الإعلام الملتزم بفضيلة زمزم

أحمد الشافعي

جميع الحقوق محفوظة الطبعة الأولى 1422 هـ - 2001 م دار البشائر الإسلامية للطباعة والنشر والتوزيع هاتف: 702857 - فاكس: 704963/ 009611 بيروت- لبنان ص ب:5955/ 14 e-mail: [email protected]

مقدمة المعتني

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد للهِ الذي مِنَ الماء خلق كل شيء حيٍّ وأبدع، والصلاة والسلام على مَنْ فار مِنْ بين أصابعه الماء ونبع، وعلى آله الأطهار وصحبه الأخيار ما سجد لله مسلم وركع. أما بعد، فهذه رسالة لطيفة فيها ذكر ماء زمزم وأسمائها وفضلها للشيخ أحمد الشافعي، أحد علماء الدولة العثمانية، رئيس المحدثين بجامع أيا صوفيا المتوفى سنة 1179 هـ، طبعت هذه الرسالة قديمًا سنة 1331 هـ بمطبعة الترقي الماجدية العثمانية بمكة المشرَّفة على نفقة مالكها محمَّد ماجد الكردي المكي. ولمَّا وقفت على نسختها المطبوعة -وهي عزيزة الوجود- رأيت من المناسب دخولها في رسائل "لقاء العشر الأواخر" لتعلقها بالحرم الشريف ثم إحياء لذكرها وتعميمًا لفوائدها بذكر زمزم وأخبارها. وقد ألَّف العلماء في زمزم قديمًا وحديثًا، ومن أحسن ما كُتب فيها كتاب: "فضل ماء زمزم" للشيخ سائد بكداش حيث ذكر تاريخ ماء زمزم وأسمائه وخصائصه وبركاته ونية شربه وأحكامه والاستشفاء به وما قيل في مدحه من الأشعار، ثم أتبعه بجزء الحافظ ابن حَجَر في الحديث

المشهور: "ماء زمزم لما شرب له". فمن أراد الاستفاضة فليرجع إلى الكتاب المذكور فإن فيه فوائد ونفائس. أما الرسالة التي بين يدينا فهي رسالة وجيزة تصلح أن تقرأ في مجلس أو مجلسين، وقد قمت بخدمتها عن الطبعة الأولى محاولًا ضبط ألفاظها وتقويم عباراتها من المصادر المنقولة عنها. راجيًا من اللطيف الخبير أن ينفع بها ويغفر لمؤلفها، وأن يمنَّ بفضله وكرمه على عبده الفقير إلى رحمته ورضوانه. بحمدون في 16/ 6 / 1422 هـ الموافق لـ 4/ 9 / 2001 م وكتبه رمزى سعد الدين دمشقية

ترجمة المؤلف

ترجمة المؤلف ورد اسم المؤلف على غلاف الطبعة الأولى لهذه الرسالة المطبوعة بمطبعة الترقي بمكة المكرمة هكذا: الشيخ أحمد الغزي الشافعي الأزهري المحدِّث. وله ترجمة في "معجم المؤلفين" لعمر رضا كحالة 2/ 16 لم أقف على سواها في المصادر العربية، وهذا نصُّها: أحمد بن علي الغزي الأزهري الشافعي، نزيل القسطنطينية. رئيس المحدِّثين بجامع أيا صوفيا، توفي ودفن بأسكدار. من تصانيفه: 1 - بغية الطالب وبلوغ المآرب. 2 - القمر المنير العلوي في أثر القدم النبوي. 3 - قرة العين لمن وعى في استحباب رفع اليدين في الدعاء ومصادر الترجمة: إيضاح المكنون للبغدادي 2/ 225، 240؛ وهدية العارفين للبغدادي أيضًا 1/ 176. * * *

ثم وقفتُ على ترجمة للمؤلف مختصرة في "سجل عثماني" 1/ 260 المطبوع سنة 1308 هـ، وقد وردت الترجمة كذلك بنصها في "الموسوعة التركية" 1/ 192 الصادرة باستنبول نقلًا عن "سجل عثماني" (¬1). وقد ورد اسم المؤلف فيها هكذا: أحمد عز أفندي وفيها: أنه رئيس المحدثين بجامع أيا صوفيا، وتوفي عام 1179 هـ، ودفن بأسكدار. فكأن لفظة (عز) تصحفت عند البغدادي إلى (الغزي)، والله تعالى أعلم بالصواب. * * * ¬

_ (¬1) الشكر موصول للأخ الشيخ بسام الجابي الذي تكرم بالمساعدة في الاطلاع على المصادر التركية.

صورة "سجل عثماني" وفيه ترجمة المؤلف وأن اسمه: أحمد العز

صورة غلاف الطبعة الأولى للرسالة

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله على نِعم جلَّتْ فكَثُرَت أن تُعَدَّ، وجَلَّت فكَبُرت أن تُحدَّ، وصلَّى الله على سيِّدنا محمَّد سيِّد العرب والعجم، الذي غُسِل قلبه الشريف بعد شقِّ صدره ليلة الإِسراء بماء زمزم، وعلى آله وأصحابه وسلم. وبعد، فهذه أوراق أذكر فيها إن شاء الله تعالى بعض ما لزمزم من الأسماء والفضائل، ومن أظهرها من الأوائل، مرتبًا ذلك على مقدمة وثلاثة أبواب: فالأول: فيمن أظهرها. والثاني: في فضلها. والثالث: في بيان الترتيب في الفضيلة بينها وبين أنواع الماء. وأما الخاتمة: ففي بيان أن الماء من سما هو، هل له لون وطعم أو لا؟. وسميتها: "الإِعلام الملتزَم بفضيلة زمزم". فأقول وعلى الله الكريم اعتمادي، وإليه تفويضي وإستنادي، هذه:

مقدمة [المصنف]

مقدمة أما زمزم فهي وإن كانت أشهر من أن تُذكر، بركاتها أجلُّ من أن تُحصر، بئر المسجد الحرام، بينها وبين الكعبة شرَّفها الله تعالى قريب أربعين ذراعًا كما قاله الحافظ العسقلاني في "الفتح" (¬1). وأما عمق البئر: فقال العلَّامة البكري (¬2): قد ذَرَعتُ الحبل ¬

_ (¬1) في "أخبار مكة" للأزرقي 2/ 85: من الركن الذي فيه الحجر الأسود إلى رأس زمزم أربعون ذراعًا. ولم أقف على الخبر في "فتح الباري" لابن حجر. (¬2) هكذا أورد المؤلف هذا الخبر عن البكري، ومثله خبران آخران يأتيان ص 24، وص 36. والبكري: هو الوزير الفقيه أبي عُبيد عبد الله بن عبد العزيز البكري الأندلسي المتوفى سنة 487 هـ، وكتابه هو: "معجم ما استعجم من أسماء البلاد والمواضع"، وقد ذكر فيه زمزم في 1/ 700 - 701، وقد قلَّبتُ الكتاب طويلًا بحثًا عن هذه الأخبار دون جدوى. ثم أثناء بحثي لعزو الأبيات الشعرية التي نقلها المؤلف عن ابن الشيخ -الآتي ذكرها ص 31 - في كتابه "ألف باء" وقفت على هذه الأخبار، ولكن تبين أنها من كلام ابن الشيخ وليست من كلام البكري. وسبب هذا الوهم عند المؤلف رحمه الله أنَّ ابن الشيخ نقل في كتابه "ألف باء" 2/ 462 عن البكري في "معجم ما استعجم" ثم زاد عليه كلامًا من عنده مُصدِّرًا له بقوله: قلتُ، فكأن المؤلف لم يتنبه لذلك فخلط بين الكلامين عفا الله عنه.

الذي كنتُ أستقي به فوجدته عشر قامات، انتهى (¬1). ¬

_ (¬1) القامة: طول الإنسان، تعادل (1.83 م) فالعشر قامات (18.30 م). المعجم الوسيط 2/ 798. وذكر الأزرقي في "أخبار مكة" 2/ 61، والفاكهي في "أخبار مكة" 2/ 75: أن غورها من رأسها إلى الجبل أربعون ذراعًا (22.50 مترًا) كل ذلك بنيان، وما بقي فهو جبل منقور وهو تسعة وعشرون ذراعًا (16.25 مترًا). وبئر زمزم اليوم تتكون من قسمين: قسم مبني بعمق 14.80 م، وقسم منقور في الجبل بعمق 17.20 م. هذا ما أورده المهندس يحيى حمزة كوشك في كتابه "زمزم طعام طُعم وشفاء سقم" ص 60 و 61، وقال: يعود الفرق في عمق الجزء المبني بين الوقت الحاضر والروايات التاريخية إلى أن بئر زمزم الآن منخفضة عن الكعبة المشرفة تحت سطح أرضية المطاف، بينما كانت في السابق فوق سطح الأرض. وينظر الشكل المنقول عن كتاب يحيى كوشك ص 62: [رسم توضيحي لبئر زمزم]

وأول من عمل الرخام على زمزم وفرش أرضها بالمرمر: أبو جعفر المنصور، ثاني خلفاء العباسية (¬1). وأما أسماؤهما: فزمزم، وشَبَّاعَة، ومُرْوِيَة، ونافعة، وعافية، وميمونة، وبركة، وبَرَّة، ومَضْنُونة، وكافية، ومُعْذِبَة، وشفاء سُقْم، وطعام طُعْم، وهَزْمَة جبريل، وسُقْيَا إسماعيل. فأما زمزم: ففيه لغات، المشهورة: زَمْزَم، بفتح الزاي وسكون الميم، الثانية: زَمَّزَم بفتحها أيضًا وتشديد الميم، الثالثة: زِمَّزِم بكسر الزاءين وتشديد الميم (¬2). سُمِّيَت بذلك لوجوه، فقيل: لكثرة مائها، فتكون مشتقة من قولهم: ماءٌ زَمْزُوم وزَمْزام، أي: كثير. وقيل: لزمزمة الماء فيها، أي: حركته. وقيل: لزمزمة جبريل عليه الصلاة والسلام، أي: كلامه. قال في "القاموس" (¬3): الزَمْزَمَة -أي: بفتح الزاي الأولى والثانية وسكون الميم الأولى وفتح الثانية-: الصوت البعيد له دوي، وتتابع صوت الرعد، وهو أحسنه صوتًا وألينه (¬4) مطرًا. ¬

_ (¬1) كذا في "أخبار مكة" للأزرقي 2/ 61، و "أخبار مكة" للفاكهي 2/ 75. (¬2) وذكر البكري في "معجم ما استعجم" 1/ 700 زيادة على ما هنا: زُمَزِم بضم أوله وفتح ثانيه وكسر الزاي الثانية، وزُمَّزِم بضم أوله وفتح ثانيه وتشديده وكسر الزاي الثانية. (¬3) "القاموس المحيط" للفيروزأبادي ص 1444. (¬4) في "القاموس": وأثْبَتُهُ.

وفي "النهاية" (¬1): الزمزمة الصوت الخفي. انتهى. وقيل: لزمِّ هاجر لمائها حين انفجرت، أي: ضمها إياها وحصرها لها بالتراب. وقيل: لأنها زُمَّت بالميزان لئلا تأخذ يمينًا وشمالًا (¬2). وقيل: لأن عبد المطلب أُرِي في منامه أن قائلًا يقول له: احفر زمزم. كما يأتي (¬3). وأما شَبَّاعَةُ: فبفتح الشين المعجمة وتشديد الباء الموحدة وفتح العين المهملة، من الشِّبَع ضد الجوع. سمِّيت بذلك لحصول الشبع عند شربها بقصد ذلك (¬4)، كما يأتي. وأما مُرْوِيَة: فبضم الميم وسكون الراء المهملة وكسر الواو وتخفيف المثناة التحتية، من الري ضدُّ العطش، يقال: رَوِي من الماء واللبن كرضي، رِيًّا بكسر الراء ورَيًّا بفتحها، ورِوَىً بكسرها أيضًا. سُمِّيت بذلك لشدة قمعها للظمأ. ¬

_ (¬1) "النهاية في غريب الحديث والأثر"، لابن الأثير 2/ 313. (¬2) هكذا أورد هذا القول الحافظ ابن حجر في "الفتح" 3/ 493، وفي "شفاء الغرام" للفاسي 1/ 252: لأنها زُمت بالتراب لئلا يأخذ الماء يمينًا وشمالًا. وهو أوضح في المعنى. (¬3) ص 22. (¬4) عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كنَّا نسمِّيها شَبَّاعة -يعني زمزم-، وكنا نجدها نِعْمَ العون على العيال. قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" 3/ 286: رواه الطبراني في "الكبير" ورجاله ثقات.

وأما نافعة: فبنون بعدها ألف ثم فاء فعين مهملة، من النفع ضد الضُّر. سمِّيت بذلك لكثرة منافعها التي لا تحصر، من جملتها أن شربها يقوِّي القلب ويسكِّن الرَّوع، كما يأتي (¬1). وأما عافية: فبالعين المهملة والفاء بعدها مثناة تحتية، من عافاه الله من كذا معافاة (¬2) وعافية، وهب له العافية من العلل والبلايا. سمِّيت بذلك لدفع كثير من العلل بشرب مائها، فكم أبرأ الله بمائها من الأمراض ما عَجَزت عنه حُذَّاق الأطباء. وأما مَيْمُونة: فبفتح الميم الأولى وسكون المثناة التحتية وضم الميم الثانية، من اليُمن، وهو البركة. سمِّيت بذلك لأن بركتها مأثورة، فقد شربها جماعة من السلف والخلف لكثير من المقاصد والمآرب فنالوها، كما يأتي (¬3). وأما بَرَّه: فهو بدون ال، وبفتح الباء الموحدة وتشديد الراء المهملة، من البِرِّ بكسر الموحدة ضد العقوق، أي: ذات بر وإحسان لشاربها؛ لما يناله ويحصل له من بركتها. وأما مَضْنُونَة: فهو بفتح الميم وسكون الضاد المعجمة وضم النون بعدها واو ثم نون مفتوحة بعدها هاء، من ضَنَّ به يَضِنُّ ضِنًّا إذا منعه عن غيره، أي: لنفاسته، إذ الضَّنين: النفيس. سمِّيت بذلك لأن ¬

_ (¬1) ص 33. (¬2) كذا في "القاموس" ص 1693. وفي الأصل: معافة، وهو تصحيف. (¬3) ص 24.

الناس يضن بعضهم على بعض بها لكونها نفيسة. وقد منع الله تعالى منها قومًا من العرب سكنوا حولها فعصوا وتهاونوا بحرمة الكعبة، فطردهم الله عنها ومنعهم إيَّاها (¬1). وأما كافية: فمن الكفاية، أي: التي تكفي من شربها عن الميل والطلب لغيرها؛ لما يحصل له من الرَّي بها. وأما مُعْذِبَة: فهو بضم الميم وسكون العين المهملة وكسر الذال المعجمة وفتح الموحدة، من أعذب الماء، أي: صار عَذْبًا، أي: مانعًا للعطش لحلاوته، يعني: ذات عذوبة وحلاوة، فهو بمعنى مُرْوِيَة. وأما شفاء سُقْم: فهو عَلَمٌ إضافي، والإِضافة فيه على معنى اللام. سمِّيت بذلك لأن شرب مائها سبب في شفاء كثير من الأسقام ودفع الآلام. وأما طَعَام طُعْم: فهو عَلمَ إضافي أيضًا، بضم الطاء الثانية وسكون العين المهملة التي بعده، وهو الذي يشبع من أكله. سمِّيت بذلك لحصول الشِّبَع عند تناولها، فهو بمعنى شَبَّاعَة. وأما هَزْمَة جبريل: فبفتح الهاء وسكون الزاي وفتح الميم، من هزمه يهْزِمُه إذا غمزه بيده فصارت فيه حُفرة، فالهزمة موضع الهزم، أي: الغمز والضرب. ويروى: هَمْزة جبريل بفتح الهاء وسكون الميم ¬

_ (¬1) يريد قبيلة جُرهُم كما سيأتي خبرهم ص 21.

مقدَّمة على الزاي، من همز يَهْمِز بكسر الميم في المضارع، ويَهْمُز بضمها أيضًا همزًا، إذا غمزه أيضًا أو ضغطه أو دفعه أو ضربه، فهو بمعنى ما قبله. سُمِّيت بذلك لضرب جبريل عليه الصلاة والسلام بعَقِبه لها؛ ولأن عبد المطلب أُرِيَ في الرؤيا الآتي ذكرها قائلًا يقول له: زمزم وما زمزم! هزمة جبريل برجله وسُقيا إسماعيل وأهله، زمزم البركات تروي الرُّفات الواردات، شفاء سقم وخير طعام (¬1). وقد جاء أيضًا في مبتدأ حديث الوضوء مثل هذا: وهو أن جبريل هَمَز للنبي - صلى الله عليه وسلم - بعَقِبِه في الوادي فنبع الماء (¬2). * * * ¬

_ (¬1) لم أقف على هذا اللفظ في مصادر قصة حفر عبد المطلب لزمزم، وسيأتي سياق القصة من مصادرها تعليقًا ص 22. (¬2) الحديث رواه ابن إسحاق في تعليم جبريل النبي - صلى الله عليه وسلم - الوضوء والصلاة، "السيرة النبوية" 1/ 244، قال السهيلي: هذا الحديث مقطوع في السيرة. وروي مختصرًا عند الإمام أحمد في "المسند" 4/ 161، وابن ماجه ح (462)، من حديث زيد بن حارثة موصولًا، إلَّا أن في إسناده ابن لهيعة، وهو ضعيف.

الباب الأول فيمن أظهرها

الباب الأول فيمن أظهرها فأول من أظهرها جبريل عليه الصلاة والسلام سقيا لإِسماعيل عليه الصلاة والسلام عندما ظمئ وهو صغير، ثم حفر الخليل عليه الصلاة والسلام، ثم أظهرها عبد المطلب جد النبي - صلى الله عليه وسلم -. وذلك أن الله عزَّ وجل أمر إبراهيم الخليل بالمسير من الشام إلى بلد الله الحرام، فركب البُراق، وحمل إسماعيل أمامه وكان رضيعًا، وقيل: كان ابن سنتين، وهَاجَر خلفه، ومعه جبريل يدلُّه على موضع البيت، فوضعهما إبراهيم عند البيت عند دوحة فوق زمزم في أعلى المسجد، وليس بمكة يومئذٍ أحد، وليس فيها ماء ولا عمارة ولا زراعة، وأمرها أن تتخذ فيها عريشًا. فلما أراد إبراهيم أن ينصرف راجعًا إلى الشام ورأت هاجر أن ليس بحضرتها أحد من الناس ولا ماء ظاهر، تركت ابنها إسماعيل في مكانه وتبعت إبراهيم، فقالت: يا إبراهيم إلى مَنْ تدعنا؟ فسكت عنها حتى إذا دنا من كَدَاء (¬1) قال: إلى الله أدعكم. قالت: فالله ¬

_ (¬1) بفتح الكاف ممدود موضع بأعلى مكة، وهو الموضع الذي دخل النبي - صلى الله عليه وسلم - مكة منه. "فتح الباري" 6/ 401. =

أمركَ بهذا؟ قال: نعم. قالت: فحسبي، تركْتَنا إلى كافٍ. وخرج إبراهيم حتى وقف على كداء ولا بناء ولا ظل ولا شيء يحول دون ابنه إسماعيل، فنظر إليه فأدركه ما يدرك الوالد من الرحمة لولده، فقال: {رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي} الآية، وانصرفت هاجر إلى ابنها وعمدت فجعلت عريشًا في موضع الحِجْر -بكسر الحاء المهملة- من سَمُر (¬1) -بفتح السين المهملة وضم الميم- وألقت عليه ثُمامًا (¬2) -بضم المثلثة وتخفيف الميم-. وفي رواية: أن إبراهيم عليه الصلاة والسلام وضع عندهما جِرَابًا فيه تمر وسِقَاء فيه ماء، فلما نَفِدَ الماء عطش إسماعيل وعطشت أمه وانقطع لبنها، فأخذ إسماعيل كهيئة الموت فظنَّت أنه ميت فجَزِعَت، وخرجت جزعًا أن تراه على تلك الحالة، وقالت: يموت وأنا غائبة عنه أهون عليَّ. ثم ظهر لها جبريل فانطلق بها حتى وقف على موضع زمزم فضرب بعَقِبِه مكان البئر فظهر الماء فوق الأرض (¬3). وفي "الحدائق": فبحث جبريل بعقبه، أو قال: بجناحه -على شك الراوي- وجعلت هاجر تَزمُّ الماء، أي: تحصره خِيفَة ¬

_ = وهو ما يُعرف اليوم "ريع الحَجُون" يدخل طريقه بين مقبرتي المَعْلاة، ويفضي من الجهة الأخرى إلى حي العتيبة وجرول. "المعالم الأثيرة" ص 231. (¬1) السَّمُر جمع سَمُرَة: نوع من شجر الطَّلح. (¬2) الثمام: نبات طويل كانت تُسَدُّ به فجوات البيوت قديمًا. (¬3) أصل هذه القصة في البخاري من حديث ابن عباس، ح (3364).

أن يفوتها قبل أن تأتي بشَنِّها (¬1)، فاستقت وبادرت إلى ابنها فسقته. قال ابن عباس: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "يرحم الله أمَّ إسماعيل لو تركت زمزم"، أو قال: "لو لم تَغرِف من الماء لكانت عينًا مَعينًا" (¬2). ثم إن الجُرْهُمي عمرو بن الحارث (¬3) لما أحدث قومه بحرم الله تعالى الحوادث قيَّض الله لهم من أخرجهم من مكة، فعمد عمرو المذكور إلى نفائس من أموال الكعبة -وكان من جملتها غزالان من ذهب وأسياف سبعة كان ساسان ملك الفرس قد أهداها إلى الكعبة- ووضعها في زمزم وطمَّها وبالغ في طمها ¬

_ (¬1) الشَّن: القِربة الصغيرة. (¬2) جزء من حديث ابن عباس عند البخاري، ح (3364). ومعنى "عينًا معينًا": أي ظاهرًا جاريًا على وجه الأرض. (¬3) أورد الأزرقي في "أخبار مكة" 1/ 92 أن الذي طمَّ بئر زمزم هو: مُضَاض بن عمرو بن الحارث، ثم ذكر في 2/ 41 أن الذي طمَّها هو: عمرو بن الحارث بن مُضاض، وكذا ذكر عمرو بن الحارث بن هشام في "السيرة النبوية" 1/ 114 عن ابن إسحاق، وقد تابعهما من جاء بعدهما من المؤرخين كأمثال ابن كثير في "البداية والنهاية" والصالحي في "سُبل الهدى والرشاد" وغيرهما، فأخذوا بأحد القولين ولم يبينوا وجه الاختلاف في ذلك، سوى ما وقفتُ عليه من كلام المتقي الفاسي في كتابه "شفاء الغرام" حيث قال 1/ 376: واختُلف فيمن دفن الحجر الأسود وغزالَيْ الكعبة في زمزم هل هو مُضاض بن عمرو بن الحارث بن مُضاض بن عمرو الجرهمي كما هو مقتضى الخبر الذي رواه الأزرقي عن الكلبي عن أبي صالح؟ أو هو عمرو بن الحارث بن مُضاض الأصغر؟ كما هو مقتضى ما ذكره ابن إسحاق والزبير بن بكَّار عن أبي عبيدة وذكر الأزرقي ما يوافقه، اهـ.

ودفنها (¬1)، وفر إلى اليمن بقومه (¬2). فلم تزل زمزم مدفونة مغيبة أكثر من خمسمائة سنة لا يُعرف مكانها إلى أن أظهرها عبد المطلب جَدُّ النبي - صلى الله عليه وسلم - بعلامات عَرَف بها موضعها في رؤيا رآها متكررة ثلاثة مرات، فحفرها وأظهرها (¬3)، ولم تزل ظاهرة بحمد الله تعالى إلى الآن وإلى ما شاء الله تعالى. * * * ¬

_ (¬1) وكان ذلك بعد أن نَضَب ماء زمزم عقوبة لجرهم لما أحدثوا في الحرم من المعاصي. (¬2) في "أخبار مكة" للأزرقي 2/ 41: فسلَّط الله عليهم -أي على جرهم- خزاعة فأخرجتهم من الحرم، ووَلِيَت عليهم الكعبة والحكم بمكة ما شاء الله أن تليه. (¬3) وهي قصة طويلة أوردها الأزرقي في "أخبار مكة" 2/ 44 - 46، وابن هشام في "السيرة النبوية" 1/ 142، والفاكهي في "أخبار مكة" 2/ 16، كلهم من طريق محمَّد بن إسحاق بإسناده عن علي بن أبي طالب قال: قال عبد المطلب: إني لنائم في الحِجر -حِجْر إسماعيل- إذ أتاني آتٍ فقال: احفِر طيبة، قال: قلت: وما طيبة؟ قال: ثم ذهب عني، فلما كان الغد رجعت إلى مضجعي فنمت فيه فجاءني فقال: احفر بَرَّة، قال: قلت: وما برّة؟ قال: ثم ذهب عني، فلما كان الغد رجعت إلى مضجعي فنمت فيه فجاءني فقال: احفر المضنونة، قال: قلت: وما المضنونة؟ قال: ثم ذهب عني، فلما كان الغد رجعت إلى مضجعي فنمت فيه فجاءني فقال: احفر زمزم، قال: قلت: وما زمزم؟ قال: لا تَنزِف أبدًا ولا تُذَمّ، تسقي الحجيج الأعظم، وهي بين الفرث والدم، عند نُقْرة الغراب الأعصم، عند قرية النمل. قال ابن إسحاق: فلما بُيِّن له شأنها ودُلّ على موضعها، وعَرَف أنه صُدِق، غدا بمعوله ومعه ابن الحارث ... وللقصة تتمة تُنظر في المصادر المذكورة آنفًا.

الباب الثاني في فضلها

الباب الثاني في فضلها قد ورد في فضل زمزم أحاديث كثيرة، لكن البخاري لم يذكرها لكونها لم تكن على شرطه صريحًا. ووقع في صحيح مسلم (¬1) من حديث أبي ذر: "ماء زمزم طَعَامُ طُعْم"، وزاد الطيالسي (¬2): "وشفاء سُقْم". وفي "المستدرك" (¬3) من حديث ابن عباس مرفوعًا: "ماء زمزم لما شُرِب له". وصححه البيهقي في الشُّعَب وابن عيينه وابن حبان. ووثَّق رجاله الحافظ الدمياطي (¬4)، وكذلك الحافظ العسقلاني حيث قال في "الفتح" (¬5) بعد نقله هذا الحديث: رجاله ثقات إلَّا أنه ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم" ح (2473) ونصُّه: "إنها مباركة، إنها طعام طعم". (¬2) هكذا أورد هذه الزيادة الحافظ بن حجر في "فتح الباري" 3/ 493 قال: زاد الطيالسي من الوجه الذي أخرجه منه مسلم: "وشفاء سقم". (¬3) "المستدرك على الصحيحين" للحاكم 1/ 473. (¬4) قال السخاوي في "المقاصد الحسنة" ص 357: صححه من المتقدمين ابن عيينة، ومن المتأخرين الدمياطي في جزء جمعه فيه. (¬5) "فتح الباري" 3/ 493.

اختُلف في إرساله ووصله، وإرساله أصح، انتهى (¬1). وحذا حذوهما القسطلاني حيث قال بعد إيراده حديث "المستدرك" المذكور (¬2): وبالجملة فقد ثبتت صحة هذا الحديث، أعني حديث: "ماء زمزم لما شُرِب له". ومعناه: أنكَ إنْ شربته لتستشفي به شفاكَ الله، وإن شربته لشبعكَ أشبعكَ الله، وإن شربته لقطع ظمأ قطعه الله تعالى، وهكذا. وقد ورد عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى أنه شربه للعلم والفقاهة فكان أفقه [أهل] زمانه (¬3). قال البكري (¬4) رحمه الله تعالى: وأنا قد جرَّبت ذلك فوجدته صحيحًا على أني لم أشربه إلَّا على يقين من هذا وتصديق بالحديث، انتهى. ¬

_ (¬1) قلت: وقد تقدم أن للحافظ بن حجر جزءًا مفردًا في هذا الحديث نشره الشيخ سائد بكداش في آخر كتابه "فضل ماء زمزم". يقول الحافظ بن حجر فيه ص 270: مرتبة هذا الحديث عند الحفاظ باجتماع هذه الطرق يصلُح للاحتجاج به، على ما عُرف من قواعد أئمة الحديث. اهـ. (¬2) "إرشاد الساري" 3/ 185. (¬3) "فضل ماء زمزم" ص 135 نقلًا عن البوسنوي في رسالته عن مقام إبراهيم عليه الصلاة والسلام. ونُقل عن الإِمام الشافعي رضي الله عنه أنه قال: شربتُ من ماء زمزم لثلاثٍ، شربتُه للعلم، وشربته للرمي فكنت أصيب من عشرة عشرة ومن عشرة تسعة، وشربته للجنة وأرجوها. "الجامع اللطيف" ص 266. (¬4) تقدم ص 12 أن القائل لهذا الكلام هو ابن الشيخ وليس البكري.

وفي البخاري (¬1) عن الشعبي أن ابن عباس رضي الله عنهما حدَّثه قال: "سَقيتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من زمزم فشرب وهو قائم". قال الحافظ بن حجر في "الفتح" (¬2): فيه -أي: الحديث المذكور- الرخصة في الشرب قائمًا، انتهى. أي: فيكون النهي عن الشرب قائمًا الوارد في الصحيح نهي أدب وإرفاق؛ ليكون تناول الماء على سكون وطمأنينة، فيكون أبعد من الفساد، كما قاله محيي السنة (¬3). قال علي القاري: أقول: ويمكن أن يكون القيام مختصًّا بماء زمزم، ونكتة التخصيص الإِشارة إلى استحباب التضلع من مائه. ثم قال: ورأيت بعضهم صرَّح بأنه يُسن الشرب من زمزم قائمًا اتباعًا له - صلى الله عليه وسلم -، انتهى. وبالجملة فيستحب الشرب من مائها والتضلُّع منه (¬4)، لما روى الدارقطني والبيهقي مرفوعًا (¬5): "آيةُ ما بيننا وبين المنافقين إنهم ¬

_ (¬1) "صحيح البخاري" ح (1637). (¬2) "فتح الباري" 3/ 493. (¬3) أي الإِمام البغوي في "شرح السُّنة" 11/ 381. (¬4) أي يستحبُّ الامتلاء من زمزم شِبَعًا ورِيًّا حتى يبلغ الماء أضلاعه. (¬5) "سنن الدارقطني" 2/ 288، و"سنن البيهقي" 5/ 147 من حديث ابن عباس، ورواه ابن ماجه في "السنن" ح (3561) من حديث ابن عباس أيضًا، قال في "الزوائد": إسناده صحيح ورجاله موثقون. قال السخاوي في "المقاصد الحسنة" =

لا يتضلَّعون من زمزم". وقد جاء في حديث علي رضي الله عنه: (خير بئر ¬

_ = ص 358 بعد ذكر رواياته: وهو حسن. كيفية الشرب من زمزم والدعاء عنده وفي سياق رواية هذا الحديث تعليم ابن عباس رضي الله عنهما لأحد الناس كيفية الشرب من زمزم، فعن محمَّد بن عبد الرحمن بن أبي بكر، قال: كنتُ عند ابن عباس جالسًا فجاءه رجل، فقال: من أين جئتَ؟ فقال: من زمزم. قال: فشربتَ منها كما ينبغي؟ قال: وكيفَ؟ قال: إذا شربتَ منها: 1 - فاستقبلِ القبلة، 2 - واذكُرِ اسمَ الله، 3 - وتنفَّسْ ثلاثًا، 4 - وتضلَّع منها، 5 - فإذا فرغتَ فاحمد الله عزَّ وجلَّ، فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنَّ آيةَ ما بيننا وبين المنافقين إنهم لا يتضلَّعون من زمزم". هذه رواية ابن ماجه. والمراد من قوله: (تنفس ثلاثًا): أن يفصل الإناء عن فمه ثم يشرب في ثلاث مرات. دعاء ابن عباس عند شرب زمزم وفي "سنن الدارقطني" 2/ 288: عن عكرمة قال: كان ابن عباس إذا شرب من زمزم قال: - اللَّهم إني أسألك علمًا نافعًا، - ورزقًا واسعًا، - وشِفاءً من كل داء.

في الأرض زمزم) (¬1). ولهذا الصلحاء يشربونه ويحملونه معهم في أسفارهم تباعًا له - صلى الله عليه وسلم -؛ فإنه أول منه حمل ماء زمزم عند رجوعه من حج البيت تبركًا به واستشفاءً (¬2). والدعاء عند شربه مستجاب. وأولى (¬3) ما يُشرب؛ لتحقق التوحيد والموت عليه، والعزة بطاعة الله تعالي، قال ابن المُنيِّر: وكأنه عنوان على حُسن العهد وكمال الشوق؛ فإن العرب أعتادت الحنين إلى مناهل الأحبة وموارد أهل المودَّة، وزمزم هو منهل أهل البيت، فالمتعطش إليها قد أقام ¬

_ (¬1) رواه ابن قتيبة في "غريب الحديث" 1/ 357 بهذا اللفظ، ورواه الفاكهي بإسناد صحيح في "أخبار مكة" 2/ 43، وعبد الرازق في "المصنّف" 5/ 116، بلفظ: خير بئر في الناس بئر زمزم. (¬2) روى الترمذي ح (963)، والحاكم في "المستدرك" 1/ 485 عن عائشة رضي الله عنها: أنها كانت تحمل من ماء زمزم وتخبر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يحمله. قال الترمذي: حديث حسن غريب. وروى الفاكهي في "أخبار مكة" 2/ 49، والبيهقي في "السنن" 5/ 202: أنَّ عائشة رضي الله عنها حملت من ماء زمزم في القوارير للمرضى، وقالت: حمله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الأدواء والقِرَب، وكان يصبّه على المرضى ويسقيهم. وفي "مجمع الزوائد" 3/ 287: عن حبيب بن أبي ثابت قال: سألتُ عطاء: أحمل ماء زمزم؟ فقال: قد حمله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحمله الحسن وحمله الحسين. قال الهيثمي: رواه الطبراني في "الكبير"، وفيه من لم أعرفه. (¬3) من هنا ينقل المؤلف عن القسطلاني في "إرشاد الساري" 3/ 180 - 181.

شعار المحبة وأحسن العهد للأحبة والشرب منها، ولذا جُعل التضلع منها علامة فارقة بين الإِيمان والنفاق، ولله در القائل: [من الطويل] وما شُربي للماءِ (¬1) إلَّا تَذَكُّرًا ... لماءٍ به أهلُ الحبيبِ نُزُولُ وروى الفاكهي (¬2) وغيره عن ابن عباس: صلُّوا في مُصلى الأخيار، واشربوا من شراب الأبرار، قيل: وما مصلى الأخيار؟ قال: تحت الميزاب، قيل: فما شراب الأبرار؟ قال: ماء زمزم (¬3). وبالجملة فمعرفة أسمائها وفضلها والتضلع من مائها من جملة البرِّ بها والوفاء بحقها وحق أهلها، كما أشار لذلك الفقيه الزاهد يوسف بن محمَّد المعروف بابن الشيخ (¬4) رحمه الله تعالى، حيث ¬

_ (¬1) في "إرشاد الساري": وما شرقي بالماء. (¬2) لم أجد هذا الأثر عند الفاكهي، وإنما هو عند الأزرقي في "أخبار مكة" 1/ 318، والمؤلف تابَعَ القسطلاني في "إرشاد الساري" 3/ 181 في نسبته للفاكهي، فلعلها سبق ذهن من القسطلاني، والله أعلم. (¬3) إلى هنا انتهى النقل عن "إرشاد الساري". (¬4) هو أبو الحجَّاج يوسف بن محمَّد البَلَوي الأْندلسي المالكي، الإِمام الأديب الفقيه الزاهد، قال ابن الأبَّار: بنى ببلده مالقة خمسة وعشرين مسجدًا من صميم ماله، وعمل فيها بيده، وحفر بيده آبارًا عدة أزيد من خمسين بئرًا، وغزا عدة غزوات مع المنصور بالمغرب ومع صلاح الدين بالشام، وكان يلبس الخشن من الثياب. قال المنذري: سمع بمالقه من غير واحد، ورحل إلى الإِسكندرية فسمع من الحافظ أبي طاهر السِّلَفي وغيره. حدَّث، وكان أحد الزهَّاد المشهورين، ولم تَفُتْه غزوة في البر ولا في البحر، وتولى الخطابة بمالقة. =

قال (¬1) [الوافر]: لَعمرُكَ إنَّ تَرْكي زمزمًا لَـ (¬2) ... أُسمِّيها لَمِن بابِ العقوقِ وكيفَ ومَاؤُها بردت منه (¬3) ... أوارتي (¬4) أحرُّ من الحريقِ وأرجو من سِقَايته (¬5) هنا أن ... سيسقيني كذاكَ من الرحيقِ أَزمزمُ ها أنا أُسميكِ أيضًا ... لما قدّمتِ عندي من حقوقِ وما المحمودُ إلَّا اللهُ ربِّي ... وربُّ الكلِّ والبيتِ العتيقِ فائدة: حكى في "المجموع" (¬6) من كتب أئمتنا الشافعية الإِجماع على صحة الطهارة بماء زمزم. ¬

_ = وقال عنه الذهبي في "السِّيَر": الإمام القدوة، المُجاب الدعوة، كان ربانيًّا قانتًا لله، كثير الغزو، يُعدّ من الأبدال وفُحول الرجال، تلا القراءات السبع وأقرأ وأفاد. توفي بمالقة عن خمس وثمانين عامًا، سنة 604 هـ. "التكملة لوفيات النقلة" 2/ 147، و "سير أعلام النبلاء" 21/ 479، و "الأعلام" 8/ 247. (¬1) ذكر هذه الأبيات في كتابه الجامع النافع "ألف باء" 2/ 462، وضبطها وراجعها مشكورًا الأخ الدكتور حسَّان الطيَّان. (¬2) في الأصل وكتاب "ألف باء": (لا)، والصحيح أنها لام التوكيد المزحلقة، وليست لا النافية. (¬3) في هذا الموضع كسرٌ لم يظهر لنا إصلاحه. (¬4) في الأصل: رفاتي إذا، والتصحيح من كتاب "ألف باء". (¬5) في الأصل: سقانيه، والتصحيح من "ألف باء". (¬6) "المجموع شرح المهذب" للنووي 1/ 91.

وأنه لا ينبغي إزالة النجاسة به سيما الاستنجاء؛ لما قيل إنه يورث البواسير (¬1)، وذكر نحوه ابن الملقن في شرح البخاري. وهل إزالة النجاسة به حرام أو مكروه أو خلاف الأولى؟ أوجُهٌ حكاها الدَّمِيري والطيِّب الناشري من غير ترجيح تبعًا للأذوعي، والمعتمد الكراهة (¬2). * * * ¬

_ (¬1) عند الفاكهي في "أخبار مكة" 2/ 64 ما يردُّ ذلك، فقد روى بإسناد حسن عن الفضل بن عطية قال: رأيتُ رجلًا سأل عطاءً (هو ابن أبي رباح مفتي مكة في زمانه)، فشكى إليه البواسير، فقال: اشرب من ماء زمزم واستنج به. (¬2) يُنظر: "مغني المحتاج" 1/ 20، و"هداية السالك" 2/ 949، و"الجامع اللطيف" ص 277.

الباب الثالث في بيان أفضل أنواع الماء مطلقا وبيان الترتيب في الفضيلة بينها

الباب الثالث في بيان أفضل أنواع الماء مطلقًا وبيان الترتيب في الفضيلة بينها فنقول: أفضل أنواع الماء على الإِطلاق الماء الذي نبع من بين أصابعه - صلى الله عليه وسلم - (¬1). وقصة نبع الماء من الأصابع الشريفة كما قال ابن حجر (¬2) نقلًا ¬

_ (¬1) لأحاديث عديدة رواها البخاري ومسلم وغيرهما، منها عند البخاري ح (3572) من حديث قتادة عن أنس رضي الله عنه قال: "أُتِيَ النبي - صلى الله عليه وسلم - بإناء وهو بالزوراء (موضع بالمدينة المنورة) فوضع يده في الإناء فجعل الماء ينبع من بين أصابعه، فتوضأ القوم". قال قتادة: قلت لأنس: كم كنتم؟ قال: ثلاثمائة أو زُهاء ثلاثمائة. (¬2) "فتح الباري" 6/ 585، وبيَّن عَقِبه أنه مأخوذ من كلام القاضي عياض مع تصرف. قال القاضي عياض: هذه القصة رواها الثقات من العدد الكثير عن الجم الغفير عن الكافة متصلة بالصحابة، وكان ذلك في مواطن اجتماع الكثير منهم في المحاقل ومجمع العساكر، ولم يرد عن أحد منهم إنكار على راوي ذلك، فهذا النوع مُلحق بالقطعي من معجزاته، اهـ. "فتح الباري" 6/ 584.

عن القرطبي وغيره: في عدة مواطن ومشاهد عظيمة، وردت من طُرق كثيرة، وقد تكررت منه - صلى الله عليه وسلم -، يفيد مجموعها العلم القطعي المستفاد من التواتر المعنوي. منها: عن جابر رضي الله عنه: "أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يتوضأ من رَكْوَة (¬1) فجاؤه يشكون العطش، فوضع يده في الركوة فجعل الماء يفور من بين أصابعه - صلى الله عليه وسلم - كأمثال العيون، فتوضأوا كلهم، وكانوا ألفًا وخمسمائة"، بل قال جابر رضي الله عنه: لو كنا مائة ألف لكفانا (¬2). وظاهر هذه الرواية وغيرها: أن الماء نبع من نفس اللحم الكائن في الأصابع الشريفة، وهو ما صححه النووي وجزم به غيره (¬3). وإنما استدعى بقليل ماء كما في رواية تأدُّبًا مع ربه، فإنه المنفرد بإيجاد المعدومات من غير أصل. نعم في رواية عند جماعة أنه فعل ذلك مرة من غير ماء، لكن استدعى بشن يابسة ووضع يده - صلى الله عليه وسلم - فيها فنبعت عيون الماء. فهو أفضل أنواع الماء مطلقًا الدنيوية والأخروية. ويليه في الفضيلة ماء زمزم لما جاء في رواية أن قلبه الشريف - صلى الله عليه وسلم - غسَّله المَلَك ليلة الإِسراء به، فأخذ البُلقيني من إيثار ¬

_ (¬1) الرَّكوة: إناء صغير من جلدٍ يُشرب فيه الماء، والجمع رِكاء. "النهاية" 2/ 261. (¬2) الحديث عند البخاري ح (3576). (¬3) ينظر: "فتح الباري" 6/ 585، و"شرح صحيح مسلم" للنووي 9/ 130.

الملَك له على ماء الكوثر أن زمزم أفضل منه (¬1). قال ابن حجر الهيتمي: وهو ظاهر، خلافًا لمن نازع فيه بما لا يجدي كما بينته في "شرح العباب"، ثم قال: والحكمة في غسله به دون غيره أنه يقوِّي القلب ويسكِّن الرَّوْع. فماء زمزم أفضل المياء شرعًا وأفضلها طبًّا سواء كان في موضعه المعروف أو منقولًا إلى موضع آخر، لأن فضله لعينه لا لأجل البقعة التي هو فيها. ثم يليه في الفضيلة ماء الكوثر وهو كما جاء: "نهر في الجنة حَافَتَاه من ذهب ومجراه على الدُّرِّ والياقوت، تُربته أطيبُ من المِسكِ، وماؤُه أحلا من العسل وأبيضُ من الثَّلج". ¬

_ (¬1) "إرشاد الساري" 3/ 181. وفي "الجامع اللطيف" لابن ظهيرة ص 268 نقلًا عن جده -أبو بكر بن علي المتوفى سنة 889 هـ-: وفيما استدل به -أي البُلقيني- وقفةٌ، فقد يقال: قوله: (ولم يكن يغسل إلَّا بأفضل المياه) مُسَلَّمٌ، ولكن بأفضل مياه الدنيا، إذ ماء الكوثر من متعلَّقات دار البقاء فلا يستعمل في دار الفناء، ولا يشكل بكون الطشت الذي غُسِّل فيه صدره - صلى الله عليه وسلم - من الجنة، لأن استعمال هذا ليس فيه إذهاب عين بخلاف ذاك، والله أعلم. ثم نقل عن السيوطي أنه سُئل شعرًا أيهما أفضل ماء زمزم أو ماء الكوثر؟ فأجاب شعرًا: ما جاءنا خبرٌ بذلك ثابتٌ ... فالوقفُ عن خوضٍ بذلكَ أجملُ

قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح (¬1). ثم يليه في ذلك ماء نيل مصر ثم بقية الأنهر. ونظم ذلك بعضهم فقال: [من الرَّجز] وأفضلُ المياهِ ماءٌ قد نَبَعْ ... من بين أصابع النَّبِيِّ المُتَّبَعْ يليهِ ماءُ زمزمٍ فالكوثرِ ... فنيلِ مِصْرَ ثم باقي الأَنْهُر * * * ¬

_ (¬1) "سنن الترمذي" ح (3361)، من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.

خاتمة

خاتمة نسأل الله حسن الختام سُئل الحارث بن كَلَدَة (¬1) طبيب العرب عن طعم الماء؟ فقال: شيء لا يوصف. وسئل عن لونه؟ فقال: اشتبه على الأبصار لأنه يشابه لون كل شيء يكون فيه. وقال بعضهم: لا لون له وإنما يتلوَّن بلون الآنية التي يُجعل فيها. وإلى ذلك أشار المعرِّي بقوله: [من المتقارب] ولا لونَ للماءِ فيما يُقَا ... ل ولكن يكونُ بلون الأواني ¬

_ (¬1) الحارث بن كَلَدة الثقفي، من أهل الطائف. طبيب العرب في عصره، واحد الحكماء المشهورين، رحل إلى بلاد فارس رحلتين فأخذ الطب عن أهلها. وُلد قبل الإِسلام وبقي أيام النبي - صلى الله عليه وسلم - والخلفاء الراشدين ومعاوية، واختُلف في إسلامه. يُروى أن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه مرض بمكة مرضًا فعاده رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "ادعوا له الحارث بن كلدة فإنه رجل يتطبب". توفي نحو سنة 50 هـ. "عيون الأنباء" 2/ 13، و"الإصابة في معرفة الصحابة" 1/ 288، و "الأعلام" 2/ 157.

وقال غيره: لونه البياض، واحتج بأنه إذا جمد ابيضَّ (¬1). قال البكري (¬2): وأما طعم ماء زمزم ساعة يخرج من البئر فيخيل إليكَ أنه ماء شِيب -أي: خُلط- بلبن حار رطب لين ليس فيه مرارة. فإذا برد ربما وجدت فيه قليل مرارة، وكنتُ أفطر عليه وأتبركُ به ورأيت بركته، انتهى. فإن قلتَ: هل لوجود ذلك فيه من حكمة؟ قلتُ: رأيتُ لبعضهم ما نصه: الحكمة في أن ماء زمزم فيه قليل ملوحة أن مكة شرفها الله تعالى عين الدنيا وزمزم ماؤها، وماء العين يكون فيه ملوحة. ونظم بعض الفضلاء السؤال عن حكمة ذلك فقال (¬3): ¬

_ (¬1) إلى هنا منقول من كتاب "ألف باء" لابن الشيخ 2/ 302. (¬2) تقدم ص 12 أن القائل لهذا الكلام هو ابن الشيخ في كتابه "ألف باء" 2/ 462. (¬3) أورد هذه الأبيات محمَّد طاهر الكردي في "التاريخ القويم" 2/ 544 نقلًا عن السنجاري في "منائح الكرم" ونسبها للباعوني، وفي ألفاظها بعض اختلاف عما هنا. وآل الباعوني أسرة علمية دمشقية أصلها من فلسطين، وباعون بلدة قريبة من عجلون في منطقة صَفَد. والمسؤول هو شهاب الدين أبو العباس أحمد بن ناصر الباعوني المقدسي الدمشقي الشافعي الإِمام الخطيب القاضي، تولى القضاء بمصر والشام، وولي الخطابة ببيت المقدس وجامع بني أمية بدمشق، كان خطيبًا بليغًا له اليد الطولى في النظم والنثر والقيام التام في الحق، عابوا عليه أمورًا وامتحن في القضاء بسبب اعتراضه على السلطان. توفي بدمشق سنة 816 هـ. "الضوء اللامع" 2/ 231. =

[من الطويل] تفكرتُ يا مولاي في بئرِ زمزم ... بمكةَ أرضٌ فخرُها لا يمثّلُ وفي كونِ ما فيها من الماءِ مالحًا ... على أنها من سائِر الأرضِ أفضلُ وقلتُ ألا هل من جوابٍ مبيِّنٍ ... وهل عندكم من حِكمة فيه تُعقلُ فأجاب والد السائل عن ذلك نظمًا فقال: [من الطويل] نعم عندنا فيه الجوابُ وأنه ... نفيسٌ أتى كالدُرِّ بل هو أمثلُ فمكةُ عينُ الأرضِ والعينُ ماؤُها ... كما قد علمتمُ مالحٌ ليس يُجْهلُ وسئل الحارث أيضًا (¬1) عن شرب الماء؟ فقال: هو حياة البدن، وبه ينتفع ما شرب منه بقدر، وشربه بعد النوم ضرر، وألطف المياه ماء الأنهار الجارية العظام وأبرده وأصفاه. وقالت الحكماء (¬2): الماء كله واحد وإنما تغيره الأرض، فمنه الخفيف والثقيل والعذب والملح والسخن والبارد، حكمة من اللطيف الخبير. ¬

_ = أما السائل فهو أحد أبنائه، وكلهم كان صاحب نظم واشتغال بالعلوم وهم: 1 - إبراهيم بن أحمد الباعوني. "الضوء اللامع" 1/ 26. 2 - محمَّد بن أحمد الباعوني. "الضوء اللامع" 7/ 114. 3 - يوسف بن أحمد الباعوني. "الضوء اللامع" 10/ 298. ولم يتبين لي من السائل منهم لوالده. (¬1) هذا الخبر من كتاب "ألف باء" لابن الشيخ 2/ 303. (¬2) هذا الخبر من كتاب "ألف باء" لابن الشيخ 2/ 303.

فائدة: نقل الشيخ ابن حجر رحمه الله تعالى في "حسن التوسل" عن ولي الله تعالى سيدي زرُّوق في نصائحه ما نصه: أن مَنْ قال على ماءٍ يريد شُرْبه والأمان من ضرره: (يا ماء ماء زمزم يقريك السلام)؛ أمِنَ من ضرره بإذن الله تعالى، انتهى (¬1). واعلم أن في الماء بركة، كما قال الله تعالى: {وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا}. وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: إذا كان يوم صوم أحدكم فليفطر على ماء فإنه بركة، ولا يتمضمض ثم يمجه، ولكن يشربه؛ فإن أوله خير. وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أفطر من صيام دعا بماء فشرب ثم قال: "الحمد لله ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله تعالى" (¬2). ¬

_ (¬1) الأولى منه أن يقول عند الشرب من أي ماء كما ورد في السُّنَّة: بسم الله. فإنه لا يضر مع اسم الله شيء. (¬2) عند أبي داود ح (2355)، والترمذي ح (695) من حديث سلمان بن عامر، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا كان أحدكم صائمًا فليفطر على التمر، فإن لم يجد التمر فعلى الماء، فإن الماء طهور". قال الترمذي: حديث حسن صحيح. وعند أبي داود ح (2357) من حديث ابن عمر: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أفطر قال: "ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله".

وليكن هذا آخر ما تيسر جمعه في هذه الرسالة على سبيل الاختصار، وصلَّى الله على سيدنا محمَّد وعلى آله وأصحابه الأخيار، وسلَّم تسليمًا كثيرًا ما تعاقب الليل والنهار (¬1). * * * ¬

_ (¬1) تم بفضل الله تعالى ومنِّه قراءة هذه الرسالة في الروضة الشريفة أسفل المنبر النبوي الشريف بمدينة المصطفى - صلى الله عليه وسلم -، بحضور وسماع ولدي محمَّد وفقه الله لما يحبه ويرضاه، وهو يومئذ في الثالثة من عمره، تم ذلك ضحى يوم السبت في 29 شعبان المعظم عام 1421 هـ، وصلَّى الله وسلَّم وبارك على نبي الهدى والرحمة وعلى آله وصحبه أجمعين. ° ثم تمت قراءة هذه الرسالة اللطيفة مرة ثانية ضبطًا على أصلها المطبوع بعد صلاة المغرب عند بئر زمزم في الحجرة الداخلية الخاصة بها وأنا مسند ظهري إلى البئر المبارك، وبمتابعة وسماع من الأخوين الكريمين: الأستاذ الفاضل هاني ساب المدني والأخ الحبيب عبد الله باخشب، ونحن جميعًا ننظر في البئر إلى أسفله مع الشرب للماء عند أول خروجه من البئر، وهذا من فضل الله علينا ومَنِّه نسأله التوفيق والقبول، وكان ذلك ليلة 24 رمضان المبارك سنة 1421 هـ. وكتبه رمزي سعد الدين دمشقية

المصادر والمراجع

المصادر والمراجع 1 - أخبار مكة في قديم الدهر وحديثه، للفاكهي، تحقيق د. عبد الملك الدهيش. 2 - أخبار مكة وما جاء فيها من الآثار، للأزرقي، تحقيق رشدي بلحس، دار الأندلس. 3 - إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري، للقسطلاني، مصورة الطبعة الأميرية. 4 - الإصابة في معرفة الصحابة، لابن حجر العسقلاني، دار إحياء التراث العربي. 5 - الأعلام، لخير الدين الزركلي، ط 6، دار العلم للملايين. 6 - ألف باء، لأبي الحجاج البلوي، عالم الكتب. 7 - إيضاح المكنون في الذيل على كشف الظنون، للبغدادي. 8 - البداية والنهاية، للحافظ ابن كثير، مؤسسة المعارف. 9 - التاريخ القويم لمكة وبيت الله الكريم، لمحمد طاهر الكردي، نشر د. عبد الملك الدهيش. 10 - التكملة لوفيات النقلة، للمنذري، تحقيق بشار عواد معروف، مؤسسة الرسالة. 11 - الجامع اللطيف في فضل مكة وأهلها، لابن ظهيرة القرشي، عيسى البابي الحلبي.

12 - زمزم طعام طعم وشفاء سقم، للمهندس يحيى حمزة كوشك. 13 - سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد - صلى الله عليه وسلم -، للصالحي، المجلس الأعلى للشؤون الإِسلامية بمصر. 14 - سجل عثماني، تذكرة مشاهير عثمانية، لمحمد ثريا، المطبعة العامرة، استنبول 1308 هـ. 15 - سنن ابن ماجه، تحقيق محمَّد فؤاد عبد الباقي، دار إحياء التراث العربي. 16 - سنن الترمذي، تحقيق أحمد شاكر وعبد الباقي، دار إحياء التراث العربي. 17 - سنن الدارقطني، تصحيح عبد الله هاشم اليماني، دار المعرفة. 18 - السنن الكبرى، للبيهقي، دار المعرفة. 19 - سير أعلام النبلاء، للحافظ الذهبي، تحقيق شعيب الأرناؤوط وآخرين، مؤسسة الرسالة. 20 - السيرة النبوية، لابن هشام، تحقيق الأساتذة السقا والأبياري وشلبي. 21 - شرح صحيح مسلم، للإِمام النووي، بهامش إرشاد الساري. 22 - شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام، للفاسي، عيسى البابي الحلبي. 23 - صحيح البخاري مع شرحه فتح الباري. 24 - صحيح مسلم، تحقيق محمَّد فؤاد عبد الباقي، دار إحياء التراث العربي. 25 - عيون الأنباء في طبقات الأطباء، لابن أبي أصيبعة، دار الثقافة. 26 - غريب الحديث، لابن قتيبة، دار الكتب العلمية. 27 - فتح الباري بشرح صحيح البخاري، لابن حجر العسقلاني، دار المعرفة. 28 - فضل ماء زمزم، لسائد بكداش، دار البشائر الإِسلامية. 29 - القاموس المحيط، للفيروز أبادي، مؤسسة الرسالة. 30 - مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، للهيثمي، دار الكتاب العربي. 31 - المجموع شرح المهذَّب، للنووي، دار الفكر. 32 - المستدرك على الصحيحين، للحاكم النيسابوري، دار المعرفة. 33 - المعالم الأثيرة في السُّنَّة والسيرة، لمحمد شراب، دار القلم، دمشق.

34 - معجم ما استعجم، للبكري، تحقيق مصطفى السقا، عالم الكتب. 35 - معجم المؤلفين، لعمر رضا كحالة، دار إحياء التراث العربي. 36 - المعجم الوسيط، مجمع اللغة العربية بالقاهرة، ط 3. 37 - المقاصد الحسنة، للسخاوي، تعليق عبد الله الغماري، دار الكتب العلمية. 38 - النهاية في غريب الحديث والأثر، لابن الأثير، دار إحياء التراث العربي. 39 - هداية السالك إلى المذاهب الأربعة في المناسك، لابن جماعة، تحقيق د. نور الدين عتر، دار البشائر الإِسلامية. * * *

§1/1