجوهري في مسنده (ل: 129 / أ)، وابن عبد البر في التمهيد (16/ 41)، وزاد: مصعب الزبيري. (¬4) أخرجه الجوهري في مسنده (ل: 129 / أ) من طريق القعنبي. وهكذا قال ابن بكير (ل: 153 / ب) - الظاهرية-، ومصعب الزبيري ومعن كما قال الدارقطني، وابن عفير وابن يوسف، وابن هب كما قال الجوهري وابن عبد البر. انظر: علل الدارقطني (5/ 153/ أ) ومسند الجوهري (ل: 129/ أ) والتمهيد (16/ 41). (¬5) ذكره الدارقطني في العلل (5/ 153/ أ) وقال: وكذلك قال الشافعي عن مالك. قلت: وكذلك قال الشيباني (ص 200) (590) عنه، وانظر: رواية الشافعي في مسنده (2/ 61) (رقم: 201 - ترتيب السندي-)، لكن فيه: "عن عائشة أو حفصة" على الشك.

وكثر الحلاف فيه على نافع (¬1)، وقد خرّجه مسلم في الصحيح (¬2). وصفيّةُ هذه هي زوج عبد الله بن عمر، أختُ المختار، لم يصح لها ولا لأخيها صحية (¬3). ¬

_ (¬1) رواه عبد الله بن دينار وابن أبي ذئب، والليث بن سعد، وعبد الوهاب بن بخت، وابن سمعان عن نافع، عن صفيّة عن عائشة أو حفصة أو كلتيهما، ورواه هشام بن عروة واختلف عنه، فرواه أبو مروان الغسّاني عنه، عن نافع، عن صفيّة عن عائشة وحفصة بغير شك، ورواه عبدة بن سليمان عن هشام عن نافع عن حفصة وعائشة كلتيهما، ولم يذكر صفيّة، ورواه الجرّاح بن الضحاك عن هشام، عن نافع عن صفيّة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يذكر عائشة ولا حفصة. ذكر ذلك كلّه الدارقطني ثم قال: والقول قول عبد الله بن دينار ومن تابعه عن نافع. العلل (5/ 152 / ب- 153 / أ). (¬2) أخرجه في الطلاق، باب: وجوب الإحداد (2/ 1126، 1127) (رقم: 63، 64) من طريق الليث وعبد الله بن دينار عن نافع أن صفيّة بنت أبي عبيد حدّثته عن حفصة أو عن عائشة، أو عن كلتيهما، ومن طريق يحيى بن سعيد عنه عن صفيّة أنها سمعت حفصة، وهكذا قال سويد عن مالك (ص: 348) (رقم: 781). وأخرجه من طريق أيوب وعبيد الله عنه عن صفيّة، عن بعض أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم -. (¬3) صفيّة: هي بنت أبي عبيد بن مسعود الثقفيّة، قال العجلي: "مدنية تابعيّة، ثقة". معرفة الثقات (2/ 454). وقد ذكرها ابن عبد البر في الصحابة، لكن قال ابن الأثير: "أدركت النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، ولا يصحّ لها سماع من النبي - صلى الله عليه وسلم - ". انظر: الاستيعاب (13/ 67) وأسد الغابة (7/ 172). وأما أخوها فهو المختار بن أبي عبيد الثقفي الكذاب. انظر: ترجمته في السير (3/ 538 وما بعدها).

13 - أم محمد بن ثوبان، عن عائشة

13 - أمّ محمد بن ثوبان، عن عائشة حديث واحد. 568 / حديث: "أَمر أن يُستمتع بجلود الميتة إذا دُبغت". في الصيد. عن يزيد بن عبد الله بن قُسَيط، عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، عن أمِّه، عن عائشة (¬1). قال فيه ابن مهدي عن مالك: "رخَّصَ أن يستمتع ... " (¬2). والحديث معلول، قال عبد الله بن أحمد بن حنبل: سألت أبي عن هذا الحديث فقال فيه: أمُّه، مَن أمُّه (¬3)؟ ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الصيد، باب: ما جاء في جلود الميتة (2/ 397) (رقم: 18). وأخرجه أبو داود في السنن كتاب: اللباس، باب: في أُهب الميتة (4/ 368) (رقم: 4124) من طريق القعنبي. والنسائي في السنن كتاب: الفرع، باب: الرخصة في الاستمتاع بجلود الميتة إذا دُبغت (7/ 198) (رقم: 4263) من طريق بشر بن عمر وابن القاسم، وفيه: عن أبيه، والصواب: عن أمه كما في التحفة (12/ 444). وابن ماجه في السنن كتاب: اللباس، باب: لبس جلود الميتة إذا دبغت (2/ 1194) (رقم: 3612) من طريق خالد بن مخلد. وأحمد في المسند (6/ 73، 104، 153) من طريق إسحاق الطباع، وأبي سلمة وهو الخزاعي، وعبد الرحمن، وعبد الرزاق. والدارمي في السنن كتاب: الأضاحي، باب: الاستمتاع بجلود الميتة (2/ 86) من طريق خالد بن مخلد، كلهم عن مالك به. (¬2) انظر: المسند (6/ 148) ولا تعارض بينهما؛ لأن الأمر الوارد بعد الحظر يفيد الإباحة. (¬3) انظر: العلل ومعرفة الرجال (3/ 192 - رواية عبد الله-).

وقال عبد الرزاق: قلت لمالك: إن الثوري حدثنا عنك، عن يزيد بن قسيط، عن ابن المسيب، أن عمر وعثمان قضيا في الملطى (¬1) بنصف الموضحة، فحدّثني به. فقال: العمل عندنا على غير ذلك، وليس الرجل عندنا هنالك، يعني يزيد بن قسيط (¬2). ¬

_ (¬1) الملطى: هي القشرة الرقيقة بين عظم الرأس ولحمه، وأهل الحجاز يسمّونها السِّمحاق، فهما من أسماء الشجاج. النهاية (4/ 356) (2/ 398). (¬2) هو في المصنف (9/ 313) (رقم: 17345)، وأخرجه أيضا أحمد في العلل (2/ 215 - رواية عبد الله-)، وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (9/ 273)، ومحمد بن مخلد الدوري في ما رواه الأكابر عن مالك (ص: 44) (رقم: 14)، والبيهقي في السنن الكبرى (8/ 83)، وابن المظفر في غرائب مالك (ص: 73 - 74) (رقم: 31) من طريق عبد الرزاق به. تنبيهان: الأول: ظاهر رواية عبد الرزاق عن مالك في: أن عمر، وعثمان رضي الله عنهما قضيا في الملطاة بنصف الموضحة. مخالف لقوله في الموطأ (2/ 655): الأمر عندنا أنه ليس فيما دون الموضحة من الشجاج عقل، حتى تبلغ الوضحة، وإنما العقل في الموضحة فما فوقها ... إلا أن ابن عبد البر ذكر وجها للجمع فقال: "ولا وجه لقوله هذا إلا أن يُحمل قضاء عمر وعثمان في الملطاة على وجه الحكومة والاجتهاد والصلح، لا على التوقيت كما قالوا في قضاء زيد بن ثابت في العين القائمة". الاستذكار (25/ 127). الثاني: تفسير عبد الرزاق لقول مالك: ليس الرجل عندنا هنالك. يعنى يزيد بن قسيط. يدل على أن مالكا يرى تضعيفه، وقد بنى أبو حاتم عليه قوله في يزيد: "ليس بقوي". لكن تعقبه ابن عبد البر بقوله: "هكذا قال عبد الرزاق: يعني يزيد بن قسيط، وليس هو عندي كما ظن عبد الرزاق؛ لأن الحارث بن مسكين ذكر هذا الحديث عن ابن القاسم عن عبد الرحمن بن أشرس عن مالك عمّن حدّثه عن يزيد بن عبد الله بن قسيط وعن سعيد بن المسيب: أن عمر وعثمان قضيا في الملطاة بنصف الموضحة. ويزيد بن قسيط من قدماء علماء أهل المدينة، ممّن لقى ابن عمر وأبا هريرة، وروى عنهم، وما =

قال الشيخ أبو العباس: وقد خرّج له في الصحيح غير هذا الحديث (¬1). ¬

_ = كان مالك ليقول فيه ما ظنّ عبد الرزاق به؛ لأنه قد احتج به في مواضع من موطئه، وإنما قال مالك: وليس رَجُلُه عندنا هنالك في الرجل الذي كَتَم اسمه، وهو الذي حدّثه بهذا الحديث عن يزيد بن قسيط، وقد بان بما رواه ابن القاسم - وهو في الجوهر النقي (48/ 8) - عن مالك عن رجل عن يزيد بن قسيط ما ذكرنا وبالله التوفيق". "وقد قلّد هذا الخبر الذي ظن فيه عبد الرزاق أن مالكا أراد بقوله ذلك يزيد بن قسيط بعضُ من ألّف في الرجال فقال: يزيد بن قسيط، ذكر عبد الرزاق أن مالكا لم يرضه، فليس بالقوي. وهذا غلط وجهل، ويزيد بن قسيط ثقة من ثقات علماء المدينة". الاستذكار (25/ 127 - 129). قلت: وعلى هذا فعِلَّةُ حديث الباب جهالة أم محمد فقط كما قال الإمام أحمد في رواية ابن عبد الله وكذا لا رواية الأثرم كما في نصب الراية (1/ 177)، إلا أنها توبعت، فقد روى النسائي في السنن كتاب: الفرع، باب: جلود الميتة (7/ 196) (رقم: 4255، 4256)، وأحمد فِي المسند (6/ 154 - 155)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 470)، والدارقطني في السنن (1/ 44)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (4/ 105) (رقم: 1290) من طرق عن الأسود، عن عائشة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "دباغ جلود الميتة طهورها". والإسناد فيه شريك إلا أنه مقبول في المتابعات. وروى الدارقطني أيضا (1/ 49) من طريق زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن عائشة رفعته: "طهور كل أديم دباغه" وقال: إسناد حسن رجاله ثقات. قلت: هذه متابعة جيّدة. وتابعها أيضا على هذا اللفظ القاسم عند الطبراني في المعجم الصغير (ص: 228) (رقم: 524)، ولأجل هذه المتابعات يتقوى الحديث إلى درجة الحسن لغيره. (¬1) روى له مسلم في صحيحه، كتاب: صفات المنافقين وأحكامهم، باب: إكثار الأعمال، والاجتهاد في العبادة (4/ 2172) (رقم: 8) من طريق أبي صخر عنه، عن عروة بن الزبير، عن عائشة قالت: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا صلّى، قام حتى تفطّر رجلاه ... " الحديث.

من المقطوع والموقوف لعائشة أحد عشر حديثًا. 569/ حديث: "كنت نائمة إلى جنب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ففقدته من الليل فوضعت يدي على قدميه وهو ساجد يقول: "أعوذ برضاك من سخطك". في الصلاة، باب: الدعاء. عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي: أنّ عائشة قالت (¬1). هكذا قال فيه يحيى بن يحيى، وجمهور رواة الموطأ: "أنَّ عائشة" (¬2). وقال فيه معن: "عن عائشة" (¬3). ويقال: "إنه مقطوع" (¬4)، وفي ذلك نظر، وسماع محمد بن إبراهيم من عائشة ممكن؛ لأنه سمع من أبي هريرة، ولم يَعِش أبو هريرة بعدها أكثر من ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في الدعاء (1/ 187) (رقم: 31). وأخرجه الترمذي في السنن كتاب: الدعوات (5/ 489) (رقم: 3439) من طريق معن عن مالك به. (¬2) انظر الموطأ برواية: - القعنبي (ل: 46 / أ) - الأزهرية-. - أبي مصعب الزهري (1/ 244) (رقم: 620)، وسويد بن سعيد (ص: 216) (رقم: 434). - وأخرجه الجوهري في مسند الموطأ (ل: 144 / ب) من طريق القعنبي عن مالك به، وقال: "هذا حديث مرسل". (¬3) كذا قال! ! وقد رواه الترمذي من طريقه بصيغة: أن عائشة، كما قال أبو مصعب وغيره، إلا أن يكون الترمذي رواه عنه خارج الموطأ. (¬4) تقدّم أن الجوهري حكم عليه بالإرسال، وقال ابن عبد البر أيضا: "هذا حديث مرسل في الموطأ عند جماعة الرواة لم يختلفوا عن مالك في ذلك، وهو يستند من حديث الأعرج، عن أبي هريرة، عن عائشة، ومن حديث عروة، عن عائشة من طرق صحاح ثابتة". التمهيد (23/ 348).

عامين، وقيل: ماتا في عام واحد (¬1). وقال الدارقطني: "محمد بن إبراهيم لم يسمع من عائشة، والحديث مرسل". وذكر أنَّ جماعةً رووه عن يحيى بن سعيد، عن عُبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت عن عائشة بزيادة فيه، قال: "وهو الصواب" (¬2). قال، الشيخ: "وخرّجه مسلم من طريق أبي هريرة، عن عائشة" (¬3). ¬

_ (¬1) ذكر الذهبي عن هشام بن عروة، وأحمد بن حنبل، وخليفة بن خياط أنها توفيت سنة سبع وخمسين، وعن أبي عبيدة والواقدي وغيرهما أنها توفيت سنة ثمان وخمسين، وذكر في أبي هريرة أيضًا هذين القولين وقولًا ثالثًا، وهو أنه مات سنة تسع وخمسين، قاله ابن إسحاق وأبو عمرو الضرير وأبو عبيد وابن نمير. انظر: طبقات ابن سعد (8/ 76 - 78)، والمستدرك (4/ 6)، والاستيعاب (13/ 93)، والسير (2/ 192، 626 - 627)، والإصابة (12/ 97)، (13/ 42)، وتاريخ خليفة (ص: 225، 227). وقد استدلّ المصنف بقرب سنة وفاة عائشة وأبي هريرة على سماع محمد بن إبراهيم التيمي عن عائشة، وإليه يميل الحافظ في التهذيب (7/ 9) فإنه ذكر رواية محمد بن إبراهيم عن جابر وأبي سعيد، ثم قال: "حديثه عن عائشة عند مالك والترمذي، وصححه، وعائشة ماتت قبل أبي سعيد وجابر". ولكن يُلاحظ أن ما ذكراه قد يُستأنس به عند عدم وجود النافي، وهنا قد نفى أبو حاتم والدارقطني سماعه من عائشة ووافقهما الجوهري وابن عبد البر حيث حكما على حديثه عن عائشة بالإرسال، وكذا ذكر الذهبي أنه أرسل عن عائشة، ثم إن الأصل الذي بنى عليه المؤلف سماع محمد بن إبراهيم التيمي عن عائشة وهو سماعه من أبي هريرة نفاه الدارقطني أيضا حيث قال: "محمد بن إبراهيم لم يسمع من أبي هريرة"، فتعيّن ما قاله ابن عبد البر بأن حديثه هذا مرسل، ويستند من وجوه أخرى. انظر: المراسيل لابن أبي حاتم (ص: 188)، والعلل للدارقطني (8/ 119)، وجامع التحصيل (ص: 261)، والسير (5/ 294). (¬2) لم أقف عليه في العلل، وقد أورده ابن عبد البر في التمهيد (23/ 350) من طريق يزيد بن هارون، عن يحيى بن سعيد به. والزيادة أن عائشة قالت: فقدته من الليل، فسمعت صوته وهو يصلي، قالت: فقمت إليه فأدخلت يدي في شعره فمسسته أبه بلل؟ ثم رجت إلا فراشي، ثم إنه سلّم فقال: "أجاءكِ شيطانك؟ ". (¬3) انظر: صحيح مسلم كتاب الصلاة، باب: ما يقال في الركوع والسجود (1/ 352) (رقم: 222).

570/ حديث: "إن كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - لَيخفّفُ ركعتي الفجر حتى إني لأقول أقرأ بأمّ القرآن أم لا". في الصلاة، الثاني. عن يحيى بن سعيد، عن عائشة، قالته (¬1). هذا مقطوع في الموطأ (¬2). وذكر الدارقطنيأنّ زهير بن معاوية، وعبد الوهاب الثقفي، وجماعةً سمّاهم رووه عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن عبد الرحمن بن أخي عمرة، عن عمرة عن عائشة، وأن سليمان بن بلال رواه عن يحيى بن سعيد قال: حدثني أبو الرّجال، عن أمِّه عمرة، عن عائشة (¬3). قال: "ورواه عبد العزيز بن مسلم القسملي، عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن عمرة عن عمرة، عن عائشة. ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: صلاة الليل، باب: ما جاء في ركعتي الفجر (1/ 123) (رقم: 30). (¬2) أي معضل؛ لسقوط اثنين من الإسناد. (¬3) وهم: عباد بن العوام، وأبو خالد الأحمر، ويزيد بن هارون، وأبو ضمرة أنس بن عياض، والقاسم بن معن، وأبو إسحاق الفزاري، وجعفر بن عون، وأبو حمزة السكري، وعبد الوارث بن سعيد. العلل (5 / ل: 97 / أ). والحديث من طريق زهير عند البخاري في الصحيح كتاب: التهجد، باب: ما يقرأ في ركعتي الفجر (1/ 361) (رقم: 1165)، وأبي داود في السنن كتاب: الصلاة، باب: في تخفيف ركعتي الفجر (2/ 44) (رقم: 1255)، ومن طريق عبد الوهاب عند مسلم في الصحيح، كتاب: صلاة المسافرين، باب: استحباب ركعتي سنة الفجر (1/ 501) (رقم: 92)، ومن طريق أبي خالد الأحمر عند إسحاق (2/ 429) (رقم: 991) ومن طريق يزيد بن هارون وعبد الوارث عند أحمد (6/ 186، 235). وتابعهم جرير عند النسائي في السنن كتاب: الافتتاح، باب: تخفيف ركعتي الفجر (2/ 494) (رقم: 945)، وابن نمير عند أحمد (6/ 164)، وابن عيينة عند الحميدي (1/ 95) (رقم: 181).

قال: فإن كان حُفظ هذا فإنّ محمد بن عمرة هو أبو الرجال، أمه عمرة بنت عبد الرحمن واسم أبي الرجال: محمد بن عبد الرحمن" (¬1). قال: "والصّحيح من ذلك قول من قال: عن يحيى، عن محمد بن عبد الرحمن بن أخي عمرة، عن عمرة عن عائشة" (¬2). هكذا قال أبو الحسن، ويعني أنّ عبد الرحمن والد محمّد الّذي هو راوي هذا الحديث هو ابن أخي عمرة لا ابنه محمد. فمحمّد يرويه عن عمّة أبيه؛ لأنّه محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة (¬3). وهي: عمرة بنت عبد الرحمن بن سعد، فهي أخت عبد الله جدّ محمد عمّة أبيه عبد الرحمن، لا عمّته. وخرّج البخاري ومسلم هذا الحديث عن محمد بن عبد الرحمن هذا، عن عمرة من طريق شعبة، ويحيى بن سعيد، ولم ينسبا محمدًا إلى عمرة (¬4)، فبيّن ¬

_ (¬1) العلل (5/ ل: 97 / أ). قلت: وعلى هذا ليحيى في هذا الحديث شيخان، أحدهما محمد بن عبد الرحمن الأنصاري كما ورد ذلك في رواية زهير ومن تابعه. والآخر محمد بن عبد الرحمن بن حارثة بن النعمان المعروف بأبي الرجال، وقد روى من طريقه سليمان بن بلال وعبد العزيز القسملي إلا أن الأول كنّاه، والثاني سمّاه ونسبه إلى أمّه، لكن الدارقطني رجّح رواية الجماعة ووافقه المزي حيث وهم رواية من قال: عن محمد بن عبد الرحمن عن أمه عمرة. انظر: تحفة الأشراف (12/ 415)، وفتح الباري (3/ 56). (¬2) العلل (5/ ل: 98 / أ). (¬3) انظر: تهذيب الكمال (25/ 609 - 611)، وتهذيب التهذيب (9/ 265)، وفتح الباري (3/ 56). (¬4) انظر: صحيح البخاري (1/ 361) (رقم: 1165)، وصحيح مسلم (1/ 501) (رقم: 93، 92).

الدارقطني مكانه منها، وذكر أنّ شعبةَ وغيره قالوا فيه أيضا: محمد بن عبد الرحمن بن أخي عمرة (¬1). وقد غلط فيه جماعة، فظنوا أنّه أبو الرجال ولد عمرة (¬2)، وكثيرًا ما يلتبس به فقِف عليه (¬3). وأبو الرّجال هو محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن حارثة بن النعمان، وقيل: والده عبد الرحمن هو ابن حارثة من غير واسطة (¬4). وهذا مذكور في مرسل عمرة (¬5). ¬

_ (¬1) العلل (5/ ل: 97 / أ). (¬2) الذين غلطوا فيه هم: أبو مسعود الدمشقي في أطراف الصحيحين (ل: 22 / ب)، وتبعه الحميدي في الجمع بين الصحيحيِن (4/ 152) (رقم: 3269). ونقل ابن حجر في فتح الباري (3/ 56) عن الخطيب البغدادي أنه وهّم أبا مسعود في ذلك وقال: إن شعبة لم يرو عن أبي الرجال شيئا، قال الحافظ: يؤيّده أن عمرة أُم أبي الرجال لا عمّته، مشيرًا بذلك إلى سياق إسناد شعبة عند البخاري حيث قال: عن محمد بن عبد الرحمن عن عمته عمرة، وقال في النكت الظراف (12/ 414): أخرج الطحاوي الحديث من طريق معاوية بن صالح، عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن عبد الرحمن، عن أمه عمرة، قال: فهذا سلف أبي مسعود الذي تبعه الحميدي. قلت: والحديث من طريق معاوية بن صالح عند الطحاوي فما شرح معاني الآثار (1/ 297). (¬3) سبب الالتباس في ذلك هو اشتراك عدة أشخاص في اسم واحد مع اتحاد طبقتهم فقد ذكر العيني عن الجياني أنه قال: إن محمد بن عبد الرحمن أربعة من تابعي أهل الدينة أسماؤهم متقاربة، وطبقتهم واحدة، وحديثهعم مخرج في الكتابين ثم ذكرهم. العمدة (7/ 230). (¬4) انظر: طبقات ابن سعد (5/ 402)، و (8/ 350)، وتهذيب الكمال (25/ 602)، وتهذيب التهذيب (9/ 263). (¬5) انظر: (5/ 163).

571 / حديث: "أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كُفِّن في ثلاثة أثواب بيض سُحُولِيَّة (¬1) ". في الجنائز. عن يحيى بن سعيد، قال: بلغني أنَّ أبا بكر قال لعائشة وهو مريض: في كم كُفِّن؟ فذكرتْه (¬2). وفيه: قول أبي بكر (¬3). هذا مقطوع عن عائشة وليس بالمرفوع، وقد أدخل فيه بوجه من التأويل (¬4). وتقدم لعروة عنها متصلا (¬5). 572 / حديث: "قالت: رأيتُ ثلاثةَ أقمار سقطن في حُجرتي ... ". فيه: فلمّا توفي رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، ودُفِن في بيتها، قال لها أبو بكر: هذا أحد أقمارك ... في باب: الدفن. عن يحيى بن سعيد، أنّ عائشة قالته (¬6). وهذا في الموطأ مقطوع عن عائشة (¬7). ¬

_ (¬1) هي ثياب بيض نقيّة، لا تكون إلا من القطن، وقيل: هي منسوبة إلى سحول، مدينة باليمن يحمل منها هذا الثياب. النهاية (2/ 347). (¬2) الموطأ كتاب: الجنائز، باب: ما جاء في كفن الميّت (1/ 195) (رقم: 6). (¬3) وهو قوله: خذوا هذا الثوب (لثوب عليه) فاغسلوه، ثم كفّنوني فيه. (¬4) وهو أن الله تعالى اختاره لنبيه - صلى الله عليه وسلم -، لا أنه مروي عظ. (¬5) تقدّم حديثه (4/ 43). (¬6) الموطأ كتاب: الجنائز، باب: ما جاء فِي دفن الميت (1/ 201) (رقم: 30). (¬7) وهكذا رواه منقطعا: أبو مصعب الزهري (1/ 384) (رقم: 974)، وسويد بن سعيد (ص: 370) (رقم: 838)، وابن بكير (ل: 62 / ب) - الظاهرية-.

ورواه قتيبة عن مالك، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب عن عائشة قولُها (¬1). والمقصود منه الدفن في بيتها، وليس بالمرفوع ههنا، وتقدم حديث الدفن مرفوعا لأبي بكر (¬2). * * * ¬

_ (¬1) انظر: التمهيد (48/ 24)، ووصله أيضا: سويد بن سعيد، ومعن بن عيسى عند ابن المظفر في غرائب مالك (ص: 38) (رقم: 3). ووصله صحيح، فقد رواه جماعة عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن سعيد بن المسيب، عن عائشة موصولا، منهم: - يزيد بن هارون عند ابن سعد في الطبقات (2/ 224). - وعمرو بن الحارث عند الطبراني في المعجم الأوسط (7/ 193) (رقم: 6369). - ويحيى بن أيوب الغافقي عند الطبراني في العجم الكبير (47/ 23) (رقم: 126). - وسفيان بن عيينة عند الحاكم فِي المسندرك (3/ 60)، والبيهقي في الدلائل (7/ 261، 262)، وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي. واتفاق هؤلاء الرواة على وصل الحديث يدل على أن هذا هو الصواب في هذه الرواية، وأما مالك فقد صح عنه الوجهان. (¬2) تقدّم حديثه (3/ 133).

573 / حديث: "ما صلّى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - على سُهيل بن بيضاءَ إلاّ في المسجد". في الجنائز. عن أبي النَّضر، عن عائشة، وفيه قصة الصلاة على سعد (¬1). هذا مقطوع في الموطأ (¬2). ووصله حماد بن خالد الخياط، عن مالك قال فيه: عن أبي النضر عن أبي سلمة، عن عائشة (¬3). وهكذا قال فيه الضحاك بن عثمان، عن أبي النضر، خرّجه مسلم عنه (¬4). وقال الدارقطني: الصحيح المرسل، يريد من هذا الطريق (¬5). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الجنائز، باب: الصلاة على الجنائز في المسجد (1/ 199) (رقم: 22). (¬2) وهكذا رواه: أبو مصعب الزهري (1/ 402) (رقم: 1018)، وابن بكير (ل: 61 / ب)، وسويد بن سعيد (ص: 365) (رقم: 819)، وابن عفير، والقعنبي عند الجوهري في مسند الموطأ (ل: 75 / ب). وقال: هذا حديث مرسل. وهكذا قال الدارقطني في أحاديث الموطأ (ص: 18). وقال ابن عبد البر أيضا: "هكذا هو عند جمهور الرواة منقطعا". التمهيد (207/ 21). وتابع مالكًا عليه: عبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون، ذكره الدارقطني في العلل (5 / ل: 74 / ب)، وأخرجه من طريقه ابن عبد البر في التمهيد (21/ 217). (¬3) أورده ابن عبد البر فِي التمهيد (21/ 217) وقال: انفرد بذلك عن مالك. وقال الدارقطني: رواه حماد بن خالد الحنّاط (كذا) عن مالك، عن أبي النضر، عن أبي سلمة، عن عائشة، وخالفه القعنبي وأصحاب الموطأ رووه عن مالك، عن أبي النضر، عن عائشة، ولم يذكروا فيه أبا سلمة. العلل (5 / ل: 74/ أ). (¬4) أخرجه مسلم في صحيحه كتاب: الجنائز، باب: الصلاة على الجنازة في المسجد (2/ 669) (رقم: 101). (¬5) العلل (5/ 74 / ب). قلت: وإنما رجّح المرسل لاتفاق مالك -من رواية جمهور أصحابه- وعبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون عليه، وهما إمامان جليلان، وأما الضحاك بن عثمان الذي وصله فهو متكلّم فيه، قال عنه في التقريب (رقم: 2972): صدوق يهم.

وقد رواه جماعة عن عباد بن عبد الله بن الزبير، عن عائشة مسندا، خرّجه مسلم أيضا (¬1)، وقال مسلم في سهيل: هو ابن دعد، وأمه بيضاء (¬2). وقال غيرُه: دعد هو اسم أمه، وكان يقال لها البيضاء، وأما أبوه فهو وهب بن ربيعة (¬3). وروى صالح مولى التوأمة عن أبي هريرة مرفوعا: "من صلى على جنازة في المسجد، فلا شيء له"، خرّجه أبو داود (¬4). ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في صحيحه كتاب: الجنائز، باب: الصلاة على الجنازة في المسجد (2/ 668) (رقم: 99، 100) من طريق عبد الواحد بن زياد. وأبو داود في السنن كتاب: الجنائز، باب: الصلاة على الجنازة فِي المسجد (3/ 530) (رقم: 3189) من طريق صالح بن عجلان، ومحمد بن عبد الله بن عباد. وابن ماجه في السنن كتاب: الجنائز، باب: ما جاء في الصلاة على الجنائز في المسجد (1/ 486) (رقم: 1518) من طريق صالح بن عجلان وحده كلهم عن عباد بن عبد الله بن الزبير به. (¬2) انظر: صحيح مسلم (2/ 669). (¬3) هذا قول جمهور علماء السير والتراجم، فقد ذكر النووي في شرح صحيح مسلم (7/ 39 - 40) عنهم أنهم قالوا: بنو بيضاء ثلاثة إخوة: سهل، وسهيل، وصفوان، وأمّهم اسمها دعد، والبيضاء وصف، وأبوهم وهب بن ربيعة القرشي الفهري. وانظر: الطبقات الكبرى لابن سعد (3/ 317) و (4/ 161)، والاستيعاب (4/ 270 - 271، 283 - 284)، والسير (1/ 384)، والإصابة (4/ 269 - 270، 283 - 384). (¬4) أخرجه أبو داود في السنن كتاب: الجنائز، باب: الصلاة على الجنازة في المسجد (3/ 531) (رقم: 3191)، وكذا ابن ماجه في السنن كتاب: الجنائز، باب: ما جاء في الصلاة على الجنائز في المسجد (1/ 486) (رقم: 1517)، وعبد الرزاق في المصنف (3/ 527) (رقم: 6579)، وابن أبي شيبة في المصنف (3/ 364)، وأحمد في المسند (2/ 444، 455)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 492)، والبيهقي في السنن الكبرى (4/ 52)، وأبو نعيم في الحلية (7/ 93)، وابن عدي في الكامل (4/ 1374)، وابن الجوزي في العلل المتناهية (1/ 414) (رقم: 696) كلهم من طوق عن ابن أبي ذئب، عن صالح به. واللفظ الذي عزاه المؤلف لأبي داود هو في رواية أبي بكر بن داسة (ل: 72 / ب)، وهكذا في تحفة =

وقيل: معناه: لا شيء عليه كقول الله سبحانه: {فَلَهُمُ اللَّعْنَةُ} (¬1)، أي: عليهم، {وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} (¬2) بمعنى: فعليها (¬3). ¬

_ = الأشراف (10/ 115) ولفظ أبي داود المطبوع -وهي رواية اللؤلؤي-: "فلا شيء عليه". والحديث سنده ضعيف، صالح مولى التوأمة كان قد اختلط، يدل على ذلك أنه تارة يقول: "فلا شيء عليه"، وتارة: "فلا شيء له"، وتارة: "فليس له أجر"، كما ذكرها ابن القيم في تهذيب السنن (4/ 325 - مختصر المنذري-). وقد قيل: إن ابن أبي ذئب سمع منه قديمًا، لكن ذكر الحافظ في التهذيب (4/ 356) عن الترمذي أنه حكى عن البخاري عن أحمد بن حنبل: أنه سمع منه أخيرًا، وروى عنه منكرًا. ولو سُلّم أنه سمع منه قبل الاختلاط فصالحٌ في حدّ ذاته لا يُحتجّ به إذا تفرّد، ولا سيما إذا خالف غيرَه، وهذا الحديث قد تفرد به، واضطرب فيه، ولأجله ضعّفه غيرُ واحد من أهل العلم، قال الإمام أحمد: "هو مما تفرد به صالح مولى التوأمة". انظر: الاستذكار (8/ 273). وقال ابن حبان: في المجروحين (1/ 362): "هذا خبر باطل، كيف يخبر المصطفى - صلى الله عليه وسلم - أن المصلي في المسجد على الجنازة لا شيء له من الأجر، ثم يصلي هو - صلى الله عليه وسلم - على سُهيل بن البيضاء في المسجد". وقال البيهقي: "هو مما يُعدّ من أفراد صالح مولى التوأمة، وصالحٌ مختلف في عدالته، وكان مالك بن أنس يجرّحه". السنن الكبرى (4/ 52). وقال ابن عبد البر: "لا يثبت عن أبي هريرة". الاستذكار (8/ 273). وقال البغوي: "وهذا ضعيف الإسناد، ويُعدّ من أفراد صالح مولى التوأمة". شرح السنة (3/ 246). وقال ابن الجوزي: "لا يصح". العلل المتناهية (1/ 414) (رقم: 696). (¬1) سورة الرعد، الآية (25) لكن بدون الفاء، أي: {لَهُمُ اللَّعْنَةُ}. (¬2) سورة الإسراء، الآية (7). (¬3) هذا التأويل ذكره أيضًا ابن عبد البر في الاستذكار (8/ 273) على فرض صحة الحديث، لكنه لم يصح كما تقدّم. وذكر الخطابي في المعالم (1/ 272)، والبغوي في شرح السنة (3/ 246) تأويلًا آخر فقالا: "إن ثبت حديث أبي هريرة يُحمل على نقصان الأجر، وذلك أن من صلى عليها في المسجد فالغالب أنه ينصرف إلى أهله، ولا يشهد دفنه، وأن من سعى إلى جنازة فصلى عليها بحضرة المقابر شهد دفنه وأحرز أجر القيراطين". وللسندي قول ثالث، انظره في حاشية سنن ابن ماجه (1/ 228) ط / دار المعرفة، لكن التأويلات قد يُقبل عند ثبوت الحديث، وقد تقدّم أنه لم يثبت، فلا يُعوّل عليها.

574/ حديث: "أنَّ عائشةَ وحفصةَ أصبحتا صائمتَين متطوّعتَين، فأُهدي لهما طعام، فأفطرتا عليه، فدخل عليهما رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، قالت عائشة: فقالت حفصة -وبدرتني بالكلام ... ". فيه: "اقضيا مكانه يومًا آخر". في الصيام. عن ابن شهاب ذكره (¬1). هكذا هو في الموطأ مقطوع (¬2). وقال فيه عبد العزيز بن يحيى، وعبد الله بن ربيعة القُدامي، وطائفة عن مالك عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة. ولم يثبت موصولا عن مالك (¬3). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الصيام، باب: قضاء التطوّع (1/ 253) (رقم: 50). وأخرجه النسائي في السنن الكبرى (2/ 248) (رقم: 3298) من طريق ابن القاسم عن مالك به. (¬2) انظر الموطأ برواية: - أبي مصعب الزهري (1/ 319) (رقم: 827)، والقعنبي (ص: 216)، وسويد بن سعيد (ص: 425) (رقم: 971)، ومحمد بن الحسن الشيباني (ص: 127) (رقم: 363). - وابن القاسم عند النسائي، وابن المظفر في غرائب مالك (ص: 94) (رقم: 46). - وابن وهب عند الطحاوي في شرح المعاني (2/ 108). - وإسحاق بن الفرات عند ابن المظفر في غرائب مالك (ص: 94) (رقم: 46). بل هي رواية جميع رواة الموطأ كما قال ابن عبد البر في التمهيد (12/ 66)، وتابع مالكًا عليه جمهورُ أصحاب الزهري كما سيأتي. (¬3) أخرجه ابن عبد البر في التمهيد (12/ 66) من طريق عبد العزيز بن يحيى. وابن المظفر في غرائب مالك (ص: 93) (رقم: 45) من طريق عبد الله بن ربيعة القدامي، كلاهما عن مالك به. وإسنادهما لا يصح؛ لأن عبد العزيز بن يحيى متروك. قال العقيلي: "يحدّث عن الثقات بالبواطيل، ويدّعي من الحديث ما لا يعرف به غيره من المتقدمين عن مالك وغيره". =

ووصله جماعة عن الزهري، وخالفهم حفّاظُ أصحابه فقطعوه (¬1)، ¬

_ = واتهمه ابن عدي بسرقة الحديث. انظر: الجرح والتعديل (5/ 400)، والضعفاء للعقيلي (3/ 19)، والكامل لابن عدي (5/ 2016)، وتهذيب الكمال (18/ 218)، وتهذيب التهذيب (6/ 323)، والتقريب (رقم: 4131). ومثله عبد الله بن ربيعة. قال الدارقطني: "متروك". وقال ابن حبان: "كانت تقلب له الأخبار فيجيب فيها، كان آفته ابنه، لا يحل ذكره في الكتب إلا على سبيل الاعتبار، ولعله أُقلب له على مالك أكثر من مائة وخمسين حديثًا فحدّث بها كلَّها". وقال العقيلي: "يروي عن مالك وهو ضعيف، يأتي بالمناكير وبما لا يُتابع عليه". وقال الذهبي: "أحد الضعفاء، أتى عن مالك بمصائب". انظر: الأحاديث التي خولف فيها مالك (ص: 106)، والمجروحين (2/ 39)، والإرشاد للخليلي (1/ 280 - 281)، والميزان (2/ 488)، واللسان (3/ 334). وتابعهما مطرّف، أخرجه من طريقه ابن المظفر في غرائب مالك (ص: 92) (رقم: 44)، وذكره الدارقطني في العلل (5 / ل: 121 / أ)، وابن عبد البر في التمهيد (12/ 67). ومطرّف ثقة، لكن الراوي عنه جعفر بن عبد الواحد الهاشمي، قال فيه الدارقطني: "كذّاب يضع الحديث". وقال ابن حبان: "كان ممن يسرق الحديث، ويقلب الأخبار، يروي المتن الصحيح الذي هو مشهور بطريق يجيء به من طريق آخر، لا يشك من الحديث صناعته أنه كان يعملها، وكان لا يقول حدّثنا في روايته، كان يقول: قال لنا فلان بن فلان". انظر: سؤالات السهمي للدارقطني (ص: 189) (رقم: 233)، والمجروحين (1/ 215). وعليه فالصحيح عن مالك، وكذا عن الزهري إرساله، ولدا قال المؤلف: "ولم يثبت موصولًا عن مالك". وقال ابن عبد البر: "وقد رُوي عن مطرف وروح بن عبادة كذلك مسندا عن عروة عن عائشة، وكذلك رواه القدامي، ولا يصح عنه عن مالك إلا ما في الموطأ". التمهيد (12/ 67). (¬1) الذين وصلوه عن الزهري هم: 1 - جعفر بن بُرقان، عند الترمذي في السنن كتاب: الصوم، باب: ما جاء في إيجاب القضاء عليه (3/ 112) (رقم: 735)، والنسائي في السنن الكبرى (2/ 247) (رقم: 3291)، وأحمد في المسند (6/ 263)، وإسحاق بن راهويه فِي المسند (2/ 160) (رقم: 115)، وأبو يعلى في المسند (8/ 101) (رقم: 4639)، والبيهقي في السنن الكبرى (4/ 280). =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وجعفر بن بُرقان ضعيف في حديثه عن الزهري، ضعّفه أحمد، وابن معين، والنسائي، وابن عدي، وغيرهم. انظر: العلل للإمام أحمد (3/ 103 - رواية عبد الله -)، وتاريخ ابن معين- رواية الدوري عنه- (2/ 84)، والكامل (2/ 563)، وتهذيب الكمال (5/ 11)، وتهذيب التهذيب (2/ 73)، والتقريب (رقم: 932). 2 - صالح بن أبي الأخضر، ذكره الترمذي في السنن (3/ 112) وأخرجه من طريقه: النسائي في السنن الكبرى (2/ 248) (رقم: 3293)، وابن راهويه في مسنده (2/ 162) (رقم: 117)، والبيهقي في السنن الكبرى (4/ 280)، وابن عبد البر في التمهيد (12/ 68). وهو ضعيف على الإطلاق، وقد ضعّفه في الزهري خاصة أبو زرعة وابن حبان. انظر: الجرح والتعديل (4/ 395)، وتهذيب الكمال (8/ 13)، وتهذيب التهذيب (4/ 333)، والتقريب (رقم: 2844). 3 - إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة، عند النسائي في السنن الكبرى (2/ 248) (رقم: 3294)، ومسلم في التمييز (ص: 216). وهو ثقة، لكن الراوي عنه يحيى بن أيوب المصري، وقد قال عنه في التقريب (رقم: 7511): "صدوق ربما أخطأ". 4 - صالح بن كيسان، عند النسائي في السنن الكبرى (2/ 248) (رقم: 3295). وهو ثقة ثبت، لكن الراوي عنه يحيى بن أيوب المصري، وقد تقدّم قول الحافظ فيه أنه "صدوق ربما أخطأ". 5 - سفيان بن حسين، عند أحمد في المسند (6/ 141، 237)، وذكره أيضا البيهقي في السنن الكبرى (4/ 279). وهو ضعيف في الزهري، ضعّفه الإمام أحمد، وابن معين، والنسائي، وغيرهم. انظر: العلل لأحمد (رقم: 27، 178 - رواية المروذي-)، وتهذيب الكمال (11/ 140)، وتهذيب التهذيب (4/ 96)، والتقريب (رقم: 2437). 6 - عبد الله بن عمر العمري، عند مسلم في التمييز (ص: 216)، والطحاوي في شرح المعاني (2/ 108). وهو ضعيف. 7 - إسماعيل بن أمية عند مسلم في التمييز (ص: 216). وهو ثقة، لكن الراوي عنه يحيى بن أيوب المصري. 8 - ربيعة بن عثمان، عند ابن المظفر في غرائب مالك (ص: 96) (رقم: 47). وهو صدوق له أوهام كما في التقريب (رقم: 1913). =

والمقطوع أصح؛ لأن عبد الملك بن جريج سأل الزهري عنه فقال: لم أسمعه من عروة، ولكن حدثني به ناس عن بعض من كان يسأل عائشة، فأنكر روايته عن عروة، وأحال على مجهولين عن مجهول. ذَكَرَ هذا مسلم في كتاب التمييز له (¬1)، وذكر الترمذي نحوه (¬2). ¬

_ = 8 - محمد بن أبي حفصة، ذكره الترمذي في السنن (3/ 112). وهو صدوق يخطئ كما في التقريب (رقم: 5826). أما الحفاظ الذين خالفوه، فهم: 1 - معمر بن راشد، عند عبد الرزاق في المصنف (4/ 276) (رقم: 7790)، والنسائي في الكبرى (2/ 248) (رقم: 3296). 2 - ابن جريج عند الترمذي في السنن (3/ 112)، ومسلم في التمييز (ص: 217)، وعبد الرزاق فِي المصنف (4/ 276) (رقم: 7791)، والطحاوي فِي شرح معاني الآثار (2/ 119)، والبيهقي في السنن الكبرى (4/ 280). 3 - عبيد الله بن عمر العمري، عند النسائي في الكبرى (2/ 248) (رقم: 3297)، والبيهقي في السنن الكبرى (4/ 279). 4 - سفيان بن عيينة، عند إسحاق بن راهويه في المسند (2/ 162) (رقم: 116). 5 - ويونس بن يزيد الأيلي، عند البيهقي في السنن الكبرى (4/ 279). 6 - يحيى بن سعيد القطان، عند البيهقي في معرفة السنن والآثار (6/ 343). ولأجل اتّفاق هؤلاء الحفاظ على الإرسال قال المؤلف: "والمقطوع أصح"، وذكر بعض القرائن لترجيح ذلك، وقال ابن حجر: "توارد الحفاظ على الحكم بضعف حديث عائشة هذا". فتح الباري (2/ 250). (¬1) انظر: (ص: 216 - 117)، فقد أخرج الحديث فيه من طريق إسماعيل بن عقبة وعبد الله بن عمر العمري، وإسماعيل بن أمية، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، ثم ذكر رواية ابن جريج وقال: فقد شفى ابن جريج في رواية الزهري هذا الحديث عن التصحيح، فلا حاجة بأحد إلى التنقير عن حديث الزهري إلى أكثر مما أبان عنه ابن جريج من النقير والتنقير في جمع الحديث إلى مجهولين عن مجهول، ففسد الحديث لفساد الإسناد. (¬2) أخرج الترمذي في السنن كتاب: الصيام، باب: ما جاء في إيجاب القضاء عليه (3/ 112) (رقم: 735) الحديث من طريق جعفر بن بُرقان موصولا، ثم قال: "ورواه مالك بن أنس، =

وقال ابن عيينة: "سألوا الزهري وأنا شاهد، أهو عن عروة؟ فقال: لا". ذكر هذا النسائي (¬1)، وخَرَّج الحديث من طريق الزهري وزُميل عن عروة، عن عائشة وقال: "زميل ليس بالمشهور" (¬2). وخرّجه أيضا من طريق عمرة، وعائشة بنت طلحة، عن عائشة أم ¬

_ = ومعمر، وعبيد الله بن عمر، وزياد بن سعد، وغير واحد من الحفاظ، عن الزهري، عن عائشة مرسلا، ولم يذكروا فيه: عن عروة، وهذا أصح؛ لأنه روي عن ابن جريج، فذكره ... ". وقول ابن جريج هذا ذكره عبد الرزاق أيضا في المصنف (4/ 276) (رقم: 7791)، وإسحاق بن راهويه في مسنده (2/ 353)، والبيهقي في السنن الكبرى (4/ 280). وممّن رجّح المرسل أبو زرعة الرازي، حكاه عنه ابن أبي حاتم في العلل (1/ 265). (¬1) السنن الكبرى (2/ 248)، وذكره أيضا البيهقي في السنن الكبرى (4/ 280) من طريق الحميدي عنه، ثم قال: فهذان ابن جريج وسفيان بن عيينة شهدا على الزهري -وهما شاهدا عدل- بأنه لم يسمعه من عروة، فكيف يصح وصل من وصله، قال أبو عيسى الترمذي: سألت محمد بن إسماعيل البخاري عن هذا الحديث؟ فقال: "لا يصح حديث الزهري، عن عروة، عن عائشة"، وكذلك قاله محمد بن يحيى الذهلي، واحتجّ بحكاية ابن جريج وسفيان بن عيينة بإرسال من أرسل الحديث عن الزهري من الأئمة. وانظر أيضا: المعرفة له (6/ 343). (¬2) لم أجده من طريق زميل في الكبرى مع وجود الطرق الأخرى فيه، وقد عزاه إليه المزي في تحفة الأشراف (5/ 12)، وكذا أخرجه مسلم في التمييز (ص: 216)، وأبو داود في السنن (2/ 826) (رقم: 2457)، والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 281). وإسناده ضعيف لجهالة حال زميل، وهو زميل بن عباس القرشي مولى عروة بن الزبير، قال البخاري: "لا يُعرف له سماع من عروة، ولا تقوم به حجة". وقال أحمد: "لا أدري من هو". وسبق قول النسائي فيه: "ليس بمشهور". وقال الحافظ: "مجهول". وذكره في فتح الباري (4/ 250) ثم قال: ضعّفه أحمد والبخاري والنسائي بجهالة حال زميل. انظر ترجمته في: التاريخ الكبير (3/ 450)، وتهذيب الكمال (9/ 389 - 391)، وتهذيب التهذيب (3/ 293)، والتقريب (رقم: 2036).

المؤمنين، وعلّل هذين الطريقين أيضا (¬1). ¬

_ (¬1) انظر: السنن الكبرى (2/ 248) (رقم: 3299، 3300) وتصحفت فيه "عمرة" إلى "عروة"، وقد أخرجه أيضا مسلم في التمييز (ص: 217) (رقم: 101)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (2/ 109)، وابن حزم في المحلى (4/ 419) كلهم من طريق ابن وهب، عن جرير بن حازم، عن يحيى بن سعيد، عن عمرة، عن عائشة قالت: "أصبحت صائمة أنا وحفصة"، فذكرته، قوّاه ابن حزم فقال: "ليس انفراد جرير بإسناده علة؛ لأن جريرا ثقة". كذا قال، ولكن خطّأ جريرًا في روايته هذه وأنكرها غيرُ واحد من الأئمة، فروى البيهقي في السنن الكبرى (4/ 281) عن أبي بكر الأثرم أنه قال: قلت لأبي عبد الله -يعني أحمد بن حنبل-: تحفظه عن يحيى، عن عمرة، عن عائشة: "أصبحت أنا وحفصة صائمتين"؟ فأنكره وقال: من رواه؟ قلتُ: جرير بن حازم. فقال: "جرير كان يحدّث بالتوهّم". وروى من طريق أحمد بن منصور الرمادي أنه قال: قلت لعلي بن المديني: يا أبا الحسن تحفظ عن يحيى بن سعيد، عن عمرة، عن عائشة قالت: "أصبحت أنا وحفصة صائمتين"؟ فقال لي: من روى هذا؟ قلتُ: ابن وهب، عن جرير، عن يحيى بن سعيد. قال: فضحك، فقال: "مثلك يقول مثل هذا، حدّثنا حماد بن زيد، عن يحيى بن سعيد، عن الزهري: أن عائشة وحفصة أصبحتا صائمتين". وكذا أنكره مسلم في التمييز فقال: "وأما حديث يحيى بن سعيد، عن عمرة، عن عائشة، فلم يسنده عن يحيى إلا جرير بن حازم لم يُعن في الرواية عن يحيى، إنما روى من حديثه نزرا ولا يكاد يأتي لها على التقويم والاستقامة". وأعلّه النسائي أيضا كما حكاه المصنف فقال: "هذا خطأ، قد روى هذا الحديث جماعة عن طلحة فلم يذكر أحد منهم "ولكن سأصوم يوما مكانه"". ووهّمه أيضا الدارقطني في العلل (5 / ل: 121) فقال: "وأما حديث يحيى بن سعيد والخلاف عنه فإن الفرج بن فضالة وجرير بن حازم روياه عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة، ووهما فيه، وخالفهما حماد بن زيد، وعباد بن العوام، ويحيى بن أيوب، فرووه عن يحيى بن سعيد، عن الزهري مرسلا". فتعيّن بذلك أنّ الثقة قد يهم ويخطئ، ولذلك ذكر ابن رجب في شرح العلل (2/ 781 - 812) قوما هم ثقات في أنفسهم لكن حديثهم عن بعض الشيوخ فيه ضعف بخلاف حديثهم عن بقية =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = الشيوخ، قال: وهؤلاء جماعة كثيرون، فذكر منهم جرير بن حازم وعدّ من أوهامه هذا الحديث. وأما حديث عائشة بنت طلحة عنها: فأخرجه الطحاوي في شرح معانى الآثار (2/ 109) من طريق الشافعي، عن سفيان بن عيينة، عن طلحة بن يحيى بن طلحة، عن عمته عائشة بنت طلحة، عن عائشة رضي الله عنها قالت: دخل عليَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت: يا رسول الله إنّا قد خّبأنا لك حيسًا، فقال: "أما إني كنت أريد الصوم، ولكن قرّبيه، سأصوم يوما مكان ذلك". وهكذا أخرجه الدارقطني في السنن (2/ 177)، والبيهقي في السنن الكبرى (4/ 275) من طريق محمد بن عمرو بن العباس الباهلي، عن سفيان به. والحديث صحيح، ما عدا اللفظة الأخيرة منه، وهي: "سأصوم يوما مكان ذلك"، فإنها شاذّة تفرّد بها سفيان بن عيينة عن بقية أصحاب طلحة الثقات. فإن الحديث رواه مسلم في صحيحه كتاب: الصيام، باب: جواز صوم النافلة ... (2/ 808) (رقم: 169، 170) من طريق عبد الواحد بن زياد ووكيع. والدارقطني في السنن (2/ 176 - 177) من طريق سفيان الثوري، كلهم عن طلحة بن يحيى به، من غير هذه الزيادة. وهذه الزيادة حدّث بها ابن عيينة في آخر حياته، فقد قال الشافعي رحمه الله: "سمعت سفيان بن عيينة عامة مجالستي إياه لا يذكر فيه: "سأصوم يوما مكانه ذلك"، ثم إني عرضت عليه الحديث قبل أن يموت بسنة فأجاز فيه: "سأصوم يوما مكان ذلك""، ذكره الطحاوي في شرح المعاني (9/ 102) عقِب روايته لهذا الحديث، وكذا البيهقي في السنن الكبرى (4/ 275)، وعلّق (أي البيهقي) عليه بمقوله: "وروايته عامة دهره لهذا الحديث لا يذكر فيه هذا اللفظ مع رواية الجماعة عن طلحة بن يحيى لا يذكره منهم أحدٌ، منهم: سفيان الثوري، وشعبة بن الحجاج، وعبد الواحد بن زياد، ووكيع بن الجراح، ويحيى بن سعيد القطان، ويعلى بن عُبيد، وغيرهم تدل على خطأ هذه اللفظة". هذا وكان الدارقطني يرى أن الخطأ من عمرو بن العباس الباهلي؛ لأنه قال: لم يروه بهذا اللفظ عن ابن عيينة غير الباهلي، لم يُتابع عليه. لكن تقدّم عند الطحاوي أن الشافعي أَيضا رواه عن ابن عيينة كذلك، ولذلك ردّ البيهقي عليه قائلا: "ويزعم (أي الدارقطني) أنه لم يروه بهذا اللفظ غيره ولم يتابع عليه، وليس كذلك فقد حدّث به ابن عيينة في آخر عمره، وهو عند أهل العلم بالحديث غير محفوظ".

وخرّجه الدارقطني في العلل من طرق عن عائشة، ثم قال: ليس فيها كُلِّها ثابت (¬1). وإلى هذا ذهب مسلم في التمييز، وهّن الحديث وذكر أن إسناده فاسد (¬2). ورُوي في معناه عن عائشة: "أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال لها يوما: هل عندكم شيء؟ قالت: لا، قال: فإني صائم، قالت: ثم أُهدي لنا حيس فأكل منه، ثم قال: قد كنت أصبحت صائما". خرّجه مسلم في الصحيح من طريق عائشة بنت طلحة عنها (¬3). وفي الصحيح، في قصة سلمان وأبي الدرداء قال: "إني صائم، فقال سلمان: أقسمت عليك إلا ما طعمت، فأكل معه"، وصوّب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذلك (¬4). ورُوي في هذا الباب حديث عن ابن عباس مرفوعًا، خرّجه النسائي من طريق عكرمة عنه وقال: "هو منكر" (¬5). ¬

_ (¬1) العلل (5 / ل: 120 - 122). (¬2) التمييز (ص: 216 - 217). (¬3) انظر: صحيح مسلم كتاب: الصيام، باب: جواز صوم النافلة .. وجواز فطر الصائم نفلا من غير عذر (2/ 808 - 809) (رقم: 1554). ويلاحظ أن هذا الحديث بمعنى الحديث السابق في إباحة الإفطار فقط، ولذا أورد المؤلف بعده الأحاديث المبيحة للإفطار من غير إيجاب القضاء بعد أن أعلّ الأحاديث الموجبة للقضاء. (¬4) انظر: صحيح البخاري كتاب: الصوم، باب: من أقسم على أخيه ليفطر في التطوع ولم ير عليه قضاء إذا كان أوفق له (2/ 50) (رقم: 1968). (¬5) أخرجه في الكبرى (2/ 249) (رقم: 3301)، وكذلك الطبراني في المعجم الكبير (11/ 363) (رقم: 12027)، وفي الصغير (ص: 210) (رقم: 489)، وفي مسند الشاميين (1/ 27) من طريق خطاب بن القاسم، عن خُصيف، عن عكرمة، عن ابن عباس: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل على حفصة =

وجاء عن أمّ هانئ مرفوعًا: "الصّائمُ المتطوِّعُ أميرُ نفسه، إن شاء صام وإن شاء أفطر"، خرّجه النسائي والترمذي وأبو داود، وقال فيه النسائي: "هذا حديث مضطرب"، ووهّنه، وضعّف رواته. قال الترمذي: "حديث أم هانئ في إسناده مقال" (¬1). ¬

_ = وعائشة"، فذكره. وتتمة كلام النسائي كما في التحفة (5/ 130): خُصيف ضعيف في الحديث، وخطّاب لا علم لي به. قلت: سبب حكمه عليه بالنكارة تفرّد خصيف به وهو ضعيف من جهة الحفظ، وبه أعلّه ابن القطان في بيان الوهم والإيهام (3/ 433). (¬1) حديث أم هانئ ورد من طرق: 1 - أبو صالح مولى أم هانئ، عن أم هانئ: أخرجه النسائي في السنن الكبرى (2/ 251) (رقم: 3308)، وأحمد في المسند (6/ 424)، وإسحاق في مسنده (5/ 30) (رقم: 2133)، والحاكم في المستدرك (1/ 439)، والطبراني في المعجم الكببر (411/ 24) (رقم: 1000) كلهم من طريق سماك بن حرب، عن أبي صالح به. قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد"، ووافقه الذهبي. كذا قالا، وقد أعلّه النسائي بسماك وشيخه أبي صالح حيث قال: "وأما حديث أم هانئ فقد اختلف على سماك بن حرب فيه، وليس هو ممّن يُعتمد عليه إذا انفرد بالحديث؛ لأنه كان يقبل التلقين"، وقال في شيخه أبي صالح: "يختلفون في اسمه، فقيل: اسمه باذان، وقيل: باذام، وهو ضعيف الحديث". وتعليله بالاضطراب هو كالتالي: - رواه حاتم بن أبي صغيرة عنه، عن أبي صالح، عن أم هانئ، كما تقدّم. - ورواه أبو الأحوص عنه عند الترمذي في السنن، كتاب: الصوم، باب: ما جاء في إفطار الصائم المتطوع (3/ 109) (رقم: 731)، والنسائي في السنن الكبرى (2/ 250) (رقم: 3306) عن ابن أم هانئ، عن أم هانئ. - ورواه حماد بن سلمة عنه، عند أحمد في المسند (6/ 343، 424)، والدارمي في السنن، كتاب: الصوم، باب: فيمن يصبح صائما تطوعًا ثم يفطر (2/ 16) عن هارون بن بنت أم هانئ، أو ابن أم هانئ، عن أم هانئ. - ورواه شعبة عنه، عند الطيالسي في المسند (ص: 225) (رقم: 1618) فقال: ابنا أم هانئ. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = - وتارة يقول: عن رجل، عن يحيى بن جعدة، عن أم هانئ، أخرجه النسائي في السنن الكبرى (2/ 251) (رقم: 3307). - وتارة يرويه عن أبي صالح مرسلا، أخرجه أيضا النسائي في السنن الكبرى (2/ 251) (رقم: 3309). ولأجل هذا قال الترمذي: حديث أم هانئ في إسناده مقال. وذكر الدارقطني أيضا في السنن (2/ 174 - 175) هذه الوجوه، ثم قال: "اختلف عن سماك فيه، وإنما سمعه سماك من ابن أم هانئ، عن أبي صالح، عن أم هانئ". قلت: ابن أم هانئ مبهم لا يُعرف، وإن كان هو هارون -كما تقدّم في بعض الطرق- فهو مجهول كما فِي التقريب (رقم: 7251). 2 - جعدة، عن أم هانئ: أخرجه الترمذي في السنن (3/ 109) (رقم: 732)، والنسائي في السنن الكبرى (2/ 249) (رقم: 3302)، وأحمد في المسند (6/ 343)، والطيالسي في المسند (ص: 225) (رقم: 1618)، والدارقطني في السنن (2/ 173)، والبيهقي في السنن الكبرى (4/ 276) من طريق محمد بن جعفر غندر، عن شعبة به. وهذا الإسناد منقطع، قال النسائي: "وأما حديث جعدة فإنه لم يسمعه من أم هانئ، ذكره عن أبي صالح، عن أم هانئ". فرجع الحديث إلى أبي صالح، وتقدّم الكلام عليه. 3 - عبد الله بن الحارث، عن أم هانئ: أخرجه أبو داود في السنن كتاب: الصوم، باب: الرخصة في ذلك (2/ 825) (رقم: 2456)، وإسحاق في مسنده (5/ 29) (رقم: 2132)، والطبراني في المعجم الكبير (24/ 425) (رقم: 1035)، والبيهقى في السنن الكبرى (4/ 277) من طريق يزيد بن أبي زياد، عن عبد الله بن الحارث، عن أم هانئ قالت: لما كان يوم الفتح .. وفيه: قالت: يا رسول الله لقد أفطرت وكنت صائمة؟ فقال لها: أكنتِ تقضي شيئا؟ قالت: لا؟ قال: فلا يضرّك إن كان تطوّعا. وفيه يزيد بن أبي زياد وهو ضعيف. فهذه ثلاثة طرق للحديث، كل طريق منها لا يخلو من علّة، إلا أنه يتقوى بمجموع طرقه لا سيما وقد حسّن الحافظ العراقي فِي تخريج أحاديث الإحياء (2/ 331) الطريق الأخير منها، كما صححه الحاكم من الوجه الأول، وواففه الذهبي، وأقرّهما الشيخ الألباني في آداب الزفاف (ص: 84) بناء على عدم تفرّد سماك به، وصححه في صحيح سنن أبي داود (2/ 465)، وصحيح سنن الترمذي (1/ 223)، وصحيح الجامع (3/ 262) (رقم: 3748). ثم إن له شاهدا من حديث عائشة عند النسائي في السنن كتاب: الصيام، باب: النية في الصيام (4/ 506 - 507) (رقم: 2321، 2322)، وسنده صحيح. وله شاهد آخر من حديث أبي سعيد الخدري عند البيهقي في السنن (4/ 279)، وحسّن الحافظ إسناده في فتح الباري (4/ 247)، فهو بمجموع هذه الطرق والشواهد صحيح إن شاء الله.

575 / حديث: "مباشرة الحائض". في الطهارة. عن نافع: أنّ عبيد الله بن عبد الله بن عمر (¬1) أرسل إلى عائشة يسألها عن ذلك فقالت: "لِتَشُدَّ إزارَها على أسفلها، ثم يباشرُها إن شاء" (¬2). ولم يرفعه، وهذا داخل في حكم المرفوع للمشاهدة (¬3). وقد رُوي مرفوعا عنها، وعن ميمونة، وأم سلمة، خُرّج في الصحيحين عن جميعهن (¬4). وقالت ميمونة: "كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يباشر المرأة من نساءه وهي حائض إذا كان عليها إزار يغطي الفخذين والركبتين مُحتجِزةً به"، خرّجه النسائي، وابن أبي شيبة (¬5). ¬

_ (¬1) في الأصل: "أن عبد الله بن عبد الله بن عمر" وهو خطأ، والصواب ما أثبتُّه كما في الموطأ. (¬2) الموطأ كتاب: الطهارة، باب: ما يحل للرجل من امرأته وهي حائض (1/ 75) (رقم: 95). (¬3) قال الباجي: "سؤال عبيد الله عائشة -وإن كان من أهل النظر والاستدلال- لموضعها من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأنها عرفت ذلك من فعله مرارًا فسألها عن ذلك". المنتقى (1/ 117). (¬4) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الحيض، باب: من سمّى النفاس حيضا، وباب: مباشرة الحائض فوق الإزار (1/ 13 - 14) (رقم: 298، 300، 302)، ومسلم في صحيحه كتاب: الحيض، باب: مباشرة الحائض فوق الإزار، وباب: الاضطجاع مع الحائض في لحاف واحد (1/ 242 - 243) (رقم: 1، 2، 3، 5). وليس في حديث أم سلمة التصريح بالمباشرة لكن ذكر ابن عبد البر في التمهيد (3/ 162) أنها إذا عادت إليه في ثوب واحد معه أنه يباشرها. (¬5) أخرجه النسائي في السنن كتاب: الطهارة، باب: مباشرة الحائض (1/ 166) (رقم: 286)، وابن أبي شيبة في المصنف (1/ 256) من طريق ابن شهاب، عن حَبيب مولى عروة، عن بُديّة -ويقال نَدَبَة- مولاة ميمونة، عن ميمونة به. إسناده جيّد، وحبيب مولى عروة -وهو الأعور- ترجم له البخاري في التاريخ الكبير (2/ 312 - 313)، وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (3/ 113)، ولم يوردا فيه جرحا ولا تعديلا، وروى =

واختُلف في الذي سأل عائشة. فقيل: هو عبد الله بن عمر (¬1)، وقيل: ابنه عبيد الله (¬2). وانظر مرسل زيد بن أسلم (¬3)، ومرسل ربيعة (¬4). ¬

_ = عنه جماعة، واحتج به مسلم في الإيمان، باب: كون الإيمان بالله أفضل الأعمال (1/ 89) (رقم: 136)، ووثّقه ابن حبان (6/ 180). وأما نُدبة فقد اختلف فِي ضبط اسمها، قال ابن حجر في التبصيرِ (1/ 72): "الأكثر قالوه هكذا أي بضم النون وسكون الدال، وفتح الوحدة، وقاله معمر بفتح النون وضمها، وقاله يونس عن ابن شهاب: بُدية بضم الوحدة، وفتح الدال، وتشديد المثناة من تحت". وقد ذكرها الذهبي في الميزان (6/ 284) في النساء المجهولات، لكن وثّقها ابن حبان في الثقات (5/ 487)، وحكى الحافظ في اللسان (7/ 531) توثيقه لها. والحديث من هذا الوجه أخرجه أيضا أبو داود في السنن، كتاب: الطهارة، باب: في الرجل يصيب منها ما دون الجماع (1/ 183) (رقم: 267)، وأحمد في المسند (6/ 336)، وعبد الرزاق في المصنفى (1/ 321) (رقم: 1233، 1234)، وأبو يعلى في المسند (13/ 21) (رقم: 7104)، والطبراني في المعجم الكبير (24/ 11 - 12) (رقم: 16 - 20)، والبيهقي في السنن الكبرى (1/ 313) كلهم من طرق عن الزهري به. وصححه ابن حبان في صحيحه (الإحسان) (4/ 200) (رقم: 1365)، وحسّنه المنذري في مختصره (1/ 175)، كما صححه أيضا الألباني في صحيح سنن أبي داود (رقم: 239). ولعل ذلك لما ورد له من شواهد ومتابعات، فقد تقدّم أن البخاري ومسلما أخرجاه من طريق عبد الله بن شداد عن ميمونة قالت: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يباشر نساءه فوق الإزار وهنّ حُيّض"، وكذا رواه مسلم في صحيحه كتاب: الحيض، باب: الاضطجاع مع الحائض في لحاف واحد (1/ 243) (رقم: 4) من حديث كريب مولى ابن عباس قال: سمعت ميمونة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يضطجع معي وأنا حائض، وبيني وبينه ثوب"، وتقدّم أيضا حديث عائشة وأم سلمة بمعناه. (¬1) قاله أبو مصعب الزهري (1/ 64) (رقم: 161)، والقعنبي (ص: 75)، وسويد بن سعيد (ص: 73 - تحقيق عبد المجيد التركي-)، والشيباني (ص: 49) (رقم: 73). (¬2) قاله يحيى الليثي، ورجح الخشني رواية الجماعة بأنها هي المحفوظة، وما وقع في رواية يحيى وهم منه. أخبار الفقهاء والمحدثين (ص: 350). قلت: ويؤيده قول الباجي السابق. (¬3) في الأصل "مسند زيد بن أسلم" وهو خطأ. وسيأتي في المراسيل (4/ 534). (¬4) سيأتي حديثه (4/ 523).

576 / حديث: "ويل للأعقاب من النار". في الوضوء. بلغه عن عائشة مرفوعا (¬1). وفيه قصة أخيها عبد الرحمن، وكان شقيقها، وهو الذي أردفها للعمرة في حجة الوداع. روى هذا الحديث جماعة عن سالم الدّوسي عن عائشة، وهو سالم سَبَلان مولى شدّاد. خرّجه مسلم عنه (¬2). ورواه أيضا أبو سلمة عن عائشة، ذكره الدارقطني (¬3). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الطهارة، باب: العمل في الوضوء (1/ 48) (رقم: 5). قال الزرقاني: "هذا البلاغ يحتمل أن يكون بلغ الإمام من تلميذه ابن وهب، أو من مخرمة، فقد رواه مسلم من طريق ابن وهب، عن مخرمة بن بكير، عن أبيه. ومن طريق ابن وهب أيضا عن حيوة، عن محمد بن عبد الرحمن، كلاهما عن سالم مولى شدّاد قال: دخلت على عائشة يوم توفي سعد". شرح الزرقاني على الموطأ (1/ 73). (¬2) رواه مسلم في صحيحه كتاب: الطهارة، باب: وجوب غسل الرجلين بكمالهما (1/ 213) (رقم: 25) من طريق بكير بن عبد الله الأشج ومحمد بن عبد الرحمن وأبي سلمة بن عبد الرحمن ونُعيم بن عبد الله، عن سالم به. وراه إسحاق في مسنده (2/ 535) (رقم: 1118) من طريق عمران بن بشير، وفيه: أن عبد الرحمن بن أبي بكر أساء الوضوء فقالت له عائشة ذلك، وإسناده حسن. (¬3) أخرجه في العلل (5/ ل: 72 / ب) من طريق سعيد المقبري عنه. وأخرجه ابن ماجه في السنن، كتاب: الطهارة، باب: غسل العراقيب (1/ 154) (رقم: 452)، وأحمد (6/ 40)، والحميدي (1/ 87) (رقم: 161)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 38)، والبيهقي في المعرفة (1/ 215) كلهم من طرق عن محمد بن عجلان، عن سعيد المقبري عن أبي سلمة قال: رأت عائشة عبد الرحمن يتوضأ، فقالت: أسبغ الوضوء؛ فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "ويل للعراقيب من النار". =

وجاء نحوه عن جابر، وأبي هريرة، وعبد الله بن عمرو (¬1)، وغيرهم (¬2). ¬

_ = إسناده حسن لكن الحديث صحيح لورود أصله في الصحيحين من حديث أبي هريرة وعبد الله بن عمرو بن العاص، وقد صححه ابن حبان (الإحسان) (3/ 341 - 342) (رقم: 1059)، والألباني في صحيح سنن ابن ماجه (1/ 75). هذا وقد تقدّم أن مسلمًا رواه من طريق أبي سلمة وغيره عن سالم عن عائشة فيقال: يحتمل أن يكون أبو سلمة أرسله عن عائشة وهو قد سمعه من سالم عنها، ذكره ابن عبد البر في التمهيد (24/ 248). (¬1) في الأصل: "عبد الله بن عمر" والصواب ما أثبته كما سيأتي في التخريج. (¬2) روى الترمذي في السنن، كتاب: الطهارة، باب: ما جاء ويل للأعقاب من النار (1/ 58) (رقم: 41) من حديث أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ويل للأعقاب من النار"، ثم قال: "وفي الباب عن عبد الله بن عمرو، وعائشة، وجابر، وعبد الله بن الحارث، ومعيقيب، وخالد بن الوليد، وشرحبيل بن حسنة، وعمرو بن العاص، ويزيد بن أبي سفيان". فحديث جابر أخرجه ابن ماجه في السنن، كتاب: الطهارة، باب: غسل العراقيب (1/ 155) (رقم: 454) من طريق أبي الأحوص، وأحمد (3/ 369، 390) من طريق شعبة وإسرائيل، ثلاثتهم عن أبي إسحاق، عن سعيد بن أبي كَرِب عن جابر بن عبد الله قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "ويل للعراقيب من النار". قال البوصيري: "هذا إسناد رجاله ثقات ... أصله في الصحيحين من حديث عبد الله بن عمرو ومن حديث أبي هريرة، وفي مسلم من حديث عائشة إلاّ أن أبا إسحاق كان يدلس واختلط بآخرة". مصباح الزجاجة (1/ 182). قلت: نعم هو يدلس، وذكره الحافظ في المرتبة الثالثة من المدلسين (ص 101)، ومختلط أيضًا كما ذكره ابن الكيال في الكواكب النّيرات (ص 341)، لكن الراوىِ عنه في هذا الحديث شعبة بن الحجاج وقد كفانا تدليسه فلا يضر، وكذا لا يضر اختلاطه؛ لأن حفيده إسرائيل وكذا أبو الأحوص ممن رويا عنه هذا الحديث، وهما ممن أخرج الشيخان لهما عن أبي إسحاق مما يدل على سماعهما قبل الاختلاط. ولجابر فيه طريقان آخران أيضًا، أخرجه أحمد (3/ 316) عن أبي معاوية، عن الأعمش عن أبي سفيان وهو طلحة بن نافع القرشي عن جابر قال: رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قومًا يتوضّأون فلم يمس أعقابهم الماء، فقال: "ويل للأعقاب من النار" وإسناده على شرط مسلم. وأخرجه أحمد أيضا (3/ 393)، والبخاري في التاريخ (5/ 210) من طريق يزيد بن عطاء عن أبي =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = إسحاق، عن سعيد بن أبي كرب وعبد الله بن مرثد، عن جابر بن عبد الله، به. ويزيد بن عطاء ضعفه غير واحد من الأئمة، وقال عنه ابن حجر: "لين الحديث"، لكنه توبع. انظر: تهذيب الكمال (32/ 210)، والتقريب (رقم: 7756). وأما حديث أبي هريرة وعبد الله بن عمرو بن العاص فهو مما اتفق عليه الشيخان. انظر: صحيح البخاري كتاب: الوضوء، باب: غسل الأعقاب (1/ 73، 74) (رقم: 163، 165)، وصحيح مسلم، كتاب: الطهارة، باب: وجوب غسل الرجلين بكمالهما (1/ 214، 215) (رقم: 241، 242). وحديث عبد الله بن الحارث الزبيدي، أخرجه ابن خزيمة في صحيحه (1/ 84) (رقم: 163)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 38)، والطبراني في المعجم الكبير (كما في المجمع 1/ 240)، والدارقطني في السنن (1/ 95)، والحاكم (1/ 162)، وصححه ووافقه الذهبي. والبيهقي في السنن الكبرى (1/ 70) كلهم من طريق الليث عن حيوة بن شريح، عن عقبة بن مسلم عن عبد الله بن الحارث بن جزء أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "ويل للأعقاب وبطون الأقدام من النار". إسناده صحيح، قال ابن عبد البر في التمهيد (24/ 253): "وأصح حديث في هذا الباب من جهة الإسناد حديث أبي هريرة، وحديث عبد الله بن الحارث بن جزء". وقد أخرج هذا الحديث أيضًا أحمد (4/ 191) والحارث بن أبي أسامة (1/ 216) (رقم: 79 - بغية الباحث-)، من طريق عبد الله بن لهيعة، ثناء حيوة بن شريح، عن عقبة، عن عبد الله بن الحارث به. وإسناده ضعيف لأجل ابن لهيعة، لكن تقدّم له متابع من قبل الليث. وكذا تابعه عبد الله بن وهب عند أحمد (4/ ا 19) موقوفًا ولم يرفعه لكنه في حكم الرفع؛ لأن التواعد بالنار ونحو ذلك مما لا مجال للنظر فيه. وأما حديث معيقيب فقد أخرجه أحمد (3/ 426) و (5/ 425)، والطبراني في المعجم الكبير (20/ 350) (رقم: 822) وابن قانع في معجم الصحابة (3/ 128) من طريق أيوب بن عتبة، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن معيقيب قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ويل للأعقاب من النار". قال الهيثمي في المجمع (1/ 240): "رواه أحمد والطبراني في الكبير، وفيه أيوب بن عتبة، والأكثر على تضعيفه، والأمر كما قال الهيثمي؛ فإن أيوب بن عتبة وهو اليمامي ضعفه أكثر النقاد إلا ما ورد عن الإمام أحمد أنه قال: "ثقة"، إلا أنه لا يقيم حديث يحيى بن أبي كثير". ويؤيّد قول الإمام أحمد من أنه لا يقيم حديث يحيى ما ورد في العلل لابن أبي حاتم (1/ 73) أنه سأل أباه عن هذا الحديث فقال: "إنما هو عن يحيى عن سالم سبلان عن عائشة" كما تقدم ذلك عند مسلم. =

577 / حديث: "مَا مِن نبيّ يموتُ حتى يُخيَّر ... ". فيه: "اللهمَّ الرَّفيقَ الأعلى". ¬

_ = وقال أبو زرعة: "حديث أهل العراق عنه ضعيف، وحديثه باليمامة أصح". فالحاصل أن الإسناد ضعيف لأجل أيوب هذا لكنه ينجبر بما رواه الطبراني في المعجم الكبير (20/ 350) (رقم: 823) من طريق محمد بن أبي السري، عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن معيقيب به. وهذا الإسناد فيه محمد بن أبي السري، قال عنه الحافظ في التقريب (رقم: 6263): "صدوق له أوهام كثيرة"، ومن أوهامه أنه زاد راويًا بين يحيى وأبي سلمة، لكنه قوي في المتابعات، وأما أصل الحديث فهو صحيح لشواهده الكثيرة. انظر: ترجمة أيوب بن عتبة في: سؤالات الدارمي لابن معين (123، 489)، والعلل للإمام أحمد (2/ 596) (رقم: 3826)، و (3/ 117) (رقم: 4491)، وتهذيب الكمال (3/ 484 - 488)، وتهذيب التهذيب (1/ 357، 358)، التقريب (ص: 118). وأما حديث خالد بن الوليد، وشرحبيل بن حسنة، وعمرو بن العاص، ويزيد بن سفيان فقد أخرجه ابن ماجه في السنن (1/ 155) (رقم: 455) من طريق الوليد بن مسلم، ثنا شيبة بن الأحنف عن أبي سلام الأسود، عن أبي صالح الأشعري، عن أبي عبد الله الأشعري، عن خالد بن الوليد، ويزيد بن أبي سفيان وشرحبيل بن حسنة، وعمرو بن العاص، كل هؤلاء سمعوا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "أتِّموا الوضوء، ويل للأعقاب من النار". والحديث أخرجه أيضًا ابن خزيمة في صحيحه (1/ 332) (رقم: 665) من طريق الوليد مطولًا وفيه: "فأسبغوا الوضوء ويل للأعقاب من النار"، قال الهيثمي في المجمع (2/ 121): "رواه الطبراني في الكبير وأبو يعلى، وإسناده حسن". قلت: نعم، رواه أبو يعلى في المسند (13/ 139 - 140) (رقم: 7184) و (13/ 333) (رقم: 7350)، والطبراني في المعجم الكببر (4/ 115, 116) (رقم: 384) لكن ليس فيه هذا اللفظ "ويل للأعقاب من النار". قال البوصيري: "هذا إسناد حسن، ما علمت في رجاله ضعفًا". مصباح الزجاجة (1/ 182). وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه (1/ 76)، وقال في سلسلة الأحاديث الصحيحة (872) بعد نقله قول الهيثمي: هو كما قال لولا أن الوليد بن مسلم كان يدلس تدليس التسوية، ولم يصرح بتحديث شيخه ومن فوقه. قلت: ورد التصريح بذلك عند ابن خزيمة في صحيحه فأمنَّا تسويته، فالإسناد حسن كما قاله الهيثمي والبوصيري، والحديث صحيح بشواهده السابقة.

في الجنائز. بلغه عن عائشة (¬1). رُوي هذا عنها من طرق، خرّجه البخاري عن الزهري، عن سعيد بن المسيب وغيره عن عائشة (¬2). وتقدّم لعبّاد عنها طرفٌ منه (¬3). 578/ حديث: "كانت إذا ذكرت أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كان يُقبِّلُ وهو صائم تقول: وأيُّكُم أملكُ لنفسه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -". في الصيام. بلغه عن عائشة (¬4). هذا مقطوع، والمرفوع منه التقبيل في حال الصيام. وجاء هذا من وجوه: رواه القاسم وغيره عن عائشة (¬5). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الجنائز، باب: جامع الجنائز (1/ 206). (¬2) أخرجه في الصحيح كتاب: المغازي، باب: آخر ما تكلّم به النبي - صلى الله عليه وسلم -: اللهم الرفيق الأعلى (3/ 187) (رقم: 4463)، ركتاب: الدعوات، باب: دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم -: اللهم الرفيق الأعلى (4/ 162) (رقم: 6348)، وكتاب: الرقاق، باب: من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه (4/ 192) (رقم: 6509) من طريق يونس وعقيل عن ابن شهاب أنه قال: أخبرني سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير في رجال من أهل العلم أن عائشة قالت: فذكره. قال ابن حجر: "لم أقف على تعيين من أبهمهم الزهري بقوله: في رجال من أهل العلم، لكن روى أصل الحديث المذكور عن عائشة ابنُ أبي مليكة وذكوان مولى عائشة، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، والقاسم بن محمد، فيمكن أن يكون الزهري عناهم أو بعضهم". فتح الباري (11/ 154). (¬3) تقدَّم حديثه (4/ 77). (¬4) الموطأ كتاب: الصيام، باب: ما جاء في التشديد في القبلة للصائم (1/ 244) (رقم: 18). (¬5) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الصيام، باب: المباشرة للصائم (2/ 37) (رقم: 1927) من =

وقد تقدّم لعروة عنها من طريق هشام (¬1)، وانظره في مسند أم سلمة (¬2). فصل: حمل مالكٌ رحمه الله قولَ عائشة هذا على كراهة القُبَل للصّائم، والتحذير منه وترك التأسي فيه بالرسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ لعدم التساوي في ملك النفس، وقهرها عمّا عسى أن يدعو القبل إليه من الجماع ونحوه. وحمله غيره على إباحة القُبل على الإطلاق، وإنكار التورّع عنه بقمع النفس وملكها، وكأنّها قالت: قد كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أملكَ لنفسه، وأتقى لربّه، وأورعَ عن الشُّبهات منكم، فلو كان إثما لكان هو أبعد الناس منه وأولاهم بتركه، وأقدرهم على التنزّه عنه، كما جاء في حديث أم سلمة وغيرها. وكلا القولين محتمل، ولكل وجه (¬3). ¬

_ = طريق الأسود بن يزيد، ومسلم في الصحيح كتاب: الصيام، باب: بيان أن القبلة في الصوم ليست محرمة على من لم تحرك شهوته (2/ 776 - 878) (رقم: 62 - 73) من طريق عروة، والقاسم، والأسود، وعلقمة، ومسروق، وعمرو بن ميمون، وعلي بن الحسين، كلهم عن عائشة به. وأورده ابن حزم في المحلى (4/ 338 - 339) من طريق عروة وعلقمة عنها ثم قال: وقد رُوِّينا ذلك من طريق القاسم بن محمد بن أبي بكر، وعلي بن الحسين، وعمرو بن ميمون، ومسروق، والأسود، وأبي سلمة بن عبد الرحمن، كلهم عن عائشة بأسانيد كالذهب. (¬1) تقدَّم حديثه (4/ 34). (¬2) سيأتي حديثها (4/ 318). (¬3) اختلف أهل العلم من الصحابة وغيرهم في القبلة للصائم، فكرهها ابن عمر، وابن مسعود، وعروة بن الزبير، وهو المشهور عند المالكية، ورخّص فيها آخرون كعمر بن الخطاب وسعد بن أبي وقاص وأبي هريرة، وبه قال عطاء والشعبي وأحمد وإسحاق، ومنهم من كرهها للشاب دون الشيخ وهو المشهور عن ابن عباس، قال ابن عبد البر: لم يأخذ مالك بقول ابن عباس في ذلك، وذهب فيها مذهب ابن عمر وهو شأنه في الاحتياط، واستحبّها ابن حزم وفرق آخرون بين من يملك نفسه ومن لا يملك، وهو قول الثوري والشافعي. ولكل وجه كما قال المؤلف. =

ولسنا نذهب في هذا المختصر إلى الترجيح، بل نقتصر فيه على الإيماء والتلويح. 579/ حديث: "بئسَ ابنُ العَشيرة ... ". فيه: الضحك معه، وفيه: "إنَّ من شرِّ النّاس من اتّقاه الناس لشرّه". في الجامع، باب: حسن الخلق. بلغه عن عائشة: أنَّ رجلا استأذن (¬1). وهو عند بعض رواة الموطأ، عن مالك، عن يحيى بن سعيد، أنَّه بلغه عن عائشة (¬2). وهذا مقطوع أيضًا، وقد رواه عروة وغيره عن عائشة، خُرّج في الصحيحين من طريق محمد بن المنكدر، عن عروة عنها (¬3). ¬

_ = انظر: سنن الترمذي (3/ 106)، والموطأ (1/ 243 - 244)، والمدوِّنة (1/ 196 - 199)، ومختصر اختلاف العلماء للطحاوي (2/ 13)، والتمهيد (5/ 110)، والاستذكار (10/ 62)، والمنتقى (2/ 47)، والمحلى (6/ 205)، وشرح السنة (3/ 480)، وشرح النووي على صحيح مسلم (7/ 216، 217)، وفتح الباري (4/ 178، 179). (¬1) الموطأ كتاب: حسن الخلق، باب: ما جاء في حسن الخلق (2/ 689) (رقم: 4). (¬2) هكذا قال ابن عبد البر في التمهيد (24/ 260)، والتجريد (ص: 247)، ولم يصرّح به. (¬3) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الأدب، باب: لم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم - فاحشا ولا متفحشا (4/ 97) (رقم: 6032)، وباب: ما يجوز من اغتياب أهل الفساد والريب (4/ 101) (رقم: 6054)، وفي باب: المداراة مع الناس (4/ 115) (رقم: 6131)، ومسلم في صحيحه كتاب: البر والصلة والآداب، باب: مداراة من يتقي فحشه (4/ 2002) (رقم: 73). وأخرجه أبو داود في السنن كتاب: الأدب، باب: في حسن العشرة (5/ 145) (رقم: 7492) من طريق أبي سلمة، عن عائشة نحوه. وأخرجه أبو داود أيضًا في السنن (5/ 146) (رقم: 7493) من طريق الأعمش. =

فصل: الرجل المستأذن المذكور في هذا الحديث هو عُيَيْنة (¬1) بن حصن بن حذيفة بن بدر (¬2) الفزاري، كان سيّد قومه، أحمق مطاعا، أعرابيا جافيًا (¬3). رُوي في حديث آخر أنه دخل على النبي - صلى الله عليه وسلم - بغير إذن وعنده عائشة، فأعجبته وقال: من هذه الحميراء؟ وسأل النبي - صلى الله عليه وسلم - أن ينزل له عنها (¬4)، فألان له الرسول - صلى الله عليه وسلم - في القول، وتألّفه على الإسلام واستماله بالعطاء (¬5)، فأسلم هو ¬

_ = وإسحاق في مسنده (3/ 622) (رقم: 655) من طريق ليث بن أبي سليم، كلاهما عن مجاهد، عن عائشة به. وفي سند إسحاق ليث، وقد تُرك حديثه لاختلاطه كما في التقريب (رقم: 5685)، لكن تابعه الأعمش عند أبي داود فيحسن به. (¬1) عُيينة: بضم عين وفتح تحتيّة وسكون أخرى فنون قبل الهاء، تصغير عين. قال ابن قتيبة: كان اسمه حذيفة، فأصابته لقوة فجحظت عينه فسمّي عيينة. المعارف (ص: 302)، وتوضيح المشتبه (6/ 171)، ونزهة الألباب في الألقاب (2/ 43)، والمغني في ضبط الأسماء (ص: 183). (¬2) تحرف في الأصل إلى: زيد. (¬3) سمّاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الأحمق المطاع لموقفه الجاف معه كما سيأتي. انظر: الاستيعاب (9/ 97)، والدرر (ص: 255)، والإصابة (7/ 195 - 196). (¬4) ذكره ابن عبد البر في الاستيعاب (9/ 97 - 98) عن سُنيد، وابن حجر في الإصابة (7/ 195 - 196) عن سعيد بن منصور، كلاهما عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن إبراهيم النخعي مرسلا. قال الحافظ: "رجاله ثقات، وأخرجه الطبراني موصولا من وجه آخر عن جرير: أنَّ عيينة بن حصن دخل على النبي - صلى الله عليه وسلم -، فذكره". قلت: هو في المعجم الكبير له (2/ 305) (رقم: 2269)، قال الهيثمي في المجمع (8/ 45): رواه الطبراني عن شيخه على بن سعيد بن بشير، وهو حافظ رحّال، قيل فيه: ليس بذاك، وبقية رجاله رجال الصحيح غير يحيى بن محمد وهو ثقة. (¬5) روى مسلم في صحيحه كتاب: الزكاة، باب: إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام (2/ 737) (رقم: 137) من حديث رافع بن خديج: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعطى أبا سفيان بن حرب، وصفوان بن أمية، وعُيينة بن حصن، والأقرع بن حابس، كل إنسان منهم مائة إبل ... ". وانظر أيضًا: طبقات ابن سعد (3/ 116)، وسنن سعيد بن منصور (ص: 372) (رقم: 2900).

وقومه، وكانوا آلافا، قيل: قبل الفتح، وقيل: بعده (¬1). ودخل عُيينة مع ابن أخيه الحُرُّ بن قيس (¬2) على عمر، فقال له: يا ابن الخطاب! والله ما تقسم بالعدل، ولا تُعطي الجَزْل، فغضب عمر، وهمَّ أن يوقع به، فقال له ابن أخيه -وكان من جلساء عمر-: يا أمير المؤمنين! إن الله تعالى يقول في كتابه: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} (¬3)، وهذا من الجاهلين، فخلّى عنه (¬4). وقيل: إنَّ الرّجل الداخل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المتقي لشرّه هو مخرمة بن نوفل بن أهيب بن عبد مناف القرشي، الزهري، والد المسور بن مخرمة، وكان شهما أبيّا، أسلم يوم الفتح، أحد المؤلفة قلوبهم (¬5). ¬

_ (¬1) ذكر القولين ابن عبد البر، وابن الأثير، وحكى الحافظ عن ابن السكن أنه أسلم قبل الفتح، وشهدها وشهد حُنينًا والطائف، وبعثه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لبني تميم فسبى بعض بني العنبر، ثم كان ممّن ارتدّ في عهد أبي بكر الصديق، ومال إلى طليحة فبايعه ثم عاد إلى الإسلام، وكان فيه جفاء سكان البوادي. قلت: ومواقفه في الإسلام، وكذا مع عمر بن الخطاب لم تكن محمودة كما سيأتي. انظر: الاستيعاب (9/ 97 - 98)، وأسد الغابة (4/ 318)، والإصابة (7/ 195). (¬2) هو الحُرّ- بضم الحاء المهملة، وتشديد الراء- بن قيس الفَزَاري ابن أخي عيينة بن حصن، كان أحد وفد بني فَزَارة الذين قدموا على النبي - صلى الله عليه وسلم - مرجعه من تبوك. انظر: توضيح المشتبه (2/ 314)، وزاد المعاد (3/ 653)، والإصابة (2/ 333). (¬3) سورة الأعراف، الآية: (199). (¬4) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: التفسير، باب: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} (3/ 231) (رقم: 4642) من حديث ابن عباس، وليس فيه: فخلى سبيله، وقد ذكر الأبي في إكمال إكمال المعلم (7/ 38). (¬5) هو صحابي مشهور، أسلم يوم الفتح وحسن إسلامه، وكان كبير بني زهرة، أعطاه النبي - صلى الله عليه وسلم - من غنائم حنين خمسين بعيرًا. انظر: الطبقات الكبرى (2/ 116)، والاستيعاب (10/ 53 - 54)، وأسد الغابة (5/ 119 - 120)، والسير (2/ 542 - 543)، والإصابة (9/ 146).

والقول الأوّل أظهر وأشهر (¬1). ¬

_ (¬1) ذكر القولين أيضًا الخطيب في الأسماء المبهمة (ص: 373)، وابن بشكوال في الغوامض والمبهمات (1/ 357 - 359)، والمنذري في مختصره (7/ 169)، وأبو زرعة في المستفاد (3/ 1380). وذكروا أدلّة لكلا القولين: فمن أدلّة القول الأول ما رواه الخطيب من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن ابن المنكدر، عن عروة، عن عائشة قالت: استأذن رجل ... فذكره، وفي آخره: قال معمر: "بلغني أن الرجل كان عيينة بن حصن". ومنها ما رواه عبد الغني بن سعيد من طريق عبد الله بن عبد الحكم عن مالك أنه بلغه عن عائشة أنها قالت: استأذن عيينة بن حصن بن بدر الغزاري على النبي - صلى الله عليه وسلم - الحديث، أورده ابن بشكوال في الغوامض (1/ 358) (رقم: 317) بإسناد عنه. ومنها ما أخرجه ابن بشكوال في الغوامض (318) من طريق ابن مزين عن حبيب الحنفي كاتب مالك قال: كان الرجل الذي قال فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "بئس ابن العشيرة" عيينة بن بدر الغزاري. واحتج ابن بشكوال أيضًا (319) بما أخرجه من طريق الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير أن عيينة بن بدر استأذن على رسول الله - صلى الله عليه وسلم، فذكره مرسلًا، قال الزرقاني: ومع إرساله صحيح. واستدل من قال إن الرجل المتقي هو مخرمة بن نوفل بما رواه الخطيب وابن بشكوال من طريق النضر بن شميل عن أبي عامر الخزاز، عن أبي يزيد المدني عن عائشة قالت: جاء مخرمة بن نوفل يستأذن فذكره. ولأجل ورود القول الأول من طرق عديدة وقوية رجحه المؤلف بقوله: "والقول الأول أظهر وأشهر"، قال الزرقاني: "حديث تسميته عيينة صحيح وإن كان مرسلًا، وخبر تسميته مخرمة فيه راويان ضعيفان ولم يسمهما"، فلعله يريد أبا عامر الخزاز وهو كثير الخطأ، وأبا يزيد المدني وهو مقبول. انظر: التقريب (2861) (8452). وممن جزم بصحة كونه عيينة ابن بطال وعياض والقرطبي، والنووي والسيوطي والسنوسي قالوا: يبعد أن يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - في حق مخرمة ما قال؛ لأنه كان من خيار الصحابة. وأما ابن حجر فقد ذكر القولين وحملهما على تعدّد القصة، والراجح ما قاله المؤلف والله أعلم. انظر: شرح النووي على مسلم (16/ 144)، وفتح الباري (10/ 468, 470)، وإكمال إكمال المعلم (7/ 38)، والديباج للسيوطي (5/ 245)، والزرقاني (4/ 318).

• حديث: "الخميصة". هو عند يحيى بن يحيى من طريق علقمة مقطوع، وقد تقدم لأمِّه عن عائشة (¬1)، ومن طريق عروة مرسل، انظره في مرسله (¬2). • حديث: "غُسِّل في قميص". مذكور في مرسل محمد بن علي بن الحسين (¬3). فصل: عائشة أمّ المؤمنين، تزوّجها رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بمكَّة بعد موت خديجة، وقبل الهجرة بسنتين أو ثلاث، وهي بنت ست سنين أو سبع سنين، وبنى بها بالمدينة وهي بنت تسع، وقُبض - صلى الله عليه وسلم - وهي بنت ثمان عشرة سنة (¬4)، وكانت مع هذا من أعلم الصحابة وأَكثرهم حديثا (¬5). ¬

_ (¬1) تقدّم حديثه (4/ 135). (¬2) سيأتي حديثه (5/ 79). (¬3) سيأتي حديثه (4/ 570). (¬4) حدّثت بذلك عائشة رضي الله عنها نفسها فيما أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: النكاح، باب: إنكاح الرجل ولده الصغار (3/ 371) (رقم: 5133) من طريق عروة عنها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تزوجها وهي بنت ست سنين، وأُدخلت عليه وهي بنت تسع، ومكثت عنده تسعًا. وروى مسلم في صحيحه كتاب: فضائل الصحابة، باب: فضائل خديجة أم المؤمنين (4/ 1888) (رقم: 74) أنها قالت: "ولقد هلكت خديجة قبل أن يتزوّجني بثلاث سنين". وقال ابن سعد في الطبقات (8/ 79): تزوجها النبي - صلى الله عليه وسلم - في السنة العاشرة في شوال، وهي يومئذ بنت ست سنين. فالأصح أنها كانت يوم أن تزوجها النبي - صلى الله عليه وسلم - بنت ست، وما ذكره المؤلف من الترديد بين الست والسبع، ذكره غيره أيضًا، قال الحافظ: "يجمع بأنها كانت أكملت السادسة ودخلت في السابعة". الإصابة (13/ 38). (¬5) قال الذهبي في السير (2/ 135، 139): "روت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - علمًا كثيرًا طيِّبًا مباركًا فيه، وهي أفقه نساء الأمة على الإطلاق، ولا أعلم يا أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - بل ولا في النساء مطلقًا امرأة أعلم منها، روت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ألفين ومائتين وعشرة أحاديث"، وذكر بقى أيضًا لها هذا العدد. انظر: مقدمة مسنده (ص: 79).

قال أبو موسى: "ما أشكل علينا أصحابُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حديث قط فسألنا عائشة إلا وجدنا عندها منه علمًا"، خرّجه الترمذي (¬1). وخرّج الطبري في كتاب ترتيب الفقهاء من بسيط القول عن غطاء -هو ابن أبي رباح- قال: "كانت عائشة أعلم الناس، وأفقه (¬2) الناس". وعن عروة قال: "ما جالستُ أحدا قط كان أعلمَ بقضاء، ولا بحديث الجاهلية، ولا أروى للشعر، ولا أعلم بفريضة، ولا بِطبٍّ من عائشة" (¬3). ورُوي من طرق جمة أنَّ عمرو بن العاص قال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من أحب الناس إليك؟ قال: "عائشة"، قال: من الرجال؟ قال: "أبوها". وهذا مخرّج في الصحيحين (¬4). وكان مسروق إذا حدّث عن عائشة يقول: حدّثتني الصادقة ابنة الصديق البريّة المبرّأة. حكاه ابن عبد البر في كتاب الصحابة (¬5). ¬

_ (¬1) أخرجه في السنن، كتاب: المناقب، باب: فضل عائشة - رضي الله عنها - (5/ 662 - 663) (رقم: 3883) وقال: هذا حديث حسن صحيح. (¬2) لم أقف عليه. (¬3) أخرجه أبو نعيم في الحلية (2/ 49 - 50) من طريق علي بن مسهر عن هشام بن عروة عن أبيه قال: ما رأيت أحدًا من الناس أعلم بالقرآن ولا بفريضة ... فذكره. إسناده صحيح. وروى أبو مسعود أحمد بن الفرات في جزءه فيه عوالي منتقاة (ص: 52) (رقم: 16) من طريق أبي أسامة عن هشام بن عروة عن أبيه قال: ما رأيت أحدا أعلم بالطب من عائشة. وسنده صحيح أيضًا. انظر: الاستيعاب (13/ 88)، والسير (2/ 183، 185)، والإصابة (13/ 40). (¬4) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: فضائل الصحابة، باب: قوله - صلى الله عليه وسلم -: لو كنت متخذا خليلا .. (3/ 9) (رقم: 3662)، وفي المغازي، باب: غزوة ذات السلاسل (3/ 164) (رقم: 4358). ومسلم في صحيحه كتاب: فضائل الصحابة، باب: من فضائل أبي بكر الصديق (4/ 856) (رقم: 8) كلاهما من طريق أبي عثمان النهدي عن عمرو بن العاص، به. (¬5) انظر: الاستيعاب (13/ 88)، ورواه عنه أيضًا ابن سعد في الطبقات (8/ 53) بلفظ: حدثتني الصديقة بنت الصديق، حبيبة حبيب الله المبرّأة، وانظر أيضًا: السير (2/ 181).

91 - مسند حفصه بنت عمر بن الخطاب

91 - مسند حفصه بنت عمر بن الخطاب وهي شقيقةُ عبد الله بن عمر. أربعة أحاديث. 580/ حديث: "كان إذا سكت المؤذن عن الأذان لصلاة الصُّبح صلّى ركعتين ... ". في باب ركعتي الفجر. عن نافع، عن ابن عمر، عن حفصة، وهي أخته (¬1). هذا المحفوظ عن ابن عمر، وروى سالم ونافع عنه أنّه عدّ ما رأي للنبي - صلى الله عليه وسلم - من صلاة التطوّع فذكر عشر ركعات، ثم قال: "وأما ركعتا الفجر فإنَّه ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: صلاة الليل، باب: ما جاء في ركعتي الفجر (1/ 123) (رقم: 29). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الأذان، باب: الأذان بعد الفجر (1/ 209) (رقم: 618) من طريق عبد الله بن يوسف. ومسلم في صحيحه كتاب: صلاة المسافرين، باب: استحباب ركعتي الفجر (1/ 500) (رقم: 87) من طريق يحيى النيسابوري. والنسائي في السنن كتاب: قيام الليل، باب: وقت ركعتي الفجر (3/ 283) (رقم: 1772) من طريق ابن القاسم. وأحمد في المسند (6/ 284) من طريق عبد الرحمن بن مهدي. والدارمي في السنن كتاب: الصلاة، باب: القراءة في ركعتي الفجر (1/ 336) من طريق خالد بن مخلد، خمستهم عن مالك به. وقع الحديث عند البخاري: "كان إذا اعتكف المؤذن"، قال الحافظ: "هكذا وقع عند جمهور رواة البخاري، وفيه نظر ... والحديث في الموطأ عند جميع رواته بلفظ: "كان إذا سكت المؤذن"، وكذا رواه مسلم وغيره، وهو الصواب". فتح الباري (2/ 121).

كان يصلّيهما في ساعة لا يدخل عليه فيها أحد، فأخبرتني حفصة أنّه كان يصليهما". خرجه الدارقطني في العلل من طرق جمّة (¬1) , وخرّجه البخاري من طريق نافع عن ابن عمر (¬2). وخرّج الطيالسي وابن أبي شيبة عن مجاهد، عن ابن عمر قال: "سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أكثر من عشرين مرة يقرأ في الركعتين قبل الفجر، والركعتين بعد المغرب بـ {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} , {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} " (¬3). ¬

_ (¬1) لم أقف على هذا الحديث في العل, لا في أحاديث حفصة، ولا في أحاديث ابن عمر، فلعله من جملة ما سقط, والله أعلم. (¬2) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: التهجد، باب: التطوع بعد المكتوبة (1/ 362 - 363) (رقم: 1172، 1173)، وفي باب: الركعتين قبل الظهر (1/ 364) (رقم: 1180، 1181) من طريق عبيد الله، عن نافع به. وأخرجه الترمذي في السنن كتاب: الصلاة، باب: ما جاء أنه يصليهما في البيت (2/ 298) (رقم: 434)، وعبد بن حميد في المسند كما في المنتخب (ص: 240) (رقم: 732) من طريق، الزهري، عن سالم, عنه. (¬3) أخرجه الطيالسي في المسند (ص: 257) (رقم: 1893) - وسقط مجاهد منه-، وابن أبي شيبة في المصنف (2/ 242)، والترمذي في السنن كتاب: الصلاة، باب: ما جاء أنه يصليهما في البيت (2/ 276) (رقم: 417)، وابن ماجه في السنن كتاب: الصلاة، باب: ما جاء فيما يقرأ في الركعتين قبل الفجر (1/ 363) (رقم: 1149) وعبد الرزاق في المصنف (2/ 59) رقم: (4790)، وأحمد والمسند (2/ 24, 58, 95, 99)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 298)، والطبراني في المعجم الكبير (12/ 415) (رقم: 13528)، والبيهقي في السنن الكبرى (3/ 43) كلهم من طرق عن أبي إسحاق، عن مجاهد به. قال الترمذي: "حديث ابن عمر حديث حسن". وصححه ابن حبان (6/ 211) (رقم: 2459). وأخرجه النسائي في السنن كتاب: الافتتاح، باب: القراءة في الركعتين بعد المغرب (2/ 511) =

وذكر الدارقطني من طرق عن ابن عمر أنه قال: "سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أربعين صباحا في غزوة تبوك (¬1) يقرأ في ركعتي الفجر بـ {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} ,و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} ". وأنكر أبو الحسن هذا الحديث وأبعده، وقال: "إنما حدّث به ابن عمر عن أخته حفصة، وكلُّ من قال فيه عن ابن عمر أنه حفظه من النبي - صلى الله عليه وسلم - فقد وَهَمَ فيه عليه"، وإلى هذا ذهب مسلم في كتاب التمييز، وبه تأسّى الدارقطني في إنكاره (¬2). ¬

_ = (رقم: 991)، والبيهقي في السنن الكبرى (3/ 43) من طريق أبي الجوّاب، عن عمّار بن رزيق، عن أبي إسحاق، عن إبراهيم بن مهاجر، عن مجاهد به. وزيادة إبراهيم بن مهاجر من باب المزيد في متصل الأسانيد؛ لأن بقية أصحاب أبي إسحاق الثقات كإسرائيل -وهو من أتقن أصحابه وأكثرهم ملازمة له- والثوري، وأبي أحمد الزبيري لا يذكرون بين أبي إسحاق ومجاهد هذه الواسطة. وروى أبو الشيخ الأصبهاني في جزء له (ص: 48) (رقم: 15) من طريق إسرائيل عن ثوير عن عطاء عن ابن عمر رضى الله عنه قال: شهدت النبي - صلى الله عليه وسلم - خمسا وعشرين مرة، فكان يقرأ في الركعتين قبل الفجر والركعتين بعد المغرب {قل يا أيها الكافرون} و {قل هو الله أحد}. إسناده ضعيف؛ لأن ثويرا -وهو ابن أبي فاختة الهاشمي- ضعفه غير واحد، وقال الدارقطني: "متروك". انظر: سؤالات البرقاني للدارقطني (ص: 20) (رقم: 66)، وتهذيب الكمال (4/ 429)، وتهذيب التهذيب (2/ 32)، والتقريب (رقم: 862). (¬1) تبوك: كانت منهلًا من أطراف الشام، وكانت من ديار قضاعة تحت سلطة الروم، وقد أصبحت اليوم من مدن المملكة العربية السعودية شمال المدينة المنورة، وتبعد عنها حوالي 778 كم على طريق تيماء وخيبر. انظر: معجم المعالم الجغرافية في السيرة النبوية (ص: 59). (¬2) انظر: التمييز (ص: 207 - 208)، فقد أورد حديث ابن عمر هذا من طريق مجاهد ثم قال: هذا الخبر وهم عن ابن عمر، والدليل على ذلك الرواية الثابتة عن ابن عمر: أنه ذكر ما حفظ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من تطوع صلاته بالليل والنهار فذكر عشر ركعات، ثم قال: وركعتي الفجر، أخبرتني حفصة: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصلى ركعتين خفيفتين، وكانت ساعة لا أدخل على النبي - صلى الله عليه وسلم - فيها" فكيف سمع منه أكثر من عشرين مرة؟ وهو يخبر أنه حفظ الركعتين من حفصة عن النبي =

وكأنَّ الحديثين تعارضَا عندهما فطلبا الترجيح في النقل، وغلَّبَا قولَ الأكثر، أو الأعدل، أو الأحفظ. وطريق الجمع بينهما -إن ثبتت عدالة الجميع- أن يقال: قصد ابن عمر في وقتٍ: الإخبارَ بقراءة السورتين في الركعتين فاجتزى بما شاهد منَ ذلك في المدة التي ذكر، وقصد في وقت آخر عن المداومة عليهما فأسند ذلك إلى أخته حفصة؛ إذ شاهدت منه ما لم يشاهده. وانظر باقي الحديث في مسند ابن عمر من رواية نافع عنه، ذكر فيه سائر النوافل (¬1). 581 / وبه: "عن حفصة أنها قالت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ما شأن الناس حلّوا ولم تحلل أنت من عمرتك؟ فقال: إني لبّدت رأسي، وقلّدت هدي، فلا أحل حتى أنحر". في باب: النحر في الحج، بمعزل عن أبواب الإهلال (¬2). ¬

_ = - صلى الله عليه وسلم - ... ثم قال: فقد ثبت بما ذكرنا من رواية سالم ونافع عن ابن عمر- وهما عند مسلم في الصحيح- أن حفصة أخبرته أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي ركعتي الفجر أن رواية أبي إسحاق وغيره وهم غير محفوظ. قلت: وقد أخرج ابن نصر في مختصر قيام اليل (ص: 31) من طريق الليث عن نافع عن ابن عمر بمثل رواية مجاهد عنه، وأعلّها أيضا بما أعل به مسلم رواية مجاهد، فقال: هذا غير محفوظ عندي؛ لأن المعروف عن ابن عمر أنه روى عن حفصة. قلت: الرواة كلهم عدول ثقات، فالذي يترجّح هو ما قاله المؤلف من أنَّ ابن عمر يروي في حديث مجاهد عنه ما رآه في الأسفار، فلا ينافي هذا المعروف من عادته - صلى الله عليه وسلم -، والله أعلم. (¬1) تقدّم حديثه (2/ 377). (¬2) الموطأ كتاب: الحج، باب: ما جاء في النحر في الحج (1/ 316) (رقم: 180). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الحج، باب: التمتع والقران والإفراد (1/ 483) (رقم: 1566) من طريق إسماعيل بن أبي أويس وعبد الله بن يوسف. =

وقد يدخل في باب القران والتمتع (¬1)، إلا أنّ مالكا لم يذكره هناك، إذ لم يذهب إليه (¬2). قال يحيى بن يحيى وجماعة من رواة الموطأ في هذا الحديث: ابن عمر عن حفصة أنها قالت (¬3). وهكذا قال فيه البخاري من طريق عبد الله التنّيسي، وإسماعيل بن أويس، عن مالك، وقاله مسلم من طريق خالد بن مخلد عنه (¬4). وقال فيه طائفة، عن مالك: أن حفصة قالت، جعلوه من مسند ابن عمر (¬5). ¬

_ = ومسلم في صحيحه كتاب: الحج، باب: بيان أن القارن لا يتحلل إلا في وقت تحلل الحاج المفرد (2/ 902) (رقم: 176) من طريق خالد بن مخلد. وأبو داود في السنن كتاب: المناسك، باب: في القران (2/ 398) (رقم: 1806) من طريق القعنبي. والنسائي في السنن كتاب: المناسك، باب: تقليد الهدي (5/ 188) (رقم: 2780) من طريق ابن القاسم. وأحمد في المسند (6/ 284) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، سبعتهم عن مالك به. (¬1) بل هو من جملة ما استدلوا به على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان قارنًا، قال النووي: "هذا دليل للمذهب الصحيح المختار الذي قدّمناه واضحًا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان قارنًا في حجة الوداع"، قال العراقي: "هو تمسك قوي". شرح النووي على صحيح مسلم (8/ 211 - 212)، وطرح التثريب (5/ 37) وزاد المعاد (2/ 112). (¬2) ذهب مالك وكذلك الشافعي إلى أنه - صلى الله عليه وسلم - كان مفردًا، وأنه أدخل الحج على العمرة، وهذا -أي إدخاله الحج على العمرة- كان هو السبب عندهم في عدم تحلله - صلى الله عليه وسلم - لا الهدي. طرح التثريب (5/ 37)، وفتح الباري (3/ 499). (¬3) انظر: الموطأ برواية أبي مصعب (1/ 540) (رقم: 1402)، وابن القاسم (ص: 267) (222)، وسويد (ص: 511) (1195)، وابن بكير (ل: 36 / ب) - الظاهرية-، ومصعب الزبيري عند العلائي في بغية الملتمس (ص: 110). (¬4) تقدّم، وهكذا قال القعنبي عند أبي داود وعبد الرحمن بن مهدي كما تقدّم. (¬5) أورد العلائي الحديث من طريق مصعب الزبيري عن مالك كما رواه يحيى الليثي ومن تابعه، ثم قال: "تابع مصعبًا على هذه الرواية عبد الله بن يوسف وإسماعيل بن أبي أويس وعبد الرحمن بن القاسم والقعنبي وخالد بن مخلد، فرووه عن مالك هكذا من مسند حفصة رضي الله عنها. =

وهكذا قال فيه مسلم من طريق يحيى النيسابووي، عن مالك (¬1). وكلّهم قال فيه عن مالك: "ولم تحلل أنت من عمرتك". وتابع مالكًا في هذا عبيدُ الله بن عمر، خرّجه عنه مسلم وغيره (¬2). ومن رواة نافع من لم يقل فيه: "من عمرتك"، وزيادة العدل الحافظ مقبولة (¬3). ¬

_ = وكذلك رواه ابن جريج وموسى بن عقبة وعبيد الله بن عمر في رواية يحيى بن سعيد عن نافع. وخالفهم يحيى بن يحيى -أي النيسابوري- عن مالك، وأبو أسامة عن عبيد الله بن عمر عن نافع، فرووه عن ابن عمر: أنَّ حفصة قالت، من مسنده". قلت: رواية يحيى النيسابوري وأبى أسامة عند مسلم في صحيحه (2/ 902) (رقم: 176، 178)، وانظر: بغية الملتمس (ص: 110). (¬1) انظر: صحيح مسلم (2/ 902) (رقم: 176). (¬2) أخرجه مسلم في صحيحه (2/ 902) (رقم: 177)، وكذلك النسائي في السنن كتاب: المناسك، باب: التلبيد عند الإحرام (5/ 146) (رقم: 2681)، وابن ماجه في السنن كتاب: المناسك، باب: من لبّد رأسه (2/ 1012) (رقم: 1046)، وإسحاق في المسند (4/ 198) (رقم: 1992) كلهم من طرق عن عبيد الله. (¬3) روى البخاري في صحيحه كتاب: المغازي، باب: حجة الوداع (3/ 173) (رقم: 4398) من طريق موسى بن عقبة، ومسلم في صحيحه كتاب: الحج، باب: بيان أن القارن لا يتحلل في وقت تحلل الحاج المقرن (2/ 902، 903) (رقم: 179) من طريق ابن جريج، كلاهما عن نافع، ولم يذكرا فيه العمرة، وتابعهما شعيب بن أبي حمزة كما ذكره البيهقي في السنن (5/ 13). قال ابن عبد البر ردًّا على من زعم تفرد مالك بهذا: "هذه اللفظة قد قالها عن نافع جماعة منهم: مالك، وعبيد الله بن عمر، وأيوب السختياني، وهؤلاء حفاظ أصحاب نافع، والحجة فيه على من خالفهم، ورواه ابن جريج عن نافع فلم يقل من عمرتك، ثم قال: قد علم كل ذي علم بالحديث أن مالكًا في نافع وغيره زيادته مقبولة لموضعه من الحفظ والإتقان والتثبت، ولو زاد هذه اللفظة مالك -وحده- لكانت زيادته مقبولة، لفقهه وفهمه وحفظه وإتقانه، وكذلك كل عدل حافظ، فكيف وقد تابعه من ذكرنا". التمهيد (15/ 208, 209). وذكر الحافظ أن الذي تعقبه ابن عبد البر هو الأصيلي، فإنه جنح إلى توهيم مالك في قوله: "ولم تحلل أنت في عمرتك" بأنه انفرد بهذا اللفظ، ولم يقله أحد في حفصة غيره، ثم ذكر تعقب ابن عبد البر وأقره عليه. فتح الباري (3/ 499)، وانظر أيضًا: طرح التثريب (5/ 37).

وهذا الحديث يعارضُ ما جاء عن عائشة، وسعد، وغيرهما في الإفراد والتمتع لأمرين (¬1): أحدهما: إثبات العمرة التي بها صار قارنًا غيرَ مفردٍ. والثاني: عدم الإحلال منها، ومن لم يحل قبل تمام الحج فليس بمتمتع. وتظاهرت الأخبارُ عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه أَمَر من لم يكن معه هدي بالإحلال، ولم يحل هو حتى نحر الهدي، ولما أمر أصحابه بالإحلال تَرَدَّد بعضهم فقال: "لو استقبلتُ من أمري ما استدبرتُ ما سقت الهدي، ولولا أن معي الهدي لأحللت" (¬2). وكلمة لولا تدلّ على امتناع الشيء لوقوع غيره. ¬

_ (¬1) حديث عائشة في الإفراد تقدّم (4/ 5، 67). وورد من حديث جابر عند مسلم في الصحيح كتاب: الحج، باب: بيان وجوه الإحرام (2/ 881) (رقم: 136). ومن حديث ابن عمر عنده أيضًا كتاب: الحج، باب: في الإفراد والقران بالحج والعمرة (2/ 904) (رقم: 184). وحديث سعد بن أبي وقاص في التمتع تقدّم في (3/ 77). وممن روى التمتع عنه - صلى الله عليه وسلم - ابن عمر عند البخاري في الصحيح كتاب: الحج، باب: من ساق البدن معه (1/ 517) (رقم: 1691) ومسلم في صحيحه كتاب: الحج، باب: وجوب الدم على المتمتع (2/ 901) (رقم: 174). وابن عباس عند الترمذي في السنن كتاب: الحج باب: ما جاء في التمتع (3/ 184، 185) (رقم: 822). (¬2) ورد ذلك من حديث أبي موسى الأشعري عند البخاري في الصحيح كتاب: الحج، باب: من أهل في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - (1/ 480) (رقم: 1559)، وعند مسلم في الصحيح، كتاب: الحج، باب: في نسخ التحلل من الإحرام والأمر بالتمام (2/ 894 - 895) (رقم: 155، 154). ومن حديث ابن عمر عند البخاري في الصحيح كتاب: الحج، باب: من ساق البدن معه (1/ 517) (رقم: 1691)، وعند مسلم في الحج باب: وجوب الدم على المتمع (2/ 901) (رقم: 174). ومن حديث عائشة عند البخاري في الصحيح كتاب: الحج، باب: من ذبح البقر عن نسائه من غير أمرهنَّ (1/ 521) (رقم: 1709)، وباب: ما يؤكل من البدن وما يتصدق (1/ 524) =

والقِران مرويٌّ من وجوه جَمَّة. وروي عن البراء بن عازب أنه قال: "كنت مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه حين أمَّره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على اليمن (¬1)، فلمَّا قدِم قال عليّ: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: كيف صنعت؟ قلت: أهللتُ بإهلالك. فقال: إني سُقت الهدي وقرنت. قال: وقال لأصحابه: لو استقبلت من أمري ما استدبرتُ لفعلت كما فعلتم، ولكي سقت الهدي، وقرنتُ"، خرّجه النسائي، وأبو داود، وغيرهما (¬2). وللنسائي عن مروان بن الحكم قال: كنتُ جالسا عند عثمان فسمع عليّا يُلبّي بعمرة وحجة، فقال: ألم نكن ننهى عن هذا؟ فقال عليّ: "بلى، ولكني سمعت رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يلبِّي بهما جميعًا، فلم أَدع قولَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقولك" (¬3). ¬

_ = (رقم: 1720)، وفي الجهاد، باب: الخروج آخر الشهر (2/ 346) (رقم: 2952)، وعند مسلم في الصحيح، كتاب: الحج، باب: بيان وجوه الإحرام ... (2/ 876) (رقم: 125). وفي حديث جابر الطويل عند مسلم في الحج، باب: حجة النبي - صلى الله عليه وسلم - (2/ 886 - 892) (رقم: 147، 148) وفيه قوله: "لو استقبلت من أمري ... ". (¬1) اليمن: هو البلد المعروف، يقع في الزاوية الجنوبية الغربية لجزيرة العرب، إلا أن العرب وأهل الحجاز خاصة يعدّون كل ما هو جنوب مكة يمنًا. انظر: الروض المعطار (ص: 619)، والمعالم الأثيرة (ص: 301). (¬2) أخرجه النسائي في السنن كتاب: المناسك، باب: القران (5/ 162، 163) (رقم: 2724). وأبو داود في السنن كتاب: المناسك، باب: في القران (2/ 392، 393) (رقم: 1797) كلاهما من طريق يونس أبي إسحاق عن البراء به، ورجاله ثقات. وكذا أخرجه الطبراني في الأوسط (7/ 165) (رقم: 6303) وقال الهيثمي في المجمع (3/ 237): "رجاله رجال الصحيح"، وله شاهد من حديث جابر عند البخاري (4/ 163) (رقم: 4352)، ومن حديث أنس عند مسلم (2/ 914) (رقم: 213). (¬3) انظر: السنن كتاب: المناسك، باب: القران (5/ 161 - 162) (رقم: 2721) فقد رواه عن =

وروى أيوب السختياني عن أبي قِلابَة الجَرْمَي -وهو عبد الله بن زيد- عن أنس بن مالك: "أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - لبى بهما جميعًا"، خرّجه البخاري (¬1). وخرّج مسلم عن يحيى بن أبي إسحاق، وعبد العزيز بن صهيب، وحُميد الطويل عن أنس قال: "سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أهل بهما جميعا يقول: لبّيك عمرةً وحجا" (¬2). وعن حميد عن بكر -هو ابن عبد الله المزني- عن أنس قال: "سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يلبي بالحج والعمرة جميعا" قال بكر: فحدّثت بذلك ابن عمر فقال: "لبَّى بالحج وحده"، فلقيت أنسا فحدّثته بقول ابن عمر فقال أنس: ما تَعُدُّونَنا إلا صبيانا، سمعت رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لبّيك عمرة وحجا" (¬3). وروى عبد الرزاق، عن معمر عن أيوب، عن أبي قلابة وحميد بن هلال، عن أنس قال: "كنتُ رديفَ أبي طلحة وهو يسايِرُ النبي - صلى الله عليه وسلم - ¬

_ = عمران بن يزيد، عن عيسى بن يونس، عن الأعمش، عن مسلم البطين، عن علي بن حسين، عن مروان به. وقد تحرّف في المطبوع من سنن النسائي "الأعمش" إلى "الأشعث"، وجاء على الصواب في تحفة الأشراف (7/ 446)، وهذا إسناد حسن؛ لأن عمران بن يزيد شيخ النسائي صدوق. لكن الحديث صحيح، رواه البخاري في الحج، باب: التمتع والقران والإفراد (1/ 483) (رقم: 1563). وكذا الدارمي في السنن كتاب: الحج باب: في القران (2/ 69، 70) كلاهما من طريق شعبة عن الحكم عن علي بن حسين، عن مروان به. (¬1) انظر: صحيح البخاري كتاب: الحج، باب: التحميد والتسبيح والتكبير قبل الإهلال عند الركوب على الدابة (1/ 478) (رقم: 1551) وهو متفق عليه من طريق حميد بن بكر الآتي. (¬2) انظر: صحيح مسلم كتاب: الحج، باب: إهلال النبي - صلى الله عليه وسلم - وهديه (2/ 915) (رقم: 214). (¬3) انظر: صحيح مسلم كتاب: الحج، باب: في الإفراد والقران بالحج والعمرة (2/ 905) (رقم: 185، 186)، وأخرجه البخاري من هذا الوجه أيضًا في صحيحه كتاب: المغازي، باب: بعث علي بن أبي طالب ... (3/ 163) (رقم: 4353، 4354) لكن ليس فيه قول أنس: "ما يعدوننا إلا صبيانًا".

[-] (¬1) إنَّ رجليَّ لتَمَسُّ غرز النبي - صلى الله عليه وسلم -، فسمعته يهلّ بالحج والعمرة معا" (¬2). وروى سُويد أبو قَزَعة الباهلي (¬3) عن أنس قال: كنتُ رديف أبي طلحة، وذكر نحوه (¬4). وروى عكرمة عن ابن عباس، عن عمر، قال: سمعتُ النبي - صلى الله عليه وسلم - بوادي العقيق يقول: "أتاني الليلةَ آتٍ من ربي فقال: صلِّ في هذا الوادي المبارك وقل عمرة في حجةٍ". خرّجه البخاري (¬5). وروى جابر في الحديث الطويل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لسراقة: "دَخلَتِ العمرةُ في الحج إلى يوم القيامة". خرّجه مسلم وغيره (¬6). ¬

_ (¬1) ما بين المعقوفين كلمة لم أتبينها، وفي مصادر التخريج: "قال". (¬2) لم أجده في المصنف، لكن رواه الإمام أحمد من طريقه في المسند (3/ 164)، وكذا رواه أبو عوانة كما في إتحاف المهرة (1/ 670) (2/ 75)، والطحاوي في شرح معانى الآثار (2/ 153) كلاهما من طريق عبيد الله بن عمرو الرَّقي، عن أيوب عن أبي قلابة وحميد بن هلال عن أنس به. وإسناده صحيح. (¬3) وقع هنا بهامش النسخة: "حاشية. هو سويد بن حُجير والد قزعة بن سويد، قال أحمد بن حنبل: أبو قزعة من الثقات، وقاله ابن المديني. ا. هـ". (¬4) أخرجه أحمد في المستد (3/ 171) والطحاوي في شرح معاني الآثار (2/ 153) كلاهما من طريق شعبة عن أبي قزعة به. (¬5) أخرجه في كتاب: الحج، باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "العقيق واد مبارك" (1/ 474) (رقم: 1534). (¬6) أخرجه مسلم في صحيحه كتاب: الحج، باب: حجة النبي - صلى الله عليه وسلم - (2/ 888) (رقم: 147)، وأبو داود في السنن كتاب: المناسك، باب: صفة حج النبي - صلى الله عليه وسلم - (2/ 455 - 464) (رقم: 1905)، والنسائي في السنن كتاب: المناسك، باب: الكراهية في الثياب المصبغة للمحرم، وباب: ترك التسمية عند الإهلال (5/ 156 - 157، 169 - 170) (رقم: 2711، 2739)، وابن ماجه في السنن كتاب: المناسك، باب: حجة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (2/ 1022 - 1027) (رقم: 3074) كلهم من طريق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر به.

ورواه النّزّال بن سَبْرَة، عن سراقة، خرّجه الطحاوي في معاني الآثار (¬1). فهؤلاء نقلوا حديث (¬2) النبي - صلى الله عليه وسلم -، وإخبارَه عن نفسه وجوابَه لمن سَأله، وحَكَوا لفظَه في ذلك، وهي نصوص جليَّة، وأخبار قطعيّة (¬3). ¬

_ (¬1) انظر: شرح معاني الآثار (2/ 154)، فقد رواه من طريق مكي بن إبراهيم، عن داود بن يزيد الأودي قال: سمعت عبد الملك بن ميسرة قال: سمعت النزَّال بن سبرة، فذكره. ومن هذا الطريق أخرجه أحمد في المسند (4/ 175). والحديث في إسناده داود بن يزيد الأودي قال الزيلعي في نصب الراية (3/ 101): تكلم فيه غير واحد من الأئمة كالإمام أحمد، وابن معين، وأبي داود وغيرهم. لكن قال ابن عدي: "يقبل منه إذا روى عنه ثقة". الكامل (3/ 948). فعلى هذا يقبل حديثه في الشواهد والمتابعات؛ لأنَّ الراوي عنه مكي بن إبراهيم وهو ثقة ثبت. والحديث أخرجه أيضا النسائي في السنن كتاب: الحج، باب: إباحة فسخ الحج والعمرة لمن لم يسق الهدي (5/ 196) (رقم: 2805)، وابن ماجه في السنن كتاب: الحج، باب: التمتع بالعمرة إلى الحج (2/ 991) (رقم: 2977)، وأحمد في المسند (4/ 175) كلهم من طريق عبد الملك بن ميسرة، عن طاوس، عن سراقة به نحوه. ورجاله ثقات لكن طاوسا لم يسمع من سراقة كما نقل ذلك الحافظ في أطراف المسند (2/ 428) عن الإمام أحمد. وقال البوصيري: "هذا إسناد صحيح رجاله ثقات إن سلم من الانقطاع". مصباح الزجاجة (3/ 23). قلت: الإسنادان كما ترى لا يخلو من علة، إما الضعف، وإما الانقطاع، لكن الحديث صحيح لورود أصله من حديث جابر عند مسلم كما تقدّم، ولأجله صححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه (2/ 166). انظر: تهذيب الكمال (8/ 468)، والكاشف (1/ 225)، وتهذيب التهذيب (3/ 178)، والتقريب (رقم: 1818). (¬2) كُتب هنا فوق كلمة "حديث" لفظة "قول"، وكأن هذا أليق. (¬3) ما قرّره المصنف من كون النبي - صلى الله عليه وسلم - قارنًا في حجة الوداع هو ما ذهب إليه غير واحد من أهل العلم، فقد قال الإمام ابن القيم: "وإنَّما قلنا: إنه أحرم قارنًا لبضعة وعشرين حديثًا صحيحة صريحة في ذلك، ثم ذكرها، وذكر بعدها عشرة وجوه أخرى لترجيح ذلك". وقال عنه النووي: "هو المذهب الصحيح المختار". =

وقال أبو قلابة: "إنما جَمَعَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بين الحج والعمرة؛ لأنه عَلِمَ أنه ليس بحاجّ بعدها". خرّجه الدارقطني (¬1). وجاء عن بضعة عشر من الصحابة ما يدلُّ على أنه - صلى الله عليه وسلم - قَرَنَ في حجّة الوداع التي لم يحج بعد الهجرة غيرها (¬2)، لكن اختلف قول أكثرهم في ذلك (¬3). ولسنا نبغي ههنا ترجيح الأفعال، بل تصحيحَ الأقوال في إثبات ما اختص به رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في حجّته تلك. وأما ما أباحه أو أمر به، أو ندب إليه فلإثباته موضع غير هذا، والله المستعان. ولأهل المذاهب في هذا الباب كلام لا يليق بهذا الكتاب. ¬

_ = وقال ابن حجر: "والذي تجتمع به الروايات أنه - صلى الله عليه وسلم - كان قارنًا، ثم ذكر الروايات الدالة على ذلك، مع بيان مرجحات أخرى". انظر: زاد المعاد (2/ 107)، وشرح النووي على مسلم (8/ 211)، وفتح الباري (3/ 500، 501). (¬1) انظر: السنن (2/ 288) إلا أنه قال: عن أبي قتادة. (¬2) قال ابن القيم رحمه الله: "وهؤلاء الذين رووا القِران بغاية البيان: عائشة أم المؤمنين، وعبد الله بن عمر، وجابر بن عبد الله، وعبد الله بن عباس، وعمر بن الخطاب، فذكرهم ثم قال: فهؤلاء سبعة عشر صحابيًا رضي الله عنهم، منهم من روى فعله، ومنهم من روى لفظ إحرامه، ومنهم من روى خبره عن نفسه، ومنهم من روى أمره به". زاد المعاد (2/ 117). (¬3) حيث ورد عن عائشة قولها: أهل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالحج، أو أفرد الحج، وجاء عن ابن عمر: "لبى بالحج وحده"، وجاء عن ابن عباس: "أهل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالحج"، أورد ابن القيم رحمه الله هذه الأقوال وأجاب عنها بتوسّع وإحكام، ثم قال: "ومن تأمّل ألفاظ الصحابة، وجَمَعَ الأحاديث بعضها إلى بعض، واعتبر ببعضها ببعض، وفهم لغة الصحابة أسفر له صبح الصواب، وانقشعت عنه ظلمة الاختلاف والاضطراب، والله الهادي لسبيل الرشاد، والموفّق لطريق السداد". زاد المعاد (2/ 117 - 122).

وانظر الإفراد لعائشة (¬1)، والتمتع لسعد (¬2)، والاعتمار في مرسل عروة (¬3)، ومالك (¬4). 582 / حديث: "ما رأيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - صلّى في سبحته (¬5) قاعدا قطّ حتّى كان قبل وفاته بعام ... ". فيه: "ويقرأُ بالسورة فيرتّلها". في صلاة القاعد. عن ابن شهاب عن السَّائب بن يزيد، عن المطَلِّب بن أبي وداعة السَّهمي، عن حفصة (¬6). للسَّائب والمطلب صُحبة (¬7). ¬

_ (¬1) تقدّم حديثها (4/ 5، 67). (¬2) تقدّم حديثه (3/ 77). (¬3) سيأتي حديث (5/ 90). (¬4) سيأتي حديثه (5/ 362). (¬5) السُبحة هنا بمعنى النافلة. انظر: جامع الأصول (5/ 316). (¬6) الموطأ كتاب: صلاة الجماعة، باب: في صلاة القاعدة في النافلة (1/ 131) (رقم: 23). وأخرجه مسلم في صحيحه كتاب: صلاة المسافرين وقصرها، باب: جواز النافلة قائما وقاعدا (1/ 507) (رقم: 118) من طريق يحيى النيسابوري. والترمذي في السنن كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في الرجل يتطوع جالسًا (2/ 211) (رقم: 373) من طريق معن. والنسائي في السنن كتاب: قيام الليل، باب: صلاة القاعد في النافلة (3/ 247) (رقم: 1657) من طريق قتيبة. وأحمد في السند (6/ 285) من طريق عبد الرحمن بن مهدي. والدارمي في السنن كتاب: الصلاة، باب: صلاة التطوع قاعدًا (1/ 322) من طريق عثمان بن عمر، خمستهم عن مالك به. (¬7) الاستيعاب (4/ 116)، (10/ 103)، أسد الغابة (2/ 401)، (5/ 183)، الإصابة (4/ 117)، (9/ 215).

وخرّج هذا الحديث مسلم، وقد اجتمع فيه ثلاثة من الصحابة (¬1). وانظر حديث عائشة من طريق عروة (¬2)، وأبي سلمة (¬3). 583 / حديث: "كنتُ أكتبُ مصحفًا لحفصةَ زوج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... ". فيه: "فأملت عليّ: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} (¬4)، وصلاةِ العصر ... ". في الصلاة الثاني. عن زيد بن أسلم، عن عمرو بن رافع، ذَكَره (¬5). ولم يذكر أن حفصة أسندتْه لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وهذا يدخل في المسند المرفوع لما في ضمنه من الإخبار بنزول الوحي بذلك، والتلاوةُ متلقاة من النبي - صلى الله عليه وسلم -، فكلُّ ما أخبر به الصحابةُ من كلام الله سبحانه فهو محمولٌ على الرفع، وإن لم يُسندوه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -. وقد بيّن رفعَ هذا الحديث الليث، عن هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، زاد فيه: قالت: "هكذا سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرأ" (¬6). ¬

_ (¬1) سبق تخريجه. (¬2) تقدَّم (4/ 29). (¬3) تقدَّم (4/ 88). (¬4) سورة: البقرة، الآية: (238). (¬5) الموطأ كتاب: صلاة الجماعة، باب: الصلاة الوسطى (1/ 132) (رقم: 26). سنده حسن؛ لأن عمرو بن رافع وإن لم يوثقه غير ابن حبان (5/ 176)، وقال فيه الحافظ في التقريب (رقم: 5029): "مقبول"، لكنه توبع من جهة نافع وسالم كما سيأتي. (¬6) أورده ابن عبد البر في التمهيد (4/ 280 - 281) بإسناده من طريق عبد الله بن صالح، عن الليث به. وأخرجه الطبري في جامع البيان (5/ 211) (رقم: 5465) من طريق الليث، عن خالد بن يزيد، عن أبي هلال -سعيد- عن زيد بن أسلم، عن عمرو بن رافع به، وفيه قولها: أشهد أني سمعتها من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

وهكذا رواه نافع مولى ابن عمر، عن حفصةَ موفوعًا، خرّجه إسماعيل القاضي، وفيه: عن نافع قال: فرأيت الواو فيها (¬1). وقد رُوي عن نافع، عن ابن عمر، عن حفصة. ذكره الدارقطني (¬2). ورُوي عن سالم بن عبد الله أنَّ حفصة قالت: أكتب: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى صلاة العصر}، خرّجه سُنَيد (¬3) وغيره. وقالوا فيه: صلاة العصر -بغير واو- (¬4). ¬

_ (¬1) ذكره ابن عبد البر في التمهيد (4/ 281) عنه قال: حدّثنا محمد بن أبي بكر، قال: حدّثنا حماد بن زيد، قال: حدّثنا عبيد الله بن عمر، عن نافع: أنَّ حفصة أمرت أن يكتب لها مصحف، فذكره. ومن طريق حماد بن زيد أخرجه أيضًا البيهقي في السنن الكبرى (1/ 462). ورجاله ثقات، لكن ذكر ابن أبي حاتم في المراسيل (ص: 225) (رقم: 848) عن أبيه قال: "رواية نافع عن عائشة وحفصة في بعضه مرسل". لكَن قوّاه البيهقي بحديث عمرو بن رافع حيث قال: "وحديث زيد بن أسلم عن عمرو الكاتب موصول, وإن كان موقوفًا فهو شاهد لصحة رواية عبيد الله بن عمر، عن نافع". (¬2) العلل (5 /ل: 165/ أ). (¬3) سُنَيد: بنون ثم دال مهملة مصغرا، هو ابن داود المصِّيصِّي، أبو علي المحتَسِب، واسمه حسين، وسنيد لقبه. قال الذهبي: "حافظ له تفسير، وله ما ينكر". وقال الحافظ: "ضُعّف مع إمامته ومعرفته لكونه كان يلقّن حجاج بن محمد شيخه". انظر: تهذيب الكمال (12/ 161)، والميزان (2/ 426)، وتهذيب التهذيب (4/ 214)، والتقريب (رقم: 2646)، ونزهة الألباب في الألقاب (1/ 380). (¬4) ذكره ابن عبد البر في التمهيد (4/ 282) معلقا عن هُشيم، عن جعفر بن إياس، عن رجل حدّثه، عن سالم بن عبد الله، عن حفصة، فذكره، ثم قال: "ذكر سُنيد وغيره عن هشيم, وفي إسناده رجل مبهم لا يُدرى من هو". قلت: أخرجه الطبري في جامح البيان (5/ 208 - 209) (رقم: 5461)، وابن أبي داود في المصاحف (ص: 95) من طريق عبد الله بن يزيد الأودي لكن بلفظ: "وصلاة العصر" فإن لم يكن عبد الله بن يزيد هو الرجل المبهم فيقال: اختلف على سالم فيه, فرواه بعضهم عنه بثبوت الواو, ورواه بعضهم بحذفها.

وقول نافع أصحّ (¬1). وهكذا رُوي عن عائشةَ، وقد تقدّم لها (¬2). • حديث: "الإحداد". هو عند يحيى بن يحيى مشترك لعائشة، وحفصة معًا. وتقدّم في مسند عائشة من رواية صفيّة (¬3). * * * ¬

_ (¬1) أي أصح إسنادا كما قاله ابن عبد البر في التمهيد (4/ 283) لوروده من طريق حماد بن زيد عند البيهقي في السنن الكبرى (1/ 462). ومن طريق عبد الوهاب عند ابن جرير في جامع البيان (5/ 209) (رقم: 5462)، كلاهما عن عبيد الله، عن نافع: أنه ذكر حديث حفصة ثم قال: فقرأت ذلك المصحف فوجدت فيه الواو. وأورد الزيلعي حديث حفصة من طريق نافع وسالم وعمرو بن رافع، ثم قال: "فتحرّر أن حفصة عنها روايتان، ذكر المصنف منهما (أي الزمخشري) رواية حذف الواو وهى أضعف الروايتين، وقد روى الإمام أبو بكر عبد الله بن أبي داود السجستاني في كتابه المصاحف حديث حفصة من نحو عشرين طريقة كلها "وصلاة العصر" بالواو، ثم ذكر شواهد حديث حفصة من حديث عائشة وابن عباس". تخريج أحاديث الكشاف (1/ 155). (¬2) تقدّم (4/ 78). (¬3) تقدّم (4/ 138).

92 - مسند أم سلمة

92 - مسند أم سلمة واسمها: هند بنت أَبي أُمَيَّة المعروف بـ: زاد الركب (¬1)، واسمه: حذيفة، وقيل: سَهل أو سُهيل بن المغيرة، القُرَشِيَّة المَخْزُومِيَّة (¬2). أربعة عشر حديثًا. 584/ حديث: "هل على المرأة من غُسل إذا هي احتلمت؟ قال: نعم، إذا رأت الماء". في الطهارة. عن هشام بن عروة، عن أبيه عن زينب بنت أبي سلمة، عن أم سلمة قالت: جاءت أمُّ سُليم امرأةُ أبي طلحة (¬3). أرسله القعنبي عن مالك، فلم يذكر فيه أمَّ سلمة (¬4). ¬

_ (¬1) في الأصل: "الراكب"، وكتب في مقابله بالهامش وظ "الركب"، أي الظاهر الركب، وهو كما قال، ولُقِّب به لأنه كان أحد الأجواد، فكان إذا سافر لا يترك أحدًا يرافقه ومعه زاد، بل يكفي رفقته من الزاد. الإصابة (13/ 222). (¬2) انظر: الطبقات الكبرى (8/ 86)، والاستيعاب (13/ 230)، وأسد الغابة (7/ 329 - 331)، والإصابة (13/ 221 - 222)، والسير (2/ 202)، وأزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - للصالحي (ص: 147). (¬3) الموطأ كتاب: الطهارة، باب: غسل المرأة إذا رأت في المنام مثل ما يرى الرجل (1/ 70) (رقم: 85). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الغسل، باب: إذا احتلمت المرأة (1/ 109) (رقم: 282) من طريق عبد الله بن يوسف، وفي الأدب، باب: ما لا يستحيا من الحق (4/ 113) (رقم: 6121) من طريق إسماعيل بن أبي أويس، كلاهما عن مالك به. وفي هذا الإسناد من اللطائف: رواية تابعي عن مثله، وصحابية عن مثلها، وكذا فيه رواية الابن عن أبيه، والبنت عن أمها. (¬4) انظر: الموطأ برواية القعنبي (ل: 11 /ب)، ووقع في القطعة المطبوعة من رواية القعنبي (ص: 65) مسندًا بذكر أم سلمة كما رواه يحيى، وهو خطأ فقد ذكر الدارقطني والجوهري أيضًا روايته بالإرسال. العلل (5 /ل: 176)، ومسند الموطأ (ل: 137 / ب).

ومن الناس من لم يذكر فيه زينب (¬1). وخرّجه البخاري ومسلم من طريق زينب عن أم سلمة (¬2). وقال الدارقطني: "الصحيح عن هشام قول من قال عن أبيه عن زينب عن أم سلمة" (¬3). وقال البزّار: "رواه غير واحد عن الزهري، عن عروة، عن عائشة. قال: وخالف فيه هشام بن عروة فرواه عن أبيه، عن زينب، عن أم سلمة" (¬4). ¬

_ (¬1) ذكره الدارقطني عن جرير بن عبد الحميد والضحّاك بن عثمان وعبد الله بن نافع، وقال: رواه مالك بن أنس، ويحيى بن عبد الله بن سالم، ويحيى بن سعيد القطان، وابن جريج، ومحمد بن بشر، وليث بن سعد، وأبو هشام بن عروة، عن هشام، عن أبيه، عن زينب، عن أم سلمة. قلت: والحديث من طريق جرير أخرجه إسحاق في مسنده (4/ 58) (رقم: 1819). انظر: علل الدارقطني (5 /ل: 32 / أ)، و (5 /ل: 176 /ب). (¬2) أخرجه البخاري في صحيحه من طريق مالك كما تقدم. وأخرجه مسلم في صحيحه كتاب: الحيض، باب: وجوب الغسل على المرأة (1/ 251) (رقم: 32) من طريق أبي معاوية، ووكيع، وسفيان، كلهم عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن زينب به. (¬3) العلل (5 /ل: 176 /ب). (¬4) لم أقف على قول البزار للنقص في نسخ مسنده الخطية، لكن الذين رووه عن الزهري، عن عروة، عن عائشة هم: - عُقيل بن خالد عند مسلم في صحيحه (1/ 251) (رقم: 32). - ويونس بن يزيد عند أبي داود في السنن كتاب: الطهارة، باب: في المرأة ترى ما يرى الرجل (1/ 162) (رقم: 237). - والزبيدي عند النسائي في السنن كتاب: الطهارة، باب: غسل المرأة ترى في منامها ما يرى الرجل (1/ 121) (رقم: 196). =

وليس في هذا الحديث إنكار أم سلمة، وقد رواه غير مالك فيه، خرّجه مسلم (¬1). وانظر حديث عائشة من طريق عروة في مسندها (¬2). 585 / وبه: "إنَّما أنا بَشرٌ، وإنّكم تختصمون إليّ، فلَعَلَّ بعضَكم أن يكون ألحنَ بحجّته من بعض فأقضي له على نحو ما أسمع منه ... ". ¬

_ = - وابن أخي الزهري كما ذكره البيهقي في السنن الكبرى (1/ 168). ورجّح ابن حجر رواية هشام لما نقله القاضي عياض عن أهل الحديث أن الصحيح أن القصة وقعت لأم سلمة لا لعائشة، قال: "وهو ظاهر صنيع البخاري"، ولكن جمع النووي بين الروايتين فقال: "يُحتمل أن تكون عائشة وأم سلمة جميعا أنكرتا على أم سُليم". قال الحافظ: "وهو جمع حسن؛ لأنه لا يمتنع حضور أم سلمة وعائشة عند النبي - صلى الله عليه وسلم - في مجلس واحد". اهـ. وعلى هذا فالروايتان صحيحتان لورودهما في الصحيح، وهدا ما رجّحه أيضًا الدارقطني حيث قال: "ويشبه أن يكون عروة حفظ هذا الحديث عن عائشة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وحفظه أيضًا عن زينب عن أم سلمة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فأدى إلى الزهري حديثه عن عائشة، وأدّى إلى هشام بن عروة حديثه عن زينب عن أم سلمة". ونقل ابن عبد البر عن الذهلي أنه قال: "هما حديثان عندنا". انظر: العلل (5 /ل: 32 /ب)، والتمهيد (8/ 336)، وشرح النووي على صحيح مسلم (3/ 222)، وفتح الباري (1/ 462). (¬1) انظر: صحيح مسلم كتاب: الحيض، باب: وجوب الغسل على المرأة بخروج المني منها (1/ 251) (رقم: 32). وكذا أخرجه البخاري في الصحيح كتاب: العلم باب: الحياء في العلم (1/ 63) (رقم: 130)، وفي كتاب: أحاديث الأنبياء (2/ 450) (رقم: 3328) من طريق أبي معاوية ويحيى القطان، كلاهما عن هشام به، وإنكارها هو قولها: وهل تحتلم المرأة؟ قال ابن حجر: "ورى هذه الزيادة -وهل تحتلم المرأة؟ - أصحاب هشام عنه غير مالك فلم يذكرها". فتح الباري (1/ 462). (¬2) تقدّم حديثها (4/ 60).

في أوّل الأقضية (¬1). أرسله القعنبي أيضًا لم يذكر فيه أم سلمة (¬2). وقال فيه إبراهيم بن حماد بن أبي حازم، عن مالك، عن الزهري، عن عروة، عن أمّ سلمة، لم يذكر زينب، وذلك وهم، والأصح عن هشام والزهري روايته عن عروة، عن زينب عن أمّها. ذكره الدارقطني في العلل (¬3). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الأقضية، باب: الترغيب في القضاء بالحق (2/ 553) (رقم: 1). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الشهادات، باب: من أقام البينة بعد اليمين (2/ 261) (رقم: 2680)، وفي الأحكام، باب: موعظة الإمام للخصوم (4/ 335) (رقم: 7169) من طريق القعنبي عن مالك به. (¬2) قاله الجوهري أيضًا في مسنده (ل: 137 /ب)، وقد أخرجه البخاري عنه موصولًا كما سبق. (¬3) ذكر الدارقطني رواية إبراهيم بن حماد عن مالك، عن الزهري، عن عروة، عن أم سلمة، ورواية ابن عيينة، عنه، عن عروة، عن عائشة، وقال: وكلاهما وهم، والصحيح ما رواه صالح بن كيسان، ويونس، وعُقيل، عن الزهري، عن عروة، عن زينب، عن أم سلمة، ثم ذكر اختلاف الرواة عن هشام، وقال: والأشبه بالصواب عن هشام ما قاله مالك ومن تابعه. انظر: العلل (5 / ل: 177). ورواية إبراهيم بن حماد أخرجها ابن المظفر في غرائب مالك (ص: 89) (رقم: 42)، وهو ضعيف، ذكره الدارقطني في الضعفاء (ص: 110) (رقم: 28)، ونقل الذهبي عنه في الميزان (1/ 28)، وابن حجر في اللسان (1/ 50) أنه قال في غرائب مالك: "كان ضعيفًا". ولأجل ضعفه أخطأ في موضعين: 1 - جعله عن مالك عن الزهري، ومالك إنما يرويه عن هشام. 2 - أسقط من إسناده زينب، وعروة يرويه عن زينب، عن أم سلمة. فالصواب عن مالك قول يحيى: مالك، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن زينب، عن أم سلمة، وهكذا رواه: - أبو مصعب الزهري (2/ 459) (رقم: 2877)، وابن القاسم (ص: 492) (رقم: 478)، وسويد بن سعيد (ص: 271) (رقم: 587)، وابن بكير (ل: 117 / أ) - الظاهرية-، والقعنبي كما تقدّم عند البخاري. - وابن وهب عند الطحاوي في شرح المعاني (4/ 154).

586 / حديث: "شكوتُ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنِّي أشتكي، فقال: طُوفي من وراء الناس وأنتِ راكبةٌ ... ". وفيه: قراءة الطّور في الصلاة. في جامع الطواف. عن أبي الأسود محمد بن عبد الرحمن، عن عروة، عن زينب بنت أبي سلمة، عن أم سلمة (¬1). 587 / حديث: "جاءت امرأةٌ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله! إن ابنتي تُوفي عنها زوجُها، وقد اشْتَكَتْ عينَيها أَفَتَكْحُلُهُما؟ ... ". فيه: "إنَّما هي أربعةُ أشهرٍ وعشرًا، وذكر الرَّمْيَ بالبعرة، وتفسير زينب لذلك". ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الحج، باب: جامع الطواف (1/ 298) (رقم: 123). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الصلاة، باب: إدخال البعير في المسجد لعلة (1/ 166) (رقم: 464)، وفي الحج، باب: من صلى ركعتي الطواف خارجًا من المسجد (1/ 499) (رقم: 1626)، وفي التفسير (3/ 297) (رقم: 4853) من طريق عبد الله بن يوسف، وفي الحج أيضًا، باب: طواف النساء مع الرجال (1/ 498) (رقم: 1619) من طريق إسماعيل بن أبي أويس، وفي باب: المريض يطوف راكبًا (1/ 501) (رقم: 1633) من طريق القعنبي. ومسلم في صحيحه كتاب: الحج، باب: جواز الطواف على البعير وغيره (2/ 927) (رقم: 258) من طريق يحيى النيسابوري. وأبو داود في السنن كتاب: المناسك باب: الطواف الواجب (2/ 443) (رقم: 1881) من طريق القعنبي. والنسائي في السنن كتاب: المناسك، باب: كيف طواف المريض (5/ 245) (رقم: 2925) من طريق ابن القاسم، وفي باب: طواف الرجال مع النساء (رقم: 2927) من طريق عبد الرحمن بن مهدي. وابن ماجه في السنن كتاب: المناسك، باب: المريض يطوف راكبًا (2/ 987) (رقم: 2961) من طريق عبد الرحمن بن مهدي. وأحمد في المسند (6/ 290, 319) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، كلهم عن مالك به.

في آخر الطلاق (¬1). عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم، عن حُميد بن نافع، عن زينب بنت أبي سلمة أنّها أخبرته هذه الأحاديث الثلاثةَ، يعني: هذا عن أمّها أم سلمة. وهو المذكورُ آخرًا، وحديث أم حبيبة، وحديث زينب بنت جحش في الإحداد، حدّثت بالكل في مساقٍ واحدٍ. فالجميع كالحديث الواحد لزينب بنت أبي سلمة، وإن نسبت إلى أمّهات المؤمنين عُدّت ثلاثة أحاديث، وإن اعتبرَ المعنى عُدّت حديثين؛ لأنَّ لفظَ حديث أمّ حبيبة، وحديث زينب بنت جحش سواء، وحديثهما مذكور في مسندهما (¬2). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الطلاق، باب: ما جاء في الإحداد (2/ 465 - 466) (رقم: 101 - 103). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الجنائز، باب: إحداد المرأة على غير زوجها (1/ 395) (رقم: 1281، 1282) من طريق إسماعيل بن أبي أويس، وفي الطلاق، باب: تحدُّ المتوفى عنها أربعة أشهر وعشرًا (3/ 420) (رقم: 5334, 5335، 5336) من طريق عبد الله بن يوسف. ومسلم في صحيحه كتاب: الطلاق، باب: وجوب الإحداد في عدة الوفاة وتحريمه في غيره إلا ثلاثة أيام (2/ 1123) (رقم: 58) من طريق يحيى النيسابوري. وأبو داود في السنن كتاب: الطلاق، باب: إحداد المتوفى عنها زوجها (2/ 721) (رقم: 2299) من طريق القعنبي. والترمذي في السنن كتاب: الطلاق، باب: ما جاء في عدة المتوفى عنها زوجها (3/ 500 - 501) (رقم: 1195, 1196, 1197) من طريق معن. والنسائي في السنن كتاب: الطلاق، باب: ترك الزينة للحادة المسلمة دون اليهودية والنصرانية (6/ 512 - 513) (رقم: 3535، 3534، 3533) من طريق ابن القاسم. وأحمد في المسند (6/ 325، 324) من طريق عبد الرزاق، سبعتهم عن مالك به. (¬2) سيأتي حديثهما (4/ 233).

وتفسير زينب لرمي البعرة، وما ذكرت من فعل الجاهلية رواه شعبة عن حميد عنها، عن أمّ سلمة مرفوعًا، خرجه البخاري (¬1). وفي قول زينب في الموطأ: "فَتَفتضُّ" -بفائين، وتائين، وضاد معجمة-، وقال مالك: "معناه تمسح به" (¬2). وذكر ابن معين (¬3) أنَّ أبا سلمة الخزاعي (¬4) قال فيه عن مالك: "فتقبص"، ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الطلاق، باب: الكحل للحادة (3/ 421) (رقم: 5338)، وفي الطب، باب: الإثمد والكحل من الرمد (4/ 37) (رقم: 5706). ومسلم في صحيحه كتاب: الطلاق، باب: وجوب الإحداد (2/ 1125) (رقم: 60). (¬2) الموطأ (2/ 466) وتمام كلامه: تمسح به جلدها كالنشرة. والنشرة كما فسّرها ابن الأثير في النهاية (5/ 54): "ضرب من الرقية والعلاج يعالج به من كان يُظن أن به مسًا من الجن، سميت نشرة لأنه يُنشر بها عنه ما خامره من الداء، أي يكشف ويزال". قال ابن قتيبة: "قولها "تفتض" هو من فضضتُ الشيء إذا كسرته أو فرّقته، ومنه: فُضّ الخاتم، وقول الله جلّ وعزّ: {لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} [آل عمران: 159]، وأرادت أنها تكون في عدة من زوجها، فتكسر ما كانت فيه وتخرج منه بالدابّة". غريب الحديث (2/ 188). قال ابن حجر: "هذا لا يخالف تفسير مالك لكنه أخص منه". فتح الباري (9/ 400). وفسّرها القاضي عياض بنحو ما فسّر به ابن قتيبة فقال: "معناه: تمسح به قبلها فيموت (أي الطائر) بقبح ريحها وقذارتها، وسمي فعلها ذلك افتضاضًا كأنها تكسر عدتها". وهكذا قال ابن الجوزي وابن الأثير. انظر: مشارق الأنوار (2/ 161)، وغريب الحديث لابن الجوزي (2/ 198)، والنهاية (3/ 453 - 454). (¬3) انظر: التاريخ له (4/ 402 - رواية الدوري-) إلا أنّ اللفظة جاءت فيه: "فتفتضّ" خلاف ما حكاه المؤلف، ثم قال أبو سلمة: "هكذا قال معن وحجاج عن مالك: فتفتضّ". ومن طريق أبي سلمة -بهذا اللفظ- أخرجه ابن أبي خيثمة في التاريخ (ص: 247 - 248) (رقم: 373 - رسالة كمال-). (¬4) هو منصور بن سلمة البغدادي.

يريد بالقاف، والباء المعجمة بواحدة، من القبص (¬1)، حكاه الدارقطني (¬2) , هو تصحيف (¬3). 588 / حديث: "وَلَدَتْ سُبَيعَةُ الأسْلمَية بعد وفاة زوجها بنصف شهرٍ ... ". فيه: "قد حللتِ فانكحي من شئتِ". في الطلاق عند آخره. عن عبد ربِّه بن سعيد، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف أنه دخل على أم سلمة فسألها فأخبرته (¬4). ¬

_ (¬1) أي بالصاد المهملة، قال أبو موسى المديني: قال الأزهري: رواه الشافعي: "وتَقْبِصُ" بالقاف، والباء المعجمة بواحدة، والصاد المهملة: أي تعدوا مسرعة نحو منزل أبويها؛ لأنها كالمستحيية من قبح منظرها، مأخوذ من فرس قبّاص: شديد الجري، وقد قَبِص يقبص: عَدَا، وفرس قبوص: إذا ركض لم يصب الأرض إلا أطراف سنابكه من شدة عدوه، والقبص: الخفة والنشاط. المجموع المغيث (2/ 655). وذكر ابن الأثير أيضًا هذه الرواية ثم قال: "والمشهور في الرواية بالفاء والتاء المثناة والضاد المعجمة". النهاية (4/ 5). (¬2) لعله في كتابه التصحيف، وهو في عداد المفقود. (¬3) قال ابن قتيبة: "وبعض المحدّثين يرويه: "فتقبص"، والصواب ما رواه مالك، رأيت الحجازيين جميعًا يروونه، ثم ذكر معناه". غريب الحديث (2/ 188). قلت: تقدّم أنّ الأزهري عزا هذه الرواية "فتقبص" إلى الشافعي، وهو من أئمة الحجاز في اللغة وغيرها، وأقرّها غيره من علماء اللغة كالأزهري وابن الأثير، وعلى هذا فإطلاق الخطأ عليها أو التصحيف محل نظر، والله أعلم. (¬4) الموطأ كتاب: الطلاق، باب: عِدة المتوفى عنها زوجها إذا كانت حاملًا (2/ 460، 461) (رقم: 83، 86). أخرجهما النسائي في السنن كتاب: الطلاق، باب: عدة الحامل المتوفى عنها زوجها (6/ 503، 504) (رقم: 3510، 3514) من طريق ابن القاسم. =

وذَكَرَ فيه اختلافَ ابن عباس وأبي هريرة، وخطبةَ الشاب والشيخ. وعن يحيى بن سعيد، عن سليمان بن يسار، عن كريب، عن أم سلمة ذَكَرَ فيه أنّ ابنَ عباس خالفَ أبا سلمة بن عبد الرحمن وأبا هريرة، فبعثوا كُريبا إلى أم سلمة يسألُها، فأخبرهم بقولها، وفيه: "بعد وفاة زوجها بليال". وهذا معدود بحديثين، اختلف في مساق القصة (¬1). وقال الدارقطني: "الصحيح من ذلك أن أبا سلمة وابن عباس أرسلا كُريبًا إلى أمّ سلمة فعاد إليهم وأخبرهم عنها" (¬2). قال الشيخ أبو العباس - رضي الله عنه -: يُحتمل أن يكون أبو سلمة سألها بعد إخبار كُريب عنها، إلَّا أنَّ الأعرج رواه عن أبي سلمة، عن ¬

_ = وأحمد في المسند (6/ 319، 320) من طريق عبد الرحمن بن مهدي. وأخرجه الشيخان وغيرهما من غير طريق مالك. قال ابن عبد البر: "هذا حديث صحيح جاء من طرق شتى كثيرة ثابتة كلها من رواية الحجازيين والعراقيين، وأجمع العلماء على القول به إلا ما روي عن ابن عباس وعليّ". التمهيد (20/ 33). (¬1) ذلك أن سياق حديث عبد ربه بن سعيد يدلّ على أن الخلاف كان بين أبي هريرة وابن عباس فحسب، ولم يكن أبو سلمة طرفًا في القضية وإنما كان شأنه شأن الرسول، وأما حديث يحيى بن سعيد فظاهر سياقه أن الاختلاف وقع بين الثلاثة وتولَّى كُريب مهمة الرسالة، فأرسلوه إلى أم سلمة للكشف عن الحقيقة، والرجلان ثقتان لكن سياق يحيى ورد في الصحيح، فأخرجه البخاري في التفسير، باب: {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} (3/ 312) (رقم: 4109) من طريق شيبان. ومسلم في صحيحه كتاب: الطلاق، باب: انقضاء عدة المتوفى عنها زوجها ... (2/ 1122) (رقم: 57) من طريق عبد الوهاب، ويزيد بن هارون، والليث، أربعتهم عن يحيى بن سعيد به. ولذا رجح الدارقطني هذا القول فقال: الصحيح من ذلك كما نقله المؤلف. (¬2) أورده في العلل (5/ ل: 168 /ب) وأطال الكلام فيه، لكن ليس فيه قوله: الصحيح من ذلك ...

زينب بنت أمّ سلمة، عن أمها، خرّجه البخاري (¬1). ويبعد أن تكون أمُّ سلمة قد أخبرته به ثم يرويه عن بنتها عنها (¬2)، والله أعلم. وخرج هذا في الصحيح عن أم سلمة (¬3)، وعن سبيعة، وفيه: أن الذي مات عنها كان سعد بن خولة، وذلك في حجة الوداع (¬4). وانظره للمسور بن مخرمة (¬5). 589/ حديث: "الذي يشرب في آنية الفضة إنما يُجَرجِر في بطنه نارَ جهنم". في الجامع. عن نافع، عن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، عن عبد الله بن ¬

_ (¬1) انظر: صحيح البخاري كتاب: الطلاق، باب: {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ} (3/ 417) (رقم: 5318). (¬2) بهذا أقر المؤلف ما ذهب إليه الدارقطني من ترجيح رواية يحيى بن سعيد على رواية عبد ربه بن سعيد. (¬3) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: التفسير، باب: {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ} (3/ 312/ رقم: 4909) من طريق شيبان عن يحيى بن سعيد قال: أخبرني أبو سلمة قال: جاء رجل إلى ابن عباس وأبو هريرة جالس، فذكره. وأخرجه مسلم في صحيحه كتاب: الطلاق، باب: انقضاء عدة المتوفى عنها زوجها (2/ 1122, 1123) (رقم: 57) من طريق عبد الوهاب، قال: سمعت يحيى بن سعيد، أخبرني سليمان بن يسار: أن أبا سلمة بن عبد الرحمن وابن عباس اجتمعا عند أبي هريرة، فذكره. (¬4) انظر: صحيح البخاري كتاب: المغازي، بابٌ (10) (3/ 90) (رقم: 3991). وصحيح مسلم، كتاب: الطلاق، باب: انقضاء عدة المتوفى عنها زوجها وغيرها بوضع الحمل (2/ 1122) (رقم: 56). (¬5) تقدّم حديثه (2/ 232).

عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق، عن أمّ سلمة -وهي خالته- (¬1). قال فيه معن عن مالك: "في آنية الفضة والذهب" (¬2). خرّج هذا الحديث في الصحيح، واختلف فيه عن نافع (¬3). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: صفة النبي - صلى الله عليه وسلم -، باب: النهى عن الشراب في آنية الفضة والنفخ في الشراب (2/ 705) (رقم: 11). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الأشربة، باب: آنية الفضة (4/ 21) (رقم: 5634) من طريق إسماعيل بن أبي أويس. ومسلم في صحيحه كتاب: اللباس والزينة، باب: تحريم استعمال أواني الذهب والفضة (3/ 1634) (رقم: 1) من طريق يحيى النيسابوري، كلاهما عن مالك به. (¬2) لم أقف على رواية معن، وقد أشار المؤلف بهذا إلى تفرد معن بهذه اللفظة أعني "الذهب"، فهي شاذة من هذا الوجه؛ لمخالفة معن بقية أصحاب مالك، إلَّا أنّها صحيح من وجوه أخرى, فقد روى مسلم في صحيحه كتاب: اللباس، باب: تحريم استعمال أواني الذهب والفضة (3/ 1635) (رقم: 2) من طريق عثمان بن مرة، عن عبد الله بن عبد الرحمن، عن خالته أم سلمة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من شرب في إناء من ذهب أو فضة ... ". وورد نحوه من حديث حذيفة عند البخاري في الصحيح (4/ 21) (رقم: 5633)، ومسلم في الصحيح (3/ 1637) (رقم: 4). (¬3) رواه مالك عن نافع عن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق عن أم سلمة، وتابعه جمهور أصحاب نافع، كالليث بن سعد، وأيوب، ومحمد بن بشر، ويحيى بن سعيد، وعبيد الله، وموسى بن عقبة، وعبد الرحمن السِّراج. وحديثهم عند مسلم في الصحيح كتاب: اللباس، باب: تحريم استعمال أواني الذهب والفضة في الشرب وغيره على الرجال والنساء (3/ 1634) (رقم: 1)، وخالفهم إسماعيل بن أمية فجعله عن نافع عن عبد الله بن عمر بن الخطاب، فلم يذكر زيدًا، أخرجه النسائي في الكبرى (4/ 196) (رقم: 6874). - ورواه محمد بن إسحاق عن نافع، عن صفية بنت أبي عُبيد، عن أم سلمة، ووافقه سعد بن إبراهيم، عن نافع في صفية لكن خالفه فقال: عن عائشة بدل أم سلمة. - ورواه عبد العزيز بن أبي رواد فقال: عن نافع عن أبي هريرة. - وسلك بُرد بن سنان وهشام بن الغاز، وذكر ابن عبد البر معهما خصيفًا أيضًا. فسلك هؤلا الثلاثة الجادة فجعلوه عن نافع عن ابن عمر. =

وذكر الدارقطني عن على بن المديني قال: عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر، كان يدخل على عائشة -وهي عمّته- ويدخل على أم سلمة -وهي خالته- ونُسب إليه هذا الحديث (¬1). 590 /حديث: "أنَّها قالت حين ذُكر الإزارُ: فالمرأةُ يا رسول الله؟ قال: تُرخيه شبرًا ... ". وذكر الذّراع. ¬

_ = هذه أربعة وجوه للاختلاف الوارد في هذا الحديث، ذكرها النسائي في الكبرى (4/ 196 - 197) ثم قال: "والصواب من ذلك كله حديث أيوب". وهكذا قال ابن عبد البر في التمهيد (16/ 102). وقال الحافظ في فتح الباري (10/ 99): "الحكم لمن زاد من الثقات، ولا سيما وهم حفاظ وقد اجتمعوا وانفرد إسماعيل، ثم ذكر رواية محمد بن إسحاق وسعد بن إبراهيم فقال: وقول محمد بن إسحاق أقرب، فإن كان محفوظًا فلعلّ لنافع فيه إسنادين". قلت: يؤيّده قول الدارقطني الآتي وقد ذكر ابن عبد البر أيضًا في التمهيد (16/ 103) هذا الاحتمال ثم قال: "ويحتمل أن يكون خطأ وهو الأغلب". قلت: وهذا هو المفهوم من قول النسائي فإنه صوّب من بين هذه الوجوه الوجه الأول فقط، وهو رواية أيوب ومن تابعه. ورواية عبد العزيز بن أبي رواد شاذة كما قال الحافظ، وأما طريق الجادة فهي مع جودتها خطأ أيضًا، قال ابن أبي حاتم: "سألت أبي وأبا زرعة عن حديث رواه حماد عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أو غيره أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن الذي يشرب في آنية الفضة ... "، قالا: هذا خطا، إنما هو عن نافع عن زيد بن عبد الله بن عمر عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق عن أم سلمة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قلت لأبي وأبي زرعة: الوهم ممن؟ فقالا: من حماد". العلل (1/ 26). وقال ابن عبد البر: "هذا عندي خطأ لا شك فيه، ولم يرو ابن عمر هذا الحديث قط، ولا رواه نافع عن ابن عمر، ولو رواه عن ابن عمر ما احتاج أن يحدث به عن فلانة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -". التمهيد (16/ 103). (¬1) ذكره ابن عبد البر في التمهيد (16/ 102) وأضاف عنه أنه قال: "ولا أعلم أحدًا كان يدخل على زوجتين من أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - إحداهما عمّته والأخرى خالته غيره".

في الجامع، باب: الإسبال (¬1). عن أبي بكر بن نافع، عن أبيه نافع مولى ابن عمر، عن صفية بنت أبي عبيد، عن أم سلمة. هكذا قال مالك في إسناده: نافع عن صفية. وتابعه محمد بن إسحاق عن نافع (¬2). ورواه عُبيد الله بن عمر، عن نافع، عن سليمان بن يسار، عن أم سلمة. خرّجه ابن أبي شيبة (¬3). والخلاف فيه كثير، ذكره الدارقطني (¬4). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: اللباس، باب: ما جاء في إسبال المرأة ثوبها (2/ 698). وأخرجه أبو داود في السنن كتاب: اللباس، باب: في قدر الذيل (4/ 364) (رقم: 4117) من طريق القعنبي، عن مالك به. (¬2) أخرجه أحمد (6/ 295، 309)، وإسحاق في المسند (4/ 80) (رقم: 28)، والدارمي في السنن كتاب: الاستئذان، باب: ذيول النساء (2/ 279) ومحمد بن إسحاق مدلس وقد عنعن، لكنه توبع، تابعه: مالك، وكذا أيوب بن موسى، أخرجه النسائي في السنن كتاب: الزينة، باب: ذيول النساء (8/ 598) (رقم: 5353) وإسناده صحيح. (¬3) انظر: المصنف (8/ 408) وسقط "أبي" من الأصل. وكذلك أخرجه أبو داود في السنن كتاب: اللباس، باب: في قدر الذيل (4/ 365) (رقم: 4118). والنسائي في السنن كتاب: الزينة، باب: في ذيول النساء (8/ 598) (رقم: 5354). وابن ماجه في السنن كتاب: اللباس، باب: في ذيل المرأة كم يكون؟ (2/ 1185) (رقم: 3580). وأحمد في المسند (6/ 293، 315)، وأبو يعلى في المسند (12/ 316) (رقم: 6890) وإسناده صحيح. (¬4) اختلف الرواة عن نافع في هذا الحديث، فمنهم من رواه عنه عن صفية، عن أم سلمة، ومنهم من رواه عنه عن سليمان بن يسار، عن أم سلمة، ومنهم من رواه عنه عن أم سلمة نفسها. وهذا الوجه الأخير أخرجه النسائي في السنن (8/ 598) (رقم: 5352) من طريق يحيى بن أبي كثير عن نافع به. =

وخرّج البزار معناه عن ابن عمر، عن أبيه عمر بن الخطاب (¬1). 591 / حديث: "أن امرأةً كانت تُهراق الدّماء، فاستفتتْ لها أمُّ سلمة رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: لتنظر إلى عدد الليالي والأيّام التي كانت تحيضهنّ من الشهر، فلتترك الصلاة قدر ذلك ... ". وفيه: ذكر الاغتسال، والاستثفار، والصلاة. في باب الاستحاضة. عن نافع، عن سليمان بن يسار، عن أم سلمة (¬2). ¬

_ = أما الوجه الأول فقد اتفق عليه ثلاثة من الثقات، ولذا قال ابن عبد البر في التمهيد (24/ 148): "هو الصواب عندنا"، وأما الوجه الثاني فقد قوّاه الدارمي بقوله: "الناس يقولون: عن نافع، عن سليمان"، فعلى هذا يكون لنافع فيه إسنادان. وأما رواية يحيى بن أبي كثير وهو الوجه الثالث، فقد جاء مخالفًا لرواية الجماعة فيحمل على الشذوذ. انظر: الصحيحة للشيخ الألباني (1864)، ولم أجده في العلل. (¬1) أخرجه في مسنده (1/ 279) (رقم: 176) من طريق زيد العمي، عن أبي الصديق الناجي عن ابن عمر به. وسنده ضعيف لأجل زيد العمّي، ضعّفه ابن معين، والنسائي، وأبو حاتم، وأبو زرعة وغيرهم. قال الهيثمي في المجمع (5/ 126): "رواه البزار وفيه: زيد العمّي، وقد وُثِّق وضعّفه أكثر الأئمة". وانظر: تهذيب الكمال (10/ 56)، التقريب (رقم: 2131). (¬2) الموطأ كتاب: الطهارة، باب: المستحاضة (1/ 77) (رقم: 105). أخرجه أبو داود في السنن كتاب: الطهارة، باب: المرأة تستحاض ... (1/ 187) (رقم: 274) من طربق القعنبي. والنسائي في السنن كتاب: الطهارة، باب: ذكر الاغتسال من المحيض (1/ 129) (رقم: 208) من طريق قتيبة. وأحمد في المسند (6/ 320) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، ثلاثتهم عن مالك به.

هذا مقطوع (¬1). رواه اللَّيث وجماعة عن نافع، عن سليمان بن يسار، عن رجل عن أم سلمة (¬2). وقال فيه موسى بن عقبة: عن نافع، عن سليمان أنَّ رجلا أخبره عن أم سلمة. ورواه إبراهيم بن طهمان، عن موسى بن عقبة، فقال فيه: سليمان عن مرجانة، عن أم سلمة (¬3). ¬

_ (¬1) أي منقطع، قال البيهقي: "هذا حديث مشهور، أودعه مالك بن أنس الموطأ، وأخرجه أبو داود في كتاب السنن إلا أن سليمان بن يسار لم يسمعه من أم سلمة". السنن الكبرى (1/ 333). ونقل ابن حجر في التلخيص (1/ 179) عن المنذري أيضًا أنه قال: "سليمان لم يسمع منها". وتابعهما مغلطاي في شرح سنن ابن ماجه الإعلام بسنته عليه السلام (2 / ل: 38 / أ). (¬2) أخرجه أبو داود في السنن (1/ 189) (رقم: 275) من طريق قتيبة ويزيد بن خالد. والدارمي في السنن كتاب الطهارة، باب: غسل المستحاضة (1/ 199) من طريق أحمد بن عبد الله بن يونس. والبيهقى في السنن (1/ 333) من طريق ابن بكير، كلهم عن الليث عن نافع به. والذين تابعوه: - صخر بن جويرية وعبيد الله من طريق أنس بن عياض عند أبي داود (1/ 190) (رقم: 276، 277). - وجويرية بن أسماء عند أبي يعلى في المسند (12/ 318) (رقم: 6894)، والبيهقي في السنن (1/ 334). - وإسماعيل بن إبراهيم بن عقبة عند البيهقي (1/ 333) أيضًا. (¬3) عزاه مغلطاي في شرح سنن ابن ماجه الإعلام بسنته عليه السلام (2 / ل: 38 / ب) إلى علل الدارقطني، ولم أجده فيه. وأخرجه من طريق إبراهيم بن طهمان البيهقي في السنن (1/ 334). فهؤلاء الستة خالفوا مالكًا في الرواية عن نافع فزادوا رجلًا بين سليمان بن يسار وأم سلمة، واختلفت الرواية عن موسى بن عقبة: =

ورواه قتادة عن سليمان بن يسار، عن فاطمة بنت أبي حبيش. أسنده عنها ولم يذكر فيه أم سلمة، قاله الدارقطني (¬1). وفاطمة هي المرأة التي كني عنها في حديث الموطأ صرّح باسمها جماعة فيه (¬2). ¬

_ = - فمرة رواه عن نافع عن سليمان أن رجلًا أخبره ... كرواية الليث وغيره. - ومرة رواه عن نافع عن سليمان عن مرجانة عن أم سلمة. ولأجل رواية هؤلاء حكم البيهقي والمؤلف وغيرهما على رواية مالك بالانقطاع، إلا أن مالكًا لم يتفرد به، فقد روى النسائي في السنن كتاب: الحيض، باب: المرأة تكون لها أيام معلومة تحيضها كل شهر (1/ 200) (رقم: 352)، وابن ماجه في السنن كتاب: الطهارة، باب: ما جاء في المستحاضة التي قد عدّت أيام إقرائها (1/ 204) (رقم: 623) من طريق أبي أسامة، وابن أبي شيبة في المصنف (1/ 126) من طريقته وكذا من طريق ابن نمير كلاهما عن عبيد الله بن عمر عن نافع، عن سليمان بن يسار كرواية مالك. قال ابن التركماني: "وأبو أسامة أجلّ من أنس بن عياض، وقد تابعه عبد الله بن نمير، فروايتهما مرجّحة بالحفظ والكثرة"، ونقل عن صاحب الإمام: وكذلك رواه أسيد عن الليث، ورواه أيضًا عن أبي خالد الأحمر سليمان بن حيان عن الحجاج بن أرطاة، كلاهما عن نافع عن سليمان بن يسار عن أم سلمة. قلت: وهكذا رواه أيوب عن سليمان بن يسار عن أم سلمة بهذه القصة، أخرجه أبو داود في السنن (1/ 190) (رقم: 278) من طريق وهيب، والدارقطني في السنن (1/ 207) من طريق سفيان، كلاهما عن الأعمش، عن أيوب به. وقال ابن التركماني أيضًا: "وذكر صاحب الكمال أن سليمان سمع من أم سلمة، فيحتمل أنه سمع هذا الحديث منها ومن رجل عنها". الجوهر النقي (1/ 333 - بذيل السنن الكبرى-). قلت: وفي جامع التحصيل للعلائي أيضًا (ص: 190) أنه سمع منها. وعلى هذا فالإسناد صحيح متصل، وقد نقل الحافظ في التلخيص (1/ 179) عن النووي أنه قال: "إسناده على شرطهما". (¬1) لم أقف عليه في العلل، وقد ذكره مغلطاي في شرحه لسنن ابن ماجه (2 / ل: 38 /ب). (¬2) ممن صرّح باسمها أيوب السختياني عند الدارقطني في السنن (1/ 207, 208)، والبيهقي في السنن (1/ 334) ولم أقف على غيره.

وقد سمع سليمان بن يسار من أم سلمة، وسألها عن صيام الجنب، خرّجه مسلم (¬1). وانظر قصة فاطمة هذه لهشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة (¬2). 592/ حديث: الذيل. فيه: "يطهرّه ما بعده". في باب: ما لا يجب منه الوضوء. عن محمد بن عُمارة، [هو ابن عامر] (¬3) بن عمرو بن حزم الأنصاري، عن محمد بن إبراهيم -هو ابن الحارث التيمي- عن أمّ ولد لإبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف سألت أمَّ سلمة فقالت: إني أُطيلُ ذيلي، وأمشي في المكان القَذِر؟ فقالت أم سلمة (¬4). ¬

_ (¬1) انظر: صحيح مسلم، كتاب: الصيام، باب: صحة صوم من طلع عليه الفجر وهو جنب (2/ 781) (رقم: 80). قلت: كأن المؤلف يرى أن سليمان بن يسار وإن كان قد سمع من أم سلمة إلا أنه لم يسمع حديث فاطمة بنت أبي حبيش لحكمه على رواية مالك بالانقطاع، لكن لا يستبعد أن يكون سمعه عنها وعن رجل عنها كما تقدّم. (¬2) تقدمت (4/ 22). (¬3) ما بين المعقوفين زائد ايرد في مصادر ترجمته. انظر: تهذيب الكمال (26/ 167)، وتهذيب التهذيب (9/ 320)، التقريب (رقم: 6167). (¬4) الموطأ كتاب: الطهارة، باب: ما لا يجب منه الوضوء (1/ 51) (رقم: 16). أخرجه أبو داود في السنن كتاب: الطهارة، باب: في الأذى يصيب الذيل (1/ 266) (رقم: 383) من طريق القعنبي. والترمذي في السنن كتاب: الطهارة، باب: ما جاء في الوضوء من الموطأ (1/ 266) (رقم: 143) من طريق قتيبة. وابن ماجه في السنن كتاب: الطهارة وسننها، باب: الأرض يطهر بعضها بعضًا (1/ 177) (رقم: 531) من طريق هشام بن عمار. والدارمي في السنن كتاب: الطهارة، باب: الأرض يطهر بعضها بعضًا (1/ 189) من طريق يحيى بن حسان، أربعتهم عن مالك به.

هذا مقطوع معلول. قال ابن السكن (¬1): رواه صفوان بن عيسى، عن ابن عمارة، عن محمد بن إبراهيم، عن أبيه، عن أم الولد -وهي مجهولة- (¬2). وروي عن سعيد المقبري، عن القعقاع بن حكيم، عن عائشة نحوه. ¬

_ (¬1) هو الإمام الحافظ أبو علي سعيد بن عثمان بن سعيد بن السكن المصري البزاز صاحب الصحيح، قال الذهبي: "جمع وصنف وعدَّل وصحح وعلّل، ولم نر تواليفه هي عند المغاربة". وُلد سنة (294 هـ)، وتوفي سنة (353 هـ). انظر: السير (16/ 117)، وطبقات الحفاظ (ص: 378 - 379). وهذه الرواية لم أقف على من عزاها إليه، أو أخرجها من طريقه، مع وجود خط دقيق على قوله: "قال ابن السكن" يشبه علامة الضرب، إلَّا أنني لا أستطيع الجزم على كون تلك العبارة مضروبة لكن سيأتي أن الحديث من طريق صفوان وغيره، أخرجه أحمد في مسنده، والله أعلم. (¬2) تعليل الحديث بجهالة أم الولد تعليل صحيح، فقد أعلّه الخطابي أيضًا في معالم السنن (1/ 102)، وأما تعليله بالانقطاع فغير مسلّم؛ لأنَّ رواية صفوان التي نقلها المؤلف عن ابن السكن أخرجها أحمد في المسند (6/ 316)، وكذا من طريق عبد الله بن إدريس (6/ 290)، كلاهما عن محمد بن عُمارة، عن أم الولد، ولم يقولا فيه عن أبيه، وهكذا ورد الإسناد في جامع المسانيد للحافظ ابن كثير (16/ 414)، وأطراف المسند للحافظ ابن حجر (9/ 444)، وعلى هذا فالإسناد ضعيف لجهالة أم ولد إبراهيم، فقد عدّها الذهبي في الميزان (6/ 280) من النساء المجهولات، وقال: "تفرّد عنها محمد بن إبراهيم التيمي". لكن للحديث شواهد: منها حديث عائشة كما سيأتي. ومنها: ما أخرجه أبو داود في السنن كتاب: الطهارة، باب: في الأذى يصيب الذيل (1/ 266 - 267) (رقم: 384)، وابن ماجه في السنن كتاب: الطهارة، باب: الأرض يطهر بعضها بعضًا (1/ 177) (رقم: 533) من حديث امرأة من بني عبد الأشهل قالت: قلتُ: يا رسول الله! إنَّ لنا طريقًا إلى المسجد منتنة فكيف نفعل إذا مطرنا؟ قال: "أليس بعدها طريق هي أطيب منها؟ " قالت: قلت: بلى. فقال: "هذه بهذه". إسناده صحيح، وقد صححه مغلطاي في الإعلام بسنته عليه السلام (3 /ل: 77/ أ)، والألباني في حجاب المرأة المسلمة (ص: 82).

خَرَّجه أبو داود، وذَكَر أنّ سعيدا رواه أيضا عن أبيه، عن أبي هريرة (¬1). وزعم الدارقطني أنّ رواية سعيد، عن القعقاع أشبه بالصواب (¬2). ¬

_ (¬1) حديث عائشة: أخرجه أبو داود في السنن كتاب: الطهارة، باب: الأذى يصيب النعل (1/ 268) (رقم: 387) من طريق محمد بن الوليد، عن سعيد به، وهو حديث حسن كما قال المنذري في مختصره (1/ 228). وحديث أبي هريرة: أخرجه قبل هذا الحديث (برقم: 386)، وكذا ابن حبان في صحيحه (الإحسان) (4/ 250) (رقم: 1404)، والحاكم في المستدرك (1/ 166)، والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 430) والبغوي في شرح السنة (1/ 390) (رقم: 300) كلهم من طرق، عن محمد بن كثير، عن الأوزاعي، عن ابن عجلان، عن سعيد المقبري، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا وطئ أحدكم الأذى بخفيه فطهورهما التراب". قال الحاكم: "صحيح على شرط مسلم". كذا قال، ولا يصح، فإنّ محمد بن كثير لم يخرّج له مسلم شيئًا، وقد ضعّفه أحمد، وقال البخاري: "ليّن جدًّا"، وقال النسائي: "ليس بالقوي"، وقال أبو داود: "لم يكن يفهم الحديث"، وقال ابن عدي: "له روايات عن معمر والأوزاعي خاصة عداد لا يُتابع عليها أحد". اهـ. وهذا الحديث من تلك الروايات، فإن محمد بن كثير روى هذا الحديث عن الأوزاعي، عن ابن عجلان، عن سعيد المقبري، وخالفه: - أبو المغيرة، والوليد بن مزيد، وعمر بن عبد الواحد عند أبي داود (رقم: 385). - وأيوب بن سويد عند الدارقطني في العلل (8/ 159). كلهم قالوا: حدّثنا الأوزاعي، قال: أُنبئت أنّ سعيد بن أبي سعيد حدَّث عن أبيه، عن أبي هريرة، ولا شك أن رواية هؤلاء -وإن كان فيها مجهولا كما قال المنذري- أقوى من رواية محمد بن كثير، وعليه يكون حديثه شاذًا، ولذلك سكت عنه الذهبي في تلخيصه، وأورده في الميزان (5/ 145) في جملة ما أنكر عليه، ولكنه يتقوى بوروده من طريق عائشة، وكذا أبي سعيد الخدري عند أبي داود (1/ 426) (رقم: 650)، وغيره، فيرتقي إلى درجة الحسن لغيره. وانظر ترجمة محمد بن كثير في: تهذيب الكمال (26/ 329)، وتهذيب التهذيب (9/ 369)، والميزان (5/ 143)، والتقريب (رقم: 6251). (¬2) ذكر الدارقطني اختلاف رواة الأوزاعي عنه في حديث أبي هريرة ثم قال: "رواه عبد الله بن زياد بن سمعان، عن المقبري، عن القعقاع بن حكيم، عن أبيه، عن عائشة، وهو أشبهها بالصواب، وإن كان ابن سمعان متروكًا". العلل (8/ 160). =

وقيل: إن القعقاع لم يسمع من عائشة، ولا أدركها، وإنما روى هذا الحديث عن أبيه، عن عائشة (¬1). وخَرّج الترمذي حديث أم سلمة من طريق مالك، ثم قال في آخره: "روى عبد الله بن المبارك هذا الحديث فقال عن مالك، عن محمد بن عُمارة، عن محمد بن إبراهيم، عن أم ولد لهود بن عبد الرحمن بن عوف، عن أم سلمة. قال أبو عيسى: وهو وهم، وإنما هو عن أم ولد لإبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، عن أم سلمة، وهذا الصحيح" (¬2). ¬

_ = وذكر ابن عبد البر أيضًا رواية سعيد المقبري، عن أبيه، عن أبي هريرة وقال: "هو حديث مضطرب الإسناد، لا يثبت، اختلف في إسناده على الأوزاعي وعلى سعيد بن أبي سعيد اختلافًا يسقط الاحتجاج به". التمهيد (13/ 107). (¬1) لم أقف على قائله، لكن الحديث من طريق القعقاع عن أبيه، عن عائشة أخرجه أبو يعلى في مسنده (4/ 424) (رقم: 4849 - ط إرشاد الحق) والعقيلي في الضعفاء (2/ 256)، وابن عدي في الكامل (4/ 1445) كلهم من طريق عبد الله بن زياد بن سمعان، عن المقبري، عن القعقاع به. وعبد الله بن زياد بن سمعان هذا كذبه مالك وإبراهيم بن سعد، وابن معين، وقد خالفه محمد بن الوليد الزبيدي حيث رواه عن سعيد المقبري عن القعقاع عن عائشة بدون واسطة كما تقدّم، والزبيدي هذا ثقة ثبت بل قال الآجري عن أبي داود كما في تهذيب التهذيب (9/ 444): "ليس في حديثه خطأ"، وعلى هذا فروايته عن سعيد عن القعقاع عن عائشة صحيحة محفوظة لا تعلل برواية ابن سمعان هذا. وانظر ترجمة ابن سمعان في: ضعفاء العقيلي (2/ 254)، والكامل لابن عدي (4/ 144)، واللسان (3/ 297). (¬2) انظر: السنن كتاب: الطهارة، باب: ما جاء في الوضوء من الموطأ (1/ 267 - 268). قلت: وقد تابع ابن المبارك عليه إسحاق بن سليمان الرازي، ذكره الدارقطني في المؤتلف والمختلف (4/ 2323)، وابن عبد البر في التمهيد (13/ 104) وقال: "هذا خطأ، والصواب ما في الموطأ".

يعني به في نسبة أم الولد خاصة، أي إنها أم ولد لإبراهيم لا لهود، ولم يُرد أن الحديث صحيح. 593 / حديث: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين تَزَوّجَ أمَّ سلمة، وأصبحتْ عنده قال لها: ليس بك على أهلك هوانٌ، إن شئتِ سبَّعتُ عندكِ وسبّعتُ عندهنّ، وإن شئتِ ثلّتتُ عندكِ ودُرتُ". في النكاح، باب: المقام عند البكر والأيّم. عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن حزم، عن عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث، عن أبيه (¬1). ذكره، ولم يسنده إلى أم سلمة، وقد سمعه منها (¬2). وأسنده محمد بن عمر الواقدي عن مالك فزاد فيه: عن أم سلمة (¬3). ووواه سفيان الثووي عن محمد بن أبي بكر بن محمد بن حزم، عن عبد ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: النكاح، باب: المقام عند البكر والأيم (1/ 418) (رقم: 14). وأخرجه مسلم في صحيحه كتاب: الرضاع، باب: قدر ما تستحقه البكر والثيب من إقامة الزوج عندها عقب الزفاف (2/ 1083) (رقم: 42) من طريق يحيى النيسابوري، عن مالك به. وسقطت لفظ: أبيه، من الصحيح، وهي ثابتة في تحفة الأشراف (13/ 38). (¬2) أخرجه موصولًا عَن أم سلمة مسلم في صحيحه (2/ 1083) (رقم: 41، 43) من طريق سفيان، عن محمد بن أبي بكر، عن عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن. ومن طريق عبد الواحد بن أيمن، كلاهما عن أبي بكر بن عبد الرحمن، عن أم سلمة. قال ابن عبد البر: "هذا حديث ظاهره الانقطاع، وهو متصل مسند صحيح، قد سمعه أبو بكر من أم سلمة، ثم ساقه من طريق تفيد ذلك. التمهيد (17/ 243). (¬3) أخرجه ابن سعد في الطبقات (8/ 73) عن الواقدي ومعن، عن مالك، لكن بدون تلك الزيادة، وهو المحفوظ عن مالك كما سيأتي.

الملك بن أبي بكر، عن أبيه، عن أم سلمة مسندا. خرّجه البخاري في التاريخ (¬1). وقال: قال لنا إسماعيل: حدثني مالك عن عبد الله بن أبي بكر. وذكر حديث الموطأ على نصّه مرسلا، ثم قال: الصحيح هذا (¬2). وحكى هو وغيره أن ابن جريج قال فيه: عن حبيب بن أبي ثابت عن عبد الحميد بن عبد الله والقاسم بن محمد، عن أبي بكر بن عبد الرحمن أن أم سلمة أخبرته (¬3). ورواه عبد الواحد (¬4) بن أيمن عن أبي بكر بن عبد الرحمن، عن أم سلمة ¬

_ (¬1) التاريخ الكبير (1/ 47). ووقع هنا في هامش الأصل: "قد أخرجه مسلم في صحيحه من حديث الثوري، عن محمد بن أبي بكر بن حزم عن عبد الملك بن أبي بكر، عن أبيه، عن أم سلمة ا. هـ" وهو في كتاب: الرضاع منه، باب: قدر ما تستحقه البكر والثيب من إقامة الزوج عندها (2/ 1083) (رقم: 41) من طريق يحيى بن سعيد، عنه. وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير (23/ 499) (رقم: 585، 586، 587) من هذا الوجه ثم قال: "لم يَرو هذا الحديث مجوّد الإسناد عن سفيان إلا يحيى بن سعيد القطان". (¬2) التاريخ الكبير (1/ 47)، وصحح هذا الوجه عن مالك أيضًا الدارقطني كما سيأتي. (¬3) أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (1/ 47) من طريق هشام. وابن سعد في الطبقات (8/ 74) من طريق روح. وعبد الرزاق في المصنف (6/ 235) (رقم: 10644)، ومن طريقه أحمد (6/ 307)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (3/ 29)، والبيهقي في السنن الكبرى (7/ 301) من طريق روح، كلهم عن ابن جريج به. وذكر الدارقطني رواية هؤلاء ثم قال: "وخالفهم يحيى بن سعيد الأموي، رواه عن ابن جريج، عن حبيب عن عبد الرحمن بن الحارث، عن أبي بكر بن الحارث، عن أم سلمة ... والقول الأول أصح". (¬4) تصحّف في الأصل إلى عبد الرحمن.

مسندًا (¬1). وحكم الدارقطني بصحة سند عبد الواحد، والثوري، وسند ابن جريج من هذا الطريق، وقال: المرسل عن مالك أصح (¬2). يريد أنه الثابت عنه؛ لأنه المذكور في الموطأ، والمشهور عند أصحابه (¬3). 594 / حديث: "كان يصبح جُنبا ثم يصوم". مشترك لعائشة وأم سلمة. تقدَّم في مسند عائشة من رواية أبي بكر بن عبد الرحمن عنهما (¬4). 595 / حديث: "أن مُخَنَّثًا (¬5) كان عند أم سلمة، فقال: لعبد الله بن أبي أُمَيَّةَ ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسمع ... ". فيه: "أدلّك على ابنةِ غيلان ... ". في الأقضية، عند آخره. عن هشام بن عروة، عن أبيه، ذكره ولم يسنده (¬6). هكذا هو في الموطأ مرسلا (¬7). ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في صحيحه (2/ 1083) (رقم: 43). (¬2) العلل (5 / ل: 170 / ب). (¬3) هكذا رواه أبو مصعب الزهري (1/ 571) (رقم: 1474)، وسويد بن سعيد (ص: 305) (رقم: 661)، والشيباني (ص: 176) (رقم: 524)، وابن بكير (ل: 139 /ب) - الظاهرية-. والمرسل وإن كان هو المحفوظ عن مالك، إلا أنّه صح اتصاله من غير طريق مالك كما تقدّم. (¬4) تقدّم حديثه (4/ 96). (¬5) المخنّث: بفتح النون وكسرها لغتان، وهو من فيه انخناث أي تكسُّر ولين كالنساء. انظر: التمهيد (22/ 272)، ومشارق الأنوار (1/ 241)، وفتح الباري (9/ 246). (¬6) الموطأ كتاب: الوصية، باب: ما جاء في المؤنث من الرجال ومَن أحق بالولد (2/ 587) (رقم: 5). وأخرجه النسائي في السنن الكبرى (5/ 396) (رقم: 9250) من طريق ابن القاسم، عن مالك به. (¬7) انظر: الموطأ برواية أبي مصعب الزهري (2/ 517) (رقم: 3017)، وابن بكير (ل: 120 /ب)، وسويد (ص: 296) (رقم: 651)، وهكذا رواه القعنبي عند الجوهري في مسند الموطأ (ل: 136 / أ). =

وزاد فيه سعيد بن أبي مريم عن مالك: عن أم سلمة (¬1). وهو مع هذا مقطوع (¬2)، وإنما رواه عروة عن زينب بنت أبي سلمة عن أمِّها أمِّ سلمة. هكذا قال فيه ابن عيينة وجماعة عن هشام، خُرّج في الصحيح (¬3). ورواه الزهري عن عروة، عن عائشة، وزاد فيه كلاما، خرّجه أبو داود (¬4). وعبد الله هو أخو أم سلمة لأبيها، قُتلَ بالطائف (¬5). ¬

_ = قال الدارقطني: "هكذا رواه أصحاب مالك، وهو الصواب عنه". العلل (5 / ل: 177 /أ). وقال ابن عبد البر: "هكذا روى هذا الحديث جمهور الرواة عن مالك، ثم ذكر رواية سعيد بن أبي مريم وقال: والصواب عن مالك ما في الموطأ". التمهيد (22/ 269). (¬1) أخرجه ابن المظفر في غرائب مالك (ص: 157) (رقم: 95) من طريق علي بن عبد الرحمن بن المغيرة، وابن عبد البر في التمهيد (22/ 270) من طريق يحيى بن أيوب، كلاهما عن سعيد بن أبي مريم به. (¬2) أي منقطع؛ لأن عروة لم يسمعه من أم سلمة، وإنما رواه عن زينب ابنتها عنها، كما قال المؤلف، وكذا ابن عبد البر في التمهيد (22/ 269). (¬3) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: المغازي (3/ 157) (رقم: 4324) من طريق ابن عيينة وأبي أسامة، وفي: النكاح (3/ 395) (رقم: 5235) من طريق عبدة، وفي اللباس (4/ 72) (رقم: 5887) من طريق زهير بن معاوية. ومسلم في صحيحه كتاب: السلام باب: منع المخنث من الدخول على النساء الأجانب (4/ 1715) (رقم: 32) من طريق وكيع، وجرير، وأبي معاوية، وعبد الله بن نمير كلهم عن هشام بن عروة عن أبيه عن زينب عن أم سلمة. قال ابن حجر: "هكذا قال أكثر أصحاب هشام بن عروة، وهو المحفوظ". فتح الباري (9/ 245). (¬4) أخرجه في السنن كتاب: اللباس: باب: قوله: {غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ} (4/ 359 - 360) (رقم: 4107 - 4109) والزيادة هي: "إخراجه إلى البيداء، ودخوله كل جمعة ليستطعم". (¬5) هو عبد الله بن أبي أميّة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم المخزومي القرشي، أخو أم سلمة من أبيها، صهر النبي - صلى الله عليه وسلم - وابن عمّته عاتكة بنت عبد المطلب، أسلم قبل الفتح وحسن إسلامه، واستشهد يوم الطائف. انظر: السيرة النبوية لابن هشام (2/ 486)، والاستيعاب (6/ 106)، وأسد الغابة (3/ 176)، والإصابة (6/ 11).

واسم المخنّث: هِيت (¬1) 596 / حديث: "دخل بيتَ أمِّ لسلمةَ وفي البيت صبيٌّ يبكي، فذكروا أن به العين ... ". فيه: "ألا تَسْتَرْقونَ له من العين؟ ". في الجامع. عن يحيى بن سعيد، عن سليمان بن يسار، عن عروة، ذكره ولم يسنده (¬2). هكذا في الموطأ (¬3). وأسنده إسحاق بن إبراهيم الحُنَينِي، عن مالك، فزاد فيه: "عن أم سلمة" (¬4). وهكذا قال فيه أبو معاوية الضّرير وجماعة عن يحيى بن سعيد (¬5). ¬

_ (¬1) هو بكسر الهاء، وسكون المثناة تحت، تليها مثناة فوق. انظر: المؤتلف والمختلف للدارقطني (4/ 2312)، والإكمال لابن ماكولا (7/ 417)، والغوامض والمبهمات (1/ 123)، والمستفاد من مبهمات المتن والإسناد (2/ 919)، وتوضيح المشتبه (9/ 155)، وتبصير المنتبه (4/ 1455). (¬2) الموطأ كتاب: العين، باب: الرقية من العين (2/ 717) (رقم: 4). (¬3) انظر الموطأ برواية: - أبي مصعب الزهري (2/ 118) (رقم: 1975)، وسويد (ص: 578) (رقم: 1393)، والشيباني (ص: 312) (رقم: 877). قال ابن عبد البر: هذا حديث مرسل عند جميع الرواة عن مالك في الموطأ، وهو حديث صحيح يستند معناه من طرق ثابتة. التمهيد (23/ 153). (¬4) لم أقف على رواية إسحاق هذه الموصولة، والمحفوظ عن مالك وكذا عن يحيى بن سعيد إرساله؛ لأن إسحاق الحنيني ضعيف في مالك وغيره فلا يعتد بوصله، وقد خالفه جمهور الرواة عن مالك فأرسلوه. انظر: ميزان الاعتدال (1/ 179)، وتهذيب التهذيب (1/ 194)، التقريب (رقم: 337). (¬5) أخرجه أبو يعلى في مسنده (12/ 302) (رقم: 6879)، والطبراني في المعجم الكبير (23/ 268). (رقم: 568) من طريق أبي معاوية، عن يحيى بن سعيد به موصولا. وتابعه: ابن نمير عند أبي يعلى أيضًا (12/ 365) (رقم: 6935). =

وروي الزهري عن عروة، عن زينب، عن أم سلمة معناه، خُرّج في الصحيح (¬1). وعروة سمع من أم سلمة، وروي عن زينب عنها (¬2). وسليمان بن يسار أيضًا سمع من أم سلمة. وقد تقدم ذكر هذا (¬3). 597 / حديث: "أن رجلًا قبَّل امرأتَه وهو صائم في رمضان، فأرسل امرأته تسأل له عن ذلك، فدخلت علي أم سلمة، فأَخْبَرَتْها أنّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يُقبِّل وهو صائم ... ". فيه: تردُّدُها وقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ألا أخبرتيهما"، وغضبه لقول زوجها، وقوله: "والله إني لأتقاكم لله وأعلمكم بحدوده". في الصيام. عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار. ذكره، ولم يذكر أنّ أم سلمة أخبرته (¬4). ¬

_ = إلا أن الدارقطني رجّح المرسل لكون رواته أكثر وأحفظ حيث قال: رواه يحيى بن سعيد، عن سليمان بن يسار، عن عروة مرسلًا، قاله مالك والثقفي ويعلى ويزيد وغيره، وأسنده أبو معاوية ولا يصح. وأقرّه ابن حجر في فتح الباري. انظر: التتبع (ص: 248)، وفتح الباري (10/ 213). (¬1) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الطب، باب: رقية العين (4/ 43) (رقم: 5739)، ومسلم في صحيحه كتاب: السلام، باب: استحباب الرقية من العين (4/ 1725) (رقم: 59) كلاهما من طريق الزبيدي، عن الزهري به. (¬2) سماع عروة منها محتمل جدا؛ لأنّه أدرك من حياتها نيّفًا وثلاثين سنة، وهو معها في بلد واحد كما قاله الحافظ في فتح الباري (3/ 569)، إلا أنّ الإرسال هو المحفوظ في هذا الحديث كما تقدّم: وكونه سمع منها لا يلزم أن يكون سمع منها جميع أحاديثها. (¬3) تقدّم في (4/ 209). (¬4) الموطأ كتاب: الصيام، باب: ما جاء في الرخصة في القبلة (1/ 243) (رقم: 13).

ولا أسنده إلى غيرها، فبعضه لأم سلمة محمول علي الانقطاع، وسائره مرسل (¬1). وعطاء بن يسار أدرك أم سلمة، وهو أكبر من أخيه سليمان، وُلد في آخر خلافة عمر بن الخطاب (¬2)، وانقضت خلافته في آخر سنة ثلاث وعشرين (¬3). ¬

_ (¬1) أورده المؤلف أيضًا في مرسل عطاء (5/ 142) وقال: "بعضه لأم سلمة مقطوعًا، وبعضه لعطاء مرسلًا". ويعني بالمقطوع منه قول أم سلمة للمرأة السائلة: "إنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقبّل وهو صائم"، إذ إنّ عطاء بن يسار لم يصرح عنها بالإخبار كما قال المصنف، ويعني بالمرسل قول عطاء: "إن رجلا قبّل امرأته وهو صائم" وما تلاه من القصة، هكذا فصّل! والذي أراه أن الحديث كلّه من مرسل عطاء؛ لأنّه يحكي قصةً جرت بين رجل وزوجته، وكذا بين النبي - صلى الله عليه وسلم - وزوجته أم سلمة، وهو لم يشهدها، ولم يسنده أيضًا إلي غيرها ممّن شهدها، ولذا قال ابن عبد البر: "هذا الحديث مرسل عند جميع رواة الموطأ عن مالك. ولم يفصّل". انظر: التمهيد (5/ 108). ورواه الشافعي في الرسالة (ص: 404 - 405) (رقم: 1109، 1110) عن مالك ثم قال: "وقد سمعت من يصل هذا الحديث، ولا يحضرني ذكر من وصله". قلت: وصله عبد الرزاق في المصنف (4/ 184) (رقم: 8412)، ومن طريقه أحمد في المسند (5/ 434) عن ابن جريج، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن رجل من الأنصار أنّه أخبره أنّه قبّل امرأته، فذكره. إسناده صحيح، والرجل المذكور وإن كان مبهمًا إلّا أنّه صحابي، وجهالة الصحابي لا تضر. قال الهيثمي في المجمع (3/ 166 - 167): "رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح". والحديث من هذا الوجه ذكره أيضًا العراقي في طرح التثريب (4/ 136) وقال: "فاتصل بذلك وخرج من أن يكون مرسلًا". (¬2) كان مولده سنة تسع عشرة كما قال ابن حبان وغيره، ووُلد أخوه سليمان بن يسار في أواخر أيَّام عثمان بن عفان سنة أربع وثلاثين، وبذلك يكون قد ولد قبل أخيه سليمان بعشر سنوات تقريبًا. انظر: الثقات لابن حبان (4/ 301) و (5/ 199)، والمشاهير له (ص: 69، 64) (رقم: 432، 474)، والسير (4/ 447). (¬3) انظر: الاستيعاب (8/ 258، 259)، وأسد الغابة (4/ 166)، وتذكرة الحفاظ (1/ 8).

وماتت أم سلمة في آخر ولاية معاوية (¬1)، وقال ابن أبي خيثمة: ماتت في ولاية يزيد بن معاوية (¬2)، ووَلِيَ يزيد سنة ستين، وعطاء ابن بضع وثلاثين سنة، فَسماعه من أم سلمة غير منكور (¬3). وقد جاء معنى هذا الحديث مسندًا عن أمّ سلمة وغيرها (¬4). ¬

_ (¬1) أي في سنة ستين؛ لأن معاوية رضي الله عنه توفي في شهر رجب من هذه السنة. انظر: السير (3/ 162)، والإصابة (9/ 234). (¬2) انظر: الإصابة (13/ 255). وقال في التقريب (ص: 754): "ماتت سنة اثنتين وستين، وقيل: إحدي وستين، وقيل: قبل ذلك، والأول أصح". قلت: يؤيِّده ما رواه مسلم في صحيحه كتاب: الفتن، باب: الخسف بالجيش الذي يؤم البيت (4/ 2208 - 2209) (رقم: 4) من طريق جرير عن عبد العزيز بن رُفيع، عن عبيد الله بن القِبطية قال: دخل الحارث بن أبي ربيعة، وعبد الله بن صفوان علي أم سلمة رضي الله عنها فسألاها عن الجيش الذي يُخسف به وكان ذلك في أيّام ابن الزبير -وهو أيام يزيد بن معاوية-. وعلى هذا يكون عطاء قد أدرك من حياة أم سلمة نيفًا وثلاثين سنة، فسماعه منها ممكن جدًّا لا سيما وهما في بلد واحد. (¬3) بل إن سماعه منها متحقق؛ لما رواه الترمذي في السنن كتاب: الأطعمة باب: ما جاء في أكل الشواء (4/ 240) (رقم: 1829) من طريق محمد بن يوسف أن عطاء بن يسار أخبره أن أم سلمة أخبرته أنها قرّبت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جنبًا مشويًّا فذكره، وقال: حديث حسن صحيح غريب. فروايته عنها الحديث بصيغة الإخبار دليل على صحة سماعه منها لكن هل سمع منها حديث القُبلة؟ هذا محل نظر، وظاهر رواية عبد الرزاق وأحمد أنه لم يسمعه منها فهو مرسل كما قال ابن عبد البر. (¬4) أخرج الترمذي في السنن كتاب: الصوم، باب: ما جاء في القُبلة للصائم (3/ 106) (رقم: 727) من حديث عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقبِّل في شهر الصوم ثم قال: "وفي الباب عن عمر بن الخطاب، وحفصة وأبي سعيد، وأم سلمة وابن عباس، وأنس وأبي هريرة". وذكر ابن حزم في المحلي (4/ 338، 339) مشروعية القُبلة للصائم قال: "رويناه بأسانيد في غاية الصحة عن أمهات الموُمنين: أم سلمة، وأم حبيبة وحفصة، وعمر بن الخطاب، وابن عباس، وعمر بن أبي سلمة، وغيرهم كلهم: عن النبي - صلى الله عليه وسلم -". =

وروي عبد الله بن كعب الحِمْيَرِي، عن عُمر بن أبي سَلَمَة: أنه سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - أيقبّل الصائم؟ فقال: "سَلْ هذه"، -لأم سلمة- فأَخْبَرتْه أنها تصنعه، فقال: قد غفر الله لك ما تقدّم من ذنبك وما تأخّر، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - "والله إنِّي لأتقاكم لله وأخشاكم لي"، خرّجه مسلم (¬1). وروي مسروق عن عائشة: "أن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - صنع أمرا فتَرَخَّص فيه، فبلغ ذلك ناسا من أصحابه فكأنّهم كرهوه، وتنزّهوا عنه فخطب فقال: ما بال رجال بلغهم عنّي أمر ترخّصت فيه، فكرهوه وتنزّهوا عنه، فوالله لأنا أعلمهم بالله وأشدّهم له خشية"، خرّج في الصحيحين (¬2). وتقدم نحوُ هذا لأبي يونس، عن عائشة في الصّائم يصبح جنبًا (¬3). وانظر تقبيل الصائم لعائشة أيضًا من طريق عروة (¬4)، ومقطوعًا (¬5). ¬

_ = وقال ابن عبد البر في التمهيد (5/ 108): "هذا المعنى أن رسول - صلى الله عليه وسلم - كان يقبِّل وهو صائم، صحيح من حديث عائشة، وحديث أم سلمة، وحديث حفصة، يروي عنهن كلهن وعن غيرهن عن النبي - صلى الله عليه وسلم -". وقال الطحاوي: "جاءت الآثار عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - متواترة بأنه كان يقبِّل وهو صائم، ثم ساق عدة أحاديث من طرق مختلفة". شرح معاني الآثار (2/ 90). (¬1) أخرجه في الصحيح كتاب: الصيام، باب: بيان أن القبلة في الصوم ليست محرّمة علي من لم تحرّك شهوته (2/ 779) (رقم: 74). (¬2) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الأدب، باب: من لم يواجه الناس بالعتاب (4/ 110) (رقم: 6101)، وفي: الاعتصام، باب: ما يكره من التعمق والتنازع والغلوّ في الدين والبدع (4/ 363) (رقم: 730). ومسلم في صحيحه كتاب: الفضائل، باب: علمه - صلى الله عليه وسلم - بالله تعالى وشدّة خشيته (4/ 1829) (رقم: 127)، واللفظ له. (¬3) تقدّم حديثه (4/ 82). (¬4) تقدّم حديثها (4/ 34). (¬5) تقدّم حديثها (4/ 169).

598 / حديث: "مَنْ أصابته مصيبةٌ، فقال كما أمره الله تعالى ... ". وفيه: ذكر الاسترجاع، والدعاء بعده. في الجنائز. عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن أم سلمة (¬1). هذا مقطوع (¬2)، وفيه قصة (¬3). وهو في الموطأ ليحيى بن يحيى، وأكثر الرواة من مسند أم سلمة (¬4)، وهكذا خرَّجه مسلم من طرق عن سعد بن سعيد الأنصاري عن عمر بن كثير بن أفلح، عن ابن سفينة -واسمه علي- مولى أم سلمة، عن أم سلمة قالت: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقوله. وفي بعض طرقه: فلما مات أبو سلمة قلت كما أمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬5). وخرّج البزار من طريق الأعمش، عن شقيق، عن أم سلمة، قالت: لما مات أبو سلمة أتيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، فقلت: يا رسول الله إن أبا سلمة مات. ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الجنائز، باب: جامع الحسبة في المصيبة (1/ 204) (رقم: 42). (¬2) أي منقطع؛ لأن ربيعة بن أبي عبد الرحمن من صغار التابعين لم يدرك أم سلمة رضي الله عنها. انظر: التقريب (رقم: 1911)، وشرح الزرقاني (2/ 108). (¬3) هي قولها: "فلما توفي أبو سلمة قلت ذلك، ثم قلت: ومن خير من أبي سلمة". (¬4) منهم معن بن عيسى عند ابن سعد في الطبقات (8/ 71). قال ابن عبد البر: "هكذا روي يحيى بن يحيى هذا الحديث، وتابعه جماعة من رواة الموطأ". التمهيد (3/ 180). (¬5) أخرجه مسلم في صحيحه كتاب: الجنائز، باب: ما يقال عند المصيبة (2/ 631 - 633) (رقم: 3، 4، 5) من طريق إسماعيل بن جعفر، وأبي أسامة، وعبد الله بن نمير، ثلاثتهم عن سعد بن سعيد الأنصاري به.

قال: "قولي: اللهم اغفر لي وله، وأَعْقِبني منه عقبي حسنة" (¬1). وفي رواية ابن وهب والقعبي ومطرف وغيرهم، عن مالك، في الموطأ أيضًا أن أبا سلمة بن عبد الأسد أخبر أم سلمة به (¬2). وهكذا قال فيه سعيد بن أبي هلال، عن عمر بن كثير، عن أمِّ أَيمن -وهي بَرَكة أم أسامة بن زيد (¬3) - قالت: أخبرتني أم سلمة أن أبا سلمة أتاها يوما فأخبرها بذلك، خرّج هذا ابن وهب في موطئه (¬4). ورُوي هكذا عن عُمر بن أبي سلمة، عن أمه أم سلمة، عن أبيه أبي سلمة، خرّجه الترمذي (¬5). ¬

_ (¬1) لم أقف عليه في مسند البزار، وهو عند مسلم في الصحيح، كتاب: الجنائز، باب: ما يقال عند المريض والميت (2/ 633) (رقم: 6) من طريق أبي معاوية، عن شقيق بن سلمة به. وكأنّ المصنف لم يستحضره أثناء تقييده فعزاه إلي البزار، وهذا تكرّر منه في غير موضع. (¬2) انظر الموطأ برواية: - أبي مصعب الزهري (1/ 389) (وقم: 985)، وسويد بن سعيد. ص: 373) (رقم: 848). وذكر ابن عبد البر رواية ابن وهب ثم قال: "هذا الحديث يتصل من وجوه شتي، إلا أن بعضهم يجعله لأم سلمة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وبعضهم يجعله لأم سلمة، عن أبي سلمة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكذلك اختلف فيه عن مالك، وهذا مما ليس يقدح في الحديث؛ لأنّ رواية الصحابة بعضهم عن بعض، ورفعهم ذلك إلي النبي - صلى الله عليه وسلم - سواء عند العلماء؛ لأنّ جميعهم مقبول الحديث، مأمون علي ما جاء به بثناء الله عليهم). التمهيد (3/ 180، 181). (¬3) غلبت عليها كنيتها، واسمها كما قال المؤلف: بركة بنت ثعلبة بن عمرو مولاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحاضنته، ماتت في خلافة عثمان رضي الله عنه. انظر: الاستيعاب (12/ 221)، وأسد الغابة (7/ 290)، والإصابة (13/ 177). (¬4) ذكره ابن عبد البر في التمهيد (3/ 183، 184). (¬5) أخرجه الترمذي في السنن كتاب: الدعوات، باب: (84) (5/ 498) (رقم: 3511)، وكذلك النسائي في عمل اليوم والليلة (ص: 579) (رقم: 1070)، والطبراني في المعجم الكبير (23) (رقم: 497)، وابن عبد البر في التمهيد (3/ 186 - 188)، كلهم من طرق عن حماد بن سلمة، عن ثابت، عن عمر بن أبي سلمة، عن أمه أم سلمة، عن أبي سلمة، وقال الترمذي: هذا غريب من هذا الوجه.

واختُلف فيه علي عمر. انظره لأبي داود في التفرد (¬1). وانظره في الزيادات ها هنا لأبي سلمة (¬2). • حديث: "أنهلك وفينا الصالحون ... ". في مرسل مالك (¬3). فصل: كانت أمُّ سلمة زوجًا لأبي سلمة بن عبد الأسد القُرشي المخزومي، فمات عنها وهي حامل بزينب، وكان له منها أولاد: سلَمة، وعمر، وأمّ كلثوم، ودُرّة، وزينب (¬4). ولما وضعت زينب خطبها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالت: إنّي غَيرَي، وإنّي مصبية، وليس أحد من أوليائي شاهد، فقال - صلى الله عليه وسلم -: "سأدعو الله فيُذهِبُ غيرتَك، وستُكْفَين صِبيانَك، وليس أحد من أوليائك يكره ذلك"، فقالت لابنها: زَوِّجْه فَزَوَّجَه (¬5). ¬

_ (¬1) الاختلاف علي: عمر بن كثير، فرواه سعد بن قيس -وهو سعد بن سعيد بن قيس- عنه كما تقدّم عند مسلم عن ابن سفينة عن أم سلمة. وخالفه سعيد بن أبي هلال، فرواه عن عمر بن كثير، عن أم أيمن، عن أم سلمة، عن أبي سلمة. قال الدارقطني: والأول أصح. العلل (5 / ل: 172 / أ). قلت: وقد أشار الترمذي أيضًا إلي ترجيح هذا الوجه حيث إنه حكم علي رواية أم سلمة عن أبي سلمة بالغرابة ثم قال: وروي هذا الحديث من غير هذا الوجه عن أم سلمة. (¬2) سيأتي حديثه (4/ 435). (¬3) سيأتي حديثه (5/ 379). (¬4) انظر: المبتدأ والمبعث والمغازي (ص: 242)، ونسب قريش (ص: 337)، والمستدرك للحاكم (4/ 16)، والاستيعاب (13/ 230)، وجوامع السيرة لابن حزم (ص: 27)، والسير (1/ 151) (2/ 202)، وأسد الغابة (7/ 329)، وأزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - للصالحي (ص: 148). (¬5) أخرجه النسائي في السنن كتاب: النكاح، باب: إنكاح الابن أمه (6/ 389 - 390) (رقم: 3254)، وأحمد في المسند (7/ 316)، وأبو يعلى (12/ 334 - 336) (رقم: 6907)، =

وفي بعض الروايات أنَّها قالت: ما مِثْلي تُنكَح؛ لي ولد، وأنا ذات عيال، وأنا غَيُور، فقال - صلى الله عليه وسلم -: "أنا أغير منكِ، وأنا أكثر عيالًا منكِ، فأما الغيرة فيَذهب الله بها، وأما العيال فإلي الله وإلي رسوله"، ولما تزوّجها أخذ عمّار زينب فَكَفَلَها، ذكره البزار وغيره (¬1). ¬

_ = وابن عبد البر في التمهيد (3/ 186 - 187) من طريق حماد بن سلمة عن ثابت البُناني، عن ابن عمر بن أبي سلمة، عن أبيه، عن أم سلمة -مختصرًا ومطوّلًا-، ولم يرد ذكر "ابن عمر" في سياق إسناد التمهيد. والحديث مما صحّح ابن حجر إسناده في الإصابة (13/ 223) - بعد أن عزاه إلي النسائي- لكن حكمه هذا لا يتمشّي مع قاعدته هو؛ لأن ابن عمر بن أبي سلمة هو محمد، وقد قال أبو حاتج فيه: "لا أعرفه". وقال الذهبي: "لا يعرف". وقال الحافظ نفسه: "مقبول". فتصحيحه لا يتمشي مع قاعدة المقبول عنده، فالراجح ما قال الذهبي أن الحديث (فيه مقال) لجهالة ابن عمر، لكنه ورد من طريق آخر صحيح ليس فيه ابن عمر المذكور، أخرجه إسحاق في مسنده (4/ 64 - 66) (رقم: 13)، وأبو يعلى في مسنده (12/ 337 - 338) (رقم: 6908) من طريق سليمان بن المغيرة، عن ثابت قال: حدثني ابن أم سلمة، فذكره مطوّلًا. وورد بعض أجزاءه عند مسلم في الجنائز، باب: ما يقال عند المصيبة (2/ 631 - 632) (رقم: 3) من طريق ابن سفينة عنها أنها قالت: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ما مسلم تصيبه مصيبة ... وفيه قولها: أرسل إليّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حاطب بن أبي بلتعة يخطبني له، فقلت: إن لي بنتا وأنا غيور فقال: "أما ابنتها فندعو الله أن يغنيها عنها، وأدعو الله أن يذهب بالغيرة". وانظر ترجمة ابن عمر بن أبي سلمة في: والجرح والتعديل (8/ 18)، والميزان (6/ 268)، والتقريب (رقم: 8483). (¬1) أخرجه ابن سعد في الطبقات (8/ 74)، وعبد الرزاق في المصنف (6/ 235 - 236) (رقم: 10644)، ومن طريقه أحمد في المسند (6/ 307)، والنسائي في السنن الكبرى (5/ 293) (رقم: 8926)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (3/ 29)، والطبراني في المعجم الكبير (23/ 273) (رقم: 585)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (9/ 372) (رقم: 4065)، كلهم من طريق أبي بكر بن عبد الرحمن عن أم سلمة به. قال الحافظ: "وعنده أيضًا (أي النسائي) بسند صحيح من طريق أبي بكر بن عبد الرحمن بن =

واسم أبي سَلَمة عبد الله، كان أخا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الرضاعة (¬1) له مسند في الزيادات (¬2). * * * ¬

_ = الحارث بن هشام، أن أم سلمة أخبرته فذكره". الإصابة (13/ 223). قلت: في إسناده عبد الحميد بن عبد الله والقاسم بن محمد وهما مقبولان كما في التقريب (رقم: 3769)، و (رقم: 5493)، لكن يتابع أحدهما الآخر. (¬1) أرضعته ثويبة مولاة أبي لهب بعد ما أرضعت رسول الله. انظر: الطبقات (1/ 87) و (3/ 180 - 183) والاستيعاب (6/ 271 - 273)، والسير (1/ 150) و (2/ 202)، والإصابة (6/ 140 - 142). (¬2) سيأتي حديثه (4/ 435).

93 - مسند ميمونة بنت الحارث بن حزن الهلالية

93 - مسند ميمونة بنت الحارث بن حَزْن الهلالية ويقال: العامريّة، وكان اسمها بَرَّة، فسمّاها النبي - صلى الله عليه وسلم - ميمونة (¬1). حديث واحد. 599 / حديث: "سئل عن الفارة تقع في السمن ... "، مختصر. في الجامع. عن ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عباس عن ميمونة- وهي خالته (¬2). جوّده يحيى بن يحيى ومن تابعه من رواة مالك (¬3). ¬

_ (¬1) انظر: الطبقات لابن سعد (8/ 137)، والاستيعاب (13/ 161)، وأسد الغابة (7/ 262)، والسير (2/ 243)، والإصابة (13/ 138). (¬2) الموطأ كتاب: الاستئذان، باب: ما جاء في الفأرة تقع في السمن (2/ 740) (رقم: 20). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الطهارة، باب: ما يقع من النجاسات في السمن والماء (1/ 95) (رقم: 235، 236) من طريق إسماعيل بن أبي أويس ومعن، وفي: الذبائح والصيد، باب: إذا وقعت الفأرة في السمن الجامد أو الذائب (3/ 464) (رقم: 5540) من طريق عبد العزيز بن عبد الله. والنسائي في السنن كتاب: الفرع، باب: الفأرة تقع في السمن (7/ 201) (رقم: 4270) من طريق عبد الرحمن بن مهدي. وأحمد في المسند (6/ 335) من طريق عبد الرحمن بن مهدي أيضًا. والدارمي في السنن كتاب: الأطعمة، باب: الفارة تقع في السمن (2/ 110) من طريق زيد بن يحيي، خمستهم عن مالك به. (¬3) انظر الموطأ برواية: علي بن زياد (ص: 183) (رقم: 106)، وتابعه: - ابن طهمان في مشيخته (ص: 129) (رقم: 71). =

ومن الرّواة من لم يذكر فيه ميمونة (¬1)، ومنهم من ذكرها ولم يذكر ابن عباس (¬2)، ومنهم من أسقطهما معًا فأرسله (¬3). قال الدارقطني: "والصحيح عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس عن ميمونة" (¬4). وهكذا خرّجه البخاري في الوضوء من طرق عن مالك، وذكر أن مَعْنًا ¬

_ = - وسعيد بن أبي مريم عند الطحاوي في شرح المشكل (13/ 395) (رقم: 5359). - وأشهب عند ابن عبد البر في التمهيد (9/ 37). وهكذا رواه: عبد الله بن نافع، والشافعي، وزياد بن يونس، ومطرف بن عبد الله، وإسحاق بن عيسى الطباع، وعبيد بن حيّان كما قال ابن عبد البر في التمهيد (9/ 33). (¬1) انظر الموطأ برواية: - الشيباني (ص: 341) (رقم: 984). - القعنبي عند الجوهري في مسند الموطأ (ل: 29 / ب)، وأبي نعيم في الحلية (3/ 379). - وخالد بن مخلد عند الدارمي في السنن، كتاب: الأطعمة، باب: الفأرة تقع في السمن (2/ 109). - وعبد الله بن يوسف التنيسي، وعثمان بن عمر، ومعن بن عيسى، وإسحاق بن سليمان الرازي، وأبو قرة موسى بن طارق، وإسحاق بن محمد الفروي. انظر: أحاديث الموطأ (ص: 12)، والتمهيد (9/ 34). (¬2) قاله ابن وهب وجويرية بن أسماء، أخرجه من طريقهما: - الطحاوي في شرح المشكل (13/ 395) (رقم: 5357، 5358). - وزاد الدارقطني: معنًا. انظر: أحاديث الموطأ (ص: 12). (¬3) انظر الموطأ برواية: - أبي مصعب الزهري (2/ 397 - 398) (رقم: 2714)، وابن بكير (ل: 270/ ب) - الظاهرية-. قال ابن عبد البر -بعد ذكر هذه الوجوه-: "وهذا اضطراب شديد عن مالك في إسناد هذا الحديث، والصواب فيه ما قاله يحيي ومن تابعه، والله أعلم". التمهيد (9/ 34). (¬4) العلل (5 / ل: 181 / أ). ورجّحه أيضًا أبو حاتم الرازي وابن عبد البر وابن حجر. انظر: العلل لابن أبي حاتم (2/ 9، 12)، والتمهيد (9/ 33 - 34)، وفتح الباري (1/ 410).

قال: حدثنا به مالك ما لا أحصيه يقول: عن ابن عباس عن ميمونة (¬1). • حديث: "جلد الميتة". في مسند ابن عباس (¬2). فصل: وَهَبَتْ ميمونةُ نفسَها للنبي - صلى الله عليه وسلم - (¬3)، فتزوّجها في عمرة القضاء (¬4) ¬

_ (¬1) تقدّم تخريجه. قلت: وتابع مالكًا عليه: - سفيان بن عيينة عند البخاري في الصحيح، كتاب: الذبائح والصيد، باب: إذا وقعت الفأرة في السمن الجامد أو الذائب (3/ 463) (رقم: 5538). - ومعمر عند عبد الرزاق في المصنف (1/ 84) (رقم: 279). (¬2) تقدّم حديثه (2/ 531). (¬3) كذا قال! ! وورد في ذلك أيضًا بعض الروايات، لكن أسانيدها غير ثابتة. فقد روي ابن جرير في جامع البيان (12/ 29) (رقم: 21791) من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة، عن ابن عباس قال: {وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ} (الأحزاب: 50) قال: هي ميمونة بنت الحارث. قال الحافظ ابن كثير في تفسيره (3/ 507): إسناده منقطع. وروي ابن سعد في الطبقات (8/ 108) عن شيخه الواقدي، وعبد الرزاق في المصنف (7/ 75) (رقم: 12266) كلاهما عن ابن جريج عن أبي الزبير، عن عكرمة قال: وهبت ميمونة نفسها للنبيّ - صلى الله عليه وسلم -. وإسناده ضعيف لإرساله. وروي عبد الرزاق أيضًا في المصنف (7/ 75) (رقم: 12267)، والطبراني في المعجم الكبير (23/ 421 - 422) (رقم: 1019)، والبيهقي في السنن الكبرى (7/ 70 - 72) من طرق عن الزهري أن ميمونة بنت الحارث بن حزن وهبت نفسها للنبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وهذا الإسناد أيضًا كسابقه ضعيف لإرساله. فالذي يترجّح هو عدم ثبوت تلك الهبة والله أعلم، ولذا لما ذكر ابن الأثير في أسد الغابة (7/ 263) مرسل ابن شهاب وقتادة قال: والصحيح ما تقدّم، أي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تزوّجها سنة سبع في عمرة القضاء، وراجع إن شئت الرسالة القيِّمة للدكتور عبد العزيز العبد اللطف في أطروحته للدكتوراه بعنوان: "أمهات المؤمنين" (2/ 501 - 503). (¬4) ورد هذا عند البخاري في الصحيح، كتاب: المغازي، باب: عمرة القضاء (3/ 145) (رقم: 4259) من حديث ابن عباس رصي الله عنهما.

وهي بمكة، قيل: إنه كان مُحرِمًا، وقيل: حلالًا (¬1)، وبني بها في انصرافه ¬

_ (¬1) اختلفت الروايات في وقوع نكاح ميمونة حال الإحرام أو حال الاحلال؟ فورد في ذلك حديثان صحيحان متعارضان، وأحاديث أخرى موافقة لهما لم تخل أسانيدها من مقال، فعمدة ما ورد في وقوع نكاحها حال الإحرام ما رواه البخاري في الصحيح، كتاب: جزاء الصيد، باب: تزويج المحرم (2/ 14) (رقم: 1837)، ومسلم في صحيحه كتاب: النكاح، باب: تحريم نكاح المحرم وكراهة خطبته (2/ 1031) (رقم: 46) من حديث ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تزوّج ميمونة وهو محرم. وروي البزار في مسنده (2/ 167) (رقم: 1443 - كشف الأستار)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (2/ 269)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (4/ 440) (رقم: 4132)، والبيهقي في السنن الكبرى (7/ 212) من حديث عائشة قالت: تزوّج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعض نساءه وهو محرم. والحديث صححه الحافظ في فتح الباري (4/ 62) لكن في إسناده المغيرة بن مقسم، وهو مدلس من الثالثة، ولم يصرح بالسماع. تعريف أهل التقديس (ص: 112). وروي الدارقطني في السنن (3/ 263)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (2/ 270) من حديث أبي هريرة قال: تزوّج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ميمونة وهو محرم. قال الحافظ في فتح الباري (9/ 71): "في إسناده كامل أبو العلاء وفيه ضعف، لكنه يعتضد بحديثي ابن عباس وعائشة". وعمدة ما ورد في أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تزوّجها وهو حلال ما رواه مسلم في صحيحه، كتاب: النكاح، باب: تحريم نكاح المحرم (2/ 132) (رقم: 48) من حديث ميمونة نفسها أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تزوّجها وهو حلال. ووافقه أيضًا حديثان: أحدهما: ما رواه الترمذي في السنن، كتاب: الحج، باب: ما جاء في كراهية تزويج المحرم (3/ 200) (رقم: 481)، وأحمد في المسند (6/ 393، 392)، والدارمي في السنن كتاب: الحج، باب: في تزويج المحرم (2/ 38)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (12/ 270)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (4/ 438) (رقم: 4130) من طريق مطر الوراق، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن سليمان بن يسار، عن أبي رافع مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تزوّج =

بِسَرِف (¬1). ¬

_ = ميمونة حلالًا وبني بها حلالًا وكنتُ الرسول بينهما. وهذه الرواية أعلَّت بعلّتين: 1 - مخالفة مالك لمطر الوراق حيث رواه في الموطأ (1/ 282) (رقم: 69) عن ربيعة، عن سليمان بن يسار مرسلًا، ووصله مطر، وقد قال فيه الحافظ في التقريب (رقم: 6699): "صدوق كثير الخطأ". قال الترمذي: "لا نعلم أحدًا أسنده غير حماد بن زيد عن مطر الوراق عن ربيعة، ورواه مالك مرسلًا، ورواه أيضًا سليمان بن بلال عن ربيعة مرسلًا". 2 - ما ذكره ابن عبد البر في التمهيد (3/ 151) بعد أن أورد رواية مطر الموصولة: "وهذا عندي غلط؛ لأن سليمان بن يسار ولد سنة أربع وثلاثين، وقيل: سنة سبع وعشرين، ومات أبو رافع بالمدينة بعد قتل عثمان بيسير، وكان قتل عثمان في ذي الحجة سنة خمس وثلاثين، وغير جائز ولا ممكن أن يسمع سليمان من أبي رافع، فلا معنى لرواية مطر، وما رواه مالك أولى". والحديث الثاني: ما رواه ابن سعد في الطبقات (8/ 105)، والطبراني في المعجم الكبير (24/ 324) (رقم: 814) من طريق ميمون بن مهران قال: دخلت علي صفية بنت شيبة فسألتها: أتزوّج النبي - صلى الله عليه وسلم - ميمونة وهو محرم؟ قالت: والله لقد تزوّجها وإنهما لحلالان. ورجاله ثقات. فالروايات في كلا الوجهين متساوية من جهة الثبوت إلا أن هناك قرائن تقوي وقوع النكاح حال الإحلال. منها: 1 - وروده عن ميمونة وهي صاحبة القصة، فيقدم خبرها لكونها أعرف بالقضية وأعلم بها من غيرها. 2 - وروده من طريق أبي رافع وهو الخاطب (وكنتُ الرسول بينهما). 3 - موافقته لحديث عثمان بن عفان في النهي عن نكاح المحرم وهناك قرائن أخرى ذكرها أهل العلم. انظر: معالم السنن (2/ 158)، وشرح النووي علي مسلم (9/ 194)، ومنهج التوفيق والترجيح بين مختلف الحديث (ص: 372 - 373) وأمهات المؤمنين (2/ 516). (¬1) انظر: الطبقات لابن سعد (8/ 105)، وجوامع السيرة لابن حزم (ص: 174)، والسير (2/ 239). وسَرِف: بفتح أوله وكسر ثانيه بعده فاء، واد متوسط الطول من أودية مكة، يأخذ مياه ما حول الجعرانة -شمال شرقي مكة- ثم يتجه غربًا، فيمر علي اثني عشر كيلًا، شمال مكة. المعالم الأثيرة (ص: 139).

وميمونة هي خالةُ ابن عباس، وخالةُ خالد بن الوليد، وخالة محمد بن أبي بكر الصديق (¬1)، ولها جملة أخوات شقائق ولأم (¬2). * * * ¬

_ (¬1) لأن هؤلاء الثلاثة أبناء أخواتها أم الفضل (زوجة العباس)، ولبابة الصغرى (زوجة الوليد)، وأسماء بنت عميس -أختًا لأمها- (زوجة أبي بكر الصديق). انظر: الاستيعاب (13/ 160، 161)، والسير (2/ 238). (¬2) هن سبع: أربع منهن شقائق وهن: أم الفضل زوج العباس، ولبابة الصغرى زوج الوليد بن المغيرة، وعصماء بنت الحارث، وعزة بنت الحارث. وأما أخواتها لأم فهن: أسماء بنت عميس، وسلمي بنت عميس، وزينب بنت خزيمة. الاستيعاب (13/ 160، 161). ووقع في الأصل "ولها جملة أخوات شقائق لأم" بدون الواو، والصواب ما أثبته.

94، 95 - مسند أم حبيبة بنت أبي سفياق بن حرب وزينب بنت جحش

94، 95 - مسند أم حبيبة بنت أبي سفياق بن حرب وزينب بنت جحش حديث مشترك حدّثت به كلُّ واحدة منهما. ولأم حبيبة في الزيادات حديث آخر (¬1). 600 / حديث: "لا يَحلُّ لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تَحُدُّ علي ميّت فوق ثلاث، إلّا علي زوج أربعة أشهر وعشرا ... ". في آخر الطلاق. عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم، عن حُميد بن نافع، عن زينب بنت أبي سلمة، أنها أخبرته هذه الأحاديث الثلاثة (¬2)، يعني هذا عن أم حبيبة، وعن زينب بنت جحش في قصتين مختلفتين، استشهدت كل واحدة منهما به. والثالث عن أمها أم لسلمة في اكتحال الحاد، وقد تقدم (¬3)، حدثت بالكل في موطن واحد وهي معدودة بثلاثة أحاديث؛ لأنَّها مسندة إلي ثلاث. فصل: أم حبيبة: اسمها رملة بنت أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية، وهي أخت معاوية، تزوّجها رسول - صلى الله عليه وسلم - وهي مهاجرة بأرض الحبشة (¬4). ¬

_ (¬1) سيأتي حديثها (4/ 475). (¬2) الموطأ كتاب: الطلاق، باب: ما جاء في الإحداد (2/ 465) (رقم: 101). (¬3) تقدَّم حديثها (4/ 197). (¬4) انظر: تاريخ ابن أبي خيثمة (ص: 141)، والاستيعاب (3/ 31)، وأُسد الغابة (7/ 116)، والإصابة (12/ 260). والحبشة: البلد المعروف في أفريقية، ويسمّي اليوم "أثيوبية". المعالم الأثيرة (ص: 96).

أنكحه إيّاها عثمان بن عفّان، وهي بنت عمّته (¬1)، ويقال: إنَّ النَّجاشي أصدقها عنه وجهّزها إليه، ذكره الزبير وغيره (¬2)، وكان أبوها حينئذ مشركًا بمكة. وزينب بنت جحش بن رِيَاب (¬3)، وهي بنت أُمَيمَة بنت عبد المطلب عمة النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬4). كانت تحت زيد بن حارثة، وفيها نزلت: {فَلَمَّا قَضَى زَيدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا} (¬5)، وبسببها أنزلت آية الحجاب (¬6)، وبقي التبنّي ورفع ¬

_ (¬1) عمّته هي صفية بنت أبي العاص بن أمية بن عبد شمس. الاستيعاب (3/ 13)، وأسد الغابة (7/ 116). (¬2) روي أبو داود في السنن كتاب: النكاح، باب: الصداق (2/ 583) (رقم: 2107) من طريق الزهري، عن عروة، عن أم حبيبة: أنّها كانت تحت عبيد الله بن جحشَ، فمات بأرض الحبشة، فزوّجها النجاشيُّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، وأمهرها عنه أربعة آلاف، وبعث بها إلي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع شرحبيل بن حسنة. وسنده صحيح. والحديث أخرجه النسائي أيضًا في النكاح، باب: القسط في الأصدقة (6/ 429) (رقم: 3350) وفيه: "وجهّزها -أي النحاشي- من عنده". هكذا ورد عن أم حبيبة نفسه أنّ الذي أنكحه إياها وزوّجها هو النجاشي، وذكر ابن عبد البر اختلافًا فيمن عقد عليها فقيل: عقد عليها النجاشي، وقيل: عثمان بن عفان، وقيل: خالد بن سعيد، قال: "وَردَ هذا التناقض في كتاب الزبير أيضًا، ثم سمع بين هذه الأقوال فقال: يحتمل أن يكون النجاشي هو الخاطب علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والعاقد عثمان بن عفان". وقال الخطابي: "معنى قوله: زوّجها النجاشي" أي ساق إليها المهر، فأضيف عقد النكاح إليه؛ لوجود سببه منه، وهو المهر". فهذا وجه آخر للجمع بين الأقوال المختلفة إن كان العاقد عليها عثمان بن عفان. انظر: الطبقات الكبرى (8/ 76 - 80)، معالم السنن (3/ 179)، وجوامع السيرة (ص: 28)، والاستيعاب (3/ 13). (¬3) بكسر الراء، وياء مثناة من تحت، وآخره موّحدة. انظر: توضيح المشتبه (4/ 108، 110)، والإصابة (6/ 34). (¬4) انظر: طبقات ابن سعد (8/ 101)، والاستيعاب (13/ 15)، والسير (2/ 211)، والإصابة (12/ 275). (¬5) سورة الأحزاب، الآية: (37). وانظر: الطبقات لابن سعد (8/ 103)، والإصابة (12/ 275). (¬6) وهي قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إلا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ} الآية، الأحزاب (53). وانظر سبب نزولها في صحيح البخاري كتاب: التفسير، باب: لا تدخلوا بيوت النبي (3/ 278) =

التحريم به، وكانت تُسامي عائشة في حسن المنزلة، وتَفْخَرُ بإنكاح الله إيّاها (¬1)، وكان اسمها برّة، فسمّاها النبي - صلى الله عليه وسلم - زينب، وهي أوّل من توفي بعده من أزواجه (¬2)، وكان هو قد أنذر بذلك لطول يدها بالصدقة (¬3). وزينب بنت أبي سلمة هي ربيبة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وبنت أم سلمة (¬4)، وقد تقدم ذكرها (¬5). ذكر ابن أبي خيثمة بإسناده عنها أن اسمها واسم زينب بنت جحش كان برّة، فسمّاهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زينب (¬6). ¬

_ = (رقم: 4791)، وفي كتاب: التوحيد (4/ 388) (رقم: 4721). وانظر: تفسير ابن كثير (3/ 511)، وأسباب النزول للواحدي (ص: 358). (¬1) روي البخاري في صحيحه كتاب التفسير، تفسير سورة النور (3/ 267) (رقم: 4750) في حديث الإفك الطويل عن عائشة، وفيه: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسأل زينب ابنة جحش عن أمري، ثم قالت: وهي التي كانت تساميني من أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم -". وانظر: صحيح البخاري كتاب: التوحيد (4/ 388) (رقم: 4720)، وصحيح مسلم، فضائل الصحابة (4/ 1892) (رقم: 83). (¬2) روي الطبراني في المعجم الكبير (24/ 38) (رقم: 134) من طريق الشعبي: أنه صلي مع عمر علي زينب، وكانت أول نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - موتًا. قال الهيثمي في المجمع (9/ 248): "رجاله رجال الصحيح". وانظر أيضًا: الاستيعاب (13/ 117)، وجوامع السيرة (ص: 27). (¬3) انظر: صحيح مسلم، فضائل الصحابة، باب: من فضائل زينب أم المؤمنين (4/ 1907) (رقم: 101). (¬4) انظر: الاستيعاب (13/ 26 - 27)، وأسد الغابة (7/ 132 - 133)، والسير (3/ 200)، والإصابة (12/ 282 - 283). (¬5) انظر: (4/ 224). (¬6) رواه في تاريخه (ص: 168) (رقم: 270 - رسالة كمال) من طريق محمد بن عمرو بن عطاء، قال: حدّثتني زينب بنت أم سلمة، قالت: كان اسمي برّة، فسمّاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: زينب، قالت: ودخلت عليه زينب بنت أبي جحش، واسمها برّة، فسمّاها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زينب". إسناده حسن، وقد أخرجه مسلم في صحيحه كتاب: الآداب، باب: استحباب تغيير الاسم القبيح إلي حسن ... (3/ 1687) (رقم: 18) من طريق الوليد بن كثير، عن محمد بن عمرو بن عطاء به. وانظر: الاستيعاب (13/ 19)، والإصابة (12/ 276).

96 - من عدا عائشة من سائر أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - مبهمات

96 - مَن عدا عائشة مِن سائر أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - مبهمات حديث واحد. 601 / حديث: "رضاعة الكبير". عن ابن شهاب، عن عروة (¬1). ذَكر قصة سالم مولى أبي حُذيفة، وقال في آخر الحديث: وأبي سائرُ أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يدخل عليهنَّ بتلك الرضاعة أحدٌ، وقلن: "لا والله، ما نرى الذي أمر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سهلةَ بنتَ سُهيل إلا رخصةً منه في رضاعة سالم وحده". وهذا اعتراف منهن بالأمر برضاعة سالم، وهو مقطوع في الموطأ (¬2). وقد وَصَلَ جماعةٌ حديثَ عروة، عن عائشة، وأدرجوا هذا الكلام في آخره (¬3). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الرضاع، باب: ما جاء في الرضاعة بعد الكبر (2/ 472) (رقم: 12). وأخرجه هكذا مختصرًا ومرسلًا النسائي في السنن كتاب: النكاح، باب: رضاع الكبير (6/ 415) (رقم: 3324) من طريق ابن وهب عن يونس ومالك عن ابن شهاب به. (¬2) أي مرسل؛ لأن عروة لم يسنده إلى عائشة وغيرها، قال الجوهري في مسنده (ل: 27 / ب): ) حديث مرسل، أدخله النسائي في المسند، وقد رواه عثمان بن عمر عن مالك في غير الموطأ مسندًا عن عروة عن عائشة مختصرًا، ورواه عبد الرزاق عن مالك بطوله فأسنده أيضًا". قلت: رواية عثمان بن عمر عن مالك عند ابن عبد البر في التمهيد (8/ 250 - 251). ورواية عبد الرزاق في المصنف (3/ 459 - 460) (رقم: 13886)، ومن طريقه الطبراني في المعجم الكبير (7/ 69) (رقم: 6377). (¬3) انظر: (4/ 63).

ورواه عُقيل، عن الزهري، عن أبي عُبيدة بن عبد الله بن زَمعة، عن أمِّه زينب بنت أبي (¬1) سلمة، عن أمِّها أم سلمة، ذكرته مجرّدا (¬2) ولم تسمّ أمهات المؤمنين وإنما قالت: أبي سائر أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يُدخِلْنَ عليهن أحدا بتلك الرَّضاعة، وذكرتْ قولَهنَّ لعائشة. خرّجه مسلم (¬3). قال الشيخ أبو العباس رضي الله عنه: أبو عُبيدة هذا لا يسمي (¬4). وانظر الحديث بطوله في مسند عائشة (¬5). انتهى حديث الأمّهات * * * ¬

_ (¬1) كلمة "أبي" سقطت في الأصل، والصواب ثبوتها. (¬2) أي مجرّدًا من قصة رضاعة سالم مولى أبي حذيفة. (¬3) انظر: صحيح مسلم كتاب: الرضاع، باب: رضاعة الكبير (2/ 1078) (رقم: 31). (¬4) قال أبو زرعة: "لا أعرف اسمه، ولا أعلم أحدا سماه"، وهكذا قال أبو حاتم. الجرح والتعديل (9/ 404 - 405). (¬5) تقدّم حديثها (4/ 63).

حديث سائر النسوان على ترتيب حروف المعجم في الأسماء والكنى، وفي آخرهن المبهمات

حديث سائر النسوان على ترتيب حروف المعجم في الأسماء والكنى، وفي آخرهن المبهمات 97 - مسند أسماء بنت أبي بكر الصديق وكانت تحت الزبير بن العوام (¬1). أربعة أحاديث. 602 / حديث: "أتيتُ عائشةَ حين خسفت الشمس فإذا الناس قيامٌ يصلون وإذا هي قائمةٌ ... ". فيه: فحَمِد الله رسولُ الله صلّي الله عليه وسلّم، وأثني عليه، ثم قال: "ما من شيء كنتُ لم أره إلا وقد رأيتُه في مقامي هذا حتى الجنَّة والنار". وذكرُ فتنة القبر والسّؤال: "ما عِلْمُك بهذا الرجل". في الصلاة: الثاني. عن هشام بن عروة، عن فاطمة بنت المنذر، عن أسماء بنت أبي بكر الصديق (¬2). ¬

_ (¬1) انظر: الاستيعاب (12/ 195 - 196)، وأسد الغابة (7/ 7)، والإصابة (12/ 114). (¬2) الموطأ كتاب: صلاة الكسوف، باب: ما جاء في صلاة الكسوف (1/ 167 - 168) (رقم: 4). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الوضوء، باب: من لم يتوضأ إلا من الغشي المثقل (1/ 80) =

ليس فيه وصف الصلاة، ولا عدد الركعات. هذا الحديث كلّه في الموطأ لأسماء، وقد جاء عنها أنَّها شهدت الصلاة وسمعت أوّل الخطة، وفاتها سائرها فأخبرتها بها أختها عائشة، بيّنه أبو أسامة حماد بن أسامة، قال فيه: عن هشام، عن فاطمة، عن أسماء: " ... فخطب الناس، وحمد الله بما هو أهله، ثم قال: أما بعد"، قالت: ولَغَط نسوةٌ من الأنصار، فانكفأتُ إليهن لأسكِّتَهَن، فقلت لعائشة: ما قال: قالت: قال: "ما من شيء لم أكن أُريته إلا وقد رأيتُه في مقامي هذا حتى الجنة والنار"، ثم ساق الحديث. ذكره البخاري معلّقا، قال فيه: وقال محمود: نا أبو أسامة (¬1). وروي معنى هذا الحديث عن جابر، قال فيه: "فأما المؤمن" ولم يشك، وقال: "وأما المنافق والكافر" هكذا بواو العطف، خرّجه البخاري (¬2). ولأبي سعيد الخدري نحوه، خرّجه البزار (¬3). ¬

_ = (رقم: 184) من طريق إسماعيل بن أبي أويس، وفي: الكسوف، باب: صلاة النساء مع الرجال في الكسوف (1/ 332) (رقم: 1053) من طريق عبد الله بن يوسف، وفي: الاعتصام، باب: الاقتداء بسنن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (4/ 361) (رقم: 7287) من طريق القعنبي، ثلاثتهم عن مالك به. (¬1) انظر: صحيح البخاري كتاب: الجمعة، باب: من قال في الخطبة بعد الثناء: أما بعد ... (1/ 292) (رقم: 922). قال الحافظ: "ذكره هنا عن محمود وهو ابن غيلان أحد شيوخه بصيغة "قال محمود" وكلام أبي نعيم في المستخرج يشعر بأنه قال: "حدثنا محمود". فتح الباري (2/ 470). (¬2) لم أقف علي حديث جابر في هذا المعنى في الصحيح، لكن أخرج عبد الرزاق في المصنف (3/ 585) (رقم: 6744) عن ابن جريج، عن أبي الزير عن جابر قال: "إن هذه الأمة تبتلي في قبورها ... " فذكره، وفيه: "فيقول المؤمن ... "، "والمنافق" بدون ذكر الكافر. وقد ذكر الحافظ اختلاف الروايات ثم قال: "وهي مجتمعة علي أن كلًّا مِن الكافر والمنافق يُسأل". فتح الباري (3/ 281 - 282). (¬3) أخرجه البزار في مسنده (1/ 412 - 413) (رقم: 872 - كشف الأستار-). =

وانظر حديث عائشة من طريق عروة (¬1)، وعمرة (¬2)، وحديث ابن عباس (¬3). 603 / وبه: "قالت: إنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يأمر أن يُبردها بالماء" تعني الحمّي. في الجامع (¬4). وفيه: فعل أسماء (¬5). حديث: "إذا أصاب ثوبَ إحداكن الدمُ من الحيضة فَلْتَقْرِصْه، ثم لتَنْضَحْه بالماء، ثم لتُصَلِّ فيه". في أبواب الحيض. عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن فاطمة بنت المنذر بن الزبير، عن أسماء بنت أبي بكر (¬6). ¬

_ = وكذا أحمد في المسند (3/ 3 - 4) من طريق عبّاد بن راشد، عن داود بن أبي هند عن أبي نضرة، وهو المنذر بن مالك عن أبي سعيد قال: شهدنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جنازة ... فذكره. قال الهيثمي في المجمع (3/ 48): "رواه أحمد والبزار، ورجاله رجال الصحيح". (¬1) تقدّم حديثها (4/ 30). (¬2) تقدّم حديثها (4/ 120). (¬3) تقدّم حديثها (2/ 542). (¬4) الموطأ كتاب: العين، باب: الغسل بالماء من الحمي (2/ 720) (رقم: 15). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الطب، باب: الحمي من فيح جهنّم (4/ 40) (رقم: 5724) من طريق القعنبي. والنسائي في السنن الكبرى (4/ 379) (رقم: 7611) من طريق قتيبة وابن القاسم، ثلاثتهم عن مالك به. (¬5) هو أنها كانت إذا أُتيت بالمرأة وقد حُمَّت تدعو لها، أخذت الماء فصبّته بينها وبين جيبها. (¬6) الموطأ كتاب: الطهارة، باب: جامع الحيضة (1/ 76) (رقم: 103).

هكذا وقع في كتاب يحيى بن يحيى (¬1). "هشام بن عروة، عن أبيه". وقوله فيه: عن أبيه، وهم انفرد به, لم يُتابَع عليه (¬2)، وإنما رواه هشام عن فاطمة، وهي زوجه وابنة عمّه المنذر، وعروة لا يروي عنها (¬3). والحديث مخرج في الصحيح من طريق مالك وغيره عن هشام، عن زوجه فاطمة من غير واسطة (¬4). 605 / حديث: "جئنا مع أسماء بنت أبي بكر منًى بغَلَس .. ". فيه: فقالت: "قد كنَّا نفعل ذلك مع من هو خير منك". ¬

_ (¬1) هو كما قال في المطبوعة، وكذا في نسختي المحمودية (أ) (ل: 11 / ب)، و (ب) (ل: 12 / أ). (¬2) انظر الموطأ برواية: - أبي مصعب الزهري (1/ 66) (رقم: 166)، وسويد بن سعيد (ص: 74) (رقم: 65). وهكذا قال عبد الله بن يوسف عند البخاري في صحيحه كتاب: الحيض، باب: غسل دم الحيض (1/ 116) (رقم: 307). - وعبد الله بن وهب عند مسلم في صحيحه كتاب: الطهارة، باب: نجاسة الدم وكيفية غسله (1/ 240) (رقم: 110). - والقعنبي عند أبي داود في السنن كتاب: الطهارة، باب: المرأة تغسل ثوبها الذي تلبسه في حيضها (1/ 255) (رقم: 361). فكلهم رووه عن هشام بن عروة، عن زوجه فاطمة من غير واسطة. تنبيه: وقع في الرواية المطبوعة من رواية القعنبي (ص: 81)، وكذا في النسخة الأزهرية منها (ل: 13 / ب) (عن هشام بن عروة، عن أبيه)، كما وقع عند يحيى بن يحيى، وهذا خطأ أيضًا. (¬3) نبّه عليه أيضًا محمد بن الحارث الخشني، وابن عبد البر، والقاضي عياض. وقال أبو عمر: "الرواية بالواسطة هي رواية ابنه عبيد الله عنه، وأمر ابن وضاح بطرح (عن أبيه). انظر: أخبار الفقهاء والمحدّثين (ص: 350)، والتمهيد (229/ 122)، والتقصي (ص: 196)، ومشارق الأنوار (2/ 333). (¬4) انظر: صحيح البخاري كتاب: الوضوء، باب: غسل الدم (1/ 93) (رقم: 227)، وكتاب: الحيض، باب: غسل دم الحيض (1/ 116) (رقم: 307). وصحيح مسلم كتاب: الطهارة، باب: نجاسة الدم وكيفية غسله (1/ 240) (رقم: 110).

في الحج، باب: تقديم النساء والصبيان. عن يحيى بن سعيد، عن عطاء بن أبي رباح، عن مولاة لأسماء بنت أبي بكر قالت: جئنا (¬1) هذا معناه الرفع؛ لأنَّها عنت النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬2). وقال يحيى بن يحيى عن مالك في سنده: "عن مولاة"، بالهاء علي التأنيث (¬3)، وعند ابن بكير وغيره: أن موليً لأسماء أخبره (¬4)، وهو الصَّحيح. ومولي أسماء هو عبد الله بن كيسان، أبو عمر المكي، وكان خال ولد عطاء (¬5)، وليس في حديث الموطأ ذكر الرمي، وذكره جماعة في الحديث، انظره في الصحيح (¬6). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الحج، باب: تقديم النساء والصبيان (1/ 314) (رقم: 172). وأخرجه النسائي في السنن كتاب: المناسك، باب: الرخصة للضعفة أن يصلوا يوم النحر الصبح بمعنى (5/ 294) (رقم: 3050) من طريق ابن القاسم، عن مالك به. (¬2) وذلك في قولها: " ... مع من هو خير منك". (¬3) هو كما قال في النسخة المطبوعة من رواية يحيي وكذا في نسختي المحمودية (أ) (ل: 71 / ب)، و (ب) (ل: 99 / أ). (¬4) انظر الموطأ برواية: - ابن بكير (ل: 40 / أ) - الظاهرية-، وأبي مصعب الزهري (1/ 524) (رقم: 1354)، وسويد بن سعيد (ص: 506) (رقم: 1181). وهكذا قال ابن جريج مصرحا باسمه عند البخاري في كتاب: الحج، باب: من قدّم ضعفة أهله بليل (1/ 513) (رقم: 1679)، وعند مسلم في كتاب: الحج، باب: استحباب تقديم دفع الضعفة ... (2/ 940) رقم: 297). (¬5) كذا قال المؤلف: "وكان خال ولد عطاء"! ! والذين ترجموا له قالوا فيه: "خَتَن عطاء". انظر: الجرح والتعديل (5/ 143)، وثقات ابن حبان (5/ 35)، والتعديل والتجريح للباجي (2/ 918). (¬6) انظر: صحيح البخاري كتاب: الحج، باب: من قدّم ضعفة أهله (1/ 513) (رقم: 1679). وصحيح مسلم كتاب: الحج، باب: استحباب تقديم دفع الضعفة ... (2/ 940) (رقم: 297).

98 - مسند أسماء بنت عميس الخثعمية

98 - مسند أسماء بنت عُمَيس الخثعمية وهي زوج أبي بكر، أخت ميمونة لأم (¬1). حديث واحد. 606 / حديث: "أنَّها ولدتْ محمدَ بن أبي بكر بالبَيداء، فذكر ذلك أبو بكر ... ". فيه: "مُرها فلتَغْتَسِل، ثم لتُهلّ". في أوّل الحج. عن عبد الرحمن بن القاسم بن محمد، عن أبيه، عن أسماء بنت عميس (¬2). هكذا قال فيه يحيى بن يحيى، وجماعة من رواة الموطأ: عن أسماء (¬3). وقال فيه القعنبي في آحرين: أن أسماء (¬4) وأسماء هذه هي جدة القاسم، وهذا الحديث في الموطأ مرسل أو ¬

_ (¬1) انظر: الاستيعاب (12/ 201)، وتهذيب الكمال (35/ 126)، والإصابة (12/ 116). (¬2) الموطأ كتاب: الحج، باب: الغسل للإهلال (1/ 264) (رقم: 1). وأخرجه النسائي في السنن كتاب: المناسك، باب: الغسل للإهلال (5/ 136) (رقم: 2662) من طريق ابن القاسم. وأحمد في المسند (6/ 369) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، كلاهما عن مالك به. (¬3) انظر الموطأ برواية: ابن القاسم (ص: 402) (رقم: 389)، وتابعهما.: يحيى بن نضلة، عند أبي أحمد الحاكم في عوالي مالك (ص: 75) (رقم: 62). (¬4) انظر الموطأ برواية: - القعنبي (ل: 67 / ب- الأزهرية-)، وأبي مصعب الزهري (1/ 407) (رقم: 103)، وسويد بن سعيد (ص: 433) (رقم: 994)، ومحمد بن الحسن (ص: 158) (رقم: 470). - وابن وهب، عند أبي أحمد في عوالي مالك (ص: 75) (رقم: 62).

مقطوع (¬1)، وقد رواه عُبيد الله بن عمر، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة، خرّجه مسلم (¬2). ورُوي عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن القاسم بن محمد، عن أبيه محمد عن (¬3) أبي بكر الصديق، خرّجه النسائي (¬4)، وذكره الدارقطني (¬5). ¬

_ (¬1) مرسل علي رواية من قال: أنّ أسماء، فيكون من مراسيل القاسم. ومقطوع علي رواية من قال: عن أسماء؛ لأنّ القاسم لم يلق أسماء بنت عُميس. وقد حكم عليه بالإرسال ابن عبد البر في التمهيد (19/ 313)، والحافظ في التلخيص الحبير (12/ 25)، اعتمادًا علي رواية يحيى بن يحيى ومن تابعه. (¬2) انظر: صحيح مسلم كتاب: الحج، باب: إحرام النفساء واستحباب اغتسالها للإحرام وكذا الحائض (2/ 869) (رقم: 109). (¬3) تصحّفت في الأصل إلي: ابن، والصواب ما أثبته كما في سنن النسائي وغيره من مصادر التخريج. (¬4) أخرجه النسائي في السنن كتاب: المناسك، باب: الغسل للإهلال (5/ 137) (رقم: 2663)، وابن ماجه في السنن كتاب: المناسك، باب: النفساء والحائض تهل بالحج (2/ 972) (رقم: 2912)، ابن خزيمة في صحيحه (4/ 167) (رقم: 2610) من طريق سليمان بن بلال، عن يحيي به. قال ابن حجر: "هو مرسل أيضًا؛ لأنّ محمدًا لم يسمع من النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولا من أبيه، نعم يُحتمل أن يكون سمع ذلك من أمّه، لكن قد قيل: إنّ القاسم أيضًا لم يسمع من أبيه). التلخيص الحبير (2/ 251). قلت: الذي نفي سماع القاسم من أبيه هو الغلّابي كما ذكره العلائي، وأما عدم سماع محمد من أبيه فقد قال به الحافظ المزي أيضًا. انظر: جامع التحصيل (ص: 253)، وتحفة الأشراف (5/ 304). (¬5) أورد الدارقطني رواية يحيى بن سعيد -وهو الأنصاري- عن القاسم بن محمد، عن أبيه، عن أبي بكر، وقال: خالفه عبد الرحمن بن القاسم بن محمد، فرواه مالك، عنه، عن أبيه، عن أسماء بنت عُميس. ثم رجّح رواية عبد الرحمن بن القاسم التي يرويها مالك علي رواية يحيى بن سعيد، فقال: "وأصحها عندي قول مالك ومن تابعه". العلل (1/ 270 - 271). قلت: ولعل السبب في ترجيحه رواية عبد الرحمن علي رواية يحيي هو أن عبد الرحمن بن القاسم أعرف بحديث ذويه من غيره، وأن مالكًا أعرف بحديث أهل المدينة من غيره؛ لأنّه إمامهم، والله أعلم.

ويُحتمل حديثُ الموطأ علي رواية أسماء أن ينسب إلي أبي بكر، فإنه المبلّغ لها كما أُمر (¬1)، وفي الموطأ عن سعيد بن المسيب أن أبا بكر أمرها بذلك (¬2). وجاءت القصة عن جابر في الحديث الطويل لمسلم، وغيره (¬3). ولم يُخرَّج في الصحيح لأسماء بنت عُميس شيئًا. فصل: كانت أسماءُ بنت عُميس زوجًا لجعفر بن أبي طالب، وهاجرت معه إلي أرض الحبشة وولدَتْ له أولادًا، ثم تزوّجها أبو بكر الصديق، وولدت له محمدا، ثم تزوّجها عليُّ بن أبي طالب، وولدت له يحيي (¬4)، وقيل: كان لها قبل أزواج (¬5). ¬

_ (¬1) مما يقوِّي هذا الاحتمال أنّ أبا يعلى أورده في مسند أبي بكر (1/ 54) (رقم: 54). (¬2) الموطأ كتاب: الحج، باب: الغسل للإهلال (1/ 264) (رقم: 2). (¬3) أخرجه مسلم في صحيحه كتاب: الحج، باب: حجة النبي - صلى الله عليه وسلم - (2/ 887) (رقم: 147)، والنسائي في السنن كتاب: الطهارة، باب: الاغتسال من النفاس (1/ 132) (رقم: 214)، وفي المناسك، باب: إهلال النفساء (5/ 178 - 179) (رقم: 2760، 2761)، وابن ماجه في السنن كتاب: المناسك، باب: النفساء والحائض تهل بالحج (2/ 972) (رقم: 2913)، والدارمي في السنن كتاب: الحج باب: النفساء والحائض إذا أرادتا الحج وبلغتا الميقات (2/ 33) من طرق، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر بن عبد الله، وفيه هذه القصة. (¬4) انظر: طبقات ابن سعد (8/ 219 - 220)، ونسب قريش (ص: 80 - 81)، وعنه ذكره ابن أبي خيثمة في التاريخ (ص: 245) (رقم: 369 - رسالة كمال)، والاستيعاب (12/ 201 - 202)، والسير (116 - 117)، والإصابة (12/ 116). (¬5) كحمزة بن عبد المطلب، وشدّاد بن الهاد، ذكرهما ابن عبد البر في الاستيعاب (12/ 203).

99 - مسند أميمة بنت رقيقة

99 - مسند أُمَيمَة بنت رُقَيقَة نسبت إلى أمها رُقَيقَة بنت خُويلد بن أسد بن عبد العزي أخت خديجة، وهي بنت عبد بن بِجَاد -بالجيم والباء المعجمة بواحدة- (¬1). حديث واحد. 607 / حديث: "نبايعك علي ألّا نشركَ بالله شيئًا ... ". وذَكَر معاني الآية والاستطاعة، فيه: "إني لا أصافحُ النساء". في الجامع، باب: البيعة. عن محمد بن المنكدر، عن أميمة بنت رقيقة، ذكرته (¬2). لم يخرج البخاري ولا معسلم عن أميمة شيئًا، وألزمهما الدارقطني إخراج هذا الحديث لصحّته (¬3). ¬

_ (¬1) انظر: نسب قريش (ص: 229)، وعنه ابن أبي خيثمة في تاريخه (ص: 163) (رقم: 259 - رسالة كمال)، والمؤتلف والمختلف للدارقطني (1/ 194)، والاستيعاب (12/ 216). (¬2) الموطأ كتاب: البيعة، باب: ما جاء في البيعة (2/ 749) (رقم: 2). وأخرجه النسائي في السنن الكبرى (6/ 488) (رقم: 11589) من طريق ابن القاسم. وأحمد في المسند (6/ 357) من طريق إسحاق الطباع، كلاهما عن مالك به. (¬3) انظر: الإلزامات (ص: 114). إلا أنّ هذا الإلزام غير لازم؛ لأنّهما لم يلتزما إخراج كل ما هو صحيح، كما هو معروف. وانظر: شرح النووي علي صحيح مسلم (1/ 24)، وهدي الساري (ص: 9)، وتدريب الراوي (1/ 121).

100 - مسند بسرة بنت صفوان بن نوفل بن أسد بن عبد العزى بن قصي القرشية، الأسدية

100 - مسند بُسْرَة بنت صفوان بن نوفل بن أسد بن عبد العزى بن قُصَيّ القرشية، الأسدية وهي بنت أخي ورقة بن نوفل (¬1). حديث واحد. 608 /حديث: "إذا مَسَّ أحدُكم ذكرَه فليتوضَّأ". في الوضوء. عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن عروة بن الزبير، عن مروان بن الحكم، عن بُسرة (¬2). في كتاب يحيى بن يحيى: عبد الله بن أبي بكر، عن محمد (¬3)، وهو تصحيف انفرد به، تصحّف له (ابن) بـ (عن)، والحديث لعبد الله عن عروة، لا مدخل لجده محمد فيه (¬4). ¬

_ (¬1) انظر: نسب قريش (ص: 173، 209)، وتاريخ ابن أبي خيثمة (ص: 162) (رقم: 257 - رسالة كمال)، والاستيعاب (12/ 226)، وأسد الغابة (7/ 38)، والإصابة (12/ 158). (¬2) الموطأ كتاب: الطهارة، باب: الوضوء من مسّ الفرج (1/ 42) (رقم: 58). وأخرجه أبو داود في السنن كتاب: الطهارة، باب: الوضوء من مس الذَّكر (1/ 125) (رقم: 181) من طريق القعنبي. والنسائي في السنن كتاب: الطهارة، باب: الوضوء من مسّ الذكر (1/ 108) (رقم: 163) من طريق معن، وابن القاسم، ثلاثتهم عن مالك به. (¬3) هكذا وقع في نسختي المحمودية (أ) (ل: 8 / ب) وكتب فوق كلمة (عن) في نسخة (أ) (بن) يعني: في نسخة أخرى "ابن محمد". وهكذا وقع في نسخة محمد فؤاد عبد الباقي، ولعل هذا التصويب منه، والله أعلم. (¬4) قال محمد بن حارث الخشني: "وهِم يحيي في إسناده فقال: عن عبد الله بن أبي بكر عن محمد =

وقد رُوي عن أبيه أبي بكر من غير طريق مالك (¬1). وهذا الحديث في الموطأ لعروة، عن مروان، عن بُسرة، ليس فيه سؤال عروة بُسرة عنه، ولا إرسالُ مروان إليها فيه، وعلي نقل مالك وروايته هذه عوّل النسائي، وأبو داود (¬2). ¬

_ = ابن عمرو، وإنما هو عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن حزم، وكذلك رواه عامة أصحاب مالك رحمه الله". أحبار الفقهاء والمحدّثين (ص: 350). وقال ابن عبد البر والقاضي عياض: "هكذا حدّث به عنه ابنه عبيد الله بن يحيى، وأما ابن وضاح فلم يحدّت به هكذا، وحدّث به على الصحة". قال القاضي: "ولعله أصلحه، والصواب ما لكافة الرواة". انظر: التمهيد (17/ 183)، ومشارق الأنوار (1/ 91). (¬1) أخرجه الدارمي في السنن كتاب: الطهارة، باب: الوضوء من مس الذكر (1/ 184)، والطبراني في المعجم الكبير (24/ 193) (رقم: 487)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 72) من طريق الأوزاعي، عن الزهري، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن عروة، عن بسرة به. هكذا رواه أبو بكر عن عروة، عن بسرة، من غير ذكر مروان بينهما، وأما ابنه عبد الله فقد تقدّمت الرواية عنه بذكره، وقد رجّح ابن عبد البر رواية عبد الله فقال: "والقول عندنا في ذلك قول عبد الله، هذا إن صح اختلافهما في ذلك، ولا أظنه إلا ممّن دون أبي بكر، وذلك أن عبد الحميد كاتب الأوزاعي رواه عن الأوزاعي، عن الزهري، عن أبي بكر، عن عروة، عن بسرة، وإنما الحديث لعروة، عن مروان، عن بسرة". التمهيد (17/ 184). قلت: عبد الحميد كاتب الأوزاعي وإن كان صدوقًا ربما أخطأ كما قال الحافظ في التقريب (رقم: 3757) إلا أنّه لم ينفرد به، فقد تابعه عن الأوزاعي: - أبو المغيرة عبد القدوس الخولاني مُسنِد حمص عند الدارمي (1/ 184). - وبشر بن بكر التنيسي عند الطحاوي (1/ 72). وهما ثقتان، وعلي هذا فهذه الرواية أيضًا محفوظة كرواية عبد الله بن أبي بكر، لا سيما وقد ثبت سماع عروة من بسرة كما سيأتي. (¬2) تقدّم أنّ أبا داود رواه من طريق القعنبي، والنسائي من طريق معن وابن القاسم. وكذا عوّل عليه ابن حبان، فأخرجه في صحيحه (الإحسان) (3/ 396) (رقم: 1112) من طريق أبي مصعب الزهري، عن مالك به.

وذَكر أبو عمر بن عبد البر عن ابن معين أن أصح حديث في مسّ الذكر حديث مالك هذا عن عبد الله بن أبي بكر (¬1). قال الشيخ أبو العباس رضي الله عنه: وعبد الله قد تُكلم فيه، رُوي عن الشافعي أنه قال: سمعت سفيان بن عيينة يقول: "كنا إذا (¬2) رأينا الرجلَ يكتب الحديث عند واحد من نفر سمّاهم منهم: عبد الله بن أبي بكر، سخرنا منه، قال: لأنّهم كانوا لا يعرفون الحديث"، ذكر هذا الطحاوي في معاني الآثار (¬3). وقد خرّج ابن الجارود هذا الحديث عن ابن عيينة، عن عبد الله المذكور، ولعلّه قَصَدَ في ذلك الحكاية لا الرواية، والله أعلم (¬4). ¬

_ (¬1) انظر: التمهيد (17/ 191)، والاستذكار (3/ 27 - 28). (¬2) من هنا إلى نهاية (ل: 183 / أ) والتي تساوي الورقة الواحدة كُتبت بخط مشرقي. (¬3) شرح معاني الآثار (7211). (¬4) انظر: المنتقي (ص: 17) (رقم: 16)، وأخرجه أيضًا أحمد في المسند (6/ 406)، والحميدي في المسند (1/ 171) (رقم: 352) عن ابن عيينة، به. هكذا ألزم المؤلف ابن عيينة بأنه يطعن في عبد الله بن أبي بكر، وقد روي عنه! ثم اعتذر عنه بقوله: لعله قصد في ذلك الحكاية لا الرواية. قلت: الصيغة صيغة رواية، وسواء كان قصد الرواية أو الحكاية فإن الرجل ثقة، لا يخرجه ما قيل فيه عن درجته، كيف وقد وثّقه ابن معين وأبو حاتم والنسائي وغيرهم. وقال الإمام أحمد: "حديثه شفاء". وعليه فهذا الجرح الصادر من ابن عيينة مع كونه غير مفسّر لا ينتهض أمام توثيق هؤلاء الأئمة، أضف إلي ذلك أنّ البيهقي ذكر في معرفة السنن (1/ 299) عن الزهري أنه قال: "ما أعلم بالمدينة مثل عبد الله بن أبي بكر، ولكن إنما منعه أن يرتفع ذكره مكان أبيه أنه حي". ثم شنّع علي الطحاوي فقال: "ولم يخطر ببالي أن يكون إنسان يدّعي معرفة الآثار والرواة ثم يطعن في أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم وابنه عبد الله". =

ورُوي هذا الحديث أيضًا عن مالك، عن هشام بن عروة، عن أبيه، رواه هارون بن موسى بن أبي علقمة الفروي، عن أبيه موسى بن أبي علقمة، عن مالك، وهو غريب، ذكره الدارقطني (¬1). ¬

_ = وقال العظيم آبادي في غاية المقصود (2/ 99): "ولا يُلتفت إلي قول الطحاوي فإنه بعيد عن الحق بمراحل". ثم إن عبد الله هذا لم ينفرد بالرواية، بل تابعه: - هشام بن عروة: أخرجه من طريقه الترمذي في السنن، كتاب: الطهارة، باب: الوضوء من مس الذكر (1/ 126) (رقم: 82)، والنسائي في السنن كتاب: الغسل، باب: الوضوء من مس الذَّكر (1/ 236) (رقم: 446)، وابن ماجه في السنن كتاب: الطهارة، باب: الوضوء من مس الذَّكر (1/ 161) (رقم: 479). - والزهري، عند النسائي في السنن (1/ 236) (رقم: 443، 444، 445). وانظر ترجمة عبد الله بن أبي بكر في: التاريخ الكبير (3/ 54)، والجرح والتعديل (5/ 77)، ومعرفة الثقات (2/ 23)، والثقات لابن حبان (5/ 16)، (7/ 10)، وتهذيب الكمال (4/ 349)، والتقريب (رقم: 3239). (¬1) رواه الدارقطني في العلل (5 / ل: 202 / ب) من طريق علي بن الحسين بن الجنيد، عن هارون بن أبي علقمة الفروي، عن أبيه، عن مالك بن انس، عن هشام بن عروة به ثم قال: "هذا غريب لم يروه غير هارون، وهو هارون بن موسى بن أبي علقمة الفروي، عن أبيه موسى بن أبي علقمة، عن مالك، وهو منسوب في الإسناد إلي جدِّه أبي علقمة، ومن روي هذا الحديث عن أبي علقمة عن مالك فقد وهم". قلت: الحديث من هذا الوجه غريب كما قال الدارقطني؛ لأنَّ عامة أصحاب مالك رووه عنه، عنِ عبد الله بن أبي بكر، عن عروة، عن مروان، عن بسرة كما رواه يحيي، وهذا هو ما قاله أيضًا الدارقطني في العلل (5 / ل: 197 / أ). وخالفهم موسى بن أبي علقمة فرواه عن مالك، عن هشام بن عروة، عن أبيه، وهو مجهول، قال الذهبي: "ما علمتُ يروي عنه سوى ولده هارون"، وعلي هذا فإلزاق الوهم به أولي منه بابنه هارون؛ لأنَّ هارون هذا في مرتبة الصدوق، بل وثّقه الدارقطني في سؤالات السلمي عنه، وكذا وثّق أباه لكن لم يوافقه عليه أحد فيما علمت، ثم إنَّ هارون لم يتفرّد به، فقد تابعه عليه إبراهيم =

والحديث محفوظ لهشام بن عروة، عن أبيه (¬1)، وقد قيل: لم يسمعه منه (¬2). روي عن داود بن عبد الرحمن العطار وطائفة عن هشام، عن عبد الله بن أبي بكر -شيخ مالك- عن عروة (¬3). وخرجه البزار من طريق عبيد بن إسماعيل، عن أبي أسامة حماد بن أسامة، عن هشام كذلك (¬4). والمحفوظ عن أبي أسامة روايته عن هشام، عن أبيه من غير واسطة (¬5). ¬

_ = ابن المنذر الحزامي، وهو صدوق مثله كما في التقريب (رقم: 253)، أخرجه من طريقه الطبراني في المعجم الأوسط (1/ 153) (رقم: 408)، وقال: "لم يرو هذا الحديث عن مالك إلا أبو علقمة، تفرّد به إبراهيم بن المنذر". كذا قال! وقد تقدّمت رواية هارون عنه. انظر: ترجمة موسى بن أبي علقمة في الميزان (5/ 339)، وتهذيب التهذيب (10/ 323)، والتقريب (رقم: 6993). وترجمة ابنه في سؤالات السلمي (ص: 327) (رقم: 365)، وتهذيب التهذيب (11/ 13)، والتقريب (رقم: 7245). (¬1) أي من غير طريق مالك، فقد روي الترمذي في السنن كتاب: الطهارة، باب: الوضوء من مس الذّكر (1/ 129) (رقم: 83) من طريق أبي أسامة. وابن ماجه في السنن كتاب: الطهارة، باب: الوضوء من مس الذّكر (1/ 161) (رقم: 479) من طريق عبد الله بن إدريس، كلاهما عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن مروان، عن بسرة. وأخرجه الدارقطني في السنن (1/ 146) من طريق شعيب بن إسحاق عن هشام به، ثم قال: "هذا صحيح، تابعه ربيعة بن عثمان، والمنذر بن عبد الله الحزامي، وعنبسة بن عبد الواحد، وحميد بن الأسود، فرووه عن هشام، هكذا عن أبيه، عن مروان، عن بسرة. قال عروة: فسألت بسرة بعد ذلك فصدّقته". (¬2) قاله شعبة والنسائي كما سيأتي. (¬3) أخرجه الدارقطني في العلل (5 / ل: 203 / ب) من طريق أحمد بن محمد الأزرقي، عن داود به. وداود هذا ثقة، لكن ذكر البيهقي في الخلافيات (2/ 238) أنه وهم فيه. (¬4) أخرجه من طريقه الدارقطني في العلل (5 / ل: 203 / ب). (¬5) قاله الدارقطني في العلل (5 / ل: 196 / أ). =

ورواه همام بن يحيى عن هشام، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو والد عبد الله المذكور عن عروة (¬1). وقال يحيى بن سعيد: قال شعبة: هشام بن عروة لم يسمع حديث مسّ الذكر من أبيه. وقال أحمد بن حنبل: أري لقول شعبة أصلا، ذكره الدارقطني (¬2). ¬

_ = وأخرجه من هذا الوجه الترمذي في السنن (1/ 126) (رقم: 83) كما تقدم، وابن الجارود في المنتقي (16) (رقم: 17)، والطبراني في المعجم الكبير (24/ 202) (رقم: 520)، وابن خزيمة في صحيحه (1/ 22) (رقم: 33). (¬1) أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 73)، والطبراني في المعجم الكبير (24/ 198 / رقم: 504)، وتمام في الفوائد (1/ 63) كلهم من طرق عن همام به. وهذا الإسناد أعلّه أيضًا البيهقي في خلافياته بأنه رُوي من وجه غير معتمد كما ردّه ابن الملقن بكونه مخالفًا لما رواه الجم الغفير عن هشام. لكن ذكر ابن حجر أنّ ما رواه همام، عن هشام، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن عروة لا يدل علي أنّ هشامًا أيسمعه من أبيه، بل فيه أنه أدخل بينه وبينه واسطة، ورواه الجمهور من أصحاب هشام، عنه، عن أبيه، بلا واسطة، فهذا إما أن يكون هشام سمعه من أبي بكر عن أبيه، ثم سمعه من أبيه، فإن يحدّث به تارة هكذا، وتارة هكذا، أو يكون سمعه من أبيه، وثبّته فيه أبو بكر، فإن تارة يذكر أبا بكر، وتارة لا يذكره، وليست هذه العلة بقادحة عند المحققين. انظر: الخلافيات (2/ 239)، والبدر المنير (2/ 895 - أحمد شرف الدين ماجستير)، والتلخيص الحبير (1/ 132). (¬2) العلل (5 / ل: 203 / ب). وهكذا قال النسائي في السنن (1/ 236) عقب حديث (رقم: 446)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (7311). لكنه غير مسلّم؛ لتصريح هشام بسماعه من أبيه عند الترمذي في السنن (1/ 126) (رقم: 82)، وأحمد في المسند (6/ 406) من طريق يحيى بن سعيد القطان. بل أخرجه النسائي نفسه في السنن (1/ 236) (رقم: 446). =

وقد روي أيضًا عن الزهري عن عروة، وعن الزهري، عن أبي بكر بن محمد، عن عروة، وعن الزهري، عن عبد الله بن أبي بكر، عن عروة (¬1). ¬

_ = وقال عبد الله بن الإمام أحمد: "سمعته منه قال: حدَّثنا يحيى بن سعيد، قال: قال شعبة: لم يسمع هشام حديث أبيه في مس الذكر. قال يحيي: فسألت هشامًا فقال: أخبرني أبي". اهـ. العلل ومعرفة الرجال (2/ 579). قال ابن سيد الناس: "وقد أعلّ آخرون رواية هشام بن عروة عن أبيه هذه بما قيل من أن هشامًا لم يسمعه من أبيه، فمنهم من يرويه عن هشام بن عروة، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن عروة، كذلك رواه همام، ومنهم من يرويه عن هشام عن عبد الله بن أبي بكر، عن عروة، كذلك رواه داود العطار. وقد سقطت هذه العلة أيضًا كما سقطت العلة قبلها بما أخبرنا أبو عبد الله ... - فذكر رواية يحيى بن سعيد من طريق عبد الله بن أحمد، عن أبيه، ثم قال-: وقد رواه الحاكم من جهة عمرو بن علي، عن يحيى بن سعيد، عن هشام قال: حدّثني أبي، فقد صح سماع هشام من أبيه، كما صح سماع عروة من بسرة". انظر: أجوبة ابن سيد الناس (2/ 139 - 140)، وكذا التلخيص الحبير (1/ 132). وأما قول الإمام أحمد: أري لقول شعبة أصلًا، فيعني به -والله أعلم- ما تقدّم من رواية همام، عن هشام؛ لأنّ الدارقطني ذكر هذه الرواية من طريق هارون الحمال، ثم ذكر عنه أنه قال: ذكرت هذا لأحمد بن حنبل فقال: أري لقول شعبة أصلًا. انظر: العلل (5 / ل: 203 / ب). (¬1) رواية الزهري عن عروة: أخرجها النسائي في السنن (1/ 236) (رقم: 444، 445)، وعبد الرزاق في المصنف (1/ 113) (رقم: 431)، ومن طريقه الطبراني في المعجم الكبير (24/ 193) (رقم: 485)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (3/ 400) (رقم: 1117)، والبيهقي في السنن الكبرى) (1/ 132) كلهم من طرق عن الزهري به. - وأما رواية الزهري عن محمد بن أبي بكر بن محمد، عن عروة، فقد أخرجه الدارمي في السنن كتاب: الطهارة، باب: الوضوء من مس الذكر (1/ 184)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (72/ 1) والطبراني في المعجم الكبير (24/ 493) (رقم: 487) كلهم من طريق الأوزاعي، عن الزهري به. - وأما رواية الزهري، عن عبد الله بن أبي بكر، عن عروة، فقد أخرجها النسائي في السنن (1/ 108) (رقم: 164)، وأحمد في المسند (6/ 407)، والطبراني في المعجم الكبير (24/ 194 - 196) (رقم: 490، 491، 492، 494، 495)، والبيهقي في الخلافيات (2/ 227)، وفي =

ورواه عن عروة أيضًا أبو الأسود وغيره (¬1)، وهو مستفيض عنه، أخبر به علي وجوه مختلفة، فكثر الخلاف فيه حتى نسب الاضطراب إلي ناقليه. وسبب ذلك: أن مروان حدَّث به عروةَ عن بسرة في حين إمارته علي المدينة، فاستراب عروة لحديثه وأنكره عليه (¬2)، وفي بعض الروايات أنه لم يرفع ¬

_ = السنن الكبرى (1/ 129) كلهم من طرق، عن الزهري به. وهذه الوجوه الثلاثة عن الزهري كلها محفوظة، إلا أنّ الطحاوي اعترض علي الوجه الأول منها فقال: هذا الحديث أيضًا لم يسمعه الزهري عن عروة، إنما دلس به، إنما هو عن الزهري، عن عبد الله بن أبي بكر، عن عروة. شرح معاني الآثار (1/ 72). ووافقه ابن عبد البر، فقال: "وقد أختلف فيه علي الزهري، فرُوي عنه عن عبد الله بن أبي بكر، وروي عنه عن أبي بكر، وروي عنه عن عروة، ومن رواه عنه عن عروة فليس بشيء". التمهيد (17/ 85). ويُجاب عنه بأن الزهري إن كان قد دلّس فقد بيّين الواسطة في رواية شعيب بن أبي حمزة عند النسائي (1/ 108) (رقم: 164)، وهو عبد الله بن أبي بكر، وهو ثقة، فلا إشكال حينئذ. ويُقال أيضًا: إن رواية الزهري عن عروة جاءت من طريق معمر، عند عبد الرزاق، وهكذا من طريق قتيبة، عن الليث عند النسائي، ووافقهما عبد الرحمن بن نمر عند ابن حبان، ومعمر هذا من أثبت أصحاب الزهري كما نقله ابن رجب في شرح العلل (2/ 672) عن الإمام أحمد وابن معين، ووافقه الليث وابن نمر، وعلي هذا فتصح الطريق الناقصة أيضًا، يؤيّد ذلك أنّ عثمان بن سعيد الدارمي سأل يحيى بن معين فقال: "هشام بن عروة أحب إليك عن أبيه أو الزهري عنه؟ فقال: كلاهما ولم يفضّل". سؤالات الدارمي (ص: 203) (رقم: 750). وقال ابن حزم في المحلي (1/ 221): "فإن قيل: إن هذا خبر رواه الزهري عن عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم، عن عروة؟ قلنا: مرحبًا بهذا، وعبد الله ثقة، والزهري لا خلاف في أنه سمع من عروة وجالسه، فرواه عن عروة، ورواه أيضًا عن عبد الله بن أبي بكر، عن عروة، فهذا قوة للخبر، والحمد لله رب العالمين". (¬1) أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 73) من طريق أبي الأسود. والدارقطني في العلل (5 / ل: 243 / أ) من طريقه، ومن طريق عبد الحميد بن جعفر، كلاهما عن عروة به. (¬2) انظر: سنن النسائي كتاب: الطهارة، باب: الوضوء من مس الذّكر (1/ 108) (رقم: 164)، ومسند أحمد (6/ 407)، والسنن الكبرى (1/ 129).

به رأسا (¬1)، ولم يزل علي هذا حتى يعث مروان حرسيًّا من شرطه إلي بسرة يسألها عنه، فجاء الرسولُ بتصديقه وعروة حاضرٌ، ثم سألها عروة عنه فشافهته (¬2) به وحدّث عروة بهذا كلّه، فكان أحيانا يحدِّثُ ببعض القصة دون بعض، ويُسند الحديث تارةً إلي بسرةَ، وتارة إلي مروان، وتارة إليه وإلي رسوله علي حال ما يخفّ عليه في وقته أو بحسب ما يطالب به (¬3)، وفعل أصحابه مثل ذلك، فنُقِلَ عنهم علي أربعة أوجه: - قيل: عروة عن مروان وحده، عن بسرة، وهكذا قال فيه مالك ومن تابعه، ومحمد بن إسحاق وغيره عن عبد الله بن أبي بكر، عن عروة (¬4). وكذلك رواه عبدُ الله بن إدريس الأَوْدي، ووُهيب بن خالد، وأنس بن عياض، وغيرُهم عن هشام بن عروة، عن أبيه (¬5). ¬

_ (¬1) انظر: شرح معاني الآثار (1/ 71). (¬2) أخرج ابن الجارود في المنتقي (ص: 17) (رقم: 18)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (3/ 398 - 399) (رقم: 1114) حديث بسرة من طريق مروان عنها وفي آخره قول عروة: "فسألت بسرة فصدّقته". (¬3) انظر: علل الدارقطني (5 / ل: 196، 197). (¬4) رواية مالك في الموطأ (1/ 42) (رقم: 42)، وأخرجه من طريقه أبو داود والنسائي كما تقدّم. ورواية محمد بن إسحاق عن عبد الله بن أبي بكر عند الدارمي في السنن (1/ 185)، والطبراني في المعجم الكبير (24/ 198) (رقم: 502) وتابعهما: - إسماعيل بن عليّة: عند ابن أبي شيبة (1/ 150)، وأحمد (6/ 407)، والطبراني في المعجم الكبير (24/ 197) (رقم: 500). - والزهري: عند النسائي (1/ 108) (رقم: 164) وأحمد (6/ 407)، والطبراني في المعجم الكبير (24/ 194 - 196) (رقم: 491 - 495) كلهم من طرق عن الزهري به. - وعمرو بن الحارث، أبو أمية البصري، والضحاك بن عثمان: عند الطبراني في المعجم الكبير (24/ 197) (رقم 499، 501). (¬5) طريق عمد الله بن إدريس عند: ابن ماجه في السنن (1/ 161) (رقم: 479)، وإسحاق في مسنده =

وهكذا رواه سفيانُ الثوري، عن هشام وعبد الله بن أبي بكر معا عن عروة (¬1). وخرّجه الترمذي وابن الجارود من طريق أبي أسامة، عن هشام كذلك (¬2). - وقيل: عروة عن مروان ورسوله، عن بسرة. قاله جماعة، منهم: حماد بن زيد، وعلي بن مُسهر القاضي، عن هشام عن أبيه (¬3). وهكذا قال فيه سفيان بن عيينة، عن عمد الله بن أبي بكر، عن عروة (¬4). ¬

_ = (5/ 67) (رقم: 2173)، والطبراني في المعجم الكبير (24/ 199) (رقم: 508)، والدارقطني في العلل (5 / ل: 201 / ب). وطريق وهيب عند: الطبراني في المعجم الكبير (24/ 201) (رقم: 515)، ابن أبي خيثمة في التاريخ (ص: 162) (رقم: 258)، ومن طريقه ابن عبد البر في التمهيد (17/ 190)، والدارقطني في العلل (5 / ل: 202 / أ). وطريق أنس بن عياض عند: البيهقي في السنن الكبرى (1/ 129). وتابعهم: ابن جريج عند الدارقطني في العلل (5 / ل: 201 / ب). وابن أبي الزناد عند الدارقطني أيضًا (5 / ل: 202 / أ). وإسماعيل بن عياش عند الدارقطني في السنن (1/ 147)، والعلل (5 / ل: 202 / ب). وشعيب بن إسحاق، ويزيد بن سنان عند الدارقطني في السنن (1/ 147، 146). (¬1) أخرجه الدارقطني في العلل (5 / ل: 204 / أ). (¬2) انظر: السنن (1/ 129) (رقم: 83)، والمنتقي (ص: 16) (رقم: 17). وهذه الروايات كلها صحيحة ثابتة، ورواتها محتجّ بهم. (¬3) طريق حماد عند: الطبراني في المعجم الكبير (24/ 199) (رقم: 507)، والدارقطني في العلل (5 / ل: 201)، ومن طريقه الحاكم في المستدرك (1/ 136). وطريق علي بن مسهر عند: الطبراني في المعجم الكبير (24/ 199) (رقم: 506)، والدارقطني في العلل (5 / ل: 203 / ب). وهكذا رواه هشام بن حسان، وحماد بن سلمة، ومعمر، أخرجه الدارقطني عنهم في العلل (5 / ل: 202 / أ، ب). ومن طريق هشام بن حسان أخرجه أيضًا الطبراني في المعجم الكبير (24/ 200 - 201) (رقم: 512). (¬4) أخرجه أحمد في المسند (6/ 406).

وخرّجه ابن الجارود من طريق ابن عيينة كذلك، وقال فيه: فأرسل حرسيًّا ورجلًا (¬1)، وهذا الذي آثر أحمد بن حنبل من ساير طرقه، روي عنه أنه قال فيه: "هو صحيح؛ لأنَّ مروان حدّث به عن بسرة، ثم جاء الرسول عنها بذلك" (¬2)، فعضَّد ابنُ حنبل حديث مروان بتصديق الرسول إيّاه. - وقيل: عروة عن بسرة -من غير واسطة مختصرًا-، قاله جماعة من أهل الحفظ والإتقان، منهم: أيوب السختياني، ويحيى بن سعيد القطان، وعليّ بن المبارك، وعبد العزيز بن أبي حازم، وأبو معشر البراء -وهو يوسف بن يزيد- وغيرهم رووه عن هشام، عن أبيه كذلك (¬3). ¬

_ (¬1) انظر: المنتقي (ص: 16) (رقم: 16)، وفيه: حرسيًا أو رجلًا علي الشك. (¬2) مسائل الإمام أحمد لأبي داود (ص: 309). (¬3) رواية أيوب عند: الطبراني في المعجم الكبير (24/ 200) (رقم: 510)، والدارقطني في السنن (1/ 148)، وفي العلل (5 / ل: 200 / أ)، والبيهقي في السنن الكبرى (1/ 138). ورواية يحيي القطان عند: الترمذي في السنن (1/ 126) (رقم: 82)، والنسائي في السنن (1/ 236) (رقم: 446)، وأحمد في المسند (6/ 407)، والطبراني في المعجم الكبير (24/ 202) (رقم: 518)، والدارقطني في العلل (5 / ل: 200 / أ)، والبيهقي في الخلافيات (2/ 238). ورواية علي بن المبارك عند: الدارقطني في العلل (5 / ل: 200 / أ، ب)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (3/ 399) (رقم: 1115)، والقطيعي في جزء الألف دينار (رقم: 138)، والشاموخي في أحاديثه عن شيوخه (رقم: 23). ورواية عبد العزيز بن أبي حازم، عند: الدارقطني في العلل (5 / ل: 200 / ب)، وابن سيد الناس في أجوبته (2/ 137). ورواية أبي معشر عمد: الدارقطني في العلل (5 / ل: 200 / ب). وتابعهم: محمد بن عبد الرحمن الطفاوي، وحماد بن سلمة، وسعيد بن عبد الرحمن الجمحي، وأبو علقمة العدوي، وهشام بن حسان وغيرهم ممن يزيد عددهم علي عشرين راويًا ذكرهم الدارقطني في العلل (5 / ل: 195 / ب) وساق رواياتهم بإسناده في (5 / ل: 200، 201) وحكم علي صحّتها في (5 / ل: 196). =

وهكذا خرّجه الترمذي من طريق يحيي القطان، عن هشام (¬1). ورواه الضحاك بن عثمان، وابنه عثمان بن الضحاك، وعمر بن محمد بن يزيد وغيرهم، عن عبد الله بن أبي بكر، عن عروة كذلك (¬2). وهكذا قال فيه عبد الوهاب بن عطاء، عن مالك، عن عبد الله (¬3). ورواه الزهري عن أبي بكر بن محمد، عن عروة كذلك (¬4). وهكذا رواه أبو الزناد، وأبو الأسود، عن عروة، وعلي هذا عَوَّل أهلُ النظر وكثيرٌ من رواة الأثر (¬5). ¬

_ = وأخرج من طريق بعضهم الطبراني في المعجم الكبير (24/ 200 - 202) (رقم: 511 - 516) وقول المؤلف -وهو قول الدارقطني-: "جماعة من أهل الحفظ" مجمل علي الغالب لأن فيهم من تُكلّم في حفظه كأبي معشر، وعبد العزيز بن أبي حازم وبعض الرواة الآخرين. (¬1) انظر: السنن (1/ 126) (رقم: 82) وقد أخرجه غيره أيضًا كما تقدّم. (¬2) العلل (5 / ل: 204 / ب). (¬3) أخرجه الدارقطني في العلل (5 / ل: 204 / أ)، وقال في (5 / ل: 197 / أ): "رواه القعنبي ومعن ويحيى بن يحيى وأصحاب الموطأ عنه، عن عبد الله بن أبي بكر، عن عروة، عن مروان، عن بسرة، وخالفهم عبد الوهاب بن عطاء، رواه عن مالك، عن عبد الله بن أبي بكر، عن عروة، عن بسرة، ولم يذكر فيه مروان، والأول أصح". (¬4) أخرجه الدارمي في السنن (1/ 184)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 72)، والطبراني في المعجم الكبير (24/ 293) (رقم: 487)، كلهم من طريق الأوزاعي، عن الزهري به. (¬5) طريق أبي الزناد عند: الترمذي في السنن (1/ 129) (رقم: 84)، والطبراني في المعجم الكبير (24/ 298 / رقم: 505). وطريق أبي الأسود هو محمد بن عبد الرحمن بن نوفل عند الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 73)، والدارقطني في العلل (5 / ل: 243 / أ). وممن عوّل عليه ابن حبان حيث قال- بعد أن أخرج الحديث من طريق مالاث-: عائذ بالله أن نحتجّ بخبر رواه مروان بن الحكم وذووه في شيء من كتبنا؛ لأنّا لا نستحل الاحتجاج بغير =

- وقيل: عروة عن مروان، عن بسرة على الكمال، قاله جماعة من الثقات الحفاظ أيضًا منهم: شعيب بن إسحاق الدمشقي، والمنذر بن عبد الله الحزامي، وزهير بن معاوية الجُعفي، وعنبسة بن عبد الواحد، وحُميد بن الأسود أبو الأسود البصري (¬1)، وغيرهم، رووه عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن مروان، عن بسرة، وذكروا في آخر الحديث أن عروة سأل بسرة بعد ذلك فحدّثته به، ساقوه علي نسق واحد (¬2). ¬

_ = الصحيح من سائر الأخبار، وإن وافق ذلك مذهبنا، ولا نعتمد من المذاهب إلا علي المنتزع من الآثار، وإن خالف ذلك قول أئمتنا. وأما خبر بسرة الذي ذكرناه؛ فإن عروة بن الزبير سمعه من مروان بن الحكم عن بسرة، فلم يقنعه ذلك حتى بعث مروان شرطيًا له إلي بسرة، فسألها ثم أتاهم، فأخبر بمثل ما قالت بسرة، فسمعه عروة ثانيًا عن الشرطي عن بسرة، ثم لم يقنعه ذلك حتى ذهب إلي بسرة فسمع منها، فالخبر عن عروة عن بسرة متصل ليس بمنقطع، وصار مروان والشرطي كأنهما عاريتان يُسقطان من الإسناد. اهـ. ثم أخرجه من طريقين عن هشام بذكر مروان، لكن جاء في آخره: قال عروة: فسألت بسرة فصدّقته. وأخرجه من طريق علي بن المبارك، عن هشام، عن عروة، عن بسرة بدون ذكر مروان. انظر: صحيح ابن حبان (الإحسان) (3/ 396 - 399) (رقم: 1112 - 1115). (¬1) في الأصل: وحميد بن الأسود وأبو الأسود بزيادة الواو، والصواب بدونها، فإن أبا الأسود كنية لحميد بن الأسود. (¬2) أخرجه الدارقطني في السنن (1/ 146) من طريق شعيب بن إسحاق ثم قال: هذا صحيح، تابعه ربيعة بن عثمان، والمنذر بن عبد الله الحزامي، وعنبسة بن عبد الواحد، وحميد بن الأسود، فرووه عن هشام هكذا عن أبيه، عن مروان، عن بسرة. قال عروة: فسألت بسرة بعد ذلك فصدّقته. ومن طريق شعيب أخرجه أيضًا: ابن حبان في صحيحه (الإحسان) (3/ 397) (رقم: 1113). ومن طريق الجميع أخرجه: الحاكم في المستدرك (1/ 137)، والبيهقي في السنن (1/ 129 - 130). وذكر الدارقطني في العلل (5 / ل: 196 / ب) رواية هؤلاء ثم قال: "فدل ذلك من رواية هؤلاء النفر علي صحة الروايتين الأوليين جميعًا -وهما الوجه الأول والثالث- وزال الاختلاف والحمد لله، وصح الخبر، وثبت أن عروة سمعه من بسرة فشافهته به بعد أن أخبره مروان عنها وإرساله الشرطي إليها". قال ابن سيد الناس: "فمعنى كلام الدارقطني أنّ هذا الخبر قد كان معيبًا بمروان من الطريق التي =

وخرجه ابن الجارود من طريق ربيعة بن عثمان التيمي، عن هشام كذلك (¬1). وقد حَدّث به جماعة علي الوجهين مفصّلًا في مجالسَ شتّى كفعل عروة، مرة يقولون: عروة، عن بسرة، ومرة يقولون: عروة عن مروان، عن بسرة، منهم: حماد بن سلمة (¬2)، وهشام بن حسان (¬3)، وشعيب بن إسحاق (¬4)، وعلي بن مسهر، وسعيد بن عبد الرحمن الجُمحي وغيرهم، حدّثوا به كذلك عن هشام عن عروة، مرة يذكرون فيه مروان، ومرة لا يذكرونه (¬5). ورُوي هكذا من طُرق شتّي عن الزهري، وإسماعيل بن إبراهيم -هو ابن علية- وعبد الله بن لهيعة، عن عبد الله بن أبي بكر، عن عروة علي الوجهين (¬6). وليس هذا بخلاف، ولا فيه تناقض، وإنما هو بحمسب نشاط المحدِّث وكَسَلِه أو علي ما يراه من أغراض سائليه (¬7). وهذا الحديث لم يخرِّجه البخاري ولا مسلم في الصحيح (¬8)، وحكم ¬

_ = ثبت فيها، وبالانقطاع من الطريق التي سقط منها، فبيّنت رواية هؤلاء اتصال الطريق التي سقط منها مروان، وصح الحديث وسلم من الإعلال بمروان وبالانقطاع". أجوبة ابن سيد الناس (2/ 139). (¬1) انظر: المنتقى (ص: 17) (رقم: 18)، وكذا أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (24/ 202) (رقم: 517)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (3/ 398) (رقم: 1114)، والبيهقي في السنن الكبرى (1/ 129) من طريق ربيعة به. (¬2) انظر: علل الدارقطني (5 / ل: 200 / ب)، و (5 / ل: 202 / أ). (¬3) انظر: علل الدارقطني (5 / ل: 201 / أ)، وأخرجه له علي الوجهين أيضًا الحاكم في المستدرك (1/ 136). (¬4) انظر: علل الدارقطني (5 / ل: 203 / أ). (¬5) انظر: علل الدارقطني (5 / ل: 197 / أ). (¬6) انظر: علل الدارقطني (5 / ل: 204 - 208). (¬7) انظر: علل الدارقطني (5 / ل: 197 / أ). (¬8) قال ابن عبد البر: "كل من خرّج في الصحيح ذَكَر حديث بسرة في هذا الباب، وحديث طلق =

الترمذي بصحّته، وقال: "قال محمّد -يعني البخاري-: أصحُّ شيء في هذا الباب حديث بسرة" (¬1). وجاء عن يحيى بن معين نحوُ هذا (¬2)، وصحّحه أحمد بن حنبل (¬3) الحسن الدارقطني (¬4)، وأبو علي بن السكن (¬5)، وغيرهم من الأئمة (¬6). ¬

_ = ابن علي، إلا البخاري، فإنهما عنده متعارضان معلولان، وعند غيره هما صحيحان، والله المستعان". التمهيد (197/ 17). وذكر البيهقي أنّ الشيخين إنما لم يخرّجاه لاختلاف وقع في سماع عروة من بسرة. معرفة السنن (1/ 413). (¬1) انظر: السنن (1/ 129). قال ابن سيد الناس: "لا يقتضي هذا الكلام من البخاري تصحيح حديث بسرة، وإنما مراده هو علي علّاته أصح من غيره من أحاديث الباب". أجوبة ابن سيد الناس (ص: 137). (¬2) انظر: التمهيد (17/ 190 - 191)، والتلخيص الحبير (1/ 132). (¬3) انظر: مسائل أبي داود أحمد بن حنبل (ص: 309). (¬4) انظر: السنن (1/ 146). (¬5) انظر: التمهيد (17/ 193). (¬6) كابن خزيمة، وابن حبان، والحاكم، والبيهقي، وعبد الحق، وابن العربي، والحازمي، وغيرهم. قال البيهقي: "هو صحيح علي شرط البخاري بكل حال، وإذا ثبت سؤال عروة بسرةَ عن هذا الحديث كان الحديث صحيحًا علي شرط البخاري ومسلم جميعًا". معرفة السنن والآثار (1/ 414). وقال البغوي: "هذا حديث حسن، ثم نقل قول البخاري". شرح السنة (1/ 263). وقال ابن الصلاح: "هذا حديث حسن ثابت من حديث بسرة بنت صفوان، أخرجه أصحاب كتب السنن والمسانيد، ولم يخرّج في الصحيحين". شرح مشكل الوسيط (ل: 31 / أ) وقال ابن الملقن: "هذا الحديث صحيح، أخرجه الأئمة الإعلام أهل الحل والعقد والنقل والنقد. ثم ذكر أقوال الأئمة فيه، وقال: فهذه أقوال الحفاظ قديمًا وحديثًا يشهد لما قلنا من صحته". البدر المنير (2/ 878 - رسالة ماجستير-). وانظر أيضًا: المستدرك (1/ 136)، والأحكام الصغرى (1/ 20)، والاعتبار (ص: 30)، والقبس (1/ 164)، والمجموع (2/ 35)، وتحفة المحتاج (1/ 151)، وتحفة الأحبار بما في الوسيط من الأخبار (ل: 25 / ب).

وقد طعن فيه قوم من ثلاثة أوجه: أحدها: كثيرة الخلاف فيه (¬1)، وقد بيّنا سبب ذلك (¬2)، ودلّلنا علي طريق المخرج منه (¬3). والثاني: روايتُه عن مروان مع ما كان عليه، وما نُسب من المناكير إليه. وهكذا رسوله؛ لأنَّه كان شرطيّا له مع كونه مجهولًا غير معروف (¬4). ¬

_ (¬1) مِمَّن أعلّه بالاضطراب وكثرة الخلاف الطحاوي في شرح المعاني (1/ 76)، والعيني في البناية (1/ 238)، وغيرهما من علماء الحنفية ممّن لا يرون الوضوء من مسّ الذَّكر. (¬2) سبب الخلاف هو وروده عن هشام، وعن أبيه عروة علي وجوه مختلفة كما تقدّم. (¬3) هو ما تقدّم من أنّ مروان حدّث في عروة عن بسرة في حين إمارته علي المدينة، فاستراب عروة لحديثه وأنكره عليه ... ولم يزل علي هذا حتى بعث مروان شرطيه، إلي أن قال: فإن أحيانًا يحدِّث ببعض القصّة دون بعض، ويسند الحديث تارة إلي بسرة، وتارة إلي مروان، وتارة إليه وإلي رسوله ... وفعل أصحابه مثل ذلك. انظر: (4/ 254 - 255). (¬4) قال الطحاوي في معرض رده حديث بسرة: "وإنما ترك أن يرفع بذلك رأسًا (يعني عروة)؛ لأن مروان عنده ليس في حال من يجب القبول عن مثله فإن خبر شرطي مروان عن بسرة دون خبره عنها، فإن كان مروان خبره في نفسه عن عروة غير مقبول فخبر شرطيه إيّاه عنها كذلك أحري أن لا يكون مقبولًا". شرح معاني الآثار (1/ 71 - 72). قال الدارقطني: "حكم قوم من أهل العلم بضعف الحديث لطعنهم علي مروان". العلل (5 / ل: 196 / ب). وذكر ابن سيّد الناس الحديث الذي ورد فيه تحديث بسرة لعروة ثم قال: "أعلَّ قومٌ حديثَ بسرة هذا بالحرسي رسول مروان وما يحتمله من الجهالة، وقد سقط الحرسي من هذا الخبر، وتضمّنت هذه الرواية أن بسرة جاءت وحدّثت فزال الاعتلال بالحرسي، قال: وكذلك أعلّه آخرون بمروان، فممّن ذُكر ذلك عنه: يحيى بن معين، قال يحيي: أيُّ حديث حديث بسرة لولا قاتل طلحة في الطريق. أجوبة ابن سيّد الناس (2/ 136). وقال الذهبي في مروان بن الحكم: "له أعمال موبقة، نسأل الله السلامة، رمي طلحة بسهم وفعل وفعل". ميزان الاعتدال (5/ 214). =

وقد ذكرنا أن عروة لم يقنع بقولهما حتى استكشف بسرة عنه فصدّقتهما وأخبرته به مشافهة (¬1). علي أنّه قد رُوي عن عروة أنه قال في حديث آخر: "أخبرني مروان بن الحكم ولا أخاله يُتهم"، ذَكَر هذا البخاري في التاريخ (¬2). ¬

_ = وقال ابن حجر: "غاية ما يعلل به هذا الحديث أنه من رواية عروة عن مروان عن بسرة، وأن رواية من رواه عن عروة عن بسرة منقطعة، والواسطة بينه وبينها إما مروان وهو مطعون لا عدالته، أو حرسيه وهو مجهول". التلخيص الحبير (1/ 131). وقال أيضًا: "إنما نقموا عليه أنه رمي طلحة يوم الجمل بسهم فقتله، ثم شهّر السيف في طلب الخلافة حتى جري ما جري". هدي الساري (ص: 466). (¬1) هذا جواب علي طريق القبول والتسليم، أي لو ثبت أن مروان مطعون في عدالته، وأنه فعل الأفاعيل كما قال الذهبي، فإن جماعة من الثقات الحفاظ رووا هذا الحديث عن هشام بن عروة عن أبيه عن مروان عن بسرة. ثم ذكروا في رواياتهم أن عروة قال: ثم لقيت بعد ذلك بسرة فحدّثتني بالحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما حدّثني مروان عنها، فدلّنا ذلك على صحّة الحديث وثبوته على شرط الشيخين كما قال البيهقي، وزال عنه الخلاف والشبهة وثبت سماع عروة من بسرة. وجاء نحو هذا عن ابن حبان أيضًا حيث قال: عائذ بالله أن نحتجّ بخبر رواه مروان بن الحكم وذووه في شيء من كتبنا ... وأما خبر بسرة الذي ذكرناه، فإن عروة بن الزبير سمعه من مروان بن الحكم عن بسرة فلم يقنعه ذلك حتى بعث مروان شرطيًّا له إلي بسرة فسألها، ثم أتاهم فأخبرهم بمثل ما قالت بسرة، فسمعه عروة ثانيًا عن الشرطي، عن بسرة، ثم لم يقنعه ذلك حتى ذهب إلي بسرة فسمع منها، فالخبر عن عروة عن بسرة متصل ليس منقطع، وصار مروان والشرطي كأنهما عاريتان يسقطان من الإسناد. الإحسان (3/ 397). (¬2) انظر: التاريخ الكبير (7/ 368)، وانظر أيضًا العلل للإمام أحمد (3/ 207 - برواية ابنه عبد الله) وتاريخ ابن أبي خيثمة (ص: 357) (رقم: 499 - رسالة كمال). قلت: بهذا يجاب عن اعتراض الطحاوي بأن عدم قبول عروة خبر مروان ليس لأن مروان عنده مجروح، بل لأن هذا الخبر لم يكن معلوما لديه مع دواعي نقله، ويدلّ علي ذلك قول عروة: "ما علمت هذا". ومما يدل علي عدم كون مروان مجروحًا لدي عروة أنه روي عن مروان عدّة أحاديث -كما يذكره المؤلف-، فلو كان مجروحًا لما روي عنه. =

وكان مالك أيضًا يُحسن الظن بمروان لميله إلي بني أميّة (¬1)، وخرج في الصحيح عن مروان أحاديث (¬2). ¬

_ = وأما قتله طلحة الذي كان يعدُّ من أكبر أسباب الطعن فيه فقد أجاب عنه الحافظ في هدي الساري (ص: 466) فقال: "فأما قتل طلحة، فكان متأولًا فيه كما قرّره الإسماعيلي وغيره، ويرى الحافظ ابن كثير أن الذي رمي طلحة يوم الجمل غير مروان، قال: "وهذا أقرب عندي وإن كان الأول مشهورًا". انظر: البداية والنهاية (7/ 198). وأما ما نُقم عليه من تشهير السيف والخروج علي ابن الزبير فهو ثابت وينكر عليه، إلا أن رواية عروة هذا الحديث عنه كان في إمارته علي المدينة وقبل الخروج علي ابن الزبير. قال ابن حزم: "مروان ما نعلم له جرحة قبل خروجه علي أمير المؤمنين عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما، ولم يلقه عروة قط إلا قبل خروجه علي أخيه لا بعد خروجه، هذا مما لا شك فيه". المحلي (1/ 221). وقال الكلوذاني: "مروان ثقة ثبت، روي عنه سهل بن سعد الساعدي وعلي بن الحسين زين العابدين وعروة ومالك بن أنس". الانتصار (1/ 328). وقال ابن حجر: وأما بعد ذلك (يعني قتله طلحة) فإنما حمل عنه سهل بن سعد الساعدي الصحابي اعتمادًا علي صدقه، وعروة وعلي بن الحسين، وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث، وهؤلاء أخرج البخاري أحاديثهم عنه في صحيحه لما كان أميرًا عندهم بالمدينة قبل أن يبدو منه في الخلاف علي ابن الزبير ما بدا والله" أعلم. هدي الساري (ص: 466). (¬1) قال ابن حجر (ص: 466): "وقد اعتمد مالك علي حديثه ورأيه والباقون سوى مسلم". هدي الساري (ص: 466). (¬2) أخرج البخاري له في صحيحه أربعة أحاديث: الأول: في الأذان، باب: القراءة في المغرب (1/ 248) (رقم: 764). الثاني: في الحج، باب: التمتع والقران (1/ 483) (رقم: 1563). الثالث: في فرض الخمس، باب: ومن الدليل علي أن الخمس لنوائب المسلمين ... (3/ 397) (رقم: 3131، 3132). والرابع: في الأدب، باب: ما يجوز من الشعر والزجر ... (4/ 118) (رقم: 6145).

ومن الناس من زعم أن له صحبة (¬1)، ولم يثبت له ذلك (¬2)؛ لأنه وُلد بمكة بعد الهجرة (¬3)، وأسلم أبوه في الفتح، ولم يحسن حينئذ إسلامه، فطرده النبي - صلى الله عليه وسلم - من المدينة، فنزل الطائف وهو معه، ولم يزل بها حتى وَلِيَ عثمانُ فردّهما إلي المدينة في خلافته، قاله الواقدي وغيره (¬4). والثالث: انفرادُ بسرة به من بين سائر الصحابة علي كثرتهم إذ لم يأت عن غيرها من وجه لا مطعن فيه، وهو مما تعمّ به البلوي. قالوا: وما كان كذلك لم تنفرد به امرأة لا سيما وهو من أحكام الرجال. ¬

_ (¬1) قال الحافظ ابن كثير: "هو صحابي عند طائفة كثيرة، لأنه ولد في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وروي عنه في حديث صلح الحديبية". البداية والنهاية (8/ 206). (¬2) ولذا ذكره ابن سعد وعلي بن المديني والذهي وغير واحد من أهل العلم في عداد التابعين. وقال المزي: لم يصح له سماع من النبي - صلى الله عليه وسلم -. وقال ابن حجر: "لا تثبت له صحبة". انظر: طبقات ابن سعد (5/ 26)، والعلل لعلي بن المديني (ص: 56)، وتهذيب الكمال (27/ 388)، وتاريخ الإسلام (5/ 229)، والسير (3/ 476)، والتقريب (رقم: 6567). (¬3) ترجم له ابن حجر في القسم الثاني من الإصابة (9/ 318) فقال: "لو ثبت أن في تلك السنة مولده -يعني السنة الثانية من الهجرة- لكان حينئذ مميزًا فيكون من شرط القسم الأول -يعني الصحابة- لكن لم أر من جزم بصحبته فكأنه لم يكن حينئذ مميِّزًا، ومن بعد الفتح أُخرج أبوه إلي الطائف وهو معه فلم يثبت له أزيد من الرؤية". هكذا جزم له هنا بالرؤية، وتردد في الهدي (ص: 466) فقال: "يقال: له رؤية فإن ثبتت فلا يعرج علي من تكلّم فيه". وفي أطراف المسند (5/ 271) جزم بخلاف ما قال في الإصابة حيث قال: "لا تصح له رؤية ولا سماع". وممن نفي أن تكون له رؤية الإمام البخاري، وابن عبد البر، والذهبي. انظر: الاستيعاب (10/ 70)، والميزان (5/ 214)، والإصابة (9/ 319). (¬4) انظر: المغازي للواقدي (ص: 95)، والاستيعاب (10/ 70، 71)، وأسد الغابة (5/ 139)، والبداية والنهاية (8/ 206)، والسير (3/ 477)، ورجال البخاري للكلاباذي (2/ 715).

وإلي هذا ذهب ربيعة الرأي (¬1)، كان يُنكر حديث بُسرة ويقول: "وَيحَكم مثل هذا يأخذ به أحد ويعمل بحديث بسرة، والله لو أن بسرة شَهِدت علي هذا النعل لما أجزتُ شهادتها، وإنَّما قِوامُ الدين الصلاة، وقوام الصلاة الطهور، فلم يكن من صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من يقيم هذا الدين إلا بسرة". ذكره الطحاوي في معاني الآثار، وفيه غلو (¬2). واحتج من نَصَر هذا القول بأنَّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه ردّ حديث فاطمة بنت قيس لانفرادها به، وقال: "لا نُجيز في ديننا قول امرأة" (¬3). ¬

_ (¬1) عدم جواز العمل بخبر الواحد فيما تعمّ به البلوي هو مذهب عامة الحنفية كما قال ابن الهمام، والمراد بـ (ما تعم به البلوي) هو أن يحتاج إليه الكل حاجة متأكّدة تقتضي السؤال عنه مع كثيرة تكرّره كما قال الأمير باشا والزرقاني. وبهذا ردّوا حديث بسرة وقالوا: إن أمر النواقض مما يحتاج الخاص والعام إليه، وقد انفردت به بسرة من بين سائر الصحابة فلا يُقبل، لكن سيأتي أن بسرة لم تنفرد به. انظر: الفقيه والمتفقه (1/ 165)، وأصول السرخسي (1/ 368)، والمبسوط (1/ 66)، والبدائع (1/ 149). (¬2) انظر شرح معاني الآثار (1/ 71). وحقًّا ففيه غلو وإسراف من القول لا ينبغي أن يُقال في شأن صحابية لها سابقة قديمة وهجرة كما قال الشافعي، بل كانت من المبايعات كما قاله مصعب الزبيري، هذا علي فرض ثبوته عن ربيعة، والظاهر عدم ثبوته؛ لأن الطحاوي أورده من طريق ابن وهب عن زيد، عن ربيعة، وزيدٌ مجهول، قال أبوالتراب رشد الله السندي: "إن لم يكن زيد بن الحباب المذكور فلا أعرفه". قلت: زيد بن الحباب وإن كان المزي ذكره في شيوخ ابن وهب، لكن لم يذكر ربيعة الرأي في شيوخه، وعلي هذا فهو مجهول لا يُعرف. انظر: تاريخ ابن أبي خيثمة (ص: 162 - رسالة كمال)، وطبقات ابن سعد (8/ 193)، ومعرفة السنن والآثار (1/ 395)، والاستيعاب (12/ 226)، وتهذيب الكمال (10/ 41)، و (16/ 277)، وكشف الأستار تلخيص مغاني الأخيار عن رجال معاني الآثار (ص: 38). (¬3) روي مسلم في صحيحه كتاب: الطلاق، باب: المطلقة ثلاثا لا نفقة لها (2/ 1118) (رقم: 46)، وأبو داود في السنن كتاب: الطلاق، باب: من أنكر علي فاطمة بنت قيس (2/ 717) =

والجواب عن هذا أن يُقال: إن الصحابة كلّهم ذَكَرهم وأنثاهم محمولون على العدالة والصدق: لاختيار الله تعالى إيّاهم، وثناءه عليهم، وقول النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -: "أصحابي كالنجوم فبأيّهم اقتديتم اهتديتم" (¬1). ¬

_ = (رقم: 2291)، والترمذي في السنن كتاب: الطلاق، باب: ما جاء في المطلقة ثلاثًا لا سكنى لها ولا نفقة (3/ 484) (رقم: 1180)، وغيرهم من حديث فاطمة بنت قيس: أنها طُلّقت ألبتة فلم يجعل لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سكنى ولا نفقة، فلما بلغ ذلك عمر بن الخطاب قال: لا نترك كتاب ربّنا وسنة نبيّنا - صلى الله عليه وسلم - لقول امرأة لا ندري لعلها حفظت أو نسيت، لها السكنى والنفقة، قال الله عزُّ وجَلَّ: {لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} [الطلاق: 1]. قلت: ظاهر سياق القصة كما ورد يدل على أنّ عمر رضي الله عنه إنما ردّ حديث فاطمة بنت قيس لمعارضته مع ظاهر الآية، لا لانفرادها، كيف! وقد قبل حديث عائشة في تخيير النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - نساءه كما ورد في صحيح البخاري (2/ 199) (رقم: 2468)، وعلى هذا لا يصح الاحتجاج به على ردّ حديث بسرة، والله أعلم. انظر: منهج النقد عند المحدّثين للأعظمى (ص: 77)، ومقاييس نقد متون السنة للدهيني (ص: 61 - 62). (¬1) النصوص الدَّالة على عدالة الصحابة وثناء الله تعالى عليهم كثيرة مستفيضة، ذكرها البيهقي في كتابه الاعتقاد (ص: 317)، والخطب البغدادي في الكفاية (ص: 63)، والعلائي في كتابه نحقيق منيف الرتبة لمن ثبت له شريف الصحبة (ص: 60)، وأبوالعز الحنفي في شرح العقيدة الطحاوية (ص: 467 - 468)، وغيرهم. والحديث الذي ذكره المؤلف قد ورد من طرق كثيرة وبألفاظ مختلفة لكن لم يصح منها شيء إلى النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -. فقد روى الدارقطني في المؤتلف والمختلف (4/ 778)، وابن عبد البر في جامع بيان العلم (2/ 90 - 91)، وابن حزم في الإحكام (6/ 82) من طريق سلّام بن سليمان المدائني، عن الحارث بن غصين، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أصحابي كالنجوم بأيِّهم اقتديتم اهتديتم". وسنده ضعيف جدًّا، فيه سلّام بن سليمان الطويل، قال فيه علي بن المديني: "كانت له أحاديث منكرة"، وقال البخاري: "تركوه"، وقال النسائي: "متروك الحديث". لذا قال الإمام أحمد: "لا يصح هذا الحديث". المنتخب لابن قدامة (10 / ل: 200 / ب). وأعله ابن عبد البر بالحارث بن غصين قال: "هذا إسناد لا تقوم به حجة: لأنّ الحارث بن غصين =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = مجهول)، وتعليله بشيخه أولى، لذا تعقبه الحافظ بقوله: "الآفة فيه من الراوي عنه، وإلا فالحارث قد ذكره ابن حبان في الثقات". موافقة الخبر الخبر (1/ 146). انظر ترجمة سلّام بن سليمان في: سؤالات ابن أبي شيبة لعلي بن المديني (ص: 167) (رقم: 241)، والضعفاء الصغير (ص: 57) (رقم: 152)، والضعفاء للدارقطني (ص: 233) (رقم: 265). ولحديث جابر هذا طريق آخر لكنه ضعيف أيضًا، فقد روى الدارقطني في غرائب مالك من طريق جميل بن زيد، عن مالك بن أنس، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر ذكره الحافظ في التلخيص (4/ 209) ثم قال: "جميل لا يُعرف، ولا أصل له في حديث مالك، ولا من فوقه". وروى البيهقي في المدخل (ص: 126) (رقم: 151)، وابن بطة في الإبانة (2/ 563) (رقم: 700)، والخطيب في الكفاية (ص: 66) من طريق نعيم بن حماد، عن عبد الرحيم بن زيد العمي، عن أبيه، عن سعيد بن المسيب، عن عمر رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "سألت ربي عزُّ وجلَّ فيما يختلف فيه أصحابي فأوصى إليّ: يا محمد إن أصحابك عندي بمنزلة النجوم في السماء ... ". سنده ساقط، آفته عبد الرحيم بن زيد العمي قال فيه الذهبي في الميزان (2/ 292): "تركوه". وقال الحافظ في التلخيص (4/ 210): "كذّاب". لذا حكم غير واحد من النقاد عليه أنّه لا يصح، فقد قال البزار فيما رواه عنه ابن عبد البر: "هذا الكلام لا يصح عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - ... قال: وإنما أتى ضعف هذا الحديث من قبل عبد الرحيم بن زيد: لأن أهل العلم قد سكتوا عن الرواية لحديثه، والكلام أيضًا منكر"، ثم بيَّن وجه نكارته. جامع بيان العلم وفضله (2/ 90). وقال ابن الجوزي: "هذا لا يصح". العلل المتناهية (1/ 283): وقال ابن كثير: "هذا الحديث لم يروه أحد من أهل الكتب الستة، وهو -يعني عبد الرحيم بن زيد- ضعيف، قال: وأبوه ضعيف، ومع هذا كله فهو منقطع: لأنّ سعيد بن المسيب لم يسمع من عمر شيئًا". تخريج أحاديث مختصر ابن الحاجب (ص: 166 - 168). وروى البيهقي في المدخل (ص: 162) (رقم: 152)، والخطيب في الكفاية (ص: 66، 65) من طريق سليمان بن أبي كريمة، عن جويبر عن الضحاك، عن ابن عباس نحوه. وسنده ضعيف جدًّا، فيه جويبر بن سعيد الأزدي، قال فيه ابن معين: "ليس بشيء". وقال النسائي والدارقطني: "متروك الحديث". وقال الحافظ: "جويبر ضعيف جدا، والضحاك عن ابن عباس منقطع". موافقة الخبر (1/ 146). وفيه أيضًا سليمان بن أبي كريمة، قال ابن أبي حاتم: "ضعيف الحديث"، وقال ابن عدي: =

وهذا قول عام للجنس، يدخل فيه الرجال والنساء، فما نقله واحد منهم عنه - صلى الله عليه وسلم - وجب قبوله، وعلى هذا جمهورُ السلف إلَّا من شذّ (¬1)، ولسنا نتنزّل في ¬

_ = (عامة أحاديثه مناكير)، وقال العقيلي: "يحدث بمناكير ولا يتابع على كثير من حديثه"، ولأجل هذه العلل قال البيهقي في المدخل (ص: 163): "هذا حديث متنه مشهور، وأسانيده ضعيفة، لم يثبت في هذا إسناد". وقال الزركشي: "هذا الإسناد فيه ضعفاء، وقد روي بهذا اللفظ من طرق كثيرة ولا يصح". المعتبر في تخريج أحاديث المنهاج والمختصر (ص: 83). وانظر ترجمة جويبر في: تاريخ ابن معين - رواية الدوري - (2/ 89)، والضعفاء للنسائي (ص: 163) (رقم: 104)، والضعفاء للدارقطني (ص: 171) (رقم: 147). وانظر ترجمة صاحبه سليمان بن أبي كريمة في: الجرح والتعديل (4/ 138)، والكامل في ضعفاء الرجال (3/ 1112)، والضعفاء للعقيلي (2/ 138). وللحديث طرق أخرى كثيرة أيضًا، لكن لم يصح شيء منها عن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -. انظر: تنزيه الشريعة لابن عراق (1/ 419) وكشف الخفاء للعجلوني (1/ 132) وسلسلة الأحاديث الضعيفة للشيخ الألباني (رقم: 58، 59، 60، 61). (¬1) اختلف أهل العلم فيما يفيده خبر الواحد العدل الضابط عن مثله إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أقوال: 1 - إِنَّهُ لا يفيد إلَّا الظن، وهذا مذهب جمهور الأصوليين. 2 - إِنَّهُ يفيد العلم إذا احتفت به قرائن أخرى، وهذا اختيار الآمدي وابن الحاجب وإمام الحرمين. 3 - إِنَّهُ يفيد العلم ويجب قبوله والعمل به في العقائد والأحكام على السواء، وإليه ذهب الإمام أحمد في إحدى الروايتين عنه، واختاره جماعة من أصحابه، وهو قول جمهور أهل الظاهر وجمهور أهل الحديث. قال ابن القيّم: فممن نص على أن خبر الواحد يفيد العلم مالك، والشافعي، وأصحاب أبي حنيفة، وداود بن علي وأصحابه، كأبي محمد بن حزم، ونصّ عليه الحسين بن علي الكرابيسي، والحارث بن أسد المحاسبي. وقال الشيخ محمد الأمين بن محمد المختار الجكني -رحمه الله-: التحقيق الذي لا يجوز العدول عنه قبول خبر الآحاد في الأصول والفروع على حد سواء، وأن عدم قبولها يستلزم رد الروايات الصحيحة الثابتة عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. والأدلة على وجوب العمل بخبر الواحد كثيرة جدًّا، ذكر الشافعي جملة منها في الرسالة، وجمعها =

هذا منزِلة عمر حيث ردّ حديث فاطمة: لأنَّ عمر آثر علم نفسه على علم غيره ممن لم يلحق به، ونحن فما ندّعي علمَ مشاهدة، ولا يجوز أن نُنَزّل خبر من اصطفاه الله تعالى، وخصّه بصحبة نبيّه - صلى الله عليه وسلم - لآرائنا (¬1). وأما قولهم: إن هذا مما تَعُمُّ به البلوى فكيف تنفرد به امرأة (¬2)! فلعلّه قد ¬

_ = الدكتور أحمد محمود عبد الوهاب في رسالته القيِّمة خبر الواحد وحجيته. وأما من شذَّ وأنكر وجوب العمل بخبر الواحد هم قوم من أهل البدعة من الروافض والمعتزلة كابن أبي داود، وإبراهيم بن إسماعيل بن علية وغيرهما، ولهم شبهات في ذلك ردّ عليها أهل العلم. انظر: الرسالة للإمام الشافعي (ص: 175 وما بعدها)، الإحكام لابن حزم (1/ 119)، المستصفى للغزالي (2/ 181)، روضة الناظر لابن قدامة (1/ 262)، المسودة لابن تيمية (ص: 240)، الأحكام للآمدي (2/ 49 وما بعدها)، مختصر الصواعق المرسلة (ص: 457)، كشف الأسرار للبزدوي (2/ 678)، المعتمد لأبي الحسين المعتزلي (2/ 604)، مذكرة أصول الفقه للشيخ الشنقيص (ص: 104 - 105). هذا وينبغي أن يلاحظ أن الحديث الذي أورده المؤلف للاستدلال به على وجوب قبول خبر الواحد من الصحابة رجالًا كانوا أم نساءً مع ضعفه غير ظاهر في مراده، إذ الظاهر فيه هو الاهتداء بهدي كل واحد من الصحابة لا العمل بما رواه عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، ولأجل هذا المعنى شنَّع ابن حزم عليه بل قال إنها مكذوبة: لأن الله تعالى قد نهى عن التفرق والاختلاف بقوله: {وَلَا تَنَازَعُوا} فمن المحال أن يأمر رسوله باتباع كل قائل من الصحابة وفيهم من يحلل الشيء وغيره يحرمه، وذكر أمثلة على ذلك. انظر: الإحكام لابن حزم (6/ 83). (¬1) هذا مسلّم لكن تقدَّم أن عمر لم يردّ حديث فاطمة لمجرد انفرادها به، وإنما ردّها بعرضه إيَّاه على الكتاب. (¬2) قال ابن حزم: "قال بعضهم: هذا مما تعظم به البلوى، فلو كان لما جهله ابن مسعود ولا غيره من العلماء، قال: وهذه حماقة، وقد غاب عن جمهور الصحابة رضي الله عنهم الغسل من الإيلاج الذي لا إنزال معه وهو مما تكثر به البلوى، ورأى أبو حنيفة الوضوء من الرعاف وهو مما تكثر به البلوى ولم يعرف ذلك جمهور العلماء، ورأى الوضوء من ملء الفم من القلس ولم يره من أقل من ذلك، وهذا تعظم به البلوى، ولم يعرف ذلك أحد من ولد آدم قبله، ومثل هذا لهم كثير =

كان مستفيضًا عند الصحابة إذ كانوا متوافرين، واكتفوا بشهرته عندهم عن نقله، وإنَّما وقع الخلاف فيه بعد أن ذَهب معظمُهم فاحتيج فيه إلى بسرة لتأخُّر وفاتها (¬1)، ولمّا أخبرتْ به لم يُنكر ذلك عليها أحد من سائر الصحابة (¬2). وأيضًا فإنها كانت تولّت السؤال عما يُضاهيه، فكانت أخصّ به من غيرها. ورُوي عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدّه، قال: دخلت بسرة بنت صفوان على أم سلمة، فدخل النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - فقالت بسرة: يا نبي الله! المرأة تضرب بيدها على فرجها: قال: "تتوضأ (¬3) يا بسرة". ¬

_ = جدًّا، ومثل هذا من التخليط لا يعارض به سنن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلَّا مخذول". المحلى (1/ 225). وقال الكلوذاني: "إذا صحّ الحديث وجب الأخذ به فيما تعم وفيما لا تعم، ولهذا لو روى أبو بكر أو عمر أو عثمان أو عليّ أو ابن مسعود أو غيرهم حديثًا أخذ الصحابة به، ولم يحل برده أحدهم لعموم البلوى". الانتصار في المسائل الكبار (1/ 331). وما قاله الكلوذاني هو قول جمهور أهل العلم من الأصوليين والفقهاء والمحدّثين. وقال اللكنوي: "في ثبوتها (قاعدة رد خبر الواحد فيما تعم به البلوى) نظرٌ). التعليق الممجد (1/ 215). انظر: أصول السرخسي (1/ 368)، وتيسير التحرير (3/ 112)، وفواتح الرحموت شرح مسلّم الثبوت مع المستصفى (2/ 129)، والإحكام للآمدي (2/ 134)، وكشف الأسرار (3/ 35)، وخبر الواحد وحجيته (ص: 175، 181). (¬1) لم أقف على سنة وفاتها لكن ذكر الحافظ أنها عاشت إلى خلافة معاوية. انظر: تهذيب التهذيب (12/ 433). (¬2) بل قبلوا حديثها وعملوا به، قال الشافعي: "وحدَّثت بهذا في دار المهاجرين والأنصار وهم متوافرون، فلم يدفعه منهم أحد، بل علمنا بعضهم صار إليه عن روايتها منهم: عروة بن الزبير وقد دفغ وأنكر الوضوء من مسّ الذكر قبل أن يسمع الخبر، فلما علم أن بسرة روته قال به وترك قوله، وسمعها ابن عمر تحدث به فلم يزل يتوضأ من مس الذكر حتى مات، وهذه طريقة أهل الفقه والعلم". انظر: معرفة السنن والآثار (1/ 395، 396)، والاعتبار (ص: 90، 91). (¬3) كذا في الأصل، وفي علل الدارقطني: "توضئي يا بسرة" بصيغة الخطاب، والوجهان صحيحان.

وعن عمرو بن شعيب، عن سعيد بن المسيب، عن بسرة أنها قالت. يا رسول الله! كيف ترى بإحدانا إذا مسَّتْ مْرجَها بعدما تتوضأ؟ فقال: "توضّأُ يا بسرة إذا مسّته"، قال: فأرسل إليها مروان يسألها عن ذلك، فقالت. نعم، سألتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك، وعنده فلان وفلان، وعبد الله بن عمرو فأمرني بالوضوء. خرَّجهما الدارقطني (¬1). مع أنّ حديثها في مسّ الذكر قد رُوي عن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم مرفوعًا، منهم: أبو هريرة، وأبو أيوب، وزيد بن خالد، وابن عمر، وجابر، وعاثشة، وأروى بنت أنيس، خرّجه الدارقطني في العلل عن جميعهم (¬2). ¬

_ (¬1) أخرجهما في العلل (5 / ل: 209) من طريق عبد الله بن المؤمل عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده. ومن طريق المثنى بن الصبّاح عنه عن سعيد بن المسيب به. والإسنادان ضعيفان: لأن عبد الله بن المؤمل المكي ضعفه ابن معين في رواية أكثر أصحابه عنه، وأبو زرعة، وأبو داود، والنسائي، وغيرهم. انظر: تهذيب الكمال (16/ 187)، وتهذيب التهذيب (6/ 42)، التقريب (رقم: 3648). ومن طريق عبد الله بن المؤمل أخرجه أيضًا الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 75)، والطبراني في الكبير (24/ 192) (رقم: 484). وأما المثنى بن الصبّاح فهو ضعيف عندهم أيضًا. انظر: تهذيب الكمال (27/ 203)، والميزان (4/ 355)، التقريب (رقم: 16471). ومن طريقه أخرجه أيضًا إسحاق في مسنده (5/ 68، 69) (رقم: 2174)، والطبراني في الكبير (24/ 203) (رقم: 521)، والبيهقي في السنن الكبرى (1/ 133). فالإسنادان ضعيفان لكن الحديث حسن بشواهده. (¬2) - حديث أبي هريرة: ذكره الدارقطني في العلل (8/ 131)، وأخرجه أحمد في المسند (1/ 34)، والبزار في مسنده (1/ 149) (رقم: 286 - كشف الأستار -)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 74)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (3/ 401) (رقم: 1118)، والطبراني في المعجم الأوسط (2/ 505، 1506 رقم: 1871)، وفي الصغير (ص: 58) (رقم: 110)، والدارقطني في =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = السنن (1/ 146)، والبيهقي في السنن الكبرى (1/ 133)، وابن عدي في الكامل (7/ 2715)، وابن شاهين في ناسخ الحديث ومنسوخه (112، 113)، والخطيب في الفقيه والمتفقه (2/ 89)، كلهم من طرق عن يزيد بن عبد الملك بن المغيرة النوفلي، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عنه. قال الهيثمي في المجمع (1/ 245): "رواه أحمد والطبراني في الأوسط والصغير والبزار، وفيه: يزيد بن عبد الملك النوفلي، وقد ضعفه أكثر الناس، ووثقه يحيى بن معين في رواية". قلت: هو ضعيف كما في التقريب (رقم: 7751) لكنه توبع، تابعه: - نافع بن أبي نعيم عند ابن حبان (3/ 401) (رقم: 1118)، والطبراني في الصغير (ص: 58) (رقم: 110)، وفي الأوسط (2/ 505، 506) (رقم: 1871)، والحاكم في المستدرك (1/ 138). - ونافع بن أبي نعيم المقرئ المشهور، وثقه ابن معين، وقال ابن المديني والنسائي وابن عدي: لا بأس به. قال ابن حبان في كتاب الصلاة له كما في التلخيص الحبير (1/ 134): "هذا حديث صحيح سنده، عدول نقلته". وصححه أيضًا الحاكم، ووافقه الذهبي، ونقل ابن عبد البر عن ابن السكن أنه قال: "هذا الحديث من أجود ما روي في هذا الباب لرواية ابن القاسم له عن نافع بن أبي نعيم، وأما يزيد فضعيف". وصححه أيضًا ابن عبد البر فقال: "كان هذا الحديث لا يعرف إلَّا ليزيد بن عبد الملك النوفلي هذا، وهو مجمع على ضعفه حتى رواه عبد الرحمن بن القاسم صاحب مالك عن نافع بن أبي نعيم، وهو إسناد صحيح". التمهيد (17/ 195). وصححه الألباني أيضًا في السلسلة الصحيحة (3/ 238). وانظر ترجمة نافع في: تهذيب الكمال (29/ 281)، وتهذيب التهذيب (10/ 363)، التقريب (رقم: 7077). - حديث أبي أيوب: ذكره الدارقطني في العلل (6/ 123)، وأخرجه ابن ماجة في السنن كتاب: الطهارة، باب: الوضوء من مس الذكر (1/ 162) (رقم: 482)، والطبراني في المعجم الكبير (14014) (رقم: 3928)، والشاشي في مسنده (3/ 98) (رقم: 1156)، وابن شاهين في ناسخ الحديث ومنسوخه (ص: 109) (رقم: 114) من طريق إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة عن الزهري عن عبد الله بن عبد القاري، عن أبي أيوب به. وسنده ضعيف جدًّا: لأن مداره على إسحاق بن أبي فروة. قال الذهبي في الكاشف (1/ 63): تركوه. وقال الحافظ في التقريب (رقم: 368): متروك. قال البوصيري: "هذا إسناد فيه إسحاق بن أبي فروة، وقد اتفقوا على تضعيفه". مصباح الزجاجة (1/ 191). =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = - وحديث زيد بن خالد: أخرجه وأحمد في المسند (5/ 194)، وابن أبي شيبة في المصنف (1/ 163)، والبزار (1/ 148) (رقم: 283 - كشف الأستار -)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 73)، والطبراني في المعجم الكبير (5/ 279) (رقم: 5222)، والدارقطني في العلل (5 / ل: 208 / ب) كلهم من طرق عن ابن إسحاق، عن الزهري، عن زيد بن خالد قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "من مس فرجه فليتوضأ". قال الهيثمي في المجمع (1/ 244): "رواه أحمد والبزار والطبراني في المعجم الكبير ورجاله رجال الصحيح إلَّا أن ابن إسحاق مدلس، وقد قال: حدَّثني -أي عند أحمد والطحاوي -". قلت: مع تصريحه بالتحديث فقد دلس تدليس التسوية: لأن الزهري لم يسمعه من عروة، وإنما رواه عن عبد الله بن أبي بكر عنه. فقد أخرج إسحاق في مسنده كما في المطالب العالية (1/ 96 - 97) رقم: 138) عن محمد بن بكر البرساني، أنا ابن جريج، حدثني الزهري، عن عبد الله بن أبي بكر، عن عروة قال -يعني الزهري-: ولم أسمعه منه - أنه كان يحدث عن بسرة بنت صفوان، وعن زيد بن خالد الجهني عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا مسّ أحدكم ذكره فليتوضأ". ثم أورد الحافظ طرقًا أخرى للحديث وقال: "أما الإسناد الأول فصحيح متصل، وحديث بسرة في السنن الأربعة. وأخرجه أحمد من حديث زيد بن خالد، لكنه من رواية ابن إسحاق عن الزهري عن عروة عن زيد بن خالد، وقد تبيَّن في الإسناد الذي سقناه أن الزهري لم يسمعه من عروة، فكأن ابن إسحاق دلَّسه تدليس التسوية: لأنه صرَّح فيه بسماعه من الزهري، فأخرجتُه من هذا الوجه للفائدة". المطالب العالية (1/ 98، 99). وسأل الترمذي الإمام البخاري عنه فقال: "إنما روى هذا الزهري عن عبد الله بن أبي بكر عن عروة، عن بسرة، ولم يعد حديث زيد بن خالد محفوظًا". العلل الكبير (1/ 157). وسأل مضر بن محمد يحيى بن معين عنه فقال: "خطأ أخطأ فيه محمد بن إسحاق، وخطأه أيضًا علي بن المديني". انظر: أجوبة ابن سيد الناس (2/ 149، 150)، والتلخيص الحبير (1/ 133). فالراجح من حديث زيد بن خالد هو ما رواه ابن جريج، وهو وإن كان مدلِّسًا مثل ابن إسحاق إلَّا أنه صرّح بالتحديث عند إسحاق كما تقدَّم، ومن طريق ابن جريج أخرجه أيضًا الدارقطني في العلل (5 / ل: 208 / أ). - وحديث ابن عمر: أخرجه الدارقطني في السنن (1/ 147)، وابن عدي في الكامل (4/ 146) من طريق عبد الله بن عمر العمري، عن نافع، عنه. وسنده ضعيف لأجل العمري، وورد من طرق أيضًا كلها ضعيفة. انظرها في: التلخيص الحبير (1/ 133). =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = - أما حديث جابر: فرواه ابن ماجة في السنن كتاب: الطهارة، باب: الوضوء من مس الذكر (1/ 162) (رقم: 480)، والشافعي في المسند (1/ 35)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 74)، والبيهقي في السنن الكبرى (1/ 134)، وابن شاهين في ناسخ الحديث ومنسوخه (ص: 101) (رقم: 105) من طريق عقبة بن عبد الرحمن، عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عنه. وسنده ضعيف لجهالة عقبة بن عبد الرحمن. قال علي بن المديني: "شيخ مجهول". وقال ابن عبد البر: "غير مشهور بحمل العلم". وجهّله أيضًا الذهبي وابن حجر. ورواه بعضهم عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان مرسلًا، وبه أعلّ البخاري في التاريخ (6/ 435 - 436)، وابن أبي حاتم في العلل (1/ 19)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 74) الرواية الموصولة لكن مدار الروايتين على عقبة بن عبد الرحمن وهو مجهول، وتفرّد ابن حبان بذكره في الثقات. انظر: ثقات ابن حبان (7/ 244)، وتهذيب التهذيب (7/ 218)، والميزان (4/ 6)، التقريب (رقم: 4643). - أما حديث عائشة: فرواه الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 73)، والحارث بن أبي أسامة في مسنده كما في بغية الباحث (1/ 220 - 221) (رقم: 85)، والدارقطني في العلل (5 / ل: 23) من طريق يحيى بن أبي كثير عن عروة، عنها. ويحيى بن أبي كثير مدلس، وقد عنعنه في رواية الحارث والدارقطني، وصرّح بالتحديث عند الطحاوي والدارقطني لكن عن مجهول. ورواه البيهقي في الخلافيات (2/ 268) من طريق حسين المعلم عن يحيى بن أبي كثير، عن المهاجر بن عكرمة، عن الزهري عن عروة عنها. قال أبو حاتم: هذا حديث ضعيف لم يسمعه يحيى من الزهري، وأدخل بينهم (كذا) رجلًا لَيس بالمشهور، ولا أعلم أحدًا رواه عنه إلَّا يحيى، وإنما يرويه الزهري عن عبد الله بن أبي بكر عن عروة عن مروان عن بسرة، ولو أن عروة سمع من عائشة لم يدخل بينهم أحد، وهذا يدل على وهن الحديث. العلل (1/ 36). وأخرحه إسحاق في مسنده (3/ 99) (رقم: 716) والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 74)، والدارقطني في العلل (5 / ل: 22 / ب)، وأبو نعيم في أخبار أصبهان (2/ 8)، وابن شاهين في ناسخ الحديث ومنسوخه (ص: ) (رقم: 115) من طريق إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة الأشهلي عن عمر بن سريج عن ابن شهاب عن عروة عنها. وهذا سند ضعيف أيضًا، فإن إبراهيم قال عنه الحافظ في التقريب (رقم: 146): "ضعيف". وشيخه عمر بن سريج قال عنه الذهبي في الميزان (4/ 120): "ليّن". وله عنها طريق أخرى عند أبي نعيم في أخبار أصبهان (2/ 39)، وفيها إبرهيم بن فهد البصري، وهو ضعيف، وقد كذبه البرذعي. اللسان (1/ 91 - 92). =

وخرّجه ابنُ الجارود من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدّه عبد الله بن عمرو (¬1). وذكره الترمذي عن أمّ حبيبة زوج النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -، وحديثُها يرويه العلاء بن الحارث، عن مكحول، عن عنبسة بن أبي سفيان عنها (¬2). وقال الترمذي: "قال أبو زرعة: حديث أم حبيبة في هذا الباب صحيح، ¬

_ = ورواه الدارقطني في السنن (1/ 147، 148) من طريق عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر بن حفص العمري، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عنها، وقال: "عبد الرحمن العمري ضعيف"، وقال في الضعفاء له (ص: 271) (رقم: 332): "متروك". فالحاصل أن حديث عائشة ضعيف من جميع طرقه إلَّا أن المتن صحيح بشواهده. - وحديث أروى بنت أُنيس: ذكره الترمذي في السنن (1/ 128)، ورواه الدارقطني في العلل (5 / ل: 24 / أ)، والبيهقي في الخلافيات (2/ 276) من طريق هشام بن زياد أبي المقدام، عن هشام بن عروة عن أبيه عنها. وهذا سند ضعيف جدًّا، هشام بن زياد أبو المقدام متروك كما في التقريب (رقم: 7292)، وذكر في التلخيص (1/ 133) أن الترمذي سأل البخاري عنه فقال: "ما تصنع بهذا: لا تشتغل به". (¬1) أخرجه في المنتقى (ص: 17) (رقم: 19)، وكذلك أحمد في المسند (2/ 223)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 75)، والدارقطني في السنن (1/ 147)، والبيهقي في السنن الكبرى (1/ 132)، وابن شاهين في ناسخ الحديث ومنسوخه (ص: 104) (رقم: 108) من طرق عن بقية قال: حدثنا محمد بن الوليد الزبيدي، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه عن جده عن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "أيَّما رجل مس فرجه فليتوَضأ" سنده حسن، وصححه البخاري كما حكاه الترمذي في العلل (1/ 161)، والحافظ في التلخيص (1/ 133). (¬2) انظر: السنن (1/ 128)، وكذا أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (1/ 163)، ومن طريقه ابن ماجة في السنن كتاب: الطهارة، باب: الوضوء من مس الذكر (1/ 162) (رقم: 481)، وأبو يعلى في المسند (13/ 65) (رقم: 7144)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 75)، والطبراني في المعجم الكبير (23/ 235) (رقم: 450 - 451)، والبيهقي في السنن الكبرى (1/ 130)، والرامهرمزي في المحدث الفاصل (ص: 444) (رقم: 522)، والخطيب في تاريخ بغداد (11/ 73) كلهم من طرق عن الهيثم بن حميد عن العلاء به.

قال: وقال محمد (يعني البخاري): لم يسمع مكحول من عنبسة بن أبي سفيان، قال وروى مكحول عن رجل عن عنبسة غيرَ هذا الحديث. قال أبو عيسى: وكأنّه لم ير هذا الحديث صحيحًا" (¬1). وقال أبو عمر بن عبد البر: "قد صحّ عند أهل العلم سماع مكحول من عنبسة، ذكر ذلك دُحيم وغيرهط (¬2)، وقال أيضًا: ذكر أبو زرعة أنّ أحمد بن حنبل كان يعجبه حديث أمّ حبيبة في مس الذكر ويقول: هو حسن الإسناد، وذكر غيره عنه أنه كان يُصحّحُه (¬3). قال الشيخ أبو العباس رضي الله عنه: وقد عُورض حديثُ الوضوء من مس الذكر بحديث قيس بن طلق عن أبيه طلق بن علي الحنفي أن ¬

_ (¬1) انظر: السنن (1/ 130). قلت: وممن أعله بالانقطاع: يحيى بن معين، وأبو زرعة، وأبو حاتم، والنسائي، والطحاوي. انظر: تاريخ ابن معين - رواية الدوري - (4/ 439)، ومراسيل ابن أبي حاتم (ص: 21، 2121) (رقم: 790، 798)، وسنن النسائي (3/ 296) عقب حديث (1814)، وشرح معاني الآثار (1/ 75)، والتلخيص الحبير (1/ 133). (¬2) قلت: دُحيم وإن كان أعرف بحديث الشاميين كما قال الحافظ في التلخيص (1/ 133) لكن خالفه أبو مسهر، فنفى سماع مكحول من عنبسة، بل شكك في إدراكه له كما قال ابن معين في التاريخ - رواية الدوري - (4/ 439)، وهو أيضًا من ثقات الشاميين، فيترجّح قول الجمهور، ولو ثبت سماع مكحول منه فإن هناك علة أخرى تقدح في صحة الإسناد، وهي التدليس. قال البوصيري في مصباح الزجاجة (1/ 191): "هذا إسناد فيه مقال: مكحول الدمشقي مدلّس، وقد رواه بالعنعنة فوجب ترك حديثه، لا سيما وقد قال البخاري وأبو زرعة وهشام بن عمار وأبو مسهر وغيرهم أنّه لم يسمع من عنبسة بن أبي سفيان، فالإسناد منقطع". (¬3) انظر: التمهيد (17/ 192 - 194)، وعارضة الأحوذي (1/ 118)، والتلخيص الحبير (1/ 133). قال ابن سيد الناس: ومما صح في هذا الباب حديث أم حبيبة، ونقل تصحيحه أيضًا عن الإمام أحمد والبيهقي. أجوبة ابن سيد الناس على أسئلة ابن أبيك (2/ 140 - 141).

رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سُئل عن الوضوء من مسّ الذكر، فقال: "وهَل هو إلَّا بُضعة منك". وهذا حديث مشهور، خرّجه النسائي، والترمذي، وأبو داود، وابن الجارود وغيرهم (¬1). ¬

_ (¬1) حديث طلق بن علي ورد من عدة طرق: الأولى: طريق عبد الله بن بدر: أخرجه أبو داود في السنن كتاب: الطهارة، باب: الرخصة في الوضوء من مس الذكر (1/ 127) (رقم: 182)، والترمذي في السنن كتاب: الطهارة، باب: ما جاء في ترك الوضوء من مس الذكر (1/ 131) (رقم: 85)، والنسائي في السنن كتاب: الطهارة، باب: ترك الوضوء من مس الذكر (1/ 109) (رقم: 165)، وابن أبي شيبة في المصنف (1/ 165)، وابن الجارود في المنتقى (ص: 17) (رقم: 21)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (3/ 402) (رقم: 1119)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 75)، والدارقطني في السنن (1/ 149)، والبيهقي في السنن الكبرى (1/ 134)، وابن شاهين في ناسخ الحديث ومنسوخه (ص: 99) (رقم: 103) كلهم من طرق عن ملازم بن عمرو، عن عبد الله بن بدر، عن قيس بن طلق، به. قال الترمذي: "حديث ملازم بن عمرو، عن عبد الله بن بدر أصح وأحسن". قلت: هذه الطريق صحيحة إلى قيس بن طلق، فهي أقوى الطرق كلها كما قال الترمذي. الثانية: طريق محمد بن جابر اليمامي: أخرجه أبو داود في السنن (1/ 128) (رقم: 183)، وابن ماجة في السنن (1/ 163) (رقم: 483)، وأحمد في المسند (4/ 23) والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 75)، والطبراني في المعجم الكبير (8/ 396) (رقم: 8233، 8234)، والدارقطني في السنن (1/ 149)، والبيهقي في معرفة السنن (1/ 409)، والقطعي في جزء الألف دينار (رقم: 80) كلهم من طرق، عن محمد بن جابر، عن قيس بن طلق به. وهذا إسناد حسن إلى قيس بن طلق، لأنّ محمد بن جابر هذا قال فيه أبو حاتم وأبو زرعة: "إن من كتب عنه باليمامة وبمكة فهو صدوق، إلَّا أن في أحاديثه تخاليط، أي سيء الحفظ". ومن الرواة عنه ابن عيينة كما ذكره أبو داود وهو مكي، وقد توبع من جهة الرواة الآخرين. الثالثة: طريق أيوب بن عتبة: أخرجه أحمد في المسند (4/ 22)، والطيالسي في المسند (ص: 147) (رقم: 1096)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 75 - 76)، والطبراني في المعجم الكبير (1/ 401) رقم: 8249)، وابن الجعد في مسنده (2/ 1149) (رقم: 3422)، وابن شاهين في =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = الناسخ والمنسوخ (ص: 98) (رقم: 102) من طرق عن أيوب بن عتبة، عن قيس بن طلق به. وهذا إسناد ضعيف إلى قيس بن طلق: لأنّ أيوب بن عتبة ضعيف، وقد ذكروا فيه أن أحاديثه باليمامة أصح، لكن الرواة عنه في هذا الحديث ليسوا من أهل اليمامة. الرابعة: طريق عكرمة بن عمار: أخرجه ابن حبان في صحيحه (الإحسان) (3/ 404) (رقم: 1121)، والبيهقي في معرفة السنن (1/ 411) من طريق حسين بن الوليد، عن عكرمة بن عمار، عن قيس بن طلق، عن أبيه: أنه سأل النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - عن الرجل يمسّ ذكره وهو في الصلاة: قال: "لا بأس به إِنَّهُ لبعض جسدك". إسناده لا بأس به إلى قيس بن طلق، وعكرمة بن عمار وإن كان صدوقًا يغلط لكنه توبع من قبل الآخرين. الخامسة: طريق أيوب بن محمد العجلي: أخرجه ابن عدي في الكامل (1/ 344) من طريق عبد الحميد بن جعفر، عن أيوب بن محمد العجلي، عن قيس بن طلق به. إسناده ضعيف إلى قيس بن طلق، فيه أيوب العجلي، ضعفه ابن معين، وقال الدارقطني: مجهول. انظر: الميزان (1/ 292)، واللسان (1/ 478). فهذه خمسة طرق لهذا الحديث ما بين صحيح وحسن وضعيف، وقد يعضد بعضها بعضًا، إلَّا أنّ مدار هذه الطرق كلها على قيس بن طلق، واختلفوا فيه: فضعَّفه الشافعي بقوله: قد سألنا عن قيس بن طلق، فلم نجد من يعرفه. مما يكون لنا قبول خبره. كما ضعّفه ابن معين في قصة المناظرة فقال: لقد أكثر الناس في قيس بن طلق وأنه لا يحتج به، لكن في ثبوت القصة نظر. وضعفه أيضًا أبو زرعة وأبو حاتم الرازيان والدارقطني. ووثقه ابن معين في رواية الدارمي عنه (وهذه أصح من رواية التضعيف)، كما وثقه أحمد بقوله: ما أعلم به بأسًا (وتوثيقه هذا في أدنى مراتب التعديل). ووثّقه أيضًا العجلي وابن حبان (وهما متساهلان)، وقال ابن القطان: ينبغي أن يكون حديثه حسنًا لا صحيحًا. وهذا مبني على قاعدته أن كل من اختلف فيه فحديثه عنده حسن. فالذي يدل عليه قول أكثرهم أنه صدوق، وهذا الذي توصل إليه الحافظ في التقريب (رقم: 5580)، فالحديث حسن، وقد صححه غير واحد من أهل العلم كالطحاوي، وابن حبان، والطبراني، وابن حزم، والفلاس، والحازمي، والهيثمي، والمباركفوري، والألباني. انظر: الحلى لابن حزم (1/ 223)، والتلخيص الحبير (1/ 134)، وصحيح سنن الترمذي =

وبه يقول أهل الكوفة (¬1)، وإليه ذهب علي بن المديني، واحتج به على يحيى بن معين في مناظرة جرت بينهما، وقال: كيف تتقلد إسناد بسرة، ومروان أرسل شرطيًّا حتى ردّ جوابها إليه؟ فقال له ابن معين: وقد أكثر الناس في قيس بن طلق (¬2)، ولا يُحتج بحديثه، ورُوي أن أحمد بن حنبل حضر مناظرتهما فقال: كلا الأمرين على ما قلتما، فتركا الأحاديث المرفوعة واحتجَّا بأقوال الصحابة، فصوّب ابن حنبل ذلك، ذكر مناظرتهم على وجهها أبو الحسن الدارقطني في كتاب السنن (¬3). ¬

_ = (رقم: 74)، وصحيح سنن النسائي (159)، وصحيح سنن ابن ماجة (رقم: 392)، وأجوبة ابن سيد الناس (2/ 156)، وتحفة الأحوذي (1/ 234). وانظر أقوال الأئمة في قيس بن طلق في: معرفة السنن والآثار (1/ 408)، وتاريخ عثمان بن سعيد الدارمي (رقم: 486)، والعلل لابن أبي حاتم (1/ 48)، وسؤالات أبي داود للإمام أحمد (ص: 355) (رقم: 551)، وثقات ابن حبان (5/ 313)، ومعرفة الثقات للعجلي (2/ 221)، والجرح والتعديل (7/ 100 - 101)، وبيان الوهم والإيهام (4/ 144) وتهذيب التهذيب (8/ 856). (¬1) أورد الحازمي حديث طلق بن علي من طريق أيوب بن عتبة ومحمد بن جابر ثم قال: اختلف أهل العلم في هذا الباب، فذهب بعضهم إلى هذه الأحاديث، ورأوا ترك الوضوء من مس الذكر، روي ذلك عن علي بن أبي طالب وعمار بن ياسر وعبد الله بن مسعود وعبد الله بن عباس وحذيفة بن اليمان وعمران بن حصين وأبي الدرداء وسعد بن أبي وقاص في إحدى الروايتين وسعيد بن المسيب في إحدى الروايتين وسعيد بن جبير وإبراهيم النخعي وربيعة بن أبي عبد الرحمن وسفيان الثوري وأبو حنيفة وأصحابه ويحيى بن معين وأهل الكوفة. انظر: الاعتبار (ص: 79 - 82)، وكذا شرح معاني الآثار (1/ 79)، والمبسوط (1/ 66)، وفتح القدير (1/ 54، 55)، وتبيين الحقائق (1/ 7 - 12)، واللباب (1/ 18، 19)، مراقي الفلاح (ص: 14). (¬2) في الأصل: "قيس بن طلحة"، وهو خطأ، وقد نبّه عليه الناسخ بقوله: "كذا". (¬3) أخرجه الدارقطني في السنن (1/ 150)، والحاكم في المستدرك (1/ 139) من طريق عبد الله بن يحيى القاضي السرخسي، عن رجاء بن مرجي الحافظ قال: اجتمعنا في مسجد الخيف أنا وأحمد بن حنبل فذكره. =

وقد ذكرنا عن أحمد بن حنبل أنه صحح رواية عروة، عن مروان ورسوله عن بسرة وحديث أم حبيبة (¬1)، ولعله انتقل على أحد المذهبين (¬2)، والله أعلم. وقال أبو محمد بن شراحيل في توجيه الموطأ (¬3): "سألتُ النسائي ما الذي تأخذ به في مسّ الذكر؟ فقال: ترك الوضوء، وحديث قيس بن طلق عن أبيه أحب إليّ قلت له: وقيس تقوم به حجة؟ قال: لا، ولكنه خير من الشيخ الذي قتل طلحةَ بن عُبيد الله -يعني مروان بن الحكم-، قتله يوم الجمل". ¬

_ = والقصة ذكرها أيضًا ابن المنذر في الأوسط (1/ 204) وابن العربي في العارضة (1/ 114) لكنها لا تصح، لأن في إسنادها عبد الله من يحيى السرخسي. قال فيه ابن عدي: حدّث بأحاديث لم يتابعوه عليه، وكان متهمًا في روايته عن قوم أنه لم يلحقهم مثل علي بن حجر وغيره. وقال الحافظ: لقيه أبو أحمد عن عدي واتهمه بالكذب فما روايته عن علي بن حجر ونحوه، ثم ذكر له حديثًا عن ابن عباس لا طاعة الوالدين منكرًا وقال: رجاله ثقات غير هذا الرجل فهو آفته. ثم إن الراوي عن السرخسي هذا هو محمد بن الحسن النقاش عند الدارقطني، وقال فيه الحافظ: كذاب. وعلى هذا فالقصة باطلة لا يجوز الاحتجاج بها. انظر: الكامل لابن عدي (4/ 1580)، واللسان (3/ 376 - 377)، و (5/ 125). (¬1) انظر: (4/ 261). (¬2) ما قاله المصنف محتمل لكن بشرط ثبوت القصة وقد تقدم أنها غير ثابتة فمذهب أحمد هو الوضوء من مس الذكر، روى أبو داود عن أحمد قال: من مس الذكر يعيد الوضوء. وقال ابن هانئ: سمعته يقول: إذا مس فرجه ثم صلى يعيد الصلاة. وذكر ابن المنذر عن أحمد بن علي الورّاق أنه سمع أحمد قال: وقد روي عن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "من مس ذكره فليتوضأ"، وروي عنه أنه قال: "إنما هو بضعة منك" وكلا الحديثين فيهما شيء إلَّا أنِّي أذهب إلى الوضوء. انظر: مسائل أحمد لأبي داود (ص: 12)، ولابن هانئ (1/ 9)، ولابنه عبد الله (ص: 16). (¬3) لم أقف على ترجمته، لكن ذكر ابن الفرضي هذا الكتاب ليحيى بن شراحيل، وقال: "يُكنَّى أبا زكريا، كان حافظًا للمسائل على مذهب مالك، عاقدًا للشروط، ولم تكن له رواية تُشتهر عنه، وكان موصوفًا بالعلم، معدودًا من أهله". انظر: تاريخ علماء الأندلس (2/ 190 - 191). فلا أدري هل هو يحيى بن شراحيل هذا أو غيره، والله أعلم. وانظر أيضًا: الأعلام للزركلي (8/ 149).

قال الشيخ أبو العباس رضي الله عنه: وكأنَّ هؤلاء لم يثبت عندهم حديث الوضوء من مسّ الذكر من غير رواية بسرة، ولا صحَّ عندهم سماع عروة منها. ولو ثبت الحكمان معًا لقُضي بحديث بسرة على حديث طلق ولحمل على النسخ، لأن حديث طلق جارٍ على معهود الأصل وهو الحكم المتقدم، وحديث بسرة حكم طار عليه، ألا ترى أن قوله: "وهل هو إلَّا بضعة منك" إنكار على السائل، فلو تقدم الأمر بالوضوء منه لما أنكر السؤال عنه، ولصرّح بنسخه والله أعلم (¬1). وقال ابن السكن في صيحه: "يقال: إن حديث بسرة ناسخ لحديث طلق بن علي؛ لأنَّ طلقًا قدم المدينةَ والمسجد يُبنى ثم رجع إلى بلاد قومه، وبسرة ومن تابعها تأخر إسلامهم" (¬2). ¬

_ (¬1) انظر نحو هذا الكلام لابن حزم في المحلّى (1/ 223). (¬2) انظر: الاستذكار (3/ 31). قال ابن حبان: خبر طلق بن علي الذي ذكرناه خبر منسوخ: لأنّ طلق بن علي كان قدومه على النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - أول سنة من سني الهجرة، حيث كان المسلمون يبنون مسجدَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة، وقد روى أبو هريرة إيجاب الوضوء من مسّ الذَّكر على حسب ما ذكرناه قبل، وأبو هريرة أسلم سنة سبع من الهجرة، فدل ذلك على أنّ خبر أبي هريرة كان بعد خبر طلق بن علي بسبع سنين. الإحسان (3/ 405). وهذا الذي نقله المصنف عن ابن السكن، وذكرتُه عن ابن حبان هو ما قرّره أيضًا ابن حزم في المحلى (1/ 223)، والكلوذاني في الانتصار (1/ 335)، والبغوي في شرح السنة (1/ 264)، وابن العربي في العارضة (1/ 118)، وابن شداد في دلائل الأحكام (1/ 103)، والجعبري في رسوخ الأخبار (ص: 194)، وابن القيم في تهذيب السنن (1/ 135)، وغيرهم. واستندوا في ذلك بما رواه الدارقطني في السنن (1/ 148 - 149)، وابن حبان في صحيحه =

قال الشيخ أبو العباس رضي الله عنه: وقد أرخينَا في هذا الحديث زمام العنان، وأطلقنا في ميدانه قلم البيان، على أنَّا لم نخرج في ذلك عن طريق الاقتصاد، ولا بلغنا في مدّ أطنابه كُنْه المراد، بَيدَ أن الكلامَ إذا قلّ ودَلَّ اكتفي به كي لا يُملّ. ¬

_ = (الإحسان) (3/ 404) (رقم: 1122)، والبيهقي في السنن الكبرى (1/ 135)، والحازمي في الاعتبار (ص: 93) بإسناد حسن من حديث طلق بن علي أنه قال: أتيتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهم يؤسِّسون مسجد المدينة. قالوا: وأبو هريرة أسلم عام خيبر سنة سبع من الهجرة، والمتأخر يقضي على المتقدّم. قلت: يؤيِّد القول بنسخ حديث طلق ما ذكره المؤلف من كون حديث طلق على البراءة الأصلية، وأما حديث بسرة فقد أنشأ حكمًا مستقلًا، فلا شك أنّه متأخر على حديث طلق، والمتأخر يقضي على المتقدم، والله أعلم. وتعقَّب الطيبي في شرح المشكاة (3/ 763) القول بالنسخ، فقال: ادّعاء النسخ فيه قولٌ مبني على الاحتمال، وهو خارج عن الاحتياط إلَّا أن يثبت أن طلقًا توفي قبل إسلام أبي هريرة أو رجع إلى أرضه ولم يبق له صحبة بعد ذلك، وما يدري هذا القائل أن طلقًا سمع هذا الحديث بعد إسلام أبي هريرة. اهـ. لكن ردّ اللكنوي قول الطيبي وقال: هذا القول فيه ما فيه، ولم يثبت أنه قدم مرة ثانية، ثم ذكر وجه الإنصاف في ذلك فقال: والإنصاف في هذا المبحث أنه إن اختير طريق النسخ، فالظاهر انتساخ حديث طلق لا العكس، وإن اختير طريق الترجيح ففي أحاديث النقض كثرة وقوة، وإن اختير طريق الجمع فالأولى أن يُحمل الأمر على العزيمة وعدم النقض على الضرورة. التعليق الممجّد (1/ 202، 216). قلت: وهذا الأخير أعني حمل حديث الأمر بالوضوء على الندب هو قول أبي حنيفة، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية حيث قال: وأمره بالوضوء من مسّ الذَكر إنما هو استحباب إما مطلقًا، وإما إذا حرّك الشهوة، وليس في النصوص ما يدل أنه منسوخ، بل النصوص تدل على أنه ليس بواجب، واستحباب الوضوء منه أعدل الأقوال من قول من يوجبه وقول من يراه منسوخا، وهذا أحد القولين في مذهب أحمد وغيره. انظر: المبسوط (1/ 66)، وحقيقة الصيام (ص: 45، 46).

101 - مسند جدامة بنت وهب الأسدية

101 - مسند جُدامة بنت وهب الأسدية حديث واحد. 609 / حديث: "لقد هممتُ أن أنهى عن الغيلة (¬1) ... ". في آخر الرضاع. عن محمد بن عبد الرحمن بن نوفل -هو أبو الأسود-، عن عروة بن الزبير، عن عائشة أم المؤمنين، عن جُدامة رفعته (¬2). مِن النَّاس من جعل هذا الحديث لعائشة، ولم يذكر فيه جُدامة (¬3)، ¬

_ (¬1) قال الوقَّشي: الغيلة: المصدر، والغِيلة بكسر الغين الهيئة كالجِلسة والجلسة، ومعناه أن ترضع المرأة الصبيّ وهي حامل، أو يطأها الرجل وهي تُرضع. التعليق على الموطأ (ل: 87 / ب). (¬2) الموطأ كتاب: الرضاع، باب: جامع ما جاء في الرضاعة (2/ 474) (رقم: 16). وأخرجه مسلم في صحيحه كتاب: النكاح، باب: جواز الغيلة (2/ 1066) (رقم: 140) من طريق خلف بن هشام ويحيى النيسابوري. وأبو داود في السنن كتاب: الطب، باب: في الغيل (4/ 221) (رقم: 3882) من طريق القعنبي. والترمذي في السنن كتاب: الطب، باب: ما جاء في الغيلة (4/ 354) (رقم: 2077) من طريق ابن وهب، وإسحاق الطباع. والنسائي في السنن كتاب: النكاح، باب: الغيلة (6/ 416) (رقم: 3326) من طريق عبد الرحمن بن مهدي. وأحمد في المسند (6/ 361) من طريق عبد الرحمن بن مهدي. والدارمي في السنن كتاب: النكاح، باب: في الغيلة (2/ 146) من طريق خالد بن مخلد، كلهم عن مالك به. (¬3) الذي جعله لعاثشة هو أبو عامر العقدي، ذكره الدارقطني وقال: "خالفه أصحاب مالك فأسندوه عن عائشة، عن جُدامة بنت وهب، عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وهو الصواب". العلل (5 / ل: 128 / أ). وزاد ابن عبد البر: القعنبي في سماعه من مالك في غير الموطأ، وأخرجه من طريقه الطحاوي في شرح مشكل الآثار (9/ 289) (رقم: 3665). انظر: التمهيد (13/ 90)، والاستذكار (18/ 281).

والأصح أنه لجدامة، خرّجه مسلم عنها من طريق مالك (¬1). ولم يخرِّج البخاري لجُدامة شيئًا (¬2). وجُدامة: بالدَّال المهملة، وقيل بالذَّال المعجمة، وهكذا قال فيها خلف بن هشام البزار عن مالك، رواه مسلم عنه، وذَكَر أن الصحيح بالدال المهملة (¬3). قال أبو مسعود الدمشقي: "يريد عن مالك، وزعم أن غيره يقول فيها: جذامة بالذال المعجمة" (¬4). وذكر مسلم في الصحيح أن جُدامة هذه هي أخت عكاشة بن محصن (¬5). ¬

_ (¬1) سبق تخريجه، ورجّح هذا الوجه الحافظ المزي أيضًا فقال: "رُوي عن عروة، عن عائشة، عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - ليس فيه جدامة، ورُوي عن عروة، عن جُدامة، ليس فيه عائشة، والصحيح: عن عروة، عن عائشة، عن جدامة". تهذيب الكمال (35/ 143). (¬2) قال ابن طاهر: "روت عنها عائشة عند مسلم وحده"، وقال المزي: "روى لها الجماعة سوى البخاري". انظر: الجمع بين رجال الصحيحين (2/ 603)، وتهذيب الكمال (35/ 142). (¬3) بل قال الدارقطني والعسكري: إن من ذكرها بالذال المعجمة فقد صحّف. وذكر النووي والسيوطي أن الرواية بالدال المهملة هو قول جمهور العلماء بلا خلاف. انظر: صحيح مسلم (2/ 1066)، والمؤتلف والمختلف للدارقطني (2/ 899)، ومشارق الأنوار (1/ 172)، وشرح النووي على صحيح مسلم (10/ 16)، وتهذيب الأسماء واللغات (2/ 335)، وتهذيب التهذيب (12/ 434)، وتنوير الحوالك (2/ 45)، وإسعاف المبطأ (ص: 340). (¬4) انظر: تحفة الأشراف (11/ 274)، ومراده من غير مالك سعيد بن أبي أيوب ويحيى بن أيوب إلَّا أن روايتهما في صحيح مسلم جاءت بالدال المهملة أيضًا كرواية يحيى النيسابوري عن مالك. (¬5) أي لأمِّه كما قاله النووي والمزي والذهبي، وغيرهم: لأنّ جدامة هي بنت وهب الأسدية، وعكاشة هو ابن محصن الأسدي. انظر: صحيح مسلم (2/ 1067)، وشرح النووي (4/ 16)، وتهذيب الأسماء له (3/ 335)، وتحفة الأشراف (11/ 273)، وتهذيب الكمال (35/ 141)، والكاشف (3/ 422) وتهذيب التهذيب (12/ 434)، والتقريب (رقم: 8550)، وإسعاف المبطأ (ص: 34).

وزعم ابن عبد البر أنَّها أم قيس بنت وهب بن مِحصن (¬1)؛ وفي ذلك نظر، مَيَّز عامة المؤرخين وجامعي أسماء المحدّثين بينهما، ذكروا جُدامة في حرف الجيم من الأسماء ولم يكنوها، وذكروا أم قيس في حرف القاف من الكنى، ولم يسمُّوها (¬2). على أن أبا الأسود قد روى عن عروة حديثًا في نزع المخيط قبل الإفاضة، فقال فيه مرة: عن جُدامة بنت وهب، وهي أخت عُكَّاشة بن وهب: أن عُكاشة بن وهب وأخًا له أخبراها به. وقال فيه مرّة أخرى: عن أم قيس بنت محصن قالت: دخل عليَّ عُكاشة ¬

_ (¬1) هكذا قال في التمهيد، وفرّق بينهما في الاستيعاب، فذكر جدامة في حرف الجيم ولم يكنّها، وترجم لأم قيس بنت محصن في حرف الميم من الكنى ولم يسمّها، وهكذا فعل غيره كما قال المؤلف، وهو الراجح. (¬2) انظر: الطبقات الكبرى (8/ 192)، وتاريخ ابن أبي خيثمة (ص: 251 - رسالة كمال)، والمستدرك للحاكم (4/ 68)، والتمهيد (9/ 108)، والاستيعاب (12/ 235)، و (13/ 267)، وأسد الغابة (7/ 49، 368)، وتحفة الأشراف (11/ 273)، (13/ 96)، وتهذيب الكمال (35/ 141، 379)، والكاشف (3/ 422، 343)، والإصابة (12/ 171)، (13/ 269)، وتهذيب التهذيب (12/ 434، 503)، التقريب (رقم: 8550، 8756)، وإسعاف المبطأ (ص: 34، 36). وهناك قرائن أخرى، منها: - أن أم قيس من رواة الجماعة، وأما جدامة فلم يخرج لها البخاري. - ما ذكره أبو القاسم الجوهري في مسند الموطأ (ل: 30 / أ) من أنّ اسم أم قيس آمنة بنت محصن. - أنّ بقي بن مخلد ذكر أم قيس بنت محصن في عداد أصحاب العشرات ممّن لها أربعة وعشرون حديثًا، وذكر جدامة فيمن له حديثان فقط. انظر: عدد ما لكل واحد من الصحابة من الحديث لبقي بن مخلد - ترتيب ابن حزم - ضمن بقي بن مخلد القرطبي ومقدمة مسنده للدكتور أكرم العمري (ص: 90، 127).

ابن محصن وأخي بمنى، وساقه. خرّجه الطحاوي في معاني الآثار على الوجهين معا (¬1). وهذا ينحو إلى ما قاله أبو عمر؛ لأنَّها قصة واحدة بإسناد واحد، والله أعلم (¬2). وعُكَّاشة بضم العين، وأما الكاف فتُشَدَّد وتُخَفَّف لغتان (¬3)، والعُكَّاش اسم العنكبوت (¬4). ¬

_ (¬1) شرح معاني الآثار (2/ 227 - 228). (¬2) ما قاله المؤلف محتمل لو لم يكن مدار رواية الطحاوي محلى ابن لهيعة، فيُخشى أن يكون هذا من تخاليطه، لا سيما وقد اختُلف عليه، فقال ابن أبي مريم في روايته عنه: عن جدامة بنت وهب أخت عكّاشة بن وهب، وقال عبد الله بن يوسف في روايته عنه: عن أم قيس بنت محصن، وكلاهما ثقة حافظ يصعب ترجيح أحدهما على الآخر إلَّا أنّ الحديث جاء من وجه آخر عند ابن قانع في معجم الصحابة (2/ 235)، والبيهقي في السنن الكبرى (5/ 137) من طريق ابن إسحاق، عن أبي عبيدة أنه قال: حدّثتني أم قيس بنت محصن قالت: خرج من عندي عكاشة بن محصن فذكرته. ولأجل هذه الرواية رجَّح الحافظ طريق عبد الله بن يوسف على ابن أبي مريم، وقال: "كأنَّ هذا أصح". "الإصابة (7/ 33). (¬3) ذكرهما ابن عبد البر وابن الأثير وغيرها، قال النووي: "والتشديد أفصح وأشهر". انظر: الاستيعاب (8/ 114)، وأسد الغابة (4/ 65)، وشرح صحيح مسلم للنووي (10/ 24)، وتهذيب الأسماء واللغات (1/ 338)، والإصابة (7/ 32). (¬4) انظر: لسان العرب (6/ 319) (باب: الشين، فصل العين).

102 - مسند حبيبة بنت سهل الأنصارية

102 - مسند حبيبة بنت سهل الأنصاريّة حديث واحد 610 / حديث: "قالت: لا أنا ولا ثابت بن قيس (¬1) لزوجها ... ". فيه: ذكر الخلع. في الطلاق. عن يحيى بن سعيد، عن عمرة بنت عبد الرحمن، عن حبيبة بنت سهل أنَّها كانت تحت ثابت بن قيس، ووصفت القصة (¬2). لم تصرِّح عمرة ها هنا بالإخبار، وقال فيه الشافعي عن مالك: يحيى عن عمرة أن حبيبة أخبرتها (¬3). ¬

_ (¬1) قال السندي: "يُحتمل أن (لا) الثانية مزيدة، والخبر محذوف بعدهما، أي: مجتمعان، أي لا يمكن لنا اجتماع، ويُحتمل أنها غير زائدة، وأن خبر كل محدوف، أي: لا أنا مجتمعة مع ثابت، ولا ثابت مجتمع معي". حاشية السندي على سنن النسائي (6/ 481). (¬2) الموطأ كتاب: الطلاق، باب: ما جاء في الخلع (6/ 442) (رقم: 31). وأخرجه أبو داود في السنن كتاب: الطلاق، باب: في الخلع (2/ 667) (رقم: 2227) من طريق القعنبي. والنسائي في السنن كتاب: الطلاق، باب: ما جاء في الخلع (6/ 481) (رقم: 3462) من طريق ابن القاسم. وأحمد في المسند (6/ 443) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، ثلاثتهم عن مالك به. (¬3) انظر: مسند الإمام الشافعي (2/ 50) (رقم: 163 - بترتيب السندي -). وروى عبد الرزاق أيضًا في المصنف (6/ 484) (رقم: 11762) عن ابن جريج أنَّه قال: أخبرني يحيى بن سعيد: أن عمرة بنت عبد الرحمن حدّثته أن حبيبة بنت سهل حدَّثتها أن ثابت بن قيس، فذكره. وعليه يصح الحديث، وقد صححه ابن حبان (الإحسان) (10/ 110) (رقم: 4280)، وكذا ابن خزيمة كما حكاه الحافظ في الفتح (9/ 310). =

ولم يُخَرَّج في الصحيحين عن حبيبة هذه شيء (¬1). وقد رُوي هذا الحديث عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: "أوّلُ مختلعة في الإسلام حبيبة بنت سهل، كانت تحت ثابت بن قيس"، وذكره بأتم ألفاظ، خرّجه البزار عنه (¬2). وجاء أن المختلعة من ثابت كانت جميلة بنت عبد الله بن أُبَي بن سَلول (¬3)، وقيل: زينب بنت عبد الله بن أُبيّ (¬4)، وقيل: أخت ¬

_ = وقال الألباني في الإرواء (7/ 102): "هذا سند صحيح إن كانت عمرة سمعته من حبيبة". قلت: نعم، ثبت ذلك من طريق الشافعي عن مالك كما ذكر المصنف، وكذا من طريق ابن جريج عن يحيى بن سعيد. (¬1) روى لها أبو داود والنسائي فقط. انظر: تهذيب الكمال (35/ 147)، وتهذيب التهذيب (12/ 437)، التقريب (رقم: 8556). (¬2) أخرجه في مسنده (1/ 422) (رقم: 198 - البحر الزخار -) وفيه ابن لهيعة، وليس الراوي عنه أحد العبادلة لكن يشهد له حديث سهل بن أبي حثمة عند أحمد في المسند (4/ 3)، وأبي نعيم في المعرفة (2 / ل: 342 / ب) وفيه: "من ذلك أول خلع في الإسلام". وحديث ابن عباس عند أبي نعيم في المعرفة كما ذكر الحافظ في التلخيص (3/ 231). (¬3) جاء ذلك عند البخاري في صحيحه كتاب: الطلاق، باب: الخلع وكيف الطلاق فيه (3/ 407) (رقم: 5277) من حديث عكرمة مرسلًا. ورواه النسائي في السنن كتاب: الطلاق، باب: عدة المختلعة (6/ 497) (رقم: 3497) من حديث الرُّبَيع بنت معوذ بن عفراء، وفيه: شاذان بن عثمان، قال عنه الحافظ في التقريب (رقم: 4112): "مقبول"، وبقية رجاله ثقات. ورواه ابن ماجة في الطلاق، باب: المختلعة تأخذ ما أعطاها (1/ 663) (رقم: 2056)، والبيهقي في السنن الكبرى (7/ 313)، وأبو نعيم في المعرفة (3 / ل: 340 / ب) من حديث ابن عباس، وفيه: أن جميلة بنت سلول أتت النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - فذكره، وصحح العراقي إسناده كما نقله تلميذه العيني في عمدة القاري (20/ 263). (¬4) رواه عبد الرزاق في المصنف (6/ 502 - 503) (رقم: 11843)، والدارقطني في السنن (3/ 255)، والبيهقي في السنن الكبرى (7/ 314) من طريق أبي الزبير مرسلًا. =

عبد الله (¬1)، ولعلَّها قَصَصٌ مفرّقة في زوجات شَتَّى (¬2). ¬

_ = قال عبد الرزاق والدارقطني: "سمعه أبو الزبير من غير واحد"، ولأجله قال ابن الجوزي: "إسناده صحيح". التحقيق (2/ 288). قال ابن حجر: "فإن كان فيهم صحابي فهو صحيح، وإلا فيعتضد بما سبق" (يعني حديث ابن عباس عند ابن ماجة ومرسل عطاء. وقال في مرضعين آخرين عن هذا المرسل: "سنده قوي مع إرساله، ورجال إسناده ثقات". ثم جمع بين مرسل عطاء وحديث الربيِّع بنت معوّذ فقال: "ولا تنافي بينه وبين الذي قبله: لاحتمال أن يكون لها اسمان، وأحدهما لقب: لأنّ سياق قصتها متقارب، وإن لم يؤخذ بهذا الجمع فالموصول أصح، وقد اعتضد بقول أهل النسب أنّ اسمها جميلة". فتح الباري (9/ 310، 313). (¬1) وقع هذا عند البخاري في الطلاق، باب: الخلع وكيف الطلاق (3/ 406) (رقم: 5274) من حديث عكرمة مرسلًا. وذكر الحافظ أنها لا تعارض الرواية السابقة من أنها بنت عبد الله، لأن عبد الله هذا أخوها لكن نُسب إلى جدّه أُبي. فتح الباري (9/ 310). وقيل: إن المختلعة من ثابت مريم المغالية، أخرجه النسائي في السنن، كتاب: الطلاق، باب: عدة المختلعة (6/ 498) (رقم: 3498)، وابن ماجة في السنن كتاب: الطلاق، باب: عدة المختلعة (1/ 663) رقم: 2058) من حديث الربيّع بنت معوّذ أيضًا. قال الحافظ: "إسناده جيّد، وتسميته مريم يمكن ردّه للأول ... أو يكون اسمًا ثالثًا، أو بعضها لقب لها". فتح الباري (9/ 310). وذكر هذه الأقوال العراقي أيضًا في المستفاد (2/ 1001). (¬2) هذا ما قاله أيضًا البيهقي، والمزي، والذهبي، وغيرهم. انظر: تهذيب الكمال (35/ 147)، وتجريد أسماء الصحابة (2/ 258، 273)، وفتح الباري (9/ 310). ونقل العيني في عمدة القاري (20/ 263)، والمباركفوري في تحفة الأحوذي (4/ 306) عن العراقي أن أصح طرق الحديث حديث حبيبة بنت سهل، على أنه يجوز أن يكون الخلع قد تعدّد غير مرة من ثابت بن قيس لهذه وهذه ... وقد صح كونها حبيبة، وصح كونها جميلة، وصح كونها مريم، فأما تسميتها زينب فلم يصح. قال ابن حجر: "والذي يظهر أنهما قصتان وقعتا لامرأتين لشهرة الخبرين، وصحة الطريقين، واختلاف السياقين". فتح الباري (9/ 310).

وليس في حديث الموطأ ذكر عدّة المختلعة، وروى محمد بن عبد الرحمن، عن الرُّبيِّع بنت معوِّذ بن عفراء أن ثابت بن قيس بن شَمَّاس ضرب امرأته فكسر يَدَها وهي جميلة بنت عبد الله بن أبي، فأتى أخوها يشتكيه .. وذكر الحديث، وفيه: "فأمرها رسول الله أن تَتَربَّصَ حيضةً واحدةً وتلحق بأهلها"، خرّجه النسائي (¬1). وخرّج الترمذي وأبو داود من طريق هشام بن يوسف (¬2)، عن معمر عن عمرو بن مسلم (¬3)، عن عكرمة عن ابن عباس: "أن امرأة ثابت بن قيس اختلعت من زوجها على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - فأمرها أن تعتدَّ بحيضة". لفظ الترمذي (¬4). ¬

_ (¬1) أخرجه النسائي في السنن كتاب: الطلاق، باب: عدة المختلعة (6/ 497) (رقم: 3497) من طريق شاذان بن عثمان، عن أبيه، عن علي بن المبارك، عن يحيى بن أبي كثير، عن محمد بن عبد الرحمن به. ورواته ثقات ما عدا شاذان، فقد قال الحافظ عنه في التقريب (رقم: 4112): "مقبول". لكن للحديث طرق أخرى أوردها المؤلف بعد هذا، فهو صحيح بمجموعها. وقد أخرجه من هذا الوجه أيضًا الطبراني في المعجم الكبير (24/ 265) (رقم: 671) لكن في إسناده ابن لهيعة. (¬2) تصحّف في الأصل إلى هاشم، والصواب ما أثبته كما ورد عند أبي داود والترمذي وغيرهما من كتب التراجم والرجال. انظر: تهذيب الكمال (30/ 265)، وتهذيب التهذيب (11/ 51)، والتقريب (رقم: 7309). (¬3) تصحّف في الأصل إلى سُليم، والصواب ما أثبته، وهو عمرو بن مسلم الجَنَدي اليماني، كما ورد عند أبي داود والترمذي والتقريب وأصوله. (¬4) أخرجه الترمذي في السنن كتاب: الطلاق، باب: ما جاء في الخلع (3/ 491) (رقم: 1185) وأبو داود في السنن كتاب: الطلاق، باب: في الخلع (2/ 669) (رقم: 2229)، والدارقطني في =

وقال أبو داود: "رواه عبد الرزاق عن معمر، عن عمرو بن مسلم، عن عكرمة عن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - ـ مرسلًا (¬1). ¬

_ = السنن (3/ 256) من طريقين، عن هشام بن يوسف به. وقال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب". وأخرجه من هذا الوجه أيضًا الحاكم في المستدرك (2/ 206) وقال: "هذا حديث صحيح الإسناد غير أنّ عبد الرزاق أرسله عن معمر"، ووافقه الذهبي. قلت: مرسل عبد الرزاق سيأتي، ولا يُعلّ به الموصول: لأنّ هشام بن يوسف صنعاني ثقة، بل قال عبد الرزاق نفسه: "إنْ حدّثكم القاضي -يعني هشام بن يوسف- فلا عليكم أن لا تكتبوا عن غيره". وقال أبو زرعة: "كان هشام أصح اليمانيين كتابًا، وقال مرة أخرى: كان أبرّهم وأحفظم وأتقنهم". انظر: الجرح والتعديل (9/ 70 - 71). (¬1) انظر: السنن (2/ 670)، وهو في المصنف (6/ 506) (رقم: 11858). قال ابن حزم في المحلى (9/ 516): "هذا ساقط: لأنه مرسل، وفيه عمرو بن مسلم وليس بشيء". قلت: قوله ليس بشيء قاله ابن خراش أيضًا كما ذكره ابن حجر، وضعّفه أيضًا الإمام أحمد، واختلفت فيه أقوال ابن معين، لكنه من رجال مسلم، وقد قال فيه الذهبي: صالح الحديث، وذكره في كتابه من تُكلم فيه وهو موثق وقال: "صدوق، ضعّفه أحمد". وقال ابن حجر: "صدوق له أوهام". ثم اعتضد هذا المرسل بطرق أخرى موصولة، منها: - حديث أنس، عند البزار (2/ 200) (رقم: 1515 - كشف الأستار -). - وحديث الربيّع، كما تقدّم. - ومرسل سعيد بن المسيب عند أبي داود في المراسيل (ص: 129، 150) (رقم: 207)، فهو حسن لغيره. وانظر ترجمة عمرو بن مسلم في: تهذيب الكمال (22/ 240)، وميزان الاعتدال (4/ 209)، وذكر من تكلّم فيه وهو موثّق (ص: 147)، وتهذيب التهذيب (8/ 92).

قال: وحدّثنا القعنبي عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر قال: "عدّة المختلعة عدّة المطلّقة"، قال أبو داود: والعمل عندنا على هذا" (¬1). * * * ¬

_ (¬1) انظر: السنن - رواية أبي بكر بن داسة -كتاب: الطلاق، باب: في الخلع (ل: 137 / أ)، وفي رواية اللؤلؤي المطبوعة (2/ 670) (رقم: 2230): "عدّة المختلعة حيضة"، وليس فيه أيضًا قول أبي داود: والعمل ... لكن أخرج البيهقي في السنن (7/ 450) من طريق أبي بكر بن داسة عنه بلفظ: عدة المختلعة عدة الطلقة. فكأن ابن عمر له في هذا روايتان، إحداهما أن عدة المختلعة حيضة كما ورد في السنن من رواية اللؤلؤي، والأخرى أنّ عدّتها عدة المطلقة، كما هي رواية أبي بكر بن داسة عنه، وقد ذكرهما ابن القيم أيضًا في تهذيب السنن (3/ 145). والمسألة كما ترى مما اختلف فيها أهل العلم، والذي عليه إلا كثر من أصحاب النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - وغيرهم أن عدة المختلعة عدة الطلقة، فإن كانت ممّن تحيض فثلاثة قروء، وإن كانت من اليائسات فثلاثة أشهر، وبه قال مالك والشافعي وأبو حنيفة وأحمد وإسحاق، وهو المروي عن عمر وعلي وابن عمر في رواية، وهو اختيار أبي داود كما حكاه عنه المؤلف. وذهب عثمان بن عفان، وابن عمر في رواية إلى أنها تعتد حيضة واحدة، وبه قال إسحاق وأبو ثور وهو اختيار ابن المنذر. انظر: الموطأ (2/ 443)، وسنن الترمذي (3/ 492)، والسنن الكبرى للبيهقي (7/ 450 - 451)، والتمهيد (23/ 373 - 374)، والاستذكار (17/ 190 - 194)، وتهذيب السنن (3/ 145)، وأقضية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (ص: 208) محمد بن فرج القرطبي.

103 - مسند أم حرام بنت ملحان بن خالد بن زيد بن حرام

103 - مسند أمّ حرام بنت مِلْحان (¬1) بن خالد بن زيد بن حرام وهي خالة أنس بن مالك أخت أمِّ سُلَيم (¬2). وقال ابن وهب: هي خالة النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - من الرضاعة (¬3). لم يثبت لها اسم (¬4)، ولها حديث مركب. 611 / حديث: "عن أنس قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا ذهب إلى قباءٍ (¬5) يدخل على أمِّ حرام بنت مِلحان فتطعمه، وكانت تحت عبادة ابن الصامت". فيه: "فدخل عليها يومًا فأطعمته، وجلست تفلي في رأسه، فنام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم استيقظ وهو يضحك"، قالت: فقلت: ما ¬

_ (¬1) مِلْحان: بسكون اللام وحاء مهملة، قال القاضي عياض: ضبطه بعض شيوخنا بكسر الميم وفتحها، والكسر أشهر وأعرف. مشارق الأنوار (1/ 399)، وتهذيب الأسماء واللغات (2/ 363). (¬2) انظر: الطبقات الكبرى (8/ 319)، وتاريخ ابن أبي خيثمة (ص: 180 - رسالة كمال -)، والمعجم الكبر للطبراني (25/ 130)، ومعرفة الصحابة لأبي نعيم (2 / ل: 374 / أ)، والاستيعاب (13/ 206)، وأسد الغابة (7/ 304)، والإصابة (13/ 193). (¬3) ذكره ابن عبد البر في التمهيد (1/ 226) من طريق يونس بن عبد الأعلى عنه. وهكذا قال النووي فيها وفي أختها أم سُليم. انظر: تهذيب الأسماء واللغات (2/ 363). (¬4) سمّاها الطبراني: الرُّميصاء، لكن قال ابن عبد البر: "لا أقف لها على اسم صحيح". وقال ابن حجر: "يقال إنها الرميصاء، ولا يصح". انظر: المعجم الكبير (25/ 130)، والاستيعاب (13/ 206)، والإصابة (13/ 163). (¬5) قُباء بالضم والقصر: قرية بعوالي المدينة، وهو اليوم متصل بالمدينة ويُعدُّ من أحيائها. المعالم الأثيرة (ص: 222).

يضحك يا رسول الله؟ قال: "ناس من أمتي عُرِضُوا على غُزاةً في سبيل الله يركبون ثَبَج (¬1) هذا البحر"، وقولها: ادع الله أن يجعلني منهم. في الجهاد: عند آخره. عن إسحاق بن عبد الله، عن أنس بن مالك (¬2). وهذا مركب، تقدم أوّله لأنس (¬3). وقال فيه بشر بن عمر الزهرانى، عن مالك، عن إسحاق، عن أنس، عن أم حرام قالت: "استيقظ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... "، وساقه، جعله لأم حرام وحدها، وحذف أوله، قاله الدارقطني (¬4). ¬

_ (¬1) ثبج البحر: وسطه ومعظمه. النهاية (1/ 206). (¬2) الموطأ كتاب: الجهاد، باب: الترغيب في الجهاد (2/ 370) (رقم: 39). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الجهاد، باب: الدعاء بالجهاد. (2/ 303) (رقم: 2788، 2789)، وفي التعبير، باب: رؤيا النهار (4/ 300) (رقم: 7001، 7002) من طريق عبد الله بن يوسف، وفي الاستئذان، باب: من زار قومًا فقال عندهم (4/ 148) (رقم: 6282، 6283) من طريق إسماعيل بن أبي أويس. ومسلم في صحيحه كتاب: الإمارة، باب: فضل الغزو في البحر (3/ 1518) (رقم: 160) من طريق يحيى النيسابوري. وأبو داود في السنن كتاب: الجهاد، باب: فضل الغزوفي البحر (3/ 14) (رقم: 2490) من طريق القعنبي. والترمذي في السنن كتاب: الجهاد، باب: ما جاء في غزو البحر (4/ 152) (رقم: 1645) من طريق معن بن عيسى. والنسائي في السنن كتاب: الجهاد، باب: فضل الجهاد في البحر (6/ 347) (رقم: 3171) من طريق ابن القاسم، ستتهم عن مالك به. (¬3) تقدَّم حديثه (2/ 33). (¬4) لم أقف عليه في العلل، لا في مسند أنس، ولا في مسند أم حرام. وهي كما قال الحافظ في الفتح (6/ 14) موافقة لرواية محمد بن يحيى بن حبان الآتية بعدها.

وقال فيه محمد بن يحيى بن حَبان عن أنس: حدّثتني أم حرام: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال يوما في بيتها ... "، وساق الحديث، خرّجه البخاري، وأبو داود (¬1). وخرّج أبو داود أيضًا من طريق معمر عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أخت أمّ سليم الرّميصاء قالت: "نام النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -"، وذكر الحديث (¬2)، وقال في آخره: الرميصاء هي أخت أم سليم من الرضاعة. هكذا قال أبو داود، والحديث لأمّ حرام، وهي أخت أم سليم من النسب لأبيها وأمها (¬3)، وانظر الكلام عليها في مسندها (¬4). ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: اأجهاد، باب: ركوب البحر (2/ 330) (رقم: 2894، 2895)، وأبو داود في السنن كتاب: الجهاد، باب: فضل الغزو في البحر (3/ 14) (رقم: 2490) من طريق حماد بن زيد، عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن يحيى بن حبان به. وأخرجه أيضًا مسلم في صحيحه، كتاب: الإمارة، باب: فضل الغزو في البحر (3/ 1519) (رقم: 161، 162). قال الحافظ: "واختلف فيه عن أنس، فمنهم من جعله من مسنده، ومنهم من جعله من مسند أم حرام، والتحقيق أن أوَّله من مسند أنس، وقصة المنام من مسند أم حرام: فإنّ أنسًا إنما حمل قصة المنام عنها". فتح الباري (11/ 75). (¬2) أخرجه أبو داود في السنن كتاب: الجهاد، باب: فضل الغزو في البحر (3/ 15) (رقم: 2491) من طريق هشام بن يوسف، عن معمر به. وسنده صحيح كما قال الحافظ في الفتح (11/ 75). (¬3) نقل القاضي عياض قول أبي داود هذا، وقال: "هذا وهم". وقال ابن كثير: زعم أبو داود أنها أختها من الرضاعة، والصحيح أنها أختها نسبًا. وقال العظيم آبادي: هذا ليس بصحيح، وذكر أنه لم يجده في بعض نسخ أبي داود. انظر: مشارق الأنوار (1/ 307)، وجامع المسانيد (427/ 16)، وعون المعبود (7/ 170). (¬4) انظر: (4/ 326).

وقولها في الحديث: "قال في بيتها" معناه: نام بالقائلة (¬1). وقول أنس: "فركبتْ البحرَ في زمن معاوية"، يريد معه: إذ غزا في خلافة عثمان (¬2). * * * ¬

_ (¬1) انظر: التعليق على الموطأ للوقشي (ل: 5 / أ). والقائلة: نصف النهار، والمقيل أو القيلولة: الاستراحة نصف النهار، وإن لم يكن معها نوم، يقال: قال يقيل قيلولة فهو قائل. انظر: النهاية (4/ 133)، القاموس المحيط (ص: 1359). (¬2) أي في زمن إمارته على الشام، وكان ذلك في سنة ثمان وعشرين. انظر: تاريخ خليفة بن خياط (ص: 160)، والفتح (6/ 23)، و (12/ 409).

104 - مسند خنساء بنت خذام بن وديعة

104 - مسند خنساء بنت خِذَام بن وديعة وقيل: خذام بن خالد الأنصارية، من الأوس (¬1). حديث واحد. 612 / حديث: "أن أباها زوَّجها وهي ثيِّب، فكرهتْ ذلك ... ". فيه: "فرَدَّ نكاحه". في النكاح، باب: ما لا يحوز منه. عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عبد الرحمن ومُجَمَّع ابني يزيد ابن جارية الأنصاري، عن خنساء بنت خذام (¬2). هكذا جاء في الموطأ عن خنساء مسندًا (¬3)، وقال فيه ابن مهدي: عن ¬

_ (¬1) اختلف في وديعة، هل هو والد خذام، أو جدّه: قال الحافظ: والصحيح أنّ اسم أبيه خالد، ووديعة جدّه. انظر: الاستيعاب (12/ 290)، وأسد الغابة (7/ 89)، وتهذيب الأسماء واللغات (2/ 342)، والفتح (9/ 102). (¬2) الموطأ كتاب: النكاح، باب: جامع ما لا يجوز من النكاح (2/ 422) (رقم: 25). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: النكاح، باب: إذا زوّج الرجل ابنته وهي كارهة فنكاحه مردود (3/ 372) (رقم: 5138) من طريق إسماعيل بن أبي أويس، وفي الإكراه، باب: لا يجوز نكاح المكره (4/ 285) (رقم: 6945) من طريق يحيى بن قزعة. وأبو داود في السنن كتاب: النكاح، باب: في الثَيِّب (2/ 579) (رقم: 2101) من طريق القعنبي. والنسائي في السنن كتاب: النكاح، باب: الثيب يزوّجها أبوها وهي كارهة (6/ 394) (رقم: 3268) من طريق معن، وابن القاسم. وأحمد في المسند (6/ 328) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، وإسحاق بن عيسى الطباع، كلهم عن مالك به. (¬3) انظر الموطأ برواية: - أبي مصعب الزهري (1/ 582) (رقم: 1507)، وسويد بن سعيد (ص: 310) (رقم: 675)، =

مالك: أن خنساء، جعل الحديث لعبد الرحمن ومجمّع مرسلًا (¬1). والمحفوظ ما في الموطأ مسندًا، خرّجه البخاري من طريق مالك (¬2). ولم يخرّج مسلم عن خنساء شيئًا. وخرّج النسائي هذا الحديث من طريق سفيان الثوري، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن عبد الله بن يزيد، عن خنساء، وقال فيه: قالت: "أنكحني أبي وأنا كارهة، وأنا بكر ... "، ثم قال: خالفه مالك في إسناده ولفظه، وذكر حديث مالك (¬3). ¬

_ = ومحمد بن الحسن (ص: 177) (رقم: 529)، وابن القاسم (ل: 25 / أ)، والقعنبي عند الجوهرى في مسنده (ل: 105 / ب). (¬1) لكن تقدّم أن الإمام أحمد أخرجه من طريقه في المسند (6/ 328) كرواية بقية أصحاب مالك، وممّن أرسله من أصحاب مالك خالد بن مخلد عند الدارمي في السنن كتاب: النكاح، باب: الثيب يزوجها أبوها وهي كارهة (2/ 139). (¬2) أخرجه من طريقين عنه كما تقدّم في التخريج. قال الدارقطني: "الحديث لها وهو في الصحيح". العلل (4/ 268). قال ابن حجر: "وقد وافق مالكًا على إسناد هذا الحديث سفيان بن عيينة، عن عبد الرحمن بن القاسم، وإن اختلفت الرواة عنهما في وصل هذا الحديث عن خنساء وإرساله ... والصواب وصله". فتح الباري (9/ 101 - 102). (¬3) أخرجه النسائي في السنن الكبرى (3/ 282) (رقم: 5382)، وكذلك الطبراني في المعجم الكبير (24/ 251) (رقم: 641) من طريق عبد الله بن المبارك، عن سفيان به. والمحفوظ لفظ مالك وإسناده، فقد تابعه عليه ابن عيينة عند الطبراني في المعجم الكبير (24/ 251) (رقم: 642)، وكذا ابن منده كما قال الحافظ في الإصابة (12/ 224). وهكذا رواه البخاري في الحيل (4/ 291) (رقم: 6969) من طريق يحيى بن سعيد، عن القاسم، عن عبد الرحمن ومجمّع مرسلًا. ووصله الطبراني في المعجم الكبير (24/ 251) (رقم: 642). =

وخرّجه الدارقطني من طريق يحيى بن سعيد، عن القاسم بن محمد عن عبد الرحمن ومجمع قالا: "أنكح خِذام ابنته خنساء رجلا وهي كارهة، وهي ثيِّب". هكذا قال، ولم يسنده إلى خنساء ولا إلى أبيها، وقال في آخره: هذا حديث صحيح (¬1). وخرّجه أيضًا من طريق حجاج بن السائب، عن أبيه عن جدّته خنساء بنت خذام بن خالد قالت: كانت أيما من رحل، فزوّجها أبوها رجلا من بني عوف، فجئتُ إلى أبي لبابة بن عبد المنذر، وساقت الحديث، وفيه أنها تزوّجت أبا لبابة. ومن طريق عمر بن أبي سلمة عن أبيه، عن أبي هريرة أن خنساء بنت خذام أنكحها أبوها. ¬

_ = ولأجل مخالفة الثوري لمالك وابن عيينة حكم الحافظ على رواية الثوري بالشذوذ، وقال بعد أن ذكر طرقًا أخرى للحديث: "وهذه أسانيد يقوي بعضها بعضًا، وكلها دالة على أنها كانت ثيِّبًا". فتح الباري (9/ 102، 103). وقال ابن عبد البر: "الصحيح نقل مالك في ذلك إن شاء الله". الاستيعاب (12/ 291). وقال ابن الأثير: "وحديث مالك أصح". أسد الغابة (7/ 89). وقال النووي: "الصحيح أن أباها كان زوَّجها وهي ثيِّب". تهذيب الأسماء واللغات (2/ 342). (¬1) انظر: السنن (3/ 231) لكن ليس فيه قوله: هذا حديث صحيح. إلَّا أنه صحيح، أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: النكاح، باب: إذا زوّج الرجل ابنته وهي كارهة (3/ 372) (رقم: 5139) من طريق يزيد بن هارون، عن يحيى بن سعيد به، على صورة الإرسال، ووصله الطبراني في المعجم الكبير (24/ 251) (رقم: 642) من طريق سفيان بن عيينة، عن يحيى بن سعيد، عن القاسم بن محمد، عن عبد الرحمن ومجمع ابني يزيد، عن خنساء: "أنّ أباها زوّجها وهي ثيِّب كارهة، فردّ النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - نكاحها".

وذكر فيه: فتزوّجها أبو لبابة، وكانت ثيِّبًا، فجاءت بالسائب بن أبي لُبابة (¬1). وانظر مسند ابن عباس (¬2). وخنساء: بالخاء المعجمة، وتقديم النون على السين (¬3). وخِذام بالخاء والذال المعجمتين (¬4). ومجمَّع: بفتح الميم الثانية وتشديدها (¬5). وجارية: بالجيم (¬6). ¬

_ (¬1) انظر: السنن (3/ 231)، وأخرجه من هذين الوجهين أيضًا الطبراني في المعجم الكبير (24/ 252) (رقم: 643، 644). وهذه الطرق كما قال الحافظ في الفتح (9/ 103): "يقوي بعضها بعضًا"، وتدل على أن خنساء بنت خذام كانت ثيّبًا. (¬2) تقدّم حديثه (2/ 551). (¬3) أي بفتح الخاء المعجمة، ثم نون ساكنة، وبعدها سين مهملة على وزن حمراء. انظر: توضيح المشتبه (3/ 241)، وتهذيب الأسماء واللغات (2/ 342)، والفتح (9/ 102). (¬4) انظر: المؤتلف والمختلف للدارقطني (2/ 897)، والإكمال لابن ماكولا (3/ 130)، وتوضيح المشتبه (3/ 153). (¬5) وقيل: بكسرها. انظر: المغني في ضبط الأسماء (ص: 222). (¬6) انظر: المرجع السابق (ص: 56).

105 - مسند خولة بنت حكيم بن أمية السلمية

105 - مسند خولة بنت حكيم بن أميّة السُّلمية وهي امرأة عثمان بن مظعون (¬1). حديث واحد. 613 / حديث: "من نزل منزلًا فليقل أعوذ بكلمات الله التامات من شرِّ ما خلق ... ". في الجامع: باب ما يؤمر به من الكلام في السفر. عن الثقة عنده، عن يعقوب بن عبد الله بن الأشجّ، عن بُسر بن سعيد، عن سعد بن أبي وقاص، عن خولة بنت حكيم (¬2). قال فيه القعنبي، وجماعة من رواة الموطأ عن مالك، : أنه بلغه عن يعقوب (¬3). ¬

_ (¬1) انظر: الطبقات الكبرى (8/ 124 - 125)، وتاريخ ابن أبي خيثمة (ص: 278 - رسالة كمال -)، ومعرفة الصحابة لأبي نعيم (2 / ل: 344 / ب)، والاستيعاب (12/ 303 - 304)، وأسد الغابة (7/ 94)، والإصابة (12/ 233). (¬2) الموطأ كتاب: الاستئذان، باب: ما يؤمر من الكلام في السفر (2/ 745) (رقم: 34). (¬3) أخرجه الجوهري في مسند الموطأ (ل: 151 / ب) من طريق القعنبي. والطبراني في المعجم الكبير (24/ 188) (رقم: ) من طريق القعنبي، وعبد الله بن يوسف، كلاهما عن مالك به. ورواه أبو مصعب الزهري على الوجهين، مرة أنه بلغه (2/ 128) (رقم: 1998)، ومرة عن الثقة عنده (2/ 157) رقم: 2058) إلَّا أن فيه: عن بكير بن عبد الله بن الأشج بدل أخيه يعقوب بن عبد الله. وثمن قال فيه أنه بلغه: ابن وهب، وابن القاسم، ذكرهما ابن عبد البر ثم قال: "والمعنى واحد: لأن مالكا لم يكن يروي إلَّا عن ثقة". التمهيد (24/ 184). وقال البغوي بعد أن ذكر الرجهين عن مالك: "هكذا رواه مالك، والحديث صحيح، أخرجه مسلم عن محمد بن رمح، عن الليث، وذكره". شرح السنة (3/ 135).

وكثر الخلاف فيه عن يعقوب وعن رواته (¬1). ¬

_ (¬1) بيَّنه الدارقطني فقال: "يرويه يعقوب بن عبد الله بن الأشج، واختلف عنه، فرواه يزيد بن أبي حبيب، واختلف عنه، فرواه الليث بن سعد وابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب، عن الحارث بن يعقوب، عن يعقوب بن الأشج، عن بسر بن سعيد، عن سعد بن أبي وقاص، عن خولة. ورواه ابن عجلان، عن يعقوب، واختلف عنه، فقال وهيب عن ابن عجلان، عن يعقوب بن الأشج، عن سعيد بن المسيب، عن سعد، عن خولة، ولم يقل بسر بن سعيد، هذه رواية أحمد بن إسحاق الحضرمي ومعلي بن أسد وإسحاق بن إدريس عن وهيب، وذكر وجوها أخرى ثم قال: والقول الأول أصح، يعني رواية الليث". انظر: العلل (5 / ل: 230 / أ). قلت: رواية الليث عند مسلم في صحيحه كما سيأتي. ورواية ابن لهيعة عند الطبراني في الدعاء (2/ 1187) (رقم: 832)، وقد اضطرب فيه: فأخرجه الطبراني من طريق يحيى بن إسحاق عنه مرة هكذا كرواية الليث. وأخرجه ابن أبي خيثمة في التاريخ (ص: 277) (رقم: 401 - رسالة كمال -)، والطبراني في الدعاء (2/ 1187) (رقم: 833) من طريق يحيى بن إسحاق، عن ابن لهيعة، عن جعفر، عن يعقوب الأشج، عن بسر بن سعيد، عن سعد بن مالك، عن حولة. وأخرجه أحمد في المسند (6/ 377) عن يحيى بن إسحاق، لكنه قال: عن عامر بن سعد، بدل عن بسر بن سعيد. وأخرحه الطبراني في المعجم الكبير (24/ 238) (رقم: 605) من طريق سعيد بن أبي مريم، عن ابن لهيعة، عن بكير بن عبد الله بن الأشج - أخي يعقوب - عن بسر بن سعيد به. وأما رواية ابن عجلان، عن يعقوب بن عبد الله الأشج، عن سعيد بن المسيب، عن سعد بن مالك، عن خولة، فقد أخرجها النسائي في الكبرى (6/ 144) (رقم: 10395)، وابن ماجة في السنن كتاب: الطب، باب: الفزع والأرق وما يتعوّذ منه (2/ 1174) (رقم: 3547)، وأحمد في المسند (6/ 409)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (2 / ل: 345 / أ) من طريق وُهيب عنه به. قال الترمذي بعد أن ذكر رواية الليث ومالك: "ورُوي عن ابن عجلان هذا الحديث، عن يعقوب بن عبد الله بن الأشج، ويقول: عن سعيد بن المسيب، عن خولة، قال: وحديث الليث أصح من رواية ابن عجلان". سنن الترمذي (5/ 463). وقال ابن عبد البر: "أهل الحديث يقولون: إن رواية الليث هي الصواب دون رواية ابن عجلان". التمهيد (24/ 185). =

وخَرَّجه مسلم من طريق الليث بن سعد، عن يزيد بن أبي حبيب عن الحارث بن يعقوب، عن يعقوب، عن بسر، عن سعد، عن خولة. ومن طريق عمرو بن الحارث، عن يزيد بن أبي حبيب والحارث بن يعقوب كليهما عن يعقوب عن بُسر، عن سعد عنها، وذكر حديث أبي صالح عن أبي هريرة. وفيه: قصة العقرب (¬1)، وقد تقدّم لأبي هريرة (¬2). ولم يخرّج البخاري عن خولة بنت حكيم شيئًا. ويقال في اسمها: خُوَيلة، مصغّرا (¬3). وحَكيم بفتح الحاء (¬4). وبُسر بالسين المهملة وضم الباء (¬5). ¬

_ = قلت: إن كان ابن عجلان ضابطًا لروايته فيمكن أن يقال: إن ليعقوب شيخين بسر بن سعيد وسعيد بن المسيب لكنه يضبطه، فرواه عنه وُهيب بن خالد هكذا موصولا. وأخرجه عبد الرزاق في المصنف (5/ 166) (رقم: 9260)، والنسائي في السنن الكبرى (6/ 144) رقم: 10396) من طريق سفيان بن عيينة. والدارقطني في العلل (5 / ل: 230 / ب) من طريق يحيى القطان، ثلاثتهم عن ابن عجلان، عن يعقوب بن الأشج، عن سعيد بن المسيب قال: قال رسول الله فذكره مرسلًا. ولأجل هذا الاختلاف رجَّحوا رواية الليث، والله أعلم. (¬1) انظر: صحيح مسلم كتاب: الذِّكر والدعاء، باب: - في التعوّذ من سوء القضاء .. (14/ 2080 - 2081) رقم: 54، 55). (¬2) تقدّم حديثه (3/ 433). (¬3) قاله ابن عبد البر في الاستيعاب (12/ 303)، وحكاه عنه المزي في تهذيب الكمال (35/ 164)، والحافظ في الإصابة (12/ 233). (¬4) انظر: توضيح المشتبه (3/ 279)، والتبصير (1/ 446). (¬5) انظر: المؤتلف والمختلف للأزدي (ص: 8)، وتوضيح المشتبه (1/ 524).

106 - مسند أم عطية الأنصارية

106 - مسند أم عطية الأنصارية واسمها: نُسيبة بضم النون، وفتح السين المهملة على التصغير، وقيل: نَسيبة بفتح النون وكسر السين (¬1). وهي بنت الحارث (¬2). حديثٌ واحد. 614 / حديث: "دخل علينا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - حين تُوُفِّيَت ابنتُه فقال: "اغسلنها ثلاثًا، أو خمسًا، أو أكثر من ذلك ... ". وذكر: السِّدر، والكافور، والحَقْو. في أول الجنائز. عن أيّوب بن أبي تميمة السختياني، عن محمد بن سيرين، عن أم عطيّة الأنصارية (¬3). ¬

_ (¬1) انظر: المؤتلف والمختلف للأزدي (ص: 124)، والإكمال (7/ 359)، ومشتبه النسبة (ص: 641)، وتهذيب الأسماء واللغات (2/ 364)، وتوضيح المشتبه (9/ 78)، والتبصير (4/ 1415)، والإصابة (13/ 253). (¬2) هكذا قال ابن عبد البر. وقال ابن أبي خيثمة: ععت يحيى بن معين، وأحمد بن حنبل يقولان: "أم عطية الأنصارية، نُسيبة بنت كعب". وتبعهما أبو نعيم. لكن قال ابن عبد البر: "في هذا نظر: لأنَّ نُسيبة بنت كعب أم عمارة". انظر: تاريخ ابن أبي خيثمة (ص: 182) (رقم: 288 - رسالة كمال -)، ومعرفة الصحابة لأبي نعيم (2 / ل: 370 / ب)، والاستيعاب (3/ 255 - 256)، وتهذيب الأسماء (2/ 364). (¬3) الموطأ كتاب: الجنائز، باب: غسل الميت (1/ 194) (رقم: 12). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الجنائز، باب: غسل الميت ووضوئه بالماء والسدر (1/ 388) (رقم: 1253) من طريق إسماعيل بن أبي أويس. =

سقط ليحيى بن يحيى من متن هذا الحديث: "إن رأيتنّ ذلك" (¬1)، وثبتت هذه الزيادة لسائر الرواة (¬2)، ولغير مالك فيه زيادات (¬3). ¬

_ = ومسلم في صحيحه كتاب: الجنائز، باب: في غسل الميت (2/ 647) (رقم: 38) من طريق قتيبة. وأبو داود في السنن كتاب: الجنائز، باب: كيف غسل الميت (3/ 503) (رقم: 3142) من طريق القعنبي. والنسائي في السنن كتاب: الجنائز، باب: غسل الميت بالماء والسدر (4/ 329) (رقم: 1880) من طريق قتيبة، ثلاثتهم عن مالك به. (¬1) انظر: نسختي المحمودية (أ) (ل: 37 / أ)، و (ب) (ل: 43 / ب)، وثبتت في المطبوع. (¬2) انظر الموطأ برواية: - أبي مصعب الزهري (1/ 397) (رقم: 1005)، وسويد بن سعيد (ص: 362) (رقم: 809)، ويحيى بن بكير (ل: 61 / أ - الظاهرية)، وابن القاسم (ص: 183) (رقم: 129 - تلخيص القابسي). وهكذا قال إسماعيل بن أبي أويس، وقتيبة، والقعنبي كما تقدَّم، بل قال ابن عبد البر: "إن كل من روى هذا الحديث عن مالك في الموطأ يقولون فيه بعد قوله: "أو أكثر من ذلك": "إن رأيتن ذلك"، إلَّا يحيى في روايته ولا في نسخته في الموطأ". التمهيد (1/ 372). (¬3) هذه الزيادات هي: 1 - التسبيع في الغسل أو الأكثر من ذلك. 2 - قول أم عطية: جعلنا رأسها ثلاثة قرون أو مشطناها ثلاثة قرون. 3 - "ابدأن بميامنها ومواضع الوضوء منها". فروى الأولى والثانية منها حماد بن زيد، عن أيوب، عن حفصة، عن أم عطية، أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الجنائز، باب: يجعل الكافور في الأخيرة (1/ 389) (رقم: 1259)، ومسلم في صحيحه كتاب: الجنائز، باب: غسل الميت (2/ 647) (رقم: 39). وروى الثالثة فقط: إسماعيل بن علية، عن خالد، عن حفصة بنت سيرين، عن أم عطية، أخرجه أبو داود في السنن كتاب: الجنائز، باب: كيف غسل الميت (3/ 504) (رقم: 3145). قال ابن عبد البر: وقد روى هذا الحديث عن أيوب جماعة أثبتهم فيه حماد بن زيد، وابن علية، وروايتهما كرواية مالك سواء إلَّا أنهما زادا فيه ... فذكرها ثم بين سبب ورود هذه الزيادة في رواية هؤلاء، وهو أن حفصة بنت سيرين روت هذا =

والمتوفاة هي أمُّ كُلثوم زوج عثمان بن عفان (¬1)، كان تزوّجها بعد موت ¬

_ = الخبر عن أم عطية بأكمل ألفاظه، بخلاف محمد بن سيرين فقد فات منه بعض ألفاظ الحديث، وروى أيوب هذا الحديث عن حفصة بنت سيرين، عن أم عطية، وعن محمد بن سيرين، عن أم عطية، فكان يروي عن كل واحد منهما حديثه على وجهه، وكان من أحفظ الناس. وذكر أيضًا أن محمد بن سيرين كان يروي عن أخته عن أم عطية من ذلك ما لم يحفظه عن أم عطية، فممّا كان يرويه عن حفصة قولها: "ومشطناها ثلاثة قرون" لم يسمع ابن سيرين هذه اللفظة عن أم عطية، فكان يرويها عن أخته حفصة، عن أم عطية. انظر: التمهيد (1/ 372). قلت: ولما كنت رواية مالك عن أيوب من طريق محمد بن سيرين دون حفصة فلم ترد عنده تلك الزيادات، ولذلك قال البغوي عقب حديث مالك ورواه أيوب، عن حفصة بنت سيرين، عن أم عطية، وفي حديثها: "اغسلنها وترًا ثلاثا أو خمسا، أو سبعا"، وفيه: "ابدأن بميامنها ومواضع الوضوء"، وفيه: أن أم عطية قالت: "ومشطناها ثلاثة قرون". شرح السنة (3/ 222). وروى البخاري في صحيحه (1/ 388) (رقم: 1254) من طريق عبد الوهاب الثقفي، عن أيوب أنه قال: وحدثتني حفصة بمثل حديث محمد، وكان في حديث حفصة: "اغسلنها وترًا"، وكان فيه: "ثلاثا، أو خمسا، أو سبعا". (¬1) هذا قول، وبه قال ابن عبد البر أيضًا، وحكاه عن طائفة من أهل السير. قال ابن بشكوال: والشاهد لذلك ما أخبرنا به أبو الحسن يونس بن محمد ... فساقه بإسناده من طريق الأوزاعي، عن ابن سيرين، قال: حدثتني أم عطية قالت: كنت فيمن غسّل أم كلثوم، الحديث. ورجاله ثقات. وروى أبو داود في السنن كتاب: الجنائز، باب: في كفن المرأة (3/ 507) (رقم: 3157) من حديث ليلى بنت قانف أنها قالت: كنت فيمن غسَّل أم كلثوم بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند وفاتها، فذكرت الحديث، وإسناده ضعيف، فيه نوح بن حكيم مجهول لا يُعرف كما قال الذهبي في الميزان (5/ 401)، وابن حجر في التقريب (رقم: 7204). وروى ابن ماجة في السنن كتاب: الجنائز، باب: ما جاء في غسل الميت (1/ 468) (رقم: 1458) من طريق أيوب، عن محمد بن سيرين، عن أم عطية قالت: "دخل علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن نغسل ابنته أم كلثوم ... ". وإسناده صحيح، بل قال الحافظ: "إِنَّهُ على شرط الشيخين". فتح الباري (3/ 153). =

أختها رُقيّة، وذلك في العام الثالث من الهجرة، وتوفيت سنة تسع (¬1). ¬

_ = وقال الخطيب البغدادي وابن بشكوال والعراقي: "إن ابنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المتوفاة هي زينب زوجة أبي العاص". واحتجوا بما رواه مسلم في صحيحه كتاب: الجنائز، باب: غسل الميت (2/ 648) (رقم: 40)، وأحمد في المسند (5/ 85) من طريق عاصم الأحول، عن حفصة، عن أم عطية أنها قالت: لما ماتت زينب بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... ". فسمّتها زينب، وإلى هذا ذهب المنذري، وقال: "هو أكثر المروي، وهو الصحيح". قال ابن حجر: "يمكن ترجيح كونها أم كلثوم لمجيئه من طرق متعددة، ويمكن الجمع بأن تكون حضرتهما جميعا: لأن أم عطية كانت غاسلة الميتات". قلت: لو سلكنا مسلك الترجيح فكون المتوفاة زينبًا أولى، وذلك لما يلي: - إِنَّهُ أقوى من جهة الإسناد: لأنه من رواية مسلم، وهي أقوى مما كان على شرط الشيخين. - إن إسناد أبي داود ضعيف، كما تقدَّم. - إسناد ابن ماجة وإن كان على شرط الشيخين لكن ورد في الصحيح عند البخاري (رقم: 1261) عن أيوب أنه قال: ولا أدري أي بناته. قال الحافظ في الفتح (3/ 160): "فيه دليل على أنه لم يسمع تسميتها من حفصة". ولذلك قال الحافظ في الإصابة (13/ 276): "والمحفوظ أن قصة أم عطية إنما هي في زينب كما ثبت في صحيح مسلم، ويحتمل أن تشهدهما جميعًا". انظر: التمهيد (1/ 372)، والاستيعاب (13/ 271)، والأسماء المبهمة في الأنباء المحكمة للخطيب البغدادي (ص: 91)، والغوامض والمبهمات لابن بشكوال (1/ 83 - 84)، ومختصر سنن أبي داود للمنذري (4/ 300)، والإشارات للنووي (ص: 22)، والمستفاد من مبهمات المتن والإسناد للعراقي (1/ 423)، وفتح الباري (3/ 153). (¬1) انظر: الاستيعاب (13/ 271 - 272)، وأسد الغابة (7/ 374)، والإصابة (13/ 275 - 275).

107 - أم الفضل بنت الحارث بن حزن الهلالية

107 - أم الفضل بنت الحارث بن حَزْن (¬1) الهلالية واسمها: لُبابة، وهي الكبرى أخت ميمونة زوج النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وهي زوج عمّه العبّاس، وأم أكثر بني العبّاس (¬2). حديثان. 615 / حديث: "سمعته يقرأ: {وَالْمُرْسَلَاتِ} ... ". فيه: "إنَّها لآخر ما سمعتُ من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرأ بها في المغرب". في أبواب القراءة. عن ابن شهاب، عن عُبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس، عن أمّ الفضل وهي أمه (¬3). ¬

_ (¬1) بحاء مهملة مفتوحة، ثم زاي ساكنة، ثم نون. الإكمال (2/ 453). (¬2) انظر: الطبقات الكبرى (8/ 216 - 217)، والأسامي والكنى لأحمد (32)، وتاريخ ابن أبي خيثمة (ص: 240) (رقم: 241 - رسالة كمال -)، ومعرفة الصحابة (2 / ل: 367 / أ)، والاستيعاب (13/ 145)، وأسد الغابة (7/ 246)، وأسماء من يعرف بكنيته من الصحابة لأبي الفتح الموصلي (رقم: 167)، وتهذيب الكمال (35/ 297)، والسير (2/ 314)، والإصابة (13/ 265). (¬3) الموطأ كتاب: الصلاة، باب: القراءة في المغرب والعشاء (1/ 88) (رقم: 24). وأخرحه البخاري في صحيحه كتاب: الأذان، باب: القراءة في المغرب (1/ 284) (رقم: 763) من طريق عبد الله بن يوسف. ومسلم في صحيحه كتاب: الصلاة، باب: القراءة في الصبح (1/ 338) (رقم: 173) من طريق يحيى النيسابوري. وأبو داود في السنن كتاب: الصلاة، باب: قدر القراءة في المغرب (1/ 508) (رقم: 810) من طريق القعنبي. وأحمد في المسند (6/ 340) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، وحماد بن خالد، خمستهم عن مالك به.

هذا المحفوظ للزهري، واختلف عنه في إسناده، ذكره الدارقطني (¬1). 616 / حديث: "إنَّ ناسًا تَمَارَوْا عندها يوم عرفة (¬2) في صيام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... ". فيه: "فأرسلتُ إليه بقَدَحِ لبن وهو واقف على بعيره فشرب". في الحج. عن أبي النَّضر، عن عُمير مولى ابن عباس، عن أم الفضل (¬3). ¬

_ (¬1) قال الدارقطني: "رواه يزيد بن هارون، وسعيد بن عامر - وذكر آخرين - عن محمد بن عمرو، عن تمام بن العباس، عن أمه، وقال حماد بن سلمة، عن محمد بن عمرو، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن تمام بن العباس، ووهم فيه حماد بن سلمة لكثرة من خالفه، ورواه أسامة بن زيد، عن أبي رشدين كريب مولى ابن عباس، عن أم الفضل، وكلاهما وهم، والمحفوظ عن الزهري ما رواه مالك، وابن عيينة، ويونس، وصالح بن كيسان، ومعمر، ومحمد بن إسحاق، وعُقيل بن خالد، وجعفر بن برقان، وأبو أويس، رووه عن الزهري، عن محبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس، عن أم الفضل". العلل (5 / ل: 218). قلت: الحديث من طريق عُقيل عند البخاري في صحيحه كتاب: المغازي، باب: مرض النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - ووفاته (3/ 181) (رقم: 4429). ومن طريق ابن عيينة، ويونس، ومعمر عند مسلم في الصحيح كتاب: الصلاة، باب: القراءة في الصبح (1/ 338) (رقم: 173). ومن طريق محمد بن إسحاق عند الترمذي في السنن كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في القراءة في المغرب (2/ 112) (رقم: 308). ومن طريق صالح بن كيسان عند الطبراني في المعجم الكبير (25/ 20) (رقم: 23). (¬2) عرفة أو عرفات: هو المشعر الأقصى من مشاعر الحج على الطريق بين مكة والطائف على ثلاثة وعشرين كيلًا من مكة، وهي فضاء واسع تحفّ به الجبال من الشرق والجنوب والشمال الشرقي. المعالم الأثيرة (ص: 189). (¬3) الموطأ كتاب: الحج، باب: صيام يوم عرفة (1/ 302) (رقم: 132). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الحج، باب: الوقوف على الدابة بعرفة (1/ 509) (رقم: 1661) من طريق القعنبي، وفي الصوم، باب: صوم يوم عرفة (2/ 56) (رقم: 1988) من طريق عبد الله بن يوسف. =

يقال: عُمير مولى عبد الله بن عباس، ويقال: مولى عبيد الله، ويقال: مولى أم الفضل (¬1). وجاء مثل هذا الحديث عن ميمونة، خُرِّج الكلُّ في الصحيح (¬2). ¬

_ = ومسلم في صحيحه كتاب: الصيام، باب: استحباب الفطر للحاج يوم عرفة (2/ 791) (رقم: 110) من طريق يحيي النيسابوري. وأبو داود في السنن كتاب: الصوم، باب: في صوم يوم عرفة بعرفة (2/ 817) (رقم: 2441) من طريق القعنبي. وأحمد في المسند (6/ 340) من طريق يحيى القطان، خمستهم عن مالك به. (¬1) كونه مولى عبد الله بن عباس أو أم الفضل ورد في أغلب طرق الحديث، وقاله أيضًا أكثر المترجمين له، وقال ابن سعد وخليفة ومسلم: إِنَّهُ مولى أم الفضل. ولا تناقض بين القولين، فقد ذكر النووي عن البخاري وغيره أنه مولى أم الفضل حقيقة، ويقال له مولى ابن عباس لملازمته له وأخذه عنه، وانتمائه إليه كما قالوا في أبي قُرَّة مولى أم هانئ بنت أبي طالب، يقولون أيضًا: مولى عقيل بن أبي طالب، وقريب منه مقسم مولى ابن عباس، ليس هو مولاه حقيقة، وإنما قيل مولى ابن عباس للزومه إياه. وذكر ابن حجر وجهًا آخر للجمع بين القولين فقال: من قال مولى أم الفضل فباعتبار أصله، ومن قال مولى ابن عباس فباعتبار ما آل إليه حاله؛ لأن أم الفضل هي والدة ابن عباس، وقد انتقل إلى ابن عباس ولاء موالي أمه. وأما كونه مولى عبيد الله بن عباس فقد ذكره ابن أبي حاتم عن أبيه، ونقله بإسناده عن محمد بن إسحاق. انظر: الطبقات الكبري (5/ 219)، وطبقات خليفة (ص: 248)، والتاريخ الكبير للبخاري (6/ 532)، والكنى والأسماء لمسلم (1/ 477)، ورجال البخاري للكلاباذي (2/ 577)، ورجال مسلم لابن منجويه (2/ 88)، وشرح صحيح مسلم للنووي (8/ 403)، وهذيب الكمال (22/ 381)، والتقريب (رقم: 5185)، والفتح (4/ 279). (¬2) انظر حديث ميمونة في صحيح البخاري كتاب: الصوم، باب: صوم يوم عرفة (2/ 56) (رقم: 1989)، وفي صحيح مسلم كتاب: الصيام، باب: استحباب الفطر للحاج يوم عرفة (2/ 791) رقم: 112).

108 - مسند فاطمة بنت قيس بن خالد الأكبر القرشية الفهرية

108 - مسند فاطمة بنت قيس بن خالد الأكبر القرشية الفهريّة أخت الضحاك بن قيس (¬1). حديث واحد 617 / حديث: "أن أبا عمرو بن حفص طلَّقها ألبتة، وهو غائب بالشام (¬2)، فأرسل إليها وكيلَه بشعير فسخطته ... ". فيه: "ليس لكِ عليه نفقة، وأمرها أن تعتدّ في بيت أم شريك"، ثم قال: "تلك امرأة يغشاها أصحابي، اعتدّي عند أم مكتوم" (¬3). وفيه: "فإذا حللت فآذنيني"، وقولها: إن معاوية وأبا حهم خطباني، وفي آخره: "إنكحي أسامة". في باب: نفقة المطلّقة. عن عبد الله بن يزيد مولى الأسود بن سفيان، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن فاطمة بنت قيس، وهي أخت الضحاك بن قيس (¬4). ¬

_ (¬1) انظر: تاريخ ابن أبي خيثمة (ص: 183) (رقم: 276 - رسالة كمال -)، ومعرفة الصحابة (4 / ل: 364 / أ)، والاستيعاب (13/ 85). (¬2) مهموز الألف ولا يهمز يطلق في التاريخ على فلسطين وسورية ولبنان والأردن. انظر: الروض المعطار (ص: 335)، والمعالم الأثيرة (ص: 147). (¬3) تصحّف في الأصل إلى أم كلثوم. (¬4) الموطأ كتاب: الطلاق، باب: ما جاء في نفقة المطلقة (2/ 454) (رقم: 67). وأخرجه مسلم في صحيحه كتاب: الطلاق، باب: المطلقة ثلاثا لا نفقة لها (2/ 1114) (رقم: 36) من طريق يحيى النيسابوري. =

قال يحيى بن يحيى في متنه: "إنَّ معاوية بن أبي سفيان، وأبا جهم بن هشام"، انفرد بقوله: ابن هشام، وهو غلط لم يُتابَع عليه، وأكثر الرواة لا ينسبه (¬1). وهو أبو الجهم بن صُخير، هكذا قال فيه ابنه أبو بكر عن فاطمة، قال: خطبها معاوية، وأبو الجهم بن صُخير، وأسامة بن زيد، خرجه ابن أبي شيبة، ومسلم عنه، عن وكيع، عن الثوري، عن أبي بكر بن أبي الجهم (¬2) عنها (¬3). ¬

_ = وأبو داود في السنن كتاب: الطلاق، باب: في نفقة المبتوتة (2/ 712، 713) (رقم: 2284) من طريق القعنبي. والنسائي في السنن كتاب: النكاح، باب: إذا استشارت المرأة رجلا فيمن يخطبها هل يخبرها بما يعلم (6/ 383 - 384) (رقم: 3245) من طريق ابن القاسم. وأحمد في المسند (6/ 412) من طريق عبد الرحمن بن مهدي وإسحاق الطباع، خمستهم عن مالك به. (¬1) انظر الموطأ برواية: - أبي مصعب الزهري (1/ 645) (رقم: 1665)، وسويد (ص: 339) (رقم: 756)، وابن بكير (ل: 50 / أ) - الظاهرية - وهي رواية جماعة الرواة كما قال ابن عبد البر في التمهيد (19/ 136). قال الخشني: "هذا غلط من يحيى، إنما هو أبو جهم بن حذيفة كما روته الرواة". أخبار الفقهاء (ص: 354). وقال ابن عبد البر والقاضي عياض: لا يعرف في الصحابة أحد يقال له أبو جهم بن هشام، وإنما هو أبو جهم بن حذيفة. انظر: التمهيد (16/ 136)، ومشارق الأنوار (2/ 276). قلت: ورد عند ابن القاسم (ل: 35 / أ) بمثل ما جاء عند يحيى بن يحيى، وهو خطأ أيضًا. (¬2) تصحّف في موضعين من الأصل إلى "أبي الجهيم" مصغّرًا، والصواب المثبت. (¬3) الذي وقع في سياق مسلم في الصحيح (2/ 1119) (رقم: 47): "فخطبها معاوية وأبو جهم" غير منسوب، وهو أبو جهم بن حذيفة بن غانم العدوي، القرشي، وهو المعنيُّ في حديث فاطمة بنت قيس هذا كما قال، ابن عبد البر والقاضي عياض، والنووي، والأبّي، وابن حجر، وأما أبو الجهم بن صُخير الواقع في إسناد مسلم أو أبو الجهم صخير كما وقع في إسناد ابن أبي شيبة في =

وقال البخاري في الكنى: أبو بكر بن أبي الجهم بن صُخير العدوي، روى عنه شعبة وسفيان -يعني الثوري- ولم يسمّه، ولا سمّى أباه (¬1). وقال يحيى بن معين: أبو بكر بن أبي الجهم، هو: أبو بكر بن عبد الله بن أبي الجهم، وهو أبو الجهم بن حذيفة. وقال أيضًا: أبو بكر بن صُخير، هو أبو بكر بن أبي الجهم، قال: وقد سمع أبو بكر بن صخير من فاطمة بنت قيس (¬2). انتهى قوله، وليس فيه مقنع. ¬

_ = المصنف (5/ 149)، فهو رجل آخر غير أبي جهم بن حذيفة، لا علاقة له بهذا الحديث، وإنما هو جد أبي بكر الراوي عن فاطمة بنت قيس كما سيأتي في قول ابن معين. وهذا التفريق بينهما هو الّذي توصّل إليه المؤلف أخيرًا، وعليه فقول المؤلف في تعيين أبي جهم الواقع في حديث فاطمة بقوله: وهو أبو الجهم بن صخير، خطأ بلا شك: لأنّ أبا الجهم بن صخير هذا وقع في سياق الإسناد عرضًا، أما الذي خطب فاطمة بنت قيس فهو أبو جهم بن حذيفة كما صرّح به أهل العلم. انظر: التمهيد (19/ 136)، وشرح النووي على صحيح مسلم (10/ 97)، وإكمال الإكمال (4/ 125)، والإصابة (11/ 67). (¬1) انظر: التاريخ الكبير (9/ 13)، وهكذا قال أبو حاتم الرازي في الجرح والتعديل (9/ 338)، وابن حبان في الثقات (5/ 567). (¬2) انظر: تاريخ ابن معين - برواية الدوري عنه - (2/ 694 - 695). قلت: فعلى قول ابن معين أبو بكر لا يُعرف له اسم، ولذا ذكره الذهبي في المقتنى (1/ 125) فيمن لم يسمّ، وقال ابن سعد في الطبقات (ص: 211 - القسم المتمم): أبو بكر هو اسمه. وسمى ابن معين أباه عبد الله، وهكذا سمّاه ابن سعد في الطبقات (ص: 211 - القسم المتمم)، وأحمد بن حنبل في العلل (2/ 98 - رواية عبد الله -)، ومسلم في الكنى (1/ 136)، وأبو أحمد الحاكم في الأسامى والكنى (2/ 230). وعلى هذا فمن قال فيه: أبو بكر بن أبي الجهم، نسبه إلى جدّه. وأما أبو الجهم فقد سماه ابن معين صخيرًا حيث قال: أبو بكر بن صخير: هو أبو بكر بن أبي الجهم. ووافقه عليه أبو أحمد الحاكم حيث قال: واسم أبي الجهم صخير، ويقال: عبيد.

وأبو الجهم بن حذيفة هو صاحب الخميصة، مشهور في الصحابة (¬1)، سَمَّاه البخاري، ومسلم، وغيرهما عامرًا (¬2). وقال فيه الواقدي، والزُّبير بن بكار في آخرين. عَبيد (¬3). وهو مذكور في مسند عائشة من رواية أم علقمة (¬4)، ولعل أبا الجهم بن صخير رجل آخر، والله أعلم (¬5). فصل: في هذا الحديث: "أما أبو الجهم فلا يضع عصاه عن عاتقه"، وهو كلام محتمل، وقال فيه ابنه، عن فاطمة: "أما أبو الجهم فرجل ضرّاب للنساء"، خرّجه مسلم (¬6)، وطرّق هذا الحديث (¬7). ¬

_ (¬1) انظر: الاستيعاب (11/ 177)، وأسد الغابة (6/ 56)، والإصابة (11/ 66). (¬2) انظر: التاريخ الكبير (6/ 445)، والكنى والأسماء لمسلم (1/ 183)، والأسامي والكنى لأبي أحمد (3/ 105)، والإصابة (11/ 66)، والمغني في ضبط الأسماء (ص: 64). (¬3) انظر: الطبقات الكبرى (ص: 211 - القسم المتمم -)، وجمهرة أنساب العرب (ص: 156)، وأنساب الأشراف (10/ 1484)، والاستيعاب (11/ 177)، والإصابة (11/ 66). وعَبيد: بفتح العين والدال المهملتين - نسبة إلى عدي بن كعب. اللباب (2/ 328). (¬4) تقدّم حديثها (4/ 135)، وهو حديث الخميصة. (¬5) بل هو المتعين كما تقدَّم. (¬6) أخرجه مسلم في صحيحه كتاب: الطلاق، باب: المطلقة ثلاثًا لا نفقة لها (2/ 1119) (رقم: 47). وهذا أحد الاحتمالين، وهو أصحهما كما قال البغوي والنووي لورود التصريح به، والاحتمال الآخر هو أنه كثير الأسفار. انظر: شرح السنة (5/ 215)، وشرح النووي على صحيح مسلم (10/ 97 - 98). (¬7) انظر: صحيح مسلم، كتاب: الطلاق، باب: المطلقة ثلاثًا لا نفقة لها ولا سكنى (2/ 1114) (رقم: 1114 - 1121)، فقد أخرجه من طريق عبد الله بن يزيد مولى الأسود، وأبي حازم، وعمران بن أبي أنس، ويحيى بن أبي كثير، وغيرهم. وذكر طرقه أيضًا أبو نعيم في معرفة الصحابة (2 / ل: 364 / أ)، وقد أورد المؤلف بعضها.

وفيه من طريق أبي حازم، عن أبي سلمة، عن فاطمة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لها: "لا نفقة لكِ، ولا سكنى" (¬1). وعن أبي إسحاق -هو السَّبيعي- أن الشَّعبي حدّث عن فاطمة: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يجعل لها سكنى، ولا نفقة"، فَحَصَبَهُ الأسود، وقال له: ويلك تحدّث بمثل هذا؟ ! قال عمر: لا نترك كتاب ربّنا وسنةَ نبيّنا لقول امرأة لا ندري حفظت أو نسيت، لها السكنى والنفقة. واحتجّ بالقرآن (¬2). وعن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أنه وصف قصة فاطمة، ثم قال: فأرسل إليها مروان قبيصةَ بن ذؤيب يسألها عن الحديث فحدّثته، فقال مروان: لم نسمع هذا الحديث إلَّا من امرأة، سنأخذ بالعصمة التي وجدنا الناس عليها، فقالت فاطمة حين بلغها قول مروان: إن بيني وبينكم القرآن، قال الله سبحانه: {لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ} إلى قوله: {لَعَلَّ اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} (¬3)، قالت: هذا لمن كانت له مراجعة، فأيّ أمر يحدث بعد الثلاث (¬4). كلّ هذا في الصحيح لمسلم، كتبتُه على المعنى، واختصرته، وقد جاء في هذا الباب آثار كثيرة اكتفينا ببعضها كراهة التطويل. وانظر مرسل مروان بن الحكم (¬5). ¬

_ (¬1) صحيح مسلم (2/ 1114) (رقم: 37). (¬2) صحيح مسلم (2/ 1118) (رقم: 46). (¬3) سورة الطلاق، الآية: (1). (¬4) انظر: صحيح مسلم (2/ 1117) (رقم: 41). (¬5) سيأتي حديثه (4/ 585).

فصل: وأبو عمرو بن حفص هو ابن المغيرة، قرشيٌّ مخزويٌّ، اختلف في اسمه (¬1)، خرَج مع عليٍّ إلى اليمن، فطلّق فاطمة هناك، ثم مات (¬2). وأم شريك المذكورة في هذا الحديث هي قُرشيَّةٌ، عامرية، ولم يثبت لها اسم (¬3). وابن أم مكتوم المؤذِّن الأعمى، قرشيٌّ، عامريّ، سُمِّي في هذا الحديث عبد الله، ومن رواة الموطأ من لا يسمّيه (¬4)، وقيل: اسه عمرو (¬5)، واختلف في اسم أبيه (¬6). انظره في مرسل عروة (¬7). ¬

_ (¬1) قيل: عبد الحميد، قال النووي: "وهو قول الأكثرين". وقيل: أحمد، قاله أبو هشام المخزومي، وعزاه النووي للنسائي، وقيل: اسمه كنيته. انظر: التاريخ الكبير (9/ 54)، والكنى لمن لا يُعرف له اسم من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأبي الفتح الموصلي (ص: 46) (رقم: 103)، والاستغناء (1/ 353)، والاستيعاب (2/ 631)، وشرح النووي على صحيح مسلم (10/ 94 - 95)، وتجريد أسماء الصحابة (2/ 189)، والإصابة (11/ 266). (¬2) انظر: الاستيعاب (12/ 63)، وأسد الغابة (6/ 222)، والإصابة (11/ 266)، والتقريب (رقم: 8229). (¬3) كذا قال! وقد سمَّاها خليفة بن خياط، وابن سعد، والبلاذري: غُزيّة، وقيل: غزيلة بالتصغير. انظر: طبقات خليفة (ص: 335)، والطبقات الكبرى (8/ 122)، وأنساب الأشراف (11/ 26)، والاستيعاب (13/ 241)، وأسد الغابة (7/ 341)، والإصابة (13/ 235)، وتهذيب الكمال (35/ 367)، والتقريب (رقم: 8739). (¬4) كأبي مصعب الزهري (1/ 640) (رقم: 1665)، وسويد بن سعيد (ص: 339) (رقم: 756)، وابن بكير (ل: 150 / ب) - الظاهرية -. (¬5) قاله مصعب الزبيري، وأبو عبيد القاسم بن سلّام، وابن عبد البر، وهو قول أكثر أهل الحديث. انظر: نسب قريش (ص: 343)، والنسب لأبي عبيد (ص: 197)، والاستيعاب (7/ 42)، (8/ 351)، وأسد الغابة (4/ 252)، وتهذيب الكمال (34/ 487)، والإصابة (7/ 83). (¬6) قال مصعب الزبيري وموسى بن عقبة، وأبو عبيد: هو قيس بن زائدة. وسماه إسحاق وعلي بن المديني شريحًا، وسمّاه بعضهم زائدة بن الأصم. انظر: نسب قريش (ص: 343)، والنسب لأبي عبيد (ص: 197)، والاستيعاب (7/ 41 - 43)، والإصابة (7/ 83). (¬7) سيأتي حديثه (5/ 86).

109 - مسند الفريعة بنت مالك بن سنان

109 - مسند الفُرَيعة (¬1) بنت مالك بن سنان وكان يقال لها الفارعة (¬2). حديث واحد. 618/ حديث: "جاءت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تسألُه أن ترجع إلى أهلها في بني خُدْرَة، وذكرت قتل زوجها، وأنَّه لم يتركها في مسكن تملكه، ولا نفقة ... ". فيه: "أمكثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله". في الطلاق، عند آخره. عن سعيد بن إسحاق بن كعب، عن عمّته زينب بنت كعب بن عُجرة، عن الفُريعة بنت مالك بن سِنان، وهي أخت أبي سعيد الخدري (¬3). ¬

_ (¬1) بضم الفاء وفتح الراء بعدها الياء الساكنة، وإهمال عين. الأنساب (9/ 296)، والمغني في ضبط الأسماء (ص: 196). (¬2) انظر: الطبقات الكبرى (8/ 272)، وتاريخ ابن أبي خيثمة (ص: 196) (رقم: 309)، والمؤتلف والمختلف للدارقطني (4/ 1934)، والاستيعاب (13/ 133)، وأسد الغابة (7/ 229)، وتهذيب الكمال (35/ 266)، والإصابة (70/ 13، 189)، والمغني في ضبط الأسماء (ص: 196). (¬3) الموطأ كتاب: الطلاق، باب: مقام المتوفى عنها زوجها في بيتها حتى تحل (2/ 461) (رقم: 87). وأخرجه أبو داود في السنن كتاب: الطلاق، باب: في المتوفى عنها زوجها تنتقل (2/ 723) (رقم: 2300) من طريق القعنبي. والترمذي في السنن كتاب: الطلاق، باب: ما جاء أين تعتد المتوفى عنها زوجها (3/ 508) (رقم: 1204) من طريق معن. والنسائي في السنن الكبرى (6/ 203) (رقم: 11044) من طريق ابن القاسم. والدارمى في السنن كتاب: الطلاق، باب: خروج المتوفى عنها زوجها (2/ 168) من طريق عبيد الله بن عبد المجيد، أربعتهم عن مالك به. =

هكذا قال الجمهور: وهي أخت أبي سعيد الخدري، مطلقًا، لم يقولوا: لأب، ولا لأم، وقالوا في نسبها: بنت مالك بن سِنان، بسين مكسورة، بعدها نونان (¬1)، وسِنان هو جدّ أبي سعيد الخدري (¬2). وفي رواية معن عن مالك: أن الفُرَيعَة بنت مالك بن سِنان (¬3) أخت أبي سعيد الخدري لأمّه، قاله الدارقطني (¬4). ¬

_ = والحديث قال فيه الترمذي: "حسن صحيح"! وقال الحاكم (2/ 208): "صحيح محفوظ"، ووافقه الذهبي! ! ومداره على زينب بنت كعب وهي مجهولة. قال ابن حزم في الحلى (10/ 108): "هي مجهولة لا تُعرف، ولا روى عنها أحد غير سعد بن إسحاق". وأقرَّه عبد الحق الإشبيلي في أحكامه الوسطى (3/ 227) والذهبي في الميزان (6/ 281). وقد ذكر لها المزي في تهذيبه (35/ 187) والحافظ في الإصابة (12/ 286) وفي التلخيص (3/ 268) راويا آخر وهو سليمان بن محمد بن كعب بن عجرة، لكن قال عنه في اللسان (3/ 103): لا أعرف حاله، وعلى هذا فالإسناد ضعيف لجهالة حال زينب، ولأجلها ضعفه عبد الحق في الأحكام الوسطى (3/ 227) والألباني في الإرواء (7/ 207). (¬1) انظر الموطأ برواية: - أبي مصعب الزهري (1/ 657) (رقم: 1707)، ورواية سويد بن سعيد (ص: 344) (رقم: 771)، ورواية الشيباني (ص: 202) (رقم: 593)، ورواية ابن بكير (ل / 152/ أ) - الظاهرية، وابن القاسم (ل: 37 / أ). وهكذا قال الشافعي في الرسالة (ص: 214)، والقعنبي ومعن كما تقدم. (¬2) انظر: الاستيعاب (4/ 162)، والإصابة (4/ 165). (¬3) تصحَّف في الأصل إلى نبهان. (¬4) تقدَّمت رواية معن عند الترمذي، ومن طريقه أخرجه ابن سعد أيضًا في الطبقات (8/ 274) وليس فيهما "لأمه". وذكر الدارقطني في العلل أيضًا (5 / ل: 225 / أ) اختلاف الرواة فيه وليس فيه ما عزاه المؤلف إليه. وعقد ترجمة لها في المؤتلف والمختلف (4/ 1934) ولم يزد أيضًا على قول الجمهور، فلا أدري أين قاله.

وقال يحيى بن يحيى وطائفة من رواة الموطأ في شيخ مالك: سعيد بن إسحاق، والأكثر يقول فيه: سعد، بغير ياء (¬1). قال أبو عمر بن عبد البر: "وهو الصواب" (¬2). وهذا الحديث رواه الزهري عن مالك (¬3). ¬

_ (¬1) ممّن تابع يحيى على قوله: "سعيد بن إسحاق": ابن القاسم (ل: 37 / أ)، لكن كتب الناسخ فوقه: "سعد"، وقال في مقابله بالهامش: "الصواب سعد"، وأما الذين قالوا فيه سعد، فهم: - أبو مصعب الزهري (1/ 657) (رقم: 1707)، وسويد بن سعيد (ص: 344) (رقم: 771)، والشيباني (ص: 202) (رقم: 593)، وابن بكير (ل: 152 / أ) - الظاهرية. - والقعنبي، ومعن، وعبيد الله بن عبد المجيد كما تقدّم. قال ابن عبد البر: "هكذا قال يحيى: سعيد بن إسحاق، وتابعه بعضهم، وأكثر الرواة يقولون فيه: سعد بن إسحاق، وهو الأشهر وكذلك قال شعبة وغيره". التمهيد (21/ 27). (¬2) انظر: الاستذكار (18/ 180) وتحرَّف فيه إلى سعيد. وهكذا قال ابن الحذاء. انظر: رجال الموطأ (ل: 99 / ب) وكذا: تهذيب الكمال (10/ 248)، وتهذيب التهذيب (3/ 404)، التقريب (رقم: 2229)، وإسعاف المبطأ (ص: 11). (¬3) أخرجه محمد بن مخلد الدوري في جزء: ما رواه الأكابر عن مالك بن أنس (ص: 34) (رقم: 1، 2)، وأبو القاسم التنوخي في الفوائد العوالي المؤرخة من الصحاح والغرائب (ص: 79 - 82) من طريق شبيب بن سعيد التميمي عن يونس بن يزيد الأيلي عن الزهري، عن مالك به. وذكره أيضًا الدارقطني في العلل (5 / ل: 225 / ب)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (10/ 129)، والبيهقي في السنن الكبرى (7/ 435)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (4 / ل: 365 / أ)، والحافظ في الإصابة (13/ 90). قال التنوخي: "هذا حديث غريب من حديث أبي بكر محمد بن مسلم الزهري عن أبي عبد الله مالك بن أس الأصبحي، وغرب من حديث يونس بن يزيد الأيلي عن الزهري، لا أعلم حدَّث به عن يونس غير شبيب بن سعيد، ولا عن شبيب غير ابنه أحمد، وما رأيناه إلَّا من هذا الوجه". وقال أيضًا: "وهذا الحديث يدخل في رواية الكبار عن الصغار: لأن الزهري رواه عن مالك وهو =

وفي متنه ذكر القدّوم مشدّدا، وهو جبل على ستّة أميال من المدينة، ذكره عبد الرزاق في الحديث (¬1). وانظر القدوم في الزيادات لأبي هريرة (¬2). ولم يُخَرَّج في الصحيحين عن الفريعة شيء. * * * ¬

_ = شيخه، ومات مالك بعده بخمس وخمسين سنة". الفوائد العوالي (ص: 87). قلت: هذا مثال لصورة من صور رواية الأكابر عن الأصاغر حيث يكون الراوي أكبر سنًّا وأقدم طبقة من المروي عنه. انظر: علوم الحديث (ص: 521)، وفتح المغيث (4/ 165)، وتدريب الراوي (2/ 350، 351). (¬1) انظر: المصنف (7/ 33، 34) (رقم: 12073)، وفيه: "وهو جبل" فحسب دون قوله: "على ستة أميال من المدينة". وذكر القاضي عياض عن ابن وضاح أنه جبل بالمدينة. وقال ابن الأثير: هو بالتخفيف والتشديد، موضع على ستة أميال من المدينة. وقال إبراهيم العياشي: هو موضع شهداء أحد اليوم، وقيل: غير ذلك. انظر: مشارق الأنوار (2/ 198)، والنهاية (4/ 27)، والمدينة بين الماضي والحاضر (ص: 462)، والمعالم الأثيرة (ص: 222). (¬2) سيأتي حديثه (4/ 442).

110 - مسند أم قيس بنت محصن الأسدية

110 - مسند أمِّ قيس بنت مِحصن الأسدية حديث واحد. 619 / حديث: "أنَّها أتت بابن لها صغيرًا لم يأكل الطعام ... ". فيه: "فبال على ثوبه، فدعا بماء، فنضحه ولم يغسله". في آخر الطهارة. عن ابن شهاب، عن عُبَيد الله بنِ عَبْد الله بنِ عُتْبَةَ بنِ مسعود، عن أمِّ قَيسٍ بنتِ مِحْصَنٍ (¬1). وأم قيس هذه، هي أخت عُكَّاشَةَ بنِ مِحصَن، مشهورة بكنيتها (¬2). وزعم أبو عمر بن عبد البر أنها جُدامة بنت وهب بن محصن ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الطهارة، باب: ما جاء في بول الصبي (1/ 79) (رقم: 110). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الوضوء، باب: بول الصبيان (1/ 92) (رقم: 223) من طريق عبد الله بن يوسف. وأبو داود في السنن كتاب: الطهارة، باب: بول الصبي يصيب لثوب (1/ 261) (رقم: 374) من طريق القعنبي. والنسائي في السنن كتاب: الطهارة، باب: بول الصبي الذي لم يأكل الطعام (1/ 173، 174) (رقم: 301) من طريق قتيبة. والدارمي في السنن كتاب: الطهارة، باب: بول الغلام الذي لم يطعم (1/ 189) من طريق عثمان بن عمر، أربعتهم عن مالك به. (¬2) انظر: الطبقات الكبرى (8/ 192)، وتاريخ ابن أبي خيثمة (ص: 251 - رسالة كمال -)، ومعرفة الصحابة (4 / ل: 386 / أ)، والاستيعاب (13/ 267)، وأسد الغابة (7/ 368)، وتهذيب الكمال (35/ 141)، والإصابة (13/ 269).

الأسدية (¬1)، وذلك محتمل، انظره في مسند جدامة (¬2). فصل: العلة غير مرفوعة في هذا الحديث (¬3)، ولَم يُفرَّق فيه بين بول الذكر والأنثى. وجاء عن عائشة أن ابن الزبير بال في حجر النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قالت: فأخذْتُه أخذًا عنيفًا، فقال: "دَعِيهِ فإنه لم يَطْعَم الطعام، فلا يقذّر بوله"، خرّجه الدارقطني (¬4). ورُوي عن أم الفضل لُبابة بنت الحارث زوج العباس أنها قالت: كان الحسين بن عليّ في حجر النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فبال عليه، فقلت له: البس ثوبا وأعطني إزارك حتى أغسله، فقال: "إنما يُغسل من بول الأنثى، ويُنضح من بول الذَّكر"، خرّجه أبو داود (¬5). ¬

_ (¬1) التمهيد (9/ 108). (¬2) تقدَّم حديثها (4/ 284). (¬3) أي علة كون النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - يغسل ثوبه، وهي كونه لم يأكل الطعام غير مرفوعة هنا لكونها من قول أم قيس. (¬4) أخرجه في السنن (1/ 129) من طريق ححاج بن أرطاة، عن عطاء عن عائشة به. وسنده ضعيف كما قال الحافظ، فيه حجاج بن أرطاة، قال عنه الحافظ: صدوق كثير الخطأ والتدليس، وعدَّه في المرتبة الرابعة من المدلسين ممن اتفق على أنه لا يحتج بشيء من حديثهم إلا بما صرَّحوا فيه بالسماع، وهو هنا عنعن ولم يصرّح. انظر: التلخيص الحبير (1/ 51)، التقريب (رقم: 1119)، وتعريف أهل التقديس (ص: 125، 24). (¬5) أخرجه في السنن كتاب: الطهارة، باب: بول الصبي يصيب الثوب (1/ 261) (رقم: 375). وكذا ابن ماجة في السنن كتاب: الطهارة، باب: ما جاء في بول الصبي الذي لم يطعم (1/ 174) (رقم: 522)، وأحمد في المسند (6/ 239)، وابن خزيمة (1/ 143) (رقم: 282)، والحاكم (1/ 166)، والبغوي (1/ 385) (رقم: 295) من طريق سماك عن قابوس بن أبي المخارق عنها. وسنده حسن لأجل سماك وشيخه قابوس، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي.

وخرّج أيضًا عن أبي السمح (¬1) خادم النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ويقال: إِنَّهُ مولاه واسمه إياد (¬2) - نحوَ ذلك (¬3). وعن عليّ نحوه مرفوعًا قال: "يُغسل بولُ الجارية، ويُنضح بولُ الغلام ما لم يَطعم" (¬4). ¬

_ (¬1) أبو السَّمْح: بسين وحاء مهملتين. الإكمال (4/ 356)، وتوضيح المشتبه (5/ 358). (¬2) انظر: الاستيعاب (11/ 311)، والاستغناء (1/ 331)، وأسد الغابة (6/ 152)، وتهذيب الكمال (33/ 383)، والإصابة (11/ 179). (¬3) أخرجه في السنن (1/ 262) (رقم: 376). وكذلك النسائي في السنن كتاب: الطهارة، باب: بول الجارية (1/ 174) (رقم: 303). وابن ماجة في السنن (1/ 175) (رقم: 2524)، والدولابي في الكنى (1/ 37)، ابن خزيمة في صحيحه (1/ 143) (رقم: 283)، والحاكم في المستدرك (1/ 166)، وصححه، ووافقه الذهبي، والمزي في تهذيب الكمال (33/ 384) كلهم من طريق مُحِلّ بن خليفة، قال: حدّثني أبو السمح، قال: كنت أخدم النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فأُتي بحسن أو حسين رضي الله عنهما فبال على صدره، فجئتُ أغسله فقال: "يُغسل من بول الجارية، ويرش من بول الغلام"، وسنده حسن. (¬4) أخرجه أبو داود في السنن (1/ 263) (رقم: 378)، والترمذي في السنن كتاب: الصلاة، باب: ما ذُكر في نضح بول الغلام الرضيع (2/ 509) (رقم: 610)، وابن ماجة في السنن (1/ 175) (رقم: 525)، وأحمد في المسند (1/ 97، 137)، وابن خزيمة في صحيحه (1/ 143) (رقم: 284)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (4/ 212) (رقم: 1375)، والحاكم في المستدرك (1/ 165)، والدارقطني في السنن (1/ 129) كلهم من طرق عن معاذ بن هشام، عن أبيه، عن قتادة، عن أبي حرب بن أبي الأسود، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه: أن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "يغسل من بول الجارية ويُنضح من بول الغلام" ولم يذكر: "ما لم يطعم". والحديث إسناده صحيح على شرط مسلم، إلَّا أنه اختلف في رفعه ووقفه، فرفعه هشام بن أبي عبد الله من رواية ابنه معاذ كما تقدّم. وتابع معاذا عليه: عبد الصمد بن عبد الوارث عند أحمد في المسند (1/ 76، 137)، والدارقطني في السنن (1/ 129). =

وانظر حديث عروة عن عائشة من طريق هشام (¬1). * * * ¬

_ = ورواه سعيد بن أبي عروبة عن قتادة، عن أبي حرب بن أبي الأسود، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب موقوفًا: أخرجه أبو داود في السنن (1/ 363) (رقم: 377)، وابن أبي شيبة في المصنف (1/ 21)، وعبد الرزاق في المصنف (1/ 381) (رقم: 1488). وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، رفع هشام الدستوائي هذا الحديث عن قتادة، ووقفه سعيد بن أبي عروبة عن قتادة ولم يرفعه. قال الحافظ: "وليس ذلك بعلة قادحة". فتح الباري (1/ 389). قلت: الأمر كما قال، فإن الوقف قد يكون من باب الفتوى، فلا يُعلّ به الرفع. وانظر أيضًا: التلخيص الحبير (1/ 50). (¬1) تقدّم حديثها (4/ 25).

111 - مسند أم سليم بنت ملحان بن خالد

111 - مسند أم سُليم بنت مِلحان بن خالد وهي أم أنس بن مالك، وزوج أبي طلحة الأنصاري، وأخت أم حرام بنت ملحان (¬1). اسمها مرفوع في حديث الرؤيا، هو في المناقب من الصحيحين: قال فيه البخاري عن جابر مرفوعًا قال: "دخلتُ الجنة فإذا أنا بالرُّميصاء امرأة أبي طلحة" (¬2). وقال فيه مسلم عن أنس مرفوعًا أيضًا: "قالوا: هذه الغُميصاء بنت ملحان أم أنس" (¬3). وخرَّجه ابن أبي شيبة، وقال فيه: "الغميصاء بنت ملحان" (¬4). لها حديث واحد. 620 / حديث: "أن أم سليم بنتَ ملحان استفتت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وحاضت أو ولدت بعدما أفاضت يوم النحر ... ". وفيه: الإذن والخروج. ¬

_ (¬1) انظر: الطبقات الكبرى (8/ 312)، وتاريخ ابن أبي خيثمة (ص: 179، 180 - رسالة كمال -)، ومعرفة الصحابة (4 / ل: 378 / ب)، والاستيعاب (13/ 233)، وأسد الغابة (7/ 333)، وتهذيب الكمال (35/ 365)، والإصابة (13/ 226 - 228)، والتقريب (رقم: 8737). (¬2) أخرجه صحيح البخاري في صحيحه كتاب: فضائل الصحابة، باب: مناقب عمر بن الخطاب (3/ 14) (رقم: 3679). (¬3) أخرجه مسلم في صحيحه كتاب: فضائل الصحابة، باب: من فضائل أم سُليم أم أنس بن مالك (4/ 1908) رقم: 105). (¬4) لم أقف عليه في المصنف، فلعلَّه في المسند له، ولم يُطبع إلَّا قطعة صغيرة. وقيل في اسمها غير ذلك، انظر: الاستيعاب (13/ 234)، والإصابة (13/ 226).

في باب: إفاضة الحائض. عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم، عن أبيه، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أن أم سليم (¬1). هكذا قال مالك في الموطأ في هذا الحديث عن أبي سلمة: "أن أمَّ سليم"، لم يذكر إخبارها إيّاه (¬2). وقال فيه الوليد بن مسلم وابن وهب خارج الموطأ عن مالك: أبو سلمة عن أم سليم، أسنده إليها (¬3). وزعم بعض الناس أن هذا مقطوع (¬4). وسماع أبي سلمة من أم سليم غير مدفوع؛ روى شيبان عن عبد العزيز ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الحج، باب: إفاضة الحائض (1/ 330) (رقم: 229). (¬2) انظر الموطأ برواية: - أبي مصعب الزهري (1/ 552) (رقم: 1438)، وسويد بن سعيد (ص: 457) (رقم: 1050)، وابن القاسم (ل: 68 / ب). (¬3) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (25/ 128) (رقم: 312) عن إبراهيم بن دحيم، عن أبيه، عن الوليد بن مسلم، عن مالك به. ورواية ابن وهب ذكرها الدارقطني ثم قال: وأصحاب الموطأ يروونه عن مالك: أن أم سُليم استفتت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فيكون في روايتهم مرسلًا، وهو المحفوظ عن مالك. العلل (5 / ل: 218 / أ). قلت: تابعهما: الشيباني (ص: 157) (رقم: 469)، إلَّا إنَّ الإرسال هي رواية أكثر أصحاب مالك كما قال الدارقطني. (¬4) الذي حكم بانقطاعه هو الحافظ ابن عبد البر، قال الزرقاني: إن سلّم فيه انقطاعا - لأن ألا سلمة لم يسمع من أم سُليم - فله شواهد. لكن المؤلف لا يرى انقطاعه وهو الأظهر. انظر: التمهيد (17/ 307)، وشرح الزرقاني (2/ 505).

ابن رُفيع عن أبي سلمة أنه قال: أخبرتي أم سليم، يعني بحديث احتلام المرأة (¬1). ومِن الناس من أنكر هذه القصة لأم سليم (¬2)، لأنَّ البخاري قد خرّج عن عكرمة أن أهل المدينة سألوا أم سليم عن الحائض هل تنفر؟ فحدّثتهم بحديث صفيّة، هكذا في الصحيح، ليس فيه ذكر قصتها (¬3). وخرَّج سليمان الطيالسي، وأبو جعفر الطحاوي هذا الحديحث عنها، وذكرا فيه أنَّها أخبرتهم عن حيضها وحيض صفية (¬4). ¬

_ (¬1) لم أجده من طريق شيبان، لكن أخرجه إسحاق في مسنده (5/ 53 - 54) (رقم: 2158، 2157) عن جرير وعن عبيد الله بن موسى، عن إسرائيل، كلاهما عن عبد العزيز بن رُفيع، قال جرير: عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، وعطاء ومجاهد قالوا: "إنَّ أم سليم سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن المرأة"، وقال إسرائيل عنه: حدّثتني أم سليم أم أنس بن مالك، فذكره. ورجال الإسنادين ثقات، والإسناد الثاني منهما نص في سماع أبي سلمة من أم سليم. (¬2) قال ابن عبد البر: "هكذا هذا الحديث في الموطأ عند جماعة الرواة عن مالك - فيما علمتُ - ولا أحفظه عن أم سُليم إلَّا من هذا الوجه، وهو منقطع، وأعرفه أيضًا من حديث هشام عن قتادة، عن عكرمة: أن أم سُليم استفتت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمعناه، وهذا أيضًا منقطع، والمحفوظ في هذا الحديث عن أبي سلمة، عن عائشة قصة صفية". التمهيد (17/ 307). (¬3) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الحج، باب: إذا حاضت المرأَة بعد ما أفاضت (1/ 533) (رقم: 1758، 1759) من طريق أيوب، عن عكرمة: أن أهل المدينة سألوا ابن عباس رضي الله عنهما عن امرأة: طافت ثم حاضت؟ قال لهم: تنفر. قالوا: لا نأخذ بقولك وندع قول زيد. قال: إذا قدمتم المدينة فسلوا. فقدموا المدينة فسألوا، فكان فيمن سألوا أم سُليم، فذكرت حديث صفية. (¬4) أخرجه الطيالسي في مسنده (ص: 229) (رقم: 1651)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (2/ 233) من طريق هشام، عن قتادة، عن عكرمة قال: اختلف ابن عباس وزيد بن ثابت في المرأة إذا حاضت وقد طافت بالبيت ... وفيه قول ابن عباس: سلوا صاحبتكم أم سُليم، فقالت: حِضت يوما بعد ما طفت بالبيت فأمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أنفر، ثم ذكرت قصة صفية. وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى (5/ 164) من طريق خالد، عن عكرمة به. =

وانظر حديث عائشة من طريق القاسم (¬1)، وعروة (¬2)، وعمرة (¬3)، وحديث إسحاق عن أنس: أن جدّته مليكة (¬4). • حديث: "الاحتلام". مذكور في مسند أم سلمة (¬5). ¬

_ = وأخرج مسلم في صحيحه كتاب: الحج، باب: وجوب طواف الوداع وسقوطه عن الحائض (2/ 963) (رقم: 381) من حديث طاوس قال: "كنت مع ابن عباس إذ قال زيد بن ثابت: تُفتي أن تصدر الحائض قبل أن يكون آخر عهدها بالبيت: فقال له ابن عباس: إما لا فسِلْ فلانة الأنصارية هل أمرها بذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: فرجع زيد بن ثابت إلى ابن عباس يضحك وهو يقول: ما أراك إلَّا قد صدقت". قال ابن حجر: "وقد عُرف برواية عكرمة الماضية أن الأنصارية هي أم سُليم". فتح الباري (3/ 688). قال الزرقاني: "وفي هذا كله تعقَّب على قول أبي عمر: لا أعرفه عن أم سُليم إلَّا من هذا الوجه، فذكره، ثم قال: وكون حديثه (أبي سلمة) عن عائشة بذلك محفوظًا لا يمنع أنه روى حديث أم سليم وأرسله، كيف ولم ينفرد به، بل وافقه عكرمة وطاوس في مسلم وغيره عن ابن عباس، فكيف لا يعرف ابن عبد البر ما في مسلم والنسائي وهما في يده وقلبه، إنّ هذا لعجب! ". شرح الزرقاني (2/ 506). (¬1) تقدَّم حديثها (4/ 6). (¬2) تقدَّم حديثه (4/ 36). (¬3) تقدَّم حديثها (4/ 115). (¬4) تقدَّم حديثه (2/ 30). (¬5) تقدّم حديثها (4/ 193).

112 - مسند أم هانيء بنت أبي طالب

112 - مسند أمِّ هانيء بنت أبي طالب واسمها هند، وقيل: فاختة، وهي شقيقة عليّ (¬1). حديث واحد. 621 / حديث: "قالت: ذهبتُ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام الفتح، فوجدته يغتسل، وفاطمة ابْنَتُهُ تَسْتُرُهُ بثوب ... ". فيه: "فلما فرغ من غسله قام فصلَّى ثمانيَ ركعات مُلْتَحِفًا في ثوب واحد"، وفيه قصة ابن هبيرة، وفي آخره: "قد أجرنا من أجرتِ يا أمَّ هانيء"، وقولها: وذلك ضُحىً، تعني الوقت. في صلاة الضحى. عن أبي النضر، عن أبي مُرَّة مولى عَقيل بن أبي طالب، عن أم هانيء (¬2). ¬

_ (¬1) انظر: الطبقات الكبرى (8/ 38)، وتاريخ ابن أبي خيثمة (ص: 150) (رقم: 231 - رسالة كمال)، وأسماء الصحابة للدارقطني (ل: 5)، ومعرفة الصحابة (4 / ل: 364 / ب)، والاستيعاب (13/ 304)، وأسد الغابة (7/ 393)، وتهذيب الكمال (35/ 389)، والإصابة (13/ 300)، التقريب (رقم: 8778). (¬2) الموطأ كتاب: قصر الصلاة في السفر (1/ 142 - 143) (رقم: 28). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الغسل، باب: التستر في الغسل عند الناس (1/ 108) (رقم: 280)، وفي: الأدب، باب: ما جاء في "زعموا" (4/ 121) (رقم: 6158) من طريق القعنبي، وفي: الصلاة، باب: الصلاة في الثوب ملتحفًا به (1/ 135) (رقم: 357) من طريق إسماعيل بن أبي أويس، وفي: الجزية، باب: أمان النساء وجوارهن (3/ 411) (رقم: 3171) من طريق عبد الله بن يوسف. ومسلم في صحيحه كتاب: الحيض، باب: تستر المغتسل بثوب ونحوه (1/ 265) (رقم: 70)، وفي: صلاة المسافرين، باب: استحباب صلاة الضحى (2/ 498) (رقم: 82) من طريق يحيى النيسابوري. والترمذي في السنن كتاب: الاسئئذان، باب: ما جاء في مرحبًا (5/ 73) (رقم: 2734) من طريق معن. =

وعن موسى بن ميسرة، عن أبي مرّة عنها مختصرًا، فيه ذكر الصلاة خاصة، وهو طرف من الَّذي قبله، وليس فيه ذكر الوقت (¬1). في الموطأ عن أم هانيء تسمية الوقت (¬2) دون تسمية الصلاة، وزاد فيه عكرمة بن خالد عن أم هانيء قالت: فقلت يا رسول الله ما هذه الصلاة: قال: "صلاة الضحى" (¬3). فصل: كانت أم هانيء تحت هُبَيرَة (¬4) بن أبي وهب، فأسلمت يوم ¬

_ = والنسائي في السنن كتاب: الطهارة، باب: ذكر الاستتار عند الاغتسال (1/ 137) (رقم: 325) من طريق عبد الرحمن بن مهدي. وأحمد في المسند (6/ 343، 423، 425) من طريق عبد الرحمن بن مهدي وإسحاق الطباع. والدارمي في السنن كتاب: الصلاة، باب: صلاة الضحى (1/ 339) من طريق عبيد الله بن عبد المجيد، كلهم عن مالك به. (¬1) الموطأ (1/ 142) (رقم: 27). وأخرجه أحمد في المسند (6/ 425) من طريق عثمان بن عمر. والطبراني في المعجم الكبير (24/ 418 - 419) (رقم: 1018) من طريق عبد الرزاق والقعنبي، وعبد الله بن يوسف، وإسماعيل بن أبي أويس، كلهم عن مالك به. (¬2) وهو في قوله: "وذلك ضحىً". (¬3) رواه تمام في فوائده (1/ 281) (رقم: 702)، والطبراني في المعجم الأوسط (2/ 226) (رقم: 1816)، وأبو نعيم في أخبار أصبهان (1/ 141)، وأبو الشيخ في الجزء فيه أحاديث أبي الزبير عن غير جابر (ص: 94) (رقم: 49)، وابن عبد البر في التمهيد (8/ 135) من طريق إبراهيم بن طهمان، عن أبي الزبير، عن عكرمة بن خالد، عن أم هانيء بنت أبي طالب قالت: لما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في فتح مكة صلى ثماني ركعات فقلت: يا رسول الله! ما هذه الصلاة؟ قال: صلاة الضحى. وسنده ضعيف لعنعنة أبي الزبير، وهو مدلس من الثالثة. تعريف أهل التقديس (ص: 108). (¬4) بضم الهاء وفتح الموحدة. المغني في الضبط (ص: 268).

الفتح، وهرب زوجُها كافرًا إلى نجران (¬1)، وانقطعت عصمة النكاح بينهما، فخطبها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: إنّي قد كبرتُ ولِي عِيال، فقال - صلى الله عليه وسلم -: "خيرُ نساء ركبن الإبلَ صالحُ نساء قريش، أحناه على ولدٍ في صِغَره، وأرعاه على زوجٍ ذات يده"، خرّجه مسلم من طريق أبي هريرة (¬2). وأبو مُرَّة، يقال فيه: مولى عَقيل، ويقال: مولى أمِّ هانئٍ (¬3)، وهي أخت عَقيل. وهذا مذكور في مسند عمرو بن العاص (¬4). وعَقيل هذا: بفتح العين، وكسر القاف (¬5). وانظر صلاة الضحى لأنس (¬6)، وعروة عن عائشة (¬7)، والصلاة في الثواب الواحد لعمر بن أبي سلمة (¬8)، وغيره (¬9). ¬

_ (¬1) انظر: الاستيعاب (13/ 304)، وأسد الغابة (7/ 393)، والإصابة (13/ 300)، والسير (2/ 312 - 314). ونجران: مدينة تقع في جنوب المملكة العربية السعودية على مسافة (910) أكيال جنوب شرقي مكة. المعالم الأثيرة (ص: 286). (¬2) انظر: صحيح مسلم، كتاب: فضائل الصحابة، باب: من فضائل نساء قريش (4/ 1959 - 1960) رقم: 202). (¬3) اسمه يزيد، مشهور بكنيته، نقل الحافظ عن الواقدي أنه مولى أم هانيء، وكان يلزم عَقيلًا فنسب إليه. انظر: الكنى والأسماء للإمام مسلم (2/ 815)، والكنى للدولابي (2/ 111)، والاستغناء لابن عبد البر (2/ 721)، وشرح صحيح مسلم للنووي (3/ 8)، وتهذيب التهذيب (11/ 328)، التقريب (رقم: 7797). (¬4) تقدَّم حديثه (3/ 57). (¬5) انظر: المؤتلف والمختلف للدارقطني (3/ 1575)، والإكمال لابن ماكولا (6/ 29)، وتوضيح المشتبه (6/ 306)، وتبصير المنتبه (3/ 96)، والإصابة (7/ 31). (¬6) تقدّم حديثه (2/ 30). (¬7) تقدّم حديثها (4/ 52). (¬8) تقدّم حديثه (2/ 302). (¬9) كجابر حديث (2/ 130)، وأبي هريرة حديث (3/ 292).

113 - مسند جدة ابن معاذ الأشهلي

113 - مسند جدّة ابن معاذ الأشهلي ويقال: هي حواء بنت يزيد بن السكن الأنصارية (¬1). حديث واحد. 622 / حديث: "يا نساءَ المؤمنات لا تحقِرن إحداكنَّ لجارتها، ولو كُراع شاة محرَّقًا". في موضعين في الجامع. قال في الباب المطول -باب جامع الطعام والشراب: عن زيد بن أسلم، عن عمرو بن سعد بن معاذ -هو الأنصاري- عن جدّته. وقال في باب الترغيب في الصدقة، عند آخر الجامع: عن زيد بن أسلم، عن عمرو بن معاذ الأشهلي، الأنصاري (¬2). ¬

_ (¬1) قاله ابن سعد، وابن عبد البر، وابن الأثير، والمزي، وابن حجر. وقال أبو القاسم الجوهري: هي حواء بنت رافع بن امرئ القيس، وذكر بعضهم القولين. انظر: الطبقات الكبرى (8/ 336)، ومسند الجوهري (ل: 68 / ب)، ومعرفة الصحابة (4 / ل: 343 / ب)، والاستيعاب (12/ 263)، والتمهيد (4/ 296)، وأسد الغابة (7/ 73)، وتهذيب الكمال (35/ 160)، التقريب (رقم: 8571). (¬2) الموطأ كتاب: صفة النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -، باب: جامع ما جاء في الطعام والشراب (2/ 709) (رقم: 25)، وكتاب: الصدقة، باب: الترغيب في الصدقة (2/ 761) (رقم: 4). وأخرجه أحمد في المسند (4/ 64)، و (5/ 377)، و (6/ 434) من طريق روح بن عبادة. والدارمي في السنن كتاب: الزكاة، باب: كراهية رد السائل بغير شيء (1/ 395) من طريق الحكم بن مبارك، كلاهما عن مالك به. والإسناد رجاله ثقات ما عدا عمرو بن معاذ، وهو عمرو بن معاذ بن سعد بن معاذ الأشهلي، =

هكذا عند يحيى بن يحيى، ومن تابعه في البابين (¬1). وقال البخاري في التاريخ الكبر: عمرو بن معاذ الأشهلي، الأنصاري، انتهى قوله (¬2). وردّه ابن وضاح في الموطأ الذي رواه عن يحيى بن يحيى - زيد بن أسلم عن ابن عمرو - على طريق الإصلاح، وزعم أنه معاذ بن عمرو (¬3). وهكذا قال فيه محمد بن الحسن وطائفة عن مالك: زيد بن أسلم، عن معاذ بن عمرو بن سعد بن معاذ (¬4). ¬

_ = المدني، أبو محمد، وقد ينسب إلى جدّه. ذكره البخاري في التاريخ الكبير (6/ 369)، وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (6/ 260) ولم يذكرا فيه شيئًا. وتفرَّد ابن حبان بذكره في الثقات (5/ 182)، وقال الحافظ في التقريب (رقم: 5116): "مقبول". (أي حيث يتابع)، ولم يتابع هنا، فالإسناد فيه لين لكن الحديث صحيح لورود معناه من حديث أبي هريرة كما سيأتي. (¬1) أي زيد بن أعملم عن عمرو بن سعد بن معاذ، أو عمرو بن معاذ. انظر الموطأ برواية: - أبي مصعب الزهري (2/ 108) (رقم: 1954)، و (2/ 175) (رقم: 2103)، وسويد (ص: 602) (رقم: 1475)، وابن القاسم (ص: 235) (رقم: 180)، وابن بكير (ل: 267 / ب) - الظاهرية -. وهكذا قال القعنبي عند الجوهري في المسند (ل: 68 / ب). وابن أبي أويس عند البخاري في الأدب المفرد (ص: 49) (رقم: 122). - وهكذا رواه أكثر أصحاب مالك، وهو الأصح كما قال ابن الحذاء في رجال الموطأ (ل: 81 / ب). (¬2) التاريخ الكبير (6/ 369). (¬3) انظر: مشارق الأنوار (1/ 116). قال المزي: "عمرو بن معاذ بن سعد بن معاذ بن النعمان بن امرئ القيس بن زيد بن عبد الأشهل الأنصاري الأشهلي، أبو محمد، ويقال: عمرو بن سعد بن معاذ يُنسب إلى جدّه. وقال بعضهم: معاذ بن عمرو، وهو وهم". تهذيب الكمال (22/ 246). (¬4) انظر: رواية الشيباني (ص: 329) (رقم: 932). =

ذكره الدارقطني، والخلاف فيه كثير (¬1). ¬

_ = وهكذا قال ابن وهب وابن القاسم كما قال الجوهري (ل: 68 / ب)، وابن الحذاء في رجال الموطأ (ل: 81 / ب). وقال عبد الحي اللكنوي: "هكذا -يعني معاذ بن عمرو- في نسخ متعددة، والصواب ما في موطأ يحيى". التعليق الممجد (3/ 455). (¬1) اختلف فيه على مالك وشيخه زيد بن أسلم. - أما الاختلاف على مالك: فقد تقدّم من أن يحيى بن يحيى وأكثر الرواة عن مالك قالوا في إسناده: زيد بن أسلم، عن عمرو بن معاذ. ونُسب في موضع إلى جدّه فقيل: عمرو بن سعد بن معاذ. وقال فيه محمد بن الحسن، وابن وهب وابن القاسم: "زيد بن أسلم عن معاذ بن عمرو" فقلبوه. - وأما الاختلاف على زيد بن أسلم: فقد رواه عنه مالك بهذا الإسناد: "يا نساء المؤمنات لا تحقرنَّ إحداكنَّ لجارتها، ولو كُراع شاة محرَّقا". وخالفه: - هشام بن سعد عند ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (6/ 152) (رقم: 3381)، والطبراني في المعجم الكبير (24/ 220) (رقم: 557). - وحفص بن ميسرة عند ابن سعد في الطبقات (8/ 336)، وابن أبي خيثمة في التاريخ (رقم: 301 - رسالة كمال)، والطبراني في المعحم الكبير (24/ 220) (رقم: 558)، والذهبي في معجم شيوخه (1/ 33). - وزهير بن محمد عند أحمد في المسند (6/ 435). كلهم عن زيد بن أسلم بهذا الإسناد فقالوا: "ردّوا السائل ولو بظلف محرّق". والراجح رواية مالك لكونه أحفظ وأتقن من هؤلاء الثلاثة. - أما هشام بن سعد فقد قال عنه ابن حبان: "كان ممن يقلب الأسانيد وهو لا يفهم ويسند الموقوفات من حيث لا يعلم ... ". المجروحين (3/ 89). وقال عنه الحافظ في التقريب (رقم: 7294): "صدوق له أوهام". - وأما حفص بن ميسرة فقد قال عنه ابن عبد البر: "إِنَّهُ خالف في إسناد هذا الحديث وفي الذي قبله (وهو المذكور بعد هذا الحديث) فقلبهما وجعل إسناد هذا المتن في متن هذا". التمهيد (4/ 300). وحفص بن ميسرة هذا قال عنه الحافظ في التقريب (رقم: 1433): "ثقة ربما وهم". =

ولم يخرَّج في الصحيحين عن حواءَ شيءٌ. وخَرَّج البخاري ومسلم عن المقبري، عن أبي هريرة مرفوعًا معنى هذا الحديث (¬1). * * * ¬

_ = ولهذا رجَّح الإمام البخاري رواية مالك فقال: "وحديث مالك أولى". التاريخ الكبير (5/ 262). وقد تابع مالكًا عليه روح بن القاسم عند الطبراني في الأوسط (1/ 219) (رقم: 715)، وفي الكبير (24/ 221، 222) (رقم: 562) إلَّا أنه قال في الأوسط: عن معاذ بن أبي حواء، وفي الكبير: عن معاذ التيمي. انظر: علل الدارقطني (5 / ل: 228)، والأحاديث التي خولف فيها مالك (ص: 143 - 144). (¬1) روى البخاري في الصحيح، كتاب: الهبة وفضلها والتحريض عليها (2/ 227) (رقم: 2566) من طريق ابن أبي ذئب. ومسلم في صحيحه كتاب: الزكاة، باب: الحث على الصدقة ولو بالقليل (2/ 714) (رقم: 90) من طريق الليث، كلاهما عن سعيد بن أبي سعيد، عن أبيه، عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "يا نساء المسلمات لا تحقرنَّ جارة لجارتها، ولو فرسن شاة".

114 - مسند جدة ابن بجيد

114 - مسند جدّة ابن بُجَيد وتكنى أم بُجَيد، بايعت النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬1). وقيل: هي حوَّاء الأنصارية، جدة ابن معاذ المذكورة في الباب الذي قبل هذا (¬2). لها حديث واحد. 623 / حديث: "رُدُّوا المسكين ولو بظِلفٍ محرقٍ". في الجامع، باب: المساكين، وهو باب ثالث. عن زيد بن أسلم، عن ابن بجيد الأنصاري ثم الحارثي، عن جدّته (¬3). ¬

_ (¬1) انظر: الطبقات الكبرى (8/ 336)، وسنن أبي داود (2/ 307) (رقم: 1667)، والاستيعاب (13/ 190)، وأسد الغابة (7/ 293)، وتهذيب الكمال (35/ 332)، والإصابة (13/ 181). (¬2) قاله أبو نعيم، ونسبها الطبراني فقال: "حواء بنت زيد بن السكن بن كرز بن زعوراء". ثم أسند لها حديث أم بجيد المذكور. وقال ابن عبد البر: "جدة عمرو بن معاذ، وقيل: إن اسمها حواء بنت يزيد بن السكن، مدنية، وقد قيل: إنها جدة ابن بجيد أيضًا". وبه جزم الذهبي، وفرّق بينهما ابن سعد، فترجم لأم بجيد جدّة عبد الرحمن بن بُجيد، ولم يسمّها، ثم ترجم بعدها لحواء جدّة عمرو بن معاذ، وكذا فرق بينهما ابن أبي خيثمة وابن أبي عاصم، وإليه يميل ابن ححر، فإنه ترجم لحواء بنت يزيد بن السكن، ولحواء أم بجيد ولم ينسبها، فهما عنده اثنتان، والأخيرة عنده هي جدّة ابن بجيد، وهذا هو الراجح. انظر: الطبقات الكبرى (8/ 336)، وتاريخ ابن أبي خيثمة (ص: 186، 191 - رسالة كمال)، والمعجم الكبير (24/ 219)، ومعرفة الصحابة (4/ 343 / ب)، والآحاد والمثاني (رقم: 1165، 1169)، والتمهيد (4/ 296)، والاستيعاب (13/ 189)، وتهذيب الكمال (35/ 332)، ومعجم شيوخ الذهبي (1/ 33)، والإصابة (12/ 203، 205)، (13/ 181). (¬3) الموطأ كتاب: صفة النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -، باب: ما جاء في المساكين (2/ 704) (رقم: 8). =

لم يسمّ يحيى بن يحيى في هذا الإسناد ابنَ بُجيد. وقال فيه ابن بكير، وغيره عن مالك: "محمد بن بجيد" (¬1). وغيرُ مالك يقول فيه: "عبد الرحمن بن بجيد"، هكذا قال فيه سعيد المقبري وغيره: عبد الرحمن بن بجيد، عن جدّته أم بجيد.، خرّج الترمذي هذا الحديث من هذا الطريق وصححّه (¬2). ¬

_ = وأخرجه النسائي في السنن كتاب: الزكاة، باب: رد السائل (5/ 86) (رقم: 2564) من طريق معن وقتيبة. وأحمد في المسند (6/ 435) من طريق روح بن عبادة، ثلاثتهم عن مالك به. (¬1) انظر: الموطأ برواية: - يحيى بن بكير (ل: 244 / ب) - الظاهرية-، وابن القاسم (رقم: 181 - تلخيص القابسي -). وممّن سمَّاه محمدًا: الجوهري في مسند الموطأ (ل: 68 / ب)، وأبو نصر الوائلي حكاه عنه ابن ناصر الدين في توضيح المشتبه (1/ 364). وترجم الحافظ في التعجيل لمحمد بن بجيد وقال: "أخرج مالك في الموطأ عن زيد بن أسلم به حديث: "ردوا السائل ... "، وأخرجه أحمد من طريق مالك بهذا الإسناد، ولم يسمّ ابن بجيد ولا جدَّته، وعلى ذلك اتفق رواة الموطأ، وانفرد يحيى بن بكير فقال: عن محمد بن بجيد". تعجيل المنفعة (2/ 171 - 172)، وتهذيب التهذيب (6/ 129). (¬2) أخرجه الترمذي في السنن كتاب: الزكاة، باب: ما جاء في حق السائل (3/ 52) (رقم: 665)، وقال: "حسن صحيح". وكذا أخرجه أبو داود في السنن كتاب: الزكاة، باب: حق السائل (2/ 307) (رقم: 1667)، والنسائي في السنن كتاب: الزكاة، باب: تفسير المسكين (5/ 90) (رقم: 2573)، وأحمد في المسند (6/ 381)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (6/ 159) (رقم: 238)، وابن أبي خيثمة في التاريخ (ص: 186) (رقم: 295 - رسالة كمال -)، وابن خزيمة في صحيحه (4/ 111) (رقم: 2473)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (8/ 166) (رقم: 3373)، والطبراني في المعجم الكبير (24/ 221) (رقم: 560)، والحاكم في المستدرك (1/ 467) كلهم من طرق، عن المقبري به. وإسناده صحيح.

وقال فيه ابن أبي ذئب، عن المقبُري، عن عبد الرحمن بن بجيدة، عن أمه بجيدة، ذكره ابن أبي خيثمة (¬1). هكذا قال: بجيدة، بالهاء على التأنيث، ولم يُتابَع على ذلك (¬2). وقال فيه منصور بن حَيَّان، عن ابن بجاد، بالألف، خرّجه ابن أبي شيبة من طريقه (¬3). وابن بجيد، أو بجاد ممّن أدرك النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -، قال أبو عمر بن عبد البر: وفي صحبته نظر (¬4). قال الشيخ رضي الله عنه: لم يُخرَّج له ولا لجدّته في الصحيحين شيء. ¬

_ (¬1) انظر: التاريخ له (ص: 187) (رقم: 296 - رسالة كمال -). (¬2) نبَّه عليه أيضًا ابن الأثير في أسد الغابة (7/ 33). وقد رواه على الصواب أحمد في المسند (6/ 382)، والطبراني في المعجم الكبير (24/ 221) (رقم: 560) من طريق ابن أبي ذئب به. (¬3) انظر: المصنف (3/ 111)، وأخرجه من هذا الوجه أيضًا أحمد في المسند (6/ 383)، والبخاري في التاريخ الكبير (5/ 262)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (6/ 160) (رقم: 3388). (¬4) انظر: الاستيعاب (6/ 27). قلت: عبد الرحمن بن بُحيد، ذكره ابن حبان في ثقات التابعين، وقال: "يقال: إن له صحبة". وقال المزي وابن حجر: "مختلف في صحبته". وقال ابن ناصر الدين: "ذُكر في الصحابة، وفيه خلاف، فذكره البخاري وغيره في التابعين". انظر: التاريخ الكبير (5/ 262)، والجرح والتعديل (5/ 214)، والثقات لابن حبان (3/ 257)، (5/ 85)، وأسد الغابة (3/ 425)، وتهذيب الكمال (16/ 541)، وتوضيح المشتبه (1/ 363)، وتهذيب التهذيب (6/ 129)، والتقريب (رقم: 3807).

وبُجيد هو بالباء المعجمة، بواحدة مخفّفا (¬1). وهذا الحديث والذي قبله رُوي كل واحد منهما بإسناد صاحبه (¬2)، وهما حديث واحد (¬3)، اختلف في إسناده ومتنه (¬4)، فقيل في هذا: "لا تَرُدُّوا السائل" (¬5) بلفظ النهي، أي: لا تخيّبوه. وجاء عن أم سلمة أن نسوة أتينها يسألنها وألححن عليها فقالت لهن جارية لها: أخرجن، فقالت أم سلمة: ما بهذا أُمرنا، رُدِّي كل واحدة منهن ولو بتمرة (¬6). ¬

_ (¬1) بضم الموحدة، وفتح الجيم، وسكون المثناة تحت، تليها دال مهملة. انظر: المؤتلف والمختلف للدارقطني (1/ 190)، وتوضيح المشتبه (1/ 363)، والمغني في ضبط الأسماء (ص: 33). (¬2) تقدّم أن حفص بن ميسرة وهشام بن سعد وزهير بن محمد هم الذين قلبوا الحديثين فرووا عن زيد بن أسلم، عن عمرو بن معاذ، عن جدّته وقالوا: "ردوا السائل ولو بظلف محرق"، وقد رواه مالك، عن زيد بن أسلم، عن ابن بجيد، عن جدّته، وهم رووا بهذا الإسناد حديث: "لا تحقرنَّ حارة لجارتها"، وقد رواه مالك، عن زيد بن أسلم، عن عمرو بن معاذ، عن جدَّته. والصحيح في ذلك قول مالك لحفظه وإمامته، وهذا ما رجَّحه البخاري حيث قال: "وحديث مالك أولى". التاريخ الكبير (5/ 262). (¬3) أي من حيث المعنى، وأما من حيث الإسناد فهما حديثان، رُوي كل منهما لإسناد غير إسناد صاحبه، لا سيما على قول من فرَّق بين أم بجيد وجدة عمرو بن معاذ. (¬4) انظر: علل الدارقطني (5 / ل: 228)، والأحاديث التي خولف فيها مالك (ص: 143، 144). (¬5) أخرجه بهذا اللفظ الطبراني في المعجم الكبير (24/ 219 - 220) (رقم: 555، 556، 557) من طريق مالك، وروح بن القاسم، عن زيد بن أسلم، عن ابن جميد، عن جدَّته. ومن طريق هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن عمرو بن معاذ، عن جدّته. (¬6) لم أجده.

115 - امرأة مجهولة في الموطأ

115 - امرأة مجهولة (¬1) في الموطأ وهي أم معقل الأنصارية، ويقال: الأسدية (¬2). حديث واحد 624 / حديث: "اعتمري في رمضان، فإن عمرة فيه كحجّة". في باب: العمرة. عن سُميّ مولى أبي بكر، عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام قال: جاءت امرأة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: إني كنتُ تجهّزتُ للحج، فاعتُرض لي (¬3). هكذا قال فيه مالك، لم يسمّ المرأة، ولا أسند الحديث إليها (¬4). ¬

_ (¬1) أي مبهمة. (¬2) وقد قيل: الأشجعية، وهي زوج أبي معقل، أسلمت وبايعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وروت عنه. انظر: الطبقات الكبرى (8/ 229)، وطبقات خليفة (ص: 336)، ومن وافقت كنيته كنية زوجه من الصحابة (ص: 95)، والاستيعاب (13/ 300)، وأسد الغابة (7/ 387)، وتهذيب الكمال (35/ 387)، والإصابة (13/ 293). (¬3) الموطأ كتاب: الحج، باب: جامع ما جاء في العمرة (1/ 281) (رقم: 66). وقولها: "فاعترض لي"، أي أصابها عارضٌ من مرض أو غيره فمنعته. انظر: النهاية (3/ 211)، والزرقاني (2/ 360 - 361). (¬4) ظاهر الإسناد كما قال المؤلف الإرسال، وفيه أيضًا امرأة مبهمة إلَّا أن سماع أبي بكر بن عبد الرحمن من أم معقل ثبت في الطرق الأخرى كما سيأتي إن شاء الله وهي صحابية فجهالتها لا تضر، وعلى هذا فالحديث مسند، وقد صححه ابن عبد البر في التمهيد (22/ 55)، لكن في إسناد حديثها -كما قال في الاستيعاب (13/ 300) - اضطراب كثير.

وقال فيه الزهري وطائفة: عن أبي بكر بن عبد الرحمن، عن امرأة من بني أسد يقال لها: أم معقل، خرّجه النسائي من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري (¬1). ¬

_ (¬1) أخرجه النسائي في السنن الكبرى (2/ 472) (رقم: 4227)، وكذا إسحاق بن راهويه في مسنده (5/ 260) (رقم: 2414)، وأحمد في المسند (6/ 406)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (6/ 45) (رقم: 3238)، والطبراني في المعجم الكبير (25/ 154 - 155) (رقم: 371)، كلهم من طريق عبد الرزاق به. وتابع الزهريّ عليه: - الحارث عن أبي بكر عبد الرحمن، عند أحمد في المسند (6/ 406)، وأبي زرعة الدمشقي في التاريخ (1/ 314) (رقم: 586)، والطبراني في المعجم الكبير (25/ 153) (رقم: 367)، كلهم من طريق ابن إسحاق، عن يحيى بن عباد، عن الحارث، عن أبي بكر بن عبد الرحمن قال: كنت فيمن ركب مع مروان حين ركب إلى أم معقل، قال: وكنت فيمن دخل عليها من الناس معه، وسمعتها حين حدَّثت هذا الحديث، فذكره. وسيأتي ذكر هذا الطريق عند المصنف وقوله عقبه: هذا مطابق لما رواه الزهري. قال الألباني: "هذا سند جيّد، قد صرّح فيه ابن إسحاق بالسماع، فهذا يصحّح أن أبا بكر تلقاه عن أم معقل مباشرة، ويؤيِّده رواية الزهري عن أبي بكر بن عبد الرحمن ... ". إرواء الغليل (3/ 374). وممن تابعه أيضًا: - عمارة بن عمير عند ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (6/ 46) (رقم: 3240)، والطبراني في المعجم الكبير (25/ 154) (رقم: 368). لكن اختلف عليه، فرواه: - يعقوب بن حميد عن وكيع، عن الأعمش عنه هكذا. - وابن أبي شيبة عن وكيع عن الأعمش عن عمارة عن أبي بكر أن معقل ... فجعله من مسند معقل، وابن أبي شيبة إمام. ولذا قال ابن أبي عاصم: "لم يصنع يعقوب فيه شيئًا". =

ورواه محمد بن أبي إسماعيل عن إبراهيم بن المهاجر، عن أبي بكر بن عبد الرحمن، عن معقل بن أبي معقل: أن أمّه أتت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وذكره قصة وصفها، خرّجه ابن أبي شيبة، وأضاف الحديث إلى معقل (¬1). ¬

_ = وتابع أبا بكر بن عبد الرحمن عليه: - أبو سلمة بن عبد الرحمن عند ابن سعد في الطبقات (8/ 229)، وأحمد في المسند (6/ 405) كلاهما من طريق يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أم معقل الأسدية أنها قالت: يا رسول الله ... فذكره. ورواه النسائي في الكبرى (2/ 472) (رقم: 4226)، وأحمد في المسند (4/ 210)، والخطيب في الأسماء المبهمة (ص: 302)، وفي تلخيص المتشابه (2/ 874)، وفي الموضّح (2/ 411) كلهم من طريقين عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن معقل به. فجعلا الحديث من مسند معقل دون أم معقل. فالحاصل أن الحديث رُوي عن أبي بكر بن عبد الرحمن مرسلًا وموصولًا، والوصل هو الأصح، ثم اختلف عليه، وكذا على أبي سلمة، هل هو من مسند أم معقل: أو ابنها معقل: والمحفوظ عن أبي بكر أنه من مسند أم معقل. وأما أبو سلمة فقد ورد الوجهان عنه من طريق يحيى بن أبي كثير، وسواء كان الصواب هذا أو ذاك فهو صحيح: لأن معقلًا صحابي أيضًا. (¬1) لم أجده في المصنف فلعلّه في المسند، لكن أخرجه أحمد أيضًا في المسند (6/ 406)، والطبراني في المعجم الكبير (20/ 234) (رقم: 551) كلاهما من طريق محمد بن أبي إسماعيل به. وهذا شاذ: لأن إبراهيم بن مهاجر، هو البجلي، ضعفه ابن معين في التاريخ (2/ 14 - رواية الدوري عنه -)، وقال: أبو حاتم فيما نقل عنه ابنه في الجرح والتعديل (2/ 133): "ليس بقوي، يكتب حديثه ولا يحتج به". وقال الحافظ في التقريب (رقم: 254): "صدوق ليّن الحفظ". وقد خالف الزهري والحارث بن أبي بكر حيث أنهما أسندا الحديث إلى أم معقل كما تقدّمت روايتهما. وأما إبراهيم بن مهاجر فجعله من مسند ابنها معقل، وإلى هذا أشار المؤلف بقوله: وأضاف الحديث إلى معقل، لكن كون الحديث لمعقل محفوظ من غير طريق أبي بكر، ثم إن إبراهيم بن مهاجر اضطرب في روايته، فرواه عنه محمد بن أبي إسماعيل هكذا، ورواه أبو عوانة عنه فقال: عن =

وقال فيه أبو عوانة وغيره: عن إبراهيم بن مهاجر، عن أبي بكر بن عبد الرحمن، قال: أخبرني رسول مروان الذي أُرسل إلى أم معقل أنها قالت: "يا رسول الله! إن عليَّ حجّةً، وإنَّ لأبي معقل بَكرًا ... "، الحديث، خرجه أبو داود (¬1). وأعاده من طريق محمد بن إسحاق، عن عيسى بن معقل بن أم معقل ¬

_ = أبي بكر بن عبد الرحمن قال: أخبرني رسول مروان الذي أرسل إلى أم معقل (وهو معقل) أنها قالت ... فجعله من مسند أم معقل. وهو المذكور عقب رواية محمد بن إسماعيل. ورواه شعبة عنه عن أبي بكر بن عبد الرحمن أنه قال: أرسل مروان إلى أم معقل الأسدية يسألها عن هذا الحديث؟ فحدَّثته أن زوجها جعل بكرًا لها في سبيل الله وأنها أرادت العمرة ... فذكره مرسلًا. أخرجه أحمد في المسند (6/ 405، 406)، والطيالسي في مسنده (ص: 231) (رقم: 1662)، وابن خزيمة في صحيحه (4/ 360) (رقم: 3075)، والحاكم في المستدرك (1/ 482)، والخطيب في الأسماء المبهمة (ص: 302). قال الحاكم: صحيح على شرط مسلم ووافقه الذهبي في التلخيص. قلت: هو وإن كان على شرط مسلم كما قالا إلَّا أن إبراهيم أخطأ أيضًا في ذكر العمرة في هذه الرواية، وغيره من الثقات ذكروا فيه الحج دون العمرة. (¬1) أخرجه في السنن، كتاب: المناسك، باب: العمرة (2/ 503 - 504) (رقم: 1988)، وكذلك أحمد في المسند (6/ 375، 405)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (6/ 46) (رقم: 3243)، والطبراني في المعجم الكبير (25/ 151) (رقم: 364) من طريق أبي عوانة، والفاكهي في أخبار مكة (1/ 390) (رقم: 828) من طريق سفيان الثوري كلاهما عن إبراهيم به. والإسناد رجاله ثقات سوى إبراهيم بن مهاجر فإنه تُكلّم من جهة حفظه كما تقدَّم، وفيه أيضًا رسول مروان وهو مجهول.

الأسدي، عن يوسف بن عبد الله بن سلام، عن جدّته (¬1) أم معقل (¬2). وخرّج هذا ابن أبي شيبة أيضًا، وابن سنجر، وزادا معًا فيه: قال يوسف: فحدّثت به مروان بن الحكم فقال: من سمعه معك؟ قلت: ابنها معقل بن أبي معقل -وهو رجل صدق- قال: فأرسل إليه فحدّثه بمثل ما حدَّثني، فقيل لمروان: إنها حيّة (¬3) في دارها، فدخل عليها فحدّثته، اللّفظ لابن سنجر. وزاد بإسناده عن يحيى بن عَبَّاد، عن الحارث بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث، عن أبيه قال: كنت في النَّاس مع مروان حين دخل عليها، فسمعناها تحدّث بهذا الحديث (¬4). وهذا مطابق لما رواه الزهري. وروى حبيب المُعلّم عن عطاء بن أبي رَباح، عن ابن عباس: أن النَّبِيّ ¬

_ (¬1) أي جدّة عيسى. (¬2) انظر: السنن (2/ 504) (رقم: 1989)، وأخرجه الدارمي في السنن كتاب: الحج، باب: فضل العمرة في رمضان (2/ 51) - مختصرًا - وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (6/ 47) (رقم: 3245)، وأبو زرعة في التاريخ (1/ 312 - 313)، والطبراني في المعجم الكبير (25/ 153) رقم: 366) كلهم من طريق محمد بن إسحاق به. (¬3) جاء في مقابلها بالهامش: "يعني بالحياة موجودة". (¬4) أورده ابن عبد البر في التمهيد (22/ 58 - 59). والزيادة التي عزاها المؤلف إلى ابن أبي شيبة وابن سنحر وردت عند ابن أبي عاصم أيضًا: فإنه ساق الحديث من طريق ابن إسحاق مطولًا كما تقدّمت الإشارة إليه. وهذه الروايات تدل على أن المرأة المبهمة في الموطأ هي أم معقل الأسدية زوج أبي معقل، وقيل: إنها أم سنان كما سيأتي. وانظر أيضًا: الغوامض والمبهمات (1/ 154 - 156)، والمستفاد من مبهمات المتن والإسناد (1/ 613).

قال لامرأة من الأنصار يقال لها: أم سِنان (¬1)، فذكر نحوه، خُرِّج هذا في الصحيحين (¬2). قال البخاري: وقال عبيد الله، عن عبد الكريم، عن عطاء، عن جابر، عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - (¬3). ويقال: إنَّ أمَّ سِنان هذه هي أم معقل، كانت تكنى أم سِنان، ثم كنيّت بابنها معقل (¬4). وذكر البخاري هذا الحديث في كتاب الكنى عن طلق (¬5) عن أبي طليق، ¬

_ (¬1) أم سنان بكسر السين المهملة ونون بعدها. مشارق الأنوار (2/ 235)، والمغني في ضبط الأسماء (ص: 134). (¬2) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: جزاء الصيد، باب: حج النساء (2/ 19، 20) (رقم: 1863). ومسلم في صحيحه كتاب: الحج، باب: فضل العمرة في رمضان (2/ 917، 918) (رقم: 222). (¬3) انظر: صحيح البخاري (2/ 20)، وقد وصله ابن ماجة في السنن كتاب: المناسك، باب: العمرة في رمضان (2/ 996) (رقم: 2995)، وأحمد في المسند (3/ 352، 361، 397). (¬4) ذكره الحافظ في الإصابة من غير تعيين القائل ثم رجّح تعدد القصة، وقال في الفتح: ولا معدل عن تفسير المبهمة في حديث ابن عباس بأنها أم سنان أو أم سليم: لما في القصة التي في حديث ابن عباس من التغاير للقصة التي في حديث غيره ولقوله في حديث ابن عباس أنها أنصارية، وأما أم معقل فإنها أسدية. قلت: يؤيِّده تفريق ابن الأثير بينهما. انظر: الإصابة (13/ 293)، وفتح الباري (3/ 707)، وأسد الغابة (7/ 336، 387). (¬5) في التاريخ الكبير (الكنى) (9/ 46) عن طليق رجل البصرة، عن أبي طليق أنه سمع النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - ... وعند المؤلف في الأصل "عن طليق عن أبيه أبي طليق" والصواب المثبت كما في المصادر المتقدمة؛ لأن طلق الراوي عن أبي طليق هو طلْق - بسكون اللام - بن حبيب العنزي البصري، صدوق، روى عن الأحنف بن قيس، وأنس بن مالك، وأبي طليق. وعنه: أيوب السختياني، =

ولم يسمِّه (¬1). فصل: أم معقل هذه من الصحابة، مشهورة بهذا الحديث (¬2). وقد رُوي هذا الحديث أيضًا عن أمّ طَليق (¬3)، فقيل: هما امرأة واحدة (¬4). ¬

_ = وطاوس والمختار بن فلفل وآخرون، أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم والأربعة. انظر: التاريخ الكبير (4/ 359)، والجرح والتعديل (4/ 490)، وتهذيب الكمال (13/ 451)، وتهذيب التهذيب (5/ 27)، التقريب (رقم: 3040). (¬1) هو مشهور بكنيته. انظر: الكنى لمن لا يعرف له اسم من الصحابة (ص: 42)، والاستغناء (1/ 196)، والمقتنى في سرد الكنى (1/ 330). والحديث أخرجه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (5/ 176) (رقم: 2710)، والدولابي في الكنى (1/ 41)، والطبراني في المعجم الكبير (22/ 324) (رقم: 816)، والبزار في المسند (2/ 38) رقم: 1151 - كشف الأستار -)، وابن عبد البر في الاستيعاب (12/ 21)، وابن بشكوال في الغوامض والمبهمات (1/ 159، 160) من طريق المختار بن فلفل عن طلق بن حبيب، عن أبي طليق أنه أتى النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - فقال: ما يعدل الحج: قال: "عمرة في رمضان". قال ابن عبد البر في أبي طليق: يُعد في أهل الحجاز وامرأته أم طليق روت هذا الحديث أيضًا، ورويا جميعًا عن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -. والحديث قال عنه الهيثمي في المجمع (3/ 280): رواه الطبراني والبزار، ورجال البزار رجال الصحيح. وقال المنذري في الترغيب والترهيب (2/ 129) والدمياطي في المتجر الرابح (ص: 293) والحافظ في الإصابة (11/ 217): إسناده جيِّد. (¬2) انظر: الاستيعاب (13/ 300)، والاستغناء (1/ 196)، وأسد الغابة (7/ 387). (¬3) أخرجه الدولابي في الكنى (1/ 41)، وابن بشكوال في الغوامض والمبهمات (1/ 158). (¬4) قاله ابن عبد البر في الاستيعاب (13/ 301)، وحكاه عنه المنذري في الترغيب والترهيب (2/ 129)، لكن ردَّه الحافظ بتغاير سياق الروايات وأنهما امرأتان متغايرتان. انظر: فتح الباري (3/ 707).

وجاء عن ابن عباس: أن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال هذا الكلام في العمرة لأم سنان، ولم يُسند الحديث إليها، ويُشبه أن تكون هي أم معقل (¬1). وأبو معقل الأنصاري من الصحابة، وهو زوج أم معقل (¬2)، وقد رُوي هذا الحديث عنه (¬3). وابنه معقل بن أبي معقل، ويُقال له: معقل بن أم معقل، ذكره أبو عمر بن عبد البر في الصحابة، وزعم أنه معقل بن أبي الهيثم، وأنه يقال فيه ذلك كله، وهو رجل واحد روى عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - هذا الحديث: "عمرة في رمضان تعدل حجة" (¬4). ¬

_ (¬1) تقدّم الحديث وكلاء المؤلف عليه في (4/ 345 - 346). (¬2) وهو الهيثم بن نهيك بن إساف بن عدي بن زيد الأسدي، ويقال: الأنصاري، ويقال: إِنَّهُ شهد أحدًا، ويقال: إِنَّهُ مات في حجة الوداع. انظر ترجمته في: الإصابة (12/ 22)، والاستيعاب (12/ 151)، وأسد الغابة (6/ 288)، والكنى والأسماء للدولابي (1/ 55)، ومن وافقت كنيته كنية زوجه من الصحاحة (ص: 89)، وتهذيب الكمال (34/ 308)، وتجريد أسماء الصحابة (2/ 124، 204)، وتهذيب التهذيب (12/ 263، 264)، التقريب (رقم: 8380). (¬3) أخرجه النسائي في السنن الكبرى (2/ 473)، والدولابي في الكنى والأسماء (1/ 55)، وابن حمويه في من وافقت كنيته كنية زوجه من الصحابة (ص: 89) (رقم: 12) كلهم من طريق الأعمش عن عمارة بن عمير وجامع من شداد، عن أبي بكر بن عبد الرحمن، عن أبي معقل أنه جاء إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: إن أم معقل ... فذكره. وأخرحه ابن ماجة في السنن كتاب: المناسك، باب: العمرة في رمضان (2/ 996) (رقم: 2993) من طريق الأسود بن يزيد عنه مختصرًا. إسناد ابن ماجة ضعيف لأجل شيخه جبارة بن المغلس لكنه صح من وجوه أخرى. (¬4) انظر: الاستيعاب (10/ 172)، وتبعه ابن الأثير في أسد الغابة (5/ 223)، والحافظ في الإصابة =

وذكر أيضًا في الصحابة أبا طَليق، قال: ويقال فيه: أبو طلق، وذكر له هذا الحديث، وقال: رواه عنه طلق بن حبيب. قال: وامرأته أم طليق، روت الحديث أيضًا (¬1)، ويظهر من قوله أن أبا طليق: عنده هو أبو معقل، وأن أم طليق هي أم معقل، وهي زوجه (¬2)، وذلك محتمل، والله أعلم. فصل: وفي الزيادات حديث لعمّة حصين بن محصن (¬3). وفي المراسل أحاديث لعمرة بنت عبد الرحمن (¬4)، وسائبة مولاة عائشة (¬5)، وليست لهما صحبة. ¬

_ = (9/ 258) إلَّا أنه نقل عن الدارقطني أحه قال: الصحيح أنَّه معقل بن أبي الهيثم، كذا قال! وقد جزم البخاري في التاريخ (7/ 391) وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (8/ 285) وابن حبان في الثقات (3/ 393) والمزي في تهذيب الكمال (28/ 278) على أنه معقل بن الهيثم الأسدي، ويقال: معقل بن أبي معقل، وأمه أم معقل، ونقل بشار عواد في هامش تهذيب المزي أنه جاء في نسخة المؤلف التي بخطه من تعقباته على صاحب الكمال قوله: كان فيه ويقال: معقل بن أبي الهيثم، والصواب ابن الهيثم. قلت: يؤيّده اتفاقهم على تسمية والده أبي معقل الهيثم بن نهيك كما تقدم في ترجمته. (¬1) انظر: الاستيعاب (12/ 21، 22)، والاستغناء (1/ 196). تنبيه: تصحّف معقل وأم معقل في أغلب المواضع إلى: "مغفّل". (¬2) بل جزم بذلك في ترجمة أم معقل (13/ 301) لكن تقدم في (ص: 359) أنهما امرأتان. (¬3) سيأتي حديثها (4/ 478). (¬4) ستأتي أحاديثها (5/ 163 - 170). (¬5) سيأتي حديثها (5/ 234).

آخر القسم الثالث وفيه من النساء المعيَّنات خمس وعشرون امرأة، ومن الحديث مائة حديث (¬1)، منها حديث واحد منسوب إلى سائر أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - وجملة الصحابة أصحاب المسانيد المعدود حديثهم في الأقسام الثلاثة السالفة ليحيى بن يحيى ومن تابعه مائة، وجميع حديثهم ستمائة حديث. * * * ¬

_ (¬1) جاء على هامش الأصل: "حاشية في الأصل: هذا نقص عدد، وهكذا وقع في الأصل، والعدد في الأحاديث مائة حديث وستة وثلاثون حديثًا. ا. هـ"، وهو كما قال.

القسم الرابع: في الزيادات على رواية يحيى بن يحيى الليثي الأندلسي لسائر رواة الموطأ

القسم الرابع: في الزيادات على رواية يحيى بن يحيى الليثي الأندلسي لسائر رواة الموطأ روى الموطأ عن مالك جماعةٌ لا يُحصى عددُهم، فبعضُ الروايات نُقلت فاشتهرت، وبعضها أُهمل نقلُها فدَرَسَتْ، ومنها روايات اعتُدَّ بها فيما سلف فضُبِطَ مواضعُ الخلف منها في المساند وغيرها، ولا تكاد توجد اليوم بأسرها، وإنّما يُعوَّلُ فيما شَذَّ منها عنَّا على ما نُقل إلينا في المساند المستخرج ذلك منها. ونقتصر ها هنا على ما رواه بضعَةَ عَشَرَ رَجُلًا، وهم: عبد الله بن وهب المصري، وعبد الرحمن بن القاسم العُتقي المصري، وعبد الله بن مسلمة بن قعنب القعنبي، وعبد الله بن يوسف التنّيسي، ويحيى بن عبد الله بن بكير المصري، ويحيى بن يحيى التميمي النيسابوري، ومعن بن عيسى القزاز المدني رَبيبُ مالك، ومطرِّف بن عبد الله اليساري الأصمّ المدني، وأبو المصعب أحمدُ بن أبي بكر الزهري المدني، ومصعب بن عبد الله الزُّبيري، وسعيد بن عُفير، وسليمان بن بُرد، ومحمد بن المبارك الصوري. ومِمَّن نُقل إلينا عنه ولم نرَ له كتابًا محمد بن إدريس الشافعي الفقيه، ومحمد بن الحسن الشيباني، وإسماعيل بن أبي أويس، وهو ابن أخت مالك بن أنس، واسم أبي أويس عبد الله بن عبد الله بن أويس الأصبحي المدني، وهو ابن عمّ مالك وصهرُه، وأبو حُذافةَ أحمدُ بن إسماعيل السهمي، وعبد الله بن نافع، هو ابن ثابت الزبيري، من ولد الزبير بن العوّام، يكني أبا بكر، وليس

بعبد الله بن نافع أبي محمد الصائغ الفقيه مولى بني مخزوم؛ لأن هذا كان مسائليًّا، وقد قيل: إنَّه كان حافظًا أمّيًّا، يحفظ ولا يكتب حكاه أبو إسحاق الشيرازي في تاريخ الفقهاء (¬1). وأبو بكر الزُّبيري المذكور محدِّث، خَرَّج عنه مسلمٌ وغيرُه (¬2)، وكلاهما ¬

_ (¬1) انظر: طبقات الفقهاء للشيرازي (ص: 147). (¬2) أخرج له مسلم في موضع واحد من صحيحه، وهو كتاب: الصلاة، باب: الصلاة على النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - بعد التشهد (1/ 306) (رقم: 69)، وهو فيه غير منسوب، فلا يُدرى هل هو عبد الله بن نافع الصائغ أو الزبري؟ وقد وافق المؤلِّف على كون الزبري هو الذي أخرج له مسلم القاضي عياض في ترتيب المدراك (3/ 154 - 146). وخالفهما الحافظان المزي وابن حجر حيث رمزا على عبد الله بن نافع الصائغ بـ (بخ، م، 4) -أي البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، والأربعة-، ورمزا على عبد الله بن نافع الزبيري ب (س، ق) -أي النسائي وابن ماجة-، ولعلَّ الصواب هو ما ذهب إليه المصنِّف والقاضي عياض، وذلك لوجوه: 1 - أن المؤلِّف له مجموع في رجال مسلم، فهو أعلم بمسلم من غيره، لا سيما وقد وافقه القاضي عياض مؤلف كتاب: "إكمال المعلم بفوائد مسلم"، والدي شهد له أهل المشرق والمغرب بالفضل والتقدّم على السواء. 2 - أن الصائغ متكلّم فيه، فقد قال الإمام البخاري: "يُعرف حفظه ويُنكر"، وقال أبو زرعة: "منكر الحديث"، وأشدّ من هذا ما قاله البرذعي: "ذكرتُ أصحاب مالك -يعني لأبي زرعة- فذكرتُ عبد الله بن نافع الصائغ، فكلح وجهه". وأما الزبيري فقد أثنى الإمام البخاري على أحاديثه فقال: "أحاديثه معروفة"، وقال أبو حاتم الرازي: "سمع من مالك أحاديثه معروفة"، فهو أولى بأن يخرّج له مسلم دون الصائغ. 3 - إن الصائغ لم يكن صاحب حديث كما قال الإمام أحمد وغيره، وإنما كان صاحبَ رأي مالك، وقد تقدّم قول المؤلف: "كان مسائليًّا" بخلاف عبد الله بن نافع الزبيري، فإنَّه كان محدِّثًا كما قال المولِّف. وعلى هذا فالصواب ما قاله المؤلِّف من أن الذي أخرج له مسلم هو عبد الله بن نافع الزبيري دون الصائغ، والله أعلم. =

مَدني، قال البخاري في أبي بكر الزبيري: أحاديثه معروفة، وقال في أبي محمد الصائغ: يعرف حفظه وينكر، وكتابه أصحّ (¬1)، يعني: أصح من حفظه. * * * ¬

_ = انظر ترجمة عبد الله بن نافع الصائغ في: التاريخ الكبير (5/ 213)، وترتيب المدراك (3/ 128)، وأجوبة أبي زرعة على أسئلة البرذعي (2/ 375)، والضعفاء لأبي زرعة (2/ 732)، كلاهما ضمن أبو زرعة الرازي وجهوده في السنة النبوية، وتهذيب الكمال (16/ 208)، وتهذيب التهذيب (6/ 46). وانظر ترجمة الزبيري في: التاريخ الكبير (5/ 213)، والجرح والتعديل (5/ 184)، وترتيب المدارك (3/ 145)، وتهذيب الكمال (16/ 253). (¬1) التاريخ الكبير (5/ 213، 214).

1 - المزيد لأنس بن مالك

1 - المزيد لأنس بن مالك خمسة أحاديث، وتقدَّم له أحاديث (¬1). مالك عن إسحاق (¬2)، عن أنس. 1 / حديث: "كنت أمشي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وعليه بُرْدٌ نَجْرَانيٌّ غَليظٌ الحاشية، فأدركه أعرَابِيٌّ، فجَبَذَ برداءه جَبذًا شديدًا ... ". فيه: ثم قال: يا محمد! مُرْ لِي من مال الله الذي عندك. عند معن وابن بُرد، وابن بكير (¬3). وخرجه البخاري ومسلم من طريق مالك وغيره (¬4). ¬

_ (¬1) انظر أحاديثه (2/ 29 - 87). (¬2) هو إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة الأنصاري. (¬3) انظر الموطأ برواية ابن بكير (ل: 266 / ب) - الظاهرية-، وهكذا رواه: - أبو مصعب الزهري (2/ 183) (رقم: 2124)، وسويد بن سعيد (ص: 613) (رقم: 1506). وعزاه الدارقطني إلى معن وابن بكير فقط، وقال: تابعهما القعنبي في غير الموطأ. أحاديث الموطأ (ص: 15). قلت: الحديث من طريق القعنبي عند الجوهري في مسند الموطأ (ل: 52)، وقال: ليس هذا عند ابن وهب، ولا ابن القاسم، ولا القعنبي، ولا ابن عفير، ولا أبي مصعب في الموطأ (كذا قال! )، وهو عند معن، وابن بكير، وابن بُرد، ومصعب الزبيري، وهو عند القعنبي خارج الموطأ. وانظر أيضًا: التقصي لحديث الموطأ (ص: 260)، وإتحاف المهرة (1/ 404). (¬4) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: فرض الخمس، باب: ما كان النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - يعطي المؤلفة قلوبهم .. (2/ 404) (رقم: 3149) من طريق يحيى بن بُكير، وفي اللباس، باب: البرود والحبر والشملة (4/ 58) (رقم: 5809) من طريق إسماعيل بن أبي أويس، وفي الأدب، باب: التبسّم والضحك (4/ 108) (رقم: 6088) من طريق عبد العزيز بن عبد الله الأويسي. =

2 / حديث: "أن أعرابيًّا أدرك النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - فقال: متى السَّاعة: قال: وما أعددتَ لها؟ ... ". فيه: "فإنَّك مع من أحببتَ". عند معن وابن برد (¬1). وخَرَّجه مسلم من طريق القعنبي عن مالك (¬2). 3 / حديث: "دعا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - على الَّذين قَتَلوا أصحابَ بئر مَعونَة (¬3) ثلاثين صباحًا ... ". وفيه: قال أنس: أنزل الله في الذين قتلَوا أصحاب بئر معونة قرآنا قرأناه ثم نُسِخَ بعد، وذكره. عند: معن وابن بُرد، وابن بكير، ويحيى النيسابوري، ومحمد بن المبارك، ومحمد بن الحسن، وغيرهم (¬4). ¬

_ = ومسلم في صحيحه كتاب: الزكاة، باب: إعطاء من سأل بفحش وغلظة (2/ 703) (رقم: 128) من طريق إسحاق بن سليمان الرازي، وابن وهب، خمستهم عن مالك به. وأخرجه مسلم أيضًا من طريق همام، وعكرمة بن عمار، والأوزاعي، كلهم عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس بن مالك. (¬1) عزاه إليهما أيضًا الجوهري في مسند الموطأ (ل: 53 / أ)، وابن عبد البر في التقصي (ص: 261)، وعزاه الدارقطني في أحاديث الموطأ (ص: 15)، والحافظ في الإتحاف (1/ 416) إلى معن فقط. قلت: وهو أيضًا عند: سويد بن سعيد (ص: 615) (رقم: 1512)، ومحمد بن الحسن الشيباني (ص: 328) (رقم: 930). (¬2) أخرجه مسلم في صحيحه كتاب: البر والصلة، باب: المرء مع من أحب (4/ 2032) (رقم: 161). (¬3) مكان في ديار نجد حصلت عندها المقتلة سنة أربع من الهجرة في شهر صفر. المعالم الأثيرة (ص: 43). (¬4) انظر الموطأ برواية: ابن بكير (ل: 270 - 271) - الظاهرية-، وهو أيضًا عند: - أبي مصعب الزهري (2/ 112) (رقم: 1964)، ومحمد بن الحسن الشيباني (ص: 322) (رقم: 910)، وسويد بن سعيد (ص: 604) (رقم: 1481)، ومن طريق يحيى النيسابوري أخرجه مسلم في صحيحه كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، (1/ 468) (رقم: 297). وعزاه الدارقطني إلى معن، وأبي مصعب فقط، وقال: والقعنبي في سماعه. أحاديث الموطأ (ص: 15). =

منهم من ذَكر الفَصْلَين معًا، ومنهم مَن اقتصرَ على الفصل الأوّلِ دون الثاني (¬1). وخالف ابن نافع في متنه (¬2)، وهو عند مالك مختصر، خُرّج في الصحيحين عنه، وعن غيره (¬3). مالك، عن يحيى بن سعيد، عن أنس. 4 / حديث: "قال للأنصار: إنَّكم ستَرَوْن بعدي أَثَرَةً". مختصر، عند: معن وحده (¬4). وهو محفوظ بهذا الإسناد، خرّجه البخاري من غير طريق مالك عن ¬

_ = وأخرجه الجوهري في مسند الموطأ (ل: 52 / ب) من طريق أبي مصعب، ثم قال: ليس هذا عند ابن وهب، ولا ابن القاسم، ولا القعنبي، ولا ابن عُفير في الموطأ، وهو عند أبي مصعب، ومعن، وابن بكير، وابن برد، وابن المبارك الصوري، ومصعب الزبيري، وهو عند القعنبي خارج الموطأ. قلت: الحديث من طريق مصعب الزبيري والقعنبي أخرجه أبو عوانة في صحيحه كما في إتحاف المهرة (1/ 416). وانظر أيضًا: التقصي لحديث الموطأ (ص: ، 26). (¬1) ممن ذكر الفصلين: ابن بكير، ومحمد بن الحسن الشيباني، وأبو مصعب الزهري، وسويد. (¬2) لم أقف على روايته. (¬3) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الجهاد، باب: فضل قول الله تعالى ({وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا ... } (2/ 310) (رقم: 2814) من طريق إسماعيل بن أبي أويس، وفي المغازي، باب: غزوة الرجيع (3/ 114) (رقم: 4095) من طريق يحيى بن بكير، كلاهما عن مالك به. وأخرجه في الجهاد، باب: من يُنكب في سبيل الله (2/ 306) (رقم: 2801)، وفي المغازي، باب: غزوة الرجيع (3/ 113) (رقم: 4091) من طريق همَّام، عن إسحاق بن عبد الله، عن أنس مطوَّلًا. وأخرجه مسلم في صحيحه كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: استحباب القنوت في جميع الصلاة إذا نزلت بالمسلمين نازلة (1/ 468) (رقم: 297) من طريق يحيى النيسابوري، عن مالك به. (¬4) عزاه إليه أيضًا ابن عبد البر في التقصي (ص: 277)، وابن حجر في إتحاف المهرة (2/ 376).

يحيى، عن أنس (¬1). ورواه حمَّاد بن سلمة عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن يحيى بن حَبَّان عن أنس، قاله الدارقطني (¬2). 5 / حديث: "ألا أُنبّئكم بخير دُور الأنصار ... ". وذكر دور ثلاث قبائل، فيه: "وفي كل دور الأنصار خير". عند معن وحده أيضًا (¬3). خرّج هذا في الصحجين عن الليث، وغيره، عن يحيى بن سعيد عن أنس، رفعه (¬4). ومن رواية شعبة، عن قتادة، عن أنس، عن أبي أُسيد الساعدي (¬5). ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الشرب والمساقاة، باب: القطائع (2/ 169 / رقم: 2376، 2377) من طريق حماد بن زيد، ومن طريق الليث - معلقًا -. وفي الجزية والموادعة، باب: ما أقطع النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - من البحرين (2/ 408) (رقم: 3163) من طريق زهير. وفي مناقب الأنصار، باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اصبروا حتى تلقوني على الحوض" (3/ 41 / رقم: 3794) من طريق ابن عيينة، أربعتهم عن يحيى بن سعيد به. (¬2) العلل (4 / ل: 12 / أ)، وهذا من باب المزيد في متصل الأسانيد. (¬3) عزاه إليه أيضًا ابن عبد البر في التقصّي (ص: 277)، وابن حجر في إتحاف المهرة (2/ 376). (¬4) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الطلاق، باب: اللّعان (3/ 412) (رقم: 5300) من طريق الليث وحده. ومسلم في صحيحه كتاب: فضائل الصحابة، باب: خير دور الأنصار (4/ 1950) (رقم: 177) من طريق الليث، وعبد العزيز الدراوردي، وعبد الوهاب الثقفي، كلهم عن يحيى بن سعيد به. (¬5) انظر: صحيح البخاري كتاب: مناقب الأنصار، باب: فضل دور الأنصار (3/ 40) رقم: 3789)، وفي: مناقب سعد بن عبادة (3/ 44) (رقم: 3807)، وصحيح مسلم كتاب: فضائل الصحابة، باب: خير دور الأنصار (4/ 1949) (رقم: 177).

وأبو أُسيد: بضم الهمزة، وفتح السين مصغّرًا، واسمه: مالك بن ربيعة (¬1). وذكر الدارقطني في التصحيف خلافًا في كنيته (¬2). * * * ¬

_ (¬1) انظر: الأسامي والكنى للإمام أحمد برواية ابنه صالح عنه (ص: 29) (رقم: 20)، والكنى والأسماء للإمام مسلم (1/ 107)، والأسامي والكنى لأبي أحمد الحاكم (2/ 45) (رقم: 421)، والمؤتلف والمختلف لعبد الغني الأزدي (ص: 4)، والاستغناء لابن عبد البر (1/ 91)، والإكمال لابن ماكولا (1/ 70)، وتوضيح المشتبه (1/ 218)، والمقتنى في سرد الكنى (1/ 87). (¬2) لم أقف على كلام الدارقطني، لكن نقل الأمير ابن ماكولا عن أحمد بت حنبل أنه ذكر فتح الهمزة عن ابن مهدي عن سفيان عن أبي الزناد عن أبي سلمة، وضَمَّها عن عبد الرزاق ووكيع، وصوَّب الإمام أحمد ضم الهمزة وتبعه ابن ماكولا. انظر: الإكمال (1/ 70)، والإصابة (9/ 47).

2 - لثابت بن قيس بن شماس الأنصاري الخزرجي الخطيب

2 - لثابت بن قيس بن شماس الأنصاري الخزرجي الخطيب حديث واحد، لم يتقدَّم له غيره. 6 / حديث: "قال: يا رسول الله! لقد خشيتُ أن أكون قد هلكتُ ... ". وذكر الحمدَ والخُيلاءَ، ورفعَ الصوتِ. فيه: "أمَّا ترضى أن تعيش حَمِيدًا، وتَمُوتَ شَهِيدًا". عن ابن شهاب، عن إسماعيل بن محمد بن ثابت بن قيس، عن ثبات بن قيس الأنصاري. عند ابن عُفير، وابن أبي أويس (¬1). وهو مقطوع في الموطأ (¬2). ¬

_ (¬1) هكذا عزاه المؤلِّف إلى ابن عفير وابن أويس، واقتصر الجوهري وابن عبد البر وابن حجر على الأول، وذكروا أنه ليس عند غيره من رواة الموطأ. انظر: مسند الجوهري (ل: 37 / ب)، والتقصي (ص: 264)، وتعجيل المنفعة (1/ 309)، وإتحاف المهرة (3/ 19). والحديث من طريق ابن عُفير أخرجه: الطبراني في المعجم الكبير (2/ 67) (رقم: 2/ 13)، وأبو القاسم الجوهري في مسند الموطأ (ل: 37 / ب)، والدارقطني في غرائب مالك كما في الفتح (6/ 718)، وابن عبد البر في الاستيعاب (2/ 74). ورواية ابن أبي أويس في العلل لابن أبي حاتم (2/ 236)، وذكرها أيضًا الدارقطني في غرائب مالك كما في الفتح (6/ 718). (¬2) أي منقطع، لأن ثابت بن قيس جد إسماعيل قتل باليمامة، فلم يدركه إسماعيل كما قال الحافظ في الإتحاف (3/ 19). ولا يقال إن إسماعيل لم يوصف بالتدليس، فعنعنته محمولة على الاتصال لما ذكر الحافظ في تعحيل المنفعة (1/ 309) من تفرد ابن عُفير بقوله: عن ثابت، وقد تابعه إسماعيل بن أبي أويس وجويرية بن أسماء، لكن قالا: عن مالك، عن الزهري، عن إسماعيل بن محمد بن ثابت: أن ثابت بن قيس، مرسلًا. قلت: وتابعهما عليه عمرو بن مرزوق عند أبي نعيم في معرفة الصحابة (3/ 221) (رقم: 1301).

وصله عبد العزيز بن يحيى المدني خارج الموطأ عن مالك فقال فيه: إسماعيل بن محمد عن أبيه أن ثابت بن قيس. خرّجه الجوهري في المسند، وذكر عن بعض رواته أنَّه قال: لم يقل أحد فيه: "عن أبيه" غير عبد العزيز بن يحيى (¬1). وفي الصحيحين عن أنس طرف من هذا الحديث (¬2). ولم يخرج مسلم عن ثابت شيئًا، وخرّج له البخاري حديثًا آخر (¬3). ¬

_ (¬1) لعلَّ الجوهري خرج هذا في كتابه الآخر مسند ما ليس في الموطأ، وقد أخرجه ابن عبد البر في الاستيعاب (2/ 74) لكن مقرونًا برواية سعيد بن عفير، ليس فيه عن أبيه، وعلى تقدير وجوده فيه كما ذكره الجوهري فالصحيح عن مالك ما رواه إسماعيل وجويرية وعمرو بن مرزوق: لأن عبد العزيز بن يحيى قال عنه البخاري: "ليس من أهل الحديث، يضع الحديث". وقال العقيلي: "يحدِّث عن الثقات بالبواطيل، ويدَّعي من الحديث ما لا يُعرف به غيره من المتقدِّمين عن مالك وغيره". وقال المزي: "هو من الضعفاء المتروكين". وقال الحافظ: "متروك". وقد تابع مالكًا عليه: - يونس بن يزيد عند الطبراني في المعجم الكبير (2/ 67) (رقم: 314)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (16/ 125) (رقم: 7167). - وعبيدُ الله بن عمر عند الطبراني في المعجم الكبير (2/ 68) (رقم: 1315) والأوسط (2/ 363) (رقم: 2243). وعلى هذا فالمحفوظ عن الزهري وكذا عن مالك عنه الإرسال، وهو ما رجّحه أبو حاتم الرازي أيضًا في العلل (2/ 236). وانظر: الضعفاء للعقيلي (3/ 19)، الجرح والتعديل (5/ 400)، وتهذيب الكمال (18/ 218)، ميزان الاعتدال (3/ 350)، وتهذيب التهذيب (6/ 323)، التقريب (رقم: 4131). (¬2) هكذا عزاه إلى الصحيحين وليس هو إلَّا عند البخاري، وإليه رمز أيضًا المزي في تحفة الأشراف (1/ 431)، فالبخاري أخرجه في كتاب: المناقب، باب: علامات النبوة في الإسلام (2/ 531، 532) (رقم: 3613)، وفي التفسير، باب: " {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ} (3/ 295) (رقم: 4846) من طريق موسى بن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - افتقد ثابت بن قيس وفيه: "ولكنك من أهل الجنة". (¬3) وهو ما أخرجه في الجهاد، باب: التحنط عند القتال (2/ 318) (رقم: 2845) من طريق موسى بن أنس عن أنس أنه أتى ثابت بن قيس يوم اليمامة وقد حسر عن فخذيه وهو يتحنط، فذكره.

3 - لجابر بن عبد الله الأنصاري

3 - لجابر بن عبد الله الأنصاري حديث واحد، وتقدَّم له أحاديث (¬1). 7 / حديث: "إنَّ اليهودَ قالوا للمسلمين مَن أَتَى امرأةً فِي قُبُلِهَا مِن دُبُرِهَا جاء ولَدُه أَحْوَلَ، فأنْزل اللهُ تعالى {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ} (¬2) ... ". عن محمد بن المنكدر، عن جابر، عند معن (¬3). وهذا داخل في المسند المرفوع، وكذلك ما كان مثلُه مما تضمَّن نزولَ الآيةِ مِنَ القرآنِ وإِنْ لم يُرفَع السّبَبُ، لأنَّ القرآنَ متلقًّى مِنَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - (¬4). وخرجه البخاري ومسلم عن ابن المنكدر، عن جابر من [غير] (¬5) طريق مالك والمتن سواء (¬6). ¬

_ (¬1) انظر أحاديثه (2/ 117 - 140). (¬2) سورة البقرة، الآية (223). (¬3) عزاه إليه وحده أيضًا ابن عبد البر في التقصّي (ص: 265)، وابن حجر في إتحاف المهرة (3/ 538). (¬4) أخرجه الحاكم في المعرفة (ص: 20) من طريق إسماعيل بن أبي أويس عن مالك ثم قال: "هذا الحديث وأشباهه مسندة عن آخرها وليست بموقوفة، فإن الصحابي الذي شهد الوحي والتنزيل فأخبر عن آية من القرآن أنها نزلت في كذا وكذا فإنه مسند". وانظر أيضًا: الجامع في أخلاق الراوي للخطيب (2/ 445)، وعلوم الحديث (ص: 45)، وتدريب الراوي (1/ 237). (¬5) زيادة منِّي: لأنهما لم يخرجاه من طريق مالك. (¬6) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: التفسير، باب: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ} (3/ 202) (رقم: 4528) من طريق سفيان الثوري. ومسلم في صحيحه كتاب: النكاح، باب: جواز جِماعه امرأتَه في قُبُلها مِن قُدّامها ومِن ورائها، =

ولمسلم في بعض طرقه زيادة: "إن شاء مُجَبِيَّةً وإن شاء غير مُجَبِيَّةً (¬1)، غير أن ذلك في صِمامٍ واحدٍ" (¬2). وخرّج النسائيُّ من طريق ابن جريج، عن محمد بن المنكدر، عن جابر أن رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قيل له: إنَّ اليهودَ تقولُ: إذا أتى الرَّجلُ امرأتَه مُجَبَّاة جاء الولدُ أحولَ، فقال: "كَذَبَتْ يهودُ، ونَزَلتْ: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ} (¬3) الآية" (¬4). وخرّج أيضًا هو والترمذي من طريق سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: جاء عمر بن الخطاب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله هلكتُ، قال: "وما الذي أهلكك؟ "، قال: حوّلتُ رَحْلي الليلة، فلم يردَّ عليه شيئًا، فأُوحِيَ إليه هذه الآية: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ}، يقول: أقبل وأدبر، واتق الدبر، والحيضة، هكذا جاء في الحديث (¬5)، والتفسير ¬

_ = من غير تعرُّضٍ للدُّبُر (2/ 1058 - 1059) (رقم: 117 - 119) من طريق الثوري وكذا أيوب السختياني، وابن عيينة وسلمة بن دينار، وسهيل بن أبي صالح، والزهري وأبي عوانة كلّهم عن محمد بن المنكدر عن جابر به. (¬1) أي منكبَّة على وجهها تشبيهًا بهيثة السجود، والتجبية: أن ينكِّس رأسه، مأخوذة من قولهم: جبّ الرجل إذا أكبَّ على وجهه. انظر: غريب الحديث للخطابي (2/ 385)، ومجموع المغيث لأبي موسى المدني (1/ 294، 295)، والنهاية (1/ 238). (¬2) أي مسلك واحد، يعني الفرْج. المجموع المغيث (2/ 293)، والنهاية (3/ 54). (¬3) سورة البقرة، الآية: (223). (¬4) أخرجه النسائي في السنن الكبرى (5/ 313) (رقم: 8973)، وكذا الطحاوي في شرح معاني الآثار (3/ 31). وفيه ابن جريج وهو مدلس، لكنه صرّح بالتحديث عند الطحاوي فأمنّا تدليسه، وبقية رجاله ثقات. (¬5) أخرجه النسائي في السنن الكبرى (6/ 302) (رقم: 11040)، والترمذي في السنن كتاب: تفسير القرآن (5/ 216) (رقم: 2980) من طريق الحسن بن موسى الأشيب، حدَّثنا يعقوب بن عبد الله الأشعري، عن جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جُبير به. =

لابن عباس (¬1). وهكذا روى عكرمة عنه في تفسير: {أَنَّى شِئْتُمْ}، قال: ايتِها كيف شئت، لا تأتيها كما يأتي قومُ لوط، خرّجه ابن المنذر في تفسيره (¬2). وقول عمر: حوّلت رحلي، محتمل، وقد كان توقّع الهلاك من أجله (¬3). وجاء عن أمِّ سلمة، عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - في قوله تعالى: {أَنَّى شِئْتُمْ} قال: "يعني صِمامًا واحدًا"، خرّجه الترمذي، قال: ويروى: "في سِمام واحد"، يعني بالسين المهملة (¬4). ¬

_ = قال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب". وصححه الضياء في المختارة (10/ 99)، والحفظ في الفتح (8/ 39)، ولعل ذلك لاعتضاده بحديث جابر السابق، وإلَّا ففي إسناده يعقوب القمِّي، وجعفر بن أبي المغيرة، وهما في مرتبة الصدوق. والحديث من هذا الوجه أخرجه أيضًا أحمد في المسند (1/ 297)، وأبو يعلى في المسند (5/ 121) (رقم: 2736)، والخرائطي في مساوئ الأخلاق (ص: 210) (رقم: 469)، والطبراني في المعجم الكبير (12/ 9 / 12317)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (9/ 516) (رقم: 4202)، والبيهقي في السنن الكبرى (7/ 198). (¬1) انظر: مرويات ابن عباس في التفسير (1/ 108). (¬2) تفسير ابن المنذر له قطعة في مكتبة الشيخ حماد الأنصاري رحمه الله تحت رقم (776) وليس فيها سورة البقرة، وقد روى الخرائطي في مساوئ الأخلاق (ص: 211). (رقم: 473) من طريق خالد الحذاء عن عكرمة عن ابن عباس أنه قال في قوله تعالى: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ ... } يأتيها قائمة، وقاعدة، ومن بين يديها ومن خلفها وكيف شاء بعد أن يكون في المأتي. (¬3) لكن يرد هذا الاحتمال ما ذكره ابن الأثير وغيره أنه كنى بوحله عن زوجته، أراد بها غِشيانها في قُبُلها من جهة ظهرها: لأن المجامع يعلو المرأة ويركبها مما يلي وجهها، فحيث ركبها. من جهة ظهرها كنى عنه بتحويل رحله. انظر: النهاية (2/ 209)، ومجمع بحار الأنوار (2/ 307). (¬4) أخرجه الترمذي في السنن كتاب: التفسير (5/ 200) (رقم: 2979)، وقال: حديث حسن. وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (4/ 230)، وأحمد في المسند (6/ 305، 318 - 319)، وأبو =

وخرّج البخاري من طريق أيوب، وغيره عن نافع، عن ابن عمر في قوله تعالى: {فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} قال: يأتيها في (¬1) ... (يعني في الدبر)، ولم يصرّح البخاري به. وقال في حديث آخر: أُنزلت في كذا وكذا، كنى عنه ولم يفصح به (¬2). وخرّج النسائي من طريق زيد بن أسلم، عن عبد الله بن عمر: "أن رجلا أتى امراته في دبرها في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فوَجَدَا من ذلك وجدًا شديدًا، فأنزل الله تعالى: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} " (¬3). ¬

_ = يعلى في المسند (12/ 407) (رقم: 6972)، والطبري في جامع البيان (4/ 410) (رقم: 4341)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (3/ 42 - 43)، والبيهقي في السنن الكبرى (7/ 195) كلهم من طرق عن ابن خُثيم عبد الله بن عثمان، عن ابن سابط، عن حفصة، عن أم سلمة به. وابن خُثيم هذا صدوق، أخرج له البخاري تعليقا ومسلم والأربعة، وبقية رجال الإسناد ثقات. قال الألباني في آداب الزفاف (ص: 102): صحيح على شرط مسلم. ورواية: "سمام" بالسين المهملة ذكرها أيضًا أبو موسى المديني وابن الأثير. انظر: المجموع المغيث (2/ 294)، والنهاية (3/ 54). (¬1) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: التفسير، باب: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ} (3/ 202 / رقم: 4527) من طريق أيوب وعبيد الله، عن نافع به. (¬2) أخرجه قبل الحديث الأول (رقم: 4526) من طريق ابن عون، عن نافع به. وقد رواهما الطبري في جامع البيان (2/ 407) (رقم: 4328، 4329، 4334) مصرِّحًا بما أبهمه البخاري. قال ابن حجر: أخرجه إسحاق بن راهويه في مسنده، وفي تفسيره بالإسناد المذكور وقال بدل قوله: حتى انتهى إلى مكان، حتى انتهى إلى قوله: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} فقال: أتدرون فيما أنزلت هذه الآية: قلت: لا. قال: نزلت في إتيان النساء في أدبارهن. فتح الباري (8/ 38). (¬3) أخرجه النسائي في السنن الكبرى (5/ 316) (رقم: 8981)، والطبري في جامع البيان (4/ 407) (رقم: 4333) من طريق ابن أبي أويس، عن سليمان بن بلال، عن زيد بن أسلم به. وسنده صحيح كما قال الحافظ في الفتح (8/ 38).

وخرّج أبو إسحاق بن شعبان (¬1) في كتاب له في هذا المعنى (¬2) عن هشام بن سعد، عن نافع قال: كنت أقرئ ابن عمر سورة البقرة، فمرّ بهذه الآية: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ} وفقال: "هل تدرون فيمن أُنزلت؟ في رجال كانوا يأتون النساء في أدبارهن" (¬3). وعن عبد الله بن نافع، عن أبيه، عن ابن عمر: "أن رجلا أصاب امرأته في برها، فأنكر الناس ذلك، فأنزل الله تعالى هذه الآية" (¬4). وعن زيد بن أسلم عن عبد الله بن عمر، وأبي سعيد الخدري نحوه (¬5). ¬

_ (¬1) هو أبو إسحاق محمد بن القاسم بن شعبان العماري، شيخ المالكية، وصاحب التصانيف البديعة، منها كتاب: الزاهي في الفقه، وأحكام القرآن، ومناقب مالك، وتسمية رواة مالك، وكان صاحب سنة واتباع، مع بصر بالأخبار وأيام الناس، مع الورع والتقوى وسعة الرواية، توفي سنة (355 هـ). انظر: ترتيب المدارك (3/ 293 - 294)، والديباج المذهب (ص: 248)، والسير (16/ 78 - 79)، واللسان (5/ 348 - 349). (¬2) هو جماع النسوان، ذكره ابن العربي في شرحه على الترمذي (5/ 111 - 112)، وفي أحكام القرآن (1/ 173 - 174)، والقرطبي في أحكام القرآن (3/ 193)، وابن فرحون في الديباج المذهب (ص: 248)، وابن حجر في التلخيص (3/ 221)، والعيني في عمدة القاري (18/ 117). وذكروا أنه جوَّز ذلك، وأسند جوازه إلى زمرة كبيرة من الصحابة والتابعين، وإلى مالك من روايات كثيرة، وذكر ابن العربي أن محمد بن إسحاق أيضًا جوّز إتيان المحل المكروه من النساء، وصنَّفَ في ذلك جزءًا. (¬3) رواية هشام بن سعد، عن نافع، ذكرها ابن حجر في العُجاب (1/ 571)، وقال: "أخرجه الطبراني -ولم أجده في المعجم الكبير-، وابن مردويه من طريق هارون بن موسى، عن أبيه، وأخرجها أحمد بن أسامة التجيبي في فوائده من طريق معن بن عيسى، كلاهما عن هشام بن سعد، عن نافع، قال: قرأ ابن عمر، فذكره". (¬4) عزاها ابن حجر في العُجاب (1/ 569) إلى أحمد بن أُسامة التجيبي في فوائده من طريق أشهب، حدّثني عبد الله بن نافع، عن أبيه، عن ابن عمر قال: "أصاب رجل امرأته في دبرها"، فذكره. (¬5) رواية زيد بن أسلم، عن عبد الله بن عمر تقدمت، وأما روايته عن أبي سعيد الخدري، فأخرجها أبو يعلى في المسند (2/ 354) (رقم: 1103)، والطبري في جامع البيان (4/ 408) (رقم: 4334)، =

أجيز لي هذا الكتاب ولم أقرأه. وهذا القول مشهور لنافع عن ابن عمر (¬1). ويذكرون أن سالمًا أنكر على نافع، وقال: كذب العِلْجُ (¬2) على أبي فيما حدّث به عنه (¬3). قال الشيخ أبو العباس رضي الله عنه: وأنكر مالك بن أنس قولَ سالم هذا، وذكر أن غير نافع قد رواه عن ابن عمر، وحقَّقَ أنه قولُه، ¬

_ = والطحاوي في شرح معاني الآثار (3/ 40) من طرق عن عبد الله بن نافع، عن هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري: أن رجلًا أصاب امرأته في دبرها، فأنكر الناس ذلك عليه، وقالوا: أبعَرَ بها، فأنزل الله تعالى ... وسقط صحابي الحديث من إسناد الطبري، والحديث رجاله ثقات. (¬1) رواه عنه أيوب، وعبيد الله بن عمر العمري، وعبد الله بن عون، وهشام بن سعد، وعبد الله بن نافع، كما تقدَّمت رواياتهم، وابن أبي ذئب عند الطبراني في الأوسط (6/ 242) (رقم: 6298)، ومالك بن أنس عند الدارقطني في غرائب مالك كما ذكره ابن حجر في العُجاب (1/ 567 - 568)، وعند أبي نعيم في تاريخ أصبهان (1/ 312)، و (33012)، وعمر بن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر عند عبد الرزاق في التفسير كما عزاه إليه ابن حجر في العجاب (1/ 570)، وأبان بن صالح عند الحاكم في تاريخ نيسابور كما عزاه إليه الحافظ في العجاب (1/ 571)، وإسحاق بن أبي فروة عند التجيبي في فوائده كما عزاه إليه ابن حجر في العجاب (1/ 572)، وقال في التلخيص الحبير: "إِنَّهُ اشتهر عن نافع من طرق كثيرة جدًّا"، وذكر أنه ورد عن ابن عمر من غير طريق نافع أيضًا. (¬2) هو الرجل القوي الضخم، كما في النهاية (3/ 286). (¬3) خرَّج الطحاوي في شرح معاني الآثار (3/ 42) من طريق موسى بن عبيد الله بن الحسن: أن أباه سأل سالم بن عبد الله أن يحدِّثه بحديث نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما: أنه كان لا يرى بأسًا بإتيان النساء في أدبارهنَّ. فقال سالم: كذب العبد، أو أخطأ، إنما قال: لا بأس أن يؤتين في فروجهن من أدبارهن. قال الخليلي في الإرشاد (1/ 205): "نافع من أئمة التابعين ... صحيح الرواية .. ولا يُعرف له خطأ في جميع ما رواه إلَّا في حديث إتيان النساء في أدبارهنَّ".

وأنه كان يُجِيزُه (¬1)، ولعلّه تأوّل حديث أبيه (¬2). ¬

_ (¬1) روى ابن جرير في جامع البيان (4/ 405) (رقم: 4329) من طريق ابن القاسم، عن مالك أنه قال له: يا أبا عبد الله! إن الناس يروون عن سالم: كذب العلج أو العبد على أبي؟ فقال مالك: أشهد على يزيد بن رومان أنه أخبرني عن سالم بن عبد الله، عن عبد الله بن عمر مثل ما قال نافع، فقيل له: إن الحارث بن يعقوب يروي عن أبي الحباب سعيد بن يسار أنه سأل ابن عمر عن ذلك فقال: أفٍّ أفٍّ، أيفعل ذلك مؤمن أو قال مسلم؟ فقال مالك: أشهد على ربيعة لأخبرني عن أبي الحباب، عن ابن عمر مثل ما قال نافع. ورواية مالك عن ربيعة أخرجها الطحاوي فِي شرح معاني الآثار (3/ 41)، وعزاها إليه الحافظ في الفتح (8/ 38) وقال: "هذا محفوظ عن مالك صحيح". وممّن روى عن ابن عمر كرواية نافعٍ: زيد بن أسلم كما تقدّم. قال ابن حجر: "وقد رواها غير نافع وزيد"، فذكر رواية سعيد بن يسار، وعزاها إلى النسائي والطبري والطحاوي والدارقطني، وهي التي تقدّمت عند الطبري، وقد أخرجها النسائي في الكبرى (5/ 315) (رقم: 8979). انظر: العُجاب في بيان الأسباب (1/ 573). (¬2) تقدّم تأويله في سياق ردّه على رواية نافع حيث قال: كذب العبد، أو أخطأ إنما قال: لا بأس أن يؤتين في فروجهنّ من أدبارههنّ. شرح معاني الآثار (3/ 42). قلت: القول بإتيان المحل المكروه من النساء وإن كان قد ثبت عن بعض أهل المدينة لكن الحق في المسألة هو ما رواه جمع من الصحابة كابن عباس، وأبي هريرة، وخزيمة بن ثابت، وغيرهم -كما سيأتي- من أن إتيان المرأة في دبرها حرام، وقد بسط الإمام ابن القيم الكلام فيه، وقال: "إنه لم يُبح قط على لسان نبيٍّ من الأنبياء". وأما ما تقدّم من الروايات المبيحة عن ابن عمر فقد أجاب العلماء عنه بوجوه: 1 - إنه وهَم منه كما سيأتي ذلك عن ابن عباس، واستحسان المؤلف له. 2 - قد ورد عن ابن عمر ما يفيد تحريمه أيضًا حيث قال: هل يفعل ذلك أحد من المسلمين، أخرجه الدارمي في السنن كتاب: الطهارة، باب: من أتى امرأة في دبرها (1/ 260)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (3/ 41) من طريق سعيد بن يسار عنه، وقد رجّح ابن كثير في تفسيره (1/ 272) هذه الرواية فقال: "هذا إسناد صحيح، ونصّ صريح منه بتحريم ذلك، فكل ما ورد عنه مما يحتمل ويحتمل فهو مردود إلى هذا الحكم". =

وخرّج أبو داود عن مجاهد، عن ابن عباس أنه قال: وهَمَ ابن عمر -والله يغفر له- إنما كان هذا الحيّ من الأنصار- وهم أهل وثن -مع هذا الحيّ من يهود- وهم أهل كتاب- كانوا يرون لهم فضلا عليهم في العلم، وكانوا يقتدون بكثير من أفعالهم، وكان أهل الكتاب لا يأتون النساء إلّا على حرف، وذلك أستر ما يكون، فأخذ الأنصاري بذلك (¬1)، وكان قريش يشرحون النساء ويتلذّذون بهن مقبلات ومدبرات ومستلقيات، فتزوّج رجل من المهاجرين امرأة من الأنصار، وصنع بها ذلك فأنكرته، وفشا أمرهما، حتى بلغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ¬

_ = 3 - إنه منسوخ، قال ابن حزم في المحلى (9/ 221): "ولو صح خبر في إباحة ذلك لكان هاذان -يشير إلى حديث ابن عباس وخزيمة بن ثابت- ناسخين له". 4 - لو صح فهو مُأوّل بكونه أراد بدبرها من ورائها في القبل كما تقدّم، قال الذهبي: "قد جاءت رواية أخرى عنه (ابن عمر) بتحريم أدبار النساء، وما جاء عنه بالرخصة فلو صح لما كان صريحًا، بل يُحتمل أنه أراد بدبرها من ورائها في القبل".السير (5/ 100). وأما ما روي عن مالك بن أنس من القول بإباحته فقد ذكر الخليلي في الإرشاد (1/ 206) عن ابن وهب أن مالكًا رجع عنه بأخرة، وصوّبه الحافظ في التلخيص (3/ 212). وذكر الحافظ ابن كثير أيضًا رجوع مالك عنه ثم قال: فهذا هو الثابت عنه، وهو قول أبي حنيفة والشافعي وأحمد بن حنبل وأصحابهم قاطبة، وهو قول سعيد بن المسيب وعكرمة وطاوس وعطاء وسعيد بن جبير وعروة بن الزبير ومجاهد والحسن وغيرهم من السلف وجمهور علماء الأمصار. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: وطء المرأة في دبرها حرام بالكتاب والسنة، وهو قول جماهير السلف والخلف، بل هو اللوطية الصغرى، ثم ساق الأدلة على تحريمه. وقال الثعالبي: "وقد ورد عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مصنف النسائي وفي غيره قال: "إتيان النساء في أدبارهنَّ حرام" -ثم ذكر أحاديث أخرى في تحريمه ثم قال-: وهذا هو الحق المتبّع، ولا ينبغي لمؤمن بالله أن يعرّج بهذه النازلة على زلّة عالم بعد أن تصحّ عنه، والله المرشد لا ربَّ غيره". انظر: مجموع فتاوى شيخ الإسلام (32/ 266 - 267)، وزاد المعاد (4/ 257)، وتفسير ابن كثير (1/ 265)، وتفسير الثعالبي (1/ 451). (¬1) في السنن: فكان هذا الحي من الأنصار قد أخذوا بذلك من فعلهم.

فأنزل الله تعالى: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} أي مقبلات، ومدبرات، ومستلقيات، يعني في موضع الولد (¬1). والتفسير كله لابن عباس (¬2). قال الشيخ - رضي الله عنه -: وقول ابن عباس هذا حسن، وهو المشهور المعمول به (¬3). ¬

_ (¬1) أخرجه في السنن كتاب: النكاح، باب: جامع النكاح (2/ 618 - 620) (رقم: 2164) من طريق محمد بن إسحاق، عن أبان بن صالح، عن مجاهد به. وسنده حسن، ومحمد بن إسحاق وإن كان قد عنعن لكنه صرّح بالسماع في طريق أبان بن صالح عند الحاكم (2/ 279) فزال ما يُخشى من تدليسه. والحديث أخرجه أيضًا ابن جرير في جامع البيان (4/ 400) (رقم: 4337)، والطبراني في المعجم الكبير (11/ 77) (رقم: 11097)، والحاكم في المستدرك (2/ 195، 279)، ومن طريقه البيهقي في السنن الكبرى (7/ 195) من طرق عن ابن إسحاق به، وصحّحه الحاكم ووافقه الذهبي. وقال ابن كثير في التفسير (1/ 269): "تفرّد به أبو داود، ويشهد له بالصحة ما تقدّم له من الأحاديث، ولا سيما رواية أم سلمة -وقد سبقت- فإنها مشابهة لهذا السياق. وهذا الذي صار إليه أكثر العلماء، والمبين يقضي على المجمل". (¬2) وهو قوله: مقبلات ومدبرات ... وتفسير الصحابي في حكم المرفوع. (¬3) للحافظ ابن حجر أيضًا كلام نحو هذا، حيث قال عقب الحديث المذكور: "وهذا الذي صار إليه أكثر العلماء، والمبيّن يقضي على المجمل". العجاب (1/ 574). قلت: ما قالاه حسن، لكن ورد عند النسائي ما يدل على أن الوهم والخطأ لم يقع من ابن عمر ولا نافع، وإنما وقع ممن دون نافع، فروى النسائي في الكبرى (5/ 315) (رقم: 8978) من طريق أبي النضر: أنه قال لنافع مولى ابن عمر: إنك قد أُكثر عليك القول أنك تقول عن ابن عمر: إنه أفتى أن يؤتى النساء في أدبارهنّ قال: كذبوا عليّ، ولكن سأحدّثك كيف كان الأمر، إنّ ابن عمر عرض المصحف يومًا وأنا عنده حتى بلغ: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} فقال: يا نافع هل تعلم من أمر هذه الآية؟ قلت: لا، قال: إنَّا كنَّا معشر قريش نجبي النساء، فلما دخلنا المدينة ونكحنا نساء الأنصار أردنا منهن مثل ما كنا نريد فآذاهنّ فكرهن ذلك وأعظمنه =

وقد رُوي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى عن الإتيان في الدبر، وأغلظ فيه. روى كُريب عن ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا ينظر الله إلى رجل أتى رجلا أو امرأة في الدبر"، خرّجه الترمذي، وابن الجارود (¬1). وخرّج الترمذي أيضًا عن علي بن طلق أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن ¬

_ = وكانت نساء الأنصار قد أخذن بحال اليهود إنما يؤتين على جنوبهنّ فأنزل الله {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ}. وذكره الحافظ ابن كثير في تفسيره (1/ 269) وقال: "هذا إسناد صحيح". وقد جنح ابن القيم إلى هذا وقال: "وهذا الذي فسّر به ابن عباس فسّر به ابن عمر، وإنما وهموا عليه لم يهم هو، ثم ذكر رواية النسائي السابقة، وأيّدها. مما ورد عنه من طريق سعيد بن يسار أنه قال منكرًا إتيان الجواري في أدبارهن: أفٍّ أو يعمل هذا مسلم؟ ثم قال ابن القيم: "فقد صح عن ابن عمر أنه فسّر الآية بالإتيان في الفرج من ناحية الدبر، وهو الذي رواه عنه ناقع، وأخطأ من أخطأ على نافع، فتوهم أن الدبر محل الوطء لا طريق إلى وطء الفرج، فكذّبهم نافع". تهذيب السنن (3/ 78). (¬1) أخرجه الترمذي فِي السنن كتاب: الرضاع، باب: ما جاء فِي كراهية إتيان النساء في أدبارهن (3/ 469) (رقم: 1165)، وابن الجارود فِي المنتقى (ص: 243) (رقم: 729) من طريق أبي خالد الأحمر، عن الضحاك بن عثمان، عن مخرمة بن سليمان، عن كريب به وسنده حسن، فيه أبو خالد الأحمر وهو سليمان بن حيان، قال ابن عدي في الكامل: "له أحاديث صالحة، وإنما أتي من سوء حفظه، فيغلط ويخطئ". وقال ابن حجر: "صدوق يخطئ". انظر: الكامل (3/ 1129)، التقريب (رقم: 2547). والحديث من هذا الوجه أخرجه أيضًا ابن أبي شيبة في المصنف (3/ 529)، ومن طريقه أبو يعلى في المسند (4/ 266) (رقم: 2378)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (10/ 266) (رقم: 4418)، وابن حزم في المحلى (9/ 221)، وصححه. وله شاهد من حديث أبي هريرة أخرجه ابن ماجه في السنن كتاب: النكاح، باب: النهي عن إتيان النساء في أدبارهن (1/ 619) (رقم: 1923) ولفظه: "لا ينظر الله إلى رجل جامع امرأته في دبرها"، وسنده حسن أيضًا.

الله لا يستحيى من الحق، إذا فسا أحدكم فليتوضّأ، ولا تأتوا النساء في أعجازهن" (¬1). وخرّج ابن الجارود عن خزيمة بن ثابت مرفوعًا: "إن الله لا يستحي من الحق، لا تأتوا النساء في أدبارهن" (¬2). ¬

_ (¬1) أخرجه الزمذي في السنن كتاب: الرضاع، باب: ما جاء في كراهية إتيان النساء في أدبارهن (3/ 468) رقم: 1164) من طريق عيسى بن حطّان، عن مسلم بن سلّام، عن علي بن طلق، وفيه قصة. قال الترمذي: "وفي الباب عن عمر، وخزيمة بن ثابت، وابن عباس، وأبي هريرة، وحديث علي بن طلق حديث حسن". قلت: كأنّ الترمذي حسّنه لشواهده، وإلا ففي إسناده مسلم بن سلّام لم يوثّقه غير ابن حبان؛ ولأجله حكم ابن القطان عليه فيما نقله الزيلعي في نصب الراية (2/ 62) بعدم الصحة، وقال: "إن مسلم بن سلّام الحنفي أبا عبد الملك مجهول الحال"، وكذا حكم عليه بعدم الصحة أبو بكر بن العربي في شرح الترمذي (5/ 111) وقد قال عنه الحافظ: "مقبول". قلت: الإسناد وإن كان فيه مقالًا لأجل مسلم بن سلّام هذا إلا أن الجزء الثاني من الحديث "لا تأتوا النساء في أعجازهن" ورد من طريق غير واحد من الصحابة فهو صحيح لغيره. انظر ترجمة مسلم بن سلّام في: الثقات لابن حبان (5/ 395)، وتهذيب الكمال (27/ 519)، وتهذيب التهذيب (10/ 119)، التقريب (رقم: 6631). (¬2) أخرجه في المنتقى (ص: 243) (رقم: 728) من طريق سفيان بن عيينة، عن يزيد بن أسامة بن الهادي عن عمارة بن خزيمة بن ثابت، عن أبيه به. وأخرجه من هذا الوجه أيضًا النسائي في السنن الكبرى (5/ 316) (رقم: 8982)، وأحمد في المسند (5/ 213)، والحميدي في مسنده (1/ 207) (رقم: 436)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (3/ 43)، والخرائطي في مساوئ الأخلاق (ص: 208) (رقم: 461)، والطبراني في المعجم الكبير (4/ 97) (رقم: 3716) كلهم من طريق سفيان بن عيينة به. وظاهر هذا الإسناد الصحّة؛ لأن رجاله كلهم ثقات، وقد صحّحه أيضًا الألباني في الإرواء (7/ 66)، لكن أعلّه بعض الأئمّة والنقّاد بعلّة لا أراها قادحة. =

وللنسائي عن خُزيمة مرفوعًا: "إتيان النساء في أدبارهنَّ حرام" (¬1). وخرّج أبو داود عن أبي هريرة مرفوعًا: "ملعون من أتى امرأة في دبرها" (¬2). ¬

_ = قال الشافعي- فيما نقله عنه البيهقي في السنن (7/ 197) والحافظ في التلخيص (3/ 204) -: "غلط سفيان في حديث ابن الهاد". وقال الإمام البخاري في التاريخ الكبير (8/ 256): "هو وهم". وقال ابن أبي حاتم في العلل (1/ 403): "سمعت أبي وذكر حديثًا رواه ابن عيينة عن ابن الهاد عن عمارة بن خزيمة عن أبيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره، ثم قال: قال أبي: هذا خطأ، أخطأ فيه ابن عيينة، إنما هو ابن الهاد عن علي بن عبد الله بن السائب، عن عبيد الله بن محمد، عن هرمي، عن خزيمة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ". قال البيهقي في السنن الكبرى (7/ 197): "مدار هذا الحديث على هرمي بن عبد الله وليس لعمارة بن خزيمة فيه أصل من حديث ابن عيينة، وأهل العلم بالحديث يرونه خطأ والله أعلم". قلت: ابن عيينة ثقة حافظ، وقد صرّح بالسماع من يزيد بن عبد الله بن الهاد، ففي تخطئته بمجرد المخالفة نظر؛ إذ من الممكن أن يكون لخزيمة بن ثابت راويان: أحدهما ابنه عمارة بن خزيمة، والآخر هرمي بن عبد الله. ولذلك لم يحتفل الشيخ الألباني بهذه العلة فقال -بعد أن صحّح إسناده-: ولكن أعلّوه بما لا يظهر. الإرواء (7/ 67). (¬1) أخرجه في الكبرى (5/ 319) (رقم: 8995) من طريق عبد الله بن شدّاد الأعرج، عن رجل، عنه. والحديث في إسناده هذا الرجل المبهم، لكن له شواهد. (¬2) أخرجه في السنن كتاب: النكاح، باب: في جامع النكاح (2/ 618) (رقم: 2162). وكذا النسائي في السنن الكبرى (5/ 323) (رقم: 9015)، وابن ماجه في السنن كتاب: النكاح، باب: النهي عن إتيان النساء في أدبارهن (1/ 619) (رقم: 1923)، وابن أبي شيبة في المصنف (4/ 235)، وأحمد في المسند (2/ 444، 479)، والدارمي في السنن كتاب: الطهارة، باب: من أتى امرأة في دبرها (1/ 260)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (3/ 44)، والبيهقي في السنن الكبرى (7/ 198) كلهم من طرق عن سهيل بن أبي صالح عن الحارث بن مخلد عن أبي هريرة به. وهذا إسناد ضعيف؛ لأن الحارث بن مخلد وهو الزرقي الأنصاري لم يرو عنه إلا بسر بن سعيد =

وخرّج في موضع آخر عنه مرفوعًا أيضًا: "من أتى كاهنا فصدّقه بما يقول، أو أتى امرأة حائضا، أو أتى امرأة في دبرها فقد برئ مما أُنزل على محمد - صلى الله عليه وسلم -" (¬1). ¬

_ = وسهيل بن أبي صالح، ولم يوثقه إلا ابن حبان فهو مجهول الحال. ونقل الحافظ في التلخيص (3/ 205) عن البزار أنه قال: "ليس بمشهور". وقال ابن القطان في بيان الوهم والإيهام (4/ 456): "روى عنه سهل وبسر بن سعيد ولم تعرف حاله"، وهكذا قال الحافظ في التقريب (رقم: 1047)، لكن الحديث ورد عن أبي هريرة من غير طريقه، أخرجه أبو يعلى في مسنده (11/ 349) (رقم: 6462)، وابن عدي في الكامل (6/ 2313) من طريق مسلم بن خالد الزنجي، عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ملعون من أتى النساء في أدبارهن". ومسلم بن خالد الزنجي فيه كلام، لكن قال عنه الحافظ في التقريب (رقم: 6625): "صدوق فقيه، كثير الأوهام". ومثله يقبل في المتابعات. وللحديث شاهد أيضًا من حديث عقبة بن عامر، أخرجه ابن أبي حاتم في العلل (1/ 410) وابن عدي في الكامل (4/ 1466)، والطبراني في المعجم الأوسط (2/ 263) (رقم: 1931) كلهم من طريق ابن لهيعة عن مشرح بن هاعان عن عقبة بن عامر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لعن الله الذين يأتون النساء في محاشهن". والإسناد فيه ابن لهيعة، لكن لا بأس به في الشواهد، وقد حسّنه الألباني في آداب الزفاف (ص: 33)، وبهذا الشاهد والمتابعة السابقة يتقوّى حديث أبي هريرة ويرتقي إلى درجة الحسن لغيره إن شاء الله. (¬1) أخرجه في السنن كتاب: الطب، باب: في الكاهن (4/ 225) (رقم: 3904)، والترمذي في السنن أبواب: الطهارة، باب: ما جاء في كراهية إتيان الحائض (1/ 209) (رقم: 135)، وابن ماجه في السنن كتاب: الطهارة، باب: النهي عن إتيان الحائض (1/ 209) (رقم: 639)، وأحمد في المسند (2/ 804)، والدارمي في السنن كتاب: الطهارة، باب: من أتى امرأته في دبرها (1/ 259)، وابن الجارود في المنتقى (ص: 45) (رقم: 107)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (3/ 45)، والبيهقي في السنن الكبرى (7/ 198) كلهم من طريق حكيم الأثرم، عن أبي تميمة، عن أبي هريرة به. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = قال الترمذي: "لا نعرف هذا الحديث إلا من حديث حكيم الأثرم، عن أبي تميمة الهجيمي، عن أبي هريرة، ثم قال: وضعّف محمدٌ هذا الحديث من قبل إسناده". يشير بذلك إلى ما قاله البخاري في التاريخ الكبير (3/ 16): "هذا حديث لا يُتابع، ولا يُعرف لأبي تميمة سماع من أبي هريرة". فالبخاري أعل الحديث بتفرّد حكيم أولًا، وعدم سماع أبي تميمة من أبي هريرة ثانيًا. ونقل الحافظ في التلخيص (3/ 205) عن البزار قوله: "هذا حديث منكر، وحكيم لا يُحتج به". وقال ابن عدي في الكامل (2/ 637): "حكيم الأثرم يُعرف بهذا الحديث، وليس له غيره إلا اليسير". وقال الذهبي في الكبائر (ص: 273) (رقم: 450): "ليس إسناده بالقائم". فهذه ثلاث علل ذكروها فِي هذا الإسناد. الأولى: ضعف حكيم الأثرم، وأنه لا يحتج به. الثانية: تفرّده. الثالثة: عدم سماع أبي تميمة من أبي هريرة. وهذه العلل غير قادحة إن شاء الله؛ لأن حكيم الأثرم وثقه ابن المديني في رواية ابن أبي شيبة عنه، وكذا وثقه أبو داود فيما حكاه الآجري. وقال النسائي: "لا بأس به". وقال الذهبي: "صدوق". وهو أقرب إلى كلام الأئمة من قول الحافظ: "فيه لين". فلا يُقبل تضعيف البزار مع توثيق هؤلاء الأئمة، غاية ما فيه أنه تفرّد به، وتفرد الراوي ليس بجرح، لا سيما إذا كان صدوقا. وأما ما ذكره البخاري من عدم سماع أبي تميمة من أبي هريرة فهو وإن كان يوجب الانقطاع على مذهبه هو ومن تابعه؛ لاشتراطه اللقاء، لكنه غير منقطع على مذهب الجمهور؛ لأن أبا هريرة توفي سنة (57 هـ) أو (58 هـ)، وتوفي حكيم سنة (95 هـ)، وقيل: (97 هـ) قاللقاء بينهما ممكن، ولذلك نقل المناوي عن الحافظ العراقي أنه قال في أماليه: "حديث صحيح"، ونقل عن الذهبي أنه قال: "إسناده قوي"، وقد صحح الألباني أيضًا إسناده في الإرواء (7/ 69)، ثم نقل كلام العراقي والذهبي. انظر: ترجمة حكيم الأثرم في سؤالات ابن أبي شيبة لعلي بن المديني (ص: 49) (رقم: 5)، وتهذيب الكمال (7/ 207)، وتهذيب التهذيب (2/ 452)، والكاشف (1/ 249)، والميزان (2/ 109 - 110).

قال الشيخ: وخرّج النسائي هذه الآثار كلها في المنع والإباحة، وطَرّقَها، وذكر الخلاف فيها، وزاد أحاديث أُخر لم أرَ الإطالة بذكرها، وذلك في كتاب عشرة النساء من مصنّفه (¬1). وفيما ذكرناه مقنع، والتنزّه عن هذا الفعل المستقبح هو المهيع (¬2). * * * ¬

_ (¬1) يعني في السنن الكبرى، ويقع كتاب عشرة النساء في المجلد الخامس منه (ص: 280 - 404). (¬2) المهيع: الواضح البيّن. انظر: لسان العرب (8/ 379). قلت: البعد والتنزّه عن هذا الفعل المستقبح ليس الواضح البيّن فقط، بل هو الواجب والمتعيّن لورود الآثار المتواترة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجماعة من الصحابة والتابعين بالنهي عنه، ووصف فاعله باللعن مما يدل على وجوب القول به، وترك ما يخالفه. قال ابن الجوزي: "قد روى النهي عن هذا جماعة من الصحابة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، منهم: عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وابن مسعود، وأبو ذر، وجابر بن عبد الله، وعبد الله بن عمرو، وعبد الله بن عباس، والبراء بن عازب، وعقبة بن عامر، وخزيمة بن ثابت، وطلق بن علي، وقد روى النهي عن ذلك جماعة من الصحابة والتابعين، وقد ذكرت جميع ذلك في جزء أفردت في هذه المسألة مستوفاة". التحقيق (2/ 280). وقال الذهبي: "وقد أوضحنا هذه المسألة في مصنف مفيد، لا يطالعه عالم إلا يقطع بتحريم ذلك". السير (5/ 100)، وتذكرة الحفاظ (2/ 699).

4 - لجابر بن عتيك الأنصاري، المعاوي، ويقال: جبر

4 - لجابر بن عتيك الأنصاري، المعاوي، ويُقال: جبر حديث واحد مشترك في بعض الروايات، وقد تقدّم لابن عمر جميعُه (¬1)، وتقدّم له حديث آخر (¬2). • حديث: "جاءنا عبدُ الله بن عمر في بني مُعاوية فقال لي: هل تدرون أين صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من مسجدكم هذا؟ فقلت له: نعم، وأشرتُ له إلى مكان منه ... ". وذكر الدعوات الثلاث (¬3). عن عبد الله بن عبد الله بن جابر بن عتيك، عن جابر بن عتيك، ذكره. وفي آخره قول ابن عمر له: صدقتَ. هكذا قال القعنبي، وابن يوسف التنيسي عن مالك في إسناد هذا الحديث: عبد الله عن جابر قال: جاءنا عبد الله بن عمر (¬4). فالحديث على هذا لجابر وابن عمر معا، اشتركا فيه؛ لأن جابرا وصفه، وهو من الصحابة، وصدّقه ابن عمر. وهو عند يحيى بن يحيى، ومن تابعه لابن عمر وحده، ليس فيه ذكر جابر (¬5). ¬

_ (¬1) تقدّم حديثه (2/ 489). (¬2) هو حديث: "الشهداء سبعة"، تقدّم (2/ 141). (¬3) هي سؤاله أن لا يُظهر عليهم عدوّا من غيره، وأن لا يُهلكهم بالسّنين، وأن لا يجعل بأسهم بينهم. (¬4) انظر الموطأ برواية: - القعنبي (ل: 46 / ب- الأزهرية-)، وهكذا قال سويد بن سعيد (ص: 217) (رقم: 438)، وموسى بن أعين ومطرّف، ذكرهما ابن عبد البر في التمهيد (19/ 195) مع القعنبي والتنيسي. (¬5) انظر الموطأ برواية: - يحيى بن يحيى الليثي (1/ 189) (رقم: 35)، وأبي مصعب الزهري (1/ 246) (رقم: 624)، =

والمسؤل هناك هو عبد الله بن عبد الله بن جابر (¬1)، وقوله مرسل. وقد تقدّم في مسند ابن عمر (¬2)، وتقدّم في حرف الجيم الخلاف في جابر وجبر (¬3). * * * ¬

_ = ويحيى بن بكير (ل: 42 / ب السليمانية)، وابن القاسم (ص: 326) (رقم: 300 تلخيص القابسي). وهكذا رواه عبد الرحمن بن مهدي عند أحمد في المسند (5/ 445). وسويد بن سعيد وروح بن عبادة عند أبي أحمد الحاكم في عوالي مالك (ص: 114) (رقم: 179). وابن وهب ومعن بن عيسى عند ابن عبد البر في التمهيد (19/ 195). وهذا الوجه هو المحفوظ، وهو الذي رجّحه ابن عبد البر في التمهيد؛ وذلك لصحة سماع عبد الله بن عبد الله بن جابر من ابن عمر كما قاله البخاري في التاريخ الكبير (5/ 126)، ولاجتماع يحيى الليثي، وابن وهب، وابن بكير، ومعن، وابن القاسم عليه، قال ابن عبد البر: "وحسبك بإتقان ابن وهب ومعن". التمهيد (19/ 195). (¬1) أي فِي رواية يحيى ومن تابعه. (¬2) تقدّم (2/ 489). (¬3) انظره في مسند جابر بن عتيك (2/ 142).

5 - لجرهد الأسلمي

5 - لجرهد الأسلمي وقيل فيه: ابن خويلد، مدني (¬1). حديث واحد، لم يتقدّم له غيره. 8 / حديث: "أما علمتَ أن الفخذ عورة". عن أبي النضر، عن زرعة بن عبد الرحمن بن (¬2) جرهد الأسلمي، عن أبيه -قال: كان جرهد من أصحاب الصُّفة- قال: جلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عندنا وفخذي منكشفة، فقال: "خمر عليك، أمَّا علمتَ أن الفَخِذَ عَوْرَةٌ". هكذا في الموطأ عن طائفة، منهم: سليمان بن بُرد، وهو عند القعنبي في الزيادات (¬3). ¬

_ (¬1) هو: أبو عبد الرحمن جَرهد -كجعفر- بن خُويلد، وقيل: ابن رِزاح الأسلمي، مدنيٌّ له صحبة، كان من أهل الصفّة، مات بالمدينة في آخر خلافة معاوية بن أبي سفيان وأوّل خلافة يزيد بن معاوية سنة 61 هـ. انظر: الطبقات الكبرى (4/ 223)، وحلية الأولياء (1/ 353)، والاستيعاب (2/ 203)، وأسد الغابة (1/ 527)، وتهذيب الكمال (4/ 523)، والإصابة (2/ 75)، وتهذيب التهذيب (2/ 60)، التقريب (رقم: 910)، ورجحان الكفّة للسخاوي (ص: 161). (¬2) في الأصل تصحّفت "ابن" إلى "عن" والصواب ما أثبتّه. (¬3) أخرجه من طريقه أبو داود في السنن، كتاب: الحمّام، باب: النهي عن التعرّي (4/ 303) (رقم: 4014)، والطبراني في المعجم الكبير (4/ 302) (رقم: 2143)، والجوهري في مسند الموطأ (ل: 75 / أ)، وأبو نعيم في الحلية (1/ 353). قال الجوهري: هذا عند معن، وابن بكير، وابن بُرد، ولا أعلمه عند غيرهم في الموطأ والله أعلم. قلت: بل رواه -أيضًا-: - أبو مصعب الزهري (2/ 183) (رقم: 2122)، وسويد بن سعيد (ص: 608) (رقم: 1490). =

وفي رواية ابن وهب: زرعة بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬1). وقال فيه ابن بكير: زرعة، عن أبيه -وكان من أصحاب الصفة- ولم يذكر جرهدا (¬2). وفي رواية معن: زرعة بن عبد الرحمن بن جرهد، عن أبيه، عن جدّه جرهد -قال: وكان جرهد من أصحاب الصفة - (¬3). وتابعه ابن نافع (¬4)، وهي رواية عبد الرحمن بن مهدي (¬5)، وإبراهيم بن طهمان خارج الموطأ (¬6). وهكذا قال فيه أبو أسامة وطائفة عن الثوري، عن أبي الزناد، عن زرعة بن عبد الرحمن بن جرهد، عن أبيه، عن جدّه (¬7). ¬

_ = وانظر: رواية ابن بكير في موطئه (ل: 271 / ب) -الظاهرية-. قال ابن حجر: "وتابع القعنبي على وصله عن مالك عبدُ الرحمن بن مهدي، وعبد الله بن نافع، وخالفهم معن بن عيسى وإسحاق الطباع وعبد الله بن وهب وإسماعيل بن أبي أويس وغيرهم فقالوا: عن مالك عن أبي النضر عن زرعة عن أبيه، ولم يذكروا جده". تغليق التعليق (2/ 209). قلت: رواية إسماعيل بن أبي أويس عند البيهقي في السنن الكبرى (2/ 228) كرواية القعنبي ومن تابعه. (¬1) انظر: الجمع بين رواية ابن وهب وابن القاسم (ل: 134 / ب). (¬2) (ل: 271 / ب). (¬3) لم أقف عليه، لكن تقدّم أن ابن حجر ذكر روايته كرواية ابن وهب ومَن تابعه. (¬4) أخرجه من طريقه الطبراني في المعجم الكبير (2/ 272) (رقم: 2144). (¬5) أخرجه من طريقه أحمد في المسند (3/ 478)، وابن أبي خيثمة في تاريخه (رقم: 251 - رسالة الحمدان). (¬6) انظر: مشيخة ابن طهمان (ص: 138) (رقم: 81) لكن الإسناد فيه: "عن زرعة بن عبد الرحمن بن جرهد عن أبيه قال: كنت من أصحاب الصفة ... ". (¬7) أخرجه ابن سعد في الطبقات (4/ 223)، وأحمد في المسند (3/ 479)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (4/ 409) (رقم: 1710) من طريق سفيان -هو الثوري- قال: حدّثني أبو الزناد، عن زرعة بن عبد الرحمن بن جرهد، عن جدّه جرهد، وليس فيه: "عن أبيه".

وقال وكيع عن الثوري: زرعة بن مسلم (¬1). وهكذا قال ابن عيينة عن أبي النضر: زرعة بن مسلم بن جرهد (¬2). قال البخاري في التاريخ: وهذا لا يصح، وقال لي إسماعيل: حدّثني ابن أبي الزناد، عن أبيه، عن زرعة بن عبد الرحمن بن جرهد الأسلمي، عن جدّه جرهد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له: "الفخذ عورة". قال أبو الزناد: وحدّثني نفر سوى زرعة مثله (¬3). وكثُر الخلاف في هذا الحديث عن أبي النضر، وأبي الزناد ورواتهما (¬4). ¬

_ (¬1) لم أقف على روايته. (¬2) أخرج من طريقه الترمذي في السنن كتاب: الأدب، باب: ما جاء أن الفخذ عورة (5/ 102) (رقم: 2795)، وابن أبي شيبة في المصنف (9/ 118)، وأحمد في المسند (3/ 478)، والحميدي في مسنده (2/ 378) (رقم: 857)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (4/ 341) (رقم: 2377)، والطبراني في المعجم الكبير (2/ 272) (رقم: 2146)، والحاكم في المستدرك (4/ 180) كلهم من طريق سفيان بن عيينة عن سالم أبي النضر عن زرعة بن مسلم بن جرهد عن جدّه جرهد. قال الترمذي: "هذا حديث حسن، ما أرى إسناده بمتصل"، قال ابن رجب: "يشير إلى أن زرعة لم يسمع من جدّه". فتح الباري (2/ 191). قلت: تحسين الترمذي للحديث إنما هو لشواهده، وإلا فهو مضطرب جدًّا كما قال ابن حجر، ولأجله ضعّفه ابن القطان كما سيأتي، ثم إن قول ابن عيينة فيه: زرعة بن مسلم وهَم لا يصح كما قال البخاري، وابن حبان، وابن رجب، والمزي، وإنما هو زرعة بن عبد الرحمن كما قال البخاري. انظر: التاريخ الكبير (2/ 249)، والثقات لابن حبان (4/ 268)، وفتح الباري لابن رجب (2/ 191)، وتهذيب الكمال (9/ 349) وتغليق التعليق (2/ 209). (¬3) التاريخ الكبير (2/ 248، 249). (¬4) روى الحديث عن أبي النضر ثلاثة: مالك بن أنس وسفيان بن عيينة والضحاك بن عثمان، واختلف عليهم، وقد تقدّم اختلاف الرواة عن مالك. وأما سفيان بن عيينة فقد تقدّم أن الحميدي وغيره رووه عنه عن أبي النضر عن زرعة بن مسلم بن =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = جرهد عن جده جرهد. وذكر الدارقطني أن بعضهم رواه عن ابن عيينة عن أبي النضر عن زرعة مرسلًا. ورواه الضحاك بن عثمان واختلف عنه، فرواه زيد بن الحباب عنه عن أبي النضر عن زرعة بن عبد الرحمن بن جرهد عن جده. ورواه ابن أبي فديك عنه فأسقط منه أبا النضر. ورواه أبو الزناد واختلف عنه، فرواه: - ابن عيينة عنه أنه قال: حدثني آل جرهد عن جرهد، أخرجه أحمد (3/ 478) والحميدي (2/ 379) (رقم: 858)، والدارقطني (1/ 224). وأخرجه أحمد في المسند (3/ 479)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (4/ 609) (رقم: 1710)، والطبراني في المعجم الكبير (2/ 271) (رقم: 2138) من طريق سفيان. والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 475) من طريق معمر، كلاهما عن أبي الزناد، عن زرعة بن عبد الرحمن بن جرهد، عن جدِّه جرهد بنحوه. وأخرجه عبد الرزاق في المصنف (11/ 27) (رقم: 19808)، ومن طريقه أحمد في المسند (3/ 478)، والترمذي في السنن (5/ 103) (رقم: 2798)، والطبراني في المعجم الكبير (2/ 271) (رقم: 2139) عن معمر، عن أبي الزناد، عن ابن جرهد، عن أبيه، بنحوه. قال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح". ورواه الثوري، واختلف عنه أيضًا كما تقدّم. ولمزيد الاطلاع على ما في الحديث من الاضطراب انظر: علل الدارقطني (4 / ل: 92 / ب)، وقد جاء مسند جرهد الأسلمي في وسط مسند ابن عمر، ثم انبتر الكلام على هذا الحديث بعد أن ذكر كثيرًا من طرقه، وأظن أن بعض الأوراق في غير محلّها فانبتر الكلام. وانظر أيضًا: فتح الباري لابن رجب (2/ 191)، وتحفة الأشراف (2/ 419 - 420). قال ابن القطان: "هذا الحديث له علّتان: إحداهما: الاضطراب المورث لسقوط الثقة به، وذالك أنهم يختلفون فيه. فمنهم من يقول: زرعة بن عبد الرحمن، ومنهم من يقول: زرعة بن عبد الله، ومنهم من يقول: زرعة بن مسلم، ثم من هؤلاء من يقول: عن أبيه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ومنهم من يقول: عن أبيه، عن جرهد، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ومنهم من يقول: زرعة عن آل جرهد، عن جرهد، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -". وحكم عليه بالاضطراب أيضًا ابن عبد البر، والمزي، وابن حجر، وذكر أن أمثل طرقه ما رواه القعنبي عن مالك. انظر: بيان الوهم والإيهام (3/ 339)، والاستيعاب (2/ 203)، وتهذيب الكمال (4/ 524)، وتغليق التعليق (2/ 209).

ولم يخرَّج في الصحجين لجرهد شيء، إلا أن البخاري ذكر في الجامع أنَّه يُروى عنه مرفوعًا: "الفخذ عورة". قال: وقال أنس: "حَسَرَ النبي - صلى الله عليه وسلم - عن فخذه حين أجرى بخيبر". قال: وحديث أنس أسند (¬1)، وحديث جرهد أحوط، حتى يخرج من اختلافهم، انتهى قوله (¬2). ولعل حسر الإزار في حال الجري كان عن غير قصد، والله أعلم (¬3). وجاء عن علي، وابن عباس، ومحمد بن جحش مرفوعًا: "إن الفخذ عورة"، خرّجه الطحاوي في معاني الآثار (¬4). ¬

_ (¬1) أي أصح إسنادًا كما في فتح الباري لابن رجب (2/ 189). (¬2) صحيح البخاري، كتاب: الصلاة، باب: ما يُذكر في الفخذ (1/ 139). (¬3) هذا ما قاله أيضًا النووي بناء على اللفظ الوارد في مسلم: "انحسر الإزار". ويرى الحافظ أنه لا فرق بين الروايتين من جهة أنّه - صلى الله عليه وسلم - لا يُقرّ على ذلك لو كان حرامًا، فاستوى الحال بين أن يكون حسره باختياره، وانحسر بغير اختياره؛ ولأنّ رواية البخاري "حسر" أصل برأسها، وعلى هذا فالراجح في الجمع بين الأحاديث ما ذكره ابن القيم عن أصحاب أحمد وغيرهم أن العورة عورتان: مخففة ومغلّظة، فالمغلّظة السوأتان، والمخففة الفخذان، ولا تنافي بين الأمر بغض البصر عن الفخذين لكونهما عورة، وبين كشفهما لكونهما عورة مخفّفة. انظر: تهذيب السنن (6/ 17 - مع مختصر المنذري-)، وشرح النووي على صحيح مسلم (9/ 219)، والفتح (1/ 573)، والدراية (ص: 334). (¬4) حديث علي بن أبي طالب: أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 474)، وفي مشكل الآثار (4/ 401) (رقم: 1697) من طريق يحيى بن سعيد، عن ابن جريج، عن حبيب بن أبي ثابت، عن عاصم بن ضمرة، عن علي رضي الله عنه، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الفخذ عورة". وأخرجه أبو داود في السنن كتاب: الجنائز، باب: في ستر الميت عند غسله (3/ 501) (رقم: 3140)، وفي كتاب: الحمّام، باب: النهي عن التعرّي (4/ 303) (رقم: 4015) من طريق حجاج، عن ابن جريج، قال: أُخبرتُ عن حبيب بن أبي ثابت به بلفظ: "لا تكشف فخذك، ولا تنظر إلى فخذ حيّ ولا ميّت".

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وقال أبو داود بإثر الرواية الثانية: "هذا الحديث فيه نكارة". والحديث أخرجه أيضًا ابن ماجه في السنن كتاب: الجنائز، باب: ما جاء في غسل الميت (1/ 469) (رقم: 1460)، والدارقطني في السنن (1/ 225)، والحاكم في المستدرك (4/ 180 - 181)، والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 228) من طرق عن روح بن عبادة، عن ابن جريج، عن حبيب بن أبي ثابت به. وهذا حديث ضعيف للانقطاع في إسناده، وإياه عناه أبو داود بقوله: "فيه نكارة"، وبه أعلّه غير واحد من النقّاد. قال أبو حاتم فيما حكاه ابنه في العلل (2/ 271): "لم يسمع ابن جريج هذا الحديث بذا الإسناد من حبيب، ولا يثبت لحبيب رواية عن عاصم، فأرى أن ابن جريج أخذه من الحسن بن ذكوان، عن عمرو بن خالد، عن حبيب، والحسن بن ذكوان وعمرو بن خالد ضعيفا الحديث". كذا جاء في المطبوع، والصواب: فأرى أن ابن جريج أخذه من الحسن بن ذكوان، عن حبيب، عن عمرو بن خالد، ويؤيّده ما ذكره الحافظ في التلخيص (1/ 298) عن ابن معين أنه قال: لم يسمعه حبيب من عاصم، وإن بينهما رجلا ليس بثقة، وهو عمرو بن خالد الواسطي، كما بيّنه البزار وهو متروك. وحكى ابن رجب في شرح العلل (2/ 828) عن ابن المديني أنه قال: "أحاديث حبيب عن عاصم بن حمزة لا تصح، إنما هي مأخوذة من عمرو بن خالد الواسطي". هذا وقد صرّح ابن جريج بالتحديث عند عبد الله في زيادات المسند (1/ 146)، والدارقطني في السنن (1/ 225) لكن المحفوظ عن ابن جريج عدم التصريح به؛ لأن رواية عبد الله بن الإمام أحمد جاءت من طريق يزيد بن عبد الله أبي خالد، وقد قال الحافظ فيه في التعجيل (2/ 383): مجهول. وأما رواية الدارقطني فإنها جاءت من طريق أحمد بن منصور عن روح، وهو وإن كان في درجة الصدوق، لكن خالفه بشر بن آدم عند ابن ماجه، والحارث بن أبي أسامة عند الحاكم، وهما ثقتان، وكذا خالفه محمد بن سعد العوفي عند البيهقي، وهو مثله. فالمحفوظ من رواية روح عن ابن جريج عدم التصريح، ولذا قال الحافظ في التلخيص (1/ 298): "وقع في زيادات المسند، وفِي الدارقطني، ومسند الهيثم بن كليب تصريح ابن جريج بإخبار حبيب له، وهو وهم في نقدي". وانظر: الإرواء (1/ 296 - 297). وحديث ابن عباس: أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 474)، وفي مشكل الآثار (4/ 402) (رقم: 1698) من طريق إسرائيل، عن أبي يحيى، عن مجاهد، عن ابن عباس، قال: خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - فرأى فخذ رجل فقال: "فخذ الرجل من عورته". وإسناده ضعيف، فيه أبو يحيى القتات، مختلف فيه، والأكثر على تضعيفه، منهم ابن حجر في الفتح =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = (1/ 570)، ولأجله قال ابن القطان: "هو حديث لا يصح". أحكام النظر (ص: 113). والحديث أخرجه أيضًا الترمذي في السنن (5/ 103) (رقم: 2796) وقال: "حسن غريب". وابن أبي شيبة في المصنف (9/ 119)، وأحمد في المسند (1/ 275)، وعبد بن حميد (رقم: 639 - المنتخب-)، وأبو يعلى في المسند (4/ 421) (رقم: 2547)، والحاكم في المستدرك (4/ 181)، والطبراني في المعجم الكبير (11/ 84) (رقم: 11119)، والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 228)، كلهم من طرق عن إسرائيل به. وانظر ترجمة أبي يحيى القتات في: وتهذيب الكمال (34/ 401 - 403)، وتهذيب التهذيب (12/ 277 - 278)، والكاشف (3/ 346)، وديوان الضعفاء (ص: 188). وحديث محمد بن جحش: أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 474)، وفي مشكل الآثار (4/ 403) (رقم: 1699) من طريق العلاء بن عبد الرحمن، عن أبي كثير، عن محمد بن جحش: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرَّ على معمر بفناء المسجد كاشفا عن طرف فخذه، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "خمر فخذك يا معمر، إن الفخذ من العورة". والحديث أعلّه ابن القطان في أحكام النظر (ص: 115) لأجل أبي كثير حيث قال فيه: "لا يُعرف حاله"، لكن قال ابن حجر في الفتح (1/ 479): "رجاله رجال الصحيح، غير أبي كثير، فقد روى عنه جماعة، لكن لم أجد فيه تصريحًا بتعديل، ومعمر المشار إليه هو معمر بن عبد الله بن نضلة القرشي العدوي". قلت: أبو كثير ذكره البخاري، وابن أبي حاتم، وسكتا عليه، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال الذهبي: "شيخ"، وقال الحافظ في التقريب: "ثقة"، فيبدو أن الحافظ إنَّما وثّقه رغم أنَّه لم يجد فيه تصريحًا بتعديل لرواية جماعة من الثقات عنه، ولعدم وجود النكارة في حديثه، ولذكر ابن حبان له في الثقات. انظر: التاريخ الكبير (8/ 65)، والجرح والتعديل (9/ 429)، والثقات (5/ 570)، والكاشف (3/ 328)، والتقريب (رقم: 8325). والحديث علقه البخاري في صحيحه (1/ 139)، ووصله في التاريخ الكبير (1/ 13)، وأحمد في المسند (5/ 290)، والطبراني في المعجم الكبير (19) (رقم: 550، 551، 553، 554، 555)، والحاكم في المستدرك (4/ 180)، والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 228)، كلهم من طرق عن العلاء به. قال الزيلعي في نصب الراية (4/ 245) -بعد أن أورده من طريق أحمد-: "وهذا سند صالح، وصححه الطحاوي". فالحاصل أن هذه الأحاديث وإن كانت أسانيدها لا تخلو من علة كالاضطراب، والانقطاع، والضعف إلا أن بعضها يقوّي بعضا، ويرتقي بمجموعها إلى درجة الصحيح لغيره. =

وخرّجه الدارقطني في السنن لعلي، وأبي أيوب الأنصاري (¬1). فصل: اختلف في نسب جرهد (¬2)، وللاختلاف في نسبه جعله ابن أبي ¬

_ = وقد صححه بمجموع تلك الطرق الشيخ الألباني في الإرواء (1/ 297 - 298). وفي إيراد المؤلف هذه الأحاديث عقب تأويله حديث أنس بان حسر النبي - صلى الله عليه وسلم - إزاره كان عن غير قصد دليل على انه سلك في هذه المسألة مسلك الجمهور من أن فخذ الرجل عورة يجب ستره، وهو مذهب أحمد والشافعي وأبي حنيفة ومالك رحمهم الله. انظر: المغني (1/ 577 - 578)، وشرح السنة (9/ 20)، وعمدة القاري (2/ 244)، ومواهب الجليل (1/ 598). (¬1) حديث عليٍّ: أخرجه الدارقطني في السنن (1/ 231) من طريق النضر بن منصور الفزاري، عن أبي الجنوب عقبة بن أبي علقمة قال: سمعت عليًّا يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الركبة من العورة" ثم قال: "أبو الجنوب ضعيف". قلت: وكذا تلميذه النضر بن منصور مجمع على ضعفه، وقد قال الحافظ في كل منهما: "ضعيف". انظر ترجمتهما في: تهذيب الكمال (29/ 405)، (20/ 213)، وتهذيب التهذيب (10/ 398)، (7/ 220)، والتقريب (رقم: 7150، 4646). وحديث أبي أيوب: أخرجه الدارقطني في السنن (1/ 231)، والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 229) من طريق سعيد بن راشد، عن عباد بن كثير، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي أيوب قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "ما فوق الركبتين من العورة، وما أسفل من السرَّة من العورة". قال البيهقي: "سعيد بن راشد ضعيف". قلت: وشيخه عباد بن كثير وهو الثقفي أشدّ ضعفا منه، بل إنه متروك كما في التقريب (رقم: 3139). فالحديثان ضعيفان من جهة الإسناد، لكن ورد معناهما من طرق أخرى كما تقدّم. (¬2) نسبه ابن الكلبي، والواقدي، وخليفة بن خياط إلى رِزاح، فقالوا: جرهد بن رِزاح بن عدي بن سهم بن مازن بن الحارث بن سلامان بن أسلم بن أقصى. وقال الزهري والبخاري وابن حبان: جرهد بن خويلد بن بجرة بن عبد ياليل. وقال ابن قانع: جرهد بن عبد الله بن رِزاح. انظر: الطبقات الكبرى (4/ 223)، وطبقات خليفة (ص: 111)، والتاريخ الكبير (2/ 248)، ومعجم الصحابة (1/ 146)، والثقات لابن حبان (3/ 62).

حاتم رجلين (¬1)، وهو رجل من أسلم، مشهور بهذا الحديث. قال أبو عمر بن عبد البر: "لا تثبت له صحبة (¬2)، وحديثه هذا مضطرب، وقد رواه غيره" (¬3). * * * ¬

_ (¬1) الأول: هو جرهد بن خويلد الأسلمي، مديني له صحبة، وذكر فيه الخلاف المتقدّم في إسناده. والثاني: جرهد بن رزاح الأسلمي، يكنى أبا عبد الرحمن، وكان من أهل الصفة، وقد ذكر ابن عبد البر قول أبي حاتم هذا ثم قال: "وهو غلط، وهو رجل واحد من أسلم، لا تكاد تثبت له صحبة" انظر: الجرح والتعديل (2/ 539)، والاستيعاب (2/ 203). (¬2) كذا قال، ولا أظن أن أحدا وافقه في ذلك، فإن كل من ترجم له ذكره في الصحابة بل في أهل الصفة منهم. (¬3) الاستيعاب (2/ 203).

6 - لجبير بن مطعم بن عدي

6 - لجُبير بن مطعم بن عديّ حديث معدودٌ ليحيى في المراسل (¬1)، وقد تقدّم له حديث آخر (¬2). 9 / حديث: "الأسماء". أسنده معن، وجماعة في الموطأ عن مالك، عن ابن شهاب، عن محمد بن جبير، عن أبيه (¬3). ¬

_ (¬1) سيأتي حديثه (4/ 575). (¬2) تقدَّم (2/ 147). (¬3) أخرجه الجوهري في مسنده (ل: 32 / ب) من طريق أبي مصعب مسندًا ثم قال: "هذا في الروايات عن محمد بن جبير بن مطعم مرسلًا ليس فيها "عن أبيه"، وهو عند معن، وابن المبارك الصوري عن أبيه مسندًا". وقال الدارقطني: "وصله معن في موطأه، وتابعه إبراهيم بن طهمان، وابن المبارك الصوري، وابن شروس، وابن نافع، وأرسله القعنبي وابن يوسف، وابن بكير". أحاديث الموطأ (ص: 9)، العلل (4 / ل: 100 / ب). قلت: رواية معن عند البخاري في صحيحه كتاب: المناقب، باب: ما جاء في أسماء النبي - صلى الله عليه وسلم - (2/ 512) (رقم: 3532)، وابن سعد في الطبقات (1/ 105)، والنسائي في السنن الكبرى (6/ 489) (رقم: 11590) وسقط منه ذكر معن كما في تحفة الأشراف (2/ 413). - ورواية إبراهيم بن طهمان ذكرها ابن عبد البر في التمهيد (9/ 151)، ورواية ابن المبارك الصوري عند أبي عوانة في صحيحه كما في إتحاف المهرة (4/ 25)، وابن المظفر في غرائب مالك (ص: 108) (رقم: 54)، وابن عبد البر في التمهيد (9/ 152)، وابن ناصر الدين في إتحاف السالك (ص: 114) (رقم: 87). - ورواية ابن شروس وهو محمد بن عبد الرحيم عند الطبراني في المعجم الكبير (2/ 122) (رقم: 1529)، وغرائب مالك لابن المظفر (ص: 107) (رقم: 53)، وابن ناصر الدين في إتحاف السالك (ص: 114) (رقم: 213). - ورواية عبد الله بن نافع عند أبي عوانة في صحيحه كما في إتحاف المهرة (4/ 25)، والطبراني في المعجم الكبير (2/ 122) (رقم: 1530)، وابن عبد البر في التمهيد (9/ 152). =

وسقط بأسره لبعض الرواة (¬1). وهو عند يحيى بن يحيى ومن تابعه مرسلًا، ليس فيه: عن أبيه (¬2). وخرّجه البخاري من طريق معن، عن مالك مسندًا (¬3)، ومسلم عن الزهري من غير طريق مالك (¬4). والأسماء الخمسة المذكورة فيه: "محمد، وأحمد، والماحي، والحاشر، والعاقب". ¬

_ = ووصله أيضًا: - بشر بن عمر عند أبي الشيخ في طبقات المحدثين (3/ 604) (رقم: 748). - وجويرية بن أسماء عند ابن الغطريف في جزئه الحديثي (ص: ) (رقم: 66)، وجمال الدين بن الظاهري في مشيخة فخر الدين البخاري (ص: 5)، وابن ناصر الدين في إتحاف السالك (ص: 152) (رقم: 134). قال ابن عبد البر: "أسنده عن مالك: معن بن عيسى، ومحمد بن المبارك الصوري، ومحمد بن عبد الرحيم، وكذا ابن شروس الصغاني، وعبد الله بن مسلم الدمشقي، وإبراهيم بن طهمان، وحبيب، ومحمد بن حرب، وأبو حذافة، وعبد الله بن نافع، وأبو مصعب، كل هؤلاء رواه عن مالك مسندًا عن ابن شهاب عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه". التمهيد (9/ 151). قال الدارقطني: "وهو الصواب". العلل (4 / ل: 100 / ب). وانظر أيضًا: الأحاديث التي خولف فيها مالك (ص: 73) (رقم: 21)، وفتح الباري (6/ 642). (¬1) كابن وهب، وابن القاسم، وابن عفير. أحاديث الموطأ (ص: 9). (¬2) انظر الموطأ برواية: - يحيى كتاب: أسماء النبي - صلى الله عليه وسلم -، باب: أسماء النبي - صلى الله عليه وسلم - (2/ 767) (رقم: 1)، وسويد بن سعيد (ص: 603) (رقم: 1476)، وابن بكير (ل: 265 / ب) - الظاهرية-. وهكذا رواه القعنبي وابن يوسف كما قال الدارقطني، بل هي رواية جل أصحاب مالك كما قال ابن الحذاء وابن عبد البر. انظر: أحاديث الموطأ (ص: 9)، ورجال الموطأ (ل: 14)، والتمهيد (9/ 151). (¬3) تقدّم تخريجه. (¬4) أخرجه في صحيحه كتاب: الفضائل، باب: في أسمائه - صلى الله عليه وسلم - (4/ 1828) (رقم: 124، 125) من طريق سفيان بن عيينة ويونس وعقيل ومعمر وشعيب كلهم عن الزهري عن محمد بن جبير به.

وجاء عن أبي موسى الأشعري زيادة ثلاثة أسماء: "المقفّى، ونبيّ التوبة، ونبيّ الرحمة". خرّجه مسلم (¬1). وخرّجه البزار عن أبي موسى، وزاد فيه: "نبي الملحمة" (¬2). وخرّج الترمذي في الشمائل عن حذيفة نحو هذا، إلا أنه قال: "نبي الرحمة، ونبي الملاحم" (¬3). ¬

_ (¬1) انظر: صحيح مسلم كتاب: الفضائل، باب: في أسمائه - صلى الله عليه وسلم - (4/ 1828، 1829) (رقم: 126). (¬2) أخرجه البزار في مسنده (8/ 40) (رقم: 3022 - البحر الزخار-)، وكذا أبو يعلى في مسنده (13/ 218)، والبيهقي في دلائل النبوة (1/ 156) من طريق جرير عن الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن أبي عبيدة، عن أبي موسى قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يسمي لنا نفسه أسماء، فقال: "أنا محمد، وأحمد، والمقفّى، والحاشر، ونبيّ الرحمة، ونبيّ الملحمة" وإسناده صحيح. (¬3) أخرجه في الشمائل (ص: 178) (رقم: 361)، وكذا أحمد في المسند (5/ 405)، والبزار في مسنده (7/ 294) (رقم: 2887 - البحر الزخار-) من طريق أبي بكر بن عياش عن عاصم، عن أبي وائل، عن حذيفة به. والإسناد رجاله ثقات ما عدا عاصم، وهو ابن أبي النجود فإنه تكلم فيه من جهة حفظه، قال ابن حجر: "صدوق له أوهام، حجة في القراءة"، وقد ظهر أثر سوء حفظه في هذا الحديث حيث إنه اختلف عليه، فرواه أبو بكر بن عياش عنه هكذا، ورواه إسرائيل عنه، عن زر، عن حذيفة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أنا محمد وأحمد وأنا المقفى والمحشر ونبيّ التوبة". أخرجه البزار في مسنده (7/ 312 - 313) (رقم: 2912) وقال: "وهذا الحديث لا نعلمه يُروى عن حذيفة إلا من حديث عاصم فرواه إسرائيل وحماد بن سلمة عن عاصم، عن زر عن حذيفة، ورواه أبو بكر بن عياش عن عاصم، عن أبي وائل عن حذيفة. وإنما أتى هذا الاختلاف من اضطراب عاصم من أنه غير حافظ". انظر ترجمة عاصم في: تهذيب الكمال (13/ 473)، التقريب (رقم: 3054).

7 - لمعاوية بن الحكم السلمي

7 - لمعاوية بن الحكم السُّلمي حديث مفصّل، تقدّم بعضه لعمر بن الحكم على سبيل الغلط (¬1). 10 / حديث: "قلت يا رسول الله! أمورٌ كنَّا نصْنعها في الجاهلية: كنا نأتي الكهان ... ". فيه: "وكنّا نتطّير". عن ابن شهاب، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن معاوية بن الحكم. عند ابن وهب، وابن عفير، وابن يوسف (¬2)، وسقط ليحيى وجماعة (¬3). وفي الموطأ عند يحيى بن يحيى وغيره عن هلال بن أسامة، عن عطاء بن يسار، عن عمر بن الحكم، حديث لطم الجارية وعتقها، وهو طرف من هذا، مرويٌّ بإسناد آخر (¬4)، جمع الكلَّ فيه ابن بكير وجماعة بهذا الإسناد الثاني خاصة (¬5). ¬

_ (¬1) تقدَّم حديثه (2/ 305). (¬2) أخرجه الجوهري في مسنده (ل: 21) من طريق ابن وهب ثم قال: هذا في الموطأ عند ابن وهب وابن القاسم وابن عفير وابن يوسف، وزاد الدارقطني: إبراهيم بن طهمان، وابن أبي أويس. أحاديث الموطأ (ص: 12). (¬3) كالقعنبي، وابن بكير وأبي مصعب ومعن. انظر: مسند الجوهري (ل: 21)، وأحاديث الموطأ (ص: 12). (¬4) انظر: الموطأ كتاب: العتق والولاء، باب: ما يجوز من العتق في الرقاب الواجبة (2/ 595) (رقم: 8). (¬5) انظر الموطأ برواية: - ابن بكير (ل: 210 / ب) - الظاهرية-، وأبي مصعب الزهري (2/ 404) (رقم: 2730)، وسويد بن سعيد (ص: 390) (رقم: 887)، والجمع بين روايتي ابن وهب وابن القاسم (ل: 99 / أ). وهكذا رواه الجوهري في مسنده (ل: 130 / ب) من طريق قتيبة، وابن عبد البر في التمهيد (22/ 78) من طريق عبد الله بن عبد الحكم عن مالك به.

وقالوا فيه عن مالك: "عمر بن الحكم"، وذلك خطأ، وإنما هو" معاوية بن الحكم" (¬1). ¬

_ (¬1) روى الشافعي في الرسالة (ص: 75، 76) (رقم: 242) حديث لطم الجارية وعتقها من طريق مالك ثم قال: "وهو معاوية بن الحكم، وكذلك رواه غير مالك، وأظن مالكًا لم يحفظ اسمه". وذكر الدارقطني أيضًا رواية مالك ثم قال: "خالفه يحيى بن أبي كثير، وأسامة بن زيد، روياه عن هلال، عن عطاء بن يسار، عن معاوية بن الحكم السلمي، وهو الصواب". الأحاديث التي خولف فيها مالك (ص: 99 - 100). وممن وهّم مالكًا فيه أبو نعيم في معرفة الصحابة (3 / ل: 185 / ب). وقال ابن عبد البر أيضًا: "إن قول مالك في هذا الحديث "عمر بن الحكم" وهم عند جميع أهل العلم فذكر قول الشافعي، والبزار، وابن الجارود، وأحمد بن خالد الأندلسي، إلا أنه جوّز أن يكون هذا الوهم من شيخ مالك حيث قال بعد أن أورد طريق مالك عن ابن شهاب: فهذا مالك يقول في هذا الحديث عن ابن شهاب، عن معاوية بن الحكم، كما سمعه منه، وحفظه عنه، ولو سمعه كذلك عن هلال لأدّاه كذلك والله أعلم، وربما كان هذا من هلال، إلا أن جماعة رووه عن هلال، فقالوا فيه: معاوية بن الحكم والله أعلم". التمهيد (22/ 76، 79). وقال في التقصّي (ص: 187).: "هكذا يقول مالك في هذا الحديث عمر بن الحكم، ولم يتابع عليه، وهو ممّا عدّ من وهمه، وسائر الناس يقولون فيه معاوية بن الحكم وليس في الصحابة عمر بن الحكم، وقد ذكرنا في التمهيد ما فيه مخرج لمالك إن شاء الله وأن الوهم فيه من شيخه لا منه". قلت: هكذا توارد العلماء على توهيم مالك في قوله: "عمر بن الحكم" لكن إلصاق الوهم بشيخه هلال أولى من إلصاقه بمالك كما قال ابن عبد البر، فيقال إن هلالًا حدّث به مرّتين، فسمعه مالك على الوهم، فأذاه كما سمعه، وسمعه آخرون على الصواب؛ يؤيّد ذلك أمران: الأول: إن مالكًا حدّث به عن الزهري عن أبي سلمة، عن معاوية بن الحكم على الصواب، أخرجه مسلم في صحيحه كتاب: السلام، باب: تحريم الكهانة وإتيان الكهان (4/ 1748) (رقم: 121) من طريق إسحاق الطباع عنه. فلو سمعه كذلك عن هلال لأدّاه كذلك. الثاني: ما رواه أبو الفضل السليماني -وهو أحمد بن علي بن عمرو الحافظ- عن إبراهيم بن المنذر الحزامي أنه قال: سمعت معن بن عيسى يقول: قلت لمالك: إن الناس يقولون: إنك تخطئ في أسامي الرجال ... تقول عمر بن الحكم وإنما هو معاوية، فقال مالك: "هكذا حفظنا، وهكذا =

وقد تقدم ذكره في حرف العين (¬1). وهذا الحديث يتضمّن فصولًا جمّةً، فمِن الناس مَن جَمَعَهَا، ومنهم مَن فَرَّقَها. والكُلُّ حديثٌ واحدٌ، جوّد مساقه يحيى بن أبي كثير، عن هلال بن أبي ميمونة، ذكر فيه: الكلام في الصلاة، والكهانة والطيرة، والخط والجارية. خرّجه مسلم في الصلاة مطوَّلًا (¬2). ولم يخرج البخاري عن معاوية بن الحكم شيئًا (¬3). * * * ¬

_ = وقع في كتابي، ونحن نخطئ ومن يسلمُ من الخطأ". انظر: فتح المغيث (1/ 238). ثم إن هلالا وإن كان ثقة عند الجمهور إلا أنه دون مالك في الحفظ والإتقان، وقد قال فيه أبو حاتم فيما نقل عنه ابنه في الجرح والتعديل (9/ 76): "يكتب حديثه وهو صحيح"، فإلصاق الوهم به أولى والله أعلم. (¬1) تقدَّم (2/ 305). (¬2) انظر: صحيح مسلم كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: تحريم الكلام في الصلاة ونسخ ما كان من إباحة (1/ 381، 382) (رقم: 33). قال ابن عبد البر: "أحسن الناس سياقًا له يحيى بن أبي كثير عن هلال بن أبي ميمونة، ومنهم من يقطعه فيجعله أحاديث، وأصله حديث واحد" الاستيعاب (10/ 132). (¬3) ذكره الدارقطني فيمن انفرد بإخراحه مسلم. انظر: أسماء الصحابة (ل: 5).

8 - لمحيصه بن مسعود بن كعب الأنصاري الحارثي

8 - لمُحَيِّصه بن مسعود بن كعب الأنصاري الحارثي حديث متكرّر، مختلف فيه (¬1)، وهو مذكور في المنسوبين، لم يتقدّم له غيره (¬2). 11 / حديث: "إجارة الحجام". عن ابن شهاب، عن ابن محيِّصة، عن أبيه أنه استأذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... هكذا في الموطأ عند ابن وهب، وابن بكير، ومطرف، وابن نافع، وجمهور الرواة كلّهم قالوا فيه: "عن أبيه" (¬3). وهكذا خرَّجه أبو داود، وغيره من أئمّة الحديث (¬4). ¬

_ (¬1) اختلف فيه على مالك، وكذا على شيخه الزهري كما سيأتي، وقد تقدّم أيضًا في المنسوبين. (¬2) تقدّم حديثه (3/ 586). (¬3) انظر الموطأ برواية: - ابن بكير (ل: 263 / ب- نسخة الظاهرية-)، وأبي مصعب الزهري (2/ 153) (رقم: 2053)، وسويد بن سعيد (ص: 587) (رقم: 1422)، وابن وهب كما في الجمع بين روايته ورواية ابن القاسم (ل: 124 / أ) ومن طريقه أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (4/ 132)، وشرح المشكل (12/ 79) (رقم: 4660). (¬4) أخرجه أبو داود في السنن كتاب: البيوع، باب: في كسب الحجام (3/ 707) (رقم: 3422) من طريق القعنبي. والترمذي في السنن كتاب: البيوع، باب: ما جاء في كسب الحجام (3/ 575) (رقم: 1277) من طريق قتيبة، وقال: "حديث حسن صحيح". وأحمد في المسند (5/ 436) من طريق إسحاق الطباع. وابن قانع في معجم الصحابة (3/ 116) من طريق عبد العزيز الأويسي. والبيهقي في السنن الكبرى (9/ 337) من طريق الشافعي وابن بكير. كلهم عن مالك، عن الزهري. =

ومنهم من سمّى ابن محيِّصة فقال فيه: عن حرام بن محيِّصة، عن أبيه. هكذا قال فيه ابن أبي شيبة من طريق ابن أبي ذئب عن الزهري (¬1). وخرّجه ابن الجارود من طريق عبد الرزاق عن معمر، عن الزهري كذلك (¬2). وحرام هو: ابن سعد بن محيِّصة (¬3)، وليس لأبيه سعد صحبة، وإنّما الحديث لجدّه محيِّصة (¬4)، وهكذا قال فيه محمد بن إسحاق عن الزهري عن ¬

_ = قال محمد بن حارث الخشني: "أسقط يحيى من الإسناد رجلًا، والمحفوظ عن ابن شهاب، عن ابن محيّصة، عن أبيه، كما رواه مالك". أخبار الفقهاء والمحدّثين (ص: 357). وقال ابن الحذاء: "وهو الصحيح عن مالك". رجال الموطأ (ل: 18 / أ). وقال المؤلف في المنسوبين (ل: 140 / أ): "وكذلك يقول فيه أكثر أصحاب الزهري". (¬1) أخرجه ابن أبي شيبة في المسند (2/ 216) (رقم: 700)، ومن طريقه ابن ماجه في السنن كتاب: التجارات، باب: كسب الحجام (2/ 732) (رقم: 2166) وسنده صحيح. ومن طريق ابن أبي ذئب أخرجه أيضًا أحمد في المسند (5/ 436)، والفسوي في المعرفة والتاريخ (1/ 383)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (4/ 132)، وفي شرح المشكل (12/ 79 / رقم: 4659)، وابن الأعرابي في المعجم (1/ 137) (رقم: 218)، والطبراني في المعجم الكبير (6/ 48) (رقم: 15471). (¬2) انظر: المنتقى (ص: 201) (رقم: 583)، وهو عند أحمد أيضًا (5/ 436) من هذا الوجه. (¬3) انظر: تهذيب الكمال (5/ 520)، وتهذيب التهذيب (2/ 196)، التقريب (رقم: 1163). (¬4) أخرج الإمام أحمد في المسند (5/ 435)، والبخاري في التاريخ الكبير (4/ 53)، والطبراني في المعجم الكبير (20/ 312) (رقم: 742)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (4/ 131)، والدولابي في الكنى (1/ 76)، والبيهقي في السنن الكبرى (9/ 337) من طريق عن الليث بن سعد، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي عُفير الأنصاري، عن محمد بن سهل بن أبي حثمة، عن محيّصة: "أن ناقة للبراء"، فذكره. والإسناد رجاله ثقات سوى أبي عُفير، والظاهر أنه مجهول، فقد ذكره الحافظ في تعجيل المنفعة (2/ 509) ولم يذكر فيه شيئًا. =

حرام، عن أبيه، عن جدّه محيّصة، حكى هذا الذهلي عنه (¬1). ¬

_ = وأخرجه أحمد في المسند (5/ 436) من طريق محمد بن أيوب، عن محيّصة، ورجال هذا الإسناد ثقات غير محمد بن أيوب قال عنه أبو حاتم "مجهول". العلل (7/ 197). وأخرج الطبراني في المعجم الأوسط (8/ 183) (رقم: 8341) من طريق السكن بن إسماعيل، عن هشام الدستوائي، عن محمد بن زياد الجمحي، عن محيّصة به. وهذا الإسناد رجاله ثقات أيضًا، إلَّا السكن بن إسماعيل فإنه صدوق كما في التقريب (رقم: 2459). وقد أشار المؤلف في المنسوبين (ل: 40 / ب) إلى هذه الطرق حيث قال: "والحديث محفوظ لمحيّصة، وقد رواه غير الزهري عنه". (¬1) لم أقف على حكاية الذهلي لكن الحديث من طريق ابن إسحاق، أخرجه أحمد في المسند (5/ 436)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (4/ 137) (رقم: 2119)، والطبراني في المعجم الكبير (20/ 312) (رقم: 743). وهذا الطريق وإن كان أجودها إلا أنها لا تثبت من جهة النقل؛ لأن ابن إسحاق ضعيف الحديث في الزهري كما قاله ابن معين، وقد قيل لأحمد أيضًا: محمد بن إسحاق وابن أخي الزهري في حديث الزهري؟ فقال: "ما أدري، وحرّك يده كأنه ضعّفهما". وقد تابعه زمعة بن صالح عند ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (4/ 1138) رقم: 2120)، والطبراني في المعجم الكبير (20/ 313) (رقم: 744) لكنه ضعيف أيضًا، فقد سئل عنه أبو زرعة فقال: "أحاديثه عن الزهري كأنه يقول مناكير". وقال النسائي: "كثير الخطأ عن الزهري"، ثم إنهما خولفا فيه، فرواه مالك عنه عن ابن محيِّصة عن أبيه، ورواه ابن أبي ذئب ومعمر فقالا: عن الزهري عن حرام بن محيِّصة، عن أبيه. ورواه ابن عيينة عنه، عن حرام عن أبيه: أن محيّصة سأل النبي - صلى الله عليه وسلم -. أخرجه أحمد (5/ 436)، والحميدي في المسند (2/ 387) (رقم: 378) - ومن طريقه ابن قانع في معجم الصحابة (1/ 251) - والطحاوي في شرح معاني الآثار (4/ 131)، والبيهقي في السنن الكبرى (9/ 337) من طرق عن ابن عيينة به. وفي مسند الحميدي: قال الزهري: أخبرني حرام بن سعد، قال سفيان: "هذا الذي لا شك فيه، وأُراه قد ذكر عن أبيه: أن محيصة". هكذا اختلف أصحاب الزهري عليه، وجوّد ابن عبد البر في التمهيد (1/ 791) رواية ابن عيينة =

وليس عند يحيى بن يحيى في هذا الحديث قوله: "عن أبيه"، وإنما عنده: "عن ابن محيّصة أنه استأذن ... "، جعل الحديث لشيخ الزهري -وهو حرام بن سعد-، وزعم أنه الذي استأذن، وذلك مستحيل؛ إذ ليست لحرام صحبة، ولا لأبيه سعد (¬1). ¬

_ = عنه، وهو ما ذهب إليه المؤلف في المنسوبين (ل: 140 / ب) حيث ذكر رواية ابن عيينة ثم قال: "مقتضاه أن حرامًا رواه عن أبيه سعد، وأنَّ سعدًا وصف القصة وهو لم يشهدها، ولا ذكر أن أباه محيّصة أخبره بها، فالحديث على هذا مرسل، ولفظه قائم لا درك فيه"، ثم ذكر رواية ابن إسحاق وقال: "هذه الرواية أحسن الروايات كلها إن ثبتت من جهة النقل". قلت: تقدّم أن رواية ابن إسحاق لم تثبت من جهة النقل، ورواية ابن عيينة وإن كان قد جوّدها ابن عبد البر لكن أشار ابن عبد الهادي إلى تضعيفها حيث قال: "مع الاضطراب ففيه من يُجهل حاله" يشير إلى سعد. نصب الراية (4/ 135). لكن الحديث محفوظ لمحيّصة من غير طريق الزهري كما تقدم، وهو وإن كان في إسناده مقالًا من جهة جهالة بعض رواته لكن يشهد له حديث جابر أخرجه أحمد (3/ 307، 381) والطحاوي في شرح معاني الآثار (4/ 130) من طريق سفيان بن عيينة عن أبي الزبير عن جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سئل عن كسب الحجام فقال: "اعلفه ناضحك" وهذا إسناد حسن، وأبو الزبير قد صرّح بالسماع عند أحمد. ويشهد له أيضًا ما رواه الطحاوي (4/ 131) من طريق عكرمة بن عمار عن طارق بن عبد الرحمن أن رافعة بن رافع -أو رافع بن رافعة الشك منهم في ذلك- قد جاء إلى مجلس الأنصاري فقال: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن كسب الحجام وأمرنا نطعمه ناضحنا". وهذا إسناد حسن أيضًا، فالحديث صحيح بمجموع طرقه. وانظر الكلام في رواية ابن إسحاق وزمعة عن الزهري في: تاريخ الدارمي (ص: 44) (رقم: 15)، والعلل لأحمد (ص: 126 - رواية المروذي-)، وشرح العلل (2/ 474)، وسؤالات البرذعي (2/ 759)، والضعفاء للنسائي (ص: 112)، والتقريب (رقم: 2035). (¬1) الموطأ كتاب: الاستئذان، باب: ما جاء في الحجامة وأجرة الحجام (2/ 742) (رقم: 28). وتابعه ابن القاسم كما ذكر ابن الحذاء وابن عبد البر وحكما على روايتهما بعدم الصحة. رجال الموطأ (18 / أ)، والتمهيد (11/ 77).

وإنَّما الحديث لجدّه محيِّصة بن مسعود، وهو المعروف، وصحبته مشهوره (¬1)، وهو المذكور في حديث القسامة مع أخيه حويّصه. ولعلّ من خرّج هذا الحديث عن الزهري، عن ابن محيِّصة، واقتصر فيه على قوله: "عن أبيه" أقام الجدّ في هذا مقام الأب، وتأوّل أن حراما هو ابن محيِّصة، لكون محيِّصة جدّه، وأن قول الزهري فيه: "عن أبيه"، إنما يعني به عن جده (¬2). وقد ذكرنا الاختلاف فيه في مسند ابن محيِّصة، انظره في المنسوبين (¬3). وانظر مرسل حرام بن محيِّصة (¬4)، وحديث القسامة لسهل بن أبي حثمة (¬5). ولم يخرّج لمحيِّصة في الصحيحين شيء. * * * ¬

_ (¬1) انظر: الاستيعاب (10/ 227)، وأسد الغابة (5/ 114)، والإصابة (9/ 142). (¬2) هذا مجرد احتمال، وقد استبعده المؤلف نفسه وقال: "هو وإن كان جائزًا في عرف الاستعمال إلا أن الرواية ليست كذلك وأن المفهوم من قول القائل: حدثني أبي أنه يريد الأب الأدنى إلا أن يبيّن أنه أراد الجد". (ل: 140 / أ). (¬3) تقدَّم حديثه (3/ 586). (¬4) سيأتي (4/ 508). (¬5) تقدّم (3/ 117).

9 - لعمر بن الخطاب

9 - لعمر بن الخطاب حديثان، وقد تقدم له أحاديث (¬1). 12 / حديث: "لا تُطْرُوني كما أُطْرِئَ عيسى بن مريم، إنَّما أنا عَبدٌ". عن ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عباس، عن عمر. عند القعنبي وحده (¬2). وهو طرف من حديث السقيفة، خرّحه البخاري مفردًا في أحاديث الأنبياء من طريق ابن عيينة، عن الزهري (¬3). وخرّج حديث السقيفة مطوّلا في مواضع من كتابه (¬4)، وتقدّم لنا بعضه ¬

_ (¬1) انظرها (2/ 269 - 301). (¬2) أخرجه من طريقه الجوهري في مسنده (30 / أ) وقال: "هذا عند القعنبي دون غيره". قلت: هكذا عزا المؤلف، والجوهري، وكذا الدارقطني في أحاديث الموطأ (ص: 12)، وابن عبد البر في التقصي (ص: 264) هذا الحديث إلى القعنبي وحده. وقد تابعه على روايته عن مالك: - إسحاق بن عيسى الطباع في حديث طويل عند أحمد في المسند (1/ 55). - وعثمان بن عمر عند الدارمي في السنن كتاب: الرقاق، باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا تطروني" (2/ 320). - وجويرية بن أسماء عند ابن حبان في صحيحه (الإحسان) (2/ 154) (رقم: 414) فلعل ذلك خارج الموطأ والله أعلم. (¬3) انظر: صحيح البخاري كتاب: الأنبياء، باب: قول الله تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ ... } (2/ 489) (رقم: 3445). (¬4) انظره في: كتاب: المظالم والغصب، باب: ما جاء في السقائف (2/ 195) (رقم: 2462)، وفي: مناقب الأنصار، باب: مقدم النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه المدينة (3/ 77) (رقم: 3928)، وفي: المغازي (3/ 95) (رقم: 4021)، وفي: الحدود، باب: الاعتراف بالزنا (4/ 275) (رقم: 6829)، وباب: =

في مسند عمر (¬1). 13 / حديث: "قال: لولا أني ذكرتُ صدقتي (¬2) لرسول الله -أو نحو هذا- لردَدْتُها). عن زياد بن سعد، عن ابن شهاب، عن عمر بن الخطاب. عند أبي المصعب الزهري (¬3). وهو مقطوع؛ لم يدرك ابن شهاب عمر، وإنما ولد في آخر خلافة معاوية (¬4). والصّدقة المذكورة في هذا الحديث مشهورة من رواية عبد الله بن عون، عن نافع عن عبد الله بن عمر: تارة وصف قصة أبيه، وتارة أسند الحديث إليه. ¬

_ = رجم الحبلى من الزنا (رقم: 6830)، وفي: الاعتصام، باب: إثم من دعا إلى ضلالة (4/ 368) (رقم: 7323) ولم يرد مطوّلًا إلا في الحدود، والاعتصام، وفي بقية المواضع ورد مختصرًا. (¬1) تقدَّم حديثه (2/ 279). (¬2) في الأصل: "صدقة" بدون الإضافة، والمثبت هو الصواب. (¬3) انظر الموطأ برواية: - أبي مصعب الزهري (2/ 487) (رقم: 2949)، وكذا هو عند: - سويد بن سعيد (ص: 288) (رقم: 625)، وعبد الله بن يوسف كما قال ابن عبد البر في التمهيد (1/ 214)، وذكر أنه ليس في أكثر الموطآت. (¬4) هذا أحد الأقوال في سنة ولادة الزهري، قاله الواقدي كما نقله ابن سعد في الطبقات (5/ 356)، وذكره ابن الجوزي في صفة الصفوة (2/ 139)، والذهبي في السير (5/ 326)، وابن كثير في البداية والنهاية (9/ 355). ونقل ابن عساكر في تاريخ دمشق (55/ 306)، عن دحيم وأحمد بن صالح المصري أنه ولد سنة خمسين للهجرة، وهو الذي رجّحه الدكتور محمد عجاج الخطيب في السنة قبل التدوين (ص: 489). وقال خليفة في تاريخه (ص: 218): إنه ولد سنة إحدى وخمسين. وعلى أي ما قول فعدم إدراك الزهري لعمر بن الخطاب ثابت قطعًا؛ لأنه ولد بعد وفاة عمر بنحو ربع قرن.

وخرّج في الصحيحين على الوجهين: عن عمر، وعن ابن عمر (¬1). وقال فيه سفيان بن عيينة، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر: "جاء عمر إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، إني أصبتُ مالًا (¬2) لم أُصب مثله قط، كان لما مائة رأس فاشتريت بها مائةَ سهم من خيبرَ من أهلها، وإني قد أردت أن أتقرّب بها إلى الله سبحانه، قال: "فاحبس أصلها وسبِّل الثمرةَ" خرّجه النسائي (¬3). وخرّج الدارقطني من طريق عبيد الله بن عمر أيضًا عن نافع، عن ابن عمر قال: قال عمر: يا رسول الله إن لي مالا بثَمْغ (¬4)، أكره أن يباع بعدي. ¬

_ (¬1) كونه من مسند ابن عمر هو الأشهر؛ لأن أكثر الرواة عن نافع كابن عون وجويرية وأيوب، ثم عن ابن عون كمحمد بن عبد الله الأنصاري، ويزيد بن زريع وأبي عاصم وسليم بن أخضر، وابن أبي زائدة، وأزهر السمان جعلوه من مسند ابن عمر. انظر: صحيح البخاري كتاب: الشروط، باب: الشروط في الوقف (2/ 285) (رقم: 2737)، وكتاب: الوصايا، باب: الوقف كيف يُكتب (2/ 297) (رقم: 2772)، وباب: الوقف للغني والفقير (رقم: 2773)، وكتاب: الوصايا، باب: للوصي أن يعمل فِي مال اليتيم (2/ 295) (رقم: 2764)، باب: نفقة القيم للوقف (2/ 298) (رقم: 2777). وصحيح مسلم كتاب: الوصية، باب: الوقف (3/ 1255 - 1256) (رقم: 15). وأما الوجه الأول وهو كونه قد أسند الحديث إلى عمر فلم يَرد إلا في طريق سفيان، عن ابن عون، أخرجه مسلم في الوصية، باب: الوقف (3/ 1256) (رقم: 1633)، وانظر: فتح الباري (5/ 469). (¬2) قال ابن حجر: هو إطلاق العام على الخاص؛ لأنّ المراد بالمال هنا الأرض التي لها غلّة. فتح الباري (5/ 461). (¬3) أخرجه النسائي في السنن كتاب: الأحباس، باب: حبس المشاع (6/ 542) (رقم: 3606)، وابن ماجه في السنن كتاب: الصدقات، باب: من وقف (2/ 801) (رقم: 2397)، والدارقطني في السنن (4/ 194) من طريق سفيان به، وسنده صحيح. (¬4) بفتح أوله، وإسكان ثانيه، بعده غين معجمة: موضع تلقاء المدينة كان فيه مالٌ لعمر بن الخطاب، =

قال: "فاحبسه وسبِّل ثمره" (¬1). وخرّج من طريق يحيى بن سعيد، عن نافع، عن ابن عمر: أن عمر استشار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أن يتصدّق بماله الذي بثمغ، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "تصدّق بثمره، واحبس أصله، لا يُباع ولا يورث" (¬2). وجاء أن عمر كتب بذلك كتابًا، ورُوي أنَّه كتب الكتاب عند موته على سبيل الوصيّة، كتب فيه هذه القصة وغيرها. وذكر أبو داود نسخة الكتاب بسنده (¬3). وليس في شيء من هذه الطرق، ولا في المصنفات المشهورة هذه الزيادة التي ذكر مالك عن عمر، وإن صحّت فلعلّه إنما قصد الإخبار عن هوى النفس ¬

_ = فخرج إليه يوما، ففاتته صلاة العصر، فقال: شغلتني ثمغ عن الصلاة، أشهدكم أنها صدقة. ويرى العيّاشي أن الثمغ هي الصمغة، وهي ما يُعرف اليوم بالحسنيّة وما في غربيّ خارجة المصرع، وما إليها من السباخ. وتردّد محمد حسن شُراب بين أن يكون بالمدينة أو بالقرب من خيبر. انظر: معجم ما استعجم (1/ 346)، والمدينة بين الماضي والحاضر (ص: 476 - 477)، والمعالم الأثيرة (ص: 78). (¬1) أخرجه الدارقطني في السنن (4/ 194) من طريق عبد الرحمن بن عبد الله العمري، عن عبيد الله بن عمر به. وإسناده ساقط، آفته عبد الرحمن بن عمر العمري، قال فيه أبو زرعة وأبو حاتم والنسائي: "متروك الحديث"، وزاد أبو حاتم: "كان يكذب". ومزّق أحمد أحاديثه. لكن الحديث صحيح من غير هذا الوجه كما تقدّم. انظر: الجرح والتعديل (5/ 253)، وتهذيب الكمال (17/ 234)، التقريب (رقم: 3922). (¬2) انظر: السنن (4/ 194)، وكذا أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (4/ 95)، والبيهقي في السنن الكبرى (6/ 160)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (11/ 263) (رقم: 4900). (¬3) انظر: سنن أبي داود كتاب: الوصايا، باب: ما جاء في الرجل يوقف الوقف (3/ 299/ 2879).

وغلبتها، وما يتوقّع من آفاتها على طريق التوبيخ لها، والتحذير منها إذ أنها ما انقادت، ولا أذعنت إلا بذلك، ولم يقله على وجه الندم ولا الإعلام بالعزم أو الهمّ، والله أعلم (¬1). * * * ¬

_ (¬1) هكذا شكّك المؤلف فِي صحة هذه الزيادة، وقد بالغ ابن حزم في إنكاره كعادته فقال: "وأما الخبر الذي ذكروه عن مالك فمنكر وبليّة من البلايا، وكذب بلا شك، ولا ندري من رواه عن يونس، ولا هو معروف من حديث مالك، وهَبك لو سمعناه من الزهري لما توجب أن يشاغل به، ولقطعنا بأنه ممّن لا خير فيه، سليمان بن أرقم وضربائه، ونحن نقطع بأن عمر - رضي الله عنه - لم يندم على قبوله أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وما اختاره له من تحبيس أرضه وتسبيل ثمرته". المحلى (8/ 158 - 159). قلت: إنكار ابن حزم إياها مبني على أنها جاءت من طريق ضعيف، ويخشى أن يكون ذلك الطريق عن سليمان بن أرقم وأمثاله عن الزهري، وهو ليس كذلك؛ لأن مالكا رواها عن زياد بن سعد، وهو ثقة ثبت، بل نقل ابن رجب في شرح العلل (2/ 675) عن نعيم بن حماد عن ابن عيينة أنه قال: "كان زياد بن سعد عالما بحديث الزهري". ونقل عنه أيضًا أنه قال: "كان زياد أثبت أصحاب الزهري". تهذيب الكمال (9/ 476)، والتقريب (رقم: 2180). وعلى هذا فلا سبيل لردّها من جهة الإسناد، بل يُقال إن عمر - رضي الله عنه - قصد الإخبار عن هوى النفس كما قال المؤلف، أو قاله مخافة أن يعمل الناس بذلك فرارا من الحق، ولا يضعونها مواضعها، كما نقله ابن محمد البر عن مالك، وهذا أولى، والله أعلم. التمهيد (1/ 214).

10 - لعبد الله بن عمر بن الخطاب

10 - لعبد الله بن عمر بن الخطاب أحد عشر حديثًا، تكرّر بعضها له ولغيره، وقد تقدّم له أحاديث (¬1). مالك، عن نافع، عن ابن عمر. 14 / حديث: "من حمل علينا السِّلاح فليس مِنَّا". عند ابن وهب (¬2)، وابن بكير (¬3)، ويحيى النيسابوري (¬4)، ومحمد بن الحسن (¬5). ورواه معن خارج الموطأ: عن مالك، عن نافع وابن دينار معا، عن ابن عمر، ذكره الجوهري (¬6). وخرّجه البخاري ومسلم من طريق مالك عن نافع وحده، عن ابن عمر (¬7). ¬

_ (¬1) انظرها برقم: (117 - 221). (¬2) أخرجه من طريقه النسائي في السنن كتاب: التحريم، باب: من شهّر سيفه ثم وضعه في الناس (7/ 134) (رقم: 4111)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (3/ 362) (رقم: 1322). (¬3) الموطأ (ل: 75 / أ). (¬4) أخرجه من طريقه مسلم كما سيأتي. (¬5) الموطأ (ص: 309) (رقم: 866)، وهو أيضًا عند ابن القاسم (ص: 263) (رقم: 217 - تلخيص القابسي-). (¬6) لعله في مسند ما ليس في الموطأ، وهو مفقود، لكن الحديث أخرجه من هذا الوجه أيضًا ابن حبان في صحيحه (الإحسان) (10/ 450) (رقم: 4590). (¬7) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الفتن، باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من حمل علينا السلاح فليس مِنَّا" (4/ 315) (رقم: 7070) من طريق عبد الله بن يوسف. ومسلم في صحيحه كتاب: الإيمان، باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من حمل علينا السلاح .. " (1/ 98) (رقم: 161)، من طريق يحيى النيسابوري، عن مالك به.

15 / حديث: "كلُّ مسكر خمر، وكل خمر حرام". عند معن وحده مرفوعًا (¬1)، وتابعه جماعةٌ خارِجَ الموطأ (¬2). ووقفه سائرُ رواة الموطأ، غير يحيى بن يحيى فليس عنده (¬3). والأصح عند مالك الموقوف (¬4)، وعامةُ أصحاب نافع يرفعونه (¬5)، ورفعُه ¬

_ (¬1) عزاه إليه وحده الجوهري أيضًا في مسند الموطأ (ل: 123 / ب)، وابن عبد البر في التقصي (ص: 266)، وابن حجر في إتحاف المهرة (9/ 288). (¬2) منهم: - عبد العزيز بن الماجشون عند الجوهري في مسند الموطأ (ل: 123 / ب). - وروح بن عبادة عند البيهقي في السنن الكبرى (8/ 294). - وإبراهيم بن يوسف البلخي عند أبي نعيم في الحلية (6/ 353). (¬3) انظر الموطأ برواية: - أبي مصعب الزهري (2/ 52) (رقم: 1844)، وابن وهب (ل: 50 / ب)، كما في الجمع بين روايته ورواية ابن القاسم، وابن القاسم عند النسائي في السنن كتاب: الأشربة، باب: في ذكر الأخبار إلى اعتل بها من أباح شراب السكر (8/ 729) (رقم: 5715). - والشافعي في المسند (2/ 92) - ترتيب السندي-. - وعبد الرزاق في المصنف (9/ 221) (رقم: 17004). - ومحمد بن مالك كما في مجرد أسماء الرواة عن مالك للعطار (ص: 154). (¬4) ذكر الخليلي رواية إبراهيم بن يوسف المرفوعة ثم قال: "روى هذا عن إبراهيم جماعة، منهم من يوقفه، ومنهم من يسنده، والصحيح الموقوف من حديث مالك". قلت: وذلك لاتفاق أكثر الرواة عليه كما قال ابن عبد البر. انظر: الإرشاد (3/ 937)، والتقصي (ص: 266). (¬5) منهم: -أيوب، وموسى بن عقبة، وعبيد الله عند مسلم في الصحيح، كتاب: الأشربة، باب: بيان أن كل مسكر خمر، وأن كل خمر حرام (3/ 1587 - 1588) (رقم: 73 - 75). - ومحمد بن عجلان عند النسائي في السنن كتاب: الأشربة، باب: إثبات الخمر لكل مسكر من الأشربة (8/ 695) (رقم: 5602)، وأحمد في المسند (2/ 137). - وإبراهيم الصائغ، والليث، والأجلح عند الدارقطني في السنن (4/ 249). =

صحيحٌ، قاله الدارقطني (¬1). وخرّجه مسلم من طريق أيوب السختياني وغيره عن نافع (¬2). وذكر النسائي أن أحمد بن حنبل صحّحه (¬3). وقال عمر بن الخطاب: "الخمر ما خامر العقل". خرّجه أبو داود، وغيرُه (¬4). ¬

_ = ورواية أيوب، عن نافع، عن ابن عمر أخرجها الترمذي أيضًا في السنن كتاب: الأشربة، باب: ما جاء في شارب الخمر (4/ 256) (رقم: 1861)، ثم قال: "حديث ابن عمر حديث حسن صحيح، وقد رُوي من غير وجه عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ورواه مالك بن أنس، عن نافع، عن ابن عمر موقوفًا فلم يرفعه". قال ابن عبد البر: "هكذا روى الليث بن سعد، وموسى بن عقبة، وأبو حازم بن دينار، وأبو معشر، وإبراهيم الصائغ، والأجلح، وعبد الواحد بن قيس، وأبو الزناد، ومحمد بن عجلان، وعبد الله بن عمر العمري، كلهم عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. ورواه مالك، عن نافع، عن ابن عمر لم يرفعه. ورواه عبيد الله بن عمر فكان ربما أوقفه وربما رفعه، والحديث عندنا مرفوع ثابت، لا يضرّه تقصير من قصّر في رفعه". الاستذكار (24/ 297). (¬1) لم أقف عليه. (¬2) تقدّم. (¬3) انظر: السنن (8/ 695)، وكذا في السنن الكبرى (3/ 212). (¬4) انظر: السنن كتاب: الأشربة، باب: في تحريم الخمر (4/ 78) (رقم: 3669). وهو جزء من خطبة عمر - رضي الله عنه -، أخرجها البخاري في صحيحه كتاب: التفسير، باب: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيطَانِ} (3/ 225) (رقم: 4619)، وفي الأشربة، باب: الخمر من العنب وغيره (4/ 12) (رقم: 5581)، وفي باب: ما جاء في أن الخمر ما خامر العقل من الشراب (4/ 13) (رقم: 5588). ومسلم في صحيحه كتاب: التفسير، باب: في نزول تحريم الخمر (4/ 2322) (رقم: 32، 33).

وانظر حديثَ البِتع في مسند عائشة من طريق أبي سلمة (¬1)، وحديث الغُبَيراء في مرسل عطاء (¬2). 16 / حديث: "عُذّبت امرأةٌ في هرَّةٍ رَبَطَتها حتى ماتت جوعًا ... ". فيه: "فيقال لها: -والله أعلم-". هذا عند معن وحده بهذا اللإسناد (¬3). وهو عند طائفة من رواة الموطأ لأبي هريرة (¬4)، وليس عند يحيى بن يحيى بوجه. وخُرّج في الصحيحين من طريق مالك عن نافع عن ابن عمر (¬5). وخرّجه مسلم عن أبي هريرة من غير طريق مالك (¬6). ¬

_ (¬1) تقدّم حديثها (4/ 86). (¬2) سيأتي حديثه (5/ 131). (¬3) عزاه إليه وحده الدارقطني في أحاديث الموطأ (ص: 28)، والجوهري في مسند الموطأ (ل: 125 / ب)، وابن عبد البر في التقصي (ص: 267)، وابن حجر في إتحاف المهرة (9/ 282)، ومن طريقه أخرجه مسلم في صحيحه كما سيأتي. (¬4) انظر الموطأ برواية: - ابن بكير (ل: 261 / ب) - الظاهرية-، وسويد بن سعيد (ص: 607) (رقم: 1489). وهكذا رواه سليمان بن بُرد كما قال الجوهري في المسند (ل: 125 / ب)، وابن عبد البر في التقصي (ص: 267). (¬5) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الشرب والمساقاة، باب: فضل سقي الماء (2/ 166) (رقم: 2365) من طريق إسماعيل بن أبي أويس. ومسلم في صحيحه كتاب: البر والصلة، باب: تحريم تعذيب الهرّة (4/ 2022) (رقم: 133) من طريق معن، كلاهما عن مالك به. (¬6) أخرجه في الموضع السابق (4/ 2022 - 2023) من طريق يحيى بن سعيد المقبري وهمام بن منبّه عنه. =

وما يقال للمرأة هو في هذا الحديث مشكوكٌ فيه، وكأنَّه من كلامِ الراوي، وهو في حديث أبي هريرة على القطع من قول النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬1). وفي حديث أسماء: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى المرأة تُعذّب، فسأل عنها، فأُخبر بذلك"، وهذا في الصحيح (¬2)، وأنظره لأبي هريرة في الزيادات (¬3). 17 / حديث: "نهى عن تلقّي السّلع حتى يهبط بها الأسواق". عند معن، والقعنبي، وابن عُفير، وابنِ نافع (¬4). ¬

_ = ومن طريق المقبري وحده أخرجه البخاري أيضًا في صحيحه كتاب: بدء الخلق، باب: إذا وقع الذباب (2/ 447) (رقم: 3318). (¬1) وكذا ورد على القطع في حديث ابن عمر من طريق عبيد الله بن عمر، عن نافع، أخرجه البخاري في صحيحه (2/ 447) (رقم: 3318). (¬2) انظر: صحيح البخاري كتاب: الأذان (1/ 243) (رقم: 745)، وفي الشرب والمساقاة، باب: فضل سقي الماء (2/ 165) (رقم: 2364). (¬3) سيأتي حديثه (4/ 448). (¬4) زاد الدارقطني معهم: الوليد بن مسلم، والجوهريُّ: عبدَ الله بن يوسف. وهو أيضًا عند أبي مصعب الزهري (2/ 394) (رقم: 2701)، ومحمد بن الحسن الشيباني (ص: 272) (رقم: 772). والحديث من طريق عبد الله بن يوسف أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: البيوع، باب: النهي عن تلقي الركبان (2/ 105) (رقم: 2165). ومن طريق القعنبي عند أبي داود في السنن كتاب: البيوع، باب: في التلقي (3/ 716) (رقم: 3436). وأخرجه أحمد في المسند (2/ 7، 63، 91، 156) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، وأبي نوح قراد، وحماد بن خالد. والدارمي في السنن كتاب: البيوع، باب: لا يبع على بيع أخيه (2/ 55) من طريق خالد بن مخلد، كلهم عن مالك به. قال ابن عبد البر في كلامه على حديث: "لا يبع بعضكم على بيع بعض": "رواه قوم عن =

وزاد بعضهم: "ونهى عن النجش" (¬1). وعند يحيى بن يحيى وسائر الرواة ذكر النجش خاصة، وقد تقدّم (¬2). وخرّج البخاري ومسلمٌ حديثَ النَّجشِ من طريق مالك (¬3)، ولمسلمٍ حديث التلقِّي عن مالك، وهو للبخاري بلفظ آخر (¬4). ¬

_ = مالك، عن نافع، عن ابن عمر: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يبع بعضكم على بيع بعض، ولا تلقّوا السلع حتى يهبط بها الأسواق"، وهذه الزيادة صحيحة لابن وهب والقعنبي وعبد الله بن يوسف وسليمان بن بُرد عن مالك، وليس لغيرهم، وهي صحيحة". التمهيد (13/ 316). وانظر: أحاديث الموطأ (ص: 28)، ومسند الجوهري (ل: 122 / ب). (¬1) زادها محمد بن الحسن الشيباني (ص: 272) (رقم: 772)، وعبد الرحمن بن مهدي، وحماد بن خالد عند أحمد (7/ 2، 156). (¬2) تقدّم (2/ 423). وانظر الموطأ برواية: - أبي مصعب الزهري (2/ 397) (رقم: 2713)، وابن القاسم (ل: 22 / أ)، وابن بكير (ل: 113 / ب) - الظاهرية-. وهكذا عند ابن المبارك وابن بُرد كما قال الجوهري فِي مسند الموطأ (ل: 122 / ب). (¬3) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: البيوع، باب: النجش (2/ 100) (رقم: 2142) من طريق عبد الله بن يوسف، وفي الحيل، باب: ما يُكره من التناجش (4/ 290) (رقم: 9663) من طريق قتيبة. ومسلم في صحيحه كتاب: البيوع، باب: تحريم بيع الرجل على أخيه أو سومه على سومه وتحريم النجش (3/ 1156) (رقم: 13) من طريق يحيى النيسابوري. وأخرجه ابن ماجه في السنن كتاب: التجارات، باب: في النهي عن النجش (2/ 734) (رقم: 2173) من طريق مصعب الزبيري، وأبي حذافة السهمي. وأحمد في المسند (2/ 108، 157) من طريق حماد بن خالد، كلهم عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر: "أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن النجش". (¬4) أخرجه مسلم في صحيحه كتاب: البيوع، باب: تحريم تلقي الجلب (3/ 1156) (رقم: 14) من طريق عبد الرحمن بن مهدي بلفظ: "نهى أن تتلقى السلع حتى تبلغ الأسواق". وهو عند البخاري (2/ 105) (رقم: 2165) من طريق عبد الله بن يوسف عنه بلفظ: "لا تلقّوا السلع حتى يُهبط بها الأسواق"، وهما بمعنى.

وانظر حديث أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة (¬1). 18 / حديث: "المؤمن يأكل في مِعىً واحد ... ". وذَكر الكافر. هذا عند: ابن وهب، وابن بكير، وابن عُفير بهذا الإسناد (¬2). وهو عند يحيى بن يحيى وسائر رواة الموطأ من حديث أبي هريرة، وقد تقدّم له (¬3). واستشهَدَ به البخاري من طريق ابن بكير عن مالك مُعلَّقا (¬4). 19 / حديث: "الحُمَّى من فيح جهنّم، فأبردوها بالماء". هذا عند ابن وهب، وابن القاسم، وابن عُفير، والشافعي بهذا الإسناد (¬5). ¬

_ (¬1) تقدَّم حديثه (3/ 389). (¬2) عزاه إليهم أيضًا: الجوهري في مسنده (ل: 124 / ب)، وابن عبد البر في التقصي (ص: 266)، والحافظ في الإتحاف (9/ 306)، واقتصر الدارقطني في أحاديث الموطأ (ص: 28) على ابن وهب وابن بُكير فقط. وهو أيضًا عند أبي مصعب الزهري (2/ 97) (رقم: 1936). وانظر الموطأ برواية: - ابن بكير (ل: 244 / أ) - الظاهرية-، ومن طريق ابن وهب أخرجه أبو عوانة في صحيحه كما في الإتحاف (9/ 306)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (5/ 249) (رقم: 2003)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (12/ 43) (رقم: 5238). (¬3) تقدَّم لأبي هريرة (3/ 393، 427)، وانظر الموطأ برواية: - ابن بكير (ل: 244 / أ) - الظاهرية-، وأبي مصعب الزهري (2/ 97 - 19341، 1935)، وسويد بن سعيد (ص: 575) (رقم: 1383، 1384)، ومحمد بن الحسن الشيباني (ص: 337) (رقم: 958)، وابن القاسم (ص: 384، 458) (رقم: 367، 445 - تلخيص القابسي). (¬4) انظر: صحيح البخاري، كتاب: الأطعمة، باب: المؤمن يأكل في معى واحد (3/ 435) (رقم: 5394). (¬5) عزاه إليهم الدارقطني أيضًا في أحاديث الموطأ (ص: 28)، واقتصر الجوهري في مسنده (ل: 124 / ب)، والحافظ في الإتحاف (9/ 296) على ابن وهب، وابن القاسم، وابن عُفير، ثم =

وهكذا خرّجه البخاري ومسلم من طريق ابن وهب، عن مالك (¬1). وهو عند يحيى بن يحيى وغيره من حديث هشام بن عروة عن أبيه مرسلًا (¬2). انظره في مرسل عروة (¬3)، وفي مسند أسماء طَرفٌ منه (¬4). 20 / حديث: "كان يرمَل من الحجر الأسود إلى الحجر الأسود ثلاثة أطواف، ويمشي أربعة". رفعه مطرِّفٌ وحده في الموطأ بهذا الإسناد، وتابعه جماعة خارِجَه (¬5). ¬

_ = قال الجوهري: "ليس هو عند القعنبي ولا معن ولا ابن بكير ولا أبي مصعب، وزاد الدارقطني: (ولا ابن يوسف). وانظر رواية ابن وهب عند الجوهري في مسند الموطأ (ل: 124 / ب)، والبيهقي في السنن الكبرى (1/ 225)، ورواية ابن القاسم في ملخّص القابسي (ص: 288) (رقم: 254)، ورواية الشافعي عند ابن حبان في صحيحه (الإحسان) (13/ 431) (رقم: 6067). (¬1) انظر: صحيح البخاري كتاب: الطب، باب: الحمى من فيح جهنّم (4/ 40) (رقم: 5723)، وصحيح مسلم كتاب: السلام، باب: لكل داء دواء واستحباب التداوي (4/ 1732) (رقم: 79). (¬2) انظر الموطأ برواية: - يحيى بن يحيى الليثي كتاب: العين، باب: الغسل بالماء من الحمى (2/ 120) (رقم: 16)، وقد ورد فيه رواية ابن عمر الموصولة أيضًا، إلا أنها مقحمة لخلوّ نسختي المحمودية (أ) (ل: 151 / ب)، و (ب) (260 / ب) منها، وقد نصّ ابن عبد البر أيضًا بعدم ورودها في رواية يحيى. التقصي (ص: 266). - أبي مصعب الزهري (2/ 123) (رقم: 1987)، وسويد بن سعيد (ص: 582) (رقم: 1405)، وابن بكير (ل: 256 / ب) - الظاهرية-. (¬3) سيأتي حديثه (5/ 82). (¬4) وهو قولها: "كان يأمرنا- تعني النبي - صلى الله عليه وسلم - أن نبردها بالماء". انظره (4/ 240). (¬5) منهم: عبيد الله بن محمد العيشي، أخرجه أبو أحمد الحاكم في عوالي مالك (ص: 55)، وابن ناصر الدين في إتحاف السالك (ص: 201) (رقم: 190)، كلاهما من طريق أبي غالب علي بن أحمد =

وهو عند يحيى بن يحيى وسائر الرواةِ من قول نافع، حَكَى فِعلَ ابن عمر موقوفًا غير مرفوع (¬1). وخرّجه البخاري ومسلم من طرق عن نافع، عن ابن عمر مرفوعًا (¬2). وتقدّم نحوَه لجابر، انظره في مسندِه (¬3). في الصحيح عن ابن عباس قال: "إنَّما سَعَى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ورَمَلَ بالبيت ليُرِيَ المشركين قُوَّتَه" (¬4). ¬

_ = ابن النضر الأزدي، عن عبيد الله بن عائشة، عن مالك بن أنس، عن نافع، عن ابن عمر: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رمل من الحجر إلى الحجر". وهذا إسناد ضعيف، فيه أبو غالب، قال فيه الدارقطني: "ضعيف". الميزان (4/ 31). ونقل ابن ناصر الدين عن دعلج -بعد أن أخرج الحديث من طريقه- أنه قال: "هكذا حدَّثنا به أبو غالب مرفوعًا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو في الموطأ من فعل ابن عمر، وكذلك رواه أصحاب مالك عنه". (¬1) انظر الموطأ برواية: - يحيى بن يحيى الليثي كتاب: الحج، باب: الرمل في الطواف (1/ 294) (رقم: 108)، وأبي مصعب الزهري (1/ 498) (رقم: 1283)، وابن بكير (ل: 18 / ب) - الظاهرية-، وسويد بن سعيد (ص: 473) (رقم: 1101). - وأخرجه أبو أحمد الحاكم في عوالي مالك (8، 9، 10) من طريق عبيد الله بن هشام الحلبي، وأبي نصر التمّار وإسماعيل بن موسى الفزاري عن مالك وبه. (¬2) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الحج، باب: الرمل في الحج والعمرة (1/ 494) (رقم: 1604) من طريق فُليح وكثير بن فرقد. وفي باب: من طاف بالبيت إذا قدم مكة .. (1/ 497) (رقم: 1616، 1617)، وفي باب: ما جاء في السعي بين الصفا والمروة (1/ 504) (رقم: 1644) من طريق موسى بن عقبة، وعبيد الله بن عمر. ومسلم في صحيحه كتاب: الحج، باب: استحباب الرمل في الطواف والعمرة (2/ 920 - 921) (رقم: 231، 233) من طريق موسى بن عقبة، وعبيد الله، أربعتهم عن مالك به. (¬3) تقدّم (2/ 117). (¬4) انظر: صحيح البخاري كتاب: المغازي، باب: عمرة القضاء (3/ 145) (رقم: 4257)، وصحيح مسلم كتاب: الحج، باب: استحباب الرمل في الطواف .. (2/ 923) (رقم: 241).

مالك، عن ابن دينار، عن ابن عمر. 21 / حديث: "إنَّ من الشجر شجرة لا يسقط ورقها ... ". فيه: "هي النخلة". عند ابن القاسم، وابن بكير، وابن بُرد، وغيرهم (¬1). وخرّجه البخاري من طريق مالك (¬2)، ومسلم من غير طريقه (¬3). 22 / حديث: "قال لأصحاب الحِجر (¬4): لا تدخلوا على هؤلاء المعذَّبين إلَّا أن تكونوا باكين ... ". ¬

_ (¬1) عزاه الدارقطني والجوهري وابن عبد البر أيضًا لابن القاسم، وابن عُفير، وابن يوسف، وابن بُكير، ومعن، وزاد الجوهري: بُردًا، وقالوا: لم يذكره ابن وهب، وأبو مصعب، والقعنبي. قلت: وذكره أيضًا محمد بن الحسن الشيباني، وسويد بن سعيد. انظر الموطأ برواية: - ابن القاسم (ص: 323) (رقم: 298 - تلخيص القابسي-)، وابن بكير (ل: 269 - 270 الظاهرية)، ومحمد بن الحسن (ص: 338) (رقم: 964)، وسويد بن سعيد (ص: 604) (رقم: 1479). وانظر: أحاديث الموطأ (ص: 23)، ومسند الجوهري (ل: 91 / أ)، والتقصي (ص: 268)، وإتحاف المهرة (8/ 523). (¬2) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: العلم، باب: الحياء في العلم (1/ 63) (رقم: 131) من طريق إسماعيل بن أبي أويس، عن مالك به. وأخرجه الترمذي في السنن كتاب: الأمثال، باب: ما جاء في مثل المؤمن القارئ للقرآن وغير القارئ (5/ 139) (رقم: 2867) من طريق معن بن عيسى. وأحمد في المسند (2/ 61) من طريق أبي عامر العقدي، عن مالك به. وأخرجه الجوهري في مسند الموطأ (ل: 91 / أ) من طريق القعنبي، وذكر أنه روى ذلك خارج الموطأ. (¬3) أخرجه مسلم في صحيحه كتاب: صفات المنافقين، باب: مثل المؤمن مثل النخلة (4/ 2164 - 2166) (رقم: 63، 64) من طريق إسماعيل بن جعفر عن عبيد الله بن دينار. ومن طريق مجاهد. ومن طريق عبيد الله عن نافع، ثلاثتهم عن ابن عمر. (¬4) بكسر الحاء وسكون الجيم: واد يأخذ حيال جبال مدائن صالح "أرض ثمود" ثم يصبُّ في صعيد وادي القرى، فيمرّ بـ "لعلا" المدينة المعروفة هناك، وما زال يعرف باسمه. المعالم الأثيرة (ص: 97).

عند ابن بكير، وابن برد، ومصعب الزبيري (¬1). وخرّجه البخاري من طريق مالك (¬2)، ومسلم عن إسماعيل بن جعفر، عن ابن دينار (¬3). 23 / حديث: "كلُّكم راعٍ وكلُّكم مسؤول عن رعيّته ... ". عند ابن بُكير، ومعن، وابن أبي أُويس وغيرهم (¬4). ¬

_ (¬1) اقتصر الدارقطني على ابن بُكير، وزاد: القعنبي ومعنًا، لكنه ذكر أن معنًا رواه خارج الموطأ، وعزاه الجوهري، وابن عبد البر، إلى ابن بكر وابن بُرد ومصعب الزبيري، وذكرا أنّ القعنبي رواه خارج الموطأ. قلت: وهو عند أبي مصعب الزهري، ومحمد بن الحسن، وسويد أيضًا. انظر الموطأ برواية: - ابن بكير (ل: 271 / أ) - الظاهرية-، وأبي مصعب الزهري (2/ 182) (رقم: 2119)، ومحمد بن الحسن (ص: 339) (رقم: 967)، وسويد بن سعيد (ص: 606) (رقم: 1485). وانظر: أحاديث الموطأ (ص: 23)، ومسند الجوهري (ل: 91 / ب)، والتقصي (ص: 69). (¬2) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الصلاة، باب: الصلاة في موضع الخسف والعذاب (1/ 157) (رقم: 433) من طريق إسماعيل بن أبي أويس. وفي المغازي، باب: نزول النبي - صلى الله عليه وسلم - الحجر (3/ 180) (رقم: 4420) من طريق يحيى بن بكير. وفي التفسير، باب: {وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ} (3/ 248/ 4702) من طريق معن، ثلاثتهم عن مالك به. (¬3) أخرجه مسلم في صحيحه كتاب: الزهد والرقائق، باب: لا تدخلوا مساكن الذي ظلموا أنفسهم .. (4/ 2285 - 2286) (رقم: 38، 39) من طريق إسماعيل بن جعفر، عن ابن دينار. ومن طريق الزهري، عن سالم، كلاهما عن ابن عمر. (¬4) كأبي مصعب، وسويد، والشيباني، والقعنبي. انظر الموطأ برواية: - أبي مصعب الزهري (2/ 182) (رقم: 2121)، وابن بكير (ل: 271 / أ) - الظاهرية-، وسويد بن سعيد (ص: 603) (رقم: 1478)، ومحمد بن الحسن (ص: 343) (رقم: 992)، ومن طريق القعنبي أخرجه الجوهري في مسند الموطأ (ل: 91 / ب)، ثم قال: "هذا عند معن وابن بكير في الموطأ، وعند القعنبي خارج الموطأ، وليس هو عند ابن وهب، ولا ابن عُفير، ولا ابن القاسم، ولا =

وخرّجه البخاري من طريق مالك، ومسلم من غير طريقه: عن ابن دينار وغيره عن ابن عمر (¬1). 24 / حديث: "إنَّ الغادر يُنصب له لواءٌ يوم القيامة ... ". عند ابن بكير، ومعن (¬2). وخرّجه البخاري عن القعنبي، عن مالك (¬3). ¬

_ = أبي مصعب"، كذا قال، وتبعه ابن عبد البر، وهو عند أبي مصعب أيضًا في الموطأ كما تقدّم. ومن طريق أبي أويس أخرجه البخاري في صحيحه. انظر: أحاديث الموطأ (ص: 23)، والتقصي (ص: 269). (¬1) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الأحكام، باب: قول الله تعالى: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} (4/ 328) (رقم: 7138) من طريق إسماعيل بن أبي أويس عن مالك عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر به. وأخرجه مسلم في صحيحه كتاب: الإمارة، باب: فضيلة الإمام العادل ... (3/ 1459) (رقم: 20) من طرق عن نافع، ومن طريق إسماعيل بن جعفر عن ابن دينار، ومن طريق سالم وبسر بن سعيد أربعتهم عن ابن عمر به. (¬2) عزاه إليهما أيضًا الدارقطني، والجوهري، وابن عبد البر، وابن حجر، وكذا هو عند محمد بن الحسن الشيباني، وسويد بن سعيد. انظر الموطأ برواية: - يحيى بن بكير (ل: 269 / ب) - الظاهرية-، ومحمد بن الحسن (ص: 343) (رقم: 993)، وسويد بن سعيد (ص: 606) (رقم: 1486). وانظر: أحاديث الموطأ (ص: 23)، ومسند الجوهري (ل: 91 / أ)، والتقصي (ص: 268)، وإتحاف المهرة (8/ 525). (¬3) انظر: صحيح البخاري كتاب: الأدب، باب: ما يُدعى الناس بآبائهم (4/ 124) (رقم: 6178). وأخرجه من هذا الوجه أيضًا أبو داود في السنن كتاب: الجهاد، باب: الوفاء بالعهد (3/ 188) (رقم: 2756)، والجوهري في مسند الموطأ (ل: 91 / أ). وأخرجه أبو أحمد الحاكم في عوالي مالك (ص: 119) من طريق أبي حذافة السهمي عن مالك به. وأخرحه أبو عوانة في صحيحه (4/ 70، 71) من طريق يحيى بن بكير ومطرف وإسماعيل بن أبي أويس والقعنبي.

ومسلم من طريق إسماعيل بن جعفر، عن ابن دينار (¬1). 25 / حديث: "مفاتيح الغيب خمس لا يعلمها إلا الله ... ". هذا عند القعنبي، وابن القاسم، وابن بكير من قول ابن عمر موقوفًا (¬2). ورفعه خارج الموطأ عبد الله بن جعفر البرمكي، وغيره عن معن، عن مالك (¬3). وهكذا خرّجه البخاري في تفسير الرعد عن إبراهيم بن المنذر، عن معن، عن مالك، عن ابن دينار مرفوعًا (¬4). ورواه أحمد بن أبي طيبة، عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعًا أيضًا (¬5). ¬

_ (¬1) انظر: صحيح مسلم كتاب: الجهاد، باب: تحريم الغدر (3/ 1360) (رقم: 10). (¬2) وكذا هو عند سويد بن سعيد، وسعيد بن عُفير. انظر الموطأ برواية: - ابن بكير (ل: 271 / أ) - الظاهرية-، وسويد بن سعيد (ص: 606) (رقم: 1484). ومن طريق القعنبي أخرجه الدارقطني. ومن طريق ابن القاسم أخرجه الإسماعيلي، كما ذكرهما الحافظ في الفتح (8/ 226). ومن طريق ابن عُفير أخرجه ابن عبد البر في التمهيد (24/ 379). (¬3) أخرجه الدارقطني كما قال الحافظ في الفتح (8/ 226). (¬4) انظر: صحيح البخاري كتاب: التفسير، باب: {اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ} (3/ 246) (رقم: 4697). (¬5) أخرجه من طريقه الخليلي في الإرشاد (2/ 789) وقال: "لم يروه عن مالك، عن نافع غير أحمد، ورواه أصحاب مالك عنه عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر، وهو المشهور". وقد قال عن أحمد بن أبي طيبة: "سمع مالك بن أنس والثوري وغيرهما، وله أحاديث يتفرّد بها". ووهّمه فيه الدارقطني أيضًا كما نقله الحافظ في الفتح (8/ 226). وقال ابن عدي: "حدّث بأحاديث كثيرة أكثرها غرائب". الكامل (5/ 895). وقال السهمي: "أكثر ما روى أحمد بن أبي طيبة وتفرّد به". تاريخ جرجان (ص: 60). وقال ابن حجر: "صدوق له أفراد". التقريب (رقم: 52).

وقال أبو مسعود الدمشقي في الأطراف: "ليس في الموطأ". يعني مرفوعًا (¬1). قال الشيخ أبو العباس - رضي الله عنه -: وهو محفوظ لابن عمر، وأبي هريرة (¬2). * * * ¬

_ (¬1) حكاه الحافظ أيضًا في الفتح (8/ 226). ثم تعقبه برواية معن والقعنبي وعزاهما إلى الدارقطني. (¬2) تقدّم حديث ابن عمر عند البخاري من طريق مالك، وأخرجه أيضًا في التوحيد، باب: قول الله تعالى: {عَالِمُ الْغَيبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيبِهِ أَحَدًا} (4/ 379) (رقم: 7379) من طريق سليمان بن بلال. وفي الاستسقاء، باب: لا يُدرى متى يجيء المطر (1/ 326) (رقم: 1039) من طريق الثوري، كلاهما عن عبد الله بن دينار به. وأخرجه أيضًا في التفسير، باب: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيبِ لَا يَعْلَمُهَا إلا هُوَ} (3/ 227) (رقم: 4627) من طريق ابن شهاب، عن سالم. وفي باب: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ} (3/ 276) (رقم: 4778) من طريق عمر بن محمد، عن أبيه كلاهما عن ابن عمر به. وأما حديث أبي هريرة فهو أيضًا عند البخاري في الصحيح كتاب: الإيمان، باب: سؤال جبريل النبي - صلى الله عليه وسلم - (1/ 33) (رقم: 50)، وفي التفسير، سورة لقمان، باب: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ} (3/ 275) (رقم: 4777).

11 - لعبد الله بن عباس

11 - لعبد الله بن عباس حديثٌ تقدّم لميمونة (¬1)، وتقدّم له أحاديث (¬2). حديث: "الفأرة تقع في السمن". عن ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عباس، رفعه. هكذا هو عند القعنبي، ومعن، وغيرهما، جعلوه لابن عباس (¬3). وزاد فيه يحيى بن يحيى، وطائفة: عن ميمونة (¬4)، وهكذا خرّج في ¬

_ (¬1) تقدّم حديثها (4/ 227). (¬2) انظر أحاديثه (2/ 526 - 565). (¬3) الحديث من طريق القعنبي عند الجوهري في مسند الموطأ (ل: 29 / ب). وهكذا هو عند: - محمد بن الحسن الشيباني (ص: 341) (رقم: 984). - وخالد بن مخلد عند الدارمي في السنن كتاب: الأطعمة، باب: الفأرة تقع في السمن (2/ 109). - وأبي قرّة كما ذكره الدارقطني. - وعبد الله بن يوسف، وعثمان بن عمر، وإسحاق بن سليمان، وإسحاق بن محمد الفروي، كما ذكرهم ابن عبد البر. انظر: أحاديث الموطأ (ص: 12)، والتمهيد (9/ 34). (¬4) الموطأ كتاب: الاستئذان، باب: ما جاء في الفأرة تقع في السمن (2/ 740) (رقم: 20). وهكذا قال ابن زياد (ص: 183) (رقم: 106)، وتابعهما: - عبد الرحمن بن مهدي، عند النسائي في السنن كتاب: الفرع، باب: الفأرة تقع في السمن (7/ 201) (رقم: 4270)، وأحمد في المسند (6/ 335). - وزيد بن يحيى، عند الدارمي في السنن (2/ 110). - وابن طهمان في مشيخته (ص: 129) (رقم: 71). - وسعيد بن أبي مريم عند الطحاوي في شرح مشكل الآثار (13/ 395) (رقم: 5359)، وابن عبد البر في التمهيد (9/ 37).

الصحيح (¬1)، وقد تقدّم في مسندها (¬2). ¬

_ = - وسعيد بن داود الزنبري عند الطبراني في المعجم الكبير (23/ 429) (رقم: 1042). - وأشهب بن عبد العزيز، عند ابن عبد البر في التمهيد (9/ 37). وهكذا قال عبد الله بن نافع، والشافعي، وزياد بن يونس، ومطرّف بن عبد الله، وإسحاق بن عيسى الطبّاع، وعبيد بن حيّان كما ذكرهم ابن عبد البر في التمهيد (9/ 33). (¬1) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الوضوء، باب: ما يقع من النجاسات في السمن والماء (1/ 95) (رقم: 235، 236) من طريق إسماعيل بن أبي أويس، ومعن بن عيسى. وفي الذبائح، باب: إذا وقعت الفأرة في السمن الجامد أو الذائب (4/ 464) (رقم: 5540) من طريق عبد العزيز الأويسي، ثلاثتهم عن مالك به. وهناك وجهان آخران لم يذكرهما المؤلف: أحدهما: ما رواه ابن وهب، عن مالك، عن ابن شهاب، عن عبيد الله، عن ميمونة. أخرجه الطحاوي في شرح مشكل الآثار (13/ 395) (رقم: 5357). وتابعه: جويرية كما قال الدارقطني في أحاديث الموطأ (ص: 12). والثاني: ما وقع عند ابن بكير (ل: 270 / ب) - الظاهرية-، وأبي مصعب الزهري (2/ 397) (رقم: 2714) عنه، عن ابن شهاب، عن عبيد الله، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلًا. هكذا اختلف أصحاب مالك عليه في إسناد هذا الحديث، والصواب ما قاله يحيى ومن تابعه، وهذا هو الذي صحّحه أبو حاتم والدارقطني وابن عبد البر وابن حجر، وإليه أشار المؤلّف بقوله: "وهكذا خرّج في الصحيح". وتابع مالكًا على هذا الوجه: - ابن عيينة، عند الحميدي في المسند (1/ 149) (رقم: 312)، ومن طريقه أخرجه البخاري في الصحيح (3/ 463 - 464) (رقم: 5538). - ومعمر بن راشد، عند عبد الرزاق في المصنف (1/ 84) (رقم: 279). - وعبد الرحمن بن إسحاق عند الطبراني في المعجم الكبير (24/ 15) (رقم: 27). انظر: العلل لابن أبي حاتم (2/ 9، 10)، وعلل الدارقطني (5 / ل: 181 / أ)، والتمهيد (9/ 33، 34)، والفتح (1/ 410). (¬2) تقدّم حديثها (4/ 227).

12 - لأحد بني العباس غير مسمى

12 - لأحد بني العباس غير مسمّى حديث واحد، يُشبه أن يكون قد تقدّم لعبد الله بن عباس. 27 / حديث: "إنَّ أُمِّي عجوز كبيرة، لا تستطيع أن تركب على البعير، لا تستمسك ... ". فيه: "أَفَأَحُجُّ عنها؟ ". عن أيوب السختياني، عن محمد بن سيرين: أن رجلا أخبره عن ابن عباس: "أن رجلًا جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - "، فقاله. عند ابن القاسم، والقعنبي، ومطرّف، ومعن، ومحمد بن الحسن، وجماعة (¬1). منهم من يقول فيه: "عن عبد الله بن عباس" (¬2). ومنهم من يقول: "عبيد الله بن عباس" (¬3)، وهذا الأصح عن مالك (¬4)، ¬

_ (¬1) انظر الموطأ برواية: - ابن القاسم (ل: 55 / أ)، ومحمد بن الحسن الشيباني (ص: 163) (رقم: 482)، وأخرجه الجوهري في مسند الموطأ (ل: 55 / ب) من طريق القعنبي. وعزاه ابن أبي حاتم في المراسيل (ص: 116) إلى معن، وابن وهب، وعبد الله بن نافع الصائغ، إلا أنه عند ابن وهب وابن نافع عن محمد بن سيرين، عن عبيد الله بن عباس، لم يذكرا بينهما رجلًا، ثم قال ابن أبي حاتم: هذا الحديث ليس في موطأ يحيى بن بكير، ولا في موطأ أبي مصعب. وانظر أيضًا: التمهيد (1/ 382). (¬2) قاله الشيباني وابن القاسم، وذكر ابن عبد البر أن ابن القاسم اختلف فيه عليه، فمرة قال: عن عبد الله بن عباس، ومرة قال: عن عبيد الله بن عباس، قال أبو عمر: "والأول هو الأثبت عنه". التمهيد (1/ 382). (¬3) قاله معن، وابن وهب، وعبد الله بن نافع الصائغ. انظر: المراسيل (ص: 116). (¬4) قاله ابن عبد البر أيضًا. التمهيد (1/ 382). ولعلّ ذلك لاجتماع معن وابن وهب، وهما من ثقات أصحاب مالك، بل قال أبو حاتم الرازي في معن بن عيسى: "إنه أثبت أصحاب مالك وأوثقهم". الجرح والتعديل (8/ 287).

وهو قول حماد بن سلمة (¬1). والحديث في الموطأ معلولٌ مقطوع (¬2). والرجل المخبِر لابن سيرين هو يحيى بن أبي إسحاق (¬3)، رواه عن سليمان بن يسار عن أحد بني العباس. قيل: عبد الله (¬4)، وقيل: عبيد الله (¬5)، وقيل: الفضل (¬6). ¬

_ (¬1) أورده ابن عبد البر في التمهيد (1/ 384) من طريق ابن أبي خيثمة، عن يحيى بن أيوب، عن حسان بن إبراهيم الكرماني، عن حماد بن سلمة، عن يحيى بن أبي إسحاق، قال: قال سليمان بن يسار: حدّثني عبيد الله بن عباس: "أن رجلًا أتى"، فذكره. (¬2) علّته جهالة الرجل المبهم، وقد ورد تعيينه في غير الموطأ كما سيأتي. أما كونه مقطوعًا، فهو أنّ الرجل المخبر لابن سيرين وهو يحيى بن أبي إسحاق لم يلقَ أحدَ بني العباس، والواسطة بينهم سليمان بن يسار. (¬3) ذكره الجوهري في مسند الموطأ (ل: 55 / ب) عن علي بن عبد العزيز البغوي- وسقط هذا من المطبوع (ص: 280). (¬4) قاله: - هُشيم عند النسائي في السنن كتاب: المناسك، باب: تشبيه قضاء الحج بقضاء الدَّين (5/ 126) (رقم: 2639). - وحماد بن سلمة عند الطحاوي في شرح مشكل الآثار (6/ 368) (رقم: 2539)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (9/ 302) (رقم: 3990). - ويزيد بن زريع عند النسائي في الكبرى (3/ 369). (¬5) قاله: حماد بن سلمة عند ابن عبد البر في التمهيد (1/ 384)، ونقله المزي في التحفة (8/ 265) عن علي بن عاصم- وتحرّف فيه إلى: عبد الله، كما يدل عليه السياق. (¬6) قاله: محمد بن سيرين، وشعبة بن الحجاج عند النسائي في السنن كتاب: آداب القضاء، باب: ذكر الاختلاف على يحيى بن أبي إسحاق (8/ 621) (رقم: 5409، 5410). ورواه أحمد في المسند (1/ 212)، والطبراني في المعجم الكبر (18/ 295) (رقم: 758) من طريق محمد بن سيرين وحده. قال النسائي: "سليمان لم يسمع من الفضل بن عباس".

وقال فيه إسماعيل بن عُليّة عن يحيى بن أبي إسحاق: حدّثني سليمان قال: حدّثني أحد بني العباس إما عبيد الله، وإما الفضل، خرّجه قاسم بن أصبغ في السنن (¬1). ¬

_ (¬1) أورده من طريقه ابن عبد البر في التمهيد (1/ 384). وتابعه عليه: - حماد بن زيد عند الدارمي في السنن كتاب: الحج، باب: في الحج عن الحي (2/ 40)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (6/ 368) (رقم: 2538)، وابن عبد البر في التمهيد (1/ 386). - وعبد الوارث، عند ابن عبد البر في التمهيد (1/ 386). ورواية ابن علية أخرجها أحمد أيضًا في المسند (1/ 359) إلّا أنه قال: إما الفضل وإما عبد الله، وهكذا في أطرافه (3/ 116)، وإتحاف المهرة (7/ 232)، وجامع المسانيد (30/ 461). وتابعه عليه: - هُشيم عند أحمد في المسند (1/ 359). - وبشر بن المفضل عند الفاكهي في أخبار مكة (1/ 39) (رقم: 827). وسنده حسن إن كان عن عبد الله أو عبيد الله، ومنقطعٌ إن كان عن الفضل مع تصريح سليمان عنه بالتحديث؛ لأنّ المشهور في الفضل أنه مات بالطاعون سنة ثماني عشرة في خلافة عمر، وقيل: قبل ذلك، ووُلد سليمان بن يسار سنة أربعٍ وثلاثين في آخر خلافة عثمان كما قال ابن حبان في الثقات (4/ 301)، والذهبي في السير (4/ 447). ولأجل هذا صرّح النسائي كما تقدّم والمزي في تهذييه (12/ 102) بأنه لم يسمع منه، وذكر الذهبي أيضًا في السير (4/ 445)، والحافظ في التهذيب (8/ 252) أنّ روايته عنه مرسلة، وعليه فلا يُفرح بتصريح سليمان منه بالتحديث، فهو خطأ بلا شك، والحمل فيه على يحيى بن أبي إسحاق، وهو ثقة عند جمع، لكن قال عبد الله بن الإمام أحمد: قلت لأبي: "فيحيى بن أبي إسحاق؟ قال: ففي حديثه كأنه، قلت: يعني الضعف". ولذلك قال الحافظ: "صدوق ربّما أخطأ". انظر: العلل ومعرفة الرجال (1/ 399) (رقم: 812)، والتقريب (رقم: 7501)، والتابعون الثقات المتكلّم في سماعهم من الصحابة (ص: 300 - 303). وانظر الأقوال في سنة وفاة الفضل في: الطبقات الكبرى (4/ 41)، والاستيعاب (9/ 132 - 133)، والإصابة (8/ 102).

وخرّجه أيضًا هناك من طريق يزيد بن إبراهيم - وهو أبو سعيد التُسْتُري (¬1)، بصري، ثقة (¬2) - عن ابن سيرين، عن عُبيد الله بن عباس (¬3). وقال قاسم: "هكذا قال ابن سيرين عن عُبيد الله". قال الشيخ: وقال فيه هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين، عن يحيى بن أبي إسحاق، عن سليمان بن يسار، عن الفضل بن عباس، وذكره بلفظ آخر، خرّجه النسائي (¬4). ¬

_ (¬1) بالتاء المضمومة المنقوطة من فوق بنقطين، وسكون السين المهملة، وفتح المعجمة أيضًا بنقطين من فوق، والراء المهملة، نسبة إلى تستر بلدة من كور الأهواز من بلاد خوزستان. الأنساب (1/ 465)، ومعجم البلدان (2/ 34). (¬2) وثّقه أحمد، وابن معين، وعلي بن المديني، وأبو زرعة، والنسائي، وأحمد بن صالح، وابن نمير، وغيرهم، إلّا أنّه تُكلّم في روايته عن قتادة، قال ابن حجر: "ثقة ثبت، إلّا في روايته عن قتادة ففيها لين". انظر: تهذيب الكمال (32/ 77)، وتهذيب التهذيب (11/ 72)، والتقريب (رقم: 7684). (¬3) أورده ابن عبد البر في التمهيد (1/ 383). وأورده ابن حزم في المحلى (5/ 32) من طريق عبد العزيز عن الحجاج بن منهال، عن يزيد بن إبراهيم، عن ابن سيرين، عن عبد الله بن العباس قال: "كنت رديف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأتاه رجل فقال: يا رسول الله إنّ أمي عجوز كبيرة إن حزمها خشي أن يقتلها، وإن لم يحزمها لم تستمسك. فأمره - صلى الله عليه وسلم - أن يحج عنها"، وصححه. وذكره الحافظ أيضًا في الإصابة (6/ 349) فقال: "أخرجه علي بن عبد العزيز في منتخب المسند، ورجاله ثقات، وهو على شرط الصحيح إن كان ابن سيرين سمع منه". قلت: لم يسمع منه، فقد ذكر ابن عبد البر عن أحمد بن زهير شيخ قاسم بن أصبغ أن يزيد بن إبراهيم التستري أسقط من إسناد هذا الحديث رجلين: يحيى بن أبي إسحاق وسليمان بن يسار، كما جزم ابن عبد البر أيضًا أن ابن سيرين لم يسمع هذا الحديث لا من الفضل ولا من غيره من بني العباس، وإنما رواه عن يحيى بن أبي إسحاق عن سليمان بن يسار عن ابن عباس. التمهيد (1/ 382، 383). (¬4) أخرجه في السنن، كتاب: آداب القضاة، باب: ذكر الاختلاف على يحيى بن أبي إسحاق (8/ 621) (رقم: 5409)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (6/ 366) (رقم: 2537) كلاهما من طريق هشام بن حسان به، وسيأتي وجه اختلاف سياق الروايات.

قال الدارقطني: "وقول هشام أشبه بالصواب" (¬1). قال الشيخ: وخرّجه سليمان الطيالسي في مسند الفضل (¬2). ويشبه أن يكون هذا الحديث هو حديث عبد الله بن عباس المذكور في مسنده في قصة المرأة الخثعمية القائلة: "إنَّ فريضة الله تعالى في الحج أدركت أبي شيخا كبيرا لا يستطيع أن يثبت على الراحلة، أفأحج عنه ... "، اختلف في مساقه، والمعنى واحد، انظره هناك (¬3). ¬

_ (¬1) انظر: العلل (10/ 44) إلا أن فيه "عن ابن عباس" غير مسمى. قال ابن عبد البر: "لم يجوّد أحد من رواة ابن سيرين هذا الحديث إلا هشام بن حسان فإنه أقام إسناده وجوّده، والقول فيه قوله عن ابن سيرين خاصة في إسناده" التمهيد (1/ 385). قلت: وذلك لكونه من أثبت الناس في ابن سيرين كما قاله الحافظ في التقريب (رقم: 7289)، إلا أن هذا الطريق مع جودتها منقطعة كما تقدّم لعدم سماع سليمان بن يسار عن الفضل بن عباس. (¬2) لم أجده في القسم المطبوع منه. (¬3) تقدَّم حديثه (2/ 543). ومراده من اختلاف السياق هو أن روايات ابن شهاب الواردة من طريق مالك وغيره اتفقت على أن السائلة كانت امرأة وهي الخثعمية وأنها سألت عن أبيها، وأما يحيى بن أبي إسحاق فقد اتفق الرواة عنه على أن السائل رجل، لكن اختلفوا في المسئول عنه فقال هشيم وحماد بن سلمة: "إن أبي أدركه الحج ... ". وقال ابن سيرين: "إن أمي عجوز كبيرة ... "، وقال ابن عليّة: "إن أبي أو أمّي ... ". ذكر ابن حجر هذه الوجوه ثم قال: وخالف الجميع معمر عن يحيى بن أبي إسحاق فقال في روايته: "إن امرأة سألت عن أمها ... " ثم ذكر وجه الجمع بين هذه الروايات فقال: والذي يظهر من مجموع هذه الطرق أن السائل رجل وكانت ابنته معه فسألت أيضًا والمسئول عنه أبو الرجل وأمه جميعًا، ثم ذكر ما يؤيِّد ذلك من حديث سعيد بن جبير عن ابن عباس، ويظهر من تقرير الحافظ أيضًا أن هذا الحديث هو حديث عبد الله بن عباس الوارد في قصة الخثعمية كما قاله المؤلف، وهذا ما رجّحه أيضًا ابن عبد البر. انظر: التمهيد (1/ 386، 387) والفتح (4/ 81، 82).

وانظر مرسل محمد بن سيرين (¬1). فصل: كان للعباس عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عشرة من الولد، وَلَد جميعهم في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم -، ويقال: إن أصغرهم تمّام (¬2). وقد رُوي عنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - حديث الأمر بالسواك (¬3). ¬

_ (¬1) سيأتي حديثه (4/ 577). (¬2) هم: الفضل، وعبد الله، وعبيد الله، وقُثَم، ومَعْبَد، وعبد الرحمن، وكثير، وصُبيح، ومُسهر، وتمَّام. قال الحافظ: وكلهم متفق عليه إلا الثامن والتاسع، فتفرّد بذكرهما هشام الكلبي، قال الدارقطني في الإخوة: "لا يتابع عليه". انظر: الطبقات الكبرى (4/ 3، 4)، والإخوة والأخوات للدارقطني (ص: 48 - 50)، والاستيعاب (2/ 63). وأسد الغابة (1/ 424)، والسير (3/ 84)، والإصابة (1/ 309). (¬3) أخرجه أحمد في المسند (1/ 214) عن إسماعيل بن عمر، والطبراني في المعجم الكبير (2/ 64) (رقم: 1301) من طريق قبيصة كلاهما عن سفيان الثوري عن أبي عليّ الزرّاد -واسمه الصيقل- عن جعفر بن تمّام بن العباس عن أبيه قال: أَتوا النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "ما لي أراكم تأتوني قُلحًا؟ استاكوا، لولا أن أشقَّ على أمتي لفرضت عليهم السواك كما فرضت عليهم الوضوء". إسناده ضعيف، قال الهيثمي في المجمع (2/ 98): فيه أبو علي الصيقل، قال ابن السكن وغيره: "مجهول". وذكر الحافظ نحوه في اللسان (7/ 83) وقال: رواية الثوري عنه في مسند الإمام أحمد، وكأنَّ منصورًا أُسقط من السند، فإن الحديث مشهور عن منصور، رواه عنه فضيل بن عياض وجرير بن عبد الحميد (تجرّف في اللسان إلى بحر وعبد الحميد) وزائدة، وشيبان بن عبد الرحمن (تحرّف في اللسان إلى سنان بن عبد الرحمن) وقيس بن الربيع، وهؤلاء الثلاثة من أقران سفيان. قلت: الحديث من طريق فضيل بن عياض عنه عند ابن قانع في معجم الصحابة (1/ 113). ومن طريق جرير وشيبان عند الطبراني في المعجم الكبير (2/ 64) (رقم: 1302، 1303)، وأبي نعيم في معرفة الصحابة (3/ 213) (رقم: 1290) كلهم عن منصور عن أبي علي عن جعفر بن تمّام بن عباس عن أبيه به. =

وعُبيد الله بن عباس رأى النبي - صلى الله عليه وسلم -، واختلف في سماعه منه، وكان أصغر سنًّا من أخيه عبد الله، يُذكر أن بينهما سنة (¬1)، وهو قليل الرواية، لم ¬

_ = هكذا رواه فضيل بن عياض، وجرير، وشيبان عن منصور عن أبي علي الصيقل، عن جعفر بن تمّام عن أبيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلًا، وتابعهم: زائدة وقيس بن الربيع كما قال الحافظ في اللسان، وتابع منصورًا عليه سفيان الثوري عند أحمد في المسند (1/ 214)، والطبراني في المعجم الكبير (2/ 64) (رقم: 1301) كما تقدّم. وخالفهم: أبو حفص الأبّار عند ابن أبي خيثمة في التاريخ (ص: 529) (رقم: 824)، والبزار في المسند (4/ 129) (رقم: 1302)، والحاكم في المستدرك (1/ 146) فرواه عن منصور، عن أبي علي، عن جعفر بن تمّام بن عباس، عن أبيه، عن العباس بن عبد المطلب عن النبي - صلى الله عليه وسلم - موصولًا. والحديث من هذا الوجه سكت عنه الحاكم والذهبي، ونقل الحافظ في التلخيص (1/ 80) عن أبي علي بن السكن أنه قال: فيه اضطراب. وذكر في الإصابة (1/ 310) وكذا في التعجيل (1/ 363 - 364) الاختلاف الوارد في إسناده ثم رجّح رواية الثوري، أي: الإرسال. فالحاصل أن المحفوظ عن منصور في هذا الحديث الإرسال، وهو مع إرساله ضعيف الإسناد لجهالة أبي علي الصيقل. (¬1) حكم أبو حاتم الرازي على روايته بالإرسال جازمًا بعدم صحبته وتبعه وفي هذا الذهبي، وجزم غيرهما كابن سعد والعجلي وابن عبد البر وابن الأثير والحافظ بسماعه منه - صلى الله عليه وسلم -، وردّ الحافظ على أبي حاتم بما تقدّم من حديث محمد بن سيرين عنه أنه قال: "كنت رديف النبي - صلى الله عليه وسلم - ... " الحديث، لعلّه أراد حديثًا مخصوصا، وإلا فسنُّه يقتضي أن يكون له عند موت النبي - صلى الله عليه وسلم - أكثر من عشر سنين". وقال في التهذيب: "وقد ذكر الدارقطني في كتاب الإخوة أنه كان أصغر من أخيه عبد الله بسنة، فعلى هذا يكون عمره حين مات النبي - صلى الله عليه وسلم - اثنتي عشرة سنة على الصحيح". قلت: ذكر ابن سعد ويعقوب بن شيبة قبل الدارقطني أن عمره حين مات النبي - صلى الله عليه وسلم - كان اثنتي عشرة سنة، ومن كان في هذا العمر فسماعه منه - صلى الله عليه وسلم - محتمل جدًّا، لا سيما إذا كان ابن عمه، ولذا ذكر العلائي قول ابن عبد البر: "رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - وسمع منه، حفظ عنه" وقول ابن سعد: "قبض =

يخرّج عنه البخاري، ولا مسلم شيئًا (¬1). وتقدّم معنى هذا الحديث لعبد الله ابن عباس (¬2). * * * ¬

_ = النبي - صلى الله عليه وسلم - وله نحو اثنتي عشرة سنة" قال: "وهو الأصح". انظر: المراسيل (ص: 101، 102)، والعلل (1/ 295) كلاهما لابن أبي حاتم، ومعرفة الثقات (2/ 111)، والاستيعاب (7/ 77)، وأسد الغابة (3/ 519)، وتهذيب الكمال (19/ 60 - 64)، والسير (3/ 513)، وجامع التحصيل (ص: 232)، والتهذيب (7/ 19). (¬1) بل ليس له إلا حديث فرد عند النسائي في السنن وأحمد، وهو حديث العسيلة. انظر: سنن النسائي (6/ 459) (رقم: 3413) ومسند أحمد (1/ 213)، والسير (3/ 513) وخلاصة الخزرجي (2/ 192)، والإصابة (6/ 349). وقد وقع في المطبوع من السنن تحريفان: - الأول: "يحيى بن أبي إسحاق" تحرّف إلى "يحيى عن أبي إسحاق". - والثاني: "عبيد الله بن عباس" تحرّف إلى "عبد الله بن عباس". انظر: تحفة الأشراف (7/ 220)، وتهذيب الكمال (2/ 879). (¬2) تقدّم (2/ 543).

13 - لعبد الرحمن بن الزبير بن باطيا القرظي

13 - لعبد الرحمن بن الزَّبير (¬1) بن باطيا (¬2) القرظي حديث متكرر، معدود ليحيى في المراسل، ليس له في الموطأ غيره. 28 / حديث: "لا تحلّ لك حتى تذوق العُسيلة ... "، يعني المطلقة ثلاثا. عن المسور بن رفاعة القرظي، عن الزُّبير (¬3) بن عبد الرحمن بن الزَّبير، عن أبيه. هكذا قال ابن وهب، زاد فيه: عن أبيه، فأسنده (¬4). ¬

_ (¬1) بفتح الزاي وكسر الباء بغير خلاف، قال ابن الحذاء: هكذا ذكره البخاري وغيره. انظر: التاريخ الكبير (3/ 411)، والمؤتلف والمختلف للأزدي (ص: 63)، ورجال الموطأ (ل: 69 / ب)، ومشارق الأنوار (1/ 315)، وتوضيح المشتبه (4/ 275)، وتبصير المنتبه (2/ 640). (¬2) يقال فيه: باطا وباطيا. انظر: مشارق الأنوار (1/ 315). (¬3) هو بضمِّ الزاي كسائر الأسماء، وقيل بالفتح. قال القاضي عياض: "والأول أكثر وأشهر وهو قول الحفاظ كلهم". انظر: المؤتلف والمختلف للأزدي (ص: 63)، ومشارق الأنوار (1/ 315)، وتوضيح المشتبه (4/ 275)، وتبصير المنتبه (2/ 640). (¬4) أخرجه من طريقه الجوهري في مسند الموطأ (ل: 116 / أ) وقال: "هذا في الموطأ مرسل ليس فيه عن أبيه غير ابن وهب فإنه أسنده فقال فيه: "عن أبيه". قال المزي: "وتابعه: عبد الرحمن بن القاسم، وإبراهيم بن طهمان، وأبو علي الحنفي، والقعنبي، ويحيى بن عبد الله بن بكر في بعض الروايات عنها، عن مالك، وباقي الرواة عن مالك لا يقولون عن أبيه". تهذيب الكمال (9/ 311). قلت: رواية أبي علي الحنفي -وهو عبيد الله بن عبد المجيد- عند الروياني في مسنده (2/ 447) (رقم: 1466).

قال أبو عمر بن عبد البر: "في الموطأ"، وقال الدارقطني: "خارجَهُ" (¬1). وهكذا خرّجه ابن الجارود من طريق ابن وهب، عن مالك مسندًا (¬2). وهو عند يحيى بن يحيى وسائر رواة الموطأ مرسل لابنه الزُبير بن عبد الرحمن، لم يقولوا فيه: عن أبيه. انظره في مرسل الزُبير، وضبط اسمه هناك (¬3). وعبد الرحمن هذا من الصحابة (¬4)، ولم يخرج له في الصحيح شيء، وفيه هذا الحديث لعائشة (¬5). * * * ¬

_ (¬1) انظر: أحاديث الموطأ (ص: 27)، والتمهيد (13/ 220). (¬2) أخرجه في المنتقى (ص: 229) (رقم: 682) من طريق محمد بن عبد الله بن عبد الحكم وابن قانع في معجم الصحابة (2/ 176) من طريق يونس بن عبد الأعلى على كلاهما عن ابن وهب. قلت: قول الجوهري السابق وكذا ورود الحديث عند ابن الجارود وابن قانع يدل على صحة ما قاله الدارقطني وابن عبد البر من أن ابن وهب أسنده في الموطأ وخارجه. (¬3) سيأتي حديثه (4/ 552)، وسيأتي ذكر من أرسله من أصحاب الموطأ. (¬4) انظر: الاستيعاب (6/ 45)، وأسد الغابة (3/ 442)، والإصابة (6/ 280). (¬5) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الشهادات، باب: شهادة المختبئ (2/ 247) (رقم: 2639)، ومسلم في صحيحه كتاب: النكاح، باب: لا تحل المطلقة ثلاثا حتى تنكح زوجا غيره (2/ 1055 - 1057) (رقم: 111 - 112) من طريق عروة والقاسم عنها.

14 - لسهل بن سعد الساعدي

14 - لسهل بن سعد الساعدي حديث في رفعه نظر، وقد تقدّم له أحاديث (¬1). 29 / حديث: "ما رأيت مُنخُلًا (¬2) حتى توفي رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، كان الشعيرُ يُنسَفُ ويُنفَخ ... ". عن أبي حازم بن دينار، عن سهل بن سعد. عند (¬3) معن وحده (¬4). هذا في المسند المرفوع لقوله فيه: "كان الشعير يُنسف"؛ إذ هو إخبار عن حال النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وعيشه، وما كان عليه هو وأصحابه من الزهد في الدنيا، وعدم التنعّم بها. وقد خرّجه البخاري في الصحيح، قال فيه من طريق يعقوب عن أبي حازم: سألت سهل بن سعد فقلت: هل كانت لكم في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - مناخيل؟ فقال: "ما رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منخلا ... "، وذكر باقيه (¬5)، وهذا يُبيّن رفعه. ¬

_ (¬1) انظر: (3/ 101 - 112). (¬2) بضم الميم والخاء، الغربال. مشارق الأنوار (2/ 6). (¬3) تصحفت في الأصل إلى "عن". (¬4) أخرجه من طريقه الجوهري في مسند الموطأ (ل: 79 / ب)، وتابعه: - إسحاق بن محمد الفروي خارج الموطأ كما قاله الدارقطني وابن حجر. انظر: أحاديث الموطأ (ص: 20)، والتقصي (ص: 275)، وإتحاف المهرة (6/ 130). (¬5) انظر: صحيح البخاري كتاب: الأطعمة، باب: ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه يأكلون (3/ 438) (رقم: 5413).

وروي عن أبي الدرداء أنه قال: "كان النبي - صلى الله عليه وسلم - لا ينخل له الدقيق"، خرّجه البزار (¬1). * * * ¬

_ (¬1) أخرجه البزار في مسنده (4/ 266) (رقم: 3686 - كشف الأستار-)، والطبراني في المعجم الأوسط (6/ 31) (رقم: 5704)، - وعزاه الهيثمي في المجمع (10/ 312) إلى الكبير ولم أجده فيه- وأبو بكر ابن السنّي في القناعة (ص: 66) (رقم: 43) من طريق يونس بن بكير، عن سعيد بن ميسرة، عن أنس بن مالك، عن أبي الدرداء قال: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا ينخل له الدقيق، ولم يكن له إلا قميص واحد". وإسناده ضعيف جدا، آفته سعيد بن ميسرة، وهو أبو عمران البكري، قال البخاري فيه: "منكر الحديث، وكذّبه يحيى القطان"، وقال ابن حبان: "يروي الموضوعات"، وروى ابن عدي عددا من منكراته وقال: "هو مظلم الأمر". انظر: الضعفاء الصغير للبخاري (ص: 54) (رقم: 139)، والمجروحين (1/ 316)، والكامل (3/ 387)، والميزان (2/ 350)، واللسان (3/ 45).

15 - لسعد بن أبي وقاص

15 - لسعد بن أبي وقاص حديث واحد، وقد تقدّم له أحاديث (¬1). 30 / حديث: "أمر بقتل الوزَغ". عن ابن شهاب، عن سعد. هذا عند أبي المصعب الزهري (¬2)، وهو مقطوع (¬3). رواه معمر وغيره، عن الزهري، عن عامر بن سعد، عن أبيه موصولا، خرّجه مسلم (¬4). وقال فيه الدارقطني: "الأصح: الزهري عن سعد مقطوعًا" (¬5). ¬

_ (¬1) انظر: (3/ 76 - 93). (¬2) لم أجده في رواية أبي مصعب المطبوعة، وقد أخرجه الدارقطني في الغرائب كما في الفتح (6/ 407) من طريق ابن وهب، عن مالك به. (¬3) أي منقطع بين ابن شهاب وسعد. (¬4) أخرجه مسلم في صحيحه كتاب: السلام، باب: استحباب قتل الوزغ (4/ 1758) (رقم: 144) من طريق عبد الرزاق، عن معمر به. وأخرجه الدورقي في مسند سعد بن أبي وقاص (ص: 46) (رقم: 15)، وأبو يعلى (2/ 144) (رقم: 832) من طريق عبد الرحمن بن إسحاق، عن الزهري به. (¬5) العلل (4/ 341). قلت: إنما رجّح الدارقطني القطع على الوصل مع كون الوصل مخرّجا في الصحيح لسلامته من الاختلاف، ولكون رواته أكثر وأحفظ، فإنَّ مالكًا قد تابعه عليه يونس وعُقيل كما ذكرهما الدارقطني في التتبع (ص: 93)، وأما معمر فقد اختلف عليه: فرواه عبد الرزاق في المصنف (4/ 445) (رقم: 8360) ومن طريقه مسلم، عن الزهري، عن عامر بن سعد، عن أبيه. =

وخُرّج في الصحيحين عن أم شريك مسندًا مرفوعًا، وفيه زيادة: "إنه كان ينفخ على إبراهيم" (¬1). * * * ¬

_ = ورواه عبد الأعلى عنه، عن الزهري، عن سعد، كرواية مالك ومن تابعه، فيؤخذ من قوليه ما وافق فيه الجماعة. وأما عبد الرحمن بن إسحاق فهو وإن كان في مرتبة الصدوق، فقد قال فيه البخاري: "ليس ممن يُعتمد على حفظه إذا خالف من ليس بدونه". انظر: خير الكلام في القراءة خلف الإمام (ص: 38)، وهنا قد خالف، ثم اختلف عليه أيضًا. فرواه خالد الواسطي عنه كما تقدّم، ورواه إبراهيم بن طهمان عنه عن عمر بن سعيد، عن الزهري، فذكر واسطة بينه وبين الزهري. وعليه فالمحفوظ عن الزهري هي رواية مالك وعُقيل ويونس، وأما رواية معمر فشاذة، ولهذا أعرض البخاري عن إخراج رواية الوصل من طريق الزهري مرجّحًا القطع فقال عقب حديث عائشة: "وزعم سعد بن أبي وقاص أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بقتله". وأما إخراج مسلم لرواية معمر فقد يُعتذر عنه بأنه أورده شاهدا لحديث أم شريك. انظر: صحيح البخاري (2/ 445) (رقم: 3306)، والعلل للدارقطني (4/ 340 - 341). (¬1) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الأنبياء، باب: قول الله تعالى: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا} (2/ 461) (رقم: 3359)، ومسلم في صحيحه كتاب: السلام، باب: استحباب قتل الوزغ (4/ 1757) (رقم: 142) كلاهما من طريق سعيد بن المسيب، عن أم شريك به. والزيادة المذكورة وردت عند البخاري دون مسلم.

16 - لأبي سعيد الخدري

16 - لأبي سعيد الخدري حديث واحد، وقد تقدّم له أحاديث (¬1). 31/ حديث: "إنَّ عبدًا خيّره الله تعالى بين أن يُؤتيه من زهرة الدنيا، وبين ما عنده، فاختار ما عنده، فبكى أبو بكر ... ". فيه: "فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو المخيّر". عن أبي النضر، عن عُبيد (¬2) بن حنين، عن أبي سعيد الخدري. عند القعنبي وحده في الزيادات (¬3). ورواه ابن وهب، وإسماعيل، ومعن، وغيرهم عن مالك خارج الموطأ، وزادوا فيه: "إن من أمنّ الناس عَلَيَّ في صحبته وماله أبا بكر"، وذكر الخلة، والخوخة (¬4). ¬

_ (¬1) انظر: (3/ 225 - 276). (¬2) تصحّف في الأصل إلى: "عبيد الله" بالإضافة، وعليه ضبّة، والصواب ما أثبته. انظر: رجال الموطأ، وتهذيب الكمال (19/ 197)، وتهذيب التهذيب (7/ 58). (¬3) أخرجه من طريقه الترمذي في السنن كتاب: المناقب، باب: (15) (5/ 568) (رقم: 3660)، والنسائي في فضائل الصحابة (رقم: 2)، وأبو عوانة في صحيحه كما في إتحاف المهرة (5/ 303)، وابن عبد البر في التمهيد (20/ 111 - 112)، وقال: "هذا الحديث ليس عند يحيى عن مالك، وهو عند القعنبي في الزيادات". وانظر: التقصي (ص: 275)، وهدي الساري (ص: 369). (¬4) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: مناقب الأنصار، باب: هجرة النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه إلى المدينة (3/ 67) (رقم: 3904) من طريق إسماعيل بن أبي أويس. ومسلم في صحيحه كتاب: فضائل الصحابة، باب: من فضائل أبي بكر الصديق رضي الله عنه (4/ 1854) (رقم: 2) من طريق معن. =

وغير مالك يرويه عن أبي النضر، عن بُسر بن سعيد، عن أبي سعيد (¬1) قال الواقدي: "وهو الصحيح" (¬2). وخرّجه البخاري ومسلم من الطريقين معًا. * * * ¬

_ = وإبراهيم بن طهمان في مشيخته (ص: 183) (رقم: 137). وأبو عوانة في صحيحه كما في إتحاف المهرة (5/ 303) من طريق مطرف وابن أبي أويس، كلهم عن مالك، عن أبي النضر، عن عُبيد بن حنين به. (¬1) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: فضائل الصحابة، باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "سدوا الأبواب إلَّا باب أبي بكر" (3/ 7) (رقم: 3654) من طريق أبي عامر العقدي، عن فُليح، عن سالم أبي النضر، عن بُسر بن سعيد به. وأخرجه مسلم في صحيحه (4/ 1855) (رقم: 2) من طريق سعيد بن منصور، عن فليح بن سليمان، عن سالم أبي النضر، عن عُبيد بن حنين وبسر بن سعيد، عن أبي سعيد. هكذا جمع بينهما، والوجهان صحيحان؛ لأن الحديث سمعه أبو النضر من شيخين، حدّثه كلٌّ منهما عن أبي سعيد، فاقتصر مالك على أحدهما، وأما فليح فكان يجمع بينهما مرة كما جاء في طريق سعيد بن منصور عنه، ويقتصر أخرى على أحدهما كما وقع في رواية أبي عامر. (¬2) ذكره الدارقطني في الأحاديث التي خولف فيها مالك (ص: 108). قلت: هكذا رجّح الواقدي رواية فليح على رواية مالك، ولا وجه له؛ فإنَّ الوجهين صحيحان، ولذا تعقّبه المؤلف بقوله: "وخرّجه البخاري ومسلم من الطريقين معًا". وتقدَّم تخريج الطريقين.

17 - لأبي سلمة عبد الله بن عبد الأسد بن هلال القرشي، المخزومي، رضيع النبي - صلى الله عليه وسلم -

17 - لأبي سلمة عبد الله بن عبد الأسد بن هلال القرشي، المخزومي، رضيع النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - (¬1) حديث مقطوع متكرر، معدود لأم سلمة، لم يتقدّم له غيره. 32 / حديث: "من أُصيب بمصيبة فقال كما أمره الله تعالى ... ". عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن: أنّ أبا سلمة بن عبد الأسد قال لأم سلمة بنت أبي أمية: لقد سمعتُ من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كلامًا لهو أحبُّ إليّ من حمر النعم، فذكره مقطوعا، وفيه: قالت أم سلمة: فلما توفي أبو سلمة قلتُه. هذا عند ابن بكير، وجماعة (¬2). وقال فيه القعنبي عن مالك: ربيعة، عن أبي سلمة: أنه قال لأم سلمة (¬3). ¬

_ (¬1) أي أخوه من الرضاعة كما سيأتي. (¬2) انظر الموطأ برواية: - ابن بكير (ل: 63 / ب) - الظاهرية-، وأبي مصعب الزهري (1/ 389) (رقم: 985)، وسويد بن سعيد (ص: 373) (رقم: 848). وهي عند ابن وهب أيضًا كما قال ابن عبد البر في التمهيد (3/ 180)، ومطرف كما ذكره المؤلف في مسند أم سلمة (4/ 223). (¬3) لم أقف على رواية القعنبي. وهذا منقطع أيضًا؛ لأن الإسناد المعنعن يحكم له بالاتصال إذا توفّر فيه شرطان: أحدهما وجود اللقاء أو إمكانيته -على خلاف بينهم-، والآخر عدم تدليس المعنعِن. والأوّل هنا منعدم؛ لأن ربيعة من صغار التابعين لم يدرك أبا سلمة لكونه قد مات في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - لجرح أصابه في أُحد؛ فالإسناد ظاهر الانقطاع. انظر: معرفة علوم الحديث (ص: 34)، والتمهيد (1/ 13، 14)، وعلوم الحديث (ص: 56)، وتدريب الراوي (1/ 268).

وهو عند يحيى بن يحيى وطائفة لأم سلمة وحدها، ليس فيه ذكر أبي سلمة (¬1). وهو مشهور له من رواية ابنه عمر عن أمّه أمّ سلمة عنه، خرّجه ابن أبي شيبة، وابن سنجر، وغيرهما كذلك في مسند أبي سلمة (¬2). وثبت عن أم سلمة أنها قالت: سمعته من النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬3). وجاء عنها أنه - صلى الله عليه وسلم - أمرها أن تقول ذلك عند موت زوجها الأول أبي ¬

_ (¬1) انظر: الموطأ، كتاب: الجنائز، باب: جامع الحسبة في المصيبة (1/ 204) (رقم: 42). وهكذا رواه ابن سعد في طبقاته (8/ 17) من طريق معن بن عيسى عن مالك به. (¬2) الحديث من طريق ابن أبي شيبة ليس في مصنّفه، لكن أخرجه ابن ماجه في السنن، كتاب: الجنائز، باب: ما جاء في الصبر على المصيبة (1/ 509) (رقم: 1598) عنه عن يزيد بن هارون، عن عبد الملك بن قُدامة الجُمحي عن أبيه عن عمر بن أبي سلمة، عن أم سلمة أن أبا سلمة حدّثها فذكره. وإسناده ضعيف، فيه عبد الملك بن قدامة وهو ضعيف كما قاله الذهبي وابن حجر. انظر: الكاشف (2/ 187)، التقريب (رقم: 4204). ومن طريق ابن سنجر أخرجه ابن عبد البر في التمهيد (3/ 186 , 187) قال: حدثنا عبيد الله بن محمد بن حفص العيشي، قال: حدثنا حماد بن سلمة، قال: أخبرنا ثابت، قال: أخبرني عمر بن أبي سلمة، عن أمه أم سلمة أن أبا سلمة فذكره. ومن طريق حماد أخرجه الترمذي أيضًا في السنن كتاب: الدعوات (5/ 498) (رقم: 3511)، والنسائي في عمل اليوم والليلة (ص: 579, 580) (رقم: 1070، 1072)، وأحمد في المسند (4/ 27)، والطبراني في المعجم الكبير (23/ 246) (رقم: 497). قال الترمذي: هذا حديث غريب. قلت: وله أصل في الصحيح، أخرجه مسلم من طريق ابن سفينة عن أم سلمة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. (¬3) أخرجه مسلم في الصحيح، كتاب: الجنائز، باب: ما يقال عند المصيبة (12/ 631 - 633) (رقم: 3 - 5).

سلمة المذكور (¬1)، وكان ابن عمّها (¬2)، مات سنة ثلاثة من الهجرة (¬3). ولم يخرّج عنه البخاري، ولا مسلم شيئًا، ولا يُحفظ له غير هذا الحديث، أخبر به أمَّ سلمة، ثم سمعته هي بعد ذلك من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فصل: كان أبو سلمة هذا أخا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ـ، وأخا عمّه حمزة من الرضاعة، أرضعتهم ثُويبة مولاة أبي لهب (¬4)، أسلم قديما، وهاجر مع زوجه أم سلمة إلى أرض الحبشة، فتوفّي بها، وقال عند موته: اللهمّ اخلفني في أهلي بخير، فخلفه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على زوجه أم سلمة (¬5)، وصار ربيبًا لأولاده، وهم مذكورون في مسند أم سلمة (¬6). ¬

_ (¬1) أخرجه أيضًا مسلم في: الجنائز، باب: ما يقال عند المريض والميت (2/ 633) (رقم: 6). (¬2) انظر: الإصابة (13/ 221، 222). (¬3) هكذا قال ابن عبد البر، وتبعه ابن الأثير، وقال ابن سعد ونقله الحافظ عن الجمهور كابن أبي خيثمة، ويعقوب بن سفيان، وابن البرقي، والطبري، وغيرهم: أنه مات في جمادى الآخرة سنة أربع بعد عودته من سرية إلى بني أسد، وهذا هو ما رجحه الحافظ. انظر: الطبقات الكبرى (3/ 182)، والاستيعاب (6/ 273)، وأسد الغابة (6/ 148)، والإصابة (6/ 142)، والتقريب (رقم: 3420). (¬4) انظر: صحيح البخاري، كتاب: النكاح، باب: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ} (3/ 362) (رقم: 5101)، وصحيح مسلم، كتاب: الرضاع، باب: تحريم الربيبة وأخت المرأة (2/ 1072) (رقم: 14، 15)، والطبقات الكبرى (3/ 181 - 183)، والاستيعاب (6/ 272)، وزاد المعاد (1/ 82). (¬5) انظر: الطبقات الكبرى (3/ 181 - 183)، والاستيعاب (6/ 272، 273)، وأسد الغابة (6/ 148)، والإصابة (6/ 140 - 142). لكن قوله: "توفي بها" غير صحيح؛ لاتفاق المصادر المذكورة كلها على وفاته بعد غزوة أُحد، بل نصّ ابن سعد على دفنه بالمدينة. (¬6) انظر: (4/ 224).

18 - لأبي واقد الليثي

18 - لأبي واقد الليثي حديث واحد، وقد تقدّم له أحاديث (¬1). 33 / حديث: "اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط ... ". فيه: "لتركبنّ سَنَنَ مَن كان قبلَكم". عن ابن شهاب، عن سنان بن أبي سنان الدُّؤَلي، عن أبي واقد الليثي قال: "خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى حنين (¬2) .. ". عند القعنبي وحده في الزيادات (¬3)، وذكره الجوهري في مسند ما ليس في الموطأ (¬4). ولم يخرّجه البخاري ولا مسلم بهذا الإسناد، ولا على هذا المساق، وخرّجا معا عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لتتَّبِعُنّ سَنَنَ الذين من قبلكم شِبرًا بشبرٍ، وذراعًا بذراعٍ، حتى لو دخلوا جُحْرَ ضَبٍّ لدخلتموه" قلنا: اليهود والنصارى؟ قال: "فمن؟ " (¬5). ¬

_ (¬1) انظر: (3/ 280 - 283). (¬2) واد قريب من الطائف، يسمّى داسة الصّدْر وأسفله الشرائع، يبعد عن مكة ستة وعشرين كيلًا شرقًا، وعن حدود الحرم من علمي طريق نجد أحد عشر كيلًا. انظر: الروض المعطار (ص: 202) , والمعالم الأثيرة (ص: 104). (¬3) وتابعه: ابن وهب، والزبيري، وإبراهيم بن طهمان، وجويرية بن أسماء، وإسحاق بن سليمان. انظر: التقصّي (ص: 265). (¬4) لم أقف عليه. (¬5) أخرجه البخاري في الصحيح، كتاب: الأنبياء، باب: ما ذكر عن بني إسرائيل (2/ 492) (رقم: 3456)، وكتاب: الاعتصام، باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لتتَّبِعُنّ سَنَنَ من كان قبلكم" (4/ 367) (رقم: 7319). ومسلم في صحيحه، كتاب: العلم، باب: اتباع سنن اليهود والنصارى (4/ 2054) (رقم: 2669).

19 - لأبي هريرة

19 - لأبي هريرة خمسة عشر حديثًا، تقدّم بعضها لغيره، وتقدّم له أحاديث جمّة (¬1). 1 / ابن المسيب عنه حديثان. 34 / حديث: "إن امرأتي ولدت غلامًا أسود، فقال: هل لك من إبلٍ؟ ... ". فيه: "فلعل ابنَكَ هذا نزَعَه عِرْق". عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة. عند معن، وأبي المصعب الزهري (¬2). خرّجه البخاري عن مالك (¬3). ¬

_ (¬1) انظر: (3/ 284 - 570). (¬2) عزاه الدارقطني إلى أبي مصعب وحده وقال: تابعه جماعة رووه في غير الموطأ منهم: جويرية، وإبراهيم بن طهمان، وابن وهب، وابن القاسم، ومحمد بن مصعب، وابن أبي أويس، والقعنبي. أحاديث الموطأ (ص: 11). وأخرجه الجوهري في المسند (ل: 19 / ب) من طريق ابن وهب، وابن أبي أويس، وأبي مصعب ثم قال: ليس هذا في الموطأ عند ابن وهب، ولا ابن القاسم ولا القعنبي، ولا ابن عفير، ولا ابن بكير، وهو عند معن وأبي مصعب. قلت: وكذا هو عند محمد بن الحسن، وسويد بن سعيد. انظر الموطأ برواية: - أبي مصعب (2/ 464) (رقم: 2890)، ومحمد بن الحسن (ص: 204) (رقم: 601)، وسويد بن سعيد (ص: 273) (رقم: 592)، والتقصّي (ص: 262). (¬3) أخرجه في الصحيح، كتاب: الطلاق، باب: إذا عرّض بنفي الولد (3/ 413) (رقم: 5305) من طريق يحيى بن قزعة، وفي: الحدود، باب: ما جاء في التعريض (4/ 262) (رقم: 6847) من طريق إسماعيل بن أبي أويس كلاهما عن مالك به. =

وخرّجه مسلم من طرق عن الزهري. وقال فيه يونس: عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة. وقال عُقيل: عن الزهري، بلغنا أن أبا هريرة كان يحدّث، والكل في كتاب مسلم (¬1). وليس فيه تعارض؛ لأن المحدّث قد يروي الحديث الواحد عن جماعة، فيحدّث عن هذا تارة، وعن هذا تارة، ويسند مرة، ويرسل أخرى (¬2). وفي بعض الطرق أن السائل كان من بني فزارة، وأنه قال: "إِنِّي أنْكَرْتُه" (¬3)، وفي بعضها أنه عرّض بأن ينفيه، فلم يرخّص له في الانتفاء منه (¬4)، ¬

_ = وأخرجه أحمد في المسند (2/ 409) من طريق محمد بن مصعب، والدارقطني في العلل (9/ 138، 139) من طريق أشهب والشافعي، ثلاثتهم عن مالك به. (¬1) انظر: صحيح مسلم، كتاب: اللعان (2/ 1137، 1138) (رقم: 18 - 20). ومن طريق يونس عن الزهري عن أبي سلمة أخرجه البخاري أيضًا في الصحيح، كتاب: الاعتصام، باب: من شبّه أصلًا معلومًا بأصل مبين (4/ 367) (رقم: 7314). (¬2) هكذا جمع المؤلّف بين الروايات المختلفة عن الزهري، بحملها على اختلاف الحالات، ولم يرجح رواية على أخرى، بينما رجح الدارقطني رواية مالك ومن تبعه كابن عيينة، ومعمر بن راشد، وسليمان بن كثير، وغيرهم على رواية يونس وقال: "المحفوظ حديث ابن المسيب". قال ابن حجر: "هو محمول على العمل بالترجيح، وأما طريق الجمع فهو ما صنعه البخاري من أنه عند الزهري عن سعيد وأبي سلمة جميعًا، وأيّد الحافظ ذلك برواية عقيل عنه "بلغنا عن أبي هريرة"، وقال: إنه يشعر بأنه عنده عن غير واحد، وإلا لو كان عن واحد فقط كسعيد مثلًا لاقتصر عليه". انظر: العلل للدارقطني (9/ 137، 138)، وفتح الباري (9/ 352). (¬3) كونه من بني فزارة جاء من طريق سفيان بن عيينة عند مسلم، وقوله: "إني أنكرته" جاء في طريق يونس عند البخاري ومسلم. (¬4) ورد ذلك عند مسلم من رواية معمر، وعند البخاري من رواية يونس عن ابن شهاب عن أبي سلمة، وقد تقدّم تخريج هذه الروايات كلها.

ولهذا ذكره مسلم في اللعان. وذكر عبد الغني بن سعيد في كتاب الغوامض والمبهمات له: إن هذا الرجل السائل هو ضمضم بن قتادة الفزاوي، وخرّج بإسناد له عن مطر بن العلاء، عن عمّته وقطبة بنت هرم (¬1) بن قطبة، عن مدلوك: "أن بن قتادة وُلد له مولود أسود من امرأة له من عجل، فأوجس لذلك، فشكا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -"، وذكر الحديث، وفي آخره: "فقدمن عجائز من بني عجل فأخبرن أنه كان للمرأة جدة سوداء" (¬2). ¬

_ (¬1) تصحّف في الأصل إلى: هارون، والمثبت هو الصواب كما ورد في الغوامض وتاريخ ابن عساكر. (¬2) أخرجه الحافظ عبد الغني بن سعيد في الغوامض والمبهمات (ل: 78 / ب)، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخ دمشق (7/ 82)، وابن بشكوال في الغوامض والمبهمات (1/ 312) عن إبراهيم بن عمر بن إبراهيم الدمشقي، عن القاسم بن عيسى الصّفار، قال: حدَّثنا محمد بن أحمد بن محمد بن مطر بن العلاء بن أبي الشعثاء -أخو بني فزارة- الفزاري، حدّثني يحيى بن الغمر -وكان زوج بنت مطر بن العلاء- قال: سمعت جدّك مطرًا يحدّث عن عمّته وقطبة بنت هرم بن قطبة: أن مدلوكا حدّثهم، فذكره. وإبراهيم بن عمر بن إبراهيم الدمشقي شيخ عبد الغني بن سعيد ترجم له ابن عساكر في تاريخه (7/ 81) وسكت عنه. والقاسم بن عيسى الصفار، ذكره المزي في تهذيب الكمال (23/ 405) تمييزًا، وقال عنه الحافظ في التقريب (رقم: 5479): "صدوق". ومحمد بن أحمد بن محمد بن مطر بن العلاء ترجم له ابن عساكر في تاريخ دمشق (51/ 103) وسكت عنه. ويحيى بن الغمر لم أجد له ترجمة. ومطر بن العلاء بن أبي الشعثاء ترجم له ابن عساكر في تاريخ دمشق (58/ 347) وقال: "روى عن عمّته آمنة أو أمية، وعنه: سليمان بن عبد الرحمن، ويحيى بن الغمر". وقال أبو حاتم: "شيخ". الجرح والتعديل (8/ 289). وقطبة بنت هرم لم أجد لها ترجمة. ومدلوك، هو أبو سفيان الفزاري، صحابي، أسلم مع مواليه حين قدموا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، =

35 / حديث: "اختتن إبراهيم بالقدوم". عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة قوله. هكذا هو في الموطأ عند القعنبي، وابن بكير، ومطرف، وغيرهم موقوفًا (¬1). ورفعه عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي، عن يحيى بن سعيد (¬2). وهو محفوظ لأبي هريرة مرفوعًا، خرّجه البخاري ومسلم من طريق أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة (¬3). ¬

_ = ومسح النبي - صلى الله عليه وسلم - رأسه. انظر: الاستيعاب (10/ 238)، أسد الغابة (5/ 128)، الإصابة (9/ 196). قال ابن الأثير: "هذا إسناد عجيب، والحديث صحيح من رواية أبي هريرة من غير تسمية الرجل". أسد الغابة (3/ 64). وقال الحافظ في ترجمة ضمضم بن قتادة: "له ذكر في حديث أورده عبد الغني بن سعيد المصري في المبهمات من طريق مطر بن العلاء -فذكره، ونقل عن أبي موسى في الذيل أنه قال: إسناده عجيب- ثم قال الحافظ: وأصل القصة في الصحيحين من حديث أبي هريرة" الإصابة (5/ 199). وانظر أيضًا: إيضاح الإشكال لابن طاهر (ص: 107) (رقم: 144)، والمستفاد من مبهمات المتن والإسناد للعراقي (2/ 1076)، وفتح الباري (9/ 352). (¬1) انظر الموطأ برواية: - ابن بكير (ل: 243 / أ) - الظاهرية-. - وهو أيضًا عند أبي مصعب الزهري (2/ 94) (رقم: 1929). قال ابن عبد البر: "هذا الموقوف في حكم الرفع؛ لأنَّ مثله لا يكون رأيًا". التمهيد (23/ 137). (¬2) أخرجه أبو الشيخ في كتاب العقيقة كما في الفتح (6/ 450). وتابع الأوزاعيَّ عليه: محمد بن إسحاق، ومالك، والليث بن سعد من طريق ابن وهب عنهما، ذكرهم الدارقطني في العلل (7/ 281). (¬3) انظر: صحيح البخاري كتاب: الأنبياء، باب: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا} (2/ 461) (رقم: 3356)، وكتاب. الاستئذان، باب: الختان بعد الكبر ونتف الإبط (4/ 151) (رقم: 6298). =

والقَدُوم -بالتخفيف- الآلة (¬1)، -وبالتشديد- موضع (¬2)، وكلاهما مقول في هذا الحديث (¬3). قال فيه البخاري من طريق شعيب بن أبي حمزة، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة: "اختتن بالقَدُوم" مخففة (¬4). ¬

_ = وصحيح مسلم كتاب: الفضائل، باب: من فضائل إبراهيم الخليل - صلى الله عليه وسلم - (4/ 1839) (رقم: 151). قلت: مع كون الرفع هو الراجح والمحفوظ، فإنَّه لا يتعارض مع ما ورد عن أبي هريرة موقوفًا؛ لأنَّ الوقف -كما تقدّم- في حكم المرفوع، وما يذكره العلماء من تقديم الرفع على الوقف أو العكس عند تعارضهما إنّما هو خاص بأحاديث الأحكام، أما غيرها من الأحاديث التي لا مجال للرأي فيها فإنَّها في حكم الرفع، ويتأكّد ذلك بوروده في أحد الطريقين مرفوعًا. انظر: النكت على كتاب ابن الصلاح (2/ 607 - 608). (¬1) انظر: مشارق الأنوار (2/ 174)، وشرح النووي على صحيح مسلم (15/ 122). (¬2) وهو مكان اختتان سيّدنا إبراهيم بالشام، وهي كفر قدوم في قضاء نابلس بفلسطين. المعالم الأثيرة في السنة والسيرة (ص: 222). (¬3) نقل عبد الله البكري عن محمد بن جعفر اللغوي أنه قال: "قدّوم -بالتشديد- موضع، ومن روى في حديث إبراهيم: اختتن بالقدوم -مخففا- فإنّما يعني الذي ينجر به". معجم ما استعجم (3/ 1053). قلت: وهذا الأخير هو قول الأكثر، قال النووي: "وآلة النجار يقال لها قدوم -بالتخفيف- لا غير، وأما القدّوم مكان بالشام، ففيه التخفيف والتشديد، فمن رواه بالتشديد أراد القرية، ومن رواه بالتخفيف يحتمل القرية والآلة، والأكثرون على التخفيف، وعلى إرادة الآلة". وهذا ما رجّحه ابن حجر أيضًا، حيث قال: "والراجح أن المراد في الحديث الآلة"، واحتج على ذلك. مما رواه البيهقي في الكبرى (8/ 326): "أن إبراهيم أُمر بالختان، فاختتن بقدوم، فاشتدّ عليه، فأوحى الله إليه أن عجلت قبل أن نأمرك". انظر: شرح النووي على صحيح مسلم (15/ 122)، وفتح الباري (6/ 499). (¬4) انظر: صحيح البخاري كتاب: الاستئذان، باب: الختان بعد الكبر ونتف الإبط (4/ 151) (رقم: 6298).

وقال في رواية المغيرة، عن أبي الزناد: "القَدّوم"، وهو موضع، يعني مشدّدا (¬1). قال الشيخ أبو العباس رضي الله عنه: وهكذا قال فيه أبو يوسف يعقوب بن شيبة، وأنكر روايته بالتخفيف (¬2). والموضع المعروف بالقدوم مذكور في حديث الفريعة، وقصة الزوج الذي مات عنها، انظره في مسندها (¬3). * * * ¬

_ (¬1) انظر: صحيح البخاري كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا} (2/ 461) (رقم: 3356). (¬2) كذا حكاه المؤلف عن يعقوب بن شيبة، وقد نقل القاضي عياض وابن حجر عكسه، فذكرا أن الذي أنكره يعقوب بن شيبة التشديد. انظر: مشارق الأنوار (2/ 174)، وفتح الباري (6/ 449). (¬3) تقدّم (4/ 321).

2 / الأعرج عنه

2 / الأعرج عنه. سبعة أحاديث. مالك، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة. 36 / حديث: "نحن الآخِرون السابقون يوم القيامة ... ". فيه: "ثم هذا يومهم الذي فُرض عليهم، فاختلفوا فيه، وهدانا الله له" يعني الجمعة. عند ابن القاسم، وابن عفير، والشافعي، وغيرهم (¬1). وقال فيه ابن عفير وحده: "نحن الآخرون الأولون السابقون". وخرّجه البخاري ومسلم عن أبي الزناد من غير طريق مالك (¬2)، وطرّقه مسلم (¬3). 37 / حديث: "أُمرتُ أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فإذا قالوها ... ". ¬

_ (¬1) عزاه الدارقطني إلى عبد الله بن يوسف، وابن القاسم، وابن عفير دون غيرهم وقال: تابعهم ابن وهب في غير الموطأ، وليس عند معن، وابن بكير، وأبي مصعب والقعنبي. وأخرجه الجوهري في مسنده (ل: 103 / ب) من طريق ابن وهب وابن القاسم ثم قال: "هذا عند ابن القاسم ومعن وابن عفير، وليس هذا عند ابن وهب، ولا القعنبي، ولا أبي مصعب، ولا ابن بكير". انظر: أحاديث الموطأ (ص: 24)، والتقصي (ص: 271)، وملخّص القابسي (ص: 387). (¬2) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب: الجمعة، باب: فرض الجمعة (1/ 208) (رقم: 876) من طريق شعيب. ومسلم في صحيحه، كتاب: الجمعة، باب: هداية هذه الأمة (2/ 585) (رقم: 19) من طريق ابن عيينة كلاهما عن أبي الزناد به. (¬3) أخرجه من طريق طاوس وأبي صالح وهمام بن منبه كلهم عن أبي هريرة.

عند ابن وهب، وابن القاسم من طريق الحارث بن مسكين (¬1). ورواه إسماعيل بن أبي أويس خارج الموطأ عن مالك، عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة، ذكره الجوهري (¬2). وخُرّج في الصحيحين عن أبي هريرة، وغيره، وهو مشهور (¬3). 38 / حديث: "نِعم الصدقة اللِّقحة (¬4) الصَّفِي منحة، والشاة الصَّفِي (¬5) ... ". ¬

_ (¬1) عزاه إليهما الدارقطني، وابن عبد البر أيضًا، وأخرجه من طريقهما الجوهري في مسنده (ل: 100 / ب)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (3/ 213) من طريق ابن وهب وحده. ثم قال الجوهري: "هذا الحديث عند ابن وهب وابن القاسم، وليس عند القعنبي ولا ابن عفير، ولا ابن بكير، ولا أبي مصعب". انظر: أحاديث الموطأ (ص: 24)، والتقصي (ص: 270). (¬2) لعله في مسند ما ليس في الموطأ، ومن طريق العلاء أخرجه مسلم أيضًا في صحيحه، كتاب: الإيمان، باب: الأمر بقتال الناس ... (1/ 52) (رقم: 34)، وابن منده في الإيمان (2/ 193) (رقم: 403)، والدارقطني في السنن (2/ 89) لكن من غير طريق مالك. (¬3) أخرجه البخاري في الصحيح، كتاب: الإيمان، باب: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} (1/ 24) (رقم: 25) من حديث ابن عمر، وفي: الصلاة، باب: فضل استقبال القبلة (1/ 146) (رقم: 392) من حديث أنس، وفي: الزكاة، باب: وجوب الزكاة (1/ 431) (رقم: 1399)، وفي: الاعتصام، باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "بعثت بجوامع الكلم) (4/ 360) (رقم: 7284، 7285) من حديث أبي هريرة. ومسلم في الصحيح، كتاب: الإيمان، باب: الأمر بقتال الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله (1/ 51 - 53) (رقم: 32 - 38) من حديث هؤلاء وكذا من حديث جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. والترمذي في السنن كتاب: الإيمان (5/ 5، 6) (رقم: 2606، 2027، 2028) من حديث أبي هريرة وأنس ثم قال: وفي الباب عن جابر وسعد ومعاذ بن جبل. (¬4) اللَّقحة: بكسر اللّام وفتحها، هي اللّقوح كصبور، وهي النافة القريبة العهد بالنتاج. قال الفيروزابآدي: لقوح إلى شهرين أو ثلاثة، ثم هي لبون. انظر: النهاية (4/ 262)، والقاموس المحيط (ص: 306)، ومجمع البحار (4/ 511). (¬5) الناقة الغزيرة اللبن، وكذلك الشاة. النهاية (3/ 40)، والقاموس (ص: 1680).

عند ابن القاسم، وابن بكير، والقعنبي، ومطرف، وأكثر الرواة (¬1). وخرّجه البخاري من طريق مالك وغيره (¬2). 39 / حديث: "ليس الغني عن كثرة العرض ... ". عند معن، وابن بكير، ومطرف (¬3). وخرّجه مسلم من طريق سفيان بن عيينة، عن أبي الزناد (¬4). ¬

_ (¬1) أخرجه الجوهري في مسنده (ل: 103 / أ) من طريق القعنبي وابن القاسم وقال: "ليس هذا الحديث عند أبي مصعب"، ويظهر من كلام الدارقطني أنه عند جميع الرواة إلا القعنبي! وقال ابن عبد البر: "ليس عند يحيى بن يحيى ولا أبي مصعب، وهو عند غيرهما في الموطأ". قلت: ليس أيضًا عند سويد ومحمد بن الحسن الشيباني. انظر: أحاديث الموطأ (ص: 24)، والموطأ برواية ابن بكير (ل: 269 / ب) - الظاهرية-، وتلخيص القابسي (ص: 385) (رقم: 370)، والتقصي (ص: 272). (¬2) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الهبة، باب: فضل المنيحة (2/ 244) (رقم: 2629) من طريق يحيى بن بكير، وعبد الله بن يوسف، وإسماعيل بن أبي أويس. وفي الأشربة، باب: شرب اللبن (4/ 16) (رقم: 5608) من طريق شعيب، كلاهما -مالك وشعيب- عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة. (¬3) عزاه الدارقطني إلى معن، وابن بكير دون غيرهما، وقال: "تابعهم ابن وهب في غير الموطأ، وابن أبي أويس، ومطرف، وابن نافع". وعزاه الجوهري إلى معن وابن بكير، وابن برد، وابن المبارك الصوري، ومصعب الزبيري، وقال: "ليس عند ابن وهب، وابن القاسم، ولا القعنبي، ولا أبي مصعب، ولا جماعة". قلت: بل هو عند أبي مصعب، وسويد بن سعيد أيضًا. انظر الموطأ برواية: - ابن بكير (ل: 268 / ب) - الظاهرية-، وأبي مصعب الزهري (2/ 180) (رقم: 2113)، وسويد بن سعيد (ص: 611) (رقم: 1501). وانظر: أحاديث الموطأ (ص: 24)، ومسند الجوهري (ل: 104 / أ)، والتقصي (ص: 272). (¬4) انظر: صحيح مسلم كتاب: الزكاة، باب: ليس الغنى عن كثرة العرض (2/ 276) (رقم: 120).

40 / حديث: "دخلت امرأة النار في هرّة ربطتها فلا هي أرسلتها، ولا هي أطعمتها، حتى ماتت جوعًا". عند ابن بكير، وابن برد، ومصعب الزبيري (¬1). وتقدّم أيضًا لابن عمر في الزيادات أيضًا (¬2)، وخَرَّجه مسلم لهما معًا (¬3). وخُرِّج أيضًا في الصحيح لأسماء بنت أبي بكر (¬4). 41 / حديث: "كان يدعو فيقول: اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنّم ... ". وهي أربع: فيها القبر، والدجال، والفتنة. هذا عند ابن وهب، وابن القاسم بهذا الإسناد (¬5). ¬

_ (¬1) عزاه الدارقطني إلى ابن بكير فقط، وقال الجوهري: "هذا عند ابن بكير، وابن برد، ومصعب بن عبد الله الزبيري، وليس عند ابن وهب، ولا ابن القاسم، ولا القعنبي، ولا أبي مصعب، ولا جماعة". قلت: وكذا هو عند سويد بن سعيد، انظر الموطأ برواية: ابن بكير (ل: 261 / ب) - الظاهرية-، وسويد بن سعيد (ص: 607) (رقم: 1489). وانظر: أحاديث الموطأ (ص: 24)، ومسند الجوهري (ل: 104 / أ)، والتقصي (ص: 272). (¬2) تقدّم حديثه (4/ 406). (¬3) انظر: صحيح مسلم كتاب: البر والصلة والآداب، باب: تحريم تعذيب الهرة ونحوها من الحيوان الذي لا يؤذي (4/ 2022 - 2023) (رقم: 133 - 134 - 135). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الشرب والمساقاة، باب: فضل سقي الماء (2/ 166) (رقم: 2365) لابن عمر وحده. (¬4) انظر: صحيح البخاري كتاب: الأذان (1/ 243) (رقم: 745)، وفي الشرب والمساقاة، باب: فضل سقي الماء (2/ 165) (رقم: 2364). (¬5) أخرجه من طريقهما الجوهري في مسند الموطأ (ل: 101 / أ)، والطبراني في الدعاء (3/ 1444) (رقم: 1375) من طريق ابن وهب وحده. وذكره لهما أيضًا الدارقطني في أحاديث الموطأ (ص: 24)، وابن عبد البر في التقصي (ص: 270). والنسائي في السنن (8/ 669) (رقم: 5523) من طريق قتيبة، عن مالك به.

وعند يحيى بن يحيى وغيره حديث ابن عباس: "كان يعلّمهم هذا الدعاء كما يعلّمهم السورة من القرآن"، وقد تقدّم (¬1). وقال فيه أبو سلمة وغيره عن أبي هريرة مرفوعًا: "إذا تشهّد أحدكم فليستعذ بالله من أربع ... "، خرّج الكلَّ مسلم (¬2). 142 / حديث: "إنما جُعل الإمام ليؤتمّ به، فلا تختلفوا عليه ... ". فذكر التكبير، والركوع، والقول عنده، والقعود. هذا عند معن وحده بهذا الإسناد (¬3). وعند يحيى بن يحيى طرف منه إلى قوله: "فلا تختلفوا عليه" (¬4). احتج به مالك مرسلًا، انظره في مرسله (¬5). وخرّجه الجوهري في مسند ما ليس في الموطأ من طريق سويد بن عبد العزيز، عن مالك بإسناده، وقال: قيل: تفرّد به سويد بن عبد العزيز عن مالك بهذا الإسناد (¬6). ¬

_ (¬1) انظر: (2/ 550). وهو عند أبي مصعب الزهري (1/ 245) (رقم: 622)، وسويد بن سعيد (ص: 216) (رقم: 436). (¬2) أخرجه في صحيحه كتاب: المساجد، باب: ما يُستعاذ منه في الصلاة (1/ 412 - 413) (رقم: 128، 130، 131، 132). (¬3) أخرجه من طريقه الجوهري في مسند الموطأ (ل: 97 / ب)، وعزاه إليه الدارقطني في أحاديث الموطأ (ص: 23)، وابن عبد البر في التقصي (ص: 270). (¬4) الموطأ كتاب: الصلاة، باب: ما يفعل من رفع رأسه قبل الإمام (1/ 98). (¬5) سيأتي حديثه (5/ 389). (¬6) لم أقف على كتاب الجوهري، وقد أخرجه ابن عدي أيضًا في الكامل (3/ 1261) من طريق سويد بن عبد العزيز هذا عن مالك، عن الزهري، عن الأعرج، عن أبي هريرة. =

وقال الدارقطني: "هو صحيح عن أبي الزناد" (¬1). وخرّجه البخاري ومسلم من طريق أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، ومن طريق همام عنه (¬2). وقوله: "فلا تختلفوا عليه"، ثبت في بعض الروايات دون بعض (¬3). ¬

_ = ثم قال: "وهذا إنما يرويه مالك في الموطأ عن الزهري، عن أنس، وسويد أخطأ على مالك، أو تعمّد". كذا ورد في الكامل: عن الزهري عن أنس؟ ! وذكره ابن طاهر المقدسي في الذخيرة (2/ 997) وقال: "وهذا إنما يرويه مالك في الموطأ: عن الزهري، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرسلًا". هكذا قالا، وليس في الموطأ لا هذا ولا ذاك، فالصواب كما قال الدارقطني في العلل (8/ 222): "أن سويد بن عبد العزيز رواه عن مالك، عن الزهري، عن الأعرج، عن أبي هريرة، وغيره (كمعن وأبي مصعب) يرويه عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة، ثم قال: "وهو الصواب، كذلك رواه أصحاب أبي الزناد عن أبي الزناد". قلت: سويد بن عبد العزيز هذا ضعفه الأئمة كأحمد وابن معين وأبي حاتم والنسائي وغيرهم، بل قال الذهبي: "إنه واهٍ جدًّا"، وقال الحافظ فيه: "ضعيف"، وقد خالف هنا معنًا وأبا مصعب وهما ثقتان بل إنَّ معنًا من أثبت أصحاب مالك، وعليه فالإسناد منكر. انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (12/ 255 - 260)، وتهذيب التهذيب (4/ 242، 243) والميزان (2/ 442)، والتقريب (رقم: 2692). (¬1) العلل (8/ 222) ويلاحظ أن ما ذكره المؤلف هو معنى كلام الدارقطني، وأما نص عبارته فقد تقدّم. (¬2) أخرجه البخاري في الصحيح، كتاب: الأذان، باب: إيجاب التكبير وافتتاح الصلاة (1/ 240) (رقم: 734) من طريق أبي الزناد، وفي: إقامة الصف من تمام الصلاة (1/ 237) (رقم: 722) من طريق همام بن منبه. وأخرجه مسلم أيضًا في: الصلاة، باب: ائتمام المأموم بالإمام (1/ 309 - 310) (رقم: 86) من الوجهين، وفي باب: النهي عن مبادرة الإمام بالتكبير وغيره (1/ 311) (رقم: 89) من طريق أبي يونس عن أبي هريرة به. (¬3) ثبت عند البخاري من طريق همام دون أبي الزناد، وعند مسلم من الوجهين، فإنه ساق رواية أي الزناد وفيها هذه الزيادة ثم أتبعها برواية همام فقال: عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بمثله، ولأجل ذلك رجح الحافظ ثبوتها في رواية أبي الزناد عند البخاري أيضًا. انظر: الفتح (2/ 210).

وليس في حديث مالك، ولا في الصحيحين عن أبي هريرة: "وإذا قرأ فأنصتوا". وسئل مسلم عن هذا فقال: "هو صحيح في حديث أبي هريرة" (¬1). وقال الدارقطني: "ليس بمحفوظ فيه" (¬2). وخرّج أبو داود هذه الزيادة أعني قوله: "إذا قرأ فأنصتوا" من طريق أبي خالد الأحمر، وهو سليمان بن حيان الأزدي، عن محمد بن عجلان، عن زيد بن أسلم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، ثم قال: "هذه الزيادة ليست بمحفوظة، والوهم عندنا من أبي خالد" (¬3). وخرّجه النسائي من طريق أبي خالد هذا، وطريق محمد بن سعد، عن ابن عجلان، ثم قال في آخره: "إلا نعلم أن أحدًا تابع ابنَ عجلان على قوله: "وإذا قرأ فأنصتوا" (¬4). وهكذا خرّجه البزار في مسنده وقال: "لا نعلم أحدًا قال فيه: "وإذا قرأ فأنصتوا" إلا ابن عجلان، عن زيد، عن أبي صالح، ولا نعلم رواه عن ¬

_ (¬1) انظر: صحيح مسلم، كتاب: الصلاة، باب: التشهد في الصلاة (1/ 304) (رقم: 63) والسائل هو أبو بكر ابن أخت النضر. (¬2) العلل (8/ 187). (¬3) انظر: السنن، كتاب: الصلاة، باب: الإمام يصلي من قعود (1/ 404 - 405) (رقم: 406). (¬4) انظر: السنن الكبرى (1/ 320) (رقم: 993، 994). وأخرجه أيضًا في السنن، كتاب: الافتتاح، باب: تأويل قوله عزَّ وجلَّ: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (2/ 479، 480) (رقم: 920) من غير التعليل مع ذكره توثيق محمد بن سعد عن المخرّمي. والحديث بهذه الزيادة أخرجه أيضًا ابن ماجه في السنن كتاب: إقامة الصلاة، باب: إذا قرأ الإمام فأنصتوا (1/ 276) (رقم: 846) والدارقطني في السنن (1/ 327، 328).

ابن عجلان، عن زيد، إلا أبو خالد، ومحمد بن سعد، وقد خالفهما الليث" (¬1). ¬

_ (¬1) انظر: مسند البزار (ل: 222 / ب) -الأزهرية-. قلت: اختلف النقاد في هذه الزيادة "وإذا قرأ فأنصتوا" فأعلّها قومٌ وصححها آخرون. فممن أعلها: أبو داود، والنسائي، والبزار، والدارقطني كما ذكر المؤلف أقوالهم. وممن أعلّها أيضًا أمير المؤمنين في الحديث محمد بن إسماعيل البخاري فإنه قال: "ولا يعرف هذا من صحيح حديث أبي خالد الأحمر" وذكر أن الليث بن سعد وبكر بن مضر رويا الحديث عن ابن عجلان بدون هذه الزيادة. وأن سهيل بن أبي صالح رواه عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يقل ما زاد أبو خالد، وكذلك روى أبو سلمة وهمام وأبو يونس وغير واحد عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يتابع أبو خالد في زيادته. انظر: خير الكلام في القراءة خلف الإمام (ص: 65، 66). وقال ابن أبي حاتم: "قال أبي: ليست هذه الكلمة بالمحفوظة، وهو من تخاليط ابن عجلان، وقد رواه خارجة بن مصعب أيضًا وتابع ابنَ عجلان، وخارجة ليس أيضًا بالقوي". العلل (1/ 164). وقال ابن خزيمة: "قال محمد بن يحيى الذهلي: خبر الليث أصح متنًا من رواية أبي خالد؛ لأن الأخبار متواترة عن أبي هريرة بالأسانيد الصحيحة الثابتة المتصلة بهذه القصة، ليس في شيء منها: "وإذا قرأ فأنصتوا" إلا خبر أبي خالد ومن لا يعتد أهل الحديث بروايته". القراءة خلف الإمام للبيهقي (ص: 134). وقال الإمام أحمد: "إن الذي لم يأت بهذه الزيادة أحفظ عند أهل العلم بالحديث من الذي أتى بها والذين رووه دونها أكثر عددًا من الذين أتوا بها مع زيادة الحفظ، فوجب التوقف في تثبيتها مع ما فيها من الاحتمال إن ثبتت". القراءة خلف الإمام (ص: 139). قال البيهقي: "وهو وهم من ابن عجلان، ونقل عن ابن معين أنه قال في هذه الزيادة عن ابن عجلان ليس بشيء". السنن الكبرى (2/ 156، 157). وقال البيهقي أيضًا: "روينا عن أبي موسى الأشعري وأبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إذا كبّر الإمام فكبروا وإذا قرأ فأنصتوا" وقد أجمع الحفاظ على خطأ هذه اللفظة في الحديث وأنها ليست بمحفوظة: يحيى بن معين، وأبو داود السجستاني، وأبو حاتم الرازي، وأبو علي الحافظ، وعلي بن عمر الحافظ، وأبو عبد الله الحافظ (الحاكم) ". انظر: معرفة السنن والآثار (3/ 75) وشرح النووي على صحيح مسلم (4/ 123)، ونصب الراية (2/ 17). =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = هذه هي أقوال المعلين للزيادة الواردة في هذا الحديث، ومدار العلة عندهم هو أبو خالد وشيخه ابن عجلان فمنهم من وهّم أبا خالد وقال إنه لم يتابع في زيادته كالإمام البخاري والذهلي وأبي داود، ومنهم من حمل فيها على ابن عجلان وجعل هذه الزيادة من تخاليطه كالنسائي وأبي حاتم والبيهقي، ومنهم من أعلّها بالأمرين معًا كالبزار، فلنا أن ننظر فيما ذكروه من العلة هل هي قادحة أم لا؟ فأقول: إنَّ ما ذكروه من تفرّد أبي خالد غير مسلّم لمتابعة محمد بن سعد إيّاه، أخرجه النسائي والدارقطني كما تقدّم، ومحمد بن سعد هو الأنصاري الأشهلي أبو سعد المدني، ثقة، وثّقه ابن معين والنسائي، وكذا وثّقه المخرمي فيما نقله النسائي، فلو كان أبو خالد متفرّدًا بهذه الزيادة كما قال بعض المعلِّين لكان هو مدار العلة؛ لأنَّه صدوق في الأصل يخطئ ويغلط، كما قال ابن عدي، ولكن بمتابعة محمد بن سعد وأمثاله من الثقات له يكون حسن الحديث، ولهذا تعقّب المنذري أبا داود في قوله: "والوهم عندنا من أبي خالد"، فقال: "وفيما قاله نظر، فإنَّ أبا خالد هو سليمان بن حيان الأحمر، وهو من الثقات الذين احتج البخاري ومسلم بحديثهم في صحيحيهما ومع هذا فلم ينفرد بهذه الزيادة، بل قد تابعه عليها أبو سعد محمد بن سعد الأنصاري الأشهلي المدني، وقد سمع من ابن عجلان، وهو ثقة"، ثم ذكر توثيق الأئمة. وذكر ابن حجر له متابعًا آخر فقال: "لم ينفرد به أبو خالد، بل تابعه الليث، أخرجه أبو العباس السراج في مسنده من طريق الليث عن محمد بن عجلان، عن زيد بن أسلم ومصعب والقعقاع، ثلاثتهم عن أبي صالح". النكت الظراف (9/ 343 - 344). وأما محمد بن عجلان المدني القرشي فقد وثّقه أحمد وابن عيينة وابن معين وغيرهم، وإنّما أُخذ عليه أنه يضطرب في حديث نافع كما قاله يحيى بن سعيد، وأنه اختلطت عليه أحاديث أبي سعيد المقبري، عن أبي هريرة، والحديث الذي معنا ليس منها، فأقل أحواله أنه صدوق، فالإسناد حسن؛ لأنَّ الزيادة جاءت من راو غير بعيد من درجة الحافظ الضابط على ما قرّره ابن الصلاح في علوم الحديث (ص: 71). وله أيضًا شاهد صحيح من حديث أبي موسى الأشعري، أخرجه مسلم في صحيحه (1/ 304) (رقم: 63) من طريق جرير، عن سليمان التيمي، عن قتادة، عن يونس بن جبير، عن حطان بن عبد الله الرقاشي، عنه. =

وانظر حديث أنس (¬1)، وحديث عائشة من رواية عروة عنها (¬2). ¬

_ = وقد طعن فيه بعضهم، لكن ردّه مسلم فقال: "تريد أحفظ من سليمان". هذا وقد صحح الحديث بهذه الزيادة غير واحد من النقاد، منهم الإمام مسلم -وقد تقدّم- وإن لم يخرجه في صحيحه، وكذا صححه ابن حزم حيث قال: "وذكروا أيضًا حديثًا صحيحًا من طريق ابن عجلان ... وقال أيضًا: وأما نحن فإنه عندنا صحيح" المحلى (2/ 270). وكذا صححه المنذري كما يستفاد ذلك من تعقّبه على أبي داود -وقد تقدّم- وقال السندي في حاشيته على سنن النسائي (2/ 480): "هذا الحديث صححه مسلم ولا عبرة بتضعيف من ضعّفه". وقال ابن التركماني في الجوهر النقي (1/ 156): "فهذا زيادة ثقة، وترك من ترك هذه الزيادة لا يكون علة في زيادة من حفظ". ومن العلماء من جمع بين هذا الحديث وحديث عبادة بن الصامت: "لا صلاة لمن لم يقرأ بأم القرآن" وجمعهم هذا يدل على صحة الحديث، وفيهم من كان قد أعل الحديث كالإمام البخاري، فإنه قال: "وإذا قرأ في سكتة الإمام لم يكن مخالفًا لحديث أبي خالد؛ لأنَّه قرأ في سكتات الإمام". خير الكلام في القراءة خلف الإمام (ص: 65 - 66). وقال الإمام أحمد عن هذه الزيادة أيضًا: "ومع ما فيها من الاحتمال إن ثبتت أن يكون المراد بها قراءة السور أو ترك الجهر دون الإخفاء بالفاتحة". القراءة خلف الإمام للبيهقي (ص: 39). وممّن جمع بينهما ابن حزم. انظر: المحلى (2/ 270 - 271). فالحاصل أن هذه الزيادة محفوظة أيضًا في رواية ابن عجلان، وأن ما ذكروه من العلة غير قادحة فيها، والله أعلم. انظر ترجمة سليمان بن حيان في: الكامل لابن عدي (3/ 1129)، تاريخ بغداد (9/ 21)، تهذيب الكمال (11/ 394 - 398)، والميزان (2/ 390)، وتهذيب التهذيب (4/ 159)، وهدي الساري (ص: 427)، التقريب (رقم: 2547). وانظر ترجمة محمد بن عجلان في: تهذيب الكمال (26/ 101 - 108)، وتهذيب التهذيب (9/ 303)، والكاشف (3/ 69)، التقريب (رقم: 6136). (¬1) تقدّم (2/ 45). (¬2) تقدّم حديثها (4/ 27).

3 / عبد الرحمن بن يعقوب عنه

3 / عبد الرحمن بن يعقوب عنه حديثان. 43 / حديث: "قال الله تعالى: من عمل عملا أشرك فيه فهو له كله". عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة. عند ابن عفير، وفي بعض الروايات لابن القاسم (¬1). وخرّجه مسلم عن روح بن القاسم (¬2). 44 / وبه: "التثاؤب من الشيطان ... ". وذكر الكظم. عند ابن وهب، وابن عُفير، وعند القعنبي في الزيادات خارج الموطأ (¬3). وخرّجه مسلم عن إسماعيل بن جعفر، عن العلاء (¬4). ¬

_ (¬1) قال الدارقطني: هو عند ابن عفير وحده، وتابعه ابن وهب في غير الموطأ، وابن أبي أويس. أحاديث الموطأ (ص: 26). قلت: الحديث من طريق ابن وهب أخرجه الجوهري في مسند الموطأ (ل: 112 / أ) وقال: "هذا الحديث عند ابن عفير في الموطأ دون غيره". وقال ابن عبد البر: "هو في الموطأ عند ابن عفير وابن القاسم، ورواه في غير الموطأ جماعة عن مالك". التقصي (ص: 272). (¬2) أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب: الزهد والرقائق، باب: من أشرك في عمله غير الله (4/ 2289). (¬3) أخرجه ابن المظفر في غرائب مالك (ص: 113) (رقم: 58) من طريق ابن وهب. والجوهري في مسند الموطأ (ل: 112 / أ) من طريق القعنبي. وقال: "وهذا الحديث عند ابن وهب وابن القاسم وابن عفير في الموطأ، وعند القعنبي خارج الموطأ، وليس عند ابن بكير ولا أبي مصعب". أحاديث الموطأ (ص: 26). وعزاه الدارقطني أيضًا لابن وهب، وابن القاسم، وابن عفير، وكذا لابن يوسف، وقال: "ليس عند معن، والقعنبي -أي في الموطأ- وابن بكير وأبي مصعب". قلت: الحديث من طريق ابن يوسف عند البخاري في الأدب المفرد (ص: 324) (رقم: 942). (¬4) أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب: الزهد، باب: تشميت العاطس (4/ 2293) (رقم: 56).

4 - 7 / أربعة أحاديث لأناس شتى

4 - 7 / أربعة أحاديث لأناس شتى 45 / حديث: "إذا سافرتم في الخصب فأعطوا الإبل حظَّها من الأرض ... ". وذكر السفر في الجدب. عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة. عند ابن عُفير وحده (¬1). وخرّجه ابن سنجر عن مالك من هذا الطريق، وزاد فيه التعريس (¬2). وخرّجه الجوهري في مسند ما ليس في الموطأ من طريق خالد بن مخلد عن مالك (¬3). وخرّجه مسلم عن عبد العزيز الدَّاروردي، عن سهيل (¬4). ومعناه ليحيى بن يحيى وغيره من رواة الموطأ في مرسل خالد بن معدان (¬5). ¬

_ (¬1) أخرجه من طريقه الجوهري في مسند الموطأ: (ل: 82 / أ). (¬2) لم أقف عليه. (¬3) لم أقف على كتاب الجوهري هذا، ولكن الحديث من طريق خالد بن مخلد أخرجه الطحاوي في شرح مشكل الآثار (1/ 107) (رقم: 115)، وابن عدي في الكامل (3/ 905). وإسناده صحيح. وتابعه: ابن نافع، كما ذكره الدارقطني في أحاديث الموطأ (ص: 20). (¬4) أخرجه مسلم في صحيحه كتاب: الإمارة، باب: مراعاة مصلحة الدواب في السير والنهي عن التعريس في الطريق (3/ 1525 - 1526) (رقم: 178) من طريق عبد العزيز الدراوردي، وكذا جرير، عن سهيل به. (¬5) سيأتي مرسله (4/ 515).

46 / حديث: "مثل الساعي على الأرملة والمسكين". عن ثور بن زيد، عن أبي الغيث سالم عن أبي هريرة. هذا عند معن، وابن بكير، وابن برد مرفوعًا. وهذا عند ابن وهب وطائفة موقوفًا على أبي هريرة (¬1). وفي رواية ابن بكير وغيره من رواة الموطأ: عن مالك، عن صفوان يرفعه، مثل هذا مرسلًا (¬2)، خرّجه البخاري عن إسماعيل، عن مالك من هذين الطريقين معًا (¬3). ¬

_ (¬1) عزاه الدارقطني إلى معن، وابن بكير، وابن يوسف، ومطرف دون غيرهم، وقال: "روى القعنبي في السماع". وأخرجه الجوهري في مسند الموطأ (ل: 57 / أ) من طريق القعنبي ثم قال: "هذا في الموطأ عند معن، وابن بكير، وابن بُرد مسندًا، وعند ابن وهب، وابن يوسف، وابن عُفير موقوفًا على أبي هريرة فقط، ولم يقولوا عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وليس عند القعنبي ولا أبي مصعب". قلت: بل هو عند أبي مصعب أيضًا، وكذا سويد ومحمد بن الحسن الشيباني مرفوعًا. انظر الموطأ برواية: ابن بكير (ل: 269 / ب) - الظاهرية-، وأبي مصعب الزهري (2/ 86) (رقم: 1916)، وسويد بن سعيد (ص: 614) (رقم: 1510)، ومحمد بن الحسن (ص: 337) (رقم: 960). وانظر: أحاديث الموطأ (ص: 16)، والتقصي (ص: 261). ومن طريق معن بن عيسى أخرجه الترمذي في السنن كتاب: البر والصلة، باب: ما جاء في السعي على الأرملة واليتيم (4/ 305) (رقم: 1969). (¬2) انظر الموطأ برواية: ابن بكير (ل: 269 / ب) - الظاهرية-، وأبي مصعب الزهري (2/ 86) (رقم: 1915)، ومحمد بن الحسن (ص: 337) (رقم: 959)، وسويد بن سعيد (ص: 614) (رقم: 1509). (¬3) انظر: صحيح البخاري كتاب: الأدب، باب: فضل من يعول يتيمًا (4/ 93) (رقم: 6006).

وخرّجه البخاري ومسلم عن القعنبي عن مالك، عن ثور بإسناده مرفوعًا (¬1). وسقط ليحيى بن يحيى وآخرين من رواة الموطأ. 47 / حديث: "ليهلّنّ ابن مريم بفجّ الرَّوحاء (¬2). عن ابن شهاب، عن حنظلة (¬3) بن علي الأسلمي، عن أبي هريرة. عند ابن وهب، ومعن، وغيرهما (¬4). وخرّجه مسلم من طريق الزهري، ولم يخرّجه عن مالك (¬5). ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الأدب، باب: الساعي على المسكين (4/ 93) (رقم: 6007). ومسلم في صحيحه كتاب: الزهد والرقائق، باب: الإحسان إلى الأرملة والمسكين واليتيم (4/ 2286) (رقم: 41). وأخرجه البخاري أيضًا في صحيحه كتاب: النفقات، باب: فضل النفقة على الأهل (3/ 424) (رقم: 5353) من طريق يحيى بن قزعة عن مالك به. (¬2) الفجّ: الطريق الواسع، ويقال لكل منخرق، وما بين كل جبلين فجّ، وأما الروحاء بفتح الروحاء ممدود، قال القاضي عياض: من عمل الفرُع من المدينة، وهو اليوم محطة على الطريق بين المدينة وبدر، على مسافة (74) كم من المدينة، نزلها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في طريقه إلى مكة. انظر: مشارق الأنوار (1/ 305)، (2/ 147)، والمعالم الأثيرة (ص: 131). (¬3) تصحّف في الأصل إلى "حنضلة". (¬4) لم يذكره الدارقطني ولا الجوهري، وعزاه ابن عبد البر إلى ابن وهب وسعيد بن داود وجويرية وعبد الرحمن بن القاسم ومعن بن عيسى ومحمد صدقة والوليد بن مسلم، وقال: "ليس عند غيرهم". وعزاه الحافظ في الإتحاف (5 / ل: 128) لابن وهب، وابن القاسم، ومعن بن عيسى، وجويرية بن أسماء. (¬5) أخرجه مسلم في صحيحه كتاب: الحج، باب: إهلال النبي - صلى الله عليه وسلم - (2/ 915) (رقم: 216) من طريق ابن عيينة، عن الزهري به.

48 / حديث: "لا سبَق إلا في خفّ أو حافر". عن داود بن الحصين، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. رفعه ابن القاسم وحده في الموطأ (¬1)، وهو مقطوع (¬2). ووصله خارجَهُ: عبد الرحمن بن أبي جعفر الدمياطي عن ابن القاسم، عن مالك، قال فيه: عن داود، عن أبي سفيان مولى ابن أبي أحمد، عن أبي هريرة (¬3). والدمياطي هذا ضعيف، ليس من أهل الحديث (¬4). ورواه عبد الله التنيسي في الموطأ عن مالك مقطوعا موقوفًا (¬5). وخرّج البخاري في الكنى عن سليمان بن يسار، عن أبي عبد الله مولى الجُندَعِيّين (¬6) عن أبي هريرة نحوه (¬7). ¬

_ (¬1) عزاه الدارقطني إليه وقال: "أرسله ابن يوسف ووقفه، ولم يذكره غيرهما". أحاديث الموطأ (ص: 17). (¬2) أي منقطع؛ لأنَّ داود بن الحصين مات سنة حمس وثلاثين ومائة، وهو ابن اثنتين وسبعين سنة، فلم يدرك أبا هريرة، بل إن الحافظ ذكره في الطبقة السادسة من الرواة ممّن لم يثبت لهم لقاء أحد من الصحابة. انظر: تهذيب الكمال (8/ 382)، التقريب (رقم: 1779). قلت: الإسناد وإن كان ضعيفًا لانقطاعه، إلا أن الحديث صحيح لوروده من طرق أخرى كما سيأتي. (¬3) قال الدارقطني: "وقال فيه قائل: عن أبي سفيان، ولا يصح". أحاديث الموطأ (ص: 17). (¬4) عبد الرحمن بن أبي جعفر الدمياطي هذا قال عنه الشيرازي: تفقّه بأشهب وابن وهب، وابن القاسم، ومطرف، روى عنه: يحيى بن عمر، والوليد بن معاوية، وعبيد بن عبد الرحمن وغيرهم. توفي سنة (226 هـ). انظر: طبقات الفقهاء (ص: 154)، ترتيب المدارك (3/ 375)، الديباج المذهّب (ص: 148). (¬5) انظر: أحاديث الموطأ (ص: 17). (¬6) الجُندعِّيين: بضم الجيم، وسكون النون، وفتح الدال المهملة، وكسر العين، نسبة إلى جُندع، وهو بطن من ليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة. اللباب (1/ 295). (¬7) انظر: التاريخ الكبير (9/ 48) فقد أخرجه من طريق الليث، عن عبيد الله بن أبي جعفر، عن محمد بن عبد الرحمن، عن سليمان بن يسار به. وهذا إسناد صحيح رجاله ثقات كلهم رجال الشيخين غير أبي عبد الله مولى الجُندعيين، فهو من =

وخرّجه النسائي من طريق أبي عبد الله هذا وغيره عن أبي هريرة (¬1). وقال فيه من رواية نافع بن أبي نافع عن أبي هريرة: "لا سبق إلّا في نصل أو حافر أو خف" (¬2). ¬

_ = رجال النسائي، وقد وثّقه العجلي، وابن حبان، وارتضى قولهما الحافظ فقال: "ثقة". انظر: معرفة الثقات (2/ 412)، والثقات لابن حبان (5/ 564)، والتقريب (رقم: 8211). (¬1) أخرجه النسائي في السنن كتاب: الخيل، باب: في السبق (6/ 536) (رقم: 3589) والطحاوي في شرح مشكل الآثار (5/ 147) (رقم: 1886) من طريق الليث به. وأخرجه أحمد في المسند (2/ 358) من طريق ابن لهيعة، عن أبي الأسود -وهو محمد بن عبد الرحمن-، عن سليمان بن يسار به، إلا أنَّه قال: "أبو صالح"، بدل "أبي عبد الله"، وهما واحد، فقد نقل المزي في تهذيبه (34/ 31) عن أبي أحمد الحاكم أنه قال: "حديثه -يعني أبي عبد الله مولى الجندعيين- في أهل المدينة، وقد اختلفوا فيه، فقال بعضهم: عن أبي صالح مولى الجندعيين". وفي سند الإمام أحمد بن لهيعة، وهو ضعيف من قبل حفظه، لكن تابعه حيوة بن شريح -وهو ثقة- عند الطحاوي في شرح مشكل الآثار (5/ 147) (رقم: 1885) عن أبي الأسود، عن سليمان بن يسار، عن أبي صالح مولى الجندعيين. وأخرجه النسائي في السنن (6/ 536) (رقم: 3591)، وابن ماجه في السنن كتاب: الجهاد، باب: السبق والرهان (2/ 960) (رقم: 2878)، وأحمد في المسند (2/ 256، 425)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (5/ 146، 148) (رقم: 1884، 1887)، والبيهقي في السنن الكبرى (10/ 16) كلهم من طرق عن محمد بن عمرو، عن أبي الحكم مولى الليث، عن أبي هريرة. وأبو الحكم هذا قال عنه الحافظ في التقريب (رقم: 8060): "مقبول" يعني عند المتابعة، وقد توبع، فالإسناد حسن لغيره. (¬2) أخرجه في السنن كتاب: الخيل، باب: السبق (6/ 535 - 536) (رقم: 3587، 3588) من طريق ابن أبي ذئب، عن نافع بن أبي نافع، عن أبي هريرة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال، فذكره. وهذا إسناد صحيح، وقد أخرجه أبو داود في السنن كتاب: الجهاد، باب: في السبق (3/ 63) (رقم: 2574)، والترمذي في السنن كتاب: الجهاد، باب: ما جاء في الرهان والسبق (4/ 178) (رقم: 1700)، وأحمد في المسند (2/ 474)، والطبراني في المعجم الصغير (ص: 38) (رقم: 50)، =

فصل: أبو عبد الله مولى الجُندعيّين مدني لا يعرف له اسم، وقد قيل فيه: أبو صالح (¬1). وقال الخطابي: السَّبَق -بفتح الباء- وهو ما يجعل للسابق على سبقه، وأما السبْق بسكون الباء فمصدر سبقتُ (¬2). * * * ¬

_ = وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (10/ 544) (رقم: 4690)، والبيهقي في السنن الكبرى (10/ 16) كلهم من طرق عن ابن أبي ذئب به. والحديث صححه ابن القطان في بيان الوهم (5/ 383، 384)، وابن دقيق العيد كما نقله الحافظ في التلخيص (4/ 178). (¬1) ذكره ابن منده في التابعين ممّن لايُعرف له اسم. انظر: التاريخ الكبير (9/ 48)، وفتح الباب في الكنى والألقاب (ص: 470) (رقم: 4276)، والاستغناء لابن عبد البر (3/ 1376)، والثقات لابن حبان (5/ 564)، وتهذيب الكمال (34/ 31)، وتهذيب التهذيب (12/ 168)، والتقريب (رقم: 8211). (¬2) انظر: معالم السنن (2/ 220)، وتمام كلامه: "والرواية الصحيحة في هذا لحديث السَّبَق مفتوحة الباء"، وانظر أيضًا: النهاية (2/ 338).

20 - لعائشة أم المؤمنين

أحاديث النساء 20 - لعائشة أم المؤمنين ثمانية أحاديث، وتقدّم لها جملة أحاديث (¬1). 49 / حديث: "من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه". عن طلحة بن عبد الملك الأيلي، عن القاسم بن محمد، عن عائشة. عند ابن القاسم، وابن بكير، والقعنبي، ومطرف، ويحيى النيسابوري، وعامة الرواة (¬2). ¬

_ (¬1) تقدَّم أحاديثها (4/ 3 - 176). (¬2) انظر الموطأ برواية: - ابن القاسم (ص: 242) (رقم: 188 - تلخيص القابسي-)، وابن بكبر (ل: 174 / أ) - الظاهرية، وأبي مصعب الزهري (2/ 216) (رقم: 2216)، ومحمد بن الحسن (ص: 264) (رقم: 751)، وسويد (ص: 268) (رقم: 581). وأخرجه الجوهري في مسنده (ل: 84 / ب) من طريق القعنبي، وأبو أحمد الحاكم في عواليه (ص: 65) (رقم: 32) من طريق خلف بن هشام البزار، وأبو نعيم في الحلية (6/ 346) من طريق أبي عاصم النبيل، وابن ناصر الدين في الإتحاف (ص: 165) (رقم: 153) من طريق سعيد بن عبد الرحمن، كلهم عن مالك به. قال ابن عبد البر: "ليس عند يحيى بن يحيى في الموطأ، وهو عند سائر الرواة". التقصي (ص: 261)، والتمهيد (6/ 89). قلت: وقد أُقحم في النسخة المطبوعة من رواية يحيى (2/ 379) (رقم: 8)، وليس هو في نسختي المحمودية (أ) (ل: 55 / أ)، و (ب) (ل: 80 / ب)، ونسخة شستربتي (ل: 42 / ب).

وعند يحيى بن يحيى صاحبنا منه ذكر المعصية خاصة مرسلًا، ذكر ذلك مالك وفسّره، ولم يكمله هناك، ولا أسند الطرف المذكور منه، انظره في مرسله (¬1). وخرّجه البخاري من طريق مالك (¬2). فصل: ليس في حديث مالك في نذر المعصية كفارة، وروى الزهري عن سليمان بن أرقم، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن عائشة مرفوعًا: "لا نذر في معصية، وكفارته كفارة يمين"، خرّجه الترمذي، وتكلّم على إسناده، وخرّجه أبو داود وعلّله (¬3). ¬

_ (¬1) سيأتي مرسله (5/ 390). (¬2) أخرجه البخاري في الصحيح، كتاب: الأيمان والنذور، باب: في النذر والطاعة (4/ 228) (رقم: 6696) من طريق أبي نعيم، وفي باب: النذر فيما لا يملك وفي معصية (4/ 229) (رقم: 6700) من طريق أبي عاصم، كلاهما عن مالك به. وهو أيضًا عند: أبي داود في السنن كتاب: الأيمان، باب: ما جاء في النذر في المعصية (3/ 593) (رقم: 3289) من طريق القعنبي. والترمذي في السنن (4/ 88) (رقم: 1526) من طريق قتيبة. والنسائي في السنن (7/ 23) (رقم: 3815، 3816) من طريق قتيبة ويحيى القطان. وأحمد في المسند (6/ 36، 41) من طريق عبد الرحمن بن مهدي وعبيد الله بن عمرو. والدارمي في السنن (2/ 184) من طريق خالد بن مخلد، كلهم عن مالك به. (¬3) أخرجه الترمذي في السنن كتاب: الأيمان والنذور، باب: ما جاء عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن لا نذر في معصية (4/ 87، 88) (رقم: 1525). وأبو داود في السنن كتاب: الأيمان والنذور، باب: من رأى عليه كفارة إذا كان في معصية (3/ 595، 596) (رقم: 3292). والنسائي في السنن كتاب: الأيمان، باب: كفارة النذر (7/ 34) (رقم: 3848). والطحاوي في شرح معاني الآثار (3/ 130) كلهم من طرق عن ابن أبي عتيق وهو محمد، وموسى بن عقبة كلاهما عن الزهري به. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = والحديث أعلّوه بأنَّه مقلوب، قلبه سليمان بن أرقم فجعله عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن عائشة، وإنما هو معروف بيحيى عن محمد بن الزبير، عن أبيه عن عمران بن حصين عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. قال أبو داود: "قال أحمد بن محمد المروزي: إنما الحديث حديث علي بن المبارك عن يحيى بن أبي كثير، عن محمد بن الزبير، عن أبيه عن عمران بن حصين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - " أراد أن سليمان بن أرقم وهم فيه، ثم ذكر أبو داود متابعًا لعلي بن المبارك فقال: "روى بقية عن الأوزاعي عن يحيى، عن محمد بن الزبير بإسناد علي بن المبارك مثله". وقال النسائي عقب الحديث: "سليمان بن أرقم متروك الحديث والله أعلم خالفه غير واحد من أصحاب يحيى بن أبي كثير في هذا الحديث ثم أخرج من طريق علي بن المبارك والأوزاعي، وعبد الله بن بشر وشيبان، وحماد بن زيد كلهم عن يحيى بن أبي كثير عن محمد بن الزبير عن أبيه عن عمران عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. انظر: سنن أبي داود (3/ 596)، وسنن النسائي (7/ 35، 36). قال الخطابي: "لو صح هذا الحديث لكان القول به واجبًا، والمصير إليه لازمًا إلا أن أهل المعرفة بالحديث زعموا أنه حديث مقلوب، وهم فيه سليمان بن أرقم فرواه عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن عائشة". معالم السنن (4/ 50). والحديث من طريق محمد بن الزبير عن أبيه عن عمران أخرجه النسائي في السنن كتاب: الأيمان، باب: كفارة النذر (7/ 35، 36) (رقم: 3849 - 3857)، والحاكم في المستدرك (4/ 339)، والبيهقي في السنن الكبرى (10/ 70)، أُعلّ بعدة أمور منها: ضعف محمد بن الزبير والانقطاع بين أبيه وعمران، ووجود رجل مجهول في بعض الطرق، ولذلك قال البيهقي: "وهذا الحديث مشهور بمحمد بن الزبير الحنظلي واختلف عليه في إسناده ومتنه ... " ثم ذكر ذلك الاختلاف. وبيّن ابن القيم أيضًا ذلك الاختلاف ثم قال: "فهذا حديث مختلف في إسناده ومتنه، ولا تقوم الحجة بأمثال ذلك". وقال الحافظ: "مداره على محمد بن الزبير الحنظلي عن أبيه عن عمران، ومحمد ليس بالقوي، وقد اختلف عليه فيه". انظر: السنن الكبرى (10/ 70 - 71)، وتهذيب السنن لابن القيم مع مختصر المنذري (4/ 373)، والتلخيص الحبير (4/ 193). بقي ها هنا طريق آخر لهذا الحديث وهو ما رواه أبو داود في الموضع السابق برقم (3290)، وكذا الترمذي برقم (1524)، والنسائي في السنن (7/ 33، 34) (رقم: 3843 - 3847)، وأحمد (6/ 247) كلهم من طرق عن يونس عن الزهري عن أبي سلمة عن عائشة مرفوعًا: "لا نذر في معصية وكفارته كفارة يمين". =

وروى عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس مرفوعًا: "النذر نذران، فما كان لله تعالى فكفّارته الوفاء به، وما كان للشيطان فلا وفاء فيه، وعليه كفّارة يمين"، خرّجه ابن الجارود (¬1). ¬

_ = وأعلّوا هذا الحديث أيضًا بما تقدّم من رواية سليمان بن أرقم وحكموا عليه بالانقطاع فقال الترمذي: "هذا حديث لا يصح، لأن الزهري لم يسمع هذا الحديث من أبي سلمة قال: سمعت محمدًا يقول: روى غير واحد منهم: موسى بن عقبة وابن أبي عتيق عن الزهري، عن سليمان بن أرقم، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن عائشة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال محمد: والحديث هو هذا". قال أبو داود: "سمعت أحمد بن شبُّويه يقول: قال ابن المبارك -يعني في هذا الحديث-: حدّث أبو سلمة فدلّ على أن الزهري لم يسمعه من أبي سلمة، وقال أحمد بن محمد: وتصديق ذلك ما حدثنا أيوب -يعني ابن سليمان- وهو حديث سليمان بن أرقم المتقدم". ونقل أبو داود أيضًا عن أحمد بن محمد المروزي في تتمة كلامه على إسناد سليمان بن أرقم أنه قال: "وحمله عنه الزهري، وأرسله عن أبي سلمة عن عائشة". سنن أبي داود (3/ 595، 596). فخلاصة كلام هؤلاء أن الزهري رواه عن سليمان بن أرقم عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن عائشة، ثم دلّسه فأسقط سليمان وشيخه فأرسله عن عائشة. ولم يرتض الشيخ الألباني هذا التعليل فصحح الحديث وقال: "إن الزهري إمام حافظ فليس بكثير عليه أن يكون له إسنادان" وأيّد ذلك. بما ورد من تصريح الزهري بالتحديث عن أبي سلمة في طريق من طرف هذا الحديث عند النسائي. الإرواء (8/ 216). قلت: كلام الشيخ -حفظه الله- وجيه جدًّا، لأن الزهري من أئمة التابعين وقد ثبت سماعه من أبي سلمة، وأخرج الشيخان له عن أبي سلمة جمعًا من الأحاديث، وأما ما ذكروه من أنه أسقط سليمان وشيخه فهذا أشبه ما يكون بالتسوية التي هي أعم من التدليس، وقد كان يفعلها بعض الأئمة كمالك. النكت (2/ 617، 618). لكن هذا الكلام كله إنما يقال إذا كان الحديث لأبي سلمة عن عائشة، وأما إذا كان الحديث لعمران بن حصين كما تقدم وأن سليمان بن أرقم هو الذي قلبه وجعله عن يحيى عن أبي سلمة عن عائشة فلا يحتاج إلى هذا النقاش الطويل في سماع الزهري من أبي سلمة وعدم سماعه، ولذلك لما ذكر الحافظ قول النسائي بأن سليمان متروك الحديث وقد خالفه غير واحد من أصحاب يحيى قال: فرجع إلى الرواية الأولى يعني محمد بن الزبير عن أبيه عن عمران. (¬1) أخرجه في المنتقى (ص: 313) (رقم: 935) من طريق محمد بن موسى بن أعين، ثنا خطاب، ثنا =

50 / حديث: "كنت أغتسل أنا ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - من إناء واحد". عن هشام بن عروة، [عن أبيه] (¬1)، عن عائشة. عند ابن بكير، وابن القاسم، ومطرف، وأبي حذافة السّهمي، وغيرهم (¬2). وخرّجه البخاري عن عبد الله بن داود، عن هشام (¬3). ¬

_ = عبد الكريم، عن عطاء بن أبي رباح به. ومن طريقه أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (10/ 72) ورجال الإسناد ثقات كلهم غير خطاب وهو ابن القاسم الحراني، وثّقه ابن معين، وابن حبان. وقال أبو حاتم: يكتب حديثه. واختلف النقل عن أبي زرعة، فروى ابن أبي حاتم عنه قال: "ثقة". ونقل البرذعي عنه أنه قال: "منكر الحديث"، يقال: إنه اختلط قبل موته بسنة، وكأن الحافظ اعتمد هذا القول مع الأخذ بتوثيق من وثقه فقال: "ثقة، اختلط قبل موته". فأقل ما يقال في هذا الإسناد أنه حسن، وأما ما قيل من اختلاط خطاب فقد ورد عن أبي زرعة فقط بصيغة "يقال" الدالة على التمريض، فإن ترجح اختلاطه كما يظهر ذلك من جزم الحافظ لم يميّز حديثه فيحسّن أيضًا لما تقدم له من شاهد. انظر: ترجمة خطاب بن القاسم في الجرح والتعديل (3/ 386)، وتهذيب الكمال (8/ 269 - 271)، وتهذيب التهذيب (3/ 126)، والتقريب (رقم: 1724)، والكواكب النيرات (ص: 151 - 154). (¬1) ما بين المعقوفين ساقط من الأصل. (¬2) انظر الموطأ برواية: ابن بكير (ل: 9 - 10) - السليمانية-، وابن القاسم (ص: 463) (رقم: 450) - ملخص القابسي، وهو عند أبي مصعب الزهري (1/ 59) (رقم: 145)، وسويد (ص: 70) ط. عبد المجيد تركي. وأخرجه النسائي في السنن كتاب: الطهارة، باب: ذكر اغتسال الرجل والمرأة من نساءه (1/ 140) (رقم: 232) من طريق قتيبة. والجوهري في مسنده (ل: 131 / أ) من طريق القعنبي، كلهم عن مالك به. وقد فات الدارقطني والجوهري وكذا ابن عبد البر التنبيه على كون هذا الحديث من الزيادات. (¬3) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: اللباس، باب: ما وطيء من التصاوير (4/ 82) (رقم: 5956) عن مسدد، عن عبد الله بن داود به.

وتقدّم في حديث الزهري عن عروة عنها تذييل لجويرية عن مالك بمعناه (¬1). وانظر الوضوء لنافع عن ابن عمر (¬2). 51 / حديث: "لمَّا كان مَرِضَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ذكر بعضُ نسائه كنيسة رأينها بأرض الحبشة، وكانت أم سلمة وأم حبيبة قد أتتا أرض الحبشة ... ". فيه: "أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا ثم صوّروا فيه تلك الصور، أولئك شرار الخلق عند الله تعالى". عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة. عند ابن بكير، وابن برد، وأبي المصعب الزهري، وابن المبارك الصوري، وغيرهم (¬3). وخرّج في الصحيحين من طرق عن هشام (¬4). ¬

_ (¬1) تقدّم حديثها (4/ 47). (¬2) تقدّم (2/ 456). (¬3) عزاه الدارقطني إلى معن، وأبي مصعب، وابن بكير دون غيرهم. أحاديث الموطأ (ص: 30). وأخرجه الجوهري (ل: 135 / أ) من طريق أبي مصعب ثم قال: هذا في الموطأ عند معن، وابن بكير، وأبي مصعب، وابن برد، وابن المبارك الصوري، ومصعب الزبيري، وليس عند ابن وهب، ولا ابن القاسم، ولا القعنبي، ولا ابن عفير، ولا يحيى بن يحيى الأندلسي. قلت: وهو عند سويد أيضًا. انظر الموطأ برواية: ابن بكير (ل: 260 / ب) - الظاهرية-، وأبي مصعب الزهري (2/ 102) (رقم: 1947)، وسويد بن سعيد (ص: 548) (رقم: 1304). وانظر: التقصي (ص: 276). (¬4) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الصلاة، باب: هل تنبش قبور مشركي الجاهلية ويتخذ مكانها مساجد (1/ 155) (رقم: 427) من طريق يحيى بن سعيد القطان، وفي: الصلاة في البيعة (1/ 157) (رقم: 434) من طريق عبدة. ومسلم في صحيحه كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: النهي عن بناء المساجد على القبور (1/ 375، 376) (رقم: 16 - 18) من طريق يحيى بن سعيد ووكيع، وأبي معاوية كلهم عن هشام به.

وانظر مرسل عطاء بن يسار (¬1)، وعمر بن عبد العزيز (¬2). 52 / حديث: "عليكم بما تطيقون من العمل، فإن الله لا يملّ حتى تملّوا ... ". وفيه: قصة المرأة الأسدية، وهي الحولاء. عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة. عند القعنبي وحده خارج الموطأ في الزيادات بهذا الإسناد (¬3). وتابعه يحيى بن مالك عن أبيه (¬4). وعند يحيى بن يحيى وغيره في الموطأ مرسل إسماعيل بن أبي حكيم بمعناه (¬5). والحديث واحد، خرّجه البخاري ومسلم من طرق عن هشام (¬6). قال البخاري: "وقال عبد الله بن مسلمة: حدَّثنا مالك"، هكذا علّقه ¬

_ (¬1) سيأتي حديثه (برقم: 96). (¬2) سيأتي حديثه (برقم: 67). (¬3) أخرجه من طريقه البخاري في صحيحه (1/ 357) (رقم: 1151) معلّقًا، وابن عبد البر في التمهيد (1/ 192). (¬4) ذكره الخطيب في الرواة عن مالك كما في تجريد أسماء الرواة عن مالك (ص: 190) (رقم: 880) ولم أقف على روايته لهذا الحديث. (¬5) انظر الموطأ برواية: - يحيى الليثي، كتاب: صلاة الليل، باب ما جاء في صلاة الليل (1/ 117) (رقم: 4)، وأبي مصعب الزهري (1/ 113) (رقم: 288)، وسويد بن سعيد (ص: 119) (رقم: 175). (¬6) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الإيمان، باب: أحب الدين إلى الله أدومه (1/ 30) (رقم: 43) من طريق يحيى بن سعيد. ومسلم في صحيحه كتاب: صلاة المسافرين، باب: أمر من نعس في صلاته أو استعجم عليه القرآن (1/ 542) (رقم: 221) من طريق أبي أسامة ويحيى بن سعيد كلاهما عن هشام به.

ولم يذكر الإخبار (¬1). 53 / حديث: "خرج إلى بدر (¬2) حتى إذا كان بحرّة الوَبْرَة (¬3) لحقه رجل من المشركين ... ". فيه: عرض الإسلام عليه، وقوله: "ارجع فلن نستعين بمشرك". عن فضيل بن أبي عبد الله هو مولى المهري (¬4)، عن عبد الله بن نِيار (¬5)، عن عروة، عن عائشة. عند معن، وابن عُفير، وعبد الله التنيسي (¬6). ¬

_ (¬1) انظر: صحيح البخاري كتاب: التهجد، باب: ما يكره من التشديد في العبادة (1/ 357) (رقم: 1151)، ووصله ابن حجر في تغليق التعليق (2/ 432). وبيّن في الفتح سبب إيراد البخاري له معلّقًا فقال: إنه قد خرّج ما يقوم مقدمه في كتاب الإيمان من طريق يحيى بن سعيد، فاستغنى عن إيراد هذا المعلق مستوفى السياق، ثم إنه خرّج بالتحديث في رواية الحموي والمستملي. فتح الباري (3/ 45). (¬2) بَدْر: بالفتح ثم السكون، اسم بئر، وعندها المعركة المشهورة، وهي اليوم مدينة عامرة بسكانها تعجّ بالحركة والنشاط والعمران، تقع في الجنوب الغربي لمدينة المصطفى - صلى الله عليه وسلم -، والمسافة بينهما (150) كم. انظر: المعالم الأثيرة (ص: 44)، وبدر لمحمد صالح البلهشي (ص: 15). (¬3) الوَبْرَة: بفتح أوله، وإسكان ثانيه، بعده راء مهملة، وقيل: بفتحات ثلاث متواليات، وهي الحرة التي تطلّ على وادي العقيق وفيها بئر عروة وقصره، وقد يقال لها الحرّة الغربية. انظر: معجم ما استعجم (4/ 1331)، والمعالم الأثيرة (ص: 100). (¬4) تصحّف في الأصل إلى "الزهري"، والصواب ما أثبته. انظر: التاريخ الكبير (7/ 120)، والجرح والتعديل (7/ 74)، وتهذيب الكمال (23/ 275). (¬5) تصحّف في الأصل إلى "دينار"، والمثبت هو الصواب. (¬6) أخرجه الجوهري في مسنده (ل: 113 / ب) من طريق ابن القاسم وقال: هذا في الموطأ عند معن وابن يوسف وابن عفير دون غيرهم. واقتصر الدارقطني في أحاديث الموطأ (ص: 26) على ابن عفير وابن يوسف وقال: "تابعهما: =

وخرّجه مسلم عن مالك (¬1). وجاء عن أبي هريرة مرفوعًا: "إنَّ الله يؤيّد هذا الدين بالرجل الفاجر"، خرّجه النسائي (¬2). 54/ حديث: "كان يصلي من الليل، فإذا فرغ، فإن كنت يقظانة تحدّث معي، وإلا اضطجع". عن سالم أبي النضر، عن أبي سلمة، عن عائشة. عند معن وحده بهذا المساق (¬3). ¬

_ = يحيى القطان، وابن مهدي، ومعن في غير الموطأ، وابن أبي أويس". قلت: الحديث من طريق يحيى القطان عند أبي داود في السنن (3/ 172) (رقم: 2732)، ومن طريق معن عند الترمذي في السنن، كتاب: السير، باب: ما جاء في أهل الذمة يغزون مع المسلمين هل يُسهم لهم (4/ 108) (رقم: 1558). (¬1) أخرجه في: الجهاد والسير، باب: كراهة الاستعانة في الغزو بكافر (3/ 1449، 1450 / رقم: 150) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، وابن وهب، كلاهما عن مالك به. وأخرجه أحمد في المسند (6/ 148) من طريق عبد الرحمن بن مهدي. والدارمي في السنن كتاب: الجهاد، باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنا لا نستعين بمشرك" (2/ 233) من طريق روح بن عبادة كلاهما عن مالك به. (¬2) أخرجه في السنن الكبرى (5/ 278) (رقم: 8883، 8884) من طريقين عن أبي هريرة به. إسناده صحيح، وأصله في الصحيحين: أخرجه البخاري في: الجهاد والسير، باب: إن الله يؤيد الدين بالرجل الفاجر (2/ 376، 377) (رقم: 3062)، وفي: المغازي، باب: غزوة خيبر (3/ 136) (رقم: 4203، 4204)، وفي: القدر، باب: العمل بالخواتيم (4/ 210) (رقم: 6606). ومسلم في صحيحه كتاب: الإيمان، باب: غلظ تحريم قتل الإنسان نفسه (1/ 105) (رقم: 178) كلاهما من طرق عن الزهري عن سعيد بن المسيب وعبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك عن أبي هريرة به، وفيه قصة. (¬3) عزاه إليه أيضًا الجوهري في مسنده (ل: 73 / أ)، وابن عبد البر في التقصي (ص: 274).

وتفرّد في الموطأ بقوله عنها: "تحدّث معي"، ورواه جماعة خارج الموطأ عن مالك (¬1)، وخرّج في الصحيح (¬2). وخرّجه البخاري ومسلم من طريق سفيان بن عيينة عن أبي النضر (¬3). وانظر الاضطجاع بعد ركعتي الفجر لعروة عن عائشة في مسندها (¬4). 55 / حديث: "بات أَرِقًا (¬5) ذات ليلة ثم قال: ليت رجلًا صالحًا يحرسني الليلة ... ". وفيه: قصة سعد. عن يحيى بن سعيد، عن عبد الله بن عامر بن ربيعة قال: قالت عائشة. عند القعنبي، ومصعب الزبيري (¬6). ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في السنن كتاب: الصلاة، باب: الاضطجاع بعدها (2/ 48) (رقم: 1562) من طريق بشر بن عمر. والترمذي في السنن كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في الكلام بعد ركعتي الفجر (2/ 277) (رقم: 418) من طريق عبد الله بن إدريس. وأحمد في المسند (5/ 35 - 36) من طريق عبد الرحمن بن مهدي. وهكذا رواه القعنبي، وروح، والوليد بن مسلم، وبشر بن عمر كما ذكرهم الدارقطني في العلل (5 / ل: 72 / أ). (¬2) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: تقصير الصلاة، باب: إذا صلى قاعدًا ثم صح (1/ 348) (رقم: 1119) من طريق عبد الله بن يوسف عن مالك به. (¬3) انظر: صحيح البخاري كتاب: التهجد، باب: من تحدث بعد الركعتين ولم يضطجع، وباب: الحديث بعد ركعتي الفجر (1/ 360) (رقم: 1161، 1162)، وصحيح مسلم، كتاب: صلاة المسافرين، باب: صلاة الليل وعدد ركعات النبي - صلى الله عليه وسلم - في الليل (1/ 511) (رقم: 133). (¬4) تقدّم حديثها (4/ 48). (¬5) أرِقًا: أي ساهرًا، والأَرِق بفتح الهمزة وكسر الراء المهملة: يقال لمن سهو لعلّة، فإن كان السهر من عادته قيل: أُرُق بضم الهمزة والراء. النهاية (1/ 40). (¬6) أخرجه الجوهري في مسند الموطأ (ل: 143 / ب) من طريق القعنبي، وقال: "هذا عند القعنبي =

خرّجه البخاري ومسلم من طرق جمّة عن يحيى بن سعيد (¬1). ظاهره القطع، وقال فيه علي بن مسهر عن يحيى، عن عبد الله: سمعت عائشة، انظره للبخاري (¬2). وروى عبد الله بن شقِيق عن عائشة قالت: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُحرَسُ حتى نزلت: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} (¬3) فقال لهم: انصرفوا فقد عصمني"، خرّجه الترمذي (¬4). ¬

_ = دون غيره"، وهكذا قال ابن عبد البر في التقصي (ص: 278)، وزاد الدارقطني: أبا مصعب الزهري، ولم أجده في المطبوع من روايته. انظر: أحاديث الموطأ (ص: 32). (¬1) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الجهاد والسير، باب: الحِراسة في الغزو في سبيل الله (2/ 327) (رقم: 2885) عن إسماعيل بن خليل عن علي بن مسهر، وفي: التمني، باب: قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ليت كذا وكذا" (4/ 350) (رقم: 7231) من طريق خالد بن مخلد، عن سليمان بن بلال. ومسلم في صحيحه كتاب: فضائل الصحابة، باب: فضل سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه (4/ 875، 1876) (رقم: 39، 40) من طريق سليمان بن بلال والليث وعبد الوهاب، أربعتهم عن يحيى بن سعيد به. (¬2) صحيح البخاري (2/ 327) (رقم: 2885). (¬3) سورة: المائدة، الآية: (67). (¬4) أخرجه في السنن، كتاب: تفسير القرآن (5/ 234) (رقم: 3046)، وكذا ابن جرير في جامع البيان (4/ 415) (رقم: 9581)، والحاكم في المستدرك (2/ 342، 343) من طريق الحارث بن عُبيد، عن سعيد الجُريري، عن عبد الله بن شقيق به. والحديث قال عنه الترمذي: "غريب"، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي، وفيه سعيد الجُريري ثقة لكنه اختلط، والراوي عنه الحارث بن عُبيد الإيادي، قال عنه ابن حجر في التقريب (رقم: 1033): "صدوق يخطئ". ولم يتبيّن لي هل هو ممن روى عن سعيد قبل الاختلاط أو بعده إلّا أنه توبع، تابعه: إسماعيل بن عليّة عند ابن جرير (رقم: 9579) وهو ممن سمع منه قبل الاختلاط كما قال العجلي في معرفة الثقات (1/ 394) وابن رجب في شرح العلل (2/ 743). وعليه، فالإسناد حسن، وقد حسنه أيضًا ابن حجر في الفتح (6/ 96).

فصل: عبد الله بن عامر بن ربيعة هذا هو الأصغر، وُلد في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم -، واختلف في سماعه منه، وهو معدود في التابعين (¬1). وعبد الله بن عامر الأكبر، قيل: هو أخوه، استشهد يوم الطائف (¬2). 56 / حديث: "ما زال جبريل يوصيني بالجار ... ". عن يحيى بن سعيد، عن أبي بكر بن حزم، عن عمرة، عن عائشة. عند معن، وابن برد، ومصعب الزبيري (¬3). ¬

_ (¬1) ذكره الترمذي في الصحابة وقال: "رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو غلام صغير، وما سمع منه حرفًا -وفي المطبوع من كتاب الترمذي: روى عنه حرفًا، وهذا خطأ، والصواب ما أثبتُّه كما نقله عنه الحافظ في الإصابة- وإنما روايته عن الصحابة". وقال ابن معين أيضًا: "لم يسمع من النبي - صلى الله عليه وسلم -")، قال العجلي: "من كبار التابعين، ثقة مدني". انظر: تسمية أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للترمذي (ص: 67) (رقم: 364)، وتاريخ ابن معين (2/ 314، 315)، ومعرفة الثقات (2/ 40)، والاستيعاب (6/ 250)، والإصابة (6/ 128)، والتقريب (رقم: 3403). (¬2) انظر: الاستيعاب (6/ 249)، وأسد الغابة (3/ 287)، والإصابة (6/ 127). (¬3) أخرجه الجوهري في مسنده (ل: 147 / ب) من طريق قتيبة عن مالك عن يحيى بن سعيد، وقال: "هذا عند معن، ومصعب الزبيري، وابن بُرد بهذا الإسناد دون غيرهم". قلت: وكذا هو عند سويد (ص: 576) (رقم: 1386)، ومحمد بن الحسن الشيباني (ص: 329) (رقم: 935) بهذا الإسناد. وأخرجه ابن المظفر في غرائب مالك (ص: 121، 122، 194) (رقم: 65، 66، 128) من طريق أشهب بن عبد العزيز ومطرف بن عبد الله عن مالك، عن يحيى بن سعيد به، وقال: "رواه بن أبي أويس عن مالك هكذا". قلت: الحديث من طريق ابن أبي أويس أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الأدب، باب: الوصاة بالجار (4/ 94) (رقم: 6014).

وقطعه ابن وهب عن مالك فقال فيه: "يحيى عن عمرة"، لم يذكر أبا بكر (¬1). وهو عند ابن بكير وحده لمالك عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم، عن عمرة، عن عائشة. لم يذكر فيه يحيى، ولا أبا بكر، ولم يُتابع على هذا (¬2). والمحفوظ السند الأول، وبه خرّجه البخاري ومسلم من طريق مالك (¬3). ¬

_ (¬1) أخرجه من طريقه ابن المظفر في غرائب حديث مالك (ص: 195) (رقم: 129)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (7/ 217) (رقم: 2785). (¬2) انظر: الموطأ برواية ابن بكير (ل: 249 / أ) - الظاهرية-، ومن طريقه أخرجه الجوهري في مسنده (ل: 94 / أ) وقال: "لا أعلم هذا في الموطأ إلا من رواية ابن بكير". قال الدارقطني: "اختلف عن مالك بن أنس، فرواه معن بن عيسى، وإسماعيل بن أبي أويس، وأشهب بن عبد العزيز، وقتيبة بن سعيد، ومطرف بن عبد الله عن مالك عن يحيى عن أبي بكر بن محمد عن عمرة، عن عائشة. وخالفهم ابن وهب فرواه عن مالك عن يحيى عن عمرة عن عائشة، لم يذكر بينهما أحدًا، ورواه الحنيني عن مالك عن يحيى عن محمد بن يحيى بن حبان عن عمرة عن عائشة. العلل (5 / ل: 101 / ب). (¬3) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الأدب، باب: الوصاة بالجار (4/ 94) (رقم: 6014) من طريق إسماعيل بن أبي أويس. ومسلم في صحيحه كتاب: البر والصلة، باب: الوصية بالجار والإحسان إليه (4/ 2025) (رقم: 140) من طريق قتيبة، كلاهما عن مالك به. قلت: وتابع مالكًا عليه عامةُ أصحاب يحيى الثقات: كالليث بن سعد، ويزيد بن هارون، وعبدة، وعبد الوهاب الثقفي وغيرهم عند مسلم (4/ 2025) (رقم: 140). ولذا قال الدارقطني -بعد أن ذكر اختلاف الرواة عن يحيى بن سعيد-: "والصحيح من ذلك ما رواه زهير بن معاوية والليث ومن تابعهما عن يحيى عن أبي بكر بن محمد عن عمرة عن عائشة، وكذلك رواه يزيد بن الهاد وعبد الله بن سعد بن أبي هند عن أبي بكر بن محمد عن عمرة عن عائشة. العلل (5 / ل: 101 / ب).

21 - لأم حبيبة أم المؤمنين

21 - لأم حبيبة أم المؤمنين حديث واحد، وتقدّم لها حديث مشترك (¬1). 57 / حديث: "إنَّ العير التي فيها الجَرس لا تصحبها الملائكةُ". عن نافع، عن سالم بن عبد الله، عن أبي الجراح مولى أم حبيبة، عن أم حبيبة. عند معن، وابن عُفير (¬2). وأرسله ابن يوسف التنيسي فلم يقل فيه: عن أم حبيبة، وقال: عن الجراح، جعله اسمًا (¬3)، والصواب الكنية (¬4)، وهكذا قال فيه إسماعيل بن أبي ¬

_ (¬1) تقدّم حديثها (4/ 233). (¬2) الحديث من طريق معن أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (9/ 19)، والنسائي في الكبرى (5/ 251) (رقم: 8811). وأخرجه الجوهري في مسنده (ل: 128 / أ) من طريق ابن وهب، عن مالك عن نافع عن سالم بن عبد الله أنه سمع الجراح مولى أم حبيبة فذكره ثم قال: "هذا عند ابن عفير، ومعن، وابن القاسم، وأما ابن وهب وابن يوسف فلم يقولا فيه: "عن أم حبيبة"، ورواه ابن وهب خارج الموطأ فقال فيه: "عن أم حبيبة" وليس عند القعنبي ولا جماعة من الرواة، وفي رواية معن: عن ابن الجراح". قلت: وكذا هو عند سويد بن سعيد (ص: 549) (رقم: 1307)، ومحمد بن الحسن الشيباني (ص: 320) (رقم: 903). (¬3) ذكره الجوهري في مسند الموطأ -كما تقدم- وزاد: "ابن وهب". (¬4) ترجم ابن حبان لأبي الجراح ثم قال: "ومن قال: الجراح فقد وهم". الثقات (5/ 561). وقال ابن عبد البر: "منهم من يقول فيه: الجراح مولى أم حبيبة، ومنهم من يقول: أبو الجراح وهو الصواب، وقد وهم من قال فيه الجراح من رواة مالك وغيره، وليس له غير هذا الحديث". الاستغناء (1/ 516 - 517).

أويس عن مالك: "أبو الجراح" (¬1). واختلف عن نافع وسالم فيه وفي الإسناد، وقد رواه يحيى بن سعيد الأنصاري وجماعة عن نافع، عن سالم، عن أبي الجراح، عن أم حبيبة مجودًا (¬2)، وهكذا خرّجه أبو داود من طريق عبيد الله عن نافع (¬3). وقال فيه الليث عن يزيد بن الهاد، عن سالم، عن أبي الجراح، مولى أم سلمة، عن أم سلمة، قاله البخاري في الكنى، وذكر أن طائفة قالوا فيه: "الجراح"، ثم قال: "وأبو الجراح أكثر وأصح" (¬4)، ولم يسمّه. ¬

_ (¬1) التاريخ الكبير (9/ 19). (¬2) أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (9/ 19) عن ابن المبارك عن موسى بن عقبة. والطبراني في المعجم الكبير (23/ 241) (رقم: 477) من طريق عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان. وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (10/ 553) (رقم: 4700) من طريق يحيى بن سعيد، كلهم عن نافع عن سالم، عن أبي الجراح، عن أم حبيبة. وهكذا قال عبد الوهاب بن بخت، وصخر بن جويرية، والمعلي بن إسماعيل كما ذكرهم الدارقطني في العلل (5 / ل: 187 / ب). (¬3) أخرجه في السنن كتاب: الجهاد، باب: تغليق الأجراس (3/ 53) (رقم: 2554). وكذا أخرجه أحمد في المسند (6/ 326، 426) - وسقط من الإسناد (سالم) -، وإسحاق في مسنده (4/ 247، 248) (رقم: 2066، 2067)، وأبو يعلى في المسند (13/ 45، 46) (رقم: 7125)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (10/ 556) (رقم: 4705)، والطبراني في المعجم الكبير (23/ 240، 241) (رقم: 475، 476) كلهم من طرق عن عبيد الله به. إسناده صحيح، أبو الجراح مولى أم حبيبة روى عنه غير واحد، وذكره ابن حبان في ثقاته (5/ 561) وقال عنه الذهبي في الكاشف (3/ 282) ثقة، وله شاهد صحيح أيضًا من حديث أبي هريرة وأم سلمة كما سيأتي. وقد ذكر الدارقطني الاختلاف الوارد في إسناد هذا الحديث ثم قال: "وقول نافع أشبهها بالصواب، وهو الذي رواه مالك من طريق عامة أصحابه وجمهور أصحاب نافع". انظر: العلل (5 / ل: 187، 188). (¬4) انظر: التاريخ الكبير (9/ 19)، وتقدم في هذا قول ابن حبان وابن عبد البر أيضًا.

وقد قيل: اسمه يسار (¬1). وخرّج النسائي هذا الحديث من طريق معن، وابن القاسم عن مالك (¬2). وخرّجه أيضًا من طريق الزهري، عن سالم بن عبد الله، عن سفينة مولى أم سلمة، عن أم سلمة (¬3). وخرّجه هو وأبو داود من طرق عن أبي هريرة (¬4). وفي الصحيح لمسلم عن أبي هريرة: "الجرس مزامير الشيطان" (¬5). ولم يخرّج البخاري ولا مسلم حديثَ الموطأ. ¬

_ (¬1) ولم يسمّه أبو أحمد الحاكم أيضًا، وقال ابن عبد البر: "لا يعرف له اسم على صحة، وقد قيل: اسمه يسار". وقال ابن حجر: "قيل: اسمه الزبير". انظر: الأسامي والكنى لأبي أحمد الحاكم (3/ 163)، والاستغناء (1/ 515)، والتقريب (رقم: 8012). (¬2) أخرجه في الكبرى (5/ 251) (رقم: 8811). وكذلك أحمد في المسند (6/ 327) من طريق عبد الرحمن بن مهدي. والدارمي في السنن كتاب: الاستئذان، باب: في النهي عن الجرس (2/ 288) من طريق الحكم بن المبارك. وابن عبد البر في الاستغناء (1/ 516) من طريق عبيد بن حِبّان، كلهم عن مالك به. إلا أن سالمًا سقط من إسناد سنن الدارمي المطبوع. (¬3) انظر: السنن الكبرى (5/ 251، 252) (رقم: 8813). سنده صحيح، وقد أخرجه من هذا الوجه أيضًا البخاري في التاريخ الكبير (9/ 19)، وأبو يعلى في المسند (12/ 373) (رقم: 6945)، والخطيب في تاريخ بغداد (10/ 110). (¬4) أخرجه النسائي في السنن الكبرى (5/ 251) (رقم: 8810) من طريق زرارة. وأبو داود في السنن كتاب: الجهاد، باب: في تعليق الأجراس (3/ 53) (رقم: 2555) من طريق أبي صالح، كلاهما عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تصحب الملائكة رفقة فيها كلب أو جرس". وهذا حديث صحيح، أخرجه مسلم في صحيحه كتاب: اللباس والزينة، باب: كراهة الكلب والجرس في السفر (3/ 1672) (رقم: 103) من طريق سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة. (¬5) أخرجه في: اللباس والزينة، باب: كراهة الكلب والجرس في السفر (3/ 1672) (رقم: 104) من طريق العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة.

22 - لعمة حصين بن محصن

22 - لعَمّة حُصين بن محصن مجهولة (¬1) غير مسمّاة. حديث واحد، لم يتقدّم لها غيره. 58 /حديث: "أَذاتُ زوج أنتِ؟ ". فيه: "إنه جنّتكِ وناركِ". عن يحيى بن سعيد، عن بُشير (¬2) بن يسار، عن حُصين بن مِحصن: أن عمّة له أتت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. عند ابن عُفير وحده (¬3). ورواه ابن وهب وغيره عن مالك خارج الموطأ (¬4). وهذا حديث ظاهره الإرسال (¬5)، وقال فيه سعيد بن أبي هلال وسفيان ¬

_ (¬1) أي مبهمة. (¬2) في الأصل: "بِشْر" والصواب "بُشَير" -بضم الباء وفتح الشين- وهو ابن يسار المدني التابعي، روى عن جماعة من الصحابة، وعنه جماعة من التابعين، منهم يحيى بن سعيد الأنصاري. انظر: الطبقات الكبرى (5/ 232)، ورجال الموطأ (ل: 10 / ب)، وتهذيب الكمال (4/ 187)، والتقريب (رقم: 730). (¬3) قال الدارقطني: "تفرد به ابن عفير دون أصحاب الموطأ، وقد رواه جماعة في غير الموطأ". أحاديث الموطأ (ص: 31). (¬4) رواية ابن وهب عند النسائي في الكبرى (5/ 312) (رقم: 8968) والجوهري في مسند الموطأ (ل: 147 / أ)، وقال: هذا عند ابن عفير في الموطأ دون غيره. (¬5) قال الدارقطني: "رواه مالك بن أنس، ويحيى القطان، وعبد الوهاب الثقفي، وأبو خالد الأحمر، ويزيد بن هارون عن يحيى بن سعيد عن بشير عن حصين أن عمته أتت النبي - صلى الله عليه وسلم -، فصار في روايته مرسلًا". العلل (5 / ل: 227 / أ).

عن يحيى بن سعيد، عن بُشير، عن حصين: "أخبرتني عمّتي". خرّجه النسائي (¬1)، وطرّقه عن مالك وغيره (¬2). وقال فيه نصر بن علي عن ابن عيينة، عن يحيى، عن بُشير، عن حصين: "أخبرته عمّته أسماء". حكاه الدارقطني وقال: "ليس ذلك بمحفوظ -يريد الاسم-" (¬3). ولم يخرّج البخاري ولا مسلم لعمّة حصين شيئًا. ¬

_ (¬1) أخرجه في الكبرى (5/ 311، 312) (رقم: 8964، 8969). (¬2) أخرجه من طريق الليث بن سعد، ويعلى بن عبيد، ويحيى بن سعيد القطان، ويزيد بن هارون، ومالك بن أنس، خمستهم عن يحيى بن سعيد، عن بُشير بن يسار، عن حصين بن محصن به. وكذا أخرجه من طريق الأوزاعي عن يحيى بن سعيد، عن بشير بن يسار عن عبد الله بن محصن، عن عمة له نحوه. قال المزي: "كذا قال: "عبد الله بن محصن" وإنما هو "حصين بن محصن"، وقد رواه الحمادان وسليمان بن بلال وإبراهيم بن طهمان وأبو خالد الأحمر وعلي بن مسهر ويحيى بن سعيد كذلك. السنن الكبرى (5/ 310 - 312)، وتحفة الأشراف (13/ 114). قلت: الحديث من طريق الحمادين وسليمان بن بلال عند الطبراني في المعجم الكبير (25/ 183 / 448 - 450) ومن طريق علي بن مسهر عند ابن أبي شيبة في المصنف (4/ 304). وأخرجه أحمد أيضًا في مسنده (4/ 341) و (6/ 419) عن يزيد بن هارون، ويحيى بن سعيد، ويعلى بن عبيد، والحميدي في مسنده (1/ 172) (رقم: 355) عن ابن عيينة، ومن طريقه الحاكم (2/ 189)، والبيهقي في السنن (7/ 291)، والطبراني في المعجم الأوسط (1/ 168) (رقم: 528) من طريق الأوزاعي، كلهم عن يحيى بن سعيد، عن بشير بن يسار عن حصين به. قال الحاكم: "صحيح ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي". وقال الهيثمي في المجمع (4/ 306): "رجاله رجال الصحيح خلا حصين وهو ثقة". وقال المنذري في الترغيب والترهيب (2/ 672) (رقم: 2888): "رواه أحمد والنسائي بإسنادين جيّدين، والحاكم وقال: صحيح الإسناد". (¬3) العلل (5 / ل: 226 / ب- 227 / أ).

وخرّج ابن أبي شيبة هذا الحديث في المسند، وترجم عليه: عمة حصين، ولم يسمّها (¬1). فصل: وفي الزيادات أحاديث مرسلة، منها حديث لربيعة بن أبي عبد الرحمن، وحديث لمحمد بن سيرين، وحديث لصفوان بن سليم، وحديث لعبد الله بن أبي بكر بن حزم، وحديث لعروة بن الزبير، وحديث لسعيد بن المسيب، وحديث لسليمان بن يسار، وحديث لأبي النضر، وحديث لعمر بن عبد العزيز، وحديث لمالك، والكلُّ مذكورٌ في المراسيل. آخر القسم الرابع وفيه من الصحابة اثنان وعشرون، منهم خمسة تكرّر حديثهم، وخمسة عشر تقدّم ذكرهم، أحدهم مختلف فيه. فالمزيد من الصحابة ثمانية، في أحدهم خُلف، ومنهم ثلاثة لا يُعدّ حديثهم، وجملة الأحاديث المزيدة (¬2). ¬

_ (¬1) قلت: وهكذا فعل الإمام أحمد في المسند (6/ 419)، وقال الطبراني في المعجم الكبير (25/ 183): "نساء غير مسميات ممن لهن صحبة" ثم ساق حديثها من طرق. وأورده الحافظ في مسانيد من لم يسمّ من النساء الصحابيات على معجم الرواة عنهن. انظر: أطراف المسند (9/ 479، 480). (¬2) كُتب بعده بخط صغير "كذا وجدته"، وقد بلغت جملة الأحاديث المزيدة ثمانية وخمسين حديثًا.

القسم الخامس: في المراسل

القسم الخامس: في المراسل حرف الألف فيه رجل واحد 1 - مرسل إسماعيل بن أبي حَكيم هو مولًى، وكثر الخلاف في نسبة وَلائه (¬1). حديث واحد، وتقدّم له مسند عن أبي هريرة بواسطة (¬2). 1 / حديث: "إن الله لا يَمَلُّ حتى تَمَلُّوا، اكْلَفُوا (¬3) من العمل ما لكم به طاقة ... ". وفيه: قصة الحولاء بنت تُوَيت، وأنها كانت لا تنام اللّيل. ¬

_ (¬1) قال البخاري وابن أبي حاتم: "هو مولى عثمان بن عفان، وقيل: مولى الزبير بن العوام، وقيل: مولى أم خالد بنت خالد بن سعيد بن العاص، زوجة الزبير بن العوام، وجمع ابن معين بين القولين الأخيرين فقال: "هو مولى أم خالد بنت خالد بن سعيد بن العاص، تزوجها الزبير، وكان معهم فقيل: مولى الزبير". انظر: التاريخ الكبير (1/ 350)، والجرح والتعديل (2/ 164)، وتهذيب الكمال (3/ 63). (¬2) انظر: (3/ 531). (¬3) من كَلِفَ به، كفَرِحَ: أُولِعَ، وكَلِفْتُه إذا تحمّلته. النهاية (4/ 196)، والقاموس المحيط (ص: 1099).

في صلاة الليل عن إسماعيل أنه بلغه (¬1). وللقعنبي في الزّيادات نحوه مسندًا عن عائشة (¬2)، وهو محفوظٌ لها مُخَرَّجٌ في الصحيح (¬3). فصل: الحَوْلاء (¬4) هي: بنتُ تُوَيت بنِ حَبِيب بن أسَد بن عبد العزَّى بنِ قُصَي القُرَشِيَّة الأسَدِيَة، وتُويت بتائين متطرّفتين، معجمتين بنقطتين نقطتين (¬5). وإسماعيل بن أبي حكيم، تابعيٌّ (¬6)، روى عن بعض الصحابة في غير الموطأ (¬7)، روى مالك عنه (¬8)، وعن يحيى بن سعيد، عنه (¬9). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: صلاة الليل، باب: ما جاء في صلاة الليل (1/ 117) (رقم: 4). (¬2) تقدّم حديثها (4/ 468). (¬3) انظر: صحيح البخاري، كتاب: الإيمان، باب: أحب الدين إلى الله أدومه (1/ 30) (رقم: 43)، وصحيح مسلم، كتاب: صلاة المسافرين، باب: أمر من نعس في صلاته أو استعجم عليه القرآن (1/ 542) (رقم: 221). (¬4) بفتح حاءٍ مهملة، وسكون واوٍ وبمدٍّ. المغني في ضبط الأسماء (ص: 84). (¬5) أولاهما مضمومة، وهي صحابية، أسلمت وبايعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكانت من المجتهدات في العبادة. انظر: الطبقات الكبرى (8/ 193)، ونسب قريش (ص: 211)، والمؤتلف والمختلف لعبد الغني الأزدي (ص: 19)، والاستيعاب (12/ 166، 167)، وأسد الغابة (7/ 76)، وتوضيح المشتبه (1/ 673)، والإصابة (12/ 207)، وتبصير المنتبه (1/ 112). (¬6) انظر: ذكر أسماء التابعين للدارقطني (2/ 23)، ومشاهير علماء الأمصار (ص: 131) (رقم: 1033). (¬7) تتبعت التابعين الرواة عن الصحابة ممن لهم رواية في الكتب الستة في تحفة الأشراف فلم أقف على رواية له من الصحابة، فلعله في غير الستة، لكن الذي يضعف هذا الاحتمال هو أن المزي لم يذكر صحابيًّا في شيوخه، وجعله ابن حجر أيضًا في السادسة، وهم الذين عاصروا الطبقة الصغرى من التابعين ممن لم يثبت لهم لقاء أحد من الصحابة. انظر: تهذيب الكمال (3/ 63)، والتقريب (رقم: 435). (¬8) لمالك عنه أربعة أحاديث، أحدها مسند والثلاثة مرسلة. انظر: الموطأ (1/ 68، 117، 316)، (2/ 680). (¬9) لم أقف عليه.

حرف الباء

حرف الباء رجلان 2 - مرسل بُشَير بن يَسار مولى بني حارثة من الأنصار - وهو تابعي - (¬1). حديث واحد، وتقدّم له مسند عن سويد وغيره (¬2). 2 / حديث: "القسامة". عن يحيى بن سعيد، عن بُشَير بن يسار أن عبدَ الله بن سهل ومحيِّصةَ بن مسعود خرجا إلى خيبر فتفرّقا في حوائجهما، فقُتِلَ عبدُ الله بن سهل ... فيه: "أتحلفون خمسين يمينًا، وتستحقّون دمَ صاحبكم"، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "فتبرئكم يهود بخمسين يمينًا"، وقول بُشَير: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ودّاه من عنده" (¬3). روى هذا الحديث ابن عيينة، وجماعة عن يحيى بن سعيد عن بُشَير عن سهل بن أبي حثمة. ¬

_ (¬1) أدرك عامة أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا سيما من أهل داره من بني حارثة كرافع بن خديج وسويد بن النعمان، وسهل بن أبي حثمة. وقد جعله الحافظ من الطبقة الثالثة من الرواة، وهي الطبقة الوسطى من التابعين كالحسن وابن سيرين. انظر: الطبقات الكبرى (5/ 232) وذكر أسماء التابعين (1/ 84)، والتقريب (رقم: 730). (¬2) انظر روايته عن سويد بن النعمان (3/ 127)، وعن أبي بردة بن نيار (3/ 153). (¬3) الموطأ كتاب: القسامة، باب: تبرئة أهل الدم في القسامة (2/ 669) (رقم: 2). وأخرجه النسائي في السنن كتاب: القسامة، باب: ذكر اختلاف ألفاظ الناقلين لخبر سهل فيه (7/ 379) (رقم: 4732) من طريق ابن القاسم، عن مالك به.

ورواه حمّاد بن زيد وغيره عن يحيى بن سعيد، عن بُشَير عن سهل ورافع بن خديج معًا، وذكروا في آخره قول سهل في ركض الناقة (¬1). خُرِّج في الصحيحين على الوجهين (¬2). وليس في شيء من طرقه أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - سأل المدّعين البيِّنة إلّا في رواية سعيد بن عُبيد عن بُشير (¬3)، خرَّجه البخاري في الصّحيح عنه، وذكر هذه الزيادة (¬4). واختصرها مسلم في المسند فلم يذكر عن سعيد سؤال البيِّنة (¬5). وقال في التميز: "ذلك وهم انفرد به سعيد بن عُبيد"، وساق الحديث من طرق، وذكر فيه خلافا في موضعين آخرين: ¬

_ (¬1) هو: "فدخلتُ مربدًا لهم يومًا، فركضتني ناقة من تلك الإبل ركضة برجلها". (¬2) الحديث من طريق سهل وحده، أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الجزية والموادعة، باب: الموادعة والمصالحة مع المشركين (2/ 412) (رقم: 3173) من طريق بشر بن المفضل، وفي: الأدب، باب: إكرام الكبير (4/ 117، 118) (رقم: 6143) من طريق ابن عيينة -معلقًا-. ومسلم في صحيحه كتاب: القسامة، باب: القسامة (3/ 1293) (رقم: 2، 3، 4) من طريق بشر بن المفضل، وسفيان بن عيينة موصولًا، وعبد الوهاب الثقفي، وسليمان بن بلال، وهشيم، كلهم عن يحيى بن سعيد به. ومن طريق سهل ورافع معًا أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الأدب، باب: إكرام الكبير (4/ 117) (رقم: 6142) من طريق حماد بن زيد. ومسلم في الموضع السابق أيضًا (3/ 1291، 1292) (رقم: 221) من طريق حماد بن زيد وليث بن سعد كلاهما عن يحيى بن سعيد به. (¬3) تصحّف في الأصل إلى: "بِشر". (¬4) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الديات، باب: القسامة (4/ 272) (رقم: 6898) من طريق أبي نعيم عن سعيد بن عُبيد به، وفيه قوله - صلى الله عليه وسلم -: "تأتون بالبينة على من قتله؟ ". (¬5) انظر: صحيح مسلم (3/ 1294) (رقم: 5)، وذكره أبو عبيدة مشهور بن حسن مثالًا لتوضيح منهج الإمام مسلم في الحديث المعلّ من أنه يخرج الحديث الصحيح، ويحذف منه موطن العلّة. انظر: الإمام مسلم بن الحجاج ومنهجه في الصحيح (2/ 540، 541).

أحدهما: تبدية المدّعى عليهم باليمين. والآخر: إغرام اليهود الديّة، وَوَهَّن ذلك وضعّفه، وقال: "حديث بُشير بن يسار في القسامة أقوى الأحاديث وأصحّها" (¬1)، انظره في مسند ¬

_ (¬1) قال الإمام مسلم: "ومن الحديث الذي نُقل على الوهم في متنه ولم يحفظ ... ". فساق رواية سعيد بن عُبيد بإسناده ثم قال: "هذا خبر لم يحفظه سعيد بن عُبيد على صحته، ودخله الوهم حتى أغفل موضع حكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على جهته ... "، ثم ساق رواية يحيى بن سعيد من طرق عنه، وكذا رواية ابن شهاب عن أبي سلمة وسليمان بن يسار عن رجل من الأنصار ثم قال: "فقد ذكرنا جملة من أخبار أهل القسامة في الدم عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكلها مذكور فيها سؤال النبي - صلى الله عليه وسلم - إياهم قسامة خمسين يمينًا، وليس في شيء من أخبارهم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سألهم البينة إلا ما ذكر سعيد بن عُبيد في خبره، وترك سعيد القسامة في الخبر فلم يذكره، وتواطؤ هذه الأخبار التي ذكرناها بخلاف رواية سعيد يقضي على سعيد بالغلط والوهم في خبر القسامة، وغير مشكل على من عقل التمييز من الحفاظ من نقلة الأخبار ومن ليس كمثلهم أن يحيى بن سعيد أحفظ من سعيد بن عُبيد، وأرفع منه شأنًا في طريق العلم وأسبابه، فلو لم يكن إلا خلاف يحيى إياه حين اجتمعا في الرواية عن بُشير بن يسار لكان الأمر واضحًا في أن أولاهما بالحفظ يحيى بن سعيد ورافع لما خالفه". التمييز (ص: 191 - 194). وقد أعلّها الإمام أحمد أيضًا فيما حكاه الأثرم عنه أنه قال: "الصحيح عن بُشير بن يسار ما رواه عنه يحيى بن سعيد"، ذكره ابن عبد البر وقال مقررًا له: "هذه رواية أهل العراق عن بُشير بن يسار، ورواية أهل المدينة عنه أثبت -إن شاء الله- وهم به أقعد، ونقلهم أصح عند أهل العلم". التمهيد (23/ 209). هكذا أعلّوا رواية سعيد بن عبيد لمخالفته من هو أحفظ منه وهو يحيى بن سعيد، لكن رواية سعيد بن عبيد أخرجها البخاري في صحيحه كما تقدم، وهو ثقة مثل يحيى بن سعيد، روى له الشيخان في صحيحيهما فيقال: حفظ أحدهم ما لم يحفظ الآخر، فيحمل على أنه طلب البينة أولًا فلم تكن لهم بينة، فعرض عليهم الأيمان فامتنعوا، فعرض عليهم تحليف المدّعى عليهم فأبوا. ذكره ابن حجر ثم قال: "قد وجدنا لطلب البينة في هذه القصة شاهدًا من وجه آخر أخرجه النسائي من طريق عبد الله بن الأخنس عن عمرو بن شعيب عن أبيه، عن جده أن ابن محيّصة الأصغر أصبح قتيلًا على أبواب خيبر فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أقم شاهدين على من قتله أدفعه إليك برمته"، ثم قال: "وهذا السند صحيح حسن، وهو نص في الحمل الذي ذكرته فتعيّن المصير إليه". ثم ذكر شاهدًا آخر من حديث رافع بن خديج قال: "أصبح رجل من الأنصار بخيبر =

سهل (¬1). وبُشير هذا، بالشين المعجمة، وضمّ الباء مصغّرًا (¬2). وقال ابن معين: "ليس هو أخو سليمان بن يسار، سليمان هو مولى ميمونة" (¬3). قال الشيخ أبو العباس - رضي الله عنه -: وكذلك سعيد بن يسار أبو الحباب، وسعيد بن يسار أخو الحسن بن أبي الحسن البصري هم أشتات لا نسبة بينهم (¬4). ¬

_ = مقتولًا، فانطلق أولياؤه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "لكم شاهدان يشهدان على قتل صاحبكم؟ ". فتح الباري (12/ 244)، وانظر: حديث عمرو بن العاص عند النسائي في السنن، كتاب: القسامة، باب: ذكر اختلاف ألفاظ الناقلين لخبر سهل فيه (8/ 380) (رقم: 4734)، وحديث رافع بن خديج عند أبي داود في السنن كتاب: الديات، باب: في ترك القوَد بالقسامة (4/ 661) (رقم: 4524). وأما تبدئة المدّعى عليهم باليمين وهم اليهود وإغرامهم بالدية فهما في مرسل الحسن عند عبد الرزاق في المصنف (10/ 29) (رقم: 18255) ومن طريقه أخرجه مسلم في التمييز (ص: 193) ثم رجح رواية بشير وقال: "إنه أقوى الأحاديث في القسامة وأصحها". (¬1) انظر: (3/ 117). (¬2) انظر: المؤتلف والمختلف لعبد الغني الأزدي (ص: 8)، والإكمال لابن ماكولا (1/ 298)، وتوضيح المشتبه (1/ 536)، وتبصير المنتبه (1/ 91). (¬3) انظر: التاريخ -رواية الدوري عنه - (2/ 61). (¬4) سعيد بن يسار هو أبو الحباب المدني، اختلف في ولائه؛ فقيل: مولى الحسن بن علي، وقيل: مولى بني النجار، وقيل: مولى شقران مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، روى عن أبي هريرة وزيد بن خالد، وعنه سعيد المقبري، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وسهيل بن أبي صالح وغيرهم. وأما سعيد بن أبي الحسن أخو الحسن البصري فهو مولى زيد بن ثابت، واسم أبي الحسن يسار، سمع عبد الله بن عباس، وعنه قتادة وعوف الأعرابي وغيرهما. قال الخطيب: "ليس تجئ الرواية عنه إلا منسوبًا فيها إلى كنية أبيه دون اسمه ولا إشكال يقع في ذلك". انظر: تلخيص المتشابه في الرسم (2/ 602 - 603، 801)، وتهذيب الكمال (11/ 120) (10/ 385)، والتقريب (رقم: 2423، 2284).

3 - مرسل بسر بن سعيد مولى الحضرميين

3 - مرسل بُسر بن سعيد مولى الحضرميّين وقيل: كان ينزلُ دارَهم فلذلك نُسِب إليهم (¬1)، وهو تابعيّ (¬2)، روى مالكٌ عنه بواسطة. له حديثان، وتقدّم له مسند عن زيد بن ثابت (¬3)، وأبي هريرة (¬4)، وغيرهما (¬5). 3 / حديث: "إذا شَهِدَتْ إِحْدَاكُنَّ صلاةَ العِشَاءِ فلا تَمَسَّنَّ طِيبًا". في الصلاة عند آخره. بلغه، عن بُسر بن سعيد (¬6). قال الشيخ: ورواه مخرمة بن بكير عن أبيه بكير بن عبد الله بن الأشجّ، عن بُسر بن سعيد، عن زينب الثقفيّة امرأةِ عبد الله بن مسعود. خرَّجه مسلم من طريق محمد بن عجلان عن بُكير، ومن طريق مخرمة بن بُكير عن أبيه (¬7). ¬

_ (¬1) انظر: الطبقات الكبرى (5/ 214)، والثقات لابن حبان (4/ 79)، ورجال الموطأ (ل: 10 / أ). (¬2) ذكره ابن سعد في الطبقة الثانية من تابعي أهل المدينة. انظر: الطبقات الكبرى (5/ 214، 215)، وذكر أسماء التابعين (1/ 82)، والتقريب (رقم: 666). (¬3) انظر: (2/ 161). (¬4) انظر: (3/ 348). (¬5) كأبي جهيم الأنصاري وأبي موسى الأشعري، انظر: حديث (3/ 158، 194). وتقدّم له مسند عن خولة بنت حكيم بواسطة، انظر حديث (4/ 302). (¬6) الموطأ كتاب: القبلة، باب: ما جاء في خروج النساء إلى المساجد (1/ 175) (رقم: 13). (¬7) انظر: صحيح مسلم، كتاب: الصلاة، باب: خروج النساء إلى المساجد إذا لم يترتّب عليه فتنة، وأنها لا تخرج مطيَّبة (1/ 328) (رقم: 141، 142).

وفي هذا نظر؛ قال الدارقطني في كتاب الاستدراكات: "قال أحمد بن حنبل عن حمّاد بن خالد: قلت لمخرمة: سمعت من أبيك شيئًا؟ قال: لا" (¬1). قال الشيخ أبو العباس رضي لله عنه: وقد رُوي عن محمد بن عجلان، عن بكير ويعقوب، عن بُسر، عن زينب (¬2). وهكذا قال فيه الزهري وغيره: عن بُسر، عن زينب (¬3). ورواه يزيد بن خُصَيفَة عن بسر عن أبي هريرة (¬4). ¬

_ (¬1) انظر: التتبع (ص: 283)، وهو في العلل ومعرفة الرجال (1/ 316) (3/ 362). وتقدَّم الكلام في سماع مخرمة من أبيه (2/ 312 - 314). (¬2) رواية ابن عجلان عن بكير، عن بُسر، عن زينب، أخرجها مسلم في صحيحه (1/ 328) (رقم: 142) من طريق يحيى بن سعيد القطان. والنسائي في السنن كتاب: الزينة، باب: النهي للمرأة أن تشهد الصلاة إذا أصابت من البخور (8/ 533) (رقم: 5145) من طريق جرير بن عبد الحميد كلاهما عن ابن عجلان به. وروايته عن يعقوب أخرجها النسائي في السنن (8/ 533) (رقم: 5144) من طريق وهيب عنه، وقال: "حديث يحيى وجرير أولى بالصواب من حديث وهيب بن خالد". قلت: وتابعهما: - الثوري وابن عيينة عند الطبراني في المعجم الكبير (24/ 283) (رقم: 718، 719). - وروح بن القاسم عند البيهقي في السنن الكبرى (3/ 133). - وعبيد الله بن أبي جعفر وابن لهيعة كما ذكرهما الدارقطني في العلل (9/ 77). (¬3) أخرجه النسائي في السنن (8/ 534) (رقم: 5149)، والدارقطني في العلل (9/ 86، 87) من طريق حجاج، عن ابن جريج، عن زياد بن سعد عن الزهري عن بسر عنها، وقال: "هذا غير محفوظ من حديث الزهري"، وكشف ابن معين عن علته فقال فيما نقله عنه أبو زرعة: "رأيت هذا الحديث في كتاب حجاج عن ابن جريج عن زياد عن بسر ليس فيه الزهري". العلل لابن أبي حاتم (1/ 79). وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير (24/ 285) (رقم: 724) من طريق الحارث بن عبد الرحمن بن أبي ذباب. (¬4) أخرجه مسلم في صحيحه كتاب: الصلاة، باب: خروج النساء إلى المساجد إذا لم يترتّب عليه فتنة، وأنَّها لا تخرج مطيّبة (1/ 328) (رقم: 143).

ورُويَ هكذا عن ابن عيينة، عن ابن عجلان، عن يعقوب بن عبد الله بن الأشجّ (¬1). قال الدارقطني في كتاب العلل: "والقول قول من أسنده عن زينب" (¬2). وقال ابن معين: "بلغه أن مالكًا كان يستعير كتبَ بُكير فينظر فيها، ويحدث عنها ولم يلقه" (¬3). ¬

_ (¬1) لم أقف عليه، وقد تقدّم أن الطبراني أخرجه في الكبير (24/ 283) (رقم: 719) من طريق ابن عيينة، عن محمد بن عجلان، عن بكير، عن بسر كرواية جرير ومن تابعه. (¬2) العلل (9/ 80). وقد ورد سبب ترجيح هذا القول عند النسائي في السنن كتاب: الزينة، باب: للمرأة أن تشهد الصلاة إذا أصابت من البخور (8/ 532) (رقم: 143)، حيث قال: "لا أعلم أحدًا تابع يزيد بن خُصيفة عن بسر بن سعيد على قوله: "عن أبي هريرة"، وقد خالفه يعقوب بن عبد الله بن الأشجّ رواه عن زينب الثقفية". قلت: وهكذا رواه بكير بن الأشج، والحارث بن عبد الرحمن -كما تقدم- وقد حمل ابن عبد البر في التمهيد (24/ 172) الخطأ على أبي علقمة الفروي حيث قال: "هو عندي خطأ، وليس في الإسناد من يتهم بالخطأ فيه إلا أبو علقمة الفروي فإنه كثير الخطأ جدًّا! ! والحديث إنما هو لبسر بن سعيد عن زينب الثقفية". هكذا وصفه بأنه كثير الخطأ جدا، وقد وثقه ابن معين والنسائي، وقال أبو حاتم: ليس به بأس، بل نقل ابن عبد البر نفسه عن علي بن المديني أنه قال: "كان ثقة، ما أعلم أني رأيت بالمدينة أثبت"، وعلى هذا فالحمل فيه على شيخه يزيد أولى كما قال النسائي وهو وإن كان ثقة إلا أنه تفرّد به عن بقية أصحاب بسر. انظر ترجمة أبي علقمة في: تاريخ ابن معين (2/ 329 - رواية الدوري-)، والجرح والتعديل (5/ 155)، والاستغناء (2/ 854)، وتهذيب الكمال (16/ 63). (¬3) ذكره ابن عبد البر في التمهيد (24/ 202) عن ابن البرقي عنه. قلت: ولعلّ سبب عدم لقاء مالك به أحد الأمرين: الأول: خروج بكير إلى مصر قديمًا ونزوله بها، كما قاله العجلي. الثاني: كثرة ملازمته للثغور مما أدى إلى قلّة الرواية عنه، كما قاله الواقدي. وأما ما ذكره ابن البرقي عن علي بن المديني أن مالكًا ترك بكيرًا لكونه سيء الرأي في ربيعة فغير =

4 / حديث: "فيما سقت السّماءُ والعيونُ، والبَعل (¬1) العشر، وما سُقِيَ بالنَّضح نصف العشر". في الزكاة، باب ما يُخْرَص من الثمار. عن الثقة عنده، عن سليمان بن يسار، وعن بُسر بن سعيد (¬2). أسنده الحارث بن عبد الرحمن بن أبي ذُباب، عن بسر وسليمان، عن أبي هريرة. خرّجه يحيى السّاجي في كتابه، وقال: "تفرد به عاصم الأشجعي عنه، والحارث مدينّي ليس بالقوي" (¬3). ¬

_ = مسلم؛ لأن مالكًا لم يكن يذكر بكيرًا إلا ويقول: "كان من العلماء"، ثم إن ابن المديني لم يجزم بذلك بل قال: "فأظنه تركه". انظر: الطبقات الكبرى (5/ 411)، ومعرفة الثقات (1/ 254)، وتهذيب التهذيب (1/ 432). (¬1) البَعل: هو ما شرب من النخيل بعروقه من الأرض من غير سقي سماء ولا غيرها. النهاية (1/ 141). (¬2) الموطأ كتاب: الزكاة، باب: ما يخرص من ثمار النخيل والأعناب (1/ 227) (رقم: 33). (¬3) لعلّه يعني بكتاب الساجي الضعفاء له، وهو مفقود، وقد طبعت نقولات منه مع تعليقات الدارقطني على المجروحين، وليس فيه هذا الحديث، لكن أخرجه الترمذي في السنن كتاب: الزكاة، باب: ما جاء في زكاة الخضروات (3/ 31) (رقم: 639). وابن ماجه في السنن كتاب: الزكاة، باب: صدقة الزروع والثمار (1/ 58) (رقم: 1816) عن إسحاق بن موسى الأنصاري، عن عاصم بن عبد العزيز المدني عن الحارث به. قال الترمذي: "وقد رُوي هذا الحديث عن بكير بن عبد الله بن الأشج عن سليمان بن يسار وبسر بن سعيد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلًا، وكأن هذا أصح". وقال الدارقطني: "يرويه الحارث بن عبد الرحمن بن أبي ذباب عنهما عن أبي هريرة، قاله عنه عباس بن أبي شملة وعاصم بن عبد العزيز، وخالفهم مالك عن الثقة عنده عن سليمان بن يسار وبسر بن سعيد مرسلًا، ورواه الليث عن بكير بن الأشج عن بسر مرسلًا أيضًا، والحارث بن عبد الرحمن بن أبي ذباب ليس بالقوي عندهم، هو من أهل المدينة". العلل (10/ 319 - 320). =

وخرّجه البخاري بإسناد آخر عن ابن عمر (¬1)، وخرّجه مسلم عن جابر (¬2)، وخرّجه النسائي عنهما، وعن معاذ (¬3). وقال أبو محمد بن شراحيل القرظي: "سألت النسائي عن هذه الأحاديث فقال: ليس فيها حديث كما ينبغي، أخاف أن تكون موقوفة" (¬4). قال الشيخ أبو العباس - رضي الله عنه -: والثقة عند مالك مختلف فيه: قال محمد بن الحسن: "قلت ليحيى بن معين: إنّ مالكا يقول: حدّثني الثقة، فمن هو؟ قال: مخرمة بن بكير" (¬5). ¬

_ = وقال البيهقي: "هذا الحديث مستغن عن رواية ابن أبي ذباب، فقد رويناه بإسنادين صحيحين عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وبإسناد صحيح عن جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -". السنن الكبرى (4/ 130). (¬1) أخرجه في صحيحه كتاب: الزكاة، باب: العشر فيما يسقى من ماء السماء وبالماء الجاري (1/ 460) (رقم: 1483) من طريق الزهري عن سالم عنه. (¬2) انظر: صحيح مسلم كتاب: الزكاة، باب: ما فيه العشر أو نصف العشر (2/ 675) (رقم: 7). (¬3) أخرجه في السنن كتاب: الزكاة، باب: ما يوجب العشر وما يوجب نصف العشر (5/ 43، 44) (رقم: 2487 - 2489). (¬4) لم أقف على قول النسائي هذا لكن رجح أبو زرعة أيضًا وقفه عن ابن عمر فقط، فقال: "الصحيح عن ابن عمر موقوف". العلل (1/ 224). قلت: الصحيح وإن كان وقفه إلا أنه في حكم المرفوع، وأبو محمد بن شراحيل هذا إن كان يحيى بن شراحيل فقد تقدَّم. (¬5) لم أقف عليه في الروايات المطبوعة عن يحيى بن معين، وقد وضع الدكتور أحمد نور سيف في دراسته لتاريخ ابن معين برواية الدوري ملحقًا أورد فيه من نقل نصوصًا عن يحيى بن معين، وليس فيهم محمد بن الحسن هذا، لكن كون مخرمة بن بكير هو الثقة عند مالك قاله أيضًا بن أخته إسماعيل بن أبي أويس، فقد روى ابن أبي حاتم عن أبيه أنه قال: "سألت إسماعيل بن أبي أويس قلت: هذا الذي يقول مالك بن أنس: حدثني الثقة، من هو؟ قال: مخرمة بن بكير بن الأشج". وقال الطبراني: "كل ما رواه مالك عن الثقة عنده فهو مخرمة". =

وقال ابن أبي خيثمة: "سمعت يحيى بن معين يقول: مخرمة بن بكير، يقال: إنه وقع إليه كتاب أبيه، فرواه ولم يسمعه" (¬1). واستشهد مسلم بمخرمة بن بكير (¬2)، وأما البخاري فلم يخرِّج له شيئًا. قال الشيخ أبو العباس: وهذا الحديث مجمل يقتضي وجوب الزكاة في القليل والكثير (¬3)، والنصاب معتبر في حديث أبي سعيد الخدري، وهو المفسِّر لهذا (¬4)، وقد تقدّم في مسنده (¬5). وبُسر بالسين المهملة، وضم الأول من غير ياء (¬6). ¬

_ = انظر: الجرح والتعديل (8/ 363)، والمعجم الصغير (ص: 126)، وتهذيب الكمال (27/ 326). قلت: جملة ما في الموطأ مما يرويه مالك عن الثقة عنده خمسة أحاديث، وليس الثقة عنده في هذه المواضع كلها رجلا واحدًا وإن كان مخرمة هو المتعين في هذا الحديث، فقد يكون الثقة عمرو بن الحارث، وقد يكون عبد الله بن لهيعة وقد يكون غيرهما. انظر: حديث عبد الله بن عمرو بن العاص في بيع العربان (ل: 67 / أ)، وحديث أبي قتادة في النبيذ (ل: 95 / أ)، وتعجيل المنفعة (2/ 625). (¬1) ذكره ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (8/ 363)، وهكذا رواه عنه ابن محرز في معرفة الرجال (1/ 56). (¬2) انظر: رجال صحيح مسلم (2/ 242). (¬3) وبه قال أبو حنيفة وزفر. انظر: الحجة للشيباني (1/ 497 - 499)، والآثار له (ص: 60) (رقم: 301)، ومختصر الأحكام للطحاوي (1/ 453)، والتمهيد (24/ 166). (¬4) هكذا قال الإمام البخاري أيضًا، وهو مذهب الجمهور. انظر: صحيح البخاري كتاب: الزكاة، باب: ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة (1/ 239)، وشرح السنة (3/ 321)، وبداية المجتهد (1/ 265). (¬5) تقدَّم حديثه (3/ 240). (¬6) انظر: المؤتلف والمختلف لعبد الغني بن سعيد (ص: 8)، والإكمال لابن ماكولا (1/ 269)، وتوضيح المشتبه (1/ 524).

حرف الثاء

حرف الثاء رجل واحد 4 - مرسل ثور بن زيد الدّيلي ثلاثة أحاديث، وتقدّم له مسند عن أبي هريرة بواسطة (¬1)، وعن ابن عباس مقطوعا (¬2). 5/ حديث: "رأى رجلًا قائمًا في الشمس فقال: ما بالُ هذا؟ قالوا (¬3): نذر ألّا يتكلّم، ولا يستظلّ، ولا يجلس، ويصوم ... ". في باب: ما لا يجوز من النذر (¬4). عن حُميد بن قيس، وثور بن زيد. هذا لابن عباس، خرّجه البخاري من طريق عكرمة عنه (¬5). والقائم في الشمس هو أبو إسرائيل رجل من الأنصار (¬6)، قيل: اسمه ¬

_ (¬1) انظر: (3/ 527). (¬2) انظر: (2/ 558). (¬3) في الأصل: "قال" بصيغة الإفراد، وهو خطأ. (¬4) الموطأ كتاب: النذور والأيمان، باب: ما لا يجوز من النذور في معصية الله (2/ 378) (رقم: 6). (¬5) أخرجه في الصحيح، كتاب: الأيمان والنذور، باب: النذر فيما لا يملك وفي معصية (4/ 229) (رقم: 6704). (¬6) كون الرجل هو أبو إسرائيل لا خلاف فيه، فقد ورد التصريح به في حديث ابن عباس عند البخاري وغيره، وهو قول الخطيب البغدادي وابن بشكوال وغيرهما لكن كونه رجلًا من =

يُسير، بالياء المعجمة باثنتين من تحتها، والسين المهملة (¬1). وقيل: قُشير، بالقاف، والشين المعجمة، وهو مصغّر (¬2). 6 / حديث: "أيُّما دار أو أرض قسمت في الجاهليّة فهي على قسم الجاهلية ... ". وذكر قسمَ الإسلام. في الأقضية، باب قسم الأموال. عن ثور بن زيد قال: بلغني (¬3). هكذا في الموطأ (¬4). وأسنده إبراهيم بن طهمان عن مالك، عن ثور، عن عكرمة، عن ابن عباس (¬5). ¬

_ = الأنصار فيه نظر لما ورد عند الخطيب في حديث ابن عباس: "فنظر إلى رجل من قريش من بني عامر بن لؤي يقال له أبو إسرائيل ... ، وبه جزم الحافظ في الفتح، وكون ابن بشكوال قد عزاه إلى فهر لا يتعارض مع ما ذكره الخطيب؛ لأن عامر بن لؤي هو بن غالب بن فهر كما قاله ابن قتيبة في المعارف (ص: 68). انظر: صحيح البخاري (4/ 229)، والأسماء المبهمة في الأنباء المحكمة (ص: 273)، والاستيعاب (11/ 119)، والغوامض والمبهمات (1/ 272)، وأسد الغابة (6/ 9)، والإشارات للنووي (ص: 7)، والمستفاد لأبي زرعة (1/ 753)، وفتح الباري (11/ 598). (¬1) قاله ابن عبد البر في الاستيعاب (11/ 119)، وابن بشكوال في الغوامض (1/ 272). (¬2) عزاه الحافظ إلى ابن السكن والبارودي. الإصابة (11/ 12). (¬3) الموطأ كتاب: الأقضية، باب: القضاء في قسم الأموال (2/ 572) (رقم: 35). (¬4) انظر الموطأ برواية: أبي مصعب الزهري (2/ 469) (رقم: 2902)، وسويد (ص: 278) (رقم: 603)، وابن بكير (ل: 119 / ب) - الظاهرية-. قال ابن عبد البر: "هكذا هذا الحديث في الموطأ لم يتجاوز به ثور بن زيد أنه بلغه عند جماعة رواة الموطأ والله أعلم". التمهيد (2/ 48). (¬5) انظر: مشيخة ابن طهمان (ص: 137) (رقم: 79)، وذكره ابن عبد البر ثم قال: "تفرد به عن مالك بهذا الإسناد، وهو ثقة". التمهيد (2/ 48).

وهو محفوظ لأبي الشعثاء جابر بن زيد عن ابن عباس، خرّجه ابن سنجر والبزار (¬1). 7 / حديث: "عن ثور بن زيد أن الرَّجل كان يطلّق امرأته ثم يراجعها ولا حاجة له بها ... ". فيه: "فأنزل الله تعالى: {وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا} (¬2) ". في جامع الطلاق (¬3). يدخل هذا في المرفوع؛ لأنه إخبار عن نزول القرآن على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وعن السبب الذي نزل فيه، وقد بيَّنا وجه رفعه (¬4). وخرّج أبو بكر بن المنذر في تفسيره عن السدّي في هذه الآية قال: "نزلت في ثابت بن يسار، طلّق امرأته حتى إذا انقضت عدّتها إلّا يومين أو ثلاثة راجعها، فَعَلَ ذلك مضارًّا حتى مضت لها تسعة أشهر؛ فأنزل الله في ¬

_ (¬1) الحديث من طريق ابن سنجر أورده ابن عبد البر في التمهيد (2/ 48، 49)، وأخرجه البزار في مسنده (ل: 158 / أ) وكذا أبو داود في السنن، كتاب: الفرائض، باب: فيمن أسلم على ميراث (3/ 330) (رقم: 2914)، وابن ماجه في السنن كتاب: الأحكام، باب: قسمة الماء (2/ 831) (رقم: 2485)، وأبو يعلى في مسنده (4/ 147) (رقم: 2359)، والبيهقي في السنن الكبرى (9/ 122) كلهم من طريق عمرو بن دينار عن أبي الشعثاء به، وسنده حسن. (¬2) سورة البقرة، الآية: (231). (¬3) الموطأ كتاب: الطلاق، باب: جامع الطلاق (2/ 459، 460) (رقم: 81). وأخرجه ابن جرير في جامع البيان (5/ 10) (رقم: 4917) من طريق إسماعيل بن أبي أويس، عن مالك به. وجاء نحوه عن ابن عباس، ومسروق، والحسن، ومجاهد، والربيع، وابن شهاب، وقتادة وغيرهم. انظر: جامع البيان (5/ 8، 9)، وتفسير ابن أبي حاتم (2/ 245)، وتفسير ابن كثير (1/ 288). (¬4) انظر: (4/ 119، 120).

ذلك: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} الآية (¬1). هكذا في النسخة المسموعة عليه، ولا أعرف في الصحابة ثابت بن يسار (¬2). وجاءت هذه القصة عن عائشة. انظر ذلك في مرسل عروة (¬3). فصل: تُكُلِّم في ثور لمجالسته غَيلان القدري (¬4)، وحكى أبو زكريّا الساجي في الضعفاء عن المعيطي (¬5) أنه قال: "كان مالك يتكلّم في سعد بن إبراهيم، سيِّدٍ من سادات قريش، ويروي عن ثور بن زيد، وداود بن الحصين خارِ جِيَيْنِ خبيثين" (¬6). وقال سحنون: "إنما جالس ثور بن زيد، وداود، وصالح بن كيسان وجماعة سمّاهم غيلان القدري في الليل، فأنكر ذلك عليهم أهل المدينة، وأمَّا هُم فأتقياءُ أنقياءُ من كلّ بدعة" (¬7). ¬

_ (¬1) عزاه إليه السيوطي في الدر المنثور (1/ 285)، وهو عند ابن جرير أيضًا في جامع البيان (5/ 10) (رقم: 4920). (¬2) ذكره الحافظ في الإصابة (2/ 18) وقال: "نزل فيه قوله تعالى: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ} ... ). (¬3) سيأتي حديثه (5/ 110). (¬4) هو غيلان بن مسلم الدمشقي، أبو مروان، المقتول في القدر، ضال مسكين، من بلغاء الكتاب، وإليه تنسب فرقة الغيلانية، وهو ثاني من تكلم في القدر بعد معبد الجهني، قتل على باب كيسان بدمشق بعد أن ناظره الأوزاعي وأفتى بقتله في خلافة هشام بن عبد الملك. انظر: الكامل لابن عدي (7/ 1557)، والضعفاء للعقيلي (3/ 436)، والمجروحين لابن حبان (2/ 200)، والميزان (4/ 258)، واللسان (4/ 424)، والأعلام للزركلي (5/ 124). (¬5) هو محمد بن عمر المعيطي، قال ابن حبان: "كان من الحفاظ"، ووثقه ابن سعد وابن قانع. انظر: ثقات ابن حبان (9/ 88)، وتعليقات الدارقطني على المجروحين (ص: 44)، واللسان (5/ 325 - 326). (¬6) انظر: الإعلام بسنته - عليه السلام - (3 / ل: 77 / ب). (¬7) انظر: رجال الموطأ (ل: 12 / ب). =

ووثّق النسائي وغيره ثورًا، وقال يحيى بن معين: "ثور بن زيد الدِّيلي ثقة، يروي عنه مالك ويرضاه" (¬1). قال الشيخ أبو العباس - رضي الله عنه -: وخرّج البخاري ومسلم عنه" (¬2). واختُلِف في النسبة إلى القبيلة التي نُسب إليها هو وغيره، فذكر في ذلك محمد بن حبيب النحوي (¬3) في كتاب المؤتلف والمختلف له ثلاثة أوجه: ¬

_ = وقال ابن عبد البر: "ثور بن زيد من أهل المدينة، صدوق لم يتهمه أحد بالكذب، وكان يُنسب إلى رأي الخوارج والقول بالقدر، ولم يكن يدعو إلى شيء من ذلك". التمهيد (2/ 1). قلت: وهكذا داود بن الحصين فقد قال ابن حبان: "كان يذهب مذهب الشُراة وكل من ترك حديثه على الإطلاق وَهم؛ لأنه لم يكن بداعية إلى مذهبه، والدعاة يجب مجانبة رواياتهم على الأحوال، فمن انتحل نحلة بدعة ولم يدع إليها وكان متقنًا كان جائز الشهادة محتجًا بروايته، فإن وجب ترك حديثه وجب ترك عكرمة لأنه كان يذهب مذهب الشراة مثله". وقال أيضًا: "ليس بين أهل الحديث من أئمتنا خلاف أن الصدوق المتقن إذا كان فيه بدعة ولم يكن يدعو إليها أن الاحتجاج بأخباره جائز ... ". الثقات (6/ 140، 284). وقال ابن حجر: "حكى ابن البرقي عن مالك أنه سئل كيف رويتَ عن داود بن الحصين وثور بن زيد وذكر غيرهما وكانوا يرون القدر؟ فقال: "كأن يخرّوا من السماء إلى الأرض أسهل عليهم من أن يكذبوا". هدي الساري (ص: 414). وانظر أيضًا: شرح علل الترمذي (1/ 358)، وميزان الاعتدال (2/ 275) (3/ 277). (¬1) انظر: تاريخ ابن معين (2/ 71 - رواية الدوري-)، وتاريخ الدارمي (رقم: 204)، والجرح والتعديل (2/ 468)، وتهذيب الكمال (4/ 416، 417)، والكاشف (1/ 120)، وتهذيب التهذيب (2/ 29)، والتقريب (رقم: 859)، وهدي الساري (ص: 414). (¬2) انظر: رجال صحيح البخاري (1/ 133)، ورجال صحيح مسلم (1/ 111)، والجمع بينهما (1/ 67). (¬3) هو محمد بن حبيب أبو جعفر، كان عالمًا باللغة والشعر والأخبار والأنساب، وموثَّقًا في روايته مؤدَّبًا ولا يُعرف أباه، وحبيب أمه، له تصانيف كثيرة منها: النسب والأمثال، وغريب الحديث، وطبقات الشعراء، والمؤتلف والمختلف، مات بسامرّاء سنة (245 هـ). انظر: الفهرست لابن النديم (ص: 171)، وتاريخ بغداد (2/ 277)، ومعجم الأدباء (18/ 112)، وإنباه الرواة للقفطي (3/ 119)، وبغية الوعاة للسيوطي (1/ 73).

أحدها: الدُّوْل -بضم الدّال وبواو ساكنة غير مهموزة- وهم في ربيعة وفي الأسد، وفي الرَّباب، فمنهم الدُّول بن حنيفة. والثاني: الدِّيْل بكسر الدّال وياء ساكنة من غير همز أيضًا- وهم في الأزد، وفي تغلِب (¬1)، وفي إياد، وفي عبد قيس، وفي كنانة. والثالث: الدُّئِل -بضم الدّال وهمزة مكسورة- على وزن "فُعِل" وهم في الهون بن خزيمة. ثم قال: وفي كنانة الدِّيل بن بكر بن عبد مناة بن كنانة رهط أبي الأسود يريد بكسر الدال من غير همز. قال: وقال محمد بن سلّام الجمحي: هو الدُّئِل يعني بضم الدّال، وهمزة مكسورة. قال: وقال العدويُّ (¬2) مثل ذلك". انتهى قوله (¬3). وقال أبو الوليد هشام بن أحمد الوقَّشي (¬4) في طرَّة هذا الكتاب: "الذي ¬

_ (¬1) تحرّف في الأصل إلى (ثعلب) والصواب ما أثبتُّه، وهو ابن زيد بن عمرو بن غَنْم بن تغلب. انظر: توضيح المشتبه (4/ 63). (¬2) لعلّه أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حُميد بن سليمان بن عبد الله بن أبي جهم بن حذافة العدوي (القرن الثالث)، كان أديبًا شاعرًا متفنِّنًا بذكر النَّسب والمثالب، له أنساب قريش وأخبارها. انظر: فهرست ابن النديم (ص: 162)، وتاريخ بغداد (6/ 329)، وطبقات النَّسابين لبكر (ص: 102). (¬3) انظر: مختلف القبائل ومؤتلفها (ص: 46 - 47) لكن لم أر فيه نقله عن محمد بن سلام والعَدَوي إلا أن قول ابن سلام موجود في كتابه طبقات فحول الشعراء (1/ 12). وقال ابن ناصر الدين: "وفي كتاب محمد بن حبيب، تهذيب القاضي أبي الوليد الكناني بعد ذكر الدِّيل جدّ أبي الأسود، قال أبو العباس محمود بن محمد بن الفضل المازني: قال محمد بن سلّام الجمحي: هو الدُّئِل -مضموم الدال مكسور الياء-، وقال العدوي مثل ذلك". توضيح المشتبه (4/ 64). (¬4) هو العلّامة ذو الفنون أبو الوليد هشام بن أحمد الأندلسي المعروف بالوقَّشي، قال القاضي عياض: "كان غاية في الضبط، نسّابة، له تنبيهات وردود، نبّه على كتاب أبي نصر الكلاباذي، ومؤتلف الدارقطني، وكنى مسلم، ولكنه اتهم بالاعتزال، له كتاب تهذيب المؤتلف والمختلف في =

قاله ابن سلّام والعدوي هو قول جماعة من أهل العربية منهم الكسائي، والأخفش، ويونس بن حبيب، وعيسى بن عمر، وغيرهم، والأوّل الذي حكاه ابن حبيب يعني الدِّيل -بكسر الدال من غير همز- هو قول ابن الكلبي وأهل النسب، وإليهم يُردُّ هذا العلم، وهم أقعد به" (¬1). وقال الوقَّشي أيضًا في طرَّة كتاب الكلاباذي: "والصواب في الذي في بني حنيفة (الدُّول) يعني -بضم الدال وبالواو من غير همز-" (¬2). قال: "والنسبة إليه على لفظة "الدُّؤِلي" يعني بضم الدال وهمزة مكسورة، وينسبون إليه "الدُّؤَلي" يعني بفتح الهمزة على مثال العُمَري، وأهل النسب يقولون: "الدِّيلي" يعني بكسر الدال من غير همز، قال: وهكذا ينسبون إليه "الدِّيلي" يريد بغير همز" (¬3). قال الشيخ أبو العباس - رضي الله عنه -: وقال أبو علي البغدادي (¬4) في كتاب البارع له: "قال الأصمعي في أبي الأسود: هو الدُّؤَلي - ¬

_ = أسماء القبائل توفي سنة (489 هـ). انظر: الصلة (2/ 619، 620)، ومعجم الأدباء (19/ 286)، والسير (19/ 134 - 136). (¬1) نقله ابن ناصر الدين في توضيح المشتبه (4/ 65)، وانظر قول ابن الكلبي وهو محمد بن السائب الكلبي في: جمهرة النسب له (ص: 193، 194، 208، 212). (¬2) انظر أيضًا: المعارف لابن قتيبة (ص: 115)، وصيانة صحيح مسلم (ص: 278)، وتوضيح المشتبه (4/ 66). (¬3) قال السيرافي: "وقد يقال: "الدِّيلي" بقلب الهمزة ياء حين انكسرت، فإذا انقلبت ياء كسرت الدال لتسليم الياء كما تقول: قيل، وبيع". الإكمال (3/ 348). (¬4) هو العلّامة اللغوي، أبو علي إسماعيل بن القاسم بن هارون بن عيذون البغدادي القالي، أخذ العربية عن ابن دُريد، وأبي بكر بن الأنباري، وابن درستويه وطائفة، توفي سنة (356 هـ). انظر: معجم الأدباء (7/ 25)، وإنباه الرواة (1/ 204)، والسير (16/ 45).

بضم الدال وفتح الهمزة- منسوب إلى الدُّئِل بن كنانة -بضم الدال وكسر الهمزة- قال: وفُتِحت في النِّسب كما فُتحت مِيمُ نَمَرى في نَمِر، ولامُ سَلَمى في سَلِمة". قال الأصمعي: "وكان عيسى بن عمر يقول: أبو الأسود الدُّئِلي بكسر الهمزة والقياس فتحها، وحكاه أيضًا عن يونس وغيره من العرب، قال: يدَعونه في النسب على الأصل، وهو شاذ في القياس" (¬1). قال الشيخ أبو العباس رضي الله عنه: وثور هذا منسوب إلى الدِّيل (¬2) بن بكر بن عبد مناة بن كنانة، وفيه يقول النحويون: الدُّؤِلي بضم الدال وكسر الهمزة (¬3) وفي النسبة إليه الدُّؤَلي بفتح الهمزة (¬4). ويقول النّسّابون: الدّيل بكسر الدال من غير همز، وينسبون إليه كذلك (¬5)، وهكذا قرأتُه على عامة من لقيتُه. ومن رهطه: محمد بن عمرو بن حلحلة الدِّيلي. انظره في الأسانيد المطولة لابن عمر (¬6)، وانظر الكلام في عكرمة في مسند ابن عباس (¬7). ¬

_ (¬1) ذكره ابن الصلاح في صيانة صحيح مسلم (ص: 277، 278) وعلق على قوله: "وهو شاذ في القياس" فقال: "إنما شذوذه عن قياس الشذوذ وهو غير شاذ بل قياس باعتبار الأصل، ثم قال: وذكر السيرافي عن أهل الكوفة أنهم يقولون فيه: أبو الأسود الديلي بكسر الدال وياء ساكنة". (¬2) بكسر الدال من غير همز، وهو قول ابن الكلبي وأهل النسب كما تقدم. (¬3) حكاه الأصمعي عن عيسى بن عمرو ويونس وغيرهما كما تقدم. (¬4) قال الحسن بن عبد الله السيرافي -بعد ذكره نسب أبي الأسود إلى جده الدُّئِل بن بكر بن كنانة-: "والنسبة إليه دُؤَلي كما ينسب إلى نَمِر نَمَرى فيفتح استثقالًا للكسرة". أخبار النحويين البصريين (ص: 10، 11). (¬5) وهو قول أهل الكوفة أيضًا كما قاله السيرافي. (¬6) انظر: (2/ 496). (¬7) انظر: (2/ 558 - 560).

حرف الحاء

حرف الحاء أربعة رجال. 5 - مرسل حُميد بن عبد الرحمن بن عوف القُرشي الزّهري وهو تابعيّ (¬1). حديث واحد. وتقدّم له مسند عن أبي هريرة (¬2)، ومعاوية (¬3)، ونعمان (¬4)، وتقدّم مسند أبيه، ولا ذكر له فيه (¬5). 8 / حديث: "علِّمني كلمات أعيش بهن ... ". فيه: "لا تغضب". في الجامع. عن ابن شهاب، عن حُميد بن عبد الرحمن: أن رجلًا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "يا رسول الله" (¬6). ¬

_ (¬1) انظر: الطبقات الكبرى (5/ 117 - 118)، وتهذيب الكمال (7/ 378 - 381)، والتقريب (رقم: 1552). (¬2) انظر: (3/ 332). (¬3) انظر: (2/ 199). (¬4) انظر: (2/ 254). (¬5) (2/ 329). (¬6) الموطأ كتاب: حسن الخلق، باب: ما جاء في الغضب (2/ 691) (رقم: 11).

هكذا في الموطأ (¬1). ورواه أبو سبرة عبد الرحمن بن محمد المدني عن مطرّف، عن مالك، عن الزهري، عن حميد، عن أبي هريرة (¬2). وقال إسحاق بن بِشر الكاهلي عن مالك: حميد، عن أبيه (¬3). وقال ابن عيينة وغيره عن الزهري: حميد قال: حدثني رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬4). ¬

_ (¬1) أي مرسل، انظر الموطأ برواية: أبي مصعب الزهري (2/ 77) (رقم: 1891)، وسويد (ص: 555) (رقم: 1323)، وابن بكير (ل: 237 / أ) -الظاهرية-. وهكذا رواه ابن وهب في الجامع (2/ 511) (رقم: 401)، وهي رواية أصحاب الموطأ كلهم كما قال الدارقطني وابن عبد البر وقال: "هو الصحيح فيه عن مالك". العلل (10/ 251)، والتمهيد (7/ 245). (¬2) أخرجه ابن المظفر في غرائب حديث مالك (ص: 146) (رقم: 85)، ومن طريقه أبو نعيم في الحلية (6/ 334)، وابن بشكوال في الغوامض والمبهمات (1/ 140) (رقم: 80) عن محمد بن الحسين بن حفص الخثعمي عن أبي سبرة به. وأخرجه أيضًا الإسماعيلي في معجم شيوخه (1/ 338) من طريق أبي سبرة به. قال أبو نعيم: "غريب من حديث مالك عن الزهري، تفرد به أبو سبرة عن مطرف". قلت: الخطأ فيه من أبي سبرة، قال أبو أحمد الحاكم: "له مناكير". وقال الدارقطني: "يروي عن مطرف عن مالك أحاديث عدة يخطئ فيها عليه". انظر: ميزان الاعتدال (3/ 301)، اللسان (3/ 431 - 432) و (7/ 50). (¬3) ذكره ابن عبد البر في التمهيد (7/ 245) وقال عنه وعن رواية أبي سبرة: "كلاهما خطأ، والصواب فيه عن مالك مرسل كما في الموطأ". قلت: إسحاق بن بشر الكاهلي كذّاب متروك، وساق الذهبي له جملة من بلاياه. ميزان الاعتدال (1/ 184)، واللسان (1/ 354، 355). (¬4) أخرجه أحمد في المسند (5/ 373، 408) من طريق معمر وابن عيينة كلاهما عن الزهري به. وتابعهما يونس والليث كما قال الدارقطني في العلل (10/ 251).

وهكذا قال فيه ابن أبي شيبة من طريق ابن عيينة عن الزهري (¬1). وخرّجه البخاري من طريق أبي حَصين عثمان بن عاصم، عن أبي صالح السمّان عن أبي هريرة مسندًا (¬2). وأسنده الدارقطني في العلل عن سليمان الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة (¬3) وقال: "المرسل أشبه" (¬4). قال الشيخ أبو العباس - رضي الله عنه -: وقد رُوي عن جارية ابن قدامة -وقيل: هو السائل (¬5) - خرّج ابن أبي شيبة عن هشام بن عروة، عن ¬

_ (¬1) المصنف (5/ 217). (¬2) انظر: صحيح البخاري كتاب: الأدب، باب: الحذر من الغضب (4/ 112) (رقم: 6116). (¬3) العلل (10/ 121). (¬4) العلل (10/ 252). قلت: الحديث من طريق أبي صالح عن أبي هريرة صحيح بلا شك كما ورد عند البخاري، ورواه الزهري عن حميد واختلف عنه: فرواه مالك والزبيدي عنه عن حميد مرسلًا، ورواه ابن عيينة ومعمر ويونس والليث عنه عن حميد عن أبي هريرة موصولًا، ورجح الدارقطني المرسل مع كون رواة الوصل أكثر لتقدم مالك على بقية أصحاب الزهري في الحفظ والإتقان، فقد نقل ابن أبي حاتم عن أبيه أنه قال: "مالك بن أنس ثقة إمام الحجاز، وهو أثبت أصحاب الزهري، وإذا خالفوا مالكًا من أهل الحجاز حكم لمالك، وهو أقوى في الزهري من ابن عيينة، وأقلُّ خطأ منه، وأقوى من معمر وابن أبي ذئب". ثم إن مالكًا لم ينفرد به؛ فقد تابعه عليه الزبيدي كما ذكره الدارقطني في العلل (10/ 251). والزبيدي هذا هو الذي قدمه الأوزاعي على بقية أصحاب الزهري. فتبيّن بهذا أن مدار الترجيح عند اختلاف الرواة في الوصل والإرسال ليس على الكثرة فقط بل إن ذلك دائر مع الترجيح، فتارة يترجح الوصل، وتارة الإرسال، وهذا هو ما ذهب إليه البخاري وعبد الرحمن بن مهدي وغيرهما. انظر: مقدمة الجرح والتعديل (ص: 17)، وشرح علل الترمذي (2/ 671)، وفتح المغيث (1/ 203). (¬5) هذا قول، وقيل: السائل سفيان بن عبد الله الثقفي، لما رواه الطبراني في المعجم الكبير (7/ 79) (رقم: 6399) من طريق سالم بن عجلان الأفطس عن عروة بن الزبير عن سفيان بن عبد الله =

أبيه، عن الأحنف بن قيس، عن ابن عمّ له، عن جارية بن قدامة أنه قال: يا رسول الله قل لي قولا ينفعني، وأَقِلَّ لعلِّي أَعِيه، فقال: "لا تغضب" (¬1). ¬

_ = الثقفي قال: قلت للنبي - صلى الله عليه وسلم -: "يا نبي الله! قل لي قولًا أنتفع به ... " فذكره. قال الهيثمي في المجمع (8/ 80): "فيه سليمان بن أبي داود ولم يعرف، وبقية رجاله ثقات". - وقيل: أبو الدرداء، لما أخرجه الطبراني في الأوسط (3/ 25) (رقم: 2353) من طريق إبراهيم بن أبي عبلة عن أم الدرداء عن أبي الدرداء قال: "قلت: يا رسول الله، دلّني على عملٍ يدخلني الجنة ... "، فذكره. وقد عزاه الهيثمي في المجمع (8/ 70) إلى الطبراني في المعجم الكبير أيضًا، وقال: "أحد إسنادي الكبير رجاله ثقات" ولم أجده في الكبير المطبوع. - وقيل: ابن عمر، لما أخرجه أبو يعلى في مسنده (10/ 51) (رقم: 5685) من طريق ابن أبي الزناد -وهو عبد الرحمن- عن أبيه عن عروة عن ابن عمر قال: "قلت: يا رسول الله قل لي قولًا ... " فذكره. قال الهيثمي في المجمع (8/ 69): "فيه ابن أبي الزناد، وقد ضعفه غير واحد وبقية رجاله رجال الصحيح". قلت: الإسناد وإن كان ضعيفًا لأجل ابن أبي الزناد هذا إلّا أن الحديث صحيح بشواهده. - وقيل: عبد الله بن عمرو بن العاص، لما رواه أحمد في المسند (2/ 175) من طريق عبد الرحمن بن جُبير عن عبد الله بن عمرو أنه سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ماذا يباعدني من غضب الله عزَّ وجلَّ؟ قال: "لا تغضب". قال الهيثمي في المجمع (8/ 69): "رواه أحمد وفيه ابن لهيعة، وهو لين الحديث، وبقية رجاله ثقات". قلت: تابعه عمرو بن الحارث المصري -وهو ثقة حافظ- عند ابن حبان في صحيحه (الإحسان) (1/ 257) رقم: 296) وإسناده حسن. ولأجل هذه الروايات تعدّدت الأقوال، والكل محتمل كما قاله ابن بشكوال في الغوامض (1/ 145) والحافظ في الفتح (10/ 536). قال أبو زرعة العراقي: "قيل: إنه جارية بن قدامة، ويحتمل أن يكون أبا الدرداء، أو عبد الله بن عمر، أو سفيان بن عبد الله الثقفي لأنه قد روى عن غير واحد من الصحابة، وهو من حديث ابن عمر صحيح". المستفاد (3/ 1394). (¬1) أخرجه في المصنف (8/ 532 - 533) من طريق ابن نمير عن هشام بن عروة عن أبيه عن الأحنف بن قيس عن ابن عم له من تميم جارية بن قدامة. وأخرجه أحمد في المسند (5/ 34) من طريق ابن نمير وفيه: "عن الأحنف بن قيس عن عم يقال له =

وخرّج أيضًا بإسناد آخر عن جارية عن ابن عم له من بني تميم، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثله (¬1). ¬

_ = جارية بن قدامة .. " وقد قالوا في جارية إنه عم الأحنف بن قيس، قال ابن الأثير: "وقيل: ابن عم الأحنف"، وعليه فما وقع في النسخة "عن الأحنف بن قيس عن ابن عم له، عن جارية" خطأ؛ لأن الأحنف يرويه عن جارية بلا واسطة وهو عمه أو ابن عمه، لكن ذكر الدارقطني في العلل (5 / ل: 3 / أ) رواية ابن نمير وقال: "ما أحسب هذا القول محفوظًا عن ابن نمير". انظر: الاستيعاب (2/ 122)، وأسد الغابة (1/ 502). (¬1) أخرجه في المصنف (8/ 533) من طريق عبدة عن هشام عن أبيه عن الأحنف بن قيس عن جارية به. قلت: الحديث رُوي من طرق عن هشام بن عروة، واختُلف فيه عليه: فرواه ابن نمير وعبدة عنه كما تقدم. ورواه أحمد في المسند (5/ 34) من طريق أبي معاوية، والطبراني في المعجم الكبير (2/ 262) (رقم: 2097) من طريق علي بن مسهر كلاهما عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن الأحنف بن قيس، عن جارية بن قدامة قال: "حدثني عم لي ... ". ورواه أحمد أيضًا في المسند (5/ 34) من طريق يحيى بن سعيد، والطبراني في المعجم الكبير (2/ 262) (رقم: 2094، 2096) من طريق القعنبي عن أبيه، وعمرو بن الحارث، ثلاثتهم عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن الأحنف عن جارية قال: قلت: يا رسول الله ... وهذا الوجه هو ما رجحه ابن حجر لكونه رواية أكثر أصحاب هشام، ولما رواه الطبراني من طريق ابن أبي الزناد عن أبيه عن عروة، ومن طريق محمد بن كريب عن أبيه: شهدت الأحنف يحدث عن عمه وعمه جارية. الإصابة (2/ 53). قلت: رواية ابن أبي الزناد ومحمد بن كريب في المعجم الكبير (2/ 263) (رقم: 2100، 2101) إلا أن رواية ابن أبي الزناد فيه "عن الأحنف بن قيس عن ابن عم له" وقد رواه ابن أبي خيثمة في تاريخه (رقم: 236) -رسالة حمدان- من طريق ابن أبي الزناد عن أبيه عن عروة عن الأحنف عن جارية بن قدامة عم الأحنف عن النبي - صلى الله عليه وسلم - كما ذكره ابن حجر. وذكر الهيثمي أيضًا الخلاف فيه ثم قال عن رواية أحمد: "رجاله رجال الصحيح". مجمع الزوائد (8/ 69).

6 - مرسل حميد بن قيس الأعرج المكي مولى بني فزارة

6 - مرسل حُميد بن قيس الأعرج المكي مولى بني فَزارة وربّما نُسب إلي الزُّبَيْر لصهر كان بينهم (¬1). حديث واحد، وآخر مشترك، وتقدّم له مسند عن ابن عمر (¬2)، وكعب (¬3)، وغيرهما بوسائط. 9 / حديث: "الاسترقاء من العين ... ". فيه: "لو سَبَقَ شيءٌ القَدَرَ لسبَقَتْهُ العَينُ ... ". وفيه: قصة ابني جعفر بن أبي طالب. في الجامع، عنه (¬4). رواه ابن وهب في جامعه عن مالك، عن حُميد، عن عكرمة بن خالد مرسلًا أيضًا (¬5). ¬

_ (¬1) اختلِف في ولائه، فقال ابن سعد: "إنه مولى آل الزبير بن العوام". وقال خليفة: "إنه من موالي الزبير"، وقال الباجي: "مولى عبد الله بن الزبير". وقيل: مولى بنى فزارة، وقيل: مولى بني أسد بن عبد العزى، وقال الزبير بن بكار: إنه مولى أم هاشم بنت منظور امرأة عبد الله بن الزبير، قال ابن الحذاء: وهو الصحيح. قلت: فلعلّ من نسبه إلى عبد الله بن الزبير أو إلى آل الزبير لأجل تلك المصاهرة وإلا فهو مولى أم هاشم كما تقدم نحوه في إسماعيل بن أبي الحكيم. انظر: الطبقات الكبرى (6/ 33)، وطبقات خليفة (ص: 282)، وجمهرة نسب قريش (ص: 234)، ورجال الموطأ لابن الحذاء (17 / ب)، والتمهيد (2/ 232)، ورجال البخاري للباجي (1/ 507)، وأسماء شيوخ مالك لابن خلفون (ص: 74)، وتهذيب الكمال (7/ 384، 385). (¬2) انظر: (2/ 508). (¬3) انظر: (2/ 192). (¬4) الموطأ كتاب: العين، باب: الرقية من العين (2/ 716) (رقم: 3). (¬5) ذكره ابن عبد البر في التمهيد (2/ 266).

والحديث لأسماء بنت عميس، وهي أمّهما وحاضنتهما. خرّجه التّرمذي من طريق عُبيد بن رفاعة الزّرقي عنها قالت: "يا رسول الله إنّ ولد جعفر تُسْرِعُ إليهما العين، أفأسترقي لهم ... " وساقه إلى آخره (¬1). وخرّج مسلم عن جابر أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لأسماء بنت عميس: "ما لي أرى أجسام بني أخي ضارعةً تصيبهم الحاجة؟ قالت: لا، ولكنَّ العين تَسْرَعُ إليهم، قال: ارقيهم (¬2) "، ولم يزد، وجاء آخره أيضًا عن ابن عباس (¬3). • حديث: "رأى رجلًا قائمًا في الشمس ... ". تقدم له مع ثور (¬4)، وحُميد مذكور في مسند ابن عمر (¬5). ¬

_ (¬1) أخرجه في السنن كتاب: الطب، باب: ما جاء في الرقية من العين (4/ 346) (رقم: 2059) وصححه. وكذلك النسائي في السنن الكبرى كتاب: الطب، باب: رقية العين (4/ 365) (رقم: 7537). وابن ماجه في السنن كتاب: الطب، باب: من استرقى من العين (2/ 1160) (رقم: 3510) من طرق عن عمرو بن دينار عن عروة بن عامر عن عبيد بن رفاعة به. (¬2) انظر: صحيح مسلم كتاب: السلام، باب: استحباب الرقية من العين والنملة والحمة والنظرة (4/ 1726) (رقم: 60). (¬3) يعني قوله: "لو سبق شيء القدر لسبقته العين" أخرجه مسلم في صحيحه كتاب: السلام، باب: الطب والمرض والرقى (4/ 1719) (رقم: 42) من طريق طاوس عن ابن عباس مرفوعًا. (¬4) تقدّم حديثه (4/ 394). (¬5) انظر: (2/ 508).

7 - مرسل حرام بن سعد بن محيصة بن مسعود الأنصاري الحارثي

7 - مرسل حرام بن سعد بن مُحَيِّصة بن مسعود الأنصاري الحارثي حديث واحد، وله حديث "إجارة الحجام"، ولم يُسمَّ فيه، هو منسوب إلى أبيه. 10 / حديث: "أن ناقةً للبراء دخلَت حائطَ رَجُل ... ". فيه: "فقضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنّ على أهل الحوائط حفظُها بالنهار". في الأقضية، باب: الضّواري والحريسة. عن ابن شهاب، عن حرام بن سعد (¬1). زاد معن في روايته: "عن مُحَيِّصة" (¬2)، وليس هذا بمحفوظ (¬3). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الأقضية، باب: القضاء في الضّواري والحريسة (2/ 573) (رقم: 37). والضّواري: هي المواشي المعتادة لرعي زروع الناس، يقال: ضَرِيَ بالشيء يضري، ضرىً وضراوةً، فهو ضارٍ إذا اعتاده. النهاية (3/ 86). وأما الحريسة فهي السرقة في الإبل والشاة، وحريسة الجبل: ما يسرق من الراعي هناك قبل أن تصل إلى مراحها. المجموع الغيث (1/ 428) والنهاية (1/ 367). (¬2) ذكره الجوهري في المسند (ل: 40 / أ) ونقله عنه ابن القطان في بيان الوهم والإيهام (2/ 327). (¬3) لانفراده بذلك عن بقية أصحاب مالك؛ فقد تابع يحيى الليثي عليه: - أبو مصعب الزهري (2/ 470) (رقم: 2904)، وابن بكير (ل: 119، 120) - الظاهرية-، وسويد بن سعيد (ص: 278) (رقم: 604). - وإسحاق بن عيسى عند أحمد في المسند (5/ 435، 436). - والقعنبي عند الجوهري في مسنده (ل: 40 / أ). - وابن وهب عند الدارقطني في السنن (3/ 156)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (3/ 203). بل هي رواية جميع أصحاب الموطأ كما قال ابن عبد البر في التمهيد (11/ 81).

وقال عبد الرزاق عن معمر، عن الزهري، عن حرام بن محيّصة، عن أبيه: "أن ناقة للبراء ... "، خرّجه قاسم بن أصبغ (¬1). وقال محمد بن يحيى الذهلي: "اجتمع مالك، والأوزاعي، ومحمد بن إسحاق، وصالح بن كيسان على رواية هذا الحديث عن الزهري، ولم يقولوا فيه: "عن أبيه"، إلا معمر، فإنه قال فيه: "عن أبيه"، فيما حدَّثنا عنه عبد الرزاق" (¬2). وقال أبو داود السجستاني: "لم يتابع أحدٌ عبدَ الرزاق على قوله في هذا الحديث: "عن أبيه" (¬3). ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق في المصنف (10/ 82) (رقم: 18437). ومن طريقه أخرجه أبو داود في السنن كتاب: البيوع والإجارات، باب: المواشي تفسد زرع قوم (3/ 828 - 829) (رقم: 3569)، وأحمد في المسند (5/ 436)، والدارقطني في السنن (3/ 154)، وابن حبان في صحيحه (13/ 354، 355) (رقم: 6008)، والبيهقي في السنن الكبرى (8/ 342). وذكره ابن عبد البر وقال: "لم يتابع عبد الرزاق على ذلك، وأنكروا عليه قوله فيه: عن أبيه". التمهيد (11/ 81). (¬2) انظر: التمهيد (11/ 82)، وممن حكم على معمر فيه بالتفرد وأنه لم يتابع عليه عبد الحق الإشبيلي وابن حجر. انظر: بيان الوهم والإيهام (2/ 326)، والتلخيص الحبير (4/ 97). (¬3) عزاه ابن عبد البر في التمهيد (11/ 89) إلى كتاب التفرد له، وقال في (11/ 82): "هكذا قال أبو داود: لم يتابع عبد الرزاق، قال محمد بن يحيى الذهلي: لم يتابع معمر على ذلك، فجعل محمد بن يحيى الخطأ فيه من معمر، وجعله أبو داود عن عبد الرزاق على أن محمد بن يحيى لم يرو حديث معمر هذا ولا ذكره في كتابه في علل حديث الزهري إلا عن عبد الرزاق لا غير". قلت: والراجح أن الخطأ فيه من عبد الرزاق دون معمر؛ لأن الدارقطني وكذلك البيهقي رويا حديث عبد الرزاق عن معمر ثم قالا: خالفه وهب وأبو مسعود الزجاج عن معمر فلم يقولا: "عن أبيه". انظر: سنن الدارقطني (3/ 154، 155)، والسنن الكبرى (8/ 342).

قال الشيخ أبو العباس - رضي الله عنه -: والحديث على رواية معمر لسعد؛ لأن حرامًا منسوب إلى جدّه محيّصة، وليس إطلاق الرواية كإطلاق النسبة (¬1). ورواه الأوزاعي وغيره عن الزهري، عن حرام، عن البراء بن عازب، خرّجه ابن أبي شيبة، وقاسم، وذكره أبو داود في التفرّد (¬2). ¬

_ (¬1) أي أن النسبة قد يتجوز فيها فيطلق الأب على الجد، بخلاف الرواية إذا ذكر فيها الأب يراد به الأب الأدنى دون الجد، وإن كان الرجل معروفًا بالنسبة إلى جده كحرام هذا. (¬2) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (9/ 435، 436)، وكذا أحمد في المسند (5/ 436)، وابن الجارود في المنتقى (ص: 269) (رقم: 796)، والبيهقي في السنن الكبرى (8/ 342) من طريق سفيان بن عيينة عن الزهري، عن سعيد بن المسيب وحرام بن سعد بن محيِّصة أن ناقة للبراء فذكره مرسلًا كما رواه مالك. وأبو داود في السنن (3/ 829) (رقم: 3570)، والنسائي في الكبرى (3/ 411) (رقم: 5785)، وأحمد في المسند (4/ 295)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (3/ 203)، والحاكم في المستدرك (2/ 47، 48)، والدارقطني في السنن (3/ 155)، والبيهقي في السنن الكبرى (8/ 381) من طرق عن الأوزاعي، عن الزهري، عن حرام بن محيِّصة، عن البراء. وتابع الأوزاعي عليه: عبدُ الله بن عيسى بن عبد الرحمن عند النسائي في السنن الكبرى (3/ 412) (رقم: 5786)، وابن ماجه في السنن كتاب: الأحكام، باب: الحكم فيما أفسدت المواشي (2/ 781) (رقم: 2332)، والدارقطني في السنن (3/ 155)، والبيهقي في السنن الكبرى (8/ 341). وإسماعيل بن أمية عند النسائي في السنن الكبرى (3/ 412) (رقم: 5786). والحديث من هذا الوجه ظاهره الاتصال لكن أعلّه عبد الحق بالانقطاع فقال: "حرام بن محيِّصة لم يسمع من البراء، ثم قال: "وروى معمر عن الزهري عن حرام بن محيِّصة" عن أبيه، عن البراء، ولم يتابع على قوله: "عن أبيه". تنبيه: ما بين الهلالين سقط من مطبوعة الأحكام الوسطى وقد أثبته من كتاب بيان الوهم (2/ 326). ثم ذكر عبد الحق رواية ابن عيينة وقال: "وفيه اختلاف أكثر من هذا". =

وانظر حديث إجارة الحجام في المنسوبين، وفي الزيادات (¬1). * * * ¬

_ = وبين ابن القطان اختلاف أصحاب الزهري عليه وأوصله إلى سبعة وجوه تقدم معظمها ولم يبين الراجح منها، والذي يظهر أن الراجح هو ما رواه مالك من رواية جمهور أصحابه، وذلك لكونه من أوثق أصحاب الزهري، وقد تابعه عليه: - سفيان بن عيينة كما تقدم. - والليث بن سعد عند ابن ماجه في السنن (2/ 781) (رقم: 2332). - ويونس بن يزيد، وصالح بن كيسان، ومحمد بن إسحاق، وعقيل وشعيب، ومعمر -من غير رواية عبد الرزاق -كما ذكرهم الدارقطني في السنن (3/ 156)، وهذا الذي رجّحناه هو ظاهر صنيع المؤلف أيضًا. قال ابن عبد البر: "هذا الحديث وإن كان مرسلًا فهو حديث مشهور، أرسله الأئمة، وحدّث به الثقات، واستعمله فقهاء الحجاز، وتلقوه بالقبول وجرى في المدينة به العمل". انظر: الأحكام الوسطى (3/ 350)، والتمهيد (11/ 82)، وبيان الوهم والإيهام (2/ 326 - 327). (¬1) تقدم في المنسوبين (3/ 586)، وفي الزيادات (4/ 397).

8 - مرسل الحسن بن أبي الحسن البصري

8 - مرسل الحسن بن أبي الحسن البصري حديث مشترك، شركه فيه محمد بن سيرين. 11 / حديث: "أن رجلًا أعتق أعْبُدًا له ستة عند موته، فأسهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بينهم فأُعتق ثُلُثَهم". في العتق. عن يحيى بن سعيد، وعن غير واحد، عن الحسن بن أبي الحسن، ومحمد بن سيرين (¬1). سقط ليحيى بن يحيى واو العطف في الموضعين، وذلك وهم، وإنَّما الحديث ليحيى بن سعيد، وغيره عن الحسن وابن سيرين معًا (¬2). ومن رواة مالك من لم يذكر فيه يحيى بن سعيد (¬3). ورواه يزيد بن إبراهيم التُّستُري (¬4)، عن الحسن وابن سيرين معًا (¬5). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: العتق، باب: من أعتق رقيقًا لا يملك مالًا غيرهم (2/ 593) (رقم: 3). (¬2) انظر: النسخة المحمودية من رواية يحيى (أ) (ل: 103 / ب) لكن السقط فيها في الموضع الأول فقط، وفي النسخة المطبوعة بإثباتها في الموضعين، فلعلّه من تصرف المحقق والله أعلم. (¬3) منهم: أبو مصعب الزهري (2/ 401) (رقم: 2720)، وسويد بن سعيد (ص: 338) (رقم: 882)، وابن بكير (ل: 209 / ب) - الظاهرية-، بل ذكر الخشني أن ذكر يحيى بن سعيد مما تفرد به يحيى بن يحيى الليثي وأنه وهم في ذلك. أخبار الفقهاء (ص: 355). (¬4) التُّستُري: نسبة إلى تُستر بلدة من بلاد خوزستان. انظر: (ص: 436). (¬5) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (18/ 163) (رقم: 361)، وابن عبد البر في التمهيد (23/ 414) من طريق وكيع عن يزيد بن إبراهيم التستري عن الحسن وابن سيرين عن عمران بن حصين مرفوعًا.

وقد رواه عن كلّ واحد منهما جماعة، خرّجه مسلم من طريق هشام بن حَسَّان عن ابن سيرين عن عمران بن حصين (¬1). وخرّجه النسائي من طريق أيوب عن ابن سيرين، عن عمران. ومن طريق قتادة وحميد وسماك، وغيرهم عن الحسن عن عمران (¬2). وهو ثابت مشهور عن عمران بن حصين، وعن أبي هريرة (¬3). وفي أكثر طرقه (¬4) أنه لم يكن للمعتِق مال غيرهم، وهذا في الموطأ بلاغ لمالك (¬5). فصل: محمد بن سيرين والحسن من التابعين (¬6). ¬

_ (¬1) انظر: صحيح مسلم، كتاب: الإيمان، باب: من أعتق شركا له في عبد (3/ 1289) (رقم: 57). (¬2) أخرجه في الكبرى (3/ 187، 188) (رقم: 4975 - 4977) من طريق منصور ويونس وقتادة وحميد وسماك عن الحسن، ومن طريق أيوب عن محمد بن سيرين كلاهما عن عمران بن حصين به. إسناده صحيح. وذكر العلائي في المراسيل (ص: 163) عن علي بن المديني أن الحسن لم يسمع من عمران بن حصين لكنه توبع. وقد أخرجه من هذين الوجهين أيضًا أحمد في المسند (4/ 445)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (11/ 465) (رقم: 5075)، والبيهقي في السنن الكبرى (10/ 286). (¬3) أخرجه النسائي في السنن الكبرى (3/ 188) (رقم: 4978، 4979) من طريقين عن أبي هريرة أن رجلًا من المسلمين ... فذكره، وسنده حسن. (¬4) أي أكثر طرق حديث عمران بن حصين وأبي هريرة. (¬5) قال مالك عقب الحديث: "بلغني أنه لم يكن لذلك الرجل مال غيرهم". (¬6) قال ابن حبان في ابن سيرين: "إنه رأى ثلاثين من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -"، وقال في الحسن: "إنه رأى عشرين ومائة من الصحابة". وجعلهما الحافظ من رؤوس الطبقة الوسطى من التابعين. انظر: الطبقات الكبرى (7/ 114، 143)، ومشاهير ابن حبان (ص: 88) (رقم: 643)، والتقريب (ص: 75).

ومن الموالي: سيرين مولى أنس بن مالك (¬1). وأبو الحسن والد الحسن اسمه يسار، وكثر الخلاف في نسبة ولاءه (¬2). ويُذكر أن أُمَّه كانت مولاةً لأمِّ سلمة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكانت أُمُّه تغيب عنه في حال رضاعه فيبكي فتعطيه أم سلمة ثديها تعلِّلُه به، فدرَّ عليه لَبَنُها فشربه، فرأى الناس أن ما أوتي من الحكمة، والفصاحة كان لذلك، والله أعلم (¬3). ¬

_ (¬1) تملكه أنس بن مالك، ثم كاتبه على ألوف من المال فوفّاه. الطبقات الكبرى (7/ 85 - 87)، والسير (4/ 606). (¬2) قال خليفة: إنه مولى أم جميل بنت قطبة زوجة زيد بن ثابت، وقيل: مولى زيد بن ثابت، وقيل: مولى جابر بن عبد الله، وقيل: مولى أبي اليسر كعب بن عمرو السلمي، وقيل: مولى جميل بن قطبة، وقيل: مولى عبد الله بن رواحة. قال الذهبي: "والقولان شاذان". انظر: الطبقات الكبرى (7/ 114، 115)، وطبقات خليفة (ص: 210)، ورجال الموطأ (ل: 15 / ب)، والسير (4/ 563 - 564)، وتهذيب الكمال (6/ 96). (¬3) أخرجه أبو الشيخ في عواليه (ص: 152) (رقم: 2)، ومن طريقه أبو نعيم في الحلية (2/ 147) عن عبد الله بن محمد بن أبي كامل عن هوذة بن خليفة عن عوف الأعرابي قال: "كان الحسن ابنًا لجارية أم سلمة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - فبعثت أم سلمة جاريتها في حاجتها، فبكى الحسن بكاء شديدًا، فرقّت عليه أم سلمة رضي الله عنها، فأخذته فوضعته في حجرها فألقمته ثديها، فدرّ عليه فشرب منه"، وزاد أبو نعيم بعده: "فكان يقال: إن المبلغ الذي بلغه الحسن من الحكمة من ذلك اللبن الذي شربه من أم سلمة رضي الله عنها". وسنده ضعيف؛ لأن شيخ أبي الشيخ عبد الله بن محمد بن أبي كامل قال عنه الحافظ في اللسان (3/ 354): "أتى عن هوذة بن خليفة بخبر منكر، وهو مرسل أيضًا كما قال الذهبي في السير (4/ 564). وانظر أيضًا: الطبقات الكبرى (7/ 114)، وأخبار القضاة لوكيع (2/ 5)، وتهذيب الكمال (6/ 57).

حرف الخاء

حرف الخاء فيه رجل واحد. 9 - مرسل خالد بن معدان الكَلاعي (¬1). تابعيّ (¬2) حديث واحد. 12 / حديث: "إنَّ الله رفيقٌ يحب الرِّفق، فإذا ركبتم هذه الدواب العُجْمَ فأنزلوها منازلها ... ". وذكر سير الليل، والتعريس على الطريق. في الجامع، باب: العمل في السفر. عن أبي عُبيد، عن خالد بن معدان يرفعه (¬3). هكذا في الموطأ: يرفعه. وأبو عُبيد هذا هو مولى سليمان بن عبد الملك بن مروان، وحاجبه، اسمه: حيّ، ويُقال: حُييّ، مصغرًا (¬4). ¬

_ (¬1) بفتح الكاف، وفي آخرها العين المهملة، نسبة إلى قبيلة يقال لها: "كلاع" نزلت الشام، وأكثرهم نزل حمص. الأنساب (5/ 118). (¬2) ذكره ابن سعد وكذلك ابن حجر في الطبقة الثالثة، وهي الطبقة الوسطى من التابعين. انظر: الطبقات الكبرى (7/ 316)، وذكر أسماء التابعين للدارقطني (1/ 125)، والتقريب (رقم: 1678). (¬3) الموطأ كتاب: الاستئذان، باب: ما يؤمر به من العمل في السفر (2/ 746) (رقم: 38). (¬4) وقيل: حُوَيّ، وقيل: عبد الملك. قال الإمام أحمد: "روى عنه مالك وكان يُثني عليه". وقال الذهبي: "وَثَّقه مالك". قلت: وكذا وثقه أبو زرعة، ويعقوب بن سفيان، وابن عبد البر، =

وجاء معنى هذا الحديث مطوّلًا عن ابن عباس، خرّجه البزار (¬1). ورُوي مفصّلًا عن أبي هريرة، وجابر، وعبد الله بن مغفّل، وغيرهم. وتقدّم في الزيادات لأبي هريرة طرف من معناه (¬2)، خرّج ذلك الترمذي وحكم بصحّته (¬3). ¬

_ = وروى له البخاري تعليقًا، ومسلم وأبو داود، والنسائي في عمل اليوم والليلة. انظر: العلل ومعرفة الرجال (2/ 155)، ورجال الموطأ (ل: 20 / أ)، والتمهيد (24/ 155)، وتهذيب الكمال (34/ 49)، والكاشف (3/ 314)، وتهذيب التهذيب (12/ 176)، التقريب (رقم: 8227). (¬1) أخرجه البزار في مسنده (2/ 276) (رقم: 1695 - كشف الأستار-) من طريق سعيد بن زيد، عن عمرو بن مالك، عن أبي الحوراء (كذا، والصواب: أبي الجوزاء، وهو أوس بن عبد الله الرَّبعي)، عن ابن عباس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا كانت الأرض مخصبة ... " فذكره، ثم قال: "لا نعلم أحدًا حدّث به عن سعيد إلا محمد بن أبي نعيم، ولا نعلمه يُروى عن ابن عباس ورُوي عن أنس وأبي هريرة شبيهًا به". قلت: وسنده ضعيف؛ لأنَّ محمد بن أبي نعيم، وهو محمد بن موسى الواسطي طرحه ابن معين، وشيخه سعيد بن زيد، وهو أخو حماد بن زيد، وشيخ شيخه عمرو بن مالك قال ابن حجر عن كلٍّ منهما: "صدوق له أوهام"، إلَّا أن للحديث شواهد كما قال البزار، وكذا المؤلف. انظر ترجمة سعيد بن زيد، وعمرو بن مالك، ومحمد بن نعيم في تهذيب الكمال (10/ 441)، (22/ 211) (26/ 527)، والتقريب (رقم: 2312، 5104، 6337). (¬2) انظره: (4/ 456). (¬3) أخرجه في السنن كتاب: الأدب (5/ 132) (رقم: 2858) من طريق سهيل بن أبي صالح عن أبيه، عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا سافرتم في الخصب فأعطوا الإبل حظها من الأرض ... " وذكر السفر في السنة، والتعريس في الطريق ثم قال: "هذا حديث حسن صحيح، وفي الباب عن جابر وأنس". قلت: والحديث من هذا الوجه وبهذا السياق عند مسلم في الصحيح (3/ 1525، 1526 / رقم: 178). وحديث جابر عند أبي داود في السنن كتاب: الجهاد، باب: في سرعة السير (3/ 61) (رقم: 2570)، وابن ماجه في السنن كتاب: الأدب، باب: النهي عن النزول على الطريق (2/ 1240) =

وخرّج أبو داود أوَّله من طريق عبد الله بن مغفّل (¬1). وذكر الدارقطني أوّله لعروة عن أبي هريرة، وعائشة (¬2). ¬

_ = (رقم: 3772) وسنده صحيح. وحديث أنس عند البزار في المسند (2/ 276) (رقم: 1696 - كشف الأستار-). (¬1) أخرجه في السنن، كتاب: الأدب، باب: في الرفق (5/ 155) (رقم: 4807)، وكذلك ابن أبي شيبة في المصنف (8/ 512)، وأحمد في المسند (4/ 87)، البخاري في الأدب المفرد (ص: 144). (رقم: 472)، والدارمي في السنن كتاب: الرقاب، باب: في الرفق (2/ 323)، كلهم من طريق الحسن عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن الله رفيق يحب الرفق، ويعطي عليه ما لا يعطي على العنف". وإسناده صحيح. (¬2) العلل (8/ 292 - 293). قلت: الحديث من طريق عروة عن أبي هريرة أخرجه البزار أيضًا في مسنده (2/ 404). (رقم: 1946 - كشف الأستار-) من طريق عبد الرحمن بن أبي بكر -وهو ابن أبي مليكة- عن ابن شهاب، عن عروة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله رفيق يجب الرفق، ويعطي عليه ما لا يعطي على العنف". قال البزار: "لا نعلم رواه عن الزهري هكذا إلا عبد الرحمن، وهو ليِّن الحديث". وقال الهيثمي في المجمع (8/ 18): "رواه البزار، وفيه عبد الرحمن بن أبي بكر الجدعاني وهو ضعيف". قلت: الحديث من هذا الوجه وإن كان ضعيفًا لكنه صحيح من طرق أخرى، فقد روى مسلم في صحيحه، كتاب: البر والصلة، باب: فضل الرفق (4/ 2003، 2004) (رقم: 77) من حديث عمرة عن عائشة مرفوعًا "إن الله رفيق يحب الرفق، ويعطي عليه ما لا يعطي على العنف". وله شاهد من حديث علي بن أبي طالب عند أحمد في المسند (1/ 112)، وأبي يعلى (1/ 380). (رقم: 490)، والبزار (2/ 402) (رقم: 1960 - كشف الأستار-) ومن حديث جرير بن عبد الله عند الطبراني في المعجم الكبير (2/ 306) (رقم: 2273) ومن حديث أنس عند البزار (2/ 403). (رقم: 1961، 1962 - كشف الأستار-)، والطبراني في الصغير (ص: 99) (رقم: 221)، وفي الأوسط (3/ 206, 207) (رقم: 2934) (4/ 88) (رقم: 3682)، ومن حديث عبد الله بن المغفل كما تقدم.

حرف الراء

حرف الراء فيه رجل واحد. 10 - مرسل ربيعة بن أبي عبد الرحمن، فروّخ. وقال النسائي في أبي عبد الرحمن: "كان اسمه فرخًا، فسمّي فرّوخًا (¬1)، وهو مولى التيميين" (¬2). وربيعة هذا يُقال له ربيعة الرأي، وهو من التابعين (¬3). له أربعة أحاديث، أحدها مزيد، وتقدّم له مسند عن أنس من غير واسطة (¬4)، وعن غيره من الصحابة بوسائط (¬5). 13 / حديث: "قطع لبلال بن الحارث المزني معادن القَبليَّة ... ". وذكر أنّه لا يُؤخذ منها إلى اليوم إلّا الزكاة. في باب: زكاة المعادن. ¬

_ (¬1) انظر: إكمال تهذيب الكمال لمغلطاي- رسالة محمد العمري - (ص: 210) (رقم: 102)، وأسماء شيوخ مالك لابن خلفون (ص: 81). (¬2) قاله الجوهري أيضًا في مسند الموطأ (ل: 161 / أ). (¬3) جعله ابن حجر من الخامسة، وهي طبقة صغار التابعين. انظر: الطبقات الكبرى (5/ 415)، وذكر أسماء التابعين (1/ 136)، والمشاهير لابن حبان (ص: 81) (رقم: 588)، والتقريب (رقم: 1911). (¬4) انظر: (2/ 74). (¬5) له عن القاسم عن عائشة (4/ 15)، وعن محمد بن يحيى عن ابن محيريز عن أبي سعيد (3/ 244)، وعن حنظلة بن قيس عن رافع (2/ 153)، وعن يزيد مولى المنبعث عن زيد بن خالد (2/ 171).

عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن غير واحد (¬1). هكذا عند يحيى بن يحيى: "ربيعة عن غير واحد"، كأنّ ربيعة حدّث عنهم (¬2). وردّه ابن وضاح: "وعن غير واحد"، بواو العطف على معنى الاشتراك، وهكذا عند سائر الرواة (¬3). وقال فيه ابن وهب: "عن مالك، عن ربيعة وغيره" (¬4). وهذا الحديث رواه عبد العزيز الداروردي عن ربيعة، عن الحارث بن بلال بن الحارث، عن أبيه بلال، وهو المقطوع له (¬5). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الزكاة، باب: الزكاة في المعادن (1/ 213) (رقم: 8). وأخرجه أبو داود في السنن كتاب: الخراج والإمارة والفيء، باب: في إقطاع الأرضين (3/ 443) (رقم: 3061) من طريق القعنبي، والبيهقي في السنن الكبرى (4/ 152) من طريق الشافعي كلاهما عن مالك به. وهذا ضعيف لإرساله وإبهام من يروي عنهم ربيعة، وقد ورد موصولًا من طريقين أخرين لكنهما ضعيفان أيضًا؛ ولذا قال الشافعي فيما حكاه عنه البيهقي: "ليس هذا مما يثبته أهل الحديث، ولو أثبتوه لم يكن فيه رواية عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا إقطاعه، فأما الزكاة في المعادن دون الخمس فليست مروية عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيه"، قال البيهقي: "هو كما قال الشافعي في رواية مالك". (¬2) وهكذا عند أبي مصعب الزهري (1/ 254) (رقم: 651)، وسويد (ص: 223) (رقم: 452)، والقعنبي (ل: 48 / أ- الأزهرية-)، ومطرف كما قال القاضي عياض في المشارق (2/ 91). (¬3) انظر: الموطأ برواية ابن بكير (ل: 3 / أ) - الظاهرية-. (¬4) عزاه القاضي عياض إلى ابن القاسم وابن وهب ثم قال: "وكذا ردّه ابن وضاح، وهو الصواب". (¬5) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (1/ 370) (رقم: 1140) من طريق محمد بن الحسن بن زبالة عن عبد العزيز بن محمد به، وفيه ذكر الأقطاع فقط. قال الهيثمي في المجمع (6/ 8): "فيه محمد بن الحسن بن زبالة وهو متروك". قلت: بل كذبه ابن معين وأبو داود والأزدي، واتهم أيضًا بالوضع والسرقة، فالاسناد لأجله ساقط. وأخرجه الطبراني أيضًا (1/ 370) (رقم: 1141) من طريق عمارة وبلال ابني يحيى بن بلال بن =

وخرّج ابن الجارود عنه طرفًا منه، قال فيه: "إن النبي - صلى الله عليه وسلم - أخذ من معادن القَبلية الصدقة"، ولم يذكر الأقطاع (¬1). وخرّج أبو داود في السنن حديث مالك مرسلًا، وأسنده عن كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف، عن أبيه، عن جدّه عمرو بن عوف المزني (¬2)، وذكر هذا في التفرد (¬3). وخرّجه البزار أيضًا (¬4)، وجاء عن ابن عباس مثلُه (¬5). ¬

_ = الحارث عن أبيهما عن جدهما، وفي سنده أيضًا محمد بن الحسن المذكور، وعلى هذا فالراجح عن ربيعة إرساله كما رواه مالك. وانظر: تهذيب الكمال (60/ 25)، والكاشف (3/ 29)، والتهذيب (9/ 101)، والتقريب (رقم: 5815). (¬1) أخرجه في المنتقى (ص: 135) (رقم: 371)، وكذا ابن خزيمة في صحيحه (4/ 44) (رقم: 2323)، والبيهقي في السنن الكبرى (4/ 152) من طريق محمد بن يحيى عن نُعيم بن حماد عن الدراوردي به. وإسناده ضعيف لجهالة الحارث بن بلال، لم يرو عنه إلا ربيعة ولم يوثقه أحد وفيه أيضًا نعيم بن حماد الخزاعي ضعفه النسائي، وقال الذهبي: "أحد الأئمة الأعلام على لين في حديثه". وقال ابن حجر: "صدوق يخطئ كثيرًا". انظر: ميزان الاعتدال (5/ 392)، التقريب (رقم: 7166)، وانظر ترجمة الحارث بن بلال في: تهذيب الكمال (5/ 215)، والميزان (1/ 432)، والتقريب (رقم: 1013). (¬2) انظر: السنن كتاب: الخراج والإمارة والفيئ، باب: في إقطاع الأرضين (3/ 443، 445) (رقم: 3061 - 3063)، ومن طريقه أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (5/ 146) وسنده ضعيف؛ لأن كثير بن عبد الله مجمع على ضعفه إلا أن الحديث حسن لشواهده. انظر: الكاشف (3/ 5)، وتهذيب التهذيب (8/ 377)، والتقريب (رقم: 5617). (¬3) لم أقف عليه. (¬4) أخرجه في مسنده (2/ 296) (رقم: 1739 - كشف الأستار-) من طريق إسحاق بن إبراهيم الحنيني عن كثير بن عبد الله به. (¬5) أخرجه أبو داود في السنن (3/ 446) (رقم: 3064)، وأحمد في المسند (1/ 306)، والبيهقي في السنن الكبرى (6/ 145) من طريق أبي أويس عن ثور بن زيد عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعًا مثله. وفي إسناده ضعف؛ لأن أبا أويس -وهو عبد الله بن عبد الله بن أويس الأصبحي- ضعيف من جهة حفظه، قال عنه في التقريب (رقم: 3412): "صدوق يهم".

والقَبَلِيَّة: بفتح القاف، والباء المعجمة بواحدة (¬1). 14 / حديث: "قَدِمَ على أبي بكر الصديق رضي الله عنه مالٌ من البحرين (¬2)، فقال: من كان له على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وَأيٌ (¬3)، أو عِدة فليأتني، فجاءه جابر، فحَفَنَ له ثلاثُ حَفَنَات". في آخر الجهاد. عن ربيعة ذكره (¬4). والحديث لجابر، رواه محمد بن المنكدر، ومحمد بن علي عنه، خُرّج في الصحيحين (¬5). 15 / حديث: "أن عائشة كانت مضطجعةً مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ثوب ¬

_ (¬1) كعَرَبيّة نسبة إلى قَبَل، هي من ناحية الفُرُع: سراة فيما بين المدينة وينبع. انظر: معجم ما استعجم (3/ 1021، 1047)، والمغانم المطابة في معالم طابة (ص: 332)، وعمدة الأخبار في مدينة المختار (ص: 394). (¬2) البحرين: كان اسمًا لبلاد واسعة كالأحساء والقطيف وبيشة وغيرها، قاعدتها هجر، ثم انتقل اسم البحرين إلى إمارة البحرين اليوم، وجلّ ما يحدّد بالبحرين في كتب السيرة هو من شرق المملكة العربية السعودية. انظر: الروض المعطار (ص: 82)، والمعالم الأثيرة (ص: 44). (¬3) الوأي هو الوعد، وقيل: التعريض بالعدة من غير تصريح، وقيل: هو العدة المضمونة، وأصله: الوعد الذي يوثقه الرجل على نفسه، ويعزم على الوفاء به. النهاية (5/ 114). (¬4) الموطأ كتاب: الجهاد، باب: الدفن في قبر واحد من ضرورة، وإنفاذ أبي بكر رضي الله عنه عدة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد وفاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (2/ 375) (رقم: 50). (¬5) انظر: صحيح البخاري، كتاب: الكفالة، باب: من تكفل عن ميت دفنًا فليس له أن يرجع (2/ 142) (رقم: 2296)، وكتاب: الشهادات، باب: إذا وهب هبة أو وعد ثم مات قبل أن تصل إليه (2/ 236) (رقم: 2598)، وصحيح مسلم كتاب: الفضائل، باب: ما سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئًا قط فقال لا، وكثرة عطاءه (4/ 1806 - 1807) (رقم: 60، 61).

واحد، وأنّها وَثَبَتْ وَثْبَةً شديدةً ... ". فيه: "شُدِّي على نفسِكِ إزاركِ، ثم عُودي إلى مضجِعكِ". في أبواب الحيض. عن ربيعة ذكره (¬1). وهذا غير محفوظ لعائشة، وإنما يُروى معناه عن أم سلمة، خرّج لها في الصحيح (¬2). وجاء حكمه عن عائشة، وميمونة، وغيرهما (¬3). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الطهارة، باب: ما يحل للرجل من امرأته وهي حائض (1/ 74، 75) (رقم: 94). (¬2) كذا قال! ! وقبله ابن عبد البر في التمهيد (3/ 162): "ولا أعلم أنه رُوي من حديث عائشة بهذا اللفظ ألبتة". وقد أخرج البيهقي في السنن الكبرى (1/ 311) من طريق عطاء بن يسار عن عائشة قالت: "كنت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في لحاف واحد فانسللت، فقال: ما شأنك؟ فقلت: حضتُ، فقال: شدّي عليك إزارك ثم ادخلي", قال الحافظ في التلخيص (1/ 177): "إسناده صحيح". وعليه فنقول كما قال البيهقي عقب حديث الموطأ: إن القصة وقعت لعائشة وأم سلمة جميعًا. وحديث أم سلمة أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الحيض، باب: من سمّى النفاس حيضًا (1/ 113) (رقم: 298)، وفي باب: النوم مع الحائض وهي في ثيابها (1/ 120، 121) (رقم: 322، 323)، ومسلم في صحيحه كتاب: الحيض، باب: الاضطحاع مع الحائض في لحاف واحد (1/ 243) (رقم: 5) كلاهما من طريق زينب بنت أم سلمة، عن أم سلمة. (¬3) روى البخاري في صحيحه كتاب: الحيض، باب: مباشره الحائض (1/ 114) (رقم: 300، 303)، ومسلم في صحيحه كتاب: الحيض، باب: مباشرة الحائض فوق الإزار (1/ 242، 243) (رقم: 1 - 4) من حديث عائشة وميمونة "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يباشر نساءه فوق الإزار وهن حُيَّض". وروى البيهقي في السنن الكبرى (1/ 312) عن حرام بن حكيم عن عمه، وعن عمير مولى عمر عن عمر نحوه.

وانظر مرسل زيد بن أسلم (¬1)، وموقوف عائشة في مسندها (¬2). • حديث: "الاستئذان". في مسند أبي موسى الأشعري (¬3). 16 / حديث مزيد: "خرج وهو مريض، وأبو بكر يصلّي بالناس، فجلس إلى جنب أبي بكر، فكان أبو بكر الإمام ... ". فيه: وقال: "ما مات نبيٌّ قط حتى يؤمَّه رجلٌ من أمَّته". عن ربيعة. ليس هذا عند يحيى بن يحيى، وهو عند ابن القاسم، وغيره (¬4). وروى حُميد عن ثابت عن أنس: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى في مرضه خلف أبي بكر قاعدًا"، خرّجه الترمذي وصحّحه (¬5). وخرّج أيضًا عن مسروق، عن عائشة قالت: "صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - خلف أبي بكر في مرضه الذي مات فيه قاعدًا" (¬6). ¬

_ (¬1) سيأتي حديثه (4/ 534). (¬2) تقدّم حديثها (4/ 163). (¬3) انظر: (3/ 194). (¬4) ذكره ابن عبد البر في التمهيد (6/ 144 - 145) عن سحنون، عن ابن القاسم، وفيه قول سحنون: "أخذ بهذا الحديث ابن القاسم وليس في الموطأ". (¬5) أخرجه في السنن كتاب: الصلاة، باب: ما جاء إذا صلى الإمام قاعدًا فصلّوا قعودًا (2/ 197 - 198) (رقم: 363) من طريق شبابة بن سوار، عن محمد بن طلحة، عن حميد به، وقال: "حديث حسن صحيح". (¬6) انظر: سنن الترمذي (2/ 196) (رقم: 362)، وكذا أخرجه النسائي في السنن كتاب: الإمامة، باب: صلاة الإمام خلف رجل من رعيته (2/ 414) (رقم: 785)، وأحمد في المسند (6/ 196) من طريق أبي وائل، عن مسروق به، وإسناده صحيح.

وهذا معارضٌ في الظاهر لما رواه عروة وغيره عنها، ولعلها قصة أخرى؛ فإن المرض كان بضعة عشر يومًا (¬1). انظره في مرسل عروة (¬2). وانظر إمامةَ عبد الرحمن بن عوف في حديث المغيرة بن شعبة (¬3). ¬

_ (¬1) أخرج البخاري في صحيحه كتاب: الأذان، باب: من قام إلى جنب الإمام لعلة (1/ 226) (رقم: 683) من حديث عروة. وفي باب: حد المريض أن يشهد الجماعة (1/ 221) (رقم: 664)، وفي باب: من أسمع الناس تكبير الإمام (1/ 235) (رقم: 712)، وفي باب: الرجل يأتم بالإمام، ويأتم الناس بالمأموم (1/ 235) (رقم: 713) من حديث الإسود. وفي باب: إنما جعل الإمام ليؤتم به (1/ 228) (رقم: 687) من حديث عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، كلهم عن عائشة: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إمامًا". ويدل حديث مسروق عنها، وحديث ثابت عن أنس: أنه - صلى الله عليه وسلم - صلّى خلف أبي بكر قاعدًا، وقد جمع المؤلف بينهما بحمل القصة على التعدّد، وهذا ما ذهب إليه ابن حبان أيضًا حيث قال: "ونحن نقول بمشيئة الله وتوفيقه: "إنَّ هذه الأخبار كلّها صحاح، وليس شيء منها يعارض الآخر، ولكن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلّى في علّته صلاتين في مسجد جماعة، لا صلاة واحدة، في إحداهما كان مأمومًا، وفي الأخرى كان إماما، والدليل على أنَّهما كانتا صلاتين لا صلاة واحدة أن في خبر عبيد الله بن عبد الله عن عائشة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج بين رجلين -وهما العباس وعلي- وفي خبر مسروق عن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج بين بريرة ونُدَبة، فهذا يدلك على أنّها كانت صلاتين لا صلاة واحدة". الإحسان (5/ 488). وذكر ابن حجر أيضًا الخلاف المذكور ثم قال: "من العلماء من سلك الترجيح، فقدّم الرواية التي فيها أن أبا بكر كان مأمومًا، ومنهم من سلك عكس ذلك ... ومنهم من سلك الجمع فحمل القصة على التعدّد، ثم قال مرجّحا لهذا الوجه: "ويؤيّده اختلاف النقل عن الصحابة غير عائشة". الفتح (2/ 182). (¬2) سيأتي حديثه (5/ 85). (¬3) تقدَّم (2/ 242).

حرف الزاي

حرف الزاي ثلاثة رجال. 11 - مرسل زيد بن أسلم، مولى عمر بن الخطاب. تابعي (¬1). تسعة أحاديث، وتقدّم له مسند عن جابر (¬2)، وابن عمر من غير واسطة (¬3)، وعن عُمر، وابن عباس، وأبي هريرة، وغيرهم بوسائط (¬4). مالك، عنه. 17 / حديث: "عَرَّسَ ليلةً بطريق مكة، ووَكَّل بلالًا أن يوقظهم للصلاة، فرقدَ بلال، ورقدوا حتى استيقظوا وقد طلعت عليهم الشمس ... ". فيه: "فأمرهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يركبوا حتى يخرجوا من ذلك الوادي، وقال: إن هذا وادٍ به شيطان". وفيه: "ثم أمرهم أن ينزلوا، وأن يتوضّؤوا، وأمر بلالًا أن ينادي بالصلاة أو يقيم". وقوله: "يا أيها الناس، إن الله تعالى قبض ¬

_ (¬1) جعله الحافظ من الثالثة. انظر: الطبقات الكبرى (5/ 412)، وذكر أسماء التابعين (1/ 139)، ومشاهير ابن حبان (ص: 80) (رقم: 579)، والتقريب (رقم: 2117). (¬2) انظر: (2/ 128). (¬3) انظر: (2/ 363). (¬4) له عن أبيه، عن عمر (2/ 373)، وعن عطاء، عن ابن عباس (2/ 536)، وعن ابن وعلة، عن ابن عباس (2/ 546، 547)، وعن الأعرج وعطاء وبُسر عن أبي هريرة (3/ 348)، وعن أبي صالح، عن أبي هريرة (3/ 436)، وعن عطاء بن يسار، عن أبي قتادة (3/ 207)، وعن عطاء بن يسار، عن أبي رافع (3/ 168)، وعن أناس آخرين، انظر: أحاديث الموطأ (ص: 17).

أرواحنا، ولو شاء لردّها إلينا في حين غير هذا، فإذا رقد أحدُكم عن الصّلاة أو نسيها ثم فزع إليها فليصلها كما كان يصليها في وقتها"، وقوله لأبي بكر. في أبواب الوقوت (¬1). هذا حديث مستفيض، رواه بضعة عشر من الصحابة، منهم: أبو قتادة، وأبو هريرة، وابن مسعود، وابن عباس، وعمران بن حصين، وعمرو بن أبي أمية الضمري، وجُبير بن مطعم، وذو مِخْبَر (¬2) بن أخي النجاشي، وأبو مريم السَّلُولي، وأبو جُحيفة السُّوائِي، وغيرهم (¬3). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: وقوت الصلاة، باب: النوم عن الصلاة (1/ 45) (رقم: 26). (¬2) مِخْبَر: بكسر أوله وسكون المعجمة وفتح الموحدة، وقيل بدلها ميم، أي "ذو مخمر"، وتصحّف في الأصل إلى محمد بن أخي النجاشي. انظر: المؤتلف والمختلف للدارقطني (4/ 2014)، والإكمال لابن ماكولا (7/ 209)، وتوضيح المشتبه (8/ 50). (¬3) حديث أبي قتادة: أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: مواقيت الصلاة، باب: الأذان بعد ذهاب الوقت (1/ 201) (رقم: 595)، وفي التوحيد، باب: في المشيئة والإرادة (4/ 399) (رقم: 7471) من طريق حصين بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن أبي قتادة. ومسلم في صحيحه كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها (1/ 472 - 474) (رقم: 311) من طريق ثابت البناني، عن عبد الله بن رباح، كلاهما عن أبي قتادة، وله عند كل منهما ألفاظ ليست عند الآخر. وحديث أبي هريرة: أخرجه مسلم في صحيحه، باب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: قضاء الصلاة الفائتة (1/ 471 - 472) (رقم: 309، 310) من طريق سعيد بن المسيب وأبي حازم الأشجعي، عنه. وحديث ابن مسعود: أخرجه أبو داود في السنن كتاب: الصلاة، باب: في من نام عن صلاة أو نسيها (1/ 309 - 310) (رقم: 447)، والطياسي في مسنده (ص: 49) (رقم: 377)، وابن أبي شيبة في المصنف (2/ 64)، وأحمد في المسند (1/ 386، 464)، والبزار في مسنده (1/ 202) (رقم: 400 - كشف الأستار-)، والطحاوي في شرح المعاني (1/ 465 - 466)، والطبراني في المعجم الكبير (10/ 279) (رقم: 10549)، والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 218) كلهم من طرق، عن شعبة، عن جامع بن شداد، عن عبد الرحمن بن علقمة أو أبي علقمة، عن ابن مسعود قال: أقبلنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الحديبية ... وذكر الحديث مطولًا ومختصرًا. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وهذا إسناد صحيح، رجاله رجال الصحيحين، ما عدا عبد الرحمن بن أبي علقمة فلم يخرج له إلا أبو داود والنسائي، لكن ذكره ابن حبان في ثقات التابعين (5/ 106)، ولم يضعفه أحد، ولذا قال الهيثمي (1/ 319): "رجاله موثقون"، وابن أبي علقمة من جملتهم، وقال الألباني في الإرواء (1/ 293): "إسناده صحيح". هذا، وقد ورد في سياق رواية شعبة أن الذي حرس النبي - صلى الله عليه وسلم - في تلك الليلة هو بلال بن رباح، وهكذا ورد عند البخاري من حديث أبي قتادة، وعند مسلم من حديث أبي هريرة، وجاء في سياق رواية المسعودي عن جامع بن شداد أن الذي حرسه هو عبد الله بن مسعود نفسه، أخرجه الطيالسي في مسنده (ص: 49) (رقم: 377). وأحمد في المسند (1/ 391) من طريق يزيد بن هارون. وأبو يعلى في مسنده (9/ 187) (رقم: 5285) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، ثلاثتهم عن المسعودي، عن جامع بن شداد، عن عبد الرحمن بن أبي علقمة، عن عبد الله بن مسعود. وهي رواية ضعيفة لا تقوى على معارضة رواية شعبة؛ لأنَّ المسعودي وهو عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة المسعودي، صدوق اختلط قبل موته لما قدم بغداد، وهؤلاء الثلاثة رووا عنه بعد اختلاطه كما ذكره ابن الكيال في الكواكب (ص: 288)، وقال الهيثمي في المجمع (1/ 317 - 318): "رواه أحمد والبزار والطبراني في الكبير وأبو يعلى باختصار عنهم، وفيه عبد الرحمن بن عبد الله المسعودي وقد اختلط في آخر عمره". بل إنَّ مخالفة شعبة سبب آخر لضعف روايته؛ لأنَّ الحافظ الذهبي وصفه في الميزان (3/ 288): بأنه "سيئ الحفظ"، ومثله إذا خالف ثقة يُحكم على روايته بالشذوذ. وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 83)، وأحمد في المسند (1/ 450)، وأبو يعلى في المسند (8/ 426) (رقم: 5010) من طريق حسين بن علي (وهو الجعفي) عن زائدة -وهو ابن قدامة- عن سماك، عن القاسم بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن عبد الله بنحو سياق المسعودي، وفي إسناده مقال؛ لأن سماك بن حرب صدوق تغيّر بأخرة، وكان ربما يُلقّن فيتلقن، وفي سماع عبد الرحمن من أبيه أيضًا كلام، فقد ذكروا أنه لم يسمع من أبيه إلَّا شيئًا يسيرًا. انظر: الكاشف (1/ 321)، و (2/ 153)، وتهذيب التهذيب (4/ 204)، و (6/ 195 - 196)، والتقريب (رقم: 2624)، و (3824). وحديث ابن عباس: أخرجه النسائي في السنن كتاب: المواقيت، باب: كيف يقضي الفائت من الصلاة (2/ 325) (رقم: 624) عن أبي عاصم، قال: حدَّثنا حَبان بن هلال، حدثنا حبيب "وهو حبيب بن أبي حبيب الجرمي" عن عمرو بن هرِم، عن جابر بن زيد، عن ابن عباس قال: "أدلج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... "، وذكره. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = ورجال إسناده ثقات ما عدا حبيب فإنه صدوق يخطئ كما في التقريب (رقم: 1086)، وهو من رجال مسلم. وأخرجه أحمد في المسند (1/ 259) من طريق عبيدة بن حُميد، عن يزيد بن أبي زياد، عن رجل، عن ابن عباس. وإسناده ضعيف لضعف يزيد بن أبي زياد، وهو الكوفي، وجهالة الرجل. انظر ترجمة يزيد في: تهذيب الكمال (32/ 135)، والكاشف (3/ 243)، وتهذيب التهذيب (11/ 287)، والتقريب (رقم: 7717). وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 82)، ومن طريقه أبو يعلى في المسند (4/ 263) (رقم: 2375)، والطبراني في المعجم الكبير (11/ 432) (رقم: 12225) من طريق عبيدة بن حميد، عن يزيد بن أبي زياد، عن تميم بن سلمة، عن مسروق، عن ابن عباس، وإسناده كسابقه ضعيف؛ لأجل يزيد. وأخرجه البزار في مسنده (1/ 201) (رقم: 398 - كشف الأستار-) من طريق صدقة بن عبادة، عن أبيه عبادة، عن ابن عباس به، وفيه عبادة بن نشيط مجهول. فأحسن أسانيد حديث ابن عباس هو إسناد النسائي، وهو حسن بشواهده. وحديث عمران بن حصين: أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: التيمم، باب: الصعيد الطيب وضوء المسلم يكفيه الماء (1/ 128 - 130) (رقم: 344)، ومسلم في صحيحه كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: قضاء الصلاة الفائتة (1/ 474 - 476) (رقم: 312)، كلاهما من طريق أبي رجاء العطاردي، عن عمران. وفي سياق حديث عمران بعض المغايرة لسياق أبي قتادة، وليس فيه أيضًا ذكر الأذان والإقامة، ولذلك ذهب بعض أهل العلم إلى تعدّد القصة، لكن ذكر الحافظ في الفتح (1/ 534) أن الجمع بينهما ممكن. وحديث عمرو بن أبي أمية: أخرجه أبو داود في السنن كتاب: الصلاة، باب: في من نام عن الصلاة، أو نسيها (1/ 308 - 309) (رقم: 444)، وأحمد في المسند (4/ 139)، و (5/ 287)، وحسّنه المنذري في مختصره (1/ 254). وحديث جبير بن مطعم: أخرجه النسائي في السنن كتاب: المواقيت، باب: كيف يقضي الفائت الصلاة (2/ 324 - 325) (رقم: 623)، وأحمد في المسند (4/ 81)، والطحاوي في شرح المعاني (1/ 401) كلهم من طرق عن حماد بن سلمة، عن عمرو بن دينار، عن نافع بن جبير، عن أبيه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في سفر له ... ، وذكر الحديث. وهذا حديث صحيح الإسناد، وحماد بن سلمة وإن كان تغيّر حفظه بأخرة لكن من الرواة عنه في =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = هذا الحديث عفان بن مسلم عند أحمد، وهو من أثبت أصحابه. انظر: شرح علل الترمذي (2/ 707)، وتهذيب التهذيب (7/ 206 - 208)، والتقريب (رقم: 1499). وحديث ذي مِخْبَر: والحديث أخرجه أبو داود في السنن (1/ 309) (رقم: 445، 446)، وأحمد في المسند (4/ 90 - 91) من طريق حَريز -بفتح أوله وكسر الراء آخره زاي- بن عثمان، (وتحرّف في المسند وفي أطرافه (4/ 207) إلى جرير، ولم ينبّه عليه محققه) عن يزيد بن صُليح (وجاء عن بعضهم صالح، وصحح المزي في التحفة (3/ 139) الأول)، عن ذي مخبر قال: كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، فذكره. والإسناد رجاله ثقات، ما عدا يزيد بن صُليح، فقد قال عنه الحافظ في التقريب (رقم: 7731): "مقبول"، وقد تابعه العباس بن عبد الرحمن عند الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 464) إلَّا أنَّه مستور أو مجهول الحال، لكن الحديث حسن بشواهده. وحديث أبي مريرم السلولي: أخرجه النسائي في السنن كتاب: المواقيت، باب: كيف يقضي الفائت من الصلاة (2/ 323) (رقم: 620) عن هناد بن السري، عن أبي الأحوص. والطحاوي في شرح المعاني (1/ 465) من طريق خالد بن عبد الله الواسطي، كلاهما عن عطاء بن السائب، عن يزيد بن أبي مريم، عن أبيه قال: كنا مع رسول الله في سفر ... ، وذكر الحديث. وحسّن الحافظ إسناده في الإصابة (9/ 49). وحديثه أبي جحيفة السُّوائي: أخرجه أبو يعلى في المسند (2/ 192) (رقم: 895)، والطبراني في المعجم الكبير (22/ 207) (رقم: 268) من طريق عبد الجبار بن العباس الهمداني، عن عون بن أبي جحيفة، عن أبيه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سفره الذي ناموا فيه ... ، وذكر الحديث. والحديث رجاله ثقات ما عدا عبد الجبار بن العباس فإنه صدوق يتشيّع، كما في التقريب (رقم: 3741). وروي الحديث من طرق أخرى، منها: ما أخرجه البزار في مسنده (1/ 200) (رقم: 396 - كشف الأستار-) من حديث أنس أنه قال: كنت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في سفر فقال: "من يكلؤنا الليلة ... "، الحديث. قال الهيثمي في المجمع (1/ 322): "رواه البزار وفيه عتبة أبو عمر، روى عن الشعبي، وروى عنه محمد بن الحسن الأسدي، ولم أجد من ذكره، وبقية رجاله رجال الصحيح". وروى الطبراني في المعجم الكبير (2/ 176) (رقم: 1722) من حديث جندب قال: سافرنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سفرًا ... ، فذكره. قال الهيثمي في المجمع (1/ 323): "فيه سهل بن فلان الفزاري، عن أبيه، وهو مجهول". =

واختلفوا في تعيين السَّفرة التي جرت القصة فيها (¬1)، وفي تحديد وقت ¬

_ = وأخرج النسائي في السنن الكبرى (1/ 495) (رقم: 1588) من حديث أبي حازم، عن أبي هريرة قال: عرّسنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فذكره. والحديث صحيح. وفي الباب عن بلال، وسمرة، وأبي بكرة، وعبادة، وعبد الله بن عمرو، وجندب، وأمامة. انظر: كشف النقاب عمّا يقوله الترمذي في الباب (3/ 374 - 376). (¬1) تقدّم عند مسلم (1/ 471 - 472) (رقم: 309) من حديث أبي هريرة أنّها وقعت عند رجوعهم من خيبر، وبه صرح ابن إسحاق كما في سيرة ابن هشام (2/ 340). قال ابن عبد البر في التمهيد (5/ 205)، والباجي في المنتقى (1/ 27): "هو الصحيح". وفي حديث ابن مسعود عند أبي داود أنها وقعت عام الحديبية، وفي مرسل زيد بن أسلم عند مالك أنها وقعت لهم في طريق مكة، وفي حديث عبد الله بن عمرو عند الطبراني في الكبير كما في المجمع (1/ 323) أنها وقعت في تبوك. قال الهيثمي: "رجاله رجال الصحيح، خلا شيخ الطبراني". ووقع عند ابن حبان في صحيحه (الإحسان) (5/ 422) (رقم: 2069) من حديث أبي هريرة أنها وقعت حين قفوله من غزوة حنين، قال ابن حبان: "والنفس إليه أميل". وأخرج أبو داود (1/ 305 - 306) (رقم: 438) من طريق خالد بن سمير، عن عبد الله بن رباح، عن أبي قتادة: أن ذلك كان في غزوة جيش الأمراء، لكن هذا وهم من خالد بن سمير، فقد تقدّم أن البخاري رواه من طريق حصين بن عبد الرحمن، ومسلم من طريق ثابت البناني، كلاهما عن عبد الله بن رباح، عن أبي قتادة من غير تعيين، ولذا قال ابن عبد البر في التمهيد (5/ 206): "هذا وهم عند الجميع؛ لأنَّ جيش الأمراء كان في غزاة مؤتة، وكانت سرية لم يشهدها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -". وذكر العظيم آبادي في العون (2/ 80): أن خالد بن سمير هذا وهم في موضعين آخرين من هذا الحديث أيضًا. وقد جمع ابن عبد البر بين مرسل زيد بن أسلم وحديث أبي هريرة وحديث ابن مسعود بأنَّ طريق خيبر ومكة من المدينة يشبه أن يكون واحدًا، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - في منصرفه من الحديبية مضى إلى خيبر. لكن هذا الجمع فيه تكلّف، فالراجح تعدّد القصة كما سيأتي. انظر: التمهيد (5/ 207 - 208)، والتلخيص الحبير (1/ 207)، والفتح (1/ 534 - 535)، وعمدة القاري (4/ 27)، ومرويات غزوة الحديبية (ص: 246 - 247).

الاستيقاظ (¬1)، وفي ذكر أول من استيقظ (¬2)، وفي سبب تأخير الصلاة (¬3)، وفي ¬

_ (¬1) ورد في حديث أبي هريرة وابن مسعود وأبي قتادة وغير واحد: "فلم يستيقظ حتى طلعت الشمس"، وورد في حديث جبير بن مطعم وعمران بن حصين أن الذي أيقظهم هو حرُّ الشمس، وليس بينهما كبير اختلاف، إلَّا أن قوله "ما أيقظنا إلَّا حرّ الشمس" يدل على أنّ الشمس كانت قد ارتفعت؛ لأن حرَّها لا يكاد يوجد إلَّا بعد الارتفاع وزوال وقت النهي عن الصلاة. (¬2) وقع في حديث عمران بن حصين عند البخاري (2/ 520) (رقم: 3571)، ومسلم (1/ 474) (رقم: 312): "وكان أول من استيقظ من منامه أبو بكر". وفي حديث أبي هريرة عند مسلم (1/ 472) (رقم: 311): "فكان أول من استيقظ رسول الله والشمس في ظهره"، وهذا اختلاف بيّن، يدل على وقوع القصة أكثر من مرّة. (¬3) جاء في هذا الحديث أنهم لم يصلّوا في مكانهم ذلك عند ما استيقظوا حتى اقتادوا رواحلهم ثم توضَّأوا، ثم أقام بلال وصلى بهم، وقد اختلف العلماء في سبب هذا التأخير، فذهب أبو حنيفة وأصحابه إلى أن سبب التأخير امتناعه من القضاء في وقت النهي؛ لأنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - انتبه مع طلوع الشمس، فأمر بمفارقة المكان لترتفع الشمس فيخرج وقت الكراهية. وذهب أكثر أهل العلم إلى أن علة التأخير هو ما بيّنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقوله: "إنَّ هذا واد به شيطان"، فأراد أن يتحوّل عن المكان الذي أصابتهم فيه هذه الغفلة والنسيان، قال القاضي عياض: "وهذا أظهر الأقوال في تعليله"، وهو كما قال؛ لأن قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ هذا واد به شيطان" نص صريح في تعليل الاقتياد فلا يعدل عنه إلى غيره؛ ولأنه ورد في بعض الروايات أنهم لم يستيقظوا حتى وجدوا حرَّ الشمس، وذلك لا يمكن إلَّا بعد الطلوع بزمان، وبعد ذهاب وقت الكراهة، ولأجل هذا قال الباجي: "إن ما قاله الحنفية ليس بصحيح، لا يحتمله لفظ الحديث"، وقال القرطبي: "إنه تحكم"، ولم يرضه أيضًا عبد الحي اللكنوي. واستدلَّ ابن حجر بما ورد عند البخاري (4/ 399) (رقم: 7471) في حديث أبي قتادة: "فقضوا حوائحهم وتوضأوا إلى أن طلعت الشمس وابيضت فقام فصلى"، استدلَّ به على أن تأخيره الصلاة إلى أن طلعت الشمس وارتفعت كان بسبب الشغل بقضاء حوائجهم، لا لخروج وقت الكراهة، وذكر أسبابًا أخرى غيره. انظر: التمهيد (5/ 211، 213)، والمنتقى للباجي (1/ 27 - 28)، والمفهم للقرطبي (2/ 308)، وفتح الباري لابن رجب (2/ 75)، ولابن حجر (1/ 536)، و (2/ 81)، وعمدة القاري (4/ 29)، والتعليق الممجّد (1/ 549، 552)، وعون المعبود (2/ 75).

ذكر الأذان لها والإقامة، وتقديم ركعتي الفجر (¬1)، وبعض ذلك متعارض. ¬

_ (¬1) ورد عند البخاري من حديث أبي قتادة (1/ 201) (رقم: 595): "يا بلال قم فأذِن للناس بالصلاة"، وعند مسلم (1/ 473): "ثم أذن بلال بالصلاة"، وكذا خرّج البخاري في أبواب التيمم (1/ 129) (رقم: 344) من حديث عمران بن حصين: "ونودي بالصلاة فصلى بالناس". وخرّج مسلم من رواية الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة (1/ 471): "وأمر بلالًا فأقام الصلاة، فصلى بهم الصبح"، ومن رواية أبي حازم عن أبي هريرة (1/ 471 - 472): "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - توضّأ ثم صلى سجدتين، وأقيمت الصلاة فصلى الغداة". وأخرج الإمام أحمد في المسند (5/ 302) من حديث قتادة عن عبد الله بن رباح عن أبي قتادة وقال في حديثه: "وأمر بلالًا فأذّن فصلى ركعتين، ثم تحوَّل من مكانه فأمره فأقام الصلاة، فصلى صلاة الصبح". وخرّجه النسائي في السنن (1/ 323) (رقم: 620) من حديث عطاء بن السائب عن بُريد بن أبي مريم عن أبيه قال: كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سفر، فذكر الحديث، وقال في آخره: "فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - المؤذّن فأذّن، ثم صلى الركعتين قبل الفجر، ثم أمره فأقام الصلاة، فصلى بالناس". وخرّج أبو داود في السنن (1/ 308) (رقم: 443)، وأحمد في المسند (4/ 431 - 441 - 444)، والدارقطني في السنن (1/ 385 - 386)، والحاكم في المستدرك (1/ 274) ذكر الأذان والإقامة وصلاة ركعتي الفجر بينهما في هذه القصة من حديث الحسن عن عمران بن حصين عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، لكن الحسن لم يسمع من عمران بن حصين عند أحمد وعلي بن المديني وأبي حاتم الرازي، وقد أخرج البخاري حديث عمران مطولًا وفيه ذكر النداء فقط، وأخرجه مسلم وليس فيه ذكر الأذان والإقامة. انظر: المراسيل لابن أبي حاتم (ص: 38 - 39)، وجامع التحصيل للعلائي (ص: 163). وكذا أخرج أبو داود في السنن (1/ 308 - 309) (رقم: 444، 445)، وأحمد في المسند (4/ 139)، (5/ 287) ذكر الأذان والإقامة وصلاة ركعتي الفجر بينهما في هذه القصة من حديث عمرو بن أمية الضمري، ومن حديث ذي مِخير الحبشى عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. وكذا خرّج أحمد في المسند (1/ 450) ذكر الأذان والإقامة من حديث أبي مسعود أيضًا في هذه القصة. هكذا ورد ذكر الأذان والإقامة وركعتي الفجر في أغلب روايات الباب، ومن ثمَّ اختلف العلماء في قضاء الفائتة هل يُشرع له أن يؤذن لها ويقيم، أم يقيم ولا يؤذّن؟ فيه أقوال، وقد ذكر القرطبي جمعًا حسنًا بين الروايات الواردة في هذا الباب فقال: "الذي يجمع بين الأحاديث أنَّه إن احتيج إلى الأذان بحيث يجمع متفرّقهم فعل، وعلى هذا يحمل حديث أبي هريرة، وإن كانوا مجموعين لم يحتج لذلك؛ إذ ليس وقتًا راتبا فيدعى إليه الجمع ويعلمونه، وعلى هذا يُحمل حديث أبي قتادة". =

ولعلّ النوم عن الصلاة تكرّر، والله أعلم (¬1). وانظره في مرسل سعيد بن السيب (¬2). وانظر قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن عيني تنامان، ولا ينام قلبي"، في حديث أبي سلمة عن عائشة (¬3)، وحديث النّوم عن الصلاة للبخاري ومسلم، وسائر أئمة الحديث (¬4). ¬

_ = كذا قال، وقد تقدّم حديث أبي قتادة عند البخاري ومسلم وفيه ذكر الأذان. وذكر ابن عبد البر أن من ذكر وحفظ الأذان والإقامة وكذا ركعتي الفجر -وهم الأكثر- حجة على من لم يذكر. انظر: التمهيد (5/ 234)، والمنتقى لابن الجارود (1/ 28 - 29)، والمفهم للقرطبي (2/ 309)، وفتح الباري لابن رجب (3/ 341). (¬1) قال ابن العربي: "ثبت في الصحيح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نام عن الصلاة ثلاث مرّات: الأولى: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أوّلهم استيقاظًا. الثانية: استيقظ قبله أبو بكر وعمر حتى استيقظ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. والثالثة: لم يحضرها أبو بكر ولا عمر، وإنَّما كان في ركب ثمانية أو نحوها (يشير بذلك إلى حديث أبي قتادة عند مسلم وغيره (1/ 472) (رقم: 311): حتى اجتمعنا فكنا سبعة ركب ... ) ثم قال: وكل ذلك ثابت بنقل العدل عن العدل". وإليه ذهب أيضًا القاضي عياض مستدلًّا على ذلك بما ورد من التغاير في سياق الروايات، ورجحه النووي، وجنح إليه ابن كثير وابن حجر والعيني والزرقاني، بل قال السيوطي: "ولا يجمع إلَّا بتعدّد القصة". انظر: القبس لابن العربي (1/ 99)، وترتيب المسالك (ل: 16 / ب) له أيضًا، وشرح النووي على صحيح مسلم (5/ 181 - 182)، والبداية والنهاية (4/ 213)، وفتح الباري (1/ 534 - 535)، وعمدة القاري (4/ 27 - 28)، وشرح الزرقاني على الموطأ (1/ 51)، وتنوير أحوالك (1/ 26)، والتعليق الممجّد (1/ 547). (¬2) سيأتي حديثه (5/ 171). (¬3) تقدّم حديثها (4/ 84). (¬4) روى البخاري في الصحيح كتاب: مواقيت الصلاة، باب: من نسي صلاة فيصلّ إذا ذكرها (1/ 201) (رقم: 597)، ومسلم في صحيحه كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: قضاء =

17 / حديث: "ما يَحِلُّ لي من امرأتي وهي حائض ... ". فيه: "لِتَشُدَّ عليها إزارَها، ثم شأنك بأعْلاها". في الطهارة (¬1). معناه في الصحيح لعائشة (¬2)، وأم سلمة (¬3)، وميمونة (¬4)، وغيرهن (¬5). ¬

_ = الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها (1/ 477) (رقم: 315)، وأبو داود في السنن كتاب: الصلاة، باب: فيمن نام عن الصلاة أو نسيها (1/ 307) (رقم: 442)، والترمذي في السنن كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في الرجل ينسى الصلاة (1/ 178) (رقم: 178)، وابن ماجه في السنن كتاب: الصلاة، باب: من نام عن الصلاة أو نسيها (1/ 227) (رقم: 696) من حديث أنس: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من نسي صلاة أو نام عنها فكفارتها إذا ذكرها"، هذا لفظ مسلم. ولأبي قتادة نحوه، أخرجه أبو داود (1/ 307) (رقم: 441)، والترمذي (1/ 334) (رقم: 177)، والنسائي (1/ 320) (رقم: 614). (¬1) الموطأ كتاب: الطهارة، باب: ما يحل للرجل من امرأته وهي حائض (1/ 74) (رقم: 93). (¬2) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الحيض، باب: مباشرة الحائض (1/ 114) (رقم: 300، 302)، وفي الاعتكاف، باب: غسل المعتكف (2/ 66) (رقم: 2030)، ومسلم في صحيحه كتاب: الحيض، باب: مباشرة الحائض فوق الإزار (1/ 242) (رقم: 1، 2) من طريق الأسود، عنها. (¬3) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الحيض، باب: من سمّى النفاس حيضًا (1/ 113 - 114) (رقم: 298)، ومسلم في صحيحه كتاب: الحيض، باب: الاضطجاع مع الحائض في لحاف واحد (1/ 243) (رقم: 5) من طريق زينب بنت أم سلمة، عن أم سلمة. (¬4) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الحيض، باب: مباشرة الحائض (1/ 114) (رقم: 303)، ومسلم في صحيحه كتاب: الحيض، باب: مباشرة الحائض فوق الإزار (1/ 243) (رقم: 3) من طريق عبد الله بن شداد عنها. (¬5) روى أبو داود في السنن كتاب: الطهارة، باب: في المذي (1/ 145) (رقم: 212) من طريق حرام بن حكيم، عن عمّه وهو عبد الله بن سعد الأنصاري: أنه سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما يحلُّ لي من امرأتي وهي حائض؟ قال: "لك ما فوق الإزار"، وسنده حسن. وفي الباب أيضًا عن معاذ بن جبل، أخرجه أبو داود في السنن (1/ 146) (رقم: 213) من طريق عبد الرحمن بن عائذ الأزدي، عن معاذ قال: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عمّا يحل للرجل من امرأته =

وانظر في موقوف عائشة (¬1)، ومرسل ربيعة (¬2). 19 / حديث: "إذا تزوّج أحدُكُم المرأةَ أو اشترى الجارية فليأخذ بناصيتها ... ". وذكر البعير. في آخر النكاح (¬3). هذا في رواية ابن بكير وغيره، ثلاثة أحاديث مفصّلًا (¬4). ¬

_ = وهي حائض؟ قال: "ما فوق الإزار، والتعفف عن ذلك أفضل". قال أبو داود: وليس هو -يعني الحديث- بالقوي". قلت: لأنَّ عبد الرحمن بن عائذ لم يدرك معاذًا، فهو لذلك منقطع، وسعد الأغطش راويه عنه قال الحافظ في التقريب (رقم: 2246): "لين الحديث"، وبقية بن الوليد روايه عنه عنعنه، وهو مدلس، إلَّا أن الحديث يشهد له حديث عائشة وغيرها، فهو حسن لغيره. وفي حديث الموطأ لم يسمّ الرجل الذي سأل النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فيُحتمل أن يكون عبد الله بن سعد، أو معاذ بن جبل، والله أعلم. (¬1) تقدّم حديثها (4/ 163). (¬2) تقدّم حديثه (4/ 523). (¬3) الموطأ كتاب: النكاح، باب: جامع النكاح (2/ 431) (رقم: 52). (¬4) الحديث الأول هو: "إذا تزوج أحدكم المرأة فليأخذ بناصيتها وليدع بالبركة"، عند: - ابن بكير (ل: 144 / ب) - الظاهرية-، وأبي مصعب الزهري (1/ 598) (رقم: 1552)، وسويد ن سعيد (ص: 320) (رقم: 702)، وابن القاسم (ل: 128 أ). والحديث الثاني: "إذا ابتاع أحدكم الجارية ... "، عند: - ابن بكير (ل: 89) - الظاهرية-، وأبي مصعب الزهري (2/ 313) (رقم: 2490)، وسويد بن سعيد (ص: 232) (رقم: 480)، وابن القاسم (ل: 8 / أ). والحديث الثالث: "إذا ابتاع أحدكم بعيرًا فليأخذ بذروة سنامه وليتعوّذ بالله من الشيطان"، عند: - ابن بكير (ل: 100 / ب) - الظاهرية-، وأبي مصعب الزهري (2/ 357) (رقم: 2601)، وسويد بن سعيد (ص: 250) (رقم: 536)، وابن القاسم (ل: 15 / ب).

ورواه عنبسة عن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عمر مسندًا، حكى هذا أبو عمر (¬1). ومعناه محفوظ لعبد الله بن عمرو، وخرّجه أبو داود من طريق عمرو بن شعيب، عن أبيه عن جده، وذكر فيه الدعاء (¬2). 20 / حديث: "من غيَّر دينَه فاضربوا عنقه". في الأقضية (¬3). ¬

_ (¬1) انظر: التمهيد (5/ 300). ومن طريق عنبسة، وهو عنبسة بن عبد الرحمن القرشي، أخرجه ابن عدي في الكامل (5/ 1900). قال أبو حاتم فيما حكاه عنه ابنه في المعلل (1/ 422)، (2/ 319 - 320): "هذا حديث منكر، قال ابنه: يعني بهذا الإسناد، وعنبسة ضعيف الحديث". قلت: بل هو متروك، وقد اتهمه أبو حاتم بوضع الحديث، وقال فيه البخاري: "تركوه"، وعليه فالإسناد ساقط، وأما المتن فيشهد له حديث عبد الله بن عمرو ومرسل زيد بن أسلم. انظر ترجمة عنبسة في: التاريخ الكبير (7/ 39)، وضعفاءه الصغير (ص: 96) (رقم: 287)، والمتروكون للنسائي (ص: 216) (رقم: 428)، والجرح والتعديل (6/ 403)، وتهذيب الكمال (22/ 416)، والكاشف (2/ 305)، وتهذيب التهذيب (8/ 143)، والتقريب (رقم: 5206). وانظر أيضًا: الذخيرة في الأحاديث الضعيفة الموضوعة (1/ 295). (¬2) أخرجه أبو داود في السنن كتاب: النكاح، باب: جامع النكاح (2/ 616) (رقم: 2160)، والنسائي في عمل اليوم والليلة (ص: 246) (رقم: 240)، و (ص: 255) (رقم: 263)، وابن ماجه في السنن كتاب: النكاح، باب: ما يقول الرجل إذا دخلت عليه أهله (1/ 617 - 618) (رقم: 1918)، والحاكم في المستدرك (2/ 185)، والبيهقي في السنن الكبرى (7/ 146)، كلهم من طرق عن محمد بن عجلان، عن عمرو بن شعيب به. والحديث صححه الحاكم وأقرّه الذهبي، وقال العراقي في تخريج أحاديث الإحياء (2/ 847): "إسناده جيّد". قلت: وفي الباب أيضًا عن أبي هريرة، أخرجه لوين في جزءه (ص: 82) إلَّا أنَّه ليس فيه ذكر التزويج. (¬3) الموطأ كتاب: الأقضية، باب: القضاء فيمن ارتدّ عن الإسلام (2/ 565) (رقم: 15). هذا مرسل صحيح الإسناد، وقد وصله ابن الظفر البزاز في غرائب حديث مالك (ص: 148) (رقم: 86) من طريق موسى بن محمد القرشي، عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مسندًا. =

وهذا لابن عباس، خرّجه البخاري من طريق عكرمة، عنه (¬1). ومعناه لابن مسعود (¬2)، ومعاذ بن جبل (¬3). ¬

_ = لكن موسى بن محمد هذا هو البلقاوي كذاب، قال عنه الحافظ: "أحد التلفاء". فالمحفوظ عن مالك إرساله كما رواه يحيى الليثي، وتابعه عليه: - أبو مصعب الزهري (2/ 19) (رقم: 1761)، و (2/ 503) (رقم: 2987)، وسويد بن سعيد (ص: 294) (رقم: 640)، وابن بكير (ل: 135 / أ) - الظاهرية-. - وابن القاسم عند ابن المظفر البزاز في غرائب مالك (ص: 149) (رقم: 87). - وابن وهب عند البيهقي في السنن الكبرى (8/ 195). - والشافعي في مسنده (2/ 86) (رقم: 284 - بترتيب السندي-). قال ابن عبد البر: "هكذا رواه جماعة رواة الموطأ مرسلًا، ولا يصح فيه عن مالك غير هذا الحديث المرسل عن زيد بن أسلم، وقد روي عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من بدّل دينه فاقتلوه"، وهو منكر عندي، والله أعلم". التمهيد (5/ 304). وانظر ترجمة موسى بن محمد البلقاوي في: الجرح والتعديل (8/ 161)، والكامل (6/ 347)، والمجروحين (2/ 242)، والميزان (5/ 344)، واللسان (6/ 127). (¬1) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الجهاد والسير، باب: لا يعذب بعذا الله (2/ 363) (رقم: 3017)، وكتاب: استتابة المرتدين، باب: حكم المرتد والمرتدة واستتابتهم (4/ 279) (رقم: 6922). (¬2) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الديات، باب: قول الله تعالى: {أن النفس بالنفس} (4/ 268) (رقم: 6878)، ومسلم في صحيحه كتاب: القسامة، باب: ما يباح به دم المسلم (3/ 1302 - 1303) (رقم: 25). (¬3) أخرجه أحمد في المسند (5/ 231) من طريق أبي بردة قال: قدم على أبي موسى الأشعري معاذ بن جبل باليمن، فإذا رجل عنده قال: ما هذا؟ قال: رجل كان يهوديًّا فأسلم ثم تهوّد، ونحن نريده على الإسلام منذ -قال: أحسبه شهرين- قال: والله لا أقعد حتى تضربوا عنقه، فضُربت عنقُه، فقال: "قضى الله ورسوله أن من رجع عن دينه فاقتلوه، أو قال: من بدّل دينه فاقتلوه". إسناده صحيح، وهو في الصحيحين بنحوه، لكن دون قوله: "إنَّ من رجع". قال ابن حجر: "وقع في حديث معاذ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما أرسله إلى اليمن قال له: "أيما رجل ارتدّ عن الإسلام فادعه، فإن عاد وإلَّا ضُربت عنقه، وأيما امرأة ارتدت عن الإسلام فادعها، فإن عادت وإلَّا فاضرب عنقها"، وسنده حسن" الفتح (12/ 284).

قال الشيخ أبو العباس - رضي الله عنه -: وهذا حكم يخصّ المسلمين، ولا يُحكم به لكافر خرج من دين إلى دين؛ لأنَّ الدين عند الله الإسلام، وما عداه منسوخ (¬1). 21 / حديث: "أن رجلًا اعترف على نفسه بالزنا ... ". فيه: "فدعا له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بسوط ... ". وذكر الموعظة، وقوله فيها: "من أصاب من هذه القاذورة شيئًا فليستتر بستر الله ... ". في أول الحدود (¬2). وهذا غريب، لا يكاد يوجد مسندًا بهذا اللفظ (¬3). ¬

_ (¬1) هذا هو قول مالك كما ورد في الموطأ (2/ 565) عقب الحديث، وعليه قول جماعة الفقهاء، إلَّا أن الشافعي قال فيما إذا كان المبدِّل دينه من أهل الذمَّة كان للإمام أن يخرجه من بلده، ويلحقه بأرض الحرب، وجاز له استحلال ماله مع أموال الحربيين إن غلب على الدار، وهو المعروف من مذهبه، وحكى عنه محمد بن عبد الله بن عبد الحكم أن الذمي إذا خرج من دين إلى دين كان للإمام قتله بظاهر الحديث، قال ابن عبد البر: "والمشهور عنه ما قدّمنا ذكره من رواية المزني والربيع وغيرهما". انظر: التمهيد (5/ 312)، والفتح (12/ 284). (¬2) الموطأ كتاب: الحدود، باب: ما جاء فيمن اعترف على نفسه بالزنا (2/ 629 - 630) (رقم: 12). وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى (8/ 330) من طريق ابن بكير عن مالك به، ونقل عن الشافعي أنه قال: "روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حديث معروف عندنا، وهو غير متصل الإسناد فيما أعرفه". قلت: لكن يشهد له حديث ابن عمر، ومرسل كريب، ويحيى بن أبي كثير كما سيأتي، وبها يرتقي إلى درجة الحسن. (¬3) هكذا قال ابن عبد البر، وعلَّق الحافظ عليه فقال: "مراده بذلك من حديث مالك، وإلَّا فقد روى الحاكم في المستدرك عن الأصم، عن الربيع، عن أسد بن موسى، عن أنس بن عياض، عن يحيى بن سعيد وعبد الله بن دينار (وهو خطأ، وفي المستدرك عن يحيى بن سعيد عن عبد الله بن دينار) عن ابن عمر: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال بعد رجم الأسلمي: "اجتنبوا هذه القاذورات ... " الحديث". التمهيد (5/ 321)، والتلخيص الحبير (4/ 64). =

وجاء نحوه عن كُريب وغيره مرسلًا (¬1). والمشهور منه الترغيب في ستر المعاصي، رُوي هذا من وجوه جمّة بألفاظ مختلفة كحديث أبي هريرة: "كل أُمتي معافىً إلَّا المجاهرين" (¬2)، وحديث ¬

_ = قلت: الحديث في المستدرك (4/ 244، 383)، وأخرجه عبد الرزاق أيضًا في المصنف (7/ 319 - 320) (رقم: 13336) من طريق ابن جريج. والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 86) (رقم: 91) من طريق أنس بن عياض. والبيهقي في السنن الكبرى (8/ 330) من طريق عبد الوهاب الثقفي، كلهم عن يحيى بن سعيد، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قام بعد رجم الأسلمي فقال: "اجتنبوا هذه القاذورة التي نهى الله عنها، فمن ألم فليستتر بستر الله تعالى، وليتب إلى الله، فإنه من يبد لنا صفحته نُقم عليه كتاب الله". قال الحاكم: "هو على شرط الشيخين"، ووافقه الذهبي! . وفي الإسناد أسد بن موسى، روى له البخاري تعليقًا، ولم يرو له مسلم، ولذا قال الحافظ في الفتح (10/ 502): "وورد في الأمر بالستر حديث ليس على شرط البخاري، وهو حديث ابن عمر رفعه"، فذكره، إلَّا أن الحديث صحيح بشواهده، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (2/ 271 - 272). (¬1) قال ابن عبد البر: "ذكر ابن وهب في موطئه عن مخرمة بن بكير، عن أبيه، عن عبيد الله بن مقسم أنه قال: سمعت كُريبًا مولى ابن عباس يحدِّث أو يحدَّث عنه أنه قال: "أتى رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فاعترف على نفسه بالزنا ... "، فذكره. وهذا مرسل ضعفه ابن حزم وقال: "لأنَّه منقطع في ثلاثة مواضع، لأن سماع مخرمة من أبيه لا يصح، وشك ابن مقسم أسمعه من كُريب أم بلغه عنه، ثم هو عن كُريب مرسل". التمهيد (5/ 322)، والمحلى (12/ 84 - 85). قلت: وجاء نحوه عن يحيى بن أبي كثر مرسلًا أيضًا، أخرجه عبد الرزاق في المصنف (7/ 369) (رقم: 13515)، ومن طريقه ابن حزم في المحلى (12/ 83 - 84). (¬2) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الأدب، باب: ستر المؤمن على نفسه (4/ 104) (رقم: 6069)، ومسلم في صحيحه كتاب: الزهد، باب: النهي عن هتك الإنسان ستر نفسه (5/ 2291) (رقم: 52) من طريق ابن شهاب، عن سالم، عن أبي هريرة.

عائشة: "ما ستر الله تعالى على امرئ في الدنيا إلَّا ستر عليه في الآخرة" (¬1). وحديث ابن عمر في النجوى يوم القيامة ... فيه: "إنَّ الله سبحانه يقول: قد سترتُها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم" (¬2). وهكذا إقامة الحد على المعترف مشهور أيضًا، انظره في مرسل سعيد بن المسيب (¬3)، ومرسل ابن شهاب (¬4). 22 / حديث: "أيّكما أطب ... ". وفيه: "أنزل الدواء الذي أنزل الأدواء". في الجامع، باب: تعالج المريض (¬5). وفي أوله قصة الجريح، ودعاء الطبيبين من بني أنمار. معناه لأبي هريرة قال: قدم رجلان أخوان المدينةَ، وقد أصيب رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - في جسده بسهم، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لقرابته: "اطلبوا من يعالجه، فجيء بالرجلين الأخوين، فقال لهما: عالجاه ... ". خرّجه البزار من طريق سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة مختصرًا (¬6). ¬

_ (¬1) أورده ابن عبد البر في التمهيد (5/ 341) من طريق أبي بكر بن أبي شيبة عن عفان، عن همام، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن شيبة الحضرمي، عن عروة عنها. وفيه عن عبد الله بن سنان نحوه عند الطبراني في المعجم الأوسط (6/ 244) (رقم: 6303)، قال الهيثمي في المجمع (10/ 192): "وفيه من لم أعرفهم". (¬2) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الأدب، باب: ستر المؤمن على نفسه (4/ 104) (رقم: 6070). (¬3) سيأتي حديثه (5/ 175). (¬4) سيأتي حديثه (5/ 540). (¬5) الموطأ كتاب: العين، باب: تعالج المريض (2/ 719) (رقم: 12). (¬6) أخرجه البزار في مسنده (3/ 391) (رقم: 3029 - كشف الأستار-) من طريق عاصم بن عمر، عن سهيل به. =

وخرّج البخاري عن أبي هريرة مرفوعًا: "ما أنزل الله داءً إلا أنزل له شفاءً" (¬1). ولمسلم عن جابر "لكل داء دواء، فإذا أصيب دواءٌ الدّاءَ برأ بإذن الله تعالى" (¬2). وجاء عن أسامة بن شريك: "تداوَوْا فإن الله تعالى لم يضع داء إلا وضع له في دواء غير الهَرَمَ". خرّجه الترمذي وأبو داود (¬3). وعن أبي سعيد، وابن عباس: "ما أنزل الله من داء إلا أنزل معه دواءً إلَّا السام وهو الموت". خرّجه قاسم بن أصبغ (¬4). ¬

_ = وإسناده ضعيف لأجل عاصم العمري. قال الهيثمي في المجمع (5/ 99): "رواه البزار، وفيه عاصم بن عمر العمري، وقد ضعفه الجمهور، ووثقه ابن حبان، وقال: يخطئ ويخالف، وبقية رجاله ثقات". (¬1) صحيح البخاري كتاب: الطب، باب: ما أنزل الله داء إلَّا أنزل له شفاء (4/ 32) (رقم: 5678). (¬2) صحيح مسلم كتاب: السلام، باب: لكلِّ داء دواء، واستحباب التداوي (4/ 1729) (رقم: 69). (¬3) أخرجه الترمذي في السنن كتاب: الطب، باب: ما جاء في الدواء والحث عليه (4/ 335 - 336) (رقم: 2038)، وأبو داود في السنن كتاب: الطب، باب: في الرجل يتداوى (4/ 192 - 193) (رقم: 3855)، والنسائي في السنن الكبرى (4/ 368) (رقم: 7553)، وابن ماجه في السنن كتاب: الطب، باب: ما أنزل الله داء إلَّا أنزل له شفاء (2/ 1137) (رقم: 3436)، وأحمد في المسند (4/ 278)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (4/ 323) كلهم من طرق عن زياد بن علاقة، عن أسامة به. قال الترمذي: "حديث حسن صحيح"، وصححه أيضًا ابن حبان (13/ 428 - 429) (رقم: 6064)، والحاكم في المستدرك (4/ 399). (¬4) حديث أبي سعيد الخدري: أورده ابن عبد البر في التمهيد (5/ 282 - 283) من طريق قاسم بن أصبغ، عن علي بن عبد العزيز، عن مسلم بن إبراهيم، عن شبيب بن شيبة، قال: سمعت عطاء يحدّث في المسجد الحرام عن أبي سعيد الخدري، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ما أنزل الله من داء إلَّا أنزل =

23 / حديث: "يسلّم الرّاكب على الماشي، وإذا سلّم من القوم واحد أجزأ عنهم". في الجامع (¬1). الفصل الأوَّل لأبي هريرة، قال فيه: "يسلّم الرّاكب على الماشي، والماشي على القاعد، وذكر القليل والصغير". خَرَّجه البخاري، ونحوه لمسلم (¬2). والفصل الثاني لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه، قال فيه: "يُجزِئُ الجماعةَ أن يسلّم أحدهم، ويُجزئُ القعودَ أن يردّ أحدُهم"، خرّجه البزار ¬

_ = معه دواء، علمه من علمه، وجهله من جهله إلا السام، قيل: يا رسول الله ما السام؟ قال: الموت". وإسناده ضعيف؛ لأنَّ شبيب بن شيبة ضعّفه ابن معين، وأبو داود، والنسائي، والدارقطني، وغيرهم. انظر: تهذيب الكمال (12/ 362)، وتهذيب التهذيب (4/ 270). وأخرجه من طريقه البزار أيضًا في مسنده (3/ 386) (رقم: 3016 - كشف الأستار-)، والطبراني في المعجم الصغير (ص: 51) (رقم: 92)، وفي الأوسط (3/ 75) (رقم: 2534). قال الهيثمي في المجمع (5/ 84): "رواه البزار والطبراني في الصغير والأوسط، وفيه شبيب بن شيبة قال زكريا الساجى: صدوق يهم، وضعّفه الجمهور، وبقية رجاله رجال الصحيح". وأما حديث ابن عباس: فقد أورده ابن عبد البر في التمهيد (5/ 284) من طريق قاسم بن أصبغ، حدَّثنا الحارث بن أبي أسامة، حدَّثنا أبو نعيم، حدَّثنا طلحة، عن عطاء، عن ابن عباس به. وإسناده ضعيف حدّا، فيه طلحة بن عمرو متروك، وقد أخرجه من هذا الوجه أيضًا الطحاوي في شرح معاني الآثار (4/ 323)، والطبراني في المعجم الكبير (11/ 153) (رقم: 11337). قال الهيثمي في المجمع (5/ 85): "رواه الطبراني وفيه طلحة بن عمرو الحضرمي، وهو متروك". (¬1) الموطأ كتاب: السلام، باب: العمل في السلام (2/ 731) (رقم: 1). (¬2) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الاستئذان، باب: يسلّم الراكب على الماشي، ويسلّم الماشي على القاعد (4/ 136 - 137) (رقم: 6233، 6232)، ومسلم في صحيحه كتاب: السلام، باب: يسلّم الراكب على الماشي، والقليل على الكثير (4/ 1703) (رقم: 1) من طريق ثابت مولى عبد الرحمن بن زيد، عن أبي هريرة مرفوعًا.

من طريق عبيد الله بن أبي رافع عنه (¬1). وخرّج أبو داود الفصل الثاني خاصة في المراسل من طريق مالك، قال: "وقد رُوي مسندًا، وليس هو بصحيح" (¬2). وقال أبو جعفر الطحاوي: "لا نعلم في هذا الباب شيئًا رُوي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - غير حديث مالك عن زيد، وشيء رُوي فيه عن أبي النضر مرسلًا، وكلا ¬

_ (¬1) أخرجه في مسنده (2/ 167) (رقم: 534). وكذلك رواه أبو داود في السنن كتاب: الأدب، باب: ما جاء في رد الواحد عن الجماعة (5/ 387 - 388) (رقم: 5210)، وأبو بكر الشافعي في الغيلانيات (2/ 292) (رقم: 808)، وأبو يعلى في مسنده (1/ 345) (رقم: 441)، والضياء المقدسي في الأحاديث المختارة (2/ 242) (رقم: 620) كلهم من طريق سعيد بن خالد الخزاعي، قال: حدَّثنا عبد الله بن الفضل الهاشمي، حدَّثنا عبيد الله بن أبي رافع، عن علي بن أبي طالب به. وإسناده ضعيف من أجل سعيد بن خالد الخزاعي، قال عنه البخاري: "فيه نظر"، وضعّفه أبو زرعة وأبو حاتم وغيرهما، وقال الدارقطني في العلل (4/ 22): "الحديث غير ثابت، تفرّد به سعيد بن خالد المدني، عن عبد الله بن الفضل، وليس بالقوي"، يعني سعيد بن خالد. قلت: الرواية وإن كانت ضعيفة بهذا الإسناد، لكن لها شاهد من حديث أبي سعيد الخدري، أخرجه ابن السني في عمل اليوم والليلة (ص: 118) (رقم: 234) من طريق زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار عنه أنه قال: قيل: يا رسول الله القوم يمرّون يسلّم الرجل منهم يجزئ ذلك عنهم؟ قال: "نعم"، قال: فيردّ رجل من القوم، أيجزئ ذلك عنهم؟ قال: "نعم". ولها شاهد آخر أيضًا من حديث الحسن بن علي، ذكره الهيثمي في المجمع (8/ 35) وقال: "رواه الطبراني، وفيه كثير بن يحيى، وهو ضعيف". وذكر الشيخ الألباني شاهدًا ثالثًا ثم حسَّنها بناء على تلك الشواهد. انظر: الإرواء (3/ 242 - 243). وانظر ترجمة سعيد الخزاعي في التاريخ الصغير (الأوسط) (2/ 138)، والجرح والتعديل (4/ 16)، وتهذيب الكمال (10/ 410)، وتهذيب التهذيب (4/ 19)، والتقريب (رقم: 2293). (¬2) في الأصل: "وليس هو الصحيح"، ووضع الناسخ كلمة "الصحيح" بين علامتي التصحيح، والصواب ما أثبته كما في المراسيل (ص: 337) (رقم: 490).

الوحهين لا يحتج به، يعني لإرساله، قال: وحديث زيد إنما هو في ابتداء السلام"، يريد: أي الرّدّ آكد (¬1)، والآية عامّهَ فلا تُخصّص إلا بما يجب التسليم له (¬2). 24 / حديث: "أعطُوا السائلَ وإن جاء على فرَس". في الجامع، عند آخره (¬3). ¬

_ (¬1) لم أقف على قول أبي جعفر الطحاوي في كتابيه شرح معاني الآثار، وشرح مشكل الآثار، وقد ذكره ابن عبد البر في التمهيد (5/ 288). (¬2) اتفق العلماء على أن الابتداء بالسلام سنة وفضيلة مرغَّب فيها، وأمَّا ردّه فهي فريضة لقوله تعالى: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا}، لكنهم اختلفوا هل هو فرض على الكفاية أو على الأعيان؟ فذهب مالك والشافعي وفقهاء الحجاز إلى أن الردَّ فرض على الكفاية. وذهب الكوفيون إلى أن السلام المبتدأ تطوع، وردّه فريضة على الأعيان، وحملوا حديث زيد بن أسلم على ابتداء السلام. وقد ناقش ابن عبد البر الطحاوي ثم قال: "ليس مع الطحاوي فيما قال أثر يحتج به مرسل ولا مسند". قلت: ظاهر صنيع المؤلف يؤيد مذهب الكوفيين، لأنَّه نقل عن أبي داود قوله في عدم صحة: "وإذا سلّم من القوم واحد أجزأ عنهم"، ثم أتبعه بقول الطحاوي في رد مرسل زيد وأبي النضر لإرسالهما، ثم قال: "والآية عامة ... "، يريد أن قوله تعالى: {فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا} عام يشمل جميع الأعيان، فالقول بإجزاء الواحد عن الجماعة تخصيص، فلا يسلّم إلا بما يجب التسليم له، وليس هنا ما يجب التسليم له. انظر: التمهيد (5/ 287 - 290)، والاستذكار (27/ 134 - 137). (¬3) الموطأ كتاب: الصدقة، باب: الترغيب في الصدقة (2/ 761) (رقم: 3). هكذا رواه مالك عن زيد مرسلًا، ووصله ابن عدي في الكامل (4/ 1504) من طريق عبد الله بن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن أبي صالح، عن أبي هريرة به. وعبد الله بن زيد مختلف فيه، ضعّفه يحيى بن معين، وأبو زرعة، ووثّقه أحمد وغيره، وقال الحافظ عنه: "صدوق فيه لين". انظر: تهذيب الكمال (14/ 535 - 538)، وتهذيب التهذيب (5/ 195 - 196)، والتقريب (رقم: 3330). ورواه ابن عدي أيضًا في الكامل (5/ 1878) من طريق عاصم بن سليمان الكوزي، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة به. وعاصم متروك الحديث، بل قال ابن عدي نفسه: "يُعدُّ فيمن يضع الحديث".

معناه لحسين بن علي، خرّجه قاسم بن أصبغ (¬1). ولأبي هريرة قصة المتصدّق على الثّلاثة أحدهم الغني وذلك في الصحيح (¬2). ¬

_ = انظر: المتروكون للنسائي (ص: 318) (رقم: 439)، والميزان (3/ 64 - 65)، وقد أورد في ترجمته هذا الحديث. ورواه أيضًا ابن عدي (5/ 1687) من طريق عمر بن يزيد المدائني، عن عطاء، عن أبي هريرة. وعمر بن يزيد منكر الحديث، قاله الذهبي في الميزان (4/ 151)، وذكر هذا الحديث في جملة مناكيره، وانظر أيضًا: الذخيرة في الأحاديث الضعيفة والموضوعة (1/ 422 - 423). وعليه فالمحفوظ عن زيد بن أسلم ما رواه مالك، قال ابن عبد البر: "ليس في هذا اللفظ مسند يحتج به فيما علمتُ". التمهيد (5/ 294). (¬1) أورده من طريقه ابن عبد البر في التمهيد (5/ 296)، وكذا أخرجه أبو داود في السنن كتاب: الزكاة، باب: حق السائل (2/ 306) (رقم: 1665)، وابن أبي شيبة في المصنف (3/ 113)، وأحمد في المسند (1/ 201)، وأبو يعلى في مسنده (12/ 154) (رقم: 6784)، والطبراني في المعجم الكبير (3/ 141) (رقم: 2893)، وأبو نعيم في الحلية (8/ 379)، والبيهقي في السنن الكبرى (7/ 23) كلهم من طريق سفيان الثوري، عن مصعب بن محمد، عن يعلى بن أبي يحيى، عن فاطمة بنت حسين، عن أبيها: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "للسائل حق وإن جاء على فرس". إسناده ضعيف لجهالة يعلى بن أبي يحيى، فقد سئل أبو حاتم عنه فقال: "مجهول"، وهكذا قال الذهبي وابن حجر. انظر: الجرح والتعديل (9/ 303)، والميزان (6/ 132)، والتقريب (رقم: 7851). وقد اختلف فيه أيضًا على مصعب بن محمد، فرواه عنه الثوري كما تقدّم. وقال عبد الله بن المبارك: عن مصعب بن محمد، عن يعلى بن أبي يحيى مولى فاطمة بنت الحسين، عن الحسين بن علي، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلم يذكر فاطمة في السند. وروى ابن حريج عنه، عن يعلى، عن سكينة بنت الحسين، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. وهذا مرسل، وقد أخرجه ابن زنجويه في الأموال (رقم: 2088). ولأجل جهالة يحيى والاختلاف على مصعب ضعَّفه الشيخ الألباني في سلسلته الضعيفة (رقم: 1378) وقال: "أخطأ من جوّد إسناده"، مشيرًا بذلك إلى قول العراقي: "هذا إسناد جيّد، ورجاله ثقات". (¬2) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الزكاة، باب: إذا تصدّق على غني وهو لا يعلم (1/ 439) (رقم: 1421)، ومسلم في صحيحه كتاب: الزكاة، باب: ثبوت أجر المتصدق وإن وقعت الصدقة في غير يد أهلها (2/ 709) (رقم: 78) من طريق الأعرج، عن أبي هريرة رضي الله عنه.

25 / حديث: "قدم رجلان من المشرق فخطبا ... ". فيه: "إن من البيان لسحرًا". في الجامع، عند آخره (¬1). انفرد يحيى بن يحيى بإرسال هذا الحديث (¬2)، وهو عند القعنبي، وسائر الرواة لزيد بن أسلم عن ابن عمر (¬3)، أسنده البخاري عن التنّيسي، عن مالك (¬4). والرجلان هما: الزِّبْرِقان (¬5) بن بدر التميمي، السعدي، وعمرو بن ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الكلام، باب: ما يُكره من الكلام بغير ذكر الله (2/ 752 - 753) (رقم: 7). (¬2) هو مرسل في نسختي المحمودية (أ) (ل: 167 / أ) و (ب) (ل: 270 / أ)، وفي المطبوعة مسند. قال ابن عبد البر: "هكذا رواه يحيى عن مالك، عن زيد بن أسلم مرسلًا، وما أظن أرسله عن مالك غيره". التمهيد (5/ 169). وقال الكاندهلوي "وليس هذه الزيادة (أي زيادة ابن عمر) في النسخ الهندية، ولا أكثر المصرية، وهي وإن كانت صحيحة في نفسها لكنها ليست بصحيحة في رواية يحيى؛ فإن روايتها مرسلة". أوجز المسالك (15/ 277). (¬3) انظر الموطأ برواية: ابن بكير (ل: 265 / ب) - الظاهرية-، وأبي مصعب الزهري (2/ 164) (رقم: 2074)، وسويد بن سعيد (ص: 593) (رقم: 1441)، وابن القاسم (ص: 218) (رقم: 164 - تلخيص القابسي-). - وأخرجه أبو داود في السنن كتاب: الأدب، باب: ما جاء في المتشدّق في الكلام (5/ 275) (رقم: 5007)، والجوهري في مسند الموطأ (ل: 63 / ب) من طريق القعنبي. وهكذا أسنده ابن نافع، ومطرّف، وابن وهب، كما ذكرهم ابن عبد البر، وقال: "هو الصواب". التمهيد (5/ 169). (¬4) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الطب، باب: إن من البيان سحرًا (4/ 49) (رقم: 5767). وهكذا أسنده أحمد في المسند (2/ 16, 62) من طريق يحيى بن سعيد وعبد الرحمن بن مهدي، كلاهما عن مالك به. (¬5) بكسر الزاي، بينهما موحدة ساكنة، وبالقاف، وهو لقب له، لُقِّب به حسنه، وهو اسم من أسماء القمر، واسمه الحصين بن بدر بن امرئ القبس التميمي السَّعدي، يكنى أبا عيّاش، وأبا شذرة، قدم في وفد تميم، وكان بليغًا فصيحًا شريفًا. انظر: المؤتلف والمختلف للدراقطني (2/ 547)، =

الأهتم التميمي المِنْقَرِي (¬1)، وقصَّتُهما مشهورة، قدما على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في وفد تميم وأسلموا (¬2)، والزِّبْرِقان أحد ساداتهم، ففخر، واستشهد بعمرو بن الأهتم، وكان عمرو خطيبًا بليغًا، شاعرًا محسنًا، فمدحه وقصَّر في المدح، فغضب الزِّبْرِقان وقال: "والله لقد علم أكثر ممّا قال، لكنَّه حسدني"، فَذَمَّه عند ذلك عمرو وذكر معاييه، فأنكر النبي - صلى الله عليه وسلم - عليه قوله، وقال عمرو: "يا رسول الله! رضيتُ فقلتُ أحسنَ ما علمتُ، وسخطّتُ فقلتُ أقبحَ ما علمتُ، والله ما كذبت في الأولى، ولقد صدقتُ في الثانية"، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن من البيان لسحرًا" (¬3). ¬

_ = و (3/ 1573)، وتبصير المنتبه (3/ 900)، والإصابة (4/ 5). (¬1) انظر: الغوامض والمبهمات لابن بشكوال (1/ 117)، والمستفاد لأبي زرعة العراقي (3/ 1391). (¬2) انظر: سيرة ابن هشام (2/ 567)، وتاريخ الأمم والملوك (3/ 356)، والدرر (ص: 255)، وزاد المعاد (3/ 512). (¬3) أخرجه البيهقي في دلائل النبوة (5/ 316 - 317)، وابن بشكوال في الغوامض والمبهمات (1/ 118) من طريق علي بن حرب، عن أبي سعيد الهيثم بن محفوظ النّهدي، عن أبي المقوم الأنصاري، عن الحكم بن مقسم، عن ابن عباس قال: "اجتمع عند النبي - صلى الله عليه وسلم - قيس بن عاصم، والزبرقان بن بدر، وعمرو بن الأهتم التميميون، ففخر الزبرقان ... "، فذكرها. إسناده ضعيف، فيه أبو سعيد الهيثم مجهول، قال الذهبي في الميزان (5/ 451): "لا يُدرى من هو؟ "، وأبو المقوم يحيى بن ثعلبة ضعّفه الدارقطني كما نقله الذهبي في الميزان (6/ 41)، والحافظ في اللسان (6/ 244)، وفيه انقطاع أيضًا؛ فقد حكى ابن حجر عن الإمام أحمد وغيره أن الحكم لم يسمع من حديث مقسم إلَّا خمسة أحاديث وليس منها هذا الحديث؛ ولذا قال ابن كثير: "هذا إسناد غريب جدًّا". انظر: البداية والنهاية (5/ 45)، وتهذيب التهذيب (2/ 373). وقد روى البيهقي في الموضع السابق من طريق محمد بن الزبير الحنظلي أيضًا أنه قال: "قدم على النبي - صلى الله عليه وسلم - الزبرقان"، فذكر نحوه. وهذا الإسناد -مع انقطاع الإسناد وإرساله- ضعيف جدًّا؛ لأن محمد بن الزبير الحنظلي قال عنه الحافظ في التقريب (رقم: 5885): "متروك". ورواه الطبراني في المعجم الأوسط (7/ 341) (رقم: 7671) من حديث أبي بكرة، وعزاه الهيثمي =

سمّاه سِحرًا على طريق المجاز لأخذه شِبهًا منه، كما قال في الفَرَس: "وجدناه بحرًا". لم يرد بهذا ذمّ البيان، لكنه أعلم أن منه ما قد يؤثّر تأثير السحر، إذ السحر يوهم أن الشيء على خلاف ما هو عليه، وكذلك البيان يوهم أن الأمرَ على ما يقتضيه ظاهر القول، وربّما كان على خلاف ذلك، إلَّا أن البيان يتنوّع كتنوّع المقال، فمنه إيضاح للحقائق، ومنه تزوير واحتيال، ولهذا قيل في جيِّده: إنه السحر الحلال (¬1)، وأما السِّحرُ المطلق فمحظورٌ كيفما تُصرّف؛ لأنه ضَربٌ من المحال (¬2). ¬

_ = في المجمع (8/ 116) إلى الكبير أيضًا -ولم أجده فيه- وقال: "رواه الطبراني في الأوسط والكبير عن موسى الأصطخري، عن الحسن بن كثير بن يحيى بن أبي كثير، ولم أعرفهما، وبقية رجاله ثقات". قلت: محمد بن موسى الأصطخري لم أجده أيضًا، وأما الحسن بن كثير بن يحيى بن أبي كثير فضعيف، ضعَّفه الدارقطني كما في اللسان (2/ 247). فالحاصل أن القصة مع شهرتها ضعيفة من جهة الإسناد، لكن كون الرجلين هما الزبرقان بن بدر وعمرو بن الأهتم هو المشهور عند أهل العلم. انظر: المنتقى للباجي (7/ 310)، والتمهيد (5/ 176). قال الحافظ بعد أن ساق حديث ابن عباس السابق: "وهذا لا يلزم منه أن يكون الزبرقان وعمرو هما المراد بحديث ابن عمر، فإنَّ المتكلّم إنما هو عمرو بن الأهتم وحده، وكان كلامه في مراجعة الزبرقان، فلا يصح نسبة الخطبة إليهما إلَّا عل طريق التجوز". الفتح (10/ 247 - 248). (¬1) قاله عمر بن عبد العزيز لما أُعجب بكلام سائل سأله. التمهيد (5/ 147). (¬2) اختلف العلماء في تأويل قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ من البيان لسحرًا"، فقال قوم من أصحاب مالك كعيسى بن يونس: إنَّه خرج مخرج الذمّ للبيان؛ لأنه أطلق عليه السحر وهو مذموم، وذكروا أن هذا هو مذهب مالك؛ لكونه أدخله في باب: ما يُكره من الكلام، قال الباجي: "وهو وجيه إن كان البيان بمعنى الإلباس والتمويه عن حق إلى باطل". وقال آخرون: إنه خرج مخرج المدح، وهذا مذهب جمهور علماء العربية. والراجح أنه ليس بذم للبيان كلّه ولا بمدح له كفه، فيمدح إذا كان لبيان الحق وإيضاحه ما لم يخرج إلى حدّ الإسهاب والإطناب والتفيهق، ويذم إذا أريد به تزيين الباطل، وهذا اختيار غيرُ =

• حديث: الكلالة. تقدّم في مسند عمر بن الخطاب (¬1). فصل: زيد بن أسلم عدلٌ, خُرِّج له في الصحيحين، وتكلَّم ابنُ عيينة في حفظه، انظر في مسند ابن عباس (¬2). * * * ¬

_ = واحد كابن بطال وابن عبد الير واين حجر، ومنهم المؤلف، وعليه يدل قوله: "مِن البيان" الدالة على التبعيض. انظر: التمهيد (5/ 174, 176)، والمنتقى (7/ 310)، والقبس (3/ 1166 - 1167)، والنهاية (2/ 346)، والفتح (10/ 248). (¬1) تقدَّم حديثه (2/ 288). (¬2) تقدَّم الكلام في زيد بن أسلم (2/ 546 , 547).

12 - مرسل زيد بن طلحة بن عبد الله بن أبي مليكة القرشي، التيمي

12 - مرسل زيد بن طلحة بن عبد الله بن أبي مُليكة القرشي، التيمي حديث غلط فيه يحيى بن يحيى. 26 / حديث: "أن امرأةً جاءت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته أنَّها زنتْ وهي حامل ... " .. فيه: أنه رجمها بعد الوضع، والرضاع، والوداع. في الرجم (¬1). عن يعقوب بن زيد بن طلحة، عن أبيه زيد بن طلحة بن عبد الله بن أبي مليكة، رفعه. هكذا عند القعنبي، وابن وهب، وسائر الرواة (¬2). وقال فيه يحيى بن يحيى: زيد بن طلحة، عن عبد الله بن أبي مُليكة، جعل الحديث لجده عبد الله (¬3)، وذلك وهم وتصحيف، تصحفت له الباء بالعين، وإنما الحديث لزيد، لا مدخل لجده عبد الله فيه (¬4). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الحدود، باب: ما جاء في الرجم (2/ 627) (رقم: 5). (¬2) أخرجه الحاكم في المستدرك (4/ 364) من طريق ابن وهب، عن مالك به. وتصحف فيه زيد بن طلحة إلى يزيد بن طلحة. وهكذا رواه ابن القاسم ومطرّف، كما قال ابن عبد البر في التمهيد (24/ 127). (¬3) وتابعه من رواة الموطأ: - أبو مصعب الزهري (2/ 17) (رقم: 1759)، ومحمد بن الحسن (ص: 243) (رقم: 696)، وابن بكير (ل: 157 / ب) - الظاهرية-. - وابن عُمير، كما ذكره ابن عبد البر في الاستذكار (24/ 32). (¬4) قال ابن عبد البر: "وهو الصواب إن شاء الله". التمهيد (24/ 127).

ورفع ابن وهب الإشكال في روايته فقال فيه: يعقوب بن زيد بن طلحة، عن أبيه، ولم يَزِد، ولا ذكر عبد الله بن أبي مليكة (¬1). ومعنى هذا الحديث لبريدة الأسلمي، وعمران بن حصين، خرّجه مسلم عنهما (¬2). فصل: عبد الله جدُّ زيد هذا هو القاضي المشهور, المعروف بابن أبي مليكة، كان قاضيًا بمكة في مدة ابن الزبير، وهو عبد الله بن عبيد الله بن عبد الله بن أبي مليكة، واسم أبي مليكة وهو بن عبد الله بن جدعان (¬3). فصل: زيد بن طلحة بن ركانة (¬4)، قاله يحيى، والصواب يزيد، له مرسل من رواية سَلَمَة بن صفوان عنه، انظره في حرف الياء (¬5). * * * ¬

_ (¬1) أخرجه من طريقه الحاكم كما تقدّم. (¬2) انظر: صحيح مسلم، كتاب الحدود، باب: من اعترف على نفسه بالزنا (3/ 1321 - 1324) (رقم: 22، 23، 24). (¬3) انظر: مشاهير ابن حبان (ص: 82 - 83) (رقم: 597)، وتهذيب الكمال (15/ 256)، والسير (5/ 88 - 90)، وتهذيب التهذيب (5/ 268 - 269)، والتقريب (رقم: 3454). (¬4) هو رجل آخر غير زيد بن طلحة المذكور هنا. (¬5) سيأتي حديثه (5/ 266).

13 - مرسل الزبير بن عبد الرحمن بن الزبير بن باطيا القرظي

13 - مرسل الزُّبير بن عبد الرحمن بن الزبير بن باطيا القرظي حديث ليس له في الموطأ غيره، وهو من التابعين (¬1)، ولأبيه عبد الرحمن صحبة (¬2). 27 / حديث: "أن رفاعة بن سموال طلّق امرأته تميمة بنت وهب ثلاثًا، فنكحت عبدَ الرحمن بن الزبير، فاعترض عنها ... ". فيه: "لا تحلُّ لكَ حتى تذوق العُسَيلة". في النكاح. عن المِسور بن رِفاعة القُرظي، عن الزُّبير بن عبد الرحمن بن الزُّبَيْر (¬3). ذَكَر قصَّةَ أبيه، ولم يسنِد الحديثَ إليه، ولا شهِدَ ذلك؛ إذ لا صُحبةَ له. هكذا هو عند يحيى بن يحيى، وجمهور رواة الموطأ مرسلًا (¬4). ¬

_ (¬1) ذكره ابن حبان في ثقات التابعين، وقال الحافظ عنه: "مقبول، من السادسة"، والطبقة السادسة عنده هم الذين عاصروا صغار التابعين، لكن لم يثبت لهم لقاء أحد من الصحابة. انظر: الثقات (4/ 262)، والتقريب (رقم: 1998). (¬2) انظر: الاستيعاب (6/ 45)، وأُسد الغابة (3/ 442 - 443)، والإصابة (6/ 280)، والتقريب (رقم: 3860). (¬3) الموطأ كتاب: النكاح، باب: نكاح المحلل وما أشبهه (2/ 419 - 420) (رقم: 17). (¬4) انظر الموطأ برواية: - أبي مصعب الزهري (1/ 577) (رقم: 1492)، ومحمد بن الحسن (ص: 196) (رقم: 582)، وسويد بن سعيد (ص: 308) (رقم: 670)، وابن بكير (ل: 139 / ب، 140 / أ) - الظاهرية-. - وهو عند الجوهري في مسند الموطأ (ل: 231) من طريق القعنبي.

وزاد ابن وهب في روايته: عن أبيه، قيل: في الموطأ (¬1)، وقيل. خارِجَه (¬2)، وتابعه على ذلك إبراهيم بن طهمان (¬3)، وعبيد الله بن عبد المجيد. وأسنده البزار، عن عبيد الله بن عبد المجيد الحنفي، عن مالك، زاد فيه أيضًا: عن أبيه، وقال: "لم يصله مالك في الموطأ، ووصله الحنفي عنه" (¬4). قال الشيخ أبو العباس - رضي الله عنه -: وقد يُحتمل مع هذا أن يُلحق بالمسند، وإن لم يقل فيه: عن أبيه، لطول صحبة الابن للأب، لكن الأصح ما قدّمناه (¬5). قيّد ابن وضاح: "الزَّبير" بفتح الزاي في الاسمين معًا (¬6)، والجَدُّ والد ¬

_ (¬1) أخرجه من طريقه ابن الجارود في المنتقى (ص: 229) (رقم: 682)، وابن قانع في معجم الصحابة (2/ 176)، والجوهري في مسند الموطأ (ل: 116 / أ)، والبيهقي في السنن الكبرى (7/ 375)، وذكره المزي في تهذيب الكمال (9/ 311)، وحكى الجوهري والمزي عن النسائي أنه قال: "الصواب مرسل". قلت: لأن الإرسال رواية الجماعة. (¬2) قاله الجوهري في مسند الموطأ (ل: 116 / ب). (¬3) ذكره النسائي في مسند حديث مالك كما قال ابن عبد البر في التمهيد (13/ 220)، وكذا تابعه على ذلك ابن القاسم (ل: 24 / أ). (¬4) انظر: كشف الأستار (2/ 194) (رقم: 1504)، ومن طريق عبيد الله أخرجه أيضًا ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (4/ 255) (رقم: 2257)، وتصحف فيه عبيد الله إلى عبد الله. (¬5) أي الإرسال، وهذا ما رجّحه النسائي فيما حكاه عنه الجوهري في مسند الموطأ (ل: 231)، والمزي في تهذيب الكمال (9/ 311)، ورجح ابن عبد البر وصلَه؛ لكون ابن وهب من أثبت الناس في مالك، لكن الإرسال هي رواية الأكثر، فالراجح إرساله، والله أعلم. انظر: التمهيد (13/ 220). (¬6) حكاه عنه القاضي في المشارق (1/ 316).

عبد الرحمن لا خلاف فيه أنَّه كذلك (¬1)، وأما الزُّبير بن عبد الرحمن راوي الحديث فهو عند يحيى بن يحيى بضم الزّاي، وهكذا قيّده ابنه عبيد الله، وكذا هو في رواية ابن بكير عن مالك، وهو قول البخاري، وصوّبه الدارقطني، وغيره (¬2). وقال محمد بن يحيى الحذّاء في كتاب التعريف برجال الموطأ له: "الزُّبير ن عبد الرحمن بن الزَّبير الأوَّل -يعني بالذكر- بضم الزّاي، والثاني بالفتح، هكذا رَوَينَاه، وهكذا قاله لي عبد الغني بن سعيد، وقال لي: هكذا قال لي علي بن عمر الدارقطني، وهكذا نقله البخاري في التاريخ" (¬3). قال الشيخ أبو العباس - رضي الله عنه -: وزعم أبو عمر بن ¬

_ (¬1) أي بفتح الزاي وكسر الباء. انظر: المؤتلف والمختلف للدارقطني (3/ 1139)، والمؤتلف لعبد الغني بن سعيد الأزدي (ص: 63)، ومشارق النوار (1/ 315)، وإكمال ابن ماكولا (4/ 166)، ومشتبه النسبة (1/ 333)، وتوضيحه (4/ 275)، والتبصر (2/ 640)، والاستيعاب (6/ 45)، وأسد الغابة (3/ 442 - 443)، والإصابة (6/ 1280)، والتهذيب (6/ 155). (¬2) قال القاضي عياض: "وهذا -أي الضم- قول الحفاظ كلّهم، وكذا قاله البخاري وأبو بكر النيسابوري وعبد الغني وابن ماكولا والدارقطني والأصيلي وغيرهم، وكذا قاله مطرّف عن مالك في الموطأ، وابن بكير في روايته عنه وكذا كان عند يحيى، وكذا رواه عنه جماعة من الرواة للموطأ". انظر الموطأ برواية: يحيى بن يحيى (المحمودية) (ل: 83 / ب)، وابن بكير (ل: 139 / ب) - الظاهرية، والتاريخ الكبير (3/ 411)، والمؤتلف والمختلف للدارقطني (3/ 1139)، والمؤتلف للأزدي (ص: 63)، ومشارق الأنوار (1/ 315 - 316)، والإكمال لابن ماكولا (4/ 165)، ومشتبه النسبة (1/ 333)، وتوضيحه (4/ 275)، والتبصير (2/ 640). (¬3) انظر: رجال الموطأ (ل: 25 / أ)، والتاريخ الكبير (3/ 411).

عبد البر أنَّهما معًا بفتح الزّاي (¬1)، تابع ابن وضاح في ذلك، وغيّرا (¬2) رواية يحيى بن يحيى على طريق الإصلاح بزعمهما، ولم يأتيا بشيء (¬3). وُلدا الزُّبير بن عبد الرحمن في الإسلام، فسُمي بالاسم المتعارف بين المسلمين، والله أعلم (¬4). وهذا الحديث تقدّم ذكره مسندًا لعبد الرحمن في الزيادات (¬5)، وفي الموطأ لعائشة معناه موقوفًا (¬6)، وخرّجه البخاري عنها مرفوعًا (¬7)، ولم يخرّج في الصحيح لعبد الرحمن والد الزُّبير شيء. ¬

_ (¬1) قال ابن عبد البر: "والزَّبير بن عبد الرحمن بن الزَّبير -بفتح الزاي فيهما جميعًا- كذلك روى يحيى وابن وهب وابن القاسم والقعنبي وغيرهم، وقد رُوي عن ابن بكير أن الأول مضموم، ورُوي عنه الفتح فيهما كسائر الرواة عن مالك في ذلك، وهو الصحيح فيهما جميعًا بفتح الزاي". التمهيد (13/ 221 - 222). (¬2) في الأصل "وغيّر" بصيغة الإفراد، والصّواب ما أثبته كما يدلُّ عليه السياق. (¬3) قال القاضي عياض بعد ذكره قول ابن عبد البر: "والقول ما قاله الأولون، وهو أكثر وأشهر". مشارق الأنوار (1/ 316). (¬4) هذا تعليل من المؤلف للتفريق بين ضبط العَلَمين، وهو تعليل جيّد لم أره عند غيره. (¬5) انظر: (4/ 427). (¬6) الموطأ كتاب: النكاح، باب: نكاح المحلل وما أشبهه (2/ 420) (رقم: 18). (¬7) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الشهادات، باب: شهادة المختبئ (2/ 247) (رقم: 2639)، وفي مواضع أخرى، انظرها تحت رقم: (5660)، (5261)، (5265)، (5317)، (5792)، (5825). ومسلم في صحيحه كتاب: النكاح، باب: لا تحل المطلقة ثلاثًا حتى تنكح زوجًا غيره ... (2/ 1055 - 1057) (رقم: 111 - 115) كلاهما من طرق عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، ومن طريق هشام، عن أبيه، عنها، ومن طريق القاسم بن محمد، عنها.

حرف الطاء

حرف الطاء فيه رجل واحد. 14 - مرسل طلحة بن عبيد الله بن كريز الخزاعي حديثان. 28 / حديث: "أفضل الدّعاء دعاء يومَ عرفة ... ". وفيه: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له"، فصلان. والحديث في موضعين: في الصلاة، عند آخره، وفي آخر الحج. عن زياد بن أبي زياد مولى عبد الله بن عَيَّاش بن أبي ربيعة (¬1)، عن طلحة بن عُبيد الله بن كَريز (¬2). ¬

_ (¬1) جاء في هامش الأصل: "حاشية: شاهدت في حاشية الأصل المعارض به قبالة هذا الموضع المعلم بالحمرة ما مثاله: انتهى ما كان عند القاضي أبي بكر بن عبد الحليم من النسخة التي قرأها وقيّد فيها على الشيخ المؤلف، ومن العلامة إلى آخره من نسخة أخرى فيهما خلل". (¬2) الموطأ كتاب: القرآن، باب: ما جاء في الدعاء (1/ 188) (رقم: 32). وكتاب: الحج، باب: جامع الحج (1/ 337) (رقم: 246). وأخرجه عبد الرزاق في المصنف (4/ 378) (رقم: 8125). وأخرجه المحاملي في الدعاء (ص: 17) (رقم: 65)، والفاكهي في أخبار مكة (5/ 25) (رقم: 2760)، وابن ناصر الدين في الإتحاف (ص: 85) من طريق مطرّف بن عبد الله، كلاهما عن مالك به. قال ابن عبد البر: "لا خلاف عن مالك في إرسال هذا الحديث كما رأيتَ، ولا أحفظه بهذا الإسناد مسندًا من وجه يحتج بمثله، وقد جاء مسندًا من حديث علي بن أبي طالب وعبد الله بن عمرو بن العاص". التمهيد (6/ 39). =

هذا لعبد الله بن عمرو، خرّجه الترمذي من طريق عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدّه، واستغربه (¬1). ¬

_ = قلت: وصله ابن عدي في الكامل (4/ 1600)، والبيهقي في شعب الإيمان (3/ 462) (رقم: 4072) من طريق عبد الرحمن بن يحيى المدني عن مالك، عن سُمي مولى أبي بكر، عن أبي صالح عن أبي هريرة به. قال ابن عدي: "هذا منكر عن مالك ... لا يرويه عنه غير عبد الرحمن بن يحيى هذا، وعبد الرحمن غير معروف، وهذا الحديث في الموطأ عن زياد بن أبي زياد، عن طلحة بن عبيد الله بن كريز، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلًا". وقال أيضًا: "عبد الرحمن بن يحيى يحدّث عن الثقات بالمناكير". الكامل (4/ 1599). وقال البيهقي عقب الحديث: "هكذا رواه عبد الرحمن بن يحيى وغلط فيه، إنَّما رواه مالك في الموطأ مرسلًا". قلت: فالمحفوظ عن مالك إرساله كما قال ابن عبد البر، وله شواهد ستأتي. (¬1) أخرجه الترمذي في السنن كتاب: الدعوات، باب: دعاء يوم عرفة (5/ 534) (رقم: 3585)، وأحمد في المسند (2/ 210)، والمحاملي في الدعاء (ص: 169) (رقم: 64)، والفاكهي في أخبار مكة (5/ 24) (رقم: 2759)، كلهم من طريق محمد بن أبي حميد، عن عَمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدّه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "خير الدعاء دعاء يوم عرفة"، فذكره. قال الترمذي: "هذا حديث غريب من هذا الوجه، وحمّاد بن أبي حميد هو محمد بن أبي حميد، وهو أبو إبراهيم الأنصاري المديني، وليس بالقوي عند أهل الحديث". قلت: له شواهد منها: الأول: ما رواه الطبراني في الدعاء (2/ 1206) (رقم: 874) عن قيس بن الربيع، عن الأغر بن الصباح، عن خليفة بن حصين، عن علي مرفوعًا: "أفضل ما قلت أنا والنبيون عشية عرفة: لا إله إلا الله"، فذكره. وقيس بن الربيع لا بأس به في المتابعات. الثاني: حديث المسور بن مخرمة، أخرجه ابن مردويه في أماليه (ص: 111) (رقم: 3). الثالث: ما رواه الطبراني في الدعاء (2/ 1208) (رقم: 878) عن ابن عمر موقوفًا، وسنده صحيح. الرابع: ما رواه عبد المطلب مرسلًا نحوه، أخرجه الأصبهاني في الترغيب والترهيب (3/ 271) (رقم: 2509). فالحديث ثابت بمجموع هذه الشواهد كما قال الشيخ الألباني في الصحيحة (رقم: 1503).

وخرّج النسائي عن جابر مرفوعًا: "أفضلُ الذكر لا إله إلا الله"، وهو الفصل الثاني خاصة (¬1). وخرج المروزي (¬2) في المناسك عن عليّ مرفوعًا: "أكثر دعائي ودعاء الأنبياء قبلي بعرفة: لا إله إلا الله ... "، مطوَّلًا، وكأنَّه حديث واحد وإن كان مساقه بلفظ آخر. والله أعلم (¬3). ¬

_ (¬1) أخرجه النسائي في عمل اليوم والليلة (ص: 480) (رقم: 831)، وكذا الترمذي في السنن كتاب: الدعوات، باب: ما جاء أن دعوة المسلم مستجابة (5/ 431) (رقم: 3383)، وابن ماجه في السنن كتاب: الأدب، باب: فضل الحامدين (2/ 1249) (رقم: 3800)، والخرائطي في فضيلة الشكر لله (ص: 35)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (3/ 126) (رقم: 846)، والحاكم في المستدرك (1/ 498)، وقال: "صحيح الإسناد"، ووافقه الذهبي، والبغوي في شرح السنة (3/ 84) (رقم: 1262)، كلهم من طرق عن موسى بن إبراهيم الأنصاري، قال: سمعت طلحة بن خراش يقول: سمعت جابر بن عبد الله يقول: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إنَّ أفضل الذكر لا إله إلا الله، وأفضل الدعاء الحمد لله". قال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب، لا نعرفه إلا من حديث موسى بن إبراهيم، وقد روى علي بن المديني وغير واحد عن موسى بن إبراهيم هذا الحديث". قلت: موسى بن إبراهيم هذا تفرّد ابن حبان بذكره في الثقات (7/ 449)، وقال: "كان يخطئ"، وقال الحافظ في التقريب (رقم: 6942): "صدوق يخطئ"، وقال في نتائج الأفكار (1/ 58) بعد أن حسّن حديثه: "لم أقف في موسى على تجريح ولا تعديل إلَّا أن ابن حبان ذكره في الثقات، وقال: كان يخطئ، وهذا عجيب منه! ! لأنَّ موسى مقل، فإذا كان يخطئ مع قلة روايته فكيف يوثَّق ويصحح حديثه، فلعل من صححه أو حسّنه تسمّح لكون الحديث من فضائل الأعمال". (¬2) لعله أحمد بن محمد المروزي المتوفى سنة (275 هـ)، فقد ذكر له ابن عبد الهادي في الصارم المنكي (ص: 120، 147) كتابًا بهذا العنوان. (¬3) أخرجه المحاملي في الدعاء (ص: 13)، وابن أبي شيبة في المصنف (3/ 382)، والبيهقي في السنن الكبرى (5/ 117)، وفي فضائل الأوقات (ص: 373 - 375) (رقم: 195) من طريق موسى بن عبيدة، عن أخيه عبد الله بن عبيدة، عن علي بن أبي طالب قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أكثر دعائي ودعاء الأنبياء من قبلي بعرفة: لا إله إلا الله ... "، فذكره. =

وذكر الدارقطني في التصحيف أن يحيى بن سعيد أخطأ في زياد بن أبي زياد، فقال فيه: يزيد (¬1). 29 / حديث: "ما رُؤي الشيطان يومًا فيه أصغر، ولا أدحر (¬2)، ولا أحقر، ولا أغيظ منه، في يوم عرفة ... ". فيه: "إلا ما رُؤي في يوم بدر"، وذَكَر ما رأى. في آخر الحج، باب جامع. عن إبراهيم بن أبي عَبْلَة (¬3)، عن طلحة بن عُبيد الله بن كَريز (¬4)، قال يحيى بن يحيى في هذا الإسناد: إبراهيم بن عبد الله بن أبي عبلة، ¬

_ = وإسناده ضعيف، فيه موسى بن عُبيدة الرَّبذي، قال البيهقي في السنن: "تفرّد به موسى بن عبيدة وهو ضعيف، ولم يدرك أخوه عليًّا رضي الله عنه". (¬1) لم أقف عليه. (¬2) تحرّف في الأصل إلى: "أكدر"، والمثبت هو الصواب كما في الموطأ (1/ 336)، وهكذا ورد في نسختي المحمودية (أ) (ل: 77 / أ) و (ب) (ل: 106 / أ). (¬3) عَبْلة: بفتح أوله وسكون الموحدة، تليها لام مفتوحة، ثم هاء. توضيح المشتبه (6/ 124). (¬4) الموطأ كتاب: الحج، باب: جامع الحج (1/ 336) (رقم: 245). وأخرجه عبد الرزاق في المصنف (5/ 17 - 18) (رقم: 8832)، والفاكهي في أخبار مكة (5/ 26) (رقم: 2762) من طريق مطرف. والبيهقي في شعب الإيمان (3/ 461) (رقم: 4069)، وفي فضائل الأوقات (ص: 355 - 356) (رقم: 182) من طريق ابن بكير. والبغوي في شرح السنة (7/ 159) (رقم: 1930) من طريق أبي مصعب الزهري، كلهم عن مالك به. قال البيهقي: "هذا مرسل حسن، ورُوي من وجه آخر ضعيف عن طلحة، عن أبي الدرداء، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -".

ونسبة إبراهيم إلى عبد الله وهم، انفرد به يحيى، وإنما هو إبراهيم بن أبي عبلة (¬1)، وأبوه أبو عبلة اسمه شِمر بن يقظان (¬2). والحديث مرسل في الموطأ (¬3). وقال فيه أبو النّضر إسماعيل بن إبراهيم العجلي عن مالك: طلحة بن عبيد الله عن أبيه، ولم يُتابع على هذا (¬4)، ولا أعلم أحدًا أسند هذا الحديث على نصّه من وجه مرضيٍّ، هو والذي قبله من الغرائب (¬5). وقال البخاري في التاريخ: "طلحة بن عبيد الله سمع أمَّ الدرداء" (¬6). ¬

_ (¬1) انظر: نسختي المحمودية من رواية يحيى (أ) (ل: 75 / ب) و (ب) (ل: 106 / أ)، وقد ورد في المطبوعة على الصواب، ولعل هذا التصويب من المحقق؛ إذ نبّه على الوهم المذكور ابن الحذاء أيضًا في رجال الموطأ (2 / ب)، وابن حجر في تهذيب التهذيب (1/ 125). (¬2) انظر: رجال الموطأ (ل: 2 / ب)، والإكمال لابن ماكولا (6/ 308)، وأسماء شيوخ مالك (ص: 41)، وتهذيب الكمال (2/ 140)، وتوضيح المشتبه (6/ 124). وشِمر بكسر معجمة فساكنة. المغني في ضبط الأسماء (ص: 144). (¬3) انظر الموطأ برواية: - أبي مصعب الزهري (1/ 565) (رقم: 1461)، وسويد بن سعيد (ص: 522) (رقم: 1227)، وابن بكير (ل: 40 / ب) - الظاهرية-، وابن القاسم (ل: 69 / أ). وهكذا رواه عبد الرزاق ومطرف كما تقدّم. (¬4) ذكره ابن عبد البر أيضًا وقال: "ولم يقل في هذا الحديث: عن أبيه، غيره، وليس بشيء". التمهيد (1/ 115). (¬5) هذا ما قاله ابن الحذاء أيضًا في رجال الموطأ (ل: 29 / أ) إلَّا أن المؤلف قيّده بقوله: "من وجه مرضي"، وهذا قيد حسن، فقد قال البيهقي في فضائل الأوقات (ص: 255) عقِب حديث الموطأ: "ورُوي من وجه آخر ضعيف عن طلحة عن أبي الدرداء". (¬6) التاريخ الكبير (4/ 347). قلت: لعل المؤلف عنى بهذا بيان كون طلحة من التابعين، وهو كذلك؛ فإنه سمع أيضًا من ابن عمر وغيره، وجعله الحافظ من الثالثة، وهي الطبقة الوسطى من التابعين. انظر: التمهيد (1/ 115)، وتهذيب التهذيب (5/ 20)، التقريب (رقم: 3028).

وكَرِيز حدّ طلحة هذا: بفتح الكاف، وكسر الراء (¬1). وتقدّم كُريز مصغرًا في مسند أُبيّ بن كعب، جاء ذكره في ولاء أبي سعيد مولى عامر بن كُريز (¬2). ولجابر وعائشة في فضل يوم عرفة ما يقرب من هذا الحديث (¬3). ¬

_ (¬1) انظر: المؤتلف والمختلف لعبد الغني (ص: 108)، ورجال الموطأ لابن الحذاء (ل: 29 / أ)، وإكمال ابن ماكولا (7/ 166)، وتوضيح المشتبه (7/ 324 - 325)، والتبصير (3/ 193). (¬2) انظر: (2/ 92). (¬3) حديث جابر: أخرجه ابن منده في التوحيد (3/ 301) (رقم: 885)، وابن خزيمة في صحيحه (4/ 263) (رقم: 2840)، والبغوي في شرح السنة (4/ 94) (رقم: 1924) من طريق مرزوق مولى طلحة، حدّثني أبو الزبير، عن جابر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا كان يوم عرفة إنَّ الله ينزل إلى السماء الدنيا، فيباهي بهم الملائكة" الحديث. قال ابن منده: "هذا إسناد متصل حسن من رسم النسائي، ومرزوق روى عنه الثوري وغيره، ورواه أبو كامل الجحدري عن عاصم بن هلال عن أيوب عن أبي الزبير عن جابر، ومحمد بن مروان عن هشام عن أبي الزبير عن جابر. قلت: رواية أيوب عن أبي الزبير عن جابر عند البزار (2/ 28) (رقم: 1128 - كشف الأستار-) وفي سياقه بعض الاختلاف عن سياق مرزوق، وحسّن الهيثمي إسناده في المجمع (4/ 17). ورواية محمد بن مروان عن هشام عن أبي الزبير، عند أبي يعلى في المسند (4/ 69) (رقم: 2090)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (9/ 164) (رقم: 3853). قال الهيثمي في المجمع (3/ 253): "رواه أبو يعلى وفيه محمد بن مرزوق العقيلي، وثّقه ابن معين، وابن حبان وفيه بعض الكلام، وبقية رجاله رجال الصحيح". قلت: الحديث بهذه الطرق قد يصل إلى درجة الحسن، لكن مدارها على أبي الزبير، وهو مدلس من الثالثة ممّن لم يحتج الأئمة من أحاديثهم إلَّا بما صرّحوا فيه بالسماع، وهو هنا عنعن في جميع الطرق، وعليه فالحديث ضعيف؛ ولأجله أدخله الشيخ الألباني في الضعيفة (رقم: 679) إلَّا أن ما ورد فيه من مباهاة الله ملائكته بأهل عرفة قد صح من حديث عائشة، وهو عند مسلم في الصحيح كتاب: الحج، باب: فضل الحج والعمرة ويوم عرفة (2/ 982) (رقم: 436).

حرف الكاف

حرف الكاف فيه رجل واحد. 15 - مرسل كُريب مولى ابن عباس حديث واحد، وتقدّم له مسند عن ابن عباس (¬1). 30 / حديث: "مرَّ بامرأة فأخذت بضبعي صبيٍّ فقالت: ألهذا حج؟ ... ". في آخر الحج، باب: جامع الحج. عن إبراهيم بن عقبة، عن كُريب، وذكره (¬2). هكذا هو عند يحيى بن يحيى، وطائفة من رواة الموطأ مرسلًا (¬3). وأسنده ابن وهب، والشافعي، ومطرّف، وجماعة عن مالك، زادوا فيه: ¬

_ (¬1) انظر: (2/ 556). (¬2) الموطأ كتاب: الحج، باب: جامع الحج (1/ 336) (رقم: 244). إلَّا أن فيه عن ابن عباس مسندًا، وفي نسختي المحمودية (أ) (ل: 75 / ب)، و (ب) (ل: 106 / أ) مرسل بدون ذكر ابن عباس كما قال المؤلف. (¬3) انظر الموطأ برواية: سويد بن سعيد (ص: 508) (رقم: 1185)، وابن بكير (ل: 32 / أ) - الظاهرية-. وهكذا رواه معن كما قال الدارقطني، بل هي رواية أكثر أصحاب مالك كما قاله ابن الحذاء وابن عبد البر. انظر: أحاديث الموطأ (ص: 15)، ورجال الموطأ (ل: 3 / ب)، والتمهيد (1/ 95).

عن ابن عباس (¬1)، وخرّجه مسلم من طريق كُريب عنه (¬2). فصل: إبراهيم بن عقبة بن أبي عيّاش مولى الزُّبَيْر بن العوّام، وقيل: بل هو مولى لأم خالد بنت سعيد بن العاص زوج الزُّبَيْر (¬3)، سمع من جماعة من التابعين، وروى عنه جماعة من أئمة أهل الحديث، وهو ثقةٌ عندهم حجةٌ فيما حَمَلَ ونَقَلَ، قاله ابن عبد البر (¬4). ¬

_ (¬1) أخرجه من طريق ابن وهب: النسائي في السنن كتاب: الحج، باب: الحج بالصغير (5/ 129) (رقم: 2648)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (2/ 256). وانظر: مسند الشافعي (1/ 283) (رقم: 742) - ترتيب السندي-، ومن طريقه أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (5/ 155). وتابعهم: أبو مصعب الزهري (1/ 488) (رقم: 1256). - وابن القاسم كما ذكره الدارقطني في أحاديث الموطأ (ص: 15). - وعبد الله بن يوسف، كما ذكره ابن عبد البر في التمهيد (1/ 95). - ومحمد بن خالد بن عثمة، أخرجه من طريقه ابن عبد الير في التمهيد (1/ 96). (¬2) أخرجه في صحيحه كتاب: الحج، باب: صحة حج الصبي وأجر من حج معه (2/ 974) (رقم: 409 - 411) من طريق سفيان بن عيينة، عن إبراهيم بن عقبة، عن كريب به. قال ابن عبد البر: "الحديث صحيح مسند ثابت الاتصال، لا يضره تقصير من قصّر به؛ لأنَّ الذين أسندوه حفاظ ثقات". التمهيد (1/ 100). (¬3) الأول، قاله ابن سعد، وخليفة بن خياط، والبخاري، قال ابن خلفون: "وهو الأكثر". والثاني: نقله ابن عبد البر عن ابن معين ثم قال: "ولم يتابع يحيى على ذلك، والصواب أنهم (يعني إبراهيم وموسى ومحمد بن عقبة) موالي آل الزبير". انظر: الطبقات الكبرى (5/ 425)، وطبقات خليفة (ص: 267)، والتاريخ الكبير (1/ 305)، والتمهيد (1/ 93)، وشيوخ مالك (ص: 39). (¬4) التمهيد (1/ 94)، وقد وثقه أيضًا ابن معين، والنسائي، وابن حبان، وغيرهم. انظر: سؤالات الحاكم للدارقطني (ص: 181) (رقم: 273)، وشيوخ مالك (ص: 39)، وتهذيب الكمال (2/ 153)، وتهذيب التهذيب (1/ 126 - 127)، والتقريب (رقم: 217).

حرف الميم

حرف الميم ستة رجال، أحدهم مشكوك فيه. 16 - مرسل محمد بن عليّ بن الحسين بن علي بن أبي طالب - رضي الله عنهم - أربعة أحاديث، وتقدّم له مسند عن جابر (¬1)، ومقطوع عن عليّ جدِّ أبيه (¬2). 31 / حديث: "خطب خطبيتين يوم الجمعة، وجلس بينهما". في آخر الصلاة، الأوّل. عن جعفر بن محمد، عن أبيه (¬3). هذا لابن عمر، خُرّج في الصحيحين (¬4)، وخرّجه مسلم عن جابر بن سمرة (¬5)، وابن أبي شيبة عن ابن عباس (¬6). ¬

_ (¬1) انظر: (2/ 117). (¬2) انظر: (2/ 326). (¬3) الموطأ كتاب: الجمعة، باب: القراءة في صلاة الجمعة، والاحتباء، ومن تركها من غير عذر (1/ 112) (رقم: 21). (¬4) انظر: صحيح البخاري، كتاب: الجمعة، باب: الخطبة قائمًا (1/ 291) (رقم: 920)، وصحيح مسلم كتاب: الجمعة، باب: ذكر الخطبتين قبل الصلاة، وما فيهما من الجلسة (2/ 50) (رقم: 33). (¬5) انظر: صحيح مسلم (2/ 50) (رقم: 35). (¬6) أخرجه في المصنف (2/ 113) من طريق المحاربي وهو عبد الرحمن بن محمد المحاربي، عن حجاج، عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يخطب يوم الجمعة قائمًا ثم يقعد، ثم يقوم فيخطب". =

32 / حديث: "قضى باليمين مع الشاهد". في الأقضية عند أوله. عن جعفر بن محمد، عن أبيه (¬1). هكذا في الموطأ (¬2). وأسنده عثمان بن خالد العثماني، وإسماعيل بن بنت السدي عن مالك، فزادا فيه: عن جابر بن عبد الله (¬3). ¬

_ = إسناده حسن، المحاربي وحجاج مدلسان، وقد عنعنا إلَّا أنهما توبعا فيه. فأخرجه أبو يعلى في المسند (5/ 31) (رقم: 2620) من طريق أبي يوسف. والطبراني في المعجم الكبير (11/ 390) (رقم: 12091) من طريق سعد بن الصلت، كلاهما عن حجاج به. وقرن أبو يعلى في روايته بالحجاج محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، وحديثه معتبر في الشواهد. قال الهيثمي: "رواه أبو يعلى والطبراني في الكبير والأوسط، ورجال الطبراني ثقات". مجمع الزوائد (2/ 187). وأخرجه البزار في مسنده (1/ 307) (رقم: 640 - كشف الأستار-) من طريق أبي معاوية، عن الحجاج، عن الحكم، عن ابن عباس: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يخطب يوم الجمعة يفصل بينهما بجلسة". قال الهيثمي في المجمع (2/ 187): "رجال البزار رجال الصحيح". (¬1) الموطأ كتاب: الأقضية، باب: القضاء باليمين مع الشاهد (2/ 555) (رقم: 5). (¬2) أي أنه مرسل، وهكذا رواه: - أبو مصعب الزهري (2/ 472) (رقم: 2911)، وابن بكير (ل: 123 / ب) - الظاهرية-، وسويد بن سعيد (ص: 280) (رقم: 607)، ومحمد بن الحسن (ص: 301) (رقم: 846). - وابن وهب عند الطحاوي في شرح معاني الآثار (4/ 145)، والبيهقي في السنن الكبرى (10/ 170). - وهشام بن عمار وإسماعيل الفزاري عند أبي أحمد الحاكم في عوالي مالك (ص: 78) (رقم: 73). وهو المحفوظ عن مالك. (¬3) أخرجه ابن المظفر البزاز في غرائب حديث مالك (ص: 163) (رقم: 98)، وأبو أحمد الحاكم في عوالي مالك (ص: 78)، وابن عبد البر في التمهيد (2/ 134). =

وخرّجه الترمذي من طريق عبد الوهاب الثقفي، عن جعفر، عن أبيه، عن جابر مسندًا، ومن طريق إسماعيل (¬1)، عن جعفر، عن أبيه مرسلًا (¬2)، قال: "وهذا أصح"، يعني عن محمد بن علي (¬3). ¬

_ = وقال: "هكذا حدّث به عثمان بن خالد المدني عن مالك بإسناده هذا مسندًا، والصحيح فيه عن مالك أنه مرسل في روايته، وقد تابع عثمان بن خالد العثماني على روايته هذه في هذا الحديث عن مالك إسماعيل بن موسى الكوفي". قلت: عثمان بن خالد قال عنه الحافظ في التقريب (رقم: 4464): "متروك الحديث". وإسماعيل بن موسى الفزاري نسيب السدي أو ابن بنته قال فيه الذهبي في الميزان (1/ 252): "أوصل عن مالك حديثين مرسلين". وقال الحافظ في التقريب (رقم: 492): "صدوق يخطئ" وعليه فالصحيح عن مالك كما قال ابن عبد البر إرساله. (¬1) هو إسماعيل بن جعفر بن أبي كثير الأنصاري الزرقي. (¬2) أخرجه في السنن كتاب: الأحكام، باب: ما جاء في اليمين مع الشاهد (3/ 628) (رقم: 1344، 1345). ومن طريق عبد الوهاب الثقفي أخرجه. ابن ماجه أيضًا في السنن كتاب: الأحكام، باب: القضاء بالشاهد واليمين (2/ 793) (رقم: 2369)، وأحمد في المسند (3/ 305)، وابن الجارود في المنتقى (ص: 336) (رقم: 1008)، والدارقطني في السنن (4/ 212)، والبيهقي في السنن الكبرى (10/ 170). (¬3) قلت: إنما رجّح الإرسال لكون رواته أكثر وأحفظ وأثبت من رواة الوصل، فقد تابع إسماعيل بن جعفر عليه: -مالك- في المحفوظ عنه -كما تقدّم. - وسفيان الثوري، كما ذكره الترمذي، وأخرجه من طريقه الطحاوي في شرح معاني الآثار (4/ 144). - ويحيى بن أيوب عند أبي عوانة في صحيحه كما في الإتحاف (3/ 340)، والبيهقي في السنن الكبرى (10/ 169). - وابن جريج، وعمرو بن محمد، عند البيهقي أيضًا (10/ 170). - ويحيى بن سعيد عند علي بن محمد الحميري في جزء له (ص: 21) (رقم: 9). - وسفيان بن عيينة، عند ابن عبد البر في التمهيد (2/ 135). وهذا ما رجّحه أيضًا البخاري وأبو عوانة كما سيأتي. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = هذا، وقد تابع الثقفيَّ على وصله: - إبراهيم بن أبي حية عند أبي عوانة كما في الإتحاف (3/ 340). - والسري بن عبد الله عند ابن عديّ في الكامل (3/ 1397). - وعبد النور بن عبد الله بن سنان، وحميد بن الأسود، ومحمد بن جعفر بن أبي كثير، وعبد الله العمري، وهشام بن سعد، وعبيد الله العمري، ويحيى بن سليم الطائفي، ومحمد بن عبد الرحمن بن ردّاد، ذكرهم الدارقطني في العلل (3/ 96 - 97)، والبيهقيُّ في السنن الكبرى (10/ 170)، وابن عبد البر في التمهيد (2/ 135). ولأجلهم جعل الدارقطني وابن عبد البر الوصل من باب زيادة الثقة، لكن أغلبهم غير ثقات! - فإبراهيم بن أبي حية، قال عنه البخاري: "منكر الحديث"، وقال النسائي: "ضعيف"، وقال الدارقطني: "متروك". التاريخ الصغير (الأوسط) (2/ 232، 233)، والميزان (1/ 29). - والسري بن عبد الله قال عنه ابن عديّ في الكامل (3/ 1298): "ليس بذلك المعروف وفي رواياته بعض ما ينكر عليه". - وعبد النور بن عبد الله قال الحافظ فيه: "كذاب". اللسان (4/ 77). - وحميد بن الأسود قال عنه في التقريب (رقم: 1542): "صدوق يهم قليلًا". - وعبد الله العمري ضعيف كما في التقريب (رقم: 3489). - وهشام بن سعد قال عنه في التقريب (رقم: 7294): "صدوق له أوهام". - وعبيد الله ثقة، لكن ورد عنه ما يخالف هذا الوجه كما في العلل للدارقطني (3/ 95). - ويحيى بن سليم الطائفي قال عنه في التقريب (رقم: 7563): "صدوق سيء الحفظ". - ومحمد بن عبد الرحمن بن روّاد قال ابن عديّ: "رواياته عمن روى ليست بمحفوظة". الكامل (6/ 2179). وفيه الردّاد. وعلى هذا فالراجح في هذا الحديث إرساله كما رواه مالك ومن تبعه؛ لأنَّ عبد الوهاب وبعض من تبعه وإن كانوا ثقات إلا أن من أرسله أحفظ وأتقن، وعددهم أكثر أيضًا بخلاف الذين أسندوه فإن غالبهم ممن تكلّم في حفظهم وفيهم ضعفاء ومتروكون، بل إن عبد الوهاب الثقفي قد خطأه مسلم وغيره كما سيأتي ودلّل مسلم على خطأه فذكر أنَّه يروي أيضًا عن جعفر عن أبيه، عن جدّه علي بن الحسين. قال الترمذي: "سألت محمدًا عن هذا، فقلت: أيُّ الروايات أصح؟ فقال: أصحه حديث جعفر بن محمَّد عن أبيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلًا". وقال أبو عوانة: "المرسل هو الصحيح". انظر: العلل الكبير (1/ 545)، وإتحاف المهرة (3/ 340).

وقال مسلم في التمييز: "وهم فيه عبد الوهاب"، يعني حيث أسنده إلى جابر، وذكر روايته عن جعفر، عن أبيه، عن حدّه علي بن الحسين". قال: "وأمَّا نفس الخبر في الحكم باليمين والشاهد في الحقوق والأموال، فهو عندنا صحيحٌ ثابتٌ عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - بنقل أهل المدينة ذلك عنه، ولا اختلاف بينهم أنَّه - صلى الله عليه وسلم - قضى بذلك"، وذكر روايته عن ابن عباس، وأبي هريرة، وسعد بن عُبادة (¬1). وخَرَّج في الصحيح من طريق ابن عباس (¬2)، ووثق النسائي راويه عنه (¬3). وقال ابن معين: "حديث ابن عباس: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى بشاهد ¬

_ (¬1) كلام الإمام مسلم ذكره الترمذي في العلل الكبير (1/ 544). ولم أجده في القطعة المطبوعة من كتاب التمييز، وقد وافقه أيضًا أبو زرعة وأبو حاتم. فقال ابن أبي حاتم: "سألتهما عن حديث رواه عبد الوهاب الثقفي عن جعفر بن محمَّد عن أبيه عن جابر: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى بشاهد ويمين"، فقالا: أخطأ عبد الوهاب في هذا الحديث، إنما هو عن جعفر عن أبيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم -. . . مرسل. العلل (1/ 467). (¬2) أخرجه في الأقضية، باب: القضاء باليمين والشاهد (3/ 1337) (رقم: 3) من طريق سيف بن سليمان، أخبرني قيس بن سعد عن عمرو بن دينار، عنه. (¬3) أخرجه في الكبرى (3/ 490) (رقم: 6011) وقال: "هذا إسنادٌ جيِّد، وسيف ثقة، وقيس ثقة، ومحمد بن مسلم ليس بذلك القوي". وقال الشافعي فيما نقله البيهقي: "حديث ابن عباس ثابت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، لا يرد أحد من أهل العلم مثله، لو لم يكن فيها غيره مما يشهده". وذكر ابن عبد البر جملة من الأحاديث ثمَّ قال: "أصحها إسنادًا وأحسنها حديث ابن عباس، وهو حديث لا مطعن لأحد في إسناده، ولا خلاف بين أهل المعرفة بالحديث في أن رجاله ثقات". ونقل النوويّ عن الحفاظ أنَّه أصح أحاديث الباب. التمهيد (2/ 138)، وشرح النوويّ على صحيح مسلم (12/ 4).

ويمين" ليس بمحفوظ" (¬1). ورواه سُهيل عن أبيه، عن أبي هريرة، ثمَّ نسيه فكان يقول فيه: "حدّثني ربيعة عني"، ذكر هذا أبو داود والساجي وغيرهما (¬2). ¬

_ (¬1) انظر: تاريخ ابن معين - رواية الدوري عنه - (3/ 230)، وبيَّن الترمذي سبب ذلك فقال: "سألتُ محمّدًا عنه فقال: عمرو بن دينار لم يسمع عندي من ابن عباس هذا الحديث". العلل الكبير (1/ 546). هكذا أعلّه البخاري بالانقطاع! ! ولعلّ عمدته في ذلك وكذا عمدة ابن معين في قوله (ليس بمحفوظ) ما رواه الدارقطني في السنن (4/ 214) من طريق عبد الله بن محمَّد بن ربيعة عن محمَّد بن مسلم عن عمرو بن دينار عن طاوس عن ابن عباس، فذكر واسطة بين عمرو وابن عباس، إلَّا أن هذه الرواية لا تصح؛ لأنَّ عبد الله بن محمَّد بن ربيعة هذا هو القدامي، قال فيه الدارقطني فيما نقله عنه الحافظ في اللسان (3/ 334): "متروك"، وقال الذهبي في الميزان (3/ 202): "أحد الضعفاء"، ولذا قال ابن القطان: "فلو صحت هذه الرواية، تبيَّن بها ما قاله البخاري، ولكن لا تصح"، ثمَّ ذكر قول الدارقطني فيه وقال: "فاعلم ذلك". بيان الوهم والإيهام (2/ 407). ثمَّ إن القدامي خولف في روايته، فروى أبو داود في السنن كتاب: الأقضية، باب: القضاء باليمين والشاهد (4/ 33) (رقم: 3609)، والترمذي في العلل الكبير (1/ 545)، والبيهقيُّ في السنن الكبرى (10/ 168) من طريق عبد الرزاق، عن محمَّد بن مسلم عن عمرو بن دينار عن ابن عباس ولم يذكر طاوسًا، وعبد الرزاق إمام. وتابعه أبو حذيفة، أخرجه من طريقه البيهقي في السنن الكبرى (10/ 168) وقال: "وخالفهما من لا يحتج بروايتهم عن محمَّد بن مسلم فزاد في إسناده طاوسًا، ورواه بعضهم من وجه آخر فزاد في إسناده جابر بن زيد، ورواية الثقات لا تُعلّ برواية الضعفاء". وعلى هذا فالحديث صحيح ثابت، ويُردّ على قول ابن معين بأن مسلمًا عارضه؛ فأخرجه في صحيحه ونصّ على صحته في كتابه التمييز كما تقدم، ووثّق النسائي رواته، فهو محفوظ. (¬2) أخرج أبو داود في السنن كتاب: الأقضية، باب: القضاء باليمين والشاهد (4/ 34) (رقم: 3610، 3611) من طريق عبد العزيز الدراوردي وسليمان بن بلال عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن سهيلٍ بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى باليمين مع الشاهد. وأخرجه الترمذي أيضًا في السنن كتاب: الأحكام، باب: ما جاء في اليمين مع الشاهد (3/ 627) (رقم: 1343). وابن ماجه في السنن كتاب: الأحكام، باب: القضاء بالشاهد واليمين (2/ 793) (رقم: 2368) =

33/ حديث: "غُسِّل في قميص". في أوّل الجنائز. عن جعفر بن محمَّد، عن أبيه، فذكره مرسلًا (¬1). ¬

_ = من طريق عبد العزيز به. قال أبو داود: "وزادني الربيع بن سليمان المؤذن في هذا الحديث قال: "أخبرني الشافعي عن عبد العزيز قال: فذكرت ذلك لسهيل فقال: أخبرني ربيعة عني وهو عندي ثقة أني حدثته إياه، ولا أحفظه. قال عبد العزيز: وقد كانت أصابت سهيلًا علّة أذهبت بعض عقله، ونسي بعض حديثه، فكان سهيل بعد يحدثه عن ربيعة عن أبيه". قال ابن حجر: "حديث أبي هريرة عند أصحاب السنن، ورجاله مدنيون ثقات، ولا يضره أن سهيل بن أبي صالح نسيه بعد أن حدث به ربيعة؛ لأنه كان بعد ذلك يرويه عن ربيعة عن نفسه عن أبيه، وقصته بذلك مشهورة في سنن أبي داود وغيرها". قال ابن عبد البر: "عرض ذلك لجماعة من العلماء نسوا ما حدثوا به ثمَّ رووه عمن رواه عنهم عن أنفسهم" وذكر جملة من تلك الروايات. انظر: التمهيد (2/ 141)، والفتح (5/ 333)، وانظر أيضًا: تذكرة المؤتسي فيمن حدث ونسي للسيوطي (ص: 28). وحديث سعد بن عبادة الذي ذكره مسلم أخرجه الترمذي في السنن (3/ 627)، وأبو عوانة في صحيحه كما في الإتحاف (5/ 85 - 86)، والدارقطني في السنن (4/ 214) من طريق عبد العزيز الدراوردي عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن قال: أخبرني ابن لسعد بن عبادة أنَّه وجد في كتاب سعد بن عبادة "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى باليمين مع الشاهد". وأخرجه أحمد في المسند (5/ 285)، والبيهقيُّ في السنن الكبرى (10/ 171) من طريق سليمان بن بلال عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن إسماعيل بن عمرو بن قيس بن سعد بن عبادة عن أبيه أنهم وجدوا في كتاب سعد كذلك. قال الحافظ: "وحديث القضاء بالشاهد واليمين جاء من طرق كثيرة مشهورة بل ثبت من طرق صحيحة متعددة. . ." فذكر حديث ابن عباس وجابر وأبي هريرة ثمَّ قال: "وفي الباب عن عشرين من الصحابة فيها الحسان والضعاف، وبدون ذلك تثبت الشهرة". الفتح (5/ 333). (¬1) الموطأ كتاب: الجنائز، باب: غسل الميت (1/ 194) (رقم: 1).

هكذا هو عند جمهور رواة الموطأ (¬1). وزاد فيه ابن عُفير: "عن عائشة" (¬2). ورواه يحيى الوُحاظي، وقيل: إسحاق الطباع خارج الموطأ عن مالك عن جعفر، عن أبيه، عن جابر (¬3). ¬

_ (¬1) انظر الموطأ برواية: - أبي مصعب الزهري (1/ 397) (رقم: 1004)، وسويد (ص: 361) (رقم: 806)، وابن بكير (ل: 60 / ب) - الظاهرية -. وهكذا رواه معن بن عيسى عند ابن سعد في الطبقات (2/ 211)، والقعنبي عند الجوهري في مسند الموطأ (ل: 58 / أ)، وهكذا رواه سائر الرواة كما قال الدارقطني والجوهري، وهو المحفوظ عن مالك كما قال ابن عبد البر. انظر: أحاديث الموطأ (ص: 16)، والتمهيد (2/ 158). (¬2) أخرجه ابن عديّ في الكامل (3/ 1247)، والجوهري في مسنده (ل: 58 / أ)، والمزي في تهذيب الكمال (11/ 39) من طريق عبيد الله بن سعيد بن كثير بن عفير عن أبيه، عن مالك عن جعفر بن محمَّد، عن أبيه، عن عائشة: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - غُسِّل في قميص". قال ابن عديّ: "وهذا في الموطأ عن جعفر، عن أبيه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، لم يذكر في إسناده عائشة، ولم أجد لسعيد بعد استقصائي على حديثه شيئًا مما ينكر عليه أنَّه أتى بحديث برأسه إلا حديث مالك عن عمّه أبي سهيل، أو أتى بحديث زاد في إسناده إلا حديث غسل النبي - صلى الله عليه وسلم - في قميص فإن في إسناده زيادة عائشة، وكلا الحديثين يرويهما عنه ابنه عبيد الله، ولعلّ البلاء من عبيد الله؛ لأني رأيت سعيد بن عفير عن كل من يروي عنهم إذا روى عن ثقة مستقيم الحديث" ا. هـ وذكر الدارقطني أيضًا رواية سعيد بن عفير ثمَّ قال: "وغيره يرويه عن مالك عن جعفر عن أبيه مرسلًا، وهو الصحيح". العلل (5 / ل: 84 / أ). تنبيه: تصحّفت أسماء بعض الرواة وكذا بعض الكلمات في المطبوع من الكامل، وقد نقلتها على الصواب بمراجعة تهذيب الكمال (11/ 39، 40) كما وقع محقِّقا مسند الجوهري في وهمٍ فظيعٍ حيث ظنَّا أن عبيد الله المذكور في سياق الإسناد هو عبيد الله بن يحيى الليثي وإنما هو عبيد الله بن سعيد بن عفير. انظر: مسند الجوهري (ص: 290). (¬3) انظر: التمهيد (2/ 158).

قال الدارقطني: "ووَهِم مَن قال ذلك في ذكر جابر، والمرسل هو الصحيح" (¬1). وخرّجه أبو داود من طريق عَبّاد بن عبد الله بن الزبير عن عائشة مطوّلًا، ذكر فيه قصة النوم، وقول القائل: "اغسلوه وعليه ثيابه" كنحو ما جاء في مرسل مالك (¬2). انظره في آخر الكتاب (¬3). وهذا الحديث ليس بمرفوع، وقد أُدخل ما يُضاهيه في المسند المرفوع بِضَرْبٍ من التأويل، كحديث الكَفَنِ، واللَّحْدِ (¬4). حديث: "وَزَنَتْ فاطمةُ شعرَ حسَن وحُسين وزينبَ وأمَّ كلثوم، فتصدّقتْ بِزِنَتِه فضَّة". في العقيقة. 34 / عن جعفر بن محمَّد، عن أبيه. ¬

_ (¬1) العلل (5 / ل: 184 / أ). قت: إنما يؤيد كون الوحاظي قد وهم فيه ما ذكره المزي عن أحمد بن صالح المصري أنَّه قال: حدثنا يحيى بن صالح بثلاثة عشر حديثًا عن مالك ما وجدناها عند غيره. تهذيب الكمال (31/ 379). (¬2) أخرجه في السنن، كتاب: الجنائز، باب: ستر الميّت عند غسله (3/ 502) (رقم: 3141) وكذا أحمد في المسند (6/ 267)، وابن الجارود في المنتقى (ص: 183) (رقم: 517)، والطيالسي في المسند (ص: 215) (رقم: 1530)، وابن حبَّان في صحيحه (الإحسان) (14/ 595، 59) (رقم: 6227، 6228)، والحاكم في المستدرك (3/ 59)، والبيهقيُّ في السنن الكبرى (3/ 387) كلهم من طرق عن ابن إسحاق عن يحيى بن عبّاد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه به. إسناده حسن، وصرّح ابن إسحاق فيه بالتحديث عند أبي داود والحاكم. (¬3) سيأتي حديثه (5/ 398). (¬4) تقدّما (4/ 43، 148).

35 / وعن ربيعة، عن محمَّد بن علي نحوه، ذكر الحسن والحسين لا غير (¬1). وهذا معدودٌ بحديثين لاختلاف السند، وهو محمولٌ على الرفع من جهة العلم به. وقد رُوي عن محمّد بن عليّ، عن جدّ أبيه عليّ بن أبي طالب أن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - أمر فاطمة بذلك، خرّجه الترمذي (¬2). وهذا مقطوعٌ؛ لأنَّ محمدًا لم يُدركْ جدَّ أبيه (¬3). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: العقيقة، باب: ما جاء في العقيقة (2/ 399 - 400) (رقم: 1، 2). وأخرجه أبو داود في المراسيل (ص: 279) (رقم: 380) من طريق القعنبي، عن مالك عن جعفر به. (¬2) أخرجه في السنن، كتاب: الأضاحي، باب: العقيقة بشاة (4/ 84) (رقم: 1519). وكذا ابن أبي شيبة في المصنف (8/ 235) من طريق ابن إسحاق عن عبد الله بن أبي بكر، عن محمد بن علي بن الحسين، عن علي بن أبي طالب قال: عقّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الحسن بشاة وقال: "يا فاطمة احلقي رأسه وتصدقي بزنة شعره فضّة". قال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب، وإسناده ليس بمتصل، وأبو جعفر محمَّد بن علي بن الحسين لم يدرك علي بن أبي طالب". (¬3) وهكذا قال أبو زرعة الرازي فيما نقله عنه ابن أبي حاتم في المراسيل (ص: 186)، والعلائي في جامع التحصيل (ص: 266)، ووصله الحاكم في المستدرك (4/ 237) فرواه من طريق يعلى بن عُبيد عن محمد بن إسحاق عن عبد الله بن أبي بكر عن محمد بن علي بن الحسين عن أبيه عن جدّه، وسكت عليه هو والذهبي، وقال البيهقي في السنن الكبرى (9/ 304): "ولا أدري محفوظٌ هو أم لا". قلت: وإن كان محفوظًا فإن فيه علة أخرى، وهي عنعنة ابن إسحاق في جميع الروايات، وهو مدلس، وعليه فالإسناد ضعيف لكن الحديث حسن بشواهده التي ستأتي، ولعلّ تحسين الترمذي إيّاه مع حكمه عليه بالانقطاع مبني على تلك الشواهد.

وروى عُبيد الله بن عمرو، عن عبد الله بن محمَّد بن عَقيل، عن علي بن حسين، عن أبي رافع نحوه، ذكره الدارقطني (¬1). وخرّج البزّارُ عن ربيعة، عن أنس أن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - أمر برأس الحسن أو الحسين يوم سابعه أن يُحلَق، وأن يُتصدَّقَ بوزنه فضَّة (¬2). ¬

_ (¬1) العلل (7/ 21). وأخرجه أحمد في المسند (6/ 392) من طريق عبيد الله بن عمرو وهو الرقي به. وأخرج أحمد في المسند (6/ 390)، والبيهقيُّ في السنن الكبرى (9/ 304) من طريق شريك القاضي، والطبراني في المعجم الكبير (1/ 310 - 311) (رقم: 917، 918)، والبيهقيُّ في السنن الكبرى (9/ 304) من طريق سعيد بن سلمة كلاهما عن عبد الله بن محمَّد بن عقيل به. والحديث حسّنه الهيثمي في المجمع (9/ 57) وفيه عبد الله بن محمَّد بن عقيل ضعّفه جمع لسوء حفظه لكن لا بأس به في المتابعات. انظر: تهذيب الكمال (16/ 78)، والكاشف (2/ 113)، والتقريب (رقم: 3592). هذا وقد اشتملت رواية أبي رافع على زيادة مخالفة لبقية الروايات، وهي قول فاطمة: "ألا أعقّ عن ابني بدم، فقال: لا" وهذا مخالفٌ لما استفاض عنه - صلى الله عليه وسلم - من أنَّه عقَّ عن الحسن والحسين، وأوّلها البيهقي على معنى أنَّه أراد أن يتولى العقيقة عنهما بينفسه، فأمرها بغيرها، وهو التصدق بوزن شعرهما من الورِق، وهذا تأويلٌ حسنٌ لتلك الزيادة لكنها شاذة لتفرّد ابن عقيل بها. (¬2) أخرجه في مسنده (2/ 74) (رقم: 1238 - كشف الأستار -)، وكذا الطبراني في الأوسط (1/ 46) (رقم: 127)، وعزاه الهيثمي في المجمع (4/ 57) إلى الكبير أيضًا - ولم أجده في المطبوع من مسانيد أنس - من طريق ابن لهيعة عن عمارة بن غزية، عن ربيعة به. وسنده ضعيف لأجل ابن لهيعة. ومن الشواهد حديث ابن عباس، أخرجه ابن الأعرابي في معجمه (2/ 820) (رقم: 1680) من طريق مسلمة بن محمَّد الثقفي، عن يونس بن عبيد، عن عكرمة عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - عقّ عن الحسن كبشًا، وأمر برأسه فحُلق، وتصدّق بوزن شعره فضّة، وكذلك الحسين. وسنده ضعيف لأجل مسلمة، قال فيه الحافظ في التقريب (رقم: 6665): "ليِّن الحديث".

17 - مرسل محمد بن جبير بن مطعم

17 - مرسل مُحمّد بن جُبير بن مُطْعِم حديث واحد. 36 / حديث: "لي خمسة أسماء". عن ابن شهاب، عن محمَّد بن جبير رفعه (¬1). خُتم به الموطأ في رواية يحيى بن يحيى، وسقط منه لبعض الرواة (¬2). وقد قيل: ليس من أصل الموطأ، وإنما هو من حديث المجالس، حكاه ابن مُزين (¬3). وقد أسنده معن وجماعة عن مالك، زادوا فيه: "عن أبيه" (¬4). وقال الدارقطني: "وهو الصواب" (¬5)، وهو حديث مشهور، خُرّج في ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: أسماء النبي - صلى الله عليه وسلم -، باب: أسماء النبي - صلى الله عليه وسلم - (2/ 767) (رقم: 1) وهو آخر حديث في الموطأ كما قال المؤلف. (¬2) قال الدارقطني: "لم يذكره ابن وهب، وابن القاسم، وابن عفير". قلت: وكذا لم يذكره أبو مصعب، ومحمد بن الحسن الشيباني. انظر: أحاديث الموطأ (ص: 9). (¬3) لم أقف على قائله، والمقصود بحديث المجالس ما حُفظ عن مالك في مجالسه مع تلاميذه، وقد اعتمدها أبو زيد في جامعه كما بيّن ذلك محققه في (ص: 84)، وانظر نماذج من تلك الأحاديث في (ص: 122، 123، 124، 125) منه. (¬4) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: المناقب، باب: ما جاء في أسماء النبي - صلى الله عليه وسلم - (2/ 512 - 513) (رقم: 3532)، وابن سعد في طبقاته (1/ 105) من طريق معن، وتابعه: محمَّد بن عبد الرحيم بن شروس، وإبراهيم بن طهمان، وعبد الله بن نافع، وبشر بن عمر، وجويرية بن أسماء، وغيرهم. انظر مسند جبير بن مطعم في قسم الزيادات (4/ 387). (¬5) العلل (4 / ل: 100 / ب).

الصحيح (¬1). وفي بعض الطرق زيادة في الأسماء (¬2). وروى نافع بن جبير، عن أبيه خلافًا فيه، خرّجه الطيالسي (¬3). * * * ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: المناقب -كما تقدم-. ومسلم في صحيحه كتاب: الفضائل، باب: في أسمائه - صلى الله عليه وسلم - (4/ 1828) (رقم: 124، 125) من طريق ابن عيينة ويونس، وعُقيل، ومعمر، وشعيب، كلهم عن الزهري عن محمَّد بن جبير عن أبيه به. (¬2) وهي: المقفّى، ونبيّ التوبة، ونبيّ الرحمة، أخرجه مسلم في صحيحه (4/ 1828) (رقم: 126) من حديث أبي موسى الأشعري. (¬3) أخرجه الطيالسي في مسنده (ص: 127) (رقم: 942) من طريق أبي بشر عن نافع بن جُبير بن مطعم عن أبيه قال: سمعتُ النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "أنا محمَّد وأحمد، والحاشر، ونبيّ التوبة، ونبيّ الملحمة". وأخرج ابن سعد في الطبقات (1/ 83)، وأحمد في المسند (4/ 81)، والحاكم في المستدرك (2/ 604) من طريق جعفر بن أبي وحشية عن نافع وفيه: "أنا محمَّد، وأحمد، والحاشر، والماحي، والخاتِم، والعاقب". قال الحاكم: "صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي". قال الحافظ: "والذي يظهر أنَّه أراد أن لي خمسة أسماء أختصُّ بها، لم يسمّ بها أحد قبلي، أو معظمه مشهورة في الأمم الماضية، لا أنَّه أراد الحصر فيها". الفتح (6/ 642).

18 - مرسل محمد بن سيرين

18 - مرسل محمّد بن سيرين حديثان، أحدهما مشترك تقدَّم، والآخر مزيد، وتقدّم له مسند عن أبي هريرة (¬1)، وأمّ عطية من غير واسطة (¬2). وفي الزّيادات عن أحد بني العباس بواسطة (¬3). • حديث: "عِتقِ الأعْبُدِ الستَّة". هو مشتركٌ مع الحسن بن أبي الحسن، تقدَّم في مرسله (¬4). 37 / حديث مزيد: "أن رجلًا جعل على نفسه ألَّا يبلغ أحدٌ مِن ولَدِه الحُلُمَ إلَّا حجَّ، وحجَّ به معه. . .". فيه: "فجاء ابنه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال له: إنَّ أبي قد كَبُرَ ولا يستطيعُ الحجَّ، أَفَأَحُجُّ عنه؟ . . .". في الحج. عن أيوب السختياني، عن محمَّد بن سيرين، ذكره. ليس هذا عند يحيى بن يحيى، وهو عند القعنبي، ومطرّف، وغيرهما (¬5). ¬

_ (¬1) انظر: (3/ 479). (¬2) انظر: (4/ 305). (¬3) انظر: (4/ 419). (¬4) انظر: (4/ 512). (¬5) أخرجه الجوهري في مسنده (ل: 58 / ب) من طريق القعنبي، عن مالك به. وهو أيضًا عند محمَّد بن الحسن الشيباني (ص: 163) (رقم: 483)، وابن القاسم (ل: 69 / ب). قال ابن عبد البر: "هذا حديثٌ مقطوعٌ من رواية مالك بهذا الإسناد وليس عند يحيى، ولا عنده الحديث الذي قبل هذا - وهو حديث أحد بني العباس - وهما جميعًا مما رماه مالكٌ بآخرة من كتابه، وهما عند مطرف والقعنبي وابن وهب وابن القاسم في الموطأ". التمهيد (1/ 389).

ومعناه لأبي رزين العقيلي -واسمه لَقِيط (¬1) بن عامر- وهو السائل عن ذلك، خرّجه النسائي عنه (¬2)، وعن عبد الله بن الزبير أيضًا (¬3). وخرّجه البزّار أيضًا من طريق أبي الشّعثاء جابر بن زيد، عن ابن عباس بإسناد أحسن من هذا (¬4). ¬

_ (¬1) تصحّف في الأصل إلى "لبط بن عامر"، والصواب "لقيط" بفتح اللام وكسر القاف وبطاء مهملة. انظر: التاريخ الكبير للبخاري (9/ 87)، والكنى والأسماء لمسلم (1/ 325)، والاستغناء لابن عبد البر (1/ 177)، والاستيعاب (11/ 530)، والإصابة (9/ 15). (¬2) أخرجه النسائي في السنن كتاب: المناسك، باب: وجوب العمرة (5/ 117، 118) (رقم: 2620). وأبو داود في السنن كتاب: المناسك، باب: الرجل يحج مع غيره (3/ 402) (رقم: 1880). والترمذي في السنن كتاب: الحج، باب: ما جاء في الحج عن الشيخ الكبير والميِّت (3/ 269، 270) (رقم: 930). وابن ماجه في السنن كتاب: المناسك، باب: الحج عن الحي إذا لم يستطع (2/ 970) (رقم: 2906)، كلهم من طرق عن شعبة عن النعمان بن سالم، عن عمرو بن أوس عن أبي رزين أنَّه قال: "يا رسول الله إنَّ أبي شيخٌ كبيرٌ لا يستطيع الحجّ ولا العمرة ولا الظعن، قال: فحُجَّ عن أبيك واعتمر". إسناده صحيح. (¬3) أخرجه النسائي في السنن كتاب: المناسك، باب: تشبيه قضاء الحج بقضاء الدّين (5/ 125) (رقم: 2637) من طريق منصور عن مجاهد، عن يوسف بن الزبير عن عبد الله بن الزبير، قال: جاء رجلٌ من خثعم. . . فذكره. وإسناده جيِّد، فيه يوسف بن الزبير، تفرّد ابن حبَّان بتوثيقه، وقال الذهبي: "صالح الحال". انظر: الثقات (5/ 550)، والميزان (6/ 139). (¬4) أخرجه في مسنده (ل: 158 / أ) من طريق عمرو بن دينار عن جابر بن زيد عن ابن عباس وقال: "هذا الحديث لا نعلمه يروي عن ابن عباس بإسناد أحسن من هذا". وهو أيضًا عند النسائي في السنن كتاب: آداب القضاة، باب: ذكر الاختلاف على يحيى بن أبي إسحاق فيه (8/ 621) (رقم: 5411) وإسناده صحيح.

وخرّج قاسم بن أصبغ نحوه عن سودة بنت زمعة أمّ المؤمنين (¬1). وانظر حديث ابن عباس في الأصل (¬2)، وفي الزيادات (¬3)، وهي قصص شتى، والله أعلم. * * * ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في المسند (6/ 429)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (5/ 415) (رقم: 3065)، والطبراني في المعجم الكبير (24/ 37) (رقم: 101) من طريق عبد العزيز بن عبد الصمد عن منصور بن المعتمر عن مجاهد، عن يوسف بن الزبير، عن ابن الزبير عن سودة أن رجلًا قال: يا رسول الله إنَّ أبي شيخٌ كبيرٌ. . . فذكرته. قال الهيثمي في المجمع (3/ 282): "رجاله ثقات". قلت: فيه يوسف بن الزبير لم يوثِّقه إلَّا ابن حبَّان كما تقدَّم. (¬2) تقدَّم حديثه (2/ 543). (¬3) تقدَّم حديثه (4/ 419).

19 - مرسل محمد بن المنكدر بن عبد الله بن المنذر

19 - مرسل محمّد بن المنكدر بن عبد الله بن المنذر حديث واحد، وتقدّم له مسند عن جابر في الزيادات (¬1)، وأُمَيمة بنتِ رُقَيقَة مِن غير واسطة (¬2)، وعن أسامة (¬3)، وعائشة (¬4) بوسائط. حديث: "دُعِيَ لِطعامٍ، فقُرِّب إليه خُبزٌ ولحمٌ، فأكل منه، ثمَّ توضّأ وصلَّى. . .". وفيه: ترك الوضوء من فضل ذلك الطعام. مختصر في الوضوء. عنه (¬5). وهذا مرسل في الموطأ (¬6). وأسنده عمر بن إبراهيم الكردي، وخالد بن يزيد العُمَري عن مالك، عن محمَّد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله (¬7). ¬

_ (¬1) تقدَّم حديثه (4/ 361). (¬2) تقدَّم حديثها (4/ 246). (¬3) تقدَّم حديثه (2/ 25). (¬4) تقدَّم حديثها (4/ 106). (¬5) الموطأ كتاب: الطهارة، باب: ترك الوضوء مما مسته النار (1/ 53) (رقم: 25). (¬6) انظر الموطأ برواية: - أبي مصعب الزهري (1/ 30) (رقم: 68)، وسويد (ص: 75) (رقم: 56). قال ابن عبد البر: "هكذا هذا الحديث في الموطأ عند جميع الرواة فيما علمتُ - مرسلًا". التمهيد (12/ 273). (¬7) ذكرهما ابن عبد البر مع القدامي ثمَّ قال: "كلهم ضعيف لا يحتج بروايته عن مالك، ولا عن غيره لضعفهم، والصواب فيه عن مالك ما في الموطأ مرسلًا، وقد رواه ثقات عن محمَّد بن المنكدر عن جابر مسندًا". التمهيد (12/ 273). =

وهو محفوظٌ لجابر، خرّجه أبو داود من طريق عبد الملك بن جريج، عن ابن المنكدر، عنه. ومن طريق شعيب عن محمّد، عنه، قال: "كان آخرُ الأمرين من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تركَ الوضوء مما غيّرت النَّار" (¬1). وقال أبو داود: "وهذا اختصار من الحديث الأوّل، كأنَّه يعني أن جابرًا ¬

_ = قلت: عمر بن إبراهيم الكردي هذا قال فيه الدارقطني: "كذّاب خبيث"، وقال الخطيب في ترجمة محمَّد بن عبد الله: "ذاهب الحديث، يروي المناكير عن الأثبات". وهكذا حال خالد بن يزيد فقد كذّبه أبو حاتم ويحيى بن معين، وقال ابن حبَّان: "يروي الموضوعات عن الأثبات"، وقال العقيلي: "يحدّث بالخطأ، يحكي عن الثقات ما لا أصل له". انظر ترجمة الكردي في: تاريخ بغداد (5/ 452)، والميزان (4/ 99، 100)، واللسان (4/ 280). وانظر ترجمة خالد في: الكامل (3/ 17)، والميزان (2/ 169)، واللسان (2/ 389). (¬1) الحديث من طريق ابن جريج، أخرجه أبو داود في السنن كتاب: الطهارة، باب: في ترك الوضوء مما مسّت النّار (1/ 133) (رقم: 191)، وكذا عبد الرزاق في المصنّف (1/ 165) (رقم: 639)، وأحمد في المسند (3/ 322) عن عبد الرزاق ومحمد بن بكر، والبيهقي في السنن الكبرى (1/ 156) من طريق ابن وهب، كلهم عن ابن جريج: أخبرني محمَّد بن المنكدر قال: سمعت جابر بن عبد الله يقول: "قرَّبتْ للنبي - صلى الله عليه وسلم - خبزًا ولحمًا فأكل ثُمَّ دعا بوضوء فتوضّأ به ثمّ صلّى الظهر، ثمّ دعا بفضل طعامه فأكل ثمّ قام إلى الصلاة ولم يتوضّأ". وإسناده صحيح. وأما حديث "كان آخر الأمرين. . ." فهو عند أبي داود بعد الحديث السابق برقم (192)، وكذا أخرجه النسائي في السنن كتاب: الطهارة، باب: ترك الوضوء مما غيّرت النّار (1/ 116، 117) (رقم: 185)، وابن الجارود في المنتقى (ص: 18) (رقم: 24)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 67)، وابن شاهين في الناسخ والمنسوخ (ص: 73) (رقم: 64)، والبيهقيُّ في السنن الكبرى (1/ 155، 156)، والخطيب في الفقيه والمتفقِّه (1/ 343، 344) (رقم: 341). وإسناده صحيح، وقد صححه ابن خزيمة (1/ 28) (رقم: 43)، وابن حبَّان في صحيحه (الإحسان) (3/ 416 - 417) (رقم: 1134)، وابن حجر في تغليق التعليق (2/ 138).

أراد آخر الأمرين في ذلك المجلس، أي إنَّه إنَّما نقل فعلًا لا قولًا، فعبّر عنه بالأمر (¬1)، والله أعلم". وانظر مسند ابن عباس (¬2)، ومسند سُويد بن النّعمان (¬3). * * * ¬

_ (¬1) كون هذا الحديث "كان آخر الأمرين. . ." اختصارًا من الحديث الأوّل هو قول ابن حبَّان أيضًا في صحيحه (الإحسان) (3/ 417). قال ابن حجر: "قال أبو داود وغيره: إنَّ المراد بالأمر هنا الشأن والقصّة لا مقابل النهي، وأنَّ هذا اللفظ مختصرٌ من حديث جابر المشهور في قصّة المرأة التي صنعت للنبي - صلى الله عليه وسلم - شاةً فأكل منها. . ."، فذكره. (¬2) تقدَّم حديثه (2/ 535). (¬3) تقدَّم حديثه (3/ 127).

20 - مرسل المطلب بن عبد الله بن حنطب المخزومي

20 - مرسل المطلب بن عبد الله بن حنطب المخزومي حديثٌ واحدٌ. 39 / حديث: "ما الغيبة؟ . . .". فيه: "إذا قُلتَ باطلًا فذلك البُهْتانُ". في الجامع، عند آخره. عن الوليد بن عبد الله بن صيّاد (¬1)، عن المطلب بن عبد الله بن حُويطب (¬2). هكذا قال فيه يحيى: "ابن حُويطب"، مصغّرًا، غلط فيه (¬3)، وعند ¬

_ (¬1) تحرّف في الأصل إلى (عبّاد) والصواب ما أثبتُّه. انظر: الموطأ (2/ 753)، ورجاله لابن الحذّاء (ل: 109 / ب)، وأسماء شيوخ مالك لابن خلْفون (ص: 230). (¬2) الموطأ كتاب: الكلام، باب: ما جاء في الغيبة (2/ 753) (رقم: 10). إسناده جيّد، وليد بن عبد الله بن صيّاد، قال ابن الحذّاء وابن خلفون: "هو أخو عمارة بن الوليد بن صيّاد"، وذكره ابن حبَّان في الطبقة الثالثة من الثقات، ولم يذكر له شيخًا سوى المطلّب ولا راويًا عنه غير مالك، لكن قال الزرقاني: "وكفى برواية مالك عنه توثيقًا". انظر: ثقات ابن حبَّان (7/ 549)، ورجال الموطأ (ل: 109 / ب)، وشيوخ مالك (ص: 230)، وشرح الزرقاني (4/ 520)، ووصله مسلم من حديث أبي هريرة كما سيأتي. (¬3) هكذا ورد في نسختي المحمودية من رواية يحيى (أ) (ل: 167 / أ) و (ب) (ل: 270 / ب)، ونسخة الباجي (7/ 311)، والتمهيد (23/ 19). قال ابن عبد البر: "هكذا قال يحيى: المطلب بن عبد الله بن حويطب، وإنما هو المطلب بن عبد الله بن حنطب، كذا قال جمهور الرواة عن مالك، وهو الصواب". التقصي (ص: 203)، والتمهيد (23/ 19). =

سائر الرواة: "حَنطب" بالنون وفتح الحاء (¬1)، وهو الصواب، وهكذا أصلحه ابنُ وضَّاح في كتابه. وهذا الحديث لأبي هريرة، خرّجه مسلم من طريق العلاء، عن أبيه، عنه (¬2). * * * ¬

_ = قلت: وقع في نسخة التنوير (2/ 252) والزرقاني (4/ 520) ومحمد فؤاد عبد الباقي (2/ 753): "حنطب" بفتح المهملتين بينهما نون ساكنة -كما قال بقيّة الرواة وهو وإن كان صحيحًا في نفسه لكن لم يقله يحيى. (¬1) انظر الموطأ برواية: أبي مصعب (2/ 167) (رقم: 2083)، وسويد (ص: 596) (رقم: 1451)، وابن بكير (ل: 272 / ب) - الظاهرية -. وهكذا قال القعنبي، أخرجه من طريقه الجوهري في مسنده (ل: 139 / أ). (¬2) انظر: صحيح مسلم، كتاب: البر والصلة، باب: تحريم الغيبة (4/ 2001) (رقم: 70).

21 - مرسل مروان بن الحكم بن أبي العاصي بن أمية

21 - مرسل مروان بن الحكم بن أبي العاصي بن أمية محتمل في رفعه نظر، وتقدّم له مسند عن عروة، عنه، عن بسرة (¬1). 40 / حديث: "أرسلت عائشة إلى مروان - وهو أمير المدينة -: اتق الله، وارددها إلى بيتها - تعني بنت أخيه عبد الرحمن بن الحكم إذ طُلّقت -. . .". فيه: قال مروان: "أوَ ما بلغكِ شأنُ فاطمةَ بنتِ قَيسٍ؟ " قالت: "لا يضرُّك ألا تذكُرَ حديثَ فاطمةَ"، فقال مروان: "إن كان بكِ الشرِّ -يعني الذي كان بين فاطمة وأحمائها إذ أمرها النبي - صلى الله عليه وسلم - بالنّقلة -. . .". وهذا القول الأخير هو الذي يدخل في الحديث المرفوع على المعنى، أي أنَّه - صلى الله عليه وسلم - إنما أمرها بالنقلة لما خشي عليها (¬2) من الشر الكائن بينها (¬3) وبين أهل زوجها المطلِّق لها. هذا في الطلاق. عن يحيى بن سعيد، عن القاسم بن محمَّد (¬4). شركه سليمان بن يسار في قصة طلاق بنت عبد الرحمن، وانفرد هذا بالمقصود من الحديث (¬5). ¬

_ (¬1) تقدَّم حديثها (4/ 247). (¬2) في الأصل: "لما عليه" وكتب الناسخ في مقابله بالهامش "ظ خشي عليها" أي الظاهر خشي عليها، وهو كما قال: (¬3) في الأصل "بينهما" والصّواب المثبت. (¬4) الموطأ كتاب: الطلاق، باب: ما جاء في عدة المرأة في بيتها إذا طلّقت فيه (2/ 453) (رقم: 63). (¬5) وهو كون المرأة تعتدُّ في بيتها إذا طُلِّقت فيه، ولا تخرج إلَّا لضرورة ملجئة مثل ما حصل لفاطمةَ بنت قيس وذلك في قوله: "وقال مروان في حديث القاسم: أو ما بلغكِ شأن فاطمة بنت قيس. . .".

خرّجه البخاري من طريق مالك على نصّه في الموطأ (¬1). وذكره (¬2) أبو مسعود الدمشقي في مسند فاطمة بنت قيس (¬3)، وليس لها فيه ما يقتضي إسنادَه، ولا نسبتَه إليها، ولا فيه ما يحمل على الرفع إلَّا النكتة التي ذكر على الوجه الذي قرَّرتُ، وهي غير مسندة ها هنا. وروى الزهري عن عُبيد الله بن عبد الله بن عتبة أن مروان أرسل قبيصة بن ذويب إلى فاطمة بنت قيس يسألها عن القصة، فحدّثته، فقال مروان: لم نسمع هذا الحديث إلَّا من امرأة، سنأخذ بالعصمة التي وجدنا الناس عليها. خرّجه مسلم (¬4). وذكره أبو داود في التفرد (¬5). وهذا مخالف لما جاء عنه في الموطأ (¬6). وليس فيه ذكر السّبب الموجب للنَّقْلَة، وروى سفيان بن عيينة عن يحيى بن سعيد، عن سليمان بن يسار قال: "إنَّما كان ذلك من سيّئ الخلق". وقال سعيد بن المسيّب: "تلك امرأة فتنت الناس، إنَّها كانت لَسِنة ¬

_ (¬1) أخرجه في صحيحه كتاب: الطلاق، باب: قصة فاطمة بنت قيس (3/ 418) (رقم: 5321، 5322) من طريق إسماعيل بن أبي أويس. وأبو داود في السنن كتاب: الطلاق، باب: من أنكر ذلك على فاطمة بنت قيس (2/ 719) (رقم: 2295) من طريق القعنبي، كلاهما عن مالك به. (¬2) في الأصل (وذكر) بدون الضمير، والصواب المثبت. (¬3) تقدَّم حديثها (4/ 312). (¬4) انظر: صحيح مسلم، كتاب: الطلاق، باب: المطلقة ثلاثًا لا نفقة لها (3/ 1117) (رقم: 41). (¬5) لم أقف عليه. (¬6) هو كما قال لكن جمع ابن حجر بين قوليه فقال: "فكأن مروان أنكر الخروج مطلقًا ثمَّ رجع إلى الجواز بشرط وجود عارض يقتضي جواز خروجها من منزل الطلاق". الفتح (9/ 388، 389).

فوضعت على يدي ابن أم مكتوم (¬1) ". خرّجها أبو داود (¬2)، وهذا هو السبب المشار إليه والله أعلم. ولهذا قالت عائشة لعروة إذ قال لها: ألم تسمعي إلى قول فاطمة: "إنه لا خير لها في ذكر ذلك" فأشارت إلى السبب، ولم تفصح به، خُرّج هذا في الصحيح (¬3). ¬

_ (¬1) تصحّف في الأصل إلى (أم كلثوم). (¬2) انظر: السنن، كتاب: الطلاق، باب: من أنكر ذلك على فاطمة بنت قيس (2/ 719، 720) (رقم: 2294، 2296)، وكلاهما مرسل. (¬3) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الطلاق، باب: قصة فاطمة بنت قيس (3/ 418) (رقم: 5326) من طريق ابن القاسم، عن أبيه قال: قال عروة لعائشة: ألم ترين إلى فلانة بنت الحكم طلّقها زوجها البتة فخرجت؟ فقالت: بئس ما صنعت، قال: ألم تسمعي قول فاطمة؟ قالت: أما إنه ليس لها خير في ذكر هذا الحديث. وزاد ابن أبي الزناد عن هشام، عن أبيه: عابت عائشة أشد العيب وقال: إن فاطمة كانت في مكان وحشٍ فخيف على. . . .، فلذلك أرخص لها النبي - صلى الله عليه وسلم -. وأخرج مسلم في صحيحه كتاب: الطلاق، باب: المطلقة ثلاثًا لا نفقة لها (2/ 1120) (رقم: 52) من طريق هشام أيضًا عن أبيه قال: تزوج يحيى بن سعيد بن العاص بنتَ عبد الرحمن بن الحكم، فطلّقها فأخرجها من عنده، فعاب ذلك عليهم عروة، فقالوا: إن فاطمة قد خرجت، قال عروة: فأتيتُ عائشة فأخبرتها بذلك فقالت: ما لفاطمة بنت قيسٍ خيرٌ في أن تذكر هذا الحديث. فاجتمع من مجموع هذه الطرق سببان: الأوّل: سوء خلقها. والثاني: كونها في مكان وحشٍ. قال الحافظ: "وقد أخذ البخاري الترجمة من مجموع ما ورد في قصة فاطمة فرتّب الجواز على أحد الأمرين: إما خشية الاقتحام عليها، وإما أن يقع منها على أهل مطلقها فحش من القول، ولم ير بين الأمرين في قصة فاطمة معارضة لاحتمال وقوعهما معًا في شأنها". الفتح (9/ 389، 390).

وتقدّم في مسند فاطمة من قولها وقول عائشة سبب لا يدفع هذا (¬1). فصل: ومروان بن الحكم أدرك النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - صغيرًا، وكان مع أبيه بالطائف فلم يَصْحَبْهُ (¬2). ذكر ابن أبي خيثمة عن أبي معشر أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - توفي ولمروان ثمانِ سنين (¬3). وقال الواقدي: "رأى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، ولم يحفظ عنه شيئًا" (¬4). وقد عدَّه قومٌ في الصحابة، وأبَى ذلك آخرون، وعدّوه في التابعين، وهو الأظهر (¬5). ¬

_ (¬1) انظر: (4/ 412). (¬2) ولذا ذكره ابن أبي خيثمة فيمن أدرك النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وكان بعهده ولم يُلقه. انظر: تاريخ ابن أبي خيثمة - رسالة كمال - (ص: 356)، والاستيعاب (10/ 70)، وأسد الغابة (5/ 139)، وتهذيب النوويّ (2/ 87)، وتجريد أسماء الصحابة (2/ 69)، والإصابة (9/ 318)، التقريب (رقم: 6567). (¬3) كذا قال! ! وهو في التاريخ قول ابن أبي خيثمة لنفسه، لم ينقله عن أحد، وهو قول ابن سعد أيضًا، ونقله ابن عساكر عن الواقدي كذلك. انظر: تاريخ ابن أبي خيثمة - رسالة كمال - (ص: 356)، الطبقات الكبرى (5/ 27)، وتاريخ دمشق (57/ 236). (¬4) نقله الباجي وابن عساكر، وممن نفى سماعه من النبي - صلى الله عليه وسلم - أيضًا أبو زرعة الرازي وأبو عيسى الترمذي، وقال الحافظ: "لم يثبت له أزيد من الرؤية". انظر: سنن الترمذي (5/ 226) (رقم: 3033)، والمراسيل لابن أبي حاتم (ص: 158)، ورجال البخاري للباجي (2/ 804)، وتاريخ دمشق (57/ 236)، وجامع التحصيل للعلائي (ص: 276)، والإصابة (9/ 318). (¬5) أغلب من ألّف في الصحابة كابن الأثير وغيره عدّ مروان بن الحكم في الصحابة، بخلاف ابن سعد فإنَّه ذكره في الطبقة الأولى من تابعي أهل المدينة. وقال أبو عيسى الترمذي: "مروان لم يسمع من النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وهو من التابعين، وعدَّه الذهبي أيضًا من كبار التابعين، وهذا هو الراجح كما قال المؤلف لاتفاقهم على عدم سماعه من النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بل إنَّ منهم من نفى رؤيته أيضًا". انظر: الطبقات الكبرى (5/ 6)، وسنن الترمذي (5/ 226)، والسير (3/ 476).

روى أبو البَخْتَرِي (¬1) - وهو سعيد الطائي - عن أبي سعيد الخدري أنَّه حدّث مروانَ بقولِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "أنا وأصحابي خير، والناس خير"، فكذّبه ورفع عليه الدُّرّة حتى صدّقه زيدُ بن ثابت ورافعُ بن خديج. خرّج هذا الطيالسي، ولو كان مروان من الصحابة لما عَظُم ذلك عليه، ولما أنكره، والله أعلم. وانظره في مسند أبي سعيد أو الثلاثة (¬2). * * * ¬

_ (¬1) بفتح موحدة وسكون معجمة وفتح مثنّاة فوق وكسر راء وشدة ياء. الإكمال لابن ماكولا (1/ 459)، والمغني في ضبط الأسماء (ص: 34). (¬2) أخرجه الطيالسي في مسند زيد بن ثابت (ص: 84) (رقم: 601)، ومسند رافع بن خديج (ص: 130) (رقم: 967)، ومسند أبي سعيد الخدري (ص: 293) (رقم: 2205) عن شعبة، عن عمرو بن مرة سمع أبا البختري يحدِّث عن أبي سعيد قال: لما نزلت هذه الآية {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} قرأها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى ختمها، ثمَّ قال: "أنا وأصحابي خير، والناس خيم، لا هجرة بعد الفتح"، قال أبو سعيد: حدثت بهذا الحديث مروان بن الحكم وكان أميرًا على المدينة فقال: كذبت. . . فذكره، وإسناده صحيح.

22 - مرسل معاذ بن سعد، أو سعد بن معاذ على الشك

22 - مرسل معاذ بن سعد، أو سعد بن معاذ على الشك حديث واحد. 41 / حديث: "أن جاريةً لكعب بن مالك كانت ترعى غنمًا بسَلع (¬1)، فأصيبت شاةٌ منها، فأدركتها فذكَّتها بحجر. . .". فيه: "لا بأس بها". في الذبائح. عن نافع، عن رجل من الأنصار، عن معاذ بن سعد أو سعد بن معاذ (¬2). ذكره هكذا في الموطأ (¬3). وخرّجه البخاري عن إسماعيل بن أبي أويس، عن مالك كذلك (¬4). وخرّجه أيضًا من طريق معتمر بن سليمان، عن عُبيد الله بن عمر، عن نافع سمع ابن كعب بن مالك يخبر ابنَ عمر أن أباه أخبره أن جاريةً لهم. ¬

_ (¬1) سَلِع: بفتح أوله - والكسر أيضًا لغة - وإسكان ثانيه، بعده عين مهملة: جبل متصل بالمدينة، بل يعدُّ اليوم في وسط عمران المدينة، وفي الجنوب الغربي منه تقع المساجد السبعة. انظر: معجم ما استعجم (3/ 747)، والمعالم الأثيرة في السنة والسيرة (ص: 142). (¬2) الموطأ كتاب: الذبائح، باب: ما يجوز من الذكاة في حال الضرورة (2/ 389، 390) (رقم: 3). (¬3) انظر الموطأ برواية: أبي مصعب الزهري (2/ 193) (رقم: 2147)، وابن بكير (ل: 168 / ب) - الظاهرية-، ومحمد بن الحسن (ص: 218) (رقم: 641)، وعلي بن زياد (ص: 140) (رقم: 45). وهكذا رواه القعنبي عند الجوهري في مسند الموطأ (ل: 128 / ب). (¬4) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الذبائح والصيد، باب: ذبيحة المرأة والأمة (3/ 458) (رقم: 5505) من طريق إسماعيل بن أبي أويس، عن مالك به.

ومن طريق جُويرية عن نافع، عن رجل من بني سَلِمة أخبن عبد الله (¬1) أن جاريةً لكعب (¬2). قال الدارقطني: "وهكذا قال محمَّد بن إسحاق، عن نافع، وهو المحفوظ" (¬3). فالحديث على هذا معلول (¬4)، والخلاف فيه كثير (¬5). ¬

_ (¬1) في الأصل: "أخبر عبيد الله"، ووقع في الطبعة السلفية من فتح الباري: "أخبرنا عبد الله" وكلاهما خطأ، والصواب ما أثبتُّه كما ورد في الطبعة اليونينية للبخاري (7/ 119)، وصحيح البخاري مع الكرماني (20/ 97)، وتحفة الأشراف (8/ 314). (¬2) انظر: صحيح البخاري، كتاب: الذبائح والصيد، باب: ما أنهر الدم من القصب والمروة والحديد (3/ 457) (رقم: 5501، 5502). (¬3) ذكره الحافظ في الفتح (9/ 548). (¬4) علته هذا الاختلاف المذكور، وبه ألزم الدارقطنيُّ البخاري إخراجه في صحيحه فقال - بعد أن سرد أسانيد البخاري -: "وهذا اختلاف بيِّن، وقد أخرجه! ! "، وأقرّه الحافظ في مقدمة الفتح فقال: "هو كما قال، وعلته ظاهرة، والجواب عنه فيه تكلُّفٌ وتعسُّفٌ". الإلزامات والتتبع (ص: 246)، وهدي الساري (ص: 395). (¬5) رواه مالك عن نافع عن رجل من الأنصار، عن معاذ بن سعد أو سعد بن معاذ أن جاريةً لكعب. . . فذكره. ورواه عبيد الله بن عمر عند البخاري في الصحيح (3/ 457 - 458) (رقم: 5501، 5504) وحجاج عند أحمد (6/ 386) عنه، عن ابن كعب بن مالك عن أبيه أن جاريةً لهم. . . فذكره. ورواه جويرية والليث - تعليقًا - عند البخاري (3/ 457 - 458) (رقم: 5502)، وأيوب بن موسى ومحمد بن إسحاق عند الإمام أحمد (2/ 12، 76) عنه، عن رجل من بني سلمة أخبرَ عبد الله أن جاريةً لكعب بن مالك. . . فذكره. وهكذا رواه موسى بن عقبة وجرير بن حازم كما قال ابن عبد البر في التمهيد (16/ 127). ورواه يحيى بن سعيد عند أحمد (2/ 76، 80)، والدارميُّ في السنن، كتاب: الأضاحي، باب: ما يجوز به الذبح (2/ 82)، وابن الجارود في المنتقى (ص: 301) (رقم: 897). وصخر بن جويرية عند ابن حبَّان في صحيحه (الإحسان) (13/ 211) (رقم: 5892). =

وكعبٌ من الأنصار من بني سلِمة، بكسر اللّام (¬1)، وولَدُهُ جماعةٌ: قال علي بن المديني: "هم خمسة: عبد الله، وعبد الرحمن، وعبيد الله، ومعبد، ومحمد" (¬2). وذكر ابن حنبل أنهم ستة، زاد: فضالة ووهبًا، ولم يذكر محمّدًا (¬3)، ¬

_ = وأبو حنيفة عند الخطيب في رواة مالك كما في مجرّده للعطار (ص: 178) (رقم: 834). فجودوا إسناده فقالوا عن نافع عن ابن عمر، لكن قال الدارقطني: "لا يصح"، وقال الخطيب: "هو خطأ، والصواب عن نافع عن رجل من الأنصار عن معاذ بن سعد أو سعد بن معاذ أخبره أن جاريةً لكعب. . . وبهذا الإسناد رواه أصحابي الموطأ عن مالك". قال ابن عبد البر: "ورواه يحيى بن سعيد الأنصاري وصخر بن جويرية جميعًا عن نافع عن ابن عمر، وهو وهم عند أهل العلم، والحديث لنافع عن رجل من الأنصار لا عن ابن عمر". التمهيد (16/ 127). وقال ابن حجر: "وسلك العبادة قومٌ منهم يزيد بن هارون فقال: عن يحيى بن سعيد عن نافع، عن ابن عمر، وقال: إنها شاذة". فتح الباري (9/ 548). واختلفت الأقوال في الراجح والمحفوظ من هذه الوجوه، فتقدم عن الدارقطني أنَّه رجح رواية ابن إسحاق ومن تبعه، وقال ابن حبَّان: "الخبر عن نافع عن ابن عمر، وعن نافع عن ابن كعب بن مالك عن أبيه جميعًا محفوظان". الإحسان (13/ 213). كذا قال! ! وتقدّم أن الدارقطني حكم على رواية نافع عن ابن عمر بعدم الصحة، وقال ابن عبد البر في التمهيد (16/ 126): "رُوي هذا الحديث عن نافع عن ابن عمر وليس بشيء"، وقال في (16/ 127): "هو وهم عند أهل العلم"، وقال الحافظ: "إنها شاذة". ويمكن الجمع بين رواية ابن إسحاق ومن تبعه وبين رواية عبيد الله فيقال: الرجل من بني سلمة أو من الأنصار الذي أخبر ابن عمر هو ابن كعب بن مالك وصورته الإرسال؛ لأنه تابعي لكن تقدم في رواية عبيد الله أنَّه يرويه عن أبيه فاتصل الإسناد. (¬1) انظر: الاستيعاب (9/ 251)، وأسد الغابة (4/ 461)، والسير (2/ 522)، والإصابة (8/ 304)، وتهذيب الكمال (24/ 193 - 194). (¬2) انظر: الرواة من الإخوة والأخوات لعلي بن المديني (ص: 82 - 83)، وليس فيهم: محمَّد، وذكرهم أبو داود في الرواة من الإخوة (ص: 195)، وزاد سادسًا، وهو بشير بن كعب. (¬3) انظر: العلل ومعرفة الرجال (1/ 487 - رواية عبد الله -)، وليس فيهم: معبد.

حكاه الذّهلي عنهما. و[ــــــــــــــــــــــ و] (¬1) هؤلاء مذكورون في مسند أبيهم كعب (¬2)، وانظر عبد الله ومعبدًا في مسند أبي أُمامة (¬3)، ومواضع عدّة (¬4). والمسمّى في حديث الموطأ معاذًا أو سعدًا رجلٌ مجهولٌ، ولو صحّت روايته لاحتُمِل أن تكون له صحبةٌ لكنه غيرُ مذكورٍ في جملة الصحابة (¬5). والراوي عنه معروف (¬6)، وإنما خرّج البخاري حديثَه ليُرى الخلاف فيه، والله أعلم. وانظر مرسل عطاء بن يسار (¬7). ¬

_ (¬1) ما بين المعقوفين كلمة لم أتبيّنها. (¬2) انظر: (2/ 182). (¬3) انظر: (3/ 150). (¬4) منها مسند أبي قتادة (3/ 206). (¬5) حكم المزي أيضًا بجهالته، بينما جزم الذهبي بصحبته، وذكره الحافظ في القسم الأوّل من الصحابة، وقال: "ذكره ابن منده، وأبو نعيم، وابن فتحون في الصحابة". وقال الكرماني: "هذا شك من الراوي، وبهذا لا يلزم قدح؛ لأنَّ كلًّا منهما صحابي، والصحابة كلّهم عدول". وأقرّه الحافظ فقال: "هو كما قال، لكن الراوي الذي لم يسمّ يقدح في صحة الخبر، إلَّا أنَّه تبيّن بالطرق الأخرى أن له أصلًا". قلت: وعلى هذا فالحديث ليس من المراسيل، والله أعلم. انظر: أسد الغابة (5/ 193)، وتهذيب الكمال (28/ 123)، وتجريد أسماء الصحابة (2/ 81)، والكاشف (3/ 136)، والإصابة (9/ 223)، وتهذيب التهذيب (10/ 173)، وفتح الباري (9/ 548)، وشرح صحيح البخاري للكرماني (20/ 98 - 99). (¬6) كذا قال! ! ولم نعرف عينه لإبهامه، وهو الذي يقدح في صحة الخبر كما قال ابن حجر، لكن يشهد له حديث أبي سعيد الخدري عند النسائي في السنن كتاب: الضحايا، باب: إباحة الذبح بالعود (7/ 258) (رقم: 4414)، وحديث جابر بن عبد الله ومحمد بن صفوان عند أحمد (3/ 325، 471) مما يدلّ على أن له أصلًا. (¬7) سيأتي حديثه (5/ 124).

حرف النون

حرف النون رجلان 23 - مرسل النّعمان بن مُرَّة الزُّرقي حديث واحد. 42 / حديث: "ما ترون في الشارب والسارق والزاني؟ . . .". فيه: "وأسوأ السرقة الذي يسرق صلاته". في الصلاة. الثاني، باب جامع. عن يحيى بن سعيد، عن النعمان بن مُرّة (¬1). قال ابن معين: "ليست له صحبة" (¬2). ومعنى هذا الحديث لأبي سعيد الخدري، خرّجه الطيالسي (¬3)، وابن ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: قصر الصلاة في السفر، باب: العمل في جامع الصلاة (1/ 153) (رقم: 72). (¬2) تاريخ ابن معين - رواية الدوري عنه - (2/ 608). قال ابن حجر: "وهم من عدَّه في الصحابة". التقريب (رقم: 7160). (¬3) أخرجه في مسنده (ص: 294) (رقم: 2219)، وكذا ابن أبي شيبة في المصنف (1/ 288)، وأحمد في المسند (3/ 56)، والبزار في المسند (1/ 261) (رقم: 536 - كشف الأستار -)، وأبو يعلى في المسند (2/ 481 - 482) (رقم: 1311) من طرق عن حماد بن سلمة، عن علي بن زيد بن جُدعان، عن سعيد بن المسيّب، عن أبي سعيد الخدري: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنَّ أسوأ الناس. . ."، وذكره. والحديث صحّحه السيوطي في تنوير الحوالك (1/ 139)، وفي سنده علي بن زيد بن جدعان، وهو ضعيف كما في التقريب (رقم: 4734)، لكن يشهد له حديث أبي هريرة وغيره كما سيأتي.

سنجر عنه (¬1). وقد جاء نحوه عن أبي هريرة أيضًا (¬2). ¬

_ (¬1) أورده من طريقه ابن عبد البر في التمهيد (23/ 410). (¬2) أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط (5/ 59) (رقم: 4665)، والحاكم في المستدرك (1/ 229)، والبيهقيُّ في السنن الكبرى (2/ 386) من طريق الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة به نحوه. وإسناده حسن، وقد صححه ابن حبَّان في صحيحه (الإحسان) (5/ 209) (رقم: 1888)، والحاكم، ووافقه الذهبي. وقال الهيثمي في المجمع (2/ 120): "رواه الطبراني في الكبير والأوسط، وفيه عبد الحميد بن حبيب بن أبي العشرين، وثّقه أحمد وأبو حاتم وابن حبَّان، وضعّفه دُحيم، وقال النسائي: ليس بالقوي، وبقية رجاله ثقات". قلت: وصفه الحافظ بأنّه صدوق ربما أخطأ، فمثله حسن الحديث، لا سيما وهو يروي هذا الحديث عن الأوزاعي، وقد قال هشام بن عمار: "إنَّه أوثق أصحابه". انظر: شرح علل الترمذي (2/ 730)، وتهذيب الكمال (16/ 420 - 423)، والتقريب (رقم: 3757). وجاء نحوه عن أبي قتادة، أخرجه أحمد في المسند (5/ 310)، والدارمي في السنن (1/ 304 - 305)، والبيهقيُّ في السنن الكبرى (2/ 385 - 386) من طريقين عن الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن عبد الله بن أبي قتادة عنه. وسنده ضعيف، فيه الوليد بن مسلم يدلس تدليس التسوية، وقد عنعن. وجاء نحوه عن عبد الله بن مغفل، أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط (3/ 355) (رقم: 3392)، وفي الصغير (ص: 146) (رقم: 336). وجوّد إسناده المنذري في الترغيب والترهيب (1/ 404)، وقال الهيثمي في المجمع (2/ 120): "رجاله ثقات".

24 - مرسل نافع مولى ابن عمر

24 - مرسل نافع مولى ابن عمر حديث واحد، تقدَّم له مسند عن ابن عمر (¬1)، وأبي سعيد (¬2)، وأبي لُبابة (¬3)، وغيرهم من غير واسطة (¬4)، وعن عائشة وحفصة وأم سلمة وغيرهن بواسطة (¬5). 43/ حديث: "نهى عن قتل النساء والصبيان". في الجهاد، عنه (¬6). أسنده أبو مصعب ومعن فزادا فيه: عن ابن عمر (¬7). ¬

_ (¬1) انظر: (2/ 372). (¬2) (3/ 248). (¬3) (3/ 175). (¬4) كأبي هريرة، انظر: (3/ 559). (¬5) تقدم حديثه عن عائشة (4/ 16)، وعن حفصة (4/ 177)، وعن أم سلمة (4/ 202، 204، 206)، وعن زيد بن ثابت (2/ 160). (¬6) الموطأ كتاب: الجهاد، باب: النهي عن قتل النساء والولدان في الغزو (2/ 358) (رقم: 9)، إلَّا أن فيه عن ابن عمر موصولًا، وهو خطأ، وقد ورد على الصواب في نسختي المحمودية (أ) (ل: 56 / ب) و (ب) (ل: 73 / ب) ونسخة شستربيتي (ل: 25 / أ)، والتمهيد (16/ 135)، والتقصي (ص: 184). قال ابن عبد البر: "هكذا رواه يحيى عن مالك، عن نافع مرسلًا". التمهيد (16/ 135). وقال ابن ناصر الدين: "ورواه مرسلًا عن مالك، عن نافع، لم يذكر ابن عمر جماعةٌ، منهم: معن بن عيسى. . . ويحيى بن يحيى الليثي". إتحاف السالك (ص: 248). (¬7) رواية أبي مصعب عند الجوهري في مسند الموطأ (ل: 121 / ب)، وابن حبَّان في صحيحه (الإحسان) (1/ 344) (رقم: 135)، و (11/ 107) (رقم: 4785)، والبغويُّ في شرح السنة (5/ 573) (رقم: 2688)، وابن عبد البر في التمهيد (16/ 136). =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = قال الجوهري: "هذا حديث مرسل في الموطأ، وليس فيه عن ابن عمر، غير أبي مصعب فإنَّه أسنده". قلت: وقع في المطبوع من رواية أبي مصعب (1/ 358) (رقم: 920): عن نافع مرسلًا، وكذا في النسخة الهندية التي اعتمدها بشار عواد (ل: 114 / أ)، ونسخة الظاهرية (ل: 48)، وفي نسخة أخرى مصورة بالجامعة الإِسلامية (برقم: 1720)، وأخرى (برقم: 4081)، إلا أنَّه كُتب في هامشها: عن عبد الله بن عمر، وهذا يعود إلى اختلاف المسخ والرواة. قال الدارقطني: "أسنده أبو مصعب بخلاف عنه دون غيره". أحاديث الموطأ (ص: 27). ولم أقف على رواية معن المسندة، لكن ذكر ابن ناصر الدين أنَّه أرسل في إحدى الروايتين عنه. إتحاف السالك (ص: 248). وتابعهما: - محمَّد بن الحسن الشيباني في موطئه (ص: 309) (رقم: 868). - وعثمان بن عمر عند ابن ماجه في سننه كتاب: الجهاد، باب: الغارة والبيات وقتل النساء والصبيان (2/ 947) (رقم: 2841). - وابن المبارك، وإسحاق بن سليمان الرازي عند أحمد في المسند (2/ 23، 75). - والوليد بن مسلم عند أبي عوانة في صحيحه (4/ 94)، والطحاوي في شرح المعاني (3/ 221)، وابن المظفر البزاز في غرائب مالك (ص: 216) (رقم: 155)، والخليلي في الإرشاد (1/ 265). - وعبد الرحمن بن مهدي، وحماد المدني الضرير عند ابن عبد البر في التمهيد (16/ 136). - عتيق بن يعقوب الزبيري، ذكره ابن ناصر الدين الدمشقي في إتحاف السالك (247) عن الدارقطني بإسناده. وممن رواه موصولا: إبراهيم بن جناد، وابن خلاد عن معن، وسلام بن واقد، وأبو إسماعيل الأيلي، ويحيى بن صالح، ذكرهم الدارقطني في أحاديث الموطأ (ص: 28). وزاد ابن عبد البر: عبد الله بن يوسف، ومحمد بن المبارك الصوري. التمهيد (16/ 135). قال ابن ناصر الدين: "اختلف الرواة عن مالك فيه، فرواه متصلًا كرواية عتيق عدة من أصحاب مالك، منهم: ابن المبارك، والوليد بن مسلم، وعبد الرحمن بن مهدي، ومحمد بن الحسن. ورواه مرسلًا عن مالك عن نافع لم يذكر ابن عمر جماعة منهم: معن بن عيسى في إحدى الروايتين عنه، وعبد الله بن وهب، وأبو عامر العقدي، ويحيى بن يحيى الليثي". إتحاف السالك (ص: 248). قلت: رواية عبد الله بن وهب عند ابن المظفر في غرائب مالك (ص: 218) (رقم: 156). ورواية أبي عامر العقدي عند الطحاوي في شرح معاني الآثار (3/ 220). وهي رواية يحيى بن بكير (ل: 69 / ب) - الظاهرية-، لكن الصحيح عن مالك الوصل لكثرة من رواه.

وهكذا قال فيه جماعة عن نافع (¬1)، قال الدارقطني: "وهو الصحيح" (¬2). خرّجه البخاري ومسلم من طرق (¬3). * حديث: "طلاق الحائض". تقدَّم في مسند ابن عمر (¬4). * * * ¬

_ (¬1) منهم: الليث بن سعد وعبيد الله بن عمر عند البخاري في صحيحه كتاب: الجهاد والسير، باب: قتل الصبيان والنساء في الحرب (2/ 362) (رقم: 3014، 3015)، ومسلم في صحيحه كتاب: الجهاد والسير، باب: تحريم قتل النساء والصبيان في الحرب (3/ 1364) (رقم: 24، 25). - وزيد بن جبير عند أحمد في المسند (2/ 100)، وسنده ضعيف، فيه سليمان بن قرم، قال الحافظ في التقريب (رقم: 2600): "سيء الحفظ يتشيّع". - ومحمد بن زيد عند أحمد أيضًا (2/ 115)، وفي إسناده شريك القاضي. - وجويرية بن أسماء عند الطحاوي في شرح معاني الآثار (3/ 221). (¬2) العلل (4 / ل: 114 / ب). (¬3) تقدَّم. (¬4) انظر: (2/ 455).

حرف الصاد

حرف الصاد رجلان 25 - مرسل صفوان بن سُليم خمسة أحاديث، أحدها مزيد، وتقدّم له مسند عن أبي سعيد (¬1)، وأبي هريرة بوسائط (¬2). مالك عنه: 44 / حديث: "أنا وكافل اليتيم له أو لغيره في الجنة كهاتين إذا اتّقى". في الجامع، باب: السنة في الشَّعر (¬3)، وليس منه (¬4). ¬

_ (¬1) انظر: (3/ 231). (¬2) انظر: (3/ 499). (¬3) الموطأ كتاب: الشَّعر، باب: السنة في الشَّعر (2/ 723) (رقم: 5). (¬4) لأنَّ مدلول الحديث هو الترغيب في كفالة اليتيم والإحسان إليه، فلا صلة له مع الشَّعر وما ورد من السنة فيه، وقد تكلّف الزرقاني فقال: "لعل وجه إيراده في ترجمة السنة في الشَّعر أن من جملة كفالة اليتيم إصلاح شعره وتسريحه ودهنه". أهـ. قال الكاندهلوي عقبه: "والظاهر عندي أن هذا الحديث والذي سبق - وهو ما ورد عن ابن عمر أنَّه كان يكره الإخصاء - من تصرّف النسّاخ". قلت: ممَّا يؤيّد كلام الكاندهلوي أن ابن بكير ترجم له بـ: ما جاء في كفالة اليتيم، وترجم له سويد بـ: ما جاء في مال اليتيم، وأورده أبو مصعب تحت ترجمة: باب: إسبال الرجل ثوبه، وهذا أبعد ممَّا ترجم به يحيى، وهو أظهر دليل على تصرّف النسّاخ. انظر: رواية ابن بكير (ل: 269 / أ) - الظاهرية-، وسويد (ص: 614) (رقم: 1508)، وأبي مصعب (2/ 86) (رقم: 1914)، وشرح الزرقاني (4/ 430)، وأوجز المسالك (15/ 19). وذكر ابن عاشور وجهًا آخر فقال: "انفرد يحيى بن يحيى بإخراجه في هذا الباب، ولعلّه أراد أن يزيد في ترجمة هذا الباب ما يشمل الإخصاء فنسي". كشف المغطى (ص: 359).

رواه ابن عيينة عن صفوان، عن امرأة يقال لها أُنيسة، عن أم سعيد بنت مُرّة الفهري، عن أبيها مُرّة بن عمرو القرشي (¬1). وروى إسحاق بن عيسى الطَّبَّاع خارج الموطأ عن مالك، عن ثور، عن أبي الغيث، عن أبي هريرة مرفوعًا نحوه، خرّجه مسلم عنه (¬2). وخرّج الجوهري من طريق شعيب بن يحيى عن مالك، عن ثور بإسناده مثل حديث الموطأ، ومن طريق إسحاق الحُنيني عن مالك، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن أبي أُمامة (¬3). ¬

_ (¬1) أخرجه الحميدي في مسنده (2/ 370) (رقم: 838)، والبخاري في الأدب المفرد (ص: 52) (رقم: 133)، والطبراني في المعجم الكبير (20/ 330) (رقم: 758)، والبيهقيُّ في السنن الكبرى (6/ 283) كلهم عن ابن عيينة به. وإسناده ضعيف؛ فإنَّ أنيسة مجهولة لا تعرف، لم يرو عنها إلَّا صفوان، وأم سعد بنت مرة مقبولة كما قال الحافظ، لكن الحديث صحيح بشواهده الآتية. انظر: الميزان (6/ 278، 286)، التقريب (رقم: 8542، 8736). (¬2) انظر: صحيح مسلم كتاب: الزهد والرقائق، باب: الإحسان إلى الأرملة والمسكين واليتيم (4/ 2287) (رقم: 42). (¬3) لعلّه في مسند ما ليس في الموطأ. ومن طريق إسحاق الحُنيني - وحده - أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (8/ 351) (رقم: 8120)، وأبو نعيم في الحلية (6/ 349 - 350)، وقال: "غريب من حديث مالك عن عبد الرحمن، تفرّد به الحُنيني". قلت: إسحاق الحُنيني ضعّفه الجمهور، وعليه فالإسناد منكر. انظر: تهذيب الكمال (2/ 396)، والكاشف (1/ 60)، وتهذيب التهذيب (1/ 194)، والتقريب (رقم: 337). وقد ورد عن القاسم من غير طريق مالك، لكنه ضعيف، أخرجه أحمد في المسند (5/ 250، 265)، والبغويُّ في شرح السنة (6/ 451) (رقم: 3350) من طريق علي بن يزيد الألهاني، عن القاسم، عن أبي أمامة بنحوه. والألهاني ضعيف كما قال الحافظ في التقريب (رقم: 4817)، وانظر أيضًا المجمع (8/ 160). والحاصل أن حديث أبي أمامة ضعيف من جميع طرقه، لكن يثسهد له الأحاديث الأخرى الواردة في الباب.

وخرّجه السَّاجي أيضًا عن مالك من هذا الطريق (¬1). وخرّجه البخاري من حديث سهل بن سعد الساعدي (¬2). قال الدارقطني - وذكر الخلاف فيه -: "الحديث لابن عُيينة؛ لأنه ضبط إسناده وأقامه"، يعني روايته عن صفوان (¬3). 45 / حديث: "أَكْذِبُ امرأتي. . .". فيه: "لا خير في الكذب"، وذكر الوعد. في الجامع، عند آخره (¬4). هذا عند الجمهور من مرسل صفوان (¬5)، وروته طائفة عن مالك، عن صفوان بن سليم، عن عطاء بن يسار مرسلًا أيضًا (¬6). وهكذا رواه ابن عيينة عن صفوان (¬7)، وهو غريب لا يكاد يوجد ¬

_ (¬1) لم أقف عليه. (¬2) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الأدب، باب: فضل من يعول يتيمًا (4/ 92) (رقم: 6005). (¬3) العلل (5 / ل: 7). (¬4) الموطأ كتاب: الكلام، باب: ما جاء في الصدق والكذب (2/ 755) (رقم: 15). (¬5) انظر الموطأ برواية: - أبي مصعب الزهري (2/ 168) (رقم: 2084)، وسويد بن سعيد (ص: 596) (رقم: 1452)، وابن بكير (ل: 266 / أ) - الظاهرية -. (¬6) منهم محمَّد بن الحسن الشيباني (ص: 290) (رقم: 895). (¬7) أخرجه الحميدي في مسنده (1/ 158) (رقم: 329). قال الشيخ الألباني: "هذا إسناد صحيح، ولكنه مرسل، وليس هو على شرط مسنده، وقد أورده في أحاديث أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط -رضي الله عنها-، وكأنَّه أشار بذلك إلى أن الحديث وإن كان وقع له هكذا مرسلًا، فهو يرجع إلى أنَّه من مسندها، ولذلك أورده فيه، والله أعلم". الصحيحة (2/ 76).

مسندًا، وقد أسنده معن عن مالك، عن صفوان، عن عطاء، عن أبي هريرة (¬1). قال الدارقطني: "وذلك وهم، قال: والصحيح عن مالك: صفوان عن عطاء مرسلًا" (¬2). قال الشيخ أبو العباس - رضي الله عنه -: رُوي في معناه عن الزهري، عن حُميد بن عبد الرحمن، عن أمّه أم كلثوم بنت عقبة بن أبي مُعيط قالت: "ما سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُرخِّص في شيء من الكذب إلا في ثلاث: ذكر الحرب، والإصلاح بين الناس، والزوجين"، خُرّج في الصحيح من طريق صالح، عن الزهري، مرفوعًا (¬3). وزعم الدارقطني أن هذا منكر، وأنَّه من كلام الزهري (¬4). ¬

_ (¬1) قال ابن عبد البر: "لا أحفظه بهذا اللفظ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مسندًا". التميهد (16/ 247). (¬2) انظر: العلل (11/ 98)، وتصحّف فيه "معن" إلى "يحيى بن معين". (¬3) أخرجه مسلم في صحيحه كتاب: البر والصلة، باب: تحريم الكذب وبيان المباح منه (4/ 2012) (رقم: 101). (¬4) العلل (5 / ل: 210 / ب). قلت: ما قاله الدارقطني هو الراجح، فقد روى الإمام مسلم في صحيحه (4/ 2011) (رقم: 101) من طريق يونس، عن الزهري، عن حُميد بن عبد الرحمن عن أمّه أنها سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس، ويقول خيرًا وينمي خيرًا"، قال ابن شهاب: "ولم أسمع يرخّص في شيء مما يقول الناس كذب إلَّا في ثلاث"، فذكرها. هكذا بيّن يونس أن هذه الزيادة من كلام الزهري، وأنَّها غير متصلة بحديث النبي - صلى الله عليه وسلم -. وتابعه معمر عند عبد الرزاق في المصنف (11/ 162) (رقم: 20205). وحكى الخطيب عن موسى بن هارون أنَّه قال: "وقع في هذا الحديث وهم غليظ، ولعمري إنَّه لوهم غليظ جدًّا؛ لأنَّ هذا الكلام إنَّما هو قول الزهري أنَّه لم يسمع يرخّص في الكذب إلَّا في الثلاث خصال، وإنَّما روى الزهري، عن حُميد، عن أمَّه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ليس الكذاب من أصلح بين الناس، فقال خيرًا وأنمى خيرًا"، ليس في حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - أكثر من هذا، واتفق على هذه الرواية أيوب السختياني، ومالك بن أنس، وصالح بن كيسان، وموسى بن عقبة، ومحمد بن =

وقد رواه شهر (¬1) عن أبي هريرة، وقيل: عن الزِّبرِقان عن النواس بن سمعان (¬2). ¬

_ = عبد الله بن أبي عتيق، ومعمر بن راشد، والنعمان بن راشد، وعُقيل بن خالد، ويونس بن يزيد، وشعيب بن أبي حمزة، وعبد الرحمن بن إسحاق، ومحمد بن الوليد الزبيدي، وسفيان بن حسين. وقال عن رواية يونس ومعمر المفصّلة للإدراج: ويقوى في النفس أن الصواب معهما، والقول قولهما، والله أعلم". انظر: الفصل للوصل المدرج في النقل (1/ 267، 272). وانظر رواية أيوب عند الطبراني في الصغير (ص: 123) (رقم: 283). ورواية مالك عند الطحاوي في شرح مشكل الآثار (7/ 358) (رقم: 2916). - ورواية صالح بن كيسان عند البخاري في صحيحه (2/ 266) (رقم: 2692). ورواية معمر عند مسلم (4/ 2012). ورواية شعيب عند الطحاوي في شرح مشكل الآثار (7/ 359) (رقم: 297). - ورواية عبد الرحمن بن إسحاق عند أحمد في المسند (6/ 404). ورواية سفيان بن حسين، وعُقيل، ويونس، والزبيدي عند الطبراني في المعجم الكبير (25/ 183، 189، 192). وهكذا رواه ابن عيينة عند أبي داود في السنن كتاب: الأدب، باب: في إصلاح ذات البين (5/ 218 - 219) (رقم: 4920). وانظر أيضًا: فتح الباري (5/ 353 - 354). (¬1) تصحّف في الأصل إلى: "سعيد"، وقال الناسخ في مقابله بالهامش: "ظ شهر"، أي الظاهر شهر، وهو كما قال، بل هو الصواب. (¬2) ذكره الدارقطني في العلل (11/ 31) عن داود بن أبي هند، وقال: "اختلف عنه: فرواه عبد الله بن تمام، عن داود، عن شهر، عن أبي هريرة. ورواه مسلمة بن علقمة، عن داود، عن شهر، عن الزبرقان، عن النواس بن سمعان، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -". ومن طريق مسلمة أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (3/ 436)، والبيهقيُّ في شعب الإيمان (4/ 204) (رقم: رقم: 4798). والزبرقان مجهول، قال ابن حبَّان في الثقات (4/ 265): "شيخ يروي عن النواس بن سمعان، روى داود بن أبي هند عن شهر بن حوشب عنه، ولا أدري من هو، ولا ابن مَن هو". قلت: غرض المؤلف من استشهاده بحديث أبي هريرة أو النواس بن سمعان بيان أن ما رواه مسلم من حديث صالح بن كيسان، عن الزهري، عن حُميد، عن أم كلثوم مرفوع ثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأنَّه ليس مدرجًا كما زعمه الدارقطني. =

وأم كلثوم بنت عقبة لا تُسمى (¬1). 46 / حديث: "أيكون المؤمن جبانًا؟ قال: نعم. . .". وذكر البخل، وقوله في الكذب: "لا". في الجامع، باب: الصدق والكذب (¬2). وهذا غريب أيضًا، لا يكاد يوجد على هذا النص (¬3). ولعبد الله بن جَراد - رجل من الصحابة (¬4) - طرف من معناه، قال فيه: ¬

_ = لكن تقدَّم أن القول بالإدراج هو قول غير واحد من أهل العلم، وهو الراجح إن شاء الله، وذلك لما جاء من الفصل بين الحديث وقول الزهري عن بعض الرواة الثقات كيونس ومعمر، وأما ما ذكره المؤلف من حديث أبي هريرة والنواس بن سمعان ففي إسناده بعض الضعفاء والمجاهيل، مع ما تقدَّم من الاختلاف فيه، وقد اختلف على شهر أيضًا: فأخرجه الترمذي في السنن كتاب: البر والصلة، باب: ما جاء في إصلاح ذات البين (4/ 292) (رقم: 1939)، وابن أبي شيبة في المصنف (9/ 84 - 85)، وأحمد في المسند (6/ 459 - 461)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (7/ 356) كلهم من طريق شهر، عن أسماء بنت يزيد. (¬1) هي أم كلثوم بنت عُقبة بن أبي مُعَيط، القرشية، الأموية، أسلمت وهاجرت وبايعت، وكانت هجرتها في سنة سبع في الهدنة التي كانت بين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبين كفار قريش. انظر: الاستيعاب (13/ 274)، والإصابة (13/ 278)، وتهذيب الكمال (35/ 382). (¬2) الموطأ كتاب: الكلام، باب: ما جاء في الصدق والكذب (2/ 756) (رقم: 19). وأخرجه البيهقي في شعب الإيمان (4/ 207) (رقم: 4812) من طريق القعنبي عن مالك به. (¬3) قال ابن عبد البر: "لا أحفظ هذا الحديث مسندًا بهذا اللفظ من وجه ثابت، وهو حديث حسن". التمهيد (16/ 253). قلت: أي بشواهده. (¬4) هو عبد الله بن جَرَاد بن المنتفق بن عامر بن عَقيل العامري، العُقيلي. وقد طعن بعضهم في صحبته، وزعم أنَّه مجهول، لكن الجمهور على صحبته. انظر: التاريخ الكبير (5/ 35)، والمعرفة والتاريخ (1/ 257)، ومعجم الصحابة (6/ 37)، وميزان الاعتدال (3/ 114)، واللسان (3/ 266).

هل يكذب المؤمن؟ قال: "لا، إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله"، خرّجه ابن سنجر عنه (¬1). ورُوي عن أبي أمامة الباهلي - وهو صُدَيُّ (¬2) بن عجلان - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "يُطبع المؤمن على كل شيء إلَّا الخيانةَ والكذبَ"، خرّجه ابن أبي شيبة (¬3). وجاء عن أبي هريرة مرفوعًا: "آية المنافق ثلاث، وإن صام وصلَّى وزعم أنَّه مسلم: إذا حدّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان"، خرّجه مسلم (¬4). ¬

_ (¬1) لم أقف عليه من طريق ابن سنجر، لكن أخرجه ابن أبي الدنيا في مكارم الأخلاق (ص: 489) (رقم: 476)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (27/ 243) من طريق يعلى بن الأشدق، عن عبد الله بن جراد أنَّه سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا نبي الله هل يزني المؤمن؟ قال: "قد يكون ذلك"، وذكر السرقة والكذب. وسنده ضعيف؛ لأنَّ يعلى بن الأشدق قال فيه البخاري: "لا يُكتب حديثه"، وقال أبو زرعة: "ليس بشيء، لا يصدق"، وقال ابن حبَّان: "لا يحل الرواية عنه ولا الاحتجاج به بحيلة ولا كتابته إلَّا للخواص عنه الاعتبار". انظر: التاريخ الصغير (الأوسط) (2/ 165)، والجرح والتعديل (9/ 303)، والمجروحين (3/ 142)، والميزان (6/ 130)، واللسان (6/ 312). (¬2) صُدَيّ: بضم الصاد، وفتح الدال المهملة، وتشديد الياء. المغني في ضبط الأسماء (ص: 150). (¬3) أخرجه في المصنف (8/ 593)، وكذلك أحمد في المسند (5/ 252) عن وكيع، عن الأعمش قال: حُدِّثت عن أبي أمامة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يُطبع المؤمن على الخلال كلّها إلَّا الخيانة والكذب". وإسناده ضعيف؛ لجهالة من حدّث الأعمش به، وبقية رجاله ثقات. وقد صح موقوفًا كما قال الألباني في الضعيفة (رقم: 3215). (¬4) أخرجه في صحيحه كتاب: الإيمان، باب: بيان خصال المنافق (1/ 78) (رقم: 59).

47 / حديث: "من ترك الجمعة ثلاث مرات. . .". في آخر الصلاة، الأوّل. عن صفوان. قال مالك: "لا أدري أعن النبي - صلى الله عليه وسلم -، أم لا" (¬1). هذا لأبي الجعد الضَّمري من طريق عَبيدة بن سفيان الحضرمي عنه، خرّجه الترمذي، وحسّنه، وقال: "سألت محمدا -يعني البخاري- عن اسم أبي الجعد فلم يعرفه، وقال: لا أعرف له إلا هذا الحديث" (¬2). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الجمعة، باب: القراءة في صلاة الجمعة والاحتباء ومن تركها من غير عذر (1/ 112) (رقم: 20). (¬2) أخرجه في السنن كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في ترك الجمعة من غير عذر (2/ 373 - 374) (رقم: 500)، وأبو داود في السنن كتاب: الصلاة، باب: التشديد في ترك الجمعة (1/ 638) (رقم: 1052)، والنسائيُّ في السنن كتاب: الجمعة، باب: التشديد في التخلّف عن الجمعة (3/ 97 - 98) (رقم: 1368)، وابن ماجه في السنن كتاب: إقامة الصلاة والسنة فيها، باب: فيمن ترك الجمعة من غير عذر (1/ 357) (رقم: 1125)، وأحمد في المسند (3/ 424)، والدارميُّ في السنن كتاب: الصلاة، باب: فيمن يترك الجمعة من غير عذر (1/ 369)، وأبو بكر المروزي في كتاب الجمعة وفضلها (ص: 81) (رقم: 62)، والدولابي في الكنى (1/ 21 - 22)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (4/ 230)، والبغويُّ في شرح السنة (2/ 556) (رقم: 1048)، والبيهقيُّ في السنن الكبرى (3/ 172، 247) من طرق عن محمَّد بن عمرو بن علقمة، عن عَبيدة بن سفيان، عن أبي الجعد الضمري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من ترك الجمعة ثلاث مرات تهاونًا طبع الله على قلبه". وسنده حسن؛ لأجل محمَّد بن عمرو بن علقمة. قال الترمذي: "حديث أبي الجعد حديث حسن". وقال البغوي: "هذا حديث حسن، ولا يُعرف لأبي الجعد الضمري إلَّا هذا الحديث، وله صحبة، ولا يُعرف اسمه". وصححه ابن خزيمة (3/ 176) (رقم: 1857، 1758)، وابن حبَّان في صحيحه (الإحسان) (7/ 26) (رقم: 2786)، وقال الحاكم (1/ 280): "صحيح على شرط مسلم"! ووافقه الذهبي! مع أن محمَّد بن عمرو بن علقمة لم يحتج به مسلم، وإنَّما أخرج له متابعة. =

وعَبيدة بفتح العين، وكسر الباء (¬1). 48 / حديث مزيد: "الساعي على الأرملة والمساكين. . .". ليس هذا عند يحيى بن يحيى، وهو عند ابن بكير وغيره عن صفوان مرسلًا (¬2). وخرّجه البخاري عن إسماعيل بن أبي أُويس، عن مالك، وقال فيه: "صفوان يرفعه" (¬3) غير مسند. ونحوه في الزيادات لأبي هريرة من طريق ثور، عن أبي الغيث عنه (¬4). * * * ¬

_ = وقال ابن عبد البر: "هو أحسن الأحاديث الواردة في هذا الباب إسنادًا". التمهيد (16/ 239). (¬1) انظر: الإكمال لابن ماكولا (6/ 43 - 44)، وتوضيح المشتبه (6/ 130)، وتبصير المنتبه (3/ 913). (¬2) انظر الموطأ برواية: - ابن بكير (ل: 269 / ب) - الظاهرية-، وأبي مصعب الزهري (2/ 86) (رقم: 1915)، وسويد بن سعيد (ص: 614) (رقم: 1509). (¬3) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الأدب، باب: الساعي على الأرملة (4/ 93) (رقم: 6006)، وقوله: غير مسند من المؤلف. وأخرجه الترمذي في السنن كتاب: البر والصلة، باب: ما جاء في السعي على الأرملة واليتيم (4/ 305) (رقم: 1969) من طريق معن، عن مالك، وقال: "صفوان يرفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -". (¬4) تقدَّم حديثه (4/ 457).

26 - مرسل صفوان بن عبد الله بن صفوان بن أمية

26 - مرسل صفوان بن عبد الله بن صفوان بن أمية حديث واحد، فيه نظر، لم يتقدّم له غيره. 49 / حديث: "قدم صفوان بن أميّة المدينة، فنام في المسجد، فتوسَّد رداءَه، فجاء سارقٌ فأخذ رداءَه، فأخذ صفوان السارقَ فجاء به إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأمر به أن تقطع يده. . .". وذكر العفو عنه. في الحدود. عن ابن شهاب، عن صفوان بن عبد الله بن صفوان بن أميّة: [أن صفوان بن أمية] (¬1) قيل له: من لم يهاجر هلك، ساقه مرسلًا (¬2). هكذا في الموطأ (¬3). ¬

_ (¬1) ما بين المعقوفين من الموطأ. (¬2) الموطأ كتاب: الحدود، باب: ترك الشفاعة للسارق إذا بلغ السلطان (2/ 636) (رقم: 28). وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى (8/ 265) من طريق الشافعي، عن مالك به. وكذا من طريق الشافعي عن ابن عيينة، عن عمرو بن طاوس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بمثل حديث مالك، وقال: "هذا المرسل يقوي الأوّل". وقال ابن حجر عن مرسل مالك هذا: "رجاله ثقات، لكن اختلف في وصله وإرساله، وله شاهد من حديث ابن عباس". موافقة الخبر الخبر (1/ 495). وصححه الألباني بمجموع طرقه. إرواء الغليل (7/ 345، 349). (¬3) يعني أنَّه مرسل كما رواه يحيى، وانظر الموطأ برواية: - يحيى بن بكير (ل: 165 / أ) - الظاهرية-، ومحمد بن الحسن الشيباني (ص: 217) (رقم: 685). وأخرجه الشافعي في المسند (2/ 84) (رقم: 278 - ترتيب السندي -). والطحاوي في شرح مشكل الآثار (6/ 157) (رقم: 2383) من طريق ابن وهب. والجوهري في مسند الموطأ (ل: 39 / أ) من طريق القعنبي، كلهم عن مالك به. وقال أبو مصعب الزهري (2/ 43) (رقم: 1822): عن ابن شهاب: أن صفوان بن أمية قيل له، فذكره معضلًا.

وقال فيه أبو عاصم النبيل - وهو الضحاك بن مخلد - عن مالك، عن الزهري، عن صفوان بن عبد الله، عن جدّه صفوان (¬1). وقال شبابة بن سوّار: عن مالك، عن الزهري، عن عبد الله بن صفوان، عن أبيه صفوان بن أمية، خرّجه ابن أبي شيبة من طريق شبابة (¬2). وجوّد الطحاوي الروايتين معًا (¬3)، وقال: "قُتل عبدُ الله بن صفوان مع ¬

_ (¬1) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (8/ 54) (رقم: 7325)، وعزاه ابن حجر في موافقة الخبر الخبر (1/ 497) إلى الدارقطني في الموطآت والغرائب ثمَّ حكى عنه أنَّه قال: "قوله في الإسناد: "عن جدّه" غريب، ورواه سائر رواة مالك في الموطأ وغيره عن صفوان بن عبد الله، قال: قيل لصفوان، فذكروه مرسلًا، وتفرَّد أبو عاصم بوصله". قال ابن عبد البر: "هكذا روى هذا الحديث جمهور أصحاب مالك مرسلًا، ورواه أبو عاصم النبيل، عن مالك، عن الزهري، عن صفوان بن عبد الله بن صفوان، عن جدّه قال: قيل لصفوان. . . ولم يقل أحد فيما علمتُ في هذا الحديث عن صفوان بن عبد الله بن صفوان عن جدّه غير أبي عاصم". وقال في موضع آخر: "أبو عاصم النبيل له خطأ كثير عن مالك والثوري". وقال المزي: "المحفوظ حديث مالك عن الزهري عن صفوان بن عبد الله بن صفوان، وكذلك هو في الموطأ". وقال الذهبي: "والصواب ما في الموطأ عن الزهري عن صفوان بن عبد الله بن صفوان". قال الحافظ: "وقع في رواية أبي عاصم مخالفة أيضًا في المتن، فإنَّ غيره عن مالك قال في روايته: "فركب صفوان إلى المدينة فدخل المسجد"، فذكر القصة، وهو ظاهر في أن المراد بالمسجد مسجد المدينة بخلاف رواية أبي عاصم، ويمكن تأويلها بأنَّ قوله "رجع" أي شرع في الرجوع". انظر: التمهيد (11/ 216)، (17/ 248)، وتحفة الأشراف (4/ 188)، ومعجم الشيوخ للذهبي (2/ 117)، وموافقة الخبر الخبر (1/ 495، 497)، والنكت الظراف (4/ 188). (¬2) لم أجده في المصنف، لكن أخرجه من طريقه ابن ماجه في السنن كتاب: الحدود، باب: من سرق من الحرز (2/ 865) (رقم: 2595)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (6/ 157، 158) (رقم: 2384)، وابن عبد البر في التمهيد (11/ 216، 217). (¬3) ذكر أنَّه من المحتمل أن يكون الزهري قد سمعه من عبد الله بن صفوان عن أبيه، وسمعه من صفوان بن عبد الله، فحدّث به مرة هكذا، ومرة هكذا كما يفعل في أحاديثه عن غيرهما ممن يحدث عنه، =

عبد الله بن الزبير سنة ثلاث وسبعين (¬1)، والزهري يومئذ ابن بضعة عشر عامًا؛ لأنَّه وُلد مقتل الحسين بن علي سنة إحدى وستين" (¬2). ¬

_ = ثمَّ ذكر ما يتهيّأ به لقاء الزهري مع عبد الله بن صفوان، لكن استبعده ابن حجر، لاتّحاد المخرج ثمَّ ذكر هو وجهًا آخر فقال: "ويحتمل أن يكون شبابة قلبه، ويكون. . . بأبيه جدّه، وتسمية الجد أبًا سائغ، فتوافق رواية أبي عاصم، قال: ولولا هذا الاختلاف لكان هذا الحديث على شرط الصحيح، فإن مسلمًا أخرج لصفوان بن عبد الله". (يعني غير هذا الحديث كما سيأتي). قلت: الذي يظهر أن هذا الاحتمال بعيد أيضًا لمخالفة شبابة الجميع كما حكاه الحافظ عن الدارقطني، فالمحفوظ عن مالك ما رواه أصحاب الموطأ كما تقدم. انظر: شرح مشكل الآثار (6/ 158)، وموافقة الخبر الخبر (1/ 497، 498). (¬1) انظر: تاريخ خليفة بن خياط (ص: 214، 215، 269، 270)، والمعرفة ليعقوب الفسوي (1/ 553)، والتاريخ الكبير (5/ 118)، وثقات ابن حبَّان (5/ 33). (¬2) كون الحسين بن علي - رضي الله عنه - قتل سنة إحدى وستين هو قول الجمهور كما قال ابن حجر في الإصابة (2/ 253)، لكن كون الزهري وُلد في هذه السنة لم أجده عند غير الطحاوي، فإن للمؤرخين في سنة ولادته أقوالًا، وليس هذا منها: 1 - إنه ولد في سنة خمسين للهجرة، وبه قال دُحيم، وأحمد بن صالح المصري. 2 - إنه ولد سنة إحدى وخمسين، وبه قال خليفة بن خياط. 3 - إنه ولد سنة ست وخمسين، وبه قال يحيى بن بكير. 4 - إنه ولد سنة ثمان وخمسين، نقله ابن سعد، وذكره ابن الجوزي والذهبي، وابن كثير، ونسبوه إلى الواقدي، والراجح منها - والله أعلم - أنَّه ولد سنة إحدى وخمسين كما قال خليفة؛ لأنَّ الراجح في سنة وفاته هي أربع وعشرون ومائة، والجمهور على أنَّه توفي وله اثنتان وسبعون سنة فلو طرحنا عمره من سنة وفاته لتبيَّن لنا أن سنة إحدى وخمسين هي سنة ولادته، وعلى هذا فلقاءه مع عبد الله بن صفوان محتمل جدًّا إلَّا أن الراجح عن مالك ما رواه أصحاب الموطأ، وأن الحديث من مرسل صفوان، والله أعلم. انظر: تاريخ خليفة بن خياط (ص: 218)، وطبقات ابن سعد - القسم المتمم - (ص: 185)، تاريخ مولد العلماء ووفياتهم (1/ 150)، وتاريخ دمشق (55/ 306)، وصفة الصفوة (2/ 139)، والبداية والنهاية (9/ 355)، والسير (5/ 326).

وروى هذا الحديث جماعةٌ مِن طُرُقٍ شتَّى: خرّجه النسائي من طريق عطاء بن أبي رباح، عن طارق بن مرقّع، عن صفوان بن أميّة. ومن طريق طاوس، وحُميد بن أخت صفوان عنه، ولم يُخرَّج في الصحيح (¬1). ¬

_ (¬1) انظر: سنن النسائي، كتاب: قطع السارق، باب: الرجل يتجاوز للسارق عن سرقته بعد أن يأتي به الإمام (8/ 439، 440) (رقم: 4894، 4898، 4899). والحديث من طريق عطاء بن أبي رباح أخرجه أحمد أيضًا (6/ 465)، والطبراني في المعجم الكبير (8/ 59) (رقم: 7337) من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة، عن عطاء به. والإسناد فيه سعيد بن أبي عروبة وهو مدلّس ومختلط، وقد عنعن، لكن يحمل معنعنه عن قتادة على الاتصال؛ لأنه من أثبت الناس في قتادة كما قال ابن أبي خيثمة وغيره. انظر: تهذيب التهذيب (4/ 57)، والتقريب (رقم: 2365). وفيه أيضًا طارق بن المرقِّع، روى له النسائي هذا الحديث الواحد، وقال الذهبي في الميزان (3/ 47): "ما حدّث عنه سوى عطاء بن أبي رباح بهذا"، وقال عنه الحافظ في التقريب (رقم: 3006): "مقبول" أي حيث يتابع، وقد توبع هنا، فالإسناد حسن، وقد حسّنه الحافظ نفسه في الموافقة (1/ 495). ومن طريق طاوس أخرجه أحمد في المسند (6/ 465)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (6/ 161) (رقم: 2388)، والطبراني في المعجم الكبير (8/ 58) (رقم: 7335)، وابن عبد البر في التمهيد (11/ 219) من طريقين عن طاوس به. وهذا إسنادٌ صحيحٌ، رجاله ثقات رجال الشيخين إلَّا أن الطحاوي حكم على رواية طاوس عن صفوان بالانقطاع، لكن قال ابن عبد البر: "سماع طاوس منه ممكن؛ لأنه أدرك زمان عثمان" ا. هـ قلت: يؤيده أنَّه توفي سنة خمس وتسعين، وقيل: سبع وتسعين، وهو ابن بضع وسبعين سنة، وصفوان بن أمية توفي أيام قتل عثمان، وقيل: في أوائل خلافة معاوية، فسماعه منه ممكن جدًّا. انظر: التمهيد (11/ 219)، تهذيب الكمال (13/ 382)، وتهذيب التهذيب (4/ 373)، التقريب (رقم: 2932). ومن طريق حُميد بن أخت صفوان أخرجه أبو داود -أيضًا- في السنن، كتاب: الحدود، باب: =

وخرّج مسلم عن صفوان بن أمية غير هذا الحديث (¬1). انظر قصة إسلامه في مرسل الزهري (¬2). * * * ¬

_ = من سرق من حرز (4/ 553) (رقم: 4394)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (6/ 161) (رقم: 2389)، وابن الجارود في المنتقى (ص: 281) (رقم: 828)، والحاكم في المستدرك (4/ 380)، والبيهقيُّ في السنن الكبرى (8/ 265) من طريق أسباط بن نصر، عن سماك بن حرب، عن حميد به. والحديث من هذا الوجه ضعّفه ابن القطان بحُميد ابن أخت صفوان، وقال: "إنه لا يُعرف في غير هذا"، لكن ذكره ابن حبَّان في الثقات، وقال الحافظ فيه: "مقبول" أي: حيث يتابع، وقد توبع هنا، فهو حسن كما قال الحافظ في الموافقة. انظر: الثقات لابن حبَّان (4/ 150)، وبيان الوهم والإيهام (3/ 569)، تهذيب الكمال (7/ 416)، التقريب (رقم: 1565)، وموافقة الخبر للخبر (1/ 495). وحديث صفوان هذا، وإن كانت مفرداته لا تخلو من مقال إلا أنَّه صحيح بمجموع طرقه، قال ابن رجب في التنقيح: "حديث صفوان حديث صحيح رواه أبو داود والنسائيُّ وابن ماجه وأحمد في مسنده من غير وجه عنه". انظر: نصب الراية (3/ 369). (¬1) أخرج له مسلم في صحيحه كتاب: الفضائل، باب: ما سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئًا قط فقال: لا، وكثرة عطاءه (4/ 1806) (رقم: 95) من حديث سعيد بن المسيّب أن صفوان قال: "والله لقد أعطاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما أعطاني، وإنه لأبغض الناس إليّ فما برِح يعطيني حتى إنه لأحبّ الناس إليّ". (¬2) سيأتي حديثه (5/ 339).

حرف العين

حرف العين عشرون رجلا وامرأة 27 - مرسل عبد الله الصُّنابِحِي (¬1). قاله أكثر الرواة، والصواب: أبو عبد الله (¬2). حديثان، أصلهما واحد (¬3)، وليس له في الموطأ مسند. 50 / حديث: "إذا توضّأ العبد المؤمن فتمضمض، خرجت الخطايا من فيه. . .". وذكر أعضاء الوضوء الستة، وفيه: أن الخطايا من أنفه تخرج، ومن أذنيه، . . . قال: "ثمَّ كان مشيه إلى المسجد وصلاته نافلة". في جامع الوضوء. عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن عبد الله الصُّنابِحِي (¬4). ¬

_ (¬1) الصُّنابجي: بضم الصاد وفتح النون وبعد الألف باء موحدة مكسورة ثمَّ حاء نسبة إلى صُنابح بن زاهر بن عامر. اللباب (2/ 247). (¬2) يعيد المؤلف كلامه هذا عقب الحديث الثاني مع توسع أكثر، فانظره هناك. (¬3) لورود معناهما موصولًا من حديث عمرو بن عتبة في قصة إسلامه عند مسلم كما سيأتي. (¬4) الموطأ كتاب: الطهارة، باب: جامع الوضوء (1/ 56) (رقم: 30). وأخرجه النسائي في السنن كتاب: الطهارة، باب: مسح الأذنين مع الرأس. . . (1/ 79) (رقم: 103) من طريق قتيبة وعتبة بن عبد الله. وأحمد في المسند (4/ 349) من طريق عبد الرحمن بن مهدي وإسحاق بن عيسى. والحاكم في المستدرك (1/ 130) من طريق القعنبي، والبيهقيُّ في السنن الكبرى (1/ 81) من طريق ابن وهب، وفي شعب الإيمان (3/ 13) (رقم: 2734) من طريق ابن بكير والقعنبي ويحيى =

تقدَّم معنى هذا الحديث لأبي صالح عن أبي هريرة (¬1). 51 / وبه: "إنَّ الشمسَ تطلع ومعها قرنُ الشيطان. . .". وذكر استواءها وغروبها. . . فيه: "ونهى عن الصلاة في تلك الساعة". في آخر الصلاة. تأخّر بابه عند يحيى بن يحيى (¬2)، وهو مقدّم عند غيره في جملة أبواب الوقوت (¬3). هكذا قال يحيى بن يحيى وجمهور رواة الموطأ في هذين الحديثين: "عن عبد الله الصنابحي"، اسم لا كنية (¬4). ¬

_ = بن يحيى النيسابوري، والبخاري في التاريخ الصغير (الأوسط) (1/ 195) من طريق إسحاق الطباع، كلهم عن مالك به. قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه، وليس له علة، . . ." ثمَّ قال: "وعبد الله الصنابحي صحابي، ويقال أبو عبد الله الصنابحي صاحب أبي بكر عبد الرحمن بن عسيلة". كذا صححه الحاكم ظنًّا منه أن الصنابحي صحابي والحديث مسند، وقد رده الذهبي في تلخيصه فقال: "لا" يعني غير صحيح. (¬1) تقدَّم (3/ 422). (¬2) الموطأ كتاب: القرآن، باب: النهي عن الصلاة بعد الصبح وبعد العصر (1/ 191) (رقم: 44). (¬3) انظر الموطأ برواية: - أبي مصعب (1/ 15) (رقم: 31)، ورواية سويد (ص: 66) (رقم: 27)، ورواية الشيباني (ص: 77/ 181)، والقعنبي (ص: 42، 43). (¬4) الذين تابعوه على قوله: "عن عبد الله الصنابحي" في الحديث الأوّل هم: - أبو مصعب الزهري (1/ 33) (رقم: 74)، وسويد بن سعيد (ص: 76) (رقم: 59). - وقتيبة بن سعيد وعتبة بن عبد الله عند النسائي في السنن (1/ 79) (رقم: 103). - وعبد الرحمن بن مهدي وإسحاق عند أحمد في المسند (4/ 349). =

وقال مطرف وطائفة: "عن أبي عبد الله" (¬1)، وهو الصواب، وهكذا جاء عن يحيى وغيره في موضع ثالث من الموطأ، حيث ذكر قدومَه المدينة في خلافة أبي بكر، وصلاتَه المغرب معه في باب: القراءة في المغرب (¬2). ¬

_ = - والقعنبي عند الحاكم (1/ 130). - وابن وهب عند البيهقي في الكبرى (1/ 81). - وابن بكير ويحيى النيسابوري عند البيهقي أيضًا في الشعب (3/ 13) (رقم: 2734)، وهي رواية أكثر رواة الموطأ كما قال الحافظ في الإصابة (6/ 248). وأما متابعوه في الحديث الثاني فهم: أبو مصعب الزهري (1/ 15) (رقم: 31)، وسويد (ص: 66) (رقم: 27)، والقعنبي (ص: 43، 42)، والشيباني (ص: 77) (رقم: 181). - وقتيبة بن سعيد عند النسائي (1/ 297) (رقم: 558). - وروح بن عبادة عند أحمد (4/ 349). - وإسماعيل بن أبي الحارث عند الدارقطني في اختلاف الموطآت كما في ملء العيبة لابن رشيد (5/ 57)، وفي غرائب مالك كما في الإصابة (6/ 248). - وإسماعيل الصائغ عند ابن منده كما في الإصابة أيضًا. - وإسماعيل بن أبي أويس عند ابن قانع في معجم الصحابة (2/ 73، 74). قال ابن عبد البر: "هكذا قال يحيى في هذا الحديث، عن مالك، عن عبد الله الصنابحي، وتابعه القعنبي وجمهور الرواة عن مالك". التمهيد (1/ 4). (¬1) انظر: التمهيد (1/ 4 - 2)، والإصابة (6/ 248)، وقال الحافظ: "إنها شاذة". (¬2) الموطأ- رواية يحيى -كتاب: الصلاة، باب: القراءة في المغرب والعشاء (1/ 89) (رقم: 25)، وهكذا عند القعنبي (ص: 122)، وأبي مصعب (1/ 84) (رقم: 218). ورجّح ابن عبد البر من روى عن مالك قوله إنّه: أبو عبد الله الصنابحي، مثل مطرّف وإسحاق بن عيسى، لكن رواية إسحاق عند أحمد (4/ 349) مثل رواية الجماعة التي فيها عبد الله الصنابحي، والله أعلم. التمهيد (4/ 3). وما رجّحه المؤلف وابن عبد البر هو ما رجّحه أيضًا عبد الحق في أحكامه الوسطى (1/ 171)، والحافظ في النكت الظراف (4/ 255)، وكأنهم تبعوا في ذلك الإمام البخاري، فقد سأله الترمذي عن حديث مالك في فضل الوضوء فقال: "مالك بن أنس وهم في هذا الحديث، وقال: عبد الله الصنابحي، وهو أبو عبد الله الصنابحي، واسمه عبد الرحمن بن عسيلة، ولم يسمع من النبي =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = - صلى الله عليه وسلم -، وهذا الحديث مرسل". العلل الكبير للترمذي (1/ 77 - 79). وقال ابن القطان: "وهو مقول أكثرهم، زعموا أن مالكًا وهم في قوله: عن عبد الله الصنابحي في هذا الحديث". بيان الوهم والإيهام (2/ 612). قلت: لا شك أن النفس تميل إلى ما قاله الإمام البخاري، وذلك لجلالته وعلوّ كعبه في هذا الشأن، لكن الواقع يقتضي خلافه، لأنَّ مالكًا لم ينفرد بقوله: "عبد الله الصنابحي"، فقد تابعه فيه في الحديثين: حفص بن ميسرة عند ابن سعد في الطبقات (7/ 297)، وابن ماجه في السنن (1/ 103) (رقم: 282). وحفص بن ميسرة قال عنه الذهبي في العبر (1/ 279): "ثقة صاحب حديث". وأبو غسّان محمد بن مطرف في الحديث الأول، وزهير بن محمد في الحديث الثاني، وحديثهما عند أحمد في المسند (4/ 348، 349)، ولأجل متابعة هؤلاء ردَّ ابن القطان نسبة الوهم إلى مالك ومن فوقه، وقال: "إنّه خطأ، لا سبيل إليه إلَّا بحجة بيّنة، وإنَّ توهيم أربعة من الثقات في ذلك لا يصح". بيان الوهم والإيهام (2/ 614). وقد استحسن ابن المواق كلام ابن القطان، واستدرك عليه أمورًا منها: أنّه أغفل من قول ابن معين وغيره في عبد الله الصنابحي ما يقوي مذهبه فيه، فذكر أن ابن معين قال لابن أبي خيثمة؛ "الصنابحي عبد الرحمن بن عُسيلة لم يلق النبي - صلى الله عليه وسلم -، وعبد الله الصنابحي، ويُقال أبو عبد الله الصنابحي لقي النبي - صلى الله عليه وسلم -"، قال ابن المواق: "ففرّق ابن معين بينهما وأثبت لأحدهما الصحبة، ونفاها عن الآخر"، وقال أيضًا: "أخرج النسائي الحديثين في مسند مالك، ولو كانا عنده على الوهم ما أخرجها، وكذلك خرجها في المصنف ولم يذكر أنَّهما مرسلان، وذكر مسلم في التمييز أحاديث نسب الوهم فيها إلى مالك ولم يذكر هذين الحديثين فيها، وذكره أبو القاسم ابن عساكر في الأطراف فجعله في عداد الصحابة من العبادلة". ملء العيبة لابن رشيد (5/ 256). وذكر الحافظ المزي -أيضًا- متابعة حفص بن ميسرة، ومحمد بن مطرف، وزهر بن محمد لمالك ثم قال: "فهؤلاء كلهم قالوا: عبد الله الصنابحي، فنسبة الوهم في ذلك إلى مالك فيه نظر". تهذيب الكمال (16/ 344 - 345). وهذا ما قاله ابن حجر أيضًا في تهذيب التهذيب (6/ 83)، وانظر أيضًا: الإصابة (6/ 248 - 249). فالذي يترجّح أن المحفوظ عن مالك هو ما رواه جمهور أصحابه من قولهم: عن عبد الله الصنابحي، وهو صحابي، ولذلك أدخل النسائي الحديثين في مسند مالك كما قال ابن المواق، وكذا أدخلهما الجوهري في مسند الموطأ، ثم ذكر قول ابن معين: "عبد الله الصنابحي يروي عنه المدنيون، يشبه أن يكون له صحبة" ارتضاءً به، وهو ما اختاره ابن القطان وغيره كما تقدّم.

فصل: وأبو عبد الله الصُّنابِحي، اسمه: عبد الرحمن بن عُسيلة، هاجر فلم يدرك النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬1)، وقصته في الصَّلاة من الموطأ مختصر، أوضحها البخاري في آخر المغازي من الصحيح (¬2)، وذكر الخلاف في اسمه في التاريخ (¬3). وقد قيل: هما رجلان، أحدهما عبد الله، والآخر أبو عبد الله، وإلى هذا ذهب ابن معين (¬4)، ولا يصح (¬5). ¬

_ (¬1) انظر: المراسيل لابن أبي حاتم (ص: 121 - 122)، والاستغناء لابن عبد البر (1/ 266)، وتهذيب التهذيب (6/ 208)، والتقريب (رقم: 3952). (¬2) روى البخاري في صحيحه كتاب: المغازي (3/ 188) (رقم: 4470) من طريق أبي الخير- وهو مرثد بن عبد الله- عن الصنابحي أنّه قال له: متى هاجرتَ؟ قال: "خرجنا من اليمن مهاجرين، فقدمنا الجحفة فأقبل راكب، فقلت: ما الخبر؟ فقال: دفنَّا النبي - صلى الله عليه وسلم - منذ خمس"، وفيه سؤاله عن ليلة القدر، وورد في الموطأ (1/ 89) (رقم: 25) مجرد قدومه المدينة في خلافة أبي بكر وصلاته خلفه. (¬3) التاريخ الكبير (5/ 321 - 322). (¬4) قال ابن محرز: سمعت يحيى بن معين يقول: "والصنابحي الذي ليس له صحبة عبد الرحمن بن عسيلة، قدم على أبي بكر، وعبد الله الصنابحي يروي عنه المدنيين (كذا) له صحبة، والصنابحي الأحمسي هو الذي قد سمع من النبي - صلى الله عليه وسلم -. معرفة الرجال (2/ 153)، وانظر أيضًا: التاريخ له برواية الدوري (2/ 339). وإلى هذا ذهب أيضًا ابن السكن، والحاكم، وابن القطان، وابن المواق، وابن رُشيد، وغيرهم. انظر: المستدرك (1/ 130)، وبيان الوهم والإيهام (2/ 616)، وملءُ العيبة (5/ 56 - 59)، وتهذيب الكمال (16/ 344)، وتهذيب التهذيب (6/ 83). (¬5) قلت: إنَّما حكم المؤلف بعدم صحة هذا القول بناء على ما تقدّم من ترجيحه رواية مطرف: عن أبي عبد الله الصنابحي، وقد سلك هو في هذا مسلك البخاري وأبي حاتم الرازي ويعقوب بن شيبة، فإنَّهم أنكروا صحبة عبد الله الصنابحي وجعلوه خطأ ووهمًا من مالك، قال يعقوب بن شيبة: "هؤلاء الصنابحيون الذين يُروى عنهم في العدد لستة إنَّما هم اثنان فقط، الصنابحي الأحمسى، وهو الصنابح بن الأعسر الأحمسي، أدرك النبي - صلى الله عليه وسلم -. . . وعبد الرحمن بن عُسيلة الصنابحي كنيته أبو عبد الله، ولم يدرك النبي - صلى الله عليه وسلم - ويروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أحاديث يرسلها عنه، فمن قال: عن عبد الرحمن الصنابحي فقد أصاب اسمَه، ومن قال: عن أبي عبد الله الصنابحي فقد أصاب كنيته، وهو رجل واحد عبد الرحمن وأبو عبد الله، ومن قال: عن أبي عبد الرحمن الصنابحي فقد =

ومعنى هذين الحديثين لعمرو بن عبسة في حديث طويل، خرّجه مسلم (¬1). وقال عقبة بن عامر: "ثلاث ساعات كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينهانا أن نصلي فيهن، أو نقبر فيهن موتانا. . ." وذكرها، خرّجه مسلم أيضًا (¬2). وانظر حديث نافع عن ابن عمر (¬3)، والأعرج عن أبي هريرة (¬4)، ومرسل عروة في طرفي النهار خاصة (¬5)، وحديث أنس في تأخير العصر (¬6)، وحديث أبي هريرة في الإبراد بالظهر (¬7). ¬

_ = أخطأ، قلب اسمه فجعل اسمه كنيته، ومن قال: عن عبد الله الصنابحي فقد أخطأ، قلب كنيته فجعلها اسمه، هما اثنان: أحدهما أدرك النبي - صلى الله عليه وسلم -، والآخر لم يدركه، هذا قول علي بن المديني ومن تابعه على هذا، وهو الصواب عندي". انظر: مذهب الكمال (17/ 284)، والإصابة (6/ 248). كذا قال، والذي تدل عليه الروايات وقول ابن معين وغيره أن الصنابحي ثلاثة: - أحدهم: الصنابح بن الأعسر، وهذا متفق على صحبته. - الثاني: أبو عبد الله الصنابحي، مشهور بكنيته، ليست له صحبة. - الثالث: عبد الله الصنابحي، والراجح أن له صحبة، لما ثبت من تصريحه بالسماع من النبي - صلى الله عليه وسلم - عند الإمام أحمد في المسند (4/ 349) في حديث قرني الشيطان، وإخراج غير واحد من أهل العلم حديثه في مسانيدهم. انظر: المراسيل لابن أبي حاتم (ص: 106، 122). (¬1) انظر: صحيح مسلم كتاب: صلاة المسافرين وقصرها، باب: إسلام عمرو بن عبسة (569/ 1) (رقم: 294). (¬2) انظر: صحيح مسلم كتاب: صلاة المسافرين وقصرها، باب: الأوقات التي نهى عن الصلاة فيها (1/ 568 - 569) (رقم: 293). (¬3) تقدّم (2/ 380). (¬4) تقدّم (3/ 348). (¬5) سيأتي حديثه (5/ 100). (¬6) تقدّم حديثه (2/ 85). (¬7) تقدّم حديثه (3/ 317).

28 - مرسل عبد الله بن المغيرة بن أبي بردة الكناني

28 - مرسل عبد الله بن المغيرة بن أبي بُردة الكِناني حديثٌ واحدٌ، وليس له في الموطأ مسند، إلَّا أن يكون هو المغيرة بن أبي بردة الراوي عن أبي هريرة (¬1). 52 / حديث: "أتى النَّاسَ في قبائلهم يدعو لهم، وأنه ترك قبيلةً مِن القبائل. . .". فيه: ذكر الغلول، وأنه كبّر عليهم. في الجهاد. عن يحيى بن سعيد، عن عبد الله بن المغيرة بن أبي بردة الكناني بلغه (¬2). هذا الحديث لا أصل له (¬3)، وعبد الله بن المغيرة مجهول (¬4)، قال البخاري ¬

_ (¬1) هما واحد عند أبي الحجاج المزي وابن حجر وغيرهما، وهو ما رجّحه المؤلف كما سيأتي. قال المزي: "المغيرة بن أبي بردة، ويقال: المغيرة بن عبد الله بن أبي بردة من بني عبد الدار حجازي، ويقال: عبد الله بن المغيرة بن أبي بردة الكناني". وقال الحافظ: "عبد الله بن المغيرة بن أبي بردة الكناني، حجازي، أرسل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الوضوء من ماء البحر، وعنه يحيى بن سعيد". انظر: مسند أبي هريرة (3/ 499)، وتهذيب الكمال (28/ 352)، وتهذيب التهذيب (10/ 229)، وتعجيل المنفعة (1/ 769). (¬2) الموطأ كتاب: الجهاد، باب: ما جاء في الغلول (1/ 366) (رقم: 24). (¬3) أي لم يَرِد مسندًا من وجه آخر. (¬4) قد يسلَّم له هذا الحكم إذا كان عبد الله بن المغيرة هذا غير المغيرة بن أبي بردة الذي روى حديثَ "إنا نركب البحر. . ." كما ذهب إليه ابن الحذاء في رجال الموطأ، وأما إذا كانا رجلًا واحدًا كما يدل عليه سياق البخاري في تاريخه وكما ذهب إليه المزي وغيره فهو رجل معروف كما قال أبو داود، روى عنه يحيى بن سعيد ويزيد بن محمد القرشي، وسعيد بن سلمة، =

في التاريخ: "عبد الله بن مغيرة بن أبي بُردة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الغلول مرسل"، قال: "وقال الليث: حدَّثنا يحيى بن سعيد، عن عبد الله بن مغيرة: أن رجلا من بني مدلج قال: سألنا النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "هو الحل ميتته" (¬1). فكأنَّ عبدَ الله بن المغيرة هذا، ومغيرة بن أبي بُردة الرّاوي حديث البحر: "هو الطهور ماؤه الحل ميتته" عن أبي هريرة وغيره رجل واحد، اختلف في اسمه، وإلى هذا ذهب أبو عمر بن عبد البر (¬2)، انظره في مسند أبي هريرة في أحاديث المقلِّين عنه (¬3). * * * ¬

_ = ووثقه النسائي، وذكره ابن حبان في ثقاته. وقال الحافظ -بعد أن نقل توثيق المغيرة-: "فعلم بهذا غلط من زعم أنه مجهول لا يعرف". انظر: التاريخ الكبير (5/ 205)، وثقات ابن حبان (5/ 53)، وتهذيب الكمال (28/ 352، 353)، والكاشف (3/ 147)، والبدر المنير (2/ 10، 12)، والتلخيص الحبير (1/ 22)، والتقريب (رقم: 6829). (¬1) التاريخ الكبير (5/ 205). وحديث: "هو الحل ميتته"، تقدَّم كما سيأتي. (¬2) التمهيد (23/ 430، 429). (¬3) انظر: (3/ 499).

29 - مرسل عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم

29 - مرسل عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم ستة أحاديث، أحدها مزيد، وتقدّم له مسند عن جماعة من الرجال والنساء، منهم: عبد الله بن زيد (¬1)، وزيد بن خالد (¬2)، وأبو بشَير (¬3)، وأبو حميد (¬4)، وعائشة رضي الله عنها، وغيرها من أمهات المؤمنين بوسائط (¬5). مالك عنه: 53 / حديث: "إنَّ في الكتاب الذي كتبه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - لعمرو بن حزم: أن لا يمسّ القرآن إلا طاهرٌ". في الصلاة، عند آخره (¬6). قال الشيخ: "كتاب عمرو بن حزم مشهور مستفيض، بعث به النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى أهل اليمن، ونقله آلُه عنه، صححه ابن معين، وغيره، وفيه معان جمّة" (¬7). ¬

_ (¬1) تقدّم حديثه (3/ 22). (¬2) تقدّم حديثه (2/ 164). (¬3) تقدّم حديثه (3/ 151). (¬4) تقدّم حديثه (3/ 161). (¬5) تقدّم حديثه عن عائشة (4/ 113 - 120) وانظر حديثه عن أم سلمة (4/ 197، 213)، وعن أم حبيبة وزينب بنت جحش (4/ 233). (¬6) الموطأ كتاب: القرآن، باب: الأمر بالوضوء لمن مسّ القرآن (1/ 177) (رقم: 1). وأخرجه أبو بكر بن أبي داود في المصاحف (ص: 212) من طريق ابن وهب عن مالك به. (¬7) عمرو بن حزم هذا، استعمله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أهل نجران، وهو ابن سبع عشرة سنة ليفقّههم في الدين، ويعلّمهم القرآن ويأخذ الصدقات وذلك في سنة عشر، وقد كتب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع عمرو بن حزم كتابًا في: الفرائض والصدقات والديات وغيرها. =

وهذا الفصل منه رواه معمر (¬1) عن عبد الله بن أبي بكر، عن أبيه مرسلًا، خرّجه كذلك عبد الرزاق وغيره (¬2). وأسنده يحيى بن حمزة، عن سُليمان بن داود، عن الزهري، عن أبي ¬

_ = قال الإمام ابن القيم عن هذا الكتاب: "وهو كتابٌ عظيمٌ فيه أنواعٌ كثيرةٌ من الفقه: في الزكاة، والديات، والأحكام، وذكر الكبائر، والطلاق، والعتاق، وأحكام الصلاة في الثوب الواحد، والاحتباء فيه، ومس المصحف، وغير ذلك". وقال الحافظ ابن كثير: "كتاب آل عمرو بن حزم هذا، اعتمد عليه الأئمة والمصنفون في كتبهم، وهو نسخة متواترة عندهم، تشبه نسخة عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده". انظر: الطبقات الكبرى (1/ 204)، وتقييد العلم للخطيب (ص: 72)، والاستيعاب (8/ 299 - 300)، وجامع بيان العلم وفضله (1/ 71)، والدرر في اختصار المغازي والسير (ص: 258)، وأسد الغابة (4/ 202)، وزاد المعاد (1/ 119)، وتحفة الطالب (ص: 231)، والإصابة (9917)، والعواصم والقواصم لابن الوزير (1/ 333)، وصحائف الصحابة لأحمد الصويان (ص: 92). وأما ما ذكر من تصحيح ابن معين للكتاب المذكور فلم أقف على نصٍّ صريح له في ذلك لكن ذكر الدوري أن رجلًا سأله عن حديث عمرو بن حزم هذا فقال: "هذا مسند؟ قال: لا، ولكنه صالح". تاريخ ابن معين (2/ 442). وورد توثيقه عن غير واحد من الأئمة، قال الإمام الشافعي: "ولم يقبلوا كتاب آل عمرو بن حزم -والله أعلم- حتى ثبت لهم أنه كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -". الرسالة (ص: 422 - 423). وقال البغوي: "سمعت أحمد بن حنبل وسُئل عن حديث الصدقات هذا الذي يرويه يحيى بن حمزة أصحيح هو، فقال: أرجو أن يكون صحيحًا". السنن الكبرى للبيهقي (4/ 90). وقال يعقوب الفسوي في المعرفة (2/ 216): "لا أعلم في جميع الكتب كتابًا أصحُ من كتاب عمرو بن حزم، كان أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - والتابعون يرجعون إليه ويدَعون آراءهم". وقال ابن عبد البر: "هذا كتاب مشهور عند أهل السير، معروف ما فيه عند أهل العلم معرفة يستغنى بشهرتها عن الإسناد؛ لأنّه أشبه التواتر في مجيئه لتلقي الناس له بالقبول والمعرفة". التمهيد (17/ 338 - 339). (¬1) تحرف في الأصل إلى مغيرة. (¬2) أخرجه في المصنف (1/ 341) (رقم: 1328)، ومن طريقه الدارقطني في السنن (1/ 121)، والبيهقي في السنن الكبرى (1/ 87)، وقال الدارقطني: "مرسل ورواته ثقات".

بكر بن محمد بن عمرو، عن أبيه، عن جدّه عمرو بن حزم قال: "إنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كتب إلى أهل اليمن كتابًا فكان فيه: لا يمسُّ القوآن إلا طاهرٌ"، خرّجه الدارقطني في السنن (¬1). وذكر النسائي الكتاب وأسنده من طريق يحيى بن حمزة، عن سُليمان بن داود، وسليمان بن أرقم، وتكلّم عليه في السنن (¬2). وخرّج أبو داود هذا الحديث منه في المراسل من طريق مالك وغيره، ومن حديث الزهري عن أبي بكر مرسلًا، وقال: "رُوي هذا الحديث مسندًا، ولا يصح" (¬3). ¬

_ (¬1) سنن الدارقطني (1/ 122)، وكذا أخرجه الحاكم في المستدرك (1/ 397)، والبيهقي في السنن الكبرى (1/ 87 - 88) من طريق الحكم بن موسى عن يحيى بن حمزة به. ورجال الإسناد ثقات ما عدا الحكم فإنه صدوق، وقد صححه بعضهم كابن حبان في الموارد (3/ 75) (رقم: 793). وذلك أخذًا بظاهر الإسناد لكن ذكر بعض أهل العلم كأبي داود والنسائي وغيرهما أن في الإسناد علة خفية قادحة وهي أن الحكم بن موسى أخطأ فيه، وقال: "سليمان بن داود" وإنما هو "سليمان بن أرقم" وهو متروك الحديث، وعليه فالحديث لا يصح مسندًا كما سيأتي في قول أبي داود. (¬2) أخرجه النسائي في السنن كتاب: القسامة، باب: في ذكر حديث عمرو بن حزم في العقول واختلاف الناقلين له (8/ 428 - 429) (رقم: 4869، 4868) من طريق الحكم بن موسى عن يحيى بن حمزة عن سليمان بن داود، ومن طريق محمد بن بكار بن بلال عن يحيى بن حمزة عن سليمان بن أرقم كلاهما عن الزهري عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كتب إلى أهل اليمن فذكره ثم رجح طريق محمد بن بكار وقال: "وهذا أشبه بالصواب -والله أعلم- وسليمان بن أرقم متروك الحديث". (¬3) انظر: المراسيل له (ص: 121، 122) (رقم: 92، 93، 94) فقد أخرجه من طريق محمد بن عمارة عن أبي بكر بن محمد بن حزم، وعن القعنبي عن مالك، ومن طريق شعيب عن الزهري قال: قرأنا صحيفة عند آل أبي بكر فذكره. ورجال هذه الأسانيد كلهم ثقات ما عدا محمد بن عمارة، فقال فيه الحافظ: "صدوق يخطئ". التقريب (رقم: 6167). =

وأسند الدارقطني معناه من طريق ابن عمر وحكيم بن حزام (¬1). ¬

_ = وخرج الجزء المتعلق بالديات منه في (ص: 211 - 212) من طريق يونس عن الزهري قال: "قرأت في كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعمرو بن حزم حين بعثه إلى نجران وكان الكتاب عند أبي بكر بن حزم. . ." فذكره، ثم قال: "أسند هذا ولا يصح، رواه يحيى بن حمزة عن سليمان بن أرقم عن الزهري، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده"، ثم قال: "حدثنا أبو هبيرة -محمد بن الوليد الدمشقي- قال: قرأته في أصل يحيى بن حمزة حدثني سليمان بن أرقم". وحدثنا هارون بن محمد بن بكار، حدثني أبي وعمي قالا: يحيى بن حمزة عن سليمان بن أرقم مثله، والذي قال: "سليمان بن داود" وهم فيه ثم ساقه من طريق الحكم عن يحيى بن حمزة عن سليمان بن داود الخولاني عن الزهري موصولًا وقال: "وهم فيه الحكم". وذكر الذهبي في الميزان (2/ 201 - 202) عن أبي الحسن الهروي وابن منده ودُحيم أن الحديث في أصل يحيى بن حمزة عن سليمان بن أرقم، وغلط فيه الحكم، ونقل عن أبي زرعة الدمشقي أنَّه قال: "الصواب سليمان بن أرقم"، إلى أن قال: "ترجّح أن الحكم بن موسى وهم ولا بدَّ"، وقال أيضًا: "رجّحنا أنه ابن أرقم"، فالحديث إذًا ضعيف الإسناد، وقال في ترجمة الحكم: "له حديثان منكران: حديث الصدقات ذاك الطويل، وحديثه عن الوليد بن مسلم في الذي يسرق من صلاته". وقال ابن حجر: "سليمان بن داود الخولاني فلا ريب في أنه صدوق لكن الشبهة دخلت على حديث الصدقات من جهة أن الحكم بن موسى غلط في اسم والد سليمان فقال: سليمان بن داود، وإنما هو سليمان بن أرقم، فمن أخذ بهذا ضعَّف الحديث ولا سيما مع قول من قال إنه قرأ كذلك في أصل يحيى بن حمزة. . . وأما من صححه فأخذوه على ظاهره في أنه سليمان بن داود، وقوي عندهم أيضًا بالمرسل الذي رواه معمر عن الزهري". تهذيب التهذيب (4/ 166). قلت: ولما تبيّن أن الصواب في هذا الإسناد "يحيى بن حمزة عن سليمان بن أرقم"، فالإسناد ضعيف جدًّا؛ لأن سليمان بن أرقم هذا قال فيه الذهبي في الكاشف (1/ 311) وابن كثير في تحفة الطالب (ص: 233): "متروك". ولأجله ضعّفه الألباني أيضًا في الإرواء (1/ 158). (¬1) حديث ابن عمر أخرجه الدارقطني في السنن (1/ 121)، والطبراني في الصغير (ص: 479) (رقم: 1164)، وفِي الكبير (312/ 313) (رقم: 13217)، والبيهقي في السنن الكبرى (1/ 88) كلهم من طريق سعيد بن محمد بن ثواب، ثنا أبو عاصم، ثنا ابن جريج، عن سليمان بن موسى قال: سمعت سالمًا يحدث عن أبيه قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا يمسّ القرآن إلّا طاهرًا". =

وانظر كتاب عمرو بن حزم في مرسل أبي بكر بن محمد (¬1). 54 / حديث: قال في سيل مَهْزُورٍ ومُذَينِب (¬2): "يمسك حتى الكعبين". في الأقضية (¬3). ¬

_ = قال الهيثمي في المجمع: "رواه الطبراني في الكبير والصغير، ورجاله موثقون". وقال الحافظ في التلخيص (1/ 140): "رواه الدارقطني والطبراني، وإسناده لا بأس به، ذكر الأثرم أن أحمد احتج به". قلت: كذا قالا! وفي الإسناد سعيد بن محمد بن ثواب، تفرد به عن أبي عاصم كما قال الطبراني في الصغير، ولم أجد من جرحه أو وثقه فهو مجهول الحال كما قال الشيخ الألباني في الإرواء (1/ 159). وفيه أيضًا عنعنة ابن جريج وهو مدلس من الثالثة فلا يحتج بحديثه إلا إذا صرّح فيه بالسماع وهو لم يصرح هنا، وعليه فالإسناد ضعيف لكن يشهد له حديث حكيم بن حزام الآتي. وحديث حكيم بن حزام أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (3/ 229) (رقم: 3135)، وفي الأوسط (3/ 326) (رقم: 3301)، والدارقطني في السنن (1/ 122)، والحاكم في المستدرك (3/ 485)، كلهم من طريق سويد أبي حاتم حدثنا مطر الوراق، عن حسان بن بلال عن حكيم بن حزام به. وإسناده ضعيف أيضًا، فيه سويد أبو حاتم، قال الحافظ فيه في التلخيص (1/ 140): "ضعيف"، وقال في التقريب (رقم: 2687): "صدوق سيّئ الحفظ له أغلاط، لكن يشهد له حديث ابن عمر ومرسل عبد الله بن أبي بكر، وبمجموع هذه الطرق يرتفع الحديث إلى درجة الحسن إن شاء الله، وقد صححه إسحاق المروزي. انظر: السائل عن الإمام أحمد وإسحاق (1/ 152). (¬1) سيأتي حديثه (5/ 277). (¬2) مَهزُور: بفتح الميم وسكون الهاء وضم الزاي وسكون الواو وآخره راء. ومُذَيْنِب: بضم الميم وسكون الياء وكسر النون بعدها باء موحدة، قال عبد الملك بن حبيب فيما نقل عنه ابن عبد البر: "إنهما واديان من أودية المدينة يسيلان بالمطر، ويتنافس أهل الحوائط في سيلهما". وذكر محمد حسن شرّاب أنهما واديان يصبّان على نخل العوالي، ومنهما يتكوّن وادي بطحان المعروف اليوم بأبي جيدة. انظر: التمهيد (17/ 410)، ومعجم ما استعجم (4/ 1204 و 1275)، والنهاية (4/ 313)، وفتح الباري (5/ 49)، وتاريخ معالم المدينة قديما وحديثًا (ص: 205)، والمعالم الأثيرة في السنة والسيرة (ص: 283). (¬3) الموطأ كتاب: الأقضية، باب: القضاء في المياه (2/ 570) (رقم: 28).

أسنده إسحاق الطباع عن مالك، عن أبي الرجال، عن عمرة، عن عائشة (¬1). وهذا غريب، ذكره أبو عمر (¬2). وخرّج أبو داود هذا الحديث عن عمرو بن شعيب، عن أبيه عن جدّه، وعن ثعلبة بن أبي مالك القرظي عن كبرائهم (¬3). ومعناه مخرّج في الصحيح (¬4). ¬

_ (¬1) أخرجه الحاكم في المستدرك (2/ 62) من طريق علي بن الحسين بن الجنيد عن إسحاق به، وصححه على شرط الشيخين ووافقه الذهبي، وعزاه الحافظ في الفتح (5/ 49) إلى غرائب مالك للدارقطني وقال: "صححه الحاكم". (¬2) قال ابن عبد البر- بعدما أورده من طريق أحمد بن صالح عن إسحاق-: "هذا إسناد غريب جدًّا عن مالك، لا أعلمه يُروى عن مالك بهذا الإسناد من غير هذا الوجه". التمهيد (17/ 409). قلت: الأمر كما قال، فقد ذكر الدارقطني في العلل رواية إسحاق عن مالك ثم قال: "وغيره لا يذكر عائشة، وهو المحفوظ عن مالك". (¬3) حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدّه، أخرجه أبو داود في السنن، كتاب: الأقضية، أبواب من القضاء (4/ 53) (رقم: 3639)، وكذا ابن ماجه في السنن كتاب: الرهون، باب: الشرب من الأودية ومقدار حبس الماء (2/ 830) (رقم: 2482)، كلاهما عن أحمد بن عبدة، عن المغيرة بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن عمرو بن شعيب به. قال الحافظ: "إسناده حسن". الفتح (5/ 49). وحديث ثعلبة بن أبي مالك أخرجه أبو داود قبل الحديث السابق (رقم: 3638) من طريق أبي مالك بن ثعلبة عن أبيه أنه سمع كبراءهم يذكرون أن رجلًا من قريش كان له سهم في بني قريظة. . . الحديث. والإسناد فيه أبو مالك بن ثعلبة، قال الحافظ في التقريب (رقم: 6428): "مقبول" أي حيث يتابع، وقد توبع هنا فرواه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (4/ 215) (رقم: 2200)، والطبراني في المعجم الكبير (2/ 80) (رقم: 1387) من طريق صفوان بن سليم عن ثعلبة نحوه ورجاله ثقات، وعليه فهذا إسناد حسن أيضًا. (¬4) وهو قوله - صلى الله عليه وسلم - للزبير -لما خاصمه رجل من الأنصار-: "اسق يا زبير ثم أرسل الماء إلى جارك" أخرجه البخاري في كتاب: الشرب والمساقاة، باب: سكر الأنهار (2/ 164) (رقم: 2359، 2360)، ومسلم في صحيحه كتاب: الفضائل، باب: وجوب اتّباعه - صلى الله عليه وسلم - (4/ 1829، 1830) (رقم: 129) من حديث ابن شهاب عن عروة عن عبد الله بن الزبير.

55 / حديث: "قاتلَ اللهُ اليهودَ، نُهُوا عن أكلِ الشَّحْمِ، فباعُوهُ وأَكَلُوا ثَمنَه". في الجامع، باب: الطعام والشراب (¬1). وهذا لِعُمَر وجابر وأبي هريرة، خُرّج لهم في الصحيحين (¬2). 56 / حديث: "أهدى جملًا كان لأبي جهل [لعنه الله] (¬3) في حجٍّ أو عُمرةٍ. . .". في باب: ما يجوز من الهدي (¬4). قال يحيى بن يحيى في إسناد هذا الحديث: مالك عن نافع، عن عبد الله بن أبي بكر. وزيادة نافع ها هنا وهَم وغلط، انفرد به يحيى، وإنما رواه مالك عن شيخه عبد الله من غير واسطة، وأصلحه ابن وضاح في كتابه، فأزال منه ذكر نافع (¬5). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: صفة النبي - صلى الله عليه وسلم -، باب: جامع ما جاء في الطعام والشراب (2/ 710) (رقم: 26). (¬2) حديث عم أخرجه: البخاري في صحيحه كتاب: البيوع، باب: لا يذاب شحم الميتة، ولا يباع ودكه (2/ 119) (رقم: 2223)، وفي: الأنبياء، باب: ما ذكر عن بني إسرائيل (2/ 493) (رقم: 3460). ومسلم في صحيحه كتاب: المساقاة، باب: تحريم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام (3/ 1207) (رقم: 72). وحديث جابر أخرجه: البخاري في صحيحه كتاب: البيوع، باب: بيع الميتة والأصنام (2/ 123) (رقم: 2236). ومسلم في صحيحه (3/ 1207) (رقم: 71). وحديث أبي هريرة أخرجه: البخاري في صحيحه كتاب: البيوع، باب: لا يذاب شحم الميتة (2/ 120) (رقم: 2224). ومسلم في صحيحه (3/ 1208) (رقم: 73). (¬3) ما بين المعقوفين ليس في الموطأ، فلعلّه من الناسخ. (¬4) الموطأ كتاب: الحج، باب: ما يجوز من الهدي (1/ 303) (رقم: 138). (¬5) انظر: مشارق الأنوار (2/ 335). ونبّه على هذا الوهم أيضًا محمد بن الحارث الخشني، وابن عبد البر وقال: "لم يختلف الرواة =

وهذا الحديث لابن عباس، خرّجه أبو داود من طريق مجاهد عنه (¬1)، وخرّجه ابن أبي شيبة من طريق مقسم عنه (¬2). ¬

_ = للموطأ عن مالك -فيما علمت قديمًا وحديثًا- أن هذا الحديث في الموطأ لمالك عن عبد الله بن أبي بكر، وليس لنافع فيه ذكر، ولا وجه لذكر نافع فيه، ولم يرو نافع عن عبد الله بن أبي بكر قط شيئًا، بل عبد الله بن أبي بكر ممن يصلح أن يروي عن نافع، وقد روى عن نافع من هو أجلّ منه". انظر: أخبار الفقهاء والمحدثين (ص: 353)، والتمهيد (17/ 413). قلت: وممن رواه عن مالك من غير هذه الزيادة: - أبو مصعب الزهري (1/ 470) (رقم: 1199)، وسويد بن سعيد (ص: 461) (رقم: 1062)، وابن بكير: (ل: 252 / أ) - الظاهرية-. (¬1) أخرجه أبو داود في السنن كتاب: المناسك، باب: في الهدي (2/ 360) (رقم: 1749). وكذلك أحمد في المسند (1/ 261)، وابن خزيمة (4/ 286 - 287) (رقم: 2897، 2898). والطبراني في المعجم الكبير (11/ 91) (رقم: 11147)، والحاكم في المستدرك (1/ 467)، كلهم من طرق عن ابن إسحاق عن عبد الله بن أبي نجيح، عن مجاهد عن ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد كان أهدى جمل أبي جهل. فذكره. إسناده حسن، فيه محمد بن إسحاق، وهو مدلس لكنه صرّح بالتحديث عند الإمام أحمد وابن خزيمة في إحدى روايته، والحاكم، ومع ذلك فقد توبع، تابعه جرير بن حازم عند أحمد في المسند (1/ 273)، وصححه الحاكم على شرط مسلم، ووافقه الذهبي. (¬2) لم أجده في المصنف، ولا في القسم المطبوع من المسند، ولا في النسخة المسندة من المطالب لكن أخرجه من طريقه، وكذا من طريق علي بن محمد ابن ماجه في السنن، كتاب: المناسك، باب: الهدي من الإناث والذكور (2/ 1035) (رقم: 3100)، وأحمد في المسند (1/ 234) من طريق وكيع ثلاثتهم عن سفيان عن ابن أبي ليلى، عن الحكم عن مقسم به. وهذا إسناد رجاله ثقات ما عدا ابن أبي ليلى وهو محمد بن عبد الرحمن فإنه سيئ الحفظ لكنه توبع عند الإمام أحمد وغيره كما تقدم. وأخرجه ابن ماحه أيضًا في كتاب: المناسك، باب: حجة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (2/ 1027) (رقم: 3076)، والطبراني في المعجم الكبير (11/ 378) (رقم: 12057)، والبيهقي في السنن الكبرى (5/ 230) من طرق عن سفيان الثوري به.

57 / حديث: "إنَّ أبا طلحة الأنصاري كان يصلّي في حائط له، فطار دُبسيّ (¬1). . .). فيه: "فجعل يُتبعه بصرَه ساعةً، ثم رجع إلى صلاته، فإذا هو لم يدر كَم صلّى! فقال: لقد أصابتني في مالي هذا فتنة. . ." وفي آخره قال: "يا رسول الله هو صدقة لله". في أبواب السهو (¬2). لم أجده مسندًا بهذا اللفظ (¬3). وانظر حديث الخميصة المعلَّمة لعائشة من رواية علقمة عن أمه عنها (¬4)، وفي مرسل عروة (¬5). وجاء عن عائشة أنها سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الالتفات في الصلاة فقال: "هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد"، خرّجه النسائي (¬6). وتقدّم لأنسٍ حديثُ إعطاء أبي طلحة بيرحاء (¬7)، ولعلَّ القصتين قد اجتمعتا فيه. ¬

_ (¬1) دُبسي: بضم الدال المهملة وسكون الموحدة وسين مهملة هو ذَكَر نوع من الحمام ذوات الأطواق، وهي الفواخت، قاله القاضي عياض. وقال الفيروز آبادي: "طائر أدكن يقرقر". انظر: مشارق الأنوار (1/ 253)، والقاموس المحيط (ص: 700) فصل الدال، ومادة (دبس). (¬2) الموطأ كتاب: الصلاة، باب: النظر في الصلاة إلى ما يشغلك عنها (1/ 102) (رقم: 69). (¬3) قال ابن عبد البر: هذا الحديث لا أعلمه يروى من غير هذا الوجه، وهو منقطع. التمهيد (17/ 389). (¬4) تقدّم حديثها (4/ 135). (¬5) سيأتي حديثه (5/ 79). (¬6) أخرجه النسائي في السنن كتاب: السهو، باب: التشديد في الالتفات في الصلاة (3/ 12 - 13) (رقم: 1195 - 1197) من طريقين عن مسروق عن عائشة به. والحديث صحيح، أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: بدء الخلق، باب: صفة إبليس وجنوده (2/ 441) (رقم: 3291) من طريق أشعث بن أبي الشعثاء عن أبيه عن مسروق به. (¬7) انظر: (2/ 37).

58 / حديث مؤيد: "أن في الكتاب الذي كتبه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - لعمرو بن حزم ألّا يصلي أحدكم في الثوب الواحد إلا مخالفًا بين طرفيه". ليس هذا عند يحيى بن يحيى، وهو في الموطأ عند ابن بكير وجماعة (¬1). وذكر ابن إسحاق وغيره هذا الفصل في كتاب عمرو بن حزم (¬2). ¬

_ (¬1) انظر الموطأ برواية: ابن بكير (ل: 25/أ) -السليمانية-، وأبي مصعب الزهري (1/ 141) (رقم: 359)، وسويد (ص: 138) (رقم: 220). (¬2) أخرج البيهقي في دلائل النبوة (5/ 413 - 415) من طريق يونس بن بكير عن ابن إسحاق، قال: حدثنا عبد الله بن أبي بكر، عن أبيه أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، قال: "هذا كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عندنا الذي كتبه لعمرو بن حزم حين بعثه إلى اليمن يُفقِّه أهلها ويُعلِّمهم السنة، ويأخذ صدقاتهم، فكتب له كتابًا وعهدًا وأمره فيه فكتب: بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب من الله ورسوله. . .". وفيه: "وينهى الناس أن يصلي الرجل في ثوب واحد صغير إلَّا أن يكون واسعًا فيخالف بين طرفيه على عاتقي. . .". ورجاله ثقات ما عدا أحمد بن عبد الجبار وشيخه يونس بن بكير، أما الأول فهو ضعيف لكن قال ابن حجر في التقريب (رقم: 64): "إن سماعه للسيرة صحيح"، وهذا الحديث الذي يرويه عن يونس عن أبي إسحاق في سيرة ابن إسحاق كما ذكره ابن هشام في السوة (4/ 594 - 596). وأما يونس بن بكير فقد اختلفت أقوال النقاد فيه فوثقه ابن معين، وأبو حاتم، وأبو زرعة، ذكره ابن حبان في الثقات، وضعفه أبو داود فقال: "ليس بحجة عندي يأخذ كلام ابن إسحاق فيوصله بالحديث"، وقال النسائي: "ليس بالقوي"، وقال مرة: "ضعيف". وجمع الحافظ بين هذه الأقوال فقال: "صدوق يخطئ"، وقال الذهبي: "أخرج مسلم له في الشواهد لا الأصول، وكذلك ذكره البخاري مستشهدًا به، وهو حسن الحديث"، وعليه فهذا إسناد جيد. وممن ذكر هذا الفصل في كتاب عمرو بن حزم الزهري، أخرجه الطبراني في الأحاديث الطوال (ضمن المعجم الكبير) (25/ 313) (رقم: 56). وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (14/ 506) (رقم: 6559)، والحاكم في المستدرك (1/ 395 - 397)، والبيهقي في السنن الكبرى (4/ 89، 90) من طرق عن الحكم بن موسى عن يحيى بن حمزة عن سليمان بن داود -وتقدم أن الصواب سليمان بن أرقم- عن الزهري عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن أبيه، عن جده أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كتب إلى أهل اليمن بكتاب فيه الفرائض والسنن والديات، وفيه هذا الفصل.

وانظر معناه في مسند جابر (¬1)، وعمر بن أبي سلمة (¬2). فصل: ذكر الطحاوي في الزكاة (¬3) من كتاب معاني الآثار أن الشافعي رضي الله عنه قال: "سمعت سفيان بن عيينة يقول: كنا إذا رأينا الرجل يكتب الحديثَ عن واحدٍ من أربعةٍ سمّاهم، وفيهم: عبد الله بن أبي بكر هذا - سخرنا منه؛ لأنهم كانوا لا يعرفون الحديث". وفي هذا القول نظر، وعبد الله بن أبي بكر بن حزم مشهور، روى عنه الأئمة (¬4)، وخرّج عنه البخاري ومسلم في الصحيح (¬5). وقد خرّج ابن الجارود حديث بسرة في مسّ الذّكر من طريق ابن عيينة عنه، انظره في مسند بُسرة (¬6). ¬

_ = وسنده ضعيف لأجل سليمان بن أرقم، لكن ورد كل فصل من فصول الكتاب، من وجوه أخرى، وهذا الفصل له شاهد من حديث أبي هريرة، أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الصلاة، باب: إذا صلّى في الثوب الواحد فليجعل على عاتقيه (1/ 36) (رقم: 359، 360)، ومسلم في صحيحه كتاب: الصلاة، باب: الصلاة في ثوب واحد وصفة لبسه (1/ 368) (رقم: 277). وانظر ترجمة يونس بن بكير في: تهذيب الكمال (32/ 493 - 497)، وميزان الاعتدال (6/ 251، 152)، وتهذيب التهذيب (11/ 383، 382)، والتقريب (رقم: 7900). (¬1) تقدّم حديثه (2/ 130). (¬2) تقدّم حديثه (2/ 302). (¬3) كذا في الأصل! وهو في الطهارة (1/ 72) دون الزكاة. (¬4) كمالك، ومعمر، والثوري، وابن عيينة، والزهري، وهشام بن عروة، وغيرهم، وقد قال عبد الله ابن الإمام أحمد عن أبيه: "حديثه شفاء"، وقال أيضًا: "هو أحفظ القوم للحديث"، وقال ابن سعد: "كان ثقةً كثير الحديث عالمًا"، ووثقه أيضًا ابن معين، وأبو حاتم، والنسائي. وقال ابن عبد البر: "كان من أهل العلم، ثقة، فقيهًا، محدِّثًا، مأمونًا، حافظًا، وهو حجة فيما حمل ونقل". انظر: الطبقات الكبرى (5/ 400)، والعلل ومعرفة الرجال (1/ 195) (3/ 261، 262)، والتمهيد (17/ 155)، وتهذيب الكمال (14/ 349)، والسير (5/ 314 - 315)، وتهذيب التهذيب (5/ 144)، والتقريب (رقم: 3239). (¬5) انظر: الجمع بين رجال الصحيحين لابن طاهر المقدسي (1/ 263). (¬6) تقدّم حديثها (4/ 247).

30 - مرسل عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين المكي

30 - مرسل عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حُسين المكّي حديثٌ واحدٌ مرسل (¬1). 59 / حديث: "لا قطع في ثمر معلَّق، ولا في حَرِيسَة جبل (¬2). . .". وذكر القطع فيما آواه المُراح، أو الجَرين (¬3) إذا بلغ ثمن المجنّ. في الحدود، عنه (¬4). معناه لعبد الله بن عمرو، قال فيه عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدّه مرفوعًا: "لا تُقطع اليدُ في ثمر معلَّق، فإذا ضمّه الجرين قُطعت في ثمن المجنّ، ولا يُقطع في حريسة الجبل، فإذا آواه المراح قُطعت في ثمن المِجَنِّ"، خرّجه النسائي، وأعاده بأتم ألفاظ وزيادة معان (¬5). ¬

_ (¬1) في الأصل "مسند" وهو خطأ. (¬2) الحريسة: فعيلة بمعنى مفعولة، وهي ما في المراعي من المواشي التي لها من يحرسها ويحفظها، وسبب عدم القطع في حريسة الجبل أنّه ليس يحرز، ومنهم من يجعل الحريسة السرقة نفسها، ويُقال أيضًا للشاة التي يدركها الليل قبل أن تصل إلى مراحها. النهاية (1/ 367)، والتمهيد (19/ 212)، ومشارق الأنوار (1/ 188). (¬3) المُراح -بالضم- الموضع التي تروح إليه الماشية وتأوي إليه ليلًا، والجرين موضع تجفيف التمر، وهو له كالبيدر للحنطة. النهاية (2/ 273)، و (1/ 263). (¬4) الموطأ كتاب: الحدود، باب: ما يجب فيه القطع (2/ 634) (رقم: 22). (¬5) أخرجه النسائي في السنن كتاب: قطع السارق، باب: الثمر المعلّق يُسرق (8/ 459) (رقم: 4972) عن قتيبة، عن أبي عوانة، عن عبيد الله الأخنس، عن عمرو به. إسناده حسن، ووقع في المطبوع: "عبد الله بن الأخنس"، وهو خطأ، وصوابه: عبيد الله مصغّرًا. =

وانظر حديث رافع بن خديج (¬1). * * * ¬

_ = وقد أخرجه من هذا الوجه أيضًا أبو داود في السنن كتاب: اللقطة، باب: التعريف باللقطة (2/ 336 - 337 (رقم: 1712) عن مسدد، عن أبي عوانة، عن عبيد الله نحوه. وأعاده النسائي -كما قال المصنف- بأتم ألفاظ وزيادة معان في الباب الذي يليه (8/ 459 - 460) (رقم: 4973، 4974) من طريق ابن عجلان وعمرو بن الحارث وهشام بن سعد، كلهم عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدّه، وفيه: "ما أصاب من ذي حاجة غير متخذ خبنة فلا شيء عليه، ومن خرج بشيء منه فعليه غرامة مثليه والعقوبة، ومن سرق دون ذلك فعليه غرامة مثليه والعقوبة". وأخرجه أبو داود في السنن كتاب: اللقطة، باب: التعريف باللقطة (2/ 336) (رقم: 1710)، وفي الحدود، باب: ما لا قطع فيه (4/ 550 - 551) (رقم: 4390)، والترمذي في السنن كتاب: البيوع، باب: ما جاء في الرخصة في أكل الثمرة للمار بها (3/ 584) (رقم: 1289) من طريق الليث، عن ابن عجلان، عن عمرو به. وقال الترمذي: "هذا حديث حسن". وله عن عمرو بن شعيب طرق أخرى ذكرها الألباني في الإرواء (8/ 69 - 71). (¬1) تقدّم حديثه (2/ 155).

31 - مرسل عبد الله بن واقد

31 - مرسل عبد الله بن واقد حديث مركّب. 60 / حديث: "نهى عن لحوم الضحايا بعد ثلاثة أيام". عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم، عن عبد الله بن واقد (¬1). وزاد فيه معن: عن عبد الله بن عمر، وهو جدّه (¬2). وقال فيه إسماعيل بن أبي أويس عن مالك: أظنّه عن ابن عمر (¬3). قال الدارقطني: "والقولان محفوظان عن مالك" (¬4)، وقد رواه سالم عن أبيه عبد الله بن عمر، خرّج ذلك في الصحيح (¬5). وحديث عبد الله بن واقد في الموطأ مرسل، وهو منوط بحديث عمرة عن عائشة في معناه، قال فيه عبد الله بن أبي بكر: فذكرت ذلك لعمرة بنت عبد الرحمن فقالت: صدق، وذكرتْ حديث عائشة، انظره في مسندها (¬6). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الضحايا، باب: ادّخار لحوم الأضاحي (2/ 386) (رقم: 7). وأخرجه مسلم في صحيحه كتاب: الأضاحي، باب: بيان ما كان من النهي عن أكل لحوم الأضاحي بعد ثلاث في أول الإسلام وبيان نسخه وإباحته إلى متى شاء (3/ 1561) (رقم: 28) من طريق روح بن عبادة، عن مالك به. (¬2) أخرجه من طريقه ابن المظفر في غرائب حديث مالك (ص: 204) (رقم: 138). وتابعه: محمد بن الحسن الشيباني (ص: 215) (رقم: 634). (¬3) لم أجده من طريقه. (¬4) العلل (4 / ل: 76 / ب). (¬5) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الأضاحي، باب: ما يُؤكل من لحوم الأضاحي وما يتزوّد منها (4/ 10) (رقم: 5574)، ومسلم في صحيحه كتاب: الأضاحي، باب: بيان ما كان من النهي عن أكل لحوم الأضاحي بعد ثلاث. . (3/ 1561) (رقم: 27). (¬6) تقدّم حديثها (4/ 117).

32 - مرسل عبد الله بن أبي مليكة

32 - مرسل (¬1) عبد الله بن أبي مُلَيكة حديث نُسب إليه غلطًا، وهو معدودٌ لغيره. • حديث: رجْمِ الحامل المعترفة. رواه مالك عن يعقوب بن زيد، عن أبيه. قال فيه يحيى بن يحيى عنه: يعقوب بن زيد عن أبيه زيد بن طلحة، عن عبد الله بن أبي مُليكة (¬2). والصواب: زيد بن طلحة بن عبد الله نسبةً لا عنعنةً، وهكذا عند سائر الرواة (¬3). والحديث مرسل لزيد بن طلحة، وقد تقدّم له في حرف الزاي (¬4). ¬

_ (¬1) في الأصل "مسند" وهو خطأ. (¬2) الموطأ كتاب: الحدود، باب: ما جاء في الرجم (2/ 627) (رقم: 5). (¬3) انظر الموطأ برواية: - أبي مصعب الزهري (2/ 17) (رقم: 1759)، ومحمد بن الحسن (ص: 243) (رقم: 696)، وابن بكير -الظاهرية-. - وهكذا قال القعنبي، وابن القاسم، ومطرف، كما نقله ابن عبد البر وقال: "هو الصواب إن شاء الله". التمهيد (24/ 127)، والاستذكار (24/ 33). (¬4) تقدم (4/ 550).

33 - مرسل عبد الله بن عبد الله بن جابر بن عتيك

33 - مرسل عبد الله بن عبد الله بن جابر بن عتيك متكرر معدود لغيره، وتقدّم له مسند عن جابر أو جبر بن عتيك بواسطة (¬1). • حديث: "الصلاة في مسجد بني معاوية والدعوات الثلاث. . .". سألَه ابنُ عمر عنه فلمَّا أخبَرَهُ به صدَّقَه، فهو معدودٌ لعبدِ اللهِ بنِ عمر، وقد تقدّم له (¬2). وتقدّم أيضًا في الزيادات لجبر المسمّى بـ "جابر بن عتيك"، إذ من الرواة من أسنده إليه (¬3). ¬

_ (¬1) انظر: (2/ 141). (¬2) انظر: (2/ 489). (¬3) انظر تفصيل الكلام فيه: (4/ 376).

34 - مرسل عبيد الله بن عدي بن الخيار

34 - مرسل عُبيد الله بن عدي بن الخيار حديث واحد. 61 / حديث: "بَينَما رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - جالسٌ بين ظَهْرَانَي النَّاس، إذْ جاءه رجلٌ فسارَّهُ. . ." فيه: "فإذا هو يستأذنُه في قتلِ رجُلٍ مِنَ المنَافقين. . ." وفيه: ذكر الشهادتين والصلاة، وقوله: "أولئك الذين نهاني الله عنهم". في جامع الصلاة. عن ابن شهاب، عن عطاء بن يزيد الليثي، عن عُبيد الله بن عدي (¬1) بن الخيار، ذكره (¬2). هكذا في الموطأ (¬3). وقال فيه رَوْح عن مالك (¬4): عبيد الله بن عدي، عن رجل من الأنصار، ولم يُسَمِّ الرَّجُلَ (¬5). ورواه معمر، عن الزهري، عن عطاء بن يزيد، عن عُبيد الله بن عدي بن الخيار، عن عبد الله بن عدي الأنصاري، فجوّده (¬6). ¬

_ (¬1) تصحّف في الأصل إلى عبد الله. (¬2) الموطأ كتاب: قصر الصلاة في السفر، باب: جامع الصلاة (1/ 156) (رقم: 84). (¬3) أي أنه مرسل كما رواه يحيى، وكذا أبو مصعب الزهري (1/ 222) (رقم: 569)، وسويد بن سعيد (ص: 198) (رقم: 312)، والقعنبي عند الجوهري في مسند الموطأ، وكذا سائر الرواة عن مالك إلا روح بن عبادة كما قال ابن عبد البر. التمهيد (10/ 150). (¬4) أي في غير الموطأ كما صرّح بذلك الجوهري في مسند الموطأ. (¬5) أخرجه من طريقه ابن عبد البر في التمهيد (10/ 150). (¬6) أخرجه عبد الرزاق في المصنف (10/ 163) (رقم: 18688)، ومن طريقه أحمد في المسند (5/ 433)، ويعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ (1/ 262)، وابن حبان في صحيحه =

ذكر الجوهري ترجيح هذا وطرّقه (¬1). ومعنى هذا الحديث مذكورٌ في بعض طرق حديث عتبان بن مالك، وذلك مخرَّج في مسنده (¬2). فصل: عُبيد الله بن عدي بن الخيار -مصغًرًا- تابعيٌّ، وُلد في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬3)، وهو ابن أخت عتّاب بن أُسيد (¬4). وأما عبد الله بن عدي الأنصاري فهو من الصحابة، وليس هو ابن الحمراء القرشي، الزهري، هو رجلٌ صحابيٌّ أيضًا (¬5). ¬

_ = (الإحسان) (13/ 309) (رقم: 5971). قال ابن حجر: "إسناده صحيح، وقد جوّده معمر عن الزهري، ورواه مالك والليث وابن عيينة عن الزهري، فقالوا: عن رجلٍ من الأنصار، ولم يسمّوه". الإصابة (6/ 164). (¬1) ذكر الجوهري في مسنده الوجوه المذكورة كلها ولم يرجح منها شيئًا، اللهم إلا أن يكون ذلك في كتابه الآخر (مسند ما ليس في الموطأ). (¬2) تقدّم حديثه (3/ 60). (¬3) ذكره ابن سعد في الطبقة الأولى من تابعي أهل المدينة، وقال العجلي: "تابعيٌّ ثقة من كبار التابعين". انظر: الطبقات الكبرى (5/ 36)، ومعرفة الثقات للعجلي (2/ 112)، والاستيعاب (7/ 82)، وأسد الغابة (3/ 521)، والسير (3/ 514)، والإصابة (7/ 223). (¬4) في الأصل (عثمان بن عفان) وهكذا قال العجلي! والصواب المثبت؛ لأنَّ أم عبيد الله هي أم قتال بنت أسيد أخت عتاب بن أسيد كما قال ابن سعد وغيره، ولمّا نقل الحافظ قول العجلي، قال: "كذا فيه، ولعلّ الصواب عتاب". انظر: الطبقات الكبرى (5/ 36)، ومعرفة الثقات (2/ 113)، وأسد الغابة (3/ 521)، والإصابة (7/ 223). (¬5) انظر ترجمتهما في: الاستيعاب (6/ 298 - 305)، وأسد الغابة (3/ 322)، والإصابة (6/ 163، 164).

35 - مرسل عبيد بن عبد الله بن عتبة بن مسعود

35 - مرسل عُبيد بن عبد الله بن عُتبة بن مسعود حديثٌ واحدٌ، وتقدّم له مسند عن ابن عباس (¬1)، وعن غيره بواسطة (¬2)، وعن أبي هريرة، وزيد بن خالد (¬3)، وأم قيس من غير واسطة (¬4). 62 / حديث: "أن رجلًا من الأنصار جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بجاريةٍ له سوداءَ فقال: يا رسولَ الله، إنَّ عليَّ رقبة مؤمنة، فإن كنت تراها مؤمنةً أَعتِقُها. . .". فيه: ذكر الشهادتين، والبعث، وقوله: "اعتِقْها". في العتق. عن ابن شهاب، عن عُبيد الله بن عبد الله بن عتبة: "أن رجلًا من الأنصار، . . ." وساقَهُ (¬5). هكذا في الموطأ، جعل مالك (¬6). ¬

_ (¬1) انظر: (2/ 526). (¬2) كالصّعب بن جثامة (2/ 258). (¬3) تقدّم حديثه (2/ 172، 171). (¬4) تقدّم حديثها (4/ 322). (¬5) الموطأ كتاب: العتق والولاء، باب: ما يجوز من العتق في الرقاب الواجبة (2/ 595) (رقم: 9). (¬6) أي مرسلًا كما رواه يحيى، وهكذا رواه: - أبو مصعب الزهري (2/ 405) (رقم: 2731)، وسويد بن سعيد (ص: 390) (رقم: 888)، وابن بكير -الظاهرية-. - وبشر بن عمر عند ابن خزيمة في التوحيد (1/ 287). - وابن وهب وابن بكير عند البيهقي في السنن الكبرى (7/ 388). =

وقال فيه معمر، عن الزهري: "عن عبيد الله بن عبد الله، عن رجل من الأنصار: أنه جاء. . ."، في الحديث عن هذا الرجل المجهول (¬1). وقال فيه الحسين بن الوليد: "عن مالك، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن أبي هريرة" (¬2). ورواه الحسين بن الوليد أيضًا، عن المسعودي، عن (¬3) عون بن عبد الله بن عُتبة، عن أخيه عبيد الله بن عبد الله، عن أبي هريرة، مسندًا، وزاد فيه: "أعتقها، فإنها مؤمنة"، ذكره أبو عمر بن عبد البر (¬4). ¬

_ = بل إنَّ الإرسال هي رواية الجميع كما قال الدارقطني في العلل (9/ 29)، وابن عبد البر في التمهيد (9/ 114). وتابع مالكًا عليه يونسُ بن يزيد وابن عيينة، ذكرهما الدارقطني ثم قال: "والصحيح عن الزهري مرسلًا". العلل (9/ 29، 30). (¬1) أخرجه عبد الرزاق في المصنف (9/ 175) (رقم: 16814)، ومن طريقه أحمد في المسند (3/ 452)، وابن خزيمة في التوحيد (1/ 286) (رقم: 185). والمراد بالمجهول هنا المبهم؛ لأن الصحابي لا يوصف بالجهالة وإن لم يسمَّ. قال الهيثمي في المجمع (4/ 244): "رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح". (¬2) أخرجه ابن خزيمة في التوحيد (1/ 288) (رقم: 187) وقال: "لا شك ولا ريب أن هذا غلط؛ ليس في خبر مالك ذكر أبي هريرة". (¬3) في الأصل: "وهو عون بن عبد الله" وهو خطأ، والصواب ما أثبتَّه. (¬4) انظر: التمهيد (9/ 114) وذكره أيضًا الدارقطني في العلل (9/ 30) وقال: "هو محفوظ عن المسعودي". قلت: ولعل ذلك لكونه يرويه عن عون، فقد قال ابن معين: "المسعودي ثقة، ولكنه كان يغلط إذا حدّث عن عاصم، وسلمة بن كهيل وكان حديثه صحيحًا عن القاسم، ومعن بن عبد الرحمن". وهكذا قال علي بن المديني. انظر: تاريخ ابن معين - رواية الدوري عنه - (2/ 351)، وتاريخ بغداد (10/ 220، 221)، والكواكب النيِّرات (ص: 297).

وروى سعيدُ بن جُبير، عن ابن عباس نحو هذه القصة، خرّجه ابن أبي شيبة، وليس فيه ذكر البعث (¬1). وفي متن حديث الموطأ خُلْفٌ، جوّده يحيى بن يحيى (¬2). وانظر مسند معاوية المسمّى في الموطأ بعُمر بن الحكم (¬3). ¬

_ (¬1) أخرجه في المصنف (11/ 20) عن علي بن هاشم، عن ابن أبي ليلى، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، عن الحكم يرفعه: أن رجلًا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال: "إنّ على أمي رقبة مؤمنة، وعندي رقبة سوداء أعجمية، فقال: ائت بها، فقال: أتشهدين أن لا إله إلَّا الله وأني رسول الله؟ قالت: نعم، قال: أعتقها". هكذا وقع في المصنف: "ابن عباس، عن الحكم! ! "، وقد أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (12/ 26 - 27) (رقم: 12369)، والأوسط (5/ 350) (رقم: 5523) من طريق يحيى بن الحسن بن فُرات القزاز، عن علي بن هاشم، عن ابن أبي ليلى، عن المنهال بن عمرو والحكم بن عتيبة، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عباس: أن رجلًا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "إنَّ عليَّ رقبة. . ."، وذكره. وأخرجه البزار في مسنده (1/ 14) (رقم: 13 - كشف الأستار-) من طريق عبيد الله، عن ابن أبي ليلى، عن المنهال بن عمرو -وحده-، عن سعيد بن جبير به. وعليه فما وقع في المصنف من رواية ابن عباس عن الحكم خطأ ظاهر. والإسناد فيه محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، وهو سيء الحفظ، لكنه يُقبل في الشواهد والمتابعات. (¬2) وجه الخلف فيه: أن الحديث رواه أبو مصعب وابن بكير وسويد بن سعيد وابن وهب، إلَّا أنَّهم لم يذكروا فيه: "فإن كنت تراها مؤمنة"، وإنَّما قالوا: "يا رسول الله عليَّ رقبة مؤمنة أفأعتق هذه؟ ". قال ابن عبد البر: "وهكذا رواه ابن القاسم، قال: ورواه القعنبي بإسناده مثله، وحذف منه "إنَّ عليَّ رقبة"، وقال: "إنَّ رجلًا من الأنصار أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بجارية سوداء فقال: يا رسول الله أأعتقها؟ الحديث"، ثم ذكر ابن عبد البر أيضًا أن يحيى بن يحيى جوّد لفظه. التمهيد (9/ 113). (¬3) انظر: (2/ 305).

• حديث: السمن تسقط فيه الفارة. مذكور في مسند ميمونة، وأرسله ابن بكير فجعله لعبيد الله بن عبد الله هذا (¬1). وجدّه عتبة بن مسعود، هو أخو عبد الله بن مسعود. ¬

_ (¬1) تقدّم الكلام عليه في مسند ميمونة (4/ 227).

36 - مرسل عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر

36 - مرسل عبد الرحمن بن القاسم بن محمّد بن أبي بكر حديث واحد، وتقدّم له مسند عن عائشة وغيرها بواسطة أبيه (¬1) 63 / حديث: "لِيُعَزَّ المسلمين في مصابهم المصيبةُ بي (¬2) ". في الجنائز، عنه (¬3). قال بعض الرواة فيه: عن عبد الرحمن، عن أبيه (¬4). ومعناه لعائشة والمسور بن مخرمة، ذكره أبو عمر (¬5). ¬

_ (¬1) تقدّم حديثه عن عائشة (4/ 3 - 9)، وعن أسماء بنت عُميس (4/ 243)، وعن خنساء بنت خذام (4/ 298). (¬2) قال ابن عبد البر: "صدق رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنَّ المصيبة به أعظم من كلِّ مصيبة يُصاب بها المسلم بعده إلى يوم القيامة، انقطع الوحي، وماتت النبوة، وكان أول ظهور الشر بارتداد العرب وغير ذلك ممّا يطول ذكره"، ثم ذكر أثارًا ورواجز في هذا المعنى. التمهيد (19/ 322 - 323). (¬3) الموطأ كتاب: الجنائز، باب: جامع الحسبة في المصيبة (1/ 240) (رقم: 41). وأخرجه ابن سعد في الطبقات (2/ 211) من طريق إسحاق بن عيسى. وابن المبارك في الزهد (ص: 158) (رقم: 467)، كلاهما عن مالك به. (¬4) قاله عبد الرزاق في المصنف (3/ 395) (رقم: 6071)، ولفظه: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يعزِّي المسلمين في مصابهم". قال ابن العربي: "هذا مخالف لما رواه بقية الرواة في الإسناد والمتن". المسالك. (¬5) حديث عائشة أورده ابن عبد البر في التمهيد (19/ 324 - 325) من طريق عبد الله بن جعفر، عن مصعب بن محمد بن شرحبيل، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن عائشة قالت: أقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مرضه على الناس فقال: "أيّها الناس، مَن أُصيب منكم بمصيبة فليتعزَّ بي عن مصيبته التي تصيبه. . .". =

خرّج ابن أبي شيبة عن سهل بن سعد قريبًا منه (¬1). ¬

_ = وسنده ضعيف؛ لأجل عبد الله بن جعفر، وهو والد علي بن المديني. انظر: تهذيب الكمال (14/ 379)، والكاشف (2/ 69)، وتهذيب التهذيب (5/ 152 - 153)، والتقريب (رقم: 3255). وتابعه موسى بن عبيدة الرَّبذي عند ابن ماجه في السنن كتاب: الجنائز، باب: ما جاء في الصبر على المصيبة (1/ 510) (رقم: 1599). وهو ضعيف أيضًا مثله، لكن الحديث صحيح بشواهده كما قال الألباني في السلسلة الصحيحة (رقم: 1106). ونظر ترجمة موسى بن عبيدة في: تهذيب الكمال (29/ 104)، والكاشف (3/ 16)، وتهذيب التهذيب (10/ 318)، والتقريب (رقم: 6989). وأما حديث المسور بن مخرمة، فقد أورده ابن عبد البر في التمهيد (19/ 324) من طريق الليث بن سعد، عن أبي بكر بن عبد الرحمن، عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من عظُمت مصيبته فليتذكّر مصيبته بي، فإنَّه ستهون عليه مصيبتُه". قال ابن عبد البر: "هكذا كتبته عن أبي القاسم -رحمه الله- من أصله، وقرأته عليه: الليث، عن أبي بكر بن عبد الرحمن، وهو غير متصل". (¬1) أخرجه في المسند (1/ 88) (رقم: 100)، ومن طريقه أبو يعلى في المسند (13/ 541) (رقم: 7574)، والروياني في مسنده (1712) (رقم: 1070)، والطبراني في المعجم الكبير (6/ 135) (رقم: 5757) عن خالد بن مخلد، عن موسى بن يعقوب الزمعي، قال: حدّثني أبو حازم، عن سهل بن سعد، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "سيعزّى الناس بعضهم بعضًا من بعدي للتعزية بي"، فكان الناس يقولون: ما هذا؟ فلما توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقي الناس بعضهم بعضا برسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قال الهيثمي في المجمع (9/ 38): "رواه أبو يعلى والطبراني، ورجالهما رجال الصحيح، غير موسى بن يعقوب الزمعي، ووثّقه جماعة. والحديث ذكره أيضًا البوصيري في مختصر الإتحاف (2/ 161)، وابن حجر في المطالب العالية (4/ 429) (رقم: 4326)، وقالا: "إسناده حسن".

37 - مرسل عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة الأنصاري

37 - مرسل عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة الأنصاري حديث واحد، وتقدّم له مسند عن أبي سعيد بواسطة أبيه (¬1). 64 / حديث: "أن عمرو بن الجموح وعبدَ الله بنَ عمرو بن حرام الأنصاريّين، ثم السَّلميَّين كانا قد حفر السيل قبرهما. . .". فيه: وكانا في قبر واحد وهما ممن استشهد يوم أُحُد (¬2) فحُفِر عنهما ليُغَيَّرا عن مكانهما، فوُجدا لم يتغيّرا. . . وفيه: وكان بين أحد ويوم حُفر عنهما ست وأربعون سنة. في آخر الجهاد، عنه (¬3). هذا يدخل في المرفوع، والمرفوع منه، دَفنُ الرَّجُلين في قبر واحد؛ لأنَّ ذلك كان بحضرة النبي - صلى الله عليه وسلم -. وقد رُوي عن أبي قتادة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر أن يُجعلا معًا في قبر واحد، خرّجه [-] (¬4). ¬

_ (¬1) انظر: (3/ 236). (¬2) بضم الأول والثاني: جبل مشهور شمال المدينة، وعنده الغزوة المشهورة. المعالم الأثيرة (ص: 20). (¬3) الموطأ كتاب: الجهاد، باب: الدفن في قبر واحد من ضرورة (2/ 374) (رقم: 49). وأخرجه ابن شبّة في تاريخ المدينة (1/ 127 - 128) من طريق القعنبي وأبي غسّان، كلاهما عن مالك به. وهو يتصل من وجوه صحاح. (¬4) كذا بياض في الأصل، مع وجود علامة التضبيب عليه. وقد أخرجه أحمد في المسند (5/ 299)، وابن شبّة في تاريخ المدينة (1/ 128) من طريق يحيى بن النضر الأنصاري، عنه. =

وجاء عن جابر بن عبد الله "أن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - كان يجمع بين الرجلين من قتلى أُحُدٍ في ثوب واحد"، قال جابر: "فكُفِّن أبي وعمّي في ثوب واحد". ورُوي عنه من طريق آخر أن أباه قُتِل يوم أُحد وهو عبد الله بن عمرو بن حرام المذكور في حديث الموطأ. قال جابر: "فدفنتُ معه آخر في قبره ثم لم تَطِبْ نفسي أن أتركه مع آخر فاستخرجته بعد ستة أشهر"، خرّج البخاري هذين الحديثين عن جابر (¬1). وليس فيه اسم الرجل المدفون مع والد جابر، وهو عَمرو بن الجموح بن زيد بن حرام، كلهم بنو حرام، فلذلك قال فيه جابر: "عمي" (¬2). وقال أبو الزبير عن جابر: "استُصرخ بنا إلى قتلى أُحُد حين أجرى ¬

_ = قال الهيثمي في المجمع (9/ 315): "رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح غير يحيى بن نضر الأنصاري، وهو ثقة". وقال الحافظ: "إسناده حسن". فتح الباري (3/ 257). (¬1) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الجنائز، باب: الصلاة على الشهيد (1/ 412) (رقم: 1343)، وفي باب: من يُقدّم في اللحد (1/ 413) (رقم: 1348)، وفي باب: هل يُخرج الميت من القبر واللحد لعلة (1/ 414 - 415) (رقم: 1351 - 1352). وحديث جابر هذا يخالف حديث الموطأ؛ لأنَّ الذي في حديث جابر أنه دفن أباه في قبر وحده بعد ستة أشهر، وفي حديث الموطأ أنَّهما وُجدا في قبر واحد بعد ست وأربعين سنة، قال الحافظ -بعد إيراده هذا الإشكال-: "فإمَّا أن يكون المراد بكونهما في قبر واحد قرب المجاورة، أو أن السيل خرق أحدَ القبرين فصارا كقبر واحد". فتح الباري (3/ 257). (¬2) أي تعظيمًا له وتكريمًا كما قال ابن حجر والعيني. انظر: فتح الباري (3/ 256)، وعمدة القاري (8/ 160).

معاويةُ بن أبي سفيان العين، فاستخرجناهم بعد ستٍّ وأربعين سنة" (¬1)، يعني في خلافة معاوية، وهذا مشهور (¬2). ولعلّ جابرًا أخرج أباه من قبره مرّتين لهذين السببين، والله أعلم (¬3). ¬

_ (¬1) أخرجه ابن سعد في طبقاته (3/ 424)، وابن شبة في تاريخ المدينة (1/ 133)، والبيهقي في الدلائل (3/ 291)، وابن عبد البر في التمهيد (19/ 241) كلهم من طرق عن أبي الزبير به. قال الحافظ: "إسناده صحيح". فتح الباري (3/ 257). (¬2) ذكره الواقدي في المغازي (1/ 266 - 267)، والبيهقي في الدلائل (3/ 291)، والسمهودي في وفاء الوفاء (3/ 937 - 938)، وابن عبد البر في التمهيد (19/ 241)، وابن كثير في البداية والنهاية (4/ 43). (¬3) أحدهما: عدم طيب نفسه بدفنه مع غيره كما تقدّم في حديث جابر عند البخاري. وثانيهما: لما أجرى معاوية رضي الله عنه العين كما ورد عند ابن سعد وابن شبة من رواية أبي الزبير عن جابر. ويُلاحظ هنا أن المؤلف لم يفرق بين السيل الوارد في حديث الموطأ، وما ورد من إجراء العين في عهد معاوية فجعلهما سببًا واحدًا، وهذا ما ذهب إليه أيضًا ابن عبد البر، وأما السمهودي، فقد ساق الروايات الواردة في الباب، ثم قال: "فيؤخذ من مجموع ذلك أن جابرًا حفر عن أبيه ثلاث مرات، -فذكر السببين الأولين ثم قال-: والثالثة لحفر السيل عنه وعن صاحبه". وفاء الوفاء (3/ 937)، والتمهيد (19/ 241).

38 - مرسل عبد الرحمن بن كعب بن مالك على الشك في اسمه

38 - مرسل عبد الرحمن بن كعب بن مالك على الشّك في اسمه حديث مركّب، وتقدّم لعبد الرحمن من غير شكّ حديث مسند عن أبيه كعب (¬1). 65 / حديث: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الّذين قتلوا ابن أبي الحقيق عن قتل النساء والولدان". عن ابن شهاب، عن ابنٍ لكعب بن مالك. قال مالك: حسبت أنه قال: عبد الرحمن (¬2). هكذا قال في رواية يحيى بن يحيى، لم يذكر فيه من ولد كعب غيرَ عبد الرحمن خاصّة (¬3). وقال فيه القعنبي عن مالك: "حسبت أنه قال عبد الرحمن أو عبد الله" (¬4). وقال فيه ابن وهب: "عن ابن لكعب بن مالك"، ولم يسمّه (¬5). ¬

_ (¬1) تقدّم (2/ 182). (¬2) الموطأ كتاب: الجهاد، باب: النهي عن قتل النساء والولدان في الغزو (2/ 358) (رقم: 8). (¬3) وهكذا قال أبو مصعب الزهري (1/ 357) (رقم: 919)، وابن بكير - الظاهرية-، وابن وهب عند ابن المظفر في غرائب مالك (ص: 186) (رقم: 119)، وابن القاسم كما قال ابن الحذاء في رجال الموطأ، وابن عبد البر في التمهيد (11/ 66)، وبشر بن عمر، ذكره ابن عبد البر أيضًا. (¬4) انظر: التمهيد (11/ 66). (¬5) كذا قال المؤلف تبعًا لابن عبد البر في التمهيد (11/ 66)، وقد تقدّم أن ابن المظفر أخرجه من طريقه كرواية يحيى ومن تبعه.

وقال فيه الوليد بن مسلم خارج الموطأ عن مالك: ابن شهاب عن عبد الرحمن بن كعب، عن أبيه كعب بن مالك، أسنده إلى كعب، وذكر أن الرّاوي عنه ابنُه عبد الرحمن، ولم يشك فيه، خرّجه الجوهري عنه (¬1). وولد كعب بن مالك جماعة (¬2)، لكن الذُّهلي زعم أن الزهري إنَّما رواه عن عبد الله بن كعب، وعن ابنه عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب، قال: "واختلف في سماعه من بشير بن كعب" (¬3). ¬

_ (¬1) لعله في مسند ما ليس في الموطأ. وأخرجه أيضًا الطحاوي في شرح معاني الآثار (3/ 221)، والطبراني في المعجم الكبير (19/ 74) (رقم: 147)، وابن المظفر في غرائب مالك (ص: 186) (رقم: 118)، وابن عبد البر في التمهيد (11/ 66)، كلهم من طرق، عن الوليد بن مسلم به. والمحفوظ عن مالك إرساله كما رواه بقية أصحاب مالك، وأما ما ورد من الاختلاف في شيخ الزهري هل هو عبد الرحمن أو عبد الله، فإنَّ ذلك لا يضر لثبوت سماعه منهما. قال ابن عبد البر -بعد أن ذكر جملة ممّن رواه عن مالك مرسلًا-: "واتفق هؤلاء كلهم وجماعة رواة الموطأ على رواية هذا الحديث مرسلًا على حسب ما ذكرنا من اختلافهم، لم يسنده واحد منهم، ولا علمت أحدًا أسنده عن مالك في كل رواية عنه من جميع رواته إلَّا الوليد بن مسلم، فإنَّه قال فيه: عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك، عن كعب بن مالك". التمهيد (11/ 66). (¬2) هم: عبد الله، وعبيد الله، ومعبد، وعبد الرحمن، وفضالة، ووهب، وكلهم ثقات، كما قال يحيى بن معين. انظر: الطبقات الكبرى (5/ 208 - 209)، والعلل ومعرفة الرجال للإمام أحمد (1/ 478)، وتاريخ ابن أبي خيثمة- رسالة كمال - (ص: 537)، وتهذيب الكمال (24/ 194 - 195)، و (15/ 473). (¬3) نقله عنه ابن الحذاء، وتمام كلامه: "فهو (أي الزهري) إذا قال: عبد الرحمن بن كعب فإنّما هو عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك، وإذا قال: ابن كعب بن مالك، فربما كان عبد الله، وربّما كان عبد الرحمن بن عبد الله. ."، دون غيره، وأكّد ذلك بأنَّ عبد الرحمن بن كعب بن مالك توفي قديمًا في خلافة سليمان بن عبد الملك، وأما ابن أخيه عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب فتوفي في خلافة هشام بن عبد الملك بالمدينة". انظر: رجال الموطأ. =

وخرّج الطيالسي هذا الحديث في مسند كعب بن مالك (¬1). والخلاف فيه كثير عن مالك، وعن الزهري (¬2). ¬

_ = قلت: هكذا نفى الذهلي سماعَ الزهري من عبد الرحمن بن كعب بن مالك، ووافقه أحمد بن صالح كما في المراسيل لابن أبي حاتم (ص: 190). لكن الصواب خلاف ذلك، فقد ذكر ابن طاهر المقدسي والحافظ المزي وأبو زرعة العراقي روايته عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك في الصحيحين، وكذا أثبت يحيى بن معين سماعه منه، ويؤيّده أيضًا التاريخ: فإنَّ سليمان بن عبد الملك الذي توفي عبد الرحمن في خلافته بُويع له سنة (96 هـ)، وتوفي سنة (99 هـ)، كما ذكره الذهبي في السير (5/ 113)، وكانت ولادة الزهري سنة (50 هـ)، وقيل غير ذلك، فيكون عمره يوم مات عبد الرحمن (46 هـ) سنة ممّا يؤيّد حصول سماعه منه. انظر: التاريخ لابن معين (3/ 150 - رواية الدوري عنه-)، والجمع بين رجال الصحيحين (1/ 287)، وتهذيب الكمال (17/ 369)، وتحفة التحصيل. (¬1) لم أقف عليه في الجزء المطبوع منه. (¬2) تقدّم الاختلاف عن مالك، وأما اختلاف أصحاب الزهري عنه: فقال يونس عنه: أخبرني عبد الرحمن بن كعب بن مالك. وقال عُقيل: أخبرني عبد الله بن كعب السلمي. وقال ابن إسحاق في السيرة لابن هشام (2/ 273): حدّثني محمد بن مسلم بن شهاب الزهري، عن عبد الله بن كعب بن مالك، وفي رواية عنه: عن عبيد الله بن كعب، كما ذكره ابن عبد البر عن الذهلي. وقال إسحاق بن راشد عنه: عن عبد الله بن كعب، عن أبيه قال: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن نكاح المتعة في غزوة خيبر، ونهى أن يقتل وليد صغير أو امرأة". قال محمد بن يحيى الذهلي: "قد أعضل إسحاق بن راشد وقلب الإسناد والمتن". ورواه معمر، عن الزهري، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك كرواية يونس عنه، هكذا رواه عنه عبد الرزاق في المصنف (5/ 407) (رقم: 9747)، وذكر ابن عبد البر عن محمد بن يحيى الذهلي عن عبد الرزاق عن معمر عن الزهري قال: أخبرني ابن كعب بن مالك، عن عمّه، قال الذهلي: "وحدّثنا مرة أخرى فقال: أنبأنا معمر، عن الزهري، عن ابن كعب بن مالك". قال ابن عبد البر: "أما الدبري (في التمهيد: المدبري، وهو خطأ) فرواه عن عبد الرزاق، عن معمر، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك كرواية يونس بن يزيد بإسناده سواء، وهو خلاف ما ذكره محمد بن يحيى". =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = ورواه ابن عيينة عن الزهري، عن ابن لكعب بن مالك، عن عمّه، أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (3/ 321). قال ابن عبد البر: "وذكر ابن أبي شيبة عن ابن عيينة فقال فيه: عبد الرحمن بن كعب، ثم ساقه بإسناده عنه". ورواه يحيى بن أبي شيبة، عن الزهري، عن عبد الله بن كعب بن مالك، عن أبيه. ورواه إبراهيم بن سعد، عن ابن شهاب، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك: "أن الرهط. . ."، فذكره مرسلًا. ورواه إبراهيم بن مجمّع عن ابن شهاب، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك، عن أبيه: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى الرهط. . .". ذكر هذه الوجوه كلها ابن عبد البر في التمهيد (11/ 67 - 70) ثم قال: "فاتفق إبراهيم بن سعد، وإبراهيم بن مجمّع عن ابن شهاب على عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب، إلَّا أن ابن مجمّع قال فيه: عن أبيه، ولم يقل فيه ابن سعد: عن أبيه، قال محمد بن يحيى: والقول عندنا في هذا الحديث قول إبراهيم بن إسماعيل بن مجمّع، وإبراهيم بن سعد، والحديث والله أعلم لعبد الرحمن بن عبد الله بن كعب، وهو المحفوظ عندنا، لأنَّ معمرًا وابن عيينة لم يسمّياه، وابن إسحاق قد اختلف عنه فيه، وشك مالك في اسمه فقال: أحسب، وقال يونس: عبد الرحمن بن كعب من غير شك، وقال عُقيل: عبد الله بن كعب، واتفق إبراهيم بن سعد، وإبراهيم بن إسماعيل بن مجمع على عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب، وهو المحفوظ عندنا". قلت: لا شك أن الذهلي أعلم بعلل أحاديث الزهري إلَّا أن الراجح والمحفوظ -والله أعلم- هو ما رواه يونس عنه، وذلك لوجوه: 1 - كون يونس من ثقات أصحاب الزهري، وقد تابعه في روايته: معمر بن راشد فيما رواه عبد الرزاق عنه في المصنف -كما تقدّم- ومالك في رواية أكثر أصحابه عنه، وما حصل له من الشك ينجبر بمتابعة يونس ومعمر له. 2 - إنَّ إبراهيم بن إسماعيل بن مجمّع وإن كان قد وافق إبراهيم بن سعد في قوله: عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب، لكن خالفه في قوله: "عن أبيه"، وهو مجمع على ضعفه، ثمَّ إنَّه لم يكن يسمع لما به من الصمم، قال ابن حجر: "وفي كتاب ابن أبي خيثمة من طريق جعفر بن عون أن ابن مجمع كان أصم، وكان مجلس إلى الزهري، فلا يكاد يسمع إلَّا بَعد كدٍّ". تهذيب التهذيب (1/ 91). 3 - ترجيح الذهلي لقول من قال: عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب مبنيٌّ على زعمه السابق من أن الزهري لم يسمع منه، وقد تقدّم بيان سماعه منه، فاندفع الإشكال ولله الحمد. انظر: ترجمة إبراهيم بن إسماعيل في: تهذيب الكمال (2/ 245)، وتهذيب التهذيب (1/ 91)، والتقريب (رقم: 148).

وآخر هذا الحديث عن رجل من الذين قتلوا ابن أبي الحُقيق، وقد تقدّم له في حديث المبهمين من الصحابة (¬1)، ومعناه في مرسل نافع (¬2). وانظر ولد كعب في مسنده (¬3)، ومرسل معاذ بن سعد (¬4). ¬

_ (¬1) انظر: (3/ 608). (¬2) تقدّم حديثه (4/ 596). (¬3) انظر: (2/ 182). (¬4) تقدّم حديثه (4/ 590).

39 - مرسل عبد الكريم بن أبي المخارق أبي أمية البصري

39 - مرسل عبد الكريم بن أبي المُخَارق أبي أمية البصري حديث مؤلف من ثلاثة أحاديث أو أربعة، وليس له في الموطأ مسند. 66 / حديث: "من كلام النُّبُوَّة: إذا لم تستحي فافعل ما شئت". ووضع اليدين إحداهما على الأخرى في الصلاة، وتعجيل الفطر، والاستيناء بالسحور. في الصلاة، الثاني. باب: وضع اليدين إحداهما على الأخرى. عنه (¬1). فصل: وعبد الكريم هذا ضعيف متروك، لم يخرِّج مالك في موطأه عن أحدٍ أشهر بالضعف منه، لقيه بمكة وكان لا يعرفه قبلُ، فغرّه سمته فتسامح في الأخذ عنه ولم يخرج له غير هذا الحديث. قال يحيى بن شراحيل: سمعت النسائي يقول: "كلُّ من روى عنه مالك فهو بمنزلته عند مالك في الثقة إلَّا عبد الكريم، قلت له. . . على هذه المنزلة؛ قال: نعم، من أخذ عنه مالك ورضيه فحسبك به" (¬2). وجاء هذا الحديث مسندًا مفصّلًا، فحديث الحياء لأبي مسعود الأنصاري، ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: قصر الصلاة في السفر، باب: وضع اليدين إحداهما على الأخرى في الصلاة (1/ 147) (رقم: 46). وهذا مرسل ضعيف الإسناد، علّته ابن أبي الخارق، إلَّا أن الأحاديث التي رواها مالك عنه صحاح مشهورة، حاءت من طرق ثابتة كما سيأتي. (¬2) لم أقف عليه.

خرّجه البخاري عنه (¬1). ووضع اليدين هو [في] (¬2) الموطأ لسهل بن سعد (¬3). وجاء عن أبي الدرداء، خرّجه (¬4). ومعناه لوائل بن حجر وغيره (¬5). ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الأنبياء، باب (54) (2/ 501) (رقم: 3483، 3484)، وفِي الأدب، باب: إذا لم تستحي فاصنع ما شئت (4/ 113) (رقم: 6120). (¬2) ما بين المعقوفين زيادة مني، ولا يستقيم الكلام إلَّا بها. (¬3) الموطأ كتاب: قصر الصلاة في السفر، باب: وضع اليدين إحداهما على الأخرى في الصلاة (1/ 147) (رقم: 47). (¬4) كذا في الأصل، لم يذكر مخرّجه، وقد ضُبّب عليه، وقد أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (1/ 390) من حديث أبي الدرداء موقوفًا: "من أخلاق النبيين وضع اليمين على الشمال في الصلاة"، فيحتمل أن يكون هو المراد في هذا المقام، قال الهيثمي في المجمع (2/ 105): "وعن أبي الدرداء رفعه قال: "ثلاث من أخلاق النبوة: تعجيل الإفطار، وتأخير السحور، ووضع اليمين على الشمال في الصلاة" رواه الطبراني في الكبير مرفوعًا وموقوفًا على أبي الدرداء، والموقوف صحيح، والمرفوع في رجاله من لم أجد له ترجمة". قلت: لم أجده في المطبوع من الكبير، وقد عزاه إليه أيضًا الحافظ في التلخيص الحبير (1/ 238)، والسيوطي في تنوير الحوالك (1/ 133)، وصححه الشيخ الألباني في صحيح الجامع (رقم: 3038). (¬5) روى أبو داود في السنن كتاب: الصلاة، باب: رفع اليدين في الصلاة (1/ 466) (رقم: 727)، والنسائي في السنن كتاب: الافتتاح، باب: موضع اليمين من الشمال في الصلاة (2/ 463) (رقم: 888)، والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 28) من حديث وائل بن حجر أنَّه قال: قلت: لأنظرنَّ إلى صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فذكر: "أنَّه وضع يده اليمنى على كفِّه اليسرى والرسغ والساعد. . ."، وصححه ابن خزيمة (1/ 242) (رقم: 477، 478)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (5/ 109) (رقم: 1805)، وأصله في صحيح مسلم كتاب: الصلاة، باب: وضع يده اليمنى على اليسرى بعد تكبيرة الإحرام. . (1/ 301) (رقم: 54). وروى أبو داود في السنن كتاب: الصلاة، باب: وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة (1/ 480) =

وتعجيل الفطر هو في الموطأ لسهل أيضًا (¬1). وتأخير السحور لابن عباس، خرَّجه (¬2). ¬

_ = (رقم: 755)، والنسائي في السنن كتاب: الافتتاح، باب: في الإمام إذا رأى الرجل قد وضع شماله على يمينه (2/ 463) (رقم: 887) من حديث ابن مسعود: "أنَّه كان يصلي فوضع يده اليسرى على اليمنى، فرأه النبي - صلى الله عليه وسلم - فوضع يده اليمنى على اليسرى"، هذا لفظ أبي داود، قال الحافظ في الفتح (2/ 262): "إسناده حسن". وروى الترمذي في السنن كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في وضع اليمين على الشمال في الصلاة (2/ 32) (رقم: 252)، وأحمد في المسند (5/ 226)، من حديث هلب الطائي قال: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يؤمُّنا فيأخذ شماله بيمنيه"، هذا لفظ الترمذي، ولفظ أحمد: "رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - واضعًا يمينه على شماله في الصلاة". قال الترمذي: "حديث هلب حديث حسن، وفي الباب عن وائل بن حجر، وغطيف بن الحارث، وابن عباس، وابن مسعود، وسهل بن سعد. (¬1) الموطأ كتاب: الصيام، باب: ما جاء في تعجيل الفطر (1/ 241) (رقم: 6). (¬2) كذا في الأصل لم يذكر مخرجه، وقد أخرجه الدارقطني في السنن (1/ 284)، والطيالسي في المسند (ص: 346) (رقم: 2654)، والبيهقي في السنن الكبرى (4/ 238) من طريق طلحة بن عمرو، عن عطاء، عن ابن عباس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنَّا معاشر الأنبياء أمرنا أن نؤخّر السحور ونعجِّل الإفطار، وأن نمسك بأيماننا على شمائلنا في الصلاة". قال البيهقي: "هذا حديث يعرف بطلحة بن عمرو المكّي، وهو ضعيف، واختلف عليه، فقيل: عنه هكذا، وقيل: عنه عن عطاء عن أبي هريرة". قلت: طلحة بن عمرو هذا هو الحضرمي، قال فيه أحمد والنسائي: "متروك الحديث"، وقال ابن معين: "ضعيف، ليس بشيء"، وتكلّم فيه أيضًا البخاري وأبو داود وأبو زرعة وغيرهم. وقال الحافظ فيه: "متروك"، وعليه فالإسناد ضعيف جدًّا. انظر: تهذيب الكمال (13/ 427)، والكاشف (2/ 40)، وتهذيب التهذيب (5/ 21)، والتقريب (رقم: 3030). وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير (11/ 199) (رقم: 11485)، وفي الأوسط (2/ 247) (رقم: 1884)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (5/ 67) (رقم: 1770) من طريق حرملة بن يحيى، عن ابن وهب، عن عمرو بن الحارث، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عباس به. =

وذُكر لعائشة أن ابنَ مسعود يعجّل الإفطار، ويؤخِّر السَّحور فقالت: "كذلك كان يفعل رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -"، خرَّجه مسلم عنها (¬1). وجاء عن عائشة مرفوعًا: "ثلاثٌ مِن النبوّة: تعجيلُ الفطر، وتأخيرُ السَّحور، ووضعُ اليمنى (¬2) على اليسرى في الصلاة"، خرَّجه الدارقطني في السنن (¬3). ¬

_ = قال ابن حبان عقبه: "سمع هذا الخبر ابن وهب عن عمرو بن الحارث وطلحة بن عمرو عن عطاء بن أبي رباح". لكن قال الطبراني: "لم يروه عن عمرو بن الحارث إلَّا ابن وهب تفرّد به حرملة". قال الحافظ في تلخيص الحبير (1/ 238): "أخشى أن يكون الوهم فيه من حرملة"، وقال في إتحاف المهرة (7/ 409): "المحفوظ حديثه عن طلحة، وأما حديثه عن عمرو بن الحارث فغريب جدًّا". قلت: الحديث من هذا الوجه وإن كان غريبًا فإنَّ له شواهد من حديث أبي الدرداء كما تقدّم، ومن حديث عائشة كما سيأتي، ومن حديث ابن عمر عند العقيلي في الضعفاء (4/ 405)، وصححه السيوطي في تنوير الحوالك (1/ 133)، والشيخ الألباني في صحيح الجامع (رقم: 2286)، وقال في أحكام الجنائز (ص: 117): "سنده صحيح على شرط مسلم". وأخرجه أيضًا الطبراني في المعجم الكبير (7/ 11) (رقم: 10851) من طريق عمرو بن دينار، عن طاوس، عن ابن عباس به. قال الهيثمي في المجمع (2/ 105): "رجاله رجال الصحيح". (¬1) أخرجه مسلم في صحيحه كتاب: الصيام، باب: فضل السحور وتأكيد استحبابه واستحباب تأخيره (2/ 771 - 772) (رقم: 49، 50)، ولكن ليس فيه تأخير السحور. (¬2) في الأصل: "اليمين" والصواب ما أثبته. (¬3) السنن (1/ 284). ومن طريقه أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (2/ 29)، وصححه، لكن الراوي عن عائشة هو محمد بن أبان الأنصاري، وقد حكى الذهبي في الميزان (5/ 374)، والحافظ في تلخيص الحبير (1/ 238) عن البخاري أن محمد بن أبان هذا لا يُعرف سماعه من عائشة.

وخرّج أيضًا عن عطاء، عن أبي هريرة قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "أُمرنا معاشرَ الأنبياء أن نُعجّل إفطارنا، ونؤخِّر لسَحورَنا، ونضربَ بأيماننا على شمائلنا في الصلاة" (¬1). وعن عطاء عن ابن عباس مرفوعًا نحوه (¬2)، المعنى واحد، والألفاظ متقاربة. وانظر حديث تعجيل الفطر، وما قيل في عطاء بن عبد الله الخراساني في مرسل سعيد بن المسيب (¬3). ¬

_ (¬1) أخرجه في السنن (1/ 284) من طريق النضر بن إسماعيل، عن ابن أبي ليلى، عن عطاء، عن أبي هريرة. وإسناده ضعيف لأجل النضر وشيخه ابن أبي ليلى؛ لأنهما ضعيفان من جهة الحفظ. انظر ترجمتهما في: تهذيب الكمال (29/ 372)، و (25/ 622)، والكاشف (3/ 61)، و (3/ 179)، وتهذيب التهذيب (9/ 268 - 269)، و (10/ 388 - 389)، والتقريب (رقم: 6081)، و (7130). (¬2) تقدّم تخريجه والكلام عليه. (¬3) سيأتي حديثه (5/ 202).

40 - مرسل عمر بن عبد العزيز

40 - مرسل عمر بن عبد العزيز ثلاثة أحاديث، أحدها لم يرفعه يحيى، وتقدّم له مسند عن أبي هريرة بواسطة (¬1). 67 / حديث: "قاتل الله اليهودَ والنصارى اتَّخذُوا قبورَ أنبياءهم مساجدَ، لا يُبقينَّ دينان بجزيرة العرب". في الجامع، عند أوّله. عن إسماعيل بن أبي حكيم، عن عمر بن عبد العزيز (¬2). هذا لجماعة من الصّحابة. رُوي على نسقه كاملًا عن أبي عُبيدة بن الجراح، خرّجه ابن سنجر وغيره (¬3). ¬

_ (¬1) انظر: (3/ 540). (¬2) الموطأ كتاب: الجامع، باب: ما جاء في إجلاء اليهود من المدينة (2/ 680) (رقم: 17). وأخرجه ابن سعد في الطبقات (2/ 254)، وعبد الرزاق في المصنف (6/ 54) (رقم: 9987) من طريق شيخه الواقدي، كلاهما عن مالك به. (¬3) الحديث من طريق ابن سنجر أخرجه ابن عبد البر في التمهيد (1/ 171). وأخرجه أيضًا الطيالسي في مسنده (ص: 31) (رقم: 229) عن قيس. والحميدي في مسنده (1/ 46) (رقم: 85) عن سفيان. وأحمد في مسنده (1/ 195) من طريق يحيى بن سعيد القطان وأبي أحمد الزبيري. والبزار في مسنده (4/ 105) (رقم: 1278 - البحر الزخار-)، وأبو يعلى في المسند (2/ 177) (رقم: 872)، والبيهقي في السنن الكبرى (9/ 208) من طريق يحيى بن سعيد، كلهم عن إبراهيم بن ميمون، عن سعد بن سمرة بن جندب، عن أبيه، عن أبي عبيدة بن الجراح قال: آخر ما تكلّم به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أخرجوا يهود أهل الحجاز وأهل نجران من جزيرة العرب، واعلموا أن شرار =

ورُوي عن أبي هريرة من طريق مالك، عن الزهري كذلك (¬1). وجاء مفصّلًا عن عائشة، خرّجه ابن إسحاق في السير من طريق عُبيد الله بن عبد الله بن عُتبة عنها، ذكر الفصلين معًا (¬2). وفي الصحيحين عن عُبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن عائشة (¬3). وعن ابن عباس أيضًا الفصل الأوّل خاصة، وقال فيه: "أَخْرِجُوا المشركينَ مِن جزيرة العرب" (¬4). ¬

_ = الناس الّذين اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد"، هذا لفظ أحمد، وبعضهم رواه مختصرًا، وإسناده صحيح. قال الدارقطني في العلل (4/ 439 - 440): "رواه إبراهيم بن ميمون مولى آل سمرة، عن سعد بن سمرة بن جندب، عن أبيه، عن أبي عُبيدة بن الجراح، قال ذلك: يحيى القطان وأبو أحمد الزبيري، وخالفهما وكيع، فرواه عن إبراهيم بن ميمون، فقال: إسحاق بن سعد بن سمرة، عن أبيه، عن أبي عبيدة، ووهم فيه، والصواب قول يحيى القطان ومن تابعه". قلت: رواية وكيع عند أحمد في المسند (1/ 196)، وابن أبي شيبة في المصنف (12/ 344 - 345). (¬1) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الصلاة، باب (55) (1/ 158) (رقم: 437) من طريق القعنبي. ومسلم في صحيحه كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: النهي عن بناء المساجد على القبور. . (1/ 376) (رقم: 20) من طريق ابن وهب، كلاهما عن مالك، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "قاتل الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد". (¬2) ذكره ابن هشام في السيرة (2/ 353) عنه، عن عبيد الله فقط، ليس فيه ذكر عائشة، وكذا لم يذكر منه إلَّا الفصل الأخير "ألا يترك بجزيرة العرب إلَّا دينان". (¬3) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الأنبياء، باب: ما ذكر عن بني إسرائيل (2/ 492) (رقم: 3453، 3454)، ومسلم في صحيحه كتاب: المساجد، ومواضع الصلاة، باب: النهي عن بناء المساجد على القبور (1/ 377) (رقم: 22) من حديث عائشة وابن عباس معًا. (¬4) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الجهاد، باب: هل يستشفع إلى أهل الذمة؟ ومعاملتهم (2/ 373) (رقم: 3053)، ومسلم في صحيحه كتاب: الوصية، باب: ترك الوصية لمن ليس له شيء يوصي فيه (3/ 1257) (رقم: 20).

وانظره في مرسل ابن شهاب (¬1)، ومرسل عطاء بن يسار (¬2). ذكر البخاري عن المغيرة بن عبد الرحمن: أن جزيرة العرب مكة، والمدينة، واليمامة، واليمن (¬3). وحكى أبو داود عن سعيد بن عبد العزيز قال: "جزيرة العرب ما بين الوادي إلى أقصى اليمن إلى تخوم العراق، إلى البحر" (¬4). 68 / حديث: "كان إذا بعث سريَّةً يقول لهم: اغْزُوا (¬5) بسم الله، في سبيل الله لا تغلوا، ولا تَغدِرُوا، ولا تُمثِّلُوا، ولا تقتلوا وليدًا. . .". في الجهاد، باب: قتلُ النساء والولدان (¬6). ¬

_ (¬1) في الأصل: "مسند ابن شهاب"، وهو خطأ، وسيأتي حديثه (5/ 321). (¬2) سيأتي حديثه (5/ 125). (¬3) انظر: صحيح البخاري، كتاب: الجهاد، باب: هل يُستشفع إلى أهل الذمة (2/ 374). (¬4) انظر: السنن كتاب: الخراج والفئ والإمارة، باب: في إخراج اليهود من حزيرة العرب (3/ 425) (رقم: 3033). وهناك أقوال أخرى في تحديد مسمى جزيرة العرب منها ما نقله البكري في معجم ما استعجم (1/ 5)، والحموي في معجم البلدان (2/ 137) عن الأصمعي أنّه قال: "جزيرهَ العرب ما بين أقصى عدن أبين إلى ريف العراق طولًا، ومن جدة وما والاها إلى أطراف الشام عرضًا". ونقلوا أيضًا عن هشام بن محمد بن السائب الكلبي أنّه قال: "اقتسمت العرب جزيرتها على خمسة أقسام، فذكرها، وهي: تهامة والحجاز ونجد والعروض واليمن". قال ياقوت الحموي: "هذا أحسن ما قيل فيها". قلت: وإليه يعود ما ذكره البخاري عن المغيرة بن عبد الرحمن، وبه قال أيضًا الإمام مالك فيما نقله ابن عبد البر في التمهيد (1/ 172)، وذكروا أنَّها سميت جزيرة العرب لإحاطة البحار بها. وانظر أيضًا: المناسك للحربي (ص: 352)، وفتح الباري (6/ 197)، وعمدة القاري (14/ 299). (¬5) في الأصل: "اغدوا"، بالدال المهملة، والصواب ما أثبته كما في الموطأ وصحيح مسلم. (¬6) الموطأ كتاب: الجهاد، باب: النهي عن قتل النساء والولدان في الغزو (2/ 358) (رقم: 11).

بلغه أن عمر بن عبد العزيز كتب، بلغنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وهذا لبريدة الأسلمي، خرّجه مسلم عنه مطوّلًا (¬1). وجاء عن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا بعث جيوشه قال: "لا تقتلوا الولدان وأصحاب الصوامع"، خرّجه أبو داود في التفرد (¬2). 69 / حديث: قال مالك: بلغني أن عمرَ بنَ عبد العزيز كان يقول: للفرس سهمان وللرجل سهم. في الجهاد (¬3) هكذا هو عند يحيى بن يحيى موقوف (¬4). ¬

_ (¬1) انظر: صحيح مسلم كتاب: الجهاد والسير، باب: تأمير الإمام الأمراء على البعوث ووصيته إياهم بآداب الغزو وغيرها (3/ 1357 - 1358) (رقم: 3). (¬2) أخرجه أيضًا أحمد في المسند (1/ 300)، والبزار في المسند (2/ 269) (رقم: 77 - كشف الأستار)، وأبو يعلى في المسند (4/ 423) (رقم: 2549)، والطبراني في المعجم الكبير (11/ 224) (رقم: 11562)، والبيهقي في السنن الكبرى (9/ 90) كلهم من طرق عن إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة، عن داود بن الحصين، عن عكرمة، عن ابن عباس به. قال الهيثمي في المجمع (5/ 316): "رواه أحمد وأبو يعلى والطبراني في الكبير والأوسط، وفي رجال البزار إسماعيل بن أبي حبيبة، وثقه أحمد وضعّفه الجمهور". وقال الحافظ في تلخيص الحبير (4/ 114): "في إسناده إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة، وهو ضعيف". فالإسناد ضعيف، لكن الحديث يشهد له حديث بريدة المتقدّم، ومرسل عمر بن عبد العزيز. (¬3) الموطأ كتاب: الجهاد، باب: القسم للخيل في الغزو (2/ 364) (رقم: 21). (¬4) أي مقطوع؛ لأنَّ عمر بن عبد العزيز تابعي، وما جاء عن التابعين من أقوالهم وأفعالهم يسمى مقطوعا لا موقوفًا، وعلى ذلك جرى الاصطلاح، إلَّا أنَّه يُستعمل الموقوف في غير الصحابة لكن مقيدًا لا مطلقًا، فيقال: وقفه فلان على الزهري ونحوه. انظر: علوم الحديث (ص: 42)، ونزهة النظر (ص: 57)، وتدريب الراوي (1/ 227).

وعند ابن بُكير وأكثر رواة الموطأ أن عمر بن عبد العزيز كان يقول: بلغني أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "للفرس سهمان، وللرجل سهم" (¬1). وأسنده عبد الجبار بن سعيد المُساحقي (¬2) خارج الموطأ عن مالك، عن أبي الزناد عن خارحة بن زيد، عن أبيه زيد بن ثابت قال: "إن النبي - صلى الله عليه وسلم - ضرب للفرس سهمين وللراجل سهمًا"، خرّجه الجوهري في مسند ما ليس في الموطأ (¬3). ¬

_ (¬1) انظر الموطأ برواية: - ابن بكير - الظاهرية-، وأبي مصعب الزهري (1/ 372) (رقم: 945). وهكذا ورد في نسخة التمهيد (24/ 236) من رواية يحيى، ولذا قال ابن عبد البر عقبه: "هكذا هو في الموطأ عن جميع رواته عن مالك". (¬2) تحرّف في الأصل إلى: "المصاحقي"، والصواب ما أثبته، وهي بالضم، نسبة إلى أحد أجداده، سليمان بن نوفل بن مساحق. انظر: اللباب (3/ 206)، والأنساب (5/ 238). (¬3) أخرجه من هذا الوجه الطبراني في المعجم الكبير (5/ 149) (رقم: 4867) عن العباس بن الفضل الأسفاطي، عن عبد الجبار به. قال الهيثمي في المجمع (5/ 342): "رواه الطبراني وفيه عبد الجبار بن سعيد بن المساحقي، وهو ضعيف". قلت: عبد الجبار المساحقي هذا ذكره البخاري في التاريخ الكبير (6/ 109)، وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (6/ 32)، ولم يتكلّما فيه بجرح أو تعديل، كما ذكره ابن حبان في الثقات (8/ 418)، لكن قال العقيلي في الضعفاء (3/ 86): "له مناكير، وما لا يُتابع عليه"، ولأجله ذكره الذهبي في المغني (1/ 366)، وديوان الضعفاء (2/ 79)، والحافظ في اللسان (3/ 388) فهو إذا كما قال الهيثمي ضعيف. وقد تابعه سعيد بن داود الزنبري، عند الطحاوي في شرح معاني الآثار (3/ 283) لكنه ضعيف أيضًا سيما في مالك، فقد ضعّفه أبو زرعة الرازي، وقال: "حدّث عن مالك عن أبي الزناد عن خارجة بن زيد عن أبيه بحديث باطل، ويحدّث بأحاديث مناكير عن مالك". وعليه فالمحفوظ عن مالك الإرسال كما رواه بقية أصحاب مالك الثقات. انظر: الضعفاء لأبي زرعة الرازي (ص: 342 - 343) - ضمن أبو زرعة الرازي وجهوده في السنة النبوية-، وتهذيب الكمال (10/ 417)، والكاشف (1/ 285)، والتقريب (رقم: 2298).

وهذا محفوظ لابن عمر وغيره، واختلف في مساقه: وفي (¬1) حديث عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم، عن نافع، عن ابن عمر: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جعل للفرس سهمين ولصاحبه سهما"، خرَّجه البخاري (¬2)، ومعناه لمسلم وغيره (¬3). ¬

_ (¬1) كذا في الأصل، ولعل الأفصح: "ففي حديث". (¬2) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الجهاد والسير، باب: سهام الفرس (2/ 322) (رقم: 2863) من طريق أبي أسامة. وفي المغازي، باب: غزوة خيبر (3/ 140) (رقم: 4228) من طريق زائدة، كلاها عن عبيد الله به. (¬3) أخرجه مسلم في صحيحه كتاب: الجهاد والسير، باب: كيفية قسمة الغنيمة بين الحاضرين (3/ 1383) (رقم: 57)، والترمذي في السنن كتاب: السير، باب: في سهم الخيل (4/ 105) (رقم: 1554)، وأحمد في المسند (1/ 62)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (11/ 139 - 140) (رقم: 4810، 4820)، والبيهقي في السنن الكبرى (6/ 335) كلهم من طرق عن سُليم بن أخضر، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قسم في النفل: للفرس سهمين وللرجل سهمًا". وهكذا رواه عبد الله بن نمير عنه عند مسلم وأحمد في المسند (2/ 143). وأخرجه الدارقطني في السنن (4/ 106) عن أبي بكر النيسابوري، عن أحمد بن منصور الرمادي، عن أبي أسامة وابن نمير قالا: حدَّثنا عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جعل للفارس سهمين وللراجل سهمًا". قال الرمادي: "كذا يقول ابن نمير"، قال لنا النيسابوري: "هذا عندي وهم من ابن أبي شيبة، أو من الرمادي؛ لأنَّ أحمد بن حنبل وعبد الرحمن بن بشر وغيرهما رووه عن ابن نمير خلاف هذا". يعني بذلك ما تقدّم عند مسلم وأحمد من طريق ابن نمير: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قسم للفرس سهمين وللرجل سهمًا". لكن ذكر الحافظ رواية أبي معاوية عند أحمد وأبي داود -كما سيأتي- ولفظه: "أسهم لرجل ولفرسه ثلاثة أسهم، سهمًا له، وسهمين لفرسه" ثم قال: "وبهذا التفسير يتبيّن أن لا وهم فيما رواه أحمد بن منصور الرمادي، عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن أبي أسامة وابن نمير، كلاهما عن عبيد الله بن عمر. . .؛ لأن المعنى: أسهم للفارس بسبب فرسه سهمين غير سهمه المختص به، وقد رواه ابن أبي شيبة في مصنفه ومسنده بهذا الإسناد فقال: "للفرس". الفتح (6/ 80)، وانظر: =

وفي بعض طرقه: "أسهم للرَّجُل ولفرَسه ثلاثةَ أسهُمٍ، سهمًا له وسهمين لفرسه"، خرّجه أبو داود وابن الجارود (¬1). فصل: وعبيد الله هذا مصغّرًا هو أخو عبد الله العُمري (¬2). ¬

_ = المصنف (1/ 3972)، و (14/ 151). قلت: وإلى هذا المعنى أشار المؤلف أبو العباس بقوله -بعد أن ذكر رواية البخاري-: "ومعناه لمسلم وغيره". (¬1) أخرجه أبو داود في السنن كتاب: الجهاد، باب: في سهمان الخيل (3/ 172 - 173) (رقم: 2733)، وابن الجارود في المنتقى (ص: 364) (رقم: 1084)، وابن ماجه في السنن كتاب: الجهاد، باب: قسمة الغنائم (2/ 952) (رقم: 2854)، وأحمد في المسند (2/ 2، 41)، والدارمي في السنن كتاب: السير، باب: في سهمان الخيل (2/ 225)، والدارقطني في السنن (4/ 102) كلهم من طرق عن أبي معاوية الضرير، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر به. وإسناده صحيحٍ. وفي الباب أيضًا عن عبد الله بن الزبير عند النسائي في السنن كتاب: الخيل، باب: سهمان الخيل (6/ 537 - 538) (رقم: 3595)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (3/ 283)، والدارقطني في السنن (4/ 110)، والبيهقي في السنن الكبرى (6/ 326) كلهم من طريق يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير، عن جدّه عبد الله بن الزبير أنّه كان يقول: "ضرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام خير للزبير بن العوام أربعة أسهم: سهمًا للزبير، وسهمًا لذي القربة لصفية بنت عبد المطلب أم الزبير، وسهمين للفرس"، وسنده صحيح. وعن مجمّع بن جارية عند أبي داود في السنن كتاب: الخراج، باب: ما جاء في حكم أرض خيبر (3/ 413) (رقم: 3015)، وأحمد في المسند (3/ 420)، والطبراني في المعجم الكبير (19/ 445 / رقم: 1082) في حديث طويل في قصة خيبر، وفيه: "فأعطى للفارس سهمين وللراجل سهمًا". قال الحافظ: "وفي إسناده ضعف، ولو ثبت يُحمل على ما تقّدم أي أعطى الفارس بسبب فرسه سهمين غير سهمه المختص به". وفي الباب أيضًا عن ابن عباس، وأبي عمرة عن أبيه، وغيرهما عند الدارقطني في السنن (4/ 101 - 111)، وغيره، وذكرها الزيلعي في نصب الراية (3/ 413 - 416)، والحافظ في الدراية (2/ 123)، والألباني في الإرواء (5/ 60 - 64)، وأسانيدها لا تخلو من مقال: (¬2) انظر: تهذيب التهذيب (7/ 35 - 36)، والتقريب (رقم: 4324).

41 - مرسل علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب

41 - مرسل علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب أربعة أحاديث، وتقدم له مسند عن أسامة بواسطة (¬1). 70 / حديث: "كان يُكبر في الصلاة كلما خفض ورفع". في باب افتتاح الصلاة. عن ابن شهاب، عن علي بن الحُسين بن علي رفعه (¬2). هكذا في الموطأ مرسلًا، وهو المحفوظ (¬3)، وزاد فيه عبد الوهاب بن عطاء الخفّاف خارج الموطأ عن مالك: "عن أبيه"، فجعله من مسند الحُسين (¬4). ¬

_ (¬1) انظر: (2/ 16). (¬2) الموطأ كتاب: الصلاة، باب: افتتاح الصلاة (1/ 87) (رقم: 17). وأخرجه عبد الرزاق في المصنف (2/ 62) (رقم: 2497)، وأبو بكر الشافعي في الغيلانيات (1/ 277) (رقم: 56) من طريق سعيد بن أبي مريم، والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 67) من طريق الشافعي وابن وهب أربعتهم عن مالك به. قال البيهقي: "هو مرسل حسن". قلت: أي بشواهده، فقد روى البخاري في الصحيح، كتاب: الأذان، باب: إتمام التكبير في الركوع والسجود (1/ 254 , 255) (رقم: 784 - 785)، ومسلم في صحيحه كتاب: الصلاة، باب: إثبات التكبير في كل خفض ورفع ... (1/ 293، 294) (رقم: 27 - 33) من حديث عمران بن حصين وأبي هريرة والبخاري من حديث ابن عباس بهذا المعنى. (¬3) انظر الموطأ برواية: - أبي مصعب الزهريّ (1/ 80) (رقم: 205)، وسويد (ص: 103) (رقم: 132)، ومحمد بن الحسن (ص: 57) (رقم: 102). قال ابن عبد البر: "لا أعلم بين رواة الموطأ خلافًا في إرسال هذا الحديث". التمهيد (9/ 173). (¬4) أخرجه الدارقطني في غرائب مالك كما في نتائج الأفكار (2/ 55) وقال: "الصواب ما في الموطأ عن ابن شهاب عن عليّ بن الحسين مرسل". =

وقال فيه روّاد بن الجراح عن مالك: عن علي بن الحسين، عن عليّ بن أبي طالب، ووهم، إنما هو علي بن الحسين بن علي نسبة لا عنعنة، تصحَّف له كلمة "ابن" بـ "عن" (¬1). قال البخاري فيه: "كان قد اختلط فلا يكاد أن يقوم حديثه" (¬2). ورُوي عن ابن عيينة عن الزهريّ، عن علي بن الحسين، عن أبي هريرة، ولم يصح، وإنما رواه الزهريّ عن علي بن حسين مرسلًا، ورواه عن أبي سلمة عن أبي هريرة مسندًا، ذكر هذا الدارقطني (¬3). ¬

_ = قال ابن عبد البر: "رواه عبد الوهاب بن عطاء، عن مالك عن ابن شهاب، عن عليّ بن الحسين، عن أبيه، ورواه عبد الرحمن بن خالد بن نجيح، عن أبيه، عن مالك، عن ابن شهاب، عن علي بن الحسين عن علي بن أبي طالب ولا يصح فيه إلا ما في الموطأ مرسل". التمهيد (9/ 173). قلت: عبد الوهاب بن عطاء الخفاف قال عنه الحافظ في التقريب (رقم: 4262): "صدوق ربما أخطأ"، وعليه فالصواب ما رواه عامة أصحاب مالك كما قال الدارقطني وغيره. (¬1) انظر: العلل للدارقطني (9/ 260). (¬2) التاريخ الكبير (3/ 336). وذكره الدارقطني في الضعفاء والمتروكين له، وقال في سؤالات البرقاني: "متروك"، وقال ابن عدي: "عامة ما يرويه عن مشايخه لا يتابعه الناس عليه"، وقال ابن حجر: "صدوق اختلط بأخرة فترك". انظر: الضعفاء والمتروكون للدارقطني (ص: 213) (رقم: 229)، وسؤالات البرقاني (ص: 30)، والكامل (3/ 1039)، والتقريب (رقم: 1958). وقد تابعه عبد الرحمن بن خالد بن نجيح، ذكره ابن عبد البر في التمهيد (9/ 173)، لكنه مثله بل قد يكون أسوأ حالًا منه، فقد ذكره الذهبي في المغني (2/ 379)، والميزان (3/ 271)، ونقل عن ابن يونس أنه قال: "منكر الحديث"، ونقل الحافظ في اللسان (3/ 413) عن الدارقطني أنه قال: "متروك الحديث". ثم إنَّ الحديث من هذا الوجه منقطع أيضًا؛ لأنَّ علي بن الحسين لم يدرك جدَّه عليًّا كما قال أبو زرعة فيما حكاه عنه ابن أبي حاتم في المراسيل (ص: 139)، وعليه فالمحفوظ عن مالك كما قال المؤلف إرساله، وتقدّم قول ابن عبد البر أيضًا: "ولا يصح فيه إلَّا ما في الموطأ". (¬3) العلل (9/ 259).

وقد تقدم هذا الحديث لأبي هريرة من طريق الزهريّ، عن أبي سلمة (¬1). 71 / وبه: "من حسن إسلام المرء تركُه ما لا يعنيه". في الجامع، باب: حسن الخلق (¬2). ولا يطابق الترجمة (¬3)، وهو مرسل في الموطأ (¬4). ¬

_ (¬1) تقدَّم حديثه (3/ 305). (¬2) الموطأ كتاب: حسن الخلق، باب: ما جاء في حسن الخلق (2/ 689) (رقم: 3). وأخرجه الترمذي في السنن كتاب: الزهد (4/ 484) (رقم: 2318) من طريق قتيبة بن سعيد عن مالك به. (¬3) كذا قال! وفيه نظر؛ لأن الحديث يدل على ترك فضول الأقوال على اختلاف أنواعه وهي ذروة سنام حسن الخلق، قال ابن رجب: "هذا الحديث أصل عظيم من أصول الأدب". انظر: القبس (3/ 1095 - 1096)، وجامع العلوم والحكم (1/ 288)، وشرح الزرقاني (4/ 317). (¬4) انظر الموطأ برواية: - أبي مصعب (2/ 74) (رقم: 1883)، وسويد (ص: 537) (رقم: 1265)، والشيباني (ص: 334) (رقم: 949)، وابن بكير (ل: 236 / ب) -الظاهرية-. وهكذا رواه عنه: - وكيع في الزهد (2/ 645) (رقم: 364). - وعبد الله بن وهب في الجامع (1/ 410) (رقم: 297)، وعلي بن الجعد في الجعديات (2/ 376) (رقم: 2950)، والبخاري في التاريخ الكبير (4/ 220) من طريق عبد الله بن يوسف. - ويعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ (1/ 360) من طريق القعنبي وابن بكير. - وابن أبي الدنيا في الصمت وأداب اللسان (ص: 259) (رقم: 107) من طريق علي بن الجعد وخالد بن خداش وخلف بن هشام. - والرامهرمزي في المحدث الفاصل (ص: 206) (رقم: 90) من طريق إسحاق الطباع. - وأبو أحمد الحاكم في عوالي مالك (ص: 96, 130، 131) من طريق كامل بن طلحة، وإسماعيل بن موسى الفزاري. - وأبو الشيخ في الأقران (ص: 120) (رقم: 451) من طريق الأوزاعي. - وأبو الحسن الكندي في عوالي مالك (ل: 98 / ب) من طريق محرز بن عون كلهم عن مالك به. وتابع مالكًا عليه: - يونس بن يزيد الأيلي عند ابن وهب في الجامع (1/ 410) (رقم: 297). =

ورواه خالد بن عبد الرحمن المخزومي، الخراساني - وهو ضعيفٌ - (¬1)، عن مالك، عن ابن شهاب، عن علي بن حُسين، عن أبيه مسندًا (¬2). ¬

_ = - ومعمر بن راشد عند عبد الرزاق في المصنف (11/ 307) (رقم: 20617). - وزياد بن سعد عند ابن عبد البر في التمهيد (9/ 197، 198). - وسعد بن إبراهيم عند ابن أبي عاصم في الزهد (ص: 55) (رقم: 103). قال الترمذي -بعد أن أخرجه من طريق قتيبة عن مالك مرسلًا-: "هكذا روى غير واحد من أصحاب الزهريّ عن الزهريّ، عن علي بن الحسين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحو حديث مالك مرسلًا، وهذا عندنا أصح من حديث أبي سلمة عن أبي هريرة. وهكذا قال الدارقطني في العلل (3/ 110). (¬1) هكذا جعل المؤلف المخزومي والخراساني رجلًا واحدًا ثم أطلق القول بضعفه! ! وفيه نظر، والصواب التفريق بينهما في الذات والدرجة إلا أن المؤلف لم ينفرد بهذا المزج فاتد سبقه ابن عدي في الكامل (3/ 907) وتُعُقِّب، فممن فرّق بينهما العقيلي في الضعفاء (2/ 8، 9) فقال في الأول: "مكي" ثم نقل قول البخاري فيه "ذاهب"، وقال في الآخر: "في حفظه شيء" وذكر في ترجمته حديث الباب. وترجم ابن أبي حاتم للخراساني فذكر مالكًا في جملة الرواة عنه ثم نقل عن أبيه أنه قال: "شيخ ليس به بأس"، ونقل عن أبي زرعة أنه قال: "لا بأس به"، ثم أردفه بالمخزومي ولم يذكر مالكًا في الرواة عنه، ونقل عن أبيه أنه قال: "ذاهب الحديث، تركوا حديثه". وذكر المزي المخزومي تمييزًا وقال: "التفريق هو الصحيح"، وقال الحافظ: "وهم من جعله الأول" أي الخراساني، وقال الخزرجي: "وهم ابن عدي فخلطه بالخراساني". فتبين أن خالد بن عبد الرحمن المخزومي غير الخراساني، وقد قالوا في الأول: "ذاهب"، "ذاهب الحديث"، "تركوا حديثه"، فهو متروك كما قال الحافظ، وأما الآخر وهو الخراساني وثقه ابن معين وغير واحد، وضعف حفظه العقيلي وابن عدي، وقال عنه الحافظ: "صدوق له أوهام". انظر: العلل للإمام أحمد -رواية المروذي- (ص: 265)، الجرح والتعديل (3/ 343، 344)، وتهذيب الكمال (8/ 120 - 125)، والكاشف (1/ 205)، والمغى (1/ 203، 204)، وتهذيب التهذيب (3/ 89، 90)، والتقريب (رقم: 1651، 1652)، وخلاصة الخزرجي (رقم: 1777، 1779). (¬2) أخرجه العقيلي في الضعفاء (2/ 9)، وابن عدي في الكامل (3/ 907)، وتمام في فوائده (1/ 203) (رقم: 475، 474)، وأبو أحمد الحاكم في عواليه (ص: 40، 131) كلهم من طرق عن خالد بن عبد الرحمن به. =

قال الدارقطني: "ولا يصحّ" (¬1)، قال: "ورواه عُبيد الله بن بُديل عن الزهريّ، عن سالم، عن أبيه، والأوزاعي عن قرّة، عن الزهريّ، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، وكلاهما وهم، قال: والصحيح: الزهريّ عن علي بن حسين مرسلًا" (¬2). ¬

_ = قال ابن عدي: "هذا قال فيه خالد الخراساني عن مالك عن الزهريّ، عن علي بن الحسين، عن أبيه، وهو في الموطأ عن الزهريّ عن علي بن حسين عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ليس فيه "عن أبيه". وذكره الدارقطني في العلل (3/ 109) وقال: "خالفه أصحابي مالك فرووه عن الزهريّ عن علي بن الحسين مرسلًا. قلت: وتابعه موسى بن داود الصبي، أخرجه ابن عبد البر في التمهيد (9/ 197) من طريق إبراهيم بن محمَّد بن مروان عن موسى عن مالك والعمري به، إلا أنه تفرد إبراهيم بذكر مالك فيه، فقد أخرج الإمام أحمد في المسند (1/ 201) والعقيلي في الضعفاء (2/ 9)، وتمام في فوائده (1/ 204) (رقم: 477) من طريق أبي الوليد محمَّد بن أحمد بن برد الأنطاكي كلاهما -أي الإِمام أحمد وأبو الوليد- عن موسى بن داود عن عبد الله بن عمر العمري وحده عن الزهريّ به، وإبراهيم المذكور قال عنه الدارقطني كما في الميزان (1/ 55): "غمزوه". قال ابن عبد البر: "إنما أوتي فيه خالد بن عبد الرحمن وموسى بن داود -والله أعلم- لأنهما حملا حديث مالك في ذلك على حديث العمري عن الزهريّ فيه". وعلى هذا فالمحفوظ عن مالك الإرسال كما رواه عامة أصحابه الثقات وتابعهم جماعة عنه خارج الموطأ كما تقدم. قال ابن عبد البر عقب رواية الموطأ: "هكذا رواه جماعة رواة الموطأ عن مالك فيما علمت إلا خالد بن عبد الرحمن الخراساني فإنه رواه عن مالك عن ابن شهاب عن علي بن الحسين عن أبيه، وكان يحيى بن سفيان يثني على خالد بن عبد الرحمن الخراساني خيرًا، وقد تابعه موسى بن داود الصبي قاضي طرسوس فقال فيه أيضًا: "عن أبي" وهما جميعًا لا بأس بهما إلا أنهما ليسا بالحجة على جماعة رواة الموطأ الذين لم يقولوا فيه عن أبيه". التمهيد (9/ 195). (¬1) العلل (3/ 109) لكن يلاحظ أن الدارقطني قال هذا فيمن أسنده إلى الحسين بن علي أو أبيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - دون رواية خالد. (¬2) انظر: العلل (8/ 25 - 27) فقد ذكر اختلاف الرواة على الأوزاعي ثم قال: "ورواه عبيد الله بن بُديل عن الزهريّ عن سالم عن أبيه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، والمحفوظ حديث أبي هريرة وحديث علي بن الحسين مرسلًا، وكذلك هو في الموطأ. =

وقال أبو الحسن في موضع آخر: "المحفوظ حديث أبي هريرة -يعني مسندًا- وحديث علي بن حسين مرسلًا" (¬1). وخرّج الترمذي حديث أبي هريرة من طريق قُرّة عن الزهريّ واستغربه، وقال في حديث مالك عن الزهريّ، عن علي بن الحسين: "هو عندنا أصحّ من حديث أبي سلمة عن أبي هريرة، وقال: علي بن الحُسين لم يدرك عليّ بن أبي طالب" (¬2). ¬

_ = ورواه خالد بن عبد الرحمن المخزومي عن مالك عن الزهريّ عن علي بن الحسين، عن أبيه، وخالد ليس بالقوي، وروى عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر العمري وهو ضعيف عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة ولا يصح عن سهيل، والصحيح حديث الزهريّ عن علي بن الحسين مرسلًا". وما قاله الدارقطني هو قول سائر النقاد كالبخاري والإمام أحمد، ويحيى بن معين، والعقيلي، والخطيب البغدادي، وقال ابن رجب -بعد ما نقل قول أحمد وابن معين في ترجيح المرسل-: "وقد خلط الضعفاء في إسناده على الزهريّ تخليطًا فاحشًا، والصحيح فيه مرسل". انظر: التاريخ الكبير (4/ 220)، والضعفاء للعقيلي (2/ 10)، وتاريخ بغداد (12/ 64)، وجامع العلوم والحكم (1/ 288). (¬1) العلل (8/ 26). قال ابن عبد البر: "لا يصح فيه عن الزهريّ إلا إسنادان: أحدهما ما رواه مالك ومن تابعه -وهم أكثر أصحاب الزهريّ- عن علي بن حسين مرسلًا، والآخر ما رواه الأوزاعي عن قرة بن حيوئيل عن الزهريّ عن أبي سلمة، عن أبي هريرة مسندًا، والمرسل عن علي بن الحسين أشهر وأكثر، وما عدا هذين الإسنادين فخطأ لا يعرج عليه". التمهيد (9/ 198). (¬2) انظر: السنن, كتاب: الزهد (4/ 483) (رقم: 2317) و (4/ 484). وقد أخرجه من هذا الوجه أيضًا ابن ماجه في السنن كتاب: الفتن، باب: كفّ اللسان في الفتنة (2/ 1315) (رقم: 3976)، والقضاعي في مسنده (1/ 144)، وأبو الشيخ في الأمثال (ص: 34) (رقم: 54)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (1/ 466) (رقم: 229). والحديث كما تقدم صححه الدارقطني حيث قال: "والمحفوظ حديث أبي هريرة وحديث علي بن حسين مرسلًا"، وتبعه ابن عبد البر، وكذا حسّنه النووي في الأربعين (ص: 45)، لكن الذي أسنده عن أبي هريرة هو قرة بن عبد الرحمن، وقد تفرد به عن الزهريّ، وأكثر الأئمة على تضعيفه. =

72 / وبه: "ورِث أبا طالب عَقيلٌ وطالبٌ، ولم يرثه عليٌّ". في الفرائض (¬1). يدخل هذا في المرفوع؛ لأنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى به ببيِّنة حديث أُسامة: "وهل ترك لنا عَقيل من منزل، لا يرث المسلم الكافر". وهذا كله حديثٌ واحدٌ، رواه جماعةٌ عن الزهريّ، عن عليّ بن حُسين، عن عمرو بن عثمان، عن أسامة، وقد تقدم طَرفُه في أوّل الكتاب (¬2). قال فيه يونس عن الزهريّ بإسناده هذا عن أُسامة: "وكان عَقيل ورث أبا طالب هو وطالب، ولم يرثه جعفر ولا عليٌّ شيئًا لأنهما كانا مسلمين، وكان عقيل وطالب كافرين"، خُرّج كُلُّ هذا في الصحيحين (¬3). ¬

_ = فالراجح ما رواه مالك ومن تبعه من حفاظ أصحاب الزهريّ كيونس ومعمر وغيرهما كما تقدم لا سيما وقد قال الإمام البخاري في التاريخ (4/ 220): "قال بعضهم: عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولا يصح إلا عن علي بن الحسين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ". انظر ترجمة قرة بن عبد الرحمن في تهذيب التهذيب (8/ 333)، والتقريب (رقم: 5541). وأما تحسين النووي له فقد يكون بناء على شواهده، أقواها مرسل علي بن الحسين هذا, وله شاهد أيضًا من حديث زيد بن ثابت عند الطبراني في الصغير (ص: 369) (وقم: 885) لكنه ضعيف، وأما ما ذكره الترمذي من عدم إدراك علي بن الحسين لعلي بن أبي طالب فقد ذكره أيضًا ابن أبي حاصم في مراسيله (ص: 139) (رقم: 251) نقلًا عن أبي زرعة. (¬1) الموطأ كتاب: الفرائض، باب: ميراث أهل الملل (2/ 411) (رقم: 11)، وفيه: "عن ابن شهاب، عن علي بن أبي طالب"، وهو خطأ، والصواب كما ورد هنا: "عن ابن شهاب عن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب"، وهكذا ورد في نسختي المحمودية (أ) (ل: 122 / أ) و (ب) (ل: 82 / ب) ونسخة شستربتي (ل: 51 / أ)، وكذا في رواية أبي مصعب (2/ 540) (رقم: 3062)، والشيباني (ص: 255) (رقم: 729)، وهكذا رواه ابن الأعرابي في معجمه (2/ 616) (رقم: 1219) من طريق منحاب عنه. (¬2) تقدَّم (2/ 16). (¬3) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الحج، باب: توريث دور مكة وبيعها وشرائها (1/ 489 - 490) (رقم: 1588) من طريق يونس، وفي: الجهاد والسير، باب: إذا أسلم قوم في دار الحرب ولهم مال وأرضون فهي أولى لهم (2/ 375) (رقم: 3058) من طريق معمر، وفي: المغازي، باب: =

وعَقِيل: أخو عليّ بفتح العين وكسر القاف (¬1). 73 / حديث: "كان إذا أراد أن يسير يومه جمع بين الظهر والعصر ... ". وذكر الجمع بين المغرب والعشاء. في الصلاة، الثاني. بلغه عن عليّ بن حسين (¬2). تقدّم معناه لمعاذ (¬3)، ولابن عمر طرف مسند (¬4)، ولابن عباس حديث الجمع في غير السفر (¬5)، والكل في الصحيحين (¬6). ¬

_ = أين ركز النبي - صلى الله عليه وسلم - الراية يوم الفتح (3/ 149، 150) (رقم: 4282، 4283) من طريق محمَّد بن أبي حفصة، وفي: الفرائض، باب: لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم (4/ 243) (رقم: 6764) من طريق ابن جريج، كلهم عن ابن شهاب به. وأخرجه مسلم في صحيحه كتاب: الحج، باب: النزول بمكة للحاج وتوريث دورها (2/ 984، 985) (رقم: 439، 440) من طريق يونس، ومعمر ومحمد بن أبي حفصة وزمعة بن صالح، وفي: الفرائض (3/ 1233) (رقم: 1) من طريق ابن عيينة، كلهم عن الزهريّ به. (¬1) انظر: المؤتلف والمختلف للدارقطني (3/ 1575)، وإكمال ابن ماكولا (6/ 229)، وتوضيح المشتبه (6/ 306)، وتهذيب الأسماء (1/ 337)، وتبصير المنتبه (3/ 960). (¬2) الموطأ كتاب: قصر الصلاة في السفر، باب: الجمع بين الصلاتين في الحضر والسفر (1/ 137). (¬3) تقدَّم (2/ 206). (¬4) تقدَّم (2/ 376). (¬5) تقدَّم (2/ 548). (¬6) انظر: صحيح البخاري، كتاب: تقصير الصلاة، باب: يصلي المغرب ثلاثًا (1/ 342) (رقم: 1091، 1092)، وباب: الجمع في السفر بين المغرب والعشاء (1/ 345) (رقم: 1106)، وباب: هل يؤذن أو يقيم إذا جمع بين المغرب والعشاء (1/ 346) (رقم: 1109)، وصحيح مسلم كتاب: صلاة المسافرين، باب: جواز الجمع بين الصلاتين في السفر (1/ 488 , 499) (رقم: 42 - 45)، وباب: الجمع بين الصلاتين في الحضر (1/ 489) (رقم: 49)، وكتاب: الفضائل، باب: في معجزات النبي - صلى الله عليه وسلم - (4/ 1784) (رقم: 10)، ويلاحظ أن الذي في الصحيحين هو حديث ابن عمر، وأما حديث معاذ وابن عباس فهو عند مسلم وحده.

42 - مرسل عروة بن الزبير بن العوام

42 - مرسل عروة بن الزبير بن العوّام عشرون حديثًا، أحدها مزيد، وتقدّم له مسند عن خالته عائشة (¬1)، وأسامة بن زيد (¬2)، وعُمر بن أبي سلمة (¬3)، وغيرهم من غير واسطة (¬4)، وعن عمر (¬5)، وعثمان (¬6)، وأم سلمة (¬7)، وغيرهم بوسائط (¬8). 1 / هشام بن عروة عن أبيه. تسعة عشر حديثًا، أحدها مزيد. 74 / حديث: "أن حمزة بن عمرو الأسلمي قال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إني رجل أصوم، أَفأَصوم في السفر؟ ". هذا عند يحيى بن يحيى مرسل لعروة (¬9)، وأسنده القعنبي وعامة رواة الموطأ، فزادوا فيه: "عن عائشة" (¬10). ¬

_ (¬1) له عنها اثنان وأربعون حديثًا، تقدمت (4/ 21 - 76). (¬2) انظر: (2/ 23). (¬3) انظر: (2/ 302). (¬4) كالمسور بن مخرمة (2/ 232)، وعبد الله بن الأرقم (3/ 27)، وصاحب هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - (3/ 603). (¬5) انظر: (2/ 286). (¬6) انظر: (2/ 310). (¬7) انظر: (4/ 193 - 197). (¬8) كسفيان بن زهير (3/ 125). (¬9) الموطأ كتاب: الصيام، باب: ما جاء في الصيام في السفر (1/ 245) (رقم: 24). (¬10) انظر الموطأ برواية: - أبي مصعب الزهريّ (1/ 308) (رقم: 794)، وسويد بن سعيد (ص: 419) (رقم: 956)، وابن بكير (ل: 53 / أ) - الظاهرية-، وابن القاسم (ص: 475) (رقم: 465 - تلخيص القابسي-). =

وخرّجه البخاري عن ابن يوسف، عن مالك هكذا مسندًا (¬1). ورواه أبو الأسود يتيم (¬2) عروة، عن عروة عن أبي مُراوح، عن حمزة، خرّجه مسلم. وخرّجه أيضًا من طريق عروة عن عائشة (¬3). وأبو مُراوح (¬4)، قال الدارقطني: "قيل: اسمه عبد الرحمن بن محراق (¬5)، ولا يصح" (¬6). ¬

_ = وأخرجه الجوهري في مسند الموطأ (ل: 132 / ب) من طريق القعنبي، كلهم عن مالك، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة: أن حمزة ... فذكره. قال ابن عبد البر: "هكذا قال يحيى: عن مالك، عن هشام، عن أبيه: أن حمزة بن عمرو ... ، وقال سائر أصحاب مالك: عن هشام، عن أبيه، عن عائشة: أن حمزة ... ". التمهيد (22/ 146). (¬1) انظر: صحيح البخاري، كتاب: الصوم، باب: الصوم في السفر والإفطار (2/ 43) (رقم: 1943). (¬2) في الأصل: "يتيم بن عروة" وهو خطأ. (¬3) انظر: صحيح مسلم، كتاب: الصيام، باب: التخيير في الصوم والفطر في السفر (2/ 789، 790) (رقم: 103 - 107). وذكر الدارقطني وابن عبد البر وابن حجر أن عروة سمع الحديث من عائشة، ومن أبي مراوح عن حمزة، وهو صحيح من الوحهين. انظر: العلل (5 / ل: 120 / أ)، والتمهيد (22/ 147)، وفتح الباري (4/ 212). (¬4) بضم الميم بعدها راء خفيفة وكسر الواو بعدها مهملة. فتح الباري (5/ 716)، والمغني في ضبط الأسماء (ص: 296). (¬5) في الأصل: "محاق" وهو خطأ. (¬6) العلل (5/ 120 / أ). وجاء في هامش الأصل: "قال أبو عمر بن عبد البر: "أبو مُراوح لا يوقف على اسمه إلا أن مسلمًا قال في الطبقات اسمه سعد". وترجم له ابن عبد البر في الاستغناء فقال: "قد ذكرنا قول من قال اسمه سعيد، وأكثرهم يقول لا اسم له غير كنيته". الاستغناء (2/ 1317). =

وانظر حديث أنس (¬1)، وحديث ابن عباس (¬2)، وبعض الصحابة في المبهمين (¬3). 75 / حديث: "لبس خميصة لها عَلَم ثم أعطاها أبا جهم ... ". فيه: "إني نظرت إلى عَلَمها ... ". في الصلاة، في أبواب السهو (¬4). أسنده معن عن مالك فزاد فيه: "عن عائشة". قال الدارقطني: "وكذلك رواه أصحاب هشام عنه" (¬5). ¬

_ = وقال المزي: "قال مسلم: اسمه سعد، وذكره في موضع آخر ولم يسمّه" اهـ. قلت: ذكره مسلم في الطبقات وفي الكنى والأسماء، ولم يسمه، فالراجح ما قاله ابن عبد البر أنه لا اسم له غير كنيته، ولذلك قال ابن حجر: "شذّ من قال اسمه سعد". انظر: الطبقات للإمام مسلم (1/ 228)، والكنى والأسماء له (2/ 835)، وتهذيب الكمال (34/ 270)، والاصابة (12/ 37) وتهذيب التهذيب (12/ 248)، وفتح الباري (5/ 176). (¬1) تقدّم (2/ 57). (¬2) تقدّم (2/ 527). (¬3) تقدّم (3/ 601). (¬4) الموطأ كتاب: الصلاة، باب: النظر في الصلاة إلى ما يشغلك عنها (1/ 102) (رقم: 68). (¬5) قال الدارقطني: "رواه مالك في الموطأ عن هشام عن أبيه مرسلًا، ورواه معن بن عيسى عن مالك، عن هشام عن أبيه، عن عائشة، وكذلك أصحاب هشام عن هشام، وكذلك رواه الزهريّ عن عروة، عن عائشة". العلل (5 / ل: 44 / ب). وقال ابن عبد البر: "هذا مرسل عند جميع الرواة عن مالك إلا معن بن عيسى فإنه رواه عن مالك، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة مسندًا، وكذلك يرويه جماعة أصحاب هشام عن هشام مسندًا عن أبيه، عن عائشة". التمهيد (22/ 314). قلت: رواية الوصل وإن تفرد بها معن بن عيسى من بين سائر الرواة إلَّا أنه كما قال أبو حاتم الرازي في الجرح والتعديل (8/ 278): "أثبت أصحابي مالك وأوثقهم"، وعلى هذا فالوجهان محفوظان كما أشار إليه الدارقطني وكذلك المؤلف.

وهذا الحديث مختصر، وتقدّم لأمّ علقمة عن عائشة مطوّلًا (¬1)، وهو في الصحيحين، للزهري وهشام عن عروة، عن عائشة مسندًا (¬2). 76 / حديث: "لا يخرج أحدٌ من المدينة رغبةً عنها إلا أبدلها الله خيرًا منه". في الجامع، عند أوّله (¬3). زاد فيه معن: "عن عائشة" (¬4). ¬

_ (¬1) تقدم حديثها (4/ 135). (¬2) الحديث من طريق هشام عن عروة، عن عائشة علّقه البخاري في الصلاة، باب: إذا صلى في ثوب له أعلام (1/ 141) إثر حديث (رقم: 373)، ووصله مسلم في صحيحه كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: كراهة الصلاة في ثوب له أعلام (1/ 392) (رقم: 63) من طريق وكيع. وأبو داود في السنن كتاب: الصلاة، باب: النظر في الصلاة (1/ 562) (رقم: 915) من طريق عبد الرحمن بن أبي الزناد كلاهما عن هشام به. ومن طريق الزهريّ عن عروة عنها أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الصلاة، باب: إذا صلى في ثوب له أعلام ونظر إلى علمها (1/ 141) (رقم: 373)، وفي كتاب: الأذان، باب: الالتفات في الصلاة (1/ 245) (رقم: 752)، وفي كتاب: اللباس، باب: الأكيسة والخمائص (4/ 59) (رقم: 5817)، ومسلم في صحيحه كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: كراهة الصلاة في ثوب له أعلام (1/ 391، 392) (رقم: 61 - 63) من طرق عن الزهريّ به. (¬3) الموطأ كتاب: الجامع، باب: ما جاء في سكنى المدينة والخروج منها (2/ 676) (رقم: 6). هذا مرسل صحيح الإسناد، وتابع مالكًا عليه معمر وابن جريج عند عبد الرزاق في المصنف (9/ 265 - 266) (رقم: 17160، 17162). (¬4) قال الجوهري وابن عبد البر: "هذا حديث مرسل في الموطأ غير معن فإنه أسنده، قال فيه: "عن عائشة" دون غيره. انظر: مسند الموطأ (ل: 135 / ب)، والتمهيد (22/ 279).

وخرّجه ابن أبي شيبة لأبي هريرة (¬1)، والبزار لجابر (¬2). ¬

_ (¬1) لم أجده في المصنف ولا في القطعة المطبوعة من المسند ولا في المطالب العالية لكن أخرجه من طريقه ابن عبد البر والتمهيد (22/ 279) عن ابن نمير، عن هاشم بِن هاشم، حدثني, أبو صالح مولى السعديين عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن رجالا يستنفرون عشائرهم ... " فيه: "والذي نفس محمَّد بيده لا يخرج منها أحد رغبة عنها إلا أبدلها الله خيرًا منه. وإسناده حسن، أبو صالح مولى السعديين، قال أبو زرعة كما حكاه عنه ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (9/ 392): "لا بأس به". وأخرجه من هذا الوجه أحمد في المسند (2/ 439)، والبيهقي في شعب الإيمان (3/ 496) (رقم: 4179). والحديث أصله في صحيح مسلم، أخرجه في كتاب: الحج، باب: المدينة تنفي شرارها (2/ 1005) (رقم: 487) من طريق العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "يأتي على الناس زمان يدعو الرجل ابن عمه وقريبه: هلمّ إلى الرخاء, هلمّ إلى الرخاء, والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون، والذي نفسي بيده لا يخرج منهم أحد رغبة عنها إلا أخلف الله فيها خيرًا منه ... ". وأخرج أبو يعلى في المسند (10/ 347) (رقم: 5943)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (9/ 51) (رقم: 3733) من طريق أبي سلمة عن أبي هريرة كلفظ أبي صالح عن أبي هريرة وفي آخره زيادة "والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون" وإسناده حسن لأجل محمَّد بن عمرو بن علقمة. (¬2) أخرجه البزار في مسنده (2/ 52) (رقم: 1186 - كشف الأستار-) من طريق عبد الوهاب الثقفي، عن سعيد بن إياس الجُريري، عن أبي نضرة -المنذر بن مالك العبدي- عن جابر به. إسناده صحيح، وسعيد بن إياس الجريري وعبد الوهاب الثقفي وإن كانا قد اختلطا لكن اختلاطهما لا يضر؛ لأن الثقفي عمن الجريري قبل اختلاطه، والثقفي لم يحدث في زمن اختلاطه فما ضرّ اختلاطُه حديثَه. انظر: الكواكب النيرات (ص: 181، 316)، وميزان الاعتدال (2/ 681). ومع ذلك فقد تابع الثقفي عبد الوهاب الخفاف، أخرجه من طريقه الحاكم "المستدرك (4/ 454) مطولًا وفيه اللفظ السابق، وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه بهذه السياقة وسكت عنه الذهبي، ووقع في المطبوع "عبد الوهاب عن عطاء" وهذا خطأ، والصواب "ابن عطاء" كما في إتحاف المهرة (3/ 576) ولم ينبّه عليه محقق الإتحاف. وجاء نحوه أيضًا من حديث سعد بن أبي وقاص عند مسلم في الصحيح، كتاب: الحج، باب: فضل المدينة ... (2/ 992) (رقم: 459) فهذه كلها شواهد لصحة مرسل عروة، وقد جمع الدكتور صالح الرفاعي طرقه وألفاظه وأورد أحاديث أخرى في الحث على سكنى المدينة في كتابه الأحاديث الواردة في فضائل المدينة جمعًا ودراسة (ص: 191 - 206).

77 / حديث: "إن الحُمَّى مِن فَيح جهنم فأبرِدُوها بالماء". في الجامع (¬1). زاد فيه معن: "عن عائشة" (¬2). وتابعه ابن وهب خارج الموطأ (¬3) فأسنده عن مالك، خرّجه الجوهري من طريقه (¬4). وقال الدارقطني: "أرسله أصحاب الموطأ، وهو الصحيح عن مالك، ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: العين، باب: الغسل بالماء من الحمُّى (2/ 720) (رقم: 16). (¬2) انظر: مسند الجوهري (ل: 134 / ب). (¬3) إنما قال خارج الموطأ لأن روايته في الموطأ كما قال الدارقطني في العلل (5 / ل: 43 / ب) مرسلة كرواية يحيى ومن تابعه، وهكذا أخرجه الطحاوي في شرح مشكل الآثار (5/ 105) (رقم: 1851) من طريق يونس، وابن المظفر في غرائب مالك (ص: 189) (رقم: 123) من طريق أبي الطاهر كلاهما عن ابن وهب عن مالك به. (¬4) أخرجه في مسند الموطأ (ل: 134 / ب) من طريق أبي الطاهر أحمد بن عمرو بن السرح، وابن المظفر في غرائب مالك (ص: 188) (رقم: 121) من طريق يونس بن عبد الأعلى، وابن عبد البر في التمهيد (22/ 293) من طريق أبي الطاهر وسحنون، ثلاثتهم عن ابن وهب عن مالك به موصولا. قال ابن المظفر: "هكذا حدث بهذا الحديث يونس، عن ابن وهب، عن مالك متصلًا، وهو محفوظ عن ابن وهب، عن سعيد بن عبد الرحمن متصلًا، وعن مالك مرسلًا" ثم ساق عن ابن وهب عن سعيد بن عبد الرحمن الجمحي موصولًا، وعنه عن مالك مرسلًا. قلت: ظاهر كلام ابن المظفر هذا يدل على أن يونس تفرد عن ابن وهب بوصل الحديث، وقد تقدم متابعة أبي الطاهر له عند الجوهري وسُحنون عند ابن عبد البر، وعليه فالظاهر أن ابن وهب سمعه من مالك على الوجهين، ويدل عليه ورود الحديث عند ابن المظفر (ص: 189) (رقم: 123) من طريق أبي الطاهر، وعند الطحاوي في شرح مشكل الآثار (5/ 105) (رقم: 1851) من طريق يونس كلاهما عن ابن وهب عن مالك، عن هشام عن أبيه مرسلًا.

وذكر عائشة فيه صحيح من غير طريق مالك، أسنده ابن المبارك وجماعة عن هشام عن أبيه عن عائشة" (¬1). خرّجه البخاري ومسلم كذلك (¬2)، وانظر حديث أختها أسماء في مسندها (¬3). 78 / حديث: "خمس فواسق يقتلن في الحرم: الفأرة والعقرب، والحدأة والكلب العقور، والغراب". في الحج، باب: ما يقتل المحرم (¬4). ¬

_ (¬1) سئل الدارقطني عن هذا الحديث فقال: "يرويه هشام بن عروة واختلف عنه، فرواه زهير بن معاوية، وإبراهيم بن سعد، وعلي بن مسهر، وابن المبارك، وابن نمير، ويحيى القطان، وعبدة، والطفاوي، وخالد بن الحارث، وأبو مروان العثماني، والخريبي، ويحيى بن يمان، وأبو حمزة، وابن أبي الزناد، وسعيد بن عبد الرحمن الجمحي، وابن هشام بن عروة رووه عن هشام عن عائشة، واختلف عن مالك فرواه ابن وهب عن مالك وسعيد بن عبد الرحمن الجمحي جمع بينهما عن هشام عن أبيه عن عائشة، ورواه ابن وهب في الموطأ عن مالك عن هشام عن أبيه مرسلًا، وذكر عائشة فيه صحيح، ولعل هشام بن عروة كان يصله مرة ويرسله أخرى فرواه عنه جماعة من الثقات متصلًا". العلل (5 / ل: 43 / ب). فترى أن ما ذكره المؤلف عن الدارقطني: "أرسله أصحاب الموطأ، وهو الصحيح عن مالك" لم يرد في هذا الموضع، فنقول إن مالكًا رواه أيضًا على الوجهين كما رواه شيخه هشام. (¬2) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: بدء الخلق، باب: صفة النار وأنها مخلوقة (2/ 436) (رقم: 3263) من طريق زهير بن معاوية، وفي: الطب، باب: الحمَّى من فيح جهنَّم (4/ 40) (رقم: 5725) من طريق يحيى بن سعيد. ومسلم في صحيحه كتاب: السلام، باب: لكل داء دواء واستحباب التداوي (4/ 1732) (رقم: 81) من طريق ابن نمير وخالد بن الحارث وعبدة بن سليمان كلهم عن هشام به. (¬3) تقدّم حديثها (4/ 240). (¬4) الموطأ كتاب: الحج، باب: ما يقتل المحرم من الدواب (1/ 289) (رقم: 90).

وفي إدخاله في هذه الترجمة نظر (¬1). هذا مرسل في الموطأ (¬2). وزاد فيه وكيع عن مالك خارج الموطأ: عن عائشة (¬3). وتابعه ابن وهب عن مالك من رواية ابن أخيه وهو أحمد بن عبد الرحمن وأسنده إليها (¬4). والمحفوظ فيه عن مالك الإرسال (¬5). قال الدارقطني: "وغير مالك يرويه عن هشام عن أبيه عن عائشة مسندًا، وهو الصواب" (¬6). وخرّجه مسلم عنها (¬7). ¬

_ (¬1) بل في قول المؤلف هذا نظر؛ لأنَّ الحديث نص في إباحة قتل هذه الدواب في الحرم للمحرم، وأدخله غير واحد من الأئمة كالبخاري والنسائي والدارمي وغيرهم تحت هذه الترجمة في مؤلفاتهم. انظر: صحيح البخاري (2/ 11)، وسنن النسائي (2/ 228)، وسن الدارمي (2/ 35 - 36)، وشرح معاني الآثار (2/ 165 - 166). (¬2) انظر الموطأ برواية: أبي مصعب الزهريّ (1/ 466) (رقم: 1185)، وسويد بن سعيد (ص: 525) (رقم: 1236)، وابن بكير (ل: 28 / ب) -الظاهرية-. بل قال ابن عبد البر: "ولم يذكر فيه عائشة من رواة الموطأ أحد فيما علمت". التمهيد (22/ 277). (¬3) انظر: التمهيد (22/ 277). (¬4) ذكره الدارقطني في العلل (5 / ل: 117 / ب). (¬5) لاتفاق عامة أصحاب مالك عليه. (¬6) العلل (5 / ل: 117 / ب). (¬7) أخرجه في صحيحه كتاب: الحج، باب: ما يندب للمحرم وغيره قتله من الدواب في الحل والحرم (2/ 857) (رقم: 68) من طريق حماد بن زيد وعبد الله بن نمير، كلاهما عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة. وتابعهما: وكيع عند النسائي في السنن كتاب: الحج، باب: ما يُقتل في الحرم من الدواب (2/ 228) (رقم: 2881). وحماد بن سلمة عند ابن عبد البر في التمهيد (22/ 278).

وانظر حديث ابن عمر فيما يقتله المحرم من طريق نافع وابن دينار (¬1). 79 / حديث: "خرج في مرضه، فوجد أبا بكر وهو قائم يصلي بالناس، فاستأخر أبو بكر ... ". فيه: "فجلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى جنب أبي بكر، فكان أبو بكر يصلي بصلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكان الناس يصلون بصلاة أبي بكر". في صلاة الإمام جالسًا (¬2). أرسله مالك (¬3). ورُوي من وجوه عن عائشة مسندًا من طريق عروة وغيره، وهو في بعضها متصل بحديث: "مروا أبا بكر فليصل للناس"، خُرِّج الكلُّ في الصحيح (¬4). وفي الموطأ لهشام عن عروة عن عائشة حديث: مروا أبا بكر فليصل ¬

_ (¬1) تقدّم حديثه (2/ 390، 480). (¬2) الموطأ كتاب: صلاة الجماعة، باب: صلاة الإمام وهو جالس (1/ 130) (رقم: 18). (¬3) انظر الموطأ برواية: - أبي مصعب الزهريّ (1/ 134) (رقم: 341)، والقعنبي (ل: 25 / أ). قال ابن عبد البر: "لم يختلف عن مالك -فيما علمت- في إرسال هذا الحديث، وقد وصله حماد بن سلمة، وابن نمير، وأبو أسامة، فرووه عن هشام، عن أبيه، عن عائشة". التمهيد (22/ 315). (¬4) انظر: صحيح البخاري كتاب: الأذان، باب: حدّ المريض أن يشهد الجماعة (1/ 221) (رقم: 664)، وباب: من قام إلى جنب الإمام لعلة (1/ 226) (رقم: 683)، وباب: إنما جعل الإمام ليؤتم به (1/ 228) (رقم: 687). وصحيح مسلم كتاب: الصلاة، باب: استخلاف الإمام إذا عرض له عذر من مرض وسفر (1/ 311 - 315) (رقم: 90، 95، 97)، فقد أخرجاه من طريق ابن نمير، عن هشام بن عروة، عن أبيه، ومن طريق عبيد الله بن عبد الله بن عتبة والأسود -وهو في هذين الطريقين متصل بحديث: مروا أبا بكر- ثلاثتهم عن عائشة مسندًا.

للناس" -مختصرًا- ليس فيه هذه الزيادة، وقد تقدّم في مسندها (¬1). وقال مالك في رواية ابن القاسم: "العمل على حديث ربيعة" (¬2)، يعني أن أبا بكر كان الإِمام وأنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى بصلاته، وليس ذلك الحديث عند يحيى بن يحيى، وقد تقدم في مرسل ربيعة (¬3). وانظر حديث "إنما جعل الإِمام لؤتم به" لأنس (¬4)، وعائشة من طريق عروة (¬5). 80 / حديث: "نزلت {عَبَسَ وَتَوَلَّى} في عبد الله بن أمّ مكتوم، جاء إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فجعل يقول: يا محمد استدنيني ... ". وفيه: الإعراض عنه، والإقبال على رجل من عظماء المشركين. في الصلاة عند آخره، باب: ما جاء في القرآن (¬6). أسند هذا يحيى بن سعيد الأُموي وغيره عن هشام، عن أبيه، عن عائشة (¬7). ¬

_ (¬1) تقدّم حديثها (4/ 29). (¬2) لم أقف عليه. (¬3) في الأصل "مسند ربيعة" وهو خطأ. وحديثه تقدَّم (4/ 523). (¬4) تقدّم حديثه (2/ 45). (¬5) تقدّم حديثها (4/ 27). (¬6) الموطأ كتاب: القرآن، باب: ما جاء في القرآن (1/ 180) (رقم: 8). (¬7) أخرجه الترمذي في السنن كتاب: التفسير، باب: تفسير سورة عبس (5/ 402 - 403) (رقم: 3131)، وأبو يعلى في المسند (8/ 261) (رقم: 4848)، وابن جرير في جامع البيان (30/ 50)، والدارقطني في العلل (5 / ل: 41 / أ)، والحاكم في المستدرك (2/ 514)، كلهم من طريق يحيى بن سعيد الأموي، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة. قال الترمذي: "هذا حديث غريب، وروى بعضهم هذا الحديث عن هشام بن عروة، عن أبيه قال: "أنزل {عَبَسَ وَتَوَلَّى} في ابن أم مكتوم، ولم يذكر فيه عائشة". =

قال الدارقطني: "والمرسل هو الصحيح" (¬1). ¬

_ = قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، فقد أرسله جماعة عن هشام بن عروة". قال الذهبي في التلخيص: "هكذا رواه يحيى بن سعيد الأموي مرفوعًا عن هشام، وأرسله جماعة عن هشام، وهو الصواب". قلت: وممن تابع يحيى بن سعيد على وصله: - عبد الرحيم بن سليمان، عند ابن حبان في صحيحه (الإحسان) (2/ 293) (رقم: 535) وسنده صحيح. - ويزيد بن سنان الرهاوي، ذكره ابن عبد البر في التمهيد (22/ 324)، وهو ضعيف، ضعفه ابن معين، وأحمد وابن المدني، وقال النسائي: "متروك الحديث"، وقال ابن عدي: "عامة حديثه غير. محفوظ". انظر: الضعفاء للنسائي (ص: 256) (رقم: 681)، والجرح والتعديل (9/ 266، 267)، والكامل (7/ 2726)، وتهذيب الكمال (32/ 155)، والتقريب (رقم: 7727). وأما الإرسال فهي رواية مالك، ولم يختلف الرواة عنه كما قال ابن عبد البر في التمهيد (22/ 324)، وتابعه عليه: - أبو معاوية الضرير عند ابن سعد في الطبقات (4/ 157). - ووكيع عند ابن جرير في جامع البيان (30/ 51). - وابن جريج كما ذكره ابن عبد البر في التمهيد (22/ 324)، وهو الصحيح كما قال الدارقطني وغيره. (¬1) "العلل" (5 / ل: 41 / أ). قال ابن عبد البر: "هذا الحديث لم يختلف الرواة عن مالك في إرساله وهو يستند من حديث عائشة من رواية يحيى بن سعيد الأموي، ويزيد بن سنان الرهاوي عن هشام بن عروة، عن أبيه عن عائشة، ومالك أثبت من هؤلاء، ورواه ابن جريج عن هشام بن عروة. بمثل حديث مالك وروى وكيع عن هشام عن أبيه عروة". التمهيد (22/ 324). ووافقهما في ذلك الذهبي كما تقدم. قلت: إنما رجحوا المرسل لكون رواته أكثر وأحفظ، وفيهم الإِمام مالك أثبت الرواة عن هشام كما قال ابن رجب في شرح علل الترمذي (2/ 680)، وابن عبد البر، وأما يحيى بن سعيد الأموي فقد نقل الخطيب في تاريخه (14/ 133) عن أبي بكر الأثرم عن الإمام أحمد أنه قال: "لم =

وخرّجه الترمذي مسندًا عن عائشة، وقال فيه: "حسن غريب" (¬1). واختلف في اسم ابن أم مكتوم، فقيل: عبد الله، وقيل: عَمْرو، وأما اسم أبيه فلم يختلف في أنه قيس بن زائدة من بني عامر بن لوي، وأم مكتوم اسمها عاتكة بنت عبد الله من بني مخزوم (¬2). وأما الرجل من عظماء المشركين فهو الوليد بن المغيرة (¬3). ¬

_ = يثبت أمره في الحديث"، وقال الحافظ في التقريب (رقم: 7554): "صدوق يغرب". وقد تابعه يزيد بن سنان لكنه ضعيف، بقي عبد الرحيم بن سليمان وهو ثقة لكن روايته لا تنهض لمعارضة رواية الجماعة فالراجح الإرسال. والمرسل ضعيف عند أهل العلم لكن يشهد له حديث أنس عند أبي يعلى في المسند (5/ 431) (رقم: 3123). (¬1) تقدم إلا أن فيه وكذا في التحفة (12/ 219): "غريب". (¬2) بالنسبة لاسم ابن أم مكتوم فكلاهما قيل فيه، وعمرو هو الأكثر والأشهر كما قال ابن عبد البر وتبعه ابن حجر، وأما ما ذكره من عدم الاختلاف في اسم أبيه فقد سبقه إليه ابن سعد حيث قال: "ثم اجتمعوا على نسبه فقالوا: ابن قيس بن زائدة بن الأصم، وأمه عاتكة بنت عبد الله، وهو أيضًا قول أبي مصعب الزهريّ وجمهور أهل السير لكن ذكر القاضي عياض أنه اختلف في اسم أبيه وجده أيضًا، فقيل زائدة بن الأصم، وقيل: قيس بن زائدة بن الأصم، وقيل: قيس بن مالك بن الأصم، وبهذا تعقب الحافظ من ادّعى الاتفاق في اسم أبيه وجده كابن سعد وغيره. انظر: نسب قريش (ص: 343)، والنسب لأبي عبيد (ص: 218)، والطبقات الكبرى (4/ 154، 155)، ومعجم ابن قانع (2/ 204)، والاستيعاب (8/ 351)، ومشارق الأنوار (2/ 123، 122)، وأسد الغابة (4/ 251)، والإصابة (7/ 83، 84). (¬3) جزم به ابن إسحاق كما في سيرة ابن هشام (1/ 363 - 364) فقال: "ووقف الوليد بن المغيرة مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يكلمه وقد طمع في إسلامه، فبينما هو في ذلك إذ مرّ به ابن أم مكتوم الأعمى، وجعل يستقرئه القرآن ... " وذكر القصة. ومن طريقه رواه ابن بشكوال في الغوامض (1/ 174). وهناك أقوال أخرى في تعيين هذا الرجل: =

81 / حديث: "تَحَرَّوْا ليلةَ القدْر في العشر الأواخر مِن رمضان" (¬1) وهذا حديث رواه عروة عن عائشة، خرّجه الترمذي كذلك وصحّحه (¬2). وتقدّم معناه لأبي سعيد مسندًا (¬3). ¬

_ = أحدها: أنه أُبي بن خلف، روى ذلك أبو يعلى في مسنده (5/ 431) (رقم: 3123) من حديث أنس أنه قال في قوله: {عَبَسَ وَتَوَلَّى}: "جاء ابن أم مكتوم إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يكلم أبي بن خلف، فأعرض عنه ... " فذكره. ورواه عبد الرزاق في تفسيره (2/ 348) وابن جرير في جامع البيان (30/ 51) من طريق محمَّد بن ثور كلاهما عن معمر عن قتادة مرسلًا. القول الثاني: أنه عتبة بن ربيعة، قاله أبو عبيد في كتاب الطبقات له، وأخرجه من طريقه ابن بشكوال في الغوامض (1/ 174 - 175). القول الثالث: أنهم جماعة وهم: عتبة بن ربيعة، وأبو جهل بن هشام، والعباس بن عبد المطلب، رواه ابن جرير في جامع البيان (30/ 51) عن ابن عباس قال: "بينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يناجي عتبة بن ربيعة، والعباس بن عبد المطلب وأبا جهل بن هشام ... " فذكره. وفي إسناده ضعفاء ومجاهيل، قال ابن كثير في التفسير (4/ 502) بعد أن عزاه للطبري وابن أبي حاتم: "فيه غرابة ونكارة، وقد تكلم في إسناده". القول الرابع: أنه أمية بن خلف، رواه ابن جرير في جامع البيان (30/ 51) من حديث قتادة مرسلًا. وأورد هذه الأقوال كلها أبو زرعة العراقي في المستفاد (3/ 1552). (¬1) الموطأ كتاب: الاعتكاف، باب: ما جاء في ليلة القدر (1/ 262) (رقم: 10). (¬2) أخرجه في السنن, كتاب: الصوم، باب: ما جاء في ليلة القدر (3/ 158) (رقم: 792) عن هارون بن إسحاق الهمداني، عن عبدة بن سليمان، عن هشام به. وقال: "حديث عائشة حديث حسن صحيح". قلت: هو حديث متفق عليه، أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: فضل ليلة القدر، باب: تحري ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر (2/ 63، 64) (رقم: 2019، 2020) من طريق يحيى -وهو القطان- وعبدة، ومسلم في صحيحه كتاب: الصيام، باب: فضل ليلة القدر (2/ 828) (رقم: 219) من طريق ابن نمير ووكيع كلهم عن هشام به مسندًا متصلًا. وكان من عادة المؤلف عزو الحديث إلى الصحيحين إن كان الحديث فيهما أو في أحدهما، فلا أدري كيف أغفل عزو هذا الحديث إليهما وقد اتفقا على إخراجه وتكرر هذا منه في غير ما موضع. (¬3) انظر: (3/ 227).

وانظر حديث أنس (¬1)، وعبد الله بن أنيس (¬2)، وابن دينار عن ابن عمر (¬3)، ومرسل مالك (¬4). 82 / حديث: "لم يعتمر إلَّا ثلاثًا، وذكر الأشهُرَ: شوّالا وذا القَعدة، وذا القَعدة". في باب العمرة في أشهر الحج (¬5). وهذا رواه أيضًا عروة عن عائشة، خرّجه أبو داود من طريق داود بن عبد الرحمن عن هشام، وقال فيه: "اعتمر ثلاثًا" ولم ينف ما زاد (¬6). وأخرج عن مجاهد أن عائشة قالت: "اعتمر ثلاثًا سوى الّتي قرنها بحَّجة الوداع" (¬7). ¬

_ (¬1) تقدّم حديثه (2/ 65). (¬2) تقدّم حديثه (3/ 30). (¬3) تقدّم حديثه (2/ 486). (¬4) سيأتي حديثه (5/ 356). (¬5) الموطأ كتاب: الحج، باب: العمرة في أشهر الحج (1/ 276) (رقم: 56). (¬6) أخرجه في السنن كتاب: المناسك، باب العمرة (2/ 505) (رقم: 1991) كان عبد الأعلى بن حماد، عن داود بن عبد الرحمن، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اعتمر عمرتين: عمرة في ذي القعدة، وعمرة في شوال"، كذا في السنن: "اعتمر عمرتين"، وهذا لا يتفق مع ما ذكره المؤلف، لكن ورد الحديث في رواية ابن داسة (ل: 341 / أ) بلفظ: "اعتمر عمرتين في ذي القعدة وعمرة في شوال"، وهذا قريب مما ذكره المؤلف، فكأنَّ هذه الرواية هي التي اعتمدها المؤلف، كما اعتمدها ابن عبد البر في التمهيد (22/ 289). والحديث إسناده صحيح، رجاله رجال الشيخين، وتابع داود بن عبد الرحمن على وصله: الدراوردي عند سعيد بن منصور، ذكره ابن حجر في فتح الباري (3/ 702)، وقال: "إسناده قوي". (¬7) أخرجه في السنن (2/ 505) (رقم: 1992)، والنسائي في الكبرى (2/ 475) (رقم: 4218)، وأحمد في المسند (2/ 70)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (2/ 150)، والبيهقي في السنن =

ورُوي عن ابن عباس نحوَه ولم يعيّن الأشهر (¬1)، وجاء عن ابن عمر وأنس أنه اعتمر أربعًا، وقال أنس: "عمرة الحديبية حيث صدّه المشركون، ومن العام المقبل في الصلح، ومن الجعرانة (¬2) حيث قسَّم غنائم حُنين"، كلُّ هذا في ذي القعدة وعمرة مع حجته في الصحيح (¬3). وهذا قوله من زعم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قرن (¬4)، وفي ذلك خلف (¬5). ¬

_ = الكبرى (5/ 10) من طريق عن زهير بن معاوية، عن أبي إسحاق، عن مجاهد قال: سئل ابن عمر كم اعتمر النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال: "مرّتين"، فقالت عائشة: "لنقد علم ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد اعتمر ثلاثًا سوى التي قرنها بحجة الوداع"، ورجاله ثقات. (¬1) أخرجه أيضًا أبو داود في السنن (2/ 506) (رقم: 1993)، والترمذي في السنن كتاب: الحج، باب: ما جاء كم اعتمر النبي - صلى الله عليه وسلم - (3/ 180) (رقم: 816) وقال: "حسن غريب"، وابن ماجه في السنن كتاب: المناسك، باب: كم اعتمر النبي - صلى الله عليه وسلم - (2/ 999) (رقم: 3003)، وأحمد في المسند (1/ 246)، والدارمي في السنن, كتاب: الحج، باب: كم اعتمر النبي - صلى الله عليه وسلم - (2/ 51)، والبيهقي في السنن الكبرى (12/ 5) كلهم من طرق عن داود بن عبد الرحمن العطار، عن عمرو بن دينار، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: "اعتمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أربع عمر ... " فذكرها، والرابعة التي مع حجته. والحديث إسناده صحيح، وقد صححه ابن حبان في صحيحه (الإحسان) (9/ 262) (رقم: 3946)، والحاكم في المستدرك (3/ 50). (¬2) الجعرّانة: بكسر أوله، يقع شمال شرقي مكة في صدر وادي سرف ولا زال معروفًا بهذا الاسم. المعالم الأثيرة (ص: 90). (¬3) انظر: صحيح البخاري، كتاب: العمرة، باب: كم اعتمر النبي - صلى الله عليه وسلم - (1/ 537، 538) (رقم: 1775 - 1778)، وصحيح مسلم، كتاب: الحج، باب: بيان عدد عمر النبي - صلى الله عليه وسلم - وزمانهن (2/ 916، 917) (رقم: 217، 220). (¬4) قال ابن عبد البر: "روى عن جماعة من السلف منهم: ابن عباس وعائشة، وإليه ذهب ابن عيينة والزهري وجماعة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اعتمر أربع عمر، ثلاث مفترقات، وواحد مع حجته، وهذا على مذهب من جعله قارنًا أو متمتعا، وأما من جعله مفردًا في حجته فهو ينفي أن تكون عمره إلا ثلاثًا. التمهيد (22/ 290). (¬5) أي خلاف، هل كان النبي - صلى الله عليه وسلم - قارنًا، أو متمتعًا، أو مفردًا؟ وإلى كلٍّ ذهب جمع من أهل العلم من الصحابة والتابعين ومن بعدهم. =

انظر القِران في مسند حفصة (¬1)، والعُمَرَ في مرسل مالك (¬2)، ومرسل سعيد بن المسيب (¬3). 83 / حديث: "إنَّ ناسًا مِن أهل البادية يأتوننا بلُحمان ... ". فيه: "سمّوا الله عليها ثم كلوها". في أوَّل الذبائح (¬4). وهذا أيضًا رواه عروة، عن عائشة، خرّجه البخاري عن أسامة بن حفص عنه (¬5). 84 / حديث: "مَن أحيا أرضًا مَيتةً فهي له، وليس لعرقٍ ظالم حقٌّ". في الأقضية (¬6). رواه أيوب، عن هشام، عن أبيه، عن سعيد بن زيد، خرّجه أبو داود، والنسائي، واستغربه الترمذي (¬7). ¬

_ = قال ابن قدامة: "أجمع أهل العلم على جواز الإحرام بأيّ الإنساك الثلاثة شاء، واختلفوا في أفضلها". انظر: سنن الترمذي (3/ 183، 184)، والمغني (5/ 82، 83)، وفتح الباري (3/ 501، 503). (¬1) تقدّم حديثها (4/ 180). (¬2) سيأتي حديثه (5/ 362). (¬3) سيأتي حديثه (5/ 202). (¬4) الموطأ كتاب: الذبائح، باب: ما جاء في التسمية على الذبيحة (2/ 389) (رقم: 1). وأخرجه أبو داود في السنن كتاب: الأضاحي، باب: ما جاء في أكل اللحم لا يدري أذكر اسم الله عليه أم لا (3/ 254) (رقم: 2829) من طريق القعنبي عن مالك به. (¬5) أخرجه في الصحيح، كتاب: الذبائح، باب: ذبيحة الأعراب ونحوهم (3/ 458) (رقم: 5507) عن محمَّد بن عبيد الله، عن أسامة بن حفص به. (¬6) الموطأ كتاب: الأقضية، باب: القضاء في عمارة الموات (2/ 570) (رقم: 26). (¬7) أخرجه أبو داود في السنن كتاب: الخراج والإمارة والفيء، باب: إحياء الموات (3/ 453) (رقم: 3073)، والنسائي في السنن الكبرى (3/ 405) (رقم: 5761)، والترمذي السنن =

ورُوي عن محمَّد بن عبد الرحمن، عن عروة، عن عائشة، خرّجه النسائي (¬1). وقال فيه ابن أبي مُليكة -واسمه عبد الله- عن عروة: "أشهد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى أن الأرضَ أرضُ الله، والعبادَ عبادُ الله، ومن أحيا مواتا فهو أحق به"، جاءنا بهذا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - الّذين جاؤوا بالصّلوات عنه، ولم يسمّ أحدا، خرجه أبو داود (¬2). ¬

_ = كتاب: الأحكام، باب: ما ذكر في إحياء أرض الموات (3/ 662) (رقم: 1378)، والبزار في المسند (البحر الزخار) (4/ 86) (رقم: 1256) كلهم من طريق عبد الوهاب عن أيوب به. قال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب، وقد رواه بعضهم عن هشام بن عروة عن أبيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلًا. وقوّاه أيضًا ابن حجر في الفتح (5/ 24)، وصححه الشيخ الألباني في الإرواء (5/ 353) و (6/ 6) لكن قال الدارقطني: "هو وهم، والصحيح عن هشام عن أبيه مرسلًا". العلل للدارقطني (5 / ل: 27 / أ). وقال البزار: "هذا الحديث قد رواه جماعة عن هشام بن عروة، عن أبي مرسلًا، ولا نحفظ أحدًا قال: عن هشام بن عروة عن أبيه، عن سعيد بن زيد إلا عبد الوهاب عن أيوب". قلت: الراجح ما ذهب إليه الدارقطني من ترجيح المرسل، لما ذكره ابن رجب في شرح علل الترمذي (2/ 678، 681) عن الإِمام أحمد وغيره أن حديث أهل المدينة عن هشام كمالك وغيره أصح من حديث أهل العراق عنه، ثم إن مالكًا لم يتفرد به كما سيأتي، إلا أن الحديث صحّ موصولًا من غير طريق مالك كما سيأتي. (¬1) أخرجه في السنن الكبرى (3/ 404) (رقم: 5759) عن يونس بن عبد الأعلى عن يحيى بن بكير، عن الليث، عن عبيد الله بن جعفر (كذا) والصواب: ابن أبي جعفر -عن محمَّد بن عبد الرحمن بن الأسود -يتيم عروة- عن عروة عن عائشة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من أعمر أرضا ليست لأحد فهو أحق". قلت: الحديث بهذا اللفظ عند البخاري في الصحيح، أخرجه في كتاب الحرث والمزارعة، باب: من أحيا أرضًا مواتًا (2/ 157) (رقم: 2335) عن يحيى بن بكير عن الليث به، وكأن المؤلف رحمه الله لم يتذكره أثناء تقييده فعزاه إلى النسائي، وقد عزاه إليهما المزي في تحفة الأشراف (12/ 24). (¬2) أخرجه في السنن كتاب: الخراج، باب: إحياء الموات (3/ 455) (رقم: 3076) من طريق عبد الله بن المبارك عن نافع بن عمر عن ابن أبي مليكة به. =

وذكر الدارقطني هذا الحديث من طرق عن عروة مسندًا ومرسلًا، ثم قال: "الصحيح عن عروة مرسلًا" (¬1). ¬

_ = هذا مرسل رجاله ثقات ما عدا شيخ أبي داود أحمد بن عبدة الآملي فإنه صدوق، وقد وصله الطبراني في الأوسط (7/ 200) (رقم: 7267) من طريق عصام بن رواد بن الجراح عن أبيه عن نافع ابن عمر عن ابن أبي مليكة عن عروة عن عائشة، لكن الراجح إرساله كما رواه ابن المبارك؛ لأن رواد بن الجراح وإن كان صدوقًا في أصله إلا أنه اختلط، قال ابن عدي: "عامة ما يرويه عن مشايخه لا يتابعه الناس عليه، وكان شيخًا صالحًا، وفي حديث الصالحين بعض النكرة، إلا أنه يكتب حديثه"، وذكره ابن حبان في الثقات وقال: "يخطئ ويخالف"، وقال الحافظ: "صدوق اختلط بآخره فترك". ثم إن ابن المبارك لم يتفرد بوصله، تابعه أبو الوليد الطيالسي كما ذكره الدارقطني في العلل (5 / ل: 26 / ب). انظر: الكامل (3/ 1039)، والثقات لابن حبان (8/ 246)، وتهذيب الكمال (9/ 227)، والتقريب (رقم: 1958). (¬1) سئل الدارقطني عنه فقال: "يرويه أيوب السختياني عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن سعيد بن زيد، تفرد عبد الوهاب الثقفي عنه، واختلف فيه على هشام بن عروة، فرواه الثوري عن هشام عن أبيه قال: حدثني من لا أتهم عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وتابعه جرير بن عبد الحميد. وقال يحيى بن سعيد الأموي عن هشام، عن أبيه مرسلًا. وروى عن الزهريّ عن عروة عن عائشة، قاله سويد بن عبد العزيز عن سفيان بن حسين. ورواه يحيى بن عروة بن الزبير عن أبيه عن رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - والمرسل عن عروة أصح". وذكر في موضع آخر اختلاف الرواة على الزهريّ، وابن أبي مليكة وهشام بن عروة ثم قال: "والصحيح عن هشام عن أبيه مرسلًا". العلل (4/ 414 - 416) و (5 / ل: 26، 27). قلت: رواية يحيى بن سعيد عند النسائي في السنن الكبرى (3/ 405) (رقم: 5762)، ورواية عبد الله بن إدريس عند يحيى بن آدم في الخراج (ص: 82) (رقم: 272)، والبيهقي في السنن الكبرى (6/ 142). وممن تابع مالكًا على الإرسال: - ليث بن سعد عند النسائي في السنن الكبرى (3/ 405) (رقم: 5762). - ووكيع عند ابن أبي شيبة في المصنف (7/ 74). - وسعيد بن عبد الرحمن، وأبو معاوية عند أبي عبيد في الأموال (ص: 298) (رقم: 704). =

قال، الفقيه أبو العباس رضي الله عنه: وقد جاء مسندًا من وجوه كثيرة، روى غير بن عبد الله بن عمرو بن عوف [عن أبيه] (¬1)، عن جدّه عمرو بن عوف قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "من أحيا مواتًا من الأرض في غير حق مسلم فهو له، وليس لعرق ظالم حق"، خرّجه ابن أبي شيبة وابن سنجر (¬2). ¬

_ = - وقيس بن الربيع، وسفيان بن عيينة، ويزيد بن عبد العزيز عند يحيى بن آدم في الخراج (ص: 80) (رقم: 266 - 268)، ومن طريق ابن عيينة أخرجه أيضًا البيهقي في السنن الكبرى (6/ 142). قال ابن عبد البر: "هذا الحديث مرسل عند جماعة الرواة عن مالك، لا يختلفون في ذلك، واختلف فيه على هشام: فووته عنه طائفة عن أبيه مرسلًا -كما رواه مالك، وهو أصح ما قيل فيه إن شاء الله- وروته طائفة عن هشام عن أبيه عن سعيد بن زيد، وروته طائفة عن هشام عن وهب بن كيسان عن جابر، .. "، إلى أن قال: "وفيه اختلاف كثير ... وهذا الاختلاف عن عروة يدل على أن الصحيح في إسناد هذا الحديث عنه الإرسال كما روى مالك ومن تابعه، وهو أيضًا صحيح مسند". التمهيد (22/ 280، 283). قلت: قوله: "وووته طائفة عن هشام عن أبيه عن سعيد بن زيد, محل نظر، لما تقدم عند الدارقطني أن الذي رواه عن هشام هكذا هو أيوب السختياني، تفرد عنه عبد الوهاب الثقفي. وقال البزّار: "لا نحفظ أحدًا قال عن هشام بن عروة عن أبيه عن سعيد بن زيد إلا عبد الوهاب عن أيوب". البحر الزخار (4/ 87). (¬1) ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، وقد أثبته من مصادر التخريج. (¬2) أخرجه ابن أبي شيبة في مسنده كما في المطالب العالية (2/ 135) (رقم: 1518)، ومختصر الإتحاف للبوصيري (5/ 28)، ومن طريق ابن سنجر أورده ابن عبد البر في التمهيد (22/ 284)، وكذا أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (17/ 13، 14) (رقم: 4، 5)، وابن عدي في الكامل (6/ 2079)، والبيهقي في السنن الكبرى (6/ 142) كلهم من طرق عن كثير بن عبد الله، عن أبيه، عن جده به. وإسناده ضعيف لأجل كثير، قال البوصيري: "رواه ... أبو بكر بن أبي شيبة والبيهقي بسند فيه كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف وهو ضعيف، لكن له شاهد من حديث سعيد بن زيد"، وقال الحافظ في المطالب: "كثير ضعيف جدًّا"، وقال في الدراية (2/ 201): "وكثير صعفوه كثيرًا، وقد جاء هذا الحديث من طريق أجود من هذه ... " فذكر حديث سعيد بن زيد.

وقال فيه سمرة: "من أحاط حائطًا على الأرض فهي له"، خرّجه ابن أبي شيبة، والنسائي وأبو داود (¬1). وخرّج الترمذي عن أيوب، عن هشام بن عروة، عن وهب بن كيسان، عن جابر مرفوعًا: "من أحيا أرضًا ميتةً فهي له"، وصحّحه (¬2). ¬

_ (¬1) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (7/ 76)، والنسائي في السنن الكبرى (3/ 405) (رقم: 5763)، وأبو داود في السنن كتاب: الخراج، باب: في إحياء الموات (3/ 456) (رقم: 3077)، وكذا أحمد في المسند (5/ 12، 21)، والطيالسي في مسنده (ص: 122) (رقم: 906)، ويحيى بن آم في إخراج (ص: ) (رقم: 290)، وحميد بن زنجويه في الأموال (2/ 653) (رقم: 1073)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (3/ 268)، وابن الجارود في المنتقى (ص: 338) (رقم: 1015)، والطبراني في المعجم الكبير (7/ 252) (رقم: 6863، 6867)، والبيهقي في السنن الكبرى (6/ 142، 148) كلهم من طرق عن قتادة عن الحسن عن سمرة به. والليث من رواية الحسن عن سمرة، وفي سماعه منه خلاف بين الأئمة والذي رجحناه هو ما ذهب إليه جماعة من الحفاظ من أن الحسن لم يسمع من سمرة إلا حديث العقيقة، والباقي يرويه عنه وجادة من كتاب، والوجادة وإن كانت من أصغر طرق التحمل إلا أن العمل بها لازم وعلى هذا فأقل أحوال هذا الإسناد أنه حسن. قال ابن القيم -عقب حديث ذكره للحسن عن سمرة-: "وقد صح سماع الحسن من سمرة، وغاية هذا أنه كتاب، ولم تزل الأمة تعمل بالكتب قديما وحديثًا، وأجمع الصحابة على العمل بالكتب، وكذلك الخلفاء بعدهم، وليس اعتماد الناس في العلم إلا على الكتب، فإن لم يعمل بها تعطلت الشريعة ... ". إعلام الموقعين (2/ 144). وانظر الأقوال في سماع أحسن من سمرة في (4/ 80 - 81). (¬2) أخرجه في السنن, كتاب: الأحكام، باب: ما ذكر في إحياء الموات (3/ 663) (رقم: 1379)، وكذا أحمد في المسند (3/ 338)، وابن عبد البر في التمهيد (22/ 281) من طرين حماد بن زيد، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (11/ 616) (رقم: 5205) من طريق عبد الوهاب الثقفي ثلانتهم عن هشام بن عروة به. إسناده صحيح، وقد صححه الترمذي كما قال المؤلف، وكذا الألباني في الإرواء (6/ 4).

والمحفوظ بهذا الإسناد "فله بها أجر" هكذا قال فيه النسائي وغيره، وهو حديث آخر، والله أعلم (¬1). ¬

_ (¬1) أخرجه النسائي في السنن الكبرى (3/ 404) (رقم: 5757، 5758) من طريق أيوب السختياني وعباد بن عباد المهلبي، وأحمد في المسند (3/ 304) من طريق عباد -وحده- والطبراني في الأوسط (5/ 97) (رقم: 4779) من طريق أيوب -وحده- كلاهما عن هشام بن عروة، عن وهب بن كيسان عن جابر بن عبد الله أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من أحيا أرضًا ميتة فله فيها أجر، وما أكلت العوافي منها فهو له صدقة". وإسناده صحيح. هكذا اختلف أصحاب هشام عليه في روايته عن وهب بن كيسان، فرواه حماد بن زيد وعبد الوهاب الثقفي عنه عن وهب بن كيسان بلفظ "فهي له" ورواه عباد بن عباد المهلبي عنه عن وهب بلفظ "فله بها أجر"، وروى أيوب الوجهين معًا، وورد اللفظان من طريقين أخرين عن جابر أيضًا فروى الدارمي في السنن كتاب: البيوع، باب: من أحيا أرضًا ميتة فهي له (2/ 267) من طريق أبي أسامة، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (11/ 613، 614) (رقم: 5202، 5203) من طريق حماد بن سلمة ويحيى بن سعيد القطان ثلاثتهم عن هشام بن عروة عن عبيد الله بن عبد الرحمن بن رافع الأنصاري عن جابر بن عبد الله أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من أحيا أرضًا ميتة فله فيها أجر، وما أكلت العافية فهو له صدقة". وإسناده رجاله ثقات ما عدا عبيد الله بن عبد الرحمن قال فيه في التقريب (رقم: 4313): "مستور". ورواه أحمد في المسند (3/ 313، 381، 326، 327) من طريق يحيى بن سعيد القطان وحماد بن أسامة وأبي عقيلٍ ثلاثتهم عن هشام بلفظ "فهي له". ورواه أحمد أيضًا في المسند (3/ 356) من طريق يونس ويحيى بن أبي كثير عن حماد بن سلمة، عن أبي الزبير عن جابر به، إلا أن يونس قال: "فله فيها أجر"، وقال ابن بكير: "فهي له". وإسناده صحيح إلا أن أبا الزبير مدلس وقد عنعنه، ولكنه متابع كما تقدم فورود هذين اللفظين من طرق عن جابر وعن الرواة عنه يدل على صحة اللفظين معًا في حديث جابر كما قال الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة (2/ 109) وأنهما حديث واحد وأن من أحيا أرضًا ميتة فهي له ملكًا وله بها أجر أيضًا. وقد تبع المؤلف فيما قاله ابن عبد البر حيث أنه ذكر اللفظين ثم قال: "هما عندي حديثان عند هشام، أحدهما عن أبيه (كذا قال! ! وليس في الروايات إلى ذكرتها رواية لهشام عن أبيه) والآخر عن عبيد الله بن أبي رافع، ولفظهما يختلف، فهما حديثان". التمهيد (22/ 282). هكذا فرّق ابن عبد البر وتبعه المؤلف بين لفظي هشام وعبيد الله بن أبي رافع وتقدم أن كل واحد منهما روى ما رواه الآخر.

من الناس من يقول في هذا الحديث: "وليس لعرق ظالم" بإضافة العرق إلى الظالم، وهو الغارس والعامر. ومنهم من يقطعه ويجعل الظالم نعتا للعرق، وهو الشجر المغروس أو الشيء المحدَث، وسمّى ظالمًا لأنه قائم في غير موضعه، وأصل الظلم وضع الشيء في غير موضعه (¬1). 85 / حديث: "سئل عن الاستطابة فقال: أَوَ لَا يجد أحدُكم ثلاثة أحجار". في جامع الوضوء (¬2). معنى هذا الحديث لجماعة: روى مسلم بن قُرْط (¬3)، عن عروة، عن عائشة مرفوعًا: "إذا ذهب أحدكم إلى الغائط فليذهب معه بثلاثة أحجار يستطب بهن فإنها تجزئه"، خرّجه النسائي وأبو داود (¬4). ¬

_ (¬1) ذكر القولين معًا الخطابي في إصلاح غلط المحدثين (ص: 30) (رقم: 23)، والوقشي في التعليق على الموطأ (ل: 107 / ب) وذكر أن الرواية في الموطأ على الصفة يدل على ذلك تفسير مالك له. قلت: وهو اختيار الشافعي أيضًا، وبه جزم أبو عبيد والأزهري وابن فارس، وهو قول الأكثرين. الموطأ (2/ 570). قلت: وممن جزم بالقطع أبو عبيد. انظر: غريب الحديث لأبي عبيد (3/ 278)، وتهذيب اللغة (1/ 223)، والصحاح (4/ 1523)، والنهاية لابن الأثير (3/ 219)، وتهذيب الأسماء واللغات (3/ 14)، والفتح (5/ 24). (¬2) الموطأ كتاب: الطهارة، باب: جامع الوضوء (1/ 54) (رقم: 27). (¬3) بضم القاف، وسكون الراء، وإهمال الطاء. المغني في ضبط الأسماء (ص: 202). (¬4) أخرجه النسائي في السنن كتاب: الطهارة، باب: الاجتزاء في الاستطابة بالحجارة دون غيرها (1/ 44) (رقم: 44)، وأبو داود في السنن كتاب: الطهارة، باب: الاستنجاء بالحجارة (1/ 37) =

ورَوى أبو معاوية - وهو محمَّد بن خازم الضرير- عن هشام بن عروة عن عمرو بن خزيمة المدني، عن عمارة بن خزيمة بن ثابت، عن خزيمة بن ثابت قال: سُئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الاستطابة فقال: "بثلاثة أحجار ليس فيها رجيع"، خرّجه أبو داود، وابن أبي شيبة (¬1)، وفي هذا الإسناد خلف (¬2). ¬

_ = (رقم: 40)، وأحمد في المسند (6/ 108، 133)، والدارمي في السنن كتاب: الطهارة، باب: الاستطابة (1/ 171 - 172)، والدارقطني في السنن (1/ 54 - 55)، والبيهقي في السنن الكبرى (1/ 103)، كلهم من طريق أبي حازم، عن مسلم بن قرْط به. قال الدارقطني: "إسناده صحيح". كذا قال! وفيه مسلم بن قرط، وقد قال فيه الحافظ الذهبي: "لا يُعرف"، وجنح ابن حجر في تهذيبه إلى تضعيفه حيث علّق على قول ابن حبان فيه: "يخطئ"، فقال: "هو مقلٌّ جدًّا، وإذا كان مع قلّة حديثه يخطئ، فهو ضعيف"، لكنه عاد في التقريب فقال: "مقبول"، أي حيث يُتابع، ولم يُتابع، فالراجح أن هذا الإسناد فيه ضعف لأجل مسلم هذا، لكن الحديث صحيح بشواهده، فقد ورد معناه من حديث سلمان وأبي هريرة، كما سيأتي، ولأجل هذه الشواهد صححه الشيخ الألباني في الإرواء (1/ 84). انظر ترجمة مسلم بن قُرط في: الميزان (5/ 231)، والتهذيب (10/ 121)، التقريب (رقم: 6639). (¬1) أخرجه أبو داود في السنن كتاب: الطهارة، باب: الاستنجاء بالحجارة (1/ 37) (رقم: 41)، وابن أبي شيبة في المصنف (1/ 154)، وأحمد في المسند (5/ 213)، والدارمي في السنن (1/ 172)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 121)، وابن عبد البر في التمهيد (22/ 308 - 309)، كلهم من طرق عن هشام به. وهذا إسناد فيه لين؛ لأنَّ عمرو بن خزيمة قال عنه الحافظ في التقريب (رقم: 5023): "مقبول"، أي إذا توبع، ولم يُتابع هنا، لكن الحديث صحيح بشواهده منها حديث عائشة كما تقدّم، وحديث سلمان الآتي. (¬2) اختلف في إسناده على هشام بن عروة، فرواه مالك عنه عن عروة مرسلًا، وتابعه: - ابن عيينة عند الحميدي في مسنده (1/ 206) (رقم: 432). - وابن جريج كما ذكره ابن عبد البر في التمهيد (22/ 309). ورواه علي بن مسهر وعبد الرحيم بن سليمان، ومحمد بن بشر، وابن نمير، ووكيع عنه عن عمرو بن خزيمة، عن عمارة بن خزيمة بن ثابت، عن أبيه. =

وقال سلمان: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يستنجي أحدُنا بأقلَّ من ثلاثة أحجار"، خرّجه النسائي وأبو داود (¬1). وتقدّم لأبي هريرة من طرق: "من استجمر فليوتر" (¬2). 86 / حديث: "إذا بدا حاجب الشمس فأخّروا الصلاة حتى تبرُزَ ... ". وذكر المغيب. في آخر الصلاة، باب (¬3) تأخَّر عند يحيى بن يحيى وتقدّم لغيره (¬4). ¬

_ = ورواه عبد الرزاق كما ذكره ابن عبد البر في التمهيد (22/ 309) عن ابن عيينة، عن هشام بن عروة، عن أبي وجرة، عن خزيمة بن ثابت، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. وهناك وجوه أخرى ذكرها ثم رجّح أنهما حديثان وردا من طريق هشام كما رواه ابن المبارك. التمهيد (22/ 308 - 310). (¬1) أخرجه النسائي في السنن كتاب: الطهارة، باب: النهي عن الاكتفاء في الاستطابة بأقل من ثلاثة أحجار (1/ 41 - 42) (رقم: 41)، وأبو داود في السنن كتاب: الطهارة، باب: استقبال القبلة عند قضاء الحاجة (1/ 17) (رقم: 7) من طريق عبد الرحمن بن يزيد عن سلمان قال: قيل له: "لقد علمكم نبيكم كلَّ شيء حتى الخراءة؟ ! ! قال: أجل، لقد نهانا - صلى الله عليه وسلم - أن نستقبل القبلة بغائط أو بول ... "، وفيه: "أن لا نستنجي بأقل من ثلاثة أحجار ... "، هذا لفظ أبي داود، وهو أيضًا عند مسلم في الصحيح، كتاب: الإيمان, باب: الاستطابة (1/ 223) (رقم: 57)، فلا أدري لماذا أغفله المؤلف. (¬2) انظر: (3/ 350، 497). (¬3) كذا في الأصل، وهو في الموطأ، كتاب: القرآن، باب: النهي عن الصلاة بعد الصبح وبعد العصر (1/ 191) (رقم: 45). (¬4) هذا الباب هو آخر باب في الصلاة عند يحيى بن يحيى الليثي، وغيرُه ذكره في كتاب: المواقيت، أو وقوت الصلاة، وهو المكان المناسب له. انظر الموطأ برواية: أبي مصعب الزهريّ (1/ 15) (رقم: 32)، وسويد بن سعيد (ص: 66) (رقم: 28)، والقعنبي (ص: 43).

وعند ابن بكير وابن القاسم وجماعة من رواة الموطأ في متنه زيادة ذكر فيها: "لا تحرَّوا بصلاتكم طلوع الشمس ولا غروبها" (¬1). وتقدّمت هذه الزيادة لابن عمر في مسنده (¬2)، وعنه روى عروة جميع هذا الحديث. خُرِّجِ في الصحيحين من طريق هشام بن عروة، عن أبيه، عن ابن عمر مفصّلا (¬3). وانظر حديث الأعرج، عن أبي هريرة (¬4)، ومرسل الصنابحي (¬5). 87 / حديث: "اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم". مختصر ليس فيه زيادة. ¬

_ (¬1) انظر الموطأ برواية: - ابن بكير (ل: 3 / أ- نسخة السليمانية-)، وأبي مصعب الزهريّ (1/ 15) (رقم: 32)، وسويد بن سعيد (ص: 66) (رقم: 28). (¬2) انظر: (2/ 380). (¬3) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: مواقيت الصلاة، باب: الصلاة بعد الفجر حتى ترتفع الشمس (1/ 198) (رقم: 582، 583) من طريق يحيى بن سعيد القطان. وفي كتاب: بدء الخلق، باب: صفة إبليس وجنوده (2/ 438) (رقم: 3272، 3273) من طريق عبدة. ومسلم في صحيحه كتاب: صلاة المسافرين وقصرها، باب: الأوقات التي نهي عن الصلاة فيها (2/ 567 - 568) (رقم: 290، 291) من طريق عبد الله بن نمير، ووكيع، ومحمد بن بشر، كلهم عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تحرّوا بصلاتكم طلوع الشمس ولا غروبها، وإذا طلع حاجب الشمس ... "، الحديث. وذكر الدارقطني اختلاف أصحاب هشام عليه، ثم قال: "والصحيح قول من قال عن ابن عمر". انظر: العلل (4 / ل: 71 / أ)، والأحاديث التي خولف فيها مالك (ص: 160) (رقم: 82). (¬4) تقدّم حديثه (3/ 407). (¬5) تقدّم حديثه (5/ 18).

في الصلاة، الثاني، باب جامع (¬1). أسنده جرير بن حازم وطائفة عن هشام، عن أبيه، عن عائشة. قال الدارقطني: "والصحيح عن هشام، عن أبيه مرسلًا لكثرة من أرسله، وهم أثبات" (¬2). وقد جاء مسندًا عن ابن عمر، خُرِّج في الصحيحين عن نافع عنه، وزاد فيها: "ولا تتخذوها قبورا" (¬3). وروى نحوه سعيد بن منصور عن مالك، عن أبي النضر، عن بُسر، عن زيد بن ثابت، خرّجه الجوهري (¬4). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: قصر الصلاة في السفر، باب: العمل في جامع الصلاة (1/ 153) (رقم: 73). (¬2) قال الدارقطني: "رواه هشام بن عروة، عن أبيه، واختلف عنه، فرواه مبارك بن فضالة وجرير بن حازم وعبد الرحيم بن سليمان وعمر بن علي، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة. وخالفهم مالك بن أنس ووهيب بن خالد وجرير بن عبد الحميد وحماد بن سلمة وابن عيينة ومحمد بن صبيح، فرووه عن هشام، عن أبيه مرسلًا، وقال سليمان بن بلال، عن هشام، عن أبيه، عن أبي هريرة، ولا يثبت هذا القول، والصحيح عن هشام، عن أبيه مرسلًا لكثرة من أرسله، وهم أثبات". العلل (5 / ل: 49 / أ). وقال ابن عبد البر أيضًا: "والصحيح في إسناد هشام ما قاله مالك". التمهيد (22/ 333). قلت: رواية عبد الرحيم بن سليمان الموصولة عند أبي يعلى في المسند (8/ 281) (رقم: 4867). (¬3) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الصلاة، باب: كراهية الصلاة في المقابر (1/ 157) (رقم: 432)، وفي التهجد، باب: التطوع في البيت (1/ 366) (رقم: 1187). ومسلم في صحيحه كتاب: صلاة المسافرين وقصرها، باب: استحباب صلاة النافلة في بيته وجوازها في المسجد (1/ 538 - 539) (رقم: 208، 209) من طريق عبيد الله وأيوب، كلاهما عن نافع، عن ابن عمر به. (¬4) لم أجده في مسند الجوهري، فلعله في كتابه الآخر مسند ما ليس في الموطأ. والحديث في الموطأ كتاب: صلاة الجماعة، باب: فضل صلاة الجماعة على صلاة الفذ (1/ 126) =

88 / حديث: "صلّى الصلاة بمنى ركعتين، وفعل ذلك أبو بكر وعمر وعثمان شطرَ إمارته ثم أتم". في الحج، باب: صلاة منى (¬1). وهذا الحديث لابن عمر وابن مسعود وغيرهما في الصحيحين (¬2). وأنكر ابن مسعود على عثمان إتمامه ثم أتمّ معه وقال: "الخلاف شر" (¬3). وروى أبو بكر بن أبي شيبة عن المعلَّى بن منصور الرازي، عن عكرمة ابن (¬4) إبراهيم الأزدي، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن الحارث بن أبي ذُباب، ¬

_ = (رقم: 4)، عن أبي النضر، عن بسر بن سعيد: أن زيد بن ثابت قال: "أفضل الصلاة صلاتكم في بيوتكم إلا صلاة المكتوبة". هكذا رواه موقوفًا على زيد، وقد رواه البخاري في صحيحه كتاب: الأذان، باب: صلاة الليل (1/ 240) (رقم: 731)، ومسلم في صحيحه كتاب: صلاة المسافرين وقصرها، باب: استحباب صلاة النافلة في بيته وجوازها في المسجد (1/ 539 - 540) - (رقم: 213، 214) من طريقين، عن سالم أبي النضر، عن بسر بن سعيد، عن زيد بن ثابت قال: "احتجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بيته ... ، وفيه: عليكم بالصلاة في بيوتكم، فإنَّ خير صلاة المرء في بيته إلَّا الصلاة المكتوبة"، واللفظ لمسلم. قال الدارقطني: "وهو أصح". الأحاديث التي خولف فيها مالك (ص: 109). (¬1) الموطأ كتاب: الحج، باب: صلاة منى (1/ 322) (رقم: 201). (¬2) انظر: صحيح البخاري كتاب: تقصير الصلاة، باب: الصلاة بمنى (1/ 340 - 341) (رقم: 1082، 1084)، وفي الحج، باب: الصلاة بمنى (1/ 508) (رقم: 1655، 1657)، وصحيح مسلم كتاب: صلاة المسافرين وقصرها، باب: قصر الصلاة بمنى (1/ 482 - 483) (رقم: 16 - 19). (¬3) هذا جزء من حديث ابن مسعود المتقدِّم، أخرجه أبو داود في السنن كتاب: المناسك، باب: الصلاة بمنى (2/ 492) (رقم: 1960)، وابن أبي شيبة في المصنف (14/ 282)، والبيهقي في السنن الكبرى (3/ 143 - 144) من طريق الأعمش، عن معاوية بن مرّة، عن أشياخ من قومه، عن ابن مسعود. (¬4) تصحّفت في الأصل إلى: "عن"، والصواب ما أثبته كما ورد في مصادر ترجمته.

عن أبيه: أن عثمان صلّى بمنى أربعًا، ثم قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من تأهّل ببلدة فهو من أهلها، يصلي صلاة المقيم"، وإني تأهّلت منذ قدمت مكة (¬1). وذكر أبو داود عن إبراهيم هو النخعي أنّ عثمان صلّى بمنى (¬2) أربعًا؛ لأنه اتخذها وطنا (¬3). ¬

_ (¬1) أخرجه ابن أبي شيبة في المسند كما عزاه إليه البوصيري في مختصر الإتحاف (2/ 6)، والزيلعي في نصب الراية (3/ 271)، وكذلك أحمد في المسند (1/ 62)، والحميدي في المسند (1/ 21) (رقم: 36)، وأبو يعلى في مسنده كما في المقصد العلي (1/ 158) (رقم: 353) كلهم من طرق، عن عكرمة بن إبراهيم به. قال ابن حجر: "هذا الحديث لا يصح؛ لأنه منقطع، وفي رواته من لا يُحتج به، ويردُّه قول عروة: "أن عائشة تأوَّلت ما تأول عثمان"، ولا جائز أن تتأهَّل عائشة أصلًا، فدل ذلك على وهن هذا الخبر". فتح الباري (2/ 664). قلت: في إسناده عكرمة بن إبراهيم، قال فيه ابن حبان: "كان ممن يقلب الأخبار ويرفع المراسيل، لا يجوز الاحتجاج به"، وقال الذهبي في الديوان: "ضعّفوه"، وقال في المغني: "مجمع على ضعفه". انظر: المجروحين (2/ 188)، وديوان الضعفاء (2/ 216)، والمغني (2/ 438). (¬2) أحد مشاعر الحج، وأقربها إلى مكة، بل إنه اليوم من أحياء مكة حيث اتصل العمران به المعالم الأثيرة (ص: 279). (¬3) أخرجه أبو داود في السنن كتاب: المناسك، باب: الصلاة بمنى (2/ 492) (رقم: 1962) عن هنّاد بن السري، عن أبي الأحوص، عن المغيرة، عن إبراهيم به. وهذه الرواية أيضًا لا تصح؛ لا من جهة الإسناد، ولا من جهة المتن، أمَّا من جهة الإسناد فلانقطاعها كما قال المنذري في مختصره، لأنَّ إبراهيم النخعي لم يدرك عثمان، وأما من جهة المتن فلما قال ابن عبد البر وغيره أن هذا غير معروف من عثمان، بل المعروف أنه لم يكن له فيها أهل ولا مال. قال ابن القيم: "ويرده أيضًا أن عثمان من المهاجرين الأولين، وليس لهم أن يقيموا بمكة بعد الهجرة". وذكر أبو داود أيضًا (2/ 492) (رقم: 1961)، وكذا الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 425) عن الزهريّ أن قال: "إنما صلى بمنى أربعًا؛ لأنه أجمع على الإقامة بعد الحج"، لكن ردَّه أهل العلم من وجوه: =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = فقال ابن عبد البر: "إنَّه غير معروف". وأعلّه المنذري بالانقطاع فقال: "الزهريّ لم يدرك عثمان بن عفان". ورده ابن حجر بحرمة الإقامة عليه بعد الهجرة. وروى أبو داود في السنن (2/ 493) (رقم: 1964)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 425)، والبيهقي في السنن الكبرى (3/ 144) من طريق أيوب، عن الزهريّ قال: "إنَّما صلى عثمان بمنى أربعًا؛ لأنَّ الأعراب قد كانوا كثروا في ذلك العام، فأحبَّ أن يعلّمهم أن الصلاة أربع". وروى البيهقي في السنن الكبرى (3/ 144) أيضًا من طريق عبد الرحمن بن حميد بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبيه، عن عثمان: أنه أتمَّ بمنى ثم خطب فقال: "يا ايها الناس إنَّ السنة سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسنة صاحبيه، ولكنه حَدَث طُغام، فخفتُ أن يستنوا". قال الحافظ: "هذه طرق يقوي بعضها بعضًا، ولا مانع من أن يكون أصل سبب الإتمام صريحًا". فتح الباري (2/ 664). لكن ردَّ الطحاوي هذا الوجه، وردُه وجيه فقال: "إن الأعراب كانوا بالصلاة وأحكامها في زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أجهل منهم بها في زمن عثمان، وهم بأمر الجاهلية حينئذ أحدث عهدًا، فلما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يتم الصلاة لتلك العلة كان عثمان رضي الله عنه أحرى أن لا يتم بهم الصلاة لتلك العلة". شرح معاني الآثار (1/ 425 - 426). وهناك أقوال أخرى في سبب إتمام عثمان وتأويله، ذكرها ابن عبد البر والحافظ وغيرهما، وأكثرها تخرصات لا تقوم على بينة ودليل، قال الحافظ عقب تلك الأقوال: "أكثره لا دليل عليه بل هي ظنون ممن قالها"، ثم ذكر الوجه المختار عنده من أن عثمان كان يرى القصر مختصًا بمن كان شاخصًا سائرًا، وأما من أقام في مكان في أثناء سفره فله حكم المقيم فيتم، قال: "والحجة فيه ما رواه أحمد بإسناد حسن عن عباد بن عبد الله بن الزبير قال: "لما قدم معاوية حاجا صلى بنا الظهر ركعتين بمكة ثم انصرف إلى دار الندوة، فدخل عليه مروان وعمرو بن عثمان فقالا: لقد عبت أمر ابن عمك؛ لأنه كان قد أتم، فقال: وكان عثمان حيث أتمَّ الصلاة إذا قدم مكة صلى بها الظهر والعصر والعشاء أربعًا أربعًا، ثم خرج إلى منى وعرفة قصر الصلاة". قلت: ولعل الأرجح في سبب إتمام عائشة وعثمان أنهما كانا يريان القصر رخصة يجوز الإتيان به وعدمه، فروى البيهقي في السنن الكبرى (3/ 143) من طريق هشام بن عروة، عن أبيه: "أنها كانت تصلي في السفر أربعا، فقلتُ لها: لو صلّيت ركعتين، فقالت: يا ابن أختي، إنه لا يُشقُّ علي"، قال الحافظ: "إسناده صحيح، وهو صريح في سبب إتمام عائشة". وهذا السبب في إتمام عثمان هو ما رجّحه البيهقي فقال: "والأشبه أن يكون رآه رخصة فرأى =

وانظر قصر الصلاة في السفر لعروة عن عائشة (¬1)، ولابن عمر (¬2). 89 / حديث: "كان يصلي في مسجد ذي الحُلَيفة ركعتين، فإذا استوت به راحلته أهل". في باب الإهلال (¬3). معناه لأنس، خرّج أبو داود عن محمَّد بن المنكدر، عن أنس قال: "صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الظهر بالمدينة أربعًا، وصلى العصر بذي الحليفة ركعتين، ثم بات بها حتى أصبح، فلمّا ركب راحلته واستوت به أهل" (¬4)، وهذا في الصحيحين مختصرًا (¬5). ¬

_ = الإتمام جائزًا"، وقال ابن عبد البر: "هذا أصح ما فيه". انظر: السنن الكبرى للبيهقي (3/ 144)، والتمهيد (22/ 304)، ومختصر المنذري (2/ 413 - 414)، وتهذيب السنن لابن القيم مع مختصر المنذري، وفتح الباري (2/ 664 - 665). (¬1) تقدّم حديثها (4/ 72). (¬2) تقدّم حديثه (2/ 517). (¬3) الموطأ كتاب: الحج، باب: العمل في الإهلال (1/ 271) (رقم: 29). (¬4) أخرجه أبو داود في السنن كتاب: المناسك، باب: في وقت الإحرام (2/ 375) (رقم: 1773) من طريق ابن جريج عن محمَّد بن المنكدر به. إسناده صحيح، وابن جريج وإن كان قد عنعن، لكنه صرح بالتحديث عند البخاري في الصحيح كما سيأتي فأمنا تدليسه. (¬5) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الحج، باب: من بات بذي الحليفة حتى أصبح (1/ 477) (رقم: 1546) من طريق هشام بن يوسف عن ابن جريج، حدثنا محمَّد بن المنكدر عن أنس بن مالك، قال: "صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة أربعَّا فَذكره بنحو سياق أبي داود. وأخرجه في كتاب: تقصير الصلاة، باب: يقصر إذا خرج من موضعه (1/ 342) (رقم: 1089)، ومسلم في صحيحه كتاب: صلاة المسافرين وقصرها، باب: صلاة المسافرين وقصرها (1/ 480) (رقم: 11) من طريق محمَّد بن المنكدر وإبراهيم بن ميسرة كلاهما عن أنس مختصرًا.

واختلفت الآثار في وقت الإهلال (¬1)، فسُئل ابنُ عباس عن سبب ذلك ¬

_ (¬1) روى البخاري في صحيحه كتاب: الحج، باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "العقيق واد مبارك" (1/ 474) (رقم: 1534) من حديث ابن عباس عن عمر قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "أتاني آت من ربي فقال: صلّ في هذا الوادي المبارك وقيل عمرة في حجة". وروى هو أيضًا في الحج، باب: الإهلال عند مسجد ذي الحليفة (1/ 476) (رقم: 1541)، ومسلم في صحيحه كتاب: الحج، باب: أمر أهل المدينة بالإحرام من عند مسجد ذي الحليفة (2/ 843) (رقم: 23) من طريق موسى بن عقبة عن سالم بن عبد الله، أنه سمع أباه يقول: ما أهلّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا من عند المسجد -يعني مسجد ذي الحليفة-. فهاتان الروايتان تدلان على أنه - صلى الله عليه وسلم - أحرم من المسجد الذي بذي الحليفة بعد الصلاة. وورد عن ابن عمر خلاف هذا، فروى البخاري في صحيحه, كتاب: الوضوء، باب: غسل الرجلين في النعلين، ولا يمسح على النعلين (1/ 74، 75) (رقم: 166)، ومسلم في صحيحه كتاب: الحج، باب: الإهلال من حيث تنبعث الراحلة (2/ 844) (رقم: 25) من طريق مالك عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن عبيد بن جريج، عن ابن عمر فذكر حديثًا فيه أن عبد الله قال: وأما الإهلال فإني لم أر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُهلُّ حتى تنبعث به راحلته. وروى مسلم أيضًا في باب: أمر أهل المدينة بالإحرام من عند مسجد ذي الحليفة (2/ 843) (رقم: 24) من طريق موسى بن عقبة عن سالم عن أبيه قال: "بيداؤكم هذه التي تكذبون على النبي - صلى الله عليه وسلم - فيها، والله ما أهل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا من عند الشحرة حين قام به بعيره". قال ابن كثير: "هذا الحديث يجمع بين رواية ابن عمر الأولى وهذه الروايات عنه؛ وهو أن الإحرام كان من عند المسجد، ولكن بعد ما ركب راحلته واستوت به على البيداء، يعني الأرض وذلك قبل أن يصل إلى المكان المعروف بالبيداء". البداية والنهاية (5/ 108). وروى أبو داود في السنن كتاب: المناسك، باب: في وقت الإحرام (2/ 375) (رقم: 1774) من حديث أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى الظهر ثم ركب راحلته، فلما علا على جبل البيداء أهلّ. قال ابن عبد البر: "واختلفت الآثار في الموضع الذي أحرم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيه لحجته من أقطار ذي الحليفة، فقال قوم: أحرم من مسجد ذي الحليفة بعد أن صلى فيه، وقال آخرون: "لم يحرم إلا من بعد أن استوت به راحلته بعد خروجه من المسجد"، وقال آخرون: "إنما أحرم حين أظلّ على البيداء فأشرف عليها، وقد أوضح ابن عباس المعنى في اختلافهم رضي الله عنهم". التمهيد (13/ 168، 169)، وانظر أيضًا: فتح الباري (3/ 468).

فقال: "أهلّ بالحج حين فرغ من ركعتيه بذي الحليفة، ولما استقلّت به راحلته أهلّ، ولما علا شرف البيداء أهلّ"، فكلّ حدّث بما سمع، خرّج معنى هذا أبو داود وغيره (¬1). ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في السنن كتاب: المناسك، باب: في وقت الإحرام (2/ 373) (رقم: 1770)، وأحمد في المسند (1/ 260) ومن طريقه الحاكم في المستدرك (1/ 451)، وعنه البيهقي في السنن الكبرى (5/ 37) من طريق ابن إسحاق قال: "حدثنا خصيف بن عبد الرحمن الجزري عن سعيد بن جبير، قال: قلت لعبد الله بن عباس: يا أبا العباس عجبت لاختلاف أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في إهلال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين أوجب، فقال: إني لأعلم الناس بذلك ... فذكره. وأخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (2/ 123) من طريق عبد السلام بن حرب عن خصيف به، وأخرجه أبو يعلى في مسنده (4/ 391) (رقم: 2513) من طريق محمَّد بن إسحاق به مختصرًا. والحديث صححه الحكم على شرط مسلم ووافقه الذهبي! ! مع أن ابن إسحاق وخصيفًا لم يحتج بهما مسلم، وبهما أعله المنذري في مختصره (2/ 298) فقال: "في إسناده خصيف بن عبد الرحمن وهو ضعيف، وفيه أيضًا محمَّد بن إسحاق". وقال ابن كثير: "فلو صح هذا الحديث لكان فيه جمع لما بين الأحاديث من الاختلاف وبسط لعذر من نقل خلاف الواقع، ولكن في إسناده ضعف". البداية (5/ 107). قلت: الحديث كما قالا فيه ضعف من جهة الإسناد، وعلته خصيف بن عبد الرحمن وهو مختلف فيه، وقد قال عنه الحافظ الذهبي في الكاشف (1/ 213) وابن حجر في التقريب (رقم: 1718): "صدوق سيء الحفظ"، لكن ذكر ابن عدي في الكامل (3/ 942) "أنه إذا حدث عنه ثقة فلا بأس بحديثه وبرواياته"، والراوي عنه هنا اثنان: أحدهما عبد السلام بن حرب وهو ثقة، والآخر ابن إسحاق وهو وإن كان مدلسًا إلا أنه صرّح هنا بالتحديث، وقد توبع أيضًا، ثم إن للحديث شاهدًا من حديث أبي داود المازني كما سيأتي وعليه فهو حسن لغيره إن شاء الله، وقد استدل به أهل العلم لرفع الاختلاف الوارد في هذا الباب. قال الطحاوي: "بيَّن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما الوجه الذي منه جاء اختلافهم وأن إهلال النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي ابتدأ الحج، ودخل به فيه، كان في مصلاه فبهذا نأخذ، وينبغي للرجل إذا أراد الإحرام أن يصلي ركعتين، ثم يحرم في دبرهما كما فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -". شرح معاني الآثار (2/ 123). وقال ابن عبد البر: "قد بان بهذا الحديث معنى اختلاف الآثار في هذا الباب وفيه تهذيب لها وتلخيص وتفسير لما كان ظاهره الاختلاف فيها، والأمر في هذا الباب واسع عند جمهور العلماء". التمهيد (13/ 171). =

وخرّج الطبري مثله عن أبي داود الأنصاري المازني، واسمه عمير بن عامر (¬1) وهو ممن شهد بدرًا (¬2). وانظر حديث ابن عمر من طريق ابنه سالم (¬3)، وعُبيد بن جُريج (¬4). 90 / حديث: "طلع له أُحُدٌ فقال: هذا جبل يحبُّنا ونُحبُّه". في الجامع، عند أوّله (¬5). ¬

_ = وقال البغوي: "والعمل على هذا عند أهل العلم، يستحبون أن يكون إحرامه عقب الصلوات، ثم منهم من يذهب إلى أنه يحرم في مكانه إذا فرغ من الصلاة، ومنهم من يقول: يحرم إذا ركب واستوت به ناقته، وإن لم يكن وقت صلاة صلى ركعتين ثم أحرم". شرح السنة (4/ 35). وقال ابن حجر -بعد أن ذكر بعض الروايات-: "وقد أزال الإشكال ما رواه أبو داود والحاكم من طريق سعيد بن جبير ... " فذكره. فتح الباري (3/ 468). (¬1) جزم به خليفة بن خياط، وابن سعد ومسلم، وابن البرقي فيما نقله عنه الدولابي، وأبو أحمد الحاكم، وابن ماكولا والذهبي. وقال ابن عبد البر، وتبعه ابن الأثير والذهبي، وابن حجر أنه قيل في اسمه: "عمرو بن عامر أيضًا". انظر: الطبقات لخليفة بن خياط (ص: 92)، والطبقات الكبرى (3/ 393)، والكنى والأسماء لمسلم بن الحجاج (1/ 300)، والكنى والأسماء للدولابي (1/ 28)، والاستيعاب (11/ 222)، والإكمال لابن ماكولا (2/ 477)، وأسد الغابة (6/ 92)، وتجريد أسماء الصحابة (1/ 163)، والمقتنى (1/ 223)، والإصابة (11/ 111)، وتعجيل المنفعة (2/ 452). (¬2) وكذلك شهد أُحُدًا، انظر: المصادر المتقدمة وكذا السيرة النبوية لابن هشام (1/ 705). والحديث لم أقف عليه عند الطبري، لكن أخرجه أيضًا الدولابي في الأسماء والكنى (1/ 27) من طريق جعفر بن حمزة بن أبي داود المازني -وكان أبو داود من أصحاب بدر- عن أبيه، عن أبي داود المازني قال: "خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى أتى مسجد ذي الحليفة فصلى أربع ركعات، ثم أهلّ بالحج فسمعه الذين كانوا في المسجد فقالوا: أهلّ من المسجد، ثم خرج فأتى راحلته بفناء المسجد فركبها فلما استوت به أهلّ، فسمعه الذين كانوا بفناء المسجد فقالوا: أهلّ من فناء المسجد، ثم مضى فلما علا البيداء أهل، فسمعه الذين كانوا بالبيداء فقالوا: من البيداء، وصدقوا كلهم". (¬3) تقدّم (2/ 351). (¬4) تقدّم (2/ 506). (¬5) الموطأ كتاب: الجامع، باب: جامع ما جاء في أمر المدينة (2/ 681) (رقم: 20).

هذا طرف من حديث أنس، وقد تقدّم (¬1). وهو في الصحيحين لأبي حميد الساعدي (¬2). 91 / حديث: "كان الرجُل إذا طلق امرأته ثم ارتجعها قبل أن تنقضي عِدّتُها فإنَّ ذلك له، وإن طلّقها ألفًا، فأنزل الله سبحانه: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ} ". في جامع الطلاق (¬3). وهذا لاحق بالمرفوع؛ لأنه إخبار عن إنزال القرآن، والمنزَل عليه هو رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو المخبِرُ بذلك. وفيه أيضًا إخبارٌ عن نسخ الإرتجاع بعد الثلاث. وقد يَلحق ذلك بالمرفوع على المعنى من طريق العلم به. ورَوى هذا الحديث يعلى بن شبيب المكّي، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة (¬4). ¬

_ (¬1) تقدّم حديثه (2/ 80). (¬2) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الزكاة، باب: خرص التمر (1/ 459) (رقم: 1481) وفي كتاب: المغازي (3/ 180) (رقم: 4422)، ومسلم في صحيحه كتاب: الفضائل، باب: في معجزات النبي - صلى الله عليه وسلم - (4/ 1785) (رقم: 11). (¬3) الموطأ كتاب: الطلاق، باب: جامع الطلاق (2/ 459) (رقم: 80). (¬4) أخرجه الترمذي في السنن كتاب: الطلاق (3/ 497) (رقم: 1192) من طريق قتيبة، والحاكم في المستدرك (2/ 279، 280) من طريق يعقوب بن حميد بن كاسب، وأبو بكر بن مردويه كما في تفسير ابن كثير (1/ 279)، والواحدي في أسباب النزول (ص: 80) من طريق محمَّد بن سليمان وهو لوين، ثلاثتهم عن يعلى بن شبيب به". قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يتكلّم أحد في يعقوب بن حميد بحجة"، وتعقبه الذهبي بقوله: "قلت: قد ضعفه غير واحد". قلت: ممن ضعّفه: ابن معين، وأبو حاتم، والنسائي، وفي سبب تضعيفٌ بعضهم نظر، ووثقه أيضًا =

قال الدارقطني: "والمرسل هو الصواب" (¬1). ¬

_ = غير واحد، فقد قال البخاري: "لم يزل خيِّرًا وهو في الأصل صدوق". وقال ابن عدي: "لا بأس به"، والذي انتهى إليه الحافظ "أنه صدوق ربما وهم"، فمثله يحسن حديثه إذا توبع، وقد تابعه في هذا الحديث ثقتان وهما: قتيبة ومحمد بن سليمان المعروف بلوين، لكن العلة ليست فيه، وإنما هي في شيخه يعلى بن شبيب، تفرد ابن حبان بذكره في الثقات (7/ 652)، ولم يرد فيه توثيق لمعتبر فهو مجهول الحال، وقال الحافظ في التقريب (رقم: 7842): "لين الحديث" فعلى هذا روايته عن هشام بالوصل منكرة لمخالفته مالكًا ومن تبعه من الثقات، ولذا رجح الترمذي إرساله فقال عقب رواية عبد الله بن إدريس عن هشام: "وهذا أصح من حديث يعلى بن شبيب. وقد توبع يعلى بن شبيب من جهة محمَّد بن إسحاق أخرجه ابن مردويه كما في تفسير ابن كثير (1/ 279) من طريق محمَّد بن حميد وهو الرازي عن سلمة بن الفضل، عن محمَّد بن إسحاق عن هشام موصولًا لكن فيه محمَّد بن حميد الرازي، قال الذهبي: "وثقه جماعة والأولى تركه"، ثم نقل قول يعقوب بن شيبة: "كثير المناكير" وقول البخاري: "فيه نظر" وقول النسائي: "ليس بثقة"، وقال ابن حجر: "حافظ ضعيفٌ وكان ابن معين حسن الرأي فيه". انظر: تهذيب الكمال (25/ 97)، والكاشف (3/ 32)، والتقريب (رقم: 5834). وانظر ترجمة يعقوب بن حميد في: التاريخ الكبير (8/ 401)، الجرح والتعديل (9/ 206)، تهذيب الكمال (32/ 318)، تهذيب التهذيب (11/ 336)، والتقريب (رقم: 7815). (¬1) قال الدارقطني عن هذا الحديث: "يرويه هشام بن عروة واختلف عنه، فرواه يعلى بن شبيب المكي عن هشام عن أبيه عن عائشة، وخالفه حماد بن زيد وجرير فروياه عن هشام عن أبيه مرسلًا، وهو الصواب". العلل (5 / ل: 126 / ب). قلت: رواية جرير بن عبد الحميد عند ابن جرير في جامع البيان (4/ 539) (رقم: 4779). وتابع جريرًا وحماد بن زيد على الإرسال: - عبد الله بن إدريس عند الترمذي في السنن, كتاب: الطلاق (3/ 497) بإثر حديث (1192) وابن جرير في جامع البيان (4/ 539) (رقم: 4780). - وعبدة بن سليمان عند ابن أبي حاتم كما ذكره ابن كثير في تفسيره (1/ 279). - وجعفر بن عون عند البيهقي في السنن (7/ 444).

92 / حديث: "كان بالمدينة رجلان، أحدهما يَلحَدُ، والثاني لا يلحدُ فجاء الذي يلحَد فلَحَدَ (¬1) لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -". في الجنائز (¬2). ليس هذا بالمرفوع، وقد أُلحق به على طريق التأويل، كحديث الكفن لعائشة رضي الله عنها (¬3). ورواه الطيالسي (¬4) عن حمّاد بن سلمة، عن هشام، عن أبيه عن عائشة (¬5). قال الدارقطني: "والمرسل هو المحفوظ" (¬6). ¬

_ (¬1) لحَدَ القبرَ يلحده: عمل له لحدًا، وهو الشق الذي يكون في جانب القبر موضع الميت؛ لأنه قد أحيل عن وسط إلى جانبه، وقيل: الذي يحفر في عرضه. لسان العرب (3/ 388). (¬2) الموطأ كتاب: الجنائز، باب: ما جاء في دفن الميت (1/ 201) (رقم: 28). وأخرجه ابن سعد في الطبقات (2/ 226) من طريق معن عن مالك به. (¬3) تقدّم حديثها (4/ 43، 148). (¬4) هو أبو الوليد الطيالسي. (¬5) أخرجه من طريقه ابن سعد في الطبقات (2/ 225) والخطيب في الأسماء المبهمة (ص: 436). (¬6) ذكر الدارقطني اختلاف الرواة عن هشام فقال: "رواه عبد الله بن محمَّد ويحيى بن عروة بن الزبير عن هشام عن أبيه عن عائشة، وأرسله حجاج بن المنهال عن حماد بن سلمة عن هشام عن أبيه، وكذلك رواه مالك وابن عيينة مرسلًا، وهو المحفوظ". العلل (5 / ل: 47 / أ). قلت: وممن أرسله عن هشام: أنس بن عياض وهمام بن يحيى عند ابن سعد في الطبقات (2/ 225، 226)، ورجح إرساله أبو حاتم الرازي أيضًا فيما نقله عنه ابنه في العلل (2/ 350). وسأل أباه أيضًا عن رواية أبي الوليد عن حماد بن سلمة فقال: "الخطأ من أبي الوليد؟ قال: لا أدري، من أبي الوليد أو من حماد". قلت: الظاهر أن الخطأ من حماد؛ لأن أبا الوليد توبع من قبل يزيد بن هارون عند ابن سعد (2/ 225) وأما حماد بن سلمة فقد قال الذهبي: "كان ثقة له أوهام"، وقال ابن حجر: "ثقة عابد، أثبت الناس في ثابت، تغير حفظه بآخرة". انظر: ميزان الاعتدال (2/ 113)، والتقريب (رقم: 1499).

وقال سعد بن أبي وقّاص: "أَلْحِدوا لي لَحْدًا كما فُعل بالنبي - صلى الله عليه وسلم -". خرّجه النسائي (¬1). وجاء عن ابن عباس وغيره مرفوعًا: "اللحد لنا والشّق لغيرنا" خرّجه الترمذي (¬2). ¬

_ (¬1) أخرجه في السنن, كتاب: الجنائز، باب: اللحد والشق (4/ 384) (رقم: 2007) من طريق إسماعيل بن محمَّد بن سعد عن عامر بن سعد أن سعدًا لما حضرته الوفاة قال: ... فذكره. وهو بهذا الإسناد عند مسلم في الصحيح، كتاب: الجنائز، باب: في اللحد ونصب اللبِن على الميت (2/ 665) (رقم: 90). (¬2) أخرجه الترمذي في السنن كتاب: الجنائز، باب: ما جاء في قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اللحد لنا والشق لغيرنا" (3/ 363) (رقم: 1045)، وكذا أبو داود في السنن كتاب: الجنائز، باب: في اللحد (3/ 544) (رقم: 3208)، والنسائي في السنن كتاب: الجنائز، باب: اللحد والشق (4/ 384) (رقم: 2008)، وابن ماجه في السنن كتاب: الجنائز، باب: ما جاء في استحباب اللحد (1/ 496) (رقم: 1554) من طريق علي بن عبد الأعلى، عن أبيه، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به. قال الترمذي: "وفي الباب عن جرير بن عبد الله، وعائشة، وابن عمر، وجابر، وحديث ابن عباس حديث حسن غريب من هذا الوجه". قال الحافظ في تلخيص الحبير (2/ 134): "في إسناده عبد الأعلى بن عامر وهو ضعيف، وصححه ابن السكن". قلت: لعل تصحيحه لشواهده التي ذكرها الترمذي وإلا فالحديث بهذا الإسناد ضعيف؛ لأن عبد الأعلى بن عامر ضعّفه أحمد وأبو زرعة، وقال أبو حاتم: "ليس بقوي"، وقال النسائي: "ليس بالقوي"، وقال ابن عدي: "يحدث عن سعيد بن جبير ... بأشياء لا يتابع عليها"، وقد قال الحافظ في التقريب: "صدوق يهم"، وهو قول الساجي، وقال في التلخيص: "ضعيف"، وهو أقرب إلى كلام الأئمة، ولأجله حكم عليه ابن القطان في بيان الوهم والإيهام (4/ 211) بعدم الصحة، إلا أن للحديث شواهد يتقوى بها، منها: - حديث جرير بن عبد الله، أخرجه ابن ماجه في السنن كتاب: الجنائز، باب: ما جاء في استحباب اللحد (1/ 496) (رقم: 1555)، وأحمد في المسند (4/ 362)، والطيالسي (ص: 92) (رقم: 669)، والطبراني في المعجم الكبير (2/ 317 - 318) (رقم: 2320، 2321)، والبيهقي في السنن الكبرى (3/ 408) من طريق أبي اليقظان عن زاذان، عن جرلِر بن عبد الله البجلي أن =

فصل: الرَّجُل الذي كان يلْحَدُ أبو طلحة الأنصاري، والذي كان لا يلْحَدُ أبو عبيدة بن الجراح (¬1). ¬

_ = رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "اللحد لنا والشق لغيرنا". قال البوصيري في مصباح الزجاحة (1/ 506): "هذا إسناد ضعيف، أبو اليقظان هذا اسمه عثمان بن عمير وهو متفق على ضعفه، وأصله في صحيح مسلم وغيره من حديث سعد بن أبي وقاص". وقال الحافظ في التلخيص (2/ 135): "فيه عثمان بن عمير وهو ضعيف، لكن رواه أحمد والطبراني من طرق". قلت: أخرجه أحمد (4/ 353، 359) من طريق عمرو بن مرة وأبي جناب يحيى بن أبي حية عن زاذان به، وإسنادهما ضعيفٌ أيضًا لأن الحديث من طريق عمرو بن مرة فيه حجاج بن أرطاة، وهو كثير الأخطاء والتدليس كما في التقريب (رقم: 1119) وقد عنعن، وأما أبو جناب فقد قال فيه الحافظ أيضًا في التقريب (رقم: 7537): "ضعفوه لكثرة تدليسه". وأخرجه الحميدي في مسنده (2/ 353) (رقم: 808) من طريق ثابت بن أبي حنيفة، وهو ضعيف أيضًا؛ لأنَّ ثابتًا قال عنه الحافظ في التقريب (رقم: 818): "رافضي ضعيف". فهذه المتابعات وإن كانت ضعيفة إلَّا أن بعضها يقوي بعضًا، لسوء حفظ رواتها أو تدليسهم إلَّا الأخير منهم، فيرتقي بها الحديث إلى درجة الحسن لغيره، بل قال الشيخ الألباني: "إنه قد يرتقى إلى درجة الصحيح". أحكام الجنائز (ص: 145). ومن شواهده ما رواه ابن سعد في الطبقات (2/ 226)، وأحمد في المسند (2/ 24) عن وكيع، عن العمري عن نافع، عن ابن عمر، وعن عبد الرحمن بن القاسم، عن عائشة: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ألحد له". وإسنادهما ضعيف أيضًا لأجل العمري، وهو عبد الله بن عمر بن حفص المدني، إلَّا إنّه ينجبر بشواهده. وفي الباب أيضًا عن جابر وابن مسعود وبُريدة، انظرها في: التلخيص الحبير (2/ 135). وانظر ترجمة عبد الأعلى في: تهذيب الكمال (16/ 352 - 355)، والكاشف (2/ 130). والتهذيب (6/ 86 - 87)، والتقريب (رقم: 3731). (¬1) جزم بذلك الخطيب البغدادي في الأسماء المبهمة (ص: 437)، وابن بشكوال في الغوامض والمبهمات (1/ 179)، وأبو زرعة العراقي في المستفاد (1/ 421). واحتحوا على ذلك بما رواه ابن إسحاق كما في السيرة لابن هشام (4/ 663)، ومن طريقه ابن ماجه في السنن كتاب: الجنائز، باب: ذكر وفاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (1/ 520) (رقم: 1628)، وأحمد في المسند (1/ 260، 292)، والبيهقي في السنن الكبرى (3/ 407 - 408)، وفي الدلائل (7/ 252) =

يُقال لحد الميّت والقبر ولم يلحد له. • حديث: "ما عُطِب من الهدي ... ". تقدّم لصاحب الهدي في المبهمين (¬1). • حديث: "استلام الركن". تقدّم لعبد الرحمن بن عوف (¬2). • حديث: "المخنث". تقدّم لأمّ سلمة (¬3). ¬

_ = والخطيب في الأسماء المبهمة (ص: 437)، كلهم من طريق محمَّد بن إسحاق، عن حسين بن عبد الله، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: "كان بالمدينة رجلان يحفران القبور: أبو عبيدة بن الجراح يحفر لأهل مكة، وأبو طلحة يحفر للأنصار ويلحد لهم"، فذكروه مختصرًا ومطوَّلا. وإسناده ضعيفٌ، لضعف حسين بن عبد الله بن عبيد الله. قال البوصيري في مصباح الزجاجة (1/ 544): "هذا إسناد فيه الحسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس الهاشمي، تركه أحمد وعلي بن المديني والنسائي، وقال البخاري: يقال: إنَّه كان يُتهم بالزندقة، وقواه ابن عدي، وباقي رجال الإسناد ثقات". وأخرجه ابن سعد في الطبقات (2/ 228) عن محمَّد بن عمر الواقدي، عن إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة، عن داود بن الحصين، عن عكرمة به. وإسناده ضعيف جدًّا لأجل الواقدي، لكن الحديث له شاهد من حديث أبي طلحة نفسه، أخرجه ابن سعد (2/ 228)، ورجاله ثقات ما عدا الواقدي شيخ ابن سعد. وله شاهد آخر مرسل، أخرجه الترمذي في السنن كتاب: الجنائز، باب: ما جاء في الثوب الواحد يلقى تحت الميت في القبر (3/ 365) (رقم: 1047)، وعبد الرزاق في المصنف (3/ 477 / رقم: 6387)، وابن عبد البر في الاستذكار (8/ 279 - 280) من طريق جعفر بن محمَّد، عن أبيه قال: "إنَّ الذي ألحد غير رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبو طلحة"، فالحديث حسن بهذه الشواهد. (¬1) تقدَّم حديثه (3/ 603). (¬2) تقدَّم حديثه (2/ 334). (¬3) كذا في الأصل: لأبي سلمة، والصواب المثبت، وقد تقدم لها (4/ 215).

2 / الزهري عن عروة

أصناف الناس عن عروة. أربعة أحاديث. 2 / الزهريّ عن عروة. حديثان: • حديث: "احتلام المرأة". • حديث: "رضاعة الكبير". مذكوران في مسند عائشة من طريق الزهريّ، عن عروة (¬1). 3 / سُليمان بن يسار، عن عروة. حديث واحد. • حديث: "الاسترقاء من العين". • في مسند أم سلمة (¬2). * * * ¬

_ (¬1) انظر: (4/ 60، 63). (¬2) تقدم حديثها (4/ 217).

93 / حديث مزيد: "أيُّ الأعمال أفضل؟ وأيُّ العتاقة أفضل؟ ... ". فيه: "وإن لم أجد؟ قال: تصنع لصانع أو تعين أخرق، قال: فإن لم أستطع؟ قال: تَدَعُ النَّاسَ مِن شرِّك". عن ابن شهاب، عن حبيب مولى عروة، عن عروة. هذا عند ابن وهب وابن يوسف التنّيسي (¬1). وليس عند يحيى بن يحيى إلَّا طرفٌ منه، في ذكر الرِّقاب خاصّةً مسندًا من طريق هشام، عن أبيه، عن عائشة، وقد تقدّم ذلك في مسندها (¬2). والحديث بكماله محفوظٌ لعروة عن أبي مُراوح، عن أبي ذر، خرّجه مسلم من رواية معمر عن الزهريّ كذلك مسندًا (¬3). وخرّجه البخاري ومسلم من طريق هشام عن أبيه، عن أبي مراوح عن أبي ذر (¬4). ¬

_ (¬1) انظر: التقصي (ص: 264)، والتمهيد (22/ 157)، وإكمال المعلم بفوائد مسلم للقاضي عياض (1/ 406). وقال في مشارق الأنوار (2/ 47): "ليس هذا الحديث في الموطأ عند غيرهما لا بهذا اللفظ ولا غيره". (¬2) تقدّم حديثها (4/ 37). (¬3) صحيح مسلم كتاب: الإيمان, باب: كون الإيمان بالله تعالى أفضل الأعمال (1/ 89) (رقم: 137). (¬4) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: العتق، باب: أيُّ الرقاب أفضل (2/ 213) (رقم: 2518) عن عبيد الله بن موسى. ومسلم في صحيحه كتاب: الإيمان، باب: كون الإيمان بالله تعالى أفضل الأعمال (1/ 89) (رقم: 136) من طريق حماد بن زيد، كلاهما عن هشام به. قال ابن حجر: "ذكر الإسماعيلي عددًا كثيرًا نحو العشرين نفسًا رووه عن هشام بهذا الإسناد، وخالفهم مالك فأرسله في المشهور عنه عن هشام، عن أبيه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ورواه يحيى بن يحيى الليثي وطائفة عنه عن هشام، عن أبيه، عن عائشة، ورواه سعيد بن داود عنه، عن هشام كرواية =

وقيل: إنَّ روايته عن عائشة وهم (¬1). وذكره الدارقطني في كتاب التصحيف وقال هناك: "قال فيه هشام: "تعين الضائع" -يعني بالضاد المعجمة- قال: وهو تصحيف" (¬2). وحكى عن عبد الرزاق عن معمر أنه قال: "كان الزهريّ يقول: صحّف هشام، إنّما هو "الصانع" يريد بالصاد المهملة والنون". قال أبو الحسن: "والصّواب ما قاله الزّهري، بالصاد المهملة، ضد الأخرق (¬3)، ¬

_ = الجماعة، قال الدارقطني: الرواية المرسلة عن مالك أصح، والمحفوظ عن هشام كما قال الجماعة". فتح الباري (5/ 177). قلت: الذين تابعوا يحيى في قوله: عن عائشة، مطرف وإسماعيل بن أبي أويس، وروح بن عبادة، ذكرهم الدارقطني في العلل، وأورده من طريقهم ابن عبد البر، وقال: "رواه قوم عن مالك، عن هشام، عن أبيه مرسلًا لم يذكروا عائشة"، وقال الدارقطني: "هكذا رواه مالك في الموطأ أي مرسلًا، وهو المحفوظ عنه". العلل (5 / ل: 42 / أ)، و (6/ 289)، والتمهيد (22/ 159). (¬1) حكى ابن عبد البر عن ابن الجارود أنه قال: "لا أعلم أحدا قال عن عائشة غير مالك، ورواه الثوري، ويحيى القطان، وابن عيينة، ووكيع، وغير واحد - وهو نحو العشرين نفسًا كما قال الإسماعيلي- عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن أبي مراوح، عن أبي ذر". التمهيد (22/ 159). قال الدارقطني: "والصحيح حديث أبي مرواح، عن أبي ذر". العلل (5 / ل: 42 / أ). (¬2) قال القاضي عياض: "وجاء في حديث هشام بن عروة بالضاد المعجمة وهمزة مكان النون، وكذا قيد عنه في الصحيحين وغيرهما ... والصحيح عن عروة الوجه الأول، وهو الذي رواه أصحاب عروة عنه إلَّا ابنه هشامًا، قال الدارقطني: صحف فيه هشام". مشارق الأنوار (2/ 47). (¬3) انظر: إكمال المعلم بفوائد مسلم (1/ 405، 406)، وصيانة صحيح مسلم (ص: 263)، وشرح النووي على صحيح مسلم (2/ 75)، وفتح الباري (5/ 177 - 178). قلت: رواية هشام للحديث بلفظة "تعين الضائع" -كما حكاه عنه الدارقطني- وقع عند البخاري في الصحيح، كتاب: العتق، باب: أي الرقاب أفضل (2/ 213) (رقم: 2518)، وذكر الحافظ أنها لجميع الرواة في البخاري، ووقع عند مسلم في الصحيح، كتاب: الإيمان, باب: بيان كون الإيمان بالله تعالى أفضل الأعمال (1/ 89) (رقم: 136): "تعين صانعًا" بالصاد المهملة =

والأخرق هو الّذي لا يُحسن العمل" (¬1). وجاء عن أبي موسى الأشعري مرفوعًا: "على كل مسلم صدقة، فإن لم يجد فيعمل بيديه فينفع نفسه ويتصدّق، فإن لم يستطع، فيعين ذا الحاجة الملهوف"، خُرّج هذا في الصحيحين (¬2). * * * ¬

_ = خلاف ما حكاه الدارقطني، لكن قال القاضي عياض: "روايتنا في هذا الحديث (ضائعًا) من طريق هشام بالضاد المعحمة، وبياء بعد الألف ... من جميع طرقنا عن مسلم في حديث هشام والزهري إلا من رواية أبي الفتح الشاشي عن عبد الغافر الفارسي، فإن شيخنا أبا بكر حدثنا عنه فيهم بالصاد المهملة، وهو صواب الكلام لمقابلته بأخرق، وإن كان المعنى من جهة معونة الضائع أيضًا صحيحًا، لكن صحة الرواية هنا عن هشام بالصاد المهملة، وكذا رويناه في صحيح البخاري". إكمال المعلم بفوائد مسلم (1/ 404 - 405). وذكر الحافظ ابن الصلاح أيضًا أن الرواية عن هشام بالصاد المهملة وقعت في بعض الروايات، وهو الصحيح في نفس الأمر، ولكنه ليس رواية هشام بن عروة، فإن هشامًا إنما رواه بالضاد المعجمة من الضياع. صيانة صحيح مسلم (ص: 262). (¬1) انظر: مجموع المغيث في غريبي القرآن والحديث (1/ 569)، وصيانة صحيح مسلم (ص: 262)، والنهاية (2/ 62). (¬2) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الزكاة، باب: صدقة الكسب والتجارة (1/ 446) (رقم: 1445)، ومسلم في صحيحه كتاب: الزكاة، باب: بيان أن اسم الصدقة يقع علي كل نوع من المعروف (2/ 699) (رقم: 55).

43 - مرسل عطاء بن يسار مولى ميمونة

43 - مرسل عطاء بن يسار مولى ميمونة وهو أكبر من أخيه سليمان (¬1). سبعة عشر حديثًا. وتقدّم له مسند عن ابن عباس (¬2)، وأبي هريرة (¬3)، وأبي رافع (¬4)، وأبي سعيد (¬5)، وغيرهم (¬6). ¬

_ (¬1) قال ابن حبان في عطاء: "كان مولده سنة تسع عشرة، وتوفي سنة ثلات ومائة، وهذا يتفق مع ما ذكره الواقدي عن أسامة بن زيد بن أسلم عن أبيه قال: توفي عطاء سنة ثلاث ومائة وهو ابن أربع وثمانين سنة، فيكون مولده كما قال ابن حبان سنة (19 هـ)، لكن ذكر ابن سعد عن غير الواقدي أنه توفي سنة أربع وتسعين وقال: وهو أشبه بالأمر، وعلي هذا يكون مولده في السنة العاشرة إذا كان عمره كما قال الواقدي أربعًا وثمانين سنة. وأما أخوه سليمان بن يسار وهو أحد الفقهاء السبعة بالمدينة فقد ذكر ابن سعد أنه توفي سنة سبع ومائة وهو ابن ثلاث وسبعين سنة، فيكون مولده في سنة أربع وثلاثين في أواخر خلافة عثمان، وهذا ما قاله ابن حبان، وقيل: توفي سنة ثلاث ومائة. فعلي كل حال عطاء أكبر من أخيه بخمس عشرة سنة إن كان مولده في (19 هـ)، وقد قال الحافظ في عطاء: "من صغار الثانية" والثانية عنده هي الطبقة الأولى من التابعين، وقال في سليمان: "من كبار الثالثة" أي الوسطى من التابعين. انظر: الطبقات الكبرى (5/ 132 - 133)، والثقات لابن حبان (5/ 199)، والمشاهير له (ص: 64، 69) (رقم: 432، 474)، والسير (4/ 447)، والتقريب (رقم: 4605، 2619). (¬2) انظر: (2/ 536، 542). (¬3) انظر: (3/ 348). (¬4) انظر: (3/ 168). (¬5) انظر: (3/ 225). (¬6) كأبي الدرداء، انظر: (3/ 163).

1 / زيد بن أسلم عن عطاء. أربعة عشر حديثًا. 94 / حديث: "إذا شكَّ أحدُكم في صحه فلم يدر كم صلّي أثلاثًا أم أربعًا فليصلِّ ركعةً ويسجد سجدتين وهو جالس قبل التسليم". في أبواب السهو (¬1). هذا مرسل في الموطأ (¬2). وأسنده الوليد بن مسلم عن مالك فزاد فيه: عن أبي سعيد الخدري (¬3). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الصلاة، باب: إتمام المصلي ما ذكر إذا شك في صلاته (1/ 100) (رقم: 62). وأخرجه أبو داود في السنن كتاب: الصلاة، باب: إذا شك في اثنتين والثلاث من قال يلقي الشك (1/ 622) (رقم: 1026) من طريق القعنبي، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 433) من طريق ابن وهب وعثمان بن عمر كلهم عن مالك به. والمرسل وإن كان هو الصحيح عن مالك لكن أسنده جماعة ثقات عن هشام، وهو الذي رجحه أهل العلم كما سيأتي. (¬2) انظر الموطأ برواية: أبي مصعب الزهري (1/ 183) (رقم: 475)، وسويد (ص: 170) (رقم: 312)، والشيباني (ص: 66) (رقم: 138)، والقعنبي (ص: 172). وهكذا رواه عن مالك جميع رواة الموطأ كما قال الدارقطني في العلل (11/ 262)، وابن عبد البر في التمهيد (5/ 18). (¬3) أخرجه من طريقه ابن حبان في صحيحه (الإحسان) (6/ 386) (رقم: 2663)، وابن عبد البر في التمهيد (5/ 19 - 20). وتابعه عليه: يحيى بن راشد البصري، ذكره الدارقطني في العلل (11/ 262)، ومن طريقه ابن عبد البر في التمهيد (5/ 20)، لكن قال عنه الحافظ في التقريب (رقم: 7545): "ضعيف". وعليه فالمحفوظ عن مالك الإرسال؛ لاتفاق الرواة عليه كما تقدّم، وقد تابع مالكًا عليه الثوري، وحفص بن ميسرة، ومحمد بن جعفر بن كثير، وداود بن قيس فيما روي عنه القطان، ذكرهم أبو داود في السنن (1/ 623).

وهكذا قال فيه جماعة عن زيد، خرّجه مسلم من طريق سُليمان بن بلال وداود بن قيس عنه (¬1). وقال البزار: "لَم يُسنده مالك ولا ابن عيينة، قال: والذين أسندوه ثقات وهو صحيح" (¬2). ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في صحيحه كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: السهو في الصلاة والسجود له (1/ 400) (رقم: 88) من طريق سليمان بن بلال، وداود بن قيس. وتابعهما: - محمد بن عجلان عند أبي داود في السنن كتاب: الصلاة، باب: إذا شك في الثنتين والثلاث ومن قال: يلقي الشك (1/ 621) (رقم: 1024)، وعند النسائي في السنن كتاب: السهو، باب: إتمام المصلي علي ما ذكر إذا شك (3/ 31) (رقم: 1237)، وابن ماجه في السنن كتاب: إقامة الصلاة، باب: ما جاء فيمن شك في صلاته فرجع إلي اليقين (1/ 382) (رقم: 1210)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 433)، وابن خزيمة (2/ 110) (رقم: 1024)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (6/ 387) (رقم: 2664)، والحاكم في المستدرك (1/ 322). - وعبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون عند النسائي في السنن (3/ 32) (رقم: 1238)، وأحمد في المسند (3/ 84)، والدارمي في السنن كتاب: الصلاة، باب: الرجل لا يدري أثلاثًا صلي أم أربعًا (1/ 350)، وابن الجارود في المنتقي (ص: 92) (رقم: 241). - وفليح بن سليمان ومحمد بن مطرف عند أحمد في المسند (3/ 72, 87). - والليث وهشام بن سعد، ويحيى بن محمد بن قيس عند ابن خزيمة (2/ 110) (رقم: 1024). (¬2) لم أقف عليه، وقد رجح هذا الوجه أيضًا غير واحد من أهل العلم، فقد نقل ابن عبد البر في الاستذكار (4/ 349) عن الأثرم أنه سأل أحمد بن حنبل عن حديث أبي سعيد في السهو فقال: أتذهب إليه؟ قال: نعم، أذهب إليه، قال الأثرم: إنهم يختلفون في إسناده؟ قال: إنما قصّر به مالك، وقد أسنده عدة منهم: ابن عجلان، وعبد العزيز، بن أبي سلمة. وقال الدارقطني في العلل (11/ 263): "القول قول الماجشون وسليمان بن بلال وابن عجلان". وقال ابن عبد البر: "ووصل هذا الحديث وأسنده عن الثقات -على حسب رواية الوليد بن مسلم له عن مالك- عبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون، ومحمد بن عجلان، وسليمان بن بلال، ومحمد بن مطرف أبو غسان، وهشام بن سعد، وداود بن قيس، والحديث متصل مسند صحيح، =

وتقدّم حديث أبي هريرة من طريق أبي سلمة في هذا المعنى (¬1). وروي ابن عباس عن عبد الرحمن بن عوف أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إذا شكّ أحدكم في النقصان فليصلِّ حتى يكون الشك في الزيادة ... "، خرّجه الدارقطني في السنن (¬2). ¬

_ = لا يضره تقصير من قصر به في اتصاله؛ لأن الذين وصلوه حفاظ مقبولة زيادتهم وبالله التوفيق". التمهيد (5/ 18 - 19). وقال أيضًا: "هذا الحديث وإن كان الصحيح فيه عن مالك الإرسال فإنَّه متصل من وجوه ثابتة من حديث من تقبل زيادته". التمهيد (5/ 21). قلت: إنما رجح هؤلاء المسند علي المرسل لكثرتهم، وإلا فرواة المرسل أيضًا ثقات حفاظ أمثال مالك والثوري ولذلك صححه الألباني علي الوجهين. الإرواء (2/ 134). (¬1) تقدّم حديثه (3/ 307). (¬2) أخرجه فيه (1/ 369) من طريق إسماعيل بن مسلم -وهو المكي البصري- عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس به. وإسناده ضعيف، إسماعيل بن مسلم مجمع علي ضعفه، بل قال النسائي وغيره إنه متروك. وأخرجه من هذا الوجه أيضًا أحمد في المسند (1/ 195)، وأبو يعلى في المسند (2/ 163) (رقم: 855)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 432)، والشاشي في مسنده (ص: 1/ 264 - 265) (رقم: 231 - 233)، والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 332) كلهم من طريق إسماعيل بن مسلم به. لكن ورد معناه من طريق آخر عنه، أخرجه الترمذي في السنن كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في الرجل يصلي فيشك في الزيادة والنقصان (2/ 244 , 245) (رقم: 398)، وابن ماجه في السنن كتاب: إقامة الصلاة، باب: ما جاء فيمن يشك في صلاته فرجع إلي اليقين (1/ 381) (رقم: 1209)، وأحمد في المسند (1/ 190)، والبزار في مسنده (3/ 210) (رقم: 996)، وأبو يعلى في مسنده (2/ 152) (رقم: 839)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 433)، والحاكم في المستدرك (1/ 324)، والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 332) كلهم من طريق محمد بن إسحاق، عن مكحول، عن كريب، عن ابن عباس، عن عبد الرحمن بن عوف قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إذا سهى أحدكم ... "، فذكره. وسنده حسن، وقد صرّح محمد بن إسحاق بالتحديث عند أبي يعلى، وصححه الحاكم على شرط مسلم، ووافقه الذهبي.

وأحاديث السهو في الموطأ ثلاثة أنواع: أحدها: حديث عطاء هذا في الشاك الذي لا يدري كم صلّي، ونحوه لأبي هريرة (¬1). والثاني: حديث أبي هريرة في المسلِّم من ركعتين قبل التّمام (¬2). والثالث: حديث عبد الله بن بُحينة في ترك الجلسة الوسطى (¬3). والكلُّ مذكور في موضعه. حديث: "أن رجلًا من الأنصار كان يرعي لقحة (¬4) له بأُحُد، فأصابها الموتُ فذكّاها بشِظاظ (¬5) ". في الذبائح (¬6). رواه جرير بن حازم عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد (¬7). ¬

_ (¬1) تقدَّم (3/ 479). (¬2) تقدَّم (3/ 481). (¬3) تقدَّم (25/ 3). (¬4) تقدم معناها في (4/ 446). (¬5) بكسر الشين المعجمة وإعجام الظائين، قال ابن الأثير وغيرِه: "هي الخشبة أو العود المحدد الطرف"، وقال الباجي: "فلقة العود"، قال القاضي عياض: "وكله صحيح ففي النحر يتهيّأ بعود الجواليق إذا كان محدد الطرف، وفي الشاة لا يتهيّأ به إلا أن يكون فلقة عود محددة الجانب يمكن الذبح بها"، وقال السيوطي: "وفسِّر في بعض طرق الحديث بالوتد". انظر: مشارق الأنوار (2/ 251)، والنهاية (2/ 476)، والمنتقى للباجي (3/ 106)، والتمهيد (5/ 138)، والتنوير (1/ 323)، والمسوّي (2/ 329). (¬6) الموطأ كتاب: الذبائح باب: ما يجوز من الزكاة في حال الضرورة (2/ 389، 390) (رقم: 3). (¬7) أخرجه النسائي في السنن كتاب: الضحايا، باب: إباحة الذبح بالعود (7/ 258) (رقم: 4414)، وابن الجارود في المنتقي (ص: 301) (رقم: 896)، والحاكم في المستدرك (4/ 113)، وأبو العباس =

وقال فيه يعقوب، عن زيد عن عطاء، عن رجل من بني حارثة أنه كان يرعي لقحةً، وذكره. خرّجه أبو داود في التفرد (¬1). 96 / حديث: "اللهم لا تجعل قبري وثنًا يُعبَد، اشتدَّ غضبُ اللهِ علي قومٍ اتَّخَذُوا قُبُورَ أنبيائِهم مَسَاجدَ". في جامع الصلاة (¬2). روي عطاء هذا الحديث عن أبي سعيد الخدري، أسنده البزار من طريق ¬

_ = السراج في تاريخه والبزار في مسنده كما عزاه إليهما الحافظ في الإتحاف (5/ 328)، وابن عبد البر في التمهيد (5/ 137) كلهم من طرق عن حبّان بن هلال، عن جرير بن حازم قال: كان أيوب يحدثني عن زيد كان أسلم، فلقيت زيدًا فسألته، فقال: ثني عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: كان لرجل من الأنصار ناقة ... فذكره. والإسناد ظاهره الصحة إلا أن الراجح ما رواه مالك عن زيد مرسلًا، وبه أعله غير واحد من أهل العلم، قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وإنما لم أحكم بالصحة علي شرطهما لأن مالك بن أنس رحمه الله أرسله في الموطأ عن زيد بن أسلم". وقال الذهبي: "صحيح غريب، ورواه مالك عن زيد بن أسلم مرسلًا". وقال ابن عبد البر في التمهيد (5/ 136): "ولا أعلم أحدًا أسنده عن زيد بن أسلم إلا جرير بن حازم". وقال الحافظ في الإتحاف (5/ 328): "تفرد به جرير بن حازم متصلًا، وأرسله غيره عن زيد بن أسلم كما رواه مالك". (¬1) لم أقف عليه، وقد أخرجه أيضًا في السنن كتاب: الأضاحي، باب: في الذبيحة بالمروة (3/ 249) (رقم: 2823) عن قتيبة بن سعيد عن يعقوب وهو ابن عبد الرحمن القارئ عن زيد به، والحديث صحيح لا يضره إبهام صحابيه، وهو شاهد للمرسل المذكور وله شواهد أخرى منها ما رواه البخاري في الصحيح، كتاب: الذبائح والصيد، باب: ما أنهر الدم من القصب والمروة والحديد (3/ 458) (رقم: 5503) من حديث رافع بن خديج أنه قال: يا رسول الله، ليس لنا مدي، فقال: "ما أنهر الدم وذُكر اسم الله فكل، ليس الظفر والسن ... " الحديث. (¬2) الموطأ كتاب: قصر الصلاة في السفر -وليس منه- باب: جامع الصلاة (1/ 156) (رقم: 85).

وعمر بن محمد بن صُهبان، عن زيد، عن عطاء عن أبي سعيد الخدري، وقال: "لا يُحفظ من حديث أبي سعيد إلّا من هذا الوجه"، وقال: "وعمر بن محمد بن صُهبان ليس بالحافظ وقد احتمل حديثه، روي عنه جماعة" (¬1). وخرَّج أيضًا عن سُهيل، عن أبي صالح، عن أبي هريرة,: "لا تتخذوا قبري وثنًا"، وقال: "حديث سُهيل هذا لم يُحدِّث به إلا ابنُ عيينة عن حمزة بن المغيرة عن سُهيل" (¬2). ¬

_ (¬1) أخرجه البزار في مسنده (1/ 220) (رقم: 440 - كشف الأستار-) من طريق محمد بن سليمان بن أبي داود الحرّاني عن عمر بن صهبان به وقال: "لا نحفظه عن أبي سعيد إلا بهذا الإسناد، وليس فيه قوله: "وعمر بن محمد بن صهبان ... " فلعله في المسند. وهذا إسناد ضعيف لأجل عمر بن صبان هذا، ويقال له أيضًا عمر بن محمد بن صهبان، قال الهيثمي في المجمع (2/ 28): "رواه البزار وفيه عمر بن صهبان، وقد اجتمعوا علي ضعفه". قلت: وعلي هذا فالراجح إرساله كما رواه مالك، وقد تابعه معمر عند عبد الرزاق في المصنف (1/ 406) (رقم: 1587)، ومحمد بن عجلان عند ابن أبي شيبة في المصنف (3/ 345) كلاهما عن زيد بن أسلم به مرسلًا. هذا وقد ظن ابن عبد البر أن عمر هذا هو عمر بن محمد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب وقال: "إنه من ثقات أشراف المدينة، روي عنه مالك ... وهو ممن تقبل زيادته، ثم حكم على الحديث بالصحة لكن هذا وهم منه رحمه الله يردّه إسناد البزار نفسه في الكشف كما سبق، ولذا نبّه عليه ابن رجب فقال عقب ذكر إسناد البزار السابق: "وعمر هذا، هو ابن صهبان، جاء منسوبًا في بعض نسخ مسند البزار، وظن ابن عبد البر أنه عمر بن محمد العمري، والظاهر أنه وهم. انظر: التمهيد (5/ 42)، وفتح الباري لابن رجب (2/ 441)، وانظر ترجمة عمر بن صهبان في تهذيب التهذيب (7/ 408، 409)، والتقريب (رقم: 4923). (¬2) أخرجه في مسنده (ل: 232 / ب) من طريق سفيان بن عيينة عن حمزة بن المغيرة عن سهيل به، وليس فيه قوله: حديث سهيل هذا ... إسناده حسن، وقد أخرجه أيضًا أحمد في المسند (2/ 246)، والحميدي في مسنده (2/ 445) (رقم: 1025)، وأبو يعلى في مسنده (12/ 33 , 34) (رقم: 6681) كلهم من طريق سفيان عن حمزة بن المغيرة، عن سهيل بن أبي صالح به.

ولفظ الوثن هذا غريب (¬1). والفصل الثاني في الصحيحين لعائشة وابن عباس وأبي هريرة (¬2). وخرّج مسلم عن جندب مرفوعًا: "ألا إنَّ مَن كان قبلكم كانوا يتخذون قبورَ أنبيائهم وصالحيهم مساجدَ، ألا فلا تتخذوا القبورَ مساجدَ، إنّني أنهاكم عن ذلك" (¬3). وانظر حديث عائشة في الزيادات (¬4)، ومرسل عمر بن عبد العزيز (¬5). 97 / حديث: "لَا تحلّ الصدقة لغنيّ، إلا لخمسة ... ". ذكر الغازي، والعامل، والغارم، والمشتري، والمُهدَي له. في الزكاة، باب: من يجوز له أخذ الصدقة (¬6). وروي هذا الحديث عبد الرزاق، عن معمر، عن زيد، عن عطاء، عن أبي سعيد، خرّجه أبو داود، وقوّي إسناده، وذكر فيه خلافا (¬7). ¬

_ (¬1) يقصد بلفظ الوثن الفصل الأول من الحديث "اللهم لا تجعل قبري وثنًا" وقد حكم عليه أيضًا بالغرابة ابن عبد البر في التمهيد (5/ 41) لكن الغرابة لا تنافي الصحة. (¬2) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الصلاة، باب (1/ 157 , 158) (رقم: 435 - 437). ومسلم في صحيحه كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: النهي عن بناء المساجد علي القبور ... (1/ 377) (رقم: 21، 22). (¬3) انظر: صحيح مسلم، الموضع السابق (1/ 377, 378) (رقم: 23). (¬4) تقدّم حديثها (4/ 467). (¬5) تفدّم حديثه (5/ 62). (¬6) الموطأ كتاب: الزكاة، باب: أخذ الصدقة ومن يجوز له أخذها (1/ 226) (رقم: 29)، وأخرجه أبو داود في السنن كتاب: الزكاة، باب: من يجوز له أخذ الصدقة وهو غني (2/ 286 , 287) (رقم: 1635) من طريق القعنبي عن مالك به. (¬7) أخرجه عبد الرزاق في المصنف (4/ 109) (رقم: 7151)، ومن طريقه أبو داود في السنن =

وخرّجه البزار (¬1). ¬

_ = (2/ 288) (رقم: 1636)، وكذا ابن ماجه في السنن كتاب: الزكاة، باب: من تحل له الصدقة (1/ 590) (رقم: 1841)، وأحمد في المسند (3/ 56)، وابن خزيمة (4/ 71) (رقم: 2374)، والدارقطني (2/ 121)، والحاكم (1/ 407، 408)، والبيهقي في السنن الكبرى (7/ 15)، وابن عبد البر في التمهيد (5/ 96 , 97) عن معمر عن زيد به. قال أبو داود: "ورواه ابن عيينة عن زيد كما قال مالك، ورواه الثوري عن زيد قال: حدثني الثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم -". قلت: رواية ابن عيينة عند ابن أبي شيبة في المصنف (3/ 210)، وأرسله أيضًا إسماعيل بن أمية، ذكره ابن عبد البر في التمهيد (5/ 95 , 96). فهؤلاء الثلاثة اتفقوا في الرواية عن عطاء مرسلًا، ورواه معمر بن راشد عن زيد بن أسلم عن عطاء عن أبي سعيد الخدري موصولًا، ورواه الثوري واختلف عنه، فرواه عبد الرزاق عنه وعن معمر جميعًا عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري، أخرجه الدارقطني في السنن (2/ 121) والعلل (11/ 271). ورواه عبد الرحمن بن مهدي عن الثوري عن زيد بن أسلم قال: حدثني الثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولم يسم رجلًا، أخرجه الدارقطني في العلل (11/ 271) وقال: "هو الصحيح". قلت: وذلك لكون عبد الرحمن بن مهدي من أوثق أصحاب الثوري كما قال علي بن المديني، ولذا صنفه ابن رجب في الطبقة الأولى من أصحاب سفيان. انظر: مقدمة الجرح والتعديل (ص: 253)، وشرح علل الترمذي (2/ 722). هذا، وقد اختلفت أقوال الأئمة في الراجح منها، فرجح أبو زرعة وأبو حاتم رواية الثوري عن زيد ابن أسلم عن الثبت على رواية معمر لكونه أحفظ منه والذي يظهر من كلام أبي داود أنه يرجح رواية مالك المرسلة لمتابعة ابن عيينة له، وهذا هو صريح كلام الدارقطني فيما نقله عنه ابن عبد الهادي في المحرر، وهو الراجح إن شاء الله؛ لأن معمر بن راشد وإن كان ثقة إلا أنه دون مالك وابن عيينة إذا انفردا، كيف وقد اجتمعا، وتابعهما: إسماعيل بن عيينة وكذلك الثوري من جهة قوله الثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. ورجح الحاكم رواية معمر الموصولة بناء على أنها زيادة من ثقة لكن قبول زيادة الثقة ليس علي إطلاقه كما هو المعروف عند أرباب الفن. انظر: العلل لابن أبي حاتم (1/ 221)، والمستدرك (1/ 407)، والمحرر في الحديث (1/ 351). (¬1) عزاه إليه ابن القطان في بيان الوهم (2/ 310)، والحافظ في الإتحاف (5/ 323) فقالا: رواه في مسنده عن سلمة بن شبيب وأحمد بن منصور وزهير بن محمد، كلهم عن عبد الرزاق، عن معمر =

98 / حديث: "التمر بالتمر مثلًا بمثل ... ". وفيه: قصة العامل علي خيبر. في باب ما يكره من بيع التمر (¬1). وهذا حديث رواه عطاء، عن أبي سعيد (¬2)، خرّجه ابن أبي شيبة من طريق يزيد بن قُسيط عن عطاء عنه (¬3). وقد رواه داود بن قيس عن زيد بن أسلم بهذا الإسناد (¬4). وتقدّم لأبي سعيد وأبي هريرة معًا من طريق سعيد بن المسيب (¬5). 99 / حديث: "إذا مرض العبد بعث الله إليه مَلَكين فقال: انْظرا ماذا يقول لعُوّاده ... ". في الجامع، باب: أجر المريض (¬6). هذا في الموطأ مرسل (¬7). ¬

_ = -زاد زهير والثوري- كلاهما عن زيد بن أسلم به -يعني مسندًا- وقال: قد رواه غير واحد عن زيد عن عطاء بن يسار مرسلًا، وأسنده عبد الرزاق عن الثوري ومعمر، وإذا حدث بالحديث ثقة، فأسنده كان هو الصواب، زاد ابن القطان: "وعبد الرزاق عندي ثقة، ومعمر ثقة". (¬1) الموطأ كتاب: البيوع، باب: ما يكره من بيع التمر (2/ 484) (رقم: 20). (¬2) تحرف في الأصل إلى "ابن عباس". (¬3) أخرجه في المصنف (7/ 101) عن ابن نمير عن محمد بن إسحاق، عن يزيد به. وإسناده حسن. (¬4) ذكره ابن عبد البر في التمهيد (5/ 128). (¬5) تقدَّم حديثهما (3/ 260). (¬6) الموطأ كتاب: العين، باب: ما جاء في أجر المريض (2/ 717) (رقم: 5). (¬7) انظر الموطأ برواية: - أبي مصعب الزهري (2/ 118) (رقم: 1976)، وسويد (ص: 579) (رقم: 1364)، وابن بكير (ل: 256 / ب) - الظاهرية-، وابن وهب، وابن القاسم (ل: 116 / أ).

وأسنده عبد المجيد بن أبي روّاد عن مالك، فزاد فيه: "عن أبي هريرة"، خرّجه الجوهري في مسند ما ليس في الموطأ (¬1). ورواه عَبَّاد بن كثير الثقفي عن زيد، عن عطاء، عن أبي سعيد الخدري، خرّج هذا أبو عمر في التمهيد من طريق محمد بن وضَّاح (¬2). ¬

_ = وهو عند البيهقي في شعب الإيمان (7/ 187) (رقم: 9941) من طريق القعنبي. وهكذا رواه ابن أبي الدنيا في المرض والكفارات (رقم: 13) من طريق هشام بن سعد عن زيد به، وإسناده حسن. (¬1) لم أقف عليه، لكن المحفوظ عن مالك ما ورد عنه في الموطأ؛ لأن عبد المجيد بن أبي رواد تُكلم في روايته عن غير ابن جريج. قال ابن عبد البر: "روى عن مالك أحاديث أخطأ فيها"، وذكر الخليلي منها حديث "الأعمال بالنية" فقال: "يرويه مالك والخلق عن يحيى بن سعيد الأنصاري ... وقال عبد المجيد -وأخطأ فيه-: أخبرنا مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري عن النبي - صلى الله عليه وسلم -". ونقل الذهبي عن البخاري أنه قال: "في حديثه بعض الاختلاف، ولا يعرف له خمسة أحاديث صحاح"، ولذا قال ابن حجر: "صدوق يخطئ". وتابع ابن أبي رواد عليه معن بن عيسى فيما يرويه عنه علي بن محمد الزياداباذي -بكسر الزاي والياء المفتوحة، والدال المهملة بين الألفين الباء الموحدة بين الألِفين أيضًا، وفي آخرها الذال المعجمة كما ضبطه السمعاني في الأنساب (6/ 359) - ذكره الدارقطني وقال: "الصحيح عن مالك، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار مرسلًا". العلل (10/ 97). قلت: معن بن عيسى ثقة، لكن الراوي عنه علي بن محمد الزيادي، قال ابن حجر: "أشار الدارقطني في غرائب مالك إلى لينه، وأنَّه تفرّد عن معن، عن مالك، عن سُهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه رفعه: "إذا مرض العبد ... "، الحديث، وقال: إنَّما هو في الموطأ بسند منقطع، عن غير سُهيل". لسان الميزان (4/ 254). وانظر ترجمة عبد المجيد بن أبي رواد في: الإرشاد للخليلي (1/ 166 - 167)، والتمهيد (21/ 270)، وتهذيب الكمال (18/ 271)، والميزان (3/ 363)، وتهذيب التهذيب (6/ 340)، والتقريب (رقم: 4160). (¬2) التمهيد (5/ 48).

وعباد بن كثير ليس بالقوي، ضعّفه ابن معين، وقال البخاري: "فيه نظر" (¬1). 100 / حديث: "سئل عن الغُبيراء فقال: "لا خير فيها". في الأشربة (¬2). أسند هذا ابن وهب عن مالك، فزاد فيه: "عن ابن عباس" (¬3). ومعناه لعبد الله بن عمرو، ذَكَر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهي عن الغُبيراء، وقال: ¬

_ (¬1) هذا أيضًا في التمهيد (5/ 48) ويلاحظ أن قوله ليس بالقوي لا يتفق مع أقوال سائر النقاد من المتشددين والمعتدلين والمتساهلين فإنهم مجمعون علي تضعيفه تضعيفًا شديدًا، فهو متروك كما قال البخاري، وأبو داود والعجلي وابن حجر، لا يكتب حديثه لا للاعتبار فضلًا عن الاحتجاج، وقولهم: "ليس بالقوي" ليس بجرح مفسد كما قال الذهبي، وقال العلمي: "إنه ينفي الدرجة الكاملة من القوة"، ولذا صنّفه السخاوي في المرتبة الأولى من مراتب الجرح، إلا أنه يمكن أن يخرّج قول ابن عبد البر هذا بأنه توسط في الأمر حيث أنه أثني عليه بالجميل فذكر فضله وعبادته، وذكر أن ابن عيينة كان يمنع من ذكره إلا بخير ثم ذكر تضعيف ابن عيينة له، وقول البخاري فيه فيه نظر، فبالنظر إلى مجموع هذه الأقوال أصدر فيه قوله "ليس بالقوي" وقد يكون للمروي أثرًا فيه كما قاله بعض الباحثين. انظر: الموقظة (ص: 82)، والتنكيل (1/ 240)، وفتح المغيث (2/ 124)، ومنهج ابن عبد البر في الجرح والتعديل من خلال التمهيد (ص: 332). وانظر ترجمة عباد بن كثير في: تاريخ ابن معين - برواية الدوري - (2/ 292 - 293)، وتاريخ الدارمي (ص: 146) (رقم: 496)، والضعفاء الصغير (ص: 79)، وتهذيب الكمال (14/ 145)، وتهذيب التهذيب (5/ 87)، والتقريب (رقم: 3139). وممن وصل الحديث أيضًا سليمان بن سليم عند البيهقي في شعب الإيمان (7/ 187) (رقم: 9942) وهو ثقة لكنه لا ينهض لمعارضة مالك، وقد تابعه هشام بن سعد كما تقدم، فالمحفوظ عن زيد إرساله كما قال الدارقطني. (¬2) الموطأ كتاب: الأشربة، باب: تحريم الخمر (2/ 644) (رقم ت 10). (¬3) أخرجه ابن عبد البر في التمهيد (5/ 166) من طريق يونس بن عبد الأعلى عن ابن وهب به.

"كُلُّ مُسكر حرام"، خرّجه أبو داود (¬1). وقال مالك عن زيد بن أسلم (¬2): "الغُبيراء هي الأُسْكُرْكة" (¬3). وقال أبو موسى الأشعري في خمر أهل الحبش: "الأُسْكُرْكة"، وهي الأرز، ذكر هذا إسماعيل في الأحكام (¬4). وقال غيرُه: هي نبيذ الذُّرة (¬5). ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في السنن كتاب: الأشربة، باب: النهي عن المسكر (4/ 89، 60) (رقم: 3685)، وكذلك أحمد في المسند (2/ 156، 171)، والبيهقي في السنن الكبرى (10/ 221) من طرق عن يزيد بن أبي حبيب عن الوليد عن عَبَدة، ويقال: عمرو بن الوليد، عن عبد الله بن عمرو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهي عن الخمر والميسر والكوبة والغبيراء وقال: "كل مسكر خمر"، هذا لفظ أبي داود. وإسناده ضعيف، فيه الوليد عن عبدة، لم يرو عنه غير يزيد بن أبي حبيب، واختلف في اسمه فنقل المزي في تهذيبه (31/ 45) عن ابن يونس أنه قال: وليد بن عبدة مولى عمرو بن العاص، روي كأنه يزيد بن أبي حبيب، والحديث معلول، ويقال: عمرو بن الوليد بن عبدة، قال أبو حاتم فيما نقله عنه ابنه في الجرح والتعديل (9/ 11): "مجهول"، ونبعه الذهبي في الميزان (6/ 15) وقال: "والخبر معلول في الكوبة والغبيراء". قلت: الحديث بهذا الإسناد وإن كان ضعيفًا إلا أن له شاهدًا من حديث ابن عباس عند أبي داود (4/ 96) (رقم: 3696)، وأحمد في المسند (1/ 274، 289)، وفي الأشربة (رقم: 192، 193، 194)، وأبي يعلى في المسند (5/ 114) (رقم: 2729)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (4/ 223)، والبيهقي في السنن الكبرى (10/ 221) بإسناد صحيح. وفي الباب عن قيس بن عبادة وعن أم حبيبة عند أحمد في المسند (3/ 422)، (6/ 427). (¬2) قاله عقب مرسل عطاء المذكور (2/ 644). (¬3) بضم الهمزة والكاف الأولى، وسكون السين والراء، وآخرها تاء، ويقال: السُّكركة أيضًا مشدّدة السين بغير همزة قبلها. مشارق الأنوار (1/ 48)، والنهاية (2/ 383). (¬4) أخرجه من طريقه ابن عبد البر في التمهيد (5/ 168). (¬5) أي الخمر المتَّخذ منها، قاله القاضي عياض، وابن الجوزي، وابن الأثير، ومحمد طاهر الفتني، وهو الذي رجحه ابن عبد البر، وكذا المؤلف لإيراده حديث النعمان المرفوع "إن من الذرة خمرًا" عقب القول المذكور. انظر: مشارق الأنوار (2/ 127)، وغريب الحديث لابن الجوزي (2/ 143)، والنهاية (2/ 383) و (3/ 338)، ومجمع بحار الأنوار (4/ 3)، والاستذكار (24/ 296).

وجاء عن النعمان بن بشير مرفوعًا: "إن من الذُّرَة خمرا"، خرّجه أبو داود وغيره (¬1). 101/ حديث: "نهى أن يُنْتَبَذَ البُسْر والرُّطَبُ جميعًا، والتمرُ والزبيبُ جميعًا". في الأشربة (¬2). اختلفت الرواة في ألفاظه (¬3)، وقد اختلف أيضًا في إسناده: فرُويَ عن زيد، عن أبي صالح (¬4)، عن أبي هريرة مسندًا (¬5)، وعن زيد عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة أيضًا (¬6). وقيل: عطاء، عن ابن عباس، رواه القعنبي عن مالك، ذكره الجوهري (¬7). ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في السنن كتاب الأشربة، باب: الخمر مما هي (4/ 84) (رقم: 3677)، وكذلك الدارقطني في السنن (4/ 252 , 253)، والبيهقي في السنن الكبرى (8/ 289)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (12/ 219، 220) (رقم: 5398) من طريق أبي حُريز وهو عبد الله بن حسين الأزدي أن عامرًا حدثه أن النعمان بن بشير قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إن الخمر من العصير ... والذرة وإني أنهاكم عن كل مسكر". إسناده حسن. (¬2) الموطأ كتاب: الأشربة، باب: ما يكره أن ينبذ جميعًا (2/ 643) (رقم: 7). (¬3) فرواه ابن بكير عن مالك (ل: 165 / ب) - الظاهرية-، كما رواه يحيى بن يحيى عنه، ورواه أبو مصعب الزهري عنه (2/ 48، 47) (رقم: 1833) بلفظ "نهي أن ينتبذ البسر والتمر جميعًا، ورواه الشيباني عنه (ص: 250) (رقم: 718) بلفظ "نهى عن نبيذ البسر والتمر والزبيب جميعًا". (¬4) في الأصل "صالح" اسمًا لا كنية، والصواب ما أثبته. (¬5) رواه فياض بن زهير النسائي كان عبد الرزاق، عن ابن جريج عن زيد بن أسلم به، ذكره الدارقطني في العلل (11/ 65) وقال: خالف محمد بن يحيى الذهلي فرواه عن عبد الرزاق عن ابن جريج عن زيد بن أسلم بن عطاء بن يسار عن أبي هريرة. (¬6) أخرجه عبد الرزاق في المصنف (9/ 215 , 216) (رقم: 16982) عن ابن جريج عن زيد به. (¬7) ذكره أيضًا الدارقطني في العلل (11/ 96).

قال الدارقطني: "والصحيح عن مالك المرسل" (¬1). وقد رُوي مسندًا من وجوه جمّة، خرّجه مسلم عن أبي هريرة، وابن عباس، وأبي قتادة وغيرهم (¬2). حديث أبي قتادة في مسنده (¬3). 102 / حديث: "لن تبقى بعدي من النّبوة إلّا المُبَشِّرات، وفسّرها بالرؤيا الصالحة ... ". وقال فيه: "جزءٌ من ستّةٍ وأربعينَ جُزءًا". في الجامع (¬4). وروي محمد بن المنكدر وغيره عن عطاء، عن رجل من أهل مصر، عن أبي الدرداء مرفوعًا طرفًا منه في تفسير قول الله تعالى: {لهم البشرى ... } قال: "هي الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو تُرى له"، خرّجه الترمذي (¬5). ¬

_ (¬1) العلل (11/ 96). قال ابن عبد البر: "هكذا رواه مالك بإسناده هذا مرسلًا لا خلاف عنه في ذلك فيما علمت". التمهيد (5/ 154). (¬2) رواه مسلم في الصحيح كتاب: الأشربة، باب: كراهة انتباذ التمر والزبيب مخلوطين (3/ 1574 - 1577) (رقم: 16 - 29) من حديث جابر، وأبي سعيد، وأبي قتادة، وأبي هريرة، وابن عباس، وابن عمر. (¬3) تقدّم حديثه (3/ 211). (¬4) الموطأ كتاب: الرؤيا، باب: ما جاء في الرؤيا (2/ 729) (رقم: 3). (¬5) أخرجه في السنن كتاب: الرؤيا، باب: قوله {لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} (4/ 463، 462) (رقم: 2273)، وفي التفسير، باب: ومن سورة يونس (5/ 267) (رقم: 3106)، وكذا في التفسير (5/ 268 عقب حديث رقم: 3106)، وأحمد في المسند (6/ 452)، والحميدي في المسند (1/ 193) (رقم: 391) من طريق محمد بن المنكدر وأبي صالح كلاهما عن عطاء به. قال الترمذي عقب حديث (2273): "هذا حديث حسن". قلت: لعله حسّنه بشواهده حيث قال عقب حديث أبي الدرداء: "في الباب عن عبادة بن =

ورواه المختار بن فلفل عن أنس قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن الرسالة والنبوة قد انقطعت، فلا رسول بعدي ولا نبيّ لكن المبشرات ... " وفسّرها، خرّجه الترمذي وصحّحه (¬1). وانظر الفصل الأوّل من هذا الحديث لأبي هريرة، والفصل الثاني منه له ولأنس (¬2). 103 / حديث: "إن شدّة الحرّ من فيح جهنّم، وذكر الإبراد عن الصلاة ... ". فيه: وقال: "اشتكت النار إلى ربّها". في باب النهي عن الصلاة بالهاجرة (¬3). تقدّم هذا مسندًا لأبي هريرة من طريق أبي سلمة وابن ثوبان والأعرج (¬4). ¬

_ = الصامت" وإلا ففي الإسناد رجل من أهل مصر وهو مجهول، قال أبو حاتم فيما نقله عنه ابنه في العلل (2/ 89): "لا يُعرف"، وقد رواه الترمذي في السنن (5/ 268)، وابن جرير في جامع البيان (15/ 134) (رقم: 17735) من طريق عاصم بن بهدلة عن أبي صالح عن أبي الدرداء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحوه أيضًا إلا أن فيه عاصمًا قال عنه الدارقطني: "في حفظه شيء"، وقال الحافظان الذهبي وابن حجر: "صدوق يهم أو له أوهام". وتابعه الأعمش عند أحمد في السند (6/ 445، 452) إلا أن الرواة اختلفوا عليه كما في العلل للدارقطني (6/ 212)، لكن يشهد له حديث عبادة بن الصامت كما ذكره الترمذي وأخرجه أحمد (5/ 315) وابن جرير (15/ 3332، 133) (رقم: 17730، 17731)، وكذا حديث أنس الآتي. فالحاصل أن الحديث من طريق أبي الدرداء لا تخلو من علة إلا أنه بمجموع طرقه وشواهده يصل إلي درجة الصحة، وقد أورده الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة (رقم: 1786). انظر ترجمة عاصم في: ميزان الاعتدال (3/ 71)، والتقريب (رقم: 3054). (¬1) انظر: السنن، كتاب: الرؤيا، باب: ذهبت النبوة وبقيت المبشرات (4/ 462) (رقم: 2272)، وقال: "هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه من حديث المختار بن فلفل". (¬2) حديث أبي هريرة تقدّم (3/ 398)، وحديث أنس (2/ 36). (¬3) الموطأ كتاب: وقوت الصلاة، باب: النهي عن الصلاة بالهاجرة (1/ 45) (رقم: 27). (¬4) تقدَّم حديث أبي سلمة وابن ثوبان (3/ 317)، وحديث الأعرج (3/ 350).

وانظر حديث الحُمّي في مرسل عروة (¬1). 104 / حديث: "جاء رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسأله عن وقت صلاة الصبح، فسكت عنه ... ". فيه: أنّه صلّاها من الغد حين طلع الفجر، ثم صلّاها من الغد بعد أن أسفر وقال: "ما بين هذين وقت". في وقوت الصلاة (¬2). هذا لأنس في وقت الصبح خاصة، خرّجه النسائي من طريق حميد عنه (¬3). وجاء مُشبَعًا في الصّلوات الخمس عن جماعة منهم: أبو موسى الأشعري، وبريدة (¬4)، وغيرهما (¬5). وانظر مسند أبي مسعود (¬6). 105 / حديث: "كان في المسجد، فدخل رجل ثائر الرأس واللحية، فأشار إليه كأنّه يعني إصلاح شعره ... ". فيه: "أليس هذا خيرا من أن يأتي أحدكم ثائر الرأس كأنّه شيطان". ¬

_ (¬1) تقدّم حديثه (5/ 82). (¬2) الموطأ كتاب: وقوت الصلاة، باب: وقوت الصلاة (1/ 38) (رقم: 3). (¬3) أخرجه في السنن، كتاب: الأذان، باب: وقت أذان الصبح (2/ 339) (رقم: 641) عن إسحاق بن إبراهيم، عن يزيد عن حميد به، وسنده صحيح. قال ابن عبد البر: "هذا إسناد صحيح متصل بلفظ حديث عطاء بن يسار ومعناه". التمهيد (4/ 333). (¬4) حديث أبي موسى وبريدة عند مسلم في الصحيح، كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: أوقات الصلوات الخمس (1/ 428 - 430) (رقم: 176، 179). (¬5) كابن عباس، وتقدّم (3/ 182)، وجابر، وتقدَّم (3/ 183). (¬6) تقدّم حديثه (3/ 178).

في الجامع، باب إصلاح الشعر (¬1). لجابر طرف من معنى هذا الحديث، خرّجه النسائي والبزار من طريق محمد بن المنكدر عنه، قال فيه: "إن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأي رجلا شعث الرأس فقال: أما كان يجد هذا ماءً يُسَكِّن شعرَه" (¬2). وقال البزار: "هذا الكلام لا أعلم أحدا رواه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا جابرًا، ولا يعلم له إلا هذا الإسناد". 106 / حديث: "من وقاه الله شرَّ اثنين وَلَجَ الجنَّة" فقال رجل: لا تخبرنا [يا معاذ] (¬3) ... ). فيه: "ما بين لَحْيَيهِ (¬4) وما بين رجليه ثلاثًا". في الجامع، عند آخره، باب ما يخاف من اللسان (¬5). ومعنى هذا الحديث لسَهل بن سعد، وأبي هريرة، رواه أبو حازم سلمة ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الشعر، باب: إصلاح الشعر (2/ 723، 724) (رقم: 7). (¬2) لم أقف عليه في نسخ البزار الخطية، وقد أخرجه النسائي في السنن كتاب: الزينة، باب: تسكين الشعر (8/ 567) (رقم: 5251)، وكذا أبو داود في السنن كتاب: اللباس، باب: غسل الثوب وفي الخلقان (4/ 332 , 333) (رقم: 4062)، وأحمد في المسند (3/ 357)، وأبو يعلى في المسند (4/ 23) (رقم: 2026)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (12/ 294) (رقم: 5483)، والحاكم في المستدرك (4/ 186) كلهم من طريق حسان بن عطية عن محمد بن المنكدر به. إسناده صحيح، وصححه الحاكم علي شرط الشيخين ووافقه الذهبي. (¬3) كذا في الأصل، وكتبت في الهامش "في الأصل معاذًا" ولا يوجد في الموطأ، لا هذا ولا ذاك. (¬4) بفتح اللام وسكون المهملة والتثنية، هما العظمان في جانبي الفم تنبت عليهما الأسنان. والِلّحي بفتح اللام وكسرها العظم الذي تنبت عليه اللحية من الإنسان، والمراد بما بينهما اللسان وما يتأتي به النطق. انظر: مشارق الأنوار (1/ 356)، وفتح الباري (11/ 316)، ومجمع بحار الأنوار (4/ 478). (¬5) الموطأ كتاب: الكلام، باب: ما جاء فيما يخاف من اللسان (2/ 754) (رقم: 11).

ابن دينار الزاهد المدني، وأبو حازم سلمان مولى عَزَّة الكوفي، كلاهما عن أبي هريرة، قاله الترمذي، وخرّجه من الطريقين معًا مختصرًا، ليس فيه سؤال ولا إعادة (¬1)، وخرّجه البخاري عن سهل وحده (¬2). وزعم الدارقطني في العلل أن أبا حازم راويه عن أبي هريرة هو سلمة بن دينار لا غيره، وقال: "ولم يسمع من أبي هريرة شيئًا"، وقال: "الحديث لأبي حازم عن سهل" (¬3). وفي متن حديث الموطأ أن رسول الله قال: "من وقاه الله شرّ اثنين ولج الجنة -ثلاث مرّات-"، وأن الرجل قال: "لا تخبرنا" -مرّتين-، وأراد ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في السنن كتاب: الزهد، باب: ما جاء في حفظ اللسان (4/ 524) (رقم: 2408، 2409) ثم قال عقب حديث أبي هريرة: "أبو حازم الذي روي عن أبي هريرة اسمه سلمان مولى عزَّة الأشجعية وهو كوفي، وأبو حازم الذي روي عن سهل بن سعد هو أبو حازم الزاهد، مدني واسمه سلمة بن دينار، وهذا حديث حسن غريب". قلت: تبيَّن من قول الترمذي أن قول المؤلف: "كلاهما عن أبي هريرة" خطأ ظاهر؛ إذ الراوي عن أبي هريرة هو سلمان مولى عزة الأشجعية دون سلمة بن دينار لأنه لم يسمع من أبي هريرة كما قال الدارقطني، ونقل المزي عن يحيى بن صالح الوحاظي أنه قال: "قلت لابن أبي حازم: أبوك سمع من أبي هريرة؟ قال: "من حدثك أن أبي سمع من أحد من الصحابة غير سهل بن سعد فقد كذب". انظر: العلل للدارقطني (8/ 238)، وتهذيب الكمال (11/ 275). (¬2) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الرقاق، باب: حفظ اللسان (4/ 186) (رقم: 6474). وورد معناه من حديث أبي رافع أيضًا، أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (1/ 311) (رقم: 919)، قال الهيثمي في المجمع (10/ 300)، والحافظ في الفتح (11/ 316): "إسناده جيد". (¬3) العلل (8/ 238). قلت: أصاب المؤلف في انتقاده الدارقطني في زعمه المذكور لكنه أخطأ أيضًا في جعله أبا حازم سلمة بن دينار راويًا لأبي هريرة، والصواب في هذا ما قاله الترمذي كما تقدم، وقد أقرّه ابن حجرًا أيضًا في فتح الباري (11/ 316).

أن يقول ذلك الثالثة فأُسكت، ثم إن النبي - صلى الله عليه وسلم - أعاد قوله مرّة رابعة ثمّ فسّره إثر ذلك وأعاد التفسير ثلاث مرّات. هكذا عند سائر الرواة (¬1). وأما يحيى بن يحيى ففي روايته أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أعاد مقالته أوّلا أربع مرّات، وأن الرجل قال: "لا تخبرنا" -ثلات مرّات- ثم أُسكت في الرابعة، فقالها النبي - صلى الله عليه وسلم - خامسة ثم فسّر، ولم يتابَع يحيى على هذا. وتابعه على قوله: "لا تخبرنا"، بلفظ النهي ابن القاسم وطائفة (¬2). وقال القعنبي في آخرين: "ألا تخبرنا"، بزيادة ألف الاستفهام علي لفظ العرض والحث (¬3)، وهو أليق بالمعني. وأما قوله: "لا تخبرنا"، فالمراد به الإمساك عن التفسير حتى يقولوا هم في ذلك ما يظهر لهم على وجه تعلّم الاستنباط (¬4) كقول أبي بكر في الرؤيا: ¬

_ (¬1) انظر الموطأ برواية: - أبي مصعب الزهري (2/ 165) (رقم: 2077)، وسويد بن سعيد (ص: 564) (رقم: 1445). وهكذا قال القعنبي وابن القاسم كما ذكره ابن عبد البر في التمهيد (5/ 61). (¬2) انظر: التمهيد (5/ 61) والمنتقي للباجي (7/ 312)، ومشارق الأنوار (1/ 34). (¬3) انظر الموطأ برواية: أبي مصعب الزهري (2/ 165) (رقم: 2077)، وسويد (ص: 594) (رقم: 1445). وهكذا قال ابن بكير ومطرف كما قال القاضي عياض في المشارق (1/ 34). (¬4) هذا وجه، ويحتمل أنه قال ذلك لئلّا يتكلوا علي ذلك ويتركوا ما عداه، وقيل: إن الرجل كان منافقًا، فقال ذلك زهادة في سماع ذلك من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورغبة عنه، لكن يردّ هذا الوجه ما رواه أحمد في المسند (5/ 362) من حديث رجل من الصحابة قال: "خطبنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم فقال: يا أيها الناس ثنتان من وقاه الله شرهما دخل الجنة، فقام رجل من الأنصار فقالوا: يا رسول الله لا تخبرنا بهما ... حتى إذا كانت الثالثة حبسه أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: =

"دعني أعبِّرها"، والله أعلم. 107 / حديث: "أرسل إلى عمر بعطاء فردّه ... ". فيه: قول عمر: "أليس أخبرتنا أن خيرًا لأحدنا ألّا يأخذ مِن أحدٍ شيئًا؟ ... "، وقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ما كان من غير مسئلة فإنما هو رزق يرزقكه الله". في الجامع، عند آخره، باب: التعفف عن المسألة (¬1). قال فيه يحيى بن يحيى: "بعطائه" (¬2)، وأزال ابن وضاح الضّمير وقال: ¬

_ = ترى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يريد أن يبشرنا فتمنعه فقال: إني أخاف أن يتكل الناس". قال الهيثمي في المجمع (10/ 298): "رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح خلا تميم وهو ثقة". ففي هذا الحديث تصريح بأن الرجل كان من الأنصار، ثم إن المنافق قد لا يتأتي له أن يتجرّأ بنهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن بيان ما يوجب الجنة أمام الصحابة لا سيما إذا كان فيهم أمثال عمر بن الخطاب، فسبب قول الرجل "لا تخبرنا" هو ما ورد في هذا الحديث من مخافة اتكال الناس عليه، إلا أن المؤلف رجح لفظ العرض بأنه أليق للمعني، وهذا هو ما رجحه الشيخ محمد الطاهر ابن عاشور أيضًا لأمور: - منها: حرص أهل مجلسه - صلى الله عليه وسلم - وهم الصحابة- على الاستفادة. - ومنها: كون المقام مقام تبشير وترغيب فلا يظن أن الرجل قال: "لا تخبرنا" خشية أن يذكر لهم ما لا يقدرون عليه. - ومنها: أن تكراره - صلى الله عليه وسلم - عدة مرات ثم سكوته بعد كل مرة دليل على إرادته التشويق للخبر. - ومنها: أن سكوت بقية الحاضرين دليل علي أن هذا الرجل كان سائلًا ما فيه رغبة الجميع، ثم استبعد الشيخ ما ذكروه في توجيه رواية النهي بأنه قال ذلك ليتركهم لاستنباطه فقال: "ليس في حكاية الراوي ما يدل على أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أراد اختبار فهمهم مثلما وقع في حديث "آية شجرة كالآدمي"، ولأن الخبر متعلق بأمر الآخرة فلا مجال للأفهام في تعيينه. انظر: التمهيد (5/ 79)، والاستذكار (27/ 332)، والمنتقى (7/ 312)، ومشارق الأنوار (1/ 34)، وكشف المغطي من المعاني والألفاظ الواقعة في الموطأ (ص: 378). (¬1) الموطأ كتاب: الصدقة، باب: ما جاء في التعفف عن المسألة (2/ 762) (رقم: 9). (¬2) انظر: نسختي المحمودية (أ) (ل: 157 / ب)، و (ب) (ل: 273 / أ)، ووقع في المطبوع من رواية يحيي "بعطاء" بحذف الضمير.

"لم يكن في ذلك الوقت عطاء مرتّب" (¬1). وهذا الحديث رُوي عن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عُمر، خرّجه البزار من طريق هشام بن سعد، عن زيد كذلك، وقال في آخره: "قد رُوي عن عمر من غير وجه ولا نعلم رواه عن زيد، عن أبيه، عن عمر إلا هشام" (¬2). وخُرّج في الصحيحين من طريق آخر عن عمر (¬3). ¬

_ (¬1) قلت: ولم يفعل شيئًا؛ والتعليل الذي ذكره غير مسلّم أيضًا؛ لأن الولاة على المدن، والعمال علي الصدقات كانت لهم في ذلك الوقت رواتب محددة، فقد روي البخاري في صحيحه، كتاب: الأحكام، باب: رزق الحاكم والعاملين عليها (4/ 334) (رقم: 7163) من حديث عبد الله بن السعدي أنه قدم علي عمر في خلافته فقال له عمر: ألم أحدَّث أنك تلي من أعمال الناس أعمالا، فإذا أُعطيت العمالة كرهتها؟ وفيه قول عمر: "لا تفعل، فإني كنتُ أردتُ الذي أردتَ، فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعطيني العطاء، فأقول: أعطه أفقر إليه مني حتى أعطاني مرة مالًا فقلت: أعطه أفقر إليه مني، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "خذه فتموله وتصدق به، فما جاءك من هذا المال وأنت غير مشرف ولا سائلٍ فخذه وإلا فلا تتبعه نفسك". وروي مسلم أيضًا في صحيحه كتاب: الزكاة، باب: إباحة الأخذ لمن أعطي من غير مسألة ولا إشراف (2/ 723) (رقم: 112) من حديث ابن الساعدي المالكي أنه قال: استعملني عمر بن الخطاب رضي الله عنه على الصدقة، فلما فرغت منها، وأدّيتها إليه أمرني بعمالة، فقلت: إنما عملت لله، وأجري علي الله، فقال: خذ ما أُعطيت، فإني عملت علي عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعمّلني، فقلت مثل قولك، فقال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أعطيت شيئًا من غير أن تسأل فكل وتصدق". (¬2) أخرجه في مسنده (1/ 394، 395) (رقم: 271)، وكذا أبو يعلى في مسنده (1/ 156) (رقم: 167). والإسناد رجاله ثقات سوى هشام بن سعد فإنه قد تُكلِّم فيه لكن نقل الآجري عن أبي داود أنه قال: "هشام بن سعد أثبت الناس في زيد بن أسلم". انظر: تهذيب الكمال (30/ 208). وأخرجه هو أيضًا (1/ 223) (رقم: 110) من طريق الزهري عن سالم عن ابن عمر وفي (1/ 363 - 364) (رقم: 244، 245) من طريق ابن الساعدي كلاهما عن عمر به. ومن هذين الوجهين أخرجه الشيخان أيضًا كما سيأتي. (¬3) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الأحكام، باب: رزق الحاكم والعاملين عليها (4/ 334) (رقم: 7163) من طريق حويطب بن عبد العزي، ومسلم في صحيحه كتاب: الزكاة، باب: إباحة الأخذ لمن أعطي من غير مسألة ولا إشراف (2/ 723) (رقم: 112) من طريق بسر بن =

• حديث: "قُبلة الصائم ... ". فيه: قوله - صلى الله عليه وسلم -: "والله إني لأتقاكم لله تعالى وأعلمُكم بحدوده" (¬1). بعضه لأمّ سلمة مقطوعًا، وبعضه لعطاء مرسلًا، وقد تقدّم في مسند أمّ سلمة (¬2). ومعنى آخر الحديث لأبي يونس عن عائشة (¬3). ¬

_ = سعيد، كلاهما عن عبد الله بن السعدي عن عمر به. وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الزكاة، باب: من أعطاه الله شيئًا من غير مسألة ولا إشراف نفس (1/ 456) (رقم: 1473)، وفي: الأحكام (4/ 334) (رقم: 7164)، ومسلم في صحيحه في الموضع السابق (2/ 723) (رقم: 110، 111) من طريق الزهري عن سالم عن أبيه عن عمر. (¬1) الموطأ كتاب: الصيام، باب: ما جاء في الرخصة في القبلة للصائم (1/ 243) (رقم: 12). قال ابن عبد البر: "هذا الحديث مرسل عند جميع رواة الموطأ عن مالك، وهذا المعنى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقبل وهو صائم صحيح من حديث عائشة، وحديث أم سلمة وحديث حفصة". التمهيد (5/ 108). (¬2) تقدّم حديثها (4/ 218). (¬3) تقدّم حديثها (4/ 82).

المقلّون عن عطاء ثلاثة أحاديث. 108 / حديث: "ألا أخبركم بخير الناس منزلًا؟ رجلٌ آخذٌ بعَنَانِ فرَسِه ... ". وذَكر العزلة، والعبادة. في باب الترغيب في الجهاد المذكور في أوّله. عن عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر -هو أبو طوالة- عن عطاء بن يسار (¬1). وهذا الحديث رواه عطاء عن ابن عباس، خرّجه ابن أبي شيبة عن إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي ذؤيب (¬2) عن عطاء، عن ابن عباس، وفيه زيادة (¬3). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الجهاد، باب: الترغيب في الجهاد (2/ 356) (رقم: 4). قال ابن عبد البر: "هذا حديث مرسل من رواية مالك، لا خلاف عنه فيه، وقد يتصل من وجوه ثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من حديث عطاء بن يسار وغيره، وهو من أحسن حديث يُروي في فضل الجهاد". التمهيد (17/ 439). (¬2) وقع في الأصل وكذا عند ابن أبي شيبة "ابن أبي ذئب" -مكبرًا-، والصواب ما أثبته كما قال البخاري وغيره. انظر: التاريخ الكبير (1/ 362)، وتهذيب الكمال (3/ 130)، وتهذيب التهذيب (1/ 273)، والتقريب (رقم: 461). (¬3) أخرجه في المصنف (5/ 294) وكذلك النسائي في السنن كتاب: الزكاة، باب: من يسأل بالله عزَّ وجلَّ ولا يعطي به (5/ 88) (رقم: 2568)، وأحمد في المسند (1/ 237, 319، 322)، والدارمي في السنن كتاب الجهاد، باب: من قاتل في سبيل الله فواق ناقة (2/ 201)، وابن المبارك في الجهاد (ص: 139) (رقم: 169 - مطولًا-)، وابن أبي عاصم في الجهاد (2/ 432) (رقم: 153)، والطبراني في المعجم الكبير (10/ 383) (رقم: 10767)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (2/ 367) (رقم: 604)، والبيهقي في شعب الإيمان (3/ 277) (رقم: 3539) كلهم =

109 / حديث: "كبّر في صلاة من الصلوات ثم أشار إليهم أن امكثوا، فذهب ثم رجع وعلى جلده أثر الماء". في الطهارة، باب: إعادة الجنب الصلاة. عن إسماعيل بن أبي حَكيم، عن عطاء بن يسار (¬1). هذا لأبي هريرة، وأبي بكرة، وأنس وغيرهم، خُرّج في الصّحيحين للزهري عن أبي سلمة، عن أبي هريرة (¬2). ¬

_ = من طرق عن ابن أبي ذؤيب عن سعيد بن خالد عن إسماعيل بن عبد الرحمن بن ذؤيب عن عطاء به. وإسناده صحيح. وأخرجه أيضًا الترمذي في السنن كتاب: فضائل الجهاد، باب: ما جاء أيُّ الناس خير (4/ 156) (رقم: 1652) من طريق ابن لهيعة، وسعيد بن منصور في السنن (ص: 200) (رقم: 2434)، وكذا ابن حبان في صحيحه (الإحسان) (2/ 368) (رقم: 605) من طريق ابن وهب كلاهما عن عمرو بن الحارث، عن بُكير بن عبد الله بن الأشج عن عطاء بن يسار به. قال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه، ويروي هذا الحديث من غير وجه عن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم -". وأما الزيادة التي أشار إليها المؤلف فهي قوله: "ألا أخبركم بشر الناس؟ قلنا: نعم يا رسول الله، قال: الذي يسأل بالله عزَّ وجلَّ ولا يعطى به" وهذه الزيادة لم ترد عند ابن أبي شيبة ووردت عند غيره كأحمد والنسائي وغيرهما. (¬1) الموطأ كتاب: الطهارة، باب: إعادة الجنب الصلاة، وغسله إذا صلي ولم يذكر وغسله ثوبه (1/ 68) (رقم: 79). قال ابن عبد البر: "هذا حديث منقطع، وقد روي متصلًا مسندًا من حديث أبي هريرة وحديث أبي بكرة". التمهيد (1/ 174). (¬2) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الغسل، باب: إذا ذكر في المسجد أنه جنب خرج كما هو ولا يتيمم (1/ 107) (رقم: 275)، ومسلم في صحيحه كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: متى يقوم الناس للصلاة (1/ 423، 422) (رقم: 157، 158).

وخرّجه أبو داود وابن أبي شيبة عن أبي بكرة، والبزار عن أنس وبكر بن عبد الله المزني (¬1). ¬

_ (¬1) حديث أبي بكرة، أخرجه أبو داود في السنن كتاب: الطهارة، باب: في الجنب يصلي بالقوم وهو ناس (1/ 159، 160) (رقم: 233، 234)، ومن طريقه البيهقي في السنن الكبرى (2/ 397)، وأحمد في المسند (5/ 41، 45)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (2/ 87) (رقم: 623) من طرق عن حماد بن سلمة، عن زياد الأعلم عن الحسن به. وهذا إسناد رجاله ثقات إلا أن فيه عنعنة الحسن عن أبي بكرة وهو مدلس، وقد اختلف أيضًا في سماعه منه فذهب علي بن المديني والبخاري إلى أنه سمع منه، فروي البخاري في كتاب الصلح، باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم - للحسن بن علي رضي الله عنهما: "ابني هذا سيد ... " (2/ 269، 270) (رقم: 2704) عن الحسن أنه قال: "لقد سمعت أبا بكرة يقول: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علي المنبر -والحسن بن علي إلي جنبه- وهو يقبل علي الناس مرة وعليه أخرى ويقول: إن ابني هذا سيد ... "، ثم قال البخاري: "قال لي علي بن عبد الله: إنما ثبت لنا سماع الحسن من أبي بكرة بهذا الحديث"، وقد روي البخاري له عنه في صحيحه عدة أحاديث أخرى انظرها في تحفة الأشراف (9/ 38 - 40). وذكر الباجي في التعديل والتجريح (1/ 486) عن ابن معين والدارقطني أنَّهما أنكرا سماع الحسن من أبي بكرة، وإليه ذهب ابن رجب في فتح الباري (5/ 432)، ونقل ذلك عن الإمام أحمد وأكثر المتقدمين، واحتج الباجي للدارقطني بأن الحسن أدخل بينه وبين أبي بكرة الأحنف بن قيس في حديث "إذا التقى المسلمان بسيفيهما"، ولذلك انتقد الدارقطني في تتبعه (ص: 222، 223) الأحاديث التي أوردها البخاري من طريق الحسن عن أبي بكرة قائلًا: "والحسن لا يروي إلا عن الأحنف عن أبي بكرة"، لكن ردّ عليه العلائي عن هذا التعليل بأن غاية ما اعتل به الدارقطني أن الحسن روي أحاديث عن الأحنف بن قيس عن أبي بكرة، وذلك لا يمنع من سماعه منه ما أخرجه البخاري. قلت: فالراجح في المسألة ما قاله العلائي: "صحة سماعه من أبي بكرة للأحاديث التي رواها البخاري من طريقه، لأنه لا يكتفي بمجرد إمكان اللقاء"، وأما الحديث الذي بين أيدينا فنقول: إن احتمال تدليس الحسن فيه وإن كان واردًا إلا أن الحافظ عدّه في الثانية، وقد احتمل الأئمة تدليس أهل هذه الطبقة وأخرجوا لهم في الصحيح لإمامتهم وقلة تدليسهم في جنب ما روى. وعليه فالإسناد صحيح. وانظر: الكلام في سماع الحسن من أبي بكرة في علل ابن المديني (ص: 60)، وجامع التحصيل (ص: 163)، وفتح الباري (13/ 70 - 71)، وموقف الإمامين (ص: 114 - 115). =

وفي بعض طرقه ذكر الجنابة وإقام الصلاة (¬1). وقال أحمد بن حنبل: "يرويه بعض الناس أنه كبّر"، وبعضهم يقول: "لم يكبّر" (¬2). ¬

_ = وابن أبي شيبة المذكور عند المؤلف هو عثمان بن أبي شيبة أخو أبي بكر بن أبي شيبة صاحب المصنف والمسند، ومن طريقه أخرج هذا الحديث أبو داود، وابن عبد البر في التمهيد (1/ 177). وحديت أنس أخرجه أيضًا الطحاوي في شرح مشكل الآثار (2/ 88) (رقم: 624)، والطبراني في المعجم الأوسط (4/ 192) (رقم: 3947)، والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 399) من طرق عن عبيد الله بن معاذ العنبري، عن أبيه، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عنه. قال الهيثمي في المجمع (2/ 69): "رواه الطبراني في الأوسط ورجاله رجال الصحيح". وأما حديث بكر بن عبد الله المزني فلم أقف عليه لكن قال البيهقي في السنن الكبرى (2/ 399) عقب حديث أنس: "خالفه (أي عبيد الله بن معاذ) عبد الوهاب بن عطاء، فرواه عن سعيد عن قتادة عن بكر بن عبد الله المزني مرسلًا". (¬1) ورد ذكر كونه جنبًا عند أبي داود (1/ 160) (رقم: 234)، وأحمد في المسند (5/ 41) من طريق يزيد بن هارون عن حماد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لما قضي الصلاة: "إنما أنا بشر وإني كنت جنبًا". وأما إقامة الصلاة فهي في حديث أبي هريرة عند البخاري ومسلم كما تقدم حيت قال: "أقيمت الصلاة وعدّلت الصفوف ... ". (¬2) ذكره ابن عبد البر في التمهيد (1/ 174) من طريق أبي بكر الأثرم عنه. واختلفت الروايات -كما أشار الإمام أحمد- في وقت انصراف النبي - صلى الله عليه وسلم - هل كان ذلك قبل تكبيرة الإحرام أو بعدها؟ فعند مسلم (1/ 422) (رقم: 157) من طريق يونس، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة أنَّه قال: "حتى إذا قام في مصلَّاة قبل أن يكبِّر ذكر فانصرف"، وهي صريحة في أنَّه انصرف قبل التكبير، وهو أيضًا ظاهر رواية البخاري، فقد أخرج في الصلاة (1/ 214) (رقم: 639) من طريق صالح بن كيسان، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة, فذكر الحديث، وفيه: "حتى إذا قام في مصلَّاه انتظرنا أن يكبّر انصرف". ويعارضه ما تقدّم من رواية أبي بكرة عند أبي داود وغيره: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل في صلاة الفجر ثم أومأ إليهم"، وكذا حديث أنس عند الطحاوي وغيره، وفي مرسل عطاء: "أنَّه - صلى الله عليه وسلم - كبّر في صلاة من الصلوات". قال القرطبي في المفهم (2/ 229): "وقد أشكل هذا الحديث علي هذه الرواية (يعني رواية أبي بكرة) علي كثير من العلماء، ولذلك سلكوا فيه مسالك، فمنهم من ذهب إلي ترجيح الأولى، =

110 / حديث: "أستأذنُ علي أمّي؟ ". سؤال، فيه: "أتحب أن تراها عريانة". في الجامع. عن صفوان بن سُليم، عن عطاء بن يسار (¬1). هذا غريب لا يكاد يوجد مسندًا (¬2)، وأفتي به ابنُ عباس، وابنُ مسعود (¬3) وخرّجه أبو داود في المراسل من طريق مالك (¬4). ¬

_ = ورأى أنَّها أصح وأشهر، ولم يعرّج على هذه الرواية، ومنهم من رأي أن كليهما صحيح، وأنَّه لا تعارض بينهما؛ إذ يحتمل أنّهما نازلتان في وقتين". قلت: فممَّن جزم بكونهما نازلتين مختلفتين ابن حبان حيث قال: "هذان فعلان في موضعين متباينين، خرج - صلى الله عليه وسلم - مرّة فكبَّر، ثم ذكر أنه جنب، فانصرف فاغتسل، ثم جاء فاستأنف بهم الصلاة، وجاء مرة أخرى فلما وقف ليكبّر ذكر أنَّه جنب قبل أن يكبّر، فذهب فاغتسل ثم رجع، فأقام بهم الصلاة من غير أن يكون بين الخبرين تضاد ولا تهاتر"، وهذا ما رجحه أيضًا النووي والكاندهلوي، ورجح الأول ابن رجب، وذكر الحافظ وجهًا آخر للجمع فقال: "ويمكن الجمع بينهما بحمل قوله "كبّر" على: أراد أن يكبّر"، ثم ذكر ما ذهب إليه ابن حبان وقال: "فإن ثبت وإلا فما في الصحيح أصح". انظر: الإحسان (6/ 8)، وشرح صحيح مسلم للنووي (5/ 103)، وفتح الباري لابن رجب (5/ 430 - 432)، وفتح الباري لابن حجر (1/ 457)، وأوجز المسالك (1/ 294). (¬1) الموطأ كتاب: الاستئذان، باب: الاستئذان (2/ 734) (رقم: 1). (¬2) قال ابن عبد البر: هذا الحديث لا أعلم يستند من وجه صحيح بهذا اللفظ، وهو مرسل صحيح مجتمع على صحة معناه"، وقال في الاستذكار: "هو من صحاح المراسيل". التمهيد (16/ 229)، والاستذكار (27/ 151). (¬3) انظر: التمهيد (16/ 232)، والاستذكار (27/ 152). قلت: بهذا أراد المؤلف تقوية المرسل المذكور لما لم يجد مسندًا أو مرسلًا آخر يقويه، وهو عاضد معتبر عند الجميع، قرره الإمام الشافعي وغيره من أهل العلم. انظر: الرسالة (ص: 463)، شرح علل الترمذي (1/ 304)، جامع التحصيل (ص: 39). (¬4) أخرجه في المراسيل (ص: 336) (رقم: 488) من طريق القعنبي عن مالك به.

44 - مرسل عطاء بن أبي رباح

44 - مرسل عطاء بن أبي رباح حديثان، في أحدهما نظر، وتقدّم له مسند عن أسماء بنت أبي بكر بواسطة (¬1). 111 / حديث: "أن أعرابيا جاء إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو بحُنَين، وعلى الأعرابي قميص، وبه أثر صفرة فقال: إني أهللت بعمرة ... ". فيه: "انزع قميصك واغسل هذه الصفرة عنك، وافعل في عمرتك ما تفعل في حجك". في باب الطيب في الحج. عن حميد بن قيس، عن عطاء بن أبي رباح (¬2). روي هذا الحديث عطاء عن صفوان بن يعلى، عن أبيه يعلى بن أمية مسندًا، خرّج في الصحيحين من طرق عن عطاء، عنه (¬3). فصل: ويعلى بن أمية هو ابن مُنْيَة -بالنون والياء المعجمة بنقطتين من ¬

_ (¬1) تقدّم حديثه (4/ 242). (¬2) الموطأ كتاب: الحج، باب: ما جاء في الطيب في الحج (1/ 268 , 269) (رقم: 18). (¬3) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الحج، باب: غسل الخلوق ثلاث مرات من الثياب (1/ 474) رقم: 1536)، وفي: المغازي، باب: غزوة الطائف (3/ 158) (رقم: 4329)، وفي: فضائل القرآن، باب: نزل القرآن بلسان قريش والعرب (3/ 337) (رقم: 4985) من طريق ابن جريج، وفي: المحصّر، باب: إذا أحرم جاهلًا وعليه قميص (2/ 16) (رقم: 1847) من طريق همام كلاهما عن عطاء به. وأخرجه مسلم في صحيحه كتاب: الحج، باب: ما يباح للمحرم بحج أو عمرة (2/ 836 - 837) (رقم: 6 - 10) من طريق همام، وعمرو بن دينار وابن جريج، وقيس، ورباح بن أبي معروف كلهم عن عطاء به.

تحتها - أُميّة أبوه، ومُنْيَة أمُّه (¬1). وانظر حديث القاسم عن عائشة (¬2). 112 / حديث: "عن يحيى بن سعيد، عن عطاء بن أبي رباح أنه أُرخص لرعاء الإبل أن يرموا بالليل، يقول في الزمان الأوّل". هكذا في الموطأ (¬3)، وقد يلحق هذا بالمرفوع علي المعنى؛ لأن الزمان الأوّل هو زمان النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولم يكن في زمانه من يرخِّص سواه. * * * ¬

_ (¬1) كون أمية أبوه هذا لاخلاف فيه، وأما منية فنقل الدارقطني عن أصحاب الحديث أنهم يقولون في يعلى بن أمية: إنه يعلى بن منية، وإنها أمه ونقل عن الزبير بن بكار أنه قال: إنها جدته أم أبيه، قال ابن عبد البر ولم يصحب الزبير، وزعم ابن وضاح أن منية أبوه، نقله القاضي عياض وقال: "وهم فيه". انظر: المؤتلف والمختلف للدارقطني (4/ 2119)، والاستيعاب (11/ 93)، ومشارق الأنوار (1/ 396)، وتوضيح المشتبه (8/ 275)، والتبصير (14/ 132)، والإصابة (10/ 372)، وتهذيب التهذيب (11/ 351)، والتقريب (رقم: 7839). (¬2) تقدّم حديثها (4/ 5). (¬3) الموطأ كتاب: الحج، باب: الرخصة في رمي الجمار (1/ 327) (رقم: 219).

45 - مرسل عطاء بن عبد الله الخرساني

45 - مرسل عطاء بن عبد الله الخرساني حديث واحد، وتقدّم له مسند عن كعب بن عجرة بواسطة (¬1). 113 / حديث: "تصافحوا يُذهِبُ الغِلَّ، وتهادَوا تحابّوا، وتُذهب الشحناء". في الجامع، باب المهاجرة. عن عطاء بن عبد الله رفعه (¬2). يُذكر أن مالكًا أكثر عن عطاء هذا (¬3)، وهو عطاء بن ميسرة، وعطاء ¬

_ (¬1) تقدَّم حديثه (2/ 196). (¬2) الموطأ كتاب: حسن الخلق، باب: ما جاء في المهاجرة (2/ 293) (رقم: 16). وأخرجه ابن وهب في الجامع (1/ 353) (رقم: 247) عن مالك به. وسنده ضعيف لأن عطاء الخراساني تابعي صغير، أورده البخاري في الضعفاء (ص: 93) (رقم: 278)، وابن حبان في المجروحين (2/ 130)، وقال أبو أحمد الحاكم: "ليس بالقوي عندهم"، وقال ابن عبد البر: "ربما كان في حفظه شيء"، وقال الحافظ: "صدوق يهم كثيرًا". انظر: التمهيد (21/ 3)، وشيوخ مالك لابن خلفون (ص: 198)، والتقريب (رقم: 4600). لكن يشهد له مرسل آخر أقوى منه، أخرجه ابن وهب في الجامع (1/ 352) (رقم: 246) عن أسامة بن زيد، عن عبد العزيز عن أبيه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "تصافحوا يذهب الغلّ ... ". وإنما قلت هو أقوى منه لأن عمر بن عبد العزيز الخليفة الأموي تابعي، وابنه عبد العزيز وثقه ابن معين، وقد ورد معناه مفرّقًا من طريق غير واحد من الصحابة كما سيأتي وعليه فيتقوى هذا المرسل إلى درحة الحسن لغيره إن شاء الله. (¬3) لم أقف على قائله، والواقع خلافه فإن مالكًا لم يرو عنه في الموطأ إلا ثلاثة أحاديث أحدها مسند كما تقدم في مسند كعب بن عجرة (2/ 196)، والإثنان مرسلان وهما هذا المرسل ومرسل سعيد بن المسيب فيمن واقع امرأته في نهار رمضان، انظره في: الموطأ (1/ 247) ولذا ذكره المؤلف بصيغة التمريض.

ابن أبي مسلم (¬1). وقال أبو داود في المراسل: "مالك يوهم في اسم والد عطاء، ليس هو ابن عبد الله هو عطاء بن ميسرة" (¬2). وذكر الترمذي أن البخاري طعن فيه (¬3)، وقد روي الأئمة عنه (¬4)! ! ¬

_ (¬1) انظر: الأحاديث التي خولف فيها مالك (ص: 128)، والتمهيد (2/ 21)، وشيوخ مالك (ص: 197)، وتهذيب الكمال (20/ 107). (¬2) لم أقف عليه في المراسيل لكن كون مالك قد سمّي والد عطاء عبد الله ورد ذلك في الموطأ (1/ 246) (رقم: 29) و (1/ 333) (رقم: 239) و (2/ 693) (رقم: 16)، وعزاه إليه من غير نكير البخاري في التاريخ الصغير (الأوسط) (2/ 36)، والخليلي في الإرشاد (1/ 221)، وابن الحذاء في رجال الموطأ (ل: 87 / ب)، والذهبي في الميزان (3/ 470)، وفي السير (6/ 41)، والحافظ في التهذيب (7/ 192)، وبه جزم أيضًا البخاري في الضعفاء (ص: 92)، وابن حبان في المجروحين (2/ 130) وكذا عزاه الحافظ في التهذيب (7/ 191، 192) إلي ابن القطان فمع متابعة هؤلاء لمالك في هذه التسمية وفيهم الإمام البخاري يستبعد توهيمه إلا أن الأكثر قالوا فيه: ابن ميسرة. (¬3) انظر: العلل الكبير (2/ 705) فقد ذكر عنه أنه قال: "ما أعرف لمالك بن أنس رجلًا يروي عنه مالك يستحق أن يترك حديثه غير عطاء الخراساني، قلت له: ما شأنه؟ قال: عامة أحاديثه مقلوبة"، وقد أجاب الترمذي نفسه عن هذا الطعن فقال فيما نقله عنه ابن رجب في شرح العلل (2/ 877): "إن ما ذكره البخاري لا يوافق عليه، وأنه ثقة عند أكثر أهل الحديث، ولم أسمع أن أحدًا من المتقدمين تكلم فيه". وقال ابن رجب: "قد ذكرنا فيما تقدم أن عطاء الخراساني ثقة، عالم رباني، وثقه كل الأئمة ما خلا البخاري، ولم يوافق علي ما ذكره، وأكثر ما فيه أنه كان في حفظه بعض سوء، ثم ذكر توثيق الأئمة له أمثال الأوزاعي، وأحمد ويحيي وغيرهم". شرح علل الترمذي (2/ 878). (¬4) ممن روي عنه غير مالك: معمر والأوزاعي، قال يعقوب بن شيبة فيما نقل عنه ابن رجب: "ثقة ثبت مشهور، له فضل وعلم، ومعروف بالفتوي والجهاد، روي عنه مالك بن أنس وكان مالك ممن ينتقي الرجال". شرح علل الترمذي (2/ 878). وقال ابن عبد البر: "كان فاضلًا عالمًا بالقرآن عاملًا، روي عنه جماعة من الأئمة منهم مالك ومعمر والأوزاعي". التمهيد (21/ 2).

انظره في حديث فطر الصائم في رمضان لسعيد بن المسيب (¬1). وهذا الحديث فصلان، جاء الفصل الثاني خاصة عن أبي هريرة، روي موسى بن وَرْدان عنه مرفوعًا: "تهادَوا تحابُّوا"، خرّجه قاسم بن أصبغ (¬2). والترمذي بسند آخر عن أبي هريرة أيضًا: "تهادَوا فإنَّ الهدية تُذهِبُ وَحَر (¬3) الصدر" (¬4). ¬

_ (¬1) سيأتي حديثه (5/ 28). (¬2) أخرجه من طريقه ابن عبد البر في التمهيد (21/ 17)، وأخرجه أيضًا البخاري في الأدب المفرد (ص: 205) (رقم: 594)، وتمام في فرائده (2/ 220) (رقم: 1577)، وأبو يعلى في مسنده (1/ 91) (رقم: 6148)، والدولابي في الكنى والأسماء (1/ 150) و (2/ 7)، والبيهقي في السنن الكبرى (6/ 169)، وفي: شعب الإيمان (6/ 479) (رقم: 8976)، وفي: الآداب (ص: 82، 83) (رقم: 100) كلهم من طرق عن ضمام بن إسماعيل عن موسى بن وردان به. قال الحافظ في التلخيص (3/ 80): "إسناده حسن"، وهو كذلك؛ لأن كلًّا من ضمام بن إسماعيل وموسي بن وردان صدوقان في حفظهما شيء"، وقد حسنه أيضًا فما بلوغ المرام (ص: 116)، وقال العراقي في تخريح الإحياء (2/ 969): "سنده جيد"، وهكذا قال السخاوي في المقاصد (ص: 179). (¬3) بفتحتين، يعني غله وحقده. النهاية (5/ 160). (¬4) أخرجه الترمذي في السنن كتاب: الولاء والهبة، باب: حث النبي - صلى الله عليه وسلم - علي التهادي (4/ 383، 384) (رقم: 2130)، وكذا الطيالسي في مسنده (1/ 280) (رقم: 1413)، وأحمد في المسند (2/ 405)، وابن أبي الدنيا في مكارم الأخلاق (ص: 235) (رقم: 358)، والقضاعي في مسنده (1/ 380) (رقم: 656) من طرق عن أبي معشر نجيح عن سعيد المقبري عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "تهادوا فإن الهدية تذهب وحر الصدر"، وزاد هو وَكذا االطيالسي وابن أبي الدنيا قوله: "ولا تحقرن جارة لجارتها ولو شق فرسن شاة". قال الترمذي: "هذا حديث غريب من هذا الوجه، وأبو معشر اسمه نجيح مولى بني هاشم، وقد تكلم فيه بعض أهل العلم من قبل حفظه". قلت: قال الحافظ عنه في التقريب (رقم: 7100): "ضعيف أسنَّ واختلط"، وعليه فالإسناد ضعيف لكن الحديث حسن لما تقدم له من مخرج آخر عن أبي هريرة، وكذا يشهد له مرسل عطاء ومرسل عمر بن عبد العزيز، وفي الباب أيضًا عن عائشة عند الطبراني في الأوسط (7/ 190) =

وأما الفصل الأوّل في المصافحة فعزيز الوجود علي نصّه في الموطأ (¬1). ورُوي في فضل المصافحة أخبار عن البراء بن عازب وغيره. انظرها لأبي داود والترمذي (¬2). ¬

_ = (رقم: 7240)، والقضاعي في مسنده (1/ 830، 383) (رقم: 655، 660)، وعن أم حكيم بنت وادع الخزاعية عند الطبراني في المعجم الكبير (25/ 162) (رقم: 393)، والقضاعي في مسنده (1/ 382) (رقم: 659). (¬1) كذا قال! ! وقد رواه ابن وهب في الجامع (1/ 352) (رقم: 246) من طريق عمر بن عبد العزيز بلفظه مرسلًا، وأخرجه العقيلي في الضعفاء (4/ 68) وابن عدي في الكامل (6/ 2211)، وابن حبان في المجروحين (2/ 288)، والأصبهاني في الترغيب (4/ 261) من طريق محمد بن أبي الزعيزعة عن نافع عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "تصافحوا فإن المصافحة تذهب بالشحناء، وتهادوا فإن الهدية تذهب بالغل". وهذا قريب من لفظ الموطأ إلا أنه ضعيف، قال أبو حاتم فيما نقل عنه ابنه في العلل (1/ 88): "هذا حديث منكر"، قلت: آفته محمد بن أبي الزعيزعة، قال عنه البخاري في التاريخ (1/ 88): "منكر الحديث"، وقال ابن حبان: "كان ممن يروي المناكير عن المشاهير، حتى إذا سمعها مَن الحديث صناعته علم أنها مقلوبة لا يجوز الاحتجاج به"، قال الذهبي في الميزان (4/ 468): "ومن مناكيره هذا الحديث". (¬2) روى أبو داود في السنن كتاب: الأدب، باب: في المصافحة (5/ 388) (رقم: 5212)، والترمذي في السنن كتاب: الاستئذان، باب: ما جاء في المصافحة (5/ 70) (رقم: 2727)، وكذا ابن ماجه في السنن كتاب: الأدب، باب: المصافحة (2/ 1220) (رقم: 3703)، وأحمد في المسند (4/ 289، 303) من طريق الأجلح عن أبي إسحاق عن البراء بن عازب قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما من مسلمين يلتقيان فيتصافحان إلا غفر لهما قبل أن يتفرقا". قال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب من حديث أبي إسحاق عن البراء وقد رُوي هذا الحديث عن البراء من غير وجه، والأجلح هو ابن عبد الله بن حجية بن عدي الكندي". قلت: وحسّنه أيضًا السيوطي في فيض القدير (5/ 499) إلا أن أبا إسحاق شيخ الأجلح -وهو عمرو بن عبد الله السبيعي- مدلس وقد عنعن، وهو إلي حانب ذلك اختلط أيضًا، ولا يدري هل سماع الأجلح منه قبل الاختلاط أو بعده، لكنه توبع، فرواه أبو داود (رقم: 5211)، والبيهقي في السنن الكبرى (7/ 99)، وابن أبي الدنيا في الإخوان (ص: 167) (رقم: 112) عن زيد أبي الحكم العنزي، عن البراء نحوه لكن زيدًا قال عنه الذهبي في الميزان (2/ 294): "لا يعرف". =

وجاء عن أنس: "أن رجلًا قال: يا رسول الله، الرجل مِنّا يلقي أخاه أو صديقه أينحني له؟ قال: لا، قال: أفيلزمه ويقبّله؟ قال: لا"، قال: فيأخذ بيده ويصافحه؟ قال: نعم". خرّجه الترمذي وحسّنه (¬1). ¬

_ = ورواه أحمد (4/ 293) من طريق زهير عن أبي بلج، عن أبي الحكم علي البصري، عن أبي بكر عن البراء به نحوه، لكن اختلف فيه علي أبي بلج فرواه هشيم عنه كما تقدم عند أبي داود عن زيد أبي الحكم عن البراء، ولذا قال المنذري في الترغيب (3/ 422): "وإسناد هذا الحديث فيه اضطراب"، وجوّد أبو حاتم فيما حكاه عنه ابنه في العلل (2/ 274) رواية زهير بينما رجح الحافظ في التعجيل رواية هشيم لمتابعة أبي عوانة له. وأخرج ابن شاهين في فضائل الأعمال (ص: 351) (رقم: 428)، وابن أبي الدنيا في الإخوان (ص: 171) (رقم: 116) من طريق ربيع بن لوط، عن أبيه، عن جدّه، عن البراء نحوه. وأخرج الروياني في مسنده (1/ 282) (رقم: 419)، وابن أبي الدنيا في الإخوان (ص: 171) (رقم: 110)، والدولابي في الكنى (1/ 107)، والطبراني في الأوسط (8/ 182) (رقم: 8339)، وابن عدي في الكامل (5/ 1793) كلهم من طرق عن عمرو بن حمزة، عن المنذر بن ثعلبة عن أبي العلاء بن الشخير عن البراء قال: لقيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فصافحني، فقلت: يا رسول الله، كنت أحسب أن هذا من زيّ العجم؟ فقال: "نحن أحق بالمصافحة منهم، ما من مسلمين التقيا إلا تساقطت ذنوبهما بينهما". سنده ضعيف، فيه عمرو بن حمزة، ضعفه الدارقطني وغيره كما نقل ذلك الذهبي في الميزان (4/ 175) ثم أورد هذا الحديث في ترجمته، وقال ابن عدي: "مقدار ما يرويه غير محفوظ". وأخرج أحمد في المسند (4/ 289)، وابن أبي الدنيا في الإخوان (ص: 116) (رقم: 111)، والطبراني في الأوسط (1/ 168) (رقم: 527) من طريق أبي داود عن البزار نحوه. وإسناده ضعيف جدًّا، قال المنذري في الترغيب (3/ 422)، والهيثمي في المجمع (8/ 37): "رواه الطبراني عن أبي داود الأعمي وهو متروك". فهذه الطرق ضعيفة كما تري وأمثلها طريق أبي إسحاق إلا أن الحديث حسن بمجموعها بل إن الشيخ الألباني صححه في سلسلته الصحيحة (رقم: 525) بمجموع الطرق وبعض الشواهد. (¬1) أخرجه في السنن كتاب: الاستئذان، باب: ما جاء في المصافحة (5/ 70) (رقم: 2728)، وكذلك ابن ماجه في السنن كتاب: الأدب، باب: المصافحة (2/ 1220) (رقم: 3702) أحمد في المسند (3/ 198)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (4/ 281)، والبيهقي في السنن الكبرى =

وقال أبو ذر: "ما لقيت النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا صافحني، وبعث إليَّ يوما ... ". فيه: "فالتزمني -يعني عانقني" خرّجه أبو داود (¬1). * * * ¬

_ = (7/ 100) كلهم من طرق عن حنظلة بن عبيد الله عن أنس بن مالك به. وسنده ضعيف؛ لأن حنظلة بن عبيد الله السدوسي أبو عبد الرحيم، وقيل في اسم أبيه غير ذلك، ضعيف، وقد اختلط لكن يشهد له حديث البراء السابق. انظر ترجمة حنطة في: الكاشف (1/ 196)، وتهذيب التهذيب (3/ 54)، والتقريب (رقم: 1583). (¬1) أخرجه أبو داود في السنن كتاب: الأدب، باب: في المعانقة (5/ 389) (رقم: 5214). ومن طريقه البيهقي في السنن الكبرى (7/ 100)، وابن أبي الدنيا في الإخوان (ص: 169) (رقم: 113) من طريق أيوب بن بُشير بن كعب العدوي عن رجل من عنيزة أنه قال لأبي ذر ... فذكره. وهذا سند ضعيف أيضًا، فيه أيوب بن بشير بن كعب مستور كما قال الحافظ في التقريب (رقم: 604)، وشيخه رجل من عنزة مجهول.

46 - مرسل عمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو

46 - مرسل عمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو حديثان، وتقدّم له مسند عن عبد الله بن عمرو جدِّ أبيه بواسطة (¬1)، وعن عمر بن الخطاب مقطوع (¬2). 114 / حديث: "كان إذا استسقى قال: اللهمّ اسق عبادك وبهيمتك ... ". في الصلاة الثاني. عن يحيى بن سعيد -هو ابن قيس الأنصاري- عن عمرو بن شعيب، ذكره (¬3). رواه عمرو عن أبيه، عن جدّه عبد الله بن عمرو، خرّجه أبو داود من طريق سفيان الثوري عن يحيى بن سعيد، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدّه، كحديث مالك سواء (¬4). ¬

_ (¬1) تقدّم حديثه (3/ 4، 10). (¬2) تقدّم حديثه (2/ 288). (¬3) الموطأ كتاب: الاستسقاء، باب: ما جاء في الاستسقاء (1/ 169) (رقم: 2). وأخرجه أبو داود في السنن كتاب: الصلاة، باب: رفع اليدين في الاستسقاء (1/ 695) (رقم: 1176) من طريق القعنبي، عن مالك به. (¬4) السنن (1/ 695) (رقم: 1176). وإسناده حسن، وهو المتقرر في إسناد عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدِّه كما قال الألباني في الصحيحة (رقم: 62). قال ابن عبد البر: "هكذا رواه مالك عن يحيي، عن عمرو بن شعيب مرسلًا، وتابعه جماعة على إرساله، منهم: المعتمر بن سليمان، وعبد العزيز بن مسلم القسملي، فرووه عن يحيى بن سعيد، عن عمرو بن شعيب مرسلًا، ورواه جماعة عن يحيى بن سعيد، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدِّه مسندًا، منهم حفص بن غياث، والثوري، وعبد الرحيم بن سليمان أبو المنذر". التمهيد (23/ 432). قلت: وعليه فالوجهان محفوظان.

115 /حديث: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين صَدَر من حُنَين، وهو يريد الِجعرّانة، سأله الناسُ حتى دَنَتْ به ناقتُه من شجرة". وذكر كلامًا فيه: "أدّوا الخائط والمِخْيَط (¬1)؛ فإنَّ الغلولَ عارٌ ونارٌ وشنارٌ (¬2) ". في الجهاد، باب الغلول. عن عبد ربه بن سعيد بن قيس (¬3)، عن عمرو بن شعيب (¬4). ¬

_ (¬1) قوله: "الخائط" كذا في نسخيّ المحمودية (أ) (ل: 58 / ب)، و (ب) (ل: 76 / أ). قال القاضي عياض: "وهي رواية أكثر شيوخنا". ووقع في المطبوع من رواية يحيي: "الخياط"، وهذا وجه أيضًا قد ذكرهما ابن عبد البر. والخائط: الخيط نفسه، والمِخيط -بكسر اليم-: الإبرة، وأما الخياط فقد يراد به الخيط، وكذا يُراد به الإبرة، والمتعيَّن هو الأول، أي الخيط لورود المخيط معه، وهي الإبرة بلا خلاف. انظر: التمهيد (20/ 40 - 41)، والاستذكار (14/ 184)، والمنتقي (3/ 199)، والمشارق (1/ 249)، وغريب الحديث لابن الجوزي (1/ 315 - 316)، والنهاية (2/ 92)، والزرقاني (3/ 39). (¬2) الشنار: العيب والعار، قال ابن عبد البر: "هي لفظة جامعة لمعني العار والنار، ومعناها الشين والنار، يريد أن الغلول شَينٌ وعار ومنقصة في الدنيا، ونار وعذاب في الآخرة". النهاية (2/ 504)، والتمهيد (20/ 41). (¬3) في المطبوع من رواية يحيي: عبد الرحمن بن سعيد، وهو خطأ، والصواب عبد ربه بن سعيد كما ورد عند المؤلف، وكذا في نسختي المحمودية، ثم إنَّه ليس في شيوخ مالك من اسمه عبد الرحمن بن سعيد. قال الكاندهلوي: "هكذا -عبد ربه بن سعيد- في النسخ الهندية، وبعض المصرية، وفي بعضها: عبد الرحمن بن سعيد، وليس الصحيح، وهو عبد ربه بن سعيد بن قيس الأنصاري، أخو يحيى بن سعيد، له في الموطأ مرفوعًا ثلاثة أحاديث هذا ثانيها". أوجز المسالك (8/ 320). والشيخ الألباني - حفظه الله - مع سعة اطِّلاعه لم يتنبَّه إلي هذا حيث قال في الإرواء (5/ 74): "وعبد الرحمن بن سعيد لم أجد من ترجمه، لكن شيوخ مالك كلّهم ثقات كما هو معلوم لدي العلماء بالرجال". (¬4) الموطأ كتاب: الجهاد، باب: ما جاء في الغلول (2/ 365) (رقم: 22).

وهذا الحديث يرويه عمرو عن أبيه، عن جدّه أيضًا، خرّجه ابن سنجر من طريق محمد بن إسحاق عنه مطوّلًا (¬1)، واختصره النسائي بهذا الإسناد (¬2). ورُوي من طريق آخر عن ابن عباس، وجُبَير بن مطعم، وعُبادة بن الصامت، وغيرهم (¬3). ¬

_ (¬1) أخرجه من طريقه ابن عبد البر في التمهيد (20/ 48 - 49)، وكذا النسائي في السنن كتاب: الهبة، باب: هبة المشاع (6/ 574 - 575) (رقم: 3690)، وأحمد في المسند (2/ 184)، والبيهقي في السنن الكبرى (6/ 336) من طريقين عن محمد بن إسحاق به. وإسناده حسن، وابن إسحاق وإن كان مدلسًا إلَّا أنَّه صرَّح بالتحديث عند البيهقي. (¬2) انظر: السنن، كتاب: قسم الفيء (7/ 149) (رقم: 4150). وتابع محمد بن إسحاق علي وصل هذا الحديث: - يحيى بن سعيد الأنصاري عند الطبراني في المعجم الأوسط (7/ 236) (رقم: 7376). قال الهيثمي في المجمع (5/ 338 - 339): "رواه الطبراني في الأوسط، وفيه محمد بن عثمان بن مخلد، وهو ثقة وفيه ضعف". - ومحمد بن عجلان عند سعيد بن منصور في سننه (ص: 322) (رقم: 2754)، والطبراني في المعجم الأوسط (2/ 242) (رقم: 1864). - وعمرو بن دينار عند البيهقي في السنن (7/ 17). قال ابن عبد البر: "لا خلاف عن مالك في إرسال هذا الحديث عن عمرو بن شعيب، وقد رُوي متصلًا عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدِّه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بأكمل هذا المساق وأتم ألفاظ من رواية الثقات". التمهيد (20/ 38). (¬3) حديث ابن عباس: أورده ابن عبد البر في التمهيد (20/ 49) من طريق ثور بن يزيد، عن عكرمة، عنه أنَّه قال: "تعلَّق ثوب النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم حُنين بشجرة ... "، وفيه: "فوالله لو أفاء الله عليكم مثل شجرة تهامة نعمًا لقسمته بينكم، ولا تجدوني بخيلًا ولا جبانًا ولا كذابًا"، مختصرًا. وإسناده حسن، وهو شاهد للفصل الأول من حديث عمرو بن شعيب. وحديث جبير بن مطعم: أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: فرض الخمس، باب: ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعطي المؤلفة قلوبهم وغيرهم من الخمس ونحوه (2/ 403 - 404) (رقم: 3148). وحديث عبادة: أخرجه النسائي في السنن كتاب: قسم الفيء (7/ 149) (رقم: 4149)، وأحمد =

فصل: عبد ربه بن سعيد هو أخو يحيى بن سعيد الأنصاري (¬1). ¬

_ = في المسند (5/ 318، 319)، والدارمي في السنن كتاب: السير، باب: ما جاء أنَّه قال: أدوا الخياط والمخيط (2/ 230)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (3/ 341)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (11/ 193) (رقم: 4855)، والحاكم في المستدرك (2/ 135 - 136)، والبيهقي في السنن الكبرى (6/ 303، 315) كلهم من طريق عبد الرحمن بن الحارث، عن سليمان بن موسى، عن مكحول، عن أبي سلام، عن أبي أمامة الباهلي، عنه رضي الله عنه، منهم المختصر والمطول. وإسناده حسن، وحسَّنه الزرقاني في شرح الموطأ (3/ 37)، والألباني في الإرواء (5/ 74)، وفي الصحيحة (2/ 679). وأخرجه أيضًا أحمد (5/ 330) من طريق ربيعة بن ناجد، عن عبادة: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يأخذ الوبرة ... "، وفيه: "أدُّوا الخيط والمخيط وما فوق ذلك". وإسناده حسن أيضًا. وأخرجه ابن ماجه في السنن كتاب: الجهاد، باب: الغلول (2/ 950) (رقم: 2850) من طريق يعلى بن شداد، عن عبادة به. والحديث من زوائد ابن ماجه، قال البوصيري في مصباح الزجاجة (2/ 419): "هذا إسناد حسن، عيسى بن سنان القسملي مختلف فيه". قلت: عيسى بن سنان قال عنه الذهبي في الكاشف (2/ 315): "ضعِّف، ولم يترك"، وقال الحافظ في التقريب (رقم: 5295): "لين الحديث"، وعليه فالحديث ضعيف من هذا الوجه، لكنه يتقوي لوروده من وجهين آخرين عن عبادة كما تقدّم. وفي الباب أيضًا عن عمرو بن عبسة عند أبي داود في السنن كتاب: الجهاد، باب: في الإمام يستأثر بشيء من الفيء لنفسه (3/ 188) (رقم: 2755)، والحاكم في المستدرك (3/ 616 - 617)، والبيهقي في السنن الكبرى (6/ 339)، وإسناده صحيح. وكذا عن العرباض بن سارية عند أحمد في المسند (4/ 127 - 128)، والبزار (2/ 291) (رقم: 1734 - كشف الأستار-)، والطبراني في المعجم الكبير (18/ 259 - 260) (رقم: 649). قال الهيثمي في المجمع (5/ 337): "رواه أحمد والبزار والطبراني، وفيه أم حبيبة بنت العرباض، ولم أجد من وثَّقها ولا من جرَّحها، وبقية رجاله ثقات". (¬1) انظر: تسمية الإخوة الذين روي عنهم الحديث لابن المديني -ضمن الرواة من الإخوة والأخوات - (ص: 77) (رقم: 416، 418)، وكذا تهذيب الكمال وفروعه.

47 - مرسل العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب

47 (*) - مرسل العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب حديث مشكوك فيه، وتقدّم له مسند عن أنس من غير واسطة (¬1)، وعن أُبيّ بن كعب (¬2)، وأبي هريرة وأبي سعيد (¬3)، وأبي أمامة الحارثي إياس بن ثعلبة (¬4)، وغيرهم بوسائط. 116 / حديث: "ما نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِن مالٍ، وذكَرُوا العَفْوَ والتوَاضُعَ". في الجامع، عند آخره باب: التَّعَفُّف عن المسألة. عن العلاء بن عبد الرحمن قوله (¬5). شكّ مالك في رفعه (¬6)، ورفعه جماعة وأسندوه عن العلاء هذا، عن أبيه، عن أبي هريرة، خرّجه البزار من طريق حفص بن ميسرة عن العلاء كذلك مسندًا مرفوعًا (¬7). ¬

_ (*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: الرقم بالمطبوع (46)، فأصلحناه (¬1) تقدَّم (2/ 85). (¬2) تقدَّم (2/ 88). (¬3) انظر: (3/ 249، 465 - 467). (¬4) انظر: (3/ 150). (¬5) الموطأ كتاب: الصدقة، باب: ما جاء في التعفف عن المسألة (2/ 763) (رقم: 12). (¬6) حيث قال عقبه: "لا أدري أيُرفع هذا الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أم لا؟ ". قال ابن عبد البر: "هكذا روي هذا الحديث جماعة الرواة عن مالك ... وهو حديث محفوظ للعلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، رواه عنه جماعة هكذا، ومثله لا يقال من جهة الرأي". التمهيد (20/ 269)، والاستذكار (27/ 426). (¬7) أخرجه البزار في مسنده (ل: 104 / ب) (105 / أ) من طريق شعبة وحفص بن ميسرة كلاهما عن العلاء به. وأخرحه مسلم في صحيحه كتاب: البر والصلة، باب: استحباب العفو والتواضع (4/ 2001) =

وجاء عن أم سلمة نحوه (¬1)، وعن عبد الرحمن بن عوف أوّله (¬2). ¬

_ = (رقم: 69) من طريق إسماعيل بن جعفر، والترمذي في السنن كتاب: البر والصلة، باب: ما جاء في التواضع (4/ 376) (رقم: 2029)، وأحمد في المسند (2/ 386) من طريق عبد الرحمن بن إبراهيم المدني، وابن أبي الدنيا في مكارم الأخلاق (ص: 334) (رقم: 63) من طريق محمد بن جعفر كلهم عن العلاء به. (¬1) أخرجه الطبراني في الصغير (ص: 69) (رقم: 142)، وفي الأوسط (2/ 374) (رقم: 2270) من طريق زكريا بن دُويد، والقضاعي في مسنده (2/ 11) (رقم: 783) من طريق محمد بن عمارة كلاهما عن الثوري، عن منصور، عن يونس بن خباب، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عنها. قال الهيثمي في المجمع (3/ 105): "فيه زكريا بن دويد وهو ضعيف جدًّا". قلت: بل كان يضع الحديث كما قاله ابن حبان في المجروحين (1/ 314)، وكذبه الذهبي في الميزان (2/ 262)، وفي المغني (1/ 346)، وعليه فالإسناد واهٍ، وأما إسناد القضاعي ففيه محمد بن عمارة ولم أجد من ترجم له وقد حكم الدارقطني بعدم صحة الحديث من هذا الوجه ثم قال: "ورواه وكيع وغيره عن الثوري، عن يونس بن خباب، عن أبي سلمة مرسلًا، وهو الصحيح". العلل (4/ 266 , 267). (¬2) أخرجه أحمد في المسند (1/ 193) وعبد بن حميد كما في المنتخب (ص: 82) (رقم: 159)، والبزار في مسنده (3/ 244) (رقم: 1033)، وأبو يعلى في المسند (2/ 159) (رقم: 849)، والقضاعي في مسنده (2/ 29) (رقم: 818) كلهم من طريق أبي عوانة عن عمر بن أبي سلمة، عن أبيه قال: "حدثني قاصّ أهل فلسطين، قال: سمعت عبد الرحمن بن عوف ... " فذكره. وإسناده ضعيف لجهالة القاص، قال الهيثمي في المجمع (3/ 105): "رواه أحمد وأبو يعلى والبزار وفيه رجل لم يسمّ". وأخرجه أيضًا البزار (3/ 243) (رقم: 1032)، وابن عدي في الكامل (5/ 1782)، والقضاعي في مسنده (2/ 29) (رقم: 819) من طريق عمرو بن مجمع عن يونس بن خباب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبيه به. وسنده ضعيف أيضًا، فيه عمرو بن مجمع أبو المنذر السكوني، قال أبو حاتم فيه فيما حكاه عنه ابنه في الجرح (6/ 265): "ضعيف الحديث". وقال ابن عدي في الكامل (5/ 1782): "عامة ما يرويه لا يتابع عليه"، وقال الذهبي في الميزان (4/ 206): "ضعفوه"، فهو كما قال: =

انظر العلاء في مسند أنس (¬1). * * * ¬

_ = وذكره ابن حبان في الثقات (7/ 230) لكنه قال: "كان يخطئ". وفيه أيضًا انقطاع؛ فإن أبا سلمة بن عبد الرحمن لم يسمع من أبيه شيئًا كما نقله ابن أبي حاتم في المراسيل (ص: 255) عن ابن معين، والعلائي في مراسيله (ص: 213) عنه وعن البخاري، ولهذه العلل رجح البزار الرواية الأولى عن عبد الرحمن بن عوف فقال: وحديث عمر بن أبي سلمة عن أبيه، عن قاص أهل فلسطين عن عبد الرحمن أصح من حديث يونس بن خباب، وهذا هو ما رجحه الدارقطني أيضًا حيث قال: "ويشبه أن يكون عمر قد حفظ إسناده عن أبيه". العلل (4/ 267). فالحاصل أن حديث عبد الرحمن بن عوف ضعيف من الوجهين جميعًا لكن يشهد لبعضه حديث أبي هريرة المتقدم، كما يشهد له أيضًا حديث أبي كبشة الأنماري، أخرجه الترمذي في السنن كتاب: الزهد، باب: ما جاء مثل الدنيا مثل أربعة نفر (4/ 487) (رقم: 2325) وقال: "حسن صحيح"، وأحمد في المسند (4/ 230) فهو حسن بهما. (¬1) انظر: (2/ 85).

48 - مرسل عمرة بنت عبد الرحمن بن سعد بن زرارة

48 (*) - مرسل عمرة بنت عبد الرحمن بن سعد بن زُرارة وجَدُّهَا سعد، قيل هو أخو أسعد أبي أمامة (¬1). خمسة أحاديث، وتقدّم لها مسند عن عائشة (¬2)، وحَبيبة بنت سَهل (¬3). 117 / حديث: "لَعَنَ المُخْتَفي والمُخْتَفِيَة- النّبّاش (¬4) -". في الجنائز. عن أبي الرّجال محمد بن عبد الرحمن، عن أمّه عَمْرة بنت عبد الرحمن (¬5). هذا مرسل في الموطأ (¬6). وأسنده يحيى بن صالح الوحّاظي وغيره عن مالك، زادوا فيه: "عن ¬

_ (*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: الرقم بالمطبوع (47)، فأصلحناه (¬1) قاله ابن عبد البر في الاستيعاب (3/ 147) وتبعه ابن الأثير في أسد الغابة (2/ 434)، وابن حجر في الإصابة (3/ 146). (¬2) تقدّم حديثها (4/ 108 - 134). (¬3) تقدّم حديثها (4/ 288). (¬4) قال ابن عبد البر: "هذا التفسير في هذا الحديث هو من قول مالك، ولا أعلم أحدًا خالفه في ذلك". التمهيد (13/ 138). (¬5) الموطأ كتاب: الجنائز، باب: ما جاء في الاختفاء (1/ 205) (رقم: 44). (¬6) انظر الموطأ برواية: - أبي مصعب الزهري (1/ 396) (رقم: 999)، وابن بكير (ل: 64 / ب) - الظاهرية-، وسويد (ص: 377) (رقم: 859). وهكذا رواه الشافعي في مسنده (2/ 88) (رقم: 288 - ترتيب السندي-)، والقعنبي، أخرجه من طريقه العقيلي في الضعفاء (4/ 409)، وذكره الدارقطني في العلل (5 / ل: 102 / أ).

عائشة". خرّجه الجوهري عنه (¬1). وهكذا قال فيه ابن وهب عن مالك (¬2). قال الدارقطني: "والمرسل هو الصحيح" (¬3). فصل: أبو الرّجال لقب، ويُكني أبا عبد الرحمن، وهو محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن حارثة بن النعمان (¬4). ¬

_ (¬1) لعله في مسند ما ليس في الموطأ، وقد أخرجه أيضًا: البيهقي في السنن الكبرى (8/ 270)، والعقيلي في الضعفاء (4/ 409)، وابن عبد البر في التمهيد (13/ 139). وتابعه: - سلم بن قتيبة عند البيهقي وحده. - وعبد الله بن عبد الوهاب الحَجَبي، ذكره الدارقطني في العلل (5 / ل: 102 / أ)، ومن طريقه أخرجه ابن عبد البر في التمهيد (13/ 139)، وإسناده صحيح، بل قال الألباني في الصحيحة (رقم: 2148) إنه علي شرط البخاري ولم يخرجه للاختلاف في إسناده. قلت: يحيى بن صالح الوحاظي وإن كان من رجال الصحيحين لكن ذكر المزي والذهبي وغيرهما عن أحمد بن صالح أنه قال: "حدثنا يحيى بن صالح بثلاثة عشر حديثًا عن مالك ما وجدناها عند غيره"، ووثقه الخليلي ثم قال: "روي حديثًا عن مالك لا يتابع عليه"، فهو إذًا في مالك ليس بذاك. انظر: الإرشاد في معرفة علماء الحديث (1/ 267)، وتهذيب الكمال (31/ 379)، والميزان (6/ 60)، وتهذيب التهذيب (11/ 201). وأما سلم بن قتيبة فقد قال فيه أبو حاتم فيما نقله ابنه في الجرح والتعديل (4/ 266): "ليس به بأس كثير الوهم، يُكتب حديثه"، وعلى هذا فالمحفوظ عن مالك إرساله كما نصّ به غير واحد من الأئمة. (¬2) لكن الدارقطني ذكر روايته علي الإرسال كرواية بقية أصحاب مالك. العلل (5 / ل: 102 / أ). (¬3) العلل (5 / ل: 102 أ)، وهذا ما رجحه أيضًا البيهقي والعقيلي وابن عبد البر. فقال البيهقي في السنن الكبرى (8/ 270): "والصحيح مرسل". وقال العقيلي في الضعفاء (4/ 409): "والمرسل أولى". وقال ابن عبد البر في الاستذكار (8/ 343): "وليس في الموطأ إلا مرسلًا عن عمرة، وهو الصحيح فيه عن مالك". (¬4) قال أبو علي الجيّاني وغيره: "إنما قيل له أبو الرّجال، وغلب عليه ذلك لولده كانوا عشرة =

وقيل فيه: محمد بن عبد الرحمن بن حارثة، جعل حارثة جدّه الأدني، هكذا قال فيه مالك في الموطأ، وقاله البخاري ومسلم (¬1). 118 / وبه: "لا يُمنَع نقعُ (¬2) بِئْرٍ". في الأقضية (¬3). زاد فيه أبو قُرَّة موسى بن طارق وغيره عن مالك خارج الموطأ: "عن عائشة" (¬4). ¬

_ = رجال ذكورًا". انظر: الألقاب لأبي علي الجياني (ص: 157) (رقم: 66)، وكشف النقاب عن الأسماء والألقاب لابن الجوزي (1/ 74)، وذات النقاب في الألقاب للذهبي (ص: 24)، ونزهة الألباب في الألقاب لابن حجر (2/ 260)، والألقاب والكني للسخاوي (ل: 176)، وطبقات ابن سعد - القسم المتمم - (ص: 288)، وتهذيب الكمال (25/ 602)، وفتح الوهاب للشيخ حماد الأنصاري (ص: 124). (¬1) انظر: الموطأ كتاب: البيوع، باب: النهي عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها (2/ 481) (رقم: 12)، والتاريخ الكبير (1/ 150)، والكني والأسماء لمسلم (1/ 329). وذكر الوجهين المزي في تهذيب الكمال (25/ 602)، والخزرجي في الخلاصة (2/ 429). (¬2) نقع البئر: هو فضل مائها الذي يخرج منها، وقيل له: نقع، لأنه يُنقع به، أي: يُروي به. النهاية (5/ 108). (¬3) الموطأ كتاب: الأقضية، باب: القضاء في المياه (2/ 571) (رقم: 30). (¬4) أخرجه ابن المظفر في غرائب مالك (ص: 164) (رقم: 99) من طريق محمد بن يوسف الزبيدي عن أبي قرة به. قال ابن عبد البر: "ذكره الدارقطني عن أبي صاعد عن أبي علي الجرمي عن أبي صالح كاتب الليث عن الليث بن سعد عن سعيد بن عبد الرحمن الجمحي عن مالك بن أنس عن أبي الرجال محمد بن عبد الرحمن بن حارثة عن أمه عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يُمنع نقع بئر"، وهذا الإسناد وإن كان غريبا عن مالك فقد رواه أبو قرة موسى بن طارق عن مالك أيضًا". التمهيد (13/ 123). قلت: موسى بن طارق وإن كان توبع إلا أن المرسل هو المحفوظ عن مالك كما قال البيهقي في السنن الكبرى (6/ 152)، وهي رواية أبي مصعب الزهري (2/ 469) (رقم: 2901)، وسويد بن =

وهكذا قال فيه الثوري وجماعة عن أبي الرّجال (¬1). وأسنده ابن سنجر من طريق محمد بن إسحاق عن أبي الرجال عن أمّه عن عائشة (¬2). قال الدارقطني: "وهو صحيح عن عائشة"، وقال: "لا نعلمه يُروي عن عائشة إلا من حديث عمرة عنها" (¬3). وانظر حديث الأعرج عن أبي هريرة (¬4). ¬

_ = سعيد (ص: 277) (رقم: 602)، ومحمد بن الحسن الشيباني (ص: 297) (رقم: 838)، وابن بكير (ل: 119 / أ) - الظاهرية-. قال ابن عبد البر: "لا أعلم أحدًا من رواة الموطأ عن مالك أسند عنه هذا الحديث، وهو مرسل عند جميعهم فيما علمت". التمهيد (13/ 123). وأما موسى بن طارق فهو وإن كان ثقة لكن قال عنه ابن حبان في الثقات (9/ 159): "يُغرب". وأما سعيد بن عبد الرحمن فقد قال عنه ابن عدي: "له أحاديث غرائب حسان، وأرجو أنها مستقيمة، وإنما يهم عندي في الشيء بعد الشيء يرفع موقوفًا، أو يوصل مرسلًا لا عن تعمد"، وقال الحافظ: "صدوق له أوهام". انظر: الكامل (3/ 1237)، والتقريب (رقم: 2350). (¬1) أخرجه الدارقطني في العلل (5 / ل: 104 / أ)، والبيهقي في السنن الكبرى (6/ 152) من طريق الثوري، وأحمد في المسند (6/ 112، 252) من طريق أبي أويس وخارجة بن عبد الله، والطبراني في الأوسط (1/ 266) (رقم: 266) من طريق صالح بن كيسان، والحاكم في المستدرك (2/ 61) ومن طريقه البيهقي في السنن الكبرى (6/ 152) من طريق عبد الله بن عبد الوهاب الحُجَبي كلهم عن أبي الرجال عن عمرة عن عائشة موصولًا. إسناده صحيح، وصححه الحاكم علي شرط الشيخين، ووافقه الذهبي. (¬2) أورده من طريقه ابن عبد البر في التمهيد (13/ 124)، ومن طريق ابن إسحاق أخرجه أحمد أيضًا في المسند (6/ 139, 268)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (11/ 331) (رقم: 4955). (¬3) العلل (5 / ل: 104 / أ) لكن ليس فيه قوله: "لا نعلمه ... ". (¬4) تقدَّم حديثه (3/ 390).

119 / وبه: "ابتاعَ رَجُلٌ ثَمَرَ حائطٍ في زمان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعالجه، وقام فيه حتى تبيّن له النقصانُ، فسأل ربَّ الحائط أن يَضَعَ عنه أو يُقِيلَه، فحلف ألا يفعل ... ". فيه: "تألَّى ألا يفعل خيرًا". في البيوع، باب الجائحة (¬1). أسند هذا يحيى بن سعيد الأنصاري، وعبد الرحمن بن أبي الرجال، عن أبي الرجال عن أمّه، عن عائشة (¬2). قال الدارقطني: "وهو الصحيح" (¬3). وليس في هذا الحديث ذكر سبب النقصان. وحُكْم الجائحة مذكورٌ في حديث أبي سعيد وجابر، انظره لمسلم وأبي داود والنسائي (¬4). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: البيوع، باب: الجائحة في بيع الثمار والزرع (2/ 483) (رقم: 15). (¬2) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الصلح، باب: هل يشير الإمام بالصلح (2/ 270) (رقم: 2705)، ومسلم في صحيحه كتاب: المساقاة، باب: استحباب الوضع من الدين (3/ 1191، 1192) (رقم: 19) من طريق يحيى بن سعيد الأنصاري، وأحمد في المسند (6/ 69 , 105)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (11/ 408) (رقم: 5032) من طرق عن عبد الرحمن بن أبي الرجال، كلاهما عن أبي الرجال به. (¬3) العلل (5 / ل: 104 / أ). (¬4) انظر: صحيح مسلم، كتاب: المساقاة، باب: وضع الجوائح (3/ 1190) (رقم: 14)، وباب: استحباب الوضع من الدين (3/ 1191) (رقم: 18)، وأبو داود في السنن كتاب: البيوع والإجارات، باب: في وضع الجائحة (3/ 745، 746) (رقم: 3469، 3470)، والنسائي في السنن كتاب: البيوع، باب: وضع الجوائح (5/ 307، 306) (رقم: 4540 - 4543). وانظر: حديث أبي سعيد الخدري وحده عند الترمذي في السنن كتاب: الزكاة، باب: ما جاء من لا تحل له الصدقة من الغارمين وغيرهم (3/ 44) (رقم: 655) وحديثهما معًا عند ابن ماجه في السنن كتاب: الأحكام، باب: تفليس المعدم والبيع عليه لغرماءه (2/ 789) (رقم: 12356)، وكتاب: التجارات، باب: بيع الثمار سنين والجائحة (2/ 747) (رقم: 2219).

120 / وبه: "نهي عن بيع الثمرة حتى تَنْجُوَ من العَاهَة (¬1) ". وهذا الحديث أسنده عبد الرحمن بن أبي الرجال وغيره عن أبي الرجال، عن عمرة، عن عائشة، ذكره الدارقطني في العلل وقال: "من عادة مالك بن أنصر أن يرسل الأحاديث" (¬2). وانظر حديث ابن عمر (¬3)، وأنس (¬4). 121 / حديث: "أراد أن يعتكف، فلما انصرف إلي المكان الذي أراد أن يعتكف فيه وجد أَخْبيَة ... ". فيه: "آلبرّ تقولون بهن؟ "، وأنّه انصرف واعتكف عشرًا من شوّال. في قضاء الاعتكاف (¬5). شكّ يحيى بن يحيى صاحبنا في سماع هذا الحديث عن مالك، فرواه عن زياد بن عبد الرحمن القرطبي المعروف بشبطون عن مالك بن أنس، عن ابن شهاب عن عمرة (¬6). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: البيوع، باب: النهي عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها (2/ 481) (رقم: 12). (¬2) قال الدارقطني في العلل (5 / ل: 104 / أ): "رواه أبو الرجال واختلف عنه، فرواه خارجة بن عبد الله بن سليمان عن أبي الرجال عن عمرة، عن عائشة، وتابعه ابن أبي الرجال عن أبيه، ورواه مالك عن أبي الرجال، عن عمرة مرسلًا، ومن عادة مالك أن يرسل أحاديث". قلت: ومن طريق خارجة أخرجه أيضًا ابن عبد البر في التمهيد (13/ 134). (¬3) تقدّم (2/ 410). (¬4) تقدّم (2/ 58). (¬5) الموطأ كتاب: الاعتكاف، باب: قضاء الاعتكاف (1/ 259، 260) (رقم: 7)، وفيه: "عن عمرة عن عائشة" مسندًا، وفي نسختي المحمودية (أ) (ل: 53 / أ)، و (ب) (ل: 66 / أ) عن زياد عن مالك، عن ابن شهاب، عن عمرة بنت عبد الرحمن أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره مرسلًا، وهو الصواب. قال الكاندهلوي: "وهكذا ورد في النسخ الهندية والمصفّى". أوجز المسالك (5/ 222). قلت: وهكذا ورد في نسخة التمهيد أيضًا (11/ 188). (¬6) انظر: أخبار الفقهاء والمحدثين لمحمد بن حارث الخشني (ص: 348)، وتاريخ علماء الأندلس =

وهذا غلط، وإنَّما يرويه مالك عن يحيى بن سعيد، عن عمرة، هكذا قال فيه سائر الرواة عن مالك (¬1). وأسنده عبد الله بن يوسف عن مالك، عن يحيى بن سعيد، عن عمرة، عن عائشة، خرّجه البخاري من هذا الطريق (¬2)، وهو محفوظ عن عائشة، وأعاده مالك في الباب على البلاغ مختصرًا، وقال فيه: ¬

_ = للضبي (1/ 183)، والتمهيد (11/ 189). وزياد بن عبد الرحمن الملقب بـ "شبطون" هو فقيه أهل الأندلس، كان ثقة إمامًا ورعًا، وقد سمع يحيى منه الموطأ بالأندلس قبل أن يرحل إلى مالك، ثم رحل فأدرك مالكًا فرواه عنه إلا أبوابًا في كتاب الاعتكاف، وهو أول من أدخل الأندلس موطأ مالك، توفي سنة (193 هـ)، وقيل: (199 هـ). انظر: ترجمته في أخبار الفقهاء والمحدثين (ص: 95 - 98)، وتاريخ علماء الأندلس (1/ 183)، وجذوة المقتبس (ص: 202، 203)، وبغية الملتمس (ص: 294)، والديباج المذهب (ص: 118). (¬1) انظر الموطأ برواية: - أبي مصعب الزهري (1/ 336) (رقم: 876)، وسويد بن سعيد (ص: 407) (رقم: 923)، ويحيى بن بكير (ل: 59) - الظاهرية-، والقعنبي (ص: 236 - 237). ونقل الخشني عن أحمد بن خالد أنَّه قال: "وقع في باب من تلك الأبواب غلط من (كذا) حديث رواه يحيى بن يحيى، عن زياد بن عبد الرحمن، عن مالك بن أنس، عن الزهري، ورواه أصحاب مالك كلّهم عن يحيى بن سعيد، عن عمرة. قال أحمد: فأردت أن أتثبَّت وأعرف إن كان الغلط من زياد بن عبد الرحمن أو من يحيى، فسألتُ بعض آل زياد فأخرج إليَّ الكتاب الذي رواه زياد عن مالك فوجدت الورقة التي فيها تلك الأبواب قد نُزعت من كتاب زياد، فتأولت أن زيادًا فعل ذلك إعظامًا ليحيى بن يحيى؛ لئلّا يشركه أحد في روايته عنه". قال ابن عبد البر: "ومن أيِّهما كان ذلك فلم يتابعه أحد عليه، وهو حديث مسند ثابت من حديث يحيى بن سعيد". انظر: أخبار الفقهاء والمحدِّثين (ص: 348 - 349)، والتمهيد (11/ 190). (¬2) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الاعتكاف، باب: اعتكاف النساء (2/ 66 - 67) (رقم: 2033)، وباب: الأخبية في المسجد (2/ 67) (رقم: 2034)، وباب: الاعتكاف في شوال (2/ 69) (رقم: 2041) , وباب: من أراد أن يعتكف ثم بدا له أن يخرج (2/ 70) (رقم: 2045). ومسلم في صحيحه كتاب: الاعتكاف، باب: متى يدخل من أراد الاعتكاف في معتكفه (2/ 831) (رقم: 6) من طرق عن يحيى بن سعيد.

49 - مرسل القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق

"أراد العكوف في رمضان" (¬1). وانظر في مرسل ابن شهاب حديثًا آخر رواه أيضًا يحيى عن زياد عن مالك (¬2). • حديث: بريرة. تقدّم في مسند عائشة (¬3). ¬

_ (¬1) الموطأ (1/ 260)، وقد علَّق الزرقاني على هذا البلاغ فقال: "هو الحديث الذي أسنده أولًا صحيحًا، فمن هنا ونحوه يُعلم أنَّه يطلق البلاغ على الصحيح، ولذا قال الأئمة: بلاغات مالك صحيحة". (¬2) سيأتي حديثه (5/ 325). (¬3) تقدَّم حديثها (4/ 124). استدراك: 49 - مرسل القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق 122 / حديث: "أن سعد بن عبادة قال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إنَّ أمي هلكت، فهل ينفعها أن أعتق عنها؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: نعم". في العتق (¬1). عن عبد الرحمن بن أبي عمرة الأنصاري، أن أمه أرادت أن توصي، ثم أخّرت ذلك إلى أن تصبح، فهلكت، وقد كانت همت بأن تعتق، فقال عبد الرحمن: فقلت للقاسم بن محمد: أينفعها أن أعتق عنها فذكره. سقط هذا المرسل من النسخة وقد أحال إليه المؤلف في مسند عائشة (4/ 42)، كما نقل ابن حجر من كلام المؤلف في شيخ مالك "عبد الرحمن بن أبي عمرة" وقال: "إنه عبد الرحمن ابن عمرو بن أبي عمرة" (¬2). ¬_____ (¬1) الموطأ كتاب: العتق والولاء، باب: عتق الحي عن الميت (2/ 597) (رقم: 13). قال ابن عبد البر: "هذا حديث منقطع؛ لأن القاسم بن محمد لم يلق سعد بن عبادة وحديثه في ذلك قد رُوي من وجوه كثيرة صحاح كلها إلّا أن الرواية في ذلك مختلفة المعاني، فمنها: الصدقة عن الميت، ومنها: العتق عن الميت، ومنها: الصيام عن الميت، ومنها: قضاء النذر مجملًا". التمهيد (20/ 26). (¬2) تهذيب التهذيب (6/ 220).

حرف السين

حرف السين أربعةٌ وامرأة 50 - مرسل سعيد بن المسيب بن حزن عشرون حديثًا، أحدها مزيد، ومنها حديثان مشتركان، وتقدّم له مسند عن أبي هريرة (¬1)، وعن عمر حديث اختلف في اتصاله (¬2)، وعن عائشة حديث مختلف فيه أيضًا (¬3). 1 - ابن شهاب عنه. مالك، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب. 123 / حديث: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين قفل من خيبر أسرى، حتى إذا كان من آخر الليل عرّس، وقال لبلال: اكلأ لنا الصبح". وذكر النوم عن الصلاة. فيه: "فلم يستيقظ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا بلال، ولا أحد من الركب، حتى ضربتهم الشمس. ففزع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -". وفيه: "فقال: اقتادوا، فبعثوا رواحلهم، واقتادوا شيئًا، ثم أمر بلالا فأقام الصلاة"، وقوله: "من نسي الصلاة فليصلها إذا ذكرها فإن الله يقول: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي}. ¬

_ (¬1) انظر: (3/ 286 - 300). (¬2) تقدم حديثه (2/ 280). (¬3) تقدّم حديثها (4/ 100).

في الوقوت (¬1). أسند هذا الحديث يونس بن يزيد عن الزهري، عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة، خرّجه مسلم من طريق ابن وهب (¬2)، عن مالك خارج الموطأ كذلك (¬3). وأسنده أيضًا الأوزاعي عن الزهري (¬4). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: وقوت الصلاة، باب: النوم عن الصلاة (1/ 44) (رقم: 25). (¬2) انظر: صحيح مسلم، كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها (1/ 471) (رقم: 309). قال البغوي - بعد أن أورده من طريق أبي مصعب الزهري عن مالك-: "هذا حديث صحيح، أخرجه مسلم من طريق ابن وهب ... " فذكره. شرح السنة (2/ 85). (¬3) أي رواه ابن وهب عن مالك خارج الموطأ مسندًا أيضًا كما رواه عن يونس، ذكره الدارقطني في العلل (7/ 279) عن ابن أخي ابن وهب عنه، لكن المحفوظ عن مالك ما رواه يحيى عنه في الموطأ مرسلًا، وهي أيضًا رواية أبي مصعب الزهري (1/ 13) (رقم: 29)، وسويد (ص: 64) (رقم: 25)، والشيباني (ص: 78) (رقم: 184)، والقعنبي (ص: 39)، وهكذا رواه معن وابن القاسم والشافعي، وابن وهب (في الموطأ) وجويرية وغيرهم كما قال الدارقطني في العلل (7/ 279)، بل ذكر ابن عبد البر في التمهيد (6/ 386) أنه لا خلاف عنهم في ذلك، وأما رواية ابن وهب عنه خارج الموطأ فقد جاء ذلك من طريق ابن أخيه أحمد بن عبد الرحمن بن وهب، وقد قال عنه الحافظ في التقريب (رقم: 67): "صدوق تغير بآخرة". وتابعه: عبد الله بن محمد بن ربيعة القُدامي، لكن قال الحافظ عنه في اللسان (3/ 334): "أحد الضعفاء، أتى عن مالك بمصائب"، ولذا قال الدارقطني: "والمحفوظ هو المرسل". (¬4) ذكره أبو داود في السنن (1/ 304)، والدارقطني في العلل (7/ 278)، وابن عبد البر في التمهيد (6/ 386)، وكذا أسنده معمر، لكن اختلف عنه: - فرواه أبان العطار عند أبي داود في السنن كتاب: الصلاة، باب: يا من نام عن الصلاة أو نسيها (1/ 303) (رقم: 436). - وعبد الله بن المبارك عند النسائي في السنن كتاب: المواقيت، باب: إعادة ما نام عنه من الصلاة لوقتها من الغد (2/ 323) (رقم: 619). =

وأرسله جماعةٌ عنه (¬1). وروى يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب عن بلال قال: "كنا مع ¬

_ = - وخلف بن أيوب كما ذكره الدارقطني في العلل (7/ 278) ثلاثتهم عن معمر عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة مسندًا. ورواه عبد الرزاق في المصنف (1/ 587) (رقم: 2237)، وابن أبي عروبة وابن زريع كما في العلل (7/ 279) عنه عن الزهري عن سعيد فقط ولم يذكروا أبا هريرة. ورجح ابن عبد البر في التمهيد (6/ 386) رواية عبد الرزاق على رواية أبان العطار فقال: "وعبد الرزاق أثبت في معمر من أبان العطار"، وهو كما قال؛ فقد ذكر ابن رجب في شرح علل الترمذي (2/ 706) عن الإمام أحمد أنه قال: "إذا اختلف أصحاب معمر فالحديث لعبد الرزاق"، لكن الذي يشكل هنا أن أبان العطار لم يتفرد عن معمر بالوصل بل تابعه عبد الله بن المبارك وقد قال فيه أحمد أيضًا ما قاله في عبد الرزاق، وعدّه الدارقطني أيضًا من أثبت أصحاب معمر. كما توبع عبد الرزاق أيضًا في إرساله عن معمر فيتعذر الترجيح فيقال: إن الحديث ورد على الوجهين. شرح علل الترمذي (2/ 706). وأسنده أيضًا صالح بن أبي الأخضر عند الترمذي في السنن كتاب: التفسير، باب: ومن سورة طه (5/ 299) (رقم: 3163)، ومحمد بن إسحاق عند النسائي (2/ 322) (رقم: 617)، وابن عبد البر في التمهيد (6/ 386). وقال الترمذي: "هذا حديث غير محفوظ؛ رواه غير واحد من الحفاظ عن الزهري عن سعيد بن المسيب أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ... ، ولم يذكروا فيه عن أبي هريرة، وصالح بن أبي الأخضر ضعفه يحيى بن سعيد القطان وغيره من قبل حفظه". قلت: صالح بن أبي الأخضر وإن كان ضعيفًا إلا أنه لم يتفرد به، فقد تابعه غير واحد، منهم يونس وحديثه في الصحيح كما تقدم، وقد قال أبو زرعة فيما حكاه عنه ابن أبي حاتم في العلل (1/ 210): "الصحيح هذا الحديث عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -". (¬1) منهم: مالك بن أنس في المحفوظ عنه، ومعمر من طريق جماعة عنه كما تقدم، وكذا ابن عيينة من طريق جماعة عنه كما ذكر الدارقطني في العلل (7/ 279). هكذا اختلف أصحاب الزهري عليه في وصل الحديث وإرساله ولم يرجح المؤلف أحدهما على الآخر، وظاهر صنيعه يدل على أن الحديث محفوظ على الوجهين، وأن الزهري رواه مرة موصولًا ومرة مرسلًا فروى أصحابه عنه على الوجهين، وهذا هو ما ذهب إليه الزرقاني أيضًا في شرح الموطأ (1/ 50) والله أعلم.

النبي - صلى الله عليه وسلم - في سفر، فنام حتى طلعت الشمس، فأمر بلالًا فأذّن ثمَّ توضّأ، فصلوا ركعتين، ثمّ صلَّوا الغداة"، خرّجه الدارقطني في السنن مختصرًا (¬1). وانظر مرسل زيد بن أسلم (¬2). وفي حديث سعيدٍ هذا أنه أَمَرَهُم أن يقتادوا رواحِلَهم، وليس فيه ذكرُ السَّببِ وفي حديث زيدٍ أنه أمرهم أن يركبوا حتى يخرجوا من ذلك الوادي، وقال: "إنَّ هذا وادٍ به شيطانٌ"، فكان هذا هو السبب، وليس بصريح هناك. وقد أفصح به في حديث أبي هريرة قال: "لِيَأْخُذَ كلُّ رجلٍ برأس راحِلَته؛ فإن هذا منزلٌ حَضَرَنا فيه الشيطان". خرّجه مسلم (¬3). وقيل: إنَّ الخروجَ من الوادي كان لتَمَكُّنِ طلوع الشمسِ لِقولِ عمرانَ بن حصين في الحديث: "فسار بِنَا حتى إذا ابيضَّتِ الشَّمسُ، وأَينَصَتْ قام فصلَّى"، خرّجه البخاري (¬4). فهذا نقلُ فعلٍ محتملٍ لم يُرفَع سَبَبُه (¬5)، وذلك لا يَرفعُ نصًّا ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬6). ¬

_ (¬1) السنن (1/ 381)، وأخرجه أيضًا ابن خزيمة في صحيحه (1/ 99) (رقم: 998)، وسنده ضعيف للانقطاع؛ لأن سعيد بن المسيب لم يلق بلالًا. (¬2) تقدّم حديثه (4/ 525). (¬3) أخرجه في صحيحه، كتاب: المساجد، باب: قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها (1/ 471) (رقم: 310) من طريق أبي حازم عنه. (¬4) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: التيمم (1/ 128، 130، 131) (رقم: 344، 348)، وفي: المناقب، باب: علامات النبوة في الإسلام (2/ 520، 521) (رقم: 3571) إلا أن الحديث بهذا اللفظ عند مسلم في الصحيح، كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: قضاء الصلاة الفائتة ... (1/ 474) (رقم: 312) وهو حديث مطول. (¬5) لأنه من قول عمران بن حصين. (¬6) وهو ما ورد في حديث زيد بن ثابت من قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن هذا واد به شيطان".

وانظر حديث أبي هريرة من طريق الأعرج، وعطاء وبسر فيمن أدرك ركعةً من الصبح قبل أن تطلع الشمس (¬1)، وحديث نافع عن ابن عمر "لا يتحَرَّ أحدُكُم فيصلِّيَ عند طلوع الشمسِ" (¬2)، ومرسل عروة (¬3)، والصنابحي في هذا المعنى (¬4). 124 - حديث: "مَن أَكلَ من هذه الشجرة فلا يَقَرَبْ مَسجِدَنَا" (¬5)، يعني الثُّوم. عند آخر أبواب المواقيت (¬6). هذا مرسل في الموطأ (¬7)، وأسنده رَوح عن مالك، فزاد فيه: عن أبي هريرة (¬8). ¬

_ (¬1) تقدم حديثه (3/ 348). (¬2) تقدم حديثه (2/ 380). (¬3) تقدّم حديثه (5/ 100). (¬4) تقدَّم حديثه (5/ 18). (¬5) هكذا وقع في الأصل "مسجدنا" بصيغة الإفراد، وفي المطبوع من رواية يحيى ونسختي المحمودية (أ) (ل: 4 / ب) و (ب) (ل: 4 / أ): "مساجدنا" بصيغة الجمع، قال ابن عبد البر: "والمعنى واحد، ومساجدنا أعم، وإن كان الواحد من الجنس في معنى الجماعة". الاستذكار (1/ 391). (¬6) الموطأ كتاب: وقوت الصلاة، باب: النهي عن دخول المسجد بريح الثوم وتغطية الفم (1/ 46) (رقم: 30). (¬7) انظر الموطأ برواية: - أبي مصعب الزهري (1/ 19) (رقم: 41)، وسويد بن سعيد (ص: 69) (رقم: 37)، ومحمد بن الحسن الشيباني (ص: 325) (رقم: 920). وهكذا رواه جميع الرواة كما قال ابن عبد البر في التمهيد (6/ 412). (¬8) أخرجه البزار في مسنده (ل: 141 / ب) - الأزهرية- وابن المظفر في غرائب حديث مالك (ص: 85) (رقم: 39) من طريق محمد بن معمر عن روح بن عبادة عن مالك، وصالح بن أبي الأخضر، عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة. =

وهكذا قال فيه إبراهيم بن سعد وغيره عن الزهري (¬1)، قال الدارقطني: "ورَفْعُه صحيح" (¬2). وخرّجه البخاري ومسلم عن الزهري، عن عطاء بن أبي رباح، عن جابر (¬3). ¬

_ = قال البزار: "ولا نعلم رواه عن مالك إلا روح، فجمع بين مالك وصالح، وأحسبه حمل حديث مالك على حديث صالح، وإنما يُعرف من حديث مالك عن الزهري عن سعيد مرسلًا". وقال ابن عبد البر: "هكذا هو في الموطأ عند جميعهم مرسلًا، إلا ما رواه محمد بن معمر عن روح بن عبادة عن صالح بن أبي الأخضر ومالك بن أنس عن الزهري عن سعيد عن أبي هريرة موصولًا. وقد وصله معمر ويونس وإبراهيم بن سعد عن ابن شهاب". التمهيد (6/ 412). قلت: الحديث وإن صح وصله إلّا أن المحفوظ عن مالك إرساله كما رواه أصحاب الموطأ، وأما روح بن عبادة فهو وإن كان ثقة إلا أنه شذّ في هذا الإسناد فحمل حديث مالك على حديث صالح بن أبي الأخضر كما قاله البزار، وذكر الخطيب البغدادي عن أبي داود أنه قال: "كان القواريري لا يحدث عن روح وأكثر ما أنكر عليه تسعمائة حديث حدّث بها عن مالك سماعًا". تاريخ بغداد (8/ 402). (¬1) أخرجه ابن ماجه في السنن كتاب: إقامة الصلاة، باب: من أكل الثوم فلا يقربن المسجد (1/ 324) (رقم: 1015)، وأحمد في المسند (2/ 264)، وأبو عوانة في المسند (1/ 411)، والدارقطني في العلل (9/ 194) من طريق إبراهيم بن سعد، ومسلم في صحيحه كتاب: المساجد، باب: نهي من أكل ثومًا أو بصلًا أو كراثًا أو نحوها (1/ 394) (رقم: 71) من طريق معمر، والبزار في مسنده (ل: 141 / ب)، وابن المظفر في غرائب مالك (ص: 85) (رقم: 39) من طريق صالح بن أبي الأخضر ثلاثتهم عن الزهري عن سعيد عن أبي هريرة. (¬2) العلل (9/ 194). (¬3) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الأذان، باب: ما جاء في الثوم النيئ والبصل والكراث (1/ 274) (رقم: 855)، وفي: الأطعمة، باب: ما يكره من الثوم والبقول (3/ 446) (رقم: 5452)، وفي: الاعتصام، باب: الأحكام التي تعرف بالدلائل (4/ 374) (رقم: 7359)، ومسلم في صحيحه كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: نهى من أكل ثومًا أو بصلًا أو كراثًا أو نحوها (1/ 394) (رقم: 73) من طريق يونس عن ابن شهاب به.

وانظر مرسل سليمان بن يسار (¬1). 125 - حديث: "نهى عن المُزَابَنَة والمُحَاقَلَة"، وفسّرها. في البيوع (¬2). وهذا مرسل في الموطأ (¬3)، وزاد فيه أحمد بن أبي طَيبَة عن مالك خارج الموطأ: "عن أبي هريرة" (¬4). ¬

_ (¬1) سيأتي حديثه (5/ 230). (¬2) الموطأ كتاب: البيوع، باب: ما جاء في المزابنة والمحاقلة (2/ 486) (رقم: 25). وأخرجه النسائي في السنن كتاب: الأيمان، باب: ذكر الأحاديث المختلفة في النهي عن كراء الأرض ... (7/ 51) (رقم: 3902) من طريق ابن القاسم عن مالك به. (¬3) انظر الموطأ برواية: - أبي مصعب الزهري (2/ 324) (رقم: 2520)، وسويد بن سعيد (ص: 240) (رقم: 502)، ومحمد بن الحسن الشيباني (ص: 275) (رقم: 779)، وابن بكير (ل: 91 / ب) الظاهرية-. وهكذا رواه ابن القاسم عند النسائي كما تقدم. وهكذا جاء مرسلًا عند جميع الرواة كما قاله ابن عبد البر في التمهيد (6/ 441). (¬4) ذكره ابن عبد البر في التمهيد (6/ 441) وعزاه السيوطي في التنوير (2/ 54) إلى رواة مالك للخطيب، ولم يذكره أبو الحسين القرشي في ترجمة أحمد بن أبي طيبة في مجرد أسماء الرواة (ص: 3) (رقم: 9). قلت: وأحمد بن أبي طيبة هذا قال فيه أبو حاتم: "يكتب حديثه"، وذكره ابن حبان في ثقاته (318)، وقال ابن عدي: "حدّث بأحاديث كثيرة أكثرها غرائب". وقال الخليلي في الإرشاد (1/ 271، 272): "ثقة يتفرد بأحاديث". ولخص الحافظ هذه الأقوال فقال: "صدوق له أفراد". وعليه، فالراجح عن مالك ما رواه أصحاب الموطأ، وقد صح موصولًا من طرق أخرى عن أبي هريرة وغيره. قال ابن عبد البر: "قد روى النهي عن المزابنة والمحاقلة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - جماعة من الصحابة منهم: جابر، وابن عمر، وأبو هريرة، ورافع بن خديج، وكل هؤلاء سمع منه سعيد بن المسيب والله أعلم، وقد يكون العالم إذا اجتمع له جماعة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أو غيره في حديث واحد يرسله إلى =

وأسنده صالح بن أبي الأخضر وغيره عن الزهري كذلك, خرّجه [] (¬1) ورواه طارق عن سعيد بن المسيب، عن رافع بن خديج، خرجه النسائي (¬2) وتقدّم لأبي سعيد الخدري مسندًا (¬3). 126 / حديث: "لا يُغْلَقُ الرَّهنُ". في الأقضية (¬4). ¬

_ = المعزي إليه الحديث ويستثقل أن يسنده أحيانًا عن الجماعة الكثيرة، ألا ترى إلى ما ذكرنا في صدر هذا الديوان عن إبراهيم النخعي أنه قيل له مرة تقول: قال عبد الله بن مسعود، ومرة تسمى من حدثك عنه، فقال: إذا أسندت لك الحديث عنه، فقد حدثني من سميت لك عنه، وإن لم اسم لك أحدًا فاعلم أنه حدثنيه جماعة هذا أو معناه". التمهيد (6/ 441، 442). وانظر ترجمة أحمد بن أبي طيبة في: تهذيب الكمال (1/ 359 - 362)، وتهذيب التهذيب (1/ 39)، والتقريب (رقم: 52). (¬1) هنا بياض في الأصل، ولم أقف على من خرّجه من طريق صالح بن أبي الأخضر. وقد أخرجه النسائي في السنن كتاب: البيوع، باب: تفسير بيع المنابذة (7/ 299) (رقم: 4525) من طريق الزبيدي عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الملامسة والمنابذة. وأخرجه مسلم في صحيحه كتاب: البيوع، باب: كراء الأرض (3/ 1179) (رقم: 104) من طريق سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة. (¬2) أخرجه النسائي في السنن كتاب: الأيمان، باب: ذكر الأحاديث المختلفة في النهي عن كراء الأرض (7/ 50) (رقم: 3899)، وفي: البيوع، باب: بيع الكرم بالزبيب (7/ 307) (رقم: 4549)، وكذا أبو داود في السنن كتاب: البيوع، باب: التشديد في ذلك (3/ 691) (رقم: 3400)، وابن ماجه في السنن كتاب: التجارات، باب: المزابنة والمحاقلة (2/ 762) (رقم: 2267)، وابن أبي شيبة في المصنف (7/ 128)، والطبراني في المعجم الكبير (4/ 245) (رقم: 4269)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (4/ 106)، والدارقطني في السنن (3/ 36) كلهم من طرق عن أبي الأحوص عن طارق به. وإسناده حسن. (¬3) تقدَّم حديثه (3/ 247). (¬4) الموطأ كتاب: الأقضية، باب: ما يجوز من غلق الرهن (2/ 560) (رقم: 13).

وهذا حديثٌ أسنده معنٌ وطائفةٌ عن مالك خارج الموطأ، قالوا فيه: سعيد عن أبي هريرة (¬1). ¬

_ (¬1) أخرجه أبو أحمد الحاكم في عوالي مالك (ص: 64)، وأبو بكر بن المقرئ في المنتخب من غرائب مالك (ص: 50) (رقم: 12)، والحاكم في المستدرك (2/ 51)، وابن عبد البر في التمهيد (6/ 425) من طريق علي بن عبد الحميد الغضائري عن مجاهد بن موسى عن معن بن عيسى عن مالك، عن الزهري، عن سعيد، عن أبي هريرة موصولًا. وقال ابن عبد البر: "معن ثقة، إلا أني أخشى أن يكون الخطأ فيه من علي بن عبد الحميد الغضائري". قلت: وعليّ أيضًا ثقة، وثّقه الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد (12/ 29)، وابن الجزري في اللباب (2/ 384)، إلّا أنَّه قال: "كان من الصالحين الزهاد"، ومعلوم أن الخطأ يفشو فيهم أكثر من غيرهم، لكنه توبع، تابعه أبو بكر بن جعفر عند ابن عبد البر في التمهيد (6/ 429). وأخرجه ابن المظفر في غرائب مالك (ص: 152) (رقم: 92)، وابن جُميع الصيداوي في معجم شيوخه (ص: 210)، ومن طريقه الخطيب البغدادي في تاريخه (6/ 165)، والحنائي في فوائده (ص: 379) (رقم: 62)، والذهبي في معجم شيوخه (1/ 423) من طريق أحمد بن بكر البالسي، عن محمد بن كثير المصيصي، عن مالك به موصولًا. وسنده ضعيف؛ لضعف أحمد بن بكر البالسي ومحمد بن كثير المصيصي. أما البالسي ويُقال أحمد بن بكرويه، فقال ابن عدي: "قال لنا عبد الملك بن محمد: روى مناكير عن الثقات"، وذكره ابن حبان في الثقات (8/ 51)، وقال: "كان يخطئ"، وقال الأزدي: "يضع الحديث"، وقال الحافظ: "أورد له (الدارقطني) في غرائب حديث مالك حديثًا في سنده خطأ (ولعله يعني هذا الحديث)، وقال أحمد بن بكر: "ضعيف". انظر: الكامل (1/ 191)، والميزان (1/ 86)، اللسان (1/ 140، 141). ومحمد بن كثير المصيصي قال عنه الحنائي: "ضعيف الحديث"، وذكره ابن حبان في الثقات (9/ 70)، وقال: "يخطئ ويغرب"، وقال الحافظ: "صدوق كثير الغلط". انظر: تهذيب الكمال (26/ 329)، الكاشف (3/ 81)، وتهذيب التهذيب (9/ 369)، والتقريب (رقم: 6251). وأخرجه الخطيب البغدادي في تاريخه (3/ 303)، وابن عبد البر في التمهيد (6/ 428) من طريق أحمد بن إبراهيم بن أبي سكينة عن مالك به موصولًا. وأحمد بن إبراهيم هذا (ويقال محمد) ذكره ابن حبان في الثقات (9/ 101)، وقال: "ربما أخطأ". =

وقد رُوي هكذا مسندًا عن غير مالك، خرّجه الساجي عن يحيى بن أبي أُنَيسَة عن الزهري، عن سعيد، عن أبي هريرة (¬1). ¬

_ = وأسند عن مالك أيضًا يحيى بن أبي قُتيلة ذكره الدارقطني في العلل (9/ 167، 168)، وهو صدوق ربما وهم كما في التقريب (رقم: 7494)، لكن الراوي عنه وهو النضر بن سلمة شاذان المروزي قال عنه أبو حاتم فيما نقله عنه ابنه في الجرح والتعديل (8/ 480): "كان يفتعل الحديث، ولم يكن بصدوق". وذكر ابن عبد البر في التمهيد (6/ 427) أن ممّن رواه عن مالك موصولًا زيد بن الحباب. قلت: زيد بن الحباب هذا وصفه أحمد كما في تهذيب الكمال (10/ 46) بأنَّه صدوق كثير الخطأ، فهؤلاء جماعة من الرواة رووه عن مالك موصولًا، إلّا أن أسانيدَها لا تخلو من مقال، وأحسنها ما جاء من طريق علي بن عبد الحميد الغضائري وغيره، عن مجاهد بن موسى، عن معن، وعليه فالمحفوظ عن مالك إرساله، كما رواه يحيى الليثي، وأبو مصعب الزهري (2/ 491) (رقم: 2957)، وابن بكير (ل: 128 / أ) الظاهرية-، وسويد بن سعيد (ص: 290) (رقم: 629)، ومحمد بن الحسن الشيباني (ص: 302) (رقم: 848)، والقعنبي عند أبي داود في المراسيل (ل: 230 / أ)، ولم أجده في المطبوع من المراسيل، وقد ذكره المزي في التحفة (13/ 213)، وأخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (4/ 100) من طريق ابن وهب، وابن المظفر في غرائب مالك (ص: 155) (رقم: 93) من طريق ابن القاسم، وأبو أحمد الحاكم في عوالي مالك (ص: 64) من طريق أبي نعيم عبيد بن هشام، والخطيب البغدادي في تاريخه (12/ 242) من طريق بشر بن الحارث كلهم عن الزهري عن سعيد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلًا، وهذا هو الذي رجّحه الحفاظ كما سيأتي. (¬1) لعلّ الساجي أخرجه في ضعفاءه وهو مفقود، وقد طبعت نقولات منه مع تعليقات الدارقطني على المجروحين ولم أجده فيه، لكن أخرجه أيضًا الشافعي في مسنده (2/ 164) (رقم: 568 - ترتيب السندي-)، ومن طريقه البيهقي في السنن الكبرى (6/ 39) عن الثقة عنه وسنده ضعيف جدًّا لأجل يحيى بن أبي أُنيسة، فقد قال فيه أحمد والنسائي والدارقطني والساجي: "متروك الحديث"، وقال الذهبي: "تالفٌ". انظر: تهذيب الكمال (31/ 223)، والكاشف (3/ 220)، وتهذيب التهذيب (11/ 161)، والتقريب (رقم: 7508)، ونقولات من ضعفاء الساجي (ص: 285). وأخرجه ابن ماجه في السنن كتاب: الرهون، باب: لا يغلق الرهن (2/ 816) (رقم: 2441) عن محمد بن حميد الرازي عن إبراهيم بن المختار عن إسحاق بن راشد عن الزهري به موصولًا. وسنده ضعيف أيضًا، قال البوصيري في مصباح الزجاجة (2/ 257): "هذا إسناد ضعيف، محمد =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = ابن حميد الرازي وإن وثقه ابن معين في رواية فقد ضعفه في أخرى، وضعفه أحمد والنسائي، والجوزجاني، وقال ابن حبان: يروي عن الثقات المقلوبات". وأسنده أيضًا ابن أبي ذئب لكن اختلف عنه، فرواه عبد الله بن واقد أبو قتادة الحرّاني وعبد الحميد بن سليمان كما ذكرهما الدارقطني في العلل (9/ 165)، وإسماعيل بن عياش عند تمام في فوائده (1/ 38) (رقم: 71)، والدارقطني في السنن (3/ 33)، والحاكم في المستدرك (2/ 51)، والبيهقي في السنن الكبرى (6/ 39)، وهذا إسناد ضعيف أيضًا؛ فإن عبد الله بن واقد قال عنه في التقريب (رقم: 3687): "متروك"، وقال عن عبد الحميد بن سليمان (رقم: 3764): "ضعيف"، وإسماعيل بن عياش صدوق لكن فيما يرويه عن أهل بلده خاصة، وشيخه ابن أبي ذئب مدني وليس بشاميّ. وأخرجه ابن عدي في الكامل (4/ 1546)، والدارقطني (3/ 33)، والحاكم (2/ 51) من طريق عبد الله بن نصر الأصم، عن شبابة، عن ابن أبي ذئب عن الزهري، عن ابن المسيب وأبي سلمة عن أبي هريرة. وهذا سند ضعيف أيضًا، فإن عبد الله بن نصر الأصم قال عنه الذهبي في الميزان (3/ 229): "منكر الحديث"، وذكر له ابن عدي مناكير، قال الألباني في الإرواء (5/ 240): "ومن مناكيره زيادة أبي سلمة". وخالفهم الثقات الحفاظ من أصحابه كمحمد بن إسماعيل بن أبي فديك عند الشافعي (2/ 163) (رقم: 567 - ترتيب السندي -)، ومن طريقه البيهقي في السنن الكبرى (6/ 39)، ووكيع عند ابن أبي شيبة في المصنف (7/ 187)، والثوري عند عبد الرزاق (8/ 237، 238)، وابن وهب عند الطحاوي في شرح معاني الآثار (4/ 100) فرووه عن ابن أبي ذئب عن الزهري، عن سعيد مرسلًا. ورواه معمر واختلف عنه، فرواه كُدير أبو يحيى عند الدارقطني (3/ 33)، والحاكم في المستدرك (2/ 51، 52) عنه عن الزهري عن سعيد عن أبي هريرة. وخالفه عبد الرزاق في المصنف (8/ 237) (رقم: 15033) ومحمد بن ثور عند أبي داود في المراسيل (ص: 170) (رقم: 186) فروياه عن معمر عن الزهري عن سعيد مرسلًا وروايتهما أرجح لثقتهما، لا سيما وقد ذكر الحافظ في اللسان (4/ 487) أن ابن عدي أشار إلى لين كُدير. وأسنده أيضًا زياد بن سعد، أخرجه الدارقطني في السنن (3/ 32)، والحاكم في المستدرك (2/ 51) وصححه على شرط الشيخين، وأقرّه الذهبي، وأبو نعيم في الحلية (7/ 315)، والبيهقي في السنن الكبرى (6/ 40) كلهم من طريق عبد الله بن عمران العابدي عن سفيان بن عيينة عن زياد بن سعد عن الزهري به موصولًا. قال الدارقطني: "زياد بن سعد من الحفاظ الثقات، وهذا إسناد حسن متصل". =

وخرّجه أبو داود في المراسيل عن مالك وغيره مرسلًا (¬1). وخرّجه الدارقطني أيضًا في العلل وقال: "المرسل هو الصواب" (¬2). ¬

_ = قلت: نعم، هو ثقة لكن الراوي عنه سفيان وقد اختلف عليه، فرواه عبد الله بن عمران العابدي عنه هكذا موصولًا، وهو صدوق كما في الجرح والتعديل (5/ 130). وخالفه أبو اليمان - وهو ثقة ثبت - فرواه عنه عن زياد بن سعد عن الزهري مرسلًا، أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (4/ 101)، وقد أشار البيهقي إلى هذه المخالفة فقال عقب قول الدارقطني: "قد رواه غيره عن سفيان عن زياد مرسلًا، وهو المحفوظ". وقال ابن عبد البر في التمهيد (6/ 430): "إن الأثبات من أصحاب ابن عيينة يروونه عن ابن عيينة، لا يذكرون فيه أبا هريرة". فالحاصل أن هذا الحديث مما اختلف فيه أصحاب بن شهاب في وصله وإرساله، فأرسله مالك وابن أبي ذئب ومعمر في المحفوظ عنهم، وكذلك الأوزاعي عند أبي داود -كما سيأتي-، وابن المظفر في غرائب حديث مالك (ص: 156) (رقم: 94) وتابعهم عقيل بن خالد وزياد بن سعد، ويونس كما سيأتي أيضًا. وخالفهم: يحيى بن أبي أُنيسة، وإسحاق بن راشد، ومحمد بن الوليد الزُبيدي عند الدارقطني (3/ 33)، والحاكم (2/ 51) فرووه عن الزهري، عن سعيد عن أبي هريرة موصولًا، ورجح الحفاظ رواية مالك ومن تابعه لكونهم أكثر وأحفظ وأثبت ممن وصلوه. (¬1) أخرجه فيه (ل: 230 / أ)، من طريق معمر وابن أبي ذئب، ومالك عن الزهري، عن ابن المسيب مرسلًا، وقال: "وكذلك رواه ابن عيينة عن زياد بن سعد ويونس جميعًا عن الزهري كما قال مالك". وأخرجه أيضًا من طريق الأوزاعي عن الزهري مرسلًا ثم قال: "هذا هو الصحيح". تنبيه: لم يرد في المطبوع من المراسيل إلّا طريق معمر وابن أبي ذئب، كما سقط منه كلامه في ترجيح المرسل. (¬2) ذكر الدارقطني اختلاف الرواة على الزهري، وكذا على مالك ثم قال: "وأما القعنبي وأصحاب الموطأ فرووه عن مالك، عن الزهري عن سعيد مرسلًا، وهو الصواب عن مالك. ورواه معمر وعُقيل بن خالد والأوزاعي عن الزهري عن سعيد مرسلًا وكذلك رُوي عن ابن عيينة عن الزهري عن سعيد، وهو الصواب". العلل (9/ 168). قلت: وقد وافقهما على ترجيح المرسل غيرهما من الحفاظ أيضًا فقد قال الخليلي بعد أن ذكر رواية إبراهيم بن إسحاق عن مالك عن الزهري عن أنس: "وإنما هو من حديث الزهري عن =

127 / حديث: "قال ليهود خيبر: أُقِرُّكُم ما أقَرّكُمُ اللهُ، على أن الثَّمَرَةَ بينَنَا وبينَكُم ... "، وذكر الخرص. في أوّل المساقاة (¬1). أسند هذا صالح بن أبي الأخضر، عن الزهري، عن سعيد، عن أبي هريرة (¬2). وقال الدارقطني: "المرسل عن سعيد أصحّ" (¬3). ¬

_ = سعيد بن المسيب مرسلًا عن النبي - صلى الله عليه وسلم -". الإرشاد (1/ 235). ونقل الحافظ عن الخطيب أنه قال: "كذا رواه إبراهيم، ووهم فيه وصوابه عن مالك، عن الفهري، عن سعيد بن المسيب، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلًا". لسان الميزان (1/ 30). وقال ابن عبد البر: "وهذا الحديث عند أهل العلم بالنقل مرسل، وإن كان قد وصل من جهات كثيرة، فإنهم يعللونها". التمهيد (6/ 430). وقال الذهبي -بعد أن أورد الحديث من طريق محمد بن كثير عن مالك موصولًا-: "المحفوظ عن مالك إرساله". معجم الشيوخ (1/ 423). وقال ابن حجر عن الحديث الموصول: "رواه الدارقطني والحاكم ورجاله ثقات، إلّا أنّ المحفوظ عن أبي داود وغيره إرساله". بلوغ المرام (ص: 76). وقال في التلخيص الحبير (3/ 42): "وصحح أبو داود والبزار والدارقطني وابن القطان إرساله، وله طرق في الدارقطني والبيهقي كلها ضعيفة، وصحح ابن عبد البر وعبد الحق وصله". قلت: تصحيح عبد الحق في أحكامه الصغرى (2/ 690) وذكر الألباني في الإرواء (6/ 240، 241) أنه اغتر بتقوية ابن حزم له، ثم رجح هو أيضًا إرساله. (¬1) الموطأ كتاب: المساقاة، باب: ما جاء في المساقاة (2/ 540) (رقم: 1). (¬2) أخرجه البزار في مسنده (ل: 146 / أ)، والبيهقي في السنن الكبرى (6/ 115)، وفي: المعرفة (8/ 330) (رقم: 12089) كلهم من طريق صالح بن أبي الأخضر به. وقال البزار: "هذا الحديث لا نعلم رواه عن الزهري عن سعيد عن أبي هريرة إلا صالح بن أبي الأخضر". (¬3) العلل (5 / ل: 26 / ب). قلت: وقد تابع مالكًا عليه معمر عند عبد الرزاق في المصنف (4/ 125، 126) (رقم: 2708)، وكذا أكثر أصحاب ابن شهاب كما قال ابن عبد البر في الاستذكار (21/ 196).

وقد أسنده عبد الرزاق عن ابن جريج، عن الزهري عن عروة، عن عائشة (¬1)، وخولف فيه (¬2). ولنافع عن ابن عمر نحوه، خُرّج في الصحيح (¬3). وخرّجه الطحاوي في معاني الآثار من طريق نافع عن رافع بن خديج (¬4)، ومن طريق أبي الزبير عن جابر (¬5)، انظره في التفرد لأبي داود. وانظر الخرص في مرسل سليمان بن يسار (¬6). 128 / حديث: "قضى في الجنين يُقتل في بطن أمّه بِغُرَّة ... ". وفيه: قولُ الذي قضى عليه. ¬

_ (¬1) المصنف (4/ 129) (رقم: 7219). (¬2) خالفه مطرّف بن مازن فرواه عن ابن جريج فقال: أُخبرتُ عن الزهري عن عروة عن عائشة، ذكره الدارقطني وقال: "وخالفه معمر وعُقيل روياه عن الزهري عن ابن المسيب مرسلًا ثم قال: والمرسل عن سعيد أصح". العلل (5 / ل: 26 / ب). (¬3) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الحرث والمزارعة، باب: إذا قال ربُّ الأرض: أُقرُّك ما أقرَّكَ الله (2/ 157، 158) (رقم: 2338)، ومسلم في صحيحه كتاب: المساقاة، باب: المساقاة والمعاملة بجزء من التمر والزرع (3/ 1187) (رقم: 4). (¬4) انظر: (2/ 38)، وإسناده ضعيف؛ لأن مداره على عبد الله بن نافع العدوي مولاهم المدني، وقد أجمعوا على ضعفه. تهذيب التهذيب (6/ 48)، والتقريب (رقم: 3661). (¬5) أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (3/ 247) و (4/ 113)، وكذا في شرح المشكل (7/ 104) (رقم: 2675) من طريق ابن طهمان وهو في مشيخته (ص: 87) (رقم: 37)، ومن طريقه أبو داود في السنن كتاب: البيوع، باب: في الخرص (3/ 699) (رقم: 3414)، وأحمد في المسند (3/ 367) عن أبي الزبير عنه، وأخرجه أيضًا أحمد (3/ 296)، وعنه أبو داود (رقم: 3415) عن عبد الرزاق ومحمد بن بكر عن ابن جريج قال: أخبرني أبو الزبير فذكره. وإسناده صحيح. (¬6) سيأتي حديثه (5/ 221).

في العقول (¬1). هذا مرسلٌ في الموطأ (¬2). ورواه مُطرِّف، وأبو عاصم النبيل - واسمُه الضحاك بن مخلد - خارجَ الموطأ عن مالك، عن الزهري، عن سعيد وأبي سلمة، عن أبي هريرة (¬3). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: العقول، باب: عقل الجنين (2/ 652) (رقم: 6). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الطب، باب: الكهانة (4/ 47) (رقم: 5759) , وفي: الديات، باب: جنين المرأة (4/ 275) (رقم: 6904) من طريق عبد الله بن يوسف وإسماعيل بن أبي أُويس. والنسائي في السنن كتاب: القسامة، باب: دية جنين المرأة (8/ 419) (رقم: 4835) من طريق ابن القاسم، أربعتهم عن مالك به. (¬2) انظر الموطأ برواية: أبي مصعب الزهري (2/ 229) (رقم: 2250)، وابن بكير (ل: 195 / أ) الظاهرية-، ومحمد بن الحسن الشيباني (ص: 231) (رقم: 674). وهكذا رواه أصحاب الموطأ كما قال الدارقطني وابن عبد البر. انظر: العلل (9/ 349، 350)، والتمهيد (6/ 477). (¬3) ذكرهما الدارقطني في العلل (9/ 349)، وابن عبد البر في التمهيد (6/ 477) عن أبي سبرة عن مطرف، وعن أبي قلابة عن أبي عاصم جميعًا عن مالك عن الزهري، عن سعيد وأبي سلمة، عن أبي هريرة. قلت: مطرف بن عبد الله ثقة، لكن الراوي عنه أبو سبرة ضعيف، قال الدارقطني في غرائب مالك: "يروي عن مطرف عن مالك أحاديث عدة يخطئ فيها عليه"، وقال أبو أحمد الحاكم: "له مناكير". انظر: ميزان الاعتدال (3/ 301)، واللسان (3/ 431)، و (7/ 50). وكذلك أبو عاصم النبيل ثقة، لكن الراوي عنه هنا أبو قلابة وهو عبد الملك بن محمد، قال الدارقطني فيما نقله عنه الحاكم: "صدوق كثير الخطأ في الأسانيد والمتون، لا يحتج بما انفرد به"، ونقل عن شيخه أبي القاسم بن منيع أنه قال: "عندي عن أبي قلابة عشرة أجزاء، ما منها حديث سلم منه، إما في الإسناد، أو في المتن، كأنه يحدث من حفظه فكثرت الأوهام منه". وقال ابن حجر: "صدوق يخطئ، تغيَّر حفظه لما سكن بغداد". ولذا رجح الدارقطني رواية الموطأ كما سيأتي. انظر: سؤالات الحاكم للدارقطنى (ص: 131) (رقم: 150)، والتقريب (رقم: 4210).

وهكذا رواه يونس، وغيره عنهما مسندًا، خُرّج في الصحيح (¬1). وقد تقدّم لأبي سلمة وحده عن أبي هريرة (¬2). قال الدارقطني في العلل: "والصواب ما قاله مالك -يعني في الموطأ- عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة مسندًا، وعن الزهري عن سعيد بن المسيب مرسلًا (¬3). وقول الذي قَضى عليه: "ومثل ذلك يُطَلُّ"، حكى أبو الحسن في التصحيف أن المحدّثين يَرْوُونَ: "بَطَل"، بالباء المعجمة بواحدة، وفتح الأحرف الثلاثة، وأنَّ اللُّغَويِّين قالوا فيه: "يُطَلُّ"، بالباء المعجمة باثنتين، وضمِّ الطرفين، قالوا: "ومعناه: يُهدر"، وهو قريبٌ في المعنى من "بَطَل" (¬4). ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الديات، باب: جنين المرأة (4/ 276) (رقم: 6910)، ومسلم في صحيحه كتاب: القسامة، باب: دية الجنين (3/ 1309، 1310) (رقم: 36) كلاهما من طريق ابن وهب، عن يونس، عن ابن شهاب عن ابن المسيب وأبي سلمة عنه. وأخرجه البخاري أيضًا في صحيحه كتاب: الفرائض، باب: ميراث المرأة والزوج مع الولد وغيره (4/ 239) (رقم: 6740)، وفي الديات، باب: جنين المرأة (4/ 275) (رقم: 6909)، ومسلم في صحيحه كتاب: القسامة، باب: دية الجنين (3/ 1309) (رقم: 35) كلاهما من طريق الليث عن ابن شهاب، عن ابن المسيب -وحده- عن أبي هريرة. (¬2) انظر: (3/ 311). (¬3) العلل (9/ 352). قال ابن عبد البر: "هذا الحديث عند ابن شهاب عن سعيد بن المسيب، وعن أبي سلمة جميعًا عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فطائفة من أصحابه يحدثون به عنه هكذا، وطائفة يحدثون به عنه عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة ولا يذكرون أبا سلمة، وطائفة يحدثون به عنه عن أبي سلمة عن أبي هريرة، ولا يذكرون سعيدًا، ومالك أرسل عنه حديث سعيد هذا، ووصل حديث أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا أنه لم يذكر قصة المرأة لا في حديث سعيد هذا المرسل، ولا في حديث أبي سلمة، واقتصر منهما على ذكر قصة الجنين وديته لا غير". التمهيد (6/ 478، 479). (¬4) لم أقف على كتاب التصحيف للدارقطني لكن الذي ذكره هو قول غير واحد من أهل العلم، =

129 - حديث مزيد: "القُصْوى كانت لا تَدْفَعُ في السبق ... ". وفيه: "إنَّما سبقت ... "، وقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن الناس إذا رفعوا شيئًا وَضَعَهُ اللهُ تعالى". ليس هذا عند يحيى بن يحيى. وذكر الدارقطني أن أصحاب الموطأ رووه عن مالك هكذا مرسلًا، وأنَّ معن بن عيسى زاد فيه: عن أبي هريرة، وأسنده. قال: "وكذلك رواه النضر بن طاهر (¬1) عن مالك، قال: والمرسل أصح" (¬2). ¬

_ = وقد رجح الخطابي رواية الياء وقال: إنه جيدٌ في هذا الموضع إلا أن الرواية بالباء الموحدة هي رواية أكثر المحدثين كما قال الدارقطني وكذلك القاضي عياض. انظر: إصلاح خطأ المحدثين للخطابي (ص: 57) (رقم: 92)، وتفسير غريب الصحيحين للحميدي (ص: 423)، ومشارق الأنوار (1/ 88)، وشرح النووي على صحيح مسلم (11/ 178)، والنهاية (3/ 136)، وفتح الباري (10/ 228). (¬1) جاء في هامش الأصل: "حاشية في الأصل: النضر هذا يُكنى أبا الحجاج، بصري". (¬2) العلل (9/ 172 - 173). قلت: ومن أصحاب الموطأ الذين أرسلوه: سويد بن سعيد (ص: 607) (رقم: 1488) , ومحمد بن الحسن الشيباني (ص: 307) (رقم: 861)، والقعنبي عند الدارقطني في السنن (4/ 302). وهكذا رواه بقية أصحاب مالك كما قال الدارقطني في العلل، وزعم محقق رواية سويد أنه تفرد به! ! وأما رواية معن المسندة فقد أخرجه البزار في مسنده (ل: 141 / ب- الأزهرية-)، والدارقطني في السنن (4/ 302). قال البزار: "هذا الحديث لا نعلم رفعه إلّا مالك، ولا عنه إلّا معن، قال معن: "كان مالك لا يسنده فخرج علينا يومًا نشيطًا فحدثنا به عن الزهري عن سعيد عن أبي هريرة". قلت: إن صحّت هذه الرواية عن معن -وهو من أوثق أصحاب مالك- فهو دليلٌ على أن الوجهين محفوظان، وأنَّ مالكًا كان يرسل تارة ويوصل أخرى حسب النشاط، فروى أصحابه عنه على الوجهين. وهذا الحديث مما يستدرك به على ابن عبد البر حيث أنَّه وضع في آخر التقصّي بابا ذكر فيه الأحاديث المزيدة على رواية يحيى مما يرويها غيره, فهذا مع كونه من شرطه لم يورده في الباب المذكور.

• حديث: "الإنصات للخطبة". مذكورٌ ليحيى في مسند أبي هريرة من طريق أبي الزناد عن الأعرج (¬1). وهو عند أبي المصعب بهذا الإسناد مرسلًا (¬2). مالك، عن ابن شهاب, عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة بن عبد الرحمن. 130 / حديث: "قضى بالشفعة". في أول الشفعة (¬3). قيل: هذا هو المسند منه لا غير، وسائر الكلام تفسير (¬4). وهذا الحديث مرسلٌ في الموطأ (¬5). ¬

_ (¬1) انظر: (3/ 360). (¬2) انظر الموطأ برواية: - أبي مصعب الزهري (1/ 169) (رقم: 437)، وكذا سويد بن سعيد (ص: 160) (رقم: 289). (¬3) الموطأ كتاب: الشفعة، باب: ما تقع فيه الشفعة (2/ 548) (رقم: 1). (¬4) قال أبو حاتم الرازي فيما حكاه عنه ابنه في العلل (1/ 478): "يحتمل أن يكون الكلام الأخير- يعني قوله: "فإذا وقعت الحدود فلا شفعة" - كلام سعيد وأبي سلمة، ويحتمل أن يكون كلام ابن شهاب"، وهكذا قال في حديث جابر عند البخاري (2/ 128) (رقم: 2257) لكن تعقبه الحافظ بأن الأصل أن كل ما ذكر في الحديث فهو منه حتى يثبت الإدراج بدليل وقد نقل صالح بن أحمد عن أبيه أنه رجح رفعها. فتح الباري (4/ 510). قلت: في حكاية المؤلف له بصيغة التمريض إشعارٌ بضعف هذا القول وأن الكلام الأخير مسند أيضًا كأوله كما نقله الحافظ عن صالح بن أحمد عن أبيه. (¬5) انظر الموطأ برواية: - أبي مصعب الزهري (2/ 269) (رقم: 2371)، وابن بكير (ل: 179 / أ) الظاهرية-، ومحمد بن الحسن الشيباني (ص: 305) (رقم: 855) - وفيه: عن أبي سلمة فقط-. =

وأسنده عبد الملك بن الماجشون وجماعة عن مالك، زادوا فيه: عن أبي هريرة (¬1). ¬

_ = - وابن وهب وابن القاسم كما في الجمع بين روايتهما (ل: 58 / أ). ومن طريقهما الحنائي في فوائده (ص: 436) (رقم: 93) وقال: "هكذا رواه أصحاب الموطأ عن مالك عن الزهري عن سعيد بن المسيب -مرسلًا- وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن. قلت: وكذا أرسله عنه هشيم بن بشير الواسطي ووكيع بن الجراح عند الخطيب في الرواة عن مالك كما في مجرده للرشيد العطار (ص: 187) (رقم: 871)، ومعن والشافعي وأكثر الرواة كما قال الدارقطني وابن عبد البر، بل قال الخليلي: "إنه مرسل في الموطأ من جميع الروايات". انظر: العلل (9/ 339)، والتمهيد (7/ 36)، والإرشاد (2/ 523). (¬1) أخرجه النسائي في السنن الكبرى كما في تحفة الأشراف (10/ 42) -ولم أجده في المطبوع من الكبرى-، والطحاوي في شرح معاني الآثار (4/ 121)، والدارقطني في العلل (9/ 342) , والبيهقي في السنن الكبرى (6/ 103)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (11/ 590) (رقم: 5185)، وابن عبد البر في التمهيد (7/ 37 - 39) من طريق عبد الملك بن الماجشون عن مالك، عن الزهري عن أبي سلمة وسعيد بن المسيب عن أبي هريرة: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى بالشفعة فيما لم يقسم، فإذا وقعت الحدود فلا شفعة". وتابعه: - أبو عاصم النبيل عند ابن ماجه في السنن كتاب: الشفعة، باب: إذا وقعت الحدود فلا شفعة (2/ 834) (رقم: 2497)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (4/ 121)، والحنائي في فوائده (ص: 437) (رقم: 93)، والدارقطني في العلل (9/ 342)، والبيهقي في السنن الكبرى (6/ 103، 104)، وابن عبد البر في التمهيد (7/ 39 - 42). - ويحيى بن إبراهيم بن أبي قتيلة المدني عند الطحاوي في شرح معاني الآثار (4/ 121) والدارقطني في العلل (9/ 342)، والبيهقي في السنن الكبرى (6/ 103)، وابن عبد البر في التمهيد (7/ 42، 43). - وابن وهب عند ابن عبد البر في التمهيد (7/ 43، 44)، وهكذا رواه عن مالك أبو يوسف القاضي، وسعيد بن داود الزنبرى، ومطرف، ذكرهم الدارقطني في العلل (9/ 338، 339)، وعنه ابن عبد البر في التمهيد (7/ 44). قال الدارقطني: "والصواب في حديث مالك رحمه الله المتصل عن أبي هريرة". وقال ابن حبان: "رفع هذا الخبر عن مالك أربعة أنفس: الماجشون، وأبو عاصم، ويحيى بن أبي قتيلة، وأشهب بن عبد العزيز، وأرسله عن مالك سائر أصحابه، وهذه كانت عادة لمالك يرفع في الأحايين الأخبار، ويوقفها مرارًا، ويرسلها مرة ويسندها أخرى على حسب نشاطه، فالحكم أبدًا =

ورواه معمر وغيره عن الزهري، عن أبي سلمة، عن جابر، خرّجه البخاري كذلك (¬1). وخرّجه مسلم من طريق ابن جريج عن أبي الزبير، عن جابر (¬2). قال الدارقطني: "وحديث جابر، وأبي هريرة محفوظان" (¬3). 131 / حديث: "ذي اليدين". في باب: من سَلَّم من ركعتين ساهيًا. ذكر له مالك هذا الإسناد مرسلًا وأحال في المتن على مرسل أبي بكر بن سليمان بن أبي حَثْمَة (¬4). وأسند هذا الحديث عبد الحميد بن سليمان أخو فُليح خارج الموطأ عن مالك عن الزهري، عن سعيد وحده، عن أبي هريرة (¬5). ¬

_ = لمن رفع عنه، وأسند بعد أن يكون ثقة حافظًا متقنًا على السبيل الذي وصفناه في أول الكتاب". ومثّل الخليلي بهذا الحديث للصحيح المعلول وذكر أن المسند صحيح وحجة ولا تضره علة الإرسال. انظر: علل الدارقطني (9/ 341)، والإحسان (11/ 591)، والإرشاد (1/ 161، 163، 165). (¬1) أخرجه في صحيحه كتاب: البيوع، باب: بيع الشريك من شريكه (2/ 116) (رقم: 2213)، وكذا في مواضع أخرى تحت أرقام (2214، 2257، 2495، 2496، 6976) من طريق معمر وحده، والطيالسي في مسنده (ص: 235) (رقم: 1691)، وأحمد في المسند (3/ 372)، والبيهقي في السنن الكبرى (6/ 103) من طريق صالح بن أبي الأخضر كلاهما عن الزهري به. قال البيهقي: "وتابعهما عبد الرحمن بن إسحاق عن الزهري". (¬2) أخرجه في صحيحه، كتاب: الشفعة، باب: الشفعة (3/ 1229) (رقم: 134، 135). (¬3) العلل (9/ 341). (¬4) الموطأ كتاب: الصلاة، باب: ما يفعل من سلم من الركعتين ساهيًا (1/ 100) (رقم: 61). (¬5) ذكره الدارقطني في العلل ومن طريقه أخرجه ابن عبد البر، وقال: "لم يسند هذا الحديث فيما علمت أحدٌ من الرواة عن مالك إلّا عبد الحميد بن سليمان أخو فليح بن سليمان". العلل (9/ 378)، والتمهيد (7/ 55). قلت: عبد الحميد بن سليمان هذا ضعيف، ضعّفه علي بن المديني وأبو داود والنسائي والدارقطني وغيرهم، وعليه فالراجح عن مالك إرساله، وهي رواية القعنبي (ص: 171)، وأبي مصعب الزهري =

ورُوي عن الليث عن الزهري، عن سعيد وأبي سلمة وأبي بكر بن أبي حثمة ثلاثتهم عن أبي هريرة (¬1). ورواه الأوزاعي عن الزهري عن سعيد وأبي سلمة وعبيد الله بن عبد الله كلّهم عن أبي هريرة، خرّجه أبو داود، وزاد فيه زيادة نفاها مسلم في التمييز (¬2). وانظر الحديث لأبي هريرة من طريق ابن سيرين (¬3)، وأبي سفيان (¬4)، ومرسل أبي بكر بن أبي حثمة (¬5). ¬

_ = (1/ 183) (رقم: 473)، وسويد بن سعيد (ص: 170) (رقم: 311)، ومعن وغيرهم من أصحاب الموطأ كما قال الدارقطني في العلل (9/ 378). وانظر ترجمة عبد الحميد بن سليمان في: سؤالات محمد بن عثمان بن أبي شيبة (رقم: 137)، والضعفاء للنسائي (رقم: 418)، وتهذيب التهذيب (6/ 105)، والتقريب (رقم: 3764). (¬1) أخرجه ابن خزيمة في صحيحه (2/ 126) (رقم: 1045)، وذكر مع الثلاثة رابعًا وهو أبو بكر بن عبد الرحمن. وأخرجه النسائي في السنن كتاب: السهو، باب: ذكر الاختلاف على أبي هريرة في السجدتين (3/ 29) (رقم: 1231) من طريق الليث عن عُقيل عن الزهري عنهم به. (¬2) أخرجه أبو داود في السنن كتاب: الصلاة، باب: السهو في السجدتين (1/ 616) (رقم: 1012)، وأبو يعلى في مسنده (10/ 244) (رقم: 5860)، وابن خزيمة في صحيحه (2/ 124، 125) (رقم: 1040، 1044)، وابن عبد البر في التمهيد (11/ 202) كلهم من طرق عن الأوزاعي به. وسنده صحيح إلا أن في متنه علة. والزيادة التي نفاها مسلم هي قوله: "ولم يسجد سجدتي السهو حتى يقّنه الله ذلك" حيث أنه ذكر رواية أبي هريرة من طريق ابن سيرين، وكذا حديث ابن عمر وعمران بن حصين الذين ذكروا في حديثهم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين سها في صلاته يوم ذي اليدين سجد سجدتين بعد أن أتمَّ الصلاة، ثم قال: "فقد صح بهذه الروايات المشهورة المستفيضة في سجود رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم ذي اليدين أن الزهري واهمٌ في روايته؛ إذ نفى ذلك في خبره من فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -". التمييز (ص: 183). وأعلّها ابن خزيمة أيضًا فقال: "قوله في آخر الخبر "ولم يسجد سجدتي السهو حين يقّنه الناس" إنَّما هو من كلام الزهري، لا من قول أبي هريرة ... " إلى أن قال: "وقد تواترت الأخبار عن أبي هريرة من الطرق التي لا يدفعها عالم بالأخبار أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سجد سجدتي السهو يوم ذي اليدين". انظر: صحيح ابن خزيمة (2/ 127، 128). (¬3) تقدّم حديثه (3/ 479). (¬4) تقدم (3/ 481). (¬5) سيأتي حديثه (5/ 288).

2 - مرسل يحيى بن سعيد الأنصاري, عن سعيد بن المسيب

2 - مرسل يحيى بن سعيد الأنصاري, عن سعيد بن المسيب أربعة أحاديث. مالك عن يحيى بن سعيد, عن سعيد بن المسيب. 132 / حديث: "صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الظهر والعصر يوم الخندق حين غابت الشمس". في صلاة الخوف (¬1). هذا لابن مسعود وأبي سعيد وغيرهما: روى أبو عُبيدة عامر بن عبد الله بن مسعود عن أبيه قال: "إن المشركين شغلُوا رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - عن أربع صلواتٍ يوم الخندق حتى ذهب من الليل ما شاء الله، فأمر بلالًا، فأذَّنَ، ثم أقام فصلّى الظهر، ثم أقام فصلّى العصر، ثم أقام فصلّى المغرب، ثم أقام فصلّى العشاء". خرّجه الترمذي والنسائي وغيرهما (¬2). ¬

_ (¬1) الموطًا كتاب: صلاة الخوف، باب: صلاة الخوف (1/ 165) (رقم: 4) ولفظ الحديث فيه: "ما صلّى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... حتى غابت الشمس" ومعناهما واحد. (¬2) أخرجه الترمذي في السنن كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في الرجل تفوته الصلوات بأيتهن يبدأ (1/ 337) (رقم: 179)، والنسائي في السنن كتاب: الأذان، باب: الاجتزاء لذلك كله بأذان واحد والإقامة لكل واحدة منهما (2/ 346) (رقم: 661)، وابن أبي شيبة في المصنف (2/ 70)، و (14/ 272)، وأحمد في المسند (1/ 375)، والبيهقي في السنن الكبرى (1/ 403) كلهم من طريق هشيم بن بشير، أنبأنا أبو الزبير، عن نافع بن جبير، عن أبي عبيدة بن عبد الله به. وأخرجه أيضًا النسائي في السنن كتاب: المواقيت، باب: كيف يقضي الفائت من الصلاة =

وقال أبو عيسى: ليس بإسناده بأس، إلّا أن أبا عبيدة لم يسمع من عبد الله (¬1) -يعني لصغر سنّه وقت وفاته- (¬2). وذكر قاسم بن أصبغ عن شعبة، عن عمرو بن مُرَّة قال: "قلت لأبي عبيدة: تَذْكُرُ مِن عبد الله شيئًا؟ قال: لا" (¬3). وروى عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري عن أبيه قال: "حُبسنا يوم الخندق عن الظهر، والعصر، والعشاء والمغرب حتى كُفينا، وذلك قول الله تعالى: {وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَال وَكَانَ اللَّهُ قَويًّا عَزِيزًا} (¬4)، قال: فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأمر بلالًا، فأقام الظهرَ، ثم أقام العصرَ، ثم أقام المغربَ، ثم أقام ¬

_ = (1/ 323، 324) (رقم: 621)، وفي: الأذان، باب: الاكتفاء بالإقامة لكل صلاة (2/ 346) (رقم: 662)، وأحمد في المسند (1/ 423)، والطبراني في المعجم الكبير (10/ 185) (رقم: 10283) من طريق هشام الدستوائي عن أبي الزبير عن نافع بن جبير بن مطعم، عن أبي عبيدة به. وهذا إسناد ضعيف لانقطاعه كما قال الترمذي، ولعنعنة أبي الزبير لكن يشهد له حديث أبي سعيد الخدري الآتي. (¬1) كون أبي عُبيدة لم يسمع من أبيه عبد الله هو ما قاله أيضًا ابن معين، وأبو حاتم الرازي، وابن حبان، والمزّي، وغيرهم، وهو الذي رجّحه ابن حجر. انظر: التاريخ لابن معين - رواية الدوري عنه - (3/ 354) (رقم: 1716)، وسؤالات ابن الجنيد لابن معين (ص: 473) (رقم: 819)، وتاريخ عثمان بن سعيد الدارمي (ص: 150) (رقم: 515)، والمراسيل لابن أبي حاتم (ص: 256)، والثقات لابن حبان (5/ 561)، وجامع التحصيل (ص: 204)، وتهذيب الكمال (14/ 61)، وتهذيب التهذيب (5/ 65)، والتقريب (رقم: 8231). (¬2) ذكر ابن أبي حاتم عن شعبة أنه كان ابن سبع سنين لكن فيه عثمان البرِّي، قال الحافظ عنه: "ضعيف". انظر: المراسيل لابن أبي حاتم (ص: 256)، وتهذيب التهذيب (5/ 66). (¬3) رواه الترمذي في السنن (1/ 26) من طريق محمد بن جعفر، وأحمد في العلل (1/ 284) من طريق مسكين بن بكير كلاهما عن شعبة به، وانظر أيضًا: طبقات ابن سعد (6/ 210)، وتاريخ ابن معين - رواية الدوري عنه - (2/ 288)، والمعرفة والتاريخ (2/ 551). (¬4) سورة الأحزاب، الآية (25).

العشاءَ فصلّاها، وذلك قبل أن ينزل: {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا} (¬1) " , خرَّجه ابن أبي شيبة، وقاسم، والطحاوي (¬2). وللنسائي نحوه (¬3). وفي الصحيحين لجابر وعليّ تأخير صلاة العصر خاصة (¬4). ¬

_ (¬1) سورة البقرة، الآية (239). (¬2) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (14/ 272 - 273). ومن طريق قاسم أخرجه ابن عبد في التمهيد (5/ 235). وأخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 321)، وكذا أحمد في المسند (3/ 67)، وأبو يعلى في المسند (2/ 471) (رقم: 1296)، والدارقطني في العلل (11/ 300)، والبيهقي في السنن الكبرى (1/ 402) من طرق عن ابن أبي ذئب، عن سعيد المقبري عن عبد الرحمن بن أبي سعيد به. وسنده صحيح. (¬3) أخرجه في السنن، كتاب: الأذان، باب: الأذان للفائت من الصلوات (2/ 345) (رقم: 660)، وأحمد في المسند (3/ 25)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (7/ 147) (رقم: 2890) من طريق يحيى بن سعيد عن ابن أبي ذئب به نحوه، وليس فيه: "وذلك قبل أن ينزل {فَإِنْ خِفْتُمْ ... }. (¬4) انظر: صحيح البخاري، كتاب: مواقيت الصلاة، باب: من صلَّى بالناس جماعة بعد ذهاب الوقت (1/ 201) (رقم: 596)، وكتاب: الجهاد والسير، باب: الدعاء على المشركين بالهزيمة والزلزلة (2/ 340) (رقم: 2931). وصحيح مسلم كتاب: المساجد، باب: الدليل لمن قال: الصلاة الوسطى هي صلاة العصر (1/ 437، 438) (رقم: 205، 209). وهذان الحديثان يتعارضان في الظاهر مع ما تقدم من حديث أبي مسعود وأبي سعيد حيث ورد فيهما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شُغل يوم الخندق عن أربع صلوات، وتقدم أيضًا في مرسل سعيد أن الذي فاتهم الظهر والعصر، وظاهر حديث عليّ وجابر أن الصلاة الفائتة كانت صلاة العصر فحسب، فمن العلماء من سلك سبيل الترجيح فرجح ما في الصّحيحين على غيرهما ومنهم من سلك سبيل الجمع، منهم الإمام النووي حيث قال: "وطريق الجمع بين هذه الروايات أن وقعة الخندق بقيت أيّامًا فكان هذا في بعض الأيام وهذا في بعضها". انظر: شرح النووي على صحيح مسلم (5/ 130)، وفتح الباري (2/ 596).

وهذه قصة مشهورة مستفيضة كانت بالخندق يوم الأحزاب (¬1). وقد قال أبو سعيد في حديثه: كان ذلك قبل أن ينزل: {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا}، يريد أن هذه الآية نسخت تأخير الصلاة عند الاشتغال بالحرب، وفي ذلك نظر (¬2). ¬

_ (¬1) الطرق المتقدمة كافية في الدلالة على شهرة القصة واستفاضتها وقد وردت أيضًا من حديث ابن مسعود عند مسلم في الصحيح (1/ 437) (رقم: 206)، ومن حديث حذيفة عند البزار (7/ 308) (رقم: 2906 - البحر الزخار-)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (7/ 148) (رقم: 2891)، ومن حديث ابن عباس عند الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 174). (¬2) مذهب أكثر أهل العلم عدم جواز تأخير الصلاة عن وقتها بحال من الأحوال، وأنه إذا اشتدّ الخوف بالمسلمين والتحم القتال يصلون رجالًا أو ركبانًا إلى القبلة أو إلى غيرها كيفما أمكنهم؛ لقوله تعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا}، ولما رواه البخاري ومسلم عن ابن عمر: فإن كان خوف أشدّ من ذلك، صلَّوا رجالًا قيامًا على أقدامهم، وركبانًا مستقبلي القبلة وغير مستقبليها. وذهب أبو حنيفة، وابن أبي ليلى، ومكحول والأوزاعي إلى جواز تأخير الصلاة في تلك الحالة ومن أدلّتهم في ذلك تأخير النبي - صلى الله عليه وسلم - الصلاة يوم الخندق، وأجاب الأولون عن هذا بأنه كان قبل نزول صلاة الخوف كما قال أبو سعيد الخدري في حديثه، لكن المؤلف أبا العباس لم يقتنع به حيث قال: وفي ذلك نظر، ولم يبيّن وجهة نظره، فيحتمل أنه لم يسلك في هذا مسلك الجمهور فيرى جواز تأخير الصلاة عند الاشتغال بالحرب كما فعل الصحابة ذلك في زمن عمر في وقعة تستر، وهو ما اختاره الإمام البخاري أيضًا، أو يقال: إنَّ المؤلف يرى أن تأخير الصلاة يوم الخندق كان نسيانًا كما قال الشافعية أو عمدًا لتعذر الطهارة كما قال المالكية والحنابلة لا لأجل أن صلاة الخوف لم تكن مشروعة لما روى ابن إسحاق كما في سيرة ابن هشام (4/ 204) والواقدي في مغازيه (1/ 296) أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى صلاة الخوف في غزوة ذات الرقاع والبخاري تعليقًا في المغازي (3/ 120) (رقم: 4125) من حديث عمران القطان عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن جابر قال: صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأصحابه في الخوف في غزوة السابعة غزوة ذات الرقاع. وغزوة ذات الرقاع كانت في السنة الرابعة قبل الخندق كما قال ابن عبد البر في الدرر (ص: 176). انظر المسألة في: مختصر اختلاف العلماء للطحاوي (1/ 365)، والمبسوط للسرخسي (2/ 48)، والمحلى (3/ 235)، والمجموع شرح المهذب (4/ 287)، وشرح النووي على صحيح مسلم (5/ 130)، والمغني (3/ 298، 316، 318)، والاعتبار للحازمي (ص: 224، 225)، وتفسير ابن كثير (1/ 303)، وفتح الباري (2/ 505، 506).

133 / حديث: "صلّى بعد أن قدم المدينة ستة عشر شهرا نحو بيت المقدس ثم حُوّلت القبلة قبل بدر بشهرين". في الصلاة، عند آخره (¬1). أسند هذا الحديث محمد بن خالد بن عَثْمَة خارج الموطأ عن مالك، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة (¬2). وقد رُوي عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب، عن سعد (¬3). ومعناه للبراء بن عازب، خرّج في الصحيحين من طريق أبي إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي عنه قال فيه: "صلّينا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - نحو بيت المقدس ستة عشر شهرا، أو سبعة عشر شهرا، ثم صُرفنا نحو الكعبة" (¬4). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: القبلة، باب: ما جاء في القبلة (1/ 174) (رقم: 7). (¬2) ذكره ابن عبد البر في التمهيد (23/ 134) وقال: "انفرد به عن محمد بن خالد بن عثمة عبد الرحمن بن خالد بن نجيح، وعبد الرحمن ضعيف لا يحتج به ... وقد روي معناه مسندًا من وجوه من حديث البراء وغيره". قلت: عبد الرحمن بن خالد قال فيه ابن يونس: "منكر الحديث"، وقال الدارقطني: "متروك الحديث". ميزان الاعتدال (3/ 271)، واللسان (3/ 413). ومحمد بن خالد بن عثمة -بمثلثة ساكنة قبلها فتحة- وإن كان في مرتبة الصدوق، لكن قال ابن حبان في الثقات (9/ 67): "ربما أخطأ". ولذا رجح الدارقطني إرساله فقال: "رواه أصحاب يحيى فرووه عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب مرسلًا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - والمرسل أصح". العلل (4/ 365). قلت: وممن تابع مالكًا على إرساله يزيد بن هارون عند ابن سعد في الطبقات (1/ 186). (¬3) ذكره الدارقطني في العلل (4/ 365) وقال: "تفرد به محمد بن فضيل عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب عن سعد وخالفه أصحاب يحيى فرووه عن يحيى عن سعيد بن المسيب مرسلًا عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، والمرسل أصح". (¬4) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الإيمان، باب: الصلاة من الإيمان (1/ 29) (رقم: 40)، وفي مواضع أخرى تحت أرقام (399، 4486، 4492، 7252)، ومسلم في صحيحه كتاب: =

وخرّج البزار عن عمرو بن عوف نحوه (¬1). وانظر حديث ابن دينار عن ابن عمر (¬2). 134 / حديث: "أن رجلًا مِن أَسْلَم جاء إلى أبي بكر الصديق فقال له: إنَّ الآخِرَ زنى ... ". فيه: "فلم تُقرِرْه نفسُه حتى جاء رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - ... ". وذكر الإعراضَ عنه ثلاثًا، وأنه بعث إلى أهله فقال: "أيشتكي أَبِهِ جِنَّة؟ أَبِكرٌ أمْ ثيِّبٌ؟ "، وفي آخره: "فأمر به رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فرُجِمَ". في أوّل كتاب الرَّجم (¬3). أرسل هذا الحديث يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب، وأسنده الزهري عن سعيد، عن أبي هريرة، خرّج عنه في الصحيحين (¬4). ورواه أبو الزبير عن عبد الرحمن بن الصامت بن عم أبي هريرة، عن ¬

_ = المساجد ومواضع الصلاة، باب: تحويل القبلة من القدس إلى الكعبة (1/ 374) (رقم: 11، 12) كلاهما من طرق عن أبي إسحاق به. (¬1) أخرجه البزار في مسنده (1/ 210) (رقم: 417 - كشف الأستار-) وكذا الطبراني في المعجم الكبير (17/ 18) (رقم: 17) من طريق كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف المزني عن أبيه عن جده نحوه. وسنده ضعيف لأجل كثير المزني. وفي الباب أيضًا عن ابن عباس، أخرجه أحمد في المسند (1/ 325)، والحاكم في المستدرك (2/ 267، 268) وقال: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه بهذه السياقة، ووافقه الذهبي، وكذا صحّح إسناده ابن حجر في فتح الباري (1/ 120). (¬2) تقدّم حديثه (2/ 472). (¬3) الموطأ كتاب: الحدود، باب: ما جاء في الرجم (2/ 626) (رقم: 2). (¬4) انظر: صحيح البخاري، كتاب: الطلاق، باب: الطلاق في الإغلاق (3/ 406) (رقم: 5271)، وصحيح مسلم، كتاب: الحدود، باب: من اعترف على نفسه بالزنا (3/ 1318) (رقم: 16).

أبي هريرة بأتم ألفاظه، خرّج ذلك أبو داود والنسائي (¬1). والمرجومُ هو مَاعِز الأسلمي (¬2)، وقصّتُه مشهورةٌ رُويتْ مِن طُرُقٍ (¬3). وانظر الحديث في مرسل ابن شهاب (¬4). 135 / حديث: "بلغني أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لرجل من أسلم يقال له هزَّال: يا هزّال لو سترته بردائك لكان خيرا لك". في الباب (¬5). ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في السنن كتاب: الحدود، باب: رجم ماعز بن مالك (4/ 580) (رقم: 4428)، والنسائي في السنن الكبرى (4/ 277) (رقم: 7165)، وكذلك عبد الرزاق في المصنف (7/ 322) (رقم: 13340)، والدارقطني في السنن (3/ 196، 197)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (10/ 244، 245) (رقم: 4399)، والبيهقي في السنن الكبرى (8/ 227) من طريق ابن جريج عن أبي الزبير به. وسنده ضعيف؛ لجهالة عبد الرحمن بن الصامت، فقد قيل: ابن هضاض، وقيل: ابن الهضهاض، وقيل: ابن الهضاب الدوسي ابن عم أبي هريرة، وقيل: ابن أخي أبي هريرة، لم يرو عنه إلّا أبو الزبير، ولم يرد فيه توثيق لمعتبر، فهو مجهول جهالة عين. قال البخاري: "لا يُعرف إلّا بهذا الحديث الواحد"، وقال ابن القطان: "مجهول"، ولأجله حكم على الحديث بأنّه لا يصح، وقال الذهبي في الميزان: "لا يُدرى من هذا؟ "، وقال في الكاشف: "مجهول". انظر: بيان الوهم والإيهام (4/ 525)، وتهذيب الكمال (17/ 183)، والميزان (3/ 284)، والكاشف (2/ 150)، وتهذيب التهذيب (6/ 179). (¬2) لا يختلف أهل العلم في ذلك كما قال ابن عبد البر في التمهيد (23/ 122)، وقد ورد التصريح به في حديث بريدة عند مسلم. (¬3) رواه جابر بن سمرة وابن عباس وأبو سعيد الخدري وبريدة وعلي بن أبي طالب وجابر بن عبد الله وغيرهم، أخرجه من طريقهم مسلم في صحيحه (3/ 1318 - 1322) (رقم: 573 - 584)، وأبو داود في السنن (4/ 573، 584) وغيرهما. (¬4) سيأتي حديثه (5/ 318). (¬5) الموطأ كتاب: الحدود، باب: ما جاء في الرجم (2/ 626) (رقم: 3). وأخرجه النسائي في السنن الكبرى (4/ 306) (رقم: 7277) من طريق ابن القاسم عن مالك به مرسلًا. =

ذيّل به مالك الحديث الذي قبله، وهذه الزيادة حديث منفرد. ومعناه أيضًا مرويّ عن جماعة، رُوي عن أبي هريرة أنه قال: "جاء ماعز بن مالك إلى هزّال فقال: إن الآخر زنى، قال: فأتِ النبي - صلى الله عليه وسلم - فأَخبِرْه قبل أن ينزل فيك قرآن، قال: فأتاه فأخبره حتى شهد أربعا فأمر برجمه ... "، وقال: "ألا رجمته يا هزّال"، خرّجه الطيالسي من طريق عبد الرحمن بن هضاض عن أبي هريرة. وخرّجه النسائي أيضًا من هذا الطريق، وقال: "عبد الرحمن بن هضاض ليس بمشهور" (¬1). ¬

_ = وأسنده شعبة عن يحيى بن سعيد عن محمد بن المنكدر، عن ابن هزّال عن أبيه، أخرجه من طريقه النسائي في السنن الكبرى (4/ 306) (رقم: 7275) وفيه عن محمد بن المنكدر أن رجلًا اسمه هزّال عن أبيه، وهو خطأ، والصواب ما أثبته كما في تحفة الأشراف (9/ 70). وكذا أحمد في المسند (5/ 217)، والحاكم في المستدرك (4/ 363) وصحّحه، ووافقه الذهبي. قال ابن عبد البر: "هذا الحديث لا خلاف في إسناده في الموطأ على الإرسال كما ترى وهو يسند من طرق صحاح، فذكر منها طريق الليث عن يحيى بن سعيد عن يزيد بن نعيم بن هزّال عن جده، وكذا طريق شعبة عن يحيى بن سعيد عن محمد بن المنكدر عن ابن هزّال عن أبيه". التمهيد (23/ 125، 126). قلت: الحديث من طريق الليث عن يحيى عن يزيد بن نعيم عن جده هزّال، أخرجه أيضًا النسائي في السنن الكبرى (4/ 306) (رقم: 7278) لكن قال الحافظ في التقريب (رقم: 7787): "إن روايته عن جده مرسلة"، وانظر: أيضًا جامع التحصيل (ص: 303)، وتهذيب الكمال (32/ 258). (¬1) أخرجه الطيالسي في مسنده (ص: 324) (رقم: 2473)، والنسائي في السنن الكبرى (4/ 277) (رقم: 7166) من طريق حماد بن سلمة عن أبي الزبير عن عبد الرحمن بن هضاض به. وإسناده ضعيف لجهالة عبد الرحمن بن هضاض كما تقدم. وهذا الحديث هو حديث أبي هريرة السابق الذي أخرجه أبو داود والنسائي وغيرهما من طريق أبي الزبير عن عبد الرحمن بن الصامت عنه إلا أن الرواة اختلفوا على أبي الزبير، فرواه ابن جريج عنه -كما تقدم- فقال: عن عبد الرحمن بن الصامت ابن عم أبي هريرة. =

وروى الحسن بن محمد بن الحنفيّة عن جابر أنه كان فيمن رجمه، قال: فلمّا وجد مسّ الحجارة قال: ردّوني إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإن قومي آذوني وقالوا: لو أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإنه غير قاتلك، قال جابر: ما أقلعنا عنه حتى قتلناه، فلمّا ذُكِرَ شأنهُ للنبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ألا تركتموه حتى أنظر في شأنه". خرّج هذا ابن أبي شيبة وأبو داود (¬1). وانظر مرسل يزيد بن نعيم بن هزال (¬2). ¬

_ = ورواه زيد بن أُنيسة عند البخاري في تاريخه الكبير (5/ 361)، وكذا ابن حبان في صحيحه (10/ 246، 247) (رقم: 4400) وكذا حجاج بن حجاج عنه عن عبد الرحمن بن الهضاض. وقال حماد بن سلمة: عن أبي الزبير عن عبد الرحمن بن هضاض عن أبي هريرة. انظر: علل الدارقطني (11/ 80). (¬1) أخرجه في المصنف (10/ 77، 78). وأبو داود في السنن كتاب: الحدود، باب: رجم ماعز بن مالك (4/ 576، 577) (رقم: 4420)، والنسائي في السنن الكبرى (3/ 291) (رقم: 7206)، وأحمد في المسند (3/ 381) كلهم من طرق عن محمد بن إسحاق، عن عاصم بن عمر بن قتادة، عن الحسن، عن جابر أنه قال: "أنا أعلم الناس بهذا الحديث ... " فذكره. وإسناده حسن، وابن إسحاق مدلس لكنه صرح بالسماع عند النسائي فانتفت شبهة تدليسه، وعند ابن أبي شيبة والنسائي أن ابن إسحاق أنكر هذا الحديث بعد أن سمعه من أبي الهيثم ابن نصر بن دهر الأسلمي، عن أبيه، فسأل عنه عاصم بن عمر بن قتادة. (¬2) سيأتي حديثه (5/ 263).

3 - عبد الرحمن بن حرملة عن سعيد بن المسيب

3 - عبد الرحمن بن حرملة عن سعيد بن المسيب. أربعة أحاديث. مالك عن عبد الرحمن بن حرملة عن سعيد بن المسيب. 136 / حديث: "بيننا وبين المنافقين شُهُودُ العِشاء والصُّبح ... ". في الصلاة الثاني (¬1). معنى هذا الحديث لأبي عمير (¬2) بن أنس بن مالك، عن عمومة له من الصحابة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما يشهدهما (¬3) منافق" خرّجه ابن أبي شيبة (¬4). وروى سليمان الأعمش عن أبي صالح، عن أبي هريرة مرفوعًا: "إنَّ أثقل الصلاة على المنافقين العشاء والفجر، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا"، خرّجه قاسم (¬5). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: صلاة الجماعة، باب: ما جاء في العتمة والصبح (1/ 126) (رقم: 5). قال ابن عبد البر: "لا يحفظ هذا اللفظ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مسندًا، ومعناه محفوظ من وجوه ثابتة". التمهيد (20/ 11). (¬2) قال الناسخ في الهامش: "حاشية في الأصل: أبو عمير هذا لا يوقف على اسمه" قلت: سمّاه ابن سعد عبد الله، وقال: "كان ثقة قليل الحديث"، وهكذا سمّاه أبو أحمد الحاكم كما نقل عنه المزي". انظر: الطبقات الكبرى (7/ 142)، وتهذيب الكمال (34/ 142). (¬3) في الأصل: "ما يشهدها" وهو خطأ. (¬4) أخرجه في المصنف (1/ 332)، وكذلك عبد الرزاق في المصنف (1/ 529) (رقم: 2023)، وأحمد في المسند (5/ 57)، وابن عبد البر في التمهيد (20/ 12) من طريقين عن أبي بشر جعفر بن أبي وحشية عن أبي عمير به. وعزاه الحافظ في الفتح (1/ 150) إلى سعيد بن منصور أيضًا وقال: "إسناده صحيح". (¬5) هو في الصحيحين، أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الأذان، باب: فضل العشاء في الجماعة (1/ 218) (رقم: 657)، ومسلم في صحيحه كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: فضل صلاة الجماعة ... (1/ 451، 452) (رقم: 252).

وانظر حديث أبي صالح عن أبي هريرة في مسنده (¬1). 137 - حديث: "لا يزال النَّاسُ بخيرٍ ما عجّلوا الفطرَ". في الصّيام (¬2). عند ابن بكير عن مالك في متن هذا الحديث زيادة (¬3). وتقدّم لسهل بن سعد مسندًا (¬4)، وانظر مرسل عبد الكريم بن أبي المخارق (¬5). 138 / حديث: "قد اعتمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل أن يحج". في باب العمرة في أشهر الحج (¬6). هذا لابن عمر، خرّجه أبو داود من طريق عكرمة بن خالد عنه قال: "اعتمر النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل أن يحج" (¬7). ¬

_ (¬1) تقدّم حديثه (3/ 439). (¬2) الموطأ كتاب: الصيام، باب: ما جاء في تعجيل الفطر (1/ 241) (رقم: 7). (¬3) والزيادة هي: "ولا يؤخروه تأخير أهل المشرق" (ل: 50 / ب) -الظاهرية-. (¬4) انظره (3/ 106)، وكلمة "مسندًا" تصحفت في الأصل إلى "مرسلًا". قال ابن عبد البر: "لم يختلف الرواة عن مالك في إرسال هذا الحديث بهذا الإسناد وهو متصل في الموطأ من حديث مالك عن أبي حازم عن سهل بن سعد ومتصل أيضًا من غير رواية مالك من حديث سهل بن سعد وأبي هريرة". التمهيد (20/ 22). (¬5) تقدّم حديثه (5/ 59). (¬6) الموطأ كتاب: الحج، باب: العمرة في أشهر الحج (1/ 279) (رقم: 57). (¬7) أخرجه في السنن كتاب: الحج، باب: العمرة (2/ 502) (رقم: 1986)، وهو من هذا الوجه أيضًا عند البخاري في الصحيح، كتاب: العمرة، باب: من اعتمر قبل الحج (1/ 537) (رقم: 1774).

وجاء نحو هذا عن جماعة (¬1)، والمراد بالحج هنا حجة الوداع (¬2). ويُحتَمَل أن يُراد بهذا الحديث إباحة تقديم العمرة على الحج في وقت واحد على سبيل التمتع والقران، وفي ذلك خلف، انظره لعائشة (¬3)، وحفصة (¬4)، وسعد (¬5). وانظر العمرة في مرسل عروة (¬6)، ومرسل مالك (¬7). 139 / حديث: "الشيطانُ يَهُمُّ بالواحد والاثنين، وإذا كانوا ثلاثةً لم يَهُمَّ بهم". في الجامع، باب الموحدة في السفر (¬8). روى هذا عبد العزيز بن محمد الكوفي، عن عبد الرحمن بن أبي الزناد، ¬

_ (¬1) روى البخاري في صحيحه، كتاب: العمرة، باب: كم اعتمر النبي - صلى الله عليه وسلم - (1/ 539) (رقم: 1781) من طريق إبراهيم بن يوسف عن أبيه عن أبي إسحاق قال: سألت مسروقًا وعطاءً ومجاهدًا فقالوا: اعتمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ذي القعدة قبل أن يحج وقال: سمعت البراء بن عازب رضي الله عنهما يقول: اعتمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ذي القعدة قبل أن يحج مرّتين". قال ابن عبد البر: "يتصل هذا الحديث من وجوه صحاح، وهو أمر مجتمع عليه". التمهيد (20/ 13). (¬2) وهو الظاهر؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يحج إلا حجة واحدة، وإنما قيل لها حجة الوداع لأنه عليه الصلاة والسلام ودّع الناس فيها ولم يحج بعدها، وسميت أيضًا حجة الإسلام وحجة البلاغ - البداية والنهاية (5/ 99). (¬3) تقدّم حديثها (4/ 9، 67). (¬4) تقدّم حديثها (4/ 180). (¬5) تقدم (3/ 77). (¬6) تقدّم حديثه (590). (¬7) سيأتي حديثه (5/ 362). (¬8) الموطأ كتاب: الاستئذان، باب: ما جاء في الموحدة في السفر للرجال والنساء (2/ 745) (رقم: 36).

عن عبد الرحمن بن حرملة، عن سعيد، عن أبي هريرة، خرّجه قاسم في السنن (¬1). وذكره الدارقطني في العلل وقال: "المرسل أشبه" (¬2). وحمله مالك على الخلوة وعدم الصحبة في السفر كحديث ابن عمرو (¬3). وجاء عن عمر بن الخطاب مرفوعًا: "مَن أراد بَحْبُوحَةَ الجنَّة فلْيَلْزَمِ الجماعةَ، فإنَّ الشيطانَ مع الواحدِ، وهو مِنَ الاثنين أَبْعَد"، خرّجه الطيالسي (¬4). ¬

_ (¬1) أخرجه من طريقه ابن عبد البر في التمهيد (20/ 8) وعزاه الهيثمي في المجمع (5/ 258) إلى البزار وقال: "فيه عبد الرحمن بن أبي الزناد وهو ضعيف، وقد وثق". قلت: وفيه أيضًا عبد العزيز بن محمد الأزدي، قال ابن القطان في بيان الوهم والإيهام (4/ 405): "لا تعرف حاله"، وقال الدارقطني كما في أطراف الغرائب (ل: 293 / أ): "تفرد به عبد العزيز بن محمد الأزدي عن ابن أبي الزناد عن حرملة". وعليه فالمحفوظ إرساله كما رواه مالك، وقد ورد معناه من طرق أخرى، منها ما رواه البخاري في الصحيح (3/ 358) (رقم: 2998) من حديث ابن عمر مرفوعًا "لو يعلم الناس ما في الموحدة ما أعلم ما سار راكبٌ بليل وحده". (¬2) العلل (9/ 196). (¬3) وهو المذكور في الموطأ قبل مرسل سعيد: "الراكب شيطان ... " وتصحّف "ابن عمرو" في الأصل إلى "ابن عمر"، والصواب ما أثبته كما في الموطأ، وهو عبد الله بن عمرو بن العاص. قال ابن عبد البر: "كأن مالكًا رحمه الله يجعل الحديث الثاني في هذا الباب تفسيرًا للأوّل". الاستذكار (27/ 266). (¬4) أخرجه في مسنده (ص: 7)، وكذلك النسائي في السنن الكبرى (5/ 387) (رقم: 9219 - 9221)، وأحمد في المسند (1/ 26)، وابن أبي عاصم في السنة (ص: 423) (رقم: 902)، و (617) (رقم: 1489)، وأبو يعلى في مسنده (1/ 131، 134) (رقم: 141 - 143)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (10/ 436) (رقم: 4576)، والطبراني في المعجم الأوسط (2/ 184) (رقم: 1659) و (3/ 204) (رقم: 2929)، وابن منده في الإيمان (3/ 228) (رقم: 1086)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (4/ 150) كلهم من طرق عن عبد الملك بن عمير عن جابر ابن سمرة قال: خطبنا عمر بن الخطاب بالجابية ... فذكره مطولًا. والإسناد رجاله ثقات إلا أن فيه عبد الملك بن عمير، وهو مدلّس لكنه صرّح بالتحديث عند أبي =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = يعلى فانتفت شبهة تدليسه لكن وصفه ابن معين بأنه مخلّط، وقال أبو حاتم: "ليس بحافظ، وهو صالح الحديث، تغيّر حفظه قبل موته"، وقد ظهر أثر سوء حفظه عليه في هذا الحديث حيث أن الرواة اختلفوا عليه: - فرواه جماعة عنه عن جابر بن سمرة عن عمر. - ورواه جماعة عنه عن عبد الله بن الزبير عن عمر. - ورواه جماعة عنه عن رجل لم يسمّ عن عبد الله بن الزبير. - وروي عنه عن ربعي بن خراش عن عمر. - وروي عنه عن قبيصة بن جابر عن عمر. - وروي عنه عن رجاء بن حيوة عن عمر. ذكره الدارقطني في العلل (2/ 125) وقال: "يشبه أن يكون الاضطراب في هذا الإسناد من عبد الملك بن عمير لكثرة اختلاف الثقات عنه في الإسناد والله أعلم" قلت: ومع هذا الاضطراب فالحديث صحيح لوروده من طرق أخرى، فقد أخرجه الترمذي في السنن كتاب: الفتن، باب: ما جاء في لزوم الجماعة (4/ 404) (رقم: 2165)، والنسائي في السنن الكبرى (5/ 388) (رقم: 9225)، وابن أبي عاصم في السنة (ص: 421) (رقم: 897)، والبزار في مسنده (البحر الزخار) (1/ 269) (رقم: 66) من طريق النضر بن إسماعيل عن محمد بن سوقة عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر أن عمر ... فذكره. والإسناد رجاله ثقات ما عدا النضر بن إسماعيل فقد وصفه الذهبي في الكاشف (3/ 179) والحافظ في التقريب (رقم: 7130) بأنه ليس بالقوي. لكنه توبع، قال الترمذي: "هذا حديث صحيح غريب من هذا الوجه، وقد رواه ابن المبارك عن محمد بن سوقة، وقد رُوي هذا الحديث من غير وجه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -". وانظر الحديث من طريق ابن المبارك في مسنده (ص: 148) (رقم: 241)، ومن طريقه أخرجه أحمد في المسند (1/ 18)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (16/ 239) (رقم: 7254)، والحاكم (1/ 113)، والبيهقي في السنن الكبرى (7/ 91) وسنده صحيح، وقد صححه الحاكم على شرط الشيخين, ووافقه الذهبي وانظر الطرق الأخرى عن عمر رضي الله عنه في السنة لابن أبي عاصم (ص: 42، 422) (رقم: 86, 87، 899)، والشريعة للآجري (1/ 284 - 285) (رقم: 5، 6). وانظر ترجمة عبد الملك بن عمير في: الجرح والتعديل (5/ 361)، وتهذيب الكمال (18/ 370)، وتهذيب التهذيب (6/ 364)، والتقريب (رقم: 4200).

وجاء في هذا المعنى آثارٌ في بعضها: "من شَذّ شُذّ في النار" (¬1). وهو محمول على موافقة أهل الحق والسنّة ومجانبة الشذوذ والبدعة. وانظر حديث عبد الله بن عمرو في مسنده (¬2). فصل: عبد الرحمن بن حَرْمَلة لم يخرِّج عنه البخاري، وخرّج له مسلم (¬3). ¬

_ (¬1) أخرج الترمذي في السنن كتاب: الفتن، باب: ما جاء في لزوم الجماعة (4/ 405) (رقم: 2167)، وابن أبي عاصم في السنة (ص: 39) (رقم: 80)، والحاكم في المستدرك (1/ 115، 116)، والبيهقي في الأسماء والصفات (2/ 133، 134) (رقم: 701) كلهم من طرق عن المعتمر بن سليمان عن أبي سفيان المدني، عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله لا يجمع أمتي أو قال أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - على ضلالة، ويد الله مع الجماعة، ومن شذَّ شذَّ إلى النار". قال الترمذي: "هذا حديث غريب من هذا الوجه، وسليمان المدني هو عندي سليمان بن سفيان وقد روى عنه أبو داود الطيالسي وأبو عامر العقدي وغير واحد من أهل العلم". وقال البيهقي: "أبو سفيان المدني يقال: إنه سليمان بن سفيان واختلف في كنيته وليس بمعروف". قلت: هو معروف بالضعف، ضعَّفه الأئمة كلهم؛ ولأجله فالإسناد ضعيف جدًّا، وقد ذكر الحاكم أنه رُوِيَ من طرق أخرى عن المعتمر لكن مدار تلك الطرق كلها على سليمان بن سفيان الضعيف. ورواه الطبراني في المعجم الكبير (12/ 447) (رقم: 13633) من طريق معتمر بن سليمان عن مرزوق مولى آل طلحة عن عمرو بن دينار عن ابن عمر مرفوعًا وإسناده صحيح، لكن ليس فيه قوله "من شذ شذ إلى النار". وانظر ترجمة سليمان بن سفيان في: تهذيب الكمال (11/ 436)، والميزان (2/ 399)، والكاشف (1/ 314)، وتهذيب التهذيب (4/ 170)، والتقريب (رقم: 2563). (¬2) تقدّم حديثه (3/ 4). (¬3) انظر: رجال صحيح مسلم لابن زنجويه (1/ 408)، وقد رمز له المزي بـ (م 4). وقال ابن حجر: "روى له مسلم حديثًا واحدًا متابعةً في القنوت". انظر: تهذيب الكمال (17/ 58)، وتهذيب التهذيب (6/ 146).

وقال الساجي: "هو صدوق يوهم في الحديث" (¬1)، وذكر عن علي بن المديني أن يحيى القطان قال: "لو شئت أن ألقّنه تلقن" (¬2). وحكى ابنُ معين عن يحيى القطان عنه أنه قال: "كنت لا أحفظ فرخص لي سعيد بن المسيب في الكتاب" (¬3). ¬

_ (¬1) انظر: تهذيب التهذيب (6/ 147). (¬2) انظر: الجرح والتعديل (5/ 223)، وضعفاء العقيلي (2/ 328)، وتهذيب الكمال (17/ 60). قلت: قبول عبد الرحمن التلقين يدل على سوء حفظه، وقد اعترف به هوفيما رواه يحيى القطان عنه، ولذا وصفه ابن حبان في الثقات (7/ 68) بأنه يخطئ، وقال الحافظ في التقريب (رقم: 3840): "صدوق ربما أخطأ". (¬3) تاريخ ابن معين - رواية الدوري - (2/ 346).

4 - 7 المقلون عن ابن المسيب

4 - 7 المقلّون عن ابن المسيب ثلاثةُ أحاديث. 140 / حديث: "جاء أعرابيٌّ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يضربُ نَحْرَهُ ويَنْتِفُ شَعْرَهُ، ويقول: هلك الأبعد ... ". فيه: "قال: أصبتُ أهلي وأنا صائم في رمضان"، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له: "أتستطيع أن تُعْتِقَ رقبةً؟ هل تستطيع أن تُهْدِيَ بَدَنَةً؟ "، وقصة عرق التمر، وقوله: "كُلْهُ، وصُمْ يومًا مكانَ ما أصبتَ". عن عطاء بن عبد الله الخراساني، عن سعيد بن المسيب (¬1). انفرد عطاء بذكر الهدي في هذا الحديث، وأُنكر ذلك عليه (¬2). ويُذكَر أن سعيدًا كذّبه فيه، وتطرّق بهذا إلى ذكر عطاء. ذكر الترمذي أن البخاري قال: "ما أعرف لمالك بن أنس رجلًا يستحق أن يُترَك حديثُه غيرَ عطاء الخراساني"، قال أبو عيسى: "قلت له: ما شأنُه؟ قال: عامة أحاديثه مقلوبة"، وذكر هذا الحديث، وقال بعض أصحابه: "سألتُ سعيدًا عن هذا فقال: كذب علَيَّ عطاء، لم أحدّثه هكذا"، وذكر أحاديث انتقدها عليه (¬3)، وهذا في بعض نسخ الجامع للترمذي، ثبت في بعض ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الصيام، باب: كفارة من أفطر في رمضان (1/ 246) (رقم: 29). (¬2) قال ابن عبد البر: "هكذا هذا الحديث في الموطأ عند جماعة الرواة مرسلًا، وقد رُوي معناه متصلًا من وجوه صحاح ... إلا أن قوله في هذا الحديث: "هل تستطيع أن تهدي بدنة" غير محفوظ في الأحاديث المسندة الصحاح، ولا مدخل للبدن أيضًا في كفارة الواطئ في رمضان عند جمهور العلماء، وذكر البدنة هو الذي أُنكر على عطاء في هذا الحديث وأما ذكر الرقبة وذكر الصدقة بالعرق وسائر ما ذكرنا في هذا الحديث فمحفوظ من حديث أبي هريرة وحديث عائشة من رواية الثقات الأثبات والحمد لله". التمهيد (21/ 8). (¬3) انظر: العلل الكبير (2/ 705 - 706). =

الروايات وسقط من بعضها (¬1). ورُوي هذا الحديث عن سعيد، عن أبي هريرة مسندًا ولم يصح من هذا الطريق (¬2). ¬

_ = وروى البخاري في الضعفاء له (ص: 94) من طريق القاسم بن عاصم، وكذا العقيلي في ضعفاءه (3/ 406 - 407) من طريقه وكذا من طريق محمد بن عُبيد وسعيد بن يزيد ومحمد بن سيرين وعون أنهم ذكروا لسعيد هذا الحديث فقال: "كذب عليَّ عطاء". قلت: عطاء الخراساني، وإن كان البخاري أدخله في ضعفاءه من أجل هذه الحكاية، وجعل عامة أحاديثه مقلوبة، إلا أن بقية العلماء احتجوا بحديثه إذا كان خاليًا من الوهم والخطأ, وروى عنه مسلم وأصحاب السنن، ووثقه ابن معين، وقال ابن أبي حاتم عن أبيه: "ثقة صدوق، قلت: يحتج به؟ قال: نعم"، وقال النسائي: "ليس به بأس". وقال الدارقطني: "ثقة في نفسه"، ولا شك أن توثيق هؤلاء يدفع رأي البخاري فيه، وقد حكى ابن رجب في شرح العلل (2/ 877، 878) عن الترمذي أنه قال: "إن ما ذكره البخاري لا يوافَق عليه، وأنه ثقة عند أكثر أهل الحديث، ولم أسمع أن أحدًا من المتقدمين تكلَّم فيه". وقال هو نفسه قبل هذا الكلام: "قد ذكرنا فيما تقدم أن عطاء الخراساني ثقة، عالم رباني، وثقه كل الأئمة ما خلا البخاري، ولم يوافق على ما ذكره، وأكثر ما فيه أنه كان في حفظه بعض سوء، ونقل توثيق جمع من أهل العلم له، ثم قال: "وأما الحكاية عن سعيد بن المسيب أنه كذبه فيما روى عنه فلا تثبت". قلت: وهذه الحكاية قد ردّها ابن عبد البر أيضًا في التمهيد (21/ 8، 9) وتكلّم في إسنادها، ولو صحت فإن عبارة "كذب فلان" قد تطلق على مجرد الخطأ، ولا شك أن عطاء الخراساني ممن كان يخطئ ويهم كما وصفه بذلك ابن حبان وقال شعبة: "حدثنا عطاء الخراساني وكان نسيًّا"، وقال الحافظ: "صدوق يهم كثيرًا". انظر: تاريخ ابن معين - رواية الدوري عنه - (2/ 405)، وتاريخ عثمان بن سعيد الدارمي (ص: 146) (رقم: 499)، والجرح والتعديل (6/ 334)، والمجروحين (2/ 130)، والتمهيد (21/ 8)، وأسماء شيوخ مالك (ص: 197 - 199) وتهذيب الكمال (20/ 116)، وتهذيب التهذيب (7/ 190)، والتقريب (رقم: 4600). (¬1) ليس هذا في الجامع المطبوع والمتداول اليوم، وإنما هو في العلل الكبير له كما تقدم. (¬2) أخرجه الدارقطني في العلل (10/ 245)، والبيهقي في السنن الكبرى (4/ 226) من طريق ابن أبي مريم، عن عبد الجبار بن عمر، عن يحيى بن سعيد وعطاء الخراساني، عن سعيد بن المسيب، =

وخرّجه أبو داود في المراسل من طريق مالك وغيره، ولم يسنده، وذكر هو ويحيى الساجي أن سعيدًا كذّب عطاء فيه (¬1). انظر الحديث لأبي هريرة من طريق حُميد (¬2)، وانظر عطاء في مرسله (¬3)، وانظر ما قيل في عبد الكريم بن أبي المخارق في مرسله أيضًا (¬4). ¬

_ = عن أبي هريرة مسندًا. وهو كما قال المؤلف لا يصح؛ لأنَّ عبد الجبار مجمع على ضعفه، وقد خالف الثقات من أصحاب عطاء كمالك ويونس وعطاء بن أبي رباح، فأسنده، وأولئك أرسلوه. قال الدارقطني: "رواه أيوب السختياني عن القاسم بن عاصم عن عطاء بن أبي رباح عن عطاء الخراساني، عن سعيد بن المسيب مرسلًا، وكذلك رواه مالك ويونس الأيلي عن عطاء الخراساني عن ابن المسيب مرسلًا، ورواه عبد الجبار بن عمر الأيلي عن عطاء الخراساني ويحيى بن سعيد عن ابن المسيب عن أبي هريرة، ووهم فيه". العلل (10/ 234 - 235). قلت: وممّن تابع مالكًا على إرساله: معمر عند عبد الرزاق في المصنف (4/ 195) (رقم: 7459). (¬1) انظر: المراسيل لأبي داود (ص: 126 - 127) (رقم: 102، 103)، ولم أقف على حكاية الساجي، لكن تقدّم أن الحافظ ابن رجب حكم على الحكاية المذكورة بأنها لا تثبت. (¬2) تقدم (3/ 332)، وهو شاهد صحيح لهذا المرسل ما عدا الزيادة المنكرة. (¬3) انظر: (5/ 150). (¬4) انظر: (5/ 57).

141 / حديث: "النهي عن بيع الغرر". عن أبي حازم بن دينار، عن سعيد بن المسيب. في البيوع (¬1)، واحتج به في المساقاة (¬2). وهذا الحديث لأبي هريرة، خرّجه مسلم من طريق الأعرج عنه (¬3). ورواه أبو حذافة أحمد بن إسماعيل خارج الموطأ عن مالك، عن نافِع عن ابن عمر. قال أبو عمر بن عبد البر: "هذا منكر، والصحيح عن مالك ما في الموطأ، وهو ثابت عن أبي هريرة" (¬4). فصل: أبو حازم مذكور في مسند معاذ، وسَهل (¬5). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: البيوع، باب: بيع الغرر (2/ 513) (رقم: 75). (¬2) انظر: (2/ 542) حيث قال في الكلام على مسألة الإجارة: "ولا يصلح ذلك إذا دخله الغرر؛ لأنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الغرر". (¬3) أخرجه مسلم في البيوع، باب: بطلان بيع الحصاة، والبيع الذي فيه غرر (3/ 1153) (رقم: 4). (¬4) التمهيد (21/ 134 - 135). قلت: إنَّما حكم ابن عبد البر على رواية أبي حذافة الموصولة بالنكارة لمخالفته بقية أصحاب مالك الثقات، فقد تابع يحيى بن يحيى الليثي على الإرسال: - أبو مصعب الزهري (2/ 316) (رقم: 2501)، وسويد بن سعيد (ص: 235) (رقم: 489)، ومحمد بن الحسن الشيباني (ص: 274) (رقم: 775)، ويحيى بن بكير (ل: 90 / أ) - الظاهرية-، وابن القاسم (ل: 8 / ب). وجميع الرواة كما قال ابن عبد البر في التمهيد (21/ 134)، وخالفهم أبو حذافة السهمي، فوصله وقد قال فيه الدارقطني: "ضعيف الحديث، كان مغفلًا، أُدخلت عليه أحاديث في غير الموطأ فقبلها، لا يُحتج به"، وقال ابن عدي: "حدَّث عن مالك بالموطأ، وحدّث عنه وعن غيره بالبواطيل". انظر: الكامل (1/ 179)، وتهذيب التهذيب (1/ 13). (¬5) انظر: (2/ 214)، (3/ 112).

142 / حديث: "نهى عن بيع الحيوان باللحم". عن زيد بن أسلم، عن سعيد بن المسيب (¬1). هذا الحديث مشهور (¬2)، ولا يكاد يوجد مسندًا (¬3)، خرّجه أبو داود في المراسل من طريق مالك وغيره عن سعيد، ولم يسنده (¬4). وخرّجه الدارقطني في السنن من طريق يزيد بن مروان عن مالك عن الزهري، عن سهل بن سعد الساعدي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مسندًا. وقال أبو الحسن: "تفرّد به يزيد بن مروان عن مالك بهذا الإسناد، ولم يتابَع عليه, قال: وصوابه في الموطأ عن ابن المسيب مرسلًا" (¬5). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: البيوع، باب: بيع الحيوان باللحم (2/ 507) (رقم: 64). (¬2) لوروده من عدّة طرق؛ فقد رواه عبد الرزاق في المصنف (8/ 27) (رقم: 14162) عن معمر. والبيهقي في السنن الكبرى (5/ 296) من طريق عبد العزيز بن محمد الدراوردي، وحفص بن ميسرة، ثلاثتهم عن زيد بن أسلم به. وأسانيدها صحيحة إلى مرسله. (¬3) أي من وجه صحيح، وإلّا فقد رواه الدارقطني وغير واحد كما سيأتي من طريق يزيد بن مروان، عن مالك، عن الزهري، عن سهل بن سعد مرفوعًا، لكنه غير صحيح. (¬4) (ص: 166) (رقم: 177، 178) فقد أخرجه من طريق محمد بن الوليد الزبيدي، عن الزهري، والقعنبي، عن مالك، كلاهما عن زيد به. ومن طريق القعنبي أخرجه أيضًا الدارقطني في السنن (3/ 71). (¬5) السنن (3/ 70 - 71). قلت: يزيد بن مروان هذا أجمع النقاد على تضعيفه، بل كذبه ابن معين، وقال ابن حبان: "كان ممّن يروي الموضوعات عن الثقات، لا يجوز الاحتجاج به بحال"، وعليه فهذه الرواية منكرة. وأخرجه أبو نعيم في الحلية (6/ 334) من طريق يزيد بن عمرو البزار، عن يزيد بن مروان به، وقال: "غريب من حديث مالك، عن الزهري، عن سهل، تفرّد به يزيد بن عمرو عن يزيد". وقال البيهقي عن المرسل: "هذا هو الصحيح، ورواه يزيد بن مروان الخلّال عن مالك، عن =

وذكر الشافعي أنه افتقد مراسل سعيد بن المسيب فوجدها صحاحًا (¬1). وقال ابن معين: "أصحّ المراسل مراسل سعيد بن المسيب"، حكى هذا الحاكم عنه (¬2). وقال أبو الزناد: "كل من أدركت من الناس ينهى عن بيع الحيوان باللحم، قال: وكان يكتب ذلك في عهود العمال في زمان أبان بن عثمان" (¬3). ¬

_ = الزهري، عن سهل بن سعد، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وغلط فيه". السنن الكبرى (5/ 296). وقال ابن عبد البر - بعد أن رواه من طريق يزيد المذكور -: "هذا حديث إسناده موضوع، لا يصح عن مالك، ولا أصل له في حديثه". التمهيد (4/ 322). وانظر ترجمة يزيد الخلال في: تاريخ عثمان بن سعيد الدارمي (ص: 235) (رقم: 913)، والمجروحين لابن حبان (3/ 105)، والضعفاء والمتروكون لابن الجوزي (3/ 213)، وميزان الاعتدال (6/ 113)، واللسان (6/ 293). (¬1) قال في الأم (3/ 188): "لا نحفظ أن ابن المسيب روى منقطعًا إلّا وجدنا ما يدل على تسديده، ولا أثره عن أحد فيما عرفناه عنه إلّا ثقة معروف، فمن كان بمثل حاله قبلنا منقطعه". وحكى أبو حاتم الرازي عن يونس عنه أنه قال: "ليس المنقطع بشيء ما عدا منقطع سعيد بن المسيب". المراسيل (ص: 14). وانظر: شرح علل الترمذي لابن رجب (1/ 540 - 541). (¬2) معرفة علوم الحديث (ص: 26)، وقد حكاه أيضًا عن غيره من المتقدِّمين، وذكر القاضي أبو يعلى في العدة (3/ 920) عن الإمام أحمد في رواية أبي الحارث أنّه قال: "مرسلات سعيد بن المسيب صحاح لا يرى أصح من مرسلاته". وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "سعيد بن المسيب هو الغاية في جودة المراسيل". الصارم المسلول (ص: 137). (¬3) الموطأ (2/ 507)، والسنن الكبرى للبيهقي (5/ 297). قلت: لما لم يجد المؤلف رحمه الله مسندًا يعضد به المرسل المذكور لجأ إلى ما قاله أهل العلم في =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = ترجيح مرسل سعيد على غيره، وإلى ما ذكره أبو الزناد من فتوى أهل العلم في العهد الأول، وهذا الأخير عاضد معتبر لتقوية المراسيل، لكن هناك عواضد أخرى يتقوى بها هذا المرسل: أحدها: ما أخرجه الحاكم في المستدرك (2/ 35) من طريق قتادة عن الحسن، عن سمرة: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الشاة باللحم"، وقال: "هذا حديث صحيح الإسناد، رواته عن آخرهم أئمة حفاظ ثقات، ولم يخرجاه، وقد احتج البخاري بالحسن عن سمرة". وله طريق أخرى عند البيهقي في السنن الكبرى (5/ 296)، وقال: "وهذا إسناد صحيح، ومن أثبت سماع الحسن من سمرة عدَّه موصولًا، ومن لم يثبته فهو مرسل جيّد يُضم إلى مرسل سعيد بن المسيب والقاسم بن أبي بزة، وقول أبي بكر الصديق". الثاني: هو ما أشار إليه البيهقي، وهو مرسل القاسم بن أبي بزة، رواه الإمام الشافعي في الأم (3/ 71)، ومن طريقه رواه البيهقي في السنن الكبرى (5/ 296) من طريق مسلم، عن ابن جريج، عن القاسم بن أبي بزة قال: قدمت المدينة فوجدت جَزورًا، وفيه: "إنَّ رسول الله نهى أن يباع حي بميت". وإسناده ضعيف، فيه ابن جريج وهو مدلس وقد عنعن، وفيه أيضًا مسلم بن خالد المخزومي، قال عنه في التقريب (رقم: 6625): "صدوق كثير الأوهام"، وفيه أيضًا شيخ القاسم مبهم لم يسمَّ. الثالث: قول أبي بكر الصديق، رواه الشافعي في الأم (3/ 71)، وعبد الرزاق في المصنف (8/ 27) (رقم: 14165)، والبيهقي في السنن الكبرى (5/ 297) من طريق الشافعي، كلهم من طريق ابن أبي يحيى، عن صالح مولى التوأمة، عن ابن عباس، عن أبي بكر الصديق: "أنّه كره بيع الحيوان باللحم". وهذا الأثر إسناده ضعيف جدًّا، فيه ابن أبي يحيى، وهو إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي، متروك، وصالح مولى التوأمة صدوق اختلط بأخرة كما في التقريب (رقم: 2892). وقد أشار السيوطي في ألفيته (ص: 25) إلى اعتضاد هذا المرسل بالعواضد المذكورة. وأما ما ذكره المؤلف من قول الشافعي في تصحيح مراسيل سعيد فليس ذلك على إطلاقه، وإنّما هو محمول على الشروط التي ذكرها الشافعي في المرسِل والخبر المرسَل، كما قال البيهقي في مناقب الشافعي (2/ 32)، والنووي في الإرشاد (1/ 171)، والمجموع (1/ 61). على أنَّه ذكر البلقيني في محاسن الاصطلاح (ص: 207 - مع علوم الحديث" عن الماوردي أن الشافعي كان يحتج بمراسيل سعيد بانفرادها في القديم، ومذهبه في الجديد أن مرسل سعيد وغيره ليس بحجة.

51 - مرسل سعيد بن يسار -وهو أبو الحباب-

51 - مرسل سعيد بن يسار -وهو أبو الحُبَاب- حديثٌ واحدٌ، وتقدّم له مسندٌ عن أبي هريرة (¬1). 143 / حديث: "من تصدّق بصدقة من كسب طيّب، ولا يَقبَلُ اللهُ إلا طيِّبا ... ". في الجامع عند آخره. عن يحيى بن سعيد، عن أبي الحُباب سعيد بن يسار (¬2). هذا مرسل عند يحيى وبعض الرواة (¬3)، وأسنده ابن بُكَير، ومَعْن، وغيرُهما وزادوا (¬4) فيه: "عن أبي هريرة" (¬5) , وهو محفوظٌ له، خرّجه مسلم من طريق سعيد المقبري عن أبي الحباب عنه (¬6). وقال البخاري: "رواه ورقاء عن عبد الله بن دينار عن سعيد بن يسار عن أبي هريرة" (¬7). ¬

_ (¬1) تقدّم له عن أبي هريرة خمسة أحاديث، انظر: (3/ 474). (¬2) الموطأ كتاب: الصدقة، باب: الترغيب في الصدقة (2/ 760) (رقم: 1). (¬3) كسويد بن سعيد (ص: 601) (رقم: 1472)، وابن القاسم وابن وهب ومطرف وجماعة. انظر: التمهيد (23/ 172 - 173)، والاستذكار (27/ 393). (¬4) في الأصل "زاد" بصيغة الإفراد وهو خطأ. (¬5) انظر الموطأ برواية: - ابن بكير (ل: 267 / ب) - الظاهرية-، وأبي مصعب الزهري (2/ 174) (رقم: 2100). والتمهيد (23/ 172 - 173). (¬6) انظر: صحيح مسلم، كتاب: الزكاة، باب: قبول الصدقة من الكسب الطيب وتربيتها (2/ 702) (رقم: 63). (¬7) انظر: صحيح البخاري، كتاب: الزكاة، باب: الصدقة من كسب طيِّب (1/ 436)، فقد أخرج =

فصل: وأبو الحُباب ببائين معجمتين بواحدة واحدة، وحاء مهملة مضمومة (¬1). وذكر الدارقطني أن أبا ضمرة صحّفه فقال فيه: "أبو الخيار"، يعني بالخاء المعجمة، والياء المعجمة باثنتين من تحت، والراء في آخره (¬2). وتقدّم القول في عبد الرحمن بن الحباب في مسند أبي قتادة (¬3). ¬

_ = البخاري حديث أبي هريرة المذكور من طريق عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار عن أبيه عن أبي صالح عن أبي هريرة ثم قال: "تابعه سليمان عن ابن دينار، وقال ورقاء عن ابن دينار فذكره معلَّقًا". وهذا المعلق وصله البيهقي في السنن الكبرى (4/ 177) من طريق أبي النضر هاشم بن القاسم عن ورقاء به، وقد حمل الدراوردي رواية ورقاء على الوهم لما رأى من توارد الرواة عن أبي صالح دون أبي الحباب سعيد بن يسار لكن ردّ عليه الحافظ بقوله: "وليس ما قال بجيّد؛ لأنه محفوظ عن سعيد بن يسار من وجه آخر كما أخرجه مسلم (كما تقدم) والترمذي وغيرهما، نعم رواية ورقاء شاذة بالنسبة إلى مخالفة سليمان وعبد الرحمن". فتح الباري (3/ 329). (¬1) انظر: تصحيفات المحدثين للعسكري (2/ 413)، والمؤتلف والمختلف للدارقطني (1/ 480)، والإكمال لابن ماكولا (2/ 142)، وتبصير المنتبه (1/ 392). (¬2) انظر: المؤتلف والمختلف له (1/ 406). (¬3) انظر: (3/ 214).

52 - مرسل سليمان بن يسار

52 - مرسل سُلَيمان بن يسار وهو أخو عطاء مولى ميمونة. ثمانيةُ أحاديث، أحدُها مزيدٌ، وله تاسعٌ مشتركٌ، وتقدّم له مسندٌ عن ابن عباس من غير واسطة (¬1)، ومقطوع عن المقداد (¬2)، وعن أمّ سلمة وقد لَقِيَها (¬3). 144 / حديث: "كان يرفع يديه في الصلاة". مختصر في باب: الافتتاح. عن يحيى بن سعيد، عن سليمان (¬4). إذا كبّر لافتتاح الصلاة، وإذا رفع رأسه من الركوع (¬5). وتقدّم مثل هذا لابن عمر في مسنده من رواية سالم (¬6)، وجاء نحوه عن أبي حُميد الساعدي في عشرة من الصحابة (¬7). ¬

_ (¬1) تقدَّم حديثه (2/ 543). (¬2) تقدم حديثه (2/ 247). (¬3) تقدَّم حديثه (4/ 206). (¬4) الموطأ كتاب: الصلاة، باب: افتتاح الصلاة (1/ 87) (رقم: 18). (¬5) لم يُرو هذا في الموطأ في مرسل سليمان بن يسار وهو جزء من حديث عبد الله بن عمر الذي أشار المؤلف إليه. (¬6) انظر: (2/ 340). (¬7) أخرجه أبو داود في السنن كتاب: الصلاة، باب: افتتاح الصلاة (1/ 467) (رقم: 730)، والترمذي في السنن كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في وصف الصلاة (2/ 105 - 107) (رقم: 304)، وابن أبي شيبة في المصنف (1/ 235)، وأحمد في المسند (5/ 424)، والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 73, 116, 118, 123) كلهم من طرق عن عبد الحميد بن جعفر، عن محمد =

145 / وبه: "احتجم وهو محرم بلَحْيَيْ جمل (¬1) ... ". في الحج (¬2). هذا الحديث لعبد الله بن بُحينة، ونحوه لابن عباس، خرّج في الصحيحين (¬3). 146 / حديث: خرج إلى الحج، فمِن أصحابه مَنْ أهلَّ بحجٍّ، ومنهم مَن جمع الحجَّ والعمرةَ، ومنهم مَنْ أهلَّ بعمرةٍ". وذكر إحلال المهلِّ بعمرةٍ دون المنفردِ والقارنِ. في باب القِران. عن محمد بن عبد الرحمن -هو أبو الأسود- عن سليمان بن يسار (¬4). ليس في هذا الحديث ذكرُ فعل النبي - صلى الله عليه وسلم -، وتقدّم الكلُّ لأبي الأسود عن عروة، عن عائشة مسندًا مجوّدًا، انظر الكلامَ عليه هناك (¬5). ¬

_ = ابن عمرو بن عطاء، عن أبي حميد قال: سمعته في عشرة من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أحدهم أبو قتادة فذكره مطولًا. والحديث قال عنه الترمذي: "حسن صحيح"، وكذا صححه ابن خزيمة (1/ 297) (رقم: 587)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (5/ 178 - 180) (رقم: 1865). (¬1) بفتح اللّام، جاء تفسيره في آخر الحديث: "مكان بين مكة والمدينة" وهي عقبة الجحفة على سبعة أميال من السقيا (قرية في واد الفرع). النهاية (4/ 243)، المعالم الأثيرة (ص: 235). (¬2) الموطأ كتاب: الحج، باب: حجامة المحرم (1/ 283) (رقم: 74). (¬3) انظر: صحيح البخاري، كتاب: جزاء الصيد، باب: الحجامة للمحرم (2/ 13, 14) (رقم: 1835، 1836)، وصحيح مسلم، كتاب: الحج، باب: جواز الحجامة للمحرم (2/ 862، 863) (رقم: 87، 88). (¬4) الموطأ كتاب: الحج، باب: القرآن في الحج (1/ 274) (رقم: 41). (¬5) تقدّم حديثه (4/ 65).

147 - حديث: "نهى عن صيام أيّام منى". في الحج. عن أبي النضر (¬1)، عن سليمان بن يسار (¬2). وذَكَرَ في الصيام معناه بلاغًا بغير إسناد (¬3). وهذا الحديث رواه الثوري، عن أبي النضر وغيره، عن سليمان بن يسار، عن عبد الله بن حُذافة السَّهمي، قال فيه: "إن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر أن يُنادى في أيَّام التشريق: إنَّها أيَّامُ أكلٍ وشربٍ". ورواه قتادة، عن سليمان بن يسار، عن حمزة الأسلمي. ورواه ابن وهب، عن عمرو (¬4)، عن بُكير، عن سليمان بن يسار, عن مسعود بن الحكم، عن أمّه. خرّج هذا كلَّه النسائي (¬5)، وطَرَّقه من وجوه (¬6). ¬

_ (¬1) هو سالم بن أبي أمية، مولى عمر بن عبيد الله التيمي. (¬2) الموطأ كتاب: الحج، باب: ما جاء في صيام أيام منى (1/ 302) (رقم: 134). وأخرجه النسائي في السنن الكبرى (2/ 166) (رقم: 2877) من طريق ابن القاسم عن مالك به، وصحَّ موصولًا من طريق أخرى كما سيأتي. (¬3) الموطأ كتاب: الصيام، باب: صيام يوم الفطر والأضحى والدهر (1/ 249) (رقم: 37). (¬4) هو عمرو بن الحارث بن يعقوب بن عبد الله الأنصاري (التقريب وأصوله). (¬5) تصحّف في الأصل إلى السُّلمي، وكُتب في هامشه: "لعله الساجي" وكلاهما خطأ. (¬6) حديث عبد الله بن حذافة: أخرجه النسائي في السنن الكبرى (2/ 166) (رقم: 2876)، وكذا أحمد في المسند (3/ 450، 451)، والطبري في تهذيب الآثار (ص: 264) (رقم: 407)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (2/ 244) كلهم من طريق عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان الثوري، عن سالم أبي النضر وعبد الله بن أبي بكر عن سليمان بن يسار عن عبد الله بن حذافة =

وقال ابن معين في حديث سليمان عن ابن حذافة: "هذا مرسل" (¬1)، ولعلّه يعني أن سليمان لم يسمع منه (¬2)، فهو على هذا مقطوع (¬3)؛ لأن عبد الله ¬

_ = أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمره أن يناديَ في أيام التشريق: "إنها أيّام أكل وشرب". والإسناد رجاله كلهم ثقات، لكنه أعلَّ بالانقطاع كما سيأتي. وحديث حمزة بن عمرو الأسلمي: أخرجه النسائي في السنن الكبرى (2/ 165) (رقم: 2875)، وأحمد في المسند (3/ 494)، والطبري في تهذيب الآثار (ص: 261) (رقم: 401)، والطبراني في المعجم الكبير (3/ 173) (رقم: 2986)، والدارقطني في السنن (2/ 212)، ودعلج بن أحمد في المنتقى من مسند المقلين (ص: 41) كلهم من طرق عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة، عن سليمان بن يسار، عن حمزة فذكره. وسنده منقطع، قال الدارقطني: "قتادة لم يسمع من سليمان بن يسار، وهكذا قال ابن معين فيما رواه عنه ابن أبي خيثمة كما في تهذيب التهذيب (8/ 317). وحديث أمّ مسعود بن الحكم: أخرجه النسائي في السنن الكبرى (2/ 166) (رقم: 2879)، والطبري في تهذيب الآثار (ص: 260) (رقم: 398، 399)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (2/ 246) من طريق عمرو بن الحارث به. وسنده صحيح، وللحديث طرق أخرى أخرجها النسائي في السنن الكبرى (2/ 166 - 171). (¬1) روى ابن عبد البر في التمهيد (21/ 231) من طريق قاسم بن أصبغ عن أحمد بن زهير قال: "سئل يحيى بن معين عن حديث عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان عن عبد الله بن أبي بكر وسالم أبي النضر عن سليمان بن يسار ... فذكره، فقال: مرسل". (¬2) بل هذا هو المراد كما صرح به في تاريخه برواية الدوري (2/ 237)، وجاء نحوه عن الإمام أحمد أيضًا، انظر: المراسيل لابن أبي حاتم (ص: 81)، وكذا في الاستذكار (12/ 239). (¬3) أي منقطع، لكنه ينجبر بتعدد طرقه، فقد أخرج أبو داود في السنن، كتاب: الصوم، باب: صيام أيام التشريق (2/ 804) (رقم: 2419)، والترمذي في السنن كتاب: الصوم، باب: ما جاء في كراهية الصوم في أيام التشريق (3/ 143) (رقم: 773)، والنسائي في السنن كتاب: المناسك، باب: النهي عن صوم يوم عرفة (5/ 278) (رقم: 3004)، وأحمد في المسند (4/ 152)، وابن حبان في صحيحه الإحسان (8/ 368) (رقم: 3603)، والحاكم في المستدرك (1/ 434) من حديث عقبة بن عامر مرفوعًا: "يوم عرفة ويوم النحر وأيّام التشريق عيدنا أهل الإسلام، وهن أيام أكل وشرب". قال الترمذي: "حديث عقبة بن عامر حديث حسن صحيح، وفي الباب عن علي وسعد وأبي =

ابن حذافة مشهور في الصحابة -رضي الله عنهم-. وخرّج مسلم عن نُبَيشَةَ (¬1) الهُذلي أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "أيّامُ التشريق أيّام أكل وشرب" (¬2). وانظر مسند عمرو بن العاصي (¬3)، ومرسل ابن شهاب (¬4). وأيام التشريق هي أيّام منى ثلاثةُ أيام بعد يوم النحر (¬5). 148 / حديث: "كان يبعث عبدَ الله بنَ رواحة إلى خيبر فَيَخْرُصُ بينه وبين يهود خيبر ... ". فيه: عرض الرشوة. في أول المساقاة. عن ابن شهاب، عن سليمان بن يسار (¬6). معنى هذا الحديث لجماعة: ¬

_ = هريرة وجابر ونبيشة، وبشر بن سحيم، وعبد الله بن حذافة، وأنس، وحمزة بن عمرو الأسلمي، وكعب بن مالك، وعائشة وعمرو بن العاص، وعبد الله بن دينار". قال ابن عبد البر عقب قول ابن معين السابق: "هذا وإن كان مرسلًا فإنه حديث يتصل من غير ما وجه" التمهيد (21/ 232)، والاستذكار (12/ 238). (¬1) بضم النون، وفتح الموحدة وسكون المثناة تحت، يليها شين معجمة، ثم هاء. انظر: توضيح المشتبه (6/ 80)، والمغني في ضبط الأسماء (ص: 252). (¬2) انظر: صحيح مسلم، كتاب: الصيام، باب: تحريم صوم أيام التشريق (2/ 800) (رقم: 144). (¬3) تقدّم حديثه (3/ 57). (¬4) سيأتي حديثه (5/ 330). (¬5) يقال لها: أيام منى لإقامة الحاج بها بعد يوم النحر لرمي الجمار، ويقال لها: أيام التشريق لتشريق لحوم الضحايا والهدايا، وهي الأيام المعدودات التي رخص للحاج أن يتعجل منها في يومين. الاستذكار (12/ 239). (¬6) الموطأ كتاب: المساقاة، باب: ما جاء في المساقاة (2/ 703، 704) (رقم: 2).

وخرّجه أبو داود من طريق مقسم عن ابن عباس مطوّلًا مجودًا (¬1). وخرّج عن عروة، عن عائشة طرفًا منه (¬2). ¬

_ (¬1) أخرجه في السنن، كتاب: البيوع، باب: في المساقاة (3/ 697، 698) (رقم: 3410، 3411) من طريق عمر بن أيوب، وزيد بن أبي الزرقاء عن جعفر بن برقان عن ميمون بن مهران، عن مقسم عن ابن عباس، قال: افتتح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره، لكن ليس فيه ذكر عرض الرشوة. وأخرجه أيضًا ابن ماجه في السنن كتاب: الزكاة، باب: خرص النخل والعنب (1/ 582) (رقم: 1820) من هذا الوجه نحوه. إسناده حسن، وقد وصف ابن حجر عمر بن أيوب -وهو العبدي الموصلي- بأنّه "صدوق له أوهام"، لكن لم أر في ترجمته ما يدل على وهمه، وقد قال الحافظ الذهبي عنه: "حافظ ثبت". وأما جعفر بن برقان فهو وإن كان يهم فيما يرويه عن الزهري إلا أنه ثقة ضابط في ميمون بن مهران كما قال أحمد، وقال الدارقطني: "حديثه عن ميمون بن مهران ويزيد بن الأصم ثابت صحيح". وشيخ ابن ماجه موسى بن مروان الرَّقي وصفه الحافظ بأنه "مقبول" لكن تابعه أيوب بن محمد الرقي عند أبي داود وهو ثقة. انظر: ترجمة عمر بن أيوب في: تهذيب الكمال (21/ 278)، والكاشف (2/ 265)، وتهذيب التهذيب (7/ 375)، والتقريب (رقم: 4867). وانظر ترجمة جعفر بن برقان في: العلل ومعرفة الرجال (رقم: 4395)، وميزان الاعتدال (1/ 403)، وتهذيب التهذيب (2/ 73)، والتقريب (رقم: 932). (¬2) أخرجه في البيوع، باب: في الخرص (3/ 699) (رقم: 3413) من طريق ابن جريج قال: أُخْبِرْتُ عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة. وهذا إسناد ضعيف لجهالة الواسطة بين ابن جريج والزهري، قال المنذري في مختصره (5/ 69): "في إسناده رجل مجهول"، وحكم بضعف إسناده الألباني أيضًا في ضعيف سنن أبي داود (ص: 342). وأخرجه من هذا الوجه أيضًا الدارقطني في السنن (2/ 134). ورواه عبد الرزاق في المصنف (4/ 129) (رقم: 7219) ومن طريقه الدارقطني في السنن (2/ 134) عن ابن جريج عن الزهري بدون ذكر الواسطة، وكأن هذا الإسقاط من ابن جريج لأنه مدلس، وفيه أيضًا اختلاف ذكره الدارقطني. فالحاصل أن الإسناد ضعيف لهذه العلل لكن الحديث صحيح بشواهده.

وخرّجه قاسم عن عائشة أيضًا، ومن طريق أبي الزبير عن جابر (¬1). وانظر مرسل سعيد بن المسيب (¬2). 149 / حديث: "دخل بيتَ ميمونةَ فإذا ضِبَابٌ فيها بيضٌ (¬3) ومعه عبد الله بن عباس وخالد بن الوليد فقال: من أين لكم هذا؟ فقالت: أَهْدَته لي أختي هُزيلة (¬4) ... ". فيه: "إنِّي تَحْضُرُني من الله حاضرة"، وإعطاء الجارية المستشار في عتقها. في الجامع، باب أكل الضب. ¬

_ (¬1) لم أجد رواية قاسم عن عائشة، وأما رواية أبي الزبير عن جابر فقد أورده ابن عبد البر في التمهيد (6/ 461) من طريق قاسم بن أصبغ، قال: حدثنا جعفر بن محمد الصائغ، حدثنا محمد بن سابق، حدثنا إبراهيم بن طهمان، عن أبي الزبير، عن جابر أنه قال: أفاء الله على رسوله خيبر، فأقرهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما كانوا، وجعلها بينه وبينهم وبعث عبد الله بن رواحة ... الحديث. والإسناد فيه عنعنة أبي الزبير لكن الحديث صحيح بشواهده، وقد أخرجه من هذا الوجه أيضًا أبو داود في السنن كتاب: البيوع، باب: في الخرص (3/ 699) (رقم: 3414)، وأحمد في المسند (13/ 367)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (2/ 38) و (3/ 247) و (4/ 133) والدارقطني في السنن (2/ 133، 134). وفي الباب عن ابن عمر أخرجه ابن حبان في صحيحه (الإحسان (11/ 607، 608) (رقم: 5199)، والبيهقي في السنن الكبرى (6/ 114) من طريق حماد بن سلمة، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر مطولًا، وفيه إتيان عبد الله بن رواحة إليهم وعرضهم الرشوة، وقوله: يا أعداء الله أتطعموني السحت ... " وإسناده صحيح. ورواه أحمد (2/ 24) مختصرًا لكن في إسناده عبد الله بن عمر العمرى، وهو ضعيف. (¬2) تقدّم حديثه (5/ 183). (¬3) بفتح الباء كما يظهر من تفسير ابن العربي له، أي أن الضباب كانت محشوة ببيض دجاج مسلوق، ويحتمل أن يكون بكسر الباء كما يظهر من تفسير الباجي ولكن الأول هو الذي رجحه ابن عاشور وقال: "لو كان بكسر الباء لكان (بيض) صفة لـ (ضباب) فلم يكن موقع لقوله (فيها). انظر: المنتقى للباجي (7/ 288)، والقبس (3/ 1148)، وكشف المغطى (ص: 364). (¬4) بمضمومة وفتح زاي وسكون ياء. المغني في ضبط الأسماء (ص: 270).

عن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي صعصعة، عن سليمان بن يسار ذكره ولم يسنده (¬1). هكذا هو في الموطأ مرسلًا (¬2). وأسنده خلف بن موسى خارج الموطأ عن مالك فزاد فيه: عن ابن عباس. ورواه محمد بن إسحاق عن يعقوب بن عتبة عن سليمان بن يسار عن ميمونة، هكذا قال فيه محمد بن سلمة عن ابن إسحاق، وخالفه غيره (¬3)، وهذا أصح، قاله الدارقطني (¬4). وروى الزهري عن يزيد بن الأصم عن ميمونة معناه (¬5). وروى سُليمان الشيباني عن يزيد بن الأصم عن ابن عباس: "أن ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الاستئذان، باب: ما جاء في أكل الضب (2/ 737) (رقم: 10). (¬2) انظر الموطأ برواية: - أبي مصعب الزهري (2/ 145) (رقم: 2036)، وسويد بن سعيد (ص: 582) (رقم: 1406)، وابن بكير (ل: 262 / أ) - الظاهرية-، وابن وهب وابن القاسم (ل: 122 / أ). وهي رواية جميع الرواة كما قال ابن عبد البر في التمهيد (19/ 235). (¬3) وهو أبو عبيدة بن معن, رواه عن ابن إسحاق، عن محمد بن مسلمة عن بكير بن الأشج عن سليمان بن يسار عن ميمونة. (¬4) العلل (5 / ل: 184 / أ). (¬5) لم أقف على رواية الزهري عن يزيد، لكن روى ابن أبي شيبة في مصنفه (8/ 268) وإسحاق في مسنده (4/ 226) (رقم: 2034) وأبو يعلى في المسند (12/ 517) (رقم: 7084)، والطبراني في المعجم الكبير (23/ 436) (رقم: 1057) كلهم من طريق يزيد بن أبي زياد عن يزيد بن الأصم عن ميمونة قالت: "أُهدي لنا ضب ... " فذكرته. وسنده ضعيف لأجل يزيد بن أبي زياد، قال عنه ابن حجر: "ضعيف، كبر فتغيّر وصار يتلقّن، وكان شيعيًّا". التقريب (رقم: 7717). لكن يشهد له حديث ابن عباس الآتي.

رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بينما هو جالس عند ميمونة وعنده الفضل وخالد وامرأةٌ إذ قُرِّب إليهم خَوانٌ عليه لحم ... "، وذكر الحديث، خرّجه مسلم (¬1). وفي الصحيحين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس: "أن خالته أم حفيد بنت الحارث بن حزن أهدت إلى النبيّ - صلى الله عليه وسلم -"، وذكر القصة (¬2). وقال أبو عمر بن عبد البر: "أظن أُمَّ حفيد المذكورة ها هنا هي هُزيلة أخت ميمونة" (¬3). وقصة عتق الجارية مذكور في حديث كُريب عن ميمونة، خُرِّج في الصحيحين (¬4). وانظر حديث الضب في مسند خالد (¬5)، ومعناه لابن عمر من طريق ابن دينار (¬6). 150 / حديث: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث أبا رافع مولاه ورجلًا من الأنصار فزوّجاه ميمونةَ ورسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة قبل أن يخرج -يعني إلى عمرة القضاء-". ¬

_ (¬1) أخرجه في صحيحه، كتاب: الصيد والذبائح، باب: إباحة الضب (3/ 1545) (رقم: 47)، ووقع الشيباني فيه وكذا في التحفة (5/ 270) غير مسمّى، فتسمية المؤلف إياه فائدة. (¬2) انظر: صحيح البخاري، كتاب: الأطعمة، باب: الأقط (3/ 436) (رقم: 5402)، وصحيح مسلم، كتاب: الصيد والذبائح، باب: إباحة الضب (3/ 1544، 1545) (رقم: 46). (¬3) التمهيد (19/ 236)، والاستيعاب (13/ 171)، والاستذكار (17/ 186)، وقد جزم به ابن الأثير في أسد الغابة (7/ 275، 306)، وابن حجر في الإصابة (13/ 158، 195). (¬4) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الهبة، باب: هبة المرأة لغير زوجها ... (2/ 234، 235) (رقم: 2592، 2593)، ومسلم في صحيحه كتاب: الزكاة، باب: فضل النفقة والصدقة على الأقربين (2/ 694) (رقم: 44). (¬5) تقدم (2/ 149). (¬6) تقدم حديثه (2/ 485).

في كتاب الحج، باب نكاح المحرم. عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن سليمان بن يسار، ذكره مرسلًا (¬1). هكذا في الموطأ (¬2). وقال فيه بِشر بن السَّري خارج الموطأ عن مالك: سليمان بن يسار عن أبي رافع، وهكذا قال مطر الورّاق عن ربيعة، ذكره الدارقطني عنهما وقال: "هما ثقتان"، يعني: بِشرًا ومطرًا (¬3). وخرّجه النسائي والترمذي من طريق مطر مسندًا (¬4)، وقال: "إنَّ ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الحج، باب: نكاح المحرم (1/ 282) (رقم: 69). (¬2) انظر الموطأ برواية: أبي مصعب الزهري (1/ 462) (رقم: 1176)، وسويد بن سعيد (ص: 486) (رقم: 1134)، وابن بكير (ل: 25 / أ) الظاهرية-، وابن القاسم (ل: 54 / ب)، ومعن عند ابن سعد في الطبقات (8/ 105). وابن وهب عند الطحاوي في شرح معاني الآثار (2/ 270). وهكذا رواه أصحاب الموطأ كما قال الدارقطني في العلل (7/ 13). (¬3) العلل (7/ 13، 14). قلت: في توثيق الدارقطني لهما تلميح إلى ترجيح الوصل لكن المحفوظ عن مالك وكذا عن ربيعة إرساله؛ لأن بشر بن السري وإن كان ثقة فقد خالفه أصحاب مالك كما قال الدارقطني، وعليه فرواية بشر شاذة، وأما مطر الوراق فليس كما قال الدارقطني لأن الأئمة تكلموا فيه من جهة حفظه. وقال عنه الحافظ في التقريب (رقم: 6699): "صدوق كثير الخطأ" وعليه فروايته لا تقاوم رواية مالك لا سيما وقد تابعه أنس بن عياض عند ابن سعد (8/ 106) وسليمان بن بلال، كما ذكره الترمذي في السنن (3/ 201)، والدراوردي كما قاله الدارقطني في العلل (7/ 14). قال الطحاوي في شرح معاني الآثار (2/ 270): "حديث أبي رافع رواه مطر الوراق ومطر عندهم ليس هو ممن يحتج بحديثه، وقد رواه مالك، وهو أضبط منه وأحفظ فقطعه". قال الألباني: "فمثله لا يُعتد بوصله إذا لم يخالف، فكيف إذا خالف؟ فكيف إذا كان مَن خالفه هو الإمام مالك". إرواء الغليل (6/ 253). (¬4) أخرجه النسائي في الكبرى (3/ 288) (رقم: 5402)، والترمذي في السنن كتاب: الحج، باب: ما جاء في كراهية تزويج المحرم (3/ 200) (رقم: 841)، وأحمد في المسند (6/ 392 - 393)، =

سليمان لم يدرك أبا رافع" (¬1)، ولعلَّه سمع هذا الحديث من ميمونة، فإنَّه قد روى عنها أيضًا (¬2). وروى يزيد بن الأصم عن ميمونة - وهي خالته - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تزوجها وهو حلال، خرّجه مسلم (¬3). ¬

_ = والدارمي في السنن كتاب: المناسك، باب: في تزويج المحرم (2/ 38)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (2/ 270)، وفي شرح المشكل (14/ 512) (رقم: 5800)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (9/ 438) (رقم: 4130)، والبيهقي في السنن الكبرى (7/ 211) كلهم من طرق عن حماد بن زيد، عن مطر الوراق، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن سليمان بن يسار، عن أبي رافع قال: "تزوّج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ميمونة وهو حلال، وبنى بها وهو حلال، وكنت أنا الرسول فيما بينهما". ورواية مطر أُعلّت بعلّتين: 1 - مخالفة مالك له، حيث رواه عن ربيعة، عن سليمان بن يسار مرسلًا، ووصله مطر، وقد تقدّم أنَّه ممّن تُكلِّم في حفظه. قال الترمذي: "هذا حديث حسن، ولا نعلم أحدًا أسنده غير حماد بن زيد، عن مطر الوراق، عن ربيعة، وروى مالك بن أنس، عن سليمان بن يسار: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تزوّج ميمونة وهو حلال، رواه مالك مرسلًا، قال: ورواه أيضًا سليمان بن بلال عن ربيعة مرسلًا". قال الطحاوي في مطر الوراق: "ليس هو ممّن يُحتجّ بحديثه، وقد رواه مالك وهو أضبط وأحفظ فقطعه"، ثم أخرجه من طريق ابن وهب عنه. 2 - ما حكاه المؤلف من عدم إدراك سليمان بن يسار أبا رافع. (¬1) ظاهر صنيع المؤلف أن هذا الكلام للترمذى، ولم أجده له، إلَّا أن كون سليمان لم يسمع من أبي رافع ورد عن الإمام أحمد أيضًا كما ذكره ابن رجب في شرح العلل (2/ 605). وقال ابن عبد البر أيضًا عن رواية مطر: "هذا عندي غلط؛ لأنَّ سليمان بن يسار وُلد سنة أربع وثلاثين، وقيل: سنة سبع وعشرين، ومات أبو رافع بالمدينة بعد قتل عثمان بيسير، وكان قتل عثمان في ذي الحجة سنة خمس وثلاثين، وغير جائز ولا يمكن أن يسمع سليمان من أبي رافع، فلا معنى لرواية مطر، وما رواه مالك أولى". التمهيد (3/ 151). (¬2) لم أقف على روايته عنها. (¬3) أخرجه مسلم في صحيحه كتاب: النكاح، باب: تحريم نكاح المحرم وكراهة خطبته (2/ 1032) (رقم: 48).

وقال ابن عباس: "نكحها وهو محرم، وبنى بها وهو حلال"، هكذا عن ابن عباس قوله ولم يسنده إلى غيره (¬1). وقال سعيد بن المسيب: "وهم ابن عباس"، ذكره ابن سنجر (¬2). وحكى الطحاوي أن الزهري حدّث عمرو بن دينار بحديث يزيد بن الأصم عن ميمونة، قال عمرو: "فقلت للزهري: ومن يزيد بن الأصم؟ أعرابي بوّال على عقبه، أتجعله كابن عباس" (¬3). ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: المغازي، باب: عمرة القضاء (3/ 145) (رقم: 4258) من طريق أيوب عن عكرمة عن ابن عباس به. (¬2) أورده من طريقه ابن عبد البر في التمهيد (3/ 158)، وأورده أيضًا أبو داود في السنن (2/ 424) (رقم: 1845)، وفي سنده رجل مجهول، لكن أخرجه البيهقي في السنن (7/ 212) من طريق الأوزاعي، عن عطاء بن أبي رباح، عنه، وسنده صحيح. قال الخطابي في المعالم (2/ 158): "يؤكِّده حديث يزيد بن الأصم - وهو ابن أخي ميمونة -". وقال ابن عبد البر: "والرواية أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تزوّج ميمونة وهو حلال متواترة عن ميمونة بعينها، وعن أبي رافع مولى النبي - صلى الله عليه وسلم -، وعن سليمان بن يسار مولاها، وعن يزيد بن الأصم وهو ابن أختها، وهو قول سعيد بن المسيب ... والقلب إلى رواية الجماعة أميل؛ لأنَّ الواحد أقرب إلى الغلط، وأكثر أحوال حديث ابن عباس أن يجعل متعارضًا مع رواية من ذكرنا، فإذا كان كذلك سقط الاحتجاج بجميعها، ووجب طلب الدليل على هذه المسألة من غيرها، فوجدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه قد روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنَّه نهى عن نكاح المحرم". التمهيد (3/ 152 - 153). وقال الحافظ مؤيّدًا له: "يترجّح حديث عثمان بأنه تقعيد قاعدة، وحديث ابن عباس واقعة عين تحتمل أنواعًا من الاحتمالات"، ثم ذكرها. فتح الباري (9/ 70). (¬3) انظر: شرح معاني الآثار (2/ 270)، وشرح مشكل الآثار (14/ 509) (رقم: 5797). قلت: هذه العبارة مع ما فيها من الشدّة فإن يزيد بن الأصم لم ينفرد بالرواية عن ميمونة، فقد تابعه فيها سليمان بن يسار، ثمَّ إنَّ كون النبي - صلى الله عليه وسلم - تزوّج ميمونة وهو حلال ورد عن ميمونة نفسها، وهي صاحبة القصة، وورد عن أبي رافع وهو الخاطب إضافة إلى موافقة عثمان بن عفان =

• حديث: "يُؤخذ منه العُشرُ ونصفُ العُشرِ". في الزكاة (¬1). تقدّم في مرسل (¬2) بسر بن سعيد؛ لأنهما اشتركا فيه (¬3). 151 / حديث مزيد: "كان لا يأكل الثُّومَ ولا الكُرَّاثَ ولا البَصَلَ ... ". وذكر: "أن الملائكةَ، وجبريل ... ". عن ابن شهاب، عن سليمان بن يسار. ليس هذا عند يحيى، وهو عند ابن القاسم، وابن بكير، ومطرف وغيرهم. في الجامع باب الطعام والشراب (¬4). ومعنى هذا الحديث مرويٌّ عن جماعةٍ: روى عطاء عن جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَن أكل البصلَ والثُّومَ والكُرَّاثَ فلا يقربنّ مسجدنا؛ فإنَّ الملائكةَ تتأذَّى ممّا يتأذى منه بنو آدم"، خرّجه مسلم (¬5). ¬

_ = لها، وعلى هذا فالقلب إلى رواية الجماعة أميل كما قال ابن عبد البر، وأما حديث ابن عباس فهو كما قال ابن حجر واقعة عين تحتمل أنواعًا من الاحتمالات، ثم ذكرها. انظر: التمهيد (3/ 152 - 153)، فتح الباري (9/ 70). (¬1) الموطأ كتاب: الزكاة، باب: زكاة ما يُخرص من ثمار النخيل والأعناب (2/ 227) (رقم: 33). (¬2) وقع في الأصل: "مسند" بدل "مرسل" وهو خطأ. (¬3) تقدَّم حديثه (4/ 490). (¬4) انظر الموطأ برواية: ابن وهب وابن القاسم كما في الجمع بين روايتيهما (ل: 114 / أ)، وابن بكير (ل: 245 / أ) الظاهرية، وأبي مصعب الزهري (2/ 110) (رقم: 1958)، وسويد بن سعيد (ص: 567) (رقم: 1360). (¬5) أخرجه في صحيحه كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: نهي من أكل ثومًا أو بصلًا أو كرَّاثًا أو نحوها (2/ 395) (رقم: 74)، في الأصل: "وخرّجه مسلم"، وزيادة الواو خطأ.

وروى الزهري عن عطاء بن أبي رباح عن جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أُتى ببِدر -يعني طبقًا (¬1) - فيه خضروات من بُقولٍ فوجد لها ريحًا فقال: قرّبوها إلى بعض أصحابه وقال: "كلْ فإني أُناجي من لا تُناجي". خرّجه أبو داود (¬2). وقال عليٌّ: أمرنا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أن نأكل الثُّوم وقال: "لولا أن الملائكةَ تنزل عليَّ لأكلتُه". خرّجه قاسم بن أصبغ (¬3). وانظر مرسل سعيد بن المسيب (¬4). ¬

_ (¬1) قال ابن الأثير: "شُبِّه بالبدر لاستدارته". النهاية (1/ 106). (¬2) أخرجه في السنن كتاب: الأطعمة، باب: في أكل الثوم (4/ 170، 171) (رقم: 3722). وهو حديث متفق عليه، أخرجه البخاري في مواضع كما تقدم في ص: 977، هامش: 3، ومسلم في صحيحه في الموضع السابق (رقم: 73) كلاهما من طريق يونس، عن ابن شهاب به، ولفظ مسلم: "أُتي بقِدر". (¬3) أخرجه من طريقه ابن عبد البر في التمهيد (6/ 416)، واستدل به على أن أكل الثوم مباح ليس بمحرَّم، وأنَّ النهي عنه إنَّما ورد من أجل أن الملَك كان يتأذّى به. (¬4) تقدَّم حديثه (5/ 175).

53 - مرسل سالم بن عبد الله بن عمر

53 - مرسل سالم بن عبد الله بن عمر حديثٌ واحدٌ، وتقدّم له مسندٌ عن أبيه من غير واسطة (¬1)، ومقطوعٌ عن جدّه عمرَ بن الخطاب رضي الله عنه (¬2). 152 / حديث: "إنَّ بلالًا ينادي بليلٍ فكلوا واشربوا حتى يُناديَ ابنُ أمِّ مكتومٍ ... ". وفيه حاله ووقت أذانه. في الصلاة، باب قدْر السحور من النِّداء. عن ابن شهاب، عن سالم بن عبد الله (¬3). أسند هذا القعنبي وطائفة عن مالك فزادوا فيه: "عن أبيه" (¬4). ¬

_ (¬1) انظر: (2/ 340 - 353). (¬2) تقدم (2/ 283). (¬3) الموطأ كتاب: الصلاة، باب: قدر السحور من النداء (1/ 86) (رقم: 15). (¬4) انظر الموطأ برواية القعنبي (ص: 205)، ومن طريقه أخرجه: البخاري في صحيحه كتاب: الأذان، باب: أذان الأعمى إذا كان له من يخبره (1/ 209) (رقم: 617). والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 137)، والجوهري في مسند الموطأ (ل: 28 / أ)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (8/ 248) (رقم: 3469)، والبيهقي في السنن الكبرى (1/ 380، 426). قال الجوهري: "هذا في الموطأ عند القعنبي مسندًا، قال فيه: "عن سالم عن أبيه"، وعند غيره: "عن سالم" فقط، وقد رواه في غير الموطأ عبد الرزاق، وابن أبي أويس، وابن نافع، ومطرف، وأبو قرّة، ومحمد بن حرب، وزهير بن عبّاد، وكامل بن طلحة فقالوا فيه: "عن سالم عن أبيه" كما قال القعنبي". وقال ابن حبان: "لم يرو هذا الحديث مسندًا عن مالك (أي في الموطأ) إلا القعنبي وجويرية بن أسماء، وقال أصحاب مالك كلهم: عن الزهري، عن سالم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ... ". وقال الدارقطني: "أسنده القعنبي دون أصحاب الموطأ، وتابعه أبو قرّة، وروح، وكامل، وعبد الرزاق، وعمرو بن مرزوق". أحاديث الموطأ (ص: 11). قلت: رواية عبد الرزاق في المصنف (1/ 490) (رقم: 1885). =

وهكذا قال فيه جماعة عن الزهري (¬1)، قال الدارقطني: "وهو الصواب" (¬2). وخرّج هكذا في الصحيح (¬3). وتقدّم لابن دينار عن ابن عمر مسندًا (¬4)، وخرّج البخاري نحوه عن عائشة (¬5). فصل: سالم أبو النضر له مرسل، وهو مذكور بكنيته في باب الكنى (¬6). ¬

_ = وممن تابعه على وصله: عبد الرحمن بن مهدي، وإسحاق بن إبراهيم الحُنيني، ومحمد بن عمر الواقدي، وأبو قتادة الحراني، وابن وهب، وزهير بن عباد الرؤاسي. انظر: السنن الكبرى (1/ 380)، والتمهيد (10/ 55، 56)، والفتح (2/ 118)، وإتحاف الخيرة (8/ 337). (¬1) منهم: - عبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون عند البخاري في الصحيح، كتاب: الشهادات، باب: شهادة الأعمى (2/ 252) (رقم: 2656)، وأحمد في المسند (2/ 123). - والليث بن سعد ويونس عند مسلم في صحيحه كتاب: الصيام، باب: بيان أن الدخول في الصوم ... (2/ 768) (رقم: 36). - وابن عيينة عند الحميدي في المسند (2/ 276) (رقم: 611)، وابن أبي شيبة في المصنف (3/ 9)، وأحمد في المسند (2/ 9)، والدارمي في السنن كتاب: الصلاة، باب: في وقت أذان الفجر (1/ 269)، وابن خزيمة في صحيحه (1/ 209) (رقم: 401). - وشعيب بن أبي حمزة والأوزاعي عند الطحاوي (1/ 138). - وابن جريج عند عبد الرزاق في المصنف (1/ 490) (رقم: 1886). - وموسى بن عقبة ومحمد بن أبي عتيق عند الطبراني في المعجم الكبير (12/ 277) (رقم: 13106)، والأوسط (5/ 39) (رقم: 4615). (¬2) لم أقف على كلام الدارقطني. (¬3) تقدّم تخريجه. (¬4) تقدم (2/ 471)، وكلمة (ابن) سقطت من الأصل، وكذا تصحف قوله: "مسندًا" إلى (مرسلًا). (¬5) أخرجه في صحيحه، كتاب: الأذان، باب: الأذان قبل الفجر (1/ 210) (رقم: 623). (¬6) سيأتي حديثه (5/ 296).

• سعد بن معاذ

• سعد بن معاذ مشكوكٌ فيه، تقدّم ذكرُه في مرسل (¬1) معاذ بن سعد (¬2). ¬

_ (¬1) في الأصل "مسند" وهو خطأ. (¬2) انظر: (4/ 590).

54 - مرسل سائبة مولاة عائشة

54 - مرسل سائبة مولاة عائشة حديثٌ واحدٌ. 153 / حديث: "نهى عن قتل الجِنان (¬1) التي في البيوت إلّا ذا الطُّفْيَتَينِ (¬2) والأَبْتَرَ" (¬3). في الجامع. عن نافع مولى ابن عمر، عن [سائبة مولاة] (¬4) عائشة (¬5). انفرد يحيى بن يحيى بهذا الحديث في الموطأ (¬6). ¬

_ (¬1) واحدها جانّ وهو الدقيق والخفيف من الحيات. النهاية (1/ 308). (¬2) تثنية طُفية -بضم الطاء المهملة، وسكون الفاء- خُوصة المُقل (والمقل شجرة تشبه النخلة في حالاتها)، وذو الطُّفيتين: جنسٌ من الحيَّات يكون على ظهره خطّان أبيضان، فشبَّه الخطّين الذين على ظهر الحية بخوصتين من خوص المقل، وهو شرُّ الحيات فيما يقال: انظر: غريب الحديث لأبي عبيد (1/ 184)، وشرح السنة (6/ 283)، والنهاية (3/ 130). (¬3) القصير الذنَب من الحيات، وقيل: مقطوعه. انظر: غريب الحديث (1/ 185)، ومشارق الأنوار (1/ 321)، ولسان العرب (4/ 38) - حرف الراء، فصل الباء-. (¬4) ما بين المعقوفين سقط من الأصل. (¬5) الموطأ كتاب: الاستئذان، باب: ما جاء في قتل الحيات وما يقال في ذلك (2/ 743) (رقم: 32). هذا مرسل حسن الإسناد، سائبة مولاة عائشة ذكرها ابن حبان في الثقات (4/ 351)، وقال عنها الحافظ في التقريب (رقم: 8603): "مقبولة"، أي إذا توبعت، وقد تابعها عروة عن عائشة، أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: بدء الخلق (2/ 445، 446) (رقم: 3308, 3309)، ومسلم في صحيحه كتاب: السلام، باب: قتل الحيات وغيرها (2/ 1752، 1753) (رقم: 2232) من طرق عن هشام به. (¬6) قال ابن الحذاء: "هكذا رواه يحيى بن يحيى عن مالك في الموطأ، ولا نعلم أحدًا رواه عن مالك في الموطأ غيره، وقد رواه جماعة في غير الموطأ عن مالك عن نافع عن سائبة، عن عائشة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وهذا الحديث مما أغرب به يحيى بن يحيى". رجال الموطأ (ل: 137 / ب).

وأسنده جماعة عن نافع، عن سائبة، عن عائشة، خرّجه ابن أبي شيبة كذلك (¬1). ورواه عبد الله بن نافع، عن أبيه، عن سائبة، عن عائشة وأم سلمة معًا، قال الدارقطني: "وغيره يرويه عن نافع، عن سائبة عن عائشة وحدها، وهو المحفوظ" (¬2). فصل: سائبة هذه بهمزة بعد الألف، وبعدها باء معجمة بواحدة من تحتها. وذكر الدارقطني أن غندرًا صحّف هذا الاسم (¬3). وانظر الحديث لأبي لبابة (¬4). ¬

_ (¬1) لم أجده في المصنف ولا في المسند، وقد أخرجه أحمد في المسند (6/ 49، 83، 147) من طريق عبيد الله بن عمر وجرير، وعبد ربه بن سعيد، وأبو يعلى في المسند (7/ 319) (رقم: 4358) من طريق جرير وحده كلهم عن نافع به. قال الهيثمي في المجمع (4/ 48): "رواه أحمد وأبو يعلى، ورجال أحمد رجال الصحيح، وهو في الصحيح باختصار! ! كذا قال! وسائبة لم يخرِّج لها إلّا ابن ماجه. وأسنده أيضًا: أيوب السختياني، وعبد الرحمن السراج، وعبد الله بن سليمان الطويل، وعبد الله بن نافع، ذكرهم الدارقطني ثم قال: "وخالفهم عبد الله بن نُمير وعقبة بن خالد فقالا: عن نافع عن عائشة، وخالفهم ليث بن أبي سليم ومحمد بن عبد الرحمن بن المحبر فروياه عن نافع عن القاسم بن محمد عن عائشة، وحديث سائبة أشبه بالصواب". العلل (5 / ل: 107 / ب). قال ابن عبد البر: "أكثر أصحاب نافع وحفاظهم يروونه عن نافع عن سائبة، عن عائشة مسندًا متصلًا". التمهيد (16/ 131). (¬2) العلل (5 / ل: 173 / أ). (¬3) لم أقف عليه. (¬4) تقدم (3/ 175).

حرف الياء

حرف الياء أربعة رجال 55 - مرسل يحيى بن سعيد بن قيس بن عمرو الأنصاري سبعة عشر حديثًا، وتقدّم له مسندٌ عن جماعة من الصحابة بوسائط، منهم: علي (¬1)، وعبادة (¬2)، وأبو هريرة (¬3)، وأبو قتادة (¬4)، وعائشة (¬5)، وأم سلمة (¬6)، وغيرهم (¬7). وهو من التابعين، لقي أنس بن مالك (¬8). ¬

_ (¬1) انظر: (2/ 325). (¬2) انظر: (3/ 45). (¬3) انظر: (3/ 453). (¬4) انظر: (3/ 210). (¬5) انظر: (4/ 100، 120). (¬6) انظر: (2/ 104)، (4/ 217). (¬7) كالبراء بن عازب (2/ 104)، وسهل بن أبي حثمة (3/ 120)، وأبي سعيد الخدري (3/ 227)، وغيرهم. (¬8) ذكره ابن سعد وكذا الحافظ في الطبقة الخامسة من التابعين، والطبقة الخامسة عند الحافظ هم الذين رأوا الواحد والاثنين من الصحابة، وقد صرّح يحيى بن سعيد نفسه بأنه صحب أنس بن مالك إلى الشام. انظر: الطبقات الكبرى (5/ 423)، تهذيب الكمال (31/ 358)، والتقريب (رقم: 7559).

مالك، عنه. 154 / حديث: "دخل أعرابيٌّ المسجدَ، فكشف فَرْجَه ليبول، فصاح النّاسُ به ... ". فيه: "اتركوه"، وأنه أمر بذَنوبٍ من ماء فصُبّ على ذلك المكان. في آخر الطهارة (¬1). أسند هذا عبد الله بن المبارك وغيره عن يحيى بن سعيد عن أنس، خرّج في الصحيح (¬2). ورواه الزهري عن سعيد وأبي سلمة وغيرهما عن أبي هريرة، وجاء فيه: أن الأعرابيَّ قال عند ذلك: اللَّهمَّ ارْحَمْنِي وارْحَمْ محمَّدًا، ولا ترحَمْ معنَا أحدًا، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لقد حجَّرْتَ واسعًا" -يعني رحمة الله-، خرّجه الترمذي وغيره (¬3). فصل: قال أبو محمد بن شراحيل: "سمعتُ النسائي يقول: ليس في انتجاس المياه حديثٌ يثبت إلَّا حديث بول الأعرابي (¬4). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الطهارة، باب: ما جاء في البول قائمًا وغيره (1/ 79) (رقم: 111). (¬2) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الوضوء، باب: صبّ الماء على البول في المسجد (1/ 91) (رقم: 221) من طريق عبد الله بن المبارك، وسليمان بن بلال. ومسلم في صحيحه كتاب: الطهارة، باب: وجوب غسل البول وغيره من النجاسات إذا حصلت في المسجد (1/ 236) (رقم: 98، 99) من طريق يحيى بن سعيد القطان، والدراوردي كلهم عن يحيى بن سعيد (هو الأنصاري) عن أنس به. (¬3) أخرجه الترمذي في السنن، كتاب: الطهارة، باب: ما جاء في البول يصيب الأرض (1/ 275، 276) (رقم: 147)، وكذلك أبو داود في السنن كتاب: الطهارة، باب: الأرض يصيبها البول (1/ 263، 264) (رقم: 380)، والنسائي في السنن كتاب: السهو، باب: الكلام في الصلاة (3/ 19) (رقم: 1216) من طرق عن سفيان بن عيينة عن الزهري به. وإسناده صحيح. (¬4) لم أقف عليه، وأبو محمد بن شراحيل إن كان يحيى بن شراحيل فقد تقدّم ذكره.

وهذا الأعرابي هو الذي سأل عن الساعة، وذكر أنَّه يُحبُّ اللهَ ورسولَه، انظره في الزيادات لأنس (¬1). 155 / حديث: "رُؤي يمسحُ وجهَ فرَسه بردائه ... ". وذكر المعاتبة في الخيل. في الجهاد، باب الخيل (¬2). هو مرسلٌ في الموطأ (¬3). وأسنده عبدُ الله بن عمر الفهري خارج الموطأ عن مالك عن يحيى عن أنس، انفرد به، ذكر هذا أبو عمر بن عبد البر (¬4). وخرّج أبو داود في المراسل عن نعيم بن أبي هند نحوه مرسلًا (¬5). ¬

_ (¬1) تقدّم حديثه (4/ 355). (¬2) الموطأ كتاب: الجهاد، باب: ما جاء في الخيل ... (2/ 373) (رقم: 47). (¬3) انظر الموطأ برواية: - أبي مصعب الزهري (1/ 347) (رقم: 900)، وابن بكير (ل: 76 / ب) الظاهرية-. وهكذا رواه جماعة الرواة كما قال ابن عبد البر. التمهيد (24/ 100). (¬4) أورده في التمهيد (24/ 100) من طريق النضر بن سلمة عنه، وقال: "لا يصح". قلت: وقد ورد موصولًا لكن من غير طريق مالك، أخرجه مسدد كما في المطالب (2/ 322) (رقم: 2000)، وأبو عبيدة في كتاب الخيل (ص: 3) من طريق يحيى بن سعيد القطان، عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن رجل من الأنصار قال: "أصبح النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يمسح عرق فرسه ... " فذكره، ورجاله ثقات. (¬5) أخرجه فيه (ص: 228) (رقم: 291) من طريق موسى بن إسماعيل، عن جرير بن حازم عن الزبير بن الخرّيت -بكسر الخاء المعجمة، والراء المشدّدة كما في توضيح المشتبه (3/ 193) - عنه، ورجال إسناده ثقات. وأخرجه من هذا الوجه أيضًا ابن عبد البر في التمهيد (24/ 101). وأخرجه سعيد بن منصور في السنن (ص: 203) (رقم: 2438) عن يحيى بن سعيد عن محمد بن يسار نحوه مرسلًا.

156 / حديث: "رغّب في الجهاد ... ". وذكر الجنَّة، ورجلٌ من الأنصار يأكل تمراتٍ في يده فقال: إنِّي لحريصٌ على الدنيا إِنْ جلستُ حتى أفرغَ مِنْهُنَّ. في باب الترغيب في الجهاد عند آخر الكتاب (¬1). رُويَ نحو هذا عن جابر، خُرِّج في الصحيحين من طريق عمرو بن دينار عنه قال: قال رجلٌ للنبي - صلى الله عليه وسلم - يوم أُحُد: أرأيت إن قُتلتُ فأين أنا؟ قال: "في الجنة"، فألقى تمرات كنَّ في يده، ثم قاتل حتى قُتِل (¬2). وذكر ابنُ إسحاق أن هذه القصة جرت ببدرٍ لعُمير بن الحمام (¬3). 157 / حديث: "كان يُولِمُ الوليمةَ ما فيها خُبزٌ ولا لَحْمٌ". في آخر النكاح (¬4). وهذا الحديث رواه يحيى بن سعيد، عن حُميد، عن أنس، خرّجه ابن ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الجهاد، باب: الترغيب في الجهاد (2/ 371) (رقم: 42). (¬2) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: المغازي، باب: غزوة أحد (3/ 103) (رقم: 4046)، ومسلم في صحيحه كتاب: الإمارة، باب: ثبوت الجنة للشهيد (3/ 1509) (رقم: 143) من طريق سفيان ابن عيينة، عن عمرو بن دينار به. (¬3) انظر: السيرة النبوية لابن هشام (2/ 627). وأخرجه مسلم في صحيحه (3/ 1509) (رقم: 145) من حديث أنس: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال يوم بدر: قوموا إلى جنة عرضها السموات والأرض، فقال عمير بن الحمام الأنصاري: يا رسول الله! جنة عرضها السموات والأرض؟ قال: "نعم"، قال: بخٍ بخٍ ... وفيه: فألقى تمرات من قرنه فجعل يأكل منهنّ، ثم قال: لئن أنا حييتُ حتى آكل تمراتي هذه إنّها لحياة طويلة، قال: فرمى بما كان معه من التمر ثم قاتلهم حتى قتل. (¬4) الموطأ كتاب: النكاح، باب: ما جاء في الوليمة (2/ 430) (رقم: 48).

وهب عن سليمان بن بلال عنه، قال فيه أنس: شهدتُ لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وليمةً ليس فيها خبزٌ ولا لحمٌ (¬1). ورُويَ عن حميد وغيره عن أنس أن وليمةَ صفيةَ بنتِ حُيَي كانت بتمرٍ وأقطٍ وسمنٍ صُنِع حَيسًا، خرِّج هذا في الصحيحين وكان ذلك في غزوة خيبر (¬2). 158 - حديث: "دارٌ سكنّاها والعددُ كثيرٌ، والمالُ وافرٌ، فقلَّ العددُ وذهب المالُ ... ". في الجامع، باب الشؤم (¬3). معنى هذا الحديث لعبد الله بن شدّاد، وأنس بن مالك، خرّجه قاسم بن أصبغ عن ابن شداد (¬4)، وأبو داود عن أنس من طريق إسحاق (¬5). ¬

_ (¬1) أخرجه النسائي في السنن الكبرى (4/ 139) (رقم: 6604) من طريق ابن وهب عن سليمان بن بلال عن حميد الطويل عن أنس قال: شهدت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره. قال النسائي: "رواه سعيد بن كثير بن عفير فزاد فيه: يحيى بن سعيد". قال المزي: "وهكذا رواه ابن وهب عن سليمان بن بلال إلّا أنّه أسقط منه يحيى بن سعيد". تحفة الأشراف (1/ 211). (¬2) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: النكاح، باب: اتخاذ السراري ومن أعتق جارية ثم تزوَّجها (3/ 359) (رقم: 5085) من طريق حميد. ومسلم في صحيحه كتاب: النكاح، باب: فضيلة إعتاق أمة ثم تزوجها (2/ 1043 - 1047) (رقم: 84، 87، 88) من طريق عبد العزيز وثابت، كلهم عن أنس به. (¬3) الموطأ كتاب: الاستئذان، باب: ما يُتّقى من الشؤم (2/ 741) (رقم: 23). وأخرجه ابن وهب في الجامع (2/ 738) (رقم: 647) عن مالك به. (¬4) أخرجه من طريقه ابن عبد البر في التمهيد (24/ 68) وهو مرسل أيضًا كما قال ابن عبد البر، لأنَّ عبد الله بن شدَّاد وإن كان وُلد في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - إلّا أنَّه لم يسمع من النبي - صلى الله عليه وسلم - شيئًا، ولذا عدّه العجلي من كبار التابعين. انظر: معرفة الثقات (2/ 36)، وجامع التحصيل (ص: 212)، والإصابة (7/ 203). (¬5) أخرجه أبو داود في السنن كتاب: الطب، باب: في الطيرة (4/ 238) (رقم: 3924)، والبخاري =

159 / حديث: "قال لِلَقْحَةٍ تُحلَب: من يحلُبُ هذه؟ فقام رجلٌ، فقال له رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: ما اسمك؟ فقال: مُرّة ... ". وفيه: ردُّه وردُّ حربٍ، وحَلْبُ يعيش. في الجامع (¬1). وهذا الحديث ليعيش الغفاري - رجلٌ من الصحابة (¬2) - خرّجه ابن وهب عنه (¬3). ¬

_ = في الأدب المفرد (ص: 270) (رقم: 918) من طريق إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس قال: قال رجل: يا رسول الله ... فذكره. قال البخاري: "في إسناده نظر". قلت: لعله يشير إلى عكرمة بن عمار الراوي عن إسحاق فقد نقل ابن حجر عنه أنه قال: "مضطرب في حديث ابن أبي كثير ولم يكن عنده كتاب"، لكن هذه الرواية ليست عنه، وقد وثقه جمع، فأقل أحوال الإسناد أنه حسن. انظر ترجمة عكرمة بن عمار في: تهذيب الكمال (20/ 256)، وتهذيب التهذيب (7/ 232)، والتقريب (رقم: 4672). (¬1) الموطأ كتاب: الاستئذان، باب: ما يُكره من الأسماء (2/ 741) (رقم: 24). وأخرجه ابن وهب في الجامع (2/ 741) (رقم: 652) عن مالك به. وفيه: "قال للقحة طلحة"! ! (¬2) أخرجه، من طريقه ابن عبد البر في التمهيد (24/ 72) عن ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد، عن عبد الرحمن بن جبير عنه. وأخرجه ابن قانع في معجم الصحابة (3/ 239) من طريق قتيبة عن ابن لهيعة به. وسنده ضعيف لأجل ابن لهيعة إلّا أن له شاهدًا من حديث خَلْدة الزرقي، رواه ابن عبد البر في الاستيعاب (3/ 214، 215) من طريق إسماعيل بن أبي أويس، عن يحيى بن يزيد بن عبد الملك عن أبيه، عن عمر بن عبد الله بن خلدة الزرقي عن أبيه عن جده عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال له: "يا خلدة، ادع لي إنسانًا يحلب ناقتي ... " فذكره. قال الحافظ في الإصابة (2/ 153، 154) -بعد أن عزاه إلى ابن عبد البر-: "له شاهد في الموطأ عن يحيى بن سعيد مرسل أو معضل". (¬3) انظر: الاستيعاب (12/ 182)، وأسد الغابة (6/ 323)، والإصابة (11/ 92، 93).

رُويَ في معنى التسمية عن أبي وهب الجشمي - رجلٌ من الصحابة - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "أحبُّ الأسماء إلى الله تعالى عبدُ الله وعبدُ الرحمن، وأصدقُها حارثٌ وهمَّامٌ، وأقبحُها حرب ومُرّة"، خرّجه أبو داود (¬1). 160 / حديث: "أُسري برسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرأى عفريتًا من الجنّ يطلبه بشُعلةٍ من نار ... ". فيه: "فقال جبريل: قل: أعوذ بوجه الله الكريم، وبكلمات الله التامات ... ". في الجامع، باب التعوّذ (¬2). روى يحيى بن سعيد هذا الحديث عن محمد بن عبد الرحمن بن سعد بن ¬

_ (¬1) أخرجه في السنن كتاب: الأدب، باب: في تغيير الأسماء (5/ 237) (رقم: 4950)، وكذا النسائي في السنن كتاب: الخيل، باب: ما يُستحب من شية الخيل (6/ 527) (رقم: 3567)، وأحمد في المسند (4/ 345)، والبخاري في الأدب المفرد (ص: 243) (رقم: 814) كلهم من طريق عقيل بن شبيب عنه. وهذا إسناد ضعيف لجهالة عقيل بن شبيب، قال أبو حاتم فيما حكاه عنه ابنه في العلل (2/ 313): "مجهول لا أعرفه"، وقال الذهبي في الميزان (4/ 8): "لا يُعرف هو ولا الصحابي إلا بهذا الحديث". وكذا جهّله الحافظ في التقريب (رقم: 4660) لكن الحديث يشهد له ما رواه ابن وهب في الجامع (1/ 90، 91) (رقم: 46، 53) من طريق عبد الوهاب بن بُخت، وعبد الله بن عامر اليحصبي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلًا، ورجال إسنادهما ثقات، ولأجل هذه الشواهد أورده الألباني في سلسلته الصحيحة (رقم: 1040). وللفصل الأول من الحديث شاهد صحيح من حديث ابن عمر، أخرجه مسلم في صحيحه كتاب: الأدب، باب: النهي عن التكني بأبي القاسم وبيان ما يستحب من الأسماء (3/ 1682) (رقم: 2) أن رسول الله قال: "إنَّ أحبَّ أسماءكم إلى الله عبد الله وعبد الرحمن". (¬2) الموطأ كتاب: الشعر، باب: ما يؤمر به من التعوذ (2/ 724) (رقم: 9). وأخرجه النسائي في عمل اليوم والليلة (ص: 531) (رقم: 957) من طريق ابن القاسم، عن مالك به.

زرارة عن عياش السلمي (¬1) عن عبد الله بن مسعود، خرّجه النسائي من طريق محمد بن جعفر بن أبي كثير عنه (¬2). وخرَّجه الدارقطني من طرق، أحدها: عن حماد بن زيد عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن عبد الرحمن، عن رجل عن ابن مسعود (¬3)، وقال: "قول حماد أشبه بالصواب" (¬4). ¬

_ (¬1) تصحّف في الأصل وكذا في عمل اليوم والليلة إلى (عياش الشامي) وكتب الناسخ في مقابله بالهامش (أظنه السُّلمي)، وهو كما قال كما ورد في مصادر ترجمته. انظر: تهذيب الكمال (22/ 564)، وميزان الاعتدال (4/ 227)، وتهذيب التهذيب (8/ 178)، والتقريب (رقم: 5273)، والخلاصة للخزرجي (2/ 315). (¬2) أخرجه في عمل اليوم والليلة (ص: 530) (رقم: 956)، وإسناده ضعيف لجهالة عياش السلمي، فقد قال فيه الذهبي في الميزان (4/ 227): "لا يعرف"، وقال الحافظ في التقريب (رقم: 5273): "مجهول"، ولذا نقل المزى عن حمزة الكناني أنه قال: "هذا ليس بمحفوظ، والصواب مرسل". انظر: تحفة الأشراف (7/ 133)، وتنوير الحوالك (2/ 233). (¬3) في الأصل: "عن أبي مسعود"، وهو خطأ. (¬4) ذكر الدارقطني له ثلاث طرق: - أحدها: طريق حماد المذكورة. - والثانية: طريق إبراهيم بن طريف عن يحيى بن سعيد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن ابن مسعود، ومن هذا الوجه أخرجه الطبراني أيضًا في المعجم الأوسط (1/ 18) (رقم: 43)، وفي الدعاء (2/ 1293) (رقم: 1058). - والثالثة: طريق داود بن عبد الرحمن العطار عنه عن رجل من أهل الشام يقال له عباس - ولعله عياش - عن ابن مسعود، أخرجه البيهقي في الأسماء والصفات (2/ 95، 96) (رقم: 663). والراجح من هذه الطرق كما قال الدارقطني هي طريق حماد بن زيد؛ لأن إبراهيم بن طريف مجهول كما في التقريب (رقم: 188) ومع جهالته فهو متفرد كما قال الدارقطني في الأفراد كما في أطراف الغرائب (ل: 213 / أ). وأما داود العطار فهو وإن كان ثقة إلا أن حمادًا أوثق منه، وقد تابعه أيضًا محمد بن جعفر بن أبي كثير كما تقدم. انظر: العلل (5/ 217، 218).

ومعنى هذا الحديث لعبد الرحمن بن (¬1) خَنْبَش - بالخاء المعجمة المفتوحة والنون، والباء المعجمة بواحدة، والشين المعجمة (¬2) - ذكر حديثه العقيلي وغيره (¬3). وانظره للبزار (¬4). 161 - حديث: "أن خالدَ بن الوليد قال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إنِّي أُرَوَّع في منامي ... ". فيه: "قل: أعوذ بكلمات الله التامات من غضبه وعقابه وشرِّ عباده". في الجامع، باب التعوّذ (¬5). قال فيه سفيان بن عيينة عن أيوب، عن محمد بن يحيى بن حبان أن خالد بن الوليد كان يروَّع، ذكر هذا أبو عمر بن عبد البرّ (¬6). ¬

_ (¬1) سقطت كلمة (ابن) من الأصل، والصواب ثبوتها. (¬2) أي على وزن جعفر. انظر: المشتبه (ص: 273)، وتوضيحه (3/ 465)، وتبصير المنتبه (2/ 541)، والإصابة (6/ 275). (¬3) لم أجده في ضعفاءه، وقد أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (10/ 364)، وأحمد في المسند (3/ 419)، وأبو يعلى في مسنده (12/ 237، 238) (رقم: 6844)، وابن قانع في معجم الصحابة (2/ 173)، وأبو نعيم في الدلائل (1/ 243، 244)، والبيهقي في الدلائل (7/ 95)، وفي الأسماء والصفات (1/ 72، 73) (رقم: 35) كلهم من طريق جعفر بن سليمان، عن أبي التياح عنه. وهذا إسناد صحيح، قال الهيثمي في المجمع (10/ 127): "رواه أحمد وأبو يعلى والطبراني بنحوه، ورجال أحد إسنادي أحمد وأبي يعلى وبعض أسانيد الطبراني رجال الصحيح". ووقع اسم والد عبد الرحمن عند أبي يعلى (حُبشي) وعزاه الحافظ في الإصابة (6/ 276) إلى ابن حبان أيضًا وقال: "أظنه تصحيفًا". (¬4) لم أعثر عليه عند البزار، وكذا لم يعزه إليه الهيثمي في المجمع كما تقدّم. (¬5) الموطأ كتاب: الشعر، باب: ما يؤمر به من التعوذ (2/ 724) (رقم: 9). (¬6) أورده ابن عبد البر في التمهيد (24/ 109) من طريق علي بن حرب الطائي وكذا ابن السني في عمل اليوم والليلة (ص: 349) (رقم: 750) من طريق مسدد كلاهما عن سفيان به. قال الحافظ كما في الفتوحات لابن علان (3/ 179): "مرسل صحيح الإسناد".

وخرّج الترمذي من طريق سليمان بن بُريدة عن أبيه قال: شكى خالد بن الوليد المخزومي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: ما أنام الليل من الأَرَق فقال: "إذا أويت إلى فراشك فقل: اللهمّ ربَّ السموات السبع وما أظلّت ... "، وذكر دعاء آخر (¬1). وروى محمد بن إسحاق عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال: كان الوليد بن الوليد بن المغيرة يروَّع في نومه، فذكر ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "إذا اضطجعت للنوم فقل: بسم الله، أعوذ بكلمات الله التامّة ... "، وذكر دعاء الموطأ (¬2). ¬

_ (¬1) أخرجه في السنن، كتاب: الدعوات، باب: (91) (5/ 503) (رقم: 3523) عن محمد بن حاتم، عن الحكم بن ظهير عن سليمان بن بريدة به، وقال: "هذا حديث ليس إسناده بالقوي، والحكم بن ظهير قد ترك حديثه بعض أهل الحديث، ويُروى هذا الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلًا من غير هذا الوجه". قلت: الحكم بن ظهير قال فيه البخاري: "تركوه، منكر الحديث"، وقال أبو حاتم والنسائي: "متروك الحديث". وعليه فالإسناد ضعيف جدًّا، لكن الحديث حسن لغيره؛ لوروده من طرق أخرى موصولًا ومرسلًا كما قال الترمذي. انظر: الضعفاء الصغير (ص: 35) (رقم: 70)، والجرح والتعديل (3/ 119)، والضعفاء والمتروكون للنسائي (ص: 81) (رقم: 129)، وتهذيب الكمال (7/ 99)، والتقريب (رقم: 1445). (¬2) أخرجه أبو داود في السنن كتاب: الطب، باب: كيف الرقى (4/ 218) (رقم: 3893)، والترمذي في السنن كتاب: الدعوات (5/ 506) (رقم: 3528)، والبخاري في خلق أفعال العباد (ص: 89)، والنسائي في عمل اليوم والليلة (ص: 453) (رقم: 766)، وأحمد في المسند (2/ 181)، وابن أبي شيبة في المصنف (10/ 364)، وابن السني في عمل اليوم والليلة (رقم: 746)، والحاكم في المستدرك (1/ 548)، والطبراني في الدعاء (2/ 1309) (رقم: 1086)، والبيهقي في الآداب (رقم: 993) كلهم من طرق عن محمد بن إسحاق به. والحديث حسّنه الترمذي، وقال الحاكم: "صحيح الإسناد". ولكن فيه محمد بن إسحاق وهو مدلس، ولم يصرّح بالتحديث في جميع الطرق الواردة في المصادر المتقدّمة، لكن يشهد له مرسل محمد بن يحيى بن حبان وغيره.

هكذا قال ابن إسحاق في هذا الحديث الوليد بن الوليد (¬1) - وهو أخو خالد بن الوليد - مات في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬2). وانظر حديث العقرب لأبي هريرة من طريق أبي صالح (¬3)، وحديث خولة (¬4). 162 / حديث: "ما على أحدكم لو اتّخد ثوبين لجمعته ... ". في أبواب الجمعة (¬5). هذا الحديث لجماعة، رواه إبراهيم بن سعيد الجوهري، عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن عمرة، عن عائشة (¬6). ¬

_ (¬1) وهو عند البخاري في خلق أفعال العباد، وهكذا وقع عند أحمد في المسند (4/ 57)، (616) من طريق ابن حبان مرسلًا، وعند النسائي في عمل اليوم والليلة: "كان خالد بن الوليد رجلًا يُفزع"، وعند ابن السني: "أن رجلًا شكى إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -"، ولم يرد عند البقية إلَّا المرفوع منه، فنقول كما قال الحافظ فيما نقله عنه ابن علَّان: "يُحتمل أن يكون وقع لكلِّ من خالد والوليد وإن اتحدَّ الدعاء، والله أعلم". انظر: الفتوحات (3/ 179). (¬2) انظر: الاستيعاب (11/ 37)، وأسد الغابة (5/ 423)، والإصابة (10/ 316). (¬3) تقدم (3/ 433). (¬4) تقدَّم حديثها (3/ 302). (¬5) الموطأ كتاب: الجمعة، باب: الهيئة وتخطي الرقاب ... (1/ 111) (رقم: 17). (¬6) أخرجه من طريقه: ابن عبد البر في التمهيد (24/ 34 - 35)، قال: حدَّثنا يحيى بن سعيد الأموي (وهذا سقط من الأصل) عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن عمرة، عن عائشة قالت: إنَّ الناس كانوا عمال أنفسهم ... "، وفيه قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ما على أحدكم أن يتخذ يوم الجمعة ثوبين سوى ثوبي مهنة". هكذا رواه يحيى بن سعيد الأموي، عنه، عن عمرة، عن عائشة، ورواه أبو داود في السنن كتاب: الصلاة، باب: اللبس للجمعة (1/ 650) (رقم: 1078) من طريق يونس بن يزيد وعمرو بن الحارث. وعبد الرزاق في المصنف (3/ 203) (رقم: 5330) من طريق الثوري. وسعيد بن منصور كما في الفتح (2/ 435) من طريق ابن عيينة، أربعتهم عن يحيى بن سعيد =

ورواه عبد العزيز الدراوردي عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن يحيى بن حبان، عن لؤلؤة عن أبي صِرمة (¬1) الأنصاري، واسمه مختلف فيه (¬2). ذكره الدارقطني، وقال: "جوّد الدراوردي إسناده" (¬3). وخرّجه ابن أبي شيبة من طريق عبد الحميد بن جعفر، عن محمد بن ¬

_ = الأنصاري، عن محمد بن يحيى بن حبان مرسلًا. ولأجل مخالفة يحيى الأموي لهؤلاء الجماعة قال ابن حجر: "في إسناده نظر". فتح الباري (2/ 435). ومرسل محمد بن يحيى بن حبان هذا وصله أبو داود في السنن (1/ 650) (رقم: 1078)، وابن ماجه في السنن كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في الزينة يوم الجمعة (1/ 348) (رقم: 1095) من طريق ابن وهب، عن عمرو بن الحارث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن موسى بن سعيد، عن محمد بن يحيى بن حبان، عن عبد الله بن سلام: "أنّه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول ذلك على المنبر". والإسناد رجاله ثقات، إلّا أن فيه انقطاعًا بين محمد بن يحيى بن حبان، وبين عبد الله بن سلام كما قاله الحافظ في التلخيص (2/ 75)، لأنَّ عبد الله بن سلام مات في قول جميعهما كما حكاه الحافظ في الإصابة (6/ 110) عن الطبري سنة ثلاث وأربعين. ومحمد بن يحيى توفي سنة إحدى وعشرين ومائة، وهو ابن أربع وسبعين سنة، فتكون ولادته سنة (47 هـ)، أي بعد وفاة عبد الله بأربع سنوات. وكأنَّ الشيخ الألباني - حفظه الله - لم يتنبَّه لهذه العلّة فقال في غاية المرام (ص: 76): "إسناده صحيح على شرط مسلم، وله شاهد من حديث عائشة". وهكذا حكم بصحة إسناده في تحقيقه للمشكاة (1/ 438)، ولا شك أن الإسناد مع هذا الانقطاع لا يبلغ درجة الصحة، لكن الحديث صحيح بشواهده، منها حديث عائشة عند ابن ماجه في السنن (1/ 349) (رقم: 1096) بسند حسن، وقد صححه ابن خزيمة في صحيحه (3/ 132) (رقم: 1765)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (7/ 15 / 2777). ومنها: حديث جابر عند ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 156، 157)، لكن في إسناده موسى بن عُبيدة الربذي، وهو ضعيف. (¬1) صِرمة: بكسر الصاد المهملة وسكون الراء. الإكمال لابن ماكولا (5/ 224)، وتوضيح المشتبه (5/ 458). (¬2) قيل: مالك بن قيس، وقيل: قيس بن مالك، وقيل: لبابة بن قيس، وقيل غير ذلك كما سيأتي. (¬3) لم أقف عليه.

يحيى بن حبان عن يوسف بن عبد الله بن سلّام، عن أبيه (¬1). 163 / حديث: "كان يدعو فيقول: اللهمّ فالق الإصباح ... ". فيه: "اقض عنى الدَّين، وأغني من الفقر، وأمتعني بسمعي وبصري وقوّتي في سبيلك" (¬2). روى هذا أبو خالد الأحمر سليمان بن حيّان، عن يحيى بن سعيد، عن مسلم بن يسار مرسلًا أيضًا، ومساقه بلفظ واحد (¬3)، وفي السندات (¬4) غريب (¬5). وقد جاء مفصّلا عن جماعة: فقوله: "اقض في الدين، وأغننى من الفقر"، روي عن أبي هريرة وغيره [ــــــــــــــــ] (¬6) أخرى، خرّجه مسلم من طريق أبي صالح عنه (¬7). ¬

_ (¬1) لم أجده في المصنف ولا في المسند. ورواه ابن ماجه في السنن كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في الزينة يوم الجمعة (1/ 348) (رقم: 1095) عنه: قال: ثنا شيخ لنا، عن عبد الحميد بن جعفر به. وإسناده ضعيف جدًّا؛ لأنَّ شيخ ابن أبي شيبة المبهم هم محمد بن عمر الواقدي كما ورد التصريح به عند عبد بن حميد (ص: 180) (رقم: 499 - المنتخب)، وهو متروك. وقد أخرجه أبو داود في السنن (1/ 650) (رقم: 1078)، وابن ماجه في السنن (1/ 348) (رقم: 1095) من طريق يزيد بن أبي حبيب، عن موسى بن سعيد، عن محمد بن يحيى بن حبان، عن عبد الله بن سلام، ورجاله ثقات، إلّا أنّ فيه انقطاعًا كما تقدّم. (¬2) الموطأ كتاب: القرآن، باب: ما جاء في الدعاء (1/ 186) (رقم: 27). (¬3) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (10/ 208 - 209) عن أبي خالد به. (¬4) كذا في الأصل مضبَّبًا عليها، وكتب في مقابله بالهامش: "لعلَّه المسندات"، وهو الظاهر، والله أعلم. (¬5) يعني أن لفظ الحديث في الطرق المسندة غريب يغاير مرسل يحيى بن سعيد ومسلم بن يسار. (¬6) كلمة لم أتبيّنها، وعليها ضبة، ولعلها: "من طرق". (¬7) أخرجه مسلم في صحيحه كتاب: الذِّكر والدعاء والتوبة والاستغفار (4/ 2084) (رقم: 61) في دعاء طويل، وفي آخره: "اقض عنَّا الدَّين وأغننا من الفقر".

وروي عن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقول في دعاء طويل ذكره: "ومتِّعنا بأسماعنا وأبصارنا وقوَّتنا ما أحييتنا"، خَرَّجه الترمذي (¬1). 164 / حديث: "أمر السعدين أن يبيعا آنية من المغنم من ذهب أو فضة، فباعا كل ثلاثة بأربعة ... ". فيه: "أَرْبيتُما فرُدَّا". في باب: بيع الذهب بالورِق (¬2). روى يحيى بن سعيد هذا الحديث عن عبد الله بن أبي سلمة (¬3) مرسلًا أيضًا، خرّجه ابن وهب عن الليث بن سعد وعمرو بن الحارث عنه كذلك (¬4). ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في السنن كتاب: الدعوات، باب (5/ 493 - 494) (رقم: 3502)، والنسائي في عمل اليوم والليلة (ص: 31) (رقم: 401)، وابن السني في عمل اليوم والليلة (ص: 212) (رقم: 446)، وأبو الشيخ في طبقات المحدّثين بأصبهان (4/ 200 - 201) (رقم: 966)، والبغوى في شرح السنة (5/ 174 - 175) (رقم: 1374) كلهم من طريق عبيد الله بن زحر، عن خالد بن أبي عمران، عنه. قال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب". قلت: فيه عبيد الله بن زحر، وهو مختلف فيه، فضعَّفه أحمد وابن معين وعلي بن المديني، ووثَّقه أبو داود وأبو زرعة والنسائي، وقال عنه الحافظ: "صدوق يخطئ"، فهو ليِّن الحديث على كلِّ حال، لكن تابعه الليث بن سعد عند الحاكم (1/ 528)، وعليه فالإسناد حسن. وانظر ترجمة عبيد الله بن زحَر في: تهذيب الكمال (19/ 36)، والكاشف (2/ 197)، وتهذيب التهذيب (7/ 12)، والتقريب (رقم: 4290). (¬2) الموطأ كتاب: البيوع، باب: بيع الذهب بالفضة تبرًا وعينًا (2/ 491) (رقم: 28). والسعدان هما: سعد بن أبي وقاص، وسعد بن عبادة كما ورد التصريح بهما في حديث فضالة الآتي. (¬3) وقع في الأصل: "عبد الله بن سلمة"، والصواب ما أثبته؛ لأنَّ عبد الله بن سلمة إن كان مراديًا فلا يروي عنه إلَّا عمرو بن مرة، وأبو الزبير، وإن كان همدانيًا فلا يروي عنه إلّا أبو إسحاق السبيعي، هكذا نقله الحافظ عن أبي أحمد الحاكم، وأما عبد الله بن أبي سلمة وهو الماجشون، فقد روى عنه جمع كبير، منهم: يحيى بن سعيد الأنصاري، وهكذا جاء (أي عبد الله بن أبي سلمة) في التمهيد (24/ 104). وانظر: تهذيب التهذيب (5/ 213). (¬4) ذكره ابن عبد البر في التمهيد (24/ 104).

والحديث لفضالة بن عُبيد (¬1) قال فيه: "كنا يوم خيبر، فجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الغنائم سعد بن أبي وقّاص وسعد بن عبادة"، وساقه. ذكر هذا أبو عمر ابن عبد البر (¬2)، وخرّج مسلم معناه لفضالة بن عُبيد (¬3). وقال يحيى بن يحيى في ترجمته: "بيع الذهب بالورق" (¬4)، وعند غيره: "والورق"، بواو العطف (¬5)، وهو الأليق بالمعنى (¬6). ¬

_ (¬1) سقط ذكر فضالة بن عبيد من الأصل، وأُثبت في مكانه الراوي عنه حنش السبائي، إلّا أنّه تصحّف إلى حبيب السائي، وهو حنش بن عبد الله السبائي، أبو رشدين الصنعاني. انظر: التمهيد (24/ 106)، وتهذيب الكمال (7/ 429). (¬2) ذكره ابن عبد البر في التمهيد (24/ 106)، وقال: "هذا إسناد صحيح متصل حسن". (¬3) انظر: صحيح مسلم كتاب: المساقاة، باب: بيع القلادة فيها خرز وذهب (3/ 1214) (رقم: 91). (¬4) انظر: نسختي المحمودية (أ) (ل: 108 / ب)، (ب) (ل: 148 / ب). وهكذا قال ابن بكير (ل: 94 / أ) الظاهرية-، وابن القاسم (ل: 11 / أ). وفي المطبوعة من رواية يحيى بن يحيى (2/ 491): "بيع الذهب بالفضة"، وهما بمعنى. (¬5) انظر الموطأ برواية: أبي مصعب الزهري (2/ 333). وقال سويد في ترجمته (ص: 241): "باب: ما جاء في بيع الذهب بالذهب". (¬6) وجه كون الترجمة أليق أن الأحاديث والآثار التي ساقوها تحت هذه الترجمة تعالج قضية بيع النقدين بمثليهما، وأنَّه يُشترط لصحة بيع الذهب بالذهب أو الدينار بالدينار أمران: 1 - التماثل بينهما بأن لا يزيد أحدهما على الآخر، وهذا هو المراد بقوله في حديث أبي هريرة (رقم: 29): "الدينار بالدينار، والدرهم بالدرهم، لا فضل بينهما" , وفي حديث عثمان بن عفان (رقم: 32) "لا تبيعوا الدينار بالدينارين ولا الدرهم بالدرهمين"، وفي حديث عمر بن الخطاب (رقم: 33، 34، 35): "لا تبيعوا الذهب بالذهب، ولا الورق بالورق إلّا مثلًا بمثل، ولا تشفوا بعضها على بعض". 2 - التقابض بين الطرفين في مجلس العقد، وهذا هو المراد بقوله في حديث أبي سعيد (3)، وفي حديث عمر بن الخطاب (34): "لا تبيعوا منها شيئًا غائبًا بناجز". وعلى هذا فأقرب التراجم لهذه الأحاديث والآثار هو ما قاله أبو مصعب: "باب: ما جاء في بيع الذهب بالذهب والورق بالورق".

165 / حديث: "كان قد أراد أن يتخذ خشبتين في النوم يُضربُ بهما ليجتمع الناس للصلاة، فأُري عبد الله بن زيد الأنصاري، ثم من بني الحارث بن الخزرج خشبتين في النوم ... ". فيه: "فقيل: ألا تؤذنون؟ "، وأنَّه أمر بالأذان. في باب النداء للصلاة (¬1). عبد الله بن زيد هذا هو ابن عبد ربه (¬2). وهذا الحديث مروي عنه وعن غيره، وهو مستفيض (¬3): روى محمد بن إسحاق عن محمد بن إبراهيم التيمي، عن محمد بن عبد الله بن زيد عن أبيه أنه أُري النداء والإقامة، وذكرهما ... قال فيه: "فلمّا أصبحت أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته بما رأيت، فقال: "إنها لرؤيا حق إن شاء الله تعالى، قم مع بلال، فألق عليه ما رأيت، فليؤذن به"، قال: فسمع بذلك عمر بن الخطاب، فقال، والذي بعثك بالحق يا رسول الله! لقد رأيت مثل الذي رأى فلله الحمد"، خرّجه أبو داود، والترمذي، وابن الجارود وغيرهم (¬4). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في النداء للصلاة (1/ 81) (رقم: 1). (¬2) انظر: الطبقات الكبرى (3/ 405)، وسنن الترمذي (1/ 361)، ومستدرك الحاكم (3/ 335)، والاستيعاب (6/ 207 - 208)، وأسد الغابة (3/ 248)، والسير (2/ 375). وقال ابن الكلبي وابن منده وأبو نعيم في نسبه: "عبد الله بن زيد بن ثعلبة بن عبد ربه"، فزادوا فيه ثعلبة، حكاه عنهم ابن الأثير، وهكذا قال في نسبه ابن إسحاق كما في سيرة ابن هشام (2/ 508). لكن نفاه عبد الله بن محمد الأنصاري، وقال: "ليس في آبائه ثعلبة، وإدخاله في نسبه خطأ". (¬3) قال ابن عبد البر: "روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في قصة عبد الله بن زيد هذه في بدء الأذان جماعة من الصحابة بألفاظ مختلفة ومعان متقاربة ... والأسانيد في ذلك متواترة حسان ثابتة". التمهيد (24/ 20). (¬4) أخرجه أبو داود في السنن كتاب: الصلاة، باب: كيف الأذان (1/ 337 - 338) (رقم: 499)، والترمذي في السنن كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في بدء الأذان (1/ 358 - 359) =

قال أبو داود: "وهكذا رواه الزهري عن سعيد بن المسيب عن عبد الله بن زيد" (¬1). ¬

_ = (رقم: 189)، وابن ماجه في السنن كتاب: الأذان والسنة فيه، باب: بدء الأذان (1/ 232) (رقم: 706)، وأحمد في المسند (4/ 43)، والدارمي في السنن كتاب: الصلاة، باب: في بدء الأذان (1/ 268)، وابن الجارود في المنتقى (ص: 62) (رقم: 158)، ابن خزيمة في صحيحه (1/ 189) (رقم: 363)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (4/ 572) (رقم: 1679)، والدارقطني في السنن (1/ 241)، والبيهقي في السنن الكبرى (1/ 391). وهذا إسناد حسن، وابن إسحاق وإن كان مدلِّسًا لكنه صرَّح بالتحديث في هذه الروايات كلّها. قال الترمذي: "حديث حسن صحيح"، ونقل تصحيحه أيضًا عن البخاري. وقال ابن خزيمة: "سمعت محمد بن يحيى (هو الذهلي) يقول: "ليس في أخبار عبد الله بن زيد في قصة الأذان خبر أصح من هذا؛ لأنَّ محمد بن عبد الله بن زيد سمعه من أبيه". وقال أيضًا: "وخبر محمد بن إسحاق، عن محمد بن إبراهيم، عن محمد بن عبد الله بن زيد بن عبد ربه، عن أبيه ثابتٌ من جهة النقل؛ لأنَّ ابن محمد بن عبد الله بن زيد قد سمعه من أبيه، ومحمد بن إسحاق قد سمعه من محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي، وليس هو ممّا دلَّسه محمد بن إسحاق". صحيح ابن خزيمة (1/ 193، 197). وقال ابن حجر في نتائج الأفكار (1/ 334) - بعدما ذكر تصحيح البخاري له نقلًا عن الترمذي -: "وصححه أيضًا محمد بن يحيى الذهلي، وابن خزيمة، وابن حبان، والدارقطني، والحاكم، وكأنَّهم صحَّحوه لموافقة ما دلَّ عليه حديث أنس في الصحيحين". وقال في الفتح (2/ 93): "وإنَّما لم يخرّجه البخاري؛ لأنَّه على غير شرطه". (¬1) انظر: سنن أبي داود برواية ابن داسة (ل: 23 / ب)، وفي رواية اللؤلؤي المطبوعة (1/ 339): "هكذا رواية الزهري .. ". ورواية الزهري عن سعيد بن المسيب أخرجها ابن خزيمة في صحيحه (1/ 193) (رقم: 373) من طريق إبراهيم بن سعد، عن ابن إسحاق قال: فذكر محمد بن مسلم بن عبد الله بن شهاب الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن عبد الله بن زيد بن عبد ربه بهذا الخبر". والإسناد فيه علّتان: الأولى: الانقطاع؛ لأنَّ سعيد بن المسيب لم يسمع من عبد الله بن زيد. الثانية: أن ابن إسحاق مدلس، وقوله: "ذكر الزهري" في معنى العنعنة. ولأجلهما رجّح الحافظ في الفتح رواية الزهري عن ابن المسيب المرسلة التي رواها عبد الرزاق في =

وخرّج أبو داود أيضًا عن أبي عمير بن أنس، عن عمومة له من الأنصار: "أن عبد الله بن زيد أُري النداء، قال: وكان عمر بن الخطاب قد رآه قبل ذلك فكتمه عشرين يومًا" (¬1). وخرّج في الصحيحين عن نافع، عن ابن عمر قال: "كان المسلمون حين قدموا المدينة يجتمعون فيتحيّنون الصلاة، ليس ينادى لها، فتكلّموا يومًا في ذلك ... فقال عمر: أولا تبعثون رجلًا ينادي بالصلاة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يا بلال قم فناد بالصلاة" (¬2). 166 / حديث: "لما كان يوم أحد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من يأتيني بخبر سعد بن الربيع ... ". وفيه: قول سعد. في الجهاد، عند آخره، باب الترغيب في الجهاد (¬3). وهو حديث مشهور في السير (¬4)، خرّجه ابن إسحاق عن محمد بن ¬

_ = المصنف (1/ 455) (رقم: 1774) حيث قال: "ومنهم من وصله عن سعيد عن عبد الله بن زيد، والمرسل أقوى إسنادًا". انظر: نتائج الأفكار (1/ 334)، وفتح الباري (2/ 93). (¬1) أخرجه أبو داود في السنن كتاب: الصلاة، باب: بدء الأذان (1/ 335) (رقم: 498)، والبيهقي في السنن الكبرى (1/ 390) من طريق أبي بشر عنه. وصحح إسناده الحافظ في الفتح (2/ 97). (¬2) انظر: صحيح البخاري كتاب: الأذان، باب: بدء الأذان (1/ 205) (رقم: 604)، وصحيح مسلم كتاب: الصلاة، باب: بدء الأذان (1/ 285) (رقم: 1). (¬3) الموطأ كتاب: الجهاد، باب: الترغيب في الجهاد (2/ 370) (رقم: 39). (¬4) قال ابن عبد البر: "هذا الحديث لا أحفظه ولا أعرفه إلّا عند أهل السير، فهو عندهم مشهور معروف". التمهيد (24/ 94). وقال ابن حجر: "ومن المشهورين - ممّن قُتل من المسلمين يوم أحد - عبد الله بن جُبير، وسعد بن الربيع، ومالك بن سنان ... ولكلٍّ من هؤلاء قصة مشهورة عند أهل المغازي". فتح الباري (7/ 434).

عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة المازنى مرسلًا أيضًا (¬1). 167 - حديث: "كان جالسا وقبر يحفر بالمدينة، فاطّلع رجل في القبر فقال: بئس مضجع المؤمن ... ". فيه: "بئس ما قلت"، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا مثل للقتل في سبيل الله، ما على الأرض بقعة أحب إليَّ من أن يكون قبري بها منها -يعني المدينة-". في الجهاد، باب الشهداء (¬2). وهذا الحديث فصلان، وهو غريب لا يكاد يوجد مسندًا (¬3). وجاء عن الصُّمَيتة - امرأة من بني ليث بن بكر كانت في حِجر النبي - صلى الله عليه وسلم - أنَّها سمعته يقول: "من استطاع أن يموت بالمدينة فليمت بها". خرّجه النسائي (¬4). ¬

_ (¬1) ذكره ابن هشام في السيرة (3/ 94)، وسنده حسن، فقد صرّح ابن إسحاق بالتحديث عن محمد بن عبد الرحمن، إلّا أنَّه كما قال المؤلف مرسل، لكن قال الحافظ: "إنَّ في الصحيح من حديث أنس ما يشهد لبعضه". الإصابة (4/ 144). (¬2) الموطأ كتاب: الجهاد، باب: الشهداء في سبيل الله (2/ 368) (رقم: 33). (¬3) قال ابن عبد البر: "هذا الحديث لا أحفظه مسندًا، ولكن معناه موجود من رواية مالك وغيره". التمهيد (24/ 92). (¬4) أخرجه النسائي في السنن الكبرى (2/ 488) (رقم: 4285)، وكذلك ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (6/ 155)، والطبراني في المعجم الكبير (24/ 331) (رقم: 824) من طريق يونس، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر، عنها. والحديث صحيح، لكن اختلف في إسناده على الزهري، فرواه يونس عنه، عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر. وهكذا رواه ابن أبي ذئب عنه، إلّا أنّه قال: عن امرأة يتيمة كانت عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يسمِّها، أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (24/ 332) (رقم: 825) من طريق ابن أبي فديك، عنه. =

168 / حديث: "أن رجلا جاءه الموت فقال رجل: هنيئا له مات ولم يبتل بمرض ... ". فيه: "وما يدريك ... "، وذكر التكفير. في الجامع، باب أجر المريض (¬1). وهذا غريبٌ، لا يكاد يوجد مسندًا (¬2). وروي في معناه عن عامر الرامي أخو الخُضَر مرفوعًا: "إنَّ المؤمن إذا أصابه السقم ثم أعفاه الله تعالى منه كان كفارة لما مضى من ذنوبه وموعظة ¬

_ = ورواه عُقيل بن خالد عند ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (6/ 154) (رقم: 3382)، وصالح بن أبي الأخضر عند الطبراني في الكبير (24/ 331) (رقم: 823) عنه عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة. والصحيح من ذلك كما قال ابن أبي عاصم في الآحاد (6/ 155): قولهم عبيد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطاب عن الصميتة لوجوه: منها قول أبي نعيم في المعرفة (2/ 391 / ب): "حديثها عند عبيد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطاب". ومنها أن المزي ذكرها في تهذيبه (19/ 78) في شيوخ عبيد الله بن عبد الله بن عمر. ومنها: أن الصميتة حدّثت بهذا الحديث صفية بنت أبي عبيد كما ورد عند ابن حبان في صحيحه (الإحسان) (9/ 58) (رقم: 3742)، والطبراني في المعجم الكبير (24/ 331) (رقم: 824)، وصفية هي زوجة عبد الله بن عمر بن الخطاب كما قال ابن سعد في طبقاته (8/ 345)، فصِلة عبيد الله بن عمر بن الخطاب هنا أقرب من صلة عبيد الله بن عبد الله بن عتبة. وفي الباب أيضًا عن ابن عمر، أخرجه الترمذي في السنن كتاب: المناقب، باب: في فضل المدينة (5/ 676) (رقم: 3917)، وابن ماجه في السنن كتاب: المناسك، باب: فضل المدينة (2/ 1039) (رقم: 3112)، وأحمد في المسند (2/ 74)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (9/ 57) (رقم: 3741)، وإسناده صحيح. (¬1) الموطأ كتاب: العين، باب: ما جاء في أجر المريض (2/ 718) (رقم: 8). (¬2) قال ابن عبد البر: "لا أعلم هذا الخبر بهذا اللفظ يستند عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من وجه محفوظ، والأحاديث المسندة في تكفير المرض للذنوب والخطايا والسيّئات كثيرة جدًّا". لتمهيد (24/ 75).

فيما يستقبل"، خرّجه أبو داود، وفيه زيادة (¬1). والخُضَر بضم الخاء وفتح الضاد (¬2). وانظر حديث عروة عن عائشة (¬3). 169 / حديث: "بلغني أن أسعد بن زرارة اكتوى في زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... ". في الجامع (¬4). معناه الرفع من طريق العلم به والإقرار عليه. وهذا الحديث لأبي أمامة بن سهل بن حنيف، خرّجه ابن وهب من طريق الزهري عنه (¬5). ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في السنن كتاب: الجنائز، باب: الأمراض المكفرة للذنوب (3/ 468 - 469) (رقم: 3089)، وابن أبي الدنيا في المرض والكفارات (ص: 154) (رقم: 196)، والبغوي في شرح السنة (5/ 250 - 251) (رقم: 1440) من طريق محمد بن إسحاق، قال: حدثني رجل من أهل الشام يُقال له أبو منظور، عن عمِّه، عن عامر الرام مطوَّلًا. وسنده ضعيف؛ لجهالة أبي منظور وعمّه، لكن كون المرض مكفّرًا للذنوب والسيّئات ثبت في الصحيح من حديث عائشة، وأبي سعيد الخدري، أخرجه البخاري في الصحيح (4/ 23) (رقم: 5640، 5641)، ومسلم في صحيحه (4/ 1991) (رقم: 45، 46). (¬2) الخُضَر: نسبة إلى الخُضْر، وهي قبيلة من قيس غيلان، وهم بنو مالك بن طريف بن خلف بن محارب بن قصفة بن قيس. قيل لهم: الخضر؛ لأنَّ مالكًا كان آدم اللون. انظر: الأنساب للسمعاني (2/ 378 - 379)، واللباب (1/ 450 - 451)، وتجريد أسماء الصحابة (1/ 284)، وتوضيح المشتبه (3/ 246)، والإصابة (5/ 305). (¬3) تقدّم حديثه عنها (4/ 76). (¬4) الموطأ كتاب: العين، باب: تعالج المريض (2/ 720) (رقم: 13). (¬5) أخرجه من طريقه الحاكم في المستدرك (4/ 214)، وابن عبد البر في التمهيد (24/ 61)، وقال الحاكم: "صحيح على شرط الشيخين"، ووافقه الذهبي.

وخرّجه الترمذي عن معمر عن الزهري عن أنس، فيه: "أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كوى أسعد بن زرارة من الشوكة"، يعني الذُّبحة (¬1). ¬

_ (¬1) الذُّبحة: بفتح الباء، وقد تسكن، وجع في الحلق من الدم، وقيل: قرحة تظهر فيه فينسد معها، وينقطع النفس فتقتل. انظر: النهاية (2/ 153)، والقاموس المحيط (ص: 278)، ومجمع بحار الأنوار (2/ 230). والحديث أخرجه الترمذي في السنن كتاب: الطب، باب: ما جاء في الرخصة في التداوي بالكي (4/ 341) (رقم: 2050)، وأبو يعلى في المسند (6/ 174) (رقم: 3582)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (4/ 321)، والبيهقي في السنن الكبرى (9/ 342)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (13/ 443) (رقم: 6080) كلهم من طرق عن يزيد بن زريع، عن معمر به. والحديث حسّنه الترمذي وصححه الحاكم في المستدرك (4/ 417)، ووافقه الذهبي. لكن اختُلف فيه على الزهري، فرواه عنه معمر هكذا، وخالفه: - صالح بن كيسان عند ابن سعد في الطبقات (3/ 458). - ويونس بن يزيد عند الحاكم في المستدرك (4/ 214)، وابن عبد البر في التمهيد (24/ 61). - وابن جريج وابن سمعان، عند ابن عبد البر أيضًا، فرووه عن الزهري، عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عاد أسعد بن زرارة ... "، فذكره مرسلًا. والمحفوظ رواية الجماعة، ومعمر بن راشد وإن كان ثقة إلّا أن الراوي عنه يزيد بن زريع من البصرة، وفي سماع أهل البصرة من معمر اضطراب كثير، لأنَّ كتبه لم تكن معه فحدّث من حفظه فأخطأ، يدل على ذلك أن عبد الرزاق رواه في المصنف (10/ 407) (رقم: 19515) عن معمر، عن الزهري، عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف كرواية الجماعة، وعبد الرزاق هذا يماني، وقد قالوا: إنَّ حديث معمر باليمن جيّد، لأنَّه كان يتعاهد كتبه وينظر فيها. ولذلك خطّأ أبو حاتم وابن عبد البر رواية معمر عن الزهري عن أنس، بل إنَّ الحافظ ابن رجب ذكر هذا الحديث مثالًا لما اختلف فيه معمر باليمن والبصرة فقال: "رواه باليمن عن الزهري، عن أبي أمامة بن سهل مرسلًا، ورواه بالبصرة عن الزهري عن أنس، والصواب المرسل". شرح علل الترمذي (2/ 767 - 768). وهذا ما رجّحه أيضًا الدارقطني، وذكر الحافظ في الإصابة رواية عبد الرزاق عن معمر، عن الزهري، عن أبي أمامة بن سهل، ثم قال: "وكذلك رواه الحاكم من طريق يونس، عن الزهري، وهو المحفوظ، ورواه عبد الأعلى عن معمر، عن الزهري، عن أنس، أخرجه الحاكم أيضًا، وهي =

وقال الدارقطني في العلل: "هو حديث يرويه معمر وزياد بن سعد عن الزهري عن أبي أمامة، والصواب حديث أبي أمامة بن سهل" (¬1). وأسعد هذا بالألف هو جد أبي أمامة بن سهل لأمِّه، وبه سمّي وكنّي (¬2)، انظره في مرسل أبي أمامة بعد هذا (¬3). 170 / حديث: "كفِّن في ثلاثة أثواب". في الجنائز (¬4). هذا الحديث مختصر، لم يذكر فيه القميص ولا العمامة. ¬

_ = شاذة، ورواه ابن أبي ذئب، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، وهي شاذة أيضًا". الإصابة (1/ 251). وقال في النكت الظراف (1/ 394 - مع التحفة): "جرى ابن حبان على ظاهر السند فصححه، وقال: تفرّد به يزيد بن زريع، وأخرجه ابن السكن في كتاب الصحابة من رواية يزيد هذا، وقال: "هكذا حدّث به معمر بالبصرة، وهو خطأ، والصواب عن الزهري، عن أبي أمامة بن سهل". انظر: العلل لابن أبي حاتم (2/ 261)، والتمهيد (24/ 60)، وإتحاف الخيرة (2/ 310). قلت: وفي الباب أيضًا عن عبد الله بن عمرو بن العاص، أخرجه أحمد في المسند (4/ 65)، (5/ 378)، وذكره الهيثمي في المجمع (5/ 98)، وقال: "رجاله ثقات". (¬1) لم أقف عليه. (¬2) فقيل فيه: أسعد بن سهل بن حُنيف بن واهب أبو أمامة الأنصاري، كما كان يُقال في جدِّه: أسعد بن زرارة بن عبدس ... أبو أمامة، وكلاهما اشتهرا بهذه الكنية. انظر: الطبقات الكبرى (3/ 456)، والاستيعاب (1/ 153 - 157)، والاستغناء (1/ 84، 422)، وذكر من اشتهر بكنيته من الأعيان للذهبي (ص: 327 - ضمن الرسائل الست له)، والإصابة (1/ 50، 158). (¬3) سيأتي حديثه (5/ 270). (¬4) انظر: نسختي المحمودية (أ) (ل: 37 / ب)، و (ب) (ل: 83 / ب) كتاب الجنائز، باب: ما جاء في كفن الميت. وسقط من مطبوع رواية يحيى بن يحيى.

وقد تقدّم لعائشة من طريق يحيى بن سعيد هذا مقطوعًا (¬1)، ومن طريق عروة عنها متصلًا (¬2). والكل غير مرفوع، وقد أُلحق بالمرفوع بضرب من التأويل كحديث اللَّحد والغسل في القميص. فصل: • حديث: "الجمّة". في مسند أبي قتادة (¬3). • حديث: "اللهم إني أسألك فعل الخيرات ... ". مذكور في مرسل مالك (¬4). ¬

_ (¬1) تقدَّم حديثها (4/ 148). (¬2) تقدّم حديثها (4/ 43). (¬3) انظر: (3/ 215). (¬4) سيأتي (5/ 370).

56 - مرسل يحيى بن عمارة بن أبي الحسن المازني

56 - مرسل يحيى بن عمارة بن أبي الحسن المازني حديث واحد، وتقدّم له مسند عن عبد الله بن زيد (¬1)، وأبي سعيد الخدري (¬2). 171 / حديث: "لا ضرر ولا ضرار (¬3) ". في الأقضية، باب المرفق. عن عمرو بن يحيى المازني، عن أبيه (¬4). واحتج بمتنه مجرّدًا في المكاتب عند آخره (¬5). وهذا حديث أسنده عبد العزيز الدراوردي عن عمرو، عن أبيه، عن أبي سعيد الخدري، ذكره أبو عمر بن عبد البرّ (¬6). ¬

_ (¬1) انظر: (3/ 19). (¬2) انظر: (3/ 240). (¬3) تصحّفت في الأصل إلى: "واحد"، والمثبت هو الصواب. (¬4) الموطأ كتاب: الأقضية، باب: القضاء في المرفق (2/ 571) (رقم: 31). (¬5) كتاب المكاتب، باب: ما لا يجوز من عتق المكاتب (2/ 615). (¬6) أورده ابن عبد البر في التمهيد (20/ 159) من طريق عبد الملك بن معاذ النصيبي، عن الدراوردي، عن عمرو بن يحيى بن عمارة، عن أبيه، عن أبي سعيد قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا ضرر ولا ضرار، من ضارَّ ضرَّ الله به، ومن شاق شقَّ الله عليه". وإسناده ضعيف؛ لجهالة عبد الملك بن معاذ النصيبي، قال فيه ابن القطان: "لا تعرف له على حال، ولا أعرف من ذكره". بيان الوهم والإيهام (5/ 103). وقال الذهبي: "لا أعرفه"، وعدّ هذا الحديث من مناكيره. الميزان (3/ 378). وقد تابعه عثمان بن محمد بن عثمان بن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، أخرجه الدارقطني في السنن (4/ 228)، (3/ 77)، والحاكم في المستدرك (2/ 57) وقال: "هذا حديث صحيح الإسناد على شرط مسلم، ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي. =

وجاء عن ابن عباس، خرّجه عبد الرزاق من طريق جابر الجعفي، عن عكرمة، عنه (¬1). ¬

_ = وليس كما قالا؛ لأنَّ عثمان بن محمد هذا لم يخرّج له مسلم لا في الأصول ولا في المتابعات، بل ولا واحد من أصحاب السنن، وقد تُكلِّم فيه أيضًا، فنقل الذهبي في الميزان (3/ 450) عن عبد الحق أنَّه قال في أحكامه: "الغالب على حديثه الوهم". ثم إنَّ مدار الإسنادين على عبد العزيز الدراوردي، وقد وصفه أبو زرعة كما نقل ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (5/ 396) بسوء الحفظ، وقال ابن رجب: "الدراوردي كان الإمام أحمد يضعِّف ما حدَّث به من حفظه ولا يعبأ به، ولا شك في تقديم قول مالك على قوله". جامع العلوم والحكم (2/ 213). قلت: وعلى هذا فالراجح إرساله، والله أعلم. (¬1) أخرجه ابن ماجه في السنن كتاب: الأحكام، باب: من بنى في حقه ما يضر بجاره (2/ 784) (رقم: 2341)، وأحمد في المسند (1/ 313)، من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن جابر الجعفي، عن عكرمة، عن ابن عباس مرفوعًا: "لا ضرر ولا ضرار". وإسناده ضعيف؛ لأجل جابر الجعفي، قال عنه في التقريب (رقم: 878): "ضعيف رافضي"، وقد تابعه داود بن الحصين عند الدارقطني في السنن (4/ 228)، والطبراني في المعجم الكبير (11/ 229) (رقم: 11577)، والخطيب في الموضح (2/ 52 - 53). وداود بن الحصين ثقة من رجال الصحيحين، لكن الراوي عنه إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة الأنصاري، قال ابن عدي: "داود هذا له حديث صالح، وإذا روى عنه ثقة فهو صحيح الرواية إلّا أن يروي عنه ضعيف، فيكون البلاء منهم لا منه، مثل ابن أبي حبيبة هذا وإبراهيم بن أبي يحيى". الكامل (3/ 959). وإسماعيل بن إبراهيم بن أبي حبيبة قال عنه في التقريب (رقم: 146): "ضعيف". كما تابعه أيضًا سماك بن حرب عند ابن أبي شيبة كما في نصب الراية (4/ 384)، وهو ثقة عند جماعة، وخرّج له مسلم في الصحيح، لكن روايته عن عكرمة خاصة مضطربة كما قال علي بن المديني فيما نقل عنه الذهبي في الميزان (2/ 423). فهذا الإسناد أيضًا ضعيف كسابقه، لكن الحديث ورد من طرق أخرى كثيرة يتقوى بها، منها: - حديث أبي هريرة عند الدارقطني في السنن (4/ 228)، وإسناده ضعيف. - حديث ثعلبة بن أبي مالك عند الطبراني في المعجم الكبير (2/ 86) (رقم: 1387) وإسناده ضعيف أيضًا. =

وخرّج أبو داود عن أبي صِرمة مرفوعًا: "من ضارَّ أضرَّ الله به" (¬1). فصل: وأبو صِرمة هذا مختلف في اسمه، فقيل: مالك بن قيس، وقيل: لبابة بن قيس، وقيل: قيس بن مالك، وقيل: مالك بن أسعد، وهو مشهور بكنيته، وهو بدري (¬2). ¬

_ = - حديث عائشة عند الطبراني في المعجم الأوسط (1/ 90) (رقم: 268)، والدارقطني في السنن (4/ 228)، وإسناده ضعيف أيضًا. - حديث جابر عند الطبراني في المعجم الأوسط (5/ 238) (رقم: 5193)، وفيه محمد بن إسحاق مدلس وقد عنعن. فهذه الطرق كلَّها ضعيفة بمفرداتها، لكن إذا انضم بعضها إلى بعض يتقوى الحديث إن شاء الله، ويصل إلى درجة الحسن، وقد حسّنه النووي في الأربعين (ص: 93) من حديث أبي سعيد، وقال: "له طرق يقوي بعضها بعضا". وقد صححه بمجموع طرقه أيضًا الشيخ الألباني في الإرواء (3/ 408). (¬1) أخرجه أبو داود في السنن كتاب: الأقضية، باب: أبواب من القضاء (4/ 49 - 50) (رقم: 3635)، والترمذي في السنن كتاب: البر والصلة، باب: ما جاء في الخيانة والغش (4/ 293) (رقم: 1940)، وابن ماجه في السنن كتاب: الأحكام، باب: من بنى في حقه ما يضر بجاره (2/ 758) (رقم: 2342)، وأحمد في المسند (3/ 453)، والدولابي في الكنى (1/ 40)، والبيهقي في السنن الكبرى (6/ 70) كلهم من طرق عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن يحيى بن حبان، عن لؤلؤة عنه. قال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب". قلت: أي بشواهده، وإلّا ففيه لؤلؤة، وهي مجهولة، قال ابن القطان: "لا تعرف إلّا فيه، ولا يُعرف روى عنها غير محمد بن يحيى بن حبان، فهي مجهولة الحال"، وذكرها الذهبي في النساء المجهولات، وقال: "روى عنها محمد بن يحيى بن حبان فقط"، وقال ابن حجر: "مقبولة" أي عند المتابعة، ولم أر من تابعها، وعليه فالإسناد ضعيف، لكن الحديث حسن بشواهده التي تقدّمت. انظر: بيان الوهم والإيهام (3/ 550)، وتهذيب الكمال (35/ 298)، وميزان الاعتدال (6/ 284)، التقريب (رقم: 8677). (¬2) انظر: الأسامي والكنى للإمام أحمد (ص: 47) (رقم: 88)، والتاريخ الكبير (7/ 300)، (9/ 19)، والكنى والأسماء لمسلم (1/ 450)، والاستغناء (1/ 236)، تهذيب الكمال (33/ 426)، وتوضيح المشتبه (5/ 458)، والإصابة (11/ 204). وقال ابن عبد البر: "لم يختلف في شهوده بدرًا وما بعدها من المشاهد". انظر: الاستيعاب (12/ 3)، وأسد الغابة (7/ 168).

57 - مرسل يزيد بن نعيم بن هزال الأسلمي

57 - مرسل يزيد بن نعيم بن هزّال الأسلمي حديث مشترك، ليس له في الموطأ غيره. 172 / حديث: "في الرجم". عن يحيى بن سعيد عن يزيد بن نعيم، قال: هزّال جدي، وهذا الحديث حق، يعني قوله - صلى الله عليه وسلم -: "يا هزّال! لو سترته بردائك" - يريد ماعزا المرجوم -. تقدّم ذلك ليحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب، انظره في مرسل سعيد (¬1). وهذا الحديث رواه يزيد بن نعيم بن هزّال، عن أبيه، عن جدّه هزّال، خرّجه النسائي عنه. وذكر فيه أن ماعزًا كان نسيبًا لهزّال، وأنَّه وقع على نسيبة له, وأنَّ هزّالًا لم يزل بماعز يأمره أن يعترف ويتوب حتى أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأمر برجمه (¬2). وجاء في بعض طرقه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ألا تركتموه لعلّه يتوب فيتوب الله عليه"، خرّجه أبو داود من طريق هشام بن سعد، عن يزيد بن ¬

_ (¬1) تقدّم حديثه (5/ 198). (¬2) أخرجه النسائي في السنن الكبرى (3/ 307) (رقم: 7279) عن محمد بن مسكين، عن عبّادة بن عمر، عن عكرمة بن عمار قال: سمعت يزيد بن نعيم بن هزال يحدّث يحيى -يعني ابن أبي كثير- عن أبيه: أن هزَّالًا حدّثه أن ماعزًا، فذكره. وإسناده لين، فيه عبّادة بن عمر السلولي، له هذا الحديث الواحد عند النسائي، وقد قال فيه ابن حجر في التقريب (رقم: 3158): "مقبول"، وفيه أيضًا عكرمة بن عمار، قال أبو حاتم فيما نقل عنه ابنه في الجرح والتعديل (7/ 11): "كان صدوقًا، وربما وهم في حديثه"، وفيه أيضًا يزيد بن نعيم، وقد قال فيه ابن حجر في التقريب (رقم: 7787): "مقبول"، لكن وثّقه ابن حبان (5/ 548)، والعجلي في معرفة الثقات (2/ 368)، فلا أدري لم يعتبر كتوثيق ابن حبان، أو لم يطلع عليه، وعلى كلٍّ فالإسناد فيه ضعف، إلّا أن الحديث يصح من وجوه أخرى كثيرة.

نعيم بن هزّال، عن أبيه قال: "كان ماعز بن مالك يتيما في حجر أبي فأصاب جارية من الحيّ فقال له أبي: إئت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبره بما صنعت لعلّه يستغفر لك ... "، وساق الحديث، وقال فيه: "فلما رجم وجد مسّ الحجارة جزع ... ".، وفيه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ألا تركتموه لعلّه أن يتوب فيتوب الله عليه" (¬1). وخرّج محمد بن إسحاق، عن محمد بن إبراهيم، عن أبي الهيثم بن نصر بن دهر الأسلمي، عن أبيه قال: كنت فيمن رجم ماعزًا فلما وجد مسّ الحجارة جزع جزعًا شديدًا فذكرنا ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "فهلا تركتموه". قال ابن إسحاق: فذكرت ذلك لعاصم بن عمر بن قتادة فقال: حدثني حسن بن محمد بن علي، قال: حدثني ذلك من قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "هلا تركتموه"، لماعز من ستٍّ (¬2) من رجال أسلم، وما اتّهم القوم، ولم أعرف الحديث، فجئت جابر بن عبد الله، فسألته، فقال: أنا أعلم بهذا الحديث، كنت فيمن رجم الرجل، فوجد مسَّ الحجارة، فصرخ بنا: يا قوم ردّوني إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإن قومي قتلوني وغرّوني من نفسي، وأخبروني أن ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في السنن كتاب: الحدود، باب: رجم ماعز بن مالك (4/ 573) (رقم: 4419)، وابن أبي شيبة في المصنف (10/ 71)، وأحمد في المسند (5/ 216، 218) كلهم من طريق وكيع عن هشام به. وسنده حسن، هشام بن سعد وإن كان قد تُكلِّم في حفظه لكنه لم ينفرد به، بل تابعه زيد بن أسلم عند أبي داود في الحدود، باب: الستر على أهل الحدود (4/ 541) (رقم: 4377) - مختصرًا - وأحمد في المسند (5/ 217)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (1/ 381) (رقم: 435)، وصححه من هذا الوجه الحاكم في المستدرك (4/ 363)، ووافقه الذهبي. (¬2) عند أبي داود: "من شئتم من رجال أسلم".

رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غير قاتليّ، فلم ننزع عنه حتى قتلناه، فلمّا رجعنا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبرناه بما قال، قال: "فهلّا تركتم الرجل وجئتم به" ليستثبت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منه، فأمّا لترك حدٍّ فلا، قال حسن: فعرفت وجه الحديث. حكى هذا الطحاوي في معاني الآثار (¬1)، وذكر الحديث من وجوه جمة (¬2). ¬

_ (¬1) هو في شرح المشكل (1/ 380) (رقم: 434)، ولم أجده في معاني الآثار. وإسناده الأول ضعيف؛ لجهالة أبي الهيثم، قال الذهبي في الكاشف (3/ 342) عنه وعن أبيه: "مجهولان". قلت: أما هو فنعم، لم يرو عنه إلّا إبراهيم التيمي، ولم يوثقه أحد، وأما أبوه فصحابي، وقد رفع الحافظ من حال أبي الهيثم فقال عنه في التقريب (رقم: 8430): "مقبول"! ، وحكم على إسناده في الإصابة (10/ 148) بأنَّه جيّد! ولا أظنه يبلغ إلى هذه الدرجة، لكنه يتقوى بالطريق التي بعدها، ولذا قال النسائي عقب الإسناد الثاني: "هذا الإسناد خير من الذي قبله". والحديث من الوجهين أخرجه النسائي أيضًا في الكبرى (3/ 291) (رقم: 7206، 7207)، وابن أبي شيبة في المصنف (10/ 77 - 78). ومن طريق عاصم بن عمر بن قتادة أخرجه أبو داود في السنن (4/ 576 - 577) (رقم: 4420)، وأحمد في المسند (3/ 431). ومن طريق أبي الهيثم وحده أخرجه الدارمي في السنن كتاب: الحدود، باب: المعترف يرجع عن اعترافه (2/ 177 - 178). (¬2) رواه من حديث جابر، وبريدة، وأبي هريرة، ونعيم بن هزّال، انظره تحت أرقام: (431)، (432)، (433)، (435)، وانظر: إرواء الغليل (7/ 352 وما بعدها).

58 - مرسل يزيد بن طلحة بن ركانة بن عبد يزيد القرشي

58 - مرسل يزيد بن طلحة بن ركانة بن عبد يزيد القرشي وسمّاه يحيى زيدًا غلطًا. حديث واحد. 173 / حديث: "لكلِّ دين خلق، وخلق الإسلام الحياء". في الجامع. عن سلمة بن صفوان الزرقي، عن يزيد بن طلحة رفعه (¬1). هكذا سمّاه القعنبي وسائر رواة الموطأ يزيد، غير يحيى بن يحيى فإنه قال فيه: زيد بن طلحة، وذلك وهم انفرد به، والصواب: يزيد، بزيادة ياء (¬2). وهذا الحديث مرسل في الموطأ (¬3)، وقال فيه وكيع عن مالك، عن سلمة ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: حسن الخلق، باب: ما جاء في الحياء (2/ 690) (رقم: 9). وتصحّف في الأصل: "سلمة" إلى "سليمان"، و "يزيد" إلى "زيد"، والمثبت هو الصواب. (¬2) انظر الموطأ برواية: - أبي مصعب الزهري (2/ 76) (رقم: 1889)، وسويد بن سعيد (ص: 555) (رقم: 1321)، وابن بكير (ل: 237 / أ) الظاهرية -. وهو قول سائر الرواة كما قال ابن عبد البر في التمهيد (21/ 141)، وقال: "وهو الصواب". وانظر رواية القعنبي في مسند الجوهري (ل: 80 / أ). وسمّاه محمد بن الحسن الشيباني (ص: 306) (رقم: 950): زيدًا، كما قال يحيى، وهو خطأ أيضًا. (¬3) انظر: الحاشية السابقة، وكذا أحاديث الموطأ للدارقطني (ص: 20). وهكذا رواه مسدد كما في المطالب العالية (3/ 152) (رقم: 2645) عن يحيى بن سعيد القطان، عن مالك به. =

عن يزيد بن ركانة، عن أبيه، خرّجه قاسم بن أصبغ عنه كذلك (¬1). وذكر ابن أبي خيثمة عن ابن معين أنه قال: حديث ركانة هذا مرسل ليس فيه: عن أبيه (¬2). وقال البخاري في التاريخ: "يزيد بن طلحة بن رُكانة الليثي (¬3) - أخو محمد - (¬4)، روى عنه سلمة بن صفوان، وذكر رواية عن ابن موهب (¬5)، عن ¬

_ = قال البوصيري: "رواه مسدد مرسلًا، وله شاهد من حديث أنس بن مالك، رواه ابن ماجه وغيره". مختصر الإتحاف (4/ 229). قلت: وكذا يشهد له حديث معاذ كما سيأتي. (¬1) أخرجه من طريقه ابن عبد البر في التمهيد (9/ 257 - 258) عن أحمد بن زهير وهو ابن أبي خيثمة، عن علي بن الحسن الصفار، عن وكيع به، وهو في تاريخ ابن أبي خيثمة (476) - رسالة الحمدان -. ومن طريق الصفار أخرجه الدارقطني أيضًا في غرائب مالك كما ذكره الحافظ في الإصابة (5/ 230) لكن فيه: "عن يزيد بن طلحة بن ركانة، عن أبيه"، ثم قال الدارقطني: "والصواب مرسل". قال ابن عبد البر: "لا أعلم أحدًا قال فيه: عن أبيه عن مالك إلَّا وكيع، فإن صحت رواية وكيع فالحديث مسند من هذا الطريق". التمهيد (21/ 141). قلت: هي لم تصح؛ لأنَّ الراوي عنه علي بن الحسن الصفار، قال فيه ابن معين: "غير ثقة"، وقال ابن أبي خيثمة أيضًا: "شيخ سوء غير ثقة". الجرح والتعديل (6/ 181). وعلى هذا فالصواب عن مالك إرساله كما قال الدارقطني وابن عبد البر، وهو ما حكاه المؤلف عن ابن معين أيضًا. (¬2) تاريخ ابن أبي خيثمة (477) - رسالة الحمدان-، وانظر أيضًا: التمهيد (21/ 142). (¬3) كذا جاء في الأصل منسوبًا إلى بني الليث، وفي تاريخ البخاري: القرشي، وكلاهما صحيح، لأنَّ جدُّ ركانة وهو هاشم بن عبد المطلب بن عبد مناف من فروع قريش، وأم ركانة وهي العجلة بنت العجلان كانت من بني الليث. انظر: نسب قريش (ص: 95 - 96). (¬4) هذا من المؤلف. (¬5) وقع في الأصل: "ابن وهب"، وما أثبته هو الصواب كما في تاريخ البخاري.

يزيد بن طلحة بن يزيد بن ركانة عن محمد بن الحنفية (¬1). وركانة بن عبد يزيد من الصحابة، صارَع النبي - صلى الله عليه وسلم -، ذكره البخاري (¬2). وفي معنى حديث الموطأ روى خالد بن معدان عن معاذ بن جبل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لكل دين خلق، وخلق الإسلام الحياء، من لا حياء له لا دين له". ذكره أبو عمر في التمهيد (¬3). ¬

_ (¬1) التاريخ الكبير (8/ 343). (¬2) ذكره البخاري في التاريخ الكبير (3/ 337 - 338) وقال: "يُعدُّ في أهل الحجاز"، ثم روى من طريق أبي جعفر بن محمد بن ركانة عن أبيه: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صارع ركانة فصرعه". وقصة المصارعة أخرجها أبو داود أيضًا في السنن كتاب: اللباس، باب: في العمائم (4/ 340) (رقم: 4078)، والترمذي في السنن كتاب: اللباس، باب: العمائم على القلانس (4/ 217) (رقم: 1784) من طريق أبي جعفر محمد بن ركانة، عن أبيه: "أن ركانة صارع النبي - صلى الله عليه وسلم - .. "، فذكره، وفيه: "إن فرق ما بيننا وبين المشركين العمائم على القلانس". قال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب، وإسناده ليس بالقائم، ولا نعرف أبا الحسن ولا ابن ركانة". ونقل الحافظ في الإصابة (3/ 286) عن ابن حبان أنَّه قال: "في إسناد خبر المصارعة نظر". قلت: إسناده ضعيف، فيه ثلاثة مجاهيل على نسق، وهم: أبو الحسن العسقلاني، وشيخه أبو جعفر بن محمد بن ركانة، ومحمد بن ركانة، ولذا قال الذهبي في الميزان (4/ 466) في ترجمة محمد بن ركانة: "لم يصح حديثه، انفرد به أبو الحسن شيخ لا يدرى من هو"، وقال في ترجمة أبي جعفر (6/ 184): "لا يعرف، تفرّد عنه أبو الحسن العسقلاني، فمن أبو الحسن؟ ". وأما صحبة ركانة فلا خلاف فيها، وهو رُكانة -بضم أوله وتخفيف الكاف- ابن عبد يزيد بن هاشم بن عبد المطلب بن عبد مناف المطلبي، كان من مسلمة الفتح، ثم نزل المدينة، ومات بها أول خلافة معاوية، وقيل: في خلافة عثمان. انظر: الاستيعاب (3/ 305)، وأسد الغابة (2/ 293)، والإصابة (3/ 286). (¬3) التمهيد (21/ 142).

وقال البزار: "لم يسمع خالد بن معدان من معاذ" (¬1). * * * ¬

_ (¬1) انظر: مسند البزار (2 / ل: 22 / ب)، وكشف الأستار (1/ 214). وهو أيضًا قول أبي حاتم، والترمذي، والمزي، والذهبي، والهيثمي، وغيرهم. انظر: المراسيل لابن أبي حاتم (ص: 52) (رقم: 184)، وسنن الترمذي (4/ 571)، وتهذيب الكمال (8/ 168)، ومجمع الزوائد (1/ 214)، والتابعون الثقات المتكلم في سماعهم من بعض الصحابة (ص: 410) - رسالة ماجستير -. قلت: حديث معاذ بن جبل وإن كان ضعيفًا لانقطاعه لكن له شاهد من حديث أنس، أخرجه ابن ماجة في السنن كتاب: الزهد، باب: الحياء (2/ 1399) (رقم: 4181)، والطبراني في الصغير (ص: 25) (رقم: 13) من طريق عيسى بن يونس، عن معاوية بن يحيى، عن الزهري، عن أنس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بمثله سواء دون قوله: "من لا حياء له لا دين له". وسنده ضعيف: لأجل معاوية بن يحيى، وهو الصدفي، فإن عامة النقاد على تضعيفه إلا أن ضعفه من جهة حفظه لا عدالته، فيُقبل في الشواهد. فالحديث حسن بمجموع هذه الطرق. وانظر ترجمة معاوية الصدفي في: تهذيب الكمال (28/ 221)، وتهذيب التهذيب (10/ 197)، والتقريب (رقم: 6772).

الكنى لأصحاب المراسيل

الكنى لأصحاب المراسيل 59 - مرسل أبي أُمامة بن سَهل بن حُنَيف واسمه أسعد، سُمِّي باسم جدِّه لأمّه أسعد بن زُرارة، وكُنِّي به (¬1). حديثٌ واحدٌ، وله آخر لا يصح رفعه، وتقدّم له مسند عن أبيه سهل ابن حنيف، فيه نظر (¬2). 74 / حديث: "أن مسكينةً مَرِضَت". وأُخبر رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: " (أَلَم آمُرْكم أن تُوْذِنُونِي بها"، وأنَّه صفّ للناس على قبرها، وكبّر أربعا. في باب التكبير على الجنائز. عن ابن شهاب عن أبي أمامة ذكره (¬3). ¬

_ (¬1) ذكر ابن عبد البر وغيره أنَّه وُلد قبل وفاة النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فأتي به إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فحنَّكه وسمَّاه باسم جدِّه لأمه أبي أمامة أسعد بن زرارة، وهو مشهور بكنيته، ولأجل إدراكه النَّبِيّ ذكروه في الصحابة، وإلَّا فهو من أجلة التابعين. انظر: الاستغناء (1/ 422)، والاستيعاب (1/ 157)، وأسد الغابة (1/ 206)، وذكر من اشتهر بكنيته من الأعيان (ص: 327 - ضمن الرسائل الست للذهبي)، والإصابة (1/ 158). (¬2) تقدم حديثه (3/ 113). (¬3) الموطأ كتاب: الجنائز، باب: التكبير على الجنائز (1/ 197) (رقم: 15). وأخرجه النسائي في السنن كتاب: الجنائز، باب: الإذن بالجنازة (4/ 341) (رقم: 1906) من طريق قتيبة، عن مالك به. وتابع مالكًا عليه: - يونس بن يزيد عند النسائي أيضًا (4/ 371) (رقم: 1968). - وسفيان بن عيينة عنده أيضًا (4/ 375) (رقم: 1980). - وابن جريج عند عبد الرزاق في المصنف (3/ 518) (رقم: 6542) ثلاثتهم عن ابن شهاب به. =

روى أبو أمامة هذا الحديث عن بعض الصحابة غيرِ مسمّى (¬1). وقيل: عن أبيه (¬2). ¬

_ = وصح موصولًا من طرق أخرى كما سيأتي. قال ابن عبد البر: "هو مسند متصل صحيح من غير حديث مالك من حديث الزهري وغيره، وروي من وجوه كثيرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - كلها ثابتة". التمهيد (6/ 254). (¬1) رواه موسى بن محمد القرشي، عن مالك، عن ابن شهاب، عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف، عن رجل من الأنصار: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... "، ذكره ابن عبد البر وقال: "هذا لم يُتابع عليه، موسى بن محمد هذا متروك". التمهيد (6/ 254). قلت: موسى بن محمد هذا أجمع الأئمة على تضعيفه، قال ابن معين: "ضعيف الحديث"، وقال البخاري: "حديثه مناكير"، وقال أبو زرعة: "منكر الحديث"، وهكذا قال عنه الحافظ، وقول ابن عبد البر هو أشدُّ ما قيل فيه. انظر: تاريخ ابن معين - رواية الدرري - (2/ 596)، والتاريخ الكبير (7/ 295)، والضعفاء لأبي زرعة (2/ 393)، والتقريب (رقم: 7006). وتابع مالكًا عليه الأوزاعي عند الحارث بن أبي أسامة كما في زوائده بغية الباحث (1/ 372) (رقم: 274)، لكن الراوي عنه محمد بن مصعب القرفساني وقد قال فيه صالح بن محمد البغدادي كما في تاريخ بغداد (3/ 279): "ضعيف في الأوزاعي". وقال الخطيب فيه: "كان يكثر الغلط لتحديثه من حفظه، ويُذكر عنه الخير والصلاح". تاريخ بغداد (3/ 277). وقد تابعه عليه بأثر بن بكر عند البيهقي في السنن الكبرى (4/ 48)، لكن هذه المتابعة لا ترفع من شأن الرواية الموصولة: إذ إنَّ بشرًا ينفرد عن الأوزاعي بأشياء، على أن الأوزاعي وإن كان ثقة ثبتًا إلَّا أن في روايته عن الزهري خاصة شيئًا، وقد خالفه من هو أوثق منه، وبذلك تترجّح رواية الإرسال. (¬2) رواه سفيان بن حسين، عن ابن شهاب، عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف، عن أبيه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (3/ 361)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 494) من طريق سعيد بن يحيى الحصري، عن سفيان به. وسفيان بن حسين ضعيف في الزهري باتفاق، فالصواب عن أبي أمامة مرسل. قال ابن أبي حاتم: "سألت أبي عن حديث رواه أبو سفيان الحميري - وهو سعيد بن يحيى - عن سفيان بن حسين، عن الزهري، عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف، عن أبيه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى على قبر؟ فقال: هذا خطأ، والصحيح حديث يونس بن يزيد وجماعة عن الزهري، عن أبي أمامة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بلا أبيه". علل الحديث (1/ 367).

قال الدارقطني - وذكر الخلاف فيه -: "القول قول من قال: عن الزهري عن أبي أمامة حدّثني بعض أصحاب النَّبِيّ غير مسمّى وهكذا رواه عقيل بن خالد عنه، وهو قول ابن وهب وجماعة عن يونسى بن يزيد عن الزهري" (¬1). وحديث الموطأ مرسل عند الجمهور، لأنَّ أبا أمامةَ معدودٌ عندهم في التابعين، وإن كان قد ولد في حياة النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -، وهو الذي سمّاه باسم جدّه، لكن توفي النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - وأبو أمامة صغير فلم يَعِ عنه، ولا حُفظ له سماع منه (¬2). وألحقه الدارقطني بالصحابة وقال: "أدرك النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -، وأخرجه الناس"، يريد أن أصحاب المساند أخرجوا حديثه في المسندات (¬3). ¬

_ (¬1) لم أقف عليه. (¬2) صرَّح ابن سعد وابن عبد البر وابن الأثير والذهبي وغيرهم بأنه من كبار التابعين، كما صرّح ابن أبي حاتم والعلائي بعدم صحبته، وأنه لم يسمع من النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - شيئًا. وقال ابن عساكر: "وُلد في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو سمّاه، وحدَّث عنه مرسلًا". تاريخ دمشق (8/ 325). وقال ابن كثير: "روى عن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - أحاديث في الحقيقة مرسلة لكن عن أبيه، وكان صحابيًّا جليلًا من كبار الصحابة". جامع المسانيد (1/ 297). وذكره الحافظ في القسم الثاني من كتابه الإصابة، وقال: "إنَّ حديثه وحديث أمثاله عن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - من قبيل المراسيل عند المحققين من أهل العلم بالحديث". انظر: الطبقات الكبرى (5/ 61)، وثقات ابن حبان (3/ 20)، والاستيعاب (1/ 157)، والمراسيل (ص: 144)، والعلل (2/ 323)، كلاهما لابن أبي حاتم، وجامع التحصيل (ص: 144)، وذكر من اشتهر بكنيته للذهبي (ص: 327 - ضمن الرسائل الست له)، وتهذيب الكمال (2/ 525)، والإصابة (1/ 5، 158)، وتهذيب التهذيب (1/ 231). (¬3) سؤالات السلمي للدارقطني (ص: 120) (رقم: 45). وقد أخرجه الروياني في مسنده (2/ 294) (رقم: 1238) من طريق بشر بن عمر عن مالك به.

فحديث الموطأ على هذا لأبي أمامة داخل في المسند، وإن كان أبو أمامة قد أخبر بالقصة ولم يشهدهابم لأنَّ مراسل الصحابة مقبولة عند أهل العلم، لعدالة جميعهم (¬1). وعلى رواية من قال: عن أبيه مسند عند الجميع لكنه على ذلك معدود لسهل بن حنيف. وهو أيضًا على رواية من قال فيه: عن أبي أمامة، حدّثني بعض أصحاب النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - داخل في المسند على كلا القولين. فمن زعم أن أبا أمامة من الصحابة نسب الحديث إليه اكتفاء به وأضرب عن المجهول استغناء عنه، ومن ذهب إلى أن أبا أمامة من التابعين سمي الحديث مسندًا ونسبه إلى الرجل المجهول (¬2)، ولم يجعل كونه مجهولًا علة في الإسناد، إذ المطلوب من حال الراوي معرفة عدالته، وجملة الصحابة محمولون على العدالة، ومن كان عدلا لم يحتج إلى معرفة اسمه، ويكتفي في معرفة صحبة هذا الرجل الذي لا يعرف اسمه بقول أبي أمامة؛ إذ هو من كبار التابعين، ومن لا يخفى عليه حقيقة ذلك. هذا قول ابن حنبل وغيره من أئمّة الحديث (¬3). ¬

_ (¬1) نقل الحافظ في الهدي (ص: 397) اتفاق الأئمة على قبول مراسيل الصحابة، وعلّل ذلك ابن الصلاح وغيره بأنَّ ما يرويه أحداث الصحابة عن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - مما لم يسمعوه منه في حكم الموصول المسند؛ لأن أكثر روايتهم عن الصحابة، والجهالة بالصحابي غير قادحة؛ لأن الصحابة كلهم عدول. انظر: علوم الحديث لابن الصلاح (ص: 51)، والتقييد والإيضاح للعراقي (ص: 63)، والمقنع لابن الملقن (1/ 138). (¬2) أي المبهم. (¬3) قال الأثرم: قلت لأبي عبد الله أحمد بن حنبل: إذا قال رجل من التابعين: حدَّثني رجل من أصحاب النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - ولم يسمِّه، فالحديث صحيح: قال: نعم". التمهيد (4/ 94)، وانظر أيضًا منيف الرتبة (ص: 53 - 59)، وفتح المغيث (4/ 92).

وانظر هذا المعنى في المبهمين في حديث من صلى مع النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - صلاة الخوف (¬1). ومعنى هذا الحديث محفوظ لأبي هريرة في قصة المرأة السوداء التي كانت تقمُّ المسجد - وقيل: كان رجلًا -. ولابن عباس نحوه، وكلاهما مخرَّج في الصحيحين (¬2). • حديث: "العين". تقدّم في مسند أبيه عن سهل بن حنيف (¬3). 175 / حديث: "كنا نشهد الجنائز، فما مجلس الناس حتى يُؤذنوا". عن أبي بكر بن عثمان بن سهل بن حنيف، سمع أبا امامة يقوله (¬4). خرّج بعض الناس هذا الحديث في المسند المرفوع، وليس منه في مقتضى قول الجميع، إذ لم يشهد أبو أمامة الجنائز في حياة النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - لصغر سنِّه، لأنه ولد قبل وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - بسنتين، وتوفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو ابن سنتين (¬5)، ومَن كان في هذا السنّ لم يشهد جنازة، وقد قال في هذا الحديث: "كنا نشهد ¬

_ (¬1) انظر: (3/ 598). (¬2) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الجنائز، باب: الصلاة على القبر بعدما يدفن (1/ 410) (رقم: 1336)، ومسلم في صحيحه كتاب: الجنائز، باب: الصلاة على المقابر (2/ 658 - 659) (رقم: 68، 71). وانظر الشواهد الأخرى لمرسل أبي أمامة في التلخيص الحبير (2/ 132). (¬3) تقدَّم حديثه (3/ 113). (¬4) الموطأ كتاب: الجنائز، باب: الوقوف للجنائز والجلوس على المقابر (1/ 202) (رقم: 35). (¬5) انظر: المعرفة والتاريخ (1/ 375)، والاستيعاب (1/ 157)، وأسد الغابة (1/ 206)، والإصابة (1/ 158).

الجنائز"، فإنَّما أخبر عما كان شهده في حال الكبر في عصر الخلفاء الراشدين بحضرهم ومحضر كبار الصحابة المقتدى بهم، لأنهم أئمّة هدى، وهم الحجة على من دونهم. ولو أُلحق أبو أمامة بالصحابة لرؤيته النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - أو لشيء عقله منه ما حمل قوله: "كنَّا نشهد الجنائز" على الرفع بوجه: لصغر سنّه، وإنّما يمكن أن يحمل مثل هذا على الرفع إذا قاله من يحتمل أن يكون شهدها بمحضر النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -، وظن به أنه عاين ذلك. على أن من الناس من لا يحمل مثل هذا أيضًا على الرفع حتى يصرِّح به لاحتمال أن يكون قائله قصد الإخبار عن سير الخلفاء المقتدى لهم؛ لاعتقاده أن ذلك حجة، وإذا احتمل مثل هذا كان الرفع معنى زائدًا لا يثبت بالشك ولا يستفادُ بالظن، وفي كلِّ هذا نظر لا يَتسع لبسطه هذا المختصر. فصل: وأبو بكر بن عثمان هو ابن أخي أبي أمامة بن سهل بن حنيف لا يعرف له اسم، كنيته اسمه، يُعدُّ لا أهل المدينة (¬1). ¬

_ (¬1) انظر: التاريخ الكبير (9/ 13)، والأسامي والكنى لأبي أحمد الحاكم (2/ 240)، والاستغناء (2/ 1066).

60 - مرسل أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي

60 - مرسل أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي وقال البخاري: "اسمه أبو بكر، وكنيته أبو عبد الرحمن" (¬1). ثلاثة أحاديث معدودة قبل، تقدّمت في المساند، وتقدّم له مسند عن أبي مسعود الأنصاري (¬2)، وأبي هريرة (¬3)، وعن عائشة (¬4)، وأم سلمة (¬5)، وغيرهم (¬6). • حديث: "أيُّما رجل باع متاعًا فأفلس الذي ابتاعه منه ... ". فيه: "وإن مات الذي ابتاعه". هذا لابن شهاب عنه مرسلًا، وقد تقدّم له مسندًا عن أبي هريرة، وتقدّم الكلام عليه هناك (¬7). • حديث: "القسم للثيِّب". فيه: ذكر التسبيع والتثليث. تقدّم في مسند أم سلمة (¬8). • حديث: "عمرة رمضان كحجة". تقدّم لامرأة مجهولة في آخر مسند النسوان (¬9). ¬

_ (¬1) وهو قول أبي أحمد الحاكم أيضًا، قال ابن عبد البر: "قيل: اسمه المغيرة ولا يصح، والصحيح أن اسمه أبو بكر، وكنيته أبو عبد الرحمن". انظر: التاريخ الكبير (9/ 9)، والأسامي والكنى لأبي أحمد الحاكم (2/ 100)، والاستغناء (1/ 435). (¬2) (3/ 188). (¬3) (3/ 532). (¬4) تقدّم حديثه عنها (4/ 96). (¬5) تقدَّم حديثه عنها (4/ 215). (¬6) كبعض أصحاب النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - (3/ 601). (¬7) انظر: (3/ 532). (¬8) انظر: (4/ 215). (¬9) تقدَّم حديثها (5/ 341).

61 - مرسل أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري العاصي

61 - مرسل أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري العاصي يقال: اسمه كنيته، وقيل: اسمه أبو بكر وكنيته أبو محمد (¬1). ثلاثة أحاديث، وتقدّم له مسند عن زيد بن خالد (¬2)، وعاصم بن عدي (¬3)، وأبي حميد (¬4)، وعائشة (¬5) بوسائط. وذكر البخاري أنه حدّث عن رجل من الصحابة (¬6). مالك، عن عبد الله بن أبي بكر، عن أبيه 176 / حديث: "إن في الكتاب الذي كتبه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعمرو بن حزم في العقول أن في النفس مائة من الإبل ... ". وذكر الأنف والمأمومة، والجائفة، والعين، واليد، والرجل، والأصابع، والسن، والموضحة، عشرة فصول. في أوّل العقول (¬7). ¬

_ (¬1) انظر: الكنى والأسماء لمسلم (1/ 135)، والاستغناء في معرفة المشهورين من حملة العلم بالكنى (2/ 1062)، وذكر من اشتهر بكنيته من الأعيان (ص: 328)، وتهذيب الكمال (33/ 137). (¬2) انظر: (2/ 164). (¬3) انظر: (3/ 65). (¬4) (3/ 161). (¬5) تقدّم حديثها (4/ 113). (¬6) التاريخ الكبير (1019). (¬7) الموطأ كتاب: العقول، باب: ذكر العقول (2/ 647) (رقم: 1). وأخرجه النسائي في السنن كتاب: القسامة، باب: ذكر حديث عمرو بن حزم في العقول واختلاف الناقلين له (8/ 430) (رقم: 4872) من طريق ابن القاسم. =

هذا الكتاب مشهور عند آل عمرو بن حزم، بعثه به النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - إلى بني الحارث بن كعب بنجران من أرض اليمن سنة عشر فيما ذكر ابن إسحاق وغيره، وهو كتاب كبير جامع للديات والصدقات وكثير من الأمور الواجبات (¬1). ¬

_ = والبيهقي في السنن الكبري (8/ 84) من طريق الشافعي. والبغوي في شرح السنة (5/ 401) (رقم: 2532) من طريق أبي مصعب الزهري، ثلاثتهم عن مالك به. ووصله عبد الرزاق في المصنف (9) (رقم: 17314، 17358، 17408، 17457، 17488، 17619، 17679، 17694)، ومن طريقه الدارقطني في السنن (3/ 210). وابن الجارود في المنتقى (ص: 265) (رقم: 784)، والبيهقي في السنن الكبرى (8/ 81) من طريق هشام بن يوسف. ونعيم بن حماد، عن ابن المبارك كما ذكره الحافظ في التلخيص (4/ 21)، ثلاثتهم عن معمر، عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن أبيه، عن جدِّه: "أن الكتاب الذي ... "، فذكره. قال الحافظ: "جدُّ عبد الله محمد بن أبي بكر وُلد في عهد النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - ولكن لم يسمع منه". قلت: كلام ابن حجر يدل على أن رواية عبد الرزاق ومن تبعه مرسلة أيضًا، لكن نقل الزيلعي في نصب الراية (1/ 197) عن ابن دقيق العيد في الإمام أنَّه قال: "الجدُّ هنا يُحتمل أن يراد به جدُّه الأدنى وهو محمد بن عمرو بن حزم، ويُحتمل أن يراد به جدّه الأعلى، وهو عمرو بن حزم، وإنما يكون متصلًا إذا أُريد الأعلى، لكن قوله: "كان فيما أخذ عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -" يقتضي أنَّه عمرو بن حزم؛ لأنَّه الذي كتب له الكتاب". وأخرجه الدارقطني في السنن (3/ 209) من طريق إسماعيل بن عياش، عن يحيى بن سعيد -وهو الأنصاري - عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن أبيه، عن جدِّه: "أن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - كتب له إذ وجّهه إلى اليمن ... "، فذكره موصولًا أيضًا، والإسناد فيه إسماعيل بن عياش، وهو ضعيف فيما يرويه عن غير أهل بلده، لكن ذكر ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (1/ 192) عن عبد الله ابن الإمام أحمد أنَّه قال: سئل أبي عن إسماعيل بن عياش؟ فقال: "نظرت في كتابه عن يحيى بن سعيد أحاديث صحاح". والحديث له شواهد كما سيأتي. (¬1) ذكر ابن إسحاق كما في سيرة ابن هشام (4/ 594 - 595) قدوم وفد بني الحارث بن كعب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم قال: "وقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث إليهم بعد أن ولَّى وفدهم عمرو بن =

رآه الزهري عند أبي بكر بن محمد بن عمرو في قطعة أديم، وحدَّث به هو وغيره (¬1). ¬

_ = حزم، ليفقِّههم في الدين، ويعلِّمهم السنة ومعالم الإسلام، ويأخذ منهم صداقاتهم، وكتب له كتابًا عهد إليه في عهده، وأمره فيه بأمره: بسم الله الرحمن الرحيم، هذا بيان من الله ورسوله، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} عهد من محمد التي رسول الله لعمرو بن حزم حين بعثه إلى اليمن ... "، فذكر فيه: أن لا يمسَّ القرآن إلَّا طاهر، والحج الأكبر والأصغر، وإسباغ الوضوء، والأمر بالصلاة لوقتها، وغير ذلك من الواجبات، والصدقات، لكن لم يرد فيه ذكر الديات. ومن طريق ابن إسحاق أخرجه الطبري في تاريخه (3/ 369 - 371)، والبيهقي والسنن الكبري (9/ 194)، وذكره أيضًا ابن كثير في البداية والنهاية (5/ 68 - 69). وورد ذكر الديات عند النسائي في السنن (8/ 428 - 429) (رقم: 4868): "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كتب إلى أهل اليمن كتابًا فيه الفرائض والسنن والديات، وبعث به مع عمرو بن حزم، فقرئت على أهل اليمن هذه نسختها: من محمد النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - إلى شرحبيل بن عبد كلال، ونعيم بن عبد كلال، والحارث بن عبد كلال ... "، وفيه: "أن في النفس الدية مائة من الإبل، وفي الأنف .. "، فذكر الفصول العشرة وغيرها. وقد نصَّ على شهرة الكتاب غير واحد من أهل العلم، بل إن منهم من صحَّحه لأجل تلك الشهرة. قال ابن عبد البر: "لا خلاف عن مالك في إرسال هذا الحديث بهذا الإسناد، وقد رُوي مسندًا من وجه صالح، وهو كتاب مشهور عند أهل السير، معروف ما فيه عند أهل العلم معرفة تستغني بشهرتها عن الإسناد؛ لأنَّه أشبه التواتر في مجيئه، لتلقي الناس له بالقبول والمعرفة .. "، إلى أن قال: "وكتاب عمرو بن حزم معروف عند العلماء، وما فيه فمتفق عليه إلَّا قليلًا". التمهيد (17/ 338 - 339). وقال النووي في ترجمة عمرو بن حزم: "استعمله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على نجران باليمن، وهو ابن سبع عشرة سنة، وبعث معه كتابًا فيه الفرائض والسنن والصدقات والجروح والديات، وكتابه هذا مشهور في كتب السنن، رواه أبو داود والنسائي وغيرهما مفرّقًا، وأكملهم له رواية النسائي في الديات". تهذيب الأسماء (2/ 26). (¬1) روي النسائي في السنن كتاب: القسامة، باب: ذكر حديث عمرو بن حزم والعقول واختلاف الناقلين له (8/ 430) (رقم: 4871) من طريق سعيد بن عبد العزيز، عن الزهري قال: "جاءوني أبو بكر بن حزم بكتاب في رُقعة من أدم عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "هذا بيان من الله ورسوله ... "، فذكره. أما رواية الزهري عنه فهي عند أبي داود والنسائي وغيرهما كما سيأتي، وقد رواه عنه أيضًا ابنه =

والأكثر يرسلونه (¬1). قيل لابن معين: هذا الكتاب مسند؟ قال: "ولكنه صحيح" (¬2). وخرّج النسائي من طريق الحكم بن موسى، عن يحيى بن حمزة، عن سليمان بن داود عن الزهري، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو، عن أبيه عن جدّه عمرو بن حزم: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كتب إلى أهل اليمن بكتاب فيه الفرائض والسنن والديات، وبعث به مع عمرو بن حزم، فقرئ على أهل اليمن"، وذكر النسائي صدره والديات منه، وفيها زيادة (¬3)، ثم قال: "خالفه محمد بن بكار رواه عن يحيى بن حمزة عن سليمان بن أرقم، عن الزهري، عن أبي بكر عن أبيه عن جدّه. قال النسائي: وهذا أشبه بالصواب، يعني قوله: عن يحيى، عن (¬4) سليمان بن أرقم مكان سليمان بن داود، وقال النسائي: سليمان بن أرقم متروك الحديث. قال: وقد روى هذا الحديث عن الزهري يونس بن يزيد مرسلًا قوله" (¬5). ¬

_ = عبد الله كما هو عند مالك، وكذا رواه عنه محمد بن عمارة عند ابن أبي شيبة في المصنف (9/ 180)، والدارقطني في السنن (3/ 209)، ويحيى بن سعيد عند الدارقطني في السنن (3/ 209). (¬1) أرسله مالك، والزهري في المحفوظ عنه، وكذا محمد بن عمارة. (¬2) انظر: التاريخ - رواية الدوري - (2/ 441 - 442) إلا أن فيه: "صالح" بدل "صحيح"، ولعل الراجح هو ما حكاه المصنف، والله أعلم. (¬3) هي: "وأنَّ الرجل يُقتل بالمرأة، وعلى أهل الذهب ألف دينار". (¬4) تصحّفت في الأصل إلى: "بن". (¬5) انظر: السنن، كتاب: القسامة، ذكر حديث عمرو بن حزم في العقول واختلاف الناقلين له (8/ 428 - 429) (رقم: 4868، 4869). ومن طريق الحكم أخرجه أيضًا أبو داود في المراسيل (ص: 213) (رقم: 259)، والدارقطني في السنن (1/ 122)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (14/ 501) (رقم: 6559)، والطبراني في =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = الأحاديث الطوال (آخر المجلد 25 من المعجم الكبير ص: 310) (رقم: 6)، والحاكم في المستدرك (1/ 395 - 397)، وصححه ووافقه الذهبي، والبيهقي في السنن الكبري (1/ 87). وإسناده ضعيف جدًّا؛ لأنَّ سليمان بن أرقم مجمع على ضعفه، قال البخاري: "تركوه"، وقال أبو حاتم الرازي: "متروك الحديث"، وهكذا قال النسائي كما تقدم، وأبو داود وغير واحد من النقاد. انظر: التاريخ الكبير (4/ 2)، والجرح والتعديل (4/ 101)، وتهذيب الكمال (11/ 353). وقول الحكم فيه: سليمان بن داود خطأ، وهو وإن كان في مرتبة الصدوق كما وصفه ابن حجر وفي التقريب (رقم: 1462) لكن خالفه محمد بن بكار الريان، فرواه عن يحيى بن حمزة، عن سليمان بن أرقم. ومحمد بن بكار ثقة كما في التقريب (رقم: 5758)، ولذا قال النسائي: "وهذا أشبه بالصواب"، يعني قوله: عن يحيى، عن سليمان بن أرقم. ثم إن محمد بن بكار لم ينفرد به، بل تابعه أخوه جامع بن بكار، اخرحه أبو داود وفي المراسيل (ص: 213) (رقم: 258) عن هارون بن محمد بن بكار قال: حدَّثني أبي وعمِّي - وعمَّه هو جامع ابن بكار كما في تهذيب الكمال (30/ 103) قالا: يحيى بن حمزة، عن سليمان بن أرقم مثله. وهكذا قرأه أبو هبيرة (محمد بن الوليد بن هبيرة الهاشمي) في أصل يحيى بن حمزة، رواه عنه أيضًا أبو داود في المراسيل، وقال عقب رواية الحكم: "وهم فيه الحكم". وقال أبو عبيد الآجري: سألت أبا داود عن حديث الصدقات، حديث الحكم بن موسى السمسار في الصدقات؟ قال: "لا أحدّث به، حدّثني أبو هبيرة محمد بن الوليد الدمشقي قال: قرأت هذا الحديث في أصل يحيى بن حمزة عن سليمان بن أرقم عن الزهري". سؤالات أبي عبيل الآجري أبا داود السجستاني (2/ 195 - 196). ونقل الذهبي في الميزان والحافظ في التلخيص عن أبي الحسن الهروي أنَّه قال: "الحديث في أصل يحيى بن حمزة عن سليمان بن أرقم، غلط فيه الحكم". وهكذا نقلا عن أبي زرعة الرازي وابن منده وصالح جزرة أنَّهم قرأوا في أصل يحيى كذلك، ثم قال الذهبي: "ترجّح أن الحكم بن موسى وهم ولا بد، فالحديث إذا ضعيف الإسناد". وقال في ترجمة الحكم: "له حديثان منكران، حديث الصدقات ذاك الطويل، وحديثه عن الوليد بن مسلم في الذي يسرق من صلاته". انظر: الميزان (2/ 202، 201)، (1/ 580)، والتلخيص الحبير (4/ 21). هذا وقد قال ابن حبان عقب الحديث: "سليمان بن داود هذا هو سليمان بن داود الخولاني من أهل دمشق، ثقة مأمون، وسليمان بن داود اليمامي لا شيء، وجميعًا يرويان عن الزهري". الإحسان (14/ 515). =

وخرَّج أبو داود هذا الحديث في المراسل من طريق ابن وهب عن يونس عن ابن شهاب قال: "قرأتُ في كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعمرو بن حزم حين بعثه إلى نجران، وكان الكتاب عند أبي بكر بن حزم"، وساقه مرسلًا، وقال أبو داود في آخره: "أُسند هذا ولا يصح"، وذكر إسناده (¬1). وقال ابن أبي خيثمة: سمعت يحيى بن معين يقول: "الحكم بن موسى ثقة وسليمان بن داود الذي يروي عن الزهري حديث الصدقات والديات ¬

_ = قلت: معنى كلامه أن الذي روي حديث الصدقات هو الخولاني لا اليمامي، فمن ضعَّفه، فإنَّما ظن أنه اليمامي؛ لأنَّ كلًّا منهما يرويان عن الزهري، لكن تعقَّبه الحافظ في التلخيص وقال: "ولولا ما تقدّم من أن الحكم بن موسى وهم في قوله: سليمان بن داود، وإنَّما هو سليمان بن أرقم، لكأن لكلام ابن حبان وجه". وقال في التهذيب: "أما سليمان بن داود الخولاني فلا ريب في أنَّه صدوق، لكن الشبهة دخلت على حديث الصدقات من جهة أن الحكم بن موسى غلط في اسم والد سليمان، فقال: سليمان بن داود، وإنَّما هو سليمان بن أرقم، فمن أخذ بهذا ضعف الحديث ولا سيما مع قول من قال: إِنَّهُ قرأ كذلك في أصل يحيى بن حمزة - فذكرهم ثم قال -: وأما من صححه فأخذوه على ظاهره في أنه سليمان بن داود، وقوي عندهم أيضًا بالمرسل الذي رواه معمر عن الزهري، والله أعلم. التلخيص الحبير (4/ 22)، والتهذيب (4/ 166). فالحاصل إنَّ الحديث من طريق سليمان بن ارقم منكر، تفرَّد به عن الزهري، وهو ضعيف، وخالفه يونس ومعمر وشعيب بن أبي حمزة، فرووه عن الزهري مرسلًا، وهؤلاء من ثقات أصحاب الزهري، بل إنَّ شعيبًا من أثبت الناس فيه، فالقول قولهم، ولذا حكم أبو داود بعدم صحة المسند فقال في المراسيل كما سيأتي: "أُسند هذا ولا يصح"، كما أن النسائي أورد رواية يونس معلِّلًا بها رواية سليمان الموصولة. (¬1) انظر: المراسيل (ص: 211 - 213) (رقم: 257)، وأخرجه من هذا الوجه أيضًا النسائي في السنن (8/ 429 - 430) (رقم: 4870)، والبيهقي في السنن الكبرى (8/ 80، 97، 81) من طرق عن عبد الله بن وهب، عن يونس به. وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة في مصنفيهما بعض فقرات الحديث من طريق معمر عن الزهري به مرسلًا. انظر: مصنف عبد الرزاق (9/ 291، 331، 338، 380)، ومصنف ابن أبي شيبة (9/ 145، 176، 210، 214، 215).

مجهول لا يعرف" (¬1). وروى ابن وهب عن مالك والليث عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب قال: "وجد كتاب عند آل حزم يذكرون أنَّه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -"، وذكر طرفًا منه، خرَّجه الجوهري في مسنده (¬2). ¬

_ (¬1) لم أقف على رواية ابن أبي خيثمة عنه، لكن أورد ابن عدي في الكامل (3/ 1123) عن أبي يعلى قال: سئل يحيى بن معين - وهو حاضر - عن حديث الصدقات الذي كان يحدّث به الحكم بن موسى، عن يحيى بن حمزة، عن سليمان بن داود، عن الزهري: قال: "سليمان بن داود ليس يُعرف، ولا يصح هذا الحديث". وقال في رواية عثمان بن سعيد عنه: "ليس بشيء". تاريخ الدارمي (ص: 123) (رقم: 386). قلت: هكذا حمل يحيى بن معين على رواية سليمان بن داود، وحكم عليه مرة بالجهالة، وأخرى بأنَّه ليس بشيء، لكن تقدَّم في قول أبي داود وأبي الحسن الهروي والذهبي والحافظ أن العلة في الحكم حيث إِنَّهُ أخطأ فجعل سليمان بن داود مكان سليمان بن أرقم دون سليمان بن داود، ولذا تعقّب الدارمي شيخه فقال: "أرجو أنَّه ليس كما قال يحيى، وقد روى عنه يحيى بن حمزة أحاديث حسانًا مستقيمة، وهو دمشقي خولاني". وهذا هو الموافق لكلام الأئمة، قال أبو حاتم فيه: "لا بأس به"، وقال ابن حبان: "ثقة مأمون"، وقال الذهبي: "سليمان بن داود الدمشقي معروف بالزهري، وإن كان ابن معين قد غمزه، فقد عدَّله غيره". انظر: تاريخ الدارمي (رقم: 386)، ورواية الدقاق (رقم: 41)، والجرح والتعديل (4/ 110)، والثقات لابن حبان (6/ 387)، وتلخيص المستدرك (1/ 195)، وتقريب التهذيب (رقم: 2555). (¬2) لعله في مسند ما ليس في الموطأ. وقال الزيلعي عنه في نصب الراية (4/ 369).: "غريب لم أجده". وقد أخرجه إسحاق في مسنده كما في المطالب العالية (2/ 282) (رقم: 1905) من طريق يحيى بن سعيد عنه، وقال الحافظ: "إسناده صحيح متصل إلى ابن المسيب". وكذا ذكره ابن عبد البر في التمهيد (17/ 339). وأما شواهد مرسل أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم فكثيرة جدًّا: فقوله: "إنَّ في النفس مائة من الإبل"، يشهد له حديث عبد الله بن عمرو عند أبي داود (4/ 677) رقم: 4541)، والترمذي في السنن (614) (رقم: 1387)، والنسائي في السنن =

وانظر مرسل عبد الله بن أبي بكر (¬1). 177 / حديث: "إن عطس فشمِّته ... ". ذكر هذا ثلاثًا، في آخره: "ثم إن عطس فقل: إنَّك مضنوك (¬2) "، قال عبد الله: لا أدري: "أبَعدَ الثالثة أو الرابعة؟ ". في الجامع (¬3). معنى هذا الحديث لأبي هريرة، خرّجه أبو داود من طريق سعيد المقبري عنه قال فيه: "شمَّت أخاك ثلاثا، فما زاد فهو زكام" (¬4). ¬

_ = (8/ 412) رقبم: 4815)، وابن ماجة في السنن (2/ 877، 878) (رقم: 2627، 2630). وحديث عبد الله بن مسعود عند أبي داود (4/ 680) (رقم: 4545)، والترمذي في السنن (4/ 5) (رقم: 1386)، والنسائي في السنن (87/ 413) (رقم: 4816)، وابن ماجة في السنن (2/ 879) (رقم: 2631). ويشهد لدية بقية الأعضاء حديث عبد الله بن عمرو عند أبي داود (4/ 691) (رقم: 4564)، وأحمد في المسند (2/ 217، 224)، وإسناده حسن. وكذا حديث عمر عند البزار (2/ 207) (رقم: 1531 - كشف الأستار)، والبيهقي في السنن الكبرى (8/ 86)، وقال الهيثمي في المجمع (6/ 296): "رواه البزار، وفيه محمد بن أبي ليلى، وهو سيء الحفظ، وبقية رجاله ثقات". ويشهد لدية الأصابع أيضًا حديث ابن عباس عند أبي داود (رقم: 4561)، والترمذي (رقم: 1391)، وأحمد (1/ 289)، والبيهقي في السنن الكبرى (8/ 92)، وسنده صحيح. (¬1) تقدّم حديثه (5/ 25). (¬2) أي مزكوم، والضُناك بالضم: الزكام، يقال: أضنكه الله وأزكمه، والقياس أن يُقال: فهو مضنك، ومزكم، ولكنه جاء على أضنك وأزكم. النهاية (3/ 103). (¬3) الموطأ كتاب: الاستئذان، باب: التشميت في العطاس (2/ 735) (رقم: 4). (¬4) أخرجه أبو داود في السنن كتاب: الأدب، باب: كم مرة يشمّت العاطس (5/ 290) (رقم: 5034)، وكذلك البخاري في الأدب المفرد (ص: 276) (رقم: 939) من طريق ابن عجلان، عن سعيد به موقوفًا. =

= وجاء عن عُبيد بن رفاعة الزُّرَقِي مرفوعًا: "شمِّت العاطس ثلاثا فإن زاد فإن شئت فشمّت، وإن شئت فاتركه"، خرّجه أبو داود والترمذي (¬1). ¬

_ = وإسناده حسن، إلَّا أنَّه اختلف فيه على ابن عجلان، فرواه يحيى بن سعيد عنه عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة موقوفًا، ورواه الليث بن سعد عنه، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة قال: لا أعلمه إلَّا أنَّه رفع الحديث إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، أخرجه أبو داود أيضًا عقب الحديث السابق. وتابع الليثَ عليه موسى بن قيس - وهو صدوق - كما ذكره أبو داود أيضًا. وعلى هذا فالراجح الرفع، وهكذا ورد من طريق سعيد بن المسيب عن أبي هريرة، أخرجه ابن السني في عمل اليوم والليلة (ص: 126) (رقم: 251). وقد سأل ابن أبي حاتم أباه عن هذا الحديث فقال: "من يرفعه وأيهما أصبح؟ فقال: قوم من الثقات يرفعونه". العلل (2/ 291). وهو ما رجّحه الألباني أيضًا في السلسة الصحيحة (3/ 319). (¬1) أخرجه أبو داود في السنن كتاب: الأدب، باب: كم مرَّة يُشمَّت العاطس (5/ 391) (رقم: 5036)، والترمذي والسنن كتاب: الأدب، باب: ما حاء كم يُشمِّت العاطس (5/ 79) (رقم: 2744) من طريق عُبيدة أو حميدة بنت عبيد بن رفاعة الزرقي، عن أبيها، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. قال الترمذي: "هذا حديث غريب، وإسناده مجهول". قلت: يعني بالمجهول عُبيدة، فقد قال عنها الذهبي في الميزان (6/ 282): "لا تُعرف"، وقال الحافظ في التقريب (رقم: 8638): "لا يُعرف حالها". وهو مرسل أيضًا كما قال المنذري في مختصره (7/ 309)، والحافظ في الإصابة (7/ 228)، لأنَّ عبيد بن رفاعة تابعي لا صحبة له، ومع هذا فإن الحديث يصلح شاهدًا لمرسل أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم. انظر: الطبقات لمسلم (1/ 239)، والمراسيل لابن أبي حاتم (ص: 115) (رقم 232)، ومعرفة الثقات للعجلي (2/ 117)، وجامع التحصيل (ص: 234) (رقم: 496). ولحديث الباب شاهد صحيح آخر من حديث سلمة بن الأكوع، أخرجه مسلم في صحيحه كتاب: الزهد، باب: تشميت العاطس (4/ 2292 - 2293) (رقم: 55). قال ابن عبد البر عن حديث الموطأ: "لا خلاف عن مالك في إرسال هذا الحديث، وهو حديث متصل عن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - من وجوه، منها: حديث سلمة بن الأكوع، وحديث أبي هريرة". التمهيد (17/ 325).

178 / حديث: استعمل رجلًا من بني عبد الأشهل على الصدقة، فلما قدم سأله إبلًا من الصدقة، فغضب. ". فيه: "إنَّ الرجل ليسألني ما لا يصلح لي ولا له". في آخر الجامع، باب: ما يكره من الصدقة (¬1). هذا مرسل في الموطأ (¬2). ورواه أحمد بن منصور التَّلِّي (¬3) خارج الموطأ عن مالك، عن عبد الله بن أبي بكر، عن أنس، ذكر هذا أبو عمر (¬4). وروي عُبيد الله بن عدي [بن] (¬5) الخيار عن رجلين من قومه: أنَّهما أتيا النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - وهو يقسم الصدقة، فسألاه منها، فرفع البصر وخفضه، فرآهما جلدين قويّين فقال: "إن شئتما فعلت، ولا حق فيها لغني ولا لقويٍّ مكتسب"، خرَّجه الطحاوي في معاني الآثار (¬6). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الصدقة، باب: ما يكره من الصدقة (2/ 746) رقم: 14). (¬2) انظر: الموطأ برواية: أبي مصعب الزهري (2/ 180) (رقم: 2115)، وسويد بن سعيد (ص: 612) (رقم: 1504)، وابن بكير (ل: 269 / أ) - الظاهرية -. وهكذا رواه جماعة الرواة كما قال ابن عبد البري التمهيد (17/ 383)، وقال في الاستذكار (27/ 433): "هو الصحيح". (¬3) هو أحمد بن منصور بن إسماعيل التَّلي -بفتح التاء المنقوطة باثنتين من فوقها وتشديد اللام- نسبة إلى تل، قرية من قرى حران. ذكره الخطيب والقاضي عياض، وابن ناصر الدين فيمن روي الموطأ عن مالك. انظر: مجرد أسماء الرواة عن مالك (ص: 2) (رقم: 1)، وترتيب المدارك (2/ 78)، والأنساب (1/ 476)، وإتحاف السالك (ص: 267) (رقم: 71). (¬4) التمهيد (17/ 384، 383). (¬5) ما بين المعقوفين سقط من الأصل. (¬6) أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (2/ 15) من طرق عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عبيد الله بن عدي بن الخيار قال: حدَّثني رجلان من قومي، فذكره. =

فصل: قال البخاري في الصحيح: "كتب عمر بن عبد العزيز إلى أبي بكر بن حزم: انظر ما كأن من حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاكتبه، فإنِّي خفت دروس العلم وذهاب العلماء" (¬1). ¬

_ = وإسناده صحيح، وقد أخرجه أيضًا أبو داود في السنن، كتاب: الزكاة، باب: من يعطي من الصدقة وحدّ الغني (2/ 285) (رقم: 1633)، والنسائي في السنن كتاب: الزكاة، باب: مسألة القوي المكتسب (5/ 104) (رقم: 2597)، وابن أبي شيبة في المصنف (3/ 208)، وأحمد في المسند (3/ 262)، والدارقطني في السنن (2/ 119)، والبيهقي في السنن الكبرى (7/ 14) كلهم من طرق عن هشام به. قال ابن عبد الهادي: "هو حديث إسناده صحيح، رواته ثقات، قال الإمام أحمد: ما أجوده من حديث، وقال: هو أحسنها إسنادًا". تنقيح التحقيق (2/ 1522). وقد أراد المصنف رحمه الله بذكر هذا الحديث بيان سبب امتناع النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - من إعطاء عامله، وهو كونه غنيًّا غير مستحق للصدقة، وهذا هو قول ابن عبد البر أيضًا، وذكر الباجي وجوهًا أخرى، منها أنَّه سأله في أجرة عمله أكثر مما يستحقه، ومنها أنه سأله زيادة على أجرته مما غيره أحق به منه، أو مما هو ليس بأهل له. انظر: الاستذكار (27/ 433)، والمنتقي (7/ 325). (¬1) انظر: صحيح البخاري كتاب: العلم، باب: كيف يقبض العلم (1/ 52). وانظر: فتح الباري (1/ 235). وذكر ابن أبي حاتم في تقدمة الجرح والتعديل (1/ 21) من طريق ابن وهب، عن مالك أنَّه قال: لم يكن عندنا أحد بالمدينة عنده من علم القضاء ما كان عند أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم وكان قاضيًا ولَّاه عمر بن عبد العزيز، وكتب إليه أن يكتب له العلم من عند عمرة بنت عبد الرحمن والقاسم بن محمد، فكتبه له". قال الحافظ في التهذيب (12/ 41): "زاد غيره: فسألت ابنه عبد الله بن أبي بكر عن تلك الكتب فقال: ضاعت".

62 - مرسل أبي بكر بن سليمان بن أبي حثمة

62 - مرسل أبي بكر بن سليمان بن أبي حثمة لا يُعرف له اسم غير كنيته (¬1). 179 / حديث: "ركع ركعتين من إحدي صلاتي النهار، الظهر أو العصر، فسلَّم من اثنتين، فقال له ذو الشمالين - رجل من بني زهرة بن كلاب - (¬2): أقصرت الصلاة يا رسول الله أم نسيت؟ ... ". فيه: "فقال: أصدق ذو اليدين؟ "، وآخره: "فأتمَّ ما بقي من الصلاة، ثم سلَّم"، ولم يذكر سجود السهو. في أبواب السهو. عن ابن شهاب، عن أبي بكر بلغه (¬3). وهكذا قال الراوي في هذا الحديث: "ذو الشمالين"، وذكر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال فيه: "ذو اليدين" (¬4)، فكأنه على هذا رجل واحد، كان ¬

_ (¬1) انظر: الأسامي والكنى لأبي أحمد الحاكم (2/ 229)، والكنى والألقاب لابن منده (ص: 140) (رقم: 1038)، وتحرَّف فيه "حثمة" إلى خيثمة. (¬2) قوله: "رجل من بني زهرة بن كلاب" سقط من رواية يحيى المطبوعة، وهو موجود في نسختي المحمودية (أ) (ل: 17 / ب) و (ب) (ل: 18 / ب). (¬3) الموطأ كتاب: الصلاة، باب: ما يفعل من سلَّم من ركعتين ساهيًا (1/ 99 - 100) (رقم: 60). (¬4) هكذا رواه النسائي في السنن، كتاب: السهو، باب: ما يفعل من سلم من ركعتين ناسيًا وتكلَّم (3/ 28) (رقم: 1229) من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن وأبي بكر بن سليمان بن أبي حثمة، عن أبي هريرة. والبزار في مسنده (1/ 278) (رقم: 578 - كشف الأستار)، والطبراني في المعجم الكبير (11/ 259) (رقم: 11673) من حديث ابن عباس. =

يُعرف بذي اليدين وذي الشمالين (¬1). ¬

_ = وصحح العيني روايات النسائي مستدلًّا بها على أن ذا اليدين وذا الشمالين رجل واحد، وقال: "إِنَّهُ أولى من جعله رجلين". عمدة القاري (4/ 264). (¬1) هذا ما ذهب إليه العيني كما تقدّم ونقله ابن عبد البر في الاستيعاب (3/ 241) عن أبي العباس المبرد، والعراقي عن أبي معشر. لكن الجمهور من المحدّثين وأهل السير فرّقوا بينهما فقالوا: إنَّ ذا الشمالين وهو عمير بن عبد عمرو بن نضلة خزاعي شهد بدرًا وقتل بها ولم يدركه أبو هريرة، وأما ذو اليدين المذكور في حديث السهو في رواية أبي هريرة فهو رجل آخر غير ذي الشمالين، وهذا هو قول الشافعي وأبي عبد الله الحاكم والبيهقي وغيرهم. ذكر ابن عبد البر عن أبي بكر الأثرم قال: سمعت مسدد بن مسرهد يقول: "الذي قتل ببدر هو ذو الشمالين بن عبد عمرو حليف لبني زهرة، وذو اليدين رجل من العرب كان يكون بالبادية فيجيء فيصلي مع النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -، ثم قال أبو عمر: قول مسدد هذا هو قول أئمة الحديث والسير، وهذا ما رجَّحه أيضًا المؤلف كما سيأتي". وقال ابن الأثير في ترجمة ذي الشمالين: "وهذا ليس بذي اليدين الذي ذُكر في السهو في الصلاة، لأنَّ ذا الشمالين قتل ببدر، والسهو في الصلاة شهده أبو هريرة، وكان إسلامه بعد بدر بسنتين". وصحح هذا التفريق النووي والعلائي. وقال ابن حجر: "اتفق معظم أهل الحديث من المصنفين وغيرهم أن ذا الشمالين غير ذي اليدين، نصَّ على ذلك الشافعي رحمه الله في اختلاف الحديث". وقال الصنعاني: "وفي الصحابة رجل آخر يُقال له ذو الشمالين هو غير ذي اليدين، ووهم الزهري فجعل ذا اليدين وذا الشمالين واحدًا، وقد بيَّن وهمه العلماء، وأما ما استدل به العيني من الروايات التي جمعت بينهما مما يدل على اتحادهما فهي مضطربة كما سيأتي، واتفق أهل العلم على أن الزهري غلط فيها، ولم يُتقن حفظها". وأما ما ورد عن ابن عباس عند البزار والطبراني ففي سنده إسماعيل بن أبان الغنوي العامري، قال الهيثمي في المجمع (2/ 152): "متروك". وأما أبو معشر الذي قال بالتفريق بينهما فقد قال العراقي: "إنَّه ضعيف عند الجمهور". انظر: السنن الكبري للبيهقي (2/ 366)، والدرر في اختصار المغازي والسير (ص: 109)، والتمهيد (1/ 363 - 364)، والاستذكار (2/ 223)، والاستيعاب (3/ 236 - 237)، وأسد الغابة (2/ 217 - 218، 224) ن وتهذيب الأسماء واللغات (1/ 186)، ونظم الفرائد للعلائي (ص: 61، 64، 65، 72)، وطرح التثريب (3/ 5)، والإصابة (3/ 217، 222)، وفتح الباري (3/ 117)، ونزهة الألباب (1/ 296)، وسبل السلام (1/ 202).

وقيل: كأن يعرف بذي الشِّمالين، وكأن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - يقول له ذو اليدين، وقيل له ذو الشمالين اختصارًا، كما يقال للشمس والقمر: القمران، وسبب ذلك أنه كان يعمل بكلتي يديه (¬1)، والعمل بالشمال مكروه، فقصد بالذكر ليدلَّ على الكراهة. ووجه قول النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - ذو اليدين على قول من زعم أن الشمالين هو المخاطب أن ذلك على طريق التأدّب. قالت عائشة رضي الله عنها عنه: "كان إذا سمع الاسم القبيح غيَّره" (¬2). ويقل له ذو اليمينين؛ لأنَّهما صفة مدح اختص بها الله سبحانه وتعالى، قال - صلى الله عليه وسلم -: "كلتا يديه يمين" (¬3). وهذا الحديث أسنده عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن أبي سلمة وأبي بكر بن سليمان، عن أبي هريرة وقال فيه: "فقال ذو الشمالين بن ¬

_ (¬1) انظر: الألقاب للجياني (ص: 156 - 157)، والأنساب للسمعاني (3/ 15). (¬2) أخرجه الطبراني في المعجم الصغير (ص: 153) (رقم: 350) من طريق إسحاق بن يوسف الأزرق، عن شريك، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة أنَّها قالت: "كأن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - إذا سمع اسمًا قبيحًا غيره"، وفيه تغيير اسم القرية. قال الهيثمي في المجمع (8/ 15): "رجاله رجال الصحيح". قلت: فيه شريك النخعي، وهو ضعيف من قبل حفظه، لكنه توبع. رواه الترمذي في السنن كتاب: الأدب، باب: ما جاء في تغيير الأسماء (5/ 124) (رقم: 2839) من طريق عمر بن علي المقدمي، عن هشام به. ورجال الإسناد ثقات إلَّا أن عمر بن علي المقدِّمي يدلِّس تدليسًا سيِّئًا، لكنه توبع، تابعه محمد بن عبد الرحمن الطفاوي عند ابن عدي في الكامل (6/ 2202). فالحديث بمجموع هذه الطرق صحيح إن شاء الله، وقد ذكره الألباني والصحيحة (رقم: 207). (¬3) هذا جزء من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، أخرجه مسلم في صحيحه كتاب: الإمارة، باب: فضيلة الإمام العادل (1458/ 3) (رقم: 18).

عبد عمرو -وكان حليفًا لبني زهرة-، وقال الزهري في آخره: "كان ذلك قبل بدر، ثم استحكمت الأمور بعد، ونُسخ الكلام في الصلاة" (¬1). وهذا القول بيَّنه الزهري في روايته في هذا الحديث أنّ المتكلِّم كان ذا الشمالين حليف بني زهرة، وذو الشمالين هذا هو عمير بن عبد عمرو، رجل مشهور قُتل ببدر (¬2)، ولهذا زعم الزهري أنّ هذه القصة كانت قبل بدر، وقد خولف في قوله هذا وروايته (¬3). ¬

_ (¬1) هو في المصنف (2/ 296 - 297) (رقم: 3441)، ومن طريقه أخرجه النسائي والسنن كتاب: السهو، باب: ما يفعل من سلَّم من ركعتين ناسيًا وتكلَّم (3/ 28) (رقم: 1229)، وأحمد في المسند (2/ 271)، ابن خزيمة وفي صحيحه (2/ 126) (رقم: 1046)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (6/ 402) (رقم: 2685)، والبيهقي في السنن الكبري (2/ 341) دون قول الزهري. (¬2) ذكره موسى بن عقبة وابن إسحاق فيمن استُشهد من المسلمين بدر، وهو قول جميع أهل السير كما قاله العلائي. انظر: المغازي والسير لموسى بن عقبة (ص: 144)، والسيرة النبوية لابن هشام (1/ 707)، والاستيعاب (3/ 228)، والدرر (ص: 109)، والألقاب للجياني (ص: 156 - 157)، وأسد الغابة (2/ 217)، وتهذيب الأسماء واللغات (1/ 186)، ونظم الفرائد لما تضمَّنه حديث ذي اليدين من الفوائد (ص: 65)، والإصابة (3/ 217). (¬3) روى أصحاب أبو هريرة الحفاظ كابن سيرين وأبي سفيان وغيرهما عنه ما يدلُّ على مشاهدة أبي هريرة لتلك الصلاة وحضوره مع النَّبي - صلى الله عليه وسلم - مما يقتضي وقع القصة بعد بدر، وأنَّ المتكلّم فيها ذو اليدين دون ذي الشمالين، وبناء على تلال الروايات قال ابن عبد البر: "لا أعلم أحدًا من أهل العلم والحديث المصنفين فيه عوَّل على حديث ابن شهاب في قصة ذي اليدين؛ لاضطرابه فيه وأنه لم يتمَّ له إسنادًا ولا متنًا، وإن كان إمامًا عظيمًا في هذا الشأن، فالغلط لا يسلم منه أحد، والكمال ليس لمخلوق، وكلُّ أحد يؤخذ من قوله ويترك إلَّا النَّبي - صلى الله عليه وسلم -". وقال في الاستيعاب: "وقد كان الزهري مع علمه بالمغازي يقول: إِنَّهُ ذو الشمالين المقتول بدر، وإن قصة ذي اليدين في الصلاة كانت قبل بدر، ثم أُحكمت الأمور بعد، وذلك وهم منه عند أكثر العلماء". انظر: التمهيد (1/ 366)، والاستيعاب (3/ 237 - 238). وقال العلائي: "جمهور العلماء على أن ذا اليدين المذكور في حديث السهو هذا من رواية أبي هريرة غير ذي الشمالين، وهذا هو الصحيح الراجح إن شاء الله، والحجة لذلك: ما ثبت من طرق =

والأصح أن ذا الشمالين - حليف بني زهرة - لا مدخل له في هذه القصة ولا أدركها: لأنَّه المقتول ببدر (¬1)، ووقعت هذه القصة بعد إسلام أبي هريرة وبحضرته، وكان إسلامه عام خيبر بعد بدر بأعوام (¬2)، والمتكلّم في هذا إنَّما هو الخرباق - رجل من بين سُليم - كان يُعرف بذي اليدين لطول كان في يديه (¬3)، جاء هكذا مفسَّرًا في حديث ابن سيرين عن أبي هريرة (¬4). ¬

_ = كثيرة أن أبا هريرة رضي الله عنه كان حاضرًا هذه القصة يومئذ خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... "، ثم ذكر تلك الروايات، وسيأتي بعضها عند المؤلف. انظر: نظم الفرائد (ص: 61)، وكذا تنوير الحوالك (1/ 89). (¬1) تقدّم من قال ذلك من أهل السير. (¬2) انظر: الطبقات الكبرى (4/ 242)، والاستيعاب (12/ 173)، وأسد الغابة (6/ 314)، ونظم الفرائد للعلائي (ص: 41، 64)، والإصابة (12/ 70). (¬3) انظر: الاستيعاب (3/ 212، 236)، والألقاب للجياني (ص: 156)، والإصابة (3/ 87، 222). (¬4) الذي ورد في حديث ابن سيرين عن أبي هريرة هو وقوع القصة بعد إسلام أبي هريرة وبحضرته لقوله: "صلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -"، وأما كون المتكلِّم الخرباق فهو في حديث عمران بن الحصين كما قال ابن عبد البر في الاستيعاب (3/ 213)، وحديث ابن سيرين عن أبي هريرة، أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الصلاة، باب: تشبيك الأصابع في المسجد وغيره (1/ 171) رقم: 482)، ومسلم في صحيحه كتاب: المساجد، باب: السهو في الصلاة والسجود له (1/ 403) (رقم: 97، 98)، وأبو داود في السنن كتاب: الصلاة، باب: السهو في السجدتين (1/ 612 - 613) رقم: 1008). وروى مسلم أيضًا (1/ 404) (رقم: 100) من طريق أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: "بينا أنا أصلي مع النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - صلاة الظهر، سلّم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الركعتين فقام رجل من بني سليم"، واقتص الحديث. قال ابن عبد البر: "وحضور أبي هريرة يوم ذي اليدين محفوظ من رواية الحفاظ الثقات، وليس تقصير من قصَّر عن ذلك بحجة على من علم ذلك وحفظه". التمهيد (1/ 356). وأورد العلائي طرق الحديث المتعدِّدة ثم قال: "فهذه طرق صحيحة ثابتة يفيد مجموعها العلم النظري أن أبا هريرة رضي الله عنه كان حاضرًا القصة يومئذ". نظم الفرائد (ص: 61 - 64).

وقال فيه عمران بن حصين: "فقام إليه رجل يُقال له الخرباق، وكان في يديه طول"، خرّجه مسلم (¬1). وأما ادّعاء النسخ فالكلام فيه لأهل المذاهب (¬2). ولم يذكر مالك عن الزهري في هذا الحديث سجود السهو، وروى جماعة عنه نفيه، رواه الأوزاعي، عن [الزهري] (¬3)، عن سعيد وأبي سلمة وعبيد الله بن عبد الله بن عُتبة، عن أبي هريرة، وقال في آخره: "لم يسجد ¬

_ = هذا وقد أجاب الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 450)، والعيني في العمدة (4/ 265) عن حديث أبي هريرة "صلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -" فقالا: "يعني أنَّه صلى بالمسلمين، قال العيني: هذا جائز في اللغة"، وضرب أمثلة على ذلك، لكن يردُّ عليه ما رواه مسلم في صحيحه (1/ 404) (رقم: 100) من طريق أبي سلمة، عن أبي هريرة أنَّه قال: "بينا أنا أصلي مع النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - صلاة الظهر". (¬1) أخرجه مسلم في صحيحه كتاب: المساجد، باب: السهو في الصلاة والسجود له (1/ 404 - 405) (رقم: 101). (¬2) ذكر أهل العلم في فقه هذا الحديث أن كلام الناسي لا يُبطل الصلاة، وهذا هو مذهب الشافعي، ومالك، والأوزاعي، وأحمد بن حنبل في إحدى الروايتين عنه، وإسحاق، وجمهور أهل العلم. وذهب الحنفية إلى أن كلام الناسي يُبطل الصلاة، وهو قول إبراهيم النخعي، وحماد بن أبي سليمان، واستدلوا على ذلك بعموم أحاديث النهي عن الكلام في الصلاة، وأجابوا عن حديث ذي اليدين بأنه كان قبل تحريم الكلام في الصلاة، ثم نسخ، قالوا: ولولا ذلك لم يكن أبو بكر وعمر وسائر الناس ليتكلموا مع علمهم بأنَّ الصلاة لم تقصر، وقد بقي عليهم من الصلاة شيء، ذكر هذا البغوي ثم قال في الردِّ عليهم: "ولا وجه لهذا الكلام من حيث إنَّ تحريم الكلام في الصلاة كان بمكة، وحدوث هذا الأمر إنَّما كان بالمدينة: لأنَّ راويه أبو هريرة، وهو متأخر الإسلام، وقد رواه عمران بن حصين وهجرته متأخرة". انظر: فتح القدير لابن الهمام (1/ 344)، وبدائع الصنائع (1/ 233)، وحاشية ابن عابدين (1/ 413)، والبناية شرح الهداية (2/ 405)، والتمهيد (1/ 369)، والاستذكار (2/ 235)، وشرح السنة (2/ 339)، والمغني (2/ 444 - 450)، والمجموع (4/ 85)، ونظم الفرائد (ص: 239 وما بعدها). (¬3) ما بين المعقوفين سقط من الأصل، وأثبته من سنن أبي داود.

سجدتي السهو حتى يقّنه الله تعالى ذلك (¬1)، خرَّجه أبو داود (¬2). وذكره مسلم في التمييز وقال: "خبر ابن شهاب هذا في قصة ذي اليدين وهم غير محفوظ، لتظاهر الأخبار الصحاح عن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - في ذلك"، وذكر أن أبا هريرة وابن عمر وعمران بن حصين ذكروا في حديثهم أن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - حين سهى يوم ذي اليدين سجد بعد سلامه، وقال: "قد صحَّت بهذه الروايات المشهورة المستفيضة أن الزهري واهمٌ في روايته؛ إذ نفى ذلك من فعل النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -" (¬3). وتقدّمت رواية الزهري، عن سعيد وأبي سلمة في مرسل سعيد بن المسيب (¬4). ¬

_ (¬1) في الأصل: "لم يسجد فيه سجدتي السهو حين يقّنه .. "، والصواب ما أثبته كما جاء في السنن، ومعناه أنَّه لم يسجد حين يقَّنه الناس، وإنَّما سجد بعد ما ألقى الله في قلبه اليقين. (¬2) أخرجه أبو داود في السنن كتاب: الصلاة، باب: السهو في السجدتين (1/ 616) (رقم: 1012)، وابن خزيمة في صحيحه (2/ 124) (رقم: 1040) من طريق محمد بن كثير، عن الأوزاعي به. ومِمَّن نفاه عنه أيضًا: الزبيدي، كما ذكره أبو داود في السنن (1/ 616 - 617)، والليث عند ابن خزيمة في صحيحه (2/ 126) (رقم: 1040). (¬3) التمييز (ص: 182 - 183). وقال ابن خزيمة أيضًا: "فقوله في خبر محمد بن كثير عن الأوزاعي في آخر الخبر: لم يسجد سجدتي السهو حين لقَّنه الناس، إنما هو من كلام الزهري، لا من قول أبي هريرة ... "، إلى أن قال: "وقد تواترت الأخبار عن أبي هريرة من الطرق التي لا يدفعها عالم بالأخبار أن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - سجد سجدتي السهو يوم ذي اليدين". صحيح ابن خزيمة (2/ 127 - 128). وقال العلائي: "خالف الزهري سائر الرواة في موضعين: - أحدهما: في تسمية ذا اليدين ذا الشمالين. - والآخر: في أن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - لم يسحد سجدتي السهو، وقد غلَّطه الأئمة كلّهم في ذلك أيضًا". نظم الفرائد (ص: 83). (¬4) تقدَّم حديثه (5/ 190).

وانظر الحديث لأبي هريرة من طريق ابن سيوين (¬1)، وأبي سفيان عنه (¬2). فصل: أبو حَثْمَة - بالحاء المهملة بعدها ثاء مثلثة (¬3). وأبو الحُباب سعيد بن يسار له مرسل، وهو مذكور باسمه في حرف السين (¬4). * * * ¬

_ (¬1) تقدم حديثه (3/ 479). (¬2) تقدم حديثه (3/ 481). (¬3) انظر: المغني في ضبط الأسماء (ص: 71). (¬4) تقدَّم مرسله (5/ 215).

63 - مرسل أبي النضر وهو سالم بن أبي أمية مولى عمر بن عبيد الله التيمي

63 - مرسل أبي النضر وهو سالم بن أبي أميَّة مولى عمر بن عبيد الله التيمي ثلاثة أحاديث، أحدها مزيد، وتقدم له مسند عن أسامة (¬1)، وأبي جهيم (¬2)، وأبي قتادة (¬3)، وعائشة (¬4)، وأم هانيء (¬5)، وأم الفضل بنت الحارث (¬6)، وغيرهم بوسائط (¬7). ومالك عنه: 180 / [حديث] (¬8): "قال: لما مات عثمان بن مظعون قال: ذهبت ولم تلبّس منها بشيء" يعني الدنيا. في جامع الجنائز (¬9). هذا الحديث لعائشة، خرّجه أبو عمر في التمهيد من طريق القاسم عنها (¬10). ¬

_ (¬1) انظر: (2/ 25). (¬2) انظر: (3/ 128). (¬3) انظر: (3/ 207). (¬4) انظر: (4/ 88 - 92). (¬5) انظر: (4/ 330). (¬6) انظر: (4/ 310). (¬7) كمقداد بن الأسود (2/ 247)، وأبي طلحة (3/ 170)، وعبد الله بن أنيس (3/ 30). (¬8) كلمة "حديث" سقطت من الأصل. (¬9) الموطأ كتاب: الجنائز، باب: جامع الجنائز (1/ 208). وأخرجه ابن سعد في الطبقات (3/ 304) من طريق الواقدي ومعن، كلاهما عن مالك به. (¬10) أخرجه ابن عبد البر في التمهيد (21/ 224) من طريق يحيى بن سعيد، عن القاسم بن محمد، عن عائشة: "لما مات عثمان بن مظعون كشف النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - الثوب عن وجهه، وقبَّل بين عينيه، =

181 / حديث: "قال لشهداء أحد: هؤلاء أشهد عليهم ... ". فيه: "لا أدري ما تحدثون بعدي"، وفيه: قول أبي بكر (¬1). في الجهاد، باب: الشهداء (¬2). ومعنى هذا الحديث الجماعة، روي عنهم مفصلًا. روى الليث عن الزهري عن عبد الرحمن بن كعب عن جابر أن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - قال في قتلى أحد: "أنا شهيد على هؤلاء يوم القيامة"، خرّجه البخاري (¬3). وقال الترمذي: "قد روي عن الزهري عن أنس، وعن الزهري عن عبد الله بن ثعلبة" (¬4). ¬

_ = وبكى بكاء طويلًا، فلما رفع على السير قال: طوبى لك يا عثمان، لم تلبسك الدنيا ولم تلبسها". وأخرجه أبو داود في السنن كتاب: الجنائز، باب: ما جاء في تقبيل الميت (4/ 313) (رقم: 989) من طريق عاصم بن عبيد الله، عن القاسم بن محمد، عن عائشة: "أن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قبّل عثمان بن مظعون وهو ميت، وهو يبكي". هذا لفظ الترمذي، وقال: "حديث عائشة حديث حسن صحيح". قلت: كأنَّ الترمذي صححه بشواهده حيث قال: "وفي الباب عن ابن عباس وجابر وعائشة"، وإلَّا فمداره على عاصم بن عبيد الله بن عمر بن الخطاب العدوي، وهو ضعيف كما في التقريب (رقم: 3060)، لكن تابعه يحيى بن سعيد عند ابن عبد البر كما تقدّم، وعليه فالإسناد حسن وروى أبو نعيم في الحلية (1/ 105) من طريق أيوب عن عبد ربه بن سعيد: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل على عثمان بن مظعون وهو في الموت فأكبَّ عليه يقبّله فقال: رحمك الله يا عثمان، ما أصبت من الدنيا ولا أصابت منك". إسناده حسن، إلَّا أنَّه مرسل. (¬1) هو: "ألسنا يا رسول الله بإخوانهم؟ أسلمنا كما أسلموا، وجاهدنا كما جاهدوا". (¬2) الموطأ كتاب: الجهاد، باب: الشهداء في سبيل الله (2/ 368) (رقم: 32). (¬3) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الجنائز، باب: الصلاة على الشهيد (2/ 411) (رقم: 1343). (¬4) انظر: سنن الترمذي كتاب: الجنائز، باب: ما جاء في ترك الصلاة على الشهيد (3/ 354). قلت: حديث أنس، أخرجه أبو داود في السنن كتاب: الجنائز، باب: في الشهيد يغسل (3/ 498) (رقم: 3136)، والترمذي في السنن كتاب: الجنائز، باب: ما جاء في قتلى أحد وذكر حمزة (3/ 335) (رقم: 1016) مطوَّلًا، وأحمد في المسند (3/ 128)، والبيهقي في السنن الكبرى (4/ 10) من طريق أسامة، عن الزهري، عنه. قال الترمذي: "حديث أنس حديث حسن غريب، لا نعرفه من حديث أنس إلَّا من هذا الوجه، =

ورُوي عن سهل وأبي سعيد أن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "ليَرِدُنَّ عليَّ -يعني الحوض- أقوامٌ أعرفهم ويعرفونني، ثم يحال بيني وبينهم"، زاد أبو سعيد: "فأقول إنهم مني، فيقال: إنك لا تدري ما عملوا بعدك"، خرّج في الصحيحين (¬1). ¬

_ = وقد خولف أسامة بن زيد في رواية هذا الحديث - فذكر رواية الليث ثم قال -: سألت محمدًا عن هذا الحديث فقال: حديث الليث عن ابن شهاب عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن جابر أصح". وقال في العلل الكبيبر (1/ 411): "سألت محمدًا عن هذا الحديث فقال: عبد الرحمن بن كعب عن جابر بن عبد الله في شهداء أحد هو حديث حسن، وحديث أسامة بن زيد عن ابن شهاب عن أنس غير محفوظ، غلط فيه أسامة بن زيد". قلت: إنما أنكر البخاري على أسامة بن زيد حديثه لما جاء عنه في بعض طرق حديثه عند أبي داود (3/ 500) (رقم: 3137)، والحاكم في المستدرك (1/ 365) من أن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - لم يصل على أحد من الشهداء غيره، يعني حمزة، وهذا خلاف ما رواه الليث بن سعد عن ابن شهاب عن جابر من أن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - لم يصل على أحد من شهداء أحد، وليث ثبت حافظ، فروايته أولى، لا سيما وإنَّ الذي خالفه هو أسامة بن زيد قد تكلَّم في حفظه، قال عنه ابن حبان في الثقات (6/ 74): "يخطئ"، وقال الحافظ في التقريب (رقم: 317): "صدوق يهم". وانظر فتح الباري (3/ 250)، والتلخيص الحبير (2/ 123). وأما حديث الزهري عن غبد الله بن ثعلبة، عن النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فقد أخرجه النسائي في السنن كتاب: الجنائز، باب: مواراة الشهيد في دمه (4/ 382) (رقم: 2001) - مختصرًا - وأحمد في المسند (5/ 431) من طريق معمر. وابن أبي عاصم في الجهاد (2/ 486) (رقم: 177)، وفي الآحاد والمثاني (5/ 68) (رقم: 2608) من طريق صالح بن يزيد بن كيسان، كلاهما عن ابن شهاب، قال: حدَّثني عبد الله بن ثعلبة بن صُعير: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "زمِّلوهم بجراحهم"، وفيه: "أنا الشهيد على هؤلاء يوم القيامة". قال ابن حجر: "عبد الله له رؤية، فحديثه من حيث السماع مرسل، وقد رواه عبد الرزاق (في المصنف 3/ 540) (رقم: 6633) عن معمر، فزاد فيه: جابرًا ... فيُحمل على أن الحديث عنده عن شيخين -يعني عبد الرحمن بن كعب وعبد الله بن ثعلبة- ولا سيما أن في رواية عبد الرحمن بن كعب ما ليس في رواية عبد الله بن ثعلبة". فتح الباري (3/ 249). (¬1) انظر: صحيح البخاري كتاب: الفتن، باب: ما جاء في قول الله تعالى: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} وما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يحذِّر من الفتن (4/ 312) (رقم: 7050، 7051)، وصحيح مسلم كتاب: الفضائل، باب: إثبات حوض النبي - صلى الله عليه وسلم - وصفاته (4/ 1793) (رقم: 26).

وجاء نحو هذا عن ابن مسعود: "فأقول: [يا رب أصحابي، فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك"] (¬1)، وأسماء وغيرهم (¬2). وانظر حديث عبد الرحمن بن يعقوب عن أبي هريرة. • حديث: "ليلة القدر لثلاث وعشرين". تقدّم لعبد الله بن أنيس (¬3). 182 / حديث مزيد: "مَن ها هنا من بني فلان؟ ... ". فيه: "إنَّ صاحبَكم قد حُبِس دون الجنة بدَين عليه". ليس هذا الحديث عند يحيى، وهو عند ابن بكير (¬4). ¬

_ (¬1) ما بين المعقوفين زدتها بدلالة كلام المؤلف: "وجاء نحو هذا" يشير إلى اللفظ السابق. (¬2) حديث ابن مسعود وأسماء عند البخاري في الصحيح كتاب: الرقائق، باب: في الحوض (4/ 205) (رقم: 6576)، وفي الفتن، باب: ما جاء في قول الله تعالى: " {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ .... } (4/ 312) (رقم: 7048)، وعند مسلم في الفضائل، باب: إثبات حوض النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - في (4/ 1794، 1796) (رقم: 27، 32). وفي الباب أيضًا عن حذيفة عند البخاري (5/ 204)، ومسلم (4/ 1797) (رقم: 32). وعن أنس عند البخاري (4/ 206) (رقم: 6582)، ومسلم (4/ 1800) (رقم: 40). وعن عائشة، وأم سلمة عند مسلم (4/ 1794 - 1795) (رقم: 28، 29). وعن ابن عباس عند الترمذي في السنن كتاب: صفة القيامة، باب: ما جاء في شأن الحشر (4/ 532) (رقم 2423)، وقال: "حسن صحيح". (¬3) تقدَّم حديثه (3/ 30). (¬4) (ل: 89 / ب) - السليمانية -. وورد معناه من حديث أبي هريرة، أخرجه الترمذي في السنن كتاب: الجنائز، باب: ما جاء عن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "نفس المؤمن معلَّقة بدينه حتى يُقضى عنه" (3/ 389) (رقم: 1079)، وابن ماجة في السنن كتاب: الصدقات، باب: التشديد في الدَّين (2/ 806) (رقم: 2416)، وأحمد في المسند (2/ 440، 475)، والدارمي في السنن كتاب: البيوع، باب: ما جاء في التشديد في الدَّين (2/ 262) من طريق إبراهيم بن سعد، عن أبيه، عن عمر بن أبي سلمة، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "نفس المؤمن معلَّقة بدينه حتى يُقضى عنه"، وإسناده صحيح. وفي الباب عن جابر بن سمرة وغيره، انظره في أحكام الجنائز للشيخ الألباني (ص: 14، 16).

64 - مرسل أبي صالح السمان

64 - مرسل أبي صالح السمّان ويقال له: الزيّات واسمه ذكوان (¬1). حديث واحد، وتقدّم [له] (¬2) مسند أبي هريرة (¬3)، 183 / حديث: "إنَّ الله تعالى يرضى لكم ثلاثًا ويسخط لكم ثلاثًا ... ". وذكرها. في الجامع عند آخره، باب: إضاعة المال. عن سُهيل بن أبي صالح، عن أبيه. هذا مرسل عند يحيى بن يحيى وطائفة (¬4). وأسنده ابن وهب (¬5)، وابن بكير وجماعة من رواة الموطأ، زادوا فيه: عن أبي هريرة (¬6). ¬

_ (¬1) انظر: الطبقات الكبرى (5/ 230)، والكنى والأسماء للإمام مسلم (1/ 434)، والاستغناء (2/ 763)، وتهذيب الكمال (8/ 513)، وذكر من اشتهر بكنيته من الأعيان (ص: 360 - ضمن الرسائل الست للذهبي). (¬2) ما بين المعقوفين زيادة مني. (¬3) انظر: (3/ 422). (¬4) هو في الموطأ كتاب: الكلام، باب: مما جاء في إضاعة المال وذي الوجهين (2/ 756) (رقم: 20) مسند غير مرسل، لكن الصواب إرساله كما قال المؤلف، وكذا الجوهري وابن عبد البر، وهكذا في نسختي المحمودية (أ) (ل: 156 / ب) و (ب) (ل: 271 / أ)، وممن أرسله سويد بن سعيد (ص: 597) (رقم: 1457)، والقعنبي عند الجوهري (ل: 82 / أ)، وابن وهب من رواية يونس بن عبد الأعلى عنه، ومطرف، وابن نافع، ومعن، وابن المبارك الصوري لم يقولوا فيه: عن أبي هريرة. انظر: التمهيد (21/ 269). (¬5) أي من رواية أحمد بن صالح والربيع بن سليمان كما قال ابن عبد البر في التمهيد (21/ 269). (¬6) انظر الموطأ برواية: ابن بكير (ل: 266 / ب)، وأبي مصعب الزهري (2/ 169) (رقم: 2089). =

قال الدارقطني: "وهو الصواب" (¬1). وخرّجه مسلم من طريق أبي عوانة وضاح عن سهيل مسندًا (¬2)، ورواه ابن أبي رواد وهو عبد المجيد بن عبد العزيز عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج، عن أبي هريرة، خرَّجه الجوهري (¬3). ¬

_ = وممّن أسنده عبد الله بن يوسف عند البخاري في الأدب المفرد (ص: 137) (رقم: 442)، وابن عفير عند الجوهري في مسند الموطأ (ل: 82 / أ)، وابن القاسم، والحنيني، ومعن، وابن عبد الحكم، وعبد العزيز الأويسي، ومحمد بن خالد بن عثمة، ومصعب الزببري، وموسى بن طارق، وهي رواية أكثر الرواة عن مالك كما قال ابن عبد البر. انظر: أحاديث الموطأ (ص: 20)، والعلل (10/ 290) كلاهما للدارقطني، والتمهيد (21/ 270). (¬1) العلل (10/ 291). قلت: وذلك لاتفاق أكثر الرواة عليه، وهي رواية عامة أصحاب سهيل أيضًا كما سيأتي. (¬2) أخرجه مسلم في صحيحه كتاب: الأقضية، باب: النهي عن كثرة المسائل من غير حاجة (3/ 1340) رقم: 10، 11) من طريق أبي عوانة وجرير. وأحمد في المسند (2/ 327، 360، 367) من طريق حماد بن سلمة وخالد بن عبد الله الواسطي، كلهم عن سهيل به مسندًا. وهكذا رواه عنه: سليمان بن بلال، وبُكير بن الأشج، وفليح بن سليمان، وإسماعيل بن عياش، وسليمان التيمي، وعبد العزيز بن أبي حازم، وإسماعيل بن زكريا كما ذكرهم الدارقطني في العلل (10/ 291). قال ابن عبد البر: "والحديث مسند محفوظ لمالك وغيره عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة، كذا رواه حماد بن سلمة وغيره عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -". التمهيد (21/ 270). (¬3) لعله في مسند ما ليس في الموطأ. وقد ذكره الدارقطني في العلل (10/ 290)، وقال: "وهم فيه -يعني عبد المجيد- وإنَّما رواه مالك، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة". وأخرجه ابن عبد البر في التمهيد (21/ 271) من طريق حاجب بن سليمان عنه، وقال: "أخشى أن يكون هذا الإسناد غير محفوظ، وأن يكون خطأ، لأنَّ ابن أبي رواد هذا قد روى عن مالك =

كان أبو هريرة إذا نظر إلى أبي صالح قال: "ما ضرّ هذا ألا يكون من بني عبد مناف" (¬1). فصل: أبو عبد الله الصنابحي، قال فيه يحيى بن يحيى وأكثر رواة الموطأ: عبد الله، وله مرسل، وقد تقدّم ذكره في حرف العين من الأسماء (¬2). * * * ¬

_ = أحاديث أخطأ فيها". قلت: الأمر كما قال الدارقطني وابن عبد البر، فإنَّ عبد المجيد هذا روى ابن عدي له أحاديث وقال: "كلُّ هذه الأحاديث غير محفوظة، على أنَّه يُثبَّت في حديث ابن جريج"، وهذا ليس من روايته. وقال الخليلي: "ثقة، لكنه أخطأ في أحاديث". وقال ابن حجر: "صدوق يخطئ". انظر: الكامل (5/ 1984)، والإرشاد في معرفة علماء الحديث (1/ 233)، والتقريب (رقم: 4160). (¬1) انظر: التاريخ الكبير (3/ 260). قلت: ولعل مراد أبي هريرة من هذه المقالة أن أبا صالح وإن لم ينل شرف الانتساب إلى بني عبد مناف فإنَّه قد بلغ من الشرف وعلو المنزلة ما يبلغ إليه من كان من بني عبد مناف، والله أعلم. (¬2) تقدَّم حديثه (5/ 17).

65 - مرسل أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف

65 - مرسل أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف يقال: اسمه عبد الله (¬1)، وهو الأصغر، ويقال: لا يعرف له اسم (¬2). حديث واحد، وقد تقدّم له حديثان مشتركان (¬3)، وله مسند عن أبي هريرة (¬4)، وأبي سعيد (¬5)، وأبي قتادة (¬6)، وجابر (¬7)، وعائشة (¬8)، وأم سلمة (¬9)، وغيرهم (¬10). 184 - حديث: "سمع قوم الإقامة، فقاموا يصلون ... ". فيه: "أصلاتان معًا". في باب ركعتي الفجر. ¬

_ (¬1) جزم به ابن سعد والبخاري، والزبير بن بكار كما قاله الحافظ، وقال ابن عبد البر: "هو الأصح عند أهل النسب". انظر: الطبقات الكبري (5/ 118)، والتاريخ الكبير (5/ 130)، والكفي والأسماء لمسلم (1/ 378)، والاستغناء في معرفة المشهورين من حملة العلم بالكنى (2/ 908)، وذكر من اشتهر بكنيته من الأعيان (ص: 356) للذهبي. (¬2) حكى المزي عن الإمام أنه قال: "كان عندنا رجال من أهل العلم اسم أحدهم كنيته، منهم أبو سلمة بن عبد الرحمن". وقيل: اسمه إسماعيل. انظر: تهذيب الكمال (33/ 371، 375)، وذكر من اشتهر بكنيته (ص: 356)، وتهذيب التهذيب (12/ 128)، والتقريب (رقم: 8142). (¬3) بل ثلاثة، انظر: (3/ 286، 317، 318). (¬4) انظر: (3/ 301 - 316). (¬5) انظر: (3/ 227). (¬6) انظر: (3/ 215). (¬7) انظر: (2/ 122). (¬8) له عنها ثمانية أحاديث، تقدمت (4/ 84). (¬9) انظر: (4/ 200). (¬10) كأمّ سليم (4/ 326).

عن شريك بن عبد الله، عن أبي سلمة، ذكره. هكذا هو في الموطأ لأبي سلمة مرسلًا (¬1). ورواه الوليد بن مسلم عن مالك، عن شريك عن أنس، لم يذكر أبا سلمة (¬2). وروي هكذا عن إبراهيم بن طهمان وطائفة عن شريك (¬3). وقال فيه إبراهيم بن حمزة عن عبد العزيز الدراوردي عن شريك، عن ¬

_ (¬1) انظر: الموطأ برواية: يحيى بن يحيى الليثي (1/ 123) (رقم: 31)، وأبي مصعب الزهري (1/ 125) (رقم: 319)، والقعنبي (ل: 23 / أنسخة الأزهرية -)، وسويد بن سعيد (ص: 124) (رقم: 192). (¬2) أورده من طريقه ابن عبد البر وقال: "لم تختلف الرواة عن مالك في إرسال هذا الحديث فيما علمت إلَّا ما رواه الوليد بن مسلم فإنه رواه عن مالك، عن شريك، عن أنس". التمهيد (22/ 67). (¬3) أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (1/ 186) من طريق محمد بن عمار. ابن خزيمة في صحيحه (2/ 170) (رقم: 1126)، وابن أبي حاتم في العلل (1/ 134) من طريق محمد بن عمار، وإبراهيم بن طهمان، كلاهما عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر، عن أنس قال البخاري: "والمرسل أصح". وقال أبو حاتم: "قد خالفهما مالك والثوري والدراوردي عن شريك بن أبي نمر، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال: رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلًا يصلي، مرسل وهذا أشبه وأصح". العلل (1/ 134). وسئل الدارقطني عن هذا الحديث فقال: "يرويه محمد بن عمار المؤذن وإبراهيم بن طهمان، عن شريك بن أبي نمر عن أنس، وخالفهم مالك والثوري، وإسماعيل بن جعفر، والدراوردي، رووه عن شريك بن أبي نمر، عن أبي سلمة مرسلًا، ورواه إبراهيم بن طهمان أيضًا عن شريك بن أبي نمر عن أبي سلمة وهو أصح من حديث أنس". العلل (4 / ل: 18 / ب). قلت: ورواية الثوري عند مسدد في مسنده كما في المطالب العالية (1/ 137) (رقم: 257)، قال الحافظ: "صحيح إلَّا أنه مرسل". قلت: لكن جاء معناه مسندًا عن جماعة، كما سيأتي. ورواية إسماعيل بن جعفر عند البخاري في التاريخ الكبير (1/ 186). ورواية الدراوردي ذكرها الدارقطني في العلل (9/ 298).

أبي سلمة، عن عائشة (¬1). وروي عن أبي سلمة عن أبي هريرة، ذكره الترمذي (¬2). قال الدارقطني: "والصحيح عن أبي سلمة مرسلًا" (¬3). وجاء معناه عن جماعة، روى عطاء بن يسار عن أبي هريرة مرفوعًا: "إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلَّا المكتوبة"، خرّجه مسلم وغيره (¬4). وقال عبد الله بن بحينة: "أُقيمت صلاة الصبح، فرأى النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلًا يصلي والمؤذن يقيم، فقال: أتصلي الصبح أربعًا؟ "، خرّجه النسائي (¬5). ¬

_ (¬1) أخرجه الطحاوي في شرح مشكل الآثار (10/ 309) (رقم: 4117)، وابن عبد البر في التمهيد (22/ 68) من طريق إبراهيم بن حمزة، عن الدراوردي به. ورجال الإسناد رجال الصحيح، لكن المحفوظ عن شريك ما رواه مالك ومن تابعه، وهكذا رواه الدراوردي من طريق قتيبة عنه كما ذكره الدارقطني في العلل (9/ 298)، وهو أوثق من إبراهيم بن حمزة. (¬2) انظر: السنن كتاب: الصلاة، باب: ما جاء إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلَّا المكتوبة (2/ 284). (¬3) العلل (9/ 299)، وهذا ما رجَّحه أيضًا البخاري وأبو حاتم كما تقدّم. (¬4) أخرجه مسلم في صحيحه كتاب: صلاة المسافرين وقصرها (1/ 493) (رقم: 63، 64)، وأبو داود في السنن كتاب: الصلاة، باب: إذا أدرك الإمام ولم يصل ركعتي الفجر (2/ 50) (رقم: 1266)، والترمذي في السنن كتاب: الصلاة، باب: ما جاء إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلَّا المكتوبة (2/ 282) (رقم: 421)، والنسائي في السنن كتاب: الإقامة، باب: ما يكره من الصلاة عند الإقامة (2/ 451 - 452) (رقم: 865، 864)، وابن ماجة في السنن كتاب: إقامة الصلاة والسنة فيها، باب: ما جاء إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلَّا المكتوبة (1/ 364) (رقم: 1151) كلهم من طريق عمرو بن دينار، عن عطاء به. (¬5) أخرجه النسائي في السنن كتاب: الإقامة، باب: ما يكره من الصلاة عند الإقامة (2/ 452) (رقم: 866)، وهو في الصحيحين أيضًا: أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الأذان، باب: إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلَّا المكتوبة (1/ 220) (رقم: 663)، ومسلم في صحيحه كتاب: صلاة المسافرين وقصرها، باب: كراهة الشروع في نافلة بعد شروع المؤذن (1/ 493 - 494) (رقم: 65، 66).

وجاء عن قيس بن عمرو في قصة أخرى: "أصلاتان معًا؟ "، على طريق الإنكار، خرّجه الترمذي (¬1). • حديث: "الشفعة". • وحديث: "ذي اليدين". اشترك فيهما أبو سلمة وسعيد بن المسيب، وقد تقدّمَا في مرسل سعيد (¬2). • حديث: "حيض أمّ سُليم بعد الإفاضة". في باب إفاضة الحائض. تقدّم في مسندها من روايته (¬3). • حديث: "الترغيب في قيام رمضان". أرسله بعض الرواة، وقد تقدّم ليحيى في مسند أبي هريرة من روايته (¬4). ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في السنن كتاب: أبواب الصلاة، باب: ما جاء فيمن تفوته الركعتان قبل الفجر يصليهما بعد صلاة الفجر (2/ 284 - 285) (رقم: 422)، وأبو داود في السنن كتاب: الصلاة، باب: من فاتته (ركعتا الفجر) متى يقضيهما؟ (2/ 51) (رقم: 1267)، وابن أبي شيبة في المصنف (2/ 254)، وأحمد في المسند (5/ 447)، ابن خزيمة في صحيحه (2/ 164) (رقم: 1116)، والحاكم في المستدرك (1/ 275)، والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 483) من طرق، عن سعد بن سعيد، عن محمد بن إبراهيم، عن جدّه قيس قال: "خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم -"، فذكره. قال الترمذي: "إسناد هذا الحديث ليس بمتصل، محمد بن إبراهيم التيمي لم يسمع من قيس، وروى بعضهم هذا الحديث عن سعد بن سعيد، عن محمد بن إبراهيم: "أن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - خرج فرأى قيسًا"، وهذا أصح من حديث عبد العزيز عن سعد بن سعيد". قلت: إسناده وإن كان ضعيفًا لانقطاعه إلَّا أن الحديث صحيح بشواهده المتقدّمة. (¬2) انظر: (5/ 188، 190). (¬3) انظر: (4/ 326). (¬4) انظر: (3/ 307).

66 - مرسل أبي يونس مولى عائشة

66 - مرسل أبي يونس مولى عائشة وهو مشهور بكنيته (¬1). حديث انفرد يحيى بإرساله عن مالك. • حديث: "صيام الجنب". أرسله يحيى بن يحيى، وأسنده ابن بكير وسائر رواة الموطأ إلى عائشة، وقد تقدّم في مسندها (¬2). * * * ¬

_ (¬1) قال الذهبي: "لا يُحفظ اسمه". ذكر من اشتهر بكنيته من الأعيان (ص: 400). (¬2) تقدَّم الكلام على الحديث (4/ 83).

ذكر المنسوبين من المرسلين

ذكر المنسُوبين من المرسِلِين 67 - مرسل ابن شهاب نُسب إلى جدِّ جدّه، وهو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب الزهري. ستّة عشر حديثًا، وتقدّم له مسند عن أنس بن مالك (¬1)، وسهل بن سعد من غير واسطة (¬2)، ورواية عن السائب بن يزيد، ومحمود بن الربيع عن غيرهما (¬3)، ومسند عن نحو ثلاثين من الصحابة بوسائط، منهم: عليّ، وعمر، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقَّاص، وابن عباس، وابن عمر، وأسامة، ومعاوية، وأبو هريرة (¬4)، وعائشة (¬5). وهو أحد الأئمة المجتمع عليهم. 185 / حديث: "قام من الليل فنظر في أُفق السماء فقال: ماذا فُتح الليلة من الخزائن ... ". فيه: "كم من كاسيةٍ في الدنيا عاريةٌ يوم القيامة". في الجامع، في أبواب اللباس. عن يحيى بن سعيد، عن ابن شهاب (¬6). ¬

_ (¬1) تقدَّم (2/ 45 - 56). (¬2) تقدّم (3/ 101). (¬3) روايته عن السائب عن الطلب في مسند حفصة (4/ 189)، وعن محمود بن الربيع في (3/ 60). (¬4) انظر: (2/ 320، 269، 329)، (3/ 76)، (2/ 526، 340، 16، 199)، (3/ 286). (¬5) تقدم (4/ 19، 46 - 64، 86، 100، 153). (¬6) الموطأ كتاب: اللباس، باب: ما يكره للنساء لبسه من الثياب (2/ 696) (رقم: 8).

روى الزهري هذا الحديث عن هند بنت الحارث الفراسيّة، عن أم سلمة. هكذا قال فيه: عبد الله الحميدي عن سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، ويحيى بن سعيد عن الزهري (¬1). ورواه ابن عيينة أيضًا عن معمر، عن الزهري، كذلك خرّجه البخاري (¬2). وفيه خلف ذكره الدارقطني في العلل (¬3). 186 / حديث: "سدل ناصيته ما شاء الله ثم فرّق". في الجامع، باب الشعر. عن زياد بن سعد، عن ابن شهاب (¬4). هذا مرسل في الموطأ (¬5). ¬

_ (¬1) أخرجه الحميدي في المسند (1/ 140) (رقم: 292)، ووقع في الأصل: "عن يحيى بن سعيد"، بدل: "ويحيى بن سعيد"، والصواب ما أثبته. (¬2) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: العلم، باب: العلم والعظة بالليل (1/ 57) (رقم: 115) من طريق ابن عيينة، عن معمر وعمرو ويحيى بن سعيد، ثلاثتهم عن الزهري به. وكذا أخرجه في الأدب، باب: التكبير والتسبيح عند التعجب (4/ 132) (رقم: 6218) من طريق شعيب، وفي الفتن، باب: لا يأتي زمان إلَّا الذي بعده شر منه (4/ 315) (رقم: 7069) من طريقه، وكذا من طريق محمد بن أبي عتيق، كلاهما عن الزهري به. (¬3) قال الدارقطني: "يرويه الزهري واختلف عنه: فرواه ابن عيينة، واختلف عنه: فرواه أبو مسلم المستملي عن ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن الزهري، عن هند عن أم سلمة، وذكر أن بعضهم رواه عنه عن الزهري، عن أمّ سلمة، ورواه بعضهم عنه عن عمرو بن دينار عن الزهري عن امرأة، وذكر أن بعضهم جعله عن زينب، عن أم سلمة، ثم قال: والحديث حديث هند". العلل (5 / ل: 179). (¬4) الموطأ كتاب: الشعر، باب: السنة في الشعر (2/ 722) (رقم: 3). (¬5) انظر الموطأ برواية: أبي مصعب الزهري (2/ 126) (رقم: 1992)، وسويد بن سعيد (ص: 543) (رقم: 1285)، وابن بكير (ل: 242 / أ) - الظاهرية -. وهكذا رواه بقية الرواة كما قال ابن عبد البر في التمهيد (6/ 69)، والحافظ في الإتحاف (2/ 311).

وأسنده أحمد بن حنبل عن حماد بن خالد الخياط، عن مالك، عن زياد، عن الزهري، عن أنس، خرّجه الجوهري (¬1). وذكره الدارقطني وقال: "المرسل أصح" (¬2)، يعني من هذا الطريق (¬3). وقد روى الأثبات عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عباس قال: "كان المشركون يفرّقون، وأهل الكتاب يسدلون، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر فيه بشيء، فسدل ناصيته ثم فرّق بعد"، خُرِّج هذا في الصحيحين (¬4). 187 / حديث: "إن أبا لبابة بن عبد المنذر، حين تاب الله عليه، قال: يا رسول الله! أهجر دار قومي التي أصبت فيها الذنب، وأجاورك وأنخلع من مالي صدقة ... ". فيه: "يجزيك من ذلك الثلث". ¬

_ (¬1) لعله في مسند ما ليس في الموطأ، وقد أخرجه عبد الله بن الإمام أحمد في زيادات المسند (3/ 215)، ومن طريقه الحاكم في المستدرك (2/ 606). وهذه الرواية شاذة، تفرّد بها حماد بن خالد الخياط عن بقية أصحاب مالك، ولذا خطَّأه فيه الإمام أحمد فيما نقله ابن عبد البر في التمهيد (6/ 71)، وابن حجر في إتحاف المهرة (2/ 311). قال ابن عبد البر: "هكذا رواه الرواة كلّهم عن مالك مرسلًا، إلَّا حماد بن خالد الخياط ... فأخطأ فيه، والصواب فيه من رواية مالك الإرسال كما في الموطأ لا من حديث أنس، وهو الذي يصححه أهل الحديث". (¬2) أقف عليه. (¬3) أي من طريق مالك، وإلَّا فقد صح مسندًا من حديث ابن عباس كما سيأتي. (¬4) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: المناقب، باب: صفة النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - (2/ 517) (رقم: 3558)، وفي مناقب الأنصار، باب: إتيان اليهود النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - حين قدم المدينة (3/ 80) (رقم: 3944)، وفي اللباس، باب: الفرق (4/ 76) (رقم: 5917)، ومسلم في صحيحه كتاب: الفضائل، باب: في سدل النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - (4/ 1817 - 1818) (رقم: 90)، كلاهما من طريق يونس وإبراهيم بن سعد، عن الزهري به.

في آخر الأيمان. عن عثمان بن حفص بن عمر بن خلدة هو الزرقي، عن ابن شهاب بلغه، هكذا في الموطأ عن يحيى بن يحيى وطائفة (¬1). وقال فيه عبد الله التنّيسي في آخرين: مالك أنه بلغه، لم يذكروا الزهري ولا عثمان (¬2). وسمِّي ابن بكير عثمان عمر فيما رواه أبو جعفر العقيلي عنه، وذلك وهم وغلط (¬3). وقال فيه يونس عن الزهري: أخبرني بعض بني السائب بن أبي لبابة أن أبا لبابة حين ارتبط، وساقه. خرّجه ابن وهب في موطئه (¬4). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: النذور والأيمان، باب: جامع الأيمان (2/ 382) (رقم: 16). وانظر رواية: أبي مصعب الزهري (2/ 213) (رقم: 2208)، وسويد (ص: 266) (رقم: 577). وهكذا رواه ابن القاسم كما قال ابن عبد البر في التمهيد (20/ 82). (¬2) انظر: التمهيد (20/ 82). (¬3) لم أجده في الضعفاء، وقد عزاه ابن عبد البر إلى التاريخ الكبير له، وقال: "هذا غلط فاحش، ولا يُعرف عمر بن حفص بن خلدة في هذا الحديث ولا غيره، وإنما يُعرف عمر بن خلدة جدُّ عثمان شيخ مالك، فابن بكير وهم حين جعل في موضع عثمان عمر، والعقيلي أيضًا جهل ذلك، فأدخله في باب عمر، ولم يبيِّن أمره، وليس هذا الحديث عند ابن بكير في الموطأ". التمهيد (20/ 82). (¬4) أخرجه من طريقه البيهقي في السنن الكبرى (10/ 67)، وذكره ابن عبد البر في التمهيد (20/ 82 - 83). وتابع ابن وهب عليه: الليث بن سعد عند البخاري في التاريخ الكبير (2/ 385). هكذا بيّن يونس في روايته البلاغ الذي ذكره مالك عن ابن شهاب في هذا الخبر، وتابعه عليه أسامة بن زيد عند الطبراني في المعجم الكبير (5/ 33) (رقم: 4510). وكذا ورد تعيينه عند أحمد في المسند (5/ 452) من طريق ابن جريج. والبخاري في التاريخ الكبير (2/ 385)، والطبراني في المعجم الكبير (5/ 32 - 33) (رقم: 4509)، والحاكم في المستدرك (3/ 632) من طريق محمد بن أبي حفصة، عن الحسين بن السائب بن أبي =

فصل: وعثمان بن حفص هذا رجل صالح، قليل الحديث، ولم يخرج عنه في الصحيح (¬1). ¬

_ = لبابة، عن أبيه قال: "لما تاب الله على أبي لبابة"، فذكره مرسلًا. وأخرجه ابن حبان في صحيحه (الإحسان) (8/ 164 - 165) (رقم: 3371)، والبيهقي في السنن الكبرى (4/ 181) من طريق الزبيدي، عن الزهري، عن حسين بن السائب بن أبي لبابة: أن جدَّه أبا لبابة، فذكره معضلًا. ورواه سفيان بن عيينة، ومعمر، واختلف عليهما: - فرواه سعيد بن منصور في السنن (5/ 207) (رقم: 988) عنه عن الزهري، عن ابن كعب بن مالك: أن أبا لبابة بن عبد المنذر أو كعب بن مالك، فذكره مرسلًا على الشك في كون صاحب القصة أبا لبابة أو كعب بن مالك. - وخالفه عبيد الله بن عمر القواريري، فرواه عن سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن ابن كعب بن مالك، عن أبيه موصولًا، أخرجه أبو داود في السنن كتاب: الأيمان والنذور، باب: فيمن نذر أنْ يتصدَّق بماله (3/ 613) (رقم: 3319). وأما رواية معمر، عن الزهري، فقد أخرجه أبو داود (3/ 613) (رقم: 3320) عن محمد بن المتوكل، عن عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري قال: أخبرني ابن كعب بن مالك قال: "كان أبو لبابة"، فذكر معناه. هكذا جعلا شيخ الزهري فيه ابن كعب بن مالك، ولم يوافقهما أحد من رواة الزهري، ثمَّ إنَّ معمرًا قد اختلف عليه، فرواه عبد الرزاق في المصنف (5/ 405 - 406) (رقم: 9745) عنه، عن الزهري قال: "كان أبو لبابة .. "، فذكره معضلًا. فالحاصل أن مرسل الزهري هذا في قصة أبي لبابة مضطرب، وأمّا روايته لقصّة كعب بن مالك فهي صحيحة، أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: المغازي، باب: غزوة تبوك (3/ 176) (رقم: 4415)، ومسلم في صحيحه كتاب: التوبة، باب: حديث توبة كعب بن مالك وصاحبيه (4/ 2129 - 2120)، وفيه: "إنَّ من توبتي أن أنخلع من مالي صدقة إلى الله ... "، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "أمسك عليك بعض مالك"، وهذا شاهد صحيح لمرسل ابن شهاب في قصة أبي لبابة. (¬1) ذكره ابن حبان في الثقات، وقال ابن عبد البر: "ثقة، روى عنه مالك وعبد العزيز بن أبي سلمة، ولم يرو عنه غيرهما فيما علمت .. إلَّا أن قال: روى عنه مالك حديثين". انظر: الثقات لابن حبان (5/ 155)، والتمهيد (20/ 81)، وأسماء شيوخ مالك (ص: 193).

وخَلَدة بالهاء وفتح اللَّام (¬1). والحديث استفهام، ليس فيه يمين ولا نذر (¬2). وكان ذنب أبي لبابة إشارته لبني قريظة إلى حلقه إن نزلوا على حكم النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -، وفيه نزلت: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} (¬3). ¬

_ (¬1) ضبطه ابن ناصر الدين وابن حجر بفتح أوله وسكون اللَّام، وقال محمد بن طاهر الهندي: "وقيل: بفتحها وإهمال دال". انظر: توضيح المشتبه (3/ 438)، والتبصير (2/ 534)، والمغني في ضبط الأسماء (ص: 94). (¬2) يشير المؤلف رحمه الله هنا إلى مسألة فقهية، وهي أن من نذر أن يتصدّق بماله كلِّه، ففيها خلاف بين أهل العلم، فقال غير واحد من الصحابة، منهم عائشة، وكذا عطاء بن أبي رباح، وأحمد في رواية: إِنَّهُ يمين، يكفره ما يكفِّر اليمين، وقال النخعي والشافعي: يتصدَّق بماله كله: لحديث: "من نذر أن يطيع الله فليطعه". وقال مالك: يجزئه أن يتصدَّق بثلث ماله؛ لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في قصة أبي لبابة: "يجزئك الثلث". لكن المؤلف رحمه الله لم يجعل الحديث من باب اليمين أو النذر، بل قال: "إِنَّهُ استفهام"، وهو ما ذهب إليه البيهقي حيث قال بعدما أورده من طرق: "لا يثبت موصولًا، ولا يصح الاحتجاج به في هذه المسألة، فأبو لبابة إنّما أراد أن يتصدّق بماله شكرا لله تعالى حين تاب الله تعالى عليه، فأمره النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - أن يمسك بعض ماله كما قال لكعب بن مالك، ولم يبلغنا أنَّه نذر شيئًا أو حلف على شيء". السنن الكبرى (10/ 68). ويؤيِّد كون الحديث من باب الاستفهام ما ذكره الكاندهلوي من أن الحديث وقع في النسخ الهندية بصيغة الاستفهام: "أأهجر دار قومي"، وإن وقع بحذفها كما في النسخ التي بين أيدينا فهو بتقدير الهمزة كما قال الزرقاني. انظر: شرح الزرقاني (3/ 91)، وأوجز المسالك (9/ 109). وانظر المسألة في: السنن الكبرى للبيهقي (10/ 65 - 67)، وبداية المجتهد (1/ 427)، والمغني لابن قدامة (13/ 629 - 630). (¬3) سورة الأنفال، الآية: (27).

جاء هذا عن عكرمة (¬1)، وعبد الله بن أبي قتادة (¬2)، وغيرهما (¬3)، وذكر ابن إسحاق في السير القصة بطولها (¬4). مالك، عن بن شهاب 188 / حديث: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول آمين ... ". هذا في الصلاة منوط بحديث الزهري عن سعيد وأبي سلمة عن أبي هريرة ولفظ الحديث: "إذا أمَّن الإمام فأمِّنوا ... " (¬5). ¬

_ (¬1) أورده ابن عبد البر في التمهيد (20/ 85) من طريق سماك عنه، وعزاه السيوطي في الدر المنثور (3/ 323) إلى ابن مردويه. وسنده ضعيف: لإرساله، ولأنه من رواية سماك، وهو وإن كان صدوقًا إلَّا أن روايته عن عكرمة مضطربة كما قال علي بن المدني فيما نقل عنه الذهبي في الميزان (42312). (¬2) أخرجه سعيد بن منصور في سننه (5/ 205) (رقم: 987)، وابن جرير في جامع البيان (13/ 482) رقم: 15924)، وابن عبد البر في التمهيد (20/ 85) من طريق سفيان بن عيينة، عن إسماعيل بن أبي خالد، عنه. وعزاه السويطي في الدر المنثور (3/ 323) إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ، ورجال إسناده ثقات، إلَّا أنَّه مرسل أيضًا. (¬3) أخرجه ابن جرير في جامع البيان (13/ 481) (رقم: 15923)، وابن عبد البر في التمهيد (20/ 83) من طريق معمر، عن الزهري مرسلًا أيضًا. وهذه المراسيل، لا سيما مرسل عبد الله بن أبي قتادة والزهري يعضد بعضها بعضًا مما يدل على ثبوت القصة وشهرتها، ولذا قال ابن عبد البر: "لا يتصل حديث أبي لبابة فيما علمت ولا يستند، وقصته مشهورة في السير محفوظة". التمهيد (20/ 83). (¬4) قال ابن عبد البر: "ذكر ابن إسحاق هذه القصة فجوّدها"، ثم أوردها من طريق إبراهيم بن سعد عنه، وهو في سيرة ابن هشام وغيره. انظر: السيرة النبوية (2/ 236 - 238)، وأسباب النزول للواحدي (ص: 235)، والتمهيد (20/ 84)، وعيون الأثر لابن سيد الناس (2/ 106 - 107). (¬5) الموطأ كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في التأمين خلف الإمام (1/ 94). وحديث أبي هريرة تقدّم (3/ 286).

والتأمين هو قول آمين، وليس هذا القول بنصّ على تأمينه هو - صلى الله عليه وسلم -، وابن شهاب قد نصّ وبيّن، فقوله مرسل (¬1). وأسنده حفص بن عمر العدني خارج الموطأ عن مالك عنه، عن سعيد، عن أبي هريرة (¬2). ولم يتابَع على إسناده عن مالك (¬3). ¬

_ (¬1) قال ابن حجر: "هو وإن كان مرسلًا فقد اعتضد بصنيع أبي هريرة راويه". فتح الباري (2/ 308). ومراده بصنيع أبي هريرة هو ما رواه النسائي في السنن كتاب: الافتتاح، باب: قراءة بسم الله الرحمن الرحيم (2/ 471 - 472) (رقم: 904)، ابن خزيمة في صحيحه (1/ 251) (رقم: 499)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (5/ 105) (رقم: 1797)، وابن الجارود في المنتقى (ص: 72) (رقم: 184)، والحاكم في المستدرك (1/ 232)، والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 58) كلهم من طريق نعيم المُجمر قال: "صليت وراء أبي هريرة فقرأ: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} ثم قرأ بأم القرآن حتى بلغ: {غَيرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} فقال: آمين ... "، وفيه: "والذي نفسي بيده إنِّي لأشبهكم صلاة برسول الله - صلى الله عليه وسلم -". إسناده صحيح، وقد عزاه الحافظ في الفتح (2/ 312) إلى النسائي وابن خزيمة والسراج وابن حبان وغره، ثم قال: "هو أصح حديث ورد في ذلك". (¬2) أخرجه الدارقطني في العلل (8/ 90)، وكذا في غرائب مالك كما عزاه إليه الحافظ في الفتح (2/ 310) من طريق نصر بن أحمد المروزي، عنه، عن مالك، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة قال: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: آمين". وهذه الرواية منكرة، تفرد بها حفص عن بقية أصحاب مالك، وهو ضعيف عند جميعهم، قال فيه أبو داود: "ليس بشيء منكر الحديث"، وقال أبو حاتم: "لين الحديث"، وقال النسائي: "ليس بثقة"، وقال ابن عدي: "عامة حديثه غير محفوظ، وأخاف أن يكون ضعيفًا كما ذكره النسائي"، وقال ابن حبان: "كان ممن يقلب الأسانيد قلبًا، لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد"، وذكره الدارقطني في الضعفاء، وقال في العلل: "متروك"، وقال الذهبي: "ضعّفوه". انظر: الجرح والتعديل (3/ 182)، والضعفاء للنسائي (ص: 82) (رقم: 135)، والكامل (2/ 794)، والمجروحين (1/ 257)، والضعفاء للدارقطني (ص: 148) (رقم: 168)، والعلل (1/ 245)، وتهذيب الكمال (7/ 42)، والكاشف (1/ 197)، والتقريب (رقم: 1420). (¬3) لأنَّ بقية الرواة جعلوه مرسلًا من قول ابن شهاب، انظر الموطأ برواية: أبي مصعب الزهري =

وقال الدارقطني: "وهم حفص في ذلك" (¬1). وأسنده محمد بن الوليد الزبيدي عن الزهري عن سعيد وأبي سلمة عن أبي هريرة قال فيه: "إن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا فرغ من قراءة فاتحة الكتاب رفع صوته بآمين" (¬2). ¬

_ = (1/ 97)، وسويد بن سعيد (ص: 115) (رقم: 166)، ومحمد بن الحسن الشيباني (ص: 65) (رقم: 135)، والقعنبي (ل: 18 / ب)، ويحيى بن بكير (17 / ب) - السليمانية -. وهكذا قال عبد الله بن يوسف عند البخاري في صحيحه كتاب: الأذان باب: جهر الإمام بالتأمين (1/ 254) (رقم: 780). - ويحيى بن يحيى التميمي عند مسلم في صحيحه كتاب: الصلاة، باب: التسميع والتحميد والتأمين (1/ 308) (رقم: 72). ولذا قال الدارقطني: "تفرّد به حفص ووهم، والمحفوظ من قول الزهري مرسلًا". وقال ابن عبد البر: "لم يُتابع حفص على هذا اللفظ بهذا الإسناد". العلل (8/ 90)، والتمهيد (7/ 8). (¬1) العلل (8/ 90). (¬2) أخرجه ابن خزيمة في صحيحه (1/ 287) (رقم: 571)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (5/ 111) (رقم: 1806)، والدارقطني في السنن (1/ 335)، والحاكم في المستدرك (1/ 223)، والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 58) كلهم من طريق إسحاق بن إبراهيم، عن عمرو بن الحارث، عن عبد الله بن سالم، عن الزبيدي به. قال الدارقطني: "إسناده حسن". وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه بهذا اللفظ"، ووافقه الذهبي. قلت: تحسين الدارقطني للإسناد محل نظر؛ لأنَّ إسحاق بن إبراهيم بن العلاء الزبيدي قال عنه النسائي فيما نقله ابن عساكر في تاريخه (8/ 109): "ليس بثقة عن عمرو بن الحارث"، وهو هنا يروي عنه، ونقل الذهبي عن أبي داود أنَّه قال: "ليس بشيء"، وكذَّبه محدِّث حمص محمد بن عوف الطائي، وقال عنه الحافظ: "صدوق يهم كثيرًا". الميزان (1/ 181)، والتقريب (رقم: 330). فالإسناد على هذا ضعيف، وقد اختلف فيه عن الزبيدي أيضًا في إسناده ومتنه، فرواه عبد الله بن سالم عنه كما تقدَّم، ورواه بقية عنه عن الزهري، عن أبي سلمة وحده عن أبي هريرة عن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أمَّن الإمام فأمِّنوا"، أخرجه النسائي في السنن كتاب: الافتتاح، باب: جهر الإمام =

والمحفوظ عن الزهري الإرسال، وغيره يسنده. وقال فيه بِشر بن رافع، عن أبي عبد الله، ابن عم أبي هريرة، عن أبي هريرة: "كان رَسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا تلا غير المغضوب عليهم ولا الضالّين قال: آمين، حتى يسمع من يليه من الصّفّ الأوّل" (¬1). وروى نحوه وائل بن حجر، وقال فيه: "قال آمين، ووفع بها صوته"، خرّجه الدارقطني وصحّحه (¬2)، وذكر عن بعض الرواة أنه قال: هذه سنة تفرّد بها أهل الكوفة (¬3)، وخرّج أيضًا عن ابن عمر نحوه (¬4). وقال مسلم في التمييز: "قد تواترت الروايات كلّها أن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - جهر بآمين" (¬5). ¬

_ = بالتأمين (2/ 481) (رقم: 924)، وذكره الدارقطني في العلل (8/ 85). ولأجل هذا الاختلاف قال المؤلف: "والمحفوظ عن الزهري الإرسال". (¬1) أخرجه أبو داود في السنن كتاب: الصلاة، باب: التأمين وراء الإمام (1/ 575) (رقم: 934)، وابن ماجة في السنن كتاب: إقامة الصلاة والسنة فيها، باب: الجهر بآمين (1/ 278) (رقم: 853)، وفيه زيادة: "فيرتجَّ بها المسجد"، كلاهما من طريق بشر بن رافع به. قال البوصيري: "هذا الإسناد ضعيف؛ أبو عبد الله لا يُعرف حاله، وبشر ضعّفه أحمد، وقال ابن حبان: يروي الموضوعات". مصباح الزجاجة (1/ 296). قلت: بشر بن رافع ضعّفه ابن حجر في التلخيص (1/ 254)، وقال عن ابن عم أبي هريرة: "قيل: لا يُعرف"، فالإسناد ضعيف لأجلهما كما قال البوصيري، إلَّا أن الحديث بهذا اللفظ يتقوى بأثر لعطاء علقه البخاري في الصحيح كتاب: الأذان، باب: جهر الإمام بالتأمين (1/ 253) بصيغة الجزم، ووصله عبد الرزاق في المصنف (2/ 97) (رقم: 2641). (¬2) انظر: السنن (1/ 334)، وأخرجه أبو داود في السنن كتاب: الصلاة، باب: التأمين وراء الإمام (1/ 574) (رقم: 932). (¬3) نقله عن أبي بكر عبد الله بن أبي داود السجستاني عقب حديث وائل بن حجر. (¬4) أخرجه في السنن (1/ 335) من طريق بحر السقا، عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر، وقال: "بحر السقا ضعيف". (¬5) انظر: التمييز (ص: 181).

189 / حديث: "أن رجلًا اعترف على نفسه بالزنا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وشهد على نفسه أربع مرّات، فأمر به فرجم". في الرجم (¬1). روى عُقيل وغيره هذا الحديث عن الزهري عن أبي سلمة وسعيد بن المسيب عن أبي هريرة، خرّج في الصحيح (¬2). وقد روي عن أبي سلمة عن جابر، خرّجه النسائي وغيره (¬3). والمرجوم هو ماعز الأسلمي، وقد روى قصّته عن جماعة، انظره في مرسل سعيد بن المسيب من طريق يحيى بن سعيد (¬4). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الحدود، باب: ما جاء في الرجم (2/ 626) (رقم: 4). (¬2) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الحدود، باب: لا يرجم المجنون والمجنونة (4/ 253) (رقم: 6815) من طريق عُقيل، وفي باب: سؤال الإمام المقرّ: هل أحصنت (4/ 256) (رقم: 6825) من طريق عبد الرحمن بن خالد، كلاهما عن الزهري به. وأخرجه مسلم في صحيحه كتاب: الحدود، باب: من اعترف على نفسه بالزنا (3/ 1318) (رقم: 16) من طريق عُقيِل بنحوه. (¬3) بل هو في الصحيح أيضًا، أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الحدود، باب: رجم المحصن (4/ 253) (رقم: 6814) من طريق يونس. وفي باب: الرجم بالمصلى (4/ 254) (رقم: 6820) من طريق معمر. ومسلم في صحيحه كتاب: الحدود، باب: من اعترف على نفسه بالزنا (3/ 1318) (رقم: 16) من طريق معمر وابن جريج. ومن طريق معمر أخرجه أيضًا أبو داود في السنن كتاب: الحدود، باب: رجم ماعز بن مالك (4/ 581) (رقم: 4430)، والترمذي في السنن كتاب: الحدود، باب: ما جاء في درأ الحد عن المعترف إذا رجع (4/ 28) (رقم: 1429)، والنسائي في السنن كتاب: الجنائز، باب: ترك الصلاة على المرجوم (4/ 364 - 365) (رقم: 1955) ثلاثتهم -أي يونس ومعمر وابن جريج، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن جابر به. (¬4) تقدّم حديثه (5/ 197).

90 / حديث: "لا يجتمع دينان في جزيرة العرب". وذكر [أن] (¬1) عمر فَحَص عن ذلك حتى أتاه الثَّلج واليقين، وأنه أجلى يهود خيبر. في الجامع، عند أوّله (¬2). هذا مرسل في الموطأ (¬3). وأسنده إسحاق بن إبراهيم بن يحيى الحنيني عن مالك، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، وزاد فيه: "قاتل الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد" (¬4). وروى هذه الزيادة: ابن وهب، والقعنبي، وعثمان بن عمر، وغيرهم خارج الموطأ، عن مالك، عن الزهري، عن سعيد، عن أبي هريرة (¬5). ¬

_ (¬1) ما بين المعقوفين لم يرد في الأصل، والسياق يقتضيه. (¬2) الموطأ كتاب: الجامع، باب: ما جاء في إجلاء اليهود من المدينة (2/ 680) (رقم: 18). (¬3) انظر الموطأ برواية: أبي مصعب الزهري (2/ 63) (رقم: 1862)، وسويد بن سعيد (ص: 533). (رقم: 1252، 1253)، وابن بكير (ل: 234 / أ) - الظاهرية -. (¬4) أخرجه الفاكهي في أخبار مكة (3/ 44) (رقم: 1762) عن علي بن زيد الفرائضي، عن إسحاق الحنيني به. وهو منكر، لأنَّ علي بن زيد الفرائضي قال عنه الخطيب في تاريخه (11/ 427): "تكلَّموا فيه"، وشيخه إسحاق الحنيني قال عنه الذهبي في الكاشف (1/ 60): "ضعَّفوه"، وقد خالف بقية أصحاب مالك الثقات، فإنهم أرسلوه إلَّا ما زادها إبراهيم الحنيني فإنها صحت من طرق عن مالك خارج الموطأ كما قال المؤلف. (¬5) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الصلاة (1/ 158) (رقم: 437) من طريق القعنبي. ومسلم في صحيحه كتاب: المساجد ومواضع الصلاة (1/ 376) (رقم: 20) من طريق ابن وهب. وأبو عوانة في صحيحه (1/ 399 - 400) من طريق القعنبي، وعثمان بن عمر. وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (6/ 95) (رقم: 2326) من طريق أبي مصعب الزهري، كلهم عن مالك به.

وقال فيه عثمان: "قاتل الله اليهود والنصارى" (¬1). قال الدارقطني: "ورفعه صحيح" (¬2). وخرّج هذا البخاري ومسلم من طريق مالك عن الزهري (¬3). وأما الفصل الأوّل في الإجلاء فهو في الصحيحين لسعيد بن جبير عن ابن عباس، ولسعيد المقبري عن أبي هريرة أن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال ليهود: "اعلموا أن الأرض لله ورسوله، وإني أريد أن أجليكم، فمن وجد منكم بماله شيئًا فليبعه" (¬4). وروى أبو الزبير عن جابر بن عبد الله قال: أخبرني عمر بن الخطاب أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لأُخرجنَّ اليهود والنصاري من جزيرة العرب، فلا أترك فيها إلَّا مسلمًا"، خرّجه مسلم وغيره (¬5). ¬

_ (¬1) هو عند أحمد في المسند (2/ 518). (¬2) العلل (7/ 297)، وعلَّله بأنَّ الرفع هي رواية مالك والأوزاعي ويونس وعُقيل. (¬3) تقدَّم تخريجه. (¬4) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الجزية والموادعة، باب: إخراج اليهود من جزيرة العرب (2/ 410) (رقم: 3168، 3167) من حديث أبي هريرة وابن عباس. ومسلم في صحيحه كتاب: الوصية، باب: ترك الوصية لمن ليس له شيء يوصي فيه (3/ 1257 - 1258) رقم: 20، 21) من حديث ابن عباس فقط، وهذا سياق حديث أبي هريرة مع اختلاف يسير. (¬5) أخرجه مسلم في صحيحه كتاب: الجهاد والسير، باب: إخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب (3/ 1388) (رقم: 63)، وأبو داود في السنن كتاب: الخراج والإمارة، باب: إخراج اليهود من جزيرة العرب (3/ 424) (رقم: 3030)، والترمذي في السنن كتاب: السير، باب: ما جاء في إخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب (4/ 134) (رقم: 1607)، والنسائي في السنن الكبرى (5/ 210) (رقم: 8686)، كلهم من طرق عن أبي الزبير به. وروى عبد الرزاق في المصنف (6/ 53) (رقم: 9984)، و (10/ 357) (رقم: 19359) عن معمر، عن الزهري، عن ابن المسيب قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يجتمع بأرض العرب -أو قال: بأرض الحجاز- دينان، قال: ففحص عن ذلك عمر حتى وجد عليه الثبت، قال الزهري: فلذلك أجلاهم عمر".

وانظر مرسل عمر بن عبد العزيز (¬1). 191 / حديث: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبا بكر وعمر كانوا يمشون أمام الجنازة". هذا في الموطأ من مرسل (¬2) ابن شهاب (¬3). [وقال يحيى بن صالح الوُحاظي، وعبد الله بن عون الخرّاز، وحاتم بن سالم القزاز، عن مالك عن ابن شهاب، (¬4)، عن سالم ابن أبيه. ذكره الدارقطني في العلل: "وهموا فيه على مالك، والصحيح عنه ما رواه أصحاب الموطأ مرسلًا، وهو الأصح عن الزهري"، انتهى قوله (¬5). وقد أسنده ابن عيينة أيضًا عن الزهري، عن سالم، عن أبيه، هكذا خرّجه النسائي، والترمذي، وأبو داود، وغيرهم من طريق ابن عيينة عنه مسندًا (¬6). ¬

_ (¬1) تقدَّم حديثه (5/ 62). (¬2) في الأصل: "من مرسل" مكرر. (¬3) انظر الموطأ برواية: يحيى بن يحيى الليثي، كتاب: الجنائز، باب: المشي أمام الجنازة (1/ 196) (رقم: 8)، وأبي مصعب الزهري (1/ 404) (رقم: 1024)، وسويد (ص: 367) (رقم: 827). وذكره الدارقطني في مراسيل الزهري وقال: "وعن سالم، عن أبيه موقوف". أحاديث الموطأ (ص: 38). وقال ابن عبد البر: "هكذا هذا الحديث في الموطأ مرسل عند الرواة عن مالك للموطأ، وقد وصله عن مالك قوم - فذكر ثلاثة ثم قال -: الصحيح فيه عن مالك للإرسال". التمهيد (12/ 83، 85). (¬4) ما بين المعقوفين أثبتّه من التمهيد (12/ 83) حتى يستقيم الكلام، وكان الأولى بي أن أثبته من مصدر المؤلف علل الدارقطني، إلَّا أنِّي لم أجده فيه مع التتبع في قسميه المطبوع والمخطوط. (¬5) قال الخليلي: "يحيى بن صالح الوُحاظي ثقة، يروي عنه الأئمة، وروى حديثًا عن مالك لا يُتابع عليه"، فذكر هذا الحديث ثم قال: "وهذا منكر من حديث مالك". الإرشاد (1/ 266 - 267). (¬6) أخرجه النسائي في السنن كتاب: الجنائز، باب: مكان الماشي من الجنازة (4/ 358) (رقم: 1942، 1943)، وقال: "هذا خطأ، والصواب مرسل". =

قال الترمذي: "وأهل الحديث كأنَّهم يرون الحديث المرسل في ذلك أصحّ، وذُكر عن ابن المبارك أنه قال: حديث الزهري في هذا مرسلًا أصحّ من حديث ابن عيينة عنه" (¬1). وخرَّج من طريق عبد الرزاق عن معمر عن الزهري قال: "كان النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر وعمر يمشون أمام الجنازة". قال الزهري: "وأخبرني سالم أن أباه كان يمشي أمام الجنازة" (¬2). وقال النسائي في حديث ابن عيينة عن الزهري: "وهو خطأ، وهم فيه ابن عيينة، واحتجَّ بإرسال مالك إياه، وبإرسال معمر وغيره حيث ذكر أن الزهري إنما روى عن سالم، عن أبيه فعله خاصة، قال: ومن ها هنا دخل الوهم وابن عيينة. قال: وقال ابن المبارك: الحفاظ عن ابن شهاب ثلاثة: مالك، ومعمر، وابن عيينة، فإذا اجتمع اثنان منهم على قول أخذنا به، وتركنا قول الآخر. ¬

_ = والترمذي في السنن كتاب: الجنائز، باب: ما جاء في الماشي أمام الجنازة (3/ 329) (رقم: 1007)، وأبو داود وفي السنن كتاب: الجنائز، باب: المشي أمام الحنازة (3/ 522) (رقم: 3179)، وابن ماجة في السنن كتاب: الجنائز، باب: ما جاء في المشي أمام الجنازة (1/ 475) (رقم: 1482)، والحميدي والمسند (2/ 276) (رقم: 607)، والطيالسي (ص: 250) (رقم: 1817)، وابن أبي شيبة في المصنف (3/ 277)، وأحمد بن المسند (2/ 8)، وأبو يعلى في المسند (9/ 297) (رقم: 5421)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 479)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (7/ 317 - 318) (رقم: 3045، 3046)، والدارقطني في السنن (2/ 70)، والبيهقي في السنن الكبرى (4/ 23) من طريق سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه: "أنَّه رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبا بكر وعمر رضي الله عنهما يمشون أمام الجنازة". إسناده صحيح، ولكن أعلَّه الأئمة بالإرسال كما سيأتي. (¬1) انظر: سنن الترمذي (3/ 330). (¬2) انظر: سنن الترمذي (3/ 330) (رقم: 1009)، وهو في مصنف عبد الرزاق (3/ 444) (رقم: 6259).

قال النسائي: وذكر ابن المبارك هذا الكلام عند هذا الحديث" (¬1). وروى يونس بن يزيد عن ابن شهاب، عن أنس: "أن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - وأبا بكر وعمر كانو يمشون أمام الجنازة وخلفها"، هكذا زاد في الحديث: "وخلفها"، خرَّجه الطحاوي في معاني الآثار (¬2). ¬

_ (¬1) انظر: السنن الكبري (1/ 632). قلت: وأعلَّه الإمام أحمد أيضًا فيما نقله الطبراني في المعجم الكبير (12/ 221) عن ابنه أنَّه قال: "قال أبي: هذا الحديث: "إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "إنَّما هو عن الزهري مرسل، وحديث سالم فعل ابن عمر، وحديث ابن عيينة كأنَّه وهم". وقال أبو القاسم الحنائي: "هكذا قال سفيان بن عيينة ووهم فيه أيضًا، فحمل كلام الزهري على الحديث وجعله كله مسندًا، والمحفوظ عن الزهري عن سالم: أنّ ابن عمر كان يمشي أمام الجنازة، قال الزهري: وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمشي أمامها والخلفاء بعد أبو بكر وعمر رضي الله عنهما، وهي السنة، هكذا رواه الليث بن سعد عن يونس الأيلي، عن الزهري، وتابعه على ذلك عُقيل بن خالد، وهو المحفوظ". فوائد الحنائي (3/ 35). وقال أبو يعلى الخليلي: "في هذا الحديث كلام كثير؛ لأنَّ هذا يتفرد به سفيان بن عيينة عن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -، والحفاظ استقصوا على سفيان في هذا، حتى إنَّ حميد بن الربيع قال: حضرتُ ابن عيينة، وقيل له: إنَّ معمرًا وابن جريج يخالفانك فيه، ولا يسنداه؟ فقال: الزهري حدّثنيه، سمعتُه من فيه، يعيده ويديه مرارًا، ألست أحصيه عن سالم، عن أبيه". الإرشاد (2/ 817 - 818). وذكر ابن حجر قول ابن عيينة من طريق علي بن المديني، ثم قال: "وهذا لا ينفي عنه الوهم، فإنه سمعه منه عن سالم، عن أبيه، والأمر كذلك، إلَّا أن فيه إدراجًا، لعل الزهري أدمجه إذ حدّث به ابن عيينة وفصله لغيره". التلخيص الحبير (2/ 118 - 119). فالحاصل أنّ الصواب في هذا الحديث ما رواه مالك ومن تابعه مرسلًا كما قال الإمام أحمد والنسائي والدارقطني وغيرهم من أهل الحديث كما قال الترمذي. وانظر: نصب الراية: (2/ 293 - 295). (¬2) أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 481) من طريق محمد بن بكر البرساني وأبي زرعة، كلاهما عن يونس به. ومن طريق محمد بن بكر، أخرجه أيضًا الترمذي في السنن (3/ 331) (رقم: 1010)، وابن ماجة =

وخرَّج أيضًا عن نافع قال: "خرج عبد الله بن عمر وأنا معه إلى جنازة فمشى خلفها، فقلت: كيف أمشي في الجنازة، أمامها أم خلفها؟ فقال: أما تراني أمشي خلفها" (¬1). وجاء عن المغيرة بن شعبة مرفوعًا: "الراكب خلف الجنازة، والماشي حيث شاء منها"، اللفظ للنسائي، وخرَّجه أبو داود، وابن أبي شيبة، وغيرهم (¬2). ¬

_ = في السنن كتاب: الجنائز، باب: ما جاء في المشي أمام الجنازة (1/ 475) (رقم: 1483)، وليس عندهما زيادة: "خلفها". قال الترمذي: "سألت محمدًا عن هذا الحديث فقال: هذا الحديث خطأ، أخطأ فيه محمد بن بكر، وإنَّما يروى هذا الحديث عن يونس، عن الزهري: "أن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - وأبا بكر وعمر كانوا يمشون أمام الجنازة"، قال الزهري: وأخبرني سالم: أن أباه كان يمشي أمام الجنازة، قال محمد: وهذا أصح". وذكر ابن عبد البر هذه الرواية من طريقهما ثم قال: "هذا خطأ لا شك فيه، لا أدري ممّن جاء؟ وإنَّما رواية يونس لهذا الحديث عن الزهري عن سالم مرسلًا، وبعضهم يرويه عنه عن الزهري عن سالم عن أبيه مسندًا، والذين يروونه عنه مرسلًا أكثر وأحفظ، وأما قوله: "وخلفها" فلا يصح في هذا الحديث، هي لفظة منكرة فيه، لا يقولها أحد من رواته". التمهيد (12/ 92 - 93). (¬1) انظر: شرح معاني الآثار (1/ 483). قال ابن عبد البر: "هذا عندي لا يثبت عنه، والصحيح ما رواه ابن شهاب، عن سالم، عنه". التمهيد (12/ 100). (¬2) أخرجه أبو داود في السنن كتاب: الجنازة، باب: المشي أمام الجنازة (3/ 522) (رقم: 3180)، والترمذي في السنن كتاب: الجنازة، باب: ما جاء في الصلاة على الأطفال (3/ 349 - 350) (رقم: 1031)، والنسائي في السنن كتاب: الجنائز، باب: مكان الراكب من الجنازة (4/ 357) (رقم: 1941)، وابن ماجة في السنن كتاب: الجنازة، باب: في شهود الجنائز (1/ 475) (رقم: 1481)، وابن أبي شيبة في المصنف (3/ 280)، وأحمد في المسند (4/ 247)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 482)، والطبراني في المعجم الكبير (20/ 431) (رقم: 1045، 1046)، والحاكم في المستدرك (1/ 355، 363)، والبيهقي في السنن الكبرى (4/ 8)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان). (7/ 320 - 321) (رقم: 3049) كلهم من طرق، عن زياد بن جبير بن حيَّة، عن أبيه، عن المغيرة. قال الترمذي: "حسن صحيح"، وصحيح الحاكم أيضًا على شرط البخاري، ووافقه الذهبي.

192 / حديث: "كان يصلي يوم الفطر ويوم الأضحى قبل الخطبة". في أبواب العيدين (¬1). لم أجد هذا الحديث للزهري مسندًا، وجاء عن جماعة: روى طاوس عن ابن عباس قال: "شهدتُ العيدَ مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر وعثمان، فكلُّهم كانوا يصلُّون قبل الخطبة". وروى نافع عن ابن عمر نحوه. ورواه عطاء عن جابر وعياض عن أبي سعيد، وفيه الإنكار على مروان، والكلُّ في الصحيحين (¬2). 193 / حديث: "كان يذهب لحاجة الإنسان في البيوت وهو معتكف". شكّ يحيى بن يحيى صاحبنا في سماع هذا الحديث من مالك، فرواه عن زياد عنه (¬3). وكأنه مأخوذ من حديث الزهري عن عروة، عن عمرة، عن عائشة، وقد تقدّم ذكره، والخلاف فيه في مسند عائشة (¬4). وتقدّم في مرسل عروة حديث آخر، رواه يحيى أيضًا عن زياد عن مالك (¬5). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: العيدين، باب: الأمر بالصلاة قبل الخطبة في العيدين (1/ 160) (رقم: 3). (¬2) انظر: صحيح البخاري كتاب: العيدين، باب: الخروج إلى المصلى بغير منبر (1/ 303) (رقم: 956)، وباب: المشي إلى العيد بغير أذان ولا إقامة (1/ 304) (رقم: 957، 958)، وفي باب: الخطبة بعد العيد (1/ 304 - 305) (رقم: 962). وصحيح مسلم كتاب: صلاة العيدين (2/ 602 - 605) (رقم: 1، 3، 4، 9). (¬3) الموطأ كتاب: الاعتكاف، باب: قضاء الاعتكاف (1/ 206) (رقم: 8). وانظر أيضًا: أخبار الفقهاء والمحدِّثين للخشني (ص: 348). (¬4) تقدّم حديثها (5/ 108). (¬5) وهو حديث: "تحروّا ليلة القدر في العشر الأواخر"، تقدّم (5/ 89).

194 / حديث: "ما نحر رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عنه وعن أهل بيته إلَّا بدنة واحدة، أو بقرة واحدة". في آخر الضحايا (¬1). هذا مرسل في الموطأ (¬2). وقال فيه جويرية عن مالك، عن الزهري: أخبرني من لا أتّهم عن عائشة (¬3). وقد رُوي عن الزهري عن عمرة، وعروة معًا عن عائشة. وقيل: لم يسمعه الزهري من عمرة، وكثر الخلاف عليه (¬4). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الضحايا، باب: الشركة في الضحايا، وعن كم تُذبح البقرة والبدنة (2/ 387) (رقم: 11). (¬2) انظر الموطأ برواية: أبي مصعب الزهري (1/ 530) (رقم: 1371)، وسويد بن سعيد (ص: 499) (رقم: 1167)، وابن القاسم (ل: 64 / ب)، وابن بكير (ل: 35 / أ) - الظاهرية -. قال ابن عبد البر: "هكذا رواه جماعة أصحاب مالك عنه في الموطأ وغيره، إلَّا جويرية، فإنَّه رواه عن مالك، عن الزهري قال: أخبرني من لا أتهم، عن عائشة". التمهيد (12/ 132). (¬3) أورده ابن عبد البر في التمهيد (12/ 132) من طريق عبد الله بن محمد بن أسماء، عنه. (¬4) اختلف عليه في إسناده على ثلاثة أوجه كما أشار إليه المؤلف: 1 - الزهري، عن عمرة، عن عائشة، جاء ذلك من طريق ابن وهب، عن يونس، عنه، عند أبي داود والنسائي كما سيأتي، وكذا من طريق معمر عند النسائي وحده، وهكذا رواه الزبيدي عنه عند ابن عبد البر في التمهيد (12/ 134). 2 - الزهري، عن عروة، عن عائشة، أورده ابن عبد البر في التمهيد (12/ 135) من طريق الأوزاعي، عنه، وهو وجه عن يونس من طريق عثمان بن عمر، عنه، أخرجه النسائي في السنن الكبرى (2/ 451 - 452) (رقم: 4126). 3 - وأما الوجه الثالث، وهو عدم سماع الزهري له من عمرة، فقد جاء ذلك من طريق ابن أخي الزهري، حيث قال عنه: حدَّثني من لا أتهم، عن عمرة، وكذا من طريق الليث عن يونس، عنه أنه قال: لغني أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهذا هو الوجه الثالث عن يونس، ذكرهما ابن عبد البر في التمهيد (12/ 133) ثم قال: "رواية الليث في يونس مع رواية ابن أخي الزهري تدل على أن ابن شهاب لم يسمعه من عمرة"، والراجح والله أعلم هو الوجه الأول: لكونه من رواية الأكثر كما قال ابن عبد البر في التمهيد (12/ 133).

والحديث في الموطأ مرسل، ليس فيه وقت النحر، ولا موضعه وكان ذلك في حجّة الوداع، والمنحور بقرة لا بدنة، وجاء أنها ذُبحت عن الزوجات خاصة ولم يكن للنبي - صلى الله عليه وسلم - معهن فيها شرك، وروي هذا كله عن عائشة وغيرها مسندًا مفسرًا. روى ابن وهب عن يونس، عن الزهري، عن عمرة، عن عائشة: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحر عن آل محمد في حجة الوداع بقرة واحدة". خرّجه النسائي وأبو داود (¬1). وخرّج النسائي أيضًا من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن عمرة، عن عائشة قالت: "ما ذبح عن آل محمد في حجة الوداع إلَّا بقرة" (¬2). وعن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة أنها قالت: "ذبح عنَّا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم حججنا بقرةً واحدةً" (¬3). هكذا جاء عن عائشة هذا الحديث: "ذبح عنَّا" وفي دخولها في الجملة واشتراكها مع سائر الأزواج خلف، ليس هذا موضع ذكره (¬4). ¬

_ (¬1) أخرجه النسائي في السنن الكبرى (2/ 452) (رقم: 4127)، وأبو داود في السنن كتاب: الحج، باب: في هدي البقر (2/ 361) (رقم: 1750)، وابن ماجة في السنن كتاب: الأضاحي، باب: عن كم تجزئ لبدنة والبقرة (2/ 1047) (رقم: 3135)، كلهم من طريق ابن وهب، عن يونس. وإسناده صحيح. (¬2) أخرجه النسائي في السنن الكبرى (2/ 452) (رقم: 4130). (¬3) أخرجه النسائي أيضًا في الكبرى (2/ 452) (رقم: 4129) من طريق عمار الدهني، عن عبد الرحمن بن القاسم، لكن ليس فيه كلمة: "واحدة"، وأوردها ابن حجر بلفظ: "ذبح عنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم حججنا بقرة بقرة، وقال: إنَّه شاذ مخالف لما تقدَّم -يعني بذلك رواية معمر ويونس". فتح الباري (3/ 644). (¬4) ممّا يدل على عدم دخول عائشة في جملة الأزواج ما رواه أبو داود (2/ 361) (رقم: 1751)، والنسائي في السنن الكبرى (2/ 452) (رقم: 4128)، وابن ماجة في السنن (2/ 1047) (رقم: 3133) من حديث أبي سلمة، عن أبي هريرة: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذبح عمَّن اعتمر من =

وأما النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - فلم يشترك معهن في البقرة ولا تكاد توجد كلمة (عنه) إلَّا في حديث الموط، ففيه ذكر النحر عنه وعن أهل بيته. وقد جاء في الحديث الطويل لجابر أن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - أهدى في حجة الوداع مائة بدنة، أشرك عليًّا فيها (¬1). وأما نساءه، فلم يسقن هديا فتمتّعن غير عائشة - رضي الله عنها - فإن الحيض منعها من الإحلال فكانت قارنة في قول الأكثر. انظر أحاديثها في مسندها من طريق القاسم (¬2)، وعروة (¬3)، وعمرة (¬4). وفي إخراج مالك هذا الحديث في الضحايا نظر؛ وقد أخرج في الحج حديث عمرة عن عائشة: "دُخل علينا يوم النحر بلحم بقر، فقالوا: نحر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أزواجه" (¬5). ¬

_ = نسائه بقرة"، وعائشة كانت قارنة لا معتمرة كما سيأتي عند المؤلف. وحديث أبي هريرة هذا صححه ابن حبان في صحيحه (الإحسان) (9/ 319) (رقم: 4008)، والحاكم في المستدرك (46711) على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي. لكن روى البخاري في صحيحه كتاب: الحج، باب: ذبح الرحل البقرة عن نسائه من غير أمرهنَّ (1/ 521) (رقم: 1709)، ومسلم في صحيحه كتاب: الحج، باب: بيان وجود الإحرام (2/ 876) (رقم: 25) من حديث عائشة قالت: "خرحنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لخمس بقين من ذي القعدة ... "، وفيه: "فدُخل علينا يوم النحر بلحم بقر، فقلت: ما هذا: فقيل: ذبح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أزاوجه وهذا نحو حديث عمرة السابق. (¬1) انظره في صحيح مسلم كتاب: احج، باب: حجة النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - (2/ 886 - 892) (رقم: 147). (¬2) تقدّم (4/ 6). (¬3) تقدّم (4/ 65). (¬4) تقدّم (4/ 121). (¬5) الموطأ كتاب: الحج، باب: ما جاء في النحر في الحج (1/ 316). ويريد المصنِّف أن مرسل ابن شهاب هذا بمعنى حديث عمرة، فكان الأولى إخراجه في الحج كغيره من الأحاديث المتعلِّقة بالنحر في الحج، لكن يُقال: إنَّ مالكًا رحمه الله عقد ترجمة عامة جواز الشركة في الأضاحي والهدي، فقال: "الشركة في الضحايا، وعن كم تُذبح البقرة والبدنة"، ثم ساق تحتها الأحاديث الدالة على جواز الأمرين.

195 / حديث: "أخذ الجزية من مجوس البحرين، وذكر فعل عمر وعثمان". في الزكاة، عند آخره (¬1). هذا مرسل في الموطأ (¬2)، ورواه عبد الرحمن بن مهدي خارج الموطأ عن مالك، عن ابن شهاب، عن السائب بن يزيد، خرّجه الدارقطني وقال: "تفرّد به الحسين بن سلمة بن أبي كبشة عن ابن مهدي (¬3)، لم يذكر السائب غيره" (¬4). والسائب هذا حج مع النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -، وحفظ عنه (¬5). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الزكاة، باب: جزية أهل الكتاب والمجوس (1/ 232) (رقم: 41). (¬2) انظر الموطأ برواية: أبي مصعب الزهري (1/ 289) (رقم: 741)، ولكن فيه: أنَّه بلغه، وابن بكير (ل: 12 / ب) - الظاهرية-، وابن القاسم (ل: 5 / أ)، والقعني (ل: 55 / ب) - الأزهرية-، ومحمد بن الحسن الشيباني (ص: 117) (رقم: 332). قال ابن عبد البر: "هكذا هذا الحديث في الموطأ عند جميع رواته، وكذلك رواه معمر عن ابن شهاب". التمهيد (12/ 63). قلت: ورواي: معمر عند عبد الرزاق في المصنف (6/ 69) (رقم: 10026). (¬3) في الأصل: "عن ابن شهاب"، والصواب المثبت. (¬4) لم أجده في السنن ولا في العلل، لكن أورده من طريقه ابن عبد البر في التمهيد (12/ 64). وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير (7/ 149) (رقم: 6660) من طريق محمد بن صالح بن الوليد النرسي، عن الحسين بن سلمة به. قال الهيثمي في المجمع (5/ 13): "رجاله رجال الصحيح غير الحسين بن سلمة بن أبي كبشة، وهو ضعيف". قلت: هكذا حكم الهيثمي على الحسين بالضعف، وهو غير مسلّم؛ لأنَّ الحسين بن سلمة هذا هو ابن إسماعيل بن يزيد بن أبي كبشة الأزدي، قال عنه أبو حاتم: "صدرق"، ووثقه الدارقطني، فأقل أحواله أنَّه صدوق كما قال ابن حجر، إلَّا أن المحفوظ عن مالك في هذا الحديث الإرسال كما رواه بقية أصحاب مالك. انظر ترجمة الحسين بن سلمة في: تهذيب الكمال (6/ 380)، وتهذيب التهذيب (2/ 294)، والتقريب (رقم: 1323). (¬5) هو السائب بن يزيد بن سعيد بن ثُمامة الكندي، يُعرف بابن أخت النمر، له ولأبيه صحبة، وهو =

وانظر حديث عبد الرحمن بن عوف (¬1). 196 / حديث: "بعث عبد الله بن حذافة أيام منى يطوف يقول: إنَّما هي أيام أكل وشرب وذكر الله". في الحج، باب: صيام أيام منى (¬2). روى معمر هذا الحديث عن الزهري، عن مسعود بن الحكم الأنصاري، عن رجل من أصحاب النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "أمر النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - عبد الله بن حذافة". وقال فيه شعيب، عن الزهري: أن مسعود بن الحكم قال: "أخبرني بعض أصحاب النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّه رأى عبد الله بن حذافة يسير على راحلته في أيام التشريق". وقال محمد بن الوليد الزُّبيدي عن الزهري، أنه بلغه أن مسعود بن الحكم كان يخبر عن بعض عالميهم من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - بعث عبد الله بن حذافة"، طرّقه النسائي (¬3). وذكر الدارقطني الخلاف فيه، وقال: "قول الزبيدي أشبهها بالصواب" (¬4). ¬

_ = صحابي صغير له أحاديث قليلة، وحُجَّ به في حجَّة الوداع وهو ابن سبع سنين وهو آخر من مات بالمدينة من الصحابة. انظر: الاستيعاب (4/ 117)، وأسد الغابة (2/ 401)، والإصابة (4/ 117). (¬1) تقدَّم حديثه (2/ 330)، وهو شاهد لمرسل ابن شهاب المذكور. (¬2) الموطأ كتاب: الحج، باب: ما جاء في صيام أيام منى (1/ 303) (رقم: 135). وأخرجه النسائي في السنن الكبرى (2/ 167) (رقم: 2884) من طريق ابن القاسم، عن مالك به مرسلًا. وهو المحفوظ عن الزهري، لأن مالكًا لم ينفرد به، بل تابعه عليه يونس بن يزيد، وابن أبي ذئب، وعبد الله بن عمر العمري، ذكرهم ابن عبد البر في التمهيد (12/ 124)، وقال: "هو الصحيح في حديث ابن شهاب". ورواه معمر وشعيب عن الزهري موصولًا، إلَّا أنَّه منقطع كما سيأتي. (¬3) أخرجه في الكبرى (2/ 167) (رقم: 2880، 2882، 2881) مع طرق أخرى له. (¬4) لم أقف عليه. ولعل السبب في ترجيحه رواية الزبيدي أن إسناد معمر وشعيب يوهم الاتصال بين =

فصل: والزُّبيدي هذا بالدال (¬1). وجاء عن كعب بن مالك: "أن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - بعثه وأوس بن الحدثان أيّام التشريق، فناديا: أيّام منى أيّام أكل وشرب"، خرّجه مسلم (¬2). وهذه الأيّام ثلاثة بعد يوم النحر (¬3). وانظر معنى هذا الحديث في مرسل سليمان بن يسار (¬4)، ومسند عمرو بن العاص (¬5). 197 / حديث: "قال لرجل من ثقيف، أسلم وعنده عشر نسوة: أمسك منهن أربعًا". في جامع الطلاق (¬6). وهذا مرسل عند مالك (¬7). وقال فيه معمر بالبصرة (¬8) عن الزهري، عن سالم، عن أبيه: "أن غيلان ¬

_ = الزهري ومسعود بن الحكم، والواقع خلافه، فقد قال النسائي عقب رواية شعيب أن الزهري يسمع من مسعود بن الحكم، وجاءت رواية الزبيدي مؤيدة لهذا حيث قال: عن الزهري أنه بلغه أن مسعود بن الحكم. (¬1) انظر: مشتبه النسبة لعبد الغني الأزدي (ص: 34). (¬2) أخرجه مسلم في صحيحه كتاب: الصيام، باب: تحريم صوم أيام التشريق (2/ 800) (رقم: 145)، وهكذا جاء عنده (2/ 800) (رقم: 144) عن نُبيشة الهذلي أيضًا. (¬3) انظر: التمهيد (12/ 129)، وشرح صحيح مسلم (8/ 17). (¬4) تقدَّم حديثه (5/ 219). (¬5) تقدّم حديثه (3/ 57). (¬6) الموطأ كتاب: الطلاق، باب: جامع الطلاق (2/ 458) (رقم: 76). (¬7) انظر الموطأ برواية: أبي مصعب الزهري (1/ 650) (رقم: 1693)، وسويد (ص: 340) (رقم: 759)، ومحمد بن الحسن الشيباني (ص: 178) (رقم: 530)، وابن القاسم (ل: 36 / أ). قال ابن عبد البر: "هكذا رواه جماعة رواة الموطأ، وأكثر رواة ابن شهاب". التمهيد (12/ 54) (¬8) تصحَّفت في الأصل إلى: "القصة"، وتكرّر هذا التصحيف في موضع آخر كما سيأتي.

الثقفي أسلم ... " (1). أسنده إلى ابن عمر وذلك غلط. وهكذا قال فيه يحيى بن سلّام عن مالك ومعمر وكليهما عن الزهري، ولم يتابع يحيى على هذا عن مالك (¬2)، ولعل رواية مالك اشتبهت عليه برواية معمر فقرنهما وأخطأ في ذلك (¬3). وخَرَّجه أبو داود في المراسل من طريق عبد الرزاق عن معمر عن الزهري مرسلًا كما في الموطأ، وقال: "أسند هذا معمر بالبصرة (¬4)، ووهم فيه" (¬5). ¬

_ = سيأتي تخريجه. (¬2) أخرجه من طريقه ابن المظفَّر في غرائب حديث مالك (ص: 103 - 104) (رقم: 50). (¬3) يؤيِّده قول أبي زرعة: "لا بأس به، ربما وهم"، وذكره ابن حبان في الثقات وقال: "يروي عن مالك بن أنس، روى عنه بحر بن نصر وأهل مصر، ربما أخطأ"، وضعَّفه الدارقطني فيما نقله الذهبي وابن حجر، وكذا الحافظ نفسه كما تقدّم. انظر: أجوبة أبي زرعة على سؤالات البرذعي (2/ 339 - ضمن أبي زرعة الرازي وجهوده في السنة النبوبة)، والثقات (9/ 261)، وميزان الاعتدال (6/ 55)، واللسان (6/ 260). (¬4) تصحّفت في الأصل إلى: "القصة"، والصواب ما أثبته كما ورد في مراسيل أبي داود. (¬5) انظر: المراسيل (ص: 197 - 198) (رقم: 234)، لكن ليس فيه قول أبي داود المذكور، وهو موجود في النسخة الخطية من المراسيل - رواية أبي بكر بن داسة - (ل: 231 / أ)، فكان هذه الرواية هي التي اعتمدها المؤلف. وسبب قول أبي داود هذا: "أسند هذا معمر بالبصرة ووهم فيه"، هو أن رواية معمر المسندة جاءت من طريق أصحابه البصريين وهم: - سعيد بن أبي عروبة عند الترمذي في السنن كتاب: النكاح، باب: ما جاء في الرجل يسلِم وعنده عشر نسوة (3/ 435) (رقم: 1128)، وأحمد في المسند (2/ 83)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (3/ 254)، والدارقطني في السنن (3/ 270)، والحاكم في المستدرك (2/ 192)، والبيهقي في السنن الكبرى (7/ 149، 182). - محمد بن جعفر غندر، عند ابن ماجة في السنن كتاب: النكاح، باب: الرجل يُسلم وعنده أكثر من أربع نسوة (1/ 628) (رقم: 1953)، وأحمد في المسند (2/ 14، 44)، والبيهقي في السنن الكبرى (7/ 182). =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = - إسماعيل بن علية، عند ابن أبي شيبة في المصنف (4/ 317)، وأحمد في المسند (2/ 13)، والبيهقي في السنن الكبرى (7/ 181). - وعبد الأعلى بن عبد الأعلى السامي، عند الطحاوي في شرح معاني الآثار (3/ 252). وقد أسنده عنه قوم من الكوفيين أيضًا كيحيى بن أبي كثير، والثوري وغيرهما، لكن ذكر ابن حجر أنَّهم سمعوا منه بالبصرة كما سيأتي، وخطأ معمر فيما حدّث به بالبصرة معروف. قال الإمام أحمد في رواية الأثرم: "حديث عبد الرزاق عن معمر أحب إليَّ من حديث هؤلاء البصريين، كان يتعاهد كتبه وينظر، يعني باليمن، وكان يحدِّثهم بخطأ بالبصرة". وقال في رواية ابنه صالح: "معمر أخطأ بالبصرة في إسناد حديث غيلان، ورجع باليمن فجعله منقطعًا". وقال يعقوب بن شيبة: "سماع أهل البصرة من معمر حين قدم عليهم فيه اضطراب: لأنَّ كتبه تكن معه". وقال أبو حاتم: "ما حدّث معمر بالبصرة ففيه أغاليط، وهو صالح الحديث". وقال ابن رجب: "حديثه بالبصرة فيه اضطراب كثير، وحديثه باليمن جيّد، ثم قال: فمما اختلف فيه باليمن والبصرة .. حديثه عن الزهري عن سالم عن أبيه: "أن غيلان أسلم وتحته عشر نسوة، الحديث". وقال ابن حجر: "حكى الحاكم عن مسلم أن هذا الحديث مما وهم فيه معمر بالبصرة، قال: فإن رواه ثقة خارج البصرة حكمنا له بالصحة". وقد أخذ ابن حبان والحاكم والبيهقي بظاهر هذا الحكم فأخرجوه من طرق عن معمر من حديث أهل الكوفة وأهل خراسان وأهل اليمامة عنه. وقال ابن حجر: "ولا يفيد ذلك شيئًا؛ فإنَّ هؤلاء كلهم إنَّما سمعوا منه بالبصرة، وإن كانوا من غير أهلها، وعلى تقدير أنَّهم سمعوا منه بغيرها، فحديثه الذي حدّث به في غير بلده مضطرب: لأنَّه كان يحدِّث في بلده من كتبه على الصحة، وأمَّا إذا رحل فحدَّث من حفظه بأشياء وهم فيها اتفق على ذلك أهل العلم به كابن المديني والبخاري وأبي حاتم ويعقوب بن شيبة وغيرهم، وقد قال الأثرم عن أحمد: هذا الحديث ليس بصحيح، والعمل عليه، وأعلَّه بتفرد معمر بوصله وتحديثه به في غير بلده هكذا، وقال ابن عبد البر: "طرقه كلّها معلولة"، وقد أطال الدارقطني في العلل تخريج طرقه، ورواه ابن عيينة ومالك عن الزهري مرسلًا، وكذا رواه عبد الرزاق عن معمر، وقد وافق معمرًا على وصله بحر بن كثير السقا عن الزهري، لكن بحر ضعيف، وكذا وصله يحيى بن سلام عن مالك، ويحيى ضعيف". انظر: الجرح والتعديل (8/ 257)، وشرح علل الترمذي (2/ 767 - 768)، والتلخيص الحبير (3/ 192 - 193).

وخرّجه الترمذي من طريق سعيد بن أبي عروبة، عن معمر، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه، ثم قال: "سمعت محمد بن إسماعيل يعني البخاري يقول: هذا حديث غير محفوظ، والصحيح ما رواه شعيب بن أبي حمزة وغيره عن الزهري قال: حُدِّثتُ عن محمد بن سويد الثقفي: أن غيلان بن سلمة أسلم وعنده عشر نسوة. قال محمد: وإنما حديث الزهري عن سالم، عن أبيه: أن رجلًا من ثقيف طلّق نساءه يعني في مرضه، فقال عمر: لتراجعن نساءك أو لأرجمن قبرك" (¬1). وذكر مسلم في التمييز أن عُقيلًا قال فيه عن الزهري: بلغنا عن عثمان بن محمد بن أبي سويد أن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال لغيلان مرسلًا. قال: وقال يونس عن الزهري، عن عثمان بن محمد لم يحفظ قوله: بلغنا، قال: "والمحفوظ في إسناد هذا الحديث عندنا ما قاله عقيل بن خالد عن الزهري بلغنا عن عثمان، وأما يونس فأغفل قوله بلغنا. قال: والذي رواه الزهري عن سالم عن أبيه قصة أخرى في تطليق غيلان نساءه عند موته زمن عمر، اشتبهت على معمر القصّتان، فمن ها هنا دخل عليه الوهم" (¬2). ¬

_ (¬1) انظر: السنن، كتاب: النكاح، باب: ما جاء في الرجل يُسلم وعنده عشر نسوة (3/ 435) (رقم: 1128). وقال في العلل الكبير (1/ 445 - 446): "سألت محمدا عن حديث معمر عن الزهري عن سالم عن أبيه: أن غيلان ... ؟ فقال: هو حديث غير محفوظ، إنما روى هذا معمر بالعراق! وقد روي عن معمر عن الزهري هذا الحديث مرسلًا ... "، ثم ذكر رواية شعيب وقال: "هذا أصح"، وجاء نحو هذا الكلام عن أبي حاتم أيضًا، وحدّث أبو رزعة بالحديث موصولا ومرسلًا ثم قال: "والمرسل أصح". العلل (1/ 400 - 401). (¬2) لم أجده في القطعة المطبوعة من التمييز، فلعله في القسم المفقود، وقد نقله ابن حجر في الإصابة =

وذكر البخاري في التاريخ نحو هذا (¬1). وخرّج أبو داود عن الحارث بن قيس الأسدي أنه قال: "أسلمتُ وعندي ثمان نسوة، فقال النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -: اختر منهن أربعا" (¬2). ¬

_ = (8/ 66) فقال: "وقد كشف مسلم في كتاب التمييز عن علّته، وبيَّنها بيانًا شافيًا فقال: إنَّه كان عند الزهري في قصة غيلان حديثان، أحدهما مرفوع، والآخر موقوف، قال: فأدرج معمر المرفوع على إسناد الموقوف، فذكره". وقال الطحاوي: "أخطأ معمر، فجعل إسناد هذا الحديث فيه كلام عمر للحديث الذي فيه كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -". شرح معاني الآثار (3/ 253). (¬1) (6/ 248 - 249). (¬2) أخرجه أبو داود في السنن كتاب: الطلاق، باب: من أسلم وعنده نساء أكثر من أربع أو أختان (2/ 677) (رقم: 2241)، وابن ماجة في السنن كتاب: النكاح، باب: الرجل يُسلم وعنده أكثر من أربع نسوة (1/ 628) (رقم: 1952)، والطبراني في المعجم الكبير (18/ 359) (رقم: 922)، والبيهقي في السنن الكبرى (7/ 183) من طريق هُشيم، عن ابن أبي ليلى، عن حميضة بن الشمردل، عن قيس بن الحارث به. وإسناده ضعيف؛ لعلل ثلاث: 1 - عنعنة هشيم الواسطي، وهو كثير التدليس والإرسال. 2 - ضعف ابن أبي ليلى من جهة حفظه. 3 - فيه حميضة بن الشمردل، قال البخاري فيما نقله الذهبي في الميزان (2/ 141): "فيه نظر". لكنه يصلح شاهدا لحديث الموطأ. ومن شواهد حديث الباب أيضًا حديث عروة بن مسعود الثقفي عند البيهقي في السنن الكبرى (7/ 184)، ورجاله ثقات لكنه منقطع. ويشهد له أيضًا حديث نوفل بن معاوية عند الشافعي في المسند (2/ 16) (رقم: 44 - ترتيب السندي -)، ومن طريقه البيهقي في السنن الكبرى (7/ 184)، وفيه شيخ الشافعي مجهول، وبقية رجاله ثقات. قال ابن عبد البر: "الأحاديث المروية في هذا الباب كلها معلولة، وليست أسانيدها بالقوية، ولكنها لم يرد شيء يخالفها عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - والأصول تعضدها، والقول بها والمصير إليها أولى". التمهيد (12/ 58).

وقال فيه من طريق آخر: قيس بن الحارث، وذكر عن بعض شيوخه أن هذا هو الصواب (¬1). وخرّج قاسم بن أصبغ هذا الحديث من طرق عن قيس بن الحارث الأسدي ولم يذكر في اسمه خلافًا (¬2) وهكذا خرَّجه ابن أبي شيبة عن قيس (¬3)، وهو الأصح (¬4). وهذا حديث آخر، يذيّل به حديث الموطأ لمطابقته معناه. 198 / حديث: "بلغه أن نساء كُنَّ في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأرضهنَّ وهنَّ غير مهاجرات، وأزواجهنَّ حين أسلمن كفَّار، منهنَّ: بنت الوليد بن المغيرة (¬5)، وكانت تحت صفوان بن أميَّة، فأسلمت ... ". فيه: قصة صفوان، أمانه وإسلامه، وأن امرأته استقرَّت عنده بالنكاح ¬

_ (¬1) انظر: السنن (2/ 678) (رقم: 2242)، وشيخه هو أحمد بن إبراهيم الدورقي. (¬2) رواه قاسم بن أصبغ من طريق الكلبي، وكذا من طريق عيسى بن المختار عن ابن أبي ليلى، كلاهما عن حميضة عن قيس بن الحارث به، ذكره ابن عبد البر في التمهيد (12/ 57 - 58). (¬3) أخرجه في المصنف (4/ 318)، وفي المسند (2/ 209) (رقم: 494) من طريق عيسى بن المختار، عن ابن أبي ليلى، عن حُميضة، عن قيس به، وقد تصحّف قيس في الأصل إلى قاسم، وكتب تحته: لعله: قاسم، وهو كما قال، بل هو المتعين. (¬4) وهذا ما رجّحه أيضًا ابن عبد البر حيث قال: "الصحيح عن هشيم في هذا الإسناد: الحارث بن قيس، وعن غير هُشيم: قيس بن الحارث، وهو الصواب إن شاء الله؛ لأنَّ عيسى بن المختار والكلبي اجتمعا على ذلك". التمهيد (2/ 571). ويؤيِّده صنيع الحافظ المزي أيضًا حيث إنَّه أورد الحديث في مسند قيس بن الحارث، لكن يرى ابن حجر أن الحارث أشبه: لأنه قول الجمهور كالبخاري، وابن السكن، وغيرهما، وذكر أيضًا أَنَّ الدورقي وجماعة جزموا بالأول، وهو قيس بن الحارث. انظر: تهذيب الكمال (8/ 284)، والإصابة (8/ 176). (¬5) وهي: فاختة بنت الوليد بن المغيرة المخزومية. انظر: الاستيعاب (13/ 102)، والإصابة (13/ 66).

القديم، وفيه: الخروج إلى حنين واستعارة الأداة والسلاح. في النكاح عند آخره، باب نكاح المشرك إذا أسلمت زوحته قبله (¬1). هذا مشهور عند أهل السير (¬2). أسند بعضه عن صفوان بن أمية، وبعضه عن ابن عباس. روي عبد العزيز بن رفيع عن أميَّة بن صفوان بن أميَّة، عن أبيه: "أن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - استعار منه أدراعا يوم حنين، فقال: أغصب يا محمد؟ قال: بل عارية مضمونة"، خرَّجه أبو داود. وذكر من طريق آخر عن عبد العزيز، عن أناس من آل عبد الله بن صفوان أن النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "يا صفوان هل عندك من سلاح؟ قال: عارية أم غصبًا؟ قال: بل عارية، فأعاره ما بين الثلاثين إلى الأربعين درعا، وغزا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم حنين، فلمّا هزم المشركون جُمعت دروع صفوان، ففقد منها درعا، فقال النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -: إنا فقدنا من أدراعك أدراعا فهل نغرم لك؟ قال: لا، يا رسول الله، لأن في قلبي اليوم ما لم يكن يومئذ". قال أبو داود: "وكان أعاره قبل أن يسلم". والخلاف في هذا كثير (¬3). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: النكاح، باب: نكاح المشرك إذا أسلمت زوجته قبله (2/ 428) (رقم: 44). (¬2) انظر: المغازي لموسى بن عقبة (ص: 281)، والسيرة النبوية لابن هشام (2/ 418، 440)، وأنساب الأشراف للبلاذري (10/ 246)، وتاريخ الأمم والملوك للطبري (3/ 305)، والاستيعاب (5/ 129). قال ابن عبد البر: "هذا الحديث لا أعلمه يتصل من وجه صحيح، وهو حديث مشهور، معلوم عند أهل السير، وابن شهاب إمام أهل السير وعالمهم، وكذلك الشعبي، وشهرة هذا الحديث أقوى من إسناده إن شاء الله". التمهيد (12/ 19). (¬3) أخرجه أبو داود وغيره، وهو مضطرب الإسناد، وإليه أشار المؤلف -بعد أن أورد بعض طرقه -: "والخلاف في هذا كثير". =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = تخريج الحديث وبيان الخلاف فيه: الحديث رواه يزيد بن هارون، عن شريك، عن عبد العزيز بن رفيع، عن أمية بن صفوان بن أمية، عن أبيه: "أن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - استعار منه أدرعًا .. "، فذكره. أخرجه أبو داود في السنن كتاب: البيوع، باب: في تضمين العارية (3/ 822 - 823) (رقم: 3562)، والنسائي في السنن الكبرى (3/ 409) (رقم: 5779)، وأحمد في المسند (3/ 400 - 401)، (6/ 465)، والدارقطني في السنن (3/ 39)، والحاكم في المستدرك (2/ 47)، والبيهقي في السنن الكبرى (6/ 88) كلهم من طريق يزيد بن هارون به. وهذا إسناد ضعيف؛ لأجل شريك بن عبد الله النخعي، فقد قال عنه الحافظ في التقريب (رقم: 2787): "صدوق يخطئ كثيرًا، تغيَّر حفظه منذ أن ولي القضاء بالكوفة". وأعلَّه الشيخ الألباني في الإرواء (5/ 344) بعلة أخرى، وهي جهالة أمية بن صفوان، وعدم ورود توثيق فيه، لكن أمية هذا قال عنه الذهبي في تاريخ الإسلام (5/ 44): "صدوق)، فعلَّة الإسناد إذا في شريك، وقد خولف فيه أيضًا: فرواه جرير بن عبد الحميد، عن عبد العزيز بن رفيع بلفظ: "عن أناس من آل عبد الله بن صفوان: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: يا صفوان هل عندك سلاح؟ قال: عارية أم غصبًا: قال: لا، بل عارية، فأعاره ما بين الثلاثين إلى الأربعين درعًا". أخرجه أبو داود (3/ 823) (رقم: 3563)، والدارقطني في السنن (4013)، والبيهقي في السنن الكبرى (6/ 89). ورواه أبو الأحوص - وهو سلَّام بن سليم - عن عبد العزيز بن رفيع، عن عطاء، عن ناس من آل صفوان بن أمية نحوه، أخرجه أيضًا أبو داود (3/ 824) (رقم: 3564)، والدارقطني في السنن (3/ 40)، والبيهقي في السنن الكبرى (6/ 89). ورواه قيس بن الربيع، عن عبد العزيز بن رفيع، عن ابن أبي مليكة، عن أمية بن صفوان، عن أبيه، فأدخل "ابن أبي مليكة" بين عبد العزيز وأمية بن صفوان، أخرجه الدارقطني في السنن (3/ 40)، والبيهقي في السنن الكبرى (6/ 89). فالحديث مضطرب الإسناد، وقد اختلفت الروايات في تحديد الدروع أيضًا، لكن يشهد له حديث جابر عند الحاكم في المستدرك (3/ 48 - 49): "أن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - بعث إلى صفوان بن أمية، فسأله أدرعًا مائة درع وما يصلحها من عدتها ... "، وسنده حسن. وكذا يشهد له حديث ابن عباس، أخرجه الحاكم في المستدرك (2/ 47)، ومن طريقه البيهقي في السنن الكبرى (6/ 88)، وقال الحاكم: "صحيح على شرط مسلم"، ووافقه الذهبي. وكذا يشهد له حديث جعفر بن محمد، عن أبيه، أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (6/ 89 - =

وأما إقرار النكاح فمعناه لابن عباس، قال: "كان إذا هاجرت امرأة من دار الحرب لم تخطب حتى تحيض وتطهر، فإذا طهرت حلّ لها النكاح، فإن هاجر زوجها قبل أن تنكح ردّت إليه"، خرّج هذا البخاري (¬1). وفي معناه إسلام مخرمة بن نوفل، وأبي سفيان بن حرب، وحكيم بن حزام قبل نسائهم لكونهن مشركات وثنيات من غير أهل الكتاب (¬2). 199 / حديث: "كان بين إسلام صفوان وبين إسلام امرأته نحو من شهر". ذيّل به الحديث الذي قبله (¬3). ¬

_ = 90)، وقال: "وبعض هذه الأخبار، وإن كان مرسلًا فإنه يقوى بشواهده، مع ما تقدّم من الموصول". وصححه الشيخ الألباني في الإرواء (5/ 345 - 346) بمجموع طرقه وشواهده. (¬1) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الطلاق، باب: نكاح من أسلم من المشركات وعدّتهن (3/ 408 - 409) (رقم: 5286). (¬2) أخرج عبد الرزاق في المصنف (7/ 171 - 172) (رقم: 12649) من طريق ابن جريج، عن رجل، عن ابن شهاب قال: "أسلمت زينب بنت النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - ... "، فذكر قصة إسلام زوجها، وفيها: "وأسلم مخرمة بن نوفل، وأبو سفيان بن حرب، وحكيم بن حزام بمرِّ الظهران، ثم قدموا على نسائهم مشركات فأسلمن فجلسوا على نكاحهم". وروى البيهقي في معرفة السنن والآثار (10/ 140 - 141) من طريق الشافعي أنَّه قال: "أسلم أبو سفيان بن حرب بمر الظهران، وهي دار خزاعة - وخزاعة مسلمون - قبل الفتح في دار الإسلام، وامرأته هند بنت عتبة كافرة بمكة، ومكة يومئذ دار حرب، ثم قدم عليها يدعوها إلى الإسلام، فأخذت بلحيته، وقالت: اقتلوا الشيخ الضال، ثم أسلمت هند بعد إسلام أبي سفيان بأيَّام كثيرة، فاستقرّا على النكاح، قال: كذلك حكيم بن حزام وإسلامه ... إلى أن قال: وما وصفت من أمر أبي سفيان وحكيم وأزواجهما وأمر صفوان وعكرمة وأزواجهما معروف عند أهل العلم بالمغازي". وانظر أيضًا: فتح الباري (9/ 331). (¬3) الموطأ كتاب: النكاح، باب: نكاح المشرك إذا أسلمت زوجته قبله (2/ 429) (رقم: 45).

والمرفوع معناه، وهو أن الشهر لا يبطل النكاح من أجل الإقرار عليه (¬1)، وهذا لا يكاد يوجد مسندًا. وأكثر القائلين ببقاء العصمة يراعون عدة المرأة لا عدد الأيّام (¬2). وقد جاء عن ابن عباس أن النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - ردّ بنته زينب على أبي العاصي بعد سنتين بنكاحها الأوّل، خرّجه ابن أبي شيبة من طريق عكرمة، عنه (¬3). ¬

_ (¬1) أي من أجل أن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - أقرَّ صفوان وامرأته على نكاحهما مع تأخر إسلام صفوان عن إسلامها بشهر، فلم يفرِّق بينه وبين امرأته كما تقدّم في الحديث الذي قبله، قال ابن حجر: "وكذا وقع لجماعة من الصحابة أسلمت نساؤهم قبلهم كحكيم بن حزام، وعكرمة بن أبي جهل، وغيرهما، ولم يُنقل أنَّه جددت عقود أنكحتهم، إلَّا أنه محمول عند الأكثر على أن إسلام الرجل وقع قبل انقضاء عدة المرأة التي أسلمت قبله". فتح الباري (9/ 331). (¬2) النظر إلى عدة المرأة ومراعاتها في بقاء العصمة عند إسلام أحد الزوجين قبل الآخر هو قول الزهري والليث والحسن بن صالح والأوزاعي وإسحاق وغيرهم، وهو مذهب الجمهور، بل إنَّ ابن عبد البر نفل الإجماع في ذلك، فقال: "لم يختلف العلماء أن الكافرة إذا أسلمت ثم انقضت عدتها أنه لا سبيل لزوجها إليها إذا كان لم يسلم في عدتها، إلَّا شيء روي عن إبراهيم النخعي شذَّ فيه عن جماعة العلماء، ولم يتبعه عليه من الفقهاء إلَّا بعض أهل الظاهر"، وهو قول عامة العلماء كما قال ابن قدامة، إلَّا أن ابن حجر تعقب ابن عبد البر في نقله الإجماع فذكر أن الخلاف فيه ثابت قديم، وهو منقول عن علي وإبراهيم النخعي، أخرجه ابن أبي شيبة عنهما بطرق قوية، وبه أفتى حماد شيخ أبي حنيفة. فهؤلاء ذهبوا إلى أن المرأة تُردُّ إلى زوجها وإن طالت المدة، لما روى ابن عباس: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ردَّ زينب على زوحها أبي العاص بنكاحها الأول". انظر: سنن الترمذي (3/ 448)، والأم (4/ 185) (5/ 39)، ومعرفة السنن للبيهقي (10/ 140)، والتمهيد (12/ 23)، وروضه الطالبين (7/ 148)، والمغني (10/ 10)، وزاد المعاد (5/ 137)، وفتح الباري (9/ 333)، وشرح فتح القدير (3/ 288). (¬3) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (14/ 176)، وأبو داود في السنن كتاب: الطلاق، باب: إلى متى ترد عليه امرأته إذا أسلم بعدها (2/ 675) (رقم: 2240)، وابن ماجة في السنن كتاب: النكاح، باب: الزوجين يسلم أحدهما قبل الآخر (1/ 647) (رقم: 2009)، وأحمد في المسند (1/ 351) من طريق يزيد بن هارون، عن محمد بن إسحاق عن داود بن الحصين، عن عكرمة به.

وخرّجه الترمذي وقال فيه: "بعد ست سنين بالنكاح الأوّل، ولم يحدث نكاحًا". وقال أبو عيسى: "هذا حديث ليس بإسناده بأس، ولكن لا يُعرف وجهه" (¬1). ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في السنن كتاب: النكاح، باب: ما جاء في الزوجين المشركين يسلم أحدهما (3/ 448) (رقم: 1143)، وأبو داود في السنن (675/ 2) (رقم: 2240)، وأحمد في المسند (1/ 261)، والحاكم في المستدرك (3/ 237)، والبيهقي في السنن الكبرى (7/ 187) كلهم من طرق عن ابن إسحاق به. وجُمع بين الروايتين على أن المراد بالست ما بين هجرة زينب وإسلامه، فإنَّه أُسر ببدر، فأرسلت زينب من مكة في فدائه، فأُطلق لها بغير فداء .. والمراد بالسنتين أو الثلاث ما بين نزول قوله تعالى: {لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ} وقدومه مسلمًا، فإنَّ بينهما سنتين وأشهرًا. فتح الباري (9/ 333). والحديث قال فيه الترمذي: "ليس بإسناده بأس". والحديث فيه محمد بن إسحاق، إلَّا أنَّه صرّح بالتحديث، وفيه أيضًا داود بن الحصين، وقد تكلَّم فيه علي بن المديني وأبو داود، ومن المتأخرين ابن حجر في روايته عن عكرمة، لكن دافع عنه ابن عدي فقال: "داود هذا له حديث صالح، وإذا روى عنه ثقة فهو صحيح الرواية، إلَّا أن يروي عنه ضعيف، فيكون البلاء منهم لا منه"، وتبعه فيه الإمام ابن القيم حيث وثق روايته عن عكرمة، وهو ما توصَّل إليه الدكتور صالح بن حامد الرفاعي وأقرَّه، وهذا هو ظاهر صنيع الأئمة، فإنَّ الحديث من هذا الوجه قال عنه الترمذي: "ليس بإسناده بأس"، وصحح الإمام أحمد في المسند (2/ 208)، والدارقطني في السنن (3/ 253)، والحاكم والذهبي. انظر: الجرح والتعديل (3/ 409)، والكامل (9/ 959)، وتهذيب الكمال (8/ 381)، وتهذيب مختصر سنن أبي داود (3/ 154)، والتقريب (رقم: 1779)، والثقات الذين ضُعِّفوا في بعض شيوخهم (ص: 159). وقول الترمذي: "ولكن لا يُعرف وجهه" بيّن ابن حجر أنَّه يشير بذلك إلى أن ردَّها إليه بعد ست سنين أو بعد ثلاث مشكل: لاستبعاد أن تبقى في العدة هذه المدة، ثم ذكر أن الخطابي أجاب عن الإشكال بأن بقاء العدة في تلك المدة ممكن وإن لم تجر العادة غالبًا، ولا سيما إذا كانت المدة إنَّما هي سنتان وأشهر، فإنَّ الحيض قد يبطئ عن ذوات الأقراء لعارض علة أحيانًا، قال الحافظ: "وبحاصل هذا أجاب البيهقي، وهو أولى ما يُعتمد في ذلك". الفتح (9/ 333).

وذكر حديث عمرو بن شعيب عن أبيه، عن جدِّه: أن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - ردّ ابنته زينب على أبي العاصي بمهر جديد ونكاح جديد، وقال: "هذا حديث في إسناده مقال"، وحكى عن يزيد بن هارون أنه قال: "حديث ابن عباس أجود إسنادًا، والعمل على حديث عمرو بن شعيب" (¬1). ¬

_ (¬1) انظر: سنن الترمذي كتاب: النكاح، باب: ما جاء في الزوجين يسلم أحدهما (3/ 447 - 449) (رقم: 1142)، وقد أخرجه ابن ماجة في السنن كتاب: النكاح، باب: الزوجين يسلم أحدهما قبل الآخر (1/ 647) (رقم: 2010)، وأحمد في المسند (2/ 207 - 208)، والدارقطني في السنن (3/ 253)، والحاكم في المستدرك (3/ 639)، والبيهقي في السنن الكبرى (7/ 188) من طريق حجاج بن أرطاة، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدّه. والحديث ضعيف، آفته حجاج بن أرطاة، روى ابن أبي حاتم عن ابن أبي خيثمة قال: سمعت يحيى بن معين يقول: "حجاج بن أرطاة كوفي صدوق، ليس بالقوي، يدلِّس عن محمد بن عبيد الله العرزمي، عن عمرو بن شعيب". الجرح والتعديل (3/ 156). وقال عبد الله بن المبارك: "كان الحجاج يدلِّس، وكان يحدّثنا الحديث عن عمرو بن شعيب مِمَّا يحدّثه العرزمي، والعرزمي متروك لا نقرُّ به". تهذيب الكمال (5/ 425). وهذا الحديث ممّا دلّسه عن العرزمي. قال عبد الله بن الإمام أحمد: قال أبي في حديث حجاج (ردَّ زينب ابنته): "هذا حديث ضعيف، أو قال: واهٍ، ولم يسمعه ححاج من عمرو بن شعيب، إنَّما سمعه من محمد بن عبيد الله العرزمي، والعرزمي لا يساوي حديثه شيئًا، والحديث الصحيح الذي رُوي: أن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - أقرَّهما على النكاح الأول". المسند (2/ 208). وقال الدارقطني: "هذا لا يثبت، وحجاج لا يحتج به، والصواب حديث ابن عباس أن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - ردَّها بالنكاح الأول". السنن (3/ 253). وقال البيهقي في الكبرى (7/ 188): "حكى أبو عبيد عن يحيى بن سعيد القطان: أن حجاحًا لم يسمعه من عمرو، وأنه من حديث محمد بن عبيد الله العرزمي، عن عمرو، فهذا وجه لا يعبأ به أحد يدري ما الحديث". وقال في المعرفة (10/ 145): "لو صح الحديثان لقلنا بحديث عبد الله بن عمرو: لأنَّه زائد، فلما وجدنا حفاظ الحديث لا يثبتونه تركناه وقلنا بحديث ابن عباس مع ما سبق ذكره من رواية أهل العلم بالمغازي في أمر أبي سفيان وغيره". وقال الحافظ عن هذه العلة وهي الانقطاع: "إنَّها أشد من علّة التدليس". فتح الباري (9/ 333). =

200 / حديث: "أن أم حكيم بنت الحارث بن هشام، وكانت تحت عكرمة بن أبي جهل، فأسلمت يوم الفتح، وهرب زوجها ... ". فيه: "فارتحلت أم حكيم حتى قدمت عليه باليمن، فدعته إلى الإسلام فأسلم ... ". وفي آخره: "فثبتا على نكاحهما". في الباب المتقدم ذكره (¬1). قال فيه إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة عن الزهري: "أن امرأة عكرمة بن أبي جهل أسلمت قبله، ثم أسلم وهي في العدة، فردّت إليه، وذلك على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -"، خرّجه ابن أبي شيبة في مصنّفه (¬2). ¬

_ = فالحاصل أن حديث عمرو بن شعيب وإن كان العمل عليه من حيث إنَّ الرد بعد العدة لا يكون بنكاح جديد، لكنه ضعيف من حيث الإسناد، وأنَّ المعتمد في ذلك هو حديث ابن عباس لجودة إسناده كما قال يزيد بن هارون، ولوجود شواهد أخرى له، وقد أمكن حمله على وجه ممكن كما تقدَّم في كلام الخطابي، وهو ما رجَّحه الحافظ أيضًا حيث قال: "وأحسن المسالكَ في هذين الحديثين ترجيح حديث ابن عباس كما رجّحه الأئمة، وحمله على تطاول العدة فيما بين نزول آية التحريم وإسلام أبي العاص، ولا مانع من ذلك من حيث العادة فضلًا عن مطلق الجواز". فتح الباري (9/ 333، 334). وقد أطال الإمام ابن القيم أيضًا في تهذيب السنن (6/ 230 - 233) الكلام حول هذا المعنى، وساق له تسعة وجوه لتأويله. (¬1) الموطأ كتاب: النكاح، باب: نكاح المشرك إذا أسلمت زوجته قبله (2/ 429) (رقم: 46). وأخرجه عبد الرزاق في المصنف (7/ 169 - 170) (رقم: 12646)، عن معمر، عن الزهري أنَّه بلغه: "أن نساء في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - كنَّ أسلمن بأرضهنَّ .. "، فذكر حديثًا مطولًا، وفيه: "فأسلمت أم حكيم بنت الحارث بن هشام يوم الفتح بمكة ... ". (¬2) المصنف (5/ 93). وهذا مع إرساله ضعيف جدًّا، لأنَّ إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة قال عنه الحافظ في التقريب (رقم: 368): "متروك"، لكن كون امرأة عكرمة أسلمت قبل زوجها ورد من طرق أخرى، وهو معروف عند أهل العلم بالمغازي. انظر: تاريخ الأمم والملوك للطبري (3/ 63)، وعيون الأثر (2/ 180)، والإمتاع (1/ 392)، وإتحاف الورى بأخبار أم القرى (1/ 514).

وروى معمر عن أيوب عن عكرمة بن خالد: "أن عكرمة بن أبي جهل فرّ يوم الفتح ... "، وقال فيه: "فأقرَّهما النبي - صلى الله عليه وسلم - على نكاحهما" (¬1). وهذه الآثار كلها مرسلة (¬2). فصل: أمّ حكيم هذه ممّن اشتهر من النساء بكنيتها، ولا يوقف لها على اسم (¬3). وذكر البلاذري أن كنية عكرمة بن أبي جهل أبو هشام (¬4). • حديث: "فطر الصائم المتطوِّع". تقدّم في المقطوع لعائشة (¬5). • حديث: "لم يكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومئذ محرما يعني يوم الفتح إذ أمر بقتل ابن خطل". تقدَّم في مسند أنس (¬6). • حديث: "كان قتل أشيم خطأ". تقدَّم في مسند الضحّاك (¬7). وهذا يدخل في المرفوع؛ لأنَّ قتلَه كان في عصر النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - فحكم فيه بالدية وورث امرأته منها. ¬

_ (¬1) أخرجه عبد الرزاق في المصنف (7/ 171) (رقم: 92647)، وسنده صحيح. (¬2) هذه الآثار وإن كانت مرسلة إلَّا أن بعضها يقوي بعضًا كما يشهد لها حديث ابن عباس السابق، وقد استدل بها وبغيرها على أن المرأة إذا أسلمت قبل زوجها، فإن أسلم زوجها قبل انقضاء العدة فهما على نكاحهما، وإن لم يسلم حتى انقضت العدة وقعت الفرقة، وهو مذهب الجمهور كما تقدَّم. انظر. المصنف (7/ 137)، والمغني (10/ 8 - 9)، وفتح الباري (9/ 331). (¬3) انظر الاستيعاب (13/ 209)، وأسد الغابة (7/ 309)، والإصابة (13/ 197). (¬4) لم أقف عليه في أنساب الأشراف، فلا أدري أين ذكره. (¬5) تقدَّم حديثها (4/ 153). (¬6) تقدَّم حديثه (2/ 47). (¬7) تقدَّم حديثه (2/ 263).

68 - مرسل ابن السباق

68 - مرسل ابن السَّبَّاق (¬1) واسمه عُبَيد (¬2)، من بني عبد الدار بن قُصَي (¬3). حديث واحد. 201 / حديث: "قال في جمعة من الجُمَع: يا معشر المسلمين! إن هذا يوم جعله الله عيدا فاغتسلوا .. ". وذكر الطيب، والسواك، أربعة فصول في آخر الطهارة، باب السواك. عن ابن شهاب، عن ابن السباق ذكره (¬4). هكذا مرسلًا في الموطأ (¬5). ورواه أبو الأزهر حجاج بن سليمان الرُّعيني عن مالك عن الزهري، ¬

_ (¬1) بفتح أوله، والموحدة المشدَّدة، وبعد الألف قاف. توضيح المشتبه (5/ 13). (¬2) بضم أوَّله، وفتح الموحدّة، تليها مثناة تحت ساكنة، ثم دال مهملة. انظر: المؤتلف والمختلف لعبد الغني الأزدي (ص: 83)، وتوضيح المشتبه (6/ 128). (¬3) قال ابن عبد البر: "هو من ثقات التابعين المدينة، من أشرافهم من بي عبد الدار بن قصي، ولم يذكره أهل النسب، ونقل عن الزبير أنَّه قال: بغى بعضهم على بعض فهلكوا وانقرضوا". التمهيد (11/ 209). (¬4) الموطأ كتاب: الطهارة، باب: ما جاء في السواك (1/ 80) (رقم: 113). (¬5) انظر الموطأ برواية: أبي مصعب الزهري الزهري (1/ 173) (رقم: 452)، وسويد بن سعيد (ص: 159) (رقم: 286)، ومحمد بن الحسن (ص: 46) (رقم: 59)، والقعنبي (ل: 30 / ب) - الأزهرية-، وابن بكير (ل: 4 / ب - نسخة السليمانية -). وهكذا رواه عبد الله بن وهب عند أبي أحمد الحاكم في عوالي مالك (ص: 57) (رقم: 14). - ووكيع بن الجراح عند أبي بكر المروزي في فضل الجمعة (ص: 59) (رقم: 32). قال ابن عبد البر: "هكذا رواه جماعة من رواة الموطأ عن مالك، عن ابن شهاب، عن ابن السباق مرسلًا كما يروى، ولا أعلم فيه بين رواة الموطأ اختلافًا". التمهيد (11/ 210).

عن أبي سلمة وحميد ابني (¬1) عبد الرحمن بن عوف أو عن أحدهما، عن أبي هريرة رفعه (¬2). وقال فيه يزيد بن سعيد الصباحي الإسكندراني، عن مالك، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري (¬3)، عن أبيه، عن أبي هريرة (¬4). ¬

_ (¬1) في الأصل: "ابن" مفردًا، وهو خطأ. (¬2) ذكره ابن عبد البر وقال: "رواه عن حجاج جماعة هكذا، ولا يصح فيه عن مالك إلَّا في الموطأ "كذا". التميهد (11/ 2101). قلت: حجاج بن سليمان هذا قال عنه أبو زرعة: "منكر الحديث"، ونقل الذهبي عن ابن يونس أنَّه قال: "في حديثه مناكير"، وعليه فالصحيح المرسل كما قال ابن عبد البر. انظر: الجرح والتعديل (3/ 162)، والضعفاء لابن الجوزي (1/ 192)، وميزان الاعتدال (1/ 462)، واللسان (2/ 177). (¬3) في الأصل: "عن مالك، عن ابن شهاب، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري"، وذكر ابن شهاب هنا خطأ؛ لأنَّ جميع من خرّج الحديث من طريق يزيد الإسكندراني جعله عن مالك، عن سعيد، ولم يذكروا ابن شهاب. (¬4) أخرجه ابن أبي حاتم في العلل (1/ 205)، والطبراني في المعجم الأوسط (3/ 372) (رقم: 3433)، وأبو أحمد الحاكم في عوالي مالك (ص: 72) (رقم: 52)، وابن المظفر البزاز في غرائب مالك (ص: 143) (رقم: 82)، والبيهقي في السنن الكبرى (1/ 299)، (3/ 243)، وابن عبد البر في التمهيد (11/ 211)، وعمر بن محمد المعروف بابن الحاجب في عوالي مالك (ل: 135 / ب) من طريق يزيد بن سعيد الصباحي به. قال أبو حاتم: "وهم يزيد بن سعيد في إسناد هذا الحديث: إنما يرويه مالك بإسناد مرسل". وقال البيهقي: "هكذا رواه مسلم (كذا) عن هذا الشيخ، عن مالك، ورواه الجماعة عن مالك، عن الزهري، عن ابن السباق، عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - مرسلًا"، وقال في موضع آخر: "والصحيح ما رواه مالك عن ابن شهاب مرسلًا". السنن الكبرى (1/ 299) (3/ 243). وقال الخطيب فيما نقله ابن الحاجب عنه: "لم يرفعه عن مالك غير الصباحي، ولا أعلم روى عن مالك غير هذا". وقال ابن عبد البر: "ولم يتابعه أحد من الرواة على ذلك، ويزيد بن سعيد هذا من أهل الإسكندرية ضعيف". =

وقد رُوي أيضًا عن الزهري عن أنس وغيره (¬1). ورواه صالح بن أبي الأخضر عن الزهري، عن عبيد بن السباق عن ابن عباس رفعه، وصالح ضعيف (¬2). ¬

_ = قلت: هو مع ضعفه اضطرب في إسناد هذا الحديث، فرواه الحسن بن إبراهيم الخولاني عند الطبراني في الأوسط، وداود بن الحسين البيهقي، ومحمد بن أبي غسان الفرائضي عند البيهقي، وأحمد بن خالد بن ميسرة، وأحمد بن قراد الجهني، وأبو علي الحسن بن أحمد عند ابن عبد البر، عنه عن مالك، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبيه، عن أبي هريرة به. ورواه الحسن بن أحمد عند ابن عبد البر أيضًا (11/ 210) عنه عن مالك، عن صفوان بن سليم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري به. وذكر الدارقطني روايته في العلل (10/ 385) بلفظ: "غسل يوم الجمعة واجب على كلِّ محتلم كغسل الجنابة"، وقد جعل ابن عبد البر هذا الاضطراب علة أخرى لعدم صحة روايته، فقال: "وهذا اضطراب عن يزيد، ولا يصح شيء من روايته في هذا الباب". التميهد (11/ 211). (¬1) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (3/ 243)، وابن عبد البر في التمهيد (11/ 212) من طريق ابن لهيعة، عن عُقيل، عن ابن شهاب، عن أنس بمثله. وسنده ضعيف، قال ابن عبد البر: "ورواه معمر، عن الزهري قال: أخبرني من لا أتَّهم من أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - أنَّهم سمعوا رسول الله في جمعة من الجُمع، فذكره". (¬2) أخرجه ابن ماجة في السنن كتاب: إقامة الصلاة والسنة فيها، باب: ما جاء في الزينة يوم الجمعة (1/ 349) (رقم: 1098)، والطبراني في المعجم الصغير (ص: 320) (رقم: 763). هكذا قال صالح، ورواه شعيب بن أبي حمزة، عن الزهري، قال طاوس: "قلت لابن عباس: ذكروا أن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "اغتسلوا يوم الجمعة، واغسلوا رؤوسكم وإن لم تكونوا جنُبًا، وأصيبوا من الطيب"، قال ابن عباس: أما الغسل فنعم، وأما الطيب فلا أدري"، أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الجمعة، باب: الدهن للجمعة (1/ 282) (رقم: 884). قال ابن حجر: "هذا يخالف ما رواه عبيد بن السباق، عن ابن عباس مرفوعًا: "من جاء إلى الجمعة فليغتسل، وإن كان له طيب فليمسّ منه"، أخرجه ابن ماجة من رواية صالح بن أبي الأخضر، عن الزهري، عن عبيد، وصالح ضعيف، وقد خالفه مالك، فرواه عن الزهري، عن عبيد بن السباق بمعناه مرسلًا، فإن كان صالح حفظ فيه ابن عباس احتمل أن يكون ذكره بعد ما نسيه أو عكس ذلك". فتح الباري (2/ 433 - 434). =

والأصح عن الزهري إرساله على هذا الوجه بهذا اللفظ (¬1). وله في غسل الجمعة أحاديث صحاح عن عمر وابنه عبد الله من طريق سالم وغيره (¬2). وانظر الغسل لأبي هريرة من طريق سعيد القبري (¬3)، ولأبي سعيد الخدري (¬4)، ولعمر (¬5)، وابنه (¬6). والسواك لأبي هريرة من طريق الأعرج (¬7)، وحُميد (¬8). ¬

_ = قلت: مخالفته لمالك دليل على عدم حفظه للحديث، كيف وقد قال فيه ابن معين: "ليس بشيء في الزهري"، وقال أبو زرعة: "ضعيف الحديث، كان عنده عن الزهري كتابان، أحدهما عرض: والآخر مناولة، فاختلطا جميعًا، فلا يعرف هذا من هذا"، وقال ابن حبان: "يروي عن الزهري أشياء مقلوبة، اختلط عليه ما سمع من الزهري بما وجد عنده مكتوبًا، فلم يكن يميّز هذا من ذلك". وعلى هذا فالصحيح كما قال البيهقي وغيره ما رواه مالك عن ابن شهاب مرسلًا. انظر: سؤالات الدارمي عن ابن معين (ص: 44) (رقم: 11)، الجرح والتعديل (4/ 395)، والكامل في أسماء الرجال (4/ 1382)، والمجروحين (1/ 364)، والسنن الكبرى (3/ 243). (¬1) تقدَّم نحو هذا الكلام عن البيهقي. (¬2) أخرجها البخاري في صحيحه كتاب: الجمعة، باب: فضل الغسل يوم الجمعة (1/ 280) (رقم: 878)، ومسلم في صحيحه كتاب: الجمعة (2/ 579 - 580) (رقم: 2، 3). (¬3) تقدم حديثه (3/ 494). (¬4) تقدَّم حديثه (3/ 231). (¬5) تقدّم حديثه (2/ 283) (¬6) تقدَّم حديثه (2/ 373). (¬7) تقدَّم حديثه (3/ 357). (¬8) تقدَّم حديثه (3/ 346).

69 - مرسل أبي عطية

69 - مرسل أبي عطية حديثٌ مركبٌ. 202 / حديث: "لا عدوى ولا هامّ، ولا صَفَر، ولا يَحُلُّ الممرض على المصحّ (¬1) ". في الجامع، باب العيادة والطيرة (¬2). بلغه عن بكير بن عبد الله بن الأشج، عن أبي عطية (¬3) رفعه. هكذا عند يحيى بن يحيى وطائفة من رواة الموطأ، أرسلوه وقالوا: أبو عطية لا غير (¬4). وقال فيه القعنبي وابن بكير وجماعة: عن أبي عطيّة الأشجعي، عن أبي هريرة مسندًا (¬5). ¬

_ (¬1) قال السيوطي: "المرض: ذو الماشية المريضة، والمُصح: ذو الماشية الصحيحة". تنوير الحوالك (2/ 321). (¬2) الموطأ كتاب: العين، باب: عيادة المريض والطير: (2/ 721) (رقم: 18). (¬3) كذا في الأصل: "أبي عطية"، وفي المطبوع من رواية يحيى، وكذا عند ابن بكير (ل: 257 / أ) - الظاهرية-، والقعنبي كما في مسند الموطأ للجوهري (ل: 151 / ب): "ابن عطية". قال ابن عبد البر: "قيل في ابن عطية: اسمه عبد الله بن عطية، يكنى أبا عطية". قال ابن حجر: "هذا يصمحح جميع الأقوال المذكورة". التمهيد (24/ 188)، وتعجيل المنفعة (2/ 508). (¬4) هكذا قال ابن عبد البر في التمهيد (24/ 188)، وفي الاستذكار (27/ 52) من غير التصريح بهم. (¬5) انظر الموطأ برواية: يحيى بن بكير (ل: 257 / أ) - الظاهرية-، وأبي مصعب الزهري (2/ 124) (رقم: 1989)، وسويد بن سعيد (ص: 542) (رقم: 1282). وأخرجه الجوهري في مسند الموطأ (ل: 151 / ب) من طريق القعنبي. =

وقال فيه بِشر بن عُمر خارج الموطأ عن مالك عن بكير، لم يقل بلغه عنه (¬1)، ولم يسمع مالك من بكير، ذكر السَّاجي عن بِشر بن عُمر أنَّه قال: "قلت لمالك: سمعتَ من بكير بن عبد الله بن الأشج: قال: لا علم لي" (¬2). وذكر عن أحمد بن حنبل أنه قال: "خرج بكير إلى ناحية مصر فلم يسمع منه مالك، وكان مالك يأخذ كتبه فينظر فيها" (¬3). وقال السَّاجي أيضًا: قال مالك لمخرمة بن بكير: "اكتب لي من حديث أبيك ما يدخل في السنن، قال: فكل ما كان في كتابه بلغني عن بكير بن الأشج فهو مما جمعه له مخرمة" (¬4). وذكر العَلَّاف أن مالكًا أخذ كتب مخرمة من معن، انظر هذا في مسند أبي موسى (¬5). وأما أبو عطية فمجهول (¬6)، والحديث محفوظ لأبي هريرة. ¬

_ = وابن عبد البر في التمهيد (24/ 189) من طريق زياد بن موسى الحضرمي، وبشر بن عمر الزهراني. وهكذا رواه عبد الله بن يوسف كما ذكره ابن عبد البر في الاستذكار (27/ 53). قال ابن عبد البر: "الصحيح فيه عن مالك ما في الموطأ: القعنبي وجمهور رواته". التمهيد (24/ 189). (¬1) أخرجه من طريقه البيهقي في السنن الكبرى (7/ 217). (¬2) انظر: تهذيب التهذيب (1/ 432)، وفيه النفي بـ "لا" فقط. (¬3) انظر: العلل ومعرفة الرجال (1/ 219)، (3/ 386)، وقد نفى سماعه منه علي بن المديني، وكذا العجلي أيضًا. انظر: معرفة الثقات (1/ 254)، وتهذيب التهذيب (1/ 432). (¬4) لم أقف على هذا القول، وقد دلَّ هذا وكذا قول أحمد بن حنبل وقول الساجي السابق أن الراجح عن مالك ما قاله سائر الرواة. (¬5) انظر: (3/ 195). (¬6) قال ابن عبد البر: قيل: هو ابن عطية: اسمه عبد الله بن عطية، يكنى أبا عطية، وقيل: هو مجهول". التمهيد (24/ 188). =

وقد رواه عبد الله بن نافع خارج الموطأ عن مالك عن سعيد المقبري عنه، خرّجه الجوهري (¬1). ورواه الزهري عن جماعة عن أبي هريرة، خُرّج في الصحيحين (¬2). والحديث فصلان، رواهما جماعة عن أبي هريرة في سرد واحد (¬3). وقال أبو سلمة بن عبد الرحمن: كان أبو هريرة يحدّث بهما ثم صمَتَ عن قوله لا عدوى وأقام على أن لا يرد مُمْرِض على مصح، وروجع في ذلك فقيل له. أليس قد حدّثتنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا عدوى": قال: لم أحدّثكموه، قال أبو سلمة: قد حدّث به، فما رأيناه نسي حديثا غيره، انظره لأبي داود (¬4). ¬

_ = وقال السيوطي: "لا رواية له في الكتب الستة، ولا في المسند". إسعاف المبطأ (ص: 32). قلت: وعلى هذا فالإسناد ضعيف، لكن الحديث -كما قالا المؤلف وكذا ابن عبد البر - محفوظ لأبي هريرة من وجوه كما سيأتي. انظر: التمهيد (24/ 188). (¬1) لعله في مسند ما ليس في الموطأ، قال ابن عبد البر: "ولم يُتابع عليه". التمهيد (24/ 188). (¬2) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الطب (4/ 50) (رقم: 5770، 5771، 5773، 5774، 5775)، ومسلم في صحيحه كتاب: السلام، باب: لا عدوى ولا طيرة .. (4/ 1742 - 1743) (رقم: 101، 102، 103، 105) من طريق الزهري، عن أبي سلمة وسنان بن أبي سنان الدؤلي، كلاهما عن أبي هريرة. (¬3) منهم أبو سلمة بن عبد الرحمن عند مسلم في صحيحه (4/ 1744) (رقم: 105)، وأحمد في المسند (2/ 434). وأبو إسحاق مولى بني هاشم عند البيهقي في السنن الكبرى (7/ 217). (¬4) أخرج أبو داود في السنن كتاب: الطب، باب: في الطيرة (4/ 231 - 232) (رقم: 3911) الفصل الأول منه، وهو "لا عدوى" من طريق معمر، عن الزهري، عن أبي سلمة، وفيه: "قال الزهري: فحدَّثني رجل عن أبي هريرة أنَّه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا يوردنَّ ممرض على مصح"، قال: فراجعه الرجل فقال: ألست قد حدَّثتنا أن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا عدوى ولا =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = صفر ولا هامة"؟ : قال: لم أحدثكموه، قال الزهري: قال أبو سلمة: قد حدّث به، وما سمعت أبا هريرة نسي حديثًا قط غيره". هذا سياق أبي داود، وذكره مسلم بلفظ أطول من هذا حيث أخرج الحديث من طريق يونس، عن ابن شهاب، عن أبي سلمة، وفيه: "قال أبو سلمة: كان أبو هريرة يحدثهما كليهما عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم صمت أبو هريرة بعد ذلك عن قوله: "لا عدوى"، وأقام على: "أن لا يورد ممرض على مصح"، قال: فقال الحارث بن أبي ذباب (وهو ابن عم أبي هريرة): قد كنت أسمعك يا أبا هريرة تحدّثنا مع هذا الحديث حديثًا آخر قد سكتَّ عنه، كنتَ تقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا عدوى"، فأبى أبو هريرة أن يعرف ذلك، وقال: "لا يورد ممرض على مصح"، فما رآه الحارث في ذلك حتى غضب أبو هريرة، فرطن بالحبشية، فقال للحارث: أتدري ما قلت؟ قال: لا. قال أبو هريرة: قلت: أبيت. قال أبو سلمة: ولعمري! لقد كان أبو هريرة يحدِّثنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا عدوى"، فلا أدري أنسي أبو هريرة أو نسخ أحد القولين الآخر". صحيح مسلم (4/ 1744 - 1745). وأخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (4/ 309) من طريق أبي صالح، عن أبي هريرة، وفيه قول أبي صالح: "فسافرت إلى الكوفة، ثم رجعت، فإذا أبو هريرة يتنقص: "لا عدوى" لا يذكرها، فقلت: "لا عدوى"، فقال: "أبيتُ". قال القرطبي: "أما سكوت أبي هريرة عن قوله: "لا عدوى" وإيراد الحديث من غير: "لا يورد ممرض على مصح" بعد أن حدّث بمجموعهما، فلا يصح أن يكون من باب النسخ كما قدره أبو سلمة بن عبد الرحمن؛ لأنَّهما لا تعارض بينهما، إذ الجمع صحيح كما قدّمناه ... إلى أن قال: وعلى هذا، فسكوت أبي هريرة يحتمل أوجهًا: - أحدها: النسيان المتقدِّم كما قال أبو سلمة. - الثاني: أنَّهما لما كانا خبرين متغايرين لا ملازمة بينهما جاز للمحدّث أن يحدّث بأحدهما، ويسكت عن الآخر حسبما تدعو إليه الحاجة الحالية. - ثالثها: أن يكون خاف اعتقاد جاهل يظنهما متناقضين، فسكت عن أحدهما حتى إذا أمن من ذلك حدّث بهما جميعًا. - ورابعها: أن يكون حمله على ذلك وجه غير ما ذكرناه، لم يُطلع عليه أحدًا، وعلى الجملة فكلُّ ذلك محتمل، غير أن الذي يُقطع بنفيه النسخ على ما قرَّرناه"، المفهم لما أشكل من تلخيص مسلم (5/ 625 - 626). وذكر ابن حجر أيضًا قول أبي سلمة: "فلا أدري أنسي أبو هريرة"، وقال: "إنَّ دعوى النسخ مردودة؛ لأنَّ النسخ لا يُصار إليه بالاحتمال مع إمكان الجمع". فتح الباري (10/ 253).

• مرسل الأعرج وهو عبد الرحمن بن هرمز القاري

• مرسل الأعرج وهو عبد الرحمن بن هُرمز القاري حديث معدود في المسند، وتقدّم له عن أبي هريرة (¬1) وعن عبد الله بن بحينة (¬2). • حديث: "الجمع بين الظهر والعصر بتبوك ... ". مختصرًا، عن داود بن الحصين، عنه. اختلف على يحيى بن يحيى صاحبنا فيه؛ فرُوي عنه مرسلًا، ورُوي عنه مسندًا إلى أبي هريرة، والأصح عنه إرساله، وقد تقدّم ذكره، والكلام عليه في مسند أبي هريرة، وهو ها هنا معاد (¬3). * * * ¬

_ (¬1) تقدّم (3/ 348، 350). (¬2) تقدّم (3/ 25). (¬3) انظر: (3/ 420).

• ابن النضر، وقيل وقيل: أبو النضر السلمي

فصل: • ابن النضر، وقيل وقيل: أبو النضر السُّلمي رجل مجهول، له: • حديث: "موت الولدين والثلاثة". ليس فيه ما يدل على صحبته، تقدم ذكره، وحديثه في المنسوبين من الصحابة (¬1). • رجل من الأنصار مجهول (¬2)، له: • حديث: "استقبال القبلة للغائط". اختلفت الرواية في صحبته، وقد تقدَّم ذكره في المنسويين من الصحابة (¬3). • رجل من بني ضَمْرة مجهول أيضًا، له: • حديث: "العقوق" (¬4). تقدَّم ذكره هنالك (¬5). ¬

_ (¬1) تقدَّم (3/ 583). (¬2) أي مبهم. (¬3) تقدَّم (3/ 577). (¬4) تصحَّف في الأصل إلى: "العقول"، والمثبت هو الصواب. (¬5) تقدَّم (3/ 581).

• ابن لكعب بن مالك

• ابن لكعب بن مالك مشكوك في اسمه، له: • حديث: مرسل مذكور في ترجمة عبد الرحمن الصنابحي، هو أبو عبد الله. وقال فيه يحيى بن يحيى وأكثر رواة مالك: عبد الله، له مرسل مذكور في حرف العين من أسماء المرسلين (¬1). فصل آخر: من قول مالك: بلغني، وسمعتُ غيرَ واحدٍ يقول، وسمعتُ مَن أثقُ به يقول، كلُّ هذا مذكور في مرسله ما لم يسمِّ فيه مخبرًا له به. * * * ¬

_ (¬1) انظر: (5/ 17).

70 - مرسل مالك بن أنس بن أبي عامر

70 - مرسل مالك بن أنس بن أبي عامر حاشا من أسنده في موضع واستشهد به في موضع آخر، فحذف إسناده اختصارًا. 203 / حديث: "إنَّ رجالًا أُرُوا ليلةَ القدر ... ". فيه: "إني أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر". قال فيه: بلغني (¬1). هذا مرسل عند يحيى بن يحيى وطائفة من رواة الموطأ (¬2). وهو عند القعنبي، وابن القاسم، وابن بكير، وجمهور الرواة لمالك عن نافع عن ابن عمر مسندًا (¬3). وهكذا خرّج في الصحيحين عنه (¬4). ¬

_ (¬1) انظر: نسختي المحمودية من رواية يحيى (أ) (ل: 54 / أ) و (ب) (ل: 67 / أ - ب)، والتمهيد (24/ 382)، وسقط من المطبوع. (¬2) قال ابن عبد البر: "هكذا روى يحيى عن مالك هذا الحديث وتابعه قوم". التمهيد (24/ 382). (¬3) انظر الموطأ برواية: - أبي مصعب الزهري (1/ 341) (رقم: 887)، والقعنبي (ص: 239)، وابن القاسم (ل: 46 / ب)، وسويد بن سعيد (ص: 409) (رقم: 928)، وابن بكير (ل: 60 / ب) - الظاهرية -. وهي رواية الشافعي، وابن وهب، ومعن، كما ذكرهم ابن عبد البر في التمهيد (24/ 382)، وقال: "إِنَّه رواية أكثر الرواة". (¬4) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: فضل ليلة القدر، باب: فضل ليلة القدر (2/ 62) (رقم: 2015) من طريق عبد الله بن يوسف. ومسلم في صحيحه كتاب: الصيام، باب: فضل ليلة القدر (2/ 822) (رقم: 205) من طريق يحيى النيسابوري، كلاهما عن مالك به.

وتقدّم طرف منه لابن دينار عن ابن عمر مختصرًا مسندًا (¬1). وانظر مرسل عروة (¬2)، ومسند أنس (¬3)، وعبد الله بن أُنيس (¬4)، وأبي سعيد (¬5). 204 / حديث: "لا تحلُّ الصدقةُ لآل محمدٍ". في آخر الجامع، ما يكره من الصدقة. بلغه (¬6). هذا مرسل في الموطأ (¬7). وأسنده سعيد بن داود بن أبي زنبر وجُويرية خارج الموطأ عن مالك، عن ابن شهاب، عن عبد الله بن الحارث (¬8) بن نوفل، عن المطلب بن ربيعة بن الحارث في حديث طويل، خرّجه مسلم من طريق جويرية عنه (¬9). ¬

_ (¬1) تقدّم حديثه (2/ 486). (¬2) تقدَّم حديثه (5/ 89). (¬3) تقدّم حديثه (2/ 65). (¬4) تقدّم حديثه (3/ 30). (¬5) تقدّم حديثه (3/ 227). (¬6) الموطأ كتاب: الصدقة، باب: ما يُكره من الصدقة (2/ 764) (رقم: 13). (¬7) انظر الموطأ برواية: أبي مصعب الزهري (2/ 180) (رقم: 2114)، وسويد بن سعيد (ص: 612) (رقم: 1503)، وابن بكير (ل: 269 / أ) - الظاهرية -. (¬8) كذا في الأصل، والصواب: عبد الله بن عبد الله بن نوفل بن الحارث كما في صحيح مسلم، وقد حكى المزي عن أبي عبيد الآجري أنَّه قال: قلت لأبي داود: الزهري سمع من عبد الله بن الحارث؟ قال: "لا، سمع من بنيه عبد الله بن عبد الله بن الحارث، ومن عبيد الله بن عبد الله". تهذيب الكمال (14/ 399). (¬9) أخرجه مسلم في صحيحه كتاب: الزكاة، باب: ترك استعمال آل النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - على الصدقة (2/ 752 - 753) (رقم: 167) من طريق جويرية. وابن عبد البر في التمهيد (24/ 359) من طريق سعيد بن داود الزنبري، كلاهما عن مالك به.

فصل: وسعيد بن داود يعرف بالزَّنْبَرِي (¬1) -بفتح الزاي، وبعدها نون ساكنة بعدها باء معجمة بواحدة (¬2) - لا أعلم له في الموطأ رواية. 205 / حديث: "كان إذا قضى طوافه بالبيت وركع، وأراد أن يخرج إلى الصفا استلم الركن". في باب الاستلام في الطواف. بلغه (¬3). وهذا مرسل في الموطأ (¬4). وأسنده الوليد بن مسلم خارج الموطأ عن مالك عن جعفر بن محمد عن أبيه، عن جابر (¬5)، وهو محفوظٌ له في حديثه الطويل، خرّجه مسلم وغيره (¬6). ¬

_ (¬1) نسبة إلى الجد. الأنساب (3/ 167). (¬2) انظر: المؤتلف والمختلف للدارقطني (13/ 114)، والإكمال لابن ماكولا (4/ 167)، وتوضيح المشتبه (4/ 281)، وتبصير المنتبه (2/ 656). (¬3) الموطأ كتاب: الحج، باب: الاستلام في الطواف (1/ 295) (رقم: 112). (¬4) انظر الموطأ برواية: - أبي مصعب الزهري (1/ 499) (رقم: 1286)، وسويد بن سعيد (ص: 473) (رقم: 1099)، وابن بكير (ل: 19 / أ)، والقعنبي (ل: 80 / أ - نسخة الأزهرية)، وابن القاسم (ل: 56 / ب). (¬5) أخرجه النسائي في السنن كتاب: الحج، باب: القراءة في ركعتي الطواف (5/ 261) (رقم: 2963). (¬6) أخرجه مسلم في صحيحه كتاب: الحج، باب: حجة النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - (2/ 887 - 888) (رقم: 147). وأبو داود في السنن كتاب: المناسك، باب: صفة حجة النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - (2/ 459 - 460) (رقم: 1905)، والترمذي في السنن كتاب: الحج، باب: ما جاء كيف الطواف (3/ 211) (رقم: 456)، وابن ماجة في السنن كتاب: المناسك، باب: حجة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (2/ 1023) (رقم: 3074).

206 / حديث: "عرَفة كُلُّها مَوْقفٌ ... ". وذكر المزدلفة (¬1) واستثنى بطنَ عُرَنة (¬2)، ومُحسَّر (¬3). في باب الوقوف بها (¬4). وهذا مرسل في الموطأ (¬5). وأسنده عبد العزيز بن أبي حازم خارجه عن مالك عن زياد بن سعد الخراساني، عن أبي الزبير المكي، عن طاوس وغيره عن ابن عباس، خرّجه الجوهري (¬6). وروى ابن عيينة عن زياد بن سعد عن أبي الزبير عن أبي معبد عن ابن ¬

_ (¬1) هي أحد المشاعر التي ينزلها الحجاج، ينحدرون إليها من عرفة ليلة العاشر من ذي الحجة، وفيها تجمع بين المغرب والعشاء. انظر: الروض المعطار (ص: 542)، والمعالم الأثيرة (ص: 251). (¬2) البطن، جمعها: بُطنان: المواضع التي يستريض فيها ماء السيل، وأما عرنة: بضم أوله وفتح الراء فهي واد عرفة. انظر: المعالم الأثيرة (ص: 50، 190). (¬3) محسَّر: بالضم وكسر السين المشدّدة، واد صغير يمر بين مبني ومزدلفة وليس منهما. المعالم الأثيرة (ص: 240). (¬4) الموطأ كتاب: الحج، باب: الوقوف بعرفة والمزدلفة (1/ 312) (رقم: 166). (¬5) انظر الموطأ برواية: - أبي مصعب الزهري (1/ 518) (رقم: 1338)، وسويد بن سعيد (ص: 509) (رقم: 1787)، ابن بكير (ل: 34 / أ) - الظاهرية-، وابن القاسم (ل: 63 / ب). (¬6) لعله في مسند ما ليس في الموطأ، وقد أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (1/ 451) (رقم: 11001) من طريق ابن أبي قتيلة، عن عبد العزيز بن أبي حازم، عن مالك، عن زياد بن سعد، عن أبي الزبير، عن أبي معبد وطاوس، عن ابن عباس: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "مزدلفة كُلُّها موقف، وارتفعوا عن بطن محسِّر، ومنى كلُّها منحر". قال ابن عبد البر: "هذا الحديث يتصل من حديث جابر من عبد الله، ومن حديث ابن عباس، ومن حديث علي بن أبي طالب". التمهيد (24/ 417).

عباس قال: قال النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "عرفة كلها موقف، وارتفعوا عن بطن عُرَنة، والمزدلفة كلها موقف، وارتفعوا عن بطن محسِّر، وشعاب منى كلها منحر"، خرّجه الطحاوي في المشكل (¬1). وجاء نحوه عن جماعة، خرّج البزار من طريق عبد الرحمن بن أبي حسين (¬2) عن جبير بن مطعم قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "كل عرفات موقف، وارتفعوا عن عُرَنَة، وكل مزدلفة موقف وارتفعوا عن محسِّر ... " (¬3). وخرّج الترمذي من طريق عبيد الله (¬4) بن أبي رافع عن عليّ قال: وقف النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - بعرفة فقال: "هذه (¬5) عرفة، وهذا الموقف، وعرفة كلها موقف"، ¬

_ (¬1) انظر: شرح مشكل الآثار (3/ 229) (رقم: 1194)، وكذا أخرجه ابن خزيمة في صحيحه (4/ 254) رقم: 2816)، والحاكم في المستدرك (1/ 462). وقال الحاكم: "صحيح على شرط مسلم"، ووافقه الذهبي. (¬2) في الأصل: "عبد الرحمن بن حسين"، وهو خطأ. (¬3) أخرجه البزار في مسنده (2/ 27) (رقم: 1126 - كشف الأستار)، وكذا ابن عدي في الكامل (2/ 1118)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (9/ 166) (رقم: 3854) من طريق عبد الملك بن عبد العزيز، عن سعيد بن عبد العزيز، عن سليمان بن موسى، عن عبد الرحمن بن أبي حسين به. وسنده ضعيف؛ لأن ابن أبي الحسين لم يلق جبير بن مطعم، كما قاله البزار فيما حكاه عنه الزيلعي في نصب الراية (3/ 61)، والحافظ في التلخيص (2/ 274)، وكذا لم يوثقه إلَّا ابن حبان (5/ 109). وأخرجه أحمد في المسند (4/ 82)، والطبراني في المعجم الكبير (2/ 138) (رقم: 1583)، والبيهقي في السنن الكبرى (5/ 295) من طريقين، عن سعيد بن عبد العزيز، عن سليمان بن موسى، عن جبير بن مطعم به. قال الهيثمي في المجمع (3/ 251): "رواه أحمد والبزار والطبراني في الكبير، ورجاله موثقون". قلت: رجال إسناده وإن كانوا موثّقين، إلَّا أنه منقطع، لأن سليمان بن موسى الأشدق لم يدرك جبيرًا، بل إِنَّهُ لم يدرك أحدًا من الصحابة كما قال العلائي، إلَّا أن الحديث حسن بشواهده. انظر: جامع التحصيل (ص: 190)، ونصب الراية (3/ 61). (¬4) تصحَّفت في الأصل إلى: "عبد الله". (¬5) في الأصل: "هذا"، وهو خطأ.

ثم أتى جمعًا - وهي المزدلفة - فلمّا أصبح أتى قُزَح (¬1)، فوقف عليه وقال: "هذا قُزَح، وهذا الموقف، وجمعٌ كلها موقف"، ثم أفاض حتى أتى إلى وادي محسّر، فقرع ناقته، فخبَّت حتى جاز الوادي فوقف (¬2). وفي حديث جابر الطويل أن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "وقفتُ ها هنا، وعرفة كلها موقف، وقفتُ ها هنا، وجمعٌ كلُّها موقف"، خرّجه مسلم وابن الجارود وغيرهما (¬3). 207 / حديث: "قال بمنى: هذا المنحر - يريد في الحج - ... ". فيه: وقال في العمرة - يريد مكة -: "هذا المنحر" يعني المروة. وعنه في الوجهين. في باب النحر في الحج ¬

_ (¬1) قُزح: كعُمر، هو أكمة بجوار المشعر الحرام في المزدلفة، وقد بُني عليه قصر ملكي. النهاية (4/ 58)، والمعالم الأثيرة (ص: 226). (¬2) أخرجه الترمذي في السنن كتاب: الحج، باب: ما جاء أن عرفة كلّها موقف (3/ 232) (رقم: 885)، وقال: "حسن صحيح". وكذا أبو داود في السنن كتاب: المناسك، باب: الصلاة مجمع (2/ 478) (رقم: 1935)، وابن ماجة في السنن كتاب: المناسك، باب: الموقف بعرفات (2/ 1001) (رقم: 3010)، مختصرًا، وأحمد في المسند (1/ 75 - 76، 157)، وأبو يعلى في المسند (1/ 264) (رقم: 312)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (3/ 231) (رقم: 1196) كلهم من طريق عبيد الله به. (¬3) أخرجه مسلم في صحيحه كتاب: الحج، باب: ما جاء أن عرفة كلها موقف (2/ 893) (رقم: 149)، وابن الجارود في المنتقى (ص: 164) (رقم: 465)، وأبو داود في السنن كتاب: المناسك، باب: صفة حجِّ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - (2/ 465) (رقم: 1907)، والنسائي في السنن كتاب: المناسك، باب: رفع اليدين في الدعاء بعرفة (5/ 282) (رقم: 3015)، وأحمد في المسند (3/ 320 - 321)، ابن خزيمة في صحيحه (4/ 254) (رقم: 2815). وجاء نحوه عن ابن عمر وأبي هريرة، انظر: نصب الراية (3/ 61 - 62)، والتلخيص الحبير (2/ 274).

بلغه (¬1). وهذا الحديث أيضًا لجماعة، روى عطاء بن أبي رباح عن جابر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "عرفة كلها موقف، والمزدلفة كلها موقف، ومنى كلها منحر، وكل فجاج مكة طريق ومنحر"، خرّجه ابن حنبل في المسند، والطحاوي في المشكل (¬2). وفي الحديث الطويل لجابر: "نحرتُ ها هنا، ومنى كلُّها منحر، فانحروا في رحالكم"، خرّجه مسلم (¬3). وروى محمد بن المنكدر عن أبي هريرة مرفوعًا: "كلُّ عرفة موقف، وكلُّ منى منحر، وكلُّ فِجاج مكَّة منحر"، خرّجه الدارقطني في العلل (¬4). وفي حديث على وجبير بن مطعم وغيرهما: "منى كلها منحر" (¬5). 208 / حديث: "اعتمر ثلاثا ... ". وذكر الأعوام: الحديبية، والقضية، والجِعِرَّانة. في باب: العمرة في أشهر الحج. ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الحج، باب: ما جاء في النحر في الحج (1/ 315) (رقم: 178). (¬2) انظر: المسند (3/ 326)، وشرح مشكل الآثار (3/ 232) (رقم: 1198). وأخرجه أبو داود في السنن كتاب: المناسك، باب: الصلاة بجمع (2/ 478) (رقم: 1937)، والدارمي في السنن كتاب: الحج، باب: عرفة كلها موقف (2/ 56 - 57)، والحاكم في المستدرك (1/ 460)، والبيهقي في السنن الكبرى (5/ 239) كلهم من طريق أسامة بن زيد الليثي، عن عطاء به. والحديث إسناده حسن، وقد صححه الحاكم على شرط مسلم، ووافقه الذهبي. (¬3) انظر: صحيح مسلم كتاب: الحج، باب: أن عرفة كلّها موقف (2/ 893 / 149). (¬4) العلل (10/ 62 - 63). (¬5) حديث عليٍّ وجبير تقدّما، وجاء هذا في حديث جابر الطويل وابن عباس أيضًا.

بلغه (¬1). روى جماعة عن جابر: "أن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - اعتمر ثلاث عمر، كلُّها في ذي القَعْدة، إحداهن زمان الحُديبية، والأخرى في صُلْح قريش، والثالثةُ مرجعه من الطائف زمنَ حُنين من الجِعِرَّانة"، خرّجه البزار (¬2). وجاء عن البراء: "أنه اعتمر ثلاث عمر"، خرّجه ابن أبي شيبة (¬3). وخرّج ابن حنبل عن البراء أنه قال: "اعتمر النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - قبل أن يحج ثلاث عمر"، فقالت عائشة: لقد علم أنه اعتمر أربع عمر بعمرته التي حج فيها (¬4). وانظر هذا المعنى في مرسل عروة (¬5)، ومرسل سعيد بن المسيب (¬6). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الحج، باب: العمرة في أشهر الحج (1/ 278) (رقم: 55). (¬2) أخرجه البزار في مسنده (2/ 38) (رقم: 1149 - كشف الأستار -) من طريق سعيد بن جبير، وطلق بن حبيب، وأبي الزبير، كلهم عن جابر. وكذا أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط (4/ 287) (رقم: 4220). وذكره الهيثمي في المجمع (3/ 279)، وقال: "رواه البزار والطبراني في الأوسط، ورجاله رجال الصحيح". (¬3) لم أجده في المصنف له. (¬4) أخرجه أحمد في المسند (4/ 297) من طريق أبي إسحاق، عن البراء، قال: "اعتمر النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - قبل أن يحج، واعتمر قبل أن يحج، فقالت عائشة: لقد علم أنَّه اعتمر أربع عمر بعمرته التي حج فيها". قلت: سياق أحمد لحديث البراء ظاهر في أنَّه ذكر للنَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - عمرتين فقط، وهذا ما رواه أيضًا البخاري في صحيحه (1/ 539) (رقم: 1781) من غير ذكر استدراك عائشة عليه، فلا أدري هل وقع ذلك في نسخة المؤلف من مسند الإمام أحمد أم أن هذا وهم منه، وما ذكرته عائشة من كون النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - اعتمر أربع عمر ورد أيضًا من حديث ابن عمر وأنس. انظر: صحيح البخاري (1/ 537 - 538) (رقم: 1775، 1776، 1778، 1779)، وانظر الجمع بين حديثهم وحديث البراء في الفتح (3/ 702). (¬5) تقدّم حديثه (5/ 90). (¬6) تقدَّم حديثه (5/ 202).

209 / حديث: "أهل من الجِعِرَّانة بعمرة". في باب: مواقيت الإهلال. بلغه (¬1). هذا الحديث لِمُحَرِّش (¬2) الكجي، الخزاعي، خرّجه الترمذي عنه، وذكر فيه أنه خرج من الجعرانة ليلا، فدخل مكة واعتمر، وانصرف من ليلته فأصبح بالجعرانة كبائت، قال: "فمن أجل ذلك خفيت عمرته" (¬3). وجاء معناه عن جابر، وأنس، وابن عباس، وغيرهم (¬4). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الحج، باب: مواقيت الإهلال (1/ 271) (رقم: 27). (¬2) مُحَرِّش: بضم الميم وفتح الحاء وكسر الراء المشذدة، وشين معجمة، ويقال: مِحْرَيق: بكسر الميم، وسكون الحاء، وفتح الراء، وقيل فيه: مِخْرَش - بالخاء المعجمة، إلَّا أن الأول هو قول أكثر أهل الحديث، كما قاله ابن عبد البر، وصوَّبه ابن قانع، وهو ابن سُويد بن عبد الله بن مرة الخزاعي الكعبي، عِداده في أهل مكة، صحابى له حديث في عمرة الجعِرَّانة، وهو هذا الحديث. انظر: الطبقات الكبرى (6/ 14)، ومعجم الصحابة (3/ 89، 91)، والاستيعاب (10/ 233 - 234)، وأسد الغابة (5/ 68)، والإكمال (7/ 226)، وتهذيب الكمال (27/ 285). (¬3) أخرجه الترمذي في السنن كتاب: الحج، باب: ما جاء في العمرة من الجعرانة (3/ 273 - 274) (رقم: 935)، وأبو داود في السنن كتاب: المناسك، باب: المهلة بالعمرةَ تحيض فيدركها الحج .. (2/ 507) رقم: 1996)، والنسائي في السنن كتاب: المناسك، باب: دخول مكة ليلًا (5/ 219 - 220) رقم: 2863)، وأحمد في المسند (3/ 426، 427)، والدارمي في السنن كتاب: الحج، باب: الميقات بالعمرة (2/ 52)، والبيهقي في السنن الكبرى (4/ 357)، وابن عبد البر في التمهيد (24/ 408) من طريق مزاحم بن أبي مزاحم، عن عبد العزيز بن عبد الله، عن محرش به. قال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب، ولا نعرف لمحرِّش الكعبي عن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - غير هذا الحديث". وكذا حسَّنه ابن حجر في الإصابة (9/ 101). (¬4) لعل مراد المؤلف بحديث جابر هو ما رواه النسائي في السنن كتاب: المناسك، باب: الخطبة قبل يوم التروية (5/ 273) (رقم: 2993)، والدارمي في السنن كتاب: الحج، باب: خطبة الموسم (2/ 66)، ابن خزيمة في صحيحه (4/ 319) (رقم: 2974)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) =

وانظر مواقيت الإهلال لنافع وابن دينار عن ابن عمر (¬1) 210 / حديث: "حلّ هو وأصحابه بالحديبية ... ". وذكر النحر، والحلاق والإحلال. في باب الإحصار. ¬

_ = (15/ 19) (رقم: 6645) من طريق عبد الله بن عثمان بن خُثيم، عن أبي الزبير، عن جابر: "أن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - حين رجع من عمرة الجِعِرَّانة بعث أبا بكر على الحج ... "، الحديث في بعثه علي بن أبي طالب ببراءة وغير ذلك، وسنده ضعيف لعنعنة أبي الزبير وهو مدلِّس. - وحديث أنس عند البخاري في صحيحه كتاب: العمرة، باب: كم اعتمر النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - (1/ 538) (رقم: 1778، 1779، 1780)، ومسلم في صحيحه كتاب: الحج، باب: بيان عدد عمَر النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - (2/ 916) (رقم: 217). - وحديث ابن عباس أخرجه أبو داود في السنن كتاب: المناسك، باب: الاضطباع في الطواف (2/ 444) (رقم: 1884)، وأحمد في المسند (1/ 306، 371)، والطبراني في المعجم الكبير (12/ 62) (رقم: 12478)، والبيهقي في السنن الكبرى (5/ 79) كلهم من طريق حماد بن سلمة، عن عبد الله بن عثمان بن خُثيم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه اعتمروا من الجعِرَّانة ... "، فذكره. والحديث رجاله رجال الصحيح، وقد صححه الألباني في الإرواء (4/ 292). وأخرج الترمذي في السنن كتاب: الحج، باب: ما جاء في كم اعتمر النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - (3/ 180) (رقم: 816)، وابن ماجة في السنن كتاب: المناسك، باب: كم اعتمر النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - (2/ 999) (رقم: 3003)، وأحمد في المسند (1/ 246، 321)، والدارمي في السنن كتاب: المناسك، باب: كم اعتمر النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - (1/ 51)، والحاكم في المستدرك (3/ 50) من حديث عكرمة، عن ابن عباس قال: "اعتمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أربع عُمر: عمرة الحديبية، والثانية حين تواطؤوا على عمرة من قابل، والثالثة من الجعِرَّانة، والرابعة التي قرن مع حجّته". والحديث حسّنه الترمذي، وقال الحاكم: "صحيح الإسناد، ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي. وأخرج ابن خزيمة في صحيحه (4/ 362) (رقم: 3078) من حديث أبي هريرة أنَّه قال: "لما قفل النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - من حنين اعتمر من الجِعِرَّانة، ثم أمَّر أبا بكر على تلك الحجة"، وإسناده صحيح. (¬1) تقدّم حديث نافع (2/ 386)، وحديث ابن دينار (2/ 479).

بلغه (¬1). معنى هذا لابن عمر في الصحيحين (¬2). وخرّج البخاري قصّة الحديبية بكمالها عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم. وفيه: أنهم شرطوا تأخير العمرة إلى العام المقبل، وأن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه حلّوا بالحديبية (¬3) وهي خارج الحرم (¬4)، فلهذا قال ابن عمر: "اعتمر عمرتين"، لم يعدَّ هذه ولا التي قرن مع حجته، خرّج النسائي وأبو داود هذا عن ابن عمر ... وفيه: أن عائشة قالت: "لقد علم ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد اعتمر ثلاثًا سوى العمرة التي قرنها بحجة الوداع" (¬5)، عدّت عمرة الحديبية ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الحج، باب: ما جاء فيمن أحصر بعدو (1/ 291). (¬2) انظر: صحيح البخاري كتاب: المحصر، باب: إذا أحصر المعتمر (2/ 3) (رقم: 1807)، وصحيح مسلم كتاب: الحج، باب: بيان جواز التحلل بالاحصار (2/ 903) (رقم: 181). (¬3) انظر: صحيح البخاري كتاب: الشروط، باب: الشروط في الجهاد والمصالحة مع أهل الحرب وكتابة الشروط (2/ 279) (رقم: 2731، 2732). (¬4) اختلفت الأقوال في كونها من الحل أو الحرم، فذهب مالك إلى أن جميعها من الحرم. وقال الشافعي: "منها ما هو في الحل، ومنها ما هو في الحرم"، وقال ابن القيم: "هي في الحل باتفاق الناس"، كما ذهب إليه المؤلف. انظر: الأم للشافعي (2/ 159)، وعقد الجواهر الثمينة في مذهب عالم المدينة لابن شاس (1/ 442)، وزاد المعاد (3/ 380). (¬5) أخرجه النسائي في السنن الكبرى (2/ 470) (رقم: 4218)، وأبو داود في السنن كتاب: المناسك، باب: العمرة (2/ 505) (رقم: 1992) من طريق أبي إسحاق، عن مجاهد، قال: "سئل ابن عمر: كم اعتمر النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: مرتين، فقالت عائشة: لقد علم ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد اعتمر ثلاثًا سوى التي قرنها بحجة الوداع". هكذا وقع في رواية أبي إسحاق عن مجاهد، أي أنَّه جعل الاختلاف في عدد الاعتمار، وخالفه منصور بن المعتمر عند البخاري (1/ 537 - 538) (رقم: 1775، 1776)، فرواه عن مجاهد، عن ابن عمر أنَّه قال: "اعتمر أربع عمرات إحداهنَّ في رجب، فلما بلغ ذلك عائشة قالت: يرحم الله أبا عبد الرحمن ما اعتمر عمرة إلَّا وهو شاهده، وما اعتمر في رجب قط"، فجعل الاختلاف في شهر العمرة. =

في الجملة، ولم تكن بمكة. وجاء عن ابن عمر أنه [قال] في ذلك (¬1)، وروى نحوه عن جماعة (¬2). وانظر حديث الصد عن البيت، وحديث الدعاء للمحلِّقين لابن عمر من طريق نافع (¬3)، وأحاديث الاعتمار في مرسل عروة (¬4)، ومرسل سعيد بن المسيب (¬5). ¬

_ = قال ابن حجر: "ويمكن تعدّد السؤال بأن يكون ابن عمر سئل أولًا عن العدد، فأجاب، فرددت عليه عائشة، فرجع إليها، فسئل مرة أخرى فأجاب بموافقتها، ثم سئل عن الشهر فأجاب بما في ظنّه". فتح الباري (3/ 703). وحديث أبي إسحاق عن مجاهد، أخرجه أيضًا أحمد في المسند (2/ 70)، وعبد بن حميد كما في المنتخب (ص: 257) (رقم: 809)، والطحاوي وشرح معاني الآثار (2/ 150)، والبيهقي في السنن الكبري (5/ 10) كلهم من طرق عن زهير بن معاوية، عن أبي إسحاق به. ورجاله ثقات، إلَّا أن أبا إسحاق السبيعي اختلط بأخرة، وكان سماع زهير منه بعد الاختلاط، لكن روي الشيخان له من روايته عن أبي إسحاق. انظر: التقريب (رقم: 5065)، والكواكب النِّيرات (ص: 350 - 351). (¬1) ما بين المعقوفين مضروب في الأصل، وإبقاؤه أولى؛ فإنَّ مراد المؤلف بهذا بيان أن كون النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - اعتمر أربعًا ورد عن ابن عمر أيضًا كما تقدّم ذلك من رواية مجاهد عند البخاري في الصحيح. (¬2) روي الترمذي في السنن كتاب: الحج، باب: ما جاء كم اعتمر النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - (3/ 180) (رقم: 816) من حديث ابن عباس: "أن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - اعتمر اربع عمر ... "، فذكرها، ثم قال: "وفي الباب عن أنس، وعبد الله بن عمرو، وابن عمر". قلت: حديث أنس عند البخاري في صحيحه كتاب: العمرة، باب: كم اعتمر النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - (1/ 538) (رقم: 1778)، ومسلم في كتاب: الحج، باب: بيان عدد عمر النبي - صلى الله عليه وسلم - (2/ 916) (رقم: 217). وحديث عبد الله بن عمرو عند أحمد في المسند (2/ 180). وفي الباب أيضًا عن جابر بن عبد الله عند البزار في مسنده (2/ 38) (رقم: 1149 - كشف الأستار)، والطبراني في المعجم الأوسط (4/ 287) (رقم: 4220)، وليس فيه: التي قرن مع حجَّته. قال الهيثمي في المجمع (3/ 279): "رواه البزار والطبراني في الأوسط، ورجاله رجال الصحيح". (¬3) تقدَّم (2/ 393، 394). (¬4) تقدَّم حديثه (5/ 90). (¬5) تقدَّم حديثه (5/ 202).

211 / حديث: "استقيموا ولن تُحصوا، واعملوا وخيرُ أعمالكم لصلاة، ولا يُحافظ على الوضوء إلَّا مؤمن". في آخر جامع الوضوء. بلغه (¬1). هذا لثوبان وعبد الله بن عمرو: خرّجه البزار والطيالسي عن ثوبان (¬2)، ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الطهارة، باب: جامع الوضوء (1/ 58) (رقم: 36). (¬2) لم أقف عليه في النسخة الخطية من مسند البزار (برقم: 804) وفيها حديث ثوبان رضي الله عنه. وأخرجه الطيالسي في مسنده (ص: 134) (رقم: 996) من طريق سالم بن أبي الجعد، عن ثوبان، عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "استقيموا .. "، ثم قال: "ويُروى هذا الحديث عن الوليد بن مسلم، عن عبد الرحمن بن ثابت، عن حسان بن عطية، عن أبي كبشة، عن ثوبان، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -". ورجال الإسنادين ثقات، إلَّا أن الإسناد الأول منقطع: لأنَّ سالم بن أبي الجعد لم يسمع من ثوبان ولم يلقه كما قال البخاري وأحمد وأبو حاتم، وغيرهم. انظر: العلل الكبير للترمذي (2/ 963)، والجرح والتعديل (4/ 181)، وجامع التحصيل للعلائي (ص: 179)، وتهذيب الكمال (10/ 132). والحديث من طريق سالم أخرجه أيضًا ابن ماجة في السنن كتاب: الطهارة، باب: المحافظة على الوضوء (1/ 101) (رقم: 277)، وأحمد في المسند (5/ 276 - 277)، والدارمي في السنن كتاب: الصلاة، ، باب: ما جاء في الطهور (1/ 168)، والطبراني في المعجم الصغير (ص: 23) (رقم: 8)، والأوسط (7/ 116) (رقم: 7019)، والحاكم في المستدرك (1/ 130)، والبيهقي في السنن الكبرى (1/ 457) كلهم من طرق عن سالم به. قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه، ولست أعرف له علّة يُعلل بمثلها مثل هذا الحديث"، ووافقه الذهبي، وكذا صحح المنذري إسناده في الترغيب والترهيب (1/ 221)، لكن تقدَّم أنه منقطع. قال البوصيري: "هذا الحديث رجاله ثقات أثبات، إلَّا أنَّه منقطع بين سالم وثوبان: فإنَّه لم يسمع منه بلا خلاف، لكن له طريق آخر متصلة، أخرجها أبو داود الطيالسي في مسنده، وأبو يعلى الموصلي، والدارمي في مسنده، وابن حبان في صحيحه من طريق حسان بن عطية: أن أبا كبشة =

وابن أبي شيبة عن عبد الله (¬1). ¬

_ = حدّثه أنه سمع ثوبان ... "، ثم نقل قول الحاكم وتعقّبه بقوله: "علته أن سالمًا لم يسمع من ثوبان، قاله أحمد وأبو حاتم والبخاري وغيرهم". مصباح الزجاجة (1/ 122). قلت: الحديث من طريق حسان بن عطية لم أجده في المطبوع من مسند أبي يعلى، وهو عند الدارمي (1/ 168)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (3/ 311) (رقم: 1037)، وكذا أخرجه أحمد في المسند (5/ 280)، والطبراني في المعجم الكبير (2/ 101) (رقم: 1444)، وابن شاهين في الترغيب في فضائل الأعمال (ص: 102) (رقم: 34) بلفظ: "سدِّدوا وقاربوا، واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة"، وإسناده حسن. ولحديث ثوبان هذا طريق ئالث أيضًا، أخرجه أحمد في المسند (5/ 280) من طريق عبد الرحمن بن ميسرة، عن ثوبان بلفظ: "استقيموا تفلحوا، وخير أعمالكم الصلاة، ولم يحافظ على الوضوء إلَّا مؤمن". وعبد الرحمن بن ميسرة، قال فيه علي بن المديني: "مجهول لم يرو عنه غير حَريز بن عثمان"، ووثّقه العجلي، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال أبو داود: "شيوخ حَريز كلّهم ثقات"، فهو ثقة إن شاء الله، وصحح إسناده الألباني في الإرواء (2/ 136). فالحاصل أن حديث ثوبان ورد من طرق في بعصها انقطاع، إلَّا أنَّه صحيح بمجموعها، وقد صحح ابن عبد البر في التقصي (ص: 250)، والألباني في الإرواء (2/ 135). وانظر ترجمة عبد الرحمن بن ميسرة في: معرفة الثقات (2/ 89)، والثقات لابن حبان (5/ 109)، وتهذيب الكمال (17/ 450 - 451)، وتهذيب التهذيب (2/ 208). (¬1) انظر: المصنف (1/ 6). وكذا أخرجه ابن ماجه في السنن (1/ 102) (رقم: 278) من طريق ليث بن أبي سليم، عن / مجاهد، عن عبد الله بن عمرو به. وسنده ضعيف، لأجل ليث بن أبي سليم. ورواه ابن ماجه أيضًا (1/ 102) (رقم: 279) من حديث أبي حفص الدمشقي، عن أبي أمامة مرفوعًا. وسنده ضعيف، لأنَّ أبا حفص الدمشقي مجهول، ولأجله ضعّفه البوصيري في مصباح الزجاجة (1/ 123). ورواه الطبراني في المعجم الكبير (7/ 28) (رقم: 6270)، والعقيلي في الضعفاء (4/ 168) من حديث إياس بن سلمة بن الأكوع، عن أبيه مرفوعًا نحوه. وفي إسناده الواقدي، وهو متروك. ولذا قال العقيلي: "هذا يُروى من غير هذا الوجه بإسناد ثابت عن ثوبان عن النبي - صلى الله عليه وسلم -".

212 / حديث: "كان إذا وضع رجله في الغَرْز (¬1) وهو يريد السفر يقول: بسم الله، اللهم أنت الصاحب في السفر ... ". في الجامع، باب ما يؤمر به من الكلام في السفر. بلغه (¬2). معنى هذا الحديث لجماعة، خرّجه مسلم عن ابن عمر، وعبد الله بن سَرْجِس أيضًا (¬3)، وعن أبي هريرة (¬4)، وألفاظهم مختلفة (¬5). 213 /حديث: "كان يدعو فيقول: اللهمّ إني أسألك فعل الخيرات وترك المنكرات ... ". وفيه: ذكر الفتنة. في الصلاة، عند آخره، باب: العمل في الدعاء. بلغه (¬6). هذا الحديث عند يحيى بن يحيى وطائفة من مرسل مالك. وقال فيه ابن بُكَير وجماعة: مالك، عن يحيى بن سعيد: أنَّه بلغه (¬7). ¬

_ (¬1) الغَرْز: ركاب كور الجمل إذا كان من جلد أو خشب. النهاية (3/ 359). (¬2) الموطأ كتاب: الاستئذان، باب: ما يؤمر به من الكلام في السفر (2/ 744) (رقم: 34). (¬3) انظر: صحيح مسلم، كتاب: الحج، باب: ما يقول إذا ركب إلى سفر الحج أو غيره (2/ 978) (رقم: 425، 426). (¬4) حديث أبي هريرة ليس عند مسلم، وقد أخرجه أبو داود في السنن كتاب: الجهاد، باب: ما يقول الرجل إذا سافر (3/ 74 - 75) (رقم: 2598)، والترمذي في السنن كتاب: الدعوات، باب: ما يقول إذا خرج مسافرًا (5/ 463) (رقم: 3438)، والنسائي في السنن كتاب: الاستعاذة، باب: الاستعاذة من كآبة المنقلب (8/ 667) (رقم: 5516) بسند حسن. (¬5) من حيث الزيادة والنقص، والتقديم والتأخير، وأكملها حديث ابن عمر. (¬6) الموطأ كتاب: القرآن، باب: العمل في الدعاء (1/ 190) (رقم: 40). (¬7) انظر الموطأ برواية: أبي مصعب الزهري (1/ 248) (رقم: 630)، وسويد بن سعيد (ص: 219) (رقم: 443)، وابن بكير (ل: 43 / أ - السليمانية-).

ومعناه لمعاذ وغيره، خرّجه الترمذي من طريق أبي سلَّام (¬1) مَمْطور الحبشي، عن عبد الرحمن بن عائش الحضرمي، عن مالك بن يُخامر السكسكي، عن معاذ بن جبل مرفوعًا، وقال الترمذي: "سألت محمدًا -يعني البخاري- عنه؟ فقال: هذا حديث حسن صحيح، وهو أصح من حديث الوليد بن مسلم". قال أبو عيسى: "ورواه الوليد بن مسلم، عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، عن خالد بن اللجلاج، عن عبد الرحمن بن عائش قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قال أبو عيسى: وهذا غير محفوظ، وعبد الرحمن بن عائش لم يسمع من النبي - صلى الله عليه وسلم -". انتهى قوله (¬2). وذكر الدارقطني أنَّه رُوي عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "رأيت ربي في أحسن صورة" (¬3). ¬

_ (¬1) في الأصل: "أبو سالم"، وهو خطأ. (¬2) انظر: السنن، كتاب: تفسير القرآن، باب: ومن سورة ص (5/ 343) (رقم: 3235). ومن طريق أبي سلَّام أخرجه أيضًا أحمد في المسند (5/ 243)، وابن خزيمة في التوحيد (2/ 540) (رقم: 321). وقال أبو حاتم: "هذا أشبه من حديث ابن جابر"، وهكذا قال ابن ناصر الدين. انظر: العلل (1/ 20)، وتوضيح المشتبه (6/ 65). وهذا حديث طويل وعظيم، اشتمل على جملة من المعارف والأحكام والكفارات والدعوات، ومنها هذا الدعاء الجامع: "اللهمَّ إني أسألك فعل الخيرات ... "، وقد أفرده ابن رجب في تأليف سمّاه: "اختيار الأولى في شرح حديث اختصام الملأ الأعلى". (¬3) هذا طرف من حديث معاذ بن جبل المتقدّم، رواه الدارقطني في كتاب الرؤية (ص: 308 - 360) من طريق ثلاثة عشر صحابيًّا، منهم: معاذ بن جبل، وابن عباس، وأبو هريرة، وأنس بأسانيد صحيحة وضعيفة.

وعائش المذكور: بالهمز، وشين معجمة (¬1). وخرّج الترمذي أيضًا هذا الحديث لابن عباس، واستغربه (¬2). 214 / حديث: "ما من داع يدعو إلى هُدًى إلَّا كان له مثلُ أجر من اتّبعه ... ". وذكر الداعي إلى ضلالة (¬3). أَدخل مالكٌ هذا الحديث في باب: العمل في الدعاء، وليس منه، إذ ليس ¬

_ (¬1) انظر: الإكمال لابن ماكولا (6/ 19)، وتوضيح المشتبه (6/ 64). (¬2) أخرجه الترمذي في السنن كتاب: التفسير (5/ 342 - 343) (رقم: 3234) من طريق قتادة، عن أبي قلابة، عن خالد بن اللجلاج، عن ابن عباس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "أتاني ربي في أحسن صورة .. "، فذكره. قال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه". قلت: إسناده ضعيف؛ لانقطاعه في موضعين: 1 - بين قتادة وأبي قلابة، قال أيوب: "لم يسمع قتادة من أبي قلاة شيئًا، وإنَّما دُفعت كتب أبي قلابة إليه". تاريخ داريا (ص: 73). ونفى سماعه أيضًا أحمد وأبو حاتم والفلَّاس والفسوي وغيرهم. انظر: المعرفة والتاريخ (2/ 141، 161)، والعلل لابن أبي حاتم (1/ 20). 2 - لا يثبت لخالد بن اللجلاج سماع من ابن عباس في غير هذا الحديث، قال ابن ماكولا: "وقال أبو قلابة: عن خالد بن اللجلاج عن ابن عباس، وهو وهم". الإكمال (6/ 19). وقال المزي: "روي عن عبد الله بن عباس فيما قيل، والمحفوظ عن عبد الرحمن بن عائش الحضرمي". تهذيب الكمال (8/ 160). لكن يشهد له حديث معاذ بن جبل المتقدّم. وحديث ابن عباس أخرجه أيضًا ابن أبي عاصم في السنة (1/ 204) (رقم: 469)، وأبو يعلى في المسند (4/ 475) (رقم: 2608)، وابن خزيمة في التوحيد (2/ 538) (رقم: 319)، والدارقطني في الرؤية (ص: 326 - 329) (رقم: 241)، والآجري في الشريعة (3/ 1547) (رقم: 1031)، والرافعي في أخبار قزوين (2/ 363 - 364). (¬3) الموطأ كتاب: القرآن، باب: العمل في الدعاء (1/ 190) (رقم: 41).

[فيه] (¬1) معنى السؤال والطلب، وإنما معناه الإرشاد، يقول الله سبحانه: {وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ} (¬2)، وقول مؤمن آل فرعون: {وَيَاقَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ} (¬3). والحديث لأبي هريرة، خرّجه مسلم في آخر القدر من طريق العلاء، عن أبيه، عنه (¬4). 215 / حديث: "كان يقول: لا ومقلِّبَ القلوب". في آخر الأيمان. بلغه (¬5). هذا عند يحيى بن يحيى وجماعة من مرسل مالك (¬6). وهو عند ابن بكير: مالك، عن موسى بن عقبة (¬7). وخرّجه البخاري عن موسى بن عقبة، عن سالم، عن أبيه (¬8). ¬

_ (¬1) ما بين المعقوفين زيادة مني. (¬2) سورة يونس، الآية: (25). (¬3) سورة غافر، الآية: (41). (¬4) انظر: صحيح مسلم كتاب: العلم، باب: من سنَّ سنة حسنة أو سيّئة، ومن دعا إلى هدى أو ضلالة (4/ 2060) (رقم: 16). (¬5) الموطأ كتاب: النذور والأيمان، باب: جامع الأيمان (2/ 382) (رقم: 15). (¬6) انظر الموطأ برواية: أبي مصعب الزهري (2/ 219) (رقم: 2225)، وسويد بن سعيد (ص: 270) (رقم: 585). (¬7) موطأ ابن بكير (ل: 176 / أ) - الظاهرية-. (¬8) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: القدر، باب: يحول بين المرء وقلبه (4/ 213) (رقم: 6617)، وفي الأيمان والنذور، باب: كيف كانت يمين النبي - صلى الله عليه وسلم - (4/ 215) (رقم: 6628)، وفي التوحيد، باب: مقلب القلوب (4/ 382) (رقم: 7391) من طريقين، عن موسى بن عقبة به. =

ورواه القعنبي خارج الموطأ عن نافع، عن ابن عمر، خرّجه الجوهري (¬1). 216 / حديث: "بُعثت لأتّمم أحسن الأخلاق". في الجامع. بلغه (¬2). وهذا لأبي هريرة أيضًا، رواه القعقاع، عن أبي صالح، عنه، خرّجه أبو عمر في التمهيد (¬3). 217 / حديث: "دخل المسجد فوجد فيه أبا بكر وعمر، فقالا: أخرَجَنا الجوعُ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: وأنا أخرجني الجوع، فذهبوا إلى أبي ¬

_ = قال الزرقاني: "معلوم أن بلاغه صحيح، ولعل هذا بلغه من شيخه موسى بن عقبة"، ثم ذكر إخراج البخاري له من طريق موسى بن عقبة. شرح الزرقاني (3/ 89). (¬1) لعله في مسند ما ليس في الموطأ. (¬2) الموطأ كتاب: حسن الخلق، باب: ما جاء في حسن الخلق (2/ 690) (رقم: 8). (¬3) أخرجه من طريق ابن عجلان، عن القعقاع به، وقال: "هذا حديث مدني صحيح". التمهيد (24/ 333 - 334). قلت: وأخرجه قبله البخاري في الأدب المفرد (ص: 90) (رقم: 273)، وأحمد في المسند (2/ 381)، والبزار في مسنده (3/ 157) (رقم: 247 - كشف الأستار)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (11/ 262) (رقم: 4432)، والحاكم في المستدرك (2/ 613)، والبيهقي في السنن الكبرى (10/ 191 - 192) كلهم من طريق ابن عجلان به. وبعضهم يقول فيه: "صالح الأخلاق". قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي. وذكره السخاوي في المقاصد الحسنة (ص: 122) (رقم: 204)، وقال: "رجاله رجال الصحيح". وأخرج الطبراني في المعجم الأوسط (7/ 74) (رقم: 6895) من حديث جابر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنَّ الله بعثني بتمام مكارم الأخلاق، وكمال محاسن الأفعال". قال السخاوي: "هو ضعيف، ومعناه صحيح".

الهيثم ... ". ذكر فيه: عمل الشعير، وذبح الشاة، وتعليق الماء، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لتُسأَلُنَّ عن نعيم هذا اليوم". في الجامع، باب: الطعام والشراب. بلغه (¬1). وهذا لأبي هريرة، خرّجه مسلم من طريق أبي حازم سلمان مولى عَزّة الأشجعية عنه (¬2)، وفي إسناده عن أبي سلمة خُلْف، ذكره الدارقطني في العلل (¬3). 218 / حديث: "ما من نبي إلا قد رعى الغنم". في الجامع، ما جاء في أمر الغنم. بلغه (¬4). رُوي هذا عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبيه (¬5)، وجابر، وأبي هريرة (¬6). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: صفة النبي - صلى الله عليه وسلم -، باب: جامع ما جاء في الطعام والشراب (2/ 710) (رقم: 28). (¬2) أخرجه مسلم في الأشربة، باب: جواز استتباعه غيره إلى دار من يثق برضاه بذلك .. (3/ 1609 - 1610) (رقم: 140). (¬3) لم أجده في العلل. (¬4) الموطأ كتاب: الاستئذان، باب: ما جاء في أمر الغنم (2/ 1740) رقم: 18). (¬5) أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط (4/ 13) (رقم: 3489)، وابن عبد البر في التمهيد (24/ 344 - 345) من طريق مِسعر بن كدام، عن سعد بن إبراهيم، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبيه عبد الرحمن بن عوف قال: "مرَّ بنا النبي - صلى الله عليه وسلم - ونحن نجتني ثمر الأراك، فقال: عليكم بالأسود فيه، فإني كنت أجتنيه وأنا أرعى الغنم، فقالوا: رعيت يا رسول الله؟ قال: نعم، وما من نبي إلَّا وقد رعاها". وسنده ضعيف؛ للانقطاع بين أبي سلمة بن عيد الرحمن وأبيه، قال ابن معين والبخاري: "لم يسمع من أبيه شيئًا". انظر: تاريخ ابن معين (2/ 708 - رواية الدوري)، وجامع التحصيل (ص: 213). (¬6) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الإجارة، باب: رعي الغنم على قراريط (2/ 130) =

وخُرّج في الصحيحين من طريق الزهري، عن أبي سلمة، عن جابر (¬1). 219 / حديث: "إن كان دواء يبلغ الداء، فإن الحجامة تبلغه". في الجامع. بلغه (¬2). معنى هذا الحديث لأبي هريرة، أسنده أبو عمر من طريق الدارقطني عن أبي سلمة عنه (¬3). وفي حديث سعيد بن جبير، عن ابن عباس: "الشفاء في ثلاثة"، خرّحه البخاري (¬4). وجاء عن أبي كبشة الأنماري مرفوعًا: "من أهراق هذه الدماء فلا يضره ألا يتداوى بشيء لشيء"، خرّج هذا قاسم بن أصبغ (¬5). ¬

_ (¬1) انظر: صحيح البخاري كتاب: الأنبياء، باب: يعكفون على أصنام لهم (2/ 477) (رقم: 3406)، وصحيح مسلم كتاب: الأشربة، باب: فضيلة الأسود من الكباث (3/ 1621) (رقم: 163). (¬2) الموطأ كتاب: الاستئذان، باب: ما جاء في الحجامة وأجرة الحجّام (2/ 742) (رقم: 27). (¬3) التمهيد (24/ 347). وأسنده أبو داود في السنن كتاب: الطب، باب: في الحجامة (4/ 194) (رقم: 3857)، وابن ماجه في السنن كتاب: الطب، باب: الحجامة (2/ 1151) (رقم. 3476)، وأحمد في المسند (2/ 342)، وأبو يعلى في المسند (10/ 318) (رقم: 5911)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (13/ 442) (رقم: 6078)، والحاكم في المستدرك (4/ 410) من طرق عن حماد بن سلمة، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة: إنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن كان في شيء ممّا تداويتم به خير فالحجامة". وسنده حسن. (¬4) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الطب، باب: الشفاء في ثلاث (4/ 32) (رقم: 5680). (¬5) لم أجده من طريقه، لكن أخرجه أبو داود في السنن كتاب: الطب، باب: في موضع الحجامة (4/ 195) (رقم: 3859)، وابن ماجه في السنن كتاب: الطب، باب: موضع الحجامة (2/ 1152) (رقم: 3484)، والبيهقي في السنن الكبرى (9/ 340) من طريق الوليد بن مسلم، =

وفي اسم أبي كبشة خلاف (¬1). وانظر الحجامة لأنس (¬2)، وفي مرسل سليمان بن يسار (¬3) 220 / حديث: "نهى عن بيعتين في بيعة". في البيوع. بلغه (¬4). وهذا الحديث لأبي هريرة، خرّجه النسائي، والترمذي من طريق أبي سلمة عنه (¬5)، وصححه أبو عُمر (¬6). ¬

_ = عن ابن ثوبان - وهو عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان - عن أبيه، عن أبي كبشة: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يحتجم على هامته وبين كتفيه ويقول: من أهراق ... "، وذكره. (¬1) قيل: عمرو بن سعد، قاله خليفة بن خياط، وقيل: سعد بن عمرو، وقيل: سليم. انظر: طبقات خليفة (ص: 73)، والاستيعاب (12/ 105)، والاستغناء (2/ 251)، وأسد الغابة (6/ 255)، والإصابة (11/ 315). (¬2) تقدّم حديثه (2/ 62). (¬3) تقدّم حديثه (5/ 218). (¬4) الموطأ كتاب: البيوع، باب: النهي عن بيعتين في بيعة (2/ 512) (رقم: 72). (¬5) أخرجه النسائي في السنن كتاب: البيوع، باب: بيعتين في بيعة (7/ 340 - 341) (رقم: 4646)، والترمذي في السنن كتاب: البيوع، باب: ما جاء في النهي عن بيعتين في بيعة (3/ 533) (رقم: 1231)، وأحمد في المسند (2/ 432، 475، 503)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (11/ 347) (رقم: 4973)، والبيهقي في السنن الكبرى (5/ 343) كلهم من طريق أبي سلمة، عنه، قال: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيعتين في بيعة". قال الترمذي: "حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح". (¬6) قال في التمهيد (24/ 388): "هذا يتصل ويستند من حديث ابن عمر وأبي هريرة وابن مسعود عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من وجوه صحاح". وقال في الاستذكار (20/ 171): "وكلها صحاح من نقل العدول، وقد تلقّاها أهل العلم بالقبول".

221 / حديث: "نهى عن بيع وسلف". في البيوع. بلغه (¬1). روى هذا الحديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده. قال فيه أيوب: حدّثني عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن أبيه، عن أبيه، حتى ذكر عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يحل سلف وبيع لشيء آخر"، خرّجه النسائي، وأبو داود (¬2). 222/ حديث: "أن رجلا من الأنصار تصدّق على أبويه، فهلكا ... ". فيه: "قد أُجرتَ في صدقتك، وخذها بميراثك". بلغه. في الأقضية، باب: صدقة الحي على الميت (¬3). وليس منه. ومعنى هذا الحديث لبُريدة الأسلمي، خرّجه مسلم من طريق عبد الله بن بريدة، عن أبيه (¬4). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: البيوع، باب: السلف وبيع العروض بعضها ببعض (2/ 509) (رقم: 69). (¬2) أخرجه النسائي في السنن كتاب: البيوع، باب: شرطان في بيع (7/ 340) (رقم: 4644)، وأبو داود في السنن كتاب: البيوع والإجارات، باب: في الرجل يبيع ما ليس عنده (3/ 769) (رقم: 3504)، والترمدي في السنن كتاب: البيوع، باب: ما جاء في كراهية بيع ما ليس عندك (3/ 535) (رقم: 1234)، وقال: "حسن صحيح"، وابن ماجه في السنن كتاب: التجارات، باب: النهي عن بيع ما ليس عندك (2/ 737) (رقم: 2188) كلهم من طريق أيوب به. (¬3) الموطأ كتاب: الأقضية، باب: صدقة الحي عن الميت (2/ 582) (رقم: 54). (¬4) انظر: صحيح مسلم كتاب: الصيام، باب: قضاء الصيام عن الميت (2/ 805) (رقم: 157).

223 / حديث: "دخل على أم سلمة وهي حادّ على أبي سلمة، وقد جعلت على عينيها صِبرًا (¬1)، فقال: ما هذا يا أم سلمة؟ قالت: إنما هو صِبر، قال: فاجعليه بالليل وامسحيه بالنهار". في آخر الطلاق. بلغه (¬2). وهذا الحديث محفوظ لأم سلمة، خرّجه ابن وهب عن مخرمة، عن أبيه بإسناده عنها في حديث طويل، اختصره مالك وأرسله، وخرّجه النسائي من طريق ابن وهب (¬3). وحديث الموطأ لا يقتضي أن يُثبت لأمِّ سلمة، هذا جلّ ما فيه من قولها؛ لأن قولها هناك (¬4) خطاب للنبي - صلى الله عليه وسلم -، وليس على طريق الإخبار. 224 / حديث: "أن أمّ سلمة قالت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أنُهلَك وفينا الصالحون؟ قال: نعم، إذا كَثُر الحبث". في الجامع، عند آخره. بلغه (¬5). ¬

_ (¬1) الصّبِر ككَتف: عُصارة شجر مرٍّ، وله فوائد ذكرها ابن القيم والسيوطي. انظر: القاموس المحيط (ص: 541)، وزاد المعاد (4/ 334)، والمنهج السوي في الطب النبوي (ص: 303). (¬2) الموطأ كتاب: الطلاق، باب: ما جاء في الإحداد (2/ 468) (رقم: 108). (¬3) أخرجه النسائي في السنن، كتاب: الطلاق، باب: الرخصة للحادة أن تمتشط بالسدر (6/ 515) (رقم: 3539)، وأبو داود في السنن كتاب: الطلاق، باب: فيما تجتنبه المعتدة في عدّتها (2/ 727 - 728) (رقم: 2305) من طريقين، عن ابن وهب مطوّلًا، وسنده ضعيف لجهالة أم أم حكيم. ووقع في الأصل: "خرّجه البخاري"، ولم أجده فيه، فلعله تصحيف من "النسائي". (¬4) أي عند النسائي وأبي داود حيث قالت: "قلت: بأي شيء أمتشط يا رسول الله؟ ". (¬5) الموطأ كتاب: الكلام، باب: ما جاء في عذاب العامة بعمل الخاصة (2/ 756) (رقم: 22).

وهذا الحديث يُروى عن أم سلمة من طريق محمد بن سوقة، عن نافع، عنها (¬1)، وإسناده ليس بالقوي (¬2). والسؤال محفوظ لزينب بنت جحش، والحديث لها مخرّج في الصحيحين، وفيه زيادة (¬3). 225 / حديث: "إذا أنشأتْ بَحْرِيَّةً ثم تشاءَمَتْ فتلك عَينٌ غدَيقَة" (¬4). في الصلاة، في أبواب الاستسقاء. بلغه (¬5). هذا غريب، لا يكاد يوجد في شيء من الأمّهات، وقد رويناه في المنثور عن عائشة مسندًا. وأخبرني الفقيه الحافظ العدل، أبو علي حسين بن محمد الغَسَّاني، ¬

_ (¬1) ذكره الدارقطني في العلل (5 / ل: 173 / ب) وقال: "يرويه محمد بن سُوقة، واختلف عنه، فرواه ابن عيينة عن ابن سوقة، عن نافع بن جبير، عن عائشة". (¬2) هذا ما قاله ابن عبد البر أيضًا، ولعل الحمل فبه على الراوي عن محمد بن سوقة كما يدل عليه قول الدارقطني السابق؛ لأنَّ محمد بن سوقة، وكذا نافع بن جبير ثقتان. انظر: التمهيد (24/ 304). (¬3) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الفتن، باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ويل للعرب من شر قد اقترب" (4/ 314) (رقم: 7059)، وفي باب: يأجوج ومأجوج (4/ 327) (رقم: 7135)، ومسلم في صحيحه كتاب: الفتن وأشراط الساعة، باب: اقتراب الفتن وفتح الروم ويأجوج ومأجوج (4/ 2207 - 2208) (رقم: 1، 2) من طرق عن الزهري، عن عروة، عن زينب بن أم سلمة، عن أم حبيبة، عن زينب بنت جحش: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - استيقظ من نومه وهو يقول: لا إله إلَّا الله، ويل للعرب من شر قد اقترب .. قالت زينب: قلت يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: نعم، إذا كثر الخبث". هذا لفظ مسلم. (¬4) معناه: إذا نشأت السحاب من ناحية البحر، ثم استدارت فصارت ناحية الشام، فذلك سحاب يكون منه المطر الغزير والغدق والغزير. المنتقى للباجي (1/ 335). (¬5) الموطأ كتاب: الاستسقاء، باب: الاستمطار بالنجوم (1/ 171) (رقم: 5).

المعروف بالجيَّانِي قراءة منِّي عليه بقرطبة، قال: أخبرنا أبو شاكر (¬1)، قال: حدثنا أبو محمد الأصيلي (¬2)، حدثنا أبو بكر الشافعي (¬3)، حدثنا محمد بن الفرج بن محمود الأزرق (¬4)، حدثنا الواقدي وهو محمد بن عمر (¬5)، عن عبد الحكيم بن عبد الله بن ¬

_ (¬1) هو عبد الواحد بن محمد بن موهب التجيبي، القبري أبو شاكر. قال الجياني: "كان من أهل النُبل والذكاء". وقال الحميدي: "فقيه محدّث، أديب خطيب شاعر"، وُلد سنة (377 هـ)، وتوفي سنة (456 هـ). انظر: جذوة المقتبس (ص: 371)، والصلة (1/ 365). (¬2) هو الإمام الفقيه المحدّث، أبو محمد عبد الله بن إبراهيم بن محمد بن عبد الله الأصيلي، نسبة إلى مدينة أصيلا المعروفة بالمغرب، الواقعة على المحيط غربي مدينة طنجة، توجّه إلى قرطبة، ومن ثمَّ إلى المشرق، فدخل مصر والعراق، وسمع بها من أبي بكر الشافعي وغير واحد، وهو الذي روى صحيح البخاري عن أبي زيد المروزي عن الفربري، عن البخاري، وهي رواية حظيت بعناية كبيرة من العلماء. قال القاضي عياض: "كان من حفاظ مذهب مالك، ومن العاملين بالحديث وعلله ورجاله"، توفي سنة (392 هـ). انظر: تاريخ علماء الأندلس (1/ 294)، وجذوة المقتبس (ص: 257 - 258)، وترتيب المدارك (4/ 642 ت 644)، والسير (16/ 560). وقد أفرد ترجمته عبد الله كنون رئيس رابطة علماء المغرب في تأليفه اللطيف: ذكريات مشاهير علماء المغرب. (¬3) هو الإمام المحدّث المتقن، مسند العراق، محمد بن عبد الله بن إبراهيم بن عبدويه، أبو بكر البغدادي الشافعي البزاز صاحب الغيلانيات، أثنى عليه تلميذه الدارقطني فقال: "ثقة جبل، ما كان في ذلك الوقت أحد أوثق منه"، وقال الخطيب: "كان ثقة ثبتًا، كثير الحديث، حسن التصنيف"، وُلد سنة (260 هـ)، وتوفي سنة (354 هـ). انظر: تاريخ بغداد (5/ 456 - 457)، والسير (16/ 39)، وتذكرة الحفاظ (3/ 880)، وشذرات الذهب (4/ 286). (¬4) هو محمد بن الفرج بن محمود البغدادي، أبو بكر الأزرق، ذكره ابن حبان في الثقات، وقال الدارقطني: "لا بأس به"، وقال الخطيب: "أحاديثه صحاح". انظر: الثقات (9/ 144)، وسؤالات الحاكم للدارقطني (ص: 143)، وتاريخ بغداد (3/ 159). (¬5) قال ابن حجر: "متروك مع سعة علمه، مات سنة (207 هـ)، روى له ابن ماجه". انظر: تهذيب الكمال (26/ 180)، وتهذيب التهذيب (9/ 323)، والتقريب (رقم: 6175).

أبي فروة (¬1)، قال: سمعت عوف بن الحارث (¬2) يقول: سمعت عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - تقول: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إذا أنشأت بحرية، ثم تشاءمت فتلك عين غُديقة" (¬3). وأخبرني أبو علي الغساني، قال: أنا أبو العاصي (¬4)، أخبرنا أبو القاسم بن أبي غالب البزاز (¬5)، حدثنا أحمد بن مروان المالكي (¬6)، حدثنا أبو بكر بن أبي ¬

_ (¬1) هو أخو إسحاق بن أبي فروة، ذكره ابن حبان في الثقات، وقال الدارقطني: "شيخ مقل، مدني يُعتبر به إذا حدّث عن غير الواقدي"، كذا، ولعل الصواب إذا حدّث عنه غير الواقدي، وقال العقيلي: "لا يُعرف إلا بالواقدي"، وقال الذهبي: "صويلح"، ونقل الحافظ عن البزار أنه قال: "مشهور صالح الحديث، من أهل المدينة"، كذا قال! وكلام الدارقطني والعقيلي يدل على عدم شهرته. انظر: الثقات (7/ 138)، وسؤالات البرقاني للدارقطني (ص: 46) (رقم: 311)، والضعفاء للعقيلي (3/ 103)، وميزان الاعتدال (3/ 251)، واللسان (3/ 394). (¬2) هو عوف بن الحارث بن الطفيل بن سخبرة الأزدي، رضيع عائشة رضي الله عنها، ذكره ابن حبان في الثقات، وقال الحافظ: "مقبول". انظر: الثقات (5/ 275)، وتهذيب الكمال (22/ 441)، وتهذيب التهذيب (8/ 149)، والتقريب (رقم: 5216). (¬3) إسناده ضعيف جدًّا؛ لأجل الواقدي، وقد أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط (7/ 371) (رقم: 7757)، وقال: "لم يروه عن عوف بن الحارث إلَّا عبد الحكيم، تفرّد به الواقدي". (¬4) هو حكم بن محمد بن حكم بن محمد الجذامي، يُعرف بابن أفرنك، من أهل قرطبة، يكنى أبا العاصي، أثنى عليه تلميذه الجياني فقال: "كان رجلًا صالحًا، ثقة فيما نقل مسندًا، صلبًا في السنة، مشدِّدًا على أهل البدع، عفيفًا ورِعًا صبورًا على القلّ، رافضًا للدنيا، مهينًا لأهلها ... "، توفي سنة (447 هـ). انظر ترجمته في: الصلة (1/ 147)، والسير (17/ 659)، وشذارت الذهب (21/ 513). (¬5) هو الشيخ المحدّث أبو القاسم عبيد الله بن محمد بن خلف بن سهل بن أبي غالب المصري البزاز، توفي سنة (387 هـ). انظر: السير (16/ 522)، والعبر (3/ 35)، وشذرات الذهب (3/ 122). (¬6) هو الفقيه العلّامة المحدّث، أبو بكر أحمد بن مروان الدينوري المالكي. قال الذهبي: "اتّهمه الدارقطني، ومشّاه غيره". انظر: الديباج (ص: 32)، والسير (15/ 427)، والميزان (1/ 156)، واللسان (1/ 309).

الدنيا (¬1)، حدثنا محمد بن يحيى بن أبي حاتم الأزدي (¬2)، حدثنا محمد بن عمر الواقدي، نا عبد الحكيم بن عبد الله بن أبي فروة، قال: سمعت عوف بن الحارث يقول: سمعت عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - تقول: "إذا أنشأت السماء بحرية، ثم تشاءمت فتلك عين غُديقة" يعني (¬3) مطرًا كثيرًا (¬4). 226 / حديث: "إنِّي لأَنْسَى، أو أُنَسَّى لأَسُنَّ". في الصلاة، في باب: العمل في السهو. ¬

_ (¬1) هو الحافظ عبد الله بن محمد بن عبيد بن سفيان بن قيس القرشي مولاهم البغدادي، أبو بكر المعروف بابن أبي الدنيا صاحب التصانيف المشهورة، قال أبو حاتم الرازي: "صدوق". توفي سنة (280 هـ). انظر: الجرح والتعديل (5/ 163)، وتهذيب الكمال (16/ 72)، والسير (13/ 397)، وتهذيب التهذيب (6/ 12)، والتقريب (رقم: 3591). (¬2) هو محمد بن يحيى بن عبد الكريم بن نافع الأزدي، أبو عبد الله بن أبي حاتم البصري، ثقة روى له أبو داود في القدر، والترمذي والنسائي. انظر: تهذيب الكمال (26/ 633)، وتهذيب التهذيب (9/ 456)، والتقريب (رقم: 6389). (¬3) في الأصل: "يعطي"، والصواب ما أثبتُّه كما ورد عند ابن أبي الدنيا، وغديقة مصغّرة، أي كثيرة الماء. النهاية (3/ 346). ونقل الباجي عن سحنون أنَّه قال في كتاب التفسير لابنه: "معنى ذلك أنَّها بمنزلة ما يفور من العين". المنتقى (1/ 335). (¬4) أخرجه ابن أبي الدنيا في المطر والرعد والبرق والريح (ص: 81) (رقم: 42). ومن طريقه أبو الشيخ في العظمة (4/ 1247) (رقم: 722)، وابن الصلاح في رسالته في وصل البلاغات الأربع (ص: 11، 12)، وقال: "رواه الثقة ابن أبي الدنيا في كتاب المطر له، وفيه استدراك على الحافظ حمزة بن محمد الكناني وابن عبد البر، وليس إسناده بذاك لمكان محمد بن عمر، والظاهر أنَّه الواقدي، والله أعلم". قلت: بل هو نفسه كما ورد التصريح به عند المصنف، وهو متروك، فالإسناد ضعيف جدًّا. تنبيه: سقط محمد بن يحي من إسناد ابن الصلاح، وقد تنبّه محققه إلى هذا السقط، لكنه أخطأ في تعيين الساقط فقال: "والصواب أن ابن أبي الدنيا قال: حدثنا محمد بن سعد، حدثنا محمد بن عمر"، كذا قال! وهو خطأ.

بلغه (¬1). وهذا غريب، يقال: إن مالكًا انفرد به. سمعت أبا على حسين بن محمد الجياني يقول: سمعت أبا الوليد سليمان بن خلف الباجي يقول: سمعت أبا عبد الله محمد بن علي الصُّوري الحافظ يقول: سمعت أبا محمد عبد الغني بن سعيد الحافظ يقول: سمعت حمزة بن محمد الكناني يقول: "كُلُّ ما في الموطأ من مرسل [ـــــــــــــــــــــ] (¬2) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوجد له أصل من الإسناد من حديث مالك أو من غير حديثه، أو كلام هذا معناه، إلا حديثين: أحدهما: مالك أنه بلغه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إني لأَنْسَى، أو أُنَسَّى لأَسُنَّ". والثاني: مالك أنه بلغه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا أنشأتْ بحريةً ثم تشاءمتْ فتلك عين غَدِيقة" (¬3). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: السهو، باب: العمل في السهو (1/ 104) (رقم: 2). (¬2) ما بين المعقوفين كلمة لم أتبيّنها، وفد جاء النص في رسالة ابن الصلاح هكذا: "كل شيء رواه مالك في الموطأ مسندًا أو مرسلًا فقد روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من غير جهته ... ". رسالة ابن الصلاح (ص: 10 - 11). (¬3) أورده ابن الصلاح في رسالته في وصل البلاغات الأربع (ص: 10 - 11) من طريق أبي زكريا عبد الرحيم بن أحمد البخاري عن عبد الغني بن سعيد به. وقال ابن عبد البر: "هذا الحديث -يعني حديث إني لأنسى .. - بهذا اللفظ لا أعلمه يروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بوجه من الوجوه مسندًا ولا مقطوعًا من غير وجه، وهو أحد الأحاديث الأربعة في الموطأ التي لا توجد في غيره مسندة ولا مرسلة، والله أعلم، ومعناه صحيح في الأصول". التمهيد (24/ 375). قال الحافظ ابن رجب: "قد قيل: إنَّ هذا -يعني حديث النسيان- لم يُعرف له إسناد بالكلية، ولكن في تاريخ المفضل بن غسان الغلابي: حدَّثنا سعيد بن عامر قال: سمعت عبد الله بن المبارك قال: قالت عائشة: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إنَّما أنسى، أو أسهو لأسنَّ". فتح الباري (3/ 328). قلت: هذا مع انقطاعه فيه استدراك على الحافظين حمزة الكناني وابن عبد البر.

قال أبو علي: هكذا سمعت أبا الوليد يقول: غَديقة -بفتح الغين وكسر الدال، وقال: هكذا حدّثني أبو عبد الله الصُّوري، وكان من الحفاظ" (¬1). قال الشيح أبو العباس المؤلِّف: وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إني لأَنْسَى، أو أُنَسَّى لأَسنَّ" جاء معناه في حديث النوم عن الصلاة لابن مسعود، قال فيه: "إن الله تعالى لو أراد أن لا تناموا عنها لم تناموا، ولكن أراد أن تكون سنة لمن بعدكم"، خرّجه أبو داود سليمان الطيالسي (¬2). ورُوي أيضًا من حديث ابن مسعود أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنَّما أنا ¬

_ (¬1) قال أبو الوليد الباجي: "أهل بلدنا يروون: "غُديقة" بالتصغير، وقد حدَّثنا به أبو عبد الله الصنوبري (كذا) الحافظ وضبطه بخطِّه "غَديقة" بفتح الغين، وقال: هكذا حدّثني به عبد الغني الحافظ عن حمزة بن محمد الكناني الحافظ، والله أعلم". المنتقى (1/ 335). وقال القاضي عياض: "الغَدَق: بفتح الدال كثير، وصُغر غُديقة هنا على التكبير، وقد رواه بعضهم غَديقة، ضبطنا الضبطين على الحافظ أبي الحسين اللغوي". مشارق الأنوار (2/ 129). وقال الوقشي: "غَديقة -بفتح العين- كثرة الماء، قال تعالى: {مَاءً غَدَقًا}، أي كثيرًا، ولا يعرف اللغويون غُديقة -بضم الغين وفتح الدال- والفقهاء يروونه كذلك". تعليق على الموطأ (ل: 41 / ب). (¬2) أخرجه في مسنده (ص: 49 - 50) (رقم: 377) عن شعبة والمسعودي، عن جامع بن شداد، عن عبد الرحمن بن أبي علقمة القاري، عن عبد الله بن مسعود قال: "كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرجعه من الحديبية فعرسنا فقال: من يحرسنا الليلة ... "، وفيه: "إنَّ الله عزَّ وجلَّ لو أراد أن لا تناموا عنها لم تناموا، ولكن أراد أن يكون ذلك [] لمن بعدكم". إسناده حسن، والمسعودي وهو عبد الرحمن بن عبد الله وإن كان قد اختلط لكنه توبع. والحديث أخرجه أيضًا أحمد في المسند (1/ 391) من طريق يزيد بن هارون. وأبو يعلى في المسند (9/ 187) (رقم: 5285) من طريق عبد الرحمن بن مهدي. والطبراني في المعجم الكبير (10/ 278) (رقم: 10548) من طريق قرة بن حبيب القَنوي، ثلاثتهم عن المسعودي به. قال ابن رجب عقب حديث ابن مسعود: "يشبه هذا الحديث ما ذكره مالك في الموطأ أنَّه بلغه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: إنَّما أُنسى لأسُنَّ". فتح الباري (3/ 327).

بشرٌ أنسى كما تنسون"، خرّجه ... (¬1). قال ابن الإشبيري (¬2): خرّجه النسائي وتمامه: "فإذا نسيتُ فذكِّروني" (¬3). 227 / حديث: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أُريَ أعمارَ النَّاس قَبلَه". فيه: "فأعطاه الله ليلةَ القدر خيرٌ مِن ألف شهر". سمع من يثق به من أهل العلم يقوله (¬4). وهذا أيضًا غريب، ذكر أبو عمر بن عبد البر أن مالكًا انفرد به، وأنه لا يوجد مسندًا ولا مرسلًا إلَّا في موط مالك، والله أعلم (¬5). ¬

_ (¬1) سقط ذكر المخرّج من الأصل، وهو عند البخاري في صحيحه كتاب: الصلاة، باب: التوجه نحو القبلة حيث كان (1/ 147) (رقم: 401)، وعند مسلم في صحيحه كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: السهو في الصلاة والسجود له (1/ 400) (رقم: 89) من طريق جرير عن منصور، عن إبراهيم، عن علقمة عنه. (¬2) لم يتبيّن لي من هو، وكتب الناسخ في الهامش: "كذا". (¬3) انظر: السنن الكبرى (1/ 369 - 370) (رقم: 1167)، وهي أيضًا عند البخاري ومسلم. (¬4) الموطأ كتاب: الاعتكاف، باب: ما جاء في ليلة القدر (1/ 263) (رقم: 15). (¬5) قال ابن عبد البر: "لا أعلم هذا الحديث يُروى مسندًا من وجه من الوجوه، ولا أعرفه في غير الموطأ مرسلًا ولا مسندًا، وهذا أحد الأحاديث التي انفرد بها مالك، ولكنها رغائب وفضائل وليست أحكامًا، ولا بنى عليها في كتابه ولا في موطئه حكمًا". وقال في الاستذكار: "وليس فيها -أي الأحاديث الأربعة- حديث منكر، ولا ما يدفعه أصل". التمهيد (24/ 273)، والاستذكار (10/ 342)، والتقصي (ص: 253). قلت: ورد بعض معناه من حديث ابن عباس، أورده ابن الصلاح في رسالته في وصل البلاغات الأربع (ص: 13 - 14) من طريق جوير بن سعيد، عن الضحاك بن مزاحم، عن ابن عباس مرفوعًا. إلَّا أن جويبر بن سعيد قال عنه الحافظ في التقريب (رقم: 987): "ضعيف جدًّا". وهو منقطع أيضًا؛ لأنَّ الضحاك لم يلق ابن عباس كما قال العلائي في جامع التحصيل (ص: 199)، ولذا قال ابن الصلاح عقبه: "هذا غريب المتن جدًّا، وضعيف الإسناد جدًّا"، وقال في (ص: 11): "حديث ليلة القدر ورد بعض معناه من وجه غير صحيح".

وهو معدود في مراسله؛ إذ لم يسمّ من أخبر عنه. 228 / حديث: سمع غيرَ واحد من أهل علمائهم يقول: "لم يكن في الفطر والأضحى نداء ولا إقامة زمان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى اليوم". هذا في الصلاة، في أبواب العيدين (¬1). أدخله بعض الناس في المرفوع؛ ووجه ذلك أن الحدّ إذا كان من جنس المحدود حُمل على التداخل فيه، فكأنهم أرادوا زمان النبي - صلى الله عليه وسلم - وما بعده، وفي ذلك نظر. ورُوي معنى هذا الحديث مسندًا مرفوعًا، روى سماك بن حرب، عن جابر بن سمرة قال: "صليتُ مع النبي - صلى الله عليه وسلم - العيدين غير مرّة ولا مرّتين بغير أذان ولا إقامة"، خرّجه مسلم (¬2). وفي الصحيحين عن ابن عباس، وجابر بن عبد الله نحوه (¬3). وحديث الموطأ داخل في مراسل مالك؛ إذ لم يسمّ العلماء الذين قالوه، فيُنسب إليهم. ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: العيدين، باب: العمل في غسل العيدين والنداء فيهما والإقامة (1/ 160) (رقم: 1). قال ابن عبد البر: "لم يكن عند مالك في هذا الباب حديث مسند، وفيه أحاديث صحاح مسندة ثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو أمر في خلاف فيه بين العلماء ولا تنازع بين الفقهاء أنَّه في أذان ولا إقامة في العيدين، ولا في شيء من الصلوات المسنونات والنوافل، وإنَّما الأذان للمكتوبات لا غير، وعلى هذا مضى عمل الخلفاء أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وجماعة الصحابة وعلماء التابعين وفقهاء الأمصار". التمهيد (24/ 239). (¬2) صحيح مسلم كتاب: صلاة العيدين (2/ 604) (رقم: 7). (¬3) انظر: صحيح البخاري كتاب: العيدين، باب: المشي والركوب إلى العيد بغير أذان ولا إقامة (1/ 304) (رقم: 960)، وصحيح مسلم كتاب: العيدين (2/ 604) (رقم: 5).

229 / حديث: "إنَّه عُقّ عن حسنٍ وحسينٍ ابني عليّ بن أبي طالب رضي الله عنهما". في العقيقة (¬1). قال مالك: بلغني: "أنَّه عُقّ"، هكذا بضم العين، فعلٌ لم يُسمَّ فاعله، وهذا معناه الرفع؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بذلك، أو علم به فأقرّه (¬2). وهذا الفاعل الذي لم يُسمّ روى عكرمة عن ابن عباس: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عَقَّ عن الحسن والحسين كبشًا كبشًا"، خرّجه أبو داود (¬3). وحديث الموطأ هو عند ابن بُكير لمالك عن يحيى بن سعيد مرسلًا (¬4). وانظر مرسل محمد بن علي (¬5)، ومسند الضمري في المنسوبين من الصحابة (¬6). 230 / حديث: المُدّ الأصغر مُدّ النبي - صلى الله عليه وسلم -، ومُدّ هشام (¬7) هو المدّ الأعظم (¬8). ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: العقيقة، باب: العمل في العقيقة (2/ 405) (رقم: 6). (¬2) بل إنَّه - صلى الله عليه وسلم - هو الذي عقُّ عنهما كما ورد في حديث ابن عباس الآتي. (¬3) أخرجه أبو داود في السنن كتاب: الأضاحي، باب: في العقيقة (3/ 261) (رقم: 2841)، وابن الجارود في المنتقى (ص: 305) (رقم: 912)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (3/ 66) (رقم: 1039)، والطبراني في المعجم الكبير (3/ 28) (رقم: 2567)، والبيهقي في السنن الكبرى (9/ 302) من طريق أيوب، عن عكرمة به. وإسناده صحيح، وقد صحح عبد الحق في الأحكام الوسطى (4/ 141)، وابن دقيق في الاقتراح (ص: 372). (¬4) موطأ ابن بكير (ل: 172 / ب) - الظاهرية-. (¬5) تقدم مرسله (5/ 573). (¬6) تقدَّم حديثه (3/ 581). (¬7) هو هشام بن إسماعيل بن الوليد بن المغيرة، عامل المدينة لعبد الملك بن مروان. الاستذكار (9/ 363)، والزرقاني (3/ 201). (¬8) أي الأكبر، قيل: إنَّه مدّ وثلثان بمدِّه - صلى الله عليه وسلم - أو مدّان. المنتقى (2/ 190).

قاله مالك في باب: مكيلة زكاة الفطر (¬1)، وذكر في الحج أن الإطعام في الفدية هو بالمدّ الأول مدّ النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬2). وقوله: "إن المُدّ الأصغر، والمدّ الأول هو مدّ النبي - صلى الله عليه وسلم -"، قد يُلحق بالمرفوع؛ لأنه أحال على مُدّ معروف في وقته عنده، وميّزه من غيره، وأخبر أنه مدّ النبي - صلى الله عليه وسلم - دون المدّ الأعظم المحدَث. وهذا حديث يُروى وإن لم يُنقل المدّ، كما يُروى قول عائشة: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي العصر والشمس في حُجرتها قبل أن تظهر"، وإن كانت الحُجَرة معدومة، وقدر ارتفاعها مجهول. وقد نُوزع مالك في المُدّ، فاحتجّ بنقل أهل الحديث إليه، وأجرى ذلك مجرى سائر السنن المنقولة؛ لأنَّه أصل في الزكاة وغيرها. 231 / حديث: "إنما جُعل الإمام ليُؤتم به، فلا تختلفوا عليه". احتجّ به مرسلًا في باب: رفع الرأس قبل الإمام (¬3). وهذا الحديث في الموطأ عند معن: لمالك عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، تقدّم في الزيادات (¬4). وليس عند سائر الرواة قوله: "فلا تختلفوا عليه" إلَّا مرسلًا. وعند الجميع في الموطأ قوله: "إنما جُعل الإمام ليؤتم به" مسندًا لأنس، ¬

_ (¬1) الموطأ كتاب: الزكاة، باب: مكيلة زكاة الفطر (1/ 337). (¬2) الموطأ كتاب: الحج، باب: جامع الفدية (1/ 334). (¬3) الموطأ كتاب: الصلاة، باب: ما يفعل من يرفع رأسه قبل الإمام (1/ 98). (¬4) انظر: (4/ 449).

وعائشة في باب: صلاة الإمام جالسا، وليس فيه: "فلا تختلفوا عليه" (¬1)، إلَّا أنه عند ابن وهب وطائفة في حديث أنس خارج الموطأ (¬2). 232 / حديث: "من نذر أن يعصيَ الله فلا يعصه". فَسّرَ هذا في النذور، ولم يُسنده في رواية يحيى بن يحيى، وإنَّما قال فيه: معنى قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وذكر هذه النكتة خاصة، ولم يُكمل الحديث (¬3). وهو عند القعنبي وجمهور الرواة لمالك عن طلحة بن عبد الملك الأيلي، عن القاسم بن محمد، عن عائشة مسندًا مرفوعًا كاملًا، فيه ذكرُ الطاعة والمعصية (¬4)، وقد تقدّم ذكره في الزيادات (¬5). ¬

_ (¬1) انظر الموطأ برواية: يحيى الليثي (1/ 129 - 130) (رقم: 16، 17)، وأبي مصعب الزهري (1/ 133 - 134) (رقم: 339، 340)، وسويد بن سعيد (ص: 130، 131) (رقم: 207، 208)، والقعنبي (ل: 24، 25 - النسخة الأزهرية-)، ومحمد بن الحسن (ص: 71) (رقم: 157)، وفيها حديث أنس فقط. (¬2) أخرجه أبو عوانة في صحيحه (2/ 106) من طريق ابن وهب، والدارمي في السنن (1/ 286 - 287) من طريق عبيد الله بن عبد المجيد، كلاهما عن مالك به. (¬3) الموطأ كتاب: النذور والأيمان، باب: ما في يجوز من النذور في معصية الله (2/ 379). والحديث كما قال المؤلف لم يرد في نسختي المحمودية (أ) (ل: 55 / أ) (ب) (ل: 80 / ب) من رواية يحيى، وهو موجود في المطبوع منها بهذا الإسناد، وكأنه أُقحم فيه؛ لأنَّ الحافظ ابن عبد البر أيضًا نفى وجوده في رواية يحيى فقال: "ليس عند يحيى عن مالك، وقد رواه القعنبي وأبو المصعب، وابن بكير، والتنيسي، وابن وهب، وابن القاسم، وجماعة الرواة للموطأ ... " التمهيد (6/ 89). (¬4) انظر الموطأ برواية: أبي مصعب الزهري (2/ 216) (رقم: 2216)، وسويد بن سعيد (ص: 268) (رقم: 581)، وابن بكير (ل: 174 / أ) الظاهرية-، ومحمد بن الحسن (264) (رقم: 751)، وابن القاسم (ص: 242) (رقم: 188 - تلخيص القابسي-). قال ابن عبد البر: "وما أظنه سقط من أحد من الرواة إلَّا عن يحيى بن يحيى، فإني رأيته لأكثرهم". التمهيد (6/ 89). (¬5) انظر: (4/ 462).

233 / حديث: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان صالحَ يهود فدك (¬1) على نصف الشجر ونصف الأرض". ذكر مالك هذا في صدر الجامع مرسلًا ولم يُسنده، ولا ذكر أنه أُخبِر به (¬2). 234/ حديث: بلغني: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عرّس به"، يعني المُعرَّس. في الحج، باب: صلاة المعرّس (¬3). والمُعرّس هي البطحاء (¬4) التي بذي الحليفة (¬5)، وهو المذكور في حديث نافع، عن ابن عمر، وتقدّم في مسنده (¬6)، وإنما ذكرناه ها هنا؛ لأنَّ مالكًا أعاد ذكرَه ¬

_ (¬1) فَدَك: بالتحريك، وآخره كاف، هي قرية أفاءها الله على رسوله - صلى الله عليه وسلم - في سنة سبع صلحًا، وهي اليوم بلدة عامرة كثيرة النخل والزرع والسكان في شرق خيبر، وتُسمى الحائط. المعالم الأثيرة (ص: 215)، والروض المعطار (ص: 437). (¬2) الموطأ كتاب: الجامع، باب: ما جاء في إجلاء اليهود من المدينة (2/ 681) (رقم: 81). ذكر ابن شبّة في تاريخ المدينة (1/ 194) عن محمد بن يحيى أنَّه قال: "كان مالك بن أنس يحدّث عن عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صالح أهل فدك على النصف له والنصف لهم، فلم يزالوا على ذلك حتى أخرجهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأجلاهم". وروى أيضًا (1/ 195) من طريق عبد الله بن وهب، عن رجل، عن يحيى بن سعيد قال: "كان أهل فدك أرسلوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فبايعوه على أن لهم رقابهم ونصف أرضهم، ولرسول الله - صلى الله عليه وسلم - شطر أرضهم ونخلهم". وذكر ابن إسحاق في السيرة مصالحة الرسول - صلى الله عليه وسلم - مع يهود خيبر على النصف ثم قال: "فصالحه أهل فدك على مثل ذلك". سيرة ابن هشام (2/ 337). (¬3) الموطأ كتاب: الحج، باب: صلاة المعرّس والمحصب (1/ 324). (¬4) هو الحصى الصغار. النهاية (1/ 134). (¬5) وهو المكان الذي نزل به النبي - صلى الله عليه وسلم - بذي الحليفة في حجة الوداع، سميّ بذلك من التعريس، هو نزول المسافر آخر الليل للنوم والاستراحة. انظر: التمهيد (24/ 426)، ومجموع المغيث (2/ 421)، والنهاية (3/ 206). (¬6) تقدّم حديثه (2/ 397).

مرسلًا بلفظ آخر، فأشبه أن يكون حديثًا ثانيًا. والنزول بالمعرّس كان في الإنصراف من الحج، ورُوي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما خرج إلى حجة الوداع خرج على طريق الشجرة، فنزل بذي الحليفة عند المسجد، ولما رجع سلك طريق المعرّس لبطن الوادي، وهو البطحاء من ذي الحليفة فنزل به، وبات فيه، ودخل المدينة من الغد (¬1). روى عُبيد الله عن نافع، عن ابن عمر: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - يخرج من طريق الشجرة، ويدخل من طريق المعرّس، وكان إذا خرج إلى (¬2) مكة يصلي في مسجد الشجرة، وإذا رجع صلى بذي الحليفة ببطن الوادي، وبات بها حتى يصبح"، خرّجه البخاري (¬3). 235 / حديث: "الدعاء في الصلاة المكتوبة". هذا مزيد ليس عند يحيى بن يحيى، إلَّا من قول مالك في غير، قال: سُئل مالك عن الدعاء في الصلاة المكتوبة (¬4). في باب: العمل في الدعاء (¬5). وهذا قد رُوي عن جماعة من وجوه جمّة في استفتاح الصلاة، وعند تمام ¬

_ (¬1) انظر: سبل الهدى والرشاد (8/ 485). (¬2) في الأصل: "من مكة"، وهو خطأ. (¬3) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الحج، باب: خروج النبي - صلى الله عليه وسلم - على طريق الشجرة (1/ 473) (رقم: 533). (¬4) فقال: "لا بأس بها". (¬5) الموطأ كتاب: القرآن، باب: العمل في الدعاء (1/ 190).

القراءة (¬1)، وبعد الركوع (¬2)، وفي السجود (¬3)، وفي التشهد (¬4)، وفي غير موطن معيّن (¬5). وقنوته - صلى الله عليه وسلم - في الفرائض مشهور مستفيض، روى أبو سلمة، عن أبي هريرة: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقنت في الركعة الآخرة من صلاة الظهر، وصلاة العصر، وصلاة العشاء، وصلاة الصبح بعد ما يقول: سمع الله لمن حمده، ¬

_ (¬1) الدعاء عند تمام القراءة هو التأمين، فقد أخرج البخاري في صحيحه كتاب: الأذان، باب: جهر الإمام بآمين (1/ 254) (رقم: 781)، ومسلم في صحيحه كتاب: الصلاة، باب: التسبيح والتحميد والتأمين (1/ 306) (رقم: 72) من حديث أبي هريرة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا أمَّن الإمام فأمِّنوا، فإنَّه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدّم من ذنبه". (¬2) روى مسلم في صحيحه كتاب: الصلاة، باب: إذا رفع رأسه من الركوع (1/ 346) (رقم: 202) من حديث ابن أبي أوفى: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا رفع ظهره من الركوع قال: سمع الله لمن حمده، اللهم ربنا لك الحمد ملء السموات وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد"، وجاء في بعض طرقه زيادة: "اللهم طهّرني بالثلج ... ". (¬3) ممّا ورد في السجود ما رواه مسلم في صحيحه (1/ 350) (رقم: 216) من حديث أبي هريرة: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول في سجوده: اللَّهمَّ اغفر لي ذنبي، دِقه وجلّه، وأوله وآخره، وعلانيته وسرّه". وروى البخاري في صحيحه كتاب: الأذان، باب: الدعاء في الركوع (1/ 257) (رقم: 794) من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: "كان النب - صلى الله عليه وسلم - يقول في ركوعه وسجوده: سبحانك اللهم ربّنا وبحمدك، اللهم اغفر لي". (¬4) أخرج أبو داود في السنن كتاب: الصلاة، باب: التشهد (1/ 591) (رقم: 967)، والنسائي في السنن كتاب: التطبيق، باب: كيف التشهد الأول (2/ 588) (رقم: 1162) من حديث عبد الله بن مسعود بسند صحيح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: إذا قعدتم في كلِّ ركعتين فقولوا: التحيات لله ... وليتخير أحدكم من الدعاء ما أعجبه إليه، فليدع الله عزَّ وجلَّ"، لفظ النسائي. (¬5) من ذلك ما رواه مسلم في صحيحه (1/ 412) (رقم: 129) من حديث أبي هريرة: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يدعو في الصلاة: اللهم إنِّي أعوذ بك من فتنة عذاب القبر ومن فتنة المسيح الدجال، وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات، اللهم إني أعوذ بك من المأثم والمغرم".

فيدعوا للمؤمنين ويلعن الكفرة". وروى لاحق أبو مجلز، عن أنس: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قنتَ شهرا بعد الركوع في صلاة الصبح يدعو على رعل وذكوان، ويقول: عصيّة عصت الله ورسوله". وروى أبو زرعة، عن أبي هريرة: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يسكت بين التكبير والقراءة إسكاتة"، قال: فقلتُ: بأبي وأمي يا رسول الله ما تقول؟ قال: "أقول: اللهمّ باعد بيني وبين خطاياي ... " الحديث، وهذا كله في الصحيح (¬1)، ومثله كثير (¬2). ¬

_ (¬1) حديث أبي هريرة من طريق أبي سلمة أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الأذان، بابٌ (1/ 258) (رقم: 797)، ومسلم في صحيحه كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: استحباب القنوت في جميع الصلاة إذا نزلت بالمسلمين نازلة (1/ 468) (رقم: 296)، ولكن ليس عندهما ذكر صلاة العصر. وحديث أنس أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الوتر، باب: القنوت قبل الركوع وبعده (1/ 316) (رقم: 1003)، ومسلم في صحيحه كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: استحباب القنوت في جميع الصلاة (1/ 468) (رقم: 299)، وهذا لفظ مسلم. وحديث أبي هريرة من طريق أبي زرعة أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الأذان، باب: ما يقول بعد التكبير (1/ 242) (رقم: 744)، ومسلم في صحيحه كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: ما يُقال بين تكبيرة الإحرام والقراءة (1/ 419) (رقم: 147). (¬2) روى أبو داود في السنن كتاب: الصلاة، باب: ما يستفتح به الصلاة من الدعاء (1/ 481) (رقم: 760)، والترمذي في السنن كتاب: الدعوات (5/ 454) (رقم: 3423)، وصححه من حديث علي بن أبي طالب قال: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قام إلى الصلاة كبّر ثم قال: وجّهتُ وجهي للذي فطر السموات والأرض .. "، فذكر حديثًا طويلًا، وفيه الدعاء عند الركوع، وفي السجود، وبعد السلام.

236 / حديث مؤلّف من أحاديث: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - توفي يوم الإثنين، ودُفن يوم الثلاثاء، وصلى الناس عليه أفذاذا ... ". فيه: حديث أبي بكر في الدفن، وقد تقدّم في مسنده (¬1). وفيه: أنَّهم أرادوا نزع قميصه عند الغسل فسمعوا صوتا يقول: لا تنزعوا القميص، فلم يُنزع القميص، وغُسِّل وهو عليه - صلى الله عليه وسلم - (¬2). جاء هذا الحديث مفصّلا من وجوه شتى، وهو خمسة فصول (¬3). الفصل الأول: في يوم الوفاة. روى هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة: أن أبا بكر قال لها: في أي يوم توفي النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ قالت: يوم الإثنين. خرّجه البخاري (¬4). وروى الزهري، عن أنس: أن أبا بكر كان يصلي لهم في وَجَع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي توفي فيه، حتى إذا كان يوم الإثنين، وذكر قصة، ثم قال: "ثم توفي رسول الله من يومه ذلك". خرّج في الصحيحين (¬5). ¬

_ (¬1) تقدم حديثه (3/ 133). (¬2) الموطأ كتاب: الجنائز، باب: ما جاء في دفن الميت (1/ 200) (رقم: 27). (¬3) قال ابن عبد البر: "هذا الحديث لا أعلمه يروى على هذا النسق بوجه من الوجوه غير بلاغ مالك هذا، ولكنه صحيح من وجوه مختلفة، وأحاديث شتى جمعها مالك". التمهيد (24/ 394). (¬4) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الجنائز، باب: موت يوم الإثنين (1/ 426) (رقم: 1387). (¬5) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الأذان، باب: أهل العلم والفضل أحق بالإمامة (1/ 225) (رقم: 680)، ومسلم في صحيحه كتاب: الصلاة، باب: استخلاف الإمام إذا عرض له عذر (1/ 315) (رقم: 98). قال ابن عبد البر وابن كثير: "لا خلاف بين العلماء أنَّه - عليه السلام - توفي يوم الإثنين". التمهيد (24/ 395)، والبداية والنهاية (5/ 223).

الفصل الثاني: في يوم الدفن. وهو مختلف فيه (¬1)، والأصح فيه: أنه دُفن - صلى الله عليه وسلم - ليلة الأربعاء؛ روى محمد بن إسحاق، عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم، عن امرأته فاطمة بنت محمد بن عمارة، عن عمرة، عن عائشة قالت: "ما علمت بدفن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى سمعتُ صوت المساحي (¬2) من جوف الليل ليلة الأربعاء". قال ابن إسحاق: وحدّثتني بنت محمد بن عمارة بهذا الحديث، خرّجه ابن أبي خيثمة، والطحاوي (¬3). ¬

_ (¬1) اختلف في يوم دفنه - صلى الله عليه وسلم - على أقوال: 1 - دفن يوم الإثنين عند الزوال، عزاه المقريزي في الإمتاع (1/ 551)، ومغلطاي في الإشارة (ص: 352) إلى الحاكم، وذكرا أنَّه صححه. 2 - دُفن يوم الثلاثاء، قاله مالك كما تقدّم، ورواه أيضًا ابن سعد في طبقاته (2/ 209) من طريق معن عنه أنَّه قال: "بلغني أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توفي يوم الإثنين، ودفن يوم الثلاثاء". وبه قال أيضًا أبو سلمة بن عبد الرحمن، أخرجه الترمذي في الشمائل (ص: 186) (رقم: 378) من طريق شريك بن عبد الله بن أبي نمر عنه، وقال: "هذا حديث غريب". قلت: إسناده ضعيف لإرساله. وذهب إلى هذا القول أيضًا الأوزاعي، وابن جريج، وذكر الذهبي قول ابن جريج ثم قال: "هذا قول شاذ، وإسناده صحيح". انظر: التمهيد (24/ 396)، والدرر (ص: 271)، والإمتاع (1/ 551)، والبداية والنهاية (5/ 237)، والسيرة النبوية للذهبي (ص: 402). 3 - دفن ليلة الثلاثاء، أورده ابن كثير في التاريخ (5/ 237) من طريقين واستغربه، وكذا ذكره مغلطاي في الإشارة إلى سيرة المصطفى (ص: 351). 4 - دفن ليلة الأربعاء، ورد ذلك في حديث عائشة، وذكره ابن عبد البر والمقريزي، ومغلطاي وغيرهم، وهو الراجح كما قال المؤلف. (¬2) المساحي: جمع مسحاة، وهي المِجْرَفة من الحديد. النهاية (4/ 328). (¬3) لم أقف عليه. =

الفصل الثالث: في صفة الصلاة عليه والفصل الرابع: في موضع الدفن. روى سالم بن عبيد الأشجعي -وهو من الصحابة من أهل الصُفّة (¬1) -: "أن أبا بكر دخل على النبي - صلى الله عليه وسلم - فأكبّ عليه حتى استبان له أنه قد مات، فقال: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} (¬2)، قالوا: أَماتَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: نعم، قالوا: كيف نصلي عليه؟ قال: يدخل قوم فيكبّرون ويدعون ثم يخرجون، ويجيء آخرون، قالوا: أين يُدفن؟ قال: في المكان الذي قبض اللهُ فيه روحَه". خرّجه النسائي (¬3). ¬

_ = وهو في السيرة لابن هشام (2/ 664) مختصرًا، وأورده أيضًا ابن عبد البر في التمهيد (24/ 396)، وابن كثير والتاريخ (5/ 237) بنحو سياق ابن أبي خيثمة والطحاوي. وروى الإمام أحمد في المسند (6/ 110) من حديث محمد بن إسحاق عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة قالت: "توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الإثنين، ودُفن ليلة الأربعاء". قال ابن كثير عقبه: "وقد تقدّم مثله في غير ما حديث، وهو الذي نص عليه غير واحد من الأئمة سلفًا وخلفًا، منهم سليمان التيمي، وجعفر الصادق، وابن إسحاق، وموسى بن عقبة، وغيرهم، وهو المشهور عن الجمهور". انظر: البداية والنهاية (5/ 237)، والإمتاع للمقريزي (1/ 551)، والإشارة (ص: 351)، وتلقيح ابن الجوزي (ص: 82). (¬1) قال السخاوي: "سكن الصفة ثم انتقل إلى الكوفة فنزلها". رجحان الكفة في بيان نبذة من أخبار أهل الصفة (ص: 201). (¬2) سورة الزمر، الآية: (30). (¬3) أخرجه النسائي في الكبرى (4/ 263 - 264) (رقم: 7119)، والترمذي في الشمائل (ص: 186 - 189) (رقم: 379)، والطبراني في المعجم الكبير (7/ 56) (رقم: 6366) من طريق سلمة بن نبيط، عن نعيم بن أبي هند، عن نبيط بن شريط، عن سالم به مطوَّلًا. والحديث صحيح وقد ورد بعضه في صحيح البخاري كتاب: الجنائز، باب: ما جاء في قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - (1/ 427) (رقم: 1389) من حديث عائشة رضي الله عنها. وروى أحمد نحوه عن عائشة (6/ 220).

وتقدّم حديث الدفن لأبي بكر في قسم الكنى من المسند (¬1). الفصل الخامس: فيما غُسّل فيه. وقد تقدّم ذلك مختصرًا في مرسل محمد بن علي (¬2). وخرّج أبو داود وقاسم بن أصبغ عن محمد بن إسحاق، عن يحيى بن عبّاد بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه، عن عائشة قالت: "لَمَّا أرادوا غسل النبي - صلى الله عليه وسلم - قالوا: والله ما ندري أَنُجَرِّدُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - مِن ثيابه كما نُجَرِّد موتانا، أم نغسله وعليه ثيابه؟ قال: فلما اختلفوا ألقى الله عليهم النوم حتّى ما منهم رجل إلا وذقنه في صدره، ثم كلّمهم مكلّم من ناحية البيت لا يدرون من هو: اغسلوا النبي - صلى الله عليه وسلم - وعليه ثيابه، فقاموا إليه فغسلوه، وعليه قميصه - صلى الله عليه وسلم -" (¬3). 237 / حديث: "تركت فيكم أمرين ... ". في الجامع، باب: النهي عن القول بالقدر (¬4). ¬

_ (¬1) تقدَّم حديثه (3/ 133). (¬2) تقدَّم حديثه (4/ 570). (¬3) أخرجه أبو داود في السنن كتاب: الجنائز، باب: في ستر الميت عند غسله (3/ 502) (رقم: 3141) من طريق محمد بن سلمة، عن محمد بن إسحاق به. وإسناده حسن، وابن إسحاق وإن كان مدلِّسًا فقد صرح بالتحديث عند أبي داود. وقد أخرجه أيضًا أحمد في المسند (6/ 267)، والبيهقي في السنن الكبرى (3/ 387) من طريق ابن إسحاق به، وصححه ابن حبان (14/ 595) (رقم: 6627)، والحاكم في المستدرك (3/ 59 - 60)، على شرط مسلم، ووافقه الذهبي، وصححه الذهبي أيضًا في السيرة (ص: 402). (¬4) الموطأ كتاب: القدر، باب: النهي عن القول بالقدر (2/ 686) (رقم: 3).

خرّجه البزار من طريق أبي صالح، عن أبي هريرة (¬1). وقد روي عن عمرو بن عوف (¬2). قال فيه مالك: أنه بلغه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسّكتم بهما: كتاب الله تعالى وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم -". وشرّف وكرّم وأنعم وتَمّم والحمد لله رب العالمين كمُل الكتاب بعون الله تعالى، صلى الله على سيّدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلّم تسليما كثيرًا. ¬

_ (¬1) أخرجه في مسنده (ل: 228 / ب) -الأزهرية- من طريق صالح بن موسى بن عبد الله بن طلحة عن عبد العزيز بن رُفيع عنه ولفظه "إنّي خلّفت فيكم اثنتين ... " وقال: "وحديث صالح بن موسى عن عبد العزيز عن أبي صالح لا نعلمهما يرويان عن أبي هريرة إلَّا من هذا الوجه بهذا الإسناد، وصالح بن موسى ليِّن الحديث". وأخرجه من هذا الوجه أيضًا الحاكم في المستدرك (1/ 93) بلفظ: "تركت فيكم شيئين"، وابن عبد البر في التمهيد (24/ 331). وإسناده ضعيف جدًّا، فيه صالح بن موسى الطلحي، قال عنه الحافظ في التقريب (رقم: 2891): "متروك"، لكن له شاهد من حديث ابن عباس بسند حسن، أخرجه الحاكم في المستدرك (1/ 93)، وصححه، ووافقه الذهبي، وكذا يشهد له حديث عمرو بن عوف الآتي. (¬2) أخرجه ابن عبد البر في التمهيد (24/ 331)، وفي جامع بيان العلم وفضله (2/ 24، 110) من طريق كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف، عن أبيه، عن جدّه بلفظ الموطأ. وسنده ضعيف؛ لأجل كثير بن عبد الله، فقد قال عنه الحافظ في التقريب (رقم: 5716): "ضعيف"، لكن الحديث حسن بشواهد المتقدّمة. وهذه الأحاديث كلهما مع بلاغ مالك سوى حديث ابن عباس وإن كانت مفرداتها لا تخلو من ضعف، فبعضها يقوي بعضًا، وبمجموعها يبلغ درجة القبول إن شاء الله، والحمد لله رب العالمين.

ثبت المصادر والمراجع

ثبت المصادر والمراجع أ- المخطوطات * الأسامي والكنى، الحاكم، أبو أحمد محمد بن محمد بن أحمد بن إسحاق (378 هـ)، نسخة مصورة عن نسخة المكتبة الأزهرية. * أسماء شيوخ مالك، ابن خلفون، نسخة مصورة عن نسخة الإسكوريال بإسبانيا. * أسماء الصحابة التي اتفق فيها البخاري ومسلم وما انفرد كل واحد منهما، الدارقطني، نسخة مصورة عن مكتبة الجامع الكبير بصنعا بآخر تقييد المهمل لأبي علي الجياني. * أطراف الغرائب والأفراد للدارقطني، محمد بن طاهر المقدسي، نسخة خطية مصورة عن نسخة دار الكتب المصرية. * الإعلام بسنّته - عليه السلام - (شرح سنن ابن ماجه)، مغلطاي، علاء الدين بن قليج (762 هـ)، نسخة خطية مصورة عن نسخة الآصفية في الهند. * إكمال تهذيب الكمال، مغلطاي، علاء الدين بن قليج (762 هـ)، نسخة خصية مصورة عن نسخة المكتبة الأزهرية. * الألقاب، محمد بن عبد الرحمن السخاوي (ت 902).، نسخة خطية مصورة عن نسخة دار الكتب المصرية. * التاريخ، ابن أبي خيثمة، أبو بكر أحمد بن زهير بن حرب (271 هـ)، السِّفر الثاني من الكتاب، نسخة خطية مصورة عن نسخة الخزانة العامة بالرباط. * والسّفر الثالث من الكتاب، وهو من محفوظات مكتبة القرويين بفاس (المغرب). * والجزء الخمسون، وهو من محفوظات المكتبة المحمودية بالمدينة النبوية. * تاريخ مدينة دمشق، ابن عساكر، نسخة خطية مصورة، نشرتها مكتبة الدار (المدينة). * التعريف برجال الموطأ، ابن الحذاء، أبو عبد الله محمد بن يحيى التميمي (410 هـ)، نسخة مصورة عن نسخة القرويين. * تحصيل التحصيل بذكر رواة المراسيل، لأبي زرعة العراقي، نسخة خطية مصورة. * التعليق على الموطأ، الوقَّشي، أبو الوليد هشام بن أحمد الطليطلي (489 هـ)، نسخة خطية مصورة عن نسخة الإسكوريال.

* تقييد المهمل وتمييز المشكل، الجياني، حسين بن محمد الغساني، نسخة خطية مصورة عن نسخة حلب. * الجامع الصحيح، البخاري، محمد بن إسماعيل، نسخة بخط يد أبي عمران موسى بن سعادة الأندلسي، منقولة بالتصوير الشمسي، اعتنى بنشرها: لافي بروفنسال، باريس (1347 هـ) (1928 م). * جزء من حديث مالك، محمد بن صخر الأزدي، نسخة خطية مصورة عن نسخة الظاهرية. * الجمع بين رواية ابن القاسم وابن وهب، جمع: أحمد الأيوبي الوليدي، نسخة مصورة عن مكتبة الشيخ حماد الأنصاري (رحمه الله). * حديث مصعب بن عبد الله الزبيري، رواية أبي القاسم عبد الله بن محمد البغوي (317)، مصورة عن نسخة شستربتي بإيرلندا. * ونسخة أخرى مصورة عن نسخة الظاهرية. * رجال الموطأ = التعريف برجال الموطأ. * الرواة عن مالك للخطيب = مجرد أسماء الرواة. * سنن أبي داود (رواية ابن داسة)، نسخة خطية مصورة عن جامعة برنستون. * شرح علل ابن أبي حاتم، محمد بن أحمد بن عبد الهادي، نسخة خطية مصورة عن نسخة كانت في المكتبة المحمودية. * صحيح أبي عوانة، أبو عوانة يعقوب بن إسحاق الإسفرايني (316 هـ)، نسخة خطية مصورة عن نسخة كوبريلي. * الضعفاء والمتروكين، النسائي أحمد بن شعيب (301 هـ)، نخسة خطية مصورة عن نسخة كوبريلي. * العلل الواردة في الأحاديث النّبوية، الدارقطني، علي بن عمر البغدادي (385 هـ)، نسخة خطية مصورة عن النسخة الهندية. * عوالي مالك، أبو الحسن الكندي، نسخة خطية مصورة. * عوالي مالك، الخطيب البغدادي (463 هـ)، نسخة خطية مصورة عن نسخة الظاهرية. * عوالي مالك، عمر بن محمد المعروف بابن الحاجب، نسخة خطية مصورة عن نسخة الظاهرية. * الغوامض والمبهات، الأزدي، عبد الغني بن سعيد (409 هـ)، نسخة خطية مصورة عن نسخة بغداد.

* الفوائد، أبو بكر الشافعي، تخريج: أبي الحسن الدارقطني، (الجزء 73) نسخة خطية مصورة عن نسخة الظاهرية. * المراسيل، أبو داود السجستاني، نسخة خطية مصورة. * المسالك شرح موطأ مالك، ابن العربي، أبو بكر محمد بن عبد الله بن محمد بن أحمد المعافري (543 هـ)، نسخة خطية مصورة عن نسخة المكتبة الوطنية بالجزائر. * مجرّد أسماء الرواة عن الإمام أبي عبد الله مالك بن أنس للخطيب، أبو الحسين يحيى بن عبد الله رشيد الدين القرشي، نسخة خطية مصورة. * المسند، ابن أبي شيبة، أبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي شيبة (235 هـ)، نسخة خطية مصورة عن نسخة الخزانة العامة بالرباط. * المسند، البزار، أبو بكر أحمد بن عمرو بن عبد الخالق العتكي (292 هـ)، نسخة خطية مصورة عن نسخة كوبرلي. * المسند، البزار، أبو بكر أحمد بن عمرو بن عبد الخالق العتكي (292 هـ)، نسخة خطية مصورة عن نسخة الرباط. * المسند، البزار، أبو بكر أحمد بن عمرو بن عبد الخالق العتكي (292 هـ)، نسخة خطية مصورة عن نسخة الأزهرية. * مسند الموطأ، الجوهري، أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد الله بن محمد الغافقي (385 هـ)، نسخة خطية مصورة عن نسخة مكتبة الحرم المكي. * مشيخة فخر الدين ابن البخاري، جمال الدين ابن الظاهري، نسخة خطية مصوّرة، إعداد: محمد بن ناصر العجمي، ط الصندوق الوقفي للثقافة والفكر (الكويت) (1417). * المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية، ابن حجر العسقلاني (852 هـ)، نسخة خطية مصورة عن نسخة المحمودية. * معرفة الصحابة، أبو نعيم، أحمد بن عبد الله المهراني الأصبهاني (430 هـ)، نسخة خطية مصورة عن نسخة أحمد الثالث (استانبول). * المنتخب من غرائب الإمام مالك بن أنس، ابن المقرئ، محمد بن إبراهيم أبو بكر الأصبهاني (381 هـ)، نسخة خطية مصورة عن نسخة الظاهرية. * الموطأ ورواياته، الإمام مالك بن أنس رحمه الله (179 هـ). * رواية أبي مصعب الزهري المدني، نسخة خطية مصورة بالجامعة الإسلامية عن النسخة الهندية. * ونسخة خطية مصورة بالجامعة الإسلامية برقم: 4081، ونسخة خطية مصورة عن النسخه الظاهرية.

ب- الرسائل الجامعية والبحوث التي لم تنشر

* رواية سويد بن سعيد الحدثاني، نسخة خطية مصورة عن نسخة الظاهرية. * رواية ابن القاسم، نسخة خطية مصورة في مكتبة الشيخ حماد الأنصاري رحمه الله. * رواية القعنبي، نسخة خطية مصورة عن نسخة المكتبة الأزهرية. * رواية يحيى بن بكر، نسخة خطية مصورة عن النسخة السليمانية، ونسخة خطية مصورة عن النسخة الظاهرية. * رواية يحيى بن يحيى الليثي، نسختان خطيتان مصورتان عن نسختي المحمودية، ونسخة خطية مصورة عن نسخة شستربتي. ب- الرسائل الجامعية والبحوث التي لم تُنشر * أبو بكر بن المقرئ ومعجمه، تحقيق: محمد صالح الفلاح، دكتوراه في الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية (1404، 1405 هـ). * إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة، شهاب الدين البوصيري، تحقيق: سعد بن حمد، رسالة دكتوراه في الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية (1400 هـ). * أمهات المؤمنين رضي الله عنهن - دراسة حديثية - إعداد: عبد العزيز بن محمد بن إبراهيم العبد اللطيف، رسالة دكتوراه بالجامعة الإسلامية. * التابعون الثقات المتكلم في سماعهم من الصحابة ممن لهم رواية عنهم في الكتب الستة (من حرف السين إلى حرف العين) جمعا ودراسة، مبارك بن سيف الهاجري، رسالة دكتوراه، الجامعة الإسلامية (1415 هـ). * التاريخ، ابن أبي خيثمة، أبو بكر أحمد بن زهير بن حرب (279 هـ)، تحقيق: كمال بن محمد قالمي، رسالة ماجستير بالجامعة الإسلامية. * التاريخ، ابن أبي خيثمة، أبو بكر أحمد بن زهير بن حرب (279 هـ)، تحقيق: أحمد الحمدان (رسالة ماجستير بالجامعة الإسلامية). * حديث علي بن حجر السعدي عن إسماعيل بن جعفر المدني، دراسة وتحقيق: عمر (رضيان) بن رفود السفياني، رسالة ماجستير بالجامعة الإسلامية، 1415 هـ، 1416 هـ). * حديث يحيى بن معين الجزء الثاني رواية أبي بكر المروزي، دراسة وتحقيق: خالد بن عبد الله السبيت، رسالة استكمال درجة الماجستير (قسم الثقافة الإسلامية كلية التربية) جامعة الملك سعود (1415 هـ).

جـ- المطبوعات

* شرح التلقين للقاضي عبد الوهاب، المازري، محمد بن علي بن عمر (536 هـ)، رسالة دكتوراه في الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية، الطالب: زكي عبد الرحيم البخاري. * شرح التلقين للقاضي عبد الوهاب، المازري، محمد بن علي بن عمر (536 هـ)، رسالة ماجستير في الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية، الطالب: جمال عزّون. * الفوائد المنتخبة الصحاح الغرائب (المهرونيات)، أبو القاسم يوسف بن محمد بن أحمد المهرواني الهمذاني (468 هـ)، تخريج: الخطيب البغدادي (463 هـ)، تحقيق ودراسة: سعود بن عيد بن عمير بن عامر الجربوعي (رسالة ماجستير بالجامعة الإسلامية). * الفوائد المنتقاة من الصحاح والغرائب المخرجة من الأصول، من مسموعات أبي القاسم الحسين بن محمد بن إبراهيم الحنائي، تخريج الحافظ عبد العزيز بن محمد بن عاصم النخشبي، من أول الكتاب إلى نهاية الجزء الرابع، تحقيق: عبد الله بن عتيق المطرفي (رسالة ماجستير) بالجامعة الإسلامية. * الموطأ الصغير، عبد الله بن وهب، دراسة وتحقيق: أحمد بن محمد الأمين الشنقيطي - رسالة ماجستير بالجامعة الإسلامية (1413). جـ- المطبوعات * الآثار، محمد بن الحسن الشيباني (ت 189 هـ)، إدراة القرآن والعلوم الإسلامية كراتشي، باكستان. * الآحاد والمثاني، ابن أبي عاصم، أبو بكر أحمد بن عمرو بن أبي عاصم الشيباني (287 هـ)، تحقيق: د. باسم فيصل أحمد الجوابرة، دار الراية، الرياض، ط 1 (1411 هـ). * آداب الشافعي ومناقبه، ابن أبي حاتم، أبو محمد عبد الرحمن بن محمد بن إدريس الرازي (327 هـ)، تحقيق: عبد الغني عبد الخالق، دار الكتب العلمية (بيروت). * الإبانة عن شريعة الفرقة الناجية ومجانبة الفرق المذمومة، ابن بطة، أبو عبد الله عبيد الله بن محمد بن بطة العكبري (387 هـ)، تحقيق ودراسة: د. عثمان عبد الله آدم الأثيوبي، دار الراية (الرياض). ط 1 (1415 هـ). * ابن حجر العسقلاني، مصنفاته ودراسة منهجه وموارده في كتابه الإصابة، شاكر محمود عبد المنعم، ط مؤسسة الرسالة بيروت، ط 1 (1417 هـ). * أبو الفتح اليعمري، حياته وآثاره وتحقيق أجوبته، دراسة وتحقيق: الأستاذ محمد

الراوندي، وزراة الأوقاف والشؤون الإسلامي بالمملكة المغربية، (1410 هـ). * إتحاف السالك برواة الموطأ عن الإمام مالك، ابن ناصر الدين الدمشقي، تحقيق: سيد كسروي حسن، ط دار الكتب العلمية (1415). * إتحاف المهرة بالفوائد المبتكرة من أطراف العشرة، ابن حجر، أبو الفضل أحمد بن عدي بن حجر العسقلاني (852 هـ)، تحقيق: مجموعة من الباحثين، مركز خدمة السنة والسيرة النبوية (المدينة المنورة). ط 1 (1415 هـ). * إتحاف الورى بأخبار أم القرى، للنجم عمر بن فهد (ت 885)، تحقيق: فهيم محمد شلتوت، مركز البحث العلمي وإحياء التراث الإسلامي بجامعة أم القرى، مكة المكرمة. * إثبات صفة العلو، موفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي (620 هـ)، عُني به: بدر بن عبد الله البدر، دار ابن الأثير (الكويت). ط 2 (1416 هـ- 1995 م). * الإجابة لإيراد ما استدركته عائشة على الصحابة، بدر الدين الزركشي، عني بتحقيقه: سعيد الأفغاني، المكتب الإسلامي. ط 2 (1390 هـ-1975 م). * اجتماع الجيوش الإسلامية على غزو المعطّلة والجهمية، ابن القيم الجوزية، أبو عبد الله محمد بن أبي بكر (751 هـ)، تحقيق: د. عواد عبد الله المعتق، مطابع الفرزدق التجارية، الرياض ط 1 (1408 هـ). * أجوبة أبي زرعة الرازي على أسئلة البرذعي، تحقيق: د. سعدي الهاشمي، المجلس العلمي بالجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية، ط 1 (1402 هـ)، ضمن كتابه: أبو زرعة الرازي وجهوده في السنة النبوية. * أجوبة ابن سيد الناس على أسئلة ابن أيبك = أبو الفتح اليعمري، حياته وآثاره. * الأجوبة للشيخ أبي مسعود عمّا أشكل الشيخ الدارقطني على صحيح مسلم بن الحاج، أبو مسعود إبراهيم بن محمد الدمشقي (401 هـ)، تحقيق ودراسة: إبراهيم بن علي آل كليب، دار الوراق، الرياض ط 1 (1419 هـ). * أحاديث الشاموخي عن شيوخه، تحقيق: مشعل بن باني الجبرين المطيري، دار ابن حزم، بيروت ط 1 (1417 هـ). * الأحاديث التي خولف فيها مالك بن أنس، الدارقطني، أبو الحسن علي بن عمر بن أحمد بن مهدي البغدادي (385 هـ)، تحقيق: أبي عبد الباري رضا بن خالد، مكتبة الرشد، الرياض، ط 1 (1418 هـ).

* الأحاديث المختارة، ضياء الدين محمد بن عبد الواحد المقدسي (643 هـ)، دراسة وتحقيق: عبد الملك بن عبد الله بن دهيش، مكتبة النهضة الحديثة، ط 1 (1411 هـ). * أحاديث الموطأ واتفاق الرواة عن مالك واختلافهم فيها زيادة ونقصا، أبو الحسن علي بن عمر الدارقطني، تحقيق: محمد زاهد الكوثري، ط مصر. * الأحاديث الواردة في فضائل المدينة، جمعًا ودراسةً، د. صالح بن حامد الرفاعي، الجامعة الإسلامية بالمدينة، ومجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، ، ط 1 (1413 هـ). * الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان (354 هـ)، ابن بلبان، علاء الدين علي بن بلبان الفارسي (739 هـ)، تحقيق: شعيب الأرنؤوط، مؤسسة الرسالة (بيروت). ط 2 (1414 هـ). * إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام، ابن دقيق العيد (702 هـ)، دار الكتب العلمية، بيروت. * أحكام القرآن، ابن العربي، أبو بكر محمد بن عبد الله بن محمد بن أحمد المعافري (543 هـ)، تحقيق: محمد عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية، ط 1 (1408 هـ). * الأحكام الوسطى من حديث النبي - صلى الله عليه وسلم -، ابن الخراط، عبد الحق بن عبد الرحمن الإشبيلي (582 هـ)، تحقيق: حمدي عبد المجيد السلفي، وصبحي السمرائي، مكتبة الرشد، ط 1 (1416 هـ). * أخبار أصبهان، أبو نعيم، أحمد بن عبد الله المهراني الأصبهاني (430 هـ)، نشر دار الكتاب الإسلامي (بيروت). * إخبار أهل الرسوخ في الفقه والتحديث بمقدار النسوخ من الحديث، ابن الجزي جمال الدين أبي الفرج (597)، تحقيق: علي رضا، دار المأمون للتراث، ط 1 (1412 هـ). * أخبار الفقهاء والمحدثين، محمد بن حارث الخشني (361 هـ)، دراسة وتحقيق: ماريا لويسا آبيلا ولويس مولينا، المجلس الأعلى للأبحاث العلمية (معهد التعاون مع العالم العربي) (مدريد) (1992 م). * أخبار القضاة، وكيع بن خلف بن حيان (306)، مكتبة المدائن الرياض. * أخبار مكة في قديم الدهر وحديثه، للإمام أبي عبد الله محمد بن إسحاق الفاكهي، تحقيق: د - عبد الملك بن عبد الله بن دهيش، ط دار حضر للطباعة والنشر، ط (2) (1414 هـ - 1994 م). * اختصار اقتباس الأنوار، ابن الخرَّاط الإشبيلي (581 هـ)، تحقيق: إيميليو مولينا، وخاثينتو بوسك بيلا، المجلس الأعلى للأبحاث العلمية، مدريد، إسبانيا، (1990 م).

* اختصار علوم الحديث، ابن كثير، إسماعيل بن عمر الدمشقي (774 هـ)، ومعه الباعث الحثيث لأحمد شاكر، دار الكتب العلمية، بيروت، ط 1 (1403 هـ). * الإخوان، لابن أبي الدنيا، تحقيق: عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية، ط 1 (1409 هـ). * الإخوة والأخوات، الدارقطني، علي بن عمر (385) تحقيق: د. باسم فيصل الجوابرة، دار الراية الرياض ط 1 (1413 هـ). * الأدب المفرد، محمد بن إسماعيل البخاري، تخريج: محمد فؤاد عبد الباقي، دار البشائر الإسلامية (بيروت). (1409 هـ). * الأربعين في الجهاد والمجاهدين، أبو الفرج محمد بن عبد الرحمن المقرئ (517 هـ)، تحقيق: بدر البدر، دار ابن حزم (بيروت)، ط 1 (1413 هـ). * الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أصول الاعتقاد، أبو المعالي الجويني (487 هـ)، تحقيق: د. محمد يوسف مرسي، وعلي عبد المنعم عبد الحميد، مكتبة الخانجي، مصر، (1369 هـ). * إرشاد طلَّاب الحقائق إلى معرفة سنن غير الخلائق - صلى الله عليه وسلم -، النووي، يحيى بن شرف (676 هـ)، تحقيق: نور الدين عتر، دار البشائر الإسلامية، ط 2 (1411 هـ). * إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول، الشوكاني محمد بن علي (1255 هـ)، دار المعرفة، بيروت. * الإرشاد في معرفة علماء الحديث، الخليلي، أبو يعلى الخليل بن عبد الله بن أحمد بن الخليل القزويني (446 هـ)، دراسة وتحقيق: د. محمد سعيد بن عمر إدريس، مكتبة الرشد (الرياض). ط 1 (1409 هـ). * إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل، تأليف: محمد ناصر الدين الألباني، المكتب الإسلامي (بيروت). ط 2 (1405 هـ). * أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - اللاتي دخل بهنّ أو عقد عليهن أو خطبهن وبعض فضائلهن، محمد بن يوسف الصالحي الدمشقي (ت 942)، تحقيق: محمد نظام الدين الفتيح، مكتبة دار التراث، المدينة ط 1 (1413 هـ). * الأسامي والكنى، أحمد بن حنبل الشيباني (241 هـ) - رواية ابنه صالح، تحقيق: عبد الله بن يوسف الجديع، مكتبة دار الأقصى، الكويت، ط 1 (1406 هـ). * الأسامي والكنى، الحاكم، أبو أحمد محمد بن محمد بن أحمد بن إسحاق (378 هـ)، دراسة وتحقيق: يوسف بن محمد الدخيل، مكتبة الغرباء الأثرية (المدينة). ط 1 (1414 هـ).

* الاستبصار في نسب الصحابة من الأنصار، ابن قدامة، موفق الدين عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي (620 هـ)، تحقيق: علي نويهض، ط دار الفكر (بيروت) لبنان. * الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار وعلماء الأقطار، ابن عبد البر، أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر القرطبي (463 هـ)، تحقيق: عبد المعطي قلعجي، دار قتيبة، دار الوعي (1413 هـ). * الاستغناء في أسماء المشهورين من حملة العلم بالكنى، ابن عبد البر، أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر القرطبي (463 هـ)، تحقيق: د. عبد الله السوالمة، دار ابن تيمية، الرياض، ط 1 (1405 هـ). * الاستيعاب في معرفة الصحابة، ابن عبد البر، أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر القرطبي (463 هـ)، تحقيق: علي محمد البجاوي، دار الجيل (بيروت) ط 1 (1412 هـ). * أُسد الغابة في معرفة الصحابة، ابن الأثير، أبو الحسن علي بن محمد الحزري (630 هـ)، دار الفكر (بيروت) (1409 هـ). * أسماء شيوخ مالك، ابن خلفون الأندلسي (663 هـ)، تحقيق ت د. محمد زينهم، مكتبة الثقافة الدينية - القاهرة. * الأسماء المبهمة في الأنباء المحكمة، الخطيب، أبو بكر أحمد بن علي البغدادي (463 هـ)، أخرجه: د. عز الدين علي السيد، مكتبة الخانجي، مصر، ط 2 (1413 هـ). * الأسماء والصفات، البيهقي، أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي (458 هـ)، تحقيق: عبد الله بن محمد الحاشدي، مكتبة السوادي، جدة، ط 1 (1413 هـ). * الإرشادات إلى بيان الأسماء المبهمات، النووي، أبو زكريا يحيى بن شرف، مطبوع آخر كتاب الأسماء المبهمة للخطيب. * الاشتقاق، لأبي بكر محمد بن الحسن بن دريد (321 هـ)، تحقيق وشرح: عبد السلام محمد هارون، ط: مؤسسة الخانجي بمصر، (1387 هـ). * الإشراف على مذاهب أهل العلم، ابن المنذر، محمد بن إبراهيم النيسابوري (318 هـ)، تحقيق: محمد نجيب سراج الدين، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، دولة قطر، ط 2 (1414 هـ). * الأشربة، أحمد بن حنبل، تحقيق وتعليق: صبحي جاسم، وزارة الأوقاف العراقية، إحياء التراث الإسلامي.

* الإصابة في تمييز الصحابة، ابن حجر، أبو الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (852 هـ)، تحقيق: علي بن محمد البجاوي، دار الجيل (بيروت) ط 1 (1412 هـ). * أطراف المسند المعتلي بأطراف المسند الحنبلي، ابن حجر، أبو الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (852 هـ)، تحقيق: د. زهير بن ناصر الناصر، دار ابن كثير (دمشق)، ودار الكلم الطيب (دمشق). ط 1 (1414 هـ). * الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار، الحازمي، أبو بكر محمد بن موسى (584 هـ)، تحقيق: عبد المعطي قلعجي، جامعة الدراسات الإسلامية باكستان، ط 2 (1410 هـ). * الاعتقاد والهداية إلى سبيل الرشاد على مذهب السلف وأصحاب الحديث، البيهقي، أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي (458 هـ)، تخريج وتعليق: أحمد عصام الكاتب، منشورات: دار الآفاق الجديدة (بيروت). ط 1، (1401 هـ- 1981 م). * إعلام أهل العصر بأحكام ركعتي الفجر، أبو الطيب محمد شمس الحق العظيم آبادي، (1329 هـ)، تصحيح وتعليق: إرشاد الحق الأثري، مكتبة الثقافة الدينية القاهرة. * الإعلام بما وقع في مشتبه الذهبي من الأوهام، ابن ناصر الدين الدمشقي، عبد الله بن محمد، تحقيق: عبد رب النبي محمد، مكتبة العلوم والحكم، المدينة، ط 1 (1407 هـ). * أعلام الحديث في شرح صحيح البخاري، الخطابي، حمد بن محمد (388 هـ)، تحقيق: د. محمد بن سعيد بن عبد الرحمن آل سعود، مركز إحياء التراث الإسلامي بأم القرى، مكة المكرمة، ط 1 (1409 هـ). * الإعلان بالتوبيخ لمن ذمَّ التاريخ، السخاوي، محمد بن عبد الرحمن (902 هـ)، تحقيق: فرانز روزنثال، دار الكتب العلمية، بيروت. * اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم، ابن تيمية، أحمد بن عبد الحليم الحراني (728 هـ)، تحقيق: د. ناصر بن عبد الكريم العقل، مكتبة الرشد، الرياض، ط 4 (1414 هـ). * أقضية رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أبو عبد الله محمد بن فرح القرطبي، تصحيح وتعليق: د. القاضي محمد عبد الشكور، دار البخاري بريدة. * إكرام الضيف، أبو إسحاق إبراهيم بن إسحاق الحربي، تحقيق: عبد الله بن عائض الغرازي، ط مكتبة الصحابة طنطا (مصر) 1407، 1987. * إكمال إكمال المعلم، أبو عبد الله محمد بن خلفة الأبي (828 هـ)، دار الكتب العلمية.

* الإكمال في رفع الارتياب عن المؤتلف والمختلف في الأسماء والكنى والأنساب، ابن ماكولا، الأمير علي بن هبة الله أبو نصر بن ماكولا (475 هـ)، تحقيق: عبد الرحمن بن يحيى اليماني، مصورة دار الكتب العلمية عن طبعة دائرة المعارف العثمانية بحيدر آباد. ط 1 (1411 هـ). * إكمال المعلم بفوائد صحيح مسلم -كتاب الإيمان، القاضي عياض بن موسى (544 هـ)، تحقيق: د. الحسين بن محمد شوّاط، دار الوطن، الرياض، ط 1 (1417 هـ). * الإلزامات، الدارقطني، أبو الحسن علي بن عمر (385 هـ)، تحقيق: مقبل الوادعي، دار الخلفاء للكتاب الإسلامي (الكويت). * الألقاب، أبو علي الجياني، تحقيق: محمد أبو الفضل، طبعة المغرب. * الإلماع إلى معرفة أصول الرواية وتقييد السماع، القاضي عياض بن موسى اليحصبي (544 هـ)، تحقيق: السيد أحمد صقر، دار الثرات القاهرة، المكتبة العتيقة تونس، ط 2. * الأم، للإمام الشافعي، تخريج: محمود مطرجي، دار الكتب العلمية (بيروت) لبنان، ط 2 (1413 هـ-1993). * الأمالي، ابن مردويه، أبو بكر أحمد بن موسى (410 هـ) تحقيهق: د. محمد ضياء الرحمن الأعظمي، دار علوم الحديث، الإمارات ط 1 (1410 هـ). * الأمالي السفرية (الحلبية)، ابن حجر، تحقيق: حمدي بن عبد المجيد السلفي، المكتب الإسلامي بيروت، ط 1 (1418 هـ). * الأمالي المطلقة، ابن حجر، تحقيق: حمدي بن عبد المجيد السلفي، المكتب الإسلامي بيروت، ط 1 (1416 هـ). * الإمتاع بالأربعين المتباينة السماع، ابن حجر العسقلاني (ت 852 هـ)، تحقيق: مجدي السيد إبراهيم، مكتبة القرآن القاهرة. * الأموال، حميد بن زنجويه (251 هـ)، تحقيق: د. شاكر ذيب فياض، مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية. * إنباه الرواه على أنباه النحاه، القفطي، جمال الدين أبو الحسن علي بن يوسف (624 هـ)، تحقيق: محمد أبي الفضل إبراهيم، دار الفكر (القاهرة) ومؤسسة الكتب الثقافية. ط 1 (1406 هـ). * الانتقاء في فضائل الأئمة الثلاثة الفقهاء، ابن عبد البر، أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر القرطبي (463 هـ)، اعتناء: عبد الفتاح أبي غدة، مكتب المطبوعات الإسلامية (سوريا) (1417 هـ).

* الأندلس في اقتباس الأنوار للرشاطي (542 هـ)، إيميليو مولينا، وخاثينتو بوسك بيلا، المجلس الأعلى للأبحاث العلمية، مدريد، إسبانيا، (1990 م). * الأنساب، ابن السمعاني، أبو سعد عبد الكريم بن محمد السمعاني التميمي (562 هـ)، تعليق: عبد الله عمر البارودي، دار الكتب العلمية (بيروت) (1408 هـ). * أنساب الأشراف، للبلاذري، أحمد بن يحيى (279 هـ)، تحقيق: د. سهيل زكار، ود. رياض زركلي، دار الفكر، ط 1 (1417 هـ). * الأنساب المتفقة، ابن القيسراني، أبو الفضل محمد بن طاهر المقدسي (507 هـ)، تصوير مكتبة ابن الجوزي. * الأوائل، ابن أبي عاصم، أحمد بن عمرو (287 هـ)، تحقيق: محمد بن ناصر العجمي، دار الخلفاء للكتاب الإسلامي، الكويت. * الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف، ابن المنذر، تحقيق: صغير أحمد، ط: دار طيبة (الرياض). * إيضاح الإشكال، محمد بن طاهر المقدسي (507 هـ)، تحقيق: د. باسم الجوابرة، مكتبة المعلا، الكويت ط 1 (1408 هـ). * الإيمان، ابن منده، محمد بن إسحاق بن يحيى (395 هـ)، تحقيق: د. علي بن محمد فقيهي، المجلس العلمي بالجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية. * البحر الرائق شرح كنز الدقائق، ابن نجيم الحنفي (970 هـ)، دار المعرفة بيروت، ط 2 بالأوفست. * البحر الزخار = مسند البزار. * البحر المحيط، الزركشي، بدر الدين محمد بن عبد الله (794 هـ)، حرّره: د. عمر سليمان الأشقر، وزارة الأوقاف، الكويت، ط 1 (1409 هـ). * بداية المجتهد ونهاية المقتصد، ابن رشد، محمد بن أحمد القرطبي (595 هـ)، تعليق: عبد الحليم محمد عبد الحليم، دار الكتب الإسلامية، مصر، ط 2 (1403 هـ). * البداية والنهاية، ابن كثير، أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير (774 هـ)، دار الفكر (بيروت) طبعة سنة (1398 هـ). * البدائع والصنائع في ترتيب الشرائع، الكساني علاء الدين بن مسعود الحنفي (587 هـ)، الناشر د. زكريا علي يوسف.

* البدر المنير في تخريج أحاديث الشرح الكبير (الجزء الثالث)، ابن الملقن، أبو حفص عمر بن علي بن أحمد الأنصاري (804 هـ)، تحقيق: أحمد شريف الدين، وجمال السيد، دار العاصمة (الرياض) (1414 هـ). * بذل الماعون في فضل الطاعون، ابن حجر، أحمد بن علي (852 هـ)، تحقيق: أحمد عصام الكاتب، دار العاصمة، الرياض، ط 1 (1411 هـ). * البعث والنشور، البيهقي، أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي (458 هـ)، تحقيق: الشيخ عامر أحمد حيدر، مركز الخدمات والأبحاث الثقافية بيروت (هـ). * بغية الباحث عن زوائد مسند الحارث، الهيثمي، نور الدين علي بن أبي بكر (807 هـ)، تحقيق: د. حسين أحمد الباكري، الجامعة الإسلامية، ومجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة النبوية، ط 1 (1413 هـ). * بغية الطلب في تاريخ حلب، ابن العديم، كمال الدين محمود بن أحمد، تحقيق: د. سهيل زكار، دار الفكر، بيروت. * بغية الملتمس في تاريخ رجال أهل الأندلس، الضبي، أحمد بن يحيى بن عميرة (559 هـ)، دار الكتاب العربي (1967 هـ). * بغية الملتمس في سباعيات حديث الإمام مالك بن أنس، خليل كيكلدي، صلاح الدين أبو سعيد خليل بن الأمير سيف الدين كيكلدي العلائي (761 هـ)، تحقيق وتعليق: حمدي عبد المجيد السلفي، عالم الكتب. ط 1 (1405 هـ). * بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة، السيوطي، أبو الفضل عبد الرحمن (911 هـ)، تحقيق: محمد أبي الفضل إبراهيم، مطبعة عيسى الحلبي (القاهرة). (1384 هـ). * بلدان الخلافة الشرقية، لكي لسترنج، ترجمة: بشير فرنسيس، وكركيس عواد، ط: مؤسسة الرسالة، ط 2 (1405 هـ، 1985 م). * البلدان اليمنية عند ياقوت الحموي، جمعها وحققها وبيّن مواضعها: القاضي إسماعيل بن علي الأكوع، ط مؤسسة الرسالة - مكتبة الجيل الجديد صنعاء. ط 2 (1408 هـ-1988 م). * بلوغ المرام من أدلة الأحكام، ابن حجر، أبو الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (852 هـ)، عني بتصحيحه محمد حامد الفقي، ط: مؤسسة الكتب الثفافية (بيروت) ط 1 (1407 هـ-1987 م). * البناية في شرح الهداية، العيني، أبو محمد محمود بن أحمد العيني، ط دار الفكر للطباعة والنشر بيروت لبنان، ط 2 (1411 هـ- 1990 م).

* البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب، ابن عذاري المراكشي، تحقيق: د. إحسان عباس، دار الثقافة، بيروت، ط 1 (1967 م). * البيان والتحصيل والشرح والتوجيه والتعليل في مسائل المستخرجة، ابن رشد القرطبي (520 هـ)، تحقيق: أحمد الحبابي، دار الغرب الإسلامي، ط 2 (1408 هـ). * بيان الوهم والإيهام الواقعين في كتاب الأحكام، ابن القطان الفاسي، أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الملك (628 هـ)، دراسة وتحقيق: د. الحسين آيت سعيد، دار طيبة (الرياض) (1418 هـ). * بين الإمامين مسلم والدارقطني، الشيخ د. ربيع بن هادي المدخلي، إدارة البحوث الإسلامية بالجامعة السلفية بنارس، الهند، ط 1 (1402 هـ). * التاريخ، ابن معين، أبو زكريا يحيى بن معين (233 هـ) - رواية عبّاس الدوري عنه - ضمن كتاب (يحيى بن معين وكتابه التاريخ)، دراسة وترتيب وتحقيق: د. أحمد محمد نور سيف، مركز البحث العلمي (مكة). ط 1 (1399 هـ). * التاريخ، ابن معين، أبو زكريا يحيى بن معين (233 هـ) - رواية عثمان الدارمي عنه، تحقيق: د. أحمد محمد نور سيف، دار المأمون للتراث (سوريا). * تاريخ أبي زرعة الدمشقي، عبد الرحمن بن عمرو النصري (281 هـ)، تحقيق: شكر الله بن نعمة الله القوجاني، مطبوعات مجمع اللغة العربية بدمشق (1980 هـ). * تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام، الذهبي، أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان (748 هـ)، تحقيق: د. عمر عبد السلام تدمري، دار الكتاب العربي. * تاريخ أصبهان، أبو نعيم، أحمد بن عبد الله المهراني الأصبهاني (430 هـ)، دار الكتاب الإسلامي. * تاريخ بغداد، الخطيب، أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت البغدادي (463 هـ)، نشر: دار الكتاب العربي (بيروت). * تاريخ الثقات، العجلي، أحمد بن عبد الله بن صالح أبو الحسن (261 هـ)، ترتيب الهيثمي، ترتيب: أبو بكر الهيثمي (807 هـ)، تخريج: عبد المعطي قلعجي، دار الكتب العلمية (بيروت). ط 1 (1405 هـ). * تاريخ داريا، القاضي عبد الجبار الخولاني، تحقيق: سعيد الأفغاني، دار الفكر (1975 م). * تاريخ الرسل والملوك، الطبري، أبو جعفر محمد بن جرير الطبري (310 هـ)، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، ط 2 دار المعارف (مصر).

* التاريخ الصغير، البخاري، أبو عبد الله محمد بن إسماعيل (256 هـ)، تحقيق: محمود إبراهيم زايد، دار المعرفة (بروت). ط 1 (1406 هـ). * تاريخ العلماء والرواة للعلم بالأندلس، ابن الفرضي، أبو الوليد عبد الله بن محمد بن يوسف الأزدي (403 هـ)، تصحيح ومراجعة: السيد عزت العطار الحسيني، مكتبة الخانجي (القاهرة). ط 2 (1408 هـ). * التاريخ الكبير، البخاري، أبو عبد الله محمد بن إسماعيل (256 هـ) ويليه كتاب الكنى، تحقيق: عبد الرحمن بن يحيى العلمي اليماني، مصورة دار الكتب العلمية (بيروت). * تاريخ مدينة دمشق، ابن عساكر، أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة لله بن عبد الله الشافعي (571 هـ)، تحقيق: محب الدين أبي سعيد عمر بن غرامة العمروي، دار الفكر. ط 1 (1415 - 1419 هـ). * تاريخ واسط، بحشل، أسلم بن سهل الواسطي (292 هـ)، تحقيق: كوركيس عواد، عالم الكتب، بيروت، ط 1 (1406 هـ). * تالي تلخيص المتشابه، الخطيب البغدادي أحمد بن علي (463 هـ)، تخريج: مشهور حسن آل سلمان، وأحمد الشقيرات، دار الصميعي، الرياض، ط 1 (1417 هـ). * تأويل مختلف الحديث، ابن قتيبة عبد الله بن مسلم (276 هـ)، تحقيق: محمد محيي الدين الأصفر، المكتب الإسلامي، دار الإشراق، ط 1 (1409 هـ)، * التبصرة في القراءات السبع، مكي بن أبي طالب القرطبي (437 هـ)، تعليق: محمد غوث الندوي، الدار السلفية، الهند. * تبصير المنتبه بتحرير المشتبه، ابن حجر العسقلاني (852 هـ)، تحقيق: علي محمد البجاوي، ومحمد علي النجار، المكتبة العلمية، بيروت. * تبيين الحقائق لشرح كنز الدقائق، الزيلعي، عثمان بن علي، دار المعرفة بيروت. * التبيين في أنساب القرشيين، ابن قدامة المقدسي، موفق الدين أبو محمد عبد الله بن أحمد (620 هـ)، تحقيق: محمد نايف الديلمي، من منشورات المجمع العلمي العراقي. ط 1 (1402 هـ). * التتبع، الدارقطني، أبو الحسن علي بن عمر (385 هـ)، تحقيق: مقبل الوادعي، دار الخلفاء للكتاب الإسلامي (الكويت). * التجريح والتعديل لمن خرّج له البخاري في الجامع الصحيح، الباجي، أبو الوليد سليمان بن خلف الأندلسي (494 هـ)، تحقيق: د. أبو لبابة حسين، دار اللواء، الرياض، ط 1 (1406 هـ).

* تجريد أسماء الصحابة، الذهبي، أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان (748 هـ)، نشر: دار المعرفة للطباعة والنشر (بيروت). * تجريد التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد، ابن عبد البر، أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر القرطبي (463 هـ)، مكتبة القدسي، دار الكتب العلمية بيروت. * تحريم النرد والشطرنج والملاهي، الآجري، أبو بكر محمد بن الحسين الآجري (360)، تحقيق: عمر غرامة العمروي، ط 1 (1400 هـ). * تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي، المباركفوري، أبو يعلى محمد بن عبد الرحمن المباركفورى (1353 هـ)، راجعه: عبد الرحمن محمد عثمان، نشر: المكتبة السلفية بالمدينة. * تحفة الأشراف بمعرفة الأطراف، المزي، جمال الدين أبي الحجاج يوسف بن عبد الرحمن المزي (742 هـ) وبهامشه: النكت الظراف على الأطراف، ابن حجر العسقلاني (852 هـ)، بإشراف: عبد الصمد شرف الدين، الدار القيمة، الهند، المكتب الإسلامي، بيروت. ط 1 (1402 هـ). * التحقيق في مسائل الخلاف، ابن الجوزي عبد الرحمن بن علي (597 هـ)، تحقيق: مسعد عبد الحميد السعدني، دار الكتب العلمية، ط 1 (1415 هـ). * تحقيق منيف الرتبة لمن ثبت له شريف الصحبة، العلائي، خليل بن كيكلدي (761 هـ)، تحقيق: د. عبد الرحيم بن محمد القشقري، دار العاصمة، الرياض، ط 1 (1410 هـ). * تحقيق النصوص ونشرها، عبد السلام محمد هارون، مكتبة السنة، القاهرة، ط 5 (1410 هـ). * تخريج أحاديث الإحياء، للعراقي، استخراج أبي عبد الله محمود الحداد، دار العاصمة، ط 1 (1408 هـ). * تخريج الأحاديث والآثار الواقعة في تفسير الكشاف للزمخشري، الزيلعي، جمال الدين عبد الله بن يوسف، اعتناء: سلطان بن فهد الطبيثي، دار ابن خزيمة، ط 1 (1414 هـ). * التخريج لصحيح الحديث، انتقاء البرقاني، تحقيق: أبي عبد الباري رضا، دار ابن حزم للنشر والتوزيع، الرياض، ط (1419 هـ). * تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي، السيوطي، جلال الدين بن عبد الرحمن (911 هـ)، تحقيق: عزت علي عطية، وموسى محمد، دار الكتب الحديثة، مصر. * تذكرة الحفاظ، الذهبي، أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان (748 هـ)، دار إحياء التراث العربي (بيروت). * التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة، القرطبي، محمد بن أبي بكر، تحقيق: محمود بن منصور، دار البخارين المدينة، ط 1 (1417 هـ).

* ترتيب المدارك وتقريب المسالك لمعرفة أعلام مذهب مالك، القاضي عياض، أبو الفضل عياض بن موسى اليحصبي البستي (544 هـ)، ط: وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية (المغرب). * الترجّل من كتاب الجامع لعلوم الإمام أحمد بن حنبل، الخلال، أحمد بن محمد، تحقيق: د. عبد الله المطلق، مكتبة المعارف، الرياض، ط 1 (1416 هـ). * الترغيب في الدعاء، عبد الغني المقدسي، أبو محمد عبد الغني بن عبد الواحد الجمّاعيلي (600 هـ)، تحقيق: محمد بن حسن، مطابع ابن تيمية (القاهرة) (1411 هـ). * الترغيب في فضائل الأعمال وثواب ذلك، ابن شاهين، عمر بن أحمد (385 هـ)، تحقيق: صالح أحمد مصلح الوعيل، دار ابن الجوزي، الرياض، ط 1 (1415 هـ). * تسمية أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، الترمذي، أبو عيسى محمد بن عيسى (297 هـ)، تحقيق: الشيخ عماد الدين أحمد حيدر، مؤسسة الكتب الثقافية، دار الجنان بيروت، ط 1 (1406 هـ). * تسمية ما ورد به الخطيب البغدادي دمشق من الكتب، ضمن كتاب: الخطيب البغدادي وأثره في علوم الحديث، د- محمود الطحان، دار القرآن الكريم (بيروت) (1401 هـ). * تصحيفات المحدثين، العسكري، أبو أحمد الحسن بن عبد الله بن سعيد العسكري (382 هـ)، دراسة وتحقيق: محمود أحمد ميرة، المطبعة العربية الحديثة (القاهرة). ط 1 (1402 هـ). * تعجيل المنفعة بزوائد رجال الأئمة الأربعة، ابن حجر العسقلاني أحمد بن علي (852 هـ)، تحقيق: د. إكرام لله إمداد الحق، دار البشائر الإسلامية، ط 1 (1416 هـ). * تعجيل النفعة بزوائد رجال الأئمة الأربعة، ابن حجر العسقلاني أحمد بن علي (852 هـ)، دار الكتاب العربي، بيروت. * تعجيل المنفعة بزوائد رجال الأئمة الأربعة، ابن حجر العسقلاني أحمد بن علي (852 هـ)، تحقيق: د. إكرام الله إمداد الحق، دار البشائر الإسلامية، ط 1 (1416 هـ). * تعريف أهل التقديس بمراتب الموصوفين بالتدليس، ابن حجر العسقلاني (852 هـ)، تحقيق: د. عاصم القريوتي. * التعريفات، الجرجاني، الشريف علي بن محمد، دار الكتب العلمية، بيروت (1416 هـ). * تعظيم قدر الصلاة، محمد بن نصر المروزي (394 هـ)، تحقيق: عبد الرحمن بن عبد الجبّار الفريوائي، مكتبة الدّار (المدينة المنورة). ط 1 (1406 هـ). * تعليقات الدارقطني على المجروحي لابن حبان البستي، تحقيق: خليل بن محمد العربي، المكتبة التجارية، مصطفى الباز، مكة المكرمة، ط 1 (1414 هـ).

* التعليق الممجد على موطأ الإمام محمد، عبد الحي اللكنوي (ت 1304 هـ)، تحقيق: د. تقي الدين الندوي، دار السنة والسيرة، بومباي الهند، دار القلم، دمشق، ط 1 (1412 هـ). * تغليق التعليق على صحيح البخاري، ابن حجر، أبو الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (852 هـ)، تحقيق: سعيد عبد الرحمن موسى القزقي، المكتب الإسلامي، ودار عمان، ط 1 (1405 هـ). * تفسير الثعالبي المسمى بالجواهر الحسان في تفسير القرآن، عبد الرحمن بن أبي زيد الثعالبي المالكي (ت 875 هـ)، تحقيق: علي محمد معوض وزملاءه، دار إحياء التراث العربي، بيروت، ط 1 (1418 هـ). * تفسير الطبري = جامع البيان في تأويل القرآن. * تفسير غريب ما في الصحيحين البخاري ومسلم، أبو عبد الله محمد بن أبي نصر الحميدي (488 هـ)، تحقيق: الدكتورة: زبيدة محمد سعيد عبد العزيز، مكتبة السنة، القاهرة، ط 1 (1415 هـ). * تفسير القرآن العظيم، ابن كثير، أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير (774 هـ)، دار المفيد (بيروت) (1403 هـ). * تفسير القرآن العظيم، عبد الرزاق بن همام الصنعاني (ت 211)، تحقيق: د. مصطفى مسلم محمد، مكتبة الرشد، الرياض، ط 1 (1410 هـ). * تفسير القرآن العظيم مسندًا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والصحابة والتابعين، ابن أبي حاتم، أبو محمد عبد الرحمن بن محمد بن إدريس الرازي (327 هـ)، تحقيق: أسعد محمد الطيب، مكتبة نزار الباز (مكة المكرمة) ط 1 (1417 هـ- 1997 م). * تقريب التهذيب، ابن حجر، أبو الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (852 هـ)، تقديم ودراسة: محمد عوامة، دار الرشيد (حلب). ط 1 (1406 هـ). * التقصي لابن عبد البر- تجريد التمهيد. * تقييد العلم، الخطيب البغدادي، أحمد بن علي (463 هـ)، تحقيق: يوسف العش، دار الوعي، حلب، ط 3 (1988 م). * التقييد والإيضاح، العراقي، زين الدين عبد الرحيم بن الحسين (806 هـ)، دار الحديث، ط 2 (1405 هـ). * تكملة الإكمال، ابن نقطة، محمد بن عبد الغني البغدادي (629 هـ)، تحقيق: د. عبد القيوم عبد رب النبي، مركز إحياء التراث بجامعة أم القرى، مكة الكرمة، ط 1 (1408 هـ).

* التكملة لكتاب الصلة، ابن الأبار، محمد بن عبد الله القضاعي، تحقيق: عبد السلام الهراس، دار المعرفة، المغرب. * التلخيص الحبير، ابن حجر، أبو الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (852 هـ)، تصحيح السيد عبد الله هاشم يماني، القاهرة (مصر). * تلخيص القابسي = موطأ الإمام مالك بن أنس رواية عبد الرحمن بن القاسم. * تلخيص المتشابه في الرسم، الخطيب البغدادي، أحمد بن علي (463 هـ)، تحقيق: سكينة الشهابي، دار طلاس، دمشق، ط 1 (1985 هـ). * التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد، ابن عبد البر، أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر القرطبي (463 هـ)، تحقيق وتعليق: مصطفى بن أحمد العلوي ومحمد عبد الكبير البكري وغيرهما، مصورة عن طبعة وزارة الأوقاف المغربية (1387 هـ). * التمييز، مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري (261 هـ) - ضمن منهج النقد عند المحدثين، تأليف: د. محمد مصطفى الأعظمي، مكتبة الكوثر. ط 3 (1410 هـ). * التنكيل بما في تأنيب الكوثري من الأباطيل، المعلمي، عبد الرحمن بن يحيى، تحقيق: محمد ناصر الدين الألباني، مكتبة المعارف، الرياض، ط 2 (1406 هـ). * تهذيب الآثار وتفصيل معاني الثابت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الأخبار، الطبري، محمد بن جرير (310 هـ)، تحقيق: د. ناصر بن سعد الرشيد، مطابع الصفا، مكة، (1404 هـ). * تهذيب الأسماء واللغات، النووي، أبو زكريا يحيى بن شرف (676 هـ)، دار الكتب العلمية، بيروت. * تهذيب التهذيب، ابن حجر، أبو الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (852 هـ)، دار الفكر. ط 1 (1404 هـ). * تهذيب السنن، ابن القيم الجوزية = مختصر السنن للمنذري. * تهذيب الكمال في أسماء الرجال، المزي، جمال الدين أبي الحجاج يوسف بن عبد الرحمن المزي (743 هـ)، د. بشار عواد معروف، مؤسسة الرسالة (بيروت). ط 5 (1415 هـ). * توثيق النصوص وضبطها عند المحدّثين، موفق بن عبد الله بن عبد القادر، المكتبة المكية، والبغدادية، ط 1 (1414 هـ). * التوحيد، ابن منده، محمد بن إسحاق بن يحيى (395 هـ)، تحقيق: د. علي بن محمد فقيهي، الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية، ط 1 (1413 هـ).

* التوحيد وإثبات صفات الرب عزَّ وجلَّ، ابن خزيمة، محمد بن إسحاق (311 هـ)، تحقيق: د. عبد العزيز بن إبراهيم الشهوان، مكتبة الرشد، الرياض، ط 3 (1414 هـ). * توضيح المشتبه في ضبط أسماء الرواة وأنسابهم وألقابهم وكناهم، لابن ناصر الدين، شمس الدين محمد بن عبد الله بن محمد القيسي الدمشقي (842 هـ)، تحقيق: محمد نعيم العرقسوسي، مؤسسة الرسالة (بيروت). ط 1 (1414 هـ). * الثقات، ابن حبان، أبو حاتم محمد بن حبان التميمي البستي (354 هـ)، مصورة مؤسسة الكتب الثقافية عن دائرة المعارف العثمانية بحيدر أباد (الهند). * الثقات الذين ضُعِّفوا في بعض شيوخهم، جمع ودراسة د. صالح بن حامد الرفاعي، المجلس العلمي بالجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية، (1413 هـ). * جامع بيان العلم وفضله، ابن عبد البر، أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر القرطبي (463 هـ)، دار الفكر (بيروت). * جامع البيان في تأويل القرآن، الطبري، أبو جعفر محمد بن جرير الطبري (310 هـ)، دار الكتب العلمية (بيروت). ط 1 (1412 هـ). * جامع التحصيل في أحكام المراسيل، العلائي، أبو سعيد بن خليل بن كيكلدي (761 هـ)، تحقيق: حمدي عبد المجيد السلفي، عالم الكتب (بيروت) ط 2 (1407 هـ). * الجامع الصحيح، البخاري، أبو عبد الله محمد بن إسماعيل (256 هـ)، دار الكتب العلمية، ط 1 (1412 هـ). * جامع العلوم والحكم في شرح خمسين حديثًا من جوامع الكلم، ابن رجب الحنبلي، أبو الفرج عبد الرحمن بن أحمد (795 هـ)، تحقيق: شعيب الأرنؤوط، وإبراهيم باجس، مؤسسة الرسالة، ط 2 (1412 هـ). * الجامع في الحديث، ابن وهب القرشي، أبو محمد عبد الله بن وهب بن مسلم (197 هـ)، د. مصطقى حسن أبو خير، دار ابن الجوزي (الرياض) (1416 هـ). * الجامع في شعب الإيمان، البيهقي، أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي (458 هـ)، تحقيق: محمد السعيد بسيوني زغلول، دار الكتب العلمية، بيروت، ط 1 (1410 هـ). * الجامع لأحكام القرآن، القرطبي، محمد بن أحمد الأنصاري (671 هـ)، دار الكتب العلمية، بيروت، (1413 هـ). * الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع، الخطيب البغدادي، أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت البغدادي (463 هـ)، تحقيق: د. محمود الطحان، مكتبة المعارف (الرياض) (1403).

* جامع المسانيد والسنن، عماد الدين أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير الدمشقي (ت 774 هـ)، تحقيق: د. عبد المعطي أمين قلعجي، دار الفكر. * جذوة المقتبس في ذكر ولاة الأندلس وأسماء رواة الحديث وأهل الفقه والأدب وذوي النباهة والشعر، الحميدي، محمد بن فتوح بن عبد الله (488 هـ)، تحقيق: محمد ن تاويت الطنجي، مكتبة الخانجي (القاهرة)، * الجرح والتعديل، ابن أبي حاتم، أبو محمد عبد الرحمن بن محمد بن إدريس الرازي (327 هـ)، تحقيق: عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني، مصورة دار الكتب العلمية (بيروت) عن طبعة دائرة المعارف العثمانية بحيد آباد (الهند). ط 1 (1371 هـ). * جزء الألف دينار، أبو بكر القطيعي، تحقيق: بدر البدر، دار النفائس (الكويت) (1414 هـ). * جزء علي بن محمد الحميري (ت 323 هـ)، تحقيق: زبير عليزئي، نشر دار الطحاوي الرياض، وحديث أكادمي (فيصل آباد) ط 1 (1413 هـ). * جزء فيه أحاديث أبي الزبير عن غير جابر، الأصبهاني، أبو الشيخ عبد الله بن جعفر بن حيان (ت 369 هـ)، تحقيق: بدر البدر، مكتبة الرشد، الرياض، ط 1 (1417 هـ). * جزء فيه أحاديث أبي الشيخ الأصبهاني، تحقيق: بدر البدر، مكتبة الرشد ط 1 (1414 هـ). * جزء فيه عوالي منتقاة من جزء أبي مسعود أحمد بن الفرات، انتقاء الذهبي، تحقيق: أبي عمار الشمراني، نشر دار الريان، الإمارات، ط 1 (1413 هـ). * جزء فيه من حديث لوين، محمد بن جعفر بن حبيب لوين (245 هـ)، تحقيق: أبي بلال غنيم بن عباس، مكتبة الرشد، الرياض، ط 1 (1419 هـ). * الجمع بين رجال الصحيحين، ابن القيسراني، محمد بن طاهر المقدسي (507 هـ)، دار الكتب العلمية ط 2 (1405 هـ). * الجمع بين الصحيحين البخاري ومسلم، محمد بن فتوح الحميدي (ت 488 هـ)، تحقيق: علي حسين البواب، دار ابن حزم، ودار الصميعي، ط 1 (1419 هـ). * الجمعة وفضلها، المروزي، أبو بكر أحمد بن علي (292 هـ)، تحقيق: سمير بن أمين الزهيري، دار عمار الأردن، ط 1 (1407 هـ). * جمهرة الأمثال، الهسكري أبو هلال، تحمّيق: محمد أبي الفضل وعبد المجيد قطامش، المؤسسة العربية الحديثة، ط 1 (1384 هـ). * جمهرة أنساب العرب، ابن حزم، أبو محمد علي بن أحمد ابن حزم الأندلسي (456 هـ)، تحقيق: عبد السلام محمد هارون، دار المعارف (القاهرة) ط 5.

* الجهاد، ابن أبي عاصم، أبو بكر أحمد بن عمرو بن أبي عاصم الشيباني (287 هـ)، تحقيق: مساعد بن سليمان الراشد، دار القلم (سوريا) (1409 هـ). * جوامع السيرة، ابن حزم، أبو محمد على بن حزم الأندلسي (ت 456 هـ)، دار الكتب العلمية، بيروت. * الجوهر النقي لابن التركماني- السنن الكبرى للبيهقي. * حاشية رد المحتار، لمحمد أمين الشهير بابن عابدين، دار قهرمان إستانبول، * حاشية السندي على سنن النسائي- سنن النسائي. * الحاوي الكبير في فقه الإمام الشافعي، الماوردي، أبو الحسن على بن محمد بن حبيب الماوردي البصري، تحقيق وتعليق: علي محمد معوض، عادل أحمد عبد الموجود، مكتبة دار الباز، دار الكتب العلمية (بيروت). ط 1 (1414 هـ). * الحجة في بيان المحجة وشرح عقيدة أهل السنة، لقوام السنة أبي العباس إسماعيل بن محمد التميمي الأصبهاني، تحقيق ودراسة: محمد بن محمود أبو رحيم، محمد بن ربيع المدخلي، دار الراية للنشر والتوزيع. ط 1 (1411 هـ). * الحجة في القراءات السبع، ابن خالويه، الحسين بن أحمد بن حمدان (370 هـ)، تحقيق وشرح. د. عبد العال سالم مكرم، دار الشروق (بيروت). ط 3 (1399 هـ). * الحجة في القراءات السبعة، أبو علي الفارسي، تحقيق: بدر الدين قهوجي وزميله، دار المأمون للتراث، ط 1 (1404 هـ). * حديث أبي محمد عبد الله الفاكهي (353 هـ) عن أبي يحيى بن أبي مسرة عن شيوخه (فوائد أبي محمد الفاكهي)، دراسة وتحقيق: محمد بن عبد الله بن عايض الغباني، مكتبة الرشد، الرياض، ط 1 (1419 هـ). * الحلل السُندسية في الأخبار والآثار الأندلسية، الأمير شكيب أرسلان، دار الكتب العلمية، ط 1 (1417 هـ). * حلية الأولياء وطبقات الأصفياء، أبو نعيم الأصبهاني، أحمد بن عبد الله المهراني الأصبهاني (430 هـ)، دار الكتاب العربي (بيروت) (1407 هـ). * الحياة العلمية في عهد ملوط الطوائف في الأندلس، د. سعد بن عبد الله البشري، مركز الملك فيصل للبحوث الإسلامية، الرياض، ط 1 (1414 هـ). * الخراج، يحيى بن آدم القرشي (ت 203 هـ)، تصحيح: الشيخ أحمد شاكر، المطعبة السلفية ومكتبتها، ط 2 (1384 هـ).

* خلق أفعال العباد، البخاري، أبو عبد الله محمد بن إسماعيل (256 هـ)، تحقيق: عبد الرحمن عميرة، ط دار العارف الرياض (1398 - 1978). * الخلافيات، البيهقي، أحمد بن الحسين (458 هـ)، تحقيق: مشهور بن حسن آل سلمان، دار الصميعي، الرياض، ط 1 (1415 هـ). * دراسات في مصارد الفقه المالكي، ميكلوش موراني، ترجمة د. سعيد بحيري وغيره، دار الغرب الإسلامي، ط 1 (1409 هـ). * الدراية في تخريج أحاديث الهداية، ابن حجر العسقلاني (852 هـ)، تعليق: السيد عبد الله هاشم يماني، مكتبة ابن تيمية، القاهرة. * الدر المنثور في التفسير بالمأثور، جلال الدين السيوطي (911 هـ)، دار المعرفة، بيروت. * الدعاء، الطبراني، سليمان بن أحمد (360 هـ)، تحقيق: محمد سعيد البخاري، دار البشائر الإسلامية، بيروت، ط 1 (1407 هـ). * الدعوات الكبير، البيهقي، أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي (458 هـ)، تحقيق: بدر البدر، منشورات مركز المخطوطات الكويت (1214 هـ). * دلائل الأحكام من أحاديث الرسول عليه السلام، بهاء الدين يوسف بن رافع بن شداد (632 هـ)، تحقيق: د. محمد شحاتي، وزياد الدين الأيوبي، دار ابن قتيبة، دمشق ط 1 (1413 هـ). * دلائل النبوة، البيهقي، أبو بكر أحمد بن الحسينِ ين علي (458 هـ)، تحقيق: عبد المعطي قلعجي، دار الكتب العلمية (بيروت). (1405 هـ). * دول الطوائف منذ قيامها حتى الفتح المرايطي، محمد عبد الله عنان، مكتبة الخانجي، القاهرة، ط 2 (1389 هـ). * الديباج المذهب في معرفة أعيان علماء الذهب، برهان الدين، إبراهيم بن علي بن محمد بن فرحون اليعمري المدني المالكي (799 هـ).، دار الكتب العلمية (بيروت). * ديوان الضعفاء، الذهبي، محمد بن أحمد (748 هـ)، تعليق: الشيخ حماد الأنصاري، مكتبة النهضة الحديثة، مكة، ط 1 (1387 هـ). * ذكر النار، عبد الغني بن عبد الواحد المقدسي (600 هـ)، تحقيق: أديب محمد الغزاوي، الدار البشائر الإسلامية سنة (1415 هـ). * ذم التأويل، موفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي (620 هـ)، عُني به: بدر بن عبد الله البدر، دار ابن الأثير، الكويت، ط 2، 1416 هـ- 1995 م.

* ذم الكلام وأهله، الهروي، عبد الله بن محمد الأنصاري، تحقيق: عبد الرحمن بن عبد العزيز الشبل، مكتبة العلوم والحكم، المدينة، ط 1 (1416 هـ). * ذم الملاهي، ابن أبي الدنيا، عبد الله بن محمد (280 هـ)، تحقيق: عمرو عبد المنعم، مكتبة ابن تيمية، القاهرة، مكتبة العلم جدة، ط 1 (1416 هـ). * ذيل تاريخ بغداد، ابن النجار، محب الدين محمد بن محمود (643 هـ)، تصحيح: قيصر فرح، دار الكتاب العربي، بيروت. * ذيل ميزان الاعتدال، العراقي، زين الدين أبو الفضل عبد الرحيم بن الحسين العراقي (806 هـ)، تحقيق: عبد القيوم عبد رب النبي، مركز البحث العلمي (جامعة أم القرى مكة) (1406 هـ). * الذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة، لأبي عبد الله محمد بن محمد بن عبد الملك الأنصاري الأوسي المراكشي (743 هـ)، القسم الثاني من السفر الأول، تحقيق: محمد بن شريفة، ط دار الثقافة. * الذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة، لأبي عبد الله محمد بن محمد بن عبد الملك الأنصاري الأوسي المراكشي (743 هـ)، القسم الأول من السفر الأول، تحقيق: محمد بن شريفة، ط دار الثقافة. * الذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة، لأبي عبد الله محمد بن محمد بن عبد الملك الأنصاري الأوسي المراكشي (743 هـ)، السفر الرابع والسادس، تحقيق: إحسان عباس، ط دار الثقافة. * رجال صحيح البخاري، الكلاباذي - الهداية والإرشاد. * رجال صحيح مسلم، ابن منجويه، أحمد بن علي الأصبهاني (428 هـ)، عبد الله الليثي، دار المعرفة، ط 1 (1407 هـ). * رجحان الكفة في بيان نبذة من أخبار أهل الصفة، السخاوي، محمد بن عبد الرحمن (902 هـ)، تحقيق: أبي عبيدة مشهور حسن، وأبي حذيفة أحمد الشقيرات، دار السلف، الرياض، ط 1 (1415 هـ). * الردُّ على الجهمية، الدارمي، عثمان بن سعيد (280 هـ)، تحقيق: بدر بن عبد الله البدر، دار ابن الأسير، الكويت، ط 2 (1416 هـ). * الرسالة، الإمام الشافعي محمد بن إدريس (204 هـ)، تحقيق: أحمد محمد شاكر، (1309 هـ). * رسالة في وصل البلاغات الأربع في الموطأ، ابن الصلاح، عثمان بن عبد الرحمن الشهرزوري (643 هـ)، تحقيق: أبي الفضل عبد الله بن الصديق.

* الرسالة المستطرفة لبيان مشهور كتب السنة المشرفة، محمد بن جعفر الكتاني، دار الفكر، ط 2 (1400 هـ). * رفع اليدين في الصلاة، البخاري، محمد بن إسماعيل، تحقيق: بديع الدين الراشدي، دار ابن حزم، بيروت، ط 1 (1416 هـ). * الروض البسَّام بترتيب وتخرج فوائد تمام، جاسم الدوسري، دار البشائر الإسلامية، ط 1 (1410 هـ). * الرواة من الإخوة والأخوات، علي بن المديني (234 هـ)، تحقيق: د. باسم الجوابرة، دار الراية، الرياض، ط 1 (1408 هـ). * الرواة من الإخوة والأخوات، أبو داود السجستاني (275 هـ).، تحقيق: د، باسم الجوابرة، دار الراية، الرياض، ط 1 (1408 هـ). * الروض المعطار في خبر الأقطار، محمد بن عبد المنعم الحميري، تحقيق: د. إحسان عباس مكتبة لبنان بيروت، ط 2 (1984 م). * زاد المعاد، ابن القيم الجوزية، أبو عبد الله محمد بن أبي بكر الزرعي (751 هـ)، تحقيق: شعيب الأرنؤوط وعبد القادر الأرنؤوط، مؤسسة الرسالة. ط 23 (1409 هـ). * الزهد، أحمد بن حنبل، تحقيق: محمد السعيد بسيوني، دار الكتاب العربي، ط 2 (1409 هـ). * الزهد، ابن أبي عاصم، أحمد بن عمرو (282 هـ)، تحقيق: د. عبد الله العلي عبد الحميد، الدار السلفية بومباي الهند، ط 2 (1408 هـ). * الزهد، عبد الله بن المبارك (181 هـ)، تحقيق: حبيب الرحمن الأعظمي، دار الكتب العلمية، بيروت. * الزهد، هناد بن السري التميمي (243 هـ)، تحقيق: محمد أبو الليث الخير آيادي، دولة قطر. * الزهد، وكيع بن الجراح (197 هـ)، مكتبة الدار المدينة النبوية، ط 1، (1404 هـ). * زيادات الزهد، الحسين المروزي = الزهد لابن المبارك. * سبل السلام شرح بلوغ المرام، محمد بن إسماعيل الصنعاني (1182 هـ)، المكتبة التجارية الكبرى. * سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد، محمد بن يوسف الصالحي الشامي (942 هـ)، تحقيق: عادل أحمد عبد الموجود، وعلي معوض، دار الكتب العلمية، بيروت، ط (1414 هـ). * سلسلة الأحاديث الصحيحة، الشيخ محمد ناصر الدين الألباني، الجزء الأول والثاني، المكتب الإسلامي، ط 4 (1405 هـ)، والجزء الثالث، مكتبة المعارف، ط 2 (1407 هـ)،

والجزء الرابع، مكتبة المعارف، ط 4 (1408 هـ)، والجزء الخامس، مكتبة المعارف، ط 1 (1412 هـ). * سلسلة الأحاديت الضعيفة، الشيخ محمد ناصر الدين الألباني، الجزء الأول ط المكتب الإسلامي (1405 هـ)، والجزء الثاني والرابع، مكتبة المعارف (1408 هـ). * السنة، الخلال، أحمد بن محمد (311 هـ)، تحقيق د. عطية الزهراني، دار الراية، ط 1 (1410 هـ). * (السنة، ) عبد الله بن أحمد بن حنبل (290 هـ)، تحقيق: د. محمد بن سعيد القحطاني، دار عالم الكتب، الرياض، ط 4 (1416 هـ). * السنة، ومعه ظلال الجنّة، ابن أبي عاصم، أبو بكر أحمد بن عمرو الشيباني (287 هـ)، تحقيق: الشيخ محمد ناصر الدين الألباني، المكتب الإسلامي، ط 2 (1405 هـ). * السنن، النسائي، أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب (303 هـ) - ومعه شرح السيوطي وحاشية السندي، دار الريان (مصر). * السنن، سعيد بن منصور أبو عثمان الخراساني (227 هـ)، تحقيق: حبيب الرحمن الأعظمي، الدار السلفية (الهند). ط 1 (1403 هـ). * السنن، سعيد بن منصور أبو عثمان الخراساني (227 هـ)، تحقيق: د. سعد بن عبد الله آل حميد، دار الصميعي (الرياض). ط 1 (1414 هـ). * السنن، أبو داود، سليمان بن الأشعث السجستاني (275 هـ)، إعداد وتعليق: عزّت عبيد الدعاس وعادل السيد، دار الحديث (بيروت). ط 1 (1394 هـ). * السنن، الدارمي، أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن السمرقندي (255 هـ)، تحقيق: فواز أحمد زمرلي وزميله، دار الريان للتراث (القاهرة)، ودار الكتاب العربي (بيروت). ط 1 (1407 هـ). * السنن، الدارقطني، أبو الحسن علي بن عمر (385 هـ) ومعه التعليق المغني على الدارقطني، لأبي الطيب العظيم آبادي، تحقيق: عبد الله هاشم يماني المدني، عالم الكتب (بيروت). ط 3 (1413 هـ). * السنن (الجامع)، الترمذي، أبو عيسى محمد بن عيسى بن سَوْرة (297 هـ)، تحقيق وشرح: أحمد محمد شاكر وغيره، دار الكتب العلمية (بيروت). * السنن، ابن ماجه، أبو عبد الله محمد بن يزيد القزويني (275 هـ)، تحقيق وترقيم: محمد فؤاد عبد الباقي، دار الريان للتراث (بيروت).

* السَنَن الأبين والمورد الأمعن في المحاكمة بين الإمامين في المسند المعنعن، ابن رُشيد الفهري محمد بن عمر السِبتي (721 هـ)، تحقيق: صلاح بن سالم المصراتي، مكتبة الغرباء الأثرية، المدينة، ط 1 (1417 هـ). * السنن الكبرى، النسائي، أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب (303 هـ)، تحقيق: د. عبد الغفار البنداري، وسيد كسروي، دار الكتب العلمية (بيروت). ط 1 (1411 هـ). * السنن الكبرى، البيهقي، أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي (458 هـ)، وبذيله: الجوهر النقي لابن التركماني (745 هـ)، دار المعرفة (بيروت) (1413 هـ). * سؤالات أبي داود لأحمد بن حنبل في جرح الرواة وتعديلهم، تحقيق: زياد محمد منصور، مكتبة العلوم والحكم، المدينة، ط 1 (1414 هـ). * سؤالات أبي عبد الرحمن السلمي للدارقطني في الجرح والتعديل، دراسة: سليمان آتش، ط دار العلوم للطباعة والنشر (1408 هـ)، (1988 م). * سؤالات أبي عبد الله بن بكير وغيره لأبي الحسن الدارقطني، دراسة وتحقيق: علي حسن علي عبد الحميد، ط دار عمار، عمان، الأردن، ط 1 (1408 هـ) (1988 م). * سؤالات أبي عبيد الآجري أبا داود سليمان بن الأشعث السجستاني في معرفة الرجال وجرحهم وتعديلهم، دراسة وتحقيق: د. عبد العليم عبد العظيم البستوي، مكتبة دار الاستقامة، مؤسسة الريان، ط 1 (1418 هـ). * سؤالات ابن الجنيد لأبي زكريا بن معين، تحقيق: د- أحمد نور سيف، مكتبة الدار (المدينة) (1408 هـ). * سؤالات البرقاني للدارقطني، رواية الكرجي عنه، تحقيق: د- عبد الرحيم القشقري، ط لاهور باكستان (1404). * سؤالات السلمي للدارقطني في الجرح والتعديل، تحقنية: سليمان آتش، دار العلوم (1408 هـ). * سؤالات السهمي للدارقطني وغيره من المشايخ، تحقيق: موفق بن عبد القادر، مكتبة المعارف (الرياض) (1404 هـ). * سؤالات محمد بن عثمان بن أبي شيبة (279 هـ) لعلي بن المديني، تحقيق: موفق بن عبد الله، مكتبة المعارف الرياض، ط 1 (1404 هـ). * سؤالات مسعود بن علي السِّجزي مع أسئلة البغداديّين عن أحوال الرواة الحاكم،

محمد بن عبد االله النيسابوري (405 هـ)، تحقيق: د. موفق بن عبد الله، دار الغرب الإسلامي، بيروت، ط 1 (1408 هـ). * سير أعلام النبلاء، الذهبي، محمد بن أحمد بن عثمان (748 هـ)، تحقيق: مجموعة عن الباحثين بإشراف شعيب الأرنؤوط، مؤسسة الرسالة (بيروت). ط 8 (1412 هـ). * السيرة النبوية، عبد الملك بن هشام المعافري، تحقيق: مصطفى السقا وغيره، مطبعة مصطفى بابي الحلبي، مصر، ط 2 (1375 هـ). * الشجرة في أحوال الرجال، الجوزجاني، إبراهيم بن يعقوب (259 هـ)، تحقيق: د. عبد العليم عبد العظيم البستوي، حديث أكادمي، باكستان ط 1 (1411 هـ). * شجرة النور الزكية في طبقات المالكية، تأليف: محمد بن محمد مخلوف، دار الفكر. * شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة من الكتاب والسنة وإجماع الصحابة والتابعين من بعدهم، اللالكائي، هبة الله بن الحسن الطبري (418 هـ)، تحقيق: أحمد بن سعد الغامدي، دار طيبة، الرياض، ط 4 (1416 هـ). * شرح الزرقاني على موطأ الإمام مالك، سيدي محمد الزرقاني، ط: دار الفكر. (1355 هـ). * شرح السنة، البغوي، أبو محمد الحسين بن مسعود بن محمد بن الفراء (516 هـ)، تحقيق: علي محمد عوض، عادل عبد الموجود، دار الكتب العلمية (بيروت). * شرح الطيبي على مشكاة المصابيح، الطيبي، حسين بن محمد بن عبد الله (743 هـ)، تحقيق: المفتي عبد الغفار وجماعة، إدارة القرآن والعلوم الإسلامية. * شرح صحيح مسلم، النووي، أبو زكريا يحيى بن شرف (676 هـ)، ط: دار الكتب العلمية (بيروت). * شرح العقيدة الطحاوية، ابن أبي العز الحنفي، تخريج: الشيخ محمد ناصر الدين الألباني، المكتب الإسلامي، ط 5 (1399 هـ). * شرح علل الترمذي، ابن رجب الحنبلي، أبو الفرج عبد الرحمن بن أحمد (795 هـ)، تحقيق ودراسة: د. همام عبد الرحيم سعيد، مكتبة المنار (الأردن). ط 1 (1407 هـ). * شرح فتح القدير، لكمال الدين محمد بن عبد الواحد المعروف بابن الهمام، دار الفكر للطباعة والنشر بيروت لبنان، ط 2 (1397 - 1977). * شرح الكوكب المنير، ابن النجار، محمد بن أحمد الفتوحي (972 هـ)، تحقيق: د. محمد الزحيلي، ود. نزيد حماد، مركز البحث العلمي، مكة المكرمة (1400 هـ).

* شرح مشكل الآثار، الطحاوي، أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة (321 هـ)، تحقيق: شعيب الأرناؤوط، مؤسسة الرسالة (بيروت). ط 1 (1415 هـ). * شرح معاني الآثار، الطحاوي، أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة (321 هـ)، تحقيق: محمد زهري النجار، دار الكتب العلمية (بيروت). ط 2 (1407 هـ). * الشريعة، الآجري، محمد بن الحسين (360 هـ)، تحقيق: د. عبد الله بن سليمان الدميجي، دار الوطن، الرياض، ط 1 (1418 هـ). * شعب الإيمان، البيهقي، أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي (458 هـ)، نشر الدار السلفية، الهند، ط 1 (1409 هـ)، إشراف مختار أحمد الندوي. * الشمائل المحمدية، الترمذي، أبو عيسى محمد بن عيسى (297 هـ)، تعليق: عزت عبيد الدعاس، دار الحديث، بيروت، ط 3 (1408 هـ). * الصارم المنكي في الرد على السبكي، محمد بن أحمد بن عبد الهادي، ط دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى (1405 هـ- 1485 م). * صحيح أبي عوانة = مسند أبي عوانة. * صحيح ابن حبان = الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان. * صحيح ابن خزيمة، أبو بكر محمد بن إسحاق بن: 4 (311 هـ)، تحقيق: محمد مصطفى الأعظمي، المكتب الإسلامي (بيروت) (1412). * صحيح مسلم، مسلم، أبو الحسين مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري (261 هـ)، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، دار الحديث. * الصفات، الدارقطني، علي بن عمر (385 هـ)، تحقيق: د. علي بن محمد بن ناصر فقيهي، ط 1 (1403 هـ). * صفة النار، ابن أبي الدنيا أبو بكر عبد الله بن محمد (281 هـ)، تحقيق: محمد خير رمضان، دار ابن حزم، بيروت، ط 1 (1417 هـ). * صلة الخلف بموصول السلف، الروداني، محمد بن سليمان (1094 هـ)، تحقيق: محمد حجي، دار الغرب الإسلامي، ط 1 (1408 هـ). * الصلة في تاريخ أئمة الأندلس وعلمائهم ومحدثيهم وفقهائهم وأدبائهم، ابن بشكوال، أبو القاسم خلف بن عبد الملك (578 هـ)، تصحيح ومراجعة: السيد عزت العطار الحسيني، مكتبة الخانجي (القاهرة)، ط 2 (1414 هـ).

* الصمت وآداب اللسان، ابن أبي الدنيا أبو بكر عبد الله بن محمد (281 هـ)، تحقيق: أبي إسحاق الحويني، دار الكتاب العربي ط 1 (1410 هـ). * صيانة صحيح مسلم من الإخلال والغلط وحمايته من الإسقاط والسقط، ابن الصلاح، أبو عمرو عثمان بن عبد الرحمن الشهرزوري (643 هـ)، تحقيق: موفق بن عبد الله، دار الغرب الإسلامي، ط 2 (1408 هـ). * الضعفاء (الكبير)، العقيلي، أبو جعفر محمد بن عمرو بن موسى العقيلي (322 هـ)، تحقيق: د. عبد المعطي أمين قلعجي، دار الكتب العلمية (بيروت). ط 1 (1404 هـ). * الضعفاء والمتروكون، الدارقطني، أبو الحسن علي بن عمر البغدادي (385 هـ)، تحقيق: موفق عبد القادر، مكتبة المعارف (الرياض) (1404 هـ). * الضعفاء والمتروكين، النسائي، أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب (353 هـ)، محمود إبراهيم الزايد، دار المعرفة (بيروت). * الضعفاء والمتروكين، ابن الجوزي، أبو الفرج عبد الرحمن بن علي (597 هـ)، تحقيق: أبي الفداء عبد الله القاضي، دار الكتب العلمية ط 1 (1406 هـ). * ضعيف الجامع الصغير، الشيخ محمد ناصر الدين الألباني، المكتب الإسلامي (1408 هـ). * الطبقات، خليفة بن خياط العصفري (240 هـ)، تحقيق: د أكرم العمري، دار طيبة، الرياض ط 2 (1402 هـ). * الطبقات، لمسلم بن الحجاج القشيري (261 هـ)، تقديم وتعليق: مشهور بن حسن سلمان، ط: دار الهجرة للنشر والتوزيع، ط 1 (1411 هـ) - 1991 م). * طبقات الحنابلة، القاصي أبو الحسين محمد بن أبي يعلى، دار المعرفة، بيروت. * طبقات الشافعية الكبرى، تاج الدين السبكي، عبد الوهاب بن علي السبكي (771 هـ)، تحقيق: محمود الطناحي، وعبد الفتاح الحلو، دار إحياء الكتب العربية (القاهرة). * طبقات فحول الشعراء، محمد بن سلاّم الجمحي (ت 231 هـ)، قراه وشرحه: محمود محمد شاكر، مطبعة المدني، القاهرة. * طبقات الفقهاء، أبو إسحاق الشيرازي (ت 476 هـ)، تحقيق: د. إحسان عباس، طبع دار الرائد العربي، بيروت، ط 2 (1401 هـ). * الطبقات الكبرى، ابن سعد، محمد بن سعد بن منيع الزهري (230 هـ)، تحقيق: محمد عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية (بيروت).

* الطبقات الكبرى (الطبقة الرابعة من الصحابة ممن أسلم عند فتح مكة وما بعد ذلك)، ابن سعد، محمد بن سعد بن منيع الزهري (230 هـ)، تحقيق: د. عبد العزيز عبد الله السلومي، مكتبة الصديق. ط 1 (1416 هـ). * الطبقات الكبرى (الطبقة الخامسة من الصحابة)، ابن سعد، محمد بن سعد بن منيع الزهري (230 هـ)، تحقيق: د. محمد بن صامل السليمي، مكتبة الصديق. ط 1 (1414 هـ). * الطبقات الكبرى (القسم المتمم لتابعي أهل المدينة ومن بعدهم)، ابن سعد، محمد بن سعد بن منيع الزهري (230 هـ)، تحقيق: زياد محمود منصور، طبع: المجلس العلمي بالجامعة الإسلامية. ط 1 (1403 هـ). * طبقات المحدثين بأصبهان، أبو الشيخ الأصبهاني، أبو محمد عبد الله ين محمد بن جعفر بن حيّان (369 هـ)، تحقيق: عبد الغفار البنداري، وسيد كسروي، داو الكتب العلمية (بيروت) (1409 هـ). * طبقات النسّابين، بكر بن عبد الله أبو زيد، مؤسسة الرسالة، ط 2 (1418 هـ). * طبقات المدلسين لابن حجر = تعريف أهل التقديس. * طرح التثريب في شرح التقريب، العراقي، زين الدين أبو الفضل عبد الرحيم بن الحسين العراقي (806 هـ) وولده أبو زرعة، دار إحياء التراث العربي (بيروت)، ومؤسسة التاريخ العربي (1413 هـ). * الطهور، أبو عبيد القاسم بن سلام (224 هـ)، تحقيق: مشهور حسن آل سلمان، مكتبة الصحابة، جدة، ط 1 (1414 هـ). * العُجاب في بيان الأسباب، ابن حجر أحمد بن علي العسقلاني (852 هـ)، تحقيق: عبد الحكيم محمد الأنيس، دار ابن الجوزي، ط 1 (1418 هـ). * عدد ما لكلِّ واحد من الصحابة من الحديث، ابن حزم الأندلسي (456 هـ)، ضمن بقي بن مخلد القرطبي، دراسة وتحقيق: د. أكرم العمري، ط 1 (1400 هـ). * العزيز شرح الوجيز، لأبي القاسم عبد الكريم بن محمد بن عبد الكريم الرافعي (623 هـ)، تحقيق: علي محمد معوض، عادل أحمد عبد الموجود، دار الكتب العلمية، ط 1، (1417 هـ-1997). * عِقد الجواهر الثمينة في مذهب عالم المدينة، ابن شاش، جلال الدين عبد الله بن نجم (616 هـ)، تحقيق: د. محمد أبو الأجفان، أ. عبد الحفيظ منصور، دار الغرب الإسلامي، ط (1415 هـ).

* عقيدة السلف أصحاب الحديث، الصابوني، إسماعيل بن عبد الرحمن (449 هـ)، تحقيق: بدر بن عبد الله البدر، مكتبة الغرباء الأثرية، المدينة، ط 2 (1415 هـ). * علل الحديث، ابن أبي حاتم، أبو محمد عبد الرحمن بن محمد بن إدريس الرازي (327 هـ)، دار المعرفة (بيروت) (1405 هـ). * العلل الكبير، الترمذي، أبو عيسى محمد بن عيسى بن سَوْرة (297 هـ)، ترتيب: أبي طالب القاضي، تحقيق: حمزة ديب مصطفى، مكتبة الأقصى (الأردن) (1406 هـ). * العلل المتناهية في الأحاديث الواهية، ابن الجوزي عبد الرحمن بن علي (597 هـ)، تحقيق: إرشاد الحق الأثري، المكتبة الإمدادية، مكة المكرمة. * العلل الواردة في الأحاديث النبوية، الدارقطني، أبو الحسن علي بن عمر (385 هـ)، تحقيق: د، محفوظ الرحمن زين الله السلفي، دار طيبة (الرياض). * العلل ومعرفة الرجال، الإمام أحمد، أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل (241 هـ) - رواية ابنه عبد الله عنه، تحقيق وتخريج: وصي الله عباس، المكتب الإسلامي (بيروت). ط 1 (1408 هـ). * العلل ومعرفة الرجال عن الإمام أحمد بن حنبل، رواية المرّوذي وغيره، تحقيق: د. وصي الله بن محمد عباس، الدار السلفية، بومباي، الهند، ط 1 (1408 هـ). * علم علل الحديث من خلال كتاب بيان الوهم والإيهام الواقعين في كتاب الأحكام، إبراهيم بن الصديق، وزارة الأوقاف المغربية، ط 1 (1415 هـ). * العلو للعليّ الغفّار في إيضاح صحيح الأخبار وسقيمها، الذهبي، محمد بن أحمد بن عثمان (748 هـ)، تحقيق: أشرف بن عبد المقصود، أضواء السلف، ط 1 (1416 هـ). * علوم الحديث، ابن الصلاح، أبو عمرو عثمان بن عبد الرحمن الشهرزوري (643 هـ)، تحقيق: نور الدين عتر، المكتبة العلمية (بيروت) (1401 هـ). * عمدة القاري شرح صحيح البخاري، العيني، بدر الدين محمد بن أحمد (855 هـ)، دار الفكر، بيروت. * العمدة من الفوائد والآثار الصحاح والغرائب في مشيخة شُهْدة (574 هـ)، تخريج: عبد العزيز بن محمود بن الأخضر، تحقيق وتعليق: د. رفعت فوزي عبد المطلب، مكتبة الخانجي (القاهرة). ط 1 (1415 هـ). * العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم، محمد بن إبراهيم الوزير اليماني، تحقيق: شعيب الأرنؤوط، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط 2 (1412 هـ).

* عوالي الإمام مالك، الحاكم الكبير، أبو أحمد محمد بن محمد بن أحمد بن إسحاق (378 هـ)، تقديم وتحقيق: محمد الشاذلي النيفر، ط عالم النضر، تونس، (1406 هـ). * عون المعبود شرح سنن أبي داود، محمد شرف الحق العظيم آبادي، تحقيق: عبد الرحمن محمد عثمان، المكتبة السلفية بالمدينة النبوية، ط 2 (1388). * الغاية في شرح الهداية، محمد بن عبد الرحمن السخاوي ط تحقيق: محمد سيدي محمد الأمين، دار القلم دمشق، والدار الشامية، بيروت ط 1 (1413 هـ). * غايه المرام في تخريج أحاديث الحلال والحرام، محمد ناصر الدين الألباني، المكتب الإسلامي، بيروت، ط 3 (405 هـ). * غاية المقصود في شرح سنن أبي داود، لأبي الطيب محمد شمس الحق العظيم أبادي (1329)، ط حديث أكادمي فيصل آباد، دار الطحاوي الرياض، ط 1 (1414 هـ). * غرائب حديث الإمام مالك بن أنس، ابن المظفّر، أبو الحسين محمد بن المظفر البزاز (379 هـ)، تحقيق: أبي عبد الباري الجزائري، دار السلف (الرياض). ط 1 (1418 هـ). * غرر الفوائد المجموعة في بيان ما وقع في صحيح مسلم من الأحاديث المقطوعة، رشيد الدين العطار، أبو الحسين يحيى بن علي القرشي، تحقيق: محمد خرشافي، دار الكتب العلمية، بيروت، ط 1 (1417 هـ). * غريب الحديث، الحربي، أبو إسحاق إبراهيم بن إسحاق (285 هـ)، تحقيق: سليمان بن إبراهيم العايد، مركز البحث العلمي بجامعة أم القرى (مكة) (1405 هـ). * غريب الحديث، الخطابي حمد بن محمد البستي (388 هـ)، تحقيق: عبد الكريم إبراهيم العزباوي، وتخريج: عبد القيوم عبد الرب النبي، مركز البحث العلمي بجامعة أم القرى، مكة المكرمة، (1402 هـ). * غريب الحديث، القاسم بن سلاّم، أبو عبيد القاسم بن سلاّم الهروي (224 هـ)، دار الكتاب العربي (بيروت) (1396 هـ) مصورة عن الطبعة الهندية الأولى (1384 هـ). * الغنية، فهرس شيوخ القاضي عياض (544 هـ)، تحقيق: ماهر زهير جرار، دار الغرب الإسلامي، بيروت، ط 1 (4102 هـ). * الغوامض والمبهمات، ابن بشكوال، أبو القاسم خلف بن عبد الملك (578 هـ)، تحقيق: محمود مغراوي، ط دار الأندلس الخضراء (جدة)، ط 1 (1415 هـ). * الغيلانيات، أبو بكر الشافعي، محمد بن عبد الله بن إبراهيم البزاز (354 هـ)، تخريج: أبو

الحسن على بن عمر الدارقطني، تحقيق: د. مرزوق بن هياس آل مرزوق الزهراني، دار المأمون للتراث، ط 1 (1417 هـ). * الغيلانيات، أبو بكر الشافعي، محمد بن عبد الله بن إبراهيم البزاز (354 هـ)، تحقيق: د. فاروق بن عبد العليم بن مرسي، أضواء السلف (الرياض) ط 1 (1416 هـ). * الفتاوى الكبرى، ابن تيمية، أبو العباس تقي الدين أحمد بن عبد الحليم (728 هـ)، قدم له: حسين محمد مخلوف، ط دار المعرفة لبنان. * فتح الباب في الكنى والألقاب، محمد بن إسحاق بن منده الأصبهاني (ت 395 هـ)، تحقيق: محمد نظر الفاريابي، مكتبة الكوثر، الرياض، ط 9 (1417 هـ). * فتح الباري بشرح صحيح الإمام البخاري، ومعه هدي الساري، ابن حجر العسقلاني، أبو الفضل أحمد بن علي بن حجر (852 هـ)، تحقيق: عبد العزيز بن عبد الله بن باز (الأجزاء الثلاثة الأولى) ومحب الدين الخطيب، ترقيم وتبويب: محمد فواد عبد الباقي، دار الريان للتراث، المكتبة السلفية. * فتح الباري شرح صحيح البخاري، ابن رجب الحنبلي، زين الدين أبو الفرج بن رجب (795 هـ)، إعداد: مؤسسة الحرمين، ط مكتبة الغرباء الأثرية (المدينة النبوية) (1417). * فتح المغيث بشرح ألفية الحديث للعراقي، السخاوي، محمد بن عبد الرحمن (902 هـ)، تحقيق: الشيخ علي حسين علي، إدارة البحوت الإسلامية بالجامعة السلفية ببنارس، الهند، ط 1 (1409 هـ). * فتح الوهاب فيمن اشتهر من المحدثين بالألقاب، الشيخ حماد الأنصاري (ت 1418 هـ)، مؤسسة الرسالة ط 1 (1406 هـ). * الفتن، نعيم بن حماد الخزاعي المروزي، تحقيق: سمير بن أمين الزهري، مكتبة التوحيد القاهرة، ط 1 (1402 هـ- 1991 م). * فتوح مصر وأخبارها، أبي القاسم عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم المصري، ط في مدينة ليدن (1930 م). * الفتوى الحموية الكبرى، ابن تميمية، أحمد بن عبد الحليم (729 هـ)، المطبعة السلفية، ط 4، (1401 هـ). * الفصل للوصل المدرج في النقل، الخطيب البغدادي، أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت البغدادي (463 هـ)، تحقيق: محمد بن مطر الزهراني، دار الهجرة (الرياض). ط 1 (1418 هـ).

* فصول من تاريخ المدينة المنورة، علي حافظ، ط شركة المدينة للطباعة والنشر، جدة، المملكة العربية السعودية. * فضائل الأوقات، أحمد بن الحسين البيهقي (458 هـ)، دراسة وتحقيق عدنان عبد الرحمن مجيد القيسي، مكتبة المنارة، مكة الكرمة ط 1 (1410 هـ). * فضائل الصحابة، الإمام أحمد بن حنبل، تحقيق: وصي الله بن محمد عباس، مؤسسة الرسالة (1403 هـ). * فضائل القرآن، أبو عبيد القاسم بن سلام، تحقيق مروان العطية وغيره، دار ابن كثير دمشق بيروت (1415 هـ). * فضائل القرآن وما أنزل من القرآن بمكة وما أنزل بالمدينة، ابن الضريس، محمد بن أيوب البجلي (294 هـ)، تحقيق: غزوة بدير، دار الفكر، دمشق ط 1 (1408 هـ). * فضيلة العادلين من الولاة ومن أنعم النظر في حال العمال والسعاة، أبو نعيم الأصبهاني، أحمد بن عبد الله (430 هـ)، وبذيله: تخريج أحاديث العادلين للسخاوي محمد بن عبد الرحمن (902 هـ)، تعليق: مشهور بن حسن آل سلمان، دار الوطن، ط 1 (1418 هـ). * فهرس ابن عطية، عبد الحق بن عطية الأندلسي، تحقيق: محمد أبو الأجفان، ومحمد الزاهي، دار الغرب الإسلامي، بيروت، ط 2 (1983 هـ). * فهرس الفهارس ومعجم المعاجم والمشيخات والمسلسلات، عبد الحي بن عبد الكبير الكتاني، تحقيق: د. إحسان عباس، دار الغرب الإسلامي، بيروت، ط 2 (1402 هـ). * فهرس مجاميع المدرسة العمرية في دار الكتب الظاهرية، ياسين محمد السواس، معهد المخطوطات العربية (الكويت) (1408 هـ). * فهرس مخطوطات مكتبة كوبريلي د. رمضان ششن، وغيره، منظمة المؤتمر الإسلامي، استنبول، (1406 هـ). * الفهرست، النديم، محمد بن أبي يعقوب الوراق، تحقيق: رضا تجدد بن علي، دار المسيرة، ط 2 (1988 هـ). * فهرسة ما رواه عن شيوخه من الدواوين في ضروب العلم وأنواع المعارف، أبو بكر محمد بن خير الإشبيلي (575 هـ)، دار الآفاق الجديدة، بيروت، ط 2 (1399 هـ). * فوائد تمام = الروض البسام. * الفوائد العوالي المؤرخة من الصحاح والغرائب، أبو القاسم علي بن المحسن التنوخي (ت 447 هـ)، تخربج: الحافظ أبي عبد الله الصوري (ت 441 هـ)، تحقيق: د. عمر

عبد السلام تدمري، مؤسسة الرسالة (بيروت) ط 2 (1408 هـ). * فيض القدير شرح الجامع الصغير، المناوي (ت 1031 هـ)، دار المعرفة (بيروت) ط 2 (1391 هـ). * القاموس المحيط، مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزبآدي، ط المؤسسة العربية للطباعة والنشر بيروت لبنان. * القبس في شرح موطأ مالك بن أنس، ابن العربي، أبو بكر محمد بن عبد الله بن محمد بن أحمد المعافري (543 هـ)، دارسة وتحقيق: د. محمد عبد الله ولد كريم، دار الغرب الإسلامي. ط 1 (1992 م). * القدر، الفريابي، جعفر بن محمد بن الحسن (301 هـ)، تحقيق: عبد الله بن حمد المنصور، أضواء السلف، الرياض، ط 1 (1418 هـ). * القراءة خلف الإمام، أحمد بن الحسين البيهقي، ط: إدارة إحياء السنة كهرجاكه. * القراءة خلف الإمام، البخاري محمد بن إسماعيل، تحقيق: سعيد زغلول، المكتبة التجارية الباز (مكة المكرمة). * قرى الضيف، ابن أبي الدنيا، عبد الله بن محمد (281 هـ)، تحقيق: عبد الله بن حمد المنصور، أضواء السلف، ط 1 (1418 هـ). * قلائد العقيان في محاسن الأعيان، ابن خاقان، مصورة عن طبعة باريس، قدم له: محمد العنابي، المكتبة العتيقة تونس. * القناعة، ابن السنّي، أبو بكر أحمد بن محمد بن إسحاق (ت 364 هـ)، تحقيق: عبد الله بن يوسف الجديع، مكتبة الرشد (الرياض) ط 1 (1409 هـ). * قيام الليل، وقيام رمضان، والوتر، محمد بن نصر المروزي (294 هـ)، اختصار: أحمد بن علي المقريزي (845 هـ)، نشر حديث آكادمي باكستان، ط 1 (1408 هـ). * الكاشف في معرفة من له رواية في الكتب الستة، الذهبي، محمد بن أحمد بن عثمان (748 هـ)، دار الكتب العلمية (بيروت). * الكامل في ضعفاء الرجال، ابن عدي، أبو أحمد عبد الله بن عدي الجرجاني (365 هـ)، تحقيق: د. سهيل زكار ويحيى مختار غزاوي، دار الفكر (بيروت). ط 3 (1409 هـ). * كشف النقاب عن الأسماء والألقاب، ابن الجوزي، أبو الفرج بن عبد الرحمن (ت 597 هـ)، تحقيق: د. عبد العزيز راجي الصاعدي، مكتبة دار السلام (الرياض) ط 1 (1993 م).

* الكفاية في علم الرواية، الخطيب، أحمد بن علي البغدادي (463 هـ)، دار الكتب العلمية، بيروت (1409 هـ). * كشف الأستار عن زوائد مسند البزار على الكتب الستة، الهيثمي، نور الدين علي بن أبي بكر (807 هـ)، تحقيق: حبيب الرحمن الأعظمي، مؤسسة الرسالة، ط 1 (1404 هـ). * الكنى، البخاري = التاريخ الكبير. * الكنى والأسماء، مسلم، أبو الحسين مسلم بن الحجاج النيسابوري (261 هـ)، دراسة وتحقيق: د. عبد الرحيم بن محمد القشقري، طبعة المجلس العلمي بالجامعة الإسلامية (المدينة). ط 1 (1404 هـ). * الكنى والأنساب، الدولابي، أبو بشر محمد بن أحمد (310 هـ)، المكتبة الأثرية (باكستان) مصورة عن الطبعة الأولى الهندية (1396 هـ). * الكواكب النيِّرات في معرفة من اختلط من الرواة الثقاث، ابن الكيّال، محمد بن أحمد (939 هـ)، تحقيق: عبد القيوم عبد الرب النبي، دار المأمون للتراث، ط 1 (1401 هـ). * لُبُّ اللباب في تحرير الأنساب، دلال الدين السيوطي (ت 911 هـ)، تحقيق: محمد أحمد عبد العزيز، دار الكتب العلمية (بيروت)، ط 1 (1411 هـ). * اللباب في تهذيب الأنساب، ابن الأثير، عز الدين أبو الحسن علي بن محمد الجزري (630 هـ)، عنيت بنشره مكتبة القدسي بالقاهرة (1357 هـ). * لسان الميزان، ابن حجر، أبو الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (852 هـ)، مصورة دار الكتاب الإسلامي (القاهرة). * ما رواه الأكابر عن مالك بن أنس، محمد بن مخلد الدوري، تحقيق: عواد الخلف، مؤسسة الريان (بيروت) (1406 هـ). * المتفق والمفترق، الخطيب البغدادي، أحمد بن علي (463 هـ)، تحقيق: د. محمد صادق الحامدي، دار القادري بيروت، ط 1 (1417 هـ). * مجرد أسماء الرواة عن مالك، رشيد الدين العطار (ت 662 هـ)، تحقيق: سالم بن أحمد بن عبد الهادي، مكتبة الغرباء الأثرية (المدينة)، ط 1 (1418 هـ). * المجروحين من المحدثين والصعفاء والمتروكين، ابن حبان، أبو حاتم محمد بن حبان بن أحمد التميمي البستي (354 هـ)، تحقيق: محمود إبراهيم زايد، دار الوعي (حلب). ط 2 (1402 هـ). * مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، الهيثمي، نور الدين علي بن أبي بكر الهيثمي (708 هـ)، دار الكتاب (بيروت). ط 2 (1407 هـ- 1967 م).

* المجمع المؤسِّس للمعجم المفهرس، ابن حجر، أبو الفضل أحمد بن علي العسقلاني (852 هـ)، تحقيق: د. يوسف المرعشلي، دار المعرفة (بيروت). ط 1 (1413 هـ). * المجموع شرح المهذب، النووي، أبو زكريا يحيى بن شرف (676 هـ)، دار الفكر. * مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، جمع وترتيب: عبد الرحمن بن محمد بن قاسم النجدي وابنه محمد، مصورة عن الطبعة الأولى (1398 هـ). * المحدِّث الفاصل الفاصل بين الراوي والواعي، الرامهرمزي، الحسن بن عبد الرحمن (360 هـ)، تحقيق: د. محمد عجاج الخطيب، دار الفكر، بيروت ط 1 (1391 هـ). * محمد بن وضاح القرطبي مؤسِّس مدرسة الحديث بالأندلس، د. نوري معمّر، مكتبة المعارف بالرباط، ط 1 (1403 هـ). * المحلى بالآثار، ابن حزم، أبو محمد علي بن أحمد بن حزم الأندلسي (456 هـ)، تحقيق: د. عبد الغفار البنداري، دار الكتب العلمية، بيروت. * مختصر الأحكام، الطوسي الحسن بن علي، تحقيق: د. أنيس طاهر الأندنوسي، مكتبة الغرباء الأثرية، المدينة، ط 1 (1415 هـ). * مختصر سنن أبي داود، المنذري، ومعه معالم السنن، الخطابي، ، وتهذيب السنن، ابن القيم الجوزية، تحقيق: أحمد محمد شاكر، ومحمد حامد الفقي، المكتبة الأثرية، باغوالي، باكستان، ط 2 (1399 هـ). * مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة لابن القيم الجوزية، اختصره محمد بن الموصلي، دار الكتب العلمية، بيروت، ط 1 (1405 هـ). * مختصر العلو للعلي الغفار للذهبي، اختصره وحققه: محمد ناصر الدين الألباني، المكتب الإسلامي ط 1 (1401 هـ). * المختلطين، العلائي، صلاح الدين (ت 761 هـ) تحقيق: د. رفعت فوزي، مكتبة الخانجي (القاهرة). * مختلف القبائل ومؤتلفها، ابن حبيب أبو جعفر محمد (ت 245 هـ)، تحقيق: إبراهيم الأبياري، دار الكتب الإسلامية ودار الكتاب المصري (القاهرة). * المداوي لعلل الجامع الصغير وشرحي المناوي، أحمد بن محمد بن الصديق الغماري (ت 1380 هـ)، دار المكتبي (مصر) ط 1 (1996 م). * المدخل إلى السنن الكبرى، البيهقي، تحقيق: د. محمد ضياء الأعظمي، دار الخلفاء للكتاب الإسلامي (الكويت).

* المدخل إلى الصحيح، الحاكم النيسابوري، تحقيق: الشيخ ربيع مدخلي، مؤسسة الرسالة (1404 هـ). * المدونة للإمام سحنون بن سعيد التنوخي (240 هـ)، دار الفكر، بيروت. * المراسيل، أبو داود السجستاني، تحقيق: شعيب الأرنؤوط، مؤسسة الرسالة (1408 هـ). * المراسيل، ابن أبي حاتم، عبد الرحمن بن محمد الرازي (327 هـ)، تحقيق: شكر الله قوجاني، مؤسسة الرسالة، ط 1 (1397 هـ). * المراسيل، ابن أبي حاتم، عبد الرحمن بن محمد الرازي (327 هـ)، تحقيق: أحمد عصام الكاتب، دار الكتب العلمية، ط 1 (1403 هـ). * المرض والكفارات، ابن أبي الدنيا أبو بكر عبد الله بن محمد (281 هـ)، تحقيق: عبد الوكيل الندوي، الدار السلفية، بومباي، ط 1 (1411 هـ). * المسائل عن أبي عبد الله أحمد بن حنبل وأبي يعقوب إسحاق بن إبراهيم الحنظلي، تحقيق: د. محمد بن عبد الله الزاحم، دار المنار (القاهرة) ط 1 (1412 هـ). * مساوئ الأخلاق ومذمومها، الخرائطي، محمد بن جعفر (327 هـ)، تحقيق: مصطفى أبي نصر الشبي، مكتبة السوادي، جدة. * المستدرك على الصحيحين، الحاكم النيسابوري، دار الكتب العلمية. * المستصفى من علم الأصول، الغزالي، أبو حامد محمد بن محمد، دار العلوم الحديثة، بيروت. * المستفاد من مبهات المتن والإسناد، أحمد بن عبد الرحيم أبو زرعة العراقي، تحقيق: د. عبد الرحمن عبد الحميد، دار الوفاء، دار الأندلس الخضراء، ط 1 (1414 هـ). * المسند، الإمام أحمد بن حنبل (241 هـ)، المكتب الإسلامي (بيروت) (1405 هـ). * المسند، الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (241 هـ)، تحقيق: أحمد شاكر، دار المعارف، مصر، ط 4 (1373 هـ). * المسند، الشافعي (ت 204 هـ)، ترتيب: محمد عابد السندي، دار الكتب الملكية المصرية (1370 هـ). * المسند، أبو يعلى الموصلي، أحمد بن علي بن المثنى الموصلي (307 هـ)، تحقيق وتعليق: إرشاد الحق الأثري، دار القبلة للثقافة الإسلامية (جدة)، ومؤسسة علوم القرآن (بيروت). ط 1 (1408 هـ). * المسند، أبو يعلى الموصلي، أحمد بن علي بن المثنى الموصلي (307 هـ)، تحقيق: حسين سليم أسد، ط دار المأمون للتراث، سوريا، ط 1 (1406 هـ).

* المسند، البزار، أبو بكر أحمد بن عمرو بن عبد الخالق العتكي (292 هـ)، تحقيق: د. محفوظ الرحمن زين الله، مكتبة العلوم والحكم، المدينة، ط 1 (1418 هـ). * المسند، إسحاق بن راهويه الحنظلي، تحقيق وتخريج ودراسة: د. عبد الغفور عبد الحق البلوشي، مكتبة الإيمان، المدينة، (1410 هـ). * المسند، الطيالسي، سليمان بن داود البصري (204 هـ)، دار المعرفة (بيروت)، ومكتبة المعارف (الرياض). * المسند، الحميدي عبد الله بن الزبير، تحقيق: الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي، المكتبة السلفية (المدينة المنورة). * المسند، محمد بن هارون الروياني، تحقيق: أيمن علي أبو يماني، ط مؤسسة قرطبة، مكتبة دار الراية، ط 1 (1416). * المسند، الهيثم بن كليب الشاشي (335 هـ)، تحقيق: محفوظ الرحمن زين الله، مكتبة العلوم والحكم، المدينة النبوية. * المسند، أبو عوانة يعقوب بن إسحاق الإسفرايني (316 هـ)، دار الكتبي مصر. * المسند، أبو عوانة يعقوب بن إسحاق الإسفرايني (316 هـ)، تحقيق: أيمن عارف الدمشقي، مكتبة السنة القاهرة، ط 1 (1416 هـ). * مسند الشاميين، الطبراني، سليمان بن أحمد (360 هـ)، تحقيق: حمدي عبد المجيد السلفي، مؤسسة الرسالة، ط 2 (1417 هـ). * مسند الشهاب، القضاعي، تحقيق: حمدي عبد المجيد السلفي، مؤسسة الرسالة (1407 هـ). * مسند أبي بكر الصديق رضي الله عنه، المروزي أبو بكر أحمد بن علي الأموي (292 هـ)، تحقيق: شعيب الأرنؤوط، المكتب الإسلامي، بيروت، ط 2 (1393 هـ). * مسند عبد الرحمن بن عوف، البرتي، أحمد بن محمد بن عيسى (280 هـ)، تحقيق: صلاح بن عايض الشلاحي، دار ابن حزم، الكويت، ط 1 (1414 هـ). * مسند عمر بن الخطاب، النجاد، أحمد بن سلمان البغدادي (348 هـ)، تحقيق: د. محفوظ الرحمن زين الله، مكتبة العلوم والحكم، المدينة، ط 1 (1415 هـ). * مسند عمر بن عبد العزيز، الباغندي، محمد بن محمد بن سليمان (312 هـ)، تخريج: محمد عوامة، دار الدعوة، حلب، ط 1 (1397 هـ). * مسند الفاروق أمير المؤمنين أبي حفص عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأقواله على

أبواب العلم، ابن كثير، إسماعيل بن عمر الشافعي (774 هـ)، تحقيق: عبد المعطي قلعجي، دار الوفاء، ط 1 (1411 هـ). * مسند القلِّين (المنتقى)، دعدج بن أحمد السجزي (351 هـ)، تحقيق: عبد الله بن يوسف الجديع، مكتبة دار الأقصى، الكويت، ط 1 (1405 هـ). * مسند الموطأ، عبد الرحمن بن عبد الله الجوهري (381 هـ)، تحقيق: لطفي بن محمد الصغير، وطه بن علي بوسريح، دار الغرب الإسلامي، ط 1 (1997 هـ). * مشارق الأنوار على صحاح الآثار، القاضي عياض، طبع ونشر المكتبة العتيقة تونس، ودار التراث (القاهرة). * المشتبه في الرجال، أسمائهم وأنسابهم، الذهبي، محمد بن أحمد بن عثمان (748 هـ)، تحقيق: علي محمد البجاوي، الدار العلمية، دلهي، الهندط 2 (1987 م). * مشتبه النِّسبة، عبد الغني بن سعيد الأزدي (409 هـ)، مصورة عن الطبعة الحجرية، مكتبة الدار، المدينة النبوية. * مشيخة شهدة = العمدة من الفوائد والآثار. * مشيخة ابن طهمان، إبراهيم بن طهمان، تحقيق: محمد طاهر مالك، مطبوعات مجمع اللغة بدمشق (1403 هـ). * مشيخة قاضي القضاة بدر الدين ابن جماعة (733 هـ)، تخريج: علم الدين البرزالي (739 هـ)، تحقيق: موفق بن عبد الله، دار الغرب الإسلامي، بيروت ط 1 (1408 هـ). * المصاحف، ابن أبي داود عبد الله بن داود السجستاني، دار الكتب العلمية، بيروت (1405 هـ). * مصباح الزجاجة في زوائد ابن ماجه، البوصيري، تحقيق: موسى عمر علي، وعزت علي عطية، دار الكتب الإسلامية مصر. * المصنف، الصنعاني، أبو بكر عبد الرزاق بن همام (211 هـ) ومعه كتاب الجامع لمعمر بن راشد الأزدي، تحقيق: حبيب الرحمن الأعظمي، المكتب الإسلامي (بيروت) (1403). * المصنف في الأحاديث والآثار، ابن أبي شيبة، أبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي شيبة (235 هـ)، تحقيق. حبيب الرحمن الأعظمي، المكتب الإسلامي (بيروت). ط 2 (1403 هـ). * المطالب العالية بزائد المسانيد الثمانية، ابن حجر العسقلاني (852 هـ)، تحقيق: غنيم عباس، وياسر إبراهيم، دار الوطن، الرياض، ط 1 (1418 هـ). * المطر والرعد والبرق والريح، ابن أبي الدنيا (ت 281 هـ)، تحقيق: طارق محمد سكلوع العمودي، دار ابن الجوزي، ط 1 (1418 هـ).

* المعالم الأثيرة في السنة والسيرة، محمد حسن شرّاب، دار القلم (دمشق)، والدار الشامية (بيروت). ط 1 (1411 هـ). * معالم الإيمان في معرفة أهل القيروان، لأبي زيد عبد الرحمن بن محمد الأنصاري الأُسيدي الدباغ (696 هـ)، أكمله: أبو الفضل أبو القاسم بن عيسى بن ناجي التنوخي (839 هـ)، تصحيح وتعليق: إبراهيم شبّوح.، ط المكتبة العتيقة تونس (1413 هـ) (1993 م). * معالم التنزيل، البغوي، محمد بن الحسين (516 هـ)، تحقيق: محمد عبد الله النمر وغيره، دار طيبة، الرياض، ط 4 (1417 هـ). * معالم السنن، الخطابي- مختصر السنن للمنذري. * معالم مكة التاريخية والأثريّة، عاتق البلادي، دار مكة للنشر والتوزيع، ط 1 (1400 هـ). * العجب في تلخيص أخبار الغرب، عبد الواحد الماركشي (647 هـ)، تحقيق: الأستاذ محمد سعيد العريان، القاهرة، (1383 هـ). * المعجم لأبي بكر بن المقرئ = أبو بكر بن المقرئ وكتابه المعجم. * المعجم، ابن الأعرابي، أحمد بن محمد بن زياد (340 هـ)، تحقيق: عبد المحسن بن إبراهيم الحسيني، دار ابن الجوزي، الدمام، ط 1 (1418 هـ). * المعجم الأوسط، الطبراني، أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب اللخمي (360 هـ)، تحقيق: طارق بن عوض الله وعبد المحسن بن إبراهيم، دار الحرمين (القاهرة). (1415 هـ). * معجم البلدان، ياقوت الحموي، أبو عبد الله ياقوت بن عبد الله الحموي الرومي البغدادي، دار صادر (بيروت). * معجم السفر، السِّلفي، أحمد بن محمد أبو طاهر، تحقيق: د. شير محمد زمان، مجمع البحوت الإسلامية، الجامعة الإسلامية باكستان، ط 1 (1988 هـ). * معجم الشيوخ، أبو الحسين محمد بن أحمد بن جميع الصيداوي، دراسة وتحقيق: عمر عبد السلام تدمري، مؤسسة الرسالة (بيروت). (1405 هـ). * معجم الصحابة، ابن قانع، تحقيق: صلاح المصراتي، مكتبة الغرباء الأثرية (المدينة) (1418 هـ). * المعجم الصغير، الطبراني، أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب اللخمي (360 هـ) ومعه الروض الداني، تحقيق: محمد شكور محمود الحاج أمرير، المكتب الإسلامي (بيروت) ودار عمان (عمان). ط 1 (1405 هـ). * المعجم في أسامي شيوخ أبي بكر الإسماعيلي، الإسماعيلي، أبو بكر أحمد بن إبراهيم (371 هـ)، تحقيق: زياد محمد منصور، مكتبة العلوم والحكم، المدينة، ط 1 (1410 هـ).

* المعجم في أصحاب القاضي أبي علي الصدفي، ابن الأبار، محمد بن عبد الله بن أبي بكر القضاعي (658 هـ)، دار صادر (بيروت) مصورة عن طبعة مطبع روخس (مجريط) (1885 م). * المعجم الكبير، الطبراني، أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب اللخمي (360 هـ)، تحقيق: حمدي عبد المجيد السلفي، دار إحياء التراث العربي (بيروت) ط 2. * المعجم الكبير قطعة من (الجزء 13)، تحقيق: حمدي عيد المجيد السلفي، دار الصميعي (الرياض) ط 1 (1415 هـ). * معجم ما استعجم من أسماء البلاد والمواضع، البكري، أبو عبيد عبد الله بن عبد العزيز البكري (ت 487 هـ)، تحقيق: مصطفى السقا، عالم الكتب (بيروت). * معجم المعالم الجغرافية في السيرة النبوية، البلادي، عاتق بن غيث، دار مكة. ط 1 (1402 هـ). * معجم معالم الحجاز، البلادي، مطبوعات نادي الطائف الأدبي، ط 1 (1398 هـ). * معجم مقاييس اللغة، ابن فارس، أحمد بن فارس بن زكريا (395 هـ)، تحقيق: عبد السلام هارون، دار الجيل، بيروت. * معجم المؤلفين تراجم مصنِّفي الكتب العربية، عمر رضا كحالة، مكتبة المثنى، ودار إحياء التراث، بيروت. * المعجم الوسيط، د. إبراهيم أنيس، وغيره، دار الفكر، بيروت. * معرفة الرجال لأبي زكريا يحيى بن معين - رواية ابن محرز، تحقيق: محمد كامل القصار، مطبوعات مجمع اللغة العربية بدمشق، ط 1 (1405 هـ). * معرفة السنن والآثار، البيهقي، تحقيق: سيد كسروي حسن، ط دار الكتب العلمية (بيروت) (1412). * معرفة الصحابة، أبو نعيم، أحمد بن عبد الله المهراني الأصبهاني (430 هـ)، تحقيق ودراسة: د. محمد راضي بن حاج عثمان، مكتبة الدار (المدينة)، ومكتبة الحرمين (الرياض). ط 1 (1408 هـ). * معرفة علوم الحديث، الحاكم، أبو عبد الله محمد بن عبد الله النيسابوري (405 هـ)، تصحيح وتعليق: د. السيد معظم حسين، دار الكتب العلمية (بيروت). ط 3 (1397 هـ). * المعرفة والتاريخ، يعقوب بن سفيان الفسوي، تحقيق: د. أكرم ضياء العُمري، مكتبة الدار، المدينة، (1410 هـ). * المعلم بفوائد مسلم، المازَري، محمد بن علي بن عمر (536 هـ)، تحقيق: الشيخ محمد الشاذلي النيفر، الدار التونسية للنشر، المؤسسة الوطنية للكتاب، الجزائر، (1988 م).

* المغازي، موسى بن عقبة (ت 41 اهـ)، جمع ودراسة وخريج: محمد باقشيش أبو مالك، المغرب. * المغانم المطابة في معالم طابة، الفيروزآبادي، مجد الدين أبو الطاهر محمد بن يعقوب (ت 823 هـ)، تحقيق: حمد الجاسر، دار اليمامة (الرياض) ط 1 (1389 هـ). * المغرب في حلى المغرب، لابن سعيد المغربي، تحقيق وتعليق: د. شوقي ضيف، ط 3 دار المعارف، مصر. * المغني، ابن قدامة، موفق الدين عبد الله بن أحمد ابن قدامة المقدسي (620 هـ)، تحقيق: د عبد الله بن عبد المحسن التركي، ود. عبد الفتاح محمد الحلو، دار هجر، القاهرة، ط 2 (1412 هـ). * المغني في ضبط أسماء الرجال ومعرفة كنى الرواة وألقابهم وأنسابهم، الشيخ محمد طاهر بن علي الندي (ت 986 هـ)، دار الكتاب العربي (بيروت) ط (1402 هـ). * المغني في الضعفاء، الذهبي، محمد بن أحمد بن عثمان (748 هـ)، تحقيق: نور الدين عتر، دار إحياء التراث الإسلامي، قطر. * المفاريد عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أبو يعلى الموصلي، تحقيق: عبد الله بن يوسف الجديع، مكتبة دار الأقصى، الكويت، (1405 هـ). * المفهم لما أشكل من تلخيص مسلم، لأبي العباس أحمد بن عمر بن إبراهيم القرطبي (656 هـ)، تحقيق: محيي الدين مستو وغيره، ط دار ابن كثير، ودار الكلم الطيب - دمشق، بيروت، ط 1 (1417 هـ- 1996 م). * المقاصد الحسنة في بيان كثير من الأحاديث المشتهرة على الألسنة، محمد عبد الرحمن (ت 902 هـ)، تصحيح وتعليق: عبد الله الصديق، دار الكتب العلمية (بيروت) ط 1 (1407 هـ). * مقالات الإسلاميين واختلاف المصلِّين، الأشعري، أبو الحسن علي بن إسماعيل (330 هـ)، تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد، المكتبة العصرية، بيروت (1411 هـ). * المقتنى في سرد الكنى، الذهبي، محمد بن أحمد بن عثمان (748 هـ)، تحقيق: محمد المراد، المجلس العلمي بالجامعة الإسلامية بالمدينة (1408 هـ). * المقدمة ذات النِّقاب في الألقاب، الذهبي، محمد بن أحمد بن عثمان (748 هـ)، تحقيق: عواد الخلف، مؤسسة الريان للطباعة والنشر والتوزيع (بيروت). ط 1 (1416 هـ- 1996 م). * المقصد العلي في زوائد أبي يعلى الموصلي، الهيثمي، نور الدين علي بن أبي بكر (ت 807 هـ)، تحقيق: سيد كسروي حسن، دار الكتب العلمية (بيروت) ط 1 (1413 هـ).

* المقفى الكبير، المقريزي، أحمد بن علي (845 هـ)، تحقيق: محمد اليعلاوي، دار العرب الإسلامي، ط 1 (1411 هـ). * مكارم الأخلاق، ابن أبي الدنيا، تحقيق: محمد عبد، القادر عطا، دار الكتب العلمية (بيروت) ط 1 (1409 هـ). * مكارم الأخلاق للطبراني، تحقيق: د. فاروق حمادة، دار الثقافة للنشر والتوزيع الدار البيضاء المغرب، ط 3. * مكارم الأخلاق ومعاليها، الخرائطي، محمد بن جعفر (327 هـ)، تحقيق: سعاد سليمان، مطبعة المدني، ط 1 (1411 هـ). * الملل والنحل، الشهرستاني، أبو الفتح محمد بن عبد الكريم (548 هـ)، تعليق: أحمد فهمي محمد، دار الكتب العلمية، ط 1 (1410 هـ). * مناقب الشافعي، البيهقي، تحقيق السيد أحمد صقر، مكتبة التراث مصر (1391). * منال الطالب في شرح طوال الغرائب، ابن الأثير، أبو السعادات المبارك بن أحمد (606 هـ)، تحقيق: محمود الطناحي، مركز البحث العلمي وإحياء التراث الإسلامي، أم القرى مكة المكرمة. * المنتخب (المسند)، عبد بن حميد، تحقيق: مصطفى بن الحدوي، دار الأرقم، الكويت، ط 1 (1405 هـ). * المنتقى - غوث المكدود، ابن الجارود، عبد الله بن علي، تحقيق: أني إسحاق الحويني، دار الكتاب العربي. * المنتقى شرح موطأ الإمام مالك، الباجي، أبو الوليد سليمان بن خلف الأندلسي (494 هـ)، دار الكتاب العربي (بيروت). مصورة عن ط 1 لمولاي عبد الحفيظ (1332 هـ). * المنهج السوي والمنهل الروي في الطب النبوي، السيوطي (ت 911 هـ)، تحقيق: حسن محمد مقبول الأهدل، مؤسسة الكتب الثقافية (بيروت) ومكتبة الجيل (صنعاء) (1406 هـ). * من كلام أبي زكريا يحيى بن معين في الرجال، رواية أبي خالد الدقاق، تحقيق: د. أحمد نور سيف، دار المأمون للتراث، بيروت، دمشق. * من وافقت كنيته كنية زوجه من الصحابة، أبو الحسن محمد بن عبد الله بن حيويه (ت 366 هـ)، تحقيق: مشهور حسن، دار ابن القيم (الدمام) ط 1 (1401 هـ). * المنهاج في ترتيب الحجاج، الباجي، سليمان بن خلف (474 هـ)، تحقيق: عبد المجيد التركي، دار الغرب الإسلامي، ط 2 (1987 هـ).

* موارد الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد، د. أكرم ضياء العمري، دار طيبة، الرياض، ط 2 (1405 هـ). * موافقة الخُبر الخبر في تخريج أحاديث المختصر، ابن حجر العسقلاني (852 هـ)، تحقيق: حمدي عبد المجيد السلفي وصبحي السامرائي، مكتبة الرشد، الرياض، ط 1 (1412 هـ). * المؤتلف والمختلف، الدارقطني، أبو الحسن علي بن عمر البغدادي (385 هـ)، دراسة وتحقيق: د. موفق بن عبد الله بن عبد القادر، دار الغرب الإسلامي (بيروت)، ط 1 (1406 هـ). * المؤتلف والمختلف في أسماء نقلة الحديث، عبد الغني بن سعيد الأزدي (409 هـ)، مصورة عن الطبعة الحجرية، مكتبة الدار، المدينة النبوية. * موضح أوهام الجمع والتفريق، الخطيب البغدادي، أحمد بن علي (463 هـ)، دار الفكر، بيروت، مصورة عن طبعة دائرة المعارف بالهند. * الموطأ ورواياته، الإمام مالك بن أنس رحمه الله (179 هـ). * رواية أبي مصعب الزهري المدني، تحقيق: د بشّار عوّاد، ومحمود محمد خليل، مؤسسة الرسالة. ط 2 (1413 هـ). * رواية سويد بن سعيد الحدثاني، تحقيق: عبد المجيد التركي، دار الغرب الإسلامي (1494 هـ)، ط 1 (1994 م). * رواية سويد بن سعيد الحدثاني، طبع إدارة الأوقاف السنية المنامة - دولة البحرين، ط 1 (1415 هـ). * رواية القعنبي عبد الله بن مسلمة، تحقيق: عبد الحفيظ منصور، دار الشروق (الكويت). * رواية عبد الرحمن بن القاسم بتلخيص القابسي، تحقيق: محمد بن علوي المالكي، دار الشروق (جدة). ط 2 (1408 هـ). * رواية علي بن زياد التونسي، تحقيق: الشيخ محمد الشاذلي النيفر، دار الغرب الإسلامي، ط 5 (1984 هـ). * رواية محمد بن الحسن الشيباني، تحقيق: عبد الوهاب عبد اللطيف، مكتبة دار الباز. * رواية يحيى بن يحيى الليثي، تحقيق وترقيم: محمد فؤاد عبد الباقي، دار الحديث، القاهرة. * ميزان الاعتدال في نقد الرجال، الذهبي، أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان (748 هـ)، تحقيق: علي محمد البجاوي وفتيحة علي البجاوي، دار الفكر العربي.

* ناسخ الحديث ومنسوخه، عمر بن أحمد بن شاهين (297 هـ)، تحقيق: سمير بن أمين الزهيري، مكتبة المنار الأردن (1408 - 1988). * الناسخ والمنسوخ، أبو جعفر النحاس (ت 338 هـ)، تحقيق: د. سليمان اللاحم، مؤسسة الرسالة (بيروت) ط 1 (1412 هـ). * الناسخ والمنسوخ، أبو كبر محمد بن عبد الله العربي (ت 543 هـ)، نشر: وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالمغرب. * النبوات، ابن تيمية، أحمد بن عبد الحليم (728 هـ)، دار الكتب العلمية، بيروت، * نتائج الأفكار في تخريج أحاديث الأذكار، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: حمدي عبد المجيد السلفي، مكتبة ابن تيمية، القاهرة، ومكتبة العلم، جدة، (1406 هـ). * النزول، الدارقطني، علي بن عمر (385 هـ)، تحقيق: د. علي بن محمد بن ناصر فقيهي، ط 1 (1403 هـ). * النسب، أبو عبيد القاسم بن. سلاّم (ت 224 هـ)، تحقيق: مريم محمد خير الدرع، دار الفكر، ط (1410 هـ). * نسب قريش، مصعب الزبيري، الصعب بن عبد الله بن الصعب الزبيري (، عني بنشره وتصحيحه: إ. ليفي بروفنسال، ط 2 دار المعارف مصر. * نصب الراية، الزيلعي، دار الحديث القاهرة (مصر). * النظر في أحكام النظر بحاسة البصر، أبو الحسن علي بن محمد بن القطان الفاسي (ت 628 هـ)، تحقيق: إدريس المدي، تقديم: فاروق حمادة، دار إحياء العلوم، بيروت، ودار الثقافة، الدار البيضاء، ط 1 (1416 هـ). * نظم الفرائد لما تضمّنه حديث ذي اليدين من الفوائد، العلائي، صلاح الدين بن كيكلدي (763 هـ)، تحقيق: بدر البدر، دار ابن الجوزي، الرياض، ط 1 (1416 هـ). * نفح الطيب من غصن الأندلس الرَّطيب، أحمد بن المقَّري التلمساني، تحقيق: د. إحسان عباس، دار صادر، بيروت، ط 2 (1997 هـ). * نقولات من كتاب الضعفاء للساجي، مطبوع مع تعليقات الدارقطني على المجروحين لابن حبان. * النكت الظراف على الأطراف = تحفة الأشراف بمعرفة الأطراف.

* النكت على كتاب ابن الصلاح، ابن حجر، أبو الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (852 هـ)، تحقيق ودراسة: د. ربيع بن هادي عمير المدخلي، ط: المجلس العلمي (الجامعة الإسلامية). ط 1 (1404 هـ). * نماذج من أوهام النقاد المشارقة في الرواة المغاربة، تأليف: د. إبراهيم بن الصديق الغماري، دار المصطفى، ط 1 (1416 هـ). * النهاية في غريب الحديث والأثر، ابن الأثير، مجد الدين أبو السعادات المبارك بن محمد الجزري (606 هـ)، تحقيق: محمود محمد الطناحي وطاهر أحمد الزاوي، نشر: أنصار السنة المحمدية. * نيل الأوطار شرح منتفى الأخبار من أحاديث سيد الأخيار، الشوكاني، محمد بن علي (1255 هـ)، مطبعة مصطفى البابي الحلبي. * الهداية والإرشاد في معرفة أهل الثقة والسداد الذين أخرج لهم البخاري في جامعه، الكلاباذي، أحمد بن محمد بن الحسين (398 هـ)، تحقيق: عبد الله الليثي، مكتبة المعارف، الرياض، ط 1 (1407 هـ). * همع الهوامع في شرح جمع الجوامع، السيوطي، تحقيق: د. عبد العالم سالم مكرّم، ط دار البحوث العلمية، الكويت (1395 هـ). * الوافي بالوفيات، الصفدي، صلاح الدين خليل بن أيبك، اعتناء: هلموت ديتر، دار النشر فرانز شتايز، (1411 هـ). * وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى، السمهودي، نور الدين علي بن أحمد، تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد، إحياء التراث الإسلامي، بيروت، ط 3 (1401 هـ). * هدي الساري = فتح الباري لابن حجر. * يحيى بن يحيى الليثي وروايته للموطأ، محمد بن حسن شُرحبيلي، منشورات كلية الشريعة بأكادير، جامعة القرويين، المغرب، (1416 - 1995).

د- المجلات

د- المجلَّات * مجلة أخبار التراث العربي، العدد: 9، أكتوبر (1983 م). * مجلة المجمع العلمي العربي (دمشق) المجلد الثامن والعشرون (الجزء الأول) (15 ربيع الآخر سنة 1372): الخزائن العامة في إستانبول وأشهر مخطوطاته، إعداد: سامي الدهان. * مجلة المجمع العلمي العربي (دمشق) المجلد السابع والثلاثون (الجزء الرابع) (3 جمادى الأولى 1382 هـ): مختصر من الكلام في الفرق بين من اسم أبيه سلَّام وسلاَم، محمد بن أسعد الحسيني (588 هـ)، تحقيق: صلاح الدين المنجد. * الموافقات، مجلة دورية يصدرها المعهد الوطني العالي لأصول الدين، الجزائر، العدد الرابع والخامس: د- محمد عبد النبي! ملاحظات على تحقيق التمهيد لابن عبد البر. * مجلة البحوث الإسلامية، تصدر عن الرئاسة العامة لإدرات البحوت العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، الرياض، العدد (17): أحمد بن عبد الرحمن الصويان، عبد الرزاق الصنعاني ومصنفه.

§1/1