الإلماع إلى معرفة أصول الرواية وتقييد السماع

القاضي عياض

بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْفَقِيهُ الْقَاضِي أَبُو الْفَضْلِ عِيَاضُ بْنُ مُوسَى بْنِ عِيَاضٍ الْيَحْصُبِيُّ وَفَّقَهُ اللَّهُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَى لِطَاعَتِهِ وألهم وَعلم الْإِنْسَان مالم يَكُنْ يَعْلَمُ أَسْأَلُهُ شُكْرَ مَا مَنَّ بِهِ وَأَنْعَمَ وَعُقْبَى خَيْرٍ يَكْمُلُ بِهَا نَعْمَاهُ وَيُخْتَمُ وَصَلَوَاتُهُ عَلَى مُحَمَّدٍ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ وَبَعْدُ أَيُّهَا الرَّاغِبُ فِي صَرْفِ الْعِنَايَةِ إِلَى تَلْخِيصِ فُصُولٍ فِي مَعْرِفَةِ الضَّبْطِ وَتَقْيِيدِ السَّمَاعِ وَالرِّوَايَةِ وَتَبْيِينِ أَنْوَاعِهَا عِنْدَ أَهْلِ التَّحْصِيلِ وَالدِّرَايَةِ وَمَا يَصِحُّ مِنْهَا وَمَا يَتَزَيَّفُ وَمَا يَتَّفِقُ فِيهِ مِنْ وُجُوهِهَا وَيَخْتَلِفُ فَإِنِّي بِمَا عَلِمْتُهُ مِنْ حِرْصِكَ عَلَى هَذَا الطَّرِيقِ وَتَمَيُّزِكَ إِلَى هَذَا الْفَرِيقِ وَإِيثَارِكَ عِلْمَ الْأَثَرِ عَلَى سِوَاهُ وَتَهَمُّمِكَ بِتَقْيِيدِ أَلْفَاظِ الْحَدِيثِ

وَتَفَهُّمِ مَعْنَاهُ وَأَنَّكَ سُدِّدْتَ بِمَذْهَبِكَ هَذَا لِوَجْهِ الْحَقِّ وَصَوَابِهِ وَأَتَيْتَ بَيْتَ الْعِلْمِ مِنْ بَابِهِ وَسَلَكْتَ فِي ذَلِكَ مَسْلَكَ كُلِّ مَشْهُورٍ مَذْكُورٍ وَأَحْبَبْتَ مِنَ الْعِلْمِ مَا يُحِبُّهُ الذُّكُورُ فَإِنَّ عِلْمَ الْكِتَابِ وَالْأَثَرِ أَصْلُ الشَّرِيعَةِ الَّذِي إِلَيْهِ انْتِمَاؤُهَا وَأَسَاسُ عُلُومِهَا الَّذِي عَلَيْهِ يَرْتَفِعُ تَفْرِيعُ فُرُوعِهَا وَبِنَاؤُهَا وَهُوَ عِلْمٌ عَذْبُ الْمَشْرَبِ رَفِيعُ الْمَطْلَبِ مُتَدَفِّقُ الْيَنْبُوعِ مُتَشَعِّبُ الْفُصُولِ وَالْفُرُوعِ فَأَوَّلُ فُصُولِهِ مَعْرِفَةُ أَدَبِ الطَّلَبِ وَالْأَخْذِ وَالسَّمَاعِ ثُمَّ مَعْرِفَةُ عِلْمِ ذَلِكَ وَوُجُوهِهِ وَعَمَّنْ يُؤْخَذُ ثُمَّ الْإِتْقَانُ وَالتَّقْيِيدُ ثُمَّ الْحِفْظُ وَالْوَعْيُ ثُمَّ التَّمْيِيزُ وَالنَّقْدُ بِمَعْرِفَةِ صَحِيحِهِ وَسَقِيمِهِ وَحَسَنِهِ وَمَقْبُولِهِ وَمَتْرُوكِهِ وَمَوْضُوعِهِ وَاخْتِلَافِ رِوَايَتِهِ وَعِلَلِهِ وَمَيْزِ مُسْنَدِهِ مِنْ مُرْسَلِهِ وَمَوْقُوفِهِ مِنْ مَوْصُولِهِ ثُمَّ مَعْرِفَةُ طَبَقَاتِ رِجَالِهِ مِنَ الثِّقَةِ وَالْحِفْظِ وَالْعَدَالَةِ وَالْجَرْحِ وَالضَّعْفِ وَالْجَهَالَةِ وَالتَّقَدُمِ وَالتَّأَخُّرِ ثُمَّ مَيْزُ زِيَادَاتِ الْحُفَّاظِ وَغَيْرِهِمْ فِيهِ وَفَصْلُ الْمُدْرَجِ أَثْنَاءَهُ مِنْ أَقْوَالِ نَاقِلِيهِ

ثُمَّ مَعْرِفَةُ غَرِيبِ مُتُونِهِ وَتَفْسِيرُ أَلْفَاظِهِ ثُمَّ مَعْرِفَةُ نَاسِخِهِ مِنْ مَنْسُوخِهِ وَمُفَسَّرِهِ مِنْ مُجْمَلِهِ وَمُتَعَارِضِهِ وَمُشْكِلِهِ ثُمَّ التَّفَقُّهُ فِيهِ وَاسْتَخْرَاجُ الْحُكْمِ وَالْأَحْكَامِ مِنْ نُصُوصِهِ وَمَعَانِيهِ وَجَلَاءُ مُشْكِلِ أَلْفَاظِهِ عَلَى أَحْسَنِ تَأْوِيلِهَا وَوَفْقِ مُخْتَلِفِهَا عَلَى الْوُجُوهِ الْمُفَصَّلَةِ وَتَنْزِيلِهَا ثُمَّ النَّشْرُ وَآدَابُهُ وَصِحَّةُ الْمَقْصَدِ فِي ذَلِكَ لِلدِّينِ وَاحْتِسَابُهُ وَكُلُّ فَصْلٍ مِنْ هَذِهِ الْفُصُولِ عِلْمٌ قَائِمٌ بِنَفْسِهِ وَفَرْعٌ بَاسِقٌ عَلَى أَصْلِ عِلْمِ الْأَثَرِ وَأُسِّهِ وَفِي كُلٍّ مِنْهَا تَصَانِيفٌ عَدِيدَةٌ وَتَآلِيفٌ جَمَّةٌ مُفِيدَةٌ وَلَمْ يَعْتَنِ أَحَدٌ بِالْفَصْلِ الَّذِي رَغِبْتَهُ كَمَا يَجِبُ وَلَا وَقَفْتُ فِيهِ عَلَى تَصْنِيفٍ يَجِدُ فِيهِ الرَّاغِبُ مَا رَغِبَ فَأَجَبْتُكَ إِلَى بَيَانِ مَا رَغِبْتَ مِنْ فُصُولِهِ وَجَمَعْتُ فِي ذَلِكَ نُكَتًا غَرِيبَةً مِنْ مُقَدِّمَاتِ عِلْمِ الْأَثَرِ وَأُصُولِهِ وَقَدَّمْتُ بَيْنَ يَدَيْ ذَلِكَ أَبْوَابًا مُخْتَصَرَةً فِي عِظَمِ شَأْنِ عِلْمِ الْحَدِيثِ وَشَرَفِ أَهْلِهِ وَوُجُوبِ السَّمَاعِ وَالْأَدَاءِ لَهُ وَنَقْلِهِ وَالْأَمْرِ بِالضَّبْطِ وَالْوَعْيِ وَالْإِتْقَانِ وَخَتَمْتُهُ بِبَابٍ فِي أَحَادِيثَ غَرِيبَةٍ وَنُكَتٍ مُفِيدَةٍ عَجِيبَةٍ مِنْ آدَابِ الْمُحَدِّثِينَ وَسِيَرِهِمْ وَشَوَارِدَ مِنْ أَقَاصِيصِهِمْ وَخَبَرِهِمْ وَاللَّهُ تَعَالَى أَسْأَلُ تَوْفِيقًا لِي وَلَكَ وَعَوْنًا يُسَدِّدُ لِمَا يُرْضِيهِ عَمَلِي وَعَمَلَكَ

- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَابٌ فِي وُجُوبِ طَلَبِ عِلْمِ الْحَدِيثِ وَالسُّنَنِ وَإِتْقَانِ ذَلِكَ وَضَبْطِهِ وَحِفْظِهِ وَوَعْيِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ الْفَقِيهُ الْقَاضِي الْمُؤلف رضى الله عَنهُ لاخفاء عَلَى ذِي عَقْلٍ سَلِيمٍ وَدِينٍ مُسْتَقِيمٍ بِوُجُوبِ ذَلِكَ وَالْحَضِّ عَلَيْهِ لِأَنَّ أَصْلَ الشَّرِيعَةِ الَّتِي تُعُبِّدْنَا بِهَا إِنَّمَا هِيَ مُتَلَقَّاةٌ مِنْ جِهَةِ نَبِيِّنَا صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَسَلَامُهُ إِمَّا فِيمَا بَلَّغَهُ مِنْ كَلَامِ رَبِّهِ وَهُوَ الْقُرْآنُ الَّذِي لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ وَالَّذِي تكفل الله بحفظه فَقَالَ جَلَّ وَعَزَّ {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذّكر وَإِنَّا لَهُ لحافظون} وَبِهَذَا الْوَجْهِ ارْتَفَعَ بِحَمْدِ اللَّهِ فِيهِ اللَّبْسُ وَاطْمَأَنَّتْ لِصِحَّةِ جَمِيعِهِ كُلُّ نَفْسٍ وَنُقِلَ بِالتَّوَاتُرِ كَافَةً عَنْهُ وَلَمْ يَقَعْ بَيْنَ فِرَقِ الْمُسْلِمِينَ خِلَافٌ فِي حَرْفٍ مِنْهُ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ مَا أَخْبَرَ بِهِ مِنْ وَحْيِ اللَّهِ إِلَيْهِ وَأَوَامِرِهِ وَنَوَاهِيهِ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحي يُوحى}

وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ سُنَنِهِ وَسَائِرِ سِيَرِهِ وَجُمْلَةِ أَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ وَإِقْرَارِهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهوا} وَكُلُّ هَذَا إِنَّمَا يُوصَلُ إِلَيْهِ وَيُعْرَفُ بِالتَّطَلُّبِ وَالرِّوَايَةِ وَالْبَحْثِ وَالتَّنْقِيرِ عَنْهُ وَالتَّصْحِيحِ لَهُ وَرَحِمَ اللَّهُ سَلَفَنَا مِنَ الْأَئِمَّةِ الْمَرْضِيِّينَ وَالْأَعْلَامِ السَّابِقِينَ وَالْقُدْوَةِ الصَّالِحِينَ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَفُقَهَائِهِمْ قَرْنًا بَعْدَ قَرْنٍ فَلَوْلَا اهْتِبَالُهُمْ بِنَقْلِهِ وَتَوَفُّرُهُمْ عَلَى سَمَاعِهِ وَحَمْلِهِ وَاحْتِسَابُهُمْ فِي إِذَاعَتِهِ وَنَشْرِهِ وَبَحْثُهُمْ عَنْ مَشْهُورِهِ وَغَرِيبِهِ وَتَنْخِيلُهُمْ لِصَحِيحِهِ مِنْ سَقِيمِهِ لَضَاعَتِ السُّنَنُ وَالْآثَارُ وَلَاخْتَلَطَ الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ وَبَطَلَ الِاسْتِنْبَاطُ وَالِاعْتِبَارُ كَمَا اعْتَرَى منْ لَمْ يَعْتَنِ بِهَا وَأَعْرَضَ عَنْهَا بِتَزْيِينِ الشَّيْطَانِ ذَلِكَ لَهُ مِنَ الْخَوَارِجِ وَالْمُعْتَزِلَةِ وَضَعَفَةِ أَهْلِ الرَّأْيِ حَتَّى انْسَلَّ أَكْثَرُهُمْ عَنِ الدِّينِ وَأَتَتْ فَتَاوِيهِمْ وَمَذَاهِبُهُمْ مُخْتَلَّةَ الْقَوَانِينَ وَذَلِكَ لِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا السُّبُلَ وَعَدَلُوا عَنِ الطَّرِيقِ وَبَنَوْا أَمْرَهُمْ عَلَى غَيْرِ أَصْلٍ وَثِيقٍ {أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هار} الْآيَةَ

وَقَدْ قَالَ تَعَالَى {فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ ليتفقهوا فِي الدّين} الْآيَةَ فَهَذَا أَصْلٌ فِي وُجُوبِ طَلَبِ الْعِلْمِ وَالرِّحْلَةِ فِي طَلَبِ السُّنَنِ وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِيمَا أَخْبَرَنَا بِهِ الْقَاضِي الْحَافِظُ أَبُو عَليّ الْحُسَيْن ابْن مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ قِرَاءَةً مِنِّي عَلَيْهِ قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو الْفَضْلِ أَحْمَدُ بْنُ أَحْمَدَ الْأَصْبَهَانِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ

الْحَافِظُ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ أَخْبَرَنَا بُنَانُ بْنُ أَحْمَدَ الْقَطَّانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَبَانٍ أَخْبَرَنَا شُعَيْبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا سَيْفُ بْنُ عُمَرَ عَنْ أبان بن إِسْحَق الْأَسَدِيِّ عَنِ الصَّبَّاحِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي قَدْ تَرَكْتُ فِيكُمُ الثَّقَلَيْنِ كِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّتِي فَلَا تُفْسِدُوهُ وَإِنَّهُ لَا تَعْمَى أَبْصَارُكُمْ وَلَنْ تَزِلَّ أَقْدَامُكُمْ وَلَنْ تَقْصُرَ أَيْدِيكُمْ مَا أَخَذْتُمْ بِهِمَا حَدَّثَنَا الْقَاضِي الْفَقِيهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى وَالشَّيْخُ الصَّالِحُ

أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ طَرِيفٍ قَالَا أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدُونٍ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظِ حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الشَّيْبَانِيُّ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَازِمِ بْنِ أَبِي غَرْزَةَ أَخْبَرَنَا ضِرَارُ بْنُ صُرَدٍ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَسَدِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسْمَعُونَ وَيُسْمَعُ مِنْكُمْ وَيُسْمَعُ مِمَّنْ يَسْمَعُ مِنْكُمْ حَدَّثَنَا الْقَاضِي الشَّهِيدُ أَبُو عَلِيٍّ بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ قُلْتُ لَهُ حَدَّثَكُمْ

أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ وَأَبُو الْفَضْلِ أَحْمَدُ بْنُ خَيْرُونَ قَالَا أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ السِّنْجِيِّ عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مَحْبُوبٍ أَخْبَرَنَا أَبُو عِيسَى مُحَمَّدُ بْنُ سَوْرَةَ الْحَافِظُ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ عَنِ ابْنِ ثَوْبَان هُوَ عبد الرحمن ابْن ثَابِتِ بْنِ ثَوْبَانَ عَنْ حَسَّانِ بْنِ عَطِيَّةَ عَنْ أَبِي كَبْشَةَ السَّلُولِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً وَحَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا حَرَجَ وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ حَدَّثَنَا الْقَاضِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ عِيسَى وَالشَّيْخُ أَبُو عَلِيِّ بْنُ طَرِيفٍ عَنِ ابْنِ سَعْدُونَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْمُطَّوِّعِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْحَاكِمِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بن عبد الله بن عبد الحكم أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي مَسْلَمَةُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَاقِدٍ عَنْ حِزَامِ بْنِ حَكِيمٍ

قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُول سَمِعت رَسُول رسولالله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ حَدِّثُوا عَنِّي كَمَا سَمِعْتُمْ وَلَا حَرَجَ أَلَا مَنِ افْتَرَى عَلَيَّ كَذِبًا مُتَعَمِّدًا بِغَيْرِ عِلْمٍ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْغَسَّانِيُّ الْحَافِظُ مِنْ كِتَابِهِ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ حَاتِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الطَّرَابُلُسِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّد عبد الْملك ابْن الْحَسَنِ الصَّقَلِّيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْنَيْسَابُورِيُّ الْحَافِظُ أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ أَخْبَرَنَا أَبُو عُتْبَةَ أَحْمَدُ بْنُ الْفَرَجِ أَخْبَرَنَا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ

وَحَدَّثَنَا الْقَاضِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قِرَاءَةً مِنِّي عَلَيْهِ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ قَاسِمٍ أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ عَبَّاس أخبرنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْجَوْهَرِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِسْحَاقَ أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي السَّرِيِّ أَخْبَرَنَا بَقِيَّة بن الْوَلَد وَاللَّفْظُ لِحَدِيثِ ابْنِ أَبِي السَّرِيَّ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ عُمَرَ بْنِ سُلَيْمَان بن عَاصِم ابْن عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَضَّرَ اللَّهُ امْرَءًا سَمِعَ مِنَّا حَدِيثًا فَحَفِظَهُ حَتَّى يُبَلِّغَهُ عَنَّا كَمَا سَمِعَهُ فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ غَيْرِ فَقِيهٍ وَمِنْ غَيْرِ هَذَا الطَّرِيقِ وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ وَمِنْ رِوَايَتِنَا عَنِ التِّرْمِذِيِّ فَرُبَّ مُبَلَّغٍ أَوْعَى لَهُ مِنْ سَامِعٍ

حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَتَّابٍ الْفَقِيهُ أَخْبَرَنَا حَاتِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ خَلَفٍ الْفَقِيهُ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْمَرْوَزِيُّ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الْفَرَبْرِيُّ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيل أخبرنَا مُحَمَّد أَخْبَرَنَا بِشْرٌ أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ ذَكَرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَكَرَ خُطْبَتَهُ يَوْمَ النَّحْرِ وَفِي آخِرِهِ

لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ فَإِنَّ الشَّاهِدَ عَسَى أَنْ يُبَلِّغَ مَنْ هُوَ أَوْعَى لَهُ مِنْهُ وَحَدَّثَنَا الشَّيْخُ أَبُو بَحْرٍ سُفْيَانُ بْنُ الْعَاصِي الْأَسَدِيُّ سَمَاعًا وَالْفَقِيهُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ الْخُشَنِيُّ قِرَاءَةً قَالَ الْأَسَدِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو اللَّيْثِ نَصْرُ بْنُ الْحَسَنِ السَّمَرْقَنْدِيُّ وَقَالَ الْخُشَنِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ

الطبرى قَالَا أخبرنَا عبد الغافر الْفَارِسِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ بْنُ عَمْرَوَيْهِ بْنِ الْجُلُودِيِّ أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سُفْيَانَ أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ مُثَنَّى وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ وَأَلْفَاظُهُمْ مُتَقَارِبَةٌ قَالَ أَبُو بَكْرٍ أَخْبَرَنَا غُنْدَرٌ عَنْ شُعْبَةَ وَقَالَ الْآخَرَانِ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي جَمْرَةَ وَذَكَرَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ حَدِيثَ وَفْدِ عَبْدِ الْقَيْسِ بِكَمَالِهِ وَمَا أَمَرَهُمْ بِهِ وَنَهَاهُمْ عَنْهُ وَقَالَ فِي آخِرِهِ احْفَظُوهُ وَأَخْبِرُوا بِهِ مَنْ وَرَاءَكُمْ كَذَا فِي رِوَايَةِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ وَقَالَ غَيْرُهُ مِنْ وَرَائِكُمْ

- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَابٌ فِي شَرَفِ عِلْمِ الْحَدِيثِ وَشَرَفِ أَهْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ الْبَابِ قَبْلَهُ مِنْ كَلَامِنَا فِيهِ وَمَكَانُهُ مِنَ الشَّرْعِ وَمَكَانُ أَهْلِهِ غُنْيَةٌ حَدَّثَنَا الْقَاضِي أَبُو عَلِيٍّ أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَضْلِ الْأَصْبَهَانِيُّ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى الطَّلْحِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو حُصَيْنٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ حَبِيبٍ الْقَاضِي أَخْبَرَنَا أَبُو الطَّاهِرِ أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ يَقُولُ خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ اللَّهُمَّ ارْحَمْ خُلَفَائِي قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمنْ هُمْ خُلَفَاؤُكَ قَالَ الَّذِينَ يَأْتُونَ مِنْ بَعْدِي يَرْوُونَ أَحَادِيثِي وَيُعَلِّمُونَهَا النَّاسَ

وَأَخْبَرَنَا قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَضْلِ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا أَبُو عَرُوبَةَ أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ أخبرنَا إِسْحَاق ابْن إِبْرَاهِيمَ الْحُنَيْنِيُّ أَخْبَرَنَا كَثِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ هَذَا الدِّينَ بَدَأَ غَرِيبًا وَسَيَعُودُ غَرِيبًا كَمَا بَدَأَ فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَنِ الْغُرَبَاءُ قَالَ الَّذِينَ

يُحْيُونَ سُنَّتِي مِنْ بَعْدِي وَيُعَلِّمُونَهَا النَّاسَ أَخْبَرَنِي أَبُو الْحَسَنِ يُونُسُ بْنُ مُغِيثٍ الْفَقِيهُ قَرَأْتُ عَلَيْهِ حَدَّثَكُمْ أَبُو الْقَاسِمِ حَاتِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الطَّرَابُلُسِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجُهَنِيُّ وَأَخْبَرَنَا الْحَاكِمُ بِقُرْطُبَةَ أَبُو الْقَاسِمِ أَحْمَدُ بْنُ بَقِيٍّ مِمَّا قَرَأْتُ عَلَيْهِ وَهُوَ حَاضِرٌ يَسْمَعُ وَقَالَ حَدَّثَنَا بِهِ أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ أَخْبَرَنَا

أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْمَكِّيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ مَخْلَدٍ الْعَطَّارُ أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ جَعْفَرُ بن مُحَمَّد الخندقى أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ السَّائِحُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَجِيدِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيز

ابْن أَبِي رَوَّادٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ حَفِظَ عَلَى أُمَّتِي أَرْبَعِينَ حَدِيثًا مِنْ أَمْرِ دِينِهَا بَعَثَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي زُمْرَةِ الْعُلَمَاءِ وَالْفُقَهَاءِ وَأَخْبَرَنَا الْفَقِيهُ أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ جَعْفَرٍ إِمْلَاءً أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو الْإِصْبَغِ بْنُ سَهْلٍ أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الطَّرَابُلُسِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ

إِبْرَاهِيمَ بْنِ فِرَاسٍ أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ رَحْمُونَ بْنِ هَارُونَ السِّنْجَارِيُّ أَخْبَرَنَا أَنَسُ بْنُ سَلْمٍ أَخْبَرَنَا مَخْلَدُ بْنُ مَالك أخبرنَا إِسْحَاق بن نجيج عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ حَفِظَ عَلَى أُمَّتِي فِي السُّنَّةِ أَرْبَعِينَ حَدِيثًا كُنْتُ لَهُ شَفِيعًا مِنَ النَّارِ أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَصْبَهَانِيُّ الْحَافِظُ مِنْ كِتَابِهِ

أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ أَبُو الْحُسَيْنِ الطُّيُورِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ ابْن أَحْمَدَ الْفَالِيُّ أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ خَرْبَانَ

النَّهَاوَنْدِيُّ أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ خَلَّادٍ الرَّامَهُرْمُزِيُّ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ سَهْلٍ الرَّازِيُّ أَخْبَرَنَا بِشْرُ بْنُ آدَمَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعُتْبِيُّ أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْخَصَّافُ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ لَا يَطْلُبُ الْحَدِيثَ مِنَ الرِّجَالِ إِلَّا ذُكْرَانُهَا وَلَا يَزْهَدُ فِيهِ إِلَّا إِنَاثُهَا وَفِي غَيْرِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ الْحَدِيثُ ذَكَرٌ يُحِبُّهُ ذُكُورُ الرِّجَالِ أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى فِيمَا قرىء عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ وَالشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ التَّاهَرْتِيُّ بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ قَالَا أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ ابْنُ سَعْدُونَ الْقَرَوِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو بكر الغازى أَبُو بَكْرٍ الْغَازِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَاكِمُ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ الْآدَمِيَّ بِمَكَّةَ يَقُولُ سَمِعْتُ مُوسَى بْنَ هَارُونَ يَقُولُ سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ وَسُئِلَ عَنْ مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ يُرِيدُ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَزَالُ نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي مَنْصُورِينَ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ

وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ ظَاهِرُونَ وَنَحْوُهُ عِنْدَ مِسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ فِي حَدِيثِ الْمُغِيرَةِ وَمنْ رِوَايَةِ مُعَاوِيَةَ لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي قَائِمَةٌ بِأَمْرِ اللَّهِ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ أَوْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ ظَاهِرُونَ عَلَى الْحَقِّ

فَقَالَ أَحْمَدُ إِنْ لَمْ تَكُنْ هَذِهِ الطَّائِفَةُ أَصْحَابَ الْحَدِيثِ فَلَا أَدْرِي مَنْ هُمْ وَقَدْ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْبُخَارِيُّ هُمْ أَهْلُ الْعِلْمِ أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْحَافِظُ مُكَاتَبَةً أَخْبَرَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الْفَالِيُّ أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ النَّهَاوَنْدِيُّ أَخْبَرَنَا الْقَاضِي ابْنُ خَلَّادٍ أَخْبَرَنَا عَبْدَانُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي صَالِحٍ حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ بْنُ هِشَامٍ أَخْبَرَنَا عَطَاءُ بْنُ أَبِي مُسْلِمٍ قَالَ كَانَ الْأَعْمَشُ يَقُولُ لَا أَعْلَمُ لِلَّهِ قَوْمًا أَفْضَلَ مِنْ قَوْمٍ يَطْلُبُونَ هَذَا الْحَدِيثَ وَيُحْيُونَ هَذِهِ السُّنَةَ وَكَمْ أَنْتُمْ فِي النَّاسِ وَاللَّهِ لَأَنْتُمْ أَقَلُ مِنَ الذَّهَبِ قَالَ ابْنُ خَلَّادٍ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ غَنَّامٍ الْكُوفِيُّ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَكِيمٍ الْأَوْدِيُّ قَالَ سَمِعْتُ وَكِيعًا يَقُولُ

سَمِعت سُفْيَان الثَّوْريّ يَقُول ماشى أَخْوَفَ عِنْدِي مِنَ الْحَدِيثِ وَلَا شَيْءَ أَفْضَلُ مِنْهُ لِمَنْ أَرَادَ بِهِ مَا عِنْدَ اللَّهِ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ غَلْبُونٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ هُوَ ابْنُ الْفَرَضِيِّ أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ جَهْضَمٍ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَرْوَانَ الْخُزَاعِيُّ أَخْبَرَنَا صَالِحُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ مَا النَّاسُ إِلَّا مَنْ قَالَ حَدَّثَنَا وَأَخْبَرَنَا وَلَقَدِ الْتَفَتَ الْمُعْتَصِمُ إِلَى أَبِي فَقَالَ لَهُ كَلِّمِ ابْنُ أَبى دؤاب فَأَعْرَضَ عَنْهُ أَبِي بِوَجْهِهِ قَالَ كَيْفَ أُكَلِّمُ مَنْ لَمْ أَرَهُ عَلَى بَابِ عَالِمٍ قَطُّ حَدَّثَنَا الْقَاضِي أَبُو عَلِيٍّ الصَّدَفِيُّ الْحَافِظُ قَالَ أَخْبَرْتُ بِبَغْدَادَ عَنْ رَجُلٍ

لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ غَيْرُ حَدِيثٍ وَاحِدٍ فَكَانَ قَلَّمَا يُوجَدُ وَحْدَهُ إِلَّا وَعِنْدَهُ مِنْ يَسْأَلُهُ عَنْ ذَلِكَ الْحَدِيثِ وَيَرْوِيهِ عَنْهُ أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمَعَافِرِيُّ قِرَاءَةً مِنْهُ عَلَيَّ بِلَفْظِهِ أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ هِبَةُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ الْأَكْفَانِيُّ أخبرنَا عبد الْعَزِيز ابْن مُحَمَّدٍ الْكَتَّانِيُّ الدِّمَشْقِيُّ الْحَافِظُ أَخْبَرَنَا أَبُو عِصْمَةَ نُوحُ بْنُ نَصْرٍ

الْفَرْغَانِيُّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا الْمُظَفَّرِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جِبْرِيلَ بْنِ مَتٍّ الْخَزْرَجِيُّ وَأَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عِيسَى الْبُخَارِيَّ يَقُولَانِ سَمِعْنَا أَبَا ذَرٍّ عَمَّارَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ مَخْلَدٍ التَّمِيمِيَّ يَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا المظفر مُحَمَّد ابْن أَحْمَدَ بْنِ حَامِدِ بْنِ الْفُضَيْلِ الْبُخَارِيَّ يَقُولُ لَمَّا عُزِلَ أَبُو الْعَبَّاسِ الْوَلِيدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ زيد الهمدانى عَن قَضَاء الرى وَرَدَ بُخَارَي لِتَجْدِيدِ مَوَدَّةٍ كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَبِي الْفَضْلِ الْبَلْعَمِيِّ فَنَزَلَ فِي جِوَارِنَا فَحَمَلَنِي مُعَلِّمِي أَبُو إِبْرَاهِيم إِسْحَق

ابْن إِبْرَاهِيم الختلى إِلَيْهِ وَقَالَ لَهُ أَسْأَلُكَ أَنْ تُحَدِّثَ هَذَا الصَّبِيَّ بِمَا سَمِعْتَ مِنْ مَشَايِخِكَ قَالَ مَالِي سَمَاعٌ قَالَ فَكَيْفَ وَأَنْتَ فَقِيهٌ فَمَا هَذَا قَالَ لِأَنِّي لَمَّا بَلَغْتُ مَبْلَغَ الرِّجَالِ تَاقَتْ نَفْسِي إِلَى مَعْرِفَةِ الْحَدِيثِ وَمَعْرِفَةِ الرِّجَالِ وَدِرَايَةِ الْأَخْبَارِ وَسَمَاعِهَا فَقَصَدْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيَّ بِبُخَارَى صَاحِبَ التَّارِيخِ وَالْمَنْظُورَ إِلَيْهِ فِي مَعْرِفَةِ الْحَدِيثِ وَأَعْلَمْتُهُ مُرَادِي وَسَأَلْتُهُ الْإِقْبَالَ عَلَيَّ فِي ذَلِكَ فَقَالَ لِي يَا بُنَيَّ لَا تَدْخُلْ فِي أَمْرٍ إِلَّا بَعْدَ مَعْرِفَةِ حُدُودِهِ وَالْوُقُوفِ عَلَى مَقَادِيرِهِ فَقُلْتُ لَهُ عَرِّفْنِي رَحِمَكَ اللَّهُ حُدُودَ مَا قَصَدْتُكَ لَهُ وَمَقَادِيرَ مَا سَأَلْتُكَ عَنْهُ فَقَالَ لِي اعْلَمْ أَنَّ الرَّجُلَ لَا يَصِيرُ مُحَدِّثًا كَامِلًا فِي حَدِيثِهِ إِلَّا بَعْدَ أَنْ يَكْتُبَ أَرْبَعًا مَعَ أَرْبَعٍ كَأَرْبَعٍ مِثْلِ أَرْبَعٍ فِي أَرْبَعٍ عِنْدَ أَرْبَعٍ بِأَرْبَعٍ عَلَى أَرْبَعٍ عَنْ أَرْبَعٍ لِأَرْبَعٍ وَكُلُّ هَذِهِ الرُّبَاعِيَّاتُ لَا تَتِمُّ لَهُ إِلَّا بِأَرْبَعٍ مَعَ أَرْبَعٍ فَإِذَا تَمَّتْ لَهُ كُلُّهَا هَانَ عَلَيْهِ أَرْبَعٌ وَابْتُلِيَ بِأَرْبَعٍ فَإِذَا صَبَرَ عَلَى ذَلِكَ أَكْرَمَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا بِأَرْبَعٍ وَأَثَابَهُ فِي الْآخِرَةِ بِأَرْبَعٍ

قُلْتُ لَهُ فَسِّرْ لِي مَا ذَكَرْتَ مِنْ أَحْوَالِ هَذِهِ الرُّبَاعِيَّاتِ مِنْ قَلْبٍ صَافٍ بِشَرْحٍ كَافٍ وَبَيَانٍ شَافٍ طَلَبًا لِلْأَجْرِ الْوَافِي فَقَالَ نَعَمْ أَمَّا الْأَرْبَعَةُ الَّتِي تَحْتَاجُ إِلَى كِتْبَتِهَا هِيَ أَخْبَارُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَشَرَائِعُهُ وَالصَّحَابَةِ وَمَقَادِيرُهُمْ وَالتَّابِعِينَ وَأَحْوَالُهُمْ وَسَائِرِ الْعُلَمَاءِ وَتَوَارِيخُهُمْ مَعَ أَسْمَاءِ رِجَالِهِمْ وَكُنَاهُمْ وَأَمْكِنَتُهُمْ وَأَزْمِنَتُهُمْ كَالتَّحْمِيدِ مَعَ الْخُطَبِ وَالدُّعَاءِ مَعَ الرُّسُلِ وَالْبِسْمِ مَعَ السُّوَرِ وَالتَّكْبِيرِ مَعَ الصَّلَوَاتِ مِثْلِ الْمُسْنَدَاتِ وَالْمُرْسَلَاتِ وَالْمَوْقُوفَاتِ وَالْمَقْطُوعَاتِ فِي صِغَرِهِ وَفِي إِدْرَاكِهِ وَفِي كُهُولَتِهِ وَفِي شَبَابِهِ عِنْدَ فَرَاغِهِ وَعِنْدَ شُغْلِهِ وَعِنْدَ فَقْرِهِ وَعِنْدَ غِنَاهُ بِالْجِبَالِ وَالْبِحَارِ وَالْبُلْدَانِ وَالْبَرَارِي عَلَى الْأَحْجَارِ وَالْأَصْدَافِ وَالْجُلُودِ وَالْأَكْتَافِ إِلَى الْوَقْتِ الَّذِي يُمْكِنُهُ نَقْلُهَا إِلَى الْأَوْرَاقِ عَمَّنْ هُوَ فَوْقَهُ وَعَمَّنْ هُوَ مِثْلُهُ وَعَمَّنْ هُوَ دُونَهُ وَعَنْ كِتَابِ أَبِيهِ يَتَيَقَّنُ أَنَّهُ بِخَطِّ أَبِيهِ دُونَ غَيْرِهِ لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى طَالِبًا لِمَرْضَاتِهِ وَالْعَمَلُ بِمَا وَافَقَ الْكِتَابَ مِنْهَا وَنَشَرُهَا بَيْنَ طَالِبِيهَا وَمُجْتَنِيهَا وَالتَّأْلِيفُ فِي إِحْيَاءِ ذِكْرِهِ بَعْدَهُ ثُمَّ لَا تَتِمُّ لَهُ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ إِلَّا بِأَرْبَعٍ مِنْ كَسْبِ الْعَبْدِ أَعْنِي مَعْرِفَةَ

الْكِتَابَةِ وَاللُّغَةِ وَالصَّرْفِ وَالنَّحْوِ مَعَ أَرْبَعٍ هِيَ مِنْ إِعْطَاءِ اللَّهِ تَعَالَى أَعْنِي الْقُدْرَةَ وَالصِّحَّةَ وَالْحِرْصَ وَالْحِفْظَ فَإِذَا تَمَّتْ لَهُ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ هَانَ عَلَيْهِ أَرْبَعٌ الْأَهْلُ وَالْوَلَدُ وَالْمَالُ وَالْمَوْطِنُ وَابْتُلِيَ بِأَرْبَعٍ شَمَاتَةِ الْأَعْدَاءِ وَمَلَامَةِ الْأَصْدِقَاءِ وَطَعْنِ الْجُهَلَاءِ وَحَسَدِ الْعُلَمَاءِ فَإِذَا صَبَرَ عَلَى هَذِهِ الْمِحَنِ أَكْرَمَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا بِأَرْبَعٍ بِعِزِ الْقَنَاعَةِ وَبِهَيْبَةِ النَّفْسِ وَلَذَّةِ الْعِلْمِ وَحَيَاةِ الْأَبَدِ وَأَثَابَهُ فِي الْآخِرَةِ بِأَرْبَعٍ بِالشَّفَاعَةِ لِمَنْ أَرَادَ مِنْ إِخْوَانِهِ وَبِظِلِّ الْعَرْشِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ وَبِسَقْيِ مَنْ أَرَادَ مِنْ حَوْضِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِجِوَارِ النَّبِيِّينَ فِي أَعْلَى عِلِّيِّينَ فِي الْجَنَّةِ فَقَدْ أَعْلَمْتُكَ يَا بُنَيَّ مُجْمِلًا جَمِيعَ مَا كُنْتُ سَمِعْتُهُ مِنْ مَشَايِخِي مُتَفَرِّقًا فِي هَذَا الْبَابِ مُجْمَعًا فَأَقْبِلِ الْآنَ عَلَى مَا قَصَدْتَنِي لَهُ أَوْ دَعْ قَالَ فَهَالَنِي قَوْلُهُ فَسَكَتُّ مُتَفَكِّرًا وَأَطْرَقْتُ نَادِمًا فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ مِنِّي قَالَ وَإِلَّا تُطِقِ احْتِمَالَ هَذِهِ الْمَشَاقِ كُلِّهَا فَعَلَيْكَ بِالْفِقْهِ الَّذِي يُمَكِّنُكَ تَعَلُّمُهُ وَأَنْتَ فِي بَيْتِكَ قَارٌّ سَاكِنٌ لَا تَحْتَاجُ إِلَى بُعْدِ الْأَسْفَارِ وَوَطْءِ الدِّيَارِ وَرُكُوبِ

الْبِحَارِ وَهُوَ مَعَ ذَا ثَمَرَةُ الْحَدِيثِ وَلَيْسَ ثَوَابُ الْفَقِيهِ بِدُونَ ثَوَابِ الْمُحَدِّثِ فِي الْآخِرَةِ وَلَا عِزُّهُ بِأَقَلَّ مِنْ عِزِّ الْمُحَدِّثِ قَالَ فَلَمَّا سَمِعْتُ ذَلِكَ نَقَضَ عَزْمِي فِي طَلَبِ الْحَدِيثِ وَأَقْبَلْتُ عَلَى دِرَاسَةِ الْفِقْهِ وَتَعَلُّمِهِ إِلَى أَنْ صِرْتُ مُتَفَقِّهًا فَلِذَلِكَ لَمْ يَكُنْ عِنْدِي مَا أُمْلِيهِ عَلَى هَذَا الصَّبِيِّ يَا أَبَا إِبْرَاهِيمَ فَقَالَ لَهُ أَبُو إِبْرَاهِيمَ إِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ الْوَاحِدَ الَّذِي لَا يُوجَدُ عِنْدَ غَيْرِكَ خَيْرٌ لِلصَّبِيِّ مِنْ أَلْفِ حَدِيثٍ يَجِدُهُ عِنْدَ غَيْرِكَ قَالَ الْفَقِيهُ الْقَاضِي أَبُو الْفَضْلِ وَشَبِيهٌ بِمَذْهَبِ الْبُخَارِيِّ فِي هَذَا الْخَبَرِ مَا رَوَاهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا عَنْ أَبِي زُرْعَةَ الرَّازِيِّ أَنَّهُ قَالَ عَلَيْكُمْ بِالْفِقْهِ فَإِنَّهُ كَالتُّفَّاحِ الْجَبَلِيِّ يُطْعَمُ

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ قَرَأْتُ عَلَى الْفَقِيهِ أَبِي الْقَاسِمِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ قَاسِمٍ عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أَبِي الْقَاسِمِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْغَافِقِيِّ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الذُّهْلِيُّ أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عُمَرَ بْنِ سَلِيطٍ أَخْبَرَنَا نَجْمُ ابْن فَرْقَدٍ الْعَطَّارُ حَدَّثَنَا أَبُو هَارُونَ قَالَ كُنْتُ إِذَا دَخَلْتُ عَلَى أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ يَقُولُ مَرْحَبًا بِوَصِيَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَنَا

إِنَّ النَّاسَ لَكُمْ تَبَعٌ وَسَيَأْتِيكُمْ أَوْ سَيَأْتُونَكُمْ قَوْمٌ مِنْ أَقْطَارِ الْأَرْضِ يَتَفَقَّهُونَ فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمْ فَاسْتَوْصُوا بِهِمْ خَيْرًا وَعَلِّمُوهُمْ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ وَمِنْ غَيْرِ هَذَا الطَّرِيقِ فَإِذَا جَاءُوكُمْ فَأَلْطِفُوهُمْ وَحَدِّثُوهُمْ أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَتَّابٍ وَأَبُو الْقَاسِمِ خَلَفُ بْنُ إِبْرَاهِيم الْخَطِيب وَأَبُو عِمْرَانَ مُوسَى بْنُ

أَبِي تَلِيدٍ وَغَيْرُهُمْ إِجَازَةً قَالُوا أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مَرْوَانَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رِزْمَةَ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَانَ بْنَ عُثْمَانَ يَقُولُ سَمِعْتُ ابْنَ الْمُبَارَكِ يَقُولُ لِيَكُنِ الْأَمْرُ الَّذِي تَعْتَمِدُونَ عَلَيْهِ هُوَ الْأَثَرُ وَخُذُوا مِنَ الرَّأْيِ مَا يُفَسِّرُ لَكُمُ الْحَدِيثَ

قَالَ وَأَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي رِزْمَةَ أَخْبَرَنِي أَبِي أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ سُفْيَانَ قَالَ إِنَّمَا الدِّينُ بِالْآثَارِ قَالَ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ ابْن أَحْمَدَ الْقَاضِي الْمَالِكِيُّ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ أَخْبَرَنَا عبد الله ابْن حَمْدَانَ أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مَالِكٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {وَإنَّهُ لذكر لَك ولقومك} قَالَ هُوَ قَوْلُ الرَّجُلِ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ جَدِّي أَخْبَرَنَا الْحَافِظُ أَبُو عَلِيٍّ أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ أَبُو الْحُسَيْنِ الصَّيْرَفِيُّ أَنْشَدَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ الصُّورِيُّ أَنْشَدَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنِ جُمَيْعٍ أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَطَاءٍ أَنْشَدَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الزِّبْرِقَانِ (دِينُ النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ أَخْبَارُ ... نِعْمَ الْمَطِيَّةُ لِلْفَتَى الْآثَارُ) (لَا تُخْدَعَنَّ عَنِ الْحَدِيثِ وَأَهْلِهِ ... فَالرَّأْيُ لَيْلٌ وَالْحَدِيثُ نَهَارُ) (فَلَرُبَّمَا سَلَكَ الْفَتَى سُبُلَ الْهُدَى ... وَالشَّمْسُ طَالِعَةٌ لَهَا أَنْوَارُ)

وَأَخْبَرَنَا رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ أَخْبَرَنَا الصَّيْرَفِيُّ قَالَ أَنْشَدَنَا الصُّورِيُّ لِنَفْسِهِ (قُلْ لِمَنْ أَنْكَرَ الْحَدِيثَ وَأَضْحَى ... عَائِبًا أَهْلَهُ وَمَنْ يَدَّعِيهِ) (أَبِعِلْمٍ تَقُولُ هَذَا أَبِنْ لِي ... أَمْ بِجَهْلٍ فَالْجَهْلُ خُلُقُ السَّفِيهِ) (أَيُعَابُ الَّذِينَ هُمْ حَفِظُوا الدِّينَ ... مِنَ التُّرَّهَاتِ وَالتَّمْوِيهِ) (وَإِلَى قَوْلِهِمْ وَمَا قَدْ رَوُوهُ ... رَاجِعٌ كُلُّ عَالِمٍ وَفَقِيهِ)

قَرَأْتُ بِخَطِّ الشَّيْخِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ نَزِيلِ بَغْدَادَ مِمَّا كَتَبَهُ لِلْقَاضِي أَبِي بَكْرِ بْنِ عِمْرَانَ وَأَجَازَنَا ذَلِكَ عَنْهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِمَّا أَنْشَدَ لِنَفْسِهِ (زَيْنُ الْفَقِيهِ حَدِيثٌ يَسْتَضِيءُ بِهِ ... عِنْدَ الْحِجَاجِ وَإِلَّا كَانَ فِي ظُلَمِ) (إِنْ تَاهَ ذُو مَذْهَبٍ فِي قَفْرِ مُشْكِلَةٍ ... لَاحَ الْحَدِيثُ لَهُ فِي الْوَقْتِ كَالْعَلَمِ) وَبِخَطِّهِ أَيْضًا لِنَفْسِهِ (النَّاسُ نَبْتٌ وَأَرْبَابُ الْعُلُومِ مَعًا ... رَوْضٌ وَأَهْلُ الْحَدِيثِ الْمَاءُ وَالزَّهَرُ) (مِنْ كَانَ قَوْلُ ُرَسُولِ اللَّهِ حَاكِمَهُ ... فَلَا شُهُودَ لَهُ إِلَّا الْأُلَى ذُكِرُوا)

وَأَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمَعَافِرِيُّ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو الْحُسَيْنِ الطُّيُورِيُّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْخَطِيبِ قَالَ أَنْشَدَنِي أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ شِهَابٍ الْعُكْبَرِيُّ قَالَ أَنْشَدَنِي أَبُو عَامِرٍ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ النَّسَوِيُّ أَنْشَدَنِي أَبُو زَيْدٍ الْفَقِيهُ لِبَعْضِ عُلَمَاءِ شَاشٍ (كُلُّ الْعُلُومِ سِوَى الْقُرْآنِ زَنْدَقَةٌ ... إِلَّا الْحَدِيثَ وَإِلَّا الْفِقْهَ فِي الدِّينِ) (وَالْعِلْمُ مُتَّبَعٌ مَا كَانَ حَدَّثَنَا ... وَمَا سِوَى ذَلِكَ وِسْوَاسُ الشَّيَاطِينِ) أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَافِظُ فِيمَا أَذِنَ لِي بِالْحَدِيثِ بِهِ عَنْهُ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ الصَّيْرَفِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْفَالِيُّ أَخْبَرَنَا ابْنُ خَرْبَانَ الْقَاضِي أَخْبَرَنَا ابْنُ خَلَّادٍ قَالَ أَنْشَدَنَا عَزِيزُ بْنُ سِمَاكٍ الْكِرْمَانِيُّ وَكَانَ مِنْ حُفَّاظِ الْحَدِيثِ لِعَبْدِ اللَّهِ بن الْمُبَارك (مالذتى إِلَّا رِوَايَةُ مُسْنَدٍ ... قَدْ قُيِّدَتْ بِفَصَاحَةِ الْأَلْفَاظِ)

(وَمَجَالِسٌ فِيهَا عَلَيَّ سَكِينَةٌ ... وَمُذْكَرَاتُ مَعَاشِرِ الْحُفَّاظِ) (نَالُوا الْفَضِيلَةَ وَالْكَرَامَةَ وَالنُّهَى ... مِنْ رَبِّهِمْ بِرِعَايَةٍ وَحِفَاظِ) (أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو عَلِيٍّ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ خَلَفُ بْنُ عُمَرَ الْبَاجِيُّ قَالَ أَنْشَدَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ الْوَارِثِ قَالَ أَنْشَدَنَا أَبُو عَمْرو المقرى لِنَفْسِهِ

(نُورُ الْبِلَادِ وَزَيْنُ ... الْأَنَامِ صَحْبُ الْحَدِيثِ) (لَوْلَاهُمْ مَا عَلِمْنَا ... ضَلَالَ كُلِّ خَبِيثِ) (وَلَا عَلِمْنَا صَحِيحًا ... مِنَ السَّقِيمِ الرَّثِيثِ) (فَنَحْنُ فِيمَا لَدَيْهِمْ ... نَسْعَى بِكُلِّ حَثِيثِ) (لِكَيْ نَفُوزَ بِذُخْرٍ ... مِنْ رَبِّنَا مَبْثُوثِ) قَالَ الْمُؤَلِّفُ (يَا طَالِبَ الْعِلْمِ اسْتمع قَول امرىء ... مَحْضِ النَّصِيحَةِ لِلْمُرِيدِ الرَّاغِبِ) (الْعِلْمُ فِي أَصْلَيْنِ لَا يَعْدُوهُمَا ... إِلَّا الْمُضِلُّ عَنِ الطَّرِيقِ اللَّاحِبِ) (عِلْمُ الْكِتَابِ وَعِلْمُ الْآثَارِ الَّتِي ... قَدْ أُسْنِدَتْ عَنْ تَابِعٍ عَنْ صَاحِبِ) (جَاءَتْ بِهَا الْأَثْبَاتُ عَنْهُمْ وَاعْتَنَتْ ... بِمَسَانِدٍ وَمَرَاسِلٍ وَغَرَائِبِ)

(حَتَّى نَفَتْ طَعْنَ الْغَوِيِّ وَمَيَّزَتْ ... خَطَأَ الْغَبِيِّ وَزُورَ وَضْعِ الْكَاذِبِ) (فَأَتَتْ كَمَا انْتَظَمَ الْوِشَاحُ وَثُقِّفَتْ ... سُمْرُ الرَّمَاحِ وَلَاحَ ضَوْءُ الثَّاقِبِ) (لَوْلَا رِوَايَتُهُمْ لَمَا اتَّصَلَتْ بِنَا ... وَلَمَا عَلِمْنَا سُنَّةً مِنْ وَاجِبِ) (مِنْهَا مَثَارُ الْفِقْهِ وَهِيَ دَلِيلُهُ ... وَالرَّأْيُ مَطْرُحٌ لَأَبْعَدِ جَانِبِ) (فَاشْدُدْ عَلَيْهِ يَدَ الضَّنَانَةِ وَارْحَلَنْ ... لِسَمَاعِهِ بِمَشَارِقٍ وَمَغَارِبِ) (وَانْوِ الْإِلَهَ بِهِ تَعِشْ فِي غَبْطَةٍ ... وَتَفُزْ بِعَدْنٍ فِي نَعِيمٍ دَائِبِ)

- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَابٌ فِي آدَابِ طَالِبِ السَّمَاعِ وَمَا يَجِبُ أَنْ يَتَخَلَّقَ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَجِبُ أَوَّلًا عَلَى كُلِّ طَالِبِ عِلْمٍ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهِ التَّخَلُّقُ بِأَخْلَاقِ أَهْلِهِ وَالْتِزَامُ زِيِّهِمْ وَالتَّأَدُّبُ بِأَدَبِ حَمَلَتِهِ وَلُزُومُ السَّكِينَةِ وَالْوَقَارِ وَالْبُكُورُ لِطَلَبِهِ وَالْمُوَاظَبَةُ عَلَيْهِ وَإِخْلَاصُ النِّيَّةِ لِلَّهِ فِيهِ وَالتَّوَاضُعُ لِمَنْ يَأْخُذُ عَنْهُ وَتَعْظِيمُهُ وَتَوْقِيرُهُ وَالصَّبْرُ عَلَى مَا يَلْقَاهُ مِنْهُ أَوْ مِنْ رُفَقَائِهِ مِنْ جَفَاءٍ وَانْتِقَادُ مَنْ يَأْخُذُ عَنْهُ وَالْبَحْثُ عَنْ حَالِهِ قَبْلَ الْأَخْذِ عَنْهُ وَاخْتِيَارُهُ الْمَشَاهِيرِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالدِّينِ أَخْبَرَنَا الْقَاضِي الشَّهِيدُ قِرَاءَةً عَلَيْهِ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَضْلِ الْأَصْبَهَانِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الْحَافِظُ أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَيَّانَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ زُهَيْرٍ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُفْيَانَ بن أَبى الزرد أخبرنَا عباد بْنُ حَرْبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي حُمَيْدٍ عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ

إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ اعْتِمُوا تَزْدَادُوا حِلْمًا أَخْبَرَنَا الْقَاضِي الشَّهِيدُ وَغَيْرُهُ فِيمَا أَجَازَنِيهُ وَاللَّفْظُ لَهُ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ الصَّيْرَفِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ خَلَّادٍ أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ زَكَرِيَّا أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمِصْرِيُّ أَخْبَرَنَا مُطَرِّفٌ قَالَ

سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ يَقُولُ قُلْتُ لِأُمِّي أَذْهَبُ فَأَكْتُبُ الْعِلْمَ فَقَالَتْ لِي أُمِّي تَعَالَ فَالْبَسْ ثِيَابَ الْعُلَمَاءِ ثُمَّ اذْهَبْ فَاكْتُبْ فَأَلْبَسَتْنِي ثِيَابًا مُشَمَّرَةً وَوَضَعَتِ الطَّوِيلَةَ عَلَى رَأْسِي وَعَمَّمَتْنِي فَوْقَهَا ثُمَّ قَالَتْ اذْهَبِ الْآنَ فَاكْتُبْ وَأَخْبَرَنَا رَحمَه الله أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَحْمَدَ أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ بُنْدَارٍ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبى عَاصِم حَدثنَا الحوضى أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ الْأَنْصَارِيُّ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَاضَعُوا لِمَنْ تَعَلَّمُونَ مِنْهُ الْعِلْمَ وَتَوَاضَعُوا لِمَنْ تُعَلِّمُونَهُ قَالَ وَأَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ فِي كِتَابِهِ إِلَيَّ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَفْصٍ الطَّالْقَانِيُّ بِمِصْرَ أَخْبَرَنَا صَالِحُ بْنُ مُحَمَّدٍ

التِّرْمِذِيُّ أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ إِنَّ مِنْ حَقِّ الْعَالِمِ أَلَّا تُكْثِرَ عَلَيْهِ بِالسُّؤَالِ وَلَا تُعَنِّتَهُ فِي الْجَوَابِ وَلَا تُلِحَّ عَلَيْهِ إِذَا كَسِلَ وَلَا تَأْخُذْ بِثَوْبِهِ إِذَا نَهَضَ وَلَا تُشِرْ إِلَيْهِ بِيَدِكَ وَلَا تُفْشِ لَهُ سِرًّا وَلَا تَغْتَابَنَّ عِنْدَهُ أَحَدًا وَلَا تَطْلُبَنَّ عَثْرَتَهُ فَإِنْ زَلَّ انْتَظَرْتَ أَوْبَتَهُ وَقَبِلْتَ مَعْذِرَتَهِ وَأَنْ تُوَقِّرَهُ وَتُعَظِّمَهُ لِلَّهِ وَلَا تَمْشِ أَمَامَهُ وَإِنْ كَانَتْ لَهُ حَاجَةٌ سَبَقْتَ الْقَوْمَ إِلَى خِدْمَتِهِ وَلَا تَتَبَرَّمَنَّ مِنْ طُولِ صُحْبَتِهِ فَإِنَّمَا هُوَ بِمَنْزِلَةِ النَّخْلَةِ تَنْتَظِرُ مَا يَسْقُطُ عَلَيْكَ مِنْهَا مَنْفَعَةً وَإِذَا جِئْتَ فَسَلِّمْ عَلَى الْقَوْمِ وَخُصَّهُ بِالتَّحِيَّةِ وَاحْفَظْهُ شَاهِدًا وَغَائِبًا وَلِيَكُنْ ذَلِكَ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنَّ الْعَالِمَ أَعْظَمُ أَجْرًا مِنَ الصَّائِمِ الْقَائِمِ الْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ الله وَإِذا مَاتَ الْعَالم ان انْثَلَمَتْ فِي الْإِسْلَامِ ثُلْمَةٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا يَسِدُّهَا إِلَّا خَلَفٌ مِثْلُهُ وَطَالِبُ الْعِلْمِ تُشَيِّعُهُ الْمَلَائِكَةُ مِنَ السَّمَاءِ وَأَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ عَتَّابٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ عَبْدِ الله ابْن رَبِيعٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُعَاوِيَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّسَائِيِّ قَالَ أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مَسْعُودٍ أَخْبَرَنَا خَالِدٌ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعْبَة أَن زِيَاد ابْن عِلَاقَةَ حَدَّثَهُمْ قَالَ سَمِعْتُ أُسَامَةَ بْنَ شَرِيكٍ يَقُولُ

أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا أَصْحَابُهُ عِنْدَهُ كَأَنَّ عَلَى رُءُوسِهِمُ الطَّيْرَ وَأَخْبَرَنَا الْقَاضِي الشَّهِيدُ أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَضْلِ عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ قَالَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ إِجَازَةً عَنِ ابْنِ أَبِي دَاوُدَ أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ يَحْيَى ابْن كَثِيرٍ الْعَنْبَرِيُّ أَخْبَرَنَا أَبِي أَخْبَرَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَسْلَمَ الْمِنْقَرِيِّ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى عَنِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ بَيْنَمَا يُعَلِّمُهُمْ شَيْئًا مِنْ أَمْرِ دِينِهِمْ إِذْ شَخَصَتْ أَبْصَارُهُمْ عَنْهُ فَقَالَ مَا أَشْخَصَ أَبْصَارَكُمْ عَنِّي

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ أَخْبَرَنَا ابْنُ قَاسِمٍ أَخْبَرَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ أَخْبَرَنَا الْجَوْهَرِيُّ أَخْبَرَنَا الذُّهْلِيُّ أَخْبَرَنَا جَعْفَر الفريابى حَدثنَا إِسْحَاق ابْن مُوسَى الْأَنْصَارِيُّ حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ قُرَيْمٍ الْأَنْصَارِيُّ قَاضِي الْمَدِينَةِ قَالَ مَرَّ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَلَى أَبِي حَازِمٍ وَهُوَ يُحَدِّثُ فَجَاوَزَهُ فَقُيلَ لَهُ فَقَالَ إِنِّي لَمْ أَجِدْ مَوْضِعًا أَجْلِسُ فِيهِ وَكَرِهْتُ أَنْ آخُذَ حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا قَائِمٌ أَخْبَرَنَا الْقَاضِي الشَّهِيدُ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَحْمَدَ أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ أَخْبَرَنَا مِسْلِمُ بن سعيد أخبرنَا مجاشع ابْن عَمْرٍو أَخْبَرَنَا كَثِيرُ بْنُ سُلَيْمٍ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

اطْلُبُوا الْحَدِيثَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ فَإِنَّهُ مُيَسَّرٌ لِصَاحِبِهِ وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ اغْدُوا فِي طَلَبِ الْعِلْمِ فَإِنِّي سَأَلْتُ اللَّهَ أَنْ يُبَارِكَ لِأُمَّتِي فِي بُكُورِهَا وَيَجْعَلَ ذَلِكَ يَوْمَ الْخَمِيسِ أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى وَأَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو عَلِيٍّ الصَّدَفِيُّ وَالْقَاضِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ حَمْدِينَ وَغَيْرُ وَاحِدٍ قَالُوا أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْعُذْرِيُّ سَمَاعًا وَإِجَازَةً قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ فِهْرٍ الْمِصْرِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْجَوْهَرِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الْوَرْدِ حَدَّثَنِي الْعَبَّاسُ أَخْبَرَنَا أَبُو الرَّبِيعِ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ

سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ حَقٌّ عَلَى مَنْ طَلَبَ الْعِلْمَ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ وَقَارٌ وَسَكِينَةٌ وَيَكُونَ مُتَّبِعًا لِآثَارِ مَنْ مَضَى أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْحَافِظُ كِتَابَةً أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ الْحَمَامِيُّ أَخْبَرَنَا الْفَالِيُّ أَخْبَرَنَا ابْنُ خَرْبَانَ أَخْبَرَنَا ابْنُ خَلَّادٍ أَخْبَرَنَا السَّاجِيُّ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُدْرِكٍ حَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ قَالَ سَمِعْتُ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ لَا يَطْلُبُ هَذَا الْعِلْمَ مَنْ يَطْلُبُهُ بِالتَّمَلُّكِ وَغِنَى النَّفْسِ فَيُفْلِحَ وَلَكِنْ مَنْ طَلَبَهُ بِذِلَّةِ النَّفْسِ وَضِيقِ الْعَيْشِ وَخِدْمَةِ الْعِلْمِ أَفْلَحَ أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ أَبُو الْإِصْبَغِ عِيسَى بْنُ أَبِي الْبَحْرِ وَالْخَطِيبُ

أَبُو الْقَاسِم خلف بن إِ براهي م وَالشَّيْخُ أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ خَلِيفَةَ الْخُزَاعِيُّ وَغَيْرُ وَاحِدٍ قَالُوا كُلُّهُمْ حَدَّثَتْنَا الصَّالِحَةُ كَرِيمَةُ بِنْتُ أَحْمَدَ الْمَرْوَزِيَّةُ بِمَكَّةَ حَرَسَهَا اللَّهُ عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ مُحَمَّدِ بْنِ مكى عَن مُحَمَّد ابْن يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ قَالَ مُجَاهِدٌ لَا يتَعَلَّم الْعلم مستحى وَلَا مُسْتَكْبِرٌ

- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَابُ مَا يَلْزَمُ مِنْ إِخْلَاصِ النِّيَّةِ فِي طَلَبِ الْحَدِيثِ وَانْتِقَادِ مَنْ يُؤْخَذُ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا الله مُخلصين لَهُ الدّين} وَقَالَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مُحْسِنٍ بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ ثَابِتٍ الْوَاسِطِيُّ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ ابْن إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ الْجُرْجَانِيُّ وَمُحَمَّدُ ابْن مُحَمَّدٍ الْمَرْوَزِيُّ قَالَا أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بن يُوسُف أخبرنَا مُحَمَّد

ابْن إِسْمَاعِيلَ قَالَ أَخْبَرَنَا الْحُمَيْدِيُّ أَخْبَرَنَا سُفْيَان أخبرنَا يحيى ابْن سَعِيدٍ أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ أَنَّهُ سَمِعَ عَلْقَمَةَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ يَقُولُ سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لكل امرىء مَا نَوَى الْحَدِيثَ وَحَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ هِشَامُ بْنُ أَحْمَدَ الْفَقِيهُ بقراءتى عَلَيْهِ أخبرنَا أبوعلى الْغَسَّانِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَرَ النَّمَرِيُّ أَخْبَرَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ أَخْبَرَنَا أَبُو دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو بكر ابْن أَبِي شَيْبَةَ أَخْبَرَنَا شُرَيْحُ بْنُ النُّعْمَانِ أَخْبَرَنَا فُلَيْحٌ عَنْ أَبِي طَوِيلَة عبد الله ابْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَعْمَرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ تَعَلَّمَ عِلْمًا مِمَّا يُبْتَغَى بِهِ وَجْهُ اللَّهِ لَا يَتَعَلَّمُهُ إِلَّا لصيب 4 بِهِ غَرَضًا مِنَ الدُّنْيَا لَمْ يَجِدْ عَرْفَ الْجَنَّةِ

أَخْبَرَنَا غَيرُ وَاحِدٍ مِنْ شُيُوخِنَا عَنْ أَبِي الْحُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ الْبَغْدَادِيِّ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الْفَالِيُّ حَدَّثَنَا الْقَاضِي ابْنُ خَرْبَانَ أَخْبَرَنَا ابْنُ خَلَّادٍ أَخْبَرَنَا أَبِي أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَازِمٍ الْغِفَارِيُّ أَخْبَرَنَا حَسَنُ بْنُ قُتَيْبَةَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ أَنَّهُ قَالَ طَلَبْنَا هَذَا الْأَمْرَ لَا نُرِيدُ بِهِ اللَّهَ فَلَمَّا بَلَغْتُ مِنْهُ حَاجَتِي دَلَّنِي عَلَى مَا يَنْفَعُنِي وَحَجَزَنِي عَمَّا يَضُرُّنِي

وَرَوَى نَحْوَهُ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ وَمُجَاهِدٌ وَغَيْرُهُمَا بِمَعْنَاهُ أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ التَّمِيمِيُّ أَخْبَرَنَا ابْنُ سَعْدُونَ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ النَّيْسَابُورِيُّ أَخْبَرَنَا الْحَاكِمُ أَخْبَرَنَا أَبُو سَهْلٍ التِّرْمِذِيُّ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ التِّرْمِذِيُّ أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ سَيْفٍ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ أَيْمَنَ سَمِعْتُ يُونُسَ بْنَ عُبَيْدٍ يَقُولُ إِنَّ لِلْحَدِيثِ فِتْنَةً فَاتَّقُوا فِتْنَتَهُ

قَالَ الْقَاضِي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَيجب على الطَّالِب ل هَذَا الشَّأْنِ مِنْ إِخْلَاصِ النِّيَّةِ فِيهِ وَأَنْ يَكُونَ طَلَبُهُ لِيَعْلَمَ مَا يَلْزَمُهُ مِنْ سُنَّةِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَشَرَائِعِ دِينِهِ وَيُحْيِي نَقْلَهَا وَيُجَدِّدُ رَسْمَهَا لِئَلَّا تَنْدَرِسَ بِتَرْكِهِ وَتَرْكِ غَيْرِهِ ثُمَّ لِيَعْمَلَ بِهَا وَيُبَلِّغَهَا غَيْرَهُ حَتَّى تَتَّصِلَ أَسَانِيدُهَا وَيَشْتَهِرَ نَقْلُهَا وَلِيَحْصُلَ لَهُ مَا وَعَدَهُ اللَّهُ وَرَسَولُهُ لِطَالِبِي الْعِلْمِ وَحَامِلِيهِ وَالْعَامِلِينَ بِهِ مِنَ النَّعِيمِ وَالْفَوْزِ الْعَظِيمِ لَا لِيُحَصِّلَ بِذَلِكَ الْمَنَازِلَ وَالْخُطَطَ وَيَنَالَ بُعْدَ الصِّيتِ وَشُهْرَةَ الذِّكْرِ بِالْحِفْظِ وَعُلِّوَ الْإِسْنَادِ وَالْمَعْرِفَةَ بِالْإِتْقَانِ وَالنَّقْدِ وَلَا يَعْتَمِدُ الْأَخْذَ عَنْ أَهْلِ الْجَاهِ وَالظُّهُورِ تَمَلُّقًا لَهُمْ لِيَصِلَ بِذَلِكَ إِلَى دُنْيَاهِمْ وَيَتَوَسَّلَ بِهِمْ إِلَى مَنْ فَوْقِهِمْ وَيَكُونَ أَخْذُهُ عَنْ أَهْلِ الثِّقَةِ لِمَا يَنْقُلُونَ وَالْمَعْرِفَةُ بِهِ وَالضَّبْطُ لَهُ فَإِنْ وَجَدَ مَنِ اجْتَمَعَتْ فِيهِ هَذِهِ الْخِصَالُ مِنَ الدِّينِ وَالْعِلْمِ وَالْإِتْقَانِ فَقَدْ ظَفَرَتْ يَدَاهُ بِحَاجَتِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ إِلَّا مَنْ فِيهِ بَعْضُهَا فَلْيَجْتَنِبْ مَنْ لَا دِينَ لَهُ فَإِنَّ أَخْذَهُ عَنْهُ عَنَاءٌ إِذْ لَا يُوثَقُ بِمَا عِنْدَهُ وَلَا يَحْتَجُّ بِهِ لِنَفْسِهِ وَلَا لِغَيْرِهِ وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى {يَا أَيهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا} الْآيَةَ وَاشْتِرَاطُهُ تَعَالَى الرِّضَا وَالْعَدَالَةَ فِي الشُّهَدَاءِ وَكَذَلِكَ يَجْتَنِبُ مَنْ لَا ضَبْطَ عِنْدَهُ وَمَنْ عُرِفَ بِكَثْرَةِ الْوَهْمِ وَسُوءِ الْحِفْظِ فَإِنَّهُ مِنْ نَمَطِ الْأَوَّلِ

وَلِيَبْحَثْ عَنْ حَقِيقَةِ مَنْ يَظْهَرُ مِنْهُ خَيْرٌ وَعِلْمٌ لِئَلَّا يَكُونَ عَلَى بِدْعَةٍ وَهَوًى فَيُشَرِّبَهُ إِيَّاهُ وَيُلَقِّنَهُ لَهُ وَيُرَوِّيَهُ مِنَ الظَّوَاهِرِ الَّتِي يَحْتَجُّ بِهَا عَلَى بِدْعَتِهِ وَأَبَاطِيلِ الْأَحَادِيثِ الْمَوْضُوعَةِ مِمَّا يَضُرُّهُ وَيُنْبِزُ بَعْدُ بِصُحْبَتِهِ لَهُ فَقَدْ أَضَرَّ ذَلِكَ بِجَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِ هَذَا الشَّأْنِ أَخْبَرَنَا الْقَاضِي الْحَافِظُ أَبُو عَلِيٍّ أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَضْلِ الْحَدَّادُ أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الْحَافِظُ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ حُبَيْشٍ قَالَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ مُسَاوِرٍ أَخْبَرَنَا سُرَيْجُ بْنُ يُونُسَ أَخْبَرَنَا أَصْرَمُ ابْن غِيَاثٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ هَارُونَ بْنِ عَنْتَرَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ أَخْبَرَنَا شَافِعُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ حُجْرٍ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ هَذَا الْعِلْمَ دِينٌ فَانْظُرُوا عَمَّنْ تَأْخُذُونَهُ وَلَمْ يَرْفَعْهُ أَبُو هُرَيْرَةَ وَقَدْ رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ مَرْفُوعًا

قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ الْحَافِظُ وَالصَّحِيحُ وُقُوفُهُ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ وَقَدْ رُوِيَ مِثْلُهُ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ وَأَخْبَرَنَا قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَضْلِ أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْيَقْطِينِيُّ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الصُّفَيْرَاءِ أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ أَخْبَرَنَا مَعْنٌ قَالَ سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ لَا تَأْخُذُوا الْعِلْمَ عَنْ أَرْبَعَةٍ وَخُذُوا مِمَّنْ سِوَاهُمْ لَا يُؤْخَذُ مِنْ سَفِيهٍ مُعْلِنٍ بِالسَّفَهِ وَإِنْ كَانَ أَرْوَى النَّاسِ وَلَا مِنْ صَاحِبِ هَوًى يَدْعُو النَّاسَ إِلَى هَوَاهُ وَلَا مِنْ كَذَّابٍ يَكْذِبُ فِي أَحَادِيثِ النَّاسِ وَإِنْ كُنْتَ لَا تَتَّهِمُهُ بِكَذِبٍ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا مِنْ شَيْخٍ لَهُ عِبَادَةٌ وَفَضْلٌ إِذَا كَانَ لَا يَعْرِفُ الْحَدِيثَ وَأَخْبَرَنَا رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي

الْبَغْدَادِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَتْحِ عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَرْدَسْتَانِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ حَسَّانُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَقِيهُ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْهَرَوِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو أُمَيَّةَ الطَّرْطُوسِيُّ وَالرَّمَادِيُّ قَالَا أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُوسَى بْنِ وَرْدَانَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَرْءُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ

- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَابُ مَتَى يُسْتَحَبُّ سَمَاعُ الطَّالِبِ وَمَتَى يَصِحُّ سَمَاعُ الصَّغِيرِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ الْقَاضِي أَمَّا صِحَّةُ سَمَاعِهِ فَمَتَى ضُبِطَ مَا سَمِعَهُ صَحَّ سَمَاعُهُ وَلَا خِلَافَ فِي هَذَا وَصَحَّ الْأَخْذُ عَنْهُ بَعْدَ بُلُوغِهِ إِذْ لَا يَصِحُّ الْأَخْذُ عَنِ الصَّغِيرِ وَمَنْ لَمْ يَبْلُغْ وَقَدْ حَدَّدَ أَهْلُ الصَّنْعَةِ فِي ذَلِكَ أَنَّ أَقَله سنّ مَحْمُود ابْن الرَّبِيعِ أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ عَتَّابٍ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ حَاتِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الْقَابِسِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو زَيْدٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْمَرْوَزِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْفَرَبْرِيُّ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيُّ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا أَبُو مُسْهِرٍ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ

حَدَّثَنِي الزُّبَيْدِيُّ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ قَالَ عَقَلْتُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَجَّةً مَجَّهَا فِي وَجْهِي وَأَنَا ابْنُ خَمْسِ سِنِينَ مِنْ دَلْوٍ وَتَرْجَمَ الْبُخَارِيُّ عَلَيْهِ مَتَى يَصِحُّ سَمَاعُ الصَّغِيرِ وَفِي غَيْرِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعِ سِنِينَ وَتَابَعَ أَبَا مُسْهِرٍ عَلَى قَوْلِهِ خَمْسُ سِنِينَ ابْنُ مُصَفًّى وَغَيْرُهُ وَخَالَفَهُمْ غَيْرُهُمْ فَقَالَ أَرْبَعُ

وَلَعَلَّهُمْ إِنَّمَا رَأُوا أَنَّ هَذَا السِّنَّ أَقَلُّ مَا يَحْصُلُ بِهِ الضَّبْطُ وَعَقْلُ مَا يَسْمَعُ وَحِفْظَهُ وَإِلَّا فَمَرْجُوعُ ذَلِكَ لِلْعَادَةِ وَرُبَّ بَلِيدِ الطَّبْعِ غَبِيِّ الْفِطْرَةِ لَا يَضْبِطُ شَيْئًا فَوْقَ هَذَا السِّنِّ وَنَبِيلِ الْجِبِلَّةِ ذَكِيِّ الْقَرِيحَةِ يَعْقِلُ دُونَ هَذَا السِّنِّ وَقَدْ أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو عَلِيٍّ الصَّدَفِيُّ عَنْ أَبِي مَنْصُورٍ الْمَالِكِيِّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْخَطِيبِ الْبَغْدَادِيِّ أَنَّ الْقَاضِي أَبَا عُمَرَ مُحَمَّدَ بْنَ يُوسُفَ الْحَمَّادِيَّ كَانَ يُحَدِّثُ عَنْ جَدِّهِ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ حَمَّادٍ بِحَدِيثٍ لُقِّنَهُ وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعِ سِنِينَ وَقَدْ قَالَ سُفْيَانُ جَلَسْتُ إِلَى الزُّهْرِيِّ وَأَنَا ابْنُ سِتِّ عَشْرَةَ سَنَةً وَقَالَ الزُّهْرِيُّ مَا رَأَيْتُ أَحَدًا يَطْلُبُ هَذَا الشَّأْنَ أَصْغَرَ مِنْهُ وَلِمَشَايِخِ الْمُحَدِّثِينَ اخْتِيَارٌ فِي وَقْتِ إِسْمَاعِ الشَّبَابِ وَأَمْرِهِمْ بِذَلِكَ فَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ مِنْ كِتَابِهِ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ الطُّيُورِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الْفَالِيُّ أَخْبَرَنَا الْقَاضِي ابْنُ خَرْبَانَ أَخْبَرَنَا

الْقَاضِي ابْنُ خَلَّادٍ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ سَمِعْتُ أَبَا طَالِبِ بْنَ نَصْرٍ يَقُولُ سَمِعْتُ مُوسَى بْنَ هَارُونَ يَقُولُ أَهْلُ الْبَصْرَةِ يَكْتُبُونَ لِعَشْرِ سِنِينَ وَأَهْلُ الْكُوفَةِ لِعِشْرِينَ وَأَهْلُ الشَّامِ لِثَلَاثِينَ وَقَالَ سُفْيَانُ يَكْمُلُ عَقْلُ الْغُلَامِ لِعِشْرِينَ قَالَ ابْنُ خَلَّادٍ وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْرِيُّ يُسْتَحَبُّ كَتْبُ الْحَدِيثِ مِنَ الْعِشْرِينَ لِأَنَّهَا مُجْتَمَعُ الْعَقْلِ وَأَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَشْتَغِلَ قَبْلُ بِحِفْظِ الْقُرْآنِ وَالْفَرَائِضِ

وَسَمِعْتُ بَعْضَ شُيُوخِ الْعِلْمِ يَقُولُ الرِّوَايَةُ مِنَ الْعِشْرِينَ وَالدِّرَايَةُ مِنَ الْأَرْبَعِينَ حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْخَوْلَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أَحْمَدَ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدٍ عَن عُثْمَانَ قَالَ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ ابْن وهب عَن اسماعيل ابْن رَافِعٍ يَرْفَعُهُ قَالَ مَنْ تَعَلَّمَ عِلْمًا وَهُوَ شَابٌّ كَانَ كَوَشْمٍ فِي حَجَرٍ وَمَنْ تَعَلَّمَ بَعْدَ مَا يَدْخُلُ فِي السِّنِّ كَانَ كَكَاتِبٍ عَلَى ظَهْرِ الْمَاءِ وَقَدْ رَفَعَ هَذَا الْحَدِيثَ مُحَمَّدُ بْنُ عَجْلَانَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ تَعَلَّمَ الْعِلْمَ وَهُوَ شَابٌّ كَانَ كَوَشْمٍ فِي حَجَرٍ وَذَكَرَ بَقِيَّةَ الْحَدِيثِ

وَعَنِ الْحَسَنِ طَلَبُ الْحَدِيثِ فِي الصِّغَرِ كَالنَّقْشِ فِي الْحَجَرِ وَقَدْ نُظِمَ هَذَا فِي شِعْرٍ فَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَرَ الْحَافِظُ قَالَ أَنْشَدَنِي أَحْمَدُ بن مُحَمَّد ابْن هِشَامٍ قَالَ أَنْشَدَنِي عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ بْنِ مُوسَى الْقَاضِي قَالَ أَنْشَدَنِي أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُقْرِيُّ قَالَ أَنْشَدَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ نَفْطَوَيْهِ لِنَفْسِهِ فِي أَبْيَاتِهِ (أَرَانِي أَنْسَى مَا تَعَلَّمْتُ فِي الْكِبَرِ ... وَلَسْتُ بِنَاسٍ مَا تَعَلَّمْتُ فِي الصِّغَرِ) (وَلَوْ فُلِقَ الْقَلْبُ الْمُعَلَّمُ فِي الصِّبَا ... لالفي فِيهِ الْعلم كالنقش قي الْحَجَرِ)

- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَابُ أَنْوَاعِ الْأَخْذِ وَأُصُولِ الرِّوَايَةِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ الْقَاضِي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ اعْلَمْ أَنَّ طَرِيقَ النَّقْلِ وَوُجُوهَ الْأَخْذِ وَأُصُولَ الرِّوَايَةِ عَلَى أَنْوَاعٍ كَثِيرَةٍ وَيَجْمَعُهَا ثَمَانِيَةُ ضُرُوبٍ وَكُلُّ ضَرْبٍ مِنْهَا لَهُ فُرُوعٌ وَشُعُوبٌ وَمِنْهَا مَا يُتَّفَقُ عَلَيْهِ فِي الرِّوَايَةِ وَالْعَمَلِ وَمِنْهَا مَا يُخْتَلَفُ فِيهِ فِيهِمَا جَمِيعًا أَوْ فِي أَحَدِهَا كَمَا سَنُوَضِّحُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى أَوَّلُهَا السَّمَاعُ مِنْ لَفْظِ الشَّيْخِ وَثَانِيهَا الْقِرَاءَةُ عَلَيْهِ وَثَالِثُهَا الْمُنَاوَلَةُ وَرَابِعُهَا الْكِتَابَةُ وَخَامِسُهَا الْإِجَازَةُ وَسَادِسُهَا الْإِعْلَامُ لِلطَّالِبِ بِأَنَّ هَذِهِ الْكُتُبَ رِوَايَتُهُ وَسَابِعُهَا وَصِيَّتُهُ بِكَتْبِهِ لَهُ وَثَامِنُهَا الْوُقُوفُ عَلَى خَطِّ الرَّاوِي فَقَطْ وَهَا نَحْنُ نَتَكَلَّمُ عَلَى كُلِّ ضَرْبٍ مِنْ هَذِهِ الضُّرُوبِ وَنُقَسِّمُهَا وَنُبَيِّنُ صَحِيحَهَا مِنْ سَقِيمِهَا

الضرب الأول السماع من لفظ الشيخ

1 - الضَّرْبُ الْأَوَّلُ السَّمَاعُ مِنْ لَفْظِ الشَّيْخِ وَهُوَ مُنْقَسِمٌ إِلَى إِمْلَاءٍ أَوْ تَحْدِيثٍ وَسَوَاءٌ كَانَ مِنْ حِفْظِهِ أَوِ الْقِرَاءَةِ مِنْ كِتَابِهِ وَهُوَ أَرْفَعُ دَرَجَاتِ أَنْوَاعِ الرِّوَايَةِ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ يَجُوزُ فِي هَذَا أَنْ يَقُولَ السَّامِعُ مِنْهُ حَدَّثَنَا وَأَخْبَرَنَا وَأَنْبَأَنَا وَسمعت فلَانا يَقُولُ وَقَالَ لَنَا فُلَانٌ وَذَكَرَ لَنَا فُلَانٌ وَلَمْ يَرَهُ جَمَاعَةٌ من الْحِجَازِيِّينَ أرفع وسوؤا بَينه وَبَين الْقِرَاءَة وَالْعرض عَلَى الْعَالِمِ وَرُوِيَ هَذَا عَنْ مَالِكٍ وَحَكَاهُ عَنْ أَئِمَّةِ الْمَدِينَةِ وَرُوِيَ عَنْهُ أَيْضًا وَعَنْ غَيْرِهِ أَنَّ الْقِرَاءَةَ عَلَى الشَّيْخِ أَعْلَى مَرَاتِبِ الْحَدِيثِ حَدَّثَنَا الشَّيْخُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ غَلْبُونَ عَنْ أَبِي ذَرٍّ الْهَرَوِيِّ بِالْإِجَازَةِ عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ بَكْرٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدَ بْنَ مُحَمَّدٍ الْبُخَارِيَّ يَقُولُ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ يَعْقُوبَ الْبِيكَنْدِيَّ يَقُولُ سَمِعْتُ إِسْحَاقَ بْنَ الْحَسَنِ

الضرب الثانى القراءة على الشيخ

ابْن مَيْمُونٍ الْحَرْبِيَّ يَقُولُ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيَّ يَقُولُ قَالَ لِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ قِرَاءَتُكَ عَلَيَّ أَصَحُّ مِنْ قِرَاءَتِي عَلَيْكَ وَأَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْحَافِظُ مِنْ كِتَابِهِ أَخْبَرَنَا الطْيُوُرِيُّ أَخْبَرَنَا الْفَالِيُّ أَخْبَرَنَا ابْنُ خَرْبَانَ أَخْبَرَنَا ابْنُ خَلَّادٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ أَخْبَرَنَا يُوسُفُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ قَالَ لِي مُوسَى بْنُ دَاوُدَ الْقِرَاءَةُ أَثْبَتُ مِنَ الْحَدِيثِ وَذَلِكَ أَنَّكَ إِذَا قَرَأْتَ عَلَيَّ شَغَلْتُ نَفْسِي بِالْإِنْصَاتِ لَكَ وَإِذَا حَدَّثْتُكَ غَفَلْتُ عَنْكَ 2 - الضَّرْبُ الثَّانِي الْقِرَاءَةُ عَلَى الشَّيْخِ وَسَوَاءٌ كنت أَنْت القارىء أَوْ غَيْرُكَ وَأَنْتَ تَسْمَعُ أَوْ قَرَأْتَ فِي كِتَابٍ أَوْ مِنْ حِفْظٍ أَوْ كَانَ الشَّيْخُ يَحْفَظُ مَا يقْرَأ عَلَيْهِ أويمسك أَصْلَهُ وَلَا خِلَافَ أَنَّهَا رِوَايَةٌ صَحِيحَةٌ

وَاخْتُلِفَ هَلْ هِيَ سَمَاعٌ يَجُوزُ فِيهَا النَّقْلُ بِ حَدَّثَنَا وَأَخْبَرَنَا وَأَنْبَأَنَا مَا يَجُوزُ فِي السَّمَاعِ مِنْ لَفْظِ الشَّيْخِ أَمْ لَا وَهَلْ هِيَ مِثْلُ السَّمَاعِ أَوْ دُونَهُ أَوْ فَوْقَهُ فِي الرُّتْبَةِ فَمَذْهَبُ مُعْظَمِ عُلَمَاءِ الْحِجَازِ وَالْكُوفَةِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمَا وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ وَأَشْيَاخِهِ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وعلمائها يحيى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ وَابْنِ عُيَيْنَةَ وَالزُّهْرِيِّ فِي جَمَاعَةٍ وَرُوِيَ مِثْلُهُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَابْن عَبَّاسٍ قَالَا قِرَاءَتُكَ عَلَى الْعَالِمِ كَقِرَاءَتِهِ عَلَيْكَ وَهُوَ مَذْهَبُ الْبُخَارِيِّ وَأَكْثَرُ الْمُحَدِّثِينَ يُسَمُّونَهُ عَرْضًا لِأَنَّ القارىء يَعْرِضُ مَا يَقْرَؤُهُ عَلَى الشَّيْخِ كَمَا يَعْرِضُ الْقُرْآنَ عَلَى إِمَامِهِ وَحَكَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنِ الْحَسَنِ وَالثَّوْرِيِّ وَمَالِكٍ أَنَّهَا إِجَازَةٌ وَذَكَرَ الْحُجَّةَ لِذَلِكَ بِحَدِيثِ ضِمَامٍ وَقَوْلِهِ لِلنَّبِيِّ آللَّهُ

أَمَرَكَ بِكَذَا وَكَذَا فَيَقُولُ نَعَمْ قَالَ الْبُخَارِيُّ فَهَذِهِ قِرَاءَةٌ عَلَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَ بِهَا ضِمَامٌ قَوْمَهُ فَأَجَازُوهُ قَالَ وَاحْتَجَّ مَالِكٌ بِالصَّكِّ يُقْرَأُ عَلَى الْقَوْمِ فَيَقُولُونَ أَشْهَدَنَا فُلَانٌ وَيقْرَأ على المقرىء فَيَقُول القارىء أَقْرَأَنِي فُلَانٌ

وَذَهَبَ جُمْهُورُ أَهْلِ الْمَشْرِقِ وَخُرَاسَانَ إِلَى أَنَّ الْقِرَاءَةَ دَرَجَةٌ ثَانِيَةٌ وَأَبَوْا مِنْ تَسْمِيَتِهَا سَمَاعًا وَسَمَّوْهَا عَرْضًا وَأَبَوْا مِنْ إِطْلَاقِ حَدَّثَنَا فِيهَا وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ وَالشَّافِعِيُّ وَهُوَ مَذْهَبُ مُسْلِمِ بْنِ الْحَجَّاجِ وَيَحْيَى بْنِ يَحْيَى التَّمِيمِيِّ وَقَدْ تَقَدَّمَ لِمَالِكٍ أَيْضًا وَغَيْرِهِ أَنَّهَا أَرْفَعُ مِنَ السَّمَاعِ وَأَصَحُّ أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو عَلِيٍّ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ هَاشِمٍ الْهَاشِمِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الصَّدَفِيُّ وَأَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ نَفِيسٍ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْجَوْهَرِيُّ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ أَخْبَرَنَا فِهْرُ بْنُ سُلَيْمَانَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ وَسُئِلَ فَقِيلَ لَهُ الْعَرْضُ أَحَبُّ إِلَيْكَ أَمِ السَّمَاعُ قَالَ بَلِ الْعَرْضُ قِيلَ فَتَقُولُ فِي الْعَرْضِ حَدَّثَنَا قَالَ نَعَمْ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْخَوْلَانِيُّ الشَّيْخُ الصَّالِحُ عَنْ أَبِي ذَرٍّ إِجَازَةً قَالَ أَخْبَرَنَا الْوَلِيدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ الْبُخَارِيَّ

الْخَوْلَانِيَّ يَقُولُ سَمِعْتُ الْوَزَّانَ يَقُولُ سَمِعْتُ سَهْلَ بْنَ الْمُتَوَكِّلِ يَقُولُ سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي أُوَيْسٍ يَقُولُ سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ السَّمَاعُ عِنْدَنَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ أَوَّلُهَا قِرَاءَتُكَ عَلَى الْعَالِمِ الثَّانِي قِرَاءَتُهُ عَلَيْكَ وَالثَّالِثُ أَنْ يَدْفَعَ إِلَيْكَ كِتَابًا قَدْ عَرَفَهُ فَيَقُولُ ارْوِهِ عَنِّي قَالَ وَكَانَ مَالِكٌ يَحْتَجُّ فِي هَذَا بِأَنَّ الرَّاوِي رُبَّمَا سَهَا أَوْ غَلِطَ فِيمَا يَقْرَؤُهُ بِنَفْسِهِ فَلَا يَرُدُّهُ عَلَيْهِ الطَّالِبُ السَّامِعُ ذَلِكَ الْغَلَطَ لِخِلَالٍ ثَلَاثٍ إِمَّا لِأَنَّ الطَّالِبَ جَاهِلٌ فَلَا يَهْتَدِي لِلرَّدِّ عَلَيْهِ وَإِمَّا لِهَيْبَةِ الرَّاوِي وَجَلَالَتِهِ وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ غَلَطُهُ فِي مَوْضِعٍ صَادَفَ اخْتِلَافًا فَيَجْعَلُ خلافًا توهما أَنه مذْهبه فَيحمل الْخَطَأَ صَوَابًا قَالَ وَإِذَا أُقْرِأَ الطَّالِبُ عَلَى الرَّاوِي فَسَهَا الطَّالِبُ أَوْ أَخْطَأَ رَدَّ عَلَيْهِ الرَّاوِي لِعِلْمِهِ مَعَ فَرَاغِ ذِهْنِهِ أَوْ يَرُدُّ عَلَيْهِ غَيْرُهُ مِمَّنْ يَحْضُرُهُ لِأَنَّهُ لاهيبة لِلطَّالِبِ

وَلَا يُعَدُّ لَهُ أَيْضًا مَذْهَبٌ فِي الْخِلَافِ إِنْ صَادَفَ بِغَلَطِهِ مَوْضِعَ اخْتِلَافٍ فَالرَّدُ عَلَيْهِ مُتَوِّجُهُ وَكَانَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ لنافع القارىء وَقَدْ شَاوَرَهُ لِيَتَقَدَّمَ إِمَامًا فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمِحْرَابُ مَوْضِعُ مِحْنَةٍ فَإِنْ زَلَلْتَ فِي حَرْفٍ وَأَنْتَ إِمَامٌ حُسِبَتْ قِرَاءَةً حُمِلَتْ عَنْكَ فَهَذَا حُكْمُ مَرْتَبَةِ الْقِرَاءَةِ عَلَى ضُرُوبِهَا الْمُتَقَدِّمَةِ مِنْ قِرَاءَتِكَ أَوْ سَمَاعِكَ بِقِرَاءَةِ غَيْرِكَ أَوْ كَانَ الشَّيْخُ يَحْفَظُ حَدِيثَهُ أَوْ يُمْسِكُ أَصْلَهُ وَإِمْسَاكُ الْأَصْلِ هُنَا أَثْبَتُ لِئَلَّا يَغْفَلَ وَيَذْهَبَ الْوَهْمُ فَيُذَكِّرَ الْكِتَابُ فَإِنْ كَانَ الشَّيْخُ لَا يُمْسِكُ كِتَابَهُ هُوَ وَإِنَّمَا يُمْسِكُهُ عَلَيْهِ ثِقَةٌ عَارِفٌ سِوَاهُ وَإِنْ كَانَ الشَّيْخُ يَحْفَظُ حَدِيثَهُ فَالْحَالُ وَاحِدَةٌ وَإِنْ كَانَ لَا يَحْفَظُهُ فَاخْتُلِفَ هَهُنَا فَرَأْيُ بَعْضِهِمْ أَنَّ هَذَا سَمَاعٌ غَيْرُ صَحِيحٍ وَإِلَيْهِ نَحَا الْجُوَيْنِيُّ مِنْ أَئِمَّتِنَا الْأُصُولِيِّينَ وَتَرَدَّدَ فِيهِ الْقَاضِي

ابْنُ الطَّيِّبِ وَأَكْثَرُ مَيْلِهِ إِلَى الْمَنْعِ وَأَجَازَهُ بَعْضُهُمْ وَصَحَّحَهُ إِذَا كَانَ مُمْسِكُ الْكِتَابِ مَوْثُوقًا بِهِ وَبِهَذَا عَمَلَ كَافَةُ الشُّيُوخِ وَأَهْلُ الْحَدِيثِ فِيهِ وَأَمَّا الْقِرَاءَةُ فِي أصل الشَّيْخ فَهِيَ للقارىء صَحِيحَةٌ كَإِمْسَاكِ الشَّيْخِ نُسْخَتِهِ إِذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الِاعْتِمَادِ عَلَى بَصَرِ الشَّيْخِ أَوْ سَمْعِهِ وَهَذَا كُلُّهُ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يَرَى التَّسْهِيلَ فِي السَّمَاعِ عَلَى مَا يُذْكَرُ فِي الْبَابِ بَعْدَ هَذَا وَأَمَّا عَلَى مَذْهَبِ أَهْلِ النَّظَرِ وَالتَّحْقِيقِ فِي التَّشْدِيدِ فِيهِ لَا سِيَّمَا عَلَى مَذْهَبِ مَنْ لَا يَرَى التَّحَدُّثَ بِالْإِجَازَةِ وَالْمُنَاوَلَةِ فَيُضَيِّقُ عَلَيْهِ الْبَابَ جِدًّا وَأَمَّا مَتَى كَانَ مُمْسِكُ الْأَصْلِ عَلَى الشَّيْخِ أَو القارىء غَيْرَ ثِقَةٍ وَلَا مَأْمُونٍ عَلَى ذَلِكَ أَوْ غَيْرَ بَصِيرٍ بِمَا يَقْرَؤُهُ فَلَا يَحِلُّ السَّمَاعُ وَالرِّوَايَةُ بِهَذِهِ الْقِرَاءَةِ إِذْ لَمْ يَبْقَ طَرِيقُ الثِّقَةِ بِمَا سَمِعَ بِهَذِهِ الْقِرَاءَةِ لَا حَقِيقَةً وَلَا مُسَامَحَةً إِلَّا أَنْ يَكُونَ الشَّيْخُ يَحْفَظُ حَدِيثَهُ

وَقَدْ ضَعَّفَ أَئِمَّةُ الصَّنْعَةِ رِوَايَةَ مَنْ سَمِعَ الْمُوَطَّأَ عَلَى مَالِكٍ بِقِرَاءَةِ حَبِيبٍ كَاتِبِهِ لِضَعْفِهِ عِنْدَهُمْ وَأَنَّهُ كَانَ يُخَطْرِفُ الْأَوْرَاقَ حِينَ الْقِرَاءَةِ لِيَتَعَجَّلَ وَكَانَ يَقْرَأُ لِلْغُرَبَاءِ وَقَدْ أَنْكَرَ هَذَا الْخَبَرَ عَلَى قَائِلِهِ لِحِفْظِ مَالِكٍ لِحَدِيثِهِ وَحِفْظِ كَثِيرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ الْحَاضِرِينَ لَهُ وَأَنَّ مِثْلَ هَذَا مِمَّا لَا يَجِوزُ عَلَى مَالِكٍ وَأَنَّ الْعَرْضَ عَلَيْهِ لَمْ يَكُنْ مِنَ الْكَثْرَةِ بِحَيْثُ تُخَطْرَفُ عَلَيْهِ الْأَوْرَاقُ وَلَا يَفْطِنُ هُوَ وَلَا مَنْ حَضَرَ لَكِنَّ عَدَمَ الثِّقَةِ بِقِرَاءَةِ مِثْلِهِ مَعَ جَوَازِ الْغَفْلَةِ وَالسَّهْوِ عَنِ الْحَرْفِ وَشَبَهِهِ وَمَا لَا يُخِلُّ بِالْمَعْنَى مُؤَثِرَةٌ فِي تَصْحِيحِ السَّمَاعِ كَمَا قَالُوهُ وَلِهَذِهِ الْعِلَّةِ لَمْ يُخَرِّجِ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ بُكَيْرٍ عَنْ مَالِكٍ إِلَّا الْقَلِيلَ وَأَكْثَرَ عَنْهُ عَنِ اللَّيْثِ قَالُوا لِأَنَّ سَمَاعَهُ كَانَ بِقِرَاءَةِ حَبِيبٍ وَقَدْ

أَنْكَرَ هُوَ ذَلِكَ وَشَرَطَ فِي صِحَّةِ الْحَدِيثِ بِالْقِرَاءَةِ بَعْضُ الظَّاهِرِيَّةِ وَبِهِ عَمِلَ جَمَاعَةٌ مِنْ مَشَايِخِ أَهْلِ الْمَشْرِقِ وَأَئِمَّتُهُمْ إِقْرَارَ الشَّيْخِ عِنْدَ تَمَامِ السَّمَاعِ بِأَنَّهُ كَمَا قرىء عَلَيْهِ فَيَقُولُ نَعَمْ وَأَبَى الْحَدِيثَ مَنِ اشْتَرَطَهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ هَذَا التَّقْرِيرُ وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ وَمِنْ حَدِيثِ غَيْرِهِ هَذَا التَّقْرِيرُ وَقَدْ أَنْكَرَهُ مَالِكٌ لِمَنْ قَرَّرَهُ أَيْضًا وَقَالَ أَلَمْ أُفْرِغْ لَكُمْ نَفْسِي وَسمعت عرضكم وأقمت سقطه وز لله وَالصَّحِيحُ هَذَا وَأَنَّ الشَّرْطَ غَيْرُ لَازِمٍ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ مِنْ ذِي دِينٍ إِقْرَارٌ عَلَى الْخَطَأِ فِي مِثْلِ هَذَا فَلَا مَعْنَى لِلتَّقْرِيرِ بَعْدُ

الضرب الثالث المناولة

وَهَذَا مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ وَالْفُقَهَاءِ وَالنُّظَّارِ وَلَعَلَّ الْمَرْوِيَّ عَنْ مَالِكٍ وَأَمْثَالِهِ فِي فِعْلِ ذَلِكَ التَّأْكِيدُ لَا اللُّزُومُ 3 - الضَّرْبُ الثَّالِثُ الْمُنَاوَلَةُ وَهِيَ أَيْضًا عَلَى أَنْوَاعٍ أَرْفَعُهَا أَنْ يَدْفَعَ الشَّيْخُ كِتَابَهُ الَّذِي رَوَاهُ أَوْ نُسْخَةً مِنْهُ وَقَدْ صَحَّحَهَا أَوْ أَحَادِيثَ مِنْ حَدِيثِهِ وَقَدِ انْتَخَبَهَا وَكَتَبَهَا بِخَطِّهِ أَوْ كُتِبَتْ عَنْهُ فَعَرَفَهَا فَيَقُولُ لِلطَّالِبِ هَذِهِ رِوَايَتِي فَارْوِهَا عَنِّي وَيَدْفَعُهَا إِلَيْهِ أَوْ يَقُولُ لَهُ خُذْهَا فَانْسَخْهَا وَقَابِلْ بِهَا ثُمَّ اصْرِفْهَا إِلَيَّ وَقَدْ أَجَزْتُ لَكَ أَنْ تُحَدِّثَ بِهَا عَنِّي أَوِ ارْوِهَا عَنِّي أَوْ يَأْتِيهِ الطَّالِبُ بِنُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ مِنْ رِوَايَةِ الشَّيْخِ أَوْ بِجُزْءٍ مِنْ حَدِيثِهِ فَيَقِفُ عَلَيْهِ الشَّيْخُ وَيَعْرِفَهُ وَيُحَقِّقُ جَمِيعَهُ وَصِحَّتَهُ وَيُجِيزُهُ لَهُ فَهَذَا كُلُّهُ عِنْدَ مَالِكٍ وَجَمَاعَةٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ بِمَنْزِلَةِ السَّمَاعِ أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْأَصْبَهَانِيُّ مُكَاتَبَةً قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو الْحُسَيْنِ الطُّيُورِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الْفَالِيُّ أَخْبَرَنَا ابْنُ خَرْبَانَ أَخْبَرَنَا ابْنُ خَلَّادٍ أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ بَهْلُولٍ أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ سَمِعْتُ إِسْمَاعِيلَ بْنَ أَبِي أُوَيْسٍ يَقُولُ

سَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ أَصَحِّ السَّمَاعِ فَقَالَ قِرَاءَتُكَ عَلَى الْعَالِمِ أَوْ قَالَ الْمُحَدِّثُ ثُمَّ قِرَاءَةُ الْمُحَدِّثِ عَلَيْكَ ثُمَّ أَنْ يَدْفَعَ إِلَيْكَ كِتَابَهُ فَيَقُولُ ارْوِ عَنِّي هَذَا وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى السَّمَاعُ عِنْدَنَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ الْحَدِيثُ الْمُتَقَدِّمُ وَهِيَ رِوَايَةٌ صَحِيحَةٌ عِنْدَ مُعْظَمِ الْأَئِمَّةِ وَالْمُحَدِّثِينَ وَهُوَ مَذْهَبُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ وَالْحَسَنِ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَعُبَيْدِ اللَّهِ الْعَمْرِيِّ وَحَيْوَةَ بْنِ شُرَيْحٍ وَالزُّهْرِيِّ وَهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ وَابْنِ جُرَيْحٍ وَحَكَاهُ الْحَاكِمُ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَعِكْرِمَةُ وَمُجَاهِدٌ وَالشَّعْبِيُّ وَالنَّخَعِيُّ وَقَتَادَةُ فِي جمَاعَة عذهم مِنْ أَئِمَّةِ الْمَدِينَةِ وَالْكُوفَةِ وَالْبَصْرَةِ وَمِصْرَ وَهُوَ قَوْلُ كَافَةِ أَهْلِ النَّقْلِ وَالْأَدَاءِ وَالتَّحْقِيقِ مِنْ أَهْلِ النَّظَرِ وَقَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ أَخْبَرَنَا ابْنُ الْقَاسِمِ أَخْبَرَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ أَخْبَرَنَا الْجَوْهَرِيُّ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ زَكَرِيَّا الْعَائِذِيُّ أَخْبَرَنَا الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الضَّحَّاك عَن مَالك ابْن أَنَسٍ قَالَ كَلَّمَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ فَكَتَبَ لَهُ مِنْ أَحَادِيثِ ابْنِ شِهَابٍ فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ فَسَمِعَهَا مِنْكَ قَالَ هُوَ كَانَ أَفْقَهَ مِنْ ذَلِكَ

وَمِنْ غَيْرِ هَذَا الطَّرِيقِ بَلْ أَخَذَهَا عَنِّي وَحَدَّثَ بِهَا وَهَذَا بَيِّنٌ لِأَنَّ الثِّقَةَ بِكِتَابِهِ مَعَ إِذْنِهِ أَكْثَرُ مِنَ الثِّقَةِ بِالسَّمَاعِ وَأَثْبَتُ لِمَا يَدْخُلُ مِنَ الْوَهْمِ عَلَى السَّامِعِ وَالْمُسْمِعِ وَالْأَصْلُ عِنْدَهُمْ فِي ذَلِكَ مِنَ الْأَثَرِ اعْتِمَادُ عُمَّالِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْبِلَادِ عَلَى كُتُبِهِ إِلَيْهِمْ أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ التَّمِيمِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ سَعْدُونٍ أَخْبَرَنَا الْمُطَّوِّعِيُّ أَخْبَرَنَا الْحَاكِمُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ إِسْحَاقُ الْفَقِيهُ أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ أخبرنَا أَحْمد بن مُحَمَّد ابْن أَيُّوبَ أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ قَالَ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ بِكِتَابِهِ إِلَى كِسْرَى مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُذَافَةَ وَأَمَرَهُ أَنْ يَدْفَعَهُ إِلَى عَظِيمِ الْبَحْرَيْنِ وَيْدَفَعَهُ عَظِيمُ الْبَحْرَيْنِ إِلَى كِسْرَى وَحُجَّتُهُمْ أَيْضًا فِي كِتَابِهِ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَحْشٍ كِتَابًا وَخَتَمَ عَلَيْهِ وَدَفَعَهُ إِلَيْهِ وَوَجَّهَهُ فِي طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ إِلَى جِهَةِ نَخْلَةَ وَقَالَ لَهُ لَا تَنْظُرْ فِي

نوع آخر

الْكِتَابِ حَتَّى تَسِيرَ يَوْمَيْنِ ثُمَّ انْظُرْ فِيهِ وَانْفُذْ لِمَا فِيهِ وَلَا تُكْرِهَنَّ أَحَدًا عَلَى النُّفُوذِ مَعَكَ وَرُوِيَ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ أَنَّهُ أَجَازَ الْمُنَاوَلَةَ وَفَعَلَ ذَلِكَ وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ يَعْمَلُ بِهَا وَلَا يُحَدِّثُ بِهَا قَالَ الْقَاضِي وَلَعَلَّ قَوْلَهُ هَذَا فِيمَا لَمْ يَأْذَنْ فِي الْحَدِيثِ بِهِ عَنْهُ كَمَا يَأْتِي بَعْدَ هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ نَوْعٌ آخَرُ مِنَ الْمُنَاوَلَةِ أَنْ يَعْرِضَ الشَّيْخُ كِتَابَهُ وَيُنَاوِلَهُ الطَّالِبَ وَيَأْذَنَ لَهُ فِي الْحَديِثِ بِهِ عَنْهُ ثُمَّ يُمْسِكَهُ الشَّيْخُ عِنْدَهُ وَلَا يُمَكِّنَهُ مِنْهُ فَهَذِهِ مُنَاوَلَةٌ صَحِيحَةٌ أَيْضًا تَصِحُّ بِهَا الرِّوَايَةُ وَالْعَمَلُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ لَكِنْ بَعْدَ وُقُوعِ كِتَابِ الشَّيْخِ ذَلِكَ لِلطَّالِبِ بِعَيْنِهِ أَوِ انْتِسَاخِهِ

الضرب الرابع الكتابة

نُسْخَهٍ مِنْهُ أَوْ تَصْحِيحِ كِتَابِهِ مَتَى أَمْكَنَهُ بِكِتَابِهِ أَوْ بِنُسْخَهٍ وَثِقَ بِمُقَابَلَتِهَا مِنْهُ وَعَلَى التَّحْقِيقِ فَلَيْسَ هَذَا بِشَيْءٍ زَائِدٍ عَلَى مَعْنَى الْإِجَازَةِ لِلشَّيْءِ الْمُعَيَّنِ مِنَ التَّصَانِيفِ الْمَشْهُورَةِ وَالْأَحَادِيثِ الْمَعْرُوفَةِ الْمُعَيَّنَةِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ إِجَازَتِهِ إِيَّاهُ أَنْ يُحَدِّثَ عَنْهُ بِكِتَابِ الْمُوَطَّأِ وَهُوَ غَائِبٌ أَوْ حَاضِرٌ إِذِ الْمَقْصُودُ تَعْيِينُ مَا أَجَازَ لَهُ لَكِنْ قَدِيمًا وَحَدِيثًا شُيُوخُنَا مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ يَرَوْنَ لِهَذَا مَزِيَّةً عَلَى الْإِجَازَةِ وَلَا مَزِيَّةَ لَهُ عِنْدَ مَشَايِخِنَا مِنْ أَهْلِ النَّظَرِ وَالتَّحْقِيقِ بِخِلَافِ الْوُجُوهِ الْأَوَّلُ لِأَنَّ دَفْعَهُ كِتَابَهِ إِلَيْهِ وَتَمْلِيكَهُ إِيَّاهُ حَتَّى يُحَدِّثَ مِنْهُ أَوْ يَنْتَسِخَهُ بِمَنْزِلَةِ تَحْدِيثِهِ إِيَّاهُ وَإمْلَائِهِ عَلَيْهِ فِي التَّحْقِيقِ حَتَّى كَتَبَ الْحَدِيثَ أَوْ حَفِظَهُ وَهَذَا الْوَجْهُ الْآخَرُ وَإِنْ كَانَ يَتَوَصَّلُ بِهِ إِلَى الْمُرَادِ عِنْدَ ظَفَرِهِ بِالْكِتَابِ الْمُنَاوَلِ فَقَدْ قُلْنَا إِنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ إِجَازَتِهِ لِذَلِكَ الْكِتَابِ إِذَا عَيَّنَ لَهُ اسْمَهُ وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ لِأَنَّهُ إِذَا ظَفَرَ بِهِ أَيْضًا صَحَتْ رِوَايَتُهُ لَهُ عَنْهُ 4 - الضَّرْبُ الرَّابِعُ الْكِتَابَةُ وَهُوَ أَنْ يَسْأَلَ الطَّالِبُ الشَّيْخَ أَنْ يَكْتُبَ لَهُ شَيْئًا مِنْ حَدِيثِهِ

أَوْ يَبْدَأَ الشَّيْخُ بِكِتَابِ ذَلِكَ مُفِيدًا لِلطَّالِبِ بِحَضْرَتِهِ أَوْ مِنْ بَلَدٍ آخَرَ وَلَيْسَ فِي الْكِتَابِ وَلَا فِي الْمُشَافَهَةِ وَالسُّؤَالِ إِذْنٌ وَلَا طَلَبٌ لِلْحَدِيثِ بِهَا عَنْهُ فَهَذَا قَدْ أَجَازَ الْمَشَايِخُ الْحَدِيثَ بِذَلِكَ عَنْهُ مَتَى صَحَّ عِنْدَهُ أَنَّهُ خَطَّهُ وَكِتَابَهُ لِأَنَّ فِي نَفْسِ كِتَابِهِ إِلَيْهِ بِهِ بِخَطِّ يَدِهِ أَوْ إِجَابَتِهِ إِلَى مَا طَلَبَهُ عِنْدَهُ مِنْ ذَلِكَ أَقْوَى إِذن وَبِهَذَا قَالَ حذق الْأُصُولِيِّينَ وَاخْتَارَهُ الْمُحَامِلِيُّ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ قَالَ وَذَهَبَ نَاسٌ إِلَى أَنَّهُ لَا تَجُوزُ الرِّوَايَةُ عَنْهُ وَهَذَا غَلَطٌ حَدَّثَنَا الشَّيْخُ الْحَسَنُ بْنُ طَرِيفٍ النَّحْوِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو عبد الله ابْنُ سَعْدُونَ الْقَرَوِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْغَازِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ الْحَاكِمُ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْفَقِيهَ قَالَ عَنْ

أَبِي شُعَيْبٍ الْحَرَّانِيِّ عَنْ جَدِّهِ أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ أَعْيَنَ عَنْ شُعْبَةَ قَالَ كَتَبَ إِلَيَّ مَنْصُورٌ بِحَديِثٍ ثُمَّ لَقِيتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ ثُمَّ سَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ الْحَدِيثِ وَفِي غَيْرِ هَذَا الطَّرِيقِ فَقُلْتُ أَقْولُ حَدَّثَنِي فَقَالَ أَلَيْسَ قَدْ حَدَّثْتُكَ إِذَا كَتَبْتُ إِلَيْكَ فَقَدْ حَدَّثْتُكَ قَالَ شُعْبَةُ فَسَأَلْتُ أَيُّوبَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ صَدَقَ إِذَا كَتَبَ إِلَيْكَ فَقَدْ حَدَّثْتُكَ بِهَا فَهَؤُلَاءِ ثَلَاثَةُ أَئِمَّةٍ رَأَوْا ذَلِكَ وَقَالَ الْبُخَارِيُّ وَذَكَرَ الْمُنَاوَلَةَ وَكِتَابَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْعِلْمِ إِلَى الْبُلْدَانِ إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ وَيَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ وَمَالِكَ بْنَ أَنَسٍ رَأَوْا ذَلِكَ جَائِزًا

وَقَدِ اسْتَمَرَّ عَمَلُ السَّلَفِ مِمَّنْ بَعْدَهُمْ مِنَ الْمَشَايِخِ بِالْحَدِيثِ بِقَوْلِهِمْ كَتَبَ إِلَيَّ فُلَانٌ قَالَ أَخْبَرَنَا فُلَانٌ وَأَجْمَعُوا عَلَى الْعَمَلِ بِمُقْتَضَى هَذَا التَّحْدِيثِ وَعَدُّوهُ فِي الْمُسْنَدِ بِغَيْرِ خِلَافٍ يُعْرَفُ فِي ذَلِكَ وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي الْأَسَانِيدِ كَثِيرٌ قَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ خَلَّادٍ إِذَا تَيَقَّنَ أَنَّهُ بِخَطِّهِ فَهُوَ وسماعه وَالْإِقْرَار مِنْهُ سَوَاءٌ لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنَ الْخَطِّ كَمَا بِاللِّسَانِ التَّعْبِيرُ عَنِ الضَّمِيرِ فَإِذَا وَقَعْتَ بِمَا وَقَعْتُ فَكُلُّهُ سَوَاءٌ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَافِظُ مِنْ كِتَابِهِ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ الصَّيْرَفِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الْفَالِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ خَرْبَانَ أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ خَلَّادٍ أَخْبَرَنَا السَّاجِيُّ أَخْبَرَنَا جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا أَنَّ الشَّافِعِيَّ نَاظَرَ إِسْحَاقَ بْنَ رَاهَوَيْهِ وَابْنُ حَنْبَلٍ حَاضِرٌ فِي جُلُودِ الْمَيْتَةِ إِذَا دُبِغَتْ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ دِبَاغُهَا طَهُورُهَا وَاسْتَدَلَّ بِحَدِيثِ مَيْمُونَةَ هَلَّا انْتَفَعْتُمْ بِإِهَابِهَا

فَقَالَ إِسْحَاقُ حَدِيثُ ابْنِ عُكَيْمٍ كَتَبَ إِلَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَنْتَفِعُوا مِنَ الْمَيْتَةِ بِإِهَابٍ وَلَا عَصَبٍ أَشْبَهُ أَنْ يَكُونَ نَاسِخًا لِحَديِثِ مَيْمُونَةَ لِأَنَّهُ قَبْلَ مَوْتِهِ بِشَهْرٍ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ هَذَا كِتَابٌ وَذَاكَ سَمَاعٌ فَقَالَ إِسْحَاقُ كَتَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى كِسْرَى وَقَيْصَرٍ وَكَانَ حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ فَسَكَتَ الشَّافِعِيُّ

الضرب الخامس الإجازة

5 - الضَّرْبُ الْخَامِسُ الْإِجَازَةُ إِمَّا مُشَافَهَةً أَوْ إِذْنًا بِاللَّفْظِ مَعَ الْمَغِيبِ أَوْ يَكْتُبُ لَهُ ذَلِكَ بِخَطِّهِ بِحَضْرَتِهِ أَوْ مَغِيبِهِ وَالْحُكْمُ فِي جَمِيعِهَا وَاحِدٌ إِلَّا أَنَّهُ يَحْتَاجُ مَعَ الْمَغِيبِ لِإِثْبَاتِ النَّقْلِ أَوِ الْخَطِّ ثُمَّ هِيَ مَعَ ذَلِكَ عَلَى وُجُوهٍ سِتَّةٍ أَعْلَاهَا الْإِجَازَةُ لِكُتُبٍ مُعَيَّنَةٍ وَأَحَادِيثَ مُخَصَّصَةٍ مُفَسَّرَةٍ إِمَّا فِي اللَّفْظِ وَالْكُتُبِ أَوْ مُحَالٌ عَلَى فَهْرَسَةٍ حَاضِرَةٍ أَوْ مَشْهُورَةٍ فَهَذِهِ عِنْدَ بَعْضِهِمُ الَّتِي لَمْ يُخْتَلَفْ فِي جَوَازِهَا وَلَا خَالَفَ فِيهِ أَهْلُ الظَّاهِرِ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ مِنْهُمْ فِي غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ وَقَدْ سَوَّى بَعْضُهُمْ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ ضَرْبِ الْمُنَاوَلَةِ وَسَمَّاهُ أَبُو الْعَبَّاس ابْن بَكْرٍ الْمَالِكِيُّ فِي كِتَابِهِ الْوِجَازَةِ مُنَاوَلَةً وَقَالَ إِنَّهُ

يَحِلُّ مَحْلَ السَّمَاعِ وَالْقِرَاءَةِ عِنْدَ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ قَالَ وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ الْبَاجِيُّ لَا خِلَافَ فِي جَوَازِ الرِّوَايَةِ بِالْإِجَازَةِ مِنْ سَلَفِ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَخَلَفِهَا وَادَّعَى فِيهِ لإِجْمَاع وَلَمْ يُفَصِّلْ وَذَكَرَ الْخِلَافَ فِي الْعَمَلِ بِهَا وَقَالَ الْإِمَامُ أَبُو الْمَعَالِي الْجُوَيْنِيُّ فِي كِتَابِهِ الْبُرْهَانِ فِي الْإِجَازَةِ لِمَا صَحَّ مِنْ مَسْمُوعَاتِ الشَّيْخِ أَوْ لِكِتَابٍ عَيَّنَهُ تَرَدَّدَ الْأُصُولِيُّونَ فِيهِ فَذَهَبَ ذَاهِبُونَ إِلَى أَنَّهُ لَا يُتَلَقَّى بِالْإِجَازَةِ حُكْمٌ وَلَا يُسَوِّغُ التَّعْوِيلُ عَلَيْهَا عَمَلًا وَرِوَايَةً وَاخْتَارَ هُوَ التَّعْوِيلَ عَلَى ذَلِكَ مَعَ تَحْقِيقِ الْحَدِيثِ وَقَالَ أَبُو مَرْوَانَ الطُّبُنِيُّ

إِنَّمَا تَصِحُّ الْإِجَازَةُ عِنْدِي إِذَا عَيَّنَ الْمُجِيزُ لِلْمُجَازِ مَا أَجَازَ لَهُ فَلَهُ أَنْ يَقُولَ فِيهِ حَدَّثَنِي وَعَلَى هَذَا رَأَيْتُ إِجَازَاتِ أَهْلِ الْمَشْرِقِ وَمَا رَأَيْتُ مُخَالِفًا لَهُ بِخِلَافِ إِذَا أَبْهَمَ وَلَمْ يُسَمِّ مَا أَجَازَ وَلَا يَحْتَاجُ فِي هَذَا لِغَيْرِ مُقَابَلَةِ نُسْخَتِهِ بِأُصُولِ الشَّيْخِ حَدَّثَنَا الْخَوْلَانِيّ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْمَالِكِيُّ أَخْبَرَنَا تَمِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا أَبُو الْغُصْنِ السُّوسِيُّ أَخْبَرَنَا عَوْنُ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ كُنْتُ عِنْدَ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ فَجَاءَهُ رَجُلٌ يَحْمِلُ الْمُوَطَّأَ فِي كِسَائِهِ فَقَالَ لَهُ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ هَذَا مُوَطَّؤُكَ قَدْ كَتَبْتُهُ وَقَابَلْتُهُ فَأَجِزْهُ لِي قَالَ قَدْ فَعَلْتُ قَالَ فَكَيْفَ أَقُولُ حَدَّثَنَا مَالِكٌ أَوْ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ قَالَ قُلْ أَيَّهُمَا شِئْتَ

الوجه الثانى

وَأَخْبَرَنَا الْخَوْلَانِيُّ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو عَمْرو المقرىء حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الرَّبَعِيُّ أَخْبَرَنَا زِيَادُ بْنُ يُونُسَ قَالَ قَالَ عِيسَى بْنُ مِسْكِينٍ الْإِجَازَةُ رَأْسُ مَالٍ كَبِيرٍ وَجَائِزُ أَنْ يَقُولَ حَدَّثَنِي فُلَانٌ وَأَخَبْرَنِي فُلَانٌ الْوَجْهُ الثَّانِي أَنْ يُجِيزَ لِمُعَيَّنٍ عَلَى الْعُمُومِ وَالْإِبْهَامِ دُونَ تَخْصِيصٍ وَلَا تَعْيِينٍ لِكُتُبٍ وَلَا أَحَادِيثَ كَقَوْلِكَ قَدْ أَجَزْتُ لَكَ جَمِيعَ رِوَايَتِي أَوْ مَا صَحَّ عِنْدَكَ مِنْ رِوَايَتِي فَهَذَا الْوَجْهُ هُوَ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ الْخِلَافُ تَحْقِيقًا وَالصَّحيِحُ جَوَازُهُ وَصَحَتِ الرِّوَايَةُ وَالْعَمَلُ بِهِ بَعْدَ تَصْحِيحِ شَيْئَيْنِ تَعْيِينُ رِوَايَاتِ الشَّيْخِ

وَمَسْمُوعَاتِهِ وَتَحْقِيقِهَا وَصِحَّةُ مُطَابَقَةِ كُتُبِ الرَّاوِي لَهَا وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِينُ وَالْجَمْهُورِ مِنَ الْأَئِمَّةِ وَالسَّلَفِ وَمَنْ جَاءَ بَعْدَهُمْ مِنْ مَشَايِخِ الْمُحَدِّثِينَ وَالْفُقَهَاءُ وَالنُّظَّارُ وَهُوَ مَذْهَبُ الزُّهْرِيِّ وَمَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ وَأَيَّوبَ وَشُعْبَةَ وَرَبِيعَةَ وَعَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الْمَاجِشُونِ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَالثَّوْرِيِّ وَمَالِكٍ وَابْنِ عُيَيْنَةَ وَجُمْلَةِ الْمَالِكِيِّينَ وَعَامَةِ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ وَهُوَ الَّذِي اسْتَمَرَّ عَلَيْهِ عَمْلُ الشُّيُوخِ وَقَوُّوهُ وَصَحَّحَهُ أَبُو الْمَعَالِي وَاخْتَارَهُ هُوَ وَغَيْرُهُ مِنْ أَئِمَّةِ النُّظَّارِ الْمُحَقِّقِينَ سَمِعْتُ أَبَا مُحَمَّدٍ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَتَّابِ بْنِ مُحْسِنٍ الْفَقِيهَ يَقُولُ سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ لَا غِنَى فِي السَّمَاعِ مِنَ الْإِجَازَةِ لِأَنَّهُ قد يغلط القارىء وَيَغْفَلُ الشَّيْخُ أَوْ يَغْلَطُ الشَّيْخُ إِن كَانَ هُوَ القارىء وَيَغْفَلُ السَّامِعُ فَيَنْجَبِرُ لَهُ مَا فَاتَهُ بِالْإِجَازَةِ وَقَدْ وَقَفْتُ عَلَى تَقْيِيدِ سَمَاعٍ لِبَعْضِ نُبَهَاءِ الْخُرَاسَانِيِّينَ مِنْ أَهْلِ الْمَشْرِقِ بِنَحْوِ مَا أَشَارَ إِلَيْهِ ابْنُ عَتَّابٍ فَقَالَ سَمِعَ هَذَا الْجُزْءَ فُلَانٌ وَفُلَانٌ عَلَى الشَّيْخِ أَبِي الْفَضْلِ عَبْدِ الْعَزِيزِ

ابْنِ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيِّ وَأَجَازَ مَا أَغْفَلَ وَصَحَّفَ وَلَمْ يُصْغِ إِلَيْهِ أَنْ يُرْوَى عَنْهُ عَلَى الصِّحَّةِ وَهَذَا مَنْزَعٌ نَبِيلٌ فِي الْبَابِ جدا ؤأخبرنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ مِنْ كِتَابِهِ وَإِذْنِهِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ بْنُ أَحْمَدَ ابْن غُفَيْرٍ أَخْبَرَنَا الْوَلِيدُ بْنُ بَكْرٍ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سهل الْعَطَّار بالإسكندرية قَالَ كَانَ أَحْمَدُ بْنُ مُيَسَّرٍ يَقُولُ الْإِجَازَةُ عِنْدِي عَلَى وَجْهِهَا خَيْرٌ وَأَقْوَى فِي النَّقْلِ مِنَ السماع الردى وَلَمْ يُخَالِفْ فِي ذَلِكَ إِلَّا بَعْضُ أَهْلِ الظَّاهِرِ وَقِلَّةٌ مِنَ الْمَشْيَخَةِ فَمَنَعُوا الرِّوَايَةَ بِهَا وَحُكِيَ ذَلِكَ عَنِ الشَّافِعِيِّ وَبَعْضِ أَصْحَابِهِ اخْتَلَفَ مَنْ أَجَازَ الرِّوَايَةَ بِهَا فِي وُجُوبِ الْعَمَلِ بِمَقْتَضَاهَا وَمَا رُوِيَ بِهَا فَالْجُمْهُورُ عَلَى صِحَّةِ ذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ وَذَهَبَ بَعْضُ أَهْلِ الظَّاهِرِ إِلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْعَمَلُ بِهَا

وَمَا رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ مِنْ خِلَافِ ذَلِكَ فِي سَمَاعِ ابْنِ وَهْبٍ فَعَلَى الْكَرَاهِيَةِ وَتَعْظِيمِ شَأْنِ الْعِلْمِ وَهُوَ قَوْلُهُ رَأَيْتُ مَالِكًا فَعَلَهُ قَالَ وَسَمِعْتُهُ مَرَّةً وَقَدْ سُئِلَ عَنْ مِثْلِ هَذَا فَقَالَ مَا يُعْجِبُنِي وَأَنَّ النَّاسَ يَفْعَلُونَهُ قَالَ وَذَلِكَ أَنَّهُمْ طَلَبُوا الْعِلْمَ لِغَيْرِ اللَّهِ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْخُذُوا الشَّيْءَ الْكَثِيرَ فِي الْمَقَامِ الْقَلِيلِ وَمِثْلُ هَذَا قَوْلُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ الْمَاجِشُونِ لِرَسُولِ أَصْبَغَ بْنِ الْفَرَجِ فِي ذَلِكَ قُلْ لَهُ إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ الْعِلْمَ فَارْحَلْ لَهُ أَوْ يَكُونُ ذَلِكَ لِمَا أخبرنَا بِهِ أَو بَحْرٍ سُفْيَانُ بْنُ الْعَاصِي الْأَسَدِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ أَخْبَرَنَا أَبُو ذَرٍّ الْهَرَوِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْمَالِكِيُّ قَالَ

لِمَالِكٍ شَرْطٌ فِي الْإِجَازَةِ أَنْ يَكُونَ الْفَرْعُ مُعَارِضًا بِالْأَصْلِ حَتَّى كَأَنَّهُ هُوَ وَأَنْ يَكُونَ الْمُجِيزُ عَالِمًا بِمَا يُجِيزُ ثِقَةً فِي دِينِهِ وَرِوَايَتِهِ مَعْرُوفًا بِالْعِلْمِ وَأَنْ يَكُونَ الْمُجَازُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مُتَّسِمًا بِهِ حَتَّى لَا يَضَعُ الْعِلْمَ إِلَّا عِنْدَ أَهْلِهِ قَالَ وَكَانَ يَكْرَهُهَا لِمَنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ وَيُقوُلُ إِذَا امْتَنَعَ مِنْ إِعْطَاءِ الْإِجَازَةِ أَحَدُهُمْ يُحِبُّ أَنْ يُدْعَى قَسًّا وَلَمْ يَخْدِمِ الْكَنِيسَةَ يُضْرَبُ هَذَا الْمَثَلُ فِي هَذَا قَالَ الْقَاضِي الْمُؤَلِفُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَمَّا الشَّرْطَانِ الْأَوَّلَانِ فَوَاجِبَانِ عَلَى كُلِّ حَالٍ فِي السَّمَاعِ وَالْعَرْضِ وَالْإِجَازَةِ وَسَائِرِ طُرُقِ النَّقْلِ إِلَّا اشْتِرَاطَ الْعِلْمِ فَمُخْتَلَفٌ فِيهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ الْحَافِظُ الصَّحِيحُ أَنَّهَا لَا تَجُوزُ إِلَّا لِمَاهِرٍ بِالصِّنَاعَةِ

وَفِي شَيْءٍ مُعَيَّنٍ لَا يُشْكَلُ إِسْنَادُهُ أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْجَيَّانِيُّ فِيمَا كَتَبَ بِهِ إِلَيَّ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن على ابْن الْحَسَنِ سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدَ بن عبد الله بن بزدان الرَّازِيَّ يَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا الْعَبَّاسِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ الطَّيَالِسِيَّ بِبَغْدَادَ يَقُولُ كُنَّا عِنْدَ أَبِي الْأَشْعَثِ أَحْمَدَ بْنِ الْمِقْدَامِ الْعِجْلِيِّ إِذْ جَاءَهُ

الوجه الثالث

قَوْمٌ يَسْأَلُونَهُ إِجَازَةَ كِتَابٍ قَدْ حَدَّثَ بِهِ فَأَمْلَى عَلَيْهِمْ (كِتَابِي إِلَيْكُمْ فَافْهَمُوهُ فَإِنَّهُ ... رَسُولٌ إِلَيكُمْ وَالْكِتَابُ رَسُولُ) (وَهَذَا سَمَاعِي مِنْ رِجَالٍ لَقِيتُهُمْ ... لَهُمْ وَرَعٌ فِي فَهْمِهِمْ وَعُقُولُ) (فَإِنْ شِئْتُمْ فَارْوُوهُ عَنِّي فَإِنَّمَا ... تَقُولُونَ مَا قَدْ قُلْتُهُ وَأَقُولُ) الْوَجْهُ الثَّالِثُ قَالَ الْقَاضِي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْإِجَازَةُ لِلْعُمُومِ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينِ الْمُجَازِ لَهُ

وَهِيَ عَلَى ضَرْبَيْنِ مُعَلَّقَةً بِوَصْفٍ وَمَخْصُوصَةً بِوَقْتٍ أَوْ مُطْلَقَةً فَأَمَّا الْمَخْصُوصَةُ وَالْمُعَلَّقَةُ بِقَوْلِكَ أَجَزْتُ لِمَنْ لَقِيَنِي أَوْ لِكُلِّ مَنْ قَرَأَ عَلَيَّ الْعِلْمَ أَوْ لِمَنْ كَانَ مِنْ طَلَبَةِ الْعِلْمِ أَوْ لِأَهْلِ بَلَدٍ كَذَا أَوْ لِبَنِي هَاشِمٍ أَو قُرَيْش والمطلقة أجزت لِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ لِكُلِّ أَحَدٍ فَهَذِهِ الْوُجُوهُ تَفْتَرِقُ وَفِي بَعْضِهَا اخْتِلَافٌ فَذَهَبَ الْقَاضِي بِبَغْدَادَ أَبُو الطَّيِّبِ الطَّبَرِيُّ إِلَى أَنَّ هَذَا كُلَّهُ يَصِحُّ فِيمَنْ كَانَ مَوْجُودًا مِنْ أَهْلِ ذَلِكَ الْبَلَدِ وَمِنْ بَنِي هَاشِمٍ وَجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ وَلَا يَصِحُّ لِمَنْ لَمْ يُوجَدْ بَعْدُ مِمَّنْ هُوَ مَعْدُومٌ

وَذَهَبَ الْقَاضِي بِالْبَصْرَةِ أَبُو الْحَسَنِ الْمَاوَرْدِيُّ إِلَى مَنْعِهَا فِي الْمَجْهُولِ كُلِّهِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مَنْ وُجِدَ مِنْهُمْ وَمَنْ لَمْ يُوجَدْ وَكَذَلِكَ يَأْتِي عَلَى قَوْلَيْهِمَا فِي طَلَبَةِ الْعِلْمِ عَلَيْهِ فِيمَنْ وُجِدَ مِنْهِمْ وَمَنْ لَمْ يُوجَدْ وَذَهَبَ أَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبُ إِلَى جَوَازِ ذَلِكَ كُلِّهِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ مَشَايِخِ الْحَدِيثِ حَدَّثَنَا الْفَقِيهُ أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو الْأَصْبَغِ عِيسَى بْنُ سَهْلٍ قَالَ سَأَلْتُ الْفَقِيهَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ بْنَ عَتَّابٍ أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْهِ كِتَابَ مُسْلِمٍ وَكَانَ يَحْمِلُهُ عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدٍ الشَّنْتَجَالِيِّ فَقَالَ لِي قَدْ أَجَازَ الْكتاب أَبُو مُحَمَّد ابْن سَعِيدٍ لِكُلِّ مَنْ دَخَلَ قُرْطُبَةَ مِنْ طَلَبَةِ الْعِلْمِ فَأَنْتَ وَأَنَا فِيهِ سَوَاءٌ

قَالَ الْقَاضِي الْمُؤَلِفُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَقَدْ رَأَيْتُ أَنَا إِجَازَةَ الْقَاضِي أَبِي الْأَصْبَغِ الْمَذْكُورِ بِخَطِّهِ لِكُلِّ مَنْ طَلَبَ عَلَيْهِ الْعِلْمَ بِبَلَدِنَا وَهَؤُلَاءِ ثَلَاثَةٌ جِلَّةٌ فُقَهَاءُ رَأَوْا هَذَا مِنْ أَهْلِ قُطْرِنَا وَاخْتِلَافُهُمْ فِيهِ مَبْنِيٌّ عَلَى اخْتِلَافِهِمْ فِي الْوَقْفِ عَلَى الْمَجْهُولِ وَمَنْ لَا يُحْصَى كَالْوَقْفِ عَلَى بَنِي تَمِيمٍ وَقُرَيْشٍ فَإِنَّ الْفُقَهَاءَ اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ ذَلِكَ يَصِحُّ وَهُوَ مَذْهَبُ أَصْحَابِنَا الْمَالِكِيِّينَ وَمُحَمّد ابْن الْحَسَنِ وَأَبِي يُوسُفَ وَأَحَدِ قَوْلَيْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ قَالُوا وَمَنْ أَجَازَ الْوَقْفِ كَانَ أَحَقَّ بِهِ كَمَا لَوْ قَالَ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينَ وَهُمْ لَا يُحْصَوْنَ

الوجه الرابع

وَالْقَوْلُ الْآخَرُ لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ وَعَادَتْ إِلَى جَهَالَةٍ فَأَمَّا إِذَا كَانَ هَذَا عَلَى الْعُمُومِ لِمَنْ يَأْخُذُهُ الْحَصْرُ وَالْوُجُودُ كَقَوْلِهِ أَجَزْتُ لِمَنْ هُوَ الْآنَ مِنْ طَلَبَةِ الْعِلْمِ بِبَلَدِ كَذَا أَوْ لِمَنْ قَرَأَ عَلَيَّ قَبْلَ هَذَا فَمَا أَحْسَبُهُمُ اخْتَلَفُوا فِي جَوَازِهِ مِمَّنْ تَصِحُّ عِنْدَهُ الْإِجَازَةُ وَلَا رَأَيْتُ مَنْعَهُ لِأَحَدٍ لِأَنَّهُ مَحْصُورٌ مَوْصُوفٌ كَقَوْلِهِ لِأَوْلَادِ فُلَانٍ أَوْ إِخْوَةِ فُلَانٍ الْوَجْهُ الرَّابِعُ قَالَ الْقَاضِي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْإِجَازَةُ لِلْمَجْهُولِ وَهِيَ عَلَى ضُرُوبٍ فَأَمَّا لِمُعَيَّنٍ مَجْهُولٍ فِي حَقِّ الْمُجِيزِ لَا يَعْرِفُهُ فَلَا تَضُرُّهُ بَعْدَ إِجَازَتِهِ لَهُ جَهَالَتُهُ بِعَيْنِهِ إِذَا سُمِّيَ لَهُ أَوْ سَمَّاهُ فِي كِتَابِهِ أَوْ نَسَبَهُ عَلَى مَا نَصَّ عَلَيْهِ كَمَا لَا يَضُرُّهُ عَدَمُ مَعْرِفَتِهِ إِذَا حَضَرَ شَخْصُهُ لِلسَّمَاعِ مِنْهُ وَأَمَّا مَجْهُولٌ مُبْهَمٌ عَلَى الْجُمْلَةِ كَقَوْلِهِ أَجَزْتُ لِبَعْضِ النَّاسِ أَوْ لِقَوْمٍ أَوْ لِنَفَرٍ لَا غَيْرَ فَهَذَا لَا تَصِحُّ الرِّوَايَةُ بِهَا وَلَا تُفَيدُ هَذِهِ الْإِجَازَةُ إِذْ لَا سَبِيلَ إِلَى مَعْرِفَةِ هَذَا الْمُبْهَمِ وَلَا تَعْيِينِهِ

وَأَمَّا إِنْ تَعَلَّقَتِ الْجَهَالَةُ بِشَرْطٍ وَتَمَيَّزَتْ بِصِفَةٍ أَوْ تَعْيِينٍ أَوَّلًا كَقَوْلِهِ أَجَزْتُ لِأَهْلِ بَلَدِ كَذَا إِنْ أَرَادُوا أَوْ لِمَنْ شَاءَ أَنْ يُحَدِّثَ عَنِّي أَوْ لِمَنْ شَاءَ فُلَانٌ فَهَذَا قَدِ اخْتُلِفَ فِيهِ وَقَدْ وَقَعَتْ إِجَازَتُهُ لِبَعْضِ مَنْ تَقَدَّمَ وَبِإِجَازَتِهِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبِ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو الْفَضْلِ بْنُ عَمْرُوسٍ الْمَالِكِيُّ وَأَبُو يَعْلَى بْنُ الْفَرَّاءِ الْحَنْبَلِيُّ وَالْقَاضِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الدَّامَغَانِيُّ الْحَنَفِيُّ وَرُوِيَ مِثْلُهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ يَعْقُوبَ بْنِ شَيْبَةَ وَغَيْرِهِ مِمَّنْ تَقَدَّمَ

وَمَنَعَ ذَلِكَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ الطَّبَرِيُّ وَالْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالشَّافِعِيَّانِ وَاحْتَجَّ الْمُحْتَجُّ لِهَذَا الْقَوْلِ لِأَنَّهُ تَحَمُّلٌ يَحْتَاجُ إِلَى تَعْيِينِ الْمُتَحَمِّلِ حَدَّثَنَا الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الرَّبَعِيُّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْخَطِيبِ فِيمَا أَجَازَنِيهُ عَنْهُ مُشَافَهَةً قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْفضل عبيد الله ابْن أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ الصَّيْرَفِيُّ كَانَ فِي كِتَابِ أَبِي الْحُسَيْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُمَرَ الْخَلَّالِ إِجَازَةٌ كَتَبَهَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يَعْقُوبَ بْنِ شَيْبَةَ بْنِ الصَّلْتِ السَّدُوسِيُّ نُسْخَتُهَا يَقُولُ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يَعْقُوبَ بْنِ شَيْبَةَ قَدْ أَجَزْتُ لِعُمَرَ بْنِ أَحْمَدَ الْخَلَّالِ وَابْنِهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُمَرَ وَلِخَتَنِهِ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ جَمِيعَ مَا فَاتَهُ مِنْ حَدِيثِي مِمَّا لَمْ يُدْرِكْ سَمَاعَهُ مِنَ الْمُسْنَدِ وَغَيْرِهِ وَقَدْ أَجَزْتُ ذَلِكَ لِمَنْ أَحَبَّ عُمَرُ فَلْيَرْوُوهُ عَنِّي إِنْ شَاءُوا

الوجه الخامس

قَالَ الْخَطِيبُ وَرَأَيْتُ مِثْلَ هَذِهِ الْإِجَازَةِ لِبَعْضِ الشُّيُوخِ الْمُتَقَدِّمِينَ الْمَشْهُورِينَ غَيْرَهُ الْوَجْهُ الْخَامِسُ الْإِجَازَةُ لِلْمَعْدُومِ كَقَوْلِهِ أَجَزْتُ لِفُلَانٍ وَوَلَدِهِ وَكُلَّ وَلَدٍ يُولَدُ لَهُ أَوْ لِعَقِبِهِ وَعَقِبِ عَقِبِهِ أَوْ لِطَلَبَةِ الْعِلْمِ بِبَلَدِ كَذَا مَتَى كَانُوا أَوْ لِكُلِّ مَنْ دَخَلَ بَلَدَ كَذَا مِنْ طَلَبَةِ الْعِلْمِ فَهَذَا مِمَّا اخْتُلِفَ فِيهِ أَيْضًا فَأَجَازَهَا مُعْظَمُ الشُّيُوخِ الْمُتَأَخِّرِينَ وَبِهَا اسْتَمَرَّ عَمَلُهُمْ بَعْدُ شَرْقًا وَغَرْبًا وَإِلَيْهِ ذَهَبَ مِنَ الْفُقَهَاءِ أَبُو الْفَضْلِ بْنُ عَمْرُوسٍ الْبَغْدَادِيُّ الْمَالِكِيُّ وَأَبُو يَعْلَى بْنُ الْفَرَّاءِ الْحَنْبَلِيُّ الْقَاضِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الدَّامَغَانِيُّ الْحَنَفِيُّ

الوجه السادس

وَاخْتَلَفَ فِيهَا قَوْلُ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ الطَّبَرِيِّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ وَأَجَازَهَا غَيْرُهُ مِنْهُمْ وَهُوَ اخْتِيَارُ الشَّيْخِ أَبِي بَكْرِ بْنِ ثَابِتٍ الْبَغْدَادِيِّ وَمَنَعَ ذَلِكَ الْمَاوَرْدِيُّ قَالَ الشَّيْخُ الْخَطِيبِ أَبُو بَكْرٍ الْحَافِظُ فِيمَا حَدَّثَنَا بِهِ عَنْهُ أَبُو الْحَسَنُ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الرَّبَعِيُّ الشَّافِعِيُّ بِالْإِجَازَةِ لَمْ أَجِدْ لِأَحَدٍ مِنْ شُيُوخِ الْمُحَدِّثِينَ فِي ذَلِكَ قَوْلًا وَلَا بَلَغَنِي عَنِ الْمُتَقَدِّمِينَ فِي ذَلِكَ رِوَايَةٌ سِوَى مَا حَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ أَحْمَدَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ شَاذَانَ يَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ أَبِي دَاوُدَ وَسُئِلَ عَنِ الْإِجَازَةِ فَقَالَ قَدْ أَجَزْتُ لَكَ وَلِأَوْلَادِكَ وَلِحَبَلِ الْحَبَلَةِ قَالَ يُرِيدُ مَنْ لَمْ يُولَدْ بَعْدُ وَحُجَّةُ الْمُجِيزِينَ لَهَا الْقِيَاسُ عَلَى الْوَقْفِ عِنْدَ الْقَائِلِينَ بِإِجَازَةِ الْوَقْفِ عَلَى الْمَعْدُومِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَفِيَّةِ وَلِأَنَّهُ إِذَا صَحَّتِ الْإِجَازَةُ مَعَ عَدَمِ اللِّقَاءِ وَبُعْدَ الدِّيَارِ وَتَفْرِيقِ الْأَقْطَارِ فَكَذَلِكَ مَعَ عَدَمِ اللِّقَاءِ وَبُعْدَ الزَّمَانِ وَتَفْرِيقَ الْأَعْصَارِ الْوَجْهُ السَّادِسُ قَالَ الْفَقِيهُ الْقَاضِي أَبُو الْفَضْلِ الْإِجَازَةُ لِمَا لَمْ يَرْوِهِ الْمُجِيزِ بَعْدُ

فَهَذَا لَمْ أَرَ مَنْ تَكَلَّمَ عَلَيْهِ مِنَ الْمَشَايِخِ وَرَأَيْتُ بَعْضَ الْمُتَأَخِّرِينَ وَالْعَصْرِيِّينَ يَصْنَعُونَهُ إِلَّا أَنِّي قَرَأْتُ فِي فَهْرَسَةِ الشَّيْخِ الْأَدْيِبِ الرَّاوِيَةِ أَبِي مَرْوَانَ عَبْدِ الْمَلِكِ بن زبادة اللَّهِ الطُّبُنِيِّ قَالَ كُنْتُ عِنْدَ الْقَاضِي بِقُرْطُبَةَ أَبِي الْوَلِيدِ يُونُسَ بْنِ مُغِيثٍ فَجَاءَهُ إِنْسَانٌ فَسَأَلَهُ الْإِجَازَةَ لَهُ بِجَمِيعِ مَا رَوَاهُ إِلَى تَارِيخِهَا وَمَا يَرْوِيهِ بَعْدُ فَلَمْ يُجِبْهُ إِلَى ذَلِكَ فَغَضِبَ السَّائِلُ فَنَظَرَ إِلَيَّ يُونُسُ فَقُلْتُ لَهُ يَا هَذَا يُعْطِيكَ مَا لَمْ يَأْخُذْهُ هَذَا مُحَالٌ فَقَالَ يُونُسُ هَذَا جَوَابِي قَالَ الْقَاضِي الْمُؤَلِّفُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ فَإِنَّ هَذَا يُجِيزُ بِمَا لَا خَبَرَ عِنْدَهُ مِنْهُ وَيَأْذَنُ فِي الْحَدِيثِ بِمَا لَمْ يتحدث بِهِ بعد ويبيح مالم يَعْلَمْ هَلْ يَصِحُّ لَهُ الْإِذْنُ فِيهِ فَمَنْعُهُ الصَّوَابُ كَمَا قَالَ الْقَاضِي

الضرب السادس

أَبُو الْوَلِيدِ يُونُسُ وَصَاحِبُهُ أَبُو مَرْوَانَ وَعَلَى هَذَا فَيَجِبُ عَلَى الْمُجَازِ لَهُ فِي الْإِجَازَةِ الْعَامَةِ الْمُبْهَمَةِ إِذَا طَلَبَ تَصْحِيحَ رِوَايَةِ الشَّيْخِ كَمَا قَدَّمْنَا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ هَذَا مِمَّا رَوَاهُ قَبْلَ الْإِجَازَةِ إِنْ كَانَ الشَّيْخُ مِمَّنْ يَعْلَمُ سَمَاعَهُ وَطَلَبَهُ بَعْدَ تَارِيخِ الْإِجَازَةِ فَيَحْتَاجُ هَهُنَا إِلَى ثُبُوتِ فَصْلٍ ثَالِثٍ وَهُوَ تَارِيخُ سَمَاعِهِ زَائِدًا إِلَى الْفَصْلَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرْنَاهُمَا هُنَالِكَ وَقَدْ تَقَصَّيْنَا وَجْهَ الْإِجَازَةِ بِمَا لَمْ نُسْبَقْ إِلَيْهِ وَجَمَعْنَا فِيهِ تَفَارِيقَ الْمَجْمُوعَاتِ وَالْمَسْمُوعَاتِ وَالْمُشَافَهَاتِ وَالمُسْتَنْبَطَاتِ بِحَوْلِ اللَّهِ وَعَوْنِهِ وَنَرْجِعُ إِلَى ذِكْرِ مَا بَقِيَ مِنْ ضُرُوبِ النَّقْلِ وَالرِّوَايَةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَهُوَ حَسْبُنَا وَنِعْمَ الْوَكِيلِ الضَّرْبُ السَّادِسُ وَهُوَ إِعْلَامُ الشَّيْخِ الطَّالِبَ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ رِوَايَتِهِ وَأَنَّ هَذَا الْكِتَابَ سَمَاعُهُ فَقَطْ دُونَ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي الرِّوَايَةِ عَنْهُ أَوْ يَأْمُرَهُ

بِذَلِكَ أَوْ يَقُولَ لَهُ الطَّالِبُ هُوَ رِوَايَتُكَ أَحْمِلُهُ عَنْكَ فَيَقُولُ لَهُ نَعَمْ أَوْ يُقِرُّهُ عَلَى ذَلِكَ وَلَا يَمْنَعُهُ فَهَذَا أَيْضًا وَجْهٌ وَطَرِيقٌ صَحِيحٌ لِلنَّقْلِ وَالْعَمَلِ عِنْدَ الْكَثِيرِ لِأَنَّ اعْتِرَافَهُ بِهِ وَتَصْحِيحَهُ لَهُ أَنَّهُ سَمَاعُهُ كَتَحْدِيثِهِ لَهُ بِلَفْظِهِ وَقِرَاءَتِهِ عَلَيْهِ إِيَّاهُ وَإِنْ لَمْ يُجِزْهُ لَهُ وَبِهِ قَالَ طَائِفَةٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُحَدِّثِينَ وَنُظَّارُ الْفُقَهَاءِ الْمُحَقِّقِينَ وَرُوِيَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ الْعَمْرِيِّ وَأَصْحَابِهِ الْمَدَنِيِّينَ وَقَالَتْ بِهِ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الظَّاهِرِ وَهُوَ الَّذِي نَصَرَ وَاخْتَارَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ خَلَّادٍ وَالْحَافِظُ الْوَلِيدُ بْنُ بَكْرٍ الْمَالِكِيُّ وَغَيرهمَا وَهُوَ مَذْهَب عبد الملك بْنِ حَبِيبٍ مِنْ كُبَرَاءِ أَصْحَابِنَا وَبِهَا

نَعَى عَلَيْهِ مَنْ لَمْ يَبْلُغْ مَعْرِفَتَهُ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ أَسَدِ بْنِ مُوسَى وَكَانَ أَعْطَاهُ كُتُبَهُ وَنَسَخَهَا فَحَدَّثَ بِهَا عَنْهُ وَلَمْ يُجِزْهُ إِيَّاهَا فَقِيلَ لِأَسَدٍ أَنْتَ لَا تُجِيزُ الْإِجَازَةَ فَكَيْفَ حَدَّثَ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْكَ وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْكَ قَالَ إِنَّمَا طَلَبَ مِنِّي كُتُبِي يَنْتَسِخُهَا فَلَا أَدْرِي مَا صَنَعَ وَنَحْوَ هَذَا وَلَمْ يُجِزِ النَّقْلَ وَالرِّوَايَةَ بِهَذَا الْوَجْهِ طَائِفَةٌ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ وَأَئِمَّةُ الْأُصُولِيِّينَ

وَجَعَلُوهُ كَالشَّاهِدِ إِذَا لَمْ يُشْهِدْ عَلَى شَهَادَتِهِ وَسُمِعَ يَذْكُرُهَا فَلَا يُشْهِدُ عَلَيْهَا إِذْ لَعَلَّهُ لَوِ اسْتُؤْذِنَ فِي ذَلِكَ لَمْ يَأْذَنْ لِتَشَكُّكٍ أَوِ ارْتِيَابٍ يُدَاخِلُهُ عِنْدَ التَّحْقِيقِ وَالْأَدَاءِ أَوِ النَّقْلِ عَنْهُ بِخِلَافِ ذِكْرِهَا عَلَى غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ فَكَذَلِكَ النَّقْلُ عَنْهُ لِلْحَدِيثِ وَهُوَ اخْتِيَارُ الطُّوسِيِّ مِنْ أَئِمَّةِ الْأُصُولِيِّينَ لَكِنَّ مُحَقِّقُو أَصْحَابِ الْأُصُولِ لَا يَخْتَلِفُونَ بِوُجُوبِ الْعَمَلِ بِذَلِكَ وَإِنْ لَمْ تُجَزْ بِهِ الرِّوَايَةُ عِنْدَ بَعْضِهِمْ عَلَى مَا سَنَذْكُرُهُ فِي الْخَطِّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ خَلَّادٍ بِصِحَّتِهَا وَصِحَّةِ الرِّوَايَةِ وَالنَّقْلِ بِهَا قَالَ حَتَّى لَوْ قَالَ لَهُ هَذِهِ رِوَايَتِي لَكِنْ لَا تَرْوِهَا عَنِّي لَمْ يَلْتَفِتْ إِلَى نَهْيِهِ وَكَانَ لَهُ أَنْ يَرْوِيَهَا عَنْهُ كَمَا لَوْ سَمِعَ مِنْهُ حَدِيثًا ثُمَّ قَالَ لَهُ لَا تَرْوِهِ عَنِّي وَلَا أُجِيزُهُ لَكَ لَمْ يَضُرَّهُ ذَلِكَ قَالَ الْقَاضِي الْمُؤَلِفُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَمَا قَالَهُ صَحِيحٌ لَا يَقْتَضِي النَّظَرُ سِوَاهُ لِأَنَّ مَنْعَهُ أَلَّا يُحَدِّثَ بِمَا حَدَّثَهُ لَا لِعِلَّةٍ وَلَا رِيبَةٍ فِي الْحَدِيثِ لَا تُؤَثِّرُ لِأَنَّهُ قَدْ حَدَّثَهُ فَهُوَ شَيْءٌ لَا يُرْجَعُ فِيهِ وَمَا أَعْلَمُ مُقْتَدًى بِهِ قَالَ خِلَافَ هَذَا فِي تَأْثِيرِ مَنْعِ الشَّيْخِ وَرُجُوعِهِ عَمَّا

حَدَّثَ بِهِ مَنْ حَدَّثَهُ وَأَنَّ ذَلِكَ يَقْطَعُ سَنَدَهُ عَنْهُ إِلَّا أَنِّي قَرَأْتُ فِي كِتَابِ الْفَقِيهِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْمَالِكِيِّ الْقَرَوِيِّ فِي طَبَقَاتِ عُلَمَاءِ إِفْرِيقِيةَ عَنْ شَيْخِ مِنْ جِلَّةِ شُيُوخِنَا أَنَّهُ أَشْهَدَ بِالرُّجُوعِ عَمَّا حَدَّثَ بِهِ بَعْضَ أَصْحَابِهِ لأمر يقمه عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ فَعَلَ مِثْلَ هَذَا بَعْضُ مَنْ لَقِيتُهُ مِنْ مَشَايِخِ الْأَنْدَلُسِ الْمَنْظُورِ إِلَيْهِمْ وَهُوَ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَطِيَّةَ فَإِنَّهُ أَشْهَدَ بِالرُّجُوعِ عَمَّا حَدَّثَ بِهِ بَعْضَ أَصْحَابِهِ لِهَوًى ظَهَرَ لَهُ مِنْهُ وَأُمُورٍ أَنْكَرَهَا عَلَيْهِ وَلَعَلَّ هَذَا لِمَنْ فَعَلَهُ تَأْدِيبٌ مِنْهُمْ وَتَضْعِيفٌ لَهُمْ عِنْدَ الْعَامَةِ لَا لِأَنَّهُمُ اعْتَقَدُوا صِحَّةَ تَأْثِيرِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقِيَاسُ مَنْ قَاسَ الْإِذْنَ فِي الْحَدِيثِ فِي هَذَا الْوَجْهِ وَعَدَمِهِ عَلَى الْإِذْنِ

فِي الشَّهَادَةِ وَعَدَمِهَا غَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى الشَّهَادَةِ لَا تَصِحُّ إِلَّا مَعَ الْأَشْهَادِ وَالْإِذْنُ فِي كُلِّ حَالٍ إِلَّا إِذَا سُمِعَ أَدَاؤُهَا عِنْدَ الْحَاكِمِ فَفِيهِ اخْتِلَافٌ وَالْحَدِيثُ عَنِ السَّمَاعِ وَالْقِرَاءَةِ لَا يَحْتَاجُ فِيهِ إِلَى إِذْنٍ بِاتِّفَاقٍ فَهَذَا يَكْسِرُ عَلَيْهِمْ حُجَّتَهُمْ بِالشَّهَادَةِ فِي مَسْأَلَتِنَا هُنَا وَلَا فَرْقَ وَأَيْضًا فَإِنَّ الشَّهَادَةَ مُفْتَرَقَةٌ مِنَ الرِّوَايَةِ فِي أَكْثَرِ الْوُجُوهِ وَيُشْتَرَطُ فِي الشَّاهِدِ أَوْصَافٌ لَا تُشْتَرَطُ فِي الرَّاوِي وَيَضِرُّ الرُّجُوعُ عَنْهَا بِخِلَافِ الْخَبَرِ وَلِأَنَّ الشَّاهِدَ لَوْ نَسِيَ شَهَادَتَهُ أَوْ شَكَّ فِيهَا بَعْدَ أَنْ كَانَ نُقِلَتْ عَنْهُ

لَمْ يَصِحَّ نَقْلُهَا وَلَا جَازَتْ شَهَادَةُ الْفَرْعِ لِضَعْفِ شَهَادَةِ الْأَصْلِ عِنْدَ الْجَمِيعِ وَالْخَبَرُ يَجُوزُ فِيهِ نَقْلُ الْفَرْعِ مَعَ شَكِّ الْأَصْلِ وَنِسْيَانِهِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَفِيَّةِ وَجَمَاعَةِ الْمُحَدِّثِينَ وَالْأُصُولِيِّينَ وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنِ السَّلَفِ الْمُتَقَدِّمِ وَلَمْ يُخَالِفْ فِيهِ إِلَّا الْكَرْخِيُّ وَبَعْضُ مُتَأَخِّرَةِ الْحَنَفِيَّةِ أَصْحَابِهِ وَلِأَنَّ الشَّهَادَةَ لَا تُنْقَلُ بِحَضْرَةِ شَاهِدِ الْأَصْلِ وَإِمْكَانِهِ مِنْ أَدَائِهَا عِنْدَنَا وَيَصِحُّ الْخَبَرُ عَنْ رَاوِيهِ مَعَ شُهُودِهِ وَإِمْكَانِ سَمَاعِهِ مِنْهُ وَلِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ بِتَزْكِيَةِ شَاهِدِ الْفَرْعِ لِشَاهِدِ الْأَصْلِ وَيَصِحُّ بِتَزْكِيَةِ الرَّاوِي لِمَنْ رَوَى عَنْهُ فَهُمَا مُفْتَرِقَانِ وَلَا فَرْقَ فِي التَّحْقِيقِ بَيْنَ سَمَاعِهِ كِتَابًا عَلَيْهِ أَوْ عَرْضِهِ وَالشَّيْخُ سَاكِتٌ عِنْدَ مَنْ لَا يَشْتَرِطُ التَّقْرِيرَ وَهُمُ الْجُمْهُورُ وَالْمُحَقِّقُونَ وَلَا بَيْنَ أَنْ يَدْفَعَ إِلَيْهِ كِتَابًا ذَكَرَ لَهُ أَنَّهُ رِوَايَتُهُ أَوِ اعْتَرَفَ لَهُ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَدْفَعْهُ إِلَيْهِ أَوْ كَتَبَ إِلَيْهِ بِأَحَادِيثَ بِخَطِّهِ وَإِنْ لَمْ يُجِزْهَا لَهُ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ بْنُ أَحْمَدَ أَخْبَرَنَا الْوَلِيدُ بْنُ بَكْرٍ أَخْبَرَنَا زِيَادُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ اللُّؤْلُؤِيُّ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ اللَّخْمِيُّ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ عُمَرَ أَخْبَرَنَا هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الْأُبَلِيُّ قَالَ سَمِعتُ أَنَسَ بْنَ عِيَاضٍ

يَقُولُ سَمِعْتُ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَعْنِي الْعَمْرِيَّ يَقُولُ كُنَّا نَأْتِي الزُّهْرِيَّ بِالْكِتَابِ مِنْ حَدِيثِهِ فَنَقُولُ لَهُ يَا أَبَا بَكْرٍ هَذَا مِنْ حَدِيثِكَ فَيَأْخُذُهُ فَيَنْظُرُ فِيهِ ثُمَّ يَرُدُّهُ إِلَيْنَا وَيَقُولُ نَعَمْ هُوَ مِنْ حَدِيثِي قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ فَنَأْخُذُهُ وَمَا قَرَأَهُ عَلَيْنَا وَلَا اسْتَجْزِنَاهُ أَكْثَرَ مِنْ إِقْرَارِهِ بِأَنَّهُ مِنْ حَدِيثِهِ فَهَذَا مَذْهَبُ الزُّهْرِيِّ إِمَامِ هَذَا الشَّأْنِ وَعُبَيْدُ اللَّهِ الْعَمْرِيُّ أَحَدُ أَئِمَّةِ وَقْتِهِ بِالْمَدِينَةِ فِي آخَرَيْنِ مِنْ أَقْرَانِهِ أَبْهَمُهُمْ مِنْ أَصْحَابِ الزُّهْرِيِّ وَمَنْ هُمْ إِلَّا مَالِكُ وَابِنُ عَمِّهِ أَبُو أُوَيْسٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ وَيُونُسُ بْنُ يَزِيدَ وَطَبَقَتُهُمْ

الضرب السابع الوصية بالكتب

قَالَ الْوَاقِدِيُّ قَالَ ابنُ أَبِي الزِّنَادِ شَهِدْتُ ابْنَ جُرَيْجٍ جَاءَ إِلَى هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ فَقَالَ لَهُ الصَّحِيفَةُ الَّتِي أَعْطَيْتَهَا فُلَانًا هِيَ حَدِيثُكَ قَالَ نَعَمْ قَالَ الْوَاقِدِيُّ سَمِعتُ ابْنَ جُرَيْجٍ بَعْدَ ذَلِك يَقُول أخبرنَا هِشَام ابْن عُرْوَةَ 7 - الضَّرْبُ السَّابِعُ الْوَصِيَّةُ بِالْكُتُبِ وَهُوَ أَنْ يُوصِي الشَّيْخُ بِدَفْعِهِ كُتُبِهِ عِنْدَ مَوْتِهِ أَوْ سَفَرِهِ لِرَجُلٍ وَهَذَا بَابٌ أَيْضًا قَدْ رُوِيَ فِيهِ عَنِ السَّلَفِ الْمُتَقَدِّمِ إِجَازَةُ الرِّوَايَةِ بِذَلِكَ لِأَنَّ فِي دَفْعِهَا لَهُ نَوْعًا مِنَ الْإِذْنِ وَشَبَهًا مِنَ الْعَرْضِ وَالْمُنَاوَلَةِ وَهُوَ قَرِيبٌ مِنَ الضَّرْبِ الَّذِي قَبْلَهُ أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو عَلِيٍّ وَغَيْرُهُ وَاللَّفْظُ لِغَيْرِهِ قَالُوا حَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ الصَّيْرَفِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ

الضرب الثامن الخط

الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الرَّامُهُرْمُزِيُّ أَخْبَرَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ أَخْبَرَنَا عَارِمٌ أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ قَالَ قُلْتُ لِمُحَمَّدٍ هُوَ ابْنُ سِيرِينَ إِنَّ فُلَانًا أَوْصَى لِي بِكُتُبِهِ أَفَأُحَدِّثُ بِهَا عَنْهُ قَالَ نَعَمْ ثُمَّ قَالَ لِي بَعْدَ ذَلِكَ لَا آمُرُكَ وَلَا أَنْهَاكَ قَالَ حَمَّادٌ وَكَانَ أَبُو قِلَابَةَ قَالَ ادْفَعُوا كُتُبِي إِلَى أَيُّوبَ إِنْ كَانَ حَيًّا وَإِلَّا فَاحْرِقُوهَا 8 - الْضَرْبُ الثَّامِنُ الْخَطُّ وَهُوَ الْوُقُوفُ عَلَى كِتَابٍ بِخَطِّ مُحَدِّثٍ مَشْهِورٍ يَعْرِفُ خَطَّهُ وَيُصَحِّحُهُ

وَإِنْ لَمْ يَلْقَهُ وَلَا سَمِعَ مِنْهُ أَوْ لَقِيَهُ وَلَكِنْ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ كِتَابَهُ هَذَا وَكَذَلِكَ كُتُبِ أَبِيهِ وَجَدِّهِ بِخَطِّ أَيْدِيهِمْ فَهَذَا لَا أَعْلَمُ مَنْ يَقْتَدِي بِهِ أجَاز النَّقْل فِيهِ ب حَدثنَا وَأَخْبَرَنَا وَلَا مَنْ يَعُدُّهُ مَعَدَّ الْمُسْنَدِ وَالَّذِي اسْتَمَرَّ عَلَيْهِ عَمْلُ الْأَشْيَاخِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا فِي هَذَا قَوْلُهُمْ وَجَدْتُ بِخَطِّ فُلَانٍ وَقَرَأْتُ فِي كِتَابِ فُلَانٍ بِخَطِّهِ إِلَّا مَنْ يُدَلِّسُ فَيَقُولُ عَنْ فُلَانٍ أَوْ قَالَ فُلَانٌ وَرُبَّمَا قَالَ بَعْضُهُمْ أَخْبَرَنَا وَقَدِ انْتُقِدَ هَذَا عَلَى جَمَاعَةٍ عُرِفُوا بِالتَّدْلِيسِ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ أَخْبَرَنَا الْقَاضِي مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمُطَّوِّعِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو عُبَيْدِ اللَّهِ الْحَاكِمُ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ

الْقَاضِي حَدَّثَنَا الْمُسْتَعِينِيُّ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ الْمَدِينِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ كَانَ عِنْدَ مَخْرَمَةَ كُتُبٌ لِأَبِيهِ لَمْ يَسْمَعْهَا مِنْهُ قَالَ وَالْحَكَمُ بْنُ مِقْسَمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ إِنَّمَا سَمِعَ مِنْهُ أَرْبَعةِ أَحَادِيثَ وَالْبَاقِي كِتَابٌ

وَحُكِيَ أَنَّ إِسْحَاقَ بْنَ رَاشِدٍ قَدِمَ الرِّيَّ فَجَعَلَ يَقُولُ أَخْبَرَنَا الزُّهْرِيُّ فَسُئِلَ أَيْنَ لَقِيتَهُ فَقَالَ لَمْ أَلْقَهُ مَرَرْتُ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ فَوَجَدْتُ كِتَابًا لَهُ وَقَدْ ذَكَرْنَا قَبْلُ فِي الْحِكَايَةِ الْغَرِيبَةِ عَنِ الْبُخَارِيِّ جَوَازَ حَدِيثِهِ عَنْ كِتَابِ أَبِيهِ بِخَطِّهِ وَلَعَلَّهُ فِيمَا اعْتَرَفَ لَهُ أَبُوهُ أَنَّهُ مِنْ رِوَايَتِهِ وَلَمْ يَسْمَعْهُ مِنْهُ ثُمَّ وَثِقَ بَعْدُ بِكِتَابِهِ فَيَكُونُ مِنْ ضَرْبِ الْإِعْلَامِ بِالرِّوَايَةِ دُونَ الْإِذْنِ الَّذِي قَدَّمْنَاهُ أَوْ يَكُونُ هَذَا مَذْهَبًا للبخارى وبعضده إِجَازَةُ الْحَدِيثِ بِوَصِيَّةِ الْكُتُبِ الْمَرْوِيَّةِ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ وَأَيُّوبَ لِأَنَّ تَرْكَ كِتَابَهُ لِابْنِهِ كَوَصِيَّتِهِ بِهِ لِغَيْرِهِ وَإِنْ كَانَ فِي الْوَصِيَّةِ كَمَا قَدَّمْنَا إِشْعَارٌ زَائِدٌ يُفْهَمُ مِنْهُ أَنْ يُحَدِّثَ بِهَا عَنْهُ فَقَارَبَتِ الْمُنَاوَلَةَ مِنْ وَجْهٍ

ثُمَّ اخْتَلَفَتْ أَئِمَّةُ الْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ وَالْأُصُولِ فِي الْعَمَلِ بِمَا وَجَدَ مِنَ الْحَدِيثِ بِالْخَطِّ الْمُحَقَّقِ لِإِمَامٍ أَوْ أَصْلٍ مِنْ أُصُولِ ثِقَةٍ مَعَ اتِّفَاقِهِمْ عَلَى مَنْعِ النَّقْلِ وَالرِّوَايَةِ بِهِ فَمُعْظَمُ الْمُحَدِّثِينَ وَالْفُقَهَاءُ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَغَيْرُهُمْ لَا يَرَوْنَ الْعَمَلَ بِهِ وَحُكِيَ عَنِ الشَّافِعِيِّ جَوَازُ الْعَمَلِ بِهِ وَقَالَتْ بِهِ طَائِفَةٌ مِنْ نُظَّارِ أَصْحَابِهِ وَهُوَ الَّذِي نَصَرَهُ الْجُوَيْنِيُّ وَاخْتَارَهُ غَيْرُهُ مِنْ أَرْبَابِ التَّحْقِيقِ وَهَذَا مَبْنِيُّ عَلَى مَسْأَلَةِ الْعَمَلِ بِالْمُرْسَلِ وَحَكَى الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ الْبَاجِيُّ أَنَّهُ رَوَى لِلشَّافِعِيِّ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُحَدِّثَ بِالْخَبَرِ يَحْفَظُهُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ سَمِعَهُ قَالَ وَحُجَّتُهُ أَنَّ حِفْظَهُ لِمَا فِي كِتَابِهِ كَحِفْظِهِ لِمَا سَمِعَهُ فَجَازَ لَهُ أَنْ يَرْوِيَهُ وَلَا نُورَ وَلَا بَهْجَةَ لِهَذِهِ الْحُجَّةِ وَلَا ذَكَرَهَا عَنِ الشَّافِعِيِّ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ وَلَعَلَّهُ مَا قَدَّمْنَا عَنْهُ مِنَ الْعَمَلِ بِهِ لَا الرِّوَايَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ إِنَّمَا أَرَادَ أَنَّهُ وَجَدَهُ بِخَطِّهِ وَلَمْ يُحَقِّقْ سَمَاعَهُ إِلَّا مَا وَجَدَهُ بِخَطِّهِ وهى مسئلة اخْتَلَفَ فِيهَا الْأُصُولِيُّونَ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ

غَيْرُ النَّقْلَةِ بِخَطِّهِ بِحِفْظِهِ وَحُجَّتُهُ تدل عَلَيْهِ وَسَنذكر المسئلة بَعْدُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ وَفَّقَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكَ ضُرُوبُ النَّقْلِ مُفَصَّلَةٌ مُبَيَّنَةُ الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ مُفَسِّرَةٌ لِمَرَاتِبِ الْإِجْمَاعِ وَالِاخْتِلَافِ وَهَا نَحْنُ نَذْكُرُ اخْتِلَافَ الْعُلَمَاءِ فِي الْعِبَارَةِ عَنِ النَّقْلِ بِضُرُوبِهَا وَالْمُخْتَارِ مِنْ ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى

- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَابٌ فِي الْعِبَارَةِ عَنِ النَّقْلِ بِوُجُوهِ السَّمَاعِ وَالْأَخْذِ وَالْمُتَّفِقِ فِي ذَلِكَ وَالْمُخْتَلِفِ فِيهِ وَالْمُخْتَارِ مِنْهُ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ وَعِنْدَ الْمُحَدِّثِينَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ الْمُؤَلِّفُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَا خِلَافَ بَيْنَ أَحَدٍ مِنَ الْفُقَهَاءِ وَالْمُحَدِّثِينَ وَالْأُصُولِيِّينَ بِجَوَازِ إِطْلَاقِ حَدَّثَنَا وَأَخْبَرَنَا وَأَنْبَأَنَا وَنَبَّأَنَا وَخَبَّرَنَا فِيمَا سَمِعَ مِنْ قَوْلِ الْمُحَدِّثِ وَلَفْظِهِ وَقِرَاءَتِهِ وَإِمْلَائِهِ وَكَذَلِكَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ أَوْ قَالَ لَنَا وَذَكَرَ لَنَا وَحَكَى لَنَا وَغَيْرُ ذَلِك من الْعبارَة عَنِ التَّبْلِيغِ إِلَّا شَيْءٌ حُكِيَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ أَنَّهُ اخْتَارَ أَخْبَرَنَا فِي السَّمَاعِ وَالْقِرَاءَةِ عَلَى حَدَّثَنَا وَأَنَّهَا أَعَمُّ مِنْ حَدَّثَنَا وَتَابَعَهُ عَلَى ذَلِكَ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ الْخُرَاسَانِيِّينَ وَمَذْهَبُ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ وَمُعْظَمُ عُلَمَاءِ الْحِجَازِيِّينَ وَالْكُوفِيِّينَ أَنَّ حَدَّثَنَا وَأَخْبَرَنَا وَاحِدٌ وَأَنَّ ذَلِكَ يُسْتَعْمَلُ فِيمَا سُمِعَ مِنْ لَفْظِ الشَّيْخِ فِيمَا قرىء عَلَيْهِ وَهُوَ يَسْمَعُ

وَهُوَ مَذْهَبُ الْحَسَنِ وَالزُّهْرِيِّ فِي جَمَاعَةٍ وَاخْتِيَارُ الْبُخَارِيِّ وَاخْتَلَفَ فِي ذَلِكَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَابْنِ جُرَيْجٍ وَالثَّوْرِيِّ وَهُوَ مَذْهَبُ مُتَقَدِّمِي أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْفُقَهَاءِ الْمَدَنِيِّينَ وَأَصْحَابِ مَالِكٍ بِجُمْلَتِهِمْ وَذَكَرَ مَالِكٌ أَنَّهُ مَذْهَبُ مُتَقَدِّمِي أَئِمَّةِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ حَدَّثَنَا الْفَقِيهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى التَّمِيمِيُّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ فِيمَا كَتَبَهُ لَهُ بِخَطِّهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ فِهْرٍ الْمِصْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْغَافِقِيُّ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ حَيُّونٍ أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ سَوَّادٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ وَهْبٍ يَقُولُ قُلْتُ لِمَالِكٍ إِذَا سَمِعْتُ الْأَحَادِيثَ مِنْكَ تَقْرَأُ عَلِيَّ وَأَقْرَأُ عَلَيْكَ كَيْفَ أَقُولُ قَالَ إِنْ شِئْتَ فَقُلْ حَدَّثَنَا وَإِنْ شِئْتَ فَقُلْ أَخْبَرَنَا وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ بُكَيْرٍ وَإِنْ شِئْتَ فَقُلْ حَدَّثَنِي أَوْ أَخْبَرَنِي قَالَ وَأَرَاهُ قَالَ وَإِنْ شِئْتَ فَقُلْ سَمِعْتُ

وَذَكَرَ الْبُخَارِيُّ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ حَدَّثَنَا وَأَخْبَرَنَا وَأَنْبَأَنَا وَسَمِعْتُ وَاحِدٌ وَأَجَازَ بَعْضُهُمْ فِي الْقِرَاءَةِ سَمِعْتُ فُلَانًا وَهُوَ قَوْلٌ رُوِيَ عَنِ الثَّوْرِيِّ وَقَدْ تَقَدَّمَ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الْقِرَاءَةِ وَالسَّمَاعِ وَمَنْ وَافَقَ بَيْنَهُمَا وَتَرْجِيحُ مَالِكٍ الْقِرَاءَةِ عَلَيْهِ عَلَى السَّمَاعِ مِنْهُ وَحُجَّتُهُ فِي ذَلِكَ وَأَبَى جُمْهُورُ الْخُرَاسَانِيِّينَ وَأَهْلُ الْمَشْرِقِ مِنْ إِطْلَاقِ حَدَّثَنَا فِي الْقِرَاءَةِ وَأَجَازُوا فِيهِ أَخْبَرَنَا لِيُفَرِّقُوا بَيْنَ الضَّرْبَيْنِ قَالُوا وَلَا تَكُونُ أَخْبَرَنَا إِلَّا مُشَافَهَةً وَيَصِحُّ أَخْبَرَنَا فِي الْكتاب وَالتَّبْلِيغِ أَلا تَرَى أَنَّكَ تَقُولُ أَخْبَرَنَا اللَّهُ بِكَذَا وَأَخْبَرَنَا رَسُولُهُ وَلَا تَقُولُ حَدَّثَنَا وَيَحْتَجُّ الْآخَرُونَ فِي رَدِّ هَذَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {الله نزل أحسن الحَدِيث} وَبِقَوْلِهِ {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثا} فَقَدْ أُطْلِقَ فِيهِ لَفْظُ الْحَدِيثِ وَقَالَ تَعَالَى {يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا} وَقَالَ {قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ أخباركم} فَقَدْ سُوِّيَ بَيْنَ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ

وَرُوِيَ هَذَا الْمَذْهَبُ مِنَ التَّفْرِيقِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَيْضًا وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَحَكَاهُ ابْنُ الْبَيِّعِ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ وَالثَّوْرِيِّ وَهُوَ مَذْهَبُ مُسْلِمِ بْنِ الْحَجَّاجِ فِي آخَرِينَ وَقَالُوا إِنَّ أَوَّلَ مَنْ أَحْدَثَ الْفَرْقَ بَيْنَ هَذَيْنِ اللَّفْظَيْنِ ابْنُ وَهْبٍ بِمِصْرَ وَقَالَ آخَرُونَ يَقُولُ حَدَّثَنَا وَأَخْبَرَنَا إِلَّا فِيمَا سَمِعَ مِنَ الشَّيْخِ وَلْيَقُلْ قَرَأْتُ أَوْ قرىء عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ وَإِلَى هَذَا نَحَا ابْنُ الْمُبَارَكِ وَيَحْيَى ابْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ حَنْبَلٍ فِي آخَرِينَ وَذَهَبَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الطَّيِّبِ فِي لَمَّةٍ مِنْ أَهْلِ النَّظَرِ وَالتَّحْقِيقِ إِلَى اخْتِيَارِ الْفَصْلِ بَيْنَ السَّمَاعِ وَالْقِرَاءَةِ فَلَا يُطْلِقُ حَدَّثَنَا إِلَّا فِيمَا سمع ويفيد فِي غَيْرِهِ بِمَا قَرَأَ بِأَنْ يَقُولَ حَدَّثَنَا أَوْ أَخْبَرَنَا قِرَاءَةً أَو فِيمَا قرىء عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ أَوْ قَرَأْتُ عَلَيْهِ لِيَزُولَ إِبْهَامُ اخْتِلَاطِ أَنْوَاعِ الْأَخْذِ وَتَظْهَرُ نَزَاهَةُ الرَّاوِي وَتَحَفُّظُهُ وَقَدِ اصْطَلَحَ مَشَايِخُ الْمُحَدِّثِينَ عَلَى تَفْرِيقٍ فِي هَذَا فَحَدَّثَنَا الشَّيْخُ أَبُو عَامِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ أَخْبَرَنَا الْقَاضِي

أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ النَّيْسَابُورِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بن البيع قَالَ الَّذِي اخْتَارَهُ فِي الرِّوَايَةِ وَعَهِدْتُ عَلَيْهِ مَشَايِخَ وَأَئِمَّةَ عَصْرِي أَنْ يَقُولَ فِي الَّذِي يَأْخُذُهُ مِنَ الْمُحَدِّثِ لَفْظًا وَلَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ حَدَّثَنِي فُلَانٌ وَمَا يَأْخُذُهُ مِنَ الْمُحَدِّثِ لَفْظًا وَمَعَهُ غَيْرُهُ حَدَّثَنَا وَمَا قرىء عَلَى الْمُحَدِّثِ بِنَفْسِهِ أَخْبَرَنِي وَمَا قرىء عَلَيْهِ وَهُوَ حَاضِرٌ أَخْبَرَنَا وَمَا عُرِضَ عَلَيْهِ فَأَجَازَ لَهُ رِوَايَتِهِ شَفَاهًا يَقُولُ فِيهِ أَنْبَأَنِي وَمَا كَتَبَ إِلَيْهِ الْمُحَدِّثُ مِنْ مَدِينَتِهِ وَلَمْ يُشَافِهْهُ كَتَبَ إِلَيَّ أَخْبَرَنَا الْقَاضِي الشَّهِيدُ بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ قَالَ أَخْبَرَنَا الْإِمَامُ أَبُو الْقَاسِمِ الْبَلْخِيُّ هُوَ ابْنُ شَافُورٍ أَخْبَرَنَا الْفَارِسِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْخُزَاعِيُّ أَخْبَرَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ كُلَيْبٍ أَخْبَرَنَا أَبُو عِيسَى الْحَافِظُ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ هُوَ ابْنُ الْحَسَنِ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ الْجُعْفِيُّ الْمِصْرِيُّ قَالَ

قَالَ ابْنُ وَهْبٍ مَا قُلْتُ حَدَّثَنَا فَهُوَ مَا سَمِعْتُ مَعَ النَّاسِ وَمَا قُلْتُ حَدَّثَنِي فَهُوَ مَا سَمِعْتُ وَحْدِي وَمَا قُلْتُ أخبرنَا فَهُوَ مَا قرىء عَلَى الْعَالِمِ وَأَنَا شَاهِدٌ وَمَا قُلْتُ أَخْبَرَنِي فَهُوَ مَا قَرَأْتُ عَلَى الْعَالِمِ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَأَخْبَرَنَا هُوَ وَغَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ أَبى الْحُسَيْن ابْن عَبْدِ الْجَبَّارِ الْبَغْدَادِيِّ بِالْإِجَازَةِ قَالَ أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ أَخْبَرَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ يُوسُفَ الشِّكْلِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ مَزْيَدٍ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ قُلْتُ لِلْأَوْزَاعِيِّ مَا قَرَأْتُهُ عَلَيْكَ وَمَا أَجَزْتَهُ لِي مَا أَقُولُ فِيهِمَا قَالَ مَا أَجَزْتُ لَكَ وَحْدَكَ فَقُلْ فِيهِ خَبَّرَنِي وَمَا أَجَزْتُهُ لِجَمَاعَةٍ أَنْتَ فِيهِمْ فَقُلْ فِيهِ خَبَّرَنَا وَمَا قَرَأْتَ عَلَيَّ وَحْدَكَ فَقُلْ فِيهِ أَخْبَرَنِي وَمَا قرىء فِي جَمَاعَةٍ أَنْتَ فِيهِمْ فَقُلْ فِيهِ أخبرنَا وَمَا قرأته عَلَيْهِ وَحْدَكَ فَقُلْ فِيهِ حَدَّثَنِي وَمَا قَرَأْتُهُ عَلَى جَمَاعَةٍ أَنْتَ فِيهِمْ فَقُلْ فِيهِ حَدَّثَنَا

وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلَى إِطْلَاقِ حَدَّثَنَا وَأَخْبَرَنَا فِي الْإِجَازَةِ وَحُكِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ وَجَمَاعَةٍ مِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ وَقَدْ أَشَرْنَا إِلَى مَنْ سَوَّى بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْقِرَاءَةِ وَالسَّمَاعِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَحَكَى أَبُو الْعَبَّاس ابْن بَكْرٍ الْمَالِكِيُّ فِي كِتَابِ الْوَجَازَةِ أَنَّهُ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَحَقَّ مَا قَالَ عَنْ مَالِكٍ فَإِنَّهُ إِذَا جَعَلَ الْمُنَاوَلَةَ سَمَاعًا كَالْقِرَاءَةِ كَمَا تَقَدَّمَ فِيمَا رَوَيْنَا عَنْهُ قَبْلُ صَحَّ فِيهِ حَدَّثَنَا وَأَخْبَرَنَا فَإِذَا رُوعِيَ كَمَا قَدَّمْنَا مَعْنَى النَّقْلِ وَالْإِذْنِ فِيهِ وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْقِرَاءَةِ وَالسَّمَاعِ وَالْعَرْضِ وَالْمُنَاوَلَةِ لِلْحَدِيثِ فِي جِهَةِ الْإِقْرَارِ وَالْاعْتِرَافِ بِصِحَّتِهِ وَفَهْمِ التَّحْدِيثِ بِهِ وَجَبَ اسْتِوَاءُ الْعِبَارَةِ عَنْهُ بِمَا شَاءَ وَقَدْ ذَهَبَ إِلَى تَجْوِيزِ ذَلِكَ مِنْ أَربَابِ الْأُصُولِ الْجُوَيْنِيُّ لَكِنْ قَالَ لَيْسَ حَدَّثَنِي وَأَخْبَرَنِي مُطْلِقًا فِي الْإِجَازَةِ خَلَفًا لَكِنْ لَيْسَتْ عِنْدِي عِبَارَةٌ مُرْضِيَةٌ لَائِقَةٌ بِالتَّحَفُّظِ وَالصَّوْنِ فَالْوَجْهُ الْبَوْحُ بِالْإِجَازَةِ وَمَنَعَ إِطْلَاقَ حَدَّثَنَا فِي الْإِجَازَةِ غَيْرُهُ مِنَ الْأُصُولِيِّينَ جُمْلَةً وَقَالَ شُعْبَةُ فِي الْإِجَازَةِ مَرَّةً تَقُولُ أَنْبَأَنَا وَرُوِيَ عَنْهُ أَيْضًا أَخْبَرَنَا وَاخْتَارَ أَبُو حَاتِمٌ الرَّازِيُّ أَنْ تَقُولَ فِي الْإِجَازَةِ بِالْمُشَافَهَةِ أَجَازَ لِي وَفِيمَا كَتَبَ إِلَيْهِ كَتَبَ إِلَيَّ

وَذَهَبَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ إِلَى أَنْ يَقُولَ فِي الْإِجَازَةِ أَخْبَرَنَا فُلَانٌ أَنَّ فُلَانًا حَدَّثَهُ لِيُبَيِّنَ بِهَذَا أَنَّهُ إِجَازَةٌ وَأَنْكَرَ هَذَا بَعْضُهُمْ وَحَقُّهُ أَنْ يُنْكِرَ فَلَا مَعْنَى لَهُ يُتَفَهَّمُ بِهِ الْمُرَادَ وَلَا اعْتِيدَ هَذَا الْوَضْعُ فِي الْمَسْأَلَةِ لُغَةً وَلَا عُرْفًا وَلَا اصْطِلَاحًا وَذَكَرَ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ خَلَّادٍ فِي كِتَابِهِ الْفَاصِلِ مِثْلَ هَذَا عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الظَّاهِرِ قَالَ وَلَا تَقُلْ إِنَّ فُلَانًا قَالَ حَدَّثَنَا فُلَانٌ لِأَنَّ هَذَا ينبيء عَنِ السَّمَاعِ وَهَذَا مِثْلُ الْأَوَّلِ وَكَلَامُ مَنِ اصْطَلَحَ فِيمَا يُرِيدُهُ مَعَ نَفْسِهِ إِلَّا لَوِ اجْتَمَعَ أَهْلُ الصَّنْعَةِ عَلَى هَذَا الْوَضْعِ لِيَجْعَلُوهُ فَصْلًا وَعِلْمًا لِلْإِجَازَةِ لِمَا أُنْكِرَ وَقَدْ كَانَ لِلسَّلَفِ فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ اخْتِيَارٌ فِي إِيثَارِ بَعْضِ الْأَلْفَاظِ دُونَ بَعْضٍ

فَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ لَا يَقُولُ إِلَّا أَخْبَرَنَا وَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ لَا يَقُوُل إِلَّا حَدَّثَنَا وَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ يَقُولُهُمَا مَعًا فَمِمَّنْ كَانَ لَا يَقُولُ إِلَّا أَخْبَرَنَا عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَابْنُهُ هِشَامٌ وَابْنُ جُرَيْجٍ فِي آخَرِينَ وَمَنْ بَعْدِهِمِ ابْنُ الْمُبَارَكِ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ وَأَبُو عَاصِمٍ فِي آخَرِينَ وَمِمَّنْ كَانَ لَا يَقُوُل إِلَّا حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَهُوَ الْمَرْوِيُّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فِي أَحَادِيثِهِ وَهُوَ اخْتِيَارُ الْكَثِيرِ مِنْهُمْ مَعَ تَجْوِيزِ مَالِكٍ غَيْرَ هَذَا وَإِنَّمَا هَذَا عَلَى إِيثَارِ بَعْضِ الْأَلْفَاظِ وَالْأَكْثَرُ عَلَى التَّسْوِيَةِ فِيهِمَا وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {يَوْمئِذٍ تحدث أَخْبَارهَا} وَقَالَ {قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ أخباركم} وَقَالَ {فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ من أَنْبَأَك هَذَا} وَقَالَ {نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقين} وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ حَدِّثُونِي مَا هِيَ

وَقَالَ أَخْبَرَنِي بِهِنَّ آنِفًا جِبْرِيلُ وَقَالَ أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ دُورِ الْأَنْصَارِ وَقَالَ حَدَّثَنِي تَمِيمٌ الدَّارِيُّ فِي أَحَادِيثَ كَثِيرَةٍ مِنَ اسْتِعْمَالِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ اللَّفْظَيْنِ

وَقَدْ ذَكَرْنَا مَذْهَبَ مَنْ فَصَلَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ السَّمَاعِ وَغَيْرِهِ وَكُلُّ مَا تَقَدَّمَ مِنَ الِاصْطِلَاحَاتِ وَالِاخْتِيَارَاتِ لَا تَقُومُ لِتَرْجِيحِهَا حُجَّةٌ إِلَّا مِنْ وَجْهِ الِاسْتِحْسَانِ لِلْفَرْقِ لِطُرُقِ الْأَخْذِ وَالْمُوَاضَعَةِ لِتَمْيِيزِ أَهْلِ الصَّنْعَةِ أَنْوَاعَ النَّقْلِ وَقَدْ رَأَيْتُ لِلْقُدَمَاءِ وَالْمُتَأَخِّرِينَ قَوْلَهُمْ فِي الْإِجَازَةِ أَخْبَرَنَا فُلَانٌ إِذْنًا وَفِيمَا أَذِنَ لِي فِيهِ وَفِيمَا أَطْلَقَ لِي الْحَدِيثَ بِهِ عَنْهُ وَفِيمَا أَجَازَنِيهُ وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ فِيمَا كَتَبَ بِهِ إِلَيَّ إِنْ كَانَ أَجَازَهُ بِخَطِّهِ لَقِيَهُ أَوْ لَمْ يَلْقَهُ وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ فِيمَا كَتَبَ بِهِ إِلَيَّ إِنْ كَانَ كَتَبَ لَهُ مِنْ بَلَدٍ وَفِيمَا كَتَبَ لِي إِذَا كَانَ إِجَازَةً وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ حَدَّثَنَا كِتَابَةً وَمِنْ كِتَابِهِ وَالتَّمْيِيزُ إِذَا أَمْكَنَ أَجْمَلُ بِالْمُحَدِّثِ وَهُوَ الَّذِي شَاهَدْتُهُ مِنْ أَهْلِ التَّحَرِّي فِي الرِّوَايَةِ مِمَّنْ أَخَذْنَا عَنْهُ وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ التَّحْقِيقِ فَلَا فَرْقَ إِذَا صَحَّتِ الْأُصُولُ الْمُتَقَدِّمَةُ وَأَنَّهَا طُرُقٌ لِلنَّقْلِ صَحِيحَةٌ وَأَنَّ الْعِبَارَةَ فِيهَا بِحَدَّثَنَا وَأَخْبَرَنَا وَأَنْبَأَنَا سَوَاءٌ

لِأَنَّهُ إِذَا سَمِعَهُ مِنْهُ فَلَا شَكَّ فِي إِخْبَارِهِ بِهِ وَكَذَلِكَ إِذَا قَرَأَهُ عَلَيْهِ فَجَوَّزَهُ لَهُ أَوْ أَقَرَّهُ عَلَيْهِ فَهُوَ إِخْبَارٌ لَهُ بِهِ حَقِيقَةً وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ فِيهِ كَلِمَةً مِنْهُ فَكَذَلِكَ إِذَا كَتَبَهُ لَهُ أَوْ أَذِنَ لَهُ فِيهِ كُلُّهُ إِخْبَارٌ حَقِيقَةً وَإِعْلَامٌ بِصِحَّةِ ذَلِكَ الْحَدِيثِ أَوِ الْكِتَابِ وَرِوَايَتِهِ لَهُ بِسَنَدِهِ الَّذِي يَذْكُرُهُ لَهُ فَكَأَنَّهُ سَمِعَ مِنْهُ جَمِيعَهُ قَالَ الْقَاضِي هَذَا مُقْتَضَى اللُّغَةِ وَعَرْفُ أَهْلِهَا حَقِيقَةً وَمَجَازًا وَلَا فَرْقَ فِيهَا بَيْنَ هَذِهِ الْعِبَارَاتِ وَعَلَى التَّسْوِيَةِ أَوِ التَّفْرِيقِ فِي هَذَا جَاءَ اخْتِلَافُ مَسَائِلِ الْفُقَهَاءِ فِيمَنْ حَلَفَ لِيُخْبِرَنَّ أَوْ لِيُحَدِّثَنَّ بِكَذَا وَلَا نِيَّةَ لَهُ فَأَشَارَ أَوْ كَتَبَ هَلْ هُوَ حَانِثٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَهُوَ مُقْتَضَى مَذْهَبِنَا عَلَى الْجُمْلَةِ أَوْ لَا يَحْنَثُ إِلَّا بِالْمُشَافَهَةِ وَهُوَ مَذْهَبُ الطَّحَاوِيُّ

وَالْقَوْلَانِ عِنْدَنَا فِيمَنْ حَلَفَ عَلَى الْكَلَامِ فِي الْإِشَارَةِ وَالْكِتَابِ أَوِ التَّفْرِيقِ بَيْنَ الْحَدِيثِ وَالْخَبَرِ فَيَحْنَثُ فِي الْخَبَرِ وَلَا يَحْنَثُ فِي الْحَدِيثِ لِأَنَّ مُقْتَضَاهُ الْمُشَافَهَةَ وَهَذَا قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ وَيَظْهَرُ مِنْ مَذْهَبِنَا أَيْضًا وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقِ

- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَابٌ فِي تَحْقِيقِ التَّقْيِيدِ وَالضَّبْطِ وَالسَّمَاعِ وَمَنْ سَهَّلَ فِي ذَلِكَ وَشَدَّدَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ الْفَقِيهُ الْقَاضِي الْمُؤَلِّفُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ أَهْلُ التَّحْقِيقِ مِنْ مَشَايِخِ الْحَدِيثِ وَأَئِمَّةِ الْأُصُولِيِّينَ وَالنُّظَّارِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ أَنْ يُحَدِّثَ الْمُحَدِّثُ إِلَّا مَا حَفِظَهُ فِي قَلْبِهِ أَوْ قَيَّدَهُ فِي كِتَابِهِ وَصَانَهُ فِي خِزَانَتِهِ فَيَكُونُ صَوْنُهُ فِيهِ كَصَوْنِهِ فِي قَلْبِهِ حَتَّى لَا يَدْخُلُهُ رَيْبٌ وَلَا شَكٌّ فِي أَنَّهُ كَمَا سَمِعَهُ وَكَذَلِكَ يَأْتِي لَوْ سَمِعَ كِتَابًا وَغَابَ عَنْهُ ثُمَّ وَجَدَهُ أَوْ أَعَارَهُ وَرَجَعَ إِلَيْهِ وَحَقَّقَ أَنَّهُ بِخَطِّهِ أَوِ الْكِتَابُ الَّذِي سَمِعَ فِيهِ بِنَفْسِهِ وَلَمْ يَرْتَبْ فِي حَرْفٍ مِنْهُ وَلَا فِي ضَبْطِ كَلِمَةٍ وَلَا وَجَدَ فِيهِ تَغْيِيرًا فَمَتَى كَانَ بِخِلَافِ هَذَا أَوْ دَخَلَهُ رَيْبٌ أَوْ شَكٌّ لَمْ يُجِزْ لَهُ الْحَدِيثَ بِذَلِكَ إِذِ الْكُلُّ مَجْمُعُونَ عَلَى أَنَّهُ لَا يُحَدِّثُ إِلَّا بِمَا حَقَّقَ وَإِذَا ارْتَابَ فِي شَيْءٍ فَقَدْ حَدَّثَ بِمَا لَمْ يُحَقِّقْ أَنَّهُ مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ويَخْشَى أَنْ يَكُونَ مُغَيِّرًا فَيَدْخُلَ فِي وَعِيدِ مَنْ حَدَّثَ عَنْهُ بِالْكَذِبِ وَصَارَ حَدِيثُهُ بِالظَّنِ وَالظَّنُ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ

وَقَدْ هَابَ السَّلَفُ الصَّالِحُ مِنَ الصَّحَابَةِ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ الْحَدِيثَ بِمَا سَمِعُوهُ مِنْ فَلْقِ فِيهِ وَحَفِظُوهُ عَنْهُ مَخَافَةَ تَجْوِيزِ النَّسْيَانِ وَالْوَهْمِ وَالْغَلَطِ عَلَى حِفْظِهِمْ وَلَا تَأْثِيرَ فِي الشَّرْعِ لِلتَّجْوِيزَاتِ فَكَيْفَ بِمَا لَا يُحَقَّقُ وَيُبْنَى عَلَى الظَّنِّ وَسَلَامَةِ الظَّاهِرِ وَلِهَذَا قَالَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ فِيمَنْ يُحَدِّثُ مِنَ الْكُتُبِ وَلَا يَحْفَظُ حَدِيثَهُ لَا يُؤْخَذُ عَنْهُ أَخَافُ أَنْ يُزَادَ فِي كُتُبِهِ بِاللَّيْلِ وَقَدْ قَالَ بِمِثْلِ هَذَا جَمَاعَةٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ وَشَدَّدُوا فِي الْأَخْذِ حَدَّثَنَا أَبُو الطَّاهِرِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سِلَفَةَ الْحَافِظُ مُكَاتَبَةً أَخْبَرَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الْفَالِيُّ أَخْبَرَنَا الْقَاضِي ابْنُ خَرْبَانَ أَخْبَرَنَا الْقَاضِي ابْنُ خَلَّادٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ الْغَزَّاءُ أَخْبَرَنَا يُوسُفُ ابْن مُسْلِمٍ أَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ تَمِيمٍ قَالَ كَتَبْتُ عَنْ سُفْيَانَ عَشَرَةَ آلَافِ حَدِيثٍ أَوْ نَحْوَهَا فَكُنْتُ اسْتَفْهِمُ جَلِيسِي فَقُلْتُ لِزَائِدَةَ يَا أَبَا الصَّلْتِ إِنِّي كَتَبْتُ عَنْ سُفْيَانَ

عَشَرَةَ آلَافِ حَدِيثٍ أَوْ نَحْوَهَا فَقَالَ لِي لَا تُحَدِّثْ إِلَّا بِمَا تَحْفَظُ بِقَلْبِكَ وَتَسْمَعُ بِأُذُنِكَ قَالَ فَأَلْقَيْتُهَا قَالَ وَحَدَّثَنَا أَبُو حَفْصٍ الْوَاسِطِيُّ أَخْبَرَنَا عَبَّاسٌ الدُّورِيُّ قَالَ قُرَادٌ سَمِعْتُ شُعْبَةَ يَقُولُ إِذَا سَمِعْتَ مِنَ الْمُحَدِّثِ وَلَمْ تَرَ وَجْهَهُ فَلَا تَرْوِ عَنْهُ وَذَكَرَ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ فِي الْجَمَاعَةِ يَسْمَعُونَ وَالْكِتَابُ عِنْدَ بَعْضِهِمْ وَهُوَ عِنْدَهُمْ ثِقَةٌ هَلْ يُصَدِّقُونَهُ قَالَ لَا إِنَّمَا هِيَ بِمَنْزِلَةِ الشَّهَادَةِ

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْخَوْلَانِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي عُمَرَ أَحْمد ابْن مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ كَتَبَ الْقَاضِي مُنْذِرُ بْنُ سَعِيدٍ إِلَى أَبِي عَلِيٍّ الْبَغْدَادِيِّ يَسْتَعِيرُ مِنْهُ كِتَابَ الْغَرِيبِ الْمُصَنَّفِ بِهَذِهِ الْأَبْيَاتِ حَيْثُ يَقُولُ (بِحَقِّ رِيمٍ مُهَفْهَفٍ ... وَصُدْغِهِ الْمُتَعَطِّفِ) (ابْعَثْ إِلَيَّ بِجُزْءٍ ... مِنَ الْغَرِيبِ الْمُصَنَّفِ) فَقَضَى أَبُو عَلِيٍّ حَاجَتَهُ وَأَجَابَهُ بِقَوْلِهِ (وَحَقِّ دُرٍّ تَأَلَّفَ ... بِفِيكَ أَيَّ تَأَلُّفُ)

(لَأَبْعَثَنَّ بِمَا قَدْ ... حَوَى الْكِتَابُ الْمُصَنَّفُ) (وَلَوْ بَعَثْتُ بِنَفْسِي ... إِلَيْكَ مَا كنت اسرف) وَبَلَغَنِي بَلَاغًا أَنَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَسْمَعْ فِي الْكِتَابِ لِمَغِيبِهِ عَنْهُ وَقَدْ سَمِعْتُ أَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا كَانَ فِي كِتَابِ الْأَلْفَاظِ فِي قِصَّةٍ أُخْرَى مَعَ الْحَكَمِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ الْمَرْوَانِيِّ وَحَكَى أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَحَامِلِيُّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ فِيمَنْ وَجَدَ سَمَاعَهُ فِي كِتَابٍ وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ سَمِعَهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ رِوَايَتُهُ حَتَّى يَتَذَكَّرَ سَمَاعَهُ وَهُوَ قَوْلُ الْجُوَيْنِيِّ وَحَكَى الْمَحَامِلِيُّ عَنْ أَكْثَرِ الشَّافِعِيَّةِ وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ وَأَبِي يُوسُفَ جَوَازَ ذَلِكَ وَحَكَاهُ أَبُو الْمَعَالِي وَهُوَ الَّذِي اخْتَار هُوَ وَالْخِلَافُ فِيهِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْخِلَافِ فِي شَهَادَةِ الْإِنْسَانِ عَلَى خَطِّهِ بِالشَّهَادَةِ إِذَا لَمْ يَذْكُرْهَا وَإِنْ كَانَ أُولَئِكَ لَا يَقُولُونَ بِجَوَازِهَا فِي الشَّهَادَةِ وَأَجَازُوهَا هُنَا قَالُوا لِأَنَّ الشَّهَادَةَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى التَّغْلِيظِ وَالتَّشْدِيدِ وَالْخَبَرُ مَبْنِيٌّ عَلَى حُسْنِ الظَّاهِرِ

وَالْمُسَامَحَةِ وَأَنَّهُ لَا يَشْتَرِطُ فِيهِ مَا يَشْتَرِطُ فِي الشَّهَادَةِ قَالُوا مَعَ اعْتِمَادِ السَّلَفِ الصَّالِحِ عَلَى كَتَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالرُّجُوعِ إِلَى الْخَطِّ وَهَذَا غَيْرُ مُسَلَّمٍ لَهُمْ لِمَا قَدَّمْنَاهُ وَكَذَلِكَ اخْتَلَفُوا فِي إِذَا حُقِّقَ السَّمَاعُ مِنْ ثِقَةٍ وَنُسِيَ مِمَّنْ سَمِعَهُ فَحُكِيَ عَنْ بَعْضِ الْأُصُولِيِّينَ جَوَازُ رِوَايَتِهِ وَأَوْمَأَ إِلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَأَنْكَرَهُ الْمُحَقِّقُونَ إِذْ لَا يَصِحُّ لَهُ تَسْمِيَةُ مَنْ سَمِعَهُ مِنْهُ إِلَّا عَلَى الْإِرْسَالِ وَلَعَلَّهُ مُرَادُ مَنْ أَجَازَهُ

- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَابُ مَنْ سَهَّلَ فِي ذَلِكَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ الْمُؤَلِّفُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ذَهَبَ كَثِيرٌ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ مِنَ الصَّدْرِ الْأَوَّلِ فَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنْ طَوَائِفَ مِنَ الْفُقَهَاءِ إِلَى تَرْكِ التَّشْدِيدِ فِي الْأَخْذِ وَالْمُسَامَحَةِ فِيهِ وَالْبِنَاءِ فِيهِ عَلَى التَّسْهِيلِ وَمَا أَرَاهُمْ ذَهَبُوا فِي ذَلِكَ إِلَّا بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ الْإِجَازَةِ وَأَنَّ الْحُضُورَ مِنَ الشَّيْخِ وَالْإِعْلَامِ بِأَنَّ هَذَا الْكِتَابَ رِوَايَتُهُ مُقْنِعٌ فِي الْأَدَاءِ وَالنَّقْلِ ثُمَّ جَاءَتْ بَعْدَ ذَلِكَ الْقِرَاءَةُ وَالسَّمَاعُ قُوَةً وَزِيَادَةً كَالْمُنَاوَلَةِ وَإِلَّا فَالتَّحْقِيقُ أَلَّا يُحَدِّثَ أَحَدًا إِلَّا بِمَا حَقَّقَ وَلَا يُخْبِرَ إِلَّا بِمَا يُتْقِنُ فَلَوْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إِلَّا السَّمَاعُ أَوِ الْقِرَاءَةُ عَلَى الْوَجْهِ الْمُشْتَرَطِ لَمَا صَحَّ فِي النَّقْلِ إِلَّا مَا تَقَدَّمَ مِنَ التَّشْدِيدِ لَكِنْ إِذَا صَحَّ الْخَبَرُ وَالرِّوَايَةُ كَمَا قَدَّمْنَا بِالْعَرْضِ وَالْمُنَاوَلَةِ وَالْإِجَازَةِ وَالْإِقْرَارِ وَالْإِعْلَامِ لَمْ تَضُرَّ الْمُسَامَحَةُ فِي الْقِرَاءَةِ إِذْ هِيَ شَيْءٌ زَائِدٌ عَلَى جَوَازِ مَا تَقَدَّمَ إِذَا صَحَّتِ الْمُعَارَضَةُ بِالْأُصُولِ وَالْمُقَابَلَةُ بِكِتَابِ الشَّيْخِ وَلِهَذَا قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ عَتَّابٍ فِيمَا ذَكَرْنَا أَنَّ ابْنَهُ الْفَقِيهَ أَبَا مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا بِهِ عَنْهُ أَنَّهُ لَا غِنَى عَنِ الْإِجَازَةِ مَعَ الْقِرَاءَةِ وَقَوْلُ ابْنِ مُيَسَّرٍ

الْفَقِيهِ الْإِجَازَةُ عِنْدِي خَيْرٌ مِنَ السماع الردىء وَعَلَى هَذَا عَمِلَ النَّاسُ لِلْيَوْمِ فِي أَقْطَارِ الْأَرْضِ وَسِيرَةُ الْمَشَايِخِ قَبْلُ فَيُصَحِّحُونَ سَمَاعَ الْأَعْجَمِيَّ وَالْأَبْلَهَ وَالصَّبِيَّ الَّذِينَ لَا يَفْقَهُونَ مَا يُقْرَأُ وَيَحْضُرُ السَّامِعُ بَغَيْرِ كِتَابٍ ثُمَّ يَكْتُبُهُ بَعْدَ عَشَرَاتٍ مِنَ الشُّهُورِ أَوِ السِّنِينَ مِنْ كِتَابٍ ثِقَة سمع مِنْهُ وَلَعَلَّ الضَّبْطَ فِي كَثِيرٍ مِنْهُ يُخَالِفُ كِتَابَ الشَّيْخِ أَوْ مَا قرىء عَلَيْهِ وَحُكِيَتِ الْمُسَامَحَةُ فِيهِ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ وَابْنِ وَهْبٍ وَمَنْ بَعْدِهِمْ وَعَلَى هَذَا تَسَامَحَ الشُّيُوخُ فِي مَجَالِسِ الْإِمْلَاءَاتِ وَتَبْلِيغِ الْمُسْتَمْلِينَ عَنِ الشَّيْخِ لِمَنْ بَعْدُ وَتَذْكِيرِ السَّامِعِينَ بَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ حَدَّثَنَا الْقَاضِي الشَّهِيدُ أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَضْلِ أَحْمَدُ بْنُ أَحْمَدَ أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ كَيْسَانَ أَخْبَرَنَا يُوسُفُ الْقَاضِي أَخْبَرَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ أَخْبَرَنَا نُوحُ بْنُ قَيْسٍ أَخْبَرَنَا يَزِيدُ الرَّقَاشِيُّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كُنَّا قُعُودًا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَسَى أَنْ نَكُونَ سِتِّينَ رَجُلًا فَيُحَدِّثُنَا الْحَدِيثَ ثُمَّ يُرِيدُ الْحَاجَة فَنَتَرَاجَعُهُ بَيْنَنَا فَنَقُومُ كَأَنَّمَا زُرِعَ فِي قُلُوبِنَا وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سِلَفَةَ كِتَابَةً قَالَ أَخْبَرَنَا الصَّيْرَفِيُّ

أَخْبَرَنَا الْفَالِيُّ أَخْبَرَنَا ابْنُ خَرْبَانَ أَخْبَرَنَا ابْنُ خَلَّادٍ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَخْبَرَنَا الطَّبَّاعُ سَمِعْتُ أَبَا حَفْصٍ يَقُولُ كُنَّا عِنْدَ حَمَّادِ بْنِ زيد فَذهب إِنْسَان بعيد عَلَيْهِمْ فَقَالَ لِيَسْتَفْهِمْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا قَرَأْتُ بِخَطِّ الشَّيْخِ الْفَقِيهِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مَكِّيِّ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَن القرشى كَاتب الْفَقِيه أَبى الْحَسَنِ الْقَابِسِيَّ قَالَ قَعَدْتُ أَنْسَخُ وَنَحْنُ نَسْمَعُ مِنَ الشَّيْخِ أَبِي الْحَسَنِ فَحَكَى أَنَّ حَمْزَةَ الْكِنَانِيَّ نَهَى بَعْضَهُمْ عَنِ النَّسْخِ وَهُوَ يَسْمَعُ ثُمَّ سَكَتَ يَعْنِي أَبَا الْحَسَنِ وَلَمْ يَنْهَنِي وَلَمْ يَأْمُرْنِي بِالتَّمَادِي

وَحَدَّثُونَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ الْعُذْرِيِّ أَنَّ بَعْضَ شُيُوخِهِ وَأَرَاهُ أَبَا الْحَسَنِ بْنَ بُنْدَارٍ الْقَزْوِينِيَّ كَانَ يَكْثُرُ نَوْمُهُ حِينَ السَّمَاعِ فَشَقَّ عَلَيْهِمْ كَثْرَةُ تَنْبِيهِهِ وَإِيقَاظِهِ فَعَمَدَ بَعْضُ السَّامِعِينَ وَأَعَدَّ قِرْطَاسًا فِيهِ قِطَعُ حَلَاوَةٍ شَدِيدَةُ الْعَقْدِ صَعْبَةٌ عَلَى الْمَضْغِ فَكَانَ إِذَا رَأَى الشَّيْخَ يُغَازِلُهُ النَّوْمُ وَتَأْخُذُهُ السِّنَةُ أَدْخَلَ فِي فِيهِ قِطْعَةً مِنْ تِلْكَ الْقِطِعَ فَيَشْتَغِلُ الشَّيْخُ بِلَوْكِهَا وَتُوقِظُهُ حَلَاوَتُهَا وَشِدَّةُ مَضْغِهَا حَتَّى إِذَا فَنِيَتْ وَمَضَتْ مُدَّةٌ وَغَازَلَهُ النَّوْمُ ثَانِيَةً فَعَلَ بِهِ مِثْلَ ذَلِكَ فَاسْتَرَاحُوا مِنْ تَعَبِ إِيقَاظِهِ وَمَشَقَّتِهِ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ بِهَذِهِ الْحِيلَةِ وَمِنْ إِفْسَادِ السَّمَاعِ بِتَرْكِهِ وَنَوْمِهِ وَشُكِرَتْ هَذِهِ الْفَعْلَةُ لِفَاعِلِهَا وَاسْتُنْبِلَ فِيهَا وَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ أَبَا ذَرٍّ الْهَرَوِيَّ كَانَ يَتَكَلَّمُ فِي سَمَاعِ

كَرِيمَةَ بِنْتِ أَحْمَدَ الْمَرْوَزِيَّةِ مِنْ أَبِي الْهَيْثَمِ الْكُشْمِيهَنِيِّ وَيَسْتَضْعِفُهُ وَيَقُولُ إِنَّ أَبَاهَا يُحْضِرُهَا مَعَنَا عِنْدَ أَبِي الْهَيْثَمِ وَهِيَ صَغِيرَةٌ لَا تَضْبِطُ السَّمَاعَ أَوْ نَحْوَ هَذَا

- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَابٌ فِي التَّقْيِيدِ بِالْكِتَابِ وَالْمُقَابَلَةِ والشكل والنقط والضبط - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ الْفَقِيهُ الْقَاضِي الْمُؤَلِفُ رَضِيَ الله عَنهُ حَدَّثَنَا الْقَاضِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ عِيسَى وَالْفَقِيهُ أَبُو الْوَلِيدِ هِشَام ابْن أَحْمَدَ بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ قَالَا حَدَّثَنَا الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ الْحَافِظُ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَرَ الْحَافِظُ حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ أَخْبَرَنَا ابْنُ دَاسَةَ أَخْبَرَنَا أَبُو دَاوُدَ أَخْبَرَنَا مُسَدَّدٌ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شيبَة قَالَا أخبرنَا يحيى بن عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْأَخْنَسِ عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُغِيثٍ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ كُنْتُ أَكْتُبُ كُلَّ شَيْءٍ أَسْمَعُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُرِيدُ حِفْظَهُ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَأَنَّهُ ذَكَرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ اكْتُبْ

حَدَّثَنَا الْقَاضِي أَبُو عَلِيٍّ الصَّدَفِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَضْلِ الْأَصْبَهَانِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الْحَافِظُ أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ هَارُونَ أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنِي ثُمَامَةُ عَمِّي أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ لِبَنِيهِ قَيِّدُوا الْعِلْمَ بِالْكِتَابِ قَالَ مُوسَى اتَّفَقَ الْأَنْصَارِيُّ وَمُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَسَعِيدٌ عَلَى هَذَا فِي قَوْلِ أَنَسٍ وَرَفَعَهُ عَبْدُ الْحَمِيدِ وَلَا يَصِحُّ رَفْعُهُ وَقَدْ رُوِيَ كِتَابَةُ الْعِلْمِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَحَادِيثَ كَثِيرَةٍ وَرُوِيَ إِجَازَةُ ذَلِكَ وَفِعْلُهُ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَأَنَسٍ وَجَابِرٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَالْحسن وَعَطَاء وَقَتَادَة وَعمر ابْن عَبْدِ الْعَزِيزِ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فِي أَمْثَالِهِمْ وَمِنْ بَعْدِ هَؤُلَاءِ مِمَّنْ لَا يُعَدُّ كَثْرَةً وَوَقَعَ عَلَيْهِ بَعْدَ هَذَا الِاتِّفَاقِ وَالْإِجْمَاعِ مِنْ جَمِيعِ مَشَايِخِ الْعِلْمِ وَأَئِمَّتِهِ وَنَاقِلِيهِ

وَكَانَ فِيهِ فِي الصَّدْرِ الْأَوَّلِ خِلَافٌ لِأَحَادِيثَ وَرَدَتْ فِي ذَلِكَ أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ الْحَافِظُ أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجَيَّانِيُّ فِيمَا أَذِنَ لِي فِيهِ وَقَرَأْتُهُ عَلَى الْفَقِيهِ أَبِي الْوَلِيدِ عَنْهُ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ أَخْبَرَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ أَخْبَرَنَا ابْنُ دَاسَةَ أَخْبَرَنَا أَبُو دَاوُدَ أَخْبَرَنَا نصر ابْن عَلِيٍّ أَخْبَرَنِي أَبُو أَحْمَدَ أَخْبَرَنَا كَثِيرُ بْنُ زَيْدٍ عَنِ الْمُطَّلِبِ بن عبد الله ابْن حَنْطَبٍ قَالَ دَخَلَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ عَلَى مُعَاوِيَةَ فَسَأَلَهُ عَنْ حَدِيثٍ فَأَمَرَ إِنْسَانًا بِكُتُبِهِ فَقَالَ لَهُ زَيْدٌ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَنَا أَلَّا نَكْتُبَ شَيْئًا مِنْ حَدِيثِهِ فَمَحَاهُ حَدَّثَنَا الْقَاضِي الشَّهِيدُ أَبُو عَلِيٍّ بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ وَأَبُو الْفَضْلِ بْنُ خَيْرُونَ حَدَّثَنَا أَبُو يَعْلَى ابْنُ زَوْجِ الْحُرَّةِ أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ السِّنْجِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْمَرْوَزِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيُّ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ هُوَ الْخُدْرِيُّ قَالَ

اسْتَأْذَنَّا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْكِتَابَةِ فَلَمْ يَأْذَنْ لَنَا وَرُوِيَ كَرَاهَةُ ذَلِكَ عَنْ أَبِي مُوسَى وَابْنِ عُمَرَ وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَجَمَاعَةٍ بَعْدِهِمْ لِذَلِكَ وَمَخَافَةَ الِاتِّكَالِ عَلَى الْكِتَابِ وَتَرْكِ الْحِفْظِ وَلِئَلَّا يُكْتَبَ شَيْءٌ مَعَ الْقُرْآنِ وَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ يَكْتُبُ فَإِذَا حَفِظَ مَحَا وَالْحَالُ الْيَوْمَ دَاعِيَةً لِلْكِتَابَةِ لِانْتِشَارِ الطُّرُقِ وَطُولِ الْأَسَانِيدِ وَقِلَّةِ الْحِفْظِ وَكَلَالِ الْأَفْهَامِ وَأَمَّا النَّقْطُ وَالشَّكْلُ فَهُوَ مُتَعَيِّنٌ فِيمَا يُشْكِلُ وَيُشْتَبَه حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْغَسَّانِيُّ الْحَافِظُ الْمَعْرُوفُ بِالْجَيَّانِيِّ كِتَابَةً وَالْفَقِيهُ أَبُو عِمْرَانَ بْنُ أَبِي تَلِيدٍ وَالْخَطِيبُ أَبُو الْقَاسِمِ خلف بن إِ براهيم الْمُقْرِيُّ وَالْفَقِيهُ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ عَتَّابٍ وَغَيْرُهُمْ مِنْ كِتَابَةٍ وَإِجَازَةٍ قَالُوا أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ الْحَافِظُ قَالَ أَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَرَ بْنُ حَزْمٍ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ أَخْبَرَنَا مَرْوَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ أَخْبَرَنَا أَبُو الطَّاهِرِ أَخْبَرَنَا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ قَالَ

سَمِعْتُ ثَابِتَ بْنَ مَعْبَدٍ يَقُولُ نَوَّرَ الْكِتَابُ الْعَجْمَ وَقَدْ رَوَى مِنْ قَوْلِ الْأَوْزَاعِيِّ وَقَالَ بَعْضُهُمْ إِنَّمَا يُشْكَلُ مَا يُشْكِلُ وَأَمَّا النَّقْطُ فَلَا بُدَّ مِنْهُ وَقَالَ آخَرُونَ يَجِبُ شَكْلُ مَا أَشْكَلَ وَمَا لَا يُشْكِلُ وَهَذَا هُوَ الصَّوَاب لَا سِيمَا للمبتدىء وَغَيْرِ الْمُتَبَحِّرِ فِي الْعِلْمِ فَإِنَّهُ لَا يُمَيِّزُ مَا أَشْكَلَ مِمَّا لَا يُشْكَلُ وَلَا صَوَابَ وَجْهِ الْإِعْرَاب للكلمة من خطائه وَقَدْ يَقَعُ النِّزَاعُ بَيْنَ الرُّوَاةِ فِيهَا فَإِذَا جَاءَ عِنْدَ الْخِلَافِ وَسُئِلَ كَيْفَ ضَبْطُهُ فِي هَذَا الْحَرْفِ وَقَدْ أَهْمَلَهُ بَقِيَ مُتَحَيِّرًا وَقَدْ وَقَعَ الْخِلَافُ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ بِسَبَبِ اخْتِلَافِهِمْ فِي الْإِعْرَابِ كَاخْتِلَافِهِمْ فِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ ذَكَاةُ الْجَنِين ذكاء أُمِّهِ فَالْحَنَفِيَّةُ تُرَجِّحُ فَتْحَ ذَكَاةٍ الثَّانِيَةِ عَلَى مَذْهَبِهَا فِي أَنَّهُ يُذَكَّى مِثْلُ ذَكَاةِ أُمِّهِ وَغَيْرُهُمْ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ تُرَجِّحُ الرَّفْعَ لِإسْقَاطِهِمْ ذَكَاتَهُ

وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَاهُ صَدَقَةٌ الْجَمَاعَةُ تُرَجِّحُ رِوَايَتَهَا بِرَفْعِ صَدَقَةٍ عَلَى خَبَرِ الْمُبْتَدَأِ عَلَى مَذْهَبِهَا فِي أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَا تُورَثُ وَغَيْرُهُمْ مِنَ الْإِمَامِيَّةِ يُرَجِّحُ الْفَتْحَ عَلَى التَّمْيِيزِ لِمَا تَرَكُوهُ صَدَقَةً أَنَّهُ لَا يُورَثُ دُونَ غَيْرِ مَا تُرِكَ صَدَقَةً وَإِذَا كَانَ هَذَا لَمْ يَكُنْ فَرْقًا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ غَيْرِهِمْ وَلَمْ يَكِنْ مَعْنَى لِتَخْصِيصِهِ الْأَنْبِيَاءَ وَقَدْ أَجَازَ النَّحَّاسُ نَصْبَهُ عَلَى الْحَالِ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ فِي الحَدِيث هولك عَبْدُ بْنَ زَمْعَةَ رِوَايَةُ الْجَمَاعَةِ رَفْعُ عَبْدٍ عَلَى النِّدَاءِ أَوِ اتْبَاعُ ابْنٍ لَهُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ فِي نَعْتِ الْمُنَادَى الْمُفْرَدِ مِنَ الضَّمِّ وَالْفَتْحِ وَالْحَنَفِيَّةُ تُرَجِّحُ تَنْوِينَ عَبْدٍ عَلَى الِابْتِدَاءِ أَيْ هُوَ الْوَلَدُ لَكَ عَبْدٌ وَتَنْصِبُ ابْنَ زَمْعَةَ عَلَى النِّدَاءِ الْمُضَافِ

فِي كَثِيرٍ مِمَّا لَا يُحْصَى مِنْ هَذَا فَإِذَا أَهْمَلَهُ السَّامِعُ إِذْ لَمْ يَنْتَبِهْ لِوَضْعِ الْخِلَافِ فِيهِ فَإِذَا نُوزِعَ فِي إِعْرَابِهِ وَضَبْطِهِ وَرَجَعَ إِلَى كِتَابِهِ فَوَجَدَهُ مُهْمَلًا بَقِيَ مُتَحَيِّرًا أَوْ جَسَرَ عَلَى الضَّبْطِ بِغَيْرِ بَصِيرَةٍ وَيَقِينٍ حَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ سِرَاجُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ سِرَاجٍ اللُّغَوِيُّ الْحَافِظُ قِرَاءَةً عَلَيْهِ مِنْ شَيْخِنَا الْأُسْتَاذِ أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ الْمُقْرِيِّ وَأَنَا أَسْمَعُ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو عَمْرٍو السَّفَاقُسِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْفَسَوِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ

وَذَكَرَ قَوْلَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ نَضَّرَ الله امرء اسْمَع مَقَالَتِي فَوَعَاهَا الْحَديِثَ فَقَالَ كَيْفَ يُؤَدْيِهَا كَمَا سَمِعَهَا مَنْ لَمْ يُتْقِنْ حِفظَهَا وَلَمْ يُحْسِنْ وَعْيَهَا وَكَيْفَ يُبَلِّغُهَا مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ وَهُوَ لَمْ يَمْلِكْ حَمْلَهَا فَهُوَ مُغْتَصِبٌ الْفِقْهَ حَقَّهُ قَاطِعٌ لِطَرِيقِ الْعِلْمِ عَلَى مَنْ بَعْدَهُ أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُشَرَّفِ بْنِ مُسْلِمٍ الْأَنْمَاطِيُّ

مِنْ كِتَابِهِ إِلَيّ وَسَمِعْتُهُ عَلَى الْحَافِظِ أَبِي عَلِيٍّ عَنْهُ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا الْبُخَارِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الْغَنِيِّ بْنُ سَعِيدٍ الْحَافِظُ أَخْبَرَنَا أَبُو عِمْرَانَ مُوسَى بْنُ عِيسَى الْحَنَفِيُّ قَالَ سَمِعتُ أَبَا إِسْحَاقَ النَّجِيرَمِيَّ إِبْرَاهِيمَ ابْن عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ أَوْلَى الْأَشْيَاءِ بِالضَّبْطِ أَسْمَاءُ النَّاسِ لِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُهُ الْقِيَاسُ وَلَا قَبْلَهُ شَيْءٌ يَدُلُّ عَلَيْهِ وَلَا بَعْدَهُ شَيْءٌ يَدُلُّ عَلَيْهِ وَأَخْبَرَنَا الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ الْجَيَّانِيُّ الْحَافِظُ وَأَبُو عِمْرَانَ مُوسَى ابْن أَبى تليذ الْفَقِيهُ وَغَيْرُ وَاحِدٍ إِجَازَةً وَكِتَابَةً قَالُوا أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَرَ الْحَافِظُ أَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ الْحَافِظُ أَخْبَرَنَا أَبُو الْمَيْمُونِ بْنُ رَاشِدٍ الدِّمَشْقِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو زُرْعَةَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَمْرٍو الدِّمَشْقِيُّ قَالَ سَمِعْتُ عَفَّانَ بْنَ مُسْلِمٍ يَقُولُ

سَمِعْتُ حَمَّادَ بْنَ سَلَمَةَ يَقُولُ لِأَصْحَابِ الْحَدِيثِ وَيْحَكُمْ غَيِّرُوا يَعْنِي قَيِّدُوا وَاضْبِطُوا قَالَ أَبُو زُرْعَةَ وَرَأَيْتُ عَفَّانَ بْنَ مُسْلِمٍ يَحُضُّ أَصْحَابَ الْحَدِيثِ عَلَى الضَّبْطِ وَالتَّقْيِيدِ إِذَا أَخَذُوا عَنْهُ قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْحَافِظُ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِدْرِيسَ الْكُوفِيِّ قَالَ لَمَّا حَدَّثَنِي شُعْبَةُ بِحَدِيثِ أَبِي الْحَوْرَاءِ السَّعْدِيِّ عَنِ الْحَسَنِ ابْنِ عَلِيٍّ كَتَبْتُ أَسْفَلَهُ حُورَ عَيْنٍ لِئَلَّا أَغْلَطُ يَعْنِي فَيَقْرَأَهُ أَبَا الْجَوْزَاءِ لِشَبَهِهِ بِهِ فِي الخَّطِّ

وَأَبُو الْحَوْرَاءِ بِالْحَاءِ وَالرَّاءِ هُوَ رَبِيعَةُ بْنُ شَيْبَانَ وَأَمَّا أَبُو الْجَوْزَاءِ بِالْجِيمِ وَالزَّايِ فَهُوَ أَوْسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرَّبَعِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبُو الْجَوْزَاءِ مِثْلُهُ أَيْضًا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ النَّوْفَلِيُّ مِنْ شُيُوخِ مُسْلِمٍ وَالنَّسَائِيِّ وَهَكَذَا جَرَى رَسْمُ الْمَشَايِخِ وَأَهْلُ الضَّبْطِ فِي هَذِهِ الْحُرُوفِ الْمُشَكَّلَةِ

وَالْكَلِمَاتِ الْمُشْتَبَهَةِ إِذَا ضُبِطَتْ وَصُحِّحَتْ فِي الْكِتَابِ أَنْ يُرْسَمَ ذَلِكَ الْحَرْفَ الْمُشْكَلَ مُفْرَدًا فِي حَاشِيَةِ الْكِتَابِ قُبَالَةَ الْحَرْفِ بِإِهْمَالِهِ أَوْ نَقْطِهِ أَوْ ضَبْطِهِ لِيَسْتَبِينَ أَمْرُهُ وَيَرْتَفِعُ الْإِشْكَالُ عَنْهُ مِمَّا لَعَلَّهُ يُوهِمُهُ مَا يُقَابِلُهُ مِنَ الْأَسْطَارِ فَوْقَهُ أَوْ تَحْتَهُ مِنْ نَقْطِ غَيْرِهِ أَوْ شَكْلِهِ لَا سِيَّمَا مَعَ دِقَّةِ الْكِتَابِ وَضِيقِ الْأَسْطَارِ فَيَرْتَفِعُ بِإِفْرَادِهِ الْإِشْكَالُ وَكَمَا نَأْمُرُهُ بِنَقْطِ مَا يُنْقِطُ لِلْبَيَانِ كَذَلِكَ نَأْمُرُهُ بِتَبْيِينِ الْمُهْمَلَ بِجَعْلِ عَلَامَةَ الْإِهْمَالِ تَحْتَهُ فَيَجْعَلُ تَحْتَ الْحَاءِ حَاءً صَغِيرَةً وَكَذَلِكَ تَحْتَ الْعَيْنِ عَيْنًا صَغِيرَةً وَكَذَلِكَ الصَّادُ وَالطَّاءُ وَالدَّالُ وَالرَّاءُ وَهُوَ عَمْلُ بَعْضِ أَهْلِ الْمَشْرِقِ وَالْأَنْدَلُسِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقْتَصِرُ عَلَى مِثَالِ النَّبْرَةِ تَحْتَ الْحُرُوفِ الْمُهْمَلَةِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقْلِبُ النَّقْطَ فِي الْمُهْمَلَاتِ فَيَجْعَلُهُ أَسْفَلَ عَلَامَةٍ لِإِهْمَالِهِ وَمِنْ أَهْلِ الْمَشْرِقِ مَنْ يُعَلِّمُ عَلَى الْحُرُوفِ الْمُهْمَلَةِ بِخَطٍّ صَغِيرٍ فَوْقَهُ شِبْهِ نِصْفِ النَّبْرَةِ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الزَّيَّاتُ فِي صِفَةِ دَفْتَرٍ فِيمَا ذَكَرَهُ لَنَا بَعْضُ شُيُوخِنَا

(وَأَرَى وُشُومًا فِي كِتَابِكِ لَمْ تَدَعْ ... شَكًا لِمُرْتَابٍ وَلَا لِمُفَكِّرِ) (نَقْطٌ وَأَشْكَالٌ تَلُوحُ كَأَنَّهَا ... نَدِبُ الْخَدْشِ تَلُوحُ بَيْنَ الْأَسْطُرِ) وَأَمَّا مُقَابَلَةُ النُّسْخَةِ بِأَصْلِ السَّمَاعِ وَمُعَارَضَتِهَا بِهِ فَمُتَعَيِّنَةٌ لَا بُدَّ مِنْهَا

وَلَا يَحِلُّ لِلْمُسْلِمِ التَّقِيِّ الرِّوَايَةُ مَا لَمْ يُقَابِلْ بِأَصْلِ شَيْخِهِ أَوْ نُسْخَةٍ تُحَقَّقُ وَوَثِقَ بِمُقَابَلَتِهَا بِالْأَصْلِ وَتَكُونُ مُقَابَلَتُهُ لِذَلِكَ مَعَ الثِّقَةِ الْمَأْمُونِ مَا يَنْظُرُ فِيهِ فَإِذَا جَاءَ حَرْفٌ مُشْكَلٌ نَظَرَ مَعَهُ حَتَّى يُحَقِّقُ ذَلِكَ وَهَذَا كُلُّهُ عَلَى طَرِيقِ مَنْ سَامَحَ فِي السَّمَاعِ وَعَلَى مَنْ يُجِيزُ إِمْسَاكَ أَصْلِ الشَّيْخِ عَلَيْهِ عِنْدَ السَّمَاعِ إِذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ إِمْسَاكِهِ عِنْدَ السَّمَاعِ أَوْ عِنْدَ النَّقْلِ لِأَنَّهُ تَقْلِيدٌ لِهَذَا الثِّقَةِ لِمَا فِي كِتَابِ الشَّيْخِ وَأَمَّا عَلَى مَذْهَبِ مَنْ مَنَعَ ذَلِكَ مِنْ أَهْلِ التَّحْقِيقِ فَلَا يَصِحُّ مُقَابَلَتُهُ مَعَ أَحَدٍ غَيْرِ نَفْسِهِ وَلَا يُقَلِّدُ سِوَاهُ وَلَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ كِتَابِ الشَّيْخِ وَاسِطَةٌ كَمَا لَا يَصِحُّ ذَلِكَ عِنْدَهُ فِي السَّمَاعِ فَلْيُقَابِلْ نُسْخَتَهُ مِنَ الْأَصْلِ بِنَفْسِهِ حَرْفًا حَرْفًا حَتَّى يَكُونَ عَلَى ثِقَةٍ وَيَقِينٍ مِنْ مُعَارَضَتِهَا بِهِ وَمُطَابَقَتِهَا لَهُ وَلَا يَنْخَدِعُ فِي الِاعْتِمَادِ عَلَى نَسْخِ الثِّقَةِ الْعَارِفِ دُونَ مُقَابَلَةٍ نَعَمْ وَلَا عَلَى

نَسْخِ نَفْسِهِ بِيَدِهِ مَا لَمْ يُقَابِلْ وَيُصَحِّحْ فَإِنَّ الْفِكْرَ يَذْهَبُ وَالْقَلْبُ يَسْهُو وَالنَّظَرُ يَزِيغُ وَالْقَلَمُ يَطْغَى أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْحَافِظُ مِنْ كِتَابِهِ أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ أَبُو الْحُسَيْنِ أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ النَّهَاوَنْدِيُّ أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ الرَّامَهُرْمُزِيُّ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ السَّرَّاجُ أَخْبَرَنَا أَبُو هَمَّامٍ أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ قَالَ لِي أَبِي أَكَتَبْتَ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ قَابَلْتَ قُلْتُ لَا قَالَ لَمْ تَكْتُبْ يَا بُنَيَّ أَخْبَرَنَا أَبُو عِمْرَانَ بْنُ أَبِي تَلِيدٍ وَأَبُو مُحَمَّدِ بْنُ عَتَّابٍ وَغَيْرُهُ قَالُوا أَخْبَرَنَا يُوسُفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ أَخْبَرَنَا قَاسِمٌ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ أَخْبَرَنَا الْحَوْطِيُّ أَخْبَرَنَا بَقِيَّةُ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ قَالَ مَثَلُ الَّذِي يَكْتُبُ وَلَا يُعَارِضُ مَثَلُ الَّذِي يَدْخُلُ الْخَلَاءَ وَلَا يَسْتَنْجِي

وَرُوِيَ مِثْلُهُ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّهُ قَالَ كُنْتُ أَكْتُبُ الْوَحْيَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُمْلِي عَلَيَّ فَإِذَا فَرَغْتُ قَالَ أَقْرَأُهُ فَأَقْرَؤُهُ فَإِنْ كَانَ فِيهِ سَقْطٌ أَقَامَهُ وَلِبَعْضِ الشُّعَرَاءِ فِي هَذَا (الْمِحْ كِتَابَكَ حِينَ تَكْتُبُهُ ... وَاحْرُسْهُ مِنْ وَهْمٍ وَمِنْ سَقْطِ) (وَاعْرِضْهُ مُرْتَابًا بِصِحَّتِهِ ... مَا أَنْتَ مَعْصُومًا مِنَ الْغَلَطِ)

- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَابُ التَّخْرِيجِ وَالْإِلْحَاقِ لِلْنَقْصِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ الْفَقِيهُ الْقَاضِي الْإِمَامُ أَبُو الْفَضْلِ عِيَاضٌ الْمُؤَلِّفُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَمَّا تَخْرِيجُ الْمُلْحَقَاتِ لِمَا سَقَطَ مِنَ الْأُصُولِ فَأَحْسَنُ وُجُوهِهَا مَا اسْتَمَرَ عَلَيْهِ الْعَمَلُ عِنْدَنَا مِنْ كِتَابَةِ خَطٍّ بِمَوْضِعِ النَّقْصِ صَاعِدًا إِلَى تَحْتِ السَّطْرِ الَّذِي فَوْقَهُ ثُمَّ يَنْعَطِفُ إِلَى جِهَةِ التَّخْرِيجِ فِي الْحَاشِيَةِ انْعِطَافًا يُشِيرُ إِلَيْهِ ثُمَّ يَبْدَأُ فِي الْحَاشِيَةِ بِاللَّحْقِ مُقَابِلًا لِلْخَطِّ الْمُنْعَطِفِ بَيْنَ السَّطْرَيْنِ وَيَكُونُ كِتَابُهَا صَاعِدًا إِلَى أَعْلَى الْوَرَقَةِ حَتَّى يَنْتَهِيَ اللَّحْقُ فِي سَطْرٍ هُنَاكَ أَوْ سَطْرَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ عَلَى مِقْدَارِهِ وَيُكْتَبُ آخِرَهُ صَحَّ وَبَعْضُهُمْ يَكْتُبُ آخِرَهُ بَعْدَ التَّصْحِيحِ رُجِعَ وَبَعْضُهُمْ يَكْتُبُ انْتَهَى اللَّحْقُ وَاخْتَارَ بَعْضُ أَهْلِ الصَّنْعَةِ مِنْ أَهْلِ أَفْقَنَا وَهُوَ اخْتِيَارُ الْقَاضِي أَبِي مُحَمَّدِ بْنِ خَلَّادٍ مِنْ أَهْلِ الْمَشْرِقِ وَمَنْ وَافَقَهُ عَلَى ذَلِكَ أَنْ يَكْتُبَ فِي آخِرِ اللَّحْقِ الْكَلِمَةَ الْمُتَّصِلَةَ بِهِ مِنَ الْأُمِّ لِيَدُلَّ عَلَى انْتِظَامِ الْكَلَامِ

وَقَدْ رَأَيْتُ هَذَا فِي غَيْرِ كِتَابٍ بِخَطِّ مَنْ يَلْتَفِتُ إِلَيْهِ وَلَيْسَ عِنْدِي بِاخْتِيَارٍ حَسَنٍ فَرُبَّ كَلِمَةٌ قَدْ تَجِيءُ فِي الْكَلَامِ مُكَرَّرَةً مَرَّتَيْنِ وَثَلَاثًا لِمَعْنًى صَحِيحٍ فَإِذَا كَرَّرْنَا الْحَرْفَ آخِرَ كُلِّ لَحْقٍ لَمْ يُؤْمَنْ أَنْ يُوَافِقَ مَا يَتَكَرَّرُ حَقِيقَةً أَوْ يُشْكِلُ أَمْرُهُ فَيُوجِبُ ارْتِيَابًا وَزِيَادَةَ إِشْكَالٍ وَالصَّوَابُ التَّصْحِيحُ عِنْدَ آخِرِ تَمَامِ اللَّحْقِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ آخِرِ سَطْرٍ مِنَ اللَّحْقِ وَبَيْنَ سَائِرِ سُطُورِ الْكَلَامِ فِي انْتِظَامِ اللَّحْقِ وَفَائِدَةُ كِتَابِهِ صَاعِدًا فِي الْحَاشِيَةِ إِلَى أَعْلَى الْوَرَقَةِ لِئَلَّا يَجِدَ بَعْدَهُ نَقْصًا وَإسْقَاطًا آخَرَ فَإِنْ كُنَّا كَتَبْنَا الْأَوَّلَ نَازِلًا إِلَى أَسْفَلَ وَجَدْنَا الْحَاشِيَةَ بِهِ مَلْأَى فَلَمْ نَجِدْ حَيْثُ نُخْرِجُهُ فَإِنْ كُنَّا كَتَبْنَا كُلَّ مَا وَجَدْنَا صَاعِدًا فَمَا وَجَدْنَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ نَقْصِ وَجَدْنَا مَا يُقَابِلَهُ مِنَ الْحَاشِيَةِ نَقِيًّا لِإِلْحَاقِهِ وَلِذَلِكَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ التَّخْرِيجُ أَبَدًا إِلَى جِهَةِ الْيَمِينِ لِأَنَّكَ إِنْ خَرَجْتَ إِلَى جِهَةِ الشِّمَالِ رُبَّمَا وَجَدْتَ فِي السَّطْرِ نَفْسِهِ تَخْرِيجًا آخَرَ فَلَا يُمْكِنُ إِخْرَاجُهُ أَمَامَهُ لِأَنَّهُ كَانَ يُشْكِلُ التَّخْرِيجَانِ فَيُضْطَرُّ إِلَى إِخْرَاجِهِ إِلَى جِهَةِ الْيَمِينِ فَتَلْتَقِي عَطْفَةُ تَخْرِيجِ جِهَةِ

الشِّمَالِ مَعَ عَطْفَةِ تَخْرِيجِ ذَاتِ الْيَمِينِ أَوْ تُقَابِلُهَا فَيَظْهَرُ كَالضَّرْبِ عَلَى مَا بَيْنَهُمَا مِنَ الْكَلَامِ أَوْ يُشْكِلُ الْأَمْرَ وَإِذَا كَانَتِ الْعَطْفَةُ الْأُولَى إِلَى جِهَةِ الْيَمِينِ وَخَرَجَتِ الثَّانِيَةُ إِلَى جِهَةِ الشِّمَالِ لَمْ يَلْتَقِيَا فَأَمِنَ مِنَ الْإِشْكَالِ لَكِنْ إِذَا كَانَ النَّقْصُ فِي آخِرِ السَّطْرِ فَلَا وَجْهَ إِلَى تَخْرِيجِهِ إِلَى جِهَةِ الشِّمَالِ لِقُرْبِ التَّخْرِيجِ مِنَ اللَّحْقِ وَسُرْعَةِ لِحَاقِ النَّاظِرِ بِهِ وَلَأَمِنْنَا مِنْ نَقْصٍ بَعْدَهُ كَمَا إِذَا كَانَ فِي أَوَّلِ السَّطْرِ فَلَا وَجْهَ إِلَّا تَخْرِيجِهِ لِلْيَمِينِ لِهَذِهِ الْعِلَّةِ وَلِلْعِلَّةِ الْأُولَى وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنْ يَمُرَّ عَطْفَةُ خَطِّ التَّخْرِيجِ مِنْ مَوْضِعٍ لِلنَّقْصِ دَاخِلِ الْكِتَابِ حَتَّى يُلْحِقَهُ بِأَوَّلِ حَرْفٍ مِنَ اللَّحْقِ بِالْحَاشِيَةِ لِيَأْتِيَ الْكَلَامُ وَالْخَطُّ كَالْمُتَّصِلِ وَهَذَا فِيهِ بَيَانٌ لَكِنَّهُ تَسْخِيمٌ لِلْكِتَابِ وَتَسْوِيدٌ لَهُ لَا سِيَّمَا إِنْ كَثُرَتِ الْإِلْحَاقَاتُ وَالنَّقْصُ وَقَدْ رَأَيْتُهُ فِي بَعْضِ الْأُصُولِ وَأَمَّا كُلُّ مَا يُكْتَبُ فِي الطُّرَرِ وَالْحَوَاشِي مِنْ تَنْبِيهٍ أَوْ تَفْسِيرٍ أَوِ اخْتِلَافِ ضَبْطٍ فَلَا يَجِبُ أَنْ يَخْرُجَ إِلَيْهِ فَإِنْ ذَلِكَ يُدْخِلُ اللَّبْسَ وَيُحْسَبُ مِنَ الْأَصْلِ وَلَا يَخْرُجُ إِلَّا لِمَا هُوَ مِنْ نَفْسِ الْأَصْلِ لَكِنْ رُبَّمَا جَعَلَ عَلَى الْحَرْفِ الْمُثْبَتِ بِهَذَا التَّخْرِيجِ كَالضَّبَّةِ أَوِ التَّصْحِيحِ لِيَدُلَّ عَلَيْهِ

وَقَدْ حَدَّثَنِي بَعْضُ مَنْ لَقِيتُهُ مِمَّنْ يَعْتَنِي بِهَذَا الشَّأْنِ أَنْ كَتَبَ الْحَكَمُ الْمُسْتَنْصِرُ بِاللَّهِ خَرَجْتُ إِلَى أَهْلِ بَيْتِ الْمُقَابَلَةِ وَالنَّسْخِ بِقَصْرِهِ بِرُسُومٍ مِنْهَا بَعْضُ مَا ذَكَرْنَاهُ قَالَ لَنَا الْقَاضِي الشَّهِيدُ أَبُو عَلِيٍّ سَمِعْتُ أَبَا يُوسُفَ عبد السَّلَام ابْن بُنْدَارٍ الْقَرَوِيَّ يَقُولُ أَنْشَدَنِي الشَّرِيفُ أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ ابْن أَبِي مُوسَى الْهَاشِمِيُّ لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ (مَنْ طَلَبَ الْعِلْمَ وَالْحَدِيثَ فَلَا ... يَضْجَرْ مِنْ خَمْسَةٍ يُقَاسِيهَا) (دَرَاهِمٌ لِلْعُلُومِ يَجْمَعُهَا ... وَعِنْدَ نَشْرِ الْحَدِيثِ يُفْنِيهَا) (يُضْجِرُهُ الضَّرْبُ فِي دَفَاتِرِهِ ... وَكَثْرَةُ اللَّحْقِ فِي حَوَاشِيهَا) (يَغْسِلُ أَثْوَابَهُ وَبَزَّتَهُ ... مِنْ أَثَرِ الحبر لَيْسَ ينقبها) وَقَالَ القاضى الإِمَام أبوالفضل الْمُؤَلِّفُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (خَيْرُ مَا يَقْتَنِي اللَّبِيبُ كِتَابٌ ... مُحْكَمُ النَّقْلِ مُتْقَنُ التَّقْيِيدِ) (خَطَّهُ عَارِفٌ نَبِيلٌ وَعَانَاهُمْ ... فَصَحَّ التَّبْيُضُ بِالتَّسْوِيدِ) (لَمْ يَخُنْهُ إِتْقَانُ نَقْطٍ وَشَكْلٌ ... لَا وَلَا عَابَهُ لِحَاقُ الْمَزِيدِ) (فَكَانَ التَّخْرِيج فِي طرنيه ... طُرَرٌ صُفِّفَتْ بِبِيضِ الْخُدُودِ) (فَيُنَاجِيكَ شَخْصُهُ مِنْ قَرِيبٍ وَيُنَادِيكَ نَصُّهُ مِنْ بَعِيدِ) (فَاصْحَبْنَهُ تَجِدْهُ خَيْرَ جَلِيسٍ ... وَاخْتَبِرْهُ تَجِدْهُ أُنْسَ الْمُرِيدِ)

- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَابٌ فِي التَّصْحِيحِ وَالتَّمْرِيضِ وَالتَّضْبِيبِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ الْفَقِيهُ الْقَاضِي أَمَّا كِتَابَةُ صَحَّ عَلَى الْحَرْفِ فَهُوَ اسْتَثْبَاتٌ لِصِحَّةِ مَعْنَاهُ وَرِوَايَتِهِ وَلَا يُكْتَبُ صَحَّ إِلَّا عَلَى مَا هَذَا سَبِيلُهُ إِمَّا عِنْدَ لَحْقِهِ أَوْ إِصْلَاحِهِ أَوْ تَقْيِيدِ مُهْمَلِهِ وَشَكْلِ مُشْكِلِهِ لِيَعْرِفَ أَنَّهُ صَحِيحٌ بِهَذِهِ السَّبِيلِ قَدْ وَقَفَ عَلَيْهِ عِنْدَ الرِّوَايَةِ وَاهْتَبَلَ بِتَقْيِيدِهِ فَإِنْ كَانَ اللَّفْظُ غَيْرَ صَحِيحٍ فِي اللِّسَانِ إِمَّا فِي إِعْرَابِهِ أَوْ بَيَانِهِ أَوْ فِيهِ اخْتِلَالٌ مِنْ تَصْحِيفٍ أَوْ تَغْيِيرٍ أَوْ نَقَصَتْ كَلِمَةٌ مِنَ الْجُمْلَةِ أَخَلَّتْ بِمَعْنًى أَوْ بُتِرَ مِنَ الْحَدِيثِ مَالَا يَتِمُّ إِلَّا بِهِ إِمَّا لِتَقْصِيرٍ فِي حفظ روايه أَوْ لِلِاخْتِصَارِ وَتَبْيِينِ عَيْنَ الْحَدِيثِ بِلَفْظَةٍ مِنْهُ لَا بِإِيرَادِهِ عَلَى وَجْهِهِ وَهُوَ الْبَابُ الَّذِي يُسَمِّيَهُ أهل الصَّنْعَة الا راف أَوْ بِتَقْدِيمٍ أَوْ تَأْخِيرٍ قَلَبَ مَفْهُومَهُ وَنَثَرَ مَنْظُومَهُ فَهَذَا الَّذِي جَرَتْ عَادَةُ أَهْلِ التَّقْيِيدِ أَنْ يَمُدُّوا عَلَيْهِ خَطًّا أَوَّلُهُ مِثْلُ الصَّادِ وَلَا يَلْزِقُ بِالْكَلِمَةِ الْمُعَلَّمِ عَلَيْهَا لِئَلَّا يُظَنُّ ضَرْبًا وَيُسَمُّونَهُ ضَبَّةً وَيُسَمُّونَهُ تَمْرِيضًا وَكَأَنَّهَا صَادُ التَّصْحِيحِ كُتِبَتْ بِمَدَّتِهَا وَحُرِّفَتْ

حَاؤُهَا لِيُفَرَّقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَا صَحَّ لَفْظًا وَمَعْنًى وَذَلِكَ أَنَّهُ صَحَّ مِنْ جِهَةِ الرِّوَايَةِ وَضَعُفَ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى فَلَمْ يُكْمَلْ عَلَيْهِ التَّصْحِيحُ وَكُتِبَ عَلَيْهِ هَذَا عَلَامَةً عَلَى مَرَضِهِ وَلِئَلَّا يُرْتَابَ فِي صِحَّةِ رِوَايَتِهِ وَيَظُنُّ النَّاظِرُ فِي كِتَابِهِ مَهْمَا وَقَفَ عَلَيْهِ يَوْمًا مَلْحُونًا أَوْ مُغَيَّرًا أَنَّهُ مِنْ وَهْمِهِ وَغَلَطِهِ لَا مِنْ صِحَّةِ سَمَاعِهِ فَنَبَّهَ بِالتَّمْرِيضِ عَلَيْهِ عَلَى وُقُوفِهِ عَلَيْهِ عِنْدَ السَّمَاعِ وَنَقْلِهِ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ وَلَعَلَّ غَيْرَهُ قَدْ يُخَرِّجُ لَهُ وَجْهًا صَحِيحًا وَيُظْهِرُ لَهُ فِي صِحَّةِ مَعْنَاهُ وَلَفْظِهِ حُجَّةً لَمْ تَظْهَرْ لِهَذَا فَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٍ قَالَ الْقَاضِي وَلِهَذَا قَدْ شَاهَدْنَا مِنَ الْإِصْلَاحَاتِ لِمِثْلِ هَذَا لِبَعْضِ الْمُتَجَاسِرِينَ وَأَكْثَرُهُمْ مِنَ الْمُحْدَثِينَ وَالْمُتَأَخِّرِينَ مَا الصَّوَابُ فِيمَا أَنْكَرُوهُ وَعَيْنُ الْخَطَأِ مَا أَصْلَحُوهُ وَمَنْ وَقَفَ عَلَى مَا رَسَمْنَاهُ مِنْ ذَلِكَ فِي كِتَابِنَا

الْمُسَمَّى بِمَشَارِقِ الْأَنْوَارِ عَلَى صِحَاحِ الْآثَارِ شَهِدَ لَهُ بِصِحَّةِ مَا ادَّعَيْنَاهُ قَرَأْتُ بِخَطِّ الشَّيْخِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نصر الْحميدِي نزيل بَغْدَاد أَخْبَرَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الْمِصْرِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو مَرْوَانَ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ زِيَادَةِ اللَّهِ بْنِ عَلِيٍّ التَّمِيمِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِم إِبْرَاهِيم ابْن مُحَمَّدِ بْنِ زَكَرِيَّا الْقُرَشِيُّ الزُّهْرِيُّ هُوَ ابْنُ الْإِفْلِيلِيِّ اللُّغَوِيُّ قَالَ

كَانَ شُيُوخُنَا مِنْ أَهْلِ الْأَدَبِ يَتَعَالَمُونَ أَنَّ الْحَرْفَ إِذَا كُتِبَ عَلَيْهِ صَحَّ بِصَادٍ وَحَاءٍ أَنَّ ذَلِكَ عَلَامَةٌ لِصِحَّةِ الْحَرْفِ لِئَلَّا يَتَوَهَّمُ مُتَوَهِّمٌ عَلَيْهِ خَلَلًا وَلَا نَقْصًا فَوَضْعُ حَرْفٍ كَامِلٍ عَلَى حَرْفٍ صَحِيحٍ وَإِذَا كَانَ عَلَيْهِ صَادٌ مَمْدُودَةٌ دُونَ حَاءٍ كَانَ عَلَامَةً أَنَّ الْحَرْفَ سَقِيمٌ إِذْ وُضِعَ عَلَيْهِ حَرْفٌ غَيْرُ تَامٍ لِيَدُلَّ نَقْصُ الْحَرْفِ عَلَى اخْتِلَالِ الْحَرْفِ وَيُسَمَّى ذَلِكَ الْحَرْفُ أَيْضًا ضَبَّةً أَيْ أَنَّ الْحَرْفَ مُقْفَلٌ بِهَا لَا يَتَّجِهُ لِقِرَاءَةٍ كَمَا أَنَّ الضَّبَّةَ مُقْفَلٌ بِهَا

- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَابٌ فِي الضَّرْبِ وَالْحَكِّ وَالشَّقِّ وَالْمَحْوِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَصْبَهَانِيُّ مِنْ كِتَابِهِ أَخْبَرَنَا الصَّيْرَفِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الْفَالِيُّ أَخْبَرَنَا النَّهَاوَنْدِيُّ أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ ابْن خَلَّادٍ قَالَ قَالَ أَصْحَابُنَا الْحَكُّ تُهْمَةٌ وَأَجْوَدُ الضَّرْبِ أَلَّا يَطْمِسُ الْحَرْفَ الْمَضْرُوبَ عَلَيْهِ بَلْ بِخَطٍّ مِنْ فَوْقِهِ خَطًا جَيِّدًا بَيِّنًا يَدُلُّ عَلَى إِبْطَالِهِ وَيُقْرَأُ مِنْ تَحْتِهِ مَا خُطَّ عَلَيْهِ سَمِعْتُ شَيْخَنَا أَبَا بَحْرٍ سُفْيَانَ بْنَ الْعَاصِي الْأَسَدِيَّ يَحْكِي عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ كَانَ الشُّيُوخُ يَكْرَهُونَ حُضُورَ السُّكَيْنِ مَجْلِسَ السماع حَتَّى لَا يبشر شَيْء لِأَنَّ مَا يَبْشُرُ مِنْهُ قَدْ يَصِحُّ مِنْ رِوَايَةٍ أُخْرَى وَقَدْ يُسْمَعُ الْكِتَابُ مَرَّةً أُخْرَى عَلَى شَيْخٍ آخَرَ يَكُونُ مَا بَشَرَ وَحَكَّ مِنْ رِوَايَةِ هَذَا صَحِيحًا فِي رِوَايَةِ الْآخَرِ فَيْحَتَاجُ إِلَى إِلْحَاقِهِ بَعْدَ أَنْ بَشَرَهُ وَهُوَ إِذَا خَطَّ عَلَيْهِ وَأَوْقَفَهُ مِنْ رِوَايَةِ الْأَوَّلِ وَصَحَّ عِنْدَ الْآخَرِ اكْتَفَى بِعَلَامَةِ الْآخَرِ عَلَيْهِ بِصِحَّتِهِ

وَاخْتَلَفَتِ اخْتِيَارَاتُ الضَّابِطِينَ فِي الضَّرْبِ فَأَكْثَرُهُمْ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ مَدِّ الْخَطِّ عَلَيْهِ لَكِنْ يَكُونُ هَذَا الْخَطُّ مُخْتَلِطًا بِالْكَلِمَاتِ الْمَضْرِوبِ عَلَيْهَا وَهُوَ الَّذِي يُسَمَّى الضَّرْبَ وَالشَّقَّ وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يَخْلِطُهُ وَيُثْبِتُهُ فَوْقَهُ لَكِنَّهُ يَعْطِفُ طَرَفَ الْخَطِّ عَلَى أَوَّلِ الْمُبْطَلِ وَآخِرِهِ لَيُمَيِّزَهُ مِنْ غَيْرِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَقْبِحُ هَذَا وَيَرَاهُ تَسْوِيدًا وَتَطْلِيسًا فِي الْكِتَابِ بَلْ يَحُوقُ عَلَى الْكَلَامِ الْمَضْرُوبِ عَلَيْهِ بِنِصْفِ دَائِرَةٍ وَكَذَلِكَ فِي آخِرِهِ وَإِنْ كَثُرَ فَرُبَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ فِي أَوَّلِ كل سطر وَآخر مِنَ الْمَضْرُوبِ عَلَيْهِ لِلْبَيَانِ وَرُبَّمَا اكْتَفَى بِالتَّحْوِيقِ عَلَى أَوَّلِ الْكَلَامِ وَآخِرِهِ وَرُبَّمَا كَتَبَ عَلَيْهِ لَا فِي أَوله و (إِلَى) فِي آخِرِهِ وَمِثْلُ هَذَا يَصْلُحُ فِيمَا صَحَّ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ وَسَقَطَ مِنْ بَعْضِ حَدِيثٍ أَوْ مِنْ كَلَامٍ وَقَدْ يَكتَفِي بِمِثْلِ هَذَا بِعَلَامَةِ مَنْ ثَبُتَتْ لَهُ فَقَط أَو بِإِثْبَات لَا وَإِلَى فَقَطْ وَأَمَّا مَا هُوَ خَطَأٌ مَحْضٌ فَالتَّحْوِيقُ التَّامُ عَلَيْهِ أَوْحَكُّهُ أَوْلَى وَمِنَ الْأَشْيَاخِ الْمُحْسِنِينَ لِكُتُبِهِمْ مَنْ يَسْتَقْبِحُ فِيهَا الضَّرْبَ وَالتَّحْوِيقَ وَيَكْتَفِي بِدَائِرَةٍ صَغِيرَةٍ أَوَّلَ الزِّيَادَةِ وَآخِرَهَا وَيُسَمِّيهَا صِفْرًا كَمَا يُسَمِّيهَا أَهْلُ الْحِسَابِ وَمْعَنَاهَا خُلُوُّ مَوْضِعِهَا عِنْدَهُمْ عَنْ عَدَدٍ كَذَلِكَ تُشْعِرُ هُنَا بِخُلُوِّ مَا بَيْنَهُمَا عَنْ صِحَّةٍ

وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْإِتْقَانِ مِنْ أَهْلِ هَذَا الشَّأْنِ فِي الْحَرْفِ إِذَا تَكَرَّرَ وَاحْتَاجَ إِلَى الضَّرْبِ عَلَى أَحَدِهَا وَإِبْطَالِهِ أَيُّهَا أَوْلَى بِهِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ أَوْلَاهُمَا بِالْإِبْقَاءِ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ صَحِيحٌ وَيُبْطِلُ الثَّانِي لِأَنَّهُ هُوَ الْخَطَأُ وَالْمُسْتَغْنَى عَنْهُ وَقَالَ آخَرُونَ أَوْلَاهُمَا بِالْإِبْقَاءِ أَجْوَدُهُمَا صُورَةً وَأَحْسَنُهُمَا كِتَابَةً وَأَرَى أَنَا إِنْ كَانَ الْحَرْفُ تَكَرَّرَ فِي أَوَّلِ سَطْرٍ مَرَّتَيْنِ أَنْ يُضْرَبَ عَلَى الثَّانِي لِئَلَّا يَطْمِسَ أَوَّلَ السَّطْرِ وَيُسْخِمَ وَإِنْ كَانَ تَكَرَّرَ فِي آخِرِ سَطْرٍ وَأَوَّلِ الَّذِي بَعْدَهُ فَلْيُضْرَبُ عَلَى الْأَوَّلِ الَّذِي فِي آخِرِ السَّطْرِ وَإِنْ كَانَا جَمِيعًا فِي آخِرِ سَطْرٍ فَلْيِضْرَبُ عَلَى الْأَوَّلِ أَيْضًا لِأَنَّ هَذَا كُلَّهُ مِنْ سَلَامَةِ أَوَائِلِ السُّطُورِ وَأَوَاخِرُهَا أَحْسَنُ فِي الْكِتَابِ وَأَجْمَلُ لَهُ إِلَّا إِذَا اتَّفَقَ آخِرُ سَطْرٍ وَأَوَّلُ آخِرٍ فَمُرَاعَاةُ الْأَوَّلِ مِنَ السَّطْرِ أَوْلَى وَهَذَا عِنْدِي إِذَا تَسَاوَتِ الْكَلِمَاتُ فِي الْمَنَازِلِ فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِثْلُ الْمُضَافِ وَالْمُضَافِ إِلَيْهِ فَتَكَرَّرَ أَحَدُهُمَا فَيَنْبَغِي أَلَّا يُفْصَلَ بَيْنَهُمَا فِي الْخَطِّ وَيُضْرَبُ بَعْدُ عَلَى الْمُتَكَرِّرِ مِنْ ذَلِكَ كَانَ أَوَّلًا أَوْ آخِرًا وَكَذَلِكَ الصِّفَةُ مَعَ الْمَوْصُوفِ وَشَبَهُ هَذَا فَمُرَاعَاةُ هَذَا مُضْطَرٌّ لِلْفَهْمِ وَرُبَّمَا أَدْخَلَ الْفَصْلُ بَيْنَهُمَا بِالضَّرْبِ وَالِاتِّصَالِ إِشْكَالًا وَتَوَقُّفًا فَمُرَاعَاةُ الْمَعَانِي وَالِاحْتِيَاطِ لَهَا أَوْلَى مِنْ مُرَاعَاةِ تَحْسِينِ الصُّورَةِ فِي الْخَطِّ

أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ الْعَاصِي الْأَسَدِيُّ أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ الْوَقْشِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَرَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَعَافِرِيُّ قَالَ قَالَ مُحَمَّدُ ابْن سَحْنُونٍ أَخْبَرَنَا مُوسَى أَخْبَرَنَا جُرَيْرٌ عَنْ مَنْصُورٍ قَالَ كَانَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ يَقُولُ مِنَ الْمُرُوءَةِ أَنْ يُرَى فِي ثَوْبِ الرَّجُلِ وَشَفَتَيْهِ مِدَادٌ قَالَ وَفِي مِثْلِ هَذَا دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ لَعْقِ الْكِتَابِ بِلِسَانِهِ وَكَانَ سَحْنُونٌ رُبَّمَا كَتَبَ الشَّيْءَ ثُمَّ لَعِقهُ

- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَابُ تَحَرِّي الرِّوَايَةِ وَالْمَجِيءِ بِاللَّفْظِ وَمَنْ رَخَّصَ لِلْعُلَمَاءِ فِي الْمَعْنَى وَمَنْ مَنَعَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا خِلَافَ أَنَّ على الْجَاهِل والمبتدىء وَمَنْ لَمْ يَمْهَرْ فِي الْعِلْمِ وَلَا تَقَدَّمَ فِي مَعْرِفَةِ تَقْدِيمِ الْأَلْفَاظِ وَتَرْتِيبِ الْجُمَلِ وَفَهْمِ الْمَعَانِي أَنْ لَا يَكْتُبَ وَلَا يَرْوِيَ وَلَا يَحْكِيَ حَدِيثًا إِلَّا عَلَى اللَّفْظِ الَّذِي سَمِعَهُ وَأَنَّهُ حَرَامٌ عَلَيْهِ التَّعْبِيرُ بِغَيْرِ لَفْظِهِ الْمَسْمُوعِ إِذْ جَمِيعُ مَا يَفْعَلُهُ مِنْ ذَلِكَ تَحَكُّمٌ بِالْجَهَالَةِ وَتَصَرُّفٌ عَلَى غَيْرِ حَقِيقَةٍ فِي أُصُولِ الشَّرِيعَةِ وَتَقَوُّلٌ عَلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ مَا لَمْ يُحِطْ بِهِ عِلْمًا وَقَدِيمًا هَابَ الصَّحَابَةُ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ فَمن بعدهمْ الحَدِيث عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَبْدِيلَ اللَّفْظِ الْمَسْمُوعِ مِنْهُ وَحَضَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ذَلِكَ وَأَمَرَ بِإِيرَادِ مَا سُمِعَ مِنْهُ كَمَا سَمِعَ حَدَّثَنَا الْقَاضِي الْحَافِظُ أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّدَفِيُّ سَمَاعِي عَلَيْهِ قَالَ حَدَّثَنَا الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ الْبَاجِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو ذَرٍّ الْهَرَوِيُّ

أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ وَأَبُو الْهَيْثَمِ وَأَبُو مُحَمَّد قَالُوا أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْفَرَبْرِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْبُخَارِيُّ أَخْبَرَنَا مُسَدَّدٌ أَخْبَرَنَا مُعْتَمِرٌ سَمِعْتُ مَنْصُورًا عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ حَدَّثَنِي الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ قَالَ قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَتَيْتَ مَضْجَعَكَ فَتَوَضَّأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلَاةِ ثُمَّ اضْطَجِعْ عَلَى شِقِّكَ الْأَيْمَنِ ثُمَّ قُلِ اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ وَجْهِي إِلَيْكَ وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ رَغْبَةً وَرَهْبَةً إِلَيْكَ لَا مَلْجَأَ وَلَا مَنْجَى إِلَّا إِلَيْكَ آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ فَإِنْ مِتَّ مِتَّ عَلَى الْفِطْرَةِ وَاجْعَلْهُ آخِرَ مَا تَقُولُ

فَقُلْتُ أَسْتَذْكِرُهُنَّ وَرَسُولِكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ فَقَالَ لَا وَنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ وَأَخْبَرَنَا قَالَ أَخْبَرَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ النَّهَاوَنْدِيُّ أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ

الرَّامَهُرْمُزِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الْحَضْرَمِيُّ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَبَانٍ أَخْبَرَنَا حَفْصٌ أَخْبَرَنَا الْأَعْمَشُ أَخْبَرَنَا عُمَارَةُ بْنُ عُمَيْرٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ يَمْكُثُ السَّنَةَ لَا يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَتْهُ الرَّعْدَةُ وَيَقُولُ أَوْ هَكَذَا أَوْ نَحْوُهُ أَوْ شَبَهُهُ وَقَالَ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ نَضَّرَ اللَّهُ امْرَءًا سَمِعَ مَقَالَتِي فَوَعَاهَا فَأَدَّاهَا كَمَا سَمِعَهَا فَرُبَّ مُبَلَّغٍ أَوْعَى مِنْ سَامِعٍ وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ لَيْسَ بِفَقِيهٍ

ثُمَّ اخْتَلَفَ السَّلَفُ وَأَرْبَابُ الْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ وَالْأُصُولِ هَلْ يَسُوغُ ذَلِكَ لِأَهْلِ الْعِلْمِ فَيُحَدِّثُونَ عَلَى الْمَعْنَى أَولا يُبَاحُ لَهُمْ ذَلِكَ فَأَجَازَهُ جُمْهُورُهُمْ إِنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ مُشْتَغِلٍ بِالْعِلْمِ نَاقِدٍ لِوُجُوهِ تَصَرُّفِ الْأَلْفَاظِ وَالْعِلْمِ بِمَعَانِيهَا وَمَقَاصِدِهَا جَامِعٍ لِمَوَادِ الْمَعْرِفَةِ بِذَلِكَ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ نَحْوُهُ وَمَنَعَهُ آخَرُونَ وَشَدَّدُوا فِيهِ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ وَالْفُقَهَاءِ وَلَمْ يُجِيزُوا ذَلِكَ لِأَحَدٍ وَلَا سَوَّغُوا إِلَّا الْإِتْيَانَ بِهِ عَلَى اللَّفْظِ نَفْسِهِ فِي حَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَغَيْرِهِ وَرُوِيَ نَحْوُهُ عَنْ مَالِكٍ أَيْضًا وَشَدَّدَ مَالِكٌ الْكَرَاهِيَةَ فِيهِ فِي حَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرُوِيَ عَنْهُ فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ أَمَّا فِي حَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يُؤْتَى بِهِ عَلَى أَلْفَاظِهِ وَرَخَّصَ فِيهِ فِي حَدِيثِ غَيْرِهِ وَفِي التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ وَفِي الزِّيَادَةِ وَالنَّقْصِ

وَحَمَلَ أَئِمَّتُنَا هَذَا مِنْ مَالِكٍ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ كَمَا قَالَ وَلَا يُخَالِفُهُ أَحَدٌ فِي هَذَا وَأَنَّ الْأَوْلَى وَالْمُسْتَحَبَّ الْمَجِيءِ بِنَفْسِ اللَّفْظِ مَا اسْتُطِيعَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْقَاضِي أَخْبَرَنَا ابْنُ قَاسِمٍ أَخْبَرَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْغَافِقِيُّ أَخْبَرَنَا الذُّهْلِيُّ أَخْبَرَنَا جَعْفَرٌ أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مُوسَى سَمِعْتُ مَعْنَ بْنَ عِيسَى يَقُولُ كَانَ مَالِكٌ يَتَّقِي فِي حَدِيثِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ البَّاءَ وَالتَّاءَ وَنَحْوَهُمَا وَحَدَّثَنَا بِسَنَدِهِ عَنِ الْغَافِقِيِّ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاق ابْن شَعْبَانَ حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُثْمَانَ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ قَالَ سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ يَقُولُ

أَمَّا حَدِيثُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأُحِبُّ أَنْ يُؤْتَى بِهِ عَلَى أَلْفَاظِهِ وَمَا قَالَهُ رَحِمَهُ اللَّهُ الصَّوَابُ فَإِنَّ نَظَرَ النَّاسِ مُخْتَلِفٌ وَأَفْهَامَهُمْ مُتَبَايِنَةٌ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٍ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ فَإِذَا أَدَّى اللَّفْظَ أَمِنَ الْغَلَطَ وَاجْتَهَدَ كُلُّ مَنْ بَلَغَ إِلَيْهِ فِيهِ وَبَقِيَ عَلَى حَالِهِ لِمَنْ يَأْتِي بَعْدُ وَهُوَ أَنْزَهُ لِلرَّاوِي وَأَخْلَصُ لِلْمُحَدِّثِ وَلَا يُحْتَجُّ بِاخْتِلَافِ الصَّحَابَةِ فِي نَقْلِ الْحَدِيثِ الْوَاحِدِ بِأَلْفَاظٍ مُخْتَلِفَةٍ فَإِنَّهُمْ شَاهَدُوا قَرَائِنَ تِلْكَ الْأَلْفَاظِ وَأَسْبَابَ تِلْكَ الْأَحَادِيثِ وَفَهِمُوا مَعَانِيهَا حَقِيقَةً فَعَبَّرُوا عَنْهَا بِمَا اتَّفَقَ لَهُمْ مِنَ الْعِبَارَاتِ إِذْ كَانَتْ مُحَافَظَتُهُمْ عَلَى مَعَانِيهَا الَّتِي شَاهَدُوهَا وَالْأَلْفَاظُ تَرْجَمَةٌ عَنْهَا وَأَمَّا مَنْ بَعْدِهِمْ فَالْمُحَافَظَةُ أَوَّلًا عَلَى الْأَلْفَاظِ الْمُبَلَّغَةِ إِلَيْهِمُ الَّتِي مِنْهَا تُسْتَخْرَجُ الْمَعَانِي فَمَا لَمْ تُضْبَطِ الْأَلْفَاظُ وَتُتَحَرَّى وَتُسُومِحَ فِي العبارت وَالتَّحَدُّثِ عَلَى الْمَعْنَى انْحَلَّ النَّظْمُ وَاتْسَعَ الْخَرْقُ وَجَوَازُ ذَلِكَ لِلْعَالِمِ الْمُتَبَحِّرِ مَعْنَاهُ عِنْدِي عَلَى طَرِيقِ الِاسْتَشْهَادِ وَالْمُذَاكَرَةِ وَالْحُجَّةِ وَتَحَرِّيهِ فِي ذَلِكَ مَتَى أَمْكَنَهُ أَوْلَى كَمَا قَالَ مَالِكٌ وَفِي الْأَدَاءِ وَالرِّوَايَةِ آكَدُ وَكَذَلِكَ اخْتَلَفُوا فِي الْحَدِيثِ بِبَعْضِ الْحَدِيثِ وَفَصْلٍ مِنْهُ وَاسْتِخْرَاجِ

نُكْتَةٍ مِنْهُ وَسُنَّةٍ لَا تَعَلُّقَ لَهَا بِمَا بَقِيَ كَاخْتِلَافِهِمْ فِي الْحَدِيثِ عَلَى الْمَعْنَى وَهَذَا أَحَبُّ لِأَهْلِ الْعِلْمِ بِتَفَاصِيلِ الْكَلَامِ وَجُمَلِهِ وَقَدْ تَقَصَّيْنَا الْكَلَامَ فِي هَذَا فِي كِتَابِ الْإِكْمَالِ لُشَرْحِ كِتَابِ مُسْلِمِ بْنِ الْحَجَّاجِ فِي الصَّحِيحِ

- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَابٌ فِي إِصْلَاحِ الْخَطَأِ وَتَقْوِيمِ اللَّحْنِ وَالِاخْتِلَافِ فِي ذَلِكَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ الْفَقِيهُ الْقَاضِي أَبُو الْفَضْلِ عِيَاضُ الْمُؤَلِّفُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حَدَّثَنَا الْفَقِيهَانِ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ الْخُشَنِيُّ وَعَبْدُ الرَّحْمَن ابْن مُحَمَّدِ بْنِ عَتَّابٍ بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِمَا قَالَا أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ حَاتِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الْقَابِسِيُّ الْفَقِيهُ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ بْنَ هِشَامِ الْمِصْرِيَّ يَقُولُ سُئِلَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّسَائِيُّ عَنِ اللَّحْنِ فِي الْحَدِيثِ فَقَالَ إِنْ كَانَ شَيْئًا تَقُولُهُ الْعَرَبُ وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِ لُغَةِ قُرَيشٍ فَلَا يُغَيَّرُ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُكَلِّمُ النَّاسَ بِلِسَانِهِمْ وَإِنْ كَانَ مَالَا يُوجَدُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ فَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَلْحَنُ حَدَّثَنَا الْقَاضِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ التَّمِيمِيُّ وَالْوَزِيرُ أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ سِرَاجٍ الْحَافِظُ بِسَمَاعِي عَلَيْهِمَا قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مَرْوَانَ بْنُ سِرَاجٍ الْحَافِظُ قَالَ حَدَّثَنِي

أَبُو عُمَرَ بْنُ أَبِي السَّفَاقُسِيِّ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْفَسَوِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ الْبُسْتِيُّ الْخَطَّابِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاذٍ أَخْبَرَنَا بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنْ أَبِي دَاوُدَ السِّنْجِيِّ قَالَ سَمِعْتُ الْأَصْمَعِيَّ يَقُولُ إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَى طَالِبِ الْعِلْمِ إِذَا لَمْ يَعْرِفِ النَّحْوَ أَنْ يَدْخُلَ فِي جُمْلَةِ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَلْحَنُ فَمَهْمَا رَوَيْتَ عَنْهُ وَلَحَنْتَ فِيهِ كَذَبْتَ عَلَيْهِ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ مِنْ كِتَابِهِ أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْحَمَامِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الْفَالِيُّ أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَحْمد ابْن إِسْحَاقَ أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ خَلَّادٍ الْقَاضِي أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِدْرِيسَ أَخْبَرَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاذٍ مَوْلًى لِقُرَيْشٍ أَخْبَرَنَا شَرِيكٌ عَنْ جَابِرٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ لَا بَأْسَ أَنْ يَقُومَ اللَّحْنُ فِي الْحَدِيثِ

قَالَ وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مَحْمَوَيْهِ أَخْبَرَنَا أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ أَخْبَرَنَا الْوَلِيدُ بْنُ عُتْبَةَ أَخْبَرَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ سَمِعْتُ الْأَوْزَاعِيَّ يَقُولُ أَعْرِبُوا الْحَدِيثَ فَإِنَّ الْقَوْمَ كَانُوا عُرْبًا وَعَنِ الْأَوْزَاعِيِّ أَيْضًا لَا بَأْسَ بِإِصْلَاحِ اللَّحْنِ فِي الْحَدِيثِ وَرُوِيَ مِثْلُ هَذَا عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ السَّلَفِ فَمَنْ بَعْدَهُمْ أَخْبَرَنَا عَطَاءٌ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَابْنُ مَعِينٍ أَخْبَرَنَا ابْنُ عَتَّابٍ عَن يُوسُف ابْن عَبْدِ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ أَخْبَرَنَا قَاسِمٌ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ حَدَّثَنَا عَثَّامُ بْنُ عَلِيٍّ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ عُمَارَةَ عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ قَالَ إِنِّي لَأَسْمَعُ الْحَدِيثَ لَحْنًا فَأَلْحَنُ كَمَا سَمِعْتُ وَأَخْبَرَنَا الْحَضْرَمِيُّ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ أَخْبَرَنَا عَثَّامُ بْنُ عَلِيٍّ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ عُمَارَةَ عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ قَالَ إِنِّي لَأَسْمَعُ الْحَدِيثَ لَحْنًا فَأَلْحَنُ كَمَا سَمِعْتُ قَالَ الْقَاضِي الْمُؤَلِفُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الَّذِي اسْتَمَرَّ عَلَيْهِ عَمَلُ أَكْثَرِ الْأَشْيَاخِ نَقْلُ الرِّوَايَةِ كَمَا وَصَلَتْ إِلَيْهِمْ وَسَمِعُوهَا وَلَا يُغَيِّرُونَهَا مِنْ كُتُبِهِمْ حَتَّى

أَطْرَدُوا ذَلِكَ فِي كَلِمَاتٍ مِنَ الْقُرْآنِ اسْتَمَرَّتِ الرِّوَايَةُ فِي الْكُتُبِ عَلَيْهَا بِخِلَافِ التِّلَاوَةِ الْمُجْمَعِ عَلَيْهَا وَلم يجىء فِي الشَّاذِ مِنْ ذَلِكَ فِي الْمُوَطَّأِ وَالصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهَا حِمَايَةٌ لِلْبَابِ لَكِنَّ أَهْلَ الْمَعْرِفَةِ مِنْهُمْ يُنَبِّهُونَ عَلَى خَطَئِهَا عِنْدَ السَّمَاعِ وَالْقِرَاءَةِ وفى حَوَاشِي الْكُتُبِ وَيَقْرَءُونَ مَا فِي الْأُصُولِ عَلَى مَا بَلَغَهُمْ وَمِنْهُمْ مَنْ يَجْسُرُ عَلَى الْإِصْلَاحِ وَكَانَ أَجْرَأَهُمْ عَلَى هَذَا مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ هِشَامُ بْنُ أَحْمَدَ الْكِنَانِيُّ الْوَقْشِيُّ فَإِنَّهُ لِكَثْرَةِ مُطَالَعَتِهِ وَتَفَنُّنِهِ كَانَ فِي الْأَدَبِ وَاللُّغَةِ وَأَخْبَارِ النَّاسِ وَأَسْمَاءِ الرِّجَالِ وَأَنْسَابِهِمْ وَثُقُوبِ فَهْمِهِ وَحِدَّةِ ذِهْنِهِ جَسَرَ عَلَى الْإِصْلَاحِ كَثِيرًا وَرُبَّمَا نَبَّهَ عَلَى وَجْهِ الصَّوَابِ لَكِنَّهُ رُبَّمَا وَهَمَ وَغَلِطَ فِي أَشْيَاءٍ مِنْ ذَلِكَ وَتَحَكَّمَ فِيهَا بِمَا ظَهَرَ لَهُ أَوْ بِمَا رَآهُ فِي حَدِيثٍ آخَرَ وَرُبَّمَا كَانَ الَّذِي أَصْلَحَهُ صَوَابًا وَرُبَّمَا غَلِطَ فِيهِ وَأَصْلَحَ الصَّوَابَ بِالْخَطَأِ وَقَدْ وَقَفْنَا لَهُ مِنْ ذَلِكَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَالسِّيَرِ وَغَيْرِهَا عَلَى أَشْيَاءٍ كَثِيرَةٍ وَكَذَلِكَ لِغَيْرِهِ مِمَّنْ سَلَكَ هَذَا الْمَسْلَكَ وَحِمَايَةُ بَابِ الْإِصْلَاحِ وَالتَّغَيُّرُ أَوْلَى لِئَلَّا يَجْسُرَ عَلَى ذَلِكَ مَنْ لَا يُحْسِنُ وَيَتَسَلَّطُ عَلَيْهِ مَنْ لَا يَعْلَمُ وَطَرِيقُ الْأَشْيَاخِ أَسْلَمُ مَعَ التَّبْيِينِ فَيُذْكَرُ اللَّفْظُ عِنْدَ السَّمَاعِ كَمَا وَقَعَ وَيُنَبَّهُ عَلَيْهِ وَيُذْكَرُ وَجْهُ صَوَابِهِ إِمَّا مِنْ جِهَةِ الْعَرَبِيَّةِ أَوِ النَّقْلِ

أَوْ وُرُودِهِ كَذَلِكَ فِي حَدِيثِ آخَرَ أَوْ يَقْرَؤُهُ عَلَى الصَّوَابِ ثُمَّ يَقُولُ وَقَعَ عِنْدَ شَيْخِنَا أَوْ فِي رِوَايَتِنَا كَذَا أَوْ مِنْ طَرِيقِ فُلَانٍ كَذَا وَهُوَ أَوْلَى لِئَلَّا يَقُولَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مالم يَقُلْ وَأَحْسَنُ مَا يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ فِي الْإِصْلَاحِ أَنْ تُرَدَّ تِلْكَ اللَّفْظَةُ الْمُغَيَّرَةُ صَوَابًا فِي أَحَادِيثَ أُخْرَى فَإِنَّ ذَاكِرَهَا عَلَى الصَّوَابِ فِي الْحَدِيثِ أَمِنَ أَنْ يَقُولَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم مالم يَقُلْ بِخِلَافِ إِذَا كَانَ إِنَّمَا أَصْلَحَهَا بِحُكْمِ عِلْمِهِ وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْعَرَبِ وَهَذِهِ طَرِيقَةُ أَبِي عَلِيِّ بْنِ السَّكَنِ الْبَغْدَادِيِّ فِي انْتِقَائِهِ رِوَايَتِهِ لِصَحِيحِ الْبُخَارِيِّ فَإِنَّ أَكْثَرَ مُتُونِ أَحَادِيثِهِ وَمُحْتَمَلَ رِوَايَتِهِ هِيَ عِنْدَهُ مُتْقَنَةٌ صَحِيحَةٌ مِنْ سَائِرِ الْأَحَادِيثِ الْأُخَرِ الْوَاقِعَةِ فِي الْكِتَابِ وَغَيْرِهِ

وَقَدْ نَبَّهَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ عَلَى أَلْفَاظٍ مِنْ هَذَا فِي جُزْءٍ أَيْضًا لَكِنْ أَكْثَرُ مَا ذَكَرَهُ مِمَّا أَنْكَرَهُ عَلَى الْمُحْدَثِينَ لَهُ وُجُوهٌ صَحِيحَةٌ فِي الْعَرَبِيَّةِ وَعَلَى لُغَاتٍ مَنْقُولَةٍ وَاسْتَمَرَّتِ الرِّوَايَةُ بِهِ وَلَيْسَ الرَّأْيُ فِي صَدْرٍ وَاحِدًا وَمِمَّنْ كَانَ يَأْبَى تَغْيِيرَ اللَّحْنَ نَافِعٌ مَوْلَى بْنِ عُمَرَ وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ وَأَبُو الضُّحَى وَغَيْرُهُمْ

- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَابُ ضَبْطِ اخْتِلَافِ الرِّوَايَاتِ وَالْعَمَلِ فِي ذَلِكَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ الْفَقِيهُ الْقَاضِي الْإِمَامُ أَبُو الْفَضْلِ عِيَاضٌ الْمُؤَلِّفُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ هَذَا مِمَّا يُضْطَرُ إِلَى إِتْقَانِهِ وَمَعْرِفَتِهِ وَتَمْيِيزِهِ وَإِلَّا تَسَوَّدَتِ الصُّحُفُ وَاخْلَطَتِ الرِّوَايَاتَ وَلَمْ يَحِلَّ صَاحِبُهَا بِطَائِلٍ وَأَوْلَى ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الْأَمُّ عَلَى رِوَايَةٍ مُخْتَصَّةٍ ثُمَّ مَا كَانَتْ من زِيَارَة الْأُخْرَى أُلْحِقَتْ أَوْ مِنْ نَقْصٍ أُعْلِمَ عَلَيْهَا أَوْ مِنْ خِلَافٍ خَرَجَ فِي الْحَوَاشِي وَأَعَلِّمُ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ بِعَلَامَةِ صَاحِبِهِ مِنَ اسْمِهِ أَوْ حَرْفٍ مِنْهُ لِلِاخْتِصَارِ لَا سِيَّمَا مَعَ كَثْرَةِ الْخِلَافِ وَالْعَلَامَاتِ وَإِنِ اقْتَصَرَ عَلَى أَنْ تَكُونَ الرِّوَايَةُ الْمُلْحَقَةُ بِالْحُمْرَةِ فَقَدْ عَمِلَ ذَلِكَ كَثِيرٌ مِنَ الْأَشْيَاخِ وَأَهْلُ الضَّبْطِ كَأَبِي ذَرٍّ الْهَرَوِيِّ وأبى الْحَسَنِ

الْقَابِسِيِّ وَغَيْرِهِمَا فَمَا أُثْبِتَ لِهَذِهِ الرِّوَايَةِ كَتَبْتُهُ بِالْحُمْرَةِ وَمَا نَقَصَ مِنْهُمَا مِمَّا ثَبَتَ لِلْأُخْرَى حُوِّقَ بِهَا عَلَيْهِ وَقَدْ يَقْتَصِرُ بَعْضُ الْمَشَايِخِ عَلَى مُجَرَّدِ التَّخْرِيجِ وَالتَّحْوِيقِ وَالشَّقِّ لِإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَيَكِلُ الْأَمْرَ إِلَى ذِكْرِهِ وَمَا عَقَدَهُ مَعَ نَفْسِهِ مِنْ ذَلِكَ وَقَدْ رَأَيْتُ أَبَا مُحَمَّدٍ الْأَصِيلِيَّ الْتَزَمَ ذَلِكَ فِي كَثِيرٍ مِنْ كِتَابِهِ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ الَّذِي بِخَطِّهِ وَمَا وَقَعَ فِيهِ عَلَى أَبِي زَيْدِ الْمَرْوَزِيِّ وَقَيَّدَ فِيهِ رِوَايَتَهُ

وَرِوَايَةَ أَبِي أَحْمَدَ الْجُرْجَانِيِّ الَّذِي عَلَيْهَا أَصْلُ كِتَابِهِ فَمَا سَقَطَ لِأَبِي زَيْدٍ وَلَمْ يَرْوِهِ عَنْهُ شَقَّ عَلَيْهِ بِخَطِّهِ أَوْ حَوَّقَ عَلَيْهِ وَمَا سَقَطَ لَهُمَا مَعًا شَقَّ عَلَيْهِ بِخَطَّيْنِ لِيُظْهِرَ سُقُوطَهُ لَهُمَا وَمَا اخْتَلَفَا فِيهِ أَثْبَتَ عَلَيْهِ اسْمَ صَاحِبِهِ وَلَا يُغْفِلُ الْمُهْتَبِلُ بِهَذَا عِنْدَ كَثْرَةِ الْعَلَامَاتِ وَاخْتِلَافِ الرِّوَايَاتِ تَقْيِيدَ ذَلِكَ أَوَّلَ دَفْتَرِهِ أَوْ عَلَى ظَهْرِ جُزْئِهِ أَوْ آخِرِهِ وَالتَّعْرِيفَ بِكُلِّ عَلَامَةٍ لِمَنْ هَذِهِ

لِئَلَّا يَنْسَى وَضْعَ تِلْكَ الْعَلَامَاتِ مَعَ طُولِ الزَّمَنِ وَكِبَرِ السِّنِّ وَاخْتِلَالِ الذِّكْرِ فَتَخْتَلِطَ عَلَيْهِ رِوَايَتُهُ ويتشكل عَلَيْهِ ضَبْطُهُ وَمِنَ الصَّوَابِ أَلَّا يَتَسَاهَلَ النَّاظِرُ فِي ذَلِكَ وَلَا يُهْمِلَهُ فَرُبَّمَا احْتَاجَ إِنْ أَفْلَحَ إِلَى تَخْرِيجِ حَدِيثٍ أَوْ تَصْنِيفِ كِتَابٍ فَلَا يَأْتِي بِهِ عَلَى رِوَايَةِ مَنْ يُسْنِدُهُ إِلَيْهِ إِنْ لَمْ يَهْتَبِلْ بِذَلِكَ فَيَكُونُ مِنْ جُمْلَةِ أَصْنَافِ الْكَاذِبِينَ وَالنَّاسُ مُخْتَلِفُونَ فِي إِتْقَانِ هَذَا الْبَابِ اخْتِلَافًا يَتَبَايَنُ وَلِأَهْلِ الْأَنْدَلُسِ فِيهِ يَدٌ لَيْسَتْ لِغَيْرِهِمْ وَكَانَ إِمَامَ وَقْتِنَا فِي بِلَادِنَا فِي هَذَا الشَّأْنِ الْحَافِظُ أَبُو عَلِيٍّ الْجَيَّانِيُّ شَيْخُنَا رَحِمَهُ اللَّهُ مِنْ أَتْقَنِ النَّاسِ بِالْكُتُبِ وَأَضْبَطِهِمْ لَهَا وَأَقَومِهِمْ لِحُرُوفِهَا وَأَفْرَسِهِمْ بِبَيَانِ مُشْكِلِ أَسَانِيدِهَا وَمُتُونِهَا وَأَعَانَهُ عَلَى ذَلِكَ مَا كَانَ عِنْدَهُ

مِنَ الْأَدْبِ وَإِتْقَانُهُ مَا احْتَاجَ إِلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ عَلَى شَيْخِهِ الشَّيْخ أَبى مَرْوَان ابْن سِرَاجٍ اللُّغَوِيِّ آخِرِ أَئِمَّةِ هَذَا الشَّأْنِ وَصُحْبَتِهِ لِلْحَافِظِ أَبِي عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْبَرِّ آخِرِ أَئِمَّةِ الْأَنْدَلُسِ فِي الْحَدِيثِ وَأَخْذُهُ عَنْهُ وَتَقْيِيدِهِ عَلَيْهِ وَكَثْرَةُ مُطَالَعَتِهِ وَنَاهِيكَ مِنْ إِتْقَانِهِ لِكِتَابِهِ الَّذِي أَلْفَهُ عَلَى مُشْكِلِ رِجَالِ الصَّحِيحَيْنِ وَكَانَ قَرِينُهُ وَكَنِيُّهُ شَيْخُنَا الْقَاضِي الشَّهِيدُ عَارِفًا بِمَا يَجِبُ مِنْ ذَلِكَ جِدًا لَكِنَّهُ لَمْ يَهْتَبِلْ بِكُتُبِهِ اهْتِبَالَهُ وَكَانَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ الْكِنَانِيُّ مِمَّنْ أَتْقَنَ رُبَّمَا تَكَلَّفَ فِي الْإِصْلَاحِ وَالتَّقْوِيمِ بَعْضَ مَا نُعِيَ عَلَيْهِ

- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَابُ رَفْعِ الْإِسْنَادِ فِي الْقِرَاءَةِ وَالتَّخْرِيجِ وَالْعَمَلِ فِيهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ الْفَقِيهُ الْقَاضِي أَبُو الْفَضْلِ الْمُؤَلِّفُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَاعْلَمْ أَوَّلًا أَنَّ مَدَارَ الْحَدِيثِ عَلَى الْإِسْنَادِ فِيهِ فِيهِ تَتَبَيَّنُ صِحَّتُهُ وَيَظْهَرُ اتِّصَالُهُ حَدَّثَنَا الْقَاضِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ التَّمِيمِيُّ وَالْأَدِيبُ أَبُو عَلِيٍّ النَّحْوِيُّ بِسَمَاعِي عَلَيْهِمَا قَالَا أخبرنَا الْفَقِيه أبوعبد اللَّهِ بْنُ سَعْدُونَ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْغَازِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ الْبَيِّعِ أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ السَّيَّارِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو الْمُوَجَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو أَخْبَرَنَا عَبْدَانُ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْمُبَارَكِ يَقُولُ الْإِسْنَادُ مِنَ الدِّينِ لَوْلَا الْإِسْنَادُ لَقَالَ مَنْ شَاءَ مَا شَاءَ فَأَمَّا الْأَحَادِيثُ الْمُفْرَدَاتُ فَلَا إِشْكَالَ فِي ذِكْرِهَا مِنْ أَوَّلِ أَسَانِيدِهَا مِنْ ذِكْرِ مَنْ حَدَّثَ بِهَا الشَّيْخَ إِلَى أَنْ تَنْتَهِي مُنْتَهَاهَا كَمَا سَمِعَهَا أَوْ رَوَاهَا وَأَمَّا الْأَجْزَاءُ وَالدَّفَاتِرُ فَلَا بُدَّ مِنْ إِعْلَامِ الشَّيْخَ بِرِوَايَتِهِ فِيهِ وَعَمَّنْ رَوَاهُ

وَيَذْكُرُ سَنَدَهُ ثُمَّ يَقْرَأُ الْجُزْءَ إِن كَانَ هُوَ القارىء بِنَفْسِهِ أَوْ يَقْرَؤُهُ غَيْرُهُ عَلَيْهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقْرَأُ السَّنَدَ أَوَّلَ الْكِتَابِ أَوْ أَوَّلَ كُلِّ مَجْلِسٍ أَوْ يَقُولُ بَعْدَ قِرَاءَتِهِ لَهُ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ فِي سَائِرِ الْمَجْلِسِ وَبِسَنَدِكَ الْمُتَقَدِّمِ ثُمَّ مَتَى احْتَاجَ السَّامِعُ بَعْدُ إِلَى تَخْرِيجِ حَدِيثٍ دَاخِلَ الدَّفْتَرِ قَالَ فِيهِ حَدَّثَنَا فُلَانٌ وَذَكَرَ السَّنَدَ الَّذِي مَضَى لَهُ أَوَّلُ الْكِتَابِ وَهُوَ إِنَّمَا سَمِعَ السَّنَدَ أَوْ قَرَأَهُ فِي أَوَّلِ حَدِيثٍ وَهَذَا مِمَّا اسْتَمَرَّ عَلَيْهِ الْعَمَلُ عِنْدَ الْأَكْثَرِ وَفِيهِ ضَرْبٌ مِنَ التَّجَوُّزِ وَالْمُسَامَحَةِ وَالتَّعْوِيلِ عَلَى إِخْبَارِهِ أَوَّلًا أَنَّ جَمِيعَ مَا فِي الدَّفْتَرِ عُنِيَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ الَّذِي ذَكَرْتُ لَكَ أَوِ الَّذِي قَرَأْتُهُ عَلَيَّ وَهُوَ نَوْعٌ مِنَ الْإِذْنِ وَالْإِجَازَةِ فِي الْإِخْبَارِ بِهَذَا السَّنَدِ فَتَأَمُّلُهُ وَاتِّفَاقُهُمْ عَلَيْهِ وَتَجْوِيزُ التَّخْرِيجِ لِسَائِرِ الْأَحَادِيثِ بِهِ يُصَحِّحُ صِحَّةَ التَّحَدُّثِ بِالْإِجَازَةِ وَشَدَّدَ فِي ذَلِكَ بَعْضُ مُحَدِّثِي أَهْلِ الشَّرْقِ وَأَبَى مِنَ الْحَدِيثِ بِهَذَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَرَآهُ دَلَّسَهُ حَتَّى سَمِعَ كُلَّ حَدِيثٍ بِسَنَدِهِ كُلِّهِ فَإِذَا احْتَاجَ إِلَى التَّخْرِيجِ لِمَا لَمْ يَأْخُذْهُ كَذَلِكَ اضْطُرَ أَنْ يُبَيِّنَ فَيَقُولُ حَدَّثَنَا فُلَانٌ قَالَ أَخْبَرَنَا فُلَانٌ وَيَذْكُرُ السَّنَدَ ثُمَّ يَقُولُ بِجِزْءِ كَذَا أَوْ بِحَدِيثِ فُلَانٍ أَوْ نُسْخَةٍ

عَنْ فُلَانٍ مِنْهَا حَدِيثِ كَذَا أَوْ يَقُولُ حَدَّثَنَا فُلَانٌ عَنْ فُلَانٍ بِأَحَادِيثَ مِنْهَا وَكَذَا ذَكَرَ مُسْلِمٌ فِي نُسْخَةِ حَدِيثِ هَمَّامٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي صَحِيحِهِ فَيَقُول بعد ذكر سَنَده إِلَى همام قَالَ هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ وَذَكَرَ أَحَادِيثَ مِنْهَا وَيَذْكُرُ الْحَدِيثَ الَّذِي يُرِيدُ تَخْرِيجَهُ مِنْهَا فِي الْبَابِ وَكَذَلِكَ فَعَلَ كَثِيرٌ مِنَ الْمُصَنِّفِينَ وَمِنهُمْ مَنْ أَخَذَ بِالرَّسْمِ الْأَوَّلِ وَهُوَ الْجُمْهُورُ وَأُصُولُ أَهْلِ خُرَاسَانَ كَثِيرًا مَا تَجِدُ فِيهَا تَجْدِيدَ الْأَسَانِيدِ فِي أَوَّلِ كُلِّ حَدِيثٍ وَحَدَّثَنَا أَبُو بَحْرٍ سُفْيَانُ بْنُ الْعَاصِ الْأَسَدِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو اللَّيْثِ نَصْرُ بْنُ الْحَسَنِ الشَّاشِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْغَافِرِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَارِسِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ بْنُ عَمْرَوَيْهِ قَالَ أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ أخبرنَا مُسلم ابْن الْحَجَّاجِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَن همام ابْن مُنَبِّهٍ قَالَ هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَكَرَ أَحَادِيثَ مِنْهَا وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ أَدْنَى مَقْعَدِ أَحَدِكُمْ فِي الْجَنَّةِ أَنْ يَقُولَ لَهُ تَمَنَّ فَيَتَمَنَّى وَيَتَمَنَّى فَيَقُولُ لَهُ

هَلْ تَمَنَّيْتَ فَيَقُولُ نَعَمْ فَيَقُولُ لَهُ فَإِنَّ لَكَ مَا تَمَنَّيْتَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ قَرَأْتُ بِخَطِّ الشَّيْخِ أَبِي عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْبَرِّ الْحَافِظِ مِمَّا نَسَبَهُ لِلْقَعْنَبِيِّ

(إِذَا لَمْ يَكُنْ خَبَرٌ صَحِيحٌ ... عَنِ الْأَشْيَاخِ مُتَّضِحُ الطَّرِيقِ) (فَلَا تَرْفَعْ بِهِ رَأْسًا وَدَعْهُ ... فَإِنِّي نَاصِحٌ لَكَ يَا صَدِيقِ) (وَإِسْقَاطُ الْمَشَايِخِ مِنْ حَدِيثٍ ... أَشَدُّ عَلَيَّ مِنْ ثَكْلِ الشَّقِيقِ) (وَمَا فِي الْأَرْضِ خَيْرٌ مِنْ حَدِيثٍ ... لَهُ نُورٌ بِإِسْنَادٍ وَثِيقِ)

- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَابُ مَتَى يُسْتَحَبُّ الْجُلُوسُ لِلْإِسْمَاعِ وَسِنُّ الْمُحَدِّثِ وَمَتَى يَمْتَنِعُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ الْفَقِيهُ الْقَاضِي أَبُو الْفَضْلِ عِيَاضُ الْمُؤَلِّفُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ اعْلَمْ أَنَّ السَّمَاعَ مِنَ الْمُسْلِمِ الْبَالِغِ الْعَدْلِ الْعَاقِلِ الضَّابِطِ لِمَا سَمِعَهُ الْعَارِفِ بِهِ حِينَ أَدَائِهِ صَحِيحٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ لَكِنَّهُ اخْتَلَفَ اخْتِيَارَاتُ أَهْلِ هَذَا الشَّأْنِ مَتَى يُسْتَحَبُّ الْانْتِصَابُ لِهَذَا وَالتَّصَدُّرُ لَهُ إِمَّا لِأَجْلِ كَمَالِ عَقْلِهِ وَاجْتِمَاعِ أَشُدِّهِ وَانْتِهَاءِ كُهُولَتِهِ وَوَقْتِ سَمْتِهِ أَوْ لِتَوَفِّي أَشْيَاخِهِ وَمُزَاحَمَتِهِ مَنْ أَخَذَ عَنْهُ كَمَا أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَافِظُ مِنْ كِتَابِهِ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الصَّيْرَفِيُّ الْبَغْدَادِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الْفَالِيُّ أَخْبَرَنَا ابْنُ خَرْبَانَ أَخْبَرَنَا ابْنُ خَلَّادٍ أَخْبَرَنَا أَبِي أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي الْعَنْبَسِ أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ قُتَيْبَةَ قَالَ قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ لِسُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ مَالَكَ لَا تُحَدِّثُ فَقَالَ أَمَّا وَأَنْتَ حَيٌّ فَلَا

قَالَ وَمَرَّ الثَّوْرِيُّ عَلَى شَابٍّ يُحَدِّثُ فَقَالَ اللَّهُمَّ لَا تُقِلَّ حَيَاتِي قَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ خَلَّادٍ وَالَّذِي يَصِحُّ عِنْدِي مِنْ طَرِيقِ الْأَثَرِ وَالنَّظَرِ فِي الْحَدِّ الَّذِي إِذَا بَلَغَهُ النَّاقِلُ حَسُنَ بِهِ أَنْ يُحَدِّثَ اسْتِيفَاءُ الْخَمْسِينَ لِأَنَّهَا انْتِهَاءُ الْكُهُولَةِ وَفِيهَا مُجْتَمِعُ الْأَشُدِّ قَالَ الشَّاعِرُ (أَخُو خَمْسِينَ مُجْتَمِعٌ أَشُدِّي ... وَنَجَّذَنِي مُحَاوَلَةُ الشُّئُونِ) قَالَ وَلَيْسَ يُنْكِرُ أَنْ يُحَدِّثَ عِنْدَ اسْتِيفَاءِ الْأَرْبَعِينَ لِأَنَّهَا حَدُّ الِاسْتِوَاءِ وَمُنْتَهَى الْكَمَالِ وَفِيهَا بُعِثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ الْمُؤَلِّفُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَاسْتِحْسَانُهُ هَذَا لَا يَقُومُ لَهُ حُجَّةٌ بِمَا قَالَ وَكَمْ مِنَ السَّلَفِ الْمُتَقَدِّمِينَ

وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ مَنْ لَمْ يَنْتَهِ إِلَى هَذَا السِّنِّ وَلَا اسْتَوْفَى هَذَا الْعُمْرَ وَمَاتَ قَبْلَهُ وَقَدْ نَشَرَ مِنَ الْحَدِيثِ وَالْعِلْمِ مَالَا يُحْصَى هَذَا عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ تُوُفِّيَ وَلَمْ يُكْمِلِ الْأَرْبَعِينَ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ لَمْ يَبْلُغَ الْخَمْسِينَ وَكَذَلِكَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ وَهَذَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ قَدْ جَلَسَ لِلنَّاسِ ابْنَ نَيِّفٍ وَعشْرين وَقيل

1 - 2 وَنَافِعٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ وَغَيْرُهُمْ وَقَدْ سَمِعَ مِنْهُ ابْنُ شِهَابٍ حَدِيثَ الْفُرَيْعَةِ

وَتُوُفِّيَ ابْنُ شِهَابٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ وَسِنُّ مَالِكٍ حِينَ مَوْتِهِ نَحْوَ الثَّلَاثِينَ وَحَدِيثُ ابْنِ شِهَابٍ عَنْهُ قَبْلَ هَذَا وَكَذَلِكَ مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ قَدْ أَخَذَ عَنْهُ الْعِلْمَ فِي سِنِّ الْحَدَاثَةِ

وَانْتَصَبَ لِذَلِكَ فِي آخَرِينَ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُتَقَدِّمِينَ وَالْمُتَأَخِّرِينَ وَقَدْ أَنْشَدَ بعض البغدادين (إِنَّ الْحَدَاثَةَ ... لَا تُقَصِّرُ بِالْفَتَى الْمَرْزُوقِ ذِهْنَا) (لَكِنْ تُذَكِّي قَلْبَهُ ... فيفوق أكبرمنه سِنَا) وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ فَإِذَا تَنَاهَى الْعُمْرُ فَأَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يُمْسِكْ فِي الثَّمَانِينَ لِأَنَّهُ حَدُّ الْهَرَمِ وَالتَّسْبِيحِ وَالذِّكْرِ وَتِلَاوَةُ الْقُرْآنِ أَوْلَى بِأَبْنَاءِ الثَّمَانِينَ إِلَّا مَنْ كَانَ ثَابِتَ الْعَقْلِ مُجْتَمِعَ الرَّأْيِ مُحْتَسِبًا فِي الْحَدِيثِ فَأَرْجُو لَهُ خَيْرًا قَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ الْمُؤَلِّفُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَالْحَدُّ فِي تَرْكِ الشَّيْخِ التَّحْدِيثَ التَّغَيُّرُ وَخَوف الخرف وَإِلَّا فأنس ابْن مَالِكٍ وَغَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ حُمِلَ

عَنْهُم وَحَدثُوا وَقد تيقوا عَلَى هَذَا الْعَدَدِ وَقَارَبَ كَثِيرٌ مِنْهُمُ الْمِائَةَ وَبَلَغَهَا بَعْضُهُمْ وَنَيَّفَ عَلَيْهَا كَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى وَوَاثِلَةِ بْنِ الْأَسْقَعِ وَسَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ وَأَبِي الطُّفَيْلِ الْكِنَانِيِّ وَكَذَلِكَ مَنْ بَعْدَهُمْ مِنَ التَّابِعِينَ وَأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ قَدْ بَلَغَ كَثِيرٌ مِنْهُمُ الثَّمَانِينَ وَأَكَثْرَ مِنْ ذَلِكَ وَمَاتُوا وَهُمْ يُحَدِّثُونَ وَكَانُوا يَرَوْنَ ذَلِكَ مِنْ أَفْضَلِ أَعْمَالِهِمْ وَالنَّاسُ مِنْ أَقْطَارِ الْأَرْضِ يَرْحَلُونَ إِلَيْهِمْ مِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ

وَالْمُتَأَخِّرِينَ كَمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ تُوِفِّيَ وَهُوَ ابْنُ نَحْوٍ مِنْ سَبْعٍ وَثَمَانِينَ وَقِيلَ أَكثَرُ مِنْ هَذَا وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ تُوُفِّيَ وَهُوَ ابْنُ ثَمَانٍ وَثَمَانِينَ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ نَيَّفَ عَلَى ثَمَانِينَ وَكَذَلِكَ عَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ وَمُجَاهِدٌ وَالسَّبِيعِيُّ وَابْن عُيَيْنَة وَسليمَان بن حَرْب وَأَبُو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ فِي عَدَدٍ كَثِيرٍ

وَشَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ تُوُفِّيَ وَقَدْ نَيَّفَ عَلَى الْمِائَةِ وَكَذَلِكَ القاضى شُرَيْح وعَلى بْنُ الْجَعْدِ تُوُفِّيَ وَهُوَ ابْنُ سِتّ وَتِسْعين والأصمعى وَمعمر بْنُ الْمُثَنَّى تُوُفِّيَا وَقَدْ قَارَبَا الْمِائَة وَأَبُو الْقَاسِمِ الْبَغَوِيُّ تُوُفِّيَ وَهُوَ ابْنُ نَحْوِ مِائَةِ سَنَةٍ وَأَبُو إِسْحَاقَ الْهُجَيْمِيُّ حَدَّثَ وَهُوَ ابْنُ مِائَةِ سَنَةٍ وَثَلَاثِ سِنِينَ

فِيمَن لَا يَتَعَدَّ مِنْ أَهْلِ الشَّرْقِ وَالْغَرْبِ وَهَلُمَّ جَرًا إِلَى مَنْ عَاصَرْنَاهُ وَلَقِينَاهُ مِمَّنْ بَلَغَ هَذِهِ الْأَعْمَارِ وَلَمْ تَنْقَطِعِ الرِّحْلَةُ إِلَيْهِ مِنَ الْأَقْطَارِ حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرِ بْنُ إِسْمَاعِيلَ أَخْبَرَنَا ابْنُ قَاسِمٍ أَخْبَرَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْغَافِقِيُّ أَخْبَرَنَا الذُّهْلِيُّ أَبُو طَاهِرٍ أَخْبَرَنَا جَعْفَرٌ أَخْبَرَنَا أَبُو قُدَامَةَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مَهْدِيٍّ يَقُولُ مَا أَدْرَكْتُ أَحَدًا إِلَّا وَهُوَ يَخَافُ هَذَا الْحَدِيثَ إِلَّا مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ وَحَمَّادَ بْنَ سَلَمَةَ فَإِنَّهُمَا كَانَا يَجْعَلَانِهِ مِنْ أَعْمَالِ الْبِرِّ وَقَالَ مَالِكٌ إِنَّمَا يَخْرُفُ الْكَذَّابُونَ وَكَانَ أَبُو إِسْحَاقَ الْهُجَيْمِيُّ رَأَى فِي مَنَامِهِ أَنَّهُ قَدْ تَعَمَّمَ وَدُوِّرَ عَلَى رَأْسِهِ مِائَةٌ وَثَلَاثُ دَوْرَاتٍ فَعُبِّرَ لَهُ أَنَّهُ يَعِيشُ سِنِينَ بِعَدَدِهَا فَحَدَّثَ بَعْدَ بُلُوغه الْمِائَة وَقَرَأَ عَلَيْهِ القارىء يَوْمًا (إِنَّ الْجَبَانَ حَتْفُهُ مِنْ فَوْقِهِ ... كَالْكَلْبِ يَحْمِي جِلْدَهُ بِرَوْقِهِ) وَأَرَادَ اخْتِبَارَ حِسَّهُ وَصِحَّةَ ذِهْنِهِ فَقَالَ لَهُ الْهُجَيْمِيُّ قُلِ الثَّوْرَ يَا ثَوْرُ فَإِنَّ الْكَلْبَ لَا رَوْقَ لَهُ فَفَرِحَ النَّاسُ بِصِحَّةِ عَقْلِهِ وَجَوْدَةَ حِسِّهِ

وَإِنَّمَا كَرِهَ مَنْ كَرِهَ لِأَصْحَابِ الثَّمَانِينَ الْحَدِيثَ لِأَنَّ الْغَالِبَ عَلَى مَنْ بَلَغَ هَذَا السِّنَّ اخْتِلَالُ الْجِسْمِ وَالذِّكْرِ وَضَعْفُ الْحَالِ وَتَغَيِّرُ الْفَهْمِ وَحُلُولُ الْخَرَفِ فَحَذِرَ الْمُتَحَرِّي مِنَ الْحَدِيثِ فِي هَذَا السِّنِّ مَخَافَةَ أَنْ يَبْدَأَ بِهِ التْغَيُّرُ وَالِاخْتِلَالُ فَلَا يَفْطَنُ لَهُ إِلَّا بَعْدَ أَنْ جَازَتْ عَلَيْهِ أَشْيَاءٌ وَكَانَ قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ مُحَدِّثُ قُرْطُبَةَ وَرَاوِيَتُهَا وَشَيْخُهَا يُحَدِّثُ وَقَدْ أَسَنَّ وَخَنَقَ التِّسْعِينَ وَلَا يُنْكَرُ شَيْءٌ مِنْ حَالِهِ فَمَرَّ يَوْمًا فِي أَصْحَابِهِ وَلَقِيَهُمْ حِمْلُ حَطَبٍ عَلَى دَابَةٍ فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ تَنَحَوْا بِنَا عَنْ طَرِيقِ الْفِيلِ فَكَانَ أَوَّلُ مَا عُرِفَ مِنَ اخْتِلَالِ ذِهْنِهِ وَذَلِكَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِنَحْوِ ثَلَاثِ سِنِينَ

وَقَدْ قَالَ الشَّاعِرُ (إِنَّ الثَّمَانِينَ وَبُلِغْتَهَا ... قَدْ أَحْوَجَتْ سَمْعِي إِلَى تُرْجُمَانِ) (وَبَدَّلَتْنِي بِالشَّطَاطِ الْحَنْيَ ... وَكُنْتُ كالصعدة نحت السِّنَانِ) (وَلَمْ تدَعْ فِي لِمُسْتَمْتِعٍ ... إِلَّا لِسَانِي وَبِحَسْبِي لِسَانِ) وَلَيْسَتْ هَذِهِ الْحَالَةُ بِاللَّازِمَةِ لِكُلِّ مَنْ بَلَغَهَا وَقَدِ اعْتَرَى ذَلِكَ مَنْ لَمْ يَبْلُغْهَا أَنْشَدَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الْمَقْدِسِيُّ قَالَ أنشدنى الْأَمِير

أبوالفتيان بْنُ حَيُّوسٍ الدِّمَشْقِيُّ لِنَفْسِهِ (وَقَدْ قَالَتِ السَّبْعُونَ لِلَّهْوِ وَالصِّبَا ... دَعَا لِي أَسِيرِي وَانْهَضَا حَيْثُ شِئْتُمَا)

هَذِهِ أَكْرَمَكَ اللَّهُ فُصُولٌ وَأَبْوَابٌ انْتَخَبْنَاهَا فِي هَذَا الْكِتَابِ وَأَتَيْنَا مِنْهَا بِالْمُحِضِّ اللُّبَابَ مِمَّا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ طَالِبُ عِلْمِ الْحَدِيثِ فِي طَلَبِهِ وَيَلْتَزِمُهُ مِنْ وَظَائِفِهِ وَآدَابِهِ وَيَضْطَرُّ إِلَيْهِ فِي عِلْمِ مَآخِذِهِ وَمَبَادِئِهِ وَأَتَيْنَا فِي ذَلِكَ مِنَ الْمَعْقُولِ وَالْمَنْقُولِ مَا يَعْتَرِفُ الْمُنْصِفُ بِالْإِجَابَةِ فِيهِ وَهَا نَحْنُ نَخْتِمُ الْكِتَابَ بِبَابِ جَامِعٍ لِفَوَائِدَ مِنَ الْحَدِيثِ وَشَوَارِدَ مِنْ سِيَرِ أَهْلِهِ وَنَوَادِرَ مِنَ الْآثَارِ تَتَعَلَّقُ بِالْحَدِيثِ وَعِلْمِهِ وَمَحَاسِنَ مِنْ آدَابِ الْمَشَايِخِ فِي سَمَاعِ الْحَدِيثِ وَنَقْلِهِ

- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَابٌ جَامِعٌ لِآثَارٍ مُفِيدَةٍ وَآدَابٍ حَمِيدَةٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَدَّثَنَا الْقَاضِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ التَّمِيمِيُّ أَخْبَرَنَا ابْنُ سَعْدُونَ أَخْبَرَنَا الْمُطَّوِّعِيُّ أَخْبَرَنَا الْحَاكِمُ أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحَافِظُ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ بَكْرٍ الرَّازِيُّ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمَدِينِيُّ أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ إِنَّ هَذَا الْعِلْمَ أَدَبُ اللَّهِ الَّذِي أَدَّبَ بِهِ نَبِيَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَأَدَّبَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّتَهُ أَمَانَةُ اللَّهِ إِلَى رَسُولِهِ لِيُؤَدِّيَهُ عَلَى مَا أُدِّيَ إِلَيْهِ فَمَنْ سَمِعَ عِلْمًا فَلْيَجْعَلْهُ إِمَامَهُ وَحُجَّةً فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو عَلِيٍّ الصَّدَفِيُّ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ هَاشِمٍ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ مُفَرِّجٍ الصَّدَفِيُّ وَأَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ نَفِيسٍ الْمِصْرِيُّ قَالَا أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْجَوْهَرِيُّ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَدَنِيُّ أَخْبَرَنَا

يُونُسُ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ خَالِدِ بْنِ أَبِي كَرِيمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمِسْوَرِ أَنَّ رَجُلًا أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَتَيْتُكَ لِتُعَلِّمَنِي مِنْ غَرَائِبِ الْعِلْمِ فَقَالَ لَهُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا صَنَعْتَ فِي رَأْسِ الْعِلْمِ قَالَ وَمَا رَأْسُ الْعِلْمِ قَالَ هَلْ عَرَفْتَ الرَّبَّ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَمَا صَنَعْتَ فِي حَقِّهِ قَالَ مَا شَاءَ اللَّهُ قَالَ هَلْ عَرَفْتَ الْمَوْتَ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَمَا أَعْدَدْتَ لَهُ قَالَ مَا شَاءَ اللَّهُ قَالَ فَاذْهَبْ فَأَحْكِمْ مَا هُنَالِكَ وَتَعَالَ نُعَلِّمْكَ مِنْ غَرَائِبِ الْعِلْمِ وَحَدَّثَنَا بِهِ عَنْ سُفْيَانَ عَنِ السُّدِّيِّ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ قَالَ

خُذُوا عَنِّي هَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ فَلَوْ رَحَّلْتُمْ فِيهِنَّ الْمَطِيَّ حَتَّى تُنِضُّوهُ لَمْ تَبْلُغُوهُ أَنْ لَا يَرْجُوَ الْعَبْدُ إِلَّا رَبَّهُ وَلَا يَخْشَى إِلَّا ذَنْبَهُ وَلَا يَسْتَحِيَ إِذَا كَانَ لَا يَعْلَمُ أَنْ يَتَعَلَّمَ وَلَا يَسْتَحِيَ إِذَا سُئِلَ عَمَّا لَا يَعْلَمُ أَنْ يَقُولَ لَا أَعْلَمُ وَاعْلَمُوا أَنَّ الصَّبْرَ مِنَ الْإِيمَانِ بِمَنْزِلَةِ الرَّأْسِ مِنَ الْجَسَدِ وَلَا خَيْرَ فِي جَسَدٍ لَا رَأْسَ لَهُ وَأَخْبَرَنَا رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ أَخْبَرَنَا الْحُمَيْدِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْن ابْن الْمُهْتَدِي أَخْبَرَنَا أَبُو حَفْصِ بْنُ شَاهِينٍ أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ صَدَقَةَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ قَالَ أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيُّ حَدَّثَنى أَيُّوب ابْن الْمُتَوَكِّلِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ قَالَ لَا يَكُونُ إِمَامًا أَبَدًا مِنْ أَخَذَ بِالشَّاذِ مِنَ الْعِلْمِ وَلَا يَكُونُ إِمَامًا فِي الْعِلْمِ مِنْ رَوَى عَنْ كُلِّ أَحَدٍ وَلَا يَكُونُ إِمَامًا فِي الْعِلْمِ مِنْ رَوَى عَنْ كُلِّ مَا سَمِعَ قَالَ وَالْحِفْظُ الْإِتْقَانُ وَحَدَّثَنَا الْقَاضِي أَبُو عَلِيٍّ أَخْبَرَنَا حْمَدُ بْنُ أَحْمَدَ أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ حُبَيْشٍ أَخْبَرَنَا حَيَّانُ بْنُ إِسْحَاقَ الْبَلْخِيُّ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ أَخْبَرَنَا أَصْرَمُ بْنُ حَوْشَبٍ أَخْبَرَنَا الْخَزْرَجُ بْنُ أَشْيَمَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كَانُوا يُؤْمَرُونَ أَوْ كُنَّا نُؤْمَرُ أَنْ نَتَعَلَّمَ الْقُرْآنَ ثُمَّ السُّنَةَ

ثُمَّ الْفَرَائِضَ ثُمَّ الْعَرَبِيَّةَ الْحُرُوفَ الثَّلَاثَةَ يَعْنِي الْجَرَّ وَالنَّصْبَ وَالرَّفْعَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ مِنْ كِتَابِهِ أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ أَخْبَرَنَا على ابْن أَحْمَدَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَرَ بْنُ سُهَيْلٍ الْفَقِيهُ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْأَصْبَهَانِيُّ أَخْبَرَنَا مُصْعَبُ الزُّبَيْرِيُّ قَالَ سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ وَقَدْ قَالَ لِابْنَيْ أُخْتِهِ أَبِي بَكْرٍ وَإِسْمَاعِيلَ ابنى أَبى أويس أرا كَمَا تُحِبَّانِ هَذَا الشَّأْنَ وَتَطْلُبَانِهِ يَعْنِي الْحَدِيثَ قَالَا نَعَمْ قَالَ إِنْ أَحْبَبْتُمَا أَنْ تَنْتَفِعَا وَيَنْفَعَ اللَّهُ بِكُمَا فَأَقِلَّا مِنْهُ وَتَفَقَّهَا قَالَ وَنَزَلَ ابْنٌ لِمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ مِنْ فَوْقٍ وَمَعَهُ حَمَامٌ قَدْ غَطَّاهُ فَعَلِمَ مَالِكٌ أَنَّهُ قَدْ فَهِمَهُ النَّاسُ فَقَالَ الْأَدَبُ أَدَبُ اللَّهِ لَا أَدَبَ الْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ وَالْخَيْرُ خَيْرُ اللَّهِ لَا خَيْرَ الْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ قَالَ الْحَسَنُ وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ الْبُرِّيُّ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ ابْن يَحْيَى بْنِ خَالِدٍ الْبَرْمَكِيُّ الرَّجُلُ الصَّالِحُ أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى عَن مَالك ابْن أَنَسٍ أَرَاهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِدْرِيسَ عَنْ شُعْبَةَ بْنِ الْحَجَّاجِ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ

أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ حَبَسَ بَعَضَ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِمُ ابْنُ مَسْعُودٍ وَأَبُو الدَّرْدَاءِ فَقَالَ قَدْ أَكْثَرْتُمُ الْحَدِيثَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ الْبُرِّيُّ يَعْنِي بِحَبْسِهِمْ مَنْعَهُمُ الْحَدِيثَ وَلَمْ يَكُنُ لِعُمَرَ حَبْسٌ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ قَاسِمٍ عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أَبِي الْقَاسِمِ عبد الرَّحْمَن ابْن عَبْدِ اللَّهِ الْغَافَقِيِّ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زُرَيْقٍ أَخْبَرَنَا الْحَارِثُ أَخْبَرَنَا ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ لَيْسَ الْعِلْمُ بِكَثْرَةِ الرِّوَايَةِ إِنَّمَا الْعِلْمُ نُورٌ يَضَعَهُ اللَّهُ فِي الْقُلُوبِ قَالَ وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ النَّجِيرَمِيُّ أَخْبَرَنَا الْعُتْبِيُّ

أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ كَانَ مَالِكٌ إِذَا شَكَّ فِي بَعْضِ الْحَدِيثِ طَرَحَهُ كُلَّهُ حَدَّثَنَا الْقَاضِي الشَّهِيدُ قَالَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَحْمَدَ أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الْحَافِظُ قَالَ أَخْبَرَنَا حَبِيبُ بْنُ الْحَسَنِ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ الصَّيْرَفِيُّ أَخْبَرَنَا زُهَيْرُ بْنُ قُمَيْرٍ أَخْبَرَنَا قَبِيصَةُ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ سَيْفٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ أُنْقِصُ مِنَ الْحَدِيثِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُزِيدَ فِيهِ قَالَ وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ حُبَيْشٍ أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ الله ابْن سَلَمَةَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَهْلِ بْنِ عَسْكَرٍ أَخْبَرَنَا أَبُو صَالِحٍ الْفَرَّاءُ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ الْمُبَارَكِ يَقُولُ مَا انْتَخَبْتُ عَلَى عَالِمٍ قَطُّ إِلَّا نَدِمْتُ وَمَنْ بَخِلَ بِالْعِلْمِ ابْتُلِيَ بِثَلَاثٍ إِمَّا أَنْ يَمُوتَ فَيَذْهُبُ عِلْمَهُ أَوْ يَنْسَاهُ أَوْ يَتْبَعُ سُلْطَانًا قَالَ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَتْحِ قَالَ سَمِعْتُ بِشْرَ بْنَ الْحَارِثِ يَقُولُ إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تُلَقِّنَ الْعِلْمَ فَلَا تَعْصِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَبُو طَاهِرٍ الْحَافِظُ مِنْ كِتَابِهِ أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ الطُّيُورِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الْفَالِيُّ أَخْبَرَنَا الْقَاضِي النَّهَاوَنْدِيُّ أَخْبَرَنَا

أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ خَلَّادٍ أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نَصْرٍ الْكَاغَدِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ إِنَّ لِلْحَدِيثِ آفَةً وَنَكَدًا وهجنة فآفنه نِسْيَانُهُ وَنَكَدُهُ الْكَذِبُ وَهُجْنَتُهُ نَشْرُهُ عِنْدَ غَيْرِ أَهْلِهِ حَدَّثَنَا الْقَاضِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ التَّمِيمِيُّ وَالشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ التَّاهَرْتِيُّ قَالَا أَخْبَرَنَا ابْنُ سَعْدُونَ الْقَرَوِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمُطَّوِّعِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَاكِمُ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا مُحَمَّدٍ الثَّقَفِيُّ يَقُولُ سَمِعْتُ جَدِّي يَقُولُ جَالَسْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الْمَرْوَزِيَّ أَرْبَعَ سِنِينَ فَلَمْ أَسْمَعْهُ طُولَ تِلْكَ الْمُدَّةَ يَتَكَلَّمُ فِي غَيْرِ الْعِلْمِ إِلَّا أَنِّي حَضَرْتُهُ يَوْمًا وَقِيلَ لَهُ عَنِ ابْنِهِ إِسْمَاعِيلَ وَمَا كَانَ يَتَعَاطَاهُ لَوْ وَعَظْتَهُ أَوْ زَجَرْتَهُ فَرَفَعَ رَأْسَهُ ثُمَّ قَالَ أَنَا لَا أُفْسِدُ مُرُوءَتِي بِصَلَاحِهِ

حَدَّثَنَا الْقَاضِي الشَّهِيدُ أَخْبَرَنَا الْمُبَارَكُ بن عبد الجبار وَأَحْمَدُ بْنُ خَيْرُونَ قَالَا أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى الْبَغْدَادِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ السِّنْجِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ مَحْبُوبٍ أَخْبَرَنَا أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيِّ بْنُ خَشْرَمٍ أَخْبَرَنَا حَفْصُ بْنُ عَتَّابٍ عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ قُلْتُ لِأَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ إِنَّكَ تُحَدِّثَنَا بِالْحَدِيثِ ثُمَّ تُحَدِّثَنَا بِهِ ثَانِيَةً عَلَى غَيْرِ مَا حَدَّثْتَنَا قَالَ عَلَيْكَ بِالسَّمَاعِ الْأَوَّلِ وَحَدَّثَنَا بِهِ عَنْ أَبِي عِيسَى قَالَ أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ مَهْدِيٍّ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَأَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ قَالَ قَتَادَةُ مَا سَمِعَتْ أُذُنَايَ شَيْئًا قَطُّ إِلَّا وَعَاهُ قَلْبِي أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ عَتَّابٍ قَالَ أَخْبَرَنَا يُوسُفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَشِيقٍ أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُدَ بِمِصْرَ أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ سُلَيْمَانَ أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بن يَعْقُوب أخبرنَا يحيى ابْن يَحْيَى أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ قَالَ قَالَ لِي ابْنُ شِهَابٍ يَا يُونُسَ لَا تُكَابِدَ الْعِلْمَ فَإِنَّ الْعِلْمَ أَوْدِيَةٌ فَأَيُّهَا أَخَذْتَ فِيهِ قَطَعَ بِكَ قَبْلَ أَنْ تَبْلُغَهَ وَلَكِنْ خُذْهُ مَعَ الْأَيَّامِ وَاللَّيَالِي وَلَا تَأْخُذَ الْعُلْمَ جُمْلَةً فَإِنَّ مَنْ رَامَ أَخْذَهُ جُمْلَةً ذَهَبَ عَنْهُ جُمْلَةً وَلَكِنَّ الشَّيْءَ بَعْدَ الشَّيْءِ مَعَ اللَّيَالِي وَالْأَيَّامِ

قَالَ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ أَخْبَرَنَا قَاسِمٌ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَتْحِ نَصْرُ بْنُ الْمُغِيرَةِ قَالَ قَالَ سُفْيَانُ أَوَّلُ الْعِلْمِ الِاسْتِمَاعُ ثُمَّ الْإِنْصَاتُ ثُمَّ الْحِفْظُ ثُمَّ الْعَمَلُ ثُمَّ النَّشْرُ أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ بَهْزٍ أَنَّ الرَّبِيعَ بْنَ سُلَيْمَانَ قَالَ سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ مَنْ حَفِظَ الْقُرْآنَ عَظُمَتْ حُرْمَتُهُ وَمَنْ طَلَبَ الْفِقْهَ نَبَلَ قَدْرُهُ وَمَنْ وَعَى الْحَدِيثَ قَوِيَتْ حُجَّتُهُ وَمَنْ نَظَرَ فِي النَّحْوِ رَقَّ طَبْعُهُ وَمَنْ لَمْ يَصُنْ نَفْسَهُ لَمْ يَصُنْهُ الْعِلْمُ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ سَعِيدٍ الْمُقْرِيُّ عَنِ ابْنِ مُقْسَمٍ قَالَ سَمِعتُ أَحْمَدَ بْنَ نَائِلٍ الزَّعْفَرَانِيُّ يَقُولُ سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا عُبَيْدٍ يَقُولُ مَا نَاظَرَنِي رَجُلٌ قَطُّ وَكَانَ مُفَنَّنًا فِي الْعُلُومِ إِلَّا غَلَبْتُهُ وَلَا نَاظَرَنِي ذُو فَنٍّ وَاحِدٍ إِلَّا غَلَبَنِي فِي فنه ذَلِك قَالَ القاضى وَنَقَلْتُ مِنْ خَطِّ الْقَاضِي أَبِي عبد الله بْنِ أَبِي نَصْرٍ الْحُمَيْدِيِّ وَأَجَازَنِي عَنْهُ

الْإِمَامُ أَبُو نَصْرِ بْنِ أَبِي مُسْلِمٍ النَّهَاوَنْدَيُّ مُكَاتَبَةً مِنْ مَكَّةَ حَرَسَهَا اللَّهُ وَالْقَاضِي أَبُو عَبْدِ الله الصدقى وَغَيْرُهُمَا قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّرِيفُ أَبُو إِبْرَاهِيمَ أَحْمَدُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ مَيْمُونٍ الْحُسَيْنِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا جَدُّنَا الْمَيْمُونُ بْنُ حَمْزَةَ أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبى عمرَان أخبرنَا عَاصِم ابْن عَلِيٍّ أَخْبَرَنَا الْمَسْعُودِيُّ عَنْ عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كَانَ الْفُقَهَاءُ يَتَوَاصُونَ بِثَلَاثٍ وَيَكْتُبُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ أَنَّهُ مَنْ أَصْلَحَ سَرِيرَتَهُ أَصْلَحَ اللَّهُ عَلَانِيَتَهُ وَمَنْ أَصْلَحَ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ أَصْلَحَ اللَّهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ عَمِلَ لِلآخِرَةِ كَفَاهُ اللَّهُ الدُّنْيَا وَبِخَطِّهِ أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَحْمَدَ الْكِنَانِيُّ إِمْلَاءً أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ سَلَمَةَ الْآمِدِيُّ أَخْبَرَنَا الْأَمِيرُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ الثَّقَفِيُّ قَالَ سَمِعْتُ جَدِّي أَبَا الْقَاسِمِ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ تَقَدَّمَ إِلَى إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِسْحَاقَ الْقَاضِي رَجُلَانِ مِنْ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ فَادَّعَى أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ سَمَاعًا فِي كِتَابِهِ وَأَنَّهُ يَلْتَمِسَهُ لِيَنْسَخَهُ فَأَبَى عَلَيْهِ فَسَأَلَ الْقَاضِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَأَقَرَّ فَقَالَ الْقَاضِي إِنْ كَانَ سَمَاعَهُ فِي كِتَابِكَ بِخَطِّكَ لَزِمَكَ بِالْحُكْمِ وَإِنْ كَانَ سَمَاعُهُ فِي كِتَابِكَ بِخَطِّهِ فَأَنْتَ

بِالْخِيَارِ فِي دَفْعِهِ وَمَنْعِهِ وَقَالَ لِلآخَرِ إِذَا أَعَارَكَ أَخُوكَ كُتُبَهُ لِتَنْسَخَهَا فَلَا تُعَذِّبْهُ فَإِنَّكَ تُطَرِّقُ عَلَى نَفْسِكَ مَنْعَكَ مِمَّا تَسْتَحِقُّ فَرَضِيَا وَقَامَا وَقَدْ رَوَيْنَا مِثْلَ هَذِهِ الْحِكَايَةِ وَالْفُتْيَا عَنْ غَيْرِ إِسْمَاعِيلَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ مُكَاتَبَةً أَخْبَرَنَا الصَّيْرَفِيُّ أَخْبَرَنَا الْفَالِيُّ أَخْبَرَنَا ابْنُ خَرْبَانَ أَخْبَرَنَا ابْنُ خَلَّادٍ أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ عُثْمَانَ التُّسْتَرِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ قَالَ ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ بِالْكُوفَةِ سَمَاعا مِنْهُ إِيَّاه فتحا كَمَا إِلَى حَفْص ابْن غَيَّاثٍ وَكَانَ عَلَى قَضَائِهَا فَقَالَ لِصَاحِبِ الْكِتَابِ أَخْرِجْ إِلَيْنَا كُتُبَكَ فَمَا كَانَ مِنْ سَمَاعِ هَذَا الرَّجُلِ بِخَطِّكَ أَلْزَمْنَاكَ وَمَا كَانَ بِخَطِّهِ أَعْفَيْنَاكَ مِنْهُ قَالَ ابْنُ خَلَّادٍ سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْرِيَّ عَنْ هَذَا فَقَالَ لَا يَجِيءُ فِي هَذَا الْبَابِ حُكْمٌ أَحْسَنُ مِنْ هَذَا لِأَنَّ خَطَّ صَاحِبِ الْكِتَابِ دَالٌ عَلَى رِضَاهُ وَقَالَ غَيْرُهُ لَيْسَ بِشَيْءٍ قَالَ الْقَاضِي الْمُؤَلِفُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ سَمَاعِهِ فِي كِتَابِهِ هَذَا بِخَطِّ صَاحِبِ الْكِتَابِ أَوْ بِخَطِّهِ

إِذَا كَانَ الْكِتَابُ فِيهِ بِمَعْرِفَتِهِ وَإِذْنِهِ إِذَا جَعَلَ رِضَاهُ بِذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى إِبَاحَتِهِ لِلِانْتِسَاخِ فَإِنْ كَانَ الْعُرْفُ عِنْدَهُمْ هَذَا فِيهِمَا أوفى أَحَدِهِمَا فَنَعَمْ وَإِلَّا فَالْقَوْلُ مَا قَالَ غَيْرُهُمَا إِذْ لَا يُحْكَمُ لِكَتْبِ السَّمَاعِ فِي الْكِتَابِ بِأَكْثَرِ مِنْ شَهَادَتِهِ بِصِحَّةِ سَمَاعِهِ وَإِمَّا زَائِدٌ عَلَى ذَلِكَ فَلَا إِلَّا أَنْ يُضَافَ إِلَى ذَلِكَ عُرْفٌ فَيُحْكَمُ بِهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ حَدَّثَنَا الْقَاضِي الشَّهِيدُ قِرَاءَةً عَلَيْهِ أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَضْلِ الْأَصْبَهَانِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الْأَصْبَهَانِيُّ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَطَّنِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو الْأَصْبَغِ بْنُ شَبِيبِ بْنِ حَفْصٍ الْبَصْرِيُّ أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ بْنُ يَزِيدَ حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ قَالَ لِي ابْنُ شِهَابٍ يَا يُونُسَ إِيَّاكَ وَغُلُولَ الْكُتُبِ قُلْتُ وَمَا غُلُولُهَا قَالَ حَبْسُهَا سَمِعْتُ شَيْخَنَا سُفْيَانَ بْنَ الْعَاصِي الْأَسَدِيَّ يَحْكِي عَنْ شَيْخِهِ الْقَاضِي أَبِي الْوَلِيدِ الْكِنَانِيِّ فِيمَا يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّي أَنَّهُ كَانَ إِذَا أَعَارَ كِتَابًا لِأَحَدٍ إِنَّمَا يَتْرُكُهُ عِنْدَهُ بِعَدَدِ وَرَقَاتِهِ أَيَّامًا ثُمَّ لَا يُسَامِحُهُ بَعْدُ ويَقُولُ هَذِهِ الْغَايَةُ إِنْ كُنْتُ أَخَذْتُهُ لِلدَّرْسِ وَالْقِرَاءَةِ فَلَنْ يَغْلِبْ أَحَدًا حِفظُ وَرَقَةٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ

وَإِنْ أَرَدْتَهُ لِلنَّسْخِ فَكَذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هَذَا وَلَا هَذَا فَأَنَا أَحْوَطُ بِكِتَابِي وَأَوْلَى بِرَفْعِهِ مِنْكَ وَحَدَّثَنَا الْقَاضِي أَبُو عَلِيٍّ حَدَّثَنَا الْأَصْبَهَانِيُّ قَالَ قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ سَمِعْتُ أَبَا عَلِيِّ بْنَ الصَّوَّافِ يَقُولُ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ يَقُولُ مَا رَأَيْتُ أَبِي عَلَى حِفْظِهِ حَدَّثَ مِنْ غَيْرِ كِتَابٍ إِلَّا أَقَلَ مِنْ مِائَةٍ حَدِيثٍ قَالَ وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُونُسَ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ دَاوُدَ يَقُولُ سَمِعْتُ الْأَعْمَشَ يَقُولُ السُّكُوتُ جَوَابٌ قَالَ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ وَاقِعٍ أَخْبَرَنَا ضَمْرَةُ عَنِ ابْنِ شؤذب عَنْ مَطَرٍ قَالَ الْعِلْمُ أَكْثَرُ مِنْ مَطَرِ السَّمَاءِ وَمَثَلُ الَّذِي يَرْوِي عَنْ عَالِمٍ وَاحِدٍ كَرَجُلٍ لَهُ امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِذَا حَاضَتْ بَقِيَ قَرَأْتُ عَلَى أَبِي بَحْرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ حَدَّثَكُمْ أَبُو الْعَبَّاسِ أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الرَّازِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ بْنُ عَدِيٍّ الْجُرْجَانِيُّ

قَالَ سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ عُمَرَ بْنِ بِسْطَامٍ يَقُولُ سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ سَيَّارٍ يَقُولُ كُنْتُ أَنَا وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عِنْدَ عَلِيِّ بْنِ حَجَرٍ نَسْأَلُهُ فَأَنْشَأَ يَقُولُ (الْغَايَة القصوى الَّتِى تأملانها ... أتقومي عَلَيْهَا نَقُومُ فَنَنْهَضُ) قَالَ وَسَمِعْتُ الْحَسَنَ بْنَ سُفْيَانَ يَقُولُ سَأَلَ أَصْحَاب الحَدِيث على ابْن حَجَرٍ الزِّيَادَةَ فَأَنْشَأَ يَقُولُ (لَكَمْ مِائَةٌ فِي كُلِّ يَوْمٍ أَعُدُّهَا ... حَدِيثًا حَدِيثًا لَسْتُ زَائِدَكُمْ حَرْفَا) (وَمَا طَالَ مِنْهَا مِنْ حَدِيثٍ فَإِنَّنِي ... بِهِ طَالِبٌ مِنْكُمْ عَلَى قَدْرِهِ صَرْفَا) (فَإِنْ أَقْنَعْتُكُمْ فَاسْمَعُوهَا صَرِيحَةً ... وَإِلَّا فَجِيئُوا مَنْ يُحَدِّثُكُمْ أَلْفَا) قَالَ الْحَسَنُ وَسَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ حَجَرٍ يَقُولُ (وَظِيفَتُنَا مِائَةٌ لِلْغَرِيبِ ... فِي كُلِّ يَوْمٍ سِوَى مَا يُفَادُ) (شَرِيكَيَّةٌ أَوْ هَشِيمَيَّةٌ ... أَحَادِيثُ فِقْهٍ صِحَاحٌ جِيَادُ) حَدَّثَنَا الْقَاضِي أَبُو عَلِيٍّ الصَّدَفِيُّ قَالَ سَمِعْتُ شَيْخَنَا أَبَا مُحَمَّدٍ التَّمِيمِيَّ الْحَنْبَلِيَّ يَقُولُ

يَقْبَحُ بِكُمْ أَنْ تَسْتَفِيدُوا بِنَا ثُمَّ تَذْكُرُونَا وَلَا تَتَرَحَّمُوا عَلَيْنَا حَدَّثَنَا الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ الْجَيَّانِيُّ مُكَاتَبَةً قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَرَ ابْن عَبْدِ الْبَرِّ النَّمَرِيُّ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ الْمُقْرِيُّ أَخْبَرَنَا ابْنُ حُبَابَةَ أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْبَغَوِيُّ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ القواريرى سَمِعت يحيى ابْن سَعِيدٍ الْقَطَّانِ يَقُولُ قَالَ شُعْبَةُ كُلُّ مَنْ كَتَبْتُ عَنْهُ حَدِيثًا فَأَنَا لَهُ عَبْدٌ وَحَدَّثَنَا الْقَاضِي الشَّهِيدُ قِرَاءَةً أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ الْحَدَّادُ أخبرنَا أَحْمد ابْن عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ أَخْبَرَنَا أَنَسُ بْنُ سَلْمٍ أَبُو عُقَيْلٍ الْخَوْلَانِيُّ أَخْبَرَنَا عُتْبَةُ بْنُ رَزِينٍ الْأَلْهَانِيُّ سَمِعْتُ إِسْمَاعِيلَ بْنَ عَيَّاشٍ يَقُولُ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ الْأَلْهَانِيُّ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ عَلَّمَ عَبْدًا آيَةً مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى فَهُوَ مَوْلَاهُ يَنْبَغِي لَهُ أَلَّا يَخْذُلَهُ وَلَا يَسْتَأْثِرَ عَلَيْهِ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ أَخْبَرَنَا ابْنُ قَاسِمٍ أَخْبَرَنَا ابْن عَبَّاس أخبرنَا الغافقى أَو الْقَاسِمِ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ يَعْنِي ابْنَ شَعْبَانَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ ابْن أَحْمَدَ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ قَالَ قَالَ لِي مَالِكٌ

يَا عَبْدَ اللَّهِ أَدِ مَا سَمِعْتَ وَلَا تَحْمِلْ لِأَحَدٍ عَلَى ظَهْرِكَ فَقَدْ كَانَ يُقَالُ أَخْسَرُ النَّاسِ مَنْ بَاعَ آخِرَتَهُ بِدُنْيَاهُ وَأَخْسَرُ مِنْهُ مَنْ بَاعَ آخِرَتَهُ بِدُنْيَا غَيْرِهِ قَالَ وَأَخْبَرَنَا أَبُو طَالِبٍ عُمَرُ بْنُ الرَّبِيعِ الْخَشَّابُ أخبرنَا هِشَام ابْن صَالِحٍ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سَلْمٌ الْخَوَّاصُ قَالَ يُقْتَدَى مِنْ قَوْلِ الْعَالِمِ مَا يُقْتَدَى مِنْ فِعْلِهِ وَيَنْشِدُ فِي هَذَا (اسْمَعْ لِقَوْلِي وَلَا تَنْظُرْ إِلَى عَمَلِي ... يَنْفَعْكَ عِلْمِي وَلَا يَضْرُرْكَ تَقْصِيرِي) أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو عَلِيٍّ أخبرنَا بن أَبِي نَصْرٍ قَالَ قَرَأْتُ عَلَى

أَبِي الْبَرَكَاتِ الْحُسَيْنِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْفُرَاتِ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّد عبد الْغنى ابْن سَعِيدٍ قَالَ حَمَلَ إِلَيَّ عُمَرُ بْنُ دَاوُدَ النَّيْسَابُورِيُّ كِتَابَ الْمَدْخَلِ إِلَى مَعْرِفَةِ الصَّحِيحِ الَّذِي صَنَعَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ الْبَيِّعِ النيسابورى فَوجدت فِيهِ أغلاط فَأَعْلَمْتُ عَلَيْهَا وَأَوْضَحْتُهَا فِي كِتَابٍ فَلَمَّا وَصَلَ الْكِتَابُ إِلَيْهِ أَجَابَنِي عَلَى ذَلِكَ بِأَحْسَنِ جَوَابٍ وَشَكَرَ عَلَيْهِ أَتَمَّ شُكْرٍ وَذَكَرَ فِي كِتَابِهِ إِلَيَّ أَنَّهُ لَا يَذْكُرُ مَا اسْتَفَادَهُ مِنْ ذَلِكَ أَبَدًا إِلَّا عَنِّي وَذَكَرَ فِي كِتَابِهِ إِلَيَّ أَنَّ أَبَا الْعَبَّاسِ مُحَمَّدَ بْنَ يَعْقُوبَ الْأَصَمَّ حَدَّثَهُمْ قَالَ أَخْبَرَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عُبَيْدٍ يَقُولُ مِنْ شُكْرِ الْعِلْمِ أَنْ تَسْتَفِيدَ الشَّيْءَ فَإِذَا ذُكِرَ قُلْتَ خَفِيَ عَلَيَّ كَذَا وَكَذَا وَلَمْ يَكُنْ لِي بِهِ عِلْمٌ حَتَّى أَفَادَنِي فُلَانٌ فِيهِ كَذَا وَكَذَا فَهَذَا شُكْرُ الْعِلْمِ وَأَخْبَرَنَا قَالَ أَخْبَرَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْمُهْتَدِي

أَخْبَرَنَا أَبُو حَفْصِ بْنُ شَاهِينٍ قَالَ أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ إِسْمَاعِيلَ قَالَ بَلَغَنِي أَنَّ ابْنَ الْمُبَارَكِ حَضَرَ عِنْدَ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ مُسَلِّمًا عَلَيْهِ فَقَالَ أَصْحَابُ الْحَدِيثِ لِحَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ يَا أَبَا إِسْمَاعِيلَ تَسْأَلُ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ يُحَدِّثُنَا فَقَالَ لِي يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدِّثْهُمْ فَقُلْتُ سُبْحَانَ اللَّهِ يَا أَبَا إِسْمَاعِيلَ أُحَدِّثُ وَأَنْتَ حَاضِرٌ قَالَ أَقْسَمْتُ لَنَفْعَلَنَّ أَوْ نَحْوُهُ فَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ خُذُوا أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْمَاعِيلَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ فَمَا حَدَّثَ بِحَرْفٍ إِلَّا عَنْ حَمَّادٍ يَعْنِي فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ أَدَبًا وَنَاهِيكَ مِنْ فِعْلِ حَمَّادٍ أَيْضًا وَمِنْ أَدَبِ الْحَاضِرِينَ فِي رَغْبَتِهِمْ لِحَمَّادٍ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْبر إجَازَة أخبرنَا خلف ابْن قَاسِمٍ أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ السَّكَنِ أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمد ابْن عَبْدِ اللَّهِ الْفَرَائِضِيُّ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَالِكٍ أَخْبَرَنَا عَبَّاسُ الدُّورِيُّ أَخْبَرَنَا ابْنُ نُوحٍ قَالَ سَمِعْتُ شُعْبَةَ يَقُولُ إِذَا رَأَيْتَ الْمِحْبَرَةَ فِي بَيْتِ إِنْسَانَ فَارْحَمْهُ فَإِنْ كَانَ فِي كُمِّكَ شَيْءٌ فَأَطْعِمْهُ قَرَأت بِخَط أبي عبد الله بن أبي نصر فِيمَا كتبه مُفِيدا لِلْقَاضِي أَبِي بَكْرِ بْنِ عِمْرَانَ وَحدثنَا غير وَاحِد عَنهُ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بن عقيل الْخُرَاسَانِي أخبرنَا أَبُو بكر مُحَمَّد بن أَحْمد أخبرنَا

الخرائطي قَالَ أخبرنَا الْعَبَّاس بن عبد الله الترقفى قَالَ أخبرنَا أَبُو يزِيد الْفَيْض بن إِسْحَاق عَن الفضيل بن عِيَاض قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ ابْن سَلَّامٍ لِكَعْبٍ مَا يُذْهِبُ الْعِلْمَ مِنْ قُلُوبِ الْعُلَمَاءِ بَعْدَ إِذْ وَعَوْهُ وَعَقَلُوهُ قَالَ الطَّمَعُ وَشَرَهُ النَّفْسِ وَطَلَبُ الْحَوَائِجِ قُلْتُ لِفُضَيْلٍ فَسِّرْ لِي قَوْلَ كَعْبٍ قَالَ يَطْمَعُ الرَّجُلُ فِي الشَّيْءِ فَيَطْلُبُهُ فَيَذْهَبُ عَلَيْهِ دِينُهُ وَأَمَّا الشَّرَهُ فَشَرُّهُ النَّفْسُ فِي هَذَا وَفِي هَذَا حَتَّى لَا يُحِبَّ أَنْ يَفُوتَهُ شَيْءٌ وَتَكُونُ لَكَ إِلَى هَذَا حَاجَةٌ وَإِلَى هَذَا حَاجَةٌ فَإِذَا قَضَاهَا لَكَ خَرَمَ أَنْفَكَ وَقَادَكَ حَيْثُ شَاءَ وَاسْتَمْكَنَ مِنْكَ وَخَضَعْتَ لَهُ فَمِنْ حُبِّكَ لِلدُّنْيَا سَلَّمْتَ عَلَيْهِ إِذَا مَرَرْتَ بِهِ وَعُدْتَهُ إِذَا مَرِضَ لَمْ تُسَلِّمْ عَلَيْهِ لِلَّهِ وَلَمْ تَعُدْهُ لِلَّهِ فَلَوْ لَمْ تَكُنْ لَكَ إِلَيْهِ حَاجَةٌ كَانَ خَيْرًا لَكَ ثُمَّ قَالَ هَذَا خَيْرٌ لَكَ مِنْ مِائَةِ حَدِيثٍ عَنْ فُلَانٍ وَفُلَانٍ وَحَدَّثَنَا التَّاهَرْتِيُّ بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ أَخْبَرَنَا ابْنُ سَعْدُونَ أَخْبَرَنَا

الْمُطَّوِّعِيُّ أَخْبَرَنَا ابْنُ الْبَيِّعِ قَالَ سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ الْخَضِرِ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ سَمِعْتُ جَعْفَرَ بْنَ أَحْمَدَ الْحَافِظَ يَقُولُ كُنَّا فِي مَجْلِسِ مُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ فِي مَنْزِلِهِ قُعُودًا تَحْتَ الشَّجَرَةِ وَهُوَ مُسْتَنِدٌ إِلَيْهَا يَقْرَأُ عَلَيْنَا وَكَانَ إِذَا رَفَعَ فِي الْمَجْلِسِ أَحَدٌ صَوْتَهُ أَوْ تَبَسَّمَ قَامَ فَلَمْ يَقْدِرْ أَحَدٌ مِنَّا عَلَى مُرَاجَعَتِهِ قَالَ فَوَقَعَ ذَرْقُ طَائِرٍ عَلَى يَدِي وَقَلَمِي وَكِتَابِي فَضَحِكَ خَادِمٌ مِنْ خَدَمِ طَاهِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَأَوْلَادُهُ مَعَنَا فِي الْمَجْلِسِ فَنَظَرَ إِلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ فَوَضَعَ الْكِتَابَ فَانْتَهَى ذَلِكَ الْخَبَرُ إِلَى السُّلْطَانِ فَجَاءَنِي الْخَادِمُ عِنْدَ السَّحَرِ وَمَعَهُ حَمَّالٌ عَلَى ظَهْرِهِ بَيْتُ سَامَانَ فَقَالَ وَاللَّهِ مَا أَمْلِكُ فِي الْوَقْتِ شَيْئًا أَحْمِلُهُ إِلَيْكَ غَيْرَ هَذَا وَهُوَ هَدِيَّةٌ لَكَ فَإِنْ سُئِلْتَ عَنِّي فَقُلْ لَا أَدْرِي مَنْ تَبَسَّمَ فَقُلْتُ أَفْعَلُ فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ حُمِلْتُ إِلَى بَابِ السَّلْطَانِ فَبَرَّأْتُ

الْخَادِمَ ثُمَّ بَعَثَ السَّامَانُ بِثَلَاثِينَ دِينَارًا فَاسْتَغْنَيْتُ بِهِ فِي الْخُرُوجِ إِلَى الْعِرَاقِ حَدَّثَنَا الْقَاضِي الشَّهِيدُ أَخْبَرَنَا حْمَدُ بْنُ أَحْمَدَ أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الْحَافِظُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ الْعَيْشِيُّ أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ زِيَادٍ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقَرَظِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ قَامَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ فَقَالَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَتَكَلَّمُوا بِالْحِكْمَةِ عِنْدَ الْجُهَّالِ فَتَظْلِمُوهَا وَلَا تَضَعُوهَا عِنْدَ غَيْرِ أَهْلِهَا فَتَكْتُمُوهَا وَفِي غَيْرِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَلَا تَمْنَعُوهَا مِنْ أَهْلِهَا فَتَظْلِمُوهُمْ أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْجَيَّانِيُّ مِنْ كِتَابِهِ قَالَ أَنْشَدَنِي بَعْضُ شُيُوخِي (صُنِ الْعِلْمَ وَارْفَعْ قَدْرَهُ وَارْعَ حَقَّهُ ... وَلَا تُلْقِهِ إِلَّا إِلَى كُلِّ مُنْصِفِ) (وَخُطْهُ يَحُطْكَ اللَّهُ مِنْ كُلِّ آفَةٍ ... فَأَنْتَ بِهِ مِنْ حَيْثُ يَمَّمْتَ تَكْتَفِ) أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَافِظُ مِنْ كِتَابِهِ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ الطُّيُورِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الْفَالِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا الْقَاضِي ابْنُ خَرْبَانَ قَالَ أَخْبَرَنَا الْقَاضِي ابْنُ خَلَّادٍ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ الرَّاسِبِيُّ أَخْبَرَنَا بُنْدَارٌ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَنْ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ إِنْ كُنْتُ لَأَسِيرُ ثَلَاثًا فِي الْحَدِيثِ الْوَاحِدِ

حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْخُشَنِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الطَّبَرِيُّ وَحَدَّثَنَا أَبُو بَحْرِ بْنُ الْعَاصِي الْأَسَدِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَتْحِ السَّمَرْقَنْدِيُّ قَالَا أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْغَافِرِ الْفَارِسِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ الْجُلُودِيُّ أَخْبَرَنَا ابْنُ سُفْيَانَ أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ لَا يُسْتَطَاعُ الْعِلْمُ بِرَاحَةِ الْجِسْمِ وَحَدَّثَنِي الْقَاضِي أَبُو عَلِيٍّ عَنِ الْمُبَارَكِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ النَّهَاوَنْدِيِّ عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنِ السَّاجِيِّ قَالَ أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ أَوْ حَدَّثْتُ عَنْهُ أَنَّ الشَّافِعِيَّ يجزىء اللَّيْلَ ثَلَاثَةَ أَجْزَاءٍ الثُّلُثُ الْأَوَّلُ يَكْتُبُ وَالثَّانِي يُصَلِّي وَالثَّالِثُ يَنَامُ حَدَّثَنَا الْقَاضِي أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَن ابْن عَبْدِ الرَّحِيمِ بْنِ أَحْمَدَ الْكُتَامِيُّ بِلَفْظِهِ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي مُحَمَّدٌ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَبْدُ الرَّحِيمِ قَالَ أَخْبَرَنَا

أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ أَبِي زَيْدٍ الْفَقِيهُ بِالْقَيْرَوَانِ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ اللُّبَّادِ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدُوسَ صَلَّى الصُّبْحَ بِوُضُوءِ الْعَتْمَةِ ثَلَاثِينَ سَنَةً خَمْسَ عَشْرَةَ مِنْ دِرَاسَةٍ وَخَمْسَ عَشْرَةَ مِنْ عِبَادَةٍ قَالَ الْقَاضِي ذَكَرْتُ هَذَا الْخَبَرَ لِلْقَاضِي الشَّهِيدِ شَيْخِنَا أَبِي عَلِيٍّ رَحِمَهُ اللَّهُ فَاسْتَغْرَبَهُ وَقَالَ لِي سَمِعْتُ أَبَا مُحَمَّدٍ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ يُعْرَفُ بِابْنِ فُورْتَشٍ قَاضِي سَرَقُسْطَةَ يَقُولُ رَأَى ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي النَّوْمِ قَائِلًا يَقُولُ لَهُ مَخَضْتَ فَجَبِّنْ فَقَصَّهَا عَلَى عَابِرِ وَقْتِهِ فَقَالَ لَهُ نُدِبْتَ لِلْعَمَلِ فَقَالَ أَيُّ عَمَلٍ أَفْضَلُ مِنَ اشْتِغَالِي بِتَأْلِيفِ الْمَجْمُوعَةِ فَقَالَ لَهُ الْعَابِرُ مَا أَرَاكَ نُدِبْتَ إِلَّا لِمَا هُوَ أَنْفَعُ لَكَ أَوْ نَحْوِ هَذَا فَانْفَرَدَ بِالْمَنِسْتِيرِ سَنَةً وَتُوُفِّيَ رَحِمَهُ اللَّهُ بَعْدَ سَنَةٍ وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو عبد الله مُحَمَّد ابْن قَطْرِيٍّ النَّحْوِيُّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ أَحْمَدَ بْنِ ثَابِتٍ الْخَطِيبِ الْبَغْدَادِيِّ من ناشيده لأبى الْقَاسِمَ بْنَ نُبَاتَةَ السَّعْدِيِّ بْنِ عُمَرَ أَبِي نَصْرٍ

(أَعَاذِلَتِي عَلَى إِتْعَابِ نَفْسِي ... وَرَعْيِي فِي السُّرَى رَوْضَ السُّهَادِ) (إِذَا شَامَ الْفَتَى بَرْقَ الْمَعَالِي ... فَأَهْوَنُ فَائِتٍ طِيبُ الرُّقَادِ) قَرَأْتُ بِخَطِّ الشَّيْخِ ابْنِ أَبِي نَصْرٍ الْحَافِظِ نَزِيلِ بَغْدَادَ فِيمَا حَدَّثَنِي بِهِ الْقَاضِي أَبُو عَلِيٍّ عَنْهُ مِنْ قَوْلِهِ (الْفِقْهُ فِي الدِّينِ بِالْآثَارِ مُقْتَرِنٌ ... فَاشْغِلْ زَمَانَكَ فِي فِقْهٍ وَفِي أَثَرِ) (فَالشُّغْلُ بِالْفِقْهِ وَالْآثَارِ مُرْتَفِعٌ ... بِقَاصِدِ اللَّهِ فَوْقَ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ) أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ مِنْ كِتَابِهِ أَخْبَرَنَا الطْيُوُرِيُّ أَخْبَرَنَا الْفَالِيُّ أَخْبَرَنَا ابْنُ خَرْبَانَ أَخْبَرَنَا ابْنُ خَلَّادٍ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْمَازِنِيُّ حَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ إِسْحَاقَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ الْقَنَّادُ قَالَ سَمِعْتُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ يَقُولُ لَوْ عَلِمْتَ أَنَّ أَحَدًا يَطْلُبُ الْحَدِيثَ لِلَّهِ لَصِرْتُ إِلَيْهِ فِي بَيْتِهِ فَحَدَّثْتُهُ قَالَ ابْنُ خَلَّادٍ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ سَعْدَانَ أَخْبَرَنَا سَعِيدُ ابْن رَحْمَةَ الْأَصْبَحِيِّ قَالَ كُنْتُ أَسْبِقُ إِلَى حَلَقَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ بِلَيْلٍ مَعَ أَقْرَانِي لَا يَسْبِقُنِي أَحَدٌ وَيَجِيءُ هُوَ مَعَ الْأَشْيَاخِ فَقِيلَ لَهُ قَدْ غَلَبَنَا عَلَيْكَ هَؤُلَاءِ الصِّبْيَانُ فَقَالَ

هَؤُلَاءِ أَرْجَى عِنْدِي مِنْكُمْ أَنْتُمْ كَمْ تَعِيشُونَ وَهَؤُلَاءِ عَسَى اللَّهَ أَنْ يُبَلِّغَ بِهِمْ قَالَ وَأَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ زَكَرِيَّا أَخْبَرَنَا زِيَادُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ خُزَاعِيٍّ سَمِعْتُ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ يَقُولُ كَانَ أَبِي صَيْرَفِيًّا بِالْكُوفَةِ فَرَكِبَهُ الدَّيْنُ فَحَمَلَنَا إِلَى مَكَّةَ فَلَمَّا رُحْنَا إِلَى الْمَسْجِدِ لِصَلَاةِ الظُّهْرِ وَصِرْتُ إِلَى بَابِ الْمَسْجِدِ إِذَا شَيْخٌ عَلَى حِمَارٍ فَقَالَ لِي يَا غُلَامُ أَمْسِكْ عَلَيَّ هَذَا الْحِمَارَ حَتَّى أَدْخُلَ الْمَسْجِدَ فَأَرْكَعُ فِيهِ فَقُلْتُ لَا وَاللَّهِ مَا أَنَا بِفَاعِلٍ حَتَّى تُحَدِّثَنِي فَقَالَ وَمَا تَصْنَعُ بِالْحَدِيثِ وَاسْتَصْغَرَنِي فَقَالَ حَدَّثَنى بن جَابِرٍ عَبْدُ اللَّهِ وَأَخْبَرَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ فَحَدَّثَنِي بِثَمَانِيَةِ أَحَادِيثَ فَأَمْسَكْتُ حِمَارَهُ وَجَعَلْتُ أَتَحَفَّظُ مَا حَدَّثَنِي بِهِ فَلَمَّا صَلَّى وَخَرَجَ قَالَ مَا نَفَعَكَ مَا حَدَّثْتُكَ بِهِ حَبَسْتَنِي فَقُلْتُ حَدَّثْتَنِي بِكَذَا وَحَدَّثْتَنِي بِكَذَا فَرَدَّدْتُ عَلَيْهِ جَمِيعَ مَا حَدَّثَنِي بِهِ فَقَالَ بَارَكَ اللَّهُ فِيكَ تَعَالَى غَدًا إِلَى الْمَجْلِسِ فَإِذَا هُوَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ

قَالَ وَأَخْبَرَنَا هَمَّامُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَبْدِيُّ وَأَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَسَنِ الْعَلَّافُ حَدَّثَنِي الْعَلَاءُ بْنُ الْحُسَيْنِ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ بِحَدِيثٍ فَقُلْتُ لَهُ لَيْسَ هُوَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ كَمَا حَدَّثْتَ قَالَ وَمَا عَلَّمَكَ يَا قَصِيرُ قَالَ فَسَكَتَ عَنْهُ هُنَيَّةً ثُمَّ قُلْتُ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَنْتَ مُعَلِّمُنَا وَسَيِّدُنَا فَإِنْ كُنْتُ أُوهَمْتُ فَلَا تُؤَاخِذَنِي فَسَكَتَ هُنَيَّةً ثُمَّ قَالَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحَدِيثَ كَمَا ذَكَرْتَ أَنْتَ وَأَنَا أُوهَمْتُ قَالَ وَأَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ الْمَوْصِلِيُّ أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ جُنَادٍ قَالَ عَرَضْتُ لِابْنِ الْمُبَارَكِ فَقُلْتُ لَهُ أَمْلِ عَلَيَّ فَقَالَ أَقَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَقُلْتُ نَعَمْ فَقَرَأْتُ عَشْرًا

فَقَالَ هَلْ عَلِمْتَ مَا اخْتَلَفَ النَّاسُ فِيهِ مِنَ الْوُقُوفِ وَالِابْتِدَاءِ قُلْتُ أَبْصَرُ النَّاسِ بِالْوَقْفِ وَالِابْتِدَاءِ فَقَالَ مدهامتان قُلْتُ آيَةٌ قَالَ فَالْحَدِيثُ سَمِعْتَهُ مِنْ أَحَدٍ غَيْرِي قُلْتُ نَعَمْ قَالَ فَحَدِّثْنِي قَالَ فَحَدَّثْتُهُ فِي الْمَنَاسِكِ بِأَحَادِيثَ فَقَالَ أَحْسَنْتَ هَاتِ أَلْوَاحَكَ فَأُخْرَجْتُ ثُمَّ قَالَ لِي مِنْ أَيْنَ أَنْتَ قُلْتُ مِنْ بَغْدَادَ قَالَ قُمْ قُلْتُ هَلْ رَأَيْتَ إِلَّا خَيْرًا قَالَ قُمْ قُلْتُ امْرَأَتُهُ طَالِقٌ ثَلَاثًا إِنْ قُمْتَ أَوْ تُمْلِي عَلَيَّ وَتُفْتِينِي وَتُغَنِّينِي أَقُوَلُهَا أَرْبَعًا قَالَ اكْتُبْ (أيا القارىء الذى لبس الصُّوف ... وَأمسى بعد فِي الزُّهَّادِ) (الْزَمِ الثَّغْرَ وَالتَّوَاضُعَ فِيهِ ... لَيْسَ بَغْدَادُ مَنْزِلَ الْعُبَّادِ) (إِنَّ بَغْدَادَ لِلْمُلُوكِ مَحَلٌّ ... وَمُنَاخٌ للقارىء الصَّيَّادِ) قُلْتُ مَنِ النَّاسُ قَالَ الْعُلَمَاءُ قُلْتُ مَنِ الْمُلُوكُ قَالَ الزُّهَّادُ قُلْتُ مَنِ الْغَوْغَاءُ قَالَ هرنمة وَخُزَيْمَةُ بْنُ خَازِمٍ

قُلْتُ مَنِ السَّفَلَةُ قَالَ مَنْ بَاعَ دِينَهُ بِدُنْيَا غَيْرِهِ قَالَ وَأَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الْحَضْرَمِيُّ أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ أَخْبَرَنَا الْفضل بْنُ مُوسَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ كَانَ يَخْتَلِفُ شَيْخٌ مَعَنَا إِلَى مَسْرُوقٍ وَكَانَ يَسْأَلُهُ فَيُخْبِرُهُ فَلَا يَفْهَمُ فَقَالَ أَتَدْرِي مَا مَثَلُكَ مَثَلُكَ مِثْلُ بَغْلٍ هَرِمٍ حَطِمٍ جَرِبٍ دُفِعَ إِلَى رَائِضٍ فَقِيلَ لَهُ عَلِّمْهُ الْهَمْلَجَةَ قَالَ وَأَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَبِيبٍ أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ كَاسِبٍ حَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْمَاجِشُونِ قَالَ

حَضَرْتُ مَالِكًا وَأَتَاهُ رَجُلٌ مِنَ الصُّوفِيَّةِ فَسَأَلَهُ عَنْ ثَلَاثَةِ أَحَادِيثَ يُحَدِّثُهُ بِهَا فَقَالَ مَالِكٌ اعْرِضْهَا إِنْ كَانَتْ لَكَ حَاجَةٌ فَقَالَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ إِنَّ الْعَرْضَ لَا يَجُوزُ عِنْدَنَا فَقَالَ لَهُ مَالِكٌ أَنْتَ أَعْلَمُ فَأَتَاهُ مِرَارًا كُلَّ ذَلِكَ يَقُولُ لَهُ اعْرِضْهَا إِنْ كَانَتْ لَكَ حَاجَةٌ فَيَقُولُ لَهُ الْعَرْضُ لَا يَجُوزُ عِنْدَنَا فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَقُومَ وَثَبَ إِلَيْهِ الصُّوفِيُّ فَلَزِمَ مَضْرِبَةً كَانَتْ تَحْتَهُ ثُمَّ قَالَ وَرَبِّ هَذَا الْقَبْرِ لَا أَدَعُهَا أَوْ تُحَدِّثَنِي بِثَلَاثَةِ أَحَادِيثَ فَقَالَ مَالِكٌ لِرَجُلٍ مِنْ جُلَسَائِهِ لَيْتَكَ يَا أَبَا طَلْحَةَ دَخَلْتَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ فَإِنِّي أَرَى بِهِ لَمَمًا فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ مَا أَرَى بِالرَّجُلِ لَمَمًا يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ إِنْ رَأَيْتَ أَنْ تُحَدِّثَهُ بِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ الثَّلَاثَةِ فَقَالَ مَالِكٌ هَاتِ فَسَأَلَهُ فَحَدَّثَهُ وَاخْتَصَرْتُهُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْقَاضِي أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ قَاسِمٍ عَنْ مُحَمَّد

ابْن عَبَّاسٍ عَنْ أَبِي الْقَاسِمِ الْجَوْهَرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ ابْن شَعْبَانَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَرْوَانَ أَخْبَرَنَا عُمَيْرُ بْنُ مِرْدَاسٍ أَخْبَرَنَا مطرف ابْن عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كَانَ مَالِكٌ إِذَا حَدَّثَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اغْتَسَلَ وَتَطَيَّبَ وَلَبِسَ ثِيَابًا جُدُدًا ثُمَّ يُحَدِّثُ قَالَ غَيْرُهُ إِجْلَالًا لِحَدِيثِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَقُولُ لِيَلِيَنِّي مِنْكُمْ أُولُو الْأَحْلَامِ وَالنُّهَى أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا الْمُبَارَكُ أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ أَخْبَرَنَا ابْنُ خَلَّادٍ قَالَ أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ الْأَبْزَارِيُّ قَالَ سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ الْقَاسِمِ صَاحِبَ أَبِي عُبَيْدٍ قَالَ سَمِعْتُ الْحَسَنَ ابْنَ أَبِي الرَّبِيعِ يَقُولُ كُنَّا عَلَى بَابِ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ فَخَرَجَ مُنَادٍ فَنَادَى لِيَدْخُلَ أَهْلُ الْحِجَازِ فَمَا دَخَلَ إِلَّا أَهْلُ الْحِجَازِ ثُمَّ خَرَجَ فَنَادَى لِيَدْخُلَ أَهْلُ الشَّامِ فَمَا دَخَلَ إِلَّا أَهْلُ الشَّامِ ثُمَّ خرج فَنَادَى ليدْخل أخل الْعِرَاقِ فَكُنَّا آخِرَ مَنْ دَخَلَ وَكَانَ فِينَا حَمَّادُ بْنُ أَبِي حَنِيفَةَ فَلَمَّا دَخَلَ قَالَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَإِذَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ جَالِسٌ عَلَى الْفَرْشِ وَالْخَدَمُ قِيَامٌ بِأَيْدِيهِمُ الْمَقَارِعُ قَالَ فَأَوْمَأَ

النَّاسُ بِأَيْدِيهِمْ إِلَيْهِ اسْكُتْ فَقَالَ وَيْحَكُمْ أَفِي الصَّلَاةِ نَحْنُ فَلَا نَتَكَلَّمُ قَالَ فَسَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ أَسْتَخِيرُ اللَّهَ ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ أَخْبَرَنِي نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ فَحَدَّثَهُمْ بِعِشْرِينَ حَدِيثًا قَالَ فِي غَيْرِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ ثُمَّ أَخَذَتْنَا الْمَقَارِعُ فَأَخْرِجْنَا حَدَّثَنَا الْقَاضِي الشَّهِيدُ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ الْخَاضِبَةِ الْبَغْدَادِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَتْحِ الْجَوْهَرِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ سَمِعت عبد الرَّحْمَن ابْن مُحَمَّدٍ الْمُعَدِّلَ يَقُولُ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْحِيرِيَّ يَقُولُ سَمِعت قطن ابْن إِبْرَاهِيمَ يَقُولُ سَمِعْتُ إِسْحَاقَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيَّ يَقُولُ جَاءَ فَتًى إِلَى سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ مِنْ خَلْفِهِ فَجَبَذَهُ فَقَالَ يَا سُفْيَانُ حَدِّثْنِي فَالْتَفَتَ سُفْيَانُ فَقَالَ يَا فَتًى إِنَّهُ مَنْ جَهِلَ أَقْدَارَ النَّاسِ فَهُوَ بِقَدْرِ نَفْسِهِ أَجْهَلُ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ الصَّيْرَفِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الْفَالِيُّ أَخْبَرَنَا ابْنُ خَرْبَانَ أَخْبَرَنَا ابْنُ خَلَّادٍ أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي حَسَّانٍ الْأَنْمَاطِيُّ أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ أَخْبَرَنَا الْوَلِيدُ عَنْ سَعِيدٍ أَنَّ هِشَامَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ سَأَلَ الزُّهْرِيُّ أَنْ يُمْلِيَ عَلَى بَعْضِ أَوْلَادِهِ شَيْئًا مِنَ الْحَدِيثِ فَدَعَا بِكَاتِبٍ وَأَمْلَى عَلَيْهِ أَرْبَعمِائَة حَدِيثٍ فَخَرَجَ الزُّهْرِيُّ مِنْ عِنْدَ هِشَامٍ فَقَالَ أَيْنَ أَنْتُمْ يَا أَصْحَابَ الْحَدِيثِ فَحَدَّثَهُمْ بِهَا أَرَاهُ وَاللَّهُ

أَعْلَمُ لِئَلَّا يَخُصَّ أَهْلَ الدُّنْيَا دُونَهُمْ ثُمَّ لَقِيَ هِشَامًا بَعْدَ شَهْرٍ أَوْ نَحْوِهِ فَقَالَ لِلزُّهْرِيِّ يُرِيدُ اخْتِبَارَهُ إِنَّ ذَلِكَ الْكِتَابَ قَدْ ضَاعَ قَالَ لَا عَلَيْكَ فَدَعَا بِكَاتِبٍ فَأَمْلَاهَا عَلَيْهِ ثُمَّ قَابَلَ هِشَامَ بِالْكِتَابِ الْأَوَّلِ فَلَمْ يُغَادِرْ حَرْفًا وَاحِدًا أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ التَّمِيمِيُّ بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ وَأَبُو الْحُسَيْن سراج ابْن عَبْدِ الْمَلِكِ الْحَافِظِ قَالَا أَخْبَرَنَا أَبُو مَرْوَانَ بْنُ سِرَاجٍ عَنْ أَبِي الْقَاسِمِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي زَكَرِيَّا بْنِ عَابِدٍ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَخْبَرَنَا أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَّامِ أَخْبَرَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ وَمُعَاذٌ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ عَنِ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ تَفَقَّهُوا قَبْلَ أَنْ تُسَوِّدُوا قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ يَقُولُ مَا دُمْتُمْ صِغَارًا قَبْلَ أَنْ تَصِيرُوا سَادَةً رُؤَسَاءً مَنْظُورًا إِلَيْكُمْ فَتَسْتَحْيُوا مِنَ الطَّلَبِ فَتَبْقَوْا جُهَلَاءً وَقَدْ قَالَ مُجَاهِدٌ لَنْ يَنَالَ الْعلم مستحى وَلَا مُسْتَكْبِرٌ

وَقَالَ غَيْرُ أَبِي عُبَيْدٍ مَعْنَاهُ قَبْلَ أَنْ تَتَزَوَّجُوا فَتَشْغَلُكُمْ بُيُوتُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ عَنْ ذَلِكَ وَفِي مِثْلِ هَذَا قَالَ أَبُو الْفَرَجِ بْنُ هِنْدُو الْكَاتِبُ فِيمَا حَدَّثَنِي بِهِ الشَّيْخُ الْأَدِيبُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْدِيُّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ أَحْمَدَ بْنِ ثَابِتٍ الْحَافِظِ مِمَّا أَنْشَدَهُ لَهُ (مَا لِلْمُعِيلِ وَلِلْمَعَالِي إِنَّمَا ... يَسْمُو إِلَيْهِنَّ الْوَحِيدُ الْفَارِدُ) (فَالشَّمْسُ تَجْتَابُ السَّمَاءَ وَحِيدَةً ... وَأَبُو بَنَاتِ النَّعْشِ فِيهَا رَاكِدُ)

حَدَّثَنَا الْقَاضِي أَبُو عَلِيٍّ الصَّدَفِيُّ أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ الْأَصْبَهَانِيُّ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَصْبَهَانِيُّ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ إِجَازَةً أَخْبَرَنَا الصُّوفِيُّ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَنَابٍ أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنِ الْأَعْمَشِ قَالَ كُنْتُ آتِي إِبْرَاهِيمَ فَيُحَدِّثُنَا وَكَانَتِ الْعَلَامَةُ فِيمَا بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ أَنْ يَمَسَّ أَنْفَهُ فَإِذَا مَسَّ أَنْفَهُ لَمْ يَطْمَعْ أَحَدٌ مِنَّا أَنْ يَسْأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْأَصْبَهَانِيُّ مُكَاتَبَةً قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ الْبَغْدَادِيُّ الطُّيُورِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الْفَالِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ النَّهَاوَنْدِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ خَلَّادٍ الرَّامَهُرْمُزِيُّ أَخْبَرَنَا سَهْلُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الصَّبَّاحِ الْعَطَّارُ أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٌّ الْحَنَفِيُّ أَخْبَرَنَا قُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ كَانَ الْحَسَنُ يَظْهَرُ عِنْدَ السَّكْتَةِ يَعْنِي إِذَا سَكَتَ عَنِ الْحَدِيثِ فَيَكُونُ هِجِّيرَاهُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ وَكَانَ هِجِّيرَى ابْنِ سِيرِينَ إِذَا سَكَتَ عَنِ الْحَدِيثِ أَنْ يَقُولَ اللَّهُمَّ لَكَ الشُّكْرُ وَكَانَ الضَّحَّاكُ يَقُولُ عِنْدَ سُكُوتِهِ لَا حول وَلَا قُوَّة إلابالله وَكَانَ هِجِّيرَى قَتَادَةَ إِذَا سَكَتَ {أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الأُمُورُ} قَالَ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَعْدَانَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَرْبٍ أَخْبَرَنَا

حَسَنُ الْجُعْفِيُّ قَالَ ذَكَرَ طُعْمَةُ ابْن غَيْلَانَ قَالَ كَانَ الْحَسَنُ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُفَارِقَ أَصْحَابَهُ قَالَ اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِيمَا تَقَلَّبْنَا إِلَيْهِ مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ وَمَالٍ وَأَهْلٍ اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا نِعْمَةً مَشْكُورَةً مَشْهُورَةً مُبَلِّغَةً إِلَى رِضْوَانِكَ وَالْجنَّة وأجعله مَتَاع وإيمان وَزَادَ إِيمَانٍ حَدَّثَنَا الْقَاضِي الشَّهِيدُ سَمَاعًا مِنْ لَفْظِهِ أَخْبَرَنَا الْعُذْرِيُّ أَبُو الْعَبَّاسِ أَخْبَرَنَا أَبُو ذَرٍّ الْهَرَوِيُّ سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عُثْمَانَ يَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ النَّقَّاشَ يَدْعُو بِهَذَا الدُّعَاءَ إِذَا فَرَغْنَا وَانْصَرَفْنَا عَمَّرَ اللَّهُ قُلُوبَكُمْ بِذِكْرِهِ وَأَلْسِنَتَكُمْ بِشُكْرِهِ وَجِوَارَكُمْ بِخِدْمَتِهِ وَلَا جَعَلَ عَلَى قُلُوبِكُمْ رَبَّانِيَّةً لِأَحَدٍ مِنْ خَلِيقَتِهِ وَحَدَّثَنَا رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَضْلِ الْأَصْبَهَانِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا

أَبُو نُعَيْمٍ الْحَافِظُ أَخْبَرَنَا أَبُو عمر العثمانى أخبرنَا بن مُكْرَمٍ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَهْلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ أَخْبَرَنَا بَكْرُ بْنُ مُضَرٍ عَنْ عُبَيْدٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ أَبِي عِمْرَانَ عَنْ نَافِعٍ قَالَ كَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا جَلَسَ مَجْلِسًا لَمْ يَقُمْ حَتَّى يَدْعُوَ لِجُلَسَائِهِ بِهَذِهِ الْكَلِمَاتِ وَزَعَمَ أَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَدْعُو بِهِنَّ لِجُلَسَائِهِ اللَّهُمَّ اقْسِمْ لَنَا مِنْ خَشْيَتِكَ مَا تَحُولُ بِهِ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مَعَاصِيكَ وَمِنْ طَاعَتِكَ

مَا تُبَلِّغُنَا بِهِ جَنَّتَكَ وَمِنَ اليَّقِينِ مَا تُهَوِّنُ بِهِ عَلَيْنَا مَصَائِبَ الدُّنْيَا اللَّهُمَّ مَتِّعْنَا بِأَسْمَاعِنَا وَأَبْصَارِنَا وَقُوَّتِنَا مَا أَبْقَيْتَنَا وَاجْعَلْهُ اللَّهُمَّ الْوَارِثَ مِنَّا وَاجْعَلْ ثَأَرَنَا عَلَى مَنْ ظَلَمَنَا وَلَا تُسَلِّطْ عَلَيْنَا مَنْ لَا يَرْحَمُنَا وَكَانَ شَيْخُنَا الْقَاضِي الشَّهِيدُ رَحِمَهُ اللَّهُ يَسْتَعْمِلُ هَذَا الدُّعَاءَ فِي آخِرِ مَجَالِسِهِ إِذَا فَرَغْنَا وَلَا يَكَادُ يُغِبُّهُ قَالَ الْقَاضِي الْمُؤَلِّفُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَأَبْقَى لَنَا مُدَّتَهُ وَحَرَسَ عَلَيْنَا بَرَكَتَهُ هَذَا مُنْتَهَى مَا عَلَّقْنَاهُ مِنْ غَرَضِكَ الْمَطْلُوبِ وَأَوْدَعْنَاهُ مِنَ الْفَوَائِدِ مَا يَصُورُ الْأَسْمَاعَ وَالْقُلُوبَ وَسَأَلْتُ جَامِعَ النَّاسِ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ أَنْ يَجْمَعَ أَهْوَاءَنَا الْمُتَفَرِّقَةَ فِي أَوْدِيَةِ الدُّنْيَا عَلَى مَا يُزْلِفُ لَدَيْهِ ويرضيه ويخلص أَعمالنَا لوجهه ومالم يَكُنْ مِنْهَا لَهُ فَيَصْرِفَهُ لِذَلِكَ بِلُطْفِهِ وَتَلَافِيهِ وَيَخْتِمُ لِجَمِيعِنَا بِالْحُسْنَى قَبْلَ انْخِرَامِ الْأَجَلِ وَفِرَاقِ الدُّنْيَا وَيَسْتَعْمِلُنَا بِمَا عَلَّمَنَا مَا دَامَ الْعَمَلَ يُمْكِنُنَا

وَكَتَبَهُ لِنَفْسِهِ بِخَطِّ يَدِهِ مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ بْنِ مُوسَى بْنِ عِيَاض اليحصبى عَنَّا

§1/1