الإشراف على مذاهب العلماء لابن المنذر

ابن المنذر

الإشراف على مذاهب العلماء لأبي بكر محمد بن إبراهيم بن المنذر النيسابوري 318هـ المجلد الأول حققه وقدم له وخرج أحاديثه د. أبو حامد صغير أحمد الأنصاري

بسم الله الرحمن الرحيم

الإشراف على مذاهب العلماء

حقوق الطبع محفوظة للناشر الطبعة الأولى 1425هـ - 2004 م الناشر مكتبة مكة الثقافية هاتف: 2361835 - 7 - 00971 فاكس: 2362836 - 7 - 00971 ص. ب. 2326 رأس الخيمة - الإمارات العربية المتحدة

بين يدي الكتاب

بسم الله الرحمن الرحيم مقدمة الإشراف بين يدي الكتاب إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} الآية (¬1). وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} الآية (¬2). وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} الآية (¬3). ¬

_ (¬1) سورة آل عمران: 102. (¬2) سورة النساء: الآية الأولى. (¬3) سورة الأحزاب: 70 - 71.

أما بعد ... فإن الاشتغال بعلوم الدين من أهم الفضائل والأعمال التي يقوم بها الإنسان في حياته الدنيا، ومن ثم يطمع فيها منال رضا الله سبحانه وتعالى في الآخرة، ولذا تواترت النصوص والأخبار في الحث على طلبها وتعلمها وتعليمها، لا سيما علمي الفقه والحديث، وكتابنا هذا "الإشراف على مذاهب العلماء" لأبي بكر محمد ابن إبراهم بن المنذر المتوفى 318 هـ يجمع بين هذين العلمين إذ صاحبه مفسر، محدث، فقيه، وكان يلقب بشيخ الحرم، وفقيه مكة في عصره، ولست بحاجة إلى تعريف القراء بأهمية هذا الكتاب، فجميع كتب الفقه، وخاصة كتب الخلاف تعتبر من المصادر القيمة لدى الباحثين في تطور الحياة الاجتماعة في مختلف العصور الإسلامة وإننا لنجد في هذا الكتاب من الفوائد، والمواد، والبيان ما لا نجده في أي مصدر آخر يعني بهذا الموضوع. ولا شك أن هذا الكتاب مختصر اختصره المؤلف من كتابه "الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف"، ومع هذا فإنه أكمل كتاب في موضوعه، وهو يجمع أصول الشريعة من الآيات القرآنية، والآحاديث الصحيحة، ويجمع إجماع العلماء واختلافهم من عصر الصحابة إلى أتباع التابعين ومن بعدهم إلى عصره، ويرجح ما يتبين له راجحا بالدليل دون تقيد بآراء الرجال ولا بأقوالهم. وهذا ما دفعني لإكمال تحقيق هذا الكتاب الذي بدأت به في سنوات عديدة، وقد تأخر تحقيقه ونشره بسبب عدم الحصول على النسخة الخطية من أول الكتاب.

وإن هذا الكتاب يحتوي على جميع الأبواب الفقهية من أولها إلى آخرها، التي تساعد في معرفة الكتب والأبواب الناقصة في "كتاب الأوسط" الأصل لكتاب "الإشراف". وأن تحقيق هذا الكتاب وفهرسته الفنية، لا سيما فهرسة تفصيلية أبجدية للمسائل الفقهية الخلافية، على طريقة المعاجم اللغوية، التي هي بمثابة مقدمة تعينني على إعداد "المعجم الفقهي" الذي يدل على كل مسأله فقهية، ويدل على أقوال الفقهاء فيها، ويدل على مصدر المسألة ومصدر آقوال الفقهاء من الكتب المختارة من أمهات الكتب، وقد بدأت في إعداده، أرجو من الله تعالى العون والتوفيق لإكماله، وهو على كل شيء قدير. قد سبق أن طبع كتاب "الإشراف على مذاهب العلماء" (المجلد الرابع) بتحقيى الذي يبدأ بكتاب النكاح، إلى أول كتاب البيوع، وبتحقيق الدكتور نجيب سراج الذي يبدأ بكتاب الشفعة إلى آخر كتاب الغصب في مجلدين، في رسالته الدكتوراه، ثم ضمت هذه المجلدات الثلاثة وظهرت في طبعه جديدة بدعوى تحقيق جديد خادع، مع بقاء الترتيب، ثم ظهرت طبعة جديدة أخرى بتحقيق محقق جاهل فاضل مع تغيير الترتيب, وسأتناول الحديث عن هاتين الطبعتين في مبحث خاص في المقدمة. وهذا الصنيع المؤلم لهذين المحققين الذي يوسم وسمة سوداء على جبين المحققين دفعني أن أنهض لكتاب الإشراف، وأكمل ما سقط من النسخة المخطوطة بعد الاختصار مني من "الأوسط" إن وجد، وبالاستعانة بكتب أخرى مثل المجموع للنووي، والمغني لابن قدامة، والمحلى لابن حزم. وإنني أحمد الله على ما يسره من إتمام هذا العمل، وأتوجه بالشكر لكل من ساهم به، لا سيما اولادي بنين وبنات، الذين ساهموا بمقابلة النصوص،

والفهرسة، والطباعة على الحاسوب، فبارك الله في جهودهم، ورزقهم علماً نافعاً ووفقهم لما يحب ويرضى، والحمد لله أولاً وآخراً، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، حرر ذلك في أول محرم 1419 هـ، الموافق 27/ 4/ 1998 م. د. أبو حماد صغير أحمد الأنصاري أستاذ مساعد بمعهد العلوم الإسلامية والعربية- رأس الخيمة- سابقاً أستاذ مساعد بجامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا- العين- حالياً يوم الاثنين 28/ رمضان المبارك/ 1423 هـ 2/ ديسمبر/2002 م

1 - ابن المنذر النيسابوري

1 - ابن المنذر النيسابوري 1 - مولده ونشأته: هو أبو بكر محمد بن إبراهيم بن المنذر بن الجارود النيسابوري، الحافظ، العلامة، الفقيه، المجمع على إمامته وجلالته، ووفور علمه، ولد بنيسابور عاصمة خراسان في ذلك الزمان، قال الذهبى ولد في حدود موت أحمد بن حنبل (¬1)، وقال الزركشى: ولد سنة اثنين وأربعين ومائتين من الهجرة (¬2)، ونشأ وتعلم، وسمع طائفة من شيوخ التفسير، والحديث، والفقه، حتى برع فيها، وبدت نجابته، وذاع صيته، وعلت منزلته، حتى جلس مجلس المحدثين، وبدأ التحديث من موطنه الأصلى، قال تلميذه أبو بكر الخلال الحنبلي: حدثنا الأكابر بخراسان منهم محمد بن المنذر (¬3). 2 - رحلاته العلمية: برز الإِمام ابن المنذر في أنواع كثيرة من العلوم الشرعية، وقد استحق مسند التدريس في نيسابور في أثناء إقامته بها، ولم يستقر به المقام هناك، حتى نزل مكة شوقاً في طلب العلم وحرصاً على استيعابه، وسكنها، فكان يعرف بفقيه مكة، وشيخ الحرم، وقد طاف في البلاد للعلم والمعرفة، فسافر إلى بغداد وسمع من المشايخ، يقول ابن المنذر: حدثنا كثير بن شهاب ببغداد حدثنا ¬

_ (¬1) سير أعلام النبلاء 14/ 490. (¬2) الأعلام 5/ 294، وحيث كانت وفاة الإمام أحمد سنة 241 هـ، فكان هذا التحديد تقريباً مقتبساً من قول الإِمام الذهبى السابق. (¬3) ط. الحنابلة 1/ 38.

3 - شيوخه

محمد بن سعيد بن سابق حدثنا عمرو يعني ابن أبي قيس عن عاصم قال: أغمى على أنس بن مالك فلم يقض صلاتة (¬1). ورحل إلى مصر وسمع هناك من الربيع وغيره من العلماء، يقول ابن المنذر: حدثنا بكار بن قتيبة بمصر حدثنا صفوان بن عيسى حدثنا محمد بن العجلان عن القعقاع عن أبي صالح عن أبي هريرة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنما أنا لكم مثل الوالد للولد، ون يأمرنا بثلانة أحجار" (¬2). قال الذهبي: لم يذكره الحاكم في تاريخه، نسيه، ولا هو في تاريخ بغداد، ولا تاريخ دمشق، فإنه ما دخلها (¬3). 3 - شيوخه: إن ابن المنذر عاصر الثقافة الإسلامية في أيمن وأزهى عصورها، حين رسخت أصولها، وامتدت فروعها، وظهر فيها كثر من المحققين والبارعين والنبلاء من العلماء، كل فن من فنون العلم، وفي كل فرع من فروع المعرفة. فأخذ ابن المنذر العلم، والفقه، والحديث من مثل هؤلاء العلماء الكثيرين المنتمين إلى مختلف الأقطار، وإن كثرة شيوخة، واختلاف أقاليمهم، وتنوع مذاهبهم وثقافهم، أفادته معرفة فقه المذاهب المخَتلفة، والتبحر فيه بكل دقة، وإحكام. ¬

_ (¬1) الأوسط 391: 4 رقم الأثر 2333. (¬2) الأوسط 1/ 344 رقم الحديث 295. (¬3) سير أعلام النبلاء.

ومن أشهر شيوخه في الفقه والحديت: أ- محمد بن إسماعيل البخاري 256 هـ إمام الحفاظ، صاحب الصحيح. 2 - الحسن بن محمد الزعفراني البغدادي 259 هـ أحد رواة مذهب الشافعي القديم. 3 - محمد بن عبد الله المصري المالكي 268 هـ من أصحاب الإمام الشافعي. 4 - الربيع بن سليمان المرادي 270 هـ صاحب الإمام الشافعي وراوية كتبه. 5 - محمد بن عبد الوهاب العبدي 272 هـ النيسابوري، الفقيه الأديب. 6 - محمد بن إسماعيل الصائغ 276 هـ أبوجعفر، محدث مكة في زمانه. 7 - محمد بن إدريس الرازي 277 هـ أبو حاتم، الحافظ، إمام النقاد. 8 - محمد بن عيسى بن سوره الترمذي 279 هـ الإِمام الحافظ، صاحب الجامع. 9 - إسحاق بن إبراهيم الديري 285 هـ صاحب عبد الرزاق، وراوية كتبه. 10 - علي بن عبد العزيز البغوي 286 هـ الحافظ الأديب المجاور بمكة المكرمة.

4 - تلاميذه

4 - تلاميذه: لا شك أن فرصة الإقامة بمكة المكرمة تغني عن أسفار كثيرة، طويلة أو قصيرة، حيث أنها كانت أول منبع نور الهداية ثم صارت مرد جمع المسلمين من أطراف العالم، لوجود بيت الله فيها، ولأداء فريضة الحج والعمرة كل سنة، وتذكر لنا كتب التاريخ، وكتب التراجم أن علماء المسلمين قد كانوا يكثرون الحج والعمرة لكسب الأجر والثواب، ولتلقي العلم من العلماء الواردين إليها، والمشايخ الساكنين بها. وإن سكنى ابن المنذر بلد الله الحرام كما هيأت له السماع من شيوخ كثيرين من أقطار العالم، فقد هيأت له طلاب العلم الذين سمعوا منه الحديث والفقه عند قدومهم مكة المكرمة، ثم هم نشروا علمه في أرجاء بلاد المسلمين. ومن أشهرهم: أ- أبو مروان عبد الملك بن العاصي بن محمد السعدي 330 هـ: من علماء الأندلس، رحل إلى مكة وسمع من ابن المنذر كثيراً (¬1). 2 - أبو عمر أحمد بن عبادة الرعيني332 هـ نشأ في قرطبة، ورحل إلى مكة، وسمع ابن المنذر وتفقه عليه (¬2). 3 - محمد بن أحمد بن إبراهيم البلخي، روى عن ابن المنذر كتابي الإشراف والإقناع بمكة في الحرم سنة 315 هـ (¬3). 4 - أبو حاتم محمد بن حبان البستي 254 هـ، سمع من ابن المنذر بمكة (¬4). ¬

_ (¬1) تاريخ علماء الأندلس1/ 273 (820). (¬2) تاريخ علماء الأندلس 1/ 34 (105). (¬3) الإقناع 2/ ألف. (¬4) معجم البلدان 1/ 416.

4 - سعيد بن عثمان بن عبد الملك الأندلسي رحل إلى المشرق فسمع من ابن المنذر بمكة كتاب الإقناع، وأجاز له (¬1). 5 - محمد بن إبراهيم بن علي المقري 381 هـ سمع من ابن المنذر بمكة كتاب اختلاف العلماء (¬2). 6 - محمد بن عبد الله بن يحيى الليثي 339 هـ، رحل سنة 312 هـ فسمع من ابن المنذر بمكة (¬3). 7 - عبد البر بن عبد العزيز بن مخارق، رحل إلى المشرق ولقي ابن النذر، وحدث عنه كتاب الإقناع (¬4). 8 - محمد بن إبراهيم بن أحمد أبوطاهر الأصبهاني، ابن عم نعيم الأصبهاني (¬5). 9 - محمد بن يحيى بن عمار الدمياطي (¬6). وممن سمع كتاب الإشراف من ابن المنذر ورواه عنه: 1 - أحمد بن إسحاق الغافقي أبو عمر 372 هـ (¬7). 2 - أحمد بن عبادة بن علكدة أبو عمر الرعيني 332 هـ، من أهل قرطبة (¬8). 3 - إساعيل بن الفضل أبو الفتح السراج. ¬

_ (¬1) تاريخ علماء الأندلس 1/ 170 (506). (¬2) اختلاف العلماء الورقة الأولى /ألف. (¬3) تاريخ علماء الأندلس 2/ 58 (1253)، والديباج المذهب 2/ 224. (¬4) تاريخ علماء الأندلس1/ 294 (870). (¬5) لسان الميزان 5/ 28. (¬6) تذكرة الحفاظ 3/ 782، سير أعلام النبلاء 14/ 490، ط. السبكي 3/ 102، العقد الثمين 1/ 407. (¬7) تاريخ علماء الأندلس 1/ 51 رقم 170. (¬8) تاريخ علماء الأندلس 1/ 34 رقم 105.

5 - مذهبه

4 - الحسن بن علي بن شعبان المصري. 5 - عبد الله بن أبي زيد النفزى القيرواني أبو محمد الفقيه المالكي 386 هـ. 6 - محمد بن يحيى بن عمار الدمياطي أبو بكر 384 هـ (¬1). 7 - منذر بن سعيد أبو الحكم البلوطي 355 هـ، من أهل قرطبة (¬2). 8 - محمد بن عبد الله بن يحيى أبو عبد الله الليثي 339 هـ، من أهل قرطبة (¬3). 9 - محمد بن أحمد بن إبراهيم بن بانيك البلخي أبو عبد الله (¬4). 10 - محمد بن إبراهيم بن المقري 381 هـ (¬5). 5 - مذهبه: كان محدثاً ثقة، فقيهاً عالماً، مطلعاً مجتهداً، إلا أنه كان كثير الميل إلى مذهب الشافعية، وهو معدود في أصحابه، كذا قال تقي الدين الفاسي (¬6)، وقال السبكى: المحمدون الأربعة: محمد بن نصر، ومحمد بن جرير، وابن خزيمة، وابن المنذر من أصحابنا، وقد بلغوا درجة الاجتهاد المطلق، ولم يخرجهم ذلك عن كونهم من أصحاب الشافعي، والمتخرجين على أصوله، المتمذهبين بمذهبه، لو فاق اجتهادهم اجتهاده (¬7) وعده الشيرازي من أصحاب الشافعي، وذكره كثيرا في المهذب، وفي طبقات الفقهاء وقال: صنف ¬

_ (¬1) لسان الميزان 5/ 28. (¬2) تاريخ علماء الأندلس 2/ 144 رقم 1454، قضاة الأندلس/74. (¬3) تاريخ علماء الأندلس 2/ 58 رقم 1253، الديباج المذهب 2/ 224. (¬4) ابن عطية/102، الإقناع 2/ ألف. (¬5) التحبير في المعجم الكبير 1/ 103. (¬6) العقد الثمين 1/ 407. (¬7) ط. الشافعية الكبرى 2/ 102 - 103.

6 - مكانته العلمية وثناء العلماء عليه

في اختلاف العلماء كتبا لم يصنف أحد مثلها، واحتاج إلى كتبه الموافق والمخالف (¬1). وقال النووي: ولا يلتزم التقيد في الاختيار بمذهب أحد بعينه، ولا يتعصب بأحد، ولا على أحد، على عادة أهل الخلاف، بل يدور مع ظهور الدليل ودلالة السنة الصحيحة، ويقول بها مع من كانت، ومع هذا فهو عند أصحابنا معدود من أصحاب الشافعي، مذكور في جميع كتبهم في الطبقات (¬2). وذكر الذهبى قول النووي وقال: قلت: ما يتقيد بمذهب واحد إلا من هو قاصر في التمكن من العلم كأكثر علماء زماننا، أو من هو متعصب (¬3). والحق كما قال الذهبي، فإنه كان يأخذ بالقول الذي يؤيده الدليل، ولا يتعصب لقول أحد، ولا على أحد، وكان إذا خالف قول أحد من الفقهاء الدليل رده، وبين مخالفته للدليل، والأمثلة على ذلك كثيرة، ولذا قال الذهبى: كان غاية في معرفة الاختلاف والدليل، وكان مجتهدا لا يقلد أحداً (¬4). 6 - مكانته العلمية وثناء العلماء عليه: لقد بلغ ابن المنذر ذروة العلم في الفقه والحديث، فإن يعرف بفقيه مكة وشيخ الحرم، ومؤلفاته التي أتقنها وأجاد فيها تشهد بذلك. والمؤلف رحمه الله قد غلب عليه الجانب الفقهي، والتخصص في فن الخلاف حتى صار إمام هذا الفن بحق، ونهج في هذا الفن منهجاً لم أره في كلب معاصريه، فقد توسع ذكر أقوال أهل العلم، وفي الاستدلال لها بالكتاب والسنة وأقوال ¬

_ (¬1) ط. الفقهاء /89. (¬2) تهذيب الأسماء واللغات 1ق 2/ 197. (¬3) سير أعلام النبلاء 14/ 491. (¬4) تذكرة الحفاظ 3/ 782.

الصحابة والتابعين، حتى صارت كتبه الفقهية والحديثية مصدراً للفقهاء والمحدثين على حد سواء. قال النووي: الإمام المشهور، أحد أئمة الإسلام المجمع على إمامته وجلالته، ووفر علمه، وجمعه بين التمكن في علمى الحديث والفقه، وله المصنفات المهمة النافعة في الإجماع، والخلاف، وبيان مذاهب العلماء، منها الأوسط، والإشراف، وكتاب الإجماع وغيرها، واعتماد علماء الطوائف كلها في نقل المذاهب ومعرفتها على كتبه، وله من التحقيق في كتبه ما لا يقاربه أحد، وهو في نهاية من التمكن في معرفة صحيح الحديث وضعيفه (¬1)، وقال في المجموع بعد أن نقل عبارات من قوله: هذا كلام ابن النذر، الذي لا شك في إتقانه وتحقيقه، وكثرة اطلاعه على السنة، ومعرفته بالدلائل الصحيحة، وعدم تعصبه (¬2). وقال ابن القطان: كان ابن المنذر فقيها، محدثا ثقة (¬3) وقال الداؤدي: أحد الأعلام، وممن يقتدي بنقله في الحلال والحرام، كان إماماً مجتهداً، حافظً ورعاً (¬4) وقال ابن شهبة: ابن النذر النيسابوري الفقيه، نزيل مكة، أحد الأئمة الأعلام، وممن يقتدي بنقله في الحلال والحرام، صنف كتباً معتبرة عند أئمة الإسلام (¬5). وقال ابن الهمام: والذين يعتمد على نقلهم وتحريرهم مثل ابن المنذر، كذلك ذكروا، فحكى ابن المنذر عنهما (أبو يوسف، ومحمد) أنه يحد في ذات ¬

_ (¬1) تهذيب الأسماء واللغات 1ق 2/ 196. (¬2) المجموع 1/ 57. (¬3) مختصرطبقات علماء الحديث 131/ 2. (¬4) ط. المفسرين 2/ 55. (¬5) ط. الشافعية 1/ 60.

7 - مؤلفاته

المحرم، ولا يحد في غير ذلك، قال: مثل أن يتزوج المجوسية، أو خامسة، أو معتدة (¬1). ونقل النووي كلام ابن المنذر في نقض الوضوء بخروج شيء من غير السبيلين كدم الغصد، والحجامة، والقىء، والرعاف، وقال: وقال أبو بكر ابن المنذر: لا وضوء في شيء من ذلك، لأني لا أعلم مع من أوجب الوضوء فيه حجة، ثم قال النووي: هذا كلام ابن المنذر الذي لا شك في إتقانه، وتحقيقه، وكثرة اطلاعه على السنة، ومعرفته بالدلائل الصحيحة، وعدم تعصبه. والله أعلم (¬2). 7 - مؤلفاته: ألف ابن المنذر كتبا كثرة مهمة نافعة في شتى العلوم، فمنها ما بقي تداوله العلماء، وتذكره الكتب، ومنها ما ذهب به كر الدهر ومر الزمان، فلم يترك لنا حتى اسمه، وكانت كتب ابن المنذر مصدرا وثيقا للمفسرين، والمحدثين، والفقهاء، والأصوليين وغيرهم ممن جاء بعده، فاعتمدوا على روايته للأحاديث، وفي تصحيحها وتضعيفها، وعلى نقله لأقوال الصحابة وأهل العلم من بعدهم في المسائل الفقهية الخلافية، فلا تكاد تجد كتابا من كتب التفسير، أو شروح الحديث، أو كتب الفقه التي تهتم بإجماع العلماء وخلافهم، إلا وفيه نقل من بعض مؤلفاته، وأذكر مثالاً واحداً، فإن الحافظ ابن حجر قد ذكر اسم ابن المنذر في فتح الباري أكثر من 590 مرة في نقله عنه. ¬

_ (¬1) فتح القدير 5/ 260. (¬2) المجموع 2/ 75.

أما مؤلفات ابن المنذر التي وصلت إلينا، أو تذكره الكتب فهي كالآتي: (1) تفسير القرآن الكريم (¬1). (2) المبسوط (¬2). (3) كتاب السنن والإجماع والاختلاف (¬3). (4) الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف (¬4). (5) مختصر كتاب السنن والإجماع والاختلاف (¬5). (6) اختلاف العلماء (¬6). (7) الإشراف على مذاهب العلماء (¬7). (8) كتاب الإجماع (¬8). ¬

_ (¬1) يوجد جزء منه في مكتبة "جوتا" بألمانيا برقم 521، تاريخ الأدب العرب 3/ 300. (¬2) ذكره ابن خلكان وغيره، وفيات الأعيان 4/ 207، سير أعلام النبلاء 14/ 490. (¬3) ذكره السبكي في ط. الشافعية الكبرى 3/ 102، 105، ونقله عنه غيره، وقد صرح به المؤلف في الأوسط 1/ 219، 360. (¬4) كتاب حافل في المسائل الفقهية، وهو مختصر من كتاب المبسوط، طبع منه خمس مجلدات فقط بتحقيقها، وسيصدر قريبا بإذن الله تعالى الأجزاء الأخرى. (¬5) صرح به المؤلف في كتابه الإشراف 2/ 403 رقم المسألة 1781. (¬6) ذكره العلماء، وقد وجدت منه قطعتين، الأولى: من أول الكتاب إلى أثناء باب الجمعة، والثانية: من أول الكتاب إلى منتصف كتاب الحيض، وهو المختصر الأول لكتاب الأوسط، حيث لا يوجد بينهما إلا فارقان، الأول: حذف الآثار المسندة في اختلاف العلماء، والثاني: حذف شرح الكلمات الغريبة فيه أيضا، راجع مقدمة الأوسط 1/ 24، 40 - 44. (¬7) وهو كتابنا هذا الذي نحن في صدد تقديمه، وهو المختصر الثاني لكتاب الأوسط. (¬8) طبع الكتاب بتحقيقنا عام 1982م، وأعيد طبعه الآن بعد زيادات في التحقيق والتنقيح.

(9) الإقناع (¬1). (10) إثبات القياس (¬2). (11) أدب العباد. (12) تشريف الغني على الفقر. (13) جامع الأذكار. (14) الإقتصاد في الإجماع والخلاف. (15) كتاب السياسة. (16) جزء ابن المنذر عن ابن النجار وابن دينار. (17) كتاب المناسك. (18) رحلة الإمام الشافعي إلى المدينة المنورة. (19) زيادات على مختصر المزني إسماعيل بن يحيى (¬3) (20) كتاب أحكام تارك الصلاة (¬4). (21) كتاب مختصر الصلاة (¬5). (22) مختصر كتاب الجهاد (¬6). ¬

_ (¬1) وهو المختصر الثالث لكتاب الأوسط، حيث حذف فيه المؤلف الآثار المسندة، وذكر بعض الأحاديث مسندا، وذكر أحكاما مجردة عن الأدلة، وعن أقوال الفقهاء كثير منها، وقد طبع الكتاب بتحقيق فضيلة الدكتور عبد الله بن عبد العزيز الجبرين في رسالته الدكتوراه، وتحقيقنا أيضاً. (¬2) ذكره ابن نديم في الفهرست / 215. (¬3) راجع مقدمة الأوسط 1/ 37 - 39. (¬4) ذكره المؤلف في كتاب الإقناع، راجع تحت رقم الحديث 710. (¬5) ذكره المؤلف في محاب الإقناع، راجع تحت رقم المسألة 390. (¬6) ذكره المؤلف في محاب الإقناع، راجع تحت رقم المسألة 1980.

8 - وفاته

(23) كتاب الأشربة (¬1). (24) جزء ابن المنذر (¬2). (25) جزء في صفة حجة النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬3) (26) كتاب المسائل الفقهية (¬4). (27) كتاب العمرى والرقبى (¬5). 8 - وفاته: ذهب الإمام الشيرازي إلى أن ابن المنذر توفي بمكة سنة 359 هـ أو 310 هـ (¬6)، وتبعه على ذلك ابن خلكان (¬7)، والشافعي (¬8)، قال الذهبي: وما ذكر الشيخ أبو إسحاق من وفاته فهو على التوهم، وإلا فقد سمع منه ابن عمار في سنة ست عشرة وثلاثمائة، وقال: وأرخ ابن القطان الفاسي وفاته في سنة ثماني عشرة (¬9). ¬

_ (¬1) ذكره المؤلف في كتاب الإقناع، راجع تحت رقم المسألة 2613، وكتاب الإشراف "باب ذكر الخمر يغتصب ويستهك" من كتاب الغصب، المجلد الأخير. (¬2) ذكره الحافظ في فهرس مروياته / 29. (¬3) ذكره النووي في شرح مسلم 8/ 170. (¬4) الفهرست لابن نديم/215. (¬5) ذكره المؤلف في كتاب الإقناع، راجع تحت رقم المسألة 1907. (¬6) ط 10الفقهاء/89. (¬7) وفيات الأعيان 4/ 207. (¬8) مرآة الجنان 2/ 261. (¬9) سير أعلام النبلاء 14/ 492.

وذكر عريب بن سعد القرطبي أنه توفي في يوم الأحد انسلاخ شعبان سنة 318 هـ (¬1)، والراجح من هذه الأقوال قول عريب بن سعد، لقرب عهده من عهد المؤلف، ومن طبقة تلاميذ المؤلف، وأن تحديده لوقت وفاته دقيق جداً، فقد حدده باليوم والشهر، مما يدل على تيقنه من ذلك. ¬

_ (¬1) صلة تاريخ الطبري 11/ 134 مع تاريخ الطبري.

2 - كتاب الإشراف على مذاهب العلماء ومكانته العلميه عند العلماء

2 - كتاب الإشراف على مذاهب العلماء ومكانته العلميه عند العلماء 1 - نسبة الكتاب الى المؤلف لا شك أن كتاب الإشراف على مذاهب العلماء هو لابن المنذر المتوفى 318 هـ، ويدل عليه الأمور التالية: أولاً: لقد رحل كر من أهل العلم من مختلف الأقطار الإسلامية إلى مكة المكرمة، ليسمعوا كتاب الإشراف وغيره من مصنفه، وينالوا الإجازة فيه، وقد ذكرت من قبل تحت فقرة "تلاميذ ابن المنذر" من سمع كتاب الإشراف من ابن النذر ورواه عنه. ثانياً: ذكر المؤرخون والمترجمون أن من بين مؤلفات ابن المنذر: "الإشراف على مذاهب العلماء"، قال العبادي: ومنهم أبو بكر محمد بن إبراهيم بن المنذر النيسابوري صاحب: "الإشراف على مذاهب العلماء" وراوي آثار الصحابة - رضي الله عنهم - (¬1). وقال ابن خلكان: ومن كتبه المشهورة في اختلاف العلماء: "كتاب الإشراف" وهو كتاب كبير يدل على كثرة وقوفه على مذاهب الأئمة، وهو أحسن الكتب وأنفعها وأمتعها (¬2). وقال الذهبى: وصاحب الكتب التي لم يصنف مثلها ككتاب المبسوط في الفقه، وكتاب الإشراف في اختلاف العلماء" (¬3). ¬

_ (¬1) ط. الفقهاء الشافعية ص: 67. (¬2) وفيات الأعيان 4/ 207. (¬3) تذكرة الحفاظ 3/ 782، وسير أعلام النبلاء 14/ 490.

وقال النووي: وله المصنفات المهمة النافعة في الإجماع والخلاف وبيان مذاهب العلماء، منها الأوسط، والإشراف، وكتاب الإجماع وغيرها (¬1). وتبعهم في ذلك الصفدي (¬2)، واليافعي (¬3)، والسكي (¬4)، والأسنوي (¬5)، والبهنسي (¬6)، وابن الملقن (¬7)، والفاسي (¬8)، وابن شهبة (¬9)، وابن عبد الهادي (¬10)، والسيوطي (¬11)، والداؤدي (¬12)، وابن هداية الله (¬13). ثالثاً: لقد عرف العلماء قيمة كتاب الإشراف وقدره، فاعتمدوا مصدراً لنقل مذاهب العلماء، ونقلوا عنه نصوصاً في كثير من المواضع، يقول النووي في مقدمة شرح المهذب: "وأكثر ما أنقله من مذاهب العلماء من كتاب الإشراف، والإجماع لابن المنذر، وهو الإمام أبو بكر محمد بن إبراهيم ابن المنذر النيسابوري الشافعي، القدوة في هذا الفن (¬14). ¬

_ (¬1) تهذيب الأسماء واللغات 1ق 2/ 196. (¬2) الوافي بالوفيات 1/ 336. (¬3) مرآة الجنان 2/ 262. (¬4) طبقات الشافعية الكبرى 3/ 102. (¬5) طبقات الشافعية 2/ 197، رقم الترجمة 1014. (¬6) الكافي في معرفة علماء المذهب 8 /ب. (¬7) العقد المذهب في علماء المذهب 8 /ب. (¬8) العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين 1/ 407. (¬9) طبقات ابن شهبة 1/ 60. (¬10) مختصر طبقات المحدثين 131/ ب. (¬11) طبقات الحفاظ ص 328، وطبقات المفسرين ص 91. (¬12) طبقات المفسرين 2/ 51. (¬13) طبقات الشافعية ص 59. (¬14) المجموع 1/ 19.

وقال الحافظ ابن حجر: وقد اعتمد على ابن المنذر جماعة من الأئمة فيما صنفه من الخلافيات، وكتابه الإشراف في الاختلاف من أحسن المصنفات في فنه (¬1). وقد أكثر الحافظ ابن حجر النقل من كتب ابن المنذر، ومن كتابه الإشراف أيضاً حيث قال: "ولم يثبت عن ابن المنذر أنه قال: إن الشافعي انفرد بذلك، لأنه قد نقل في "الإشراف" عن عطاء، وابن سرين وغيرهما القول بالجمع بينهما للمأموم" (¬2). وقال: ونقل ابن المنذر قبله الإجماع على ذلك، فقال في "الإشراف": صوم يوم الثلاثين من شعبان إذا لم ير الهلال مع الصحو لا يجب بإجماع الأمة، وقد صح عن أكثر الصحابة والتابعين كراهته" (¬3). وقال: وأما الجذع من الضأن فقال الترمذي: إن العمل عليه عند أهل العلم من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وغيرهم، لكن حكى غيره عن ابن عمرو، والزهري أن الجذع لا يجزئ مطلقاً سواء من الضأن أم من غيره، وممن حكاه عن ابن عمر ابن المنذر في "الإشراف" (¬4). رابعاً: طبع بعض التصانيف للمؤلف مثل الأوسط، والإجماع، والإقناع، فكل من يطلع على هذه الكتب، ثم يطلع على كتاب الإشراف، يقطع نسبته إلى المؤلف بدون أدنى شك أو تردد، لأن الأسلوب البيانى، وترتيب الكتب والأبواب، وذكر النصوص والأدلة، وأوجه الاستدلال مطابقة في هذه الكتب في كثير من المواضع، لا سيما الأوسط الذي هو أصل الإشراف. ¬

_ (¬1) لسان الميزان 5/ 27. (¬2) فتح الباري 2/ 284. (¬3) فتح الباري 4/ 123. (¬4) فتح الباري 10/ 15.

2 - أصل كتاب الإشراف

2 - أصل كتاب الإشراف: يعد الإشراف لابن المنذر أوسع كتب في مذاهب العلماء شهرة، وأرها ذكراً، وأكثرها فائدة، وهو مختصر عن كتاب الأوسط للمؤلف نفسه، فقد أوجز هنا ما فصله هناك من ذكر أسانيد الأحاديث النبوية، وأسانيد آثار الصحابة، واختصر جانباً كبيرا من أدلة المذاهب وحججهم، ومناقشتها. وقد صرح بهذا ابن قاضي شهبة الدمشقي، قال: صنف كتباً معتبرة عند أئمة الإسلام، منها الإشراف في معرفة الخلاف، والأوسط، وهو أصل الإشراف (¬1)، وتبعه في ذلك الداؤدي في طبقاته (¬2). كما صرح المؤلف نفسه في عدة مواضع من كتاب الإشراف، يقول ابن المنذر في "باب ذكر الوجه الثاني الذي يجب على الناس الوقوف عن القتال فيه وطلب السلامة منه" قال علي بن أبي طالب: أوصاني خليلي وابن عمي قال: إنها ستكون فتن وفرقة، فإذ كان كذلك فاكسر سيفك واتخذ سيفاً من خشب، وقد فعلت، يقول ابن المنذر: وقد ذكرنا هذه الأخبار وسائر الأخبار عن محمد بن مسلمة وأبي بكر، وأبي هريرة بأسانيدها في الكتاب الذي اختصرت منه هذا الكتاب (¬3). ويقول في باب ما يتخذ من الخمر وذكر تحريم ما أسكر من الأشربة كلها في كتاب الأشربة: وقد جاء أهل الكوفة بأخبار معلولة، قد ذكرناها مع عللها في كتاب الأوسط (¬4). ¬

_ (¬1) ط. الشافعية لابن قاصي شهبة 1/ 60. (¬2) ط. المفسرين للداؤدي 2/ 56. (¬3) الإشراف 212/ ب القاهرة و 336/ ب الثالث. (¬4) الإشراف 206/ ألف القاهرة، 330/ ب الثالث.

3 - منهج المؤلف في هذا الكتاب

ويقول ابن المنذر في "باب ذكر الحال التي يجب على المرء القتال فيه في أيام الفتن، والحال التي يجب على المرء الوقوف عن فيه، وكف يده ولسانه، فعلي الناس الوقوف عند ذلك الوقوف عن القتال مع أحد من الطائفتين للأخبار التي جاءت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك، وقد ذكرت في ذلك بأسانيدها في مختصر كتاب السنن والإجماع والاختلاف (¬1). فهذه النصوص في كتاب الإشراف قد يستخلص منها الأمور الآتية: 1 - الإشراف مختصر من الكتاب الكبير للمؤلف. 2 - الإشراف ليس هو "مختصر كتاب السنن والإجماع والاختلاف". 3 - مختصر كتاب السنن والإجماع والاختلاف، ليس هو "الأوسط في السنن والإجماع والاخلاف. 4 - مختصر كتاب السنن والإجماع والاختلاف أكبر من الإشراف. 5 - الإشراف مختصر من الأوسط. هذا وهناك كتب وأبواب توجد في كتاب "الأوسط"، وهذه الكتب والأبواب نفسها موجودة في "الإشراف" وعند المقارنة من الكتابين في باب واحد يتضح الفرق بينهما، واختصار الثاني من الأول، ولا تبقى شيبة من الشك بل يكون وضوح الدليل كالشمس في رابعة النهار. 3 - منهج المؤلف في هذا الكتاب: إن ابن المنذر في تصانيفه منفرد، فإنه يكثر من الرواية، والسماع، والتدوين في الأحاديث النبوية، وآثار الصحابة وفقههم، وأقوال التابعين ومن بعدهم، وسلك في هذا الكتاب مثل هذا المسلك، جمع فيه بين طريقة المحدثين ¬

_ (¬1) الإشراف 212/ ألف القاهرة، و 336/ ألف الثالث.

في شروح الحديث، وبين طريقة الفقهاء في كتب الفقه، فهو يبتدئ كل باب بحديث مسند إن كان، وقد يذكر قبله بعض الآيات القرآنية إن صح الاستدلال به، ثم يذكر الأحكام الفقهية المستخرجة من هذه الأدلة، ومن غيرها مما يدخل تحت هذا الباب، وقد يستدل لبعض هذه الأحكام بأدلة حديثية غير مسندة غالباً، وبأدلة أخرى، ولعل من أعظم مميزاته وأجمل عاداته في تصانيفه كلها، أنه إذا كان في المسألة حديث صحيح أو أثر صحيح قال: ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، أو ثبت عن عمر، وعلي كذا وكذا، أو صح عنهم كذا كذا. وإذا كان فيها حديث ضعيف أو أثر غير صحيح قال: روينا عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وعن عمر وعلي كذا وكذا، وهذا الأدب الرفع الذي سلكه هو طريق حذاق المحدثين، وقد أهمله أكثر الفقهاء (¬1). قال النووي: وله عادات جميلة في كتابه الإشراف، أنه إن كان في المسألة حديث صحيح قال: ثبت عن النبي- صلى الله عليه وسلم-كذا، أو صح عنه كذا، وإن كان فيها حديث ضعيف قال: روينا أنه يروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - كذا، وهذا الأدب الذي سلكه هو طريق حذاق المحدثين، وقد أهمله أكثر الفقهاء وغيرهم من أصحاب باقي العلوم، ثم له من التحقيق ما لا يدان فيه، وهو اعتماده ما دلت عليه السنة الصحيحة عموماً أو خصوصاً بلا معارض، فذكر مذاهب العلماء، ثم يقول في أحد المذاهب: وبهذا أقول، ولايقول ذلك إلا فيما كانت صفته كما ذكرته، وقد يذكر دليله في بعض المواضع، ولا يلزم التقيد في الاختيار بمذهب أحد بعينه، ولا يتعصب لأحد، ولا على أحد على عادة أهل الخلاف، بل يدور مع ظهور الدليل ودلالة السنة الصحيحة، ويقول بها مع من كانت (¬2). ¬

_ (¬1) كذا ذكر النووي تهذيب الأسماء واللغات 1 ق 2/ 197 (¬2) تهذيب الأسماء واللغات. 1 ق 2/ 197.

4 - تسمية كتاب الإشراف

والإشراف يحمل النقاط التالية متميزاً عن المبسوط والأوسط، واختلاف العلماء، والإقناع: 1 - لا يذكر ابن المندر في الإشراف الأحاديث المرفوعة المسندة بتاتاً، بل يقتصر على متن الحديث: ويقول: ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "كذا وكذا"، أو روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "كذا وكذا". 2 - لا يذكر الآثار المرفوعة أو المقطوعة المسندة أبداً بل يقول: روينا عن أبي بكر أو عمر أو علي أنه قال كذا وكذا، أو ثبت عنه قال كذا وكذا. 3 - يسرد أسماء الصحابة والتابعين ومن بعدهم من الفقهاء بقولٍ واحدٍ في المسأله، وربما يحذف بعضهم وقد ذكرهم في المبسوط أو في الأوسط، أو في اختلاف العلماء. 4 - لا يذكر نصاً لأحد من الفقهاء إلا نادراً وبالتالي لا يذكر أدلتهم. 5 - لا يناقش أدلتهم إلا قليلاً. 6 - لا يذكر الروايات بل يكتفي بذكر رواية واحدة في المذهب الواحد، وربما يذكر رواية ثانية. 7 - يذكر رأيه الخاص بدون تعليل وأحياناً معللاً. 4 - تسمية كتاب الإشراف لم يرد نص من ابن المنذر على تسمية كتاب الإشراف، كما ورد نص منه على تسمية بعض مؤلفاته مثل مختصر كتاب السنن والإجماع والاختلاف، وكتاب الأوسط، ومن هنا يذكره العلماء والمترجمون بألفاظ مختلفة في الشطر الثاني من اسم الكتاب، وهو مذاهب العلماء، أو مذاهب أهل العلم، أو في اختلاف الفقهاء، أو في معرفة الخلاف ونحوها، مع الإجماع على الشطر الأول منه وهو الإشراف.

وإليكم هذا التفصيل: اسم الكتاب - المترجم - المصدر 1 - الإشراف على مذاهب العلماء -العبادي 458هـ - ط. الفقهاء الشافعية /67 2 - الإشراف على مذاهب أهل العلم في الإجماع والإختلاف - ابن عطية الأندلسي 541هـ -فهرس ابن عطية /102 3 - الإشراف في اختلاف الفقهاء - ياقوت الحموي 626هـ - معجم البلدان 1/ 416 ................................ - ابن الأثير 630هـ - اللباب في تهذيب الأنساب3/ 263 4 - الإشراف في اختلاف العلماء - الذهبي 748 هـ - تذكرة الحفاظ 3/ 782 .................................. - .................... - سير أعلام النبلاء ................................ - السبكي771 هـ - ط. الشافعية الكبرى 3/ 102 ............................... - ابن ناصر الدين 842 هـ - التبيان لبديع البيان 92/ب ............................... - ........................... - العقد الثمين 6/ 406 ............................... - الفاسي 882 هـ - ط. المفسرين /78 ............................... - السيوطي 911 هـ - تاريخ التراث ............................... - فؤاد سزكين - العربي 2/ 185

5 - الإشراف في معرفة الخلاف - ابن كثير 774 هـ - ط. الفقهاء الشافعيين 1/ 216 ............................... - قاضي ابن شهبة 851 هـ - ط. الشافعية 1/ 60 ............................... - الداؤدي 945 هـ -ط. المفسرين 2/ 56 6 - الإشراف في الاختلاف - ابن حجر 852 هـ - لسان الميزان 5/ 27 .......................... - سبط ابن حجر 899 هـ - رونق الألفاظ بمعجم الحفاظ 2/ 30/ب .......................... - الثعالبي الفاسي 1291 هـ - الفكر السامي 2/ 86 7 - الإشراف على مذاهب الأشراف - حاجي خليفة 1067 هـ - كشف الظنون 1/ 103 .................................... - إسماعيل باشا البغدادي - هدية العارفين 2/ 31 8 - الإشراف في مسائل الخلاف - شاه عبد العزيز الدهلوي 1239هـ - بستان المحدثين /129 9 - الإشراف على مذاهب أهل العلم - بروكلمان 1950 م - تاريخ الأدب العربي 3/ 301 ...................................... - الزركلي - الأعلام 5/ 294 ...................................... - الكحالة - معجم المؤلفين 8/ 220 هذه هي الأسماء المختلفة للكتاب، ومن هنا لا يجزم أحد على اسم الكتاب، أما ورود الاسم "الإشراف على مذاهب أهل السنة" على النسخة الخطية الموجودة الآن، وهي نسخة دار الكتب المصرية، المسجلة برقم 20 فقه شافعي، فهو جدير بالأخذ والقبول لأنه من نسخ عام 734 هـ، لو لم تسبقه النسخة الخطية التي يعبر فيها العبادي المتوفى 458 هـ، ويقول في تسميته: صاحب "الإشراف على مذاهب العلماء"، وهذا يكفي في ترجيحه على الأسماء الأخرى، والاعتماد عليه باعتبار تقدمه وقرب عهده من عهد المؤلف.

5 - حقيقة الطبعات المختلفة لكتاب الإشراف

5 - حقيقة الطبعات المختلفة لكتاب الإشراف: 1 - طبع كتاب "الإشراف على مذاهب العلماء" لابن المنذر الجزء الرابع (كتاب النكاح- كتاب الإستبراء) بتحقيقنا عام 1402 هـ الموافق 1982م، كما طبع الإجماع لابن المنذر في هذا العام نفسه، وذلك بعد الحصول على شهادة الماجستير في رسالة دراسة وتحقيق الأوسط لابن المنذر، قسم الحدود، بتاريخ 14/ 1/ 1400 هـ، فكانت تلك أول دراسة وافية عن حياة المؤلف ومؤلفاته، وكان ذلك أول تحقيق واقعي لمؤلف من مؤلفات ابن المنذر ولم يسبقني أحد بهذين العملين، وإنما بدأت التحقيق بكتاب النكاح، لأنه هو الموجود، وجعلته يحمل رقم المجلد الرابع، لأن النسخة الخطية لمكتبة أحمد الثالث تشكل نصف الكتاب الآخر تقريباً، وهو بعد التحقيق والطبع يظهر في ثلاث مجلدات، والنصف الأول المفقود من الكتاب عند الوجود يظهر بعد التحقيق والطبع في ثلاث مجلدات أيضاً، ولذلك جعلت رقم الكتاب، ورقم المسألة الفقهية، ورقم الحديث رقماً تقريبياً، قد يزيد وقد ينقص، وقد أشرف إلى ذلك في الحاشية في صفحة 25، ثم توقفت عن التحقيق، بعد إنجاز جزء كبير من المجلد الخامس، لعل الله ييسر الأمر، وأحصل على المخطوطة من أول الكتاب، فيطبع الكتاب كاملاً مرة واحدة. 2 - ثم طبع كتاب الإشراف على مذاهب أهل العلم لابن المنذر في مجلدين [كتاب الشفعة، كتاب الغصب] بتحقيق الدكتور محمد نجيب سراج الدين، عام 1406 هـ الموافق 1986 م، وذلك للحصول على شهادة الدكتوراه، وإنما بدأ المحقق التحقيق كتاب الشفعة لوجود نسختين مختلفتين للجزء المحقق يقول: ولم أشأ أن أحقق ما انفردت به النسخة التركية من بحوث زيادة على النسخة المصرية، مثل [كتب النكاح، والطلاق، والبيوع]؛ لأن العمل في تحقيق المخطوطات لا يكون تاماً، ولا يؤدي ثمرته إلا بوجود أصلين مخطوطين

في أقل الأحوال، فنقص حرف أو زيادته قد يغر معنى الكلام، بل وقد يعكس المراد. فاقتصرت على النسخة المصرية، أي المجلد الثالث من كتاب الإشراف، وأكون بهذا قد حققت الثلث الأخير من كتاب الإشراف (¬1). إذاً حقق الدكتور محمد نجيب الثلث الأخير من كتاب الإشراف بدءاً من كتاب الشفعة، من نسخة دار الكتب المصرية، وترك ما وجد في نسخة أحمد الثالث من كتب مثل كتاب النكاح والطلاق، والبيوع لانفرادها، وذلك يشكل 143 ورقة من المخطوطة. أما المحقق أبو حماد فقد بدأ التحقيق بكتاب النكاح، وحقق كتاب الطلاق إلى نهاية كتاب الاستبراء، وبه تم الجزء الرابع، وقال في آخره: ويتلوه الجزء الخامس وأوله كتاب البيوع. إذاً كتاب البيوع لم يحقق ولم يطبع من النصف الأخير المخطوط وهو نسخة أحمد الثالث، وأول كتاب البيوع إلى كتاب الشفعة يشكل 36 ورقة من المخطوط. 3 - ثم طبع كتاب الإشراف في ثلاث مجلدات [كتاب النكاح - كتاب الشفعة - كتاب الغصب، بتحقيق عبد الله عمر جارودي، المدير العام لمركز الخدمات والأبحاث الثقافية، والناشر المكتبة التجارية لمصطفى أحمد الباز بمكة المكرمة، وذلك للحصول على شهادة السرقة والتدليس في التحقيق والله أعلم. والمذكور المدعي بالتحقيق لم يفعل إلا: أ- ضم كتاب النكاح الذي حققه أبو حماد مع كاب الشفعة الذي حققه الدكتور محمد نجيب، وطبعه في ثلاث مجلدات. ¬

_ (¬1) الإشراف على مذاهب أهل العلم، تحقيق محمد نجيب 1/ 20.

2 - جعل هذه المجلدات تحمل رقم المجلد الأول، والثاني، والثالث، موهماً أن الكتاب كامل وأن الكتب والأبواب متتالية، والواقع أنه سقط منها كتاب البيوع. 3 - غفل تماماً عما جاء في آخر كتاب النكاح- المجلد الرابع: "ويتلوه الجزء الخامس وأوله كتاب البيوع". 4 - لم يحقق الكتاب من المخطوطة، لأنه لو حقق من المخطوطة لحقق وطبع كتاب البيوع، وهو يشكل 36 ورقة من المخطوطة. 5 - نسب إلى نفسه الحواشى والتعليقات وهي في الحقيقة منقولة من التحقيق السابق. وهذا الصنيع منه ليس بجديد، بل سبق له وادعى في تحقيقه كتاب الإجماع لابن المنذر، ويقول: "إنه وجد أخطاء في نسخة الرياض (أي تحقيق أبي حماد صغر أحمد) لم يفطن إليها المحقق، وأنه أضاف تعليقات كثيرة كان لا بد من إضافتها". حينما نرى أنه لم يصحح أي خطأ في تعليقاته من أول الكتاب إلى آخره، وأنه لم يقارن المطبوع بالنسخة الخطية، وأنه نقل تعليقات المطبوع حرفياً في التحقيق، وأن السقط والأخطاء بقيت عنده كما وقعت في المطبوع مثل. 1 - أن الإجماع الخامس وهو: وأجمعوا على أن الضحك في غير الصلاة لا ينقض طهارة ولا يوجب وضوءاً، سقط من المطبوع، فسقط عنده أيضاً ص 18. 2 - في ترجمة ربيعة الرأي جاء: "توفي سنة ست وثلاثين" وسقطت كلمة "مائة"، فسقط عنده أيضاً ص 18. 3 - جاء في المطبوع وأجمعوا على أن للمكلوب (والصحيح المطلوب)، فأثبته هو أيضاً في المتن والحاشية ص 29.

4 - هذا ما أحببت التنويه فقط لعمل مثل هذا المحقق، والله من وراء القصد. 5 - ثم طبع كتاب الإشراف في ثلاث مجلدات يضاً (كتاب الشفعة- كتاب الغصب- كتاب النكاح) بمراجعة وإعداد: محمد سعيد مبيض، والناشر مكتبة الغزالي أدلب سوريا، ومكتبة دار الفتح -الدوحة- قطر، وذلك للحصول على "شهادة السرقة والتدليس والجهالة في التحقيق بمرتبة الشرف الأولى والآخرة"، والله أعلم. فعل هذا المراجع هنا ما فعل زميله السابق، إلا أن فعله أدهى وأمر، ولا يغتفر، جعل المجلدين اللذين حققهما الدكتور محمد نجيب كما هما، وراح يبحث عن المجلد الثالث في المكتبات، ولما لم يحصل عليه، حول المجلد الرابع الذي شاهده في المكتبات إلى المجلد الثالث بجهالته وبدون حياء، مع أن الحياء من الإيمان، بدليل أن المحقق هو الذي أخطأ في جعله مجلداً رابعاً، وبدليل: وزد أيها القارئ بكاءاً على عقله، أن صورة المخطوطة مكتوب عليها السفر الثالث من كتاب الإشراف على مذاهب أهل العلم، مع أن هذه المخطوطة تبدأ بكتاب الشفعة، والتي حققها الدكتور محمد نجيب، ولا يوجد فيها كتاب النكاح، ويقول هذا المراجع بكل وقاحة: "وبانتهاء هذا المجلد الثالث يتم الكتاب". أعمي بصره، أم خان نظره، أم وضع قرنيه كفه على قول المحقق في آخر المجلد الرابع: "ثم كتاب الاستبراء، وبه تم الجزء الرابع، ويتلوه الجزء الخامس وأوله كتاب البيوع"، وعلى قول الناسخ في آخر المجلد الثاني المطبوع: "ثم كتاب الغصب، وبتمامه كمل كتاب الإشراف لابن المنذر". إن هذا الُمراجع لا يعرف معنى المراجعة، ولا معنى التحقيق، ولا معنى المخطوطة، ولا معنى النسخة، ولا معنى المكتبة، ولا معنى بداية الكتاب أو نهايته، ولا سعى في قراءة وفهم مقدمة الجزء الرابع، أو مقدمة الجزء الأول، وإن فعل وفهم، لم يفعل ما فعل.

المخطوطة لها نسختان، الأولى: مصورة من مكتبة أحمد الثالث- تركيا، وتبدأ بكتاب النكاح وتنتهي بكتاب الغصب، وهي أكمل، والثانية: وهي مصورة من دار الكتب المصرية، وتبدأ بكتاب الشفعة، وتنتهي بكتاب الغصب، والمخطوطة كلها الآن في ثوب المطبوع ما عدا "كتاب البيوع"، والصورة المحفوظة لبداية النسختين مثبتة في المطبوع، وهو أيضاً ثبتها في تحقيقه، فأي عقل من البشر يسوغ له أن يغير بداية الكتاب إلى نهايته، فيجعل كتاب النكاح آخر الكتاب، والله هذا عجب العجاب.

3 - النسخ الخطية من الكتاب

3 - النسخ الخطية من الكتاب النسخ الموجودة من هذا الكتاب هي كالتالي: 1 - نسخة مكتبة كلية الإلهيات بجامعة- أنقرة بتركيا برقى 1020، أوله ناقص يبدأ بكتاب مواقيت الصلاة، وينتنهي بانتهاء كتاب الوصايا، تحتوي على 267 ورقة وكل ورقة تشمل 23 سطراً، وهي نسخة قيمة مقروءة ومصححة، ذكرت التصويبات على الهوامش، وهذه النسخة ونسخة أحمد الثالث التي تبدأ بكتاب النكاح كلتاهما على نسق واحد، فالظاهر أن الكتاب كان كاملاً في المجلدين نسخهما رجل واحد وقد حصل السقط والتلف في المجلد الأول مع مرور الدهر. 2 - نسخة مكتبة ابن يوسف المراكشي برقم 514، يبدأ بكتاب الجهاد، وينتهي بباب ذكر الشركة، والتولية، والإقامة من الطعام، هن كتاب البيوع. وقد اطلعت على هذه النسخة الأصلية عام 1980م، خطها جيد مقروء، ولكن الأرضة أصابتها، وأكلتها من كل جهة، وفي عام 1981م أوفدت الجامعة الإسلامية إلى المغرب وفداً لتصوير المخطوطات من مكتبتها، وقد وصل الوفد إلى مكتبة ابن يوسف أيضاً، وصور منها، ولم يصور هذا الكتاب لكثرة الأرضة والدودة في داخل الكتاب، وهذه النسخة ذات قيمة حيث يوجد على هوامشها بعض التصحيحات، وأنا أحاول منذ سنوات الحصول على صورة منها ولم أتمكن حتى الآن. 3 - نسخة أحمد الثالث: تبدأ بكتاب النكاح وتنتهي بباب الرجلين يؤكل كل واحد منهما رجلاً بعينه ببيع عبد له، من كتاب الوكالة، وقد سقطت عدة أبواب من كتاب الوكالة، وهي موجودة في النسخة الآتية ذكرها.

ثم ثبت تملك فقير رحمة ربه محمد بن عبد الله بن إبراهيم العدني الترمذي الشافعي، في آخر ورقة 49/ب، ثم يبدأ كتاب الغصب بعد البسملة، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، بخط مختلف محما قبله. وهي مسجلة في مكتبة أحمد إلى الثالث برقم (1100) تحتوي على (366) ورقة، وكل ورقة تشمل 23 سطراً، وهي مصورة موجودة عندي ومكتبة الجامعة الإسلامية، وهذه هي التي يذكرها فؤاد سزكين برقم (1110) (¬1). وهي نسخة قيمة مقروءة ومصححة، ذكرت التصويبات على الهوامش. وحسب تجزئة الناسخ تشمل هذه النسخة على المجلد الثاني من الكتاب. 4 - نسخة دار الكتب المصرية: تبدأ بكتاب الشفعة، وتنتهي بآخر كتاب الغصب بنسق وخط واحد. وهي نسخة ثانية لنسخة أحمد الثالث من كتاب الشفعة إلى آخر الكتاب. وهي مسجلة بدار الكتب المصرية برقم (20) في الفقه الشافعي، تحتوي على (230) ورقة، تشمل كل ورقة 23 سطراً (¬2). وهي نسخة ثانية لنسخة برواية أو محمد عبد الله بن أو زيد النفزي عن ابن المنذر سمعها منه بمكة، كما هو مثبت مع عنوان الكتاب والمؤلف في صفحة غلاف المخطوطة، وكتبت هذه النسخة سنة 734 هـ، وكان الفراغ منها يوم الجمعة السابع والعشرين من شهر المحرم، على يد الفقير إلى الله علي بن عمر ابن عبد الله بن مسعود بن عكاش اليماني نسباً في مذهباً حامداً ¬

_ (¬1) تاريخ التراث العربي 2/ 185، وراجع الفهرس التركي 2/ 632 برقم 4286، وفهرس المخطوطات المصورة 1/ 329. (¬2) فهرس دار الكتب المصرية 1/ 497 وفهرس المخطوطات المصورة 1/ 287.

وشاكراً ومصلياً وحسب تجزئة الناسخ تشتمل هذه النسخة على المجلد الثالث من الكتاب. وقد نسخ في آخر النسخة لكل من الأخيرين كتاب "الغصب" بكامله، والصحيح أنه من كتاب الأوسط، لأن المؤلف ذكر في كتاب الغصب أحاديث وآثاراً مسندة، وكتابط الإشراف خال عن الأحاديث والآثار المسندة بتاتاً.

صورة الغلاف من المخطوطة، كلية الإلهيات

الورقة الثانية من أول المخطوطة، كلية الإلهيات

الورقة الأخيرة من آخر المخطوطة، كلية الإلهيات

صورة الغلاف من نسخة أحمد الثالث

الورقة الأولى من نسخة أحمد الثالث

الورقة الأخيرة من نسخة أحمد الثالث

الورقة الأولى من نسخة أحمد الثالث وفيها أول كتاب الغصب

الورقة الأخيرة من نسخة أحمد الثالث وفيهاآخر كتاب الغصب

صورة الغلاف من نسخة دار الكتب المصرية

الورقة الأولى من نسخة دار الكتب المصرية

الورقة الأخيرة من نسخة دار الكتب المصرية

4 - عملنا في الكتاب

4 - عملنا في الكتاب 1 - منهج التحقيق: لقد مضى على هذا الكتاب أكثر من عشرة قرون من غير أن يخدم وينشر، مع ما وجد من كثرة ما نقل منه، التي تدل على أهمية الكتاب في موضوعه لدى علماء السلف وفقهائهم، وقد حاولت محاولة عبادة على أن أحصل على نسخة كاملة من هذا الكتاب، ولكن دون جدوى، ولما رأيت في الآونة الأخيرة تلاعب بعض المحققين المتهالكين لأعمال الآخرين، توجب علي أن أقوم بخدمة هذا الكتاب خدمة صحيحة، وأن أخرج نص الكتاب على أقرب صورة وضعه عليها المؤلف، فكان عملي على النحو التالي: 1 - اعتمدت التحقيق على النسخ الموجودة، ماعدا نسخة مكتبة ابن يوسف المراكشي فإنني لم أحصل عليها. 2 - أول الكتاب من أصل المخطوط من نسخة كلية الإلهيات ساقط، فكان لا بد من إكماله من كتاب "الأوسط" الذي هو أصل "الإشراف". 3 - أكملت السقط من كتاب المغنى لابن قدامة، والمجموع للنووي، والمحلى لابن حزم إذا ما وجدت السقط في كتاب الأوسط مثل كتاب الزكاة والصيام والمناسك. 4 - اختصرت كتاب الغصب الموجود في آخر نسخة التركية والقاهرة، لأنه من كتاب الأوسط. 5 - أشرت إلى بداية السقط، واستكماله من الأوسط، أو الكتب الأخرى، وذلك في الحاشية. 6 - أثبت النصوص الحديثية والفقهية كما هي، وذلك بالرجوع إلى مظان وجودها.

7 - أثبت اختلاف الكلمات بين الكتاب وبين النصوص الحديثية والفقهية. 8 - أضفت إلي الأصل ما حصل فيه من سقط، وصححت ما فيه من تصحيف، وذلك بالرجوع إلى التصويبات التي وجدت في الهامش، وإلى كتب المؤلف ْمثل الأوسط، الإقناع، والإجماع. 9 - بينت مواضع الآيات من السور في القرآن الكريم. 10 - خرجت الأحاديث النبوية، مع مراعاة النقاط التالية: أ) حاولت أن يكون التخريج موافقاً كاملاً مع المتن. ب) إذا كان الحديت عند البخاري ومسلم، أو عد أحدهما فأكتفي بذكرهما في التخريج، أو ذكر أحدهما، وإذا كان الحديث عند غيرهما، فأرجع إلي السنن والمسانيد ج) حاولت أن أذكر عقب تخريج الحديث غير المخرج عند الشيخين، قولاً لأحد المحدثين يدل على صحة الحديث أوضعفه. د) "أخرجه" خاص بتخريج الأحاديث النبوية، و "رواه" أو "روى له" خاص بتخريج أقوال الصحابة والتابعين. 11 - خرجت أوال الصحابة ومن بعدهم من الفقهاء. 12 - خرجت أقوال الأئمة من خلال كتبهم التي ألفت لبيان مذاهبهم. 13 - شرحت الكلمات الغريبة. 14 - عرفت البلدان، والقبائل، والأماكن. 15 - عرفت الأعلام الذين هم رواة الفقهاء، أو القراء، أو نقاد الحديث. 16 - علقت على بعض المسائل الفقهية المهمة، التي رأيت أن قول المؤلف فيها مرجوحاً، وذلك بذكر القول الراجح ودليله. 17 - وضعت أرقاماً تسلسلية للكتب وأرقاماً أخرى للأبواب تحت كل كتاب.

18 - وضعت أرقاماً تسلسلية للمسائل المجمع عليها، والمسائل المختلف فيها من أول الكتاب إلى آخره. 19 - وضعت أرقاماً تسلسلية للأحاديث من أول الكتاب إلى آخره. 20 - وضعت أرقام صفحات المخطوطة، للإشارة إلى بدء اللوحة الأولى أو الثانية من الصفحات. 21 - ختمت التحقيق بوضع الفهارس الفنية، وهي: 1 - فهرس الموضوعات. 2 - فهرس الآيات القرآنية. 3 - فهرس الأحاديث النبوية. 4 - فهرس الأحاديث الضعيفة. 5 - فهرس الأعلام غير الفقهاء. 6 - فهرس الفقهاء. 7 - فهرس الأماكن والقبائل والبلدان. 8 - فهرس الكلمات الغريبة. 9 - فهرس الكتب الواردة في الإشراف. 10 - فهرس المسائل الفقهية على ترتيب المعاجم اللغوية. 11 - فهرس المصادر والمراجع.

2 - الرموز والمصطلحات التي استعملت في الدراسة والتحقيق

2 - الرموز والمصطلحات التي استعملت في الدراسة والتحقيق: لقد استعملت خلال ترجمة ابن المنذر، ودراسة الكتاب، وفي تحقيق الكتاب رموزا ومصطلحات للاختصار والتسهيل، وهي ليست بجديدة إلى البعض، وقد يتبادر الذهن إلى الأصول في أول نظرة، لأن معظمها قد تستعمل في كثير من الكتب المحققة، وهي كالتالي: 1 - حرف "ح" قبل الرقم إشارة إلى الحديث النبوي. 2 - حرف "م" قبل الرقم إشارة إلى المسألة الفقهية، سواء كانت مجمعا عليها أو مختلفا فيها. 3 - "الأصل" إشارة إلى النسخة الخطية من كتاب الإشراف. 4 - "ألف" إشارة إلى اللوحة الأولى من الورقة من المخطوطة المصورة. 5 - "ب" إشارة إلى اللوحة الثانية من الورقة من المخطوطة المصورة. 6 - وكذلك اخصرت أسماء الكتب ومؤلفيها عند ذكرها في الدراسة والتحقيق، وهي كالتالي: بق: البيهقي في السنن الكبرى. ت: الترمذي في جامعه. جه: ابن ماجه في سننه. حم: أحمد بن حنبل في مسنده. خ: البخاري في الصحيح. د: أبو داود في السنن. شب: ابن أبي شيبة في المصنف. ط: طبقات. طف: ابن جرير الطبري في تفسره. عب: عبد الرزاق في المصنف.

قط: الدارقطني في السنن. م: مسلم بن الحجاج في الصحيح. مط: مالك بن أنس في الوطأ. مي: الدارمي في السنن. ن: النسائي في السنن. هذا! وقد بذلت قصارى جهدي لإخراج هذا الكتاب القيم على أكمل وجه وأتم، فإن كنت قد وصلت في هذا إلى ما أردت، فهو من فضل الله سبحانه وتعالى، وأرجو مزيد التوفيق، وإن كان غير هذا فهو من جهد مقل، وأرجو من الله القدير السداد والنوفق فهو نعم المولى ونعم النصر. والحمد لله الذي هدانا لهذا، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. كتبه: أبو حماد صغير أحمد الأنصاري رأس الخيمة- الإمارات يوم الجمعة7/ 4/1419 هـ - 31/ 7/1998م

[10 - كتاب الدباغ]

[10 - كتاب الدباغ]

[12 - باب الضبع]

[12 - باب الضبع] (ح 249). . . . . . . . . [1/ 2/ب] (¬1) - صلى الله عليه وسلم - أنه جعل الضبع صيداً، وقضى فيها إذا قتلها المحرم كبشاً. م 344 - وقد اختلفوا في أكل الضبع، فممن قال: إنه صيد عمر بن الخطاب، وابن عباس، وسعد بن أبي وقاص، وأبو هريرة. وبه قال عطاء بن أبي رباح، ومالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق. وكره ذلك سعيد بن المسيب، والثوري، والليث بن سعد. قال أبو بكر: الضبع يباح أكلها للحديث الذي روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولأن كل من نحفظ عنه من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كذلك قال، والأكثر من أهل العلم، وبه يقولون. ¬

_ (¬1) من هنا بدأ المخطوط من نسخة كلية الإلهيات بجامعة أنقرة قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: ونص الكلام في الأوسط كما يلي: «حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، ثنا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ، عَنْ جَابِرٍ أن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «جَعَلَ الضَّبُعَ صَيْدًا وَقَضَى فِيهَا إِذَا قَتَلَهَا الْمُحْرِمُ كَبْشًا» وَاحْتَجَّ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِنَا بِخَبَرِ جَابِرٍ هَذَا وَجَعَلُوا الضَّبُعَ مُسْتَثْنًى مِنْ جُمْلَةِ نَهْيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ،»

13 - باب الثعلب

13 - باب الثعلب (ح 250) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - صلى الله عليه وسلم - نهى عن كل ذي ناب من السباع. م 345 - وقال بظاهر هذا الخبر أبو هريرة رضي الله عنه، وكان عطاء بن أبي رباح، وعمرو بن دينار، وابن أبي نجيح لا يرون على من قتل السبع في الإحرام الجزاء. ورخص في أكل الثعلب طاؤس, وقتادة، والشافعي، ويرى الشافعي في الجزاء إذا قتله المحرم. قال أبو بكر: وبظاهر خبر رسول الله- صلى الله عليه وسلم - نقول في الثعلب، وهو سبع داخل في جملة السباع الذي نهى عنه رسول الله- صلى الله عليه وسلم -. 14 - باب الكيمخت م 346 - واختلفوا في الكيمخت، فكان مالك: يقف عن الجواب فيه. وقال أحمد: هو ميتة لا يصلي فيه. وقال قائل: مختلف فيه: منه ما هو ميتة، ومنه ما هو من جلود ما يؤكل لحمه، فإذا اشترى منه رجل شيئاً وخفى أمره، لم يحرم بيعه ولا شراءه.

قال أبو بكر: وإن كان الأمر كما ذكره هذا القائل، واحتمل الكيمخت ما قال، لم يخبر أن يحرم ما هذه صفته، والورع الوقوف عن المشكلات لقول النبي- صلى الله عليه وسلم -: (ح 251) "الحلال بيّن والحرام بيّن وبين ذلك أمور مشتبهات لا يعلمها كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات استبرأه لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كالراعي حول الحمى يوشك أن يواقعه، ألا وإن لكل ملك حمى، وإن حمى الله محارمه".

11 - كتاب المواقيت

11 - كتاب المواقيت 1 - باب وقت الظهر قال أبو بكر: (ح 252) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - صلى الظهر حين زالت الشمس. م 347 - وأجمع أهل العلم على أن وقت [1/ 3/ألف] الظهر زوال الشمس. م 348 - واختلفوا في آخر وقت الظهر. فقالت طائفة: إذا صار كل شيء مثله بعد الزوال، فجاوز ذلك فقد خرج وقت الظهر، هذا قول مالك، والوري، والشافعي، وأبي ثور. وقال يعقوب، ومحمد: "وقت الظهر من حين تزول الشمس إلى أن يكون الظل قامة". وقال عطاء: لا يفرط للظهر حتى تدخل الشمس صفرة. وقال طاؤس: لا يفوت الظهر والعصر حتى الليل. وقال قائل: إذا صار الظل قامتين فقد خرج وقت الظهر ودخل وقت العصر كذلك قال النعمان. وبالقول الأول أقول. م 349 - واختلفوا في التعجيل بالظهر في حال الحر. فروينا عن عمر أنه كتب إلى أبي موسى أن يصلي الظهر حين تزيغ الشمس، أو تزول الشمس، وصلى ابن عباس حين زالت الشمس.

2 - باب وقت العصر

وروينا عن جابر أنه قال: الظهر كإسمها. وقال مالك: يصلي إذا كان الفيء ذراعاً. وفيه قول ثالث (¬1): وهو استحباب تأخير الظهر في شدة الحر هذا قول أحمد، وإسحاق. وقال أصحاب الرأي: "في الصيف يجب أن يبرد بها". وفيه قول ثالث قاله الشافعى: قال: يتعجل الحاضر الظهر إلا في شدة الحر، وإذا اشتد الحر أخّر إمام الجماعة الذي يقبل من البعد الظهر حتى يبرد، وأما من صلاها في بيته، وفي جماعة بفناء بيته، فيصليها في أول وقتها ". قال أبو بكر: (ح 253) ثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -قال: "إذا اشتد الحر فابردوا بالظهر". وبخبر رسول الله- صلى الله عليه وسلم - نقول، وهو العموم لا سبيل إلى أن يستثنى من ذلك البعض. 2 - باب وقت العصر م 350 - واختلفوا في أول وقت العصر. فكان مالك، والثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور يقولون: أول وقت صلاة العصر إذا صار ظل كل شيء مثله. ¬

_ (¬1) في الأصل ثان, والصحيح ما أثبته, وكذا في الأوسط 2/ 360.

واختلفوا بعد فقال بعضهم آخر وقت الظهر أول وقت صلاة العصر فلو أن رجلين على أحدهما الظهر والآخر العصر حين صار ظل كل شيء مثله لكانا مصليين للصلاتين في وقتهما قال بهذا إسحاق ذكر ذلك عن ابن المبارك. وأما الشافعى فكان يقول: أول وقت العصر إذا جاوز ظل شيء مثله أي شيء ما كان، وذلك حتى ينفصل من آخر وقت الظهر. وقد حكى عن ربيعة قول ثالث: وهو أن وقت الظهر والعصر في السفر والحضر إذا زالت الشمس. وفي قول رابع: وهو أن أول وقت صلاة العصر أن يصير الظل قامتين بعد الزوال، ومن صلى قبل ذلك لم يجزه هذا قول النعمان. وخالف في ذلك أخبار ثابتة [1/ 3/ب] عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -وهي مذكورة في غير هذا الموضع. م 351 - واختلفوا في آخر وقت العصر. فكان الثوري يقول: أول وقت العصر إذا كان ظلك مثلك، إلى أن يكون ظلك مثليك، وإن صل ما لم تتغير الشمس أجزأه. وقال الشافعي: "ومن آخر العصر حتى يجاوز ظل كل شيء مثليه، فقد فاته وقت الاختيار، ولا يجوز أن يقال: فاته العصر مطلقاً". وفي قول ثالث: وهو أن آخر وقت العصر ما لم تصفر الشمس هذا قول أحمد، وأبي ثور، وبنحو ذلك قال الأوزاعي، وفي قول يعقوب

وابن الحسن: وقت العصر من حين يكون الظل قامة فيزيد على قامة إلى أن تتغير الشمس. وفيه قول رابع: وهو أن آخر وقتها غروب الشمس قبل أن يصلي المرء منها ركعة، هذا قول إسحاق بن راهويه، وبه قال الشافعي في أصحاب العذر. وفيه قول خامس: وهو آن آخر وقتها غروب الشمس روى هذا القول عن ابن عباس، وعكرمة. وفيه قول سادس: وهو أن آخر وقت العصر للنائم والناسي ركعة قبل غروب الشمس هذا قول الأوزاعي. م 352 - واختلفوا في التعجيل بصلاة العصر وتأخيرها. فقالت طائفة: تعجيلها أفضل، هذا على مذهب أهل المدينة وبه قال الأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وإسحاق. وقد روينا عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أخباراً تدل على صحة هذا القول. وفيه قول ثان. روي عن أبي هريرة، وابن مسعود أنهما كانا يؤخران العصر. وروينا عن أبي قلابة، وابن شبرمة أنهما قالا: إنما سميت العصر لتعصير. وقال أصحاب الرأي: يصلي العصر في آخر وقتها والشمس بيضاء لم تتغير في الشتاء والصيف.

3 - باب صلاة الوسطى

والأخبار الثابتة عن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - تدل على أن أفضل الأمرين تعجيل العصر في أول وقتها. والله أعلم. 3 - باب صلاة الوسطى م 353 - واختلفوا في الصلاة الوسطى. فروينا عن علي بن أبي طالب، وأبي هريرة، وأبي أيوب، وزيد بن ثابت، وأبي سعيد الخدري، وابن عمر، وابن عباس، وعبيدة السلماني، والحسن البصري [1/ 4/ألف]، والضحاك بن مزاحم، أنهم قالوا: الصلاة الوسطى صلاة العصر. وروينا عن ابن عمر، وعائشة، وعبد الله بن شداد أنهم قالوا: الصلاة الوسطى صلاة الظهر. وروينا عن ابن عمر، وابن عباس، وعكرمة، وطاؤس، وعطاء، ومجاهد أنهم قالوا: إنها الصبح، وبالقول الأول أقول. (ح 254) لقول النبي- صلى الله عليه وسلم -: شغلونا عن صلاة الوسطى صلاة العصر. 4 - باب صلاة المغرب م 354 - أجمع أهل العلم أن صلاة الغرب تجب إذا غربت الشمس. م 355 - واختلفوا في آخر وقت الغرب.

5 - باب الشفق

وكان مالك، والأوزاعي، والشافعي، يقولون: لا وقت للمغرب إلا وقتاً واحداً إذا غابت الشمس. وفيه قول ثان: وهو أن وقت الغرب إلى أن يغيب الشفق هذا قول الثوري، وأحمد، وإسحاق، وأبي ثور، وأصحاب الرأي. وقد روينا عن طاؤس أنه قال: لا تفوت المغرب والعشاء حتى الفجر. وروينا عن عطاء أنه قال: لا تفوت صلاة المغرب، والعشاء حتى النهار. 5 - باب الشفق م 356 - واختلفوا في الشفق فكان مالك بن أنس، وسفيان الثوري، وابن أبي ليلى، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، ويعقوب، ومحمد يقولون: الشفق الحمرة، وقد روى ذلك عن ابن عمر، وابن عباس. وقد روينا عن ابن عباس قولاً ثانياً: وهو أن الشفق البياض. وروينا عن أنس، وأبي هريرة، وعمر بن عبد العزيز، ما يدل على أن الشفق البياض، وبه قال النعمان، وقال أحمد: يعجبني أن يصلي إذا ذهب البياض في الحضر، ويجزيه في السفر إذا ذهبت الحمرة، ويجزيه في الحضر والسفر إذا ذهبت الحمرة. وفيه قول ثالث. وهو أن الشفق اسم لمعنين مختلفين عند العرب، وهي الحمرة والبياض. قال أبو بكر: الشفق البياض.

6 - باب وقت العشاء الآخرة

6 - باب وقت العشاء الآخرة (ح 255) ثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى العشاء حين غاب الشفق. م 357 - واختلفوا في آخر وقت العشاء. فكان النخعي يقول: آخر وقتها ربع الليل. وفيه قول ثان: وهو أن آخر وقتها ثلث الليل، كذلك قال عمر بن الخطاب، وأبو هريرة، وعمر بن عبد العزيز، وبه قال الشافعي، ومالك. وفيه قول ثالث: وهو أن وقتها إلى نصف الليل كذلك قال سفيان الثوري، وابن المبارك [1/ 4/ب]، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. وفيه قول رابع: وهو أن آخر وقتها إلى طلوع الفجر، روينا هذا القول عن ابن عباس. م 358 - واختلفوا في التعجيل بصلاة العشاء الآخرة. فروينا عن ابن عباس أنه كان يرى تأخيرها أفضل (2) ويقرأ: {وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ} وعن ابن مسعود أنه كان يؤخر العشاء. واستحب مالك، والشافعي، والكوفي، تأخيرها.

7 - باب وقت صلاة الفجر

وقال قائلون: تعجيلها افضل، استدلالاً بالأخبار التي تدل عن النبي- صلى الله عليه وسلم -على أن تعجيل الصلاة في أوائل وقتها أفضل. 7 - باب وقت صلاة الفجر (ح 256) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - صلى الفجر حين طلع الفجر. م 359 - وأجمع أهل العلم على أن أول وقت صلاة الصبح طلوع الفجر. م 360 - وأجمع أهل العلم على أن من صلى الصبح بعد طلوع الفجر قبل طلوع الشمس أنه مصليها في وقتها. م 361 - واختلفوا فيمن أدرك ركعة من الصبح قبل طلوع الشمس، ففي قول مالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق: يضيف إليها أخرى ولم تفته الصلاة، واحتجوا: (ح 257) بحديث النبي- صلى الله عليه وسلم - من أدرك ركعة من الصبح قبل طلوع الشمس فقد أدرك الصبح. وكان أبو ثور يقول: إنما ذلك لمن نام، أو سهى، ولو تعمّد رجل لكان مخطئاً مذموماً عند أهل العلم بتفريطه في الصلاة. وقال أصحاب الرأي: إذا طلعت الشمس وقد بقى على الإنسان من الصبح ركعة فسدت صلاته، وعليه أن يستقبل الفجر إذا ارتفعت الشمس، فإن نسى العصر حتى صلى ركعة، أو ركعتين، ثم غربت الشمس أتم صلاته.

8 - باب وقت الجمعة

م 362 - واختلفوا في التعجيل بصلاة الفجر وتأخيرها. فكان مالك، والشافعي، وأحمد وإسحاق: يرون أن يصلي الصبح بغلس، وقد روينا عن أبي بكر، وعمر، وابن الزبير، وابن مسعود وأبي موسى الأشعري، وعمر بن عبد العزيز أخباراً تدل على أن التغليس بالصلاة أولى من الإسفار فيها. وكان سفيان الثوري، وأصحاب الراي: يرون الإسفار بالفجر. وبالقول الأول أقول، للثابت عن عائشة أنها قالت: (ح 258) كن نساء من المؤمنات يصلين مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصبح، وهن متلففات بمروطهن ما يعرفن من الغلس. وكان أبو بكر، وعمر يغلسان بالصبح بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وذلك دليل على صحة ماقلناه. 8 - باب وقت الجمعة (ح 259) ثبت أن رسول [1/ 5/ ألف] الله - صلى الله عليه وسلم - صلّى الجمعة بعد زوال الشمس. م 363 - وكان عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طاب، وعمار بن ياسر، وقيس بن سعد، وعمرو بن حريث، والنعمان بن بشير، وعمر بن عبد العزيز، والحسن البصري، وإبراهيم النخعي يصلون الجمعة بعد زوال الشمس.

9 - باب الصلاة في اليوم المغيم

وبه قال مالك، والأوزاعي، والثوري، والشافعي، وأبو ثور، وأحمد وإسحاق. وقد روى بإسناد لا يثبت عن أبي بكر، وعمر، وابن مسعود, ومعاوية خلاف هذا القول. وقال عطاء: كل عيد حين يمتد الضحى، الجمعة، والأضحى، والفطر. وقال أحمد: في الجمعة إن فعل في الزوال فلا أعيبه، فأما بعده فليس فيه شك، وبه قال إسحاق. وبالقول الأول أقول. 9 - باب الصلاة في اليوم المغيم م 364 - روينا قلت عمر بن الخطاب أنه قال: إذا كان يوم غيم فعجلوا العصر وأخروا الظهر. وعن ابن مسعود أنه قال: عجلوا الظهر والعصر وأخروا المغرب (4). وعن الحسن، وابن سيرين أفما قالا: يعجل العصر ويؤخر المغرب. وقال الحسن: يؤخر الظهر. وقال الأوزاعي: يؤخر الظهر، ويعجل العصر ويؤخر المغرب.

10 - باب الصلاة قبل الوقت

قال الشافعي رحمه الله: "إذا كان الغيم مطبقاً يرعى الشمس ويحتاط في ذلك، ويتأنس أن يصليها بعد الوقت، ويحتاط بتأخيرها ما بينه وبين أن يخاف دخول وقت العصر". وقال إسحاق: نحواً من ذلك. وقال أصحاب الرأي: يؤخر الظهر، ويعجل العصر، ويؤخر المغرب، ويعجل العشاء، وينوّر بالفجر. 10 - باب الصلاة قبل الوقت م 365 - واختلفوا في الصلاة قبل دخول الوقت. فروينا عن ابن عمر، وأبي موسى الأشعري أنهما أعادا الفجر، لأنهما كانا صلاها قبل الوقت، وبه قال الزهري، ومالك، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وأصحاب الرأي. وقد روينا عن ابن عباس أنه قال: في رجل صلى الظهر في السفر قبل أن تزول الشمس، قال يجزيه. وقال الحسن: مضت صلاته وبنحو ذلك قال الشافعي. وعن مالك: فمن صلى العشاء في السفر قبل غيوبة الشفق جاهلاً أو ساهياً يعيد ما كان في وقت العشاء، فإذا ذهب الوقت قبل أن يعلم أو يذكر فلا إعادة عليه.

11 - باب الصلاة بعد الصبح وبعد العصر [1/ 5/ب] (¬1) ¬

_ (¬1) من هنا بدأ السقط

[12 - باب المرء يصلي وحده المكتوبة , ثم يدرك الجماعة]

[12 - باب الْمَرْءِ يُصَلِّي وَحْدَهُ الْمَكْتُوبَةَ , ثُمَّ يُدْرِكُ الْجَمَاعَةَ]

13 - باب من نسي صلاة فذكرها في الأوقات المنهى عن الصلاة فيها

. . . . (¬1) [1/ 15/ب] العموم. م 369 - واختلف فيه إذا أعادها. فقالت طائفة: الأولى منهما هي المكتوبة، روى ذلك عن علي، وبه قال الثوري، وأحمد، وإسحاق. وقال سعيد بن المسيب، وعطاء، والشعبى، التي صلى معهم هي المكتوبة. وقد روينا عن ابن عمر، وابن المسيب، وعطاء أنهم قالوا: ذلك إلى الله عزّ وجل يجعل المكتوبة أيتهما شاء. وهذه، الروايات خلاف الروايات عنهم. 13 - باب من نسي صلاة فذكرها في الأوقات المنهى عن الصلاة فيها م 370 - واختلفوا فيمن نسي صلاة فذكرها في الأوقات التي نُهى عن الصلاة فيها. فقالت طائفة لا يقضين الفوائت في الأوقات التي نهي عن الصلاة فيها، روي عن أبي بكرة (¬2) أنه نام في دالية، فاستيقظ عند الغروب، ¬

_ (¬1) انتهى السقط هنا، وكلمة "العموم" وما بعدها من المخطوط قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: ونص الكلام في الأوسط كما يلي: باب ذِكْرُ الْمَرْءِ يُصَلِّي وَحْدَهُ الْمَكْتُوبَةَ , ثُمَّ يُدْرِكُ الْجَمَاعَةَ وذكر ابن المنذر الأقوال فيه ثم قال: قَالَ أَبُو بَكْرٍ يُعِيدُ الصَّلَوَاتِ كُلَّهَا لِأَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّجُلَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرَهُمَا فِي حَدِيثِ يَزِيدَ بْنِ الْأَسْوَدِ أَنْ يُصَلِّيَا جَمَاعَةً، وَإِنْ كَانَا قَدْ صَلَّيَا أَمْرًا عَامًّا لَمْ يَخُصَّ صَلَاةً دُونَ صَلَاةٍ وَأَمْرُهُ عَلَى الْعُمُومِ (¬2) في الأصل "أبي بكر" والتصحيح من الحاشية, والأوسط.

فانتظر حتى غابت الشمس ثم صلى، وعن كعب: أحسبه ابن عجرة أن إبناً نام عن الفجر حتى طلع قرن الشمس فأجلسه فلما أن تجلت قال له صل الآن. وقالت طائفة: من نام عن صلاة أو نسيها صلاها متى استيقظ أو ذكرها، روى ذلك عن علي، وروى معنى ذلك عن غير واحد من الصحابة، وبه قال أبو العالية، والنخعي، والشعبى، والحكم، وحماد، ومالك، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وإسحاق. وقال آخرون: "إذا نسي صلاة فذكرها حين طلعت الشمس، أو حين انتصف النهار، أو ذكرها حين تغرب الشمس قال: لا يصليها في هذه الساعات الثلاث، والوتر كذلك ما خلا العصر، فإنه إذا ذكر العصر من يومه ذلك قبل غروب الشمس صلاها، وإن كان عصراً قد نسيها قبل ذلك بيوم أو يومين أو ثلاثة، لم يصلها في تلك الساعة، وكذلك سجدة التلاوة والوتر والصلاة على الجنازة، لا يقضين في شيء من هذه الساعات الثلاث" هذا قول أصحاب الرأي. قال أبو بكر: بما روي عن علي أقول، وقد ثبت: (ح 262) أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها، وتلى: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} الآية.

14 - باب الرجل ينسى الصلاة فيذكرها وقد حضرت صلاة أخرى

14 - باب الرجل ينسى الصلاة فيذكرها وقد حضرت صلاة أخرى م 371 - واختلفوا في الرجل ينسى الصلاة وقد حضرت صلاة أخرى [1/ 16/ ألف] فقالت طائفة: يبدأ بالتي نسي، إلا أن يخاف فوت الذي حضر وقتها، فإن خاف ذلك صلاها ثم صلى إلى نسي، هذا قول سعيد ابن المسيب، والحسن البصري، والأوزاعي، وسفيان الثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبي ثور، وأصحاب الرأي. وقالت طائفة: يبدأ بالتي ذكر، فيصليها وإن فاتته هذه، كذلك قال عطاء، والزهري، ومالك، والليث بن سعد. وقال مالك: ليبدأ بما بدأ الله به إن كنّ خمس صلوات بدأ بهنّ، وإن خرجت عن وقتها، ثم صلاها بعدهن، وإن كن أكثر من ذلك صلاها لوقتها، ثم قضاها بعد. 15 - باب الرجل يذكر صلاة فائتة وهو في أخرى م 372 - واختلفو في الرجل يكون في صلاة فيذكر أن عليه قبلها. فقالت طائفة: تفسد عليه صلاته التي هو فيها، ولكن يصلي الصلاة التي ذكرها، ثم يصلي الصلاة التي هو فيها كذلك قال النخعي، والزهري، وربيعة، ويحيى الأنصاري.

وقالت طائفة: يصلي الصلاة التي دخل فيها ثم يقضي الفائته وليس عليه غير ذلك، هذا قول طاؤس، والحسن البصري، والشافعي، وأبي ثور. وقالت طائفة: إن ذكرها قبل أن يتشهد أو يجلس مقدار التشهد ترك هذه وعاد إلى تلك، وإن ذكرها بعد ذلك اعتد بهذه وعاد إلى تلك، هذا قول الحكم، وحماد. وقال ابن عمر: من نسي صلاة فلم يذكرها إلا وراء الإمام، فإذا سلّم الإمام فليصل الصلاة التي نسى، ثم يصلي بعد الصلاة الأخرى، وبه قال مالك، والليث بن سعد، وأحمد، وإسحاق، وقال أحمد: في رجل ترك الصلاة متعمداً فرط فيها في شبابه، فأراد أن يقضي، قال. يقضيها وما بعدها وهو لها ذاكر، وإن كان كذا وكذا سنة. وقال أصحاب الرأي: "إذا دخل في الصلاة ولم يذكر فذكر صلاة فائتة وإن كان فاتته صلاة واحدة إلى خس صلوات، فعليه أن يبدأ بالفوائت، فإن صلى صلاة في وقتها وهو ذاكر للفوائت فصلاته فاسدة، إلا أن يذكرها في آخر وقت صلاة، إن هو بدأ بالفائتة فاته وقت هذه، فإنه يبدأ حينئذ بهذه التي يخاف فوتها، ثم يصلى الفوائت، وإن كانت [1/ 16/ب] فوائته ست صلوات فصاعداً فذكرها في وقت صلاة، وقد دخل وقتها أو لم يدخل

16 - باب جماع أبواب الجمع بين الصلاتين

وقتها، فيبدأ بالتي دخل وقتها قبل الفوائت، ثم قضى الفوائت، جازت صلاته كلها. قال أبو بكر: ليس بيني شيء مما فرقوا بينه فرق. 16 - باب جماع أبواب الجمع بين الصلاتين (ح 263) ثبتت الأخبار عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أنه جمع بين الظهر والعصر في وقت الظهر، وجمع بين المغرب والعشاء بالمزدلفة في وقت العشاء. (ح 264) وثبتت عنه أنه كان إذا عجل في السير جمع بين المغرب والعشاء. (ح 265) ودل خبر معاذ على أن جمعه بين الصلاتين في السفر وهو نازل غير سائر. فالجمع بين الصلاتين في السفر جائز نازلاً وسايراً كما فعل النبي- صلى الله عليه وسلم -، وأجمع أهل العلم على القول ببعض هذه الأخبار، واختلفوا في القول ببعضها. م 373 - فمما أجمعوا عليه وتوارثته الأئمة قرناً عن قرن، وتبعهم الناس عليه منذ زمان رسول الله- صلى الله عليه وسلم - إلى هذا الوقت، الجمع بين الظهر والعصر بعرفة، وبين المغرب والعشاء يجمع في ليلة النحر.

17 - باب الوقت الذي يجمع المسافر بين الصلاتين

م 374 - واختلفوا في الجمع بن الصلاتين في سائر الأوقات. فرأت طائفة: أن يجمع المسافر بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء، وممن رأى ذلك سعد بن أبي وقاص، وسعيد بن زيد، وأسامة بن زيد، وابن عباس، وأبو موسى الأشعري، وطاؤس، ومجاهد، وعكرمة، ومالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور. وكرهت طائفة. الجمع بينهما إلا عشية عرفة وليلة جمع، هذا قول الحسن، ومحمد بن سيرين، وبه قال أصحاب الرأي. قال أبو بكر: وبالقول الأول أقول. 17 - باب الوقت الذي يجمع المسافر بين الصلاتين وفي قول من رأى الجمع بينهما: م 375 - واختلفوا في وقت الجمع بين الصلاتين، فكان الشافعي، وإسحاق يقولان. من كان له أن يقصر فله أن يجمع إن شاء في وقت الأولى منهما وإن شاء في وقت الآخرة. وقال عطاء بن أبي رباح: لا يضره أن يجمع بينهما في وقت [1/ 17/ألف] أحديهما. وقالت طائفة. إذا أراد المسافر أن يجمع بين الصلاتين أخّر الظهر وعجّل العصر وأخّر المغرب وعجّل العشاء وجمع بينهما، روى هذا القول عن سعد بن أبي وقاص، وابن عمر، وعكرمة، وقال أحمد: وجه الجمع

18 - باب الجمع بين الصلاتين في الحضر

أن يؤخّر الظهر حتى يدخل وقت العصر، ثم ينزل فيجمع بينهما ويؤخّر المغرب كذلك، فإن قدم فأرجو أن لا يكون به بأس (¬1). وقال إسحاق: كذلك بالإرجاء. وأما أصحاب الرأي: فإنهم يرون أن يصلي الظهر في آخر وقتها والعصر في أول وقتها، فأما أن يصلي واحدة في وقت الأخرى فلا، إلا بعرفة ومزدلفة. قال أبو بكر: بقول الشافعي أقول. 18 - باب الجمع بين الصلاتين في الحضر (ح 266) ثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه جمع بالمدينة بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء في غير خوف ولا سفر. م 376 - واختلفوا فيه. فقال مالك: يجمع بين المغرب والعشاء في الليلة المطيرة، ولا يجمع بين الظهر والعصر في حال المطر، ويجمع بينهما وإن لم يكن مطر إذا كان طيناً وظلمة. ¬

_ (¬1) في الأصل "أن".

19 - باب المريض يجمع بين الصلاتين

وكان أحمد بن حنبل، وإسحاق: يريان الجمع بين المغرب والعشاء في الليلة المطيرة، وكان ابن عمر: يرى ذلك، وفعل ذلك إبان بن عثمان، وعروة بن الزبير، وسعيد بن المسيب، وأبو بكر بن عبد الرحمن، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، ومروان، وعمر بن عبد العزيز. وقال الشافعي يجمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء إذا كان المطر قائماً، ولا يجمع في غير حال المطر، وبه قال أبو ثور. وكان عمر بن عبد العزيز: يرى الجمع بين الصلاتين في حال الريح والظلمة. وقالت طائفة: الجمع بين الصلاتين مباح حال الريح والظلمة في الحضر وإن لم يكن مطراً، واحتجوا بخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (ح 267) روي عن ابن عباس أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - جمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء في غير خوف ولا مطر، قيل لابن عباس: لم فعل ذلك، قال أراد أن لا يحرج أمته. وقد روينا عن ابن سيرين أنه كان لا يرى بأساً أن يجمع بين الصلاتين إذا كانت حاجة، أو شيء مالم يتخذ عادة. 19 - باب المريض يجمع بين الصلاتين م 377 - واختلفوا في المريض يجمع بين الصلاتين، فرخصت طائفة في ذلك، هذا قول عطاء. . . (¬1) ¬

_ (¬1) بدأ السقط من هنا قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: ونص الكلام في الأوسط كما يلي: «اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي جَمْعِ الْمَرِيضِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ فَأَبَاحَتْ طَائِفَةٌ لِلْمَرِيضِ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ، وَمِمَّنْ رَخَّصَ فِي ذَلِكَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمَرِيضِ إِذَا كَانَ أَرْفَقَ بِهِ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فِي وَسَطٍ وَقْتَ الظُّهْرِ إِلَّا أَنْ يَخَافَ أَنْ يُغْلَبَ عَلَى عَقْلِهِ فَيَجْمَعُ قَبْلَ ذَلِكَ بَعْدَ الزَّوَالِ وَيَجْمَعُ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ عِنْدَ غَيْبُوبَةِ الشَّفَقِ إِلَّا أَنْ يَخَافَ أَنْ يُغْلَبَ عَلَى عَقْلِهِ فَيَجْمَعُ قَبْلَ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ لِصَاحِبِ الْبَطْنِ وَمَا أَشْبَهَهُ مِنَ الْمَرْضَى أَوْ صَاحِبِ الْعِلَّةِ الشَّدِيدَةِ فيَكُونُ هَذَا أَرْفَقَ بِهِ، وَقَالَ مَالِكٌ: فَإِنْ جَمَعَ الْمَرِيضُ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ غَيْرَ مُضْطَرٍّ إِلَى ذَلِكَ فَيُعِيدُ مَا كَانَ فِي وَقْتِهِ وَمَا كَانَ ذَهَبَ وقته لَيْسَ عَلَيْهِ إِعَادَةٌ، وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: يَجْمَعُ الْمَرِيضُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ وَكَذَلِكَ قَالَ إِسْحَاقُ وَكَرِهَتْ طَائِفَةٌ الْجَمْعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي الْحَضَرِ غَيْرَ حَالِ الْمَطَرِ، هَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، قَالَ: وَالْجَمْعُ فِي الْمَطَرِ رُخْصَةٌ لِعُذْرٍ وَإِنْ كَانَ عُذْرٌ غَيْرَهُ لَمْ يَجْمَعْ فِيهِ وَذَلِكَ كَالْمَرَضِ وَالْخَوْفِ، وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ قَالَهُ أَصْحَابُ الرَّأْيِ، قَالُوا فِي الْمَرِيضِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ قَالَ: فَلْيَدَعِ الظُّهْرَ حَتَّى يَجِيءَ آخِرُ وَقْتِهَا وَيُقَدِّمُ الْعَصْرَ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا وَلَا يَجْمَعُ فِي وَقْتِ إِحْدَاهُمَا»

انتهى الجزء الأول ويتلوه الجزء الثاني وأوله كتاب صفة الصلاة

الإشراف على مذاهب العلماء لأبي بكر محمد بن إبراهيم بن المنذر النيسابوري 318هـ المجلد الثاني حققه وقدم له وخرج أحاديثه د. أبو حامد صغير أحمد الأنصاري

الإشراف على مذاهب العلماء

حقوق الطبع محفوظة للناشر الطبعة الأولى 1425هـ - 2004 م الناشر مكتبة مكة الثقافية هاتف: 2361835 - 7 - 00971 فاكس: 2362836 - 7 - 00971 ص. ب. 2326 رأس الخيمة - الإمارات العربية المتحدة

ـ[الرموز والمصطلحات التي استعملت في الدراسة والتحقيق:]ـ لقد استعملت خلال ترجمة ابن المنذر، ودراسة الكتاب، وفي تحقيق الكتاب رموزاً ومصطلحات للاختصار والتسهيل، وهي ليست بجديدة إلا البعض، وقد يتبادر الذهن إلى الأصول في أول نظرة، لأن معظمها قد تستعمل في كثير من الكتب المحققة، وهي كالتالي: 1 - حرف "ح" قبل الرقم إشارة إلى الحديث النبوي. 2 - حرف "م" قبل الرقم إشارة إلى المسألة الفقهية، سواء كانت مجمعا عليها أو مختلفا فيها. 3 - "الأصل" إشارة إلى النسخة الخطية من كتاب الإشراف. 4 - "ألف" إشارة إلى اللوحة الأولى من الورقة من المخطوطة المصورة. 5 - "ب" إشارة إلى اللوحة الثانية من الورقة من المخطوطة المصورة. 6 - وكذلك اختصرت أسماء الكتب ومؤلفيها عند ذكرها في الدراسة والتحقيق، وهي كالتالي: بق: البيهقي في السنن الكبرى. طف: ابن جرير الطبري في تفسيره. ت: الترمذي في جامعه. عب: عبد الرزاق في المصنف. جه: ابن ماجه في سننه. قط: الدارقطنى في السنن. حم: أحمد بن حنبل في مسنده. م: مسلم بن الحجاج في الصحيح. خ: البخاري في الصحيح. مط: مالك بن أنس في الموطأ. د: أبو داود في السنن. مي: الدارمي في السنن. شب: ابن أبي شيبة في المصنف. ن: النسائي في السنن. ط: طبقات.

12 - كتاب صفة الصلاة

12 - كتاب صفة الصلاة قال الله تبارك وتعالى: {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}. (ح 268) وثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما خرج من البيت ركع ركعتين في قبل القبلة وقال: هذه القبلة. (ح 269) وثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: الأعمال بالنية. م 378 - وأجمع كل من يحفظ عه من أهل العلم على أن الصلاة لا تجزئ إلا بنية. م 379 - واختلفوا [1/ 8/ب] في الوقت الذي يجب أن يحدث فيه النية للصلاة، فكان الشافعى يقول: "يكون مع التكبير لا يتقدم التكبير ولا يكون بعده". وحكى عن النعمان أنه قال: إذا كبر ولا نية له إلا أن النية قد تقدمت فالصلاة جائزة. قال أبو بكر: بقول الشافعى أقول، لأنه موافق للسنة.

1 - باب رفع اليدين

1 - باب رفع اليدين م 380 - لم يختلف أهل العلم أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -كان يرفع يديه إذا افتتح الصلاة. م 381 - واختلفوا في الحد الذي إليه ترفع اليد عند افتتاح الصلاة. (ح 270) ففى حديث ابن عمر أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - رفع يديه حين يكبر حتى تكونا حذو منكبيه. وقال بهذا الحديث الشافعي، وأحمد، وإسحاق. (ح 271) وفي حديث وائل بن حجر أن النبي- صلى الله عليه وسلم - رفع يديه لما افتتح الصلاة حتى حاذيا أذنيه. وقال بهذا ناس من أهل العلم، وقال بعض أصحاب الحديث: المصلي بالخيار إن شاء رفع يديه إلى المنكبين، وإن شاء إلى الأذنين، وهذا مذهب حسن. قال أبو بكر: وأنا إلى حديث ابن عمر أميل.

2 - باب التكبير لافتتاح الصلاة

2 - باب التكبير لافتتاح الصلاة (ح 272) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال لرجل: إذا قمت إلى الصلاة فكبر، وجاءت الأخبار من وجوه شتىً عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أنه افتتح الصلاة بالتكبير. م 382 - وأجمع أهل العلم على أن من أحرم للصلاة بالتكبير أنه عاقد داخل فيها. م 383 - واختلفوا في وجوب ذلك، فكان عد الله بن مسعود، وطاؤس، وأيوب، ومالك، وسفيان الثوري، والشافعى، وأبو ثور، وإسحاق: يرون أن التكبير افتتاح الصلاة، وعلى هذا عوام أهل العلم في القديم والحديث لا يختلفون، أن السنة أن تفتتح الصلاة بالتكبير. وكان الحكم يقول: إذا ذكر الله مكان التكبير يجزيه. وحكى عن النعمان، ويعقوب أنه قال: في الرجل يفتتح الصلاة بلا إله إلا الله قال: يجزيه، وإن قال: اللهم اغفر لي، يجزه، وبه قال محمد. وقال يعقوب: لا يجزيه إذا كان يحسن التكبير. وقد روينا عن الزهري قولاً ثالثاً: أنه سئل عن رجل افتتح الصلاة بالنية ورفع يديه، قال: يجزيه.

3 - باب من نسي تكبير الإحرام

قال أبو بكر: ولا أعلمهم يختلفون أن من أحسن القراءة فهلل وكبر ولم يقرأ، أن صلاته فاسدة فممن [1/ 9/ألف] كان هذا مذهبه، فاللازم له أن يقول: لا يجزيه مكان التكبير غيره، كما لا يجزئ مكان القراءة غيرها. وبما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نقول. م 384 - واختلفوا في الرجل يفتتح الصلاة بالفارسية، فكان الشافعي، وأصحابه، ويعقوب، ومحمد يقولون: لا يجزئ أن يكبر بالفارسية إذا أحسن بالعربية. وقال النعمان: إذا افتتح الصلاة بالفارسية وقرأ بها وهو يحسن العربية يجزيه (2). قال أبو بكر: لا يجزئ ذلك لأنه خلاف ما أمر الله به، وخلاف ما علم النبي - صلى الله عليه وسلم - أمته، وخلاف جماعات المسلمين، ولا نعلم أحداً وافقه على ما قال. 3 - باب من نسي تكبير الإحرام م 385 - واختلفوا في الرجل ينسى تكبيرة الإحرام، فقالت طائفة: عليه الإعادة، هذا قول النخعي، وربيعة بن أبي عبد الرحمن، ومالك، وسفيان الثوري، والشافعى، وأحمد، وإسحاق، وأببي ثور.

4 - باب من كبر تكبيرة الإحرام ينوي بها تكبيرة الافتتاح والركوع

واختلف عن حماد بن أبي سليمان فحكى عنه أنه قال: لا تجزئ وحكى عه أنه قال: تجزيه تكبيرة الركوع. وقالت طائفة: تجزيه تكبيرة الركوع، هذا قول سعيد بن المسيب, والحسن البصري، وقتادة، والزهري، والحكم، والأوزاعى. قال أبو بكر: القول الأول صحيح. 4 - باب من كبر تكبيرة الإحرام ينوي بها تكبيرة الافتتاح والركوع م 386 - واختلفوا في الرجل يدرك القوم ركوعاً فيكبر تكبيرة واحدة، فقالت طائفة: يجزيه، روينا ذلك عن ابن عمر، وزيد بن ثابت، وبه قال سعيد بن المسيب، وعطاء بن أبي رباح، والحسن البصري، وإبراهيم النخعي، وميمون بن مهران، والحكم، وسفيان الثوري، ومالك. وقالت طائفة: لا يجزيه إلا تكبيرتين تكبرة الافتتاح، وتكبيرة الركوع، هذا قول حماد بن أبي سليمان. وقال عمر بن عبد العزيز: يكبر تكبيرتين، وبه قال الشافعى، وإن كبر تكبيرة ينوي بها الافتتاح يجزيه عنده، وبه قال إسحاق.

5 - باب الدعاء بين تكبيرة الافتتاح وبين القراءة

5 - باب الدعاء بين تكبيرة الافتتاح وبين القراءة م 387 - روينا عن عمر بن الخطاب، وعبد الله بن مسعود، أنهما كانا يقولان إذا افتتحا الصلاة: "سبحانك اللهم وبحمدك تبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك"، وبه قال [1/ 9/ب] سفيان الثوري، وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي. وكان الشافعى يقول: بالذي روينا عن علي بن أبي طالب. (ح 273) عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه كان إذا افتتح الصلاة كبر ثم قال: وجهت وجهى للذي فطر السماوات والأرض حنيفاً وما أنا من المشركين، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين، اللهم أنت الملك لا إله إلا أنت، أنت ربي وأنا عبدك ظلمت نفسى واعترفت بذنبي، فاغفر لي ذنوبي جميعاً، إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، واهدني لأحسن الأخلاق ولا يهدي لأحسنها إلا أنت، فاصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت، لبيك وسعديك والخير كله في يديك، والشر ليس إليك، أنا بك وإليك، تباركت وتعاليت، استغفرك وأتوب إليك. وكان مالك: لا يرى أن يقال شيئاً من ذلك، كان يرى أن يكبر، ويقرأ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}.

6 - باب الاستعاذة في الصلاة قبل القراءة

قال أبو بكر: أي ذلك قال يجزيه، وأنا إلى حديث علي أميل، وإن لم يفعل، فلا شىء عليه، ولا سجود سهو. 6 - باب الاستعاذة في الصلاة قبل القراءة قال الله تبارك وتعالى: وإذا قصأت القصَان {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ}. (ح 274) وجاء الخبر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يقول (¬1): اللهم إني أعوذ بك من الشيطان من همزه، ونفخه، ونفثه. (ح 275) وجاء الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يقول قبل القراءة: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. م 388 - وكان ابن عمر يقول: اللهم إني أعوذ بك من الشيطان الرجيم. وممن كان يرى (¬2) الاستعاذة في الصلاة، سفيان الثوري، والأوزاعى، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي. ¬

_ (¬1) في الأصل "أنه" , والتصحيح من الحاشية. (¬2) في الأصل "لا يرى" والتصحيح من الأوسط 3/ 88.

7 - باب وضع اليمين على الشمال في الصلاة

م 389 - واختلفوا في الاستعاذة في كل ركعة، فكان الحسن البصري، والنخعى، وعطاء بن أبي رباح، وسفيان الثوري، يقولون: يجزيه أن يستعيذ في أول الركعة. وفيه قول ثان: وهو أن يستعيذ في كل ركعة، كذلك قال ابن سيرين. وكان سفيان الثوري: لا يرى خلف الإمام تعوذاً. وقال مالك: يكبر، تم يقرأ. 7 - باب وضع اليمين على الشمال في الصلاة (ح 276) ثبت أن [1/ 10/ألف] رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يأخذ شماله بيمينه إذا دخل الصلاة. م 390 - وقال بهذا الحديث: مالك، وأحمد، وإسحاق، وحكى ذلك عن الشافعي واستحب ذلك أصحاب الرأي. ورأت جماعة: إرسال اليد، وممن روينا ذلك عنه ابن الزبير، والحسن البصري، وإبراهم النخعى. م 391 - واختلفوا في المكان الذي يوضع عليه اليد، فروينا عن علي بن أبي طالب عليه السلام أنه وضعها على صدره. وقال سعيد بن جبير، وأحمد بن حنبل: فوق السرة، وقال: لا بأس إن كان تحت السرة.

8 - باب كراهة الإلتفات في الصلاة

وقالت طائفة: يوضع تحت السرة، روى ذلك عن علي بن أبي طالب، وأبي هريرة، والنخعى، وأبي مجلز، وبه قال سفيان الثوري، وإسحاق. 8 - باب كراهة الإلتفات في الصلاة (ح 277) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال في الإلتفات في الصلاة: (¬1) هو إختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد. م 392 - واختلفوا فيما يجب على الملتفت في الصلاة، فقالت طائفة: [[تنقص]] الصلاة، ولا إعادة عليه. روى عن عائشة أنها قالت: الإلتفات في الصلاة نقص، وبه قال سعيد بن جبير، وقال عطاء: لا يقطع الإلتفات الصلاة وبه قال مالك، وأصحاب الرأي، والأوزاعي. وقال الحكم: من تأمّل عن يمينه في الصلاة أو عن شماله حتى يعرفه فليس له صلاة. وقال أبو ثور: إذا التفت ببدنه كله كان مفسداً لصلاته، واستقبل. وروينا عن الحسن البصري أنه قال: "إذا استدبر الرجل بالقبلة واستقبل صلاته، وإن التفت عن يمينه وعن شماله مضى في صلاته. قال أبو بكر: الذي قاله الحسن حسن. ¬

_ (¬1) في الأصل "وهو" والصحيح من الأوسط 3/ 95 رقم الحديث 1249.

9 - باب القراءة في الصلاة

9 - باب القراءة في الصلاة (ح 278) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: لا صلاة لمن لم يقرأ فيها بأم القرآن فصاعداً. قال أبو بكر: م 393 - وقد روينا عن عمر بن الخطاب، وعثمان بن أبي العاص، وخوّات بن جبير أنهم قالوا: لا صلاة إلا بقراءة فاتحة الكتاب، وهذا قول مالك، والشافعى، وأحمد، وإسحاق، وممن روينا عنه أنه أمر بقراءة فاتحة الكتاب أبو سعيد الخدري، وأبو هريرة، وابن [1/ 10/ب] عباس. م 394 - واختلفوا في معنى قول النبي- صلى الله عليه وسلم - لا صلاة لمن لم يقرأ فيها بأم القرآن، فقالت طائفة: إنما خوطب بذلك من صلى وحده، فأما من صلى وراء الإمام فليس عليه أن يقرأ، هذا قول سفيان الثوري، وسفيان بن عيينة، وجماعة من أهل الكوفة. وقالت طائفة: قول النبي- صلى الله عليه وسلم - لا صلاة لمن لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب على العموم إلا أن يصلى خلف الإِمام فيما يجهر الإمام ويسمع قراءته، انه لا يقرأ لقوله: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}.

(ح 279) ولحديث النبي- صلى الله عليه وسلم - إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا كبر فكبّروا وإذا قرأ فأنصتوا. وممن مذهبه أن لا يقرأ خلف الإمام فما يجهر به الإمام سمع المأموم قراءة الإمام أو لم يسمع، ويقرأ خلفه فيما لا يجهر به الإمام سراً في نفس المأموم، الزهري، ومالك، وابن المبارك، وأحمد، وإسحاق، وبه كان الشافعي يقول وهو بالعراق، وقال بمصر: فيما يجهر فيه الإمام بالقراءة قولان، أحدهما أن يقرأ والآخر يجزيه أن لا يقرأ أو يكتفي بقراءة الإمام. وحكى البويطي عنه: "أنه كان يرى القراءة خلف الإمام فيما أسر به وما جهر". وقالت طائفة: قوله: "لا صلاة لمن لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب" على العموم، وتجب على المرء في ركعه قراءة فاتحة الكتاب صلاها منفرداً، أو كان إماماً أو مأمواً خلف الإمام فما يجهر فيه الإمام

10 - باب اختلاف أهل العلم فيما يقرأ في الركعتين من الظهر والعصر العشاء

وفيما لا يجهر فيه الإمام، هذا قول ابن عون، والأوزاعي، وأبي ثور، وغيره من أصحاب الشافعي. 10 - باب اختلاف أهل العلم فيما يقرأ في الركعتين من الظهر والعصر العشاء (ح 280) ثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقرأ في الركعتين من الظهر والعصر الأوليين بفاتحة الكتاب وسورة، وفي الآخريين بفاتحة الكتاب. م 395 - وممن روي عنه أنه كان يقول بهذا الحديث علي بن أبي طالب، وجابر بن عبد الله، والحسن البصري، وعطاء، والشعبى، وسعيد بن جبير، وبه قال مالك بن أنس، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وذلك إذا كان إماماً أو صلى وحده. وقالت طائفة: يقرأ في الأوليين بفاتحة الكتاب وما تيسر، وفي الآخريين إن شاء قرأ وإن شاء سبح، وإن لم يقرأ ولم يسبح جازت [1/ 11/ألف] صلاته، هذا قول سفيان الثوري،

11 - باب اختلافهم فيمن قرأ في بعض الركعات ولم يقرأ في بعض

وأصحاب الرأي، وقد روينا عن علي بن أبي طالب أنه قرأ في الأولتين، وسبح في الآخرتين، وبه قال النخعي. 11 - باب اختلافهم فيمن قرأ في بعض الركعات ولم يقرأ في بعض م 396 - واختلفوا فيمن ترك قراءة أم القرآن في ركعة من صلاته أو أكثر، فقالت طائفة: إن ترك قراءة أم القرآن في ركعة واحدة سجد للسهو وأجزأته صلانه، إلا الصبح فإنه إن ترك ذلك في ركعة استأنف الصلاة، هذا قول مالك. وقال الأوزاعى: من قرأ في نصف صلاته مضت صلاته، فإن قرأ في ركعة من المغرب أو العشاء أو الظهر أو العصر، ونسى أن يقرأ فيما بقي منه، يعيد صلانه، وبه قال إسحاق قال: إذا قرأ في ثلاث ركعات إماماً منفرداً فصلانه جائزة لما أجمع الخلق أن من أدرك الركوع أدرك الركعة. وقال الثوري: إن قرأ في ركعة من الصبح ولم يقرأ في الأخرى، أعاد الصلاة، وإن قرأ في ركعة ولم يقرأ في الثلث من الظهر والعصر والعشاء، أعاد.

12 - باب مسألة في القراءة بالفارسية

وفيه قول ثالث: قاله الحسن قال: إذا قرأت في الصلاة في ركعة أجزأك. وفي قول رابع: وهو أن عليه أن يقرأ في كل ركعة بفاتحة الكتاب إماماً كان أو منفرداً أو مأموماً وكما لا يجزئ عنه ركوع الإمام ولا سجوده، كذلك لا تجزئه قراءة الإمام. وقد ذكرت المذهب فيما مضى قلت ابن عون، والأوزاعى، وأبي ثور، وفي رواية البويطي عن الشافعي. 12 - باب مسألة في القراءة بالفارسية م 397 - واختلفوا فيمن قرأ في صلاته بالفارسية، وهو يحسن العربية، ففي مذهب الشافعي، لا تجوز صلانه. قال أبو بكر: وبه نقول. وكذلك قال يعقوب، ومحمد: إذا كان يحسن العربية، وقالا: إن كان لا يحسن العربية أجزأه. وقال النعمان: تجزيه القراءة بالفارسية، وإن أحسن العربية. 13 - باب استحباب سكوت الإمام بعد التكبير قبل القراءة (ح 281) ثبت أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-كان إذا كبر في الصلاة سكت هنيهة قبل أن

يقرأ، يقول:. . . . . (¬1) ¬

_ (¬1) بدأ السقط من المخطوطة قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: ونص الكلام في الأوسط كما يلي: «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كَانَ إِذَا كَبَّرَ فِي الصَّلَاةِ سَكَتَ هُنَيَّةً قَبْلَ أَنْ يَقْرَأَ، فَقُلْتُ: بِأَبِي وَأُمِّي مَا تَقُولُ فِي سَكْتَتِكَ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَةِ؟، قَالَ: أَقُولُ «اللهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، اللهُمَّ نَقِّنِي مِنْ خَطَايَايَ كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ، اللهُمَّ اغْسِلْنِي مِنْ خَطَايَايَ بِالْمَاءِ، وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَيُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ أَنْ تَكُونَ لَهُ سَكْتَةٌ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَةِ؛ لَيَقْرَأَ مَنْ خَلْفَهُ، وَيَدُلُّ هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَخُصَّ نَفْسَهُ بِمَا شَاءَ مِنَ الدُّعَاءِ دُونَ خَلْفِهِ، وَيَدُلُّ عَلَى إِبَاحَةِ الدُّعَاءِ فِي الصَّلَاةِ بِمَا لَيْسَ فِي الْقُرْآنِ، خِلَافَ قَوْلِ مَنْ زَعَمَ أَنْ لَيْسَ لِلْمُصَلِّي أَنْ يَدْعُوَ إِلَّا بِمَا فِي الْقُرْآنِ»

[19 - باب رفع اليدين عند الركوع وعند رفع الرأس من الركوع]

[19 - باب رفع اليدين عند الركوع وعند رفع الرأس من الركوع]

. . . (¬1) [1/ 23/ألف]. روينا عن ابن عمر، وابن عباس، وأبي سعيد الخدري، وابن الزبير، وأنس. وقال الحسن البصري: كان أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم -يرفعون أيديهم إذا كبروا، وإذا ركعوا، وإذا رفعوا رؤوسهم من الركوع، كأنها المراوح. وروى ذلك قلت جماعة من التابعين وجماعة ممن تقدمهم. وقال الأوزاعي: ما أجمع عليه علماء أهل الحجاز، والشام أو البصرة، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يرفع يديه حذو منكبيه حين يكبر لافتتاح الصلاة، ويرفع يديه حذو منكبيه حين يكبّر للركوع، وإذا رفع رأسه من الركوع. ¬

_ (¬1) انتهى السقط هنا، وكلمة "روينا" وما بعدها من المخطوطة قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: ونص الكلام في الأوسط كما يلي: «قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَجْمَعَ كُلُّ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ إِذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ، وَإِنَّ مِنَ السُّنَّةِ أَنْ يَرْفَعَ الْمَرْءُ يَدَيْهِ إِذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ , وَاخْتَلَفُوا فِي رَفْعِ الْيَدَيْنِ عِنْدَ الرُّكُوعِ، وَعِنْدَ رَفْعِ الرَّأْسِ مِنَ الرُّكُوعِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَرْفَعُ الْمُصَلِّي يَدَيْهِ إِذَا رَكَعَ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ، ورُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمِنَ التَّابِعِينَ، وَمَنْ بَعْدَهُمْ، رُوِّينَا ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عمر، وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، وَابْنِ الزُّبَيْرِ، وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ»

20 - باب وضع اليدين على الركبتين في الركع

قال أبو بكر: هذا قول الليث بن سعد، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبي ثور، وحكى ابن وهب عن مالك هذا القول. وقالت طائفة: يرفع المصلى يديه حين يفتتح الصلاة ولا يرفع فيما سوى ذلك، هذا قول سفيان الثوري، وأصحاب الرأي. قال أبو بكر: وبالقول الأول أقول. (ح 288) للثابت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -أنه كان يرفع يديه إذا افتتح الصلاة وإذا ركع، وإذا رفع رأسه من الركوع. 20 - باب وضع اليدين على الركبتين في الركع (ح 289) ثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -وضع يديه على ركبتيه في الركوع.

21 - باب التسبيح في الركوع

م 405 - وفعل ذلك عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وسعد بن أبي وقاص، وابن عمر، وجماعة من التابعين، وبه قال سفيان الثوري، والشافعي، وإسحاق، وأصحاب الرأي. وكان عبد الله بن مسعود، والأسود بن يزيد، وأبو عبيدة وعبد الرحمن بن الأسود: يطبقون أيديهم بين ركبهم إذا ركعوا. قال أبو بكر: وقد ثبت نسخ هذا. (ح 290) قال مصعب بن سعد: ركعت فجعلت يدي بين ركبتي، فنهاني أبي وقال: إنا قد كنا نفعل هذا فنهينا عنه. 21 - باب التسبيح في الركوع (ح 291) جاء الحديث عن النبي-صلى الله عليه وسلم -أنه كان يقول: في ركوعه، سبحانه ربي العظيم وبحمده ثلثاً. م 406 - وكان الشافعي، وأحمد، وأصحاب الرأي يقولون: يقول في ركوعه: سبحان ربي العظيم ثلاثاً، ولم يقولوا: وبحمده. 22 - باب ما يقول المأموم [1/ 24/ألف] إذا قال الإمام سمع الله لمن حمده م 407 - اختلف أهل العلم في قول المأموم إذا قال الإمام: سمع الله لمن حمده،

23 - باب وضع الركبتين قبل اليدين عند السجود

فقالت طائفة يقول: سمع الله لمن حمده، اللهم ربنا لك الحمد، كذلك قال محمد بن سيرين، وأبو ثور، والشافعي، وإسحاق، ويعقوب، ومحمد. قال عطاء: يجمعهما مع الإمام أحب إلي. وقالت طائفة: إذا قال الإمام سمع الله لمن حمده، فليقل من خلفه: اللهم ربنا لك الحمد، هذا قوله عبد الله بن مسعود، وابن عمر، وأبي هريرة، وبه قال الشعبى، ومالك. وقال أحمد: إلى هذا انتهى أمر رسول الله- صلى الله عليه وسلم -. قال أبو بكر: وبهذا نقول. (ح 292) لأن النبي- صلى الله عليه وسلم - قال: وإذا قال الإمام سمع الله لمن حمده، فقولوا: ربنا ولك الحمد. 23 - باب وضع الركبتين قبل اليدين عند السجود م 408 - كان عمر بن الخطاب يضع ركبتيه قبل يديه، وبه قال النخعي، ْومسلم بن يسار، وسفيان الثوري، والشافعي، وأحمد بن حنبل، وإسحاق، أصحاب الرأي. وقالت طائفة: يضع يديه على الأرض إذا سجد ركبتيه،

24 - باب الساجد على الجبهة دون الأنف، والأنف دون الجبهة

كذلك قال مالك، والأوزاعي: أدركت الناس يضعون أيديهم قبل ركبهم. قال أبو بكر: وبالقول الأول أقول. 24 - باب الساجد على الجبهة دون الأنف، والأنف دون الجبهة م 409 - اختلف أهل العلم في السجود على الجبهة دون الأنف، فمن أمر بالسجود على الأنف ابن عباس، وابن عمر، وعكرمة، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وسعيد بن جبير. وقال سعيد بن جبير: من لم يضع أنفه على الأرض في سجوده لم يتم صلاته. وقال طاؤس: الأنف من الجبين. وقال النخعى: السجود على الجبهة والأنف، وبه قال مالك، والثوري، وأحمد، وقال أحمد: لا يجزيه السجود على أحدهما دون الآخر. وقال إسحاق: من سجد على الجبهة دون الأنف عمداً فصلانه فاسدة.

25 - باب سجود المرء على ثوبه من الحر والبرد

وبقول أحمد قال أبو خيثمة، وابن أبي شيبة، وقال الأوزاعى: وسعيد ابن عبد العزيز: يسجد على سبع وأشارا بأيديهما الجبهة إلى ما دون [1/ 24/ب] الأنف وقالا (¬1): هذا من الجبهة. وقالت طائفة: يجزيه أن يسجد على جبهته دون أنفه، هذا قول عطاء ابن أبي رباح، وطاؤس، وعكرمة، وابن سيرين، والحسن البصري، وبه قال الشافعي، وأبو ثور، ويعقوب، ومحمد. وقال الثوري: يجزيه ولا أرى له ذلك، وقال قائل: إن وضع جبهته ولم يضع أنفه، أو وضع أنفه ولم يضع جبهته فقد أساء وصلاته تامة، هذا قول النعمان. قال أبو بكر: ولا أعلم أحداً سبقه إلى هذا القول ولا تابعه عليه. وقال يعقوب ومحمد، لا يجزيه السجود على الأنف وهو يقدر على السجود على الجبهة. 25 - باب سجود المرء على ثوبه من الحر والبرد م 410 - واختلفوا في سجود المرء على ثوبه من الحر والبرد، فممن رخص في السجود على الثوب في الحر، عمر بن الخطاب، وبه قال طاؤس، ورخص في السجود على الثوب في الحر والبرد، إبراهيم النخعى، والشعبى، وبه قال مالك، والأوزاعي، وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي. ¬

_ (¬1) في الأصل "قال" والصحيح ما أثبته, وكذا في الأوسط 3/ 176.

26 - باب ترك المرء السجود على سائر الأعضاء غير الجبهة والأنف

وكان الشافعي يقول: "لا يجزيه السجود على الجبهة ودونها ثوب إلا أن يكون جريحاً فيكون عذراً" ورخص في وضع اليدين على الثوب من الحر والبرد. م 411 - واختلفوا في السجود على كور العمامة، فروينا عن علي أنه قال: يرفعها عن جيهته ويسجد على الأرض. وكره ابن عمر السجود عليها. وقال مالك: يمس بعض جبهته الأرض. وقال الشافعي: لا يجزئ السجود عليها. وقال أحمد: لا يعجبني إلا في الحر والبرد، وبه قال إسحاق. ورخص فيه الحسن، ومكحول، وعبد الرحمن يزيد. وسجد شريح على برنسه. 26 - باب ترك المرء السجود على سائر الأعضاء غير الجبهة والأنف م 412 - واختلفوا في المصلي يترك السجود على سائر الأعضاء غير الجبهة والأنف، فروينا عن مسروق، أنه رأى رجلاً ساجداً رافعاً رجليه فقال: ما تمت صلاة هذا. وقال إسحاق: لا يجزيه إن ترك السجود على شيء من الأعضاء السبعة. وقال أحمد: [1/ 25/ألف] إذا وضع من اليدين بقدر الجبهة يجزيه.

27 - باب النهي عن كف الشعر والثياب

وقال سليمان بن داود: إذا وضع الأكثر من كفه يجزيه. قال الشافعي: "فيه قولان: أحدهما أن عليه أن يسجد على جميع الأعضاء التي أمر بالسجود عليها، والثاني: أنه إذا سجد على جبهته أو شيء منه دون ما سواها أجزأه". 27 - باب النهي عن كف الشعر والثياب (ح 293) أمر النبي أن يسجد على سبع وأن لا يكف شعراً أو ثوباً. م 413 - وروينا عن علي، وابن مسعود، وحذيفة، أنهم كرهوا أن يصلي الرجل وهو عاقص. وقال عطاء: لا يكف الشعر عن الأرض، وكره الشافعي ذلك. وكان ابن عباس إذا سجد يقع شعره على الأرض. م 414 - واختلفوا فيما يجب على من فعل ذلك، فقال عطاء، والشافعي: لا إعادة عليه. قال أبو بكر: بهذا قول أكثر العلم غير الحسن البصري، فإنه قال: عليه إعادة تلك الصلاة.

28 - باب عدد التسبيح في الركع والسجود

28 - باب عدد التسبيح في الركع والسجود (ح 294) جاء الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم -أنه كان يقول في سجوده: سبحان ربي الأعلى ثلاثاً. م 415 - وروى ذلك عن علي، وابن مسعود، وبه قال طاووس، وقال الحسن: التام من التسبيح سبعاً والمجزئ ثلاث. م 416 - وقد اختلفوا فيمن ترك التسبيح في الركوع والسجود، فكان إسحاق يقول: إن ترك التسبيح في الركوع والسجود عامداً فعليه إعادتها. وقالت طائفة: لا إعادة على تاركه، هذا قول الشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي، وقال أحمد: فيمن سبح تسبيحة في سجوده يجزيه. وقال مالك بن أنس: ليس عندنا في الركوع والسجود قول محدود وقد سمعت أن التسبيح في الركوع والسجود. 29 - باب الاقعاء على القدمين بين السجدتين م 417 - روينا عن ابن عباس أنه قال: من السنة أن تمس عقبك إليتك، وقال طاووس: رأيت العبادلة يفعلونه ابن عمر، وابن عباس، وابن الزبير،

وفعل ذلك سالم، ونافع، وطاؤس، وعطاء، ومجاهد. وقال أحمد: أهل مكة يفعلونه. وكرهت [1/ 25/ب]. . . . . . . . . (¬1) ¬

_ (¬1) بدأ السقط هنا قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: ونص الكلام في الأوسط كما يلي: «وَكَرِهَتْ طَائِفَةٌ الْإِقْعَاءَ، وَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ كَرِهَ ذَلِكَ عَلِيُّ وَأَبُو هُرَيْرَةَ، وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ لِبَنِيهِ: لَا تَقْتَدُوا بِي فِي الْإِقْعَاءِ؛ فَإِنِّي إِنَّمَا فَعَلْتُ هَذَا حِينَ كَبِرْتُ. . . . وَكَرِهَ ذَلِكَ [أي: الإقعاء] قَتَادَةُ، وَقَالَ النَّخَعِيُّ: كَانُوا يَكْرَهُونَ الْإِقْعَاءَ فِي الصَّلَاةِ، وَكَانَ مَالِكٌ يَكْرَهُهُ وَهُوَ عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَكَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: الْمُصَلِّي بِالْخِيَارِ، إِنْ شَاءَ أَضْجَعَ رِجْلَهُ الْيُسْرَى وَنَصَبَ الْيُمْنَى، وَإِنْ شَاءَ جَلَسَ عَلَى قَدَمَيْهِ مُقْعِيًا»

[33 - باب التشهد]

[33 - باب التشهد]

. . . (¬1) [1/ 11/ب] الزاكية. ¬

_ (¬1) إلى هنا انتهى السقط قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: ونص الكلام في الأوسط كما يلي: «وَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي مَعْنَى التَّحِيَّاتِ، فَحَدَّثَنِي عَلِيٌّ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ قَالَ: قَالَ أَبُو عَمْرٍو: التَّحِيَّةُ الْمُلْكُ. وَأَنْشَدَ لِزُهَيْرٍ الْكَلْبِيِّ: [البحر الكامل] وَلِكُلِّ مَا نَالَ الْفَتَى ... قَدْ نُلْتُهُ إِلَّا التَّحِيَّةَ يَعْنِي الْمُلْكَ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: التَّحِيَّاتُ، الْعَظَمَةُ لِلَّهِ، وَالصَّلَوَاتُ قَالَ: الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ، وَالطَّيِّبَاتُ قَالَ: الْأَعْمَالُ الزَّاكِيَةُ»

34 - باب الزيادة على التشهد الأول من الدعاء والذكر

34 - باب الزيادة على التشهد الأول من الدعاء والذكر م 425 - كان عطاء يقول في الجلوس الأول إنما هو التشهد، وهذا مذهب النخعي، وهو قول الثوري، وأحمد، وإسحاق. قال الشعبى: من زاد في الركعتين الأولتين على التشهد عليه سجدتا السهو. وكان الشافعي يقول: لا يزيد في الجلوس الأول على التشهد والصلاة على النبي- صلى الله عليه وسلم -. وروينا عن ابن عمر أنه أباح أن يدعو في الركعتين الأولتين إذا قضى التشهد بما بدأ له. وقال مالك: ذلك واسع ودين الله يسر. قال أبو بكر: القول الأول أحب إليّ. 35 - باب التسمية قبل التشهد م 426 - روينا عن عمر بن الخطاب أنه كان إذا تشهد قال: بسم الله خير الأسماء.

36 - باب الصلاة على رسول الله- صلى الله عليه وسلم - في التشهد

وروى ذلك عن ابن عمر، وبه قال أيوب السختياني، ويحيى بن سعيد، وهشام. وروينا عن علي أنه قال: بسم الله التحيات لله. وسمع ابن عباس رجلاً يقول: باسم الله التحيات لله، فانتهره. وكره ترك ذلك مالك، وأهل المدينة، وأهل الكوفة، والشافعي وأصحابه. قال أبو بكر: وبه نقول. 36 - باب الصلاة على رسول الله- صلى الله عليه وسلم - في التشهد م 427 - يستحب أن لا يصلي أحد صلاة إلا صلى فيها على رسول الله- صلى الله عليه وسلم -، فإن ترك ذلك تارك فإن صلانه مجزية في مذهب مالك، وأهل المدينة، وسفيان الثووي، وأهل الكوفة من أصحاب الرأي وغيرهم، وهو قوله جمل أهل العلم. إلا الشافعي (¬1)، فإنه كان يوجب على المصلى إذا ترك الصلاة على رسول الله- صلى الله عليه وسلم - في الصلاة الإعادة. وكان إسحاق يقول: لا يجزيه إن ترك ذلك عامداً قال: وإن ترك ذلك ناسياً رجونا أن يجزيه. ¬

_ (¬1) في الأصل "إلا الشافعيين".

37 - باب اختلاف أهل العلم فيمن ترك التشهد عامدا أو ساهيا

قال أبو بكر: وبالقول الأول أقول، لأني لا أجد الدلالة موجودة في إيجاب الإعادة عليه. 37 - باب اختلاف أهل العلم فيمن ترك التشهد عامداً أو ساهياً م 428 - روينا عن عمر [1/ 12/ألف] بن الخطاب أنه قال: من لم يتشهد فلا صلاة له. وقال نافع مولى ابن عمر: من لم يتكلم بالتحية فلا صلاة له. وقال مالك: فيمن نسى التشهد إن كان قريباً يحضره ذلك ولم ينتقض وضوءه ولم يطل ذلك، فليكبر ثم ليجلس فيتشهد التشهد الذي نسي، ثم يسجد سجدتي السهو، ثم يتشهد فيهما ويسلم، وإن كان طال ذلك أو انتقض الوضوء، استأنف الصلاة. وقال أحمد فيمن نسى التشهد في الركعتين الأولين: أحب إليّ أن يعيد، وإذا ترك الجلوس في الثانية يستقبل الصلاة. وقال الثوري: إذا قام في الظهر من الركعتين متعمداً يعيد الصلاة. وقال النخعي: إذا أحدث حين فرغ من السجود في الركعة الرابعة قبل التشهد مضت صلانه. وقال الزهري، وقتادة، وحماد: فيمن نسى التشهد في آخر صلانه حتى انصرف، تمت صلانه.

38 - باب السلام من الصلاة عند انقضائها

م 429 - وسئل الأوزاعي: عن رجل ينسى التشهدين كلاهما قال: يسجد أربع سجدات. وقال مالك: إذا نسى التشهد خلف الإمام فالإمام يحمل ذلك عنه وكان الشافعي يقول: من ترك التشهد الأول والصلاة على النبي فيه فلا إعادة فيه، وعليه سجدتا السهو لتركه ذلك، وإذا ترك التشهد الأخير ساهياً أو عامداً فعليه الإعادة. قال أبو ثور: إذا ترك التشهد في الركعة الثانية والرابعة فلا صلاة له، إن كان ترك ذلك عامداً وإن ترك التشهد في الركعة الثانية ساهياً سجد سجدتي السهو قبل السلام. وقال ابن الحسن: إن ترك التشهد ناسياً، استحسن أن يكون عليه سجدتا السهو. 38 - باب السلام من الصلاة عند انقضائها (ح 350) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - كان يسلم على يمينه حتى يرى بياض خده السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وعن شماله السلام عليكم ورحمة الله. م 430 - واختلف أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم - ومن بعدهم في عدد التسليم، فقالت طائفة: يسلم تسليمتين عن يمينه وعن شماله، روينا هذا القول عن أبي بكر الصديق [1/ 12/ألف] وعلي بن ألى طالب، وعمار بن

39 - باب جماع أبواب الكلام في الصلاة

ياسر، وعبد الله بن مسعود، ونافع بن عبد الحارث، وعطاء بن أبي رباح، والشعبي، وعلقمة، وأبي عبد الرحمن السلمي، وبه قال الثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. وقالت طائفة: يسلم تسليمة واحدة، كذلك قال ابن عمر، وأنس، وسلمه بن الأكوع، وعائشة أم المؤمنين، والحسن، ومحمد بن سيرين، وعمر بن عبد العزيز، وبه قال مالك، والأوزاعي. وقال عمار بن أبي عمار: كان مسجد الأنصار يسلمون فيه تسليمتين، وكان مسجد المهاجرين يسلمون فيه تسليمة واحدة. قال أبو بكر: وبالقول الأول أقول. م 431 - وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن صلاة من اقتصر على تسليمة واحدة جائزة. 39 - باب جماع أبواب الكلام في الصلاة م 432 - أجمع أهل العلم على أن من تكلم في صلاته عامداً وهو لا يريد إصلاح شىء من أمرها، أن صلاته فاسدة.

40 - باب الكلام في الصلاة ساهيا

م 433 - واختلفوا فيمن تكلم في صلاته عامداً يريد به إصلاح صلاته، فقالت طائفة: يعيد الصلاة، هذا قول الشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبي ثور، وأصحاب الرأي. وقالت طائفة: "من تكلم في صلاته في أمر عذر فليس عليه شيء ولو أن رجلاً قال للإمام وقد جهر بالقراءة في صلاة العصر، إنها العصر لم يكن عليه شيء ولو نظر إلى غلام يريد أن يسقط في بئر، فصاح به أو انصرف إليه أو انتهره لم يكن (¬1) بذلك بأس، هذا قول الأوزاعي. 40 - باب الكلام في الصلاة ساهياً م 434 - اختلف أهل العلم في المصلى يتكلم في صلاته ساهياً أو سلم ساهياً في أن يكمل الصلاة، فقالت طائفة: يبني على صلاته، ولا إعادة عليه فممن سلم في ركعتين ساهياً وبنى عليها وسجد سجدتي السهو ابن الزبير. وقال ابن عباس: أصاب، وروى ذلك عن ابن سعود، وبه قال عروة ابن الزبير، وعطاء، والحسن البصري، وقتادة، وبه قال سفيان الثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. ¬

_ (¬1) في الأصل "لن يكن" والصحيح من الأوسط 3/ 234.

مسألة

وقالت طائفة: إذا تكلم [1/ 13/ألف] ساهياً يستقبل صلاته، كذلك قال النخعى، وقتادة، وحماد بن أبي سليمان، والنعمان، وأصحابه. قال أبو بكر: بالقول الأول أقول. (ح 351) لأن النبي- صلى الله عليه وسلم - سلم بين ثنتين، فبنى وسجد سجدتي السهو. مسألة م 435 - قال النعمان بن ثابت: إذا سبح المرء في صلاته أو حمد الله فإن كان ذلك منه ابتداء فليس بكلام وإن كان جواباً فهو كلام، وإن وطئ على حصاة أو لسعته عقرب فقال: بسم الله أراد بذلك الوجع فهو كلام. وقال يعقوب: في الأمرين ليس بكلام. (ح 302) وقد ثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: التسبيح للرجال والتصفيق للنساء. م 436 - وقال بظاهر هذا الخبر الأوزاعى، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور. وقال سفيان الثوري: إن اشتكى شيئاً أو أصابه شىء في الصلاة فقال بسم الله: ما أرى عليه شيئاً.

41 - باب الدعاء في الصلاة

م 437 - واختلفوا فيمن سلم في صلاته ساهياً وعليه بقية من صلاته، فقالت طائفة: يبني على صلاته إذا ذكر، ويسجد سجدتي السهو عند فراغه من الصلاة، قبل أن يسلم وإن طال مسيره، هكذا قال يحيى بن سعيد الأنصاري، وهو مذهب الأوزاعى. وقال الليث بن سعد: يبني على صلاته وإن طال ذلك، ما لم ينتقض وضوئه الذي صلى به تلك الصلاة. وقال مالك: إن ذكر بحضرة ذلك ولم ينتقض وضوئه، صلى ما بقي من صلاته وسجد للسهو بعد السلام، وإن لم يذكر ذلك حتى يطول استأنف الصلاة. وكان الشافعي يقول: إذا ذكر ذلك قريباً كما تقرر من كلام النبي- صلى الله عليه وسلم - يوم ذي اليدين، رجع وبنى وسجد سجدتي السهو، وإن تطاول ذلك، أعاد الصلاة. 41 - باب الدعاء في الصلاة م 438 - واختلفوا في الدعاء في الصلاة، فممن كان لا يرى به بأساً مالك بن أنس، قال: "لا بأس أن يدعو الرجل بجميع حوائجه في المكتوبة دنياه وآخرته"، وهذا مذهب الشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبي ثور. وقد روينا عن علي إباحته الدعاء على قوم يسميهم [1/ 13/ب]، وعن أبي الدرداء: إباحة الدعاء لقوم.

وروينا عن عطاء، والنخعي، أنهما كانا يكرهان إذا دعا الرجل للرجل في الصلاة يسميه بإسمه. وقال ابن الحسن: "إذا سأل الله في صلاته الرزق والعافية لم يقطع الصلاة، فإن قال: اللهم اكسني ثوباً اللهم زوجني فلانة، قطع الصلاة. وروينا عن الحسن: أنه أباح الدعاء في التطوع وكرهه في المكتوبة. قال أبو بكر: (ح 303) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - دعا لقوم سماهم وعلى قوم. والدعاء جائز في الصلاة مباح بما أحب المؤمن لأمر الدين والدنيا ويدعو لوالديه ولمن شاء ويسميهم.

42 - باب النفخ في الصلاة

42 - باب النفخ في الصلاة م 439 - واختلفوا في النفخ في الصلاة، فكرهت طائفة ذلك، ولم توجب على من نفخ إعادة، وممن روينا عنه أنه كره ذلك ابن مسعود. وابن عباس، وكره ذلك النخعى، وابن سيرين، ويحيى بن أبي كثير. وأحمد، وإسحاق، ولم يوجبوا على من نفخ الإعادة. وقد روينا عن ابن عباس، وأبي هريرة، ولا يثبت ذلك عنهما وعن سعيد بن جبير أنهم قالوا: النفخ في الصلاة بمترلة الكلام. وفيه قول ثالث: وهو أن النفخ إن كان يسمع فهو بمنزلة الكلام وهو يقطع الصلاة، هذا قول النعمان، ومحمد. وقال يعقوب: لا يقطع إلا أن يريد به تأفيف ثم رجع فقال: صلاته تامة. 43 - باب الأكل والشرب في الصلاة م 440 - أجمع أهل العلم على أن المصلي ممنوع من الأكل والشرب. م 441 - وأجمع أهل العلم كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن على من أكل أو شرب في صلاة الفرض عامداً الإعادة. م 442 - واختلفوا فيمن أكل وشرب في الصلاة ناسياً، فكان عطاء يقول: يتم صلاته ويسجد سجدتي السهو.

44 - باب التسليم على المصلي

وقال الأوزاعي، وأصحاب الرأي في الأكل والشرب في الصلاة ساهاً: يستأنف. ويشبه مذهب الشافعي ما قاله عطاء. وكذلك نقول. م 443 - واختلفوا في الشرب في التطوع، فروي عن ابن الزبير، وسعيد بن جبير، أنهما شربا في صلاة التطوع. وروي [1/ 14/ألف] عن طاؤس أنه قال: لا بأس به. وقال إسحاق: إن فعله في التطوع فلا إعادة عليه. قال أبو بكر: لا يجوز الشرب في صلاة التطوع، ولا الفرض، ولعل من يحكى عنه ذلك أنه إنما فعل ذلك ساهياً. 44 - باب التسليم على المصلي م 444 - اختلف أهل العلم في التسليم على المصلى، فكره ذلك عطاء، وأبو مجلز، والشعبي، وإسحاق بن راهويه. وقال جابر بن عبد الله: لو دخلت على قوم يصلون ما سلّمت عليهم.

45 - باب ما يفعل المصلي إذا سلم عليه

ورخصت فيه طائفة: سلم ابن عمر على مصلى، وكان مالك: لا يكره ذلك، وقد حكى عنه أنه لم يكن يعجبه ذلك، وفعل ذلك أحمد بن حنبل. 45 - باب ما يفعل المصلي إذا سلّم عليه م 445 - واختلفوا في ردّ المصلي السلام، فرخصت فيه طائفة: وممن كان لا يرى بذلك بأساً سعيد بن المسيب، والحسن البصري، وقتادة، وقال إسحاق: إن فعله متأولاً جازت صلاته. وروينا ذلك عن أبي هريرة: أنه أمر المصلي بردّ السلام. وكرهت طائفة ذلك كان ابن عمر، وابن عباس، ومالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، لا يرون ردّ السلام على المصلي. وفيه قول ثالث: وهو أن يرد عليه إذا فرغ من صلاته، روى هذا القول عن أبي ذر، وعطاء، والنخعى. وقد روينا عن النخعي قولاً رابعاً: وهو أن يرد عليه في نفسه. وقال النعمان: لا يرد السلام ولا يشير.

46 - باب الضحك في الصلاة

قال أبو بكر: وهذا خلاف السنة. (ح 304) وقد أخبر صهيب أن النبي- صلى الله عليه وسلم - ردّ على الذين سلموا عليه بإشارة. 46 - باب الضحك في الصلاة م 446 - أكثر أهل العلم لا يرون التبسم يقطع الصلاة، وهذا قول جابر بن عبد الله، وعطاء ابن أبي رباح، والنخعي، ومجاهد، والحسن البصري، وقتادة، والأوزاعى، والشافعي، وأصحاب الرأي. وقال ابن سيرين: لا أعلم التبسّم إلا ضحكاً. قال أبو بكر: م 447 - وأجمعوا على أن الضحك يفسد الصلاة. 47 - باب الأنين والتأوه في الصلاة [1/ 14/ ب] م 448 - اختلف أهل العلم في الصلاة، فقالت طائفة: من أنّ في صلاته يعيد، روى هذا القول عن الشعبى، والنخعى، ومغيرة، وبه قال الثوري.

48 - باب مس الحصى في الصلاة

وقال ابن المبارك: إن كان غالباً لم يعد. قال أبو ثور: لا بأس به إلا أن يكون كلاماً مفهوماً. 48 - باب مس الحصى في الصلاة م 449 - اختلف أهل العلم في مس الحصى في الصلاة، كان ابن عمر يصلي فيمس الحصى برجلية. روى عن ابن مسعود أنه كان يسوّيه مرّة واحدة إذا سجد. وكان أبو هريرة، وأبو ذر، يرخصان في مسحه مرّة. وكان مالك لا يرى بالشيء الخفيف منه بأساً. وكره ذلك الأوزاعي، وأصحاب الرأي. وقال أصحاب الرأي: "لا بأس به مرّة وتركه أحب إلينا". وكان عثمان بن عفان، وابن عمر، يمسحان الحصى لموضع سجودها قبل ان يدخلا في الصلاة. قال أبو بكر: هذا أحب إليّ ولا يحرج إن مسحه مسحة. (ح 305) لحديث معيقيب. وتركه أفضل.

49 - باب الاختصار في الصلاة

49 - باب الاختصار في الصلاة (ح 306) روينا عن النبى - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى عن الاختصار في الصلاة. م 450 - وكره ذلك ابن عباس، وعائشة، ومجاهد، والنخعى، وأبو مجلز، ومالك، والأوزاعى، وإسحاق، وأصحاب الرأي. 50 - باب التلثم وتغطية الوجه في الصلاة م 451 - روينا عن ابن عمر أنه كره أن يصلى الرجل وهو ملتثم وروى كراهية تغطية الفم في الصلاة، عن عطاء، وابن المسيب، والنخعى، وسالم بن عبد الله، والشعبي، وحماد بن أبي سيمان، والأوزاعي، ومالك، وأحمد، وإسحاق.

51 - باب الأمر بقتل الحية والعقرب في الصلاة

51 - باب الأمر بقتل الحية والعقرب في الصلاة (ح 307) روينا عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه أمر بقتل الأسودين في الصلاة الحية والعقرب. م 452 - ورأى ابن عمر ريشة فحسب أنها عقرب، فضربها بنعله. ورخص في قتل العقرب في الصلاة الحسن البصري. ورخص في قتل الحية والعقرب في الصلاة الشافعي، وأحمد، وإسحاق، والنعمان، وأصحابه. وكره النخعى قتل العقرب في الصلاة. ولا معنى لقوله لأنه خلاف السنة. 52 - باب عدد الآي في الصلاة [1/ 15/ ألف] م 453 - رخص في عدد الآي في الصلاة ابن أبي مليكة، وأبو عبد الرحمن، وطاؤس، وابن سيرين، والشعبي، والنخعي، والغرة بن حكيم، والشافعي، وأحمد، وإسحاق.

53 - باب الخشوع في الصلاة

وكان النعمان يكره ذلك في الصلاة وأنكر ذلك منكر وقال: يشتغل عن الخشوع المأمور به بما لم يؤمر به. 53 - باب الخشوع في الصلاة قال الله تبارك وتعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ}. م 454 - روينا عن علي بن أبي طالب أنه قال: الخشوع في القلب، وأن تلين كنفك للمرء المسلم، وأن لا تلتفت في صلاتك. وعن ابن عباس أنه قال: خاشعون خائفون ساكتون. وقال قتادة: الخشوع في القلب، وهو الخوف وغض البصر في الصلاة. وقال الأوزاعى: غض البصر وخفض الجناح ولين القلب وهو الحزن. وقال مسلم بن يسار، والشافعي، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي: ينظر إلى موضع سجوده، وهذا قول كثير من أهل العلم. غير مالك، فإنه قال: أكره بما يصنع بعض الناس من النظر إلى موضع سجودهم، وهم قيام في صلاتهم. قال أبو بكر: الأول أولى.

54 - باب التروح في الصلاة

54 - باب التروّح في الصلاة م 455 - واختلفوا في التروح في الصلاة، وكره ذلك عطاء، وأبو عبد الرحمن، والنخعي، ومسلم بن يسار، ومالك؟ ورخص فيه ابن سيرين، ومجاهد، والحسن، وعائشة بنت سعد. وكره ذلك أحمد: إلا أن يأتي الغم الشديد، وبه قال إسحاق. 55 - مسائل م 456 - كان مالك، وأحمد، وإسحاق: لا يرون بأساً أن يراوح الرجل بين قدميه، وبه نقول. م 457 - وروينا عن ابن مسعود أنه قال: من الجفاء مسح الرجل أثر سجوده في الصلاة، كره الأوزاعي، وأحمد ذلك. وقال الشافعي تركه أحب إليّ وإن فعل فلا شيء عليه. ورخص مالك، وأصحاب الرأي، فيه. م 458 - روينا عن أنس أنه كان يقتل القمل والبراغيث في الصلاة.

وكان الحسن: يقتل القمل في الصلاة. قال أحمد، وإسحاق: لا بأس به، ويكره العبث به. وقال الأوزاعى: تركه أحب إلي. م 459 - وللمرء أن يحمل الصبى في الصلاة المكتوبة، وهو قول الشافعي، وأبي ثور. م 460 - وقال الأوزاعي: إذا فاته العشاء حتى. . . . . . . (¬1) ¬

_ (¬1) بدأ السقط من المخطوط قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: ونص الكلام في الأوسط كما يلي: «وَاخْتَلَفُوا فِي الرَّجُلِ تَفُوتُهُ الْعِشَاءُ فَلَمْ يُصَلِّهَا حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ، فَكَانَ الْأَوْزَاعِيُّ يَقُولُ: إِذَا صَلَّاهَا بِالنَّهَارِ يُسِرُّ الْقِرَاءَةَ، وَإِنْ صَلَّاهَا بِاللَّيْلِ إِنْ شَاءَ يُسِرُّ وَإِنْ شَاءَ يُعْلِنُ. وَحَكَى أَبُو ثَوْرٍ، عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ: لَا يَجْهَرُ، وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ: يَجْهَرُ وَحُكِيَ عَنِ الْكُوفِيِّ أَنَّهُ قَالَ: إِنْ أَمَّ قَوْمًا فِيمَا جَهَرَ جَهَرَ، وَإِنْ صَلَّى وَحْدَهُ خَافَتَ.»

[57 - باب القيام من الركعتين قبل الجلوس ساهيا]

[57 - باب القيام من الركعتين قبل الجلوس ساهيا]

. . . (¬1) [1/ 17/ب] بن أبي سليمان. وقال النخعى: يقعد ما لم يستفتح القراءة. وفيه قول ثالث: وهو أن المصلى إذا فارقت إليته الأرض ونأ للقيام مضى كما هو، ولا يرجع حتى يجلس في الرابعة، ثم يسجد سجدتي السهو قبل السلام، كذلك قال مالك بن أنس. وقال حسان بن عطية: إذا تجافت ركبتاه عن الأرض مضى. وفيه قول غير ما ذكرناه: وهو أن يقعد وإن قرأ ما لم يركع، هكذا قال الحسن البصري. قال أبو بكر: بالقول الأول أقول. ¬

_ (¬1) إلى هنا انتهى السقط قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: ونص الكلام في الأوسط كما يلي: «حَدَّثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى الْأَنْصَارِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ أَنَّ ابْنَ بُحَيْنَةَ أَخْبَرَهُ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ فِي الثِّنْتَيْنِ مِنَ الظُّهْرِ أَوِ الْعَصْرِ فَلَمْ يَسْتَرِحْ، فَلَمَّا اعْتَدَلَ قَائِمًا لَمْ يَرْجِعْ حَتَّى فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ، ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ، وَهُوَ جَالِسٌ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ، ثُمَّ سَلَّمَ». قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَالَّذِي عَلَيْهِ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ اتِّبَاعُ ظَاهَرِ خَبَرِ ابْنِ بُحَيْنَةَ، يَقُولُونَ: إِذَا قَامَ الْمُصَلِّي مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ فَإِنْ ذَكَرَ بَعْدَ أَنْ يَسْتَوِيَ قَائِمًا لَمْ يَرْجِعْ إِلَى الْجُلُوسِ، وَمَضَى فِي صَلَاتِهِ وَسَجَدَ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ. حَدَّثنا عَلَّانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ قَالَ: ثنا ابْنُ أبي مَرْيَمَ قَالَ: ثنا بَكْرُ بْنُ مُضَرٍ، وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ قَالَا: ثنا يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، عَنِ ابْنِ شَمَاسَةَ أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا صَلَّى لَنَا عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ فَقَامَ وَعَلَيْهِ جُلُوسٌ، فَقَالَ النَّاسُ وَرَاءَهُ: سُبْحَانَ اللهِ، سُبْحَانَ اللهِ، فَلَمْ يَجْلِسْ، فَلَمَّا فَرَغَ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ، ثُمَّ قَامَ فَقَالَ: " إِنِّي قد سَمِعْتُكم حِينَ قَلتم: سُبْحَانَ اللهِ؛ كَيْمَا أَجْلِسُ، وَإِنَّهُ لَيْسَ تِلْكَ السُّنَّةَ، وَإِنَّمَا السُّنَّةُ الَّتِي صَنَعْتُ ". وَمِمَّنْ رَوِينَا عَنْهُ أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، وَعَمْرُو بْنُ الْعَاصِ، وَالْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ، وَابْنُ الزُّبَيْرِ، وَالضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ، وَالنُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ، وَابْنُ مَسْعُودٍ. وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ: فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِذَا ذَكَرَ وَلَمْ يَسْتَتِمَّ قَائِمًا جَلَسَ، هَذَا قَوْلُ عَلْقَمَةَ، وَالضَّحَّاكِ، وَقَتَادَةَ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ مَكْحُولٍ، وَعُمَرَ بْنِ الْعَزِيزِ، غَيْرَ أَنَّ الشَّافِعِيَّ يَرَى إِذَا رَجَعَ إِلَى الْجُلُوسِ أَنْ يَسْجُدَ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ، وَفِي قَوْلِ عَلْقَمَةَ وَالْأَوْزَاعِيِّ: لَا يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِنْ ذَكَرَ سَاعَةَ يَقُومُ جَلَسَ، كَذَلِكَ قَالَ حَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ»

58 - باب المصلي يصلي خمس ركعات ساهياً (ح 310) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - صلى الظهر والعصر خمساً، وسجد سجدتين. 4 - وقد اختلف في هذا، فقالت طائفة: بظاهر هذا الحديث منهم علقمة، والحسن البصري، وعطاء بن أبي رباح، والزهري، والنخعى، ومالك، والليث بن سعد، والأوزاعي، والشافعى، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور. وفيه قول ثان: قاله قتادة: وهو أن يزيد إليها ركعة فتكون صلاته للظهر ركعتين بعدها، وإذا صلى الصبح ثلاثاً أضاف إليها رابعة فتكونا ركعتان تطوعاً، ويسجد سجدتي السهو وهو جالس. وفيه قول ثالث: قاله حماد بن أبي سليمان قال: إذا صلى الظهر خمساً ولم يجلس في الرابعة فإنه يزيد السادسة، ثم يسلم ويستأنف الصلاة. وقال سفيان الثوري فيمن صلى الظهر حمساً ولم يجلس في الرابعة أحب إليّ أن يعيد. وقال النعمان: إن قعد في الرابعة قدر التشهد يضيف إليها ركعة أخرى، ثم يتشهد ويسجد سجدتي السهو، ثم يمسك، ثم يسلم.

59 - باب من صلى المغرب أربعا

59 - باب من صلى المغرب أربعاً م 465 - اختلف أهل العلم من صلى المغرب أربعاً ساهياً، فقالت طائفة: يسجد سجدتي السهو، هذا قول الحسن البصري، والشافعي. وأحمد والزهري، وقال إبراهيم: هى صلاته. وقال قتادة، والأوزاعي: يصلى إليها ركعة آخرى فتكون ركعتان تطوعاً [1/ 18/ الف]. وفي قول حماد بن أبي سليمان: يعيد الصلاة. قال أبو بكر: الجواب في هذه المسألة " وفي الذي صلى الظهر خمساً واحد يجزيه أن يسجد سجدتي السهو. 60 - باب من ترك من الصلاة سجدة أو أكثر منها ثم ذكرها قبل أن يفرغ من صلاته م466 - اختلف أهل العلم فيمن صلى أربع ركعات وينسى من كل ركعة سجدة ثم ذكرها في آخر صلاته. فكان الحس البصري، وسفيان الثوري، وأصحاب الرأي يقولون: يسجد أربع سجدات وقد تمت صلاته. وقال النخعي: فيمن نسى سجدة من صلاته يسجدها متى ذكرها وهو في الصلاة، فإذا مضى عن موضع صلاته سجد سجدتي السهو، وبه قال الحسن البصري.

وفي قول الأوزاعى: إذا ترك سجدة ثم ذكرها وهو في الصلاة يسجدها إذا ذكرها، ويرجع إلى حيث كان من الصلاة وقت ذكرها فيمضي فيها، وحكى عنه أنه قال: في رجل نسى سجدة من صلاة الظهر فذكرها في صلاة العصر قال: يقضي في صلاته فإذا فرع سجدها. وروى عن مكحول أنه قال في الرجل يصلى فينسى من صلاته ركعة أو سجدة، قال: يصليها متى ذكرها ويسجد سجدتي السهو، وهكذا قال محمد بن أسلم الطوسي. وفي قول الشافعي: "إن فرغ من صلاته ثم ذكر أنه نسى لأربع سجدات من كل ركعة سجدة، فقد تمت له اثنتان ويأتي بركعتين مع سجودهما وسجود السهو، كله قبل السلام"، وهذا هذهب أبي ثور. وقال مالك: إذا سها عن سجدة من الأولى فلم يذكرها إلا في الركعة الثانية، إن ذكرها قبل رفع رأسه من الركوع سجدها واعتدّ بركعتها الأولى، ثم قام فابتدأ بالثانية، وإن لم يذكر حين رفع رأسه من الركعة الثانية ألغى الركعة الأولى التي نسى سجدتها ولم يعتد بها في صلاته، وأتم باقى صلاته. وقال الليث بن سعد: إذا صلى ثلاث ركعات لا يسجد لكل ركعة إلا سجدة واحدة، ويعيد الركعات الثلاث بسجودها كاملاً [1/ 18/ب] وسجد سجدتي السهو. وقال أحمد، وإسحاق: كل ركعة لا يأتي فيها بسجدتين حتى يأخذ في عمل الأخرى، لم تجزه تلك الركعة.

61 - باب المصلي يجهر فيما يخافت فيه أويخافت فيما يجهر فيه

وقال الحسن بن صالح في الرجل يصلى أربع ركعات ويسهو: أن يسجد لشىء منهن ثم ذكره وهو جالس في الرابعة، يسجد ثمان سجدات وقد تمت صلاته، وإن فعل ذلك جاهلاً متعمداً فإذا ركع الثانية قبل أن يسجد الأولى، فسدت صلاته واستقبل. 61 - باب المصلي يجهر فيما يخافت فيه أويخافت فيما يجهر فيه م 467 - واختلفوا فيمن جهر فيما يخافت فيه أو خافت فيما يجهر فيه، فقالت طائفة: يسجد سجدتي السهو إذا فعل ذلك ساهاً، هذا قول النخعى، والثوري، وأصحاب الرأي، وقالوا: إن فعل ذلك عامداً فلا شىء عليه. وقال أبو ثور، وإسحاق: عليه سجدتا السهو ولم يذكرا سهواً ولا عمداً. وقالت طائفة: ليس على من فعل ذلك سجود سهو، هذا قول االأوزاعي والشافعي. وقال مالك: فمن جهر في صلاة الظهر بالقراءة إن تطاول ذلك سجد لسهو، ولا أرى عليه في اليسير شيئاً. واختلف فيه عن أحمد فقال مرة: إن لم يسجد أرجو أن لا يضره، وحكى عنه أنه قال: إن سجد فلا بأس.

62 - باب المصلي يقعد فيما يقام فيه أويقوم فيما يقعد فيه

62 - باب المصلي يقعد فيما يقام فيه أويقوم فيما يقعد فيه م 468 - واختلفوا في هذه المسألة، فقال كثير منهم: يسجد سجدتي السهو، وروى ذلك عن ابن سعود، وبه قال قتادة، والثوري، والشافعي، وأصحاب الرأي. وقد روي ذلك عن علقمة، والأسود: أنهما كانا يقعدان في الشىء يقام فيه، ويقومان في الشىء يقعد فيه، فلا بسجدان سجود السهو. وقال مالك: فيمن جلس في صلاته ثلاث جلسات يسجد سجدتي السهو بعد السلام [1/ 19/الف]. 63 - باب المصلي يترك التكبير أو التسبيح في الركوع والسجود م 469 - واختلفوا في الرجل يريد قول سمع الله لمن حمده فيقول: الله أكبر، فكان النخعي يقول: لا سهر عليه، وروى ذلك عن الشعبي، والقاسم، وعلى هذا مذهب الشافعي. وقال الحكم، وإسحاق، وأبو ثور: فيمن ترك تكبيرة سجد سجدتي السهو. وقال مالك: "إذا جعل قول سمع الله لمن حمده، الله أكبر رجع، فقال الذي عليه، وإن لم يرجع سجد سجدتي السهو قبل السلام".

64 - باب من أدرك وترا من صلاة الإمام

وقال قتادة: من نسى شيئاً من تكبير الصلاة فإنه يقضيه حين يذكره. وقال الأوزاعى: إذا ترك التكبير غير تكبيرة الإفتتاح حتى فرغ من صلاته، مضت صلاته ويقضى ما سهى من التكبير. وقال أصحاب الرأي: "من سهى عن تكبير العيدين عليه سجود السهو، وإن سهى عن تكبير السجود والركوع لا سهو عليه". 64 - باب من أدرك وتراً من صلاة الإمام م 470 - واختلفوا في الرجل يدرك وتراً من صلاة الإمام، فقالت طائفة: يسجد إذا فرغ من صلاته سجود السهو، كان ابن عمر، وابن الزبير، وأبو سعيد الخدري، يفعلون ذلك، وروي عن عطاء، وطاووس، ومجاهد، وبه قال إسحاق. قال أبو بكر: وقال أكثر فقهاء الأمصار من أهل المدينة وأهل الكوفة، وأهل الشام، والشافعي، وأصحابه: ليس عليه سجود السهو، وروى ذلك عن أنس بن مالك، وسعيد بن المسيب، والحسن، وابن سيرين. قال أبو بكر: وبه نقول، والحجة فيه:

65 - باب اختلاف أهل العلم في سجود السهو قبل السلام أو بعده

(ح 311) قول النبي- صلى الله عليه وسلم - فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا ولم يذكر سجود السهو. 65 - باب اختلاف أهل العلم في سجود السهو قبل السلام أو بعده م 471 - افترق أهل العلم في سجود السهو قبل السلام أو بعده أربع فرق، فقالت طائفة: سجود السهو كله قبل السلام، روى هذا القول عن أبي هريرة، وبه قال مكحول، والزهري، ويحيى الأنصاري، وربيعة، والأوزاعى، والليث بن سعد، والشافعي. وقالت فرقة: سجود السهو كله بعد السلام، روى ذلك عن علي بن أبي طالب، وسعد ابن أبي وقاص، وابن مسعود، وعمار بن ياسر، وأنس بن مالك، وابن الزبير، وابن عباس، وبه قال الحسن [1/ 19/ب] البصري، وإبراهم النخعي، وابن أبي ليلى، وسفيان الثوري، والحسن بن صالح، وأصحاب الرأي، ويجزئ عند أصحاب الرأي أن يسجدهما قبل السلام. وقالت طائفة ثالثة: كل سهو كان نقصاناً من الصلاة فإن سجوده قبل السلام على حديث ابن بحينة.

66 - باب التسليم في سجدتي السهو

وكل سهو هو زيادة في الصلاة فإن سجوده بعد السلام على خبر أبي هريرة في قصة ذي اليدين، هذا قول مالك، وأبي ثور. وقالت فرقة رابعة: سجود السهو على ما جاءت به الأخبار، إذا نهض من سجدتين سجدهما قبل السلام على حديث ابن بحينة، وإذا شك فرجع إلى اليقين، سجدهما قبل السلام على حديث أبي سعيد. وإذا أسلم من اثنتين سجدهما بعد السلام على حديث أبي هريرة. وإذا شك فكان ممن يرجع إلى التحري سجدهما بعد السلام على حديث ابن مسعود، وكل سهو يدخل عليه سوى ما ذكرناه يسجد في السلام، سوى ما روى عن النبي- صلى الله عليه وسلم -، هذا قول أحمد، وسليمان بن داود، وأبي خثيمة. قال أبو بكر: هذا صحيح. 66 - باب التسليم في سجدتي السهو (ح 312) ثبت أن رسول الله سلّم في سجدتي السهو. م 472 - وقد اختلف فيه، فكان النخعى يقول: تسليم السهو والجنازة واحدة.

67 - باب التشهد في سجدتي السهو والتسليم فيهما

وقال الشافعي: فيهما تشهد وتسليم. وقال الثوري، وأصحاب الرأي: يسلم تسليمتين. 67 - باب التشهد في سجدتي السهو والتسليم فيهما م 473 - واختلفوا في التشهد في سجدتي السهو، فقالت طائفة: ليس فيها تشهد ولا تسليم، كذلك قال أنس بن مالك، والحسن البصري، وعطاء. وقال الحكم، وحماد، ويزيد بن عبد الله بن قسيط، والنخعي: فيهما تشهد، وروى ذلك عن ابن مسعود. وفيه قول ثالث: وهو أن فيهما تشهد وتسليم، روى ذلك عن ابن مسعود، والنخعى، وقتادة، والحكم، وحماد، واستحسن ذلك الليث بن سعد، وبه قال الثوري، والأوزاعي، والشافعي، وأصحاب الرأي. وفيه قول رابع: وهو أن يسلم فيهما ولا يشهد، كذلك قال ابن سيرين. وفيه قول خامس: وهو إن شاء تشهد وسلم وإن شاء لم يسلم، حكى هذا القول عن عطاء. وفيه قول سادس: قاله أحمد بن حنبل، قال: فإن سجد في السلام لم يتشهد، وإن سجد بعد السلام تشهد. قال أبو بكر: التسليم من سجدتي السهو ثابت عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - من غير وجه.

68 - باب المصلي يسهو مرارا

(ح 313) وثبت عنه أنه كبر فيهما أربع تكبيرات وقد سلم النبي - صلى الله عليه وسلم -[1/ 20/الف] منهما. وفي ثبوت التشهد عن النبي- صلى الله عليه وسلم - فيهما نظر. 68 - باب المصلي يسهو مراراً م 474 - واختلفوا في المصلي يسهو مرارا، فقال أكثر أهل العلم: يجزيه بجميع سهوه سجدتان، كذلك قال النخعي، ومالك، والليث بن سعد، وسفيان الثوري، والشافعي، وأحمد، وأصحاب الرأي. وفيه قول ثان: وهو أن على من عليه سهوين مختلفين أربع سجدات، هذا قول الأوزاعي. وقال ابن أبي حازم، وعبد العزيز بن أبي سلمة: إذان عليه سهوان في صلاة واحدة منه ما يسجد له قبل السلام وبعد السلام، فليسجد بعد السلام وقبل السلام.

69 - باب الرجل ينسى سجود السهو حتى يخرج من المسجد أويتكلم

69 - باب الرجل ينسى سجود السهو حتى يخرج من المسجد أويتكلم م 475 - كان الحسن البصري، وابن سيرين يقولان: إذا صرف وجهه عن القبلة لم يبن، ولم يسجد سجدتي السهو. وقال الحسن البصري: إن ذكرهما وهو قاعد سجدهما. وقال الحكم، وابن شبرمة: إذا خرج من المسجد أعاد الصلاة. وقال أحمد: ما دام لم يخرج من المسجد أرجو، يعني يرجع ويسجد. وقال الأوزاعى: يسجدهما إذا ذكرهما. وفيه قول خامس: قال مالك: يسجدهما ولو بعد شهر إذا ذكر ولا يعيد لهما صلاة، وإن كان وجب عليه أن يسجدهما قبل السلام فنسي حتى قام وتباعد فليعد الصلاة، وقد اختلف عنه في هذه المسألة. وكان الشافعي يقول بالعراق: "فيهما قولين، أحدهما كما قال الأوزاعي، والآخر لا يعيد لهما"، وقال: بمصر، لا يعيد لهما الصلاة. وقال أصحاب الرأي: لا شيء على من تركهما.

70 - باب المأموم يسهو خلف الإمام

وكان أبو ثور: يشدد فيهما، إذا كانتا لنقصان من الصلاة إذا عمد فسلم وهما عليه، أعاد الصلاة، وإن كانت زيادة في الصلاة فعليه أن يسلم ويسجد سجدتي السهو. 70 - باب المأموم يسهو خلف الإمام م 476 - أكثر من نحفظ عنه من أهل العلم يقولون: ليس على من سهى خلف الإمام سهواً، روي ذلك عن ابن عباس، وبه قال النخعى، والشعبى، ومكحول، والزهري، ويحيى الأنصاري، وربيعة، ومالك، وسفيان الثوري، والأوزاعى، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي. وذكر إسحاق: أنه إجماع من أهل العلم. روينا عن مكحول، أنه قام عن قعود الإمام، فسجد سجدتي السهو. 71 - باب الإمام يسهو فلا يسجد لسهوه م 477 - كل من نحفظ [1/ 20/ب] عنه من أهل العلم يقولون: إن على المأموم إذا سهى إمامه، وسجد أن يسجد معه، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -. (ح 314) إنما جعل الإمام ليؤتم به.

72 - باب الرجل يدرك بعض صلاة الإمام وعلى الإمام سجود سهو

م 478 - واختلفوا في الإمام يسهو فلا يسجد لسهوه، فقال عطاء، والحسن البصري، والنخعى، والقاسم، وحماد بن أبي سليمان، والثوري، وأصحاب الرأي: إذا لم يسجد لم يسجدوا. وقال ابن سيرين، والحكم، وقتادة، ومالك، والأوزاعي، والليث بن سعد، والشافعي، وأبو ثور: إذا لم يسجد سجد القوم. 72 - باب الرجل يدرك بعض صلاة الإمام وعلى الإمام سجود سهو م 479 - واختلفوا في الرجل يدرك بعض صلاة الإمام وعلى الإمام سجود سهو، فروينا عن الشعبي، وعطاء، والحسن البصري، والنخعى، أنهم قالوا: يسجد مع الإمام ثم يقوم فيقضى ما عليه، وبه قال أحمد، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. وقال ابن سيرين، وإسحاق: يقضى ثم يسجد. وقال الأوزاعى، ومالك، والليث بن سعد، إذا سجد في التسليم سجدهما معه، وإن سجدهما بعد التسليم سجدهما إذا قضى ما عليه. وفيه قول رابع: وهو أن يسجدهما مع الإمام ثم يقوم فيقضي، ثم يسجدهما، هذا قول الشافعي.

73 - باب من فاته بعض صلاة الإمام فأغفل القضاء حتى دخل في صلاة التطوع

73 - باب من فاته بعض صلاة الإمام فأغفل القضاء حتى دخل في صلاة التطوع قال أبو بكر: م 480 - نسى أنس بن مالك ركعة من صلاة الفريضة حتى دخل في التطوع، فذكر فصلى بقية صلاة الفرض، في سجد سجدتين وهو جالس، كذلك قال الحكم، والأوزاعى. وقال الحسن البصري: إذا دخل في تطوع بطلت عليه المكتوبة، ويستأنف، وبه قال حماد بن أبي سليمان. وقال مالك: أحب إلي أن يبتدئ إذا تطوع بين فريضتين. وفيه قول ثالث: وهو إن كان ما عمل في النافلة قليلاً رجع إلى المكتوبة فأتمها وسجد للسهو، وإن تطاول بطلت المكتوبة وعليه أن يعيدها، هذا قول الشافعي. 74 - باب السهو في التطوع م 481 - روينا عن ابن عباس أنه قال: إذا أوهمت في التطوع فاسجد سجدتين.

75 - باب السهو في سجدتي السهو

وبه قال الحسن البصري، وسعيد بن جبير، وقتادة، والثوري، ومالك، والأوزاعى، والشافعي، وأحمد بن حنبل، وأصحاب الرأي. وقال ابن سيرين: إذا وهم في التطوع فلا سجود عليه. 75 - باب السهو في سجدتي السهو م 482 - كان [1/ 21/ألف] النخعى، والحسن البصري، والمغيرة، وابن صالح، وابن أبي ليلى، ومنصور بن زاذان، ومالك، والثوري، والليث بن سعد، والشافعي، والحسن، وأحمد، وإسحاق، يقولون: فيمن سهى في سجدتي السهو ليس عليه سهو، وبه قال أصحاب الرأي. قال إسحاق: هو إجماع من التابعين. وقال قتادة: يعيد سجدتي السهو. مسألة م 483 - واختلفوا فيمن صلى ركعتين تطوعاً، فقام من الركعتين اللتين أراد أن يسلم فيهما.

فقال الأوزاعى: يمضي فإذا صلى أربع ركعات سجد سجدتين وهو جالس، وإن كان من صلاة الليل فقام فذكر قبل أن يركع الثالثة رجع فتشهد وسلم ولم يسجد. وقال مالك: يمضي في صلاة الليل والنهار حتى يتم الرابعة تم يسجد سجدتين. قال الشافعي بالعراق إن أوصلها حتى يكونا أربعاً يسجد سجدتين.

13 - كتاب الجمعة

13 - كتاب الجمعة 1 - باب الساعة التي يستجاب فيها الدعاء من يوم الجمعة (ح 315) ثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذكر يوم الجمعة فقال: فيها ساعة لا يوافقها إنسان وهو قائم يصلي يسأل الله شيئاً إلا أعطاه إياه، وأشار النبي- صلى الله عليه وسلم - بيده يقللها. م 484 - واختلفوا في الساعة التي يستجاب فيها الدعاء يوم الجمعة. روينا عن أبي هريرة أنه قال: هي بعد طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، وبعد صلاة العصر إلى غروب الشمس. وقال الحسن البصري، وأبو العالية: هي عند زوال الشمس. وفيه قول ثالث: وهو أنها إذا أذن المؤذن بصلاة الجمعة، روى ذلك عن عائشة. وروينا عن الحسن البصري أنه قال: هي إذا قعد الإمام على المنبر حتى يفرغ. وقال أبو بردة: هى الساعة التي اختار الله وقتها للصلاة. وقال أبو السوار العدوي: كانوا يرون أن الدعاء يستجاب ما بين أن تزول الشمس إلى وقت أن يدخل الصلاة.

2 - باب إسقاط فرض صلاة الجمعة عند النساء والعبيد والصبيان

وفيه قول سابع: وهو أنها ما بين أن ترجع الشمس بشبر إلى ذراع، روينا هذا القول عن أبي ذر. وفيه قول ثامن: وهو أنها ما بين العصر إلى أن تغرب الشمس، كذلك قال أبو هريرة وبه قال طاؤس، وعبد الله بن سلام. وحكى عن كعب أنه قال: لو قسم إنسان جمعة في جمع أتى على تلك الساعة. روينا عن ابن عمر أنه قال: إن طلب حاجة في يوم [1/ 21/ب] ليسير. 2 - باب إسقاط فرض صلاة الجمعة عند النساء والعبيد والصبيان (ح 316) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: رفع القلم عن ثلاثة عن الصبي حتى يحتلم. والجمعة غير واجبة على الصبي بدلالة الكتاب والسنة والإتفاق. م485 - وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم أن لا جمعة على النساء. م 486 - وأجمعوا على أنهن إن حضرن الإمام فصلين معه إن ذلك يجزئ عنهن.

3 - باب وجوب الجمعة على المسافر

م 487 - وأجمعوا على أن الجمعة واجة على الأحرار البالغين المقيمين الذين لا عذر لهم. م 488 - واختلفوا في وجوب الجمعة على العبيد. فقالت طائفة: الجمعة واجبة على العبد الذي يؤدي الضريبة، كذلك قال الحسن البصري، وقتادة. وقال الأوزاعى: إذا كان مجارحاً فأدى ضربته، فعليه الجمعة. وقالت طائفة: الجمعة على العبد كهي على الأحرار، غير أن لهم أن يتخلفوا عنها إذا منعهم السادة. وقال أكثر أهل العلم: يشير على العبد جمعة، كذلك قال مالك، وأهل المدينة، والثوري، وأهل الكوفة، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور. وروينا ذلك عن عطاء، والشعبي، وعمر بن عبد العزيز، والحسن البصري. وقال أبو بكر: حكم المكاتب والمدبر كحكم العبد. 3 - باب وجوب الجمعة على المسافر م 489 - قال كثير من أهل العلم: لا جمعة على المسافر، كذلك قال ابن عمر،

4 - باب الخروج إلى السفر يوم الجمعة

وعمر بن عبد العزيز، وطاؤس، وعطاء، وهو قول مالك، والثوري، وأحمد، وإسحاق. وروينا علي بن أبي طالب أنه قال: ليس على المسافر جمعة. وأقام أنس بنيسابور سنة أو سنتين فكان لا يجمّع. وأقام عبد الرحمن بن سمرة بكابل شتوة أو شتوتين فكان لا يجمّع. وقال الزهري: إذا سمع الأذان فليشهد (¬1) الجمعة، وقد اختلف فيه عنه. قال أبو بكر: وصلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الظهر بعرفة وكان يوم الجمعة، دليل على أن لا جمعة على المسافر. 4 - باب الخروج إلى السفر يوم الجمعة م 490 - اختلف أهل العلم في المقيم يريد الخروج إلى السفر يوم الجمعة. فقالت طائفة: لا بأس به ما لم يحضر الوقت، كذلك [1/ 22/ألف] قال الحسن البصري، وابن سيرين، ومالك. وقال عمر: إن الجمعة لا تحبس عن سفر. ¬

_ (¬1) في الأصل "فليتشهد".

5 - باب التخلف عن صلاة الجمعة للعذر

وروى عن أبي عبيدة: أنه خرج في بعض أسفاره يوم اجمعة ولم ينتظر الصلاة. وقد روينا عن ابن عمر، وعائشة، وابن المسيب، ومجاهد، أخباراً تدل على كراهية الخروج يوم الجمعة في الصلاة. وكان الشافعي يستحب أن لا يخرج يوم الجمعة بعد الفجر وقال: إذا زالت الشمس فلا يسافر أحدٌ حتى يصلي الجمعة. وقال أحمد، وإسحاق: لا يعجبنا ذلك. وسئل الأوزاعى: عن مسافر سمع أذان الجمعة وقد أسرج دابته قال: فليمض. قال أبو بكر: له أن يسافر ما لم يحضر الوقت. 5 - باب التخلّف عن صلاة الجمعة للعذر م 491 - ثبت أن ابن عمر لما استصرخ على سعيد بن زيد بعد ارتفاع الضحى، أتاه بالعتيق، وترك الجمعة، وهذا مذهب عطاء، والحسن البصري، والأوزاعى. كذلك قال إذا خيف عليه التغير. وكذلك قال الشافعي، قال في الولد والوالد إذا خاف فوات نفسه. كان مالك: لا يجعل المطر عذراً في التخلف عن الجمعة.

6 - باب الأمصار التي يجب على أهلها الجمعة

وقال أحمد: في الجمعة في المطر على حديث عبد الرحمن بن سمرة، وبه قال إسحاق. قال أبو بكر: (ح 317) وحديث عبد الرحمن أن النبي- صلى الله عليه وسلم - قال: إذا كان المطر وابلاً فليصل أحدكم في رحله. 6 - باب الأمصار التي يجب على أهلها الجمعة م 492 - روينا عن ابن عمر أنه كان يرى أهل المياه بين مكة والمدينة يجمعون ولا يعيب ذلك عليهم، وروى عن عمر بن عبد العزيز أنه كتب بذلك. وفيه قول ثان: وهو أن كل قرية عليها أميرٌ يجمع فيها، روى ذلك عن عمر بن عبد العزيز، وبنحوه قال الأزواعى، والليث بن سعد. وفيه قول ثالث: وهو أن لا جمعة ولا تشريق إلا في مصر جامع، روى ذلك عن علي، وبه قال النخعى. وقال الحسن، وابن سيرين: لا جمعة إلا في مصر جامع، وبه قال النعمان، وابن الحسن.

وفيه قول رابع: "وهو أن الجمعة إنما تجب على كل قرية فيها أربعون رجلاً، أحراراً بالغين، وتكون بيوتها مجتمعة لا يظعنون عنها شتاءً ولا صيفاً، إلا ظعن حاجة" [1/ 22/ب]، هذا قول الشافعي. ومال أحمد، وإسحاق إلى هذا القول ولم يشترطا هذه الشروط. وفيه قول خامس: وهو أيما قرية فيها أربعون رجلاً فصاعداً عليهم إمام حاضر يقضي بينهم، فليخطب وليصل بهم ركعتين. وفيه قول سادس: وهو الرواية الرابعة عن عمر بن عبد العزيز أنه كتب: أيما قرية اجتمع فيها خمسون رجلاً فليصلوا الجمعة. وفيه قول سابع: وهو إذا لم يحضر الإمام إلا ثلاثة صلى بهم الجمعة، هذا قول الأوزاعي، وهو مذهب أبي ثور. وقال مكحول: إذا كانت القرية فيها الجماعة صلوا الجمعة ركعتين. وقال مالك: في القرية التي تتصل دورها، أرى أن يجمعوا الجمعة كان عليهم والي أو لم يكن. وحكى عن عكرمة قال: إذا كانوا سبعة جمعوا. قال أبو بكر: قول الأوزاعي موافق لظاهر قوله: {ِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا} الآية.

7 - باب الإمام يكون في سفر من الأسفار فيحضر يوم الجمعة

7 - باب الإمام يكون في سفر من الأسفار فيحضر يوم الجمعة م 493 - روينا عن عمر بن عبد العزيز أنه جمع بالسويداء وهو في إمارته على الحجاز وممن هذا مذهبه الأوزاعى، وأبو ثور. وقالت طائفة: لا يجمّع في السفر، هذا قول ابن عمر. وقال عطاء، ومجاهد: ليس بمنى الجمعة. وقالت طائفة: لا يجمع. م 494 - وقال الزهري ومالك: لا يجهر الإمام بعرفة، وإن كان يوم جمعة، وكذلك قال الشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي. وقال الشافعي، وأحمد، ويعقوب، ومحمد: لا جمعة بمنى. وقال النعمان: إن كان الإمام من أهل مكة جمع وكذلك الخليفة إذا كان مسافراً وإذا كان كذلك فلا جمعة منى. قال أبو بكر: لا يجمع الإمام في السفر وإن كان الخليفة، إستدلالاً بصلاة النبى - صلى الله عليه وسلم - الظهر بعرفة وكان يوم الجمعة.

8 - باب من يجب عليه حضور الجمعة ممن يسكن المصر وخارج المصر

8 - باب من يجب عليه حضور الجمعة ممن يسكن المصر وخارج المصر م 495 - واختلفوا فيمن يجب عليه حضور الجمعة ممن يسكن المصر وخارج المصر. فقالت طائفة: الجمعة على من آواه الليل إلى أهله، روى ذلك عن ابن عمر، وأبي هريرة، وأنس، والحسن، ونافع مولى ابن عمر، وكذلك قال عكرمة، والحكم، وعطاء، والأوزاعي، [1/ 23/ألف] وأبو ثور. وفيه قول ثان: وهو أن الجمعة تجب على من بينه وبين الجامع ست أميال، وروى ذلك عن الزهري. وفيه قول ثالث: وهو أن الجمعة تجب من ثلاثة أميال، هذا قول مالك، والليث بن سعد. وفيه قول رابع: وهو أنها لا تجب إلا على من سمع النداء، روي هذا القول عن عبد الله بن عمرو (¬1)، وسعيد بن المسيب، وبه قال أحمد، وإسحاق. وكان الشافعي يقول: "لا يبين عندي أن يحرج بترك الجمعة إلا من سمع النداء، ويشبه أن يحرج أهل المصر وإن عظم بترك الجمعة". ¬

_ (¬1) في الأصل عبد الله بن عمر "بدون واو" والتصحيح من الأوسط 4/ 36.

9 - باب الغسل للجمعة

وفيه قول سادس: وهو أن الجمعة تجب على من سمع النداء ومن لم يسمعه إذا كان في المصر، وإن كان خارج المصر لم تجب عليه الجمعة وإن سمع النداء، ويشبه هذا القول أصحاب الرأي. وفيه قول سابع: وهو أن الجمعة إنما تجب على من كان على أربعة أميال، هذا قول محمد بن المنكدر، والزهري، وربيعة. وروينا عن ربيعة أنه قال: تجب الجمعة على من إذا نودي بصلاة الجمعة خرج من بيته ماشياً أدرك الصلاة. 9 - باب الغسل للجمعة (ح 318) ثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: من جاء منكم الجمعة فليغتسل. م 496 - واختلفوا في وجوب الغسل للجمعة. قال أبو هريرة: غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم. وتأول عمار بن ياسر رجلاً فقال: أنا إذا أشر من الذي لا يغتسل يوم الجمعة. وقال مالك بن أنس: من اغتسل يوم الجمعة في أول نهاره وهو لا يريد به غسل الجمعة، فإن ذلك الغسل لا يجزئ عنه حتى يغتسل لرواحه.

10 - باب المغتسل للجنابة والجمعة غسلا واحدا

وقالت طائفة: الغسل سنة، وليس بفرض، كان ابن مسعود يقول: هو سنة، وممن لم يره فرضاً الأوزاعي، والثوري، والشافعي، وأحمد، والنعمان، وأصحابه. قال أبو بكر: هكذا نقول. 10 - باب المغتسل للجنابة والجمعة غسلاً واحداً قال أبو بكر: م 497 - أكثر من نحفظ عنه من أهل العلم يقولون: يجزئ غسلاً واحداً للجنابة والجمعة، روينا هذا القول عن ابن عمر، ومجاهد، ومكحول، ومالك بن أنس، والثوري، والأوزاعي، والشافعي، وأبو ثور، وقال أحمد: أرجو [1/ 23/ب]. . . . . . . (¬1) ¬

_ (¬1) بدأ السقط قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: ونص الكلام في الأوسط كما يلي: «وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: أَرْجُو أَنْ يُجْزِيَهُ»

[20 - باب سلام الإمام على المنبر إذا استقبل الناس]

[20 - باب سلام الإمام على المنبر إذا استقبل الناس] . . . . . . . . . . . . . (¬1) [1/ 49/ ب] المنبر وسلم، وفعل ذلك عمر بن عبد العزيز، وبه قال الأوزاعى، والشافعي، وأحمد. وأنكر مالك: ذلك وكان لا يراه. 21 - باب النهي عن الكلام يوم الجمعة والإمام يخطب (ح 324) ثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: إذا قلت لصاحبك أنصت والإمام يخطب فقد لغوت. ¬

_ (¬1) انتهى السقط قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: ونص الكلام في الأوسط كما يلي: «حَدَّثَنَا عَلَّانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ نَجْدَةَ، قَالَ: ثنا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ عِيسَى بْنِ عَبْدِ اللهِ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَنَا مِنْ مِنْبَرِهِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ سَلَّمَ عَلَى مَنْ عِنْدَ مِنْبَرِهِ مِنَ الْجُلُوسِ ثُمَّ يَصْعَدُ، فَإِذَا اسْتَقْبَلَ النَّاسَ بِوَجْهِهِ سَلَّمَ ثُمَّ قَعَدَ». وَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يُسَلِّمُ عَلَى الْمِنْبَرِ إِذَا صَعِدَ ابْنُ الزُّبَيْرِ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ. وَبِهِ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَكَانَ مَالِكٌ لَا يَرَى أَنْ يُسَلِّمَ الْإِمَامَ عَلَى النَّاسِ إِذَا صَعِدَ الْمِنْبَرَ، وَأَنْكَرَ ذَلِكَ.»

22 - باب الإشارة وتحصيب من يتكلم والإمام يخطب

م 509 - ونهى عثمان بن عفان، وابن عمر، عن الكلام والإمام يخطب. وقال ابن مسعود: إذا رأيته يتكلم والإمام يخطب فاقرع رأسه بالعصا. وكره ذلك ابن عباس، والشافعي، وعوام أهل العلم. وكان النخعى، وسعيد بن جبير، وإبراهيم بن مهاجر، والشعبي, وأبو بردة، يتكلمون والحجاج يخطب. وقال بعضهم: إنا لم نؤمر أن ننصت لهذا. قال أبو بكر: إتباع السنة أولى. 22 - باب الإشارة وتحصيب من يتكلم والإمام يخطب م 510 - كان ابن عمر يحصب من يتكلم والإمام يخطب، وربما أشار إليه. وممن رأى أن يشار إلى من يتكلم والإمام يخطب، عبد الرحمن بن أبي ليلى، وزيد بن صوحان، ومالك، والثووي، والأوزاعي. وكره طاؤس الإشارة. وكره الرمي علقمة: بالحصباء، وزيد بن صوحان.

23 - باب إنصات من لا يسمع الخطبة

قال أبو بكر: أكره الرمي بالحصباء لأن فيه أذىً، ولكن يشير. (ح 325) إستدلالا بإشارة من كان بحضرة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الرجل الذي قال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: متى قيام الساعة. 23 - باب إنصات من لا يسمع الخطبة م 511 - كان عثمان بن عفان يقول: "للمنصت الذي لا يسمع الخطبة مثل ما للسامع المنصت". روينا عن ابن عمر، وابن عباس، أنهما كانا يكرهان الصلاة والكلام بعد خروج الإمام يوم الجمعة. وكان الشافعي، وأبو ثور: يكرهان الكلام والإمام يخطب. وكان عروة بن الزبير: لا يرى بأساً بالكلام إذا لم يسمع الخطبة يوم الجمعة.

24 - باب قراءة القرآن والذكر في النفس إذا لم يسمع خطبة الإمام

24 - باب قراءة القرآن والذكر في النفس إذا لم يسمع خطبة الإمام م 512 - رخص في القراءة إذا لم يسمع خطبة الإمام، النخعي، وسعيد بن جبير، [1/ 50/ألف]. ورخص عطاء في الذكر، وكان الشافعي، وأحمد، وإسحاق لا يرون بذلك بأساً، وقال الأوزاعى في العاطس: يحمد الله في نفسه. وكان الزهري يأمر بالصمت، وقال الأوزاعى مثله، وقال أصحاب الرأي: أحب إلينا أن يسمع وينصت. قال أبو بكر: لا بأس بالقراءة والذكر، وذلك إذا لم يسمع الخطبة. 25 - باب تشميت العاطس ورد السلام والإمام يخطب م 513 - ورخص في تشميت العاطس ورد السلام والإمام يخطب، الحسن البصري، والنخعى، وا لشعبي، والحكم، وحماد، والثوري، وأحمد، وإسحاق. وقال قتادة: يرد السلام ويسمعه. واختلف قول الشافعي: في هذا، فكان في العراق ينهى عنه إلا بإيماء، وقال بمصر: "رأيت أن يرد عليه بعضهم، لأن رد السلام فرض، وقال في تشميت العاطس: أرجو أن يسمعه".

26 - باب شرب الماء والإمام يخطب

وكان سعيد بن المسيب يقول: لا يشمته، وبه قال قتادة، وهذا خلاف قوله في رد السلام. وكان مالك، والأوزاعي: لا يريان تشميت العاطس ولا رد السلام والإمام يخطب. وأصحاب الرأي استحبوا ما قال مالك. وقال عطاء: إذا كنت تسمع الخطبة فاردد السلام في نفسك، وإذا كنت لا تسمع فاردد عليه السلام وأسمعه. وقال أحمد بن حنبل: إذا لم يسمع الخطبة شمت وردّ. 26 - باب شرب الماء والإمام يخطب م 514 - واختلفوا في الشرب والإمام يخطب. فرخص مجاهد، وطاؤس، والشافعي. ونهى عنه مالك، والأوزاعى، وأحمد، وقال الأوزاعى: إن شرب فسدت جمعته. قال أبو بكر: لا بأس به، إذ لا نعلم حجة منعت منه.

27 - باب استقبال الناس الإمام إذا خطب

27 - باب استقبال الناس الإمام إذا خطب م 515 - روينا عن ابن عمر، وأنس بن مالك، أنهما كانا يستقبلان الإمام إذا خطبا (¬1) يوم الجمعة، وكذا قول شريح، وعطاء، وبه قال مالك، وسفيان الثوري، والأوزاعى، وسعيد بن عبد العزبز، وابن جابر، ويزيد بن أبي مريم، والشافعي، وإسحاق، وأصحاب الرأي، وهذا كالإجماع. 28 - باب الإمام يخطب ويصلي غيره م516 - واختلفوا في الإمام يخطب ويصلى غيره. فكان سفيان الثوري، وأبو ثور، وأصحاب الرأي يقولون: لا يصلي إلا من شهد الخطبة. وقال الأوزاعى: يصلى الجمعة من لم يحضر الخطبة. وقال أحمد: إن شاء قدم من شهد الخطبة أو لم يشهد، إذا كان عذر ولا يعجبني ذلك من غير عذر. وقال الشافعي: "إذا دخل المأموم في صلاة الإمام قبل أن يحدث فله أن يصلي بهم ركعتين، ويكون له ولهم جمعة". ¬

_ (¬1) في الأصل "إذا خطب".

29 - باب نزول الإمام عن المنبر للسجدة يقرأها

29 - باب نزول الإمام عن المنبر للسجدة يقرأها م 517 - واختلفوا في نزول الإمام للسجدة يقرأها. فروينا عن عثمان بن عفان، وعن أبي موسى الأشعري، وعمار بن ياسر، والنعمان بن بشير، وعقبة بن عامر، أنهم نزلوا فسجدوا، وبه قال أصحاب الرأي. وقال مالك: ليس العمل على أن ينزل الإمام إذا قرأ السجدة عند المنبر فليسجد. وقال الشافعي: لا ينزل ولا يسجد فإن فعل رجوت أن لا يكون به بأساً. قال أبو بكر: إن نزل فسجد، رجوت له الثواب، وان لم ينزل فلا شىء عليه، نزل عمر وترك أن ينزل ليدلّ نزوله على إباحة ذلك، وليدّل بتركه النزول على أن ذلك ليس شىء. 30 - باب الكلام بعد فراغ الإمام من الخطبة قبل دخوله في الصلاة م 518 - واختلفوا في الكلام بعد فراغ الإمام من الخطبة قبل دخوله في الصلاة. فكان عطاء، وطاؤس، والزهري، وحماد بن أبي سليمان، وبكر بن عبد الله، وإبراهم النخعى، ومالك، والشافعي، وإسحاق، وأبو ثور، ويعقوب، ومحمد، يرخصون فيه، وروينا ذلك عن ابن عمر. وكان الحكم بن عتيبة يكره ذلك.

31 - باب الحبوة والإمام يخطب يوم الجمعة

قال أبو بكر: الكلام فيما بين نزوله عن المنبر إلى دخوله في الصلاة مباح. م 519 - واختلفوا في الكلام عند سكوت الإمام بين الخطبتين. فكره ذلك مالك، والشافعي، والأوزاعي، وإسحاق، وروى ذلك عن ابن سيرين. وكان الحسن البصري يقول: لا بأس به. م 520 - واختلفوا فيما يفعله المستمع للخطبة إذا قرأ الإمام: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} الآية. فقالت طائفة: يصلون عليه في أنفسهم ولا يرفعون أصواتهم، هذا قول مالك، وأحمد، وإسحاق. وكان سفيان الثوري، وأصحاب الرأي يحبون السكوت. وقال أبو بكر: هذا أحب إلي. 31 - باب الحبوة والإمام يخطب يوم الجمعة قال أبو بكر: م521 - روينا عن ابن عمر أنه كان يحتبى والإمام يخطب يوم الجمعة، وممن

32 - باب النهي عن تخطي رقاب الناس

فعل ذلك ولم ير به بأساً، سعيد بن المسيب، والحسن البصري، وعطاء بن أبي رباح، وابن سيرين، وابن الزبير، وعكرمة بن خالد، وشريح، وسالم بن عبد الله، ونافع، ومالك بن أنس، والثوري, والأوزاعى، الشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. وقال أحمد: أرجو ألا يكون به بأس، وبه قال إسحاق. وكره ذلك بعض أهل الحديث، لحديث روي فيه عن النبي عليه السلام في إسناده مقال. 32 - باب النهي عن تخطي رقاب الناس (ح 326) جاء الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال لرجل تخطى رقاب الناس: إجلس فقد أذيت. م 522 - واختلفوا فيه. فكره ذلك أبو هريرة، وسلمان الفارسى، وسعيد بن المسيب.

33 - باب صلاة الجمعة بغير أمير

وعطاء بن أبي رباح، وأحمد بن حنبل. وكان قتادة يقول: [1/ 30/ألف] يتخطاهم إلى مجلسه. وقال الأوزاعى: يتخطاهم إلى السعة. وكره مالك: تخطي رقاب الناس إذا خرج الإمام وقعد على المنبر قال: فأما قبل ذلك فلا بأس. وكره الشافعي: ذلك إلا أن يكون تخطؤه إلى الفرجة لواحد أو اثنين، فإني أرجو أن يسعه، وإن كثركرهته له، إلا بأن لا يجد السبيل إلا مصلاه إلا بأن يتخطأ، فيسعه التخطي إن شاء الله. وفيه قول خامس: وهو أن يتخطى بإذنهم، روينا ذلك عن أبي نضرة. قال أبو بكر: لا يجوز من ذلك شىء لأن القليل من الأذى والكثير مكروه. 33 - باب صلاة الجمعة بغير أمير قال أبو بكر: م 523 - مضت السنة بأن الذي يقيم الجمعة هو السلطان، أو من قام بها بأمره. م 524 - واختلفوا في الجمعة تحضر وليس معهم أمير. فقال الأوزاعي، وأصحاب الرأي: يصلون ظهراً أربعاً. وقال الحسن: أربع إلى السلطان فذكر الجمعة. وقال حبيب بن أبي ثابت: لا تكون جمعة إلا بأمير وخطبة.

34 - باب الصلاة قبل صلاة الجمعة

وقالت طائفة: يصلى بهم بعضهم ويجزيهم، هذا قول مالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبي ثور. 34 - باب الصلاة قبل صلاة الجمعة (ح 327) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - نهى عن الصلاة نصف النهار حتى ترتفع الشمس. م 525 - وقد اختلف في ذلك، فممن روينا عنه أنه نهى عن الصلاة نصف النهار، عمر بن الخطاب. وقال ابن مسعود: كنا ننهى عن ذلك. وقال سعيد المقبري: أدركت الناس وهم يتقون ذلك. وكان أحمد بن حنبل: يكره ذلك في الشتاء والصيف. ورخص في ذلك الحسن البصري، وطاؤس. وقال مالك: لا أنهى عنه ولا أحبه. ورخص في الأوزاعي، وسعيد بن عبد العزيز، ويزيد بن أبي مالك، وابن جابر، والشافعي، وإسحاق.

وأباح ذلك عطاء في الشتاء، وامتنع منه في الصيف. وقال ابن المبارك: أكره الصلاة في الشتاء والصيف إذا علمت انتصاف النهار، وإذا كنت في موضع لا أعلم ولا أستطيع أن انظر فإني أراه واسعاً. قال أبو بكر: لا يجوز لنهي رسول الله- صلى الله عليه وسلم - عنه. م 526 - واختلفوا في المرء يدخل يوم الجمعة المسجد والإمام يخطب، فقال الحسن البصري: يصلي ركعتين، وبه قال مكحول، وابن عيينة، والمقبرى، والشافعي، والحميدي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وطائفة من أهل الحديث. وقالت طائفة: يجلس [1/ 30/ب] ولا يصلي، هذا قول محمد بن سيرين، وعطاء بن أبي رباح، وشريح، والنخعي، وقتادة، ومالك، والليث بن سعد، والثوري، وسعيد بن عبد العزيز، والنعمان. وقال أبومجلز: إن شئت ركعت وإن شئت جلست. وقال الأوزاعي: من ركعهما في بيته ثم دخل المسجد والإمام يخطب، قعد ولم يركع وإن لم يكن ركع، ركع إذا دخل المسجد. قال أبو بكر: يركعهما. (ح 328) للثابت عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه قال: لرجل دخل المسجد، إذا جاء أحد والإمام يخطب فليركع ركعتين. وقد روينا عن ابن عمر أنه كان يصلي قبل الجمعة اثنتي عشرة ركعة. وعن ابن عباس: أنه كان يصلي قبل الجمعة ثماني ركعات.

35 - باب عدد صلاة الجمعة وأحكامها

وعن ابن مسعود: أنه كان يصلى أربع ركعات ويأمر بذلك، وقال مرة: يصلى ما يشاء. (ح 329) وقد أمر النبي- صلى الله عليه وسلم - الداخل وهو يخطب أن يصلى ركعتين. 35 - باب عدد صلاة الجمعة وأحكامها م 527 - أجمع أهل العلم على أن صلاة الجمعة ركعتان. (ح 335) وجاء الحديث عن عمر بن الخطاب أنه قال: صلاة الجمعة ركعتان تمام غير قصر على لسان نبيكم - صلى الله عليه وسلم - وقد خاب من افترى. م 528 - واختلفوا فيما يقرأ به في صلاة الجمعة، فكان الشافعي، وأبو ثور، يقولان بحديث: (ح 331) أبي هريرة رضي الله عنه أنه كان يقرأ سورة الجمعة، وإذا جاءك المنافقون، ويروى ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. وقال مالك: أما الذي جاء به الحديث، هل أتاك حديث الغاشية مع سورة الجمعة، والذي أدركت عليه الناس {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى}.

م 529 - واختلفوا فيمن أدرك من الجمعة ركعة مع الإمام، فقالت طائفة: من لم يدرك الخطبة صلى أربعاً، روى هذا القول عن عطاء، وطاؤس، ومجاهد، ومكحول. وقالت طائفة: إذا أدرك من صلاة الجمعة ركعة أضاف إليها أخرى، وإن أدركهم جلوساً صلى أربعاً، هذا قول ابن مسعود، وابن عمر، وأنس بن مالك، وسعيد بن المسيب، والحسن البصري وعلقمة، والأسود، وعروة بن الزبير، والزهري، والنخعى، ومالك، والثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبي ثور. وقال الأوزاعى: إذا أدرك التشهد صلى أربعاً. وفيه قول ثالث: وهو أن من أدرك [1/ 31/ألف] التشهد مع الإمام صلى ركعتين، روى هذا القول عن النخعى، وبه قال الحكم، وحماد، والنعمان. قال أبو بكر: (ح 332) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: من أدرك من الصلاة ركعة فقد أدرك الصلاة. فبهذا نقول وهو قول جماعة من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - والتابعين. م 530 - واختلفوا فيمن لا يقدر على السجود على الأرض من الزحام، فكان عمر بن الخطاب يقول: يسجد على ظهر أخيه، وبه قال سفيان الثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور. وقال أصحاب الرأي: إن فعل ذلك فصلاته تامة.

وقال عطاء، والزهري: يمسك عن السجود فإذا رفعوا سجد. وقال مالك: يعيد الصلاة إن فعل ذلك. وقال نافع مولى ابن عمر: يومئ إيماءاً. قال أبو بكر: بقول عمر نقول. م 531 - واختلفوا فيمن زحم في يوم الجمعة عن الركوع والسجود حتى فرغ الإمام من صلاته، فقال الحسن البصري، والنخعى، والأوزاعي، وأحمد، وأصحاب الرأي: يصلي ركعتين. وقال قتادة، وأيوب، ويونس، والشافعي، وأبو ثور: يصلي أربعاً. وقال مالك: أحبّ إليّ أن يصلي أربعاً. قال أبو بكر: يصلي أربعاً لأن هذا لم يدرك من الإمام ركعة فيكون مدركاً للصلاة. م 532 - واختلفوا في المسافر يدرك من صلاة الجمعة التشهد، فقال الأوزاعي، وسفيان الثوري، وأحمد: يصلي أربعاً، وهذا على مذهب الشافعي. وقال إسحاق: يصلي ركعتين. م 533 - واختلفوا فيمن أدرك من صلاة الجمعة ركعة فذكر أن عليه

36 - باب صلاة القوم تفوتهم الجمعة

منها سجدة، فكان الشافعي يقول: "يسجد سجدة ويأتي بثلاث ركعات". وفي قول أحمد: يسجد سجدة إن لم يكن أخذ في عمل الثانية، ثم يضيف إليها ركعة أخرى. 36 - باب صلاة القوم تفوتهم الجمعة م 534 - أجمع أهل العلم على أن من فاته الجمعة من المقيمين أن يصلي أربعاً. م 535 - واختلفوا في صلاة جماعة إذا فاتتهم الجمعة، فقال القوم: يصلون جماعة، روى ذلك عن عبد الله بن مسعود، وفعله الحسن بن عبيد الله، وزر. وقال الثوري: ربما فعلته أنا والأعمش، وهو قول إياس بن معاوية، وأحمد، وإسحاق. وكان الشافعي لا يكره ذلك، إذا لم تكن رغبة في الصلاة خلف الأئمة. ورخص مالك: لأهل السجن، والمسافرين، والمرضى أن يجمعوا. واختلف قوله في القوم تفوتهم الجمعة، فحكى ابن القاسم عنه أنه قال: "يصلّون فذاذاً".

37 - باب الرجل يصلي الظهر وعليه فرض الجمعة

وحكى آخر عنه أنه قال: ذاك [1/ 31/ب] إليهم إن شاؤا جمعوا وإن شاؤا صلّوا رادى. وكره الحسن البصري، وأبو قلابة، والثوري، والنعمان أن يصلوا جماعة. قال أبو بكر: قول ابن مسعود أولى. 37 - باب الرجل يصلي الظهر وعليه فرض الجمعة م 536 - واختلفوا فيمن لا عذر له يصلى الظهر قبل صلاة الإمام يوم الجمعة، فكان سفيان الثوري، والشافعي، يقولان: يعيدها ظهراً. وقال أحمد مرة: يعيد الفرض الذي صلى في بيته إذا كان الإمام يؤخر الجمعة. وقال الحكم بن عتيبة: يصلي معهم ويصنع الله ما شاء. وقال النعمان: إذا صلى الظهر ثم خرج يريد الجمعة انتقضت الظهر. وقال يعقوب، ومحمد: "لا تنقض إلا أن يدخل في الجمعة". وقال أبو ثور، إذا أدرك الجمعة صلى مع الإمام، فهي له نافلة.

38 - باب الإمام يفتتح بالجماعة الجمعة ثم يفترقون عنه

38 - باب الإمام يفتتح بالجماعة الجمعة ثم يفترقون عنه م 537 - واختلفوا في الإمام يفتتح بالجماعة الجمعة ثم يفترقون عنه، فقال سفيان الثوري: إذا ذهبوا إلا رجلين، صلى ركعتين، وإن بقي معه رجل واحد صلى أربعاً. وقال إسحاق بن راهويه: إذا بقي معه اثنا عشر رجلاً صلى ركعتين. وقال أبو ثور: إذا تفرقوا عنه صلى الجمعة وإن لم يبق معه إلا واحد، لأنه قد دخل في الصلاة وهو له ولهم جمعة. وقال الشافعي: "إذا خطب بأربعين وكبّر بهم ثم انفضوا من حوله ففيها قولان، أحدهما: إن بقى معه إثنان فصلى الجمعة أجزأته، والقول الثاني: لا يجزيه بحال حتى يكون معه أربعون حين يدخل وحين تكمل الصلاة". وحكى أبو ثور عنه، أنه يصلي الجمعة وإن لم يبق معه إلا رجل واحد. وحكى البويطي عنه أنه يصلي الجمعة إذا كان هو الثالث وإن كان هو وآخر لم يجزه. وقال المزني: "أشبه به عندي إن كان صلى ركعة ثم انفضوا عنه صلى أخرى". وقال النعمان: إذا نفر الناس عنه قبل أن يركع ويسجد يستقبل الظهر، وإذا نفر الناس عنه بعد ما ركع وسجد بني على الجمعة.

39 - باب الجمعة تصلى في مكانين من المصر

وقال يعقوب، ومحمد: إذا افتتح الجمعة وهم معه، ثم نفر الناس عنه وذهبوا، صلى الجمعة على حاله. 39 - باب الجمعة تصلى في مكانين من المصر [1/ 32/ ألف] م 538 - روينا عن ابن عمر أنه كان يقول: لا جمعة إلا في المسجد الأكبر الذي يصلي فيه الإمام. وسئل مالك: عن إمام ترك في أقصى المدينة فصلى بمكانه واستخلف خليفة فصلى بالقصبة، فقال مالك: لا أرى الجمعة إلا لأهل القصبة. وفيه قول ثالث: "وهو أن من جمع أولاً بعد الزوال فهي الجمعة"، هذا قول الشافعي. وقال إسحاق: الإحتياط أن يجمع من جمع أولاً. وحكى [عن] النعمان أنه قال: لا يجمع في مكانين في مصر. وحكى عن يعقوب أنه أجاز ذلك ببغداد، وأبى أن يجيز ذلك في سائر المدن. وقد روينا عن عطاء أنه قيل له: أهل البصرة لايسعهم المسجد الأكبر؟ قال: لكل قوم مسجد يجتمعون فيه، ويجزئ ذلك عنهم من التجميع في المسجد الأكبر.

40 - باب الجمعة بعد خروج الوقت

40 - باب الجمعة بعد خروج الوقت م 539 - كان الشافعي يقول: "إذا كان في الجمعة فدخل وقت العصر صلاها ظهراً أربعاً". وقال النعمان: إذا قعد في الثانية فدخل وقت العصر فعليهم أن يستقبلوا الظهر أربع ركعات. وقال يعقوب، ومحمد: صلاتهم تامة إذا كان قد قعد قدر التشهد قبل أن يدخل وقت العصر. وفيه قول ثان: قال ابن القاسم ماحب مالك: "إذا لم يصل بالناس حتى دخل وقت العصر صلى بهم الجمعة، ما لم تغلب الشمس". وقال أحمد: إذا تشهد قبل أن يسلم ودخل وقت العصر يجزيه صلاته. 41 - باب الصلاة في المقصورة م 540 - روينا عن أنس أنه كان يصلي في المقصورة، وهو قول الحسن البصري، والقاسم ابن محمد، وعلي بن الحسين، وسالم (¬1)، ونافع. وقد روينا عن ابن عمر أنه كان إذا حضرت الصلاة وهو في المقصورة خرج إلى المسجد. ¬

_ (¬1) في الأصل "سالم بن نافع" وهو خطأ, والتصحيح من الأوسط 4/ 117.

42 - باب الصلاة في الرحاب المتصلة بالمسجد والصلاة فوق المسجد بصلاة الإمام

وممن كره ذلك في المقصورة: الأحنف بن قيس، وابن محيريز، والشعبي، وأحمد، وإسحاق. إلا أن إسحاق قال: تجزئ الصلاة فيها. 42 - باب الصلاة في الرحاب المتصلة بالمسجد والصلاة فوق المسجد بصلاة الإمام م 541 - واختلفوا في الصلاة في الرحاب المتصلة بالمسجد، فقالت طائفة: لا جمعة لمن لم يصل في المسجد، كذلك قال أبو هريرة، وقيس بن عباد. وقالت طائفة: الصلاة خارج المسجد بصلاة الإمام جائزة، هذا مذهب أنس بن مالك، وعروة [1/ 32/ب] بن المغيرة، وإبراهيم النخعى. وكان عروة بن الزبير، والحسن البصري، يرون الصلاة جائزة خارج المسجد بصلاة الإمام، وهو مذهب مالك، والأوزاعي، ورخص في الصلاة في رحاب المسجد، أحمد، وإسحاق. وهو مذهب الشافعي إذا كان متصلاً بالمسجد. وقال أصحاب الرأي: في رجل صلى وبينه وبين الإمام حائط يجزيه، فإن كان بينهما طريق يمر الناس فيه لم يجزه، إلا أن تكون الصفوف متصلة. ورخص الأوزاعي في السفينتين تأتم إحدى السفينتين بإمام الأخرى، الصلاة جائزة، وإن كانت بينهما فرجة إذا كان أمام إحديهما إمام الأخرى، وبه قال أبو ثور.

43 - باب القنوت في الجمعة

م 542 - واختلفوا في الصلاة فوق ظهر المسجد بصلاة الإمام، فكان أبو هريرة، وسالم بن عبد الله، يفعلان ذلك، وبه قال الشافعي، وأصحاب الرأي إذا لم يكن أمام الإمام. وقال مالك: "يعيد إذا كانت صلاة الجمعة ظهراً أربعاً". قال أبو بكر: بقول أبي هريرة أقول. 43 - باب القنوت في الجمعة م 543 - واختلفوا في القنوت في الجمعة. فممن كان لا يقنت فيها، علي بن أبي طالب، والنعمان بن بشير، والمغيرة بن شعبة، وبه قال عطاء، والزهري، وقتادة، ومالك، وسفيان الثوري، الشافعي، وإسحاق. وقال أحمد: بنو أمية كانت تقنت، وروينا عن عمر بن عبد العزيز أنه كان يقنت. 44 - باب الصلاة بعد الجمعة (ح 333) جاء الحديث عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "من كان منكم مصلياً بعد

45 - مسائل من كتاب الجمعة

الجمعة فليصل بعدها أربعاً". (ح 334) وثبت أنه كان يصلي بعد الجمعة ركعتين. والمصلي بالخيار إن شاء صلى بعدها ركعتين وإن شاء أربعاً يفصل بين كل ركعتين بسلام. م 544 - وقد اختلف فيه، فكان ابن مسعود، وإبراهيم النخعى, وإسحاق، وأصحاب الرأي يرون أن يصلي بعدها أربعاً. وفيه قول ثان: وهو أن يصلي بعدها ركعتين، ثم أربعاً، روي ذلك عن علي بن أبي طالب، وابن عمر، وأبي موسى الأشعري، ومجاهد، وعطاء، وحميد بن عبد الرحمن، وبه قال الثوري. وقال أحمد: إن شاء صلى ركعتين وإن شاء صلى أربعاً. وفيه قول ثالث: وهو أن يصلي بعدها ركعتين، فعل ذلك ابن عمر، وروى ذلك عن النخعي. 45 - مسائل من كتاب الجمعة م 545 - واختلفوا في إمامة العبد في الجمعة، ففي قول الشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي: تجزئ الجمعة خلفه.

وقال مالك: "لايؤم في العيد [1/ 33/ألف] ولا الجمعة. قال أبو بكر: قول الشافعي حسن. م 546 - واختلفوا في الرجل يدخل في صلاة الإمام ولم يدر أهي الجمعة أم الظهر، فصلى ركعتين فإذا هي الجمعة، أو إذا هي الظهر، ففي قول النعمان وأصحابه يجزى ذلك عند المأموم إذا نوى صلاة الإمام. ولا يجزئ ذلك في قول الشافعي حتى ينويها. م 547 - واختلفوا في الرجل يدخل مع الإمام في صلاة الجمعة ثم يذكر أن عليه صلاة الفجر، ففى قول النعمان، ويعقوب: ينصرف فيصلي الغداة ثم يدخل في صلاة الجمعة إن أدركها وإلا صلاها ظهراً أربعاً. وفي قول ابن الحسن: يصلي الجمعة إذا خاف فوت وقتها ثم يقضى الصلاة التي ذكر، وبه قال زفر. وفي قول الشافعي: يتم الجمعة إذا خاف فوت وقتها ثم يصلي الفجر، ولا إعادة عليه.

14 - كتاب الإمامة

14 - كتاب الإمامة 1 - باب وجوب حضور صلاة الجماعة (ح 335) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: والذي نفسي يده لقد هممت أن أمر بحطب فيحطب ثم آمر بالصلاة فيؤذن لها، ثم آمر رجلاً فيؤم الناس، ثم أخالف إلى رجال فأحرق عليهم بيوتهم. قال ابن عمر: كنا من فقدناه في صلاة العشاء والفجر أسأنا به الظن. (ح 336) وروينا عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه قال: لابن أم مكتوم وهو ضرير: لا أجد لك رخصة، يعني في التخلف عن الجماعة، وقال الله تعالى: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ} الآية. م 548 - وقد روينا عن غير واحد من أصحاب النبي عليه السلام أنهم قالوا: من سمع النداء ثم لم يجب من غير عذر فلا صلاة له، منهم ابن مسعود، وأبو موسى الأشعري.

2 - أبواب الأعذار التي من أجلها يسع التخلف عن الجماعات

(ح 337) وقد روى ذلك عن النبي- صلى الله عليه وسلم -. وممن كان يرى أن حضور الجماعات فرض، عطاء بن أبي رباح، وأحمد بن حنبل، وأبو ثور. وقال الشافعي: لا أرخص لمن قدر على صلاة الجمعة في ترك إتيانها إلا من عذر. وقال ابن مسعود: ولقد رأينا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم نفاقه. 2 - أبواب الأعذار التي من أجلها يسع التخلف عن الجماعات قال أبو بكر: (ح 338) مرض رسول الله- صلى الله عليه وسلم - فتخلف عن الجماعات. م 549 - ولا أعلم إختلافاً بين أهل العلم على أن للمريض أن يتخلف عن [1/ 33/ب] الجماعات من أجل المرض. (ح 339) وثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: إذا أقيمت الصلاة وحضر العشاء فأبدوا بالعشاء.

3 - باب الأمر بالسكينة في المشي إلى الصلاة

م 550 - وقال بظاهر الحديث عمر بن الخطاب، وابن عمر، وسفيان الثوري، وأحمد، وإسحاق، وقال مالك: يبدأ بالصلاة إلا أن يكون طعاماً خفيفاً وقال الشافعي: "يبدأ بالطعام إذا كانت نفسه شديدة التوقان إليه، فإن لم يكن كذلك ترك العشاء، وإتيان الصلاة أحب إلي". قال أبو بكر: ظاهر خبر رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أولى. قال أبو بكر: ويستحب لمن به غائط أو بول أن يبدأ به قبل الصلاة، وللمرأ أن يتخلف عن الجماعة في الليلة المطيرة من أجل المطر. ويكره أكل الثوم والبصل لن يحضر الجماعات، ولا يغشى المساجد من أكل ذلك إلا أن ينضج فتذهب الرائحة. 3 - باب الأمر بالسكينة في المشي إلى الصلاة (ح 345) ثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون ولكن إيتوها وأنتم تمشون وعليكم السكينة، فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا. قال أبو بكر: م 551 - وقد فعل ذلك زيد بن ثابت، وأنس بن مالك، وأبو ثور. وقد روينا عن ابن عمر أنه أسرع المشي إلى المسجد لما سمع الإقامة.

4 - باب من يستحق الإمامة

وروى عن ابن مسعود أنه فعل ذلك، وقد روى ذلك عن الأسود بن يزيد، وعبد الرحمن بن يزيد، وقال أحمد بظاهر الحديث. وقال إسحاق: يسرع إذا خاف التكبيرة الأولى. قال أبو بكر: يمشي كما جاء في الحديث. 4 - باب من يستحق الإمامة (ح 341) ثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: أحق القوم أن يؤمهم أقرأهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم سناً. م 552 - وقد اختلفوا في هذه المسألة، فروينا عن الأشعث بن قيس أنه قدم غلاماً وقال: إنما أقدم أهل القرآن، وممن قال: النبي يؤم القوم أقرأهم ابن سيرين، والثوري، وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي. وقال أصحاب الرأي: وأعلمهم بالسنة. قال أبو بكر: وبهذا القول؛ لأنه موافق للسنة، وقد قيل غير ذلك. وقال عطاء بن أبي رباح: كان يقال: يؤمهم أفقههم، فإن كانوا في الفقه سواء فأقرأهم، فإن كانوا في الفقه سواء فأسنهم.

5 - باب إمامة غير البالغ

وقال مالك: يتقدمهم أعلمهم إذا كانت حاله حسنة [1/ 34/الف] وإن للسن لحقا. وقال الأوزاعى: يؤمهم أفقههم إذا كان يقرأ القرآن. وقال الشافعي: يقدمون (¬1) أقرأهم وأفقههم، وأسنهم. وقال أبو ثور: يؤمهم أفقههم إذا كان يقرأ القرآن. قال أبو بكر: يقدم الناس على سبيل ما أمر النبي - صلى الله عليه وسلم -. 5 - باب إمامة غير البالغ م 553 - واختلفوا في إمامة غير البالغ، فممن رأى أن الصلاة خلف من لم يبلغ جائزة، الحسن البصري، وإسحاق، وأبو ثور. وكره إمامة من لم يبلغ، عطاء بن أبي رباح (¬2)، والشعبى، ومجاهد، ومالك، والثوري، وأصحاب الرأي. وقد روينا عن ابن عباس أنه قال: لا يؤم الغلام حتى يحتلم. وفيه قول ثالث: قال الأوزاعى: لا يؤم الغلام في الصلاة المكتوبة حتى يحتلم، إلا أن يكونوا قوماً لي معهم من القرآن شيء فإنه يؤمهم الغلام المراهق. وفيه قول رابع: وهو أن الجمعة لا تجزئ خلف الإمام الذي لم يحتلم ويؤم في سائر الصلوات" هذا قول الشافعي، آخر قوليه، وقد كان قبل ¬

_ (¬1) في الأصل "يقدموا". (¬2) في الأصل "عطا بن أبي إبراهيم" وصحح في الحاشية.

6 - باب إمامة الأعمى

يقول: ومن أجزت إمامته في المكتوبة أجزت إمامته في الجُمع والأعياد، غير أني أكره فيهما إمامة غير الوالي. قال أبو بكر: إمامة غير البالغ جائزة إذا عقل الصلاة وقام بها لدخوله في جملة: (ح 342) قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: يؤم القوم أقرأهم. لم يستثن أحداً. 6 - باب إمامة الأعمى قال أبو بكر: م 554 - أباح عوام أهل العلم إمامة الأعمى، فممن كان يؤم وهو أعمى ابن عباس، وعتبان بن مالك، وقتادة، وهذا قول القاسم بن محمد، والشعبى، وعطاء بن أبي رباح، والحسن البصري، وإبراهيم النخعي، وبه قال مالك، وسفيان الثوري، والأوزاعى، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي. وقد روينا عن ابن عباس رواية ثانية أنه قال: كيف أؤمهم وهم (¬1) يعدلوني إلى القبلة. وعن أنس بن مالك أنه قال: وما حاجاتهم إليه. قال أبو بكر: إمامة الأعمى كإمامة الصحيح، وهو داخل في جملة قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ¬

_ (¬1) في الأصل "وهو" والصحيح ما أثبته.

7 - باب إمامة العبد

(ح 343) يؤم القوم أقرأهم لكتاب الله. (ح 344) وقد روينا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه إستخلف ابن أم مكتوم على المدينة يصلي بالناس. 7 - باب إمامة العبد م 555 - روينا عن عائشة أنه كان يؤمها [1/ 34/ب] غلام لها، وأمّ أبو سعيد مولى بني أسد وهو عبد، نفراً من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - منهم حذيفة، وابن مسعود، ورخص في إمامة العبد، إبراهم النخعى، والشعبى، والحسن البصري، والحكم، والثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي. وكره ذلك أبو مجلز. وقال مالك: لا يؤمهم إلا أن يكون العبد قارئاً، ومن معه من الأحرار لا يقرؤون، إلا أن يكون في عيد أو جمعة فإن العبد لا يؤم فيهما. ويجزئ عند الأوزاعي: إن صلوا وراءه. قال أبو بكر: العبد داخل في جملة قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: يؤم القوم أقرأهم لكتاب الله عَزَّ وَجَلَّ.

8 - باب الصلاة خلف الأعرابي

8 - باب الصلاة خلف الأعرابي م 556 - كره أبو مجلز: إمامة الأعرابي. وقال مالك: لا يؤم القوم الأعرابي وإن كان أقرأهم. وفي قول سفيان الثوري، والشافعي، وإسحاق، وأصحاب الرأي، الصلاة خلف الأعرابي جائزة. وكذلك كان عطاء يقول: إذا قام بحدود الصلاة. 9 - باب إمامة الأمي م 557 - كان عطاء يقول: إذا كان أمياً لا يحسن من القرآن شيئاً وامرأته تقرأ، يكبّر زوجها وتقرأ هي، إذا فرغت من القراءة كبر وركع وسجد، وهي خلفه تصلي بصلاته، روى هذا المعنى عن قتادة. وفي قول الشافعي: إذا أم الأميّ الذي لا يحسن شيئاً من القرآن من هو مثله، فصلاتهم جائزة، وإن أم من يحسن يقرأ القرآن لم تجز صلاتهم خلفه. وقال النعمان: إذا صلى الأمىّ بقوم يقرؤون وبقوم أميين فصلاتهم كلهم فاسدة. وقال يعقوب: صلاة الإمام ومن لا يقرأ تامة.

10 - باب إمامة ولد الزنا

وقالت فرقة: صلاة الإمام وصلاة من خلفه جائزة؛ لأن كلاً يؤدي فرضه، وذلك مثل المتيمم يصلي بالمتطهرين بالماء، والمصلى قاعداً يصلي بقوم يصلون قياماً صلاتهم مجزئة في قول من خالفنا؛ لأن كلاًّ يؤدي فرض نفسه. 10 - باب إمامة ولد الزنا م 558 - كان عطاء بن أبي رباح يقول: له أن يأم إذا كان مرضياً، وبه قال سليمان بن موسى (¬1)، والحسن البصري، وإبراهيم النخعي، والزهري، وعمرو بن دينار، وسفيان الثوري، والأوزاعى، وأحمد، وإسحاق، غير أن البعض قال: إذا كان مرضياً، ولا تجزئ الصلاة خلفه عند أصحاب الرأي. قالت عائشة: ما عليه من وزر أبويه شىء، وقد روينا عن عمر بن [1/ 35/ألف] عبد العزيز أنه نهى رجلاً كان يؤم بالعقيق لا يعرف له أب، وقال مالك: أكره أن يتخذ إماماً راتباً. قال أبو بكر: يؤم لدخوله في جملة قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (ح 345) يؤم القوم أقرأهم. ¬

_ (¬1) في الأصل "يسار" وصحح في الحاشية, وهو الصحيح كما في الأوسط 4/ 160 رقم المسألة572.

11 - باب الخنثى

11 - باب الخنثى م 559 - كان الشافعي، وأبو ثور، يقولان: لا يؤم الخنثى المشكل الرجال ويؤمّ الخنثى النساء. 12 - باب الكافر يؤم المسلم والمرأة تؤم الرجال م 560 - وإذا صلى رجل كافر بقوم مسلمين وهؤلاء يعلمون بكفره، فكان الشافعي، وأحمد يقولان: لا يجزيهم ويعيدون. وقال الأوزاعي: يعاقب. م 561 - وقال الشافعي، وأبو ثور: لا يكون بصلاته مسلماً. وقال أحمد: يجبر على الإسلام. م 562 - وقال أبو ثور، والمزني: لا إعادة على من صلى خلفه. والشافعي يوجب الإعادة على من صلى من الرجل خلف امرأة. وقال أبو ثور: لا إعادة عليهم، هذا قياس قول المزني. 13 - باب الإمام يصلي على مكان أرفع من مكان المأومين (ح 346) ثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى على المنبر يوماً والناس وراءه، فجعل يصلي فيركع ثم يرفع ويرجع القهقرى، ويسجد على الأرض فلما فرغ قال: أيها الناس أي إنما صليت لكم كما ترون فتأتمون بي.

14 - باب وقت قيام المأمومين إلى الصلاة

قال أبو بكر: هكذا يفعل الإمام إذا أراد تعلّمهم فإن لم يرد تعليمهم فذلك مكروه. (ح 347) لحديث رويناه عن أبي مسعود أن ذلك منهي عنه. م 563 - وقد اختلفوا فيه، فكان الشافعي: يرى ذلك جائزاً إذا أراد الإمام تعلمهم. وقال أصحاب الرأي: ذلك مكروه وصلاتهم تامة. وقال الأوزاعى: لا يجزئ ذلك حتى يستوي معهم على الأرض. 14 - باب وقت قيام المأمومين إلى الصلاة م 564 - كان أنس بن مالك، إذا قيل: قامت الصلاة، وثب فقام. وكان عمر بن عبد العزيز، ومحمد بن كعب القرطبي، وسالم بن عبد الله، وأبو قلابة، وعراك بن مالك، والزهري، وسليمان بن حبيب المحاربي: يقومون إلى الصلاة في أوائل تكبيرة من الإقامة، به قال عطاء وهو مذهب أحمد، وإسحاق، إذا كان في المسجد.

15 - باب وقت تكبير الإمام

وكان مالك: لا يوقت فيه وقتاً. وقال النعمان، ومحمد: "يجب" أن يقوموا في الصف إذا قال المؤذن [1/ 35/ب] على الفلاح، فإذا قال: قد قامت الصلاة، كبر الإمام، وإذا لم يكن الإمام معهم كرهنا أن يقوموا في الصف والإمام غائب عنهم. وقال يعقوب: لا يكبر حتى يفرغ المؤذن من الإقامة. 15 - باب وقت تكبير الإمام م 565 - واختلفوا في وقت تكبير الإمام. فقالت طائفة: يكبر إذا قال المؤذن، قد قامت الصلاة، كان أصحاب عبد الله يفعلون ذلك، وبه قال النخعي، سويد بن غفلة، وإسماعيل بن أبي خالد، والنعمان، ويعقوب. وقالت طائفة: لا يكبر الإمام حتى يفرغ المؤذن من الإقامة، هذا قول الحسن البصري، ويحيى بن وثاب، وأحمد، وإسحاق، يعقوب. قال أبو بكر: وبه نقول، وعليه عمل الأئمة في الأمصار.

16 - باب قيام المأمومين خلف الإمام

16 - باب قيام المأمومين خلف الإمام (ح 348) ثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى فحوّل ابن عباس عن يمينه. قال أبو بكر: م 566 - وهذا قول أكثر أهل العلم، فممن هذا مذهبه، عمر بن الخطاب، وابن عمر، وجابر بن زيد، وعروة بن الزبير، ومالك، وسفيان الثوري، والأوزاعي، والشافعي، وإسحاق، وأصحاب الرأي. وبه نقول. وفي المسألة قولان: سوى ذلك، أحدهما: عن سعيد بن المسيب أنه قال: يقيمه عن يسار، والقول الثاني: عن النخعى، وهو أن الإمام إذا كان خلفه رجل واحد فليقم من خلفه ما بينه وبين أن يركع فإن جاء آخر، وإلا قام عن يمينه، وإذا كانا اثنين قام أحد عن يمينه والآخر عن يساره. م 567 - واختلفوا في النفر الثلاثة يجتمعون، فقالت طائفة: يقدمون أحدهم، هذا قول عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وابن عمر، وجابر بن زيد، والحسن البصري، وعطاء بن أبي رباح، وبه قال مالك، والشافعي، وأصحاب الرأي.

وكان ابن مسعود: يرى إذا كانوا ثلاثة أن يصفوا جميعاً فإذا كانوا أكثر من ذلك قدموا أحدهم، فعل ذلك بعلقمة، والأسود، جعل أحدهما عن يمينه والآخر عن يساره، وبه قال النخعى. قال أبو بكر: وبالقول الأول أقول. (ح 349) لأن النبي- صلى الله عليه وسلم - صلى بجابر، وبجبار بن صخر، فأقامهما خلفه. م 568 - واختلفوا في الإمام يكون معه رجل واحد وامرأة، فكان أنس بن مالك: يرى أن يقوم الرجل عن يمين الإمام والمرأة خلفه. وبه قال عطاء بن أبي رباح، وعروة بن الزبير، والنخعى، وقتادة، ومالك، والثوري، والأوزاعى. وقد روينا عن الحسن أنه قال: يصلون متواترين بعضهم [1/ 36/ألف] خلف بعض. قال أبو بكر: وبالقول الأول أقول. (ح 350) لحديث أنس عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه جعل أنساً عن يمينه والمرأة أسفل من ذلك.

17 - باب الصفوف

17 - باب الصفوف (ح 351) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: "سووا صفوفكم فإن تسوية الصفوف من تمام الصلاة". م 569 - واختلفوا في الصف بين السواري، فكره ذلك، ابن مسعود، و (¬1) حذيفة بن اليمان، والنخعى، وروى ذلك عن ابن عباس. ورخص فيه ابن سيرين، ومالك، وأصحاب الرأي. قال أبو بكر: ذلك جائز لأني لا أعلم في النهى عنه خبراً يثبت. 18 - باب صلاة المأموم خلف الصف وحده م 570 - واختلفوا في الصلاة خلف الصف وحده، فقالت طائفة: لا يجزيه، هذا قول النخعى، والحكم، والحسن بن صالح، وأحمد، وإسحاق. وأجاز ذلك، الحسن البصري، ومالك، والأوزاعى، والشافعي، وأصحاب الرأي. قال أبو بكر: لا يجزئ صلاة الفرد خلف الصف وحده. ¬

_ (¬1) في الأصل "حذيفة" بدون واو.

(ح 325) لحديث وابصة، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر رجلاً صلى خلف الصف وحده بالإعادة، وبيّن الحديث أحمد، وإسحاق. م 571 - واختلفوا في الرجل ينتهي إلى القوم وقد استوت الصفوف واتصلت، فقالت طائفة: يجرّ إليه رجلاً ليقوم معه، روى هذا القول عن عطاء، والنخعى. وقال بعضهم: جبذ الرجل من الصف ظلم، وممن كره ذلك: مالك، والأوزاعي، واستقبح ذلك أحمد، وإسحاق. م 572 - واختلفوا في ركوع الرجل دون الصف، فرخص فيه، زيد بن ثابت، وفعل ذلك ابن مسعود، وزيد بن وهب، وروى عن سعيد بن جبير، وأبي سلمة بن عبد الرحمن، وعروة بن الزبير، وابن جريج، ومعمر، أنهم فعلوا ذلك، وأجاز ذلك أحمد بن حنبل. وقال الزهري: إن كان قريباً من الصفوف فعل، وإن كان بعيداً لم يفعل، وبه قال الأوزاعي.

19 - باب من خالف الإمام في صلاته

19 - باب من خالف الإمام في صلاته م 573 - واختلفوا في صلاة من خالف الإمام في صلاته، فروينا عن ابن عمر أنه قال: لا صلاة له. وروى عن عمر أنه قال: أيما رجل رفع رأسه قبل الإمام في ركوع أو سجود فليضع رأسه بعد رفعه إياه. وقال الحسن البصري، وإبراهم النخعى: يعد في سجدته قبل أن يرفع الإمام رأسه، وهذا قول مالك، والأوزاعى، وأحمد، وإسحاق. وقال الأوزاعى: فليعد رأسه إذا رفع الإمام [1/ 36/ب] رأسه فليمكث بعده بقدر ما ترك. وقال أبو ثور: إذا رفع قبل الإمام فيدركه الإمام وهو راكع وسجد قبله فأدركه الإمام وهو ساجد يجزيه وقد أساء، وحكى ذلك عن الشافعي. وقال سفيان الثوري: فيمن ركع قبل الإمام ينبغي له أن يرفع رأسه ثم يركع، ومن يسلم من هذا؟. 20 - باب متى يكون المأموم مدركا للركعة خلف الإمام (ح 353) ثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: من أدرك من الصلاة ركعة فقد أدركها. م 574 - واختلفوا في الوقت الذي يكون المرء مدركاً للركعة.

21 - باب أمر المأموم بالصلاة جالسا إذا صلى إمامه جالسا

فقال ابن مسعود: من أدرك الركوع فقد أدرك، وبه قال ابن عمر، وسعيد بن المسيب، وميمون بن مهران، وسفيان الثوري، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وهذا مذهب مالك، والنعمان. وروينا عن علي، وابن مسعود أنهما قالا: من لم يدرك الركعة فلا يعتد بالسجود. وقال قتادة، وحميد، وأصحاب الحسن: إذا وضع يديه على ركبته قبل أن [[يرفع]] الإمام رأسه فقد أدرك، وإن رفع الإمام رأسه قبل أن يضع يديه فلا يعتد به. وفيه قول ثان: قاله أبو هريرة قال: من أدرك القوم ركوعاً فلا يعتد بالركعة. وفيه قول ثالث: قاله الشعبي قال: فإذا انتهيت إلى الصف الآخر ولم يرفعوا رؤوسهم وقد رفع الإمام فاركع فإن بعضكم أئمة لبعض. وقال ابن أبي ليلى: إذا كبر قبل أن يرفع الإمام رأسه أَتبع الإمام وكانوا بمنزله القائم. قال أبو بكر: بالقول الأول أقول. 21 - باب أمر المأموم بالصلاة جالساً إذا صلى إمامه جالساً (ح 354) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا ركع

فاركعوا، وإذا رفع فارفعوا، وإذا صلى جالساً فصلوا جلوساً. واختلفت الأخبار في صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مرضه الذي مات فيه، خلف أبي بكر، ففي بعض الأخبار أن النبي- صلى الله عليه وسلم - صلى بالناس، وفي بعضها أن أبا بكر كان المقدم. (ح 355) وقالت عائشة: وصلى النبي - صلى الله عليه وسلم - خلف أبي بكر في مرضه الذي مات فيه. م 575 - واختلف أهل العلم في الإمام يصلي بالناس جالساً من علة، فقالت طائفة: يصلون قعوداً، فممن فعل ذلك جابر بن عبد الله، وأبو هريرة، وأسيد بن حضير، وبه قال أحمد، وإسحاق، [1/ 37/ألف] وقال أحمد: كذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم - وفعله أربعة من أصحابه. قال أبو بكر: (ح 356) الرابع هو في الخبر الذي رويناه عن قيس بن فهد أن إماماً لهم اشتكى على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فكان يؤمناً جالساً ونحن جلوس.

22 - باب الائتمام بالمصلي الذي لا ينوي الإمامة

وقالت طائفة: يصلّون قياماً، يصلى كل واحد قرضه، هذا قول الشافعي، وأبي ثور، وقال سفيان الثوري: إذا كانوا جلوساً يجزيه ولا يجزيهم. وقال أصحاب الرأي: "في مريض صلى قاعداً يسجد ويركع فأتم به قوم فصلوا خلفه قياماً، قال: يجزيهم، وإن كان الإمام قاعداً يؤمي إيماءً أو مضطجعاً على فراشه، والقوم يصلون قياماً، قال: يجزيه، ولا يجزيهم في الوجهين جميعاً". وفيه قول ثالث: قاله مالك قال: "لا ينبغى لأحد أن يؤم الناس قاعداً". وحكى عن المغيرة أنه قال: ما يعجبني أن يصلي الإمام بالقوم جالساً. قال أبو بكر: بالقول الأول أقول. 22 - باب الائتمام بالمصلي الذي لا ينوي الإمامة (ح 357) ثبت أن ابن عباس جاء ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي بالليل، فقام ابن عباس عن يساره، فجعله النبي- صلى الله عليه وسلم - عن يمينه. م 576 - وقد اختلف فيه، فكان الشافعي يقول: الائتمام لمن صلى لنفسه لا ينوي الإمامة جائز. وقال الثوري، وإسحاق: على المأموم الإعادة.

23 - باب الإمام يصلي بالقوم وهو جنب

وقال النعمان: في الرجل نوى أن يؤم الرجال ولا يؤم النساء، فصلت امرأة إلى جنبه ائتمت به قال: لا تجزيها صلاتها، ولا تفسد عليه صلاته. م 577 - واختلفوا فيه عن أحمد، فقال مرة: لا يعجبني في الفرض، ولا بأس به في التطوع، وقال مرة: على المأموم الإعادة، ولم يذكر فرضاً ولا غير فرض. قال أبو بكر: بحديث ابن عباس عن النبي- صلى الله عليه وسلم -أقول. 23 - باب الإمام يصلي بالقوم وهو جنب م 578 - واختلفوا في الإمام يصلي بالقوم وهو جنب، فقالت طائفة: يعيد ولا يعيدون، هذا قول عمر بن الخطاب، وروى ذلك عن عثمان، وعلي، وابن عمر، وبه قال الحسن البصري، وسعيد بن جبير، والنخعى، ومالك، والأوزاعى، والشافعي، وأحمد بن حنبل، وسليمان بن حرب، وأبو ثور، والمزني. وقالت طائفة: يعيد ويعيدون، روى هذا القول عن علي، وبه قال ابن سيرين، والشعبي، والنعمان، وأصحابه. وقال حماد بن [1/ 37/ب] أبي سليمان: أحب إلينا أن يعيد ويعيدوا. وقال عطاء: إذا ذكر حين يفرغ يعيد ويعيدون، وإن لم يذكر حتى فاتت تلك الصلاة فإنه يعيد ولا يعيدون، هذا إذا صلى بهم على غير

24 - باب الرخصة في الصلاة جماعة في المسجد الذي قد صلى فيه الإمام بأصحابه

وضوء، وإن كان جنبا أعادوا إن فاتت تلك الصلاة فليست الجنابة كالوضوء. قال أبو بكر: لا يعيدون. م 579 - واختلف مالك، والشافعي في الإمام يتعمد أن يصلي وهو جنب، فقال مالك: صلاة القوم فاسدة. وقال الشافعي: صلاتهم تامة. 24 - باب الرخصة في الصلاة جماعة في المسجد الذي قد صلى فيه الإمام بأصحابه قال أبو بكر: (ح 358) روينا أن رجلاً دخل المسجد وقد صلى النبي- صلى الله عليه وسلم - فقال: ألا رجل يتصدق على هذا فيصلى معه. م 580 - وقد اختلف في هذا، ثبت عن أنس أنه صلى جماعة بعد صلاة الإمام، وروى ذلك عن ابن مسعود، وبه قال عطاء، والنخعي، والحسن البصرى، وقتادة، وأحمد، وإسحاق، واحتج أحمد بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -.

25 - باب اختلاف نية الإمام والمأموم

(ح 359) صلاة الجمع تزيد على صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة. وقالت طائفة: لا يجمع في المسجد مرتين، هذا قول سالم بن عبد الله، وبه قال أبو قلابة، وابن عون، وأيوب، وعثمان البتى، ومالك، والليث بن سعد، وسفيان الثوري، والأوزاعي، والشافعي، وأصحاب الرأي. وفيه قول ثالث: قاله أحمد: وهو أن لا يصلي في المسجد الحرام، ومسجد المدينة، وأما غير ذلك من المساجد فأرجو أن يكون ذلك واسعا لمن فعله. م 581 - وكان مالك، والشافعي يقولان: في مسجد على طريق من طرق المسلمين لا بأس أن يصلي فيه قوم بعد قوم. قال أبو بكر: بالقول الأول أقول. 25 - باب اختلاف نية الإمام والمأموم (ح 360) ثبت أن معاذ بن جبل كان يصلي مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم -العشاء، ثم يرجع فيصليها بقومه في بني مسلمة.

26 - باب تلقين الإمام

قال أبو بكر: م 582 - فممن هذا مذهبه القول بظاهر الحديث عطاء، وطاووس، وبه قال الشافعي، وأحمد بن حنبل، وسليمان بن حرب وأبو ثور، وقال بهذا المعنى الأوزاعي. وقالت طائفة: كل من خالفت نيته نية الإمام في شيء من الصلاة لم يعتد بها، واستأنف، هذا قول الزهري، وربيعة، ويحيى الأنصاري، ومالك. وروى معناه عن الحسن البصري وأبى قلابة [1/ 38/ألف]. وقال الكوفي: إذا صلى الإمام تطوعا لم تجز لمن صلى خلفه الفريضة، وإن صلى الإمام فريضة صل خلفه التطوع. وقال عطاء، وطاؤس: يجوز أن يصلي العشاء مع الإمام (¬1) يصلي التراويح، ويبني ركعتين إذا سلم الإمام. وفي قول سعيد بن المسيب، والزهري: يصلي معهم، ثم يصلي العشاء وحده. قال أبو بكر: بالقول الأول أقول، استدلالاً بحديث معاذ. 26 - باب تلقين الإمام م 583 - واختلفوا في تلقين الإمام، فممن فتح عليه عثمان بن عفان، وابن عمر. وروينا عن علي أنه قال: إذا استطعمكم الإمام فأطعموه، واستطعامه ¬

_ (¬1) في الأصل "ويصلي" , والصحيح بدون واو.

27 - باب صلاة النساء جماعة

سكوته، وهذا قول عطاء، والحسن البصري، ابن سيرين، وابن مغفل، ونافع بن جبير بن مطعم، وأبي أسماء الرحبي، ومالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق. وكره ابن مسعود، والشعبي، وشريح، وسفيان الثوري ذلك. وقال النعمان: في الرجل يستفتحه الرجل وهو في الصلاة فيفتح عليه، قال: هذا كلام في الصلاة، وإن فتح على الإمام لك يكن كلاماً. وقال محمد بن الحسن: لا ينبغى أن يفتح على الإمام. قال أبو بكر: يفتح على الإمام. 27 - باب صلاة النساء جماعة م 584 - واختلفوا في إمامة المرأة النساء. فرأت طائفة: أن تؤم المرأة النساء، روي ذلك عن عائشة، وأم سلمة أمى المؤمنين، وبه قال عطاء، وسفيان الثوري، والأوزاعى، والشافعي، وأحمد بن حنبل، وإسحاق، وأبو ثور. وقالت طائفة: لا تؤم المرأة في مكتوبة ولا نافلة، هذا قول سليمان بن يسار، والحسن البصري. وقال مالك: لا ينبغي المرأة أن تؤم أحداً.

28 - باب رد السلام على الإمام

وكره أصحاب الرأي ذلك، وقال: مجزيهم إن فعلت وتقوم وسطاً من الصف. وفيه قول ثالث: وهو أنها لا تؤمهن في الفريضة، وتؤمهن في التطوع. م 585 - ولا تقدمهن، روينا ذلك عن الشعبي، والنخعى، وقتادة. 28 - باب رد السلام على الإمام م 865 - واختلفوا في رد السلام على الإمام عند التسليم من الصلاة. فقالت طائفة: يسلم على الإمام، فممن روى عنه أنه رأى ذلك أبو هريرة، وابن عمر، وبه قال عطاء، والشعبي، وابن سيرين، وقتادة، وإسحاق، وأبو ثور. وفيه قول ثان: وهو أن يكفى من ذلك أن يسلم عن يمينه وعن يساره، هذا قول النخعي، وقال أحمد بن حنل: ما أدرى ما هو، وما فيه حديث يعتمد علي [1/ 38/ب] وكان لا يفعله. وفيه قول ثالث: وهو إذا كان الإمام عن يمينك سلمت على يمينك ونويت الإمام في ذلك، وكذلك إذا كان عن يسارك، وإن كان بين يديك فسلم عليه في نفسك، ثم سلم على يمينك وعن يسارك، هذا قول حماد بن أبي سليمان.

29 - باب الصلاة خلف الخوارج وأهل البدع

29 - باب الصلاة خلف الخوارج وأهل البدع م 587 - واختلفوا في الصلاة خلف من لا يرضى حاله من الخوارج وأهل البدع فرأت طائفة الصلاة خلفهم، فممن أجاز ذلك خلف الخوارج أبو جعفر. وقال الحسن في صاحب البدعة: يصلى خلفه، والشافعي: يجز الصلاة خلف من أقام الصلاة، وإن كان غير محمود الحال في دينه. وقال الثوري في القدري: لا تقدموه. وقال أحمد في المرجئ: إذا كان داعيا للصلاة لا يصلي خلفه ومن صلى خلف الجهمين يعيد، والقدري، إذا كان يرد الأحاديث، والرافضى كذلك، يعيد من صلي خلفهما، وقال أحمد: لا يصلي خلف أحد من أهل الأهواء إذا كان داعيا إلى هواه. وقد حكى عن مالك أنه قال: لا يصلى خلف أهل البدع من القدرية وغيرهم، ويصلى خلف أئمة الجور. قال أبو بكر: كل من أخرجته من بدعته إلى الكفر لم تجز الصلاة خلفه، ومن لك يكن كذلك فالصلاة خلفه جائزة، ولا نحب تقديم من هذه صفته. 30 - باب إمامة صاحب المنزل م 588 - حضر ابن مسعود، وحذيفة دار أبي موسى، فتقدم أبو موسى وأمهم

31 - باب الصلاة أمام الإمام

لأنهم كانوا في داره، وفعل ابن عمر هذا بمولى فصلى خلف المولى. وقال عطاء صاحب الربع يؤم من جاءه، وبه قال الشافعي. 31 - باب الصلاة أمام الإمام قال أبو بكر: (ح 361) سن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أن يكون الإمام أمام المأمومين. م 589 - واختلفوا في المصلي يصلي أمام الإمام في حال الضرورة من الزحام وما أشبهه. فقالت طائفة: إذا كان كذلك فصلاة من صلى منهم أمام الإمام جائزة، هذا قول مالك: إذا ضاق الزحام في الجمعة، وبه قال إسحاق، وأبو ثور. ولا يجزئ ذلك عند الشافعي، وأصحاب الرأي. 32 - باب المكبر قبل إمامه لا خلاف أن الأمام يبدأ فيكبر ثم يكبر من ورائه (ح 362) ثبت أن رسول الله [1/ 39/ألف]- صلى الله عليه وسلم -قال: "إنما جعل الإمام ليؤتم

33 - باب انتظار الإمام راكعا إذا سمع وقع نعل رجل

به فإذا كبر فكبروا". م 590 - واختلفوا فيمن كبر قبل إمامه. فقالت طائفة: يعيد تكبيره فإن لم يفعل فعليه الإعادة، هذا قول عطاء، ومالك، وسفيان الثوري، وأصحاب الرأي، ولم يقولوا يخرج مما دخل فيه بتسليم أو كلام. وكان الشافعي يقول: لا يجزيه تكبيرة حتى يقطع، يسلم. 33 - باب انتظار الإمام راكعاً إذا سمع وقع نعل رجل م 591 - واختلفوا في الإمام في ركوعه يسمع وقع إقدام الناس. فقالت طائفة: ينتظرهم حتى يدركوه، هذا مذهب الشعبي، والنخعي، وأبي مجلز، وعبد الرحمن بن أبي ليلى. وقال آخر: ينتظرهم ما لم يشق على أصحابه، هذا قول أحمد، وإسحاق، وأبو ثور. وقال الشافعي: ينتظرهم.

34 - باب الإمام يخص نفسه بالدعاء دون القوم

وقال الأوزاعى، والنعمان، ويعقوب: يركع كما كان يركع. قال أبو بكر: قول الشافعي، والأوزاعي حسن. 34 - باب الإمام يخص نفسه بالدعاء دون القوم (ح 363) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - كان يقول إذا كبر في الصلاة قبل القراءة "اللهم باعد يني وبين خطاياي كما باعت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض الدنس، اللهم أغسلني من خطاياي بالثلج والماء والبرد" (¬1). قال أبو بكر: وبهذا أقول. م 592 - وقد روينا عن مجاهد، وطاؤس أنهما قالا: لا ينبغي للإمام أن يخص نفسه بشيء من الدعاء دون القوم. وكره ذلك الثوري، والأوزاعى. وقال الشافعي: لا أحب ذلك. مسألة م 593 - واختلفوا في الرجل ينتهي إلى الإمام فيجده قاعداً في آخر صلاته فيكبر ويجلس مع الإمام، فكان مالك، وسفيان الثوري، وأحمد، وإسحاق، يقولون: يكبّر إذا قام. ¬

_ (¬1) في الأصل "أنه يخص".

مسألة

وقال الشافعي: يقوم بغير إحرام ويصلي بإحرامه الأول، وقال الحكم، وحماد: إذا قام أخذ بتلك التكبيرة لأنه نوى بها الإحرام. مسألة م 594 - واختلفوا في الرجل يدرك وتراً من صلاة الإمام ويجلس بجلوس الإمام، فقالت طائفة: لا يتشهد، كذلك قال الحسن البصري، وإبراهيم النخعي، ومكحول، وعمرو بن دينار. وروينا عن عطاء أنه قال: يتشهد، وبه قال نافع، والزهري، وسفيان الثوري. 35 - باب اختلافهم في الذي يدركه المرء من صلاة [1/ 39/ب] الإمام م 595 - واختلفوا في الذي يدركه المأموم من صلاة الإمام. فقالت طائفة: يجعله أول صلاته، روى هذا القول عن عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وأبي الدرداء، ولا يثبت ذلك عنهم، وبه قال سعيد بن المسيب، والحسن البصري، وعمر بن عبد العزيز،

36 - باب استخلاف الإمام من يتم بالقوم باقي صلاته

ومكحول، وعطاء، والزهري، والأوزاعي، وسعيد بن عبد العزيز، وإسحاق، والمزني. وقالت طائفة: يجعل ما أدرك مع الإمام آخر صلاته كذلك قال ابن عمر، وبه قال مجاهد، وابن سيرين، ومالك، وسفيان الثوري، والشافعي، وأحمد. قال أبو بكر: بالقول الأول أقول. 36 - باب استخلاف الإمام من يتم بالقوم باقي صلاته م 596 - واختلفوا في الإمام يحدث، فقالت طائفة: يقدم رجلاً يبتدئ من حيث بلغ الإمام المحدث ويبني على صلاته، روى هذا القول عن عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وعلقمة، وعطاء، والحسن البصري، والنخعى، وبه قال الثوري، وأصحاب الرأي. وقال الشافعي في آخر قوليه: "الاخيار أن يصلي القوم فرادى إذا كان ذلك، فإن قدم أو قدموا رجلاً فأتم بهم أجزاهم". وقال أحمد: إن قدم رجلاً فلا بأس، واحتج بعمر، وعلي. قال أبو بكر: م 597 - فإن قدم الإمام المحدث من لا يدري كم صلى الإمام، فإن النخعى قال: ينظر ما يصنع من خلفه. وقال الشافعي: يتصنع للقيام فإن سبحوا به جلس وعلم أنها الرابعة، قدّم رجلاً فسلّم بهم، وإن لم يعلم شيئاً من هذا بتسبيحهم، صلاها من أولها.

مسألة

وقال مالك: يصلى لنفسه صلاة تامة ويصلى الناس خلفه ويعتدون بما صلى بهم الإمام، فإذا فرغوا من صلاتهم قعدوا وانتظروا حتى إذا فرغ الإمام من صلاته سلم بهم. وفيه قول ثالث: قاله الأوزاعى قال: يصلى بهم ركعة لأنه قد أيقن أنهم قد بقيت عليهم ركعة، فيصلى ثم يتأخر ويقدم رجلاً فيصلي بهم ما بقي من صلاته أو يسلم إن كانوا قد أتموا، فإذا سلّم قام الرجل فأتم ما بقى عليه من صلاته. مسألة م 598 - واختلفوا في الإمام أحدث وقدم القوم رجلين كل طائفة منهم رجلاً، فقال أصحاب الرأي: صلاتهم جميعاً فاسدة. وفيه قول الشافعي: صلاة الفريقين اللذين قدم كل واحد منهما رجلاً تامة. م 599 - واختلفوا في الرجل يكبّر مع إمام فسهى قائماً وركع الإمام ومن معه ثم استأن وقد سجدوا، فكان مالك يقول: إذا أدركهم في أول سجودهم سجد معهم واعتد بها، وإن علم أنه لا يقدر على الركوع، وإن يدركهم في [1/ 40/ألف] السجود حتى يستووا قياماً في الثانية، فليتبعهم فيما بقى من صلاتهم، فإذا سلم الإمام قام فقضى تلك الركعة وسجد سجدتي السهو. وقال الأوزاعى: كذلك، غير أنه لم يجعل عليه سجدتي السهو.

م 600 - وقال شعبة: صليت خلف القشيري بالكوفى وكان الزحام شديداً فسبقني بالركوع والسجود، ولا أعلم حتى رفع رأسه فاتبعه بالركوع والسجود، ثم سجدت سجدتين بعد ما فرغت، فسألت الحكم، وحماداً فقالا: اسجد معه واحتسب. وفي قول الشافعي: يسجد ويتبعه ما لم يركع الإمام الركعة الثانية وليس له أن يسجد الأولى وقد ركع الإمام للركعة الثانية، ولكن يلغى الأولى ويتبعه في الثانية.

15 - كتاب العيدين

15 - كتاب العيدين 1 - باب التكبير ليلة الفطر قال الله جل ثناءه: {وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ} الآية. م 601 - واختلف أهل العلم في التكبير ليلة الفطر ويوم الفطر، فقال أكثر أهل العلم: يكبّرون إذا غدوا إلى المصلى، كان ابن عمر يفعل ذلك، وروى ذلك عن علي بن أبي طالب، وأبي أمامة الباهلي، وأبي رُهم، وناس من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -. وفعل ذلك إبراهم النخعى، وسعيد بن جبير، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وأبو الزناد، وهو قول عمر بن عبد العزيز، وإبان بن عثمان، وأبي بكر بن محمد، والحكم، وحماد بن سليمان، ومالك بن أنس، وأحمد بن حنبل، وإسحاق، وأبي ثور، وحكى الأوزاعى ذلك عن أناس. وكان الشافعي يقول: "إذا رأى هلال شوال أحب أن يكبّر الناس جماعة، وفرادى فلا يزالون يكبرون ويظهرون التكبير حتى يغدو إلى المصلى وحتى يخرج الإمام للصلاة، وكذلك أحب في ليلة الأضحى لمن لم (¬1) يحج. ¬

_ (¬1) في الأصل "لمن يحج" والتصحيح من الأوسط, والأم.

2 - باب صفة التكبير

وروينا عن ابن عباس أنه سمع الناس يكبرون فقال: يكبر الإمام؟ قيل: لا، قال: أمجانين الناس. قال أبو بكر: بالقول الأول أقول. لأن ذلك قد رويناه عن جماعة من أصحاب النبي- صلى الله عليه وسلم -، وجماعة من التابعين، وهو قول أكثر أهل العلم، وإن كبر ليلة الفطر، فلا بأس به لأنه ذكر الله عز وجل. 2 - باب صفة التكبير م 602 - كان قتادة يقول: التكبير، الله أكبر، الله أكبر الله على ما هدانا الله أكبر ولله الحمد. وكان ابن المبارك يقول إذا خرج يوم الفطر: الله أكبر، الله أكبر لا إله إلا الله والله [1/ 40/ب] أكبر، الله أكبر ولله الحمد، الله أكبر على ما هدانا. وكان مالك: لا يحد فيه حداً. وقال أحمد: هذا واسع.

3 - باب المكان الذي يؤتى منه العيد

3 - باب المكان الذي يؤتى منه العيد م 603 - واختلفوا في المكان الذي يؤتى منه العيد، فقال الأوزاعي: من آواه الليل إلى أهله فعليه الجمعة والعيد. وقال ربيعة: كانوا يرون الفرسخ. وقال أبو الزناد: هما في النزول كهما منزلة الجمعة، وبه قال مالك، والليث بن سعد. 4 - باب الأكل يوم الفطر قبل الغدوّ إلى المصلى (ح 364) روينا عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه كان لا يخرج يوم الفطر حتى يطعم، ولا يطعم يوم النحر حتى يرجع. (ح 365) وقال أنس: قلّ ما خرج رسول الله-صلى الله عليه وسلم -يوم الفطر حتى يأكل تمرات ثلاثاً أو خمساً أو سبعاً أو أقل أو أكثر وتراً. م 604 - وكان ابن عمر: لا يأكل يوم الفطر حتى يغدو. وروينا عن ابن مسعود أنه قال: لا تأكلوا قبل أن تخرجوا يوم الفطر إن شئتم. قال أبو بكر: والذي عليه أكثر أهل العلم استحباب الأكل يوم الفطر قبل الغدو.

5 - باب الاغتسال يوم العيد

وروينا عن علي أنه قال: من السنة أن يأكل قبل أن يخرج. وكان ابن عباس: يحث عليه. وهو قول سعيد بن المسيب، وابن سيرين، وعطاء، وطاؤس، ومجاهد، وابن الزناد، والشعبي، وعروة بن الزبير، وعبد الله بن معقل، ومالك، والشافعي، وأحمد. وقال النخعى: إن شاء أكل وإن شاء لم يأكل. 5 - باب الاغتسال يوم العيد م 605 - ثبت أن ابن عمر كان يغتسل يوم الفطر قبل أن يغدوا إلى المصلى، وروي ذلك عن علي. وممن كان يرى الاغتسال يوم الفطر، عطاء، وعلقمة، وعروة بن الزبير، وإبراهيم التيمى، وإبراهيم النخعى، والشعبى، وقتادة، وأبو الزناد، ومالك، والشافعي، وإسحاق. قال أبو بكر: ونحن نستحب ذلك، وليس بواجب.

6 - باب الخروج إلى المصلى

6 - باب الخروج إلى المصلى (ح 366) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -كان يخرج يوم الفطر ويوم الأضحى إلى المصلى. م 606 - والسنة أن يخرج الناس إلى المصلى في العيد فإن ضعف قوم عن الخروج إلى المصلى أمر الإمام من يصلى بهم في المسجد. وروينا عن علي أنه أمر بذلك. واستحسن ذلك الأوزاعي، وأصحاب الرأي، وكان الشافعي، وأبو ثور، يريان ذلك. 7 - باب [1/ 41/ألف] ترك الأذان للعيد (ح 367) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - صلى العيدين بغير أذان ولا إقامة. م 607 - وقال جابر، وابن عباس، لم يكن يؤذن يوم الفطر ولا يوم الأضحى، وهو قول المغيرة بن شعبة، ويحيى الأنصاري، ومالك، والأوزاعى، وابن جابر، والشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي. وقال الشافعي: يقول في الأعياد: الصلاة جامعة. وقد روينا عن ابن الزبير أنه أذن وأقام.

8 - باب وقت صلاة العيد

وقال حصين: أول من أذن في العيد زياد. قال أبو يكر: يصلي بغير أذان ولا إقامة. 8 - باب وقت صلاة العيد م 608 - كان ابن عمر يصلي الصبح في مسجد رسول الله- صلى الله عليه وسلم -ثم يغدو كما هو إلى المصلى. وكان رافع بن خديج وبنوه يجلسون في المسجد فإذا طلعت الشمس صلوا ركعتين، ثم يذهبون إلى المصلى في الفطر والأضحى. وقال مجاهد: كل عيد أول النهار. وقال مالك: "مضت السنة أن يخرج الإمام من منزله قدر ما يبلغ مصلاه وقد حلت الصلاة". وقال الشافعي: "يوافي المصلى حين تبرُز الشمس في الأضحى، ويؤخر ْالغدو إلى الفطر عن ذلك قليلاً" قال أبو ثور: كقول مالك. قال أبو بكر: السنة أن يغدو الناس إلى المصلى في الفطر والأضحى.

9 - باب إخراج النساء إلى الأعياد

9 - باب إخراج النساء إلى الأعياد (ح 368) قالت أم عطية: أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -أن يخرجن (¬1) يوم الفطر ويوم النحر العواتق وذوات الخدور والحيض، فأما الحيض فيعتزلن في المصلى ويشهدن الخير ودعوة المسلمين. م 609 - وقد روينا عن أبي بكر، وعلي، أنهما قالا: حقاً على كل ذات نطاق أن يخرجن إلى العيدين. وكان ابن عمر يخرج من استطاع من أهله في العيدين. وكره ذلك إبراهيم النخعى، ويحيى الأنصاري، قالا: لا يعرف خروج المرأة الشابة في العيدين عندنا. وكان أصحاب الرأي: يرخصون للعجوز الكبيرة. 10 - باب الركوب إلى العيدين م 610 - روينا عن عمر بن الخطاب أنه خرج في فطر أو يوم أضحى في ثوب قطن يمشي. وقال على: من السنة أن يأتي العيد ماشياً، وهذا هو مذهب عمر بن عبد العزيز. وكره النخعي الركوب. واستحب المشي الثوري، والشافعي. ¬

_ (¬1) في الأصل "نخرجهن".

وقال مالك: نحن نمشى ومكاننا قريب، ومن بَعُد ذلك عليه فلا بأس أن يركب. قال أبو بكر: المشي أحسن وأقرب إلى. . . . . . (¬1) ¬

_ (¬1) بدأ السقط قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: ونص الكلام في الأوسط كما يلي: «قَالَ أَبُو بَكْرٍ: الْمَشْيُ إِلَى الْعِيدِ أَحْسَنُ، وَأَقْرَبُ إِلَى التَّوَاضُعِ، وَلَا شَيْءَ عَلَى مَنْ رَكِبَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَلْبَسَ فِي الْعِيدَيْنِ مِنْ صَالِحِ ثِيَابِهِ كَمَا يَلْبَسُ فِي الْجُمُعَةِ، وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي الْفَجْرَ يَوْمَ الْعِيدَيْنِ عَلَيْهِ ثِيَابُ الْعِيدِ»

[13 - باب عدد التكبير في صلاة العيدين في القيام قبل الركوع]

[13 - باب عدد التكبير في صلاة العيدين في القيام قبل الركوع]

ـ. . . . . . . . . . (¬1) [1/ 25/ب] والفطر: يكبر واحدة يفتتح بها الصلاة ثم يكبر ثلاثاً ثم يقرأ ثم يكبر فيركع ويسجد ثم يقوم فيقرأ ثم يكبر ثلاثاً فيركع بالثالثة ويسجد. • وفيه قول تاسع: وهو قول من فرق بين تكبير الأضحى والفطر. روينا عن علي: أنه كبر يوم الفطر إحدى عشرة تكبيرة يفتتح تكبيرة واحدة، ثم يقرأ ثم يكبر خمساً يركع بإحداهن، ثم يقوم فيكبر ثم يكبر خمساً يركع بإحداهن، وكان يكبر خمساً في الأضحى، تكبيرة واحدة التي توجب بها الصلاة، ثم يقرأ ثم يكبر اثنتين يركع بإحديهما، ثم يقوم يقرأ، ثم يكبر اثنتين يركع بإحديهما. ¬

_ (¬1) انتهى السقط قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: ونص الكلام في الأوسط كما يلي: «قَالَ أَبُو بَكْرٍ: اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي عَدَدِ التَّكْبِيرِ، فِي صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ • فَقَالَ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ: يُكَبِّرُ فِي الْأُولَى سَبْعًا وَفِي الْآخِرَةِ خَمْسًا، رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، وَابْنِ عُمَرَ. . . . . وَبِهِ قَالَ يَحْيَى الْأَنْصَارِيُّ، وَالزُّهْرِيُّ، وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، قَالَ الشَّافِعِيُّ: لَيْسَ مِنَ السَّبْعِ تَكْبِيرَةُ الِافْتِتَاحِ، وَلَا مِنَ الْخَمْسِ فِي الثَّانِيَةِ تَكْبِيرَةُ الْقِيَامِ، وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ: يُكَبِّرُ سَبْعَ تَكْبِيرَاتٍ مَعَ تَكْبِيرَةِ الِافْتِتَاحِ، وَيَقُومُ فِي الثَّانِيَةِ لِيُكَبِّرَ خَمْسَ تَكْبِيرَاتٍ. وَعَارَضَ الشَّافِعِيُّ بَعْضَ أَصْحَابِهِ فَقَالَ: لَمَّا سَنَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التَّكْبِيرَ عَلَى الْجَنَائِزِ أَرْبَعًا وَكَانَ تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ فمنها، لَزِمَ النَّاسَ سَبْعُ تَكْبِيرَاتٍ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى مِنَ الْعِيدِ منها تَكْبِيرَةَ الِافْتِتَاحِ. • وَفِيهِ قَوْلٌ سِوَاهُ وَهُوَ أَنَّ التَّكْبِيرَ فِي الْعِيدَيْنِ تِسْعٌ تِسْعٌ، رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَالْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، وَفَسَّرَ ذَلِكَ ابْنُ مَسْعُودٍ لِبَعْضِ الْأُمَرَاءِ فَقَالَ: تَقُومُ فَتُكَبِّرُ أَرْبَعًا مُتَوَالِيَاتٍ، ثُمَّ تَقْرَأُ ثُمَّ تُكَبِّرُ، فَتَرْكَعُ وَتَسْجُدُ، ثُمَّ تَقُومُ فَتَقْرَأُ ثُمَّ تُكَبِّرُ أَرْبَعًا تَرْكَعُ بِآخَرِهِنَ، وَحَضَرَ قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ هَذَا حُذَيْفَةُ، وَأَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ، وَأَبُو مَسْعُودٍ عُقْبَةُ بْنُ عَمْرٍو فَقَالُوا: صَدَقَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَرُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَبِهِ قَالَ النَّخَعِيُّ. . . . . . . • وقال سفيان الثورى في التكبير في الفطر والأضحى: يكبر أربع تكبيرات قبل القراءة، ثم يقوم في الركعة الثانية فيقرأ ثم يكبر أربع تكبيرات ثم يركع بالرابعة، وقال أصحاب الرأي كما روى عن ابن مسعود. • وفيه قول ثالث: قاله ابن عباس قال: (التكبير يوم الفطر ثلاث عشرة يكبرهن وهو قائم سبع في الركعة الأولى منهن تكبيرة الاستفتاح للصلاة، ومنهن تكبيرة الركعة، ومنهن ست قبل القراءة وواحدة بعدها، وفي الآخرة ست تكبيرات منهن تكبيرة الركعة ومنهن خمس قبل القراءة وواحدة بعدها). . . . • وفيه قول رابع: قاله الحسن البصري قال: في الأولى خمس تكبيرات، وفي الآخرة ثلاث سوى تكبيرتي الركوع. • وفيه قول خامس: وهو أن التكبير في العيدين كالتكبير على الجنائز أربع أربع، روي هذا الحديث عن حذيفة، وأبي موسى، وابن مسعود، وابن الزبير. . . . . . • وفيه قول سادس: وهو أن التكبير في صلاة العيد يكبر في الركعة الأولى أربع تكبيرات قبل القراءة سوى تكبيرة الصلاة، وفي الركعة الثانية ثلاث تكبيرات بعد القراءة سوى تكبيرة الصلاة. . . . . . . . • وَفِيهِ قَوْلٌ سَابِعٌ: قَالَهُ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ قَالَ: إِنَّ أَعْجَبَ مَا سَمِعْتُ إِلَيَّ، أَنْ يُكَبِّرَ الْإِمَامُ، وَاحِدَةً، يَفْتَتِحُ بِهَا الصَّلَاةَ ثُمَّ يُكَبِّرُ ثَلَاثًا ثُمَّ يَقْرَأُ ثُمَّ يُكَبِّرُ فَيَرْكَعُ وَيَسْجُدُ ثُمَّ يَقُومُ فَيَقْرَأُ ثُمَّ يُكَبِّرُ ثَلَاثًا ثُمَّ يُكَبِّرُ أُخْرَى فَيَرْكَعُ وَيَسْجُدُ. • وَفِيهِ قَوْلٌ ثَامِنٌ: وَهِيَ الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ قَالَ فِي التَّكْبِيرِ يَوْمَ الْأَضْحَى وَالْفِطْرِ: يُكَبِّرُ وَاحِدَةً يَفْتَتِحُ بِهَا الصَّلَاةَ ثُمَّ يُكَبِّرُ ثَلَاثًا ثُمَّ يَقْرَأُ ثُمَّ يُكَبِّرُ فَيَرْكَعُ وَيَسْجُدُ ثُمَّ يَقُومُ فَيَقْرَأُ ثُمَّ يُكَبِّرُ ثَلَاثًا فَيَرْكَعُ بِالثَّالِثَةِ وَيَسْجُدُ.»

14 - باب الذكر بين كل تكبيرتين

وقد روينا عن علي أنه كان يكبر في الفطر اثنتي عشرة تكبيرة، وفي الأضحى خمساً، وأحسب أن الرواية التي رويت عنه أنه كان يكبر يوم الفطر إحدى عشرة تكبيرة غلط، والله أعلم. وفيه قول عاشر: روي عن يحيى بن يعمر أنه قال في الأضحى: إذا دخلت المسجد فكبر تكبرتين ثم اقرأ بفاتحة الكتاب وسورة في الأخرى مثل ذلك. وفي الفطر مثل قول ابن مسعود: في الأولى أربع وفي الأخرى ثلات سوى تكبيرتي الركوع. وفيه قول حادي عشر: قاله حماد بن أبي سليمان قال: ليس في تكبير العيد شيء مؤقت. وفيه قول ثاني عشر: وهي رواية أخرى عن ابن عباس: أن التكبير يوم الفطر ويوم النحر تسع تكبيرات، وإحدى عشرة، وثلاث عشرة كل سنة. قال أبو بكر: بالقول الأول أقول: (ح 372) لحديث رويناه عن عبد الله بن عمرو عن النبي- صلى الله عليه وسلم -. 14 - باب الذكر بين كل تكبيرتين م 615 - واختلفوا في الذكر بين كل تكبيرتين من تكبيرات العيد، فقالت طائفة: يحمد الله ويثني عليه ويصلي على النبي- صلى الله عليه وسلم - ويدعو الله ثم يكبر، روي هذا القول عن ابن مسعود.

مسألة

وقال عطاء يسكت بين كل تكبيرتين ساعة يدعو الله ويذكره في نفسه. وقال الشافعي رحمه الله: "يقف بين كل تكبيرتين قدر آية لا طويلة ولا قصيرة يهلل الله ويكبره ويحمده. ومال أحمد بن حنبل إلى قول ابن مسعود. وكان مالك لا يرى ذلك لأن التكبير عده متتابع. وسئل الأوزاعي: هل بين التكبيرتين شيء؟ فقال: ما علمته. قال أبو بكر. بقول ابن مسعود نقول. مسألة م 616 - واختلفوا فيما يستفتح به الصلاة بعد التكبير مثل قول سبحانك اللهم وبحمدك وما أشبه ذلك، ففى قول الأوزاعي: يقول إذا فرغ من السبع تكبيرات: سبحانك اللهم وبحمدك. وقال الشافعي: "يكبر للدخول في الصلاة، ثم يفتتح ويقول: وجهت وجهي، ثم يكبر سبعاً [1/ 26/ألف]. مسألة م 617 - واختلفوا في تكبير العيد، ينساه المصلى حتى يبتدئ في القراءة،

15 - باب رفع اليدين في تكبيرات العيد

ففى قول مالك، وأبي ثور، إن ذكر قبل أن يركع عاد فكبر وسجد سجدتي السهو، وإن ركع مضى ولم يكبر ما فاته في الركعة الثانية وسجد سجدتي السهو. وفي قول الشافعي: إذا افتتح القراءة لا يقطعها، ولا قضاء عليه، آخر قوليه، وقد كان يقول قبل كقول مالك. 15 - باب رفع اليدين في تكبيرات العيد م 618 - واختلفوا في رفع اليدين في التكبيرات في صلاة العيد. فكان عطاء بن أبي رباح، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد، يقولون: يرفع يديه في كل تكبيرة. وقال سفيان الثوري: يرفع يديه في أول تكبيرة. وقال مالك: إن شاء رفع يديه فيها كلها وفي الأولى وحدها أحب إلى. وقال ابن الحسن: "يرفع يديه في التكبيرة الأولى، ثم يكبر ثلاثاً فيرفع يديه، ثم يكبر الخامسة ولا يرفع يديه، فإذا قام في الثانية فقرأ كبر ثلاث تكبيرات ويرفع يديه، ثم يكبر الرابعة للركوع ولا يرفع يديه". قال أبو بكر: كما قال عطاء أقول.

16 - باب القراءة في صلاة العيد

16 - باب القراءة في صلاة العيد (ح 373) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - كان يقرأ في العيدين ويوم الجمعة {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} الآية، و {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ} الآية. م 619 - وقال بهذا عمر بن الخطاب، وأبو ثور. وكان الشافعي يرى أن يقرأ في الفطر والأضحى بقاف "واقتربت". وكان إبان بن عفان يقرأ: سبح اسم ربك الأعلى، واقرأ باسم ربك الذي خلق. وروينا عن ابن مسعود أنه كان يرى أن يقرأ بأم القرآن، وسورة من المفصل. قال أبو بكر: يجزيه ما قرأ به، والأول أولى. 17 - باب الجهر بالقراءة في صلاة العيد م 620 - روينا عن علي أنه قال: إذا قرأت في العيدين فأسمع من يليك ولا ترفع صوتك، وكان عطاء بن أبي رباح، ومالك، والشافعي، وأكثر أهل العلم يرون الجهر بالقراءة.

18 - باب اجتماع العيدين

وبه نقول. (ح 374) لأن في الأخبار من أخبر بها قراءة النبي- صلى الله عليه وسلم - دليل على أنه كان يجهر بالقراءة. 18 - باب اجتماع العيدين م 621 - واختلفوا في العيدين إذا اجتمعا، فكان عطاء بن أبي رباح يقول: يجزئ أحدهما على الآخر. قال عطاء إن اجتمع يوم جمعة ويوم فطر، فليجمعهما فليصل ركعتين حين يصلى الفطر ثم هي هي حتى العصر، وذكر أن ابن الزبير فعل ذلك، وروى نحو ذلك عن علي بن أبي [1/ 26/ب] طالب. وروي عن الشعبي، والنخعى أنهما قالا: يجزئ عنك أحدهما. وفيه قول ثان: وهو أن الرخصة في الآذان لمن كان خارجاً عن المصر في الرجوع إلى أهاليهم ولا يعودون إلى الجمعة. روينا عن عثمان بن عفان أنه قال في عيدين اجتمعا: من أحب من أهل العالية أن ينتظر الجمعة فلينتظرها، ومن أحب أن يرجع فليرجع، وروى نحوه عن عمر بن عبد العزيز. وبه قال الشافعي، والنعمان في العيدين يجتمعان في يوم واحد يشهدهما جميعاً، الأول سنة والآخر فريضة، ولا يترك واحد منهما.

19 - باب صلاة من تفوته صلاة العيد مع الإمام

19 - باب صلاة من تفوته صلاة العيد مع الإمام م 622 - واختلفوا في الرجل تفوته صلاة العيد مع الإمام. فروينا عن ابن مسعود أنه قال: يصلى أربعاً، وبه قال أحمد واستحب ذلك الثوري. وقال أصحاب الرأي: إن شاء صلى، وإن شاء لم يصل، وإن صلى صلى أربع ركعات، وإن شاء ركعتين. وفيه قول ثان: وهو أن يصليها كصلاة الإمام، وبه قال مالك، والشافعي، وأبو ثور. وفيه قول ثالث: وهو أن يصلي ركعتين ولا يجهر بقراءته، ولا يكبر تكبير الإمام، هذا قول الأوزاعي. وفيه قول رابع: وهو إن صلى في الجبّان الصحراء صلى كصلاة الإمام، وإن لم يصل في الجبّان صلى أربعاً، هذا قول إسحاق. قال أبو بكر: (ح 375) سنّ رسول الله- صلى الله عليه وسلم - صلاة العيد بركعتين. فكل من صلاها صلاها كما سنّ رسول الله- صلى الله عليه وسلم -، ولا يصح حديث ابن مسعود.

20 - باب صلاة العيد وصلاة الجمعة

20 - باب صلاة العيد وصلاة الجمعة م 623 - اختلف أهل العلم في صلاة العيد للمسافر، ولمن لا يجب عليه الجمعة، فقالت طائفة: يصليها المسافر، هذا قول الحسن البصري، والشافعي، وقال: يصلى في البادية وتصليها المرأة في بيتها والعبد. وقد روينا عن علي أنه قال: لا جمعة ولا تشريق إلا في مصر جامع. وقال الزهري: ليس على المسافر صلاة الأضحى والفطر. وقال مالك: في الإمام يكون في السفر فيحضر الأضحى والفطر، ليس ذلك عليه. وقال إسحاق: ثبت بما روى عن علي. وقال أصحاب الرأي: إنما يجب على أهل الأمصار والمدائن. 21 - باب القوم لا يعلمون بيوم الفطر إلا بعد الزوال م 624 - واختلفوا في البينة تشهد يوم ثلاثين من شهر رمضان بعد الزوال أن الهلال رؤي بالأمس [1/ 27/ألف]، فقالت طائفة: ليس عليهم أن يصلوا يومهم ولا من الغد، هذا قول الشافعي، وأبي ثور، وبه قال مالك.

22 - باب تيمم من يخشى فوات العيد

وقال آخرون: يخرجون إلى العيد في الغد، هذا قول الأوزاعي، والثوري، وإسحاق وأحمد. وبه نقول. (ح 376) لحديث روينا عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه أمرهم أن يفطروا وإذا أصبحوا أن يغدوا إلى مصلاهم. 22 - باب تيمم من يخشى فوات العيد م 625 - واختلفوا في الرجل يخشى فوات العيد إن ذهب يتوضأ، فكان مالك، والشافعي، وأبو ثور يقولون: يتوضأ وإن فاتته. وقال سفيان الثوري، وأصحاب الرأي: يتيمم. وقال أبو بكر: بالقول الأول أقول. مسألة م 626 - واختلفوا فيمن ترك تكبيرة من تكبيرات العيد، ففي قول الشافعي: لا شيء عليه. وفي قول مالك، وأبي ثور: يسجد سجدتي السهو.

23 - باب التكبير أيام التشريق

م 627 - وكان مالك، والشافعي يستحبان أن يخرج يوم العيد في طريق ويرجع من غيره، وبه نقول. (ح 377) لحديث رويناه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. 23 - باب التكبير أيام التشريق قال أبو بكر: قال الله جل وعز: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} الآية. قال أبو بكر: م 628 - كان ابن عباس، وابن عمر، وجماعة من التابعين يقولون: إنها أيام التشريق. وبه قال مالك، وأبو عبيدة معمر بن المثنى، وإسحاق بن راهويه. (ح 378) وثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: إنها أيام أكل وشرب وذكر الله. 24 - باب اختلافهم في التكبير في أدبار الصلوات أيام مني م 629 - واختلفوا في الوقت الذي يبتدئ فيه بالتكبر أيام مني ووقت قطعه.

فكان عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وابن عباس يقولون: يكبر من صلاة الصبح من يوم عرفة إلى آخر أيام التشريق يكبر في العصر ثم يقطع، وبه قال سفيان الثوري، وأحمد بن حنبل، ويعقوب، ومحمد. وقال ابن مسعود، وعلقمة، والنخعى، والنعمان: يكبر من غداة عرفة إلى صلاة العصر من يوم النحر. وروينا عن ابن مسعود أنه كان يكبر من صلاة الفجر من يوم عرفة ويقطع في الظهر من يوم النحر. وقال يحيى الأنصاري: السنة عندنا أن يكبر من صلاة الظهر يوم النحر إلى آخر أيام التشريق، يكبر الظهر ثم يمسك. وقال الزهري: مضت السنة أن يكبر الإمام في الأمصار دبر صلاة الظهر من يوم النحر إلى العصر من آخر أيام التشريق. وفيه قول سادس: وهو أن التكبير [1/ 27/ب] من صلاة الظهر من يوم النحر إلى صلاة الصبح من آخر أيام التشريق، هذا قول مالك، والشافعي، وروي ذلك عن ابن عمر، وعمر بن عبد العزيز. وفيه قول سابع: وهو أن التكبير في الأمصار يوم عرفة بعد الظهر إلى بعد العصر من آخر أيام التشريق، روينا ذلك عن ابن عباس، وسعيد ابن جبير. روى ذلك عن الزهري خلاف القول الأول.

25 - باب كيف يكون التكبير في أيام التشريق

وروينا عن الحسن البصري أنه قال: التكبير من صلاة الظهر من يوم النحر إلى صلاة الظهر من يوم النفر الأول. وفيه قول تاسع: حكاه أحمد بن حنبل عن ابن عيينة، واستحسنه ثم قال: أهل يبتدؤون بالتكبير يوم النحر، قم من صلاة الظهر لأنهم يقطعون التلبية عند رمى الجمرة يأخذون في التكبير، وأهل الأمصار يبتدؤن غداة عرفة. ومال أبو ثور إلى هذا القول. وفيه قول عاشر: اختلف فيه عن أبي وائل، روينا عنه أنه قال: كقول يحيى الأنصاري، والقول الآخر: أنه يكبر من يوم عرفة من صلاة الظهر يعني من يوم النحر. قال أبو بكر: بالقول الأول أقول. 25 - باب كيف يكون التكبير في أيام التشريق م 630 - روينا عن عمر، وابن مسعود أنهما كانا يقولان: الله أكبر الله أكبر إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد. وبه قال الثوري، وأحمد، وإسحاق، والنعمان، ومحمد. وقال مالك، والشافعي: يكبر ثلاثاً، الله أكبر الله أكبر الله أكبر.

26 - باب جامع التكبير

وروينا عن ابن عباس أنه قال يقول: الله أكبر الله أكبر كبيراً الله أكبر تكبيراً الله أكبر وأجل الله أكبر ولله الحمد. وفيه قول رابع: وهو أن يقول: الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، روينا هذا القول عن ابن عمر. وقال الحكم، وحماد: ليس فيه شىء مؤقت. 26 - باب جامع التكبير م 631 - واختلفوا فيمن صلى وحده، فكان ابن عمر إذا صلى وحده لا يكبر في أيام التشريق. وقال ابن مسعود: إنما التكبير على من صلى في جماعة. وقال الثوري في التكبير: إنما هو في الصلاة المكتوبة في الجماعة، وبه قال أحمد، والنعمان. وقالت طائفة: يكبّر وإن صلى وحده، هذا قول مالك، والأوزاعي، والشافعي، ويعقوب، ومحمد. م 632 - واختلفوا في تكبير النساء في أيام التشريق، فكان سفيان الثوري يقول: ليس [1/ 28/ألف] على النساء تكبير في أيام التشريق إلا في الجماعة، واستحسن قول الثوري، وأحمد. وقال النعمان: ليس على جماعات النساء إذا صلّين وليس معهن رجل تكبير.

وقال مالك، والشافعي، وأبو ثور، ويعقوب، ومحمد: تكبّر النساء أيام التشريق. م 633 - واختلفوا في المسافر هل يكبّر، فممن مذهبه أن يكبر المسافر، مالك، والشافعي، وأحمد، وأبو ثور، ويعقوب، ومحمد. وقال النعمان: ليس على المسافر تكبير. م 634 - واختلفوا في التكبير في دُبُر النوافل، فكان سفيان الثوري، وأحمد يقولان: لا يكبر في دبر صلاة التطوع، وبه قال إسحاق. وقال الشافعي: يكبر خلف النوافل، والفرائض على كل حال. م 635 - واختلفوا في الوقت الذي يكبّر من سبقه الإمام ببعض الصلاة، فقالت طائفة: يقضى ثم يكبر، هكذا قال ابن سيرين، والشعبي، ومالك، وابن شبرمة، والثوري، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. وقال الحسن البصري: يكبّر ثم يقضي.

وقد روينا عن مجاهد، ومكحول، أنهما قالا: يكبّر ثم يقضى ثم يكبّر. قال أبو بكر: القول الأول أحسنها. م 636 - كان سفيان الثوري يقول: إذا لم يكبّر الإمام كبر من وراءه. وقال الشافعي: إذا قام من مجلسه كبر ماشياً كما هو. وقال أصحاب الرأي: "إذا خرج من المسجد فليس عليه أن يكبّر فإن ذكر الإمام قبل أن يقوم من مجلسه وقبل أن يخرج من المسجد ولم يتكلم كبر وكبر من معه". م 637 - وكان إسحاق بن راهويه، وأصحاب الرأي يقولون: فيمن عليه سجود السهو: يسجدهما ثم يكبّر، وهذا على مذهب الشافعي. م 638 - وقال سفيان الثوري: يبدأ بسجدتي السهو ثم التكبير ثم التلبية يعني المحرم في يوم عرفة. وقال أصحاب الرأي: في المحرم بيوم عرفة: "يبدأ بالتكبير ثم التلبية". قال أبو بكر: قال الله جل ذكره: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} الآية.

فلا يجوز أن يُستثنى من صلى وحده، ومن كان مسافراً، بل هو عام للحاضر، والمسافر، والمقيم، والرجل، والمرأة، من صلى في جماعة الصلوات المكتوبات، والنوافل، منفردين أو مجتمعين، رجالاً ونساءً.

16 - كتاب الاستسقاء

16 - كتاب الاستسقاء قال الله جل ذكره: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى إِذِ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِبْ} الآية. (ح 379) وثبت أن رجلاً جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله قحط المطر فادع الله أن [1/ 28/ب] يسقينا، فدعا الله، فمطرنا. (ح 380) وثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -خرج بالناس إلى المصلى يستسقى، فاستقبل القبلة وحول رداءه. قال أبو بكر: م 639 - ليس لصلاة الإستسقاء أذان ولا إقامة. م 640 - واختلفوا في الوقت الذي يخرج فيه الإمام لصلاة الإستسقاء، فكان مالك، والشافعي، وأبو ثور يقولون: يخرج كالخروج إلى صلاة العيد. وقد روينا عن أبي بكر بن عمرو بن حزم أنه خرج إلى الإستسقاء وذلك في زوال الشمس. قال أبو بكر: والقول الأول أصح.

(ح 381) في حديث ابن عباس، وصلى كما يصلى في العيد. م 641 - واختلفوا في إخراج أهل الذمة في الإستسقاء، فروينا عن مكحول، أنه لم ير بذلك بأساً. وقال ابن المبارك: إذا خرجوا يعزلون عن مصلاهم، وحكى ذلك عن الزهري. وقال إسحاق بن راهويه: لا يؤمروا به ولا ينهوا عنه. وكان الشافعي يكره إخراجهم، ويأمر بمنعهم، فإن خرجوا متميزين لم يمنعهم. وقال أصحاب الرأي: لا يجب إخراجهم. قال أبو بكر: قول إسحاق حسن. م 642 - وكان الشافعي يقول: "أحب أن يخرج الصبيان ويتنظفون للاستسقاء، وكبار النساء ومن لا هيئة له منهن، ولا أحب خروج ذوات الهيئة، ولا آمر بإخراج البهائم". وكره يعقوب، ومحمد خروج الشابة ورخصا في خروج العجائز. (ح 382) وقد روينا عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه استسقى فخطب قبل الصلاة.

م 643 - وروينا عن ابن الزبير أنه خطب ثم صلى، وفي الناس البراء بن عازب، وزيد بن أرقم. وروى ذلك عن عمر بن عبد العزيز. وروينا عن عبد الله بن يزيد أنه صلى ثم استسقى. وقال مالك بن أنس، والشافعي، والحسن (¬1) يبدأ بالصلاة قبل الخطبة. وقد روينا عن عمر بن الخطاب أنه خطب قبل الصلاة. وبه نقول. (ح 383) وثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - جهر بالقراءة في صلاة الاستسقاء. م 644 - وبه قال مالك، والشافعي، وأحمد، وأبو ثور، ومحمد بن الحسن. م 645 - واختلفوا في عدد التكبير في صلاة الإستسقاء، فكان مالك، وإسحاق، وأبو ثور يقولون: لا يكبر فيها تكبير العيد. وقالت طائفة: يكبر فيها كما يكبر في العيدين، هذا قول سعيد بن المسيب، وعمر بن عبد العزيز، وأبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، والشافعي. (ح 384) وثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - استسقى وحول (¬2) ردائه. م 646 - واختلفوا في تحويل الرداء، فكان مالك يقول: "إذا فرغ الإمام من الصلاة في الإستسقاء خطب الناس قائماً يدعو في [1/ 29/ب] خطبته ¬

_ (¬1) كذا في الأصل, وفي الأوسط "محمد بن الحسن". (¬2) في الأصل "رداءه".

مستقبل الناس، فإذا استقبل القبلة حول رداءه، جعل ما على يمينه على شماله، وما على شماله على يمينه، ودعا قائماً واستقبل الناس جميعاً القبلة، كما استقبلها الإمام قعوداً، وحولوا أرديتهم جميعاً كما حول الإمام، فإذا فرغ مما يريد من الدعاء تحول إلى الناس بوجهه، ثم انصرف". وممن كان يرى أن يجعل اليمين الشمال والشمال اليمين، أحمد بن حنبل وأبو ثور. وبه كان يقول الشافعي بالعراق ثم قال بمصر آخر قوليه قال: "آمر الإمام أن ينكس رداءه فيجعل أعلاه أسفله ويزيد مع تنكيسه، يجعل شقه الذي كان على منكبه الأيمن الأيسر، والذي كان على منكبه الأيسر على منكبه الأيمن". وفيه قول ثالث: قاله محمد بن الحسن قال: "ويقلب الإمام رداءه كما قال أحمد، وأبو ثور وقال: "ليس ذلك على من خلف الإمام". م 647 - واختلفوا في خطبة الإستسقاء، فقال مالك، والشافعي: "يخطب خطبتين يفصل بينهما بجلسة". وقال عبد الرحمن بن مهدي: يخطب خطبة خفيفة يعظهم ويحثهم على الخير. م 648 - واختلفوا في الاستسقاء بغير صلاة، فكان قيس بن أبي حازم يستسقي بغير صلاة، ورأى ذلك الشافعي.

وكان الثوري يكره ذلك. م 649 - وكان مالك يقول: لا بأس أن يستسقى الناس في العام مرة أو مرتين أو ثلاتاً إذا احتاجوا إلى ذلك. وقال الشافعي: إن لم يسقوا يومهم ذلك أحببت أن يتتابع الاستسقاء ثلاثة أيام يصنع في كل يوم منها صنعته في اليوم الأول. وقال إسحاق: لا يخرجون إلى الجبّان إلا مرة ولكن يجتمعون في مساجدهم، إذا فرغوا من الصلاة دعوا الله، ويدعوا الإمام يوم الجمعة على المنبر ويؤمن الناس. قال أبو بكر: (ح 385) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - صلى صلاة الاستسقاء وخطب. م 650 - وبه قال عوام أهل العلم، إلى أن جاء النعمان فقال: لا صلاة في الاستسقاء إنما فيه دعاء. وخالفه ابن الحسن فقال: يصلى في الاستسقاء نحواً من صلاة العيد. قال أبو بكر: السنة مستغنى (¬1) بها عن كل قول. ¬

_ (¬1) في الأصل "مستغناً بها".

17 - كتاب صلاة المسافر

17 - كتاب صلاة المسافر 1 - باب السفر الذي للمسافر قصر الصلاة فيه قال أبو بكر: م 651 - أجمع أهل العلم على أن لمن سافر سفراً يقصر في مثله الصلاة، وكان سفره في حج أو عمرة أو جهاد، أن يقصر الظهر والعصر والعشاء كل واحدة منها ركعتين. م 652 - وأجمعوا على أن لا يقصر في صلاة المغرب وصلاة الصبح. م 653 - واختلفوا فيمن خرج في مباح التجارة [1/ 29/ب]، (¬1). . . . . . . . . ¬

_ (¬1) بدأ السقط من هنا قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: ونص الكلام في الأوسط كما يلي: «وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ خَرَجَ لِمُبَاحٍ لتجَارَةِ أَوْ مُطَالَعَةِ مَالٍ، أَوْ مَا أُبِيحَ لَهُ الْخُرُوجُ إِلَيْهِ، فَقَالَ أَكْثَرُ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ عُلَمَاءِ الْأَمْصَارِ: لَهُ إِذَا خَرَجَ إِلَى مَا أُبِيحَ لَهُ أَنْ يَقْصُرَ الصَّلَاةَ، هَذَا قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَأَهْلِ الْكُوفَةِ، وَعَوَامِّ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنَ عُلَمَاءِ الْأَمْصَارِ. وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، أَنَّهُ خَرَجَ إِلَى صِفِّينَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ بَيْنَ الْقَنْطَرَةِ وَالْجِسْرِ، وَخَرَجَ ابْنُ عَبَّاسٍ إِلَى الطَّائِفِ فَقَصَرَ الصَّلَاةَ، وَقَالَ نَافِعٌ: خَرَجَ ابْنُ عُمَرَ إِلَى مَالٍ لَهُ يُطَالِعُهُ بِخَيْبَرَ فَقَصَرَ الصَّلَاةَ، فَلَيْسَ الْآنَ حَجٌّ، وَلَا عُمْرَةٌ وَلَا غَزْوٌ»

[7 - باب المسافة التي يقصر المرء الصلاة إذا خرج إليها]

[7 - باب المسافة التي يقصر المرء الصلاة إذا خرج إليها]

ـ. . . . . . . (¬1) عن ابن عباس أنه قال: يقصر في اليوم ولا يقصر فيما دون اليوم [1/ 41/ب]. ¬

_ (¬1) انتهى السقط قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: ونص الكلام في الأوسط كما يلي: • ثَابِتٌ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ خَرَجَ إِلَى مَكَّةَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَقَصَرَ الصَّلَاةَ. . . . . • وَأَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ لِمَنْ سَافَرَ سَفَرًا تَكُونُ مَسَافَتُهُ مِثْلَ مَا بَيْنَ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ أَنْ يَقْصُرَ الصَّلَاةَ إِذَا كَانَ خُرُوجُهُ فِيمَا تَقَدَّمَ وَصْفُنَا لَهُ. • وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ سَافَرَ أَقَلَّ مِنْ هَذِهِ الْمَسَافَةِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: مَنْ سَافَرَ مَسِيرَةَ أَرْبَعَةِ بُرُدٍ فَلَهُ أَنْ يَقْصُرَ الصَّلَاةَ، كَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَاحْتَجُّوا بِالْأَخْبَارِ الَّتِي رُوِيَتْ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، مِنْ ذَلِكَ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَكِبَ إِلَى رِيمٍ، فَقَصَرَ الصَّلَاةَ فِي مَسِيرِهِ ذَلِكَ، قَالَ مَالِكٌ: وَذَلِكَ نَحْوٌ مِنْ أَرْبَع بُرُدٍ، وَأَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ سُئِلَ: أَيَقْصُرُ إِلَى عَرَفَةَ؟، قَالَ: لَا، وَلَكِنْ إِلَى عُسْفَانَ، وَإِلَى جُدَّةَ، وَإِلَى الطَّائِفِ، وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُمَا كَانَا يُصَلِّيَانِ رَكْعَتَيْنِ وَيُفْطِرَانِ فِي أَرْبَعِ بُرُدٍ فَمَا فَوْقَ ذَلِكَ. . . . . وَهَذَا عَلَى مَذْهَبِ أَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَحَكَى أَبُو ثَوْرٍ ذَلِكَ، عَنْ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيُّ، وَبِهِ قَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ فِي تقصير الصَّلَاةِ، وَكَذَلِكَ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ الْمَاجِشُونُ. • وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَقْصُرُ الصَّلَاةَ فِي مَسِيرَةِ يَوْمَيْنِ وَلَمْ يَذْكُرْ مِقْدَارَ ذَلِكَ بِالْبُرُدِ وَالْأَمْيَالِ، هَذَا قَوْلُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَالزُّهْرِيِّ، وَقَدْ كَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ، إِذْ هُوَ بِالْعِرَاقِ: يُقْصَرُ فِي مَسِيرَةِ لَيْلَتَيْنِ قَاصِدَتَيْنِ، وَذَلِكَ إِذَا جَاوَزَ السَّيْرُ أَرْبَعِينَ مِيلًا بِالْهَاشِمِيِّ، ثُمَّ قَالَ بِمِصْرَ: لِلْمَرْءِ عِنْدِي أَنْ يَقْصُرَ فِيمَا كَانَ مَسِيرُهُ لَيْلَتَيْنِ قَاصِدَتَيْنِ، وَذَلِكَ سِتَّةٌ وَأَرْبَعُونَ مِيلًا بِالْهَاشِمِيِّ، وَلَا يَقْصُرُ فِيمَا دُونَهُمَا، وَأُحِبُّ أَنَا أَنْ لَا أَقْصُرَ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ احْتِيَاطًا عَلَى نَفْسِي، وَإِنَّ تَرْكَ الْقَصْرِ مُبَاحٌ لِي. • وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَقْصُرُ فِي مَسِيره الْيَوْمِ التَّامِّ، ثَبَتَ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَقْصُرُ فِي الْيَوْمِ التَّامِّ، وَخَرَجَ إِلَى أَرْضٍ اشْتَرَاهَا مِنَ ابْنِ بُحيْنَةَ فَقَصَرَ الصَّلَاةَ إِلَيْهَا، وَهِيَ ثَلَاثُونَ مِيلًا، وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: يَقْصُرُ الصَّلَاةَ فِي مَسِيرَةِ يَوْمٍ تَامٍّ، ثَلَاثُونَ مِيلًا، وَثَابِتٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسِ أَنَّهُ قَالَ: يُقْصَرُ فِي الْيَوْمِ، وَلَا يُقْصَرُ فِيمَا دُونَ الْيَوْمِ

8 - باب وقت ابتداء القصر إذا أراد السفر

وفيه قول رابع: وهو أن من سافر ثلاثاً قصر، روى هذا القول ابن مسعود، وبه قال الثوري، والنعمان، وابن الحسن، وقال النعمان: ثلاثة أيام ولياليهن سير الإبل ومشي الأقدام. وكان الأوزاعي يقول: كان أنس بن مالك يقصر الصلاة فيما بينه وبين خمس فراسخ، وذلك خمسة عشر ميلاً. وكان قبيصة بن ذؤيب، وهاني بن كلثوم، وعبد الله بن محيريز يقصرون فيما بين الرملة وبين بيت المقدس. وقال الأوزاعي: وعامة العلماء يقولون: مسيرة يوم تام وهذا آخذ. 8 - باب وقت ابتداء القصر إذا أراد السفر م 663 - أجمع أهل العلم من كل من نحفظ عنه على أن الذي يريد السفر أن يقصر الصلاة إذا خرج عن جميع بيوت القرية التي منها يخرج. 664 - واختلفوا في تقصير الصلاة قبل الخروج عن البيوت، فكان مالك، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، يقولون: يقصر إذا خرج من بيوت القرية، وروينا معنى هذا القول عن جماعة من التابعين. وقد روينا عن الحارث بن أبي ربيعة: أنه أراد سفراً فصلى بهم ركعتين في منزله وفيهم الأسود بن يزيد، وغير واحد من أصحاب عبد الله.

9 - باب السفر في آخر الوقت

وقد روينا معنى هذا القول عن عطاء بن أبي رباح، وسليمان بن موسى. وقد روينا عن مجاهد قولاً ثالثاً: لا نعلم أحداً وافقه عليه قال: إذا خرجت مسافراً فلا تقصر الصلاة يوماً حتى الليل. قال أبو بكر: بالقول الأول أقول. (ح 392) وقد ثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى الظهر بالمدينة أربعاً وصلى العصر بذي الحليفة ركعتين. وليس بينها وبين المدينة نصف يوم ولا ثلث يوم. 9 - باب السفر في آخر الوقت م 665 - أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن لمن خرج بعد زوال الشمس مسافراً أن يقصر الصلاة، وممن حفظنا ذلك عنه مالك ابن أنس، وسفيان الثوري، والأوزاعى، والشافعي، وأصحاب الرأي. 10 - باب حد المقام الذي يجب على المسافر به إتمام الصلاة م 666 - اختلف أهل العلم في المقدار الذي يجب على المسافر إذا أقام ذلك المقدار إتمام الصلاة، فقالت طائفة: [1/ 42/ألف] إذا عزم الرجل على

إقامة خمس عشرة أتم الصلاة، روينا هذا القول عن ابن عمر، وبه قال سفيان الثوري، وأصحاب الرأي. وقالت طائفة: إذا عزم على إقامة اثنتي عشرة أتم الصلاة، هذا قول ابن عمر آخر أقاويله، ومال الأوزاعي إلى هذا القول. وقالت طائفة: إذا عزم على مقام عشر ليال أتم الصلاة، هذا قول الحسن بن صالح، وبه قال محمد بن علي. وقالت طائفة: إذا أقام أكثر من خمس عشرة أتم الصلاة، هذا قول الليث بن سعد. وفيه قول خامس: وهو أن من أقام أربعاً صلى أربعاً، هذا قول مالك، وأبي ثور. وفيه قول سادس: قاله أحمد بن حنبل قال: وإذا جمع لعشرين صلاة مكتوبة قصر، فإذا عزم على أن يقيم أكثر من ذلك أتم. وقد روينا عن سعيد بن المسيب في هذه المسألة أربعة أقوال، أحدها كقول الثوري، والثاني كقول مالك، والثالث قال: إذا وطنت نفسك بأرض أكثر من ثلاث فأتم الصلاة. والقول الرابع (¬1): إذا قام المسافر ثلاثاً أتم. وقال الحسن البصري في المسافر يصلي ركعتين، ركعتين إلا أن يقدم مصراً من الأمصار. وفيه قول عاشر: وهو قول من فرق بين الخوف والمقام بغير خوف. ¬

_ (¬1) في الأصل "الثالث".

11 - باب المار في سفره بأهله وماله

قال الشافعي: "فكل ما كان غير مقام حرب ولا خوف حرب قصر، فإذا جاوز مقامه أربعاً أحببت أن يتم فإن لم يتم أعاد، وليس بحسب اليوم الذي كان فيه سايراً ثم قدم، ولا اليوم الذي كان فيه مقيماً ثم سار، فإن كان مقامه لحرب أو خوف وحرب قصر بينه وبين ثماني عشرة ليلة فإذا جاوزها أتم". وفيه قول حادي عشر: روي عن ربيعه بن أبي عبد الرحمن قال: من أجمع إقامة يوم وليلة صلى صلاة الحضر وعليه صوم. 11 - باب المار في سفره بأهله وماله م 667 - واختلفوا فيمن يمر بسفره بقرية له فيها مال وأهل، فروينا عن ابن عباس أنه قال: إذا أقدمت على أهل لك، أو ماشية فأتم الصلاة. وقال الزهري: إذا مر بمزرعة له في سفره أتم صلاته. وقال مالك: "إذا مر بقرية فيها أهله وماله أتم الصلاة إذا أراد أن يقيم بها يومه وليلته". وقال أحمد بن حنبل بقول ابن عباس. وقال سفيان الثوري: فإن قدم على ماشية له أو قرية له ولم يكن ذلك قراره فليصل ركعتين. وقال الشافعي: " [1/ 42/ب] يصلى ركعتين ما لم يجمع مقام أربع". وكذلك نقول.

12 - باب إمامة المسافر المقيم

12 - باب إمامة المسافر المقيم م 668 - أجمع أهل العلم على أن المقيم إذا ائتم بالمسافر وسلم الإمام من اثنتين أن عليه إتمام الصلاة. م 669 - واختلفوا فيه إن أمّ (¬1) المسافر الإمام وخلفه مقيم فأتم الصلاة، فقال سافيان الثوري: لا يجزيهم وقد قضى هو صلاته. وقال أصحاب الرأي: إن صلى المسافر بمسافرين أو مقيمين أربعاً فإن صلاة المسافر جائزة وصلاة المقيمين فاسدة. وكان الشافعي، وأحمد، وإسحاق، والنعمان (¬2) يقولون: صلاتهم كلهم تامة. 13 - باب من خرج إلى سفر ثم رجع لحاجة يذكرها م 670 - واختلفوا في مسافر خرج فقصر بعض الصلوات ثم ذكر حاجة ورجع، فقال سفيان الثوري: يتم الصلاة لأنه لم يبلغ سفراً يقصر فيه الصلاة. وقال مالك: "يتم الصلاة إذا رجع حتى يخرج فاصلاً الثانية من بيته ويجاوز بيوت القرية. ¬

_ (¬1) في الأصل "أتم" والصحيح من الأوسط 4/ 365 رقم المسألة 681. (¬2) كذا في الأصل, وفي الأوسط بدون ذكره.

14 - باب المكاري والملاح وصاحب السفينة يقصرون الصلاة

وقال الشافعي: "يقصر إلا أن يكون نوى في رجوعه المقام في أهله أربعاً، ولو أتم كان أحب إلي". وقال أحمد: "هو مسافر إلا إذا كان له أهل، لحديث ابن عباس، إذا قدمت على أهل لك أو ماشية فأتم". قال أبو بكر: م 671 - فإن بدا له أن يرجع تاركاً لسفره وقد صلى بعض الصلوات قبل أن يبدو له في الرجوع، فإن سفيان الثوري قال: تمت صلاته التي صلى ويتم الصلاة في مرجعه إذا كان فيما لا يقصر إليه الصلاة، وهذا يشبه مذهب الشافعي، وبه قال أبو ثور. قال أبو بكر: وكذلك نقول. وقد روينا الحسن البصري أنه قال: إذا كان في وقت الصلاة أعاد تلك الصلاة وإلا فقد تمت صلاته. وقال الأوزاعي: إذا سافر فسار عشرة أميال فصلى الظهر والعصر ركعتين، ركعتين، ثم بدا له أن يرجع إلى أهله، يتم تلك الصلاتين ركعتين، ركعتين. 14 - باب المكاري والملاّح وصاحب السفينة يقصرون الصلاة م 672 - واختلف أهل العلم في الملاح والمكارى وصاحب السفينة، تحضرهم الصلاة، فقالت طائفة: يتصرون الصلاة إذا سافروا، هذا قول

15 - باب من نسي صلاة في سفر فذكرها في حضر

الشافعي، وابن الحسن، وأبي ثور. وقال أحمد في الملاح إذا كانت السفينة بيته: يتم الصلاة، وقال في المكارى الذي دهره في السفر: يقصر. م 673 - واختلفوا فيمن خرج عن القرية الميل والميلين ثم أقام به يوماً أو يومين، فقال مالك: لا يقصر حتى يخرج عن ما تجب فيه الجمعة. ويقصر في قول الشافعي إذا أبرز عن البيوت. 15 - باب من نسي صلاة في سفر فذكرها في حضر م 674 - أجمع أهل العلم على أن من نسى صلاة في حضر فذكرها في سفر، أن عليه صلاة الحضر إلا ما اختلف فيه عن الحسن البصري. م 675 - واختلفوا [1/ 43/ألف] فيمن نسى صلاة في سفر فذكرها في الحضر، فقال الحسن البصري، وحماد بن أبي سليمان،

ومالك، والثوري، وأصحاب الرأي: يصليها صلاة سفر كما كانت فرضت عليه. وقال الأوزاعي: يصليها أربعاً وبه قال الشافعي آخر قوليه، وقد كان قبل يقول بقول مالك. وكما قال الأوزاعي: قال أحمد، وإسحاق، وأبو ثور. وقد روينا عن الحسن البصري أنه قال: من نسى صلاة في الحضر فذكرها في السفر قال: يصليها صلاة سفر، إذا نسى صلاة في السفر فذكرها في الحضر صلى صلاة الحضر. قال أبو يكر: والحسن يختلف قوله في هذه المسألة، لأنا قد ذكرنا من رواية يونس عنه ما وافق قوله قول مالك، والثوري.

18 - جماع أبواب الصلاة عند العلل

18 - جماع (¬1) أبواب الصلاة عند العلل 1 - باب صلاة المريض جالساً إذا عجز عن القيام (ح 393) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - سقط عن فرس فجحش شقه الأيمن وصلى جالساً. م 676 - وأجمع أهل العلم على أن فرض من لا يطيق القيام أن يصلى جالساً. م 677 - واختلفوا فيمن له أن يصلي جالساً فقال ميمون بن مهران: إذا لم يستطع أن يقوم لدنياه فليصل قاعداً، وبه قال أحمد وإسحاق، وزادا: إذا أن قيامه يزيده في مرضه أو يشتد عليه، صلى جالساً. وقال مالك: أحسن ما سمعت في المريض إذا شق عليه وأتعبه وبلغ منه حتى يشتد عليه القيام، له أن يصلي جالساً. وقال الشافعي: "إذا أطاق الصلاة ببعض المشقة المحتملة، لم يكن له أن يصلي إلا كما فرض عليه، وإنما أمر بالقعود إذا كانت المشقة غير محتملة، أو كان لا يقدر على القيام بحال". ¬

_ (¬1) في الأصل "باب جماع أبواب".

2 - باب صفة صلاة الجالس

2 - باب صفة صلاة الجالس م 678 - واختلفوا في صفة جلوس المصلى قاعداً، فقالت طائفة: يكون في حال قيامه متربعاً، وروى ذلك عن ابن عمر، وأنس، وابن سيرين، ومجاهد، وهو قول عطاء، والنخعى، وسعيد بن جبير، والثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق. وكره الصلاة متربعاً ابن مسعود فيما روى عنه، واختلفوا فيه عن عطاء، والنخعى. م 679 - وقال سفيان الثوري: يكون جلوسه متربعاً، ويركع وهو متربع، فإذا أراد أن يسجد ثنى رجله، هذا قول سفيان الثوري. وقال أحمد، وإسحاق: إذا أراد أن يركع ثنى رجليه كما يركع القائم. 3 - باب صلاة من [1/ 43/ب] يعجز عن القيام والجلوس م 680 - روينا عن ابن عمر أنه قال: إن لم يستطع أن يصلي قاعداً فمضطجعاً

4 - باب سجود المريض على شيء يرفع إلى وجهه

يومئ إيماءً، وصلى النخعي كذلك مضطجعاً، وبه قال قتادة، والثوري، والشافعي. وقال أحمد، وإسحاق: يصلى على قدر ما قدر وتيسر عليه. وقال أصحاب الرأي: يصلى مضطجعاً ويومئ. وقال حارث العكلي: يصلي مستلقياً ويجعل رجليه بما يلي القبلة، ويومئ برأسه إيماءً، وبه قال أبو ثور. وقال مالك: إذا لم يستطع أن يصلي قاعدًا صلى على جنبه أو على ظهره. قال أبو بكر: م 681 - روينا عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: صلّ قائماً فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب. وبه نقول. قال أبو بكر: م 682 - فإن لم يقدر أن يصلي على جنبه، صلى مستلقياً رجلاه في القبلة وإن لم يقدر صلى على قدر طاقته. 4 - باب سجود المريض على شيء يرفع إلى وجهه م 683 - أجمع أهل العلم على أن القادر على الركوع والسجود لا تجزيه صلاة إلا أن يركع ويسجد.

5 - باب صلاة من يعالج عينيه مستلقيا

م 684 - فإن عجز عن السجود ففيها قولان: أحدهما: أن يومئ إيماءً ولا يرفع إلي وجهه شيئاً ليسجد عليه، روي هذا القول عن ابن مسعود، وابن عمر، وجابر بن عبد الله، وأنس. وقال عطاء، والثوري: يومئ برأسه إيماءً. وقال مالك: "لا يرفع إلى جبهته شيئاً". وقال أبو ثور: الإيماء أحب إلي، وإن رفع إلى وجهه شيئاً فسجد عليه أجزأه. ورخّص بعضهم: أن يضع مخدّة يسجد عليها ولا يرفع إلى وجهه شيئاً، هذا قول الشافعي، وروي عن ابن عباس، وأم سلمة، الرخصة في السجود على الوسادة والمخدّة، وقال أحمد، وإسحاق: نحواً من قول أبي ثور. وكان أنس: إذا اشتكى يسجد على مرفقه. واختار أحمد، السجود على المرفقة وقال: هو أحب إلي من الإيماء، وكذلك قال إسحاق. ويجزئ السجود على المرفقة عاء أصحاب الرأي. 5 - باب صلاة من يعالج عينيه مستلقياً م 685 - واختلفوا في المرء يعالج عينيه مستلقياً، فقالت طائفة: لا تجزيه الصلاة إلا قائماً، أراد ابن عباس: معالجة عينيه فأرسل إلى عائشة،

6 - باب إسقاط فرض الصلاة عن الحائض

وأبي هريرة وغيرهم من أصحاب النبي- صلى الله عليه وسلم - فكلهم قال: إن أنت مت في السبع كيف تصنع بالصلاة، ترك معالجة عينيه. وكره ذلك عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، وأبو وائل، ومالك ابن أنس، والأوزاعي. وفيه قول ثان: وهو أن يجزيه أن يصلي مستلقياً، هذا قول جابر بن زيد، وأصحاب الرأي [1/ 44/ألف]. قال أبو بكر: لا يجزيه. 6 - باب إسقاط فرض الصلاة عن الحائض (ح 394) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال لفاطمة بنت أبي حبيش: إذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة. م 686 - وأجمع أهل العلم على أن الحائض لا صلاة عليها في أيام حيضها، فيجب عليها القضاء. م 687 - وأجمعوا على أن عليها قضاء الصوم الذي تفطره في أيام حيضها في شهر رمضان.

7 - باب أمر الصبيان بالصلاة

7 - باب أمر الصبيان بالصلاة (ح 395) جاء الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: علموا الصبي الصلاة ابن سبع واضربوه عليها ابن عشر. م 688 - قال بهذا مكحول، والأوزاعى، وأحمد، وإسحاق. وبه نقول. م 689 - وقد اختلف فيه، فكان ابن عمر، وابن سيرين يقولان: يعلم إذا عرف يمينه من شماله. وقال النخعي، ومالك: يؤمر بالصلاة إذا أثغر. وقال عروة بن الزبير: يؤمر بها إذا عقلها، وبه قال ميمون بن مهران. 8 - باب حد البلوغ الذي يجب على من بلغه الفرائض والحدود قال الله جل ثناؤه: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا

النِّكَاحَ} الآية، وقال: بلغ {وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ} الآية. (ح 396) وثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: "رفع القلم عن الغلام حتى يحتلم". والكتاب والسنة تدلان على أن الاحتلام حد البلوع. (ح 397) وعرض ابن عمر على رسول الله- صلى الله عليه وسلم - ابن أربع عشرة فلم يجزه، وعرض عليه ابن خمس عشرة سنة فأجازه. وأمر الله عز وجل: بقتل المشركين وقتالهم في غير آية من كتابه. (ح 398) ونهى النبي- صلى الله عليه وسلم - عن قتل النساء والصبيان. فجعلت السنة الفصل بين الأمرين الإنبات. (ح 399) قال عطية [الْقُرَظِيُّ] (¬1): عرضت على النبي- صلى الله عليه وسلم - يوم قريظة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أنظروا هل أنبت؟، فلم أكن أنبت، فألحقني بالسبي. ¬

_ (¬1) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: في المطبوع «القرطبي»، والمثبت من (الأوسط) وهو الصواب

9 - باب المغمى عليه يفيق بعد خروج الوقت

م 690 - وأجمع أهل العلم على أن المرأة إذا حاضت وجب عليها الفرائض. م 691 - وقال أحمد، وإسحاق، وأبو ثور: الإنبات حد البلوغ. وقال الشافعي لا يكون ذلك حد البلوغ إلا في أهل الشرك الذي يقتل من بلغ منهم، ويترك من لم يبلغ، وجاء النعمان بقول خلاف السنة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه [1/ 44/ب] وسلم، قال: حد بلوغ الغلام ثماني عشر سنة والجارية سبع عشرة سنة. قال أبو بكر: لا نعلم أحداً سبقه إلى هذا القول. وقال سفيان الثوري: الحلم أدناه أربع عشرة وأقصاه ثماني عشرة، فإذا جاءت الحدود أخذنا بأقصاها. وقال القاسم، وسالم: يحد الصبي إذا أنبت. 9 - باب المغمى عليه يفيق بعد خروج الوقت م 692 - واختلفوا فيما يقضى المغمي عليه من الصلاة إذا أفاق، فقالت طائفة: لا قضاء عليه، كذلك قال ابن عمر، وطاؤس، والحسن، وابن سيرين، والزهري، وربيعة، ومالك، الشافعي، وأبو ثور.

وقالت طائفة: يقضي الصلوات كلها، روي هذا القول عن عمار بن ياسر، وعمران بن الحصين، وبه قال عطاء، وأحمد بن حنبل، وإسحاق. وقالت فرقة: يقضي صلاة يومه وليلته، هذا قول النخعى، وقتادة، والحكم، وحماد وإسحاق. واختلف فيه عن الثوري، فقال مرة: إذا أغمي عليه يوم وليلة قضى، وإن أغمي عليه أكثر من ذلك لم يقضه، وبه قال أصحاب الرأي. وقال الفرياني عن الثوري، أنه كان يعجبه في المغمى عليه أن يقضي صلاة يوم وليلة. وقال الزهري، وقتادة، ويحيى الأنصاري، إن أفاق نهاراً صلى الظهر والعصر، وإن أفاق ليلاً صلى المغرب والعشاء. وقال الشافعي: "إن أفاق قبل المغرب بركعة صلى الظهر والعصر، وإن أفاق قبل الفجر بركعة فعليه المغرب والعشاء". وقال مالك: "إذا أفاق وعليه من النهار قدر ما يصلي فيه الظهر وركعة من العصر قبل غروب الشمس، صلى الظهر والعصر جميعاً"، وإن لم يفق إلا قدر ما يصلى فيه أحدهما صلى العصر، والجواب عنده في إفاقته قبل طلوع الفجر في صلاة المغرب والعشاء كذلك.

10 - باب من عليه صلاة واحدة من يوم وليلة لايعرفها بعينها

10 - باب من عليه صلاة واحدة من يوم وليلة لايعرفها بعينها م 693 - واختلفوا فيمن عليه صلاة واحدة لا يعرفها بعينها، فقال مالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق: يصلي صلاة يوم وليلة. وقال الثوري: يصلى الفجر ثم المغرب، ثم يصلى أربعاً ينوي إن كان الظهر أو العصر أو العشاء. وقال الأوزاعي: يصلى أربعاً بإقامة. 11 - مسائل م 694 - قال مالك: والشافعي في المجنون: لا [1/ 45/ألف] يقضى الصلاة. وقال مالك: يقضى الصوم. وقال الشافعي: لا يقضي، وبقول الشافعي قال أحمد. م 695 - وقال أحمد في الغلام: ابن أربع عشرة يترك الصلاة يعيدها، ويؤدب على الصلاة، وفي الصوم إذا أطاق الصوم، وليس عليه الإعادة في قول الشافعي إذا لم يكن احتلم. م 696 - وكان الشافعي، وسفيان الثوري، وغير واحد يقولون: في السكران يقضى الصلاة، ولا أحفظ عن غيرهم في ذلك خلافاً.

وكذلك نقول. م 697 - واختلفوا فيما على المرتد من قضاء ما ترك من صلاته، فكان الأوزاعي يقول: إذا رجع إلى الإِسلام أعاد حجته لما حبط من عمله, قيل له: فيقضي الصلاة، قال: يستأنف العمل، وهو مذهب أصحاب الرأي. وقال الشافعي: عليه قضاء كل صلاة تركها في ردته.

19 - كتاب صلاة الخوف

19 - كتاب صلاة الخوف م 698 - اختلف أهل العلم في الصلاة عند شدة الخوف، فقالت طائفة: يصلى ركعة يوميء ايماءاً، وقال جابر بن عبد الله: إنما القصر (¬1) ركعة عند القتال. وكان طاؤس، والحسن البصري، ومجاهد، والحكم، وقتادة يقولون: ركعة يوميء ايماءاً. وروى ذلك عن الضحاك وقال: فإن لم يقدر كبر تكبيرتين حيث كان وجهه. وقال إسحاق: تجزيك عند الشدة ركعة تؤمي بها ايماءاً، فإن لم تقدر فسجدة واحدة، فإن لم تقدر فتكبيرة لأنها ذكر الله. وقال ابن عمر: يصلى ركعتين، وبه قال النخعي، والثوري، والشافعي، وهو مذهب المدني، والنعمان ومذهب أكثر أهل العلم من علماء الأمصار من المتأخرين. ¬

_ (¬1) في الأصل "الصلاة" بدل القصر, والتصحيح من الحاشية, وكذا في الأوسط 5/ 27 رقم المسألة 705.

1 - باب العمل في الصلاة

1 - باب العمل في الصلاة قال أبو بكر: م 699 - وكان الشافعي يقول: "رخص في الصلاة في حال شدة الخوف في الإستدارة، والتحرف، والمشي القليل العدو والمقام الذي يقيمونه، وتجزيهم صلاتهم، ويضرب أحدهم الضربة بسلاحه، أو يطعن الطعنة، فإما أن يتابع الضرب، أو الطعن، أو يطعن طعنة فرددها في المطعون، أو عمل ما يطول، فلا تجزيه صلاته". في قول ابن الحسن: "إن رماهم المسلمون بالنبل والنشاب، قطع صلاتهم، قال: لأن هذا عمل في الصلاة يفسدها". وقال غيرهما: كل ما فعله المصلي في حال شدة الخوف بما لا يقدر على غيره، الصلاة مجزية قياساً على ما وضع عنه في القيام والركوع والسجود، [1/ 45/ب] لعلة ما هو فيه من مطاردة العدو. قال أبو بكر: هذا أصح وأشبه بظاهر الخبر مع موافقته النظر، والله أعلم. 2 - باب صلاة المغرب في شدة الخوف وكيف يصليها الإمام م 700 - واختلفوا في صفة صلاة الإمام المغرب في حال الخوف، فكان الحسن البصري يقول: يصلى الإمام ستاً ويصلون ثلاثاً ثلاثاً. قال أبو بكر: يعني بكل طائفة ثلثا.

وقالت طائفة: "يصلى الإمام بالطائفة الأولى ركعتين فيتشهد بهم ويقوم فإذا قام ثبت قائما وأتم القوم لأنفسهم، ثم سلموا، ثم تأتي الطائفة الأخرى فيصلى ركعة ثم يسلم بهم، ولا يسلمون هم فإذا سلم الإمام قاموا فأتموا مابقى عليهم من صلاتهم"، هذا قول مالك، وهو مذهب الأوزاعي، ومذهب الشافعي قريب من مذهب مالك غير أنه قال: يثبت الإمام جالساً حتى تتم الطائفة الثانية الصلاة ثم يسلم. وقيل لأحمد بن حنبل: سئل (¬1) سفيان في صلاة المغرب، كيف تصلى إذا كان الخوف؟، قال: ركعتين للطائفة الأولى، وركعة للطائفة الثانية ويتموا لأنفسهم، فقال الإمام أحمد: جيد لم يقصر، وقال إسحاق كما قال الإمام أحمد. وقال أصحاب الرأي: إذا كانت الصلاة صلاة المغرب، يفتتح الصلاة ومعه طائفة وطائفة بإزاء العدو، فيصلي بالطائفة الذي معه ركعتين ثم تقوم الطائفة مقامهم، فيقفون بإزاء العدو من غير أن يسلموا ولا يتكلموا، وتأتي الطائفة الذي كانوا بإزاء العدو فيدخلون مع الإمام في الصلاة فيصلي بهم ركعة ويتشهد ويسلم، ثم تقوم الطائفة الذين معه من غير أن يتكلموا ولا يسلموا مقامهم فيقفون بإزاء العدو. وتجئ الطائفة التي صلت مع الإمام الركعتين الأولتين، فيأتون مقامهم الذي صلوا فيه، فيقضون ركعة وسجدتين وُحدانا يغير إمام ولا قراءة، ويتشهدون ويسلمون ثم يقومون مقامهم بإزاء العدو، وتجئ الطائفة التي صلت مع الإمام الركعة الثالثة، فيأتون مقامهم الذي صلوا فيه ¬

_ (¬1) في الأصل "قال" والتصحيح من الأوسط 5/ 40.

3 - باب صلاة الطالب والمطلوب

فيقضون ركعتين بقراءة وحدانا ويتشهدون ويسلمون، ثم يأتون مقامهم فيقفون مع أصحابهم ". 3 - باب صلاة الطالب والمطلوب م 701 - أجمع كل من نحفظ من أهل العلم على أن المطلوب يصلي على دابته، ذلك قال عطاء بن أبي رباح، والأوزاعي، والشافعي وأحمد، وأبو ثور. م 702 - وإذا كان طالباً نزل فصلى بالأرض، وقال الشافعي: " إلا في حال واحدة وذلك أن يقل الطالبون عن المطلوبين ويقطع الطالبون عن أصحابهم، فيخافون عود المطلوبين عليهم، فإذا كان هذا هكذا كان لهم [1/ 46/ألف] (¬1) أن يصلوا يومئون إيماء. 4 - مسائل م 703 - كان مالك، والأوزاعي، وأحمد يرون أن يصلى الحاضر صلاة الخوف أربع ركعات. م 704 - وكان سفيان الثوري يقول: إذا كنت بأرض تخاف السبع أو الذئب أو العدو أن يأخذوك، أومأت إيماءاً حيث كان وجهك واقفاً كنت أو سائراً، وهذا على مذهب الأوزاعي، والشافعي، وإسحاق، وابن ¬

_ (¬1) في الأصل "أن يصلون".

الحسن، وقال مالك فيمن خاف لصاً أو سبعاً: صلى المكتوبة على دابته، فإذا أمن أعاد في الوقت. قال أبو بكر: لا يعيد. م 705 - وقال محمد بن الحسن: في الرجل لا يستطيع أن يقوم لخوف العدو يسعه إن صلى قاعداً: يومئ إيماءاً. قال الشافعي: إن صلى قاعداً يعيد. قال أبو بكر: لا يعيد. وكان الشافعي يقول: "إن دخل الصلاة في شدة الخوف راكباً، ثم نزل أحب إلى أن يعيد، فإن لم ينقلب وجهه عن القبلة لم يعد؛ لأن النزول خفيف". وقال أبو ثور: يبنى في الحالين ولا إعادة عليه. قال أبو بكر: كما قال أبو ثور أقول.

20 - كتاب اللباس وستر العورة

20 - كتاب اللباس وستر العورة قال أبو بكر: (ح 400) ثبت عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أنه قيل له: هل يصلي الرجل في الثوب الواحد؟ فقال: أو لكلكم ثوبان. م 706 - وممن رأى الصلاة في الثوب الواحد جائز، عمر بن الخطاب، وأبي بن كعب، وجابر بن عبد الله، وابن عباس، وأنس بن مالك، وخالد بن الوليد، وبه قال جماعة من التابعين، ثم هو قول مالك، وأهل المدينة، والأوزاعى، وأهل الشام، وسفيان الثوري، والشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الحديث، وأصحاب الرأي من أهل الكوفة. وقد استحب بعضهم الصلاة في ثوبين. قال أبو بكر: م 707 - ولا أعلم أحداً أوجب على من صلى في ثوب واحد الإعادة إذا كان ساتراً للعورة. (ح 401) وقد ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال في الثوب الواحد: إذا كان واسعاً فخالف بين طرفيه، وإذا كان ضيقاً فاشدده على حقوك.

1 - باب النهي عن السدل في الصلاة

وبهذا نقول. م 708 - وقد روينا عن أبي جعفر أنه قال: لا صلاة لمن لم يكن مخمر العاتقين، ولا تجزئ صلاة من صلى في ثوب واحد متزراً به ليس على عاتقه منه شيء، إلا أن لا يقدر على غير ذلك. (ح 402) للثابت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لايصلين أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء. 1 - باب النهي عن السدل في الصلاة (ح 403) جاء الحديث. . . . . (¬1) ¬

_ (¬1) بدأ السقط قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: ونص الكلام في الأوسط كما يلي: جَاءَ الْحَدِيثُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى عَنِ السَّدْلِ فِي الصَّلَاةِ. . . . قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي السَّدْلِ فِي الصَّلَاةِ فَكَرِهَتْ طَائِفَةٌ ذَلِكَ، فَممَنْ رُوِّينَا عَنْهُ أَنَّهُ كَرِهَ ذَلِكَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ، وَمُجَاهِدٌ، وَالنَّخَعِيُّ، وَعَطَاءٌ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَرُوِّينَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهُ خَرَجَ وَهُمْ سادلون ثِيَابَهُمْ، فَقَالَ: " كَأَنَّهُمُ الْيَهُودُ خَرَجُوا مِنْ فُهْرِهِمْ. . . . . . وَرَخَّصَتْ طَائِفَةٌ فِي السَّدْلِ فِي الصَّلَاةِ، وَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، وَابْنُ عُمَرَ. . . . . . . . . وَكَانَ عَطَاءٌ، وَمَكْحُولٌ، وَالزُّهْرِيُّ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ، وَكَانَ الْحَسَنُ وَابْنُ سِيرِينَ يُسْدِلَانِ عَلَى قَمِيصِهِمَا، وَحُكِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: لَا بَأْسَ بِالسَّدْلِ، قَالَ مَالِكٌ: «رَأَيْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ الْحَسَنِ يُسْدِلُ» وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ قَالَه النَّخَعِيُّ قَالَ: «لَا بَأْسَ بِالسَّدْلِ عَلَى الْقَمِيصِ وَكَرِهَهُ عَلَى الْأُزُرِ». وَقَدْ حُكِيَ عَنِ الشَّافِعِيِّ غَيْرُ ذَلِكَ كُلِّهِ حُكِيَ أَنَّهُ قَالَ: " وَلَا يَجُوزُ السَّدْلُ فِي الصَّلَاةِ وَلَا فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ لِلْخُيَلَاءِ، فَأَمَّا السَّدْلُ في الصلاة لِغَيْرِ الْخُيَلَاءِ فَهُوَ خَفِيفٌ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي بَكْرٍ، وَقَالَ لَهُ: «إِنَّ إِزَارِي يَسْقُطُ مِنْ أَحَدِ شَقَّيَّ»، فَقَالَ لَهُ: «لَسْتَ مِنْهُمْ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: حَدِيثُ السَّدْلِ فِي الصَّلَاةِ مَعْرُوفٌ مِنْ حَدِيثِ عِسْلِ بْنِ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قال: ثنا حجاج قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ عِسْلِ بْنِ سُفْيَانَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ السَّدْلِ فِي الصَّلَاةِ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَمَا حَدِيثُ عِسْلٍ فَغَيْرُ ثَابِتٍ كَانَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ يُضَعِّفُ حَدِيثَهُ، وقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ: عِسْلٌ يُقَالُ لَهُ: أَبُو قُرَّةَ عِنْدَهُ مَنَاكِيرُ، وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ الْمُبَارَكِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ ذَكْوَانَ، فَقَدْ دفعه بَعْضُ أَصْحَابِنَا، وَضَعَّفَ الْحَسَنَ بْنَ ذَكْوَانَ، وغير جائز إِذَا كَانَ الْحَدِيثُ هَكَذَا أَنْ يَحْظُرَ السَّدْلَ عَلَى الْمُصَلِّي وَعَلَى غَيْرِ الْمُصَلِّي

[7 - باب عدد ما تصلي فيه المرأة من الثياب]

[7 - باب عدد ما تصلي فيه المرأة من الثياب]

8 - باب الأمة تصلي مكشوفة الرأس

(¬1) بن الخطاب [1/ 55/ب]، وابن عمر، وعائشة، وعبيدة السلماني، وعطاء بن أبي رباح، أنها تصلى في ثلاثة أثواب. وقد روينا عن ابن عمر، وابن سيرين، ونافع أنهم قالوا: تصلي المرأة في أربعة أثواب. قال أبو بكر: على المرأة أن تخمر في الصلاة جميع بدنها وكفيها في ثوب صلّت أو في كثير، ولا أحسب ما روي عن الأوائل ممن أمر بثلاثة أثواب، أو بأربعة إلا استحباباً. 8 - باب الأمة تصلي مكشوفة الرأس م 720 - ثبت أن عمر بن الخطاب قال لأمة رآها مقنعة: اكشفى عن رأسك لا تشبّهي بالحرائر، وممن رأى أن ليس عليها أن تخمر، شريح، والنخعى، والشعبي، ومالك، والثوري، والأوزاعى، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. قال أبو بكر: ¬

_ (¬1) انتهى السقط قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: ونص الكلام في الأوسط كما يلي: وَاخْتَلَفُوا فِي عَدَدِ مَا تُصَلِّي فِيهِ الْمَرْأَةُ مِنَ الثِّيَابِ فَكَانَتْ أُمُّ سَلَمَةَ تَقُولُ: تُصَلِّي فِي الْخِمَارِ وَالدِّرْعِ السَّابغِ الَّذِي يُغَيِّبُ ظُهُورَ قَدَمَيْهَا، وَكَانَتْ مَيْمُونَةُ تُصَلِّي فِي دِرْعٍ سَابغٍ، وَخِمَارٍ، وَفَعَلَتْ ذَلِكَ عَائِشَةُ، وَبِهِ قَالَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَرُوِّينَا عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ أَنَّهَا صَلَّتْ فِي دِرْعٍ وَإِزَارٍ، وَرُوِيَ إِجَازَةُ ذَلِكَ عَنِ النَّخَعِيِّ. . . . . وَمِمَّنْ كَانَ يَرَى أَنَّ الْمَرْأَةَ يجْزِئهَا أَنْ تُصَلِّيَ فِي دِرْعٍ وَخِمَارٍ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَقَالَ أَحْمَدُ: أَقَلُّهُ ثَوْبَانِ قَمِيصٌ وَمِقْنِعَةٌ، وَكَذَلِكَ قَالَ إِسْحَاقُ: «الَّذِي يُسْتَحَبُّ لَهَا ثَلَاثَةُ أَثْوَابٍ». وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: «تُصَلِّي الْمَرْأَةُ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ» كَذَلِكَ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَابْنُ عُمَرَ، وَعَائِشَةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ، وَعَبِيدَةُ السَّلْمَانِيُّ، وَعَطَاءُ بْنُ رَبَاحٍ.

9 - باب صلاة أم الولد بغير خمار

م 721 - وحكم المكاتبة والمدبرة والمعتق بعضها حكم الأمة. وكان عطاء يستحب أن تقنع الأمة إذا صلّت. وكان الحسن البصري من بين أهل العلم، يوجب عليها الخمار إذا تزوجت، أو اتخذها الرجل لنفسه. 9 - باب صلاة أم الولد بغير خمار م 722 - اختلف أهل العلم في أم الولد تصلي بغير خمار، فقال الشافعي، والنخعى، وأبو ثور: هي والأمة سواء. وقال الحسن البصري، وابن سيرين، ومالك، وأحمد: تخمّر إذا صلّت، غير أن مالكاً قال: "أحب إليّ إذا صلّت بغير خمار أن تعيد في الوقت، ولا أراه واجباً" قال أبو بكر: بالقول الأول أقول. م 723 - وإذا صلّت الأمة بعض صلاتها بغير قناع، ثم اعتقت، أخذت قناعها، وتبنى هذا قول الشعبى، والشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي. 10 - باب صلاة العاري م 724 - واختلفوا في القوم يخرجون من البحر عراة، فقالت طائفة: يصلون قعوداً، روى هذا القول عن ابن عمر، وبه قال عطاء، وعكرمة، وقتادة، والأوزاعي، وأصحاب الرأي.

وقال أصحاب الرأي: "يومون إيماء السجود أخفض من الركوع، وإن صلوا قياماً يجزيهم، وأفضل أن يصلوا قعوداً. وقالت طائفة: يصلون قياماً، كذلك قال مجاهد، ومالك، والشافعي. وفيه قول ثالث: حكاه ابن جريج، وقال آخرون: إن شاءوا صلوا قياماً وإن شاءوا قعوداً. م 725 - واختلفوا في صلاتهم إذا كانوا عراة جماعة، فروينا عن ابن عباس أنه قال: يصلون جماعة، [1/ 56/ألف] وبه قال قتادة، والشافعي. وفيه قول ثان: وهو أن يصلوا فرادى، كذلك قال الأوزاعي، وأصحاب الرأي. وقال مالك: "يصلون فرادى، يتباعد بعضهم عن بعض، ويصلون قياما، وإن كان ذلك في ليل مظلم لا يتبين بعضهم من بعض (يتباعد بعضهم عن بعض) صلوا جماعة وتقدمهم إمامهم ". وقال قتادة، والشافعي: يقوم إمامهم معهم في الصف، وقال آخر: يتقدمهم إمامهم. م 726 - واختلفوا في ركوع العراة وسجودهم، فقال مالك، والشافعي، وأحمد: يركعون ويسجدون ولا يؤون.

11 - باب الصلاة في الحرير

وقال قتادة، وإسحاق، وأصحاب الرأي: يؤمون، وروي ذلك عن ابن عمر، وابن عباس. قال أبو بكر: يصلى العريان قائماً يركع ويسجد ولا يجزيه غير ذلك. (ح 411) لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: صل قائماً فإن لم تستطع فجالساً. فإن صلى من يقدر على القيام قاعداً أعاد، ولا يثبت عن ابن عمر، وابن عباس ما روي عنهما ولو ثبت كان النبي - صلى الله عليه وسلم - الحجة على الخلق. 11 - باب الصلاة في الحرير (ح 412) جاء الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: الذهب والحرير حل لإناث أمتي محرم على ذكورها. م 727 - واختلفوا فيمن صلى في ثوب حرير، فقال الشافعي، وأبو ثور: يجزيه ونكرهه. وقال ابن القاسم صاحب مالك: "يعيد ما دام في الوقت إن وجد ثوباً غيره". وقال آخر: إد صلى في ثوب حرير وهو يعلم أن ذلك لا يجوز، أعاد.

12 - باب جماع أبواب ستر المصلي

12 - باب جماع أبواب ستر المصلي (ح 413) ثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يركز له الحربة يصلى إليها. م 728 - وقال أبو سعيد الخدري: بها نستتر بالسهم والحجر في الصلاة. (ح 414) وروينا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يستتر بالبعير. م 729 - وفعل ذلك ابن عمر، وأنس، وبه قال مالك، والاوزاعي. وقال الشافعي لا يستتر الرجل بامرأة ولا دابة. 13 - باب قدر ما يستتر به المرء في الصلاة (ح 415) جاء الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: إذا وضع أحدكم بين يديه مثل مؤخرة الرحل فليصل ولا يبال من وراء ذلك. م 730 - وقال أنس، وأبو هريرة: ذلك في الطول. وقال الأوزاعي: يجزئ السهم والسوط، والسيف.

14 - باب ما يجعل الرجل بينه وبين سترته

وقال عطاء: "قدر مؤخرة الرحل يكون خالصها على ظهر الأرض ذراعاً، وبه قال الثوري، وأصحاب الرأي. وقال مالك، والشافعي: قدر [1/ 56/ب] عظيم الذراع فصاعداً. وقال قتادة: ذراعاً أو شبراً. وقال الأوزاعي: يستتر المصلى مثل مؤخرة الرحل، وبه قال الثوري. م 731 - واختلفوا في الاستتار بالشىء الذي لا ينتصب إن عرض يصلي إليه، فقال سعيد بن جبير: إذا لم ينتصب، عرضه بين يديه وصلى، وبه قال الأوزاعي، وأحمد. وكره النخعى أن يصلى إلى عصاً بعرضها. وقال الثوري: "أحب إلى من هذه الحجارة التي في الطريق إذا لم يكن ذراعاً". 14 - باب ما يجعل الرجل بينه وبين سترته م 732 - كان عبد الله بن معقل يجعل بينه وبين سترته ستة أذرع. وقال عطاء أقل ما يكفيك ثلاثة أذرع، وبه قال الشافعي. وصلى أحمد وبينه وبين سترته ثلاثة أذرع أو أكثر. وقال عكرمة: إذا كان بينك وبين الذي يقطع الصلاة قذفه بحجر لم تقطع الصلاة.

15 - باب الاستتار بالخط إذا لم يجد المصلي ما يستتر به

15 - باب الاستتار بالخط إذا لم يجد المصلي ما يستتر به (ح 416) جاء الحديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: إذا صلى أحدكم فليجعل تلقاء وجهه شيئاً فإن لم يجد شيئاً فلينصب عصاً، فإن لم يجد فليخط خطاً، ثم لا يضره ما مرّ بين يديه. م 733 - وقال بظاهر هذا الحديث سعيد بن جبير، والأوزاعي، وأحمد، وأبو ثور. وأنكر مالك: الخط، وبه قال الليث بن سعد. وقال الشافعي إذ هو العراق بالخط، ثم قال بمصر: لا يخط المصلي بين يديه خطاً إلا أن يكون في ذلك حديث ثابت فيتبع. وحكى عن الكوفي أنه قال: لا ينفع الخط شيئاً. 16 - باب منع المصلي المار بين يديه (ح 417) ثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: إذا كان أحدكم يصلي فلا

17 - مسائل

يدع أحداً يمر بين يديه وليدرأه ما استطاع فإن أبي فليقاتله فإنما هو شيطان. قال أبو بكر: م 734 - فممن كان يرى منع المار بين يدي المصلى ابن عمر، والشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. قال أبو بكر: ليس لأحد أن يمر بين يدي من يصلي إلى سترة، فإن مرّ بين يديه كان له دفعه، فإن لم يندفع قاتله إن أبى، إلا أن يمر من بين يديه بعد إن دفعه، وليس له إذا صلى إلى غير سترة أن يدفع أحداً يمر بين يديه. م 735 - واختلفوا في رد المصلي من بين يديه من [1/ 57/ألف] حيث جاء، فروى عن ابن مسعود أنه رخص فيه، وفعل ذلك سالم. وقال الشعبي، والثوري، وإسحاق: لا يرده بعد إن جاز. وبه نقول، وذلك إن رده من حيث جاء كان مردوداً ثانياً وليس له وجه. 17 - مسائل م 736 - واختلفوا في الصلاة خلف المتحدثين، فروينا عن ابن مسعود،

وسعيد بن جبير أنهما كرها ذلك، وبه قال أحمد، وأبو ثور. ورخص في ذلك الزهري والنعمان. م 737 - واختلفوا في مرور الحمار والمرأة والكلب بين يدي المصدي، فقال أنس، والحسن البصري، وأبو الأحوص: يقطع الصلاة الكلب، والمرأة، والحمار. وقالت عائشة: لا يقطع الصلاة إلا الكلب الأسود، وبه قال أحمد، وقال: في قلبى من المرأة، والحمار شيء. وكان ابن عباس، وعطاء بن أبي رباح يقولان: تقطع الصلاة المرأة الحائض، والكلب الأسود. وقالت طائفة: لايقطع الصلاة شيء، هذا قول الشعبي، وعروة بن الزبير، ومالك، وسفيان الثوري، والشافعي، وأبوثور، وأصحاب الرأي. وبه نقول. م 738 - وأكثر أهل العلم يرون: أن سترة الإمام سترة لمن خلفه، روى ذلك عن ابن عمر، وبه قال النخعى، ومالك، والأوزاعى، وأحمد. م 739 - واختلفوا في امرأة صلت مع قوم في صف وهي تصلي بصلاة الإمام، يمينها والذي عن يسارها والذي خلفها بحيالها، فإنهم يعيدون

18 - باب الصلاة على الحصير والبسط

الصلاة، لأن هؤلاء قد ستروا من خلفهم من الرجال، فصار كل رجل منهم بمنزلة الحائط بين المرأة وبين أصحابه. وفي قوله الشافعي، وأبي ثور: صلاتهم جائزة. وقال إسحاق: إذا كانت بجنب رجل يصلي، فصلاتها فاسدة وصلاة الرجل جائزة لأنها عاصية، ولا تكون العاصية تفسد على المطيع لله. 18 - باب الصلاة على الحصير والبسط (ح 418) ثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه صلى على حصير. م 740 - وممن صلى على حصير جابر بن عبد الله، وزيد بن ثابت، وبه قال الشافعي، وأصحاب الرأي، وعوام أهل العلم. (ح 419) وقد ثبت عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه صلى على الخمرة. م 741 - وصلى عمر بن الخطاب على عبقري. وصلى ابن عمر على خمرة.

وروينا عن علي، وابن عباس،. . . . . (¬1) ¬

_ (¬1) بدأ السقط من هنا قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: ونص الكلام في الأوسط كما يلي: «وَرُوِّينَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُمْ صَلُّوا عَلَى الْمُسُوحِ، وَصَلَّى ابْنُ عَبَّاسٍ عَلَى طِنْفِسَةٍ، وَرُوِيَ عَنْ أَبِي ذَرٍّ أَنَّهُ صَلَّى عَلَى خُمْرَةٍ، وَعَنْ قَيْسِ بْنِ عَبَّادٍ أَنَّهُ صَلَّى عَلَى لِبْدِ دَابَّتِهِ، وَقَالَ أَنَسُ بْنُ سِيرِينَ: صَلَّى بِالنَّاسِ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ فِي جَمَاعَةٍ فِي سَفِينَةٍ، وَنَحْنُ جُلُوسٌ عَلَى فُرُشٍ»

[22 - كتاب الوتر]

[22 - كتاب الوتر]

[4 - باب الخبر الثابت على أن الوتر ركعة من آخر الليل]

[4 - باب الخبر الثابت على أن الوتر ركعة من آخر الليل] . . . . . . . . . . . (¬1) الله - صلى الله عليه وسلم -، وأبي بكر، وعمر. وممن روينا عنه أنه قال: الوتر ركعة، عثمان بن عفان، وسعد بن مالك، وزيد بن ثابت، وابن عباس، ومعاوية بن أبي سفيان، وأبو موسى الأشعري، وابن الزبير، وعائشة، وفعل ذلك معاذ القاري ومعه رجال، من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، لا ينكر ذلك منهم أحد، وبه قال سعيد بن المسيب، وعطاء بن أبي رباح، ومالك بن أنس، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور. غير أن مالكاً، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وإسحاق رأوا أن يصلى ركعتين ثم يسلم ثم يؤتر بركعة. وقالت طائفة: يؤتر بثلث، وممن روي ذلك عنه عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وأبي بن كعب، وأنس بن مالك، وابن مسعود، ¬

_ (¬1) انتهى السقط قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: ونص الكلام في الأوسط كما يلي: «وقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْوِتْرِ فَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: الْوِتْرُ رَكْعَةٌ، وَيَقُولُ: كَانَ ذَلِكَ وِتْرَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ»

وابن عباس، وأبو أمامة، وعمر بن عبد العزيز، وبه قال أصحاب الرأي. وقال الثوري: "أعجب إليّ ثلاث". وأباحت طائفة: الوتر ثلاث، وخمس، وسبع، وتسع، وإحدى عشرة. قال أبو أيوب الأنصاري: من شاء أن يؤتر بسبع، ومن شاء أن يؤتر بخمس، ومن شاء أن يؤتر بثلاث، ومن شاء أن يؤتر بركعة. وقال ابن عباس: إنما هى واحدة، أو خمس، أو سبع، لو أكثر من ذلك يؤتر بما شاء. وقال سعد بن أبي وقاص: ثلاث أحب إليّ من واحدة، وخمس أحب إليّ من ثلاث، وسبع أحب إليّ من خمس. وروينا عن عائشة أنها قالت: الوتر بتسع، وبخمس، والثلث سواء. وروي عن أبي موسى الأشعري أنه قال: ثلاث أحبّ إلىّ من واحدة، وخمس أحبّ إليّ من ثلاث، وسبع أحبّ إليّ من خمس. وروينا عن زيد بن ثابت أنه كان يوتر بخمس ركعات لا ينصرف فيها.

وكان سفيان الثوري يقول: الوتر بثلات، وخمس، وسبع، وتسع، وإحدى عشرة. وكان إسحاق يقول: إن شئت أوترت بركعة، وإن شئت بثلات، وإن شئت فبخمس، وإن شئت فبسبع، وإن شئت فبتسع، لا يسلم إلا في أواخرهنّ إذا فرغت، وإن أوترت بإحدى عشرة فسلّم في كل ركعتين، ثم أفرد الوتر بركعة. م 753 - وقد اختلف أهل العلم في الرجل يؤتر بركعة ليس قبلها شىء، كأنه صلّى العشاء الآخرة، ثم أراد أن يوتر بركعة، فممن روي عنه أنه فعل ذلك، عثمان بن عفان، وسعد بن مالك، ومعاوية، قال ابن عباس: أعاب يعني معاوية. وروي ذلك عن أبي موسى الأشعري، وابن عمر، وابن الزبير، وبه قال سعيد بن المسيّب وأحمد بن [1/ 47/ألف] حنبل، وأبو خثيمة، وأبو أيوب، وهذا مذهب الشافعي، وكان مالك يكره ذلك. قال أبو بكر: أحبّ إليّ أن يصلى المرء ما مضى له من الليل ركعتين ركعتين، ثم يوتر بواحدة، فإن أوتر بواحدة ليس قبلها شيء فهو جائز.

5 - باب الفصل بين الشفع والوتر

5 - باب الفصل بين الشفع والوتر م 754 - واختلفوا في الفصل بين الشفع والوتر، فكان ابن عمر: يفصل بين الركعة والركعتين من الوتر حتى يأمر ببعض حاجته، وهذا مذهب معاذ القارى، وعبد الله بن عباس، وابن أبي ربيعة، ومالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبي ثور. وحكى عنه الكوفي أنه قال: لا يفصل بين الركعتين والركعة بسلام. وحكى عن الأوزاعي أنه قال: إن فصل فحسن، وإن لم يفصل فحسن. قال أبو بكر: بقول ابن عمر أقول. وقال مالك: في الإمام الذي يوتر بالناس في رمضان بثلاث لا يسلم أرى أن يصلى خلفه ولا يخالفه. وقال مالك: كنت مرة أصلي معهم فإذا كان الوتر انصرفت ولم أوتر معهم. قال أبو بكر: أوتر معهم. (ح 434) لقول النبي- صلى الله عليه وسلم -: "إن الرجل إذا قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له بقية ليلته".

6 - باب قضاء الوتر بعد طلوع الفجر

6 - باب قضاء الوتر بعد طلوع الفجر (ح 435) ومن حديث ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: إذا طلع الفجر فقد ذهب كل صلاة الليل والوتر، فأوتروا قبل الفجر. م 755 - وأجمع أهل العلم على أن ما بين صلاة العشاء إلى طلوع الفجر وقت للوتر. م 756 - واختلفوا فيمن لم يوتر حتى طلع الفجر، فقالت طائفة: إذا طلع الفجر فقد فات الوتر، كذلك قال عطاء بن أبي رباح، والنخعي، وسعيد بن جبير. وقال سفيان الثوري، وإسحاق بن راهويه، وأصحاب الرأي: الوتر ما بين صلاة العشاء إلى طلوع الفجر. وفيه قول ثان: وهو أن الوتر ما بين صلاة العشاء الآخرة إلى صلاة الصبح. وروينا عن ابن مسعود أنه قال: الوتر ما بين الصلاتين. وروى عن ابن عباس أنه أوتر بعد طلوع الفجر، وروي ذلك عن ابن عمر، وممن روي عنه أنه أوتر بعد طلوع الفجر، عبادة بن الصامت، وأبو الدرداء، وحذيفة، وابن مسعود، وعائشة.

وقال مالك، والشافعي، وأحمد: يوتر ما لم يصل الصبح. ورخص الثوري، والأوزاعى في الوتر، بعد طلوع الفجر. وقال النخعي، والحسن، والشعبي: إذا صلى الغداة فلا يوتر. وقال أيوب السختياني، وحميد الطويل: إن أكثر وترنا لبعد طلوع الفجر وفيه قول ثالث: وهو أن يصلي الوتر وإن صلى الصبح، هذا قول طاؤس. وكان النخعي يقول: عليه قضاء الوتر وإن صلى الفجر إذا لم يكن أوتر. وفيه [1/ 47/ب] قول رابع: وهو أن يصلي الوتر وإن طلعت الشمس، روي هذا القول عن عطاء، وطاؤس، ومجاهد، والحسن، والشعبي، وحماد بن أبي سليمان، وبه قال الأوزاعي، وأبو ثور. وقال سعيد بن جبير فيمن فاته الوتر: يوتر من القابلة، هذا قول خامس. م 757 - واختلفوا فيمن ذكر الوتر وهو في صلاة الصبح، فقال الحسن البصري: ينصرف فيوتر، تم يصلى الصبح، وكذلك قال

7 - باب نقص الوتر

مالك: إذا كان نسى وتر ليلته، وكذلك يفعل عند مالك إذا كان خلف الإمام. وحكى أبو ثور عن الشافعي أنه قال فيمن صلى الفجر وعليه الوتر: صلاته تامة وبه قال أبو ثور، وكذلك قال يعقوب، ومحمد قالا: ويوتر إن شاء. م 758 - واختلفوا فيمن نسى صلاة العشاء وأوتر ثم صلى العشاء، فقال الثوري، والنعمان: لا يعيد الوتر. وقال مالك، ويعقوب، ومحمد: يعيد. قال أبو بكر: يعيد إستحباباً ما دام في الليل. 7 - باب نقص الوتر م 759 - واختلفوا في الرجل يؤتر، ثم ينام، ثم يقوم للصلاة، فقالت طائفة: يص إلى الركعة التي أوتر بها قبل أن ينام ركعة أخرى، ثم يصلى ما بدا له، ثم يؤتر في آخر صلاته، هذا قول إسحاق، وممن روي عنه أنه شفع وتره، عثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، وسعد بن أبي وقاص، وابن عمر، وابن مسعود، وابن عباس، وابن سيرين، وعمرو بن ميمون. وذهب سعد، وابن عمر، وابن عباس، وابن مسعود، وإسحاق، إذا نقص وتره أوتر في آخر صلاته.

8 - باب الصلاة بعد الوتر

وقال ابن عمر: إنما هو شىء أفعله برأيي لا أرويه عن أحد. وقد روينا عن أبي بكر الصديق أنه قال: أما أنا فإني أنام على وتر، فإن استيقظت صليت شفعاً حتى الصباح، وروي هذا المذهب عن عمار بن ياسر، وعائذ بن عمرو، وعائشة، وروي عن سعد بن أبي وقاص، وابن عباس هذا القول. وكان علقمة: لا يرى نقص الوتر، وبه قال النخعي، وطاؤس، وأبو مجلز (¬1)، ومالك، والأوزاعى، وأحمد، وأبو ثور. 8 - باب الصلاة بعد الوتر م 760 - واختلفوا في الصلاة بعد الوتر، فان مالك لا يعرف الركعتين بعد الوتر. وقال الأوزاعي: إن شاء ركعهما. وقال أحمد: لا أفعله، فإن فعله إنسان فأرجو أن لا يضيق عليه. قال أبو بكر: يصلى إن شاء، للثابت: ¬

_ (¬1) في الأصل "أبو مجلز".

9 - باب القراءة في الوتر

(ح 436) عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه صلى ركعتين وهو جالس بعد الوتر. 9 - باب القراءة في الوتر قال أبو بكر: (ح 437) جاء الحديث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه كان [1/ 48/ألف] يوتر بثلاث ركعات، أول ركعة "بسبح اسم ربك الأعلى"، والثانية "بقل يا أيها الكافرون"، والثالثة قل هو الله أحد. م 761 - وبهذا قال سفيان الثوري، وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي. وقال مالك: "الذي آخذ به في خاصة نفسي وأقرأ به، قل هو الله أحد، والمعوذتين في ركعة الوتر، وأما الشفع فلم يبلغني فيه شىء معلوم. وقال الشافعي: "يقرأ في الركعتين قبل الوتر بسبح اسم ربك الأعلى في الأولى، وفي الثانية بقل يا أيها الكافرون، ويقرأ في الركعة الواحدة بقل هو الله أحد، وبقل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ برب الناس".

10 - باب إثبات القنوت في الوتر

10 - باب إثبات القنوت في الوتر م 762 - اختلف أهل العلم في القنوت في الوتر، فرأت طائفة: أن يقنت في السنة كلها في الوتر، هذا قول ابن مسعود، والنخعى، والحسن البصري، وإسحاق، وأبي ثور. وفيه قول ثان: وهو أن لا يقنت إلا في نصف شهر رمضان، روي هذا القول عن علي، وأبي بن كعب، وكان ابن عمر يفعله، وبه قال ابن سيرين، وسعيد بن أبي الحسن، والزهري، ويحيى بن وثاب، ومالك، والشافعي، وأحمد. وفيه قول ثالث: وهو أن يقنت في السنة كلها في الوتر إلا في النصف الأول من رمضان، هذا قول الحسن البصري، خلاف القول الأول، وبه قال قتادة. وفيه قول رابع: وهو أن لا يقنت في الوتر ولا في الصبح، روي ذلك عن ابن عمر، خلاف الرواية الأولى وروي عن طاووس أنه قال: القنوت في الوتر بدعة. 11 - باب اختلافهم في القنوت قبل الركوع وبعده م 763 - روينا عن عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وابن مسعود، وأبي موسى الأشعري، والبراء بن عازب، وأنس بن مالك، وابن

12 - باب التكبير [1/ 48/ب] للقنوت إذا كان القنوت قبل الركوع

عباس، وعمر بن عبد العزيز، وعبيدة السلماني، وحميد الطويل، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، أنهم قنتوا ورأوا القنوت قبل الركوع، وبه قال إسحاق. وقال أصحاب الرأي: بلغنا أنه قنت فيها يعني النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل الركوع بعد القراءة، وليس في الصلوات قنوت إلا الوتر. وفيه قول ثان: وهو أن القنوت بعد الركوع، روي ذلك عن أبي بكر، وعمر، وعثمان وعلى. وقال أنس: كل ذلك كنا نعمل قبل وبعد، وهذا قول أيوب السختياني، وأحمد بن حنبل. (ح 438) وقد ثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قنت بعد (¬1) الركوع وفي صلاة الصبح. وبه نقول. 12 - باب التكبير [1/ 48/ب] للقنوت إذا كان القنوت قبل الركوع م 764 - كان عمر بن الخطاب إذا فرغ من القراءة كبر ثم قنت ثم كبر حين يركع، وروي ذلك عن علي، وابن مسعود، والبراء. ¬

_ (¬1) كذا فيالأصل, وفي الحاشية "قبل".

13 - باب رفع الأيدي في القنوت

وكان الثوري، وأحمد يريان: إذا قنت قبل الركوع أن يفتتح القراءة بتكبيرة. وفيه قول ثان: كان مالك يقول: "إذا قنت الرجل في صلاة الصبح قبل القراءة لم يكبر". وقد روي عن سعيد بن جبير أنه كان يصلي وكان يقنت في رمضان في الوتر بعد الركوع إذا رفع رأسه كبّر، ثم قنت. 13 - باب رفع الأيدي في القنوت م 657 - روينا عن عمر بن الخطاب، وابن مسعود، وابن عباس، أنهم كانوا يرفعون أيديهم في القنوت، وبه قال أحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي. وكان مالك بن أنس، والأوزاعى، ويزيد بن أبي مريم لايرون ذلك. قال الأوزاعي: إن شئت فأشر بإصبعك.

14 - باب تأمين المأمومين عند دعاء الإمام في القنوت

14 - باب تأمين المأمومين عند دعاء الإمام في القنوت (ح 439) جاء في الحديث عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه قنت شهراً متابعاً في الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، والصبح، يدعو على رعل، وذكوان، وعصيّة، ويؤمن من خلفه. م 766 - وكان مالك يقول: "يقنت في النصف من رمضان يعني الإمام, ويلعن الكفرة، ويؤمن من خلفه". وقال أحمد، وإسحاق: يدعو الإمام ويؤمن من خلفه. 15 - باب مسح الوجه باليدين عند الفراغ من الدعاء (ح 445) روينا عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "إذا دعوت فادع الله ببطون كفيك ولا تدعو بظهورهما، فإذا فرغت فامسح بهما وجهك". م 767 - وكان أحمد بن حنبل يقول: لم أسمع فيه بشيء، ولم يكن يفعله أحمد، وحكى عنه أنه قال في الصلاة: لا، ولا بأس به في غير الصلاة. وروي عن الحسن أنه كان يفعله.

16 - باب من نسي القنوت

16 - باب من نسي القنوت م 768 - واختلفوا فيمن نسي القنوت، فروى عن الحسن البصري أنه قال: عليه سجدتا السهو، به قال الثوري، والأوزاعى، وأصحاب الرأي، وهشيم، وإسحاق بن راهويه. وفيه قول ثان: وهو أن ليس ذلك عليه، هذا قول حماد بن أبي سليمان، وإساعيل بن علية. وقال أحمد بن [1/ 49/ألف] حنبل: "إن كان ممن تعوّد القنوت فليسجد سجدتي السهو". 17 - باب جماع أبواب التطوع (ح 441) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها. م 769 - واختلفوا في الوقت الذي يقضى فيه ركعتي (¬1) الفجر من فاتته، فقالت طائفة: يركعهما بعد صلاة الصبح، هذا قول عطاء، ¬

_ (¬1) في الأصل "ركعتا الفجر".

مسألة

وطاؤس، وابن جريج. وفيه قول ثان: وهو أن يقضيهما بعد طلوع الشمس، فعل ذلك ابن عمر، وبه قال القاسم بن محمد. وقال مالك: إن شاء قضاهما ضحىً إلى نصف النهار، وان شاء تركهما. ولا يقضيهما بعد الزوال. وممن قال يقضيهما بعد طلوع الشمس الأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، واستحسن ذلك أبو ثور. وقال أصحاب الرأي: إن أحب قضاهما إذا ارتفعت الشمس. قال أبو بكر: يقضيهما إذا صلى الصبح أحوط، وإن قضاهما بعد طلوع الشمس يجزيه. مسألة م 770 - واختلفوا فيمن نسي صلاة الصبح حتى طلعت الشمس فأراد قضاء ركعتي الفجر، فقال مالك: يبدأ بالمكتوبة. وكان الشافعي يرى أن يركعهما وإن طلعت الشمس. وقال النعمان: إن صلى الفجر ولم يصل ركعتي الفجر، ثم ذكرهما، فلا قضاء عليه، وليس ذلك بمنزلة الوتر، وبه قال يعقوب.

18 - باب صلاة ركعتي الفجر والإمام في الصبح

قال أبو بكر: يبدأ بهما، ثم يصلى الصبح. (ح 442) للثابت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -أنه فعل ذلك يوم ناموا عن صلاة الصبح ثم صلى. 18 - باب صلاة ركعتي الفجر والإمام في الصبح (ح 443) ثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة. م 771 - واختلفوا فيه، فقالت طائفة بظاهر الحديث، هذا قول أبي هريرة. وروينا عن عمر أنه كان يضرب على صلاة بعد الإقامة. وقال ابن عمر لرجل فعل ذلك: أتصلي الصبح أربعاً. وكره ذلك سعيد بن جبير، وابن سيرين، وعروة بن الزبير، وبه قال الشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور.

19 - باب الفصل بين كل ركعتين من صلاة الليل والنهار

وفيه قول ثان: وهو أن يصليهما والإمام يصلي، روي عن ابن مسعود أنه فعل ذلك. وقد روي عن ابن عمر أنه دخل المسجد والناس في الصلاة، فدخل بيت حفصة فصلى ركعتين ثم خرج إلى المسجد فصلى، وهذا مذهب مسروق، ومكحول، والحسن البصري، ومجاهد، وحماد بن أبي سليمان. وقال مالك: "إن لم يخف أن يفوته الإمام بالركعة فليركع خارجاً قبل أن يدخل، وإن خاف فوات الركعة فليدخل مع الإمام". وقال الأوزاعي، وسعيد بن عبد العزيز: اركعهما في ناحية المسجد ما تتيقّن أنك مدركاً للركعة الآخرة، وإن خشيت من الآخرة فأدخل مع الناس. وقال النعمان نحواً من قول الأوزاعي. 19 - باب الفصل بين كل ركعتين من صلاة الليل والنهار (ح 444) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: صلاة الليل مثنى مثنى.

(ح 445) وجاء الحديث عنه أنه قال: صلاة الليل والنهار مثنى مثنى. م 772 - واختلف أهل العلم في ذلك، فقال كثير من أهل العلم: صلاة الليل مثى مثنى. م 773 - واختلفوا في صلاة الليل، فقالت طائفة: صلاة الليل مثنى مثنى، روى هذا القول عن الحسن البصري، وسعيد بن جير، وبه قال مالك، والشافعي، وأحمد. وقال حماد بن أبي سليمان: صلاة النهار مثنى مثنى. وفيه قول ثان: وهو أن صلاة الليل مثنى مثنى وبالنهار أربعاً، ثبت عن ابن عمر أنه كان يصلي بالنهار أربعاً. وقال الأوزاعي في صلاة النهار إن شاء أربعاً قبل أن يسلم. وقال النعمان في صلاة الليل: إن شئت ركعتين، وإن شئت أربعاً، وإن شئت ستاً. وقال يعقوب، ومحمد: صلاة الليل مثنى مثنى. وقال النعمان في صلاة النهار: إن شئت ركعتين، وإن شئت أربعاً. وكان إسحاق يقول في صلاة النهار: أختار أربعاً، وإن صلى ركعتين جاز. قال أبو بكر: القول الأول أصح.

20 - باب التطوع في السفر

20 - باب التطوع في السفر م 774 - اختلف أهل العلم في التطوع في السفر، فثبت أن ابن عمر لم يكن يصلى في السفر مع الفريضة شيئاً قبلها ولا بعدها إلا من جوف الليل. وكان علي بن الحسين لا يتطوع في السفر قبل الصلاة ولا بعدها، وروي ذلك عن سعيد بن المسيب، وسعيد بن جبير. وفيه قول ثان: وهو إباحة التطوع في السفر، روينا ذلك عن عمر، وعلى، وابن مسعود، وجابر بن عبد الله، وأنس بن مالك، وابن عباس، وأبي ذر. وقال الحسن: كان أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم - يسافرون فيتطوّعون قبل المكتوبة وبعدها، هذا قول جماعة من التابعين ممن يكثر عددهم، وهو قول مالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبي ثور، وأصحاب الرأي. قال أبو بكر: وبه نقول. (ح 446) للثابت عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أنه تطوع في السفر من غير وجه.

21 - باب الوتر على الراحلة

21 - باب الوتر على الراحلة (ح 447) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - كان يوتر على الراحلة [1/ 61/ألف]. م 755 - وقال بظاهر هذا الحديث ابن عمر، وعطاء، ومالك، والشافعي، وأحمد، وأبو ثور، وروي ذلك عن علي، وابن عباس. وقال النخعي: كانوا يصلّون الفريضة والوتر بالأرض. وقال الثوري: لا بأس أن تؤتر على راحلتك، والوتر بالأرض أحب إليّ. وحكى عن النعمان أنه قال: لا يوتر على الدابة. 22 - باب التطوع على الراحلة (ح 448) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - كان يصلى على راحلته حيث توجهت به يؤمى إيمآء.

م 776 - وممن روينا عنه أنه فعل ذلك علي، والزبير، وأبو ذر، وابن عمر، وأنس بن مالك، به قال طاؤس، وعطاء، ومالك، وسفيان الثووي، والأوزاعى والشافعي، وأحمد، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. غير أن أحمد، وأبا ثور، كانا يستحبان للمصلي في السفر على الدابّة، أن يستقبل القبلة بالتكبير. (ح 449) بحديث رويناه عن أنس. م 777 - واختلفوا في الصلاة على الدواب في السفر الذي لا تقتصر في مثله الصلاة، فكان مالك يقول: لا يصلى أحد في غير سفر يقصر في مثله الصلاة على دابته. قال الشافعي: يصلي في قصير السفر وطويله، وهذا قول الأوزاعي، وأصحاب الرأي.

23 - جماع أبواب سجود القرآن

23 - جماع أبواب سجود القرآن (ح 450) ثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد اعتزل الشيطان يبكى فيقول: ياويله ياويله أمر هؤلاء أو هذا بالسجود فسجد، وأمرت بالسجود فأبيت فلي النار. 1 - باب السجود في ص (ح 451) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه- سجد في "ص". م 778 - واختلفوا في السجود في "ص"، فروينا عن عمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وابن عمر: أنهم سجدوا فيها. وبه قال جماعة من التابعين، وهو قول سفيان الثوري، وأحمد، وإسحاق، وأبي ثور، ومالك، وأصحاب الرأي. وفيه قول ثان: وهو أن لا سجود في "ص"، وممن كان لا يسجد فيها ابن سعود، وعلقمة، وبه قال الشافعي. قال أبو بكر: الأول أصح، بخبر رسول الله- صلى الله عليه وسلم -.

2 - باب السجود في النجم

2 - باب السجود في النجم (ح 452) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قرأ {وَالنَّجْمِ} فسجد فيها. م 779 - واختلفوا في السجود في النجم، فكان عمر، وعثمان، وابن مسعود، وابن عمر، يسجدون في النجم، وبه قال سفيان الثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي. وقال مالك: ليس في المفصل سجود. وقال الأوزاعي، وأبو ثور إن سجد فيها فحسن. قال أبو بكر: السجود فيها أحبّ إليّ [1/ 61/ب]. 3 - باب السجود في {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} (ح 453) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -سجد في {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ}. م 780 - وممن كان يسجد فيها عمر بن الخطاب، وابن مسعود، وعمار بن

4 - باب السجود في {اقرأ باسم ربك الذي خلق}

ياسر، وابن عمر، وأبو هريرة. وبه قال عمر بن عبد العزيز، وغير واحد من التابعين، والثوري، والشافعي، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. وقالت طائفة: ليس في المفصّل سجود. وأنا ذاكر قولهم بعد إن شاء الله تعالى. 4 - باب السجود في {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} م 781 - واختلفوا في السجود في {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ}، فكان علي بن أبي طالب، وابن مسعود يقولان: عزائم السجود أربع، فذكر منها {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ}. وروينا عن عقبة بن عامر أنه قال: من لم يسجد فيها فلا عليه أن لا يقرأها. وكان الشافعي، وسفيان الثوري، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي يرون السجود فيها. وقالت طائفة: ليس في المفصّل سجود، وممن روي عنه أنه قال ذلك

5 - باب السجود في السجدة الثانية من الحج

أبيّ بن كعب، وابن عباس، والحسن البصري، والثوري، وسعيد ابن المسيب، وسعيد بن جبير، وعكَرمة، ومجاهد، وطاؤس. قال أبو بكر: يسجد فيها. (ح 454) للثابت عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أنه سجد فيها. 5 - باب السجود في السجدة الثانية من الحج م 782 - أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن السجود في السجدة الأولى من الحج ثابتة، وممن ثبت ذلك عنه عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وابن عمر، وابن عباس، وروي ذلك عن أبي موسى الأشعري، وعبد الله بن عمر، وأبي الدرداء، وأبي عبد الرحمن السلمى، وزر بن حبيش، وأبي العالية، وبه قال الشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. م 783 - واختلفوا في السجدة الثانية من الحج، وممن روينا أنه كان يسجد في الحج سجدتين، عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وعبد الله بن عمر، وأبو الدرداء، وأبو موسى الأشعري.

6 - باب عدد سجود القرآن

وقال أبو إسحاق: أدركت الناس منذ سبعين سنة يسجدون في الحج سجدتين، وبه قال أبو عبد الرحمن السلمى، وأبو العالية، وزر بن حبيش، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور. وقالت طائفة: في الحج سجدة واحدة، كذلك قال سعيد بن جبير، والحسن البصري، والنخعي، وجابر بن زيد، وأصحاب الرأي [1/ 62/ألف]. وقد اختلف فيها عن ابن عباس. قال أبو بكر: بالقول الأول أقول. 6 - باب عدد سجود القرآن م 784 - واختلفوا في عدد سجود القرآن، فروينا عن ابن عمر، وابن عباس، أنهما كانا يعدان سجود القرآن فقالا: الأعراف، والرعد، والنحل، وبني إسرائيل، ومريم، والحج أولها، والفرقان، وطس، وألم تنزيل، وص، وحم السجدة، إحدى عشرة سجدة. وقد روينا عن عباس رواية أخرى أنه عدّها عشراً وأسقط السجود في ص. وقد اختلفوا في الرواية عن ابن عمر في السجدة الثانية من الحج.

7 - باب الآية التي يسجد فيها من حم السجدة

وقالت طائفة: سجود القرآن أربع عشرة سجدة، في الحج منها سجدتان، وفي المفصل ثلاثة، وليس في ص منها شىء هكذا قال الشافعي. ووافق أبو ثور، الشافعي في العدد، غير أنه أثبت السجود في ص، وأسقط السجود في سورة النجم. وقال إسحاق في سجود القرآن: خمس عشرة، الاعراف، والرعد، والنحل، وبني إسرائيل، ومريم، وفي الحج سجدتان، وفي الفرقان، والنمل، والم تنزيل السجدة، وفي ص، وفي حم السجدة، وفي النجم، وفي إذا السماء انشقت، وإقرأ باسم ربك الذي خلق. ووافق إسحاق أصحاب الرأي في كل ما قال، إلا السجود في الحج فإنهم قالوا: فيها سجدة واحدة. 7 - باب الآية التي يسجد فيها من حم السجدة م 785 - واختلفوا في الآية التي يسجد فيها من حم السجدة، فقالت طائفة: يسجد في الأولى منهما {إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ}، روي هذا القول عن ابن عمر، وبه قال الحسن البصري، وابن سيرين، وأصحاب عبد الله.

8 - باب السجود بعد صلاة العصر حتى تغرب الشمس، وبعد صلاة الصبح حتى تطلع الشمس

وقال الأعمش: أدركت إبراهيم، وأبا صالح، وطلحة، والزبير، وزيد يسجدون بالآية الأولى، وبه قال مالك، والليث بن سعد. وقالت طائفة: السجدة فيها عند قوله {وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ} الآية، روي ذلك عن سعيد بن المسيب، وابن سيرين، وأبي وائل، وبه قال الثوري وإسحاق. م 786 - وكان أحمد يقول في سجود القرآن ما يقول في سجود الصلاة. وقال إسحاق: ليقل ما جاء عن النبي- صلى الله عليه وسلم -. (ح 455) سجد وجهى للذي خلقه وشقّ سمعه وبصره إلى الخالقين، ورب ظلمت نفسي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت. 8 - باب السجود بعد صلاة العصر حتى تغرب الشمس، وبعد صلاة الصبح حتى تطلع الشمس م 787 - واختلفوا في السجود بعد صلاة العصر وبعد صلاة الصبح، فكرهت. . . . . . . . . (¬1) ¬

_ (¬1) بدأ السقط من هنا قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: ونص الكلام في الأوسط كما يلي: «اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي السُّجُودِ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ، وَبَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ , فَكَرِهَتْ طَائِفَةٌ أَنْ يَقْرَأَ السَّجْدَةَ فِي هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ، كَرِهَ ذَلِكَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَقَالَ أَحْمَدُ: «لَا يَسْجُدُ إِذَا قَرَأَ السَّجْدَةَ بَعْدَ الصُّبْحِ، وَبَعْدَ الْعَصْرِ وَلَا يُعِيدُهَا» وَقَالَ إِسْحَاقُ: «يُعِيدُهَا إِذَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ»، وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ: إِذَا قَرَأَ سَجْدَةً بَعْدَ الْعَصْرِ , أَوْ بَعْدَ الْفَجْرِ لَمْ يَسْجُدْ فِيهَا، وَقَدْ كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَصِيحُ عَلَيْهِمْ إِذَا رَآهُمْ، يَعْنِي الْقُصَّاصَ , يَسْجُدُونَ بَعْدَ الصُّبْحِ. وَرُوِّينَا عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ: أَنَّهُ قُرِئَتْ عِنْدَهُ السَّجْدَةُ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ , فَلَمْ يَسْجُدْ حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ , ثُمَّ سَجَدَ، وَرُوِّينَا عَنْ أَبِي أُمَامَةَ: أَنَّهُ كَانَ إِذَا رَأَى أَنَّهُمْ يَقْرَءُونَ آيَةً , أَوْ سُورَةً فِيهَا سَجْدَةٌ بَعْدَ الْعَصْرِ لَمْ يَجْلِسْ مَعَهُمْ. . . . . . وَكَانَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ يَنْهَى عَنْ سَجْدَةِ الْقُرْآنِ بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ، وَبَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَرَخَّصَتْ طَائِفَةٌ فِي السُّجُودِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَبَعْدَ الصُّبْحِ. رُوِّينَا عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّهُ قَالَ: «إِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَأَتَيْتَ عَلَى السَّجْدَةِ فَاسْجُدْ , أَيَّ سَاعَةٍ كَانَتْ، وَلَا يخْتَصِرَنَّ السَّجْدَةَ , مَنْ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ فَيَسْجُدُ فِيهَا». وَقَرَأَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ سَجْدَةً بَعْدَ الْعَصْرِ فَسَجَدَ. وَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: «يَسْجُدُ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ، وَقَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ»: عَطَاءٌ، وَسَالِمٌ، وَالْقَاسِمُ، وَعِكْرِمَةُ، وَكَانَ النَّخَعِيُّ يَقُولُ: إِذَا قَرَأَ السَّجْدَةَ بَعْدَ الْغَدَاةِ , أَوْ بَعْدَ الْعَصْرِ سَجَدَ إِذَا كَانَ وَقْتَ صَلَاةٍ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ: إِذَا كَانَ فِي وَقْتِ صَلَاةٍ , فَلَا بَأْسَ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: مَنْ قَرَأَ سَجْدَةً بَعْدَ الْعَصْرِ , أَوْ بَعْدَ الصُّبْحِ , أَوْ بَعْدَ الْفَجْرِ , فَلْيَسْجُدْ. وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ فِي السَّجْدَةِ يَقْرَؤُهَا بَعْدَ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغِيبَ الشَّمْسُ , وَبَعْدَ مَا صَلَّى الْفَجْرَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ , قَالُوا: يَسْجُدُهَا»

[15 - باب الحائض تسمع السجدة]

[15 - باب الحائض تسمع السجدة] . . . . . . . . . . . (¬1) [1/ 50/ ب] برأسها، وبه قال سعيد بن المسيب، قال تقول: اللهم لك سجدت. 16 - باب من سمع السجدة وهو على غير وضوء م 798 - واختلفوا في الرجل يسمع السجدة وهو على غير وضوء. ¬

_ (¬1) انتهى السقط قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: ونص الكلام في الأوسط كما يلي: اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْحَائِضِ تَسْمَعُ السَّجْدَةَ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: «لَيْسَ عَلَيْهَا أَنْ تَسْجُدَ» , كَذَلِكَ قَالَ عَطَاءٌ، وَأَبُو قِلَابَةَ، وَالزُّهْرِيُّ، وَقَتَادَةَ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ: رُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ أَنَّهُ قَالَ: تُومِئُ بِرَأْسِهَا حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ أبان الْعَطَّارِ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عن عثمان قال: تومئ برأسها إيماء. وقَالَ: وحدثنا محمد بن بشر قال: حدثنا سعيد عن قتادة عن ابن المسيب قال: تومئ برأسها وَتَقُولُ: «اللهُمَّ لَكَ سَجَدْتُ»

17 - باب المرء يسمع السجدة وهو في الصلاة

فقالت طائفة: يتوضأ ويسجد، هكذا قال النخعي، وسفيان الثوري، وإسحاق، وأصحاب الرأي. وقد روينا عن النخعى قولاً ثانياً: وهو أن يتيمم ثم يسجد. وروينا عن الشعبى قولاً ثالثاً: وهو أن يسجد حيث كان وجهه. 17 - باب المرء يسمع السجدة وهو في الصلاة م 799 - واختلفوا في الرجل يسمع السجدة وهو في الصلاة، فكان النخعى يقول: يسجد إلا أن يكون ساجداً. وقال الحكم، وحماد: يسجد. وقال الحسن، وأبو قلابة، وجابر بن زيد: لا يسجد. وقد روينا عن ابن سيرين أنه قال: يسجد إذا انصرف. 18 - باب السجدة في آخر السورة م 800 - واختلفوا في السجدة تكون في آخر السورة، فكان ابن مسعود يقول: إن شئت ركعت، وإن شئت سجدت، وبه قال الربيع بن خثيم، وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي.

19 - باب سجود الشكر

وقال الشعبي، والنخعي: يجزيه أن يركع بها، وكذلك قال علقمة، والأسود، ومسروق، وعمرو بن شرحبيل. م 801 - واختلفوا في المرأة تقرأ السجدة، فقال قتادة، وإسحاق, ومالك: لا يأتمون بها، وهو على مذهب الشافعي. وقال النخعى: هي إمامك. 19 - باب سجود الشكر م 802 - واختلفوا في سجود الشكر، فاستحب الشافعي سجود الشكر. وقال أحمد لا بأس به. وقال إسحاق، وأبو ثور: سنة. وكره النخعى ذلك، وزعم أنه بدعة. وكره ذلك مالك، والنعمان.

قال أبو بكر: وبالقول الأول أقول، لأن ذلك: (ح 458) قد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. وعن أبي بكر، وعلى، وكعب بن مالك.

24 - كتاب الكسوف

24 - كتاب الكسوف (ح 459) ثبت أن رسول - صلى الله عليه وسلم - قال: إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، ليستا تنكسفان لموت أحد من الناس ولكنهما آيتان من آيات الله فإذا رأيتموها فقوموا فصلوا. (ح 460) وثبت أن الشمس لما كسفت صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - والناس معه، فقام قياماً طويلاً قرأ نحوا من سورة البقرة، ثم ركع ركوعاً طويلاً، ثم رفع فقام [1/ 51/ألف] قياماً طويلاً وهو دون القيام الأول، ثم ركع ركوعاً طويلاً وهو دون الركوع الأول، سجد، تم قام قياماً طويلاً وهو دون القيا الأول، ثم ركع ركوعا طويلاً وهو دون الركوع الأول، ثم رفع فقام قياماً طويلاً وهو دون القيام الأول، ثم ركع ركوعاً طويلاً وهو دون الركوع الأول ثم [سجد]، ثم انصرف وقد تجلت الشمس فقال: إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك فاذكروا الله تعالى.

1 - باب اختلافهم في عدد الركعات في صلاة كسوف الشمس

1 - باب اختلافهم في عدد الركعات في صلاة كسوف الشمس م 803 - واختلفوا في عدد ركوع صلاة الكسوف. (ح 461) فروينا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه لما انكسفت الشمس صلى ركعتين. وقال بظاهر الحديث، إبراهم النخعى، قال: صلوا ركعتين نحواً من صلاتكم، وبه قال أصحاب الرأي. (ح 462) وروينا عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه صلى صلاة الكسوف ركعتين في كل ركعة ركعتين. وبه قال مالك، والشافعي، وأحمد، وأبو ثور. (ح 463) وروينا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه صلى ست ركعات في أربع سجدات. وقد روينا عن ابن عباس، وحذيفة أنهما صليا في كسوف الشمس ست ركعات وأربع سجدات. (ح 466) وقد روينا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه صلى في كسوف الشمس فقرأ، ثم ركع فقرأ، ثم ركع ثم قرأ، ثم ركع، ثم قرأ، ثم ركع، ثم سجد والأخرى مثلها.

وقد روينا عن علي بن أبي طالب، وابن عباس أنهما صليا هذه الصلاة. (ح 465) وقد روينا عن علي بن أبي طالب أن الشمس انكسفت فقام فصلى خمس ركعات فسجد سجدتين، ثم فعل في الركعة الثانية مثل ذلك، ثم سلم، ثم قال: ما صلاها أحد بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - غيري. وقد حكى الحسن البصري هذه الصلاة. وقد روينا عن العلاء بن زياد أنه قال في صلاة الكسوف: "يقوم فيكبر فيركع فإذا قال: سمع الله لمن حمده، نظر فإن كان لم تتجل قرأ، ثم ركع فإذا قال: سمع الله لمن حمده نظر فإن كان لم تتجل قرأ، ثم ركع فإذا قال: سمع الله لمن حمده نظر فإن كان قد تتجل سجد، ثم شفع إليها ركعة، وإن كان لم تتجل لم يسجد أبداً حتى تتجل". وكان ابن راهويه يقول بعد أن ذكر صلاة الكسوف أربع ركعات في ركعتين، وست ركعات في ركعتين، وثمان ركعات في ركعتين: كل ذلك مؤتلف يصدق بعضه بعضاً؛ لأنه إنما كان يزيد في [1/ 51/ب] الركوع إذا لم ير الشمس قد انجلت، وإذا انجلت الشمس سجد، فمن ها هنا صار زيادة الركعات، فلا يجاوز بذلك لأربع ركعات في كل ركعة، لأنه لم يأتنا ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه صلى أكثر من ذلك ". قال أبو بكر: وقال آخر من أصحابنا: الأخبار في صلاة الكسوف أخبار ثابتة، فيصلى المصلى، فذكر في كل ركعة ركوعين، وذكر أنه يصلى في كل ركعة ثلاث ركعات، فإن أحب ركع في كل ركعة أربع

2 - باب الجهر بالقراءة في صلاة كسوف الشمس

ركعات؛ لأن الأخبار فيها ثابتة، ويدل على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى في كسوف الشمس مرات. قال أبو بكر: هذا حسن. 2 - باب الجهر بالقراءة في صلاة كسوف الشمس م 804 - واختلفوا في الجهر بالقراءة في صلاة كسوف الشمس، فممن روينا عنه أنه جهر بالقراءة في صلاة الكسوف، علي بن أبي طالب، وفعل ذلك عبد الله بن يزيد، وبحضرته البراء بن عازب، وزيد بن أرقم، وبه قال أحمد، وإسحاق. وقال مالك، والشافعي، وأصحاب الرأي: لا يجهر بالقراءة في صلاة الكسوف. قال أبو بكر: بالقول الأول أقول: (ح 466) لحديث النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه جهر بالقراءة.

3 - باب قدر القراءة في صلاة كسوف الشمس

3 - باب قدر القراءة في صلاة كسوف الشمس م 805 - واختلفوا في قدر القراءة في صلاة الخسوف، فقرأ ابن عباس: في الركعات الأول بالبقرة، وقرأ في الركعات الأواخر سورة آل عمران، وروينا عنه أنه قرأ في الركعة الأولى سورة البقرة، وفي الثانية بآل عمران. وروى عن علي بن أبي طالب: أنهم خرزوا قراءته الروم، أو يس، أو العنكبوت. وروينا عن إبان بن عثمان، أنه قرأ في كسوف {سأل سائل}. وقال الشافعي: "يقرأ في القيام الأول بعد الافتتاح بسورة البقرة، أو قدرها إن كان لا يحفظهما، ثم يركع قدر مائة آية من سورة البقرة، تم يرفع، ثم يقرأ بأم القرآن وقدر مائتي آية من البقرة، ثم يركع بقدر ثلثى ركوعه الأول، ثم يرفع، ثم يسجد، ويقوم في الركعة الثانية فيقرأ بأم القرآن وقدر مائة وخمسين آية من البقرة، ثم يركع بقدر سبعين آيه من البقرة، ثم يركع فيقرأ بأم القرآن وقدر مائة آية من البقرة، ثم يركع قدر قراءة خمسين آية من البقرة، ثم يرفع رأسه ويسجد، ويجزيه ما قرأ به إذا قرأ بأم القرآن في مبتدأ الركعة وعند رفع رأسه من الركعة قبل الركعة الثانية في كل ركعة أجزأه".

4 - باب قدر السجود في صلاة الخسوف

4 - باب قدر السجود في صلاة الخسوف م 806 - كان مالك يقول: "لم أسمع أن السجود يطول في صلاة الكسوف"، وهذا مذهب الشافعي، وأحمد. ورأت طائفة من أصحاب الحديث: تطويل السجود [1/ 52/ألف] في صلاة الكسوف. (ح 467) واحتجت بخبر عبد الله بن عمرو. وبه نقول. 5 - باب الخطبة بعد صلاة الخسوف م 807 - كان الشافعي، وإسحاق، وعامة الفقهاء من أصحابنا يرون: أن يخطب الإمام بعد صلاة الكسوف، ويحتجون في ذلك. (ح 468) بحديث عائشة رضي الله عنها، أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -صلى في كسوف

6 - باب حضور النساء صلاة الكسوف

الشمس، ثم انصرف وقد تجلت الشمس فخطب الناس فحمد الله وأثنى عليه. وقال مالك: ليس للكسوف خطبة، وهو ممن روى حديث عائشة الذي فيه ذكر الخطبة، ووافقه يعقوب، فقال: ليس في صلاة الكسوف خطبة، ولا خروج إنما الصلاة في مسجد الجماعة. قال أبو بكر: بالقول الأول أقول 6 - باب حضور النساء صلاة الكسوف م 808 - كان مالك بن أنس، ويعقوب لا يريان: بأساً للعجائز أن يخرجن في الكسوف. وقال مالك: أما غيرهن فلا أحبه. وكره يعقوب: ذلك للشابة. وقال الشافعي: "لا أكره لمن لا هيئة لها بارعة من النساء، ولا للعجوز، ولا للصبية شهود صلاة الكسوف مع الإمام بل أحبها لهن، وأحب إذا لذات الهيئة أن يصليها في بيتها". ورأى إسحاق: أن يخرجن شاباً كن أو عجائز، ولوكن حيّضاً إلا أن الحيض يعتزلن المسجد ويقربن منه.

7 - باب صلاة الكسوف مع جماعة إذا تخلف الإمام عنها

7 - باب صلاة الكسوف مع جماعة إذا تخلف الإمام عنها م 809 - واختلفوا في القوم يصلون جماعة عند الكسوف، فصلى عبد الرحمن بن أبي ليلى، وسليمان التيمي، كل واحد منهما بأصحابه، وبه قال مالك، والشافعي، وأحمد، وأبو ثور. وكان ابن عباس- يصلى في صفة زمزم صلاة الكسوف. وقال مالك، والشافعي: يصليها المسافر. وقال مالك: تصلي النساء في بيوتهن صلاة الكسوف. وذكر ذلك سفيان الثوري، وقال: يصلون وحداناً ولا يجمعهم رجل. وقال النعمان: يصلون وحداناً لا يصلون جماعة. وقال ابن الحسن كقول الثوري. 8 - باب الصلاة عند كسوف القمر م 810 - واختلفوا في الصلاة لكسوف القمر، فروينا عن ابن عباس أنه فعل ذلك، وبه قال عطاء، والحسن البصري، وإبراهيم

9 - باب صلاة الكسوف بعد العصر وعند طلوع الشمس

النخعى، والشافعي، وأحمد، [1/ 52/ب] وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي قال أبو بكر: وبه نقول، والأخبار دالة على صحة هذا القول. وكان مالك من بين أهل العلم يقول: ليس في كسوف القمر سنة، ولا صلاة كصلاة كسوف الشمس. 9 - باب صلاة الكسوف بعد العصر وعند طلوع الشمس م 811 - واختلفوا في صلاة الكسوف بعد العصر، وفي وقت لا يصلى فيه، فقالت طائفة: يذكرون الله ويدعون، هذا مذهب الحسن البصري، وعطاء بن أبي رباح، وعكرمة بن خالد، وابن أبي مليكة، وعمرو ابن شعيب، وأبي بكر بن عمرو بن حزم، وقتادة، وأيوب، وإسماعيل ابن أمية، والثوري، ومالك، ويعقوب. وكان الشافعي يقول: "متى انكسفت الشمس نصف النهار أو بعد العصر صلى للخسوف"، وبه قال أبو ثور.

10 - باب الصلاة عند حدوث الآيات سوى الكسوف

وكان إسحاق يقول: "يصلون بعد العصر ما لم تصفر الشمس للغروب، وكذلك بعد الفجر ما لم يطلع حاجب الشمس إلى أن يكون قيد رمح أو رمحين". قال أبو بكر: يصلى للكسوف في كل وقت إلا وقت غروب الشمس، ووقت طلوعها، ووقت الزوال. 10 - باب الصلاة عند حدوث الآيات سوى الكسوف م 812 - واختلفوا في الصلاة عند الزلزلة وسائر الآيات، فقالت طائفة: يصلى عندها كما يصلي عند الكسوف، استدلالاً: (ح 469) بأن النبي- صلى الله عليه وسلم - لما قال: إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله. فكذا الزلزلة، والحادثة، وما أشبه ذلك من آيات الله. وقد روينا عن ابن عباس أنه صلى في الزلزلة بالبصرة. وقال ابن مسعود: إذا سمعتم هاداً من السماء فافزعوا إلى الصلاة، وهذا مذهب أحمد، وإسحاق، وأبي ثور. وكان مالك لا يرى ذلك، وبه قال الشافعي.

وقال أصحاب الرأي: الصلاة في ذلك حسنة وحداناً، يعني في الظلمة، أو الريح الشديدة. وكان عروة بن الزبير يقول: لا تقولوا كسفت الشمس ولكن قولوا خسفت. قال أبو بكر: وذكر الخسوف والكسوف موجود في الأخبار، غير أن بعضهم يستحب أن يقال: خسفت لقوله جلّ وعزّ: {وَخَسَفَ الْقَمَرُ} الآية.

25 - كتاب الجنائز

25 - كتاب الجنائز (ح 470) ثبت أن رسول - صلى الله عليه وسلم - قال: لقنوا أمواتكم لا إله إلا الله. (ح 471) وروينا عنه أنه قال: من كان آخر كلامه لا إله إلا الله، وجبت له الجنة. (ح 472) وروينا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه ولّى أبا سلمة وولى تغميضه. م 813 - فتغميض أعين الموتى [1/ 53/ألف] سنة. م 814 - ويستحب أن يستقبل بالمريض إذا حضرته الوفاة القبلة، وهذا قول عطاء، والنخعي، وأهل المدينة، ومالك، والأوزاعي، وأهل الشام، وبه قال أحمد، وإسحاق. وقد روينا عن سعيد بن المسيب أنه في مرضه حوّل فراشه إلى القبلة فأمر أن يعاد كما كان.

1 - باب غسل الميت

1 - باب غسل الميت م 815 - يستحب أن يطرح على الميت خرقة تستر ما بين سرّته إلى ركبتيه، وقد كان محمد بن سرين: إذا غسل ميتاً جلله بثوب. وكان النخعى يحبّ أن يغسل وبينه وبين السماء سترة، واستحب ذلك الأوزاعي، وإسحاق. (ح 473) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال للنسوة لما توفيت ابنته: اغسلنها ثلاثاً أو خمساً أو أكثر من ذلك إن رأيتنّ، واغسلنها بماء وسدر، واجعلن في الآخرة شيئاً من كافور، فإذا فرغتنّ فآذنّني، قالت أم عطية: فلما فرغنا آذنّاه، فألقى إلينا حقوه، فقال: أشعرنها إياه. قال أبو بكر: فدلّ هذا الحديث على أن أقل ما يغس الميت ثلاثاً، وعلى أن الغاسل إذا رأى غسله أكثر من ثلاث له أن يفعل، لكن لا يغسله إلا وتراً. م 816 - واختلفوا في عدد غسل الميت، فكان سعيد بن المسيب، والحسن البصري، والنخعي، يقولون: يغسل ثلاثاً. وقال الشافعي: لا يقصر عن ثلاث. وقال ابن سيرين: يغسل وتراً. قال عطاء: ثلاتاً، أو خمساً، أو سبعاً.

وقال أحمد: لا يزاد على سبع. وقالت طائفة: ليس لذلك حدّ، ولكن يغسل غسلاً وينقّي هذا قول مالك. وقال آخر: يجزئ في الغسل للميت كما يجزئ للجنب. قال أبو بكر: ويستحب أن يبدأ في الغسل بميامن الميّت لما في. (ح 474) حديث أم عطية رضي الله عنها عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ابدأن بميامنها، ومواضع الوضوء منها. وقال ابن سيرين: يبدأ بمواضع الوضوء، تم بميامنه. م 817 - واختلفوا في تغطية وجه الميت، فكان محمد بن سيرين، وسليمان ابن يسار، وأيوب السختياني يرون: أن يلقى على وجه الميت خرقة. وكان مالك، والثوري، والشافعي، وأحمد يرون: إلقاء الحرقة على الفرج، ولم يذكروا الوجه. م 818 - واختلفوا في الأخذ من شعر الميت وأظفاره، فروينا عن سعد بن مالك: أنه أخذ عانة ميّت، وقال به سعيد بن جبير. فكان الحسن البصري، وبكر بن عبد الله المزني يقولان: يؤخذ من شعره وأظفاره.

وقال الأوزاعي في الأظفار: تقصّر إذا طالت، ولا يمس غير ذلك. وقال أحمد، وإسحاق في الشعر والظفر: يؤخذ إذا كان [1/ 53/ب] فاحشاً. وكره محمد بن سيرين: أخذ عانة الميت، وبه قال: مالك. وكره مالك تقليم أظفار للميت. قال أبو بكر: هذا أحب إلي. م 819 - واختلفوا في عصر بطن الميت، فكان ابن سيرين، والحسن البصري، ونالك يقولون يعصر بطن الميت، قال بعضهم: عصراً خفيفاً. وقال الثوري: يمسح مسحاً رقيقاً بعد الغسلة الأولى. وقال الشافعي: يمر يده على بطنه إمراراً رقيقاً بليغاً. وقال أحمد، وإسحاق: بمعنى ذلك، وقال أحمد: يعصر بطنه في الثانية. وروينا عن الضحاك بن زاحم أنه أوصى أن لايعصر بطنه. قال أبو بكر: ليس في عصر بطن الميت سنة تتبع، فإن شاء الغاسل فعل، وإن شاء لم يفعل. م 820 - واختلفوا في مضمضة الميت واستنشاقه، فكان سعيد بن جبير، والنخعي، والثوري، لا يرون ذلك. وكان الشافعي، وإسحاق: يأمران به. قال أبو بكر: هذا أحب إلى.

قال أبو بكر: (ح 475) سن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أن يغسل بماء وسدر. م 821 - ولا معني لطرح ورق السدر في الماء، والغسل بالسدر، قول كثير من أهل العلم. م 822 - واختلفوا في الغسل بالخطمى، فروينا عن عائشة أنها سئلت عن غسل الميت بالخطمى فقالت: لا تعفنوا ميتكم، وكره ابن سيرين غسله بالخطمي إلا أن لا يجدوا سدراً. وقال سعيد بن جبير: يجعل مكان السدر الأشنان، وقال مرة: ورق الغيفراء. وقالت حفصة بنت سيرين: يجعل الخطمى. وقال الثوري: حرض أو غيره. قال أبو بكر: أي ذلك فعل إذا لم يجد السدر يجزئ. م 823 - وكان أبو قلابة يقول: "إذا طال ضنى المريض دعا بأشنان فغسّله". وممن قال: يغسل بالحرض مالك، والشافعي، وأحمد إذا احتيج إليه. م 824 - وكان الشافعي يقول: يظفر شعر رأس الميتة ثلاثة قرون ناصيتها وقرنيتها، ثم ألقيت إلى خلفها"، وبه قال أحمد وأومى إليه إسحاق.

قال أبو بكر (¬1): وبه نقول لحديث أم عطية. وكان الأوزاعي يقول: ليس مشط رأس الميتة بواجب، ولكن يفرق شعرها ويرسله مع خديها. وقال أصحاب الرأي: يرسل بين ثديها من الجانبين ثم يرسل الخمار عليه. قال أبو بكر: وبقول الشافعي أقول. (ح 476) لحديث أم عطية قالت: ظفرنا رأسها ثلاث قرون ناصيتها وقرنيها وألقيناها إلى خلفها. م 825 - واختلفوا في الميت يخرج منه الشيء بعد الغسل، فقالت طائفة: يعاد عليه الغسل إلى سبع مرار، ولا يزاد عليه، كذلك قال محمد ابن سيرين، وبه قال أحمد، وبنحوه قال إسحاق. وقال الشافعي: يعاد عليه واحدة. وقال الحسن البصري: يغسل ثلاثاً، فإن خرج منه شيء، غسل ما خرج [1/ 54/ألف] منه ولا يزاد على ثلاثة. وقال مالك، والثوري، والنعمان: لا يعاد الغسل. قال الثوري، والنعمان: ولكن يغسل ما خرج منه. كذلك نقول. ¬

_ (¬1) في الأصل "وبه قال أبو بكر بحديث أم عطية" والتصحيح من الأوسط.

2 - باب غسل الزوجين كل واحد منهما صاحبه

2 - باب غسل الزوجين كل واحد منهما صاحبه م 826 - أجمع أهل العلم على أن المرأة تغسل زوجها إذا مات. روينا عن أبي بكر الصديق أنه أوصى أن تُغسله أسماء، وأن أبا موسى غسلته امرأته. م 827 - واختلفوا في الرجل يغسل زوجته، فكان علقمة، وجابر بن يزيد، وعبد الرحمن بن الأسود، وسليمان بن يسار، وأبو سلمة ابن عبد الرحمن، وقتادة، وحماد بن أبي سليمان، ومالك، والأوزاعى، والشافعي، وأحمد بن حنبل، وإسحاق يقولون: يغسلها. وكره ذلك الشعبي. وقال سفيان الثوري، وأصحاب الرأي: لا يغسلها. قال أبو بكر: بالقول الأول أقول، وقد غسل علي فاطمة. 3 - باب غسل الرجل أمه أو ابنته م 828 - روينا عن أبي قلابة أنه غَسل ابنته.

4 - باب الرجل يموت مع النساء والمرأة تموت مع الرجال

وقال [مالك] (¬1): لا بأس به عند الضرورة أن يغسل الرجل أمه أوابنته، أو أخته. وقال الأوزاعي: يصب عليها الماء صباً. وأنكر أحمد ما فعله أبو قلابة واستعظمه. وكره أصحاب الرأي ذلك. م 829 - واختلفوا في أم ولد إلى الرجل تغسله ويغسلها، فرخص فيه ابن القاسم صاحب مالك، وقال ابن الحسن: لا تغسله ويغسلها. 4 - باب الرجل يموت مع النساء والمرأة تموت مع الرجال م 830 - واختلفوا في المرأة تموت مع الرجال، أو الرجل يموت مع النساء، فقال النخعي: تغسل في ثيابها، وبه قال الزهري، وقتادة. وقال الحسن البصري، وقتادة: يصب عليها الماء من فوق الثياب. وروينا عن ابن عمر، ونافع، أنهما قالا: ترمس في ثيابها. وقالت طائفة: تيمم بالصعيد، هكذا روي عن سعيد بن المسيب، والنخعى، وحماد بن أبي سليمان، وبه قال مالك، وأحمد بن حنبل، وأصحاب الرأي. ¬

_ (¬1) ما بين المعكوفين من الأوسط 5/ 336 رقم المسألة 849.

5 - باب غسل المرأة الصبي الصغير

وقال الأوزاعي: تدفن كما هى ولا يتيمم. قال أبو بكر: قول مالك صحيح. 5 - باب غسل المرأة الصبي الصغير م 831 - أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن المرأة تغسل الصبي الصغير، وممن قال ذلك، الحسن البصري، ومحمد بن سيرين، وحفصة بنت سيرين، ومالك، والأوزاعي، وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي. م 832 - واختلفوا في سن الصبي الذي. . . . . (¬1) ¬

_ (¬1) بدأ السقط من هنا قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: ونص الكلام في الأوسط كما يلي: «وَاخْتَلَفُوا فِي سِنِّ الصَّبِيِّ الَّذِي تَغْسِلُهُ الْمَرْأَةُ فَكَانَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ يَقُولُ: إِذَا كَانَ فَطِيمًا، أَوْ فَوْقَهُ شَيْئًا، وَقَالَ مَالِكٌ، وَأَحْمَدُ: ابْنُ سَبْعِ سِنِينَ، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: ابْنُ أَرْبَعٍ أَوْ خَمْسٍ، وَقَالَ إِسْحَاقُ: ابْنُ ثَلَاثٍ إِلَى خَمْسٍ، وَقَالَ: إِذَا كَانَتِ الْجَارِيَةُ مِثْلَ ذَلِكَ غَسَلَهَا الرِّجَالُ، وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: تَغْسِلُ الْمَرْأَةُ الصَّبِيَّ الصَّغِيرَ الَّذِي لَمْ يَتَكَلَّمْ، وَكَذَلِكَ يَغْسِلُ الرَّجُلُ الصَّغِيرَةَ الَّتِي لَمْ تَتَكَلَّمْ»

[14 - باب الغسل من غسل الميت]

[14 - باب الغسل من غسل الميت]

15 - باب المجذوم يخاف تهرى لحمه إن غسل

. . (¬1) [1/ 62/ب] والزهري. وقال النخعي، وأحمد، وإسحاق: يتوضأ. قال أبو بكر: لا شيء عليه - ليس فيه حديث ثابت -. 15 - باب المجذوم (¬2) يخاف تهرى لحمه إن غُسل 8 - واختلفوا في غسل من يخاف تهرى لحمه إن غسل. فقال الثوري: إن لم يقدروا على غسله صُبَّ عليه الماء. وقال مالك: مثله إذا تفاحش. وقال أحمد، وإسحاق: يُيمّم إذا خيف عليه أن يتهرى. وبه نقول يفعل به بعد موته مايفعل به في حياته. ¬

_ (¬1) انتهى السقط هنا قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: ونص الكلام في الأوسط كما يلي: «وَاخْتَلَفُوا فِي الِاغْتِسَالِ مِنْ غَسْلِ الْمَيِّتِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا غُسْلَ عَلَى مَنْ غَسَلَ مَيِّتًا، هَذَا قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَعَائِشَةَ، وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَالنَّخَعِيِّ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. . . . . . . وَقَالَ النَّخَعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ: يَتَوَضَّأُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: الِاغْتِسَالُ مِنْ غَسْلِ الْمَيِّتِ لَا يَجِبُ، وَلَيْسَ فِيهِ خَبَرٌ يُثْبَتُ، قَالَ أَحْمَدُ: «لَا يُثْبَتُ فِيهِ حَدِيثٌ»، وَقَدْ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ رَجُلًا لَوْ مَسَّ جِيفَةً، أَوْ دَمًا، أَوْ خِنْزِيرًا مَيِّتًا، أَنَّ الْوُضُوءَ غَيْرُ وَاجِبٍ عَلَيْهِ، فَالْمُسْلِمُ الْمَيِّتُ أَحْرَى أَنْ لَا يَكُونَ عَلَى مَنْ مَسَّهُ طَهَارَةٌ، وَاللهُ أَعْلَمُ» (¬2) في الأصل "المجذور" والصحيح من الأوسط 5/ 351.

16 - باب الجنب يقتل في المعركة

16 - باب الجنب يقتل في المعركة م 844 - واختلفوا في الجنب يقتل في المعركة. فقال أبو ثور: لا يصلى عليه ولا يغسل. وقال يعقوب، ومحمد: جنباً كان أو غير جنب لا يغسل (¬1). وقال النعمان: يغسل. قال أبو بكر: لا يغسل- لأن ما سنه النبي - صلى الله عليه وسلم - عامّ لجميع الشهداء. 17 - باب أثواب الكفان (ح 482) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - كفن في ثلاثة أثواب سحولية يمانية بيض، ليس فيها قميص ولا عمامة، أدرج فيها إدراجاً - صلى الله عليه وسلم - ورحم وكرم. م 845 - وقد روينا عن ابن عمر أن عمر كفّن في ثلاثة أثواب. وقالت عائشة - رضى الله عنها -: لا يكفن الميت في أقل من ثلاثة أثواب لمن قدر، وممن رأى أن يكفن ثلثه أثواب، طاؤس، ومالك ابن أنس، والأوزاعى، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور. وكان سويد بن غفلة يقول: يكفّن في ثوبين. وقال الأوزاعي: يجزئ ثوبان، وكذلك قال مالك: إذا لم يوجد غيرهما. ¬

_ (¬1) في الأصل "يغسل" والتصحيح من الأوسط, وكذا في كتاب الأصل 1/ 417.

18 - باب عدد ما يكفن فيه المرأة

وقال النعمان: يكفن الرجل في ثوبين. وكان ابن عمر: يكفن أهله في خمسة أثواب عمامة، قميص وثلاث لفائف. قال أبو بكر: أحب الأكفان إلي ما كفن فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى الله عليه وسلم، ويجزئ فيما كفن في ثوب أو ثوبين. 18 - باب عدد ما يكفن فيه المرأة م 846 - أكثر كل من نحفظ عنه من أهل العلم يرى أن تكفن المرأة (¬1) في خمسة أثواب، منهم الشعبي، ومحمد بن سيرين، والنخعي، والأوزاعى، والشافعي، وأحمد بن حنبل، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. وكذلك نقول: يكون درع، وخمار، ولفافتان، وثوب لطيف يشد على وسطها بجميع ثيابها. وكان عطاء يقول: تكَفن في ثلاثة أثواب درع، وثوب تحت الدرع تلفّ فيه، وثوب فوقه تلف فيه. وقال سليمان بن موسى: درع، وخمار، ولفافة تدرج فيها. ¬

_ (¬1) في الأصل "المرأة".

19 - باب كفن الصبي

19 - باب كفن الصبي م 847 - كان سعيد بن المسيب يقول: يكفن الصبي في ثوب. وقال الثوري: ثوب يجزيه. وقال أحمد، وإسحاق: في خرقة، وإن كفنتموه في ثلاثة فلا بأس. وروينا عن الحسن أنه قال: يكفن في ثوبين [1/ 63/ألف]. وقال أصحاب [الرأي] (1): يكفن في خرقتين ويجزئ إزار واحد. قال أبو بكر: يكفن في ثلاثة أثواب، أو ثلاثة خرق، ويجزئ ما كفن فيه. 20 - باب تحسين الأكفان (ح 483) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم قال: إلبسوا الثياب البيض، وكفنوا فيها موتاكم. (ح 484) وقال: "إذا ولى أحدكم أخاه فليحسن كفنه".

21 - باب التكفين في الحرير والحبرة

م 848 - وممن روينا عنه أنه إستحب تحسين الأكفان عمر بن الخطاب، ومعاذ بن جبل، والحسن البصري، وابن سيرين. ذكر إسحاق: أن ابن مسعود أوصى أن يكفن في حلة بمائتي درهم. وقد روينا عن حذيفة أنه قال: لا تغالوا بكفني. 21 - باب التكفين في الحرير والحبرة (ح 485) جاء الحديث عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه قال: أحل لبس الحرير والذهب لإناث أمتي وحرّم على ذكورها. فلُبس الحرير للرجال مكروه، وأكره أن يكفن فيها الموتى إلا حين لا يوجد غيرها. م 849 - وممن كره ذلك: الحسن البصري، وابن المبارك، ومالك، وأحمد، وإسحاق، ولا نحفظ من غيرهم خلافهم. (ح 486) وقد روينا عن النبي-صلى الله عليه وسلم- أنه قال: إذا مات أحدكم فليحسن كفنه فإن لم يجد فليكفنه في بردى حبرة.

22 - باب إخراج الكفن من جميع المال

وأوصى عبد الله بن المعقل أن يكفن في قميص وبرد حبرة. وقال مالك بن أنس: "لا بأس أن يكفن في العصب، قال ابن القاسم: هو الحبر وما أشبهه". وقال إسحاق: إن كان موسراً ففى ثوبي حبرة. وقال الأوزاعي: لا يكفن الميت في الثياب المصبغات إلا ما كان من العصب، العصب ضرب من البرود. 22 - باب إخراج الكفن من جميع المال م 850 - واختلفوا في الكفن من أين يخرج. فقال أكثر أهل العلم: يخرج من جميع المال، كذلك قال سعيد بن المسيب، وعطاء، ومجاهد، والحسن البصري، وعمر بن عبد العزيز، والزهري، وعمرو بن دينار، وقتادة، ومالك بن أنس، وسفيان الثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وابن الحسن. وبه نقول.

23 - باب إخراج الولد من بطن الميتة

وفيه قولان شاذان: أحدهما قول خلاس بن عمرو: أن الكفن من الثلث، والآخر قول طاؤس: أن الكفن من جميع المال، فإن كان المال قليلاً فمن الثلت. م 851 - واختلفوا في المرأة ذات الزوج تموت. فقال الشعبي، وأحمد حنبل: الكفن من مالها. وقال مالك: كفنها على زوجها إذا يكن لها مال. وقال الماجشون عبد الملك: هو على الزوج وإن كان لها مال. 23 - باب إخراج الولد من بطن الميتة م 852 - واختلفوا في إخراج الولد من بطن الميتة الذي يتحرك. فقال مالك: يُعالج ذلك النساء لتخرجته من مخرج الولد. وكره شق بطنها لإخراج الولد أحمد بن حنبل، وابن القاسم صاحب مالك. وحرم [1/ 63/ب] ذلك إسحاق. وكان الثوري يقول: ما أرى بأساً أن يشق. قال أبو بكر: لا يحل شق بطن الميتة.

24 - باب إستعمال المسك في حنوط الميت

24 - باب إستعمال المسك في حنوط الميت م 853 - كان ابن عمر يطيب الميت بالمسك وجعل في حنوط أنس صرة من مسك، أو مسك، وروينا عن علي أنه أوصى أن يجعل في حنوطه مسك وقال: هو فضل حنوط النبي- صلى الله عليه وسلم -. وممن رأى أن يطيب الميت بالمسك ابن سيرين، ومالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وكذلك نقول. قال أبو بكر: وقد روينا عن الحسن البصري، وعطاء، ومجاهد، أنهم كرهوا ذلك، ويستحب إجمار ثياب الميت، وأحبّ ما استعمل في حنوط الميت الكافور (¬1). (ح 487) لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: واجعلن في الآخرة كافوراً أو شيئاً من كافور. م 854 - ويكره أن يتبع الميت بنار تحمل معه إذا حمل. وممن روينا عنه أنه نهى عن ذلك عمر بن الخطاب، وأبو هريرة، وعبد الله بن مغفل، ومعقل بن يسار، وأبو سعيد الخدري، وعائشة، ومالك. ¬

_ (¬1) في الأصل "والكافور" والصحيح حذف الواو.

25 - باب إتباع الجنائز

25 - باب إتباع الجنائز (ح 488) ثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر بعيادة المرضى، وإتباع الجائز. م 855 - واختلفوا في صفة حمل الجنائز. فقالت طائفة: يبدأ الحمال بياسره السرير المقدمة على عاتقه الأيمن، ثم بياسرة المؤخرة على عاتقه الأيمن، ثم يامنة السرير المقدمة على عاتقه الأيسر، ثم يامنة السرير المؤخرة على عاتقة الأيسر، كأنه يدور عليها، هذا قول سعيد بن جبير، وأيوب السختياني، وبه قال إسحاق، ويروى معناه عن ابن عمر، وابن مسعود. وفيه قول ثان: وهو أن وجه حملها أن يضع ياسرة السرير المقدمة على عاتقة الأيمن، ثم ياسرة المؤخرة، ثم يامنة السرير المقدمة على عاتقه الأيسر، ثم يامنة المؤخرة، هذا قول الشافعي، وأحمد، والنعمان. وقالت طائفة: ليس في ذلك شيء موقت ويحمل من حيث شاء، هذا قول مالك. وقال الأوزاعي: إبدأ بأيها شئت من جوانب السرير. م 856 - واختلفوا في حمل الجنازة بين عمودي السرير.

26 - باب صفة السير بالجنازة

فروينا عن عثمان بن عفان، وسعد بن أبي وقاص، وابن عمر، وأبي هريرة، وابن الزبير أنهم حملوا بين عمودي السرير، وبه قال الشافعي، وأحمد، وأبو ثور. وكره ذلك الحسن البصري، وإسحاق، والنعمان، والنخعى. قال أبو بكر: وبما رويناه عن أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم -نقول [1/ 64/ألف]. 26 - باب صفة السير بالجنازة (ح 489) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: إسرعوا بالجنازة. م 857 - وروى ذلك عن عمر بن الخطاب، وعمران بن حصين، وأبي هريرة. وقال الشافعي: "ويسرع بالجنازة أسرع (¬1) سجية مشى الناس ". وقال أصحاب الرأي: "العجلة أحب إلينا من الإبطاء بها". ¬

_ (¬1) في الأصل "أسراع" والتصحيح من الأم.

27 - باب المشي أمام الجنازة

وقد روينا عن ابن عباس: أنه حضر جنازة ميمونة زوج النبي- صلى الله عليه وسلم - فقال: لا تزلزلوا وارفقوا فإنها أمّكم. 27 - باب المشي أمام الجنازة (ح 490) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - وأبا بكر، وعمر، وعثمان كانوا يمشون أمام الجنازة. م 858 - هذا قول ابن عمر، وأبي هريرة، والحسن بن علي، وابن الزبير، وأبي أسيد الساعدي، وأبي قتادة، وعبيد بن عمير، وشريح، والقاسم بن محمد، وسالم، والزهري، ومالك، والشافعي، وأحمد، واحتج بتقديم عمر بن الخطاب الناس أمام جنازة زينب بنت جحش. وقال أصحاب الرأي: المشي قدّامها لا بأس به، والمشي خلفها أحب إلينا. وقال الأوزاعي: أفضل (¬1) عندنا المشي خلفها. ¬

_ (¬1) في الأصل "الفضل".

28 - باب سير الراكب مع الجنائز

وقالت طائفة: إنما أنتم متبعون فكونوا بين يديها وخلفها، وعند يمينها وعند شمالها، هذا قول أنس بن مالك، ومعاوية بن قرة، وسعيد بن جبير. قال أبو بكر: المشى أمامها أحب إليّ، ويجزئ حيث مشى. 28 - باب سير الراكب مع الجنائز (ح 491) روينا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: الراكب خلف الجنائز والماشى حيث شاء منها. م 859 - وروى عن ابن عمر أنه كان على بغل أمام الجنازة. وكره علقمة، والنخعي: أن يتقدم الراكب أمام الجنازة. وقال مالك، وإسحاق: الراكب خلف الجنازة. وقد روينا عن ابن عباس أنه قال: الراكب مع الجنازة كالجالس في أهله، وروينا ذلك عن الشعبي، وقال عبد الله بن رباح الأنصاري: للماشي (¬1) في الجنائز قيراطان، والراكب قيراط. ¬

_ (¬1) في الأصل "للماشي".

29 - باب نهي النساء عن إتباع الجنائز

29 - باب نهي النساء عن إتباع الجنائز م 860 - روينا عن ابن مسعود، وابن عمر، وأبي أمامة، وعائشة أنهم كرهوا للنساء إتباع الجنائز، وكره ذلك مسروق، والحسن، والشعبي، والأوزاعي، وأحمد، وإسحاق. وقد روى عن أبي الزناد، والزهري، وربيعة أنهم [1/ 64/ب] لم ينكروا ذلك. وقد روينا عن الحسن البصري أنه كان لا يرى بأساً أن تصلى النساء على الجنازة. وكان مالك لا يرى بأساً، وكره ذلك للشابّات. قال (¬1) أبو بكر: أعلى شيء في هذا الباب حديث أم عطية قالت: (ح 492) نهينا عن إتباع الجنائز ولم يعزم علينا. 30 - باب خفض الصوت عند الجنائز م 861 - روينا عن قيس بن عبّاد أنه قال: كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ¬

_ (¬1) في الأصل "وقال أبو بكر".

31 - باب الأمر بالقيام للجنائز والأمر إذا اتبعها أن لا يقعد حتى توضع

يكرهون رفع الصوت عند ثلثه عند القتال، وعند الجنائز، وعند الذكر. وذكر الحسن البصري عن أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أنهم كانوا يستحبون خفض الصوت عند الجنائز، وعند قرأة القرآن، وعند القتال. م 862 - وكره سعيد بن المسيب، وسعيد بن جبير، والحسن البصري، والنخعى، وأحمد، وإسحاق قول القائل خلف الجنازة: استغفروا (¬1) له. وقال عطاء: محدثة. وقال الأوزاعي: بدعة. قال أبو بكر: ونحن نكره من ذلك ما كرهوه. 31 - باب الأمر بالقيام للجنائز والأمر إذا اتبعها أن لا يقعد حتى توضع (ح 493) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: إذا رأيتم الجنائز فقوموا، فمن تبعها فلا يقعد حتى توضع. (ح494) وفي حديث علي أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -كان يقوم في الجنازة ثم يجلس. ¬

_ (¬1) في الأصل "واستغفروا له".

قال أبو بكر: م 863 - وأكثر من نحفظ عنه يقول بالحديث الذي بدأت بذكره. وممن رأى أن لا يجلس من تبع الجنازة حتى توضع عن أعناق الرجال، الحسن علي، وأبو هريرة، وابن الزبير، وابن عمر، والأوزاعى، وأحمد، وإسحاق. وذكر النخعي، والشعبي: أنهم كانوا يكرهون أن يجلسوا حتى تُوضع عند مناكب الرجال، وبه قال ابن الحسن. م 864 - وقد اختلف أهل العلم في القيام للجنائز إذا مرّت. فممن كان يقوم أبو مسعود البدري، وأبو سيعد الخدري، وقيس بن سعد، وسهل بن حنيف، وسالم بن عبد الله. وقال أحمد: إن قام لم أعبه، وإن قعد فلا بأس، وبه قال إسحاق. ورأت طائفة: أن لا يقوم المرء للجنازة، فعل ذلك سعيد بن المسيب، وهو قول عروة، ومالك، والشافعي، وقال: "القيام لها منسوخ".

جماع أبواب الصلاة على الجنائز

جماع أبواب الصلاة على الجنائز 32 - باب صفة الصلاة على الجنائز بعد العصر وبعد الصبح م 865 - واختلفوا في الصلاة على الجنائز بعد العصر وبعد الصبح. فكره سفيان الثوري، وأحمد، [1/ 65/ألف]، وإسحاق وأصحاب الرأي: الصلاة عليها وقت طلوع الشمس، ووقت الغروب، ووقت الزوال. وفيه قول ثان: "وهو أن الرخصة في الصلاة عليها بعد العصر ما لم تصفر الشمس وبعد الصبح ما لم يسفر"، هذا قول مالك. وكان ابن عمر: يصلى على الجنائز بعد العصر، وبعد الصبح إذا صليا لوقتهما وكان عطاء، والنخعى، والأوزاعي يكرهون الصلاة على الجنائز في وقت تكره الصلاة فيها. وقال الشافعي: "يصلى على الجنائز أي ساعة شآء من ليل أو نهار". قال أبو بكر: بالقول الأول أقول: (ح 495) لحديث عقبة بن عامر.

33 - باب الولي والوالي يحضران الصلاة على الميت

33 - باب الولي والوالي يحضران الصلاة على الميت م 866 - اختلف أهل العلم في صلاة الأمير أو الإمام على الجنازة ووليّها حاضر، فقال أكثر أهل العلم: الإمام أحق بالصلاة عليها من الولي، روى هذا القول عن علي رضي الله عنه، ولا يثت ذلك عنه. وقدّم الحسين بن علي سعيد بن العاص وهو والي المدينة، ليصلي على الحسن بن علي عليهم السلام، وقال: لولا أنها سنّة ما تقدمت، وهذا قول علقمة، والأسود، وسويد بن غفلة، والحسن البصري، ومالك، وأحمد بن حنبل، وإسحاق، وأصحاب الرأي. وفيه قول ثان: وهو أن الولي أحق، هذا قول الشافعي. قال أبو بكر: بالقول الأول أقول. 34 - باب الزوج وأولياء المرأة يحضرون جنازتها م 867 - واختلفوا في الزوج وأولياء المرأة يحضرون جنازتها.

35 - باب الوصى والولي يجتمعان

فروينا عن أبي بكرة، وابن عباس، والشعبي، وعطاء وعمر بن عبد العزيز، وإسحاق أنهم قالوا: الزوج أحق بالصلاة عليها، ومال أحمد بن حنبل إلى هذا القول. وفيه قول ثان: هو أن القرابة أولى، هذا قول سعيد بن المسيب، والزهري، وبكير بن الأشج، والحكم، وقتادة، ومالك، والشافعي. وقال الحسن البصري، والأوزاعي: الأب أحق، ثم الزوج، ثم الإبن، ثم الأخ، ثم العصبة. وقال النعمان: إذا كانت الميت إمرأة معها زوجها وابنها منه ينبغى أن يتقدم الأبُ. 35 - باب الوصى والولي يجتمعان م 868 - واختلفوا في الرجل يوصي إلى رجل أن يصلي عليه، واختلف هو والوالي، ففى مذهب أنس بن مالك، وزيد بن أرقم، وأبي بردة،

36 - باب الصلاة على السقط

وسعيد بن [1/ 65/ب] زيد، وأم سلمة، وابن سيرين أحق، وبه قال أحمد بن حنبل، وإسحاق. وقال سفيان الثوري: الولي أحق. 36 - باب الصلاة على السقط م 869 - أجمع أهل العلم على أن الطفل إذا عُرفت حياته واستهل، صُليّ عليه. م 870 - واختلفوا في الطفل الذي لم تعرف له حياة. فروينا عن ابن عمر، وابن عباس، وجابر، والنخعى، والحسن البصري، وعطاء، والزهري أنهم قالوا: إذا استهل المولود صلى عليه. وقال الحكم، وحماد، ومالك، والأوزاعي، والشافعي، وأصحاب الرأي: إذا لم يستهل لم يصلي عليه. وقد روينا عن ابن عمر قولاً ثالثاً: وهو أن يصلى عليه وإن لم يستهل، وبه قال ابن سيرين، وسعيد بن الميسب، وهو مذهب أحمد، وإسحاق.

37 - باب الصلاة على من قتل في حد

(ح 496) وقد روينا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: والطفل يصلى عليه. 37 - باب الصلاة على من قتل في حدّ م 871 - روينا عن [علي] (¬1) أبي طالب عليه السلام أنه قال لأولياء شراحة المرجومة: "اصنعوا بها تصنعون بموتاكم". وقال جابر بن عبد الله: صلى على من قال: لا إله الله، وهذا قول عطاء، والنخعى، والأوزاعى، الشافعي، وإسحاق، أبي ثور، وأصحاب الرأي. وفيه قول ثان: قال الزهري: يصلى على الذي يقاد منه في حدّ إلا من أقيد منه في رجم. وقال مالك: "من قتله الإمام في حدّ لا يصلى الإمام عليه، ويصلى عليه أهله". م 872 - وقال أحمد في ولد الزنا الذي يقاد منه في حدّ: " يصلى عليه إلا أن الإمام لا يصلى على قاتل نفس، ولاعلى غالّ. وكان الحسن البصري يقول في إمرأة ماتت في نفاسها من الزنا: لا يصلى عليها، ولا على ولدها. ¬

_ (¬1) ما بين المعكوفين سقط من الأصل.

38 - باب الصلاة على أطفال المشركين

وقال يعقوب: من قتل من هؤلاء المحاربين أو صُلِب، لا يصلى عليه، وإن كان يدعى الإسلام، وكذلك الفئة الباغية لا يصلى على قتلاها، وبه قال النعمان. قال أبو بكر: سن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - الصلاة على المسلمين ولم يستثنى منهم أحداً، فيصلى على جميع المسلمين الأخيار منهم (¬1) والأشرار، إلا الشهداء الذين أكرمهم الله بالشهادة. م 873 - واختلفوا في الصلاة على ولد الزنا. فقال أكثر أهل العلم: يصلى عليه، كذلك قال عطاء، والزهري، والنخعي، ومالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق. وكان قتادة يقول: لا يصلى عليه. م 874 - واختلفوا [1/ 66/ألف] في الصلاة على من قتل نفسه، فكان الحسن، والنخعي، وقتادة يرون: الصلاة. وقال الأوزاعي: لا يصلى عليه، وذكر أن عمر بن عبد العزيز: لم يصل عليه. 38 - باب الصلاة على أطفال المشركين م 875 - قال حماد بن أبي سليمان، والشافعي: إذا كان الطفل بين أبويه ¬

_ (¬1) في الأصل "منه".

39 - باب الصلاة على عضو من أعضاء الإنسان

وهما مشركان لم يصل عليه، وإن لم يكن كذلك صلى عليه، وحكى أبو ثور هذا القول عن الكوفي. وقال أبو ثور: إذا سبي مع أبويه أو أحدهما أو وحده، في مات قبل أن يختار الإسلام لم يصل عليه. وقال الشعبي فيمن جلب الرقيق: إن صلى فصلى عليه، وإن لم يصلي فلا يصلى عليه. 39 - باب الصلاة على عضو من أعضاء الإنسان م 876 - كان الشافعي، وأحمد يقولان: يصلى على العضو من أعضاء الإنسان. روينا عن عمر بن الخطاب أنه صلى على عظام بالشام، وعن أبي عبيدة: أنه صلى على رأس من رؤوس المسلمين، ولا يصح ذلك عنهما. وقال الأوزاعي في العضو يوجد: يوارى. وقال الشعبى: صلّ على البدن، وبه قال مالك، وقال: لا يصلى على يدٍ ولا على رأس، ولا على رجل، هذا قول أصحاب الرأي، إذا لم يوجد البدن، وإذا وجد نصف البدن وفيه الرأس غسل وكفن وصُلى عليه عندهم.

40 - باب الصلاة على القبر

40 - باب الصلاة على القبر (ح 497) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - صلى على قبر. م 877 - وبهذا قال ابن عمر، وأبو موسى الأشعري، وعائشة، وابن سيرين، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد. وقد روينا عن علي بن أبي طالب أنه أمر قرظة أن يصلى على جنازة قد صلى عليها مرة. وقال النعمان: إن دفن قبل أن يصلى عليه صلى على القبر، وبه قال ابن الحسن. وقاق النخعي، ومالك، النعمان: لا تعاد الصلاة على الميت. 41 - باب المدة التي إليها يُصلى على القبر م 878 - كان أحمد بن حنبل يقول: يصلى عليه إلى شهر. وقال إسحاق: يصلى عليه إلى شهر للغائب من سفر، وإلا ثلاثه للحاضر.

42 - باب الصلاة على الجنائز ركبانا

وقال النعمان: إذا نسى أن يصلى عليه صلى عليه ما بينهم وبين ثلاث. وقد روينا عن عائشة أنهما قدمت بعد موت أخيها بشهر فصلت على قبره. 42 - باب الصلاة على الجنائز ركباناً م 879 - كان أبو ثور يقول: [1/ 66/ب] لا يخير لهم أن يصلوا على الجنائز ركباناً، وحكى ذلك عن الشافعي، والكوفي. وقال ابن الحسن: "القياس أن يجزيهم، ولكن استحسن آمرهم بالإعادة". 43 - باب الصلاة على الجنائز في المسجد م 880 - روينا أن أبا بكر، وعمر صلى عليهما في المسجد، وبه قال أحمد، وإسحاق. وقال مالك: "لا يصلى عليها في المسجد إلا أن يتضايق المكان، وكره وضع الجنائز في المسجد". قال أبو بكر: يصلى على الجنائز في المسجد.

44 - باب الصلاة على الجنائز بين القبور

(ح 498) وقد روينا عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه صلى على سهيل بن بيضاء في المسجد. 44 - باب الصلاة على الجنائز بين القبور م 881 - ذكر نافع: أنهم صلوا على عائشة، وأم سلمة، وسط قبور البقيع، صلى على عائشة أبو هريرة وحضر ذلك ابن عمر، وفعل ذلك عمر بن عبد العزيز. وكره ابن سيرين: الصلاة بين القبور. وكرهت طائفة: الصلاة في المقابر، وروينا ذلك عن علي، وابن عباس، وعبد الله بن عمرو، وبه قال عطاء، والنخعى، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور. واختلف فيه عن مالك، فحكى ابن القاسم عنه أنه قال: لا بأس به، وحكى عنه غيره أنه قال لا أحبه. قال أبو بكر: الصلاة في المقابر مكروه لقول النبي- صلى الله عليه وسلم -: (ح 499) الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام.

45 - باب موقف الإمام من الرجل والمرأة

45 - باب موقف الإمام من الرجل والمرأة م 882 - كان الحسن لا يبالي أين قام من الرجل والمرأة. وقال أصحاب الرأي: يقوم بحيال الصدر الصدر رجل كان أو امرأة. وقال الثوري: يقوم مما يلي صدر الرجل. وقال أحمد: يقوم من المرأة وسطاً ومن الرجل عند صدره. قال أبو بكر: يقوم من المرأة وسطها، وعد رأس الرجل. (ح 500) روينا هذا القول عن النبي- صلى الله عليه وسلم -. 46 - باب تقديم جنائز الرجال على جنائز النساء إذ اجتمعن قال أبو بكر: م 883 - إذا اجتمعت جنائز الرجال والنساء، جعل الرجال يلون الإمام والنساء أمام ذلك. روينا هذا القول عن عثمان، وعلي بن أبي طالب، وابن عمر، وابن عباس، والحسن، والحسين، وزيد بن ثابت، وأبي هريرة،

47 - باب قتلى المسلمين والمشركين يختلطون

وأبي سعيد الخدري، وأبي قتادة، وسعيد بن المسيب، والشعبي، والنخعي، وعطاء، والزهري، ويحيى الأنصاري، ومالك بن أنس، والثوري، والشافعي، وإسحاق، وأحمد، وأصحاب الرأي. وقال الحسن، [1/ 67/ألف] والقاسم، وسالم، تجعل النساء مما يلي الإمام، والرجال مما يلي القبلة. وفيه قول ثالث: وهو أن يصلي على المرأة على حدة وعلى الرجال على حدة، فعل هذا عبد الله بن مغفل، وقال: هذا لا شك فيه. قال أبو بكر: بالقول الأول أقول، للسنة التي ذكرها ابن عباس، وأبو هريرة، وأبو سعيد، وأبو قتادة، قالوا: هي السنة. 47 - باب قتلى المسلمين والمشركين يختلطون م 884 - وإذا اختلط (¬1) قتلى المسلمين والمشركين صلى عليهم. ونوى بالصلاة على المسلمين، هكذا قال الشافعي. وقال ابن الحسن: "إن كان الموتى كفاراً وفيهم رجل من المسلمين لم يصل عليهم، وإن كانوا مسلمين فيهم الكافر والإثنين، أستحسن الصلاة عليهم". قال أبو بكر: بقول الشافعي أقول. ¬

_ (¬1) في الأصل "وإذا اختلطوا".

48 - باب التيمم للصلاة على الجنائز

48 - باب التيمم للصلاة على الجنائز م 885 - واختلفوا في التيمم للصلاة على الجنازة إذا خاف فواتها، فكان الشعبي، وعطاء، وسالم، والنخعي، وعكرمة، والزهري، وسعد بن إبراهيم، ويحيى الأنصاري، وربيعة، والليث بن سعد، وسفيان الثوري، والأوزاعي، وإسحاق، وأصحاب الرأي يقولون: يتيمم ويصلى عليها. وكان مالك، والشافعي، وأحمد، وأبو ثور يقولون: لا يصلى عليها بتيمم. وفيه قول ثالث: وهو أن يصلى عليها على غير طهارة ليس فيها ركوع ولا سجود، هذا قول الشعبي. قال أبو بكر: بقول مالك أقول. 49 - مسائل قال أبو بكر: م 886 - كل من نحفظ من أهل العلم يرى أن الحر والعبد إذا اجتمعا، أن الذي

50 - باب الجنازة تحضر وصلاة مكتوية

يلي الإمام منها الحرُ، روينا هذا القول عن علي، والشعبى، والنخعي، وبه قال الثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق. م 887 - وكان سفيان الثوري يقول: إذا صليتَ على جنازة فكبرتَ عليها تكبيرة أو تكبرتين، ثم أتى بجنازة أخرى، فتمم صلاتك على الأولى، ثم صل على الأخرى، هكذا مذهب مالك، والشافعي، وأصحاب الرأي. وقال الأوزاعي: كلما تمت أربع تكبيرات على واحدة حملت. وقال أحمد: يكبر إلى سبع، ثم يقطع ولا يزيد على سبع. 50 - باب الجنازة تحضر وصلاة مكتوية م 888 - واختلفوا في جنازة حضرت وصلاة مكتوبة. فقال قوم: يبدأ بالمكتوبة، هذا قول سعيد بن المسيب، وابن سيرين، وقتادة، وإسحاق، وابن الحسن. وقد اختلف عن الحسن البصري فيه. قال أبو بكر: يبدأ بالمكتوبة.

(¬1). . . . . . . ¬

_ (¬1) بدأ السقط هنا

[56 - باب الدعاء في الصلاة على الجنازة]

[56 - باب الدعاء في الصلاة على الجنازة]

57 - باب التسليم على الجنازة

. (¬1) [1/ 54/ب] من أهل العلم أنهم دعوا بدعوات مختلفة، هي مذكورة في كتبنا، وما دعا به المرأ يجزئ. 57 - باب التسليم على الجنازة م 896 - اختلف أهل العلم في عدد التسليم. فقال كثير من أهل العلم: يسلم تسليمة واحدة، روينا هذا القول عن على، وجابر بن عبد الله، وواثلة بن الأسقع، وابن أبي أوفى، وأبي هريرة، وأبي أمامة بن سهيل، وأنس بن مالك، وابن عباس، وابن عمر، وبه قال ابن سيرين، والحسن البصري، وسعيد بن جبير، وسفيان الثوري، وابن عيينة، وابن المبارك، وعيسى ابن يونس، ووكيع، وابن مهدي، وأحمد وإسحاق. وقال الشافعي مرة: بتسليمتين، وقال مرة: إن شاء سلّم تسليمة. وقال أصحاب الرأي: يسلم تسليمتين. قال أبو بكر: الأول أولى. ¬

_ (¬1) انتهى السقط هنا قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: ونص الكلام في الأوسط كما يلي: • حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: ثنا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ كَيْفَ كَانَتْ صَلَاةُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمَيِّتِ؟ قَالَتْ: كَانَ يَقُولُ: «اللهُمَّ اغْفِرْ لِحَيِّنَا وَمَيِّتِنَا، وَشَاهِدِنَا وَغَائِبِنَا، وَصَغِيرِنَا وَكَبِيرِنَا، وَذَكَرِنَا وَأُنْثَانَا، اللهُمَّ مَنْ أَحْيَيْتَهُ مِنَّا فَأَحْيِهِ عَلَى الْإِسْلَامِ، وَمَنْ تَوَفَّيْتَهُ مِنَّا فَتَوَفَّهُ عَلَى الْإِيمَانِ» • حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: ثنا زَيْدُ بْنُ حُبَابٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي حَبِيبُ بْنُ عُبَيْدٍ الْكَلَاعِيُّ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيُّ، قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ عَلَى الْمَيِّتِ: «اللهُمَّ اغْفِرْ لَهُ، وَارْحَمْهُ، وَعَافِهِ، وَاعْفُ عَنْهُ، وَأَكْرِمْ نُزُلَهُ، وَأَوْسِعْ مُدْخَلَهُ، وَاغْسِلْهُ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ، وَنَقِّهِ مِنَ الْخَطَايَا كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ، اللهُمَّ أَبْدِلْهُ دَارًا خَيْرًا مِنْ دَارِهِ، وَزَوْجَةً خَيْرًا مِنْ زَوْجَتِهِ، وَأَهْلًا خَيْرًا مِنْ أَهْلِهِ، وَأَدْخِلْهُ الْجَنَّةَ، وَنَجِّهِ مِنَ النَّارِ»، أَوْ قَالَ: «قِهِ عَذَابَ النَّارِ»، حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ • حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا سريج بْنُ يُونُسَ، قَالَ: ثنا الْوَلِيدُ مُسْلِمٌ، قَالَ: ثنا مَرْوَانُ بْنُ جُنَاحٍ، قَالَ: ثنا يُونُسُ بْنُ مَيْسَرَةَ بْنِ حَلْبَسٍ، أَنَّهُ سَمِعَ وَاثِلَةَ بْنَ الْأَسْقَعِ، يَقُولُ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: «اللهُمَّ إِنَّ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ فِي ذِمَّتِكَ، وَحَبْلِ جِوَارِكَ، فَأَعِذْهُ مِنْ فِتْنَةِ الْقَبْرِ وَعَذَابِ النَّارِ، وَأَنْتَ أَهْلُ الْوَفَاءِ وَالْحَقِّ، اللهُمَّ اغْفِرْ لَهُ، إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ» • وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه، أَنَّهُ كَانَ إِذَا صَلَّى عَلَى الْمَيِّتِ، قَالَ: «اللهُمَّ أَسْلَمَهُ إِلَيْكَ الْمَالُ وَالْأَهْلُ وَالْعَشِيرَةُ، وَالذَّنْبُ عَظِيمٌ وَالرَّبُّ غَفُورٌ رَحِيمٌ» • وَرُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ عَلَى الْجَنَائِزِ: «اللهُمَّ أَصْبَحَ عَبْدُكَ إِنْ كَانَ صَبَاحًا، وَإِنْ كَانَ مَسَاءً، قَالَ: أَمْسَى عَبْدُكَ، قَدْ تَخَلَّى مِنَ الدُّنْيَا، وَتَرْكَهَا لِأَهْلِهَا، وَافْتَقَرَ إِلَيْكَ، وَاسْتَغْنَيْتَ عَنْهُ، وَكَانَ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ، فَاغْفِرْ لَهُ وَتَجَاوَزْ» حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ طَارِقِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ عُمَرَ • وَرُوِّينَا عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ عَلَى الْمَيِّتِ: «اللهُمَّ اغْفِرْ لِأَحْيَائِنَا وَأَمْوَاتِنَا، وَأَلِّفْ بَيْنَ قُلُوبِنَا، وَأَصْلِحْ ذَاتَ بَيْنِنَا، وَاجْعَلْ قُلُوبَنَا عَلَى قُلُوبِ أَخْيَارِنَا، اللهُمَّ اغْفِرْ لَهُ، اللهُمَّ رْحَمْهُ، اللهُمَّ أَرْجِعْهُ إِلَى خَيْرٍ مِمَّا كَانَ فِيهِ، اللهُمَّ عَفْوَكَ عَفْوَكَ» حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى، عَنْ عَلِيٍّ • قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ جَمَاعَةٍ، مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُمْ دَعَوْا بِدَعَوَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهَا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ

58 - باب قضاء ما يفوت المأموم من التكبير على الجنازة

58 - باب قضاء ما يفوت المأموم من التكبير على الجنازة م 897 - واختلفوا في قضاء ما يفوت من التكبير على الجنازة. فروينا عن ابن عمر أنه قال: لا يقضى، وبه قال الحسن البصري، وأيوب السختياني، والأوزاعى. وفيه قول ثان: وهو أن يقضي ما فاته من التكبير على الجنازة، هذا قول سعيد بن المسيب، وعطاء بن أبي رباح، والنخعي، وابن سرين، والزهوي، وقتادة، ومالك، والثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، والنعمان. قال أبو بكر: هكذا نقول، وإنما يقضيه تباعاً قبل رفع الجنازة، فإذا رفعت، سلم وانصرف. 59 - باب المرأ ينتهي إلى الإمام قد فاته بعض التكبير م 898 - واختلفوا في الرجل ينتهى إلى الإمام وقد كبّر.

60 - جماع أبواب دفن الموتى

فقال الحارث بن يزيد، ومالك، والثوري، والنعمان، وابن الحسن، وإسحاق: لا يكبّر حتى يكبّر الإمام فإذا كبّر الإمام كبر الذي ينتهي إلى الإمام. وقال الشافعي: "لا ينتظر المسبوق الإمام أن يكبر ثانية ولكن يفتتح لنفسه"، وبه قال يعقوب. وسهل أحمد في القولين جميعاً. قال أبو بكر: قول الشافعي أحب إلي، لأنه في مثل صلاة مكتوبة، وكذلك يفعل من انتهى إلى الإمام في مكتوبة. 60 - جماع أبواب دفن الموتى قال أبو بكر: (ح 506) روينا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: إحفروا وأوسعوا، وأدفنوا الإثنين والثلاثة، وقدموا أكبرهم قرآناً. قال أبو بكر: م 899 - لم يختلف من نحفظ عنه من أهل العلم أن دفن الموتى لازم وواجب على الناس لا يسعهم تركه عند الإمكان، ومن قام به سقط فرض ذلك عن سائر المسلمين.

61 - باب صفة أخذ الميت عند إدخاله القبر [1/ 55/ألف]

م 900 - واختلفوا في اللحد والشق. فاستحب كثير منهم اللحد. روينا عن عمر بن الخطاب: أنه أوصاهم إذا وضعتموني في لحدي فأفضوا بخدّي إلى الأرض، واستحب اللحد إبراهيم النخعى، وإسحاق، وأصحاب الرأي. وقال الشافعي: "إذا كانوا بأرض شديدة لُحد لهم، وإذا كانوا بأرض رقيقة شق لهم". قال أبو بكر: هذا حسن. 61 - باب صفة أخذ الميت عند إدخاله القبر [1/ 55/ألف] م 901 - واختلفوا في صفة أخذ الميت عند إدخاله القبر. فقال قوم: يسل سلاً من قبل رجل القبر. روينا هذا القول عن ابن عمر، وأنس بن مالك، وعبد الله بن يزيد الأنصاري، والشعبى، والنخعي، والشافعي.

62 - باب قدر ما يعمق القبر

وقال آخرون: يؤخذ من قبل القبلة معترضاً (¬1)، روى ذلك عن على، وابن الحنفية، وبه قال إسحاق. وقال مالك: لا بأس أن يُدخل الميت من نحو رأس القبر، أو رجله، أو وسطه. قال أبو بكر: بالقول الأول أقول. 62 - باب قدر ما يعمق القبر م 902 - روينا عن عمر بن الخطاب: أنه أوصى أن يعمق قبره قامة وبسطة، وعن عمر بن عبد العزيز، والنخعى أنهما قالا: يُحفر للميت إلى السرّة. وقال مالك: "أحب إليّ ألا يكون عميقاً جداً، ولا قريباً من أعلى الأرض". وروينا عن أبي موسى الأشعري: أنه أوصى أن يعمقوا له قبره. قال الشافعي: "أحب أن يعمق قدر بسطة فلا يقرب على أحد إن أراد نبشه، ولا يظهر له ريح". ¬

_ (¬1) في الأصل "معرضاً" والتصحيح من الأوسط.

63 - باب التسمية عند وضع الميت في القبر

63 - باب التسمية عند وضع الميت في القبر قال أبو بكر: (ح 507) روينا عن النبي-صلى الله عليه وسلم- أنه قال: إذا وضعتم موتاكم في قبوركم فقولوا: بسم الله وعلى ملة رسول الله- صلى الله عليه وسلم -. م 903 - وروينا عن عمر أنه كان إذا سوى على الميت قال: اللهم أسلمه إليك الأهل والمال والعشيرة، وذنبه عظيم فاغفر له. وروينا عن أنس بن مالك وغيره أنهم دعوا بدعوات مختلفة، وهي مذكورة في غير هذا الباب. 64 - باب مدّ الثوب على القبر م 904 - كان عبد الله بن يزيد، وشريح، وأحمد بن حنبل يكرهون: نشر الثوب على قبر الرجل. وكان أحمد، وإسحاق يحبّان أن يفعل ذلك بقبر المرأة، وكذلك قال أصحاب الرأي، ولا يضر عندهم أن يفعلوا ذلك بقبر الرجل. وقال أبو ثور: لا بأس بذلك في قبر الرجل وقبر المرأة.

65 - باب الدفن بالليل

وقال الشافعي (¬1): "ستر المرأة أوكد من ستر الرجل إذا أدخلت قبرها". 65 - باب الدفن بالليل م 905 - واختلفوا في الدفن بالليل. فممن دفن بالليل، أبو بكر، وفاطمة، وعائشة، وعثمان بن عفان. ورخص في ذلك عقبة بن عامر، وسعيد بن المسيب، وشريح، وعطاء بن أبي رباح، وسفيان الثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق. وكان الحسن البصري: يكره الدفن بالليل. قال أبو بكر: الدفن بالليل مباح. (ح 508) لأن مسكينة دفنت على عهد رسول الله- صلى الله عليه وسلم - بالليل، فلم ينكر ذلك عليهم. ¬

_ (¬1) في الأصل "النعمان" والتصحيح من الحاشية, وكذلك فيالأوسط, والأم.

66 - باب حثى التراب على القبر

66 - باب حثى التراب على القبر م 906 - روينا عن علي أنه حثى على يزيد بن المكغف ثلثاً. وكان الزهري: يرى ذلك، روى [1/ 57/ب] عن ابن عباس أنه لما دفن زيد بن ثابت حثى عليه التراب ثم قال: هكذا يدفن العلم. وكان الشافعي يرى: أن يحثى من على شفير القبر بيديه ثلثاً. 67 - باب الرخصة في دفن الجماعة في القبر الواحد عند الضرورة م 907 - واختلفوا في دفن الإثنين في القبر. فكان الحسن البصري يكره ذلك. ورخص في ذلك غير واحد من أهل العلم. روينا عن عطاء، ومجاهد في الرجل والمرأة يدفنان في القبر: يقدم الرجل، وبه قال مالك، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد،

68 - باب النصرانية تموت وفي بطنها ولد من مسلم

وإسحاق، والنعمان غير أن الشافعي، وأحمد قالا: يدفنان في مواضع الضرورات. وبه نقول، ويقدم أفضلهم وأسنهم وأكثرهم قرآناً. 68 - باب النصرانية تموت وفي بطنها ولد من مسلم. م 908 - واختلفوا في النصرانية تموت وفي بطنها ولد من مسلم. فروينا عن عمر بن الخطاب أنه دفنها في مقبرة المسلمين، وبه قال مكحول، وإسحاق غير أن أحدهما قال: في حاشية. وقال الآخر: في أدنى مقابر المسلمين. وقال أحمد: تدفن في مقبرة، ليست للنصارى ولا للمسلمين، واحتج بحديث روى عن واثلة بن الأسقع، لا يثبت. وقال عطاء، والزهري، والأوزاعي: تدفن مع أهل دينها. قال أبو بكر: هذا أصح، ولا يصح ما روى عن عمر بن الخطاب في هذا الباب. 69 - باب نقل الميت من بلد إلى بلد م 909 - واختلفوا في نقل الميت من بلد إلى بلد. فكرهت عائشة ذلك، وكره ذلك الأوزاعي.

70 - باب ما يصنع بالذي يموت في البحر

وسئل الزهري عن هذه المسألة، فقال: قد حمل سعد بن أبي وقاص، وسعيد بن زيد، من العقبين إلى المدينة. وقال ابن عينة: مات ابن عمر هاهنا فأوصى أن لا يدفن بها، وأن يدفن بسرف، فغلبهم الحر وكان رجلاً بادياً. قال أبو بكر: يكره حمل الميت من بلد إلى بلد يخاف عليه التغير فيما بينهما. 70 - باب ما يصنع بالذي يموت في البحر قال أبو بكر: م 910 - قال الحسن البصري: يجعل الميت في البحر في زنبيل ثم يقذف به. وقال عطاء: "يفعل به ما يفعل بالميت من الحنوط، والكفن، والصلاة عليه، ويربط في رجله شيء، ثم يرمى به في البحر"، وبه قال أحمد بن حنبل. وقال الشافعي: "إن قدروا على دفنه، وإلا أحببت أن يجعلون بين روحين، ويربطوهما ليحملاه إلى أن [1/ 58/ألف] ينبذه البحر بالساحل، فلعل المسلمين أن يجدوه فيواروه، فإن لم يفعلوا فألقوه في البحر رجوت أن يسعهم".

قال أبو بكر: إن كان البحر الذي مات فيه الميت الأغلب منه أن يخرج أمواجه إلى سواحل المسلمين، فعل به ما قال الشافعي، وإلا فعل به ما قال عطاء.

انتهى الجزء الثاني ويتلوه الجزء الثالث وأوله كتاب الزكاة

الإشراف على مذاهب العلماء لأبي بكر محمد بن إبراهيم بن المنذر النيسابوري 318هـ المجلد الثالث حققه وقدم له وخرج أحاديثه د. أبو حامد صغير أحمد الأنصاري

الإشراف على مذاهب العلماء

حقوق الطبع محفوظة للناشر الطبعة الأولى 1425 هـ - 2004 م الناشر مكتبة مكة الثقافية هاتف: 2361835 - 7 - 00971 فاكس: 2362836 - 7 - 00971 ص. ب. 2326 رأس الخيمة - الإمارات العربية المتحدة

ـ[الرموز والمصطلحات التي استعملت في الدراسة والتحقيق:]ـ لقد استعملت خلال ترجمة ابن المنذر، ودراسة الكتاب، وفي تحقيق الكتاب رموزاً ومصطلحات للاختصار والتسهيل، وهي ليست بجديدة إلا البعض، وقد يتبادر الذهن إلى الأصول في أول نظرة، لأن معظمها قد تستعمل في كثير من الكتب المحققة، وهي كالتالي: 1 - حرف "ح" قبل الرقم إشارة إلى الحديث النبوي. 2 - حرف "م" قبل الرقم إشارة إلى المسألة الفقهية، سواء كانت مجمعا عليها أو مختلفا فيها. 3 - "الأصل" إشارة إلى النسخة الخطية من كتاب الإشراف. 4 - "ألف" إشارة إلى اللوحة الأولى من الورقة من المخطوطة المصورة. 5 - "ب" إشارة إلى اللوحة الثانية من الورقة من المخطوطة المصورة. 6 - وكذلك اختصرت أسماء الكتب ومؤلفيها عند ذكرها في الدراسة والتحقيق، وهي كالتالي: بق: البيهقي في السنن الكبرى. طف: ابن جرير الطبري في تفسيره. ت: الترمذي في جامعه. عب: عبد الرزاق في المصنف. جه: ابن ماجه في سننه. قط: الدارقطنى في السنن. حم: أحمد بن حنبل في مسنده. م: مسلم بن الحجاج في الصحيح. خ: البخاري في الصحيح. مط: مالك بن أنس في الموطأ. د: أبو داود في السنن. مي: الدارمي في السنن. شب: ابن أبي شيبة في المصنف. ن: النسائي في السنن. ط: طبقات.

26 - كتاب الزكاة

26 - كتاب الزكاة 1 - باب جماع أبواب صدقة الإبل والبقر والغنم قال أبو بكر: ح 911 - أجمع أهل العلم على وجوب الصدقة في الإبل والبقر والغنم إذا كانت سائمة. م 912 - وأجمعوا علي أن لا صدقة فيما دون خمس من الإبل. (ح 509) وثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم قال: ليس فيما دون خمس ذود صدقة. م 913 - وأجمع أهل العلم أن في كل خمس من الإبل شاة، وفي عشر شاتان، وفي خمس عشرة ثلاث شياه، وفي عشرين أربع شياه، وفي خمس وعشرين بنت مخاض، فإن لم يكن بنت مخاض فابن لبون، ذكر إلى خمس وثلاثين، فإن زادت واحدة ففيها بنت لبون إلى خمس وأربعين، فإن زادت واحدة ففيها حقة طروقة الفحل إلى ستين، فإن زادت واحدة ففيها جذعة إلى خمس وسبعين، فإن زادت واحدة ففيها ابنتا لبون إلى التسعين، فإن زادت واحدة ففيها حقتان طروقتا الفحل إلى عشرين ومائة كل هذا مجمع عليه. ولا يصح عن علي ما روي عنه في خمس وعشرين.

2 - باب الإبل يزيد على عشرين ومائة

2 - باب الإبل يزيد على عشرين ومائة م 914 - واختلفوا في الإبل يزيد على عشرين ومائة إلى ثلاثين ومائة. فقال محمد بن إسحاق صاحب المغازي، وأحمد، وأبو عبيد: ليس في الزيادة شيء حتى تبلغ ثلاثين ومائة. وحكى عبد الملك عن مالك أنه قال: كقول هؤلاء. وقال الشافعي، وإسحاق، وأبو ثور: فيها ثلاث بنات لبون إلى أن تبلغ ثلاثين ومائة. وفي قول ثالث: وهو أن فيما زاد على العشرين ومائة، في خمس شاة، وفي عشر شاتان، وفي خمس عشر ثلاث شياه، وفي عشرين أربع شياه، فإذا بلغت مائة وأربعين ففيها حقتان وأربع من الغنم، وإذا بلغت خمساً وأربعين ومائة، ففيها حقتان وبنت مخاض، حتى تبلغ خمسين ومائة، ثم فيها ثلاث حقاق، فإذا زادت استأنفت الفرائض كما استأنفت في أولها، هذا قول إبراهيم النخعي. وفي هذه المسألة قول رابع: قاله حماد بن أبي سليمان قال: خمس وعشرين ومائة حقتان وابنة مخاض. 3 - باب إذا. . . . . . (¬1) ¬

_ (¬1) بدأ السقط من هنا

[4 - باب صدقة البقر]

[4 - باب صدقة البقر]

[5 - باب صدقة الغنم]

[5 - باب صدقة الغنم] . . . . . . . . . . . . (¬1) [1/ 67/ ب] شاة وروينا هذا القول عن علي، وعبد الله بن عباس، وبه قال مالك، والثوري، والشافعي، والحسن بن صالح، وإسحاق، وأبو ثور، والنعمان. وبه نقول. ¬

_ (¬1) انتهى السقط هنا قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: وجاء في المغني ما نصه: ِ وَهِيَ [أي صدقة الغنم] وَاجِبَةٌ بِالسُّنَّةِ، وَالْإِجْمَاعِ؛ أَمَّا السُّنَّةُ فَمَا رَوَى أَنَسٌ، فِي كِتَابِ أَبِي بَكْرٍ، الَّذِي ذَكَرْنَا أَوَّلَهُ، قَالَ: «وَفِي صَدَقَةِ الْغَنَمِ فِي سَائِمَتِهَا، إذَا كَانَتْ أَرْبَعِينَ إلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ، شَاةٌ، فَإِذَا زَادَتْ عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ إلَى مِائَتَيْنِ، فَفِيهَا شَاتَانِ، فَإِذَا زَادَتْ عَلَى مِائَتَيْنِ إلَى ثَلَاثِمِائَةٍ، فَفِيهَا ثَلَاثُ شِيَاهٍ، فَإِذَا زَادَتْ عَلَى ثَلَاثِمِائَةٍ، فَفِي كُلِّ مِائَةٍ شَاةٌ، وَإِذَا كَانَتْ سَائِمَةُ الرَّجُلِ نَاقِصَةً مِنْ أَرْبَعِينَ شَاةً وَاحِدَةً، فَلَيْسَ فِيهَا صَدَقَةٌ إلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبُّهَا، وَلَا يُخْرِجُ فِي الصَّدَقَةِ هَرِمَةً، وَلَا ذَاتَ عَوَارٍ، وَلَا تَيْسًا، إلَّا مَا شَاءَ الْمُصَدِّقُ». . . . وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهَا. مَسْأَلَةٌ: قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ: (وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ أَرْبَعِينَ مِنْ الْغَنَمِ سَائِمَةٍ صَدَقَةٌ، فَإِذَا مَلَكَ أَرْبَعِينَ مِنْ الْغَنَمِ، فَأَسَامَهَا أَكْثَرَ السَّنَةِ، فَفِيهَا شَاةٌ، إلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ، فَإِذَا زَادَتْ وَاحِدَةً، فَفِيهَا شَاتَانِ إلَى مِائَتَيْنِ، فَإِذَا زَادَتْ وَاحِدَةً، فَفِيهَا ثَلَاثُ شِيَاهٍ) وَهَذَا كُلُّهُ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ. قَالَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ. . . . مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (فَإِذَا زَادَتْ فَفِي كُلِّ مِائَةِ شَاةٍ شَاةٌ). . . . وَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَةٌ أُخْرَى، أَنَّهَا إذَا زَادَتْ عَلَى ثَلَاثِمِائَةٍ وَوَاحِدَةٍ، فَفِيهَا أَرْبَعُ شِيَاهٍ، ثُمَّ لَا يَتَغَيَّرُ الْفَرْضُ حَتَّى تَبْلُغَ خَمْسَمِائَةٍ، فَيَكُونُ فِي كُلِّ مِائَةٍ شَاةٌ، وَيَكُونُ الْوَقْصُ الْكَبِيرُ بَيْنَ ثَلَاثِمِائَةٍ وَوَاحِدَةٍ إلَى خَمْسِمِائَةٍ، وَهُوَ أَيْضًا مِائَةٌ وَتِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ، وَهَذَا اخْتِيَارُ أَبِي بَكْرٍ [يعني ابن المنذر]. وَحُكِيَ عَنْ النَّخَعِيِّ، وَالْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ، لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَعَلَ الثَّلَاثَمِائَةِ حَدًّا لِلْوَقْصِ، وَغَايَةً لَهُ، فَيَجِبُ أَنْ يَتَعَقَّبَهُ تَغَيُّرُ النِّصَابِ، كَالْمِائَتَيْنِ.

6 - باب الصدقة في العوامل من الإبل والبقر

م 927 - وقال الثوري: فإذا زادت على الثلث مائة فليس فيها الثلث مائة حتى تبلغ أربع مائة، فإذا بلغت أربع مائة ففي كل مائة شاة، وهكذا قال الشافعي، وإسحاق، وأبو ثور، والنعمان. وقد روينا عن معاذ بن جبل: أن الشاء إذا بلغت ماتين لم يغيرها حتى تبلغ أربعين ومائتي شاة، فإذا بلغت أربعين ومائتين أخذ منها ثلاث شياه، فإذا بلغت ثلث مائة لم يغيرها عن فرضها حتى تبلغ أربعين وثلث مائة، فإذا بلغت ذلك أخذ منها أربع شياه. قال أبو بكر: وليس يثبت هذا عن معاذ لأن الشعبي رواه عنه وهو لم يلقه. 6 - باب الصدقة في العوامل من الإبل والبقر م 928 - واختلفوا في وجوب الصدقة في العوامل من الإبل والبقر. روينا عن علي، ومعاذ، أنهما قالا: لا صدقة في العوامل من الإبل والبقر، وبه قال جابر بن عبد الله، وسعيد بن جبير، والنخعي، ومجاهد، والحسن البصري، وعطاء، وسفيان الثوري، والليث بن سعد، وسعيد عبد العزيز، والحسن بن أبي صالح، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وأبو عبيد، وأصحاب الرأي.

7 - باب جمع الضأن والمعز في الصدقة

وقالت طائفة "في الإبل النواضح، والبقر السواني، وبقرة الحرث صدقة"، هذا قول مالك، وهو قول مكحول وقتادة. وقال حماد بن أبي سليمان: في أثمانها إذا بيعت صدقة. قال أبو بكر: ليس في العوامل صدقة. (ح 513) لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: في كل أربعين من الإبل سائمة بنت لبون. وفيه دليل على أن لا زكاة في غير السائمة. م 929 - وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن الجواميس بمنزلة البقر، كذلك قال الحسن البصري، والزهري، ومالك، والثوري، وإسحاق، والشافعي، وأصحاب الرأي. وكذلك نقول. 7 - باب جمع الضأن والمعز في الصدقة م 930 - أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن الضأن والمعز يجتمعان في الصدقة. م 931 - واختلفوا في الصدقة من أيّ الصنفين يؤخذ، فروينا عن عكرمة أنه قال: تؤخذ من أكثر العددين، وبه قال مالك، وإسحاق، وقالا: إن استويا أخذ من أي العددين شاء.

8 - باب السن التي تؤخذ في صدقة الغنم [1/ 68/ألف]

وقال الشافعي القياس أن يأخذ من كل بقدر حصّته. قال أبو بكر: هذا أحسن. 8 - باب السن التي تؤخذ في صدقة الغنم [1/ 68/ألف] م 932 - روينا عن عمر الخطاب أنه قال لعامله: خذ العناق، والجزعة، والثنيّة، وذلك عدل بين الغذآء وخيار المال، وبه قال الشافعي. وروينا عن ابن عمر أنه قال: يجوز في الأضحية ما يجوز في الصدقة. وقال مالك: لا يؤخذ إلا الجزع، والثنيّ، وبه قال أبو عبيد، وإسحاق، وأبو ثور. وقال النخعي: لا يؤخذ جزعة في صدقة الغنم، وبه قال أصحاب الرأي. 9 - باب تفريق الغنم لأخذ الصدقة م 933 - روينا عن عمر بن الخطاب أنه لقي سعداً فقال: إذا صدّقتم الماشية فأقسِمُوها أثلاثاً، ثم يختار صاحب الغنم الثلث، ثم اختاروا من الثلثين الباقين. وروينا عن عمر بن عبد العزيز أنه قال: يختار المصدق من الثلث الأوسط، وبه قال الزهري، والقاسم.

10 - باب إخراج الهرمة والتيس والمعيبة في الصدقة بغير إذن ربها

وقال الحكم، وسفيان الثوري: يفرق مرتين. وقال الشافعي: يجب على رب المال والوفاء. وبه نقول. 10 - باب إخراج الهرمة والتيس والمعيبة في الصدقة بغير إذن ربّها (ح 514) ثبت أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: لا يؤخذ في الصدقة هرمة، ولا ذات عوار، ولا تيس، إلا أن يشاء المصدق. م 934 - وثبت ذلك عن عمر بن الخطاب، وروينا عن علي. وروينا عن ابن مسعود أنه قال. لا يؤخذ في الصدقة ذكر، ولا هرمة، ولا جزعة، ولا ذات عوار من الشآء. وقال مالك: إن رأى المتصدق أن ذات العوار، والتيس، أو الهرمة خير له أخذها، وكذلك قال الشافعي. م 935 - واختلفوا فيه إذا كانت مهازيل كلها، أو ذوات عيب. فكان مالك يقول: إذا كانت كلها جربا أخذ منها واحدة، وبه قال الشافعي، ويعقوب، ومحمد، إلا أن محمداً قال: بؤخذ أفضلها. م 936 - وقال مالك، والشافعي: فإن كانت الفريضة صحيحة أخذها. وقال مالك: إذا كانت هتماء، يشتري له فريضته. قال الشافعي: يؤخذ منها واحدة.

11 - باب صدقة الفصلان والعجاجيل

11 - باب صدقة الفصلان والعجاجيل م 937 - واختلفوا في صدقة الفصلان والحملان. فكان الشافعي يقول: توخذ الصدقات من كل صنف من هذا واحد منه، وبه قال الأوزاعي، وإسحاق، ويعقوب. وقال مالك: على صاحب الأربعبن عن السخال أن يأتي بجذعة من الضأن، أو ثنية من المعز، ولا يؤخذ من الصغار شيء، وبه قال أبو عبيد، وأبو ثور، وكذلك صدقة [1/ 68/ب] الإبل والبقر. وفيه قول ثالث: وهو أن لا شيء فيها، هذا قول النعمان، ومحمد، وحكى ذلك عن الثوري. وفي هذه المسألة قول رابع: وهو أن يأخذ المصدق مسنة، ورد على رب المال فصل ما بين المسنة والصغيرة التى في ماشيته، حكى هذا القول عن الثوري. م 938 - وكان سفيان الثوري، والشافعي، وأحمد بن حنبل، والنعمان، ويعقوب، ومحمد يقولون: في أربعين حملا مسنة تؤخذ المسنة. 12 - باب النهي عن الجمع بين المتفرق والتفريق بين المجتمع خشية الصدقة (ح 515) ثبت أن رسول - صلى الله عليه وسلم - قال بعد ذكره صدقات الإبل والبقر والغنم: لا يجمع بين متفرق، ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة. م 939 - وثبت ذلك عن عمر، وروى مثله عن علي، وابن عمر.

م 940 - واختلفوا في معني قوله هذا، فكان مالك يقول: إنما يعني بذلك أصحاب المواشي ينطلق النفر لكل واحد منهم أربعون شاة وقد وجبت عليهم الصدقة، فإذا أظلهم المصدق جمعوا؛ لأن لا يكون عليهم فيها إلا شاة واحدة، فنهوا عن ذلك، وبه يقول الأوزاعي وبمعناه قال الثوري. وفي قول ثان: وهو أن الذي عنى به المصدق وأرباب الأموال، لا تفرق بين ثلاثة في عشرين ومائة، خشية إذا جمع بينهم أن يكون فيها شاة، ولا يجمع بين متفرق، رجل له مائة شاة، ورجل له مائة شاة وشاة فإذا تركا على افتراقهما كان فيها شاتان، وإذا اجتمعتا كانت فيها ثلث، ورجلان لهما أربعون شاة فإذا فرقت فلا شىء فيها، فإذا اجتمعت فيها شاة، والخشية خشية الوالي أن يقلل الصدقة وخشية رب المال أن يكثر الصدقة، هذا قول الشافعي. وقال أبو ثور، وأبو عبيد في قوله: لا يجمع بين متفرق ولا يفرق بين مجتمع على رب المال وعلى الساعي. وقال النعمان في قوله: لا يفرق بين مجتمع: يكون للرجل عشرون ومائة شاة ففيها شاة فإذا فرقت أربعين أربعين ففيها ثلاث شياة، وفي قوله، لا يجمع بين متفرق، الرجلان يكون منهما أربعون شاة فإن جمعها كان فيها شاة فإن فرقها لم يكن فيها شاة. وكان أحمد بن حنبل يقول: في الرجل له راعيان مع كل واحد منهما أربعون شاة إن بعد ما بينهما فعليه شاتان، وإن كان أحد الراعيين

13 - باب زكاة الخلطاء

بالكوفة والأخر بالبصرة، وإن كان له ببغداد عشرون شاة وبالكوفة عشرون فلا شيء عليه، لأنه لا يجمع بين متفرق. قال أبو بكر: ولا يحفظ هذا عن غيره. 13 - باب زكاة الخلطاء (ح 516) ثبت أن رسول الله [1/ 69/ألف]-صلى الله عليه وسلم- قال بعد قوله: لا يجمع بين متفرق ولا يفرق ببن مجتمع خشية الصدقة: وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بالسويّة". م 941 - واختلف أهل العلم في معنى قوله: "وما كان من خليطين فإنهما يرجعان بالسويّة". فقال يحيى الأنصاري، ومالك، والأوزاعي: إذا كان الراعي والفحل والمراح واحد فهما خليطان. وقال الشافعي: "إذا راحا وسقيا معاً واختلطت فحولهما، فإنهما يكونان خلطاء ". واختلف مالك والشافعي في المراح. فقال الشافعي: في المراح، إذا افترقت في خصلة من هذا الخصال، يعني الخصال التي بدأنا بذكرها لم يكونا خليطين.

وقال مالك: "إن فرقها المبيت هذه في قرية وهذه في قرية فهما خليطان". وقال عطاء وطاووس: إذا عرفا أموالهما فليس بخليطين. قال أبو بكر: وهذه غفلة إذ غير جائز أن يتراجعا بالسويّة والمال بينهما لا يعرف أحدهما ماله من مال صاحبه. م 942 - واختلفوا في الرجلين يكون بينهما الماشية وليس لكل واحد منهما من المال ما لو كان منفرداً غير خليط، وتجب فيه الزكاة. فقالت طائفة: فلا زكاة عليها، هذا قول مالك، والثوري، وأبو ثور، وأهل العراق. وكان الشافعي يقول: عليهما الزكاة، وبه قال الليث، وأحمد، وإسحاق. قال أبو بكر: والأول أصح. م 943 - واختلف مالك والشافعي في الرجلين يختلطان بماشيتهما قبل الحول بشهرين أو ثلاثة. فقال مالك: يزكيان زكاة الخلطاء، وكان الشافعي يقول: لا يكونان خليطين حتى يحول عليهما حول من يوم اختلطا. م 944 - واختلفوا في الرجلين يكونان خليطين أحدهما مكاتب، أو صبي، أو معتوه، والآخر بالغ عاقل. فقال الشافعي: لا يصدق صدقة الخلطاء إلا أن يكونا مسلمين، وإن خالطه نصراني أو مكاتب صدق صدقة المنفرد.

14 - باب الشركاء في الذهب والفضة والزرع والثمر

وفي قول أبي ثور: إذا خالط المكاتب وجبت في الزكاة. وحكى عن الكوفي أنه قال: لا شيء عليه. 14 - باب الشركاء في الذهب والفضة والزرع والثمر م 945 - أكثر أهل العلم يقولون في الجماعة يكون بينهم خمسة أواق من الفضة: لا زكاة عليهم حتى يكون حصة كل واحد منهم ما تجب فيه الزكاة، هذا قول مالك، وسفيان الثوري، والأوزاعي، وأحمد، وإسحاق، وأبي عبيد، وأبي ثور، وكان الشافعي إذ هو بالعراق [1/ 69/ب] يقول كما يقول هؤلاء ثم قال بمصر: عليهم الزكاة، ووافق إسحاق، الشافعي في الحب والتمر، وخالفه في الذهب والفضة. م 946 - وقال مالك في الشريكين: في الزرع يجدان ثمانية أوسق، لاصدقة عليهما. وقال الشافعي، والأوزاعي، وإسحاق: فيها الصدقة. قال أبو بكر: قول مالك أصح. 15 - باب وجوب الزكاة في الثمار المحبسة أصولها م 947 - كان مالك يقول: "في الحوائط المحبسة في سبيل الله، أو على قوم بأعيانهم تؤخذ منها الصدقة"، وبه قال الشافعي في الصدقة الموقوفة تكون خمسة أوسق.

16 - باب رجوع المرء في صدقته بشراء

وروينا عن مكحول أنه قال: لا زكاة فيها، وروى ذلك عن طاووس، وقال أحمد: إذا وقف أرضاً على المساكين لا أرى فيها العشر، إلا أن يوقف رجل على ولده فيصيب الرجل خمسة أوسق ففيها الصدقة، وقال أبو عبيد: إذا كانت الصدقة على أهل الحاجة فلا زكاة فيها، وإن كانوا على قوم بأعيانهم ففيه الصدقة. قال أبو بكر: هذا حسن. 16 - باب رجوع المرء في صدقته بشراء (ح 517) ثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في فرس كان حمل عليه عمر في سبيل الله: لا تبتاعها ولا ترجعن في صدقتك. م 948 - وممن كره ذلك ابن عمر، وجابر بن عبد الله، وسلمه بن الأكوع، وطاؤس، وعبيد الله بن الحسن، ومالك، والشافعي، وأحمد. ورخص الحسن، وعكرمة، وربيعة، والأوزاعي، للمرء (¬1) أن يشتري صدقته التي تصدق بها. قال أبو بكر: الأول أصح. ¬

_ (¬1) في الأصل تكرر "أن".

17 - باب المبادلة بالمواشي

17 - باب المبادلة بالمواشي م 949 - اختلف أهل العلم فيمن بدل ماشية له قبل الحول بماشية لآخر فراراً من الصدقة. فكان الشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي يقولون (¬1): لا زكاة على كل واحد منهما فيما قبض من صاحبه حتى يحول على ما اشترى حول من يوم اشتراه. وقال الثوري: كذلك غير أنه لم يذكر الفرار من الصدقة. وكان مالك، والأوزاعي، وعبد الملك، وأحمد، وإسحاق، وأبو عبيد يرون في ذلك الزكاة إذا كان فراراً من الصدقة. 18 - باب المال يحول عليه أحوال قبل أن يخرج منه الصدقة م 950 - واختلفوا في خمس من الإبل حال عليها حولان. فقال مالك: فيها شاتان [1/ 70/ألف] في حكاية أبي عبيد عنه، وبه قال أبو عبيد، وأحمد، والشافعي، فيما حكاه أهل العراق عنه، وقال بمصر: فيها قولان، أحدهما: كما قال هؤلاء، والآخر: أن عليه شاة. م 951 - وقال أبو ثور في عشرة من الإبل حال عليها حولان: عليه أربع من الغنم، وحكى ذلك عن الشافعي. ¬

_ (¬1) في الأصل "يقولان".

19 - باب الصدقة يتأخر عنها الساعي بعد الحول

وحكى عن الكوفي أنه قال: عليه في السنة الأولى شاتان وفي السنة الثانية شاة، ومعنى قول مالك كما قال أبو ثور. م 952 - وقال الشافعي وأبو ثور: في خمس وعشرين من الإبل حال عليها حولان، يؤدي بنت مخاض في السنة الأولى، وفي السنة الثانية أربع من الغنم، وحكى ذلك عن الكوفي. م 953 - وقال الشافعي، وأصحاب الرأي: في رجل له أربعون شاة لم يصدقها أعواماً (¬1) لم تزد شيئاً، قال: فيها شاة واحدة. 19 - باب الصدقة يتأخر عنها الساعي بعد الحول م 954 - واختلفوا في الماشية يتأخر عنها الساعي حتى هلك بعضها. فقال مالك: يأخذ صدقة ما وجد وليس عليه فيما هلك شيء، وبه قال الثوري. وقال الشافعي إذا أمكنه دفعها إلى المصدق أو إلى المساكين ولم يفعل فهو ضامن لما هلك. وهذا مذهب أحمد، وإسحاق. وكذلك نقول. 20 - باب الماشية لا يجب في أصلها الصدقة فتوالدت قبل مجيء المصدق م 955 - قال مالك: في الماشية لا يجب في أصلها الصدقة فتوالدت قبل أن ¬

_ (¬1) في الأصل "أعوام".

مسألة

يأتي المصدق بيوم واحد فجاء المصدق، وعددها ما يجب فيه الصدقة عليه الصدقة. وقال الشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي: لا زكاة عليه حتى يحول عليها الحول من يوم تصير أصلاً يجب في مثله الزكاة. وبه نقول. مسألة م 956 - وإذا غلب قوم من الخوارج على بلد، ولم يود أهل ذلك البلد الزكاة أعواماً، ثم ظفر بهم الإمام، أخذ منهم الزكاة للأعوام الماضية في قول مالك، وأبي ثور وهو مذهب الشافعي. وقال أصحاب الرأي: في قوم أسلموا في دار الحرب فأقاموا سنين، ثم خرجوا إلى دار الإسلام: لا زكاة عليهم لما مضى، وجواب أبي ثور في هذه المسألة كجوابه في الأولى. وكذلك نقول. 21 - باب المال يباع بعد دخول الحول عليه م 957 - واختلفوا في المال يحول عليه الحول يباع. فكان أبو ثور يقول: يأخذ المصدق الصدقة منها ويرجع به المشتري على البائع.

22 - باب الماشية تشترى للتجارة ينوي أن تكون سائمة

وقال الشافعي: فيها قولان، أحدهما أن البيع فاسد [1/ 70/ب] لأنه باع ما يملك وما لا يملك. والقول الثاني: أن المشتري بين الخيار بين أن يرد البيع أو يجيز البيع. وقال أصحاب الرأي: هو بالخيار إن شاء أخذ البائع حتى يؤدي صدقتها، وإن شاء أخذ مما في يدي المشتري. 22 - باب الماشية تشترى للتجارة ينوي أن تكون سائمة م 958 - واختلفوا الماشية تكون للتجارة ينوي صاحبها أن تكون سائمة. فكان الثوري يقول: لا يزكيها حتى يحول عليها الحول من يوم نوى، وكذلك قال أبو ثور، وأصحاب الرأي. م 959 - قال سفيان الثوري: وإن كان عنده غنم سائمة، فبدا له أن يجعلها للتجارة فلا تكون للتجارة حتى يصرفها من زكاتها زكاة السائمة. وقال أصحاب الرأي: إذا اشترى الإبل للتجارة، ثم بدا له فجعلها سائمة فحال عليها الحول من يوم اشتراها، وإنما له منذ جعلها سائمة ستة أشهر فعليه الزكاة إذا مضت لها سنة من يوم جعلها سائمة فعليه زكاة السائمة. وقال الشافعي: إذا اشترى السائمة للتجارة زكاها زكاة السائمة، وبه قال أبو ثور. م 960 - وقال الشافعي: إذا ملك السائمة بميراث أو هبة زكاها بحولها زكاة السائمة.

23 - باب إسقاط الصدقة عن الخيل والرقيق

23 - باب إسقاط الصدقة عن الخيل والرقيق (ح 518) ثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "على المسلم في عبده ولا فرسه صدقه". م 961 - واختلفوا في صدقة الخيل. فقال كثير منهم: لا صدقة فيها، روينا هذا القول عن علي، وابن عمر، وبه قال الشعبي، وعطاء، والحسن البصري، وعمر بن عبد العزيز، والنخعي، والحكم، وسفيان الثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وأبو أيوب، وأبو خثيمة، وأبو بكر بن أبي شيبة، ويعقوب ومحمد بن الحسن، واحتجوا (¬1) بحجتهم بظاهر هذا الحديث بقوله: (ح 519) "عفوت عن الخيل والرقيق". وبأن الخلفاء الراشدين لم يكونوا يأخذون منها صدقة ولم يكن في كتب عهودهم. وقال حماد بن أبي سليمان: فيها صدقة. ¬

_ (¬1) في الأصل "واحتج".

24 - باب زكاة ما أخرجت الأرض من الحبوب والثمار

وقال النعمان: في الخيل الإناث والذكور التي يطلب نسلها في كل فرس دينار، وإن شئت قوّمتها دراهم فجعلت في كل مائتى درهم خمسة دراهم. 24 - باب زكاة ما أخرجت الأرض من الحبوب والثمار قال الله جل ذكره: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ} الآية. وقال: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} الآية. م 962 - وروينا عن ابن عباس أنه قال: العشر [1/ 71/ألف] ونصف العشر، وقال مرة، حقه الزكاة المفروضة يوم يكال ويعلم كيله، وبه قال جابر بن زيد، وسعيد بن المسيب، والحسن وطاووس، وقتادة. وقال مجاهد: إذا حصد زرعه ألقى لهم من السنبل، وإذا جزّز نخله ألقى لهم من الشماريخ، فإذا كاله زكّاه. وقالت طائفة: كان هذا قبل الزكاة لأن هذه السور مكية. وممن قال: أن الآية منسوخة النخعي، وأبو جعفر.

25 - باب إسقاط الزكاة عما دون خمسة أوسق مما فيه الزكاة من الحبوب والثمار

25 - باب إسقاط الزكاة عمّا دون خمسة أوسق مما فيه الزكاة من الحبوب والثمار (ح 520) ثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة. م 963 - وهذا قول ابن عمر، وجابر بن عبد الله، وأبي أمامة بن سهل بن حنيف، وعمر بن عبد العزيز، والحسن البصري، وعطاء، وجابر بن زيد، ومكحول، والنخعي، والحكم، وبه قال مالك، ومن تبعه من أهل المدينة، وسفيان الثوري، ومن وافقه من أهل العراق، والأوزاعي وابن أبي ليلى، والحسن بن صالح، وابن المبارك، وشريك، والشافعي وأحمد، وإسحاق، وأبو عبيد، وأبو ثور، ويعقوب، ومحمد. ولا نعلم أحداً خالف هذا القول غير النعمان، فإنه أحدث قولاً خلاف السنة، وما عليه أصحابه، وأهل العلم من علماء الأمصار زعم: أن الزكاة في كل ما أخرجته الأرض من قليل ذلك وكثيره إلا الوفاء، والغصب الفارسي، والحشيش، والشجر الذي ليس له ثمر مثل السمر وما أشبهه. 26 - باب مبلغ الصدقة في الحبوب والثمار والفرق بين ما سقته الأنهار وبين ما سقي بالرشاء (ح 521) ثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سن فيما سقت السماء والعيون، أو كان

27 - باب الزرع يسقى بعض الزمان بماء السماء وبعضا بالدلو

عَثَرِيًّا العشر، وفيما سقى بالنضح نصف العشر. م 964 - وقال بجملة هذا القول مالك بن أنس، وسفيان الثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي، وروينا ذلك عن جماعة من التابعين. وبه نقول. 27 - باب الزرع يسقى بعض الزمان بماء السماء وبعضاً بالدلو م 965 - كان عطاء بن أبي رباح يقول: إذا سقى بعض الزمان بالسماء وبعضاً بالعيون، نظر إلى أكثر السقيين، فكان زكاته على ذلك. وقال الثوري: على الذي أحياه [1/ 71/ب] وغلب عليه صدقته. وقال مالك: إذا كان نصفاً ونصفاً أخرج نصف زكاته عشراً، والنصف الآخر نصف العشر. وقال الشافعي: القياس أن ينظر إلى ما عاش بالسقي أخذ بقدر ذلك كأنه إن كان عاش بهما ثم نصفين أخذ ثلاثة أرباع العشر بهما على هذا المعنى. 28 - باب ما يجب فيه الصدقة مما أخرجت الأرض م 966 - أجمع عوام أهل العلم على أن الصدقة واجبة في الحنطة، والشعير، والثمر، والزبيب.

م 967 - واختلفوا في وجوب الصدقة في سائر الحبوب والثمار. فقالت طائفة: لا صدقة إلا في هذه الأربعة الأشياء، هذا قول الحسن البصري، ومحمد بن سيرين، والشعبى، وابن أبي ليلى، وسفيان الثوري، والحسن بن صالح، وابن المبارك، ويحيى بن آدم، وأبو عبيد. وفيه قول ثان: وهو ضم السلت إلى الأصناف الأربع، هذا قول ابن عمر وقد قيل: إن السلت نوع من الشعير، فإن كان هكذا فهو موافق لقول هؤلاء. وفي قول ثالث: وهو ضم الذرة إلى الحنطة، والتمر (¬1)، والشعير، والزبيب، والسلت، هذا قول النخعي. وفيه قول رابع: وهو إيجاب الصدقة في الحنطة، والشعير، والتمر، والزبيب، والسلت، والزيتون، روينا هذا القول عن ابن عباس. وفيه قول خامس: وهو إيجاب الصدقة في النخل والعنب، والحبوب كلها، هذا قول عطاء. وقال مكحول، وعمر بن عبد العزيز، وحماد أبي سليمان، والزهري، في القطانيّ: العشر، وبه قال مالك، والأوزاعي. وفه قول سادس: "وهو أن ما جمع أن يزرعه الآدميون ويَبُس ويدَخر، ويقتات مأكولاً، أو سويقاً، أو طبيخاً ففيه الصدقة، والقطانيّ فيها الزكاة، وليس في الأبازير، ولا الفثّ، ولا الثُفّاء، ولا ¬

_ (¬1) في الأصل "والتمر إلى".

29 - باب زكاة الزيتون

من حبوب البقل، ولا الأسبيوش صدقة، ولا يؤخذ من شيء من الشجر صدقة إلا النخل والعنب، هذا قول الشافعي. وقد اختلف فيه عن أحمد فحكى عنه أنه قال: كما قال أبو عبيد. وحكى عنه أنه قال: كل شيء يدّخر ويبقى في الزكاة. وقال إسحاق: كل ما وقع عليه اسم الحب وهو مما يبقى في أيدي الناس مما يصير في بعض الأزمنة عند الضرورة طعاماً لقوم، فهو حب يؤخذ منه العشر. وقال أبو ثور: في الحنطة، والشعير، والرزّ، والحمّص، والعدس، والذرة، وكل جميع الحبوب [1/ 72/ألف] مما يوكل ويدّخر، والثمر، والسلت، والدخن واللوبيا، والقرطم، ومما أشبه ذلك صدقة. وقال أصحاب الرأي: في الحنطة، والشعير، والحلبة، والتّين، والزيتون، والذرة، والزبيب، والسمسم، والأرز، وجميع الحبوب إذا كان ذلك في أرض الصدقة العشر. 29 - باب زكاة الزيتون م 968 - واختلفوا في الزيتون. فقال الزهري، ومالك، والأوزاعي، والليث بن سعد، وسفيان الثوري، وأبو ثور، وأصحاب الرأي: فيه الزكاة. وقال ابن أبي ليلى، والحسن بن صالح، وأبو عبيدة: لا زكاة في الزيتون.

30 - باب ذكر إسقاط الزكاة عن الخضر والفواكه

وقد كان الشافعي إذ هو بالعراق يقول: بقول مالك، ثم قال بمصر: لا أعلمها تجب في الزيتون. م 969 - واختلفوا في صدقته كيف تؤخذ. فكان الزهري يقول: يخرص زيتوناً ويؤخذ زيتوناً صافياً، وبه قال الليث بن سعد، والأوزاعي. وقال مالك: يؤخذ العشر بعد أن يعصر ويبلغ الزيتون خمسة أوسق. 30 - باب ذكر إسقاط الزكاة عن الخضر والفواكه قال أبو بكر: م 970 - وروينا عن عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب أنهما قالا: ليس في الخضروات صدقة، وبه قال مالك، وابن أبي ليلى، وسفيان الثوري، والأوزاعي، والليث بن سعيد، والحسن بن صالح، وعمر بن عبد العزيز، وابن جابر، والشافعي، وأبو ثور. وقال النعمان: "في الرياحين، والبقول، والرطاب القليل منه والكثير، والزعفران، والورد في قليله وكثيره العشر ونصف العشر". وقال يعقوب، ومحمد: "ليس في شيء من هذا زكاة إلا ما كان له ثمرة باقية إلا الزعفران ونحوه مما يوزن، فإنه إذا خرج منه خمسة أوسق أدنى ما يكون من قيمة الوسق ففيه العشر"، هذا قول يعقوب. وقال محمد: "لا يكون في الزعفران شيء حتى يكون خمسة أمنان".

31 - باب صنوف الأموال التي لا يجوز ضم بعضها إلى بعض

وقال محمد: "في قصب السكر الذي منه السكر ويكون في أرض العشر ما في الزعفران". وقال آخرون: لا زكاة في الخضر ولكن يزكى أثمانها إذا بيعت وبلغ الثمن مائتي درهم، وهذا قول الحسن، والزهري. فأما مذهب مالك، والثوري، والشافعي: فلا صدقة فيها ولا في أثمانها حتى يحول على أثمانها الحول في ملك مالكيها. قال أبو بكر: بالقول الأول أقول. 31 - باب صنوف الأموال التي لا يجوز ضم بعضها إلى بعض م 971 - أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم [1/ 72/ب] على أن الإبل لا يضم إلى الغنم، ولا إلى البقر، وعلى أن البقر لا تضم إلى الإبل ولا إلى الغنم، وعلى إسقاط الزكاة على كل صنف منها حتى يبلغ المقدار الذي يجب أخذ الصدقة منها، إلا ما ذكرنا من اختلافهم في صدقة البقر. م 972 - وكذلك لا يجوز ضم ثمر النخل إلى الزبيب. م 973 - واختلفوا في ضم سائر الحبوب. فقالت طائفة: لا يضم منها نوع إلى نوع غيره ولا يجب فيها الزكاة حتى تكمل من كل نوع منها خمسة أوسق، هذا مذهب عطاء،

32 - باب صدقة العسل

ومكحول، والأوزاعي، والثوري، "والحسن بن صالح، وشريك، والشافعي، وأحمد، وأبي عبيد، وأبي ثور، وأصحاب الرأي. وقالت طائفة: يضم القمح إلى الشعير، ولا يضاف القطانيّ إلى القمح والشعير، هذا قول مالك. قال مالك: "الحنطة والسمراء والبيضاء، والسلت، والشعير صنف واحد، والقطنية وهو الحمص، والعدس واللوبيا، والجلبان، فإذا حصد الرجل من ذلك خمسة أوسق ففيه الصدقة ". وقال الزهري: يضاف القمح إلى الشعير، ولا يضاف إلى القمح والشعير. وقال الحسن البصري: القمح والشعير كقول مالك. وقد روينا عن طاووس، وعكرمة قولاً ثالثاً: وهو أن الحبوب تجمع على صاحبها ثم يؤخذ زكاتها. قال أبو يكر: ولا نعلم أحداً قال بجملة هذا القول، والذي نقول أن لا يضم صنف من الحبوب إلى صنف غيره. (ح 522) وجاء الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: الوسق ستون مختوماً. م 974 - وهذا قول كل من نحفظ عنه من أهل العلم. 32 - باب صدقة العسل م 975 - اختلف أهل العلم في صدقة العسل.

33 - باب وجوب العشر في أرض الخراج

فممن رأى فيه العشر مكحول، وسليمان بن موسى، والأوزاعي، وأحمد، وإسحاق. وقال النعمان: إذا كان العسل في أرض العشر ففي قليل العسل وكثيره العشر. وقال يعقوب، ومحمد: ليس فيما دون خمسة أوسق من العسل عشر. وفي قول مالك، وابن أبي ليلى، والثوري، والحسن بن صالح، والشافعي: لا زكاة فيه، وقد روينا ذلك عن ابن عمر، وعمر بن عبد العزيز. قال أبو بكر: ليس في وجوب صدقة العسل خبر ثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولا إجماع فلا زكاة فيه. 33 - باب وجوب العشر في أرض الخراج م 976 - اختلف أهل العلم: في وجوب العشر فيما يخرج أرض الخراج من الحب، فقال أكثر أهل العلم: العشر في الحب والخراج على أهل الأرض، كذلك قال عمر [1/ 73/ألف] بن عبد العزيز، وربيعة بن أبي عبد الرحمن، والزهري، ويحي الأنصاري، ومالك، والأوزاعي، والثوري، والحسن بن صالح، وابن أبي ليلى، وابن المبارك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو عبيد.

34 - باب الأرض تخرج حبا وقد أدان على صاحبه

وقالت طائفة: قليلة عددها: لا يجب فيما أخرجت الأرض الخراج العشر ولا نصف العشر. قال أبو بكر: ولا معني لقول خالف قائله الكتاب، والسنة، فأما الكتاب، فقوله: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} الآية. أما السنة، فقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (ح 523) ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة. قال ابن المبارك: يقول الله عز وجل. {وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ} الآية ثم قال: نترك القرآن لقول أبي حنيفة. 34 - باب الأرض تخرج حبا وقد أدّان على صاحبه م 977 - واختلفوا فيمن أخرجت أرضه حبا وقد أدّان على صاحبه. فقالت طائفة: يقضي دينه ويزكي ما يبقى إذا كان فيما يبقى الزكاة، روينا هذا القول عن ابن عمر، وابن عباس، ومكحول، وبه قال الثوري، وابن المبارك، وشريك، وإسحاق، وأبو ثور. وقال أحمد: لا يزكي ما أنفق عن ثمرته خاصة. وأوجبت طائفة: في ذلك العشر ولم تسقط عنه شيئاً مما أدان عليه، هذا قول الزهري، ومالك، والأوزاعي، وابن أبي ليلى والحسن بن صالح، وهو يشبه مذهب الشافعي، المشهور من قوله، وبه قال

35 - باب الأرض يستأجرها المرء ليزرعها فيخرج حبا

أصحاب الرأي، وكان أبو عبيد يزعم أنه قال قولاً يجمع المذهبين قال: إن كان الدين صحيحاً قد علم به فلا صدقة عليه، وإن كان ذلك لا يعلم إلا بقوله، لم يقبل دعواه. قال أبو بكر: هذا إلى الخروج من المذهين أقرب، وبالقول الأول أقول. 35 - باب الأرض يستأجرها المرء ليزرعها فيخرج حباً م 978 - واختلفوا في الأرض يستأجرها المرء فيزرعها فيخرج حباً. فقالت طائفة: الزكاة على مالك الزرع المستأجر دون رب الأرض، هذا قول مالك، والثوري، وشريك، وابن المبارك، وأبي ثور، وحكى أبو ثور ذلك عن الشافعي. وقال أصحاب الرأي: العشر على رب الأرض، وليس على المستأجر شيء. قال أبو بكر: بالقول الأول أقول. 36 - باب الذمي يزرع أرضاً من أرض العشر م 979 - واختلفوا في الذمي يزرع أرضاً من أرض العشر بملك وغير ملك. فقال مالك، والثوري، وشريك، والشافعي، وأبو عبيد: ليس عليه في ذلك شيء

وقال النعمان: إذا اشترى الذمي. . . . . . . . (¬1) ¬

_ (¬1) بدأ السقط قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: وننقل هنا المسألة من المغني: فَصْلٌ: وَيُكْرَهُ لِلْمُسْلِمِ بَيْعُ أَرْضِهِ مِنْ ذِمِّيٍّ وَإِجَارَتُهَا مِنْهُ؛ لِإِفْضَائِهِ إلَى إسْقَاطِ عُشْرِ الْخَارِجِ مِنْهَا. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى: سَأَلْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ الْمُسْلِمِ يُؤَاجِرُ أَرْضَ الْخَرَاجِ مِنْ الذِّمِّيِّ؟ قَالَ: لَا يُؤَاجِرُ مِنْ الذِّمِّيِّ، إنَّمَا عَلَيْهِ الْجِزْيَةُ، وَهَذَا ضَرَرٌ. وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: لِأَنَّهُمْ لَا يُؤَدُّونَ الزَّكَاةَ. فَإِنْ آجَرَهَا مِنْهُ ذِمِّيٌّ، أَوْ بَاعَ أَرْضَهُ الَّتِي لَا خَرَاجَ عَلَيْهَا ذِمِّيًّا، صَحَّ الْبَيْعُ وَالْإِجَارَةُ. • وَهَذَا مَذْهَبُ الثَّوْرِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ، وَشَرِيكٍ، وَأَبِي عُبَيْدٍ، وَلَيْسَ عَلَيْهِمْ فِيهَا عُشْرٌ وَلَا خَرَاجٌ. قَالَ حَرْبٌ: سَأَلْتُ أَحْمَدَ عَنْ الذِّمِّيِّ يَشْتَرِي أَرْضَ الْعُشْرِ؟ قَالَ: لَا أَعْلَمُ عَلَيْهِ شَيْئًا، إنَّمَا الصَّدَقَةُ كَهَيْئَةِ مَالِ الرَّجُلِ، وَهَذَا الْمُشْتَرِي لَيْسَ عَلَيْهِ. • وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ يَقُولُونَ فِي هَذَا قَوْلًا حَسَنًا، يَقُولُونَ: لَا نَتْرُكُ الذِّمِّيَّ يَشْتَرِي أَرْضَ الْعُشْرِ. • وَأَهْلُ الْبَصْرَةِ يَقُولُونَ قَوْلًا عَجِيبًا. يَقُولُونَ: يُضَاعَفُ عَلَيْهِمْ. • وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ: أَنَّهُمْ يُمْنَعُونَ مِنْ شِرَائِهَا. اخْتَارَهَا الْخَلَّالُ وَصَاحِبُهُ. وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَصَاحِبِهِ. فَإِنْ اشْتَرَوْهَا ضُوعِفَ عَلَيْهِمْ الْعُشْرُ، وَأُخِذَ مِنْهُمْ الْخُمْسُ؛ لِأَنَّ فِي إسْقَاطِ الْعُشْرِ مِنْ غَلَّةِ هَذِهِ الْأَرْضِ إضْرَارًا بِالْفُقَرَاءِ، وَتَقْلِيلًا لِحَقِّهِمْ، فَإِذَا تَعْرِضُوا لِذَلِكَ ضُوعِفَ عَلَيْهِمْ الْعُشْرُ، كَمَا لَوْ اتَّجَرُوا بِأَمْوَالِهِمْ إلَى غَيْرِ بَلَدِهِمْ، ضُوعِفَتْ عَلَيْهِمْ الزَّكَاةُ، فَأُخِذَ مِنْهُمْ نِصْفُ الْعُشْرِ. وَهَذَا قَوْلُ أَهْلِ الْبَصْرَةِ، وَأَبِي يُوسُفَ. وَيُرْوَى ذَلِكَ عَنْ الْحَسَنِ، وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ الْعَنْبَرِيِّ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ: الْعُشْرُ بِحَالِهِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: تَصِيرُ أَرْضَ خَرَاجٍ. وَلَنَا، أَنَّ هَذِهِ أَرْضٌ لَا خَرَاجَ عَلَيْهَا، فَلَا يَلْزَمُ فِيهَا الْخَرَاجُ بِبَيْعِهَا، كَمَا لَوْ بَاعَهَا مُسْلِمًا، وَلِأَنَّهَا مَالُ مُسْلِمٍ يَجِبْ الْحَقُّ فِيهِ لِلْفُقَرَاءِ عَلَيْهِ، فَلَمْ يُمْنَعْ مِنْ بَيْعِهِ لِلذِّمِّيِّ كَالسَّائِمَةِ، وَإِذَا مَلَكَهَا الذِّمِّيُّ فَلَا عُشْرَ عَلَيْهِ فِيمَا يَخْرُجُ مِنْهَا؛ لِأَنَّهَا زَكَاةٌ، فَلَا تَجِبُ عَلَى الذِّمِّيِّ، كَزَكَاةِ السَّائِمَةِ، وَمَا ذَكَرَهُ يَبْطُلُ بِالسَّائِمَةِ؛ فَإِنَّ الذِّمِّيَّ يَصِحُّ أَنْ يَشْتَرِيَهَا، وَتَسْقُطُ الزَّكَاةُ مِنْهَا، وَمَا ذَكَرُوهُ مِنْ تَضْعِيفِ الْعُشْرِ، تَحَكُّمٌ لَا نَصَّ فِيهِ، وَلَا قِيَاسَ. قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: واختار ابن المنذر القول الأول، فقال في الإقناع: «وإذا زرع الذمي أرضًا من أرض العشر فأخرجت حبا فلا زكاة عليه»

[43 - باب نصاب الذهب والفضة]

[43 - باب نصاب الذهب والفضة] . . . . . . . . . . . (¬1) [1/ 58/ ب] مثقالاً وقيمتها مائتا درهم أن الزكاة تجب منه، إلا ما اختلف فيه عن الحسن البصري. م 991 - وأجمعوا على أن الذهب إذا كان أقل من عشرين مثقالاً ولا تبلغ قيمة مائتي درهم ألاّ زكاة فيه. م 992 - واختلفوا في الذهب يكون عشرون مثقالاً ولا يساوي مائتي درهم أو يكون قيمته مائتا درهم ولا يبلغ عشرين مثقالاً، فقال كثير منهم: لا تجب على الرجل الزكاة في أقل من عشرين مثقالاً، وفي عشرين ديناراً نصف دينار، روينا هذا القول عن علي، وعمر بن عبد العزيز، وابن سيرين، والنخعي، وعروة بن الزبير، والحكم، وبه قال مالك، وسفيان الثوري، والأوزاعي، والليث بن سعد، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو حميد، وأبو ثور، والنعمان، ويعقوب، ومحمد. وقالت طائفة: إذا بلغت قيمة الذهب مائتى درهم ففيه ربع العشر وإن كان أقل من عشرين مثقالاً، هذا قول عطاء، والزهري، وأيوب، وسليمان بن حرب، وروى ذلك عن طاووس. وفيه قول ثالث: وهو أن الصدقة واجبة على ظاهر الكتاب والسنة، فكل ذهب مختلف فيه ففيه الزكاة، وكل ذهب أجمعوا على أن لا زكاة فيه فلا زكاة. ¬

_ (¬1) انتهى السقط قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: ونص الكلام في الإجماع لابن المنذر كما يلي: «وأجمعوا على أن الذهب إذا كان عشرين مثقالا قيمتها مائتا درهم أن الزكاة تجب فيه، وانفرد الحسن البصري، فقال: ليس فيما دون أربعين دينارًا صدقة»

44 - باب الذهب والفضة الناقصين عن الوزن الذي تجب فيه الزكاة

وقد ذكرنا الذهب الذي أجمع أن لا زكاة فيه في أول الكتاب. وقد روينا عن الحسن أنه قال: فيما دون أربعين ديناراً صدقة، وقد روينا عنه أنه قال كما روينا عن علي. 44 - باب الذهب والفضة الناقصين عن الوزن الذي تجب فيه الزكاة م 993 - كان عبد الملك بن الماجشون يقول: في الدراهم والدنانير يجوز جواز الوزن وإن لم يكن وزناً ففيه الزكاة، هذا قول مالك. وكان الشافعي، وإسحاق، يقولان: لا زكاة في ذلك وإن نقصت حبّة. وبه نقول. 45 - باب الجمع بين الذهب والفضة م 994 - واختلفوا في الجمع بين الذهب والفضة. فكان ابن أبي ليلى، والحسن بن صالح، وشريك، والشافعي، وأحمد، وأبو عبيد، وأبو ثور، لا يرون ضم الذهب إلى الورق ولا

ضم الورق إلى الذهب، ولا يوجبون الزكاة حتى يملك من كل واحد منهما ما يجب فيه الزكاة. وقالت طائفة: يضم الفضة إلى الذهب، كذلك قال الحسن البصري، وقتادة، ومالك، والأوزاعي، والثوري، [1/ 59/ألف] وأصحاب الرأي. م 995 - واختلفوا في إخراج الزكاة منهما، وكيف يضم أحدهما إلى الآخر، فكان الأوزاعي يقول: إذا كانت عشرة دنانير ومائة درهم أخرج من الذهب ربع دينار ومن الفضة درهمين ونصف. وقال سفيان الثوري: يضم القليل إلى الكثير، فإن كانت إذا ضمت الدراهم إلى الدنانير عشرين مثقالاً ضمّهما إلى الدنانير، وكذلك القول في ضم الدنانير إلى الدراهم يزكّيها على هذا الحساب. وقال أصحاب الرأي: في الرجل يكون له عشرة مثاقيل تبراً ودنانير ومائتا درهم، عليه الزكاة، وكذلك إن كان له خمسة عشر ديناراً وخمسون درهماً أو كان له مائة وخمسون درهماً وخمسة مثاقيل ذهب عليه الزكاة. وقال مالك: "إذا كانت عشرة دنانير ومائة درهم عليه الزكاة، فإن كانت تسعة دنانير قيمتها مائتا درهم فلا زكاة عليه إنما ينظر في هذا إلى القدر الذي يكافي كل دينار بعشرة دراهم على ما كانت في الزمن الأول، فإن كانت تسعة دنانير ومائتا درهم وعشرة دراهم وجبت فيها الزكاة يؤخذ من الفضة ربع عشرها". قال أبو بكر: القول الأول صحيح.

46 - باب زكاة الحلي

46 - باب زكاة الحلي م 996 - واختلفوا في وجوب الزكاة في حلي الذهب والفضة. فروينا عن عمر بن الخطاب، وعبد الله بن عمرو أنهما قالا: فيه الزكاة، وكذلك قال ابن عباس، وابن مسعود، وابن المسيب، وعطاء، وسعيد بن جبير، وعبد الله بن عمرو بن شدّاد، وميمون بن مهران، وابن سيرين، ومجاهد، وجابر بن زيد، والزهري، وسفيان الثوري، وأصحاب الرأي. وأسقطت طائفة الزكاة عن الحلى، وممن قال ليس في الحلي الزكاة: ابن عمر، وجابر بن عبد الله، وعائشة، وأسماء بنت أبي بكر، والشعبى، ومحمد بن علي، والقاسم بن محمد، وعمرة، ومالك، وأحمد، وإسحاق، وأبو عبيد، وأبو ثور. وقد كان الشافعي يقول هذا إذ هو بالعراق، ثم وقف عنه بمصر وقال: هذا مما أستخير الله فيه. وقال أنس بن مالك: يزكّي عاماً واحداً. وقال الحسن البصري: زكاته عاريته، وبه قال عبد الله بن عتبة، وقتادة. وقال أحمد بن حنبل مرة هكذا، وقال مرة: لا زكاة فيه. قال أبو بكر: الزكاة واجبة في لظاهر الكتاب والسنة، وقد ذكرت ذلك في أول الفصل هذا [1/ 59/ب].

47 - باب إسقاط الزكاة عن اللؤلؤ، والجوهر، والعنبر

47 - باب إسقاط الزكاة عن اللؤلؤ، والجوهر، والعنبر م 997 - واختلفوا فيما يجب في العنبر. فروينا عن ابن عباس أنه قال: لاشيء فيه، وبه قال عمر بن عبد العزيز، ومالك، والثوري، وابن أبي ليلى، والحسن بن صالح، والشافعي، وأبو ثور وأبو عبيد، والنعمان، ومحمد. م 998 - وقال الحسن البصري: ليس في صيد السمك صدقة، وكذلك قال مالك بن أنس، والثوري، والشافعي، وابن أبي ليلى، والحسن بن صالح، والنعمان، ومحمد. وقد روينا عن عمر بن عبد العزيز أنه قال: في العنبر الخمس، وكذلك قال الحسن. م 999 - وقال الزهري: في العنبر واللؤلؤ يخرج من البحر الخمس، وكذلك قال يعقوب، وإسحاق في العنبر. وكان عطاء يقول: ليس في اللؤلؤ، ولا الزبرجد، ولا الياقوت، ولا الفصوص صدقة. وقال القاسم بن محمد: ليس في اللؤلؤ الزكاة إلا ما يراد التجارة. وكذلك قال عكرمة في الياقوت والجوهر، وهذا قول مالك، والثوري، والشافعي، والنعمان، ومحمد.

48 - أبواب زكاة الركاز والمعادن

48 - أبواب زكاة الركاز والمعادن (ح 527) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -قال: وفي الركاز الخمس. م 1000 - وهذا قول الزهري، ومالك، والشافعي، وأبو ثور، والنعمان، وأصحابه، ولا نعلم أحداً خالف ذلك إلا الحسن البصري، فإنه فرق بن ما يوجد في أرض الحرب، وإذا وجد في أرض العرب، فأوجب الخمس فيه إذا وجد في أرض الحرب، وإذا وجد في أرض العرب ففيه الزكاة. قال أبو بكر: بظاهر الحديث نقول. 49 - باب اختلافهم في تفسير الركاز م 1001 - قال الحسن البصري: الركاز، المال المدفون دفن الجاهلية دون المعادن، وبه قال الشعبى، ومالك، والحسن بن صالح، والأوزاعي، وأبو ثور. وقال الزهري، وأبو عبيد: الركاز، المال المدفون، والمعدن جميعاً، وفيهما جميعاً الخمس.

50 - باب ما يجب فيما يخرج من المعدن

م 1002 - وكان عمر بن عبد العزيز. يأخذ من المعادن إن باع العشر إلا أن يكون ركزة، فإن كانت ركزة ففيها الخمس، وهذا على مذهب مالك، والأوزاعي. 50 - باب ما يجب فيما يخرج من المعدن م 1003 - واختلفوا فيما يخرج من المعدن. فقال مالك: إذا بلغ ما يخرج من المعدن عشرين ديناراً أو مائتي درهم زكى ذلك مكانه، وشبّه ذلك بالزرع يخرجه من أرض المرء. وكان عمر بن عبد العزيز يأخذ من المعادن من كل مائتي درهم خمسة دراهم، وكذلك قال أحمد، وإسحاق، وأبو [1/ 60/ألف] ثور. وأوجب الزهري، وأبو عبيد، وأصحاب الرأي فيما يخرج من المعدن الخمس. وجعلت طائفة ما يخرج من المعدن فائدة من الفوائد، فإذا اجتمع منه مقدار ما يجب منه الزكاة وحال عليه الحول ففيه الزكاة، هذا قول إسحاق. وبه نقول. 51 - باب القدر الذي يجب فيه الخمس من الركاز م 1004 - واختلفوا في مقدار الركاز الذي يجب فيه الخمس.

52 - باب وجوب الخمس في ركاز الحديد والنحاس وغير ذلك

فقالت طائفة: يجب إخراج الخمس من قليل الركاز وكثيره على ظاهر الخبر، هذا قول مالك، وأحمد، وإسحاق، وأبي عبيد، وأصحاب الرأي. واختلف قول الشافعي في هذا الباب، فقال إذ هو بالعراق أشبه بظاهر الحديث هذا القول. وقال بمصر: " لا يتبين لي أن أوجبه على رجل إذا كان أقل مما يجب فيه الزكاة ". قال أبو بكر: الأول أولى بظاهر الحديث، وبه قال جملة أهل العلم. 52 - باب وجوب الخمس في ركاز الحديد والنحاس وغير ذلك م 1005 - أجمع أهل العلم على أن الخمس يجب في ركاز الذهب والفضة على ما ذكرته عنهم. م 1006 - واختلفوا في وجوب الخمس فيما يوجد من ركاز الجوهر، والحديد، وغير ذلك. فقال طائفة: يجب في ذلك كله الخمس، هذا قول أحمد، وإسحاق، وأبي عبيد، وأصحاب الرأي. وقول الشافعي: في هذه كقول في المسألة قبلها. وقال الأوزاعي: ما أرى بأخذ الخمس من ذلك كله بأساً. واختلف فيه عن مالك، وأصح قوليه ما عليه سائر أهل العلم. وبالقول الأول أقول.

53 - باب الذمي يجد الركاز

53 - باب الذمي يجد الركاز م 1007 - قال كل من نحفظ عنه من أهل العلم على الذمي في الركاز يجده الخمس، هذا قول مالك، وأهل المدينة، والثوري، وأهل العراق من أصحاب الرأي وغيرهم والأوزاعي، والشافعي، وأبو ثور، ومن تبعهم من أهل العلم. وكذلك نقول. وهذا يدل على أن خمس الركاز ليس سبيله سبيل الصدقات، لأن الذمي لا زكاة عليه إنما سبيله سبيل مال الفيء. 54 - باب العبد يجد الركاز م 1008 - قال الثوري، والأوزاعي، وأبو عبيد: إذا وجد العبد ركازاً يُرضَحُ له منه، ولا يعطاه كله. وقال أصحاب الرأي، وأبو ثور: هو له بعد الخمس. وحكى أبو. . . . . . . (¬1) ¬

_ (¬1) بدأ السقط هنا قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: وجاء في المغني لابن قدامة الْوَاجِد لَهُ إذَا كَانَ عَبْدًا فَهُوَ لِسَيِّدِهِ؛ لِأَنَّهُ كَسْبُ مَالٍ، فَأَشْبَهَ الِاحْتِشَاشَ وَالِاصْطِيَادَ، وَإِنْ كَانَ مُكَاتَبًا مَلَكَهُ، وَعَلَيْهِ خُمْسُهُ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ كَسْبِهِ، وَإِنْ كَانَ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا فَهُوَ لَهُمَا، وَيُخْرِجُ عَنْهُمَا وَلِيُّهُمَا. وَهَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ كُلُّ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، عَلَى أَنَّ عَلَى الذِّمِّيِّ فِي الرِّكَازِ يَجِدُهُ الْخُمْسَ. قَالَهُ مَالِكٌ، وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ، وَالثَّوْرِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَأَهْلُ الْعِرَاقِ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَغَيْرُهُمْ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا يَجِبُ الْخُمْسُ إلَّا عَلَى مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ؛ لِأَنَّهُ زَكَاةٌ. وَحُكِيَ عَنْهُ فِي الصَّبِيِّ وَالْمَرْأَةِ أَنَّهُمَا لَا يَمْلِكَانِ الرِّكَازَ. وَقَالَ الثَّوْرِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَأَبُو عُبَيْدٍ: إذَا كَانَ الْوَاجِدُ لَهُ عَبْدًا، يُرْضَخُ لَهُ مِنْهُ، وَلَا يُعْطَاهُ كُلَّهُ وقال ابن المنذر في الإقناع: «ففي الركاز الخمس قليلا كَانَ أو كثيرا، والركاز دفن الجاهلية وسواء كَانَ ذهبا، أو فضة، أو نحاسا، أو حديدا، أو جوهرا، أو غير ذَلِكَ عَلَى ظاهر الحديث، وسواء كَانَ الذي وجده: حرا أو عبدا أو مكاتبا أو امرأة أو صبيا أو ذميا، وسواء مَا وجد منه في موات أرض الإسلام أو أرض الحرب، إن فِيهِ الخمس وأربعة أخماس لمن وجده» قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: فهذا اختيار ابن المنذر كما ترى، وما عزاه المحقق له (فيما أكمله بنفسه من نص الإشراف)، مخالف لذلك، والله أعلم

[61 - باب تقدمة الزكاة قبل الحول]

[61 - باب تقدمة الزكاة قبل الحول]

62 - باب الزكاة يخرجها الرجل فتضيع منه

. (¬1) أعاد كالصلاة. قال أبو بكر: لا يجزيه وإن عجل. 62 - باب الزكاة يخرجها الرجل فتضيع منه م 1019 - وقال الحسن البصري، وقتادة: إذا أخرجها فضاعت تجزئ عنه. وقال الزهري، والحكم، وحماد، والثوري، وأحمد، وأبو عبيد: هو ضامن لها حتى يضعها مواضعها. وقال مالك إن أخرجها عند محلها فسرقت منه أو سقطت أراها مجزية عنه وإن أخرجها بعد ذلك بأيام ثم سقطت أو سرقت ضمنها. وقال الشافعي إذا أخرج زكاة ماله بعد ما حلت، فإن كان فرط فيها كان ضامناً لها، وإن لم يفرط رجع إلى باقي ماله، وإن كان فيما بقي زكّاه وإن لم يكن فيما بقي زكاة لم يزكه. وقال أبو ثور: إن كان فرط في أداء الزكاة كان عليه زكاة الجميع وإن كان لم يفرط فعليه زكاة ما بقي من المال. ¬

_ (¬1) انتهى السقط قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: ونص المسألة في المغني لابن قدامة كما يلي: مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَيَجُوزُ تَقْدِمَةُ الزَّكَاةِ) وَجُمْلَتُهُ أَنَّهُ مَتَى وُجِدَ سَبَبُ وُجُوبِ الزَّكَاةِ، وَهُوَ النِّصَابُ الْكَامِلُ، جَازَ تَقْدِيمُ الزَّكَاةِ. وَبِهَذَا قَالَ الْحَسَنُ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَالزُّهْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَحُكِيَ عَنْ الْحَسَنِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ. وَبِهِ قَالَ رَبِيعَةُ، وَمَالِكٌ وَدَاوُد لِأَنَّهُ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أَنَّهُ قَالَ: «لَا تُؤَدَّى زَكَاةٌ قَبْلَ حُلُولِ الْحَوْلِ». وَلِأَنَّ الْحَوْلَ أَحَدُ شَرْطَيْ الزَّكَاةِ، فَلَمْ يَجُزْ تَقْدِيمُ الزَّكَاةِ عَلَيْهِ كَالنِّصَابِ، وَلِأَنَّ لِلزَّكَاةِ وَقْتًا، فَلَمْ يَجُزْ تَقْدِيمُهَا عَلَيْهِ، كَالصَّلَاةِ. وَلَنَا، مَا رَوَى عَلِيٌّ، «أَنَّ الْعَبَّاسَ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي تَعْجِيلِ صَدَقَتِهِ قَبْلَ أَنْ تَحِلَّ، فَرَخَّصَ لَهُ فِي ذَلِكَ. وَفِي لَفْظٍ: فِي تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ، فَرَخَّصَ لَهُ فِي ذَلِكَ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ: هُوَ أَثْبَتُهَا إسْنَادًا. وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَنَّهُ قَالَ لِعُمَرَ: «إنَّا قَدْ أَخَذْنَا زَكَاةَ الْعَبَّاسِ عَامَ الْأَوَّلِ لِلْعَامِ. وَفِي لَفْظٍ قَالَ: إنَّا كُنَّا تَعَجَّلْنَا صَدَقَةَ الْعَبَّاسِ لِعَامِنَا هَذَا عَامَ أَوَّلَ». رَوَاهُ سَعِيدٌ عَنْ عَطَاءٍ، وَابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، وَالْحَسَنِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُرْسَلًا، وَلِأَنَّهُ تَعْجِيلٌ لِمَالٍ وُجِدَ سَبَبُ وُجُوبِهِ قَبْلَ وُجُوبِهِ، فَجَازَ، كَتَعْجِيلِ قَضَاءِ الدَّيْنِ قَبْلَ حُلُولِ أَجَلِهِ، وَأَدَاءِ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ بَعْدَ الْحَلِفِ وَقَبْلَ الْحِنْثِ، وَكَفَّارَةِ الْقَتْلِ بَعْدَ الْجَرْحِ قَبْلَ الزَّهُوقِ، وَقَدْ سَلَّمَ مَالِكٌ تَعْجِيلَ الْكَفَّارَةِ، وَفَارَقَ تَقْدِيمَهَا عَلَى النِّصَابِ، لِأَنَّهُ تَقْدِيمٌ لَهَا عَلَى سَبَبِهَا، فَأَشْبَهَ تَقْدِيمَ الْكَفَّارَةِ عَلَى الْيَمِينِ، وَكَفَّارَةَ الْقَتْلِ عَلَى الْجَرْحِ، وَلِأَنَّهُ قَدْ قَدَّمَهَا عَلَى الشَّرْطَيْنِ، وَهَاهُنَا قَدَّمَهَا عَلَى أَحَدِهِمَا. وَقَوْلُهُمْ: إنَّ لِلزَّكَاةِ وَقْتًا. قُلْنَا: الْوَقْتُ إذَا دَخَلَ فِي الشَّيْءِ رِفْقًا بِالْإِنْسَانِ، كَانَ لَهُ أَنْ يُعَجِّلَهُ وَيَتْرُكَ الْإِرْفَاقَ بِنَفْسِهِ، كَالدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ، وَكَمَنْ أَدَّى زَكَاةَ مَالِ غَائِبٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى يَقِينٍ مِنْ وُجُوبِهَا، وَمِنْ الْجَائِزِ أَنْ يَكُونَ الْمَالُ تَالِفًا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، وَأَمَّا الصَّلَاةُ وَالصِّيَامُ فَتَعَبُّدٌ مَحْضٌ، وَالتَّوْقِيتُ فِيهِمَا غَيْرُ مَعْقُولٍ، فَيُجِبْ أَنْ يُقْتَصَرَ عَلَيْهِ. قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: وقال ابن المنذر في الإقناع: وَلا يجوز إخراج الزكاة إلا بعد حلول الحول، وخبر العباس لا يثبت

63 - باب إذا أمكن إخراج الزكاة فلم يفعل حتى هلك المال

وقال أصحاب الرأي: إذا حال الحول فهلك بعضه فليس عليه أن يزكى ما هلك ولكن يزكي ما بقى. وقال بعض أهل العلم في المال يهلك بعد دخول الحول وبقى مائتا درهم أن فيها خمسة دراهم وإن هلك ولم يبق إلا عشرة دراهم أدى زكاتها مثل الشريكين يتلف بعض المال ويكونان شريكين فيما يبقى. قال أبو بكر: هذا صحيح. 63 - باب إذا أمكن إخراج الزكاة فلم يفعل حتى هلك المال م 1520 - واختلفوا في المال يحول عليه الحول، ويمكن المرأ دفعها إلى المساكين فلم يفعل حتى ضاع المال. فقال مالك، والحسن بن صالح، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور: يضمن الزكاة وهي دين عليه. وفرق مالك بين زكاة المواشي وبين سائر الأموال، فقال في الماشية: لا تجب فيها الزكاة، وإن حال الحول حتى يجيء المصدق فإن تلفت قبل مجيئه فلا شيء عليه. 64 - باب وفاة المرء بعد وجوب الزكاة عليه م 1021 - اختلف أهل العلم في موت الرجل بعد وجوب الزكاة عليه. فقالت طائفة: يخرج من ماله كديون الآدميين، هذا قول عطاء، والحسن

65 - باب وجوب الزكاة في مال اليتيم

البصري، والزهري، وقتادة، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبي ثور. وبه نقول. والقول الثاني: أن ذلك يخرج من ماله، كسائر الوصايا إذا كان أوصى بها، وإن لم يكن أوصى بها فليس على ورثته إخراج ذلك من ماله، هذا قول ابن سيرين [1/ 74/ألف] والنخعي، والشعبي، وحماد بن أبي سليمان، وداؤد بن أبي هند، وحميد الطويل، والبتّي، والثوري. وقال الليث بن سعد، والأوزاعي: يؤخذ ذلك من ماله ولا يجاوز الثلث، يبدأ به على الوصايا. وقال مالك: يؤخذ ذلك من ماله ويبدأ به على أهل الوصايا، وأرى ذلك بمنزلة الدين، وقال مرة: لا يجاوز الثلث. وقال أصحاب الرأي: إن كان أوصى بها وأمر أن تبعد، جعلت ذلك من الثلث، وإن كان أوصى بوصايا مختلفة أو لم يوص تحاص، ولم يبدؤوا بالزكاة على غيرها، وإن لم يأمر بها الميت فليس يلزمهم أن يفعلوه. 65 - باب وجوب الزكاة في مال اليتيم م 1022 - واختلفوا في وجوب الزكاة في مال اليتيم، فقالت طائفة: تجب الزكاة في مال اليتيم. روينا هذا القول عن عمر، وبه قال علي بن أبي طالب، وابن عمر، وجابر، وعائشة، والحسن بن علي، وعطاء، وجابر بن زيد، ومجاهد،

66 - باب زكاة مال العبيد

وابن سيرين، وبه قال ربيعه، ومالك، والثوري، والحسن بن صالح، وعبد الله بن الحسن، وابن عيينة، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو عبيد، وأبو ثور، وسليمان بن حرب. وقال النخعي، وأبو وائل، والحسن البصري، وسعيد بن جبير، ليس في مال اليتيم زكاة. وقال سعيد بن المسيب: لا زكاة حتى يحضر الصلاة ويصوم رمضان. وقال الأوزاعي، وسعيد بن عبد العزيز: في ماله الزكاة غير أن الولي لا يخرجه، ولكن يحصيه فإذا بلغ أعلمه ليزكي عن نفسه. وقال ابن أبي ليلى: في ماله الزكاة ولكن الوصي إن أداها ضمن. وقد روينا عن ابن شبرمة أنه قال: لا أزكي مال اليتيم الذهب والفضة، ولكن البقر، والإبل، والغنم، وما ظهر من مال زكيته وما غاب عني لم طلبه. وقال أصحاب الرأي: لا زكاة في مال الطفل إلا فيما أخرجت الأرض فإن الصدقة واجبة عليه فيما أخرجت أرضه دون سائر ماله. 66 - باب زكاة مال العبيد م 1023 - كان سفيان الثوري، والشافعي، وإسحاق يقولان: زكاة مال العبد على مولاه وهو مذهب أصحاب الرأي. وقال آخرون: ليس عليه فيه شيء ولا على مولاه، هذا قول ابن عمر، وجابر، والزهري، وقتادة، ومالك، وأحمد، وأبو عبيد.

67 - باب زكاة مال المكاتب

وأوجبت طائفة: على العبد الزكاة، روينا هذا القول عن عطاء، وبه قال [174/ب] أبو ثور، وروى ذلك عن ابن عمر. 67 - باب زكاة مال المكاتب م 1024 - أجمع كل من يحفظ من أهل العلم على أن لا زكاة في مال المكاتب حتى يعتق، غير أبو ثور. وممن قال بجملة هذا القول جابر بن عبد الله، وابن عمر، وعمر بن عبد العزيز، وعطاء، ومسروق، وبه قال مالك، والثوري، والشافعي، وأحمد، وأبو عبيد، وأصحاب الرأي، ومن تبعهم. وقال أبو ثور: في مال المكاتب الزكاة كما تجب في مال الحر. قال أبو بكر: لا زكاة في مال المكاتب.

27 - كتاب زكاة الفطر

27 - كتاب زكاة الفطر (ح 533) ثبت أن رسول - صلى الله عليه وسلم - فرض زكاة الفطر على الذكر، والأنثى، والحر، والعبد، صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير. م 1025 - وأجمع عوام أهل العلم على أن صدقة الفطر فرض. وممن حفظنا ذلك عنه من أهل العلم، محمد بن سيرين، وأبو العالية، والضحاك، وعطاء، ومالك، وأهل المدينة، وسفيان الثوري، والشافعي، وأبو ثور، وإسحاق، وأصحاب الرأي. وقال إسحاق: هو كالإجماع من أهل العلم. م 1026 - وأجمعوا على أن صدقة الفطر تجب على المرء إذا أمكنه أداؤها عن نفسه وأولاده، والأطفال الذين لا أموال لهم. م 1027 - واختلفوا في الأطفال الذين لهم أموال. وكان الشافعي، وأبو ثور، يقولان: على الأب إخراج زكاة الفطر عنهم من أموالهم. وحكى أبو ثور ذلك عن النعمان، ومحمد، وبه قال أحمد، وإسحاق. وقال أبن الحسن: على الأب أن يؤدى عنهم من أمواله، وإن أدى ذلك عنهم من أمولهم فهو ضامن.

1 - باب اليتيم الطفل الذي له مال

1 - باب اليتيم الطفل الذي له مال ح 1028 - واختلفوا في وجوب الزكاة على اليتيم الذي له مال. فكان مالك، والأوزاعي، والشافعي، وأبو ثور، والنعمان، ويعقوب، يقولان: يودي عنه الوصي زكاة الفطر. وقال ابن الحسن: لا يجب في مال الصغير صدقة الفطر يتيماً وغير يتيم. قال أبو بكر: الأول أولى. (ح 534) لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - على كل صغير وكبير. 2 - باب رقيق الصبي الطفل م 1029 - قال الشافعي: ليس على الأب إخراج زكاة الفطر عن رقيق الطفل الذي لا مال له، إلا أن يكون بالصغير عنه غنياً، فعلى الأب أن ينفق عليه ويخرج عنه زكاة الفطر. وكان أبو ثور يقول: إذا لم يكن لليتيم مال [1/ 75/ألف] فعلى الوالد زكاة رقيقهم إذا أيسروا. وحكى أبو ثور عن الكوفي: أن الأب لا يجب ذلك عليه. م 1030 - واختلفوا في وجوب زكاة الفطر على الجد عن ولد ولده. فأوجب الشافعي ذلك. وقال أصحاب الرأي: لا يجب ذلك عليه.

3 - باب صدقة الفطر على المماليك

3 - باب صدقة الفطر على المماليك م 1031 - أجمع عوام أهل العلم على أن على المرء أداء زكاة الفطر عن مملوكه الحاضر غير الغائب، والعبد المغصوب، والآبق، والعبد المشتري للتجارة، وأنهم اختلفوا في وجوب صدقة الفطر على السيد في عبده عن هؤلاء. 4 - باب اختلافهم في وجوب صدقة الفطر على السيد في عبده المشتري للتجارة م 1032 - واختلفوا في وجوب صدقة الفطر عند العبد المشتري للتجارة، فكان مالك بن أنس، والليث بن سعد، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، يرون: على السيد زكاة الفطر عنهم، وزكاة التجارة. قال أبو بكر: وبه نقول. (ح 535) لقول النبي- صلى الله عليه وسلم - على كل حر وعبد. م 1033 - وفي قول عطاء بن أبي رباح، والنخعي، والثوري، وأصحاب الرأي ليس على السيد فيهم زكاة الفطر. وقال أصحاب الرأي: إذا كانوا للخدمة وللعلة، أدى عنهم.

5 - باب زكاة الفطر عن المكاتب

5 - باب زكاة الفطر عن المكاتب م 1034 - واختلفوا في وجوب صدقة الفطر على السيد في مكاتبه. فكان ابن عمر لا يؤدي عن المكاتبين، وهذا قول أبي سلمة بن عبد الرحمن، وبه قال أحمد، وأصحاب الرأي، وهو مذهب الثوري. وقال أصحاب الرأي: ليس على المكاتب في رقيقه الزكاة. وقال أبو ثور: عليه فيهم الزكاة. وكان عطاء يقول: يؤديها عن المكاتب، هذا قول مالك، وأبي ثور. وقال إسحاق: يعطى عنه إذا كان في عياله وإلا فلا. قال أبو بكر: من قال أن المكاتب عبد ما بقى عليه درهم ينبغي أن يرى أداء زكاة الفطر عنه لأنه عبد. 6 - باب العبيد الغيب م 1035 - أكثر من نحفظ عنه من أهل العلم يرون: أن يؤدي زكاة الفطر عن الرقيق كلهم غائبهم وحاضرهم، وهو على مذهب مالك، والشافعي، والكوفي. وكان ابن عمر يخرج زكاة الفطر عن غلمانه الذين بوادي [1/ 75/ب] القرى وبخيبر. وكذلك نقول.

7 - باب زكاة العبد الآبق

7 - باب زكاة العبد الآبق م 1036 - كان الشافعي وأبو ثور يقولان: عليه أن يؤدي زكاة الفطر عن العبد الآبق، علم بمكانه أو لم يعلم، وبه قال الزهري، وأحمد. [وقال] (¬1) وإسحاق يؤدي عنه إذا علم بمكانه. وقال الأوزاعي: يؤدي عنه إذا كان في دار الإسلام. وفه قول رابع: وهو أن ليس عليه أن يطعم عن الآبق، هذا قول عطاء، والثوري، وأصحاب الرأي. وفيه قول خامس: "وهو أن إذا كانت غيبته قريبة يرجى رجعته يزكى عنه، وإن كانت اباقته قد طالت فأيس منه فليس عليه أن يزكي عنه"، هذا قول مالك. قال أبو بكر: الأول صحيح. 8 - باب زكاة الفطر عن العبد الذمي (ح 536) في حديث ابن عمر عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه فرض زكاة الفطر من رمضان على الناس على كل حر وعبد من المسلمين. م 1037 - واختلفوا في الإطعام عن الذمي. فقال جابر بن عبد الله: صدقة الفطر على كل مسلم، هذا قول مالك، والشافعي، وأحمد، وأبي ثور. ¬

_ (¬1) ما بين المعكوفين سقط من الأصل.

9 - باب العمال من الرقيق يكونون في أرض المرء وماشيته

وروينا قلت علي أنه قال: حق على كل مسلم أطاق الصوم أن يطعم. وقال ابن المسيب، والحسن: لا يؤدي إلا عمن صلى وصام. وقال آخرون: يجب أن يعطى عن العبد الذمي، وهو قول عطاء، وعمر بن عبد العزيز، ومجاهد وسعيد بن جبير، والنخعي والثوري، وإسحاق وأصحاب الرأي. قال أبو بكر: الأول أصح، لقوله من المسلمين. م 1038 - وكل من نحفظ عنه من أهل العلم يقولون: لا صدقة على الذمي في عبده المسلم. وقال أبو ثور: يؤدي العبد عن نفسه إذا كان له مال. 9 - باب العمال من الرقيق يكونون في أرض المرء وماشيته م 1039 - كان ابن عمر يطرح زكاة الفطر عن كل عبد له حاضر وغائب، أو في مزرعة. وهذا مذهب سعيد بن المسيب، وأبي سلمة بن أبي عبد الرحمن، وعطاء، والحسن، وطاؤس، ومالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبي ثور، وأصحاب الرأي. وقد روينا عن عبد الملك بن مروان أنه قال: في العبد يكون في الماشية والحائط، ليس عليه زكاة الفطر.

10 - باب العبد بين الشركاء وإخراج الفطر عنهم

قال أبو بكر: الأول أصح. (ح 537) لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "على كل حر وعبد". 10 - باب العبد بين الشركاء وإخراج الفطر عنهم [1/ 76/ألف] م 1040 - واختلفوا في العبد يكون بين الشريكين. فقال مالك، ومحمد بن مسلمة، وعبد الملك، والشافعي، وإسحاق، وأبو ثور، وابن الحسن يخرج كل واحد منهما نصف صدقة الفطر عنهم. وقد روى عن الحسن، وعكرمة، أنهما قالا: وليس على واحد منهما شيء، وبه قال الثوري، والنعمان، ويعقوب. قال أبو بكر: الأول أصح. 11 - باب العبد المعتق بعضه م 1041 - قال مالك: في العبد المعتق بعضه يخرج المالك نصفه نصف زكاة الفطر عن حصته، وليس على العبد فيما عتق منه شيء. وقال الشافعي، وأبو ثور: في حصته المال كما على العبد إذا فضل عن قوت يومه ما يؤدي عن نفسه، أدى نصف زكاة الفطر. وقال عبد الملك: على الذي يملك نصفه أدى الصاع منه.

12 - باب العبد المرهون

وفيه قول رابع: وهو أن يخرج سيده بقدر ما يملك عنه وعليه في ذمته بقدر حريته. فإن لم يكن للعبد مال رأيت لسيده أن يزكيه كله، هذا قول محمد بن مسلمة. وفيه قول خامس وهو أن لا يجب على مولاه أن يؤدي عنه مادام يسعى، ولا عليه أن يؤدي عن نفسه، هذا قوق النعمان. وفيه قول سادس: وهو قول يعقوب، ومحمد قالا: "على العبد أن يؤدي عن نفسه وهو بمترلة الحر إذا عتق نصفه فقد عتق كله". 12 - باب العبد المرهون م 1042 - واختلفوا في العبد المرهون. فكان مالك، والشافعي، وأبو ثور، يقولان: زكاة الفطر على الراهن. وقال ابن الحسن: إذا كان عند الراهن وباء لذلك الدين وفضل مئتا درهم، فإن ذلك عليه، فإن لم يكن ذلك عنده فليس عليه صدقة الفطر. قال أبو بكر: الأول أولى لدخوله في جملة الرقيق الذين أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بإخراج زكاة الفطر عنهم.

13 - باب العبد الموصى برقبته لرجل ولآخر بخدمته

13 - باب العبد الموصى برقبته لرجل ولآخر بخدمته م 1043 - واختلفوا في إخراج زكاة الفطر عن العبد برقبته لرجل ولآخر بخدمته. فكان الشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي يقولون: إن زكاة الفطر على مالك الرقبة. وقال عبد الملك: الزكاة على من جعلت له الخدمة إذا كان ذلك زماناً طويلاً. 14 - باب العبد [1/ 76/ب] المغصوب م 1044 - واختلفوا في الإطعام عن العبد المغصوب. فكان الشافعي يقول: زكاته على مالكه. ومال أبو ثور: إلى أن لا شيء عليه. 15 - باب العبد المبيع المشترط في عقدة الخيار للبائع أو للمشتري أولهما م 1045 - قال مالك: إذا كان الخيار للبائع أو للمشتري أولهما أولهما أو لأحدهما ومضى يوم الفطر، ثم رده المشتري فالزكاة على البائع، وهو قول الشافعي، وإن كان الخيار للمشتري فزكاته على المشتري.

16 - باب عبيد عبد الرجل

وقال النعمان: وإن كان الخيار للبائع أو للمشتري فمر يوم الفطر فالصدقة على الذي يصير العبد له. وقال الثورى: إذا كان الخيار للمشتري فالصدقة عليه. قال أبو بكر: م 1046 - وأما العبد المستعار، والمودع، والمواجر، وأمهات الأولاد، والمعتق منهم إلى أجل، والمدبر فزكاة الفطر على السيد فيهم، في قول الشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي. 16 - باب عبيد عبد الرجل م 1047 - كان أبو الزناد، ومالك، وأصحاب الرأي يقولون: ليس على السيد فيهم صدقة الفطر. وقال الشافعي: عليه أن يخرج عنهم. 17 - باب العبيد يكونون بيد العامل من مال القراص م 1048 - وقال مالك، والشافعي في العبيد يكونون بيد العامل من مال القراص: زكاتهم على رب المال. وقال أصحاب الرأي: لا زكاة فيهم.

مسألة

مسألة م 1049 - قال الشافعي، وأبو ثور: في العبد المشتري شراء فاسداً زكاته على البائع لأنه في ملكه. وقال أصحاب الرأي: إن قبضه المشتري فأعتقه فالزكاة على المشتري. م 1050 - وفي قولهم إن لم يكن المشتري أعتقه فالزكاة على البائع. وقال أصحاب الرأي: إذا اشترى قبل يوم الفطر بيوم عبداً شراء صحيحاً، ثم رده بعد الفطر بعيب، فالزكاة على المشتري، وكذلك قال الشافعي، وأبو ثور. م 1051 - وقال أصحاب الرأي في العبد يجني جناية عمداً أو خطأً: زكاة الفطر على رب العبد، وهذا على مذهب الشافعي، وأبي ثور. م 1052 - وإذا نكح الرجل المرأة على عبد قبضته أو لم تقبضه فمر يوم الفطر والعيد في ملكها، أو طلقها الزوج قبل أن يدخل بها، فالزكاة على المرأة في قول الشافعي، وأبي ثور. وقال أصحاب الرأي: إن كانت قبضته فعليها زكاة الفطر وإن لم تكن قبضته فلا زكاة عليها. قال أبو بكر: قول [1/ 77/ألف] الشافعي صحيح. 18 - باب على من يجب زكاة زوجة المرء م 1053 - أجمع أهل العلم على أن على المرأة قل أن تنكح، أن تخرج زكاة الفطر عن نفسها.

19 - باب زكاة الفطر عن الحبلى

(ح 538) وثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: صدقة الفطر على كل ذكر وأنثى. م 1054 - واختلفوا فيمن يجب عليه زكاة الفطر عنها بعد أن تنكح بعد إجماعهم على أنه كان عليها قبل أن تنكح. فكان مالك، والليث، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، يقولون: على زوجها أن يخرج عنها صدقة الفطر. وقال الثوري، وأصحاب الرأي: ليس على الزوج أن يطعم عن زوجته زكاة الفطر ولا عن خادمها. قال أبو بكر: ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: صدقة الفطر على كل ذكر وأنثى. (ح 539) ولم يصح عن النبي- صلى الله عليه وسلم - خبر يعارض به هذا الخبر. وظاهر الحديث لا يجوز تركه وليس منه إجماع فيتبع. 19 - باب زكاة الفطر عن الحبلى قال أبو بكر: م 1055 - أجمع كل من يحفظ عنه من علماء أهل الأمصار، لا يجب على الرجل إخراج زكاة الفطر عن الجنين في بطن أمه، وممن حفظنا ذلك عنه عطاء، ومالك، وأبو ثور، وأصحاب الرأى.

20 - باب الوقت الذي يجب فيه صدقة الفطر

وكان أحمد بن حنبل: يستحب ذلك ولا يوجبه، ولا يصح عن عثمان خلاف ما قلناه. 20 - باب الوقت الذي يجب فيه صدقة الفطر م 1056 - واختلفوا في الوقت الذي يجب فيه زكاة الفطر على من ولد له مولود أو ملك مملوكاً، فكان الشافعي، وإسحاق، يقولان: إذا ولد له مولود، أو كان في ملكه مملوك في شيء من نهار آخر يوم من شهر رمضان فغابت الشافعي ليلة هلال شوال، وجبت عليه زكاة الفطر، وإن ولد منهم مولود في ليلة الفطر لم يجب عليه زكاة الفطر في عامه ذلك. وقال الثوري: إذا ولد له مولود قبل الهلال بيوم، أطعم عنه وإن كان بعد الهلال بيوم لم يطعم عنه. وقال أحمد بن حنبل: إذا ولد له بعد الهلال فليس عليه زكاة. وقال مالك: "في الذي يعتق يوم الفطر يخرج زكاته، وكذلك إن باعه تلك الليلة أخرج زكاته، ومن مات ليلة الفطر فأرى أن يؤدي زكاة الفطر عنه، وإن مات عبد الرجل قبل إنشقاق الفجر من ليلة الفطر يلزمه زكاة. . . . . . . . . (¬1) ¬

_ (¬1) بدأ السقط هنا قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: قال ابن المنذر في الإقناع: «والوقت الذي يجب فِيهِ زكاة الفطر طلوع الفجر من يوم الفطر، فكل من ملك عبدًا أو ولد لَهُ مولود قبل طلوع الفجر، فطلع الفجر والعبد في ملكه والمولود حي فعليه في كل واحد منهما زكاة الفطر.»

[28 - باب إخراج صدقة الفطر إذا خرج إلى المصلى]

[28 - باب إخراج صدقة الفطر إذا خرج إلى المصلى] . . . . . . . . . (¬1) [1/ 77/ ب] خروج الناس إلى المصلى، وكان ابن عمر، وابن عباس يأمران بإخراجها قبل الصلاة، ومال إلى هذا القول عطاء، ومالك، وموسى بن وردان، وإسحاق، وأصحاب الرأي. وقد روينا عن ابن سيرين، والنخعي، أنهما كانا يرخصان في تأخيرها عن يوم الفطر. وقال أحمد: أرجو أن لا يكون بذلك بأس. قال أبو بكر: لا أحب ذلك. ¬

_ (¬1) انتهى السقط هنا قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: وثبت في الصحيحين من حديث ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِزَكَاةِ الفِطْرِ قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الصَّلاَةِ»

29 - باب إخراج قيمة المكيلة بدلا منها

29 - باب إخراج قيمة المكيلة بدلاً منها م 1068 - واختلفوا في إخراج قيمة صدقة الفطر بدلاً منها. فكان الثوري، وأصحاب الرأي، يجيزون ذلك، وروى معنى قولهم عن عمر بن عبد العزيز، والحسن البصري. وفي قول مالك، والشافعي: لا يجوز البدل منه. وقال إسحاق، وأبو ثور: لا يجوز ذلك إلا عند الضرورة. قال أبو بكر: لا يجوز ذلك بحال. 30 - باب إعطاء مسكين واحدٍ زكاة جماعة م 1069 - واختلفوا فيمن أعطى مسكيناً واحداً زكاة جماعة. فكان مالك، وأبو ثور، وأصحاب الرأي يقولون: يجزئ ذلك. وقال أحمد: إن أعطى على معنى الحاجة فأرجو أن لا يكون به بأس. وقال الشافعي: يقسم زكاة الفطر على ما يقسم عليه زكاة المال، لا يجوز غير ذلك. قال أبو بكر: أرجو أن يجزئ ما قال مالك. 31 - باب إعطاء أهل الذمة صدقة الفطر م 1070 - أجمع أهل العلم على أن لا يجزئ أن يعطي من زكاة المال أحد من أهل الذمة.

32 - باب العروض المشتراة للتجارة

م 1071 - واختلفوا في إعطاء أهل الذمة صدقة الفطر. فممن قال: لا يعطي أهل الذمة من صدقة الفطر، مالك، والليث بن سعد، والشافعي. وقال أحمد: لا يعجبني ذلك. وقال أبو ثور: لا أحب ذلك. وقال أصحاب الرأي: لا يعطي منها إلا المسلم فإن أعطى أهل الذمة أجزأ. وقد روينا عن عمرو بن ميمون، وعمرو بن شرحبيل، ومُرة الهمذاني أنهم كانوا يعطون منها الرهبان. 32 - باب العروض المشتراة للتجارة م 572 - أجمع عامة أهل العلم على أن في العروض التي مُلكت للتجارة الزكاة إذا حال علي الحول. وممن روينا هذا القول عنه عمر بن الخطاب، وابن [1/ 78/ألف] عمر، وعائشة، وابن عباس، والفقهاء السبعة، وسعيد، وسليمان بن يسار، والقاسم بن محمد، وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث ابن هشام، وخارجة بن زيد، وعروة بن الزبير، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة، وبه قال الحسن البصري، وجابر بن زيد، وطاووس، وميمون بن مهران، والنخعي، وقال بجملة هذا القول،

33 - باب كيف يخرج زكاة العرض

مالك ابن أنس، والثوري، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو عبيد، وأبو ثور، والنعمان، وأصحابه. 33 - باب كيف يخرج زكاة العرض م 1073 - واختلفوا فيما يجب في أو في ثمنه الذي اشترى به العرض أو في قيمته. فكان الحسن يقول: يزكي عن الثمن الذي اشتراه، وبه قال جابر زيد يقومه وبنحو من ثمنه يوم حلت الزكاه فيه. وقال قتادة: يقوم قيمة يومه. وقال الأوزاعي: إن شاء زكى ثمنه الذي اشتراه، وإن شاء قوّم متاعه وزكاه بالقيمة. وقال الشافعي: يقومه بالذي كان يشتري به العرض. وقال أبو ثور: يقومه برأس ماله دنانير كانت أو دراهم. وحكى عن النعمان أنه قال: يزكيه بأيّ ذلك شاء. 34 - باب العرض يقيم عند الرجل سنين م 1074 - واختلفوا في العرض فللتجارة يقيم عند الرجل سنين ثم يبيعه. فقالت طائفة: يقومه إذا حال عليه الحول ويخرج زكاته في كل سنة. هذا قول الشافعي، وهو على مذهب الثوري، وأحمد، وإسحاق،

مسألة

وأبي عبيد، وأبي ثور، وأصحاب الرأي. وكان عطاء يقول: يزكيه لسنة واحدة، وبه قال مالك. مسألة م 5107 - واختلفوا في العرض يشتريه الرجل بأقل من مائتي درهم، ثم يحول عليه الحول وهو يساوي ما يجب في الزكاة. فقال الثوري: ليس عليه زكاة فيه حتى يكون ابتاعه بما فيه الزكاة. وكان الشافعي يقول: إذا حال الحول على العرض فباعه بما يجب فيه الزكاة زكاة من يوم ملك العرض ولا أنظر لما قيمته في أول السنة ولا وسطها. 35 - باب تحول نية رب السلع في إحراف ما كان منها للتجارة إلى القيمة [1/ 78/ب] م 1076 - واختلف أهل العلم فيمن ابتاع بُراً للتجارة، ثم بدأ له فجعله للبأس، أو ابتاعه لغير التجارة ثم نواه للتجارة. فقال مالك، والثوري، والشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي: ليس عليه زكاة في الحالتين. وقال إسحاق من بين أهل العلم، في سائمة المواشي إذا أراد صرفها إلى التجارة، أو من التجارة إلى السائمة إذا نواها سائمة وكان للتجارة فهي سائمة. (ح 542) واحتج بقول النبي- صلى الله عليه وسلم -: "الأعمال بالنية".

36 - باب شرى المرء الأرض والنخل للتجارة فيزرع الأرض وتثمر النخل

36 - باب شرى المرء الأرض والنخل للتجارة فيزرع الأرض وتثمر النخل م 1077 - واختلفوا في المرء يشتري الأرض والنخل للتجارة فيزرع الأرض وتثمر النخل، فكان الثوري، وأحمد، وإسحاق يقولون: يقومه قيمة إذا حال الحول عليه فيزكيه. وقال الثوري: إذا اشتراه لغير تجارة فأدرك زكّاه وإن كان قبل ذلك بشهر. وقال أبو ثور: عليه زكاة ما زرع ويقوم الأرض عند رأس الحول، ويزكّيها. وقال أصحاب الرأي: إذا كانت أرض عشر وزرعها عليه العشر وعليه زكاة التجارة. وقال الشافعي: إذا كانت غراساً غير نخل وزرع غير حنطة للتجارة، زكّاه زكاة التجارة. 37 - باب زكاة الديون م 1078 - واختلفوا في وجوب الزكاة في الدين المرجوّ وغير ذلك. فقالت طائفة: يؤدي زكاة ما كان منه على مليٍّ يرجو أخذه لكل سنة، هذا قول عثمان بن عفان، وابن عمر، وجابر بن عبد الله، وطاؤس، والنخعي، وجابر بن زيد، والزهري، والحسن

38 - باب ما يملكه المرء من إجارة عبيد وكريء مساكنه

البصري، وميمون بن مهران، وقتادة، وحماد بن أبي سليمان، والشافعي، وإسحاق، وأبي عبيد. وقالت طائفة: يزكيه إذا قبضه لسنة واحدة، كذلك قال عطاء أبي رباح، وسعيد بن المسيب، وعطاء الخراساني، وأبو الزناد، ومالك بن أنس. وقالت طائفة: يزكيه إذا قبضه لما مضى عليه من السنين، هذا قول الثوري، وأحمد، وأبي ثور، وأصحاب الرأي، غير أنهم قالوا: يزكي في السنة الثانية بعد أن يطرح مقدار زكاة ما وجب في السنة الأولى، وقد رويت أخباراً عن الأوائل أنهم قالوا: لا زكاة في الدين حتى يقبضه صاجه، ويحول عليه الحول من يوم قبضه، روينا هذا القول [1/ 79/ألف] عن ابن عمر، وعائشة، وعكرمة، وعطاء. 38 - باب ما يملكه المرء من إجارة عبيد وكريء مساكنه م 1079 - واختلفوا في الرجال يؤاجر عبده، أو يكرى مساكنه بمال تجب في مثله الزكاة، فكان مالك يقول: لا تجب في شيء من ذلك زكاة حتى يحول عليه الحول من يوم يقبضه. وبه قال النعمان: إذا لم يكن له مال غير ذلك. وقال يعقوب، ومحمد: إذا قبض منهما درهماً أو أكثر زكّاه وبه قال أبو ثور.

39 - باب زكاة الدين المؤيس منه

39 - باب زكاة الدين المؤيس منه قالت طائفة: يزكيه لما مضى إذا قبضه. وكان الثوري، وأحمد يقولان: يزكيه لما مضى. وكان عمر بن عبد العزيز، والحسن البصري، والليث بن سعد، والأوزاعي يقولون: يزكيه لسنة واحدة، وكذلك قال مالك في المال الذي غصبه أو ظلمه سنين، ثم ردّ عليه. وكان قتادة يقول: لا زكاة في المال الضمار وبنحوه قال إسحاق، وأبو ثور. وقال أبو عبيد: الضمار الغائب الذي لا يرجى. وقال الشافعي: فيها قولان أحدهما: أن لا زكاة عليه لا مضى حتى يحول عليه الحول من يوم يقبضه، الثاني: أن عليه الزكاة إن سلم لما مضى. وقال أصحاب الرأي: في المال يغلب عليه العدو، أو يغصبه المرء، لا زكاة عليه فيه. 40 - باب قبض السيد كتابة مكاتبه م 1080 - واختلفوا فيما يقبضه السيّد من مكاتبه.

41 - باب من بيده مال تجب في مثله الزكاة وعليه دين مثله

فكان مالك، والشافعي، وأحمد، وأبو ثور، وأصحاب الرأي يقولون: لا زكاة عليه في شيء من ذلك حتى يحول عليه الحول من يوم يقبضه. وقال الثورى، وإسحاق: إذا قبضه أدّى الزكاة لما غاب عنه. وقال الأوزاعي: إذا حلت نجوم مكاتبه فأخّرها وهو موسر زكّاه، وإن كان معسراً فلا زكاة عليه. 41 - باب من بيده مال تجب في مثله الزكاة وعليه دين مثله م 1081 - واختلفوا فيمن بيده مال تجب في مثله الزكاه وعليه من الدين مثله. فكان سليمان يسار، وعطاء بن أبي رباح، والحسن البصري، والنخعي، وميمون بن مهران، والثوري، والليث بن سعد، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، يقولون: لا زكاة عليه. قال حماد بن أبي سليمان، وابن أبي ليلى، وربيعة: يزكى كل ما في يديه. واختلف قول الشافعي فيه: فقال مرّة: كقول الثوري، وقال مرة: كقول ابن أبي ليلى. وفرقت طائفة: بين المواشي [1/ 79/ب] في ذلك وبين الذهب والفضة، فأوجبت الزكاة في الماشية التي على صاحبها دين، وأسقطت الزكاة من الذهب والفضة والمتاع إذا كان على صاحبها دين يجب بماله. هذا مذهب مالك، والأوزاعي.

وأما أصحاب الرأي: فإنهم يوجبون الصدقة فيما أخرجت الأرض وإن كان على صاحبها دين يجب بماله، ويسقطون الصدقة عن سائر الأموال من الذهب والفضة والمواشي إذا كان على مالكه دين يحيط بماله.

28 - كتاب قسم الصدقات

28 - كتاب قسم الصدقات قال الله جل ثناءه {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ} الآية. م 1082 - واختلفوا في معنى قوله {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} فقال مجاهد، وعكرمة، والزهري: المساكين الطوافون، والفقراء فقراء المسلمين. وقال قتادة: الفقير الذي به زمانه، والمسكين الصحيح المحتاج. وقد روينا عن الضحاك أنه قال: الفقراء فقراء المهاجرين، والمساكين الذين لم يهاجروا. وفيه قول رابع: والله أعلم - أن "الفقير" من لا مال له ولا حرفة تقع منه موقعاً زمناً قوياً كان أو غيره، سائلاً كان أو غير متعففاً، والمسكين، من له مال أو حرفة لا تقع منه موقعاً ولا تغنيه سائلاً كان أو غير سائل" هذا قول الشافعي. وفيه قول خامس: وهو أن المسكين هو الذي يخشع ويسكن وإن لم يسأل، "والفقير" الذي يتحمل ويقبل الشيء سراً ولا يخشع هذا قول عبيد الله بن الحسن.

1 - باب العاملين عليها

وقال محمد بن مسلمة: "الفقر" الذي له المسكن يسكنه والخادم، إلى من هو أسفل من ذلك، والمسكين " الذي لا ملك له. وفيه قول سابع: قاله بعض اللغة، قال: المسكين الذي لا شيء له، والفقير الذي له البلغة من العيش. 1 - باب العاملين عليها م 1083 - كان الزهري يقول: هم السعاة. وقال قتادة: هم جباتها الذين يجبونها. وقال الشافعي: "المتولّون بقبضها". م 1084 - واختلفوا في قدر ما يستحقه العامل على الصدقات. فقال الشافعي: يعطون منها بقدر أجور أمثالهم. وقال مالك: إنما ذلك إلى الإمام واجتهاده. وذكر أبو عبيد أن هذا قول الثوري، وأهل العراق، وبه قال أبو عبيد. وقال محمد بن الحسن: [1/ 80/ألف] يعطيهم الإمام قدر ما يرى. وقال أبو ثور: يعطيهم عمالة مثلهم وإن كان أكثر من الثمن. 2 - باب المؤلفة قلوبهم م 1085 - واختلفوا في "المؤلفة قلوبهم".

3 - باب سهم الرقاب

فكان الحسن البصري يقول: "المؤلفة قلوبهم" الذين يدخلون في الإسلام. وقال الزهري: من أسلم من يهودي، أو نصراني. وقال الشافعي: هو من دخل في الإسلام. وقال أبو ثور: لهم سهم يعطيهم الإمام قدر لما يرى. وقالت طائفة: لا سهم، "للمؤلفة قلوبهم" بعد رسول الله- صلى الله عليه وسلم -، هذا قوله أصحاب الرأي، وقالوا: إنما كان ذلك على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - فأما اليوم فلا. 3 - باب سهم الرقاب م 1086 - واختلفوا في سهم الرقاب. فقالت طائفة: يعتق منه رقبة، هذا قول ابن عباس، والحسن البصري، ومالك، وعبيد الله بن الحسن، وأحمد، وإسحاق، وأبي عبيد، وأبي ثور. وقالت طائفة: لا يعتق منها رقبة كاملة إنما يجعل ذلك للمكاتبين، هذا قول الشافعي. وقال مالك: لا يعجبنى أن يعان بها للمكاتبين. وقول الليث سعد كقول الشافعي. وروينا عن النخعي، وسعيد بن جبير، أنهما قالا: لا يعلّق من الزكاة رقبة كاملة.

4 - باب الغارمين

وقال النخعي: يعطى منه في رقبة ويعين به مكاتبا وبه قال النعمان، ويعقوب، ومحمد. وقال أحمد: في المكاتب هو بمترلة العبد كيف يعطيه. وفيه قول ثالث: قاله الزهري: وهو أن سهم الرقاب نصفان، نصف لكل مكاتب ممن يدعى الإسلام، والنصف الباقي تستوى فيها رقاب من صلى وصام وقدم إسلامه من ذكر وأنثى يعتقون. م 1087 - واختلفوا في ولاء من يعتق من الزكاة. فقال أبو عبيد: الولاء للمعتق. وقال الحسن، وأحمد، وإسحاق: يجعل ما يزكيه المعتق من الزكاة في الرقاب. وقال عبد الله بن الحسن: يجعل ما خلفه المعتق من الزكاة في بيت مال الصدقات. وفيه قول رابع: وهو أن ولاءه يكون لجميع المسلمين، هذا قول مالك. 4 - باب الغارمين م 1088 - كان مجاهد يقول: إذا ذهب بمال الرجال السيل، أو ادان على عياله، أو إحترق ماله هو من الغارمين. وقال قتادة: إذا أغرقه الدين في غير إملاق ولا تبذير ولا فساد.

5 - باب الدين يكون على المعسر يحسبه من الزكاة

وقال الشافعي: "الغارمون صنفان: صنف ادانوا في مصلحتهم أو معروف وغير معصية [1/ 80/ب]، ثم عجزوا عن أداء ذلك في العرص والنقد فيعطون في عزمهم ". "وصنف أدانوا في جمالات وإصلاح ذات بين معروف، ولهم عروض إن بيعت أضرتهم فيعطى هؤلاء ما يوفر عروضهم، وذلك إذا كان دينهم في غير فسق ولا تبذير ولا معصية الله". م 1089 - واختلفوا في الرجل يموت وعليه دين، يعطى في دينه من الزكاة. فقال النخعي، وأحمد، وأصحاب الرأي: لا يعطى في دين ميت ولا في كفنه. وقال أبو ثور: يقضى عن الميت دينه من الزكاة، لأن الله جعل للغارمين فيها سهم. م 1090 - وقال الثوري، وأحمد، وإسحاق، وأبو عبيد: لا يدفع إلى غني، ولا في بناء مسجد، ولا ليشتري منها مصحف. وقال مالك، وأبو ثور، وأصحاب الرأي: لا يعطى منا في كفن ميت، ولا يجوز أن يعطى في قول الشافعي من الزكاة في شيء مما ذكرناه. 5 - باب الدين يكون على المعسر يحسبه من الزكاة م 1091 - واختلفوا في الدين يكون على المعسر يحسبه من الزكاة. فقال الحسن البصري: يحتسب به من الزكاة، روينا ذلك عن عطاء.

6 - باب سهم سبيل الله عز وجل

وقال الليث بن سعد: يضع عنه من زكاته بعض ما عليه، ويقسم ما سوى ذلك على أهل السهام. وقال أحمد، وأبو عبيد: لا يجوز ذلك. وقال أبو عبيد: "ولا أعلم أحداً قال غير ذلك من أهل الأثر، وأهل الرأي". وقال أصحاب الرأي: لا يجزيه، وإن قضاه ثم تصدق به عليه أجزأه. 6 - باب سهم سبيل الله عز وجل م 1092 - واختلفوا في سهم سبيل الله عز وجل. فقالت طائفة: يعطى المغازي منها وإن كان غنياً، هذا قول مالك، والشافعي، وأبي عبيد، وإسحاق، وأبي ثور. وقال أحمد: يجعل من الزكاة في سبيل الله. وقال النعمان، ويعقوب، ومحمد: لا يعطى الغازي في سبيل الله، إلا أن يكون منقطعاً محتاجاً. قال أبو بكر: هذا خلاف ظاهر القرآن والسنة، فأما الكتاب فقوله عز وجل: "في سبيل الله" وأما السنة: (ح 543) لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: لا تحل الصدقة لغنى إلا لخمسة، أحدها: أو غازٍ في سبيل الله.

7 - باب إعطاء الزكاة في الحج

7 - باب إعطاء الزكاة في الحج م 1093 - واختلفوا في إعطاء الزكاة في الحج. فروينا عن ابن عباس أنه كان لا يرى بأساً أن يعطى الرجل من زكاته في الحج. وعن ابن عمر أنه قال: الحج في سبيل الله. وقال أحمد، وإسحاق: يعطى من ذلك في الحج. وكان [1/ 81/ألف] الشافعي، والثوري، وأبو ثور يقولون لا يعطى منها في حج ولا غيره. وحكى أبو ثور ذلك عن الكوفي. قال أبو بكر: هكذا أقول. 8 - باب سهم ابن السبيل م 1094 - قال قتادة: "ابن السبيل" هو الضيف والمسافر، إذا قطع به وليس معه شيء. وقال مالك: الحاج المنقطع به هو ابن السبيل يعطى من الزكاة وبه قال أصحاب الرأي.

9 - باب تفريق الصدقات في الأصناف التي ذكرها الله وفي بعضها

وقال الشافعي: "ابن السبيل: من جيران الصدقة الذين يريدون السفر في غير معصية، فيعجزون عن بلوغ سفرهم، فهي لهم معونة على سفرهم". 9 - باب تفريق الصدقات في الأصناف التي ذكرها الله وفي بعضها م 1095 - أجمع أهل العلم على أن من فرق صدقه في الأصناف التي ذكرها الله في سورة البراءة، قوله: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} الآية أنه موديها فيما فرض عليه. م 1096 - واختلفوا فيمن فرق ذلك في بعض الأصناف دون بعض. فقالت فرقة: في أيها وضعها أجزأ عنك، روى هذا القول عن حذيفة، وابن عباس، وبه قال الحسن البصري، والنخعي، وعطاء بن أبي رباح، والضحاك، وسعيد بن جبير، والثوري، وأبي عبيد، وأصحاب الرأي. وقال أحمد: يفرق أحب إليّ ويجزيه في صنف واحد. وقال مالك: "يكون ذلك على وجه الاجتهاد من الإمام فأن الأصناف كانت فيه الحاجة والعدد أوثر (¬1) ذلك الصنف". ¬

_ (¬1) في الأصل "أثر".

10 - باب دفع الزكاة إلى الأمراء

وقال أبو ثور: إذا قسم الإمام قسمة على من سمى الله عَزَّ وَجَلَّ أنه له، وإذا قسمه الناس عن أمولهم فإن أعطاه الرجل بعض الأصناف رجوت أن يجزئ عنه. وقد روينا عن النخعي قولاً رابعاَ: قال: إذا كان المال كثيراً فرقه بين الأصناف، وإذا كان قليلاً أعطاه صنفاً واحداً. وفي قول خامس: وهو إيجاب الصدقة أن يفرقها في الأصناف التي سمى الله عز وجل، هكذا قال عكرمة، والشافعي. 10 - باب دفع الزكاة إلى الأمراء م 1097 - أجمع أهل العلم على أن الزكاة كانت تدفع إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم - وإلى [1/ 81/ب] رسله، وعماله، وإلى من أمر بدفعها إليه. م 1098 - واختلفوا في دفع إلى الأمراء. فكان سعد بن أبي وقاص، وابن عمر، وأبو سعيد الخدري، وأبو هريرة، وعائشة، والحسن البصري، والشعبى، ومحمد بن علي، وسعيد بن جبير، وأبو رزين، والأوزاعي، والشافعي، يقولون: تدفع إلى الأمراء. وقال عطاء: أعطيهم إذا وضعوها في مواضعها. وقال طاووس لا يدفع إليهم إذا لم يضعوها مواضعها.

11 - باب دفع الزكاة إلى الخوارج

وقال الثوري: أحلف لهم وخنهم وأكذبهم، ولا تعطيهم شيئاً إذا لم يضعوها مواضعها. م 1099 - واختلفوا في وضع أرباب الأموال زكاة أموالهم مواضعها دون السلطان. فكان الحسن البصري، ومكحول، وسعيد بن جبير، والنخعي، وميمون بن مهران، يقولون: يضعها مواضعها. وقال الشافعي: لا أحب أن يولي زكاة مال غيره. وقال أحمد: يفرق، هو أحب إلى. وقال أبو ثور: لا يسعه ذلك، ولا يجزيه إذا وضعها مواضعها ولم يأت بها السلطان. وقال أبو عبيد: "في زكاة الذهب والفضة إن دفعها إلى الأمراء أو فرقها تجزيه، وقال في المواشي والحب، والثمار: لا يليها إلا الأئمة، وإن فرقها ربها لم تجزه وعليه الإعادة". 11 - باب دفع الزكاة إلى الخوارج م 1100 - روينا عن ابن عمر أنه سئل عن مصدق ابن الزبير، ومصدق نجدة، قال: إلى أيهما دفعت إليه الزكاة أجزأ عنك.

12 - باب استحلاف أرباب الأموال

وروينا عن سلمة بن الأكوع: أنه دفع صدقته يعين إلى نجدة. وكان الشافعي، وأحمد، وأبو ثور يقولون: يجزئ. وقال أصحاب الرأي إذا ظهروا على قوم فأخذوا زكاة أموالهم، ثم ظهر الإمام احتسبوا به لهم من الصدقة، وإذا مر الإنسان على عسكر الخوارج فحشروه لا يجزئ عنه من زكاته. وقال أبو عبيد: "في الخوارج يأخذون الزكاة على من أخذوا منه الإعادة". 12 - باب استحلاف أرباب الأموال م 1101 - واختلفوا في استحلاف أرباب الأموال على ما أظهروا من الصدقات. فقال طاووس، والثوري، وأحمد: لا يستحلفون لأنهم مؤتمنون على أموالهم. وقال مالك، والشافعي، وأبو ثور، والنعمان: يستحلفون إذا اتهموا. 13 - باب منع الذمي صدقات [1/ 82/ألف] المسلمين م 1102 - أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن الذمي لا يعطى من

14 - باب منع الصدقة من له قوة ويكتسب بها

زكاة الأموال شيئاً، وممن حفظنا ذلك عنه ابن عمر، والحسن البصري، والنخعي وقتادة، مالك، والثوري، والشافعي، وأحمد، وأبو ثور، وأبو عبيد، والنعمان. 14 - باب منع الصدقة من له قوة ويكتسب بها م 1103 - كان الشافعي، وإسحاق، وأبو ثور، وأبو عبيد يقولون: لا يعطى من الزكاة من له قوة يقدر بها على الاكتساب. وفي قول أصحاب الرأي: من لم يملك مائتي درهم فله أن يأخذ من الزكاة، وللمعطى أن يعطى قوياً مكتسباً، أو غير قوى ولا مكتسب. وقال يعقوب: ذلك قبيح، وأرجو أن يجزئ. قال أبو بكر: كما قال الشافعي أقول. 15 - باب حد الفقر من حد الغناء م 1154 - كان الثوري، وابن المبارك، والحسن بن ماع، وعبيد الله بن الحسن، وأحمد، وإسحاق يقولون: لا يعطى من الزكاة من له خمسون درهماً أو قيمتها من الذهب.

16 - باب القدر الذي يعطاه الفقير من الصدقة

وقال أبو عبيد: لا يعطى من له أوقية، والأوقية أربعون درهماً. وكان الحسن البصري يقول: من له أربعون درهماً فهو غني. وكان الشافعي يقول: قد يكون الرجل بالدرهم غنياً مع كسبه، ولا يغنيه الألف مع ضعفه في نفسه، وكثرة عياله. وقال النعمان: لا بأس أن يأخذ من له أقل من مائتي درهم، ولا تحل الزكاة لمن له مائتا درهم فصاعداً. 16 - باب القدر الذي يعطاه الفقير من الصدقة م 1105 - كان الثوري يقول: "لا يدفع إلى الرجل من الزكاة أكثر من خمسين درهماً إلا أن يكون غارماً. وقال أحمد: لا يأخذ منها أكثر من خمسين. وقال أصحاب الرأي: إن أعطى مائتي درهم أو ألفاً وهو محتاج أجزأه ذلك، ويكرهون أن يبلغ مائتي درهم إذا لم يكن عليه دين وله عيال. وقال أبو ثور: يعطى من الصدقة حتى يغنها ويزول عنه اسم المسكنة، ولا بأس أن يعطى الفقير الألف وأكثر من ذلك وذلك لأنه فقير، وحكى ذلك عن الشافعي. 17 - باب إعطاء من له دار وخادم م 1106 - أجمع أكثر من نحفظ عنه من أهل العلم [1/ 82/ب] على

18 - باب الفقير يعطى على ظاهر الفقير ثم يتبين غناءه

من له دار، أو خادم لا يستغني عنهما أن له يأخذ من الزكاة وللمعطى أن يعطيه، هذا قول الحسن البصري، والثوري، وأحمد، وأبي عبيد، وأصحاب الرأي، وأبى ثور. وكان مالك يقول: "إذا كانت له دار ليس في ثمنها فضل إن بيعت، اشترى من ثمنها داراً فضلت له فضلة لا يعيش فيها رأيت أن يعطى، وإن كانت داره في ثمنها ما يشتري مسكناً ويفضل له فضل يعيش فيها، لم يعط شيئاً، والخادم مثل ذلك". 18 - باب الفقير يعطى على ظاهر الفقير ثم يتبين غناءه م 1107 - واختلفوا في الرجل يعطى الفقير من الزكاة على ظاهر فقره، ثم يعلم غناه. فكان الحسن البصري، وأبو عبيد، والنعمان يقولون: يجزيه. وقال الثوري، والحسن بن صالح، ويعقوب: لا يجزيه. وقال الشافعي: فيها قولان: أحدهما، أن يضمن، والآخر لايضمن. قال أبو بكر: أصح ذلك أن يضمن. 19 - باب دفع الزكاة إلى الوالدين والقرابات م 1108 - أجمع أهل العلم على أن الزكاة لا يجوز دفعها إلى الوالدين،

والولد في الحال الذي يجبر الدافع ذلك إليهم على النفقة عليهم. م 1109 - واختلفوا في دفع الزكاة إلي سائر القرابات. فكان سفيان الثوري، والشافعي، وأحمد بن حنبل. وشريك، وأبو عبيد، يقولون: من يجبر المرء على نفقته فلا يعطى منها شيئاً. وكان ابن عباس يقول: إذا كانت له قرابة محتاجون فليدفعها إليهم، وبه قال عطاء. وقال الحسن البصري، وطاووس: لا يعطى ذو قرابة لقرابته من الزكاة شيئاً. م 1110 - واختلفوا فيمن يجبر المرء على نفقته. فكان مالك، وسفيان الثوري، وأبو ثور، وأبو عبيد يقولون يجبر الرجل على أن ينفق على والديه إذا كانا محتاجين. وقال الشافعي: يجبر الرجل على نفقته والديه إذا كانا زمنين ولا مال لهما. م 1111 - واختلفوا في الجد. فكان مالك: لا يرى أن يجبر الرجل على النفقة على جده، غير أن الشافعي إنما يوجب ذلك على من كان منهم زمناً ولا مال له. وكان مالك يقول: الذين يلزمه نفقتهم الولد ولد الصلب ديناً يلزمه [1/ 83/ألف] في الذكور حتى يحتلموا، وفي النساء حتى يتزوجن، ويدخل بهن أزواجهن، فإن طلقها أو مات عنها فلا نفقة لها على أبيها، فإن طلقها قبل البناء كانت نفقتها على أبيها.

20 - باب إعطاء المرأة زوجها من الزكاة

وكان الشافعي يقول: "يجبر الرجل على أن ينفق على ولده حتى يبلغوا الحلم والمحيض، ثم لا نفقة لهم عليه إلا أن يكونوا زمناً سواء في ذلك الذكر والأنثى، وسوى ولده ولد ولده وإن سفلوا، ما لم يكن لهم أموال، وما لم يكن لهم أب دونه يقدر على أن ينفق عليهم". وقال أحمد، وإسحاق: لا يعطى الزكاة الولد وإن سفل، ولا يعطى الجد وإن ارتفع. وقال الثوري: يجبر الرجل على أن ينفق على ذوي أرحامه الذين يرثهم على قدر ميراثه، ومن لم يرثه لم يجبر على نفقته. وقال النعمان: يعطي الرجل زكاته كل فقير إلا امرأته، أو ولده، أو والده، أو زوجته. 20 - باب إعطاء المرأة زوجها من الزكاة م 1112 - أجمع أهل العلم على أن الرجل لا يعطي زوجته من الزكاة لأن نفقتها تجب عليه، وهي غنية بغناه. م 1113 - واختلفوا في المرأة تعطي زوجها من الزكاة، فكان أبو ثور، وأبو عبيد، ويعقوب، ومحمد يقولون: جائز أن تعطيه من الزكاة. وقال النعمان: لا تعطيه من الزكاة لأنه يجبر على نفقتها. وروى الأثرم عن أحمد أنه قال: لا تعطيه من الزكاة نفقتها.

21 - باب نقل الصدقة من بلد إلى بلد

وحكى آخر عنه أنه قال: تعطيه. قال أبو بكر: جائز أن تعطيه وهو فقير، لأنه من جملة الفقراء. 21 - باب نقل الصدقة من بلد إلى بلد م 1114 - اختلف أهل العلم في نقل الصدقة من بلد إلى بلد، فاستحب أكثرهم أن لا تنقلها، هذا مذهب طاووس، وعمر بن عبد العزيز، والنخعي، وسعيد بن جبير، وبه قال مالك، والثوري، والليث بن سعد، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو عبيد، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. فإن أخرجها وفرّقها في غير بلده فهو جائز في قول الليث بن سعد، والشافعي، وأصحاب الرأي. وروينا عن عمر بن عبد العزيز: أنه ردّ زكاةً أتي بها من خراسان إلى الشام فردّها إلى خراسان. وروينا عن الحسن، والنخعي أنهما كرها نقل الزكاة من بلد إلى بلد إلا لذي قرابة، وكان. . . . . . . (¬1) ¬

_ (¬1) بدأ السقط هنا قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: وجاء في المغني لان قدامة ما نصه: وَرُوِيَ عَنْ الْحَسَنِ وَالنَّخَعِيِّ أَنَّهُمَا كَرِهَا نَقْلَ الزَّكَاةِ مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ، إلَّا لِذِي قَرَابَةٍ. وَكَانَ أَبُو الْعَالِيَةِ يَبْعَثُ بِزَكَاتِهِ إلَى الْمَدِينَةِ.

[29 - كتاب الصيام]

[29 - كتاب الصيام]

[6 - باب هلال رمضان إذا حال دون منظره غيم أو قتر]

[6 - باب هلال رمضان إذا حال دون منظره غيم أو قتر] . . . . . . . . . . (¬1) [1/ 83/ ب] صومه، روى هذا القول عن عمر بن الخطاب، وعلي، وحذيفة، وابن مسعود، وعمار بن ياسر، وبه قال ابن عباس، وأبو هريرة، وأنس، وأبو وائل، وعكرمة، وابن المسيب، والشعبى، والنخعي، وابن جريج، والأوزاعي. وقال مالك: سمعت أهل العلم ينهون عنه. وكانت أسماء بنت أبي بكر: تصوم اليوم الذي يغم على الناس فيه. ¬

_ (¬1) انتهى السقط هنا قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: جاء في الاستذكار لابن عبد البر ما يلي: • وَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ كَرَاهَةَ صَوْمِ يَوْمِ الشَّكِّ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وحذيفة وابن مسعود وابن عَبَّاسٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ وَمِنَ التَّابِعِينَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَأَبُو وَائِلٍ وَالشَّعْبِيُّ وعكرمة وإبراهيم النخعي والحسن وبن سِيرِينَ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَإِسْحَاقُ بن رَاهْوَيْهِ وَدَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ. . . . . • وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يَصُومُهُ إِذَا حال دون ذلك مَنْظَرِ الْهِلَالِ لَيْلَةَ ثَلَاثِينَ مِنْ شَعْبَانَ غَيْمٌ أَوْ سَحَابٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَمْ يَصُمْهُ وَتَابَعَهُ عَلَى ذَلِكَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَرُوِيَ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ أَنَّهَا كَانَتْ تَصُومُ الْيَوْمَ الَّذِي يُغَمُّ فِيهِ عَلَى الناس نحو مذهب بن عُمَرَ وَرَوَتْ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ لَأَنْ أَصُومَ يَوْمًا مِنْ شَعْبَانَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُفْطِرَ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ وَهَذَا صَوْمُ الْيَوْمِ الَّذِي يُشَكُّ فِيهِ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ الَّذِي أَذْهَبُ إِلَيْهِ فِي هذا فعل ابن عُمَرَ

7 - باب صوم يوم الشك على أنه تطوع

وقالت عائشة: أصوم يوماً من شعبان أحب إلي من أن أفطر يوماً من رمضان. وروينا عن الحسن، وابن سرين، أنهما قالا: يفعل الناس ما يفعل إمامهم. وقال الشعبي، والنخعي: لا تصم إلا مع جماعة من الناس. وقال ابن عمر، وأحمد: إذا كان لم ير لعلة في السماء صام الناس، وإن كان صحواً أفطروا. قال أبو بكر: بالقول الأول أقول. 7 - باب صوم يوم الشك على أنه تطوع م 1123 - واختلفوا في صوم يوم الشك على أنه تطوع. فكرهت فرقة ذلك، كان ابن عباس، يأمر بفصل بينهما وبه قال أبو هريرة. وقال عكرمة: من صام هذا اليوم يريد يوم الشك فقد عصى الله ورسوله. ورخصت طائفة: في صومه تطوعاً، حكى مالك هذا القول عن أهل العلم وبه قال الأوزاعي، والليث بن سعد، ومحمد بن مسلمة، وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي.

8 - باب الهلال يراه أهل بلدة دون سائر البلدان

قال أبو بكر: (ح 550) ثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يتعجل شهر رمضان بصوم يوم أو يومين إلا رجل كان يصوم صوماً، فيأتي ذلك على صومه. 8 - باب الهلال يراه أهل بلدة دون سائر البلدان م 1124 - اختلف أهل العلم في الهلال يراه أهل بلدة ولا يراه غيرهم. فروينا عن عكرمة أنه قال: لكل قوم رؤيتهم، وبه قال إسحاق، وهو مذهب القاسم، وسالم، وقال آخرون: إذا ثبت ذلك عند الناس أن أهل بلد قد رأوه فعليهم قضاء ما أفطروا، هذا قول الليث بن سعد، والشافعي، وأحمد. ولا أعلمه إلا قول المدني والكوفي. 9 - باب قبول شهادة الواحد على هلال الصوم وهلال الفطر م 1125 - واختلفوا في شهادة الشاهد على هلال الصوم وهلال [1/ 84/ألف] الفطر. فقال قوم: لا تقبل في ذلك كله إلا شاهدي عدل، كذلك قال مالك بن أنس، والأوزاعي، والليث بن سعد، والماجشون، وإسحاق،

10 - باب من رأى الهلال وحده

وبه قال عمر بن عبد العزيز، وعطاء. وهو قول الشافعي غير أنه قال: أحب إلى لو صاموا بشهادة العدل. وقال الثوري مرة: شهادة رجلين أحب إلي، وقد قال: يجوز شهادة رجل وامرأتين في الأهلة. وقال الليث بن سعد: والشافعي، وعبد الملك بن الماجشون لا تقبل فيه شهادة النساء. وقال أبو ثور: وطائفة من أهل الحديث: تقبل شهادة الواحد في الصوم والفطر. وفيه قول ثالث: وهو أن يقلد الشاهد الواحد على هلال الصوم ولا يقبل في الفطر إلا شاهدين، هذا قول أحمد بن حنبل. وفيه قول رابع: قاله النعمان قال: يجوز على هلال رمضان شهادة الرجل العدل وإن كان عبداً وكذلك الأمة، ولا يجوز في هلال الفطر إلا رجلان أو رجل وامرأتان إذا كانوا عدولاً، وكذلك قال يعقوب. 10 - باب من رأى الهلال وحده م 1126 - كان مالك بن أنس، والليث بن سعد، وأحمد بن حنبل، يقولون: إذا رأى هلال رمضان وحده صام، وإذا رأى هلال الفطر وحده لم يفطر. وكان الشافعي يقول: يصوم ويفطر. وقال أصحاب الرأي: يصوم إذا رأى هلال شهر رمضان.

11 - باب هلال فهو شوال يرى نهارا

وقال عطاء، وإسحاق: لا يصوم ولا يفطر. قال أبو بكر: يصوم ويفطر. 11 - باب هلال فهو شوال يرى نهاراً قال أبو بكر: م 1127 - وإذا رأوا هلال شوال نهاراً يوم ثلاثين من رمضان لم يفطروا، روى هذا القول عن عمر، وابن مسعود، وبه قال ابن عمر، وأنس بن مالك، والأوزاعي، والليث بن سعد، والشافعي، وأحمد، وإسحاق. وقال سفيان الثوري: إذا رأى الهلال قبل الزوال يفطر ولا يفطر إذا رأى بعد الزوال. قال أبو بكر: بالقول الأول أقول. 12 - باب إحداث النية للصوم (ح 551) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: إنما الأعمال بالنية وإنما لكل امرئ ما نوى.

(ح 552) وروى عنه أنه قال: من لم يجمع الصيام من الليل فلا صيام له. م 1128 - وأجمع أهل العلم على أن من نوى الصيام كل ليلة من ليالي شهر رمضان فصام إن صيامه [1/ 84/ب] تام. م 1129 - واختلفوا فيمن نوى في أول ليلة أنه يصوم شهر رمضان كله، فكانت حفصة ابنة عمر بن الخطاب تقول: لا صيام لمن لم يجمع الصيام قبل الفجر، وبنحوه قال ابن عمر. وقال الشافعي، وأحمد: لا يجزيه حتى ينوي كل ليلة. وكان إسحاق يقول: إذا دخل في شهر رمضان نوى صومه كله. قال أبو بكر: لا يجزيه حتى ينوي في كل ليلة أنه صائم من الغد. م 1130 - واختلفوا فيمن أصبح يريد الإفطار، ثم بدا له أن يصوم تطوعاً، فكان أبو طلحة: يأتي أهله من الضحى فيقول: عندكم غذاء، فإن قيل: لا، قال: إني صائم، هذا قول ابن مسعود، وحذيفة، وأبي الدرداء، وأبي أيوب، والشافعي، وأحمد. وكان ابن عمر: لا يصوم تطوعاً حتى يجمع من الليل أن يتسحر.

13 - باب صوم الأسير

وقال جابر بن زيد: إذا أدركه الصبح وهو مفطر فلا صوم له ذلك اليوم. وقال مالك: لا أحب أن يصوم أحد، أن يكون بيت من الليل في صوم النافلة إلا رجل من شأنه ليسرد الصوم. وقال أصحاب الرأي: إن بدأ له قبل منتصف النهار فعزم على الصوم أجزاه، وإذا صام بعد ما تزول الشمس لم يجزه، ويجزئه في صوم التطوع. 13 - باب صوم الأسير م 1131 - واختلفوا في صوم الأسير. فكان مالك، والشافعي، وأبو ثور يقولون: إذا أصاب شهر الصوم أو شهراً بعده يجزيه، ولا يجزيه إن صام قبله، وكذلك قال أصحاب الرأي إذا قصد بما صام شهر رمضان. وقد حكى الشافعي، وأبو ثور قولاً ثانياً: وهو أن ذلك يجزيه، وشبه ذلك الشافعي بخطأ عرفة وخطأ القبلة، ولا يجزيه ذلك عند أصحاب الرأي، إذا صام شهراً قبله. وفيه قول ثالث: وهو أن ذلك لا يجزيه بحال حتى يعلم، وعليه القضاء، هذا قول الحسن بن صالح. م 1132 - وإذا صام الأسير شهر رمضان على أنه تطوع لم يجزه ذلك في قول الشافعي، وأحمد. وقال أصحاب الرأي: يجزيه.

14 - باب صوم يوم الشك على أنه من رمضان

م 1133 - وإذا نوى الفطر في صومه ولم يأكل فعليه القضاء والكفارة قول أبو ثور. وقال أصحاب الرأي: عليه القضاء فإن نوى الصوم قبل أن ينتصف النهار يجزيه. وقال أحمد: قد أمسد الصوم إذا عزم على فطر، وهذا يشبه مذهب الشافعي. 14 - باب صوم يوم الشك على أنه من رمضان م 1134 - وإذا أصبح [1/ 85/ألف] يوم الشك، ثم علم بالهلال أول النهار أو آخره أجزأه في قول الشافعي، والأوزاعي، وأصحاب الرأي، إذا نواه من الليل، ووافق أنه من شهر رمضان، وروى ذلك عن عطاء، وعمر بن عبد العزيز، والحسن. وقال حماد بن أبي سليمان، وربيعة بن أبي عبد الرحمن، ومالك، وابن أبي ليلى، والحسن بن صالح: لا يجزيه ذلك، وعليه الإعادة. وقال الشافعي: لا يجزيه وقد قال مرة: يجزيه. وقول مالك صحيح. 15 - باب الوقت الذي يحرم فيه الطعام والشراب على من يريد الصيام م 1135 - كان مالك، والشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي

16 - باب الآكل يشك في طلوع الفجر

يقولون: يحرم الطعام والشراب عند اعتراض الفجر الآخر في الأفق، وروينا معنى هذا القول عن عمر بن الخطاب، وابن عباس، وبه قال عطاء، وعوام أهل العلم علماء الأمصار. وكذلك نقول. وفي الباب قول ثان: وروينا عن علي أنه قال حين صلى الفجر: الآن حين يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود. وروى عن حذيفة أنه لما طلع الفجر تسحر، ثم صلى، وروى معنى ذلك عن ابن مسعود. وقال مسروق: لم يكونوا يعدون الفجر فجر كم إنما كانوا يعدون الفجر الذي يملأ البيوت والطرق وكان إسحاق يميل إلى القول، ثم قال: من غير أن يظن على الذين تأولو الرخصة في الوقت الذي بينّا قال: ولا قضاء على من أكل في الوقت الذي بينا من الرخصة، ولا كفارة. 16 - باب الآكل يشك في طلوع الفجر م 1136 - واختلفوا فيمن أكل وهو يشك في طلوع الفجر. فقالت طائفة: الأكل والشرب مباح حتى يوقن طلوع الفجر، هذا قول ابن عباس، وعطاء، والأوزاعي، وأحمد، وأبو ثور، وأصحاب الرأي، وروى معنى ذلك عن أبي بكر الصديق، وابن عمر.

17 - باب من أكل وهو لا يعلم بطلوع الفجر ثم علم

وقال مالك: يقضى قال: إن أكل قضى يوماً فإن كان عليه فقد قضاه وإلا فقد أخبر إن شاء الله. قال أبو بكر: القول الأول صحيح. 17 - باب من أكل وهو لا يعلم بطلوع الفجر ثم علم م 1137 - واختلفوا فيمن أكل وهو لا يعلم بطلوع الفجر، ثم علم [1/ 85/ب]. فقالت طائفة: يتم صومه ويقضي يوماً مكانه، روى هذا القول عن محمد بن سيرين، وسعيد بن جبير، وبه قال مالك، والثوري، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. وقد روينا عن مجاهد، وعطاء، وعروة بن الزبير، أنهم قالوا: لا قضاء عليه. وحكى عن إسحاق: أنه قال لا قضاء عليه، وأحب إلينا أن يقضيه، وجعل من قال بهذا القول بمنزلة من أكل ناسياً، لأنه والناسي أكل كل واحد منهما، والأكل عنده له مباح. 18 - باب من أفطر وهو يري أن الشمس غائبة ولم تكن غابت م 1138 - اختلف أهل العلم فيمن أفطر وهو يرى أن الشمس غابت ولم تكن غابت. فقال كثير من أهل العلم: يقضي يوماً مكانه، روى هذا عن ابن عباس، ومعاوية بن أبي سفيان، وبه قال عطاء بن أبي رباح، وسعيد بن جبير،

19 - باب السحور

ومجاهد، والزهري، ومالك، والثوري، والشافعي، وأحمد، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. وكان الحسن البصري، وإسحاق يقولان: لا قضاء عليه هو بمنزله الناسي وقد روينا عن عمر أنه قال: يقضي يوماً، وروينا عنه أنه قال: لا يقضي. 19 - باب السحور (ح 553) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: تسحروا فإن في السحور بركة. قال أبو بكر: هذا أمر ندب لا أمر فرض. م 1139 - وقد أجمعوا على أن ذلك مندوب إليه مستحب، ولا إثم على من تركه. 20 - باب أبواب جماع ما يفطر الصائم وما لا يفطر م 1140 - لم يختلف أهل العلم أن الله عَزَّ وَجَلَّ حرم على الصائم في نهار الصوم الرفث، وهو الجماع، والأكل، والشرب.

م 1141 - وأجمع أهل العلم على أن على من استقاء في نهار الصوم عامداً القضاء. م 1142 - ودلت الأخبار الثابتة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على وجوب الكفارة على من جامع في نهار صوم شهر رمضان عامداً. فقالت طائفة: عليه القضاء، روينا هذا القول عن سعيد بن جبير، والشعبي، والنخعي، وقتادة. وأوجبت طائفة عليه مع القضاء الكفارة، كذلك قال عطاء بن أبي رباح، ومالك، والشافعي، [1/ 86/ألف] وأحمد، وإسحاق، والنعمان، وصاحباه. وفيه قول ثان: وهو إن كفر الذي أصاب أهله في رمضان فصام شهرين دخل صيام يومه في صيام الشهرين التي كفر بهما، وإن كفر بعتق أو إطعام صام يوماً، هذا قول الأوزاعي. وبقول عطاء نقول. م 1143 - واختلفوا في الكفارة التي تجب على من جامع في نهار الصوم. فقالت طائفة: يعتق رقبة، فإن لم يجد صام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع أطعم ستين مسكيناً، هذا قول سفيان الثوري، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وأبي ثور، والنعمان، وصاحبيه. وقالت طائفة: هو مخير بين عتق رقبة، أو صوم شهرين، أو الصدقة، ذلك عليه في كل يوم أفطر، هكذا قال مالك، وحكى عنه أنه قال: الإطعام أحب إلي من العتق والصيام. وقال الحسن البصري: عليه عتق رقبة، أو هدي بدنة، أو إطعام عشربن صاعاً أربعين مسكيناً. م 1144 - وقال مالك: إذا أطعم كل مسكين مداً، وكذلك قال الشافعي.

21 - باب من ردد النظر إلى المرأة حتى أمنى

وقال أبو ثور: أرجو أن يجزئ مدّ ونصف، وصاع أحبّ إليّ. وفيه قول ثان: وهو أن يطعم كل مسكين مدّين، هذا قول قاله بعض أهل العلم. قال أبو بكر: يجزئ أن يطعم كل مسكين مداً. م 1145 - واختلفوا فيما يجب على المرأة يطأها زوجها في شهر رمضان. فقالت طائفة: عليها مثل ما على الرجل، هذا قول مالك، وأبي ثور، وأصحاب الرأي. وقال الشافعي: تجزئ الكفارة التي كفر بها الرجل عنها. قال أبو بكر: قول مالك صحيح. م 1146 - واختلفوا فيما يجب على من قبل أو باشر، أو جامع دون الفرج وأمنى، فكان الحسن يقول: عليه ما على المواقع. وقال عطاء: إذا لاعب فأمنى، عليه الكفارة، وبه قال مالك بن أنس، وابن المبارك، وأبو ثور. وقال آخرون: عليه القضاء وهكذا قال قتادة، والشافعي، وأصحاب الرأي. وقال الزهري: إذا قبل فأمنى فعليه القضاء، وكذلك قال قتادة، والثوري، والشافعي، وأصحاب الرأي. قال أبو بكر. هكذا أقول، وليس مع من أوجب عليه الكفارة حجة. 21 - باب من ردد النظر إلى المرأة حتى أمنى م 1147 - واختلفوا في الناظر إلى المرأة مردد النظر إليها حتى يمني.

22 - باب الصائم يلمس فيمذي

فإن جابر بن زيد وسفيان الثوري، والشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي يقولون: لا قضاء عليه، ولا كفارة. وقال عطاء: عليه القضاء وروينا عن الحسن [1/ 86ب] البصري أنه قال: هو بمنزلة الذي غشى عليه في رمضان، وكذلك قال مالك. وفيه قول رابع: وهو أن عليه كفارة الظهار، هذا قوله الحسن بن صالح. وقال مالك: إن لم يتابع النظر فعليه القضاء، ولا كفارة عليه. قال أبو بكر: لا شيء عليه، ولو إحتاط فصام يوماً كان حسناً. 22 - باب الصائم يلمس فيمذي م 1148 - واختلفوا في الصائم يلمس فيمذي. فقالت طائفة: لا شيء عليه من قضاء ولا غيره، روى هذا القول عن الحسن البصري، والشعبى، وبه قال الشافعي، والأوزاعى، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. وقال مالك، وأحمد عليه قضاء يوم صوم. قال أبو بكر: لاشيء عليه. 23 - باب من جامع في قضاء رمضان م 1149 - فقالت طائفة: عليه يوم مكان يومه، هذا قول عطاء،

24 - باب من وطئ زوجته في يوم بعد يوم من شهر رمضان

ومالك، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وأبو ثور، وأصحاب الرأي، ومن تبعهم. وقال قتادة: عليه القضاء والكفارة. قال أبو بكر: كما قال عطاء أقول. 24 - باب من وطئ زوجته في يوم بعد يوم من شهر رمضان م 1150 - واختلفوا فيمن جامع امرأته في شهر رمضان في أيام شتى. فقالت طائفة: عليه كفارة واحدة، ما لم يكفر فإن كفر، ثم عاد فوطئ فعليه كفارة أخرى، هذا قول الزهري، والأوزاعي، وأصحاب الرأي، وجواب أصحاب الرأي في الأكل والشرب كجوابهم في الجماع. وقالت طائفة: لكل يوم كفارة، كذلك قال مالك، والليث بن سعد، والشافعي، وأبو ثور. وقال عطاء: عليه من كل يوم يفطر من رمضان، وبه قال مكحول. قال أبو بكر: كذلك أقول. 25 - باب الصائمة توطئ وهي نائمة أو مستكرهة م 1151 - واختلفوا في المرأة توطئ وهي مستكرهة فقال الثوري، والأوزاعي: عليها القضاء، ولا كفارة عليها، وروى ذلك عن الحسن البصري. وقال مالك: عليه القضاء والكفارة وعليها، وعليه الكفارة عنها.

26 - باب المرأة تجامع في الصوم، ثم تحيض في آخر النهار

وفي قول مالك: إذا جومعت نائمة عليها القضاء ولا كفارة عليها. وقال أبو ثور: ليس عليها قضاء ولا كفارة إذا استكرهها، أو أتاها وهي نائمة. وكذلك نقول لأنها لم تفعل [1/ 87/ألف] شيئاً في الحالتين. 26 - باب المرأة تجامع في الصوم، ثم تحيض في آخر النهار م 1152 - كان مالك يقول: إذا جامعها الرجل ثم حاضت في آخر النهار، عليها القضاء والكفارة، وكذلك الذي يفطر في أول النهار، ثم يمرض في آخر النهار عليه الكفارة، وبه قال الليث ابن سعد، والماجشون. وقال سعيد بن عبد العزيز، وابن أبي ليلى، وإسحاق، وأبو ثور، كما قال مالك في التي جومعت ثم حاضت في آخر النهار. وقال أصحاب الرأي: إذا جومعت، ثم حاضت فعليها القضاء، ولا كفارة عليها، وعلى الرجل القضاء والكفارة. 27 - باب من جامع في نهار الصوم ثم مرض من آخر النهار م 1153 - قال مالك، والماجشون، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور يقولون: إذا جامع في نهار الصوم ثم مرض من يومه عليه الكفارة.

28 - باب من أكل ناسيا في نهار الصوم

وقال أصحاب الرأي: عليه القضاء ولا كفارة عليه. وقال الشافعي، وأصحاب الرأي: إذا جامع، ثم سافر فعليه الكفارة؛ لأن السفر شيء يحدثه. 28 - باب من أكل ناسياً في نهار الصوم م 1154 - واختلفوا فيما يجب على من أكل ناسياً في نهار الصوم. فقالت طائفة: لا شيء عليه، روى هذا القول عن علي بن أبي طالب، وبه قال أبو هريرة، وابن عمر، وعطاء، وطاؤس، والنخعي، والثوري، وابن أبي ذئب، والأوزاعي والشافعي، وأحمد، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. وقال ربيعة، ومالك: عليه القضاء، وأعجب بقول مالك سعيد بن عبد العزيز. قال أبو بكر: لاشيء عليه. (ح 554) لقول النبي- صلى الله عليه وسلم - لمن أكل أو شرب ناسياً يتم صومه. وإذا قال: يتم صومه فأتمه فهو صوم تام كامل.

29 - باب من وطئ زوجته ناسيا في نهار الصوم

29 - باب من وطئ زوجته ناسياً في نهار الصوم م 1155 - واختلفوا فيمن وطئ زوجته ناسياً في نهار بصوم شهر رمضان. فروينا عن مجاهد، والحسن البصري، أنهما قالا: لا شيء عليه، وبه قال الثوري، والشافعي، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. وكان عطاء بن أبي رباح، ومالك، والأوزاعي، والليث [1/ 87/ب] بن سعد يقولون: عليه القضاء. وقال أحمد: عليه القضاء والكفارة. قال أبو بكر: لا شيء عليه. م 1156 - وقال مالك، والشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي: إذا أكل ناسياً فظن أن ذلك قد أفطر، فجامع عامداً أن عليه القضاء، ولا كفارة عليه. وبه نقول. 30 - باب اختلاف أهل العلم فيما يجب على من أكل أوشرب عامداً في نهار شهر الصوم م 1157 - واختلفوا فيما يجب على من أكل أو شرب في نهار شهر رمضان عامداً.

فقال سعيد بن جبير، والنخعي، وابن سيرين، وحماد بن أبي سليمان، والشافعي، وأحمد: عليه القضاء وليس عليه الكفارة. وقال الزهري، ومالك، والثوري، والأوزاعي، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي: عليه ما على المجامع من الكفارة، وروينا ذلك عن عطاء، والحسن. وقال سعيد بن المسيب: عليه صوم شهر. وقد روينا عن عطاء قولاً رابعاً وهو أن عليه تحرير رقبة، فإن لم يجد فبدنة، أو بقرة، أو عشرين صاعاً من طعام يُطعمه المساكين، فيمن أفطر يوماً من رمضان من غير علّة. وفيه قول خامس: وهو أن عليه أن يصوم اثنتي عشر شهراً لأن الله تعالى يقول {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا} هذا قول ربيعة بن أبي عبد الرحمن. وهذه حجة، وقد روينا عن النخعي أنه قال: عليه صوم ثلاثة آلاف يوم. وروينا عن ابن عباس أن عليه عتق رقبة أو صوم شهر أو إطعام ثلاثين مسكيناً. وروينا عن علي بن أبي طالب، وعبد الله، أنهما قالا: لا يقضه أبداً وإن صام الدهر كله. قال أبو بكر: بالقول الأول أقول.

31 - باب ما على من ذرعه القيء أو استقاء عامدا

31 - باب ما على من ذرعه القيء أو استقاء عامداً م 1158 - روينا عن علي بن أبي طالب، وابن عمر، وزيد بن أرقم أنهم قالوا: لا شيء على الصائم إذا ذرعه القيء، وبه قال مالك، والثوري، والأوزاعي، والشافعي، وأصحاب الرأي. وهذا قول كل من نحفظ عنه. وروينا عن الحسن أنه قال: عليه القضاء. قال أبو بكر: والقول الأول أقول. م 1159 - وأجمع أهل العلم على إبطال صوم من استقاء عامداً. م 1160 - وأصحاب الرأي فيما يجب عليه إذا فعل ذلك. فكان ابن عمر، وعلقمة، والزهري، ومالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي [1/ 88/ألف] يقولون: عليه القضاء، وليس عليه الكفارة. روى ذلك عن علي، وزيد بن أرقم. وقال عطاء بن أبي رباح، وأبو ثور: عليه القضاء، والكفارة. قال أبو بكر: بقول ابن عمر أقول.

32 - باب ما يجب على من احتجم في نهار الصوم

32 - باب ما يجب على من احتجم في نهار الصوم م 1161 - واختلفوا فيما يجب على من احتجم في نهار الصوم. فكان أحمد، وإسحاق، يقولان: عليه القضاء. وكان مالك، والثوري، والشافعي، وأبو ثور يقولون: لا شيء عليه، وقد ذكرنا اختلاف أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والتابعين في غير هذا الموضع. قال أبو بكر: وبالقول الأول أقول. (ح 555) للثابت عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -أنه قال: قال أفطر الحاجم والمحجوم. 33 - باب الصائم يتمضمض ويستنشق (¬1) فيدخل الماء حلقه م 1162 - واختلفوا في الصائم يتمضمض أو يستنشق فيدخل الماء حلقه، فكان عطاء، وقتادة، وأحمد، وإسحاق يقولون: لا شيء عليه في الإستنشاق. ¬

_ (¬1) في الأصل "يستنثر".

34 - باب سعوط الصائم وغير ذلك

وقال الحسن البصري، والأوزاعي: لا شيء عليه في المضمضة. وقد اختلف عن الشافعي فيه. م 1163 - قال أبو ثور: ليس عليه فيهما شيء. وقال مالك: في الاستنشاق، يقضي يوماً مكانه. وقال أصحاب الرأي: في المضمضة إذا كان ذاكراً لصومه قضى يوماً مكانه. 34 - باب سعوط الصائم وغير ذلك م 1164 - واختلفوا في السعوط للصائم. فكان الثوري، والأوزاعي، وإسحاق، وأصحاب الرأي بقولون: إذا استعط فعليه القضاء. وقال مالك: يقضي إذا دخل طعم ذلك في فيه. قال الشافعي: يقضي إذا وصل ذلك إلى الدماغ. وقال أبو ثور: عليه القضاء، والكفار إذا دخل حلقة. وقال قائل: لا قضاء عليه. م 1165 - وقد روينا عن عباس، والحسن البصري أنهما قالا: في الصائم يدخل الذباب حلقه لا شيء عليه، وبه قال مالك، والشافعي، وأحمد، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. ولا يحفظ عن غيرهم خلافهم. قال أبو بكر: وبه نقول. م 1166 - وقال مالك، والشافعي، وأصحاب الرأي في الحصاة يبتلعها الصائم عليه القضاء.

35 - باب مضغ العلك للصائم

وقال أبو ثور: القضاء والكفارة. م 1167 - واختلفوا فيمن احتقن وهو صائم، فقال عطاء، وأحمد، وإسحاق، والنعمان عليه القضاء، وقال مالك، والشافعي. إذا وصل [1/ 88/ب] إلى جوفه فعليه القضاء. وقال النعمان، ومحمد: إذا قُطر في إحليله فلا شيء عليه. وقال يعقوب: عليه القضاء. وقال أبو ثور: في الحقنة إن احتقن فيه فلا شيء عليه، وقال مرة لا شيء عليه (¬1). م 1168 - وقال الشافعي، والنعمان: إذا داوى جرحه برطب من الأدوية أو يابس منها، فخلص إلى جوفه فعليه القضاء. وقال أبو ثور، ويعقوب، ومحمد: لا شيء عليه. 35 - باب مضغ العلك للصائم م 1169 - روينا عن عائشة أم المؤمنين، وعطاء أنهما رخصا في مضغ العلك للصائم. وروينا عن ابن عباس أنه قال: لا بأس أن تمضغ الصائمة لصبيها الطعام، وبه قال الحسن البصري، والنخعي، وبه قال الأوزاعي، ثم رجع عنه وكرهه. وقال أصحاب الرأي: صوم من يذوق الشيء بلسانه، وكره مضغ العلك للصائم عطاء، والشعبى، والنخعي، ومحمد بن علي، ¬

_ (¬1) كذا في الأصل, ولم يختلف القول الأول عن الثاني, والظاهر: لا بد الاختلاف.

36 - باب الكحل للصائم

وقتادة، وأحمد. وكره مالك للصائم أن يمس بلسانه شيئاً له طعم، وكره الشافعي، وإسحاق، وأصحاب الرأي مضغ العلك للصائم، فإن مضغ لم يفطر. 36 - باب الكحل للصائم م 1170 - واختلفوا في الكحل للصائم، فرفض ذلك عطاء، والحسن البصري، والنخعي، والأوزاعي، والشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. وكره الثوري، وأحمد، وإسحاق، ذلك. وكان سليمان التيمي، ومنصور بن المعتمر، وابن أبي ليلى، وابن شبرمة يقولون: إن اكتحل فعليه أن يقضي يوماً مكانه. وكره قتادة: الاكتحال بالصبر ورخص في الإثمد للصائم. 37 - باب السواك للصائم (ح 556) ثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة.

38 - باب ازدراد الصائم ما بين أسنانه من فضل سحوره وغيره

قال أبو بكر: يدخل في هذا شهر رمضان وغيره. م 1171 - واختلفوا في السواك للصائم، فرخص في السواك للصائم بالغدوة وبالعشي النخعي، وابن سيرين، وعروة بن الزبير، ومالك، وأصحاب الرأي. ورويت الرخصة فيه عن عمر بن الخطاب، وأبن عباس, وعائشة. ورخص في السواك أول النهار للصائم وكره ذلك آخر النهار الشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور. وروى ذلك عن عطاء، ومجاهد. م 1172 - واختلفوا في السواك بالعود الرطب للصائم، فممن قال: لا بأس به [1/ 89/ألف] أيوب السختياني، والثوري، والأوزاعي، والشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي، روينا ذلك عن ابن عمر، ومجاهد، وعروة. وكره مالك، وأحمد، وإسحاق، وقد رويناه عن الشعبى، وعمرو ابن شرحبيل، والحكم، وقتادة. 38 - باب ازدراد الصائم ما بين أسنانه من فضل سحوره وغيره م 1173 - أجمع أهل العلم على أن لا شيء على الصائم فيما يزدرده مما يجري

39 - باب اباحة ترك الجنب الاغتسال من الجنابة إلى طلوع الفجر في شهر رمضان

مع الريق مما بين أسنانه مما لا يقدر على الامتناع منه. م 1174 - واختلفوا في بلعه ما بين أسنانه ولا ما يقدر على إخراج وطرحه. فكان النعمان يقول: في الصائم يكون بين أسنانه لحم فيأكله متعمداً، لا قضاء عليه، ولا كفارة. وفي قول سائر أهل العلم إما عليه القضاء، وإما القضاء، والكفارة على سبيل ما اختلفوا فيه مما يجبر على الصائم في الأكل عامداً. قال أبو بكر: عليه القضاء. 39 - باب اباحة ترك الجنب الاغتسال من الجنابة إلى طلوع الفجر في شهر رمضان م 1175 - اختلف أهل العلم فيمن أصبح جنباً في شهر رمضان، وكان ابن عمر (¬1)، وعائشة، ومالك، والثوري، والشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي يقولون: يغتسل ويتم صومه ولا شيء عليه، وروى ذلك عن علي، وابن سعود، وزيد بن ثابت، وأبي الدرداء، وأبي ذر، وابن عباس. وقد روينا عن الحسن البصري آخر قوليه أنه قال: يتم صومه ويقضيه، وروى ذلك عن سالم بن عبد الله. وقد اختلف فيه عن أبي هريرة فأشهر قوليه عند أهل العلم أنه قال: لا صوم له. ¬

_ (¬1) في الأصل "أبو عمر" والظاهر ما أثبته.

40 - باب القبلة للصائم

وفي قول ثالث: روى ذلك عن أبي هريرة أنه قال: إذا علم بجنابته، ثم نام حتى يصبح فهو مفطر، وإن لم يعلم حتى يصبح فهو صائم، وروى ذلك عن طاؤس، وعروة بن الزبير. وقد روينا عن النخعي قولاً رابعاً: وهو أن ذلك يجزيه في التطوع ويقضي يوماً في الفرض. 40 - باب القبلة للصائم م 1176 - واختلفوا في القبلة للصائم، فرخص فيها كثير من أهل العلم، وروينا الرخصة فيها عن عمر بن الخطاب، وأبي هريرة، وابن عباس، وعائشة، وبه [1/ 89/ب] قال عطاء، والشعبى، والحسن، وأحمد، وإسحاق. وكان سعيد بن أبي وقاص لا يرى بالمباشرة للصائم بأساً، وكان ابن عمر ينهى عن ذلك. وروينا عن ابن مسعود أنه قال: يقضي يوماً مكانه. وكره مالك القبلة للشيخ والشاب في رمضان. وأباحت فرقة ذلك للشيخ وحظرت ذلك على الشاب، روى هذا القول عن ابن عباس. وكان الشافعي يقول: "يكره ذلك لمن حركته الشهوة ولا ينقض صومه".

41 - باب الوقت الذي يؤمر فيه الصبي بالصوم

وقال الثوري: التنزه عنه أحب إلي. وقال أحمد بن حنبل: إذا كان لا يخاف أن يأتي منه شيء. وقال أبو ثور: إذا كان يخاف عليه أن يتعلق إلى غيره لم يتعرض. 41 - باب الوقت الذي يؤمر فيه الصبي بالصوم م 1177 - واختلفوا في الوقت الذي يؤمر فيه الصبي بالصوم، فكان ابن سرين، والحسن البصري، وعطاء، والزهري، وقتادة، والشافعي يقولون: يؤمر به إذا طاقه. وقال مالك. يؤمر إذا احتلم. وقال الأوزاعي: إذا طاق صوم ثلاثة أيام قناعاً لا يجوز فيهن، ولا يضعف حمل على صوم شهر رمضان. قال عبد الملك الماجشون: إذا أطاقوا الصوم الزموا، وإن أفطروا فعليهم القضاء إلا عن علةٍ، وعجز. وقال إسحاق: إذا بلغ الصبى اثني عشرة أحببت له أن يتكلف الصوم للعادة. قال أبو بكر: لا يجب عليه الصوم حتى يبلغ، ويؤمر به إذا طاق ليعتاده. 42 - باب النصراني يسلم في بعض شهر رمضان م 1178 - واختلفوا في النصراني يسلم في بعض شهر رمضان، فقالت طائفة: يصوم ما بقي وليس عليه القضاء قضاء ما مضى منه هكذا

43 - باب المرض الذي يفطر الصائم من أجله

قال الشعبى، وقتادة، ومالك، والشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. وقال غيرهم: يصوم ما بقى، ويقضي ما مضى هذا قول عطاء. واختلف فيه عن الحسن البصري فقال مرة: كقول عطاء، وقال مرة: كما قال مالك. وقال الأوزاعي: كما قال مالك. وقال الأوزاعي: فيمن يرى الحلم في النصف من شهر رمضان، ولم يبلغ خمس عشرة سنة، يصوم ما بقي ويقضي ما أفطر من النصف الأول؛ لأنه كان مطيقاً لصيامه، وإن كان لا يطيقه فلا قضاء عليه. م 1179 - واختلفوا في قضاء اليوم [1/ 90/ألف] الذي يسلم فيه الكافر، فكان مالك، وأبو ثور، لا يوجبان عليه قضاء، ويستحبان لو فعل ذلك. وقال الماجشون: يكف عن الأكل في ذلك اليوم ويقضيه. وقال أحمد، وإسحاق: مثله. قال أبو بكر: ليس عليه أن يقضي ما مضى من الشهر، ولا ذلك اليوم. 43 - باب المرض الذي يفطر الصائم من أجله م 1180 - واختلفوا في المرض الذي يفطر الصائم من أجله فقال

44 - باب ما يجب على من أغمي عليه في شهر رمضان

عطاء، وأحمد، إذا غلب أفطر. وقال الشعبى: إذا خشي أن يغلب يفطر. وقال مالك: "الذي سمعت إذا أصابه مرض يشق عليه الصيام، ويتبعه، ويبلغ منه، فله أن يفطر". وقال الأوزاعي: أذا أدركه الجهد فخشي على نفسه فلا شيء عليه إن شرب ماء ويقضي. وقال الشافعي: "إذا زاد مرض المريض شدة زيادة بينة أفطر، وإن كانت محتملة لم يفطر". وقال النعمان: إذا خاف الرجل وهو صائم إن لم يفطر أن يزداد عليه وجعاً أو حماه شدة أفطر. م 1181 - وقال أبو ثور: إذا خاف أن يزداد شدة أو تلفاً أفطر، وحكى ذلك مالك، والشافعي، والكوفي. 44 - باب ما يجب على من أغمي عليه في شهر رمضان م 1182 - واختلفوا فيما يجب على من أغمي عليه في شهر رمضان، فقال الزهري: يقضي. وقال الحسن البصري: يقضي إلا اليوم الذي أفاق فيه. وقال الشافعي، وأحمد، وأبو ثور: وإن أغمي عليه قبل الفجر لم يجزه، وإذا نوى الصوم من الليل وأغمي عليه في النهار أجزاه ذلك اليوم.

45 - باب المجنون يفيق في بعض الشهر

وقال مالك: إن أغمي عليه في أول النهار إلى الليل قضى، وإن أغمي عليه وقد مضى أكثر النهار أجزأه ذلك اليوم. وقال النعمان: إذا أغمي عليه رمضان كله قضاه، وإن أغمي عليه بعدما يدخل أول ليلة منه قضى ما بقى من الشهر، ويجزيه يوم تلك الليلة. وقال قائل: إذا نوى الصوم من أول الليل، ثم أغمي عليه في بعض الليل فهو بمنزلة النائم في ذلك الوقت، ويجزيه ذلك اليوم. 45 - باب المجنون يفيق في بعض الشهر م 1183 - واختلفوا في قضاء المجنون إذا أفاق ما مضى من الصوم في أيام جنونه، فقال مالك: يقضي وإن مكث في جنونه سنين. وكان الشافعي يقول: بنحو من قول مالك إذ هو بالعراق ثم قال [1/ 90/ب] بمصر: فيمن خيل، أو جن، أو وسوس أو عته لا قضاء عليه. وقال الثوري، والنعمان: إن جن في شهر رمضان كله فلا قضاء عليه، وإن كان في شيء منه مفيقاً فعليه القضاء. وقال أحمد، وأبو ثور: يقضي المغمي عليه ولا يقضي المجنون. وقال قائل: لا يجب على المجنون ولا على المغمي عليه قضاء إلا أن يوجبه حجة. وحكى عن مكحول أنه قال: لا قضاء على المغمي عليه وإني لا أحب أن يتطوع بالقضاء.

46 - باب المرأة يدركها الحيض في بعض النهار

46 - باب المرأة يدركها الحيض في بعض النهار م 1184 - واختلفوا في المرأة يدركها الحيض في بعض النهار، فقال الحسن، وعطاء، وحماد بن سليمان، وقتادة، تأكل وتشرب وبه قال الأوزاعي، وسعيد بن عبد العزيز، وأحمد، وإسحاق. وقال الأوزاعي، وسعيد بن عبد العزيز: إذا طهرت المرأة في شهر رمضان لم تأكل لتعظيم حرمة رمضان، وهذا قول أحمد، وإسحاق. وقال مالك: تأكل وتشرب بقية نهارها. قال أبو بكر: تأكل في الحالين جميعاً إن شاءت. 47 - باب المرأة تطهر قبل طلوع الفجر فتؤخر الاغتسال م 1185 - واختلفوا في المرأة تطهر قبل طلوع الفجر فتؤخر اغتسالها حتى تصبح، فقال الأوزاعي: تقضى فرطت في الاغتسال أو لم تفرط. وفي قول مالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق: صومها تام، وهي بمنزله الجنب، وروى ذلك عن عطاء. وبه نقول. 48 - باب الصوم في السفر والإفطار م 1186 - واختلفوا في الصوم والإفطار، فكان ابن عباس يقول: إن شاء صام وإن شاء أفطر، وذكر أنس، وأبو سعيد، ذلك عن أصحاب النبي- صلى الله عليه وسلم -،

49 - باب [1/ 91/الف] الأفضل من الصوم والإفطار

وبه قال سعيد بن المسيب، وعطاء، والحسن البصري، والنخعي، وسعيد بن جبير، ومجاهد، والأوزاعي، والليث بن سعد. وكان ابن عمر، وسعيد بن جبير: يكرهان الصوم في السفر، وروينا عن ابن عمر أنه قال: إن صام في السفر قضى في الحضر. وروى عن ابن عباس أنه قال: يجزيه. وعن عبد الرحمن بن عوف أنه قال: الصائم في السفر كالفطر في الحضر. وقال أبو بكر: إذ شاء صام وإن شاء أفطر. (ح 557) لقول النبي- صلى الله عليه وسلم - ذلك لحمزة بن عمرو الأسلمي. 49 - باب [1/ 91/الف] الأفضل من الصوم والإفطار م 1187 - واختلفوا في أفضل الأمرين من الصوم والإفطار، فكان أنس بن مالك يقول الصوم أفضلهما، وروى ذلك عن عثمان بن أبي العاص، وبه قال النخعي، وسعيد بن جبير، ومجاهد، والثوري، وأبو ثور.

50 - باب المسافة التي إذا سافرها المرء كان له الفطر

وكان مالك بن أنس، والفضل بن عياض، والشافعي يقولون: الصوم أحب إلينا لمن قوى عليه. وكان حذيفة بن اليمان، وعائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم -، وعروة بن الزبير، وأبو بكر بن عبد الرحمن، والأسود بن يزيد يصومون في السفر. وكان ابن عمر، وابن عباس، وسعيد بن المسيب، والشعبى، والأوزاعي، وأحمد، وإسحاق يقولون: الفطر أفضل. وفيه قول ثالث: وبه نقول وهو أن أفضلهما أيسرهما على المرأ لقوله: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ} الآية، روينا هذا القول عن عمر بن عبد العزيز، ومجاهد، وقتادة. 50 - باب المسافة التي إذا سافرها المرء كان له الفطر م 1188 - واختلفوا في حد السفر الذي للمسافر أن يفطر فيه. فروينا عن عطاء، والشعبي: أنهما قالا: إذا سافر سفرا يقصر في مثلها الصلاة، فله أن يقصر فيه [وبه] (¬1) قال أحمد. وقال عطاء، كان ابن عباس، وابن عمر يصليان ركعتين ويفطران في أربع برد فما فوق ذلك. روينا عن ابن عمر أنه قال: لا يفطر إلا في مسيرة ثلاثة أيام ¬

_ (¬1) ما بين المعكوفين زيد من عندي.

51 - باب الوقت الذي للمسافر أن يفطر فيه عند خروجه

وبه قال الثوري، وكان الزهري يقول: يفطر في السفر الممعن مسيرة يومين. وقال قائل: أباح الله عز وجل للمسافر أن يفطر في شهر الصوم وأوجب عليه القضاء، ولم يجعل لذلك حداً، فكل مسافر في غير معصية فله أن يفطر إلا أن تمنعه منه حجة. 51 - باب الوقت الذي للمسافر أن يفطر فيه عند خروجه م 1189 - واختلفوا في الوقت الذي يفطر فيه الخارج إلى السفر، فقالت طائفة: يفطر من يومه إذا خرج مسافراً، هذا قول عمرو بن شرحبيل، والشعبى. وقال أحمد: يفطر إذا برز عن البيوت. وقال إسحاق. لا بل حين يضع رجليه في الرحل. وقال الحسن البصري: يفطر إن شاء في بيته يوم يريد أن يخرج. قال أبو بكر: قول أحمد صحيح لأنهم يقولون: من أصبح صائماً صحيحاً، ثم اعتل أنه يفطر بقية يومه، وكذلك إذا أصبح [1/ 91/ب] في الحضر، ثم خرج إلى السفر فله كذلك أن يفطر. وقالت طائفة: لايفطر يومه ذلك، كذلك قال الزهري، ومكحول، ويحيى الأنصاري، ومالك، والأوزاعي، والشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي.

52 - باب وطئ المسافر زوجته التي طهرت بعد قدومه من السفر

52 - باب وطئ المسافر زوجته التي طهرت بعد قدومه من السفر م 1190 - واختلفوا في المسافر يقدم فيجد زوجته قد طهرت من المحيض، فكان يحيى الأنصاري، ومالك، والشافعي، وأبو ثور يقولون: له أن يطأها. وقال الأوزاعي، وسعيد بن عبد العزيز: لا يصيبها، ولا يأكل بقية يومه. وقال أحمد، وإسحاق: لا نحب له أن يغشاها. قال أبو بكر: بقول مالك أقول. 53 - باب من صام بعض الشهر ثم سافر م 1191 - واختلفوا فيمن أدركه شهر الصوم وهو مقيم، ثم سافر، فقال عبيدة السلماني: ليس له أن يفطر باقي الشهر، محتجاً بقوله جل ذكره {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} الآية، وبه قال سويد بن غفلة. وقال أبو مجلز: إذا حضر شهر رمضان فلا يسافرن أحد فإن كان لا بد فليصم إذا سافر.

54 - باب جماع أبواب قضاء المسافر والمريض الصوم الذي أفطراه

وقال أكثر أهل العلم: إن شاء أفطر وإن شاء صام، هذا قول الحسن البصري، وسعيد بن المسيب، وعطاء بن أبي رباح، وأحمد، وإسحاق، ومن تبعهم. وبه نقول. (ح 558) "وخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - في شهر رمضان فأفطر بالكديد". وإنما أمر من شهد الشهر كله أو يصوم، ولا يقال لمن شهد بعض الشهر أنه شهد الشهر. 54 - باب جماع أبواب قضاء المسافر والمريض الصوم الذي أفطراه قال الله جل ثناءه: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} الآية. م 1192 - واختلف أهل العلم فيمن عليه قضاء أيام من شهر رمضان، فقالت طائفة: يقضيه متتابعاً، روى ذلك عن علي، وبه قال ابن عمر، والحسن البصري، وعروة بن الزبير، والنخعي.

55 - باب اختلافهم في المسافر والمريض يفطران، ثم يفرقان في القضاء، حتى يأتي شهر الصوم من قابل

وقالت عائشة: نزلت {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} الآية متتابعات، فسقطت متتابعات. وقالت طائفة: إن شاء فرق صومه إذا أحصى العدة، كذلك قال ابن عباس، وأبو هريرة، وأنس بن مالك، وروينا ذلك عن معاذ بن جبل، ورافع بن خديج، وبه قال جماعة من التابعين، [1/ 92/ألف] وسعيد بن جبير، والثوري، ومالك، والأوزاعي والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي، غير أن بعضهم استحب أن يقضيه تباعاً. قال أبو بكر: وبهذا نقول. 55 - باب اختلافهم في المسافر والمريض يفطران، ثم يفرقان في القضاء، حتى يأتي شهر الصوم من قابل م 1193 - واختلفوا فيما على المسافر والمريض يفطران ولا يقضيان حتى يأتي شهر رمضان من قابل وقد أمكنهما القضاء، فقالت طائفة: يصومان الشهر الذي أدركهما ويطعم كل واحد منهما عن كل يوم من الأيام إلى فرطا فيها، ويقضيان الأول صياما، روينا هذا القول عن أبي هريرة، وابن عباس، وبه قال عطاء والقاسم بن محمد، والزهري، والأوزاعي، ومالك، والثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق.

56 - باب المريض يفطر ثم يموت قبل أن يبرأ

وقال الحسن البصري، وإبراهيم النخعي: يصوم الشهر الذي أدركه ويقضي الأول صياما، وليس عليه إطعام. وقال بعض من وافقهما: ليس مع أوجب الكفارة على من ذكرنا حجة من سنة ولا إجماع. م 1194 - واختلف من أوجب عليه الإطعام في قدر ما يجب أن يطعم، فكان أبو هريرة، والقاسم بن محمد، ومالك بن أنس، والشافعي يقولون: يطعم عن كل يوم مداً. وقال سفيان الثوري: يطعم نصف صاع عن كل يوم. م 1195 - واختلفوا فيما يجب عليه إن لم يصح بين الشهر الذي أفطر، وشهد الصوم من العام المقبل، فقال ابن عباس، وابن عمر، وسعيد بن جبير، وقتادة. يصوم الشهر الذي أدركه، ويطعم عما مضى، ولا قضاء عليه. وقال الحسن البصري، وطاووس، والنخعي، وحماد بن أبي سليمان، ومالك، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وإسحاق: يصوم الشهر الذي أدركه مع الناس، ويقضي الأول يصوم. 56 - باب المريض يفطر ثم يموت قبل أن يبرأ م 1196 - واختلفوا في المريض يفطر، ثم يموت في علته، فكان ابن عباس، والحسن البصري، وعطاء بن أبي رباح، ومحمد بن سيرين، والشعبى، والزهري، ومالك، والشافعي، وأصحاب الرأي يقولون: لا شيء عليه.

57 - باب من عليه صوم في رمضان فمات قبل أن يقضيه

وقال جابر بن زيد، والحسن بن [1/ 92/ب] أبي الحسن، والثوري، ومالك، والشافعي، وأصحاب الرأي في المسافر يفطر ويموت في سفره: لاشيء عليه. وقال طاووس، وقتادة في المريض يموت قبل أن يصح: يطعم عنه. قال أبو بكر: ليس على المسافر الذي ذكرناه شيء ولا على المريض. 57 - باب من عليه صوم في رمضان فمات قبل أن يقضيه م 1197 - واختلفوا فيمن عليه صوم من شهر رمضان فمات قبل أن يقفيه، فكان ابن عمر، وابن عباس، وعائشة، والحسن البصري، والزهري يقولون: لا يصام عنه، ولكن يطعم عن كل يوم مسكيناً. وقال مالك، والشافعي، وأصحاب الرأي: لا يصوم أحد عن أحد. م 1198 - واختلفوا فيما يطعم عنه، فكان ابن عباس يقول: يطعم عنه عن كل يوم نصف صاع وهو مذهب الثوري. وقال الزهري، والشافعي: مداً لكل يوم. ورأت طائفة: أن يصام عن الميت، وممن رأى ذلك طاووس، والحسن البصري، والزهري، وقتادة، وأبو ثور. وقد روينا عن ابن عباس أنه قال: ما كان من شهر رمضان يطعم عنه، وما كان من صوم النذر يقضي عنه، وبه قال أحمد، وإسحاق.

58 - باب قضاء شهر رمضان في ذي الحجة

58 - باب قضاء شهر رمضان في ذي الحجة م 1199 - واختلفوا في قضاء الإنسان ما عليه من صيام شهر رمضان في ذي الحجة، فكان سعيد بن المسيب، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور يقولون: ذلك جائز، وهو مذهب الشافعي إلا الأيام التي نهى رسول الله- صلى الله عليه وسلم - عن صومها فإنه لا يقضي فيها. وروينا عن علي بن أبي طالب أنه كره ذلك، وبه قال الحسن البصري، والزهري. قال أبو بكر: ذلك جائز على ظاهر قوله: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} الآية إلا أن يكون يوم النحر، وأيام التشريق فإن ذلك منهى عنه. 59 - باب من عليه صوم شهرين متتابعين فمرض، أوكانت امرأة فحاضت م 1200 - أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن المرأة إذا كان عليها صوم شهرين متتابعين فصامت بعضاً، ثم حاضت أنها تبني إذا طهرت. م 1201 - واختلفوا فيمن عليه صوم شهرين متتابعين فصام بعضاً، ثم مرض، فكان سعيد بن المسيب، والحسن البصري، [1/ 93/ألف] ومالك،

60 - باب الحامل والمرضع

وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور يقولون: يتم إذا برأ، وروينا ذلك عن عطاء، والشعبى. وكان النخعي، والشافعي، وأصحاب الرأي، يقولون: يستأنف، وقالوا في الحائض تقضي إذا طهرت. م 1202 - واختلفوا فيه إن صام بعضاً، ثم سافر فأفطر، فكان مالك، والشافعي يقولان: يستأنف، لأن السفر هو أحدثه، وأظنه قول الكوفي. وروينا عن الحسن البصري أنه قال: يتم بقيته بعد ذلك. 60 - باب الحامل والمرضع قال أبو بكر: م 1203 - افترق أهل العلم في الحامل والمرضع إذا أفطرتا أربع فرق. فروينا عن ابن عمر، وابن عباس أنهما قالا: تفطران وتطعمان ولا قضاء عليهما، وبه قال سعيد بن جبير. وقال الحسن البصري، وعطاء بن أبي رباح، والضحاك، والنخعي، والزهري، وربيعة، والأوزاعي، وأصحاب الرأي: يفطران ويقضيان ولا طعام عليهما بمنزلة المريض يفطر ويقضي، وبه قال أبو عبيد، وأبو ثور، وحكى ذلك أبو عبيد عن الثوري. وقال الشافعي، وأحمد: تفطران، وتطعمان وتقضيان، وروى ذلك عن مجاهد.

61 - باب الشيخ الكبير والعجوز العاجزين عن الصوم أن يفطرا

وفرقت طائفة رابعة: بين الحبلى والمرضع، فقالت في الحبلى: هي بمنزله المريض تفطر وتقضي، ولا إطعام عليها، والمرضع تفطر، وتطعم، وتقضي، هذا قول مالك. قال أبو بكر: بقول الحسن، وعطاء نقول. 61 - باب الشيخ الكبير والعجوز العاجزين عن الصوم أن يفطرا م 1204 - أجمع أهل العلم على أن الشيخ والعجوز العاجزين عن الصوم أن يفطرا. م 1205 - في اختلفوا فيما عليهما إذا أفطرا، فكان الأوزاعي، والشافعي، وأصحاب الرأي يقولون: يفطران، ويطعم كل واحد منهما عن كل يوم مسكيناً واحداً، وروينا هذا القول عن سعيد بن جبير، وطاووس. وقال أحمد، وإسحاق في الشيخ: يطعم منها إن شاء، وإن شاء جفن جفاناً كما صنع أنس بن مالك. وقال ربيعة، ومالك، وخالد بن الدريك، وأبو ثور: لا شيء على الشيخ الكبير من الكفارة ولا غيره، وروى ذلك عن مكحول. وبه نقول.

62 - باب الصوم المنهي عنه

62 - باب الصوم المنهي عنه (ح 559) ثبت أن رسول الله-صلى الله عليه وسلم-نهى عن صوم يوم الفطر، ويوم [1/ 93/ب] الأضحى. م 1206 - وأجمع أهل العلم على أن صوم هذين اليومين منهي عنه. (ح 560) وثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن صوم أيام التشريق. م 1207 - واختلفوا في صوم أيام التشريق، فروينا عن ابن الزبير أنه كان يصوم أيام التشريق، وروى ذلك عن ابن عمر، والأسود ابن يزيد. وقال أنس بن مالك: كان أبو طلحة كل ما رأيته يفطر إلا يوم فطر، أو أضحى. وكان ابن سرين: لا يرى بأساً بصوم الدهر غير هذين اليومين. وكان مالك، والشافعي: يكرهان صوم أيام التشريق. وبه نقول. (ح 561) وثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - نهى عن صوم يوم الجمعة إلا أن يصوم قبله أو بعده.

63 - باب النهي عن الوصال في الصوم

م 1208 - واختلفوا في صوم يوم الجمعة، فنهت فرقة عن صومه إلا أن يصوم يوما قبله أو يوماً بعده، هذا قول أبي هريرة، والزهري، وأحمد، وإسحاق. ورخص فيه مالك. وقال الشافعي: لا يتبين لي أن أنهى عن صوم يوم الجمعة إلا على الاختيار. 63 - باب النهي عن الوصال في الصوم قال أبو بكر: (ح 562) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - نهى عن الوصال في الصوم. م 1209 - واختلفوا في الوصال في الصوم، فروينا عن ابن الزبير، وابن أبي أنعم أنهما كانا يواصلان. وكره مالك والشافعي، وأحمد، وإسحاق: الوصال في الصوم. وكان أحمد، وإسحاق، لا يكرهان أن يواصل من سحر إلى سحر.

64 - باب الصوم المندوب إليه

64 - باب الصوم المندوب إليه (ح 563) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أمر بصوم عاشوراء وقال: لم يكتب عليكم. م 1210 - واختلفوا في يوم عاشوراء، فروينا عن ابن عباس أنه قال: هو يوم التاسع وقال سعيد بن المسيب، والحسن البصري: هو يوم العاشر. وقال آخرون: هو التاسع والعاشر. كذلك قال ابن عباس، وأبو رافع صاحب أبي هريرة، وابن سيرين، والشافعي، وأحمد، وإسحاق. (ح 564) وثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أفطر يوم عرفة. (ح 565) وروينا عنه أنه قال: صوم يوم عرفة يكفر السنة الماضية والباقية. م 1211 - واختلفوا في صوم يوم عرفة بعرفة، فقال ابن عمر لم يصمه النبي- صلى الله عليه وسلم -، ولا أبو بكر، ولا عمر، ولا عثمان، [1/ 94/ألف] وأنا لا أصومه، وكان مالك، والثوري يختاران الفطر. وكان ابن الزبير، وعائشة يصومان عرفة، وروى هذا القول عن عثمان بن أبي العاص، وعمر بن الخطاب. وكان إسحاق: يميل إلى الصوم.

65 - باب الفطر

وكان عطاء يقول: أصوم في الشتاء ولا أصوم في الصيف. وقال قتادة: لا بأس به إذا لم يضعف عند الدعاء. وقال الشافعي: أحب صوم عرفة لغير الحاج، فأما من يحج فأحب أن بفطره ليقوم به على الدعاء. م 1212 - واختلفوا فيما يجب على من أفطر في صيام التطوع، فرخصت فيه طائفة ولم تر على من أفطر قضاء، هذا قول ابن عباس. وكان ابن مسعود، وابن عمر، وجابر، لا يرون بالإفطار في التطوع بأساً، وبه قال الشافعي، وأحمد، وإسحاق. وقال الثوري: أحب إلى أن يقضي. وكره الإفطار في التطوع الحسن البصري، ومكحول، والنخعي، وقالوا: يقضيه. وكان مالك، وأبو ثور، يقولون: إذا أفطر من غير عذر قضى وهو مذهب الكوفي. 65 - باب الفطر قال الله جل ذكره: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} الآية. (ح 566) وثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: إذا أدبر النهار، وأقبل الليل، وغابت الشمس أفطر الصائم.

(ح 567) وثبت أنه قال عليه السلام: لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر. (ح 568) وثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: إذا حضر العشاء، وأقيمت الصلاة فابدؤوا بالعشاء. م 1213 - ويستحب الإفطار على التمر فإن لم يجد فعلى الماء.

30 - كتاب الاعتكاف

30 - كتاب الاعتكاف قال الله جل ذكره: {وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} الآية. م 1214 - وأجمع أهل العلم على أن الاعتكاف لا يجب على الناس فرضا لله، إلا أن يوجب المرأ على نفسه الاعتكاف نذرا فيجب عليه. (ح 569) لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه. (ح 570) وثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله. 1 - باب الاعتكاف بغير صوم م 1215 - اختلف أهل العلم في الاعتكاف بغير صوم، فقالت طائفة: لا اعتكاف إلا بصوم كذلك قال ابن عمر، وابن عباس، وعائشة،

وبه قال عروة بن الزبير والزهري، ومالك، والأوزاعي، وأصحاب الرأي. وقال أحمد: إذا اعتكف يجب عليه الصوم، وقد اختلف فيه عنه، وعن إسحاق. وقالت فرقة: المعتكف لا يجب عليه الصوم فرضا [1/ 94/ب] لأن الله جل ثناءه: لم يوجبه، ولا الرسول، إلا أن يوجبه المعتكف على نفسه نذرا، هذا قول الحسن البصري، والشافعي، وأبي ثور، والمزني. وقد روى عن علي، وابن مسعود أنهما قالا: المعتكف إن شاء صام وإن شاء لم يصم. قال أبو بكر: وفي إجماعهم على أن المعتكف في الليل وقد زال عنه الصوم غير خارج عن الاعتكاف، دليل على أن الاعتكاف يجوز بغير صوم. (ح 571) وكان علي، وعمر بن الخطاب نذراً، اعتكاف ليلة في المسجد الحرام في الجاهلية فسأل رسول الله- صلى الله عليه وسلم - فأمره أن يعتكف، وأن يفي بنذره. والليل لا صوم فيه.

2 - باب المساجد التي يجوز الاعتكاف فيها

2 - باب المساجد التي يجوز الاعتكاف فيها قال أبو بكر: عمر الله المساجد فقال {وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} الآية، والاعتكاف جائز في جميع المساجد على ظاهر الآية. م 1216 - وأجمع أهل العلم على أن الاعتكاف جائز في المسجد الحرام، ومسجد الرسول، ومسجد ايلياء. م 1217 - واختلفوا في الاعتكاف في سائر المساجد. فقالت طائفة: لا اعتكاف إلا في هذه المساجد الثلاث. روى هذا القول عن حذيفة. وقال سعيد بن المسيب: لا اعتكاف إلا في مسجد نبي. وروينا عن علي أنه قال: لا اعتكاف إلا في مسجد جامع. وقال الزهري: لا اعتكاف إلا في مسجد جماعة تجمع فيه الجمعة، وبه قال الحكم، وحماد. وقالت طائفة: الاعتكاف جائز في جميع المساجد، على ظاهر الآية، هذا قول مالك.

3 - باب وقت دخول المعتكف في اعتكافه

وقال الشافعي: اعتكاف في المسجد الجامع أحب إلينا، وإن اعتكف في غيره فمن الجمعة إلى الجمعة. وقال أحمد، وأبو ثور، وإسحاق: الاعتكاف في كل مسجد يقام فيه الصلاة، هذا مذهب أصحاب الرأي. 3 - باب وقت دخول المعتكف في اعتكافه قال أبو بكر: (ح 572) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - كان إذا أراد أن يعتكف صلى الصبح، ثم دخل في معتكفة. م 1218 - واختلفوا في وقت دخول المعتكف في اعتكافه. فقالت طائفة: يدخل قبل غروب الشمس إذا أراد اعتكاف شهر رمضان، هذا قول النخعي، ومالك، والشافعي، وأحمد، وأصحاب الرأي. وقال أبو ثور: إذا أراد اعتكاف عشرة أيام دخل في اعتكافه قبل طلوع الفجر، وإذا أراد [1/ 95/ألف] اعتكاف عشر ليال دخل قبل غروب الشمس. وقال الأوزاعي: بظاهر الحديث يصلي في المسجد الصبح، ثم يقوم إلى معتكفه. قال أبو بكر: وكذلك أقول.

4 - باب ما أبيح للمعتكف أن يخرج من أجله

4 - باب ما أبيح للمعتكف أن يخرج من أجله قال أبو بكر. (ح 573) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -كان لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان. م 1219 - أجمع أهل العلم على أن للمعتكف أن يخرج من معتكفه للغائط والبول. م 1220 - واختلفوا في خروجه إلى سوى ذلك، فقالت طائفة: له أن يشهد الجمعة، ويعود المرضى، ويتبع الجنائز، روى هذا القول عن علي، وليس بثابت عنه، وبه قال سعيد بن جبير، والحسن البصري، والنخعي. ومنعت طائفة: المعتكف من شهود الجنائز، وعيادة المرضى، هذا قول عطاء بن أبي رباح، وعروة بن الزبير، والزهري، ومجاهد، ومالك، والشافعي، وأبي ثور. وقال أصحاب الرأي: لا ينبغي أن يخرج لذلك. وفرق إسحاق بين الاعتكاف الواجب، والتطوع، فقال في الاعتكاف الواجب: لا يعود مريضاً، ولا يشهد الجنائز، وقال في التطوع: يشترط حين يبتدئ شهود الجنائز، وعيادة المرضى، والجمعة. وقال الأوزاعي: لا يكون في الاعتكاف شرط.

واختلف فيه عن أحمد، فمنع فيه مرة، وقال مرة، أرجو أن لا بأس به، وحكى إسحاق بن منصور عنه أنه قال: حديث عائشة أحب إلي. قال أبو بكر: لا يخرج المعتكف من اعتكافه إلا لما لا بد له منه. وهو الذي كان النبي- صلى الله عليه وسلم - يخرج له، ويخرج للجمعة، ويرجع إذا سلم؛ لأنه خروج إلى فرض، وظاهر حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدل على أن المعتكف يتمشى في المسجد. م 1221 - وقد اختلفوا فيه، فكان الحسن البصري، وقتادة، وأحمد يقولون: له أن يشترط أن يتعشى في منزله. وقال الشافعي: إن فعل ذلك فلا شيء عليه. ومنع منه أبو مجلز، وهو يشبه مذهب المديني. وبه نقول: لموافقته للسنة. م 1222 - واختلفوا في خروج المعتكف من مكانه لغير علة. فكان الشافعي يقول: ينتقض اعتكافه. وقال النعمان: إن خرج ساعة لغير عذر استقبل الاعتكاف. وقال يعقوب، ومحمد: إن خرج يوماً أو أكثر من نصف يوم استقبل. قال أبو بكر: قول الشافعي صحيح. م 1223 - واختلفوا في المعتكف يمرض، فقالت طائفة: يخرج فإذا صح رجع [1/ 95/ب] وقضى ما بقي عليه، هذا قول مالك، والشافعي. وروينا عن الحسن البصري، أنه قال: لا يخرج. وقال النعمان، ومحمد بن يعقوب: في هذه كقولهم في التي قبلها. قال أبو بكر: إن كان مرضه مرضاً يمكنه المقام في المسجد أقام فيه، وإن لم يمكنه لشدة العلة خرج، فإذا صح رجع، وبناه إذا كان اعتكافاً واجباً فإن لم يكن واجباً فإن شاء رجع وإن شاء لم يرجع.

5 - باب ما يفسد الاعتكاف

م 1224 - واختلفوا في المعتكفة تطلق، أو يموت زوجها. فقال مالك، وربيعة: تقضي في اعتكافها حتى تفرغ منه، ثم ترجع إلى بيت زوجها فتعتد فيه ما بقى. وقال الشافعي: تخرج فإذا مضت عدتها ترجع، وتبنى. قال أبو بكر: قول مالك حسن. م 1225 - واختلفوا في دخول المعتكف تحت سقف، فروينا عن ابن عمر أنه قال: لا تدخل تحت سقف، وبه قال عطاء، والنخعي، وإسحاق. وقال الثوري: إذا دخل المعتكف بيتاً انقطع اعتكافه. ورخص فيه الزهري، والشافعي، وأصحاب الرأي. وكذلك نقول. 5 - باب ما يفسد الاعتكاف قال الله عز وجل: {وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} الآية. م 1226 - والمباشرة التي نهى الله عنها المعتكف الجماع، لا اختلاف فيه أعلمه. م 1227 - وأجمع أهل العلم على أن من جامع امرأته وهو معتكف عامداً لذلك، أنه مفسد لاعتكافه.

م 1218 - واختلفوا فيما يجب عليه إذا فعل ذلك، فقال الحسن البصري، والزهري: عليه ما على الواقع على أهله في رمضان. وقال أكثر أهل العلم: هو مفسد لاعتكافه، ولا غرم عليه في ماله، هذا قول عطاء، والنخعي، ومالك، وأهل المدينة، والثوري، وأهل العراق، والأوزاعي وأهل الشام، والشافعي، وأصحابه. روينا عن مجاهد أنه قال: يتصدق بدينارين. وروينا عن الحسن قولاً ثانياً: وهو أن يعتق رقبة، فإن لم يجد أهدى بدنه، فإن لم يجد تصدق بعشرين صاعاً من تمر. قال أبو بكر: يكون مفسداً لاعتكافه لإجماعهم عليه، ولا غرم عليه في ماله. م 1229 - واختلفوا في المعتكف يقبل ويباشر، فقال عطاء: لا يفسد جواره يعني اعتكافه إلا الوقاع نفسه، وبه قال الشافعي. وكذلك نقول. وقال أبو ثور: إذا جامع دون الفرج أفسد اعتكافه، وبه قال أصحاب الرأي، وأحسبه مذهب المديني. م 1230 - واختلفوا في الطيب للمعتكفة، فرخص فيه أكثرهم وممن رخص فيه مالك، والشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. وقال عطاء: لا تطيب المعتكفة، وقال: ولا يقطع ذلك اعتكافها. وقال معمر: يكره أن تتطيب [1/ 96/ألف] المعتكفة. قال أبو بكر: لا معنى للكراهية من كره ذلك، ولعل عطاء إنما كره لها أن تتطيب من جهة ما نهى عن ذلك النساء عند الخروج إلى المساجد.

6 - مسائل من كتاب الاعتكاف

6 - مسائل من كتاب الاعتكاف م 1231 - واختلفوا في شراء المعتكف وبيعه، فكره عطاء، ومجاهد، والزهري، بيعه وشراءه. ورخص فيه الشافعي، وأصحاب الرأي. "قال الثوري: له أن يشتري الخبز إذا لم يكن له من يشتري له وبه قال أحمد. واختلف فيه عن مالك، فذكر ابن القاسم عنه أنه قال: يشتري ويبيع إذا كان يسيراً، وقال مرة: مثل قول الثوري. قال أبو بكر: لا يشتري المعتكف ولا يبيع إلا شراء ما بد له منه من طعام إذا لم يكن له كافي، فأما سائر أنواع التجارات فذلك على ثلاثه أوجه: أحدها: أن يبيع ويشتري في المسجد، وذلك مكروه للخبر الذي فيه النهي عن البيع والشراء، والثاني: أن يخرج إلى السوق للتجارة، ففاعل ذلك قاطعاً لاعتكافه، أو يبيع أو يشتري وقد خرج لحاجة الإنسان ذاهباً في طريقه أو راجعاً فذلك غر مكروه. مسألة م 1232 - كان الشافعي: لا يكره للمؤذن المعتكف أن يصعد المنارة، وبه قال أبو ثور، وأصحاب الرأي.

مسألة

وكره مالك ذلك، ورخص فيه مرة، وأكثر مرة الكراهية، وبه قال القاسم. قال أبو بكر: لا بأس به. مسألة م 1233 - كان عطاء بن أبي رباح، والأوزاعي، وسعيد بن عبد العزيز، والليث بن سعد، والشافعي لا يرون بأساً، أن يأتي المعتكف مجالس العلماء في المسجد. وقال مالك: لا يشتغل في مجالس العلم، وكره أن يكتب العلم. قال أبو بكر: كتاب العلم يستحب في الاعتكاف وغيره. مسألة م 1234 - واختلفوا في المرأة المعتكفة تحيض، فقال الزهري، وعمرو بن دينار، وربيعة، ومالك، والأوزاعي، والشافعي، وأصحاب الرأي: تخرج، فإذا طهرت فلترجع. وروينا عن أبي قلابة أنه قال: تضرب خباها على باب المسجد إذا حاضت. وقال النخعي: تضرب فسطاطها في دارها، فإذا طهرت قضت تلك الأيام. قال أبو بكر: كقول مالك، والشافعي أقول. والمستحاضة: لا تبرح، إذ حكمها حكم الطاهرة.

مسألة

مسألة م 1235 - واختلفوا في الرجل يأذن لزوجته، أو لعبده، أو لمدبره، أو لأم ولده في الاعتكاف، ثم يبدوا له، فكان الشافعي يقول: له منعهم. وقال أصحاب الرأي: في الزوجة [1/ 96/ب]، والعبد، والأمة: كما قال الشافعي، غير أنه يأثم إذا منعهم بعد الإذن. وقال مالك في العبد والزوجة يأذن لهما في الاعتكاف فلما أخذا أراد قطعة ليس له ذلك. قال أبو بكر: له منع الزوجة بعد الإذن استدلالاً: (ح 574) بأن النبي- صلى الله عليه وسلم - أذن لعائشة، وحفصة، وزينب، في الاعتكاف ثم منعهم من ذلك بعد أن دخلن فيه. والعبيد والإماء، وسائر ما ذكرناه في المعنى. مسألة م 1236 - كان الشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي يقولون: ليس للسيد منع مكاتبه من الاعتكاف. ورخص فيه ابن القاسم صاحب مالك في اليسير الذي لا يكون على السيد فيه ضرر، ومنع من الكثير منه. قال أبو بكر: كما قال الشافعي أقول.

مسألة

مسألة م 1237 - قال الشافعي، وأبو ثور: إذا أغمي على المعتكف، أو جن، بني عليه إذا أفاق. وقال أصحاب الرأي. يستقبل. قال أبو بكر: قول الشافعي صحيح. مسألة م 1238 - كان الشافعي يقول: إذا نذر الصمت في اعتكافه فتكلم فلا كفارة عليه. وقال أصحاب الرأي: ليس في الاعتكاف صمت. وقال أبو ثور: إذا كان له ذلك أسلم له فعل. قال أبو بكر: لا يلزمه قدر الصمت، لأنه لا يخلوا إما تكلم به أن يكون حقاً أو باطلاً، فالقول بالحق أفضل من السكوت، والقول السيئ منهي عنه للمعتكف وغيره. (ح 575) وقد روينا عن ابن عباس عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه أمر رجلاً نذر أن يقوم في الشمس، ولا يتكلم، ولا يستظل، ويصوم: أن يجلس، ويستظل، وأن يتكلم ويتم صومه. مسألة م 1239 - واختلفوا في المعتكف يسكر في اعتكافه، فكان الشافعي

مسألة

يقول: "فسد اعتكافه، ويبتدئ إن كان واجباً". وقال أصحاب الرأي: إذا سكر ليلاً لم يفسد اعتكافه. مسألة م 1240 - واختلفوا فيمن اعتكف يوم الفطر، ويوم الأضحى، وأيام التشريق، فكان مالك، والشافعي يقولون: يجزيه. وقال ابن الحسن: يعتكف أياما مكانها إذا جعل ذلك على نفسه، ويكفر عن يمينه إن أراد يميناً. قال أبو بكر: بقول مالك أقول. مسألة م 1241 - واختلفوا في قضاء الاعتكاف الواجب على الموتى. فروينا عن ابن عباس، وعائشة أنهما قالا: لا يعتكف عن الميت، وبه قال أبو ثور. وقال النخعي: لا يقضي عن الميت اعتكاف. وقال الحكم: إذا كان عليه اعتكاف شهر، يطعم عنه ستين مسكيناً ثلاثين للاعتكاف، [1/ 97 ألف] وثلاثين للصوم. وقال الشافعي: "يطعم عنه مكان كل يوم مداً إذا كان عليه اعتكاف لصوم". وقال أصحاب الرأي: يطعم لكل يوم نصف صاع.

مسألة

مسألة قال أبو بكر. م 1242 - روينا أبي قلابة، وأبي مجلز، وأبي بكر بن عبد الرحمن، والمطلب بن حنطب، أنهم كانوا يستحبون أن يكون انصراف المعتكف من موضع معتكفة إلى مصلاه يوم الفطر، وبه قال مالك، وأحمد. وكان الأوزاعي، والشافعي يقولان: يخرج منه إذا غابت الشمس. قال أبو بكر: العشر يزول بزوال الشمس، والشهر ينقضي بغروب الشمس من آخر يوم من شهر رمضان. 7 - باب ليلة القدر قال الله جل ذكره: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} الآية. (ح 576) وثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -قال: من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً، غفر له ما تقدم من ذنبه وتأخر. قال أبو بكر: ومعنى قوله: قال: "إيماناً تصديقاً، أن الله فرض عليه الصوم، واحتساباً" بالثواب لله.

(ح 577) وثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: تحرو ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان في الوتر منها. قال أبو بكر: (ح 578) وقد ثبت عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أنه قال: التمسوا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان. (ح 579) وفي حديث ابن عباس: أنها في تاسعة تبقى، أو سابعة، أو خامسة من رمضان. قال أبو بكر: والأحوط أن يتحراها في العشر الأواخر، ويحيى ليالي العشر تحرياً لطلبها لئلا تفوته. (ح 580) وقد كان النبي-صلى الله عليه وسلم- إذا دخل عليه العشر الأواخر أيقظ أهله، وأحي الليل، وشد المئزر. وقوله: "غفر له ما تقدم من ذنبه" قول عام يرجى لمن قامها إيماناً واحتساباً أن يغفر له جميع ذنوبه صغيرها وكبيرها.

قال أبو بكر: وقد روينا عن عائشة أنها قالت: يا نبي الله ما أقول إن وافقت ليلة القدر. (ح 581) "قال: قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني".

31 - كتاب الحج

31 - كتاب الحج قاله الله جل ثناءه: {وَأَذِّنْ في النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا} الآية. وقال جل ثناءه ى {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} الآية. وقال تبارك وتعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} الآية. م 1243 - وأجمع أهل العلم: على أن على المرء في عمره حجة واحدة حجة الإِسلام، إلا أن ينذر [1/ 97/ألف] المرء نذراً فيجب عليه الوفاء به. 1 - باب اختلافهم في معنى الاستطاعة م 1244 - اختلف أهل العلم: في معنى قوله: {مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا}. فقالت طائفة: الآية على العموم وعلى كل مستطيع للحج يجد السبيل إليه بأي وجه كانت الاستطاعة، الحج على ظاهر الآية. وروينا عن عكرمة أنه قال: الاستطاعة الصحة.

2 - باب سقوط الحج عن المرأة التي لا محرم لها

وقال الضحاك: "إذا كان شاباً فليواجه نفسه بأكله وعقبه حتى يقضي نسكه". وقال مالك: ما ذاك إلا على قدر طاقة الناس، الرجل يجد الزاد والراحلة ولا يقدر على المشي، وآخر يقدر أن يمشي على رجليه ولا صفة، في هذا أبين مما أنزل الله جل ثناءه: {مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا}. وقال الحسن البصري، ومجاهد، وسعيد بن جبير، وأحمد، وإسحاق: الاستطاعة الزاد والراحلة. قال أبو بكر: ولا يثبت في هذ الباب حديث مسند؛ لأن الذي روى الحديث إبراهيم الخوزي. وقال يحيى بن معين، وغيره: ليس بثقة. وكان الشافعي يقول: "الاستطاعة: وجهان، أحدهما: أن يكون مستطيعاً ببدنه واجداً من ماله ما يبلغه الحج، والثانية: أن يكون مضنوا في بدنه لا يثبت على مركب، وهو قادر على من يطيعه إذا أمره أن يحج عنه بأجره وغير أجره". 2 - باب سقوط الحج عن المرأة التي لا محرم لها قال أبو بكر:

3 - باب منع الرجل زوجته من الحج

(ح 582) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: لا يحل لامرأة تؤمن بالله ورسوله تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم منها. م 1245 - واختلفوا في وجوب الحج على المرأة التي لا محرم لها. فقالت طائفة: المحرم من السبيل، منهم النخعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، أصحاب الرأي. وقال الحسن البصري: لا تحج إلا مع ذي محرم. وأغفل قوم القول بظاهر الحديث، وشرط كل رجل منهم شرطاً لا حجة معهم فيما اشترطوه. قال مالك: تخرج مع جماعة من النساء. وقال الشافعي: تخرج مع ثقة حرة مسلمة. وقال ابن سيرين: تخرج مع رجل من المسلمين لا بأس به. وقال الأوزاعي: تخرج مع قوم عدول، وتتخذ سلماً تصعد عليه وتنزل، ولا يقر بها رجل إلا ليأخذ برأس [1/ 98/ألف] البعير ويضع رجله على ذراعه. قال أبو بكر: ظاهر الحديث أولى، ولا يعلم مع هؤلاء حجة توجب ما قالوا. 3 - باب منع الرجل زوجته من الحج قال أبو بكر:

4 - أبواب المواقيت

م 1246 - أجمع أهل العلم على أن للرجل منع زوجته من الخروج إلى حج التطوع. واختلفوا في منعه إياها من حجة الإسلام. فقال إبراهيم النخعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي: ليس له منعها من حجة الإِسلام. وقال الشافعي: "إن أهلت بغير إذنه ففيها قولان: أحدهما: أن تكون كمن أحصر فتذبح، وتقصر، وتحل، والآخر أن عليه تخليتها". قال أبو بكر: وأصح مذهبيه المذهب الذي يوافق سائر العلماء، ولا أعلمهم يختلفون أن ليس له منعها من صوم، ولا صلاة واجبة. 4 - أبواب المواقيت قال أبو بكر: (ح 583) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - وقت لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشام الجحفة، ولأهل اليمن يلملم، ولأهل نجد قرن. م 1247 - وأجمع عوام أهل العلم على القول بظاهر هذا الحديث. م 1248 - واختلفوا فيما يفعل من مرّ بذات عرق، فثبت أن عمر بن

5 - باب استحباب الإحرام من المواقيت

الخطاب وقت لأهل العراق ذات عرق، ولا يثبت فيه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سنة. م 1249 - واختلفوا في المكان الذي يحرم من أتى العراق، وعلى ذات عرق، فكان أنس يحرم العقيق واستحب ذلك الشافعي. وكان مالك، وأحمد وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي: يرون الإحرام من ذات عرق. قال أبو بكر: والإحرام من ذات عرق يجزي، وهو من العقيق أحوط، وقد كان الحسن بن صالح: يحرم من الربزة، وروى ذلك عن خصيف، والقاسم بن عبد الرحمن. قال أبو بكر: وقول عمر بن الخطاب أولى، وتبعه عليه عوام أهل العلم. 5 - باب استحباب الإحرام من المواقيت قال أبو بكر: (ح 584) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -أمرهم أن يهلوا من المواقت إلى ذكرناها وأحرم النبي -صلى الله عليه وسلم- من المواقيت الذي سنه لأهل المدينة، وترك أن يحرم من منزله، وتبعه عليه أصحابه وعوام أهل [1/ 98/ب] العلم. م 1250 - وأجمع أهل العلم على أن من أحرم قبل أن يأتي الميقات أنه محرم.

6 - باب من مر بذي الحليفة ولم يحرم منها وأحرم من الجحفة

م 1251 - واختلفت الأخبار عن الأوائل في هذا الباب، فثبت أن ابن عمر أهل من إيلياء وكان الأسود، وعلقمة، وعبد الرحمن، وأبو إسحاق يحرمون من بيوتهم. ورخص فيه الشافعي. وقد روينا عن عمر بن الخطاب أنه أنكر على عمران بن حصين إحرامه من البصرة. وكره الحسن البصري، وعطاء بن أبي رباح، ومالك: الإحرام من المكان البعيد. وقال أحمد، وإسحاق: وجه العمل الإحرام من المواقيت. 6 - باب من مر بذي الحليفة ولم يحرم منها وأحرم من الجحفة قال أبو بكر. م 1252 - كان الشافعي يقول: إذا مرّ بذي الحليفة وهو يريد الحج أو العمرة فلم يحرم، فعليه دم. وكره أحمد، وإسحاق: مجاوزة ذي الحليفة إلى الجحفة. وقال سعيد بن المسيب، وعروة بن الزبير: يهل من حيث أهل النبي- صلى الله عليه وسلم -. وكان أبو ثور يرخص أن يجاوز من مرّ بذي الحليفة إلى الجحفة، وبه قال أصحاب الرأي غير أن الوقت أحب إليهم، قال أبو بكر: وبهذا أقول، وكانت عائشة: إذا أرادت الحج أحرمت من ذي الحليفة، وإذا أرادت العمرة أحرمت من الجحفة.

7 - باب من جاوز الميقات وهو يريد الإحرام غير محرم

7 - باب من جاوز الميقات وهو يريد الإحرام غير محرم م 1253 - واختلفوا فيمن جاوز الميقات غير محرم، فقالت الثوري، والشافعي، وأبو ثور، ويعقوب، ومحمد: يرجع إلى الميقات، فإن لم يفعل أهراق دماً. وكان جابر بن زيد، والحسن البصري، وسعيد بن جبير: يرون أن يرجع الميقات إذا تركه. وفي قول الشافعي، والثوري، وأبي ثور، ويعقوب، ومحمد: إن جاوز ْالميقات فأحرم، ثم رجع إلى الميقات فلا شيء عليه، وإن لم يرجع إلى الميقات فعليه دم. وقال مالك: كقول هؤلاء إذا جاوز الميقات فأحرم ومضى إلى مكة، فإن لم يرجع إلى الميقات فعليه دم، وإن جاوز الميقات وأحرم، ثم رجع إلى الميقات لم ينفعه الرجوع والدم عليه. وقال ابن المبارك: لا ينفعه الرجوع والدم عليه [1/ 99/ألف]. وقال النعمان: إذا جاوز الميقات وأحرم فإن رجع إلى الميقات فلبى سقط الدم وإن لم يلبّ لم يسقط عنه الدم. قال أبو بكر: وفي المسألة أقاويل غير ذلك: أحدها: أن لا شيء على من ترك الميقات، هذا أحد قولي عطاء، وروينا ذلك، عن الحسن، والنخعي، والقول الثاني: رويناه عن ابن الزبير أنه يقضي حجة ثم يرجع إلى الميقات فيهل بعمرة، والقول الثالث: أنه لا حج له، هذا قول سعيد بن جبير.

8 - باب إحرام من منزله أقرب إلى الحرم من المواقيت

8 - باب إحرام من منزله أقرب إلى الحرم من المواقيت قال أبو بكر: (ح 585)، ثبت أن رسول الله-صلى الله عليه وسلم- ذكر المواقيت التى ذكرناها عنه وقال: "هن لهن ولكل من أتى عليهن من غير أهلهن ممن كان يريد الحج والعمرة، فمن كان أهله دونهن فمهله من أهله، وكذلك فكذلك، حتى أن أهل مكة يهلون منها. م 1254 - واختلفوا فيمن مرّ بالميقات لا يريد حجاً ولا عمرة، ثم بدأ له أن يحرم بعد أن جاوز الميقات، فكان مالك، والثوري، والشافعي، وأبو ثور، ويعقوب، ومحمد يقولون: يحرم من مكانه الذي بدأ له أن يحرم منه ولا شيء عليه، روى ذلك عن عطاء. وقال أحمد في الرجل يخرج لحاجة وهو لا يريد الحج فجاوز ذا الحليفة ثم أراد الحج قال: يرجع إلى ذي الحليفة ويحرم، وبنحوه قال إسحاق. قال أبو بكر: ظاهر الحديث أولى، وقد أحرم ابن عمر من الفرع. م 1255 - واختلفوا فيمن أراد الإحرام وموضعه دون المواقيت إلى مكة، فكان طاووس، ومالك، والشافعي، وأحمد، وأبو ثور، يقولون: يحرم من موضعه وهو ميقاته. وقال أصحاب الرأي: يحرم من موضعه فإن لم يفعل لم يدخل الحرم إلا حراماً، فإن دخله غير حرام فليخرج من الحرم، فليهل من حيث شاء.

9 - باب من ترك الميقات فأحرم بعد أن جاوزه ثم أفسد حجه

وقد روينا عن مجاهد أنه قال: إذا كان الرجل أهله بين مكة وبين الميقات أهل من مكة. قال أبو بكر: بقول مالك، والشافعي أقول. 9 - باب من ترك الميقات فأحرم بعد أن جاوزه ثم أفسد حجه م 1256 - قال سفيان الثوري، وأصحاب الرأي: يمضي في حجة [1/ 99/ألف] وعليه حج من قابل، وليس عليه دم لتركه الميقات، لأن عليه القضاء. وقال الشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور: عليه دم لتركه الميقات، لأن يلزم المفسد. قال أبو بكر: كما قال الشافعي نقول. 10 - باب النصراني يسلم بمكة، والصبي يبلغ، والعبد يعتق بها قال أبو بكر: م 1257 - كان أبو ثور يقول: يحرمون من مكة ولا شيء عليهم، وكذلك قال عطاء، والثوري، وأحمد، وإسحاق: في النصراني يسلم بمكة. وقال مالك: في النصراني يسلم عشية عرفة، والعبد يعتق، يحرمان لا دم عليهما.

11 - باب أمر النبي- صلى الله عليه وسلم - النفساء بالاغتسال عند الإحرام

وقال أصحاب الرأي: في النصراني يسلم بمكة، والغلام يدخل مكة، ثم يحتلم، يحرمان وليس عليهما شيء، وفي العبد يدخل مكة بغير إحرام، ثم أذن له مولاه فاحرم بالحج، عليه دم إذا اعتق لترك الوقت. وقال الشافعي بمصر: "إذا بلغ غلام، أو أعتق مملوك، أو أسلم كافر بعرفة أو مزدلفة، فأحرم أي هؤلاء صار إلى هذه الحال بالحج، ثم وافى عرفة قبل طلوع الفجر من ليلة المزدلفة فقد أدرك الحج وعليه دم لترك الميقات، ولو أحرم الكافر من ميقاته، ثم أسلم بعرفة، لم يكن بد من دم يهريقة، وليس ذلك على العبد والغلام يحرمان من الميقات، ثم يعتق بهذا وبلغ هذا قبل عرفة أو بعرفة". 11 - باب أمر النبي- صلى الله عليه وسلم - النفساء بالاغتسال عند الإحرام قال أبو بكر: (ح 586) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أمر أسماء وهي نفساء أن تغتسل وتحرم. م 1258 - واستحب الاغتسال عند الإحرام طاووس، والنخعي، ومالك، والثوري، والشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. وكان ابن عمر: يتوضأ أحياناً، ويغتسل أحياناً.

12 - باب الأمر بالإحرام في الأزر، والأردية، والنعال

م 1259 - وقد أجمع عوام أهل العلم على أن الإحرام جائز بغير اغتسال. م 1260 - وأجمعوا على الاغتسال للإحرام غير واجب إلا ما روى عن الحسن البصري، فإن الحسن قال: إذا نسى الغسل عند إحرامه يغتسل إذا ذكر. وقد اختلف فيه عطاء وقال مرة: يكفي منه الوضوء، وقال مرة غير ذلك. قال أبو بكر: استحب الاغتسال عند الإحرام، [1/ 100/ألف] وليس بواجب. 12 - باب الأمر بالإحرام في الأزر، والأردية، والنعال قال أبو بكر: (ح 587) ثبت أن رسول الله-صلى الله عليه وسلم- قال: وليحرم أحدكم في إزار، ورداء، ونعلين. م 1261 - وكان الثوري، ومالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي ومن تبعهم يقولون: يلبس الذي يريد الإحرام إزاراً ورداء.

13 - باب الطيب عند الإحرام

13 - باب الطيب عند الإحرام قال أبو بكر: (ح 588) ثبت عن عائشة أنها قالت: طيبت رسول الله- صلى الله عليه وسلم - لحرمه قبل أن يحرم، ولحله قبل أن يطوف بالبيت. م 1262 - واستحب قوم ذلك منهم سعد بن أبي وقاص، وابن الزبير، وابن عباس، وبه قال الشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. وكان عطاء: يكره الطيب قبل الإحرام، وبه قال مالك. قال أبو بكر: بالقول الأول أقول. 14 - باب الإحرام دبر الصلاة قال أبو بكر: (ح 589) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -صلى الظهر بذي الحليفة، ثم أتى براحلته فلما على، على البيداء أهل. م 1263 - وكان ابن عمر يقول: لا يحرم في دبر صلاة مكتوبة وبه قال ابن عباس.

15 - باب النية للإحرام

واستحب عطاء، وطاووس، ومالك، والثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، الإحرام بعد الصلاة. قال أبو بكر: الإحرام في دبر الصلاة أحب إلي وإن أحرم ولم يكن صلى أجزاه. 15 - باب النية للإحرام قال أبو بكر. (ح 590) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى. والحج عمل من الأعمال داخل في جملة قوله: "الأعمال بالنية". م 1264 - وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن من أراد أن يهل بحج فأهل بعمرة، أو أراد أن يحرم بعمرة فلبى بحجة أن اللازم له من ذلك ما عقد عليه قلبه لا ما نطق به لسانه. م 1265 - وأجمعوا على أن من أهل في أشهر الحج بحجة ينوي بها حجة الإسلام أن حجته تجزيه من حجة الإسلام. م 1266 - واختلفوا فيمن حج ينوي بحجته تطوعاً وعليه حجة الإسلام، فكان الشافعي يقول: يجزيه من حجة الإسلام. وقال الثوري: لا يجزيه. ومذهب مالك، وأحمد، وإسحاق كمذهب الثوري. وبه نقول.

16 - باب [1/ 100/ب] الاشتراط عند الإحرام

16 - باب [1/ 100/ب] الاشتراط عند الإحرام قال أبو بكر: (ح 591) ثبت أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: لضباعة بنت الزبير حجي واشترطي أن محلي جبث حبستنى. م 1267 - وممن روينا عنة أنه رأي الاشتراط عند الإحرام عمر الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وعبد الله بن مسعود، وعمار بن ياسر، وهو مذهب عبيدة السلماني، والأسود بن يزيد، وعلقمة، وشريح، وسعيد بن المسيب، وعطاء بن أبي رباح، وعكرمة، وعطاء بن يسار، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وبه قال الشافعي: إذ هو بالعراق، ثم وقف عنه بمصر. وكان ابن عمر: يكره الاشتراط في الحج، وأنكر ذلك طاووس، وسعيد بن جبير، والزهري، ومالك، والنعمان. قال أبو بكر: بالقول الأول أقول. 17 - باب تقليد الهدى وإشعاره قال أبو بكر: (ح 592) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قلد الهدى.

18 - باب استحباب أن يقلد المرء نعلين

م 1268 - وكان مالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي: يرون تقليد الهدى. م 1269 - واختلفوا في تقليد الغنم، ورأت ذلك عائشة أم المؤمنين، وكان عطاء بن أبي رباح، وعبيد الله أبي يزيد، وعبيد الله بن عبيد بن عمير، ومحمد بن علي [يقولون]، رأينا الغنم تقدم مقلده. وقال بعضهم: رأينا الكباش تقلد. وكان الشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، يرون تقليد الغنم. وأنكر مالك، وأصحاب الرأي: تقليد الغنم. قال أبو بكر: بالقول الأول أقول. (ح 593) للثابت عن عائشة أنهما قالت: كنت أقتل قلائد الغنم لرسول الله - صلى الله عليه وسلم- فيبعث بها، ثم يمكث حلالاً. 18 - باب استحباب أن يقلد المرء نعلين قال أبو بكر: (ح 594) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قلد الهدى نعلين. م 1270 - وبه قال ابن عمر، والشافعي،

19 - باب إشعار الهدى

وقال مالك، والزهري والشافعي: إن النعل الواحدة تجزئ. م 1271 - واختلفوا في المرء يقلد هديه، فكان ابن عمر يقول: إذا قلد هدية فقد أحرم، وبه قال الشعبي، والنخعي. وقال عطاء: سمعنا ذلك. وقال الثوري، وأحمد، وإسحاق: إذا قلد فقد وجب عليه، وبه قال أصحاب الرأي. وفيه قول ثانٍ: وهو أن لا يحرم إلا [1/ 101/ألف] من أهل أو لبى، هذا قول عائشة أم المؤمنين. وقال مالك، والشافعي، وأبو ثور: لا يكون الرجل بالتقليد محرماً حتى يحرم. وبهذا نقول. (ح 595) لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قلد الهدى، ولم يحرم. 19 - باب إشعار الهدى قال أبو بكر: (ح 596) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قلد الهدى وأشعره.

20 - باب إشعار البقر وتقليدها

م 1272 - وممن رأى أن البدنه تشعر ابن عمر، والحسن البصري، والقاسم، وسالم، وعطاء، ومجاهد، ومالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، ويعقوب، ومحمد. وأنكر يعقوب: الإشعار. وبالقول الأول أقول. 20 - باب إشعار البقر وتقليدها م 1273 - واختلفوا في إشعار البقر وتقليدها، فكان ابن عمر يقول: تشعر البقر في أسنمتها. وقال عطاء، والشافعي، وأبو ثور: البقر تقلد وتشعر. وقال مالك: لا بأس أن تشعر إذا كان لها سنام، ولا تشعر التي لا سنام لها وتقلد. وروينا عن سعيد بن جبير. أنه قال: البقر تقلد ولا تشعر. قال أبو بكر: بالقول الأول أقول. 21 - باب الشق الذي لا تشعر منه البدنه قال أبو بكر (ح 597) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أشعر جانب السنام الأيمن.

22 - باب تجليل البدن

م 1274 - واختلفوا في الشق الذي منه تشعر البدنه، فقالت طائفة: تشعر من الجانب الأيمن، كان ابن عمر يفعل ذلك، وبه قال الشافعي، وأحمد، وأبو ثور. وقال إسحاق مرة: كقول أحمد، ومرة قال من أي الجانبين شاء. وقال مالك: تشعر من الجانب الأيسر، ولا أرى بأساً بالأيمن. وقال سالم بن عبد الله: من شقه الأيسر. وقال مجاهد: من حيث شاء. وبالقول الأول أقول. 22 - باب تجليل البدن قال أبو بكر: (ح 598) ثبت عن علي أنه قال: أمرني رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أن أقوم على بدنه، وأقسم جلودها وجلالها. م 1275 - وكان مالك، والشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي يرون: أن تجلل البدن. وكان ابن عمر " يجلل البدن الإنماط، والبرود، والحبر حين يخرج من المدينة ثم ينزعها فيطويها حتى يكون يوم عرفة [1/ 101/ب]

23 - أبواب التلبية

فيلبسها إياها حتى ينحرها، ثم تصدق بها وربما دفعها إلى بني تسيية". قال أبو بكر: ولا أحب أن تشق الجلال، كان ابن عمر: لا يشق جلال بدنه. 23 - أبواب التلبية قال الله عز وجل: {فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ} الآية. م 1276 - وكان ابن عمر: يقول: الفرض التلبية، وبه قال عطاء، وعكرمة، وطاووس. وقال ابن عباس: الفرض الإهلال. وقال ابن مسعود: الفرض الإحرام، وبه قال ابن الزبير. وقالت عائشة: لا إحرام إلا لمن أهل أو لبى. وقال الثوري: الفرض الإحرام، والإحرام التلبية، والتلبية في الحج مثل التكبير في الصلاة. وقال أصحاب الرأي: إن كبر أو سبح، أو هلل ينوي بذلك الإحرام فهو محرم.

24 - باب تلبية رسول الله- صلى الله عليه وسلم -

قال أبو بكر: أحسن ما عقد به المرء الإحرام أن يعقد بقلبه ما يريد منه إما حجاً وإما عمرةً، وإما قراناً، ويلبي بلسانه فإذا فعل ذلك كان محرماً. 24 - باب تلبية رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال أبو بكر. (ح 599) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - كان يقول: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك. (ح 600) وزاد ابن عمر من قوله: لبيك لبيك وسعديك لبيك والرغباء إليك والعمل. (ح 601) وفي حديث أبي هريرة عن النبي-صلى الله عليه وسلم-: "لبيك إله الحق". م 1277 - واختلفوا في الزيادة على تلبية: رسول الله- صلى الله عليه وسلم -. فكان أنس بن مالك يقول في تلبية: لبيك حجاً حقاً تعبداً ورقاً.

25 - باب رفع الصوت بالتلبية

وروينا عن عمر بن الخطاب أنه كان يقول بعد التلبية: لبيك ذا النعماء والفضل الحسن، لبيك مرغوباً ومرهوباً إليك. ورخص في الزيادة على تلبية رسول الله- صلى الله عليه وسلم - سفيان الثوري، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. وقال الشافعي: "لا أحب أن أزيد على تلبية رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلا أن يرى شيئاً يعجبه فيقول: لبيك إن العيش عيش الآخرة". وقد روينا عن سعد بن أبي وقاص: أنه سمع رجلاً يقول: لبيك ذا المعارج، فقال: ما كنا نقول على عهد رسول الله- صلى الله عليه وسلم -. قال أبو بكر: الإقتصار على تلبية رسول الله- صلى الله عليه وسلم -[1/ 102/ألف]- صلى الله عليه وسلم - أحب إلي فإن زاد زائد في تلبيتة مثل ما روى عن أصحاب رسول الله لم أكره ذلك، لأن في حديث جابر دلالة على إباحة ذلك. (ح 602) قال جابر: وأهل الناس بهذا الذي يهلون، فلم يرد النبي -صلى الله عليه وسلم- شيئاً، ولزم رسول الله-صلى الله عليه وسلم- تلبيته. 25 - باب رفع الصوت بالتلبية قال أبو بكر: (ح 603) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: أتاني جبريل فأمرني أن

آمر أصحابي أو من معي أن يرفعوا أصواتهم بالتلبية أو بالإهلال. م 1278 - وقد اختلف في رفع الصوت في بعض المواضع، فكان مالك يقول: لا يرفع المحرم صوته بالإهلال في مسجد الجماعة، يسمع نفسه ومن يليه، إلا في المسجد الحرام ومسجد منى فإنه يرفع صوته فيهما. وكان الشافعي يقول: بمثل قوله في القديم ويريد مع ذلك مسجد عرفة ثم قال بمصر: يرفع صوته في جميع المساجد. قال أبو بكر: وهذا أصح؛ لأنه يوافق ظاهر الحديث. وكان ابن عمر يرفع صوته بالتلبية. وقال ابن عباس: هي زينة الحج. وقال أبو حازم كان أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم - لا يبلغوا الروحاء حتى تبح حلوقهم من التلبية. م 1279 - وقال ابن عمر: المرأة لا ترفع صوتها بالتلبية وبه قال عطاء، ومالك، والأوزاعي، والشافعي، وأصحاب الرأي. وقال سليمان بن يسار: السنة عندهم أن المرأة لا ترفع صوتها بالإهلال. وقد روينا عن ميمونة: أنها كانت تجهر بالتلبية. م 1280 - واختلفوا في التلبية في الطواف، فكان ربيعة بن أبي عبد الرحمن، وابن أبي رواد، والشافعي، وأحمد لا يرون به بأساً.

26 - باب أشهر الحج

وروينا عن سالم بن عبد الله عن أبيه أنه قال لا يلب حول البيت. وقال ابن عيينة: ما رأيت أحداً يقتدى به يلبى حول البيت إلا عطاء بن السائب. م 1281 - واختلفوا في تلبية الحلال، فكان الشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي: لا يرون به بأساً. وبه قال النخعي، والحسن البصري، وعطاء بن السائب، وروي ذلك عن ابن مسعود. وكان [1/ 102/ب] مالك يكره ذلك. قال أبو بكر: لا بأس به. م 1282 - واختلفوا فيمن لم يلب من حين بدأ الحج إلى أن فرغ منه، فحكى عن الشافعي أنه قال: لا شيء عليه وقد أساء. وقال أصحاب الرأي: إذا لبى مرة فقد أساء، ولا شيء عليه. وقال ابن القاسم صاحب مالك: عليه أن يهريق دماً. 26 - باب أشهر الحج قال الله تعالى {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} الآية. م 1283 - واختلفوا في قوله تعالى {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ}. فقال ابن مسعود، وابن الزبير، والشعبى، والنخعي، وعطاء، ومجاهد، وقتادة، والثوري، وأبو ثور: شوال، وذو القعدة، وعشر من ذي الحجة.

27 - باب الإهلال بالحج في غير أشهر الحج

وقال مالك: أشهر الحج ثلاثة، فقيل: ذو الحجة كله، فقال: نعم. وقد اختلف عن ابن عمر، وابن عباس فيه، فروي عنهما أنهما قالا: كما قال ابن مسعود، وروي عنهما أنهما قالا: شوال، وذو القعدة، وذو الحجة. وقال الفراء: "الأشهر" رفع لأن معناه: وقت الحج أشهر معلومات. وقال غير الفراء: الحج أشهر معلومات، يريد أن الحج في أشهر معلومات. 27 - باب الإهلال بالحج في غير أشهر الحج قال أبو بكر: (ح 604) روينا عن ابن عباس أنه قال: لا يحرم بالحج إلا في أشهر الحج، فإن من سنة الحج أن يحرم بالحج في أشهر الحج. م 1284 - واختلفوا في ذلك، فقال الشافعي، وأبو ثور: ليس لأحد أن يحرم بالحج قبل أشهر الحج فإن فعل ذلك كانت عمرة. وقال الأوزاعي. يحل بعمرة. وقال أحمد: هذا مكروه. وقال إسحاق: كنت قائلاً له اجعلها عمرة. وروينا عن عطاء، وطاووس، ومجاهد أنهم قالوا: يجعلها عمرة.

28 - باب إباحة الإفراد والإقران والتمتع

وكان الثوري ومالك، والكوفي يجيزون الإحرام بالحج قبل أشهر الحج. وكان مالك: يكرهه. وروينا عن النخعي أنه قال: لا يحل حتى يقضي حجه. 28 - باب إباحة الإفراد والإقران والتمتع قال أبو بكر: (ح 605) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: من أراد منكم أن يهل بحج وعمرة فليهل، ومن أراد أن يهل بحج فليهل، ومن أراد أن يهل بعمرة فليهل. م 1285 - واختلف أهل العلم أي ذلك أفضل، فاستحب مالك، والشافعي، وأبو ثور الإفراد. وكان ابن عمر، [1/ 103/ألف] وجابر، وعائشة: يرون إفراد الحج. وكان الثوري، وأصحاب الرأي: يستحبون القرآن، وذكر إسحاق أن النبي- صلى الله عليه وسلم - كان قارناً. وكان أحمد بن حنبل: يرى أن التمتع بالعمرة إلى الحج أفضل، ولا شك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان قارناً، واحتج من رأى التمتع بالعمرة إلى الحج أفضل: (ح 606) بقول النبي-صلى الله عليه وسلم-: لو استقبلت من أمري ما استدبرت

29 - باب ما يلزم من أهل بحجتين

ما سقت الهدى، ولجعلتها عمرة. ولما أباح لهم النبي-صلى الله عليه وسلم- أن يهلوا بما أحبوا من الإقران والإفراد والتمتع جاز أن يقال: أن النبى -صلى الله عليه وسلم- فعل ذلك كما يقال: رجم النبي-صلى الله عليه وسلم -ماعزاً، وقطع في مجن، والنبي- صلى الله عليه وسلم- لم يحضر رجم ماعز، وفي هذا الباب كلام كثير وقد بينته في المختصر الكبير، وكتاب الأوسط. 29 - باب ما يلزم من أهل بحجتين م 1286 - واختلفوا فيمن أهل بحجتين، فقال الشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور: لا يلزمه إلا حجة واحدة، وليس عليه في الأخرى شيء. وقال النعمان: إذا أهل بحجتين أو بعمرتين يكون رافضاً لإحديهما حين يسير متوجهاً إلى مكة. وقال يعقوب: أما أنا فأراه رافضاً لإحديهما حين أهل بهما قبل أن يسير إلى مكة. وقال سفيان الثوري: من أهل بحجتين قضى حجة، وجعل الأخرى عمرة يطوف لها ويسعى، ويحل ويهريق دماً لما أحل منه، ويحج من قابل. قال أبو بكر: أقول بقول الشافعي ومن وافقه. م 1287 - واختلفوا فيمن أهل بحجة فجامع فيها، ثم أهل بأخرى، فكان أبو ثور يقول: لا يلزمه إلى أهل بها بعد، ولكنه يمضي في الحجة التي أهل بها أولاً حتى يفرغ منها، وعليه حج قابل والهدى.

30 - باب جماع أبواب ما يحرم على المحرم أن يفعل في إحرامه

قال أبو بكر: وهذا على مذهب الشافعي، وأحمد، وإسحاق. وقال أصحاب الرأي: يرفض الأخرى، ويمضي في التي جامع فيها حتى يقضيها مع الناس، وعليه حجة مكانها، وعليه عمرة وحجة مكان التي رفض، ودم. قال أبو بكر: قول أبي ثور صحيح. 30 - باب جماع أبواب ما يحرم على المحرم أن يفعل في إحرامه م 1288 - أجمع أهل العلم على أن المحرم ممنوع من الجماع، وقتل الصيد، والطيب، وبعض اللباس، وأخذ الشعر، وتقليم الأظفار. م 1289 - وأجمعوا على أن الحج لا يفسد بإتيان [1/ 103/ب] شيء من ذلك في حال الإحرام، إلا الجماع. م 1290 - فإن عوام أهل العلم قد أجمعوا على أن من جامع عامداً في حجة قبل وقوفه بعرفة أن عليه حج قابل، والهدى، إلا شيئاً يختلف فيه عن عطاء، وقول لقتادة: وأنا ذاكر ذلك في مكانه إن شاء الله تعالى. 31 - باب ما نهى عنه المحرم من الجماع والقبلة والمباشرة قال الله جل ذكره: {فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} الآية.

32 - باب الجماع في الحج

م 1291 - وكان ابن عباس، وابن عمر، وعطاء بن أبي رباح، وعطاء بن يسار، ومجاهد، والحسن البصري، وإبراهيم النخعي، والزهري، وقتادة، يقولون: "الرفث" الجماع، وكذلك قال أبو عبيدة وجماعة، روينا عن ابن عباس أنه قال: "الرفث" غشيان النساء والقبلة والغمز، وأن يعرض لها بالفحش من الكلام ونحو ذلك. قال أبو عبيد: في قوله: فلا رفث أي لا لغا من الكلام. قال العجاج: عن اللغاء، ورفث التكلم. وقال ابن عباس: "الفسوق " المعاصي، و "الجدال" أن تمارى صاجك حتى تغضبه. 32 - باب الجماع في الحج قال أبو بكر: أعلى شيء روى فيمن وطى في حجه، حديث ابن عباس: م 1292 - سئل ابن عباس: عن رجل وقع على امرأته وهو محرم فقال: عليهما الحج من قابل، ويتفرقان من حيث يحرمان، ولا يجتمعان حتى يقضيا حجهما، وعليهما الهدى. قال أبو بكر: م 1293 - وقد روينا هذا القول، عن عمر بن الخطاب وبه قال سعيد المسيب، وعطاء، والنخعي، والثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي، غير أن بعضهم لم يذكر يفرقان.

33 - باب ما يجب على المحرمين من الهدي إذا أفسدا حجهما بجماع

وكان الحسن البصري آخر قوليه يقول: تصير الحجة التي جامع فيها عمرة، وعليه حج قابل، والهدى، روينا ذلك عن مجاهد، وطاووس. وقال مالك في الذي يفسد حجة بإصابة أهله: لا ينبغي أن يقيم على حج فاسد، ولكن ليجعلها عمرة إلى قابل، فإذا حج فعليه الهدى، أو الصيام إن لم يجد هديا، وروينا عن عطاء رواية أخرى، روينا عن عطاء أنه قال: إذا كانت عليهما مهلة فاستطاعا أن يرجعا إلى مهلهما، فليهلا منه ما لم يخشيا أن يفوتهما الحج فليفعلا. وقال قتادة: إذا كان عليهما مهل يرجعان إلى أحدهما ويهلان [1/ 104/ألف] ويفترقان ويهديان هديين، يعني من وطي امرأته في الحج وهما محرمان. 33 - باب ما يجب على المحرمين من الهدي إذا أفسدا حجهما بجماع م 1294 - واختلفوا فيما يجب عليهما من الهدي إذا أفسدا حجهما بالجماع، فكان ابن عباس، وسعيد بن المسيب، والضحاك، والحكم، وحماد، والثوري، وأبو ثور يقولون: على كل واحد منهما هدي. وقال النخعي: بدنه على كل واحد منهما، وبه قال مالك. وقال أصحاب الرأي إذا كان ذلك قبل عرفة فعلى كل واحد منهما شاة.

34 - باب افتراق المحرمين إذا قضيا حجهما ومتى يفترقان

وقال أحمد مرة: أرجو أن يجزيهما هدي، وقال مرة: على كل واحد منهما هدي. وقال عطاء: يهديان هدياً واحداً وبه قال الشافعي وإسحاق، قال أبو بكر: بقول ابن عباس أقول. 34 - باب افتراق المحرمين إذا قضيا حجهما ومتى يفترقان م 1295 - واختلفوا في افتراق المحرمين يفسدان حجهما، ومتى يفترقان، فقال ابن عباس، ومالك، وأحمد، يفترقان من حديث يحرمان، ولا يجتمعان حتى يقضيا نسكهما. وقال سعيد بن المسيب: إذا أتيا على المكان الذي أحرما منه تفرقا وأهديا. وقال الثوري، وإسحاق: يفترقان من المكان الذي أصابها فيه إذا أمرا به، ولا يجتمعان حتى يفرغا من حجهما. وقال عطاء، وأصحاب الرأي: لا يفترقان. وقال الشافعي: يفترقان حتى يقضيا نسكهما، ولو لم يفترقا لم يكن في ذلك فدية. زقال أبو ثور: إن لم يفترقا لم يضرهما. قول الشافعي حسن.

35 - باب الهدي الذي يجب على المجامع

35 - باب الهدي الذي يجب على المجامع م 1236 - واختلفوا في الهدي الذي يجب المجامع في الإحرام. فقال ابن عباس: إهد ناقة ولتهد ناقة. وقال عطاء، وطاووس، ومجاهد، ومالك، والشافعي، وأبو ثور: عليه بدنه. وقال سفيان الثوري، وإسحاق: عليه بدنه، فإن لم يجد بدنه أجزأته شاة. وفيه قول ثالث: هو أن الجماع إن كان قبل عرفة فعلى كل واحد منهما شاة، وليقضيان نسكهما وعليهما الحج، من قابل، وإن كان الجماع بعدما تزول الشمس وهو بعرفة، أو ليلة المزدلفة فعليه جزور، ويقضي ما بقى من حجه، وليس عليه شيء غير ذلك، هذا قول أصحاب الرأي. 36 - باب من جامع في الحج مراراً م 1297 - واختلفوا فيما يجب على من جامع في الحج مراراً، فقال عطاء، ومالك، والشافعي، وإسحاق: عليه [1/ 104/ب] كفارة واحدة. وقال أبو ثور: عليه لكل وطيء بدنه. وقال آخر: إذا جامع في مقام واحدة امرأة أو امرأتين، فعليه دم واحد، وإذا جامع في مقامين امرأة أو امرأتين، فعليه دمان، ويمضي حتى يفرغ من عمرته، وعليه قضاءها.

37 - باب المحرم يواقع نسوة محرمات

وقال ابن الحسن: في هذا عليه كفارة واحدة ما لم يكفر، فإذا كفر، ثم جامع وجبت كفارة أخرى. 37 - باب المحرم يواقع نسوة محرمات م 1298 - واختلفوا في المحرم يواقع نسوة محرمات، فقال مالك: عليه كفارة واحدة، وقال عطاء: نحوه. وقال مالك: إن أكرهن فعليه الكفارة عن كل واحدة كفارة كفارة. قال الشافعي: إن كن محرمات ينحر عن كل واحدة منهن بدنه. 38 - باب القارن يفسد إحرامه م 1299 - قال عطاء، وابن جريج، والشافعي، ومالك، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور: عليه هدي واحد للإفساد، وعليه دم القارن في قول مالك، والشافعي. وقال الحكم: عليه هديان. وقال أصحاب الرأي: إن جامع قبل أن يقف بعرفة فعليه شاتان، وعليه حج قابل وعمرة مكانها، ولا يكون عليه دم القران. وقال سفيان الثوري: إذا جامع القارن قبل أن يأتي مني فقد طاف وسعى لعمرته فعليه شاة لعمرته، وينحر بدنه لحجة، وعليه الحج من قابل.

39 - باب المحرم يأتي زوجته وهي نائمة أو مستكرهة

39 - باب المحرم يأتي زوجته وهي نائمة أو مستكرهة م 1300 - قال عطاء: وإن أصابها وهي حرام وليس هو حرام فقالت: غلبني على نفسي، فعليه الهدى وافياً عنها، وعليه النفقة عليه في قضائها ذلك الحج، ولا بد لها من قضائه، وإن كان أكرهها فلا غدر لها بأن تقول: غلبني على نفسي. وقال مالك: إذا أكرههن فعليه أن يحججن، ويهدي عن كل واحدة منهن بدنه. وقال الشافعي: عليه بدنه، وحج قابل، وأن يحج بامرأته طاوعته أو أكرهها. وقال أصحاب الرأي: عليها دم، وعليه دم آخر ويقضيان ما بقى من إحرامهما عليهما قضاء ذلك الإحرام، والنائم، والمكره في ذلك سواء وقيل لأحمد: هل على المرأة شيء إذا كانت كارهة؟ قال المستكره لا، وبه قال إسحاق، وأبو ثور. قال أبو بكر: هذا أصح على النظر. 40 - باب المكان الذي يحرم منه من أفسد حجة من قابل [1/ 105/ألف] م 1301 - قال ابن عباس: يحرم من المكان الذي كان أهل بالحجة التي أفسدها، وبه قال سعيد بن المسيب، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وبه نقول. وقال النخعي: يحرم من المكان الذي جامعها فيه.

41 - باب من جامع دون الفرج

41 - باب من جامع دون الفرج م 1302 - واختلفوا فيما يجب على من جامع دون الفرج فأنزل، فقال الشافعي، وأبو ثور: لا يفسد الحج إلا بالتقاء الختانين، وهذا على مذهب الثوري، وأصحاب الرأي فيمن جامع دون الفرج وأنزل. م 1303 - واختلفوا في الدم الذي يجب عليه، فكان سعيد بن جبير، والثوري، وأحمد، وأبو ثور يقولون: عليه بدنه. وقال الشافعي: شاة. وقال أصحاب الرأي: دم. وقال عطاء، والقاسم بن محمد، والحسن، ومالك: عليه حج قابل، والهدى إذا أمنى، وبه قال إسحاق. وقال أحمد مرة: إذا أمنى أفسد حجه، ومرة قال: أجبن عنه. قال أبو بكر: يجب عليه شاة لا غير. 42 - باب المحرم يباشر زوجته م 1304 - واختلفوا في المحرم يباشر زوجته، فقال عطاء، والشافعي: عليه شاة. وقال الثوري، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي: عليه دم. وقال الحسن: في رجل ضرب بيده على فرج جاريته، عليه بدنه. وقال سعيد بن جبير. إذا نال منها دون الجماع، عليه بقرة. قال أبو بكر: قول الثوري حسن.

43 - باب المحرم يقبل زوجته

43 - باب المحرم يقبل زوجته م 1305 - واختلفوا فيمن يقبل زوجته وهو محرم، فقال عطاء، وابن المسيب، وابن سيرين، والزهري، وقتادة، ومالك، والثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي: عليه دم. روينا ذلك عن ابن عباس أنه قال لرجل فعل ذلك أفسدت حجك. وقال عطاء قولاً ثانياً: يستغفر الله. وكلت سعيد بن جبير أربع روايات، أحدها: كقول ابن المسيب، والثاني: أن عليه بقرة، والثالث: أفسد حجه، والرابع: ما نعلم فيها من شيء فاستغفر الله. 44 - باب المحرم يردد النظر إلى زوجته حتى يمنى من غير لمس ولا حس م 1356 - فيمن ردد النظر حتى أمنى ولم يلمس، فقال الحسن البصري، ومالك: عليه حج قابل، والهدي. وقال عطاء: عليه حج قابل. وروينا عن ابن عباس قولين: أحدهما: أن عليه دماً، والثاني: أن عليه بدنه، وحجه تام. ومال الثوري: إلى القول الآخر. وقال سعيد [1/ 105/ب] بن جبير: يهريق دماً، وأعجب أحمد ذلك، وبه قال إسحاق. وقال أبو ثور: لا شيء عليه، وحكى ذلك عن الشافعي والكوفي.

45 - باب المحرم يصيب امرأته في دبرها، أو يلوط، أو أتى بهيمة

45 - باب المحرم يصيب امرأته في دبرها، أو يلوط، أو أتى بهيمة م 1307 - واختلفوا في المحرم يصيب امرأته في دبرها، أو يلوط، أو يفعل ذلك ببهيمة، فقال الشافعي، وأبو ثور، أفسد حجه. وحكى أبو ثور عن الكوفي أنه قال: ليس بمفسد قال: وقال أصحابه: اللوطي بمنزلة الزاني، وقالوا جميعاً في البهيمة: أنه ليس بمفسد. وقال الشافعي: وأحمد: فيمن جامع ناسياً عليه القضاء. وقال الشافعي. عليه الجزاء. 46 - باب الجماع بعد الوقوف بعرفة وقبل الرمي يوم النحر م 1308 - واختلفوا فيمن جامع بعد الوقوف بعرفة وقبل الرمي، فقال عطاء، والشافعي، وأحمد، وأبو ثور: عليه حج قابل. قال عطاء، والشافعي: عليه بدنه. وقال أبو ثور: عليه الهدي. وقال مالك في الموطأ: "عليه الهدي، وحج قابل". وزعم ابن أبي حازم: أن مالكاً رجع عما قال في الموطأ وقال: عليه عمرة وهدي. وقال أصحاب الرأي: إذا كان مفرداً فعليه جزور، ويقضي ما بقى من حجه.

47 - باب من جامع بعد رمي الجمرة يوم النحر قبل الإفاضة

47 - باب من جامع بعد رمي الجمرة يوم النحر قبل الإفاضة م 1309 - واختلفوا فيما على من أتى أهله بعد رمي الجمرة يوم النحر قبل الإفاضة، فقال الحسن البصري، والزهري، وحماد بن أبي سليمان: عليه حج. وروينا ذلك عن ابن عمر. وقال النخعي، والزهري، وحماد: عليه الهدى مع حج قابل. وقال عكرمة، وربيعة، ومالك: يعتمر من التنعيم ويهدي. وقال إسحاق: يعتمر من التنعيم. وقال الأثرم: قال أحمد: يعتمر وعليه دم. وقال ابن عباس، وعطاء، والشعبي، والشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي، عليه بدنه وحجة تامة. م 1310 - واختلفوا فيمن قبل زوجته بعد الرمي في الإفاضة، فقال عمرو بن أبي دينار: لا شيء عليه. وقال عطاء: لا أحب أن يقبل وقال مرة: عببه شاة إن قبل. 48 - باب ما يجب على من أخذ شعره في الإحرام قال الله جل ثناءه: {وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا} إلى قوله {أَوْ نُسُكٍ} الآية.

49 - باب الفدية تجب على من حلق رأسه وهو محرم

م 1311 - روينا عن ابن عباس أنه قال: يعني بالمرض أن يكون برأسه أذىً، أو قرح، [1/ 106/ألف] "أو به أذىً من رأسه"، وهو القمل. وقال عطاء: المرض الصداع، والقمل وغيره. 49 - باب الفدية تجب على من حلق رأسه وهو محرم قال الله جل ثناءه: {فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} الآية. ودل حديث كعب بن عجرة على أن الحالق وهو محرم يجزيه أحد هذه الأشياء. قال أبو بكر: (ح 607) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أمر كعب بن عجرة لما أذا القمل في رأسه، أن يحلق رأسه وقال: صم ثلاثة أيام، أو أطعم ستة مساكين مدين مدين لكل إنسان، أو أنسك شاة أي ذلك فعلت أجزا عنك. م 1312 - وقال بظاهر خبر كعب بن عجرة هذا: مجاهد، والنخعي، وأبو مجلز، ومالك، والشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. واختلف الناس فيه، فقال أحمد مرة: ما قال مالك، وقال مرة: إن أطعم براً فمدّ لكل مسكين، وإن أطعم تمراً فنصف صاع لكل مسكين.

50 - باب تفريق الفدية إذا وجبت أين تكون

وقال الثوري: في الفدية من البر نصف صاع، ومن التمر، أو الشعير، أو الزبيب، صاع صاع. قال أبو بكر: وهذا غلط لأن بعض أخبار كعب: (ح 608) أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له: أو تصدق بثلاثة آصع من تمر على ستة مساكين. وقال الحسن، وعكرمة، ونافع، الصيام عشرة أيام، والصدقة على عشر مساكين. وقال أصحاب الرأي: نحوا مما قال الثوري. م 1313 - وقد أجمع أهل العلم على أن المحرم ممنوع من حلق رأسه، جزّة، وإتلافه بحلق، أو نورة، أو غير ذلك إلا في حال العلة. م 1314 - وأجمعوا على وجوب الفدية على من حلق وهو محرم بغير علة. م 1315 - واختلفوا فيما على من فعل ذلك، أو لبس، أو تطيب بغير عذر. فقال مالك: هو في ذلك بالخيار بين الصدقة، والصيام، والنسك. وقال أبو ثور: عليه دم، ولا خيار له، حكى ذلك عن الكوفي. 50 - باب تفريق الفدية إذا وجبت أين تكون م 1316 - واختلفوا فيما يجب على المحرم من الفدية أين تفرق،

51 - باب ما [1/ 106/ب] على من حلق موضع المحاجم، أو تنور أو طلا، وهو محرم

فقال عطاء: ما كان من دم فبمكة، وما كان من طعام، أو صيام فحيث شاء، وبنحو ذلك قال أصحاب الرأي. وقال طاووس، والشافعي: الدم، وإلا الطعام بمكة، والصوم حيث شاء. وقال مجاهد ومالك: حيث شاء صاحبه. وقال أحمد: الفدية تمضي على حديث على إلا ما كان مما ترك من الحج، وبه قال إسحاق. وقال أبو ثور: وما كان من قص ظفر، أو حلق شعر، أو غير ذلك فحيث فعله يجزيه، وما كان من هدي المتعة، وخبرا الصيد، ودم القران، ذبح بالحرم، وهدي الإحصار يذبح حيث أحصر. 51 - باب ما [1/ 106/ب] على من حلق موضع المحاجم، أو تنور أو طلا، وهو محرم م 1317 - واختلفوا فيما يجب على من حلق موضع المحاجم، أو تنور أو طلأ بدنه بنورة، أو استحد، أو نتف إبطه، ففي قول عطاء: في كل واحدة من ذلك فدية، ولم يذكر موضع المحاجم، وقياس قوله: أن يكون عليه في ذلك مثل ما ذكر في سائر الأشياء التي ذكرت. وقال قتادة في محرم أخذ من شاربه، أو قص أظفاره، أو نتف إبطه، أو تنور: عليه في كل واحدة منه إذا فعله دم، وهذا قول مالك والشافعي. وقال أصحاب الرأي: "في المحرم يأخذ من شاربه، ويمس لحيته فينشر منها شعر، عليه في كل شيء من ذلك صدقة، فإن أخذ

52 - باب المحرم ينتف من رأسه الشعرة والشعرتين والثلاث

ثلث رأسه، أو ثلث لحيته، أو نصفه، فعليه دم، فإن نتف ابطيه أو أحدهما فعليه دم، وكذلك إن استحد، أو أطلى بنورة، فإن نتف من إبطه شعراً قليلاً تصدق بشيء، وإن احتجم بحلق مواضع المحاجم فعليه أن يتصدق بشيء ففي قول يعقوب، ومحمد. وقال النعمان: "من حلق موضع المحاجم عليه دم، وإن حلق الرقبة كلها فعليه دم في قولهم جميعاً". وفي قول الشافعي، وأبي ثور، عليه في كل شيء بما ذكرناه عن الكوفيين دم. م 1318 - ولا فرق في قول مالك، والشافعي، وأبي ثور بين القارن، والمفرد، والمعتمر في ذلك. وقال أصحاب الرأي: في كل ذلك شيء يجب على المفرد فيه كفارة، وعلى القارن كفارتان. قال أبو بكر: وبقول مالك، والشافعي أقول. 52 - باب المحرم ينتف من رأسه الشعرة والشعرتين والثلاث م 1319 - واختلفوا فيمن نتف رأسه أو لحيته وهو محرم شعره أو شعرتين أو ثلاث شعرات، فروينا عن الحسن البصري أنه قال: عليه في الشعرة مدّ، وفي الشعرتين مدان، وفي ثلاث دم، وبه قال ابن عيية، والشافعي.

53 - باب المحرم يأخذ من شعره ناسيا

وحكى ابن عيينة عن عطاء: أن في ثلاث شعرات دماً، وبه قال أبو ثور وقال: فيما دون ذلك فدية. وقال مالك: فيمن نتف شعراً يسيراً لا شيء عليه، إلا أن يكون أماط به عنه أذىً فأرى أن يفتدي. وقال عبد الملك صاحبه: فيما قل من الشعر إطعام طعام، وفيما كثير فدية ثم قال: وذلك قول مالك. وقال أحمد: الدم في الثلاث شعرات كثير. وقال إسحاق: فيه دم، وقد ذكرت قول أصحاب الرأي فيما مضى وقد [1/ 107/ألف] روينا عن عطاء ثلاث روايات: إحداها: أن في ثلاث شعرات دماً، وروينا عنه أنه قال: ليس في الشعرة والشعرتين شيء وقال: فيمن مس لحيته فوقعت في يده شعرة أو شعرتان يطعم كفارة عن طعام. 53 - باب المحرم يأخذ من شعره ناسياً م 1320 - قال عطاء: لا شيء على من مس لحيته، أوحكها فخرج في يده شعر، وكذلك قال الثوري، وأحمد، وإسحاق. وقال إسحاق: فيمن حلق ناسياً، لا شيء عليه وكذلك إن تطيب. والشافعي يوجب في الحلق ناسياً الفدية. وقال مالك بن أنس في الموطأ: "فيمن حلق عن شجه في رأسه لضرورة، أو حلق شعره لوضع المحاجم، وهو محرم ناسياً أو جاهلاً عليه الفدية".

54 - باب أخذ الأظفار في الإحرام

وحكى ابن نافع عنه أنه قال: في الرجل ينزع مخاطاً ناسياً من أنفه فنزع معه شعرا، أو نفخ تحت قدره، أو أدخل يده في التنور فأصاب شعره لهب النار، لا فدية عليه. وقال الثوري: من حلق متعمداً أو ناسياً عليه الكفارة. قال أبو بكر: لاشيء عليه. 54 - باب أخذ الأظفار في الإحرام م 1321 - أجمع أهل العلم على أن المحرم ممنوع من أخذ أظفاره. م 1322 - وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن له أن يزيل عن نفسه ما كان منكسراً منه، وممن حفظنا ذلك عنه ابن عباس، ومجاهد، وسعيد بن المسيب، وعطاء، وسعيد بن جبير، والنخعي، ومالك، والثوري، والشافعي، والحميدي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. م 1323 - واختلفوا فيما يجب على من أخذ جميع أظفاره، فقال حماد الكوفي، ومالك، والشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي: عليه دم. وقال عبد الملك الماجشون: فيه فدية. واختلف فيه عن عطاء، فروينا عنه أنه قال: في أظفاره دم، وأصح من ذلك قوله: لا فدية عليه.

55 - باب من أخذ بعض أظفاره وهو محرم

55 - باب من أخذ بعض أظفاره وهو محرم م 1324 - واختلفوا فيمن أخذ بعض أظفاره وهو محرم، فقال الشافعي، وأبو ثور: إن أخذ ظفراً أطعم مسكيناً واحداً، وإن أخذ ظفراً ثانياً أطعم مسكينين، فإن أخذ ثلاثاً في مقام واحد أهراق دماً. وفي قول أصحاب الرأي: "فيمن قص ظفراً من أظفاره أو اثنين، عليه إطعام مسكين لكل ظفر نصف صاع من حنطة، وإن كان قارناً أضعفت عليه الكفارة، فإن قص ثلاثة أظافر فعليه دم، ثم رجع النعمان عن هذا فقال: لا أرى عليه دماً حتى يقص أظافر يدٍ كاملة [1/ 107/ب] أو رجل كامل، وهو قول يعقوب، ومحمد، إلا أن محمداً قال: فإن قص خمسة أظافير متفرقة من يدين، أو رجلين أو يدٍ أو رجل كان عليه دم". 56 - باب المحرم يصيبه في أظفاره أذى فيقصها م 1325 - قال أصحاب الرأي: "إذا أصابه من أظفاره أذىً فقصها، كفر بأي الكفارات شاء". وقال أبو ثور: فيها قولان، هذا أحدهما، والثاني لا شيء عليه. وقال ابن القاسم صاحب مالك: "فيمن أراد أن يداوي قرحه فلم يقدر على ذلك إلا أن يقلم أظفاره، لا شيء عليه".

57 - باب المحرم يقص أظفار الحلال أو يحلقه

57 - باب المحرم يقص أظفار الحلال أو يحلقه قال أبو بكر: م 1326 - كان عطاء، ومجاهد، وعمرو بن دينار، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور يقولون: في محرم أخذ شارب حلال لاشيء عليه. قال أبو بكر: وكذلك نقول. وقال سعيد بن جبير: يتصدق بدرهم. واختلف عن مالك في هذا، فحكى ابن القاسم عنه أنه قال: في المحرم يحلق رأس الحلال عليه الفدية، وحكى معن عنه أنه قال: في المحرم يقص شعر الحلال وأن تيقن أنه لم يقتل قملاً، لا شيء عليه. 58 - باب ما على من حلق رأس محرم مكرها له أو وهو نائم م 1327 - قال الشافعي: في هذه المسألة على المحرم الفدية يرجع به على المحل، يعني الفاعل به، إلا أن يصوم المحرم فلا يرجع بشيء المحلق. وقال أبو ثور، وابن القاسم صاحب مالك، وإسحاق: لا شيء على المحرم. وبه نقول. وفيه قول ثالث: وهو أن على المحلوق دماً، وعلى الحالق صدقة. هذا قول أصحاب الرأي. وقال عطاء: في محرم أخذ من شارب المحرم، عليهما الفدية.

59 - باب من لبس وتطيب وحلق في وقت واحد

59 - باب من لبس وتطيب وحلق في وقت واحد م 1328 - واختلفوا فيما يجب على من حلق، ولبس، وتطيب في وقت واحد، أو أوقات، فقال عطاء، وعمرو بن دينار: إذا حلق، ثم احتاج إلى الطيب، أو قلنسوة أو إليهما، فليطيب ويلبس القلنسوة، وإن كان بينهما أيام، فليس عليه إلا فدية واحدة. وقال عطاء: إن لبس ولم يكفر، وتطيب ما لم يكفر (¬1) الأول فكفارة واحدة. وقال الحسن البصري: إن لبس القميص، وتطيب، وتعمم، فعل ذلك جميعاً فليس عليه إلا كفارة واحدة. وقال مالك: [1/ 108/ألف] فيمن حلق، ولبس الثياب، وتطيب، وقلم أظفاره في فور واحد فعليه فدية، فإن فعل ذلك شيئاً بعد شيء، فعليه في كل شيء فعله من ذلك كفارة كفارة. وقال ابن القاسم: قال مالك: إن كانت نيته حين لبس الثياب أن يلبسها إلى برئه فجل يلبسها بالنهار ويخلعها بالليل، حتى مضى عشرة أيام فعليه كفارة واحدة. وقال أحمد، وإسحاق: إن مس طيباً، ولبس، وحلق عليه كفارة واحدة، وإن فعل ذلك واحداً بعد واحد، فعليه في كل واحد دم. وقال الشافعي: إن أخذ من شعره، وأظفاره، وتطيب فعليه في كل واحدة كفارة، وإن كان في مقام واحد، وإن لبس قميصاً وسراويل وخفين، عليه كفارة، فإن فرق فعليه في كل واحد كفارة. ¬

_ (¬1) تكرر في الأصل "وطيب ما لم, وطيب ما لم يكفر".

60 - باب ما نهى عنه المحرم من اللبس

وقال أصحاب الرأي. "إن لبس القميص أو السراويل يوماً إلى الليل فعليه دم، وإن لبس أقل من يوم فعليه صدقة". 60 - باب ما نهى عنه المحرم من اللبس م 1329 - أجمع أهل العلم على أن المحرم ممنوع من لبس القميص، والعمائم، والقلانس، والسراويلات، والخفاف، والبرانس. (ح 609) وثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - نهى عن لبس ذلك كله. (ح 610) وروينا عنه أنه نهى عن لبس الأقبية. م 1330 - واختلفوا في لبس الأقبية للمحرم، فكره ذلك مالك. وقال الأوزاعي، والشافعي، على من لبس القباء وهو محرم الفدية. وقال عطاء يتردا به. وقال النخعي: لا بأس أن يدخل منكبيه في القباء، وبه قال أصحاب الرأي، وأبو ثور.

61 - باب ما نهى عنه النساء من النقاب والقفازين

61 - باب ما نهى عنه النساء من النقاب والقفازين م 1331 - أجمع أهل العلم على أن للمرأة المحرمة لبس القميص، والدرع، والسراويلات، والخمر، والخفاف. (ح 611) وجاء الحديث عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه نهى أن تنتقب المرأة المحرمة أو تلبس القفازين. وقد اختلفوا في ثبوت ذلك، فجعل بعضهم ذلك من كلام ابن عمر. م 1332 - واختلفوا في لبسها وهي محرمة القفازين، والنقاب، فقال ابن عمر، وعطاء، ونافع، والنخعي: لا تنتقب المرأة ولا تلبس القفازين. وقال الأسود، وعلقمة: لا تنتقب المرأة. وقال الحكم، وحماد: لا تلبس البرقع، وبه قال الشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي. وكان مالك يكره القفازين، والنقاب. وقال الثوري. لا تتبرقع، ولا تلتثم. قال أبو بكر: أما البرقع والنقاب فمكروه، لأن كراهية ذلك ثابتة عن [سعد] (¬1) وابن عمر، وابن عباس، وعائشة. ولا نعلم أحدا من. . . . . . . . (¬2) ¬

_ (¬1) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: في المطبوع (مسعد)، والتصويب من المغني (¬2) بدأ السقط من هنا قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: جاء في المغني: «وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ الْمَرْأَةَ يَحْرُمُ عَلَيْهَا تَغْطِيَةُ وَجْهِهَا فِي إحْرَامِهَا، كَمَا يَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ تَغْطِيَةُ رَأْسِهِ. لَا نَعْلَمُ فِي هَذَا خِلَافًا، إلَّا مَا رُوِيَ عَنْ أَسْمَاءَ، أَنَّهَا كَانَتْ تُغَطِّي وَجْهَهَا وَهِيَ مُحْرِمَةٌ. وَيَحْتَمِلُ أَنَّهَا كَانَتْ تُغَطِّيهِ بِالسَّدْلِ عِنْدَ الْحَاجَةِ، فَلَا يَكُونُ اخْتِلَافًا قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: وَكَرَاهِيَةُ الْبُرْقُعِ ثَابِتَةٌ عَنْ سَعْدٍ وَابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةَ، وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا خَالَفَ فِيهِ.» اهـ من المغني

[69 - باب المحرم لبس أو تطيب ناسيا]

[69 - باب المحرم لبس أو تطيب ناسيا]

70 - باب ما يفعله من أحرم وعليه قميص

ـ. . . . . . . . . . . . . (¬1) [1/ 108/ب] إلى الليل فعليه دم، وإن كان أقل من ذلك فعليه صدقة يتصدق بها. قال أبو بكر: لا شيء عليه إذا كان ناسياً أو جاهلاً استدلا [لا]: (ح 615) بخبر يعلى بن أمية. 70 - باب ما يفعله من أحرم وعليه قميص م 1341 - قال عطاء، وسعيد بن جبير، والحسن، وطاووس، والشافعي، وأحمد، وإسحاق: فيمن أحرم وعليه قميص ينزعه ولا يشقه. واحتج الشافعي، وإسحاق. (ح 616) بخبر يعلى بن أمية أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر السائل صاحب الجبة بنزعها. وقد روينا عن النخعي أنه قال: ليشقه ويجعله من أسفل. وقال أبو قلابة: يشقه. وقال الشافعي: يخرق ثيابه. قال أبو بكر: بالأول أقول. ¬

_ (¬1) انتهى السقط قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: وجاء في المغني لابن قدامة ما يلي: مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَإِنْ لَبِسَ أَوْ تَطَيَّبَ نَاسِيًا، فَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ، وَيَخْلَعُ اللِّبَاسَ، وَيَغْسِلُ الطِّيبَ، وَيَفْرَغُ إلَى التَّلْبِيَةِ) • الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّ الْمُتَطَيِّبَ أَوْ اللَّابِسَ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا لَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ. وَهُوَ مَذْهَبُ عَطَاءٍ، وَالثَّوْرِيِّ، وَإِسْحَاقَ، وَابْنِ الْمُنْذِرِ. وَقَالَ أَحْمَدُ. قَالَ سُفْيَانُ: ثَلَاثَةٌ فِي الْجَهْلِ وَالنِّسْيَانِ سَوَاءٌ؛ إذَا أَتَى أَهْلَهُ، وَإِذَا أَصَابَ صَيْدًا، وَإِذَا حَلَقَ رَأْسَهُ. قَالَ أَحْمَدُ: إذَا جَامَعَ أَهْلَهُ بَطَلَ حَجُّهُ. لِأَنَّهُ شَيْءٌ لَا يَقْدِرُ عَلَى رَدِّهِ، وَالصَّيْدُ إذَا قَتَلَهُ فَقَدْ ذَهَبَ لَا يَقْدِرُ عَلَى رَدَّهُ، وَالشَّعْرُ إذَا حَلَقَهُ فَقَدْ ذَهَبَ، فَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ الْعَمْدُ وَالْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ فِيهَا سَوَاءٌ، وَكُلُّ شَيْءٍ مِنْ النِّسْيَانِ بَعْدَ الثَّلَاثَةِ فَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى رَدِّهِ، مِثْلُ إذَا غَطَّى الْمُحْرِمُ رَأْسَهُ ثُمَّ ذَكَرَ، أَلْقَاهُ عَنْ رَأْسِهِ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ، أَوْ لَبِسَ خُفًّا، نَزَعَهُ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ. • وَعَنْهُ رِوَايَةٌ أُخْرَى، أَنَّ عَلَيْهِ الْفِدْيَةَ فِي كُلِّ حَالٍ. وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ، وَاللَّيْثِ، وَالثَّوْرِيِّ، وَأَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّهُ هَتَكَ حُرْمَةَ الْإِحْرَامِ، فَاسْتَوَى عَمْدُهُ وَسَهْوُهُ، كَحَلْقِ الشَّعْرِ، وَتَقْلِيمِ الْأَظْفَارِ. وَرَوَى يَعْلَى بْنُ أُمَيَّةَ، «أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ بِالْجِعْرَانَةِ، وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ، وَعَلَيْهِ أَثَرُ خَلُوقٍ، أَوْ قَالَ: أَثَرُ صُفْرَةٍ، فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ تَأْمُرُنِي أَنْ أَصْنَعَ فِي عُمْرَتِي؟ قَالَ: اخْلَعْ عَنْك هَذِهِ الْجُبَّةَ، وَاغْسِلْ عَنْك أَثَرَ هَذَا الْخَلُوقِ أَوْ قَالَ: أَثَرَ الصُّفْرَةِ، وَاصْنَعْ فِي عُمْرَتِك كَمَا تَصْنَعُ فِي حَجِّك». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَفِي لَفْظٍ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، «أَحْرَمْت بِالْعُمْرَةِ، وَعَلَيَّ هَذِهِ الْجُبَّةُ». فَلَمْ يَأْمُرْهُ بِالْفِدْيَةِ مَعَ مَسْأَلَتِهِ عَمَّا يَصْنَعُ، وَتَأْخِيرُ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ غَيْرُ جَائِزٍ إجْمَاعًا، دَلَّ عَلَى أَنَّهُ عَذَرَهُ لِجَهْلِهِ، وَالْجَاهِلُ وَالنَّاسِي وَاحِدٌ قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: وجاء في المحلى لابن حزم: وقال أبو حنيفة: من غطى رأسه، أو وجهه، أو لبس ما نهي عامدا، أو ناسيا، أو مكرها يوما إلى الليل فعليه دم، فإن فعل ذلك أقل من يوم فعليه صدقة،. . . . . قال أبو محمد: أما أقوال أبي حنيفة فظاهرة الفساد والتناقض ولا نعلمها عن أحد قبله، ولا دليل على صحة شيء منها لا من قرآن، ولا من سنة، ولا رواية سقيمة، ولا قول صاحب، ولا قياس؛ لأن تفريقه بين ذلك يوما أو أقل من يوم: دعوى فاسدة. . . . . . . .

71 - باب من لبس المعصفر من الثياب

(ح 617) لنهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن إضاعة المال. (ح 618) ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بنزع الجبة. 71 - باب من لبس المعصفر من الثياب م 1342 - واختلفوا فيمن لبس المعصفر من الثيلب في الإحرام، فكانت عائشة، وأسماء ابنتي أبي بكر: تلبسان المعصفرات، وبه قال ابن عمر، وجابر. وروينا عن عبد الله بن جعفر: أنه لبس ثوبين مضرجين وهو محرم. وروينا عن عقيل بن أبي طالب أنه أحرم في موردتين، وبه قال الشافعي، وأحمد. وكان عطاء: لا يرى بالممشق بأساً. م 1343 - وكان عمر بن الخطاب: يكره لبس الثياب المصبغة. وكان عطاء لا يراه طيباً. وكان الثوري، وابن الحسن، وأبو ثور يقولون: لا يلبس المحرم المصبوغ بالعصفر. وكره مالك: لبس المقدم بالعصفر للرجال والنساء أن يحرموا فيه لا ينتقض.

72 - أبواب ما نهى عنه المحرم من قتل الصيد

72 - أبواب ما نهى عنه المحرم من قتل الصيد قال الله جل ثناءه: {أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ} الآية وقال: {لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} الآية. م 1344 - وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن على المحرم إذا قتل صيداً عامداً لقتله، ذاكراً لإحرامه الجزاء، إلا مجاهد فإنه قال: من قتله متعمداً لقتله، ناسياً لحرمه فهو الخطأ المكفر، فإن قتله متعمداً لحرمه متعمداً له لم يحكم عليه. قال أبو بكر: صواب ذاكراً لحرمه، متعمداً لقتله، ولا نعلم أحدا وافق مجاهداً على هذا القول، إذ هو خلاف الآية. م 1345 - واختلفوا فيمن قتل صيداً خطأ وهو محرم، [1/ 109/ألف]. فقالت طائفة: لا شيء عليه، كذلك قال ابن عباس، وسعيد بن جبير، وطاووس، وأبو ثور. وكذلك نقول. وقال الحسن البصري، وعطاء، والنخعي، ومالك، والثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي: عليه الجزاء.

73 - باب من قتل الصيد في الإحرام مرة بعد مرة

73 - باب من قتل الصيد في الإحرام مرة بعد مرة قال أبو بكر: م 1346 - كان ابن عباس يقول: لا يحكم عليه إلا في المرة الأولى، وبه قال شريح، والحسن البصري، وسعيد بن جبير، ومجاهد، والنخعي، وقتادة. وقال عطاء، والثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي: يحكم عليه كلما أصاب الصيد، وذكر أبو ثور: ذلك عن مالك، والكوفي. قال أبو بكر: وكذلك نقول. 74 - باب إثبات الخيار لقاتل الصيد بين الهدى، والطعام والصيام قال أبو بكر: م 1347 - كان ابن عباس يقول: إن كان عنده جزاء ذبحه، وتصدق به، وإن لم يكن عنده جزاءه قوم جزاؤه دراهم، وقومت الدراهم طعاماً وصام، إنما أريد بالطعام الصيام، وبه قال الحسين البصري، والنخعي، وأبو عياض. وقال الثوري: إن لم يجد هدياً أطعم، فإن لم يجد طعاماً صام. وقال مالك، والشافعي، وأحمد، وأبو ثور، وأصحاب الرأي: هو بالخيار إن شاء أتى بالهدى، وإن شاء صام، وإن شاء تصدق، وقال عطاءكذلك.

75 - باب معنى قوله: {أو عدل ذلك صياما} الآية.

وقد روى عن عطاء أنه قال: إنما جعل الطعام ليعلم به الصوم. وقالت طائفة رابعة: إنما الطعام والصيام فيما لا يبلغ ثمن الهدي، هذا قول سعيد بن جبير، والحسن بن مسلم. وقد روينا عن ابن عباس أنه قال: كل شيء في القرآن أو فهو مخير، وما كان فإن لم يجد فهو الأول فالأول. وبقول مالك والشافعي أقول. 75 - باب معنى قوله: {أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا} الآية. قال أبو بكر: م 1348 - كان ابن عباس يقول: جزاؤه من النعم دراهماً، ثم يقوم الدراهم طعاماً، ثم يصوم عن كل نصف صاع يوماً، وبه قال الحسن البصري، والثوري، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. واحتج أحمد بقول ابن عباس واحتج غيره. (ح 619) بخبر كعب بن عجرة أن النبي- صلى الله عليه وسلم - أمره أن يعطي كل مسكين نصف صاع من بر [1/ 109/ب].

76 - مسائل من جزاء الصيد

وقال عطاء، ومالك، والشافعي: يصوم عن كل مد يوماً. قال أبو بكر: والقول الأول أولى. قال أبو بكر: وفي هذه المسألة سوى هذين القولين أربعة أقاويل، أحدهما: أن الصيام في جزاء الصيد ثلاثة أيام إلى عشرة أيام، هذا قول سعيد بن جبير. والقول الثاني: قول أبي عياض أن أكثر الصوم يكون أحد وعشرين يوماً. وقد روينا عن ابن عباس قولاً ثالثاً. وهو أنه إن قتل ظبياً فعليه شاة تذبح بمكة، فإن لم يجد فإطعام ستة مساكين، فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام، وإن قتل أيلاً أو نحوه فعليه بقرة، فإن لم يجدها أطعم عشرين مسكيناً فإن لم يجد صام عشرين يوماً، وإن قتل نعامة أو حمار وحش فعليه بدنه من الإبل، فإن لم يجدها أطعم ثلاثين مسكيناً، فإن لم يجد صام ثلاثين يوماً والطعام مداً مداً. قال أبو بكر: وهذا غير ثابت عن ابن عباس. والقول الرابع، قول مال إليه أبو ثور: أن الخبراء في ذلك مثل كفارة الآدمي. 76 - مسائل من جزاء الصيد قال أبو بكر: م 1349 - كان الثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور يقولون: إذا لم يجد الطعامٍ صام، ولا يجوز عندهم أن يطعم عن بعض الجزاء ويصوم بعضاً.

وقال ابن الحسن: إذا أطعم بعض المساكين، ثم عجز عن ذلك ولم يقدر على ما يطعم بقيتهم يصوم بقدر ما بقي لكل مسكين يوماً. قال أبو بكر: الأول صحيح. م 1350 - وقول عطاء، والشافعي إذا كان جزاؤه من الطعام أقل من مد، وأراد الصيام صام يوماً. وقال النخعي، وحماد، والكوفي، والثوري، وأحمد، وإسحاق: إذا كان الذي يبقى أقل من نصف صاع صام يوماً. م 1351 - وقال أبو ثور: الصيام في جزاء الصيد متتابعاً أحب إلي، ويجزيه أن يفرق، وبه قال أصحاب الرأي، ويجزيه ذلك على مذهب الشافعي. م 1352 - وقال الشافعي وإسحاق: يحكم الذي أصاب الصيد على نفسه ورجل معه، وقد روينا عن النخعي أنه قال: إذا علم قاتل الصيد الحكم على نفسه لم يجزه حتى يحكم عليه، لقوله جل ذكره {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} الآية. قال أبو بكر: كما قال الشافعي أقول لموافقة قول عمر. كان عطاء يقول: ما جرا فيه الحكم أبيع يعني في جزاء الصيد، وبه قال الشافعي، وأحمد، وإسحاق. وكان مالك يقول: يستأنف فيه [1/ 110/ألف] الحكم ولا أرى أن يخرج مما جاء فيه الاجتهاد عن آثار من مضى. م 1353 - وروينا عن ابن عباس أنه قال: الدم والطعام بمكة، والصوم حيث شاء، وبه قال عطاء، والشافعي، وأبو ثور.

77 - باب ما يجزئ به الصيد من أراد أن يجزيه من النعم

وقال النخعي: الدم بمكة، والطعام والصوم حيث شاء، وهذا قول مالك، وبه قال أصحاب الرأي فيما احتسب. م 1354 - قال الشافعي، وأبو ثور: لا يجزئ أن يفرق جزاء الصيد على مساكين أهل الذمة، ويجزئ في ذلك في قول أصحاب الرأي قالوا: وفقراء المسلمين أحب إلينا. م 1355 - وإذا أعطى فقيراً في الظاهر، ثم علم أنه غني، لم يجزيه في قول يعقوب، وأبي ثور، ويجزيه في قول النعمان، ومحمد. قال الشافعي: في نحو ذلك قولان: أحدهما: كقول يعقوب، والآخر كقول النعمان. قال أبو بكر: قول يعقوب صحيح. 77 - باب ما يجزئ به الصيد من أراد أن يجزيه من النعم قال أبو بكر: م 1356 - روينا عن عمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، وزيد بن ثابت، وابن عباس، ومعاوية بن أبي سفيان أنهم قالوا: على من قتل نعامة وهو محرم بدنه من الإبل، وبه قال عطاء، ومجاهد، ومالك، والشافعي، وأكثر من لقيناه من أهل العلم. وبه نقول. وقد روينا عن النخعي أنه قال: في النعامة وأشباهها يصيبه المحرم ثمنه.

78 - باب بيض النعام تصيبه المحرم

78 - باب بيض النعام تصيبه المحرم م 1357 - واختلفوا في بيض النعام تصيبه المحرم. فقالت طائفة: فيه ثمنه. كذلك قال ابن عباس، وروى ذلك عن عمر بن الخطاب، وابن مسعود، وبه قال الشعبي، والنخعي، والزهري، والشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. وفه قول ثان: وهو أن في صوم يوم، أو إطعام مسكين، روينا ذلك عن أبي عبيدة، وأبي موسى الأشعري. وفي قول ثالث: وهو أن يحمل الفحل على إبلك فإذا نسبن لك لقاحها سميت عدل ما أصبت من البيض فقلت: هذا هدى ثم ليس عليك ضمانها، فما صلح من ذلك كما صلح وما فسد كما فسد فليس عليك كما البيض منه ما يصلح ومنه ما يفسد، وروينا ذلك عن علي بن أبي طالب. وقال الحسن: فيه جنين من الإبل. وقال مالك: "فيه عشر ثمن البدنه، كما يكون في جنين الحرة غرة عبد أو وليدة، وقيمة الغرة خمسون ديناراً [1/ 110/ب] فكذلك عشر دية أمه". وقد روينا عن عطاء: في هذه المسألة خمسة أقوال. أحدها: كقول علي، والثاني كقول الحسن، والثالث: أن فيها كبشاً، والرابع: أن فيها درهماً، والخامس: كما قال علي، فإن لم يكن له إبل ففي كل بيضة درهمان.

79 - باب حمار الوحش وبقرة الوحش يصيبها المحرم

79 - باب حمار الوحش وبقرة الوحش يصيبها المحرم قال أبو بكر: م 1358 - روينا عن أبي عبيدة، وابن عباس، والنخعي أنهم قالوا: في حمار الوحش يصيبه المحرم بدنه. وقال عطاء، ومجاهد، والشافعي: بقرة. م 1359 - وروينا عن ابن مسعود، وعطاء بن أبي رباح، وعروة، وقتادة، والشافعي أنهم قالوا: في بقرة الوحش بقرة. وقال ابن عمر: في الأروى بقرة. وروينا عن ابن عباس أنه قال: في الأيل بقرة، فإن لم يجد أطعم عشرين مسكيناً، فإن لم يجد صام عشرين يوماً. 80 - باب الضبع يصيبه المحرم قال أبو بكر: م 1360 - ثبت أن عمر بن الخطاب قال: في الضبع كبش، وبه قال ابن عباس، وعطاء، والشافعي، وأبو ثور. وقال مالك: على قاتله الجزاء. وقد روينا عن علي أنه قال: "إن قتله قبل أن يعدوا عليه ففيه شاة مسنة".

81 - باب الظبى يصيبه الحرم

وقال الأوزاعي: كان العلماء بالشام يعدونها من السباع، ويكرهون أكلها. قال أبو بكر: وبقول عمر نقول. (ح 620) وفي حديث مسند أن منه كبشاً إذا أصابه المحرم. 81 - باب الظبى يصيبه الحرم قال أبو بكر: م 1361 - ثبت عن عمر بن الخطاب أنه قال: فيه شاة، وروى ذلك عن علي. وقال عطاء، وعروة بن الزبير، والشافعي، وأحمد، وأصحاب الرأي: فيه شاة. وكذلك نقول، ولا يحفظ فيه عن غيرهم خلاف. 82 - باب الأرنب يصيبه المحرم م 1362 - قال عمر بن الخطاب: في الأرنب عناق، وبه قال الشافعي. قال أبو ثور: فيه جزاؤه من النعم. وقال ابن عباس: في الأرنب جمل. وقال عطاء: شاة، وقال: قيمتها طعاما.

83 - باب اليربوع يصيبه المحرم

وقال النعمان: في قيمته، فإن كان قيمته دون ما يكون جذع من الضأن، أو ثنى من المعز، ففيه صدقة أو صيام. وقال يعقوب، ومحمد: يجزيه للآثار التي جاءت في ذلك. وكان الحسن البصري: لا يؤقت فيه شيئاً. 83 - باب اليربوع يصيبه المحرم م 1363 - قال عمر بن الخطاب: في اليربوع جفرة، [1/ 111/ألف] وروى ذلك عن ابن مسعود، وبه قال عطاء، والشافعي، وأبو ثور. وقال مجاهد مرة: سخلة، وقال مرة، فيه شاة. وقال إسحاق: فيه ثمنه. وقال مالك: فيه قيمته طعام، فإن شاء أطعم كل مسكين مداً وإن شاء صام لكل مدٍ يوماً. وقال النعمان: فيه قيمته. وقال يعقوب، ومحمد: تجزأ للآثار التي جاءت في ذلك. وقال عمرو دينار: ما سمعنا أن الضبع واليربوع يؤذيان. 84 - باب الثعلب يصيبه المحرم قال أبو بكر: (ح 621) ثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن كل ذي ناب من السباع.

85 - باب الضب يصيبه المحرم

م 1364 - واختلفوا في الثعلب يقتله المحرم، فقال الزهري: الثعلب سبع. وقال عمرو بن دينار ما سمعنا أن الثعلب يفدى. وقال ابن أبي نجيح: ما كنا نراه إلا سبعاً. وقال طاؤس، وقتادة، والشافعي: الثعلب يؤكل وهو صيد. وقال مالك: يفدى المحرم الثعلب إذا قتله. وكان الحسن: لايوقت منه شيئاً. وقال أحمد: أمر يشتبه. وقد اختلف فيه عن عطاء، فروى عنه أنه قال: فيه شاة وقال مرة: قد سمعت الثعلب، وما سمعت فيه من ثبت. قال أبو بكر: الثعلب سبع داخل فيما حرم النبي -صلى الله عليه وسلم- من السباع، غير خارج منه بسنة. 85 - باب الضب يصيبه المحرم م 1365 - قال عمر بن الخطاب: في جدى، قد جمع الماء والشجر، وبه قال الشافعي. وقال جابر بن عبد الله، وعطاء: فيه شاة. وقال مجاهد: حفنة من طعام. وقال قتادة: فيه صاع من تمر. وقال مالك: فيه قيمته من الطعام وهو مخير إن شاء صام، وإن شاء أطعم.

86 - باب الوبر

وقال أبو ثور: فيه جزاؤه من النعم. وقال النعمان: فيه قيمته. وقال يعقوب، ومحمد: يجزئ للآثار التي جاءت في ذلك. 86 - باب الوبر (¬1) م 1366 - قال مجاهد: فيه شاة، وقال كذلك عطاء: إن كان يؤكل. وقال الشافعي: إن كانت العرب تأكله، ففيه جفرة. 87 - باب الورل قال أبو بكر: م 1367 - روى عن عطاء: أنه قال فيه، وفي القطاة، والحجلة شاة. وروى ذلك عن جابر بن عبد الله. وروى عن مجاهد أنه قال: فيه طعام. ¬

_ (¬1) في الأصل: الورك" وظن أنه الورل, بفتحتين من اللام, والأنثى ورلة, وهي دابة على خلقه الضب, أعظم منه, طويل الذنب دقيقة, وقال عبد الرزاق: الورل شبه الضب "عب" 4/ 530 رقم 8747.

88 - باب [1/ 111/ب] حمام الحرم

88 - باب [1/ 111/ب] حمام الحرم قال أبو بكر: م 1368 - كان ابن عباس، وابن عمر يقولان: فيها شاة. وروينا عن عثمان، ونافع بن عبد الحارث أنهما حكما بذلك على عمر بن الخطاب، وبه قال سعيد بن المسيب، وعطاء بن أبي رباح، وعروة بن الزبير، وقتادة، ومالك، والشافعي، وأبو ثور. وكان النعمان من بينهم يقول: في حمام الحرم قيمته. م 1369 - واختلفوا في حمام الحل، فقال ابن عباس، وسعيد بن المسيب، وعطاء، والشافعي، وأحمد، وإسحاق: فيها شاة. قال عطاء: في كل شيء سمته العرب حماماً فأصابه المحرم ففيه شاة. وقال النخعي، والزهري، والنعمان: في حمام الحل ثمنه. وقال مالك: فيها حكومة، ولا يشبه حمام مكة. وقال قتادة فيه درهم. وقد روينا عن ابن عباس أنه قال: كل شيء سوى حمام الحرم ففيه ثمنه. 89 - باب بيض الحمام قال أبو بكر: م 1370 - روينا عن علي بن أبي طالب أنه قال: في كل بيضتين درهم، وبه قال عطاء. وقال الزهري، والشافعي، وأصحاب الرأي، وأبو ثور: قيمته.

90 - باب الحمام الأهلي

وروينا عن الحسن أنه كان لا يوقت في المحرم يصيب البيض شيئاً. وقال مالك: في بيض حمام الحرم بمكة عشر دية أمه، وفي أمه شاة. 90 - باب الحمام الأهلي م 1371 - قال عطاء: الحمامة الشامية ليس يصيد. وكان مالك: يكره ذبحه للمحرم، الوحشي وغير ذلك. وقال أصحاب الرأي: إن الحمام أصله كله صيد، فلا ينبغي للمحرم أن يذبحه. وقد روينا عن عطاء أنه قال: في الحمام الشامي ثمنه. والله أعلم بالصحيح من قوليه. 91 - باب الدبسي، والحجلة، وغير ذلك م 1372 - واختلفوا في الدبسي، والحجلة، والقطاة، والحبارى. فروينا عن ابن عباس: أنه قال: شاة شاة، وكذلك روى عن جابر ابن عبد الله أنه قال: في الحجلة والقطاه، والحبارى. وقال عطاء: في الحمامة، والقمري، والدبسي، واليعقوب، والحجلة، والقطاة، والحبارى، والكروان، والكركي، وابن الماء

92 - باب العصفور

ودجاجة الحبش، والخرب شاة شاة، وخالفه في سائر ما ذكرناه عنه فجعل في كل واحدة من ذلك قيمته. 92 - باب العصفور م 1373 - قال الأوزاعي: فيه مد من طعام. وقال الشافعي، وأبو ثور: فيه قيمته. وقال عطاء: في نصف درهم، ومرة قال: يحكم به ذوا عدل [1/ 112/ألف]. 93 - باب من أخذ حمامة ليخلص ما في رجليها فماتت قال أبو بكر: م 1374 - كان عطاء يقول: لاشيء على من أخذ حمامة ليخلص ما في رجليها فتموت. وقال قتادة: عليه الجزاء. وقال الشافعي: يحتمل ما قال عطاء، ولو قال لرجل: هو ضامن، كان وجهاً محتملاً. قال أبو بكر: لا شيء عليه.

94 - باب الجماعة يشتركون في قتل الصيد

94 - باب الجماعة يشتركون في قتل الصيد م 1375 - واختلفوا في الجماعة يشتركون في قتل الصيد، فكان ابن عمر، وعطاء بن أبي رباح، والزهري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور يقولون: عليه جزا واحد. وروى عن عمر، وعبد الرحمن بن عوف أنهما قالا: في رجلين أصابا ظبياً فيه شاة. وقال الحسن البصري، والشعبى، والنخعي ومالك، والثوري، والماجشون، وأصحاب الرأي: على كل واحد منهم جزاء. وقال عطاء: إن أكلا فعلى كل واحد منهما جزاء. م 1376 - واختلف مالك، والأوزاعي، والشافعي، وأبو ثور، في الجماعة يقتلون الإنسان خطأ، فقال مالك: على كل واحد منهم كفارة. وقال الأوزاعي، وأبو ثور: عليهم كفارة واحدة، وقال أبو ثور: مثله في جزاء الصيد. وفرق الشافعي: بين المسألتين فجعل في باب الصيد عليهم جزاءً واحداً، وقال في باب القتل: على كل واحد منهم كفارة. 95 - باب المحرم يدل المحرم على الصيد م 1377 - واختلفوا في محرم دل محرماً على صيد فقتله الذي دل عليه. فقال عطاء: وحماد بن أبي سليمان: عليهما كفارة واحدة.

96 - باب المحرم يذبح الصيد

وقال الشعبى، والحارث العكلي: على كل واحد منهما كفارة، وبه قال أصحاب الرأي. وقال سعيد بن جبير: على كل واحد من القاتل، والآمر، والمشير، والدال جزاء. وقال الشافعي، وأبو ثور: الجزاء على القاتل، لأن الله تبارك وتعالى إنما ألزم الجزاء القاتل. م 1378 - واختلفوا في محرم دل حلالاً على صيد فقتله، فروى عن علي، وابن عباس أنهما قالا: عليه الجزاء، وبه قال عطاء، وبكر بن عبد الله المزني، وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي. وقال مالك، والشافعي، والماجشون وأبو ثور: لا شيء على الدال. قال أبو بكر: وكذلك نقول. 96 - باب المحرم يذبح الصيد م 1379 - واختلفوا في المحرم يذبح الصيد،. . . . . . . . . (¬1) ¬

_ (¬1) بدأ السقط من هنا قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: وجاء في (المغني) لابن قدامة، ما يلي: وَإِذَا ذَبَحَ الْمُحْرِمُ الصَّيْدَ صَارَ مَيْتَةً، يَحْرُمُ أَكْلُهُ عَلَى جَمِيعِ النَّاسِ. وَهَذَا قَوْلُ الْحَسَنِ، وَالْقَاسِمِ، وَسَالِمٍ، وَمَالِكٍ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ، وَإِسْحَاقَ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ. وَقَالَ الْحَكَمُ، وَالثَّوْرِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ: لَا بَأْسَ بِأَكْلِهِ. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ ذَبِيحَةِ السَّارِقِ. وَقَالَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وَأَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ: يَأْكُلُهُ الْحَلَالُ. وَحُكِيَ عَنْ الشَّافِعِيِّ قَوْلٌ قَدِيمٌ، أَنَّهُ يَحِلُّ لِغَيْرِهِ الْأَكْلُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ مَنْ أَبَاحَتْ ذَكَاتُهُ غَيْرَ الصَّيْدِ أَبَاحَتْ الصَّيْدَ، كَالْحَلَالِ. وَلَنَا، أَنَّهُ حَيَوَانٌ حُرِّمَ عَلَيْهِ ذَبْحُهُ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، فَلَمْ يَحِلَّ بِذَبْحِهِ كَالْمَجُوسِيِّ، وَبِهَذَا فَارَقَ سَائِرَ الْحَيَوَانَاتِ، وَفَارَقَ غَيْرَ الصَّيْدِ، فَإِنَّهُ لَا يُحَرَّمُ ذَبْحُهُ، وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي صَيْدِ الْحَرَمِ إذَا ذَبَحَهُ الْحَلَالُ.

[104 - باب أكل الصيد إذا كان محرما]

[104 - باب أكل الصيد إذا كان محرما]

105 - باب العبد يصيب الصيد وهو محرم

(¬1) [1/ 112/ب] أبي طالب، وابن عمر لا يريان أكل الصيد إذا كان محرماً. وكره ذلك طاووس، وجابر بن زيد، والثوري، وإسحاق. وقد روينا عن ابن عباس، وعطاء قولاً رابعاً، قالا: ما ذبح وأنت حرام، فهو عليك حرام. 105 - باب العبد يصيب الصيد وهو محرم م 1389 - قال الحسن البصري: في الصيد إذا قتله العبد وهو محرم فعليه جزاؤه، وقال مالك: كفارته مثل كفارة الحر. وقال أبو ثور: إن أعطاه مولاه ما يكفر به عن الصيد كفر، وإلا صام. وقد روينا عن الحسن أنه قال: يلزم السيد جزاء الصيد إذا كان أذن في الحج له. وفيه قول ثالث: وهو أن الذي يلزمه الصوم لا يجزيه غير ذلك، هذا قول الثوري، والشافعي، وأصحاب الرأي. 106 - باب الجراد يصيبه المحرم م 1390 - واختلفوا في الجراد يصيبه المحرم، فروينا عن ابن عباس، وكعب أنهما قالا: هو من صيد البحر. قال عروة: الجراد من نثرة حوتٍ فكلوه براً وبحراً. ¬

_ (¬1) انتهى السقط هنا قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: جاء في (الاستذكار) لابن عبد البر، في مسألة (أكل المحرم لما صاده الحلال) ما يلي: وَهَذَا بَابٌ اخْتَلَفَ فِيهِ الْخَلَفُ وَالسَّلَفُ • فَكَانَ عَطَاءٌ وَمُجَاهِدٌ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ يَرَوْنَ لِلْمُحْرِمِ أَكْلَ كُلِّ مَا صَادَهُ الْحَلَالُ مِنَ الصَّيْدِ الَّذِي يَحِلُّ لِلْحَلَالِ أَكْلُهُ وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ، وَهُوَ قَوْلُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَالزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَكَعْبِ الْأَحْبَارِ. . . . . • وَقَالَ آخَرُونَ لَحْمُ الصَّيْدِ مُحَرَّمٌ عَلَى الْمُحْرِمِينَ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَلَا يَجُوزُ لِمُحْرِمٍ أَكْلُ صَيْدٍ أَلْبَتَّةَ عَلَى ظَاهِرِ عُمُومِ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ (وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا) [الْمَائِدَة: 96]، قال ابن عَبَّاسٍ: هِيَ مُبْهَمَةٌ وَكَذَلِكَ كَانَ عَلِيُّ بْنُ أبي طالب وبن عُمَرَ لَا يَرَيَانِ أَكْلَ الصَّيْدِ لِلْمُحْرِمِ مَا دَامَ مُحْرِمًا وَكَرِهَ ذَلِكَ طَاوُسٌ وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ وَرُوِيَ عَنْ زَيْدٍ وَرُوِيَ عَنِ الثَّوْرِيِّ وَإِسْحَاقَ مِثْلُ ذَلِكَ. . . . . • وَقَالَ آخَرُونَ مَا صَادَهُ الْحَلَالُ لِلْمُحْرِمِ أَوْ مِنْ أَجْلِهِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَكْلُهُ وَمَا لَمْ يَصِدْ لَهُ وَلَا مِنْ أَجْلِهِ فَلَا بَأْسَ لِلْمُحْرِمِ بِأَكْلِهِ وَهُوَ الصَّحِيحُ عَنْ عُثْمَانَ فِي هَذَا الْبَابِ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمَا وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ عَطَاءٍ مِثْلُ ذَلِكَ. . . .

107 - باب طير الماء

وقال آخرون: فيه صدقة إذا أصابه المحرم. وروى معنى هذا القول عن عمر بن الحطاب، وعن عبد الله بن عمر، وأن في الجراد تمرة. وقال ابن عباس: فيمن قتل جرادة وهو محرم تصدق بقبضة من طعام. وقال عطاء: في الجرادة قبضة أو لقمة. وقال الشافعي، وأبو ثور: في الجرادة القيمة. 107 - باب طير الماء قال أبو بكر: م 1391 - كان الأوزاعي، والشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي يرون طير الماء من صيد البر، ويجعلون فيه على المحرم بقتله الجزاء، وهذا قول عوام أهل العلم. وقد روينا عن عطاء أنه قال في طير الماء: حيث يكون أكثر فهو صيد. قال أبو بكر: القول الأول أولى. 108 - باب صيد البحر م 1392 - أجمع أهل العلم على أن صيد البحر مباح للمحرم إصطياده،

109 - باب الدواب التي أبيح للمحرم قتلها

وأكله، وبيعه، وشراءه. م 1393 - واختلفوا في معنى قوله: {وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ} الآية (2). فقال ابن عباس: طعامه ما لفظ البحر. وقال: ما ألقى. وقال سعيد بن المسيب: صيده ما اصطدت، وطعامه ما تزودت مملوحاً. وقال سعيد بن جبير: المالح. وقد روينا عن ابن عباس أنه قال: طعامه مليحه. 109 - باب الدواب التي أبيح للمحرم قتلها قال أبو بكر: (ح 622) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: خمس لا جناح على من قتلهن في الإحرام الغراب، [1/ 113/ألف] والحدأة، والفأر، والعقرب، والكلب العقور. م 1394 - وقال بظاهر هذا الخبر الثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، غير أن أحمد لم يذكر: الفأر.

110 - باب الحية

وكان مالك يقول: "الكلب العقور: ما عقر الناس وعدا عليهم مثل الأسد، والنمر، والفهد، والذئب، وأما مالا يعدو من السباع مثل الضبع، والهر، والثعلب، فلا يقتلهن المحرم، فإن قتل شيئاً منهن فداه". وقال ابن عيينة: معناه كل سبع يعقر ولم يخص به الكلب. وكذلك قال أبو عبيد. وقال أصحاب الرأي في المحرم يقتل السبع: "إن كان السبع ابتدأه فلا شيء عليه، وإن كان المحرم ابتدأ السبع فعليه قيمته إلا أن يكون قيمته أكثر من الدم فعليه دم ولا يجاوزه، وليس على من قتل الكلب والذئب شيء إبتدياه، وابتداهما". 110 - باب الحية قال أبو بكر: م 1395 - ثبت أن عمر بن الخطاب: أمر المحرمين بقتل الحيّات وبه قال ابن عباس، وسالم، ونافع مولى ابن عمر، والثوري، والشافعي، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي، ولا نعلمهم اختلفوا في ذلك. وبه نقول.

111 - باب الغراب

111 - باب الغراب قال أبو بكر: م 1396 - أباح أكثر من نحفظ عنه من أهل العلم قتل الغراب في الإحرام، وروينا عن ابن عمر: أنه كان يرمي غراباً وهو محرم. وكان مالك، والثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور وأصحاب الرأي، يبيحون قتله للمحرم. وروينا عن عطاء أنه قال في محرم كسر قرن غزال قال: إن أدماه فعليه الجزاء، وإن لم يدمه أطعم شيئاً. وقال بعض أهل الحديث: المباح منه أن يقتل في الإحرام الغراب الأبقع دون سائر الغربان. قال أبو بكر: (ح 623) وقد روينا في ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وبه احتج هذا القائل. 112 - باب الفارة قال أبو بكر: (ح 624) ثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: خمس لا جناح على من قتلهن في

113 - باب قتل المحرم السباع

الإحرام، فذكر الفارة. م 1397 - وروينا إباحة ذلك عن أبي سعيد الخدري، وبه قال مالك، والثوري، والشافعي، وأبو ثور: وأصحاب الرأي ومن تبعهم. وقال عطاء في الجرذ الوحشي: ليس بصيد فاقتله. ومنع النخعي المحرم من قتل الفارة، وهذا لا معنى له، لأنه خلاف السنة، وقول أهل العلم. 113 - باب قتل المحرم السباع م 1398 - أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن السبع إذا بدأ للمحرم فقتله فلاشيء عليه. م 1399 - واختلفوا فيمن بدأ السبع وهو محرم فقتله، فكان مجاهد، والنخعي، يقولان: لا يقتل المحرم من السباع إلا ما عدا عليه. وقال ابن عمر: ما حل بك من السباع فأحل به، وبه قال الشعبي، والثوري، وبمعناه قال أحمد، وإسحاق. وقال عطاء، وعمرو بن دينار، والشافعي، أبو ثور: لا [1/ 113/ب] بأس بقتله للمحرم عدا عليه أو لم يعد. وبه نقول.

114 - باب قتل المحرم البعوض، والبراغيث، والبق، والزنبور

م 1400 - وأباح قتل الذئب عمر بن الخطاب، وعطاء، وقبيصة بن ذويب، ومالك، والشافعي وأبو ثور، وأصحاب الرأي، ومن تبعهم من أهل العلم. 114 - باب قتل المحرم البعوض، والبراغيث، والبق، والزنبور قال أبو بكر: م 1401 - كان الشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي يقولون: لا شيء على من قتل البعوض، والبراغيث، والبق في الإحرام، وكذلك قال عطاء: في البعوض، والبراغيث، والبق، والذباب. وكان مالك يقول: "الذباب، والذر، والنمل إذا وطئ عليهن فقتلهن أرى أن يتصدق بشيء من الطعام". وكان الشافعي يكره: قتل النملة، ولا يرى على قاتلها شيئاً. وأما الزنبور: فقد ثبت عن (¬1) عمر بن الخطاب أنه كان يأمر بقتله. وقال عطاء، وأحمد: لا جزاء فيه. وقال مالك: يطعم شيئاً. ¬

_ (¬1) في الأصل "أن عمر".

115 - باب حجامة المحرم

115 - باب حجامة المحرم قال أبو بكر: (ح 625) ثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - احتجم وهو محرم. م 1402 - واختلفوا في حجامة المحرم، فرخص فيه مسوق، وعطاء، وعبيد بن عمير، والثوري، والشافعي وأحمد، وإسحاق ما لم يقطع الشعر. وقال قوم: لا يحتجم المحرم إلا من ضرورة، ثبت ذلك عن ابن عمر، وبه قال مالك. وروينا عن الحسن أنه كان يرى على المحرم يحتجم دماً يهريقه. قال أبو بكر: للمحرم أن يحتجم من علة للأخبار التي رويناها في ذلك، ولا شيء عليه إن احتجم بغير ضرورة، وعليه إن حلق موضع المحاجم الفدية. 116 - باب اغتسال المحرم قال أبو بكر: م 1403 - كان عمر بن الخطاب يغتسل وهو محرم. وممن رخص في ذلك جابر بن عبد الله، وابن عمر، وسعيد بن جبير، والشافعي، وأحمد، وأبو ثور، وأصحاب الرأي.

117 - باب غسل المحرم رأسه بالسدر

وكان مالك يكره للمحرم أن يغطس في الماء ويغيب رأسه فيه. م 1404 - وقد أجمع أهل العلم على أن على المحرم أن يغتسل من الجنابة. وبقول عمر نقول. 117 - باب غسل المحرم رأسه بالسدر قال أبو بكر: م 1405 - كره جابر بن عبد الله، ومالك: غسل المحرم رأسه بالخطمى. وقال مالك: عليه الفدية، وبه قال النعمان. وقال يعقوب، ومحمد: عليه صدقة. وقال الشافعي: لا يغسل المحرم رأسه بسدر ولا خطمى. وقال أبو ثور: إن [1/ 114/ألف] ذلك فلا شيء عليه. وقد روينا عن طاووس، ومجاهد، وعطاء أنهم رخصوا لمن لبّد رأسه فشق عليه الحنق، له أن يغسله بالخطمى حتى يلين. وكان ابن عمر يفعل ذلك. قال أبو بكر. ذلك مباح. (ح 626) لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمرهم أن يغسلوا الميت المحرم بماء وسدر، وقد أمرهم أن يجنّبوا مما يجتنب المحرم الحيّ. فدلّ ذلك على إباحة غسل الرأس بالسدر للمحرم، والخطمى في معناه.

118 - باب معالجة العين إذا أصابه المحرم رمد بالصبر

118 - باب معالجة العين إذا أصابه المحرم رمدٌ بالصَّبِر قال أبو بكر: م 1406 - ثبت أن ابن عمر قال: يكتحل المحرم بكل كحل ما لم يكن فيه طيب، ويتداوى كل دواء ما لم يكن فيه طيب. ورخص في الكحل للمحرم الثوري، وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي، غير أن أحمد، وإسحاق قالا: لا يعجبنا ذلك للزينة. وقال الشافعي: إن فعلا فلا أعلم عليهما منه فدية، يعنى الرجال والمرأة. وقال مالك: لا بأس أن يكتحل المحرم من حرٍّ يجده في عينه بالإثمد وغيره. وكان مجاهد يكره ذلك. م 1407 - وكره الإثمد للمحرمة الثوري، وأحمد، وإسحاق. قال أبو بكر: لا أعلم ذلك مكروهاً. (ح 627) وقد ثبت إباحة ذلك بالصبر للمحرم عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. 119 - باب السواك للمحرم (ح 628) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: (¬1) لولا أن أشق على ¬

_ (¬1) في الأصل "أبو بكر لولا".

120 - باب شم الريحان للمحرم

أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء. م 1408 - [قال أبو بكر] (1): دخل في ذلك المحرم والصائم في شهر رمضان وغيره، ولا أعلم أحداً منع السواك. 120 - باب شم الريحان للمحرم قال أبو بكر: م 1409 - وممن قال: لا بأس أن يشم المحرم الريحان ابن عباس، والحسن البصري، ومجاهد، وإسحاق. وكره ذلك جابر بن عبد الله، وابن عمر، والثوري، ومالك، والشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. وقال مالك، وأصحاب الرأي: لا شيء عليه إن شم الريحان. وقال الشافعي، وأبو ثور: عليه الفدية. واختلف فيه عن عطاء، وأحمد. 121 - باب إدهان المحرم م 1410 - واختلفوا في المحرم يدهن بالبنفسج، فكره ذلك مالك، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. وقال أصحاب الرأي: إن إدّهن بالبنفسج وأكثر فعليه دم.

وقال الأوزاعي: لا يدهن بدهن فيه طيب، [1/ 144/ب] وإن فعل أفدى، وقال الشافعي: ليس بطيب. م 1411 - واختلفوا في جلوس المحرم عند العطار، فقال عطاء: إن جلس عنده متعمداً كفر. وكره ذلك مالك. وقال الشافعي: لا شيء عليه. قال أبو بكر: م 1412 - أجمع أهل العلم على أن للمحرم أن يأكل الزيت، والشحم والسمن، والشيرج. م 1413 - وأجمع عوام أهل العلم على أن للمحرم أن يدهن بدنه بالشحم، والزيت والسمن. م 1414 - وأجمع أهل العلم على أن المحرم ممنوع من استعمال الطيب في جميع بدنه ففرقوا بين الطيب، والشحم والزيت. م 1415 - وكره مالك، والشافعي، والأوزاعى، وأبو ثور: أن يدهن المحرم رأسه بالزيت، والسمن. وكان مالك، والشافعي، وأبو ثور يقولون: عليه الفدية إن فعل ذلك. وقال عطاء: عليه الكفارة إن دهّن رأسه بالزيت لأنه قد زيته، وكان النعمان يقول: إن دهن بزيت غير مطبوخ عليه دم. وقال يعقوب، ومحمد: عليه إطعام فإن كان زيتاً قد طبخ وجعل فيه طيب فعليه دم. قال أبو بكر: لا أعلم عليه شيئاً، لأني لا أعلم حجة توجب ذلك.

122 - باب الخشكنانج الأصفر للمحرم

وقد حكى عن الحسن بن صالح: أنه أمر رجلاً أن يدهّن رأسه بدهن سمسم وهو محرم، أظنه رأى به شعثاً شديداً. 122 - باب الخشكنانج الأصفر للمحرم م 1416 - واختلفوا في أكل الخشكنانج الأصفر للمحرم، فروي عن ابن عمر، وعطاء ومجاهد، وسعيد بن جبير، وطاؤس، والنخعي، أنهم لم يكونوا يرون بأكله بأساً، وهذا على مذهب أصحاب الرأي. وقال مالك: لا بأس مما مسّت النار من الطعام بالذي فيه زعفران، وبه قال الحميدي، وأحمد، وقال أحمد: إذا لم يوجد له طعم ولا ريح. م 1417 - وكان سفيان، والثوري، ومالك، والحميدي، وإسحاق: يكرهون الملح الأصفر للمحرم، ويفرقون بينه وبين ما مسّت النار منه. وقال أصحاب الرأي: لا بأس بما مسّت النار منه أو لم تمسّه النار. وكره أكل الخشكنانج الأصفر للمحرم جعفر بن محمد. وقال الشافعي مرة: إن وجد ريح الزعفران، أو طعمه، أو صبغ لسانه إقتدائيا كان أو نضيجاً، وقال مرة: يفتدى إذا ظهر ريح الزعفران أو طعمه، وإن ظهر لونه فأكله المحرم لم يفتد. 123 - باب لبس الحلي للمرأة المحرمة قال أبو بكر. م 1418 - رخص في لبس الحلي للمرأة المحرمة عائشة أم المؤمنين، وأحمد، وأصحاب الرأي.

124 - باب الخضاب للمحرمة

وقال عطاء: أكره الزينة والحلي للحرام، وكره ذلك الثوري، وأبو ثور. قال أبو بكر: لا يجوز منع [1/ 155/ألف] المحرم منه بغير حجة. 124 - باب الخضاب للمحرمة قال أبو بكر: م 1419 - كان مالك، وابن الحسن يكرهان الخضاب للمحرمة، وألزماها الفدية إذا اختضبت بالحناء. وقال الشافعي مرة: كذلك إذا ألقت على بدنها، وقال مرةً: لاشيء عليها. وقد روينا عن عكرمة أنه قال: كانت عائشة وأزواج النبي- صلى الله عليه وسلم -صلى الله عليه وسلم - يختضبن بالحناء وهن حرم. قال أبو بكر: ليس على المحرمة في الخضاب شيء. 125 - باب نظر المحرم في المرآة قال أبو بكر: م 1420 - كان ابن عباس، وطاووس، والشافعي، وأحمد، وإسحاق يقولون: لا بأس أن ينظر في المرآة وهو محرم، وكان أبو هريرة يفعل ذلك. وكره ذلك عطاء الخراساني.

126 - باب المحرم يتقلد السيف

وقال مالك: لا يفعل ذلك إلا من ضرورة، ويبقى في هذه المسألة قولان أحدهما: أن لا بأس به، والآخر: أن لا ينظر لزينة. قال أبو بكر: لا بأس به. 126 - باب المحرم يتقلد السيف قال أبو بكر: م 1421 - كان عطاء، والشافعي يقولان: يتقلد المحرم السيف. وقال مالك، يتقلد إن احتاج إليه. وقد روينا عن الحسن أنه كره ذلك. وبقول عطاء أقول. 127 - باب في دخول المحرم الحمام قال أبو بكر: م 1422 - ثبت أن ابن عباس قال: يدخل المحرم الحمام. وكان الثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، والنعمان، وصاحباه لا يرون به بأساً. وقال مالك: من دخل الحمام فتدلك وأنقى الوسخ، فعليه الفدية.

128 - باب غسل المحرم ثيابه

قال أبو بكر: قول ابن عباس، وسائر أهل العلم أولى، ولا حجة لمن منع منه. 128 - باب غسل المحرم ثيابه قال أبو بكر: م 1423 - كان جابر بن عبد الله، وابن عمر، وابن عباس، وابن جريج، والثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور لا يرون بأساً أن يغسل المحرم ثيابه، وحكى ذلك أبو ثور عن الكوفي. وقال مالك: أكره ذلك إلا أن تصيبه جنابة فغسله بالماء وحده احتساباً أن يقتل الدواب. قال أبو بكر: لا بأس به. 129 - باب القملة يقتلها المحرم قال أبو بكر: م 1424 - روينا عن ابن عمر أنه قال: في القملة يقتلها المحرم يتصدّق بحفنة من طعام. وروينا عنه أنه قال: أهون مقتول. وقال عطاء: قبضة من طعام، وكذلك قال قتادة. وقال مالك: حفنة من طعام.

130 - باب حك المحرم رأسه

وقال أحمد: يطعم عنه شيئاً. وقال إسحاق: [1/ 115/ب] تمرة فما فوقها. وقال أصحاب الرأي: ما يصدق به إذا قتلها فهو خير منها. وقال الثوري: يقتلها ويكفر إذا أكثر. وكان طاووس، وسعيد بن جبير، وعطاء، وأبو ثور يقولون: ليس فيها شيء. وقال الشافعي: إن قتلها من رأسه افتدى بلقمة، وإن كانت ظاهرة على جسده فقتلها فلا فدية عليه. قال أبو بكر. لا شيء فيها، وليس مع من أوجب عليه في قتلها فدية حجة. 130 - باب حك المحرم رأسه قال أبو بكر: م 1425 - رخص في حك المحرم رأسه جابر، وعبيد بن عمير، وسعيد بن جبير، وكان ابن عمر يحك: بأنامله. ورخص الشافعي، وأصحاب الرأي، وإسحاق وقالا: بقول ابن عمر. وقال الثوري: أرفق برأسك إذا حككته، وكذلك قال أصحاب الرأي. قال أبو بكر. هو مباح.

131 - باب تقريد المحرم بعيره

131 - باب تقريد المحرم بعيره م 1426 - واختلفوا في تقريد المحرم بعيره، فممن أباح ذلك عمر بن الخطاب، وابن عباس، وجابر بن زيد، وعطاء، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي. وكان ابن عمر يكره ذلك، وتبعه مالك. وروي عن سعيد بن المسيب أنه قال: في المحرم يقتل قراداً يتصدق بتمرة أو تمرتين. قال أبو بكر: لا بأس به. 132 - باب استحباب دخول مكة نهاراً قال أبو بكر: (ح 629) ثبت أن رسول الله-صلى الله عليه وسلم- بات بذي طوى حتى أصبح، ثم دخل مكة. م 1427 - وكان ابن عمر يفعله، واستحب النخعي، وإسحاق: دخولها نهاراً، وكانت عائشة أم المؤمنين، وسعيد بن جبير، وعمر بن عبد العزيز يدخلون مكة ليلاً وكان طاؤس، وعطاء، لا يرون بذلك بأساً.

133 - باب استحباب الاغتسال لدخول مكة

وقال عطاء، والثوري: إن شئت دخلتها ليلاً أو نهاراً. قال أبو بكر: دخولها نهاراً أحب إلىّ، ولا بأس بدخولها ليلاً. (ح 630) وقد دخلها النبي -صلى الله عليه وسلم- ليلاً عام اعتمر من الجعرانة. 133 - باب استحباب الاغتسال لدخول مكة قال أبو بكر: (ح 631) جاء الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه لما دخل ذا طوى حتى أصبح فاغتسل ثم دخل مكة من أعلى مكة من كَدا. م 1428 - وكان ابن عمر، وعروة، [1/ 116/ألف] يغتسلان بذي طوى. واستحب ذلك الشافعي. واغتسل الأسود بن يزيد، وعمرو بن ميمون، والحارث بن سويد ببئر ميمون. 134 - باب استحباب تجديد الوضوء للطواف بالبيت قال أبو بكر:

135 - باب رفع اليدين عند رؤية البيت

(ح 632) روينا عن عائشة أنه أول شيء بدأ به تعني النبي - صلى الله عليه وسلم - حين قدم مكة أنه توضأ، ثم طاف بالبيت. قال أبو بكر: (ح 633) وفي قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لعائشة: اقضي ما يقضيه الحاج غير أن لا تطوفي باليت حتى تطهري " وكانت حائضاً. دلالة على أن الطواف لا يجزئ إلا طاهراً. م 1429 - وقال بجملة هذا القول ابن عمر، والحسن بن علي، وأبو العالية، ومالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور. 135 - باب رفع اليدين عند رؤية البيت قال أبو بكر: (ح 634) جاء الحديث عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ترفع الأيدي في سبع مواطن، عند افتتاح الصلاة، واستقبال البيت، وعلى الصفا والمروة، والموقفين، والجمرتين.

136 - باب الإضطباع بالرداء عند الطواف للحج والعمرة

م 1430 - وروينا عن ابن عمر، وابن عباس، أنهما قالا: ترفع الأيدي، فذكر مثل هذا، وممن كان يرفع يديه إذا رأى البيت الثوري، وابن المبارك، وأحمد، وإسحاق. وكان مالك: لا يرى رفع اليدين عن الاستلام. قال أبو بكر: الأول أولى. 136 - باب الإضطباع بالرداء عند الطواف للحج والعمرة قال أبو بكر: (ح 635) روينا عن ابن عباس: أنه لما دخل رسول الله- صلى الله عليه وسلم - على قريش واجتمعت نحو الحجر اضطبع رسول الله- صلى الله عليه وسلم -. م 1431 - وممن رأى ذلك عبد الرحمن بن الأسود، والشافعي، وأحمد، وأبو ثور، وكل من لقيته من أصحابنا إلا مالك فإنه قال: لم أسمع أحداً من أهل العلم ببلادنا يذكر أن الإضطباع سنة. قال أبو بكر: بالقول الأول أقول.

137 - باب استلام الركن عند ابتداء الطواف

137 - باب استلام الركن عند ابتداء الطواف قال أبو بكر: (ح 636) ثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجته أتى البيت فطاف فاستلم الركن. م 1432 - واختلفوا في تقبيل اليد عند استلام الركن، فمن رأى أن [1/ 116/ب] يقبل يده عند استلام الركن ابن عمر، وجابر بي عبد الله، وأبو هريرة، وأبو سعيد الخدرى، وابن عباس، وسعيد بن جبير، وعطاء، وعروة بن الزبير، وأيوب السختياني، والثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق. وقال عمرو بن دينار: كان يجفأ من استلم ثم لا يقبل يده. وقال مالك: يضع يده على فيه من غير تقبيل، وروى ذلك عن القاسم بن محمد. قال أبو بكر: بالأول أقول، لأن أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قد فعلوه، وتبعهم على ذلك جُمل الناس. (ح 637) وقد روينا عن النبي- صلى الله عليه وسلم -أنه فعل ذلك. 138 - باب السجود على الحجر قال أبو بكر:

139 - باب استلام الركنين اللذين يليان الحجر

م 1433 - كان عمر بن الخطاب، وابن عباس، يسجدان على الحجر. وفعل ذلك طاووس، وبه قال الشافعي، وأحمد بن حنبل. وأنكر مالك من بين الناس ذلك وقال: بدعة. وبما روى عن عمر، وابن عباس نقول. قال أبو بكر: (ح 638) وقد روينا فيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - حديثاً أنه فعل ذلك. 139 - باب استلام الركنين اللذين يليان الحجر قال أبو بكر: (ح 639) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - كان يستلم الركن اليماني، والركن الأسود ولا يستلم الآخرين. م 1434 - وبه قال مالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق. وبه نقول. وقد روينا عن جابر بن عبد الله، وابن الزبير، وأنس بن مالك، وعروة أنهم كانوا يستلمون الأركان كلها، وروينا ذلك عن الحسن، والحسين. قال أبو بكر: وبالقول الأول نقول.

140 - باب الرمل

140 - باب الرمل قال أبو بكر: (ح 640) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - رمل ومشى أربعاً. (ح 641) وثبت عنه أنه رمل من الحجر إلى الحجر. م 1435 - وكان عمر بن الخطاب، وابن مسعود، وابن عمر: يرملون من الحجر إلى الحجر. وبه قال ابن الزبير، وعروة، والنخعي، ومالك، والثوري، والشافعي، وأحمد، وأبو ثور، وإسحاق، والنعمان، ويعقوب، ومحمد. قال أبو بكر: (ح 642) روينا عن ابن عباس أنه قال: رمل رسول الله- صلى الله عليه وسلم - في عمره كلها، وفي حجته، وأبو بكر، وعمر، وعثمان، والخلفاء. وبه نقول. وقد روينا عن جماعة أنهم كانوا يرون المشي بين الركنين اليمانيين منهم طاؤس، ومجاهد، وعطاء، والحسن البصري، وسعيد [1/ 117/ألف] بن جبير، والقاسم بن محمد، وسالم بن عبد الله.

141 - باب ما يجب على من ترك الرمل

141 - باب ما يجب على من ترك الرمل م 1436 - واختلفوا فيما يجب على من ترك الرمل، فكان ابن عباس، وعطاء، وابن جريج، وأيوب السختياني، والأوزاعي، والشافعي وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي يقولون: لا شيء على تركه. وقال الحسن البصري، والثوري والماجشون: عليه دم. واختلف فيه عن مالك، فقال معن: قال مالك: عليه دم، وقال ابن القاسم: رجع مالك بعد ذلك فقال: لا دم عليه. قال أبو بكر: لاشيء عليه. 142 - باب إسقاط الرمل عن النساء م 1437 - أجمع أهل العلم على أن لا رمل على النساء حول البيت، ولا سعي بين الصفا والمروة، إنما تمشي المرأة حيث يرمل الرجال، وحيث يسعى الرجال. م 1438 - وقال الشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي: إن ترك الرمل في طواف رمل في اثنين، فإن تركه في اثنين رمل في واحد، وإن تركه في الثالثة لم يقص. 143 - باب الذكر في الطواف قال أبو بكر:

(ح 643) جاء الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: إنما جعل الطواف بالبيت وبين الصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله. (ح 644) وروينا عنه أنه قال: الطواف صلاة، إلا أن الله أحل لكم فيه النطق، فمن نطق فلا ينطق إلا بخير. (ح 645) وكان - صلى الله عليه وسلم - يقول: بين ركن بني جمح والركن الأسود {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}. م 1439 - واختلفوا في قراءة القرآن في الطواف، فكان عطاء يقول: أحب إليّ أن يدع الحديث كله إلا ذكر الله والقرآن. وكان مجاهد يعرض عليه القرآن في الطواف. وقال ابن المبارك: ليس شيء أفضل من قراءة القرآن في الطواف. وكذلك قال الثوري، وقال الشافعي: استحب قراءة القرآن، والقرآن أفضل ما يتكلم به المرء.

144 - باب أخذ الطائف ذات اليمين بعد استقبال الحجر

وكان أبو ثور: يرى القراءة في الطواف، وبه قال أصحاب الرأي: إذا قرأه فيما بينه وبين نفسه. وكره الحسن البصري، وعروة بن الزبير، ومالك: قراءه القرآن في الطواف. قال أبو بكر: الأول أولى. وكان عمر بن الخطاب، وعبد الرحمن بن عوف يقولان: في الطواف: "ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار". وروينا عن عبد [1/ 117/ب] الرحمن أنه كان يقول: في الطواف: رب قني شحّ نفسي. وروينا عن ابن عمر أنه كان يقول في الطواف: لا إله الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد بيده الخير وهو على كل شيء قدير" ثم قال: "ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار" فقيل له: فقال: أثنيث على ربي، وشهدت شهادة حق، وسألت من خير الدنيا والآخرة. وروينا عن عروة بن الزبير أنه كان يقول حول البيت: "اللهم لا إله إلا أنت، أو أنت تحي بعد ما أمتنا، قال: وكان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقولون ذلك. 144 - باب أخذ الطائف ذات اليمين بعد استقبال الحجر (ح 646) روينا عن جابر بن عبد الله أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - لما قدم مكة أتى لحجر،

145 - باب الطواف من وراء الحجر

ثم مضى على يمينه فرمل ثلاثاً ومشى أربعاً. م 1440 - واختلفوا فيمن طاف منكوساً على خلاف ما سنه الرسول - صلى الله عليه وسلم - لأمته، فكان الشافعي، والحميدي، وابن القاسم صاحب مالك، وأبو ثور وعوام أصحابنا يقولون: لا يجزيه وعليه الإعادة. وقال أصحاب الرأي فيمن طاف منكوساً قالوا: يعيد إن كان بمكة، وإن رجع إلى الكوفة فعليه دم. قال أبو بكر: سن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - الطواف وأخذ عن يمينه لما استلم الركن، فمن طاف كما طاف رسول الله- صلى الله عليه وسلم - فهو طائف يجزئ طوافه، ومن خالف ذلك فأمره مردود للحديث الذي رويناه عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (ح 647) " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فأمره مردود". 145 - باب الطواف من وراء الحجر كان ابن عباس يقول: الحجر من البيت. قال الله تعالى: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} الآية.

146 - باب طواف القارن

(ح 648) وقد طاف رسول الله- صلى الله عليه وسلم -من وراء الحجر. م 1441 - وقد اختلف أهل العلم فيمن سلك الحجر في طوافه، فكان عطاء، ومالك، والشافعي، وأحمد، وأبو ثور يقولون: يبنى على ما كان طاف قبل أن يسلك الحجر ولا يعتد بما سلك منه من الحجر. وقال الحسن البصري: يعيد فإن كان أحل أهراق دماً. وقال أصحاب الرأي: إن كان بمكة فمضى ما بقي عليه من ذلك، وإن رجع إلى الكوفة فعليه دم. قال أبو يكر: لا يجزيه [1/ 118/ألف] الطواف الذي سلك فيه الحجر. 146 - باب طواف القارن (ح 649) روينا عن ابن عمر أنه قال: أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: من أهل بالحج والعمرة كفاه لهما طواف واحد، ثم لا يحل حتى يحل منهما. م 1442 - واختلفوا فيما على القارن من الطواف والسعي، فقال ابن عمر، وجابر بن عبد الله، وعطاء بن أبي رباح، والحسن البصري، ومجاهد،

147 - باب الشراب في الطواف

وطاؤس، ومالك، والشافعي، وعبد الملك، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور: يجزيه طواف واحد وسعي واحد. وأوجبت طائفة على القارن طوافين وسعيين، يروى هذا القول عن الشعبي، وجابر بن زيد، وعبد الرحمن بن الأسود، وبه قال الثوري، والحسن بن صالح، وأصحاب الرأي. قال أبو بكر: بالقول الأول أقول، ولا يثبت عن علي خلاف قول ابن عمر، وإنما روى مالك بن الحارث عن أبي نصر عن علي، وأبو نصر مجهول، مع أن الحديث لو كان ثابتاً كان قول رسول الله- صلى الله عليه وسلم -أولى. 147 - باب الشراب في الطواف (ح 650) روينا عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه شرب ماءً في الطواف. م 1443 - ورخص في الشرب في الطواف عطاء، وطاووس، وأحمد، وإسحاق.

148 - باب من طاف الطواف الواجب أقل من سبع

ولا أعلم أحداً منع منه الطائف. وبه نقول. 148 - باب من طاف الطواف الواجب أقل من سبع م 1444 - واختلفوا فيمن طاف الواجب أقل من سبع ورجع إلى بلده، فكان الشافعي. وأبو ثور يقولان: عليه الرجوع وإكمال الطواف. وكان عطاء، وأحمد بن حنبل، وإسحاق يقولون: لا يجزئ إلا سبع طواف. وحفظى عن مالك أنه قال ذلك. وقال أصحاب الرأي: إذا طاف من يوم النحر ثلاثة أشواط وترك أربعة ولم يطف طواف الصدر، ثم رجع إلى الكوفة، فعليه أن يعود حتى يطوف ما بقي عليه من يوم النحر، وعليه لتأخيره إياه دم، فيطوف طواف الصدر، وإن كان طاف أربعة أطواف من طواف يوم النحر كان عليه دمان، دم لا بقي عليه من طواف يوم النحر، والآخر لطواف الصدر. قال أبو بكر: كما قال عطاء أقول، والنبي - صلى الله عليه وسلم - المبيّن عن الله عز وجل معنى ما أراد، فلما كان النبي- صلى الله عليه وسلم - المنبئ عن الله عَزَّ وَجَلَّ أن فرض صلاة الظهر أربع ركعات، كذلك هو المنبئ عن الله أن فرض الطواف سبع.

149 - باب ما يجب على من ترك الطواف بالبيت عند قدومة

ولا يجزئ أقل منه، لأن الله عَزَّ وَجَلَّ قال: {فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ} الآية. وقال [1/ 118/ب] {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} فبين النبي- صلى الله عليه وسلم - عدد ذلك كله. 149 - باب ما يجب على من ترك الطواف بالبيت عند قدومة م 1445 - واختلفوا فيمن قدم مكة فلم يطف حتى أتى منىً، فكان أبو ثور يقول: عليه دم. واحتج بقول ابن عباس: من ترك من نسكه شيئاً فليهريق دماً لذلك. وقد اختلف في هذه المسألة عن مالك فحكى أبو ثور أنه قال: يجزيه طواف الزيارة للدخول والزيارة للصدر، وحكى غير أبي ثور عن مالك أنه قال: إن كن مراهقاً فلا شيء عليه، وإن كان غير مراهق فعليه دم. وقال الشافعي، وأصحاب الرأي. لا شيء على من ترك الطواف عند القدوم، وبه أقول. 150 - باب الشك في الطواف م 1446 - أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على (¬1) أن من شك في طوافه بني على اليقين. ¬

_ (¬1) في الأصل "عن".

151 - باب القرآن في الطواف

وروينا ذلك عن علي بن أبي طالب، وبه قال عطاء، ومالك، والشافعي، وأحمد، وكذلك نقول. م 1447 - واختلفوا في الطائفين يختلفان في عدد طوافهما، فقال الفضيل بن عياض: يقلد صاحبه الذي لا يشك، وروي ذلك عن عطاء. وقال مالك: أرجو أن يكون فيه بعض السعة. فأما الشافعي: فمذهبه أن لا يجزيه إلا علم نفسه، لا يقبل قول غير. قال أبو بكر: وكذلك نقول. 151 - باب القرآن في الطواف (ح 651) طاف رسول الله- صلى الله عليه وسلم - بالبيت سبعاً، وصلى ركعتين. م 1448 - وأجمع أهل العلم على أن فاعل ذلك مصيب. م 1449 - واختلفوا فيمن جمع أسابيع، ثم ركع لكل سبع منها. فرخص في ذلك المسور بن مخرمة، وعائشة، وعطاء، وطاؤس، وسعيد بن جبير، وأحمد، وإسحاق، ويعقوب. وكره ذلك ابن عمر، والحسن البصري، والزهري، ومالك، وأبو ثور، والنعمان، ومحمد بن الحسن. وكان عروة لا يفعله. قال أبو بكر: القول الثاني أحبّ إليّ، ويجزئ من جمع بينهما.

152 - باب الطائف يقطع عليه الطواف للصلاة المكتوبة

152 - باب الطائف يقطع عليه الطواف للصلاة المكتوبة م 1450 - واختلفوا فيمن بعض سبعة، ثم قطع عليه للصلاة المكتوبة، فقال أكثر أهل العلم ممن نحفظ [1/ 119/ألف] عنه: يبنى من حيث قطع عليه إذا فرغ من صلاته، روينا هذا القول عن ابن عمر، وبه قال عطاء، وطاؤس، ومجاهد، والنخعي، ومالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. ولا يعلم أحد خالف ذلك إلا الحسن البصري فإنه قال: يستأنف. وبقول ابن عمر نقول. 153 - باب الجنازة تحضر والرجل يطوف كان عطاء يقول: في الطائف تحضره جنازة لا يخرج إليها، وبه قال عمرو بن دينار، ومالك، والشافعي. وقال أصحاب الرأي: يينى إذا خرج إليها، وبه قال الحسن بن صالح. وقال أبو ثور: إن خرج استأنف الطواف ليس هذا بعذر. قال أبو بكر: لا يخرج فإن خرج بني إذا صلى عليها. 154 - باب طواف المرأة متنقبة م 1451 - كانت عائشة أم المؤمنين- رحمة الله عليها- تطوف متنقبة، وبه قال الثوري، وأحمد، وإسحاق.

155 - باب المريض يطاف به

وكره طاؤس، وجابر بن زيد ذلك. قال أبو بكر: لا بأس بذلك إذا كانت غير محرمة. 155 - باب المريض يطاف به م 1452 - أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن المريض يطاف به، ويجزئ عنه، إلا عطاء. وممن نحفظ ذلك عنه الرخصة في ذلك النخعي، ومالك، والشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. وقال عطاء: فيها قولان: أحدهما: أن يطاف به، والآخر: أن يستأجر من يطوف عنه. 156 - باب الطواف راكباً من غير علة م 1453 - واختلفوا فيمن طاف محمولاً من غير عذر، فكان الشافعي يقول: يجزيه ولا أحبه. وقال أصحاب الرأي: إن كان بمكة يعيد، وإن رجع إلى الكوفة فعليه دم. قال أبو بكر: (ح 652) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - طاف على راحلته. ولا قول لأحد مع فعله.

157 - باب الطواف بالصبي الصغير

157 - باب الطواف بالصبي الصغير م 1454 - روينا عن أبي بكر الصديق أنه طاف بابن الزبير في خرقة. وأجمع من نحفظ عنه من أهل العلم على أن الصبى الصغير يطاف به، هذا قول النخعي، وعطاء، ومالك، والشافعي. م 1455 - واختلفوا فيمن طاف بصبى وتراً بطوافه عنه وعن الصبي. فقال الثوري، وأحمد، وإسحاق: يجزيه إذا نوى ذلك. وقال الشافعي: [1/ 119/ب] الطواف طواف المحمول لا طواف الحامل، على الحامل الإعادة. وحكى عن مالك أنه قال: الطواف طواف الحامل. قال أبو بكر: إذا طاف رجل برجل ونوى كل واحد منهما طوافه أجزاهما. 158 - باب الطائف يطوف وفي ثوبه نجاسة لا يعلم بها م 1456 - كان أبو ثور يقول: إذا طاف في ثوب نجس وهو لا يعلم يجزئه. وحكى عن الكوفي أنه قال: إن طاف فيه فلا شيء عليه. قال الشافعي: لا يجزيه. قال أبو بكر: قول أبي ثور صحيح.

159 - باب الطواف خارج المسجد

159 - باب الطواف خارج المسجد م 1457 - قال الشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي: لا يجزيه الطواف خارج المسجد حتى يطوف في المسجد، ويجزيه أن يطوف من وراء السقاية، ولا أحفظ عن غيرهم خلافهم. قال أبو بكر: وبه أقول. 160 - أبواب صلاة الطواف (ح 653) ثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس وعن الصلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس. (ح 654) وثبت عنه أنه نهى عن الصلاة عند الزوال. ودلت الأخبار الثابتة عنه على أن نهيه عن الصلاة في هذه الأوقات إنما وقع على وقت طلوع الشمس، ووقت غروبها، ووقت الزوال. (ح 655) قال عقبة بن عامر: ثلاث ساعات نهانا رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أن نصلي فيهن، وأن نقبر فيهن موتانا، حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع، وحين يقوم الظهر حتى تميل الشمس، وحين تضيف الشمس حتى تغرب.

161 - باب الصلاة للطواف خلف المقام وفي الحجر

وذكرت باقي الدلائل على ذلك في مكان آخر. م 1458 - واختلف أهل العلم في الصلاة للطواف بعد العصر وبعد الصبح، فممن طاف بعد العصر وصلى ركعتين ابن عباس، وابن عمر، وابن الزبير، والحسن والحسين ابنا علي بن أبي طالب، وعطاء، وطاؤس، ومجاهد، والقاسم بن محمد. وكان ابن عمر، وابن الزبير، وعروة، وعطاء، وطاؤس، يطوفون بعد صلاة الصبح ويصلون ركعتين. وممن رخص في الصلاة للطواف بعد العصر وبعد الصبح مجاهد، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور. وأنكرت طائفة: الصلاة بعد العصر وبعد الصبح للطواف ولغير [1/ 120/ألف] الطواف، واحتجت بظاهر نهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس، وبعد الصبح حتى تطلع الشمس، وممن هذا مذهه مالك بن أنس. 161 - باب الصلاة للطواف خلف المقام وفي الحجر (ح 656) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - طاف ثم صلى الركعتين عند المقام. م 1459 - وأجمع أهل العلم على أن الطائف يجزيه ركعتا الطواف حيث ما صلاهما إلا مالكاً، فإنه كره أن يصلي ركوع الطواف في الحجر.

162 - باب من لم يركع للطواف حتى خرج من الحرم أو رجع إلى بلد

فأما عطاء، والثوري، والشافعي، وأكثر من لقيناه من أهل العلم فإنهم يقولون: ذلك جائز في الحجر. وكان ابن الزبير: يطوف بعد الغداة، ثم يصلي في الحجر قبل أن تطلع الشمس، وصلى سعيد بن جبير في الحجر. وابن عمر صلى في البيت ركعتي الطواف. وقال مالك: إن صلى صلاة الطواف الواجب في الحجر أعاد الطواف، والسعي بين الصفا والمروة، وإن لم يركعهما حتى بلغ بلده أهراق دماً ولا إعادة عليه. قال أبو بكر: وليس يخلو من صلى في الحجر ركوع الطواف أن يكون قد صلاهما فلا إعادة عليه، أو يكون في مني من لم يصليهما فعليه يعيد أبداً، وأما أن يكون وهو بمكة في معنى من لم يصليهما وإن رجع إلى بلده في معنى من قد صلاهما، فلا أعلم لقائله حجة يرجع إليها في التفريق بينهما، ولا أعلم الدم يجب في شيء من أبواب الصلاة. 162 - باب من لم يركع للطواف حتى خرج من الحرم أو رجع إلى بلد م 1460 - واختلفوا فيمن نسى ركعتي الطواف حتى خرج من من الحرم أو رجع إلى بلده، فقال عطاء، والحسن البصري، والشافعي، وأصحاب الرأي: يركعهما حيث شاء ما لم يخرج من الحرم. وقال سفيان الثوري: يركعهما حيث شاء ما يخرج من الحرم. قال مالك: إن لم يركعهما حتى يرجع إلى بلده فعليه هدي.

163 - باب من عليه ركوع طواف فصلى المكتوبة هل يجزيه ذلك من ركوع الطواف أم لا؟

قال أبو بكر: أقول كما قال عطاء، وليس ذلك بأكثر من صلاة المكتوبة التي ليس على من تركها إلا قضاها حيث كان، والله أعلم. 163 - باب من عليه ركوع طواف فصلى المكتوبة هل يجزيه ذلك من ركوع الطواف أم لا؟ م 1461 - روينا. . . . . . . (¬1) ¬

_ (¬1) بدأ السقط من هنا قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: وجاء في (المغني)، ما يلي: وَإِذَا صَلَّى الْمَكْتُوبَةَ بَعْدَ طَوَافِهِ، أَجْزَأَتْهُ عَنْ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ. رُوِيَ نَحْوُ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَطَاءٍ، وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، وَالْحَسَنِ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَإِسْحَاقَ. وَعَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ يُصَلِّي رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ بَعْدِ الْمَكْتُوبَةِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الْعَزِيزِ: هُوَ أَقْيَسُ. وَبِهِ قَالَ الزُّهْرِيُّ، وَمَالِكٌ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ؛ لِأَنَّهُ سُنَّةٌ، فَلَمْ تُجْزِ عَنْهَا الْمَكْتُوبَةُ، كَرَكْعَتَيْ الْفَجْرِ. وَلَنَا، أَنَّهُمَا رَكْعَتَانِ شُرِعَتَا لِلنُّسُكِ، فَأَجْزَأَتْ عَنْهُمَا الْمَكْتُوبَةُ، كَرَكْعَتَيْ الْإِحْرَامِ.

[169 - باب اختلاف أهل العلم فيمن بدأ بالمروة قبل الصفا]

[169 - باب اختلاف أهل العلم فيمن بدأ بالمروة قبل الصفا] . . . . . . . . . . . (¬1) [1/ 120/ ب] فرغ من طوافه بالبيت، ومن صلاته، بدأ عند خروجه من المسجد ¬

_ (¬1) انتهى السقط هنا قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: قال ابن المنذر في (الإجماع): وأجمعوا أنه من بدأ بالصفا، وختم سعيه بالمروة أنه مصيب للسنة

170 - باب من بدأ فسعى بين الصفا والمروة قبل أن يطوف بالبيت

بالصفا، وأنه ختم سعيه بالمروة، وأن من فعل ذلك فهو مصيب للسنة. م 1468 - واختلفوا فيمن بدأ بالمروة قبل الصفا. فقالت طائفة: يلغى ذلك الشوط ولا يعتد به كذلك قال الحسن البصري، ومالك، والشافعي، والأوزاعي، وأصحاب الرأي. وقد روينا عن عطاء فيه قولين: أحدهما: أنه لا يعتد بذلك الشوط، والآخر: أنه إن جهل ذلك أجزأ عنه. 170 - باب من بدأ فسعى بين الصفا والمروة قبل أن يطوف بالبيت م 1469 - واختلفوا فيمن سعى بين الصفا والمروة قبل أن يطوف بالبيت، فكان عطاء، وبعض أهل الحديث يقولان: يجزيه ولا يعيد السعي. وقال مالك، والشافعي، وأصحاب الرأي: لا يجزيه غير أن مالكاً قال: إن جهل فخرج من مكة رجع، فإن كان أصاب النساء سعى بين الصفا والمروة واعتمر وأهدى. وكان الشافعي يقول: يرجع من حيث كان، ويشبه مذهبه إن كان وطئ أن يكون عليه بدنة. وقال أصحاب الرأي: إن رجع من بلده فعليه دم.

171 - باب الركوب في السعي بين الصفا والمروة

171 - باب الركوب في السعي بين الصفا والمروة م 1470 - واختلفوا في السعي بين الصفا والمروة راكباً، فكره السعي بينهما راكباً عائشة، وعروة بن الزبير، وأحمد، وإسحاق. وقال أبو ثور: لا يجزيه وعليه أن يعيد. وقال مجاهد: لا يركب إلا من ضرورة. وقال أصحاب الرأي: إن كان بمكة أعاد ولا دم عليه، وإن رجع إلى الكوفة فعليه دم، وكان أنس بن مالك يطوف بينهما على حمار. وقد روينا عن عطاء، ومجاهد أنهما سعيا على دابتين، وقال الشافعي: يجزيه إن فعل ذلك. 172 - باب الصلاة تقام والرجل يسعي بين الصفا والمروة م 1471 - رخص أكثر أهل العلم للطائف بين الصفا والمروة إذا أقيمت الصلاة أن يدخل فيصلي فإذا فرغ بني من حيث قطع، هذا قول ابن عمر، وسالم بن عبد الله، وعطاء، والشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي. وقال مالك يمضي على طوافه ولا يقطعه إلا أن يتخوف أن يضر ذلك بوقت الصلاة. قال أبو بكر: بقول ابن عمر أقول.

173 - مسائل من باب السعي [1/ 121/ألف] بين الصفا والمروة

173 - مسائل من باب السعي [1/ 121/ألف] بين الصفا والمروة م 1472 - كان عطاء، ومالك، والشافعي، وأحمد، وأبو ثور، وأصحاب الرأي يقولون: يجزئ السعي بين الصفا والمروة على غير طهارة. وكان الحسن البصري يقول: إن ذكر قبل أن يحل فليعد الطواف، وإن ذكر بعد ما حل فلا شيء عليه. قال أبو بكر: (ح 662) وفي قول النبي- صلى الله عليه وسلم - لعائشة: إقض ما يقضي الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت. دليل على أن ذلك جائز. وكان ابن عمر، وسعيد بن جبير، ومجاهد، والقاسم بن محمد: لا يرون بأساً إذا طاف في أول النهار أن يؤخر السعي حتى يبرد، وبه قال أحمد، وإسحاق: إذا كانت عليه. وقال الثوري: لا بأس به إذا طاف أن يدخل الكعبة، فإذا خرج سعى وبه قال أحمد، وإسحاق. 174 - باب المتعة م 1473 - أجمع أهل العلم على أن من أهل بعمرة في أشهر الحج من الآفاق من الميقات، وقدم مكة ففرغ منها، وأقام بها فحج من عامه، أنه متمتع وعليه الهدي إن وجد، وإلا فالصيام.

م 1474 - واختلفوا فيمن اعتمر في أشهر الحج، ثم سافر ورجع بحج من عامه فحج. فكان عطاء، وأحمد، وإسحاق، والمغيرة، والمدني يقولون: إذا سافر سفراً يقصر في مثله الصلاة قد فسخ متعته، ولا دم عليه وإن حج من عامه. وكان مالك يقول: إن كان من أهل الشام، أو من أهل مصر فرجع إلى المدينة، في حج من عامه، فعليه دم المتعة، إلا أن يكون الضرف إلى أفق من الآفاق متباعدٍ من مكة فلا يكون متمتعاً. وقال مالك: "إذا رجع إلى أهله وحج من عامه فلا شيء عليه. وقال أصحاب الرأي: إذا رجع إلى المصر الذي فيه أهله سقط عنه دم المتعة. وقد روينا هذا القول عن طاؤس، ومجاهد. وقال الحسن: هو متمتع وإن رجع إلى أهله، وحجته ظاهر الكتاب قوله تعالى: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ} الآية ولم يستثن راجعاً إلى أهله وغير راجع، ولو كان في ذلك مراد لبينه في كتابه، أو على لسان رسول الله- صلى الله عليه وسلم -. وقد روينا عن ابن المسيب روايتين. إحداهما: كقول الحسن، والأخرى كقول أصحاب الرأي، وفي هذه المسألة قولان شاذان غير ما ذكرناه. وروينا عن طاؤس أنه قال: إذا اعتمرت في غير شهر الحج، ثم أقمت حتى الحج، فأنت متمتع، والقول الثاني: أن من اعتمر بعد

175 - باب الغريب يقدم مكة يريد المقام بها

[1/ 121/ب] النحر فهي متعة، هذا قول الحسن البصري، ولا يعلم أحد قال بواحد من هذين القولين. 175 - باب الغريب يقدم مكة يريد المقام بها م 1475 - أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن من دخل بعمرة في أشهر الحج، وهو يريد المقام بها، ثم أنشأ الحج فهو متمتع، هذا قول مالك، والثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق وأبي ثور، وحكى ذلك أبو ثور عن الكوفي. وقال مالك، والشافعي، وإسحاق: في المكي ينقطع إلى بلد من البلدان سوى مكة، ثم قدم معتمراً في أشهر الحج، ثم أقام بمكة فحج، أنه متمتع. م 1476 - واختلفوا في مكي اعتمر في أشهر الحج من مصر من الأمصار، ثم حج من عامه، فقال مالك، وأحمد، لا دم عليه، وهذا على مذهب قول الشافعي. وقال طاووس: إن اعتمر من مصر من الأمصار متمتعاً أن عليه الدم. 176 - باب اختلاف أهل العلم في حاضري المسجد الحرام قال الله تبارك وتعالى: {ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} الآية.

م 1477 - فقال مالك: هم أهل مكة وأهل ذي طوى. وقال مجاهد: هم أهل الحرم، وروى ذلك عن طاووس. وقال أحمد: إذا قدم بعمرة في غير أشهر الحج، ثم اعتمر من التنعيم في شهور الحج واقام إلى عشر ذي الحجة، فهو متمتع. وقال مكحول: من كان أهله خلف المواقيت إلى مكة فهو من حاضري المسجد الحرام، وبه قال الشافعي، إذ هو بالعراق، وفي كتاب ابن الحسن: أن من اعتمر من أهل المواقيت أو ممن دونها إلى مكة، ثم حج من عامه فهوغير متمتع. وقال عطاء مرة: من كان منزله دون الميقات فهو من حاضري المسجد الحرام، قال مرة: "أما القرى الحاضري المسجد الحرام التي لا يتمتع أهلها فنخلتان، ومرّ الظهران، وعرفة، وضجنان والرجيع، وأما التي ليست بحاضري المسجد الحرام فالسفر، والسفر ما يقصر فيه الصلاة". وروينا عن ابن عمر قال: إن الله جعلها رخصة لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام. وقال الحسن البصري: أهل مكة ليست لهم متعة، وبه قال طاؤس. وقال ابن الزبير: المتمتع أن يهل الرجل بالحج فيحصر بعذر أو مرض حتى يمضي الحج فيقدم فيجعلها عمرة ويتمتع، فحله إلى العام المقبل، ثم يحج ويهدي، فهذا المتمتع بالعمرة إلى الحج. وقال ابن عباس: المتعة لمن أحضر ولمن خلى سبيله [1/ 122/ألف].

177 - باب من أهل بعمرة في رمضان وحل في عمرته في شوال

177 - باب من أهل بعمرة في رمضان وحل في عمرته في شوال م 1478 - كان قتادة، وأحمد بن حنبل، وإسحاق يقولون: عمرته للشهر الذي أهل فيه، وروى معنى ذلك عن جابر بن عبد الله. قال طاؤس: عمرته للشهر الذي يدخل فيه الحرم. وقال الحسن البصري، والحكم بن عتيبة، وابن شبرمة، والثوري، والشافعي: عمرته للشهر الذي يطوف فيه. وقال الحسن، وعطاء: عمرته للشهر الذي يحل فيه منها، وحكى ذلك عن مالك. وفيه قول خامس: وهو إن طاف لها ثلاثة أشواط في رمضان وأربعة في شوال فحج من عامه أنه متمتع، وإن طاف في رمضان أربعة أشواط وفي شوال ثلاثة أشواط لم يكن متمتعاً، وهذا قول أصحاب الرأي. 178 - باب إدخال العمرة على الحج وإدخال الحج على العمرة م 1479 - أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن لمن أهل بعمرة في أشهر الحج أن يدخل عليها الحج ما لم يفتتح الطواف بالبيت. م 1480 - واختلفوا في إدخال الحج على العمرة بعد أن يفتتح الطواف، فقال مالك: يلزمه ذلك ويصير قارناً. وقال الشافعي لا يكون قارناً، وذكر أن ذلك قول عطاء، وبه قال أبو ثور. وحكى عن الكوفي أنه قال: كقول مالك.

أبواب صوم المتمتع الذي لا يجد هديا

م 1481 - واختلفوا في إدخال العمرة على الحج، فقال مالك وأبو ثور، وإسحاق: لا تدخل العمرة على الحج. وقال أصحاب الرأي: يصير قارناً وعليه ما على القارن. وقال الشافعي بالعراق: كما ذكرناه عن الكوفي، وقال بمصر: أكثر من لقيت يقول: ليس له ذلك. قال أبو بكر: وبقول مالك نقول في هذه المسألة. أبواب صوم المتمتع الذي لا يجد هدياً 179 - باب الوقت الذي يصوم فيه المتمتع الثلاثة الأيام في الحج م 1482 - واختلفوا في الوقت الذي يصوم فيه المتمتع الثلاثة الأيام في الحج، فكان ابن عمر، وعائشة أم المؤمنين، والشافعي، وأحمد يقولون: يصومهن ما بين أن يهل بالحج إلى يوم عرفة. وقال طاؤس: يصوم ثلاثة أيام أخرها يوم عرفة. وروى مثل قوله عن الشعبى، وعطاء، ومجاهد، والحسن البصري، والنخعي، وسعيد. . . . . . . . (¬1) ¬

_ (¬1) بدأ السقط من هنا قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: وجاء في (المغني) لابن قدامة، ما يلي: فَأَمَّا وَقْتُ الثَّلَاثَةِ، فَوَقْتُ الِاخْتِيَارِ لَهَا أَنْ يَصُومَهَا مَا بَيْنَ إحْرَامِهِ بِالْحَجِّ وَيَوْمِ عَرَفَةَ، وَيَكُونُ آخِرُ الثَّلَاثَةِ يَوْمَ عَرَفَةَ. قَالَ طَاوُسٌ: يَصُومُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، آخِرُهَا يَوْمُ عَرَفَةَ. وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَطَاءٍ، وَالشَّعْبِيِّ، وَمُجَاهِدٍ، وَالْحَسَنِ، وَالنَّخَعِيِّ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَعَلْقَمَةَ، وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ. وَرَوَى ابْنِ عُمَرَ، وَعَائِشَةَ، أَنْ يَصُومُهُنَّ مَا بَيْنَ إهْلَالِهِ بِالْحَجِّ وَيَوْمِ عَرَفَةَ. وَظَاهِرُ هَذَا أَنْ يَجْعَلَ آخِرَهَا يَوْمَ التَّرْوِيَةِ. وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ صَوْمَ يَوْمِ عَرَفَةَ بِعَرَفَةَ غَيْرُ مُسْتَحَبٍّ. وَكَذَلِكَ ذَكَرَ الْقَاضِي، فِي " الْمُحَرَّرِ ". وَالْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ الَّذِي وَقَفْنَا عَلَيْهِ مِثْلُ قَوْلِ الْخِرَقِيِّ، أَنَّهُ يَكُونُ آخِرُهَا يَوْمَ عَرَفَةَ، وَهُوَ قَوْلُ مَنْ سَمَّيْنَا مِنْ الْعُلَمَاءِ، وَإِنَّمَا أَحْبَبْنَا لَهُ صَوْمَ يَوْمِ عَرَفَةَ هَاهُنَا، لِمَوْضِعِ الْحَاجَةِ. وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ يُسْتَحَبُّ لَهُ تَقْدِيمُ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ قَبْلَ يَوْمِ التَّرْوِيَةِ؛ لِيَصُومَهَا فِي الْحَجِّ، وَإِنْ صَامَ مِنْهَا شَيْئًا قَبْلَ إحْرَامِهِ بِالْحَجِّ جَازَ. نَصَّ عَلَيْهِ. وَأَمَّا وَقْتُ جَوَازِ صَوْمِهَا فَإِذَا أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ. وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ. وَعَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ إذَا حَلَّ مِنْ الْعُمْرَةِ. وَقَالَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ: لَا يَجُوزُ إلَّا بَعْدَ إحْرَامِ الْحَجِّ. وَيُرْوَى ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ. وَهُوَ قَوْلُ إِسْحَاقَ، وَابْنِ الْمُنْذِرِ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ} [البقرة: 196]. وَلِأَنَّهُ صِيَامٌ وَاجِبٌ، فَلَمْ يَجُزْ تَقْدِيمُهُ عَلَى وَقْتِ وُجُوبِهِ، كَسَائِرِ الصِّيَامِ الْوَاجِبِ. وَلِأَنَّ مَا قَبْلَهُ وَقْتٌ لَا يَجُوزُ فِيهِ الْمُبْدَلُ، فَلَمْ يَجُزْ الْبَدَلُ، كَقَبْلِ الْإِحْرَامِ بِالْعُمْرَةِ. وَقَالَ الثَّوْرِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ: يَصُومُهُنَّ مِنْ أَوَّلِ الْعَشْرِ إلَى يَوْمِ عَرَفَةَ. وَلَنَا، أَنَّ إحْرَامَ الْعُمْرَةِ أَحَدُ إحْرَامَيْ التَّمَتُّعِ، فَجَازَ الصَّوْمُ بَعْدَهُ، كَإِحْرَامِ الْحَجِّ. فَأَمَّا قَوْلُهُ: {فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ} [البقرة: 196]. فَقِيلَ: مَعْنَاهُ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إضْمَارٍ، إذْ كَانَ الْحَجُّ

[184 - باب إهلال الحج للمكي ومن قدم مكة من المتمتعين]

[184 - باب إهلال الحج للمكي ومن قدم مكة من المتمتعين] . . . . . . . . . . . (¬1) [1/ 122/ ب] وسلم لما ذكر المواقيت، قال وكذلك فكذاك، حتى أهل مكة يهلون منها. (ح 665) وثبت أنه قال لأصحابه الذين قدموا معه في حجة الوداع: " فإذا أردتم أن تنطلقوا إلى منىً فأهلوا من البطحاء". م 1489 - وقال ابن عباس: لرجل سأله من أين أهل بالحج وهو بمكة؟ فقال: من حيث شئت. ¬

_ (¬1) انتهى السقط هنا قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: وثبت في الصحيحين عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: وَقَّتَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ، ذَا الْحُلَيْفَةِ، وَلِأَهْلِ الشَّامِ الْجُحْفَةَ، وَلِأَهْلِ نَجْدٍ، قَرْنَ الْمَنَازِلِ، وَلِأَهْلِ الْيَمَنِ، يَلَمْلَمَ، قَالَ: «فَهُنَّ لَهُنَّ، وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِنَّ، مِمَّنْ أَرَادَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ، فَمَنْ كَانَ دُونَهُنَّ فَمِنْ أَهْلِهِ، وَكَذَا فَكَذَلِكَ، حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ يُهِلُّونَ مِنْهَا»

185 - باب فضل الراكب والماشي في الحج

قال أبو بكر: فليحرم المكي ومن قدم مكة من المتمتعين من حيث يريد التوجه إلى منىً يوم التروية، اتباعاً لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "فإذا انطلقتم إلى منىً فأهلوا". 185 - باب فضل الراكب والماشي في الحج قال الله جل ذكره: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ} الآية إلى قوله {مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ}. م 1490 - كان ابن عباس، يقول: هم المشاة والركبان. وقال علي: كل ضامر من الإبل. وقد اختلف في هذا الباب، فكان ابن عباس يقول: ما آسى على شيء إلا إني وددت إني كنت حججت ماشياً، فإن الله تعالى يقول: {يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ} الآية. وكان الحسن بن علي: يمشي في الحج، وفعل ذلك ابن جريج، والثوري. وقال إسحاق: المشي أفضل. وقال مالك: الركوب أحب إليّ من المشي، وبه قال الشافعي. وبه نقول.

186 - باب الإمام يريد الخروج يوم التروية إلى مني فيوافق يوم الجمعة

(ح 666) لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - حج راكباً. ولفضل النفقة في الحج، ولأنه إذا جاء مستريحاً كان أقوى له على الدعاء. 186 - باب الإمام يريد الخروج يوم التروية إلى منيً فيوافق يوم الجمعة قال أبو بكر: م 1491 - إذا وقف يوم التروية يوم جمعة، أمر الإمام بعض من يتخلف أن يصلي بالناس الجمعة، وخرج قبل زوال الشمس وصلى الظهر بمنىً، فإن لم يقص له الخروج حتى تزول الشمس، لم يخرج حتى يصلي الجمعة ويأمر بعض من يصلي بالحجاج الظهر بمنىً، لأن الجمعة فرض والخروج إلى مني في ذلك الوقت ليس بفرض، يأثم من تركه، وقد وافق ذلك أيام عمر عبد العزيز فخرج إلى مني. وقال عطاء: كل أدركت يصنعونه أدركتهم، يجمع بمكة إمامهم ويخطب، ومرة لا يجمع ولا يخطب. وقال مالك: يفعل كفعل عمر بن عبد العزيز. وقال أحمد: إذا كان والي مكة بمكة يجمع بها.

187 - باب وداع من يريد الخروج يوم التروية إلى مني وعرفة

187 - باب وداع من يريد الخروج يوم التروية إلى مني وعرفة قال أبو بكر: (ح 667) ثبت أن رسول [1/ 123/ألف] الله - صلى الله عليه وسلم - قال لأصحابه: "فإذا أردتم أن تنطلقوا إلى منى فأهلو". وليس في شيء من الأخبار أنهم ودّعوا البيت بطواف سبع عند خروجهم، واستحب غير واحد من أهل العلم للخارج عن مكة إلى مني وعرفة أن يودع البيت بطواف سبع. استحب ذلك عطاء، ومجاهد، وسعيد بن جبير، والشافعي، وأحمد، وإسحاق. وقال الثوري: لا يخرج أحد من الحرم حتى يودع البيت. قال أبو بكر: هذا حسن وليس بواجب. م 1492 - وكان الحسن وعطاء، لا يريان بأساً أن يتقدم الذي يريد الحج إلى مني قبل يوم التروية بيوم أو يومين. وكره ذلك مالك. قال أبو بكر: الخروج إلى مني في كل وقت مباح. 188 - باب الخروج إلى منيً وما يفعله الحاج بعرفة (ح 668) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - صلى بمنى الظهر يوم التروية والعصر، وليلة

عرفة المغرب والعشاء، ويوم عرفة الصبح. م 1493 - وقال ابن عباس: إذا زاغت الشمس فليرح إلى منىً. وكان الثوري، ومالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي، يحبون أن يصلي من يريد الحج الظهر يوم التروية بمنىً، وتخلفت عائشة يوم التروية بمكة حتى ذهب ثلث الليل، وصلى أبن الزبير الظهر بمكة يوم التروية. م 1494 - وكان مالك، والشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي، لا يرون على من بات عن منى ليلة عرفة شيئاً إذا وافى عرفة للوقت الذي يحب. ولا أحفظ عن غيرهم خلافهم. م 1495 - وأجمع أهل العلم على أن الحاج ينزلون من مني حيث شاءوا يوم التروية، وحد منىً ما بين محسر إلى العقبة. وقال عطاء: كان ينزل النبي - صلى الله عليه وسلم - بمنىً في الخيف، وخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من منىً إلى عرفة بعد طلوع الشمس. م 1496 - وكان ابن مسعود: يغسل يوم عرفة إذا راح. وروينا عن علي أنه قال: اغتسل يوم عرفة. واستحب ذلك الثوري، والشافعي، وإسحاق، وأبو ثور. ونحن نستحب ذلك للحاج، ولا شيء على من تركه. (ح 669) وقد ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - لما زاغت الشمس أمر بالقصواء فرحلت له، وأتى بطن الوادي فخطب الناس، ثم أذن بلال، ثم أقام فصلى

الظهر، ثم أقام فصلي العصر، ولم يصل بينهما شيئاً، ثم ركب [1/ 123/ب] إلى الموقف. م 1497 - وقد اختلفوا في الوقت الذي يؤذن فيه المؤذن بعرفة للظهر والعصر، فكان الشافعي يقول: "يأتي الإمام المسجد إذا زالت الشمس فيجلس على المنبر فيخطب الخطبة الأولى، إذا جلس أخذ المؤذنون في الأذان، وأخذ هو في الكلام، وخفف الكلام الآخر حتى ينزل بقدر فراغ المؤذن من الأذان ويقيم المؤذن". وقال أبو ثور: إذا صعد الإمام المنبر وجلس أخذ المؤذن في الأذان، فإذا فرغ المؤذن قام الإمام فخطب، ثم ينزل فيقيم المؤذن الصلاة. واختلف في هذه المسألة عن مالك، فحكى ابن نافع عنه أنه قال: والأذان بعرفة بعد جلوس الإمام للخطبة، وحكى آخر عنه أنه قال: يؤذن بعد ما يخطب الإمام صدراً من خطبته حتى يفرغ من خطبته مع فراغ المؤذن ويقيم. قال أبو بكر: ظاهر خبر جابر بن عبد الله يقضي على كل قول. ذكر جابر: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خطب وذكر خطبته قال: ثم أذن بلال، فاستِعْمَالُ ما فعله بلال بحضرة رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أولى. وبه نقول. م 1498 - واختلفوا في الأذان للجُمع بين الصلاتين بعرفة. قال مالك: يصليهما بأذانين وإقامين، لكل صلاة أذان وإقامة.

وقال الشافعي: يصليهما بأذان واحد وإقامتين، وبه قال أبو ثور وأصحاب الرأي. وقال أحمد، وإسحاق: الجمع بين الصلاتين بعرفة بإقامة إقامة، هذه حكايته إسحاق الكوسج عنهما. قال الأثرم: عن أحمد بن حنبل فيمن فاتته الصلاة مع الإمام بعرفة، أي ذلك فعل فهو جائز بأذان واحدٍ وإقامتين، وإن شاء بإقامة إقامة. قال أبو بكر: يستعمل ما في خبر جابر، أذان وإقامتين. م 1499 - وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن الإمام لا يجهر في صلاة الظهر والعصر بعرفة بالقراءة، هذا قول الزهري، ومالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبي ثور، وأصحاب الرأي، وروينا ذلك عن طاؤس، ومجاهد. قال أبو بكر: لما قال جابر صلى الظهر والعصر، دلّ على أنه لم يجهر بالقراءة، إذ هاتين الصلاتين لا يجهر فيهما. م 1500 - وأجمع أهل العلم على أن الإمام يجمع بين الظهر والعصر بعرفة في يوم عرفة، وكذلك يفعل من صلى مع الإمام. م 1501 - واختلفوا فيمن فاتته الصلاة يوم عرفة مع الإمام، فكان ابن عمر يجمع بينهما، وبه قال عطاء، ومالك، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور. وحكى أبو ثور ذلك عن الشافعي، ويعقوب، ومحمد. وبه نقول. وقال النخعي، والنعمان: إذا فاتته الصلاة مع الإمام صلى كل صلاة [1/ 124/ألف] لوقتها. وقال الثوري: إن صليت في رحلك فصل كل صلاة لوقتها.

189 - أبواب الوقوف بعرفة

قال أبو بكر: يفعل كفعل ابن عمر. وثبت أن سالم بن عبد الله قال للحجاج في يوم عرفة: إن شئت تريد أن تصيب السنة فقصّر الخطبة وعجل الصلاة، فقال ابن عمر: صدق. 189 - أبواب الوقوف بعرفة (ح 670) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: "وقفت ها هنا بعرفة وعرفة كلها موقف، وأدفعوا عن بطن عُرنة". م 1502 - واختلفوا فيمن وقف بعرفة من عرنة، فقال مالك: يهريق دماً وحجه تام. وقال الشافعي: لا يجزيه ويحج ثانياً إذا وقف ببطن عُرنة، وبه قال أبو مصعب: أن عليه حج قابل. وكذلك نقول، لا يجزيه أن يقف بمكان أمر النبي- صلى الله عليه وسلم - أن لا يقف به. (ح 671) وثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: من صلى معنا هذه الصلاة، صلاة الغداة بجمع، أو أدرك معنا هذه الصلاة، وقد أتي عرفات قبل ذلك ليلاً أو نهاراً، فقد قضى تفثه وتم حجه.

قال أبو بكر: وفي قوله: "وقد أتى عرفات قبل ذلك ليلاً أو نهاراً فقد تم حجه" دليل على أن من وقف بعرفة يوم عرفة، أو ليلة النحر مدركاً لحجه إذ هو واقف، وإن دفع قبل غروب الشمس بيّن ذلك في ظاهر قوله: "وقد أتى عرفات ليلاً أو نهاراً". م 1503 - وقد اختلف في هذا، فقال أكثرهم: إن أفاض منها قبل غروب الشمس عليه دم كذلك قال عطاء، والثوري، والشافعي، وأحمد، وأبو ثور، وأصحاب الرأي، ومن تبعهم من أهل العلم. وقال الحسن البصري: عليه هدي من الإبل. وقال ابن جريج: عليه بدنة. وقال مالك: عليه حج قابل والهدي ينحره في حج قابل، وهو كمن فاته الحج. قال أبو بكر: وبقول عطاء، ومن وافقه أقول، وذلك لقول النبي- صلى الله عليه وسلم -: "وقد أتى عرفات في ذلك ليلاً أو نهاراً فقد قضى تفثه وتم حجه". (ح 672) وفي حديث ابن يَعمُر الديلي: أن النبي- صلى الله عليه وسلم - قال: "الحج عرفة فمن جاء قبل طلوع الفجر من ليلة جمع تم حجه". م 1504 - وأجمع أهل العلم على أن الوقوف بعرفة فرض لا حج لمن فاته الوقوف بها.

190 - باب من وقف به بعرفة وهو مغمى عليه، أو لا يعلم أن ذلك [1/ 124/ب] عرفة، أو أخطأها يوقف به في غير يوم عرفة

م 1505 - وأجمعوا على أن من وقف بها من ليل أو نهار بعد زوال الشمس من يوم عرفة أنه مدرك للحج، إلا ما ذكرناه عن مالك. 190 - باب من وقف به بعرفة وهو مغمى عليه، أو لا يعلم أن ذلك [1/ 124/ب] عرفة، أو أخطأها يوقف به في غير يوم عرفة م 1506 - واختلفوا فيمن وقف به وهو مغمى عليه، فقال مالك، وأصحاب الرأي: يجزيه. وقال الشافعي، وأبو ثور، وأحمد، وإسحاق: لا يجزيه، وقد فاته الحج. وبه نقول. م 1507 - واختلفوا في الرجل مرّ بعرفة وهو لا يعلم أنها عرفة، أو مرّ بها ليلاً قبل أن ينشق الفجر وهو لا يعلم به، فقالت طائفة: يجزيه. وحكى أبو ثور هذا القول عن مالك، والشافعي، والكوفي. وقال أبو ثور: فيه قول آخر: أنه لا يجزيه، وذلك أن لا يكون وافقاً إلا بإرادة. م 1508 - واختلفوا فيمن أخطأ أنه لا يكون يوم عرفة، فوقف بها في غير يوم عرفة، فقال عطاء، والحسن، والكوفي، يجزيه، حكاه أبو ثور عن الكوفي. وقال أبو ثور: النظر يدل على أن ذلك لا يجزيه. م 1509 - واختلفوا فيمن دفع من عرفة قبل غروب الشمس، ورجع إليها قبل طلوع الفجر، فقال مالك، والشافعي: لا شيء عليه.

191 - باب استحباب الفطر يوم عرفة ووقت الدفع من عرفة

وقال أصحاب الرأي: لا يسقط عنه الذي يوجب عليه من الدم، وبه قال أبو ثور. (ح 673) وفي قول النبي- صلى الله عليه وسلم - لعائشة: "افعلي ما يفعله الحاج غير الطواف بالبيت". دليل على أن الوقوف بعرفة على غير طهارة جائز. م 1510 - وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن من وقف بها غير طاهر مدرك للحج، ولا شيء عليه. 191 - باب استحباب الفطر يوم عرفة ووقت الدفع من عرفة (ح 674) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - وهو أتى بلَبَن وهو واقف واقف على بعيره، فشرب وهو بعرفة يومئذٍ. م 1511 - وقد اختلفوا في صوم يوم عرفة بعرفات، فاستحب غير واحد من أهل العلم يوم عرفة بعرفة. وروينا عن ابن عمر أنه قال: لم يصمه النبي- صلى الله عليه وسلم -، ولا أبو بكر، ولا عمر، ولا عثمان، وأنا فلا أصومه، فإن شئت فصم وإن شئت فافطر.

وممن مال إلى الفطر ابن عباس، ومالك بن أنس، والثوري. وقال عطاء في صوم يوم عرفة: أصوم في الشتاء ولا أصوم في الصيف. وقال يحيى الأنصاري: يجب الفطر يوم عرفة. وكان عثمان بن أبي العاص، وابن الزبير، وعائشة: يصومون يوم عرفة. قال أبو بكر: الفطر يوم عرفة بعرفات أحب إليّ، إتباعاً لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - والصوم بغير عرفة [1/ 125/ألف] أحب إليّ: (ح 675) لقول النبي- صلى الله عليه وسلم - وقد سئل عن صوم يوم عرفة فقال: "يكفر السنة الماضية والباقية". وقد روينا عن عطاء، أنه قال: من أفطر يوم عرفة يتقوّى على الدعاء كان له مثل أجر الصائم. (ح 676) وقد روينا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال في يوم عرفة: "هذا يوم من ملك فيه سمعه وبصره ولسانه غفر له". (ح 677) وقد ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -أفاض من عرفة حين غابت الشمس وقال حين دفعوا: عليكم بالسكينة".

192 - باب الصلاة والوقوف بمزدلفة

192 - باب الصلاة والوقوف بمزدلفة (ح 678) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - صلى المغرب والعشاء بالمزدلفة جميعاً. م 1512 - وأجمع أهل العلم لا اختلاف بينهم أن السنة: أن يجمع الحاج بجمع بين المغرب العشاء. م 1513 - واختلفوا في من صلاهما قبل أن يأتي جَمعاً، فقال جابر: لا صلاة إلا بجمع. وقال الثوري، وأصحاب الرأي: إن صلاهما قبل أن يأتي جمعاً أعاد. وقال الشافعي: لا يصلي حتى يأتي المزدلفة فإن أدركه نصف الليل قبل أن يأتي المزدلفة صلاهما. وفيه قول ثالث: وهو إن صلاهما قبل أن يأتي جمعاً فلا إعادة عليه، هذا قول عطاء بن أبي رباح، وعروة بن الزبر، والقاسم بن محمد، وسعيد بن جبر، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، ويعقوب. قال أبو بكر: إن صلاها قبل أن يأتي جمعاً فقد أدى ما عليه، ولا أحب أن يفعل ذلك. (ح 679) وثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - صل بجمع المغرب والعشاء بأذانٍ واحدٍ، وإقامين. م 1514 - واختلفوا في الأذان والإقامة في الجمع بين الصلاتين، فقال أحمد بن حنبل، وأبو ثور، بظاهر هذا الحديث.

193 - باب اختلاف أهل العلم فيمن لم يبت ليلة النحر بالمزدلفة، [1/ 125/ب] ولم يقف بها غداة يوم النحر

قال مالك: يصليهما بأذانين وإقامتين. وروينا هذا القول عن عمر، وابن مسعود. وقال ابن عمر: يصليهما بإقامتين، وبه قال سالم بن عبد الله، والقاسم بن محمد، والشافعي، وإسحاق، وبه قال أحمد: آخر قوليه. وفه قول رابع: وهو أن يجمع بينهما بإقامة، روينا ذلك عن ابن عمر، وبه قال الثوري. قال أبو بكر: القول الأول أولى. قال أبو بكر: م 1515 - ولا أعلمهم يختلفون أن من السنة أن لا يتطوع بينهما الجامع بين الصلاتين. 193 - باب اختلاف أهل العلم فيمن لم يبت ليلة النحر بالمزدلفة، [1/ 125/ب] ولم يقف بها غداة يوم النحر م 1516 - واختلفوا فيما يجب على من لم يبت بالمزدلفة ليلة النحر ولم يقف بجمع، فقال عطاء، والزهري، وقتادة، والثوري، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب: يهريق دماً. وفيه قول ثان: "وهو إن خرج منها بعد نصف الليل فلا شيء عليه، وإن خرج قبل نصف الليل فلم يعد إلى المزدلفة افتدى، والفدية شاة" هذا قول الشافعي.

194 - باب تقديم الضعفة من جمع بليل

وقد كان مالك يقول: "إن مرّ بها فلم ينزل بها فعليه دم، ولمن نزل به، ثم دفع منها بعد ما نزل بها فإن كان دفعه منها في وسط الليل أو أوله، أو آخره، وترك الوقوف مع الإمام، فقد أجزأه ولا دم عليه". وفيه قول رابع: وهو أنه إذا فاته جمع ولم يقف به، فقد فاته الحج ويجعل إحرامه عمرة كذلك قال علقمة، والشعبى، والنخعي. ومن حجة من قال هذا القول ظاهر الكتاب والسنة. فأما الكتاب، فقوله: {فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ} الآية. (ح 680) وقول النبي - صلى الله عليه وسلم - من أدرك جَمعاً فوقف مع الناس حتى يفيض فقد أدرك، ومن لم يدرك ذلك فلا حج له". 194 - باب تقديم الضَعَفَة من جمع بليل (ح 681) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أرخص في تقديم الضعفة من جمع بليل.

195 - باب التغليس بصلاة الفجر ووقت الدفع وصفة السير من جمع إلى مني

قال ابن عمر: رخص في أولئك رسول الله- صلى الله عليه وسلم -. وفي هذا بيان على أن الرخصة ليست لغيرهم. م 1517 - وممن كان يقدم ضعفة أهله من جمع بليل عبد الرحمن بن عوف، وعائشة أم المؤمنين، وبه قال عطاء، والثوري، والشافعي وأبو ثور، وأصحاب الرأي. 195 - باب التغليس بصلاة الفجر ووقت الدفع وصفة السير من جمع إلى منيً (ح 682) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - صلى الفجر بالمزدلفة حين تبيّن له الصبح بأذان وإقامة. (ح 683) وقال: وقفت ها هنا وجمعٌ كلها موقف. م 1518 - وكان ابن عمر: يقف على قزح. (ح 684) وثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أفاض من جمع قبل طلوع الشمس حين

أسفر جداً. وكان ابن مسعود: "يدفع كانصراف القوم المسفرين من صلاة الغداة". ودفع ابن عمر: من المزدلفة [1/ 126/ألف] إذا أسفر وأبصرت الإبل مواضع أخفافها. وقال بظاهر هذه الأخبار الشافعي: وأصحاب الرأي، وعوام أهل العلم غير مالك فإنه كان يرى أن يدفع قبل طلوع الشمس وقبل الإسفار. قال أبو بكر: وبقول ابن عمر، وابن مسعود أقول. (ح 685) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال في غداة جَمع حين دفعوا: "عليكم السكينة والوقار، وهو كافٍ ناقته، وأوضع في وادي محسّر". قال أبو بكر: م 1519 - كان معنى قوله: "عليكم السكينة والوقار إلا في بطن وادي محسّر". وممن كان يوضع في بطن وادي محسّر ابن مسعود، وابن عمر، وابن عباس، وابن الزبير، وتبعهم عليه كثير من أهل العلم. (ح 686) وثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - سلك الطريق الوسطى التي يخرج على الجمرة الكبرى حتى أتى الجمرة التي عند الشجرة.

196 - باب وقت قطع التلبية في الحج

196 - باب وقت قطع التلبية في الحج (ح 687) ثبت أن الفضل بن عباس قال: ردفت رسول الله- صلى الله عليه وسلم -غداة جمع فم أزل أسمعه يُلبى حتى رمى الجمرة. م 1520 - وقد اختلف أهل العلم في الوقت الذي يقطع فيه الحاج التلبية، فكان ابن عمر: إذا قدم حاجاً أو اعتمر فرأى الحرم ترك التلبية حتى يطوف بالبيت وبين الصفا والمروة، ثم يعود فيها. وفيه قول ثان: وهو أن الحج يقطع التلبية إذا راح إلى الموقف. روينا هذا القول عن سعد بن أبي وقاص، وعائشة أم المؤمنين. وروينا عن علي بن أبي طالب، وأم سلمة، أنهما كانا يلبيان حتى تزول الشمس من يوم عرفة. وكان مالك: يرى قطع التلبية إذا راح إلى المسجد. وفيه قول ثالث: قاله الحسن البصري قال: يلبى حتى يصلي الغداة يوم عرفة فإذا صلى الغداة فأمسك عنها. وفيه قول رابع: وهو أن يلبى حتى يرمي جمرة العقبة يوم النحر، إلا أن بعضهم قال: يقطعها مع أول حصاة يرمي بها. وقال آخرون: حتى يرمي الجمرة، هذا قول ابن مسعود، وابن عباس، وميمونة، وبه قال عطاء، وطاؤس، وسعيد بن جبير، والنخعي، والشافعي، والثوري، وأحمد بن حنبل، وأصحاب الرأي.

م 1521 - واختلفوا في الوقت الذي يقطع التلبية عند رمي الجمرة يوم النحر، فقال الثوري، والشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأى، يقطعها مع أول حصاة يرمي. وقالت طائفة: حديث [1/ 126/ب]. . . . . . (¬1) ¬

_ (¬1) بدأ السقط من هنا قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: وجاء في (المغني) لابن قدامة: (وَيَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ عِنْدَ ابْتِدَاءِ الرَّمْيِ) • وَمِمَّنْ قَالَ: يُلَبِّي حَتَّى يَرْمِيَ الْجَمْرَةَ. ابْنُ مَسْعُودٍ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَمَيْمُونَةُ. وَبِهِ قَالَ عَطَاءٌ، وَطَاوُسٌ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَالنَّخَعِيُّ، وَالثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. • وَرُوِيَ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَعَائِشَةَ: يَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ إذَا رَاحَ إلَى الْمَوْقِفِ. وَعَنْ عَلِيٍّ، وَأُمِّ سَلَمَةَ، أَنَّهُمَا كَانَا يُلَبِّيَانِ حَتَّى تَزُولَ الشَّمْسُ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ. وَهَذَا قَرِيبٌ مِنْ قَوْلِ سَعْدٍ، وَعَائِشَةَ. وَكَانَ الْحَسَنُ يَقُولُ: يُلَبِّي حَتَّى يُصَلِّيَ الْغَدَاةَ يَوْمَ عَرَفَةَ. وَقَالَ مَالِكٌ: يَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ إذَا رَاحَ إلَى الْمَسْجِدِ. وَلَنَا، أَنَّ الْفَضْلَ بْنَ عَبَّاسٍ رَوَى أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَمْ يَزَلْ يُلَبِّي حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ. وَكَانَ رَدِيفَهُ يَوْمَئِذٍ، وَهُوَ أَعْلَمُ بِحَالِهِ مِنْ غَيْرِهِ»، وَقَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفِعْلُهُ مُقَدَّمٌ عَلَى كُلِّ مَنْ خَالَفَهُ. وَاسْتُحِبَّ قَطْعُ التَّلْبِيَةِ عِنْدَ أَوَّلِ حَصَاةٍ؛ لِلْخَبَرِ، وَفِي بَعْضِ أَلْفَاظِهِ: حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ قَطَعَ عِنْدَ أَوَّلِ حَصَاةٍ. رَوَاهُ حَنْبَلٌ، فِي (الْمَنَاسِكِ) وَهَذَا بَيَانٌ يَتَعَيَّنُ الْأَخْذُ بِهِ. وَفِي رِوَايَةِ مَنْ رَوَى أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يُلَبِّي، وَلِأَنَّهُ يَتَحَلَّلُ بِالرَّمْيِ، فَإِذَا شَرَعَ فِيهِ قَطَعَ التَّلْبِيَةَ، كَالْمُعْتَمِرِ يَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ بِالشُّرُوعِ فِي الطَّوَافِ. قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: واختاره ابن المنذر، فقال في الإقناع: ويستقبل الجمرة ويقطع التلبية إذا رماها

[200 - باب الموقف الذي يرمي منه جمرة العقبة]

[200 - باب الموقف الذي يرمي منه جمرة العقبة] . . . . . . . . . (¬1) [1/ 126/ ب] الذي أنزلت عليه سورة البقرة. م 1527 - وممن كان يرمي من بطن الوادي جابر بن عبد الله، وعطاء بن أبي رباح، والقاسم بن محمد، وسالم، ونافع، والثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وقال مالك: يرميها من أسفلها أحب إليّ. وقد روينا عن عمر أنه جاء والزحام عند الجمرة فصعد فرماها من فوقها. قال أبو بكر: من حيث رماها يجزئ، واستعمال ما فعل ابن مسعود أحب إليّ. 201 - باب التكبير مع كل حصاة (ح 691) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - كبر مع كل حصاة رماها م 1528 - وبه قال ابن عمر، ومالك، والشافعي. ¬

_ (¬1) انتهى السقط هنا قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: وثبت في الصحيحين عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: رَمَى عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ مِنْ بَطْنِ الْوَادِي بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ. قَالَ فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ أُنَاسًا يَرْمُونَهَا مِنْ فَوْقِهَا، فَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ: هَذَا، وَالَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ، «مَقَامُ الَّذِي أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ»

202 - باب رمي الجمار بما قد رمى به

وكان ابن عمر، وابن مسعود، يقولان عند رمي الجمار: "اللهم اجعله حجاً مبروراً وذنباً مغفوراً. 202 - باب رمي الجمار بما قد رمى به م 1529 - واختلفوا في الرمي بما قد رمى به، فكره ذلك عطاء بن أبي رباح، والأسود بن يزيد، وسعيد بن أبي عروبة، والشافعي، وأحمد. وروينا عن الشعبى أنه رخص فيه. وقال عطاء: يجزيه، ولا أحب ذلك. وقال إسحاق: يجزيه. وكان مالك، والشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي يكرهون ذلك ويقولون: يجزيه. وقد روينا عن ابن عباس أنه قال: الحصى قربان فما يقبل منه رفع، وما لم يقبل منه هو الذي يترك. قال أبو بكر: يكره أن يرمي بما قد رمى به، ويجزى إن رمى به، إذ لا أعلم أحداً أوجب على من فعل ذلك الإعادة. 203 - مسائل من باب الرمي م 1530 - ولا يعلم في شيء من الأخبار التي جاءت عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه غسل الحصي، ولا أمر بغسله، ولا معنى لغسل الحصى.

وكان عطاء، ومالك، والأوزاعى، وكثير من أهل العلم لا يرون غسله، وقد روينا عن طاؤس أنه كان يغسله. م 1531 - واختلفوا فيمن رمى سبع حصيات في مرة واحدة، فقال عطاء: يجزيه، ويكبر لكل حصاة تكبيرة، وقال الحسن: إن كان جاهلاً أجزاه، وفي قول مالك، والشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي: يجزيه. وقال أحمد: أخشى أن لا يجزيه. وقال أصحاب الرأي: إن وضعها وضعاً لم يجزه، وإن طرحها طرحاً يجزيه. وقال ابن القاسم: لا يجزيه في الوجهين جميعاً. وقال أبو ثور: إن وضعها لم يجزه، وإن كان إذا طرحها سُمّى في اللغة رامياً أجزاه، وإلا لم يجزه. قال أبو بكر: لا يجزيه، والواضع الحصى والمرسل له في معنى العابث. م 1532 - واختلفوا فيمن قدم جمرة قبل جمرة [1/ 127/ألف] فقال الحسن، وعطاء، وبعض الناس يجزيه، واحتج بعض الناس بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (ح692) "من قدم نسكاً بين يدي نسك فلا حرج". وقال لا يكون هذا أكثر من رجل اجتمعت عليه صلوات أو صيام فقضى بعضاً قبل بعض. وقال مالك، والشافعي، وعبد الملك بن الماجشون، وأصحاب الرأي: لا يجزيه إلا أن يرمي على الولاء.

قال أبو بكر: هذا أحوط. م 1533 - واختلفوا في رمي المريض والرمي عنه، فقال النخعي: يوضع الحصى في يده فإن استطاع أن يرمي رمى بها، وإن لم يستطع رمى بها من كفنه. وقال أصحاب الرأي: يوضع الحصى في كفه، ثم يرمي به، وإن رمى به عنه أجزاه. قال أبو بكر: يوضع الحصى في يده ليرمي فإن لم يقدر فأمر من يرمي عنه أجزاه. وقال الحسن، والشافعي، وأحمد، وإسحاق: يرمي عن المريض. وقال مالك: يرمي عن المريض والصبى، ويتحرى المريض حين رمى يكبّر سبع تكبيرات لكل جمرة وعليه الهدي. م 1534 - فأما الصبي الذي لا يقدر على الرمي فكل من حفظت عنه من أهل العلم يرى الرمي عنه، وكان ابن عمر يفعل ذلك، وبه قال عطاء، والزهري، ومالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق. م 1535 - وقال الشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور: لا يجوز الرمي إلا بالحجارة. وقال أصحاب الرأي: إن رماها بحجارة أو بطين يابس فرآها عن ذلك كسبعة أحجار يجزيه، وكذلك كل شيء رماها من الأرض منه فهو يجزئ. وقال الثوري: من رمى بالخزق، والمدر لم يعد الرمي. قال أبو بكر: لا يجزئ الرمي إلا بالحصى.

204 - باب وقت الرمي أيام التشريق

(ح 693) لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "عليكم بحصى الخذف". (ح 694) وبالحصى رَمَى رسول الله- صلى الله عليه وسلم - 204 - باب وقت الرمي أيام التشريق (ح 695) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - رمى أول يوم ضحىً، وأما بعد ذلك فبعد زوال الشمس. م 1536 - وأجمع أهل العلم على أن من رمى الجمار في أيام التشريق بعد زوال الشمس، أن ذلك يجزيه. وممن رماها بعد الزوال عمر بن الخطاب، وابن عمر، وابن الزبير، وابن عباس، وعبيد بن عمر، وسعيد بن جبير، وطاووس، وبه قال مالك، وسفيان الثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. وغيرهم كلهم رأى أن من السنة أن يرمي بعد زوال الشمس. م 1537 - واختلفوا فيمن رمى الجمار قبل زوال الشمس في أيام التشريق، فقالت طائفة: عليه الإعادة، روينا هذا القول عن ابن عمر، وبه قال الحسن البصري، وعطاء، ومالك، والثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، ويعقوب، ومحمد بن الحسن.

205 - باب الوقوف عند الجمرة الأولى أمامها مما يلي الكعبة وعند الثانية ذات الشمال مما يلي الوادي مستقبل القبلة عند الجمرتين ورفع اليدين في الدعاء

وقد روينا عن عطاء أنه قال: إن جهل جاهلّ فرمى قبل ذلك [1/ 127/ب] أجزاه. وكان طاؤس يقول:، شاء رمى من أول النهار وينفر. قال عكرمة: إن شاء رمى أول النهار، ولكن لا ينفر حتى تزول الشمس. وقال إسحاق: إذا رمى في اليوم الأول والثاني أعاد، وأما اليوم الثالث فإن رماها قبل الزوال يجزيه، وقال: إذا رمى بعد طلوع الشمس يوم النفر فلا شيء عليه. قال أبو بكر: لا يجزيه أن يرمي في شيء من الأيام غير يوم النحر إلا بعد زوال الشمس 205 - باب الوقوف عند الجمرة الأولى أمامها مما يلي الكعبة وعند الثانية ذات الشمال مما يلي الوادي مستقبل القبلة عند الجمرتين ورفع اليدين في الدعاء (ح 696) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - كان إذا رمى الجمرة الأولى التي تلي مسجد منىً رماها بسبع حصيات، ثم تقدم أمامها فوقف مستقبل القبلة رافعاً يديه يدعوا وكان يطيل الوقوف، ثم يأتي الجمرة الثانية فيرميها بسبع حصيات يكبر كل ما رمى بحصاة، ثم ينحدر ذات اليسار مما يلي الوادي فيقف مستقبل القبلة رافعاً يديه يدعوا، ثم

206 - باب رمي الرعاء

يأتي الجمرة التي عند العقبة فيرميها بسبع حصيات يكبر كلما رمى بحصاة، ثم ينصرف ولا يقف عندها". م 1538 - وكان ابن عمر، وابن عباس: يطيلان الوقوف عند الجمرتين. وممن كان يطيل القيام عند الجمار سعيد بن جبير، وعبد الرحمن بن الأسود، وطاؤس، والنخعي. م 1539 - وقد اختلفوا فيمن ترك القيام عند الجمرتين، فكان الشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، والكوفي يقولون: لا شيء عليه. وقال الثوري: يُطعم شيئاً وإن يهريق دمَاً أحبّ إليّ. م 1540 - وقد كان ابن عمر، وابن عباس: يرفعان أيديهما في الدعاء إذا رميا الجمرة، وبه قال مجاهد، والشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. ولا نعلم أحداً أنكر ذلك غير مالك، فإن ابن القاسم حكى أنه قال: لم يكن يرفع اليدين هنالك. قال أبو بكر: وإتباع السنة أفضل. 206 - باب رمي الرِعاء (ح 697) روينا عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه رخص للرعاة أن يتعاقبوا فيرموا يوم النحر، ثم يدعوا يوماً وليلةً، ويرمون من الغد.

207 - باب من فاته الرمي بالنهار حتى غربت الشمس

وهذا قال عطاء، ومالك، والشافعي. وقال أحمد: أن يخلفوا بعد [1/ 128/ألف] يوم النحر يوماً، فلا بأس أن يجمعوا الرمي يومين في يوم، فيكون سببها بالقضاء. 207 - باب من فاته الرمي بالنهار حتى غربت الشمس م 1541 - واختلفوا فيمن فاته الرمي حتى تغيب الشمس، فروينا عن ابن عمر أنه قال: من فاته الرمي حتى تغيب الشمس فلا يرمي حتى تزول الشمس من الغد، وبه قال أحمد، وإسحاق، وأبو ثور. وقال عطاء: لا رمي بالليل إلا لرعاة الإبل، فأما التجّار فلا. وقال مالك: إذا تركه بالنهار رماه ليلاً وعليه دم، رواه ابن القاسم عنه ولم يذكر في الموطأ أن عليه دماً. وقال الثوري: إذا أخر الرمي إلى الليل ناسياً أو متعمداً أهراق دماً. وقال إسحاق: إذا تعمد تركه إلى الليل رمى وعليه دم. وكان الشافعي، وأبو ثور، ويعقوب، ومحمد يقولون: إذا نسى الرمي حتى أمسى يرمى ولا دم عليه. وقد روينا عن الحسن أنه كان يرخص في رمي الجمار ليلاً. وقال عطاء: إذا أخّر رمي الجمرة يوم النحر متعمداً إلى الليل فعليه دم.

208 - باب ما يجب على من ترك الجمار كلها أو جمرة منها

وقال النعمان: يرمي ولا شيء عليه، فإن لم يذكرها من الليل حتى يأتي الغد، فعليه أن يرميها وعليه دم. قال أبو بكر: كما قال الشافعي أقول. 208 - باب ما يجب على من ترك الجمار كلها أو جمرة منها م 1542 - كان الثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي يقولون: إذا ترك رمي الجمار حتى يمسي من آخر آيام التشريق فعليه دم. وقال مالك في الموطأ: "فيمن نسي جمرة في بعض أيام مني فلم يذكر حتى صدر فعليه الهدي". وحكى ابن القاسم عنه أنه قال: إن ترك حصاة فليهريق دماً، فأما في جمرة أوفى الجمار كلها فبدنةً فإن لم يجد فبقرة. وكان الحسن البصري يقول: فيمن نسى جمرة واحدة تصدق على مسكين. 209 - باب من ترك حصاة أو حصاتين أو حصيات م 1543 - واختلفوا فيمن ترك حصاة، أو حصاتين، أو ثلاث حصيات من رمي الجمار، فكان أحمد، وإسحاق يقولان: من رمى الجمار بستٍّ فلا شيء عليه، وبه قال مجاهد: إن ترك حصاة أو حصاتين فلا شيء عليه.

واحتج أحمد: (ح 698) بحديث سعد بن أبي وقاص: رجعنا مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم -، وبعضنا يقول: رميت بستٍّ، وبعضنا يقول: رميت [1/ 128/ب]. . . . . . . (¬1) ¬

_ (¬1) بدأ السقط هنا قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: وثبت عند النسائي في سننه من حديث سعد بن أبي وقاص قال: «رَجَعْنَا فِي الْحَجَّةِ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَعْضُنَا يَقُولُ: رَمَيْتُ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، وَبَعْضُنَا يَقُولُ: رَمَيْتُ بِسِتٍّ، فَلَمْ يَعِبْ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ» قال الألباني: صحيح الإسناد

[215 - باب استقبال القبلة بالذبيحة]

[215 - باب استقبال القبلة بالذبيحة]

216 - باب إباحة اشتراك السبعة في البدنة الواحدة أو البقره الواحدة

. . (¬1) [1/ 128/ب] ابن عمر، وعطاء، وابن سيرين، والثوري، ومالك، والشافعي، أن يستقبل القبلة. وكان ابن عمر وابن سيرين يكرهان: أن يوكل من ذبيحة ذبحت لغير القبلة. قال أبو بكر: يستحب أن يستقبل لها القبلة، ولا يحرم إذا ذبحت لغير القبلة. 216 - باب إباحة اشتراك السبعة في البدنة الواحدة أو البقره الواحدة (ح 701) قال: جابر بن عبد الله: اشتركنا مع النبي- صلى الله عليه وسلم - في الحج، والعمرة كل سبعة في بدنة. (ح 702) قال: ونحرنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام الحديبية البدنة عن سبعة والبقرة عن سبعة. ¬

_ (¬1) انتهى السقط هنا قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: وجاء في (المغني) لابن قدامة، ما يلي: وَيُسْتَحَبُّ تَوْجِيهُ الذَّبِيحَةِ إلَى الْقِبْلَةِ، وَيَقُولُ: بِسْمِ اللَّهِ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ. وَإِنْ قَالَ مَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَحَسَنٌ. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: ثَبَتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا ذَبَحَ يَقُولُ: بِسْمِ اللَّهِ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ. وَكَذَلِكَ يَقُولُ ابْنُ عُمَرَ. وَرُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «ذَبَحَ يَوْمَ الْعِيدِ كَبْشَيْنِ، ثُمَّ قَالَ حِينَ وَجَّهَهُمَا: وَجَّهْت وَجْهِي لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ. إنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْت وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ. بِسْمِ اللَّهِ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُمَّ مِنْك وَلَك، عَنْ مُحَمَّدٍ وَأُمَّتِهِ». رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. وَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى التَّسْمِيَةِ، وَوَجَّهَ الذَّبِيحَةَ إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ، تَرَكَ الْأَفْضَلَ، وَأَجْزَأَهُ. هَذَا قَوْلُ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَالنَّخَعِيِّ، وَالثَّوْرِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ، وَابْنِ الْمُنْذِرِ. وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ، وَابْنُ سِيرِينَ يَكْرَهَانِ الْأَكْلَ مِنْ الذَّبِيحَةِ تُوَجَّهُ لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ. وَالصَّحِيحُ أَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ وَاجِبٍ، وَلَمْ يَقُمْ عَلَى وُجُوبِهِ دَلِيلٌ.

217 - باب ما استيسر من الهدي

م 1551 - وهذا قول ابن عمر، وأنس بن مالك، وعطاء بن أبي رباح، والحسن البصري، وطاووس، وسالم بن عبد الله، وعمرو بن دينار، والثوري، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور وأصحاب الرأي. وقد روينا عن ابن عباس أنه قال: البدنة عن سبعة وإن تمتعوا، وبه قال عطاء، وطاووس، وعمرو بن دينار، والثوري، والشافعي. وفيه قول ثان: قاله مالك: لا يشترك في شيء من الهدي، ولا البدن، ولا النسك في الفدية، ولا في شيء مما ذكرنا. وقد روينا عن سعيد بن المسيب أنه قال: إن الجزور يجزئ عن عشرة، وبه قال إسحاق. وروينا عن ابن المسيب رواية توافق قول ابن عمر. 217 - باب ما استيسر من الهدي م 1552 - واختلفوا في معنى قوله: {فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} الآية، فقالت طائفة: شاة، روينا هذا القول عن علي، وابن عباس. وقال مالك: هو أحب ما سمعت إليّ، وبه قال الثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي. وفيه قول ثان: وهو أن ما استيسر من الهدي من الإبل، والبقر، هذا قول ابن عمر، وعائشة.

218 - باب العيوب التي لا تجزئ إذا كانت موجودة في الهدي وفي الضحية

قال أبو يكر: بالقول الأول أقول، لقول الله تعالى: {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} الآية، وفي الضبي عند الجميع شاة. وقد وقع عليه اسم الهدي لقول: {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ}. (ح 703) وثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أهدى جملاً كان لأبي جهل يوم الحديبية. م 1553 - وأجاز ذُكرانَ الإبل سعيد بن المسيب، وعمر بن عبد العزيز، ومالك بن أنس، وعطاء، والشافعي، واحتج مالك بقوله: {وَالْبُدْنَ} الآية ولم يقل ذكر ولا أنثى. وقد روينا عن ابن عمر أنه قال: ما رأيت أحداً [1/ 129/ألف] فاعلاً ذلك، وإن نحر أنثى أحب إلى. قال أبو بكر: ذلك جائز. 218 - باب العيوب التي لا تجزئ إذا كانت موجودة في الهدي وفي الضحية (ح 704) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: لا يجوز من الضحايا أربع العوراء البين عورها، والعرجاء البين عرجها، والمريضة

البين مرضها، والعجفاء التي لا تنقى. وقال عطاء: أما الذي سمعنا كالأربع بكل شيء من الهدايا سواهن جائز، وبه قال الليث بن سعد، والشافعي، وأبو ثور. وكان طاؤس يقول، لا يجوز في الذبائح العوراء، والعجفاء، والجرباء، والمصرمة أطناؤها. وقال عطاء: في الأذن إن جذعت كلها لم يجزيه، وإن كانت جذع منها شيئاً يسيراً أو شقت جازت. وقال مالك: نحو من قول عطاء كلها. وكره الثوري، وإسحاق: العجفاء، والجرباء، والعوراء، والجداء. وقال أصحاب الرأي: في المقطوع الأذن والذاهب العين لا يجزئ واحد منهما، ولا العوراء، ولا العجفاء التي لا تنقى، ويجزئ الخصي والمكسور القرن، وإذا ذهب ثلث العين، أو ثلث الأذن أجزت، ولو ذهب أكثر من ذلك لم يجز، وهذا قول النعمان. وقال يعقوب، ومحمد: أما نحن نرى إذا كان الذي بقى أكثر مما ذهب ذلك. وجواب النعمان في الذنب كجوابه في العين. وقول يعقوب، ومحمد: من الذنب كقولها في العين. وقال جميعاً: لا يجزئ الأعمى. وقال مالك: لا يجوز الدبرة من الإبل.

219 - باب إجازة الجذع من الضأن عند الإعسار من المسن

وأجمع أهل العلم: على من أوجب هدياً صحيحاً لا عيب فيه ونحره أنه يجزيه. م 1554 - واختلفوا في المرء يوجبه هدياً صحيحاً ثم يعيب بعد ذلك، فكان عطاء، والحسن والزهري، والنخعي والثوري، وإسحاق، يقولون: إذا اشتريتها سليمة فأصابها عيب فإنها أجزأت، روينا ذلك عن ابن الزبير. وقال عطاء: إذا قلد الهدي وهو صحيح سمين ثم عجز بعد ذلك، أو أعور أجزأ عنه، وبه قال مالك، والشافعي. وقال أصحاب الرأي: لا يجزيه وإن كان اشتراه صحيحاً. 219 - باب إجازة الجذع من الضأن عند الإعسار من المسن (ح 705) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -قال: لا تذبحوا جذعة من الضأن إلا أن يعسر عليكم فاذبحوا [1/ 129/ب] جذعة من الضأن. م 1555 - وقد اختلف فيه، فكان ابن عمر يقول: لا يهدي من الهدي إلا شيء قد أثنى، أو فوق ذلك ولا يضحى من الغنم إلا كذلك. وكان مالك بن أنس، والليث بن سعد، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي يقولون: يجزئ الجذع من الضأن في الضحايا والهدي، ولا يجزئ من الإبل والبقر والمعز إلا الثني فصاعداً. وكان أبو ثور يقول: في التطوع الجذع من الضأن، والثني من المعز والإبل والبقر.

220 - باب الصدقة بلحوم الهدي، وجلودها، وجلال البدن

وقال أنس بن مالك، والحسن البصري: الجذع من الإبل يجزئ عن ثلاثة، وقال عطاء: الجذع من الإبل عن سبعة. 220 - باب الصدقة بلحوم الهدي، وجلودها، وجلال البدن (ح 706) ثبت أن علياً قال: أمرني رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أن أقوم على بدنة وأقسم جلودها، وحلالها، وأمرني أن لا أعطي الجاذر منها شيئاً، وقال: نحن نعطيه من عندنا. (ح 707) وفي بعض أخبار علي: وأن لا أعطي في جزارتها منها شيئاً. م 1556 - واختلفوا في بيع جلود البدن، فقال عطاء، والنخعي، ومالك، وأحمد، وإسحاق: يتصدق وينتفع بها. وقد روينا عن ابن عمر أنه قال: لا بأس أن يبيع جلد هديه، ويتصدق بثمنه، وبه قال أحمد، وإسحاق. وكان أبو ثور: يرخص في بيعه. وقال النخعي: لا بأس أن يشتري به الغزال والمنخل. م 1557 - وكان مالك، وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي: يرون أن لا يُعطى الجزار منها شيئاً، وكان الحسن البصري، وعبد الله بن عبيد بن عمير: لا يريان بأساً أن يُعطى الجزار الجلد.

221 - باب الأكل من لحوم الضحايا والهدايا

221 - باب الأكل من لحوم الضحايا والهدايا قال الله تبارك وتعالى: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} الآية. وقال: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ} الآية. م 1558 - وقد اختلف أهل العلم فيما يؤكل من الهدي وفيما لا يؤكل منه، فكان ابن عمر، وعطاء بن أبي رباح، والحسن البصري، وأحمد، وإسحاق يقولون: لا يؤكل من النذر، ولا من جزاء الصيد، ويؤكل مما سوى ذلك. وقال سعيد بن جبير: لا يؤكل من جزاء الصيد، ولا من الفدية. وقال النخعي: لا يؤكل من جزاء الصيد. وقال الحكم: يأكل. وكان الأوزاعي يقول: يكره أن يأكل من الهدي، وما كان من جزاء الصيد، أو فدية، أو كفارة، ويؤكل ما كان من هدي تطوع واستمتاع [1/ 130/ألف] أو نذر. وقد روينا عن الحسن قولاً ثانياً: هو أن كان لا يرى بأساً أن يأكل من جزاء الصيد، ونذر المساكين. وقال أصحاب الرأي: يؤكل من هدي القران، والمتعة، والتطوع، ولا يؤكل من غير ذلك.

وقال مالك: يؤكل من الهدي كله الذي ساقه لفساد حجه، أو قران حجه، أو هدي تمتع، أو تطوع، ومن الهدي كله إلا فدية الأذى، أو جزاء الصيد، أو ما نذره للمساكين. وقال الشافعي، وأبو ثور: ما كان أصله واجباً على الإنسان فليس له أن يأكل منه، وما كان أصله تطوعاً مثل الضحايا والهدايا أكل منه، وأطعم وأهدى، أو ادّخر، وتصدق وممن رأى أن يأكل من لحم أضحية مالك، والليث بن سعد، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، والنعمان، وأصاحبه، إلا ما تفرد به جابر بن زيد. وقد روينا عن جابر بن زيد أنه قال: إذا أكلت من الهدي وهو تطوع غرمت. قال أبو بكر: قول الشافعي حسن. م 1559 - وقد اختلف الذين رأوا أن يأكل من هدي التطوع في مقدار ما يؤكل منه، فذكر علقمة أن ابن مسعود: أمره أن يتصدق بثلثه، ويرسل إلى آل عتبة بثلثه، ويأكل ثلثاً، وبهذا قال الشافعي، وأحمد، وإسحاق، وقال عطاء: يؤكل منه ويتصدق ويطعم أثلاثاً. وقال الثوري: كل من نسكك، وتصدق إلى الثلث وأقل من الثلث وتصدق بأكثره. وقال أصحاب الرأي: ما كثر فهو أفضل، وما يحب أن يتصدق بأقل من الثلث.

222 - باب إباحة ركوب البدن

222 - باب إباحة ركوب البدن (ح 708) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -قال: اركبها بالمعروف إذا ألجئت إليها حتى تجد ظهراً. م 1560 - وقد اختلفوا في ركوب البدنة، فرخص فيه عروة بن الزبير، وأحمد، وإسحاق. وقال مالك: لا بأس أن يركب الرجل بدنته ركوباً غير فادح، ولا يركبها بالمحل، ولا يحمل عليها زاده، ولا شيء يتعبها به. وقال الشافعي: يركبها إذا اضطر إليها ركوباً غير فادح، ولا يركبها إلا من ضرورة، وله أن يحمل المعنى المضطر على بُدنِه. وقال أصحاب الرأي: لا يركبها فإن احتاج ولم يجد منه بُداً حمل عليه وركبه، فإن نقصه ذلك ضمن ما نقصه وتصدق به. وقال الثوري في قوله: {لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ} الآية الولد، واللبن، والركوب، فإذا سميت بُدناً ذهبت المنافع. قال أبو بكر: في قوله: "اركبها بالمعروف إذا ألجئت إليها حتى تجد ظهراً"، دليل على المأذون له من ذلك إذا لم يجد ظهراً غيرها، وإذا يوجد ذلك لم يكن له ركوبها.

223 - باب استحباب وقف البدن بالموقف بعرفة

223 - باب استحباب وقف البدن بالموقف بعرفة م 1561 - واختلفوا في وجوب [1/ 130/ب] إيقاف البدن بعرفة، فكان ابن عمر: لا يرى الهدي إلا ما عرف به، فيوقف مع الناس لا يدفع به حتى يدفع الناس مقلداً أو مشعّراً. وقال سعيد بن جبير: لا يصلح ما لم يعرف من البدن والبقر. وقال مالك: أحب للقارن أن يسوق هديه من حيث يحرم، فإن ابتاعه دُون ذلك مما يلي مكة فلا بأس، وذلك بعد أن يقفه بعرفة. وقال في هدي المجامع: إن لم يكن ساقه فليشتريه بمكة، ثم ليخرجه إلى الحل، وليسيقه إلى مكة لينحر بها. وأسقطت طائفة: إيجاب الوقوف بالهدي بالموقف. ورخصت طائفة: في ذلك. فقالت عائشة: إن شئت فعرف وإن شئت فلا تعرف بها، روى ذلك عن ابن عباس، وبه قال الشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. 224 - باب ما يفعل بالهدي إذا عطب قبل أن يبلغ محله (ح 709) روينا ناحية الخزاعي أنه قال: قلت: يا رسول الله ما أصنع بما أعطب من البدن قال: انحرها وألق نعلها في دمها، ثم خل بينها ومن الناس فليأكلوها.

قال أبو بكر: م 1562 - وبهذا المعنى قال مالك، والشافعي، وأحمد وإسحاق وأبو ثور، وأصحاب الرأي. م 1563 - واختلفوا في الأكل بما يتطوع به المرء من البدن إذا عطبت ونحرت، فكان ابن عمر: يرى الأكل منها والإطعام، قال: وليس عليه البدل إلا أن يكون نذراً، أو جزاء صيد. وقالت عائشة: كلوه، ولا تدعوه للسباع والكلاب. وقال ابن عباس. لا يأكل منه ولا رفيقه. ومنع مالك، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي، ومن تبعهم: أن يأكل منها شيئاً، وهو بمعنى قول الشافعي. قال أبو بكر: كذلك أقول، لا يأكل منها سائقها، ولا أصحابه، وذلك في: (ح 710) حديث ذويب عن النبي- صلى الله عليه وسلم -. م 1564 - واختلفوا فيما يجب أن يبدل من الهدي إذا عطب، قالت عائشة: فإن كان واجباً فليُجهد مكانه هدياً آخر. وقال ابن عمر: إن كانت نذراً أبدلها، وإن كانت تطوعاً فإن شاء فعل وإن شاء ترك. وقال سعيد بن جبير: ما كان واجباً فعليه البدل.

225 - باب البدنة توجب فتضل فيبدل صاحبها مكانها، ويوجب البدل ثم يجد الأولى

وقال الزهري: يضمن جزاء الصيد، والتمتع، والنذر، والإحصار، والوصية. وقال أحمد: يضمن هدي المتعة، وجزاء الصيد، وكل شيء من الكفارات، وبه قال إسحاق. وقال عطاء: يضمن هدي المتعة، وجزاء الصيد، والنذر. م 1565 - واختلفوا في بيع هدي الواجب الذي يجب إبداله إذا عطب، فقال الشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور [1/ 131/ألف] وأصحاب الرأي: يأكل ويبيع ويصنع به ما شاء. وقال مالك: يأكل منه ويطعم من أحب من الأغنياء، والفقراء، ولا يبيع منه شيئاً. وقال عطاء: يصنع به ما شاء. قال أبو بكر: إذا كان له أن يطعم الأغنياء باع وفعل به ما شاء. 225 - باب البدنة توجب فتضل فيبدل صاحبها مكانها، ويوجب البدل ثم يجد الأولى م 1566 - واختلفوا في المرء يوجب بدنة فتضل فيبدلها، ويوجب البدل، ثم يجد الأولى، فروينا عن عمر بن الخطاب، وابن عمر، وابن عباس أنهم قالوا: ينحرهما جميعاً، وفعلت ذلك عائشة، وبه قال مالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق. وقال الثوري، وأصحاب الرأي، وأبو ثور: إن نحرهما فهو أفضل، فإن نحر الأول وباع الآخر أجزاه، لأن الآخر لم يكن واجباً عليه.

226 - باب عدد أيام الأضحى

وفرق الحسن البصري بين الواجب والتطوع فقال في التطوع: ينحرهما جميعاً، وقال في الواجب: إذا ضل فاشترى آخر فنحره، ثم وجد الأول فعل به ما شاء، وروينا ذلك عن عطاء. 226 - باب عدد أيام الأضحى م 1567 - كان علي بن أبي طالب، وابن عباس، والحسن، وعطاء يقولون: أيام الأضحى يوم النحر وثلاثة أيام بعده، وبه قال الأوزاعي، والشافعي. واختلف فيه عن ابن عمر، وأثبت الروايين عنه أنه قال: يوم النحر ويومان بعده، وهذا قول الثوري، ومالك، وبه قال أبو مصعب صاحب مالك. وقال أحمد: النحر ثلاثة أيام، وعن غير واحد من أصحاب النبي- صلى الله عليه وسلم -. وقال ابن سيرين: النحر يوم واحد. قال أبو بكر: كما روى عن علي أقول. وقد روينا عن سعيد بن جبير، وجابر بن زيد أنهما قالا: والأضحى في الأمصار يوم واحد، وبمنى ثلاثة أيام. 227 - باب الذبح قبل طلوع الفجر من يوم النحر م 1568 - واختلفوا في الذبح قبل طلوع الفجر يوم النحر، فقال أكثرهم: لا يجوز؛ لأن النبي- صلى الله عليه وسلم - سن أن الذبح بالنهار، وهذا قول مالك، وأصحاب الرأي، وقال أحمد، وإسحاق: يذبح هدي المتعة يوم

228 - باب الوقت الذي ينحر فيه المتمتع هديه

النحر، وبه قال أبو ثور، وقال في جزاء الصيد والنذر يجزيه لو ذبحه يوم عرفة، وحكى ذلك عن الكوفي. وقال عطاء في الذبح والنحر: لا ينحر ولا يذبح حتى ينفجر الصبح لأن الله عَزَّ وَجَلَّ قال: {فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ} الآية وذلك بالنهار. ورخص الشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي: في الذبح بالليل ليالي أيام التشريق، وبه [1/ 131/ب] قال إسحاق. قال أبو بكر: لا يجوز الذبح ليلة النحر، ويجوز ليالي أيام التشريق. 228 - باب الوقت الذي ينحر فيه المتمتع هديه م 1569 - واختلفوا في المتمتع يسوق الهدي متى منحره، فقال أحمد: إن قدم قبل العشر طاف وسعى ونحر هديه، وإن قدم في العشر لم ينحره إلى يوم النحر، وروينا ذلك عن عطاء. وقال الحسن البصري، والنخعي، والثوري، وأبو ثور، وأصحاب الرأي: لا ينحر المتمتع هديه إلا يوم النحر. وقال مالك: من أهدى هدياً للعمرة وهو ممن تممتع بالعمرة إلى الحج، لم يجز ذلك عن ولكنه ينحره ويهدي هدياً آخر لمتعته، إنما يصير متمتعاً إذا حل من عمرته، ثم إذا أنشأ الحج حينئذ يجب عليه الهدي. قال أبو بكر: قول مالك صحيح.

229 - باب الرجلين يخطئ كل واحد منهما فينحر هدي صاحبه

229 - باب الرجلين يخطئ كل واحد منهما فينحر هدي صاحبه م 1570 - واختلفوا في الرجلين يخطئ كل واحد منهما فينحر هدي صاحبه، فكان أبو ثور يقول: يجزيهما، وليس عليه شيء لصاحبه، وبه قال أصحاب الرأي في الهدي، وقالوا: يأخذ كل واحد منهما هديه من صاحبه قالوا: نستحسن ذلك وندع القياس. وفرق مالك: بين الهدي والضحايا في ذلك، فقال في الهدي كما قال أبو ثور، وقال في الضحايا: لا يجزيهما. وقال الشافعي: إن أدركه قبل أن يتصدق به كل واحد منهما أخذه، ورجع كل واحد منهما على صاحبه بقيمة ما بين الهديين حييّن ومنحورين، وأجزأ عنهما، وتصدقا بكل ما ضمن كل واحد منهما لصاحبه، وإن فات ذلك بصدقة ضمن كل واحد منهما لصاحبه قيمة الهدي وعلى كل واحد منهما البدل. 230 - باب الهدي ينحره صاحبه ثم يُسرَق م 1571 - واختلفوا في الهدي ينحره صاحبه، ثم يُسرق، فقال أصحاب الرأي: يجزيه ذلك في هدي المتعة، والإحضار، وجزاء الصيد. وقال الثوري: إذا نحر فقد فرغ لا أرى عليه شيئاً، وبه قال ابن القاسم صاحب مالك في الواجب. وقال أبو ثور: لا يجزيه مثل الزكاة يخرجها ثم تُسرق، لا يجزيه حتى يؤدّيها إلى المساكين.

أبواب الحلق والتقصير [1/ 132/ألف]

قال أبو بكر: ويحتمل لو قال قائل: إذا كان واجباً فعلم أن الفقراء أخذوه يجزيه، لأنهم أخذوا حقاً لهم، وإن كان فيهم غنى لم يجزه حصة الغنى، وإن لم يعلم من أخذه لم يجزه، وإن كان تطوعاً فلا شيء عليه لأنه لم يفرط وأصله التطوع. أبواب الحلق والتقصير [1/ 132/ألف] 231 - باب حلق الرأس بعد الفراغ من الذبح أو النحر واستحباب التيامن في الحلق وفضل الحلق على التقصير في الحج والعمرة واختيار ذلك (ح 711) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - حلق رأسه في حجة الوداع. (ح 712) وأنه ناول الحالق شقه الأيمن فحلقه، ثم ناول الحالق شقه الأيسر فحلقه. م 1572 - وروينا عن ابن عباس أنه أمر أن يبدأ بالشق الأيمن، وبه قال الشافعي.

232 - باب أخذ الأظفار مع حلق الرأس

(ح 713) وثبت أنه قال: "اللهم ارحم المحلقين ثلاثاً، قالوا: والمقصرين قال: والمقصرين". قال أبو بكر: وفي دعاء رسول الله- صلى الله عليه وسلم -للمحلقين ثلاثاً وتأخيره الدعاء للمقصرين مرة، دليل على أن الحلق في الحج والعمرة أفضل من التقصير. وممن كان يستحب الحلق ويقدمه على التقصير الثوري، والشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. 1573 - وقد أجمع أهل العلم على أن التقصير يجزئ، إلا شيئاً ذكر عن الحسن أنه كان يوجب الحلق في أول حجه يحجَها الإنسان. قال أبو بكر: يجزئ ذلك. 232 - باب أخذ الأظفار مع حلق الرأس (ح 714) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - لما حلق رأسه قلم أظفاره.

233 - باب حلق من لبد رأسه

م 1574 - ويستحب أن يبلغ إذا حلق رأسه العظم الذي عند منقطع الصدغ من الوجه، كان ابن عمر يقول للحالق: بالغ العظمين افصل اللحية من الرأس. وكان عطاء يقول: من السنة إذا حلق رأسه أن يبلغ العظمين. وقد كان ابن عمر: يأخذ من لحيته، وشاربه، وأظفاره، إذا رمى الجمرة. وكان عطاء، وطاؤس، والشافعي يحبون لو أخذ من لحيته شيئاً. قال الشافعي: حتى يصنع من شعره شيئاً لله. 233 - باب حلق من لَبَّدَ رأسه (ح 715) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -لبّد رأسه في حجته. (ح 716) وروينا عنه أنه قال: من لبّد رأسه فليحلق. (ح 717) وقد ثبت أنه لبّد رأسه في حجته. (ح 718) وثبت أنه حلق.

234 - باب الأصلع يأتي عليه وقت الحلق وما يجزئ أن يقصر من على رأسه الشعر

م 1575 - وقد اختلف أهل العلم فيما يجب على من لبّد رأسه في حجته، أو عقصه، فثبت عن عمر بن الخطاب، وابن عمر: أنهما أمرا من لبّد رأسه أن يحلق. وبه قال الثوري. وكان مالك: يأمر من لبّد رأسه، أو عقص بالحلاق، وبه قال الشافعي، وأحمد، وإسحاق. وقال أبو ثور: من لبّد، أو ضفر فليحلق. وفيه قول ثان: كان ابن عباس يقول: من لبّد، أو ضفر، أو عقد، أو فتل، أو عقص فهو على ما نوى في ذلك، يعني إن كان نوى الحلاقة فليحلق لابدّ، [1/ 132/ب] لم يكن نوى إن شاء حلق وإن شاء قصّر. وقال أصحاب الرأي: في الذي يلبّد رأسه بصمغٍ، أو بضفرٍ، فإن قصر ولم يحلق يجزيه. قال أبو بكر: من لبّد فليحلق على ظاهر الحديث. 234 - باب الأصلع يأتي عليه وقت الحلق وما يجزئ أن يقصر من على رأسه الشعر م 1576 - أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن الأصلع يمر على رأسه الموسى وقت الحلق، روينا ذلك عن علي، وابن عمر، وبه قال

235 - باب من نسي الحلق حتى مضت أيام مني، ومن نسي الحلق أو تركه حتى رجع إلى بلده، وتقصير المرأة وقدر ما تقصر من رأسها

مسروق، وسعيد بن جبير، والنخعي، ومالك، والشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. م 1577 - واختلفوا في قدر ما يجزئ من التقصير، فكان الشافعي، وأبو ثور يقولان: يجزئ ثلاث شعرات فصاعداً. وقال أصحاب الرأي: يجزيه أن يقصر من رأسه النصف، فإن قصر أقل من النصف يجزيه، ولا يجب عليه أن يفعل. وقيل لابن القاسم: قصر بعض شعره وأبقى بعضه؟ قال: لا يجزيه في قول مالك. 235 - باب من نسي الحلق حتى مضت أيام مني، ومن نسي الحلق أو تركه حتى رجع إلى بلده، وتقصير المرأة وقدر ما تقصر من رأسها م 1578 - واختلفوا فيمن نسى الحلق حتى مضت أيام مني، فقال أبو ثور، ويعقوب، ومحمد: لا شيء عليه وهو يشبه مذهب الشافعي. وقال أحمد: إن جاء قدم فلا بأس، وإن لم يجيء فأرجو أن لا يكون عليه شيء. وقال النعمان: عليه دم، ويحلق أو يقصر. قال أبو بكر: لا شيء عليه. م 1579 - واختلفوا فيمن نسي الحلق أو تركه حتى جاء بلده، فقال عطاء: لا شيء عليه، وبه قال أبو ثور، ويعقوب، وحكى أبو ثور ذلك عن الشافعي، وكذلك قال أحمد: إذا حلق خارج الحرم.

وأوجب عليه الثوري، وإسحاق بن راهويه، والنعمان، ومحمد: دماً وكذلك قال مالك: فيمن نسي الحلق حتى يرجع إلى بلده أنه يحلق وعليه الهدي. قال أبو يكر: لا شيء عليه. (ح 719) وقد روينا عن النبي- صلى الله عليه وسلم أنه قال: ليس على النساء حلق، إنما عليهن التقصير. م 1580 - وأجمع أهل العلم على القول به في محفوظ ذلك عن ابن عمر، وعطاء، وغمرة، وحفصة بنت سيرين، وعطاء الخرساني، ومالك، والثوري، وسائر أهل الكوفة من أصحاب الرأي، وغيرهم، والشافعي، وأصحابه، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وسائر أهل العلم. ورأت جماعة: إن حلقها رأسها من الثلة. م 1581 - واختلفوا [1/ 133/ألف] في قدر ما تقصر من رأسها، فكان ابن عمر، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور يقولون: تقصر من رأسها من كل فرق مثل الأنملة. وذكر ابن الحسن قول ابن عمر هذا. وروينا عن عطاء أنه قال: تأخذ قدر ثلاث أصابع مقبوضة، أو أربع أصابع. وعن النخعي أنه قال: قدر مفصلين. وقال قتادة: تقصر الثلث أو الربع.

236 - باب إباحة التطيب يوم النحر بعد الحلق قبل الإفاضة

وقالت حفصة بنت سيرين: المرأة التي قعدت تأخذ نحو الربع، وفي السبّابة أشارت بأنملتها تأخذ وتقلل. وقال مالك: تأخذ من جميع قرون رأسها، وما أخذت من ذلك فهو يكفيها، ولا يجزئ عنده أن تأخذ من بعض القرون وتبقى بعضاً. قال أبو يكر: يجزئ ما وقع عليه اسم تقصير، والأحوط: أن تأخذ من جميع القرون قدر أنملة. 236 - باب إباحة التطيب يوم النحر بعد الحلق قبل الإفاضة (ح 720) ثبت عن عائشة أنها قالت: كنت أطيبُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لإحرامه قبل أن يحرم، ولحله قبل أن يطوف بالبيت. م 1582 - وقد اختلف أهل العلم: فيما أبيح للحاج بعد رمي جمرة العقبة قبل الطواف بالبيت، فقال عبد الله بن الزبير، وعائشة، وعلقمة، وسالم بن عبد الله، وطاؤس، والنخعي، وعبد الله بن الحسن، وخارجة بن زيد، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي: يحل له كل شيء النساء. روينا ذلك عن ابن عباس. وقال عمر بن الخطاب، وابن عمر، يحل له كل شيء، إلا النساء، والطيب. وقال مالك: يحل له كل شيء إلا النساء، والطيب، والصيد.

237 - باب ما أبيح لمن رمى الجمرة يوم النحر ولم يحلق

وقد اختلف فيه عن إسحاق: فذكر إسحاق بن منصور عنه ما ذكرناه عنه، وذكر أبو داؤد الخفاف عنه أنه قال: يحل له كل شيء إلا النساء، والصيد. وفيه قول خامس: وهو أن المحرم إذا رمى الجمرة يكون في ثوبيه حتى يطوف بالبيت، كذلك قال أبو قلابة. وقال عروة بن الزبير: أخّر الطواف بالبيت يوم النحر إلى يوم، الصدر، فإنه لا يلبس القميص، ولا العمامة، ولا يتطيب. وقد اختلف فيه عن الحسن البصري، وعطاء، والثوري، وقد بينته في مختصر الحج. قال أبو بكر: بظاهر خبر عائشة نقول. 237 - باب ما أبيح لمن رمى الجمرة يوم النحر ولم يحلق م 1583 - كان عطاء بن أبي رباح، ومالك يقولان: لا بأس أن يتقنع إذا رمى [1/ 133/ب] الجمرة قبل أن يحلق. وقال أبو ثور: له أن يتطيب، ويصطاد قبل أن يحلق. والشافعي: إنما يبيح له الأشياء إذا رمى وحلق. وقال أصحاب الرأي: إذا رمى ولم يحلق حتى أصاب صيداً خارج الحرم، فعليه الجزاء، وإن كان حلق فلا شيء عليه، وكذلك لا يمس طيباً، ولا يخضب رأسه بالحناء قبل أن يحلق، فإن فعل فعليه دم.

238 - باب طواف الإفاضة

238 - باب طواف الإفاضة قال الله تعالى: {ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} الآية (1). م 1584 - وأجمع أهل العلم على أن هذا الطواف هو الطواف الواجب طواف الإفاضة. (ح 721) وثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أفاض يوم النحر. م 1585 - ولا أعلمهم يختلفون أن من أخّر الطواف عن يوم النحر وطاف في أيام التشريق، أنه مؤدٍ للفرض الذي أوجبه الله عليه، ولا شيء عليه في تأخيره. م 1586 - واختلفوا فيما يجب على من أخّر الإفاضة حتى مضت أيام التشريق، فكان عطاء، والشافعي، وأبو ثور، ويعقوب، ومحمد يقولان: لا شيء عليه. وكان عمرو بن دينار، وابن عيينة يطوفان طواف الزيارة بعد الصدر بأيام، وقال أحمد، وإسحاق: لا بأس أن يؤخر الإفاضة إلى آخر النفر. وقال النعمان: فيمن رجع إلى الكوفة قبل أن يطوف طواف الصدر يعود إلى مكة حتى يقضيه، وعليه دم لتأخيره. وقال مالك: إذا تطاول ذلك فعليه دم وقال مرة: إن عجله فهو أفضل، وإن أخره فلا شيء عليه.

239 - باب الطهارة للطواف

قال أبو بكر: أحبّ أن لا يؤخر عن يوم النحر، فإن أخره وطاف بعد أيام التشريق أجزأه ولا شيء عليه. م 1587 - واختلفوا فيمن أخّر طواف الزيارة حتى يرجع إلى بلده، فقال عطاء، والثوري، ومالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي: يرجع حتى يطوف، لا يجزيه غير ذلك. قال (¬1) أبو بكر: كذلك نقول. وقد روينا عن عطاء قولاً ثالثاً: وهو أن يأتي عاماً قابلاً بحج أو عمرة، وكذلك قال الحسن البصري: يجج من العام المقبل. م 1588 - واختلفوا فيمن ترك شوطاً من طواف الزيارة، فقال عطاء: لا يجزيه يوم النحر إلا سبعاً وافٍ، وهذا على مذهب مالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبي ثور، وغيرهم من أصحابنا. وكان سعيد بن أبي عروبة يقول: عليه دم. وقال أصحاب الرأي: فيمن طاف أربعة أشواط من طواف يوم النحر أو طواف العمرة، ثم يسعى بين الصفا والمروة ولم يكن طاف لحجته قبل ذلك ولا سعي، ثم رجع إلى الكوفة، أن سعيه يجزيه، [1/ 134/ألف] وعليه لما ترك من الطواف بالبيت دم. قال أبو بكر: لا يجزيه حتى يرجع فيطوف طوافاً مستأنفاً كاملاً. 239 - باب الطهارة للطواف (ح 722) ثبت أن نبى الله - صلى الله عليه وسلم - قال لعائشة وقد حاضت وهي ¬

_ (¬1) في الأصل: "وقال".

محرمة: "اقضي ما يقضى الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت". (ح 723) مع قوله في قصة صفية: "أحابستنا هي". م 1589 - ففي ذلك دليل على أن الطواف بالبيت لا يجزئ إلا لطاهراً، فمن طاف بالبيت جنباً، أو على غير وضوء، أو كانت المرأة حائضاً، أو نفساء فهو بمعنى "من لم يطف"، وهذا قول عامة أهل العلم. م 1590 - وخالف أهل الرأي ذلك، فقالوا: فيمن طاف يوم النحر وهو جنب، أو كانت امرأة فطافت يوم النحر وهي حائض، ثم رجعت إلى الكوفة ولم تطف طواف الصدر، أن على الرجل والمرأة أن يعودا إلى مكة يإحرام جديد حتى يطوفا طواف يوم النحر، وعلى الرجل دم لتأخيره ذلك، وعليه أن يطوف طواف الصدر، فإن لم يفعل ذلك وأقام بالكوفة بعث يجزور أو ثمنها، فيشتري هناك جزوراً فينحر عنه، ويتصدق بلحمه فيكون هذا الدم لطواف يوم النحر، وعليه شاة لطواف الصدر، والحائض يجزيها من ذلك جزور يبعث، وليس على المرأة دم لطواف الصدر، ولا لتأخيرها ذلك. م 1591 - قالوا: ولو أن قارناً أو متمتعاً أو منفرداً طاف يوم النحر وهو على غير وضوء، ولم يطف طواف الصدر حتى يرجع إلى أهله، أن عليه دمين، أحدهما: لطوافه على غير وضوء، والآخر: لطواف الصدر.

240 - باب النية للطواف

قال أبو بكر: فرض الله عَزَّ وَجَلَّ طواف الإفاضة في كتابه فهو فرض، لا يجزئ عنه غيره. م 1592 - واختلفوا فيمن انتفض وضوءه وهو في الطواف، فقال أحمد، وإسحاق: يخرج فيتوضأ، ثم رجع فيبني، وبه قال الشافعي، غير أنه قال: إن تطاول ذلك استأنف. وقال مالك: يخرج فيتوضأ ويستأنف، إنما هو بمنزلة الصلاة المكتوبة. وقال في التطوع: إن أراد أن يتم طوافه توضأ واستأنف، وإن شاء تركه. وقال الحسن البصري: إذا رعف استأنف الطواف. وقال عطاء: أحبّ إلي أن يستأنف طوافه. وقال النخعي: يبني. 240 - باب النية للطواف (ح 724) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -قال: "إنما الأعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله [1/ 134/ب] ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه". م 1593 - فلا يجزئ الطواف إلا بالنية لدخوله في جملة الأعمال، وقال بهذا القول أحمد، وإسحاق، وابن القاسم صاحب مالك، وأبو ثور. وكان الثوري، والشافعي، وأصحاب الرأي يقولون: يجزيه وإن لم ينو الفرض الذي عليه.

241 - باب طواف المتمتع وسعيه

قال أبو بكر: وبحديث رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أقول، ولا يصح خبر شبرمة الذي احتج به الشافعي. 241 - باب طواف المتمتع وسعيه م 1594 - واختلفوا في طواف المتمتع وسعيه، فقالت طائفة: يجزيه طواف واحد وسعي واحد، هذا قول ابن عباس، وعطاء، وطاؤس، ومجاهد، وسعيد بن جبير، وأحمد، وإسحاق، غير أن أحمد، وإسحاق قالا: طوافان أجود وكان ابن عمر: إذا أفرد في أشهر الحج طاف لكل واحد منهما طوافاً بين الصفا والمروة، وبه قال الشافعي، وعلقمة: علماً الأمصار للتفريق بين العملين وإفراد كل واحد منهما عن الآخر. وبه نقول، إلا أن يكون مضت السنة وتسلم لها. 242 - باب وقت سعي أهل مكة بين الصفا والمروة (ح 725) سنّ رسول الله- صلى الله عليه وسلم - للقادمين المحرمين بالحج بتعجيل الطواف عند دخولهم، وفعل هو ذلك. (ح 726) وأمر من حل من أصحابه أن يحرموا إذا أرادوا أن ينطلقوا إلى منىً.

243 - باب ترك الرمل في طواف الزيارة للقارن

فدل ذلك على أن لمن أحرم من مكة أن يؤخر طوافه وسعيه إلى يوم النحر، خلاف فعل القادمين، لتفريق السنة بينهما. م 1595 - وكان ابن عباس يقول: لا أرى لأهل مكة أن يحرموا بالحج حتى يخرجوا، ولا أن يطوفوا بين الصفا والمروة حتى يرجعوا. وكان ابن عمر: يفعل ذلك إذا أحرم من مكة. وكان ابن عباس يقول: وأما أهل الأمصار فيطوفون إذا قدموا، هذا مذهب مالك، وبه قال أحمد، وإسحاق. وقال مالك: فيمن طاف وسعى قبل خروجه، يعيده إذا رجع وقال: إن رجع إلى بلاده قبل أن يعيد أن عليه دماً. وكان عطاء، والشافعي يقولان: إن طاف قبل خروجه أجزاه غير أن عطاء قال: تأخيره أفضل، وقد فعل ذلك ابن الزبير، طاف وسعى وخرج وأجاز ذلك القاسم بن محمد. قال أبو بكر: أي ذلك فعل يجزيه، ويعجبى استعماله ما قاله ابن عباس. 243 - باب ترك الرمل في طواف الزيارة للقارن (ح 727) ثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يرمل في السبع الذي [أفاض] (¬1) فيه، ورمل لطوافه في حجته [1/ 135/ألف] لما قدم مكة. ¬

_ (¬1) ما بين المعكوفين سقط من الأصل.

244 - باب من قدم نسكا قبل نسك جاهلا

م 1596 - فقالت طائفة: يرمل من قدم مكة وقد أحرم من المواقيت، أو من خارج الحرم، وإذا أحرم من مكة لم يرمل. كان ابن عمر: إذا أهل من مكة لم يرمل. وقال ابن عباس: ليس على أهل مكة رمل، وهذا مذهب أحمد، وإسحاق. وقال عطاء، وعروة بن الزبير: لا رمل يوم النحر. وكان مجاهد: يرمل يوم النحر، وبه قال مالك، والماجشون صاحبه. وقد روينا عن ابن الزبير: أنه لبى بالحج فأخذ يهرول فأخذ ابن عمر بثوبه وقال: رملاً أبا بكر. وفيه قول ثالث: وهو أن كل من طاف طوافاً بعده سعى رمل، ومن طاف طوافاً لا سعي بعده لم يرمل، هذا قول الشافعي فيما حفظته عنه. قال أبو بكر: وهذا أحسن. 244 - باب من قدم نسكاً قبل نسك جاهلاً (ح 728) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -بينا هو يخطب يوم النحر قال إليه رجل: فقال: كنت أحسب أن كذا قبل كذا، حلقت قبل أن أنحر، نحرت قبل أن أرمي، وأشباه ذلك، فقال النبي- صلى الله عليه وسلم - "افعل ولا حرج" لهن كلهن، فما سئل يومئذ عن شيء إلا قال: "افعل ولا حرج".

م 1597 - وقد اختلفوا في هذا الباب، فكان عطاء بن أبي رباح، وأحمد، وإسحاق يقولون: من قدم نسكاً قبل نسك فلا حرج. وقال سعيد بن جبير، وطاؤس، ومجاهد، والشافعي، وأبو ثور: إذا حلق قبل أن يذبح فلا شيء عليه. وقال ابن عباس: من قدم من حجه أو أخر فليهريق لذلك دماً، وروى ذلك عن سعيد بن جبير، وقتادة وقال النخعي: من حلق قبل أن يذبح أهراق دماً. وقال جابر بن زيد: عليه الفدية. م 1598 - واختلفوا فيمن حلق قبل أن يرمي، فقال الحسن البصري، وطاؤس، وأبو ثور: لا شيء عليه، وكذلك قال أحمد، وإسحاق: إذا فعل ذلك ساهياً، وحفظي عن الشافعي أنه قال: عليه دم. وقال مالك يفتدي. قال أبو بكر: كل هذا لا شيء على من فعله، للأخبار الواردة التى رويت: (ح 729) عن النبي- صلى الله عليه وسلم - ففي بعضها: من قدم نسكاً قبل نسك فلا حرج عليه. (ح 730) وفي بعضها أن القائل قال: حلقت قبل أن أرمي، وحلقت قبل أن أذبح، أو ذبحت قبل أن أرمي. م 1599 - وقد اختلفوا فيمن أفاض قبل أن يحلق بعد الرمي، فكان ابن عمر يقول: يرجع فيحلق أو يقصر، ثم يرجع إلى البيت فيفيض.

245 - باب البيتوتة بمنى ليالي أيام التشريق

وقال عطاء، ومالك، والشافعي، يجزيه الإفاضة ويحلق ويقصر [1/ 135/ب] ولا شيء عليه. وقال مالك: وإن أصاب النساء قبل أن يذبح ويحلق وقد أفاض أهراق دماً، وقال مالك: فيمن أفاض قبل أن يرمي الجمرة لا يجزيه الإفاضة، فليرم، ثم لينحر، ثم ليقصر. ومذهب الشافعي: أن ذلك يجزيه ويرمي وينحره. قال الأوزاعي: إذا زار البيت قبل أن يرمي جمرة العقبة جاهلاً، ثم واقع أهله يهريق دماً. 245 - باب البيتوتة بمنى ليالي أيام التشريق (ح 731) روينا عن عائشة أنها قالت: أفاض رسول الله- صلى الله عليه وسلم - من آخر يومه حين صلى الظهر، ثم رجع إلى مني فمكث بها ليالي أيام التشريق. م 1600 - فالسنة أن يقيم الناس بمنىً ليالي أيام التشريق إلا من نفر النفر الأول، فإنه يسقط عنه بخروجه عن مني المقام بمنى ليلة النفر الكبير، إلا أهل السقاية من أهل بيت رسول الله- صلى الله عليه وسلم - فإنه أذن لهم أن يبيتوا بمكة ليالي مني، وإلا الرِعاء. م 1601 - واختلفوا فيمن بات عن مني ليلة من ليالي مني غير من ذكرنا، فقال عطاء: عليه دراهم، ومال أحمد إلى هذا القول، وقال مرة يطعم شيئاً وليس فيه وقت.

246 - باب حد مني

وقال الشافعي: يتصدق في ليلة بدرهم، وليلتين بدرهمين، وفي ثلاثة بدم، وقال مرة: إذا غفل أحد فبات بغير منىً حتى يصبح، أطعم مسكيناً، فإن بات ليالي منىً كلها أحببت أن يهريق دماً. وقال مالك: إن بات ليلة كاملة أوجلها في غير منىً، فعليه لذلك دم. وقال مالك. فيمن زاد البيت فمرض فبات بمكة فإن عليه هدياً يسوقه من الحل إلى الحرم، واحتج بقول ابن عباس: من ترك من نسكه شيئاً فعليه دم. وقال أصحاب الرأي: لا شيء على من كان بمكة أيام منىً إذا رمى الجمار، وقد أساء، هذا قول أصحاب الرأي. وقد روينا عن ابن عباس أنه قال: إذا رميت الجمرة فبت حيث شئت، وكان الحسن البصري: لا يبالي إذا زار البيت أن يبيت بمكة إذا كان قد رمى، وقال الشافعي: ليست الرخصة إلا لأهل سقاية العباس دون السقايات، والرعاء. 246 - باب حد مني قال أبو بكر: (ح 732) في خبر الفضل بن عباس عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه قال: حتى إذا دخل منىً حين هبط من محسّر قال: عليكم بحصى الخذف". فدل هذا على أن أول حد منىً مما يلي جمع، حين يهبط من محسّر. م 1602 - وثبت أن عمر بن الخطاب قال: لا يبيتنّ أحد من الحاج من وراء العقبة ليالي مني، وكذلك قال ابن عمر: وروى ذلك عن ابن عباس.

247 - باب قصر الصلاة بمنى للحاج

وقال عطاء: [1/ 136/ألف] مني العقبة إلى محسّر وبه قال الشافعي وقال: ليس العقبة من مني ولا بطن المحسّر. وكذلك نقول. 247 - باب قصر الصلاة بمنىً للحاج (ح 733) ثبت أن ابن عمر قال: صليت مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم - بمنى ركعتين، ومع أبي بكر ركعتين، ومع عمر ركعتين، ومع عثمان صدراً من إمارته ركعتين، ثم أتمها. م 1603 - وقد أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن من خرج في غير أيام الحج إلى مني أنه لا يقصر الصلاة. م 1604 - واختلفوا فيمن يحج من مكة من أهلها أو المقيمين بها من غير أهلها، فكان القاسم بن محمد، وسالم بن عبد [الله] (¬1)، ومالك، والأوزاعي، وإسحاق يقولون: يقصرون الصلاة بمنى وعرفة. وقال عطاء، ومجاهد، والزهري، وابن جريج، والثوري، والشافعي، ويحيى القطان، وأحمد بن حنبل، وأبو ثور، وأصحاب الرأي: يتمون. وكذلك نقول لأنهم لما أجمعوا على أن من خرج إلى منىً من مكة في غير أيام الحج أنه يتم الصلاة فإن حكم أيام الحاج بحكم سائر الأيام. ¬

_ (¬1) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: ليست في المطبوع. وجاء في المغني: «وَقَالَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَسَالِمٌ، وَمَالِكٌ، وَالْأَوْزَاعِيُّ: لَهُمْ الْقَصْرُ»

248 - باب النفر من مني

ولما قصّر النبي- صلى الله عليه وسلم -، وأبو بكر، وعمر فإنهم كانوا مسافرين، ولا معنى لقول من جعل تقصيرهم حجةً للمقيمين. 248 - باب النفر من مني قال الله تعالى: {فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى} الآية. (ح 734) وثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: أيام مني ثلاثة من تعجل في يومين فلا إثم عليه، ومن تأخر فلا إثم عليه. م 1605 - وأجمع أهل العلم على أن لمن أراد الخروج من الحاج عن مني شاخصاً إلى بلده، خارجاً عن الحرم، غير مقيم بمكة في النفر الأول، أن ينفر بعد الزوال إذا رمى في اليوم الذي يلي يوم النفر قبل أن يمسى. وثبت أن عمر بن الخطاب قال: من أدركه المساء في اليوم الثاني بمنى فليقم إلى الغد حتى ينفر مع الناس، وهكذا قال ابن عمر، وجابر ابن زيد، وعطاء، وطاؤس، ومجاهد، وأبان بن عثمان، والنخعي، ومالك، وأهل المدينة، والثوري، وأهل العراق، والشافعي، وأصحابه، وأحمد، وإسحاق. وكذلك نقول؛ لأن الله عَزَّ وَجَلَّ قال: {فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} الآية، فلينفر من أراد النفر ما دام في شيء من النهار.

249 - باب اختلاف في الرخصة لأهل [1/ 136/ب] مكة في النفر الأول

وقد روينا عن النخعي، والحسن أنهما قالا: من أدركه العصر وهو بمنىً من اليوم الثاني من أيام التشريق لم ينفر حتى الغد، وقد يحتمل أن يكون ما قالا ذلك استحباباً. وبالقول الأول نقول لظاهر الكتاب والسنة. 249 - باب اختلاف في الرخصة لأهل [1/ 136/ب] مكة في النفر الأول م 1606 - واختلفوا في أهل مكة ينفرون في النفر الأول، فروى عن عمر بن الخطاب أنه قال من شاء من الناس كلهم أن ينفر في النفر الأول آل خزيمة، فلا ينفرون إلا في النفر الآخر. وكان مالك يقول في أهل مكة. من كان له عذر فله أن يتعجل في يومين، فإن أراد التخفيف عن نفسه من أمر الحج فلا. وجعل أحمد، وإسحاق معنى قول عمر: إلا آل خزيمة، أي أنهم أهل حرم مكة. وقال أكثر أهل العلم بجواز النفير في النفر أول لكل أحد، لقول الله تعالى: {فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى} وقال عطاء: هي للناس عامة.

250 باب يستحب للحاج أن ينزل بالمحيص

250 باب يستحب للحاج أن ينزل بالمحيص (735) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال لأصحابه وهم بمنى: نحن نازلون غداً بخيف بني كنانة، حيث تقاسموا على الكفر، وذلك أن قريشاً وبني كنانة تحالفت على بني هاشم وبني المطلب أن لا يناكحوهم ولا يبايعوهم حتى يسلموا إليهم رسول الله- صلى الله عليه وسلم -، يعني بذلك المحيص. قال أبو بكر: م 1607 - إذا فرغ الحاج من الرمى، ونفر من مني، استحب له أن يأتي المحيص، وينزل به، ويصلي به الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، ويبيت به ليلة الرابع عشر، ولو ترك النزول به فلا شيء عليه. كان ابن عمر يرى التحصيب سنة، وكان يصلي الظهر يوم النفر بالمحصبة، وروى عن ابن عباس أنه قال: المحيص ليس بشيء إنما وينزل منزله رسول الله- صلى الله عليه وسلم - وكذا قالت عائشة وهو قول عامة أهل العلم.

32 - كتاب العمرة

32 - كتاب العمرة قال الله تبارك وتعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} الآية. ففي هذه الآية دليل على وجوب العمرة؛ لأن الله أمر بإتمامها كما أمر بإتمام الحج. (ح 736) وقال الصبي بن سعد: كنت رجلاً أعرابياً نصراياً، فأسلمت، وإني وجدت الحج والعمرة مكتوبين علي، وإني أهللت بهما [1/ 137/ألف] فقال عمر بن الخطاب: هديت لسنة نبيك. قال أبو بكر: م 1608 - وقد ذهب أكثر أهل العلم إلى وجوب الحج والعمرة، وممن قال ذلك عمر، وابن عباس، وابن عمر، وجابر، وطاؤس، وعطاء، وابن المسيب، وسعيد بن جبير، والحسن البصري، وابن سرين، والشعبى، ومسروق، وأبو بردة بن أبي موسى، وعبد الله بن شداد، والثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو عبيد. وقال مالك، وأصحاب الرأي، وأبو ثور: هي سنة ليست واجبة،

1 - باب العمرة في الشهر مرارا

وكذا قال النخعي، وروى ذلك عن ابن مسعود قال أبو بكر. وبالقول الأول أقول. 1 - باب العمرة في الشهر مراراً م 1609 - واختلفوا في العمرة في الشهر مراراً، فروى عن علي، وابن عباس، وابن عمر، وأنس، وعائشة، وعطاء، وطاؤس، وعكرمة، والشافعي أنهم قالوا: لا بأس أن يعتمر في السنة مراراً. وكره العمرة في السنة مرتين: الحسن، وابن سرين، ومالك، وقال النخعي: ما كانوا يعتمرون في السنة إلا مرة. وقال عكرمة: يعتمر إذا أمكن الموسى من شعره، وقال عطاء: إن شاء اعتمر في كل شهر مرتين، وكذلك قال أحمد. قال أبو بكر: اعتمرت عائشة بأمر النبي- صلى الله عليه وسلم في شهر مرتين، عمرة مع قرانها، وعمرة بعد حجها. (ح 737) وقد ثبت أن النبي- صلى الله عليه وسلم - قال العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما.

2 - باب الوقت الذي يقطع فيه المعتمر التلبية

2 - باب الوقت الذي يقطع فيه المعتمر التلبية م 1610 - واختلفوا في الوقت الذي يقطع فيه المعتمر التلبية، فقالت طائفة: يقطع التلبية إذا افتتح الطواف، هذا قول ابن عباس، وعطاء، وعمرو، وابن مسعود، وطاووس، والنخعي، والثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبي ثور، وأصحاب الرأي، وهو قول أكثر أهل العلم. وروى عن ابن عمر أنه قال يقطع المعتمر التلبية إذا دخل الحرم، وبه قال الحسن البصري، وقال بعض أهل العلم: قطع التلبية إذا انتهى إلى مكة، وروى ذلك عن عروة بن الزبير، وابن عمر. وكان مالك يقول: إذا اعتمر من التنعيم قطع التلبية حين يرى البيت، وإذا أهل من المواقيت قطع التلبية إذا انتهى إلى الحرم. قال أبو بكر: (ح 738) وقد روينا عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه كان يلبيّ في العمرة [1/ 137/ب] حتى يستلم الحجر، وفي الحج حتى يرمي الجمرة. وبه نقول.

3 - باب وطئ المعتمر بعد السعي بين الصفا والمروة قبل أن يقصر

3 - باب وطئ المعتمر بعد السعي بين الصفا والمروة قبل أن يقصر م 1611 - واختلفوا في المعتمر يطأ بعد الفراغ من الطواف بالبيت والسعي قبل أن يقصر، فقال ابن عباس، والثوري، وأصحاب الرأي: عليه دم. وقال مالك: عليه الهدي. وقال الشافعي: هو مفسد، ولا أحفظ ذلك عن غيره. وروينا عن عطاء أنه قال: يستغفر الله. وقال الحسن مرة: عليه بقرة أو بدنة، وقال مرة: إذا ظن أنه قد حلّ فغشى النساء فلا شيء عليه. قال أبو بكر: ليس في إثبات شيء أعلى من قول ابن عباس. م 1612 - واختلفوا في المعتمر يصطاد صيداً عازماً من الحرم بعد فراغه من الطواف والسعي في أن يقصر أو يحلق، فكان مالك، وأبو ثور يقولان (¬1): لا شيء عليه. وقال مالك: يستغفر، وبه قال أصحاب الرأي: عليه الجزاء إذا فعل ذلك. وحكى الثوري عن عطاء أنه قال: إن لبس ثوباً قبل أن يقصر فلا شيء عليه. وقال الثوري. دم أحبّ إليّ. ¬

_ (¬1) في الأصل "يقولون".

4 - باب وطئ المعتمر بعد الطواف بالبيت قبل السعي بين الصفا والمروة

4 - باب وطئ المعتمر بعد الطواف بالبيت قبل السعي بين الصفا والمروة م 1613 - كان الشافعي يقول: إذا وطئ بعد الطواف بالبيت قبل السعي بين الصفا والمروة، فهو مفسد، وعليه عمرة أخرى مكانها وبدنة، وبه قال أحمد، وأبو ثور: غير أنهما قالا: عليه الهدي. وقال عطاء: عليه شاة، ولم يذكر القضاء. وقال الثوري: يهريق دماً وقد تمت عمرته، وبه قال إسحاق. وقال ابن عباس: العمرة الطواف، واحتج إسحاق بذلك. وقال أصحاب الرأي: إن كان طاف أربعة أشواط بالبيت، ثم جامع فعليه دم، ويقضي ما بقي من عمرته ولا شىِء عليه، وإن كان طاف ثلاثة أشواط، ثم جامع فعليه دم، ويقضي ما بقي من عمرته، وعليه عمرة مكانها. م 1614 - وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أنه إن وطئ قبل أن يطوف ويسعى أنه مفسد. م 1615 - واختلفوا فيما عليه من الهدي إذا فعل ذلك، ومن أين يقضي عمرته، فقال الأوزاعي: يتم عمرته، ثم يرجع إلى ميقاته فيحرم بعمرة مكانها، وعليه الهدي وبه قال الشافعي، غير أنه قال: عليه بدنة، ويحرم بعمرة أخرى [1/ 138/ألف] يهريق دماً. وقال مالك: يرجع إن كان قريباً، وإن لم يفعل فلا شيء عليه. وروينا عن مجاهد أنه قال: عليه دم، وروينا عنه أنه كان كما قال مالك.

قال أبو بكر: قول مالك حسن. م 1616 - واختلفوا في وجوب طواف الوداع على من منزله بالقرب من الحرم، فكان أبو ثور يقول: طواف الوداع عام لكل خارج من مكة إلى منزله، قرب ذلك أم بَعُد، وهذا قياس قول مالك فيما ذكر ابن القاسم. قال أبو بكر: وهذا يلزم من قال بظاهر الأخبار. وقال أصحاب الرأي: في أهل بُستان ابن عامر، أو أهل المواقيت أنهم بمنزلة أهل مكة في طواف الصدر. م 1617 - واختلفوا فيمن طاف طواف الوداع، ثم حضرت صلاة مكتوبة فصلى مع الناس، فكان عطاء يقول: يعيد حتى يكون آخر عهده بالبيت. وقال مالك، والشافعي: يصليها ولا يعيد طوافاً. م 1618 - واختلفوا فيمن طاف طواف الوداع، ثم بدأ له في شراء حوائج من السوق، فقال عطاء: إذا لم يبق إلا الركوب ختم سبعة به، فكان آخر عهده بالبيت، وقال: إنما هو خاتم يختم به، وقال بنحو قول عطاء الشافعي، وهذا على مذهب الثوري، وأحمد، وأبي ثور. وقال مالك: لا بأس أن يشتري بعض جهازه وطعامه بعد الوداع وحوائجه في السوق. وقال الشافعي: إذا اشترى شيئاً على طريقه لم يُعد. وقال أصحاب الرأي: إذا طاف طواف الصدر أو طاف طوافاً ينوي به التطوع وذلك بعد ما حل النفر، ثم أقام بها شهراً أو أكثر من ذلك فإنه يجزيه من طواف الصدر، فلا بأس أن يطوف، ثم يقيم بعده ما شاء لحاجته، ولكن أفضله أن يكون طوافه حين يخرج.

5 - أبواب الإحصار

قال أبو بكر: هذا خلاف ظاهر قوله: (ح 739) "حتى يكون آخر عهده بالبيت". وزعم هذا إن آخر عهده إن كان بالتجارة فلا شيء عليه. م 1619 - واختلفوا في حبس الحمّال على المرأة الحائض، فكان مالك يقول: تحبس عليها كريها أقصى ما يحبسها الدم ثم تستطهر بثلاث. وقال الشافعي: ليس على حمالها أن تحبس عليها، ويقال مكانك مثلك. قال أبو بكر: قول الشافعي صحيح. م 1620 - واختلفوا في المعتمر الخارج إلى التنعيم هل يودع؟ فقال مالك، والشافعي: ليس عليه وداع. وقال الثوري: إن لم يودع فعليه دم. قال أبو بكر: لا دم عليه، وليس [1/ 138/ب] عليه أن يودع إذا خرج إلى قرن الحرم. 5 - أبواب الإحصار قال الله تبارك وتعالى: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} الآية.

6 - باب وقوف المحصر عن الإحلال ما دام راجيا لتخلية سبيله

(ح 740) وثبت أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - خرج زمن الحديبية فأمر أصحابه حين أحصروا أن ينحروا ويحلقوا. م 1621 - واختلفوا في المحصر بغير عذر، فقال ابن عباس: لا حصر إلا حصر العدو. وقال ابن عمر: من حُبس دون البيت بالمرض فإنه لا يحل حتى يطوف بالبيت وبالصفا والمروة، وبه قال مالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق. وقالت طائفة: الإحصار من كل حابس حبس الحاج من عذر ومرض وغير ذلك، هذا قول النخعي، وعطاء، والثوري، وأصحاب الرأي. وروينا عن ابن مسعود: معنى هذا القول، وبه قال أبو ثور. 6 - باب وقوف المحصر عن الإحلال ما دام راجياً لتخلية سبيله (ح 741) في بعض الأخبار عن كعب بن عجرة: أنهم كانوا بالحديبية، ثم تبيّن لهم أنهم يحلون بها وهم على طمع من أن يدخلوا مكة. قال أبو بكر: م 1622 - وهذا يدل على أن من كان على رجاء من الوصول إلى البيت أن عليه أن يقيم حتى ييئس من الوصول فيحل، وقال من أحفظ عنه من أهل

7 - باب نهي المحصر بالعدو عن الإحلال إذا كان ساق هديا وإيجاب الفدية عليه إن حلق رأسه قبل أن يبلغ الهدي محله

العلم: أن من ائس أن لا يصل إلى البيت فجاز له أن يحل فلم يفعل حتى خلى سييله، أو عليه أن يمضي إلى البيت ليتم مناسكه. وقال مالك، والشافعي، وأبو ثور: إذا كان معه هدي نحر وحلق أو قصّر، ويرجع ولا قضاء عليه إلا أن يكون ضرورة. وقد روينا عن مجاهد، والشعبى، وعكرمة أنهم قالوا: يحج من قابل. وقال النخعي: عليه حجة وعمرة، وبه قال أصحاب الرأي. 7 - باب نهي المحصر بالعدو عن الإحلال إذا كان ساق هدياً وإيجاب الفدية عليه إن حلق رأسه قبل أن يبلغ الهدي محله قال الله تبارك وتعالى: {وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} الآية. وهذا ينصرف على وجهين أحدهما: أن بلوغه النحر أو الذبح، وإن كان ذلك في الحل، هكذا يفعل المحصر، فنحر هديه حيث أحصر اقتداءً بما فعل النبي- صلى الله عليه وسلم - زمن الحديبية، قال الله تعالى {وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ} الآية قيل: محبوساً. هذا إذا كان محصراً ممنوعاً من الوصول إلى البيت فأما قوله: {هَدْيًا بَالِغَ

الْكَعْبَةِ} الآية وقوله: {ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ} الآية، فالمخاطب به الآمن الذي يجد السبيل إلى الوصول إلى البيت والله أعلم، وليس للمحصر يقدم أن يفعل شيئاً مما يحرم على المحرمين حتى ينحر هديه، فإن فعل من ذلك شيئاً مما فيه الفدية فعليه الفدية. (ح 742) استدلالاً بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر كعب بن عجرة بالفدية لما حلق. م 1623 - وهذا على مذهب مالك، والكوفي، والشافعي. م 1624 - وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن لسيد العبد منعه من الحج، إلا من شذ ممن لا نذكره في الاختلاف. م 1625 - واختلفوا [1/ 139/ألف] فيمن أحرم بغير إذنه ومنعه، وقال أصحاب الرأي: عليه إذا منعه المولى وأعتق عليه حج، وعمرة، ودم. وقال الشافعي: فيها قولان: أحدها: أن السيد إذا جلسه عن إتمام حجه أن عليه شاة يقومها دراهم ثم الدراهم طعاماً، ثم يصوم عن كل مدٍ يوماً والثاني: يحل، ولا شيء عليه حتى يعتق، فيكون عليه شاة. وكان أبو ثور يقول: عليه إذا لم يعطه المولى ما يذبح، صيام ثلاثة أيام وسبعة بعدها، قياساً على هدي التمتع، ولم يجعل عليه القضاء. قال أبو بكر: لا قضاء عليه.

8 - باب المكي يحصر بمكة

8 - باب المكي يحصر بمكة م 1626 - واختلفوا في المكي يلبّي بالحج، ثم يحصر بمكة، فكان الشافعي، وأبو ثور يقولان: حكمه كحكم الغريب يطوف ويسعى ويحل. وقال مالك إذا بقي محصوراً حتى يفرغ الناس من حجهم يخرج إلى الحل فيلبّي من الحل ويفعل ما يفعل المعتمر ويحل، وعليه الحج من قابل والهدي مع الحج قابلاً، وقال: في الغريب يقدم فيحصر بها مثل هذا. وقال الأوزاعي: إذا حُبس بمكة بمرض، طاف وسعى وحل بعمرة، وعليه الحج من قابل. وقال أحمد: يحل بعمرة يجدد الطواف. وقال الزهري: في إحصار من أحصر من أهل مكة لا بدّ له من أن يقف بعرفة وأن يعيش يعشاً. وقال ابن الحسن: لا يكون محصراً بمكة. وقال عطاء: في المكي يحصر حتى يفرغ الناس من حجهم، تصير عمرة حين فاته الحج، فإذا طاف حل ويذبح لما سمي من الحج ثم فاته. قال أبو بكر: قال الله تبارك وتعالى: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ} الآية، والكتاب على العموم ليس لأحد أن يخص قوماً دون قوم.

9 - باب الأجير يحصر وما يجب على المحصر إذا حل ورجع من القضاء

9 - باب الأجير يحصر وما يجب على المحصر إذا حل ورجع من القضاء م 1627 - واختلفوا فيما استوجر ليحرم عن ميت، وأحرم عنه من ميقاته ثم أحصر، فكان الشافعي يقول: يحل وله من الإجارة بقدر ذلك إلى الموضع الذي أحصر فيه. وقال أبو ثور: عليه أن يحج الحجة إلى أخذ الأجرة عليها. وقال أصحاب الرأي: يبعث وصي الميت يهدي من الدراهم على التى دفعها إليه يحج بها، ويرد ما بقي من الدراهم على وصي الميت، وعلى وصي الميت أن يحج بهذه الدراهم من حيث بلغ. م 1628 - واختلفوا فيما يجب على المحصر إذا حل ورجع من القضاء، فقال مجاهد، والشعبي، وعكرمة: عليه حج قابل. وقال النخعي، وأصحاب الرأي: عليه حجة وعمرة. وقال عطاء. إن شاء جاء بعمرة، وإن شاء جاء بحجة، والحج أحب إليّ. وفيه قول رابع: وهو أن لا قضاء عليه إلا أن يكون حج حجة الإِسلام فيحجها هذا قول الشافعي، ومالك، وأبو ثور، وبه نقول. 10 - باب ما يفعل من فاته الحج م 1629 - واختلفوا فيما على من فاته الحج، فقال عمر بن الخطاب، وزيد بن ثابت، [1/ 139/ب] وابن عمر: يطوف ويسعى، ويحلق

أو يقصر، وعليه حج قابل والهدي، وبه قال الثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور. وقال أصحاب الرأي: يحل بعمرة وعليه الحج من قابل. وقال ابن عباس: يحل بعمرة وليس عليه حج. وقا عطاء مرة: يهريق دماً وليس عليه شيء وقال مرة: يحل بعمرة، فإن كان حج مرة فليس عليه شيء، فإن لم يكن حج الفريضة حج من قابل. وقد روينا عن الحسن البصري أنه قال في امرأة حجت فطافت وسعت ولم تأت منىً ولا عرفات حتى قدمت البصرة قال: تهدي هدياً فإذا كان قابل اعتمرت وحجت. قال أبو بكر: قول ابن عباس حسن. م 1630 - واختلفوا فيمن فاته الحج فأقام حراماً إلى قابل، فقال الشافعي، وأصحاب الرأي: لا يجزيه أن يجج مع الناس من قابل بإحرامه الأول. وحكى ابن وهب عن مالك أنه قال: كما قال الشافعي. وحكى ابن نافع عنه أنه قال: إن أحب أن يقيم على إحرامه فعل وأقام حتى يحج قابل، أو إن أحب حل بعمرة وعليه حج قابل والهدي. قال أبو بكر: قول الشافعي صحيح. م 1631 - واختلفوا في القارن يفوته الحج، فقال مالك، والشافعي، وأبو ثور: عليه أن يقرن من قابل ويهدي هديين، هدياً لقرانه، وهدياً لفوات الحج ويخرج من إحرامه بعمل عمرة. وقال أحمد، وإسحاق: عليه مثل ما أهل به من قابل. وقال سفيان الثوري: يطوف ويسعى لعمرته ولا يقصر ولا يحلق، ولا يحل حتى يطوف لحجه بين الصفا والمروة، فيكون عمرة وعليه الحج

11 - أبواب الحج عن الزمني والأموات والحج عمن لا يستطيع الحج من الكبر والزمانة

من قابل ويهريق دماً، وليس عليه حج غيره، وبه قال أصحاب الرأي ولم يذكروا الهدي. 11 - أبواب الحج عن الزمني والأموات والحج عمن لا يستطيع الحج من الكبر والزمانة (ح 743) ثبت أن امرأة قالت لرسول الله-صلى الله عليه وسلم - إن فريضة الله في الحج على عباده أدركت أبي شيخاً كبيراً لا يستطيع أن يثبت على الراحلة أفأحج عنه؟ قال: نعم، وذلك في حجة الوداع. م 1632 - وقد أجمع أهل العلم: على أن من عليه حجة الإِسلام وهو قادر على أن يحج، لا يجزيه إلا أن يحج بنفسه، لا يجزي عنه أن يحج غيره عنه. م 1633 - واختلفوا في الحج عن الزمن الذي لا يرجى له برء، ولا يقدر على الركوب بحال، فكان الشافعي يقول: يحج عنه غيره حجة الإِسلام، يأمره بإجارة وغير إجارة، وقد روينا عن علي أنه قال لرجل كبير لم يحج: إن شئت تجهّز رجلاً ثم أبعثه يحج عنك. وحكى عن مالك أنه قال: لا يجزيه ولا أرى أن يفعل. قال أبو يكر: بالقول الأول أقول.

12 - باب المريض يأمر من يحج عنه

12 - باب المريض يأمر من يحج عنه م 1634 - واختلفوا في المريض يأمر من يحج عنه، فكان أبو ثور، وأصحاب الرأي يقولون: إن مات من مرضة وقد حج عنه أجزأت من حجة الإِسلام. وقال الشافعي: فيها قولان، هذا أحدهما، والقول الثاني: لا يجزئ عنه قال: وهذا أصح القولين، وبه آخذ. م 1635 - وقال أحمد: إذا لم يقدر على الحج فحجوا عنه، ثم صح بعد ذلك فقد قضى عنه الحج، وبه قال إسحاق. وقال الشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي: لا يجزيه وعليه أن يحج. م 1636 - قال أبو ثور: إذا حج عنه وهو محبوس فمات في الحبس رجوت أن يجزئ عنه وبه قال أصحاب الرأي. وقال الشافعي: يجزيه. قال أبو بكر: لا يجزيه من ذلك كل شيء، إلا الزمن الذي جاء فيه الحديث، ومن في معناه. 13 - باب الصحيح يأمر من يحج عنه تطوعاً م 1637 - كان أبو ثور، وأصحاب الرأي يقولون: إذا استأجر من يحج عنه تطوعاً فهو جائز يكون ذلك تطوعاً عن المحجوج عنه. وقال أحمد: أرجو أن يكون الصحيح لا يضره. وقال الشافعي: فيها قولان: أحدهما: أنه جائز، والآخر: لا يجوز.

14 - باب حج المغمى عليه يهل عنه أصحابه

قال أبو بكر: م 1638 - وقد أجمعوا على منع أن يتطوع أحد عن أحد بصوم، أو صلاة، أو اعتكاف، والحج عمل من أعمال البدن كما الصوم، والصلاة، والاعتكاف أعمال البدن، وقد منع قوله: {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} الآية من ذلك كله، واستثنى ما استثنه السنة من حجة الإِسلام عن الشيخ الذي لا يثبت على الراحلة، ومن كان مثله يجب، وكل مختلف فيه بعد ذلك فمردود إلى قوله: {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} الآية. 14 - باب حج المغمى عليه يُهل عنه أصحابه م 1639 - واختلفوا في الرجل يوم المبيت يغمى فيهل عنه أصحابه ويحجوا له، ويشهدوا به المناسك، قال أبو ثور، ويعقوب، ومحمد: لا يجزئ عنه من حجة الإِسلام. وهذا يشبه مذهب الشافعي. وقال النعمان: يجزيه. وبالقول الأول أقول.

15 - باب حج المرأة عن الرجل

15 - باب حج المرأة عن الرجل قال أبو بكر: م 1640 - أكثر من نحفظ عنه من أهل العلم يقولون: يجوز حج المرأة عن الرجل وحج الرجل عن المرأة، كذلك قال عطاء بن أبي رباح، والحسن البصري، ومالك، والثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق. وكان الحسن بن صالح يقول: يكره أن تحج المرأة عن الرجل. قال أبو بكر: وهذه غفلة وخروج عن ظاهر السنة: (ح 744) لأن النبي- صلى الله عليه وسلم - أمر المرأة أن تحج عن أبيها. وعليه يعتمد من أجاز حج المرء من غيره. 16 - باب الرجل يحج عن غيره بإجارة وغير إجارة م 1641 - واختلفوا في الرجل يموت وعليه حجة. . . . . . . . . (¬1) ¬

_ (¬1) بدأ السقط من هنا قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: وجاء في (المغني) لابن قدامة، ما يلي مَتَى تُوُفِّيَ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْحَجُّ وَلَمْ يَحُجَّ، وَجَبَ أَنْ يُخْرَجَ عَنْهُ مِنْ جَمِيعِ مَالِهِ مَا يُحَجُّ بِهِ عَنْهُ وَيُعْتَمَرُ، سَوَاءٌ فَاتَهُ بِتَفْرِيطٍ أَوْ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ. وَبِهَذَا قَالَ الْحَسَنُ، وَطَاوُسٌ، وَالشَّافِعِيُّ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَمَالِكٌ: يَسْقُطُ؛ بِالْمَوْتِ؛ فَإِنْ وَصَّى بِهَا فَهِيَ مِنْ الثُّلُثِ. وَبِهَذَا قَالَ الشَّعْبِيُّ، وَالنَّخَعِيُّ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ فَتَسْقُطُ بِالْمَوْتِ، كَالصَّلَاةِ.

[23 - باب الصيد يخرج من الحل إلى الحرم]

[23 - باب الصيد يخرج من الحل إلى الحرم] . . . . . . . . . . . (¬1) يأكله ووافق مالك عطاء، فقال: لا يؤكل ولا جزاء عليه، وخالفه إن كان أرسله قريباً من الحرم، فإن فعل ذلك فعليه جزاءه. قال أبو بكر: لا جزاء عليه، ولا يأكله. ¬

_ (¬1) انتهى السقط هنا قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: وجاء في (المغني)، ما يلي: فَأَمَّا إنْ أَرْسَلَ كَلْبَهُ عَلَى صَيْدٍ فِي الْحِلِّ، فَدَخَلَ الْكَلْبُ الْحَرَمَ، فَقَتَلَ صَيْدًا آخَرَ، لَمْ يَضْمَنْهُ. وَهَذَا قَوْلُ الثَّوْرِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَابْنِ الْمُنْذِرِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُرْسِلْ الْكَلْبَ عَلَى ذَلِكَ الصَّيْدِ، وَإِنَّمَا دَخَلَ بِاخْتِيَارِ نَفْسِهِ، فَهُوَ كَمَا لَوْ اسْتَرْسَلَ بِنَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ إرْسَالٍ. وَإِنْ أَرْسَلَهُ عَلَى صَيْدٍ، فَدَخَلَ الصَّيْدُ الْحَرَمَ، وَدَخَلَ الْكَلْبُ خَلْفَهُ، فَقَتَلَهُ فِي الْحَرَمِ، فَكَذَلِكَ. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَابْنِ الْمُنْذِرِ. وَقَالَ عَطَاءٌ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَصَاحِبَاهُ: عَلَيْهِ الْجَزَاءُ؛ لِأَنَّهُ قَتَلَ صَيْدًا حَرَمِيًّا، بِإِرْسَالِ كَلْبِهِ عَلَيْهِ، فَضَمِنَهُ، كَمَا لَوْ قَتَلَهُ بِسَهْمِهِ. وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الْعَزِيزِ. وَحَكَى صَالِحٌ، عَنْ أَحْمَدَ، أَنَّهُ قَالَ: إنْ كَانَ الصَّيْدُ قَرِيبًا مِنْ الْحَرَمِ، ضَمِنَهُ؛ لِأَنَّهُ فَرَّطَ بِإِرْسَالِهِ فِي مَوْضِعٍ يَظْهَرُ أَنَّهُ يَدْخُلُ الْحَرَمَ، وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا، لَمْ يَضْمَنْ؛ لِعَدَمِ التَّفْرِيطِ. وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ. وَلَنَا، أَنَّهُ أَرْسَلَ الْكَلْبَ عَلَى صَيْدٍ مُبَاحٍ، فَلَمْ يَضْمَنْ. كَمَا لَوْ قَتَلَ صَيْدًا سِوَاهُ، وَفَارَقَ السَّهْمَ؛ لِأَنَّ الْكَلْبَ لَهُ قَصْدٌ وَاخْتِيَارٌ، وَلِهَذَا يَسْتَرْسِلُ بِنَفْسِهِ، وَيُرْسِلُهُ إلَى جِهَةٍ فَيَمْضِي إلَى غَيْرِهَا، وَالسَّهْمُ بِخِلَافِهِ. إذَا ثَبَتَ هَذَا فَإِنَّهُ لَا يَأْكُلُ الصَّيْدَ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ كُلِّهَا، ضَمِنَهُ أَوْ لَمْ يَضْمَنْهُ؛ لِأَنَّهُ صَيْدٌ حَرَمِيٌّ، قُتِلَ فِي الْحَرَمِ، فَحُرِّمَ، كَمَا لَوْ ضَمِنَهُ، وَلِأَنَّنَا إذَا قَطَعْنَا فِعْلَ الْآدَمِيِّ، صَارَ كَأَنَّ الْكَلْبَ اسْتَرْسَلَ بِنَفْسِهِ، فَقَتَلَهُ.

24 - مسائل من هذا الباب

24 - مسائل من هذا الباب م 1650 - واختلفوا فيمن رمى شيئاً في الحل فدخل سهمه الحرم فأصاب صيداً، فقال الثوري وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي: فيضمن، وقال حماد بن أبي سليمان: أحب إليّ أن لا يأكله، وقال أبو ثور: لا شيء عليه وذلك أنه أرسله عليه والصيد في الموضع الذي له قتله فيه، وكذلك إن رمى من الحرم إلى الحل فأصاب صيداً فلا جزاء عليه. قال أبو بكر: هذا أصح: (ح 747) لأن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - حرم أن ينفر صيد الحرم. وصيد الحل غير صيد الحرم. م 1651 - واختلفوا في الطير يكون على شجرة، بعض أغصانها في الحل وبعضها في الحرم، فقال الثوري، والشافعي، وأحمد، وأبو ثور: إن كان الطير على الأغصان التي في الحل فلا شيء عليه، وإن كان على الأغصَان التي في الحرم فعليه الجزاء. وقال أصحاب الرأي: إن كان على الأغصان التي في الحرم فقتله فعليه الجزاء. وكان عبد الملك بن الماجشون: يوجب عليه الجزاء على أي الأغصان كان، لأنه مما يسكن إلى الحرم لقربه به. قال أبو بكر: (ح 748) قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: "لا ينفر صيدها".

25 - باب شجر الحرم [1/ 141/ألف]

وليس ما كان على هو الحل من صيدها، فلا شيء عليه. م 1652 - واختلفوا في الصيد والصائد يكونان في الحل، فيرميه الصائد فيمر السهم علي شيء من الحرم، فقال أبو ثور، وأصحاب الرأي: لا جزاء عليه. وحكى أبو ثور عن الشافعي أنه قال: عليه الجزاء. قال أبو بكر: لا شيء عليه. م 1653 - وقال أبو ثور، وأصحاب الرأي: إن كان بعض قوائم الصيد في الحل وبعضها في الحرم، فقتله فعليه الجزاء. م 1654 - واختلفوا فيما يجب على من قتل صيداً في الحرم، فقال مالك، والشافعي، وأبو ثور: عليه من الجزاء مثل ما على المحرم بقتل الصيد. وقال عطاء، والثوري: يحكم عليه حكماً واحداً. قال سفيان: وغير عطاء يقول: حكمين. وقال أصحاب الرأي: عليه قيمته وإن بلغ ذلك هدياً، فإن لم يجد هدياً أو بلغ هدياً قوم الثمن طعاماً، فأطعم كل مسكين نصف صاع من حنطة. 25 - باب شجر الحرم [1/ 141/ألف] قال أبو بكر: (ح 749) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال في الحرم: لا يعضد شجرها ولا يختلي شوكها".

م 1655 - وأجمع أهل العلم على تحريم قطع شجرها. م 1656 - واختلفوا فيما يجب على من قطع شجرة من شجر الحرم، فقال مالك، وأبو ثور، لا يجب عليه إلا الاستغفار. وقال الشافعي: من قطع شجرة من شجر الحرم شيئاً، جزاءه حلالاً كان أو محرماً في الشجرة الكبيرة بقرة، وقال: في الخشبة وما أشبهه، فيه قيمته بالغاً ما بلغ دماً كان أو طعاماً. وقال أصحاب الرأي: فيها قيمتها، والمحرم والحلال في ذلك سواء فإن بلغ هدياً كان هدياً، وإلا قوم طعاماً فأطعم كل مسكين نصف صاع. قال أبو بكر: لا أجد دلالة أوجب فيها في شجر الحرم فرضاً من كتاب، ولا سنة، ولا إجماع، وأقول كما قال مالك: يستغفر الله. م 1657 - وأجمع كل من يحفظ عنه من أهل العلم على إباحة أخذ كل ما ينبته الناس في الحرم من البقول، والزروع، والرياحين وغيرها. م 1658 - واختلفوا في أخذ الشوك من شجر الحرم، فروينا عن مجاهد، وعطاء، وعمرو بن دينار: أنهم رخصوا في ذلك، وحكى أبو ثور ذلك عن الشافعي. وكان عطاء: يرخص في أخذ ورق السنا يشمشي به، ولا ينزع من أصله، ورخص فيه عمرو بن دينار. وقال أصحاب الرأي: كل شيء لا ينبته الناس قطعه رجل فعليه قيمته.

26 - باب صيد حرم المدينة

قال أبو بكر: لا أجد دلالة أبيح بها ما أباحه عطاء من أخذ الشوك وغيره من الحرم، والشيء إذا حُرم حرم القليل منه والكثير. م 1659 - واختلفوا في الرعي في حشيش الحرم، فكان الشافعي يقول: أما الراعي فلا بأس به، لأن الذي حرم النبي - صلى الله عليه وسلم - منه الاختلاء إلا الإذخر، والاختلاء الإحتشاش، وبه قال يعقوب وحكى ذلك عن عطاء. وكان النعمان، ومحمد يقولان: لا يرعى في حشيش الحرم، ولا ينقطع منه إلا الإذخر. وقال ابن أبي ليلى: كقول الشافعي. وقال مالك: لا يحتش أحد لدابته في الحرم. م 1660 - ورخص أحمد، وأبو ثور، وأصحاب الرأي: في أخذ ما سقط من الشجر البالي الميت. قال أبو بكر: ولا أعلم أحداً منع منه. وبه نقول. 26 - باب صيد حرم المدينة م 1661 - واختلفوا في وجوب الجزاء على من قتل صيداً في حرم المدينة. فقال مالك، والشافعي، وأكثر من لقيناه من علماء الأمصار يقولون: لا جزاء على قاتله. وكان ابن أبي ذئب، وابن نافع صاحب مالك يقولون: عليه الجزاء مثل [1/ 141/ب] صيد مكة.

27 - باب دخول الكعبة

قال (¬1) أبو بكر: (ح 750) وقد ثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إني أحرم المدينة مثل ما حرم إبراهيم مكة"، ونهى أن يعضد شجرها، أو يخبط أو يؤخذ طيرها". وقول ابن أبي ذئب يلزم، لأن ظاهر الخبر يدل عليه، وليس بين تحريم صيد حرم إبراهيم، وحرم نبينا - صلى الله عليه وسلم - عليهما فرق يلتزم، والقول بظاهر الأخبار يلزم، وما من الخبرين إلا ثابت. 27 - باب دخول الكعبة (ح 751) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - دخل مكة وصلى فيها ركعتين بين العمودين الأولين بينه وبين الجلاد ثلاثة أذرع. م 1662 - وقد روينا عن ابن عباس أنه قال: دخول البيت ليس من نسككم. ¬

_ (¬1) في الأصل "وقال أبو بكر".

33 - كتاب الضحايا

33 - كتاب الضحايا 1 - باب الأضحية والاختلاف فيها هل تجب فرضاً أم لا م 1663 - اختلف أهل العلم في الأضحية. فقالت طائفة: لا تجب فرضاً ولكنه مندوب إليه، من فعله كان مثاباً، ومن تخلف عنه لم يكن آثماً، وممن كان لا يرى أنه فرضاً، ابن المسيب، وعطاء، وعلقمة، والأسود، والشافعي، وأحمد، وأبو ثور. وروينا أخباراً عن الأول تدل على أن ذلك ليس بفرض، روينا ذلك عن أبي بكر، وعمر وأبي مسعود البدري، وبلال. وفيه قول ثان: كان ربيعة، والليث بن سعد يقولان: لا أرى أن يترك الموسر، المالك، لا مرةً الضحية. وقال مالك: لا يتركهما فإن تركها بئسما صنع إلا أن يكون عذر. وحكى عن النخعي أنه قال: الأضحى واجب على أهل الأمصار ما خلا الحاج. وقال ابن الحسن: الأضحى واجب على كل مقيم في الأمصار إذا كان موسراً. قال أبو بكر: الأضحى لا يجب فرضا؛ لأن الله عز وحل لم يوجبه، ولا الرسول، ولا أجمع أهل العلم على وجوبه، والديل على أن ذلك لا يجب فرضاً.

2 - باب وقت ذبح الأضاحي

(ح 752) قول النبي - صلى الله عليه وسلم - "من رأى منكم هلال ذي الحجة، وأراد أن يضحى فلا يأخذ من شعره، ولا من أظفاره حتى يضحى". قال أبو بكر: ولو كان واجباً لم يجعل ذلك إلى إرادة المضحى. 2 - باب وقت ذبح الأضاحي م 1664 - أجمع كل من يحفظ عنه من أهل العلم على أن الضحايا لا يجوز ذبحها قبل طلوع الفجر من يوم النحر. م 1665 - واختلفوا في الوقت الذي يجوز فيه ذبح الأضحية، فكان الشافعي، يقول: إذا برزت الشمس ومضى من النهار [1/ 142/ألف] قدر ما يدخل الإمام في الصلاة فيصلي ركعتين، ويخطب خطبتين خفيفتين، حل الأضحى. وقال الحسن البصري: إذا ذبح قبل صلاة الإمام يعيد. وقال الأوزاعي: لا يصلح إلا بعد الصلاة. وقال أحمد: إذا انصرف الإمام. وقال إسحاق: إذا فرغ الإمام من الخطبة. وقال مالك: في أهل البوادي يتحرون أقرب الأئمة إليهم فينحرون بعده. وفيه قول ثان: وهو أن من ذبح بعد الصلاة والإمام يخطب أجزاه، هذا قول الثوري. وقال مالك: إن ذبح قبل الإمام أعاد.

3 - باب اختلاف أهل العلم في تفضيل الصدقة على الأضحية

وقال عطاء: إذا ذبح بعد طلوع الفجر في غير مصر أجزاه، وبه قال إسحاق، وأصحاب الرأي في البوادي. وقال أصحاب الرأي في أهل الأمصار: يذبحون بعد انصراف الإمام. قال أبو بكر: الذي قاله الشافعي حسن. 3 - باب اختلاف أهل العلم في تفضيل الصدقة على الأضحية م 1666 - واختلفوا في تفضيل الصدقة على الأضحية، فقال قوم: إن الصدقة أفضل، روينا عن بلال أنه قال: ما أبالي أن لا أضحى إلا بديك، ولأن أضعه في يتيم قد ترب فوه، هكذا قال المحدث: أحب إلي من أن أضحى كتابه، وهذا قول الشعبي إن الصدقة أفضل، وبه قال مالك، وأبو ثور. وفيه قول ثان: وهو أن الضحية أفضل، هذا قول ربيعة، وأبي الزناد، وبه قال أصحاب الرأي. 4 - باب ذبح الرجل عنه وعن أهل بيته بقرة واحدة أو شاة (ح 753) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -، نحو عن آل محمد في حجة الوداع بقرة واحدة. (ح 754) وجاء الحديث عنه أنه دعى بكبش فذبحه وقال: " بسم الله والله

5 - باب الأضحية ببقر الوحش وحمر الوحش

أكبر عني وعن من لم يضح من أمتي". م - واختلفوا في الرجل يضحي بالشاة عنه وعن أهل بيته، فكان مالك، والليث بن سعد، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور: يجيزون ذلك. وقد روى هذا المعنى عن أبي هريرة، وابن عمر، واحتج أحمد بفعل أبي هريرة، ويذبح النبي - صلى الله عليه وسلم - عن أمته. قال أبو بكر: وكره ذلك الثوري، والنعمان. وبالقول الأول أقول، للثابت عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - الدال على ذلك. 5 - باب الأضحية ببقر الوحش وحمر الوحش م 1668 - كان الشافعي يقول: لا يضحي ببقر الوحش ولا حمر الوحش، وبه قال الثوري، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور. وقال مالك: في الظبى ليست من [1/ 142/ب] الأنعام. وقال أصحاب الرأي: لا يجزئ شيئاً من ذلك، وقد حكى عن الحسن بن صالح أنه قال: يضحي ببقرة الوحش عن سبعة، وبالظبى عن رجل. م 1669 - وقال الشافعي: ثور وحشي بقرة إنسيته، أو ثور إنسي بقرة وحشية لا يجوز شيء من هذا.

6 - باب المكسورة القرن والخصى

وقال أصحاب الرأي: جائز، لأن ولدها بمنزله أمه. وقال أبو ثور: يجزئ إذا كان منسوباً إلى الأنعام. 6 - باب المكسورة القرن والخصى م 1670 - واختلفوا في الضحية المكسورة القرن، فكان الشافعي، ومالك، والكوفي: يرون ذلك جائزاً. وممن روينا عنه الرخصة فيه علي، وعمار، وابن المسيب، والحسن البصري. وقال مالك: في المكسورة القرن جائز إلا أن يكون يَدْمَا فلا يصلح. م 1671 - وقد روينا عن الحسن البصري، والشعبى، وعطاء، والنخعي أنهم كانوا لا يرون: بأساً أن يضحي بالخصي، وبه قال مالك، وأبو ثور، والكوفي، وهو مذهب الشافعي. 7 - باب الأبتر يضحي به م 1672 - روينا عن ابن عمر: أنه كان لا يرى بأساً أن يضحي بالأبتر، وبه قال ابن المسيب ونبيل، والحسن البصري، وسعيد بن جبير، والنخعي، والحكم. وكان حماد بن أبي سليمان ووليد: يكره أن يضحى مقطوعة الإلية. وكره الليث بن سعد: أن يضحي بالأبتر ما كان فوق القبضة، ويكره مقطوعة الأذن.

8 - باب الرجل يوجب الأضحية أو البدنة ثم يريد ابدالها

8 - باب الرجل يوجب الأضحية أو البدنة ثم يريد ابدالها م 1673 - واختلفوا في الرجل يوجب الأضحية، ثم يريد إبدالها بغيرها، فممن رأى أن يبيعها ويشتري غيرها عطاء. وقال عكرمة: في البدنة كذلك، ورخص فيه أحمد. وقال ابن الحسن: لا بأس به. ومنع من الشافعي، وأبو ثور. وقال مالك: ذلك له في الضحية يبدلها بخير منها، وليس ذلك في الهدى. 9 - باب الأضحية توجب ثم تضيع فيشتري غيرها ثم توجد الأولى م 1674 - روينا عن ابن عباس أنه قال: إذا ضاعت فقد أجزأ. وقال الشافعي: لا تبدل عليه إذا ضلت أو سرقت إنما الإبدال في الواجب. وقال مالك: في الأضحية إن أصابها يوم النحر ذبحها، إلا أن يكون ضحى فلا شيء عليه، فإن وجدها بعد يوم النحر صنع بها ما شاء. وقال أحمد، وإسحاق: في الأضحية تهلك، ثم ابتاع غيرها، ثم وجدها قالا: يذبحهما جميعاً. وقال أبو ثور: إذا وجد الأولى يصنع بالأخرى ما بدأ له. وقال النعمان: إذا ضلت فوجدها بعد يوم النحر تصدق بها حية ولا يذبحها لأن أيام النحر قد ذهبت، وبه قال يعقوب، قال: ولو

10 - باب الأضحية يموت صاحبها

هلكت [1/ 143/ألف] فاشترى غيرها فذبحها، ثم وجد الأولى فإن كانت التي ذبح مثلها أو أكثر قيمة منها فإنه يصنع بها ما بدأ له، وإن كانت أقل قيمة تصدق بفضل ما بينهما من القيمة، ثم يصنع بالأخرى ما بدأ له. 10 - باب الأضحية يموت صاحبها م 1675 - واختلفوا في الأضحية يموت صاحبها قبل أن يذبحها. فقال مالك: إذا اتشاج، أهل الميراث منها باعوها. وقال الأوزاعي: إذا مات قبل يوم النحر يذبح عنه يوم النحر ولا يكون ميراثاً إلا أن يترك ديْناً لا وفاء له إلا من تلك الضحية، فباع في دينه. وقال أحمد: وأبو ثور: تذبح. 11 - باب أصواف الأضاحي وأولادها وألبانها ينتفع بها موجبها م 1676 - روينا عن علي بن أبي طالب رحمه الله عليه أنه قال: في البدنة لا يشرب من لبنها إلا فضلا عن ولدها، فإذا كان يوم النحر فنحرها هي وولدها عن سبعة، وبه قال الشافعي. وقال عطاء: وأبو ثور. لا بأس أن يأخذ من أضحيته الصوف. وقال أحمد بن حنبل: ذلك مكروه إلا أن يطول صوفها. وقال إسحاق: لا ينقص منها شيئاً.

12 - باب إطعام أهل الذمة من لحوم الضحايا

وكره أصحاب الرأي: جز صوفها إلا من بعد الذبح، وينتفع بجلد الأضحية عندهم، وعند أبي ثور. وكره أصحاب الرأي: أن يحتلب أضحية، وإن فعل تصدق به. وقالوا: ينضح ضرعها بالماء البارد حتى ينقطع اللبن. 12 - باب إطعام أهل الذمة من لحوم الضحايا م 1678 - أجمع أهل العلم على إباحة إطعام فقراء المسلمين من لحوم الضحايا. م 1678 - واختلفوا في إطعام أهل الذمة، فرخص في إطعام اليهود والنصارى من ذلك الحسن البصري، وهو كشبه مذهب أصحاب الرأي، وبه قال أبو ثور. وقال مالك: غرهم أحب إلينا، وقد كان مالك: يكره إعطاء النصارى جلد الضحية أو شيء من لحمها. وكره ذلك الليث بن سعد، فأما ما طبخ من لحوم الضحايا وكانت الظئر وما أشبهها عند أهل البيت، فأرجو أن لا يكون به بأس في ما تصيب منه معهم. 13 - باب الضحية عما في البطن م 1679 - ثبت أن ابن عمر: كان لا يضحي عما في البطن، وبه قال الشافعي، وأبو ثور. وبه نقول.

14 - باب يضحي عنه ولا يضحي

14 - باب يضحي عنه ولا يضحي م 1680 - كان مالك يرى: أن يضحي عن اليتيم يكون له ثلاثون ديناراً الشاة بالنصف دينار ونحوه. وقال النعمان: يضحي عن اليتيم من ماله، ولا يجوز ذلك في قول الشافعي لأنه ليس بواجب عنده، والنعمان: يمنع [1/ 143/ب] يخرج من مال اليتيم الزكاة التي فرضا الله تبارك وتعالى على المسلمين، ويأمر يإخراج ما ليس بواجب. م 1681 - وكان الحسن بن أبي الحسن: يضحي عن أم ولد. ورخص في ذلك الزهري، ومالك، والليث بن سعد، وهو على مذهب الكوفي. وقال الشافعي: ولست أحب للعبد، ولا للمدبر، ولا للمكاتب، ولا لأم الولد أن يضحوا، ولا أجيز لهم ذلك. 15 - باب الوقوف عن أخد الشعر والأظفار في العشر إذا أراد المرء أن يضحي (ح 755) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: إذا دخل العشر وأراد أحدكم أن يضحي فلا يمس من شعره ولا من بشره شيئاً. م 1682 - واختلف أهل العلم في ذلك، فكان مالك، والشافعي، يرخصان: في أخذ الشعر والأظفار وإن أراد أن يضحي ما يحرم غير

16 - باب تسمية من يضحي عنه

أنهما يستحبان الوقوف عن ذلك عند دخول العشر إذا أراد أن يضحي، ورأى الشافعي: أن أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك أمر اختيار. ورخص فيه الزهري بغير الحاج. ورخص فيه النعمان، وأصحابه، وأبو ثور، وإن أراد المرء أن يضحي، وممن قال بظاهر هذا الخبر ابن المسيب، وأحمد، وإسحاق. 16 - باب تسمية من يضحي عنه (ح 756) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - ضحى بكبشين أملحين، وقال: بسم الله والله أكبر. (ح 757) وجاء الحديث عنه أنه دعى بكبش فقال: "بسم الله والله أكبر عني وعن من لم يضح عن أمتي". م 1683 - وكان الحسن البصري يقول: في الأضحية: "بسم الله والله أكبر هذا منك ولك تقبل من فلان". وقال مالك: إن فعل ذلك فحسن، وإن لم يفعل وسمى الله أجزأه. وقال الشافعي: والتسمية على الذبيحة بسم الله فإن زاد بعد ذلك شيئاً من ذكر الله، أو صلى على محمد لم أكره، وإن قال: "اللهم تقبل من فلان" فلا بأس.

17 - باب الذبح بالمصلى [1/ 144/ألف]

وقال النعمان: يكره أن يذكر مع اسم الله غيره، وكره أن يقول: "اللهم تقبل من فلان" عند الذبح وقال: لا بأس إذا كان قبل التسمية، وقبل أن يضجع الذبح. وقال ابن الحسن: إن ذبح شاة فقال: "الحمد لله" أو قال: "سبحان الله والله أكبر" يريد بذلك كله التسمية قال: نعم، هذا كله تسمية لا بأس بأكلها قلت: إن قال: "الحمد لله" يريد أن يحمده ولا يريد به التسمية هل تؤكل ذلك قال: لا، ولا يجزئ شيء من ذلك عن التسمية عند أبي ثور. قال أبو بكر: وكذلك نقول، هو مثل التكبير في الصلاة، ولا يجزئ من التكبير في الصلاة غيره. 17 - باب الذبح بالمصلى [1/ 144/ألف] (ح 758) روينا عن النبى - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يذبح بالمصلى. م 1684 - وكان ابن عمر: يفعل ذلك، واستحب مالك ذلك للإمام، ولا يرى ذلك على غيره. قال أبو بكر: باقي كتاب الضحايا في كتاب المناسك.

34 - كتاب العقيقة

34 - كتاب العقيقة أخبرنا أبو بكر بن المنذر قال: (ح 759) روينا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه أَذّن في أُذُن الحسن بن علي حين ولدته فاطمة. م 1685 - وروينا عن عمر بن عبد العزيز أنه كان إذا ولد له ولد أخذه كما هو في خرقته، فأذن في أذنه اليمنى، وأقام في أذنه اليسرى، وسماه مكانه. (ح 760) وثبت أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - حنك غلاماً بتمرات وسماه. 1 - باب الترغيب في العقيقة عن الغلام والجارية (ح 761) روينا عن النبى - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يقول: عن الغلام شاتان مكافأتان وعن الجارية شاة، لا يضركم ذكرانا كن أو إناثاً. م 1686 - واختلف أهل العلم في التسوية بين الغلام والجارية فيما يذبح عن كل

واحد منهما، فقال بعضهم بظاهر هذا الحديث: عن الغلام شاتان وعن الجارية شاة، روينا هذا القول عن ابن عباس، وعائشة، وبه قال الشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وقال أحمد، وإسحاق: مكافأتان أي مستويان مقاربتان. وكان ابن عمر: يعق عن الجواري والغلمان شاة، شاة وبه قال أبو جعفر، ومالك بن أنس. وروى عن جعفر بن محمد رضوان الله عليه عن أبيه عن فاطمة أنها ذبحت: عن الحسن والحسين كبشاً، كبشاً. وفيه قول ثالث قاله الحسن البصري، وقتادة قالا: لا نرى على الجارية عقيقة. وقال الليث بن سعد في المرأة تلد ولدين في بطن: يعتق عن كل واحد منهما. م 1687 - وقال مالك في العقيقة: هي بمنزلة النسك، والضحايا، ولا يجوز فيها عرجاء، ولا مكسورة، ولا عجفاء، ولا مريضة، وبه قال الشافعي، وأبو ثور. قال أبو بكر: بحديث أم كرز نقول، عن الغلام شاتان وعن الجارية شاة. قال أبو بكر: روينا عن أنس بن مالك أنه كان يعق عن والده بالجزور، وعن الجارية شاة.

2 - باب العقيقة بغير الغنم

2 - باب العقيقة بغير الغنم م 1688 - روينا عن أنس بن مالك أنه كان يعتق عن ولده الجزور. وعن أبي بكرة: أنه فعل ذلك، وأن بعضهم ذلك، وقال: أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شاتين عن الغلام، وعن الجارية شاة لا يجوز أن يعتق بغير ذلك [1/ 144/ب]. وممن أنكر ذلك حفصة بنت عبد الرحمن بن أبي بكر، فقالت: وقد ذكر لها الجزور، كانت عمتي عائشة تقول: عن الغلام شاتان وعن الجارية شاة. وقال مالك: الضأن في العقيقة أحب إلي من المعز، والغنم أحب إلي من الإبل، والبقر في الهدي أحب إلى من الغنم، والإبل في الهدى أحب إلى من البقر. قال أبو بكر: ما أحسن ما قال مالك. 3 - باب اختلاف أهل العلم في وجوب العقيقة م 1689 - واختلفوا في وجوب العقيقة، فقالت طائفة: العقيقة واجبة، لأن النبي- صلى الله عليه وسلم- أمر بذلك وأمره على الفرض. كان الحسن البصري يقول: في رجل لم يعق عنه قال: "يعق عن نفسه" وقال الحسن: العقيقة عن الغلام واجبة يوم سابعة.

وروى عن بريدة أن الناس يعرضون يوم القيامة على العقيقة، كما يعرضون على الصلاة الخمس. وقال أبو الزناد: العقيقة من أمر المسلمين الذين كانوا يكرهون تركه، فاحتجت هذه الفرق، وبعضهم: بأمر النبي- صلى الله عليه وسلم - بالعقيقة، وعق عن الحسن والحسين قال: واجتمع في العقيقة أمره وفعله. وقالت طائفة: العقيقة ليس بواجبة ولكنها سنة يسحب العمل بها، هكذا قال مالك، وهو قول الشافعي، وأبي ثور، واحتج بعضهم. (ح 762) بحديث عبد الله بن عمرو عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه قال: من أحب أن ينسك عن ولده، فلينسك، عن الغلام شاتان مكافأتان وعن الجارية شاة. وأنكر أصحاب الرأي: أن تكون العقيقة سنة، وخالفوا في ذلك الأخبار الثابتة عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -، وعن أصحابه والتابعين، ثم هو بعد ذلك أمر معمول به بالحجاز قديماً وحديثاً، استعمله العآمة، ذكر مالك: أنه الأمر الذي لا اختلاف فيه عندهم. وقال يحيى الأنصاري: أدركت الناس وما يدعون العقيقة عن الغلام والجارية، وممن كان يرى العقيقة عن الغلام والجارية، عبد الله بن عباس، وابن عمر، وعائشة أم المؤمنين.

4 - مسائل من العقيقة

وروينا ذلك عن فاطمة بنت رسول الله- صلى الله عليه وسلم - وعن بريدة الأسلمي، والقاسم بن محمد، وعروة بن الزبير، وعطاء بن أبي رباح، والزهري، وأبي الزناد، ومالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبي ثور، وجماعة من أهل العلم يكثر عددهم، وانتشر استعمال ذلك في عامة بلدان المسلمين متبعين [1/ 145/ألف] في ذلك ما سنه لهم الرسول، وإذا كان كذلك لم يضر السنة من خالفها، ولا عدل عن القول بها. 4 - مسائل من العقيقة م 1690 - يستحب أن يعق عن الغلام والجارية يوم السابع، استدلالا بالسنة ويحلق يوم السابع. وقال عطاء: يبدأ بالحلق، ثم الذبح، ويستحب أن يتصدق بوزن شعر رأس الصبى أو الصبية ورقاً، وروينا عن فاطمة: أنها فعلت ذلك. م 1691 - وقد اختلفوا في طلبي رأس الصبى يوم العقيقة، فكان الحسن، وقتادة يقولان: يطلي رأس الصبي بدم يوم العقيقة، فأنكر ذلك غيرهم، وكرهه، وممن كره ذلك الزهري، ومالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق. قال أبو بكر: وكذلك نقول. (ح 763) إن في حديث عائشة أن أهل الجاهلية كان يخضبون قطنة بدم العقيقة، فإذا حلقوا وضع على رأسه.

وأمرهم رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أن يجعلوا مكان الدم خلوقاً. (ح 764) وثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: "أهريقوا عنه دماً وأميطوا عنه الأذى". فإذا كان النبي- صلى الله عليه وسلم - قد أمرنا يإماطة الأذى عنه والدم أذى، وهو من أكبر الأذى، فغير جائز أن ينجس رأس الصبي بدم. وقد تكلم في حديث سمرة الذي فيه: "ويدمي". م 1692 - وقال الحسن البصري، وقتادة: يعق عنه يوم سابعة، وبه قال مالك، وأحمد، وإسحاق، غير أن مالكاً قال: إنما يعد الليالي، فإن ولد بعد الفجر عدله من الليلة التي تأتي عليه، وإن ولد قبل الفجر عدله من ليلته، تلك سبع ليالي ثم ينسك عنه ثم يسميه. م 1693 - وقد اختلفوا فيمن أغفل فلم يعق عنه يوم سابعة فكان عطاء يقول: إن أخطأهم، وأحبوا أن يؤخرون إلى السابع الآخر، وقال أكل أهل العقيقة ويهدونها.

وقد روى عن عائشة -رضي الله عنها - أنها قالت: في يوم السابع، فإن لم يفعل ففي أربعة عشر، فإن لم يفعل ففي أحد وعشرين، وبه قال إسحاق. وكان مالك يقول: في الرجل يكون غائباً فيولد له فيأتي بعد السابع فيريد أن يعق عن ولده فقال: ما علمت أن هذا من أمر الناس وما يعجبني. م 1694 - وقد اختلف في كسر العظم من العقيقة، فروينا عن عائشة أنها قالت: تطبخ ولا يكسر لها عظم فيأكل، ويطعم، ويتصدق، ويكون ذلك في اليوم السابع. وقال ابن جريج: " تطبخ بماء وملح أعضاءاً أو قال: آراباً، ويهدي في الجيران، والصديق، ولا يتصدق منها بشيء". وقال عطاء: يقطع جدولاً، [1/ 145/ب] ولا يكسر لها عظم فيطبخ، وقال عطاء: إذا ذبحت فقل: بسم الله هذه عقيقة فلان. وقال الشافعي: العقيقة سنة واجبة، ويتقى فيها من العيب ما يتقى في الضحايا ولا يباع لحمها، ولا أهبها، ولا يكسر عظامها، ويأكل أهلها منها، ويتصدقون، ويهدون. ورخصت طائفة: أن تكسر عظام العقيقة، وممن رأى ذلك الزهري، ومالك. م 1695 - وقال الحسن البصري، ومالك: إن مات قبل السابعة فلا عقيقة عليه، وقال مالك: أرى أن يعق عن اليتيم من ماله. قال أبو بكر: ويحتمل ألا يعق عنه كما يضحي عنه.

م 1696 - وقال مالك: المملوك لا يعق عن ولده إلا بإذن مولاه، إلا أن يكون عبداً غنياً يتقلب في التجارات، ويكتسى الكسوة الحسنة، بغير إذن سيده ولا يمنعه، فإذا كان هكذا فلا بأس أن يعق عن ولده إلا أن يمنعه سيده. قال أبو بكر: لا فرق بين العبيد في ذلك، ليس له أن يعق إلا بإذن مولاه وهذا مذهب الشافعي. م 1697 - وقال أحمد، وإسحاق: العقيقة أحب إلي من أن يتصدق بثمنها على المساكين. قال أبو بكر: صدق أحمد، إتباع السنن أفضل. قال أبو بكر: م 1698 - تسمية المولود يوم سابعة حسن. وكان الحسن البصري، ومالك يستحبان ذلك، ومتى شاء سمى. (ح 765) لأن النبي- صلى الله عليه وسلم - قال: ولد لي الليلة غلام فسميته بإسم أبي إبراهيم صلوات الله عليهما. (ح 766) وسمى الغلام الذي جاء به أنس بن مالك لما حنكه عبد الله. م 1699 - واختلفوا في تسمية الصبي الذي لم يستهل، فكان ابن سيرين، وقتادة، والأوزاعي يقولون: إذا تم خلقه سمى. وقال مالك: لا يسمى إذا لم يستهل صارخاً.

(ح 767) وقد روينا عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه قال: إنكم تدعون يوم القيامة بأسمائكم، وأسماء آبائكم، فأحسنوا أسمائكم. (ح 768) وقال النبي- صلى الله عليه وسلم -: أحب الأسماء إلى الله عبد الله، وعبد الرحمن. (ح 769) وقد سمى النبي - صلى الله عليه وسلم- ابنه إبرإهم. م 1700 - وروينا عن ابن المسيب أنه قال: أحب الأسماء إلى الله أسماء الأنبياء. (ح770) وقد ثبت أن النبى - صلى الله عليه وسلم - قال: تسموا بإسمي ولا تكنوا بكنيتي. فلا يحل لأحد أن يتكنى بكنيته - صلى الله عليه وسلم -.

35 - كتاب الختان

35 - كتاب الختان قال أبو بكر: (ح 771) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: اختتن إبراهيم بعد ما مرت به ثمانون سنة، واختتن بالقدوم. (ح 772) وروينا عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه قال: الختان سنة للرجال، مكرمة للنساء. (ح 773) وثبت عنه أنه قال: [1/ 146/ألف] من الفطر خمس، أو خمس من الفطر، الختان والاستحداد، وتقليم الأظفار، ونتف الإبط، وقص الشارب. قال أبو بكر: م 1701 - وقد اختلفوا في وقت الختان، فكرهت طائفة: أن يختن الصبى يوم أسبوعه.

كره ذلك الحسن البصري، ومالك خلافاً على اليهود. وقال الحسن البصري: هو خطر، قال مالك: والصواب في خلاف اليهود. وقال: عامة من رأيت الختان ببلدنا إذا ثغر. وقال أحمد: لم أسمع في ذلك شيئاً. وقال الليث بن سعد: الختان للغلام ما بين السبع سنين إلى العشر، وقد حكى عن مكحول وغيره: أن إبراهيم خليل الرحمن ختن ابنه إسحاق لسبعة أيام، وختن ابنه إسماعيل لثلاث عشر سنة. وروي عن أبي جعفر: أن فاطمة كانت تختن ولدها يوم السابع. قال أبو بكر: ليس في باب الختان نهى ثبت، ولا لوقته خبر يرجع إليه، ولا سنة تتبع، وتستعمل الأشياء على إباحة، ولا يجوز حظر شيء منها إلا بحجة، ولا نعلم مع من منع أن يختن الصبي لسبعة أيام حجة. عن الحسن البصري أنه كان يقول: الرجل يسلم بعد ما يكبر يخاف على نفسه العنت إن اختتن قال: لا يختتن، وكان لا يرى بأساً بأكل ذبيحته، ويرى أن صلاته مقبولة. قال أبو بكر: ولا يثبت. (ح 774) خبر أبي برزة عن النبي- صلى الله عليه وسلم - في الأغلف يحج بيت الله حتى يختتن. لأن إسناده مجهول لا يعرف من نية ولا أم الأسود.

36 - كتاب الفرعة والعتيرة

36 - كتاب الفرعة والعتيرة (ح 775) ثبت أن عائشة قالت: أمر رسول الله- صلى الله عليه وسلم - بالفرعة من كل خمسين بواحدة. (ح 776) ورري عن نبيشة أنها قالت: نادى رجل يا رسول الله بمنى. فقال: يا رسول الله! إنا كنا نعتر عتيرة في الجاهلية في رجب، فما تأمرنا؟ فقال: اذبحوا لله في أي شهر كان، وبروا الله وأطعموا، فقالوا: إنا كنا نفرع فرعاً في الجاهلية، فما تأمرنا؟ قال: في كل سائمة فرع تغذوه ماشيتك حتى إذا استحمل ذبحته فتصدقت بلحمه. قال أبو بكر: خبر عائشة، وخبر نبيشة ثابتان، وقد كانت العرب تفعل ذلك في الجاهلية، وفعلها بعض أهل الإسلام بأمر النبي - صلى الله عليه وسلم -. (ح 777) ثم نهى عنهما رسول الله- صلى الله عليه وسلم -فقال: لا فرعة ولا عتيرة.

فانتهى الناس عنهما النهية إياهم عنها، ومعلوم أن النهي لا يكون إلا عن شيء قد كان يفعل. ولا يعلم أحد من أهل العلم يقول: إن النبي- صلى الله عليه وسلم [1/ 146/ب] كان ينهاهم عنها ثم أذن فيهما، والدليل على أن الفعل كان قبل النهي قوله، في حديث نبيشة: "إنا كنا نعتر عتيرة، وكنا نفرع فرعاً في الجاهلية، وفي إجماع عوام علماء الأمصار عن استعمالهما، والوقوف عن الأمر بهما، مع ثبوت النهي عن ذلك، بيان لما قلناه. م 1702 - وقد كان ابن سيرين من بين أهل العلم يذبح العتيرة في رجب، وكان يروى فيها شيئاً. وكان الزهري يقول: الفرعة أول النتاج، والعتيرة شاة كانوا يذبحونها في رجب. وقال أبي عبيد: "في حديث النبي- صلى الله عليه وسلم -: "لا فرعة ولا عتيرة". قال أبو عمرو: وهي الفرعة الفرع بنصب الراء، هو أول ولد تلده الناقة، كانوا يذبحون ذلك لآلهتهم في الجاهلية فنهوا عنها". قال أبي عبيد: "وأما العتيرة فهي الرجبية كان أهل الجاهلية إذا طلب أحدهم أمراً نذر إن ظفر به أن يذبح من غنمه في رجب كذا وكذا أو هي العتائر، ونسخ بعد".

37 - كتاب الذبائح

37 - كتاب الذبائح 1 - باب تحسين الذبح وتحديد السكين (ح 778) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: إن الله كتب الإحسان على كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح، وليحد أحدكم شفرته، وليرح ذبيحته. م 1703 - وروينا عن أبي هريرة أنه كان يكره أن يحد السكين والشاة تنظر. وروينا عن عمر أنه قال: لا يجرّن أحدكم العجماء التي يذبحها، فإذا ذبحتم فأسرعوا المر على أوداجها، ولا تتجهزوها إلى مذبحها. وروينا عنه أنه رأى رجلاً يسوق شاتين بأعناقهما قال: لا أم لك، إلا تسوقهما إلى الموت سوقاً رفيقاً. وكره ربيعة بن أبي عبد الرحمن: أن يذبح الشاة والأخرى تنظر. ورخص مالك: فيه. قال أبو بكر: والذي قاله ربيعه حسن، وليس بحسن من نحر بدنة والأخرى تنظر.

2 - باب النهي عن صبر البهائم

2 - باب النهي عن صبر البهائم (ح 779) روينا عنه أنه قال: "لا تتخذوا شيئاً فيه الروح غرضاً". (ح 780) وثبت عنه أنه قال: من قتل عصفوراً فما فوقها بغير حقها سأله الله عن قتله، قيل يا رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: وما حقها؟ قال: أن يذبحها فيأكلها ولا يقطع رأسها فيرمي به. م 1704 - قال أبو عبيد: "قال أبو زيد، وأبو عمرو، وغيرهما في قوله: (ح 781) نهى عن قتل شيء من الدواب صبرا". هو الطير أو غيره من ذوات الروح يصبر حياً، ثم يرمى حتى يقتل، وأصل الصبر الحبس، وكل من حبس شيئاً فقد صبره. ومنه قيل: للرجل يقدم فيضرب عنقه: قتل صبراً يعني أمسك على الموت. وقال أحمد: لا تؤكل المصبورة والمجثمة هي المصبورة، وبه قال إسحاق [1/ 147/ألف].

3 - باب ما يجوز أن يذبح به واختلاف أهل العلم فيه

وقال أبو عبيد: "وأما المجثمة، فهي المصبورة أيضاً، ولكن لا يكون إلا في الطير، والأرانب، وأشباه ذلك مما يجثّم". 3 - باب ما يجوز أن يذبح به واختلاف أهل العلم فيه م 1705 - اختلف أهل العلم فيما يجوز أن يذبح به، فقالت طائفة: كلما ذكى به من شيء أنهر الدم، وأفرى الأوداج والمذبح، ولم يتردها، جازت به الزكاة، إلا السن، والظفر، فإن النهي فيهما جاء عن النبي- صلى الله عليه وسلم -، هذا قول الشافعي، وبه قال أحمد، وإسحاق، وأبو ثور. وروينا عن ابن عباس أنه قال: في أرنب ذبح بظفر لا يأكلها. ورخص في الذبح بالعود إذا أفرى الأوداج ابن عباس، وبه قال ابن المسيب، وطاووس، وكذلك مذهب أصحاب الرأي: أن ما أنهر الدم وأفرى الأوداج يؤكل، غير السنن، والظفر. وفيه قول ثان: وهو أن يذبح بكل شيء غير أربعة القرن، والسن، والظفر، والعظم، هذا قول النخعي، والحسن بن صالح. وأباح الليث بن سعد: أن يذبح بأشياء غير العظم، والسن، والظفر. روينا عن أنس بن مالك: أنه أمر بعصافير أن تذبح بليطة، وبه قال ابن المسيب، وعطاء، ويحيى بن يعمر، وطاووس.

وقالت طائفة: كل ما ذكى به من شيء جاز أكله مثل العظم، والحجر، والعود، والفخار، والقرن، وكل شيء فرى فراً، هذا قول مالك. وقال عمرو بن دينار: إذا أفرى الأوداج فكل يعني ما فرا، ما جز. وقال ابن جريج: يذكى بعظم الحمار، ولا يذكى بعظم القرد، وقال: الحمار، أنت تصلي عليه، وتسقيه من جفنتك. وقال النعمان: في الرجل يذبح الشاة بظفر منزوع، أو بقرن، أو بعظم أو بسن منزوعة، فينهر الدم ويفرى الأوداج، قال: أكره هذا الذبح، وإن فعل فلا بأس بأكله، وبه قال يعقوب، ومحمد، وقال: في الرجل يذبح بظفره، أو بسنه وهي غير منزوعة، قال: هي ميتة لا تؤكل في قولهم جميعاً. قال أبو بكر: ومن حجة الشافعي. (ح 782) خبر رافع بن خديج: أن النبي- صلى الله عليه وسلم - قال: ما أنهر الدم، وذكر عليه اسم الله فكلوا، ليس السن والظفر. واحتج بعض من أباح الذكاة بالعظم، وغير ذلك: (ح 783) بحديث عدي بن حاتم أن النبي- صلى الله عليه وسلم - سئل عن الصيد فقال: أنهروا الدم بم شئتم، واذكروا اسم الله.

4 - باب اختلاف أهل العلم في ذبح ما ينحر من الإبل ونحر ما في يذبح من البقر والغنم

4 - باب اختلاف أهل العلم في ذبح ما ينحر من الإبل ونحر ما في يذبح من البقر والغنم م 1706 - واختلفوا في ذبح ما ينحر من الإبل، وبنحر ما يذبح من البقر والغنم، فأباح أكثر أهل العلم، أي فعل ذلك المذكى جاز، هذا قول [1/ 147/ب] عطاء بن أبي رباح، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، والنعمان، وأيي ثور، وهو قول الزهري، وقتادة، والثوري، والليث بن سعد. وقال مالك: في البعير يذبح ذبحاً من غير ضرورة ما يعجبى، وكره أكله على هذا الوجه. قال أبو بكر: وليس يختلف الناس أن من نحر الإبل، وذبح البقر والغنم، أنه مصيب، ولا أعلم أحداً كره أكل ما نحر مما يذبح، أو ذبح مما ينحر، وكره مالك ذلك، وقد يكره المرء الشيء ولا يحرمه، وفي حديث عدي بن حاتم: "أنهر الدم بم شئت". 5 - باب ما يبلغه الذابح مما يجزئ ويقع به الذكاة م 1707 - أجمع أهل العلم لا أعلمهم اختلفوا فيه على أن المرء إذا ذبح بما يجوز الذبح به، وسمى الله، وقطع الحلقوم، والمرئ، والودجين، وأسال الدم، أن الشاة مباح أكلها.

6 - باب ذبيحة المرأة والصبي

م 1708 - واختلفوا فيمن قطع بعض ذلك دون بعض، فكان الشافعي يقول: الذي يجزئ أن يجتمع قطع الحلقوم، والمريء، لا شيء دون ذلك، وتمامها الودجين. وقال آخر: إذا ذبح فقطع نصف الأوداج، أو أكثر، أو أقل إذا كان المرئ فيما يقطع، أُكل، وذلك أنه لا يكون حياة إذا قطع المرئ، وإن كان يعيش إذا قطع المرئ لم يجز حتى يأتي على المريء، والحلقوم، والودجين حتى يبلغ العظمين، هذا قول أبي ثور. وقال الليث بن سعد: لا يؤكل حتى يمر على ذلك كله الحلقوم، والأوداج. وقال النعمان: في الرجل يذبح شاة من القفا إن كان قطع الأوداج، والحلقوم، والمريء قبل أن يموت، فلا بأس بأكلها. قال أبو بكر: الشاة محرمة في حال الحياة، إلا بالزكاة وغير جائز أن يكون ذكية إلا بأن يجمعوا عليه، وذلك إذا قطع الحلقوم، والمريء، والودجين. 6 - باب ذبيحة المرأة والصبي م 1709 - أجمع عوام أهل العلم الذين حفظنا عنهم على إباحة أكل ذبيحة الصبى والمرأة، إذا أطاقا الذبح، وأتيا على ما يجب أن يؤتى عليه، وممن حفظاً عنه ذلك ابن عباس، والشعبي، وعطاء، والحسن البصري، ومجاهد، والنخعي، ومالك، والثوري، والليث بن

7 - باب ذبيحة السكران والمجنون

سعد، والحسن بن صالح، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، والنعمان وأصحابه. وقال جابر بن عبد الله: في ذبيحة الصبي تؤكل، وكذلك قال طاووس، والقاسم بن محمد. ومن الحجة على إباحة أكل ذبيحة المرأة مع ما ذكرناه من إجماع من حفظنا قوله. (ح 784) في حديث ابن عمر: إن امرأة كانت ترعى على آل كعب بن مالك فخافت على شاة أن تموت، فأخذت حجراً فذبحت به، وأمرهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأكلها. 7 - باب ذبيحة السكران والمجنون [1/ 148/ألف] م 1710 - قال مالك في المجنون والسكران إذا ذبحا وهما لا يعقلان، فلا يجوز أكل ذبيحتهما. قال الشافعي: أكره ذلك، ولا أقول: أنه حرام. قال أبو بكر: قول مالك صحيح.

8 - باب ذبيحة الأخرس والجنب والأقلف وغير ذلك

8 - باب ذبيحة الأخرس والجنب والأقلف وغير ذلك م 1711 - أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على إباحة ذبيحة الأخرس، وممن حفظنا ذلك عنه الليث بن سعد، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور. وقال الشعبى: ليشير إلى السماء، وبه قال الحسن بن صالح. وقال قتادة: اسم الله في فيه. قال أبو بكر: م1712 - ذبيحة الجنب كذبيحة من هو على طهارة، وممن رخص فيه الحسن البصري، والحكم، والليث بن سعد، وأحمد، وإسحاق، وهو يشبه مذهب الشافعي، وأبي ثور، والكوفي، ولا أعلم أحداً منع من ذلك، وإذا دل الكتاب على إباحة ذبيحة الكتابي، وهو نجس كما قال الله تعالى: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} الآية، والمسلم الجنب الذي نفت عنه السنة النجاسة أولى، والحائض مثله. م 1713 - وقد أجمع أهل العلم على أن لهما أن يذكرا الله ويسبحاه. م 1714 - واختلفوا في أكل ذبيحة الأقلف. فممن قال لا يؤكل ذبيحته: ابن عباس، والحسن البصري، وقد اختلف فيه عن الحسن البصري.

9 - باب الشاة تذبح من قفاها أو ضرب ضارب عنقها فأبان الرأس

وقال حماد بن أبي سليمان: لا بأس به، وهو يشبه مذهب الشافعي، وبه قال أبو ثور، وعوام أهل الفتيا من علماء الأمصار. قال أبو بكر: وبه نقول؛ لأن الله عَزَّ وَجَلَّ لما أباح ذبائح أهل الكتاب وفيهم من لا يختتن، كانت ذبيحة المسلم الذي ليس بمختون أولى. وقال الله: {فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} الآية، وهذا دخل في جملة ذلك. 9 - باب الشاة تذبح من قفاها أو ضرب ضارب عنقها فأبان الرأس م 1715 - واختلفوا في الشاة تذبح من قفاها أو من ضرب ضارب عنقها فتبين الرأس. فممن روينا عنه أنه رخص في أكل الدجاجة تذبح فيقطع رأسها: ابن عمر، والحسن البصري، وعطاء بن أبي رباح، والشعبي، والنخعي، والزهري، وبه قال الشافعي، وإسحاق، وأبو ثور، والنعمان، ومحمد. وروينا ذلك عن علي بن أبي طالب في بعير ضرب عنقه بالسيف. وعن عمران بن الحصين: في بطة فعل ذلك. ورخص الشعبى: في ديك ذبح من قفاه، وبه قال الشافعي، والثوري، وإسحاق، وأبو ثور، والنعمان، ومحمد.

10 - باب الشاة المنخوعة

وفيه قول ثان: روينا عن سعيد بن المسيب أنه قال: في دجاجة ذبحت من قفاها فقال: "لا إلا من مذبحها". م 1716 - وكره محمد بن سيرين، ونافع: إذا أبين الرأس، وقال عطاء بن أبي رباح: كل ما لم يتعمد ذلك. وقال مالك: في الذي يذبح ويين الرأس، قال: يأكلها إذا لم يتعمد ذلك وإن أخطأ فذبحها من قفاها قال: لا يأكلها. ومال أحمد بن حنبل إلى قول ابن المسيب، وبه قال إسحاق. 10 - باب الشاة المنخوعة 1717 - واختلفوا في الشاة المنخوعة. فكان عمر بن الخطاب يقول: لا تعجلوا الأنفس حتى تزهق، وقال ابن عمر:. . . . . . . . . . . (¬1) ¬

_ (¬1) بدأ السقط من هنا قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: وجاء في (المجموع) للنووي، ما يلي: (فَرْعٌ):فِي مَذَاهِبِهِمْ فِي الشَّاةِ الْمَنْخُوعَةِ قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ النَّخْعَ أَنْ يُعَجِّلَ الذَّابِحُ فَيَبْلُغَ بِالذَّبْحِ إلَى النُّخَاعِ، وَمَذْهَبُنَا أَنَّ هَذَا الْفِعْلَ مَكْرُوهٌ وَالذَّبِيحَةُ حَلَالٌ، قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: لَا تُؤْكَلُ، وَبِهِ قَالَ نَافِعٌ وَكَرِهَهُ إِسْحَاقُ. وَقَالَ مَالِكٌ: لَا أُحِبُّ أَنْ يَتَعَمَّدَ ذَلِكَ، وَكَرِهَتْ طَائِفَةٌ الْفِعْلَ وَأَبَاحَتْ الْأَكْلَ، وَبِهِ قَالَ النَّخَعِيُّ وَالزُّهْرِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ وَأَبُو ثَوْرٍ، قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: بِقَوْلِ هَؤُلَاءِ أَقُولُ، قَالَ: وَلَا حُجَّةَ لِمَنْ مَنَعَ أَكْلَهُ بَعْدَ الذَّكَاةِ.

[16 - باب اختلاف أهل العلم في ذبائح أهل الكتاب لكنائسهم]

[16 - باب اختلاف أهل العلم في ذبائح أهل الكتاب لكنائسهم] . . . . . . . . . . . (¬1)، [1/ 148/ ب] ومكحول، وجبير بن نفير، والليث بن سعد. ¬

_ (¬1) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: وجاء في (المجموع) للنووي، ما يلي: قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: وَاخْتَلَفُوا فِي ذَبَائِحِهِمْ لِكَنَائِسِهِمْ، فَرَخَّصَ فِيهِ أَبُو الدَّرْدَاءِ وَأَبُو أُمَامَةَ الْبَاهِلِيُّ وَالْعِرْبَاضُ بْنُ سَارِيَةَ وَالْقَاسِمُ بْنُ مُخَيْمِرَةَ وَحَمْزَةُ بْنُ حَبِيبٍ وَأَبُو مُسْلِمٍ الْخَوْلَانِيُّ وَعَمْرُو بْنُ الْأَسْوَدِ، وَمَكْحُولٌ وَجُبَيْرُ بْنُ نُفَيْرٍ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، وَكَرِهَهُ مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ وَحَمَّادٌ وَالنَّخَعِيُّ وَمَالِكٌ وَالثَّوْرِيُّ وَاللَّيْثُ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَإِسْحَاقُ وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ وَمَذْهَبُنَا تَحْرِيمُهُ وَقَدْ سَبَقَ ذَلِكَ فِي بَابِ الْأُضْحِيَّةِ، وَقَالَتْ عَائِشَةُ: لَا نَأْكُلُهُ.

17 - باب ذبائح نصارى بني تغلب

17 - باب ذبائح نصارى بني تغلب م 1725 - واختلفوا في ذبائح نصارى بني تغلب. فرخص في أكل ذبائحهم ابن عباس، والنخعي، والزهري، والحكم، وحماد، وعطاء الخراساني، والشعبى، وإسحاق، وأصحاب الرأي. وكره ذلك علي بن أبي طالب، وعطاء، وسعيد بن جبير، وبه قال الشافعي، ومال أبو ثور إلى القول الأول. 18 - باب الصابين والسامرة م 1726 - روينا أن غلاماً لعمر بن الخطاب كتب إلى عمر بن الخطاب: إن قبلنا ناساً يدعون السامرة يستنون السبت، ويقرؤون التوراة، ولا يؤمنون بيوم البعث، فما يرى أمير المؤمنين في ذبائحهم؟ قال: فكتب: هم طائفة من أهل الكتاب، ذبائحهم ذبائح أهل الكتاب. وقال إسحاق: لا بأس بذبائح الصابين لأنهم طائفة من أهل الكتاب. وقال مجاهد: الصابون هم قوم من المشركين لا كتاب لهم. روينا عن ابن عباس أنه قال: هم قوم بين المجوس واليهود، لا تحل نسائهم، ولا تؤكل ذبائحهم. وقال يعقوب: لا تؤكل ذبائحهم. وحكى عن النعمان أنه قال: لا بأس بذبائحهم، ومناكحة نسائهم.

19 - باب ذبائح أهل الكتاب من أهل دار الحرب من أهل الكتاب

وقال يعقوب في السامرة: لا بأس بذبائحهم إذا كانوا يهوداً أو نصارى. قال الشافعي: إن كان الصابيون والسامرة من بني إسرائيل، ودانوا دين اليهود والنصارى تنكح نسائهم، وأحلت ذبائحهم، وإن خالفوهم أصل الدينونة لم تؤكل ذبائحهم، ولم تنكح نسائهم. قال أبو بكر: وأما السامرة فالجواب فيهم كما قال الشافعي، وأما الصابيون، والدلالة على أنهم من أهل الكتاب غير موجودة، والكتاب يدل على أنهم ليسوا يهود ولا نصارى، لأن الله فصل بينهم بواو. 19 - باب ذبائح أهل الكتاب من أهل دار الحرب من أهل الكتاب قال أبو بكر: م 1727 - أكل ذبائح أهل الكتاب من أهل دار الحرب حلال داخل في جملة قوله {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} الآية، وهذا قول من يحفظ عنه من أهل العلم، وممن حفظناً ذلك عنه مجاهد، والثوري، والشافعي، أحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. 20 - باب ذبائح المجوس م 1728 - واختلفوا في ذبائح المجوس. فقال أكثر من نحفظ عنه من أهل العلم: لا تؤكل ذبائحهم، هذا

21 - باب الغلام يكون أحد أبويه يهوديا أو نصرانيا والأخر مجوسيا

قول ابن المسيب، وعطاء، وسعيد بن جبير، ومجاهد، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، والنخعي وعبد الله بن يزيد، ومرة الهمداني، والزهري، ومالك، والثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي. وفيه قول ثان: روينا [1/ 149/ألف] عن ابن المسيب أنه قال: إذا كان المسلم مريضاً فأمر المجوسي أن يذكر اسم الله ويذبح له فلا بأس. وقال أبو ثور: في الضحية إذا أمر مجوسياً أن يذبحها أجزأه وقد أساء. م 1729 - واختلفوا في المجوسي يسمن شاة لناس، فذبحها مسلم، فكره الحسن البصري، وعكرمة أكلها. ورخص فيه ابن سيرين. قال أبو بكر: يأكلها المسلم إذا ذبحها مسلم وسمى الله عليها. م 1730 - واختلفوا في المجوسي يتهود أو يتنصر فيذبح، فكان أبو ثور، وأصحاب الرأي يقولون: لا بأس بأكلها، وقالو: تؤكل صيده. م 1731 - وإن تمجس النصراني أو اليهودي لم تؤكل ذبيحته في قول أصحاب الرأي، وجائز أكل ذبيحته في قول أبي ثور إذا سمى الله عليها، ولا يجوز أكل شيء من ذلك في قول الشافعي. 21 - باب الغلام يكون أحد أبويه يهودياً أو نصرانياً والأخر مجوسياً م 1732 - واختلفوا في هذه المسألة.

22 - باب ذبيحة المرتد

فكان الشافعي يقول: لا تؤكل ذبيحة الولد، ولا ينكحها مسلم. وحكى أبو ثور عن مالك أنه قال: الولد منسوب إلى الأب، وهو تبع له في الصيد والذبيحة، ومال أبو ثور إلى قول مالك، وقال: وذلك لأنه لا اختلاف بينهم في مسلم لو أولد نصرانية، أن الولد مسلم. وقال أصحاب الرأي: في الصبى يكون أحد أبويه مجوسياً والآخر من أهل الكتاب، لا بأس أن تؤكل ذبيحته، وصيده، وقالوا: يكون في ذلك بمنزلة النصراني منهما، وكذلك لو كان أبواه مجوسيين وتهود أحدهما أو تنصر. 22 - باب ذبيحة المرتد م 1733 - واختلفوا في ذبيحة المرتد. فكان الشافعي، والنعمان، ويعقوب، وابن الحسن، وأبو ثور يقولون: لا تؤكل ذبيحته. وقال الثوري: يكرهونها. وكان الأوزاعي يقول في هذه المسألة: مضي قول الفقهاء من تولى قوماً فهو منهم. وقال إسحاق: في المرتد إذا وهب إلى النصرانية فذبيحته جائزة. وكذلك قال الأوزاعي، واحتج بقول علي: من تولى قوماً فهو منهم.

23 - باب ذبيحة الصبي والمرأة من أهل الكتاب

23 - باب ذبيحة الصبي والمرأة من أهل الكتاب م 1734 - أجمع كل من نحفظ قوله من أهل العلم على إباحة ذبيحة الصبى والمرأة من أهل الكتاب إذا أطاقا الذبح وعقلاه وذكيا كما يجب. فممن حفظنا ذلك عنه الشافعي، والثوري، وأحمد، وإسحاق، والنعمان وأصحابه. وبه نقول.

38 - كتاب الصيد

38 - كتاب الصيد قال الله جل ذكره: {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ} إلى قوله: {وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ} الآية. (ح 785) وثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أباح أكل ما أصطاد الكلب المعلم إذا سمى الله صاحبه عليه عند إرساله. م 1735 - وأجمع عوام أهل العلم [1/ 149/ب] على أن الكلاب جوارح يجوز أكل ما أمسكن على المرسل إذا ذكر اسم الله عليها، وكان المعلم مسلماً، إلا ما اختلف فيه من صيد الكلب الأسود. م 1736 - واختلفوا في غير الكلاب من الفهود، والصقور، والبزاة، وسائر الطيور، والسباع. فروينا عن ابن عباس أنه قال: في قوله: {وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ} الآية، قال: هي الكلاب المعلمة والبازي، وكل طير يعلم الصيد، والفهود، والصقور، وأشباهها، وبمعنى قول ابن عباس قال طاووس، ويحيى بن أبي كثير، والحسن البصري، ومالك، والشافعي، والنعمان، وابن الحسن، وأبو ثور.

وقال عطاء: شأن الكلب والباز واحد. وقال الثوري في البازي، والعقاب، والصقر يأكل من صيده: كل إنما تعليمه إجابته. وفيه قول ثان: وهو أن العقاب، والبزاة، والصقور، ليس من الجوارح. قال قائل: قال الله عَزَّ وَجَلَّ {وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ} الآية، فذكر الكلب دون غيرها، فهذا الاسم لا يقع على شيء من الطير، لأن الكلاب مقصود قصدها. وكان مجاهد يكره صيد الطير ويقول: إنما قال الله عز وجل: {وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ} فإنما هي الكلاب. وكان ابن عمر يقول: فأما ما اصطاد من الطير، والبزاة، وغيرها من الطير، فما أدركت ذكاته فذكه فهو لك، وإلا فلا تطعمه. وسئل أبو جعفر عن البازي، والصقر يحل صيده؟ قال لا إلا أن تدرك ذكاته، واستثنى آخر البزاة، واحتج. (ح 786) بحديث عدي بن حاتم قال: سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - عن صيد البازي، فقال: "إذا أمسك عليك فكل".

1 - باب صيد الكلب الأسود

وزعم بعضهم: أن الجوارح ما جرح من الدواب، والطير، وذوات الأظفار التي تجرح بأظفارها، وتمسك الشيء على نفسها قال فكل جارح قياساً على الكلب. وأنكر بعضهم ذلك، وقال: الجوارح الصوائد، يقال: فلان جارحه أهله أي كاسبهم، وفي رواية أخرى: أجرحوا من يجترح أي يكتسب. وقال مجاهد في قوله: {وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ} الآية، وقال: ما كسبتم. وقد روينا عن ابن عباس أنه قال: كل شيء صياد فهو جارح. 1 - باب صيد الكلب الأسود م 1737 - واختلفوا في صيد الأسود. فكره صيد الكلب الأسود البهيم الحسن البصري، وإبراهم النخعي، وقتادة. وقال أحمد: ما أعرف أحداً يرخص فيه إذا كان بهيماً، وبه قال إسحاق. قال أبو بكر: فأما عوام أهل المدينة من أهل العلم، وأهل الكوفة فالذي هو مشهود من مذاهبهم، إباحة أكل كل ما اصطاد كل كلب معلم.

2 - باب التعليم الذي يكون به الكلب معلما

قال أصحاب الرأي في الكلب الكردي، والكلب [1/ 150/ألف] الأسود: لا بأس بما صاد كل واحد منهما إذا كان معلماً، وهذا يشبه مذاهب مالك، والشافعي وأبي ثور. قال أبو بكر: قال الله عز وجل: {وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ} الآية. (ح 787) وقال النبي- صلى الله عليه وسلم - لعدي بن حاتم: إذا أرسلت كلبك فأخذ وقد قتله فكل". فالقول بظاهر الكتاب، والسنة يجب، ولا يجوز أن يستثنى منهما إلا بكتاب أو بسنة. 2 - باب التعليم الذي يكون به الكلب معلماً م 1738 - كان ربيعة يقول: إذا دعي الكلب فأجاب، وزجر عن الصيد فأطاع، فهو العلم الضاري، وأما البزاة، والصقور، والعقبان، فما أجاب منها إذا دعي فهو المعلم الضاري. وحكى عن مالك أنه قال: المعلم الذي يذهب إذا أرسله، ويجيبه، إذا دعاه. وقال أبو ثور: كقولهما غير أنه قال: ما لم يأكل. وقال الشافعي: "الكلب المعلم الذي إذا أشلى استشلى، وإذا أخذ

3 - باب الكلب يعلمه غير مسلم

حبس ولم يأكل، فإذا فعل هذا مرة بعد مرة كان معلماً يأكل صاجه ما حبس عليه". وقال أصحاب الرأي: إذا أجابه إذا دعاه وأرسله على الصيد، فإذا فعل ذلك مرتين فلم يأكل، ثم صاد الثالث فلم يأكل، فهذا معلم يؤكل صيده. قالوا: والمعلم عندنا ثلاث مرات، إذا أرسله على ذلك يقتل فلا يأكله منه، وهذا قول يعقوب، ومحمد. وكان النعمان لا يؤقت في ذلك وقتاً. وقال قائل: إذا دعا الكلب صاجه فأجابه، واستشلاه، فاتبع الصيد وأمسكه، فهو معلم بأول فعلة يفعلها، ويؤكل ما اصطاد في المرة الثانية؛ لأن الله عَزَّ وَجَلَّ أباح أكل صيده، بعد استحقاقه لاسم معلم. 3 - باب الكلب يعلمه غير مسلم م 1739 - واختلفوا في الاصطياد بكلب المجوسي، وبازه، وصقره. فكرهت طائفة: أن يصطاد بكلب المجوسي، وممن روي عنه أنه كره ذلك، جابر بن عبد الله، والحسن البصري، وعطاء، ومجاهد، والنخعي، والثوري، وإسحاق. وكره الحسن البصري الصيد بكلب اليهودي، والنصراني، وأول قوله

4 - باب الكلب يأكل من الصيد

تعالى: {وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ} الآية المسلمين، ورخص فيه إسحاق. ورخصت طائفة أن يؤكل صيد كلب المجوسي إذا كان المرسل مسلماً. قال بهذا القول ابن المسيب، والزهري، والحكم. وقال ابن المسيب: هو مثل شفرته، وبه قال الحكم. وقال عطاء، وهو أصح قوليه. إذا أرسلت كلب المجوسي قد علم فقتل فكل، وبه قال مالك، وقال: [1/ 150/ب] هو بمنزلة شفرته وقوسه، وكذلك قال الشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. وقال أحمد: كلب اليهودي، والنصراني أهون، وبه قال إسحاق. 4 - باب الكلب يأكل من الصيد م 1740 - واختلفوا في الكلب يأكل من الصيد. فقال ابن عباس: لا يؤكل إنما أمسك على نفسه، وروي ذلك عن أبي هريرة، وبه قال الشعبى، وسعيد بن جبير، والنخعي، وعطاء بن أبي رباح، وعكرمة، وقتادة، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، والنعمان وأصحابه. وأباحت طائفة: أكل ما أكل الكلب منه، وممن رأى أن يؤكل ذلك سعد بن مالك، وابن عمر، وروي ذلك عن سلمان، وبه قال مالك. م1741 - وقال ابن عباس: لا تأكل مما أكل الكلب منه، وكل ما اصطاد الصقر وإن أكل منه.

5 - باب الكلب يشرب من دم الصيد

ورخص فيما أكل البازي منه النخعي، وحماد بن أبي سليمان، والثوري، والنعمان وأصحابه. قال أبو بكر: ومن حجة من منع من الأكل منه. (ح 788) حديث عدي بن حاتم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "إذا أرسلت كلبك وسميت فكل ما أمسك عليك كلبك المكلب وإن قتل، فإن أكل منه فلا تأكل إنما أمسك على نفسه". قال أبو بكر: وبه أقول، وليس لحمل ما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيه خبر على النظر معنىً. 5 - باب الكلب يشرب من دم الصيد م 1742 - واختلفوا في الكلب يشرب من دم الصيد. فقال عطاء، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي: يؤكل. قال عطاء: ليس ذلك بأكل، وكره ذلك الشعبي، والثوري. قال أبو بكر: صدق عطاء. 6 - باب ضرب الكلب على التعليم م 1743 - روينا عن ابن عباس أنه قال: إذا قتل الكلب فأكل منه فاضربه، حتى يمسك عليك.

7 - باب الكلب يرسل على الصيد فيصيد معه كلب آخر

وإذا أرسل الرجل كلبه على صيد وهو جاثم على الصيد ممسكه قد قتل الصيد، فجائز أكله لظاهر قوله: {َكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ} الآية، وعلى هذا مذهب مالك، والشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي. 7 - باب الكلب يرسل على الصيد فيصيد معه كلب آخر (ح 789) جاء الحديث عن النبى - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "ما أمسكن عليك وذكرت اسم الله فكل وإن قتل ما لم يشركها كلب من غيرها". وقال بظاهر هذا الخبر عطاء بن أبي رباح، والقاسم بن مخيمرة، ومالك، والشافعي، وأحمد، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. وكان الأوزاعي يقول: وإن أرسل كلبه المعلم فعرض له كلب معلم فقتلا فهو حلال، وإن [1/ 151/ألف] كان غير معلم فقتلا لم يؤكل. مسائل م 1744 - واختلفوا في جماعة أصحاب كلاب اجتمعوا وقد أطلقوا كلابهم على صيد، وسمى كل واحد منهم، وجاء المرسلون لها، فأصابوا الصيد قتيلاً، ولا يدرون من تولى قتله منهم.

8 - باب الرجل يرسل كلبه على صيد ثم يدركه وهو حي فلم يمكنه الذبح أو لم يحضر ما يذبح به

فكان أبو ثور يقول: إذا كان الصيد قد مات بينهم أكل الصيد، فإن اختلفوا فيه وكانت الكلاب متعلقة به كان بينهم، وإن كان مع واحد منهما كان صاحبه أولى، وإن كان قتيلاً والكلاب ناحية، أقرع بينهم فمن أصابته القرعة كان له. وقال غير أبي ثور: لا يجوز أن يجاوز بالقرعة للواضع التي أقرع النبي- صلى الله عليه وسلم - فيها، فيوقف الصيد بينهم حتى يصطلحوا، أو إن خيف عليه الفساد، بيع وأوقف الثمن بينهم حتى يصطلحوا. م 1745 - وإذا أرسل المسلم كلبه على صيد وسمى الله، فزجره مجوسي وأخذ الصيد وقتله أكل، هذا قول أبي ثور، والنعمان وأصحابه. م 1746 - وإذا أرسله مجوسي فزجره مسلم وأخذ الصيد، لم يؤكل في قول أصحاب الرأي، وقول أبي ثور في ذلك مختلف. م 1747 - وإذا أرسل الرجل كلبه على صيد وسمى عليه، فتبعه كلب غير معلم فحاش عليه الصيد وأشعله مع العلم، فإن أخذاه جميعاً ومات الصيد، لم يؤكل، وإن أخذ الصيد المعلم منهما دون الآخر أكل، هذا قول أبي ثور، وأصحاب الرأي. 8 - باب الرجل يرسل كلبه على صيد ثم يدركه وهو حي فلم يمكنه الذبح أو لم يحضر ما يذبح به م 1748 - واختلفوا في الرجل يرسل كلبه على صيد فيدركه حياً يدي الكلب. فقالت طائفة: إن مات قبل تمكنه من ذبحه أكل، هذا قول الحسن، وبه قال قتادة.

9 - باب الكلب يرسل على صيد فيأخذ غيره

وقال مالك: إذا أمكنه أن يذبحه فلم يفعل حتى مات لم يأكله، وبه قال الشافعي، والليث بن سعد، وإسحاق، وأبو ثور. وقال أصحاب الرأي: لا يأكله إذا صار في يده حياً، وإن كان لا يقدر على ذبحه. وكان النخعى يقول: إذا لم يكن معك حديدة فأرسل عليه الكلاب حتى تقتله. وبه قال الحسن البصري. 9 - باب الكلب يرسل على صيد فيأخذ غيره م 1749 - واختلف في الكلب يرسل على صيد بعينه فيأخذ غيره، فقال الحسن البصري، والنخعي، وقتادة، والحسن البصري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي: يؤكل. م 1750 - وفي قول مالك، والشافعي، وأصحاب الرأي: لو أرسل كلباً أو صقراً على صيد كثير، فأيهما أخذ [1/ 151/ب] كل واحد منهما أكل. م 1751 - وقال الحسن البصري: في رجل أرسل كلبه، وسمى ولا يرى صيداً، فأخذ صيداً قال: يأكل، وبه قال معاوية بن قرة. وقال مالك: في رجل أرسل كلبه على صيد فذهب إلى غيره فقتله، فقال: لا يعجبى أكله. م 1752 - وقال مالك: لا بأس بلعاب كلب الصيد يصيب الإنسان. وقال الشافعي: هو نجس يجب غسله.

10 - باب الكلب ينفلت من يد صاحبه فيصطاد

م 1753 - وقال مالك: في رجل رمى صيدا فأصاب رأسه فقطعه، ولم يرد أكله، قال: لا أرى أن يأكل. والشافعي: سهل في مثله فيمن قطع شيئاً يحسبه خشبة لينة فكانت شاة له. 10 - باب الكلب ينفلت من يد صاحبه فيصطاد م 1754 - واختلفوا في الكلب المعلم ينفلت من يد صاحبه فيصطاد، فقال عطاء ابن أبي رباح، والأوزاعي: يؤكل صيده إذا كان أخرجه الصيد. وقال الأوزاعي: وإن أرسل كلبه المعلم فعرض له كلب معلم فقتلا فهو حلال، وإن عرض له كلب غير معلم فقتلا لم يأكل. وقالت طائفة: لا يأكل الصيد الذي قتله، ولم يكن أرسله صاحبه، لأنه خرج بغير إرسال، هذا قول ربيعة، ومالك، والشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي. قال أبو بكر: وبه نقول. م 1755 - واختلفوا في الكلب المعلم يأخذ الصيد ويمسكه على صاحبه، ثم أخذ صيداً بعد ذلك فأكل منه، ففي قول النعمان: لا يؤكل شيئاً من ذلك. وقال يعقوب: ومحمد بن الحسن، وأبو ثور: يؤكل ذلك كله إلا الصيد الذي أكل منه.

11 - باب صيد أهل الكتاب والمجوس

11 - باب صيد أهل الكتاب والمجوس م 1756 - واختلفوا فيما يصيد أهل الكتاب بكلابهم، فقال عطاء، والليث بن سعد، والشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي: لا بأس بصيدهم. وقال مالك: تؤكل ذبائح اليهود والنصارى ولا يؤكل صيدهم. وتلا قوله: {تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ} الآية. قال أبو بكر: الأول أصح. م 1757 - واختلفوا في صيد المجوس، فكره أكثر أهل العلم أكل صيدهم، هذا قول عطاء، وسعيد بن جبير، والنخعي، ومالك، والليث بن سعد، والثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي. وقال أبو ثور: فيها قولان: أحدهما كقول هؤلاء، والآخر أنهم من أهل الكتاب وهو جائز. 12 - باب صبي المجوس الحيتان والجراد م 1758 - واختلفوا فيما يصيده المجوسي من السمك والجراد، فكان الحسن البصري، والنخعي: لا يريان بأسا يصيد المجوسي السمك، وروينا ذلك عن عطاء، ومجاهد. وكان الأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب [1/ 152/ألف] الرأي: يرخصون فيما اصطاده المجوسي من السمك والجراد.

13 - باب صيد السهام والمعراض

وكان مالك، والليث بن سعد: يرخصان فيما اصطاده المجوسي من الحيتان ويقولان: في الجراد: لا نرى أن يؤكل ما اصطاده المجوسي. 13 - باب صيد السهام والمعراض قال الله جل ذكره: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ}: الآية. (ح 790) وقد روينا عن النبى - صلى الله عليه وسلم - أنه سئل عن الصيد بالمعراض فقال: ما أصاب بحده فكل، وما أصيب بعرضه فإنه وقيذ. قال أبو بكر: (ح 791) دل قوله - صلى الله عليه وسلم -: لما سئل عن المعراض، فقال: "إذا أصاب بحده فخزق فكل، وإذا أصاب بعرضه فلا تأكل". إنه أراد بقوله: "ما أصاب بحده فخزق فكل، دون ما أصاب بعده فلم يخزق. م 1759 - واختلفوا في صيد المعراض.

فقالت طائفة: لا يؤكل إلا ما خزق، ولا يؤكل ما أصاب بعرضه فقتل، هذا قول مالك، والشافعي، والثوري، والكوفي، وأحمد، وإسحاق، وأبي ثور. وروينا عن عمر بن الخطاب أنه قال: وليتق أحدكم أن يخذف الأرنب بالعصا، والحجر، ثم يأكل، وليذكى لكم الأسل، والرماح، والنبل. وقال الشعبى، وسعيد بن جبير: يؤكل إذا خزق. م 1760 - وممن روينا عنه أنه كره صيد البندقة ابن عمر، والنخعي، ومالك، والثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور. وقد روينا عن عمار بن ياسر، وعبد الرحمن بن أبي ليلى أنهما قالا: في البندقة يرمى له فتقتل تؤكل، وبه قال ابن المسيب. قال أبو بكر: خبر رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أولى، إذا رمى فأصاب بحده وخزق يؤكل، ولا يؤكل ما أصاب بعرضه. (ح 792) وقد ثبت عن عدي بن حاتم قال: يا رسول الله إن أهل صيد يرمى أحدنا الصيد فغيب عنه الليلة والليلتين، ثم يتبع أثره بعد ما طبخ فيجد سهمه فيه، فقال: "إذا وجدت سهمك قتله فكله". قال أبو بكر: هذا الحديث مفسر للأخيار إلى ذكرناها في غير هذا الكتاب، وإنما الذي يأكل إذا علم أن سهمه قتله، إذا شك فيه لم يأكل؛ لأن في: (ح 793) حديث عائشة أن النبي- صلى الله عليه وسلم - قال للسائل: لو أعلم أن سهمك قتله

أكلته، لا أدرى هو آم الأرض كثيرة. م 761 أ- وقد اختلفوا في الصيد يغيب عن الرامي، فكان ابن عباس يقول: وقد سئل عن الرجل يرمى الصيد فيجد سهمه فيه من الغد قال: "لو أعلم أن سهمك قتله لأمرتك بأكله ولكن لا أدرى لعله قتله قدرى (¬1)، أو غير ذلك". قال أبو بكر: وفتيا ابن عباس توافق خبر رسول الله- صلى الله عليه وسلم. وقال عطاء: [1/ 152/ب] إذا غاب عنك مصارعة فلا تأكل. وكره الثوري: أكل ذلك. وكان الحسن البصري يقول: يأكل ما يقع في ماء، أو يرى فيه أثر سبع، وبه قال قتادة. وقال مالك: يأكله ما لم يبت عنه، وإن غاب عنه مصرعه إذا وجد فيه آثراً من كلبه، أو كان فيه سهمه. وقال أحمد بن حنبل: إذا غاب الصيد فلا يأكله إذا كان ليلاً، وإذا كان نهاراً ولم يربه أثرا غيره يأكله. وقال أصحاب الرأي: في الرجل يرسل كلبه على الصيد، وتوارى عنه كلب الصيد، ثم وجده وقد قتله وهو في أثره، يأكله، وإن أخذ في عمل غيره حتى إذا كان قريباً من الليل ذهب، فطلب صيده والكلب، فوجد الصيد ميتاً والكلب عنده، وبه جراحة لا يدرى، الكلب جرحه أو هو أم، غيره، يكره أكله لأنه في عمل غير ذلك. ¬

_ (¬1) كذا في الأصل, وعند "عب" قتله برد أو غير ذلك.

14 - باب النهي عن أكل ما وقع به السهم وسقط في ماء

14 - باب النهي عن أكل ما وقع به السهم وسقط في ماء (ح 794) جاء الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: إذا رميت سهمك فاذكر اسم الله، فإن وجدته قد قتل فكل، وإن وجدته قد وقع في ماء فمات، يعني الصيد فلا تأكل، فإنك لا تدري الماء قتله، أو سهمك. قال أبو بكر: إذا كان هذا هكذا، فعلم أن سهمه قتله دون الماء، كان له أكله لارتفاع الشك، ولا يحتمل إذا كان كذلك إن كان الماء قتله، والجواب فيه: إذا رمى صيداً وأتى على الذابح بم تردى من خيل هكذا، لأنه تردى وهو حلال بالتذكية قبل تردّيه، فلا تصير شاة مذكاة أن تتردى من خيل، أو تقع في ماء. م 1762 - وقد روينا عن ابن مسعود أنه قال: إذا سقط في ماء، أو تردى أخاف أن يكون ترد، أو الماء قتله. قال طاؤس: إذا تردى، أو وقع في ماء فلا تأكله. وقال عطاء: نحو ذلك، وبه قال إسحاق، وأصحاب الرأي. وقال ربيعة: مثله في التردي، وقال بمثل ما قلناه الحسن البصري، ومالك، والليث بن سعد، والشافعي، وقتادة. 15 - باب الطائر يرمى في الهواء فيصيبه السهم ويسقط على الأرض، والصيد بالسهم المسموم م 1763 - وإذا رمى الرجل الطائر فأصابه أي إصابة كانت إذا جرحته فأدمته،

16 - باب الصيد يضرب فيبين منه عضوا أو يقطع بنصفين

فسقط إلى الأرض ميتاً، لم يدر أتلف في الهواء، أو بعد ما صار إلى الأرض، أكل في قول الشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي. واختلف فيه عن مالك: فحكى ابن وهب عنه أنه قال: كما قال هؤلاء، وحكى ابن القاسم عنه أنه قال: إذا كان السهم لم ينفذ مقاتله، لا يؤكل. قال أبو بكر: والنظر قال على هذا، والله أعلم [1/ 153/ألف]. م 1764 - وإذا رمى الصيد بسهم مسموم، فأدرك ذكاته، فإن مالكاً كان يقول: لا يعجبني أن يؤكل، وبه قال أحمد، وإسحاق: إذا علم أن السم قتله، وقال قائل: إذا ذكاة فأكله جائز. 16 - باب الصيد يضرب فيبين منه عضواً أو يقطع بنصفين م 1765 - واختلفوا في الصيد يضرب فيبين منه عضواً، فقالت طائفة: يطرح العضو الذي بان منه، ويؤكل الباقي، هذا قول ابن مسعود، وقتادة. وقال ابن عباس: وعطاء: لا تأكل العضو، وذك الصيد. وقال عكرمة: "إن عدا حيا بعد سقوط عضو منه فلا تأكل العضو منه، وذك الصيد، وكله، وإن مات حين ضربته فكله كله"، وبه قال قتادة، وأبو ثور، والشافعي، كذلك قال: إذا كان لا يعيش بعد ضربته ساعة أو مدة أكثر منها.

17 - باب الراميين يرميان صيدا أو أحدهما بعد الآخر

وقال مالك: إن ضربه فقطعه باثنين أكلها، وإن بان عضو ثم ذبحه، فكما قال عكرمة، وبه قال الليث بن سعد، وإسحاق، وأصحاب الرأي، والثوري. وقال الحسن البصري: في الصيد يقطع منه عضواً، يأكلهما جميعاً ما بان وما بقى. قال أبو بكر: إذا رمى صيدا بان منه عضواً، ثم أدرك ذكاته، أكل الصيد المذكى، ولم يأكل العفو الذي أبين منه؛ لأنه ميت، وإن ضرب صيدا فقطعه باثنين، أو أبان منه عضوا ومات مكانه، أكلا جميعاً. 17 - باب الراميين يرميان صيداً أو أحدهما بعد الآخر م 1766 - قال الشافعي: "وإذا رمى رجل صيداً فكسره، أو قطع جناحه، أو بلغ به الحال التي لا يقدر الصيد أن يمنع فيها من أن يكون مأخوذاً، فرماه أخر فقتله، كان حراماً وكان على الرامي قيمته، بالحال التي رماه بها مكسوراً أو مقطوعاً؛ لأنه مستهلك لصيد قد صار لغيره، ولو رماه الأول وأصابه وكان ممتنعاً، ثم رماه الثاني وأثبته، كان للثاني، ولو رماه الأول في هذه الحال فقتله ضمن قيمته للثاني، لأنه قد صار له دونه". قال أبو بكر: وبه نقول. وقال مالك: في الذي يرمى الصيد فثخنه حتى لا يستطيع الفرار، فرماه آخر بعد ذلك فقتله، لم يؤكل إلا بذكاة.

18 - باب صيد المرتد

وقال أصحاب الرأي: إذا رمى صيداً فأثخنه حتى لا يستطيع التحريك وسقط، فرماه أخر بسهم فقتله، لم يؤكل. وقال يعقوب، ومحمد: على الآخر قيمته مجروحاً للأول. قال أبو بكر: هذا كما قالوا، وإنما حرم أكله: (ح 795) لأن النبي- صلى الله عليه وسلم - نهى عن صبر البهائم. 18 - باب صيد المرتد قال أبو بكر: م 1767 - لا يحل أكل ذبيحة المرتد، لأنه غير مسلم، ولا من أهل الكتاب الذي أبيح لنا أكل ذبائحهم، وكذلك صيد المرتد لا يحل أكله، وهذا على قول الشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي. 19 - باب [1/ 153/ب] الشبكة والأحبولة يقع فيها الصيد م 768 أ- واختلفوا في الشبكة والأحبولة يقع فيها الصيد فيدركه صاحبه وقد مات. فقالت طائفة: لا تؤكل إلا أن يدرك ذكاته، هذا قول عطاء، والنخعي، وعمرو بن دينار، وقتادة، وبه قال ربيعة، والشافعي، وكذلك قال الزهري، ومالك، فيما قتلت الحباله. وقال الثوري: لا يعجبني إلا أن يدركه فيذكيه.

20 - باب صيد البحر

وقد روينا عن الحسن أنه رخص في ذلك، ذكر يونس عنه أنه كان لا يرى بصيد المناجل بأساً، وقال: سم إذا أنصبتها. وذكر قتادة عن الحسن: أنه كان لا يرى بأسا بها قتل المنجل، والحبل إذا سمى فدخل فيه وجرحه. والصحيح من قول عطاء: أنه لا يجوز أكل ما فتلت الأحبولة، والعنزة, والمرضحة، والشبكة، جعل أمرها واحداً. قال أبو بكر: لا يجوز أكل ما فتلت الأحبولة وقع به جراح أو لم يقع، وهذا قول عوام أهل العلم، والسنة تدل على ما قالوه. وقول الحسن قول شاذ لا معنى له. 20 - باب صيد البحر قال الله جل ذكره: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ} الآية. (ح 796) وقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم - في البحر: هو الطهور ماؤه الحل ميتته. م 1769 - وأجمع أهل العلم على أن صيد البحر حلال للحلال، والحرام اصطيماد، وأكله، وبيعه، وشراه. وممن مذهبه إباحة أكل كل ما وجد من الحيتان، عطاء بن أبي رابح، ومكحول، وابن سيرين، والنخعي، ومالك، والشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي.

وممن قال إن قوله عز وجل: {وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ} إن طعامه ما قذف، كذا قال عمر بن الخطاب، وابن عباس. وقال ابن عمر: طعامه ما ألقى. وقال ابن عباس: طعامه ميتة وقال مرة: مليحة. وقد روينا عن أبي بكر الصديق، وعلي بن أبي طالب، وزيد بن ثابت، وأبي هريرة، وابن عمر أخباراً تدل على إباحة ذلك، مختلف ألفاظها. وروينا عن أبي أيوب: أكل سمكة طافية، وفيما طفا من السمك على الماء. وفه قول ثان: وهو أن يؤكل ما يوجد في حافتي البحر، ويؤكل ما جزر منه، ولا يؤكل ما كان طافياً منه، هذا قول جابر بن عبد الله، وروينا ذلك عن ابن عباس، وممن كره أن يؤكل الطافي من السمك طاؤس، وابن سيرين، وجابر بن زيد، وأصحاب الرأي. م 1770 - واختلفوا في الحبري من السمك، فرخص فيه أكثر أهل العلم. وروى ذلك عن علي، والحسن البصري، وهو قول مالك، والشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي: لأنهم يبيحون السمك كله جملة، والحبري داخل فيه [1/ 154/ألف]. وسئل سعيد بن جبير عن الحبري، فقال: ما أعجبك من السمك، فكل، وقد روى عن علي رضي الله عه بإسناد لا يثبت أنه كره الحبري، والمرماهي. قال أبو بكر: دل الكتاب والسنة على إباحة صيد البحر جميلة يدخل في ذلك الحبري والطافي وغير ذلك.

21 - باب دواب البحر غير الحيتان

21 - باب دواب البحر غير الحيتان (ح 797) دل قول رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: هو الطهور ماءه الحل ميتته. م 1771 - على إباحة أكل جميع دواب البحر المنسوبة إليه، روينا عن أبي بكر الصديق أنه قال: كل دابة في البحر فقد ذبحها لله لكم، وقال ربيعة: كل ما كان أصله من الماء وإن خرج في بر، فهو من دواب البحر يحل قتله، ويؤكل على كل حال من أحرم بالحج وغيره، وكان الأوزاعي يقول: على شيء كان غشيه الماء فهو حلال، قيل: فالتمساح؟ قال: نعم. وقال الليث بن سعد في خنزير الماء، وكلب الماء، وإنسان الماء، ودواب الماء كلها؟ فقال: أما إنسان الماء فلا يؤكل على شيء من الحالات، والخزير إذا سماه الناس خنزيراً فلا يؤكل، وقد حرم الله الخنزير، وأما الكلاب فليس بما في البر منها والبحر بأسا. وقال الثوري في السرطان: أرجو أن لا يكون به بأس، وقال أبو ثور في السرطان، والسلحفاة ما كان منه يذكى، لم يحل إلا الذكاة، وما كان منه لا يذكى، فمثل السمك أخذه حي وميت سواء. قال ابن جريج: سألت عطاء عن ابن الماء أسيد براً وصيد بحر، وعن أشباهه؟ فقال: حيث يكون أكثر فهو صيده. وفي قول مالك، والشافعي، والأوزاعي، وأصحاب الرأي، وأبي ثور: طير الماء من صيد البر.

انتهى الجزء الثالث ويتلوه الجزء الرابع وأوله كتاب الجهاد

الإشراف على مذاهب العلماء لأبي بكر محمد بن إبراهيم بن المنذر النيسابوري 318هـ المجلد الأول حققه وقدم له وخرج أحاديثه د. أبو حامد صغير أحمد الأنصاري

الإشراف على مذاهب العلماء

حقوق الطبع محفوظة للناشر الطبعة الأولى 1425هـ - 2004 م الناشر مكتبة مكة الثقافية هاتف: 2361835 - 7 - 00971 فاكس: 2362836 - 7 - 00971 ص. ب. 2326 رأس الخيمة - الإمارات العربية المتحدة

ـ[الرموز والمصطلحات التي استعملت في الدراسة والتحقيق:]ـ لقد استعملت خلال ترجمة ابن المنذر، ودراسة الكتاب، وفي تحقيق الكتاب رموزاً ومصطلحات للاختصار والتسهيل، وهي ليست بجديدة إلا البعض، وقد يتبادر الذهن إلى الأصول في أول نظرة، لأن معظمها قد تستعمل في كثير من الكتب المحققة، وهي كالتالي: 1 - حرف "ح" قبل الرقم إشارة إلى الحديث النبوي. 2 - حرف "م" قبل الرقم إشارة إلى المسألة الفقهية، سواء كانت مجمعا عليها أو مختلفا فيها. 3 - "الأصل" إشارة إلى النسخة الخطية من كتاب الإشراف. 4 - "ألف" إشارة إلى اللوحة الأولى من الورقة من المخطوطة المصورة. 5 - "ب" إشارة إلى اللوحة الثانية من الورقة من المخطوطة المصورة. 6 - وكذلك اختصرت أسماء الكتب ومؤلفيها عند ذكرها في الدراسة والتحقيق، وهي كالتالي: بق: البيهقي في السنن الكبرى. طف: ابن جرير الطبري في تفسيره. ت: الترمذي في جامعه. عب: عبد الرزاق في المصنف. جه: ابن ماجه في سننه. قط: الدارقطنى في السنن. حم: أحمد بن حنبل في مسنده. م: مسلم بن الحجاج في الصحيح. خ: البخاري في الصحيح. مط: مالك بن أنس في الموطأ. د: أبو داود في السنن. مي: الدارمي في السنن. شب: ابن أبي شيبة في المصنف. ن: النسائي في السنن. ط: طبقات.

39 - كتاب الجهاد

39 - كتاب الجهاد 1 - باب فرض الجهاد أخبرنا أبو بكر محمد بن إبراهيم بن المنذر قال: بعث الله جل وعز رسوله إلى الناس جميعاً أهل كتاب وسائر المشركين، فقال جل ذكره: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} وقال: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ} الآية، وقال: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ} فقد بعث الله نبيه إلى جميع خلقه وهم أهل كتاب، أو أميين. وثبتت الأخبار عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - بمثل معنى كتاب الله عز وجل: (ح 798) ثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "أعطيت خمسا لا يعطهن أحد قبلي، بعثت إلى الأحمر، والأسود، وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا، وأحلت لي الغنائم ولا تحل [1/ 154/ب] لأحد قبلي، ونصرت بالرعب،

فيرعب العدو وهو مني على مسيرة شهر، وقيل لي: سل تعط (¬1)، واختبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة". قال أبو بكر: فأقام رسول الله- صلى الله عليه وسلم - بمكة مدة طويلة يدعوا إلى الله والإيمان به، وينهى عن الشرك بالله وعبادة الأوثان، وذلك قبل أن أمره الله عَزَّ وَجَلَّ بالإعراض عنهم، فقال: {وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ} الآية، وقال: {فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ} الآية، ثم أذن الله لرسوله - صلى الله عليه وسلم - في الهجرة، فخرج إلى المدينة، ولم يؤذن لهم في شيء من ذلك بقتال المشركين، ولم يحرم عليهم المقام بمكة، ثم أذن لهم في القتال فقال: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا} الآية. يقال: أنها أول آية نزلت إذن فيها بالقتال، ثم أوجب عليهم الخروج من مكة إلا من استثنى منهم في آخر الآية، وأمرهم أن يهجروا دار الشرك؛ لأن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - لما خرج عنهم إلى المدينة اشتد بعض من كان بمكة من المشركين على من أقام عندهم بعد رسول الله- صلى الله عليه وسلم - من المؤمنين، فقال جل ذكره: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ ¬

_ (¬1) في الأصل: "نطعمه".

2 - باب وجوب الجهاد

كُنْتُمْ} إلى آخر الآية، واستثنى منهم المستضعفين {لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَة} قيل: مخرجاً، {وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا}، طريقاً إلى المدينة بعد، وهؤلاء لم يعرض عليهم الخروج، فقال: {فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ}: الآية. 2 - باب وجوب الجهاد قال الله جل وعز: تب {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ} الآية. وقال: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ} الآية. وقال: {فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} الآية. وهذه الآيات ناسخات اللاتي أمر الله فيها بالعفو والصفح فقال: ({فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ} الآية، فأتى الله بأمره لما أمر بقتال المشركين.

وجاءت الأخبار الثابتة عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - موافقة لظاهر هذه الآيات. (ح 799) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلله، فمن قال: لا إله إلله عصم مني ماله، ونفسه، إلا بحقه، وحسابه على الله". قولاً عاماً لم يخص منهم أحداً دون أحد، دخل في ذلك جميع الناس أهل الكتاب، وسائر المشركين من العرب والعجم، الأحمر منهم والأبيض والأسود، أهل الأوثان وغيرهم، فدل قوله تعالى جل ثناءه: {قَاتِلُولَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَلَا [1/ 155/ألف] يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُولْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُولْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} الآية، على أن الله تعالى إنما أراد قتال أهل الشرك من أهل الأوثان وغيرهم دون من أعطى الجزية من أهل الكتاب. م 1772 - واختلفوا في معاني الآيات التي أمر الله تعالى فيها بقتال المشركين، والآية التي أمر الله تعالى فيها بأخذ الجزية من أهل الكتاب. فقالت فرقة: فرض الله عَزَّ وَجَلَّ على رسوله وعلى المسلمين أن يقاتلوا المشركين كافة أهل الكتاب وغيرهم، حتى نزلت سورة البراءة، ونزل قوله: {قَاتِلُولَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ} الآية، إلى قوله {حَتَّى يُعْطُوا

الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} الآية فنسخ من جملة ما أمر الله بقتاله من المشركين من أهل الكتاب، فصار الأمر بقتالهم إذا أرادوا الجزية منسوخاً. كان أبو عبيد القاسم بن سلام يميل إلى هذا القول، ويحتج بحديث ابن عباس: كانت البراءة من آخر ما نزل من القرآن، وكذلك قال البراء: آخر سورة نزلت كاملة البراءة، وروي هذلمعنى عن عثمان بن عفان. وقالت طائفة: الآيات التي نتلوها في الأمر بقتال المشركين، والآية التي فيها الأمر بأخذ الجزية، ليس في شىء منها ناسخ ولا منسوخ، بل هى محكمات غير أن الآية التي فيها الأمر بقتال المشركين ظاهرها ظاهر عام، والمراد منها أن الله تعالى أراد بقوله: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} الآية، غير أهل الكتاب الذين أمر الله بأخذ الجزية منهم، وتركهم، وهذا على مذهب الشافعي. كما كان الأمر بقطع السراق، والمراد منه بعض السراق دون بعض. قال أبو بكر: ودل خبر ابن عباس على الهجرة إنما كانت واجبة إلى أن فتح الله على نبيه مكة، ثم زال فرضها.

3 - أبواب فرض القتال ومن يلزمه الحضور ومن له عذر لا يأثم أن يخلف من أجله

(ح800) ثبت عن ابن عباس عن النبي- صلى الله عليه وسلم- أنه قال يوم الفتح: "لا هجرة ولكن جهاد ونية، وإذا استنفرتم فانفروا". 3 - أبواب فرض القتال ومن يلزمه الحضور ومن له عذر لا يأثم أن يخلف من أجله قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا في سَبِيلِ اللهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ} الآية. كان مجاهد يقول في هذه الآية: وذلك حين أمر بغزوة تبوك بعد الفتح، وبعد الطائف، وبعد حنين، أمروا بالنفير في الصيف حين حرقت النخل وطابت الثمار واشتهوا الطل وشق عليهم المخرج. قال أبو بكر: قال الله جل ثناءه: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ [1/ 155/ب] كُرْهٌ لَكُمْ} الآية، فاحتمل أن يكون الغزو مفروضاً على الجميع كالصوم، والصلاة، واحتمل أن يكون مفروضاً على الكفاية، فإذا قام بثغور المسلمين من فيه الكفاية ودفع العدو عن المسلمين سقط الفرض عن الباقين، فوجب لما احتمل ذلك ما قلنا، وعلى أهل العلم طلب الدلالة على صحة أحد القولين، فدل الكتاب

والسنة على سقوط فرض الغزو عن المتخلفين إذا أقام به منهم من فيه الكفاية، فأما ما دل عليه الكتاب من ذلك فقوله عز وجل: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَر} الآية، ففي هذا بيان على سقوط المآثم عن المتخلفين إذا قام بالغزو من فيه الكفاية، لأن المتخلف لو كان حرجاً لم يكن يستوجب الحسنى، ففيها وعد المتخلف عن الجهاد من الحسنى، أبين البيان على أن في تخلفه غير حرج ولا إثم. ودل قوله: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا} الآية، على مثل ما دلت عليه هذه الآية قبلها، ودلت الأخبار عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - على مثل ما دل عليه كتاب الله. لا نعلم لرسول الله- صلى الله عليه وسلم - غزوة خرج فيها إلا وقد يتخلف (¬1) عنه فيها رجال، وتخلف - صلى الله عليه وسلم - عن سرايا أخرجها. (ح 801) ثبت عنه أنه قال: "لولا أن أشق على أمتي لأحببت أن لا أتخلف خلف سرية تخرج في سبيل الله، ولكني لا أجد ما أحمله عليه ولا يجدون ¬

_ (¬1) في الأصل: "يختلف".

4 - باب المتخلف عن الخروج إلى الجهاد من أجل الوالدين

ما يحملون عليه يتحرجون، وشق عليهم أن يتخلفوا بعدي، ولوددت أني أقاتل في سبيل الله فأقتل، ثم أحيا، ثم أقتل". (ح 802) وروينا عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال في غزوة غزاها بني لحيان" لينبعث من كل رجلين رجل والأجر بينهما". ففي تخلفه عن الخروج مع السرايا مع إذنه في أن ينبعث من كل رجلين رجل، دليل بين على أن فرض الجهاد ساقط عن الناس إذا قام منهم من فيه الكفاية. 4 - باب المتخلف عن الخروج إلى الجهاد من أجل الوالدين (ح 803) ثبت أن رجلاً قال: "يا رسول الله- صلى الله عليه وسلم - إني أريد الجهاد، قال: أحي والديك؟ قال: نعم، قال: ففيهما فجاهد". (ح 804) وروينا عن أبي سعيد الخدري أن رجلاً هاجر إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم - من اليمن فقال يا رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: إني هاجرت، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: قد هجرت الشرك، ولكنه الجهاد، هل لك أحد باليمن؟ قال: أبوان!

قال: [1/ 156/ألف] أذنا لك؟ قال: لا! قال: فارجع فاستأذنهما، فإن أذناك، فجاهد، وإلا فبرهما. قال أبو بكر: وقد ذكر بعض أصحابه وهو عدي كما قال: إن النهي عن الخروج إلى الغزو بغير إذن الوالدين ما لم يقع النفر، فإذا وقع النفر وجب الخروج على الجميع، وذلك بين في: (ح 805) حديث أبي قتادة قال: بعث رسول الله- صلى الله عليه وسلم - جيش الأمراء، فذكر قصة زيد بن حارثة، وجعفر بن أبي طالب، وعبد الله بن رواحة، وإن منادي رسول الله- صلى الله عليه وسلم -نادى بعد ذلك: إن الصلاة جامعة، فاجتمع الناس فحمد الله فأثنى عليه فذكر الحديث، ثم قال: أيها الناس اخرجوا فأمدوا إخوانكم ولا يتخلفن أحد، قال: فخرج الناس في حر شديد مشاة وركبانا، وذكر باقي الحديث. قال أبو بكر: وفي قوله: "اخرجوا فأمدوا إخوانكم ولا يتخلفن أحد" دليل على أن العذر في التخلف عن الخروج إلى الجهاد إنما هو ما لم يقع النفر لقوله عليه السلام: "اخرجوا فأمدوا إخوانكم ولا يتخلفن أحد". (ح 806) وقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية وإذا استنفرتم فانفروا.

قال أبو بكر: م 1773 - وقد روينا عن عمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان ما يدل على أن من أراد الغزو فأمرته أمه بالجلوس أن يجلس، وقال الحسن البصري: إذا أذنت له أمه في الجهاد وعلم أن هواها أن يجلس فليجلس. ومن رأى أن لا يخرج المرء إلى الغزو إلا بإذن والديه مالك، والأوزاعي، والثوري، والشافعي، وأحمد، وكل من لقيناه من أهل العلم. وقيل للأوزاعي: رجل غزا بإذن والديه، واشترطا عليه أن لا يقاتل فلقوا العدو؟ قال: لا طاعة لوالدين في ترك الفرائض، والجمع، والحج، والقتال. قال أبو بكر: صدق الأوزاعي، وخبر أبي قتادة يدل على صحة ما قال، وكان الشافعي يقول: "وإذا أذن للرجل أبواه في الغزو فغزا، ثم أمره بالرجوع، فعليه الرجوع، إلا من عذر حادث مثل خوف الطريق، أو وَجْدٌ بِهْ، أو مرض يحدث به لا يقدر على الرجوع، أو قلة نفقة لا يقدر على أن يستقل معها، أو ذهاب مركب لا يقدر على الرجوع معه، أو يكون غزا بجعل مع السلطان فلا يقدر على الرجوع إلا معه". م 1774 - واختلفوا في الوالدين المشركين. كان الثوري يقول: لا يغزو إلا بإذنهما، وقال الشافعي: له أن يغزو بغير إذنهما.

قال أبو. . . . . . . . . . (¬1) ¬

_ (¬1) بدأ السقط هنا قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: وجاء في (تفسير القرطبي)، ما يلي: واختلفوا في الوالدين المشركين هل يخرج بإذنهما إذا كان الجهاد من فروض الكفاية، فكان الثوري يقول: لا يغزو إلا بإذنهما. وقال الشافعي: له أن يغزو بغير إذنهما. قال ابن المنذر: والأجداد آباء، والجدات أمهات فلا يغزو المرء إلا بإذنهم، ولا اعلم دلالة توجب ذلك لغيرهم من الاخوة وسائر القرابات. وكان طاوس يرى السعي على الأخوات أفضل من الجهاد في سبيل الله عز وجل. قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: وجاء في (المغني) لابن قدامة: فَأَمَّا إنْ كَانَ أَبَوَاهُ غَيْرَ مُسْلِمَيْنِ، فَلَا إذْنَ لَهُمَا. وَبِذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيّ. وَقَالَ الثَّوْرِيُّ: لَا يَغْزُو إلَّا بِإِذْنِهِمَا؛ لِعُمُومِ الْأَخْبَارِ. وَلَنَا أَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانُوا يُجَاهِدُونَ، وَفِيهِمْ مَنْ لَهُ أَبَوَانِ كَافِرَانِ، مِنْ غَيْرِ اسْتِئْذَانِهِمَا؛ مِنْهُمْ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ، وَأَبُو حُذَيْفَةَ بْنُ عَتَبَةَ بْنُ رَبِيعَةَ، كَانَ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ بَدْرٍ، وَأَبُوهُ رَئِيسُ الْمُشْرِكِينَ يَوْمئِذٍ، قُتِلَ بِبَدْرٍ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ، قَتَلَ أَبَاهُ فِي الْجِهَادِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {لا تَجِدُ قَوْمًا} [المجادلة: 22]. الْآيَةَ، وَعُمُومُ الْأَخْبَارِ مُخَصَّصٌ بِمَا رَوَيْنَاهُ

[9 - باب المبارزة بدون إذن الأمير]

[9 - باب المبارزة بدون إذن الأمير] . . . . . . . . . . . . (¬1) [1/ 156/ ب] بل خبر أبي قتادة يدل على ذلك، لأني [لا] (¬2) أعلم أن أبا قتادة استأذن النبي- صلى الله عليه وسلم - حين بارز فقال أبو قتادة: (ح 809) بارزت رجلاً يوم حنين فقتلته، فأعطاني النبي - صلى الله عليه وسلم - سلبه. 10 - باب معونة المبارز م 1781 - اختلفوا في معونة المسلمين المبارز منهم على المشرك فمن رخص في ذلك أحمد، وإسحاق، وقال أحمد: أليس قد أعانوا يوم بدر بعضهم ¬

_ (¬1) انتهى السقط هنا قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: وجاء في (المغني) لابن قدامة، ما يلي: وَأَمَّا الْمُبَارَزَةُ، فَتَجُوزُ بِإِذْنِ الْأَمِيرِ، فِي قَوْلِ عَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ، إلَّا الْحَسَنَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَعْرِفْهَا، وَكَرِهَهَا. وَلَنَا، أَنَّ حَمْزَةَ، وَعَلِيًّا وَعُبَيْدَةَ بْنِ الْحَارِثِ بَارَزُوا يَوْمَ بَدْرٍ، بِإِذْنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَبَارَزَ عَلِيٌّ عَمْرَو بْنَ عَبْدِ وُدٍّ فِي غَزْوَةِ الْخَنْدَقِ فَقَتَلَهُ. . . . . . وَلَمْ يَزَلْ أَصْحَابُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُبَارِزُونَ فِي عَصْرِ النَّبِيِّ وَبَعْدَهُ، وَلَمْ يُنْكِرْهُ مُنْكِرٌ فَكَانَ ذَلِكَ إجْمَاعًا. . . . .، وَقَالَ أَبُو قَتَادَةُ بَارَزْت رَجُلًا يَوْمَ حُنَيْنٍ، فَقَتَلْته. إذَا ثَبَتَ هَذَا، فَإِنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُسْتَأْذَنَ الْأَمِيرُ فِي الْمُبَارَزَةِ إذَا أَمْكَنَ. وَبِهِ قَالَ الثَّوْرِيُّ، وَإِسْحَاقُ وَرَخَّصَ فِيهَا مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ لِخَبَرِ أَبِي قَتَادَةَ، فَإِنَّهُ لَمْ يُعْلَمْ أَنَّهُ اسْتَأْذَنَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَذَلِكَ أَكْثَرُ مَنْ حَكَيْنَا عَنْهُمْ الْمُبَارَزَةَ، لَمْ يُعْلَمْ مِنْهُمْ اسْتِئْذَانٌ. . . . . قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: يظهرمن هذا النقل عن (المغني)، أن ابن المنذر رخص في المبارزة بغير إذن الأمير واحتج بخبر أبي قتادة، وما ذكره المحقق فيما أكمله من نص (الإشراف) مخالف لهذا، والله أعلم (¬2) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: زيادة لازمة، ليست في المطبوع، وانظر التعليق السابق

11 - باب ما يجب أن يستثنى من ظاهر قوله: {فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم} الآية

بعضا، وبهذا المعنى قال الشافعي: لا بأس أن يعينه عليه غيره، وذكر قصة علي، وحمزة، وعبيدة، ومعونة بعضهم بعضا. قال: فأما إن دعا مسلم مشركا، أو مشرك مسلما إلى أن يبارزه فقال له: لا يقاتلك غيري، أو لم يقل له ذلك إلا أن يعرف أن الدعا إلى مبارزة الواحد كالأمر من الفريقين معاً تنوي المبارز من أحببت أن يكف عن أن يحمل عليه غيره". وكان الأوزاعي يقول: لا يعينونه على هذا، قيل للأوزاعي: رجل بارز علجاً فخاف المسلمون على صاحبهم قال: فلا يعينونه عليه، قيل: وإن لم يكن اشترط أن لا يخرج إليه غيره؟ قال: ولأن المبارز إنما يكون هكذا، ولكن لو حجروا بينهما ثم خلو سبيل العلج، قال: ان أعان العدو صاحبهم فلا بأس أن يعين المسلمون صاحبهم. 11 - باب ما يجب أن يستثنى من ظاهر قوله: {فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} الآية م 1782 - دلت الأخبار الثابتة عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - على أن الله جل ثناءه إنما أراد بقوله: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ}: بعض المشركين دون البعض، بما يجب أن يستثنى من ظاهر الآية قتل الرسل.

12 - باب النهى عن قتل العسيف المشرك

(ح 810) قال عبد الله بن مسعود: كنت عند النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا جاء ابن النواحة رسولاً من مسيلمة قد بعثه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا وابن أثال فكلما النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال لهما أي رسول الله: أتشهد أني رسول الله؟ فقالا له: أتشهد أنت أن مسيلمة رسول الله؟ فقال لهما: آمنت بالله ورسوله لو كنت قاتلاً رسولاً لقتلتكما. 12 - باب النهى عن قتل العسيف المشرك (ح 811) في حديث رباح بن ربيع أن خرج مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم - في غزوة غزاها فمر رباح وأصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم - على امرأة مقتولة ووقف رسول الله- صلى الله عليه وسلم - عليها ثم قال: ما كانت هذه تقاتل، ثم نظر في وجوه القوم فقال لأحدهم: الحق خالد بن الوليد فلا يقتل ذرية ولا عسيفا. م 1783 - وقد اختلفوا في الحراثين الأجراء، فروينا عن عمر بن الخطاب أنه قال: اتقوا الله في الفلاحين الذين لا ينصبون لكم الحرب، وكان عمر بن عبد العزيز يقول: لا تقتلوا حراثاً، وقال الأوزاعي: يقتل المريض الشاب، ويكف عن الأعمى والحراث إذا علم أنه ليس من المقاتلة، قال: فإن قتل حراثاً، أو راعياً، أو صاحب صومعة، أو شيخا فانيا، أو صغيرا، أو امرأة، يستغفر الله ويتوب.

13 - باب النهي عن قتل النساء والوالدان

قال الشافعي: "ويقتل الفلاحون، والأجراء، والشيوخ الكبار حتى يسلموا، أو يؤدوا الجزية". 13 - باب النهي عن قتل النساء والوالدان قال أبو بكر: ومما يستثنى من ظاهر الآية قتل النساء والوالدان. (ح 812) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - رأى في بعض مغازيه امرأة مقتولة فأنكر ذلك ونهى عن قتل النساء والصبيان. وقال الله جل ذكره: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ} الآية. م 1784 - وروينا عن ابن عباس أنه قال في هذه الآية قوله: {وَلَا تَعْتَدُوا} الآية يقول: "ولا تقتلوا النساء والصبيان، والشيخ الكبير، ولا من ألقي إليكم السلم وكف لله، فإن فعلتم فقد اعتديتم". قال أبو بكر: ذلك إذا لم تقاتل المرأة، في خبر رباح بن ربيع دليل على ذلك؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما وقف على المرأة المقتولة قال: "ما كانت هذه تقاتل".

14 - باب الخبر الدال على أن النهي إنما وقع على من قصد قصدهم بالقتل لا من يصاب منهم في وقت الغارة

وفي الآية، وفي هذا الحديث دليل على أنها إن قاتلت قتلت، وفي حديث ابن عباس بيان ذلك، قال: (ح 813) مر النبي - صلى الله عليه وسلم - بامرأة مقتولة يوم الخندق قال من قتل هذه المرأة؟ قال رجل: أنا يا رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: ولم؟ قال: بارعتني قائم سيفى، قال: فسكت. قال أبو بكر: وممن رأى أن إباحة قتل المرأة التي تقاتل الثوري، والأوزاعي، والليث بن سعد، والشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي، وكل هؤلاء الذين ذكرت ينهون عن قتل النساء والصبيان إذا لم يقاتلوا. م 1785 - وكان الليث بن سعد، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وأبو ثور يقولون في الصبى الذي يقاتل: يجوز قتله. 14 - باب الخبر الدال على أن النهي إنما وقع على من قصد قصدهم بالقتل لا من يصاب منهم في وقت الغارة (ح 814) ثبت أن الصعب بن حثامة قال: قلت: يا رسول [1/ 157/ب] الله إنا نصيب في البيات من ذراري المشركين؟ قال: هم منهم.

15 - باب قتل الرهبان

م 1786 - وكان الشافعي يقول: لا إنما معنى نفيه عن قتل النساء والصبيان أن يقصد قصدهم بقتل، وهم يعرفون مميزين ممن أمر بقتله منهم، ومعنى قولهم: "هم منهم" إذا أصيبوا في البيت والغارة. وقال أحمد: معناه على أنهم يصيبون منهم وهم لا يعلمون. 15 - باب قتل الرهبان م 1787 - واختلفوا في قتل الرهبان: فروينا عن أبي بكر الصديق أنه أمر بالوقوف عن قتلهم. وكان مالك، والليث بن سعد، وأبو ثور لا يرون قتل الرهبان. وقال مالك: يترك لهم ما يصلحهم، وقال الليث بن سعد: يترك له ما يعيش به، ولا يؤخذ ماله كله فيموت جوعا. وقال مالك: لا يقتل الرواهب يترك لهم من لهم ما يعيشون به ولا يؤخذ جميع مالهم. وقال أصحاب الرأي: لا يجوز أن يقتل وليد، ولا امرأة، ولا شيخ كبير، ولا أحد به زمانة، ولا يقتل أعمى، وإنما قول أبي بكر الصديق: "ولا تقتل راهباً؛ لأن فتح بلادهم وظفر بها فصارت في أيديهم، ولا ينبغي أن يفعلوا ذلك؛ لأن ذلك قد صار فيئاً للمسلمين. واختلف قول الشافعي في قتل الرهبان، فقال في كتاب قتال المشركين: يترك قتل الرهبان اتباعا لأبي بكر، ويغنم كل ما لهم في

16 - باب قتل الشيوخ والمرضى وغيرهم

صومعة، وغير صومعة، وأحب إلي في النساء الرواهب يتركهن كما يترك الرجال". وقال في كتاب سير الواقدي: ولا أعرف في الرهبان خلافاً أن يسلموا، أو يودوا الجزية، أو يقتلوا". 16 - باب قتل الشيوخ والمرضى وغيرهم م 1788 - واختلفوا في قتل الشيوخ فروينا عن أبي بكر الصديق أنه نهى عن قتلهم، وكره قتلهم مالك، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. وروينا عن مجاهد أنه قال: كنا ننهى عن قتل كل فان، ووليد. وفيه قول ثان: وهو أنهم يقتلون، هذا قول الشافعي، وبه نقول، إذ هم في حملة من أمر الله بقتله من المشركين غير خارجين من الجملة بحجة. م 1789 - واختلفوا في قتل المرضى فروينا عن أبي بكر الصديق، وليس بثابت عنه، أنه قال: لا تقتلوا مريضاً. وقال الأوزاعي: إن كان مريضاً يوقن بموته لم يقتل. وقال أحمد في الأعمى: إن كان ممن يقاتل، فإنه يقتل. وقال أصحاب الرأي: لا يقتل أحد له زمانة. وفي قول الشافعي: يقتل الشيخ المريض، والأعمى ومن به زمانة. قال أبو بكر: وبه نقول للعلة التي ذكرت في المسألة قبل.

17 - باب نصب المنجنيق على أهل الحصون

(ح 815) وقد روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: اقتلوا شيوخ المشركين، واستبقوا شرخهم، يعني الصغار، والذرية [1/ 158/ألف]. 17 - باب نصب المنجنيق على أهل الحصون (ح 816) جاء الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه نصب المنجنيق على أهل الطائف. قال أبو بكر: م 1790 - وللإمام إذا حصر قوما من المشركين أن ينصب عليهم المناجيق، ويرميهم بالحجارة، وبما يقوم مقامها. روينا أن عمرو بن العاص جاء بالهدادات الإسكندرية فنصب عليهم المناجيق. وممن رأى أن ينصب عليهم المناجيق الثوري، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وإسحاق وأبو ثور، وأصحاب الرأي.

18 - باب النهي عن إحراق من له روح بالنار

م 1791 - وقال الثوري: يرمون بالنار، وبه قال الشافعي، والأوزاعي. وقال الشافعي: ويرمون بالقذرات، والعقارب، والحيات، وكل ما يكرهونه، ويرسلوا عليهم الماء ليغرقوهم، أو يوحلوهم فيه، وسواء كان معهم الأطفال والنساء، والرهبان، أو لم يكونوا غير ممنوعة بإسلام وعهد، وكذلك لا بأس بأن يحرقوا شجرهم المثمرة وغير المثمرة، ويحرقوا عامرهم، وكل ما لا روح فيه من أموالهم". وقال أصحاب الرأي: إن كان في الحصون امرأة، أو صبى، أو شيخ كبير، أو معتوه، أو أعمى، أو مقعد، أو زمن فلا بأس أن يرموا المشركين في حصونهم بالمنجنيق، وإن كان فيهم من قد سمينا. 18 - باب النهي عن إحراق من له روح بالنار (ح 817) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال في رجل: إن قدرتم عليه فاقتلوه، ولا تحرقوه بالنار، فإنه لا يعذب بالنار إلا رب النار. م 1792 - واختلفوا في رمى أهل الشرك بالنار، فكره ذلك عمر بن الخطاب؛ لأنه حرق خالد بن الوليد ناساً من أهل الردة، فقال عمر لأبي بكر: انزع هذا الذي يعذب بعذاب الله. قال أبو بكر: لا أشيم سيفا سله الله على المشركين.

وروينا عن عمر بن عبد العزيز أنه قال: لوددت أنهم بايعونا لا نقاتلهم بنار، ولا يقاتلونا بها يعني الروم، وهذا مذهب مالك. وقال أحمد بن حنبل في المطمورة فيها النساء والصبيان: يتقدم إليهم ويسألهم الخروج فيأتون يدخن عليهم، فكرهه، ولم يصرح بالنهي. قلت: في البحر يرمون بالنيران، قال: إن بدؤوهم فلا بأس. وكان الثوري يقول: وإذا حاصرت أهل حصن فلا بأس أن يرموا بالمناجيق، والنار. وقال الأوزاعي في المطامر: فلا بأس أن يدخن عليهم، وإذا لم يكن في المطمورة إلا المقاتلة حرق عليهم، وقتلوا بكل قتله، ولو لقينا سفنهم في البحر رميناهم بالنفط والنيران. م 1793 - واختلفوا في [1/ 158/ب] المركب من مراكب العدو يرمي بالناس، فيخشى الأسر على نفسه أيطرح نفسه في الماء أم يصير إلى النار، فرخص فيه مالك، والليث بن سعد أن يطرح نفسه. وقال يحيى الأنصاري ما الفرار منها يعني النار مثل الفرار يعني الغرق. وقال ربيعة: أما الرجل يفر من النار إلى أمر يعرف أن فيه قتله فلا ينبغي له لأنه إنما يفرق موت إلى موت أشر منه، فقد جاء بما لا يحل له، وإن كان إنما يتحمل في ذلك رجاء النجاة، فكل امرئ يرجوا النجاة في شيء فلا جناح عليه فيه. وقال الحسن البصري: إذا خاف رجل أن يغلب لا بأس أن يستأسر.

19 - باب رمي الحصون فيها أطفال المسلمين وأساراهم

19 - باب رمي الحصون فيها أطفال المسلمين وأساراهم م 1794 - واختلفوا في الحصين من حصون المشركين قام العدو على سور الحصين فتترسوا بأطفال المسلمين. فقالت طائفة: يكفون عن رميهم، فإن برز أحد، (¬1) منهم رموه، هذا قول الأوزاعي. وقال الليث بن سعد: ترك فتح حصن يقدر على فتحه، أفضل من قتل مسلم بغير حق، وقالا: قال الله عَزَّ وَجَلَّ في أهل مكة: {وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ} الآية. قال الأوزاعي: فكيف يرمى المسلمون من لا يرون من المشركين، وهم يعلمون إنما يصيب بها أطفال المسلمين. وقالت طائفة: للمسلمين أن يرموهم، بالمنجنيق، والنشاب، والنبل، ولا يتعمدون بذلك أطفال المسلمين، وما أصاب المسلمون من أطفال المسلمون الذين مع المشركين في رميهم إياهم، فلا دية في ذلك، ولا كفارة، هذا قول النعمان، ومحمد. وقال الشافعي: والذي قاله الأوزاعي أحب إلينا إذا لم يكن بنا ضرورة إلى قتال أهل الحصين، ولكن لو اضطررنا إلى أن نخافهم ¬

_ (¬1) في الأصل::فإن يرو واحداً منهم".

20 - باب تغريق النحل وحريقه

على أنفسنا إن كففنا عن حربهم، قاتلناهم ولم يعمد قتل مسلم فإن أصبنا كفرنا (¬1). 20 - باب تغريق النحل وحريقه م 1795 - روينا عن أبي بكر الصديق أنه قال حين بعث الجيوش إلى الشام فيما يوصيهم به: ولا يغرقن نحلا ولا يحرقها، ولا يعقروا بهيمة. وروينا عن ثوبان أنه قال: لا يغرقن نحلا ولا يحرقنه. وقيل لمالك: أنحرق بيوت نحلهم؟ قال: أما النحل فلا أدري ما هو. 21 - باب عقر الدواب خوفا أن يظفر بها العدو م 1796 - واختلفوا في الفرس يقف على صاحبه فيريد عقره، [1/ 159/ألف] فرخص فيه لهم. وممن رخص فيه مالك، قال مالك: يعقر ولا يتركه. وقال النعمان: إذا أصابوا غنائم ذبحوا المغنم، وحرقوا المتاع، وحرقوا لحوم الغنم كراهية أن ينتفع به أهل الشرك. وكرهت طائفة أن يعقر بهيمة إلا لمأكل، وكره ذلك الأوزاعي، والشافعي. ¬

_ (¬1) في الأصل "يرهبهم" والتصحيح من حاشية المخطوط.

وقال الليث بن سعد في الدابة يقوم على الرجل، يتركه ولا يعقره. وبه قال الشافعي. قال لأن روح يألم بالعذاب ولا ذنب له، واحتج في ذلك. (ح 818) بأن النبي- صلى الله عليه وسلم - قال: من قتل عصفورا فما فوقها بغير حقها سأله الله عن قتله، قيل: يا رسول الله- صلى الله عليه وسلم - وما حقها؟ قال: "أن يذبحها فيأكلها، ولا يقطع رأسها فيرمي به". وقال الشافعي في الفارس من المشركين: للمسلم أن يعقر دابته لأن هذه منزله يجد السبيل بها إلى قتل من أمر بقتله. وسئل الثوري عن قتل الخنازير، قال: أكره قتل البهائم. وقال أحمد: قتل الله كل خنزير، وبه قال إسحاق. وقال أبو ثور: لا يقتل من مواشيهم، ولا يحرق نحلهم، ولا يعقر دوابهم، ولا يقتل شيء من الحيوان صبراً، وذلك. (ح 819) أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يقتل شيء من الحيوان صبراً.

22 - باب إباحة تحريق أموال أهل الشرك وقطع نخيلهم وحرقها وإباحة ترك ذلك

22 - باب إباحة تحريق أموال أهل الشرك وقطع نخيلهم وحرقها وإباحة ترك ذلك م 1797 - قال الله عز وجل: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ} الآية. قال مجاهد: اللينة: النخلة، فنزل القرآن تصديق من نهى عن قطعها، وبتحليل من قطعها عن الإثم، وإنما قطعها وتركها بإذنه. وقال الزهري: اللينة: ألوان النخل كلها العجوة، وقال عكرمة: هي دون العجوة. وقال محمد بن إسحاق: مما خالف العجوة من النخل. وروينا عن ابن عباس أنه قال: "ما قطعتم من لينة" نخلة، أو شجرة. (ح 820) وثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - حرق نخل بني النضير، وقطع البويرة. وفيها يقول حسان: وهات علي سراة بني لؤي ... حريق بالبويرة مستطير م 1798 - واختلفوا في تخريب عامر بلاد الشرك، وقطع شجرهم، وإتلاف أموالهم.

فأباحت طائفة ذلك، فممن رخص في قطع شجرهم، وهدم بيوتهم: عبد الرحمن بن القاسم بن محمد، ونافع مولى ابن عمر، وبه قال مالك، والشافعي، واحتجا بقوله: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا}.الآية. قال الشافعي: فرض القطع وأباح الترك، قال: والترك موجود [1/ 159/ب] في الكتاب والسنة. وقال النعمان: لا بأس بقطع شجر المشركين، ونخلهم، وتحريق ذلك. وكرهت طائفة ذلك، وممن كره ذلك الأوزاعي، واحتج بنهي أبي بكر عن ذلك، وبه قال الليث بن سعد، وأبو ثور. وقال أحمد وإسحاق: التحريق في أرض العدو نكرهه، إلا أن يكون ذلك يغيضهم، ويبلغ فيهم، وكان يقول في تخريب العامر وتهدم دورهم إذا احتاج إلى الحطب، فأما أن يخرج من غير حاجة إلى العامر فيخربه فلا. وقال إسحاق: التحريق سنة إذا كان ذلك أنكى للعدو. قال أبو بكر: والذي أقول به: إن تخريب العامر، وقطع الشجر المثمر وغير المثمر، وتحريق أموالهم لا بأس به، استدلالاً بقوله {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا} الآية، ولقطع النبي - صلى الله عليه وسلم - ولقطع النبي- صلى الله عليه وسلم - نخل بني

23 - باب الفرار من الزحف

النضير، فأما الأنعام فلا يجوز ذبحها إلا لحاجة، وقد ذكرنا فيما مضى حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنه. 23 - باب الفرار من الزحف قال الله جل ذكره: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ} الآية. (ح 821) وروينا عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "الكبائر سبع أولهن الإشراك بالله، وقتل النفس بغير حق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم بداراً أن يكبروا، والفرار من الزحف، ورمي المحصنات، وانقلاب إلى الأعراب بعد الهجرة". (ح 822) وجاء الحديث عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "أنا فئة المسلمين". م 1799 - وروينا عن عمر بن الخطاب أنه قال: "أنا فئة لكل مسلم". وقال مالك بن أنس: ليس عليه العمل يعني لحديث عمر.

وقال الأوزاعي: من كان في سرية عليهم أمير فإن انهزم اللواء والفصل في الثبات، وإن انهزم الوالي فالعسكر لهم فئة. وقال أبو عمرو: وإن لقي العسكر الأعظم واللواء صبى، وأما لم ينهزم اللواء والإمام، فإن انهزم الإمام، فالإمام بالشام لهم فئة. وكان الشافعي يقول: "إذا غزا المسلمون فلقوا ضعفهم من العدو، حرم عليهم أن يولوا إلا متحرفين لقتال، أو متحيزين إلى فئة، وإن كان المشركون أكثر من ضعفهم، لم أحب لهم أن يولوا، ولا يستوجبوا السخط عندي من الله لو ولوا عنهم إلى غير التحرف للقتال أو التحيز إلى فئة، وإذا لقي المسلمون العدو فولوا المسلمون متحرفين لقتال، أو متحيزين إلى فئة رجوت أن لا يأثموا، وإن ولوا على غير نية واحدة من الأمرين، خشيت أن يأثموا وأن يحدثوا بعد نية [1/ 160/ألف] خير لهم، ومن فعل هذا تقرب إلى الله بما استطاع من خير، بلا كفارةٍ معلومةٍ عليه، ولو شهد القتال من له عذر في ترك القتال من الضعفاء والمرضى الأحرار، خفت أن يضيق عليهم من التولية ما يضيق، ولو شهد عبد قد أذن له سيده كان كالأحرار، وإن لم يكن أذن له لم يأثم بالتوية، والصبي لا يأثم بالتولية، وكذلك النساء أرجو أن لا يأثموا! بالتولية، قال أبو بكر: قال الله جل ذكره: {وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّه} الآية، معناه لم يعف عنه، يدل على ذلك قوله: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ}

لِمَنْ يَشَاءُ} الآية ومما يدل على صحة هذا المذهب قوله: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ} الآية فكما عفا عنهم فقد يرجى أن يعف عن من فعل كفعلهم, ويجب لمن بلى بذلك أن يكثر من الاستغفار فان في: (ح 823) حديث عبد الله بن مسعود عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أنه قال: من قال استغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم، وأتوب إليه ثلاثاً، غفرت ذنوبه، وإن كان فارا من الزحف. وكان ابن عباس يقول في قوله: {إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا} الآية قال: فرض الله عليهم أن لا يفر رجل من عشرة، ولا قوم من عشرة أمثالهم، فجهد الناس ذلك شق عليهم، فنزلت هذه الآية الآخرى: {الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا}، إلى قوله: {الصَّابِرِينَ} الآية فرض الله عليهم أن لا يفر رجل من رجلين ولا قوم من مثليهم، ونقص من النصر بقدر ما خفف من العدو. وكان الشافعي يقول بظاهر قول ابن عباس.

وقال أحمد بن حنبل قوله: {يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ} يقف على هذا، كأنه أمر، وقال غير أحمد معنى: {إنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ} من ألفاظ الأخبار، ومعناه الأمر، واستدل بقوله: {الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ}، وإنما يقع التخفيف من الأمر لا من الخبر.

40 - كتاب الجزية

40 - كتاب الجزية أخبرنا أبو بكر محمد بن إبراهيم بن المنذر قال الله جل ذكره: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} الآية. قال أبو بكر: أمر الله أمراً عاماً، أن يقاتل أهل الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يدٍ وهم صاغرون، فقتال أهل الكتاب على ظاهر كتاب هو كتاب الله يجب [1/ 160/ب] حتى يسلموا أو يؤدوا الجزية، دخل في ذلك العرب والعجم لأن الكتاب على العموم وليس لأحد أن يخص منهم أحداً إلا بحجة، ولا نعلم حجة توجب استثناء أحد منهم. م 1800 - وممن رأى أن تؤخذ الجزية من العرب إذا كانوا أهل كتاب مالك، والأوزاعي، والشافعي وأبو عبيد. وقال النعمان: فأما مشركو العرب من أهل الحرب فإنهم إذا أرادوا منا أن يعطونا الخراج ويكونون ذمة، فليس ينبغي لنا أن نفعل هذا، وإن ظهرنا عليهم كان صبيانهم ونساءهم لنا، ولا يجبرون على الإِسلام، فأما رجالهم فإنا نعرض عليهم الإِسلام، فإن أسلموا وإلا قتلوا. قال أبو يكر: وبالقول الأول أقول استدلالا بكتاب الله، وبأخبار رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، من ذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم -:

1 - باب الحكم في نصارى بني تغلب

(ح 824) أمر معاذاً حين بعثه إلى اليمن وهم عرب أهل الكتاب معروف مشهور عندهم، ولم يبلغنا في شيء من الأخبار أن ناساً من العجم، كانوا باليمن سكانه، حيث وجه النبي- صلى الله عليه وسلم - معاذ إلى اليمن. ولوكان به قوم من العجم لكان في أمره إياه أن يأخذ من كل حالم ديناراً، أمر أن يؤخذ من جميعهم من كل واحد ديناراً عربياً، كان أو أعجمياً، ولو أراد بعضهم لبيّن ذلك. 1 - باب الحكم في نصارى بني تغلب م 1801 - جاء الحديث عن عمر بن الحطاب أنه بعث مصدقاً فأمره أن يأخذ من نصارى بني تغلب العشور، ومن أهل الكتاب نصف العشور. واختلف أهل العلم في الحكم في نصارى بني تغلب. فقالت طائفة: حكمهم حكم سائر عبدة الأوثان الذين لا يجوز قبول الجزية منهم، ولا يقبل منهم إلا الإسلام، أو القتل. وقالت طائفة: لا تؤكل ذبائحهم، ولا يجوز نكاح نساءهم، وقالت: إنما صالحهم عمر لما خوف من أمرهم، وقيل لا تقوي عدوك عليك بهم. م 1802 - واحتج بعضهم بمنع علي بن أبي طالب من أكل ذبائحهم، ولو كانوا عنده من أهل الكتاب ما كره ذلك، وكره ذبائحهم عطاء بن أبي رباح، وسعيد بن جبير، والنخعي، ومحمد بن علي.

2 - باب أخذ الجزية من المجوس

وقال آخرون: إن حكم عمر ماض عليهم، يؤخذ منهم ما صالحهم عليه عمر بدلا من الجزية، وحكم ما يؤخذ منهم حكم الجزية لا حكم الصدقة، ويوضع في مال بيت الفيء. فممن رأى أن تضعف عليهم الصدقة، ابن أبي ليلى، والثوري، والحسن بن صالح، والشافعي، ويعقوب. وقد روى عن عمر بن عبد العزيز (¬1): أنه أبى علي نصارى بني تغلب إلى الجزية. وقال: لا والله إلا الجزية [1/ 161/ألف] وإلا فقد آذنتكم بحرب. وممن كان يرى أكل ذبائح نصارى بني تغلب النخعي، والشعبى، والزهري، وعطاء الخراساني، والحكم، وحماد، وإسحاق، وأصحاب الرأي. 2 - باب أخذ الجزية من المجوس (ح 825) روينا عن عبد الرحمن بن عوف أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أخذها يعني الجزية من مجوس هجر، وقال: سنوا بهم سنة أهل الكتاب. ¬

_ (¬1) في الأصل عمر بن الخطاب, والتصحيح من الحاشية المخطوطة.

م 1803 - وأجمع عوام أهل العلم من أهل الحجاز، والعراق، والشام، ومصر على أخذ الجزية من المجوس. م 1804 - واختلفوا في معنى الذي له أخذت الجزية منهم. فقالت طائفة: إنما أخذت الجزية منهم لأنهم أهل كتاب. وذلك أن الله جل ذكره إنما أمر بأخذ الجزية من أهل الكتاب، واحتجوا بقول علي بن أبي طالب أنهم أهل كتاب، وقد أخذ رسول الله- صلى الله عليه وسلم -، وأبو بكر، وأراه قال عمر: منهم الجزية. وكان الشافعي يقول: إن الجزية أخذت منهم لأنهم أهل كتاب، وكان لا يرى نكاح نساءهم، ولا أكل ذبائحهم. وقال آخرون: الجزية مأخوذة من أهل الكتاب بالكتاب، ومن المجوس بالسنة، هذا قول أبي عبيد. وقال آخر: الجزية تؤخذ من المجوس لسنة رسول الله- صلى الله عليه وسلم - وعمل الخلفاء الراشدين المهديين، ثم اتفاق أهل العلم على القول به. وقال أحمد في قوله سُنُّوا بهم سنة أهل الكتاب: إنما هذا في الجزية. قال أبو بكر: فالجزية يجب أخذها من المجوس للأخبار التي جاءت في ذلك، ولأني لا أعلم في ذلك اختلافاً، ولا يصح أن المجوس أهل الكتاب، لأني لا أعلم حجة تدل عليه، وإنما أخذت الجزية منهم لأخبار رسول الله- صلى الله عليه وسلم -، ولفعل الخلفاء بعده، وليس في قوله جل ثناءه: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ} إلى قوله: {وَهُمْ صَاغِرُونَ} الآية دليل على أن الجزية لا يجوز أخذها

3 - باب أخذ الجزية من الصابين والسامرة [1/ 161/ب]

من غيرهم، لأن الله لم ينه أن تؤخذ الجزية من غيرهم فالنبي - صلى الله عليه وسلم - بعث أن يزيد في البيان، ويفرض ما ليس بموجود ذكره في الكتاب، حرم الله الأمهات ومن ذكر معهن في الآية، وحرم النبي- صلى الله عليه وسلم - أن تنكح المرأة على عمتها أو على خالتها، وليس ذلك بخلاف لكتاب الله، بل حرم الله في الآية من حرم من الأمهات، وغيرهن، وحرم أن تنكح المرأة على عمتها، أو على خالتها لسنة رسول الله- صلى الله عليه وسلم -. 3 - باب أخذ الجزية من الصابين والسامرة [1/ 161/ب] م 1805 - واختلفوا في الصابين، فكان مجاهد يقول: هم قوم بين اليهود والنصارى، وليس لهم كتاب، وليس بيهود ولا نصارى. وقال الحسن البصري، وسعيد بن جبير: هم بين اليهود والنصارى. وروينا عن ابن عباس أنه قال: لا تؤكل ذبائحهم وبه قال يعقوب. وقال إسحاق بن راهويه: لا بأس بذبائحهم لأنهم من أهل الكتاب. وقال السدي، والربيع بن أنس: هم طائفة من أهل الكتاب. فقياس قول من جعلهم من أهل الكتاب أن تؤخذ منهم الجزية، وفي قول من قال: ليسوا من أهل الكتاب لا تؤخذ منهم الجزية، وهذا أصح القولين؛ لأن الله عَزَّ وَجَلَّ قد فصل بينهم وبين اليهود والنصارى، كما فصل بين الذين آمنوا وبين اليهود والنصارى. قال الله عز وجل: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا (¬1) وَالَّذِينَ هَادُوا} الآية. ¬

_ (¬1) في الأصل "إن الذين هادوا".

4 - باب أخذ الجزية من عبدة الأوثان من العجم وسائر المشركين سوى اليهود والنصارى، والمجوس

م 1806 - وأما السامرة فأعلى شيء رويناه في أمرهم خبر عمر بن الخطاب أنه كتب: أنهم طائفة من أهل الكتاب، ذبائحهم ذبائح أهل الكتاب. ورخص يعقوب في ذبائحهم، ومناكحة نسائهم إذا كانوا يهوداً أو نصارى. 4 - باب أخذ الجزية من عبدة الأوثان من العجم وسائر المشركين سوى اليهود والنصارى، والمجوس م 1807 - واختلفوا في أخذ الجزية من سائر المشركين سوى اليهود، والنصارى، والمجوس. فقالت طائفة: تؤخذ منهم الجزية، وإن لم يكونوا من أهل الكتاب من عبدة الأوثان، والنيران، وكل مشبهة في الأرض، وكل جاحد ومكذب، بربوبية الرب تبارك وتعالى، والسنة فيهم أن يقاتلوا على الإِسلام، فإن هم أبوه وبذلوا الجزية قبلت منهم، ثم كانوا في حالهم وتحريم مناكحتهم، وذبائحهم وغير ذلك من أمورهم المجوس، هذا قول الأوزاعي، وسعيد بن عبد العزيز، وعبد الرحمن بن يزيد بن جابر. قال أبو عبيد: العجم تؤخذ منهم الجزية على كل حال، قال أبو عبيد: الأمر عندنا في الصابي على ما قال مجاهد، والحسن، والحكم، والأوزاعي، ومالك: أنهم كالمجوس.

5 - باب الخبر الدال على أن لا جزية على النساء والصبيان

قال أبو بكر: وكان مالك يرى أن أخذ الجزية من الغرازنة، وممن لا دين له من أجناس المشركين، والهند، وحكمهم حكم المجوس. وبه قال أصحاب الرأي. وفي قول الشافعي، وأبي ثور لا تؤخذ الجزية إلا من أهل الكتاب، أو من المجوس. 5 - باب الخبر الدال على أن لا جزية على النساء والصبيان (ح 826) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - بعث معاذا [1/ 161/ألف] إلى اليمن أن يأخذ من كل حالم دينارا أو عدله معافر. م 1808 - فدل ذلك على أن لا جزية على غير البالغ، ولا على النساء، وثبت أن عمر بن الخطاب كتب إلى أمراء الأخبار ألا تضربوا الجزية إلا من جرت عليه الموسى، ولا ضرب الجزية على النساء ولا الصبيان. قال أبو بكر: وفي نفس الآية التي أمر الله فيها بأخذ الجزية من أهل الكتاب، دليل على أن لا جزية على النساء والصبيان لأن الرجال الذين خوطبوا بالأمر والنهي، هم الذين أمرنا بقتالهم في قوله تعالى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ} الآية، هم الذين تؤخذ الجزية منهم، فلما أمر

6 - باب من تؤخذ منه الجزية ولا تؤخذ

الله تعالى بقتال أهل الكتاب حتى يؤدوا الجزية، ونهى عن قتل النساء والصبيان، دل ذلك على أن الجزية إنما تجب على من أمرنا بقتاله إذا لم يؤدها، دون أمرنا بالكف عنه من الذرية والنساء. وممن حفظنا عنه أنه لا جزية إلا على الرجال البالغين دون النساء، مالك، والشافعي، وأبو ثور، والنعمان، وأصحابه، ولا يحفظ عن غيرهم خلاف قولهم. 6 - باب من تؤخذ منه الجزية ولا تؤخذ م 1809 - كان الشافعي يقول: "لا جزية على مغلوب على عقله من قبل أن لا دين له يتمسك به، فترك له الإِسلام"، وبه قال أصحاب الرأي. م 1810 - واختلفوا فيمن يجن ويفيق، فكان الشافعي يقول: "من غلب على عقله أياما، ثم أفاق، أو جن، فأفاق تؤخذ منه الجزية لأنه يجري عليه القلم في حال أفاقته". وقال أصحاب الرأي: إن أفاق في أول السنة قبل أن توضع الجزية على رؤوس الرجال، وهو موسر وجبت عليه، وإن كان إنما أفاق في آخر السنة لم توضع عليه الجزية، فإن تم على أفاقته وضعت، عليه في السنة المستقبلة وما بعدها. م 1811 - واختلفوا في أخذ الجزية من الشيخ الفاني، فكان الشافعي، وأبو ثور يقولان: تؤخذ من الشيخ الفاني.

7 - باب سقوط الجزية عن العبيد

وقال أصحاب الرأي لا تؤخذ من الشيخ الفاني الذي لا يستطيع أن يعمل. م 1812 - واختلفوا في أخذ الجزية من الفقير، فكان الشافعي يقول: يكون دينا عليه، وقال أبو ثور: تؤخذ من الغني، والفقير. وقال أصحاب الرأي: لا تؤخذ من المحتاج الذي لا يقدر على شيء، وقال الشافعي: لا تؤخذ الجزية على شيخ ولا مقعد. م 1814 - وقال الشافعي وأبو ثور وأصحاب الرأي: تؤخذ الجزية من الرهبان. قال أبو بكر: والقسيس [1/ 162/ب] وأصحاب الصوامع كذلك عندهم. م 1814 - وقال الشافعي: تؤخذ من الزمن. وقال أصحاب الرأي: لا تؤخذ منه. م 1815 - وكان أبو ثور يقول: تؤخذ الجزية من الأجير، وكل مدرك. 7 - باب سقوط الجزية عن العبيد م 1816 - أجمع كل من يحفظ عنه من أهل العلم على أن لا جزية على العبيد. م 1817 - وقال أصحاب الرأي: لا تؤخذ من مدبر، ولا مكاتب، ولا من أم ولد، وهنا قياس قول الشافعي، وأبي ثور. م 1818 - واختلفوا من العبيد من أهل الكتاب يعتق. فقالت طائفة: تؤخذ منه الجزية، وروينا ذلك عن

8 - باب النصراني يسلم بعد ما يحول عليه الحول أو قبل ذلك

عمر بن عبد العزيز. وبه قال سفيان الثوري، والشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي، وقال الشافعي: وسواء أعتقه مسلم أو كافر، وبه قال الليث بن سعد، وابن لهيعة. وروينا عن الشعبى أنه قال: إذا أعتق الرجل غلاما له نصرانيا فلا جزية عليه، وذمته ذمة مواليه. واختلف عن مالك بن أنس فيه، فقال مرة في الرجل يعتق العبد النصراي: لا جزية عليه، وقال آخر: قال مالك: أما إذا أعتقه المسلم فلا أرى عليه جزية، ولم أزل أقوله، وإذا أعتقه النصراني فلا أدري، وحكى ابن وهب عنه أنه قال في العبد يعتقه السيد: عليه الجزية. 8 - باب النصراني يسلم بعد ما يحول عليه الحول أو قبل ذلك (ح 827) جاء الحديث عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ليس على المسلم جزية. م 1819 - وأجمع أهل العلم على أن لا جزية على المسلمين. م 1820 - واختلفوا في الذمي يسلم بعد ما يحول عليه الحول، أو قبل ذلك هل تؤخذ منه بعد إسلامه جزية لما مضى أم لا؟ فكان أبو عبيد يقول: لا جزية عليه أسلم قبل الحول أو بعده، ولا يجوز أن يطالب مسلم بجزية، وقال مالك: الصواب أن توضع الجزية عن

9 - باب المقدار الذي إذا أبذله أهل الذمة عن كل رأس وجب قبوله

من أسلم حين يسلم، ولو لم يبق من السنة إلا يوم واحد، وقال: يقول الله تعالى: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} الآية ما قد مضى قبل الإِسلام من دم، أو مال، أو شىء. وقال الثوري في الذمي يسلم وعليه شىء من الجزية-، قال: لا تؤخذ وقال أصحاب الرأي: إذا مات أحد منهم وعليه شىء من جزية رأسه لم تؤخذ بذلك ورثته، ولم تؤخذ ذلك من تركته؛ لأن ذلك ليس بدين عليه، وإن أسلم أحدهم وقد بقي عليه شىء من جزية رأسه لم تؤخذ بذلك سقط عنه، وكذلك إن عمي [1/ 163/ألف] بعضهم أو صار معقداً، أو زمنا، أو صار شيخاً كبيرا لا يستطيع أن يعمل عملاً. وقالت طائفة: إذا أسلم الذمي قبل أن يحول الحول فإنه تسقط عنه الجزية، وإن أسلم بعد حولها عليه. هذا قول الشافعي، وقال: لو حال عليه حول، أو أحوال ولم تؤخذ منه، ثم أسلم أخذت منه ليس للإمام تركه، لأنها لجماعة المسلمين وجبت عليه، وبه قال أبو ثور. قال أبو بكر: قول الشافعي صحيح. 9 - باب المقدار الذي إذا أبذله أهل الذمة عن كل رأس وجب قبوله م 1821 - واختلفوا فيما يؤخذ من أهل الذمة إذا اختلف الإمام وهم: فكان الشافعي يقول: يجب قبول دينار عن كل رأس من الأحرار البالغين،

10 - باب الأخبار التي جاءت عن عمر بن الخطاب في هذا الباب

واحتج بأن النبي- صلى الله عليه وسلم - هو المبين عن الله عَزَّ وَجَلَّ معنى ما أراد، فأخذ رسول الله- صلى الله عليه وسلم - جزية أهل اليمن ديناراً في كل سنة أو قيمته من المعافر، وسواء موسرهم أو معسرهم، وبه قال أبو ثور. وقالت طائفة: إنما الجزية والخراج على قدر الطاقة من أهل الذمة بلا حمل عليهم، ولا أضرار بفيء المسلمين، ليس فيه حد مؤقت. هذا قول أبي عبيد. وقال آخر: ذلك إلى رأي الأئمة في كل وقت وزمان، يصالحونهم على ما يرون فيه الصلاح والنظر للإسلام وأهله. قال الثوري: "ذكرت عن عمر ضرائب مختلفة على أهل الذمة الذين أخذوا عنوة. قال الثوري: "وذلك أن الوالي يريد عليهم بقدر يسرهم، ويضع عنهم بقدر حاجتهم، فأما من لم يؤخذ عنوة حتى صولحوا صلحا فلا يزاد عليهم شيء على ما صولحوا عليه، فالجزية عليهم على ما صولحوا عليه من قليل أو كثير في أرضتهم وأعناقهم". 10 - باب الأخبار التي جاءت عن عمر بن الخطاب في هذا الباب م 1822 - ثبت أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ضرب الجزية على أهل الذهب أربعة دنانير، وعلى أهل الورق أربعين درهما مع ذلك أرزاق المسلمين، وضيافة ثلاثة أيام.

وفي حديث آخر عن عمر بن الخطاب أنه ضرب الجزية على أهل الذهب أربعة دنانير، وأرزاق المسلمين من الحنطة مدين أو ثلاثة [1/ 163/ب] أقساط زيت لكل إنسان كل شهر، وعلى أهل الورق أربعين درهماً وخمسة عشر صاعا لكل إنسان، قال: ومن كان من أهل مصر فأردباً كل شهر لكل إنسان، قال: ولا أدري كم ذكر عن الودك والعسل. وقال مالك: لا يزداد عليهم ولا يؤخذ منهم إلا ما فرض عمر بن الخطاب، وقال الشافعي: وصالح عمر أهل الشام على أربعة دنانير، فلا بأس بما صالح عليه أهل الذمة، وإن كان أكثر من هذا إذا كان العقد على شيء مسمي بعينه، وإن كان على أضعاف هذا، ولا يجوز أن يزاد عليهم ولا على أحد منهم بالغ لِيُسر ما بلغ. وروينا عن عمر أنه بعث عثمان بن حنيف فوضع عليهم ثمانية وأربعين، وأربعة وعشرين، واثني عشر. وذكر أحمد الجزية، فذكر هذا عن عمر فقيل له: فكيف هذا؟ فقال: على قدر ما يطيقون قال: ويزاد فيه وينقص على قدر طاقتهم، على قدر ما يرى الإمام، وقال أحمد: أكثر ما يؤخذ من الغني ثمانية وأربعين درهما، والوسط أربعة وعشرون، والفقير اثنى عشر. وقال أصحاب الرأي: توضع الجزية على رؤوس الرجال يؤدونها كل سنة، توضع على الموسر منهم ثمانية وأربعين، وأربعة وعشرين، واثني عشر.

11 - باب أخذ العروض مكان الجزية

وقد روينا عن عمر بن الخطاب: أنه قضى على أهل الذمة ضيافة ثلاثة أيام، أو علف دوابهم وما يصلحهم. وقال الأوزاعي: ولا يكلفون الشعير، ولا الذبيحة. 11 - باب أخذ العروض مكان الجزية (ح 828) فذكرنا فيما مضى خبر معاذ بن جبل أن النبي- صلى الله عليه وسلم - بعثه إلى اليمن وأمره أن يأخذ من كل حالم دينارا أو عدله معافر. م 1823 - فعلى هذا الحديث أخذ العروض مكان الجزية جائز، وقيل لأحمد: يؤخذ من الجزية غير الذهب والفضة، فقال: نعم أو عدله معافر، وقد كان عمر بن الخطاب يؤتى بنعم كثير من نعم الإبل يأخذها في الجزية. قال: وذلك في القيمة تكون جزيته عشرة دنانير، فتقام بنت مخاض بكذا وابن لبون بكذا، فيكون ذلك بالقيمة. وروينا عن علي أنه قال: يأخذ الجزية من كل ذي صنع، من صاحب الإبر إبر، ومن صاحب المال مال، ومن صاحب الحبال حبال ثم يدعوا العرفاء فيعطهم الذهب والفضة فيقسمونه، ثم يقول: خذوا هذا فاقتسموه، فيقولون: لا حاجة لنا فيه فيقول: أخذتم خياره وتركتم علي شراره لتحملنه، وهذا على مذهب أبي عبيد أن يؤخذ على القيمة.

12 - باب [1/ 164/ألف] أخذ الجزية من ثمن الخمر والخنازير

12 - باب [1/ 164/ألف] أخذ الجزية من ثمن الخمر والخنازير م 1824 - واختلفوا في أخذ أثمان الخمر والخنازير في الجزية. ففي قول الشافعي، وأبي ثور: لا يجوز أخذ أثمان الخمر والخنازير فيها، وكان مالك يقول في أهل الكتاب يعطون الجزية من ثمن الخمر والخنازير فيها. قال: ذلك حلال للمسلمين أن يأخذوه من أهل الكتاب في الجزية. م 1825 - واختلفوا في الخمر والخنازير يمر بها على العاشر. فممن رأى أن يعشر الخمر مسروق، والنخعي، والنعمان. وقال ابن الحسن: أما الخنازير فلا يعشرها، وأما الخمر فيأخذ نصف عشر قيمتها. وكان الحسن بن صالح يقول: يقوم عليهم العاشر الخمر، والخنازير إذا اتّجروا فيها، ويأخذ عشرها من القيمة. وقد روينا عن عمر بن عبد العزيز أنه قال: الخمر لا يعشرها مسلم، وهذا على مذهب أبي ثور، وأبي عبيد. م 1826 - وكان أحمد لا يوجب على من أهراق لذمي خمراً أو قتل له ختريراً شيئاً، وهذا على مذهب الشافعي. قال أبو بكر: وقياس قول من كره تعشير الخمر، والخنازير أن يكره أخذها في الجزية، ويشبه أن يكون قياس قول من رأى للعاشر

13 - باب الجزية كيف تجبى

أن يعشر الخمر عليهم ويأخذ عشرها، أن يأخذ الخمر في الجزية، ولا معنى لتفريق من فرق بين الخمر، والخنازير. 13 - باب الجزية كيف تجبى قال الله تعالى: {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} الآية. م 1827 - واختلف أهل العلم في معنى قوله {عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ}. فقال بعضهم: يمشون بها، وقال بعضهم: نقداً يقول: عن ظهر يد ليس بنسيئة. وكان الشافعي يقول: سمعت عدداً من أهل العلم يقول: "إن الصغار أن يجري عليهم حكم الإِسلام"، وبه قال الشافعي. وقال أصحاب الرأي: "ينبغي للوالي أن يولي الخراج رجلاً يرفق بهم ويعدل عليهم في خراجهم ولا يعذبهم". وقال أبو ثور: ويرفق بهم في الإستبراء، ولا يضربون ولا يحبسون إلا أن يمنع ذلك، وهو سائر فعاقبه الإمام بحبس أو أدب. قال أبو بكر: ويرفق في ذلك بهم للحديث الذي رويناه عن النبي- صلى الله عليه وسلم -.

14 - باب ما يؤمر به أهل الذمة من تغيير الزي خلاف المسلمين

(ح 829) أنه قال: "من أعطى حظه من الرفق فقد أعطى حظه من الخير، ومن حرم حظه من الرفق فقد حرم حظه من الخير". 14 - باب ما يؤمر به أهل الذمة من تغيير الزي خلاف المسلمين م 1828 - جاء الحديث عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه كتب إلى أمراء الأخبار يأمرهم أن يختموا في رقاب أهل الذمة بالرصاص، ويصلحوا مناطقهم، ويجزوا نواصيهم، ويركبوا الأكف [1/ 164/ب] عرضاً ولا يشبهوا بالمسلمين في ركوبهم. وروينا عن عمر بن عبد العزيز أنه أمر في أهل الذمة أن يحملوا على الأكف وأن يجزوا نواصيهم. قال الشافعي: "ينبغي للإمام أن يحدد بينه وبين أهل الذمة جميع ما يعطيهم ويأخذ منهم، وعلى أن لا يحدثوا في مصر من أمصار المسلمين كنيسة، ولا مجتمعاً لصلاتهم، ولا ضرب ناقوس، ولا إدخال خنزير، ولا يحدثون ما يطيلون به بناء المسلمين، وأن يعرفوا بين هيأتهم في الملبس

15 - باب الامتناع من أخذ الجزية من الكتابي على سكنى الحرم ودخوله

والمركب وبين هيأت المسلمين، وأن يعقدوا الزنانير في أوساطهم، ولا يظهروا الصليب ولا الجماعات في أمصار المسلمين". وقال أصحاب الرأي: ينبغي أن لا يترك أحد من أهل الذمة يتشبه في لباسه ولا مركبه ولا في هيئته بالمسلمين، ويجعل في وسط كل إنسان منهم كستنجا مثل الخيط الغليظ، ويعقد على وسطه، وأن يؤخذوا بأن يلبسوا قلانساً مضربة، وأن يركبوا البروج على فريوس السروج مثل الرمانه، وأن يجعلوا شرك نعالهم مثلثة، ولا يتخذوها على حذاء المسلمين، ولا يلبسوا طيالسة مثل طيالس المسلمين، ولا أردية مثل أردية المسلمين. وقال أحمد: وقيل له: للنصارى أن يظهروا الصليب أو يضربوا بالنواقيس؟ قال: ليس لهم أن يظهروا شيئاً ليس في صلحهم. قال إسحاق: ليس لهم أن يظهروا الصليب أصلاً لما نهى عمر بن الخطاب عن ذلك، ويقولون: إن أظهرنا الصليب إنما هو دعاء يدعوهم إلى ديننا فيمنعون أشد المنع. 15 - باب الامتناع من أخذ الجزية من الكتابي على سكنى الحرم ودخوله قال الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا

الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} لآية. م 1829 - وروينا عن الحسن البصري أنه قال: نجس قذر، وقال قتادة: نجس أي أخباث. وقال أبو عبيدة (¬1): "وكل نتن وطفس نجس". وقال جابر بن عبد الله في هذه الآية "إلا أن يكون عبداً أو أحداً من أهل الجزية". وقال قتادة كما قال جابر، وقال مرة جابر في الآية: "لا يقربه مشرك". وقال ابن المسيب: قد كان أبو سفيان يدخل مسجد المدينة وهو مشرك، غير أن ذلك لا يحل في السجد الحرام لما قال الله تعالى: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} الآية. وقال الشافعي: "لا يدع مشرك أن يطأ الحرم بحال من [1/ 156/ألف] الحالات طبيباً كان أو صانعاً بنياناً كان أو غيره، فإن اغفل فدخلها رجل منهم فمرض، أخرج مريضاً أو مات أخرج ميتاً ولم يدفن بها، ولو دفن بها، نبش ما لم يتغير". ¬

_ (¬1) في الأصل "أبو عبيد" والتصحيح من الأوسط 11/ 21, كتاب الجزية.

16 - باب منع أهل الذمة سكنى الحجاز

16 - باب منع أهل الذمة سكنى الحجاز (ح 830) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: "لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب حتى لا أدع فيها إلا مسلماً. (ح 831) وقال "لا يترك بجزيرة العرب دينان". م 1830 - وأجلى عمر بن الخطاب المشركين من جزيرة العرب، وقال: لا يجتمع في جزيرة العرب دينان، وضرب لمن قدم منهم أجلا قدر ما يبيعون سلعهم. وروينا أن أهل نجران جاءوا إلى علي فقالوا: شفاعتك بلسانك، وكتابك بيدك، أخرجنا عمر من أرضنا فردها إلينا، فقال: ويلكم أن عمر كان رشيد الأمر، فلا أغير شيئاً صنعه عمر، وروينا عن علي أنه قال لما ورد الكوفة، قال: ما جئت لأحل عقدة شدها عمر، وقد ثبت أن عمر بن الخطاب ضرب لليهود، والنصارى، والمجوس إقامة ثلاثة أيام يتسوقون بها، يعني بالمدينة، وبه قال مالك، والشافعي.

17 - باب إسقاط الصدقة عن أهل الذمة

وقال مالك: وأرى أن يحلوا من المدينة، ومكة، واليمن، وأرض العرب؛ لأن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: لا يبقين دينان بأرض العرب، وقد أجلاهم عمر من فدك، ونجران. وقال الشافعي: "وليست اليمن بحجاز، فلا يجعلهم أحد من اليمن، وسائر البلدان ما خلا الحجاز، وقال الشافعي: وإن سأل من لم يؤخذ منه الجزية أن يعطيها على أن يسكن بالحجاز لم يكن ذلك له، والحجاز مكة، والمدينة، واليمامة ومخالفيها كلها، ولا يتبين لي أن يحرم أن يمر ذمي ماراً لا يقيم ببلد منها أكثر من ثلاث ليال، وذلك مقام مسافر، واحتج (¬1) بعمر في ذلك". 17 - باب إسقاط الصدقة عن أهل الذمة أخبرنا أبو بكر قال: م 1831 - كان مالك، والأوزاعي، والشافعي، وأبو عبيد، وأبو ثور، وأصحاب الرأي وكل من يحفظ قوله عنه من أهل العلم يقولون: ليس على أهل الذمة صدقة في أموالهم، إلا ما ذكرناه من أمر النصارى بن تغلب، وإلا ما يؤخذ من أهل الذمة فيما يريدونه من التجارات إذا دخلوا في بلاد المسلمين. ¬

_ (¬1) في الأصل "واعتل" والتصحيح من حاشية المخطوط.

18 - باب أرض السواد

18 - باب أرض السواد قال الله جل ذكره: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ} الآية. (ح 832) وثبت عن عمر بن الخطاب أنه قال: لولا أن أترك آخر الناس بيانا لا شيء لهم ما فتحت قرية إلا قسمتها كما قسمها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خيبر. م 1832 - واختلفوا في هذا الباب، فروينا عن الزبير بن العوام أنه أمر عمرو بن العاص أن يقسم بينهم مصر لما فتحها، وبه قال الشافعي، [1/ 165/ب] وأبو ثور. وقالت طائفة: الإمام بالخيار في كل أرض أخذت عنوة إن شاء يقسمها قسمها كما فعل رسول الله- صلى الله عليه وسلم - بخيبر، وإن شاء أن يجعلها فيئاً فلا يقسمها ولا يخمسها، ويكون موقوفة على المسلمين عامة كفعل عمر بن الخطاب بالسواد، فعلى هذا صح قول الثوري، وأبي عبيد. وقال أحمد: السواد جعلها عمر للناس عامة، وكان لا يرى بأساً أن يستأجر أرض السواد ممن هي في يديه، وكان يقول: أرض السواد والدخول فيها كان الشراء أسهل، يشتري الرجل قدر ما يكفيه ويغنيه.

19 - باب إسلام الرجل من أهل الخراج وما يجب عليه فيما تخرجه أرضه

من الناس هو رجل من المسلمين، وكره أبو عبد الله البيع في أرض السواد. وأنكر أبو عبيد أن يكون عمر استطاب أنفس القوم، وكان الشافعي يميل إلى أن عمر استطاب أنفس القوم. قال أبو بكر: وجاءت الأخبار عن عمر بن الخطاب مختلفة، وأصحها وأظهرها معنى أنه رأى أن يوقفها على المسلمين، يدل على ذلك الأخبار الثابتة عنه. وقد ذكرناها في كتاب الجهاد. 19 - باب إسلام الرجل من أهل الخراج وما يجب عليه فيما تخرجه أرضه م 1833 - واختلفوا في الرجل الكتابي يسلم وبيده أرض الخراج زرعها. فقالت طائفة: عليه العشر، لأن العشر في الحب، والخراج على الأرض، روينا هذا القول عن عمر بن عبد العزيز، وبه قال الزهري، والمغيرة، ويحيى الأنصاري، وربيعة، ومالك، والثوري، وابن أبي ليلى، وابن المبارك، ويحيى بن آدم، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو عبيد. وقال أصحاب الرأي في أرض الخراج: لا يجب فيما أخرجت عشر، ولا نصف العشر. وفي كتاب ابن الحسن قلت: أرأيت المسلم يشتري من الكافر أرضاً من أرض الخراج أيكون عليه العشر؟ قال: لا، ولكن عليه الخراج، ولا يجتمع العشر والخراج جميعاً في أرض.

20 - باب شراء المسلم أرضا من أرض السواد [1/ 166/ألف]

قال أبو بكر: فرض الله الزكاة في غير آية من كتابه، فقال: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} وقال: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ}. (ح 833) وثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة. (ح 834) وقال: فيما سقت السماء العشر، وفيما سقى بالنضح نصف العشر. قال أبو بكر: فلا يجوز ترك كتاب الله، ولا سنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - بحالٍ من الأحوال. 20 - باب شراء المسلم أرضاً من أرض السواد [1/ 166/ألف] م 1834 - واختلفوا في المسلم يشتري أرضاً من أرض السواد. فمنعت طائفة من بيع ذلك، وأبطل بعضهم البيع، وممن أنكر بيع الأرض التي فتحت عنوة مالك بن أنس، وأنكر على الليث بن سعد دخوله

21 - باب الذمي يشتري أرضا من أرض العشر

فيما دخل فيه من أرض مصر، وقال أبو عبيد: "قد تتابعت الأخبار بالكراهية لشراء أرض الخارج". وقال الأوزاعي: لم يزل أئمة المسلمين ينهون عن شرى أرض الجزية، ويكرهه علماءهم. وقال النعمان: وقد سئل أيكره أن يودي الرجل الجزية على خراج الأرض؟ قال: لا، وقال النعمان: إنما الصغار خراج الأعناق، وبه قال يعقوب. وكان الشافعي يقول: "أما خراج الأرض فلا يتبين به صغار، وهو يشبه أن يكون ككري الأرض بالذهب والفضة، وقال الثوري: ما كان من أرض صولح عليها، ثم أسلم أهلها بعد، وضع عنه الخراج، وما كان من أرض أخذت عنوة، ثم أسلم صاحبها، وضعت عنه الجزية، وأقر على أرضه الخراج. 21 - باب الذمي (¬1) يشتري أرضا من أرض العشر م 1835 - واختلفوا في الذمي يشتري أرضا من أرض العشر. فقالت طائفة: لا شيء، عليه فيها، لأن العشر إنما يجب على المسلمين طهورا لهم، وليس على أهل الذمة صدقة في زروعهم، هذا قول مالك بن أنس، وحكى عنه أنه قال: ولكن يؤمر ببيعها لأن ¬

_ (¬1) في الأصل "الذي".

في ذلك إبطالا للصدقة، وحكى عن الحسن بن صالح، وشريك وهو قول الشافعي. وكان أبو ثور يجبر على بيعها. وفيه قول ثان: وهو أن الذمي إذا اشترى أرض عشر تحولت أرض خراج، هكذا قال النعمان، وقال يعقوب: "يضاعف عليه العشر مضاعفاً وإن اشتراها مسلم بعد ذلك منه، كان عليه العشر مضاعفاً في قول النعمان، وزفر" (¬1). م 1836 - وأجمع كل من أحفظ عنه من أهل العلم على أن كل أرض أسلم عليها أهلها قبل أن يقهروا عليها أنها لهم، وأن أحكامهم أحكام المسلمين، لهم ما للمسلمين، وعليهم ما عليهم. وأن عليهم فيما زرعوا الزكاة، وكذلك ثمارهم وسائر أموالهم. م 1837 - ولا أعلم يختلفون أن لا شيء على أهل الذمة في منازلهم، ودورهم، ورقيقهم، ولا في شيء من أموالهم، إلا ما ذكرناه عنهم من القول في بني تغلب إلا ما يمرون به على العاشر، وقد ثَبّتُ ذلك في كتاب الزكاة. ¬

_ (¬1) كذا في كتاب الأصل المخطوط 6/ 123/ ألف.

41 - كتاب تعظيم أمر الغلول

41 - كتاب تعظيم أمر الغلول [1/ 166/ب] قال الله جل ذكره: {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} الآية. قال أبو بكر: م 1838 - وقد اختلف في معنى قوله: {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ} وفي قراءته. فكان ابن عباس يقرأ يُغل، وكذلك قرأها أبو وائل، وأبو عبد الرحمن السلمي، والكسائي. وقد اختلف من قرأ هذه القراءة في معنى ذلك. روينا أن قطيفة فقدت حمراء يوم بدر مما أصيب من المشركين، فقال الناس: لعل النبي - صلى الله عليه وسلم - أخذها، فأنزل الله تعالى: {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ}. وقال بعض من قرأ هذه القراءة معناه: {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يُغلَّ} يقسم لبعض ويترك بعضا، كذا قال الضحاك.

1 - باب التغليظ في الغلول

وروى عن ابن جريج وعن ابن عباس كذلك، وزاد: وأن يجوز في الحكم والقسم. وقال محمد بن إسحاق معنا ثالثاً: ما كان لنبي أن يكتم الناس ما بعثه الله به إليهم عن رهبة من الناس، ولا رغبة، ومن يغلل أي يفعل ذلك يأتي بما غل يوم القيامة. وكان الحسن البصري يقرأ: يغل: يخان، وكذلك قال النخعي، وقال مجاهد: يغل: يجوز، وقال قتادة: يغل: يغله أصحابه. وقال بعضهم: كلا القراءتين صواب، وهو أن يخان أو يخون. وقال الضحاك في قوله: {أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللَّهِ} الآية قال: من لم يُغل، {كَمَنْ بَاءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ} الآية. 1 - باب التغليظ في الغلول (ح 835) ثبت أن عبداً لرسول الله أصابه سهم فمات، وكان غل شملة يوم خيبر، فقال الناس: هنيئا له الجنة، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: كلا والذي نفسي بيده أن الشملة التي غلها يوم خيبر من المغانم، لم تصيبها المقاسم تشعل عليه نارا، فجاء رجل بشراك أو شراكين، فقال

2 - باب ما يعاقب به الغال من تحريق رحله

رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: شراك أو شراكان من نار. (ح 836) وثبت أن رجلاً توفي في يوم خيبر وأنهم ذكروه لرسول الله- صلى الله عليه وسلم - فقال: صلوا على صاحبكم، فتغيرت وجوه القوم لذلك، فزعم أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: "إن صاحبكم قد غل في سبيل الله"، ففتحنا متاعه، فوجدنا خرزات من خرز اليهود ما يساوي درهمين. 2 - باب ما يعاقب به الغال من تحريق رحله (ح 837) جاء الحديث عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "من غل فاضربوه واحرقوا رحله". م 1839 - واختلفوا فيما يفعل بالغال. فقالت طائفة: يحرق رحله، كذلك قال الحسن البصري، ومكحول، [1/ 167/ألف] وسعيد بن عبد الملك، والوليد بن هشام، والأوزاعي، وأحمد، وإسحاق.

وقال الحسن البصري: "ألا أن لا يكون حيواناً أو مصحفاً" لا يحرق ما غل ويحرق متاعه الذي غزا به وسرجه، وإكافه، ولا تحرق دابته، ولا نفقته إن كانت في خرجه، ولا سلاحه، ولا ثيابه التي عليه، وما أبقت النار من حديدة أو غيرها فصاحبه أحق به أن يأخذه، ويغرم إن كان استهلك ما غل، فإن رجع الغال إلى أهله احترق متاعه الذي غزا به. وقال في الغلام الذي لم يحتلم يغل: لا يحرق متاعه، ويحرم سهمه، ويغرم إن كان استهلك ما غل، والمرأة يحرق متاعها إن غلت، والعبد إذا غل رأي الغمام في عقوبته ولا يحرق متاعه؛ لأنه لسيده، وإن استهلك ما غل فهو في رقبة العبد، إن شاع مولاه أفتكه وإن شاء دفعه لحياته، ولا أرى بأسا أن يحرق متاع المعاهد إن غل، هذا قول الأوزاعي، وقال في الرجل الذي يوجد معه الغلول فيقول: ابتعته، لا يحرق متاعه إذا دخلته شبهة. وقال أحمد: لا تحرق ثيابه التي عليه، ولا سرجه، ولا يحرق ما يلبسه من سلاحه. وقالت طائفة: لا يحرق رحله، ولا يعاقب في ماله، هذا قول مالك، والليث بن سعد، والشافعي، وكان الليث بن سعد يرى عليه العقوبة، وكذلك قال الشافعي إذا كان عالما بالنهي، وقال الشافعي: لا يعاقب الرجل في ماله إنما يعاقب في بدنه، وقد ذكرت حجة الذين

3 - باب توبة الغال وما يصنع بما غل

رأوا العقوبات في الأموال في الكتاب الذي اختصرت منه هذا الكتاب. 3 - باب توبة الغال وما يصنع بما غل م 1840 - أجمع من أحفظ عنه من أهل العلم على أن على الغال أن يرد ما غل إلى صاحب القسم إذا وجد السبيل ولم يغرق الناس. م 1841 - واختلفوا فيما يفعل به إذا افترق الناس، ولم يصل إليهم. فقالت طائفة: يرفع إلى الإمام خمسة ويتصدق بالباقي، هذا مذهب الحسن البصري، والزهري، ومالك، والأوزاعي، والثوري، والليث بن سعد، وروينا معنى ذلك عن معاوية بن أبي سفيان، وروينا عن ابن مسعود أنه رأى أن يتصدق بالمال الذي لا يعرف صاحبه، وروينا معنى ذلك عن ابن عباس. وقال أحمد في الحبة، والقيراط يبقى على الرجال للبقال، ولا يعرف موضعه، يتصدق به، وكان الشافعي يرى الصدقة به، وقال: "لا أعرف لقول من قال: "يتصدق به"، وجها [1/ 167/ب] وإن كان

4 - باب ما هو مباح أخذه وخارج من أبواب الغلول

مالاً له فليس له أن يتصدق، وإن كان مالاً لغيره فليس له الصدقة بمال غيره". 4 - باب ما هو مباح أخذه وخارج من أبواب الغلول (ح 838) ثبت عن عبد الله بن مغفل أنه قال: دلي جراب من شحم يوم خيبر فذهبت ألتزمه وقلت: لا أعطى اليوم أحداً منه شيئاً، فالتفت فإذا رسول الله- صلى الله عليه وسلم - يبتسم إلي. م 1842 - وقال ابن عمر كنا نصيب العسل، وذكر الفاكهة في مغازينا فنأكله ولا نرفعه. م 1843 - وأجمع عوام أهل العلم إلا من شذ عنهم، على أن للقوم إذا دخلوا الحرب أن يأكلوا طعام العدو، وأن يعلفوا دوابهم من أعلافهم، وممن رخص في الطعام من طعام العدو سعيد بن المسيب، وعطاء بن أبي رباح، والحسن، والبصري، والقاسم، وسالم. م 1844 - ورخص في العلف الحسن البصري والقاسم، وسالم، والشعبى، والثوري، والأوزاعي، والشافعي. م 1845 - ورخص مالك والثوري، والليث، والأوزاعي، والشافعي في أكل الطعام في بلاد العدو.

م 1846 - وذبح الأنعام من الإبل، والبقر، والغنم للأكل جائز في قول مالك، والليث، وجماعة من أهل العلم. م 1847 - وكان الزهري يقول: لا يؤخذ الطعام في أرض العدو إلا بإذن الإمام، وقال سليمان بن موسى: لا يبقى الطعام بأرض العدو، ومن سبق إلا شيء أخذه إلا أن ينهى الأمير عن شىء، ترك لنهيه. وكان مكحول يأكل بما جاء به أعوانه من الطعام مما أصابوه دون المسالح، ولا يأكل ما جاءوا به فيما يخلف المسالح. قال أبو بكر: وقد ذكرنا ما حضرنا من الأخبار عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - في تعظيم أمر الغلول والتغليظ فيه، ثم ذكرنا ما دل على إباحة الطعام وما عليه حمل أهل العلم منه، فالطعام هو المرخص فيه من بين الأشياء، والعلف في معناه، وليس لأحد أن ينال من أموال العدو، وشيئاً سوى الطعام للأكل، والعلف للدواب، وكل مختلف فيه بعد ذلك من ثمن طعام، أو فضله طعام يقدم به إلى أهله، أو جراب، أو حبل، وغير ذلك مردود إلى قول رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: (ح 839) "أدوا الخيط والمخيط".

5 - باب كراهة بيع الطعام وأخد ثمنه

5 - باب كراهة بيع الطعام وأخد ثمنه م 1848 - روينا عن فضالة بن عبيد أنه قال في الطعام: ما بيع منه بذهب، أو فضة، أو غيره ففيه خمس الله وسهم المسلمين. وهذا قول سليمان بن موسى، والثوري، والشافعي، وكره القاسم [1/ 168/ألف] وسالم، ومالك بيعه. وروينا عن عبد الرحمن بن معاذ بن جبل أنه قال: كلوا لحم الشاة وردوا إهابها إلى المغنم، فإن له ثمناً، وبه قال الليث. وكره أحمد شرى العلف من علف الروم وأبَى أن يرخص فيه. 6 - باب النعل يتخذه الرجل من جلد الثور، والجراب يتخذه من الإهاب، وغير ذلك م 1849 - واختلفوا في النعل يتخذه الرجل من جلود البقر، والجراب من الإهاب، فروينا عن سلمان أنه رخص في الجراب يتخذ من أهب الغنم، والشعر يتخذ منه الحبل. ورخص في جلود البقر يتخذ منها النعل مالك، والأخفاف يتخذ من الجلود كذلك. وكره ذلك يحيى بن أبي كثير، وإسماعيل بن عياش، والشافعي.

وقال الشافعي: "فإن أتلفه فعليه قيمته، وإن انتفع به فعليه ضمانه حتى يرده، وما نقصه الانتفاع فأجر مثله، إن (¬1) كان لمثله أجر". م 1850 - ورخص مالك في الإبرة يأخذها الرجل من الغنم، وقال: أراه خفيفاً. وقال الشافعي: ذلك محرم. وبقول الشافعي نقول، وحجة قوله: "أدوا الخيط والمخيط". م 1851 - واختلفوا في صيد الطير من أرض العدو، فقال مالك: إذا باعه أدى ثمنه إلى صاحبه. وقال الشافعي: إذا كان صيداً ليس بملك لأحد، فهو لآخذ، وقد روينا عن القسم، وسالم أنهما قالا بقول الشافعي. وقال الأوزاعي في الحطب يحتطبه الرجل في أرض العدو، والحشيش يختشه، إن باعه فله ثمنه، ولا خمس فيه، وكذلك قال فيما لم يحرزوه في بيوتهم نحو الشجر، والأقلام، والأحجار، والمسن، والأدوية، إن لم يكن لشيء منها ثمن أخذه من شاء، وإن عالجه، وصار له ثمن، هو له ليس فيه شيء. وبه قال مكحول، وهو قول الشافعي. وإن كان له ثمن حين أخذه مما ليس ملك لهم. وقال الثوري في ذلك: إذا جاء به إلى دار الإِسلام، فكان له ثمن دفعه إلى المقسم وإن لم يكن له ثمن حين عمله فعالجه، أعطى بقدر عمله فيه، وكان بقيته في المقسم. ¬

_ (¬1) في الأصل "وإن كان".

7 - باب بيع الطعام بالطعام، والطعام يفضل منه فضله

وكان مالك يرخص في العصا، والدواء يأخذه الرجل، وقال: لا أحب الرخام، والمسن؛ لأنه لم ينل لجماعة الجيش، وسهل في السرج يصنعه، والنشاب. وقال أصحاب الرأي: كل شيء أصابه المسلمون في دار الحرب مما له ثمن مما في عسكر أهل الحرب، أو مما في الصحاري، والغيطان، والغياض، فهو في الغنيمة لا يحل لأحد [1/ 168/ب] كتمه، ولا يغله من قبل أنه لم يقدر على أخذه إلا بالجند، ولا على مبلغة حيث بلغ إلا بجماعة أصحابه. وقال أحمد: من أصاب في بلاد الروم مما ليس له هناك قيمة قال: لا بأس بأخذه. قال الشافعي: "لا يوقح الرجل دابته، ولا يدهن أشعارها من دهان العدو، فإن فعل رد قيمته، والأدوية كلها ليس من حساب المأذون له، والزنجبيل مثله، فأما الألايا فطعام يؤكل". قال أحمد في الزيت من زيت الروح: إذا أكل من صداع، أو ضرورة فلا بأس، فأما التزين فلا يعجبني. 7 - باب بيع الطعام بالطعام، والطعام يفضل منه فضله م 1852 - واختلفوا في بيع الطعام، بالطعام، فكان مالك يقول: "لا بأس بالبدل، فأما البيع فلا أرى ذلك".

ورخص في البيع الليث بن سعد. و [قال] (¬1) الشافعي: "إذا بايع من حضر الغنيمة بعضهم بعضا، فأما إن دخل رجل لم يشركهم في الغنيمة فبايعه لم يجز له بيعه، والبيع مردود". م 1853 - واختلفوا في الطعام يأخذه المرء فيفضل منه فضلة، فكان الثوري، والشافعي يقولان: يرد ذلك إلى الإمام، وقد قال الشافعي مرة: إن الذي قاله الأوزاعي من أن ينصرف بفضل الطعام أقرب للقياس. وقالت طائفة: له أن يحمله إلى أهله، ويهدى بعضهم لبعض، هذا قول الأوزاعي. قال: فأما البيع فلا يصح، فإن باعه وضع ثمنه في مقاسم المسلمين، فإن فات ذلك يصدق بها عن ذلك الجيش، ورخص سليمان بن موسى في الطعام يحمله الرجل إلى أهله. وقال أبو ثور: فيها قولان: أحدهما أن له ذلك، والثاني: أن يرده إلى الغنيمة، والأول أحبها إلى. وقال الليث بن سعد: أحب إلى إذا دنا من أهله أن يطعمه أصحابه. وقال مالك: أما الخفيف من ذلك فلا بأس، إنما هي فضلة زاد تزود، مثل الخبز، واللحم إذا كان يسيراً لا بال له. وسهل أحمد في القليل منه، وكرهه إذا كثر، وقال النعمان: إن كانت الغنيمة لم تقسم أعاده فيها، وإن قسمت باعه، وتصدق به. ¬

_ (¬1) ما بين المعكوفين زيد من عندي.

8 - باب الانتفاع بالمغانم في وقت الحاجة ومعمعة الحرب

8 - باب الانتفاع بالمغانم في وقت الحاجة ومعمعة الحرب (ح 840) روينا عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه قال في غزوة خيبر: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يركب دابة من المغانم حتى إذا أنقصها ردها في المغانم، ولا ثوباً يليس حتى إذا أخلقه رده [1/ 169/ألف] في المغانم. قال أبو بكر: فاستعمال دواب العدو، ولباس ثيابهم غير جائز على ظاهر هذا الحديث، إلا أن يجمع أهل العلم من ذلك على شيء فيستعمل على ما أجمع عليه أهل العلم منه، لعلة ما، ولحال الضرورة في معمعة الحرب، فإذا انقضت الضرورة وزالت العلة التي بها أجمعوا على إباحة ذلك، رجع الأمر إلى الحظر، ووجب رد ذلك إلى جملة المغانم. م 1854 - وممن رخص في استعمال السلاح في معمعة الحرب، وفي حال الضرورة مالك، والثوري، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وأبو ثور، والنعمان، ويعقوب. والجواب في الفرس يقاتل عليه في حال الحرب كالجواب في السلام، غير أن الأوزاعي قال: لا يكون ذلك بإذن الإمام إلا أن يقدر على ذلك فيكون ضرورة.

9 - باب الشيء يدركه صاحب المقسم أو الدابة يعجز صاحبها عن سوقها فيدعها

9 - باب الشيء يدركه صاحب المقسم أو الدابة يعجز صاحبها عن سوقها فيدعها م 1855 - كان الليث بن سعد يقول: من ترك دابة قامت عليه بمضيعة لا تأكل ولا تشرب، فهي لمن أخذها، أو أحياها، إلا أن يكون تركه وهو يريد أن يرجع إليه فرجع مكانه فهو له. وقال الحسن بن صالح في الرجل يأكل الثمر ويرمى النوى: إن النوى لمن أخذه، وكذلك كل شيء سوى النوني خلا عنه وتركه، وأباحه للناس من دابة أو غير ذلك، فإذا أخذه إنسان، فليس لرب المال (¬1) أن يرجع فيه. وقال مالك في القصعة وأشباه ذلك، تلقى من المغانم يأخذها الرجل: أراها له، ولا أرمى فيها خمسا. 10 - باب الركاز يجده الرجل في دار الحرب م 1856 - واختلفوا في الركاز يوجد في دار الحرب. فقالت طائفة: هو بين الجيش، كذلك قال مالك، والأوزاعي، والليث بن سعد. وقال الشافعي: هو للواجد، إذا كان في غير أملاكهم، ومن الأرض المواث. وقال النعمان: إذا دخل رجل بأمان فوجد ركازاً في الصحراء فهو له، وليس عليه خمس. وقال يعقوب، ومحمد: فيه الخمس. ¬

_ (¬1) في الأصل "فلرب المال" والتصحيح من الأوسط 11/ 81.

11 - باب قسم خمس الغنيمة

11 - باب قسم خمس الغنيمة أخبرنا أبو بكر بن محمد بن ابراهيم قال: قال الله جل ذكره: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} الآية. م 1857 - واختلفوا في معنى قوله: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} فقال غير واحد في قوله: {فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} مفتاح [1/ 169/ب] كلام الله، لأن لله الدنيا والآخرة، وله كل شيء، وإن خمس الخمس خص الله به رسوله، حضر الرسول الغنيمة أو لم يحضرها. وكان الحسن بن محمد بن الحنيفة يقول: هذا مفتاح كلام. وقال عطاء، والشعبي: خمس الله وخمس رسوله واحد. قال أبو بكر: فمن هذا مذهبه يرى أن الغنيمة تجب قيمتها على خمسة أخماس، وأربعة أخماسها لمن قاتل عليها، أو يقسم الخمس على خمسة أخماس، خمس لله والرسول، وخمس لقرابة رسول الله- صلى الله عليه وسلم - في حياته، وخمس لليتامى، وخمس للمساكين، وخمس لابن السبيل. وفيه قول ثان: "وهو أن الغنيمة كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم - يقسمها على خمسة أسهم فيعزل منها سهماً ويقسم الأربعة بين الناس، ثم يضرب بيده في السهم الذي عزله فما قبض عليه من شيء جعله للكعبة، فهو الذي سمى لا تجعلوا لله نصيباً فإن لله الدنيا والآخرة، ثم يقسم بقية السهم الذي عزله على خمسة أسهم، سهم للنبي - صلى الله عليه وسلم -، وسهم لذوي القربى،

12 - باب ما خص الله به لنبيه - صلى الله عليه وسلم - فجعلها له من جملة الغنيمة في حياته

وسهم لليتامى، وسهم للمساكين، وسهم لابن السبيل" هكذا قال أبو العالية. وقال قائل: يقسم الخمس على ستة أسهم، سهم لله، وسهم للرسول، والأربعة أسهم للذين سموا في الآية، قال: فالسهم الذي مردود على عباد الله أهل الحاجة منهم. وقد احتج بعض من يقول بالقول الأول بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -. (ح 841) "والذي نفسي بيده مالي مما أفاء الله عليكم إلا الخمس، والخمس مردود عليكم". قال أبو بكر: فدل قوله هذا على أن الخمس له، وأن قوله "لله" مفتاح كلام، كما قال الحسن بن محمد، وغيره. 12 - باب ما خص الله به لنبيه - صلى الله عليه وسلم - فجعلها له من جملة الغنيمة في حياته قال أبو بكر: م 1858 - خص الله نبيه - صلى الله عليه وسلم - بأشياء ثلاثة: أحدها خمس الخمس خصه به من بين الناس، وجعل له سهماً في الغنيمة كسهم رجل ممن حضر الغنيمة حضرها النبي - صلى الله عليه وسلم - أو غاب عنها.

13 - باب ما يفعل بسهم رسول الله- صلى الله عليه وسلم - بعد وفاته

وخصه بالصفي، جعل له أن يختار من جملة الغنيمة فرساً، أو عبداً، أو أمة، أو سيفاً، أو ما شاء، ولم يجعل ذلك لغيره، فأما ما جعله له من الخمس، فقد ذكر ذلك من كتاب [الله] عز وجل، ومن سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -[1/ 170/ألف] وأما الصفي. (ح 842) ففي حديث ابن عباس: قدم وفد عبد القيس فذكر الحديث، وقال: وتعطوا من المغانم سهم النبي- صلى الله عليه وسلم - والصفي. (ح 843) وفي حديث عائشة: كانت صفية من الصفي، وأما سهمه الذي جعل له من المغانم شهد أو غاب ففي: (ح 844) حديث العرباض: أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - كان يأخذ الوبرة من فيء الله، فيقول: ما لي من هذا إلا مثل ما لأحدكم إلا الخمس، والخمس مردود فيكم، فقوله: "إلا ما لأحدكم" يريد: إني إن كنت فارساً فمثل ما للفارس أو راجلاً فمثل ما للراجل منكم. 13 - باب ما يفعل بسهم رسول الله- صلى الله عليه وسلم - بعد وفاته (ح 845) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -قال: "مالي مما أفاء الله عليكم إلا الخمس،

والخمس مردود فيكم". م 1859 - واختلفوا فيما يفعل بسهم رسول الله- صلى الله عليه وسلم - بعد وفاته. فقالت طائفة: يرد على الذين كانوا معه في الخمس، فيقسم الخمس بينهم أرباعا، وذلك أنهم قالوا: إذا فقد صنفاً من سائر الأصناف الذين معه في الخمس رددنا سهمهم على الآخرين، فكذلك سبيل سهمه كما مضى، فسبيله أن يرد على الآخرين. وقالت طائفة: يرد سهمه إلى الذين شهدوا الواقعة أو وجب لهم أربعة أخماس الغنيمة بين الأصناف الأربعة أرباعا كما كان لهم في الأصل. وقالت طائفة: هو للخليفة بعد رسول الله- صلى الله عليه وسلم - يقوم مقامه في ذلك فيصرفه فيما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصرفه فيه. (ح 846) وروى عن أبي بكر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ما أطعم نبياً طعمه، ثم قبضه الله فهو للذي يقوم بعده، فرأيت أن أرده على المسلمين. وقالت طائفة: يجعل في الخيل، والعدة في سبيل الله. قال الحسن بن محمد: "اختلفوا بعد وفاة رسول الله- صلى الله عليه وسلم - في هذين السهمين يعني سهم الرسول، وسهم ذوي القربى، فقال قائل: سهم ذي القربى لقرابة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقال قائل: سهم النبي عليه السلام للخليفة بعده، وقال قائل: سهم ذوي القربى لقرابة الخليفة، فأجمع رأيهم على

14 - باب سهم ذي القربى واختلاف أهل العلم فيه

أن يجعلوا هذين السهمين في الخيل، والعدة في سبيل الله، فكانا في خلافة أبي بكر وعمر في الخيل والعدة في سبيل [1/ 170/ب] الله". وقال أحمد في سهم الله والرسول: هى في السلاح والكراع، وقال قتادة في سهم ذوي القربى: كانت طعمه لرسول الله- صلى الله عليه وسلم -في حياته، فلما توفي حمل عليه أبو بكر، وعمر في سبيل الله. وقال الشافعي: "والذي اختار في سهم رسول الله- صلى الله عليه وسلم -أن يضعه الإمام في كل أمر خص به الإِسلام وأهله من سد ثغر، أو إعداد كراع، أو سلاح أو إعطائه أهل البلاد في الإسلام نفلا عند الحرب، وغير ذلك". وقالت طائفة: الغنيمة مقسومة على خمسة أربعة أخماس من الخمس للجيش، وخمس يقوم على ثلالة بين اليتامى، والمساكين، وابن السبيل، هذا قول أصحاب الرأي. وكان أبو ثور يقول قولاً، أعلم أحداً سبقه إليه، قال: وإن كان الصفي كان ثابتاً للنبي عليه السلام فللإمام أخذه على نحو ما كان يأخذ النبي- صلى الله عليه وسلم -، ويجعل بجعل سهم النبي- صلى الله عليه وسلم - من الخمس. وقال أحمد: الصفي إنما كان للنبي - صلى الله عليه وسلم - خاصة. 14 - باب سهم ذي القربى واختلاف أهل العلم فيه (ح 847) روينا عن جبير بن مطعم أنه قال: وضع رسول الله- صلى الله عليه وسلم - سهم ذي

القربى في بني هاشم وبني المطلب، وترك بني نوفل وبني عبد شمس، وذكر الحديث. م 1860 - واختلفوا في سهم ذي القربى. فقالت طائفة: سهم ذي القربى بقرابة رسول الله- صلى الله عليه وسلم - من بني هاشم وبني المطلب دون سائر قرابته، هذا قول الشافعي، وأبي ثور. قال الشافعي: "فيعطى جميع سهم ذي القربى بين بني هاشم وبني المطلب حيث كانوا لا يفضل أحد منهم حضر القتال على أحد أو لم يحضره". روينا عن ابن عباس أن محمد بن الحنفية كتب إليه يسأله عن ذي القربى الذين ذكر الله عَزَّ وَجَلَّ في كتابه، فكتب إليه إنا نرى أن أنا (¬1) قرابة لرسول الله- صلى الله عليه وسلم - إياهم، فأبي ذلك علينا قومنا، وقال محمد بن الحنفية في سهم ذي القربى هو لنا أهل البيت. وقد روينا أن عمر بن عبد العزيز لما قدم بعث إليهم بهذين السهمين سهم رسول الله- صلى الله عليه وسلم - وسهم ذي القربى يعني بني هاشم. وقالت فرقة: يجعل سهم الرسول وسهم ذي القربى في الخيل والعدة في سبيل الله، وقد ذكرنا ذلك فيما مضى. وممن مذهبه أن الخمس يقسم أخماساً فيما مضى خمس لله، وللرسول يضعه النبي- صلى الله عليه وسلم - حيث شاء، وخمساً لذوي قرابة النبي- صلى الله عليه وسلم -، ولليتامى ¬

_ (¬1) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: كذا بالمطبوع، وثبت في صحيح مسلم أن ابن عباس - رضي الله عنهما - كتب إلى نجدة الحروري، يجيبه عن مسائله، وفيه «إِنَّكَ سَأَلْتَ عَنْ سَهْمِ ذِي الْقُرْبَى الَّذِي ذَكَرَ اللهُ مَنْ هُمْ؟ وَإِنَّا كُنَّا نَرَى أَنَّ قَرَابَةَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُمْ نَحْنُ، فَأَبَى ذَلِكَ عَلَيْنَا قَوْمُنَا»

15 - مسائل من هذا الكتاب

خمسة، وللمساكين خمسة، ولابن السبيل خمسة مجاهد، وقتادة، وابن جريج [1/ 171/ألف]. وقال مالك: الفيء، والخمس سواء يجعلان في بيت المال. قال ابن القاسم: "وبلغني عمن أثق به أن مالكاً قال: ويعطي الإماء أقرباء رسول الله- صلى الله عليه وسلم - على ما يرى ويجتهد". وقال الثوري: الغنيمة ما أخذه المسلمون قهراً من الكفار، فالخمس في ذلك إلى الإمام يضعه حيث أراه الله. وقال أصحاب الرأي: سهم الرسول، وسهم ذي القربى سقطا بموت النبي- صلى الله عليه وسلم -، ويجب رد سهامها على الثلاثة الأسهم، سهم اليتامى، وسهم للمساكين، وسهم لابن السبيل. 15 - مسائل من هذا الكتاب م 1861 - واختلفوا فيما يعطاه الذكر، والأنثى من ذوي القرابة. فكان الشافعي يقول: يعطى الرجل سهمين، والمرأة سهم، وخالفه أصحابه أبو ثور، والمزني وغيرهما، فقالوا: الذكر والأنثى فيه سواء. قال أبو بكر: وهذا أصح، لأنهم أعطوا باسم القرابة، الرجل يوصي لبني فلان بثلاثة، وهم يحصون أن الذكر، والأنثى، والصغير، والكبير فيه سواء، ألا ترى أن الأب يأخذ مع الجد، وابن الابن يأخذ مع الابن، وكل هذا يدل على أن ذلك ليس على المواريث.

16 - أبواب الأسلاب

م 1862 - واختلفوا في إعطاء الغني منهم. فكان الشافعي يقول: لا يفضل فقير على غني لأنهم أعطوا باسم القرابة، وبه قال أبو ثور. وقد روينا عن مكحول أنه قال: الخمس بمنزلة الفيء فيعطى منه الغني، والفقر. وقال بعض أصحاب الشافعي: لا حظ فيه لغني. قال أبو بكر: فقول الشافعي صحيح. 16 - أبواب الأسلاب قال الله جل ذكره: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ}. فكان اللازم على ظاهر الآية أن إخراج الخمس من جميع الغنيمة للجيش يجب على ظاهر الآية، فلما قضى رسول الله- صلى الله عليه وسلم - بالسلب للقاتل ولم يخمس السلب، دل على أن الله إنما أراد بقوله: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} لبعض الغنيمة لا الجميع، وان الأسلاب خارج من جملتها. الاختلاف في هذا الباب م 1863 - واختلفوا في إخراج السلب من جملة الغنيمة. فقالت طائفة: يخرج السلب من جملة الغنيمة قبل أن يخمس، هذا

قول الشافعي، أحمد. وفيه قول ثان: وهو أن الأسلاب إذا كثرت تخمس، فعل ذلك، عمر بن الخطاب، وبه قال إسحاق، إن ذلك إلى الإمام إن استكثر فله أن يفعل كما فعل عمر بن الخطاب. وكان [1/ 171/ب] مكحول يقول: السلب مغنم وفيه الخمس. وقال الأوزاعي: بلغني أن عمر بن الخطاب، أمر بخمس السلب. قال أبو بكر: وبالقول الأول أقول لأخبار رسول الله- صلى الله عليه وسلم - الدالة على ما قلنا. وقالت طائفة في النفل: لا يكون إلا بعد الخمس. روينا أن أميراً من الأمراء أراد أن ينفل أنس بن مالك من المغنم، قال: أخمسه، قال: لا، فأبى أن يقبل منه حتى يخمسه. وقد روينا عن عبادة بن نسي، ورجاء بن حيوة، وعدي بن عدي، ومكحول، والقاسم بن عبد الرحمن، ويزيد بن أبي مالك، ويحيى بن جابر أنهم قالوا: الخمس من جملة الغنيمة، والنفل من بعد الخمس، ثم الغنيمة بين أهل العسكر بعد ذلك، هذا قول الأوزاعي، وأحمد بن حنبل، وإسحاق. وقال أبو عبيد: "والناس اليوم على أن لا نفل من جملة الغنيمة حتى تخمس".

17 - بابا تكليف طالب البينة على أنه القاتل المستحق للسلب

وقالت طائفة: إن شاء الأمير نفلهم قبل الخمس، وإن شاء بعد الخمس، هذا قول النخعي. وكان ابن المسيب يقول: لا تكون الأنفال إلا في خمس الخمس، قال مالك: وذلك رأيي أن النفل من الخمس. وقالت طائفة: لا يكون النفل إلا في أول المغنم، روينا هذا القول عن رجاء بن حيوة، وعبادة بن نسي، وعدي بن عدي الكندي، ومكحول، وسليمان بن موسى، ويزيد بن يزيد بن جابر ويحيى بن جابر، والقاسم بن عبد الرحمن، ويزيد بن أبي مالك، والمتوكل بن الليث، وابن عتيبة المحاربي، أنهم كانوا يقولون: لا نفل إلا في الغنيمة. وقال الأوزاعي: السنة عندنا أن لا نفل في ذهب، ولا فضة، لا لؤلؤ، ولا في أول الغنيمة، ولا سلب في يوم هزيمة، ولا فتح. وقال سليمان بن موسى: لا نفل في أول شيء يصاب من المغنم، وأنكر أحمد هذا، وقال: النفل يكون في كل شيء، وبه قال إسحاق. وقالت طائفة: لا نفل في العين المعلوم الذهب والفضة، كذلك قال سليمان ابن موسى، والأوزاعي، وسعيد بن عبد العزيز، وعبد الرحمن بن يزيد بن جابر. 17 - باباً تكليف طالب البينة على أنه القاتل المستحق للسلب (ح 848) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال عام الحنين: "من قتل قتيلاً له عليه بينة

18 - باب الحكم بالسلب القاتل مبارز أو غير مبارز

فله سلبه". م 1864 - وقد اختلف أهل العلم في السلب يدعيه (¬1) من يذكر أنه قاتل. فقالت طائفة: من أصحاب الحديث: لا يعطى إلا ببينة؛ لأن مدع، واستدلت بهذا الحديث، ورأت أن يعطى من ثبت له شاهد واحد، ويحلف معه. قال الليث بن سعد له سلبه إذا علم ذلك، وليس له من ماله [1/ 172/ألف] شيء سوى السلب الذي عليه. وفيه قول ثان: وهو أن يعطاه إذا قال: إنه قتله ولا تقبل على ذلك بينة، هذا قول الأوزاعي. 18 - باب الحكم بالسلب القاتل مبارز أو غير مبارز (ح 849) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: من قتل كافراً فله سلبه. (ح 850) وأنه قال: من قتل فله سلبه. ¬

_ (¬1) في الأصل "يدعه" والتصحيح من الأوسط.

(ح 851) وأنه قضى بالسلب للقاتل. م 1865 - وقالت طائفة: بظاهر هذه الأخبار، قالت: وفي قول النبي- صلى الله عليه وسلم - قولاً عاماً مطلقاً أبين البيان (¬1) على أن ذلك من قتل كافرا في الحرب، وغير الحرب في الإقبال، والإدبار، هارباً أو مدبراً لأصحابه على الوجوه كلها، وليس لأحد أن يخص من سنن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئاً برأيه، ولا يستثنى من سننه إلا بسنه مثلها، ومن الحجة البنية مع ما ذكرناه خبر سلمة بن الأكوع، وذلك أن سلمة قتل القتيل وهو مولى هارب، وحكم له النبي - صلى الله عليه وسلم - بالسلب. (ح 852) قال سلمة: غزونا مع النبي- صلى الله عليه وسلم - هوازناً، فجاء رجل على بعير أحمر فأطلق حقباً من حقب البعير، فقيد بن البعير، ثم جاء حتى أكل مع القوم، ثم خرج إلى بعيره فأطلقه وقعد عليه، وهو طليقة الكفار فركضه هارباً، فخرجت أعدوا في أثره حتى أخذت بخطام الجمل، وضربت رأسه، فاستقبلني النبي- صلى الله عليه وسلم - وقال: لك سلبه أجمع. قال أبو بكر: فهذا مقتول هارباً غير مقبل، وقد حكم النبي - صلى الله عليه وسلم - لقاتله بالسلب. وهذا الحديث يلزم من زعم: أن السلب لا يكون لمن قتل مشركاً مقبلاً، لأن سلمة قتله مدبراً، ويلزم من قال؟ إن الذي لا يشك فيه أنه له سلب من قتل المشرك والحرب قائمة، لان سلمة قد حكم له النبي - صلى الله عليه وسلم - بالسلب ¬

_ (¬1) في الأصل "بين البيان" , والتصحيح من الأوسط.

وصاحبه مدبر غير مقبل، والحرب ليس بقائمة، لان سلمة قتل منفرداً في غير حرب، والسلب للقاتل على ظاهر الأخبار، وعلى ظاهر خبر سلمة لكل قاتل، والله أعلم. وهذا قول طائفة من أهل الحديث، وبه يقول أبو ثور، وبه أقول. وكان الشافعي يقول: إنما يكون السلب لمن قتل والحرب قائمة، والمشرك مقبل. قال أبو بكر: ولم يصح عنده حديث سلمة، ولو علمه لقال به ظهر لنا من مذاهبه. وقال أحمد في السلب للقاتل: إنما ذلك في المبارزة لا يكون في الهزيمة. قال أبو بكر: "والسلب للقاتل أذن فيه الإمام أو لم يأذن [1/ 172/ب] فيه على ظاهر قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: من قتل كافراً فله سلبه". وممن قال بأن السلب للقاتل الليث بن سعد، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وأبو ثور، وأبو عبيد، وقال أحمد، وأبو عبيد: قاله الإمام أو لم يقله، وهكذا قال الشافعي. قال أبو بكر: وفيه قول سواه: وهو أن ذلك لا يكون لأحد [إلا] (¬1) بإذن الإمام، هكذا قول مالك. م 1866 - وحكى الشافعي عن النعمان أنه قال في الرجل يقتل الرجل ويأخذ سلبه: لا ينبغي للإمام أن ينفله إياه؛ لأنه صار في الغنيمة. وكان مسروق يقول: إذا التقى الزحفان فلا نفل، إنما النفل قبل وبعد. ¬

_ (¬1) ما بين المعكوفين من الأوسط

19 - باب النفر يضربون الرجل ضربات مختلفة

وكان نافع مولى ابن عمر يقول: إذا قتل رجل من المسلمين رجلاً من الكفار فإن له سلبه إلا أن يكون في معمعة القتال، أو في زحف، فإنه له يدري أحد قتل أحداً. وقال الأوزاعي، وسعيد بن عبد العزيز، وأبو بكر بن عبد الله بن أبي مريم: السلب للقاتل ما لم تشتد الصفوف بعضها على بعض، فإذا كان ذلك قتلاً فلا سلب لأحد. 19 - باب النفر يضربون الرجل ضربات مختلفة م 1867 - واختلفوا في النفر يضربون الرجل ضربات مختلفة. فإن الشافعي يقول: "إذا قطع رجل يديه ورجليه ثم قتله آخر فالسلب لقاطع اليدين والرجلين، وإن ضربه وبقي منه ما يمتنع به، ثم قتله بعده آخر فالسلب للآخر، إنما يكون السلب لمن صيره بجال لا يمتنع فيها". وكان مكحول، وحريز بن عثمان يقولان: إذا قتل الرجل الرجل، وأجاز عليه آخر، فسلبه لمن قتله. م 1868 - وقال الأوزاعي في مبارز عانق رجلاً وحمل عليه آخر، قال: سلبه للمعانق. وفي قول الشافعي: سلبه للقاتل.

20 - باب السلب الذي يستحقه القاتل

20 - باب السلب الذي يستحقه القاتل م 1869 - في حديث أنس بن البراء بن عازب بن مالك بارز مرزبان المرازبة (¬1) فقتله فبلغ سواريه ومنطقته ثلاثون ألفاً، فقال عمر: إنا كنا لا نخمس الأسلاب ولكن سلب مرزبان مال، فكثره فخمسه. وفي حديث سعد بن أبي وقاص أنه حكم سلب مقتول منطقة له وسيف، ورايتان، ودرع، وسواران للقاتل. وكان مكحول يقول للمبارز القاتل سلب المقتول، فرسه بسرجه، ولجامه وسيفه، ومنطقته، ودرعه، وبيضته، وساعداه، وساقاه، ورأيته بما في ذلك كله من ذهب أو فضة أو جوهر، وما كان عليه من قرطه، وطوقه، وسواريه إن كان عليه بما فيهما من جوهر. وقال الأوزاعي: له فرسه الذي قاتل عليه وسلاحه، [1/ 173/ألف] وسرجه، ومنطقته وقرطاه، وخاتمه، وما كان في سرجه، وسلاحه من حليّه. قال: ولا يكون له الهميان فيه المال، وإن كان قاتله على فرسه ثم نزل عنه فقاتله، ومقود فرسه في يده فقتله، لمن لكن له فرسه إلا أن يكون صرعه هو عن فرسه، فطعنه أو ضربه فيكون له إذا أشعره وهو على دابته فصرع أو نزل هو عن دابته بعدما أشعره فأقبل عليه فقاتله فقتله، كانت دابته له مع سلبه، وقال: له تاج إن كان على رأسه، وما كان مع العلم من دنانير أو ذهب، ليس له ما ¬

_ (¬1) كذا في الأصل, وفي الأوسط, وعند "عب" الزارة.

يتزين به لحربه، وفي منظقته نفقة، أو كمة، أو نكته، فلا شيء له في ذلك، هو مغنم بين الجيش. وقال الشافعي: "السلب الذي يكون للقاتل كل ثوب عليه، وكل سلاح عليه، ومنطقته وفرسه، إن كان راكبه أو ممسكه، فإن كان مننعلتا منه، أو مع غيره فليس له، قال: فإن كان في سلبه أسوار من ذهب، أو خاتم، أو تاج، أو منطقة فيها ذهب فلو ذهب ذاهب إن هذا من سلبه كان مذهباً، ولو قال قائل: ليس هذا من عدة الحرب كان وجهاً". وقال أحمد بن حنبل في المنطقة فيها الذهب والفضة هو من السلب، وقال: الفرس ليس من السلب، وقال في السيف: لا أدري. وسهل الأوزاعي أن يسلبوا القتلى ويتركوهم عراة، وكره الثوري: أن يتركوا عراة. قال أبو بكر: الذي قاله الثوري حسن. م 1870 - واختلفوا في القاتل يكتم السلب خوفا أن لا يعطيه الإمام، فقال الأوزاعي: لا يأخذه إلا بإذنه، وقال أحمد: ما يعجبني أن يأخذه. وفي قول الشافعي: له أن يأخذه وبه أقول. م 1871 - وقال الأوزاعي في الأجير الذي إذا استؤجر للخدمة إن بارز فقتل صاحبه فله سلبه، وقال في رجل قتل قبل الفتح: إن له سلب ما كان، وما كان بعد الفتح لا شيء له. م 1872 - واختلفوا في العلج يحمل عليه الرجل فيستأجره ثم يقتله. فقال الثوري: له سلبه إذا كان قد بارزه، وقال الأوزاعي: ليس له سلبه إذا لم يكن تجرد إليه سلاحه وإن أسره ثم قتله لم يكن له سلبه،

21 - باب الخبر المروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه نفل سرية بعث بها بعيرا لكل رجل منهم

قيل له: ان أسر رجل علجاً، ثم جاء آخر فقتله؟ قال: لا يكون السلب لأحد منهما، قيل له: ان أسر رجل علجاً، ثم أتى به إلى الأمام، فقتله الإمام؟ قال: لا يكون له سلبه، قيل له: فرجل حمل على فارس فقتله، فإذا هو امرأة؟ قال: إن كانت تجردت له بسلاح فإن له سلبها، والغلام كذلك إذا قاتل فقتل، كان سلبه لمن قتله. قال أبو عمرو: لا يبارز العبد إلا بإذن مولاه، فإن بارز مولاه فقتله صاحبه لم ينفل سلبه، ويرضح له منه [1/ 173/ب]. 21 - باب الخبر المروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه نفل سرية بعث بها بعيراً لكل رجل منهم (ح 853) ثبت عن ابن عمران قال: بعث رسول الله- صلى الله عليه وسلم - سرية قبل نجد فيها ابن عمر، فغنموا إبلا كثيرة، فكانت سهامهم اثنتي عشر بعيراً، أو أحد عشر بعيراً، ونفلوا بعيراً، بعيراً. م 1873 - كان الشافعي يقول: "حديث ابن عمر يدل على أنهم أعطوا ما لهم مما أصابوا على أنهم نفلوا بعيراً بعيراً، والنفل هو شيء زيدوه غير الذي كان لهم، قال: وقول ابن المسيب: كان الناس يعطون النفل من الخمس كما قال، وذلك من خمس النبي - صلى الله عليه وسلم"-.

22 - باب الخبر الدال على أن الذي كان ينفلهم النبي - صلى الله عليه وسلم - في البداءة الربع بعد الخمس، والقفول الثلث بعد الخمس

وكان أبو عبيد يقول بعد ما ذكره خبر بان عمر: "وهذا النفل الذي ذكره بعد السهام ليس له وجه أن يكون من الخمس". وقال آخر: النفل الذي في خبر ابن عمر إنما هو نفل السرايا، كان النبي- صلى الله عليه وسلم - ينفلهم من غير الخمس أي من الثلث الذي كان النبي- صلى الله عليه وسلم - كان ينفل في البداءة، والربع الذي ينفل في القفول. 22 - باب الخبر الدال على أن الذي كان ينفلهم النبي - صلى الله عليه وسلم - في البداءة الربع بعد الخمس، والقفول الثلث بعد الخمس (ح 854) ثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نفل الربع مما يأتي به القوم، وفي البداءة بعد الخمس، وفي الرجعة الثلث بعد الخمس. م 1874 - واختلفوا في الإمام ينفل في البدأة الربع من بعد الخمس: وفي الرجعة الثلث بعد الخمس. فأباحت طائفة ذلك، وممن رأى ذلك حبيب بن مسلمة، وهو الذي روى عن النبي- صلى الله عليه وسلم - الحديث، وبه قال الحسن البصري، والأوزاعي، وأحمد.

وقال النخعي: كان الإمام ينفل السرية الثلث، أو الربع يضربهم، أو قال: يحرضهم بذلك على القتال. وقال مكحول، والأوزاعي: لا ينفل أكثر من الثلث، وقال الأوزاعي: إن زادهم على ذلك فليف (¬1) لهم به، وليجعل تلك الزيادة من الخمس. وقال الشافعي: "وقد روى بعض الشاميين في النفل في البدأة والرجعة الثلث في واحدة، والربع في الأخرى، ورواية ابن عمر: أنه نفل نصف السدس، فهذا يدل على أن لبس للنفل حد لا يجاوزه الإمام، وأكثر مغازي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يكن فيها انفال، فينبغي أن يكون ذلك على الاجتهاد من الإمام غير محدد". وقال أبو ثور: وذكر نفل النبي- صلى الله عليه وسلم -[1/ 174/ألف] في البدأة والرجوع، وحديث ابن عمر، قال: "وإنما النفل قبل الخمس". وحكى ابن القاسم أن مالكاً كان يكره أن يقول الإمام: من قاتل في موضع كذا وكذا، أو من قتل من العدو وجاء برأسه، فله كذا، أو بعث سرية في وجه من الوجوه فقال: ما غنمتم من شيء فله نصفه، كره أن يقال الرجل على أن يجعل له، ويسفك دمه على مثل هذا. وقال الثوري في أمر غار فقال: من أخذ شيئاً فهو له: هو كما قال، فلا بأس أن يقول الإمام من جاء برأس فله كذا، من جاء بأسير فله كذا يغريهم. ¬

_ (¬1) في الأصل "فيلغي", والتصحيح من الأوسط 11/ 136 رقم السألة 1853.

وقال الحسن البصري: ما نفل الإمام فهو جائز. وقد روينا عن عمر بن الخطاب أنه قال لجرير بن عبد الله لما قدم عليه في قومه وهو يريد الشام، قال له عمر: "هل لك أن تأتي الكوفة ولك الثلث بعد الخمس من كل أرض، وشيء".

42 - كتاب قسم أربعة أخماس الغنيمه

42 - كتاب قسم أربعة أخماس الغنيمه 1 - باب قسم الغانم بين أهل العسكر وإن اختلف أفعالهم وحازها بعضهم دون بعض قال الله جل ذكره: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} الآية. (ح 855) وروينا عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه قال يوم بدر: من قتل قتيلاً فله كذا، ومن أسر أسيراً فله كذا، فأما المشيخة فثبتوا تحت الرايات، وأما الشباب فسارعوا إلى القتل، والمغانم، قال: قالت الشيخة للشبان: أشركونا معكم فإنا كنا لكم ردءاً، ولو كان منكم شيء لجأتم إلينا، فأبوا، فاختصموا إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم -، فنزلت: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ} الآية، فقسم الغنائم بينهم بالتسوية.

2 - باب الجيش يلحقهم جيش لم يشهدوا القتال

2 - باب الجيش يلحقهم جيش لم يشهدوا القتال (ح 856) روينا عن أبي هريرة أن قوما قدموا على رسول الله بخيبر بعد أن فتحها، فسأل بعضهم أن يقسم لهم رسول الله- صلى الله عليه وسلم -. م 1875 - واختلف أهل العلم فيمن لحق بجيش قد غنموا. فقالت طائفة: لا سهم لهم، ثبت أن عمر بن الخطاب قال: إن الغنيمة لمن شهد الوقعة. قال أبو بكر: هذا موافق لخبر أبي هريرة، وبه قال مالك، والليث بن سعد، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وأبو ثور. وقالت طائفة: في الجيش يدخل أرض الحرب فيغنموا غنيمة، ثم يلحقهم جيش آخر قبل أن يخرجوا بها إلى دار الإسلام: أنهم شركاء فيها، هذا قول النعمان، واحتج قائله بخبر رواه الشعبي عن عمر، منقطع لا يصح، والأول أثبت، وبه نقول. وكان الشافعي يقول: [1/ 174/ب] ولو غزت جماعة باغية مع جماعة أهل العدل يشركوهم في الغنيمة، وقال الأوزاعي في سرية خرجت فاخطأ بعضهم الطريق، ولقي بعضهم العدو فأصابوا غنيمة، قال: تقسم فيهم جميعاً.

3 - باب رد السرايا ما يغنم على أهل العسكر

3 - باب رد السرايا ما يغنم على أهل العسكر (ح 857) روينا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: وترد سراياهم على قعدتهم. قال أبو بكر: ومعنى، وسراياهم على قعدتهم بعد ما تقبض السرية، فما جعل لها وخص بها من النفل في البدأة الربع بعد الخمس، وفي الرجعة الثلث بعد الخمس، إذا جعل لهم الإمام ذلك. م 1876 - واختلفوا فيما تصيب السرايا، فقال كثر من أهل العلم: إذا خرج الإمام أو القائد إلى بلاد العدو وأقام بمكان وبعث من الجيش سرية، أو سرايا في وجوه شيء، فما أصابت السرايا مغنما، أن ما أصابت بينها وبين العسكر، وكذلك لو أصاب العسكر شيئاً، شرك من خرج في السرية؛ لأن كل فريق منهم ردأ لصاحبه، هذا قول مالك، والثوري، والأوزاعي، والليث بن سعد، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبي ثور، وأصحاب الرأي. وقد قال حماد بن أبي سليمان: إن السرية يردون على الجيش، لأنهم ردءاً لهم إلا أن يقول الإمام: من أخذ شيئاً فهو له. وقال الحسن البصري غير ذلك، قال: إذا خرجت السرية بإذن الأمير، فما أصابوا من شيء خمسه الإمام، وما بقي فهو لتلك السرية، وإذا خرجت بغير إذنه، خمّسه الإمام وكان ما بقي بين الجيش كلهم.

4 - باب ما يستحقه الفارس والراجل من السهام

وقال النخعي في الإمام يبعث السرية فيصيبوا المغنم، إن شاء الإمام خمسه، وإن شاء نفلهم. 4 - باب ما يستحقه الفارس والراجل من السهام قاله الله جل ذكره: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ} الآية. فأعلم الله في كتابه من يستحق خمس الغنيمة، ولم يذكر في كتابه مستحقي أربعة أخماسها، فتولى رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قسم ذلك، وبيان ما يستحقه الفارس والراجل منه. (ح 858) فأثبت للفارس: ثلاثة أسهم سهم له وسهمان لفرسه. إذا كان الله فرض على الناس طاعة رسول الله- صلى الله عليه وسلم -، فأوجب عليه البيان، قال الله: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} الآية، وجاء الحديث عن عمر بن الخطاب أنه فرض للفرس سهمين وللراجل سهم، هذا مذهب عمر بن عبد العزيز،

5 - باب الفرسين يكونان مع الرجل الواحد والأفراس

[1/ 175/ألف] وبه قال الحسن البصري، وابن سيرين، ومكحول، وحبيب بن أبي ثابت، وبه قال عوام علماء الأمصار في القديم والحديث. وممن قال ذلك مالك ومن تبعه من أهل المدينة، وكذلك قال الأوزاعي ومن وافقه من أهل الشام، وكذلك قال الثوري ومن وافقه من أهل العراق، وهو قول الليث بن سعد ومن تبعه من أهل مصر، وكذلك قال الشافعي وأصحابه. وبه قال أحمد، وإسحاق، وأبو ثور، ويعقوب، ومحمد، ولا نعلم أحدا خالف ذلك إلا النعمان، بأنه خالف فيه السنن وما عليه حمل أهل العلم في القديم والحديث، قال: لا يسهم للفرس إلا سهماً واحداً، وخالفه أصحابه، فبقي قوله منفرداً مهجوراً. 5 - باب الفرسين (¬1) يكونان مع الرجل الواحد والأفراس م 1877 - أجمع كل من يحفظ عنه من أهل العلم على أن الرجل إذا حضر معه بأفراس في أرض العدو، إن سهمه وسهم فرس واحد له يجب. م 1878 - واختلفوا إعطاء الفارس لأكثر من سهم واحد. فقالت طائفة: لا يسهم إلا لفرس، هذا قول مالك، والشافعي، وأبي ثور، والنعمان، ويعقوب، وروينا ذلك عن عمر بن عبد العزيز. ¬

_ (¬1) في الأصل: "الفرس" والتصحيح من الأوسط.

6 - باب الهجين والبراذين والأسهام لها

وقالت طائفة: يسهم للفرسين، لا يسهم لأكثر: من ذلك، هذا قول الأوزاعي، والثوري، وأحمد، وإسحاق، وبه قال الحسن البصري، ومكحول. ومن حجة من قال القول الأول: أنهم أجمعوا على أن سهم فرس واحد يجب مع ثبوت الخبر عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه أوجب ذلك قلنا بذلك، إذ هو سنة، وإجماع، ووقفنا عن القول بأكثر من ذلك إذ فيه اختلاف، لا حجة مع القائل به. وقد احتج من قال بخلاف هذلقول بحديث لابن عمر، لا يثبت، لأنه قد عارضه غيره، وكان يحيى القطان لا يحدث عن عبد الله العمري ويضعفه، وضعفه أحمد. وقد روينا عن سليمان بن موسى أنه قال غير ذلك، قال: "إن أدرب الرجل بأفراس، كان لكل فرس سهمان، قيل له: وإن قاتل عليهلعبد؟ قال: نعم". 6 - باب الهجين والبراذين والأسهام لها م 1879 - أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن من قاتل أو حضر القتال على العراب من الخيل أن سهم فارسريجب له. م 1880 - واختلفوا فيمن يقاتل على الهجين، أو البراذين.

فقالت طائفة: البراذين، والمقاريف يسهم لها (¬1) سهمان كالخيل العربية لأنها يعني غناماً (¬2) في كثير من [1/ 175/ب] المواضع، واسم الخيل جامع لها. قال الله جل ذكره: {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا} الآية، وقال عَزَّ وَجَلَّ {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ} الآية. فممن قال إن الخيل والبراذين سواء الحسن البصري، ومكحول، وكتب عمر بن عبد العزيز: إن البراذين من الخيل، وهو قول مالك في البراذين والهجين أنها من الخيل. وقال الثوري: البراذين والخيل سواء، وقال الشافعي: "أحب إلى أن البراذين والمقاريف يسهم لها سهمان الخيل". وقال أبو ثور: في الهجين كذلك، وقال النعمان: سهم الفرس والبراذين سواء، وقال يعقوب: في الهجين كذلك. وفيه قول ثان: وهو أن يسهم للفرس سهمان وللبرذون سهم، هذا قول الحسن البصري. وسئل أحمد عن سهم للبرذون؟ قال: سهم واحد، قيل: معه برذونين، قال: يسهم للإثنين. ¬

_ (¬1) في الأصل "له". (¬2) كذا في الأصل وفي الأوسط "تغني غناءها".

7 - باب غزاة البحر يكون معهم الخيل

وفيه قول ثالث: وهو أن لا يسهم للبراذيك، كذلك قال مكحول، قال: للفرس سهمان، وللمقرف سهم، وليس للبغال والبراذيك شيء. وقال الأوزاعي: يسهم لما يشبه العروب من الهجين، ويسهم لما يشبه بالهجين من المقاريف، يسهم ويترك للبراذيك. م 1881 - وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن من غزا على بغل، أو حمار، أو بعير فله سهم راجل كذلك قال الحسن البصري، ومكحول، والثوري، والشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي، ولا أعلم أحداً خالف ذلك. وقال الشافعي: "وينبغي للإمام أن يتعاهد الخيل، فلا يدخل إلا شديداً، ولا يدخل حطماً ولا قحماً ضعيفاً ولا جزعاً ولا أعجفاً رازحاً، ان فعل فشهد رجل على واحدة من هذه فقد قيل: لا سهم له لأنه ليس من عني الخيل، ولو قال رجل: أسهم للفرس كما أسهم للرجل، ولم يقاتل، كانت شبهة، ولكن في الحاضر غير المقاتل العون بالرأي والدعاء وليس ذلك فيما وصفناه من الخيل". وقال مالك: إذا أدخل الرجل فرساً كبيراً فلم يكن فيه ما يركب أو ينتفع به حتى فرغ الناس من الغنائم فلا يسهم لصاحبه سهم فارس. 7 - باب غزاة البحر يكون معهم الخيل م 1882 - كان مالك، والشافعي، والأوزاعي، وأبو ثور يقولون في غزاة

8 - باب الدابة تموت بعد دخول الجيش أرض العدو قبل الغنيمة

البحر: إذا كان مع بعضهم الخيل أسهم للفارس سهم فارس، وللراجل سهم للراجل. وقال الوليد بن مسلم: سألت أبا عمرو عن أسهام الخيل من غنائم الحصون؟ فقال: كنت الولاة قبل عمر بن عبد العزيز، الوليد، وسليمان لا يسهمون للخيل من الحصون [1/ 176/ألف] ويجعلون الناس كلهم رجالة، حتى ولي عمر بن عبد العزيز فأنكر ذلك، وأمر بإسهامها من فتح الحصون، والمدائن. 8 - باب الدابة تموت بعد دخول الجيش أرض العدو قبل الغنيمة م 1883 - أجمع أهل العلم على أن من قاتل على دابته حتى يغنم الناس، ويجوزا المغانم، ثم تموت الدابة أن صاحبها مستحق لسهم الفارس. م 1884 - واختلفوا فيمن ماتت دابته قبل ذلك وبعد دخولهم أرض العدو. فإن الشافعي يقول: إنما يسهم للراجل سهم الفارس إذا حضر القتال فارساً قبل أن تنقطع الحرب، فأما إذا دخل بلاد العدو فارساً وماتت دابته قبل القتال، فلا يسهم له سهم فارس. وقال أحمد: إذا ماتت فرسه فلا يسهم له إلا لمن شهد الواقعة. وقال إسحاق: كلما لم يقاتل عليه فلا يسهم له، وبه قال أبو ثور.

9 - باب موت الرجل قبل الوقعة أو بعدها

م 1885 - وقال إسحاق في رجل جاوز الدروب، وباع فرسه من راجل، أن يسهم الفرس لمن اشترى الفرس، وبه قال الأوزاعي. وقال أبو عمرو في رجل دار الحرب بفرس، ثم باعه من رجل ودخل دار الحرب راجلاً وقد غنم المسلمون غنائم قبل شرائه وبعده، قال: يسهم للفرس مما غنموا قبل الشري للبائع، ومما غنموا بعد الشراء فسهمه (¬1) للمشتري. قيل لأبي عمرو: ان اشتبه على صاحب المقسم؟ قال: يقسمه بينهما، وبه قال أحمد، وإسحاق. قال أبو بكر: هذا على مذهب الشافعي، إلا قوله: فإن اشتبه ذلك، فإن مذهب الشافعي أن يوقف الشيء الذي أشكل من ذلك بينهما حتى يصطلحا. وقال النعمان: إذا دخل الرجل في الديوان راجلاً، ثم دخل أرض العدو غازياً راجلاً، ثم ابتاع فرساً يقاتل عليه وأُحرِزَتِ الغنيمة وهو فارس، أنه لا يضرب له إلا بسهم راجل. 9 - باب موت الرجل قبل الوقعة أو بعدها م 1886 - كان الشافعي، وأبو ثور يقولان: إذا حضر القتال ومات بعد أن تحاز الغنيمة، ضرب له بسهمه وأعطى ورثته بعده، وفي قولهما: إن مات قبل القتال فلا شيء له. وقال مالك: لا أرى القسم إلا لمن شهد القتال. ¬

_ (¬1) في الأصل "قسمه".

10 - باب التجار يحضرون القتال [1/ 176/ب]

وقال الأوزاعي: إذا مات أو قتل بعد ما يدرب فاضلاً في سبيل الله، أسهم له. م 1887 - وقال مالك، والليث بن سعد، والثوري، والشافعي: إذا حضر القتال مريضاً، أو صحيحاً فله سهم للقاتل. 10 - باب التجار يحضرون القتال [1/ 176/ب] قال أبو بكر: م 1888 - وإذا حضر الرجل التاجر القتال قاتل، أو لم يقاتل، وجب سهمه كسائر الجيش، هذا قول الحسن البصري، وابن سيرين، والشافعي، والثوري، وأحمد. وكذلك قال الأوزاعي، قال: إلا نقد يدين وهم الشعاب، والبيطار، والحداد، ونحوهم. وقال مالك: يسهم له إذا قاتل. 11 - باب الأجير يحضر الوقعة م 1889 - كان الأوزاعي، وإسحاق يقولان: المستأجر على خدمة القوم لا سهم له. وفيه قول ثان: وهو أن يسهم له إذا قاتل، ولا يسهم له إذا اشتغل بالخدمة، هذا قول الليث بن سعد. وقال الثوري: يقسم له إذا غزا وقاتل، ويرفع عمن استأجره بقدر ماشغل عنه.

12 - باب اكتراء الدابة غزاة إلى رجوع الناس

وفيه قول ثالث: وهو أن يسهم له إذا شهد، وكان مع الناس عند القتال، هذا قول أحمد. ٍ وبه نقول: إذا قاتل الأجر فسهمه ثابت، استدلالاً بخبر سلمه بن الأكوع. (ح 859) قال سلمة: كنت تابعاً لطلحة بن عبيد الله وأنا غلام شاب، فأعطاني رسول الله- صلى الله عليه وسلم - سهماً للفارس والراجل جميعاً. 12 - باب اكتراء الدابة غزاة إلى رجوع الناس قال أبو بكر: م 1890 - إذا اكترى الرجل دابة في الضائعة إلى رجوع الناس بدناً غير معلومة، فإن أدرك ذلك قبل خروج الناس، وقبل استعمال المكتري الدابة فسخ ذلك، وإن لم ينظر فيه حتى فرغ الناس من غزاتهم فعليه كرى مثل دابته، كان ذلك أقل مما سموه، أو أكثر، وهذا على مذهب الشافعي، وبه قال أحمد. وكان الأوزاعي يقول: يسمى له حين يؤاجره أياماً معلومة، فإن زاد فبحساب ذلك. وقال مالك: قد عرف وجه ذلك، وأرجو أن يكون خفيفاً.

مسألة

مسألة م 1891 - واختلفوا في الرجل يعطي فرسه على شطر ما يصيب عليه، فكره ذلك مالك، وهو غير جائز على مذهب الشافعي. وأجاز ذلك الأوزاعي. وقال أحمد بن حنبل: أرجو أن لا يكون بذلك بأساً. 13 - باب الجعايل في الغزو م 1892 - روينا عن ابن الزبير أنه سئل عن الجعايل، فقال: تركها أفضل، وإن أخذتها فأنفقها في سبيل الله. وروينا عن ابن عمر أنه قال: كان القاعد يتبع الغازي، فأما أن يبيع لرجل غزوة فلا أدري ما هو؟ وقال الزهري: إذا أخذ الرجل بينه (¬1) يتقوى به فلا بأس. وقال مالك: كان يجعل القاعد للخارج جعلاً، وأهل المدينة كانوا يفعلون ذلك. وقال أصحاب الرأي: لا بأس أن يجعل إذا كان [1/ 177/ألف] محتاجاً فيخرج غازياً في سبيل الله، ولا بأس إذا أحس الموسر من نفسه جبناً أن يجعل لرجل جعلاً فيغزو في سبيل الله. ¬

_ (¬1) كذا في الأصل , وعند "عب" بدينه".

14 - باب النهي عن الاستعانة بالمشركين على المشركين

قال أبو بكر: وكرهت طائفة ذلك. روينا عن ابن عمر رواية ثانية أنه كره ذلك. وقال شريح: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك. وقال الشافعي: "ولا يجوز أن يغزو بجعل من مال رجل، وإن غزا به فعليه أن يرده إنما إن أجزت له هذا من السلطان أنه يغزو بشيء من حقه". وقد روينا عن ابن عباس قولاً ثالثاً: قيل له: إنه يخرج علينا للبعث في الجعائل فيخرج أربعة عن واحد. فقال: إن كان في كراع، أو سلاح فلا بأس، وإن جعلها في عبد، أو أمة، أو غنم فهو غير طائل. وقد حكى عن الأوزاعي أنه قيل له: العطاء يقدم لمدة معلومة فيتنافس القوم فيه ويتجاعلون؟ قال: إذا كانت نية الغازي على الغزو فلا أرى بأساً. 14 - باب النهي عن الاستعانة بالمشركين على المشركين (ح 860) جاء الحديث عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه قال لرجل جاءه: ارجع فلن أستعين بمشرك.

15 - باب ما يجب لمن حضر الوقعة ممن لم يبلغ

(ح 861) وأنه قال: إنا لا نستعين بالمشركين على المشركين. م 1893 - واختلفوا فيما يعطاه المشرك إذا استعين به على حرب العدو، فإن الزهري، والأوزاعي يقولان: يعطون سهاماً كسهام المسلمين، وبه قال إسحاق، وكان الشافعي، والنعمان، وأبو ثور يقولان: لا يسهم لهم، وكان الشافعي مرة يقول: أحب إلي أن يعطى من الفيء شيء ويستأجر إجارة من مال لا مالك له بعينه، وهو سهم النبي - صلى الله عليه وسلم -. وقال أحمد: الغالب على أن يستعان بمشرك. وقال قتادة: إذا غزوا مع المسلمين، فلهم ما صولحوا عليه. قال (¬1) أبو بكر: لا يستعان بهم لحديث أبي حميد، وحديث عائشة، ولا نعلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - استعان بهم، والذي ذكر أنه استعان بهم غير ثابت. فإن استعان بهم إمام أعطوا أقل ما قيل، وهو أن يرضح لهم شيئاً ولم نعلم مع من قال: يسهم لهم حجة. 15 - باب ما يجب لمن حضر الوقعة ممن لم يبلغ (ح 862) ثبت عن ابن عمر أنه قال: عرضت على النبي - صلى الله عليه وسلم - عام أحد وأنا ابن أربع عشرة سنة فردني، وعرضت عليه عام الخندق وأنا ابن خمس عشرة ¬

_ (¬1) في الأصل: "وقال أبو بكر".

16 - باب العبيد يحضرون الحرب وما يعطون

فأجازني، وقال بن عبد العزيز، وذكر له هذلحديث [1/ 177/ب] فقال: هذا فرق بين الذرية والمقاتلة. م 1894 - واختلفوا فيما يعطى غير البالغ، فكان الليث بن سعد، والثوري، والشافعي، والنعمان، وأبو ثور يقولون: يرضخ لهم، وليس لهم سهم أول البالغ. وقال أحمد بهذا. وقال ابن المسيب: كان الصبيان، والعبيد يحذون من الغنائم إذا حضروا الغزو في صدر هذه الأمة. وفيه قول ثان: وهو أن يسهم لهم، هذا قول الأوزاعي، وروينا عن القاسم، وسالم أنهما قالا: في الصبى يغزكتابه، والجارية، والمرأة الحرة، لا يرى لهالأولا لهما من غنائم المسلمين شيئاً، وبه قال مالك في النساء، والصبيان، والعبيد، قال مالك في الغلام الذي قد بلغ، وأطاق القتال ولم يحتلم: إن قاتل ومثله قد بلغ القتال، أسهم له. 16 - باب العبيد يحضرون الحرب وما يعطون م 1895 - كتب نجدة إلى ابن عباس يسأله عن المرأة، والعبد يحضران الفتح

هل يسهم لهما قال: كتبت تسألني عن المرأة والعبد يحضران الفتح هل يسهم لهما؟ لا يسهم لهما, ولكن يجزيان. م 1896 - واختلفوا في العبيد يحضرون قسم الغنائم، وقد حضروا الوقعة. فروينا عن الأسود بن يزيد أنه قال: شهد فتح القادسية عبيد فضرب لهم سهمانهم، وهذا قول الحسن البصري، والنخعي، وروى ذلك عن عمر بن عبد العزيز، وقال أبو ثور يسهم لهم إن اختلفوا فيه، وحرمته كحرمة الحر من طريق الدين، وفيه من الغناء مثل ما في الحر. وفيه قول ثان: وهو أن ليس له من المغنم شيء، روينا هذا الحديث عن عمر بن الخطاب، وروى ذلك عن ابن عباس، وبه قال مالك، وأحمد. وفيه قول ثالث: وهو أن لا يسهم لهم، ولكن يرضخ لهم، روى ذلك عن ابن عباس. وقال الليث بن سعد: لا يسهم لهم إلا أن يحذوا من الغنائم، وقال الثوري: يحذون. وقال الأوزاعي: لا يسهم لهم، ولا يرضخ لهم إلا أن يجيئوا بغنيمة، أويكون لهم بلاءً فيرضخ لهم. وقال أحمد، وإسحاق: يرضخ لهم.

17 - باب المرأة تحضر القتال مع الناس

قال أبو بكر: (ح 863) في حديث عمير (¬1) مولى أبي اللحم أنه شهد مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم - خيبر، وهو مملوك قال: فأعطاني من حرثي (¬2) المتاع. 17 - باب المرأة تحضر القتال مع الناس م 1897 - روينا عن ابن عباس أنه قال في المرأة، والعبد يحضران الناس في القتال، قال: ليس لهما سهم، وقد يرضخ لهما، وبه قال الليث بن سعد، والشافعي، والنعمان [1/ 178/ألف] وأبو ثور. وفيه قول ثان: وهو أن لا سهم لهما، ولا يحذين شيئاً، هذا قول مالك. وفيه قول ثالث: قاله الأوزاعي قال: أسهم رسول الله- صلى الله عليه وسلم -للنساء بخيبر، وأخذ المسلمون بذلك. ¬

_ (¬1) في الأصل "أبي عمير" والتصحيح من الأوسط وغيره. (¬2) في الأصل "حرثي المال" والتصحيح من حاشية المخطوط, والأوسط وغيره من الكتب المخرجة منها الحديث.

18 - باب الجماعة يغنمون من بلاد العدو بغير إذن الإمام

18 - باب الجماعة يغنمون من بلاد العدو بغير إذن الإمام م 1898 - واختلفوا في الواحد والجماعة يغنمون. فقالت طائفة: يخمس، ويكون ألباقي لها، أوله، هذا قول الثوري، والأوزاعي، والشافعي، وأبي ثور. وفيه قول ثان: وهو أن لا شيء لها. قال الحسن البصري: أيما سرية سارت بغير إذن إمامها لا في مصالحته، فغنمت، فلا غنيمة لها. وفيه قول ثالث: قاله النعمان: وهو أن لا يخمس، ما أصابت فهو لها، هذا قول النعمان. م 1899 - وقال الثوري في المشركين يخرجون بغير إذن الإمام فيصيبون غنيمة، فحالهم في ذلك كحال المسلمين، إذا فعلوا ذلك بغير إذن الإمام. وقال قال سفيان الثوري في الذمي يغير وحده: يخمس ما أخذه، وبقيته له. وقال الأوزاعي: يؤخذ منه الخمس، وبقيته للأنباط، كتب بذلك عمر بن عبد العزيز، وبه قال المزني، وكذلك قال في صبيان المسلمين، وقال في عبيد المسلمين: أربعة أخماسها لمواليهم. 19 - باب المال يغلب عليه العدو ويستنقذه المسلمون، ثم يدركه صاحبه قبل القسم وبعده م 1900 - واختلفوا في مال المسلم يغلب عليه العدو، وثم يأخذه المسلمون

منهم فيأتي صاحبه قبل القسم أو بعده. فقالت طائفة: صاحبه أحق به ما لم يقسم، إذا أدركه وقد قسم فهو أحق به بالثمن، كذلك قال النخعي، والثوري، والأوزاعي، والنعمان، غير أن النعمان قال: العبد يأسره العدو كما قال هؤلاء، قال في العبد يأبق إلى العدو: إن أدركه السيد قبل القسم وبعده يأخذه مولاه بغير قيمة؛ لأن المسلمين لا يحرزوه. وقالت طائفة: يأخذه صاحبه ما لم يقسم، فإذا قسم فلا حق له، روى هذا القول عن عمر بن الخطاب، وهو قول سلمان بن ربيعة، وعطاء بن أبي رباح، والليث بن سعد، وأحمد، وقال مالك مرة: في المال يصيبه العدو من أموال أهل الإسلام هكذا، وقال في العبد: صاحبه أحق به ما لم يقسم، فإذا قسمت الغنائم فلا أرى بأساً أن يكون له بالثمن إن شاء. وفيه قول ثالث: [1/ 178/ب] وهو أن لا يرد إلى صاحبه، هو للجيش، هذا قول الزهري، وقال عمرو بن دينار: سمعنا أن ما أحرز العدو وهو للمسلمين، يقسمونه. م 1901 - وقال الأوزاعي في العبد يأبق إلى العدو: وإن أخذ قبل أن يدخل حصنا من حصونهم رد إلى مولاه، وإن دخل حصنا فسبى، فهو بمنزلة أهل الحصن يجعل في الفيء. وقالت طائفة: "سواء أبق العبد إلى العدو، أو أخذ العدو العبد فأحرزه، لا فرق بينهما، وهما لسيدهما إذا ظفر بهما قبل أن يقتسما، وبعد القسم سواء يأخذهما السيد قبل القسم وبعده.

20 - باب أم الولد تسبى

هذا قول الشافعي، واحتج: (ح 864) بحديث عمران بن الحصين: أن امرأة سبيت، وقد كانت ناقة رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أصيبت قبلها، فقعدت على عجز الناقة، فانطلقت، فلم تقدر عليها، فجعلت لله عليها إن الله نجاها عليها لتنحرها، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: بئس ما جزمها، لا وفاء لنذر في معصية الله، ولا فيما لا يملك العبد، أو ابن آدم. وهذا قال أبو ثور، وقال الثوري: إذا أبق العبد إلى العدو، ثم أصابه المسلمون، فصاحبه أحق به قسم أو لم يقسم. م 1902 - وقال الثوري: إذا أصاب العدو مملوكا، فاشترك رجل من المسلمين فأعتقه، فليس لمولاه عليه سبيل، هو استهلاك، وكذلك إذا كانت جارية فاشتراها رجل فوقع عليها فولدت، فليس لمولاها شيء. قال أبو بكر: بقول الشافعي أقول. 20 - باب أم الولد تسبى قال أبو بكر محمد بن إبراهيم بن المنذر: م 1903 - واختلفوا في أم الولد تسبى، ثم يأخذها المسلمون ويجرى عليها القسم.

21 - باب الجارية يشتريها الرجل من المغنم فيجد معها مالا

فقالت طائفة: يأخذها سيدها بقيمة عدل، كذلك قال الزهري. وقال مالك: "لا أرى أن تسترق، وأرى أن يفديها الإمام لسيدها، فإن لم يفعل فأرى على سيدها أن يفديها ولا يدعها، ولا أرى للذي صارت إليه أن يسترقها، ولا يستحل فرجها، وإنما هي بمنزلة الحرة". وقال الليث بن سعد مثل ذلك، وقال: إن لم يكن عنده ما يفديها به، كان ذلك ديناً عليه يبيع به. وكان الشافعي يقول: لا تكون أم الولد أم ولد ولا يغرم السيد شيئاً، وبه قال أبو ثور. وقال النعمان: أم الولد، والمدبر ليس يملكها العدو عليه. قال أبو بكر: كما قال الشافعي أقول. 21 - باب الجارية يشتريها الرجل من المغنم فيجد معها مالاً م 1904 - واختلفوا في الجارية تُشترى من المغنم فيجد معها المشتري مالا. فقالت طائفة: يجعل في بيت المال، كذلك قال الشعبي (¬1). وفيه قول ثان: وهو أن يرد إلى المغانم للجيش الذين غنموها، هذا قياس قول الشافعي، وبه نقول. وممن روينا عنه أنه قال ذلك مكحول، وحزام بن حكيم، ويزيد بن أبي مالك. ¬

_ (¬1) في الأصل "الشافعي" والتصحيح من الأوسط 11/ 194 رقم المسألة 1884.

22 - باب قسم الغنائم في دار الحرب

وقال أحمد: يرد، وكذلك قال إسحاق، وكان مالك يسهل في القليل منه، وفي اليسير، والكثر مثل القرطين، وما أشبهها، ولا يرى ذلك في الكثير. 22 - باب قسم الغنائم في دار الحرب م 1905 - واختلفوا في قسم الغنائم في دار الحرب. فكان مالك، والأوزاعي، والشافعي، وأبو ثور يقولون: يقسمها الإمام في دار الحرب إن شاء. وقال أصحاب الرأي: "لا ينبغي لإمام المسلمين إذا أصابوا غنائماً في دار الحرب أن يقسموا شيئاً من ذلك حتى يحرزوه إلى دار الإسلام، وإن قسموة في دار الحرب، كانوا قد أساؤا، وجائز ذلك". قال أبو بكر: وبقول مالك، والشافعي أقول، وذلك للثابت. (ح 865) عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه قسم يوم خيبر (¬1) للفرس سهمين، ولصاحبه سهماً. 23 - باب استئجارالإمام على الغنائم من يحملها ويقوم بحفظها م 1906 - كان الأوزاعي يقول في الإمام تجتمع عنده الغنيمة: لا أعلم بأساً أن يقول: من حرس الليلة العسكر فله كذا من السبي، أو الدابة من ¬

_ (¬1) في الأصل "حنين" والتصحيح من حاشية المخطوط, والأوسط.

24 - باب اختلاف أهل العلم في قسم الأشياء ومما يغنم مما يختلف في بيعها

الفيء، ويجعل الأمام للراعي، والدليل من جماعة المال، ويعطي الجاسوس من المال الذي يجهز به والي الصائفة، فإذا لم [يكن معه] (¬1) أعطاه من جملة الغنيمة وينفق على جماعة السبي، والأسراء من جملة الغنيمة. وقال الشافعي: إذا حرس الإمام الغنيمة عن موضعه إلى موضع غيره، إن كانت معه حمولة حملها عليه، وإن امتنع الناس أن يحملوه فوجد مكارى على الغنائم، أن يكرى من جميع المال. وكره أحمد أن يستأجر القوم على سباق الرمل على فرس جيش، ولا بأس أن يواجر الرجل نفسه على دابته. 24 - باب اختلاف أهل العلم في قسم الأشياء ومما يغنم مما يختلف في بيعها م 1907 - واختلفوا في المصاحف من مصاحف المسلمين في المغانم. فكان الثوري، والأوزاعي يقولان: إن لم يوجد صاحبه جعل في المغانم فيبيع، وفي قول الشافعي: إذا علم أنه مما أخذ من المسلمين، يوقف ولا يقسم حتى يأتي صاحبه. وبه نقول. م 1908 - وقال الأوزاعي في المصحف من مصاحف الروم، يدفن أحب إلي [1/ 179/ب]. وقال الثوري: إذا لم يدر ما فيه كيف يباع، وقال الشافعي: "يدعو ¬

_ (¬1) ما بين المعكوفين من الأوسط.

الإمام من يترجمه، فإن كان طب أو غيره لا مكروه فيه باعه، وإن كان شرك شق الكتاب، وانتفع بأوعيته". م 1909 - واختلفوا في الفرس يوجد موسوماً عليه حبيساً في سبيل الله. فكان الأوزاعي، والشافعي يقولان: يرد كما كان. وقال الثوري: يقسم ما لم يوجد صاحبه، وقال أحمد: إن لم يعرف صاحبه حبس كما كان. وقال الأوزاعي: إن كان سيفاً ليس السيف مثل الفرس، والسيف مما تبايعه القوم. قال أبو بكر: ليس بينهما فرق. م 1910 - واختلفوا في الكلب يصاب. فقال الأوزاعي: لا يباع هو لمن أحرزه، وقال الشافعي: "الكلب لا يباع ولكن إن كان للصيد، أو الماشية، أو الزرع، أخذه أحد يريده لذلك، أو يعطيه أهل الأخماس إن أراده أحد منهم، وإلا قتله، أو خلاه". م 1911 - وقال أحمد [في] (¬1) كلب الصيد: لا يجعل في فيء المسلمين ثمن الكلب. وكره ثمن الكلب الحسن البصري، والحكم، وحماد. وقياس قول من رخص في ثمن الكلب أن يقسم ما كان من كلب ¬

_ (¬1) ما بين المعكوفين من الأوسط.

الصيد، ورخص في ثمن الكلب النخعى، وعطاء بن أبي رباح، وإسحاق بن راهويه. وكان مالك يكره أثمان الكلاب كلها، ويرى على من قبل كلب صيد، أو ماشية قيمته. وكان النعمان يرى بيع الكلاب كلها، ويوجب على قاتله الغرم. وقال مالك في كلب كثرت قيمته وذكروه بالغنا وفي السبع فراه إلى صاحب المقاسم. قال أبو بكر: لا يجوز بيع شيء من الكلاب، ولا يقسم إن وقع في المغانم، ولكن الإمام يعطي ما كان منه ما يجوز الانتفاع به من شاء من أصحاب المقاسم، وإنما منعنا من قسمته لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ثمن الكلب، وذلك على العموم. م 1912 - واختلفوا في الهر يؤخذ في المغانم. فروينا عن أبي هريرة، وجابر بن عبد الله، ومجاهد، وطاووس، وجابر بن زيد، والأوزاعي أنهم كرهوا ثمن الهر. وروينا عن ابن عباس أنه كان لا يرى بأساً بثمنه. ورخص في ثمنه الحسن البصري، وابن سيرين، والحكم، وحماد بن أبي سليمان، ومالك، والثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي. قال أبو بكر:

25 - باب بيع الرقيق الذين لم يسلموا من أهل الشرك

م 1913 - فأما الصقر والبازي، والعقاب فبيعها جائز، وقسم أثمانها جائز، كما يجوز بيع الخمر، والبغال، وإن لم يجز أكلها، وهذا على مذهب الثوري، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وإسحاق. 25 - باب بيع الرقيق الذين لم يسلموا من أهل الشرك م 1914 - واختلفوا في بيع السبي الرجال، والنساء من أهل الحرب [1/ 180/ألف] منهم. فكان الشافعي، وأبو ثور يقولان: لا بأس ببيعهم منهم. وكان مالك، والثوري، وأصحاب الرأي لا يرون بأساً ببيعهم من أهل الذمة. وقال أحمد، وإسحاق: لا يباعون صغاراً كانوا أم كبار من اليهود والنصارى. وقال الأوزاعي: كان المسلمون لا يرون بأساً ببيع السبي منهم، وكانوا يكرهون بيع الرجال، إلا أن يفاد بهم أساري المسلمين. وقال النعمان في السبي الرجال والنساء: أكره أن يباعوا من أهل الحرب فيتقوى بهم أهل الحرب، وبه قال يعقوب. وكان الشافعي يقول في الصبيان: ليس مع أحد منهم من والديه فلا يباعون منهم. وقد روينا عن عمر بن عبد العزيز أنه قال: يرد إليهم صغيراً بمسلم، ويرده الله إلينا كبيراً فنضرب عنقه.

26 - أبواب الحكم في رقاب أهل العنوة من الأساري والغداة أو القتل

26 - أبواب الحكم في رقاب أهل العنوة من الأساري والغداة أو القتل قال الله عز وجل: {حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا} الآية. أبو بكر: جاءت الأخبار عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أنه سن في الأسارى سنناً ثلاثة، المن، والفداء والقتل، فمما يدل من سننه على المن قوله في أساري بدر: (ح 866) لو كان مطعم بن عدي حياً فكلمني في هؤلاء لتركتهم إطلاقه له. (ح 867) ودل إطلاقه مناً أبي العاص بن الربيع على مثل ذلك. وفعل ذلك بأهل مكة حيث فتحها فقال: (ح 868) "من أغلق عليه بابه فهو آمن، ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن ألقى سلاحه فهو آمن". (ح 869) ومن على أهل خيبر فلم يقتلهم وفتحها عنوة، فقسم أراضيها، ومن

على رجالهم وتركهم عمالاً في الأرض والنخل على الشطر حتى أخرجهم عمر حين استغنى عنهم. ومما يدل على أن الإمام أن يفدي بأساري المشركين أساري المسلمين: (ح 870) خبر عمران بن الحصين أن النبي- صلى الله عليه وسلم - فدى رجلين من المسلمين برجل من المشركين من بني عقيل. وأما سنته في قتل الأساري: (ح 871) فقتله قريظة لما نزلوا على حكم سعد بن معاذ. (ح 872) وأمره أن يقتل ابن خطل يوم دخل مكة. (ح 873) وقتله عقبة بن أبي معيط، وما قبل الفداء، قام إليه علي بن أبي طالب فقتله صبراً. م 1915 - واختلفوا في الأساري. فقال الشافعي: إن شاء قتلهم وإن شاء من عليهم، وإن شاء فدى بهم، هذا قول الشافعي، وأحمد، وأبي ثور.

وقال مالك في الرجال البالغين: إن شاء قتلهم وإن شاء فادى بهم أسارى المسلمين، وبه قال الثوري، وأبو عبيد، وقالا: وإن شاء أسترقهم. وقال [1/ 180/ب] الأوزاعي كما قال الشافعي، وقال: إن شاء عرض عليه الإسلام، فإن أسلم فهو عبد للمسلمين. وقال أصحاب الرأي: إن شاء ضرب أعناقهم وإن شاء أن يمن عليهم ويصيّرهم فيئاً بين المسلمين فعل، وإن شاء أن يعرض عليهم الإسلام فعل، وينبغي للإمام أن ينظر في ذلك مصلحة المسلمين. وكان عمر بن عبد العزيز، وعياض بن عقبة بن نافع يقتلان الأساري. وقال مجاهد في أميرين أحدهما يقتل الأساري والآخر يفادى، قال: الذي يقتل أفضل. وقال مالك: أمثل ذلك عندي في الأساري أن يقتل كل من خيف منه. قال إسحاق: الإثخان أحب إلي إلا أن يكون معروفاً يطمع به الكثير. م 1916 - وقد اختلفوا معنى قوله تعالى: {حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ} الآية، فكان مجاهد يقول: الإثخان: القتل. وقال مجاهد: قتل الأسر خير من إمساكه، وقال محمد بن إسحاق صاحب المغازي: حتى يثخن عدوهم حتى ينفيه من الأرض. وقال أبو عبيدة معناه: حتى يغلب ويبالغ.

27 - باب الأسير يقتله الرجل من العامة

وقال محمد بن إسحاق في قوله: {تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا}: الآية المتاع الفدا، بأخذ الرجال: {وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ} الآية أي يقتلهم لظهور الدين الذي يريدون إطفاءه، الذي به تدرك الآخرة. قال أبو بكر: م 1917 - وقال غير واحد من الأوائل: إن قوله: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} الآية، نزل بعد قوله: {َإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} الآية، روينا هذا القول عن مجاهد، والضحاك بن مزاحم، وابن جريج، والسدي، ومن حجة من رأى أن أخذ الفداء والمن على الأسير أولى من القتل؛ لأن أكثر أساري بدر أخذ منهم الفداء. (ح 874) لأن النبي- صلى الله عليه وسلم - فادى الرجل بالرجلين اللذين أسرا من أصحابه. وكان الحسن البصري، وعطاء ويكرهان قتل الأسير، قالا: من عليه أو فاده، وبه قال سعيد بن جبير، وقال الحسن البصري: يصنع به صنع رسول الله- صلى الله عليه وسلم - بأساري بدر، يمن عليه، أو يفادى به. 27 - باب الأسير يقتله الرجل من العامة م 1918 - واختلفوا في الأسير يقتله الرجل من العامة، فكان الشافعي

28 - باب بيع الدرهم بالدرهمين من أهل الحرب

يقول: لا غرم عليه، وقد أساء، ولكنه لو قتل طفلا، أو امرأة عوقب، وغرم أثمانهما. وقال الأوزاعي: إن كان قتله قبل أن يصلي به الإمام بعد ما أسر عوقب، وإن قتله بعد ما يبلغ الإمام غرم ثمنه. وقال الثوري: لا يقتله حتى يرفع إلى الإمام، إلا أن يخافه. وقال أحمد في الرجل يقتل أسير غيره: إلا أن [1/ 181/ألف] يشاء الوالي ليكون له نكاية في العدو، وبه قال إسحاق. 28 - باب بيع الدرهم بالدرهمين من أهل الحرب م 1919 - واختلفوا في بيع الدرهم بالدرهمين من أهل الحرب، فكان الأوزاعي، والشافعي، وإسحاق، ويعقوب يقولون: لا يجوز ذلك. وكره ذلك أحمد. وحكى يعقوب عن النعمان أنه كان يبيح ذلك. 29 - باب وجوب فكاك الأساري من أيدي المشركين (ح 875) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: أطعموا الجائع، وعودوا المريض، وفكوا العاني. (ح 876) وروينا عنه أنه كتب كتابا بين المهاجرين والأنصار أن يعقلوا معاقلهم، وأن يفكوا عانيهم بالمعروف.

30 - باب ما يجب من حياطة أهل الذمة

(ح 877) وفادى رسول الله- صلى الله عليه وسلم - برجل من العدو برجلين من المسلمين. م 1920 - وروينا عن عمر بن الخطاب أنه قال: واعلموا أن كل أسير من أسرى المسلمين، إن فكاكه من بين مال المسلمين. وروينا عن ابن الزبير أنه سأل الحسن بن علي بن أبي طالب عن فكاك الأسير قال: يعني على الأرض التي تقاتل عنها. وممن كان يرى فك الأسارى عمر بن عبد العزيز، ومالك، وأحمد، وإسحاق. 30 - باب ما يجب من حياطة أهل الذمة م 1921 - روينا عن عمر بن الخطاب أنه كان في وصيته عند موته: أوصى الخليفة من بعدي بكذا أو كذا، وأوصيه بذمة الله، وذمة رسوله - صلى الله عليه وسلم - خيرا، أن يقاتل من ورائهم، وان لا يكلفوا فوجب طاقتهم. وقال عوام أهل العلم في أهل الذمة: يسبون، ثم يصيبهم المسلمون بعد: إنهم لا يسترقون، ويرون إلى ذمتهم، هذا قول النخعي، والشعبي، وبه قال مالك، والليث بن سعد، والأوزاعي، والشافعي. وقال عمر بن عبد العزيز، والليث بن سعد: يفدى أسيرهم.

31 - باب الحكم في الرجل من المسلمين يشتري أسيرا من أهل دار الحرب بإذن الأسير أو بغير إذنه

31 - باب الحكم في الرجل من المسلمين يشتري أسيراً من أهل دار الحرب بإذن الأسير أو بغير إذنه م 1922 - أجمع كل من يحفظ عنه من أهل العلم على أن الرجل إذا اشترى أسيراً من أسارى المسلمين من العدو بأمره بمال معلوم، ورفع المال بأمره، أن له أن يرجع بذلك عليه. م 1923 - واختلفوا فيه إن اشتراه بغير أمره، فقال أكثر أهل العلم: يأخذ منه ما اشتراه به، كذلك قال الحسن البصري، والنخعي، والزهري، ومالك، والأوزاعي، وأحمد، وإسحاق [1/ 181/ب]. م 1924 - وقال الأوزاعي: إذا اختلف الأسير والمشتري، فالقول قول المشتري، وفي قول الشافعي: إن اشترى بأمره واختلفا، فالقول قول الأسير. وفيه قول ثان: وهو أن الأسير إن كان مؤسراً دفع إلى المشتري ثمن ما اشتراه به، وإن كان معسراً رأيت ذلك في بيت مال المسلمين، فإن لم يفعل ذلك السلطان كان الثمن دينا عليه، هذا قول الليث بن سعد. وقالت طائفة: لا شيء على الأسير مما اشتراه به إذا كان ذلك بغير أمره، هذا قول الثوري، والشافعي. وبه نقول؛ لأن ذلك متطوع بالشري.

32 - بال الأسير يرسله العدو على أن يجيئهم بمال، أو يبعث به إليهم

32 - بال الأسير يرسله العدو على أن يجيئهم بمال، أو يبعث به إليهم م 1925 - وأختلفوا في الأسير يشتري نفسه من العدو على أن يبعث إليهم بالثمن، فكان الحسن البصري، وعطاء بن أبي رباح، وأحمد يقولون في هذا: يفي لهم، وقال الأوزاعي: يرجع إليهم أو يبعث بها. وقال الشافعي: " إذا خلوه على فداء يدفعه إليهما إلى وقت، وأخذوا عليه إن لم يدفع الفداء أن يرجع في إسارهم، فلا ينبغي أن يعود، ولا ينبغي للإمام أن يدعه والعودة وإن كانوا امتنعوا من تخليته إلا على مال يعطيهموه، فلا يعطهم شيئاً، وإن صالحهم على شيء مبتدئا ابتغاء، له أن يؤديه إليهم، إنما أطرح عنه ما استكره عليه". وقال الليث: إذا خلوه على أن لا يبرح من عندهم، فأعطاهم على ذلك عهد الله وميثاقه، لا أرى أن يفارقهم، فإن هو فعل كان قد حضر بالعهد. 33 - باب رقيق أهل الذمة يخرجون إلى دار الإسلام (ح 878) جاء الحديث عن أبي بكرة رضي الله عنه أنه خرج إلى رسول الله وهو محاصر أهل الطائفة ثلاثة وعشر من عبدا، فأعتقهم رسول الله- صلى الله عليه وسلم -.

34 - باب التفرقة بين الجماعة من السبي يصيرون في ملك الرجل من المسلمين

م 1926 - وبهذا قال الثوري، والشافعي، والأوزاعي، فإن جاء السيد فأسلم، وجاء العبد فأسلم، رد إلى سيده. وقال الليث بن سعد في العبد من عبيد العدو يفرُّ إلى دار الإسلام ويسلم، قال: هو حر، وقال النعمان: إذا أسلم عبد الحرب في دار الحرب، ثم ظهرنا على الدار فهو حر، وإذا أسلم عبد الحرب في دار الحرب، ثم خرج إلينا فهو حر. م 1927 - وأجمع كل من يحفظ عنه من أهل العلم على أن رقيق أهل الذمة إذا أسلموا أن بيعهم يجب عليهم، وممن حفظنا ذلك عنه عمر بن عبد العزيز، والحسن البصري، والنخعي، والليث بن سعد، والشافعي، وأحمد، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. م 1928 - وكان مالك، والشافعي يقولان: إذاً اشترى [1/ 182/ألف] النصرأني عبداً مسلما فالشرى جائز ويباع عليه. م 1929 - وقال النعمان في الحرب يدخل إلينا بأمان، فيشتري عبداً مسلما، ثم يدخله معه دار الحرب قال: يعتق العبد. وقال يعقوب ومحمد: لا يعتق. قال أبو بكر: لا يعتق. 34 - باب التفرقة بين الجماعة من السبي يصيرون في ملك الرجل من المسلمين (ح 879) جاء الحديث عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أنه قال: من فرق بين والدة

وولدها، فرق الله بينه وبين أحبته يوم القيامة. م 1930 - وأجمع كل من يحفظ عنه من أهل العلم على أن التفرقة بين الولد وبين أمه، والولد طفل لم يبلغ سبع سنين ولم يستغن عن أمه غير جائز. قال يحمله هذا القول مالك، ومن تبعه من أهل المدينة، والأوزعي ومن وافقه من أهل الشام، والليث ومن قال بقوله من أهل مصر، والشافعي وأصحابه، وأحمد، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. م 1931 - واختلفوا في الوقت الذي يجوز أن يفرق بين الوالدة وولدها. فقال مالك: حد ذلك إذا أثغر. وقال الليث بن سعد: حد ذلك أن ينفع نفسه ويستغني عن أمه فوق عشر سنين أو نحو ذلك، وقال الأوزاعي: إذا استغنى عن أمه فقد خرج من الصغر. وقال الشافعي: لا يفرق بينهما حتى يصير ابن سبع أو ثمان سنين. وقال أبو ثور: إذا كان يلبس وحده، ويتوضأ وحده، فلا بأس أن يفرق بينهما. وقال سعيد بن عبد العزيز: لا يفرق بينها في البيع، حتى يرفع عنه اسم اليتيم.

35 - باب التفرقة بين سائر القرابات مثل الأخوة وغيرهم

وقال أحمد قولاً سادساً، قال: السبي خاصة لا يفرق بينهما، قيل: فالمحتلمين لا يفرق بينهما؟ قال: لا. قيل لأحمد: يفرق بين المرأة، وأمها، والأخوين؟ قال: لا يفرق بين اثنين من السبي، والصغير، والكبير، والذكر، والأنثى سواء. واحتج بعمر (¬1) أنه قال: لا يفرق بين أهل البيت، بد من أن يكون فيهم كبارا، وقال النعمان وأصحابه: لا يفرق بين الجارية وولدها، إذا كانوا صغارا، وإن كانوا رجالا، ونساء، أو غلمانا وقد احتلموا، فلا بأس أن يفرق بين هؤلاء. قال أبو بكر: كلما ذكرناه إنما هو في التفريق بين الأم، وولدها في البيع. م 1932 - فأما التفريق بين الوالد، وولده، فإن مالكا قال: ليس من ذلك شيء. وقال الليث بن سعد: أدركت الناس وهم يفرقون بين الوالد وولده في البيع، ولا يفرقون بين الأم وولدها حتى يبلغ. وفيه قول ثان: وهو [1/ 182ب] أن لا يجوز أن يفرق بينهما، هذا قول أحمد، وهذا قول أصحاب الرأي، وهذا يشبه مذهب الشافعي. 35 - باب التفرقة بين سائر القرابات مثل الأخوة وغيرهم م 1933 - واختلفوا في التفرقة بين الأخوة، وكل ذي رحم محرم من الرجال والنساء. ¬

_ (¬1) في الأصل , وفي حاشية المخطوط "بعثمان" وكذا في الأوسط.

36 - أبواب الأمان

فقالت طائفة: لا يفرق بين شيء من السبي، كذلك قال أحمد، قال: والصغير، والكبير، والذكر، والأنثى فيه سواء. وقال راشد بن سعد: كانوا يكرهون [أن] (¬1) يفرقوا بين القرابة في بيع الأم وولدها، والأخ وأخته. وفي قول أصحاب الرأي: لا يجوز التفرقة بين الوالدين والوالد، وبين الأخوة والأخوات، وكذلك الصبى أو الصبية، إذا كان مع كل وأحد منهما عمه، أو خاله، أو جده، أو جدته، أو أبن أخته، أو ذو رحم محرم من قبل الرجال والنساء، فلا ينبغي للوالي، أن يفرق بن أحد منهم في قمسة، ولا في بيع. وقالت طائفة: تجوز أن يفرق بين كل من سوى الوالدين والولد، هذا قول الشافعي، وأحمد، وقال الليث بن سعد: أدركت الناس وهم يفرقون بين الأخوين في البيع، وبين الوالد وولده، ولا يفرق بن الأم وولدها حتى يبلغ أن ينفع نفسه، ويستغنى عن الأم فوق عشر سنين، أو نحو ذلك. قال أبو يكر: قول الشافعي صحيح. 36 - أبواب الأمان (ح 880) ثبت أن علي بن أبي طالب قيل له: هل عهد إليك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئاً لم يعهده إلى أحد؟ قال: لا، إلا ما في قرابى هذا، ¬

_ (¬1) ما بين العكوفين من الأوسط 11/ 253 رقم المسألة 1917.

37 - باب أمان العبد

قال: فأخرج كتاباً فإذا في كتابه ذلك: المؤمنون تتكافأ دماءهم، يسعى بذمتهم أدناهم، وهم يد على من سواهم. (ح 881) وروينا عنه أنه قال: المسلمون يد على من سواهم، يجير عليهم أدناهم، ويرد عليهم أقضاهم. 37 - باب أمان العبد م 1934 - أجمع أهل العلم على أن أمان والي الجيش، أو الرجل الحر الذي يقاتل يقاتل جائز على جميعهم. م 1935 - واختلفوا في أمان العبد. فأجازت طائفة أمانه، وممن أجاز ذلك عمر بن الخطاب. وأجاز أمان العبد ولم يشترط كان ممن يقاتل أو لم يكن سفيان الثوري، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وابن القاسم صاحب مالك، وأبو ثور. وقال الأوزعي، والشافعي، أبو ثور: قاتل أو لم يقاتل.

38 - باب أمان المرأة

وقال الليث بن سعد: أرى أن يجاز أمانه أو يرد إلى مأمنه. وقال النعمان ويعقوب: أمان العبد إذا كان يقاتل جائز [1/ 183/ألف] وإن كان لا يقاتل إنما جاء يخدم مولاه، فأمنمهم، لم يكن ذلك أماناً لهم. م 1936 - وقالا: وأما الأجير، والوكيل، والسوقي فأمنهم جائز قاتلوا أو لم يقاتلوا. قال أبو بكر: بالقول الأول أقول. 38 - باب أمان (¬1) المرأة (ح 882) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال لأم هانيء: "قد أجرنا من أجرت". (ح 883) وأجارت زينب بنت رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أبا العاص بن الربيع، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - "قد أجرنا من أجارت". م 1937 - وقالت عائشة زوج النبي- صلى الله عليه وسلم -: إن كانت المرأة لتأخذ على القوم، تقول: يجير عليهم. ¬

_ (¬1) في الأصل "أمانة" والتصحيح من الأوسط 11/ 260.

39 - باب أمان الذمي

وممن قال أمان المرأة جائز مالك، والثوري، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي. وكذلك نقول، للثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه أجاز أمان أم هانيء. قال أبو بكر: وشذ عبد الملك بن الماجشون عن جماعات الناس فقال قولاً كأنه دفع لما قلناه. 39 - باب أمان الذمي م 1938 - أجمع كل من يحفظ عنه من أهل العلم على أن أمان الذمي لا يجوز. كذلك قال الأوزاعي، والثوري، والليث بن سعد، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي. وكذلك نقول، لأن في قوله: "يجير عليهم أدناهم" دلالة على أن من كان من غيرهم لا يجير عليهم. وقد روينا عن الأوزاعي أنه قال: إذا غزا مع المسلمين، فإن شاء الإمام أجاز وإن شاء رده إلى مأمنه. 40 - باب أمان الصبي م 1939 - أجمع كل من يحفظ عنه من أهل العلم على أن أمان الصبى غير جائز.

41 - باب الإشارة بالأمان، وإعطاء الأمان بأي لغة تفهم أعطوا بها الأمان

كذلك قال الثوري، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي. 41 - باب الإشارة بالأمان، وإعطاء الأمان بأي لغة تفهم أعطوا بها الأمان م 1940 - روينا عن عمر بن الخطاب أنه قال: والله لو أن أحدكم أشار بإصبعه إلى السماء إلى مشرك، فنزل إليه فقتله، لأقتله به. وقال مالك، والشافعي: الإشارة بالأمان أمان. قال أبو بكر: كذلك نقول. م 1941 - وقال أبو وائل: كتب إلى عمر بن الخطاب فقال: إذا لقي الرجل الرجل فقال: "مترس" فقد أمنه، وإذا قال: لا تخف، فقد أمنه، وإذا قال: لا تدهل فقد أمنه، إن الله يعلم الألسنة. قال أبو بكر: وهذا على مذهب أحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي. وقال الأوزاعي: إذا قال له قف، أو قم، أو الق سلاحك، فوقف، فلا

42 - باب أمان التاجر والأسير

قتل عليه، ويباع، إلا أن يدعى أماناً، فيقول: إنما رجعت [1/ 183/ب] أو وقفت لندائك، فهو آمن. 42 - باب أمان التاجر والأسير م 1942 - كان الثوري يقول في أمان الأسير، والتاجر في أرض الحرب يؤمنان المشركين: لا يجوز أمانهما على المسلمين. وقال أحمد: لو أن أساري في عمورية نزل بها المسلمون، فقال: الأساري: أنتم آمنون، يريدون بذلك القربة إليهم، قال: يرحلون عنهم، وقال في أمان الأجير: جائز. 43 - باب المشرك يطلب الأمان ليسمع كتاب الله وشرائع الإِسلام ويراه إلى ما منه قال الله جل ذكره: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ} الآية. وقال قتادة حتى يسمع كلام الله، أي كتاب الله، فإن أمن فهو الذي دنا منه، وإن أبى فعليه أن يبلغه إلى مأمنه. وبه قال الأززاعي، والشافعي، وقال الأوزاعي: هي إلى يوم القيامة.

44 - باب الحربي يصاب في بلاد الإسلام ويقول جئت مستأمنا

قال أبو بكر: قد بلغنا أن عمر بن عبد العزيز كتب بذلك إلى الناس، وروينا عن مكحول مثله. 44 - باب الحربي يصاب في بلاد الإسلام ويقول جئت مستأمناً م 1943 - واختلفوا في الحربي يوجد في ديار المسلمين يقول: جئت مستأمناً. فقال مالك: الإمام في ذلك بالخيار يرى فيه رأيه، وقال الأوزاعي: أمره إلى الإمام إن شاء قتله، وإن شاء استحياه. وقال أصحاب الرأي: إذا قال: أنا رسول الملك ولا يعلم ذلك، لم يقبل منه، وصار فيئاً للمسلمين. وقال الأوزاعي، والنعمان: إن علم أنه رسول الملك فهو آمن، ولا يعرض له، وهو قول الشافعي، ويعقوب. 45 - باب أمان الرجل الرجل ثم يخفى ويشتبه على من أمنه م 1944 - واختلفوا في العلج يشرف (¬1) من حصن فيؤمن، فلما فتح الباب ادعى كل واحد منهما أنه الذي أومن. فقال أحمد: لا يقتل أحد منهم. وقال الشافعي: يمسك عن كل واحد من شك فيه، فلم يقتله، ولم تسب ذريته. ¬

_ (¬1) في الأصل "يسرق" والتصحيح من الأوسط.

46 - باب الحربي يسلم في دارالحرب وله بها مال

قال أبو بكر: وهذا نحو قول أحمد. وقال الأوزاعي: إذا أشرف عليهم رجل فأسلم، ثم أشكل ذلك وادعى كل رجل منهم أنه أسلم وهم عشرة، يسعى كل رجل منهم في قيمته إذا لم يعرف، ويترك له عشر قيمته. 46 - باب الحربي يسلم في دارالحرب وله بها مال م 1945 - واختلفوا في الحربي يسلم في دار الحرب وله بها مال، ثم يظهر المسلمون على تلك الدار. فقالت طائفة: يترك له ما كان في يديه من ماله، ورقيقه، ومتاعه، وولد صغار، وما كان من أرض، [1/ 184/ألف] أو دار فهو فيء، وامرأته فيء إذا كانت كافرة، فإن كانت حبلى فما في بطنها فيء، هذا قول النعمان. وخالفه الأوزاعي فقال: كانت مكة دار حرب ظهر عليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمسلمون، فلم يقبض لهم رسول الله- صلى الله عليه وسلم - داراً، ولا أرضاً، ولا امرأةً، فأمن الناس كلهم، وعفا عنهم. وقال الشافعي: فأما ولده الكبار، وزوجته فحكمهم حكم أنفسهم، يجري عليهم ما يجري على أهل الحرب من القتل، والسبي، وإن سبيت امرأة حاملاً منه، فلا سبيل إلى ما في بطنها، لأنه مسلم بإسلام أبيه. وقال في المال كما قال الأوزاعي.

47 - باب الشهادة على الأمان

47 - باب الشهادة على الأمان م 1946 - واختلفوا في شهادة الشاهد الواحد على الأمان، فكان الأوزاعي يقول: إذا قال رجل من المسلمين إني قد أمنتهم، جاز أمانه عليهم، وقال النعمان: إذا صاروا في الغنيمة وقال رجل قد أمنتهم، لم يصدق على ذلك، لأنه أخبر عن فعل نفسه. وقال الشافعي: يقبل قوله فيهم قبل أن يصيروا فيئاً، فإن صاروا في أيدي المسلمين، لم يقبل قول أحد إلا ببينة، وقال: إذا لم أقبل قوله فحقه منهم [باطل] (¬1) لا يجوز أن يملكه. مسألة م 1947 - واختلفوا في المشرك يخرج إلينا بأمان، ثم يسلم، فغزا المسلمون تلك الدار، فأصابوا أهله، وماله: فكان مالك، والليث بن سعد يقولان: أهله وماله فيء للمسلمين. ومن قول الشافعي: لا سبيل عليه ولا على ماله. وقال النعمان: يترك ما كان في يديه من ماله، ورقيقه، ومتاعه وولد صغير، وما كان من أرضه أو داره فهو فيء. 48 - باب المستأمن يسرق أو يقذف أو يزني م 1948 - واختلفوا في المستأمن يسرق، أو يقذف، أو يزني، أو يصيب بعض الحدود، فكان الشافعي يقول: "ما كان من حق الله لا حق للآدميين ¬

_ (¬1) ما بين المعكوفين من الأوسط 11/ 274.

49 - باب إقامة الحدود [1/ 184/ب] في دار الحرب

فيه؛ فهو معطل عنهم، ويقال لهم: تؤمنوا على هذا فإن كففتم، وإلا ألحقناكم بما صدر منكم، ونقضنا الأمان بيننا وبينكم، وما كان من حق الآدميين أقيم عليهم الحد، وذلك مثل القصاص، والحد في القذف". وقال الأوزاعي في الزنا، والسرقة، والقذف: يؤخذون به، فإنهم لم يؤمنوا على إتيانه فينا، وإظهار الفواحش، وقال النعمان: ويعقوب في الزنا والسرقة: لأ حد عليهم، وتضمن السرقة. 49 - باب إقامة الحدود [1/ 184/ب] في دار الحرب م 1949 - واختلفوا في إقامة الحدود في دار الحرب، فكان الأوزاعي يقول: تؤخر إقامتها حتى يخرجوا من دار الحرب، وقال أحمد: في المسلم يسبيه العدو، فيقتل هناك مسلماً، أو يزني، قال: يقام عليه الحد إذا خرج، وكذلك قال إسحاق: وقال أحمد في إقامة الحدود في الجيش: لا، حتى يخرجوا من بلادهم، قال إسحاق: إذا كان الإمام لم يرى إقامة الحد أحسن. وقالت طائفة: تقام الحدود في دار الحرب كما تقام في أرض الإسلام، وذلك أن الله تعالي أمر بقطع السارق، وحد الزاني، والقاذف، وأوجب القصاص، فعلى الإمام أن يقيم ذلك ولا تؤخر ذلك، ولا نعلم حجة توجب تأخير ذلك، هذا قول مالك، والشافعي، وأبي ثور. وبه نقول.

50 - باب الرجل من المسلمين يطلع على أنه عين للمشركين قد كتب بأخبار المسلمين إليهم

وقال أصحاب الرأي في الرجل المسلم يكون في دار الحرب، فزنا هناك وحرج، فأقر به، لم يحد لأنه زنا حيث لا يجري عليه أحكام المسلمين. م 1950 - وقال النعمان في الحربي يسلم في دار الحرب فيدخل رجل مسلم فيقتله في دار الحرب عمداً أو خطأً، لا شيء عليه، إلا أن عليه في الخطأ الكفارة. وفي قوله الشافعي: إذا علمه مسلماً، فعليه القود إن شاء ورثة المقتول، أو الدية. وبه نقول. 50 - باب الرجل من المسلمين يطلع على أنه عين للمشركين قد كتب بأخبار المسلمين إليهم م 1951 - واختلفوا فيما يفعل بالرجل من المسلمين قد كاتب المشركين وأخبرهم بأخبار المسلمين، فقال مالك: ما سمعت فيه بشيء، وأرى فيه اجتهاد الإمام: وقال الأوزاعي: يستتاب، فإن تاب قبلت توبته، وإن أبى عاقبه الإمام عقوبة موجعة، ثم غرّ به إلى بعض الآفاق، أو ضمن الحبس. وقال الأوزاعي: وإن كان ذمياً قتل، قد نقض عهده، وإن كان من أهل الحرب بعثوا إليهم بأموال على مناصحتهم، قبض تلك الأموال فوضع في بيت المال، وقال أصحاب الرأي: يوجع عقوبة، ويُطال حبسه.

51 - باب المستأمن يطلع عليه أنه عين للمشركين يكتب [1/ 185/الف] إليهم بأخبار المسلمين

وقال الشافعي: "لا يحل دم من قد ثبت له حرمة الإسلام، إلا أن يزني بعد إحصان، أو يقتل، أو يكفر كفراً بيناً بعد الإيمان". واحتج: (ح 884) بحديث روضة خاخ في قصة حاطب بن أبي بليقة، وأن النبي- صلى الله عليه وسلم- يعاقبه. وقال الشافعي: "وإذا كان هذا من الرجل ذي الهيئة بجهالة أحببت أن يتجافى عنه، وإن كان غر ذي الهيئة، كان للإمام، وإن أعلم تعزيره". 51 - باب المستأمن يطلع عليه أنه عين للمشركين يكتب [1/ 185/الف] إليهم بأخبار المسلمين قال أبو بكر:

52 - باب أم الولد الحربي وغيرها تسلم وتخرج من دار الحرب إلى دار الإسلام

م 1952 - قد ذكرت فيما مضى عن الأوزاعي أنه قال: إن كان ذمياً، قتل، فقد نقض عهده. وقال أصحاب الرأي: ليس ذلك نقضاً للعهد، وينبغى للإمام أن يوجعه عقوبة، ويطيل حبسه. وقال الشافعي: " إذا قال: لم أراد بهذا انقضاءً للعهد: فليس بنقض للعهد، ويعزر ويحبس". 52 - باب أم الولد الحربي وغيرها تسلم وتخرج من دار الحرب إلى دار الإسلام قال أبو بكر: قد ذكرت فيما مضى: (ح 885) أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اعتق يوم الطائف من رقيق المشركين. وقال به كل من يحفظ عنه من أهل العلم. م 1953 - واختلفوا في أم الولد الحرب تسلم في دار الحرب، ثم تخرج إلى دار الإسلام، فكان النعمان يقول: إنها تزوج إن شاءت ولا عدد عليها، وقال الأوزاعي: أي امرأة هاجرت إلى الله بدينها، فحالها كحال المهاجرات، لا تتزوج حتى تنقضي عدتها. وقال الشافعي: تستبرأ بحيضته، وقال يعقوب: على أم الولد العدة، وعلى المرأة الحرة العدة، كل واحد منهن ثلث حيض، لا

53 - باب النهي عن السفر بالقرآن إلى أرض العدو

يتزوجن حتى تنقضي (¬1) عدتهن، ولا سبيل لأزواجهن، ولا لمواليهن إليهن آخر الأبد. وقال الشافعي في المرأة تخرج من دار الحرب مسلمة، وزوجها كافر يقيم بدار الحرب: لا تتزوج حتى تنقضى عدتها كعدة الطلاق. 53 - باب النهي عن السفر بالقرآن إلى أرض العدو (ح 886) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - نهى أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو خشية أن يناله العدو. م 1954 - وبه قال مالك وأحمد. وخالف النعمان الخبر الثابت عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - في هذا الباب، وما جاء في ذلك عن عمر بن الخطاب، وعمر بن عبد العزيز، وقال: لا بأس أن يسافر بالقرآن في أرض الحرب. 54 - باب وطئ الرجل جارية يشتريها في دار الحرب م 1955 - واختلفوا في وطئ الرجل أمته التي يشتريها في دار الحرب، فأباح وطيها مالك، والأوزاعي، والشافعي، والثوري، وأبو ثور، ¬

_ (¬1) في الأصل "تنقضين".

55 - باب وطئ [1/ 185/ب] الرجل زوجته وأم ولده اللتين قد سباهبما العدو

وقال النعمان، ويعقوب: لا يطأها إن شاء على ظاهر ما أباح الله من وطئ ملك اليمين، قال الله: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ}، الآية. 55 - باب وطئ [1/ 185/ب] الرجل زوجته وأم ولده اللتين قد سباهبما العدو م 1956 - واختلفوا في وطئ الرجل زوجته، أو أم ولده إذا أمكنه وطئهما، وهما بأيدي العدو، فقال النعمان: لا بأس أن يطأهما إذا لقيهما، هذا قول النعمان. وقال الأوزاعي: لا يطأ فرجاً يتعاوره رجلان، هو في السر زوجها، والكافر في العلانية، ولا يقعها، وليست بذات زوج فيهم، ماله أن يطأها حتى نجلو بينه وبينها، فيخرج بها إلى دار الإسلام. 56 - باب الأسير المسلم يدخل دار الحرب بأمان فيغدر م 1957 - واختلفوا في الأسير المسلم في دار الحرب، أو المسلم يدخل دار الحرب بأمان، هل له أن يأخذ من أموالهم أم لا؟

فمذهب الأوزاعي، والشافعي، وأحمد، لا يخونهم، ولأ يأخد من أموالهم. وقال النعمان: إن قتل منهم أو أخذ منهم مالاً، ثم خرج إلى دار الإسلام ما كنت أرده عليهم. قال أبو بكر: بل يرده إليهم؛ لأنه مال له أمان. (ح 887) كان المغيرة بن شعبة صحب قوماً فأخذ أموالهم، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: أما الإسلام فأقبل، وأما الأموال فلست منه في شيء. والغدر لا يجوز. وقال مالك في الرجل من أهل الحرب دخل دار الإسلام بأمان فقتله رجل من المسلمين: يدفع ديته إلى ورثته في دار الحرب، وبه قال الأوزاعي. م 1958 - وقال النعمان في رجل مسلم دخل دار الحرب بأمان فأدانه حربي ديناً، ثم خرج الحربي مستأمناً فأراد الحربي أن يأخذ بدينه، قال: لا يقضى له على المسلم بدينه. وكذلك لو كان المسلم هو أدان الحربي ديناً كان سواء، ولم يقض له على الحربي بدينه، وفي قول الشافعي: يقض بالمال في الوجهين جميعاً. وبه أقول.

57 - باب إباحة دم المعاهد وسبي ذراريه وأخذ أمواله إذا انقض العهد

57 - باب إباحة دم المعاهد وسبي ذراريه وأخذ أمواله إذا انقض العهد (ح 888) ثبت أن يهود بني قريظة، والنضير حاربوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأجلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بني النضير، وأقر قريظة، حتى حاربت قريظة بعد ذلك، فقتل رجالهم وقسم نساءهم، وأولادهم، وأموالهم بين المسلمين. قال أبو بكر: فللإمام أن يبدأ من خاف خيانته بالحرب، وليس له أن يفعل ذلك إلا أن يجد دلالة قوية تدل على نقض العهد، ويقال: إلا الآية نزلت في قريظة " {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ} الآية. وقال أبو عبيدة: "وإما تخافن من قوم خيانة" مجاز [1/ 186/ألف] أي فإما، فإن تخافن من قوم"، ومعناها: "فإن توقنن منهم خيانة وغدراً وخلافاً، وغشاً ونحو ذلك". وقال الكسائي وغيره: السواء: العدل، وقيل: إن قوله: {فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاء} أعلمهم أنك قد حاربتهم حتى يصيروا مثلك في العلم، فذلك سواء.

58 - باب الصلح والهدنة بين المسلمين والمشركين إلى مدة من المدد

م 1959 - واختلفوا فيما كان نقضاً للعهد، كان الأوزاعي يقول: إن كان من أهل الذمة فخبّر أهل الحرب بعورة المسلمين، ودل عليها، وأوى عيونهم، فقد نقض العهد، وخرج من ذمتهم إن شاء الوالي قتله، وإن شاء صلبه وفي قول الشافعي والنعمان: لا يكون ذلك نقضاً للعهد. 58 - باب الصلح والهدنة بين المسلمين والمشركين إلى مدة من المدد م 1960 - اختلف أهل العلم في المدة التي كانت بين رسول الله- صلى الله عليه وسلم - وبين أهل مكة عام الحديبية، ففي خبر عروة بن الزبير أن قريشاً هادنت النبي - صلى الله عليه وسلم - على سنين أربع، وقال ابن جريج: المدة التي كانت بين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبين قريش ثلاث سنوات، ثم نقضوه للعام الرابع للحديبية، ذكر ابن جريج أنه قيل له ذلك. وكان الشافعي يقول: "وكانت الهدنة بينهم يعني قريشاً وبين رسول الله- صلى الله عليه وسلم - عشر سنين، قال الشافعي: فأحب إليّ أن الإمام إذا نزلت به نازلة يكون النظر لهم فيها مهادنة العدو، أن لا يهادنه إلا في مدة، ولا يجاوز بالمدة مدة أهل الحديبية، كانت النازلة ما كانت، فإن هادنهم أكثر منها فهي منتقضة لأن الأصل فرض فقال المشركون: حتى يؤمنوا، أو يعطوا أهل الجزية الجزية". م 1961 - وقال الأوزاعي: إن صالح المسلمون أهل الحرب على أن يؤدوا إلى المسلمين كل سنة شيئاً معلوماً، على أن لا يدخل المسلمون بلادهم لم

نعب مصالحتهم، وقد صالح رسول الله- صلى الله عليه وسلم - المشركين يوم الحديبية على غير خراج يؤدونه إليه. وقال أصحاب الرأي: لو أن قوماً من أهل الحرب أهل حصن، أو أهل مدينة، أو أهل عسكر، أو أهل بلد من البلدان أهل الحرب سألوا المسلمين أن يوادعوهم سنين معلومة على أن لا يدخل المسلمون بلادهم، وعلى أن لا تجري عليهم أحكام المسلمين، فإن كان ذلك خيراً للمسلمين، وادعوهم على ذلك، فإن فعلوا، ثم رأى المسلمون أنهم قوة، فعليهم أن ينبذوا إليهم، ثم يقاتلونهم. وكان الأوزاعي يقول: لا يصلح أن يودع إمام المسلمين أهل الحرب على فدية أو هدية يؤديها المسلمون إليهم إلا عن ضرورة، وشغل المسلم أهل العلم حربهم عن قتال عدوهم، أو فتنة [1/ 186/ب] شملت المسلمين فإذا كان ذلك فلا بأس. وقال الشافعي: "لا يعطيهم المسلمون شيئاً بحال إلا أن يخافوا أن يصطلحوا لكثرة العدو، وقتلهم، أو خلة فيهم، فلا بأس أن يعطوا في ذلك الحال لأنه من معاني الضرورات أو يؤسرون مسلماً فلا يخلى إلا بفدية، فلا بأس؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فدى رجلاً برجلين". وقال الأوزاعي: ولا بأس أن يصالحهم على عدد سبي يؤدونهم إلى المسلمين، ولا يضر من أحرارهم كان ذلك أو من غيرهم، إذا كان ذلك الصلح ليس بصلح ذمة، وخراج، يقاتل من ورائيهم، وتجري عليهم أحكام المسلمين، فلا بأس بذلك.

59 - باب نساء المهادنين

وقال أحمد بن حنبل: إذا صالحهم أهل الإسلام على ألف رأس كل سنة، فكان يسبي بعضهم بعض ويؤدونه، قال: لا بأس به، ويجيء به من حيث شاء: وبه قال إسحاق بن راهويه. وقال النعمان: لا خير في الصلح على أن يؤدوا ذلك من أبنائهم، ولا ينبغي للمسلمين أن يقتلوا ذراريهم أحداً؛ لأن الصلح وقع عليهم وعلى ذراريهم. 59 - باب نساء المهادنين قال الله جل ذكره: {وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنْفَقُوا} الآية. قال أبو بكر: م 1962 - واحتمل قوله: {وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ} من النفقات، واحتمل الصداق الذي أعطوا، فإن مجاهد، وقتادة يقولان: ذلك الصداق، قال مجاهد في هذه الآية: "ما ذهب من أزواج أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم - إلى الكفار، فليعطهم الكفار صدقاتهن، وامسكوهن، وما ذهب من أزواج الكفار إلى أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - فكمثل ذلك في صلح كان بين محمد وقريش". وقال الشافعي: ومثل ما أنفقدا يحتمل، والله أعلم، ما دفعوا بالصداق لا النفقة غيره.

وفيه قول ثان: وهو أن لا يعطا الزوج المشرك الذي جاءت زوجته مسلمة؛ لأن الله عَزَّ وَجَلَّ فتح ذلك، ثم رسوله - صلى الله عليه وسلم -، قال: وأشبههما أن لايعطوا عوضاً. م 1963 - وقال مجاهد: {وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ}: الآية قال بعد الصلح والعهد، {فَعَاقَبْتُمْ} الآية قال: اقتصصتم أصبتم مغنياً من قريش، أو غيرهم {فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمْ مِثْلَ مَا أَنْفَقُوا} الآية صدقاتهن عوضاً. وفية قول ثان: قاله قتادة: {وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ} الآية وذكر قتادة كلاماً كثيراً، قال: ثم نسخ هذا الحكم، وهذا العهد في براءة، فنبذ إلى كل ذي عهد عهده". وقال عطاء: لا يعاض زوجها منها بشيء إنما كان ذلك من النبي- صلى الله عليه وسلم -: وبين أهل [1/ 187/ألف] عهد بينه وبينهم، وقال الزهري: انقطع ذلك يوم الفتح لا يعاض زوجها منها بشيء. وقال الثوري: لا يعمل به اليوم.

60 - باب فتح مكة واختلاف الناس فيه

60 - باب فتح مكة واختلاف الناس فيه م 1964 - اختلف أهل العلم في دخول رسول الله- صلى الله عليه وسلم - مكة، فقالت طائفة: دخلها عنوة كذلك قال الأوزاعي قال: فتح رسول - صلى الله عليه وسلم - مكة عنوة فخلى بين المهاجرين وأراضيهم، ودورهم بمكة، ولم يجعلها فيئاً. وقال الشافعي: لم يدخلها رسول الله- صلى الله عليه وسلم -عنوة، وإنما دخلها صلحاً، وقد سبق لهم أمان، والذين قاتلوا وأذن في قتالهم بمكة، بنو نفاتة قتله خزاعة وليس لهم بمكة دار، ولا مال، إنما هم قوم هربوا إليها، وقد تقدم من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (ح 889) من دخل داره فهو آمن، من ألقى سلاحه فهو آمن". وقال يعقوب: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن مكة وأهلها: (ح 890) وقال: من أغلق عليه بابه فهو آمن، ومن دخل المسجد فهو آمن، ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن". ونهى عن القتل إلا نفراً قد سماهم، إلا أن يقاتل أحد فيقاتل، وقال لهم حين اجتمعوا في المسجد: (ح891) "اذهبوا فأنتم الطلقاء". ولم يجعل منها فيئاً، ولم يسب من أهلها أحداً.

وكان أبو عبيدة يقول: فتح مكة ومنّ على أهلها فردها عليهم، ولم يقسمها، ولم يجعلها فيئاً، فرأى بعض الناس أن هذا جائز للأمة بعده، ولا نعلم مكة يشبهها شيء من البلاد من جهتين، إحداهما: أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - كان الله قد خصه من الأنفال. والغنائم ما لم يجعله لغيره، وذلك لقوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ} الآية، فنرى أن هذا كان خاصة له، والجهة الأخرى: أنه سن بمكة سنناً ليس لشيء من البلاد، وذكر أبو عبيد أخباراً رويت في كراهية أجور بيوت مكة. قال أبو بكر: أما حجة من قال: دخل النبي- صلى الله عليه وسلم - مكة صلحاً، فما تقدم من النبي- صلى الله عليه وسلم - من الأمان قوله: (ح 892) ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن دخل داره فهو آمن، ومن ألقى سلاحه فهو آمن، أو فمن ألقى السّلاح فهو آمن". واحتج من قال بأنه دخلها عنوة بقوله: (ح 893) إن الله حبس الفيل عن مكة وسلط عليهم رسوله والمؤمنون أنها لا تحل لأحد قبلي، ولن تحل لأحد بعدي، وإنما أحلت لي ساعة من نهار وهي ساعتي هذه.

61 - باب اختلاف أهل العلم في بيع رباع مكة وأجرة منازلها

(ح 894) وبحديث أبي هريرة عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه قال لهم: أترون أوباش قريش إذاً لقيتموهم غداً [1/ 187/ب] واحصروهم حصراً، فلما، كان الغد لقيناهم فلم يشرف لهم أحد إلا بأمره، فجاء أبو سفيان فقال: يا رسول الله أبيحت خضراء قريش، لا قريش بعد اليوم. قالوا: فكيف يجوز أن يكون دخوله مكة صلحاً وهو يأمرهم أن يحصدوهم حصداً هذا يستحيل أن يجوز لأحد أن يظن بالنبى - صلى الله عليه وسلم - أنه أمنهم بمر الظهران، وقبل (¬1) دخوله مكة نقض ذلك، أو يكون واعدهم وعداً ثم أخلف ذلك. (ح 895) ويدل حديث أم هانئ: أجرت حموين لي من المشركين، وقول النبي- صلى الله عليه وسلم -: قد أجرنا من أجرت، على مثل ذلك. واحتجوا بقتل ابن خطل، ولو كان دخلها صلحاً ما جاز قتل أحد من أهلها، وبقوله: (ح 869) لا يقتل قرشي صبراً بعد هذا اليوم إلى يوم القيامة. 61 - باب اختلاف أهل العلم في بيع رباع مكة وأجرة منازلها م 1965 - واختلفوا في كري بيوت مكة وبيع رباعها: فكرهت طائفة ذلك، كرِهَ ذلك أبو عبيد. ¬

_ (¬1) في الأصل "أو قبل"، والصحيح ما أثبته

وقال أحمد: إني لأتوقى الكرى يعني أجور بيوت مكة، وأما الشرى فقد اشترى عمر دار السجن، وأما البناء بمنى فإني أكرهه، وقال إسحاق: كل شيء في دور مكة فإن بيعها: وإجارتها، وشرائها مكروه، ولكن الشري، واستيجار الرجل أهون إذا لم يجد، وأما البناء بمنى على وجه الاستخلاص لنفسه فلا يحل. وأباحت طائفة من أهل العلم بيع رباع مكة وكري منازها. فممن أباح كري مساكنها طاووس، وعمرو بن دينار، واحتج من هذا مذهبه أن عمر بن الخطاب ابتاع دار السجن بأربعة آلاف، وهذا قول الشافعي قال: (ح 897) وفي قوله، وهل ترك لنا عقيل منزلاً. دليل على أنه ملك لأربابها. واحتج الذين كرهوا ذلك بأخبار رويت عن عبد الله بن عمر، وعطاء وعمر بن عبد العزيز، في كراهيتهم كرائها، وفي أسانيد حديث عبد الله بن عمرو بن العاص فقال. واحتج من أجاز ذلك بقول الله عز وجل: {الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا} الآية. (ح 898) وبقول النبي- صلى الله عليه وسلم -من دخل دار أبي سفيان فهو آمن ومن أغلق عليه بابه فهو آمن، ومن دخل داره فهو آمن".

62 - باب الوقت الذي يستحق فيه الغازي الفرس المحمول عليه

فأثبت لأبي سفيان ملك داره، وأثبت لهم أملاكهم على دورهم، وإذا ثبت ذلك لهم بالكتاب والسنة، لم يجب دفع ذلك بقول أحد من الناس، ولا سيما لأخبار واهية تكلم في أسانيدها، وفي شري عمر دار السجن من صفوان بن أمية بيان لما قلناه، لأنه لا يشتري ما لا يكون له ملك عليه، ولا يطعم البائع [1/ 188/ألف]، مالاً يحل له. ويدل مع ذلك على صحة ما ذكرناه دور أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فممن له بمكة دار أو دور أبو بكر الصديق، والزبير بن عوام، وحكيم بن حزام، وعمرو بن العاص، وصفوان بن أمية وغيرهم، فبعضها إلى اليوم بأيدي أعقابهم وقد بيع بعضها، وتصدق بعضها، ولم يكونوا يفعلون ذلك إلا في أملاكهم، وهو أعلم بالله ورسوله ممن بعدهم، وقد ذكرت باقي الحجج رداً على الأخبار التي احتج بها من خالفها ما قلناه في الكتاب التي أخرجت منه هذا الكتاب. 62 - باب الوقت الذي يستحق فيه الغازي الفرس المحمول عليه م 1966 - ثبت أن أبن عمر كان إذا حمل على البعير في سبيل الله، أو على الدابة، أو على السبى قال لصاحبه: لا تبعه، ولا تملكه حتى تخلف وادي الطرس من طريق الشام، أو حدره من طريق مصر، ثم شأنك وشأنه.

وقال أحمد: إنها فعل ذلك ابن عمر في ملكه، ورأى أن المحمول عليه الفرس أن ما يستحقه بعد الغزو، وقد روينا عن سعيد بن المسيب أنه قال: إذا بلغ رأس مغزاه فهو له، وبه قال سالم بن عبد الله، والقاسم بن محمد بن يحيى الأنصاري، والليث بن سعد، والثوري، وذكر الأوزاعي قول سعيد بن المسيب كالمفتدى به. وقد روينا عن النخعي أنه قال في الرجل: يجعل الشيء في سبيل الله فيفصل منه فصل قال: يجعله في ذلك. وكان الثوري، وابن عون يعجبهما هذا القول، وقال مالك: من حمل على فرس في سبيل الله فلا أري أن ينتفع بشىء من ثمنه في غير سبيل الله إلا أن يقال له: شأنك به ما أردته. قال أبو بكر: إذا حمل رجل رجلاً على فرس في سبيل الله فغزا عليه فهو له: (ح 899) استدلالاً بحديث عمر أنه حمل على فرس في سبيل الله، وأخبر أن الذي وقفها عليه أن يبيعها، فسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ابتياعها، فقال: لا تبتاعها ولا ترْجِعنّ في صدقتك. ولما لم أعلم أحداً يقول: إن من حمل على دابة في سبيل الله، إن للمعطي أن يبيعة مكانه، لم يجز أن يكون ذلك معنى للحديث، وإذا لم يجز ذلك، فإذا غزا عليه فهو مال من ماله، يصنع به ما يصنع بسائر ماله، وهذا قول أكثر أهل العلم.

مسألة

مسألة م 1967 - وإذا أعطى الرجل الشيء يجعله في سبيل الله، لم يأخذ لنفسه منه شيئاً، وقد روينا عن مكحول، والليث بن سعد أنهما قالا ذلك، وهو يشبه مذهب الشافعي. وقال مالك مرة في مثل هذا: إذا احتاج الذي بعث به معه أن يأخذ لنفسه أخذ بالمعروف. قال أبو بكر: الأولى أولى [1/ 188/ب]. 63 - باب الفرس الحبيس في سبيل الله يحج عليه م 1968 - واختلفوا في الرجل يأمر بالشيء في سبيل الله فقال كثير منهم: يجعل في الجهاد، هذا مذهب يحيى الأنصاري، ومالك، والشافعي. وقد روينا عن ابن عمر أنه كان يقول: الحج من سبيل الله، وقال مجاهد: كل خير عمله فهو في سبيل الله. 64 - باب الخير إلى أرض العدو للتجارة (ح 900) جاء الحديث عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أنه قال: من أقام مع المشركين فقد برئت منه الذمة.

65 - باب حمل الرؤوس

م 1969 - واختلف أهل العلم في الدخول إلى أرض الشرك للتجارة فكره ذلك مالك، والأوزاعي، وروينا عن الحسن أنه قال في الذين يحملون الطعام إلى أرض العدو: أولئك الفساق. وكره عطاء، وعمرو بن دينار حماد السلاح إليهم، وقال الليث بن سعد: يعاقب من فعل ذلك. قال أبو بكر: يكره دخول أرض الحرب حيث تجري أحكامهم على المسلمين، وإن بايعهم لم يحرم البيع، وأما التجارة في عسكر المسلمين في بلاد الحرب، فجائز لا أعلم أحداً كره ذلك. 65 - باب حمل الرؤوس م 1970 - روينا عن عقبة بن عامر أنه قال: جئت أبا بكر بأول فتح الشام ورؤوس فقال: ما كنت تصنع بهذه شيئاً، وقال الزهري: أول من سن ذلك، ابن الزبير، حمل إليه رأس ابن زياد وأصحابه. وكره الأوزاعي حمل رؤوس المشركين. وقد روينا عن علي أنه حمل إليه رأس ففزع من ذلك، وقال: لم يكن هذا على عهد رسول الله- صلى الله عليه وسلم -، ولا أبي بكر، ولا عمر، ونهى عن حمل الرؤوس. 66 - باب الحربية تسبى وزجها أويسبأ أحدهما قبل صاحبه م 1971 - واختلفوا في الحربية تسبى فقالت طائفة: السبى يقطع العصمة بينهن وبين أزواجهن، هذا قول مالك، وسفيان، والشافعي،

67 - باب الواقع على جارية من السبي

وأبي ثور، وحجتهم في ذلك قوله: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} الآية. (ح 901) وروينا عن أبي سعيد الخدري أنه قال: أصبنا سبايا يوم أوطاس ولهن أزواج فكرهنا أن نقع عليهن، وذكرنا ذلك للنبى - صلى الله عليه وسلم - فنزلت: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ}. وروينا ذلك عن ابن عباس، وقال النعمان: إذا سبيت المرأة ثم سبي بعدها زوجها بيوم وهي في دار الحرب، أنها على النكاح [1/ 189/ألف]. وقال الأوزاعي: ماداما في المقاسم فهما على النكاح، وإن اشتراها رجل فشاء أن يجمع بينهما جمع، وإن شاء فرق بينهما واتخذها لنفسه، أو زوجها من غيره بعدما يستبرئها بحيضته. قال أبو بكر: بحديث أبي سعيد أقول. 67 - باب الواقع على جارية من السبي م 1972 - واختلفوا في الرجل من الجيش يقع على جارية من السبى، فكان مالك يقول: عليه الحد، وقال أبو ثور: كذلك إذا كان عالماً بأن هذا لا يحل، وقال الأوزاعي: كان من سلف من علمائنا

68 - مسائل من هذا الباب

يقيمون عليه أدنى الحدين مائة جلدة، وتقوّم هى فتكون من الذي وطيها, ويلحق ولده به. وقال النعمان: ندرأ عنه الحد، ويؤخذ منه العهد، والجارية وولدها في الغنيمة، ولا يثبت نسب الولد، وكان الشافعي يقول: "إن لم تحمل أخذ منه عقرها، وردت في المغنم، وإن كان جاهلاً نهى، ولو كان عالماً عذر، ولا حد، وإن علم حصته رفع عنه من المهر بقدر حصته، وإن حملت تقوم عليه تكون أم ولد له. 68 - مسائل من هذا الباب م 1973 - واختلفوا في العبد يسرق من الغنيمة، ومولاه في ذلك الجيش، فقال النعمان: لا قطع عليه، وكذلك الرجل يسرق من الغنيمة، وقد كان أبوه، أو أخوه: أو ذو رحم، أو امرأة سرقت من ذلك وزوجها في الجند، لا يقطع أحد من هؤلاء. وقال الأوزاعي يقطعون، ولا يبطل الحد عنهم، وقال الشافعي في السارق من الغنيمة، وقد حضر ابنه، أو أبوه مثل ما قال النعمان، وخالفه في المرأة يحضر زوجها الغنيمة، والأخ وغيره، وجعل عليها القطع. م 1974 - واختلفوا في تسخير العلج، فروينا عن جندب بن عبد الله أنه قال كنا نسخرهم يدلون على الطريق، ثم نرسلهم، وقال أحمد، وإسحاق: إذا يجدوا بداً سخروا العلج.

قال أبو بكر: إن كان العلج الذي يسخر من أهل الذمة بطيب من نفسه، فلا شيء عليهم، وإن كان حربياً لا أمان له، فلهم إكراهه على ذلك. م 1975 - وكان النعمان يقول في رجل من أهل الحرب دخل بأمان ومعه مولاه أعتقه في دار الحرب قال: لا يعتق ذلك. وفي قول الأززاعي والشافعي: هما حران. وبه نقول. م 1976 - وإذا دخل الرجل من أهل دار الحرب دار الإسلام ومعه أم الولد ومدبرته، وأراد بيعهما ففي قول النعمان: يبيع مدبرته، ولا يبيع أم ولده، وهذا قول الشافعي. وبه نقول. وقال الأوزأعي: هما سواء، لا يفرق بين قوله فيهما، وإن مات في دار الإسلام لا يردهما وليه في الرق. م 1977 - واختلفوا في الأسير [1/ 189/ب] يكره على شرب الخمر، ففي قول ابن المبارك، والأوزاعي: لا يشرب الخمر لأن التقية عندهم باللسان لا بالعمل، وكان مكحول، والحارث العكلى يقولان: إذا اضطر إلى الخمر فلا يشربها. وكان الثوري يرخص في شربها إذا اضطر إليها، وهذا قول مسروق، وقال الشافعي: أكره للأسير أن يشرب الخمر، ولا يتبين لي ان يحرم عليه.

43 - كتاب قسم الفيء

43 - كتاب قسم الفيء 1 - باب الفرق بين قسم الغنائم الموجف عليها بالخيل والركاب، والفيء الذي لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب قال الله جل ذكره: {وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ}، إلى قوله {رَءُوفٌ رَحِيمٌ} الآية. أبو عبيدة يقول: "الإيجاف: وجيف الغرس أوجبته أنا، الخيل هي الخيل، والركاب هي الإبل، والإيجاف: الإيضاع، وإذا لم يغزوا فلم يوجف عليها". وقال قتادة في قوله: {فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ}، ما قطعتم إليها وادياً، ولا سيرتم إليها دابة ولا بعيراً، إنما كان حوائط لبني النضير أطعمها الله رسوله - صلى الله عليه وسلم - 2 - باب الخبر الدال على الفرق بين مال الفيء ومال الغنيمة وعلى أن يجمع الناس في الفيء حق إلا بعض الرقيق قرأ عمر بن الخطاب: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} حتى بلغ

{وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} الآية ثم قال: هذه لهؤلاء، ثم قرأ {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى} حتى بلغ {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ} الآية إلى آخر الآية فقال: هذه للمهاجرين، ثم تلا: {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ} إلى آخر الآية فقال: هذه للأنصار، ثم قرأ (¬1): [والذين جاءوا من بعدهم] الآية ثم قال: هذه استوعبت الناس عامة، ولئن عشت ليأتين الراعي وهو بسَرْوِ حِمْيَر يصيبه منها، لم يعرق فيها جبينه، وقال: ما على الأرض مسلم إلا وله في هذا المال حق إلا ما ملكت أيمانكم. وكان الشافعي يقول: ولم يختلف أحد لقيناه في أن ليس للمالك في العطاء حق، ولا للأعراب الذين هم أهل الصدقة. وقال الثوري: الغنيمة والفيء يختلفان، أما الغنيمة فما أخذ قهراً، فصار في أيديهم من الكفار، فالخمس من ذلك يضعه الإمام حيث ¬

_ (¬1) ما بين المعكوفين من الدر المنثور.

أراه (¬1) الله، والأربعة الأخماس الباقية للذين غنموا تلك الغنيمة والفيء ما وقع من صلح بين الإمام والكفار في أعناقهم، وأرضيهم، وزرعهم [1/ 190/الف] وفيما صالحوا عليه مما لم يأخذه المسلمون عنوة، ولم يحرروه، ولم يقهروهم عليه، حتى وقع بينهم فيه صلح، فذلك إلى الإمام يضعه حيث أمره الله تعالى. وكان الشافعي يقول: أصل ما يقوم به الولاة من حمل المال ثلاث وجوه، أحدهما: ما جعله الله طهراً لأهل دينه قال الله: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} الآية. والوجه الثاني: الفيء وهو مفهوم في كتاب الله في سورة الحشر قال الله جل ذكره: {وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ} الآية فهذان المالان اللذان حولهما الله من جعلهما له من أهل دينه، والغنيمة والفيء يجتمعان في أن فيهما معاً الخمس من جميعها لمن سما الله، ومن سماه الله له في الاثنين (¬2) سواء مجتمعين غير متفرقين، ثم يتفرق الحكم في الأربعة أخماس مما بين الله على لسان نبيه وفعله، فالغنيمة لمن حضر من غني وفقير، والفيء ما لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب، وكانت سنة رسول الله- صلى الله عليه وسلم - في قرى عرينة أن أربعة أخماسها لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وخاصة دون المسلمين، يصنعه (¬3) رسول الله- صلى الله عليه وسلم - حيث أراه الله. ¬

_ (¬1) كذا في الأصل، وفي حاشية المخطوطة "أمر الله". (¬2) كذا في الأصل، وفي الأم "آيتين". (¬3) كذا في الأصل، وفي الأم "يضعه".

3 - باب التسوية بين الناس في الفيء والتفضيل على سابقة الآباء

والجزية من الفيء وسبيلها سبيل ما أخذ من مشرك، وكان ما أخذ من مشرك بغير إيجاف، وذلك ما يؤخذ منه إذا اختلف في بلاد المسلمين, ومثل ما أخذ منه إذا مات ولا وارث له، وغير ذلك. ووافق بعض أصحاب الشافعي في عامة ما حكيناه، وخالفه في إيجاب الخمس من الفيء، ولعمري لا يحفظ عن أحد قبل الشافعي، قال: إن في الفيء خمس كخمس الغنيمة، وأخبار عمر تدل على غير ما قاله الشافعي. قال أبو بكر: ويعطي من مال الفيء أعطية المقاتلة، وأرزاق الذرية، وما يجري على الحكام، والولاة، وعلماء المسلمين، وقرائهم، وما ينفق في النوائب التي تنوب المسلمين كإصلاح الطرق، والجسور، والقناطير، وغير ذلك، ولا خمس في شيء منه. وقال أحمد، وإسحاق: الغنيمة: ما غلب عليه بالسيف، والفيء ما صولحوا عليه، هو والجزية: جزية الرؤوس وِخراج الأرضين. 3 - باب التسوية بين الناس في الفيء والتفضيل على سابقة الآباء م 1978 - واختلفوا فيما روى عن الصديق، والفاروق في التسوية بين الناس، والتفضيل على مسابقة الآباء، فروى [1/ 190/ب] عن أبي بكر الصديق أنه ساوى بين الناس، وقال: وددت أن أتخلص مما أنا فيه بالكفاف، ويخلص لي جهادي مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم -.

4 - باب الفرض للنساء والمماليك من الفيء

وروينا عنه أنه قال لما كلم في أن يفضل بعض الناس في القسم فقال: فضيتهم عند الله، فأما هذا المعاش فالتسوية فيه خير. واختلفت الأخبار عن عمر بن الخطاب في هذا الباب، والمشهور من قول عمر عند كثير من أهل العلم والتفضيل على السوابق والغناء عن أهل الإسلام. والمشهور عن علي أنه ساوى بين الناس. ومال الشافعي إلى قول أبي بكر قال: "وذلك إني رأيت قسم الله في المواريث على العدد يكون الأخوة متفاضلين، الغنا على الميت، والصلة في الحياة، والحفظ بعد الموت، فلا يفضلون، وقسم رسول الله- صلى الله عليه وسلم - لمن حضر الوقعة من الأربعة الأخماس على العدد، ومنهم من يغني غاية الغناء ويكون الفتوح على بديه، ومنهم من يكون محضره إما غير نافع، وإما ضار بالخيس (¬1)، والهزيمة تكون بسببه". 4 - باب الفرض للنساء والمماليك من الفيء (ح 902) روينا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان إذا جاءه فيء قسمه من يومه، فأعطى الذي له الأهل له ولأمته حظين، وأعطي الأعزب حظاً واحداً. وكان الشافعي يقول: "ينبغي للإمام أن يحصي جميع من في البلدان من ¬

_ (¬1) كذا في الأصل، وفي الأم "الجبن".

المقاتلة، وهم من قد احتلم، أو استكمل خمس عشرة من الرجال، ويحصي الذرية، وهم من دون المحتلم ودون البالغ خمس عشرة، والنساء صغيرتهن وكبيرتهن، ويعرف قدر نفقاتهم، وما يحتاجون إليه من مؤناتهم بقدر معاش مثلهم في بلدانهم، ثم يعطي المقاتلة في كل عام عطاءهم، والذرية والنساء ما يكفيهم لسنتهم في كسوتهم ونفقتهم طعاماً، أو قيمته دراهم، أو دنانير يعطى المنفوس شيئاً، ثم يزاد كلما كبر على قدر مؤنته، وهذا مستوي لأنهم يعطون الكفاية على قدر اختلاف أسعار البلدان، وحالات الناس فيها، ولم يختلف أحد بغيته من أن ليس للمماليك في العطاء حق، ولا للأعراب الذين هم أهل الصدقة، ويعطى من الفيء من رزق من ذلك، وكاتب جندى ممن لا غنا لأهل الفيء عنه، رزق مثله".

44 - كتاب السبق والرمي

44 - كتاب السبق والرمي أخبرنا أبو بكر محمد بن إبراهيم بن المنذر قال: قال الله جل ذكره: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ} الآية. (ح 903) وروينا عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه قال في قوله: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ} ألا إن القوة الرمي ثلاثاً، إن الأرض ستفتح عليكم، وتكفون المؤونة، فلا يعجز أحدكم أن يلهو بأسهمه. 1 - باب [1/ 191/ألف] الفرق بين المضمرة من الخيل وغيرها والزيادة في أمد المضمره منها على غير المضمرة (ح 904) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - سابق الخيل التي أضمرت من الحفياء، وكان أمدها ثنية الوداع، وسابق بين الخيل التي لم تضمر من الثنية إلى مسجد بني زريق، وأن عبد الله بن عمر كان فيمن سابق بها. م 1979 - وقد روينا عن عمر بن عبد العزيز أنه قال: لا يحملن على الخيل عند

2 - باب الخبر الدال على أن السبق في الرهان في سباق الخيل إنما أبيح يخلل لا شأن أن يسبق الفرسين اللتين وقع عليهما الرهان

الإجراء إلا كل محتلم، وكره مالك أن يحمل الصبيان الأصاغر على الخيل التي تجري في الرهان، وأن يجوعوا لذلك. وكان الليث بن سعد يقول: ما أحب أن أتباع الصبيان الصغار لإجراء الخيل، والتماس الرزق بتعليمهم. 2 - باب الخبر الدال على أن السبق في الرهان في سباق الخيل إنما أبيح يخلل لا شأن أن يسبق الفرسين اللتين وقع عليهما الرهان (ح 905) روينا عن النبي- صلى الله عليه وسلم أنه قال من أدخل فرساً بين فرسين وقد أمن أن لا يسبق، فليس بقمار، وإن ادخل فرساً بين فرسين وقد أمن أن يسبق فهو قمار. م 1975 - ومن قال بهذا المعنى ابن المسيب، والزهري، والأوزاعي، وأحمد، وإسحاق، والشافعي. وقد روينا عن جابر بن زيد أنه قيل له: أن أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - كانوا لا يرون بالدخيل بأساً، قال: هم أعفّ من ذلك، وحكى ابن القاسم عن مالك أنه سئل عن المحلل في الخيل، فقال: الأعلى مثل ما سبق الإمام لا يرجع إليه من سبقه شيء، والرهن مثل ذلك.

3 - باب الخبر الدال على إباحة السبق في النصل والخف والحافر

وحكى أشهب عنه أنه قال في المحلل في الخيل: لا أحبه، قيل: والرجل يسبق الرجل في فرسه معه، قال: لا أحبه. 3 - باب الخبر الدال على إباحة السبق في النصل والخف والحافر (ح 906) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - وقال: "لا سبق إلا في خف أو حافر، أو نصل". م 1981 - وبهذا الحديث قال الزهري، ومالك، والشافعي. قال أبو بكر: ومعنى ذلك إنما هو على الرهان لا على غير معنى الرهان. (ح 907) لأن النبي- صلى الله عليه وسلم - قد سابق عائشة على قدميه. وقد روينا عن عمر بن الخطاب أنه قال: اجعلوا لهوكم في ثلاثة، في النساء، والخيل، والنضال، وروينا عن علقمة أنه كان له برذون يراهن عليه. وذكر مالك أن السبق في غير الخيل، والرمي، والإبل قمار، مثل المراحى، والمزادة، وقال الشافعي: "قول النبي [1/ 191/ب]- صلى الله عليه وسلم -: لا

4 - باب النهي عن الجلب والجنب في الرهان

يسبق إلا في خف، أو حافر، أو نصل، يجمع معنيين، أحدهما: أن كل نصل رمى به من سهم، ونشابة، أو ما ينكأ العدو نكايتها وكل حافر من إبل نجت، أو عراب، داخل في هذا المعنى يحل من السبق، والمعنى الثاني: أنه يحرم أن يكون السبق إلا في هذا". وقال الشافعي: "لو أن رجلاً سبق رجلاً على أن يسابقا على أقدامهما، أو أن يعدوا بسبق طايرٍ، أو على أن يمسك شيئاً في يده، فيقول: اركن (¬1)، أو على أن يقوم على قدميه ساعة أو على أن يصرع رجلاً، أو يداً حي رجلاً بالحجارة فيغلبه، كان هذا كله غير جائز، ومن أكل المال بالباطل". وقد روينا عن عطاء أنه قال: السبق في كل شيء جائز، فإن كان أراد أن يسبق جائز في غير باب الرهان متأولاً حديث عائشة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سابقها على قدميه، فهذا سهل، وإن كان أراد من باب الرهبان، في غير ما أجازته السنة، فهو قول لا معنى له، وهو خلاف السنة. 4 - باب النهي عن الجلب والجنب في الرهان (ح 908) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: "لا جنب ولا جلب". ¬

_ (¬1) في الأصل "اذكر" والتصحيح من الأم.

م 1982 - فأما قوله "لا جلب" فهو يفسر بتفسرين، أحدهما: أن ذلك في الماشية، يقول: لا ينبغي للمتصدق أن يقيم بموضع، ثم يرسل إلى أهل المياه ليجلبوا إلى مواشيهم فيصدقها، ولكن ليأتهم على مياههم وأغنيتهم، كذلك قال أبو عبيد. وروي عن عمر بن عبد العزيز أنه قال: صدقوا الناس على مياههم، وأغنيتهم، قال أبو عبيد: ويقال: إنه في رهان الخيل أن لا يجلب جنبها. قال أبو بكر: من حجة من قال هذا. (ح 909) حديث ابن عباس عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "ومن أجلب على الخيل يوم الرهان فليس منا". " وأما الجنب فقال: قيل: هو أن يجنب الرجل نجب فرسه الذي سابق عليه، فرساً عرياً ليس عليه أحد، فإذا بلغ قريباً من الغاية ركب الفرس العري، فيسبق عليه لأنه أقل عناءً وكلالاً من الذي عليه الراكب". وكان مالك يقول في الجلب: أن يجلب وراء الفرس حين يدنو أو يتحرك وراءه الشيء ليستحث به السبق.

قال أبو بكر: ولم يختلف عوام من يحفظ عنه من أهل العلم أن السبق في النصل جائز. قال الشافعي: "والنضال فيما بين الاثنين يسبق أحدهما الآخر، والثالث بينهما المحلل، كهو في الخيل لا يختلفان في الأصل، فيجوز في كل واحد منهما ما يجوز في الآخر [1/ 192/ألف] ويرد منها ما يرد في الآخر، ثم يتفرعان، فإذا اختلفت عللهما اختلفا، فإذا سبق أحد الرجلين الآخر على أن يجعلا قرعاً معلوماً خواسق أو حوابى فهو جائز إذا سميا العرض الذي يرميانه، وجائز أن يتشارطا ذلك محاطة أو مبادرة، فإذا تشارطا محاطة أو مبادرة فكلما أصاب أحدهما بعدد، والآخر بمثله، سقط كل واحد من العددين واستأنفا عددا، لأنهما أصابا بعشرة أسهم من عشرة، فسقطت العشرة من بالعشرة، ولا شيء لواحد منهما على صاحبه، وهذا من حين يبتدئان السبق إلى أن يفرغا منه، حتى يخلص لأحدهما نصل العدد الذي شرط، فيفصله له ويستحق سبقه، ويكون ملكاً له، إن شاء أطعم أصحابه وإن شاء تموّله".

45 - كتاب آداب القضاء

45 - كتاب آداب القضاء أخبرنا أبو بكر محمد بن المنذر بن إبراهيم، قال الله جل ذكره: {يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} الآية. وقال الله جل ثناؤه: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ} الآية. 1 - باب كراهية تقلد القضاء بين الناس (ح 910) روينا عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه قال: من جعل على القضاء فكأنما ذبح بغير سكين. (ح 911) وروينا عنه أنه قال: ما من حاكم يحكم الإجاء يوم القيامة، وملك آخذ بقضاه، ثم رفع رأسه إلى السماء، فإن قال له ألقه ألقاه

2 - باب مواضع الأحكام وأمكنتها

في مهواة أربعين خريفاً. (ح 912) وروينا عنه أنه قال: القضاة ثلاث قاضيان في النار، وقاض في الجنة، فممن قضى بغير الحق وهو يعلم فذاك في النار، وقاض يقضى وهو لا يعلم وأهلك حقوق الناس فذاك في النار، وقاض قضى بالحق فذاك في الجنة. م 1983 - وروينا عن عمر بن عبد العزيز أنه قال: لا ينبغي للرجل أن يكون قاضياً حتى يكون فيه خمس خصال، فإن أحطت واحدة كانت فيه وصمة، فإن أحطته اثنتان كانت فيه وصمتان، حتى يكون عالماً لما قبله مستشيراً لدى الرأس، ذو نزهة عن الطمع، حليماً عن الخصم، محتملاً للأئمة. 2 - باب مواضع الأحكام وأمكنتها قال أبو بكر: أحب أن يكون جلوس القاضي للقضاء في موضع متوسط

من المصر الذي يقضى فيه بين أهله ليكون ذلك أرفق بالناس، وحيث قضى بالحق فقضاءه نافذ. م 1984 - واختلفوا في القضاء في المسجد فممن كان يقضي في المسجد [1/ 192/ب] شريح، والحسن البصري، والشعبي، ومحارب بن دثار، ويحيى بن آدم، وابن خلدة قاضياً لعمر بن عبد العزيز، وابن أبي ليلى، وقال مالك: القضاء في المسجد من أمر بالناس القديم، وبه قال أحمد، وإسحاق. وكرهت طائفة القضاء في المسجد، وقالت: القاضي يحضر إليه الحائض، والذمي، وتكثر الخصومات بحضرته، والمساجد تجتنب من ذلك، روى عن عمر بن عبد العزيز أنه كتب إلى القاسم بن عبد الرحمن أن لا يقضي في المسجد، فإنه يأتيك الحائض، والمشرك. وقال الشافعي: أحب أن يقضى في غير المسجد لكثرة من يغشاه بغير ما بنيت له المساجد. م 1985 - واختلفوا في إقامة الحدود في المساجد، فروينا عن عمر بن الخطاب أنه أتى برجل في شيء فقال: اخرجاه من المسجد فأضرباه، وعن علي أنه أتى بسارق فقال: يا قنبر: أخرجه من المسجد واقطع يده. وكره إقامة الحدود في المساجد عكرمة، والشعبي، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وقال مسروق: إن المسجد لحرمة. وفيه قول ثان: روينا عن الشعبي أنه أقام على رجل من أهل الذمة حداً في المسجد. وفيه قول ثالث: وهو أن الرخصة في الضرب بالأسواط اليسيرة في المسجد، فإذا كثرت الحدود فلا، هذا قول مالك. قال أبو بكر: أمر الله نبيه أن يحكم بين الناس، ولم يخص للحكم بينهم

مكاناً دون مكان فللحاكم أن يحكم بينهم إن شاء في المسجد وإن شاء في منزله، وليس لأحد أن يمنع الحاكم من الحكم في مكان دون مكان بغير حجة. (ح 913) قد حكم النبي- صلى الله عليه وسلم - بين الملاعنين في المسجد. (ح 914) وقضى في منزل أم سلمة بين الأنصاري، وبين اللذين دخلا عليه وهو عندها، واختمصا إليه في أرض ورثاه عن أبيهما. فأما الاعتلال من اعتل بحضور الكفار، والحائض مجلس الحكم، فلا نعلم حجة يجب لها منع الكفار من الدخول في المساجد سوى مسجد الحرام. (ح 915) وقد قدم وفد ثقيف على رسول الله- صلى الله عليه وسلم - فأنزلهم في المسجد. وليس في منع الحائض من دخول المسجد خبر يثبت، وقد حكم داؤد بني الله بين الخصمين اللذين وعظ بهما في المحراب وهو المسجد، وهذا معروف في كل بلد أن محاريبهم في مساجدهم.

3 - باب مجلس القاضي وما يبدأ به عند جلوس الخصم بين يديه

3 - باب مجلس القاضي وما يبدأ به عند جلوس الخصم بين يديه قال أبو بكر: إذا دخل القاضي في المسجد، فليركع ركعتين عند دخوله المسجد للقضاء أو يغره قبل أن يجلس، يدع الله عند فراغه منهما بالتوفيق، والعصمة، والتسديد، ثم يجلس للحكم مستقبلاً للقبلة، ويسلم على القوم إذا صار إلى مجلسه. (ح 916) لقول النبي- صلى الله عليه وسلم - صلى الله [1/ 193/ألف] عليه وسلم: يسلم القليل على الكثير. وكذلك يفعل الخصمان إذا وصلا إليه إقتداء بأخبار رسول الله- صلى الله عليه وسلم - خلاف ما يفعله العامة بالحكام و-برد السلام، ويجلس الخصمان بين يديه، ويسوي بينهما في المجلس لا يرفع أحدهما على صاحبه. م 1986 - وقد اختلف فيمن يقدم إذا أخفى عليه السابق منهم. فقالت طائفة: يقرع بينهما فمن خرجت قرعته قدمه. وأحسن من هذا أن يمد خيطاً يلي مجلسه أحد طرفي الخيط، ويلي الطرف ناحية مجلس الخصوم، فكل من جاء كتب اسمه في رقع، وثبت الرقع، وأدخل الرقع في طرف الخيط على هذا، حتى يأتي آخرهم، فإذا جلس القاضي مدّ يديه إلى الطرف الذي يليه من الخيط، فتناول رقق، وأمر بأن يدعي صاحبها، فينظر في أمره، ثم لا يزال كذلك حتى يأتي على آخر الرقاع، فإن كثرت الرقاع عليه، وزاد الوقت الذي يقضى فيه، عرف

4 - باب ما يبدأ به القاضي عند جلوس الخصوم عنده دما يؤمر به من التسوية بينهم

الطرف الذي كان يليه حيث جلس، فتناول في المجلس [الثاني] (¬1) الرقاع كفعله في المجلس الأول حتى تنفذ الرقاع. م 1987 - وليس في الوقت الذي يقضي فيه القاضي سنة يعتمد عليها، والذي يجب إذا حضر الخصوم أن ينظر بينهم، ولا يؤخر ذلك في أي وقت وافوه لينظر بينهم، بلغني عن سوار بن عبد الله أنه كان يعقد للناس يومه كله. 4 - باب ما يبدأ به القاضي عند جلوس الخصوم عنده دماً يؤمر به من التسوية بينهم قال أبو بكر: إذا تقدم إلى القاضي الخصمان، تركهما ليتكلم المدعي منهما، فإن جهلاً ذلك فلا بأس أن يقول: يتكلم المدعي منكما، ولا يدعهما جميعاً يتكلمان، ولكن يبدأ المدعي فيتكلم فإذا فرغ من كلامه، تكلم المدعي عليه، ويسوي بين الخصمين في جلوسهما بين يديه، والإقبال عليهما. م 1988 - وروينا عن عمر بن الخطاب أنه كان فيما كتب به إلى أبي موسى الأشعري: وسوّ بين الناس في مجلسك، ووجهك، وقضائك، حتى لا يطمع شريف في حيفك، ولا ييئس ضعيف من عدلك. وقد روينا عن علي، والعباس أنهما دخلا على عمر، حتى جلسا بين يديه، وكان يرى أن يسوي بين الخصمين في المجلس، وبه قال الشافعي، والكوفي. ¬

_ (¬1) ما بين المعكوفين من الأوسط3/ 42/ب.

وليس لأحد أن يلي القضاء حتى يكون عالماً بكتاب الله وسنن رسوله، عالماً بما اختلف فيه أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم - ومن بعدهم، وبإجماع أهل العلم، واختلافهم، جيد العقل، أميناً، فطناً، [1/ 193/ب] فإذا كان كذلك وتقلوا القضاء أمضى ما يرد عليه من الأحكام، مما هو منصوص في الكتاب، والسنة، والإجماع، ودل عليه بعض ذلك، فإذا ورد عليه مشكل من الأمر عنده، أحضر له أهل المعرفة بالكتاب، والسنة، والإجماع، وسألهم عن ذلك، واستشارهم فيه. قال الله جل وعز: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} الآية. م 1989 - قال الحسن البصري في هذه الآية: قد علم الله أنه ليس به إليهم حاجة، ولكن أراد أن يستن بعده، كان الثوري يقول: بلغني أنها تصفى العقل. (ح 917) وقد سن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - الاستشارة في غير موضع، استشار أصحابه عام الحديبية. (ح 918) واستشار أبا بكر، وعمر في أسارى بدر. روينا عن ابن سرين أنه قال: التثبت نصف القضاء، وقال الثوري: وليكن أهل مشورتك أهل التقوى، وأهل الأمانة، ومن يخشى الله. فإذا استشارهم فأشار أحدهم عليه برأيه، سأله من أين قاله؟ فإن

5 - باب الأوقات التي يكره للقاضي أنا يقضي فيها وغير ذلك

اختلفوا أخذ بأشبههم قولاً بكتاب الله، أو سنة، أو إجماع، ولا يحكم بشيء حتى يتبين له حجة يجب أن يحكم الأولى يقلد أحداً من أهل زمانه، ولا يحضى شيئاً حتى يتبين له الحق فيه، لا يسعه غير ذلك. 5 - باب الأوقات التي يكره للقاضي أنا يقضي فيها وغير ذلك (ح 919) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يحكم أحد بين اثنين وهو غضبان". م 1990 - وممن كره أن يقضي وهو غضبان شريح، وعمر بن عبد العزيز، والشافعي، والكوفي، وروينا عن عمر بن الخطاب أنه كتب إلى أبي موسى الأشعري: وإياك والغضب، والقلق، والضجر، والتأذي بالناس، والتنكر عند الخصومة. م 1991 - ومن الأحوال التي تكره أن يقضي القاضي فيه أن يكون جائعاً، وروينا عن شريح أنه إذا غضب أو جاع قام، وروينا عن الشعبي أنه كان يأكل عند طلوع الشمس، فقيل له: فقال: آخذ حلمي قبل أن أخرج إلى القضاء. وقال مالك: لا يقضي وهو جائع. وكان الشافعي يقول: "فإن كان إذا اشتكى، أو جاع، أو اهتم، أو حزن، أو بطر فرحاً تغير لذلك، لم أحب له أن يقضى فيه،

6 - باب دعاء الخصم إلى القاضي

ولا يقضي ناعساً، ولا مغمور القلب من هم، ولا وجع يغير قلبه، وللقاضي أن يتخذ درة يؤدّب بها من استوجب الأدب، ويرهب بها السفيه، والظالم". م 1992 - وروينا عن عمر بن الخطاب أنه كانت له درة، وروينا عنه أنه كتب إلى أبي موسى الأشعري: إذا رأيت الخصم يتعمداً الظلم فأوجع رأسه، وروينا عنه أنه قال: لا تدعن فلاحاً عن القضاء [1/ 194/ألف] ولا تستعملن رجلاً إذا رآه العاجز فرقه، وقد رأيت من يستحب أن يكون القائم على رأس القاضي خادماً يزجر من أدخل النساء اللواتي يتقد من إلى القاضي. 6 - باب دعاء الخصم إلى القاضي قال أبو بكر: وإذا ادعى الرجل على الرجل حقاً قبله، دعاه إلى القاضي، فإن امتنع بعث القاضي بعض أعوانه ليدعوه، فإن امتنع وتوارى عنه، سأل الخصم عما يدعي قبله، فإذا ادعى مالاً معلوماً، وأثبت عليه بنية عادلة، حكم له عليه بذلك المال في مال إن كان للمدعي عليه يصل إليه الحاكم، ودفع المال إليه، وإن لم يجد له مالاً ظاهراً يصل إليه، وثبتت البنية على أنه في منزله، فقد اختلف أصحابنا فيما يفعله الحاكم في أمره، فمنهم من رأى أن لا يحج عليه، ويختم على بابه، ويبعث إلى بابه رسولاً ومعه شاهدان، ينادي بحضرتها يا فلان بن فلان، القاضي فلان بن فلان يأمرك بالحضور مع خصمك مجلس الحكم، فإن قبلت وإلا لصبت لك وكيلاً،

وقبلت بنية عليك، يفعل ذلك ثلاث مرات، فإذا فعل ذلك أقام له وكيلاً، وسمع من شهوداً المدعي، وأمضى الحكم عليه، إلى أن يقدر على استخراج المال هذا قول يعقوب. وكان أحمد ينكر الهجم، ويقول: لا يهجم عليه وشدد عليه حتى يظهر. ورأى بعض أهل الحديث أن يوجه القاضي برجلين يثق بها، أو معها جماعة من الخدم، والنساء، ومعهم الأعوان بالباب لدخول الدار، ويدخل النساء، ثم الخدم، وتنحّى حرم المطلوب، فيصرون في بيت، ويفتش الدار، ثم يدخل النساء إلى البيت الذي فيه حرم المطلوب، فيفتشونه، فإن أصابوه أخرجوه إلى القاضي، يأتون المنزل بغتةً. قال أبو بكر: وإذا كان المدعي عليه مريضاً لا يمكن حضور مجلس القاضي، بعث القاضي مع المدعي رجلاً من أمنائه، وبعث معه شاهدين من شهوده، وكتب اليمين على ما يجب أن يستحلف عليه، واستحلفه الأمين بحضرتها على ما يجب، فإن أمر بالمال أشهد الشاهدين على إقراره، فإن ادعى دعوى يجب النظر فيه، وكّل وكيلاً يحضر مع خصمه عند القاضي، ثم يحضر الوكيل والخصم عند القاضي لينظر فيه. م 1993 - وقد اختلفوا في المدعي عليه تكون امرأة، فقال بعضهم: إن كانت تبرز، وتخرج، أمر القاضي بإخراجها إلى مجلس [1/ 194/ب] الحكم، وإن كانت لا تخرج، وفي إليها من يستحلفها في منزلها، هذا قول أبي ثور. قال أبو بكر: وقد رأيت في الحكام من يأمر بإخراج المرأة التي لا تخرج في مبارز، أو يأمر بإخراجها بالليل، ويتولى القاضي استحلافها.

7 - باب الحكم باجتهاد الرأي

وإن كان المدعي عليه مريضاً لا يمكنه الخروج إلى مجلس القاضي، بعث القاضي إليه إليه من يسمع منه مع خصمه، ويشد للقاضي بما يسمع منه. 7 - باب الحكم باجتهاد الرأي قال الله جل ذكره: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ}. قال العطية العوفي: بما أراه الله في كتابه، وقال قتادة: بما أنزل الله عليك وبين لك. (ح 920) وروينا عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه قال: إذا قضى الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران، فإذا قضى فاجتهد فأخطأ فله أجر. قال أبو بكر: وحديث بريرة عن النبي- صلى الله عليه وسلم - يدل على أن المجتهد المخطئ الذي له الأجر هو من كان عالماً بالأصول دون الجاهل الذي لا اجتهاد له. وقد ذكرنا: (ح 921) حديث بريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: القضاة ثلاثة قاضيان في النار، وقاض في الجنة، قاض قضى بغير الحق وهو يعلم فذاك في النار،

وقاض قضى وهو لا يعلم فاهلك حقوق الناس فذلك في النار، وقاض قضى بالحق فذاك في الجنة. م 1994 - ثبت أن عبد الله بن مسعود قال: من عرض له منكم قضاء فليقض ما في كتاب الله، فإن جاءه أمر ليس في كتاب الله فليقض بما قضى به نبيه، فإن جاءه أمر ليس في كتاب الله، ولم يقض به نبيه، فليقض بما قضى به الصالحون، فإن أتاه أمر ليس في كتاب الله، ولم يقض به نبيه - صلى الله عليه وسلم -، ولم يقض به الصالحون فليجتهد رأيه. وقد روينا عن عمر أنه كتب إلى شريح بنحو هذا الكلام غير أنه قال: فإن لم يكن في كتاب الله، ولا في سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، ولا فيما قضى به أئمة الهدى، فأنت بالخيار إن شئت أن تجتهد، وإن شئت أن تؤامرني، ولا أرى هو أمرتك إياي إلا أسلم لك. وقد اختلف أهل العلم في كيفية الاجتهاد، فكان الشافعي يقول: "لا يجوز أن يقول: بما استحسناه، ولا بما خطر على قلوبنا، ولا يقوله إلا قياساً على اجتهاده على طلب الأخبار اللازمة". م 1995 - وقال أبو عبيد: "الاجتهاد عندنا هو الاختيار من المذاهب إذا اختلف وتضادّت لحسن التدبير، والتوقي لأقر بها إلى الرشد، والصواب، فإن عرض للحاكم ما ليس موجود بعينه في هذه الخصال يريد الكتاب والسنة، وما حكمت به الأئمة، والصالحون بالإجماع [1/ 195/ألف] والاجتهاد، كان للحاكم التشبيه بها والتمثيل عليها، وليس له مفارقتها كلها". وقال أصحاب الرأي كقول الشافعي، وأبي عبيد في القول بالكتاب والسنة، قالوا فإن لم يجد فيما أتاه عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -، نظر فيما أتاه عن

8 - باب الحكم بالظاهر من الأمور

أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم -، وإن كان شيئاً قد اختلفوا فيه تحرر من أقاويلهم، واجتهد أحسنها في نفسه، وليس له أن يخالفهم جميعاً، ويشرع شيئاً من رأيه، وإن لم يكن القضاء في شيء من ذلك، اجتهد رأيه وقاس ما جاء عنهم. وقال الشافعي: والعلم طبقات الأول: الكتاب، والسنة إذا ثبت، ثم الثانية: الإجماع فيما ليس فيه كتاب، ولا سنة، والثالثة: أن يقول بعض أصحاب النبي- صلى الله عليه وسلم -، ولا نعلم له مخالفاً منهم، والرابعة: اختلاف أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: والخامسة: القياس على بعض هذه الطبقات. وقال في موضع آخر: فأما أن يكون مستشيراً، فلم يجعل الله هذا لأحد بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. 8 - باب الحكم بالظاهر من الأمور (ح 922) ثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: إنما أنا بشر، وأنكم تختصمون إلي، فلعل بعضكم أن يكون هو ألحن في حجته من بعض، فأقضي له على نحو ما أسمع منه، فمن قضيت له بشيء من حق أخيه فلا يأخذ منه شيئاً، فإنما أقطع له قطعة من النار. قال أبو بكر: م 1996 - "وأجمع كل من يحفظ عنه من أهل العلم على أخيار مما يحكم

9 - باب الخبر الدال على أن للحاكم أن يصلح بين الناس

به الحاكم في الظاهر على أنه حرام (¬1) على المقضي له ما قضى له به مما يعلم أن ذلك حرام عليه، من ذلك أن يحكم له بالمال، أو يجرؤ أنه مملوك، أو يحكم له بالنقود على ما يعلم أنه برئ مما حكم به عليه ببيناتٍ تثبت" في الظاهر. م 1997 - واختلفوا في أشياء غير ذلك، فانفرد النعمان فقال: لو أن امرأة استأجرت شاهدين شهد إليها بالطلاق على زوجها، يحكم الحاكم بالفرقة، والمرأة تعلم بخلاف ما شهدت به البينة، والشاهدان يعلمان ذلك، أن لها أن تتزوج من شأن، وأن لا حد على أحد الشاهدين إن تزوجها. وقد خالفه أصحابه، فقالوا: لا يحل للشاهدين أن يتزوجاها. (ح 923) وقد قال النبي- صلى الله عليه وسلم - للمتلاعنين بعد ذكر اللعان: الله يعلم أن أحدكم كاذب، فهل منكما تائب؟. 9 - باب الخبر الدال على أن للحاكم أن يصلح بين الناس قال الله جل ثناؤه: {لَا [1/ 195/ب] خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ} الآية. ¬

_ (¬1) في الأصل "على أن حراماً".

(ح 924) وثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - انطلق إلى شيء كان بين الناس من الأنصار، وليصلح بينهم. (ح 925) وقال الصلح جائز بين المسلمين. (ح 926) وعرض على قوم وجب لهم القود حتى رضوا بالدية، وأصلح أمورهم على ذلك. (ح 927) وأوتي رسول الله- صلى الله عليه وسلم - في مواريث، وأشياء قد درست، فقال: اذهبا فتوخيا، ثم أستهمّا، ثم يحلل كل واحد منكما صاحبه. م 1998 - وممن روينا عنه أنه أصلح بين الخصوم، أو رأى للحاكم أن يصلح بين الخصوم شريح، وعبد الله بن عتبة، وعبيد الله بن الحسن، والشافعي، والكوفي.

10 - باب القاضي يقضي بعلمه

وروينا عن عمر بن الخطاب أنه قال: دعوا الخصوم حتى يصطلحوا، فإن فصْل القضاء حدث بين القوم الضغاين. وقال عطاء: لا يحل للإمام إذا تبين له القضاء أن يصلح بين من تبين له القضاء فيما بينهم، وكان أبو عبيد يقول: وإنما يسعه الصلح إذا كان كالذي في حديث أم سلمة يعني الأمور المشكلة، فأما إذا استشارت الحجة لأحد الخصمين على صاحبه الآخر، وتبين للحاكم موضع الظالم منهما من المظلوم، فليس بواسع له أن يحملهما على الصلح. قال أبو بكر: ما قاله أبو عبيد حسن. 10 - باب القاضي يقضي بعلمه م 1999 - افترق أهل العلم في قضاء القاضي بعلمه، فقالت فرقة: لا يقضي بعلمه، هذا مذهب شريح، والشعبي، ومالك، وأحمد، وأبي عبيد. وقالت فرقة: فيما علمه القاضي قبل أن يستقضى لا يحكم به، وما علم به بعد أن يستقضى حكم به، إلا الحدود، هذا قول النعمان، قال: لا يقضي في الغضب، والقذف، والبيع، والشراء، والطلاق، والنكاح، والقتل، وقال يعقوب ومحمد: يقضي بذلك كله ما علم به قبل أن يستقض، وعلم به في غير مضرة، فإنه يقضي بذلك كله، إلا الحدود. وقالت فرقة ثالثة: إذا كان الحاكم عدلاً كان له أن يحكم بعلمه فيما علم به قبل الحكم أو بعده، وقبل أن يلي وبعد ما ولى، ذكر الربيع أن هذا قول الشافعي.

وكان أبو ثور يقول: ذلك في حدود الله، وحقوق الآدمين. قال أبو بكر: ومن أعلى حجة من قال هذا القول: (ح 928) خبر هند زوجة أبي سفيان فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى لها ولولدها على أبي سفيان بنفقتهم. ولم يسألها على ذلك منه، لعلمه بأمرهم، وكذلك قوله: (ح 929) لا يمنع [1/ 196/ألف] أحدكم هيبة الناس أن يقول في حق إذا رآه، أو سمعه. (ح 930) وفي حديث عبادة: وأن نقول بالحق حيث ما كان لا نخاف في الله لومة لائم. م 2000 - واختلفوا في القاضي يعزل ثم يذكر بعد العزل أنه كان قضى لفلان على فلان بكذا، فكان الشافعي، وأصحاب الرأي يقولون: لا يقبل قوله حتى يأتي المقتضي له بشاهدين على أنه حكم لذلك قبل أن يعزل، وقال أصحاب الرأي: اثنان سواه.

11 - باب القاضي يرفع إليه قاض كان قبله بخلاف رأيه، أويقضي بشيء ثم يتبين له بخلاف

وقال الأزواعي، وابن أبي ليلى: هو بمنزلة شاهد واحد، وقال أحمد، وإسحاق: يقبل قوله، ليست هذه شهادة إنما هذا خبر علمٍ كان عنده. 11 - باب القاضي يرفع إليه قاض كان قبله بخلاف رأيه، أويقضي بشيء ثم يتبين له بخلاف م 2001 - واختلفوا في القاضي يرفع إليه قضيّة قاض كان قبله، والحق عنده خلاف ما قضى به القاضي الأول، فكان الشافعي يقول: يوليه من ذلك ما تولى ولا يرد قضاءه، وقال علي في قصة أهل نجران: إن عمر كان رشيد الأمر، ولا أرد قضاءً قضى به عمر، وهذا قول شريح، ومالك، قال مالك: إلا أن يكون جوراً بنياً، وقال الشافعي: لا يرد قضايا من كان قبله إلا أن يكون قضاء بخلاف كتاب، أو سنة، أو إجماع، قال: إذا كان كذلك رده، ومال إلى هذا القول الثوري. وقال أصحاب الرأي: إن كان مما يختلف فيه أمضاه، وإن كان خطأ لا يختلف فيه رد. وفيه قول ثالث: وهو أن يرد كلما كان عنده خطأ، ولا يجوز أن ينفذ ما كان عنده غير حق، هذا قول أبي ثور. م 2002 - واختلفوا في القاضي يقضي بالقضاء، ثم يرى بعد ذلك خلافه، فكان شريح يقول: يقضي فيما يستقبل بما رأى ولا يرد القضاء الأول. وقال الشافعي، وأصحاب الرأي في هذا: كنحو من قولهم في التي قبلها. وفيه قول ثالث، وهو أن يرد كلما بان له أنه خطأ، هذا قول مالك، وبه قال أبو ثور.

12 - باب الخصمين يحكمان بينهما رجلا

12 - باب الخصمين يحكّمان بينهما رجلاً م 2003 - واختلفوا في المتنازعين يحكمان بينهما رجلاً فيحكم بينهما، فكان الشعبي يقول: يلزمهما حكمه، وقال مالك: ذلك جائز إلا أن يكون حكم بينهما بالخطأ البين، فيفسح ولا يجوز، وبه قال عبد الملك، وقال الثوري: أراه جائزاً عليهما، وبه قال ابن أبي ليلى، وأحمد، وإسحاق. وقال النعمان: إذا قضى بينهما بخلاف [1/ 196/ب] رأى القاضي، أبطل حكمه. 13 - باب من يترجم عن لسان الأعجمي للقاضي م 2004 - كان الشافعي يقول: لا تقبل الترجمة عنه يعني عن الأعجمي إلا بشاهدين عدلين يعرفان ذلك اللسان. وفيه قول ثان: وهو أن المسلم إذا ترجم عنه واحد قبل منه، واثنان أحب إلى، ولا يقبل في ذلك كافر (¬1)، ولا مكاتب، ولا عبد، ولو قبل ترجمة امرأة بعد أن تكون حبرةً، مسلمة، عدلةً، فهو في سعة، ورجلان أو رجل وامرأتان أحب إلينا، هذا قول النعمان، ويعقوب. وفيه قول ثالث: وهو أن لا يجوز في ذلك أقل من رجلين، أو رجل وامرأتان، هذا قول ابن الحسن. قال أبو بكر: يقبل فيه شاهد واحد؛ لأن في: ¬

_ (¬1) في الأصل: "ذكر كافراً".

14 - باب من يجوز له أن يقضي له من الناس ومن لا يجوز قضاه له

(ح 931) حديث زيد بن ثابت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أمر أن يتعلم كتاب اليهود، قال: فكنت أكتب لهم إذا كتبوا إليه، وأقرأ له إذا كتبوا. 14 - باب من يجوز له أن يقضي له من الناس ومن لا يجوز قضاه له قال الله تعالى: {يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ} الآية. وقال لنبيه: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ} الآية، وقد خاطب الحاكم فقال: {وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ} الآية. قال أبو بكر: فاللازم على ظاهر هذه الآيات أن يحكم الحاكم بين جميع من تقدم إليه بالعدل؛ لأن الله عَزَّ وَجَلَّ أمره به، وأمره على العموم، فكل خصمين تقدّما إلى حاكم من حكام المسلمين، فعليه أن يحكم

بينهما، وسواء كان أحد الخصمين والداً للحاكم، أو ولد، أو أخ، أو أخت، أو عم، أو خال، أو زوجة، هم وسائر الناس في ذلك شىء واحد. (ح 932) وقال النبي- صلى الله عليه وسلم -: إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران، ولو كان له في ذلك مراد، لبين هذا القول الذي يدل عليه ظاهر الكتاب والسنة. وفيه قول ثان: وهو أن ليس للحاكم أن يحكم لولده، ولا لوالده، ولا لمن لا يجوز شهادته له، ويحكم لسائر الناس، هذا قول الشافعي. وفيه قول ثالث: وهو أن قضاء القاضي لا يجوز لولده، ولا لولد ولده من قبل الرجال والنساء، ولا لابنه، ولا لأمه، ولا لجدٍ، ولا لجدة من قبل (¬1) الرجال والنساء، ولا لزوجته، ولا لعبد له، ولا لمكاتبه، ولا لأم ولده، ألا ترى أن شهادته لهم لا تجوز، فكان قضاءه لهم أولى، ويجوز قضاءه لسائر الناس، هذا قول أصحاب الرأي. قال أبو بكر: وهذا قول يخالف قائله ظاهر الآيات الثلث اللواتي بدأنا بذكرها، ويخالف [1/ 197/ألف] السنة الثابتة: (ح 933) لأن النبي- صلى الله عليه وسلم - حكم لعائشة بنت أبي بكر الصديق، وهي زوجته، على الذين رموها بالقذف، وضربهم الحد، لما تبين ذلك في حديث عمرة عن عائشة. م 2005 - ولا يظن ظان أن رد شهادة الوالد لولده، والولد لوالده إجماع، فقد ¬

_ (¬1) في الأصل "قبل من".

15 - باب وجوب الغرم على الحاكم فيما أخطأ به من مال أوقتل أو جراح

روينا عن عمر بن الخطاب، وعمر بن عبد العزيز أجازه ذلك، وأجاز أياس بن معاوية شهادة رجل لابنه، وبه قال أبو ثور، والمزني، وقد ذكرت هذا أبي الباب لحججه في المختصر الكبير، وفي كتاب الأوسط. 15 - باب وجوب الغرم على الحاكم فيما أخطأ به من مال أوقتل أو جراح م 2006 - واختلفوا في الحاكم يخطئ فيقضي بغير الحق، فكان الليث بن سعد يقول: ليس عليه غرم، ولكن يتبع المقضي عليه صاحبه بماله. وفيه قول ثان: وهو أن عليه القود فيما يجب فيه القود، إن أقر به أنه حكم بجواز ذلك قول مالك، وقال المزني: عليهم الفدية والغرم لكل شيء أكرموا عباد الله عليه في أنفسهم، وأموالهم، وقد ألزم عمر نفسه الدية في المرأة التي بعث إليها، فألقت ولدها من خوفه. م 2007 - واختلفوا فيما يخطئ به الإمام من قتل، أو جراح، فقال الثوري، وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي: هو على بيت المال. وفيه قول ثان: وهو إن ذلك على عاقلة الإمام، هذا قول الشافعي. 16 - باب كتاب القاضي إلى القاضي م 2008 - أجمع كل من يحفظ عنه من أهل العلم على أن القاضي إذا كتب إلى قاضٍ آخر بقضية قضى بها على ما يجب، ببينة عادلة، وقرأ الكتاب على شاهدين، وأشهدهما على ما فيه، فوصل الكتاب إلى القاضي المكتوب إليه، وشهد شاهدان عدلان عنده، أنّ على المكتوب إليه، أنّ على المكتوب إليه قبول

كتابه إذا كان ذلك في غير حدٍ. م 2009 - واختلفوا فيه إن يبعث بالكتاب معهما مختوماً، ولم يعرفهما ما فيه، ولا قرأ عليهما، فقالت طائفة: يقبله وإن لم يقرأه عليهما ويعرفهما ما فيه، هذا مذهب مالك فيما حكاه عنه أشهب، وحكى عنه ابن وهب أنه قال: لا ينبغي اليوم أن يجاب بكتاب قاض إلى قاضي، حتى يكون مع الكتاب رجلان يشهدان أن القاضي أشهدهما على ما فيه. وقد روينا عن جماعة من قضاة البصرة الحسن البصري، وسوار، وعبد الله بن الحسن، ومعاذ الأنصاري أنهم رأوا قبول كتاب قاضي إلى قاضي، وحكى ذلك عن ابن أبي ليلى. وقالت طائفة: "يقبل كتاب القاضي إلى قاضي، ولا يقبل إلا شاهدين عدلين ليقرأه [1/ 197/ب] عليهما ويشهدان على ما فيه، وقال: اشهدا أن هذا كتابي إلى فلان بن فلان، فإذا اشهدا على ذلك قبله، وإن لم يشهدا على هذا لم يقبله" هذا قول الشافعي. وقال النعمان: لا يقبل حتى يشهد شاهداً عدلٍ على خاتم القاضي، وعلى ما في الكتاب كله، لأنه حق، وهو مثل شهادة على شهادة، وقال أبو ثور نحو ذلك. وقد احتج من أجاز ذلك، وإن لم يقرأ على الشاهد، وإن لم يثبت بذلك بينة: (ح 934) بخبر الضحاك بن سفيان (¬1) قال: كتب إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أن أورث ¬

_ (¬1) في الأصل "بن قيس".

17 - باب كتاب القاضي يصل وقد مات المكتوب إليه وولي غيره

امرأة أشيم الضبابي من دية زوجها، فأخذ به عمر. وبقول أبي وائل جاءنا كتاب عمر بن الخطاب ونحن بخانقين: إذا رأيتم الهلال نهاراً فلا تفطروا حتى تمسوا، إلا أن يشهد شاهدان أنهما أهلاه بالأمس عشية. 17 - باب كتاب القاضي يصل وقد مات المكتوب إليه وولي غيره م 2010 - واختلفوا في القاضي المكتوب إليه يموت قبل وصول الكتاب ويلي غيره، فروينا عن الحسن البصري أنه قبل كتاب قاضي البصرة إلى إياس بن معاوية في الكوفة، وقد غزل إياس فأمر الحسن وقد ولي بعده، بإنقاذ ما فيه. وقال الشافعي: يقبله ولا يمنع من قبوله بموته ولا عزله، لأنه يقبل ببينة كما يقبل حكمه، وقال أصحاب الرأي: إذا مات القاضي الذي كتب الكتاب فإنه لا ينبغي لهذا القاضي الذي لم يأته الكتاب إلا بعد موت ذلك القاضي أن يجيزه، وكذلك الجواب في عزله، فإن وصل كتابه إلى هذا القاضي، ثم مات، أو عزل بعد ما وصل كتابه إليه، فإن هذا القاضي بمضيه.

18 - باب كتاب القاضي إلى القاضي في الحدود

وقال أبو ثور كما قال الشافعي، فإذا كتب القاضي: إلى من بلغه كتابي هذا من قضاة المسلمين فمن أقام عنه البينة من قضاة المسلمين أجاز ذلك، وهذا بمنزلة الحكم، هذا قول أبي ثور. وقال النعمان: لا يجوز ذلك، وقال يعقوب: أستحسن أن أجيز ذلك، وأنفذه. 18 - باب كتاب القاضي إلى القاضي في الحدود م 2011 - واختلفوا في كتاب القاضي إلى القاضي في الحدود، فكان أبو ثور يجيز ذلك في الحدود كلها، قال: وهذا على مذهب أبي عبد الله يعني الشافعي، وبه قال ابن القاسم صاحب مالك. وقال الشافعي بمصر فيها قولان: أحدهما أن ذلك جائز، والآخر لا يجوز. وقال أصحاب الرأي: لا يقبل كتاب القاضي إلى القاضي في الحدود. قال أبو بكر: الأول أصح [1/ 198/ألف]. 19 - باب ما يجوز إنفاذه من كتب القضاة في الشيء بعينه م 2012 - واختلفوا فيما ينفذ من كتب القضاة فيما يقضون فيه من الشيء بعينه، فكان الشافعي يقول: "وإذا أقام الرجل البينة على عبد موصوف، أو دابة موصوفة له ببلد آخر، وأحلفه القاضي أن هذا العبد، أو هذه الدابة لعبده أو دابته، يعني ملكك، وكتب بذلك كتاباً من بلد من البلدان، فأحضر عبداً بتلك الصفة، فالقياس أن لا

20 - باب القضاء على الغائب والاختلاف فيه

يحكم به، حتى يأتي شهود الموضع الذي فيه تلك الدابة، فيشهدوا عليها". وبه قال النعمان، ومحمد. وقال بعضهم: يختم في عنقه، ويؤخذ مه كفيلاً، ثم يبعث به إلى القاضي الذي كتب الكتاب فيه، حتى يشهد الشهود عليه بعينه، ثم يكتب القاضي كتاباً آخر على ذلك، فيبرأ كفيله ويقضى له بالعبد. 20 - باب القضاء على الغائب والاختلاف فيه م 2013 - واختلفوا في القضاء على الغائب، فممن كان لا يرى القضاء على الغائب شريح، وروى ذلك عن عامر، وابن القاسم، وبه قال ابن أبي ليلى، والنعمان، ويعقوب. وفيه قول ثان: وهو أن القضاء على الغائب جائز، وممن رأى ذلك مالك بن أنس، والليث بن سعد، وسوّار، والشافعي، وأبو عبيد، وأبو ثور، والمزني، وبه نقول. قال أبو بكر: وقد حكم النبي - صلى الله عليه وسلم - على أبي سفيان بنفقة ولده، وأبو سفيان ليس بحاضر، ولم ينتظر حضوره، وقد ذكرت ذلك في المختصر الكبير، والأوسط، ما يدخل على من خالف ما ذكرناه، وقلناه، ومما خالف أهل الكوفة أصولهم وحكموا بخلاف قولهم، حكمهم على رجل غاب عن بلده وترك زوجة له، وأولاداً أطفالاً أن نفقتهم من ماله.

21 - باب الحكم بين أهل الكتاب

21 - باب الحكم بين أهل الكتاب م 2014 - اختلف أهل العلم في الحكم بين أهل الكتاب، فقالت طائفة: الإمام مخيّر إن شاء حكم بينهم، وإن شاء تركهم، وحكامهم، فممن رأى أن الإمام بالخيار عطاء بن أبي رباح، والشعبي، والحسن البصري، والنخعي، ومالك، وأبو ثور. واختلف قول الشافعي في هذه المسأله فكان يقول إذ هو بالعراق: كما قال مالك، وقال في كتاب الجزية: قال الله تعالى: {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} الآية، قال فكان الصغار، والله أعلم أن يجري عليهم حكم الإسلام قال: "إذا وادع الإمام قوماً من أهل الشرك، ولم يشترط أن يجري عليهم الحكم، ثم جاءوا متحاكمين، فهو بالخيار بين أن يحكم بينهم، أو يدع [1/ 198/ب]، الحكم، وليس للإعلام الخيار في أحد من المعاهدين الذي عليهم الحكم، إذا جاءوه في حدٍ لله، وعليه أن يقيمه". وقالت طائفة: إذا تحاكموا إلينا، فعلى الإمام أن يحكم بينهم، وتستحب هذه الآية {فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ} الآية {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ}. روينا هذا القول عن ابن عباس، وعكرمة، ومجاهد، والشعبي،

22 - مسائل من هذا الباب

والنخعي، وعطاء الخراساني، وقتادة، والأوزاعي، وأبو عبيد، وأصحاب الرأي. وقال سعيد بن جبير في أهل الذمة: إذا ارتفعوا إلى حكام المسلمين فليحكم بينهم بكتاب الله، وبه قال الزهري. واحتج بعض من رأى أن الإمام بالخيار إن شاء حكم وإن شاء لم يحكم بأخبار رويت عن الأوائل أن المائدة لم ينسخ منها شيء. قال أبو بكر: فالحكم بينهم وترك ردهم، أحب إلي، لأن في ذلك منعاً للظالم من الظلم، ودفعاً عن المظلوم، وكما انصرهم من غيرهم إذا أرادهم، كذلك أنصر المظلوم منهم من الظالم. 22 - مسائل من هذا الباب م 2015 - اختلف أهل العلم في الكتابي يأتي إلى الإمام دون خصمه ليدعو (¬1) خصمه فينظر بينهم، فقالت طائفة: لا ينظر بينهم حتى يأتي الخصمان جميعاً، هذا قول مالك، ولعل من حجته أن يقول: قال الله عز وجل: {فَإِنْ جَاءُوكَ} الآية ولم يقل: فإن جاءك أحدهما. وقالت طائفة: يحكم على الغائب إذا جاء أحدهما، هذا قول الأوزاعي. قال أبو بكر: م 2016 - وإذا كان البيع الحرام بين المسلم والنصراني، فإن كل ما يجب فسخه بين المسلمين، فإنه يفسخ بين النصراني والمسلم، ولا يجاز بينهما إلا ما ¬

_ (¬1) في الأصل "ليدعوا"

23 - باب أرزاق القضاة

يجاز بين المسلمين، هذا قول مالك، والشافعي، والكوفي، وقال مالك في أهل الذمة: يؤدبون إذا أظهروا الربا. قال أبو بكر: م 2017 - وإذا اختصم أهل الذمة ويحاكموا إلى قاضي المسلمين، حكم بينهم بحكم الإسلام في قول مالك، والشافعي، وبه قال الكوفي، إلا بيع الخمر، والخنازير، فإنه يجيز بينهم ذلك، قال: لأنهم يستحلون ذلك. قال أبو بكر: وهذا خلاف ظاهر القرآن {وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ} الآية، والقسط: حكم الله الذي أنزل على رسوله. قال أبو بكر: م 2018 - وإذا تزوج ذمي ذمة في دار الإسلام في عدة، فالنكاح جائز في قول النعمان. ولا يجوز في قول الشافعي، ويعقوب، إذا استعدى أحدهما على الآخر، وكذلك إن أسلما، فيفرق يعقوب بينهما. وإذا تزوجها بغير شهود فهو جائز في قول الشافعي، والنعمان، ويعقوب. 23 - باب أرزاق القضاة م 2019 - اختلف أهل العلم في أرزاق القضاة [1/ 199/ألف] فكرهت طائفة

أخذ الأرزاق على القضاء، روينا عن عبد الله بن مسعود أنه كره لقاضي المسلمين أن يأخذ القاضي على القضاء أجراً، وبه قال الحسن البصري، والقاسم. وقال الشافعي: إن أخذ جعلا لم يحرم عليه عندي، وقال أحمد: ما يعجبني أن يأخذ على القضاء أجراً، فإن كان فيقدر عمله. ورخصت فيه طائفة وممن رخص فيه ابن سيرين وشريح. وقد روينا عن عمر بن الخطاب أنه استعمل ابن مسعود على بيت المال، وعمار بن ياسر على الصلاة، وان حنيف على الجند، ورزقهم كل يوم شاة، شطرها لعمار، وربعها لأبن مسعود، وربعها لابن حنيف، ورخص في ذلك إسحاق بن راهويه، وأبو عبيد. قال أبو بكر: الأولى، والأسلم ترك الدخول في القضاء استدلالاً بحديث: (ح 935) ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استعمل رجلاً على عمل، فقال يا رسول الله: جُزَّ لي، قال: احبس والزم بيتك. قال أبو بكر: ولا شك أن الذي أشار به النبي - صلى الله عليه وسلم - أسلم وأعفّ، فإن يلي رجل بأن يلي القضاء، وكان مستغنياً، فأفضل له أن يحتسب ويعمل لله، فإن احتاج أن يرزق على قدر عمله من مال الفيء، وليس له أن يأخذ من أموال الصدقات، ولا من الغنائم.

24 - باب القاضي يجد في ديوانه شهادة شهود شهدوا عنده على أمر ولا يحفظه

24 - باب القاضي يجد في ديوانه شهادة شهود شهدوا عنده على أمر ولا يحفظه م 2020 - اختلف أهل العلم في القاضي يجد في المكان الذي يجوز فيه كتبه، شهادة شهود قد شهدوا عنده بحق لرجل على آخر، وقد وجد الإثبات بخطه ولا يذكر ذلك، فكان الشافعي يقول: "إذا لم يحفظها ولا معناها، فلا يقبلها [بالخاتم الذي] (¬1) فقد بغير الكتاب". وقال النعمان: لا يقضي إلا أن يذكره. وقال مالك: لا ينفع طابع القاضي ولا علامته، إلا بشهداء أحياء يشهدون. وقال يعقوب، ومحمد: إذا وجد القاضى في ديوانه صحيفة فيها شهادة شهود، ولا يحفظ أنهم شهدوا عنده بذلك، فإنه يقضي في ديوانه بعد أن يكون يضعه على ما وضعت في قمطرة، وبخاتمه، وشده، ونفره، وإلا أضر ذلك بالناس. 25 - باب صفة كاتب القاضي (ح 936) قد ذكرنا فيما مضى عن زيد بن ثابت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أمره أن يتعلم كتاب يهود فقال: كنت أكتب لهم إذا كتبوا، وأقرأ لهم إذا كتبوا. قال أبو بكر: ¬

_ (¬1) ما بين المعكوفين من الأوسط.

26 - باب الرشوة والتغليط فيه

م 2021 - فاتخاذ الكاتب مباح وتركه أسلم لمن يكتب [1/ 199/ب] فإن اتخذ كاتبا يتخذه ذميا، ولا يكون إلا عدلا فطنا ممن تقبل شهادته، وهذا مذهب الشافعي، والكوفي. 26 - باب الرشوة والتغليط فيه (ح 937) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - لعن الراشي، والمرتشي في الحكم. م 2022 - وسئل ابن مسعود عن أيرشى في الحكم؟ قال: ذاك الكفر. وقال النخعي: الرشوة في الحكم سحت. وقال سعيد بن جبير في السحت: هو الرشاء. وقال مجاهد: هي الرشوة في الحكم. وقد روينا عن عطاء، وجابر بن زيد، والشعبي، والحسن البصري أنهم قالوا: لا بأس أن يصانع الرجل عن نفسه، وماله إذا خاف الظلم، وقال جابر بن زيد: ما رأينا في زمان زياد أنفع لنا من الرشاء. وقال أحمد في الرشوة: أرجو إذا كان يدفع الظلم عن نفسه، وكان الشافعي يقول: أكره للقاضي الشرى والبيع، والنظر في النفقة، وفي ضيعته. قال أبو بكر: ويكره للقاضى أن يفتى في الأحكام إذا سئل عن ذلك. كان شريح يقول: إنما أقضى ولا أفتى.

فأما الفتيا في سائر أمور الدين من الطهارة، والصلاة، والزكاة، والحج، والصوم، وأبواب المكاسب في الأطعمة، والأشربة، وكلما ليس من أبواب الأقضية فمباح له، بل أخشى أن لا يسعه إلا أن يجيب في ذلك إذا عمله. م 2023 - ولو أن جماعة من أهل البغي نصبوا إماما، ونصبوا قاضيا، وغلبوا على طرف من الأرض، يقضي قاضيهم بقضية، ثم صار أمر الموضع إلى الإمام أهل العدل، أجاز من قضايا قاضيهم ما يجوز من قضاء قاضي أهل العدل، وهذا على مذهب الشافعي، والكوفي، ولا أحفظ عن غيرهما خلاف قولهما. م 2024 - واختلفوا في الرجلين يتقدمان إلى الحاكم، فيبتدران في الكلام، ويذكر كل واحد منهما أنه الذي أتى بصاحبه، فقال قائل: يقرع بينهما. وقال آخر: يرجئ أمرهما حتى تبين له المدعى منهما. وقال آخرون: يستحلف كل واحد منهما لصاحبه على ما يذكر أنه المقدم له، وإذا حلفا وقف على أمرهما، حتى يعلم المدعى منهما. وقال قائل: يسمع منهما جميعاً. قال أبو بكر: وهذا حسن.

46 - كتاب الدعوى والبينات

46 - كتاب الدعوى والبينات قال الله جل ذكره: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ} الآية، وقال جل ذكره: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ} الآية. 1 - باب تحذير النبي - صلى الله عليه وسلم -[1/ 200/ألف] أمته عقوبة من أخذ مالا بغير حقه قال أبو بكر: (ح 938) ثبث أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: لا يحلف رجل على صبر يقتطع بها مالاً هو فيها فاجر، إلا لقي الله عَزَّ وَجَلَّ وهو عليه غضبان، قال الأشعث بن قيس: فيَّ أنزلت [هن] (¬1) وفي رجل خاصمتُه في بئر، فقال النبي- صلى الله عليه وسلم - ألك بينة؟ قلت: لا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فيحلف، قلت: إذاً يحلف، قال؟ فنزلت: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} الآية، ففيه نزلت. ¬

_ (¬1) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: كذا بالمطبوع

2 - باب ما يفعله الحاكم إذا تقدم إليه الخصمان وتعريفه إياهما بما يجب الحكم عليهما

2 - باب ما يفعله الحاكم إذا تقدم إليه الخصمان وتعريفه إياهما بما يجب الحكم عليهما (ح 939) ثبت أن رجلاً من حضرموت، ورجلا من كنده جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال الحضرمي: إن هذا قد غلبني على أرض في يدي، أزرعها ليس له فيها حق، وهي أرض كانت لأبي، فقال الكندي: هي أرض في يدي أزرعها ليس له فيها حق. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للحضرمي: ألك بينة؟ قال: لا: قال: فلك ليمينه، قال يا رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: هو رجل فاجر ليس يبالي ما حلف عليه، ليس يتورع من شيء، فقال النبي- صلى الله عليه وسلم -: ليس لك إلا ذلك، قال: فانطلق ليحلف، فما أدبر، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أما إنه إن يحلف على ماله ليأكله ظلما ليلقين الله وهو معرض عنه. قال أبو بكر: م 2025 - وقد أجمع أهل العلم على أن البينة على المدعى واليمين على المدعى عليه، ومعنى قوله: "البينة على المدعى يعني يستحق بها ما ادعاه، لا أنها واجبة عليه يؤاخذ بها، ومعنى قوله: "اليمين على المدعى عليه": أن يبرأ بها، لا أنها واجبة عليه يؤخذ بها على كل حال، فإذا تقدم الخصمان إلى الحاكم فادعى أحدهما، على صاحبه شيئاً نظر فيما يدعيه، فإن كان ذلك معلوما سأل المدعى عليه عما ادعى، فإن أقر به، وسأل المدعى الحاكم إثبات ذلك في كتاب، أثبته له وأشهد عليه، وإن سأله أن يدفع إليه ما أقر له به، أمره بدفعه

3 - باب الأيمان التي يجب استحلاف الخصوم عليها، كيف يجب اليمين على من وجبت عليه

إليه، فإن فعل بريء، وإن امتنع أن يدفعه إليه، وسال حبسه، ففي قول أكثر أهل العلم: يأمر بحبسه، إلا أن يعلم الحاكم أنه معدم لا مال له، فلا يسعه حبسه، لقول الله عز وجل: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} الآية. وإن أنكر المدعى عليه ما ادعاه، سأل الحاكم المدعى بينة تشهد له بما يدعى، فإن أتاه بشاهدين [1/ 200/ب] يشهدان له على ما ادعى، أو رجل وامرأتين استحق ما ادعى، ووجب على الحاكم أن يقضي له بحقه، وإن ذكر أن لا بينة له، وسأل استحلافه يستحلفه له، فإن ادعى المشهود عليه بعد أن أقام المدعى البينة، أنه قد قبض ذلك منه، وسأل استحلافه، أحلف على دعواه وأمر المدعى عليه بالخروج من المال، وليس للحاكم استحلاف المدعى عليه حتى يسأله المدعى ذلك. 3 - باب الأيمان التي يجب استحلاف الخصوم عليها، كيف يجب اليمين على من وجبت عليه م 2026 - واختلفوا في كيفية اليمين التي يحلف المدعى عليه، فكان مالك يقول: يحلف بالله الذي لا إله إلا هو. وفيه قول ثان: هو أن يحلف بالله الذي لا إله إلا هو، عالم الغيب والشهادة، الرحمن الرحيم، الذي يعلم السر ما يعلم من العلانية، هذا قول الشافعي.

4 - باب استحلاف أهل الكتاب

وحكى عن النعمان أنه قال: يحلفه بالله الذي لا إله إلا هو، فإن اتهمه القاضي غلط عليه، وقال: احلف فقل: والله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة، الرحمن الرحيم، الذي يعلم من السر ما يعلم من العلانية، الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور. وقالت طائفة: يستحل بالله لا يزاد عليه. قال أبو بكر: فأي ذلك استحلفه الحاكم يجزي، غير أن الذي اختار أحب أن يستحلفه به بالله الذي لا إله إلا هو، استدلالا: (ح 940) بحديث ابن عباس أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: واحلف بالله الذي لا إله إلا هو ماله عندك شيء، وإن استحلف حاكم بالله أجزا. قال عثمان لابن عمر: تحلف بالله لقد بعته وما به داء تعلمه. وليس للحاكم أن يستحلف بالطلاق، والعتاق، والحج، والسبيل، وما أشبه ذلك، لا أعلم أحدا من أهل العلم يرى أن يستحلف بشيء من ذلك. 4 - باب استحلاف أهل الكتاب قال أبو بكر: دخل في جملة قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: واليمين على المدعى عليه" المسلم، وأهل الكتاب، والرجال، والنساء، والأحرار، والعبيد. م 2027 - واختلفوا في المواضع التي يستحلف فيها أهل الكتاب، وفي كيفية أيمانهم.

5 - باب اليمين بمكة بين البيت والمقام

فقالت طائفة: يستحلفون بالله، هذا قول مسروق، وأبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود، وعطاء بن أبي رباح، والحسن البصري، وشريح، والنخعي، وكعب بن سور، وبه قال مالك، والثوري، وأبو عبيد غير أن كعب بن سور قال: اذهبوا به إلى المذبح، واجعلوا التوراة، في خجرة، [1/ 201/ألف] وإلا تحمل على رأسه. وقال مالك: يستحلف النصراني حنث تعظيم من الكنائس وغيرها، وقال الشافعي كذلك، وقد روينا عن شريم أنه كان يستحلف أهل الكتاب بدينهم. وروينا عن الشعبي أن نصرانيا قال له: أحلف بالله، فقال له لا يا خبيث، قد فرطت في الله، ولكن اذهب إلى البيعة واستحلفه بما يستحلف به مثله. وقال أصحاب الرأي: يحلف بالله الذي أنزل إلا نجعل على عيسى ويحلف اليهودي بالله الذي أنزل التوارة على موسى، وقال محمد: استحلف المجوس بالله الذي خلق النار، وإستحلفه في بيت النار. قال أبو بكر (¬1): أمر الله نبيه - صلى الله عليه وسلم - أن يحكم بين أهل الكتاب بالقسط، والذي يجب أن يستحلف أهل الكتاب بما يستحلف به أهل الإسلام، ولا نعلم توجب أن يستحلفوا في مكان بعينه، ولا يمين غير اليمين التي يستحلف المسلمون. 5 - باب اليمين بمكة بين البيت والمقام قال أبو بكر: ¬

_ (¬1) في الأصل "وقال أبو بكر".

6 - باب اليمين بالمدينة عند منبر النبي - صلى الله عليه وسلم -

م 2028 - واختلفوا في وجوب اليمين بمكة بين البيت والمقام. فقالت طائفة: يستحلف بين البيت والمقام إذا كان ما يدعيه المدعي عشرون دينارا، ويحلف على الطلاق، والحدود كلها، والجراح العمد صغرت أو كبرت، وعلى جراح الخطأ إن بلغ أرشها عشرون ديناراً، هذا قول الشافعي قال: ولو أخطأ الحاكم في رجل عليه اليمين بين البيت والمقام، وأحلفه في مكان آخر بمكة، ففيها قولان: أحدهما: أن لا يعاد عليه، والآخر: يعاد عليه اليمين. قال أبو بكر: وأصح مذهبه أن لا يعاد عليه. وفيه قول ثان: وهو أن لا يجب الاستحلاف بين البيت والمقام إلا عند منبر النبي- صلى الله عليه وسلم -، ولكن الحاكم يستحلفه في مجلسه، هذا قول النعمان، ويعقوب، ومحمد. 6 - باب اليمين بالمدينة عند منبر النبي - صلى الله عليه وسلم - قال أبو بكر: (ح 941) جاء الحديث عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه قال: من حلف على منبري هذا ولو على سواك أخضر تبوأ مقعده من النار. قال أبو بكر:

7 - باب الاستحلاف على المصحف

م 2029 - وقد تكلم الناس في اليمين عند منبر النبي - صلى الله عليه وسلم -، فكان مالك يقول: يحلف على منبر النبي - صلى الله عليه وسلم - على ثلاثة دراهم، ويحلف قائما عندي أبين، والأمان في القسامة، وفي الدماء، واللعان، والحقوق التي تكون بين الناس ليس يحلف أحد عند منبر إلا منبر رسول الله- صلى الله عليه وسلم -، ولا أرى أن يحلف على المنبر على أقل من ثلاثة دراهم. وقال الشافعي: من ادعى مالا أو ادعى قبله فكانت يمينا نظر، فإن كان [1/ 201/ب] عشرين دينارا فصاعدا، فإن كان بالمدينة حلف على منبر رسول الله- صلى الله عليه وسلم -. وقالت طائفة: لا يجب اليمين في مكان بعينه، ولكن الحاكم يستحلف من وجب عليه اليمين في مجلسه، هذا قول النعمان، ويعقوب، ومحمد. وقد روينا عن عمر بن عبد العزيز أنه أمر بمن أنهم من عمال سليمان بفلسطين، أن يحملوا إلى الصخرة، يستحلفوا حولها. وقال مالك: يحلف الناس بغير المدينة في مسجد الجماعات لتعظيم ذلك، وقال الشافعي: وإن كان بيت المقدس أحلفناه في موضع الحرمة من مسجدها، وأقرب المواضع من أن يعظم، قياسا على 7 - باب الاستحلاف على المصحف قال أبو بكر: لم نجد خبرا يوجب الاستحلاف على المصحف وإنما يجب الاستحلاف بالله.

8 - باب استحلاف من لا يعلم بينه وبين صاحبه معاملة

م 2030 - وحكى الشافعي أنه رأى مطرفا بصنعاء يحلف على المصحف، وقيل لمالك: هل يستحلف عند الصحف؟ قال: بل يستحلف في المسجد، وقال يستحلف قائما. وقال الشافعي: رأيت حكامنا يستحلفون قائما، وقال أصحاب الرأي لا يستقبل القاضي بالذي يستحلفه القبلة، ولا يدخله المسجد، حيث ما حله فهو مستقيم، وقال مالك: لا يجلب إلى المدينة للأيمان من بعد، إلا في الدماء، والأيمان في القسامة. وقال الشافعي: لا يجلب أحد من بلد به حاكم لحق إلى مكة، والمدينة، ويحكم عليه حاكم بلده. 8 - باب استحلاف من لا يعلم بينه وبين صاحبه معاملة قال أبو بكر: (ح 942) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - جعل البينة على المدعى، واليمين على المدعى عليه. دخل في ذلك الأخيار، والأشرار، ومن علم بينة وبين المدعى معاملة، أو لم يعلم. م 2031 - وقد اختلفوا في هذه المسأله، فكان الشافعي، وأصحابه، وأصحاب الحديث، ولا أظنه إلا قول أصحاب الرأي يقولون بظاهر الحديث.

9 - باب من جحد خصمه وأبى أن يحلف له

وقد روينا عن القاسم بن محمد أنه قال: إذا ادعى الرجل الفاجر، على الرجل الصالح الشيء، يرى الناس أنه باطل، ولم يكن بينهما معاملة: أن لا يستحلف له. وذكر مالك عن جميل بن عبد الرحمن الموزن أنه حضر عمر بن عبد العزيز قضاء بنحو من ذلك. قال مالك بعد ذكره حديث جميل: وذلك الأمر عندنا. قال أبو بكر: الأول أولى [1/ 202/ألف]. 9 - باب من جحد خصمه وأبى أن يحلف له قال أبو بكر: م 2032 - واختلفوا في الرجل يدعى قبل الرجل مالاً. فينكر ذلك المدعى عليه، ويمتنع من اليمين. فقالت طائفة: يرد اليمين على المدعى إذا حلف استحق ما ادعى، وروينا هذا القول عن شريح، وابن سرين، وبه قال مالك، وسوار، وعبيد الله بن الحسن، والشافعي، وأبو عبيد، وأبو ثور، والمزني، وكان الشافعي يرى رد اليمين في كل شيء. وقالت طائفة: المال يلزم بنكول المدعى عليه، هذا قول النعمان، وكان أحمد لا يرى رد اليمين، ويحلف الرجل مع بينة، واختلف فيه عن أحمد فحكى إسحاق بن منصور عنه أنه رأى رد اليمين، وقال في مكان آخر: إذا نكل لزمه دعوى صاحبه. وقال أصحاب الرأي: إذا أبى أن يحلف، لزمه الحق.

10 - باب استحلاف المدعى مع بينة والاختلاف فيه

قال أبو بكر: وقد بلغني عن بعضهم أنه قال: يقول له القاضى: إني أعرض عليك اليمين ثلاث مرات، فإن حلفت، وإلا ألزمتك دعوى الرجل. وفي المسألة قول ثالث: وهو أن المدعى عليه إذا أبى أن يحلف أخذه الحاكم باليمين؛ لأن قوله: اليمين على المدعى عليه "إيجاب عليه أن يحلف، فإذا امتنع مما يجب له عليه آخذه به، وكان ابن أبي ليلى يقول في الخصم: يقول للقاضي: لا أقر ولا أنكر: لا أدعه حتى يقرأ أو ينكر. قال أبو بكر: وبالأول أقول. م 2033 - واختلفوا في المدعى يرد عليه اليمين فلا يحلف. فقالت طائفة: بطل حقه إلا أن يأتي بينة على أصل المال فيستحق المال ببينة، فممن قال إذا أد اليمين على الطالب، فلم يحلف لم يعط شيئاً، شريح، وعبد الله بن عتبة، ومالك، والشافعي. وقال أبو ثور: إذا امتنع المدعى عليه من اليمين، وسأل المدعى حبسه، ففيها قولان: أحدهما، أن يحبس له: والآخر: لا يحبس له. 10 - باب استحلاف المدعى مع بينة والاختلاف فيه م 2034 - واختلفوا في المدعى، يثبت البينة على المال الذي يدعيه، هل للحاكم أن يستحلفه مع بينة أم لا؟. فكان شريح، والنخعي: يريان أن يستحلف الرجل مع بينته، وقال عبد الله بن عتبة في رجل أقام بينة، وامتنع أن يحلف مع بينة: لا أقضي لك بمال لا تحلف عليه، وهذا قول سوار.

11 - باب وجوب قبول البينة بعد اليمين

وقال إسحاق: إذا استراب الحاكم، أوجب ذلك [1/ 202/ب]. قالت طائفة: لا يستحلف الرجل مع بينته، هذا قول مالك، والشافعي، إلا أن يدعى المدعي عليه أنه قد قضى المال الذي كان عليه، وقال أحمد، وأبو عبيد، والنعمان: إذا جاء بالبينة، فلا يمين عليه. قال أبو بكر: هكذا أقول. (ح 943) لأن النبي- صلى الله عليه وسلم - قال قال للحضرمي: ألك بينة. ولم يقل: وتحلف معها. 11 - باب وجوب قبول البينة بعد اليمين م 2035 - واختلفوا في الرجل يقوم خصمه إلى الحاكم، فيستحلفه، ثم يأتي بالبينة بعد ذلك، فكان شريح، والنخعي يقولان: تقبل البينة، وبه قال مالك، والثوري، والليث بن سعد، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، والنعمان، ويعقوب. وفيه قول ثان: وهو أن البينة لا تقبل بعد يمين المدعى عليه، هذا قول ابن أبي ليلى، وأبي عبيد. م 2036 - واختلفوا في قول المدعى: "لا بينة لي"، ثم يأتي بالبينة، فكان النعمان يقول: أقبل ببينته، وقال ابن الحسن: لا أقبلها. قال أبو بكر: أقبل البينة؛ لأن المدعى قد يغفل ذلك، ثم يذكر.

12 - باب اليمين على العلم يستحلف الخصم أم على البت

12 - باب اليمين على العلم يستحلف الخصم أم على البتّ م 2037 - واختلفوا في استحلاف المدعى عليه على البت. فقالت طائفة: يستحلف فيما وليه الإنسان بنفسه على البت، وما وليه غيره استحلف على العلم، هذا قول النخعي، وبه قال الشافعي، وأحمد، والنعمان، وكان شريح يستحلف في الداء الباطن على العلم، وفي الظاهر على البت، وبه قال ابن شبرمة، وابن أبي ليلى. م 2038 - وقال مالك، والشافعي: يحلف الورثة بالله ما علمنا اقتضى شيئاً، ويأخذ الذي عليه. وقال مالك: وإن كان فيهم صغيراً، أخذ حقه ولم يحلف، وفي قول الشافعي: يحلف إذا كبر على عمله. وفيه قول ثان: وهو أن يستحلف الوارث وغيره على البت، هذا قول شريح، والشعبى، قالا: يستحلف الوارث البتة. وفيه قول ثالث: وهو أن يستحلف الناس في الأشياء على العلم في المواريث، والدعوى يدعيها الرجل في البيوع وغير ذلك، هذا قول ابن أبي ليلى. قال أبو بكر: إن استحلف الحاكم المدعى عليه على البت، فلا شيء على الحالف إذا كان صادقا عند نفسه، ويرجع ذلك إلى العلم، وإن استحلفه على علمه فغير جائز إعادة ذلك عليه؛ لأن معناهما واحد، فإنما يستحلفون على العلم استدلالا:

13 - باب استحلاف الرجل للمدعي عليه بالطلاق والعتق

(ح 944) بحديث الأشعث بن قيس أن النبي- صلى الله عليه وسلم - قال: [1/ 203/ألف] للحضرمي: ألك بينة؟ قال: لا، ولكن نحلف بالله الذي لا إله إلا هو ما يعلم أنها أرضي اغتصبها أبوه. 13 - باب استحلاف الرجل للمدعي عليه بالطلاق والعتق م 2039 - أجمع أهل العلم على وجوب استحلاف المدعى عليه في الأموال على سبيل ما ذكرناه عنهم. م 2540 - واختلفوا في وجوب اليمين في النكاح، والطلاق، والعتاق. فقالت طائفة: عمّ رسول الله- صلى الله عليه وسلم - بقوله: "اليمين على المدعى عليه" كل مدعى عليه، ثم خص القسامة، فدخل في ذلك الأموال، والنكاح، والطلاق، والعتاق، وسائر الأحكام، هذا قول الشافعي وكان سوار يستحلف في الطلاق، وكان يعقوب، وابن الحسن يريان أن يستحلف على النكاح، فإن أبى أن يحلف، ألزم النكاح. وفيه قول ثان: وهو أن لا يمين في الطلاق، والعتق، إلا أن يقيم المدعى شاهداً واحداً، فإذا أقام شاهدا واحدا استحلف المدعى عليه، هذا قول مالك. قال أبو بكر: بالقول الأول أقول.

14 - باب صفة اليمين التي تجب استحلاف المدعى عليه

14 - باب صفة اليمين التي تجب استحلاف المدعى عليه م 2041 - كان شريح يقول: يستحلف بالله ماله عندك حق، ولا يستحلف ما أقرضك كذا وكذا، وقال مالك: يحلف بالله ماله عنده حق، وما أذهبت إلا باطلا. قال أبو بكر: هكذا قول، وهذا على مذهب أهل الكوفة من أصحاب الرأي. وقد روينا عن الشعبي أنه قال: يحلفه ما اشترى منه كذا وكذا. قال أبو بكر: وهذا غلط. يبيعون، ويشترون، ويستقرضون، ويزول ذلك عنهم لموجوه. 15 - باب اباحة أن يحلف المرء فيها هو صادقا فيه قال أبو بكر: م 2042 - إذا ادعى الرجل مالاً يعلم المدعى عليه أن المدعى مبطل في دعواه حلف ولا مأثم عليه. فإن كره اليمين وأراد أن يفتدى يمينه بمال يعطيه المدعى فيها قولان، أحدهما: أن له ذلك، روينا عن حذيفة أنه بذل دنانيراً يفتدى بها يمينه، والقول الثاني: أن يحلف ولا يجمع بين شيئين، أحدهما: أن يضيع ماله، وقد نهى عن ذلك، والآخر: أن يطعم أخاه المسلم حراماً، وليس ذلك من نصحه. وقد كان سوار أثار على رجل أن يحلف على حق له، ويأخذه.

16 - باب المدعى عليه يجحد ما ادعى الخصم فيقوم عليه [1/ 203/ب] البينة فيأتي ببينة تشهد له بالبراءة

16 - باب المدعى عليه يجحد ما ادعى الخصم فيقوم عليه [1/ 203/ب] البينة فيأتي ببينة تشهد له بالبراءة م 2043 - واختلفوا في الرجل يدعى قبل الرجل المال، فيحجده فيقيم الطالب البينة، فيأتي المطلوب ببينة تشهد بالبراءة فيما يدعيه عليه. فقالت طائفة: تقبل ببينة، هذا قول الشافعي، والنعمان. وقالت طائفة: لا يقبل منه بعد الإنكار مخرجا، هذا قول مالك، وابن أبي ليلى، وبه قال أحمد، وإسحاق. قال أبو بكر: الأول أصح. 17 - باب الأيمان في الدماء م 2044 - اختلف أهل العلم في استحلاف المدعي: عليه القتل. فقالت طائفة: الأيمان في الدماء مخالفة جميع الأيمان الذي لا يبرأ منه إلا بخمسين يمينا، وما يبرأه يستحق ويبرأ منه بيمين واحدة، إلا اللعان، هذا قول الشافعي، وحجته في خبر القسامة. وفيه قول ثان: وهو أن الذي يستحلف عليه في غير باب القسامة يمين واحد، هذا قول أصحاب الرأي، ولا أحسبه إلا مذهب المديني. قال أبو بكر: وبهذا نقول، والحجة فيه: (ح 945) الثابت عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أنه قال: لو يعطى الناس بدعواهم لادّعى ناس دمآء رجال، وأموالهم، ولكن اليمين على المدعى عليه.

مسائل

ففي هذا الخبر بيان أن الدم لا يمين على المدعى عليه، فيه إلا بيمين واحد. مسائل م 2045 - واختلفوا في وجوب الأيمان على الأمناء، ففي مذهب الشافعي، وأبي ثور، والكوفي: يستحلفون فيما يذكرون من تلف أو غيره. وقد روينا عن الحارث العكلي عن علي عليه السلام أنه قال: ليس على مؤتمن يهبن. قال أبو بكر: الأول أصح. م 2046 - واختلفوا في الرجل المعسر يدعى عليه المال، ويريد المدعى استحلافه، فكان أبو ثور، وآخر من أصحاب الشافعي يقولان: له أن يحلف مما عليه حق، واحتجا بقول الله: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ} الآية. وخالهما المزني فقال: لو لم يكن عليه حق لاستحال أن ينظر بحق ليس عليه. م 2047 - واختلفوا في المدعى عليه يسكت، لا يقول، ولا ينكر، فكان مالك يقول: يجبر حتى يقرّ أو ينكر، ولا يترك وما أراد، وكذلك قال ابن أبي ليلى.

18 - باب الحكم باليمين مع الشاهد

وفي قول الشافعي: إذا فعل ذلك رد اليمين على المدعى يحلف، واستحق مدعاه. وفيه قول ثالث: وهو أن يقال له: احلف مرارا، فإن لم يحلف قضى عليه، هذا قول يعقوب. 18 - باب الحكم باليمين مع الشاهد قال أبو بكر: (ح 946) روينا عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه قضى [1/ 204/ألف] باليمين مع الشاهد. وقال بعض الرواة: في الحقوق. م 2048 - وبه قال شريح، وعمر بن عبد العزيز، وإياس بن معاوية، وعبد الله بن عتبة، ويحيى بن يعمر، ومالك بن أنس، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، والمزني. وقال باليمين مع الشاهد ابن المسيب، والقاسم بن محمد، وعروة بن الزبير، وأبو بكر بن عبد الرحمن ابن الحارث بن هشام، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، وخارجه بن زيد بن

ثابت، وسليمان بن يسار، أبو الزناد، وأبو سلمة بن عبد الرحمن. وروى ذلك عن عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، ولا يصح ذلك عن أحد منهما. وقالت طائفة: لا يحكم باليمين مع الشاهد، كذلك قال النخعي، والشعي، وابن أبي ليلى، والأوزاعي، وأصحاب الرأي. م 2049 - وكان مالك، والشافعي يقولان: إذا أقام العبد شاهدا أن مولاه أعتقه، لم يحلف العبد مع شاهده، ولا يستحق العبد الحرية إلا بشاهدين. م 2050 - وقال مالك في الشهادة في الولاء لا أرى أن يجزيها ولا يوالى، فإن طال ذلك ولم يجيء المال طالب، فأرى أن يحلف ويأخذ المال، ولا يجزيه. وفيه قول الشافعي: لا يجزيه، ولا يثبت به مال من جهة جر الولاء. م 2051 - ويحلف النصراني مع شاهده في قولهما جميعاً، وقول أحمد، ويستحق المال. م 2052 - ولا يحلف الغلام الذي لم يبلغ مع شاهده قول مالك والشافعي. م 2053 - وتحلف المرأة المسلمة في قولهما، مع شاهدها وتأخذ الكتاب. م 2054 - وقال مالك في العبد يأمره سيده أن يدفع مالاً من دين عليه، إلى رجل فدفعه بشاهد عدل، فقال مالك: يحلف العبد ويبوأ السيد.

وفيه قول الشافعي: لا يحلف العبد ويحلف الذي أنكر، وعلي السيد قضاء الدين. م 2055 - وكان الشافعي يرى أن يستحق المدعى أرش الجناية الخطأ بيمين وشاهد. م 2056 - وقال الشافعي: ولو أتى قوم بيمين وشاهد أن لأبيهم على فلان بن فلان حقا، أو أن فلانا أوصى لهم بوصية، فمن حلف منهم مع شاهده أخذ مورثه، أو وصيته دون من لم يحلف، ويوقف حق الطفل منهم، والمغلوب على عقله، حتى يبلغ هذا، ويفيق الآخر، ويحلفان ويأخذان حصتهما. م 2057 - وإذا كان لرجل على الناس ديون بشاهد واحد وعليه للناس ديون، قال الغرماء: ما نحلف ونأخذ حقنا لم يحلفوا في قول الشافعي، فقال للورثة: إن حلفتم ثبت الحق للميت [1/ 204/ب] بأيمانكم مع الشاهد وأديتم ما على أبيكم، وإن لم يحلفوا لم يقبضوا شيئاً. وفي قول مالك: يحلف الغرماء، ويأخذون حقوقهم. م 2058 - ولو أقام شاهد أنه سرق متاعا من حرز سرا ما يقطع فيه اليد، حلف مع الشاهد، واستحق المال، ولا يقطع من شهد عليه الشاهد الواحد بالسرقة. م 2059 - واختلف مالك، والشافعي في المرأتين تشهدان، هل يحلف الطالب مع شهادتهما في الحقوق فكان مالك يقول؟ يحلف الطالب مع شهادتهما ويستوجب المال. وقال الشافعي: لا يحلف مع شهادتهما. قال أبو بكر: قول الشافعي أصح.

19 - باب البينتين تتكافيا الدعوى في الشيء الواحد ولا بينة لهما

19 - باب البيّنتين تتكافيا الدعوى في الشيء الواحد ولا بينة لهما قال أبو بكر: (ح 947) روينا عن أبي موسى الأشعري أن رجلين اختصما رسول الله- صلى الله عليه وسلم-في بعير، فأقام كل واحد منهما شاهدين، فقضى رسول الله- صلى الله عليه وسلم - في البعير نصفين. م 2060 - وإذا ادعى الرجل دارا فقال كل واحد منهما: داري وفي يدي فليس على الحاكم أن ينظر في أمرهما، لأن كل واحد منهما لا يدعى قبل صاحبه شيئا، ولا في يديه فإن كانت الدار في أيديهما، وأقام كل واحد منهما بينة عادلة، وصدق دعواه، فكان الشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي يقولون: يترك في أيديهما، وكان لكل واحد منهما النصف، روينا معنى ذلك عن أبي الدرداء. م 2061 - وإن أقام أحدها بينة، ولم يكن للآخر بينة فالدار شهدت له البينة في قولهم (¬1) جميعاً. م 2062 - وإن لم يكن لأحد بينة، والدار بأيديهما، فادعى كل واحد منهما جميع الدار، حلف كل واحد منهما لصاحبه، وكانت الدار بأيديهما على ما كان. م 2063 - وإن حلف أحدهما ولكل الآخر، رد اليمين على صاحبه، فحلف واستحق ما بيد صاحبه في قول الشافعي، وأبي ثور. ¬

_ (¬1) في الأصل "قولهما".

20 - باب البينتين تستويان للمتداعيين والشيء ليس في أيديهما

وفي قول أصحاب الرأي: لا شيء للناكل ويجعل جميع الدار بيد صاحبه الذي حلف. م 2064 - والجواب في العبد الصغير الذي لا يتكلم في قولهم كالجواب في الدار، وإن كان العبد كبيرا يتكلم ولا بينة لهما فقال: أن عبد أحدهما، ففي قول النعمان، ويعقوب، ومحمد: هو عبد لهما، ولا يقبل قوله: أنه لأحدهما. وكان أبو ثور يقول: القول قول العبد ويحتج [1/ 205/ألف] بأن المدعى عليه العبودية، أو قال: أنا حر الأصل، كان القول قوله، وكذلك القول قوله إذا قال: أنا عبد أحدهما. 20 - باب البينتين تستويان للمتداعيين والشيء ليس في أيديهما قال أبو بكر: م 2065 - اختلف أهل العلم في الرجلين يدعيان الشيء ليس في أيديهما، ويقيم كل واحد منهما بينة تصدق قوله. فقالت طائفة: يقرع بينهما، لأنهما استويا في الحجة، فمن خرجت له القرعة صار له ما ادعى، هذا قول أحمد، وإسحاق، وأبي عبيدة، وبه كان يقول الشافعي إذ هو بالعراق. وقد روينا عن عبد الله بن عمر، وابن الزبير ما يوافق هذا القول.

وقالت طائفة: يقضي بينهما نصفين، هذا قول الثوري، وأصحاب الرأي. وقال الشافعي بمصر: فيها قولان، أحدهما: كما قال أحمد، والقول الثاني: كما قال الثوري. وقالت طائفة: قد اتفقت البينتان على أنها ليست للذي هي في يديه فيخرج عن يده، ويوقف حتى يعلم من يستحقها فيدفع إليه، ومحال أن يكون الدار كل في وقت واحد للرجلين لكل واحد منهم جميعاً على الكمال، وإحدى البينتين إما كاذبة وإما غالطة، وليست الدار بأيديهما. وكان مالك يقول: إذا تكافت بينتاهما لا أقضى بها لواحد منهما إذا لم يكن في يد واحد منهما، وقال مرة: أذهب إلى العدول أيها أعدل، وكان الأوزاعي يقول في رجل باع بيعاً، واختلفا في الثمن، وأقام كل واحد منهما بينة، يؤخذ بقول أعد لهما بينة، فإن اعتدلتا أخذنا بأكثر البينتين عددا. وقد روينا عن شريح أنه قال في رجلين أقام كل واحد منهما البينة: إنه أفتح وأبلد، يقضي لأكثرهما بينة، وكان النخعي، والشافعي يقولان: إذا أقام أحدهما شاهدين، والآخر أربعة: هي بينهما نصفين، وكان أبو ثور يقول: وإذا تداعياها يعني الدار، وهي في يدي غيرهما، لم يدفع إليهما ولم يخرج من يدي من هي بيده، وذلك أن البينتين قد تكاذبتا وتهاترتا.

21 - باب الأخبار التي احتج بها من رأي استعمال القرعة في الشي الذي يتداعياه الرجلان

21 - باب الأخبار التي احتج بها من رأي استعمال القرعة في الشي الذي يتداعياه الرجلان (ح 948) روينا عن ابي هريرة أن رجلين اختصما إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم - في دابة، وليس لهما بينة فأمرهما رسول الله [1/ 205/ب]- صلى الله عليه وسلم - أن يستهما على اليمين، وقال أحمد في القرعة خمس سنين، أقرع بين نساءه، وأقرع في ستة مملوكين، وقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: استهما. قال أبو عبد الله: قال أبو الزناد: يتكلمون في القرعة، وقد ذكرها الله عَزَّ وَجَلَّ موضعين من كتابه {فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ} الآية. قال أبو بكر: وقد اختلف كيفية القرعة، فقال أحمد: قال سعيد بن جبير: بالخواتيم أقرع بين اثنين في ثوب، فاخرج خاتم هذا وخاتم هذا، ثم قال: يخرجون الخواتيم، ثم يدفع إلى الرجل فيخرج منها واحدا.

وكان الشافعي يقول: "يجعل رقاعا صغارا، ويكتب في كل رقعة اسم ذي السهم حتى يستوظف أسماهم، ثم تجعل في بنادق طين مستوية، ثم تستجف قليلاً، ثم تلقى في ثوب رجل لم يحضر الكتاب، ويغطى عليها ثوبه، ثم يدخل يده فيخرج بندقة وينظر من صاحبها، فيدفع إليه الجزء الذي أقرع عليها، هكذا حتى ينفذ". قال أبو بكر: (ح 949) وخبر عمران بن حصين خبر ثان، أن رجلاً من الأنصار أعتق ستة أعبد في مرضه، لم يكن له مال غيره، فبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - فدعاهم فجزاهم، فأعتق اثنين وأرق أربعة، وقال قولاً شديدا. (ح950) وخبر عائشة في حديث الإفك خبر ثالث وهو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أراد سفرا أقرع بين نسائه، فأيتهن خرج سهما خرج بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معه. (ح 951) وخبر النعمان بن بشير خبر رابع، قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: مثل القائم على حدود الله والمراهن (¬1) فيها كمثل قوم استهموا على سفينة وذكر الحديث. ¬

_ (¬1) كذا في الأصل، وعند البخاري "والواقع فيها"

(ح 952) وخبر خامس مما فيه ذكر الاستهام ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول لاستهموا عليها. (ح 953) وفي حديث الزبير استعمال القرعة في أكفان الموتى، قال: لما انكشف المشركون عن أحد، وقد أصيب من أصيب من المسلمين، وأن صفية جاءت ثوبين ليكفن فيهما (¬1). قال حمزة: فوجدنا إلى جنبه قتيلا من الأنصار، فقلنا لحمزة ثوب وللأنصاري ثوب فوجدنا أحد الثوبين أوسع من الآخر، فأقرعنا عليهما، ثم كفنا كل واحد منهما في الثوب الذي صار له. وبيان سادس. (ح 954) وفي حديث زيد بن أرقم أن ثلاثة نفر من أهل اليمن [1/ 206/ألف] أتوا عليا يختصمون في ولد وقعوا على امرأة في طهر واحد فقال: أنتم شركاء متشاكسون وإني مقرع بينكم، فمن قرع منكم فله الولد، ولصاحبه عليه ثلثا الدية، فأقرع بينهم فجعله لمن قرع فضحك رسول الله- صلى الله عليه وسلم - حتى بدت أضراسه، أو نواجذه. ¬

_ (¬1) في الأصل "فيها".

22 - باب الشي يكون بيد الرجل يدعيه آخر ويقيم كل واحد منهما البينة على أن الشيء له

قال أبو يكر: وقد جاءت القرعة من وجوه سبعة أو ثمانية، وذكر القرعة في أخبار غير هذه الأخبار هي مذكروة في كتاب الدعوى والبينات. 22 - باب الشي يكون بيد الرجل يدعيه آخر ويقيم كل واحد منهما البينة على أن الشيء له م 2066 - واختلفوا في الشيء يكون بيد الرجل فيدعيه آخر ويقيم كل واحد منهما بينة على أن الشيء له: فقالت طائفة: صاحب اليد أولى، هذا قول شريح، والشعبي، والنخعي، والحكم، ومالك، والشافعي، وقال: ليفضل قوة سببه. وقالت طائفة: البينة بينة المدعى الذي ليست الدار في يديه. (ح 955) لان النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه. لأن المدعى عليه في يده الدار، هذا قول أحمد، وإسحاق. 23 - باب القوم يختلف دعواهم (¬1) وتستوي حججهم م 2067 - واختلفوا في الدار يدعيها أربعة نفر، ادعى أحدهم أنه له جميع الدار، وادعى الآخر أن له ثلثي الدار، وادعى الثالث أن له نصف الدار، وادعى الرابع أن له ثلث الدار، أقام كل واحد منهم شاهدي على دعواه، فحكى بعض أصحابنا أن في هذه المسألة أربعة ¬

_ (¬1) كذا في الأصل، وفي حاشية المخطوطة "دعاويهم".

أقاويل، أحدها: إن الدار تقسم على ستة وثلاثين سهما، يعول ثلثها وهو اثنا عشر سهما، يدفع إلى مدعي الجميع، لأن مدعي النصف، ومدعي الثلاثين، ومدعي الثلث قد يبرأوا من هذا الثلث فلم يدعوا فيه شيئاً، ثم يؤخذ سدس الدار وهو ستة أسهم من ستة وثلاثين سهما، فيقسم بين مدعي الجميع ومدعي ثلثيها، لأنهما مدعيان في لهذا السدس ويبرأ منه مدعي النصف، ومدعي الثلث، ويؤخذ سدس آخر فيقسم بين مدعي الجميع، ومدعي ثلثيها، ومدعي لنصفها أثلاثا، لأنهم جميعاً قد استووا في الدعوى في هذا السدس، ويبقى ثلث الدار فيقسم هذا الثلث بينهم أرباعا فيصير في يدي مدعي جميع الدار عشرون سهما [1/ 206/ب] من ستة وثلاثين سهما من جميع الدار وفي يدي مدعي ثلثيها ثمانية أسهم من ستة وثلاثين سهما من جميعاً، وفي يدي مدعي النصف خمسة أسهم من ستة وثلاثين سهما من جميعها، وفي يدي مدعي ثلثيها ثمانية أسهم من ستة وثلاثين سهما من جميعها، هذا قياس قول الحرث العكلي، وقتادة، وابن شبرمة، وحماد بن أبي سليمان، والنعمان. وفيه قول ثان: وهو أن الدار يقسم بينهم على خمسة عشر أنهم، والمدعي ثلثها سهمان، هذا قول ابن أبي ليلى، وناس من أصحاب الرأي، وهذا قياس على عول الفرائض. وفيه قول ثالث: وهو أن ثلث الدار يدفع إلى مدعي الجميع، لأنه لا منازع له فيه، ويقرع بين مدعي الجميع ومدعي الثلثين في سدس الدار، فأيهما أصابته القرعة حلف وقضي له به، ويقرع بين مدعي الجميع ومدعي الثلثين ومدعي النصف في سدس آخر، فأيهم أصابته القرعة حلف وقضي له به، ويقرع بين أربعتهم جميعاً في الثلث الباقي من الدار،

24 - باب دعوى النتاج

فأيهم أصابته القرعة حلف وقضي له به، هذا قياس قول أحمد، وأبي عبيد، وبه قال الشافعي إذ هو بالعراق. وفيه قول رابع، وهو أن ثلث الدار يعزل، فيدفع إلى صاحب الجميع، ويوقف سدس الدار على مدعي الجميع، ومدعي الثلثين حتى يصطلحا فيه، ويوقف سدس آخر على مدعي الجميع ومدعي الثلثين، ومدعي النصف، حتى يصطلحوا فيه، ويوقف ثلث الدار عليهم جميعاً حتى يصطلحوا فيه، هذا قول أبي ثور. وقد اختلف عن مالك في هذه المسأله، فروى عنه أنه قال نحو ما حكى عن ابن شبرمة. وروى عنه أنه قال بالقول الأول الذي ذكر عن أبي ثور. 24 - باب دعوى النتاج م 2068 - اختلف أهل العلم في الدابة تكون بيد الرجل، وادعاها آخر، أقام كل واحد منهما بينة على أنها دابته نتجتها عنده. فقال (¬1) الشافعي: هي للذي هي في يده، وبه قال شريح، والنخعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي، وكذلك العبد، والأمة. وكان أحمد يقول: لا فرق بين النتاج وغيره، ويقض بالدابة للذي ليست في يديه. م 2069 - وإذا كان ثوب خز في يد رجل فادعاه آخر أنه ثوبه نسجه، وأقم على ذلك بينة، وأقام الذي هو في يديه البينه على مثل ذلك، فهو للذي هو في يديه في قول الشافعي، [1/ 207/ألف] وأبي ثور. ¬

_ (¬1) في الأصل "فكان الشافعي".

وقال أصحاب الرأي: إن كان مما ينتج مرتين قضيت به للمدعي، وإن كان مما لا ينتج إلا مرة، قضيت به للذي هو في يديه، وإن كان مشكلا قضيت به للمدعي، حتى يعلم أنه مما لا ينتج مرتين، وبه قال أحمد. وفي قول أحمد: الثوب الذي ليس في يديه، فإذا كان الصوف في يدي رجل فأقام رجلٌ البينة أنه صوفه جزه من غنمه، وأقام الذي في يديه البينة على مثل ذلك، فهو للذي هو في يده. وكذلك المرعى، والشعر، والخز في قياس قول الشافعي، وبه قال أبو ثور، وأصحاب الرأي. م 2070 - وإذا كانت أرض، أو نخل في يد رجل، فأقام رجل آخر عليها البينة أنها أرضه، ونخله، وغرسه فيها وأقام الذي في يده الأرض على مثل ذلك، فإذا اثبتوا له الأرض ملكا، والنخل كانت للذي في يده، في قياس قول الشافعي، وبه قال أبو ثور وقال أصحاب الرأي: يقضي به للمدعي. م 2071 - فإذا كانت حنطة في يدي رجل فأقام رجل البينة أنها حنطة زرعها، فأقام الذي هي في يديه البينة على مثل ذلك، فإنها للذي في يده قياس قول الشافعي، وبه قال أبو ثور. وقال أصحاب الرأي: يقضي بها للمدعي. وقياس قول: أن الشيء للذي ليس في يده. م 2072 - فإذا كان عبد في يدي رجل فادعى رجل آخر أنه عبده ولد في ملكه من أمته هذه، ومن عبده هذا، فأقام البينة على ذلك، وأقام الذي هو العبد في يده البينة مثل ذلك، فإنه للذي العبد في يده قول أبي ثور، وأصحاب الرأي.

وكان أبو ثور يقول: وإذا كان عبد في يدي رجل، فأقام رجل عليه البينة أنه عبده ولد من أمته هذه ومن عبده هذا، وأنه ولد في ملكه، وأقام الآخر البينة على مثل ذلك، فإنه يوقف حتى يعلم لمن هو منها، إذا لم يوقف الشهود، ويخرج من يدي الذي هو في يديه، فيوقف حتى يعلم، أو يصطلحوا عليه، لأنهم قد زالوا ملكه عنه. وقال النعمان: يقضي بينهما نصفين، وقال أبو يوسف، ومحمد: لا يثبت نسبه من الأمتين؛ لأن علمي يحيط أنه لا تلده اثنتان، وقد يشرك الأبوان في الولد. م 2073 - وإذا كان كوز صفر، أو نور، أو طست، أو آنية من آنية الحديد، أو الصفر، أو النحاس، أو الشبه، أو الرصاص في يد رجل، فأقام رجل البينة إنه صاغه في ملكه، وأقام الذي في يده البينة على مثل ذلك، فإنه للذي في يده في قول أبو ثور. وقال أصحاب الرأي: إن كان هذا الإيصاغ إلا مرة، فإنه للذي هو في يده، وإن كان يصاغ [1/ 207/ب] غير مرة فهو للمدعي. م 2074 - قال أبو ثور: وإذا كانت دجاجة في يد رجل، فأقام رجل البينة، أن البيضة التي منها هذه الدجاجة كانت له، قضي له بالدجاجة لأنها خرجت من ملك له. وقال أصحاب الرأي: يقضى على صاحب الدجاجة ببيضة مثلها لصاحبها إذا أقر أنه فرخها، ولا يشبه هذا الولادة والنتاج.

25 - باب الدعوى أحدهما وقته قبل وقت صاحبه

25 - باب الدعوى أحدهما وقته قبل وقت صاحبه م 2075 - كان الشافعي يقول: إذا كان العبد في يد رجل فأقام رجل البينة أنه له منذ سنين هو في يديه، وأقام الآخر البينة إنه له منذ شهر، فهو للذي في يديه، والوقت الأول والآخر سواء. وقال أبو حنيفة: إذا كان العبد في يد رجل، فأقام رجل آخر البينة أنه عنده ملكه منذ سنة، فأقام الذي هو في يديه البينة أن له منذ سنين، فهو للذي هو في يديه، وقال يعقوب: هو للمدعى، ثم رجع إلى قول أبي حنيفة، وهو قول محمد، وقال أبو ثور: هو للذي في يده. م 2076 - وإذا كانت الدابة في يدي رجل وأقام رجل البينة أنها له منذ سنة، وأقام آخر البينة أنها له منذ سنين، فإنه يقضي بها لصاحب السنين في قول أبي حنيفة، وأبي يوسف الآخر، ومحمد، وقال أبو ثور كما قال النعمان. م 2077 - وقال أبو ثور: إذا كانت الدابة في يدي رجل، فأقام آخر البينة أنها له منذ عشر سنين، فنظر الحاكم في سن الدابة، فإذا هي بنت ثلاث سنين بطلت بينته، وكانت للذي في يديه ويستحلف للمدعي. وقال أصحاب الرأي: لا يقبل بينته على ذلك. م 2078 - وقال أبو ثور، وأصحاب الرأي: إذا كانت الدار في يد رجل فادعاها رجل وأقام البينة أنها له منذ سنة، وأقام آخر البينة أنه اشتراها من آخر، وهو يملكها منذ سنتين، فإنه يقضي بها لصاحب الشرى.

26 - باب الدعوى في الشرى والهبة

26 - باب الدعوى في الشرى والهبة م 2079 - واختلفوا في الدار تكون بيد رجل فادعاها رجلان ادعى أحدهما أنه اشتراها بمائة درهم ونقد الثمن، وادعى الآخر أنه اشتراها بمائتي درهم ونقد الثمن، ولم يوقت واحد من البينتين وقتا، فقال الشافعي: كل واحد منهما بالخيار أن يأخذ نصفها بنصف الثمن الذي سمى شهوده، ورجع على البائع بنصفه، وإن شاء رده، فإن اختار البيع فهو جائز لهما، وإن اختار أحدهما البيع واختار أحدهما الرد فللذي اختار نصفها بنصف الثمن، وبه قال النعمان، ويعقوب، ومحمد. وحكى أبو ثور عن الشافعي أنه قال: أقرع بينهما، فعلى هذا القول يجعل الدار لمن أصابته القرعة، ويرجع [1/ 208/ألف] الآخر على البيع بالثمن. وفيه قول للشافعي: وهو أن البيع ينفسخ بعد الأيمان إذا لم يعرف أيهما أول، وكان أبو ثور يقول: فيها قولان: أحدهما: أن يجيز الحاكم على فسخ البيع حق يرجع إلى مالكها، والآخر أن يؤخذ البائع برد الثمنين، وتوقف السلعة حتى يتبين لمن هي، أو يصطلحا. وقال أبو ثور والنعمان: إذا وقفت البينة هي للأول، ويرجع على البائع بالثمن. 27 - باب الدعوى في الميراث م 2080 - واختلفوا في الرجل يدعي داراً في يد رجل، ويقيم البينة أن أباه مات وتركها ميراثا، لا وارث له غيره، وادعاها آخر وذكر أن أخاه

مات وترك هذه الدار، لا وارث له غير هذا، والذي في يديه الدار منكر، فكان الشافعي يقول: في هذه قولان: أحدهما: أن يكون بينهما نصفين، والآخر: أن يقرع بينهما، فأيهما خرجت له القرعة كانت له. وقال أبو ثور: إن وقتت البينتان فهي للأول، وإن لم توقتتا تهاترتا، وألغيناهما جميعاً واستحلفنا الذي الشيء في [[يده]]، فإن حلف لهما لم يخرج الشيء من يديه، وقال أصحاب الرأي: يقضي بالدار بينهما نصفين. قال أبو بكر: م 2081 - وإذا كانت أمه في يد رجل فادعاها رجل وأقام البينة أنها كانت لأبيه، وإنه مات، ولا يعلمون له وارثا غير هذا، وأقام آخر البينة أنه اشتراها من أبي هذا بمائة درهم ونقده الثمن، فإنه يقضي بها للمشترى في قول الشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي، ولا أحفظ عن غيرهم في خلاف قولهم. م 2082 - وكذلك لو شهدوا على صدقة مقبوضة، أو هبة، أو نحل، أو عطية، أو عمرى في قولهم جميعاً. وكذلك نقول. م 2083 - وإذا كانت في دار في يد رجل عليها البينة أن أباه مات وتركها ميراثا، ولم يشهدوا على الورثة، ولا يعرفونه، فإن القاضي يكلف الورثة البينة أنهم ولد فلان بن فلان لا يعلمون له وارثا غيرهم، فإن أقام البينة على ذلك دفعت الدار إليهم، وإن لم تكن بينة وقفت الدار أبدا حتى يأتوا ببينة أنهم ذريته، لا وارث له غيرهم وهذا قول الشافعي، والنعمان، وأبي ثور.

م 2084 - وإذا كانت الدار في يد رجل فأقام رجل البينة أن أباه مات وتركها ميراثا، وأقام آخر بينه أن أبا هذا المدعى تزوج [1/ 208/ب] عليها أم هذا، وأن أمه فلانة ماتت وتركتها ميراثا، فإنه يقضي بها لابن المرأة، هذا قول الشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي. وكذلك نقول. قال أبو بكر: م 2085 - وفي شهادة رجلين على شهادة رجلين قولان، أحدهما أن لا يجوز على شهادة كل رجل إلا رجلان، هذا قول الشافعي، ومال أبو ثور إلى هذا القول. والقول الثاني: أن شهادة رجلين على شهادة رجلين جائزة، هذا قول أصحاب الرأي. م 2086 - ولا تجوز شهادة النساء في الطلاق، والنكاح في قول الشافعي، وأبي ثور. وفي قول أصحاب الرأي: شهادتهن جائزة في ذلك. م 2087 - وإذا كانت دار في يدي ورثه، وأحدهم غائب، فادعى أحدهم أنه اشترى من الغائب حصته وأقام على ذلك بينة، فإن بينته تقبل في قول الشافعي، وأبي ثور، وكذلك نقول. وقال أصحاب الرأي: لا تقبل بينة على الغائب. م 2088 - وإذا كانت الدار في يدي رجل وابن أخيه، فادعى العم أن أباه مات وتركها ميراثا لا وارث له غيره، فادعى ابن الأخ أن أباه مات وتركها ميراثا لا وارث له غيره، فإن لم يكن لواحد منهما بينة، فإنه يقضي بها بينهما نصفين في قول الشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي. وكذلك نقول.

28 - باب الشهادة بين أهل الذمة في المواريث

28 - باب الشهادة بين أهل الذمة في المواريث أمر الله جل ذكره بقبول شهادة من يرضى من المسلمين، وأمر برد شهادة الفساق من المسلمين، إذا لم تجز شهادة الفساق من المسلمين، فشهادة من كذب على الله، وكفر به وبرسله أولى بالرد، فلا يجوز لحاكم أن يقبل شهادة أحد خالف دين الإِسلام، وسواء كان المحكوم له، أو المحكوم عليه كافرا لأن الله عَزَّ وَجَلَّ يقول: {وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ} الآية. م 2089 - هذا قول الحسن البصري، ومالك، والشافعي، وأحمد، وأبي ثور. وقال أصحاب الرأي: إذا كانت الدار في يدي رجل ذمي فادعاها ذمي آخر، وأقام البينة من أهل الذمة أن أباه مات وتركها ميراثا له، ولا يعلمون له وارثا غيره، فإنه يقضي له بالدار، وكذلك إن كان الشهود من المجوس؛ لأن الكفر كله ملة واحدة. قال أبو بكر: م 2090 - وإذا كان الرجل معروفا بالنصرانية فمات، وترك ابنين أحدهما مسلم والآخر نصراني، فادعى النصراني أن أباه مات نصرانيا، وادعى المسلم أن أباه أسلم قبل أن يموت، وقامت البينة على أن لا وارث للميت غيرهما, ولم [1/ 209/ألف] يشهد على إسلامه، ولا على كفره غير الكفر الأول، فهو على الأصل، فميراثه للنصراني حتى يعلم إسلامه، وهذا قول الشافعي، وأبي ثور. وبه نقول.

م 2091 - ولو أقاما جميعاً البينة، وأقام النصراني شاهدين مسلمين أن أباه مات نصرانيا، وأقام المسلم شاهدين نصرانيين أن أباه أسلم قبل أن يموت، فالميراث للنصراني الذي شهد له المسلمان، ولا شهادة للنصراني، هذا قول الشافعي، وأبي ثور. وقال أصحاب الرأي: نجيز شهادة أهل الذمة، ونجعلها للمسلم. قال أبو بكر: لا تقبل شهادة من خالف دين الإِسلام. م 2092 - ولو أن دار في يدي رجلين أحداهما مسلم، والآخر نصراني، فأقرا جميعاً أن أباهما مات وتركها ميراثا، وهما أخوان، وقال المسلم: مات أبي مسلما، وقال الآخر: مات أبي كافرا, ولم يكن لهما بينة، استحلفا، وكانت الدار بأيديهما بينهما، وهذا قول أبي ثور. وقال أصحاب الرأي: يحكم المسلم. والجواب في الدار، والعبد، والأمة، والثياب، والحيوان، والذهب والفضة سواء. ولو أن داراً بيد رجلين فأقرّا جميعاً أن أباهما مات وتركها ميراثا، فقال أحدهما: كنت مسلما وكان أبي مسلما، وقال الآخر: قد كنت أنا أيضاً مسلما، وقال آخر: كنت نصرانيا فأسلمت بعد موت أبي، وقال: هو: أسلمت قبل موته، وأقر الآخر أن أخاه كان مسلماً قبل موت أبيه، فإن الميراث للمسلم الذي يجمع على إسلامه، وهذا قول الشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي. م 2093 - وكذلك لو كان عبدا فقال أخوه: أعتقت بعد موت أبيك، وقال الآخر: أعتقت قبل موت أبي، فالميراث للذي أجمع على عتقه في قولهم جميعاً.

م 2094 - وإذا كانت الدار في يد ذمي فادعى المسلم أن أباه مات وتركها ميراثا له، لا يعلمون له وارثا غيره، وأقام على ذلك بينة من أهل الذمة، وادعى فيها ذمي مثل ذلك، وأقام بينة من أهل الذمة، فإن الدار لمن هي بيده إذا جحد دعواهم، ويحلف كل واحد منهما في قول الشافعي، وأبي ثور. وقال أصحاب الرأي يقضى بها للمسلم لأن بينة الذمي كفار، فلا تجوز شهادتهم فيهما يضر بالمسلم وينقصه، ولو كانت بينة الذمي مسلمين، قضى بالدار بينهما نصفين. وفي قياس قول الشافعي يقضي بها للذي شهدت له البينة من المسلمين، وبه قال أبو ثور. قال أبو بكر: م 2095 - وإذا كانت الدار في يد رجل مسلم فقال: مات أبي وهو مسلم، وترك هذه الدار ميراثا لي، وجاء أخو الميت وهو ذمي، فقال: مات أخي وهو كافر على ديني، وابنه هذا مسلم، استحلف الابن على دعوى الأخ، وذلك [1/ 209/ب] أن الدار في يدي الابن، والأخ مدعٍ، فلا يصدق إلا بحجة، وهذا قول أبي ثور. وقال أصحاب الرأي: لا يرث الأخ مع الابن شيئاً. م 2096 - وكان أبو ثور يقول: إذا كان الرجل كافرا واختلفوا في إسلامه، فهو على كفره، لا يصلى عليه حتى يشهد شاهدان أن فلان ابن فلان أقر بالإِسلام، وانتقل عما كان عليه من الكفر إلى الإِسلام، هذا قول الشافعي. وقال أصحاب الرأي: إذا كان بعض الورثة مسلمين جعلت القول قولهم.

قال أبو بكر: كما قال أبو ثور أقول، وإسلام بعض الورثة لا يدل على إسلام الميت. م 2097 - واختلفوا في بنت وأخ، وإلى بنت مسلمة والأخ كافر، فقالت البنت: كان الميت مسلما، وقال الأخ: كان كافراً، أو كانت البنت كافرة والأخ مسلما، ففي قول أصحاب الرأي: القول قول المسلم منهما. وفي قول أبي ثور: ينظر إلى الذي بيده الشيء، فيجعل له ويستحلف على دعوى الآخر. قال أبو بكر: م 2098 - وإذا مات المسلم وله امرأة ذمية، فادعت أنها قد أسلمت قبل موته، فعليها البينة، فإن لم يكن لها بينة فلا ميراث لها، ويحلف لها الورثة، ولو لم يعلم أنها كافرة، وقالت: لم أزل مسلمة. وقالت ورثته: كانت كافرة، فالقول قولها مع يمينها، وعلى الورثة البينة. م 2099 - وكذلك لو قالت: لم أزل حرة، وادعت الورثة أنها أمة، فالقول قولها. م 2100 - ولو ادعوا أنه طلقها ثلاث، وجحدت ذلك، فالقول قولها مع يمينها، وهذا كله قول الشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي. غير أن أصحاب الرأي لم يذكروا يمينها، ولا يمين الورثة. قال أبو بكر: م 2101 - ولو أن المرأة أقرت أنها طلقها واحدة في صحته وانقضت عدتها ثم قالت: راجعني قبل أن يموت، وقالت الورثة: لم يراجعك، فالقول قول الورثة، لأنها قد أقرت أنها خارجة من ملكه، وادعت الدخول

29 - باب الشهادة الولادة والنسب

في ملكه، فلا يقبل قولها لا ببينة، وهذا قول الشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي. م 2102 - ولو قالت المرأة: طلقني واحدة ولم تنقض عدتي حتى مات، وقالت الورثة: انقضت عدتها، فكان القول قولها في قولهم جميعاً. 29 - باب الشهادة الولادة والنسب قال أبو بكر: م 2103 - إذا كان العبد صغيرا في يد رجل يدعى أنه عبده، فالقول قوله إذا كان لا يعبر عن نفسه، بمنزلة الثوب، فإن ادعى آخر أنه ابنه فهو مدع، وعليه البينة، فإن شهدوا أنه ابنه فلم يزيدوا على ذلك ففيها قولان، أحدهما: قول أبي ثور: إنه يقضي له به بالنسب ويجعل ابنه وهو عبده للذي هو في يديه، لاحتمال أن تكون أمه أمة تزوج بها حرا، فيكون الولد رقيقا بأمه، ويكون نسبه ثابتا. والقول الثاني: أنه يلحق به نسبه ويكون حرا من قبل النسب الذي شهدوا له به، هذا قول أصحاب الرأي، وسواء كان الأب من العرب، أو من قريش، أو من الوالي، أو حراً أهل الذمة فهو سواء. م 2104 - وقد اختلف أهل العلم في الرجل من العرب يتزوج بأمة قوم، فكان أبو ثور يقول: إذا كان الأب من العرب يقوم على أبيه ولا يسترق، وقد روينا عن عمر بن الخطاب أنه قال لابن عباس: اعقل عني ثلاثاً، الإمارة شورى، وفي فداء العرب مكان كل عبد عبد، وفي ابن الأمة عبدان: وكتم ابن طاووس الثالثة.

وروينا عن ابن المسيب أنه قال في المولى ينكح الأمة "يسترق ولده وفي العربي ينكحها: لا يسترق ولده، وعليه قيمتهم" وكان الشافعي يقول: يروى عن عمر لا يسترق عربي وقال: إن سباهم منسوخ، ثم قال بمصر: "ثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سباني عبد المصطلق، وهو رزن، وقبائل من العرب، وأجرى عليهم الرق، حتى من عليهم بعد"، وذكر كلاما تركت ذكره، وكان الثوري، وإسحاق يقولان: في العرب يتزوج الأمة: لا يسترقون، ويقديهم. وفيه قول ثان: قال مالك، وأصحاب الرأي: وهو إذا علم أنها أمه فأولادها رقيق، واحتج من قال هذا بأخبار ثابتة عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - دالة على صحة هذا المذهب، فمن ذلك: (ح 956) حديث عمر أنه سمع ناساً يقولون: اعتق رسول الله- صلى الله عليه وسلم - رفيق حنين ومعه غلام من رقيق حنين فقال: اذهب فأنت حر. قال أبو بكر: وغير جائزان يكون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليعتق أحرارا، ومن ذلك: (ح 957) حديث عائشة أن سبيئة كانت عندها من بني تميم فقال: اعتقيها فإنها من ولد إسماعيل.

(ح 958) وحديث آخر لعائشة قالت: أتى رسول الله- صلى الله عليه وسلم - سبى بني العنبر فقال لها رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: أعتقي من بني العنبر أو من بني لحيان، ولا تعتقي من بني خولان. فقد ثبتت الأخبار عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - بما ذكرناه، ولم يعارض ذلك أخبار غيرها، وإنما تؤخذ أحكام الإسلام عنه - صلى الله عليه وسلم -، فالخبر والنظر على ذلك يدل، فأما الخبر، فقد ذكرناه، وأما النظر فكذلك دال عليه بذلك أنه - صلى الله عليه وسلم - سوى بين المسلمين في دمائهم [1/ 210/ب] وقد أجمع أهل العلم على القول به، فحكم ما دون الدماء حكم الدماء، ويجب رد كل مختلف فيه إلا أخبار رسول الله- صلى الله عليه وسلم -. قال أبو بكر: م 2105 - وإذا كان غلام صغير في يدي رجل فادعى أنه ابنه، وادعى آخر أنه ابنه، وأقام على ذلك بينة، فإن نسبه يلحق بالذي أقام عليه البينة في مذهب الشافعي، وبه قال أبو ثور. وقال أصحاب الرأي يقضي به للمدعى، ويثبت نسبه منه. قال أبو بكر: م 2106 - وإذا كان الذي يدعيه حر، والذي أقام البينة عبد، أو ذمي، فإن نسبه يثبت من المدعى، ويلحق به بشهادة الشهود، ويكون الصبي عبدا للذي هو في يديه في قول أبي ثور، وبه قال أصحاب الرأي. إلا في الصبى يدعيه من بيديه إنه عبد له فإنهم قالوا: يكون حراً.

م 2107 - وقال أبو ثور، وأصحاب الرأي: إذا كان الصبي في يد رجل فادعى أنه أقام على ذلك بينة، وادعى رجل آخر أنه ابنه، وأقام على ذلك بينة، فإنه للذي هو في يديه. قال أبو بكر: وبه نقول، وهذا على مذهب الشافعي. م 2108 - وإذا كان عبد وامرأته أمة، وفي أيديهما صي فادعاه رجل من العرب، وأقام البينة أنه ابنه من امرأته هذه، وهي من العرب، وأقام العبد البينة أنه ابنه، فهو ابن العبد الذي في يديه، وهذا قول أبي ثور. وبه نقول، وليس بين العجم، والعرب فرق في شيء من أحكام الله عز وجل. وقال أصحاب الرأي: يقضي به للعربي ولامرأته، للعتق الذي دخل فيه، وكذلك لو كان المدعي من الوالي عندهم. قال أبو بكر: م 2109 - وإذا كان الصبي لقيطا في يدي رجل، فادعاه رجلان، وأقام كل واحد منهما البينة أنه ابنه، ولد على فراسة بن امرأته هذه إن البينتين قد تدافعتا وأحدهما كاذبة، ففيها قولان، أحدهما وبه أقول، أن يرى للقافة فبأيهما ألحقوه به الحق، وهذا على مذهب أبي ثور. والقول الثاني: أن يكون ابن المرأتين والرجلين، ويقضي به لهما جميعاً، وهذا قول بعض أصحاب الرأي، وقد ثبت أمر القافة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقضى بها أمير المؤمنين عمر بن الخطاب بحضرة المهاجرين والأنصار، فلم يدفعه أحد منهم. وقال يعقوب، ومحمد: نجعله ابن الرجلين، ولا نجعله ابن المرأتين.

30 - باب إثبات أمر القافة

30 - باب إثبات أمر القافة (ح 959) ثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل على عائشة سرورا تبرق أسارير وجهه فقال: ألم تسمعي ما قال محيرز المدلجي لزيد، وأسامة [1/ 211/ألف] قال: إن هذه الأقدام بعضها من بعض. م 2110 - وممن قال بإثبات أمر القافة أنس بن مالك، وعطاء بن أبي رباح، وزيد بن عبد الملك، ومالك، والأوزاعي، والليث، والشافعي، وأحمد، وأبو ثور، واختلف الذين قالوا بالقافة في القائف يقول: هو ابنهما. وقالت طائفة: إن كان الولد كبر أقيل له: انتسب إلى أيهما شئت، وإن كان صغيرا انتظر به حتى يكبر، فلينتسب إلى أيهما شاء، وكذلك إن قالت القافة: قد أخذ الشبه منهما، هذا قول الشافعي، آخر قوليه بمصر، واحتج برواية أخرى رويت عن عمر أن القافة قالت له: قد أشركا فيه، فقال له عمر: انتسيب، وإلى أيهما شئت. م 2111 - وقال أبو ثور، وأصحاب الرأي: إذا كان صبي في يد رجل، فادعته امرأة أنه ابنهما، وأقامت شاهدين على ذلك فإنه يقضي به للمرأة، وإن كان للذي هو في يده يدعيه، لم يقص له به. قال أبو بكر: م 2112 - وأقل ما يقبل على الولادة شهادة أربع نسوة، وهذا قول عطاء، والشعبي، وقتادة، والشافعي، وأبي ثور.

م 2113 - وكان أبو ثور يقول: إذا كان العبد في يد رجل فادعاه آخر أنه عبده ولد في ملكه، وأنه أعتقه، وأقام الذي في يده العبد أنه عبده ولد في ملكه بيته، قضى للذي هو في يده. وقال أصحاب الرأي: يقضي به للذي أعتقه. قال أبو بكر: قول أبي ثور صحيح (¬1)، لأن المدعى لم يثبت له شيء فيجوز له عتقه. م 2114 - وإذا كان عبد في يد رجل، فأقام رجل البينة أنه ابنه من أمته هذه، وأقام الذي هو في يده البينة أنه عبده، أو ولد في ملكه، فإنه يقضي به للذي هو في يده، في قول أبي ثور. وقال أصحاب الرأي: يحكم به للمدعي الحرية. م 2115 - وإذا كان صبي في يدي رجل فادعى أنه ابنه، ولد على فراشه من هذه الأمة، وادعاه مكاتب أنه ابنه ولد على فراشه من هذه المكاتبة، وأقام كل واحد منهما على ذلك البينة، فإن هذا يرى للقافة في قول أبي ثور فأيها ألحقوه به لحق. وقال أصحاب الرأي يجعل للمكاتب. قال أبو بكر: م 2116 - ولو ادعاه يهودي، ونصراني، ومجوسي، وأقام كل واحد منهم بينة أنه ابنه ولد على فراشه، فإنه يرى للقافة ويلحق بمن ألحقوه به، هذا قول أبي ثور. وقال أصحاب الرأي: يجعله ابن اليهودي، أو النصراني. ¬

_ (¬1) وفي حاشية المخطوطة "أصح".

31 - باب الدعوى في الحائط

قال أبو بكر: م 2117 - وإذا كانت الدار في يدي رجلين فادعى أحدهما النصف، وادعى الآخر الكل فإن المدعي صاحب الكل [ثابت] فيقال لصاحب [1/ 211/ب] النصف: ما تقول فيما يدعي، فإن أقر له به، دفع ما في يده، وإن أنكر حلف، وكان النصف في يده كان، وهذا قول أبي ثور، وقال النعمان: صاحب النصف مصدق؛ لأن النصف في يديه، ولم يدع فصل، والذي ادعى الجميع مدعى عليه البينة، فإن قامت لها البينة، فإنه يقضي بالدار لصاحب الجميع، وهذا قول النعمان، ويعقوب، ومحمد. 31 - باب الدعوى في الحائط قال أبو بكر: (ح 960) جاء الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بإسناد مجهول لا يثبت من جهة النقل أنه قضى في الخص الذي يليه القمط. م 2118 - وقد روينا عن علي بن أبي طالب عليه السلام بإسناد فيه مقال

أيضاً أنه للذي يليه القمط وعن شريح أنه قضى بالقمط، وقال يعقوب، ومحمد: والقضاء بالخص لمن يليه القمط، ويقضي بالبناء أيضاً لمن كان ظهر البناء، وأنصاف اللبن إليه. وفيه قول ثان وهو أنه بينهما نصفان فلا يلتفت إلى القمط أن تكون أحدهما، هذا قول أبي ثور، والنعمان، وكذلك البناء إذا كان وجهه إلى أحدهما، فهو بينهما نصفان ولا ينظر في ذلك إلى من إليه الوجه، وبه قال النعمان. قال أبو بكر: وهذا أصح القولين, لأن الخبر لم يثبت، وإذا لم يثبت الخبر فالاعتماد عليه غير جائز والله أعلم. م 2119 - وكان الشافعي يقول: إذا تداعى الحائط رجلان فإن كان متصلا ببناء أحدهما إيصال البنيان الذي لا يحدث مثله إلا من أول البنيان، جعلته له دون المتقطع منه، فإن كان غير موصل بواحد منهما، أحلفهما، وجعلته بينهما، ولا أنظر إلى من إليه الخوارج ولا الدواخل، ولا أنصاب اللبين، ولا معاقد القمط، لأنه ليس في شيء من هذا دلالة، ولو كان لأحدهما عليه جذوع، ولا شيء للآخر عليه أحلفتهما، وأقررت الجذوع بحالها، وجعلت الجدار بينهما نصفين. وكان أبو ثور يقول: يحلف كل واحد منهما لصاحبه، ويكون الحائط بينهما نصفين، ولا ينظر إلى عقد البناء، ولا إلى وجهه غير أنه قال: فإن كان لأحدهما عليه جذوع، وليس للآخر عليه شيء، فصاحب الجذوع أولى؛ لأنه في يده دون صاحبه، وبه قال النعمان.

م 2120 - وقال أبو ثور: وإن كان لأحدهما عليه حوارى، وبوارى فهو له أيضاً، وقال النعمان: لا يستحق لهما شيئاً. م 2121 - وقال أبو ثور: إذا كان الحائط متصلاً ببناء أحدهما وليس للآخر عليه [1/ 212/ألف] جذوع فهو بينهما أيضا. وقال النعمان: هو لصاحب الإتصال. م 2122 - وقال أبو ثور، والنعمان: إن لم يكن متصلاً ببناء أحدهما، ولا لواحد منهما عليه جذوع، فهو بينهما نصفين. م 2123 - وقال أبو ثور، والنعمان: إن كان لأحدهما عليه عشر خشبات، وللآخر سبعة، فهو بينهما نصفان. م 2124 - وقال أبو ثور: إن كان لأحدهما عليه عشر خشبات، وللآخر واحدة، فهو بينهما نصفان. وقال النعمان: لكل واحد منهما ما تحت خشبة، ولا يكون بينهما نصفين. م 2125 - وقال أبو ثور: إن كان لأحدهما ستره وللآخر عليه خشب، فهو بينهما. وقال النعمان: الحائط الأسفل لصاحب الخشب منهما، ولصاحب السترة على حالها. م 2126 - وقال أبو ثور: إن كان أسفل الحائط وعلوه لرجل، فأراد صاحب الأسفل أن يهدم السفلي فليس ذلك له، وإن أراد صاحب السفل أن يفتح فيه كوة، أو يابا، أو يدخل عليه فيه جذعْاً، فإن كان لا يضر بصاحب العلو، فذلك له، وإن كان يضر به فليس له ذلك.

32 - باب النهي عن منع الجار جاره أن يغرز خشبة في جداره

وقال أبو يوسف، ومحمد له أن يحدث فيه ما شاء ما لم يضر ذلك بالعلو، وقال النعمان: ليس له أن يفتح فيه كوة، ولا يابا، ولا يدخل فيه جذعا، لم يكن له ذلك إلا بإذن صاحب العلو. م 2127 - وقال أبو ثور لصاحب العلو أن يحدث في علوه بناء، أو يدخل فيه جذعا إذا لم يضر بصاحب السفل، وقال النعمان: ليس له ذلك. م 2128 - وإن كان السفل لرجل والعلو لآخر فانهدم السفل والعلو جميعاً، لم يجبر صاحب السفل على بنيانه ولصاحب العلو أن يبني السفل، ثم يبني العلو فوقه، ولا يسكن صاحب السفل منزله، حتى يؤدي البنا إلى صاحب العلو، هذا قول النعمان، ويعقوب، ومحمد. وقال أبو ثور: يجبر صاحب السفل أن يبني سفله حتى يبني صاحب العلو علوه. قال أبو بكر: وهذا قول مالك بن أنس. وفيه قول ثالث: وهو أن صاحب السفل لا يجبر على بناء سفله، فإن تطوع صاحب العلو فبنى، ورد علوه عليه، فليس له إذا فعل ذلك أن يمنع صاحب السفل أن يسكنه، وليس على صاحب السفل قيمة البناء، يحكى هذا القول عن الشافعي. 32 - باب النهي عن منع الجار جاره أن يغرز خشبة في جداره قال أبو بكر: (ح 961) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -[قال:] لا يمنع أحد لم جاره أن يغرز خشبه في جداره، وقال أبو هريرة: لما ذكر لهم هذا عن رسول

الله - صلى الله عليه وسلم -: مالي أراكم [1/ 212/ب] معرضين والله لأرمين بها بين أكتافكم. (ح 962) وثبت عن - صلى الله عليه وسلم - قال: ليس لرجل أن يمنع جاره أن يضع خشبه في جداره، وفي بعض الأخبار: إن شاء وإن أبى. قال أبو بكر: م 2129 - وقد اختلف في ذلك فكان أحمد، وأبو ثور، وطائفة من أهل الحديث يرون الحكم بذلك، قال أحمد: إذا كان حائط وثيق، وحكى مالك عن المطلب أن كان يقضي به. وفيه قول ثان: وهو أن ذلك من رسول الله- صلى الله عليه وسلم - تحضيضاً، ولا يقضى به على الناس، هذا قول مالك بن أنس. قال أبو بكر: والقول الأول صحيح؛ لأن الأخبار دالة على أن ذلك من جهة الوجوب لا من جهة الندب، ويؤيد ذلك قول أبي هريرة "والله لأرمين بها بين أكفافكم"، وأبو هريرة أعلم بما قد رواه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وبمعناه عمن بعده، ولا يجوز أن يلزمهم ما ليس بواجب عليهم، وخبر عمر بن الخطاب في الخليج الذي ساقه الضحاك بن خليفة بن العريض، فأراد أن يمر به في أرض لمحمد بن سلمة، وان محمد أبى فقال عمر: والله ليمرن به ولو على بطنك، دلالة على صحة هذا القول، لو اعتمد عليه معتمد، فكيف في الخبر عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - كفاية ومقنع.

33 - باب سعة الطريق إذا تشاح أهلها فيها عند القسم والدعوى في الطريق

م 2130 - واختلفوا في الرجل يستعير حائط من جار له فيبني عليه ثم يبدو له. فقالت طائفة: يعطيه قيمة بنائه، وهذا قول شريح، والشعبي. وقال مالك: إن كان إنما أراد ذلك لحاجة إليه، فأرى ذلك له، فأما أن يكون على وجه الضرر فلا أرى له ذلك. 33 - باب سعة الطريق إذا تشاح أهلها فيها عند القسم والدعوى في الطريق قال أبو بكر: (ح 963) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: إذا ختلفتم في طريق فاجعلوها سبعة أذرع. قال أبو بكر: م 2131 - فإذا كان للرجل باب في دار رجل من داره، فأراد أن يمر فيه فمنعه صاحب الدار، فله ذلك إلا أن يشهد بينة أن له الدار طريقا ثانيا، وإن لم يكن له بينة فله استحلاف الرجل، وهذا على مذهب أبي ثور، وأصحاب الرأي. م 2132 - فإن شهد شاهدان أن هذا كان يتطرق من هذا الباب، ولم يقولوا: يحق له، لم يثبت له بهذه الشهادة شيء حتى يقولوا يطرق بحق له.

34 - باب التداعي في الولد وإلحاقه بصاحب الفراش [1/ 213/ألف]

34 - باب التداعي في الولد وإلحاقه بصاحب الفراش [1/ 213/ألف] قال أبو بكر: (ح 964) ثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال، الولد للفراش وللعاهر الحجر. م 2133 - وثبت أن عمر بن الخطاب قال: بلغني أن رجالا منكم يعزلون، فإذا حملت الجارية، قال: ليس مني، والله لأوتي برجل فعل ذلك منكم إلا ألحقت به ولدها، فمن شاء فليعزل، ومن شاء فلا يعزل، وكان أبو ثور يقول بحديث عمر وحكى ذلك عن الشافعي. واحتج أبو ثور بقضاء النبي- صلى الله عليه وسلم - في ابن وليدة زمنه. وفيه قول ثان: روينا عن زيد بن ثابت أنه كان يقع على جارية له، يطيب نفسها، فلما ولدت انتفى من ولدها، وضربها مائة، ثم أعتق الغلام. وروينا عن ابن عباس أنه وقع على جارية له، وقد كان يعزلها، فولدت، فانتفى من ولدها. وقال الثوري: ليس للرجل أن ينكر ولد الأمة إذا اعترفت، به، وإذا انتفى منه قبل أن يعترف به، لم يلحق به، وقال النعمان: إذا أقر الرجل بولده من أمته، أو زوجته، لم يكن له أن ينفيه أبداً.

قال أبو بكر: إذا قرأ الرجل بوطئ أمه فجاءت بولد لستة أشهر من يوم أقر بوطئها، فهو لازم له، لا ينفى عنه أبداً، استدلالا: (ح 965) بخبر الزهري عن عروة عن عائشة في قضاء النبي - صلى الله عليه وسلم - في ابن جارية زمعة. وكان النعمان يقول: إذا وطىء الرجل أمته فولدت، لم يلزمه ولدها، وإن حضنها ويبرأها ثيبا، لم يلزمه الولد، إلا أن يقربه، وقال: إذا حضنها فأحب إلي في دينه أن يقربه، وإن لم يحضنها فهو في سعة من إنكاره. وهذا خلاف حكم رسول الله- صلى الله عليه وسلم - في ابن جارية زمعة، وخلاف حكم عمر بن الخطاب، بين المهاجرين والأنصار على المنبر، مع ترك جميع من حضره منهم إنكار ذلك عليه، وقول النعمان هذا: خطأ بين، لأنه خلاف السنة، وخلاف حكم عمر بين المهاجرين والأنصار على المنبر. م 2134 - وأجمع كل من أحفظ عنه من أهل العلم على أن الرجل، إذا كانت له جارية، وعلم أنه يطأها، أقر بذلك قبل بيعها، ثم باعها، فظهر بها حمل وولدت عند المشترى ولدا تاما لأقل من ستة أشهر، من يوم عقد البيع، وادعاه البائع، أو الولد لا حق به، وان البيع يبطل. م 2135 - واختلفوا في إذا ولدته لستة أشهر، أو لأكثر، أو لأقل من المدة التي تحمل المرأة فيه.

فقالت طائفة: إن كان يعلم أن البائع كان يطأها، فجاءت بالولد لأقل من ستة أشهر أو أكثر ما بينهما، ومن تسعة أشهر منذ باعها ولم يدعه [1/ 213/ب] المشتري، فهو ابن البائع، ويفسخ البيع ويرد الثمن، وترجع الجارية إليه، ويكون ابنه، وتكون أم ولد له، فإن جاءت به لأقل من ستة أشهر، ولم يدعه البائع، وادعاه المشتري، فلا يلحق به النسب، وذلك أن المرأة لا تلد ولداً يعيش إلا بستة أشهر أو أكثر، فإن جاءت به لستة أشهر أو أكثر وادعاه المشتري، ولم يدعه البائع، فهو ابن المشتري. وإن ادعياه جميعاً، وقد علم أن البائع كان يطأها، أرى للقافة فبأيهما ألحق به، لحق، وإن ألحقوه بهما جميعاً، فهو ابنهما جميعاً، ويرثهما، ويرثانه، ورد البائع على المشتري نصف الثمن، وتكون الجارية أم ولد لهما جميعاً، وليس لأحد منهما أن يطأها، وإذا ماتا فهي حرة، وإن أعتقاها جميعاً، فلها أن تتزوج أيهما شاءت، بعد أن تحيض حيضة استبراء لا عدة عليها، هذا كله قول أبي ثور. وقال أصحاب الرأي: إن جاءت به لأكثر من ستة أشهر، فهو ابن المشتري فإن ادعاه، وإن جاءت به لأقل من ستة أشهر، فهو ابن البائع إن ادعاه. وإن ادعياه جميعاً، فإنا ننتظر لكم جاءت به؟ فإن كان جاءت بالولد لأكثر من ستة أشهر فصاعداً، فهو للمشتري، وإن كان لأقل من ستة أشهر فهو ابن البائع. فإن شكا فيه فهو عبد للمشتري، وهذا قول النعمان، ويعقوب، ومحمد.

47 - كتاب الشهادات وأحكامها وسننها

47 - كتاب الشهادات وأحكامها وسننها قال أبو بكر محمد بن إبراهيم بن المنذر: ندب الله جل ثناءه إلى الإشهاد على الدين فقال يعقب قوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} الآية إلى قوله {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} الآية، وقال {وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ}: الآية وقال عند ذكر الطلاق والرجعة {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} الآيهَ، وقال: {لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ} الآية. وقال: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ} الآية. 1 - باب فضل الشهادة قبل أن يسأل الشاهد إقامتها قال أبو بكر:

(ح 966) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: "ألا أخبركم بخير الشهداء الذي يأتي بشهادته قبل أن يسألها". (ح 967) وثبت أن رسول الله- صلى الله [2/ 214/ألف] عليه وسلم قال: أكرموا أصحابي فإنهم خياركم، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يظهر الكذب حتى يحلف الإنسان على اليمين لا يسألها، ويشهد على الشهادة لا يسألها فمن سره بحبوحة الجنة فعليه بالجماعة، فإن الشيطان مع الواحد، وهو من الاثنين أبعد. قال أبو بكر: الفرق بين المذموم من الشهادة وهو شهادة الكذب، وبين الشهادة التي المرء فيها صادق ما في الحد، فليس من الفرق بين الشهادتين، ألا تراه قال في الخبر الأول: "ألا أخبركم بخير الشهداء"، وقال في الثاني: "ثم يظهر الكذب"، فيدل على ذلك أن الشهادة المذمومة شهادة الكذب خلاف الشهادة التي، الشاهد بها صادق في شهادته. م 2136 - وقال مالك في تفسير خبر زيد بن خالد: إن الرجل يكون عنده الشهادة في الحق يكون للرجل، لا يعلم بذلك، فيخبر بشهادته ويرفعها إلى السلطان.

2 - باب التغليظ في شهادة الزور أنها من الكبائر

وقد روينا عن ابن عباس أنه قال: إذا كانت عندك شهادة فسئلت عنها فاخبر بها، ولا تمهل، لعله يرجع أو يرعوى. وقال أبو بكر: الواجب أن يخبر بالشهادة؛ لأنه إن لم يفعل أتعب التي الطالب بالسعي، وأثم المطلوب بالجحد حتى يقوم عليه الشهادة. 2 - باب التغليظ في شهادة الزور أنها من الكبائر قال أبو بكر: (ح 968) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - سئل أو ذكر عنده الكبائر فقال: الإشراك بالله، وقتل النفس، وعقوق الوالدين، وشهادة الزور، أو قول الزور. م 2137 - وكان ابن مسعود يقول: عدلت شهادة الزور بالشرك بالله، ثم قرأ {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ، حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ} الآية. وكان مجاهد يقول في قوله: {وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ} الآية، قال: الكذب، وكذلك قال أبو عبيدة. م 2138 - واختلفوا فيما يفعل بشاهد الزور.

فروينا عن عمر بن الخطاب أنه أمر أن ينكت به، ويخلى سبيله. وكان شريح إذا أخذ شاهد الزور، إن كان سوقياً بعث به إلى سوقه، فقال: إن هذا شاهد زور، وإن لم يظن سوقياً بعث به إلى قومه وقال: إن هذا شاهد زور. وكان سوار يأمر به [[يلبب]] بثوبه، ويقول بعض أعوانه: اذهبوا به إلى مسجد الجامع يدور، وأنه على حلق المسجد ينادي من رآني فلا يشهد بزور، وكان [1/ 214/ب] النعمان يرى أن يبعث فيه إلى السوقة إن كان سوقيا، وإلى مسجد قومه، فيقول القاضي، يقرئكم السلام، ويقول: إن وجدنا هذا شاهد زور، فاحذروه، وحذروه الناس ولا عليه تعزيراً. ورأت طافة أن يجلد أسواطاً، ويوقف للناس، كذلك قال شريح القول الثاني عنه، وبه قال الحسن البصري. وقال مالك: أرى أن يفضح، ويشهر به، ويعلق به، ويوقف، ولا أريد الفداء، وأرى أن يضرب ويشاربه. وقال أحمد، وإسحاق: يقام للناس، ويعرف به، ويؤدب. وقال أبو ثور: يعاقب. وقال الشافعي: يعزر، ولا يبلغ بالتعزير أربعين سوطاً، ويشهر بأمره. وقد روينا عن عمر بن الخطاب أنه طاف به، وأوقفه للناس، وحبسه يوما وخلى عنه. وفيه قول خامس: وهو أن يضرب شاهد الزور خمسة وسبعين سوطاً، ولا يبعث به، هذا قول ابن أبي ليلى، وبه قال يعقوب أحد قوليه.

مسألة

وفيه قول سادس: وهو أن يضربا إذا كانا اثنين وقد شهدا على طلاق ففرق بينهما، ثم أكذبا أنفسهما، مائةً مائةً، ويغرمان للآخر الصداق، هذا قول الأوزاعي. وقد روينا عن القاسم، وسالم غير ذلك قالا في رجل وجد شاهد زور وقد أمر الوليد بن عبد الملك بقطع لسانه، فقالا: سبحان الله، يحبسه أن يحقق سبع حقيقات، ويقام بعد العصر فيقال: هذا أبو قيس وجدناه شاهد زور، ففعل ذلك به. وقد روينا عن عبد الملك بن يعلى قاضي البصرة أنه أمر بحلق أنصاف رؤوسهم، وتسخم وجوههم، ويطاف بهم في الأسواق، والذي شهدوا له معهم. قال أبو يكر: من شهد شهادة الزور فاحتمل أن يكون فيها مخطئا، أو مفغلا، أو له مخرج مما شهد به بوجه من الوجوه، فلا شيء عليه، وإذا لم يكن له من ذلك مخرج، وثبت عند الحاكم شهر به عند الناس، لئلا يغتر به، ولو أدبه الحاكم كان حسنا، والله أعلم. مسألة م 2139 - واختلفوا فيمن شهد بزور، ثم تاب وأناب، وظهرت توبته فعلى مذهب الشافعي، والكوفي يجب قبول شهادته إذا أتت على ذلك مدة تظهر في مثلها توبته، وبه قال أبو ثور. قيل لمالك: أترى أن تبطل شهادته آخر الدهر، أم ترى إذا تاب أجزت شهادته؟ فقال: كيف يؤمن هذا، لا والله. قال أبو بكر: الأول أصح.

3 - باب من يجوز شهادته ومن لا يجوز قبول شهادته

3 - باب من يجوز شهادته ومن لا يجوز قبول شهادته قال أبو بكر: م 2140 - أجمع كل من يحفظ عنه من أهل العلم على أن شهادة الرجل المسلم، البالغ العاقل [1/ 215/ألف] الحر الناطق، المعروف النسب، البصير، الذي ليس بوالد للمشهود له، ولا ولد، ولا أخ، ولا زوج، ولا أجير، ولا صديق، ولا خصم، ولا عدو، ولا وكيل، ولا شريك، ولا جار بشهادته إلى نفسه شيئاً، ولا يكون صاحب بدعة، ولا شاعر يعرف بأذى الناس، ولا لاعب بالشطرنج يشتغل به عن الصلاة حتى يخرج وقتها، ولا شارب خمر، ولا قاذف للمسلمين، ولم يظهر منه ذنب، هو مقيم عليه صغيراً ولا كبيرا، وهو ممن يؤدي الفرائض ويجتنب المحارم، جائزة شهادته، يجب على الحاكم قبولها، إذا كانا رجلين، أو رجل وامرأتان، إذا كان ما شهدا عليه مالاً معلوماً يجب أدائه، وادعاه المدعي. 4 - باب شهادة الوالد لولده والولد لوالده م 2141 - واختلفوا في الشاهد يكون بالصفة التي ذكرناها، غير أنه والد للمشهود له، أو ولد: فأبطل شهادته بعضهم لبعض، الحسن البصري، والشعبي، والنخعي، ومالك، والثوري، والشافعي، وأحمد، وأبو عبيد، والنعمان.

وأجازت طائفة شهادة الوالد لولده، والولد لوالده لظاهر قوله: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} الآية روينا هذا القول عن عمر بن الخطاب، وعمر بن عبد العزيز، وبه قال إسحاق، والمزني، وأبو ثور. وأجاز إياس بن معاوية شهادة رجل لابنه، وذكر الزهري قوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ} الآية قال: فلم يكن منهم في سلف المسلمين بها والد لولده، ولا ولد لوالده، ولا أخ لأخيه، ولا المرأة لزوجها، ولا الزوج لامرأته، إذا رضى شهادتهم (¬1) قال: ثم دخل الناس بعد هذا فنزلت: "شهادتهم". قال أبو بكر: وبهذا نقول اتباعا لظاهر الكتاب، ولإيجاب الله القيام بحقه في عباده فيما فرض لبعضهم على بعض، ولقوله: {وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ} الآية، ولا يجوز أن يتهم شاهد، ولا يجوز أن يظن المرء بأخيه إلا خيرا. (ح 969) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - وقال: "إياكم والظن فإنه أكذب الحديث". ¬

_ (¬1) في حاشية المخطوطة: "هديهم".

5 - باب شهادة الأخوة والأخوات والقرابات بعضهم لبعض

م 2142 - وقال الشعبي: لا تجوز شهادة ابن لأبيه وتجوز شهادة الأب لابنه. وقال الحسن: تجوز شهادة الولد لوالده، ولا تجوز شهادة الوالد لولده. وقد روينا عنهما غير ذلك. م 2143 - ولا تجوز شهادة الجد لولد ولده، ولا شهادة الرجل لجده في قول الشافعي، والكوفي، وابن القاسم صاحب مالك. وشهادتهم قول الآخرين [1/ 215/ب] جائزة. 5 - باب شهادة الأخوة والأخوات والقرابات بعضهم لبعض م 2144 - أجمع عوام أهل العلم على أن شهادة الأخ لأخيه، جائزة إذا كان عدلاً. روينا هذا القول عن ابن الزبير، وبه قال شريح، وعمر بن عبد العزيز، والشعبي، والنخعي، ومالك، والثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو عبيد، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. م 2145 - وفي قول الشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي شهادة العم، والخال جائزة. وكذلك تجوز شهادة الرجل لابنه وابنه من الرضاعة. وقال مالك: لا تجوز شهادة الأخ لأخيه في النسب، وتجوز في الحقوق. قال أبو بكر: وكقول ابن الزبير ومن وافقه أقول.

6 - باب شهادة الزوج لزوجته والمرأة لزوجها

6 - باب شهادة الزوج لزوجته والمرأة لزوجها م 2146 - واختلفوا في شهادة الزوج لزوجته، والمرأة لزوجها فأجاز ذلك الحسن البصري، والشافعي، وأبو ثور. وأجاز شريح شهادة رجل لامرأته. وقال النخعي، والشعبي، ومالك بن أنس، وأحمد، وإسحاق: لا تجوز شهادة واحد منهما لصاحبه. وفيه قول ثالث: وهو إجازة الرجل لامرأته، ورد شهادة المرأة لزوجها هكذا قال الثوري. قال أبو بكر: وبالقول الأول أقول، وذلك لقوله: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} الآية، ولا نعلم حجة توجب استثناء الزوج، والزوجة من جملة الأئمة. 7 - باب شهادة الأعمى 2 - واختلفوا في شهادة الأعمى. فقال محمد بن سيرين، وعطاء بن أبي رباح، والشعبي، والزهري، ومالك، وابن أبي ليلى: شهادته جائزة. وقال النخعي، وأبو هاشم، والشافعي، والنعمان: لا تجوز شهادة الأعمى واختلفوا فيه عن الحسن البصري، وإياس بن معاوية، وابن أبي ليلى، وقد روينا عن شريح أنه كان يجيز شهادة الأعمى

8 - باب [1/ 216/ألف] شهادة العبد

مع الرجل العدل إذا عرف الصوت، وبه قال قتادة وسئل الحكم عن شهادته فقال: رب شيء يجوز فيه. م 2148 - وقال أحمد: يجوز في المواضع في النسب، وكل شيء يضبطه وعرفه معرفة لا يخفى عليه، وبه قال إسحاق. وقال النعمان: تجوز شهادته في الإنساب. وقال الحسن: لا تجوز إلا أن يكون شيئاً قد رآه قبل أن يذهب بصره، وبه قال الشافعي. قال أبو بكر: القول الأول أصح. 8 - باب [1/ 216/ألف] شهادة العبد م 2149 - واختلفوا في شهادة العبد. فقالت طائفة: شهادته كشهادة الحر إذا كان رضي لدخوله في جملة قوله: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} الآية روى هذا القول عن علي بن أبي طالب، وبه قال أنس بن مالك وقال: ما علمت أن أحداً رد شهادة العبد، وهو قول محمد بن سيرين، وشريح، وأحمد، وإسحاق، وأبي ثور. وقال الشعبى، والنخعي: تجوز شهادته في الشيء اليسير. وفيه قول ثان: وهو أن شهادته لا تجوز، هذا قول الحسن البصري، وعطاء بن أبي رباح، ومكحول، والزهري، ومالك، والثوري، والأوزاعي، والنعمان، والشافعي، وأبي عبيد. م 2150 - وقال شريح: لا تجوز شهادته لسيده، وبه قال النخعى.

9 - باب شهادة الطفل غير البالغ

قال أبو بكر: م 2151 - وحكم المكاتب كحكم العبد. روينا عن عمر أنه قال: لا تجوز شهادة المكاتب، وبه قال النخعي، وعطاء، وفي القول الأول: شهادته جائزة إذا كان عدلا. قال أبو بكر: شهادة العبد جائزة لدخوله في جملة {لا} الآية. 9 - باب شهادة الطفل غير البالغ م 2152 - واختلفوا في شهادة الطفل الذي لم يبلغ. فكان ابن عباس يقول: لا تقبل شهادته، وبه قال القاسم، وسالم، ومكحول. وقال عطاء، والشعبي، وشريح، والحسن البصري، لا تجوز شهادته، وبه قال ابن أبي ليلى، والثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو عبيد، وأبو ثور، والمزني، والنعمان وأصحابه. وأجازت طائفة شهادتهم في الجراح، والدم ما لم يتفرقوا، ويجنبوا، ويعلموا، إذا شهد بعضهم على بعض، هذا قول مالك، وبه قال النخعي، وأبو الزناد. م 2153 - وقال الحسن البصري: تجوز شهادة الصبيان بعضهم على بعض إذا فرق بيهم. كان شريح يجيز شهادتهم في السن، والموضحة. وقال الزهري: شهادتهم جائزة، يستحلف أولياء المشجوح، روى ذلك عن الزهري عن مروان.

10 - باب شهادة البدوي على القروي

وقد روى عن علي بن أبي طالب أنه كان عيّر شهادة الصغير على الصغير. وقال ابن الزناد: إن أخذوا عنده صاف ذلك، فالتجوا أن يعقلوا، أو يحفظوا، ما رأوا، وأن يفرقوا، فليس ممن أمرنا أن تقبل شهادتهم. قال أبو بكر: قول ابن عباس أصح. 10 - باب شهادة البدوي على القروي قال أبو بكر: (ح 970) جاء الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: لا تجوز شهادة بدوي على صاحب [1/ 216/ب] قرية. م 2154 - واختلفوا في شهادة البدوي على القروي:

فقالت طائفة: شهادته جائزة إذا كان عدلا على ظاهر قوله: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} الآية، هذا قول ابن سيرين، والشافعي، وأبي ثور، وبه قال النعمان وأصحابه. وبه نقول إذا كان عدلا لظاهر الآية. (ح 971) وقد روينا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قبل شهادة أعرابي على هلال رمضان. في ذلك بيان على أن شهادة البدوي مقبولة إذا كان عدلا، وقد تكلم في الحديث الذي بدأنا بذكره، فدفع بعضهم أن يكون ثابتاً، وقال بعضهم: هوغلط. وقال أبو عبيد: لا أرى شهادات الأعراب على أهل القرى ردت للتهمة بشهادة الزور، ولكني أرى ذلك، لما فيهم من الجهالة بحدود الله، والجفاء في الدين. وقال آخر: لما كان الأغلب والأظهر أن أهل البدو يجهلون الأحكام، ولا يحسنون إكمال الشهادات، ولا تأديتها قائما، أسقطت شهادتهم على الأغلب والأظهر من أمرهم. وفيه قول ثالث: قاله مالك قال: لا يجوز شهادة بدوي على قروي في الحضر، إلا أن يكون القروي في السفر فباع، أو أمضى، فأشهدهم، فأرى أن شهادتهم جائزة إذا كانوا عدولا.

11 - باب شهادة ولد الزنا

11 - باب شهادة ولد الزنا م 2155 - واختلفوا في شهادة ولد الزنا. فقالت طائفة: تجب قبولها إذا كان عدلا على ظاهر قوله: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} الآية، هذا قول عطاء بن أبي رباح، والحسن البصري، والشعبي، والزهري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو عبيد، والنعمان وأصحابه. قال أبو بكر: وكذلك نقول. وقالت طائفة: لا تجوز شهادته، كذلك قال نافع مولى ابن عمر، وبه قال الليث بن سعد في الشهادة على الزنا، إذا كانوا أربعة أحدهم ولد الزنا، قال: ترد شهادتهم، ولا حد عليهم. وفيه قول ثالث: قاله مالك في ولد الزنا: أنه في شهادته بمنزلة رجل من المسلمين، ولا تجوز شهادته في الزنا وما أشبه، وبه قال الليث بن سعد، وقال بعض من يحفظ هذا القول إنما أسقط يعني مالكاً شهادته في الزنا خاصة، لأن في الجملة فيمن فعل شيئاً قبيحاً أنه يجب أن يكون له فيه نظيراً، قد حكى عن عثمان أنه قال: ودّت الزانية لو أن النساء كلهن زنين. قال أبو بكر: وفي الكلام غلط من وجوه: أحدها: إن ولد الزنا لم يفعل فعلا قبيحا فيجب أن له في نظير، والثاني: إني لا أعلم ما ذكر عن عثمان ثابتا عنه، وأشبه ذلك إلا أن يكون ثابتاً، وغير جائز أن يطلق عثمان كلاما بالظن [1/ 217/ألف] على ضمير امرأة لم يسمعها تذكره.

12 - باب شهادة الشريك لشريكه

ولو كان مكان ولد الزنا الزانية، أو الزاني فتابا، لوجب قبول شهادتهما، ولا يجوز أن يلزم ولد الزنا من فعل أمه شيئاً، لأن الله قال: {وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} الآية، وولد الزنا لم يفعل شيئاً فيستوجب به حكماً. 12 - باب شهادة الشريك لشريكه م 2156 - واختلفوا في شهادة الشريك لشريكه. فقالت طائفة: لا تجوز شهادة الشريك لشريكه، هذا قول شريح، والنخعي، وبه قال الثوري إذا جر بشهادته إلى نفسه شيئاً، هذا قول الشافعي، وأحمد، وأصحاب الرأي. وكذلك قالوا ماخلا الحدود، والقصاص، والنكاح، فإن هذا ليس من التجارة، ولا مما لشريكه فيه شيء. قال أبو بكر: لا تجوز شهادة الشريك لشريكه فيما قد اشتركا فيه، أو فيما فيه شريكان، وتجوز شهادة كل واحد منهما لصاحبه فيما لا شركة فيه للشاهد، ويشبه هذا مذهب الشافعي. 13 - باب شهادة الخصم على من هو مخاصم له وشهادة العدو على عدوه م 2157 - كان الزهري يقول: مضت السنة في الإسلام بأن لا تجوز شهادة

خصم، ولا ظنين، وقال شريح: لا أجيز شهادة خصم، ولا شريك، وبه قال ربيعة في شهادة الخصم، وهو قول الثوري، وأحمد، وإسحاق. قال أبو يكر: إذا كانت الخصومة قائمة بين الشاهد والخصم، لم تقبل شهادته، لا أعلم في ذلك اختلافا، ولو اصطلحا وأقاما زمانا، ثم شهدا عليه بشهادة وجب قبولها، وهذا على مذهب مالك، والشافعي، وإذا شهد على رجل بشهادة فقال المشهود عليه: هو لي خصم، أو عدو، ولا يعلم ذلك، لم يقبل منه؛ لأنا لو قبلنا قوله لم يشأ أحد أن يشهد عليه بشهادة، إلا أبطلها بدعواه. (ح 972) وقد روينا عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه قال: لا تجوز شهادة خائن، ولا خائنة، ولا محدود في الإسلام، ولا ذي غمر على أخيه. وكان أبو عبيد يقول: وقوله: "الخائن، والخائنة": لا نراه خص به أمانات الناس دون ما أفرض الله على عباده، وقال الله عز وجل: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} الآية.

14 - باب شهادة الأجير والصديق والوكيل

قال أبو عبيد: فالأمانة على هذا التأويل ينبغي أن يكون جميع ما أفرض الله تعالى على العباد القيام به، وجميع ما أفرض [1/ 217/ب] الله عليهم اجتنابه من صغير ذلك وكبيره، فمن ضيع شيئاً مما أمر الله به، أو ركب شيئاً مما نهاه الله عنه، فليس ينبغي أن يكون عدلا على تأويل الخائن والخائنة؛ لأنه قد لزمه اسم الخيانة. 14 - باب شهادة الأجير والصديق والوكيل م 2158 - كان شريح يقول: لا تجوز شهادة الأجير لمن استجاره، وبه قال الأوزاعي، وأصحاب الرأي. قال أبو بكر: لا تجوز شهادة الأجير لمن استجار فيما يتولى قبضه الأجير، وشهادته جائزة له فيما لا يتولاه الأجير، ولا يلي قبضه، وهذا يشبه مذهب الشافعي، وبه قال أبو ثور. م 2159 - وشهادة الوكيل لمن وكله بمنزلة شهادة الأجير. م 2160 - فأما شهادة الصديق لصديقه، فذلك جائز في قول الشافعي، وأبي ثور. وبه نقول. م 2161 - وقال مالك في شهادة الود للرجل المصاحب له، يصله، ويعطف عليه، لا أرى شهادته جائزة له، وإذا كان لا يناله معروفه، فإن شهادته جائزة. قال أبو بكر: م 2162 - إذا كان الرجل مهاجرا لرجل لغير معنى يحب أن يهجره لذلك المعنى، فشهد عليه بشهادة، فتلك غير مقبولة لأنه غاص:

15 - باب شهادة الأخرس

(ح 973) لقول النبي- صلى الله عليه وسلم -: "لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام". وقال مالك: إذا كانت هجرته معروفة، فلا شهادة له. 15 - باب شهادة الأخرس م 2163 - واختلفوا في شهادة الأخرس. فكان مالك يقول: إذا كانت إشارته فشهادته تجوز، وطلاقه يجوز إذا كتبه بيده، وذكر المزني أن هذا قياس قول الشافعي. وقال أصحاب الرأي: لا تجوز شهادته. وقال الثوري: إذا سئل المريض عن المشي فأومأ برأسه، أو بيده، فليس بشيء حتى يتكلم. قال أبو بكر: شهادته جائزة إذا كانت إشارته تفهم استدلالا: (ح 974) بأن النبي- صلى الله عليه وسلم - صلى وهو جالس وهم قيام، فأشار إليهم أن اجلسوا، فجلسوا، لما فهموا عنه إشارته. 16 - باب شهادة أهل الأهواء م 2164 - واختلفوا في شهادة أهل الأهواء.

17 - باب شهادة الشعراء

فرأت طائفة رد شهادتهم، وممن رأى ذلك شريك، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وأبو عبيد، ورد شريك شهادة يعقوب، فقيل له: أترد شهادته؟ فقال: ألا أرد شهادة قوم يزعمون أن الصلاة ليست من الإيمان، وقال شريك: أربعة لا تجوز شهادتهم، رافض يزعم أن لمن في الأرض إمام مفترض طاعته، وخارجي يزعم أن الدنيا دار حرب، وقدري يزعم أن المعصية إليه [1/ 218/ألف] ومرجى. وقال أحمد: ما يعجبني شهادة الجهمية، والرافضة، والقدرية المعلنة، وبه قال إسحاق، وقد حكى عن مالك أنه قال في شهادة القدرية: لا تجوز. وأجازت طائفة شهادة أهل الأهواء إذا لم يستحل الشاهد منهم شهادة الزور، هذا قول ابن أبي ليلى، والثوري، والشافعي، وكان سوار يقبل شهادة ناس من بني العنبر ممن يرى الاعتزال إذا كانوا عدولا. وقال الشافعي: لا ترد شهادة أحد بشيء من التأويل، كان له وجه يحتمله، وإن بلغ فيه استحلال الدم، والمال، أو المفرط من القول، وأجاز النعمان شهادة أهل الأهواء. 17 - باب شهادة الشعراء قال أبو بكر: (ح 975) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: إن من الشعر حكمة. فدل قوله هذا على أن من تكلم بالحكمة وقالها، مقبول الشهادة.

18 - باب شهادة اللاعب بالشطرنج والنرد

(ح 976) وقال الشريد: ردفني رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: هل معك من شعر أمية بن الصلت شيء؟ قال: نعم، قال: هيه، فانشدته بيتا، فقال: هيه، فأنشدته بينا حتى بلغت مائة بيت. قال أبو بكر: فدل هذا على أن إنشاد أشعار الجاهلية مباح، وان منشدها لا كون ساقط الشهادة. م 2165 - وكان الشافعي يقول: "الشعر كلام حسنه كحسن الكلام، وقبيحه كقبيح الكلام، فمن كان من الشعراء لا يعرف بنقص المسلمين وأذاهم، والإكثار من ذلك، ولا بأن يمدح فيكثر الكذب، لم ترد شهادته". وسئل مالك عن شهادة الشاعر، فقال: إن من الشعراء من لا يوذي شأنه الجميل بمدح، يريد بذلك أن يجاز، وإن لم يعط لم يوذ، فأرى هذا مقبول شهادته، ومن آذا وشتم إذا منع، فلا أرى أن تقبل شهادته. قال أبو بكر: قول مالك حسن. 18 - باب شهادة اللاعب بالشطرنج والنرد م 2166 - قال مالك: أما من أدمنها فلا أرى شهادته طائلة؛ لأنه من الضلال، قال الله عز وجل: {فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ} الآية، وسئل مالك عن الذين يلعبون بالنرد يمر الرجل عليهم، أيسلم عليهم؟ قال: نعم.

19 - باب شهادة الخمر يتوب أو هو مقيم عليه

وروينا عن سعيد بن جبير أنه مر على أصحاب النرد ولم يسلم عليهم، وروينا عن ميسرة قال: مر عليّ عليه السلام على قوم يلعبون بالشطرنج فقال: {مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ} الآية. وقال الشافعي: "لا أحب اللعب بالشطرنج، وهي أخف من النرد، فمن لعب بشيء من هذا على الاستحلال لم ترد شهادته، فإن اغفل به عن صلاة فأكثر حتى تفوته [1/ 218/ب] وعاد له، رددنا شهادته على الاستخفاف بمواقيت الصلاة". وقال أبو ثور: من لعب النرد أو الشطرنج، أو تلهّى ببعض الملاهي التي تشغل عن الصلاة، لم تقبل شهادته. قال أبو بكر: (ح 977) وقدر روينا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: من لعب بالنرد، فقد عصا الله ورسوله. 19 - باب شهادة الخمر يتوب أو هو مقيم عليه قال أبو بكر: م 2167 - وإذا كان الرجل ممن يشرب الحرام من الشراب حتى يسكر، ثم تاب، فشهد بشهادة، وجب أن تقبل شهادته إذا كان عدلا، وهذا لا

أعلمهم يختلفون فيه، وقد روينا عن عمر أنه كتب إلى أبي موسى في رجل شرب الخمر قال: إن تاب قبلت شهادته. م 2168 - واختلفوا فيمن شرب مسكرا متناولا وغير متناول. فكان الشافعي يقول: "من شرب من الخمر شيئاً وهو يعرفها خمرا، والخمر عصير العنب الذي لا يخالطه ماء، ولا يطبخ بنار، ويعتق حتى يسكر، فهو مردود الشهادة، لأن تحريمها في نص كتاب الله، أسكر أو لم يسكر، وما شرب من سواها من الأشربة من المنصف والخليطين مما آل أن يكون خمرا، وإن كان يسكر كثره فهو عندنا مخطئ، بشربه آثم به، ولا أرد شهادته، فإذا سكر منه فشهادته مردودة، من قبل أن السكر عند جميع أهل الإسلام محرم". وكان سوار يرى أن تقبل شهادة من يمنع الباطنة،، ويدير الكأس. وقال أبو ثور: من عاقر الشراب وسكر، وكان ذلك يدعوه إلى ترك الصلاة، لم تجز شهادته. وقال أصحاب الرأي: لا تجوز شهادة مد من خمر، ولا شهادة مد من السكر، ولا المخنث. م 2169 - وكان شِريح يقول: كل صاحب حد، فشهادته جائزة، إذا كان يوم شهد عدلا، إلا الفاسق. وقال الحسن في السارق: إذا قطعت يده، والزاني، والسكران، إذا أقيم عليه الحد، شهادتهم جائزة، إذا كانوا عدولاً يوم شهدوا. وممن رأى أن شهادة من أتى حدا، ثم تاب جائزة، مالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور.

20 - باب شهادة القاذف إذا تاب

20 - باب شهادة القاذف إذا تاب م 2170 - أجمع كل من يحفظ من أهل العلم على أن من أتى حدا من الحدود، فأقيم عليه، ثم تاب وأصلح، أن شهادته مقبولة. م 2171 - إلا القاذف فإنهم، اختلفوا في قبول شهادته إذا حد ثم تاب. فقالت طائفة: تقبل شهادته إذا حد ثم تاب [1/ 219/ألف]، هذا قول عطاء، والشعبى، وطاووس، ومجاهد، والزهري، وعبد الله بن عتبة، وحبيب بن أبي ثابت، وأبي الزناد، وبه قال مالك، والشافعي، وأحمد، إسحاق، وأبو ثور، وأبو عبيد، وقال ربيعة، ويحيى الأنصاري: المحدود إذا تاب تقبل شهادته. وقالت طائفة: لا تجوز شهادة القاذف وإن تاب، هذا قول شريح، والحسن البصري، والنخعي، وسعيد بن جبير، والثوري، وأصحاب الرأي. واختلف فيه عن ابن عباس، روينا عنه القولين جميعاً، ولا يصح ذلك عنه. قال أبو بكر: وبالقول الأول أقول لقوله: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} الآية ولان الثنيا على أول الكلام وآخره، وهو قوله: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا} الآية وإذا كان الزاني قد تاب، وجب قبول

21 - باب شهادة الأقلف

قبول شهادته فليس يكون القول بالشيء أكثر من الفعل، وقال عمر لأبي بكرة: إن ثبت قبل شهادتك. 21 - باب شهادة الأقلف م 2172 - واختلفوا في شهادة الأقلف. فروينا عن علي، وابن عباس أنهما قالا: لا تجوز شهادته، وليس يصح ذلك عن واحد منهما. وقال الحسن البصري: شهادته جائزة، وصلاته مقبولة. 22 - مسائل من أبواب الشهادات قال أبو بكر: م 2173 - أجمع أهل العلم على أن لا شهادة لمجنون في حال جنونه. م 2174 - وأجمع كل من يحفظ عنه من أهل العلم على أن الذي يجن ويفيق إذا شهد في حال إفاقته التي يعقل فيها، أن شهادته جائزة، إذا كان عدلا، وممن حفظت هذا عنه منهم مالك، والثوري، والشافعي، وأبو ثور، وأحمد، وإسحاق، ولا أحسبه إلا مذهب أهل الكوفة. م 2175 - وقال مالك في المولى عليه: إن كان عدلا فشهادته جائزة. فكان الحسن البصري، والشافعي يقولان في قوله: {فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا} الآية أي صلاحاً في دينه، وحفظا لماله.

م 2176 - وقال الشافعي في الرجل: "يتخد الغلام، والجارية المغنيين: إن كان يجمع عليها ويغشى أو كان لذلك مرضا، وكان مستعليا به، في منزلة سفه، يردا شهادته". وقال عبيد الله بن الحسن في رجل عنده جوار يغنين، ويضربن عنده البيع، ولا يشرب عنده نبيذ، وكان عدلا، رأيت شهادته جائزة. وقال أصحاب الرأي: لا تجوز شهادة صاحب الغنا الذي يحاذي عليه بجمعهم، ولا شهادة النائحة. م 2177 - وقد روينا عن أبي هريرة أنه كان لا يجيز شهادة أصحاب الخمر، وذكر ذلك لأحمد [1/ 219/ب] فقال: لا أدري، وقال إسحاق: إذا كانوا عدولا جاز، وهو قول أبي عبيد، وقال قتادة: شهادة القائم في ما هو أهل أن تجوز شهادته. م 2178 - وقد روينا عن شريح أنه كان لا يجيز شهادة صاحب حمام. وقال أصحاب الرأي: لا تجوز شهادة من يلعب بالحمام يطيرهن. م 2179 - وقال الشافعي: من تأكدت عنه أنه يغشى الدعوة بغير دعاء من غير ضرورة، ولا يستحل صاحب الطعام، فتتابع (¬1)، عليه، ردت شهادته؛ لأنه يأكل محرما، وإذا نتر على الناس في الفرح، فأخذه بعض من حضره، لم يكن هذا مما يجرح له شهادة أخذه، وأنا أكره لمن آخذه". قال أبو بكر: لا يكره أخذه، لأنه أخذ ما أبيح له استدلالا. ¬

_ (¬1) في الأصل "فتتابعت" والتصحيح من الأم.

23 - باب شهادة المختفي

(ح 978) بحديث عبد الله بن قرط أن النبي- صلى الله عليه وسلم - قدم إليه ست بدنات، أو خمس، فطفقن يزدلفن أيتهن يبدأ بها، فقال: كلمة خفية، فقيل لي: قال: من شاء اقتطع. فكلما نثر، أو أبيح في الملاك وغيره، فأخذه مباح، استدلالا بأن النبي- صلى الله عليه وسلم - قال لهم: إن من شاء اقتطع. م 2180 - وكان عبد الملك بن يعلى، ومالك لا يجيزان شهادة من يقوم عليه البينة، أنه ترك ثلاث جمعات لم يحضر الصلاة فيهن. قال أبو بكر: إذا كان ذلك بغير عذر. (ح 979) لأن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه قال: من ترك الجمعة ثلاث مرات تهاونا بها طبع الله على قلبه. 23 - باب شهادة المختفي م 2181 - أجمع أهل العلم على أن رجلاً لو قال لشاهدين: اشهد على لفلان بن فلان على مائة دينار مثاقيل، أن عليهما أن يشهدا بها إذا دعاهما الطالب إلى إقامة الشهادة. م 2182 - واختلفوا في الرجلين يخفيهما الرجل، ويحضر خصما له يستمعان ما يعرفه خصمه، ثم يسألهما الشهادة. ¬

_ في الأصل "فقالت".

24 - باب شهادة أهل الكتاب وسائر أهل الملل بعضهم على بعض

فقالت طائفة: يشهدان بما سمعا، ويجب أن يفضى شهادتهما، روينا هذا القول عن عمر بن حريث، وقال: كذلك فلنفعل بالخائن، والفاجر وهذا على مذهب الثوري، وأصحاب الرأي، وبه قال أحمد، وإسحاق، وهو مذهب الشافعي، وابن أبي ليلى، وقد روينا عن الشعبى، والنخعى أنها قالا: السمع شهادة، وقال ابن سيرين: إذا قالوا: لا تشهد علينا، فأشهد بها، نسمعه. وفيه قول ثان: وهو أن لا تجوز شهادة المختفيين؛ لأنهم ليسا بعدلين حيث اختفيا لرجل لا يعلم بهما ولا هم بجواز شهادة المختفى، هذا قول الشعبي، والنخعي. قال أبو بكر: فكان الشعبي، والنخعي قالا: السمع ليس بشهادة، وأبيا أن يجيزا شهادة المختفى [1/ 220/ألف]. 24 - باب شهادة أهل الكتاب وسائر أهل الملل بعضهم على بعض م 2183 - اختلف أهل العلم في شهادة أهل الملل بعضهم على بعض. فمن رأى أن شهادة أهل الكتاب جائزة بعضهم على بعض شريح، وعمر بن عبد العزيز، والزهري، وقتادة، وحماد بن أبي سليمان، والثوري، والنعمان. وقالت طائفة: لا تجوز شهادة أهل الشرك على مسلم، ولا مشرك، هذا قول مالك، والشافعي، وأبي ثور، وبه قال الحسن البصري، وأحمد، والمزني. وفيه قول ثالث: وهو أن شهادة أهل كل ملة مقبولة على ملتها، ولا تقبل على الملة الأخرى، هذا قول قتادة، كأنه يرى أن شهادة اليهودي

25 - باب قبول شهادة أهل الذمة على وصية المسلم في السفر

على اليهودي جائزة، ولا تقبل شهادة اليهودي على النصراني، وبه قال الزهري، وقال: لا تجوز شهادة أحدهما على الآخر، للعداوة التي ذكر الله تعالى بينهما. وقال الشعبي: لا تجوز شهادة أهل ملة على أهل ملة إلا المسلمين، فإن شهادتهم تجوز على الملل كلها، وبه قال الحكم وإسحاق، وأبو عبيد. قال أبو بكر: لا تجوز شهادة مشرك على مسلم، ولا مشرك. 25 - باب قبول شهادة أهل الذمة على وصية المسلم في السفر م 2184 - اختلف أهل العلم معنى قوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} الآية. فقالت طائفة: في قوله: {أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ} الآية من أهل الكتاب. روينا عن أبي موسى الأشعري أنه أجاز شهادة أهل الذمة على الوصية السفر. وقال عبيدة السلماني، وابن سيرين، ومجاهد: في قوله: {أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ} أنه من غير أهل الملة. وقال ابن المسيب، وسعيد بن جبير، والشعبي: من أهل الكتاب.

وقال الحسن البصري: من غير قبلتكم. وقال عكرمة: من غير حيكم. م 2185 - واختلفوا في قبول شهادة أهل الكتاب على المسلم في الوصية في السفر في حال الضرورة. فأجاز ذلك شريح، والنخعي، والأوزاعي، ويحيى بن حمزة. وقال الميموني: سألت أبا عبد الله عن شهادة أهل الكتاب قلت: قد أمر الله بشهادتهم، وقال لي في ذلك الموضع: للضرورة. قال أبو بكر: واحتج بعض من أجاز ذلك بخبر ابن عباس في قصة تميم الداري، وعدي بن بدا، وقال القائل بخلاف هذا القول تارك القول لظاهر القرآن وبظاهر الأخبار [1/ 220/ب] ومعنى ذلك أن العرب إنما تكن عن المذكور في أول الكلام وليس لقبيلة ذكر في أول الكلام، حتى يكون قوله: {مِنْ غَيْرِكُمْ} عائدا إلى غير القبيلة، وقال: ألم يسمع إلى قوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ} الآية، فأوقع الذكر بهم باسم الإيمان الجامع لهم، ثم قال: {أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ} الآية، ولا يجوز في اللغة غير ذلك. وقالت عائشة: في سورة المائدة: أما أنه في آخر السورة نزلت: فما وجدتم فيها من حلال فاستحلوه وما وجدتم فيها من حرام فحرموه.

26 - شهادة النساء وحيث يجب أن تقبل شهادتهن وترد

26 - شهادة النساء وحيث يجب أن تقبل شهادتهن وترد قال الله جل ذكره: {فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} الآية. م 2186 - وأجمع أهل العلم على أن القول بظاهر كتاب الله، وعلى أن شهادتهن جائزة مع الرجال في الديون، والأموال. م 2187 - وأجمع أكثر أهل العلم على أن شهادتهن لا تقبل في الحدود، هذا قول الشعبي، وابن المسيب، والنخعي، والحسن البصري، وحماد بن أبي سليمان، والزهري، وربيع، ومالك، والشافعي، وأبي عبيد، وأبي ثور، وأصحاب الرأي. 27 - باب شهادة النساء في الطلاق والنكاح م 2188 - واختلفوا في شهادة النساء في النكاح والطلاق. فقالت طائفة: لا تجوز شهادتهن في ذلك، هذا قول النخعي، والزهري، ومالك، وأهل المدينة، والشافعي، وأحمد، وأبي ثور، وبه قال ربيعة. وقال الحسن البصري، وابن المسيب: لا تجوز شهادتهن في الطلاق. وأجاز شهادتهن مع الرجل في الطلاق، والنكاح الشعبى، وجابر بن زيد، والثوري. وأجاز إياس بن معاوية شهادة رجل وامرأتين في طلاق، وبه قال إسحاق، وأصحاب الرأي، وقال عطاء نحو ذلك في النكاح.

28 - باب شهادة النساء في العتق والجراح وغير ذلك

28 - باب شهادة النساء في العتق والجراح وغير ذلك م 2189 - كان الحسن البصري، وربيعة، ومالك، والشافعي، يقولون: لا تجوز شهادتهن في العتق. وأجاز شريح شهادتهن في العتق. وقال الزهري: لا تجوز إلا ومعهن رجل. وقال أهل العراق: شهادة النساء جائزة مع الرجل في النكاح، والطلاق، والعتاق، سوى الحدود، والقصاص. م 2190 - وقال قتادة، وأبو هاشم، والزهري، والشافعي: لا تجوز شهادتهن في قتل عمد، ولا تجوز شهادتهن في قول الزهري في النكاح، والطلاق، والعتق. وقال الشعبي، والشافعي: تجوز شهادتهن فيما كان من [1/ 211/ألف] الجراحات خطأ، ولا يجوز ذلك في العمد. م 2191 - وأجاز مالك شهادتهن مع الرجل في الوكالة في المال، ولا تجوز في قول الشافعي، ويحلف الطالب مع المرأتين، ويستحق المال في قول مالك، ولا يجوز ذلك في قول الشافعي. م 2192 - وقال الأوزاعي: شهادة الرجل مع المرأتين جائزة في الوصية، ولا يجوز ذلك في قول الشافعي، وهذا إذا شهدت على إثبات كتاب الوصية، فإن شهد رجل وامرأتان على أن فلانا أوصى لفلان بثلث ماله، فذلك جائز في قول الشافعي؛ لأن ذلك استحقاق مال، والأول استحقاق كتاب وصية. م 2193 - وقالت طائفة: لا تجوز شهادة النساء إلا في موضعين، في المال، وبحيث لا يرى الرجل من عورات النساء، هذا قول الشافعي، وهذا

29 - باب عدد من يجب قبول شهادته من النساء على ما لا يطلع عليه الرجال

على مذهب الحسن، وشريح، وقال الأوزاعي: إن شهدن على عقد النكاح لم يجز، وإن شهدن مع رجل على اعتراف الرجل بالمهر جاز. قال أبو بكر: لا تجوز شهادتهن إلا مع الرجل في الديوان، والحقوق، وتجوز شهادتهن فيما لا يطلع عليه الرجال، وأجمع أهل العلم على أن شهادتهن في الحدود لا تجوز، وكذلك الطلاق، والعتاق، والنكاح لا تجوز شهادتهن في ذلك، [[لأنا]] لم نجد دلالة توجب قول شهادتهن في شيء من ذلك. 29 - باب عدد من يجب قبول شهادته من النساء على ما لا يطلع عليه الرجال قال أبو بكر: م 2194 - اختلف أهل العلم في عدد من تجوز شهادته من النساء على ما لا يطلع عليه الرجال. فقالت طائفة: لا يقبل في ذلك أقل من أربع، هذا قول عطاء بن أبي رباح، وقتادة، والشافعي، وأبي ثور، وقال الشافعي في الصبي: إذا شهد أربع نسوة أنه استهل، صلى عليه [[ويـ]] ورث. وفيه قول ثان: وهو إجازة شهادة امرأتين، هذا قول مالك بن أنس، وابن أبي ليلى، وابن شبرمة، وبه قال الحكم، وحماد، وفيما لا يطلع عليه الرجال. وفيه قول ثالث: وهو أن شهادة المرأة تقبل فيما لا يطلع عليه الرجال، هذا قول النعمان وأصحابه، وقد روينا عن علي رضي الله عنه

30 - باب شهادة الأوصياء

أنه أجازه شهادة القابلة وحدها في الاستهلال من حديث جابر الجعفى، وجابر كذاب لا يقبل حديثه. وكان شريح يجيز شهادة امرأة في الاستهلال، وبه قال الحسن البصري، والحارث العكلي، وحماد بن أبي سليمان. م 2195 - واختلفوا في عدد من تقبل منهن شهادته على الرضاع: فروينا عن ابن عباس أن شهادتها [1/ 221/ب] جائزة في الرضاع إذا كانت مرضية، وتستحلف مع شهادتها، وبه قال الحسن البصري، وأحمد، وإسحاق. وقال طاؤس: شهادة المرأة في الرضاع تجوز، وإن كانت سوداء. (ح 980) وقد ثبت أن النبي- صلى الله عليه وسلم - قال: ما رأيت من ناقصات عقل ودين، أذهب للب الرجل الحازم، من احداكن يا معشر النساء، فقلن له: ما نقصان عقلنا وديننا يا رسول الله- صلى الله عليه وسلم -؟ قال: أو ليس شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرجل؟ قلن: بلى، قال: فذلك من نقصان عقلها، أو ليست إذا حاضت المرأة لم تصل ولم تصم؟ قلن: بلى، قال فذلك من نقصان دينها. 30 - باب شهادة الأوصياء م 2196 - واختلفوا في قبول شهادة الأوصياء. فقالت طائفة: لا تجوز شهادتهم، هذا قول الشعبى، والنعمان.

31 - باب شهادة بعض الورثة بدين الإنسان أو بوصية

وفيه قول ثان: وهو أن لا تجوز شهادتهم فيما يكون من قبض المال للورثة، فإن كان الورثة كبارا يلون أنفسهم فشهادته لهم جائزة، هذا قول مالك، والشافعي، وابن أبي ليلى، والأوزاعي، وأحمد. وقالت طائفة: شهادة الأوصياء جائزة، هذا قول شريح، وأبي ثور. وقال أبو ثور: إذا كان الخصم غيره، وقال الثوري: إذا شهد الوصي على الورثة جاز، وإذا شهد لهم لم يجز، وبه قال أحمد. 31 - باب شهادة بعض الورثة بدين الإنسان أو بوصية م 2197 - واختلفوا في الوارث أو الورثة ليشهدون على الميت بدين لقوم: فكان الشعبي، والحسن البصري، يقولان: إذا شهد على الميت رجلان من الورثة، أو رجل وامرأتان جاز على جميعهم، وبه قال الشافعي، وأحمد. وفيه قول ثان: وهو أن ذلك في نصيب المقر منهم، كذلك قال الشعبي آخر قوليه. وهو قول حماد بن أبي سليمان، وأصحاب الرأي. قال أبو بكر: إن كان الذين شهدوا عدولا، كان في مال الميت، وإن لم يكونوا عدولا كان عليهم على قدر حصصهم. 32 - باب شهادة أهل الوصايا بعضهم على بعض قال أبو بكر:

مسألة

م 2198 - وإذا شهد أصحاب الوصايا بعضهم على بعض بأن الميت أوصى لهم بالثلث، لم تجز الشهادة، لأنهم يجرون [[إلى]] أنفسهم بشهادتهم مالاً، وهذا قول الشافعي، ويعقوب. وحكى أشهب بن عبد العزيز عن مالك أنه قال: إن كان الذي أوصى به للشاهد شيئاً يسيراً لا يتهم أن يكون يشهد في مثله رأيت شهادته [1/ 222/ألف] جائزة لنفسه، ولغيره، وإن كان شيئاً له بال، رأيت أن ترد شهادته. مسألة م 2199 - قال الشافعي: وإذا ادعى رجل دينا على ميت، فشهد له شاهدان على حقه، وشهد هو آخر على وصية، ودين لرجل عليه، فإن شهادته جائزة، لأن الغرم يضر بنفسه بشهادته، وبه قال النعمان. وقال ابن أبي ليلى: لا تجوز، رد شهادته. م 2200 - واختلفوا في الرجل يترك لورثته، فأقر أحدهم أن أباه أوصى لرجل بثلث ماله، ثم قال: بل أوصى به لهذا، فالثلث للأول، وليس للآخر شيء في قول الشافعي. وقال أصحاب الرأي: إن وصل الكلام، فالثلث بينهما، وإن قطع الكلام وسكت، ثم أقر للثاني، فالأول أحق. م 2201 - واختلفوا في صفة الشهادة على عدد الورثة: فقالت طائفة: يشهدون أنهم لا يعلمون له وارثا غير من يسمونه من الورثة، هذا قول مالك، وعبد الله بن الحسن، والشافعي، والنعمان.

33 - أبواب التعديل في الشهادات والمعنى الذي يوجب أن يقال للرجل: هو عدل

وفيه قول ثان: وهو أن شهادتهم لا تجوز إذا قالوا: لا نعلم له وارثا غير هؤلاء، حتى يثبتوا ذلك، فيقولون: لا وارث له غيرهم، هذا قول ابن أبي ليلى. م 2202 - واختلفوا في الرجل يموت بأرض وتشهد البينة أنهم لا يعلمون له بأرض كذا وكذا وارثا غير فلان، فإن مالك لا يجيز شهادتهم حتى يشهدوا؟ بأنا لا نعلم له في شيء من الأرض وارثاً، إلا فلان بن فلان، وهذا يشبه مذهب قول الشافعي، وبه قال يعقوب، ومحمد إذا قالوا: سهمه، لا نعلم له وارثا غيره. فأما في قول النعمان: فماذا قالوا: لا نعلم بأرض كذا وارثا غير فلان، جاز ذلك. قال أبو بكر: القول الأول أصح. 33 - أبواب التعديل في الشهادات والمعنى الذي يوجب أن يقال للرجل: هو عدل م 2203 - روينا عن عمر بن الخطاب أنه قال: قد انطلق رسول الله- صلى الله عليه وسلم -، وانقطع الوصي، وإنما أعرفكم بما أقول لكم، من أظهر لنا منكم خيراً ظننا به خيراً، وأحببناه [[عليه]]، ومن أظهر لنا منكم شرا ظننا به شرا، وأبغضناه عليه، سرائركم بينكم وبين ربكم.

34 - باب الجواب الذي يقنع به الحاكم في تعديل الشهادة

وقال أحمد بن حنبل، وإسحاق، والنخعي: العدل في المسلمين الذي لم تظهر له ريبة. وقال أحمد بن حنبل رجل مستور. وكان الشافعي يقول: إذا كان الأغلب على الرجل الأظهر من أمره المعصية [1/ 222/ب] وخلاف المروة ردت شهادته،، وإن كان الأغلب على الرجل الأظهر من أمره الطاعة المروة وقبلت شهادته، ومن كان مقيماً على معصية فيها حد واحد، فلا تجوز شهادته، وكل من كان منكشف الكذب مظهره، وغير مستتر منه، لم تجز شهادته. وكان أبو عبيد يقول: من ضيع شيئاً مما أمره الله به، أو ركب شيئاً مما نهاه الله عنه، فليس ينبغي أن يكون عدلاً على هذا التأويل، يعني قوله: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ} الآية، قال: فالأمانة على هذا التأويل جميع ما افترض الله على عباده القيام به، وجميع مفترض عليهم اجتنابه. وقال يعقوب: إذا كانت طاعة الرجل أكثر من معاصيه، وكان الأكثر منه الخير، قبلت شهاتهن إذا لم يأت شيئاً يجب عليه فيه الحد. وقال أبو ثور: من كان أكثر أمره الخير، ليس بصاحب خربة في دين، ولا مصر على ذنب، وإن صغر، وكان مستوراً، قبلت شهادته، وكل من كان مقيماً على ذنب وإن صغر، لم تقبل له شهادة. 34 - باب الجواب الذي يقنع به الحاكم في تعديل الشهادة م 2204 - كان شريح يقول: إذا قالوا: هو عدل مرضي، قنع به الحاكم

35 - باب ما يكون جرحا مما إذا شهدوا به قبل ذلك منهم

وحكم بشهادته، وإن قالوا: الله أعلم، فالله أعلم، ولا يجيز شهادته. وقال مالك: يقول: عدلاً رضياً. وفيه قول ثان: وهو أن لا يقبل التعديل إلا بأن يوقف العدل فيقول: عدل على ولي، لا يقبل ذلك حتى يسأله عن معرفته، فإن كانت باطنة متقادمة قبل ذلك منه، وإن كانت حادثة ظاهرة لم يقبل، هذا قول الشافعي. وقال بعض من يقول بقول أهل الكوفة: إذا قال: هما عدلان جائز الشهادة لي وعلي، فإن القاضي نفذ شهادتهما. وقال مالك: لا أرى عليه أن يقول: جائز لي وعلي. 35 - باب ما يكون جرحاً مما إذا شهدوا به قبل ذلك منهم 35 - كان الشافعي وأبو عبيد يقولان: لا تقبل منه الجرحة إلا بأن يثبتوا ما يجرح به ما يراه جرحاً، وهذا مذهب سوار. وكان مالك يكره أن يقال للمشهود عليه: دونك فاجرح، قال: إن فيه توهيباً للشهادة. وكان الشافعي، وعبد الله بن الحسن يقولان: لا يمكن الخصم من ذلك. قال أبو بكر: وهذا أصح؛ لأن الرجل يكون عدلاً في الظاهر، ويكون بينه وبين المشهود عليه عداوة يخفي ذلك إلا على أهل الخبرة، ويكون عدلاً في الظاهر، وليس [1/ 223/ألف] بعدل عند جيرانه، وأهل الخبرة به.

36 - باب عدل من يعدل ويجرح

36 - باب عدل من يعدل ويجرح م 2206 - كان مالك والشافعي يقولان: لا يقبل تعديله إلا من اثنين، وقال الشافعي: ولا يقبل الجرح إلا من اثنين، والجرح أولى من التعديل، لأن التعديل يكون على الظاهر، والجرح يكون على الباطن. وقال النعمان: إذا أرسل القاضي رسوله يسأل عن الشاهدين واحدا، فإن قال: عدلا أمضى شهادتهما، قال، بقول هذا الواحد والاثنين أفضل، وبه قال يعقوب، وقال محمد: لا أجيز شهادتهما بتعديل واحد. وقال أبو عبيد قولاً ثالثا قال: وجه التزكية أن لا يقتصر فيها على واحد، ولا اثنين، وأدناه ثلالة فصاعدا: (ح 981) لحديث قبيضة بن مخارق في الفاقة تصيب الرجل، فقال: لا حتى يشهد ثلاثة من ذوي [[الحجى]] من قومه، أن قد أصابه فاقة. وقال مالك: إذا عدله قوم وجرح آخرون، نظر إلى الشهود أيهم أعدل اللذان عدلاه أو اللذان جرحاه. قال أبو بكر: قول الشافعي صحيح. 37 - باب العدل يقيم شهادة قد كان شهد بها مرة فردت لعلة كانت م 2207 - أجمع أهل العلم على أن العبد، والصغير، والكافر إذا شهدوا على

شهادة، فلم يدعوابها، ولم يشهدوا بها حتى عتق العبد، وبلغ الصبي، وأسلم الكافر، ثم أدوها في حال يجب قبول شهادتهم، أن قبولها يجب. م 2208 - واختلفوا فيه إن كانوا دعوا لها مرة وهم على أحوالهم، فشهدوا فردت، ثم شهدوا بها بعد أن انتقلت أحوالهم، وصاروا ممن لو ابتدأ يشهد بشهادة وجب قبولها. فقالت طائفة: إذا ردت مرة لم تجز أبدا، روينا هذا القول عن عثمان بن عفان، وبمعناه قال الزهري، والنخعي، وقتادة، وبه قال أبو الزناد، ومالك. وكان الحسن البصري يقول: تقبل شهادة الذين كان أحدهما عبد، والآخر ذمي، إذا عتق هذا، وأسلم هذا، وإن كنت ردت، وبه قال الحكم في العبد. وفيه قول ثالث: وهو قبول شهادة العبد، والذمي، والصبي بعد انتقال أحوالهم، وإن كانت ردت في الأحوال التي كانوا عليها قبل ذلك، فأما الحر يشهد بشهادة فترد بفسق، ثم انتقل حاله وصلح، فيشهد بتلك الشهادة، بافا لا تقبل أبدا، هذا قول الشافعي. وفيه قول رابع: وهو أن شهادتهم كلهم مقبولة إذا انتقل الفاسق، صار عدلا، وأسلم الكافر، وبلغ الصبي، واعتق العبد، وإن كانت شهادتهم لم تقبل قبل [1/ 223/ب] ذلك، هذا قول أبي ثور. قال (¬1) أبو بكر: والنظر دال على صحة هذا القول، وذلك أن الحاكم إذا لم يعرفهم كتب شهادتهم، ثم سئل عنهم فإذا عرف أحوالهم ¬

_ (¬1) في الأصل "وقال أبوبكر".

38 - أبواب الشهادة على الشهادة

ردها كلها، وإن عرفهم لم يسمع منهم، فأما أن يستعمل مستعمل في باب الفاسق جهل الحاكم به ليسأل عنه فترد شهادته، ويجعل الحاكم عالماً في باب العبد، والصبى، والذمي، فليس ذلك تسوية بينهم، لأن التسوية بينهم أن يكون الحاكم عالماً بهم كلهم، أو جاهلا بهم، ولا يجوز أن ترد شهادة عدل أمر الله بقبول شهادته بغير حجة، وشهادة العبد جائزة، وإن لم يعتق إذا كان عدلا، لدخوله في ظاهر قوله: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} الآية. 38 - أبواب الشهادة على الشهادة م 2209 - أجمع كل من يحفظ عنه من أهل العلم على أن شهادة أربعة على شهادة شاهدين، جائزة في الأموال إذا كانوا عدولا. م 2210 - واختلفوا في الشهادة على الشهادة فيما سوى ذلك من الحدود: فكان الشعبي، والنخعي يقولان: لا تجوز شهادة الرجل على شهادة الرجل في الحدود، وبه قال النعمان في الحدود، والقصاص. وزعم أبو عبيد أن على هذا اجتمعت العلماء من أهل الحجاز، والعراق وغيرهم، واجتمعت أرائهم على إمضائها على الأموال ثم اختلف في النكاح، والطلاق، والعتاق، فقال أبو عبيد: لا تجوز في شيء من ذلك.

39 - باب العدول الجائزة شهادتهم على شهادة غيرهم

وكان مالك يقول: تجوز شهادة الرجلين على الرجل في الحدود، والقذف، وكل شيء من الحقوق، وغيرها، وبه قال أبو ثور. 39 - باب العدول الجائزة شهادتهم على شهادة غيرهم م 2211 - واختلفوا في العدول الجائزة شهادتهم على شهادة غيرهم. فقالت طائفة: تجوز شهادة الرجل على الرجل، هذا قول الحسن البصري، وابن أبي ليلى، وابن شبرمة، والثوري، وأحمد، وإسحاق. وفيه قول ثان: وهو أن تجوز شهادة شاهدين على شهادة شاهدين، إذا شهد على شهادة كل واحد منهما أنهما أشهداهما، هذا قول مالك، وعبد الملك صاحبه. وقال أصحاب الرأي: لا تجوز على شهادة رجل أقل من شهادة رجلين، أو رجل وامرأتين، وإن شهد رجلان على شهادة رجلين فهو جائز، لأنهما يشهدان جميعاً على شهادة كل واحد منهما. وفيه قول رابع: وهو أن لا يقبل على كل شاهد إلا شهادة شاهدين، هذا قول الشافعي. 40 - باب [1/ 224/ألف] شهادة النساء على شهادة غيرهن م 2212 - واختلفوا في شهادة النساء على شهادة غيرهن، ففي قول مالك، والشافعي: لا تجوز شهاتهن على شهادة غيرهن، وقال الثوري: لا تجوز شهادة امرأتين على شهادة رجل، وقال أصحاب الرأي: لا تجوز على شهادة رجل أقل من شهادة رجلين، أو رجل وامرأتين.

41 - باب القول الذي قاله المشهود علي شهادته أطلق لمن أشهد عليه القيام به ووجبت قبوله منه

وقال أبو ثور: وشهادة رجلين على شهادة رجل جائزة، وكذلك على شهادة امرأة، وكذلك شهادة رجل وامرأتين على شهادة رجل وامرأة، ولا تجوز شهادة رجل على شهادة رجل. 41 - باب القول الذي قاله المشهود علي شهادته أطلق لمن أشهد عليه القيام به ووجبت قبوله منه م 2213 - كان شريح لا يقبل أن يقول الشاهد: حدثني بكذا وكذا، وكان رجل يلقنهم ويقول: قل: أشهد أن ذا عدل أشهدني. وقال الشافعي: وإذا قال: وأخبرني فلان أنه شهد على فلان بكذا، لم تكن هذه شهادة، حتى يقول له: أشهد على شهادتي أن فلانا أشهدني على فلان بكذا. وقيل لأحمد: قال ابن أبي ليلى: السمع سمعان إذا قال: سمعت فلانا أجزته، وإذا قال: سمعت فلانا يقول: سمعت فلانا، لم أجزه، واستحسن أحمد، وإسحاق ذلك. وقال أبو عبيد: ولا يجوز أن يشهد الرجل على شهادة الرجل حتى يأمره الشاهد الأول بذلك. وقال أصحاب الرأي: ولو قال رجلان لرجلين أن فلانا أشهدنا أن لفلان عليه ألف درهم، فاشهدوا على شهادتهما بذلك، فشهد الآخران بذلك عند القاضي، فإن ذلك جائز، وكذلك لو قالا: تشهدان لفلان على فلان ألف درهم، فاشهدا على شهادتنا بذلك، كان ذلك جائزاً. وكان مالك يقول فيمن دعا إلى أن يشهد على شهادة رجل حاضر ليس مريض فقال: ما أرى أن يشهد على ذلك، وكذلك قال النعمان، إلا

42 - باب الاختلاف في الشهادة

أن يكون المشهود على شهادته مريضا، لا يستطيع إتيان القاضي، ويكون على مسيرة ثلاثة أيام. 42 - باب الاختلاف في الشهادة م 2214 - واختلفوا في الشاهدين يختلفان، فشهد أحدهما بألف، والآخر بألفين، فكان ابن أبي ليلى، ويعقوب، ومحمد، والمزني يقولون: يجاز من ذلك ألف درهم. وأبطل النعمان هذه الشهادة. ولو شهد أحدهما بألف، وشهد الآخر بألف وخمس مائة درهم [1/ 224/ب] كانت الألف جائزة في قول ابن أبي ليلى، والنعمان. وروينا عن شريح معنى هذا. وقال مالك: إذا شهد أحدهما بمائة درهم، والآخر بخمسين، إن أراد أخذ الخمسين بلا يمين، وإن شاء حلف مع الذي شهد له على المائة، وبه قال أبو عبيد، وإسحاق. وقال الشافعي في شهادة الرجلين أحدهما بألف، والآخر بألفين، فإن شهد على إقراره، وقال أحدهما: شككت في ألفين، فقد ثبت عليه ألف بشاهدين، وإن شهد أحدهما: أن ذلك عليه من ثمن عبد قبضه، وقال الآخر: من ثمن بر قبضه، فلا يأخذ إلا بيمين مع كل واحد منهما. 43 - باب الاختلاف في الشهادة على الزنا م 2215 - واختلفوا في الشهود يتفقون على الزنا، ويختلفون في الأمكنة.

فقال مالك: على الشهود حد القذف، وليس على المشهود عليه حد الزنا. وقال أبو ثور: شهادتهم في ذلك باطلة، فإن كانوا أربعة فلا حد عليهم، وإن كان أقل حدوا. وحكى عن الشافعي أنهم يحدون. وحكى عن الكوفي أنه قال: إذا شهد قوله بأنه زنى في قرية، وقال: الآخرون: زنا في قرية أخرى، إن شهادتهم باطلة، ولا يحدون، وإن كانوا أربعة، وإن قال بعضهم: في من مكان من البيت أوله، أو آخره. واختلفوا، حدوا، وقبلت شهادتهم. م 2216 - وقال أبو ثور: إذا شهد أنه زنى بهذه المرأة غدوة، وشهد أربعة أنه زنى بهذه المرأة لامرأة أخرى ارتفاع النهار، حد الرجل والمرأتان، وذلك أن الثنتين قد شهدت كل واحدة بهما على حق. م 2217 - واختلف مالك، والشافعي في الرجلين يشهد أحدهما أن فلانا قال لفلان: يا زان يوم الخميس، وشهد آخران قال له: يا زان يوم الجمعة، قال مالك: يحد؛ لأن الشهادة ههنا لم تختلف، وكذلك الطلاق، والنكاح، وقال الشافعي: لا يحد؛ لأنهما لم يشهدا على قذف واحد، وكذلك الطلاق، والنكاح. قال أبو بكر: هذا أصح؛ لأن ذلك خلاف الشهادة على الإقرار، وإنما هي شهادة على الأفعال. م 2218 - وأجاب الليث بن سعد بمثل جواب الشافعي في الشهادة على القذف إذا اختلفا، وأوجب الحد على من شهد عليه شاهد، أنه شرب الخمر بكرة، وشهد آخر أنه شربه عشية.

44 - باب الشهادة على الخط

قال أبو بكر: قول الشافعي أصح. م 2219 - واختلفوا في الشاهد يغير شهادته: فقالت طائفة: تقبل منه، وتؤخذ بإحدى شهادتيه كذلك قال سليمان بن حبيب [[المحاربي]]، وكان الثوري، وأحمد، وإسحاق يقولون: يغير شهادته، ويزيد، وينقص ما لم ينقص [1/ 225/ألف] القاضي به، وهذا معنى قول النعمان. وقال الزهري: لا تقبل شهادته الأولى، ولا الآخرة إذا بدلها أو غيرها. وقال مالك: يؤخذ بأول قوليه، 44 - باب الشهادة على الخط قال أبو بكر: م 2220 - أكثر من يحفظ عنه من أهل العلم يمنع أن يشهد الشاهد على خطه، إذا لم يكن يذكر الشهادة، قال الشعبي: من شاء كتب كتاباً، ومن شاء نقش خاتما. واحتج مالك بقوله: {وَمَا شَهِدْنَا إِلَّا بِمَا عَلِمْنَا وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ} الآية، وهذا كله علي مذهب الشافعي، وأبي عبيد، وأهل الكوفة، وغيرهم ممن حفظنا ذلك عنهم.

45 - باب الشاهدين يشهدان على ما يوجب قتلا أو قطعا ثم يرجعان عن الشهادة

45 - باب الشاهدين يشهدان على ما يوجب قتلا أو قطعا ثم يرجعان عن الشهادة م 2221 - واختلفوا في الشاهدين يشهدان على رجل بقتل فيقتل، أو بقطع يد فقطعت، ثم يرجعان عن ذلك: فقالت طائفة: عليهما إن كانا عمدا ذلك القود في النفس، والقصاص في اليد، وإن قال: أخطأت، فالدية، هذا قول ابن شبرمة، وابن أبي ليلى، والشافعي، وأبي عبيد، إلا أن الشافعي جعل الخيار في القود، أو الدية إلى الأولياء. وقد روينا عن علي أنه ضمن شاهدين شهدا على سرقة فقطعت يد السارق، ثم رجعا عن الشهادة، دية يد المقطوع السارق، وقال: لو أعلم أنكما تعمدتما قطعتكما. وقال أصحاب الرأي: إذا شهدا على قطع يد رجل فقضى القاضي بذلك، ثم رجعا عن شهادتهما، فإن عليهما الدية، فإن رجع أحدهما فعليه نصف الدية. وقال الأوزاعي: إذا شهدا على رجل بقتل، فقتل، ثم رجعا عن الشهادة، قال: يقتلان، فإن رجع أحدهما ضرب مائة وغرم نصف الدية. وفي قول الشافعي في رجوعها كما قال الأوزاعي، يقتلان، وإن رجع أحدهما فعلى الراجع القود إذا قال عمدت، والأولياء بالخيار في ذلك. قال أبو بكر: إذا رجم الرجل بشهادة أربعة، ثم رجع أحدهم، ففي قول النعمان عليه ربع الدية، يضرب الحد.

وفي قول ابن أبي ليلى، والشافعي: يقتل إذا قال: عمدت، فإن رجعوا الأربعة قتلوا في قولهما، غير أن الشافعي يقول: في كل مسألة تجب فيه القود، والأولياء بالخيار. م 2222 - واختلفوا في الشاهدين يشهدان على رجل بأنه طلق زوجته ثلاثا قبل أن يدخل بها، فيفرق الحاكم بينهما، يرجعان عن الشهادة، فكان الشافعي يقول: عليهما [[صداق]] مثلها، دخل بها أو لم يدخل ولا ألتفت إلى ما أعطاها. وقد قال الشافعي [1/ 225/ب] في كتاب الرضاع: في الكبيرة [[ترضع]] الصغار، وعليها نصف مهر كل واحدةٍ منهن. وفي قول الكوفي: يرجع على الشاهدين بنصف المهر. وقال ربيعة، وأبو عبيد: عليهما [[الصداق]]. وقال الأوزاعي: إذا شهدا على رجل بطلاق، ففرق بينهما، ثم أكذبا أنفسهما، ترد إلى زوجها، وإن تزوجت، تنزع من الآخر وترد على الأول، ويضرب الشاهدان مائة مائة، ويغرمان للآخر الصداق. م 2223 - واختلفوا فيه إن شهدا بمال بملك، فأخرجوه منه يديه بشهادتهما إلى غيره، فقال الشافعي: أعاقبهما على عمد شهادة الزور، ولا أعاقبهما على الخطاء، ولا أغرهما. وقال أحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي: يغرمان المال الذي شهدا به. م 2224 - وقال أصحاب الرأي: إذا شهد ثلاثة نفر على رجل أن عليه ألف درهم لرجل فقضى بها القاضي، ثم رجع اثنان عن الشهادة، ضمنا نصف المال؛ لأنه قد بقى ثم اثنان. وقال أبو عبيد: لوكانوا عشرة فرجع كل واحد منهم كان عليه العشر.

م 2225 - ولو شهد رجل وامرأتان على رجل بألف، فقضى القاضي، ثم رجعوا جميعاً فان النعمان قال: على الرجل النصف، وعلى النساء النصف، وإن رجع الرجل وحده ضمن نصف المال، وإن رجعت امرأة وحدها ضمنت الربع سوى النصف، وإن لم يرجع الرجل ورجعت المرأة فعليها الربع، لأنه قد بقى ثلاثة أرباع الشهادة. م - وإن شهد عشرة نسوة ورجل على حق، فقضى به القاضي، ثم رجعوا جميعاً، فإن أبا حنيفة قال: على الرجل السدس، وعلى النساء خمسة أسداس. وقال يعقوب، ومحمد: على الرجل النصف، وعلى النساء النصف، لأن النساء كلهن بمنزلة الرجل. م 2227 - وقال النعمان، ويعقوب، ومحمد: لو رجع من النساء ثمان، لم يكن عليهن ضمان، لأنه قد بقى رجل وامرأتان، ولو رجعت امرأة بعد الثمان كان عليها وعلى الثمان ربع المال، لأنه بقى ثلاثة أرباع الشهادة، ولو رجعت العاشرة كان عليها وعلى النساء نصف المال، لأنه بقى نصف الشهادة في قولهم جميعاً. قال أبو بكر: المعنى في غريم الشاهدين في العتق أنهما أزالا لملك رجل عن عبده، وكذلك إذا شهدا لعبد لرجل، أخرجاه بشهادتهما من يدي ملكه وأزالا ملكه عنه، فلا فرق بين إزالة المالكين عن العبدين، وإخراجهما من يدي المالكين في أن يغرم كل فريق من الشهود [1/ 226/ألف] ثمن ما أخرجاه من ملك مالكه.

46 - مسائل من كتاب الشهادات

46 - مسائل من كتاب الشهادات قال أبو بكر: م 2228 - وإذا حضر القوم رجلين فقالوا لهما: لا تشهدان علينا ما نقول، فقالوا: نعم، فأقر بعضهم لبعض بشيء معلوم، ثم سألهم المدعى من القوم الشهادة، أدوها، ولم يسعهم كتمان الشهادة، وهذا قول ابن سيرين، ومالك، والثوري. م2229 - وإذا سئل الشاهد شهادة قبله، فقال: ليس عندي شهادة، ثم أدى الشهادة، وجب قولها منه؛ لأنه يذكر بعد النسيان، وهذا قول الثوري، وإسحاق. م 2230 - وإذا شهد رجلان على رجل أنه أعتق عبده، فردت شهادتهما، ثم اشتراه أحدهما، عتق عليه في قول مالك، والأوزاعي وجماعة، غير أن مالكا قال: ولاءه للبائع. م 2231 - وإذا ادعى رجل قبل رجل مالاً، وجحد المدعى عليه، فأقام المدعى بينة أن له قبله حقا ولم تذكر البينة لمن الحق، فإن للمدعي استحلاف المدعى عليه، بمنزلة من لا بينة له، وهو مذهب مالك، والشافعي، وأبي ثور. م 2232 - واختلفوا في الشهادة على الصدقات، والأنساب، والولاء من جهة الخبر الذايع المستفيض، فكان مالك يقول: ليس عندنا أحد ممن يشهد على أخماس أصحاب النبي- صلى الله عليه وسلم - إلا على السماع، قال مالك: بشهادة السماع في الأخماس، والولاء، جائزة، وعلى الدور. وقال عبد الملك: واقل ما يجوز في الشهادة على السماع أربعة رجال من أهل العدل أنهم لم يزالوا يسمعون أن هذه الدار صدقة على بني

فلا، محبسة عليهم، وكذلك لم يزالوا يسمعون أن فلان مولى فلان يتوالاها، وذلك عندهم وكثر سماعهم، فهذا وما أشبهه مما تجوز فيه شهادة السماع. م 2233 - وقال الشافعي: لا يسع شاهدا أن يشهد بما يعلم، والعلم من ثلاثة وجوه: منها ما عاينة الشاهد فليشهد بالمعاينة، ومنها ما شهد فليشهد بما أثبت سمعا من المشهود عليه ومنها ما تظاهر الأخبار، مثل الشهادة على ملك الرجل الدار، على أن يظاهر الأخبار على أنه مالك الدار، وعلى أن لا يرى منازعا لي الدار، لأنه ملك الدار على النسب، إذ أسمعه ينسب زمانا ويسمع غيره نسبه إلى نسبه، ولم يسمع دافعا له، ولم ير دلالة يرتاب بها. وفي قول أصحاب الرأي: الشهادة على النسب جائزة، إذا كان معروفا، أو شهد بذلك عنده عدول. وقال يعقوب: إذا شهد على ولاء مشهود، فهو كشهادتهم على [1/ 226/ب] النسب، وإن لم يذكره، ولم يسمعوه. قال أبو بكر: أما الشهادة على النسب فأمر لا أعلم أحدا من أهل العلم منعاً منه، وأما على غير النسب، فالشهادة على السماع فيه يجب الوقوف عن الحكم به، لأني لا أعلم حجة توجب ذاك. م 2234 - واختلفوا في الشهادة على القتل، فقال كل من يحفظ عنه من أهل العلم من أهل المدينة، والكوفة، والشافعي، وأبو عبيد، وأبو ثور، وأصحاب الحديث، وأصحاب الرأي: يقتل على القتل عمدا كان القتل أو خطأ بشاهدين عدلين، ويحكم بشهادتهما، ولا أحفظ عن أحد غير ذلك، إلا الحسن البصري فإنه قال: الشهادة على القتل كالشهادة على الزنا، لا يقتل أقل من أربعة.

قال أبو بكر: وهذا غير جائز القول به، لأن الشهادة على الزنا مخصوص، والخاص لا يجوز القياس عليه. م 2235 - واختلفوا في أربعة شهدوا على رجل بالزنا، والإحصان، ثم غابوا، أو ماتوا قبل أن يزكوا، ثم زكوا، ففي قول مالك، والشافعي، وأبي ثور: يقام عليه الحد بشهادتهم. وقال النعمان: لا يقام الحد حتى يحضروا من قبل أنهم قد يرجعون. قال أبو بكر: قول مالك صحيح.

48 - كتاب الفرائض

48 - كتاب الفرائض أخبرنا أبو بكر: قال الله عز وجل: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ} الآية. قال أبو بكر: م 2236 - جعل الله عَزَّ وَجَلَّ مال الميت بين جميع ولده للذكر مثل حظ الأنثيين، إذا لم يكن معهم أحد من أصحاب الفرائض، فإذا كان معهم من له فرض معلوم يدعي بفرضه، فأعطيه، وجعل الفاضل من المال بين الولد للذكر مثل حظ الأنثيين، وهذا مما أجمع عليه أهل العلم، وفرض الله تعالى للبنت الواحدة النصف، وفرض لما فوق الثنتين من البنات الثلثين، ولم يفرض للبينتين فرضاً منصوصا في كتابه. م 2237 - وأجمع أهل العلم على أن للثنتين من البنات الثلثين، فثبت ذلك بإجماعهم وتوارث في كل زمان على ذلك إلى هذا الوقت. وقال بعضهم: إنما ثبت للثنتين من البنات الثلثان. (ح 982) بسنة رسول الله- صلى الله عليه وسلم - في ابنتى سعد بن الربيع أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لعمهما: أعطها الثلثين، وأعط امهما الثمن (¬1)، ولك ما بقى. ¬

_ (¬1) في الأصل "السدس" والصحيح ما أثبته.

1 - باب ما أجمع عليه من ميراث ولد الوالد

1 - باب ما أجمع عليه من ميراث ولد الوالد م 2238 - أجمع أهل العلم على أن بني الابن، وبنات الابن لا يرثون مع بين الصلب شيئاً. م 2239 - وأجمعوا على أن بني الابن، وبنات الابن يقومون مقام البنين (¬1) والبنات، ذكورهم كذكورهم إناثهم كإناثهم [1/ 227/ألف] إذا لم يكن للميت ولد لصلبه. م 2240 - وأجمع أهل العلم على أن ولد البنات لا يحجبون ولا يرثون، إلا ما اختلف فيه من ذوي الأرحام. م 2241 - وأجمع أهل العلم على أن لا ميراث لبنات الابن إذا استكملت (¬2) البنات الثلثين وذلك إذا لم يكن مع بنات الابن ذكر. م 2242 - فإن ترك بنتا، وابنه ابن، أو بنات ابن، فللبنت النصف، ولبنات الابن السدس، تكملة الثلثين، فأما الابنة ففرضها في كتاب الله جل ثناؤه، وأما بنات الابن: (ح 983) فلحديث ابن مسعود أنه قال في بنت، وبنت ابن، وأخت: سأقضي فيها بما قضى رسول الله- صلى الله عليه وسلم - للابنة النصف، ولابنه الابن السدس، وما بقى فللأخت. م 2243 - فإن ترك ابنه ابن ابن فللابنة النصف وما بقى فلابن الابن. ¬

_ (¬1) في الأصل "البنتين". (¬2) في الأصل "استكمل".

2 - باب ما اختلف فيه أهل العلم من فرائض الولد وولد الابن

فأما الابنة فلقول الله تعالى: {وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ} الآية وأما ابن الابن: (ح 984) فلقول النبي- صلى الله عليه وسلم -: ألحقوا الفرائض بأهلها، فما بقى فهو لأولى رجل ذكر. م 2244 - وإن ترك ثلاث بنات، بعضهن أسفل من بعض، فللعليا منهن النصف، وللتي تليها السدس، وما بقي فللعصبة، وهذا كله ما أجمع عليه أهل العلم. 2 - باب ما اختلف فيه أهل العلم من فرائض الولد وولد الابن قال أبو بكر: م 2245 - اختلف أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم - في ابنتين، وبني ابن، وبنات ابن، فروى عن علي بن أبي طالب، وزيد بن ثابت، وعائشة رضي الله عنهم أنهم جعلوا ما فضل عن الابنتين، بين بني الابن وبنات الابن، للذكر مثل حظ الأنثيين، وبه قال مالك، والثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق. وكان ابن مسعود يقول: الفاضل على حق الابنتين للذكران من ولد الابن، دون البنات، وبه قال أبو ثور.

قال أبو بكر: والأول أصح. م 2246 - واختلفوا في ابنة، وبنى ابن، وبنات ابن، ففى قول زيد بن ثابت: للابنة النصف، وما بقي فبين بني الابن وبنات الابن، للذكر مثل حظ الأنثيين، وهذا قول مالك، والثوري، وأهل المدينة، وأهل الكوفة، وعامة أهل العلم. وفي قول عبد الله بن مسعود: لابنة النصف، وينظر فيما بقى، فإن كان الذي يصير لبنات الابن إذا قاسم بهن الذكور أقل من السدس، قاسم بهن الذكور، فجعل ما بقي بينهن للذكر مثل حظ الانثيين، فإن كان الذي يصير لهن في المقاسمة السدس فأكثر، أعطاهن [1/ 227/ب] السدس، ولم يقاسم بهن، ولم يزدهن على ذلك، لأن البنات عنده لا يزدن عن الثلثين. م 2247 - وأجمعوا على أن للابنتين فصاعدا بنت الابن، أو بنات الابن، وابن ابن ابن، أو بني ابن ابن، الثلثين. م 2248 - واختلفوا فيما يفضل من المال عن الابنتين، فروى عن علي وزيد أنهما قالا: ما فضل عن الابنتين للذكور الذين هم أسفل من بنات الابن، يردون على من فوقهم ومن معهم، ومن [[بحذائهم]] من بنات الابن إن كان [[بحذائهم]]، أو معهم منهن أحد، فيقاسمونهن للذكر مثل حظ الانثيين، وهذا قول مالك، والثوري، والشافعي، وأصحاب الرأي، وبه قال عامة أهل العلم وكان أبو ثور يقول بقول ابن مسعود، وهو أن ما فضل لبنى الابن دون بنات الابن.

3 - باب ميراث الأبوين

3 - باب ميراث الأبوين قال الله جل ذكره: {وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ} الآية فرض الله لكل واحد من الأبوين مع الولد السدس، وأيهم الولد، فكان الذكر والأنثى فيه سواء. م 2249 - فإن مات رجل فترك أبناء أبوين، فلأبويه لكل واحد منهما السدس، فان ترك ابنةً وأبوين فللإبنة النصف، وللأبوين السدسان، وما بقى فللأقرب من العمبة، وهو الأب. (ح 985) وذلك لقول رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: ما أبقته الفرائض، فلأولى رجل ذكر. ولأنهم لا يختلفون أن الله جعل للأم الثلث، وللأب الثلثان إذا لم يكن للميت وارث غير، فإذا ذهب من الحال البعض، وبقي البعض، قسم الذي بقي بينهما على ثلاثة أسهم على أصل فرضهم، فإن ترك بنين، وبنات، فللأبوين السدسان، وما بقي فبين البنين، والبنات للذكر مثل حظ الأنثيين. فإن ترك ابنتين، وأبوين، فللإبنتين الثلثان، وللأبوين السدسان، وميراث الأبوين مع ولد الابن ذكروا كانوا أو إناثاً على ما وصفنا من ميراثهما مع الولد. فإن ترك ابنة، وابنة ابن، وأبوين، فللابنة النصف، ولإبنة الإبن السدس تكملة الثلثين، وللأبوين السدسان.

فإن ترك بنتا، وبنتى ابن، أو بنات ابن، وأبوين، فللابنة النصف، ولبنات الابن ما كان عددهن السدس، وللأبوين السدسان. فإن ترك ابنة، وابن ابن، وأبوين، فلابنة النصف، وللأبوين السدسان، وما بقى فلابن الابن، وذلك أنه أقرب العصبات. فإن ترك ابنة، وابن ابن، وابنة ابن، وأبوين [1/ 228/ألف] فللإبنة النصف، وللأبوين السدسان، وما بقي فبين ابن الابن، أخته للذكر مثل حظ الأنثيين، وهذا كله قول مالك، والشافعي، وأصحاب الرأي: وقال الله جل ذكره: {فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ} الآية. م 2250 - فخبر جل ذكره أن الأبوين إذا ورثاه أن للأم الثلث ودل بقوله: {وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ}، أن للأم الثلث، وأن الباقي وهو الثلثان للأب، وليس في هذا اختلاف، وقال جل ذكره: {فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ} الآية فحجب الأم عن الثلث بالاخوة، ولم يسم لهم ميراثاً، فكان الباقي للأب لقوله جل ذكره: {وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ}. م 2251 - وأجمع أهل العلم على أن الأخوة لا يرثون مع الأب شيئاً، إلا ما روى عن ابن عباس، أنه كان يقول: السدس الذي يحجب الأخوة الأم هو للأخوة.

4 - باب العدد من الأخوة الذين يحجبون الأم عن الثلث

4 - باب العدد من الأخوة الذين يحجبون الأم عن الثلث م2252 - واختلفوا في عدد الأخوة الذين يحجبون الأم عن الثلث. فقال أكثر أهل العلم: إذا كان للميت اثنان من الأخوة فصاعداً ذكورا أو إناثا من أب وأم، أو من أب، أو من أم، حجبا الأم عن الثلث، وكان لها السدس، روى هذا القول عن علي بن أبي طالب، وابن مسعود، وزيد بن ثابت، وبه قال مالك وأهل المدينة، والثوري، وأهل العراق، والشافعي، وأصحابه، وعوام أهل العلم، غير ابن عباس فإنه قال: لا تحجب الأم عن الثلث إلا ثلاثة أخوة وصاعدا. قال أبو بكر: م 2253 - وقد أجمع أهل العلم على أن رجلاً لو ترك أخاه، وأخته أن المال بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين. وحجتهم فيه قول الله عز وجل: {وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} الآية، وقال: {فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ} الآية فهما في ذكر الكتاب سواء. 5 - باب ميراث الأبوين مع الزوج أو المرأة م 2254 - اختلف أهل العلم في رجل توفي وخلف امرأة، وأبوين.

6 - باب ميراث الزوجين كل واحد منهما من الآخر

فقالت طائفة: للمرأة الربع، وللأم ثلث ما بقى، وما بقى فللأب، من أربعة أسهم، للمرأة سهم، وللأم سهم، وللأب سهمان، هكذا قال عثمان بن عفان، وابن مسعود، وروى عن علي، وزيد، وبه قال الحسن البصري، ومالك، والثوري، والشافعي. وقال ابن عباس: للأم ثلث [1/ 228/ب] جميع المال، وما بقى فللأب. وروى عن شريح أنه قال في زوج، وأبوين، للزوج النصف، وللأم الثلث. وفيه قول ثالث: قاله محمد بن سيرين قال في رجل ترك امرأته، وأبويه للمرأة الربع، وللأم ثلث جميع المال، وما بقى فللأب. وقال في امرأة تركت زوجها، وأبويها، للزوج النصف، وللأم ثلث ما بقى، وما بقى فللأب، وقال: إذا فضل الأب الأم بشيء فإن للأم الثلث. قال أبو بكر: وهذا قول لا نعلم أحدا قال به، وأصح هذه الأخبار قول عثمان بن عفان. 6 - باب ميراث الزوجين كل واحد منهما من الآخر قال الله جل ثناؤه: {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ} الآية, وقال. {وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ} الآية.

م 2255 - وأجمع أهل العلم على أن الرجل يرث من زوجته إذا هي لم تترك ولدا، ولا ولد ابن، النصف، فإن دركت ولدا، أو ولد ابن ذكرا كان أو أنثى، ورثها الزوج الربع لا ينقص منه شيئاً، وترث المرأة من زوجها: إذا هو لم يترك ولدا، ولا ولد ابن الربع، فان ترك ولداً أو ولد ابن ذكر كان أو أنثى ورثت أمرأته الثمن، لا اختلاف بينهم في ذلك. م 2256 - وأجمعوا على أن حكم الواحدة من الأزواج، والاثنين، والثلاث، والأربع في الربع إن لم يكن له ولد، وفي الثمن إن كان له ولدا واحد، وأنهن شركاء في أي ذلك كان لهن، لأن الله تعالى لم يفرقه بين حكم الواحدة منهن، وبين حكم الجميع كما فرق بين حكم الواحدة من البنات، والواحدة من الأخوات، وبين حكم الجميع منهن.

7 - باب الكلالة

7 - باب الكلالة قال الله تعالى: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ} الآية. قال أبو بكر: فليس قوله: {إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ} على أن الولد ليس منه الكلالة، لما ذكر أنه يقسم في الكلالة، فقال: "ليس له ولد وله أخت "قد دل الكتاب على أن اسم الكلالة غير واقع على الولد. م 2257 - وأجمع أهل العلم على القول به، ولا اختلاف بين أهل العلم أعرفه على أن اسم الكلالة واقع على الأخوة والأخوات. م 2258 - واختلفوا الأب فروى عن أبي بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وعلى بن أبي طالب، وابن مسعود، وابن عباس، وزيد بن ثابت والحكم، والزهري، أنهم قالوا: الكلالة ما عدا الولد والوالد. (ح 986) وخبر جاء عبد الله الأنصاري دال على ذلك، قال: قلت: يا رسول الله كيف الميراث إنما يرثني كلالة. يقال [1/ 229/ألف] أن جابرا لم يكن له يومئذ والد، ولا ولد؛ لأن والده قتل يوم أحد، ونزلت آية الكلالة بعد ذلك.

8 - باب ميراث الأخوة من الأم

وقد روى عن عمر بن الخطاب أنه قال: الكلالة من لا ولد له، ولا والد، أوصى بذلك عند موته. 8 - باب ميراث الأخوة من الأم قال الله عز وجل: {وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ} الآية. وقال جل ثناؤه: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ} الآية. م 2259 - فأجمع أهل العلم على أن الله جل ثناءه أراد بالآية التي في أول النساء الأخوة من الأم، وبالتي في آخرها الأخوة من الأب والأم. م 2260 - واتفق أهل العلم على أن الأخوة من الأم لا يرثون مع ولد الصلب ذكرا كان أو أثنى، ولا مع ولد الابن وإن سفل ذكرا كان أو أنثى، ولا مع أبي، ولا مع جد أبي الأب وإن بعد. م 2261 - فإذا لم يترك المتوفى أحدا مما ذكرنا أنهم يحجبون الأخوة من الأم، وترك أخا أو أختا لأم، فله أولها السدس فريضة. م 2262 - فإن ترك أخا وأختا من أمه فالثلث بينهما سواء، لا فضل للذكر منهما على الأنثى.

9 - باب من يحجب الأخوة والأخوات من الأب والأم ومن الأب

م 2263 - وإن ترك أخوة وأخوات من الأم، فالثلث بينهم سواء، لا فضل للذكر منهم على الأنثى، وكل ذلك إجماع. وقد كان سعد بن مالك يقرأ هذه الآية {وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ} الآية. 9 - باب من يحجب الأخوة والأخوات من الأب والأم ومن الأب قال الله جل ذكره: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا} الآية. م 2264 - وأجمع أهل العلم على أن الأخوة من الأب والأم، ومن الأب ذكورا كانوا أو إناثاً لا يرثون مع الابن، ولا مع ابن الابن وإن سفل، ولا مع الأب. م 2265 - وأجمع أهل العلم على أنهما مع البنات، وبنات الابن عصبة لهم، ما فضل عندهم فيقتسمونه بينهن للذكر مثل حظ الأنثيين. م 2266 - واختلفوا في توريث الأخوات إذا لم يكن معهن ذكر مع البنات، فجعل أكثر أهل العلم الأخوات مع البنات عصبة، إلا ابن عباس.

10 - باب ميراث الأخوة والأخوات من الأب والأم، ومن الأب

10 - باب ميراث الأخوة والأخوات من الأب والأم، ومن الأب قال الله جل ذكره: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنِ [1/ 229/ب] امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ} الآية. ففرض الله في كتابه للواحد، والاثنين من الأخوات، ولم يفرض لما فوق الاثنين من الأخوات في كتابه فرضا منصوصاً. م 2267 - وأجمع أهل العلم على أن حكم ما فوق الاثنين من الأخوات حكم الاثنين، فإن لهن وإن كثرن الثلثين. وجاء الحديث عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - بمثل ما أجمع عليه أهل العلم، من ذلك: (ح 987) حديث جابر، وكان عند سبع أخوات، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: قد أنزل الله في أخواتك، فبين، فجعل لهن الثلثين. وقال الله جل ثناؤه: {وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ} الآية. م 2268 - واتفق أهل العلم على أن للأخ من الأب والأم جميع المال. فإن ترك أخا، وأختا، أو أخوة، وأخوات لأبيه وأمه، فالمال بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين لقوله تعالى: {وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً}

فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} الآية، في ذلك كله إذا لم يكن معهم أحد ممن له سهم معلوم، فإن كان معهم أحد ممن له سهم معلوم، بدئ بسهمه، وأعطيه، ثم جعل الباقي من المال لهم للذكر مثل حظ الأنثيين. م 2269 - وأجمع أهل العلم على أن الأخوة والأخوات من الأب، لا يرثون مع الأخوة والأخوات من الأب والأم شيئاً. (ح 988) وقد روينا عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه قال: وإن أعيان بني الأم يتوارثون دون بني العلات، الأخوة للأب والأم أقرب من الأخوة للأب، يتوارثون دون الأخوة للأب. م 2270 - وأجمع أهل العلم على أن الأخوة والأخوات من الأب يقومون مقام الأخوة والأخوات من الأب والأم، ذكورهم كذكورهم، وإناثهم كإناثهم، إذا لم يكن للميت أخوة ولا أخوات لأب وأم. م 2271 - وأجمع أهل العلم على أن لا ميراث للأخوات من الأب إذا استكمل الأخوات من الأب والأم، الثلثين، إلا أن يكون معهن ذكر، فإن كان معهن ذكر كان الفاضل عن الأخوات من الأب والأم للأخوة والأخوات من الأب للذكر مثل حظ الأنثيين إلا في قول ابن مسعود. م 2272 - وأجمع أهل العلم على أن الأخوة من الأب يرثون ما فضل عن الأخت من الأب والأم.

فإن ترك أختين أو أخوات لأب وأم، فلهن الثلثان، وما فضل فللأخوة من الأب. فإن ترك أختا لأب وأم، وأختاً أو أخوات لأب، فللأخت من الأب والأم النصف، وللأخت أو الأخوات [1/ 230/ألف] من الأب السدس تكملة الثلثين، وما بقى فللعصبة. م 2273 - واختلفوا في الأخوة والأخوات من الأب مع الأختين أو الأخوات من الأب والأم فكان زيد بن ثابت يقول: وإن كان بنو الأم والأب امرأتين فأكثر من ذلك من الإناث، فرض لهن الثلثان، ولا ميراث معهن لبنات الأب، إلا أن يكون معهن ذكر من أب، فإن كان معهن ذكر من أب، بدئ بفرائض من كنت له فريضة، فأعطوها، ان فضل بعد ذلك فضل كان بين بني الأب للذكر مثل حظ الأنثيين، وإن لم يفضل شيء، فلا شيء لهم. وكان ابن مسعود يجعل ما فضل عن الأخوات للأب والأم للذكور من الأخوة للأب دون الأخوات من الأب. م 2274 - فإن ترك أخا وأختا لأب وأم، وأخوة وأخوات لأب ففي قول زيد بن ثابت: للأخت من الأب والأم النصف، وما بقى فللأخوة والأخوات من الأب للذكر مثل حظ الأنثيين، وكذلك روى عن علي، وعائشة، وبه قال مالك وأهل الدينة، والثوري، والشافعي. وفي قول ابن مسعود: للأخت من الأب والأم النصف، ويجعل الباقي بين الأخوة والأخوات ما لم يصبهن في المقاسمة أكثر من السدس، فإن أصابهن أكثر من السدس، أعطاهن السدس تكملة الثلثين، ولم يزدهن على ذلك، وبه قال أبو ثور.

11 - باب ميراث الزوج مع الأم والأخوة والأخوات

11 - باب ميراث الزوج مع الأم والأخوة والأخوات م 2275 - امرأة ماتت وتركت زوجها، وأمها، وأخاها لأبيها وأمها، فللزوج النصف، وللأم الثلث، وللأخ ما بقى. فإن كانت المسألة بحالها، وكانا أخوين أو أخوة لأب وأم، فللزوج النصف، وللأم السدس، وما بقى فبين الأخوين والأخوة للأب والأم للذكر مثل حظ الأنثيين. فإن تركت امرأة زوجها، وأمها، وأخاها لأمها، فللزوج النصف، وللأم الثلث، وللأخ من الأم السدس. فإن تركت زوجا، وأما، وأخوين وأختين لأم، فللزوج النصف، وللأم السدس، وللأخوين والأختين من الأم الثلث. فإن تركت زوجا، وأخوين وأختين لأم، فللزوج النصف، وللأخوين والأختين من الأم الثلث، وما بقى للعصبة. فإن تركت زوجها، وأخوة لأم، وأخا لأب وأم، فللزوج النصف، وللأخوة من الأم الثلث، وما بقى للعصبة. فإن تركت زوجا وأخوة لأم، وأخا لأب وأم، فللزوج النصف، ولأخوتهما لأمها الثلث، وما بقى فلأخيها لأبيها وأمها. فإن تركت زوجا، وأما، وأخا [1/ 230/ب] وأختا لأب وأم، فللزوج النصف، وللأم السدس، وللأخ من الأم السدس، وما بقى بين الأخ والأخت من الأب والأم للذكر مثل حظ الأنثيين. فإن تركت زوجا، وأختا، وأخا لأم، وأخا وأختا لأب، فللزوج النصف، ولأختها وأخيها لأمها الثلث، وما بقى بين أخيها وأختها لأبيها للذكر مثل حظ الأنثيين.

فإن تركت زوجا، وأما، وأخا لأم، وأخا وأختا لأب، فللزوج النصف، وللأم السدس، ولأخيها لأمها السدس، وما بقى فبين الأخ والأخت للأب للذكر مثل حظ الأنثيين. فان تركت زوجا، وأما، وأختا لأم، وأخا وأختا لأب، فللزوج النصف، وللأم السدس، ولأخيها وأختها من أمها الثلث، وسقط أخوها وأختها من أبيها، لأنهما عصبة ولم يفضل لهما شيء. م 2276 - فان تركت زوجا، وأما، وستة أخوة متفرقين، فللزوج النصف، وللأم السدس، وللأخ والأخت من الأم الثلث، وسقط الأخ والأخت من الأب والأم، والأخ والأخت من الأب، روينا هذا القول عن علي بن أبي طالب، وابن مسعود، وأبي موسى الأشعري، وبه قال عبيد الله بن الحسن، وشريك، ويحيى بن آدم، وأحمد، ونعيم بن حماد، وأبو ثور. وبه نقول، وذلك لأن هؤلاء أصحاب فرائض، ولم يبق للعصبة شيء، لما أجمعوا على أن للأخ من الأم السدس، ولو كان معه عشرة أخوة لأب ولأم كان لهم السدس، لأنهم عصبة، والأخ من الأم صاحب فريضة، وأن الأب أضربهم في هذه المسأله، فما أنكر منكر أن يضربهم الأب في مسألة أخرى، مع أن هذا مجمع عليه، وإذا اختلفوا في أخرى كان حكمها حكم ما أجمعوا عليه. (ح 989) وقد قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: ألحقوا الفرائض بأهلها، فما بقي فهو لأولى رجل ذكر. وقد فرض الله عَزَّ وَجَلَّ للزوج النصف، وللأم السدس، وللأخوة من

12 - باب ميراث الجدة

الأم الثلث، ولم يبقى من المال شيء يكون للعصبة، فيعطى الأخوة من الأب والأم. وفيه قول ثان: وهو أن يشرك بين بني الأب، والأم مع في الأم في الثلث بينهم الذكر والأنثى فيه سواء، روى هذا القول عن عمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وابن مسعود، وزيد بن ثابت، ومسروق، وشريح، وبه قال مالك، والشافعي، وإسحاق. 12 - باب ميراث الجدة (ح 990) روينا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه جده أطعم جده سدساً. ولم يجد للجدة في كتاب الله فرضا. (ح 991) وقد روينا عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه أعطاها السدس. م 2277 - وأجمع أهل العلم على أن للجدة السدس إذا لم يكن للميت أم. م 2278 - وأجمعوا على أن الأم تحجب أمها، وأم الأب. م 2279 - وأجمعوا على أن الأب لا يحجب أم الأب. م 2280 - واختلفوا في توريث الجدة وابنها حي.

13 - باب الجدتين تجتمعان وإحداهما أقرب من الأخرى وهما من وجهين مختلفين

فقالت طائفة: لا ترث الجدة وابنها حي، روى هذا القول عن زيد ابن ثابت، وروى عن عثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب أنهما قالا ذلك، وبه قال مالك، والثوري، والأوزاعي، وسعيد بن عبد العزيز، وابن جابر، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. وقالت طائفة: تورث الجدة مع ابنها، روى هذا القول عن عمر بن الخطاب، وابن مسعود، وعمران بن حصين، وأبي موسى الأشعري، وبه قال شريح، وجابر بن زيد، وعبيد الله بن الحسن، وشريك، وأحمد، وإسحاق. وبه نقول، وكما أن الجد لا يحجبه إلا الأب، كذلك الجدة لا تحجبها إلا الأم. (ح 992) وقد روينا عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه ورث جدة وابنها حي. 13 - باب الجدتين تجتمعان وإحداهما أقرب من الأخرى وهما من وجهين مختلفين م 2281 - اختلف أهل العلم في الجدتين تجتمعان، وإحداهما أقرب من الأخرى، وهما من وجهين مختلفين. فقالت طائفة: السدس لأقربهما من أي الوجهين كانت من قبل الأب، أو من قبل الأم، روينا عن علي بن أبي طالب، وزيد بن ثابت أنهما قالا

14 - مسائل من هذا الباب

في رجل ترك جدتيه قالا: السدس لأقربهما، وقال الثوري: وما قرب من الجدات فهي أحق، وكذلك روى عن ابن سيرين. وكان أبو ثور يقول: لا ترث إلا جدتان إذا كانتا متحاديين، وقال: هذا لا اختلاف فيه بينهم، فإذا أكثرن، ورثنا الأقرب منهن من كانت. وقالت طائفة: إذا كانت الجدة التي من قبل الأم أقرب فالسدس لها، وإن كانت التي من قبل الأب أقرب فالسدس بينهما وبين التي من قبل الأم، وروى هذا القول عن زيد بن ثابت، وهي أثبت الروايتين عنه، وبه قال طلحة بن عبد الله بن عوف، وسليمان بن يسار، وخارجة بن زيد، وبه قال مالك وأهل المدينة. وقال قائل: إن الجدات [1/ 231/ب] أمهات فإذا اجتمعن فالسدس لأقربهن، كما أن الآباء إذا اجتمعوا كان أحقهم بالميراث أقربهم، وكذلك البنون والإخوة، وبنو الأخوة وبنو العم، إذا اجتمعوا كان أحقهم بالميراث أقربهم، فكذلك الأمهات. قال أبو بكر: هذا القول صحيح، وبه أقول. 14 - مسائل من هذا الباب م 2282 - أجمع أهل العلم على أن الجدتين إذا اجتمعتا، وقربتهما سواء، وكلتاهما ممن يرث، أن السدس بينهما. م 2283 - وأجمعوا كذلك على أنهما إذا اجتمعتا، وإحداهما أقرب من الأخرى، وهم من وجه واحد، أن السدس لأقربهما. م 2284 - وأجمعوا على أن الأم تحجب الجدات، كما أن الأب يحجب الأجداد.

فإن مات رجل وترك أمه، وأم أمه، وأم أبيه، فلأمه الثلث، وما بقى فللعصبة، وسقطت الجدتان. فإن ترك أباه، وأم أمه، فلأم أمه السدس، وما بقى فللأب. فإن ترك جدته، وابنته، وامرأته، فللابنة النصف، وللجدة السدس، وللمرأة الثمن، وما بقى فللعصبة. إن ترك أباه، وجدته، وابنته، فللجدة السدس، وللابنة النصف، وما بقى فللأب. فإن ترك أباه، وجدته، وابنه، فللأب السدس، وللجدة السدس، وما بقى فلابنه. فإن ترك جدته، وأباه، وبنين وبنات، فللأب السدس، وللجدة السدس، وما بقى فبين البنين والبنات للذكر مثل حظ الأنثيين. م 2285 - فإن ترك أباه، وأم أبيه، فلأم أبيه السدس. (ح 993) لأن النبي- صلى الله عليه وسلم - ورث الجدة السدس. ولم يخص جدة دون جدة، وما بقى فلأبيه في قول عمر، وعبد الله. وفي قول زيد: المال للأب، وسقطت الجدة، لأن ابنها معها. م 2286 - إن ترك جدتيه أم أبيه وأم أمه، وأباه، فلجدتيه السدس، وما بقى فلأبيه في قول عمر، وعبد الله. وفي قول زيد: لأم أمه السدس، وما بقى فلأبيه، وسقطت أم الأب لأن ابنها حي. م 2287 - فإن ترك جدتي أمه، وجدتي أبيه، وأباه، فلجدتي أبيه أم أمه، وأم أبيه، وإحدى جدتي أمه السدس، وما بقي فللأب، وسقطت أم أبي أبيه في قياس قول عمر، وعبد الله.

15 - باب عدد من يرث من الجدات

وفي قول زيد: لإحدى جدتي أمه أم أمه السدس، وما بقى فللأب، وسقطت جدتا الأب جميعاً. م 2288 - فإن ترك جدتي أبيه، وجده، فلجدتي أبيه السدس، وما بقى فللجد في قول عمر، وعبد الله. وفي قول زيد بن ثابت لإحدى [1/ 232/ألف] جدتي لأبيه أم أمه السدس، وما بقى فللجد، وسقطت أم الجد، لأن ابنها حي. م 2289 - فإن ترك ثلاث جدات قرابتهن سواء، وجدا، فللجدات الثلاث السدس بينهن، وما بقى فللجد في قول عمر، وعبد الله. وفي قول زيد: السدس بين أم أم الأولاد، وأم أم الأب نصفين، وما بقى فللجد، وسقطت أم أب الأب؛ لأن ابنها حي. 15 - باب عدد من يرث من الجدات م 2290 - اختلف أهل العلم في عدد من يرث من الجدات، فروى عن علي بن أبي طالب، وزيد بن ثابت أنهما كانا يورثان ثلاث جدات، ثنتين من قبل الأب، وواحدة من قبل الأم، وكانا يجعلان السدس لأقربهما. وروينا عن ابن عباس، وجابر بن زيد، والحسن البصري، وابن سرين، أنهم كانوا يورثون أربع جدات. وكان مسروق، وقتادة يورثان ثلاث جدات، ويطرحان أم أبي الأم. وكان الثوري يقول: إذا اجتمع الجدات فكن ثلاثاً أو أربعاً، وكن سواء إلى الرجل، فالسدس بينهن، وقال أحمد: يرث من الجدات ثلاث، ثنتان من قبل الأب، وواحدة من قبل الأم، وبه قال إسحاق، وهي أم أم أبيه، وأم أبي أبيه، وأم أم أمه، وسقطت أم أبي الأم.

16 - باب العول

وقالت طائفة: لا يورث أكثر من جدتين روى هذا القول عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وقال الزهري: لا نعلم ورث في الإسلام إلا جدتين، وكان مالك، والشافعي، وأبو ثور يقولون ذلك. م 2291 - وكل جدة إذا انتسبت إلى المتوفى، وقع في نسبها أب بين أمين، فليست ترث في قول من يحفظ عنه من أهل العلم. م 2292 - وأجمع عوام أهل العلم على أن الجدة لا تزاد على السدس. 16 - باب العول م 2293 - اختلف أهل العلم في إعالة الفرائض فقال أكثرهم: الفرائض تعول، روى هذا القول عن عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وابن مسعود، وزيد بن ثابت، وبه قال مالك وأهل المدينة، والثوري، وأهل العراق، والشافعي وأصحابه، وأحمد، وإسحاق، ونعيم، وحماد، وأبو ثور، وكل من يحفظ عنه من أهل العلم، غير ابن عباس فإنه قال: أول من أعال الفرائض عمر بن الخطاب، وأيم الله لو قدم من قدم الله، وأخر من أخر الله ما عالت فريضة، فقيل له: فأيها يا ابن عباس قدم الله وأيها أخر، فقال: كل فريضة لم يهبطها الله عن فريضة إلا إلى فريضة، فهذا ما قدم الله، وأما ما أخر فكل فريضة إذا زالت عن [1/ 232/ب] فرضها لم يكن لها إلا ما بقى، فتلك التي أخر الله. فأما الذي قدم فالزوج له النصف، فإذا دخل عليه ما يزيله عنه رجع إلى الربع، لا يزيله عنه شيء، والزوجة لها الربع، فإذا زالت عنه صارت إلى الثمن، لا يزيله عنه شيء، والزوجة لها الربع، فإذا زالت عنه صارت إلى الثمن، لا يزيلها عنه شيء، والأم لها الثلث إذا زالت عنه

17 - مسائل من هذا الباب

شيء من الفرائض دخل عليها، صارت إلى السدس لا يزيلها عنه شيء، فهذه الفرائض التي قدم الله والتي أخر، فريضة الأخوات والبنات لها النصف والثلثان، النصف للواحدة، ولما فوق ذلك الثلثان، فإذا أزالهن الفرائض لم يكن لها إلا ما بقى، إذا اجتمع من قدم الله ومن أخر، بدئ بمن قدم الله، فأعطى حقه مكملا، فإن بقى شيء كان لمن أخر، وإن لم يبق شيء فلا شيء له، فقال زفر يعني أوس البصري لابن عباس: فما منعك يا ابن عباس أن تشير بهذا الرأي على عمر؟ فقال هبته. 17 - مسائل من هذا الباب م 2294 - امرأة ماتت وتركت زوجها، وأختها لأبيها وأمها، أو لأبيها، فالمال بينهم على سبعة، للزوج ثلاثة أسباع، وللأختين أربعة أسباع المال، لكل أخت سبعا المال في قول من أعال الفرائض. وفي قول ابن عباس: للزوج النصف، والباقي للأختين. م 2295 - فإن تركت زوجا، وأما، وأختا فالمال بينهم على ثمانية ثلاثة أسهم، للزوج ثلاثة أثمان المال، وللأخت مثل ما للزوج، وللأم ربع المال في قول من رأى أن يعول الفرائض، وفي قول ابن عباس: للزوج النصف، وللأم الثلث، وما بقى فللأخت. م 2296 - فإن تركت زوجا، وأما، وأختين لأب وأم، فالمال بينهم على ثمانية، للزوج ثلاثة أثمان المال، وللأم ثمن المال، وللأختين نصف المال بينهما نصفين قول من أعال الفرائض، وفي قياس قول ابن عباس: الزوج النصف، وللأم الثلث، وما بقى فللأختين.

م 2297 - فإن تركت زوجا، وأختا لأب وأم، وأختا لأب فالمال بينهم على سبعة، للزوج ثلاثة أسباع المال، وللأخت للأب والأم مثل ذلك، وللأخت للأب سبع المال في قول من أعال الفرائض. وفي قياس قول ابن عباس: للزوج النصف، وفي باقي المال قولان: أحدهما أنه بين الأختين على أربعة، والآخر أنه للأخت للأب والأم. م 2298 - فإن تركت زوجا، وأختين لأب وأم، وأختين لأم، المال بينهم على تسعة، للزوج ثلث المال، وللأختين للأب والأم أربعة أتساع المال، وللأختين للأم تسعاً المال في قول أعال الفرائض. م 2299 - إن تركت زوجا، وأما، وأختين لأب وأم، وأختين لأم، فللزوج ثلالة أسهم من عشرة [1/ 233/ألف] أسهم، ولأم سهم من عشرة أسهم، وللأختين للأب والأم أربعة أسهم من عشرة أسهم وللأختين للأم سهمان. وفي قياس قول ابن عباس: للزوج النصف، وللأم السدس، وللأختين من الأم الثلث، وسقط الأختان من الأب والأم حكاية يحيى بن آدم. م 2300 - فإن مات رجل وترك ابنتين، وأبوين، وامرأة، فهي من سبعة وعشرين سهما، للابنتين ستة عشر سهما، وللأبوين ثمانية أسهم، وللمرأة ثلاثة أسهم، في قول من رأي أن الفريضة تعول. وقياس قول ابن عباس للأبوين السدسان، وللمرأة الثمن، وما بقى فللابنتين. م 2301 - إن ترك ابنة، وابنة ابن، وأبوين، وامرأة، قسم المال بينهم على سبعة وعشرين سهما، للابنة اثنا عشر سهما، ولابنة، الابن أربعة أسهم، وللأبوين ثمانية أسهم، وللمرأة ثلاثة أسهم في قول من رأي العول.

وفي قياس قول ابن عباس: للأبوين السدسان، وللمرأة الثمن، وفيما بقى قولان: أحدهما أنه بين الابنة وابنة الابن على أربعة، للابنة ثلاثة أسهم، ولابنة الابن سهم، والقول الثاني: إن ما بقى فلابنته دون ابنة الابن. م 2302 - فإن ماتت امرأة وتركت ابنتها، وزوجها، وأبويها، فالمال بينهم على ثلاثة عشر سهما، للابنة ستة أسهم، وللأبوين أربعة أسهم، وللزوج ثلاثة أسهم، في قول من رأى العول. وفي قياس قول ابن عباس: للزوج الربع، وللأبوين السدسان، وما بقى فللابنة، م 2303 - فإن تركت ابنتها، وابنة ابنها، وزوجها، وأبويها، فالمال بينهم على خمسة عشر سهما، للابنة ستة أسهم وذلك خمسا، ولابنة الابن سهمان وذلك ثلثا خمس المال، وللأبوين أربعة أسهم وذلك خمس المال وثلث خمس المال، وللزوج ثلاثة أسهم وذلك خمس المال في قول من رأى أن الفرائص تعول. وقول ابن عباس: للزوج الربع، وللأبوين السدسان، وفي باقي المال قولان: أحدهما أن بين الابنة وابنة الابن علي أربعة، والقول الثاني: أن ما بقى للابنة وحدها. م 2304 - فإن مات رجل وترك أختين لأب وأم، وأختين لأم، وامرأة، فإن للأختين من الأب والأم ثمانية أسهم من خمسة عشر سهما، وللأختين من الأم أربعة أسهم، وللمرأة ثلاثة أسهم وهو خمس المال. وفي قياس قول ابن عباس: للمرأة الربع، وللأختين من الأم الثلث، وما بقي فللأختين من الأب والأم.

18 - باب توريث الجد

18 - باب توريث الجد (ح 994) روينا عن النبي- صلى الله عليه وسلم -[1/ 233/ب] عليه وسلم أنه أعطى جداً السدس. م 2305 - وأجمع أهل العلم من أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم - على أن الجد أبا الأب لا يحجبه عن الميراث غير الأب. م 2306 - وأنزلوا الجد بمنزلة الأب في الحجب، والميراث إذا لم يترك المتوفى أبا أقرب منه في جميع المواضع، إلا مع الأخوة، فإنهم اختلفوا في ذلك بعد وفاة أبي بكر الصديق، فأما أيام حياته، فلا نعلم أحدا خالفه في قوله. م 2307 - واختلف أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم - بعدا جماعهم على ما ذكرنا في ميراث الجد مع الأخوة، فكان أبو بكر الصديق يجعل الجد أبا، وقال بمثل قول عبد الله بن عباس، وعبد الله بن الزبير، وروى ذلك عن عثمان بن عفان، وبه قال قتادة، وإسحاق، وأبو ثور، ونعيم، وحماد، والنعمان. واختلفت الأخبار عن عمر بن الخطاب في هذا الباب، فثبت عنه أنه قال: أجرأكم على الجد أجرأكم على النار، وقال عبيدة: لقد حفظت عن عمر بن الخطاب في الجد مائة فضية تخالف بعضها بعضا. وقال سعيد بن جبير: كتب عمر بن الخطاب في الجد، والكلالة كتاب حتى إذا طعن، دعا بالكتاب فمحاه وقال: إني كتبت في الجد، والكلالة كتاباً، وكنت استخير الله فيه، فرأيت أن أترككم على ما كنتم عليه.

19 - قول علي بن أبي طالب في الجد

19 - قول علي بن أبي طالب في الجد المعروف عند أهل العلم بالفرائض من قول علي بن أبي طالب أنه كان يقاسم بالجد الأخوة للأب والأم إذا كانوا ذكوراً، أو ذكورا وإناثا إلى السدس، ولا ينقصه عن السدس. فإذا اجتمع أخوة لأب وأم ذكورا، أو ذكورا وإناثا، وأخوة لأب، وجد، قاسم بالجد الأخوة للأب والأم، ولم يدخل الأخوة للأب في المقاسمة ولم يعتد بهم. وإن لم يكن للميت أخوة لأب وأم، وكان له أخوة لأب ذكورا، أو ذكورا وإناثا أقامهم مقام الأخوة للأب والأم مع الجد. فإن لم يترك الميت أخوة لأب وأم، وترك أخوات لا ذكر معهن، أعطاهن فرائضهن، ولم يقاسم بهن الجد، وجعل ما فضل عنهن للجد، وكذلك إن كان معهن أصحاب فرائض، أعطى أصحاب الفرائض [1/ 234/ألف] فرائضهم، وجعل ما فضل للجد إن كان الفاضل السدس أو أكثر من ذلك، فإن كان أقل من السدس ضرب له بالسدس معهم. إن ترك أصحاب فرائض، واخوة لأب وأم، أو لأب، أعطى أصحاب الفرائض فرائضهن، وقاسم بالجد الأخوة إن كانوا لأب ولأم، أو لأب فيما بقى، إلا أن يكون السدس خيرا، فإذا كان السدس خيرا له أعطاه السدس. فإن ترك أختا، وأخوات لأب وأم، وأخوة وأخوات لأب، أعطى الأخت أو الأخوات من الأب والأم فرائضهم، وقاسم الجد الأخوة للأب ذكورا كانوا أو إناثا فيما بقى، إلا أن يكون السدس خيرا له، وكان لا يزيد الجد مع الولد ذكرا كان أو أنثى على السدس، إلا أن يكون معه

20 - قول عبد الله بن مسعود في الجد

غيره من الأخوة والأخوات، فإذا لم يكن معه غيره منهم جعل ما بقى للجد، وكان ابن أبي ليلى يقول بقول علي بن أبي طالب. 20 - قول عبد الله بن مسعود في الجد المعروف عند أهل الفرائض أن عبد الله بن مسعود كان يقاسم بالجد الأخوة للأب والأم ذكورا كانوا أو ذكورا وإناثا إلى الثلث، وكان لا يدخل الأخوة من الأب مع الأخوة للأب والأم في المقاسمة ولا يعتد بهم. فإن لم يكن للميت أخوة، ولا أخوات لأب وأم، أقام الأخوة للأب ذكورا كانوا أم ذكوراً وإناثاً مقام الأخوة من الأب والأم، فقاسم بهم الجد كمقاسمة إياه بالأخوة للأب والأم، وكان يعطى الأخوات إذا لم يكن معهن ذكر فرائضهن، ولا يقاسم بهن الجد، وكان لا يورث الأخوة من الأب ذكورا كانوا أم ذكروا وإناثا مع الأخت أو الأخوات للأب والأم مع الجد شيئاً، ويجعل الفاضل بعد نصيب الأخت أو الأخوات للجد. وإذا كان الجد أصحاب فرائض، أعطى أصحاب الفرائض فرائضهم، وقاسم بالجدة الأخوة ذكوراً كانوا أو ذكوراً وإناثاً، فأعطى الجد أي الخصال الثلاث كان خيرا له، المقاسمة، أو ثلث ما يبقى، أو سدس جميع المال. وكان لا يفضل أما على جد، وكان يسوى بين الأخت الواحدة والجد مع الابنة أو البنات، فيصير الفاضل بعد نصيب البنت أو البنات بين الأخت والجد نصفين. فإذا زادت الأخوات على واحدة، جعل ما بقى بعد نصيب الابنة أو البنات، بينهن وبين الجد للذكر مثل حظ الأنثيين، إلا أن يكون

21 - قول زيد بن [1/ 234/ب] ثابت ومن قال بمثل قوله في الجد

السدس خيرا له من المقاسمة، فإذا كان السدس خيرا له من المقاسمة أعطاه السدس. 21 - قول زيد بن [1/ 234/ب] ثابت ومن قال بمثل قوله في الجد المعروف عند أهل المدينة من قول زيد بن ثابت، ومن معنى قوله: إن ميراث الجد [[أبي]] الأب إنه لا يرث مع الأب شيئاً وهو مع الولد، ومع ابن الابن يفرض له السدس، وفيما سوى ذلك ما لم يترك المتوفى أخا، أو أختا من أبيه يخلف الجد ويبدأ [[بأحد]] إن شركه من أهل الفرائض، فيعطى فريضته، وإن فضل من المال السدس أو أكثر منه كان للجد، وإن لم يفضل السدس أو أكثر منه فرض للجد السدس فريضة. قال: وميراث الجد أبي الأب مع الأخوة من الأب والأم أنهم يخلفون ويبدأ [[بأحد]] إن شركهم من أهل الفرائض ويعطون فرائضهم، فما بقى للجد والأخوة من شيء، فإنه ينظر في ذلك ويحسب أيتا أفضل لحظ الجد، الثلث مما يحصل له وللأخوة، أم يكون أخا ويقاسم الأخوة فيما يحصل لهم وله للذكر مثل حظ الأنثيين، أم السدس من رأس المال كله فارغا، فأي ذلك أفضل بحظ الجد أعطيه الجد، وكان ما بقي بعد ذلك بين الأخوة للأب والأم للذكر مثل حظ الأنثيين، إلا في فريضة واحدة يكون قسمتهم فيها على غير ذلك. وهي امرأة توفيت وتركت زوجها، وأمها جدها، وأختها لأبيها، قال: فيفرض للزوج النصف، وللأم الثلث، وللجد السدس، ولأختها النصف قال: ثم يجمع سدس الجد ونصف الأخت، ويقسم كله أثلاثا، للجد منه الثلثان وللأخت الثلث.

22 - باب حجع القائلين بقول أبي بكر الصديق

قال: وميراث الأخوة من الأب مع الجد إذا لم يكن معهم أخ لأب وأم، كميراث الأخوة من الأب والأم سواء ذكرهم كذكرهم وأنثاهم كأنثاهم. فإذا اجتمع الأخوة من الأم والأب، والإخوة من الأب مع الجد إذا لم يكن معهم أخ لأب وأم كميراث، فإن بني الأم والأب يعادّون الجد ببني أمهم، فيمنعونه كثرة الميراث، فما حصل للأخوة بعد حظ الجد من شيء، فإنه يكون لبني الأب والأم خاصة، دون بني الاب، ولا يكون لبني الأب فيه شيء، إلا أن يكون بنو الأب والأم إنما هي واحدة، إن كانت امرأة واحدة فإنها تعاد الجد ببني أبيها ما كانوا، فما حصل لها ولهم من شيء، كان لها دونهم ما بينها وبين أن يستكمل نصف المال كله، فإن كان فيها يحاز لها ولهم فضل عن نصف المال كله، فإن ذلك الفضل يكون بين بني الأب للذكر مثل [1/ 235/ألف] حظ الأنثيين، فإن لم يفضل شيء فلا شيء لهم، وممن قال في الجد بقول زيد بن ثابت، مالك، والثوري، والشافعي، وأحمد، وبعض أصحاب الرأي. 22 - باب حجع القائلين بقول أبي بكر الصديق قال الله عز وجل: {مِلَّةَ أَبِيكُمْ} الآية، فسمى الجد أبا. وقال: {وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ} الآية.

وذكر عن يعقوب أنه قال لبنية: {مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا} الآية. قال جل ذكره: {يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ} الآية و {يَا بَنِي آدَمَ} الآية، فمن كان من أبناء آدم فآدم أبوه، ومن كان أبناء لإسرائيل فإسرائيل أبوه. (ح 995) واحتجوا بقول النبي- صلى الله عليه وسلم -: يا بني إسماعيل ارموا فإن أباكم كان رامياً. (ح 996) وبقوله - صلى الله عليه وسلم -: سام أبو العرب، وهام أبو الحبش، ويافث أبو الروم. قالوا ووجدناه والدا وأبا عند العرب، ووجدنا أصحاب النبي- صلى الله عليه وسلم -، وسائر أهل العلم قد اتفقوا على أن حكم الجد حكم الأب في غير موضع، من ذلك: م 2308 - إجماعهم على أن الأخوة من الأم لا يرثون مع ولد، ولا والد. م 2309 - وأجمعوا على أن الجد يحجبهم عن الميراث عن يحجبهم الأب، والقياس أن يحجب الأخوة من الأب والأم إذا كان أبا، كما حجب

23 - باب توريث العصبات

الأخوة من الأم، وحجة أخرى. م 2310 - وأجمعوا على أن من ترك ابنا، وأبا، أن للأب السدس، وما بقي فللابن، وكذلك جعلوا حكم الجد مع الابن كحكم الأب. م 2311 - وأجمعوا على أن الجد يضرب له من أصحاب الفرائض بالسدس، كما يضرب للأب وإن عالت الفريضة، وللأب مع ابن الأب (¬1) السدس، وكذلك للجد معه مثل ما للأب. وقال الله عز وجل: {وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ} الآية، ومن المحال أن يكون لي ولد، ولا أكون له والدا، وباقي الحجج بينتها في كتاب الأوسط. 23 - باب توريث العصبات (ح 997) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: والذي نفسي بيده، إن على الأرض مؤمن إلا أنا أولى الناس به، من ترك دينا، أو ضياعا فإلي، ومن ترك مالاً فهو للعصبة من كان. (ح 998) وثبت أنه قال: الحقوا الفرائض [1/ 235/ب] بأهلها، فهو لأولى رجل ذكر. ¬

_ (¬1) في الأصل "مع الابن" والتصحيح من حاشية المخطوطة.

24 - باب منازل العصبات على قول زيد بن ثابت

24 - باب منازل العصبات على قول زيد بن ثابت قال أبو بكر: معروف عند أهل المدينة من قول زيد بن ثابت، ومن معاني قوله: م 2312 - أن الأخ للأب والأم أولى بالميراث من الأخ للأب، والأخ بالأب أولى بالميراث من ابن الأخ للأب والأم، وابن الأخ للأب والأم، أولى بالميراث من ابن الأخ للأب، وابن الأخ للأب أولى من ابن أخي الأب للأب والأم. والعم أخو الأب للأب والأم أولى من العم أخي الأب للأب، والعم أخو الأب للأب أولى من ابن العم أخي الأب للأب والأم، وابن العم للأب أولى من عم الأب أخي الأب للأب والأم. قال: وكل شيء سئلت عنه من ميراث العصبة فأجب على نحو هذا مما سئلت عنه من ذلك، والنسب للمتوفى، وانسب من ينازع في الولاية إليه من عصبة، فان وجدت أحدا منهم يلقي المتوفى إلى أب، لا يلقاه من سواه منهم إلا إلى أب فوق ذلك، فاجعل الميراث للذي يلقاه إلى الأب الأدنى دون الأخرين، وإذا وجدتهم كلهم يلقونه إلى أب واحد يجمعهم جميعاً، فانظر أقعدهم من النسب. وإن كان ابن أب فقط، فاجعل الميراث له دون الأطرف، وإن كان الأطرف ابن أب وأم، ان وجدتم مستويين يتناسبون في عدد الآباء إلى عدد واحد، حتى يلقوا النسب للمتوفى، وكانوا كلهم بنو أب، أو بني أب وأم، فاجعل الميراث بينهم بالسواء.

وإن كان والد بعضهم أخا والد ذلك المتوفى لأمه وأبيه، وكان والد من سواه إنما هم أخوة والد ذلك المتوفى لأبيه فقط، فإن الميراث لبني الأب والأم دون بني الأب. قال: والجد أبي الأب أولى من ابن الأخ للأب والأم، وأولى من العم أخي الأب للأب والأم. قال: ولا يرث ابن الأخ للأم برحمه تلك شيئا، ولا الجد يعني أبا الأم برحمه تلك شيئا، ولا العم أخو الأب للأم يرث برحمة تلك شيئا، ولا الأخ يرث برحمه تلك شيئا. ولا ترث الجدة أم الأب ولا ابنة الأخ للأب [1/ 236/ألف] والأم، ولا العمة أخت الأب للأب والأم، ولا الخالة، ولا من هو أبعد نسبا من المتوفى ممن سمى في هذا الباب، لا يرث أحد منهم برحمة تلك شيئاً. قال أبو بكر: (ح 999) وقد ثبت أن النبي- صلى الله عليه وسلم - جعل المال للعصبة. م 2313 - وأجمع أهل العلم على القول به، وهذا إذا لم يدع الميت أحدا ممن له فريضة معلومة. فإن ترك الميت من له فريضتة أعطى فريضته، فإن فضل من المال فضل، كان ذلك بعد الفرض للعصبة من كان عصبته، وإن كثروا إذا كانوا في القعود إلى الميت سواء، فإن كان بعضهم أقرب من بعض، كان الأقرب أولي، وذلك: (ح 1000) لقول النبي- صلى الله عليه وسلم - عليه وسلم: الحقوا الفرائض بأهلها، وما بقي فلأولى رجل ذكر.

25 - باب ميراث الأخوات مع البنات

قال أبو بكر: وقد استغنيت بما ذكرته من قول زيد بن ثابت ومعانيه في تفسير العصبات، ومنازلهم عن إعادته، إذ في ذلك مقنع لمن نظر فيه وفهمه، وأهل العلم مجمعون على القول بجملته، ومختلفون في بعض فروعه. م 2314 - فمما اختلفوا فيه: إذا خلف الميت ابني عم، أحدهما أخ لأم. فقالت طائفة: الأخ للأم أولى بالميراث، روى ذلك عن عمر بن الخطاب، وعبد الله بن مسعود، وبه قال الحسن البصري، وأبو ثور. وقالت طائفة: يعطى الأخ من الأم سهمه، ويقسم الباقي بينهما، روى هذا القول عن علي بن أبي طالب، وزيد بن ثابت، وبه قال الثوري، وأحمد، وإسحاق. وقد احتج بعض من يقول بقول ابن مسعود، بأنهم قد أجمعوا في رجل مات وترك أخوين أحدهما لأب وأم، والآخر لأب، أن المال للأخ للأب والأم؛ لأنه أقرب بأم ولم يجعلوا للأخ من الأب والأم من السدس، لأنه أخ لأم، ثم يقسمون المال بينهما لأنهما أخوان لأب، فكذلك ابنا العم إذا كان أحدهما أخ لأم، فالمال له قياسا على ما أجمعوا عليه من الأخوين. 25 - باب ميراث الأخوات مع البنات م 2315 - واختلفوا في ميراث الأخوات مع البنات، فقال أكثر أهل العلم في ابنه، وأخت لأب وأم، أو لأب، أن للابنة النصف، وللأخت النصف، روى هذا القول عن عمر بن الخطاب، ومعاذ بن

26 - باب ميراث الملاعنة

جبل، وبه قال مالك وأهل المدينة، والثوري وأهل العراق [1/ 236/ب] وأحمد، وإسحاق. (ح 1001) واحتج بعضهم بخبر ابن مسعود عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أنه قضى في رجل ترك ابنة، وابنة ابنه، وأخته، فجعل للابنة النصف، ولابنة الابن السدس، وما بقى فللأخت. وبه نقول. وخالف ابن عباس ذلك فقال في رجل مات وترك بنته، وأخته لأبيه وأمه: لابنته النصف، وليس لأخته شيء، وما بقي هو للعصبة. وقد كان ابن الزبير يقول بقول ابن عباس، ثم رجع عنه لما بلغه ما قضى به معاذ: أن للابنة النصف، وللأخت النصف، وقال الأسود بن يزيد: أنت رسولي إلى عبد الله بن عقبة بأن يقضي بذلك. 26 - باب ميراث الملاعنة (ح 1002) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - فرق بين المتلاعنين، وألحق الولد بالمرأة. قال أبو بكر: لما ألحق النبي- صلى الله عليه وسلم - وابن اللاعنة بأمه، ونفاه عن أبيه، ثبت (¬1) أن لا عصبة له، ولا وارث من قبل أبيه. م 2316 - وأجمع أهل العلم على أن ابن الملاعنة إذا توفي وخلف أمه، وزوجته، وولدا ذكورا وإناثا، أن ماله مقسوم بينهم على قدر مواريثهم. ¬

_ (¬1) في الأصل "وثبت".

م 2317 - فإن ترك ورثة يستحقون بعض المال ولا يستوعبون جميع المال ففي ذلك اختلاف. فقالت طائفة: يكون ما فضل عن أصحاب الفرائض لعصبة أمه، روى هذا القول عن علي بن أبي طالب، وابن مسعود، وابن عمر، وابن عباس، وعطاء، والحسن، والنخعي، وقال الشعى: يرثه أقرب الناس إلى أمه، وقال الحكم، وحماد: يرثه من يرث أمه. وقال الثوري: إذا ترك ابنته، وخالته، ليس للخالة شيء ما بقى عن البنت فللعصبة من أمه، وقال أحمد: ترثه أمه وعصبة أمه. وقالت طائفة: يقسم ماله بين أصحاب الفرائض، فإن فضل من ذلك فضل كان لأمه، روى عن ابن مسعود أنه قال: الأم عصبة من لا عصبة له، وعن ابن عمر أنه قال: عصبته يرثها وترثه، وروينا عن مكحول أنه قال: ابن الملاعنة ترثه أمه ميراثه كله، وعن الشعبي أنه قال: يرث ابن الملاعنة أمه، فإذا مات (¬1)، ورثه من كان يرث أمه. وقالت طائفة: إن كانت أمه مولاة كان ما بقي لمواليها، وإن كانت عربية كان ما بقي لبيت المال، هذا قول الزهري، ومالك، والشافعي، وأبي ثور. وقد روى عن زيد بن ثابت أنه قال: لأمه الثلث، ولأخته السدس، وما بقى فلبيت المال، وقال أصحاب الرأي: يعطى أصحاب الفرائض فرائضهم، ورد ما فضل عليهم على قدر سهامهم إذا كانوا من ذوي الأرحام، قالوا: فإن لم يترك ابن الملاعنة وارثا ذا سهم، وترك قرابات من قبل أبيه، ليسوا بأصحاب فرائض [1/ 237/ألف] فإنهم يورثون، ¬

_ (¬1) في الأصل "ماتت".

27 - باب ميراث ولد الزنا

كما يورث ذوو الأرحام في غير باب ابن الملاعنة، ولا يكون عصبة أمه عصبة له؛ لأن العصبات إنما يكون من قبل الأب، لا من قبل الأم. 27 - باب ميراث ولد الزنا م 2318 - أكثر أهل العلم يرون أن حكم ولد الزنا حكم ولد الملاعنة، إذ لا [[أرث]] له، ولا لابن الملاعنة، هذا قول عطاء، والثوري، والزهري، وبعض المدنيين. 28 - باب ميراث المسلم من الكافر والكافر من المسلم قال الله جل ذكره: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} الآية، فكان الذي يجب على ظاهر هذه الآية أن يكون الميراث لجميع الأولاد المؤمن منهم والكافر، فلما: (ح 1003) ثبت عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أنه قال: لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم. علم أن الله أراد بعض الأولاد دون بعض، فلا يرث المسلم الكافر، ولا الكافر المسلم على ظاهر الحديث. م 2319 - وممن روى عنه أنه قال ذلك عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وجابر بن عبد الله، وبه قال مالك، والثوري، والشافعي ومن تبعهم.

29 - باب ميراث المرتد

وقد رويت أخبار عن معاوية بن أبي سفيان، ومعاذ بن جبل، والنخعي، بأن المسلم يرث الكافر، وكان إسحاق بن راهوية يميل إلى حديث معاذ. قال أبو بكر: القول اللازم القول الأول، لثبوته عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -. 29 - باب ميراث المرتد م 2320 - واختلفوا في ميراث المرتد. فقالت طائفة: ميراثه لورثته من المسلمين، روى هذا القول عن علي بن أبي طالب، وعبد الله، وبه قال ابن المسيب، والحسن البصري، والشعبي، وعمر بن عبد العزيز، والحكم، والأوزاعي، وإسحاق. وقالت طائفة: لا يرث المرتد ورثته من المسلمين، ولا يرثهم لأنه كافر. (ح 1004) وقد ثبت أن النبي- صلى الله عليه وسلم - قال: لا يرث المسلم الكافر. هذا قول ربيعة بن أبي عبد الرحمن، ومالك، وابن أبي ليلى، والشافعي، وأبي ثور. وفيه قول ثالث: وهو أن ميراثه لورثته من المسلمين، وما أصاب في ارتداده فهو فيء للمسلمين هكذا قال الثوري، وقال أحمد: ميراثه للمسلمين؛ لأن دمه كان مباحا، وضعف حديث علي. قال أبو بكر: قول مالك، والشافعي، صحيح لقول النبي- صلى الله عليه وسلم -: لا يرث السلم الكافر.

30 - باب ميراث القاتل

30 - باب ميراث القاتل م 2321 - أجمع أهل العم على القاتل عمداً لا يرث من المال من قتله، ولا من ديته شيئا. م 2322 - وأجمع أهل العلم على أن القاتل خطأ لا يرث من دية من قتله شيئاً. م 2323 - واختلفوا في ميراث القاتل من مال من قتله خطأ سوى ديته. قالت طائفة: يرث من ماله، ولا يرث من ديته شيئا كذلك قال ابن المسيب، وعطاء، ومجاهد، والزهري، والأوزاعي، وسعيد بن عبد العزيز، ومالك بن أنس، وإسحاق، وأبو ثور. واحتج بأن ميراث من ورثه الله في كتابه ثابت، لا يستثنى منه إلا بسنة، أو إجماع، فمن أجمعوا على أنه لا يرث مستثنى بالأجماع، وكل مختلف فيه فمردود إلى ظاهر الآيات اللواتي فيها المواريث. وقالت طائفة: لا يرث القائل عمدا، ولا خطأ شيئا، روى هذا القول عن عمر بن الخطاب، وعمر بن عبد العزيز، والنخعي، وروى عن ابن عباس، والحسن البصري، وطاؤس أن القاتل لا يرث شيئا هذا قول الثورى، والشافعي، وأحمد، وأصحاب الرأي. قال أبو بكر: قول ابن المسيب صحيح. 31 - باب ميراث المملوك قال أبو بكر: م 2324 - قال أكثر أهل العلم أن المماليك لا يحجبون، ولا يرثون، روى ذلك

32 - باب الرجل يسلم على ميراث قبل أن يقسم، أو العبد يعتق قيل الميراث

من علي بن أبي طالب، وزيد بن ثابت، وبه قال مالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وقالوا: لا يحجب من لا يرث. وقد روى عن ابن مسعود أنه قال في رجل مات وترك أباه مملوكا، قال: يشتري من ماله، فيعتق، ثم يورث، قال: وكان الحسن البصري يقوله. قال أبو بكر: القول الأول أصحح؛ لأن الميراث قد صار لأهله بالموت. 32 - باب الرجل يسلم على ميراث قبل أن يقسم، أو العبد يعتق قيل الميراث م 2325 - اختلف أهل العلم في الرجل يسلم علي ميراث قبل أن يقسم. قالت طائفة: صار الميراث لأهله روى هذا القول عن علي بن أبي طالب، وابن المسيب، والنخعي، وبه قال الحكم، وحماد، والشافعي، وأبو ثور. م 2326 - وقال الزهري في العبد يعتق على الميراث: ليس له شيء. وقالت طائفة: من أسلم على ميراث قبل أن يقسم، فله نصيبه، يروى هذا القول عن عمر بن الخطاب، وعثمان، ولايصح ذلك عنهما، وبه قال الحسن، وعكرمة. وقال الحسن البصري، وجابر بن زيد في العهد يعتق قبل أن يقسم الميراث كذلك. قال أبو بكر: ويالقول الأول أقول.

33 - باب مواريث أهل الذمة

(ح 1005) لقول رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: لا يرث المسلم [1/ 238/ألف] الكافر. فإذا انتقل ملك المسلم عن ماله إلى من هو على دينه، ثبت ملكه، ولا يجوز إزالة ما ملكه له إلا بحجة. 33 - باب مواريث أهل الذمة م 2327 - اختلف أهل العلم في النصراني يترك ورثته يهودا، وفي اليهودي يدع ورثة نصارى، أو مجوسا. فقالت طائفة: الإسلام ملة، والشرك ملة، يرث أهل الإسلام بعضهم بعضا، وكذلك أهل الشرك يرث بعضهم بعضا، هذا قول الحكم، وحماد، وابن شبرمة، والثوري، ومالك، والشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي. وقالت طائفة: اليهودية ملة، والنصرانية ملة، والمجوسية ملة، لا يرث بعضهم بعضا، ولكن يرث النصراني النصراني، ولا يرث اليهودي النصراني، هذا قول الزهري، وربيعة، وابن أبي ليلى، والحسن بن صالح، وأحمد، وإسحاق. قال أبو بكر: والقول الأول أصح؛ لأن مواريث الآباء من الأبناء، والأبناء من الآباء مذكور في الكتاب ذكرا عاما، إلا ما استثناه رسول الله- صلى الله عليه وسلم -، من منع المسلم ميراثه من الكافر، ومنع الكافر ميراثه من المسلم، وكل مختلف فيه بعد ذلك، فمردود إلى ظاهر الكتاب.

34 - باب ميراث المجوس

34 - باب ميراث المجوس م 2328 - واختلفوا في ميراث المجوس. فقالت طائفة: يورث من مكانين، روي ذلك عن علي، وابن مسعود، وبه قال قتادة، والثوري، وأحمد، وإسحاق. وقال الزهري، ومالك، والشافعي: ولا يرث المجوس إلا من وجه واحد. وقد احتج بعض من يميل إلى القول الأول، بأن الرجل إذا تزوج ابنته، وهو لا يعلم، فولدت له، ثم علم، فاعتزلها، فالحد عنه ساقط، والولد لا حق به. أو كان مجوسيا ففعل ذلك، ثم أسلما، فابنته هي أم الولد، وهي أخته لأبيه، بان مات الولد وتركها، فقد ترك أمه وهي أخته لأبيه، وقد فرض الله للأم الثلث، وللأخت النصف، فلها الثلث من قبل أنها أم، والنصف من قبل أنها أخت، فتكون لها خمسة أسداس المال، وما بقي فللعصبة، وهذه ما كانت أختا قط، ألا وهي أم، ولا تكون أم في المستقبل أبداً إلا كذلك. 35 - باب الطفل يسلم أحد أبويه م 2329 - أجمع أهل العلم على أن حكم الطفل حكم أبويه، إن كانا [1/ 238/ب] مسلمين فحكمه حكم أهل الإسلام، وإن كانا مشركين

36 - باب ميراث الأسير

فحكمه حكم أهل الشرك، يرثهم ويرثونه، ويحكم في ديته إن قتل، حكم دية أبويه. م 2330 - واختلفوا في حكم الولد الطفل الذي أسلم أحد أبويه، فقال أكثر أهل العلم: حكمه حكم المسلم منهما، هذا قول الحسن، والنخعي، والحكم، وحماد، والثوري، والشافعي، وأحمد. وقال مالك: إن أسلم أبو الطفل صار الولد مسلما بإسلامه، وانتقل عن حكمه الذي كان عليه، وإن أسلمت أمه لم ينتقل عما كان عليه، هذا قول مالك. وفيه قول ثالث: وهو أن حكم الولد حكم الأم، وإن أسلمت صار مسلما، وإن أسلم الأب لم يكن مسلما بإسلامه، كما يكون في الحرية، والرق دون الأب. 36 - باب ميراث الأسير م 2331 - اختلف أهل العلم في ميراث الأسير. فقالت طائفة: ميراثه ثابت، روى هذا القول عن شريح، والشعبي، وعمر بن عبد العزيز، والنخعي، وبه قال الزهري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأكثر أهل العلم. وبه نقول؛ لأنه داخل في جملة المسلمين الذين أحمد المسلمين جارية عليهم. وقد روى عن ابن المسيب أنه قال في الأسير في يدي العدو: لا يرث.

37 - باب ميراث الجنين إذا خرج حيا

37 - باب ميراث الجنين إذا خرج حيا م 2332 - أجمع أهل العلم على أن الرجل مات، وترك امرأته حبلى، أن الولد الذي في بطنها، يرث ويورث، إذا خرج حيا واستهل، وقالوا جميعاً: إذا خرج ميتا لم يرث. م - واختلفوا فيه إن خرج فتحرك، ولم يستهل. قالت طائفة: لا ميراث له، وإن تحرك، أو عطس، ولم يستهل، هذا قول مالك. وقد كان عمر بن الخطاب يفرض للصبي إذا استهل، وقال الحسن بن علي: إذا استهل وجب عطاءه ورزقه، وقال جابر بن عبد الله: يرث إذا سمع صوته، وعن ابن عباس أنه قال: إذا استهل الصبي ورث وورث، وقال ابن عمر: إذا صاح صلى عليه، وممن قال أن لا يورث حتى يستهل، القاسم بن محمد، وابن سيرين، والشعبي، والزهري، وقتادة. وقالت طائفة: إذا عرفت حياة المولود، بتحريك، أو صياح، أو رضاع، أو نفس، فأحكامه أحكام الحي، هذا قول الشافعي. وقال الثوري، والأوزاعي في مولود ولد حيا ولم يستهل قالا: إذا ولد حيا صلى عليه، وورثه وإن لم يستهل. وقال قائل منهم الذي قاله الشافعي: يحتمل النظر غير أن الخبر يمنع منه.

38 - باب دية الجنين

(ح 1006) وهذا قول [1/ 239/ألف] رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: ما من مولود يولد إلا نخسه الشيطان، فيستهل صارخا من نخسة الشيطان إلا ابن مريم، وأمه. هذا خبر، ولا يقع على الخبر النسخ. قال أبو بكر: م 2334 - وإن توفي رجل وسأل ورثثه قسم ماله بينهم، وللميت حمل، فإن جماعة قالوا: لا يقسم ميراثه حتى تضع حملها، لأنه لا [[يدري]] ما في بطنها. وقد حكى عن شريك أنه قال: يوقف لأربع ذكور، فإني رأيت بني أبي إسماعيل ولدوا أربعة في بطن، رأيت ثلاث منهم، محمداً، وعمر، وأظن الثالث علي، وقال حفص بن غياث: أنا رأيت اثنين منهم، قال شريك: ثلاثة منهم قد بلغوا التمييز، قال يحيى: والرابع إسماعيل. 38 - باب دية الجنين (ح 1007) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قضى في الجنين بغرة عبد، أو أمة. (ح 1008) وقضى رسول الله- صلى الله عليه وسلم - في بعقل المرأة المقتولة على عاقلة القاتلة، وفي

39 - باب ميراث الدية

جنينها غرة عبد أو أمة. وفي ذلك دليل على أن دية الجنين غير دية الأم، وأن الجناية على الجنين غير الجناية على عضو من أعضائها، وإذا كان هكذا وجب أن تكون دية الجنين لورثته لا للأم خاصة. م 2335 - وكان الزهري يقول: دية الإملاص بين الورثة، وبه قال الشافعي. وفيما روي عن التابعين الذين جعلوا في الجنين مع الغرة كفارة، دليل على أنهم جعلوه نفسا، غير الأم، هذا قول عطاء، والحسن، والنخعي، والثوري، والشافعي، وأحمد. وقال النعمان: في الجنين يقع ميتاً: لا كفارة فيه. م 2336 - وقيمة الغرة عند الشافعي خمس من الإبل، وفي قول أهل الكوفة: خمس مائة درهم. وفي قول أهل الدينة: ستمائة درهم، وقصدهم في ذلك نصف عشر دية الأب، وهو عشر دية الأم. 39 - باب ميراث الدية (ح 1009) روينا عن عمر بن الخطاب أنه قال: ما أرى الدية إلا للعصبة،

وقال الضحاك بن سفيان، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يستعمله على الأعراب: كتب إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: أن أورث امرأة أشيم الضبابي من دية زوجها، فأخذ بذلك عمر بن الخطاب. م 2337 - وقد روينا عن علي أنه قال: تقسم الدية على ما يقسم عليه الميراث، وهذا قول طاووس، والشعبي، وعمر بن عبد العزيز، والنخعي، والزهري، والشافعي، وجماعة [1/ 239/ب] من أهل العلم يقولون: إن الدية مقسومة على فرائض الله. وبه نقول. م 2338 - وقد روى عن علي، والحسن البصري، وأبي سلمة بن عبد الرحمن أنهم كانوا لا يورثون الأخوة من الأم من الدية شيئا. وأكثر أهل العلم من علماء الأمصار يقولون: إن الدية من تركه الميت، يقضي منه ديونه، وتنفذ وصاياه، ثم يقسم ما فضل على الديون والوصايا، بين جمع الورثة على كتاب الله عز وجل، غير أبي ثور فإنه زعم أن الدية ليس من تركة الميت، لأنها وجبت لورثته بعد موته؛ لأن الميت لم يملكه قط في حياته، ألا ترى أن القصاص لا يحجب له في حياته، وإنما يجب لورثته بعد وفاته، فكذلك الدية، إنما يملكونها بعد وفاته، وإنما يجب قضاء الدين من شيء ملكه الميت، ولم يملك الدية قط.

40 - باب ميراث الحميل

40 - باب ميراث الحميل م 2339 - واختلفوا في ميراث الحميل، فروى عن عمر بن الخطاب أنه كتب لا تورثوا حميلا إلا ببينة، وروى عن عمر بن عبد العزيز، وبه قال مالك، وقد اختلف فيه عنه، وهو قول عبد الله بن الحسن. وقال الشافعي: "إذا جاءونا مسلمين لا ولاء لأحد عليهم، قبلنا دعواهم، وإن كانوا مستبين عليهم رق، أو أعتقوا، قبلت عليهم ولاء، لم نقبل دعواهم إلا ببنية" وقال الحكم، وحماد: يرث الحميل. قال أبو بكر: بعث الله نبيه - صلى الله عليه وسلم -، ولأهل الشرك نكاح بينهم وملك يمين، فأثبت النبى - صلى الله عليه وسلم - أنسابهم، وتوارثوا على عهده، وبعد وفاته بالولاء الذي كان في الشرك، لا أعلمهم اختلفوا فيه. (ح 1010) وقد قال رجل للنبي - صلى الله عليه وسلم -: من أبي يا رسول الله- صلى الله عليه وسلم -؟ قال: أبوك حذافة. (ح 1011) وثبت عنه أنه قال: الولد للفراش وللعاهر الحجر. وقد تكلم في حديث عمر، فدفع حديث عمر يحيى بن معين؛ لأن الذي رواه علي بن زيد، قال يحيى: ليس بشيء.

م 2340 - واختلفوا في تفسير الحميل فقال يحيى بن آدم: الحميل ما ولد في الشرك فتعارفوا في الإسلام، فأقر بعضهم بقرابة بعض، فلا يجوز إقرارهم إلا ببينة. وقال غيره: الحميل الذي يجهل نسبه على غيره، مثل الذي يقول: هذا ابن أبي، أو أخي، أو عمي، أو ابن عمي، وكل نسب فكذلك، إلا الولد فإنهم لا يختلفون فيمن قال: هذا الطفل ابني، وليس الطفل نسب معروف ينسب إليه، إن نسبه يثبت بإقراره [1/ 240/ألف] وكذلك لو أن بالغاً من الرجال قال: هذا ابني، وأقر له البالغ، ولا نسب للمقر به معروف، أنه ابنه، إذا جاز أن يولد لمثله مثله. ْم 2341 - وكان الثوري يقول: إذا ادعت المرأة إن هذا ولدها، لم يقبل إلا ببينة، ليس هي بمنزلة الأب، وكذلك قال يحيى بن آدم، وأبو ثور، ولا نعلم أحدا خالف ذلك إلا إسحاق فإنه كان يرى أن إقرار المرأة جائز كإقرار الرجل، ويقول: هي أثبت، إقرار، وأولى بأن يقبل قولها من الرجل، لأن المرأة تزني فتأتي بولد، ونثبت نسبه منها وإن كان من زنا، والرجل إذا زنى لم يثبت نسب الولد منه، ولا يجوز إقراره بولد زنا. وحكى عن أصحاب الرأي أنهم قالوا: لا يجوز إقرار الرجل إلا بأربعة بالولد، والأب، والمرأة، والمولى، ولا يجوز إقرار المرأة إلا بثلاثة بالولد، إذا صدقها، وبالزوج، والمولى، ولا يجوز إقرارها بالولد إذا كان للمقر وارث (¬1) معروف، قالوا: فماذا لم يكن له وارث معروف، فأنا بخبر إقراره لمن أقربه سوى هؤلاء، ويدفع ماله إلى من أقربه. ¬

_ (¬1) في الأصل "وراث".

41 - باب إقرار بعض الورثة بوارث لا يعرف

قالوا لأنا نجعل إقراره له بمنزلة الوصية منه له من غير أن يثبت نسبه، فإذا أقرت المرأة بابن لها، وليس لها وارث معروف يعرف، دفع مالها إلى الذي أقرت به، فإن كان لها زوج، لم يحجب الزوج عن النصف بإقرارها، ويعطى الزوج النصف، ويدفع الباقي إلى ابنها، لأن لها أن تضع ما لها حيث أحبت. 41 - باب إقرار بعض الورثة بوارث لا يعرف م 2342 - واختلفوا في الرجل يموت ويترك ورثة معروفين، فيقر بعضهم بوارث لا يعرف، فكان مالك، والثوري، وابن أبي ليلى، والحسن بن صالح، وشريك يقولون: تقام الفريضة، وليس المقر به فيهم، وتقام والمقربه فيهم، ثم تضرب إحدى الفريضتين في الأخرى، فما بلغ قسم بينهم، فينظر كم نصيب المقر إذا كان للمقر به قسم، وكم نصيبه إذا لم يكن فيهم، فيخرج من يده فضل ما بينهما، فيدفع إلى المقر به، فإن لم يكن في يده فضل، لم يدفع إلى المقر به شيئاً، لأنه إنما أقر له بشيء في يدي غيره، فلا يقبل إقراره على غيره، وبه قال يحيى بن آدم، وأحمد، وإسحاق، وأبو عبيد، وأبو ثور. وكان النعمان يقول: إذا كانا ابنين لرجل فتوفى [1/ 240/ب]، فأقر أحدهما بأخ من أبيه، يعطى المقر نصف ما في يديه، وكان ابن أبي ليلى يقول: يعطيه الثلث بما في يديه، لأن أخاه الآخر قد ظلمه، فلا يدخل مظلمة ذلك على المقر، ولا يثبت نسبه في قول واحد منهما. وفيه قول ثالث: وهو إذا لم يثبت النسب لم يأخذ شيئاً، هذا قول الشافعي.

42 - باب ميراث الخنثى

42 - باب ميراث الخنثى قال أبو بكر: م 2343 - أجمع كل من يحفظ من أهل العلم أن الخنثى يورث من حيث يبول، إن بال من حيث يبول الرجل ورث ميراث رجل، وإن بال من حيث تبول المرأة ورث ميراث امرأة. وممن روى عنه أنه قال: إن الخنثى يرث من حيث يبول علي بن أبي طالب، ومعاوية بن أبي سفيان، وسعيد بن المسيب، وجابر بن زيد، وهو قول أهل الكوفة، وسائر أهل العلم، ولا أحفظ عن مالك فيه شيئاً: بل قد ذكر ابن القاسم أنه هاب أن يسأل مالكا عنها. م 2344 - واختلفوا فيه إذا بال من حيث يبول الرجل، ومن حيث تبول المرأة. فقالت طائفة: يورث من حيث يسبق البول، كذلك قال سعيد بن المسيب، وأحمد بن حنبل، وإسحاق، وحكى ذلك عن أصحاب الرأي. وقالت طائفة: من أيهما خرج أكثر ورث به، حكى هذا القول عن الأوزاعي، ويعقوب، وابن الحسن، وقال النعمان: إذا خرج منهما معا فهو مشكل، ولا أنظر إلى أيهما أكثر، وحكى عنه أنه وقف عنه إذا كان هكذا، وحكى عنه أنه إذا أشكل، أنه يعطيه أقل النصيبين. قال أبو بكر بن عياش، ويحيى بن آدم: إذا بال من حيث يبول الرجل، وتحيض كما تحيض المرأة، ورث من حيث يبول؛ لأن في الأثر يورث من مباله، وفي قول الشافعي: إذا خرج منهما جميعاً، لم يسبق أحدهما الآخر، يكون مشكلا، ويعطى من الميراث ميراث

43 - باب ميراث الغرقى والقوم يموتون لا يدري من مات قبل

المرأة، ويوقف الباقي بينه وبين سائر الورثة، حتى يتبين أمره، أو يصطلحوا، وبه قال أبو ثور. م 2345 - وقد اختلف أهل العلم في حكمه إذا أشكل. فقالت طائفة: يورث نصف ميراث الذكر، ونصف ميراث الأنثى، روى هذا القول عن الشعبي، وبه قال الأوزاعي، وحكى إسحاق عن يحيى بن آدم أنه قال الذي كنا نقول على قياس قول الشعبي من اثني عشر سهما، للذكر سبعة، وللأنثى خمسة، لأن النصف للذكر لا شك فيه، وللأنثى الثلث لا شك فيه، ويبقى [1/ 241/ألف] سدس، فهو في حال للذكر، وفي حال للأنثى، ولا يدري لأيهما هو، فهو بينهما نصفان. وكان الشافعي يقول: لا يجوز أن ينكح إلا من حيث يبول، وبأن يكون مشكلا فإذا كان مشكلا فله أن ينكح بأيهما شاء، فإذا كان نكح بواحد، لم يكن له أن ينكح بالآخر، ويرث ويورث من حيث يبول. 43 - باب ميراث الغرقى والقوم يموتون لا يدري من مات قبل م 2346 - اختلف أهل العلم في توريث الغرقى، والقوم يموتون لا يدري من مات قبل. فقالت طائفة: يورث بعضهم من بعض، يروى هذا القول عن عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وإياس بن عبد الله، وبه قال شريح، وعطاء بن أبي رباح، والحسن البصري، وعبد الله بن عتبة، وابن أبي ليلى، والحسن بن صالح، وشريك، ويحيى بن آدم، وأحمد، وإسحاق.

وقال النخعي: يورث بعضهم من بعض إذا كان أخوان ولهما أم، أميت أحدهما فورثته أمه الثلث، وما بقى فلأخيه، ثم مات الآخر فورثته أمه الثلث من ماله خاصة، سوى ما ورثه من أخيه الثلث، مما بقى فلأخيه، ثم يماتان جميعاً فترك أمها منهما الثلث وما بقى فللعصبة. وقالت طائفة: يرث كل واحد منهما ورثته الأحياء ولا يورث بعضهم من بعض، روى هذا القول عن زيد بن ثابت، وبه قال عمر بن عبد العزيز، ومالك، والأوزاعي، والشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي، واختلف عن الثوري. قال أبو بكر: وتفسير قول من لا يورث بعضهم من بعض، أخوان غرقا، ولأحدهما ابن، وللآخر ابنة، وللابن جميع ما خلف أبوه، ولابنة الآخر النصف، وما بقى فلابن الأخ، وتفسير قول من ورث بعضهم من بعض كان أخوين ماتا، وأحدهما مولى لبني هلال، والآخر مولى لبني سليم، وخلف الهلالي عشرة دنانير، وخلف السلمي مائة درهم، فأميت الهلالي، فتصير الدنانير التي تركها للسلمي، ثم يميت السلمي فتصير الدراهم التي تركها لأخيه الهلالي، ثم يميتهما جميعاً، فيورث كل واحد منهما ورثته الأحياء فتكون الدنانير التي تركها الهلالي لموالي السلمي، والدراهم التي تركها السلمي لموالي الهلالي. وفي القول الآخر تكون الدنانير التي خلفها الهلالي لمواليه من بني [1/ 234/ب] هلال، والدراهم التي تركها السلمي لمواليه من بني سليم. قال أبو بكر: قول زيد بن ثابت ومن وافقه أصح، وذلك لاحتمال أن يكونا ماتا معا، ومحال أن يكون هذا قد مات قبل ذلك، ومات ذلك قبل هذا، وإذا استحال كون ذلك بطل الحكم به.

44 - باب ميراث المكاتب

44 - باب ميراث المكاتب م 2347 - أجمع كل من يحفظ عنه من أهل العلم على أن السيد إذا كاتب عبده كتابة صحيحة، أنه ممنوع من كسبه، واستخدامه إلا برضاه. م 2348 - وأجمعوا كذلك على أن ممنوع من أخذ ماله، إلا ما يقبضه عن محل نجومه. م 2349 - واختلفوا في الوقت الذي يجب له فيه الحرية، فروى عن ابن مسعود أنه قال: إذا أدى قيمته فهو غريم لا يسترق. وروى عن علي بن أبي طالب، وعمر بن الخطاب، ومروان، وعبد الملك بن مروان أنهم قالوا: إذا أدى النصف فلا رق عليه. وروى عن شريح أنه قال: إذا أدى الثلث فهو غيرهم. وفيه قول رابع: وهو أن المكاتب يعتق منه بقدر ما أدى، أو يرث بقدر ما أدى، ويحجب بقدر ما أدى، روى هذا القول عن علي رواية ثانية عنه. وفيه قول خامس: روى عن علي بن أبي طالب أنه قال: المكاتب تجري فيه العتاقة مع أول نجم بؤديه. وفيه قول سادس: وهو أن المكاتب إذا كان عنده ما يؤدي، وجب أن يحتجب منه. وفيه قول سابع: وهو أن المكاتب مملوك ما بقى عليه درهم، روى ذلك عن عمر بن الخطاب، وزيد بن ثابت، وعائشة، وبه قال ابن عمر، وابن المسيب، وعطاء، وشريح، والنخعي، والزهري، والقاسم،

45 - باب [1/ 242/ألف] في العبد يكون بين الرجلين يعتق أحدهما نصيبه وهو موسر

وسليمان بن يسار، وسالم، وقتادة، وابن شبرمة، ومالك، والثوري، والشافعي. وبه نقول. م 2350 - واختلفوا المكاتب يموت وعنده وفاء لكتابته وفضل. فقالت طائفة: إذا مات المكاتب وترك وفاء، أخذ مواليه ما بقى من كتابته، وما بقى كان لورثته أدى شيئاً لو لم يكن أدى شيئاً، هذا قول الثوري، وروى ذلك عن علي، وعبد الله بن مسعود، ومعاوية، وشريح، والحسن البصري، وعبد الملك بن مروان، والنخعي، وطاؤس. وفيه قول ثان: وهو أن عبد ما بقى عليه شيء، لا يرث ولا يورث، هذا قول الزهري، وقتادة، ومالك، والشافعي، وأبي ثور، وروى ذلك عن علي، وعمر بن عبد العزيز. 45 - باب [1/ 242/ألف] في العبد يكون بين الرجلين يعتق أحدهما نصيبه وهو موسر قال أبو بكر: م 2351 - واختلفوا في العبد بين الرجلين يعتق أحد نصيبه وهو موسر، فإن ابن أبي ليلى، وابن شبرمة، والثوري يقولون: إذا أعتق أحد الشريكين فإن كان موسرا حين أعتقه، عتق العبد كله وصار حراً، وغرم لشريكه قيمة نصيبه في ماله، والولاء كله له. وقال مالك: إذا أعتق أحد الشريكين حصته من العبد، عتقه نصيبه ولم يعتق نصيب الآخر، حتى يقوم عليه حصة الذي لم يعتق، ويؤمر بأدائها

إلى شريكه، فإذا أداها عتق العبد كله، وولاءه له، وإنما يصير حراً إذا أخذ ثمنه القيمة، فأما قبل فلا. وكان النعمان يقول: إذا أعتق أحد الشريكين نصيبه وهو مؤسر، فشريكه الذي لم يعتق بالخيار إن شاء أعتق كما أعتق، ويكون الولاء بينهما، وإن شاء استسعى العبد في نصف قيمته، فإذا أداها عتق، وإن شاء ضمن لشريكه نصف قيمته، ورجع شريكه بما ضمن على العبد، فاستسعاه فيه، إذا أداه عتق، وكان الولاء كله للمعتق، والعبد ما دام يسعى بمترلة العبد في شهادته وحدوده. وخالفه أصحابه فقالوا: بمثل قول الثوري، وسائر أهل العلم، وتركوا قوله منفرداً لا انيس معه. وكان الشافعي إذ هو بالعراق يقول بقول ماك: ثم قال بمصر: فيها قولان: أحدهما كقول مالك، والثاني كقول الثوري، وكان عمرو بن دينار، والزهري يقولان: حصة الذي لم يعتق على شريكه وهو على حاله رقيق قبل التقويم. وفي المسألة سوى هذه الأقاويل ثلاثة أقوال، أحدهما: إن الذي لم يعتق على حصته، وليس على المعتق شيء سوى ما أعتق، إلا أن يكون الذي أعتق جارية نفيسة، يغالي فيها، وإذا كان ذلك فهو بمنزلة الخيانة من المعتق للضرر الذي أدخله على شريكه، هذا قول عثمان البتي. وكان البتي يورث المعتق منه الشقص بقدر ما عتق منه، ويقيم عليه من حد الحر بقدر دلك، ويجعل له من عمله، وخدمته، وكسبه بقدر ذلك، فإن أصيب بجراحة خطأ جعلها على حساب ذلك من عتاقة ورق، وإن أصيب كله بجناية خطأ كان الأمر [1/ 242/ب] فيه كذلك.

46 - باب العبد يملكه الرجل بكماله فيعتق منه شقصا

وروى عن طاؤس أنه قال في رجل أعتق نصف عبد كان له قال: يعتق في عتقه ويرق في رقه، وروى عن ابن سيرين أنه قال في العبد يعتق منه الشقص قال: كان يقضي فيه بثلاث قضايا، ولا يعتق من قضى بواحدة منهن، كان منهم من يعتقه من مال الذي أعتقه، ومنهم من يستسعيه، ومنهم من يعتقه من بيت المال، وبارك الله في ذلك الأمير. 46 - باب العبد يملكه الرجل بكماله فيعتق منه شقصاً م 2352 - واختلفوا في الرجل يكون له العبد فيعتق منه شقصا. فقالت طائفة: عتق كله هذا قول قتادة، والثوري، والشافعي، ويعقوب، ومحمد، ويروى ذلك عن عمر بن الخطاب، والشعبي. وفيه قول ثان: وهو أن يعتق الرجل من عبده ما شاء، هذا قول الحسن البصري ذكر الحسن ذلك عن علي. وفيه قول ثالث: وهو أن يعتق منه ما عتق، ويستسعى في الباقي، وهو عبد ما دام يسعى، فإذا أدى فعتق، كان ولاءه لمولاه، هذا قول النعمان. وفيه قول رابع: قال مالك: قال في رجل أعتق نصف عبد له، وهو صحيح فلم يعتق عليه بقيته حتى مات، أترى نصفه الذي لم يعتق حراً؟ قال: بل أراه رقيقاً.

47 - باب الحكم في الرجلين يكون بينهما العبد أحدهما نصيبه منه وهو معسر

47 - باب الحكم في الرجلين يكون بينهما العبد أحدهما نصيبه منه وهو معسر م 2353 - واختلفوا في الشريكين في العبد يعتق أحدهما وهو معسر. فقالت طائفة: لا يعتق من العبد إلا ما أعتق هذا قول مالك، والشافعي، وأحمد، وأبي عبيد، واحتجوا: (ح 1012) بقول النبي- صلى الله عليه وسلم -: إن كان موسرا ضمن، وإن كان معسرا عتق منه فأعتق. وقالت طائفة: إن كان معسرا سعى العبد في حصة شريكه، حتى يؤدي قيمته، هذا قول الثوري، وابن أبي ليلى، وابن شبرمة. م 2354 - واختلفوا في رجوع العبد بما سعى به على المعتق، فأوجب ابن أبي ليلى، وابن شبرمة للعبد الرجوع بما سعى فيه على المعتق؛ لأنه الجاني المستهلك لحصة شريكه، يعتقه حصته. وكان يعقوب، ومحمد يقولان: إن كان معسرا سعى العبد لشريكه، وكان الولاء للأول، ولم أرهم ردوا [1/ 243/ألف] العبد السيد بما سعى. م 2355 - وقد اختلف في ميراث من نصفه حر ونصفه عبد، فروينا عن علي أنه قال: يرث بقدر ما أدى ويحجب قدر ما أدى، فإذا مات رجل وترك ابنا نصفه عبد ونصفه حر، ولا وارث له غيره، يورث على هذا القول نصف ميراث ابن؛ لأنه لو كان حرا ورث المال، ولو كان مملوكا

لم يرث شيئاً، فله نصف الميراث، فيكون عليه ثلاثة أرباع الحذمة (¬1) وبه قال أبو ثور. وقال عطاء، وعمرو بن دينار، وأحمد: إذا أعتق أحد شطره وأمسك الآخر، فإن ميراثه شطران بينهما، وبه قال الشافعي، وقال: لا يرث من هذه صفته، وقد حكى عن أنه قال: لا يرث، ولا يورث. وقال مالك: يرثه المتمسك بالرق، واحتج بعض من يقول بهذا القول: بأنهم قد أجمعوا على أن أحكامه قبل أن يعتق أحكام العبيد، ولا يزال كذلك حكمه حتى يجمعوا أو تدل حجة انتقال أحكامه. ¬

_ (¬1) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: كذا العبارة في المطبوع، وبها سقط ونص الكلام في الأوسط كما يلي: «. . . . فله نصف الميراث وإن قذف جلد قاذفه نصف الحد، وإن قذف حرا جلد ثلاثة أرباع حد الحر، وكذلك إن زنى جلد ثلاثة أرباع حد الحر خمسة وسبعين سوطا، ثم على هذا الحساب»

49 - كتاب الولاء والمواريث

49 - كتاب الولاء والمواريث قال الله تعالى: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ} الآية. (ح 1013) وثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: الولاء لمن أعتق. (ح 1014) وقال: لعن الله من تولى غير مواليه. (ح 1015) وقال: مولى القوم منهم. (ح 1016) وثبت أنه - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الولاء وهبته. م 2356 - واختلفوا في بيع الولاء وهبته. فقالت طائفة: لا يجوز بيع الولاء ولا هبته، روى هذا القول عن عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وابن عباس، وابن عمر، وكره جابر بن عبد الله بيع الولاء، وممن قال بأن بيع الولاء وهبته لا يجوز، سعيد بن

1 - باب المملوك يعتق سائبة

المسيب، وطاووس، وإياس بن معاوية، والزهري، ومالك، والشافعي، والنعمان، وصاحباه. وفيه قول ثان: روينا أن ميمونة وهبت ولاء مواليها الكل من العباس، وولاءهم اليوم لهم، وان عروة ابتاع، ولاء طهمان لورثة مصعب بن الزبير، وقال ابن جريج: قلت لعطاء: آذنت لمولاي أن يوالي من شاء فيجوز؟ قال: نعم، وعمرو بن دينار. قال أبو بكر: بالسنة الثابتة أقول، وهو قول عوام علماء الأمصار. 1 - باب المملوك يعتق سائبة (ح 1017) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: الولاء لمن أعتق. (ح 1018) وجاء الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: الولاء لحمة كلحمة النسب، لا يباع ولا يوهب. م 2357 - وقال [1/ 243/ب] بجملة هذا الحديث كثير من أهل العلم. م 2358 - واختلفوا في ولاء العبد الذي يقول له سيده: أنت حر سائبة لله، أوسائبة لا ولاء لي عليك. فقالت طائفة: إذا فعل ذلك بطل ولاءه، وللعبد المعتق أن يوالي من شاء، فإن مات ولم يوال أحدا، فميراثه للمسلمين، وعقله عليهم، كان

ابن مسعود يقول: السائبة يضع ماله حيث شاء، وعن عمر بن عبد العزيز أن ميراثه للمؤمنين، ويعقلون عنه جميعاً، وقال عطاء: "كنا نعلم إذا قال: أنت حر سائبة، فهو يوالي من شاء، وهو مسيب وإن لم يقل والي من شئت"، وقال الزهري: يعقل عنه السلطان ويرثه، وقال مرة: ميراثه في بيت مال المسلمين هم يرثونه، ويعقلون عنه. وكان الشعبي، والنخعي يقولان: لا بأس ببيع ولاء السائبة وهبته. وقالت طائفة: ليس له أن يوالي أحدا، وولاءه لجماعة المسلمين، وعقله عليهم، هذا قول مالك بن أنس، وكان عطاء يقول: إذا لم يوال السائبة أحدا حتى مات، دعى الذي أعتقه إلى ميراثه، فإن قبل فهو أحق به، وإلا ابتيع به رقابا، فأعتقت، وبه قال عمرو بن دينار، وروى عن ابن عمر أنه أتى بمال من موالي مولى له فقال: إنا كنا أعتقناه سائبة، فأمر أن يشتري به رقابا أي يعتقونها. وقالت طائفة: المعتق سائبة كالمعتق غير سائبة، والولاء لمن أعتق هذا قول الحسن البصري، والشعبي، وابن سيرين، وراشد بن سعد، وحمزة بن حبيب، والشافعي. وبه نقول، وذلك لدخول السائبة في جملة قول النبي - صلى الله عليه وسلم - "الولاء لمن أعتق، واختلفت الأخبار عن الصحابة، والنبي - صلى الله عليه وسلم - حجة الله على الخلق، وقد دل شراء ابن عمر رقابا بالمال، على أنه كان يرى المال له، أذلوا لم يكن كذلك، ما اشترى بما لا يملك رقابا.

2 - باب المسلم يعتق عبده النصراني والنصراني يعتق العبد المسلم

2 - باب المسلم يعتق عبده النصراني والنصراني يعتق العبد المسلم (ح 1019) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -قال: الولاء لمن أعتق. قولاً عاما، فإذا أعتق المسلم عبدا نصرانيا، فالولاء له لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: الولاء لمن أعتق، فإن مات المعتق النصراني لم يكن للمعتق من ميراثه شيء. (ح 1020) لقول النبي- صلى الله عليه وسلم -: لا يرث المسلم الكافر، ولا الكافر المسلم. م 2359 - فإن أسلم المعتق، ثم مات، ورثه مولاه المعتق، وهذا قول الشافعي، وأهل العراق، وقد روى عن عمر بن عبد العزيز أن مولى له نصرانيا [1/ 244/ألف] مات، فأمر بماله فأدخله بيت المال، ولم يرثه، وبه قال الأوزاعي. وإذا اشترى النصراني عبدا مسلما، أو كان له عبد نصراني، فأسلم بيع عليه، فإن أعتقه، العتق جائز، وولاءه له لقول النبي- صلى الله عليه وسلم -: الولاء لمن أعتق، فإن مات المعتق، ومولاه على دينه، لم يرثه لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: لا يرث الكافر المسلم، ولا المسلم الكافر، وميراثه لجماعة المسلمين، إلا أن يكون لمولاه عصبة مسلمون، وإن أقرب الناس من عصبة مولاه يرثه، ويكون المولى ما دام على النصرانية في معنى من قد مات، فإن أسلم المولى المعتق، ثم مات المولى المعتق، ورثه بالولاء، هذا قول الشافعي، وأهل العراق.

وكان مالك بن أنس يفرق بين المسلم يعتق العبد النصراني، وبين النصراني يعتق العبد المسلم، كان يقول: إذا أعتق المسلم النصراني، فإنه يرثه مولاه المسلم لأنه قد كان مولاه، ولأنه كان يصلح له بملكه، وإنما منع النصراني أن يرث المسلم إذا أعتقه؛ لأنه لا ينبغي للنصراني أن يملك مسلما، من [[فحين]] أسلم كان ينبغي أن يباع عليه، فان أعتقه جاز ما صنع ولم يملك شيئا من ولأئه، ولأن المسلم ينبغي له أن يملك النصراني، فإن أعتقه فهو مولاه، إذا أسلم ورثه. قال أبو بكر: ولو أن رجلاً مسلما أعتق عبدا له مسلما، ثم ارتد المعتق عن الإِسلام، ولحق بدار الحرب فسبى، واشتراه رجل مسلم، فأعتقه، كان شراءه باطلا، لأن الحر المسلم لا يرجع رقيقا أبداً، وعلى الإمام قتله إن ثبت على الارتداد، فإن تاب ورجع إلى الإسلام، فهو مسلم، وولاءه للمعتق الأول. والجواب في المسلم يعتق أمة مسلمة، ثم ترتد، وتلحق بدار الحرب، وتسبى، وتشتري، وتعتق، كالجواب في العبد لا فرق بينهما: (ح 1021) لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من بدل دينه فاقتلوه". دخل في عموم هذا الحديث الرجل والمرأة. وفرق أصحاب الرأي بين الأمة والعبد فقالوا في العبد كما قلنا، وقالوا في الأمة: إنها مولاة له، وانتقض الولاء الأول للرق الذي حدث فيها. م 2360 - وقال أصحاب الرأي في المرأة ترتد عن الإسلام: تحبس إذا كانت في دار الإسلام ولا تقتل، فإن لحقت بدار الحرب، ثم سبيت استرقت.

3 - باب [1/ 244/ب] العتق في دار الحرب

قال أبو بكر: فتركوا ظاهر قول رسول - صلى الله عليه وسلم -: من بدل دينه فاقتلوه، وأوجبوا عليها حبسا، لا يجب إلا بحجة. 3 - باب [1/ 244/ب] العتق في دار الحرب م 2361 - وإذا عتق الرجل من أهل الحرب وهو كافر، عبداً له في دار الحرب، ثم أن عبده أسر، فاشتراه رجل من المسلمين في دار الإسلام، فأعتقه، فقد ذكر بعض أصحابنا أن هذه المسألة تحتمل ثلالة أجوبة أحدها: أن الولاء للمعتق الأول، والثاني: أن الولاء للمعتق الثاني هذا قول أصحاب الرأي، والثالث: إن كل واحد منهما معتق ثابت العتق، وقد حكم النبي - صلى الله عليه وسلم - بالولاء لمن أعتق، فليس واحد منهما أحق بأن يحكم له بالولاء من الآخر، فولاءه لهما جميعاً، قال وهذا أصح الأجوبة. وبه أقول. م 2362 - ولو أن عبدا أسلم في دار الحرب، ثم خرج مسلما إلى دار الإسلام، فهو حر، وهو بمنزلة حر من أهل دار الحرب جاء مسلما، فميراثه إن مات للمسلمين، وليس هو مولا لأحد دون أحد، وليس له أن يوالي في قول مالك، والثوري، وابن أبي ليلى، والشافعي. وقال أصحاب الرأي: هو حر، وله أن يوالي من شاء، وهو بمنزلة حر من أهل دار الحرب جاء مسلما، فله أن يوالي من شاء. قال أبو بكر: (ح 1022) وقد روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه أعتق يوم الفتح ويوم الطائف من خرج إليه من عبيد للمشركين.

م 2363 - وبهذا قال الأوزاعي. وقال الثوري: لا يرد عليه، وولاءه للمسلمين. م 2364 - فإن جاء السيد فأسلم، ثم جاء العبد فأسلم رد إلى سيده، وقال الأوزاعي مثل ذلك. قال أبو بكر: م 2365 - وإذا خرج الرجل من أهل دار الحرب فاشترى عبدا وأعتقه، ثم رجع المولى المعتق إلى دار الحرب، فأسر واسترق، فإنه عبد لمن اشتراه أو صار إليه، والمعتق الذي أعتقه مولى، ولكن لا يرثه ما دام عبداً، وميراثه في بيت المال. م 2366 - واختلفوا في عقله فقال أصحاب الرأي: عقله على نفسه، لا يعقل عنه بيت المال؛ لأن عقله معروف. وقال غيرهم: عقله على بيت المال كما أن ميراثه لهم. وقال آخر: لا يعقل عنه بيت المال، وليس عليه أن يعقل عن نفسه، لأن الدية إنما تجب على العاقلة، وإذا لم تكن عاقلة بطلت الدية. قال أبو بكر: م 2367 - ولو أن هذا المولى الذي أسر اشتراه مولاه الذي كان أعتقه صار عبدا له، والولاء على حاله، فإن هو أعتقه صار كل واحد منهما مولى صاحبه؛ لأنه كل واحد منهما معتق لصاحبه، فإن مات أحدهما ولا وراث له غيره، ورثه إذا كانا مسلمين. قال أبو بكر: م 2368 - وإذا أعتق الرجل من أهل دار [1/ 245/ألف] الحرب عبدا، فالعتق جائز وولاءه له، فإن أسلم عبده الذي أعتقه بعد ما أعتقه وخرج إلى دار

مسألة

الإسلام، فهو مولى له على حاله، غير أنهما لا يتوارثان؛ لأن الكافر لا يرث المسلم. م 2369 - فإن أسلم مولى وخرج إلى دار الإِسلام مسلما، ثم مات المعتق ولا وارث له غيره ورثه، وفي قول أصحاب الرأي: لا يكون مولى له، لأن العتق والولاء في دار الحرب باطل. قال أبو بكر: فإن بطل العتق وجب أن يكون عبدا كما كان، وإن كان صار حرا، فله أن يوالي من شاء، فالولاء للمعتق لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: الولاء لمن أعتق، ولا حجة مع من أبطل العتق في دار الحرب. مسألة قال أبو بكر: م 2370 - أجمع أهل العلم على أن المسلم إذا أعتق عبداً مسلماً، ثم مات المعتق ولا وارث له، ولا ذو رحم، أن ما خلف لمولاه الذي أعتقه، فإن مات المولى المعتق، ثم مات المولى المعتق، ولا وارث له، ولا ذو رحم، فإن كان للمولى المعتق يوم يموت المولى المعتق أولاداً ذكوراً وإناثاً، فماله لذكور ولد المعتق دون إناثهم؛ لأن النساء لا يرثن من الولاء، إلا ما اعتقن أو اعتق من اعتقن، في قول عامة العلماء. وممن حفظنا ذلك عنه الشعبي، وابن سيرين، وعمر بن عبد العزيز، والنخعي، وبه قال مالك، الشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو حنيفة، وأبو يوسف، ومحمد، ولا نعلم أحداً خالف ما قلناه، ولا قال بغيره،

4 - باب إحراز المرأة ولاء من أعتقت

إلا طاووس، فإنه قال: ترث النساء من الولاء، ون يورث البنت من ولاء موالي الأب. وقد روي عن عمر، وعلي بن أبي طالب، وزيد بن ثابت أنهم كانوا لا يورثون النساء من الولاء إلا ما أعتقن. قال أبو بكر: كان ابن عمر يرث [[موالي]] عمر دون بنات عمر. قال أبو بكر: وبقول جمل (¬1) الناس أقول. 4 - باب إحراز المرأة ولاء من أعتقت قال أبو بكر: (ح 1023) ثبتت الأخبار عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "الولاء لمن أعتق" وأصل ذلك قول النبي- صلى الله عليه وسلم - لعائشة في قصة بريرة: الولاء لمن أعتق. (ح 1024) وروينا عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه قال: تحرز المرأة ثلاث مواريث، عتيقها، ولقيطها، وابنها الذي لا عنت عليه. قال أبو بكر: م 2371 - ولا أعلمهم يختلفون إن ولاء من أعتقت المرأة لها، لقول النبي- صلى الله عليه وسلم -: الولاء لمن أعتق. ¬

_ (¬1) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: في الأوسط: «وبالقول الأول أقول»

5 - باب ميراث [1/ 245/ب] ولاء من اعتقت المرأة بعد وفاتها

5 - باب ميراث [1/ 245/ب] ولاء من اعتقت المرأة بعد وفاتها م 2372 - اختلف أهل العلم في المرأة تعتق عبدا، ثم تموت المعتقة، فتخلف ذكورا وإناثا، وعصبة من قبل أبيها ثم تموت، ويموت مولاها الذي أعتقه، ولا وارث غير هؤلاء. فقالت طائفة: ماله لعصبتها دون ولدها، لأنهم الذي يعقلون عنها وعن مواليها فكما يعقلون عنها وعن مواليها كذلك يرثون مواريثها. واحتجوا بما روي عن علي حين خاصم الزبير في موالي صفية، فرأي أنهم أحق بولائهم من الزبير، لأنهم عصبتها والزبير ابنها. وفيه قول ثان: وهو أن ذكور ولد المرأة المعتقة أحق بولاء الموالي ومواريثهم من عصبتها، روى هذا القول عن عمر بن الخطاب أنه قضى بالولاء للزبير وولده، حتى لعنوا، والعقل على علي، وهو قول الشافعي، والزهري، وقتادة، ومالك، والثوري، والأوزاعي، وأحمد، وإسحاق، وأبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد. وفي قول الزهري، وقتادة: يكون الولاء لأولادها، فإذا انقرضوا كان الولاء لعصبة أمهم، وبه قال الثوري، ومالك، وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي. وفيه قول ثالث: وهو أن ولاء مواليها يكون للذين ورثوا الذكور، ولبني بنيها، إذا انقرضوا لم يرجع الولاء إلى عصبة المرأة، ولكنه يكون لعصبة ولدها الذي ورثوا ولاءها، ولأن ولدها قد أحرزوا ولاءها كما أحرزوا ميراثها، واحتجوا:

6 - باب الولاء للكبر وتفسيره

(ح 1025) بحديث روي عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "ما أحرز الولد أو الوالد فهو بعصبته من كان". وبشيء روي عن علي رضي الله عنه أنه قال: الولاء شعبة من الرق، فمن أحرز الولاء أحرز الميراث. وقال الثوري: إذا انقرض ولدها رجع الولاء إلى عصبة المرأة. وفيه قول رابع: روى عن الشعبي أنه قال: إذا ماتت المرأة وتركت موالي، فالميراث لولدها، والعقل عليهم، وكان ابن أبي ليلى يقضي به. قال أبو بكر: وقول عامة العلماء: أن ولاء الموالي لذكور ولدها، والعقل على العصبة. م 2373 - وقد أجمعوا على أن الرجل يرثه إخوانه، وإن جنى جناية كان العقل على العصبة دون من ورثه. وفي المعتقة نفسها بيان ذلك، وذلك لأن مولاها لو مات ورثته، ولو جنى المولى جناية كان على عصبتها دونها. 6 - باب الولاء للكبر وتفسيره قال أبو بكر: م 2374 - وإذا مات الرجل وترك ابنين، وترك مولى، [1/ 246/ألف] فإن ولاءه بينهما، فإن مات أحدهما وخلف أبنا، ثم مات المولى ففي قول من يجعل الولاء للكبر ميراث المولى لابن الميت، دون ابن أخيه، ومن قال إن

مسألة

الولاء للكبر عمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وروي عن علي، وزيد بن ثابت، وبه قال طاووس، وعطاء، والزهري، وابن سيرين، وقتادة، وأبو الزناد، وابن نشيط، والثوري، ومالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وأبو حنيفة، ويعقوب، ومحمد، وقال أحمد، وروي ذلك عن عمر بن عبد العزيز، وعثمان، وعلي، وزيد بن ثابت، وابن مسعود. وهكذا نقول، وهو قول أكثر الناس، أحمد يقوله. وفيه قول ثان: وهو أن الولاء يورث كما يورث المال، فمن أحرز الميراث أحرز الولاء، روى عن ابن الزبير أنه قال: يجوز الولاء من يجوز الميراث، وكان شريح يقول: يجري الولاء مجرى المال. قال أبو بكر: م 23375 - إذا مات الرجل وترك ثلالة بنين، ثم مات البنون الثلاث، وترك أحدهم ابنين، والثاني ثلاث بنين، والثالث أربع بنين، ثم مات المولى المعتق، فإن مال المولى مقسوم بينهم على تسعة أسهم، لكل واحد منهم سهم، كما لو مات الجد المعتق في هذا الوقت يورثوه على هذا امثال. ولو ظهر للجد مالك كان للابنين الثلث، وللثلاثة الثلث، وللأربعة الثلث، وذلك حصة كل فريق منهم على ما ورثوه عن آبائهم من المال الذي كانوا استحقوه ميراثا عن الجد. وفي القول الآخر: يكون قسم ما ورثوه عن مولاهم العتق، كما ذكرناه بما يستحقون عن الجد لو ظهر له مال. مسألة م 2376 - واختلفوا في المعتق إذا ترك أباه وابنه، ثم مات المعتق، فقال النخعي،

مسألة

والأوزاعي، وعبيد الله بن الحسن، وأحمد، وإسحاق، ويعقوب: لأبيه سدس الولاء، وما بقى فلابنه. وقال عطاء، والحسن البصري، والشعبي، والحكم، وحماد، وقتادة، والزهري، ومالك، والثوري، والشافعي، والنعمان، ومحمد: ما ترك المولى المعتق لابن مولاه، وليس لأبيه شيء، لأن الابن أقرب العصبة. مسألة م 2377 - فإن ترك جده أبنه، وابن ابنه ففي قول من قال: إن الابن أقرب العصبة، المال للابن أو لابن الابن دون الجد. وفي القول الأول الذي بدأنا بذكره، للجد السدس، وما بقى فللابن. م 2378 - وقال إياس بن معاوية في رجل مات وترك جدة، وابنة [1/ 246/ب]، ومولى له، قال: الولاء للابن. 2 - وقال الأوزاعي في رجل ترك ابن مولاه، وجد مولاه، قال: لجد مولى سدس ما ترك، ولابن مولاه خمسة أسداسه. م 2380 - فإن مات المعتق وترك أباه، وإخوته لأبيه وأمه، أو لأبيه، ثم مات المعتق، فالمال للأب دون الأخوة، ولا أعلمهم يختلفون فيه. م 2381 - فإن ترك أباه، وثلاثة أخوة متفرقين، فالمال للأب خاصة، دون الأخوة. فإن مات الأب قبل المعتق، ثم مات المعتق، فالولاء للأخ من الأب والأم.

مسألة

فإن مات الأخ من الأب والأم، وترك ابنا، ثم مات المعتق، فالولاء للأخ من الأب. فإن مات الأخ من الأب، وترك ابناً، فالمال لابن الأخ من الأب والأم، الجواب في هذه المسألة في قول من يرى الولاء للكبر، هكذا تذكر (¬1) أبدا عند موت المولى المعتق، من كان يرث المعتق من عصبة لو مات في ذلك الوقت، فاجعل المال له. مسألة م 2382 - وإن ترك جده، وأخاه لأبيه وأمه، فالمال للجد في قول من جعل الجد أبا، وبه قال الزهري، وإسحاق. وبه نقول. وقالت طائفة: المال بين الأخ والجد نصفان، هذا قول عطاء، والليث ابن سعد، ويحيى الأنصاري، ومال إلى هذا القول الأوزاعي. وقالت طائفة: الأخ أحق بولاء الموالي من الجد، وبنو الأخ أحق، وبنو بني الأخ أحق بولاء الموالي من الجد، هذا قول مالك بن أنس، وحكى الشافعي القولين. م 2383 - وقد أجمعوا في باب المواريث، أن الجد أولى بالميراث من ابن الأخ، لأنه أقرب، وجب أن يكون كذلك في باب الولاء. 7 - باب جر الولاء قال أبو بكر: ¬

_ (¬1) كذا في الأصل، وفي حاشية المخطوطة "تنظر".

م 2384 - اختلف أهل العلم في مملوك نكح حرة مولاة لقوم، فأولدها أولادا، ثم عتق الأب فقال أكثر أهل العلم: يجر الولاء إلى مواليه، روي هذا القول عن عمر، وعثمان، وعلي، وعبد الله، وزيد بن ثابت، والزبير بن العوام، ومروان بن الحكم، وبه قال ابن المسيب، والحسن البصري، وابن سرين، وعمر بن عبد العزيز، والنخعى، ومالك، والأوزاعي، والثوري، والليث بن سعد، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو حنيفة، وأبو يوسف، ومحمد. وفيه قول ثان: وهو أن ولاءهم لأهل أمهم، كذلك قال عطاء، وعكرمة بن خالد، ومجاهد، والزهري. م 2385 - واختلفوا في الجد هل يجر ولاء ولد ابنه أم لا؟ فقال الشافعي: يجر الولاء، وبه قال مالك، وقال: يجر الولاء، ويرثهم ما دام أبوهم عبدا، فإن أعتق أبوهم رجع الولاء إلى مواليه، وإن مات وهو عبد، كان الولاء والميراث للجد. وقال النعمان: لا يجر الجد الولاء، وبه [1/ 247/ألف] قال يعقوب، ومحمد، أرأيت لو أعتق أبوهم بعد ذلك كان أبوهم يجر الولاء أم لا؟ أرأيت لو أسلم جدهم، وأبوهم كافر، وهم صغار في حجر أبيهم، [[أيكونوا]] مسلمين، باسلام جدهم؟ فإن كان الأب يحجبهم من ذلك، فإن الجد من الولاء أبعد. وفرق آخر بين الولاء وأمر الإسلام، فقال: أرأيتم لو أن جنيناً مات وله أب عبد وجد حر، هل يرثه جده أم لا؟ فإن قالوا: ميراثه لجده، قيل لهم: فإن كان جده مسلماً وأبوه كافراً، هل يكون مسلماً بإسلام جده، كما يكون مسلماً بإسلام أبيه؟ فإن قالوا لا يكون مسلماً بإسلام جده،

8 - باب توريث الموالي مع ذوي الأرحام الذين ليسوا بعصبة

ولا يقوم جده في الإسلام مقام أبيه، وليس الإسلام من باب المواريث في شيء، قيل لهم: وكذلك ليس الإِسلام من باب جر الولاء في شيء. 8 - باب توريث الموالي مع ذوي الأرحام الذين ليسوا بعصبة م 2386 - اختلف أهل العلم في الرجل يموت ويترك مواليه الذين أعتقوه، وأصحاب فرائض لا يستوعبون المال، وترك ذوي أرحامه وليسوا بعصبة. فقال أكثر أهل العلم: ما فضل عن ماله عن أهل الفرائض فلمواليه إليه الذين أعتقوه، دون ذوي أرحامه الذين ليسوا بعصبة، روي هذا القول عن زيد بن ثابت، وبه قال الزهري، ومالك، وأهل الحجاز، وابن أبي ليلى، والثوري، والحسن بن صالح، وأصحاب الرأي من أهل الكوفة، وكذلك قال الأوزاعي، وأهل الشام، والشافعي، وأحمد. وفيه قول ثان: وهو أن لا يعطي الولاء مع الرحم شيئاً، روي ذلك عن علي، ومسروق، والشعبي، والنخعي. قال أبو بكر: ولا أحسب ذلك يثبت عنهم، وقد احتج بعض من يقول بالقول الأول بالأخبار التي جاءت عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه جعل الولاء نسباً ثابتاً، أقام المولى مقام العصبة فقال: "الولاء لمن اعتق"، وقال: "مولى القوم من أنفسهم"، وحرم على مواليه من الصدقة ما حرمه على نفسه، وأجمعت العلماء على أن المولى المعتق يعقل عن مواليه الجنايات التي يحملها العاقلة، وأقاموا مقام العصبة، فلما جاءت الأخبار

9 - باب الرجل يسلم على يدي الرجل [1/ 247/ب]

بأن حكم المولى حكم ابن العم والرجل من العشيرة، ثبت بذلك أنه أحق بالمال من ذوي الأرحام الذين ليسوا بعصبة، ولا هم أصحاب الفرائض، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من ترك مالاً فللعصبة". 9 - باب الرجل يسلم على يدي الرجل [1/ 247/ب] قال أبو بكر: م 2387 - اختلفوا في الرجل يسلم على يدي الرجل. فقال كثير من أهل العلم: لا يكون بإسلامه على يدي الرجل مولى له، هذا قول مالك، والأوزاعي، والثوري، وابن أبي ليلى، والشافعي، روي ذلك عن الحسن البصري، والشعبي. وبه نقول، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "الولاء لمن اعتق"، وفيه دليل على أن الولاء لا يكون إلا لمعتق. وفيه قول ثان: روي عن النخعي أنه قال: إن الرجل إذا أسلم على يدي الرجل ووالاه فإنه يرثه ويعقل عنه، وله أن يتحول عنه إلى غيره ما لم يعقل عنه، فإذا عقل عنه لم يكن له أن يتحول عنه إلى غيره، وهذا قول النعمان، ويعقوب، ومحمد، وقالوا: إذا لم يواليه لم يعقل عنه ولم يرثه. وقال حماد بن أبي سليمان: له أن يتحول عنه إلى غيره إن شاء ما لم يعقل عنه، ولم يرثه، فإذا عقل عنه لم يكن له أن يتحول إلى غيره، وقد روي عن تميم الداري حديث قال به إسحاق، ورفعه الشافعي، وأحمد بن حنبل.

10 - باب ميراث اللقيط

(ح 1026) أن النبي- صلى الله عليه وسلم - قال: "من أسلم على يدي رجل فهو مولاه". وقد دفع هذا الحديث قوم بعلل احتجوا بها قد ذكرتها في غير هذا الموضع. 10 - باب ميراث اللقيط م 2388 - أكثر أهل العلم يقولون: اللقيط حر هكذا قال الشعبي، والحكم، وحماد بن أبي سليمان، والثوري، ومالك، والشافعي، وأحمد، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. وبه نقول، وذلك لأن أصل الناس الحرية، إلا أن يسترق أهل دار الحرب، وليس يخلو اللقيط من أحد أمرين، إما أن يكون حراً ولا رق عليه، [[أو]] يكون ابن أمة قوم، فليس لمن التقطه أن يسترقه.

11 - باب الرجل يعتق عبده ثم يموت المعتق ولا يدع وارثا غير مولاه الذي أعتقه

وقال إسحاق من بين أهل العلم: ولاء اللقيط للذي التقطه، واحتج فيه بحديث لا يثبت، وبحديث أبي جميلة عن عمر أنه قال: هو حر، ولاءه ونفقته من بيت المال. قال أبو بكر: أبو جميلة هو رجل مجهول، لا تقوم بحديثه حجة. 11 - باب الرجل يعتق عبده ثم يموت المعتق ولا يدع وارثاً غير مولاه الذي أعتقه قال أبو بكر: م 2389 - اختلف أهل العلم في المولى المعتق يموت، ولا يدع إلا مولاه الذي أعتقه، فكان إسحاق، وسليمان بن داؤد، وأبو خيثمة يقولون: يرثه، وقد روي معنى قولهم عن عمر بن الخطاب [1/ 248/ألف] وكان أحمد يجيز أن يقول بحديث عوسجة عن ابن عباس، وأصحاب الرأي، ولا يورثون المولى من أسفل. وقد احتج بعض القائلين بالقول الأول: (ح 1027) بحديث ابن عباس أن رجلاً مات، فلم يجد له وارثا فدفع النبي - صلى الله عليه وسلم - ميراثه إلى مولى أعتقه الميت. (ح 1028) وبأن في الحديث: أن الولاء لحمة كلحمة النسب. فكان نسبا، كان القياس أن يكون وارثا كما كان مورثا.

12 - باب عتق الرجل عن غيره بأمره وغير أمره

12 - باب عتق الرجل عن غيره بأمره وغير أمره قال أبو بكر: م 2390 - واختلفوا في ولاء من يعتقه المرء عن غيره بأمره وغير أمره، فروي عن الحسن أنه قال في رجل أعتق عن أبيه مملوكا قال: الولاء لجميع ورثة أبيه، وهذا على مذهب مالك، والماجشون، وبه قال أبو عبيد. وفيه قول ثان: وهو أن الولاء للمعتق إذا كان ذلك بغير أمير المعتق عنه، هذا قول الأوزاعي، وإسحاق، والشافعي، وفي قول الشافعي: إذا أعتقه عنه بأمره، فالولاء للآمر قال: وإعتاقه عنه بأمره كقبضة ما وهب له، وبه قال أبو ثور. وفيه قول ثالث: وهو أن الولاء للمعتق إذا أعتق عبدا عن غيره بإذنه وغير إذنه، ولا يكون الولاء للمعتق عنه، وجميع الناس في ذلك سواء هذا قول أبي حنيفة. م 2391 - وكان الشافعي يقول في امرأة اشترت أباها، فأعتقته، فمات الأب وخلف ابنته التي أعتقته، وأختا لها منه: أن لهما الثلثان بالنسب، والثلث للتي أعتقته بالولاء، وكذلك قال أحمد، وإسحاق. وبه نقول. 13 - باب الرد ومواريث ذوي الأرحام م 2392 - اختلف أهل العلم فيمن مات وترك من له سهم معلوم، غير الزوج والمرأة، ولم يدع عصبة إلا ذوي الأرحام، لا فرض لهم منصوص في كتاب الله.

14 - مسائل في باب الرد

فقالت طائفة: المال كله لمن له سهم معلوم مسمى، وليس لمن لا سهم له بشيء، روينا عن ابن مسعود أنه قال: ذو السهم أحق ممن لا سهم له، وبه قال الثوري، وأهل العراق، وقال أحمد كما قال ابن مسعود. روينا عن علي بن أبي طالب أنه كان يرد على كل ذي سهم إلا الزوج والمرأة. وروينا عن عبد الله أنه كان لا يرد على المرأة، ولا على الزوج، ولا على أخ [1/ 248/ب] لأم مع أم، ولا على أخت لأب مع أخت لأب وأم، ولا على بنت ابن مع ابنة الصلب، ولا على جدة إلا أن يكون غيرها. وقالت طائفة: يعطى أصحاب الفرائض فرائضهم، ويجعل ما فضل من المال في بيت مال المسلمين، روينا هذا القول عن زيد بن ثابت، وبه قال مالك وأهل المدينة، والأوزاعي وأهل الشام، وهو قول الشافعي، وأبي ثور، لأن الذي يعقل عنه جناياته بأنه إذا لم يكن عصبة على بيت المال، فكما يعقلون عنه فكذلك يأخذون ماله. 14 - مسائل في باب الرد م 2393 - إذا مات الرجل وترك ابنته، ولا وارث له غيرها، فالمال لها في قول علي، وعبد الله النصف، بالفرض لها، والباقي رد عليها بالرحم. وفي قول زيد: للابنة النصف، وما بقى فلبيت المال. م 2394 - وكذلك أن ترك بنت ابن، أو أما، أو جدة، أو أختا لأب، أو أختا لأم، فالمال كله لأي هؤلاء انفرد بالميراث، في قول علي، وعبد الله.

وفي قول زيد لها فرضها، وما بقى لبيت المال. م 2395 - فإن ترك أما، وابنتين للأم السدس، وللابنتين الثلثان، ومما بقى رد عليهم على قدر سهامهم في قول علي، وعبد الله. وفي قول زيد: للأم السدس، وللابنتين الثلثان، وما بقى لبيت المال. م 2396 - فإن ترك أما، وابنة، وابنة ابن، ففي قول علي: للأم السدس، وللابنة النصف، وللابنة الابن السدس، وما بقى رد عليهم على قدر سهامهم. وفي قول عبد الله: للأم السدس، وللابنة النصف، ولابنة الابن السدس، وما بقى رد على البنت، والأم على قدر سهامهما؛ لأنه كان لا يرى أن يرد على بنت الابن مع البنت. وفي قول زيد: للأم السدس، وللابنة النصف، ولبنت الابن تكملة الثلثين، وما بقى فلبيت المال. م 2397 - إن ترك امرأة، وبنتا، وبنت ابن، ولا عصبة، فللمرأة الثمن، لا تزاد عليه في قولهم جمعيا، وما بقى فبين البنت وبنت الابن علي أربعة في قول علي. وفي قول عبد الله: للمرأة الثمن، ولبنت الابن السدس، وما بقى فللبنت. وفي قول زيد بن ثابت: للمرأة الثمن، وللبنت النصف، ولبنت الابن السدس تكملة الثلثين، وما بقى فلبيت المال. م 2398 - فإن ترك ثلاث أخوات متفرقات ففي قول علي: المال بينهن مقسوم على خمسة للأخت للأب والأم ثلاثة، وللأخت للأب واحد، وللأخت للأم واحد.

15 - باب مواريث ذوي الأرحام

وفي قول عبد الله: للأخت للأب السدس، [1/ 249/ألف] لا تزاد عليه، وأقسم الباقي بين الأخت من الأب والأم، أو الأخت من الأب، وللأخت من الأم ربع ما يبقى، وثلاثة أرباع ما بعد السدس للأخت من الأب والأم. وفي قول زيد: للأخت من الأب السدس، وللأم النصف، وللأخت من الأب السدس، وللأخت من الأم السدس، وما بقى فلبيت المال. 15 - باب مواريث ذوي الأرحام م 2399 - اختلف أهل العلم في مواريث ذوي الأرحام فروينا عن عمر بن الخطاب أنه قسم المال بين عمة، وخالة، وروي عن ابن مسعود أنه قال: العمة بمنزلة الأب، والخالة بمنزلة الأم، وبنت الأخ بمنزلة الأخ، وكذلك كل ذي رحم ينزل بمنزله رحمه التي يرث بها إذا لم يكن وارث ذو قرابة. وقال أبو عبيد: أهل العراق يرون إذا مات رجل وترك أهل فرائض ممن لا يستوعب المال كالأم، والاخوة من الأم، والبنات، والأخوات، وليس ثم عصبة، فإنهم يجعلون المال على السهام لأهل الفرائض، ثم يردون على قدر مواريثهم، وإذا لم يكن للميت أحد من أهل الفرائض السماة في التنزيل، وله ذوو أرحام، جعلوا ذوي الأرحام هم الورثة، فقسموا ماله بينهم على قدر أرحامهم وقرابتهم، ويحجون في ذلك

بقول الله تعالى: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} الآية. وقالت طائفة: لا يرث ابن الأخ للأم برحمه تلك شيئا، ولا للجد أبو الأم برحمه تلك شيئا، ولا العم أخو الأب للأم لا يرث برحمة تلك شيئاً، ولا الخال برحمه تلك شيئا، ولا ترث الجدة أم أب الأم، ولا ابنة الأخ للأب والأم، ولا العمة أخت الأب للأب والأم، ولا الخالة، ولا من هو أبعد نسبا من المتوفى ممن سمى في هذا الكتاب، لا يرث أحد منهم برحمه تلك شيئا، هذا قول زيد، وبه قال مالك، والشافعي. وقال الشافعي: ومعنى قوله: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} الآية، أن الناس توارثوا بالحلف والنصرة، ثم توارثوا بالإسلام والهجرة، ثم نسخ ذلك قول الله تعالى: {وَأُولُوا الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} الآية، على معنى ما فرض الله وسن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -، لا مطلقاً [1/ 249/ب].

50 - كتاب الوصايا

50 - كتاب الوصايا قال الله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ}. 1 - باب الأمر بكتب الوصايا إذا أراد المرء الوصية وكان له مال يوصي فيه (ح 1029) ثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ما حق امرئ، له شيء يوصى فيه، يبيت ليلتين، إلا ووصيته مكتوبة عنده. م 2400 - واختلفوا في الوصية هل تجب فرضا أم لا؟ فقال أكثر أهل العلم: الوصية غير واجبة على من لم يدع مالاً ولا شيئاً مما يملك. م 2401 - واختلفوا في وجوب الوصية على من خلف مالاً. فقالت طائفة: الوصية واجبة على ظاهر الآية، كان الزهري يقول: جعل الله الوصية حقا مما قل أو كثر، وقيل لأبي مجاز: على كل ميت وصية؟ قال: على كل من ترك خيراً. وقالت طائفة: الوصية ليست بواجبة، موسرا كان المريض أو معسرا، هذا قول النخعي، والشعبي، والثوري، والشافعي.

2 - باب قول الله جل ذكره {إن ترك خيرا الوصية [2/ 250/ب] للوالدين والأقربين} الآية

وفيه قول ثان: وهو أن الوصية ليست بواجبة، إلا على رجل عليه دين، أو عنده مال لقوم، فيجب عليه أن يكتب وصية، ويخبر بما عليه، فأما من لا دين عليه، ولا وديعة عنده، فليست بواجبة عليه إلا أن يشاء، هذا قول أبي ثور. قال أبو بكر: هذا حسن ما قيل في هذا الباب، وذلك لأن الله تعالى فرض أداء الأمانات إلى أهلها، ففرض أداء الأمانات إلى جميع الناس الأبرار منهم والفجار، ويدل على صحة هذا القول. (ح 1030) قول النبي- صلى الله عليه وسلم -: "ما حق امرئ له مال يريد أن يوصي فيه". ولو كانت الوصية واجبة لم يجعل ذلك إلى إرادة الموصي، ولكان ذلك لازما على كل حال، ويدل على أن الوصية ليست بواجبة ترك ابن عمر أن يوصي، وقد ذكرنا فيما مضى أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - لم يترك مالاً فيوصي فيه، وقد أوصى بكتاب الله، وبالصلاة. 2 - باب قول الله جل ذكره {إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ [2/ 250/ب] لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ} الآية م 2402 - واختلفوا في معنى قوله: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ} الآية.

3 - باب الوصية للقرابة وترك الوصية

فقالت طائفة: الآية منسوخة نسختها قوله: {لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ} الآية روينا هذا القول عن ابن عباس، وروينا عن ابن عمر أنه قال: نسختها آية الميراث، وبه قال عكرمة، ومجاهد، ومالك، والشافعي. وقالت طائفة: نسخ "الوالدان" بالفرض لهما في سورة النساء، وبقى "الأقربون" ممن لا يرث، الوصية لهم جائزة، حرض الله على ذلك، هذا قول إسحاق، وبه قال طاووس، وقتادة، والحسن البصري. 3 - باب الوصية للقرابة وترك الوصية م 2403 - أجمع كل من يحفظ عنه من أهل العلم على أن الوصية للوالدين الذين لا يرثان المرء، وللأقرباء الذين لا يرثونه جائزة. م 2404 - واختلفوا في الرجل يوصي للأجنبي، ويدع أن يوصي لقرابته الذين لا يرثونه. فقال أكثر أهل العلم: وصيته حيث جعلها، هذا قول سالم بن عبد الله، وسليمان بن يسار، وعطاء بن أبي رباح، ومالك، والثوري، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، والنعمان وأصحابه، وبه قال عوام أهل العلم.

4 - باب إبطال الوصية للوارث

وفيه قول ثان: وهو أن من أوصى، وترك ذا قرابته، انتزعت منهم، وردت على قرابته، هذا قول طاووس، وبه قال الحسن البصري، وعبد الملك بن يعلى. وفيه قول ثالث: وهو أن يجاز للذي أوصى له من ذلك بثلث الثلث، ويرد ثلثا المال على قرابة الموصى، هذا قول ابن المسيب، وجابر بن زيد، وإسحاق. واحتج الشافعي، وأحمد في إجازة الوصية لغير الأقربين. (ح 1031) بحديث عمران بن حصين أن رجلاً أعتق في مرضه ستة أعبد، لم يكن له مال غيره، فبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - فدعاهم، فجزأهم، ثم أقرع بينهم، فأعتق اثنين وأرق أربعة. 4 - باب إبطال الوصية للوارث م 2405 - أجمع كل من يحفظ عنه من علماء الأمصار من أهل المدينة، وأهل مكة، والكوفة، والبصرة، والشام، ومصر، وسائر العلماء من أصحاب الحديث، وأهل الرأي [1/ 250/ب] على أن لا وصية لوارث، إلا أن يجيز ذلك الورثة.

5 - باب الجنف في الوصية والضرار فيها

(ح 1032) وجاءت الأخبار عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لا وصية لوارث". بمثل ما اتفق عليه أهل العلم. 5 - باب الجنف في الوصية والضرار فيها م 2406 - كان ابن عباس يقول: الضرار في الوصية من الكبائر، ثم قرأ: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ} الآية، قال: الجنف في الوصية، والإضرار فيها من الكبائر، وروينا عن ابن عباس أنه قال في قوله تعالى: {فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا} الآية يعني إثما، يقول: إذا أخطأ الميت في وصيته، أو جاف فيها، فليس على الأولياء حرج أن يردوا خطأه إلى الصواب، وله قال قتادة، وأحمد، وإسحاق.

وروينا عن الضحاك أنه قال: الجنف الخطأ، والإثم العمد، وكذلك قال الثوري، وقال عطاء، والكسائي في قوله: جنفاً، قالا: ميلا، وقال أبو عبيدة: جوراً عن الحق وعدولا، وكان طاووس يقول في قوله {فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا} الآية قال: هو الرجل يوصي لولد ابنته يريد ابنته. قال أبو بكر: قول طاووس يحتمل معنيين أحدهما أن يقول الموصي: قد أوصيت لولد ابنتي بكذا، وأنا أريد ابنتي، فذلك مردود، لا تفاق أهل العلم له، والمعنى الثاني: أن يوصي الرجل لولد ابنته، ولا يذكر في وصيته شيئا، يدل على خلاف ظاهر قوله، والذي يوجب إنفاذ ذلك من الثلث، ولا يجوز أن يظن به غير الظاهر. (ح 1033) لأن النبي- صلى الله عليه وسلم - قال: إياكم والظن إنه أكذب الحديث. بل استحب أن يوصي الرجل لقرابته. (ح 1034) لحديث النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه قال: الصدقة على المسكين صدقة، وهي على ذي الرحم ثنتان، صلة وصدقة، والذي يجب أن يرد من وصايا الرجل من باب الميل والجور وصية الرجل بأكثر من ثلثه، وميل وصيته لبعض ورثته، وأن يوصي في بواب المعاصي كلها.

6 - باب وصية الرجل بأكثر من ثلثة، أو وصيته لبعض الورثة فيجيز الورثة ذلك في حياة الميت أو بعد وفاته

6 - باب وصية الرجل بأكثر من ثلثة، أو وصيته لبعض الورثة فيجيز الورثة ذلك في حياة الميت أو بعد وفاته م 2407 - اختلف أهل العلم في الورثة يأذنون للرجل في حياته أن يوصي لبعض الورثة بالثلث، أو بأكثر من الثلث، ثم يبدوا لهم بعد وفاته. فقالت طائفة: لهم أن يرجعوا لأنهم أذنوا في [1/ 251/ألف] ما لم يملكوه في ذلك الوقت، روينا عن ابن مسعود أنه قال: ذلك [[التكره]] لا يجوز، وبه قال شريح، وطاووس، والحكم، والثوري، والحسن بن صالح، والشافعي، وأحمد، وأبو ثور، والنعمان، وأصحابه. وفيه قول ثان: وهو أن ذلك عليهم، هذا قول الحسن البصري، وعطاء ابن أبي رباح، وحماد بن أبي سليمان، وعبد الملك بن يعلى، والزهري، وربيعة، والأوزاعي، وابن أبي ليلى، وكان مالك يقول: إن كانوا أذنوا له في صحبته فلهم أن يرجعوا، وإن كان ذلك في مرضه، وحين يحجب عن ماله، فذلك جائز عليهم. قال أبو بكر: بالقول الأول أقول. م 2408 - وكان مالك، والشافعي، والثوري، وأبو ثور، وأصحاب الرأي يقولون: إذا أجازوا ذلك بعد وفاته، لزمهم. م 2409 - واختلفوا في الرجل يوصي لبعض ورثته بمال، ويقول في وصيته: إن أجازها الورثة فهو له، وإن لم يجيزوه فهو في سبيل الله، فلم يجيزوه فقال مالك: إذا لم يجيزوا الورثة في ذلك، رجع إليهم. وفي قول الشافعي، والنعمان، ومعمر صاحب عبد الرزاق: يمضي في سبيل الله.

7 - باب الوصية يوصيها الرجل لعصبته وأهل بيته

7 - باب الوصية يوصيها الرجل لعصبته وأهل بيته قال أبو بكر: م 2410 - لا أعلمهم يختلفون في الرجل يوصي لعصبته بمال، أن العصبة من قبل الأب، ولا يكون من قبل الأم. م 2411 - واختلفوا في الرجل يوصي بثلث ماله لأهل بيته، فقال مالك: العصبة هم الأهل، وهو أبين، ثم قرأ: {وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي، هَارُونَ أَخِي} الآية، ثم قرأ: {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ} الآية، قال: فالعصبة عندي أبين. وقال أحمد في الرجل يوصي لأهل بيته قال: من يلقاه إلى ثلالة آباء، وقال أحمد بن حنبل: (ح 1035) قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: لا تحل الصدقة لي، ولا لأهل بيتي. فجعل سهم ذي القربى لهم عوضاً من الصدقة التي [[حرمت]] عليهم، فكان ذوي القربى الذين سماهم النبي- صلى الله عليه وسلم - أهل بيته الذين حرم الصدقة عليهم. (ح 1036) وذكر حديث زيد بن الأرقم الذي فيه ذكر أهل بيته، قال: أذكركم الله في أهل بيتي، قال: قلنا: من أهل بيته وعصبته،

8 - باب خبر دل على معنى قوله من بعد وصية يوصي بها أو دين

نساءه؟ قال: لأهله، وعصبته الذين حرموا الصدقة بعده، [[آل علي]]، وآل العباس، وآل جعفر، وآل عقيل. م 2412 - وقال يعقوب ومحمد: إذا أوصى الرجل لفقراء أهل بيته، فهو [[لكل]] من ينسب إلى أقصى جد في الإسلام، يجمعهم من قبل [1/ 251/ب] الرجال. وقال محمد، ويعقوب: القرابة كل أب يجمعهم منذ كان الإسلام، من قبل أبيه وأمه، وكل ذي رحم محرم، فالثلث بينهم سواء فإن كان بعضهم أقرب من بعض في قول يعقوب، ومحمد، وأما في قول النعمان: فهو للأقرب فالأقرب كما وصفت. م 2413 - وكان أبو ثور يقول: إن أوصى بثلثه في عشيرته، أو قومه، فكانوا يحصون على عدد الرؤس، وإن كانوا لا يحصون، يجزي أن يعطي منهم ثلاثة فصاعداً. وحكى عن الكوفي أنه قال: إن لم يحصوا، فالوصية باطلة. 8 - باب خبر دل على معنى قوله من بعد وصية يوصي بها أو دين (ح 1037) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال لسعد وقد قال: أوصي بثلثي مالي؟ قال: لا، قال: فنصف مالي، قال: لا، قال: فبثلث مالي؟ قال

النبي - صلى الله عليه وسلم -: الثلث، والثلث كثير، إنك يا سعد أن تدع ورثتك أغنياء خير، خير أن تدعهم عالة يتكففون الناس. قال أبو بكر: ذكر الله الوصية في كتابه ذكراً مجملاً، فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المبين عن الله معنى ما أراد، فعرفنا أن الوصايا مقصورة على ثلث مال الميت. م 2414 - وأجمع أهل العلم على القول به. م 2415 - واختلفوا في القدر الذي يستحب أن يوصي به المرء. فروينا عن أبي بكر أنه أوصى بالخمس، قال: وروينا عن علي أنه قال: لأن أوصي بالخمس أحب إلي من أن أوصي بالربع. وعن ابن عباس أنه قال: الربع جنف، والثلث جنف، وروينا عن الحسن البصري أنه قال: يوصي بالسدس، أو الخمس، أو الربع. وقال الثوري: لابأس بأن يوصي بالخمس، وقال إسحاق: السنة الربع إلا أن يكون رجلاً يعرف في ماله مرية شبهات وغيرها، فله استغراق الثلث. ورأت طائقة: أن يوصي بالثلث، ثبت أن عمر بن الخطاب قال: الثلث وسط من المال، ولا نجس ولا شطيط، وعن الزبير أنه أوصى بالثلث، وقال شريح: الثلث جهد وهر جائز. وقال أحمد: يوصي بالثلث، وقال الشافعي: إذا ترك ورثته أغنياء، لم يكن له أن يستوعب الثلث وأن لم يدعهم أغنياء، أجزت له أن لا يستوعب الثلث.

9 - باب الوصايا لأناس شتى لبعضهم أفضل مما لبعض

قال أبو بكر: الإغنياء (¬1) [1/ 252/ألف]، والأفضل أن يقصر المرء عن الثلث لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "الثلث كثير، وإن أوصى موصي بثلث، أنفذ ذلك". 9 - باب الوصايا لأناس شتى لبعضهم أفضل مما لبعض م 2416 - واختلفوا في الرجل يوصي لرجل بنصف ماله، وللآخر بالثلث. فقال الحسن البصري، والنخعي، ومالك، وابن أبي ليلى، والثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، ومحمد: يضربان الثلث بخمسه، لصاحب النصف ثلاثة، ولصاحب الثلث سهمان. وقال النعمان وأبو ثور: يقسم الثلث بينهما نصفين. وقال أبو ثور: إذا كان ما جاوز الثلث باطل، وكيف يضرب للموصي له بشيء هو باطل. قال أبو بكر: قول أبي ثور صحيح. 10 - باب الوصية للقرابة قال أبو بكر: م 2417 - واختلفوا في الرجل يوصي لقرابته. فقالت طائفة: إذا قال: ثلثي لقرابتي، أو لذي رحمي، أو لرحمي، أو لأرحامي، [فسواء] (¬2) من قبل الأب والأم، في أقربهم، وأبعدهم، وأغناهم، وأفقرهم سواء، لأنهم أعطوا باسم القرابة، كما أعطى من ¬

_ (¬1) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: هذه الكلمة (الإغنياء) لا تفيد معنى هنا وهي غير موجودة في «الأوسط» (¬2) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: في الأوسط (ليسوا) بدلا من (فسواء)

11 - باب الوصية لبني فلان

شهد القتال باسم الحضور، وإن كان من قبيلة أعطى بقرابته المعروفة عند العامة، هذا قول الشافعي. وقال أبو ثور: الرجال والنساء فيه سواء كلهم، والخال مثل العم، فكل من لزمه اسم قرابة للميت فهو داخل في الوصية. وقال أحمد وإسحاق: الذكر والأنثى فيه سواء. وقال أحمد: إذا وصى لقرابته فهو مثل أن يوصي بثلث ماله لأهل بيته، ولكن لا يجاوز أربعة آباء. وفيه قول ثالث: وهو أن ذوي قرابته كل ذي رحم محرم منه، فإن كان له عمان، أم خالان، وله ولد، فالثلث لعميه، لأنهما أقرب إليه من الخالين، وأدنى ما يكون من ذوي القرابة أبوان فصاعداً، ولو كان له عم واحد وخالان، كان للعم النصف، وللخالين النصف، وهذا قول النعمان. وقال محمد ويعقوب: القرابة كل من كان له من ولد الأب، ومن قبل الأم إلى أقصى الآباء، الذين ينتسبون في الإِسلام كل ذي رحم محرم. وقال مالك: يقسم على الأقرب فالأقرب على الإجتهاد. وقال قتادة: للأعمام ثلثان، وللأخوال الثلث، وبه قال الحسن البصري قال: ويزاد الأقرب [1/ 252/ب] فالأقرب بعض الزيادة. 11 - باب الوصية لبني فلان م 2418 - واختلفوا في الرجل يوصي لبني فلان.

12 - باب الوصية لأرامل بني فلان

فقالت طائفة: هم فيه سواء ذكرهم وأنثاهم، هذا قول الحسن البصري، والثوري، وإسحاق وأبي ثور. وقال أصحاب الرأي: الثلث للذكور من ولده دون الإناث. قال أبو بكر: م 2419 - وإذا وصى بثلثه لولد الفلان، فالذكر والأنثى فيه سواء، هذا قول الحسن البصري، وأبي ثور، وإسحاق، وأصحاب الرأي. وقال الثوري: إذا أوصى بثلثه لبني فلان، فإن كن بنات الصلب ليس معهن ذكر فليس لهم شيء. م 2420 - وقال إسحاق: إذا قال: ثلثي لبنى فلان، فالإثنتان فما زاد، وإذا قال: لولد فلان، فالولد واحد فما زاد. وقال عطاء، وأحمد، وإسحاق: إذا [[أوصى]] لبني فلان فليس لمواليهم شيء. 12 - باب الوصية لأرامل بني فلان م 2421 - كان الشعبي يقول: إذا أوصى لأرامل بني حنيفة، هو للرجال والنساء من كمرة (¬1) حنيفة، وبه قال إسحاق، وذكر أحدهما: هذه (¬2) الأرامل قد قضيت حاجتها ... فمن لحاجة هذا الأرمل الذكر. ¬

_ (¬1) الكمرة: أي الجماعة، كذا جاء في حاشية المخطوطة. قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: في حاشية تحقيق الأوسط الكمرة: هي رأس الذكر «لسان العرب» و «القاموس المحيط» مادة (كمر)، فلتراجع (¬2) في الأصل: «هذا الأرامل» وكذا في الأوسط 3/ 159/ألف. قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: الذي في مطبوع الأوسط «هذه»، فلتراجع

13 - باب وصية الرجل لمواليه

وإذا قال: ثلث مالي في بني فلان (¬1)، فإن أبا ثور حكى عن الشافعي قولين، أحدهما: أنه يعطي منهم ثلاثة فصاعداً، والآخران (¬2): لا يجوز. قال أبو ثور: ومن أعطى منهم جاز. وبه نقول، مثل أن يجعل ثلثه للمساكين، وهم لا يحصون. وقال أصحاب الرأي: الوصية باطلة. 13 - باب وصية الرجل لمواليه م 2422 - واختلفوا في الرجل يوصي لمواليه بثلثه، وله موالي من فوق، وموالي من أسفل. فحكى أبو ثور عن الشافعي فيها أربعة أقاويل، قال قائل: هو بينهما نصفان، وقال قائل: يقرع بينهما، وقال قائل: يوقفه حتى يصطلحا، وقال قائل: الوصية باطلة. وقال أبو ثور: يقرع بينهما. وقال أصحاب الرأي: الوصية باطلة. وقال ابن القاسم: هو للموالي الذين من أسفل. ¬

_ (¬1) في الأصل: "في لبني فلان"، والتصحيح من الأوسط. (¬2) في الأصل: "أو الآخر".

14 - باب وصية الرجل لأخوة له متفرقين

14 - باب وصية الرجل لأخوة له متفرقين م 2423 - وإذا أوصى الرجل لستة أخوة متفرقين، وله ابن، وابنة، فإن مات فالوصية لهم جائزة، وهي بينهم أثلاثا. م 2424 - فإن مات الابن قبل الأب، ثم مات الأب [1/ 253/ألف] بطلت الوصية للأخوين للأب والأم، [[لأنهم]] صاروا ورثة مع الابنة، وكان ثلثا الثلث بين الأخوين للأب والأخوين للأم بالسواء، وهذا على قول أبي ثور، وأصحاب الرأي. وبه نقول. 15 - باب وصية الرجل لجيرانه م 2425 - واختلفوا في وصية الرجل لجيرانه، فكان الأوزاعي يقول: أربعين جاراً من كل ناحية، وقد حكى عن الشافعي هذا القول، وقال قتادة: الجار الدار والداران، وقال سعيد بن عمرو بن جعدة: من سمع الإقامة فهو جاره. وقد روينا عن علي أنه قال: لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد، قيل: من جار المسجد؟ قال: من سمع النداء. وحكى عن يعقوب أنه قال: إذا أوصى لفقراء جيرانه فالجيران أهل المحلة الذين يجمعهم محلة واحدة، أو يجمعهم مسجد واحد، فإن جمعهم محلة، وتفرقوا في مسجدين فهي محلة واحدة، بعد أن يكون المسجدان صغرين متقاربين، فإن تباعد ما بينهما وكان كل مسجد عظيما جامعا، فكان

16 - باب الوصية للفقراء والمساكين

كل أهل مسجد جيران دون الآخرين، وأما الأمصار التي فيها القبائل فالجيران على الأفخاذ، وإن كان أهلها من قبائل شتى غير الفخذ التي فيها الدور [[تـ]] جمعهم، [[فهؤلاء]] جيران في الوصية. 16 - باب الوصية للفقراء والمساكين م 2426 - واختلفوا فيمن أوصى بثلث ماله للفقراء والمساكين. فقالت طائفة: يعطى المساكين المتعففون الذين لا يسألون، وإن أعطى السؤال، ففيه سعة، وقال الشافعي: إذا قال: ثلث مالي في المساكين، فكل من لا كسب (¬1) له، ولا ملك داخل في هذا المعنى، وإذا قال: ثلث مالي للفقراء والمساكين، علمنا أنه أراد التمييز بين الفقر والمسكنة، والفقير من لا كسب له، ولا مال يقع منه موقعا، والمسكين من له مال، أو كسب يقع منه موقعا ولا يفي، وأقل ما يجزي أن يعطى من كل صنف ثلاثة. وقال أبو ثور: المساكين كل من لم يكن له غني، أو مكتسب بما يقيمه، وقال أصحاب الرأي: يعطى إذا كان مسكينا، وله أن يأخذ ما لا يجب فيه الزكاة. وقال النعمان، ومحمد: إذا أوصى بثلثه لفلان وللمساكين، فنصفه لفلان، ونصفه للمساكين. ¬

_ (¬1) في الأصل "سبب" وهذا من حاشية المخطوطة.

17 - باب الوصية في سبيل الله

17 - باب الوصية في سبيل الله م 2427 - واختلفوا فيمن أوصى بشيء يجعل في سبيل الله. فقالت طائفة: وجه ذلك في الغزو، روينا هذا [1/ 253/ب] القول عن أبي الدرداء، وبه قال مالك، والأوزاعي، والشافعي. وقد روينا عن ابن عمر أنه قال في امرأة أوصت بثلاثين درهما في سبيل الله، يعطها في الحج، أما إنه من سبيل الله. وقال مجاهد: كل خير عمله، فهو سبيل الله. قال أبو بكر: بقول مالك أقول. 18 - باب الوصية في ابن السبيل م 2428 - كان مالك يقول في المال يجعله الرجل في ابن السبيل قال: يعرفه في كل موضع في المسافرين والمحتاجين من بني السبيل، قال قتادة: ابن السبيل هو الضيف، والمسافر إذا قطع به، وليس له شيء. وقد روينا عن أبي جعفر محمد بن علي أنه قال: ابن السبيل هو المجتاز من أرض إلى أرض، وقال الشافعي: من يجيز أن الصدقة للذين أبيح لهم السفر في غير معصية، فيعجزون عن بلوغ سفرهم، إلا معونة على سفرهم.

19 - باب من مات وقد وصى بحج وزكاة وغير ذلك

19 - باب من مات وقد وصى بحج وزكاة وغير ذلك م 2429 - اختلف أهل العلم في الرجل يوصي بحج، وزكاة، وغير ذلك. فقالت طائفة: يكون في حجة الإسلام من رأس المال، هكذا قال عطاء بن أبي رباح، والحسن البصري، وطاووس، والزهري، والشافعي، وأحمد، كذلك في الزكاة من رأس المال. وقال ابن المسيب، والحسن البصري: كل يأخذ من رأس المال، وبه قال الشافعي، وقال إسحاق: أوصى به أو لم يوص، هذا مذهب الشافعي. وبه نقول استدلالا بسنة النبى حجة الإسلام بقضاء ديون الآدميين، فدل على ما قلناه، والله أعلم. وقالت طائفة: في الزكاة، والنذور، والحج، إن كان أوصى فيها أخرجت من ثلث ماله، وحكمه حكم الوصايا، وإن لم يوص بذلك، فليس على ورثته إخراج ذلك من ماله، هذا مذهب حماد الكوفي، وداؤد بن أبي هند، وحميد الطويل، والبتى، وبه قال ابن سيرين، والنخعي في الزكاة، والحج، وهو قول الشعبي في الحج، وكفارة رمضان، وكفارة اليمين. وقال الثوري كذلك في الحج، والزكاة، وقال الأوزاعي في الزكاة: يكون من الثلث، وكان مالك يقول في الوصية بالزكاة، والنذر: هو في ثلثه، مقدما على الوصايا.

20 - باب العتق في المرض وبعد الوفاة

20 - باب العتق في المرض وبعد الوفاة الخبر الدال على أن حكم [1/ 254/ألف] عتق البنات في المرض الذي يموت فيه المعتق حكم الوصايا، وإن ذلك من ثلث ماله الميت. قال أبو بكر: (ح 1538) ثبت أن رجلا من الأنصار أعتق ستة أعبد له قبل موته، لم يكن له مال غيرهم، فقال له: قولا شديدا، ثم دعاهم فجزاهم، فأقرع بينهم، فأعتق اثنين، ورد أربعة في الرق. م 2430 - وقد اختلف أهل العلم في الرجل يعتق جميع رقيقه في مرضه، لا مال له غيره، فقال بظاهر هذه الأخبار عمر بن عبد العزيز، وإبان بن عثمان، والشافعي، وأحمد، وإسحاق. وفيه قول ثان: وهو أن يعتق من كل واحد منهم الثلث، ويستسعى في الثلثين روينا هذا القول عن الشعبى، والنخعي، وقال الحسن مثله إذا لم يكن عليه دين، وقال النعمان: يعتق من كل واحد منهم ثلثه إذا كانوا ثلاثة، ويسعى في ثلثي قيمته للورثة، وحكمه ما دام يسعى حكم المكاتب، وقال يعقوب، ومحمد: هو حر، وثلثا قيمتهم دين عليهم، يسعون فيه، حتى يردوه إلى الورثة. قال أبو بكر: بما ثبت عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أقول.

21 - باب الموصي برأس من رقيقة أو بأكثر من ذلك غير مشار إليه ولا معلوم

21 - باب الموصي برأس من رقيقة أو بأكثر من ذلك غير مشار إليه ولا معلوم م 2431 - كان مالك يقول في الرجل يقول في وصيته: أحد رقيقي حر، ولم يسم واحداً بعينه، إن كانوا أربعة عتق ربعهم بالقيمة يقومون جميعاً، ثم يقرع بينهم، فإن وقع السهم على من قيمته ربع قيمة الأربع لا زيادة فيه ولا نقصان، عتق. وقال الثوري: إذا قال: أعتق أحد عبدي هذين، فلهم أن يعتقوا أرداهما. وقال الأوزاعي إذا أعتق واحدة بعينها، ثم نسى التي أعتق، وله جاريتان، قومتا قيمة عدل، وسعت كل واحدة منهما في نصف قيمتهما. وقال الشافعي: إذا شهد شاهدان أنه أعتق عبدا له عتقا بتاتا في مرضه فهو يخرج من الثلث، وشهد آخران لعبد أنه أعتقه عتق بتات، فأي المعتقين كان أول قدم، وبطل الآخر، وإن كانوا سواء ولا يعرفون أيهما كان أولا، أقرع بينهما، وإن كان أحدهما عتق بتات والآخر عتق وصية، كان البتات أولا، وإن كانا جميعاً عتق وصية، وعتق تدبير، فهو سواء يقرع بينهما. وقال أصحاب الرأي: إذا قالوا: أعتق بعض رقيقه ونسيناه، فشهادتهم باطلة، فإن قالوا: أعتق أحدهم ولم يسم، فهو والأول سواء، غير أنا نستحسن، فيعتق من كل عبد ثلثه، ويسعى في ثلثيه إذا كانوا ثلالة، وقيمتهم [1/ 254/ب] سواء.

22 - باب الرجل يعتق عبدا له في مرضه ولامال له غيره

وقال أبو ثور: إذا قال الشهود نسيناه فإن العبيد لا يسترقون، حتى يعلم الحر من العبد، وإن مات الشهود، أقرع بينهم، وقال الشعبي: إذا كانوا ثلالة ولم يدر أيهم هو، يعتق من كل واحد ثلثه ويستسعى في الثلثين، وقال الليث بن سعد: إذا خفي الذي وقع به العتق منهم، أعتقوا جمعياً. 22 - باب الرجل يعتق عبدا له في مرضه ولامال له غيره م 2432 - واختلفوا في الرجل يعتق عبدا له في مرضه فقال مالك، والشافعي: يعتق ثلثه، ويرق ثلثاه، وقد روينا ذلك عن ابن مسعود. وكان النخعي يقول: يعتق ثلثه ويسعى في ثلثيه، وبه قال شريح، وقال مسروق في آخر قوليه: شيء جعله الله، لا أرده. قال أبو بكر: قول مالك، والشافعي صحيح. م 2433 - واختلف أصحاب الرأي في رجل يوصي أن يعتق عنه نسمة بجميع ماله، ولم يجز ذلك الورثة، فقال النعمان: الوصية باطلة، وقال يعقوب، ومحمد: يشتري بالثلث نسمة فتعتق. م 2434 - واختلفوا في الرجل يوصي برقبتين يشتريان فيعتقان عنه بمال معلوم، فقصر الثلث عن ذلك. فقالت طائفة: يشتري واحدة، هذا قول عطاء، وفي قول مالك: يعتق عنه بمبلغ الثلث. وقال النعمان، ويعقوب: لا يعتق شيء.

23 - باب الرجل يوصي بوصايا يأمر فيها بالعتق

م 2435 - وقال الأوزاعي: إذا أوصى بعتق رقبة بمائة دينار، فاشترى بنقصان دينارين قال: يجوز عتقه، ويكسوه بالدنانير. 23 - باب الرجل يوصي بوصايا يأمر فيها بالعتق قال أبو بكر: م 2436 - واختلفوا في الرجل يوصي بوصايا فيها عتق. فقالت طائفة: يبدأ بالعتق، روى ذلك عن ابن عمر، وبه قال شريح، والحسن البصري، ومسروق، وعطاء الخراساني، وقتادة، والزهري، ومالك، وسفيان الثوري، وإسحاق. وفيه قول ثان: وهو أن ذلك بالحصص، لا يقدر شيء على شيء، هذا قول ابن سيرين، والشعبي، والحسن آخر قوليه، وأحمد، وأبي ثور، وقال النخعي: إن أوصى أن يشتري له نسمة فتعتق كان النسمة كسائر الوصية، وإن أوصى بعتاق عنه في مرضه، وبوصايا بدئ بالعتاقة. وقال الشعبي: إذا أعتق في وصيته مملوكا له فعجزت وصيته، بدئ به، وإن قال: أعتقوا عني، فبالحصص، وقال: [1/ 255/ألف] ابن شبرمة: العتق كما سمى، ووصيته كما سمى، والعبد سعى فيما بقى عليه.

24 - باب الرجل يأمر أن يشتري عبد بعينه فيعتق عنه

24 - باب الرجل يأمر أن يشتري عبد بعينه فيعتق عنه م 2437 - واختلفوا أوصى بأن يشتري عبد فلان بألف درهم، ويعتق عنه، فاشتروه بخمس مائة درهم، والبائع لا يعلم به. فكان الثوري يقول: هذه وصيته تدفع إلى البائع بخمس مائة، وقال أحمد: الخمس مائة ترد إلى ورثته، وقال إسحاق: يجعل الخمس مائة في العتق. وقال مالك في الرجل يوصي أن يباع غلامه وفيه إمالة قول: أن يوضع الثلث من ثمنه، ويبدأ على الوصايا، إلا أن يكون معه بثلثة (¬1). وقال أصحاب الرأي: أن لم يجدوا من يشتريه خطوا ما بينه وبين الثلث، وإذا أوصى أن يباع لم يزد على ذلك فهذا باطل، وإن أوصى أن يباع عند رجل ولم يسم ثمنا، بيع بقيمته، وإن أوصى بعتق عبد له، وأوصى ببيع آخر، وحط من ثمنه مقدار الثلث من جميع ماله، والعبد الذي أوصى بعتقه هو الثلث، فإنه يعتق من العبد الذي أوصى بعتقه، نصف قيمته، ويباع العبد الذي أوصى ببيعه، ويحط من ثمنه. م 2438 - وإذا أوصى بعتق عبد له، فأبى العبد، عتق إن أخرج من الثلث، ولا ينظر إلى رضاه، هذا قول مالك، والشافعي، وأبي ثور وغيرهم. ¬

_ (¬1) كذا في الأصل، وفي الأوسط "مثله" 3/ 163/ألف.

25 - باب الرجل يوصي بشيء بعينه فيستحق ثلثاه

25 - باب الرجل يوصي بشيء بعينه فيستحق ثلثاه قال أبو بكر: م 2439 - وإذا أوصى الرجل للرجل بشيء بعينه، فهلك ذلك الشيء [[بعينه]] في حياة الموصي، أو بعد وفاته، فلا شيء للموصى له في سائر مال [[الميت]]، فإن تلف مال الرجل، وبقي ذلك الشيء بعينه، فللموصى له ثلث ذلك، والثلثان للورثة. م 2440 - وإذا أوصى الرجل للرجل بثلث غنمه، أو إبله، أو أي سلعة كانت، واستحق الثلثان من ذلك، أو هلك، وبقي الثلث، وللموصي مال يخرج ما بقي من ثلث ماله، فالثلث الباقي جائز في الوصية، هذا قول أصحاب الرأي، وهو مذهب الشافعي. م 2441 - وإذا أوصى بثلث ثلثه إذن، فهلك اثنان وبقي واحد، والباقي يخرج من ثلث مال الميت، فإنه لا يكون للموصي له إلا ثلث الشيء الواحد الذي بقي، وهذا قول الكوفي، وهو على مذهب [1/ 255/ب] الشافعي. 26 - مسائل من باب الوصايا قال أبو بكر: 2 - وإذا أوصى الرجل لأمته أن تعتق على أن لا [[تـ]] تزوج، ثم مات فقالت: لا أتزوج، فإنها تعتق من ثلثه، فإن تزوجت بعد ذلك لم يبطل ذلك

وصيتهما من قبل أن نعتقها قد وجب، وهو قول أبي ثور، وأصحاب الرأي، وهو مذهب الأوزاعي، والليث بن سعد. وبه نقول. م 2443 - واختلفوا في الرجل يوصي لأم ولده بألف درهم على أن لا تتزوج، أو قال: إن لم تتزوج، أو على إن ثبتت مع ولدي، فقبلت وفعلت ما شرط عليها بعد موته يوما أو أقل، فإن الوصية لها من ثلثه، فإن تزوجت بعد ذلك لم تبطل وصيتها في قول أصحاب الرأي. وقال أبو ثور: يرجع عليها بالوصية، وفرق بينهما بأن الأول حرية قد مضت، وهذا مال يمكن الرجوع عليها إذا لم يقم عليه. م 2444 - وإذا أوصى الرجل بعتق عبده على أن لا يفارق ولده، وعليه دين يحيط بماله، أبطل وصيته، وبيع في الدين، فإن أعتقه الورثة لم يجز عتقهم، وهذا قول أبي ثور، وأصحاب الرأي. م 2445 - وإذا أوصى الرجل للرجل بمن يعتقه عليه إن قبله، فحكى ابن القاسم عن مالك أنه قال: عتق عليه وإن لم يقبله. وفي قول الشافعي: لا يقع عليه العتق إلا بقبول الموصى له. م 2446 - وقال الليث بن سعد: إذا أوصى برقبة عليه، فاشترى، فحل (¬1) أبوه مملوكا، فيشري، فيعتق عنه، أن ذلك يجزي عنه. وقال مالك: إن كان مطوعا فلا أرى بأسا، وإن كان من الرقاب الواجبة، فغيره أحب إلي. ¬

_ (¬1) كذا في الأصل، وفي الأوسط "فيوجد أبوه" 3/ 163/ب.

27 - باب الرجل يوصي بثلث ماله ثم يستفيد مالا بعد ذلك

27 - باب الرجل يوصي بثلث ماله ثم يستفيد مالا بعد ذلك قال أبو بكر: م 2447 - واختلفوا في الرجل يكون له مال، فيوصي بثلث ماله، ثم يستفيد مالا. فقالت طائفة: للموصي له ثلث جميع ما يخلفه عند موته، هذا قول النخعي، والأوزاعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي، وهو يشبه مذهب الشافعي. وروينا عن علي بن أبي طالب أنه قال: إذا قتل خطأ دخل ثلث ديته في وصيته، وبه قال الحسن البصري. وفيه قول ثان: وهو قول مالك، قال: كل من أوصى في مال لا يعلم به، فلا يقع فيه وصية، وكذلك إن أوصى بثلث ماله، ثم ورث مالا قبل أن يموت لا يعلم به، فلا يجوز لأهل الوصايا منه [1/ 256/ألف] شيء. وفيه قول ثالث: قاله أحمد: قال في رجل أوصى بثلث ماله لرجل، ثم قتل خطأ، أو استفاد مالا قال: إذا استفاد مالاً فيعم، وإذا قتل خطأ، فإنه لم يملك شيئاً إنما تجب الدية بعد موته، وبه قال إسحاق. 28 - باب الرجل يوصي بوصي بعد وصية م 2448 - واختلفوا في الرجل يوصي بوصية، ثم بأخرى بعدها.

29 - باب الوصية بالأعيان يكون قيمته أكثر من الثلث

فقالت طائفة: [[تنفذان]] إن لم يكن رجع عن الأولى، هذا قول ربيعة، ومالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق. وقال الثوري في العبد: يوصي به الرجل للرجل، ثم يوصي به لآخر، هو بينهما نصفان، وبه قال أحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي. وقال أصحاب الرأي: إذا قال العبد الذي أوصيت به لفلان، هو لفلان كان هذا رجوعا في الوصية الأولى، وللآخر منهما. وفيه قول ثان: وهو أن وصيته الآخرة منهما، هذا قول الحسن البصري. قال الحسن البصرى: إذا أوصى بوصية، ثم أوصى بوصية أخرى، فوصيته الأخيرة منهما، وقال طاؤس، وأبو الشعثاء، وعطاء: يؤخذ بآخر الوصية. قال أبو بكر: بالقول الأول أقول. 29 - باب الوصية بالأعيان يكون قيمته أكثر من الثلث 29 - كان الشافعي يقول: ولو قال: غلامي فلان لفلان، ولفلان داري، ووصفها، ولفلان خمسمائة دينار ولم يبلغ هذا الثلث، ولم يجزه لهم الورثة، وكان الثلث ألفا، والوصية ألفين، فكان قيمة غلامه خمسمائة دنانير، وقيمة داره ألفا، والوصية خمسمائة، دخل على كل واحد منهم في وصيته عدل النصف، وأخذ نصف وصيته، فكان للموصي له بالغلام نصف الغلام، وللموصي له بالدار نصف الدار، وللموصي له بخمسمائة

30 - باب وصية الرجل بجزء من ماله أو بنصيب منه

دنانير مائتان وخمسون، وهذا على مذهب أبي ثور، ولا أحسبه إلا قول أصحاب الرأي. وكان مالك يقول: إذا أوصى الرجل في ثلثه لفلان بكذا وكذا، حتى يسمى دنانير ذات اسم، فقال ورثته: إنه قد زاد على ثلثه، خيروا في أن يعطوا أهل الوصايا وصيتهم، ويأخذوا جميع [1/ 256/ب] ماله، فيكون بينه وبين أن يقسموا لأهل الوصايا ثلث مال الميت الذي أوصى لهم به، فتكون حقوقهم فيه إن زاد أو نقص. وممن حكى عنه أنه قال: يكون الموصى له شريكا للورثة فيما أوصى له به إذا عجز الثلث عن احتماله الثوري، والأوزاعي، والنعمان، ويعقوب، ومحمد. م 2450 - إلا في العبد يوصي [[بعتاقة]] فيعجز عن الثلث، فإنه يسعى في الباقي من قيمته في قول الثوري، والنعمان، وأصحابه. 30 - باب وصية الرجل بجزء من ماله أو بنصيب منه م 2451 - واختلفوا في الرجل يوصي للرجل بجزء من ماله، أو بنصيب، أو بسهم. فقالت طائفة: السهم السدس، هذا قول الحسن البصري، وبه قال الثوري. وررينا ذلك عن ابن مسعود، وقال إياس بن [[معاوية]]: السهم في كلام العرب السدس.»»

31 - باب وصية الرجل للرجل مثل نصيب أحد ورثته

وقال أحمد بن حنبل: السدس، إلا أن تعول الفريضة، وقال مرة: ينظر كم تكون الفريضة من السهام، فيعطى منه سهما أقل ما يكون من السهام. وقال شريح ترفع السهام فيكون للموصي له سهم. وقال الشافعي: في الرجل يقول: لفلان نصيب من مالي أو جزء، أو بحظ، فذلك كله سواء، ويقال للورثة: أعطوه منه ما شئتم، لأن [[كل]] شيء جزء، ونصيب، وحظ. وقال أبو ثور: يعطى سهماً من أربعة وعشرين سهما إذا أوصى له بسهم من ماله، وإذا أوصى بجزء من ماله أو بنصيب، أو بطائفة: فكما قال الشافعي. وفيه قول خامس: قاله النعمان: في رجل أوصى لرجل بجزء من ماله، ثم يموت، قال: يعطيه الورثة (¬1)، [[إلا]] أن يكون أكثر من السدس فيكون له السدس. 31 - باب وصية الرجل للرجل مثل نصيب أحد ورثته م 2452 - روينا عن أنس بن مالك أنه أوصى لثابت بمثل نصيب بعض ولده. واختلفوا فيما يجب فيمن أوصى [1/ 257/ألف] بمثل هذه الوصية. فقال كثير منهم: إذا أوصى بمثل نصيب أحدهم، وله ثلاث بنين، يعطى الربع، وإن كان [له] (¬2) بنون وبنات، أعطى نصيب امرأة. ومن قال يعطى الربع إذا أوصى له بمثل نصيب أحدهم وله ثلاثة بنين الشعبي، والنخعي، والثوري، والشافعي، وأبو ثور. م 2453 - وإذا أوصى بمثل نصيب ولديه، وفيهم الذكر والأنثى، أعطى نصيب أنثى في قول هشام بن هبيرة، والثوري، والشافعي، وإسحاق. ¬

_ (¬1) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: نص الكلام في الأوسط كما يلي: «وفيه قول خامس: قاله النعمان في رجل يوصي للرجل بجزء من ماله ثم يموت، قال: يعطيه الورثة ما شاءوا، وإذا أوصى بسهم من ماله ثم يموت، فله مثل نصيب أحد الورثة، إلا أن يكون أكثر من السدس فيكون له سدس، وقال يعقوب ومحمد: له مثل نصيب أحدهم إلا أن يكون أكثر من الثلث، ولا يجوز له إلا الثلث، إلا أن يسلم الورثة.» (¬2) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: زيادة من الأوسط

32 - باب الوصية لما في البطن وبما في البطن

م 2454 - وقال الشافعي، وأبو ثور: إذا أوصى بمثل نصيب ابنة ولم يخلف غيره، فله الثلث. 32 - باب الوصية لما في البطن وبما في البطن م 2455 - كان الثوري، والشافعي، وأبو ثور، وإسحاق، والنعمان وأصحابه يجيزون الوصية للحميل في بطن أمه. م 2456 - قال الشافعي: إذا كان مخلوقا يوم وقعت الوصية، ثم خرج حيا لأقل من ستة أشهر من يوم تكلم بالوصية، وهذا على مذهب أبي ثور، وأصحاب الرأي. م 2457 - وقال الشافعي: ولو كان الزوج ميتا حين أوصى بالوصية، فجاءت بالولد لأقل من ستة أشهر أو لأكثر، لما يلزم له النسب، كانت الوصية جائزة، وهذا على قول أبي ثور، وأصحاب الرأي: فإذا كان الحمل غلاما أو جارية، أو أكثر، كانت الوصية بينهم سواء على العدد، هذا قول الشافعي، وأصحاب الرأي. م 2458 - وقال أبو ثور، وأصحاب الرأي: إن كان قال: إن كان الذي في بطنك غلام فله ألفان، وإن كانت جارية، فلها ألف درهم، فولدت غلاما وجارية، أو غلامين، أو جاريتين، فليس لواحد منهما شيء، لأن الذي في بطنها غير ما قال.

33 - باب الوصية للوارث والأجنبي

33 - باب الوصية للوارث والأجنبي (ح 1039) جاء الحديث عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لا وصية لوارث". م 2459 - وأجمع أهل العلم على القول به. م 2460 - وإذا أوصى الرجل بعبد، أو بدابة لبعض [[ورثتة]]، ولأجنبي من الناس، بطل منه ما أوصى به للوارث، وثبتت وصية الأجنبى، كذلك قول مالك، والشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي [1/ 257/ب]. 34 - باب الوصية للقاتل م 2461 - كان الثوري، والشافعي، وأصحاب الرأي لا يجيزون الوصية للقاتل. وأجاز أبو ثور الوصية للقاتل. وبه نقول، وذلك لأنا لا نعلم حجة تمنع منه. 35 - باب الوصية بالمشاع م 2462 - أجمع أهل العلم على أن الرجل إذا أوصى للرجل بثلث جميع ماله، فهلك من المال شيء، أن الذي تلف يكون من مال الورثة، والموصى له بالثلث.

36 - باب وصية الرجل لعبده

م 2463 - وأجمعوا كذلك على أن الرجل إذا أوصى له بشيء من المال بعينه، فهلك ذلك الشيء، أن لا شيء للموصى له في سائر مال الميت. م 2464 - واختلفوا في الرجل يوصي للرجل بثلث دار، أو عبد، أو غير ذلك، واستحق من ذلك الذي أوصى به ثلثاه، وبقى ثلثه وكان للموصى ما يخرج الثلث الباقي من ذلك الشيء من ثلث ماله، فكان أبو ثور يقول: ليس للموصى له بذلك إلا ثلث ما بقى. وقال أصحاب الرأي: إذا بقى الثلث، وله مال يخرج ذلك من ثلث ماله، فإن الثلث الباقي للموصى له. قال أبو بكر: م 2465 - ثم [[نقضوا]] ذلك، فقالوا: إن أوصى له بثلث ثلثه [[آدر]]، أو ثلاثة من الرقيق، فهلك اثنان وبقى واحد، أن لا يكون له إلا ثلث هذا من الواحد، من قبل أن هذا لا يقسم، والأول يقسم. قال أبو بكر: ليس بينهما فرق. 36 - باب وصية الرجل لعبده م 2466 - واختلفوا في وصية الرجل لعبده، فأجاز ذلك الحسن البصري، وابن سيرين، قالا: إذا أوصى له بالثلث، فإن ذلك في رقبته، فإن كان الثلث أكثر من رقبته، عتق ودفع إليه ما بقى، وإن كان أقل من ثمنه، عتق وسعى لهم فيما بقى، وإن أوصى له بدراهم، فإن شاء الورثة أجازوا، وإن شاءوا لم يجيزوا. وقال أصحاب الرأي: إذا أوصى له بدراهم لم تجز، وإذا أوصى له برقبته جازت الوصية، فإن أوصى له بثلث رقبته سعى فيما بقى.

37 - باب الوصية من الرجل لأم ولده

وقال مالك: إذا أوصى الرجل لعبده برقبته، فإن حمله الثلث أعطى ما فضل من الثلث عن رقبته، وإن أوصى بوصية جاز، إذا حمله الثلث، وليس للورثة أن ينزعوه [1/ 258/ألف]. وقال أبو ثور: إذا أوصى لعبده بدراهم أو بثوب فليست الوصية بشيء (¬1)، وبه قال إسحاق. وقال أبو ثور: إذا أوصى له بدرهم فذلك جائز، وإن أوصى له برقبته، بطلت الوصية، من قبل أنه لايملك نفسه. 37 - باب الوصية من الرجل لأم ولده م 2467 - روينا عن عمر بن الخطاب أنه أوصى لأمهات أولاده، وروى ذلك عن عمران بن حصين، وبه قال ميمون بن مهران، والزهري، ومالك، ويحيى الأنصاري، وأحمد، وإسحاق. وقال الحسن البصري: ما أحررت أم الولد في حياة سيدها، فهو لها، وبه قال النخعي. قال أبو بكر: وقياس قول الشافعي أن ما بيدها للورثة إذا مات السيد. 38 - باب وصية الذي لا وارث له بجميع ماله قال أبو بكر: م 2468 - واختلفوا في الرجل الذي لا وارث له، يوصي بجميع ماله. ¬

_ (¬1) كذا في الأصل.

39 - باب قول المريض إن من [[مرضي]] هذا فلفلان كذا

فرخص في ذلك قوم، ثبت أن ابن مسعود قال ذلك، وبه قال عبيدة السلماني، والحسن البصري، ومسروق، وإسحاق. وقال أحمد: ليس له ذلك، وحكى عن ابن شبرمة أنه قال: لا يجوز أن يوصي إلا بالثلث. 39 - باب قول المريض إن من [[مرضي]] هذا فلفلان كذا م 2469 - واختلفوا في الرجل يقول في وصيته: إن مت من [[مرضي]] هذا، أو في [[سفري]] هذا فلفلان كذا، ثم يصح من مرضه، أو يقدم من سفره. فقالت طائفة: إذا صح، بطلت الوصية، هذا قول الشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي، وبه قال الحسن البصري، والثوري. وقال مالك: إن كتب كتابا، ثم صح من مرضه، وأقر الكتاب، فوصيته بحالها ما لم ينقضها، وإن قال قولا، ولم يكن كتب كتابا، ثم صح، أو قدم من سفره بطلت الوصية. مسألة م 2470 - قال مالك: إذا أوصى للرجل بخمسة دنانير، ثم أوصى له بعشرة، فله العشرة. وقال النعمان: إذا قال: سدس مالي لفلان وصية، ثم قال: ثلث مالي لفلان وصية، فله الثلث.

40 - باب الموصى له بالشيء يموت قبل الموصي

40 - باب الموصى له بالشيء يموت قبل الموصي قال أبو بكر: م 2471 - واختلفوا في الرجل يوصي [1/ 258/ب] لرجل بشيء، ثم يموت الموصى له قبل الموصي. فقالت طائفة: تبطل الوصية، ويرجع الشيء إلى ورثة الموصي، روينا هذا القول عن علي بن أبي طالب، وبه قال الزهري، وحماد بن أبي سليمان، وربيعة، ومالك، وأصحاب الرأي. وفيه قول ثان: وهو أن الوصية لولد الموصى له، هذا قول الحسن البصري. وقال عطاء: وإذا علم الموصي بموت الموصى له، ولم يحدث فيما أوصى له شيئاً، ثم مات، فالوصية لأهل الموصى له. مسألة قال أبو بكر: م 2472 - واختلفوا في الرجل يقول: لفلان ولفلان مائة درهم، وأحدهما ميت فكان الثوري، والنعمان، ويعقوب، ومحمد يقولون: هي للحي منهما. وقال أحمد، وإسحاق: ما للحي إلا خمسون درهما، ولا وصية للميت. م 2473 - وقال الثوري: إذا قال: بين فلان وفلان مائة درهم، وأحدهما ميت فللحي خمسون، وبه قال أحمد، وإسحاق.

41 - باب الرجل من المساكين يوصي له الميت بشيء ويأمر بتفريق باقي الثلث في الفقراء والمساكين

41 - باب الرجل من المساكين يوصي له الميت بشيء ويأمر بتفريق باقي الثلث في الفقراء والمساكين قال أبو بكر: م 2474 - قال الحسن: إذا أوصى لرجل مسكين بعشرة دراهم، وأوصى لمساكين بدراهم، لا يعطى منها، وبه قال إسحاق، وقال: أخطأها ولا الذين قالوا يعطون مما أوصى للمساكين، إذا كانوا ما قبضوا، لم يصيروا به أغنياء. وقال مالك: إذا أوصى بأن يفرق ورقا، وحنطة على المساكين، قال: الذين يعطيهم الورق، لا يعطيهم الحنطة. 42 - باب الوصية بالخدمة والغلة قال أبو بكر: م 2475 - إذا أوصى الرجل بخدمة عبده لرجل سنة، وليس له مال غيره، فقال مالك: الورثة بالخيار إن أحبوا أن يسلموا خدمته سنة، ثم يرجع إليهم العبد، وإلا أسلموا له ثلث مال الميت. وفيه قول ثان: وهو أن يحاز منه ما حمل حملة الثلث، ويرد ما لم يحمله الثلث، هذا قول الشافعي، وقال أبو ثور: يخدم الموصى له يوما، والورثة يومين حتى يستكمل الموصى له سنة، وإن أراد الورثة بيع العبد على هذا المعنى باعوه. م 2476 - وإذا أوصى بسكنى دار له سنة، ولا مال له غيرها، كان له أن يسكن ثلث الدار سنة.

مسألة

وقال أصحاب الرأي في خدمة العبد كقول أبي ثور، وقالوا في السكنى: يسكن ثلثها سنة، ويسكن الورثة الثلثين أ [1/ 259/ألف]. م 2477 - واختلفوا في الرجل يوصي للرجل بسكنى داره سنة ففي قول مالك: للذي أوصى له بالسكنى أن يكريها، وبه قال أبو ثور، وهو يشبه مذهب الشافعي. وقال أصحاب الرأي: ليس له أن يؤاجر الدار. م 2478 - واختلفوا في إخراج الموصى له بغلة العبد بالعبد من البلد. فقال أبو ثور: له أن يخرجه. وقال أصحاب الرأي: ليس له أن يخرجه إلا أن يكون الموصي له أهله في غير الكوفة، فليخرجه إلى أهله. م 2479 - فإذا أوصى رجل بخدمة عبده لرجل، ولآخر برقبته فذلك جائز، ونفقة العبد على صاحب الرقبة في قول أبي ثور، وهو يشبه مذهب الشافعي. والوصية بمثل هذا جائزة في قول الشافعي، وأصحاب الرأي، وقال أصحاب الرأي: نفقة العبد وكسوته على صاحب الخدمة. م 2480 - واختلفوا في العبد الذي هذا سبيله، يوهب له مال. ففي قول أبي ثور: هو للعبد، وهو يشبه مذهب مالك. وفي قول الشافعي، وأصحاب الرأي: ما وهب للعبد من شيء فهو لصاحب الرقبة. مسألة قال أبو بكر:

43 - باب إقرار الوارث بالوصية

م 2481 - أجمع كل من يحفظ عنه من أهل العلم على أن وصية الرجل بغلة بستانه، أو سكنى داره، أو خدمة عبده يكون من الثلث. وممن حفظنا هذا عنه الثوري، والشافعي، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. 43 - باب إقرار الوارث بالوصية قال أبو بكر: م 2482 - إذا أقر الوارث أن أباه أوصى بالثلث لفلان، وأقام آخر شاهدين أنه أوصى له بالثلث، حلف الذي أقر له الوارث إذا كان الوارث عدلا، وكان الثلث بينهما نصفين، هذا قول أبي ثور. وقال أصحاب الرأي: يؤخذ بشهادة الشهود، ولا يكون للذي أقر الوارث شيء. وإذا أقر فقال: أوصى لفلان بالثلث، وأوصى لفلان بالثلث، فالثلث بينهما في قول أبي ثور، وأصحاب الرأي إذا كان الكلام متصلا. 44 - باب كتبة الوصية م 2483 - روى عن أنس بن مالك أنه قال: كانوا يكتبون في صدور وصاياهم، بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما أوصى به فلان أنه شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله، {وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَا

رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ} الآية، وأوصى من ترك من أهله أن يتقوا الله، ويصلحوا ذات بينهم، ويطيعوا الله ورسوله إن كانوا [1/ 259/ب] مؤمنين، وأوصاهم بما أوصى به إبراهيم [[بنيه]] ويعقوب، {يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} الآية. وروينا أن ابن مسعود أوصى فكتب في وصيته، بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ذكر ما وصى به عبد الله بن مسعود،. . . . . . . . . (¬1) ¬

_ (¬1) حدث طمس في صفحة 259/ب قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: ونص الكلام في الأوسط كما يلي: «وروينا أن ابن مسعود وصى فكتب في وصيته: بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ذكر ما أوصى به عبد الله بن مسعود، وإن حدث بي حدث الموت في مرضي هذا أن مرجع وصيته إلى الله - جل ذكره - ثم إلى الزبير بن العوام، وابنه عبد الله بن الزبير، وأنهما في حل وبل فيما وليا وقضيا، وأنه لا تزوج امرأة من بنات عبد الله إلا بإذنهما.»

46 - باب إقرار بعض الورثة بالدين أو الوصية دون بعض

. . . . . . . . (¬1) [1/ 260/ألف]، فأشار إليهم فقعدوا. قال أبو بكر: فمن أشار بإشارة تفهم عنه أخرسا كان أو ممنوع الكلام، أستعمل ما أشار به، استدلالا بهذه السنة. قال أبو بكر: م 2487 - وإذا كتبها بين أيديهم، [[وهم]] ينظرون إليها، ويقرءون ما فيها، ثم قال: اشهدوا أن هذه وصيتي، كانت شهادتهم جائزة في قول أبي ثور، وأصحاب الرأي. 46 - باب إقرار بعض الورثة بالدين أو الوصية دون بعض قال أبو بكر: م 2488 - واختلفوا في الرجل يموت وله ابنان، يقر أحدهما بدين على أبيه. فقالت طائفة: يخرج الدين كله من نصيب المقر إلى أن يدفع ما صار إليه، روينا هذا القول عن الشعبي، وبه قال أصحاب الرأي. وقال آخرون: يؤخذ من المقر بقدر ما يصيبه من الدين، لو ثبت ببينة، هذا قول الحسن البصري، والنخعي، والحكم، ومالك، والشافعي، وأبي عبيد، وأبي ثور. ¬

_ (¬1) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: أشار المحقق إلى انتهاء السقط ونص الكلام في الأوسط كما يلي: «قال أبو بكر: ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه صلى قاعدا، وصلى وراءه قوم قياما، فأشار إليهم فقعدوا.»

47 - باب الوارثين من جماعة الورثة يشهدان على من ورثا عنه بدين

47 - باب الوارثين من جماعة الورثة يشهدان على من ورثا عنه بدين قال أبو بكر: م 2489 - واختلفوا في الرجلين من الورثة يشهدان على أبيهما بدين، فقبلت شهادتها طائفة إذا كانا عدلين، هذا قول الحسن البصري، والحارث العكلي، والشعبي، والنخعي، والحكم، ومالك، والشافعي، وأبي عبيد. وقد روينا عن النخعي أنه قال: يجوز عليهما في أنصابهما، وعن الشعبى أنه قال: إنما أقرا على أنفسهما. وبالقول الأول أقول، ولعل الشعبي، والنخعي إنما قالا ذلك إذا كانا غير عدلين، فلا يكون عنهما في المسألة اختلاف، والله أعلم. 48 - باب الإقرار بالدين قال أبو بكر: م 2490 - أجمع أهل العلم على أن لا وصية لوارث. (ح 1041) وجاء الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لا وصية لوارث". م 2491 - واختلفوا في إقرار المريض للوارث بدين. فأجازت ذلك طائفة، كذلك قال عطاء بن أبي رباح، والحسن البصري، وإسحاق، وأبو ثور. وأجاز شريح، والحسن البصري إقرار الرجل لامرأته في مرضه بالمهر،

به قال الأوزاعي. وقالت طائفة: لا يجوز إقرار المريض في مرضه للوارث، هكذا قال شريح، وأبو هاشم، وابن أذينة، والنخعي، ويحيى الأنصاري، والثوري، وأحمد بن حنبل، والنعمان [1/ 260/ب] وأصحابه وروى ذلك عن القاسم، وسالم، وقد كان الشافعي يجيزه مرة، ثم رجع عنه فقال: لا يجوز. وفيه قول ثالث: قاله مالك قال: إذا كان للرجل عرض [[كثير]]، فذكر أن ذلك كله لامرأته، ولم يسمع ذلك منه في حياته: أن أتهم على ذلك، لم يصدق، وإن لم يكن كذلك نظر فيه، وقال الحسن بن صالح: إذا أقر لوارث في مرضه لا يجوز إلا أن يقر لامرأته بالصداق. وقد احتج بعض من يمنع ذلك بأنه قال: لما لم تجز الوصية للوارث، لم يجز له الإقرار، وقال آخر: سهمه في ذلك. واحتج من يجيز ذلك بأن الرجل إذا أقر في صحته بدين لوارثه إن ذلك يلزمه، ولو أوصى له بشيء لم يجز، قال: ويقال لمن خالف ذلك: أرأيت لو أن أبا بكر، وعمر، وعثمان، وعلياً أقر بعضهم لوارثه بدين، أيجوز أن يتهم أحد منهم، ولو أقر أيوب السختياني، ويونس بن عبيد، وابن عون، وسليمان التيمي، والثوري، وابن المبارك بدين، أيجوز أن يتهموا. (ح 1042) وقد نهى النبي- صلى الله عليه وسلم - عن الظن فقال: "إياكم والظن فانه أكذب الحديث". فان قال قائل: أنهم ليسوا كغيرهم، فليس في أحكام الله بين الناس الأخيار منهم والأشرار فرق.

49 - باب إقرار المريض بالدين لغير وارث

م 2492 - وقد أجمع أهل العلم على أن الرجل لو أوصى لوارثه بوصيته، وأقر له بدين في صحته، ثم رجع، أن رجوعه عن الوصية جائز، ولا يقبل رجوعه عن الأقرار. 49 - باب إقرار المريض بالدين لغير وارث م 2493 - أجمع كل من يحفظ عنه من أهل العلم على أن إقرار المريض في مرضه بالدين لغير الوارث جائز، إذا لم يكن عليه دين في الصحة. م 2494 - واختلفوا في المريض يقر بدين لأجنبي، وعليه دين في الصحة ببينة، فقالت طائفة: يبدأ بالدين الذي كان في الصحة، هذا قول النخعي، وأصحاب الرأي إذا كان دين الصحة ببينة، فإذا استوفى هؤلاء الذين أقر لهم في المرض يتحاصون. وقالت طائفة: هما سواء دين الصحة، والذي أقر به في المرض، هذا قول الشافعي، وأبي ثور، وأبي عبيد، وذكر أبو عبيد أنه قول أهل المدينة. وممن رأى أن إقرار المريض للأجنبي بالدين جائز الثوري، وأحمد، إسحاق وبه نقول. 50 - باب الأمراض التي يجوز عطايا المريض فيها ولا يجوز [1/ 261/ألف] م 2495 - كان عطاء بن أبي رباح يقول في رجل به الجزام، أو السل،

51 - باب ذكر عطية الحامل

والحمى، وهو يجيء ويذهب ما صنع في ماله، فهو من جميع المال، إلا أن يكون أضنى على فراشه، وهو مذهب الأوزاعي، ومالك، والثوري، والنعمان وأصحابه، وأبي ثور. قال أبو بكر: فأما الأمراض التي يمنع أصحابها من الإعطاء إلا من الثلث، فإنها الأمراض التي تخلف أصحابها عن المضي في حوائجهم، ويلزمهن الفرش مثل الحمى الصالب، [[والبرسام]]، والبطن، ونحو هذه الأمراض، وسأذكر ما يحضرني من اختلافهم في عطايا المرأة الحامل، وراكب البحر، والأسير، والمحصور، إن شاء الله. 51 - باب ذكر عطية الحامل م 2496 - واختلفوا في عطية الحامل، فقالت طائفة: عطيتها كعطية الصحيح، هذا قول الحسن البصري، والزهري. وفيه قول ثان: وهو أن ما أعطت هو من الثلث، هكذا قال ابن المسيب، وبه قال عطاء، وقتادة. وفيه قول ثالث: وهو أنه من رأس المال ما لم يضر بها المخاض، فيكون من الثلث، هذا قول النخعي، ومكحول، ويحيى الأنصاري، والأوزاعي، وعبيد الله بن الحسن، والشافعي، والثوري. وبه نقول. وقال أحمد، وإسحاق: إذا أثقلت لا يجوز لها الثلث. وقال مالك: ما لم تثقل وذلك ما بينها وبين ستة أشهر، فإذا بلغت ذلك كانت قد أثقلت، وكانت كالمريض المخوف عليه، لا يجوز لها قضاء إلا في ثلثها.

52 - باب عطية من هو مصاف العدو

52 - باب عطية من هو مصاف العدو م 2497 - واختلفوا فيما يعطيه من هو في حال الحرب [[ومصافة]] العدو. فقالت طائفة: ما أعطى من هو في تلك الحال من الثلث، هذا مذهب مالك، والأوزاعي، والثوري، والشافعي، وإن اختلفت ألفاظهم، وقال ابن المسيب: ما أعطت الحامل، والغازي فهو من الثلث. وقد روينا عن مكحول أنه ما أعطي الغازي فهو من رأس المال ما لم تكن المسابقة، وقال الشعبي: إذا وضع رجله في الغرز، فما أوحى فهو من الثلث، وكذلك قال مسروق. وقال الحسن البصري في الرجل يكون في المزاحفة، وركوب البحر، والطاعون، والحامل: ما أعطوا فهو جائز، ولا يكون من الثلث. وقال النخعي: ما صنع المسافر من شيء فهو من رأس المال، وبه قال هشيم. 53 - باب عطية راكب [1/ 261/ب] البحر والمحبوس م 2498 - روينا عن الحسن أنه قال: ما أعطى راكب البحر أنه من رأس المال، وبه قال مكحول، ما لم يهج البحر به، فيكون من الثلث. وقال الأوزاعي كقول الحسن إلا عند تخوفه الفرق فهو من ثلثه، وقال الحسن: لما حبس الحجاج إياس بن معاوية ليس له من ماله إلا الثلث. وقال الأوزاعي في الوصية المحصور في سبيل الله، أو في الفتنة: فهو من الثلث، وفي المحبوس ينتظر أن يقتل قوداً، أو تقفأ عينه، هي في ثلثه.

54 - باب وصية الأسير

54 - باب وصية الأسير م 2499 - كان الزهري يقول: لا يجوز لأسير في ماله إلا الثلث، وبه قال أحمد، وإسحاق، والثوري، وبه قال ابن أبي ليلى إذا كان خائفاً، وإن كان آمناً، فهو من رأس المال. وفرق الشافعي بين الأسير الذي يكون في أيدي المسلمين، أو المشركين الذين لا يقتلون الأسير، فقال عطية: إذا كان هكذا من رأس ماله، وإن كانوا مشركين يقتلون الأسير، أو يدعوهم فعطيته معطية المريض، لأن الأغلب عليهم أن يقتلوا. 55 - باب من يجوز أن يكون وصياً ومن لا يجوز الوصية إليه م 2500 - أجمع أهل العلم على أن الوصية إلى المسلم الحر الثقة العدل جائزة. م 2501 - واختلفوا في الوصية إلى المرأة الحرة. فقال عوام أهل العلم: الوصية إلى جائزة، وروينا عن شريح أنه أجاز ذلك، وبه قال مالك، والثوري، والأوزاعي، والحسن بن صالح، وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي، وأبو ثور، وهو مذهب الشافعي، واحتج أحمد بأن عمر أوصى إلى حفصة. وقد روينا عن عطاء بن أبي رباح أنه قال رجل أوصى إلى امرأة قال: لا تكون المرأة وصياً، فإن فعل حولت إلى رجل من قومه.

56 - باب الوصية إلى العبد والمكاتب

56 - باب الوصية إلى العبد والمكاتب م 2502 - واختلفوا في الوصية إلى العبد. فقالت طائفة: لا يجوز ذلك، هذا قول الشافعي، وأبو ثور، ويعقوب، ومحمد. وفيه قول ثان: وهو أن يوصي الرجل إلى عبده، هذا قول النخعي، ومالك، والأوزاعي، وابن عبد الحكم. وفيه قول ثالث: وهو أن وصيته إلى عبد نفسه جائزة، ولا تجوز وصيته إلى عبد غيره، هذا قول الأوزاعي. وفيه قول رابع [1/ 262/ألف] قاله أصحاب الرأي قالوا: إذا أوصى الرجل إلى عبد غير هذا فالوصية باطلة، وإن أجاز مولى العبد، لأن للمولى أن يبيعه ويخرجه من الوصية، وكذلك إذا أوصى إلى عبده، وفي الورثة كبير، وإن أوصى إلى عبده والورثة صغار فالوصية جائزة. م 2503 - واختلفوا في الرجل يوصي إلى مكاتبه. فأبطل الشافعي، وأبو ثور وصيته. وفيه قول ثان: وهو أن وصية الرجل إلى مكاتبه جائزة، هذا قول النخعي، وبه قال أصحاب الرأي. 57 - باب الوصية إلى الذمي قال أبو بكر: م 2504 - الوصية لا تجوز إلى الذمي، وهو قول مالك، والشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي، ولا أحفظ عن غيرهم خلاف قولهم.

58 - باب الوصية إلى من ليس محمود الحال من المسلمين

وبه نقول. م 2505 - وتجوز وصية الذمي إلى المسلم في قول الشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي، وبه قال مالك: إذا لم يكن في تركته الخمر والخنازير. م 2506 - واختلفوا في وصية الذمي إلى الذمي، فأجاز أصحاب الرأي ذلك. وقال أبو ثور: إذا ترافعوا إلينا أبطلناه، وهذا يشبه مذهب الشافعي. 58 - باب الوصية إلى من ليس محمود الحال من المسلمين قال أبو بكر: م 2507 - كان مالك يقول: المسخوط عليه لا تجوز الوصية إليه، وهو قول الشافعي، وأبي ثور. م 2508 - وأجاز أصحاب الرأي الوصية إلى المحدود في القذف، وأبطلوا الوصية إلى الفاسق المتهم المتخوف على ماله، قالوا: ويجعل القاضي على مكانه وصياً. 59 - باب من له أن يوصي ومن ليس له ذلك، ووصية الصبي والصبية قال أبو بكر: م 2509 - أجمع أهل العلم على أن وصية الحر، والحرة البالغين جائزي الأمر جائزة. م 2510 - واختلفوا في وصية الصبي والصبية اللذين لم يبلغا.

60 - باب وصية الأحمق والموسوس

فقالت طائفة: وصية غير البالغ جائزة، روينا عن عمر بن الخطاب أنه أجاز ذلك، وهو قول شريح، وعمر بن عبد العزيز، والزهري، وعطاء، والنخعي، والشعبى، ومالك، والشافعي، وأجاز أحمد، وإسحاق وصية ابن اثنتي عشرة سنة. وقالت طائفة: لا تجوز وصية الصبي حتى يبلغ، روى هذا القول عن ابن عباس، وبه قال الحسن البصري، ومجاهد، وأصحاب [1/ 262/ب] الرأي. 60 - باب وصية الأحمق والموسوس م 2511 - أكثر أهل العلم يقولون: لا تجوز وصية المغلوب على عقله، وممن قال ذلك حميد بن عبد الرحمن، ومالك، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وأصحاب الرأي ومن تبعهم. وقال عطاء بن أبي رباح في الأحمق والموسوس وإن أصابا وهما مغلوبان على عقولهما: ما أحسب أنهما تجوز وصيتهما من وصية، (¬1) وبه قال عمرو بن دينار. وقال إياس بن معاوية: إذا وافقت وصية الصبي والمجنون الحق جازت وصيتهما، وقال أحمد لي الضعيف في عقله، والسفيه، والمصاب الذي يجن أحياناً: ما أعرف لهؤلاء وصية، وبه قال إسحاق. وقال مالك: "الأمر المجتمع عليه عندنا أن الضعيف في عقله، والمصاب ¬

_ (¬1) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: ونص الكلام في الأوسط كما يلي: «وقال عطاء في الأحمق والموسوس (إن) ماتا وهما مغلوبان على عقولهما ما أحسب لهما من وصية»

61 - باب وصية الذمي

الذي يجن أحياناً، والسفيه تجوز وصاياهم إذا كان معهم من عقولهم ما يعرفون ما يوصون". 61 - باب وصية الذمي م 2512 - أجمع من أحفظ عنه من أهل العلم على أن وصية الذمي للمسلم (¬1) بما يجوز ملكه جائزة. م 2513 - واختلفوا في غير ذلك من وصاياهم، فقال الشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي: إذا أوصى النصراني بأكثر من ثلث ماله، فجاءنا ورثته، أبطلنا ما جاوز الثلث منهما. م 2514 - واختلفوا في وصية النصراني بثلث ماله، فيما لا يجوز من بناء كنيسة، أو العمارة لها فكان الشافعي، وأبو ثور يقولان: لا يجوز ذلك. وقال أصحاب الرأي: نجيزه. م 2515 - وإن أوصى بأرض له أن تبنى كنيسة، أو بيعه، جاز ذلك في قول النعمان. ولا يجوز في قول الشافعي، ويعقوب، ومحمد. م 2516 - ولو أوصى أن يشترى بها خنازيراً، أو خمراً يتصدق بها، أو أوصى بخنازير أبطلنا الوصية، وهذا قول أبي ثور. وقال أصحاب الرأي: يجوز أن يوصي بذلك لأهل الذمة. ¬

_ (¬1) في الأصل "والمسلم " والتصحيح من الأوسط 3/ 174/ألف ولم يذكر المؤلف هذا الإجماع في كتاب الإجماع، وإنما أضفته في الطبعة الثانية.

م 2517 - ووصية المسلم للذمي جائزة في قول مالك، والثوري، وأحمد بن حنبل، وإسحاق، وأصحاب الرأي، وقد روينا إجازة ذلك عن جماعة منهم شريح، والشعبي، وعطاء، وابن سيرين. وقال ابن الحنفية، وعطاء، وقتادة في قوله: {ِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا} الآية قالوا: في جواز وصية المسلم لليهودي، والنصراني. م 2518 - فإذا دخل رجل من أهل الحرب، فأوصى بماله كله لرجل من المسلمين كان الثلث جائزاً، ويكون الباقي في بيت المال على مذهب الشافعي. وبه نقول. وقال أصحاب الرأي: ذلك جائز من قبل أن حكمنا لا يجزي على ورثته. قال أبو بكر: م 2519 - وليس للمكاتبين [1/ 263/ألف] وأمهات الأولاد أن يوصوا في شيء مما بأيديهم، إلا بإذن ساداتهم، هذا قول الشافعي في المكاتب والعبد، وبه قال أصحاب الرأي، وقال أبو ثور ويعقوب ومحمد مثله. م 2520 - وقال أبو ثور: إذا أوصى العبد فقال: إذا أعتقت، ثم مت فثلثي لفلان، كان ذلك جائزاً، وكذلك المكاتب، والمدبر. وقال النعمان في العبد، والمكاتب: إذا مات بعد أن قال: إذا من فلفلان ثلثي، ثم عتق، ثم أصاب مالا تجوز وصيته.

62 - باب ما يكون رجوعا في الوصية ولا يكون

62 - باب ما يكون رجوعاً في الوصية ولا يكون م 2521 - أجمع أهل العلم على أن الرجل إذا أوصى لرجل بطعام فأكله، أو بجارية فباعها، أو نسي ما كان فأبلغه، أو وهبه، أو تصدق به، أن ذلك كله رجوع، وكذلك لو كانت جارية فأحبلها، وأولدها، إن ذلك رجوع. م 2522 - واختلفوا في الرجل يوصي للرجل بثوب فتقطعه، أو بقطن فيأمر بغزله أو بفضة فصاغها، ففي قول أبي ثور: لا يكون ذلك رجوعاً. وقال أصحاب الرأي: ذلك كله رجوع. م 2523 - وقال أصحاب الرأي: إذا أوصى بثوب فغسله، أو بدار فحصصها، أو بدار فهدمها فليس هذا رجوعاً في الوصية. م 2524 - واختلفوا في الرجل يوصي للرجل بالثوب، أو عبد، ثم باعه، ثم اشتراه، فقال أبو ثور: خروجهما من يديه إبطالاً للوصية. وقال أصحاب الرأي: وصيته ثابتة للموصى له. م 2526 - وقال الشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي: إذا أوصى بعبد له، ثم أوصى بذلك العبد لرجل آخر، أن العبد بينهما نصفان. م 2526 - وإذا أوصى بعبد لرجل، ثم قال: العبد الذي أوصيت [[به]] لفلان هو لفلان، كان هذا رجوعاً، والعبد للآخر منهما في قول الشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي.

63 - باب الدخول في الوصايا

63 - باب الدخول في الوصايا م 2527 - روينا عن أبي عبيد أنه لما عبر الفرات، أوصى إلى عمر بن الخطاب، وروينا أن عثمان، وابن مسعود، والمقداد بن الأسود، وعبد الرحمن، ومطيع بن الأسود، أوصوا إلى الزبير بن العوام، وأوصى إلى ابن الزبير ستة. وقد روينا عن عمر أنه كان أوصى لرجل، والأخبار عن الأوائل في هذا الباب تكثر. 64 - باب الرجوع فيما يوصي به المرء م 2528 - أجمع عوام أهل العلم على أن للرجل أن يرجع في جميع ما يوصي [1/ 263/ب] به إلا العتق. م 2529 - فإنهم اختلفوا فيه، فروينا عن عمر بن الخطاب أنه قال: يغير الرجل ما شاء من الوصية، وبه قال عطاء بن أبي رباح، وأبو الشعثاء، والزهري، وقتادة، ومالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، إلا المدنيين في قول مالك. وقالت طائفة: يغير الرجل ما شاء من وصية إلا العتاقة، كذلك قال الشعبى، وابن شبرمة، وابن سيرين، والنخعي، وكان الثوري يقول: وكل صاحب وصية له أن يرجع في وصيته، ويغرها، ويبدلها، ويرجع فيها، وينقضها ما دام حياً، إلا العتاقة قال: وإن

65 - باب ما يفعله الأوصياء في أموال اليتامى

قال: إن مت من مرضي هذا، فليس له أن يغيرها إن مات من مرضه، وإن صح فليس له أن يغيرها. وقال النعمان: يرجع في ذلك كله إلا التدبير كما قال مالك. قال أبو بكر: له أن يرجع في ذلك كله. 65 - باب ما يفعله الأوصياء في أموال اليتامى قال الله جل وعز: {وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} الآية. م 2530 - واختلف أهل العلم فيما يأخذ الوصي من مال اليتيم. فقالت (¬1) طائفة: للموصي أن يأخذ من مال اليتيم بالمعروف، واحتجوا بظاهر هذه الآية، وقد روينا عن ابن عباس أنه قال: يأكل الفقير من مال اليتيم بقدر قيامه على ماله " ما لم يسرف أن يبذّر، وقالت عائشة: يأكل من مال اليتيم إذا كان يقوم على ماله، وذكرت قوله: {وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} الآية، وروينا عن عطاء، والحسن، والنخعي، أنهم قالوا: يأكل ولا يقضي، وقال أحمد بن حنبل، وإسحاق: يأكل بالمعروف إذا كان يقوم بماله كما قال ابن عباس. وقالت طائفة: يأكل ويقضي هذا قول عطاء بن أبي رباح، وعبيدة ¬

_ (¬1) وفي حاشية المخطوطة "فرخصت"

66 - باب التجارة بمال اليتيم ودفعه مضاربة

السلماني، وسعيد بن جبير، وقال مجاهد، وأبو العالية، وسعيد بن جبير في قوله: {فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} الآية هو الفرض. وفيه قول ثان: روينا عن ابن عباس أنه قال: فليأكل بالمعروف من ماله حتى لا يفضي إلى مال الميت، وبه قال الحكم بن عتيبة، وقد ثبت أن ابن عمر كان يستسلف مال اليتيم ليحرزه من الهلاك، ويؤدّي زكاته من أموالهم، ورخص فيه مجاهد، والأوزاعي، والليث بن سعد. وفيه قول ثالث: وهو أن يستقرض إن كان أبوهم أوصى إليه، وإن كان الحاكم [1/ 264/ألف] جعله وصياً، لم يستقرض، هذا قول الحسن بن صالح. 66 - باب التجارة بمال اليتيم ودفعه مضاربة 2 - واختلفوا في التجارة بمال اليتيم. فرخصت في ذلك عائشة، والنخعي، وقال مجاهد: إن تاجرت فربحت فالربح له، وإن ضاع ضمنته. م 2532 - واختلفوا في أخذ الوصي مال اليتيم مضاربة لنفسه. فرخص فيه الحسن بن صالح، وإسحاق. وأبي ذلك أحمد بن حنبل وقال: لا، وقال: إن ربح فلليتيم الربح. م 2533 - واختلفوا في دفع الوصي مال اليتيم مضاربة. فرخص فيه ابن عمر، والنخعي، ومالك، وأحمد، وأبو ثور، وأصحاب الرأي، والحسن بن صالح. وكره ذلك الحسن البصري، وهذا الباب مذكور في كتاب البيوع.

67 - باب بلوغ الرشد الذي يجب له دفع المال إلى اليتيم

67 - باب بلوغ الرشد الذي يجب له دفع المال إلى اليتيم قال الله جل ثناءه: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا} الآية، فقيل في قوله {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى}: اختبروا، وقوله: {حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ}: الحلم، وقوله: {آنَسْتُم} قيل: عرفتم، وقيل: أحسستم. م 2534 - واختلفوا في معنى الرشد الذي يجب بوجوده في اليتيم دفع المال إليه. فكان ابن عباس يقول: إذا أدرك بحلم، وعقل، ووقار دفع إليه ماله، وقال مجاهد في معنى الرشد: إنه العقل. وقال الحسن البصري، والشافعي: إذا بلغ صالحاً في دينه، حافظاً لماله، وقال ابن جريج: صلاحاً وعلماً بما يصلحه. قال أبو بكر: وقد منع الله من دفع مال اليتيم إليه حتى يونس منه الرشد، وقد اتفقوا على دفع ماله إليه إذا بلغ النكاح، وكان صالحاً في دينه، مصلحاً لماله، واختلفوا في دفع ماله إليه على غير ذلك، ولا يجوز إطلاق المال بعد المنع إلا بحجة، وكلما أبيح خصلتين، لم يجز إطلاقه إذا انفردت إحدى الخصلتين، وقال: {فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} الآية.

68 - باب الوصي يوصي إلى آخر

(ح 1043) وقال النبي- صلى الله عليه وسلم -: "لا حتى تذوقي العُسيلة". ولا يجوز لها الرجوع إلى الزوج الأول إلا بالنكاح والدخول. وبه أقول إن شاء الله تعالى. 68 - باب الوصي يوصي إلى آخر م 2535 - واختلفوا في الوصي [1/ 264/ب] يحضره الوفاة، فيوصي إلى آخر. فقالت طائفة: لا يكون الوصي وصياً للميت الأول، هذا قول الشافعي، وأحمد، وإسحاق، وقال الأوزاعي في هذا: يصير إلى القاضي فيولي عليه. وقال الشافعي، وأحمد: وإن كان الموصي قد جعل الموصى إذا حضرته الوفاة أن يوصي بوصيته إلى من رأى، فله أن يوصي بذلك إلى من رأى. وأجازت ذلك طائفة: وممن أجاز ذلك مالك، والثوري، والنعمان، ويعقوب. 69 - باب بيع الوصي العقارعلى الورثة م 2536 - اختلف أهل العلم في بيع الوصي العقار على الورثة. فأجاز بيع الوصي ذلك على الصغار والكبار طائفة هذا قول النعمان. وقال الثوري، وأحمد، وإسحاق: الوصي بمنزلة الأب يبيع إذا رأى الصلاح، وقال ابن أبي ليلى: يبيع العقار على الصغار والكبار، إذا باع

70 - باب الوصيين يختلفان عند من يكون المال

ذلك مما لا بد منه. وقال يعقوب، ومحمد: إذا لم يكن عليه دين، ولم يوص بوصية، فليس للموصي أن يبيع حصة الكبار من العقار، وله أن يبيع حصة الصغار في قولهما، كل شيء للوصي أن يبيع فيه العقار فله أن يبيع، ما سوى ذلك من الحيوان والعروض. وقال الشافعي في بيع الوصي العقار على الكبار: باطل، وما باع على الصغار فيما لا صلاح لمعاشهم إلا به، وكان بيع غبطة فهو جائز، وإن كان على غير ذلك كان مردوداً. 70 - باب الوصيين يختلفان عند من يكون المال م 2537 - واختلفوا في الوصيين يختلفان عند من يكون المال. فقال مالك: يكون عند أعدلهما. وقال أصحاب الرأي: يكون عند كل واحد منهما نصفه، وإن أحبا استودعاه رجلاً، وإن أحبا كان عند أحدهما. 71 - باب قسم الوصي المال بين الورثة والموصي له م 2538 - كان النعمان يقول: مقاسمة الوصي الموصى له بالثلث على الورثة جائزة، ومقاسمة الورثة الموصي عن الموصي له لا يجوز، ولا يجوز قسمة الوصي بين الأصاغر. وقال أصحاب الرأي: إذا قاسم الوصي الورثة، وأهل الوصية غيب، وأعطى أهل الوصية فهلك الثلثان من يدي الوصي، لم يكن

72 - باب الوصي يتغير حاله

للورثة أن يرجعوا على أهل الوصية بشيء؛ لأن الوصي وصى للوارث، وليس للموصى له. وقال أبو ثور كما قال النعمان في قسم الوصي المال بين الصغار، وقال: وإذا كان فيهم كبار [1/ 265/ألف] جازت قسمته، وذلك أنه يقاسم الكبار والصغار. وكان الحسن بن صالح يرى أن يقسم الوصي مال اليتامى على الصغير، ولا يقسم على الكبير الغائب. 72 - باب الوصي يتغير حاله قال أبو بكر: م 2539 - أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن الوصي إذا كان ثقة أميناً غير مضيع، أن نزع المال من يده غير جائز. م 2540 - واختلفوا في الوصي يكون أميناً فيتهم. فقالت طائفة: إن اتهم جعل معه غيره، كذلك قال الحسن، وابن سيرين، وأحمد. وقالت طائفة: توزع منه الوصية إذ اتهم، كذلك قال الثوري، وإسحاق. وقال الشافعي: إذا كان أميناً ضعيفاً ضم إليه آخر، فإن ضعف عن الأمانة أخرج بكل حال. وقال يعقوب: إن كان ثقة وهو ضعيف أدخل معه غيره.

73 - باب الوصيين يبيع أحدهما دون الآخر

73 - باب الوصيين يبيع أحدهما دون الآخر م 2541 - واختلفوا في الوصيين يبيع أحدهما دون الآخر. فقالت طائفة: لا يجوز، كذلك قال مالك، والنعمان، ومحمد وهو قياس قول الشافعي، وقال يعقوب: ذلك جائز. م 2542 - وقال النعمان: إذا اشترى أحدهما طعاماً للورثة، أو كسوة، أو كفن الميت، فذلك جائز. ولا يجوز عند الشافعي أن يفعل أحدهما شيئاً من بيع ولا شرى، إلا من صاحبه. مسألة م 2543 - وأجمع كل من يحفظ عنه من أهل العلم على أن الأب يقوم في مال ولده الطفل، وفي مصالحه، إذا كان ثقة أميناً، وليس للحاكم منعه من ذلك. م 2544 - وقياس قول الشافعي، والكوفي: أن الجد أب الأب يقوم في ذلك مقام الأب. 74 - باب جامع الوصايا قال أبو بكر: م 2545 - وإذا اشترى الوصي للأيتام طعاماً أو كسوة من مال نفسه، ليرجع به

75 - باب صدقة التطوع والعتق عن الموتى

في مال اليتيم، فله أن يرجع في قول النعمان وأصحابه، وأبي ثور، ما لم يمنعه وارث، فإن منعه وارث، رجع مان من ذلك ببينة. وفي مذهب الشافعي لا يرجع بشيء، وهو متطوع بما فضل. م 2546 - وإذا بلغ الأيتام فقال الوصي: قد دفعت إليهم أموالهم، فإنه يقيم الوصي البينة، فإن أقام الوصي البينة، وإلا عزم في قول مالك، والشافعي. م 2547 - واختلفوا في الرجل يأمر في وصيته أن يضع الوصي ماله حيث شاء. فكان مالك بن أنس يقول: يجعل في سبيل الخير، ولا يأكله. وقال أبو ثور: وإذا قال: يضعه فلان حيث [1/ 256/ب] أحب كان له أن يضعه حيث أحب لنفسه، وولده، ولمن شاء وإن جعله لبعض ورثة الميت كان ذلك جائزاً، وبه قال أصحاب الرأي كما قال أبو ثور، غير أنهم قالوا: ليس له أن يجعله لأحد من ورثة الميت. م 2549 - وقال الشافعي: إن جعل إليه أن يجعله حيث أراه الله فليس له أن يأخذ لنفسه منه شيئاً، ولا يعطيه وارثاً للميت، وليس له أن يضعه فيما ليس للميت فيه نظر، ويسلك فيه سبل الخير. م 2549 - وقال الثوري: إذا باع الرجل بيعاً في مرضه، فأرخص فيه على صاحبه، ففصل البيع إن مات، هو وصيه، وكذلك قال الأوزاعي، والحسن بن صالح، وهو يشبه مذهب الشافعي. 75 - باب صدقة التطوع والعتق عن الموتى م 2550 - ثبت أن عائشة أم المؤمنين أعتقت عن أخيها عبد الرحمن بن أبي بكر

عبداً، وروينا عنها أنها أعتقت عنه بعدما مات، وكان طاؤوس يعجبه صدقة الحي عن الميت. وقال الشافعي: يلحق الميت عن فعل غيره وعمله ثلاث: حج يؤد عنه، ومال يتصدق به عنه، أو يقضي، أو دعاء. قال أبو بكر: الأخبار دالة عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - على إجازة الصدقة عن الموتى. (ح 1044) ثبت أن امرأة قالت: يا رسول الله- صلى الله عليه وسلم! إن أمي اقتتلت نفسها، وأظنها لو تكلمت لصدقت، هل لي من أجر إن تصدقت عنها؟ قال: نعم. (ح 1045) روينا عن سعد بن عبادة أنه قال: يا رسول الله- صلى الله عليه وسلم -! إن أمي توفيت أفأتصدق عنها؟ قال: نعم، قال: فأي الصدقة أفضل؟ قال: سقي الماء. (ح 1046) وروينا عنه أنه قال: "إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث، صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له". م 2551 - وممن كان يجيز الحج التطوع عن الميت الأوزاعي، وأحمد. وللشافعي فيها قولان: أحدهما أنه جائز، والآخر المنع منه.

76 - باب إعطاء من يحضر قسم الميراث من تركة الميت

76 - باب إعطاء من يحضر قسم الميراث من تركة الميت م 2552 - اختلف أهل العلم في القوم يحضرون قسم الميراث. فقالت طائفة: يستعمل ظاهر قوله: {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا} الآية، كما فعل أبو موسى الأشعري وقضى بها، وفعل ذلك عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر، فذكر ذلك لعائشة فقالت: عمل بالكتاب [1/ 266/ألف]. . . . . . (¬1) ¬

_ (¬1) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: ونص الكلام في الأوسط كما يلي: «كما فعل أبو موسى وقضى بها، وعبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر فعل مثل ذلك حين قسم ميراث أبيه، يعني: أمر بشاة، فاشتريت من المال، وبطعام فصنع حين قسم ميراث، قالت: فذكرت ذلك لعائشة - رضي الله عنها - فقالت: عمل بالكتاب، هي لم تنسخ. وقال أحمد بن حنبل وقد سئل عن ذلك، فقال: أبو موسى أطعم بها، وعبد الرحمن بن أبي بكر وكذلك قال إسحاق. وقال ابن عباس: محكمة ليست بمنسوخة. وروينا عنه أنه قال: هي قائمة يعمل بها.»

انتهى الجزء الرابع ويليه الجزء الخامس وأوله كتاب النكاح

الإشراف على مذاهب العلماء لأبي بكر محمد بن إبراهيم بن المنذر النيسابوري 318هـ المجلد الخامس حققه وقدم له وخرج أحاديثه د. أبو حامد صغير أحمد الأنصاري

الإشراف على مذاهب العلماء

حقوق الطبع محفوظة للناشر الطبعة الأولى 1426هـ - 2005 م الناشر مكتبة مكة الثقافية هاتف: 2361835 - 7 - 00971 فاكس: 2362836 - 7 - 00971 ص. ب. 2326 رأس الخيمة - الإمارات العربية المتحدة

ـ[الرموز والمصطلحات التي استعملت في الدراسة والتحقيق:]ـ لقد استعملت خلال ترجمة ابن المنذر، ودراسة الكتاب، وفي تحقيق الكتاب رموزاً ومصطلحات للاختصار والتسهيل، وهي ليست بجديدة إلا البعض، وقد يتبادر الذهن إلى الأصول في أول نظرة، لأن معظمها قد تستعمل في كثير من الكتب المحققة، وهي كالتالي: 1 - حرف "ح" قبل الرقم إشارة إلى الحديث النبوي. 2 - حرف "م" قبل الرقم إشارة إلى المسألة الفقهية، سواء كانت مجمعا عليها أو مختلفا فيها. 3 - "الأصل" إشارة إلى النسخة الخطية من كتاب الإشراف. 4 - "ألف" إشارة إلى اللوحة الأولى من الورقة من المخطوطة المصورة. 5 - "ب" إشارة إلى اللوحة الثانية من الورقة من المخطوطة المصورة. 6 - وكذلك اختصرت أسماء الكتب ومؤلفيها عند ذكرها في الدراسة والتحقيق، وهي كالتالي: بق: البيهقي في السنن الكبرى. طف: ابن جرير الطبري في تفسيره. ت: الترمذي في جامعه. عب: عبد الرزاق في المصنف. جه: ابن ماجه في سننه. قط: الدارقطنى في السنن. حم: أحمد بن حنبل في مسنده. م: مسلم بن الحجاج في الصحيح. خ: البخاري في الصحيح. مط: مالك بن أنس في الموطأ. د: أبو داود في السنن. مي: الدارمي في السنن. شب: ابن أبي شيبة في المصنف. ن: النسائي في السنن. ط: طبقات.

51 - كتاب النكاح

51 - كتاب النكاح 1 - باب التحذير من فتنة النساء والحث على النكاح والترغيب فيه لمن قدرعليه أخبرنا أبو بكر محمد بن ابراهيم بن المنذر قال: (ح 1047) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: "ما تركت بعدي في الناس فتنة أضر على الرجال من النساء. (ح 1048) وثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "يا معشر الشباب! من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء". 2 - باب مناكحة الأكفاء وما عليه أمر الناس ثبت عن عائشة أنها قالت إن أبا حذيفة بن عتبة تبنى سالماً

وأنكحه ابنة أخيه الوليد بن عتبة، وهو مولى لامرأة من الأنصار. (ح 1049) وثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال لفاطمة بنت قيس: "أنكحي أسامة، قالت: فنكحت فجعل الله فيه خيراً واغتبطت به". قال أبو بكر: م 2557 - واختلفوا في باب الكفاءة. فقالت طائفة: الكفاءة في الدين، وأهل الإسلام بعضهم أكفاء ببعض كذلك قال مالك، وسئل مالك عن نكاح المولى من العرب، فقال: لا بأس، ألا ترى إلى ما في كتاب الله تبارك وتعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى} الآية. وروينا عن عمر بن الخطاب أنه قال: ما بقي شيء من أمر الجاهلية، غير أني لست أبالي أي المسلمين نكحت، وأيهم أنكحت. وعن ابن مسعود أنه قال لأخته: أنشدك الله أن تزوجين إلا مسلماً ولو كان أحمراً رومياً، أو أسود حبشياً، وهذا مذهب عمر بن عبد العزيز، وحمّاد بن أبي سليمان، وبه قال عبيد الله بن عمير، وابن سيرين، وابن عون. وحكى البوطي عن الشافعي أنه قال: الكفؤ هو في الدين.

3 - باب اباحة النظر إلى المرأة قبل الخطبة إذا أراد خطبتها

(ح 1050) وقد ثبت أن نبي الله قال: "تنكح المرأة لأربع، لمالها ولجمالها، ولحسبها، ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك". وفيه قول ثان: وهو أن العربية لا تزوج من المولى، وكان الثوري يرى التفريق إذا نكح [2/ 2/ب] المولى عربية ويشدد فيه، وبه قال أحمد، وقال: يفرق بينهما وقال أصحاب الرأي: قريش بعضها أكفاء لبعض، والعرب أكفاء بعضهم لبعض، فإذا [[زوجت]] المرأة نفسها من غير كفء فللأولياء أن يفرقوا بينهما، ولا يكون ذلك إلا عند القاضي، ولا يكون أحد من العرب بكفؤ لقريش، ولا يكون أحد من الموالي بكفؤ للعرب. 3 - باب اباحة النظر إلى المرأة قبل الخطبة إذا أراد خطبتها قال أبو بكر: (ح 1051) روينا عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه رخص في النظر إلى المرأة إذا أراد الرجل نكاحها.

4 - باب إباحة التعريض بالخطبة للمرأة في العدة

م 2558 - ورخص في ذلك الأوزاعي قال: ينظر إليها، ويجتهد، وينظر إلى مواضع اللحم، وقال الثوري: لا بأس أن ينظر إلى المرأة إذا أراد أن يتزوجها إلى وجهها وهي مستترة بثيابها. وقال الشافعي، ينظر إلى وجهها وكفيها، وقال أحمد: لا بأس به ما لم [[يرى منها]] محرماً، وبه قال إسحاق. 4 - باب إباحة التعريض بالخطبة للمرأة في العدة قال الله جل ذكره: {وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ} الآية. (ح 1052) وروينا عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه قال لفاطمة بنت قيس: "انتقلي إلى أم شريك ولا [[تسبقيني]] بنفسك". م 2559 - وكان ابن عباس يقول في قوله تعالى: {وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ} الآية، قال: يقول: بأني فيك لراغب، ولوددت أني تزوجتك. وممن رخص في مثل قوله: إنك لجميلة، وإنك لحسناء، إنك لنافقة، إنك إلى خير مجاهد، وبمعناه قال الثوري، والأوزاعي: وألفاظهم ومعانيهم في ذلك قريبة بعضها من بعض.

5 - باب اختطاب النساء وعقد نكاحهن

م 2560 - واختلفوا في الرجل يخطب المرأة في العدة، جاهل بذلك ويسمى الصداق ويواعدها فكان مالك يقول: فراقها أحب إلي، دخل بها أم لا يدخل ويكون تطليقة واحدة، ثم يدعها حتى تحل ويخطبها. قال الشافعي: وإن صرح بالخطبة وصرحت له بالإجابة، ولم يعقد النكاح في الحالين، [2/ 3/ألف] حتى تنقضي العدة، فالنكاح ثابت، والتصريح لهما مكروه. 5 - باب اختطاب النساء وعقد نكاحهن (ح 1053) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يخطب أحدكم على خطبة أخيه". (ح 1054) وفي بعض الأخبار عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى أن يخطب الرجل على خطبة أخيه حتى ينكح أو يترك. م 2561 - وقد اختلف في هذا فكان مالك يقول: تفسير قول النبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب أحدكم على خطبة أخيه" أن يخطب الرجل المرأة، فتركن إليه ويتفقان على صداق معلوم، فتراضيا عليه، وهي تشترط لنفسها، فتلك الحال التي نهى أن يخطب الرجل على خطبة أخيه، وبنحو قول مالك قال يحيى الأنصاري، والشافعي، وأبو عبيد.

واحتج الشافعي، وأبو عبيد: (ح 1055) بحديث فاطمة بنت قيس، أن زوجها طلقها فقال لها النبي- صلى الله عليه وسلم -: إذا حللت فأذنيني، فلما حلت أخبرته أن معاوية، وأبا جهم خطباني، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: أما معاوية فصعلوك لا ماله له، وأما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه أنكحي أسامة، قالت: فكرهته وقال: أنكحي أسامة، فنكحته فجعل الله فيه خيراً، فاغتطبت به". وقال الشافعي: كان بيناً أن الحال التي يخطب فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاطمة على أسامة، غير الحال التي نهى عن الخطبة فيها. م 2562 - وقد اختلفوا في عقد نكاح من خطب على خطبة أخيه في الحال المنهي عنه، فكان مالك يقول: إن لم يكن دخل عليها، فرق بينهما، وإن كان دخل مضى النكاح وبئس ما صنع. وقال الشافعي: هي معصية يستغفر الله منها، فإن تزوجت بتلك الحال فالنكاح ثابت بعد الخطبة. قال أبو بكر: هكذا أقول، لأن النكاح لا يخلو من أحد معنيين، إما أن يكون انعقد فلا معنى للتفريق بين زوجين قد انعقد فلا بغير حجة، أو لا يكون انعقد، فغير جائز أن تصير امرأة ليست بزوجة بالوطئ زوجة [2/ 3/ب].

6 - باب الخطب عند النكاح

6 - باب الخطب عند النكاح (ح 1056) روينا عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بالحمد لله أقطع". (ح 1057) وروينا عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "كل خطبة ليس فيها شهادة فهي كاليد الجذماء". (ح 1058) وثبت عن ابن مسعود أنه قال: علمنا رسول الله- صلى الله عليه وسلم - خطبة الحاجة، الحمد لله، نستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، ثم يقرأ هذه الآيات (¬1) الثلاث: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} الآية. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا، يُصْلِحْ لَكُمْ ¬

_ (¬1) في الأصل "هؤلاء"

أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} الآية. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} الآية. قال أبو بكر: م 2563 - ما أحب ترك هذه الخطبة عند النكاح، فإن اختصر على بعضها أو زاد عليها، أو تركها وعقد النكاح، فالنكاح جائز وقد روينا عن ابن عمر أنه عقد نكاحاً فما زاد على أن قال: قد أنكحتك على أن تمسك بمعروف أو تسرح بإحسان. وروينا عنه أنه قال: نحمد الله تعالى، ونصلي على النبي، وقد أنكحتك على ما أمر الله تبارك وتعالى، إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان، وقد روينا عن الحسين بن علي أنه زوج بعض بنات الحسن وهو يتعرق العرق. ولا أعلم أحداً من أهل العلم أفسد نكاحاً، ترك المعاقد الخطبة عنه.

7 - باب النشر والنهاب في النكاح وغيره

7 - باب النشر والنهاب في النكاح وغيره م 2564 - واختلفوا في القوم ينشرون السكر، واللوز، وما أشبه ذلك وقت النكاح، فكره ذلك قوم، وممن روي عنه أنه كره أبو مسعود البدري، وعكرمة، وابن سيرين، وعطاء، وعبد الله بن يزيد الخطمي. ورخص فيه الحسن البصري، والنخعي، وقتادة، وأبو عبيد. قال أبو بكر: [2/ 4/ألف] وبه نقول. (ح 1059) لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما نحر البدن فإنه قال: "من شاء اقتطع". وأباح الأخذ من لحومهن، وكذلك إذا أباح لهم مالك اللوز، والسكر فلهم أخذ ذلك. جماع أبواب نكاح الأولياء 8 - باب إبطال النكاح بغير ولي قال أبو بكر: (ح 1060) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: "لا نكاح إلا بولي".

م 2565 - واختلف أهل العلم في النكاح بغير ولي. فقال كثير من أهل العلم: لا نكاح إلا بولي، روي هذا القول عن عمر بن الخطاب، وعن علي بن أبي طالب، وابن مسعود، وابن عباس، وأبي هريرة، وبه قال سعيد بن المسيب، والحسن البصري، وعمر بن عبد العزيز، وجابر بن زيد، والثوري، وابن أبي ليلى، وابن شبرمة، وابن المبارك، والشافعي، وعبيد الله بن الحسن، وأحمد، وإسحاق، وأبو عبيد. وفيه قول ثان: وهو أن الولي والسلطان إذا أجازه جاز، وإن عقد بغير ولي، روينا هذا القول عن علي بن أبي طالب، وابن سيرين، والقاسم بن محمد، والحسن بن صالح، وإسحاق، وأبي يوسف. وفيه قول ثالث: وهو أنها إذا تزوجت بغير إذن وليها كفواً لها، جائز، كذلك قال الشعبي، والزهري. وفيه قول رابع: وهو قول من فرق بين المسكينة، والمعتقة، ومن كل امرأة لها قدر وغنى، وكان مالك يقول: إذا لم يكن لها خطب فلا بأس أن تستخلف على نفسها من يزوجها، فأما كل امرأة لها قدر وغنى، فلا ينبغي لها أن يزوجها إلا الأولياء أو السلطان. وفيه قول خامس: وهو أن البكر أو الثيب إذا زوجت نفسها بشاهدين وهو كفء فهو جائز، هذا قول النعمان. وقال محمد: إن زوجت بغير إذن ولي، فالنكاح موقوف حتى يجيزه القاضي أو الولي.

قال أبو بكر: أما تفريق مالك بين المسكينة والتي لها قدر وغنى، فغير جائز؛ لأن النبي- صلى الله عليه وسلم - قد ساوى بين أحكامهن في الدماء فقال: (ح 1061) "المسلمون تكافؤ دماؤهم". وإذا كانوا في الدماء سواء، فهم في غير ذلك شيء واحد. وأما ما قال النعمان، فمخالف للسنة، خارج [2/ 4/ب] عن قول أكثر أهل العلم، وبالخبر عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - نقول: ويدل قوله: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ} الآية، على أن للولي منع المرأة من نفسها. (ح 1062) لأن النبي- صلى الله عليه وسلم -، لما أنزل الله تعالى هذه الآية دعا معقلاً حتى زوج أخته من الرجل الذي خطبها. م 2566 - واختلفوا في الولي، فقالت طائفة: الأولياء العصبة، هكذا قال مالك، والليث بن سعد، والثوري، والشافعي. وخالفهم أبو ثور وقال: كل من لزمه اسم ولي، يعقد النكاح، وبه قال محمد بن الحسن.

9 - باب استئمار الأولياء النساء الثيبات، واستئذان الأبكارعند النكاح

9 - باب استئمار الأولياء النساء الثيبات، واستئذان الأبكارعند النكاح (ح 1063) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تنكح الثيب حتى تستأمر ولا تنكح البكر حتى تستأذن، قالوا: وكيف إذنها يا رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: الصمت". قال أبو بكر: ودل هذا الحديث على أن البكر الذي أمرنا باستئذانها، البالغ إذ لا معنى لاستئذان من لا إذن لها من الصغار، إذ سكوتها وسخطها سواء. م 2567 - واختلفوا في البكر البالغ يعقد عليها أبوها النكاح بغير إذنها. فقالت طائفة: نكاحه إياها جائز، كذلك قال مالك، وابن أبي ليلى، والشافعي، وأحمد، وإسحاق. وأبطلت طائفة نكاحها فقالت: لا يجوز للأب أن يزوج البالغ البكر والثيب إلا بإذنها هذا قول الأوزاعي، والثوري، وأبي ثور، وأبي عبيد، وأصحاب الرأي. وبه نقول. وذلك لأن النبي- صلى الله عليه وسلم - قال قولاً عاماً: "لا تنكح البكر حتى تستأذن ولا الثيب حتى تستأمر". وكل من عقد نكاحاً على غير ما سنه الرسول - صلى الله عليه وسلم - فباطل لأنه الحجة على الخلق، فليس لأحد أن يستثني من السنة إلا بسنة مثلها، فلما ثبت أن أبا بكر الصديق زوج عائشة من رسول الله- صلى الله عليه وسلم - وهي

10 - باب صفة إذن الثيب والبكر

صغيرة، لا أمر لها في نفسها، كان عقد الأب على البكر الصغيرة وهي لا أمر لها في نفسها جائز، وكان ذلك مستثنى من قول رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: لا تنكح البكر حتى تستأذن". (ح 1064) وقد روينا عن ابن عباس [2/ 5/ألف] بكراً زوّجها أبوها وهي كارهة، فأتت النبي- صلى الله عليه وسلم -، ففرق بينهما. م 2568 - واختلفوا في الولي غير الأب يزوج البكر البالغ، فتقول: زوجني بغير إذني، وقال الزوج: بل قد أذنت، ففي قول الشافعي، وأبي ثور، ويعقوب، ومحمد: تستخلف فإذا حلفت بطل النكاح، وفي قول النعمان: لا يمين عليها. م 2569 - فإن لم تحلف ففي قول الشافعي، وأبي ثور: يحلف الزوج، ويثبت النكاح، وفي قول يعقوب ومحمد، يلزمها النكاح إذا نكلت. 10 - باب صفة إذن الثيب والبكر (ح 1065) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال في البكر: "سكوتها رضاءها". م 2570 - وممن قال بأن إذنها صماتها شريح والشعبي، وابن سيرين، والنخعي، والثوري، والأوزاعي، وابن شبرمة، والنعمان.

11 - باب إبطال نكاح الثيب تزوج بغير رضاها

وقال الثوري، وأحمد، وإسحاق في الثيب إذا زوجت، فضحكت أو بكت أو سكتت فلا يجوز حتى تتكلم. وقال أبو ثور: لا يكون إذن الثيب إلا بكلام. قال أبو بكر: وكذلك نقول، وإذن البكر صماتها إذا عرفت قبل أن تستأذن إذنها صماتها، فإذا عرفت ذلك لزمها إذا استؤذنت فصمتت. 11 - باب إبطال نكاح الثيب تزوج بغير رضاها م 2571 - أجمع عوام أهل العلم أن نكاح الأب ابنته الثيب بغير رضاها لا يجوز، هذا قول مالك، والثوري، والشافعي، وأحمد، وأبي عبيد، وإسحاق، وأبي ثور. (ح 1066) وجاء الحديث عن خنساء بنت [[خذام]] أن أباها [[زوجها]] وهي ثيب فكرهت ذلك فأتت النبي- صلى الله عليه وسلم -، فرد نكاحها. م 2572 - وقد روينا عن الحسن البصري أنه قال: نكاح الأب جائز على ابنته بكراً كانت أم ثيباً، كرهت أم لم تكره. وقال النخعي: يزوج الرجل ابنته، إذا كانت في عياله ولا يستأمرها، فإذا كانت بائتة في بيتها مع عيالها، استأمرها. قال أبو بكر: وبالقول (الأول) (¬1) أقول لحديث خنساء. ¬

_ (¬1) سقط لفظ "الأول" من الأصل.

12 - باب نكاح الأب بنته الصغيرة البكر

(ح 1067) وللثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لا تنكح البكر حتى تستأذن، ولا الثيب حتى تستأمر". دخل في ذلك جميع الأولياء الآباء وغيرهم، إلا الصغيرة التي لا أمر لها في نفسها فإنها مخصوصة بالسنة. 12 - باب نكاح الأب بنته الصغيرة البكر (ح 1068) ثبت أن أبا بكر زوج عائشة [[من]] رسول الله- صلى الله عليه وسلم -، وهي إذ ذاك بنت سبع سنين. م 2573 - وأجمع أهل العلم على أن نكاح الأب ابنته البكر الصغيرة جائز، إذ زوجها من كفؤ، هذا قول مالك، والثوري، والليث بن سعد، والأوزاعي، [2/ 5/ب] وعبيد الله بن الحسن، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبي عبيد، وأبي ثور، وأصحاب الرأي، وحجتهم في ذلك حديث عائشة. وبه نقول. م 2574 - واختلفوا في إنكاح سائر الأولياء، اليتيمة الصغيرة، فكان مالك، والشافعي، وأحمد، وأبو عبيد، وأبو ثور يقولون: ليس لغير الأب أن يزوج اليتيمة الصغيرة، فإن فعل فالنكاح باطل.

وقال الثوري: لا يجوز نكاح الأخ، والعم الصغيرة إلا أن تكون قد بلغت، فيستأمرها، وبه قال ابن أبي ليلى. وقالت طائفة: إذا زوج الصغيرين غير الأب، فلها الخيار إذا بلغا، روي هذا القول عن الحسن، وعمر بن عبد العزيز، وطاووس، وعطاء بن أبي رباح، وقتادة، وابن سيرين، والأوزاعي. وكان أحمد يقول: لا أرى للولي ولا للقاضي في أن يزوج اليتيمة حتى تبلغ سبع سنين، إذا بلغت سبع سنين، فرضيت فلا خيار لها. واختلف أصحاب الرأي في الرجل يزوج ابنة أخيه بابن أخيه، وهما صغيران، وهو وليها، ثم يكبران، والجارية لا تعلم بذلك. فقال النعمان: لهما الخيار ما لم تعلم بالنكاح، وإذا علمت، فإن سكتت فهو رضا وهذا قول محمد. وقال أبو يوسف: لا خيار لهما إذا كبرا، والنكاح جائز. م 2575 - واختلفوا فيه إذا مات أحدهما قبل أن يبلغ فيختار. فقالت طائفة: لا يتوارثان، كذلك قال طاووس، وإسحاق، ووقف أحمد عن الجواب فيها. وقال النعمان: أيهما مات ورثه الآخر. وقال قتادة في الصغيرين أنكح أحدهما أبوه، والآخر وليه، ثم ماتا، فإن مات الذي أنكحه أبوه، ورثه الآخر، فإن مات الذي أنكحه وليه، لم يرثه. قال أبو بكر: النكاح باطل، فإذا بطل النكاح لم يتوارثا.

13 - باب نكاح الأب ابنته الطفل

13 - باب نكاح الأب ابنته الطفل م 2576 - أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن نحفظ الأب ابنته الصغيرة جائز، كذلك قال الحسن البصري، والزهري، وقتادة، ومالك، وسفيان الثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي. واحتج أحمد بحديث ابن عمر أنه زوّج ابنه وهو صغير، وأنهم اختصموا [2/ 6/ألف] إلى زيد فأجازاه. 14 - باب انكاح الأوصياء م 2577 - واختلفوا في انكاح الوصي الصغير أو الصغيرة. فقالت طائفة: ليس إلى الوصي من ذلك شيء، روي هذا القول عن الشعبي، والنخعي، والحارث العكلي، وبه قال الثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو عبيد. وفيه قول ثان: وهو أن إنكاح الوصي جائز، كذلك قال الحسن البصري، وحماد بن أبي سليمان. وفيه قول ثالث: وهو أن الغلام يزوجه الأب والوصي، ولا يزوجه من الأولياء غير الوصي والأب، ووصي الوصي أيضاً، وأما الجارية لا يزوجها إلا أبوها، لا يزوّجها أحد من الأولياء، ولا الأوصياء حتى تبلغ للحيض، فزوّجها الوصي برضاها، جاز، وكذلك وصي الوصي إن زوّجها برضاها، فذلك جائز، هذا قول مالك.

15 - باب ولاية المرأة

وفيه قول رابع: وهو أن الوصي، والولي لا يرى لواحد منهما أن يزوج، إلا بمشاورة صاحبه، فإن اختلفا، رفعا أمرهما إلى السلطان، فيرى في ذلك رأيه، روي هذا القول عن ابن شهاب. وفيه قول خامس: وهو أن الوصي إذا زوج الصغير أو الصغيرة، وهو وليهما فهو جائز، ولهما الخيار، إذا أدركا، ولو لم يكن لهما ولي، ولم يكن الوصي بولي لم يكن النكاح بجائز، من قبل الوصي، لأنه ليس بولي، وليس يجوز على الصغير أو الصغيرة إلا نكاح الولي، هذا قول أصحاب الرأي. قال أبو بكر: قال الله تبارك وتعالى: (والذين هص لفووجهص {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ} الآية. م 2578 - وقد أجمع أهل العلم على أن اليتيمين الصغيرين فرجاهما محظور محرم، إلا بالمعنى الذي أباحه الله عز وجل. م 2579 - وقد أجمعوا على أن عقد الأب عليهما يبيح الفرج المحظور. واختلفوا في عقد سائر الأولياء عليهم النكاح، فغير جائز أن يباح فرج قد أجمعوا على تحريمه، إلا بإجماع مثله، أو خبر عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - والمعارض له، وقد دلت الأخبار الثابتة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بإبطال هذا النكاح، وقد ذكرناه فيما مضى. 15 - باب ولاية المرأة م 2580 - واختلفوا في المرأة تزوج نفسها، [2/ 6/ب] فقال أكثرهم: لا يجوز ذلك، وبه قال أبو هريرة، وابن عمر، وعبد الملك بن مروان،

16 - باب ولاية الكفار

والثوري، ومالك، والشافعي. وبه نقول، وذلك: (ح 1069) لقول النبي- صلى الله عليه وسلم -: أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل". وكان عطاء بن أبي رباح يجيز ذلك إذا كان بشهادة، وقال النعمان: للمرأة أن توكل من يزوج ابنتها، ونكاحها نفسها جائز، وإذا ولت رجلاً يزوج ابنتها فجائز. 16 - باب ولاية الكفار م 2581 - أجمع عامة من يحفظ عنه من أهل العلم على أن الكافر لا يكون ولياً لابنته المسلمة، لقطع الله تبارك وتعالى الولاية بين المسلمين والكافرين، هذا مذهب مالك، والشافعي، وأحمد، وأبي عبيد، والنعمان وأصحابه ومن تبعهم. وليس للذمي حق في أحكام المسلمين، والنكاح من أعالي أحكامهم، وقد منعه الله تعالى على لسان نبيه الميراث، والقود، والعقل، والنكاح إلى وليها من المسلمين، فإن لم يكن فالسلطان ولي من لا ولي له.

17 - باب ولاية العبد

17 - باب ولاية العبد م 2582 - واختلفوا في النكاح الذي يعقده العبد. فقال مالك، والشافعي، وأبو عبيد: لا يجوز. قال أبو بكر: وبه نقول، فإذا لم يكن العبد ولياً لنفسه، فهو لأن يكون ولياً لغره أبعد. وقال النعمان: إذا كان الوالد عبداً، أو مكاتباً، أو [[مدبراً]]، أو مرتداً، أو عبداً أعتق بعضه، ليس لأحد من هؤلاء ولاية في أن يزوج صغيراً أو صغيرة. وقال أصحاب الرأي: إذا زوج البكر البالغ أبوها، وهو عبد، أو مدير، أو مكاتب، أو ذمي، أو مرتد فرضيت به، فهو جائز إلا ترى أنها لو زوجت نفسها رجلاً كان جائزاً. قال أبو بكر: بالقول الأول أقول، وإنما جاء الكوفي إلى مسألة يخالف فيها، جعلها حجة أخرى يخالف فيها، ومن شاء فعل ذلك. 18 - باب ولاية السفيه م 2583 - كان ابن عباس يقول: لا نكاح إلا بشاهدي عدل، وولي مرشد، وبه قال الشافعي. وقال مالك: لا نكاح لمولى عليه ولاء عبد، وقال الثوري: المعتقد ليس بولي، ولا الصبى، وكذلك قال الشافعي، وأحمد، وإسحاق. وقال أبو ثور: غير الرشيد ليس بولي [2/ 7/ألف]. قال أبو بكر: وكذلك نقول.

19 - باب المرأة تزوج بغير إذنها، فتجيز النكاح

19 - باب المرأة تزوج بغير إذنها، فتجيز النكاح م 2584 - واختلفوا في المرأة تزوج بغير إذنها، فتجيز النكاح. فكان الشافعي، وأبو عبيد، وأبو ثور يقولون: النكاح باطل ولا يجوز، ويستأنف، وقال أحمد: يعجبني ذلك. وقال أصحاب الرأي: إذا أجازته، جاز. وفيه قول ثالث: وهو أن ذلك لا يثبت بإجازتها، إلا أن يكون قريباً، هذا قول مالك. قال أبو بكر: بالقول الأول أقول. 20 - باب الوليين يزوجان المرأة بأمرها قال أبو بكر: م 2585 - أكثر أهل العلم يقولون: إذا زوج المرأة الوليان بأمرها، فالنكاح للأول، هكذا قال الحسن، والزهري، وقتادة، وابن سيرين، ومالك، والأوزاعي، والثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو عبيد، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. م 2586 - فإن دخل بها أحدهما ففي قول عطاء بن أبي رباح، ومالك: الذي دخل بها أولى. وقال قتادة، والثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، والنعمان: هي زوجة الأول، وروي هذا القول عن علي. وقال قتادة، والشافعي: لها مهرها على الواطئ، ولا يقربها الزوج حتى تنقضي عدتها. قال أبو بكر: وهذا أقول.

21 - باب عقد الرجل نكاح امرأة على نفسه يكون هو وليها وخاطبها

(ح1070) روينا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "إذا زوج الوليان فالأول أحق". م 2587 - واختلفوا في الوليين يزوجان، ولا يعلم أيهما زوج أولاً. فكان أبو ثور يقول: يفرق بينهما، والفرقة أن يقول لهما القاضي طلقاها، حتى يتبين ممن كانت زوجته، ثم يتزوجها بعد من شاءت منكما. وقال الثوري: يخيرها السلطان لكل واحد منهما على تطليقه، فإن أبيا، فرق السلطان بينهما، ففرقة السلطان فرقة. وقال عطاء، والشافعي: النكاح باطل، وقال أصحاب الرأي: يفرق بينهما. قال أبو بكر: النكاح مفسوخ لاحتمال أن يكونا عقدا النكاح معاً، وقد روينا عن شريح، وعمر بن عبد العزيز، وحماد بن أبي سليمان: أنها تخير، فأيهما اختارت فهو زوجها. 21 - باب عقد الرجل نكاح امرأة على نفسه يكون هو وليها وخاطبها م 2588 - اختلف أهل العلم في الرجل يخطب المرأة وهو وليها [2/ 7/ب]. فقالت طائفة: يعقد النكاح على نفسه إذا أذنت له في ذلك ويشهد، هذا قول الحسن البصري، وبه قال مالك، وربيعه ابن أبي عبد الرحمن، والثوري، وأبو ثور، وإسحاق.

22 - باب اجتماع الولاة وافتراقهم

وفيه قول ثان: وهو أنها تولي أمرها أولى الناس بها بعده، كذلك قال قتادة، وعبيد الله بن الحسن، غير أن قتادة قال: فإن تزوجها فجائز، غير أن ذلك حسن. وفيه قول ثالث: وهو أن تجعل أمرها إلى رجل يزوجها منه، روي هذا القول عن المغيرة بن شعبة، وبه قال أحمد. وفيه قول رابع: وهو أن السلطان يزوجها منه، حكى ذلك عن الشافعي. قال أبو بكر: بالقول الأول أقول. (ح 1071) لأن النبي- صلى الله عليه وسلم - أعتق صفية وتزوجها، وجعل عتقها صداقها. وللناس الإقتداء برسول الله- صلى الله عليه وسلم - في جميع أفعاله، إلا أن يخص الله عَزَّ وَجَلَّ رسوله - صلى الله عليه وسلم - بشيء، فتلك كلها قد بينها في كتابه، أو على لسان نبيه - صلى الله عليه وسلم -. 22 - باب اجتماع الولاة وافتراقهم م 2589 - واختلفوا في المرأة يكون لها ابن، وأب فكان مالك يقول: الابن أولى بإنكاحها من الأب، وبه قال إسحاق، وحكي ذلك عن عبيد الله، وأبي يوسف. وقالت طائفة: الأب أولى من الابن، هذا قول الشافعي، وقال أحمد: أحقهم بالمرأة أن يزوجها أبوها، ثم الابن، وقد حكي عن النعمان أنه قال: أيهما زوج جاز. قال أبو بكر: الأول أولى.

23 - باب الجد والابن، والجد والأخ، والأب والأخ

(ح 1072) لأن عمر بن أبي مسلمة زوجها باذنها، من رسول الله- صلى الله عليه وسلم -. 23 - باب الجد والابن، والجد والأخ، والأب والأخ م 2595 - واختلفوا في الجد، والابن، فكان الشافعي يقول: الجد أولى. م 2591 - واختلفوا في الجد، والأخ، فقال مالك: الأخ أولى بإنكاح أخته من الجد. وقال الشافعي: الجد أولى من الأخ، وقال أحمد: الجد أعجب إلي، وكذلك قال إسحاق. م 2592 - واختلفوا في الأب، والأخ، فكان الشافعي يقول: الأب أولى بإنكاحها، وبه قال إسحاق، وأحمد. وكان مالك يقول في المرأة الثيب لها أب وأخ، فزوجها الأخ، النكاح جائز. وقال الشافعي [2/ 8/ألف] وأحمد: الأخ أولى من العم. 24 - باب مغيب بعض الولاة م 2593 - واختلفوا في الرجل يزوج المرأة، ولها من هو أقرب إليها منه من العصبة، فكان الشافعي يقول: النكاح باطل. وقال مالك: النكاح جائز، إذا أصاب وجه النكاح. وقال أحمد في الأب والأخ إذا كان الأب غائباً، أو طالت غيبته، وموضعها بعيد، فزوج الأخ جاز.

25 - باب منازل الأولياء

وقال إسحاق في أخ لأب وأم، وأخ لأب، إذا زوج الأخ من الأب فالنكاح جائز، وقد أخطأ. وأجاز أصحاب الرأي إنكاح من غير أقرب إليها منه، إذا كان في أرض منقطعة، وإن كان ذلك في السواء، وما أشبهه فهو بمنزلة الحاضر. 25 - باب منازل الأولياء قال أبو بكر: م 2594 - أما الذين رأوا أن نكاح بعض عصبة المرأة جائز، وإن كان غيره أقرب، [[فالمسائل]] عنهم [[تقل]] في هذا الباب، وأما من قال إذا زوج المرأة بعض أوليائها، وثم من هو أقرب منه إليها، فالنكاح باطل فقد نزل غير واحد منهم الأولياء منازل، فممن هذا مذهبه الشافعي. قال الشافعي: "لا ولاية لأحد مع الأب، وإذا مات الأب فالجد أبو الأب، ثم الأجداد على هذه المنازل، فإن لم يكن أحد من هؤلاء، فالأخوة، وإذا اجتمع الأخوة فبنو الأب والأم أولى من غيرهم، فإن لم يكونوا فبنو الأب، وهكذا قال في بني الأخوة والعمومة، الجواب فيه عنده على هذا المثال". وقال أحمد: أحق الناس بالمرأة أن يزوجها أبوها، ثم الابن، ثم الأخ، ثم ابن الأخ، ثم العم. وفي كتاب ابن الحسن: الأخ للأب والأم أولى من الأخ للأب، وكذلك العمان، العم للأب والأم أولى من العم للأب.

26 - باب منع الأولياء المرأة النكاح

قال أبو ثور في أخ لأب وأم، وأخ لأب: إن زوج الأخ للأب فهو جائز. م 2595 - وإذا كانت أمَة بين جماعة، فكوتبت، فعتقت، فإن مواليها زوجها برضاها فهو جائز، هذا قول الشافعي، وأبي ثور، والكوفي. 26 - باب منع الأولياء المرأة النكاح م 2596 - أجمع كل من يحفظ عنه من أهل العلم على أن السلطان يزوج المرأة، إذا أرادت النكاح، ودعت إلى كفؤ وامتنع الولي أن يزوجها، وهذا على مذهب مالك [2/ 8/ب] والثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبي عبيد، وأبي ثور، وأصحاب الرأي. وروينا معنى هذا القول عن عثمان، وشريح، والنخعي. وكذلك نقول. 27 - باب الشهود في النكاح م 2597 - اختلف أهل العلم في عقد النكاح بغير شهود. فقالت طائفة: لا نكاح إلا بشاهدي عدل، ولي مرشد، هذا قول ابن عباس، وقال عطاء: لا نكاح إلا بشاهدين، وبه قال سعيد بن المسيب، وجابر بن زيد، والحسن البصري، والنخعي، وقتادة، والثوري، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد.

وقالت طائفة: النكاح جائز بدون شهود، كذلك قال عبد الله ابن إدريس، وعبد الرحمن بن مهدي، ويزيد بن هارون، وعبيد الله ابن الحسن، وأبو ثور. وزوج ابن عمر ولم يحضر النكاح شاهدين، وفعل ذلك الحسن ابن علي، زوج ابن الزبير وما معهما أحد، ثم أعلنوه بعد، وروينا أن حمزة بن عبد الله خطب على ابنه إلى سالم، فزوجه وما معهما غيرهما. وأجازت طائفة النكاح بغير بينة إذا أعلنوه، هذا قول الزهري، ومالك، وأهل المدينة. وفيه قول رابع: وهو أن النكاح لا يجوز إلا بشاهدين، ويجوز أن يكونا أعميين، أو محدودين في قذف، أو فاسقين، ولا يجوز لو كانا عبدين، هذا قول أصحاب الرأي. وأجازوا النكاح بشهادة الفاسقين، المجمع على شهادتهما، للصواب المجمع على فسقهما، وأبطلوا النكاح بشهادة العبدين اللذين قد اختلفوا في قبول شهادتهما، والنظر دال على قبول شهادتهما. قال أبو بكر: وليس يثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - شيء (1) في إثبات الشاهدين في النكاح، وكان يزيد بن هارون يعيب أصحاب الرأي، يقول: أمر الله عَزَّ وَجَلَّ الإشهاد على البيع فقال: {وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ} الآية، وأمر بالنكاح، ولم يأمر بالإشهاد عليه، وزعم أصحاب الرأي أن البيع جائز وإن لم يشهد عليه، وأبطلوا النكاح الذي لم يأمر الله بالإشهاد عليه.

28 - باب نكاح السر

قال أبو بكر: فإن اعترض معترض، فاعتل بخبر ابن عباس، فبإزاء ابن عباس من أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم - الذين أجازوا النكاح بغير شهود، ابن عمر، وابن الزبير، والحسن بن علي، مع أن الخبر الثابت عن رسول الله [2/ 9/ألف]- صلى الله عليه وسلم - يدل على صحة النكاح الذي لم يحضر شهود. (ح 1073) ثبت أن أنس بن مالك أنه قال: كنت رديف أبي طلحة فاشترى رسول الله- صلى الله عليه وسلم - جارية بسبع أرؤس، فقال الناس: ما ندري أتزوجها، أم جعلها، أم ولد؟ فلما أراد أن يركب، حجبها فعرفوا أنه تزوجها. قال أبو بكر: فاستدل من حضر النبي - صلى الله عليه وسلم - على تزويجها بالحجاب. م 2598 - واختلفوا في النكاح بشهادة رجل واحد وامرأتين، فأجاز ذلك الشعبي، وأصحاب الرأي. وكان النخعي، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد يقولون: لا يجوز. وفي قول من أجاز النكاح بغير شهود، إذا أعلنوه، النكاح جائز. 28 - باب نكاح السر قال أبو بكر: أحل الله عَزَّ وَجَلَّ النكاح، وحرم الزنا. (ح 1574) وجاء الحديث عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "أعلنوا النكاح".

جماع أبواب المهور وسننها

م 2599 - وممن روينا عنه أنه كره نكاح السر، عمر بن الخطاب، وعروة بن الزبير، والشعبي، ونافع مولى ابن عمر، وعبد الله بن عتبة. م 2600 - واختلفوا في النكاح يعقد ببينة عادلة سراً، فقال مالك: يفرق بينهما، ويجوز إن [[لم]] يحضره شهود إذا أعلنوه. وفي قول الشافعي: النكاح جائز، ولا يكون ذلك نكاح السر. وقال النعمان في نكاح السر: لا يفرق بينهما. قال أبو بكر: النكاح جائز إذا عقد بما يعقد به النكاح. جماع أبواب المهور وسننها 29 - باب وجوب المهور وما فيها من التغليظ قال الله تعالى: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} الآية. وقال عز وجل: {فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} الآية. (ح 1075) وثبت أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "أحق الشروط أن يوفي به ما ستحللتم به الفروج". (ح 1076) وقال أبو سلمة بن عبد الرحمن: قلت لعائشة: يا أمتاه! كم كان صداق رسول الله- صلى الله عليه وسلم -؟ قالت: اثنتي عشرة أوقية ونش.

30 - باب المغالاة في المهر والتوسع في ذلك

وكان مجاهد يقول: الأوقية أربعون درهماً، والنش عشرون درهماً، والنواة خمسة دراهم. 30 - باب المغالاة في المهر والتوسع في ذلك قال الله تبارك وتعالى: {وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا}. م 2601 - وقد روينا عن عمر بن الخطاب أنه تزوج أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب بأربعين ألف درهم، وأن ابن عمر أصدق صفية عشرة آلاف درهم، وكان ابن عمر يزوج بناته على عشرة آلاف. وروي أن الحسن بن علي تزوج امرأة، فأرسل إليها بمائة جارية مع كل جارية ألف درهم، وعن ابن عباس أنه تزوج شميلة على عشرة آلاف، وتزوج أنس بن مالك على عشرة آلاف. قال أبو بكر: النكاح بكل ما ذكرناه جائز، لا اختلاف أعلمه، ولا حد لأكثر الصداق لا يتجاوز ذلك، وإنما تكلم أهل العلم في أدنى الصداق. 31 - باب التوقيت في المهور واختلاف أهل العلم في ذلك م 2602 - اختلف أهل العلم في أدنى ما يجوز من الصداق.

فقالت طائفة: لا وقت في الصداق، كثر أم قل هو ما تراضوا به، هذا مذهب الحسن البصري، وعمرو بن دينار، وعبد الكريم، والثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبي ثور. وروينا عن سعيد بن المسيب أنه قال: لو أصدقها سوطاً، لحلت به. وفيه قول ثان: وهو أن أقل المهر ربع دينار، هذا قول مالك بن أنس. وفيه قول ثالث: وهو أن أقل المهر عشرة دراهم، هذا قول أصحاب الرأي. وفيه قول رابع: وهو أن أقل المهر خمسة دراهم، هذا قول ابن شبرمة. وقد حكي عن النخعي ثلاثة أقاويل: أحدها أنه كره أن يتزوج بأقل من أربعين درهماً. وحكي عنه أنه قال في الصداق: الرطل من ذهب، وحكي عنه أنه قال: أكره أن يكون مثل مهر البغي، ولكن العشرة والعشرين، وقال الأوزاعي: كل نكاح وقع على درهم فما فوقه، ولا ينقصه قاضي. وقال أبو عمرو: الصداق عندنا ما يتراضى عليه الزوجان من قليل أو كثير. قال أبو بكر: والذي به أقول أن الصداق ما يتراضى عليه الزوجان، وقد ذكر الله تعالى الصداق في كتابه، ولو كان لأقل ذلك لبيّنه الله في كتابه، أو على لسان نبيه - صلى الله عليه وسلم -

32 - باب النكاح بالحكم والتفويض

(ح 1077) وقد قال [2/ 10/ألف] رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: "التمس ولو خاتماً من حديد". وليس لأحد أن يحد حداً يفرض به فريضة إلا بحجة، ولا نعلم حجة تثبت صداقاً معلوماً، لا يجوز غيره. 32 - باب النكاح بالحكم والتفويض م 2603 - اختلف أهل العلم في الرجل ينكح المرأة على حكمه أو حكمها. فقالت طائفة: لها صداق نسائها، كذلك قال الشافعي، وأحمد. وفيه قول ثان: وهو أن لها سنة رسول الله- صلى الله عليه وسلم - في الصداق وهو أربعمائة وثمانون درهماً، هذا قول إسحاق. وقال عطاء: إذا تزوجها على حكمه، فحكم عشرة دراهم، قال: يجوز. وقالت طائفة: غير ذلك كله في الرجل يتزوج المرأة على حكمه أو حكمها، أن النكاح جائز ولها مهر مثلها، إن مات أو ماتت، والمتعة إن طلقها قبل الدخول، هكذا قال أبو ثور، وأصحاب الرأى. وكان مالك بن أنس يقول في المفوض إليه: إن تأكدوه قبل أن يدخل بها فهو بالخيار إن شاء أعطاها صداق نسائها، وإن شاء فارقها، وكانت تطليقه ولها المتاع، وليس لها إعطاء صداق مثلها إلا ذلك. قال أبو بكر: إن مات أو ماتت، فلها صداق مثلها على:

33 - باب قولهم: مهر مثلها

(ح 1078) حديث معقل بن يسار، وهو في معنى من لم يسم. لأن المجهول، والحرام من المهر في معنى من لم يسم مهراً، فإن طلق قبل الدخول فلها المتعة؛ لأن الله تبارك وتعالى جعل لمن طلق قبل الدخول، وفرض نصف ما فرض، فلما كان هذا في معنى، من لم يفرض، كانت لها المتعة إذ ذلك سبيل من لم يسم ولم يفرض. 33 - باب قولهم: مهر مثلها م 2604 - كان الشافعي يقول: "متى قلت: لها مهر نسائها، فإنما أعني أخواتها وعماتها، وبنات أعمامها، ونساء عصبتها، وليس أمها من نسائها، وأعني مهر نساء بلدها في شبابها، وعقلها، وأدبها، وسيرها، وجمالها، وصرامتها (¬1). وبكراً كانت أم ثيباً؛ لأن المهور تختلف بهذه الأحوال". قال أبو بكر: وهذا من أحسن ما سمعت في مهر المثل، والله أعلم. وقال مالك: صداق مثلها في موضعها، وجمالها، ومالها، [2/ 10/ب] وشبابها، ورغبة الناس فيها. ¬

_ (¬1) في الأصل "صحاحتها" والتصحيح من الأم، ولعل الكلمة "صباحتها" قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: في الأوسط "صراحتها"

34 - باب عقد النكاح على المهر المجهول

وحكي عن النعمان أنه قال: نسائها أخواتها، وبنات عمها، وعن ابن أبي ليلى أنه قال: أمها وخالاتها. وقال أبو ثور نحواً من قول الشافعي: ولم يذكر بكراً ولا ثيباً ولا صبيحة، وفي كتاب ابن الحسن: نسائها أخواتها لأبيها، وأمها وعماتها، وبنات عماتها، وليس أمها ولا خالتها من نسائها، إلا أن تكون من عشيرتها وبنات عمها. 34 - باب عقد النكاح على المهر المجهول م 2605 - واختلفوا في الرجل يتزوج المرأة على المهر المجهول، مثل أن ينكحها على ثمرة لم يبد صلاحها، أو على ثوب، أو دار، أو سلعة لم يرها واحد منهما ولم يصفها. فكان الشافعي يقول: لها نصف صداق مثلها، وقال الثوري: إن تزوجها بصكٍ على رجل، فلها صداق مثلها. وقالت طائفة: لها مهر مثلها إن مات أو ماتت أو دخل بها، ولها المتعة إن طلق قبل الدخول، هذا قول أبي ثور، وأصحاب الرأي. وقال مالك في المرأة تزوج على الجنين، أو تزوج بخمر، أو تزوج بثمرة لم يبد صلاحها، أو بعبد آبق، أو جمل شارد، إن دخل بها لم يفرق بينهما، ولها مهر مثلها، وإن أدرك النكاح قبل أن يدخل بها فسخ.

35 - باب النكاح على الخمر والخنازير وما أشبهه

قال أبو بكر: ليس يخلو النكاح على ما ذكرناه أن يكون ثابتاً، فلا يفسد بفساد المهر، أو يكون مفسوخاً فلا معنى لإثبات النكاح بدخول رجل على غير زوجته، ولكنا نجعل النكاح ثابتاً، ونجعل ما ما سمي من ذلك لغواً في معنى من لم يسم شيئاً. ففزع أصحابنا لما طولبوا بإبطال النكاح على المهر الحرام، والمجهول إلى قوله: {لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ} الآية. فإذا كان الفزع إلى هذه الآية، فيجب أن يوجب على من نكح امرأة على ما ذكرناه إن دخل، صداق المثل، وإن طلق قبل الدخول، والمتعة، [[فأما]] أن يقول قائل، إن طولب بفساد النكاح على ما ذكرناه، حكم هذا حكم من لم يسم، فإن طلق [2/ 11/ألف] قبل الدخول، فلها نصف صداق المثل، فذلك اختلاف من القول. 35 - باب النكاح على الخمر والخنازير وما أشبهه قال أبو بكر: م 2606 - واختلفوا في المسلم يتزوج المرأة المسلمة على الخمر، والخنرير، وما أشبه ذلك. فقال أكثر أهل العلم إن دخل بها فلها مهر مثلها هذا قول مالك، والشافعي، وأصحاب الرأي، وأبي ثور.

مسائل

م 2607 - واختلفوا فيه إن مات، أو ماتت قبل الدخول، ففي قول أبي ثور، وأصحاب الرأي: لها صداق نسائها، وإن طلق قبل الدخول فلها نصف مهر مثلها. وقد ذكرت مذهب مالك في مثل هذه في الباب قبل. وقال أبو عبيد: لا يثبت هذا النكاح أبداً، إذا تزوجها على خمر، أو خنزير. مسائل م 2608 - واختلفوا في الرجل يتزوج المرأة على عبد فيستحق، فروينا عن شريح أنه قال: لها قيمته، وبه قال ابن أبي ليلى، وأصحاب الرأي، وأبو ثور، وبه قال الشافعي إذ هو بالعراق، ثم رجع مصر فقال: لها مهر مثلها. م 2609 - فإن تزوجها على أن تحسبه عبداً، فخرج حراً، ففيه أقاويل. أحدها: أن لها القيمة، كذلك قال مالك، وبه كان يقول الشافعي إذ هو بالعراق، وهو قول أحمد، وأبي ثور، وأبي يوسف. م 2610 - وكذلك قال أبو يوسف إذا تزوجها على دَنٍّ من خل إذا هو خمر، لها القيمة، وفي آخر قول الشافعي: لها مهر المثلث. م 2611 - وقال أبو عبيد إن علما أنه حر، فالنكاح غير ثابت، وإن لم يعلما بذلك، فلها قيمة مثله عبداً، وفي قول الشافعي: لها مهر مثلها في كل مسألة من هذه المسائل. وقد روينا عن الشعبي، والنخعي أنهما قالا: إذا ساقه إلى امرأته رجلاً حراً، آل: وهو بحاله حتى يفك نفسه، أو يفكه الذي رهنه.

36 - باب المرأة تنكح على أن يحجها الزوج

قال أبو بكر: م 2612 - فإن نكحها على عبدين، فخرج أحدهما حراً، ففي قول الشافعي: لها مهر مثلها، وفي قول النعمان: ليس لها إلا العبد الباقي. وقول أبي يوسف: لها العبد الباقي، وقيمة الحر عبداً، وفي قول محمد: لها العبد، إلا أن يكون مهرها أكثر فيتبلغ به ذلك. قال أبو بكر: الجواب في هذه المسائل كلها عندي، كالجواب في المهر المجهول. 36 - باب المرأة تنكح على أن يحجها الزوج م 2613 - واختلفوا في الرجل يتزوج المرأة على أن يحجها الزوج. فكان النخعي يقول: ذلك جائز، فإن طلقها قبل الدخول بها فلها النصف ما يحج به مثلها. وزعم أبو عبيد أن النكاح على الحج جائز في مذهب الأوزاعي، ومالك، والثوري، وأصحاب الرأي. م 2614 - فإن طلقها قبل الدخول، فإن مالكاً (¬1) قال: عليه نصف قيمة الحملان، وكذلك قال الأوزاعي، وزادوا النفقة والكسوة، وبه قال أبو عبيد. وفي قول الشافعي: لها صداق مثلها لأن الحملان مجهول، لا يوقف له على حد ولا مقدار، وفي القول الذي ذكرته، إن دخل بها، أو مات، أو ماتت، فصداق مثلها، وإن طلقها قبل الدخول فالمتعة. ¬

_ (¬1) في الأصل: "مالك".

37 - باب الصداق يكون عتقا

37 - باب الصداق يكون عتقاً م 2615 - واختلفوا في الرجل يتزوج امرأة على عتق أبيها فلم يبع. فروينا عن الشعبي أنه قال: لها قيمته، وزعم أبو عبيد أن هذا قول مالك، والثوري، والأوزاعي. وحكى العدني عن الثوري أنه قال: أحب إلي أن يكون لها مهر مثلها. وحكى صفوان عن الأوزاعي أنه قال: إن لم يكن دخل بها، فسخ النكاح، وإن دخل بها فلها صداق مثلها. 38 - باب النكاح يعقد على بيت وخادم قال أبو بكر: م 2616 - واختلفوا فيمن تزوج امرأة على بيت وخادم. فقال مالك: ذلك جائز، ويؤخذ خادم وسط، والبيت إن كان من بيوت الأعراب، وبيوت قد عرفوها، فإن تزوجها على بيت من بيوت الحضر، فذلك جائز إذا كان معروفاً. وقال أصحاب الرأي: لها من ذلك خادم وسط، وقال يعقوب، ومحمد: وهو على قدر الغلاء والرخص في كل بلد. وقال النعمان: أربعون ديناراً للخادم، وأربعون ديناراً للبيت. وفي قول الشافعي: لها صداق مثلها، وفي قول الثوري: إن دخل بها، أو ماتت، أو مات، فصداق مثلها، وإن طلقها قبل الدخول، فالمتعة. وبه نقول.

39 - باب ذكر المهور تكون منها عاجلة وآجلة

39 - باب ذكر المهور تكون منها عاجلة وآجلة قال أبو بكر: م 2617 - واختلفوا في الرجل يتزوج المرأة على المهر، عاجل وآجل. فقالت طائفة: ذلك كله بحال، هذا قول الحسن البصري، وحماد ابن أبي سليمان، وبه قال الثوري، وأبو عبيد. وفيه قول ثان: وهو أن الآجل في ذلك في طلاق أو موت، كذلك قال الشعبي، والنخعي. وفيه [2/ 12/ألف] قول ثالث: وهو أن ينظر، فإن كان الأمر عند أهل ذلك البلدان المؤخر، لا يؤجل إلا عند موت أو طلاق، فإنه ينظر إلى مثل صداق تلك المرأة بالنقد، فتعطى مثل ذلك إن كان دخل بها، وإن لم يكن دخل بها، فإنه يخير الرجل فإما أن يعجل في ذلك، وإما أن يفسخ ذلك النكاح، هذا قول مالك. وفيه قول رابع: وهو أن الأجل لا يحل حتى تطلق، أو يخرجها من مصرها، أو يتزوج عليها، فإذا فعل ذلك حل العاجل والآجل، هذا قول إياس بن معاوية، وقتادة. وفيه قول خامس: وهو أن الآجل يحل إلى سنة، وذكر الأوزاعي عن (¬1) مكحول أنه قال: الأجل يحل عندنا إلى سنة بعد دخوله بها، وهو قول عبيد الله بن الحسن. وفيه قول سادس: وهو أن لها صداق مثلها، هذا قول الشافعي. ¬

_ (¬1) في الأصل "الأوزاعي ومكحول".

40 - باب المهور يشترط الأولياء لأنفسهم معها شيئا معلوما

40 - باب المهور يشترط الأولياء لأنفسهم معها شيئاً معلوماً قال أبو بكر: م 2618 - اختلف أهل العلم في الرجل ينكح المرأة على أن لأبيها كذا وكذا شيئاً اتفقا عليه سوى بالمهر. فقالت طائفة: كل ذلك للمرأة، روينا هذا القول عن عطاء، وطاووس، وعكرمة، وعمر بن عبد العزيز، وبه قال مالك، والثوري، وأبو عبيد. وفيه قول ثان: روي عن علي بن الحسن أنه زوج ابنته رجلاً، واشترط لنفسه مالاً، وعن مسروق أنه اشترط لنفسه عشرة آلاف يجعلها في الحج، والمساكين، لما زوج ابنته. وقال الشافعي: لها مهر مثلها إذا اشترط الولي هذا الشرط. وفيه قول ثالث: وهو أن ذلك لا يجوز لغير الأب، لأن يد الأب مبسوطة في مال ولده، يأخذ منه ما شاء، هذا قول أحمد، وإسحاق. 41 - باب المهر والبيع قال أبو بكر: م 2619 - واختلفوا في الرجل ينكح المرأة على ألف درهم، على أن ردت عليه عبداً. ففي قول أبي ثور: إن وطئها أو مات، أو ماتت، فلها مهر مثلها، وإن طلقها قبل الدخول، فالمتعة. وفيه قول ثان: وهو أن النكاح جائز، فإن طلقها قبل أن يدخل بها، قسمت الألف على قيمة العبد وعلى مهر مثلها، فما أصاب

مسألة

قيمة العبد، فهو لها ثمناً بالعبد، وما أصاب المهر، فهو مهر يرد نصف ذلك إن كانت قد قضته، هذا قول أصحاب الرأي [2/ 12/ب]. وفيه قول ثالث: فإن لم يكن مات بدخول، فسخ النكاح، وإن مات بالدخول ثبت النكاح، وصيرت إلى مهر مثلها، هذا قول مالك. واختلف قول الشافعي في هذه المسأله، فقال إذ هو بالعراق: إن طلق قبل الدخول فلها نصف صداق مثلها، وقال بمصر: فيها قولان: أحدهما: أن ذلك جائز، ويسقم ما أعطاها على قيمة العبد، والمهر. والقول الثاني: أن لها صداق مثلها إن دخل، ونصف صداق مثلها إن لم يدخل بها. م 2620 - وإن نكحها على ألف درهم على أن ترد عليه ألف درهم، ففي قول أبي ثور، وأصحاب الرأي: إن مات أو ماتت، أو وطيها، فلها صداق مثلها، وإن طلق قبل الدخول فلها المتعة. وفي قول الشافعي: لها صداق مثلها، ويترادّان الألفين. مسألة م 2621 - واختلفوا في الرجل ينكح المرأة على ألف درهم إن لم يكن له زوجة، فإن كانت له زوجة فالصداق ألفين. فقالت طائفة: لها مهر مثلها، هذا قول الشافعي.

42 - باب النكاح على تعليم القرآن

وقال أبو ثور: إن دخل بها أو مات، أو ماتت، فصداق مثلها، فإن طلقها قبل الدخول فلها المتعة. وقال النعمان: إن كانت له امرأة فلها ألفا درهم، وإن لم يكن له امرأة فلها مهر مثلها، ولا ينقص من الألف شيئاً، ولا يجاوز بها ألفين، والمهر الأول جائز، والشرط الثاني فاسد، يكون لها فيه مهر مثلها ولا يجاوز بها أكثر مما سمّى لها، ولا ينقص من أقل مما سمى لها. وقال يعقوب ومحمد: لها جميع ما سمّى، لها كما سمّى، لا ينقص منه ولا يزاد عليه في الشرط الأول، والآخر على ما سمّى، وليس هذا بمنزله قوله: هذا، أو هذا. وفيه قول خامس: وهو أن لها أوكسهما، والنكاح جائز. وكان أحمد وإسحاق يقولان: هم على ما اشترطوا عليه. 42 - باب النكاح على تعليم القرآن م 2622 - واختلف أهل العلم في الرجل ينكح المرأة على أن يعلمها القرآن. فقالت طائفة: النكاح ثابت، وعليه أن يعلمها ما شرط لها، هذا قول الشافعي، فإن طلقها قبل الدخول ففيها للشافعي قولان: أحدهما: أن لها نصف آخر تعليم تلك السورة. والآخر: أن لها مهر مثلها. وفي قول المزني: لا يجوز النكاح على تعليم القرآن، وكان أحمد يكرهه. وقال إسحاق: النكاح جائز، ويجعل لها مهر ما سن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - في بناته، ونسائه [2/ 13/ألف].

43 - باب النكاح على العروض

43 - باب النكاح على العروض قال أبو بكر: (ح 1079) جاء الحديث عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه تزوج أم سلمة على متاع يساوي عشرة دراهم. قال أبو بكر: م 2623 - فإذا تزوج الرجل المرأة على عرض قدر عرفاه، فالنكاح ثابت، ولها العرض الذي عقد عليه النكاح، وإن كان العرض موصوفاً معلوماً إلى أجل معلوم، جاز إذا وصف كما يوصف في السلم، وإن كان العرض غائباً عنها، وقد وصفه لها، فالنكاح جائز في قول مالك. وقال أبو ثور: إن وصف لها فجائز، وإن كان على غير الصفة فلها مثل قيمة ما وصف. وقال أصحاب الرأي: إذا تزوجها على خادمة (¬1) ولم ترها بعينها، ثم رأتها فكرهتها، فلا خيار لها، وليس كالبيع، إلا أن يكون عيباً فاحشاً فتردها وتأخذ قيمتها صحيحة. ¬

_ (¬1) في الأصل "خادم".

44 - باب الشغار

44 - باب الشغار قال أبو بكر: (ح 1080) ثبتت الأخبار عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى عن الشغار. وفي حديث ابن عمر، قال: والشغار أن يزوج الرجل ابنته الرجل على أن يزوج الرجل الآخر ابنته، وليس بينهما صداق. م 2624 - واختلفوا في الرجل ينكح الرجل ابنته على أن يزوجه الآخر ابنته يكون مهر كل واحدة منهما نكاح الأخرى. فقالت طائفة: النكاح جائز ولكل واحدة منهما صداق مثلها، هذا قول عطاء. بن أبي رباح، وعمرو بن دينار، ومكحول، والزهري، والثوري، وأصحاب الرأي. فإن طلقها قبل الدخول بها، فلها المتعة في قول النعمان، ويعقوب. وقالت طائفة: عقد النكاح على الشغار باطل، وهو كالنكاح الفاسد في كل أحكامه، هذا قول الشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبي ثور. وكان مالك، وأبو عبيد يقولان: نكاح الشغار مفسوخ على كل حال. وفيه قول ثالث: وهو أنهما إن كانتا لم يدخل بهما ففسخ النكاح، ويستقبل النكاح بالبينة، والمهر، وإن كانتا قد دخل بهما فلهما مهر مثلهما، هذا قول الأوزاعي.

45 - باب المهر يختلف في السر والعلانية

م 2625 - واختلفوا والمسألة بحالها، وقد سميا لكل واحد منهما مهراً مسمى. فإن الشافعي يقول: "النكاح ثابت، ولكل واحدة منهما مهر مثلها، إن دخل بها أو مات، ونصف مهر مثلها إن طلق قبل الدخول". وكره مالك هذا النكاح، ورآه من وجه الشغار، وبمعناه قال الأوزاعي. وقال أصحاب الرأي: النكاح في ذلك ثابت، ولكل واحدة منهما ما يسمى لها. وقال أحمد: أما إذا كان صداق فليس بشغار [2/ 13/ب]. 45 - باب المهر يختلف في السر والعلانية قال أبو بكر: م 2626 - اختلف أهل العلم في المهر يختلف في السر والعلانية. فقالت طائفة: المهر مهر العلانية، هذا قول الشافعي، وابن أبي ليلى، والثوري، وأحمد، وأبي عبيد، وبه قال الشافعي، إلا أن يكون شهود المهرين واحد، فيثبتون على أن المهر مهر السر. وقال آخرون: يجوز السر ويبطل العلانية، هذا قول شريح، والحسن البصري، والزهري، والحكم بن عتيبة، ومالك، وإسحاق. وقال النعمان: المهر هو الأول، والسمعة باطل، وكان الأوزاعي، وسعيد بن عبد العزيز يقولان: يؤخذ بالأول من صداقهما سراً كان أو علانية إذا شهد.

46 - باب المهر يختلف الزوجان في مبلغه

وقال أبو ثور: المهر مهر السر. قال أبو بكر: إذا تصادقا، أو ثبت بينة على عقد في السر بمهر مسمى، ثم أظهروا أكثر من ذلك، فالمهر مهر السر، وإن لم يثبت بذلك بينة، فالمهر ما أظهروا. 46 - باب المهر يختلف الزوجان في مبلغه قال أبو بكر: م 2627 - اختلف أهل العلم في الرجل ينكح المرأة فيقول الزوج: نكحتها بألف، وتقول المرأة: نكحني بألفين، فقال الشعبي، وابن أبي ليلى، وابن شبرمة، وأبو ثور: القول قول الزوج مع يمينه. وقالت طائفة: القول قول المرأة ما لم تجاوز صداق مثلها، هكذا قال الحسن البصري، والنخعي، وحماد بن أبي سليمان، وأبو عبيد. وفيه قول ثالث: وهو أنها إذا قالت: تزوجني بألف، وقال: بل بخمسمائة، ومهر مثلها عشرة آلاف، فلها ألف، لأنها أباحت فرجها به، هذا قول أحمد. وفيه قول رابع: وهو أن لها مهر مثلها، هذا قول الثوري، والشافعي، بعد أن يتحالفا عند الشافعي. وفيه قول خامس: وهو أن القول قول المرأة، والزوج بالخيار، إن شاء أعطى ما قالت المرأة، وإلا تحالفا ويفسخ النكاح، ولا شيء على الزوج من الصداق، إذا لم يكن دخل بها. فإن اختلفا بعد ما قد دخل بها ولم يطلقها، فادعت ألفين، وقال الزوج: لا بل تزوجتك بألف، فالقول قول الزوج، هذا قول مالك.

47 - باب اتفاقهما في المهر واختلافهما في القبض

وفيه قول سادس: وهو أن قول المرأة إلى مهر مثلها، والقول قول الزوج فيما زاد على ذلك. وإن طلقها قبل أن يدخل بها فالقول قول الزوج في نصف المهر، هذا قول النعمان، ومحمد. وفيه قول سابع: وهو أن القول قول الزوج في المهر إن طلق أو لم يطلق إلا أن يجيء من ذلك [2/ 14/ألف] بشيء قليل، فلايصدق الزوج هذا قول يعقوب. وفيه قول ثامن: في الأب والزوج يختلفان في الصداق، إن لها صداق نسائها، غير أنها لا تنقص من ألف شيئاً، وإن كان أكثر من ذلك لم يزد على ألفين، هذا قول قتادة. 47 - باب اتفاقهما في المهر واختلافهما في القبض م 2628 - واختلفوا في الرجل والمرأة (¬1) يختلفان في قبض الصداق، وقد أنكرت المرأة القبض، فقالت طائفة: القول قول المرأة مع يمينها، هذا قول الشعبي، وسعيد بن جبير، وبه قال ابن شبرمة، وابن أبي ليلى، وشريح، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وحكي ذلك عن النعمان. وقالت طائفة: إن كانت مدخولاً بها فالقول قول الزوج، فإن لم يكن دخل بها، فالقول قول المرأة، تحلف بالله ما رفع إليّ شيئاً، ولا وصل إليّ، ثم تأخذ حقها، هذا قول مالك. ¬

_ (¬1) في الأصل "المرأتان".

وقال سليمان بن يسار، وسعيد بن المسيب، وعبيد الله بن عتبة، والقاسم بن محمد، وخارجة بن زيد، وعروة بن الزبير: إن دخول المرأة على زوجها يقطع الصداق إلا أن يكون لها تفريع شهودٍ، أوكتاب بعد دخولها، وليس لها إلا يمينه. قال إياس بن معاوية، وأبو عبيد: إذا دخل بها، فلا دعوى لها عليه في العاجل. وفي الباب قول ثالث: وهو أن على الزوج المهر ما كان حيّاً بعد أن تحلف المرأة على دعوى الزوج، وإن مات فجاءت ببينةٍ على صداقها أخذت به ورثته، وإن لم يكن لها بينة، فلا شيء على ورثته، هذا قول الزهري. م 2629 - فإن ماتا، واختلف ورثته وورثتها في القبض، فالقول قول ورثتها مع أيمانهم، ما يعملون أنها تنصف المهر، ثم يقبض الصداق إذا كان معلوماً، هذا قول الشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وبه قال يعقوب، ومحمد. وقال النعمان يستحسن في هذا أن يبطل المهر إلا أن تقوم البينة على أصل المهر ليؤخذ ورثته. وفي قول مالك: إن مات الزوج، فلا شيء لها إن كان دخل بها، فإن لم يكن دخل بها، فالصداق لها. قال أبو بكر: القول قولها، وقول ورثتها من بعدها في هذه المسألة، والتي قبلها مع أيمانهم، ما لم تكن بينة تشهد لها بالبرأة.

48 - باب التعريض في [2/ 14/ب] المهر من غير أن يفرض ثم يحدث الموت بالزوج

48 - باب التعريض في [2/ 14/ب] المهر من غير أن يفرض ثم يحدث الموت بالزوج قال أبو بكر: م 2630 - اختلف أهل العلم في الرجل ينكح المرأة ولم يسم لها مهراً، ثم يموت أو تموت. فقالت طائفة: لا مهر لها، وعليها العدة، ولها الميراث، روينا هذا القول عن عليّ، وبه قال زيد بن ثابت، وابن عباس، وابن عمر. وبه قال الزهري، ومالك، والأوزاعي، والشافعي، غير أن الشافعي قال: إن لم يثبت فيه خير. وقالت طائفة: لها مهر مثل نسائها، وعليها العدة، ولها الميراث، هذا قول ابن مسعود، وبه قال الثوري، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. (ح 1081) وقد ثبت مثل قول ابن مسعود عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -. وبه نقول. 49 - باب إباحة دخول الرجل بالمرأة قبل أن يعطيها شيئاً قال أبو بكر: م 2631 - واختلفوا في الرجل ينكح المرأة، ثم يدخل عليها قبل أن يعطي شيئاً من مهرها.

مسألة

فقالت طائفة: لا يدخل عليها حتى يعطيها شيئاً، روينا معنى هذا القول، عن ابن عباس، وابن عمر، وبه قال الزهري، وقتادة، ومالك. وقال مالك: يعطي أدباً ما يكون ربع دينار، وكذلك ثلاثة دراهم (¬1). ورخصت طائفة: أن يدخل عليها قبل أن يعطيها شيئاً، هذا قول سعيد بن المسيب، والحسن البصري، والنخعي. قال أبو بكر: إن رضيت بدخوله عليها، قبل أن تقبض شيئاً، فلا بأس به، إذ لا نعلم حجة تمنع منه. مسألة م 2632 - كل من نحفظ من أهل العلم يقول: للمرأة أن تمنع من دخول الزوج عليها حتى يعطيها مهرها، فإن دخل برضاها، ثم طالبته بالصداق، فكان الشافعي يقول: لا تمنع منه ما دام ينفق عليها، وبه قال يعقوب، ومحمد. وقال النعمان: لها أن تمنعه نفسها، وإن دخل عليها، حتى يعطيها المهر. 50 - باب الزوج يعسر بالصداق م 2633 - واختلفوا في الرجل يتزوج المرأة فيعسر بالصداق، فكان الشافعي يقول: هو يخير إذا لم يكن دخل بها. ¬

_ (¬1) في الأصل ثلث دراهم.

51 - باب اختلاف أهل العلم في معنى قوله: [2/ 15/ألف] {إلا أن يعفون} الآية

وقال النعمان: هو غريم من الغرماء، لا يفرق بينهما، ويؤخذ بالنفقة حتى يجد بالصداق. 51 - باب اختلاف أهل العلم في معنى قوله: [2/ 15/ألف] {إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ} الآية م 2634 - واختلفوا في معنى قوله: {إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} الآية. فقالت طائفة: الذي بيده عقدة النكاح، الزوج، روي هذا القول عن عليّ، وابن عباس، وجبير بن مطعم. وبه قال شريح، وسعيد بن المسيب، وسعيد بن جبير، ومجاهد، ونافع بن جبير، ونافع مولى ابن عمر، وإياس بن معاوية، وجابر ابن زيد، وابن سيرين. وبه قال الثوري، والشافعي، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. وفيه قول ثان: وهو أن الولى كذلك، قاله علقمة، والحسن، وطاووس. وقال الزهري: ولي البكر، وقال مالك، هو الأب في بنته البكر، والسيد في أمته. وقال أحمد: عفو الأب جائز عن صداق ابنته البكر.

52 - باب اختلاف أهل العلم في وجوب الصداق بالخلوة وإرخاء الستر

وقد روينا عن ابن عباس رواية هي أحسن إسناداً من الرواية الأولى، أنه قال: [[إن عفت]] فذلك، وإن عفا وليها الذي بيده عقدة النكاح، جائز، وإن أبت. قال أبو بكر: القول الأول أصح، لأنها المالكة للشيء لا ملك لأحد معها، يدل على صحة ما قلناه قوله تبارك وتعالى: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا}. 52 - باب اختلاف أهل العلم في وجوب الصداق بالخلوة وإرخاء الستر م 2635 - اختلف أهل العلم في الرجل ينكح المرأة ثم يخلو بها. فقالت طائفة: إذا غلق باباً، أو أرخى ستراً فقد وجب الصداق، كذلك قال عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وزيد بن ثابت، وابن عمر. وهذا مذهب عروة بن الزبير، وعلي بن الحسن، والزهري، وبه قال سفيان الثوري، والأوزاعي، وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي. وبه قال مالك: إن دخل عليها في بيتها، صدق عليها، وإن دخلت عليه في بيته، صدقت عليه. وقال طائفة (¬1): لا يجب المهر إلا بالمسيس، كذلك قال شريح، والشعبى، وطاووس، وابن سيرين، والشافعي، وأبو ثور. ¬

_ (¬1) كلمة "طائفة" كانت ساقطة من الأصل.

مسألة

واحتجوا بقوله تعالى: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} الآية. وقد روي عن ابن مسعود، وابن عباس، أنهما قالا ذلك، ولا يصح ذلك عن أحد منهما. فأما حديث ابن عباس فإنما رواه ليث بن سليم، وليث [2/ 15/ب] يضعف، وحديث ابن مسعود منقطع. مسألة م 2636 - واختلفوا في الصائم، أو المحرم يخلو بامرأته ثم يطلقها، فكان إسحاق يقول: إنما ثبت لها جميع المهر إذا جاء العجز من قبله.

53 - باب الواهبة نفسها بلا مهر، ولا تسمية شيء

وقال النعمان: في المحرم يخلو بامرأته ثم يطلقها، عليه نصف المهر، وإن كان هو صائم عن تطوع فعليه المهر كاملاً. م 2637 - وقال في المجبوب يخلو بامرأته ثم يطلقها، عليه المهر كاملاً. وقال يعقوب، ومحمد في المجبوب يخلو بامرأته: عليه نصف المهر. وكان عطاء يقول: إن الصداق يجب بالخلوة، وإن أصبحت عذراء، وإن كانت حائضاً، وهذا مذهب أحمد، وابن أبي ليلى، والثوري. وفي قول الشافعي: إذا طلق من هذه صفته، فلها نصف الصداق في هذه المسائل. 53 - باب الواهبة نفسها بلا مهر، ولا تسمية شيء م 2638 - واختلفوا في المرأة تهب نفسها للرجل، ويقبل ذلك الرجل. فقالت طائفة: لا يكون هذا لأحد بعد رسول الله- صلى الله عليه وسلم -، إنما خص الله بها نبيه - صلى الله عليه وسلم -، هذا قول عطاء، والزهري، وبه قال مالك، والشافعي، وربيعة، وأبو عبيد. وهكذا نقول. وأجاز بعضهم هذا، وإن لم يسم مهراً إذا اختلف كانت ببينة، ثم يؤخذ لها صداق المثل عند الدخول، روي هذا القول عن النخعي. وأجاز أصحاب الرأي ذلك إذا وهبت نفسها للرجل وقبلها بشهود، ولا مهر مسمى، يلزمه لها مهر مثلها إن مات عنها أو دخل بها، وإن طلقها قبل الدخول فلها المتعة.

54 - باب المهر يزيد وينقص عند الزوج أو عند المرأة

54 - باب المهر يزيد وينقص عند الزوج أو عند المرأة م 2639 - واختلفوا في الرجل يتزوج المرأة على جارية فلتلد أولاداً، أو على ماشية فتنتج بعد قبضها ذلك، ثم يطلقها الزوج. فقالت طائفة: النتاج، وولد الأمة للمرأة، يرجع الزوج بنصف ما أصدقها، إن كان ذلك لم ينقص، هذا قول الشافعي، وأبي ثور. وقال أصحاب الرأي في النتاج وولد الأمة كما قال الشافعي، قالوا: فإن طلق الزوج، رجع بنصف قيمتها. قال أبو يكر: "فإن لم تكن المرأة قبضت الخادم، ولا [2/ 16/ألف] الماشية حتى تنجب عند الزوج، أو ولدت المرأة ثم طلق قبل أن يدخل عليها، فالنتاج وولد الأمة للمرأة، وينظر إلى الماشية، فإن كانت بحالها يوم أصدقها، أو أزيد فهي (¬1) لها، ويرجع بنصف قيمة الماشية دون النتاج، وإن كانت ناقصة عن حالها يوم أصدقها، كان لها الخيار فإن شاءت أخذت منه أنصاف قيمتها يوم أصدقها إياها، وإن شاءت أخذت أنصافها ناقصة "هذا قول الشافعي". وقال أصحاب الرأي: إذا ولدت الخادم عند الزوج قبل أن تقبضها المرأة، ثم طلقها قبل أن يدخل بها، كانت الخادم، والولد بينهما للمرأة نصف الخادم ونصف الولد، وللزوج مثل ذلك، وكذلك الماشية. وكان مالك يقول: كل عرض أصدقها، أو عبد ¬

_ (¬1) في الأصل "فهو" والصحيح ما أثبته، وكذا في الأم.

فعملوه عليهما جميعاً ونواه عليهما جميعاً، إذا طلقها قبل الدخول، وإن كنت رقيقاً فماتت لم تغرم المرأة من عندها شيئاً. قال أبو بكر: م 2640 - واختلفوا في الرجل يتزوج المرأة على دار، فتهدم في يد الزوج، وطلقها قبل الدخول بها. فقال أبو ثور: إن كان الزوج منحها الدار، فلها نصف الدار، ونصف ما نقصها، وإن كان لم يمنحها كان لها نصف الدار. واختلف قول الشافعي في هذه المسألة، وأصح قوليه عند أصحابه: أنها بالخيار إن شاءت أخذت نصف العرصة، وإن شاءت أخذت نصف مهر مثلها. وقال أصحاب الرأي: إن انهدمت من غير عمله فهي بالخيار، إن شاءت أخذت نصف الدار ناقصة، ولا ضمان على الزوج، وإن شاءت أخذت نصف قيمتها صحيحة، ولم تعرض للدار. وإن انهدمت من عمله فهي بالخيار، إن شاءت ضمنته نصف الهدم وأخذت نصف ما بقي من الدار، وإن شاءت ضمنته نصف قيمة الدار صحيحة، ولا تأخذ من الدار شيئاً. م 2641 - واختلفوا في الرجل يتزوج المرأة ويصدقها دراهم (¬1)، وتقبض ذلك، ثم تبتاع بها جهازاً، أو طيباً، ثم يطلقها قبل الدخول. ففي قول مالك، والأوزاعي ترد عليه نصف المتاع ونصف الطيب. ¬

_ (¬1) في الأصل "دراهماً".

55 - باب المرأة تنكح بغير صداق فتطالب بأن يفرض لها صداق

وفي قول ابن أبي ليلى، وابن شبرمة، والثوري، والشافعي، وأحمد، وأصحاب الرأي: ترد نصف المهر والمتاع [2/ 16/ب] الذي اشترت لها. قال أبو بكر: وكذلك أقول، لقوله تبارك وتعالى: {فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} الآية والذي فرض الزوج دراهم. م 2642 - واختلفوا في الرجل يتزوج المرأة، ويمنع أن تشتري شيئاً من المتاع. ففي قول سفيان الثوري، والشافعي، وأصحاب الرأي: لا يجبر على شراء ما لا تريد شرائه، والمهر لها تفعل به ما شاءت. وحكي عن مالك أنه قال: ليس لها أن تقضي به وبينها، ولا تنفق منه في غير ما يصلحها لغير بيتها، إلا أن يكون الصداق شيئاً كثيراً، فتنفق منه شيئاً يسيراً، وتقضي به من دينها شيئاً يسيراً من المهر الكثير. قال أبو بكر: لا فرق بين القليل والكثر، والصداق مال من مالها، وتفعل به ما شاءت، وتصرفه حيث شاءت. 55 - باب المرأة تنكح بغير صداق فتطالب بأن يفرض لها صداق م 2643 - واختلفوا في المرأة تنكح بغير مهر، ثم تطالب بأن يفرض لها مهر. فقالت طائفة: يفرض لها مهر مثلها، كذلك قال الشافعي، وأبو ثور. وقال أصحاب الرأي: يفرض لها مهراً.

56 - باب الأب يعقد على ابنه الصغير نكاحا ويطالب بالصداق

م 2644 - فإن طلقها وقد فرض لها مهراً، ففي قول الشافعي، وأبي ثور: لها نصف ذلك إذا طلقها قبل الدخول. وفي قول أصحاب الرأي: إذا دخل بها أو مات عنها فذلك لها، وإن طلقها قبل الدخول، فلها المتعة، لأن أهل الفريضة لم يكن في عقد النكاح. وفيه قول ثالث: قاله مالك، وهو أن عليه أن يفرض صداق مثلها من مثله، وهي امرأته، فإن كره أن يفرض لها صداق مثلها من مثله، فرق بينهما وفرقته بتطليقه ثانية. 56 - باب الأب يعقد على ابنه الصغير نكاحاً ويطالب بالصداق م 2645 - واختلفوا في الأب يزوج ابنه الصغير فيطالب بالصداق. فقال الحسن، والحكم، وقتادة: الصداق في مال الابن، وبه قال الثوري، والأوزاعي، وأحمد، وأبو ثور، وإسحاق، وأصحاب الرأي. وفيه قول ثان: وهو أن الصداق على الأب إن كان الغلام يوم تزوج، لا مال له، وإن كان للغلام مال، فالصداق في مال الغلام، إلا أن يسمى الأب الصداق عليه، هذا قول مالك. قال أبو بكر: بالقول الأول أقول؛ لأن النكاح إذا ثبتت أحكامه، فلا يجوز إلزام غير [2/ 17/ألف] الزوج، إلا أن يضمنه ضامن، فيلزمه الضمان.

57 - باب المرأة تهب الصداق لزوجها، ويطلقها قبل الدخول

57 - باب المرأة تهب الصداق لزوجها، ويطلقها قبل الدخول م 2646 - واختلفوا في المرأة تنكح على صداق معلوم، وتهب صداقها للزوج، ويطلقها قبل الدخول بها. فقالت طائفة: لا يرجع عليها بشيء قبضته أو لم تقبض، هذا قول مالك، وأحمد، ولم يذكر أحمد القبض. وقال أبو ثور: يرجع عليها بنصفه، قبضته أو لم تقبضه. وقال أصحاب الرأي: إذا وهبته له، ولم تقبضه، وطلقها قبل الدخول فليس لواحد منهما على صاحبه شيء، وإن كانت قبضت منه المهر، ثم وهبته له، ثم طلقها قبل الدخول، فله عليها نصف المهر. وقال الشافعي بالعراق: لا يرجع عليها في واحدة من الحالين. وقال بمصر: فيها قولان، أحدهما: لا يرجع عليها بشيء، والثاني: أن له أن يرجع بنصفه قبل القبض وبعد القبض. 58 - باب دخول الرجل بغير امرأته م 2647 - روينا عن علي بن أبي طالب أنه قال في أختين أهديتا إلى أخوين، فأدخلت كل واحدة منهما على غير زوجها، فقال عليّ: لهما الصداق، ويعتزل كل واحد منهما امرأته حتى تنقضي عدتهما. وبه قال النخعي، وأحمد، وأبو عبيد، وإسحاق، وهو قول الشافعي، وأصحاب الرأي.

59 - باب تحريم فرج الأمة إلا ببيع أو هبة [2/ 17/ب]

م 2648 - واختلفوا في الرجل ينكح ذات محرم منه، وهو لا يعلم ويدخل بها، ثم يعلم ذلك. فقالت طائفة: يفرق بينهما، ولها مهرها مستحل من فرجها، روي هذا القول عن القاسم بن محمد، والنخعي، وسالم، ومكحول. وبه قال الأوزاعي، ومالك، والثوري، والشافعي، وأبو عبيد. وفيه قول ثان: وهو أن لها نصف الصداق، وهكذا قال طاووس. وفيه قول ثالث: وهو أن لا شيء لها، روي ذلك عن الشعبي. وفيه قول رابع: وهو أن لها ما أخذت من الصداق، ويبطل الآجل، هذا قول الحسن. وفيه قول خامس: وهو أن لها الأقل من صداق مثلها، أو ما سمي لها، حكى أبو عبيد هذا القول عن أصحاب الرأي. قال أبو بكر: وبالقول الأول أقول. 59 - باب تحريم فرج الأمة إلا ببيع أو هبة [2/ 17/ب] قال الله تبارك وتعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ، إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ} الآية. وحرم الله تبارك وتعالى الزنا في به، فلا يحل الفرج إلا بنكاح، أو ملك يمين، ومن وطيء فرجاً بغير إحدى الجهتين فقد تعدى

60 - باب المرأتين تنكحان على ألف درهم صداق

لقوله تعالى: {فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ}. م 2649 - وثبت أن ابن عمر قال: لا يحل نكاح جارية إلا جارية يملك بيعها، ونكاحها، وعتقها، وهذا مذهب الحسن البصري، وعمرو بن دينار، ومالك، والشافعي، والأوزاعي، والثوري، وأكثر علماء الأمصار. 60 - باب المرأتين تنكحان على ألف درهم صداق م 2650 - واختلفوا في الرجل يتزوج امرأتين على صداق ألف درهم. فقالت طائفة: الألف بينهما نصفين، ولكل واحدة منهما نصفها، هذا قول أبي ثور. وفيه قول ثان: وهو أن الألف بينهما على قدر مهر كل واحدة منهما، هذا قول النعمان: فإن كانت إحداهما في عدة، أو لها زوج فالألف كلها للتي نكاحها صحيح. وقال يعقوب: الألف بينهما على قدر مهورهما، فما أصاب إلى نكاحها صحيح، فهو لها إن دخل بها أو مات عنها، وإن طلقها قبل الدخول فلها نصفه، وما أصاب الأخرى فهو لها إن دخل بها، إذا كان ذلك مهر مثلها، وإن طلقها فلا شيء لها. وللشافعي في هذه قولان: أحدهما، أن الألف مقسوم على قدر مهورهما، قال: وقد قيل: لكل واحدة منهما (¬1) صداق مثلها. ¬

_ (¬1) "لكل واحد منهما" تكررت في الأصل.

61 - باب صداق أهل الشرك إذا أسلموا

61 - باب صداق أهل الشرك إذا أسلموا م 2651 - واختلفوا في الرجل المشرك ينكح المرأة بخمر، أو خنزير، ثم يسلمان قبل أن تقبض ذلك المرأة. فكان الشافعي يقول: لها مهر مثلها، وإن كانت قبضته قبل أن يسلما، فليس لها غيره، أو إن قبضته قبل أن يسلما، فلها مهر مثلها، وهذا قول أبي ثور. واحتجا بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} الآية. وقال أصحاب الرأي: إذا تزوج الحربي الحربية على غير مهر، أو على هبة، ثم أسلما، فلا شيء لها عليه قبل الإسلام، وإذا تزوج الذمي الذمية على غير مهر، وذلك [2/ 18/ألف] جائز عندهم، فلا شيء لها وإن أسلما، وهذا قول النعمان. وفي قول أبي يوسف ومحمد: لها مهر مثلها يؤخذ به. مسألة م 2652 - واختلفوا في الرجل يتزوج امرأة على طلاق امرأة أخرى. فقال الثوري: لها مهر مثلها إن دخل عليها، وإن طلق قبل الدخول فلها المتعة، وإن مات عنها فلها مهر مثلها، وبه قال أبو ثور، وابن نصر، وأصحاب الرأي. وكذلك نقول.

62 - مسائل من باب الصداق

وفي قول الشافعي: لها مهر مثلها إن دخل، ونصف مهر مثل إن طلق قبل الدخول. 62 - مسائل من باب الصداق م 2653 - كان مالك يقول: إذا زوج الرجل، أمته فالصداق للأمة، إلا أن ينتزعه السيد منها. وفي قول الشافعي: الصداق للسيد. م 2654 - وليس للرجل أن يقبض صداق ابنته البالغ التي تلي مال نفسها، إلا بإذها، فإن قبض لم يبر الزوج منه في مذهب مالك، والشافعي، وأصحاب الرأي، ويجوز أن يقبض مهر ابنته البكر الصغيرة، وبريء الزوج بدفع ذلك إليه في قولهم جميعاً. م 2655 - وقال مالك: إذا أهدى لها وأكرمها، ثم طلقها قبل أن يدخل بها، لم يأخد منها من ذلك شيئاً، وكذلك مذهب الشافعي، والنعمان. قال أبو بكر: م 2656 - فإن اختلفا فقالت: هو كرامة، وقال: بل هو من المهر، فالقول قوله مع يمينه، وهذا قول الشافعي، وبه قال النعمان، إلا الطعام الذي يؤكل، فإن القول فيه قول المرأة. قال أبو بكر: القياس ألا فرق بين الطعام وغيره. 63 - باب الشروط في النكاح م 2657 - اختلف أهل العلم في الرجل ينكح المرأة ويشترط لها أن لا يخرجها من دارها، ولا يتزوج عليها، ولا يتسرى، ونحو ذلك من الشروط.

فأبطلت طائفة هذه الشروط، هذا مذهب عطاء بن أبي رباح، وسعيد بن المسيب، والحسن، وإياس بن معاوية، وابن سيرين، والشعبي، والنخعي، والزهري، وقتادة، وهشام بن هبيرة، ومالك ابن أنس، والليث بن سعد، والثوري، والشافعي، وأصحاب الرأي. وكان الشافعي يقول: إن كان انتقصها بشرط شيئاً من مهر مثلها، فلها مهر مثلها. وقد روينا عن علي بن أبي طالب أنه قال في رجل تزوج امرأة وشرط لها دارها، [2/ 18/ب] فقال: شرط الله قبل شرطهم، ولم يره شيئاً. وألزمت طائفة هذه الشروط، وأمرت بالوفاء بها، وروينا عن عمر بن الخطاب أنه اختصم إليه في امرأة شرط لها زوجها أن لا يخرجها من دارها، فقال عمر: لها شرطها. وقال عمرو بن العاص: أرى يعني لها شرط، وهذا مذهب جابر ابن زيد، وطاووس، وبه قال الأوزاعي، وأحمد، وإسحاق. وقال إسحاق لقول عمر: مقطع الحقوق عند الشروط. (ح 1082) لقول النبي- صلى الله عليه وسلم - "أحق الشروط أن يوفى بها ما استحللتم به الفروج". وكان عطاء يقول: إن نكح امرأة وشرطت عليه، أنك إن نكحت، أو تسريت، أو خرجت بي، فإن لي عليك كذا، وكذا من المال، قال: فإن نكح فلها ذلك المال، قال: وهو من صداقها. وقال الزهري: هو زيادة في صداقها.

64 - باب اشتراط الولي في النكاح إن جئت بالمهر إلى كذا وإلا فليست لك بزوجة

قال أبو بكر: أصح ذلك أن يثبت النكاح، وتبطل الشروط. (ح 1083) لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "كل شرط ليس في كتاب الله تعالى فهو باطل، وإن كانت مائة شرط". وهذه الشروط خلاف كتاب الله، بل فيه تحريم ما أباحه الله للزوج من النكاح، ومالك اليمين. والجواب في الاشتراط على كل واحد من الزوجين على صاحبه، أن لا ينكح بعده، كالجواب في هذه الوسائل. وأبطل سفيان الثوري، والشافعي، والمزني، وأصحاب الرأي هذه الشروط. 64 - باب اشتراط الولي في النكاح إن جئت بالمهر إلى كذا وإلا فليست لك بزوجة م 2658 - واختلفوا في الرجل ينكح المرأة على أنه جاء بالمهر إلى كذا، وإلا فلا نكاح بينهما. فقالت طائفة: النكاح ثابت، والشرط باطل، هذا قول عطاء، والثوري. وفيه قول ثان: قاله مالك، وهو كراهية هذا النكاح، وإنه ليس بشيء، رواه الوليد بن مسلم عنه. وفيه قول ثالث: وهو أن لا بأس بذلك، روينا هذا القول عن ابن عباس وبه قال الزهري، والأوزاعي.

65 - باب الخيار في النكاح

وإن ماتا توارثا في قول الأوزاعي. وقال أحمد وإسحاق: الشرط باطل، والنكاح جائز، وشبه أبو عبيد ذلك بنكاح المتعة. قال أبو بكر: قول أحمد وإسحاق حسن. 65 - باب الخيار في النكاح م 2659 - اختلف أهل العلم [2/ 19/ألف] في الرجل ينكح المرأة على أنها أو أحدهما بالخيار ثلاثاً أو إلى مدة معلومة. فكان الشافعي، وابن القاسم صاحب مالك يقولان: النكاح باطل. وقال أبو ثور: النكاح جائز، والخيار باطل، وزعم أبو ثور أن المسألة لا خلاف فيها، وحكي ذلك عن الكوفي. وقال الثوري في رجل زوج امرأة على رضا أمها؟ قال: لا أرى شيئاً حتى ترضى أمها، وبه قال أحمد. 66 - باب التقصير عن أداء بعض حقوق المرأة م 2660 - واختلفوا في الرجل يتزوج المرأة على أن يأتيها نهاراً، أو على أن يقسم لها دون ما يجب لها، أو يقصر عما يجب لها من النفقة. فرخصت طائفة في ذلك، روي عن عطاء، والحسن أنهما كانا لا يريان بأساً بتزويج النهاريات، وعن الحسن أنه كان لا يرى بأساً أن يتزوجها على أن يجعل لها من الشهر أياماً معلومة. وكرهت طائفة ذلك، كره ذلك محمد بن سيرين، والزهري، وكره تزوّج النهاريات حماد بن أبي سليمان، وابن شبرمة.

67 - باب نكاح المتعة

وقال أبو ثور، وأصحاب الرأي: إذا سألت أن يعدل عليها، عدل. قال أبو بكر: النكاح جائز، والشرط باطل. وقد حكي عن مالك قول ثالث: (¬1) وهو إن أدرك قبل أن [[يبني]] بها فسخ النكاح، وإن بني بها ثبت النكاح وبطل الشرط. وقال الأوزاعي: لا يفسخ نكاحه، وهو جائز عليها، وشرطه ما لم يتزوج عليها ضرة، فإذا تزوج عليها فعليه أن يعدل. 67 - باب نكاح المتعة (ح 1084) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - نهى عن نكاح المتعة. م 2661 - ودل قوله: "ألا وأن الله قد حرم ذلك إلى يوم القيامة" على أن الفسخ لا يجوز أن يقع عليه. وقد روينا أخباراً عن الأوائل بإباحة ذلك، وليس لها معنى، ولا فيها فائدة مع سنة رسول الله- صلى الله عليه وسلم -. م 2662 - وممن نهى عن المتعة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، وقال القاسم بن محمد: تحريمها في القرآن: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ، إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ} الآية. ¬

_ (¬1) في الأصل "قولا ثالثا".

68 - باب الرجل يغر بالعيب يكون بالمرأة

روي عن ابن مسعود أنه قال: نسخها آية الطلاق، والعدة، الميراث، وروي عن علي أنه قال ذلك. وقال ابن عمر: ما أعلمه إلا السفاح، وقال [2/ 19/ب] ابن الزبير: المتعة الزنا الصريح، ولا أعلم أحداً يعمل بها إلا رجمته، وقال الحسن البصري: ما كانت المتعة إلا ثلاثة أيام حتى حرمها الله تعالى ورسوله - صلى الله عليه وسلم -. وممن أبطل نكاح المتعة مالك، والثوري، والشافعي، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي، ولا أعلم أحداً يجيز اليوم نكاح المتعة إلا بعض الرافضة، ولا معنى لقول يخالف القائل به الكتاب والسنة. م 2663 - واختلفوا فيما على من نكح نكاح متعة، فقال الشافعي: إن لم يصبها فلا مهر لها، وإن أصابها فلها مهر مثلها وعليها العدة. وقال أبو ثور: إن لم يكن دخل بها فكما قال الشافعي، وإن دخل بها ولم يعلم نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - فكما قال الشافعي، فإن تزوج رجل مبتدع على هذا، فرق بينه وبين المرأة، وأدبه الإمام وعاقبه. 68 - باب الرجل يغر بالعيب يكون بالمرأة م 2664 - اختلف أهل العلم في الرجل ينكح المرأة، ثم يظهر على جنون، أو جذام، أو برص. فقالت طائفة: له الخيار، فإن علم قبل الدخول فارقها ولا شيء عليه، وإن لم يعلم حتى دخل فعليه المهر، وروي هذا القول عن عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب.

69 - باب رجوع الزوج بالصداق على من غره

وبه قال جابر بن زيد، ومالك، والشافعي، وإسحاق في هذه العيوب، وفي العيب في الفرج، وقال أبو ثور، وأبو عبيد في الجذام، والجنون، والبرص مثله، وقال جابر، والأوزاعي في العفلاء كذلك. وفيه قول ثان: وهو أن الحرة لا ترد من عيب كما ترد الأمة، هذا قول النخعي، والثوري، وأصحاب الرأي، وروي ذلك عن علي. م 2665 - واختلفوا في العيب يكون بالزوج، فكان الزهري، والشافعي يقولان: لها الخيار مثل ما للزوج، وذلك أن يكون به جنون، أو جذام، أو برص. وفيه قول ثان: وهو أن لا شيء لها وهو أحق بها، هذا قول عطاء. وقال الحسن: في البرص مثله. وقال مالك: في الجذام يفرق بينهما وقال في البرص: لا يفرق. 69 - باب رجوع الزوج بالصداق على من غره م 2666 - واختلفوا في الرجل يتزوج المرأة، ثم يجد بها جنوناً، أو جذاماً، أو برصاً. فكان عمر بن الخطاب يقول: على وليها المهر لزوجها كما غره، وبه قال الأوزاعي. وقال الزهري، وقتادة: إن كان الولي علم، غرم وإلا استحلف بالله ما علم، ثم هو على الزوج.

وفيه قول ثالث: وهو أن الذي أنكحها إن كان أبوها، وأخوها، [2/ 20/ألف] أو من يرى أنه يعلم ذلك منها غرم، وإن كان ابن عم، أو مولى، أو من العشيرة من لا يرى أنه يعلم ذلك، فليس عليه غرم، هذا قول مالك، وترد المرأة ما أخذت من صداق نفسها، ويترك قدر ما يستحل به منها. وفيه قول رابع: وهو أن لا يرجع بالمهر عليها ولا على وليها، هكذا قال الشافعي بمصر، وقد كان يقول قبل كقول مالك. قال أبو بكر: احتج من قال: للزوج الخيار بخبر عمر بن الخطاب، ومن حجة من لا يرى له خياراً، أنهم لو وصفوها بالبصر، فوجدت عمياء، أو بالجمال فوجدت على غير ذلك، أنها لا ترد، فحكم ما اختلفوا فيه من تلك العيوب حكم ما أجمعوا عليه من هذه، مع إجماعهم على صحة نكاحها، وإن لم تر، أو توصف بخلاف الإماء وغيرهن. م 2667 - واختلفوا في سائر العيوب فقال النخعي: لا ترد الحرة من عيب، وقال الزهري في التي زنت، وسرقت، ولم يعلم هي امرأته لا يفارقها، وهذا على مذهب مالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي. وقال عطاء في التي زنت، وسرقت ولم يعلم حتى نكحها، ثم أخبر قبل أن يجامعها قال: ليس لها شيء. م 2668 - وقال أبو ثور: إذا تزوج امرأة وشرطوا أنها جميلة، أو صحيحة، أو بصيرة، فإذا هي عمياء، أو مقطوعة اليد، أو عوراء، أو مفلوجة، أو قبيحة، فالقياس أن له الرد إن كان فيه اختلاف، وإن كان إجماع، فالإجماع أولى من النظر.

70 - باب العقيم من الرجال

قال أبو بكر: ليس في شيء من ذلك خيار، ولا أعلم أحداً ممن حفظنا عنه وافق أبا ثور على مقالته هذه. وممن ألزم الزوج من هذه صفتها ولم يجعل له الخيار: الثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي. 70 - باب العقيم من الرجال م 2669 - واختلفوا في الرجل يتزوج بالمرأة، ثم يوجد عقيماً ولا يولد له. فروينا عن الحسن أنه قال: تخير. وقال أحمد: ينبغي أن يبين عسى امرأته تريد الولد، وبه قال إسحاق. وفي قول الشافعي، والثوري، وأصحاب الرأي: لا خيار لها. وكذلك نقول. 71 - باب الغرور بالنسب م 2670 - واختلفوا في الرجل يغر بالنسب، فيوجد دونه، وهو كفؤ بالنسب الدون. قال الشافعي: فيها قولان: أحدهما أن لا خيار لها، وبه أقول. والآخر إن النكاح مفسوخ. م 2671 - ولو غرته بنسب فوجدت دونه، ففيها قولان، أحدهما: أن له عليها مثل ما لها عليه من [2/ 20/ب] رد النكاح.

72 - باب الأمة تغر الحر بنفسها

والثاني: لا خيار له، لأن الطلاق بيده، هذا كله قول الشافعي. وقال أصحاب الرأي في المرأة تغر الرجل بنسب: النكاح لازم، لأن الطلاق بيده، وإن انتسب لها إلى غير أبيه، وتزوجته على ذلك، ثم علمت فلها الخيار، لأنه قد غرها، وإن كان كفواً لها أن تقيم معه بغير إذن الأولياء، وإن لم يكن كفواً، لم تقم معه إلا أن يشاء الأولياء، هذا قول النعمان. 72 - باب الأمة تغر الحر بنفسها م 2672 - واختلفوا في الرجل يأذن لأمته في النكاح، ويوكل وكيلاً لذلك، فيغر الرجل الوكيل، أو هي فيتزوجها على ذلك، ووطيها وأولدها أولاداً، والنكاح ممن يحل له تزويج الإماء. إن أراد أن يقيم على النكاح أقام، وكان عليه قيمة أولادها يوم سقطوا من بطن أمهم، لسيد الأمة، ويرجع بجميع ما أخذ منه من قيمة الأولاد، على الذي غره إن كان الوكيل، وإلا عليها إذا عتقت يوما ولا يرجع بالمهر، هذا قول الشافعي بمصر. وقد كان يقول بالعراق: يرجع بالمهر قال: وكذلك قضى عمر، وعلي بن أبي طالب، وابن عباس. وفي قول مالك، والثوري، وأبي ثور، وأصحاب الرأي: لا قيمة للأب (¬1). فيمن مات منهم قبل أن يستحق. م 2673 - وكان الشافعي، وابن أبي ليلى يقولان: قيمتهم يوم يسقطون. وقال مالك، والثوري: القيمة يوم يحكم عليه. ¬

_ (¬1) كان في الأصل "على الأب" والظاهر ما أثبته.

73 - باب حكم ولد الأمة

وكان الثوري، وأبو ثور، وأصحاب الرأي يقولون: يرجع الأب بقيمة الأولاد على من غره. 73 - باب حكم ولد الأمة م 2674 - أجمع أهل العلم على أن العجمي، والمولى إذا تزوج أمة قوم، فأولدها، أن الأولاد رقيق. م 2675 - واختلفوا في العربي تزوج أمة قوم فأولدها. فقالت طائفة: لا رق عليهم وتقوم الأولاد على الأب، روي هذا القول عن عمر بن الخطاب، وبه قال سعيد بن المسيب، والشافعي كذلك قال إذ هو بالعراق. ثم وقف عنه بمصر، وهذا مذهب الأوزاعي، والثوري، وأبي ثور، وإسحاق. وقالت طائفة: أولاده رقيق، هذا قول مالك، وأصحاب الرأي. قال أبو بكر: (ح 1085) ثبت أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - قال لعائشة وكان عليها محرز من ولد إسماعيل، قال: فأتى رسول الله- صلى الله عليه وسلم -[[بسبي من]] بني العنبر، فقال رسول الله [2/ 21/ألف]- صلى الله عليه وسلم -: اعتقي من بني العنبر. وقد أجمع أهل العلم أن العرب والعجم يستوون في الدماء، فإذا استووا في الدماء عند الجميع، واختلفوا فيما دون الدماء، كان حكم ما اختلفوا فيه حكم ما أجمعوا عليه، مع دلالة السنة.

74 - باب الخيار للأمة إذا أعتقت وهي تحت زوج عبد

74 - باب الخيار للأمة إذا أعتقت وهي تحت زوج عبد م 2676 - أجمع أهل العلم على أن الأمة إذا أعتقت وهي تحت عبد أن لها الخيار. م 2677 - واختلفوا في الأمة تعتق وهي تحت حر. فقالت طائفة: لها الخيار. روينا هذا القول عن عطاء، وابن سيرين، والشعبي، ومجاهد، والنخعي، وحماد بن أبي سليمان، وبه قال الثوري، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. وقالت طائفة: لا خيار لها إذا كان الزوج حرا، كذلك قال ابن عمر، وابن عباس، والحسن، وابن المسيب، وعطاء، وسليمان ابن يسار، وأبو قلابة، ومالك، وابن أبي ليلى، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وإسحاق. وكذلك نقول. (ح 1086) للخبر الثابت عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أن زوج بريرة كان عبداً. (ح 1087) قال ابن عباس: اسمه مغيث كأني أنظر إليه في سكك المدينة، وهو يبكي.

75 - باب الوقت الذي يكون إليه الخيار للأمة إذا أعتقت

75 - باب الوقت الذي يكون إليه الخيار للأمة إذا أعتقت م 2678 - واختلفوا في الوقت الذي يكون إليه الخيار للأمة إذا أعتقت. فقالت طائفة: لها الخيار ما لم يمسها، كذلك قال عبد الله، وحفصة ابنا عمر بن الخطاب، وسليمان بن يسار، وأبو قلابة، ونافع، والزهري، وقتادة، ومالك، وأحمد. وقال آخرون: لها الخيار وإن أصيبت ما لم تعلم، فإن علمت، ثم أصابها فلا خيار لها، كذلك قال عطاء، والحكم، وحماد بن أبي سليمان، والثوري، والأوزاعي، وإسحاق. وقال الثوري: بعد أن تحلف ما علمت. وقال الشافعي: لا أعلم في التأقيت شيئاً يتبع، إلا قول حفصة، فإن ادعت الجهالة ففيها قولان أحدهما: لا خيار لها، والآخر: بأن لها الخيار قال: وهذا أعجب إلي. قال أبو بكر: قول الثوري حسن. م 2679 - واختلفوا في اختيار الأمة نفسها هل يكون ذلك طلاقا، أو فسخا؟. فقال الحسن، وقتادة: هي تطليقة بائنة. وقال النخعي، وحماد بن أبي سليمان، والشافعي، وأحمد، [2/ 21/ب] وإسحاق: لا يكون طلاقاً. وبه نقول. م 2680 - واختلفوا في الأمة تخير قبل أن يدخل بها، فتختار فراقه.

76 - باب أحكام العنين

فقالت طائفة: لا صداق لها، كذلك قال النخعي، ومكحول، والزهري، ومالك، والثوري، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وإسحاق. وبه نقول. وفيه قول ثان: وهو أن لها نصف الصداق، هذا قول قتادة. وكان ابن شبرمة يقول: في ذلك الصداق للمولى. 76 - باب أحكام العنين م 2681 - واختلفوا فيما يضرب للعنين من الآجل. فإن عمر بن الخطاب يقول: يؤجل سنة، وروي ذلك عن ابن مسعود، والمغيرة بن شعبة، وبه قال سعيد بن المسيب، وعطاء بن أبي رباح، وعمرو بن دينار، والنخعي، وقتادة، وحماد بن أبي سليمان، ومالك، والأوزاعي، والثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو عبيد، وأبو ثور، والنعمان وصاحباه. وفيه قول ثان: ذكره النعمان أن الحارث بن أبي ربيعة أجل رجلا عشرة أشهر لم يصل إلى أهله. وفيه قول ثالث: قاله الحكم قال: هي امرأته أبداً لا يؤجل. وقد روينا عن سعيد بن المسيب قولاً رابعاً: وهو إن كانت حديثة العهد يؤجل سنة، أو خمسة أشهر إن كانت قديمة العهد. قال أبو عبيد: وإنما نرى العلماء وقتت فيه سنة، لأن الداء لا يستجن في (¬1) البدن أكثر من ستة أشهر حتى يظهر. ¬

_ (¬1) كذا في الأصل، وفي المغني لابن قدامة " الداء لا يستمر في البدن " 6/ 669.

77 - باب الرجل ينكح المرأة على أنه عنين

وكان مالك يقول: أجل العنين ستة أشهر. م 2682 - وقال عطاء: يؤجل سنة من يوم تخاصمه، وبه قال مالك، والثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي لها سنة من يوم ترافعه. 77 - باب الرجل ينكح المرأة على أنه عنين م 2683 - واختلفوا فيه إن تزوجها على أنه عنين. فقالت طائفة: لا خيار لها، روي هذا القول عن عطاء، وبه قال الثوري، وأحمد، وأبو ثور، وأصحاب الرأي، وابن القاسم صاحب مالك. وفيه قول ثان: وهو أنها إذا سألت أن يؤجل يؤجل، هكذا قال الشافعي، وكان يقول بالعراق: كقول جمل أهل العلم. وقوله، وقول غيره: إذا علم أن بها جنونا، أو جذاما، أو برصا، لا خيار لها، وجعل حكم المرأة كحكم الرجل، وهذا مثله. 78 - باب اختلاف الرجل وزجته في وصوله إليها بعد النكاح م 2684 - واختلفوا في الرجل والمرأة يختلفان في الوطيء [2/ 22/ألف]. فقال كثير منهم: إن كانت بكراً أريها النساء، وإن كانت ثيباً فالقول قول الرجل مع يمينه، هكذا قال الثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي.

79 - باب مطالبة من وطئ مرة

وكذلك نقول، كالمولى يختلف وزوجته في الوطيء. وفي هذه المسأله أقاويل سوى هذا، أحدها: إنا ننظر امرأة لها حظ وجمال تزوج منه، وتصدق من بيت المال، ويدخل عليه يسأل عنه، ويؤخذ مما تقول، روي هذا القول عن سمرة. وقال عطاء: يعرف ذلك بنطفته، يرميها لهم، وقال الأوزاعي: تدخل مع زوجها، وتقعد امرأتان فإذا فرغ من وطيه، نظرتا (¬1) في فرجها فإن كان فيه المني فهو صادق، وإلا فهو كاذب. وحكي عن مثل ذلك عن مالك. 79 - باب مطالبة من وطئ مرة م 2685 - واختلفوا في الرجل ينكح المرأة، ويطأها مرة، ثم تطالبه بالجماع. فقال كثير أهل العلم: إذا وطيها مرة لم يؤجل أجل العنين، روي هذا القول عن عطاء بن أبي رباح، وطاووس، وعمرو بن دينار، والزهري، وقتادة، وأبي هاشم، والحسن البصري. وبه قال يحيى الأنصاري، ومالك، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو عبيد، وذكر أبو عبيد أنه قول سفيان، وأهل العراق من أصحاب الرأي. وقال أبو ثور: إذا وطئها مرة واحدة، ثم يمسك، ورافعته، أجل لها لوجود العلة. ¬

_ (¬1) في الأصل "نظراً".

80 - باب ما يجب لأمرأة العنين إذا اختارت فراقه

وحكى ابن القاسم عن مالك في الرجل يكف عن امرأته من غير يمين فلا يطأها فترفع ذلك، قال: لا يترك، وذلك لم يكن له عذر حتى يطأ، أو يفرق بينهما. 80 - باب ما يجب لأمرأة العنين إذا اختارت فراقه م 2686 - واختلفوا فيما يجب لامرأة العنين إذا اختارت فراقه. فقال طائفة: لها الصداق كاملاً، هذا قول عمر بن الخطاب، وروى ذلك عن المغيرة بن شعبة. وبه قال سعيد بن المسيب، وعطاء، والنخعي، ومالك، والثوري، والشافعي، كذلك قال بالعراق، ولم أجد في الكتب المصرية، وبه قال أحمد، وأبو عبيد، وأصحاب الرأي. وقال شريح، وأبو ثور: لها نصف الصداق. قال أبو بكر: الأول أولى بمن قلد الصحابة، والثاني أشبه بظاهر الكتاب. م 2687 - واختلفوا زوجة العنين إذا اختارت فراقه، فقال مالك [2/ 22/ب]، والثوري، والنعمان وأصحابه: يكون تطليقة بائنة. وكان الشافعي، وأبو ثور يقولان: يفسخ وليس بطلاق. وبه نقول. م 2688 - واختلفوا في عدة زوج العنين. فقالت طائفة: عليها العدة، كذلك قال عطاء، وعروة بن الزبير، ومالك، والشافعي، ولا يشبه هذا مذهبه. وقال أبو ثور: لا عدة عليها. وبه نقول.

81 - باب النكاح الخصي

81 - باب النكاح الخصي م 2689 - أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن أحكام الخصي المجبوب، وغير المجبوب في ستر العورة في الصلاة، والإمامة، وما يلبسه في حال الإحرام، وما يصيبه من الميراث، ويسهم له في الغنائم، أحكام الرجال. م 2690 - واختلفوا نكاحه، فقالت عامة أهل العلم: نكاحه جائز، وعليه أن يعلمها ولا يغرها، هذا قول الزهري، وأهل المدينة، وأهل الكوفة، والشافعي، وعامة أهل العلم. وقد روينا عن عمر أنه قال لخصي تزوج: أكنت أعلمتها؟ قال: لا، قال: فاعلمها، ثم خيرها، وقد روي عن سعيد بن المسيب أنه قال: لا ينكح الخصي المرأة المسلمة، وعن علي أنه قال: لا يحل للخصي أن يتزوج امرأة مسملة، ولا يثبت ذلك عنهما. قال أبو بكر: لا بأس بنكاح الخصي، إذا تبين ولم يغر، وذلك أنه رجل، قال الله تعالى: {وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً} الآية. م 2691 - وقد أجمعوا على أن الذي يجب له ميراث رجل. م 2692 - وأجمع كل من أحفظ عنه من أهل العلم على أن المجبوب إذا نكح امرأة، ولم تعلم أن لها الخيار إذا علمت، كذلك قال مالك، والشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي.

82 - باب الخنثى

م 2693 - واختلفوا فيما يجب لها من الصداق إذا اختارت الفراق. فقالت طائفة: لها جميع الصداق، حكي هذا القول عن الزهري، وبه قال أبو عبيد، وحكي ذلك عن الثوري. وقال الشافعي: نصف المهر، وبه قال أبو ثور، وقال يعقوب، ومحمد بن الحسن في المجبوب: إذا خلا بها فعلمت بذلك، لها نصف الصداق. 82 - باب الخنثى م 2694 - كان الشافعي يقول في الخنثى: لا يجوز أن ينكح إلا من حيث يبول، وبه قال أبو ثور، وأصحاب الرأي. غير أن الشافعي قال: إذا كان مشكلا فله أن ينكح بأيهما شاء، وإذا نكح بواحد لم يكن له أن ينكح بالآخر، ويرث ويورث من حيث يبول. 83 - باب الإحصان م 2695 - واختلفوا في الزوجة الذمية هل تحصن المسلم أم لا؟. فقال سعيد بن المسيب، والحسن البصري، وعطاء بن أبي رباح، وسليمان بن موسى، [2/ 23/ألف] والزهري، وقتادة، ومالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو عبيد وأبو ثور: إذا دخل عليها فهو محصن.

84 - باب الأمة تحصن الحر أم لا؟

وفيه قول ثان: وهو أن لا تحصنه، هذا قول مجاهد، والشعبي، والنخعي، والثوري، وأصحاب الرأي. قال أبو بكر: وبالقول الأول أقول. (ح 1088) وذلك لأن النبي- صلى الله عليه وسلم - رجم يهودياً ويهودية، ولم يرجمهما إلا بعد الإحصان. 84 - باب الأمة تحصن الحر أم لا؟ م 2696 - واختلفوا في الأمة هل تحصن؟. فقالت طائفة: إذا نكحها، ووطيها فهو محصن، هذا قول سعيد ابن المسيب، وعبد الله بن عتبة، والزهري، ومالك، والشافعي. وقال عطاء، وابن سيرين، والحسن البصري، وقتادة، والثوري، وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي: لا تحصن، 85 - باب الحرة تكون تحت العبد م 2697 - واختلفوا في الحرة تكون تحت العبد. فقالت طائفة: يحصنها، هذا قول سعيد بن المسيب، والحسن البصري، ومالك، والشافعي، وأبو ثور. وكان عطاء، والنخعي، وأصحاب الرأي يقولون: لا يحصن العبد الحرة. قال أبو بكر: وبالقول الأول أقول.

86 - باب النكاح الفاسد هل يكون به المرء محصنا؟

86 - باب النكاح الفاسد هل يكون به المرء محصناً؟ م 2698 - واختلفوا في الرجل ينكح المرأة نكاحا فاسداً، ويطأها هل يكون محصناً؟. فقال أكثر أهل العلم: لا يكون ذلك إحصاناً، كذلك قال عطاء، وقتادة، ومالك، والليث بن سعد، والشافعي، وأصحاب الرأي. وخالفهم أبو ثور فقال: يكون محصناً؛ لأن النكاح الفاسد عامة أحكامه النكاح الصحيح، والقياس على الأغلب من المعاني. م 2699 - وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن الرجل بعقد النكاح لا يكون محصناً حتى يدخل بها ويصيبها، وممن حفظنا ذلك عنه، علي ابن أبي طالب، وجابر بن عبد الله، وعطاء، والزهري، وقتادة، ومالك، والثوري، والشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. 87 - باب الصبية التي لم تبلغ والمعتوهة قال أبو بكر: م 2700 - كان مالك، والأوزاعي يقولان: الصبية التي لم تبلغ لا يحصنها، وتحصنه. وقال الشافعي، وأبو ثور: تحصنه. وقال أصحاب الرأي: لا تحصنه الصبية، وإن كان [2/ 23/ب] مثلها تجامع، ولا المغلوبة العقل. م 2701 - وقال مالك في الصبي إذا كان مثله يجامع، وجامع امرأة لا يحصنها. وقال الشافعي: يحصنها. وقال في المعتوهة: والصبية تجامع مثلها، تحصن الرجل إذا جامعها.

88 - باب إحصان العبد والإماء

م 2702 - وقال أصحاب الرأي في المرأة المسلمة لا يحصنها الزوج العبد، ولا الزوج الصبي، وإن كان مثله يجامع، ثم قالوا: وإن جامع الصبي، أو العبد ثم ماتا، وانقضت عدتها، فإن ذلك الجماع يحلها لزوج، إن كان طلقها ثلاثاً. قال أبو بكر: وهذا اختلاف من القول. 88 - باب إحصان العبد والإماء م 2703 - واختلفوا في إحصان العبيد والإماء. فقالت طائفة: لا يحصن الحرة العبد إلا أن يعتق، وهو زوجها فيصيبها بعد عتقه، هذا قول الحسن البصري، والنخعي، ومالك، وقال مالك في الأمة تكون تحت الحر، فتعتق، وهي تحته قبل أن يفارقها، إنه يحصنها إذا أصابها بعد العتق، وبه قال أصحاب الرأي. وفيه قول ثان: وهو أنهما إذا كانا زوجين مملوكين فعتقا، ثم وطيها بعد العتق، لا رجم على واحد منهما إن زنيا، لأن أصل نكاحهما كان في الرق، إلا أن يفترقا بعد العتق بطلاق أو غيره، ثم يتزوجها، ثم يزني بعد التزويج، هذا قول الأوزاعي. وكان أبو ثور يقول: إذا كانت الأمة تحت حر أو عبد، ودخل بها، ثم زنت فإنها تكون محصنة ترجم، إلا أن يكون لأهل العلم إجماع بخلاف هذا القول فتجلد بالإجماع.

89 - باب إحصان أهل الكتاب

89 - باب إحصان أهل الكتاب م 2754 - واختلفوا في الزوجين الكتابيين يسلمان، وقد أصابها الزوج قبل أن يسلما. فقالت طائفة: ذلك إحصان، وعليهما الرجم إذا زنيا، هذا قول الزهري، والشافعي. (ح 1089) واحتج الشافعي بخبر ابن عمر أن النبي- صلى الله عليه وسلم - رجم يهوديين زنيا. وبه نقول. وقال أصحاب الرأي: لا يكونان محصنين حتى يجامعها بعد الإسلام، روي مثل ذلك عن الحسن البصري، والنخعي. وقال مالك في النصرانية يطلقها النصراني، ثم تسلم فتحدث: لا أرى عليها الرجم حتى توطأ بنكاح صحيح في الإسلام. 90 - مسائل من هذا الباب م 2705 - إذا دخل الرجل بالمرأة فأولدها أولاداً، ثم أنكر أن يكون [2/ 24/ألف] دخل بها، لم يقبل، وأنكرت، لم يقبل قولها، لأن الولد لا يكون إلا بوطيء، وبه قال أصحاب الرأي، وأبو ثور. م 2706 - وإذا شهد عليهما شهود، بإقرارهما بالوطيء، كانا محصنين في قولهم جميعاً، وقالوا جمعياً: وإن دخلت عليه فأقام معها، ثم مات أو ماتت (¬1) فزنى الباقي منهما، لم يرجم حتى يقر بالجماع. ¬

_ (¬1) في الأصل "ثم ماتا".

91 - باب اختلاف أهل العلم في الزوجين يختلفان في متاع البيت

م 2707 - واختلفوا في المسلم الحر يتزوج المرأة الحرة ويدخل بها، ثم يرتدان، ثم يرجعان إلى الإسلام، ثم يزنيان ففي قول أبي ثور: عليهما الرجم. وقال أصحاب الرأي: سقط الإحصان عنهما. 91 - باب اختلاف أهل العلم في الزوجين يختلفان في متاع البيت م 2708 - واختلفوا في الرجل يفارق زوجته أو يموت عنها، ويختلفان في متاع البيت في حياتهما، أو يختلف ورثتهما بعد وفاتهما. فقالت طائفة: من أقام منهما على المتاع بينة أنه له، يثبت له، وإن لم يكن له بينة، فالمتاع بينهما نصفان بعد الأيمان، هذا قول الشافعي، وهو قول عثمان البتي وقال: هذا لمثل الصلح. وبه نقول. وقال ابن أبي ليلى، وابن شبرمة: ما كان للرجال فهو للرجل، وما كان للنساء فهو للمرأة، وما كان يكون للرجال والنساء فهو للرجل، وبمعناه قال الثوري، والحكم. وفيه قول ثالث: وهو إنما كان من بنات النساء فهو للمرأة، وما كان من بنات الرجال فهو للرجل، وما كان من سوى ذلك فهو بينهما، هذا قول أحمد بن حنبل. وفيه قول رابع: وهو أن ما كان للرجال فهو للرجل، وما كان للنساء فهو للمرأة، وما كان مما يكون لهما فهو للمرأة، هذا قول الحكم. وقد اختلف فيه عنه، وبه قال ابن أشوع.

وفيه قول خامس: وهو أن للرجل إذا مات، أو طلق، فمتاع البيت كله للرجل إلا الدرع، والخمار، وما أشبه، هذا قول ابن أبي ليلى، وقد اختلف فيه عنه. وفيه قول سادس: وهو أن لها [[إذا]] توفي عنها زوجها ما غلقت عليه باها، إلا مان من متاع الرجل، الرداء، والطيلسان، والقميص، ونحوه، هذا قول الحسن البصري. وحكي عنه أنه قال: إلا سلاح الرجل، ومصحفه. وفيه قول سابع: إن ثياب المرأة للمرأة، وثياب الرجل للرجل، وما يستأجروا فهو للذي هو في يديه، هذا قول حماد ابن أبي سليمان. وفيه قول ثامن: وفي موت أحد الزوجين ما كان يكون للرجال فهو للرجل (¬1)، وما كان يكون للنساء [2/ 24/ب] فهو للمرأة، وما يكون للنساء والرجال فهو للباقي منهما، وإن كان طلاقاً فما يكون للرجال فهو للرجل، وما يكون للنساء فهو للمرأة، وما كان يكون للنساء والرجال فهو للرجل، هذا قول النعمان. وفيه قول تاسع: وهو أن تعطى المرأة من متاع المرأة ما يجهز به مثلها، ويكون ما بقي للزوج، هذا قول يعقوب. وفيه قول عاشر: وهو أن ذلك كله في الحياة والموت إن بقيت المرأة، أو ماتت ما يكون للمرأة والرجل فهو للرجل على كل حال، هذا قول محمد بن الحسن. ¬

_ (¬1) في الأصل "للرجال".

92 - باب نكاح نساء أهل الكتاب

م 2709 - واختلفوا في الحر، والمملوك إذا كانا زوجين، فافترقا، واختلفوا في متاع البيت. فقال أحمد، وأبو ثور: الجواب فيهما كالجواب في الحرين. وقال أصحاب الرأي: إذا كان أحدهما حر، والآخر مملوك، أو مكاتب أو مدبر، أو أم ولد، فالمتاع كله للحر. 92 - باب نكاح نساء أهل الكتاب م 2710 - اختلف أهل العلم في تأويل قول الله تعالى: {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} الآية. فقالت طائفة: حرم الله نكاح المشركات في سورة البقرة، ثم نسخ من هذه الجملة نساء أهل الكتاب، فأجلهن في سورة المائدة، روي هذا القول عن ابن عباس. وقال آخرون: ليس في الآيتين ناسخ ولا منسوخ، ولكن الله تبارك وتعالى أراد بالآية في سورة البقرة المشركات سوى أهل الكتاب، روي هذا القول عن قتادة. وقال سعيد بن جبر: في قوله تعالى: {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} الآية، أهل الأوثان، والمجوس. م 2711 - واختلفوا في نكاح نساء أهل الكتاب. فرخص في نكاحهن أكثر أهل العلم، روي إباحة ذلك عن عمر ابن الخطاب، وعثمان بن عفان، وجابر بن عبد الله، وطلحة.

93 - باب نكاح الذمية على المسلمة

وبه قال عطاء بن أبي رباح، وسعيد بن المسيب، والحسن البصري، وطاووس، وسعيد بن جبير، والزهري، والثوري، والشافعي، وعوام أهل المدينة، وأهل الكوفة. قال أبو بكر: أباح الله نكاح نساء أهل الكتاب، فقال الله تبارك وتعالى: {الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} الآية. ولا يصح عن أحد من الأوائل أنه حرم ذلك. م 2712 - واختلفوا في نكاح نساء أهل الكتاب من أهل دار الحرب. فكره ذلك ابن عباس، ومجاهد، وأبو عياض، والثوري. وقال مالك [2/ 25/ألف] في نكاح نساء أهل دار الحرب من أهل الكتاب: إن كان المسلم إذا نكحها ترك أن يخرج بها، فلا بأس، وإن خافوا الحبس، فلا ينبغي لمسلم أن يترك ذريته في أرض الكفر. 93 - باب نكاح الذمية على المسلمة م 2713 - واختلفوا في الذمية تنكح على المسلمة، فكره ذلك ابن عباس. ورخص فيه سعيد بن المسيب، والحسن البصري، والشعبى، والنخعي، والحكم، وحماد، ومالك، والثوري، والأوزاعي، وأبو عبيد، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. وكذلك نقول؛ لأن ما أحله الله حلال بكل حال.

94 - باب نكاح نساء أهل المجوس

94 - باب نكاح نساء أهل المجوس م 2714 - واختلفوا في نكاح أهل المجوس. فنهى عن نكاحهن الحسن البصري، والزهري، والأوزاعي، ومالك وأهل المدينة، والثوري، والنعمان ومن تبعهما، وهو قول الشافعي، وإسحاق. وقد روينا أن حذيفة تزوج مجوسية فقال له عمر: طلقها، وقال أحمد: نساء المجوس لا تعجبني. مسألة م 2715 - واختلفوا في المسلم يجبر زوجته الذمية على الاغتسال من الجنابة. فكان مالك، والثوري [يقولان] (¬1) لا يجبرها على الاغتسال من الجنابة. وقال الثوري: ولكن يجبرها على الغسل من الحيضة، وكذلك قال الشافعي. واختلف قول الشافعي في اغتسالها من الجنابة، فقال بالعراق، وفي كتاب الجمع من الأختين: "يجبرها على غسل الجنابة". وقال في كتاب سير الواقدي: "ليس له أن يجبرها عليه". ¬

_ (¬1) ما بين القوسين كان ساقطاً من الأصل.

95 - جماع أبواب النكاح المنهى عنه

قال أبو بكر: وهذا أصح. 95 - جماع أبواب النكاح المنهى عنه قال الله تبارك وتعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ} الآية. م 2716 - وأجمعت الأمة على تحريم أن ينكح الرجل أمه. م 2717 - واختلفوا في معنى قوله تعالى: {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ} الآية. فقال أكثر أهل العلم: إذا تزوج الرجل المرأة، ثم طلقها قبل الدخول، أو ماتت عنه، فإنها حرام عليه، روينا هذا القول عن ابن مسعود، وابن عمر، وعمران بن حصين، وجابر بن عبد الله، ومسروق، والحسن البصري، وعطاء، وطاووس، والزهري. وبه قال مالك، والثوري، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو عبيد، وأبو ثور. وفيه قول ثان: وهو أن أريد بالابنة، والأم الدخول [2/ 25/ب] جميعاً، روي هذا القول عن علي بن أبي طالب، وبه قال مجاهد. وقال زيد بن ثابت: إن طلق الابنة طلاقا قبل أن يدخل بها، تزوج أمها، وإن ماتت موتا، لم يتزوج أمها. وقد اختلف عن ابن عباس فقال مرة: هي مبهمة، وروي عنه موافقة ما روي عن علي. قال أبو بكر: وبالقول الأول أقول، لدخول جميع أمهات النساء في عموم الآية.

96 - باب نكاح الربائب اللواتي في الحجور

96 - باب نكاح الربائب اللواتي في الحجور قال الله تبارك وتعالى: {وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ} الآية. م 2718 - وأجمع علماء أهل الأمصار على أن الرجل إذا تزوج المرأة، ثم طلقها أو ماتت قبل أن يدخل بها حل له تزويج ابنتها، كذلك قال مالك، ومن تبعه من أهل المدينة، والثوري، وأصحاب الرأي. ومن وافقهم من أهل الكوفة، والأوزاعي، ومن قال بقوله من أهل الشام، والشافعي وأصحابه، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، ومن تبعهم من أهل الحديث. ْوقد روي عن جابر بن عبد الله، وعمران بن حصين، أنهما قالا: إذا طلقها قبل أن يدخل بها، يتزوج ابنتها. وقد روينا عن علي بن أبي طالب رواية تخالف هذه الروايات كأنه رخص فيه، إذا لم تكن في حجره وكنت غائبة، وقد أجمع كل من ذكرناه ومن لم نذكره من علماء الأمصار على خلاف هذا القول. واحتج بعضهم في دفع حديث علي. (ح 1090) لقول النبي- صلى الله عليه وسلم -: "لا تعرضن على ربائبكم ولا أخواتكم.

97 - باب نكاح نساء الآباء وحلائل الأبناء [2/ 26/ألف]

ولم يقل اللاتي في حجري، ولكن سوي بينهن في التحريم. م 2719 - واختلفوا في معنى الدخول الذي به يقع تحريم نكاح الربائب. فقالت طائفة: الدخول الجماع، وروي ذلك عن ابن عباس، وبه قال طاووس، وعمرو بن دينار، وعبد الكريم. وفيه قول ثان: وهو أن تحريم ذلك التفتيش، والقعود بين الرجلين، هكذا قال عطاء. وقال حماد بن أبي سليمان: إذا نظر الرجل في فرج امرأة، فلا ينكح أمها، ولا ابنتها، وقال الأوزاعي: إذا دخل بأمها فعراها، ولمسها بيده، وأغلق باباً، وأرخى ستراً، فلا يحل به نكاح ابنتها. قال أبو بكر: فإذا تزوج بامرأة ودخل عليها، حرم عليه نكاح ابنتها وابنة ابنتها، وإن كان أسفل من ذلك ببطون كثيرة. 97 - باب نكاح نساء الآباء وحلائل الأبناء [2/ 26/ألف] قال الله تبارك وتعالى: {وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} الآية. وقال عز وجل: {وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ} الآية. فإذا تزوج الرجل المرأة حرمت على أبيه وابنه، دخل بها أو لم يدخل بها، وعلى أجداده، وعلى ولد ولده من الذكور

والإناث أبداً ما تناسلوا، لا يحل لبني بنيه، ولا لبني بناته. ولم يذكر الله تبارك وتعالى في الآيتين دخولاً، فصارتا محرمتين بالعقد، والملك، والرضاع في ذلك منزلة النسب. (ح 1091) لقول رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: "يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب". م 2720 - وممن حفظنا ذلك عنه عطاء، وطاووس، والحسن، وابن سيرين، ومكحول، وقتادة، والثوري، والأوزاعي، وأبو عبيد، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. ولم يحفظ عن أحد خلافهم. م 2721 - واختلفوا في الرجل يشتري الجارية، ثم يجردها أو يقبلها، أوَ تحل لابنه إن ملكي وطيها أم لا؟ فقالت طائفة: إن جردها لم تحل لابنه وطيها، روي هذا القول عن عبد الله بن عمر، وعبد الله بن عمرو، وبه قال القاسم بن محمد، والحسن البصري، ومكحول. وقال النعمان، ويعقوب: إذا نظر رجل إلى فرج امرأة من شهوة، حرمت على ابنه، وعلى أبيه، وتحرم عليه أمها، وابنتها. وقال مالك: إذا وطئ الأمة، وقعد منها مقعداً لذلك، وإن لم يفض إليها، أو قبلها، أو باشرها، أو غمزها تلذذاً، فلا تحل لابنه، ولا لأبيه. وقال الشافعي: إنها تحرم عليه باللمس، ولا تحرم عليه بالنظر دون اللمس، كذلك قال الشافعي، وحكي ذلك عن ابن أبي ليلى، وروى معنى ذلك عن مسروق، ومجاهد، والأوزاعي.

مسألة

قال أبو بكر: م 2722 - أجمع أهل العلم على أن عقد النكاح على المرأة يحرمها على ابنه، وأبيه. م 2723 - وأجمعوا على أن عقد الشراء على الجارية لا يحرمها على أبيه ولا ابنه، كان في ذلك فرقاً بين الشراء، وعقد النكاح. وإذا اشترى رجل جارية فلمس أو قبّل، حرمت على أبيه وابنه، ولا أعلمهم يختلفون فيه، فوجب تحريم ذلك تسليماً لهم، ولما اختلفوا في تحريمها بالنظر دون اللمس، لم يحرم ذلك لاختلافهم، ولا يصح عن أحد من أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم - وخلاف ما قلناه. مسألة م 2724 - وأجمع كل من نحفظ عنه من علماء الأمصار [2/ 26/ب] على أن الرجل إذا وطيء امرأة بنكاح فاسد، أنها تحرم على أبيه، وابنه، وعلى أجداده، وولد ولده، كذلك مذهب مالك، والأوزاعي، والشافعي، والثوري، وأحمد، وإسحاق، وأبي ثور، وأصحاب الرأي. 98 - باب الجمع بين الأختين م 2725 - أجمع أهل العلم على أن عقد نكاح الأختين في عقد واحد لا يجوز، لقوله تعالى: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ} الآية.

م 2726 - وأجمعوا على أن شراء الأمتين الأختين جائز، وكذلك المرأة وابنتها صفقة واحدة. م 2727 - وكره أكثر أهل العلم الجمع بين الأختين الأمتين بالوطيء، وممن روي ذلك عنه عمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وعلي ابن أبي طالب، وعمار بن ياسر، وابن مسعود، ومعاوية. وكره ذلك جابر بن زيد، وعطاء، وطاووس. ونهى عنه الأوزاعي، ومالك، والشافعي، وحرم ذلك إسحاق. وقال أحمد: لا يجمع بينهما، وبه قال أبو ثور، وحكي ذلك عن الكوفي. واختلف فيه عن ابن عباس، فروي عنه أنه قال: حرمتهما آية وأحلتهما آية (¬1)، ولم أكن أفعله. قال أبو بكر: ونحن نكره من ذلك ما كرهه أهل العلم. قال أبو بكر: م 2728 - وإن ملك أختين مملوكتين، فوطيء إحداهما، ثم أراد وطئ الأخرى، لم يطأها حتى تخرج التي وطيها من ملكه ببيع أو عتق، أو ما يحرم فرجها عليه. وممن روينا عنه أنه قال: إذا وطيء إحداهما لا يطأ الأخرى يخرجها من ملكه، علي ابن أبي طالب، وابن عمر، والحسن البصري، والأوزاعي، وكذلك قال الشافعي، وأحمد، وإسحاق. وفيه قول ثان: وهو أنه إذا غشى إحداهما ثم أراد أن يغشى الأخرى، يعتزلها، ولا يطأها حتى تنقضي عدة هذه التي اعتزل، ¬

_ (¬1) في الأصل "حرمتها وأحلتها" والتصحيح من الأوسط 217 ألف، والإجماع 10 الف.

99 - باب نكاح المرأة على عمتها وخالتها

ثم إن شاء غشى الأخرى، بعد أن يضمر في نفسه أن لا يقرب أختها، هكذا قال قتادة. وفيه قول ثالث: وهو إذا كانت عنده أختان فلا يقرب واحدة منهما، هكذا قال الحكم، وحماد، وروي معنى ذلك عن النخعي. 99 - باب نكاح المرأة على عمتها وخالتها (ح 1092) ثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تنكح المرأة على عمتها، ولا على خالتها، لا الكبرى على الصغرى، [2/ 27/ألف] ولا الصغرى على الكبرى". م 2729 - وأجمع أهل العلم على القول له، وممن قال بحديث أبي هريرة هذا، سعيد بن المسيب، وعطاء بن أبي رباح، والقاسم بن محمَّد، ومجاهد، وعمرو بن شعيب، وبه قال مالك وأهل المدينة، والأوزاعي وأهل الشام، وسفيان الثوري وأهل العراق من أصحاب الرأي وغيرهم، والشافعي وأصحابه، وكذلك قال أبو عبيد، وأبو ثور، وسائر أهل الحديث. وكذلك نقول، ولست أعلم في ذلك اليوم اختلافاً. (ح 1093) ويبطل على معنى النبي - صلى الله عليه وسلم -: "يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب". نكاح المرأة على عمتها وعلى خالتها من الرضاعة.

100 - باب الجمع بين امرأة الرجل وابنته من غيرها بالنكاح

100 - باب الجمع بين امرأة الرجل وابنته من غيرها بالنكاح م 2730 - اختلف أهل العلم في الجمع بين امرأة الرجل وابنته من غيرها بالنكاح، فأجاز أكثر أهل العلم نكاحها، فعل ذلك عبد الله ابن جعفر، وعبد الله بن صفوان بن أمية. وأباح ذلك محمَّد بن سيرين، وسليمان بن يسار، والثوري، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو عبيد، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. وقال مالك: لا أعلم ذلك حراماً. وبه نقول، وذلك أني لا أجد دلالة أحرم بها (¬1). الجمع بينهما، وقوله: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} الآية. يبيح نكاح جميع النساء إلا من حرم بالكتاب، أو السنة، أو اتفاق. وكذلك قوله: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} الآية، إلا ما حرمت السنة. وقد روينا عن الحسن البصري، وعكرمة أنهما كرها ذلك، وأما الحسن فقد ثبت رجوعه عنه. وأما إسناد حديث عكرمة ففيه مقال. 101 - باب الرجل ينكح المرأة وينكح ابنه ابنتها من غيره م 2731 - واختلفوا في الرجل ينكح المرأة، وينكح ابنه ابنتها. ¬

_ (¬1) في الأصل "به".

102 - باب الجمع بين بنات العم

فرخص في ذلك أكثر أهل العلم، وممن رخص فيه عطاء بن أبي رباح، والزهري، وقتادة، والثوري، وأهل العراق من أصحاب الرأي وغيرهم، والشافعي وأصحابه، وأحمد وإسحاق. وبه نقول. وقد روينا عن طاووس أنه كان يكره أن ينكح الرجل ابنة امرأة قد كان أبوها وطيها، فما ولدت من ولد قبل أن يطأها أبوه، فلا بأس بأن ينكحها، وما ولدت من بعد أن وطيها أبوه، فلا يتزوج شيئاً من ولدها. وقد اختلف فيه عن مجاهد. 102 - باب الجمع بين بنات العم قال الله تبارك وتعالى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} الآية. م 2732 - واختلف أهل العلم في الجمع بين بنات العم. فرخص فيه أكثر أهل العلم، [2/ 27/ب] وممن كان لا يرى به بأساً الحسن البصري، والحسن بن الحسين بن علي، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو عبيد، وعامة أهل العلم. وكره عطاء الجمع بينهما. وبه قال جابر بن زيد، وسعيد ابن عبد العزيز. قال أبو بكر: النكاح جائز إذا جمع بينهما ولا أعلم أحداً أبطل هذا النكاح.

103 - باب نكاح المرأة بعد أختها والخامسة بعد الرابعة

103 - باب نكاح المرأة بعد أختها والخامسة بعد الرابعة م 2733 - أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن الرجل إذا طلق زوجته طلاقاً يملك رجعتها، ليس له أن ينكح أختها، أو أربعاً سواها حتى تنقضي عدة المطلقة. م 2734 - واختلفوا فيه إن أراد نكاح أختها، أو أربعاً سواها، وقد طلقها طلاقاً لا يملك رجعتها. فقالت طائفة: ليس له ذلك حتى تنقضي عدة التي طلقها، روي معنى ذلك عن علي، وزيد بن ثابت، وابن عباس. وهذا مذهب مجاهد، وعطاء بن أبي رباح، والنخعي، والثوري، وأحمد، وأصحاب الرأي. وقالت طائفة: له أن ينكح أختها وأربعاً سواها، هذا قول عطاء، أثبت الرايتين عنه. ومن قال: له أن يتزوج أختها قبل أن تنقضي عدة المطلقة، زيد بن ثابت، وسعيد بن المسيب، والحسن، والقاسم بن محمَّد، وعروة بن الزبير، وابن أبي ليلى، والشافعي، وأبو ثور، وأبو عبيد، ولا أحسبه إلا قول مالك. وبه نقول. 104 - باب تحريم زوجة المرء إذا فجر بأمها م 2735 - اختلف أهل العلم في الرجل يفجر بأم امرأته. فقالت طائفة: تحرم عليه امرأته، روي هذا القول عن عمران ابن حصين. وبه قال الحسن، والشعبي، وعطاء، والثوري، وإسحاق، وأصحاب الرأي.

105 - باب نكاح الرجل المرأة وقد زنى بها

وكذلك إن وطيء النيابة، والأم زوجته، حرمت عليه. وقالت طائفة: إذا غشى أم امرأته، أو ابنة امرأته، لم تحرم عليه زوجته، وكذلك قال ابن عباس، وبه قال سعيد بن المسيب، ومالك، والشافعي، وأبو ثور. وكذلك نقول، وذلك أن الصداق لما أن يقع، ووجوب العدة، والميراث، ولحوق الولد، ووجوب الحد، وثبت حكم الزنا، ارتفع أن يحكم له بحكم النكاح الحلال المباح. 105 - باب نكاح الرجل المرأة وقد زنى بها م 2736 - واختلفوا في الرجل يزني بالمرأة، ثم يريد تزويجها. فرخص فيه أهل العلم، روينا الرخصة فيه عن [2/ 28/ألف] أبي بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وابن عباس، وابن عمر، وجابر بن عبد الله. وبه قال طاووس، وسعيد بن المسيب، وجابر بن زيد، وعطاء، والحسن، وعكرمة، والزهري، والثوري والشافعي. وكذلك نقول. وفيه قول ثان: وهو أن ينكحها إذا تابا، وتوبتهما أن يخلو كل واحد منهما بصاحبه، ولا يهم به، هكذا قال قتادة، وبه قال أبو عبيد، وأحمد، وإسحاق. وفيه قول ثالث: وهو أنهما لا يزالان زانيين ما اجتمعا، روي هذا القول عن ابن مسعود، وعائشة، والبراء بن عازب.

106 - باب الرجل يكون له الزوجة يراها تزني، أو يزني رجل له زوجة

106 - باب الرجل يكون له الزوجة يراها تزني، أو يزني رجل له زوجة م 2737 - واختلفوا في الرجل تكون له الزوجة تزني وهي عنده، أو زنى رجل له زوجة. فقالت طائفة: هما على نكاحهما، هكذا قال مجاهد، والنخعي، وعطاء بن أبي رباح، والثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق. وقد روي عن علي أنه فرق بين رجل وامرأته، زنى قبل أن يدخل بها، وروي عن جابر بن عبد الله، والحسن البصري، والنخعي أنهم قالوا: يفرق بينهما في البكر إذا زنت وليس لها شيء. وكان ابن عباس يرخص في وطيء الجارية الفاجرة. روي أن سعيد ابن المسيب فعل ذلك. قال أبو بكر: لا يحرم على الرجل وطيء زوجته الفاجرة، ولا على سيد الأمة وطيها إذا فجرت، ولعل من كرهها كره ذلك على غير معنى التحريم. 107 - باب نكاح المريض قال أبو بكر: م 2738 - أباح الله النكاح في كتابه، وندب إليه، والنكاح مندوب إليه، والمريض غير ممنوع منه. وممن روينا إباحة ذلك عنه، الزبير بن العوام، وقدامة بن مظعون، وعبد الملك بن مروان، والحسن البصري، والشعبي، والنخعي. وبه قال الثوري، والأوزاعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو عبيد، وأصحاب الرأي، وهو مذهب الشافعي.

108 - باب أحكام المفقود

وفيه قول ثان: وهو أن من نكح وهو مريض، لا ترثه إذا فعل ذلك ضراراً، هذا قول الزهري، وبه قال مالك، وقال القاسم، وسالم: إن كان فعل ذلك ضراراً مضاراً لم يجز، فإن لم يكن مضاراً جاز. وقال مالك: إن لم يدخل بها فرق بينهما ولا مهر لها، فإن دخل بها، فلها مهرها لما استحل من فرجها، يبدأ به قبل الوصايا، والعتق. وقال قتادة: إن كان تزوجها من حاجة [2/ 28/ب] به إليها من خدمة، أو قيام.، فإنها ترثه. 108 - باب أحكام المفقود م 2739 - واختلف أهل العلم في امرأة المفقود كم تربص. فقالت طائفة: تربص أربع سنين، ثم تعتد أربعة أشهر وعشراً، ثم تزوج، كذلك قال عمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان. وروي ذلك عن علي بن أبي طالب، وابن عباس، وابن عمر، وعمر ابن عبد العزيز، وعطاء بن أبي رباح، ومالك بن أنس وأهل المدينة، وأحمد، وإسحاق، وأبو عبيد (¬1). وفيه قول ثان: وهو أن امرأة المفقود لا تنكح أبداً حتى يأتيها يقين وفاته، روينا ذلك عن علي، رواية ثانية عنه. وبه قال ابن أبي ليلى، وابن شبرمة، والثوري، والشافعي، والنعمان، ويعقوب، ومحمد. ¬

_ (¬1) في الأصل "ابن عبيد" وهو خطأ.

109 - باب نكاح امرأة المفقود عند لقاء الحرب

وقد احتج بعض من يقول بالقول الأول: بأن اتباع خمسة من أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أولى بنا. ودفع أحمد حديث علي فقال: لم يتابع أبو عوانة عليه. وقال بعضهم: من حيث وجب تأجيل العنين تقليد عمر، وابن مسعود، وجب كذلك تأجيل امرأة المفقود، لأن العدد الذين قالوا تؤجل، أكثر، وفيهم ثلاثة من الخلفاء. (ح 1094) وقد قال النبي- صلى الله عليه وسلم -: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي". ومن حجة بعض من لا يرى تأجيل امرأة المفقود، أن يقول: قد ثبتت الزوجية بالكتاب، والسنة، والأتفاق، ولا يجوز الانتقال عنه إلا إلى مثله. ولا نعلم حجة من حيث ذكرناه توجب ذلك. 109 - باب نكاح امرأة المفقود عند لقاء الحرب م 2740 - واختلفوا في المفقود بين الصفين، فقالت طائفة: تؤجل امرأته سنة، كذلك قال سعيد بن المسيب، وقال: إذا فقد في غير صف فأربع سنين. وقال الأوزاعي: إذا فقد ولم يثبت عن أحد منهم أنهم قتلوا، ولا أسروا فعليهن عدة المتوفى عنهن، ثم يتزوجن.

110 - باب تخيير المفقود عند قدومه بين امرأته وبين صداقها إن قدم بعد النكاح

وقال مالك: ليس في انتظار من يفقد عند القتال وقت. وجعل أبو عبيد حكمه حكم امرأة المفقود، وبه قال أبو الزناد. والجواب في هذه عند الثوري، والشافعي، وأصحاب الرأي كجوابهم في امرأة المفقود. 110 - باب تخيير المفقود عند قدومه بين امرأته وبين صداقها إن قدم بعد النكاح م 2741 - واختلفوا في المفقود يقدم، وقد نكحت [2/ 29/ألف]، امرأته. فقال عمر بن الخطاب: يخير بين زوجته وبين أن يأخذ صداقها، وروي ذلك عن عثمان، وعلي. وبه قال عطاء، والحسن، وخلاس بن عمرو (¬1)، والنخعي، وأحمد، وإسحاق. وفي قول الثوري، والشافعي، وأهل الكوفة: هي زوجة الأول. وفيه قول ثالث: وهو أن الزوج الأول لا حق له فيها، ولا يخير إذا جاء وقد تزوجت، هذا قول مالك. ¬

_ (¬1) كان في الأصل "خداش بن عمرو" والذي ظهر لي أنه خلاس بن عمرو وهو الذي تكرر في الكتاب، وراجع فهرس الفقهاء من هذا الكتاب.

111 - باب النفقة على زوجة المفقود

111 - باب النفقة على زوجة المفقود م 2742 - روينا عن ابن عمر أنه قال: ينفق عليها الأربع سنين من مال المفقود، لأنها حبست نفسها عليه. وقال ابن عباس: تستدين، فإن جاوزها قضت من ماله، وإن مات، قضت من نصيبها من الميراث. وقالا جميعاً: ينفق عليها من مال زوجها في العدة بعد الأربع سنين، وهو أربعة أشهر وعشراً. وقال مالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي: ينفق عليها من مال زوجها. 112 - باب ميراث المفقود م 2743 - واختلفوا في قسم مال الرجل الذي فقد، فقال الشعبي: لا يقسم ماله حتى يعلم وفاته. وقال غيره: أو نأي من الوقت ما لا يعيش مثله. هذا قول أصحاب الرأي. ويشبه مذهب مالك، والشافعي. وقال قتادة: إذا قضت أربع سنين من حين ترفع امرأة المفقود أمرها، فإن ماله يقسم بين ورثته. هذا قول قتادة، وأحمد. وقال أحمد: إذا قدم المفقود، وقد انقسم ميراثه، ما أدركه بعينه أخذه. قال أبو بكر: لا يجوز قسم ميراثه إلا أن يعلم يقين وفاته.

مسائل

مسائل م 2744 - واختلفوا في العبد يغيب عن امرأته، فلا يدرى أين هو؟. فقالت طائفة: يضرب لها نصف أجل الحرة، هذا قول الزهري، ومالك، وأحمد. وقال الأوزاعي: على الأمة مثل نصف ما على الحرة إلا الظهار. وفي قول الثوري، والشافعي، وأهل العراق: لا تزوج حتى تعلم يقين وفاته. وقال مالك: في الرجل يخرج في التجارة إلى البلد المعلوم، ويفقد، قال: يكتب إلى ذلك البلد، ويطلب، ويضرب لامرأته أجل مفقود. ودفع أحمد أن يكون لها حكم المفقود وقال: إنما المفقود من خرج من بيته، يريد حاجة فلم يرجع، أو فقد بين الصفين. وقال غيرهما: تفسير المفقود، الرجل يخرج في [2/ 29/ب] وجه فيفقد ولا يعرف موضعه، ولا يعلم مكانه، ولا يبين أمره، هكذا قال يعقوب، ومحمد. مسألة م 2745 - أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم أن زوجة الأسير لا تنكح حتى تعلم يقين وفاته ما دام على الإسلام، هذا قول النخعي، والزهري، ومكحول، ويحيى الأنصاري، ومالك، والشافعي، وأبي ثور، وأبي عبيد، وأصحاب الرأي.

113 - باب العبد يأبق وله زوجة

113 - باب العبد يأبق وله زوجة م 2746 - واختلفوا في العبد يأبق وله زوجة. فقالت طائفة: هي زوجة حتى يموت، هكذا قال الأوزاعي، والثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وروي ذلك عن الشعبي. وفيه قول ثان: وهو أن إباقة خلاق، وكذلك قال الحسن البصري. وفيه قول ثالث: وهو أن يضرب لها نصف رجل الحر في كل امرأة يأبق عنها إذا لم يدر أين أبق؟ هذا قول مالك. وبالقول الأول أقول. 114 - باب المرأة يبلغها وفاة زوجها فتنكح ثم يأتيها الزوج م 2747 - كان الثوري يقول: إذا غاب الرجل عن امرأته، فبلغها أنه مات، فتزوجت، ثم جاء زوجها الأول، وقد دخل بها الثاني، فلها المهر من الآخر، يعتزلها الآخر، ثم تمضي عليها العدة، ثم ترجع إلى الأول، والولد للزوج الآخر، كذلك قال الشافعي، وأحمد، وإسحاق. وقال ابن أبي ليلى، ويعقوب: إن الولد للآخر. وقال مالك: هي امرأة الأول. قال أبو بكر: وكل من نحفظ عنه يقول: إن الولد للآخر، إلا النعمان فإنه زعم أن الولد للأول؛ لأنه صاحب الفراش. قال أبو بكر: وبالقول الأول نقول، لأنه نكاح فاسد، وأحكامه على عامة أموره، أحكام النكاح الصحيح.

115 - باب المرأة يطلقها زوجها طلاقا يملك رجعتها فيراجعها الزوج ولا تعلم به فتتزوج، فجاء الزوج الذي راجع

115 - باب المرأة يطلقها زوجها طلاقاً يملك رجعتها فيراجعها الزوج ولا تعلم به فتتزوج، فجاء الزوج الذي راجع م 2748 - واختلفوا في الرجل يطلق المرأة، ثم يراجعها، ويشهد على تلك (¬1) الرجعة، ثم تنقضي العدة، وتتزوج المرأة وهي لا تعلم برجعة الأول، ثم جاء الزوج الأول. فقالت طائفة: الزوج الأول أحق بها، دخل الثاني أو لم يدخل، هذا قول الثوري، والشافعي، وأصحاب الرأي [2/ 30/ألف] وبه قال أبو عبيد، وروي ذلك عن علي بن أبي طالب. وفيه قول ثان: وهو أن الزوج الثاني إن كان دخل بها، فلا سبيل للأول عليها، وإن لم يكن دخل بها فهي للأول، روي هذا القول عن عمر بن الخطاب. وفيه قول ثالث: وهو أنها إن تزوجت ولم يدخل بها زوجها، فلا سبيل لزوجها الأول إليها، هذا قول مالك، وروي هذا القول عن سعيد بن المسيب، وعبد الرحمن بن القاسم بن محمَّد، ونافع. قال أبو بكر: بالقول الأول أقول؛ لأن الله تبارك وتعالى قال: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ} الآية. فإذا كن ذلك حقاً للمطلق، لم يجز إبطال ما يثبت له بكتاب الله من نكاح لم ينعقد، ولا فرق بين هذه وبين تلك التي بلغتها وفاة زوجها، فتزوجت وجاء الزوج الأول. ¬

_ (¬1) في الأصل "ذلك".

قال أبو بكر: م 2749 - ولو لم تكن نكحت وانقضت العدة، وادعى الزوج أنه راجعها في العدة، فأكذبته المرأة، فإنها تستحلف في قول الشافعي، وأبي ثور، وأبي يوسف، ومحمد. وقال النعمان: لا يكون يميناً في النكاح، ولا في الرجعة. قال أبو بكر: بظاهر السنة أقول، وذلك لثبوت السنة. (ح 1095) "بأن البينة على المدّعي واليمين على المدّعى عليه. وهذه مدّعى عليها، فاستحلافها يجب على ظاهر الحديث.

52 - كتاب الرضاع

52 - كتاب الرضاع قال أبو بكر: (ح 1096) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: "يحرم من الرضاع ما يحرم من الولادة". قال أبو بكر: م 2750 - وممن قال بأن الرضاع يحرم منه ما يحرم من الولادة، ابن مسعود، وابن عباس، وعائشة. وقال بكل هذا القول أهل المدينة، والثوري، والنعمان ومن تبعهما من أهل الكوفة وأهل الشام، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو عبيد، وأبو ثور. وكل من حفظنا عنه من أهل العلم، وإنما اختلفوا في فروع منها، أنا أذكرها إن شاء الله تعالى. قال الله تبارك وتعالى: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ} الآية. فلما حرم الله الأم والأخت من الرضاعة، احتمل أن لا يحرم غيرهما، واحتمل أن يحرم من الرضاعة ما تحرم من النسب، فلما ثبت أن رسول الله [2/ 30/ب]- صلى الله عليه وسلم - قال: "يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب"، وجب قبول ذلك عن رسول - صلى الله عليه وسلم -.

م 2751 - فإذا أرضعت امرأة الرجل جارية، حرمت على أبيه، وعلى ابنه، وعلى جده، وعلى بني بنيه، وعلى كل بني بناته، وعلى كل ولد له ذكر، وولد ولده، وعلى كل جد له من قبل أبيه وأمه. م 2752 - وإذا كان المرضع غلاماً حرم عليه ولد المرأة التي أرضعت، وأولاد، الرجل الذي أرضع هذا الصبي بلبنه، ولا تحل عمته من الرضاع ولا خالته، ولا ابنة أخته، ولا ابنة أخيه من الرضاعة. م 2753 - ولا بأس أن يتزوج الرجل المرأة التي أرضعت ابنه، وكذلك ابنة المرأة التي هي أخت ابنه، ولأخي هذا الصبي أن يتزوج المرأة التي أرضعت أخاه، ويتزوج ابنتها التي هي رضيع أخيه، وما أراد من ولدها، وولد ولدها، إنما يحرم نكاحهن على المرضع. م 2754 - وللرجل أن يتزوج ابنة عمه، وابنة عمته من الرضاعة، وابنة خاله، وابنة خالته من الرضاعة، لأن نكاحهن مباح من النسب، والرضاع يقوم مقامه. م 2755 - ولا يجمع الرجل بين أختين من الرضاعة ولا بين المرأة وعمتها، ولا بين المرأة وخالتها من الرضاعة، وكل هذا على مذهب مالك، والشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي. م 2756 - ولا يتزوج الرجل ابنته من الرضاعة، ولا بنات أخته، من الرضاع؛ لأن تحريم ذلك كتحريمه من النسب. م 2757 - والعبد، والمكاتب، والمدبر، والأمة، وأم الولد، والمكاتبة، والحر، والحرة في ذلك كله سواء.

1 - باب توقيت الرضاعة المحرمة ومبلغها من عدد المص

1 - باب توقيت الرضاعة المحرمة ومبلغها من عدد المص م 2758 - اختلف أهل العلم فيما يحرم من عدد المص من الرضاع، فقالت طائفة: يحرم قليله وكثيره، روي هذا القول عن علي، وابن مسعود، وبه قال ابن عمر، وابن عباس، وطاووس، والحسن البصري، وسعيد بن المسيب، وعطاء بن أبي رباح، ومكحول، والزهري، وقتادة، والحكم. وبه قال مالك، والأوزاعي، والثوري، وأصحاب الرأي. وقالت طائفة: لا تحرم الرضعة ولا الرضعتان، كذلك قال ابن مسعود، وابن الزبير، وروي ذلك عن عائشة، وسليمان بن يسار، وسعيد بن جبير، وأحمد، وإسحاق وممن قال أن الرضعة والرضعتين [2/ 31/ألف] لا تحرمان، وإنما تحرم ثلاثة رضعات: أبو عبيد، وأبو ثور. وفيه قول ثالث: وهو أن الذي يحرم خمس رضعات، هكذا قال الشافعي. (ح 1097) وروى الشافعي عن عائشة أنها قالت: نزل القرآن بعشر رضعات معلومات تحرمن، ثم صرن إلى خمس تحرمن. وفيه قول رابع: حكي عن عائشة أنها قالت: لا تحرم من الرضاعة إلا سبع رضعات. وفيه قول خامس، وهو رواية أخرى، رويناها عن عائشة أنها أمرت أم كلثوم أختها أن ترضع سالم بن عبد الله عشر رضعات، ليدخل عليها.

2 - باب الرضاعة التي يقع بها التحريم

قال أبو بكر: وبخبر رسول الله- صلى الله عليه وسلم - نقول، وهو قوله: (ح 1098) لا تحرم الأملاجة، ولا الأملاجتان. وأدنى ما يكون العدد بعد الاثنين الثلاث، قلنا بذلك استدلالا، بحديث رسول الله- صلى الله عليه وسلم -، ولولا ذلك ما كان بحد الذي يجب أن يقال، إلا بظاهر قوله: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ} الآية. 2 - باب الرضاعة التي يقع بها التحريم قال أبو بكر: (ح 1099) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: إنما الرضاعة من المجاعة. ودل على صحة هذا القول، قوله تبارك وتعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ} الآية فدل ذلك على أن لا حكم لما ارتضع المولود بعد الحولين. م 2759 - وجاءت الأخبار عن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - موافقة لهذا القول. روينا معنى ذلك عن عمر بن الخطاب، وابن مسعود، وابن عمر، وأبي هريرة، وابن عباس، وأم سلمة. وهذا نقول.

3 - باب توقيت الحولين في الرضاعة

وليس تخلو قصة سالم أن تكون منسوخاً، أو خاصاً لسالم، كما قالت أم سلمة، وسائر أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم -، ومن بالخاص، والعام، والناسخ، والمنسوخ، أعلم؟. وممن مذهبه أن لا رضاع إلا ما كان في حال الصغر، مالك، والثوري، وأهل العراق، والأوزاعى، والشافعي وأصحابه، وأبو عبيد ومن تبعه. 3 - باب توقيت الحولين في الرضاعة م 2760 - واختلف أهل العلم فيما يحرم عن الرضاع في الحولين وبعدهما. فقالت طائفة: ما كان في الحولين فهو يحرم، ولا يحرم ما كان بعد الحولين كذلك قال ابن عباس، وروي عن ابن مسعود. وقال [2/ 31/ب] الزهري، وقتادة: لا رضاع بعد الفصال. وممن قال لا رضاع بعد الحولين، الشعبي، والثوري، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو يوسف، ومحمد، وأبو ثور. وقد اختلف فيه عن مالك فقال في الموطأ: كقول هؤلاء. وحكى عنه ابن القاسم أنه قال: الرضاع الحولين، والأيام بعد الحولين، وحكى عنه الوليد بن مسلم أنه قال: ما كان بعد الحولين من رضاع شهراً أو شهرين، أو ثلاثة فهو من الحولين، وما كان بعد ذلك فهو عبث.

4 - باب الرضاع بلبن الفحل

وفيه قول ثالث: حكي عن النعمان أنه قال: وما كان بعد الحولين إلى ستة أشهر فهو رضاع. قال أبو بكر: بالقول الأول أقول، لظاهر قوله: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ} الآية. 4 - باب الرضاع بلبن الفحل م 2761 - واختلفوا في تحريم الرضاع بلبن الفحل، فحرمت ذلك طائفة، ونهت عنه. وروي معنى ذلك عن علي، وبه قال ابن عباس، وعطاء، وطاووس. وكره ذلك مجاهد، والحسن البصري، والشعبي، والقاسم بن محمَّد، وعروة بن الزبير. وحرم ذلك مالك، والثوري، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو عبيد، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. ورخصت فيه طائفة، وممن رخص فيه سعيد بن المسيب، وأبو سلمة ابن عبد الرحمن، وسليمان بن يسار، وعطاء بن يسار، والنخعي، والقاسم، وأبو قلابة. قال أبو بكر: وبالقول الأول أقول، استدلالا بحديث عائشة في قصة عمها.

5 - باب الرضاعة بالوجور، والسعوط، والحقنة

(ح 1100) قال لها النبى - صلى الله عليه وسلم -: "أنه عمك فليلج عليك" وبقوله: (ح 1101) "يحرم من الرضاعة ما يحرم من الولادة. 5 - باب الرضاعة بالوجور، والسعوط، والحقنة م 2762 - واختلفوا في الوجور والسعوط باللبن. فقالت طائفة: الوجور، والسعوط في الحولين يحرم، كذلك قال الثوري، والشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. وبه قال الشعبي، وقال مالك في الوجور كذلك. قال أبو بكر: وإنما يحرم الوجور، والسعوط عندهم على قدر مذاهبهم فيما يحرم من عدد الرضاع. وفيه قول ثان: روي عن عطاء الخراساني أنه سأل عن سعوط اللبن للصغير، فقال: لا يحرم شيئاً. وقال الشافعي في الحقنة قولان: وحكى بعض البصريين عن مالك، وأبي حنيفة أنهما قالا: تحرم الحقنة.

6 - باب الاسترضاع بلبن الفجور، وألبان أهل الذمة [2/ 32/ألف]

6 - باب الاسترضاع بلبن الفجور، وألبان أهل الذمة [2/ 32/ألف] م 2763 - اختلف أهل العلم بالاسترضاع بلبن الفاجرة، والذمية، فرخص فيه ابن سيرين، والحسن، والنخعي، وكذلك قال الثوري في لبن الفاجرة، وبه قال مالك في لبن النصرانية. وكره مجاهد أن يسترضع بلبن الفجور، وحكى أبو عبيد ذلك عن مالك، وكره ذلك أبو عبيد. ورخص في لبن النصرانية، والمجوسية إذا كان من نكاح. م 2764 - وكره أحمد، وإسحاق لبن ولد الزنا أن يرضع به. والشافعي يرى حكم ألبان كل من ذكرناه حكم ألبان العفائف المسلمات، وبه قال أبو ثور. وبه نقول. 7 - باب رضاع الضرار وما يفسد منه وما لا يفسد م 2765 - اختلف أهل العلم في الرجل ينكح المرأة الكبيرة، ثم ينكح صغيرة ترضع، فترضع الكبير الصغيرة، ولم يدخل بالكبيرة، فقال الشافعي: تحرم عليه الأم بكل حال، ولا مهر لها ولا متعة، ويفسد نكاح الصغيرة، فيكون فسخاً وليس بطلاق، ولها نصف المهر، ويرجع على امرأته بذلك. وبه قال أبو ثور، وأصحاب الرأي، إلا أن أصحاب الرأي قالوا: يرجع بنصف المهر على المرأة، إن كانت أرادت الفساد.

8 - باب رضاع البكر التي لم تنكح

وقال الثوري، وأحمد، وإسحاق، وأبو عبيد: نحواً من قول الشافعي. وبه نقول. وكان الأوزاعي يقول: إن دخل بالأولى أو لم يدخل بها فهي امرأته، وينزع الصبية ولها نصف صداقها، على امرأته الأولى. وحكى أبو عبيد عن ابن أبي ذوئيب أنه كان لا يرى رضاع الضرار يحرم شيئا، ولا يفسد نكاحها. قال أبو بكر: بالقول الأول أقول. 8 - باب رضاع البكر التي لم تنكح م 2766 - أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن البكر التي لم تنكح، لو (¬1) نزل بها لبن، فأرضعت به مولوداً أنه ابنها، ولا أب له من الرضاعة، هذا مذهب مالك، والثوري، والشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. م 2767 - قال مالك: المرأة التي كبرت وأئست إن درت وأرضعت أنها تكون أماً، وبه قال الأوزاعي، وهو مذهب الشافعي، وأبي ثور. وبه نقول. م 2768 - وقال مالك، والشافعي في الرجل يرضع الصبية، ويدر عليها، لا يكون رضاعاً عنه، غير أنهما كرها نكاحها. ¬

_ (¬1) في الأصل "ولو" وفي كتاب الإجماع /108 رقم 418 "ثم" بدل "لو".

9 - باب اللبن يخلط به الطعام

9 - باب اللبن يخلط به الطعام قال أبو بكر: م 2769 - واختلفوا [2/ 32/ب] في اللبن يخلط به الطعام. فكان الشافعي يقول: إذا وصل إلى جوفه فهو يحرمه، إن كان اللبن الأغلب، أو الطعام. وفيه قول ثان: وهو أن الأغلب إذا كان الطعام لا عين للبن فيه، ولا طعم، لا يحرم شيئاً، هذا قول أبو ثور. وقال أصحاب الرأي: إذا كانت النار فلمست اللبن، وأنضجت الطعام حتى تغير فليس ذلك رضاع، وإن كان الطعام هو الغالب فليس برضاع، وهذا قول يعقوب، ومحمد. وقول أبي حنيفة: لا يكون رضاعاً. م 2770 - والرضاع يحرم في دار الحرب والشرك، كما يحرم في دار الإسلام في قول الشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي. 10 - مسائل من كتاب الرضاع قال أبو بكر: م 2771 - كان الشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي، وابن القاسم صاحب مالك يقولون في صبين شربا لبن بهيمة: إن ذلك لا يكون رضاعاً، ولا أحفظ عن غيرهم خلافهم. وبه نقول.

م 2772 - وقال أبو ثور، وأصحاب الرأي: لو أن امرأة حلبت ما يحرم من اللبن في إناء، ثم ماتت فأسقيه صبياً، حرم عليه ما يحرم بالرضاع، وهي حية. م 2773 - واختلفوا فيه إن حلب من ثديها بعد الموت، فأسقيه صبياً (¬1). ففي قول أبي ثور، وأصحاب الرأي: هو الرضاع يقع به التحريم، وذلك أن الشيء الذي يقع به التحريم اللبن، وبه قال الأوزاعي، وابن القاسم صاحب مالك. وكان الشافعي لا يجعل لما حلب بعد الموت حكماً، قال: لأنه لا يكون للميت فعل. قال أبو بكر: القول الأول أصح، لأن المعنى الذي يقع به التحريم اللبن، واللبن قائم في حياتها وبعد وفاتها، وليس الذي يقع به التحريم الميتة، إنما هو اللبن، ولا يقال: مات اللبن بموتها، لأن اللبن لا يموت، غير [[أنه]] في ظرف ميت فهو لبن نجس. م 2774 - واختلفوا في الرجل يقول لامرأته: هي أمه من الرضاعة، أو أخته، وذلك يحتمل، ثم قال مكانه: غلطت، أو وهمت، فقال الشافعي: لا يقبل منه، ولا تحل له واحدة منهما، وبه قال أبو ثور. وبه قال أصحاب الرأي إذا صدقته بعد إقراره، ورجوعه، فله أن يتزوجها إن شاء، وكذلك لو أقرا جميعاً بذلك، ثم اكذبا أنفسهما، وقالا (¬2): أخطأنا، ثم تزوجا (¬3)، فإن النكاح جائز، لا يفرق بينهما. ¬

_ (¬1) كان في الأصل "صبي" (¬2) في الأصل "قال". (¬3) في الأصل "تزوجتا"

قال أبو بكر: قول الشافعي أصح. م 2775 - واختلفوا في الرجل يطلق المرأة ولها لبن، فنقضي عدتها، وتنكح آخر وتحمل منه. فقالت طائفة: اللبن منهما جميعاً، كذلك قال الشافعي إذ هو بالعراق. وقال بمصر: وإذا ثاب لها لبن في الوقت الذي يكون [2/ 33/ألف] لها فيه لبن من الحمل الآخر، كان اللبن من الأول بكل حال، ولو كان لبنها انقطع فلم يثب حتى كان هذا الحمل الآخر، في وقت يمكن أن يثوب فيه اللبن من الآخر، ففيها قولان: أحدهما: إن اللبن من الأول. والآخر: انقطع لانقطاع اللبن، ثم ثاب من الآخر. وقال أبو ثور: اللبن من الأول حتى يصير في الحال التي ينزل للحامل لبن، إذا كان ذلك، كان اللبن للآخر، وإن أمكن أن يكون منه كان منهما، وقال النعمان: اللبن للأول حتى تلد. وقال يعقوب: إذا عرف أن هذا اللبن من الحمل الثاني، فهو من الحمل الآخر. وقال يعقوب: استحسن أن يكون منهما جميعاً حتى تضع. قال أبو بكر: م 2776 - وقد أجمع كل من أحفظ عنه من أهل العلم أن حكم لبن الأول ينقطع بالولادة من الزوج الثاني.

11 - باب الشهادة على الشهادة

11 - باب الشهادة على الشهادة م 2777 - واختلفوا في البينة التي يجب قبولها في الرضاع. قال عطاء وقتادة، والشعبى، والشافعي: لا يقبل من النساء أقل من أربع. وقالت طائفة: ثنتين يعني امرأتين، هكذا قال الحكم. وفيه قول ثالث: وهو أن شهادة المرأة الواحدة جائزة في الرضاع إذا كانت مرضية، وتستحلف مع شهادتها، كذلك قال ابن عباس. وبه قال أحمد، وإسحاق، قالا: فإن كانت كاذبة يبيض ثديها. وممن قال بأن شهادة المرأة الواحدة تجوز، طاووس، والزهري، والأوزاعي، وسعيد بن عبد العزيز، وابن أبي ذؤيب. وقالت طائفة: يجوز رجلان، أو رجل وامرأتان، وروي هذا القول عن عمر بن الخطاب. وبه قال أصحاب الرأي، والشافعي. 12 - باب جماع أبواب نكاح الإماء قال الله تبارك وتعالى: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ} الآية. م 2778 - واختلف أهل العلم في الرجل يخشى على نفسه في المملوكة وهو يجد طولاً لنكاح حرة.

فقالت طائفة: من وجد صداقاً لحرة، لم ينكح أمة، هذا قول جابر بن عبد الله، وابن عباس، وعطاء، وطاووس، والزهري، ومكحول. وبه قال الشافعي، وأبو ثور، وأحمد، وإسحاق، قالوا: ينكح الأمة إذا خاف العنت. وكره الحسن، وابن سيرين، وجابر بن زيد نكاح الإماء في زمانهم (¬1). وفيه قول ثان: وهو له أن ينكحها إذا خشي أن يبغي بها، كذلك قال عطاء، وبمعناه قال قتادة، والنخعي، والثوري. واختلف عن مالك في هذه المسألة فقال مرة: لا ينكح الأمة على حرة، فإن فعل ذلك جاز النكاح [2/ 33/ب] والحرة بالخيار إن شاءت أقامت معه، وإن شاءت اختارت نفسها. وقال في الموطأ: "لا ينبغي للحر أن يتزوج أمة وهو يجد طولاً لحرة، إلا أن يخشى العنت، وذكر قوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا}. وقال مجاهد: مما وسع الله على هذه الأمة نكاح الأمة، وإن كان [[موسراً]]، وقال مسروق: إذا كان تحت الحر أمة، ¬

_ (¬1) في الأصل "زمانهما".

13 - باب نكاح الأمة على الحرة والحرة على الأمة

فوجد سعة، فنكح عليها حرة، فهي طلاق كالميتة يضطر إليها، فإذا أغنى الله فاستغنه. قال أبو بكر: ظاهر الكتاب يدل على ما قال جابر، وابن عباس، وكل ما أبيح بشرطين، لم يجز أن ينكح بشرط واحد، وقال الله عز وجل: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا} الآية، فإذا لم يجد الرجل طولاً لنكاح حرة، وخشي العنت على نفسه، حل له تزويج الأمة. 13 - باب نكاح الأمة على الحرة والحرة على الأمة م 2779 - اختلف أهل العلم في نكاح الأمة على الحرة، فقال جابر بن عبد الله: لا ينكح الأمة على الحرة، وبه قال سعيد بن المسيب، والحسن، والزهري، والشافعي. وفيه قول ثان: وهو أن لا ينكح الأمة على الحرة إلا بأمرها، فإن اجتمعتا عنده، فللحرة ثلثا السنة، وللأمة الثلث، هذا قول عطاء. وقال مالك: يجوز النكاح، والحرة بالخيار. قال أبو بكر: لا يجوز نكاح الأمة على الحرة. م 2780 - واختلفوا في نكاح الحرة على الأمة. فقالت طائفة: النكاح ثابت، كذلك قال سعيد بن المسيب، وعطاء بن أبي رباح، والشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي، وروي معنى ذلك عن علي.

14 - باب عدد ما ينكح الحر من الإماء

وفيه قول ثان: وهو أن للحرة الخيار إذا علمت، كذلك قال الزهري، ومالك. وفيه قول ثالث: وهو أن نكاح الحرة يكون طلاقاً للأمة، هذا قول ابن عباس، وأحمد، وإسحاق. وفيه قول رابع قاله النخعي قال: إذا تزوج الحرة على الأمة فارق الأمة، إلا أن يكون له منها ولد، فإن كان ذلك، لم يفرق بينه وبين ولده. قال أبو بكر: بالقول الأول أقول. 14 - باب عدد ما ينكح الحر من الإماء م 2781 - اختلف أهل العلم في عدد ما ينكح الحر من الإماء. فقالت طائفة: له أن ينكح أربعاً، هذا قول الزهري، والحارث العكلي. وقال مالك: إذا خشي على نفسه العنت، ولم تكفه واحدة، فليتزوج حتى تجتمع عنده أربع نسوة [2/ 34/ألف] وبه قال أصحاب الرأي. وفيه قول ثان: وهو ليس له أن يتزوج من الإماء إلا اثنتين، هذا قول حماد بن سليمان. وفيه قول ثالث: وهو أن الحر لا يتزوج من الإماء إلا واحدة، روي ذلك عن ابن عباس، وبه قال قتادة، والشافعي. وكذلك نقول.

15 - باب نكاح حرة وأمة في عقد

15 - باب نكاح حرة وأمة في عقد (¬1) قال أبو بكر: م 2782 - كان الثوري، والشافعي، وأحمد، وأبو ثور، وأصحاب الرأي يقولون: في الرجل يتزوج حرة وأمة في عقد، يثبت نكاح الحرة، ويبطل نكاح الأمة، وروي ذلك عن الحسن البصري. وبه نقول. وكان مالك يقول كما قال هؤلاء. ومرة قال: إذا علمت الحرة بذلك، فلا خيار لها، وإن لم تعلم فلها الخيار. قال أبو بكر: كما قال الثوري ومن وافقه، أقول. 16 - باب نكاح الأمة اليهودية والنصرانية قال أبو بكر: م 2783 - واختلفوا في نكاح الأمة اليهودية والنصرانية، فكره ذلك كثير من أهل العلم، هذا قول الحسن البصري، والزهري، ومكحول. وبه قال مالك، والثوري، والأوزاعي، وسعيد بن عبد العزيز، ويحيى الأنصاري، والليث بن سعد، والشافعي. وقال مجاهد: لا ينبغي للمسلم أن ينكح المملوكة النصرانية. ¬

_ (¬1) في الأصل "عقدة" والتصحيح من الأوسط 3/ 228/ب.

17 - باب وطيء الأمة المجوسية بملك اليمين

وفيه قول ثان: روينا عن ابن ميسرة أنه قال: إماء أهل الكتاب بمنزلة حرائرهم. وحكي عن أصحاب الرأي أنهما أجازوا نكاح الأمة اليهودية والنصرانية. 17 - باب وطيء الأمة المجوسية بملك اليمين م 2784 - واختلفوا في الأمة المجوسية يطأها مالكها، فقال مرة الهمداني، والزهري: لا يحل ذلك، وهو قول سعيد بن جبير، والنخعي، ومالك، والأوزاعي، والثورى، والشافعي. وأباح ذلك طاووس. 18 - باب الأمة الكتابية يطأها المسلم بملك اليمين م 2785 - واختلفوا في وطيء إماء أهل الكتاب بملك اليمين، فأباح النخعي، ومالك، والشافعي، والكوفي، وعوام أهل العلم وطئهن بملك اليمين. وحكي عن الحسن أنه كره ذلك. قال أبو بكر: وهن داخلات في جملة قوله: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} الآية، غير خارجات عن ذلك بحجة.

19 - باب إنكاح [2/ 34/ب] الرجل أمته من عبده بغير مهر

19 - باب إنكاح [2/ 34/ب] الرجل أمته من عبده بغير مهر م 2786 - واختلفوا في الرجل يزوج أمته من عبيده بغير مهر، فكان ابن عباس، والثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي يقولون: لا بأس بذلك. وقال الأوزاعي: يصدقها ما شاء، ولو درهماً، ويحضر ذلك رجلين وقال مالك: لا يجوز أن يزوج الرجل أمته عبده بغير صداق، فإن مات بالدخول مضى النكاح. وفرض ربع دينار فصاعداً. قال أبو بكر: النكاح ثابت، ولا يجوز أن يفسد العقد بفساد المهر. 20 - باب إكراه الرجل عبده وأمته على النكاح م 2787 - واختلفوا في إكراه أمته وعبده على النكاح، فكان مالك، والثوري يقولان: له أن يكرههما، إلا أن مالكاً قال: لا يجوز الضرار من ذلك. وفي قول أصحاب الرأي: ذلك جائز، وبه قال أبو ثور، وقال الأوزاعي في الأمة كذلك. وقال الشافعي إذ هو بالعراق: لا فرق بين الأمة والعبد في ذلك. ثم رجع عن العبد بمصر، فقال: ليس له أن يكرهه على النكاح، فإن فعله فسخ، وأجاز ذلك في الأمة.

21 - باب الإكراه الرجل أم ولده على النكاح

21 - باب الإكراه الرجل أم ولده على النكاح م 2788 - واختلفوا في إكراه الرجل أم ولده على النكاح، فكان ربيعة يكره أن يزوجها بغير إذنها، وبه قال الشافعي إذ هو بالعراق، وقال. وهو مفسوخ، وكذلك قال بمصر مرة، وقال مرة: له أن يزوجها. وقال مالك آخر مرة: ليس له أن يزوجها. 22 - باب بيع الأمة ولها زوج م 2789 - واختلفوا في بيع الأمة ولها زوج. فقالت طائفة: بيعها طلاقها، كذلك قال ابن عباس، وروي ذلك عن ابن مسعود، وأبي بن كعب. وهو قول سعيد بن المسيب، والحسن، ومجاهد، وقالت طائفة: ليس بيعها طلاقها، روي هذا القول عن عمر ابن الخطاب، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص. وقال مالك، والشافعي، وأحمد وإسحاق. وبه نقول، استدلالاً: (ح 1102) بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - خير بريرة بعد أن بيعت. ولم يكن ليخيرها لو كان انفسخ النكاح بالبيع.

مسألة

مسألة م 2790 - واختلفوا في الأمة تنكح بغير إذن السيد، فبلغ السيد فيجيز النكاح. فقالت طائفة: لا يجوز ذلك، هذا قول الشافعي، وأبي ثور. وقال أصحاب الرأي: إذا تزوج الأمة [2/ 35/ألف] لقوم بغير إذن مولاها، ثم لم يدخل بها ولم يرها حتى تزوج حرة، ثم أجاز مولى الأمة النكاح، لم يجز، ولم يزوج الحر الأمة بغير إذن مولاها. ثم إن المولى أعتق الأمة ولم يعلم بالنكاح، كان هذا العتق إمضاء النكاح، وإجازةً له وتسليماً، ولا خيار للأمة. 23 - باب عقد السيد نكاح أمته على نفسه بإيجاب العتق لها (ح 1103) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أعتق صفية، وجعل عتقها صداقها. م 2791 - وقد اختلفوا في الرجل يعتق الأمة ويجعل صداقها عتقها، فممن فعل بعد رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أنس بن مالك، وهو الراوي عنه خبر صفية وتزويج النبي - صلى الله عليه وسلم - إياها. وبه قال سعيد بن المسيب، وطاووس، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، والنخعي، والحسن البصري، والزهري، وأحمد، وإسحاق. وكره ذلك ابن عمر، ومالك، والشافعي. قال أبو بكر: وبالثابت عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أقول، وهو حجة الله على خلقه، ولهم الاقتداء به في جميع أموره،

مسألة

إلا أن يخصه الله عَزَّ وَجَلَّ بشيء، فيكون مما يخصه به في كتابه أو على لسان رسوله خاصاً له، وما لم يكن كذلك، فليس لأحد أن يزعم أن شيئاً من الأشياء خاص له، إذ لو كان ذلك كذلك، لم يشأ أحد من الناس فيما لا يوافق أصحابه من السنن أن يقول: ذلك خاص لرسول الله- صلى الله عليه وسلم -. م 2792 - وليقل من أراد أن يعتق أمته ويجعل عتقها صداقها: قد أعتقتك، على أن تزوجتك وجعلت صداقتك عتقك. وقال أحمد: إن قال: قد أعتقتك وجعلت صداقك عتقك، فهو جائز. مسألة م 2793 - واختلفوا في الرجل يعتق أمته ويتزوجها، ويجعل صداقها عتقها، إن طلقها قبل الدخول، فقال قتادة: لا شيء عليها. وقال الثوري: تسعى في نصف قيمتها في قول من قال: عتقها صداقها. وقال الحسن البصري: تؤدي إليه نصف ثمن قيمتها، وقال الحكم: ترد نصف ثمنها. وقال الأوزاعي: مهرها نصف قيمتها، فلها من ذلك النصف، وتؤدي إلى سيدها النصف، وذلك ربع قيمتها.

مسألة [2/ 35/ب]

مسألة [2/ 35/ب] م 2794 - واختلفوا في السيد يزوج أمته، فيتلفها السيد بقتل، أو يبيعها حيث لا يقدر عليها الزوج، فكان النعمان يقول: إذا قتلها قبل أن يدخل بها الزوج فلا مهر لها، ولا له. وقال يعقوب، ومحمد: المهر في الأمة لمولاها. وقال النعمان في الحرة إذا قتلت، أو قتلت نفسها قبل أن يدخل عليها، فلها المهر كاملاً عليه. وقال أبو ثور: إن لم يدخل بها حتى قتلها المولى، كان الصداق لها، وهو للولي. م 2795 - وكذلك إن باعها المولى في موضع لا يقدر عليها، فقد أساء والمهر لها، وللمولى الذي باعها، أن يأخذه بذلك. مسألة م 2796 - واختلفوا في الرجل يزوج أمته، ويمتنع أن يبؤا لها معه بيتاً. فقال مالك: لا يجب لها نفقة حتى يبؤا بها الزوج إلى منزلة، أو تبيت عنده، وإن كان يأتيها في بيت أهلها، فلا نفقة عليه. وقال النعمان: إن لم يبؤ لها بيتاً، فلا سكنى له ولا نفقة، وقال الثوري: لا نفقة لها إن حبسوها عنه، كذلك قال الشافعي، إن النفقة لا تجب لها حتى يبؤا بها بيتاً. وقال الثوري، وأحمد، وإسحاق إذا قالوا: تعمل بالنهار، ونبعثها إليك بالليل، فعليه النفقة.

24 - باب أم ولد النصراني تسلم

24 - باب أم ولد النصراني تسلم م 2797 - واختلفوا في أم ولد النصراني تسلم. فقالت طائفة: إن أبى أن يسلم السيد، قومت عليه، وبيعت في قيمتها، وإن مات قبل أن يؤدي فهي حرة، هذا قول الثوري. وفيه قول ثان: وهو أن تقوم قيمة، ثم يلقى الشطر، ثم تؤدي الشطر الباقي وهي حرة، هذا قول الأوزاعي. وفيه قول ثالث: وهو أنها حرة، ولا شيء عليها، هذا قول مالك. وفيه قول رابع: وهو أن تقوم فتدفع قيمتها إلى سيدها من بيت المال، ولا سبيل له عليها، هذا قول عمر بن عبد العزيز. وفيه قول خامس: وهو أن تؤتى إليه كل يوم قيمة خدمتها، فإن أدت الخدمة ما يبلغ قيمة رقبتها قبل أن يموت مولاها، فهي حرة، وإن مات المولى قبل ذلك عتقت، هذا قول عبيد الله بن الحسن. وفيه قول سادس: وهو أنها تعزل عنه، ويؤخذ بالنفقة عليها، وله أن يستعملها فيما شاء إلى أن يموت، فإذا مات فهي حرة، هذا قول الشافعي. وبه نقول. 25 - باب [2/ 36/ألف] أمة بين رجلين زوجها أحدهما م 2798 - أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن الأمة إذا كانت بين رجلين فزوجها أحدهما أن النكاح جائز.

26 - مسائل من هذا الباب

م 2799 - واختلفوا فيه أن زوّجها أحد بغير إذن الآخر، فكان الشافعي يقول: النكاح باطل وإن أجازه الذي لم يزوج، وبه قال أبو ثور، وذكر ابن القاسم أنه مذهب مالك. وقال أصحاب الرأي: للآخر أن يبطل النكاح، فإن فعل كان له نصف مهر مثلها، والذي زوج نصف ما سمى لها الزوج، إلا أن يكون نصف مثلها أقل، فيكون له الأقل. قال أبو بكر: النكاح باطل حتى يجتمعا على النكاح، فإن أدرك قبل الدخول أبطل، وإن دخل عليها فلكل واحد منهما نصف مهر مثلها. 26 - مسائل من هذا الباب م 2800 - واختلفوا في وصي اليتيم يزوج أمة لليتيم، وفي الأب يزوج أمة ابنه الطفل. فقالت طائفة: ذلك جائز، وكذلك المكاتب يزوج أمته والعبد المأذون له في التجارة كذلك جائز، ويأخذ الصداق وكل ذلك زيادة المال، هذا قول أبي ثور. وقال أصحاب الرأي في الأب والوصي والمكاتب هكذا. م 2801 - واختلفوا في العبد المأذون له في التجارة يزوج أمته، فقال النعمان، ومحمد: لا يجوز. وقال يعقوب: يجوز، لأنه من التجارة. وقال الشافعي: ليس للمكاتب، ولا للعبد المأذون له في التجارة أن يزوجا ما بأيديهما من الإماء، لأنهما لا يعقدان على أنفسهما، فكذلك لا يعقدان على ما بأيديهما.

27 - جماع أبواب نكاح العبيد

وقال في ولي اليتيم: من قال إن إنكاحه فرض، فعلى وليه أن يزوجه، ومن قال ليس بفرض، لم يزوج. م 2802 - واختلفوا في الرجل يزوج أمة ابنه وهو حر أو عبد بعد أن يأذن للعبد مولاه، ففي قول مالك، والشافعي: النكاح جائز، فإن ولدت ولداً، كان عبداً للابن. وقال أصحاب الرأي: النكاح جائز، فإن ولدت منه عتق ولده. قال أبو بكر: بقول مالك أقول. م 2803 - واختلفوا في الرجل يطأ جارية ابنه بغير نكاح فتحمل منه. فقال أصحاب الرأي: تكون أم ولد، إذا كان حراً، وعليه قيمتها، أقر بذلك الابن أو جحد. وقال أبو ثور: فإن علم أن هذا لا يحل له، كان زانياً وعليه الحد، ويلزمه صداق مثل، والجارية وولدها ملك للابن. وقال الثوري في رجل وقع على جارية ابنة: إن حبلت كانت أم ولد، وإن لم تحبل إن شاء الولد باعها [2/ 36/ب]. وقال أحمد: إذا كان الأب قابضاً للجارية، ولم يكن الابن وطئها، فأحبلها الأب، فالولد ولده، والجارية له، وليس للابن فيها شيء، وبه قال إسحاق. 27 - جماع أبواب نكاح العبيد م 2804 - أجمع أهل العلم على أن للعبد أن ينكح امرأتين. م 2805 - واختلفوا في العبد ينكح أربع نسوة. فقالت طائفة: ليس له أن ينكح إلا اثنتين وروي ذلك عن عمر ابن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وعبد الرحمن بن عوف،

28 - باب نكاح العبيد والإماء بغير إذن ساداتهم

وبه قال عطاء، والشعبي، وقتادة، والثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي. وفيه قول ثان: وهو أن له أن ينكح أربعاً، هذا قول مجاهد، والزهري، وربيعة، ومالك، وأبي ثور. واختلف فيه عن الحسن، وعطاء، والأوزاعي، فروي عن كل واحد منهم (¬1) قولان. قال أبو بكر: وقد احتج كل فريق منهما بقوله: له أن ينكح أربعاً، بقوله: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} الآية. وإن الجمع مخاطبون الأحرار والعبيد، كما خوطبوا بقول: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} الآية. واحتج من خالفهم بقول عمر، وعلي، فقال: ليس يخالفهما أحد من أصحاب النبي- صلى الله عليه وسلم -، وهم أعلم بمعاني القرآن من غيرهم. 28 - باب نكاح العبيد والإماء بغير إذن ساداتهم م 2806 - أجمع أهل العلم على أن نكاح العبد جائز بإذن مولاه. م 2807 - وأجمعوا على أن نكاحه بغير إذن مولاه لا يجوز. (ح 1104) جاء الحديث عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "أيما عبد تزوج بغير إذن مولاه، فهو عاهر". ¬

_ (¬1) كان في الأصل "منهما".

29 - باب العبد يأذن له السيد في النكاح فينكح نكاحا فاسدا

م 2808 - واختلفوا في العبد ينكح بغير إذن سيده. فقالت طائفة: عليه الحد، كذلك قال ابن عمر، وأبو ثور. وقالت طائفة: لا حد عليه، روي ذلك عن الشعبى، والنخعي، وبه قال أحمد، وإسحاق. م 2809 - واختلفوا في العبد ينكح بغير إذن سيده. فقالت طائفة: يفرق بينهما، روي ذلك عن عثمان بن عفان، وأبي موسى الأشعري، وبه قال الحكم، وحماد. قال عطاء: لا يجوز نكاحه، وهو قول الأوزاعي، والشافعي، وبه قال أبو ثور: وأحمد، وإسحاق. وقالت طائفة: إذا أجاز المولى النكاح، جاز، وهذا قول الحسن البصري، وعطاء بن أبي رباح، وسعيد بن المسيب، وشريح، والشعبي، وبه قال مالك، وأصحاب الرأي. قال أبو بكر: لا يجوز حتى يستأنف نكاحاً بإذن سيده. م 2810 - واختلفوا في السيد بإذن [2/ 37/ألف] لعبده في التزويج، فيتزوج باثنتين في عقدة، فقال أبو ثور: جائز. وقال أصحاب الرأي: لا يجوز، ولا يقع الأذن إلا على واحدة. 29 - باب العبد يأذن له السيد في النكاح فينكح نكاحاً فاسداً م 2811 - واختلفوا في الرجل يأذن لعبده في النكاح فينكح نكاحاً فاسداً. فقالت طائفة: إن لم يكن دخل بها فلا شيء لها، وإن كان دخل بها فعليه المهر إذا عتق، هذا صحيح على مذهب الشافعي، وبه قال أبو ثور. وقال النعمان: إن دخل بها فعليه المهر.

30 - باب تسري العبيد

وقول آخر: أن لا مهر عليه حتى يعتق، هذا قول أبي يوسف، ومحمد. وقال مالك، والشافعي: إذا كان عبداً بين رجلين، فأذن أحدهما في النكاح فنكح، فالنكاح باطل. 30 - باب تسري العبيد م 2812 - اختلف أهل العلم في تسري العبيد. فقالت طائفة: للعبد أن يسترى بإذن مولاه، روي هذا القول عن ابن عمر، وابن عباس. وبه قال الحسن البصري، والشعبى، وعمر بن عبد العزيز، والنخعي، والزهري، ومالك، والأوزاعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور. وكرهت طائفة أن يتسرى العبد، وممن كره ذلك محمَّد ابن سيرين، وحماد بن أبي سليمان، وممن هذا مذهبه، الثوري، وأصحاب الرأي. واختلف قول الشافعي في هذه المسأله. فقال إذ هو بالعراق بقول مالك، ثم رجع بمصر فقال: لا يحل للعبد أن يتسرى. قال أبو بكر: قول ابن عمر، وابن عباس أولى. م 2813 - واختلفوا في الجارية التي لم تستحق أن يقال لها: سرية. فقالت طائفة: إن وطئها فقد تسراها، كذلك قال ربيعة، ومالك، وأحمد، وإسحاق.

31 - باب العبد يغر الحرة ويخبر أنه حر وينكحها

وقال الأوزاعي: لا تكون سرية وإن حللت عليها إزارك حتى تبني بها. وحكي عن الشافعي أنه قال: التسري، طلب الولد حبلت أم لم تحبل. 31 - باب العبد يغر الحرة ويخبر أنه حر وينكحها م 2814 - أجمع كل من أحفظ عنه من أهل العلم على أن للحرة التي غرها العبد المأذون له في النكاح، وزعم أنه حر، أن لها الخيار إذا علمت، كذلك قال عطاء، وعمرو بن دينار، والشعبي، والحسن البصري، والزهري، ومالك، والشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي [2/ 37/ب]. م 2815 - غير أن الشافعي قال: إن فارقته قبل الدخول فلا مهر لها، وبه قال أصحاب الرأي. وقال أبو ثور: لها نصف الصداق عليه إذا عتق. وإن فارقته وقد دخل عليها ففي قول الشافعي: لها مهر مثلها. وفي قول أصحاب الرأي: لها ما سمى لها، عليه في رقبته، ولا تكون هذه الفرقة إلا عند قاض. م 2816 - واختلفوا فيه إن تزوجها ولم يذكر أنه حر أو عبد، فقال الشافعي: لا خيار لها. وقال أبو ثور: لها الخيار. وقال أصحاب الرأي: إن زوجه الأولياء (¬1) برضاها، فلا خيار لها، وإن كانت هي تزوجته وهو غير كفؤ، فللأولياء أن يفرقوا بينهما. ¬

_ (¬1) في الأصل "زوجوه".

32 - باب المرأة تنكح عبدها

32 - باب المرأة تنكح عبدها م 2817 - أجمع أهل العلم على أن نكاح المرأة عبدها باطل. وثبت أن عمر بن الخطاب قال في امرأة جاءت بالجابية، نكحت عبدها، فهم أن يرجمها، وانتهرها. م 2818 - واختلفوا في نكاح المرأة عبد ابنها، فحكى أبو عبيد عن أهل الحجاز أنهم كانوا لا يرون تزويج المرأة عبد ولدها، قال: وكذلك يقولون: لا يتزوج الرجل أمة ولده. وقال أهل العراق: هذا كله جائز ما لم يمت السادة. م 2819 - وقال الشافعي: إذا تزوج مكاتب بنت مولاه بإذن مولاه، ثم مات المولى فسد النكاح، لأنها ورثت بعض رقبته، وبه قال أبو ثور. وقال أصحاب الرأي: النكاح جائز على حاله، لأنها لا تملك منه شيئاً، إنما لها عليه دين. م 2820 - وفي قول الشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي: إذا نكحت المرأة عبد أبيها، فمات الأب، وملكت من الأب شقصاً، بطل النكاح. وممن قال أن المرأة إذا ملكت من زوجها شقصاً، أن النكاح يبطل، الحسن البصري، وطاووس، وقتادة، والحكم، وحماد، والشعبي، وعطاء، وعبد الله بن معقل، وميسرة، ومالك، والأوزاعي، والشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. وكذلك نقول. وقال ابن سيرين، والنخعي: إن أعتقه مكانها، فهما على النكاح.

33 - باب الرجل يملك زوجته الأمة أو بعضها

33 - باب الرجل يملك زوجته الأمة أو بعضها م 2821 - واختلفوا في الرجل يملك بعض زوجته الأمة، فقال الحسن، والزهري، والنخعي، وعامة المفتين: يقف عنها ولا يقربها حتى يستخلصها. وروي عن قتادة: أنه قال: لم يزده ملكه عليها إلا قرباً. وقد روي عن الحسن أنه قال: إذا استرق امرأته [2/ 38/ألف] للعتق، فأعتقها حين ملكها، فهما على نكاحهما (¬1). م 2822 - واختلفوا في المرأة تملك من زوجها شقصاً، فأعتقته، ثم أراد نكاحها، فقال الحسن، والزهري، وقتادة، والأوزاعي: هي طلقة. وقال الحكم، وحماد، ومالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق: هي فرقة وليس بطلاق. وبه نقول. 34 - باب الأمة تكون تحت الزوج فيبيت طلاقها ثم يطأها السيد م 2823 - واختلفوا في الرجل تكون تحته الزوجة الأمة، فيطلق ويبيت طلاقها، ثم يطأها السيد، فقالت طائفة: لا يحل للزوج إلا من حيث قال الله عز وجل: {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} الآية وليس السيد بزوج، وروي معنى ذلك عن علي، وعبد الله. ¬

_ (¬1) في الأصل "نكاحها" والصواب ما أثبته وكذا في الأوسط 3/ 233/ب.

35 - جماع أبواب الضرائر والسنن فيهن

وبه قال عبيدة السلماني: ومسروق، والشعبي، والنخعي، وسليمان بن يسار، وابن قسيط، وأبو الزناد، وحماد بن أبي سليمان، والثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق. وجعلت طائفة وطئ السيد كوطئ الزوج، وروي ذلك عن عثمان، وزيد ابن ثابت. قال أبو بكر: بالقول الأول أقول، والسيد ليس بزوج. 35 - جماع أبواب الضرائر والسنن فيهن قال أبو بكر: (ح 1105) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا كانت للرجل امرأتان، فمال إلى [[إحداهما]]، جاء يوم القيامة وأحد شقيه مائل". قال أبو بكر: م 2824 - الميل الذي يلحق فاعله فيه، اللوم من مال بما يملكه من الأفعال، دون الهوى الذي لا يملكه المرء، قال الله جلّ ذكره: {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ} الآية. يقال (¬1): إن الآية نزلت في عائشة. ¬

_ (¬1) في الأصل "وقال" والتصحيح من الأوسط 3/ 234/ألف.

36 - باب الإقراع بين الضرائر عند الخروج إلى الأسفار

وروينا عن ابن عباس أنه قال في هذه الآية: لا يستطيع أن يعدل بالشهوة فيما بينهن، ولو حرصت. وقال عبيدة السلماني في الحب، والجماع، ودل قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حيث كان يقسم فيعدل ثم يقول: (ح 1106) "اللهم هذا قسمي في ما أملكه، فلا تلمني فيما تملك، ولا أملك على مثل ذلك". 36 - باب الإقراع بين الضرائر عند الخروج إلى الأسفار (ح 1107) ثبت أن رسول الله [2/ 38/ب]- صلى الله عليه وسلم - كان إذا أراد سفراً أقرع بين نساءه، فأيتهن خرج سهمها خرج بها رسول الله- صلى الله عليه وسلم - معه". قال أبو بكر: م 2825 - إذا أقرع الرجل بين نساءه عند خروجه إلى السفر وخرج بمن خرج سهمها منهن، انفردت بالسفر دون المتخلفات، ثم لم يقاسمها بشيء من الأيام التي انفردت بها في السفر عند قدومه، فليبتدأ القسم بينهن إذا قدم على سبيل ما يجب، وهذا على مذهب مالك، والشافعي، وأبي عبيد، وأصحاب الرأي، وأبو ثور في أن يعدل بينهن فيما يستقبل.

37 - باب إتيان الزوجة المستحدثة على الضرائر بمقام أيام تختص بها

37 - باب إتيان الزوجة المستحدثة على الضرائر بمقام أيام تختص بها م 2826 - واختلفوا في الرجل ينكح المرأة فتخصها بالأيام من بين نسائه عند الدخول عليها. فقالت طائفة: يقيم عند البكر سبعاً، وعند الثيب ثلاثاً، ثم ليستأنف القسم. (ح 1108) قال أنس بن مالك: من السنة للبكر سبعاً وللثيب ثلاثا. وروي ذلك عن النخعي، والشعبى، وبه قال مجاهد، والشافعي وأحمد، وإسحاق، وأبو عبيد، وأبو ثور. وبه نقول. وفيه قول ثان: وهو أن للبكر ثلاثاً، وللثيب ليلتين، هكذا روي عن ابن المسيب، والحسن، وخلاس بن عمرو، ونافع مولى ابن عمر. وقال الثوري: إن هذا القول كان يقال ذلك. وقال الأوزاعي: إذا تزوج البكر على الثيب، مكث ثلاثاً، وإذا تزوج الثيب على البكر مكث يومين. وفيه قول ثالث: قاله الحكم، وحماد قالا: هما في القسم سواء، وبه قال أصحاب الرأي.

38 - باب القسم بين الذمية والمسلمة

38 - باب القسم بين الذمية والمسلمة م 2827 - أجمع كل من يحفظ عنه من أهل العلم على أن القسم بين المسلمة والذمية سواء، كذلك قال سعيد بن المسيب، والحسن البصري، والنخعي، والشعبى، والزهري، والحكم، وحماد، ومالك، والثوري، والأوزاعي، والشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. وكذلك نقول، لأنهن حرائر، ولا فرق بينهن في أحكام الأزواج. 39 - باب القسم بين الحرة والأمة م 2828 - روينا عن علي بن أبي طالب أنه قال: إذا تزوج الحر الحرة على الأمة قسم للحرة يومين، وللأمة يوماً. قال أبو بكر: وهذا قول سعيد بن المسيب، ومسروق، وبه قال الشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو عبيد، وأبو ثور. وذكر أبو عبيد أن هذا قول الثوري، والأوزاعي، [2/ 39/ألف] وأهل الرأي. م 2829 - وقال مالك في العبد: عنده الحرة والأمة يعدل بينهما بالسوية. وقال أصحاب الرأي: يقسم بينهما كما يقسم الحر وبه قال أبو ثور. 40 - مسائل من باب القسم بين الضرائر م 2830 - كان الشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي يقولون: في المريض، والصحيح، والعنين، والخصي، والمجبوب في القسم سواء.

م 2831 - وكان الشافعي يقول في المرأة تثقل: لا بأس أن يقيم عندها حتى تخف أو تموت، ثم يوفي من بقي من نسائه مثل ما أقام عندها، وبه قال أبو ثور. وقال أصحاب الرأي: ما مضى هدر، ويستقبل العدل فيما يستقبل. قال أبو بكر: قول الشافعي صحيح. م 2832 - وقال مالك: الصغيرة التي قد جومعت، والكبيرة البالغة سواء، وبه قال أصحاب الرأي. م 2833 - وقال الشافعي: إذا أعطاها مالاً على أن تحلله من يومها وليلها، فالعطية مردودة، ويوفيها حقها. وقال أبو ثور: ذلك جائز. م 2834 - وكان الشافعي يقول: الحائض، والنفساء، والمريضة، والخرساء، والمجنونة التي لا تمتنع، والصحيحة في القسم سواء، وهذا على مذهب مالك. وبه قال أبو ثور وأصحاب الرأي. م 2835 - وكان الشافعي يقول: "إذا أراد أن يقسم ليلتين، ليلتين، أو ثلاثاً، ثلاثاً كان ذلك له وأكره له مجاوزة الثلاث من العدد". قال أبو بكر: لا أرى مجاوزة اليوم، لأني لا أجد حجة احتج بها في الخروج عن جملة السنة إلى غيرها، وليس فيما سنة الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلا استعماله، ولا يجوز الخروج منه بالاستحسان إلى غيره. م 2836 - قال مالك: لا بأس أن يقيم الرجل عند أم ولده اليوم، والثلاث، ولا يقيم الرجل عند الحرة، إلا يوماً من غير أن تكون مضاراً.

41 - باب المرء يشتغل بالعبادة عن حقوق الأهل

م 2837 - وقال الشافعي: في الإماء يأتيهن كيف شاء، فإذا صار إلى النساء عدل بينهن. 41 - باب المرء يشتغل بالعبادة عن حقوق الأهل م 2838 - قال سفيان الثوري: في المرأة تشكو زوجها، أنه لا يأتيها قال: له ثلاثة أيام ولها يوم وليلة، وبه قال أبو ثور. وقال مالك: في الذي يكف عن جماع امرأته غير ضرورة، لا يترك حتى يجامع، أو يفارق على ما أحب أو كره؛ لأنه مضار بهذا. وقال الشافعي: في الجماع لا يفرض عليه منه شيء بعينه، إنما يفرض نفقة، وسكنى، وكسوة، وأن يأوي إليها. قال أبو بكر: أعلى شيء في هذا الباب خبر عمر بن الخطاب، أن كعباً قضى بينهما بأمر [2/ 39/ب] عمر، أن لها من كل أربعة أيام ولياليهن يوماً وليلة، وليس ذلك بمتصل عن عمر؛ لأن الذي رواه الشعبي عنه. 42 - باب قوله: {وان امرأة خافت من بعلها نشوزاً} الآية قال أبو بكر: م 2839 - كان علي بن أبي طالب يقول في هذه الآية: ذلك في الرجل يكون له المرأتان [[فتعجز إحداهما]]، أو تكون دميمة، فيصالحها على أن يأتيها كل ليلتين أو ثلالة، مرة.

43 - جماع أبواب وجوب النفقات

وبنحو منه قال ابن عباس، وقالت. عائشة: هي المرأة لا يحبها زوجها، أو تكون دميمة، فيصالحها ويقول: أنت في حل من شأني. م 2840 - وقد اختلف أهل العلم في المرأة تصالح زوجها على صلح مما ذكرناه، ثم ترجع عنه. فقالت طائفة: لها أن ترجع في ذلك، وعليه أن يوفيها حقها، روي معنى هذا القول عن عطاء، وكذلك قال الثوري، والشافعي، وأحمد. وقال أبو ثور، وأصحاب الرأي: الصلح في ذلك جائز. ولا أحفظ عنهم في الرجوع شيئاً. وقال الثوري: إذا تزوجها على أن لها يوماً، ولفلانة يومين، فالشرط باطل، وكره مالك هذا النكاح، وهذا قول الزهري: أن الصلح بعد الدخول. وفيه قول سواه، قال الحسن البصري: إذا صالح المرأة على صلح من يومها قال: إذا رضيت فليس لها أن ترجع. 43 - جماع أبواب وجوب النفقات قال الله تبارك وتعالى: {قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} الآية. وقال جل ثناؤه: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} الآية.

44 - باب نفقة الموسع عليه ونفقة المقتر

م 2842 - فكان عكرمة يقول: حقها عليه المحبة الحسنة، والكسوة، والرزق بالمعروف، {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} الآية. (ح 1109) وثبت أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - قال في خطبة بعرفة: "ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف". م 2843 - وقد اتفق أهل العلم على وجوب نفقات الزوجات إذا كانوا جميعاً بالغين، إلا [[الناشز]] منهن الممتنعة. فنفقة الزوجة ثابتة في الكتاب، والسنة، والاتفاق. 44 - باب نفقة الموسع عليه ونفقة المقتر (ح 1110) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال لهند بنت عتبة، وقد قالت له: [2/ 40/ألف] إن أبا سفيان رجل شحيح، وليس لي إلا ما يدخل بيتي، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: "خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف". م 2844 - واختلف أهل العلم فيما يفرض للزوجة على زوجها من المكتلة.

فقالت طائفة: ليس في ذلك تحديد إنما ذلك على طاقة الزوج ويساره، وإنما يجتهد الحاكم رأيه عند نزول الأمر، فيفرض ما فيه الكفاية بالقصد. قال مالك: ليس عندنا فيما يفرض على الزوج نفقة معلومة، إذا هو وجدها، حبس بذلك امرأته، أو لم يجدها، فرق بينه وبين امرأته، لا على غني، ولا على مسكين، ولا في المدائن، ولا في القرى، ولا في الآفاق، لغلاء سعر، ولا لرخصه، إنما ذلك عندنا بقدر الموسر والمعسر. وبه قال أبو عبيد؛ لأنه ليس فيه وقت معلوم في كتاب، ولا في سنة، وقال أبو ثور نحواً من قولهما، واحتجوا بقصة هند. وقالت طائفة: يفرض للمقتر مد بمد النبي- صلى الله عليه وسلم - في كل يوم من طعام البلد الذين يقتاتون حنطة كان أو شعيراً، ومكيلة من آدم بلادها زيتاً كان أو سمناً، بقدر ما يكفي ما وصفه من ثلاثين مداً في الشهر، ويفرض لها في دهن ومشط أقل ما يكفيها، وقد قيل: لها في الشهر أربعة أرطال لحم، في كل جمعة رطل. وإن كان زوجها موسعاً فرض لها مدان بمد النبي- صلى الله عليه وسلم -، وفرض لها من الأدم، واللحم ضعف ما وصفته لامرأة المقتر، وكذلك الدهن، والعسل. واحتج في إيجابه المد على المقتر: (ح 1111) بخبر أبي هريرة في الواقع على أهله في رمضان أنه أمر لكل مسكين مد. واحتج في فرضه على الموسع عليه مدين،

45 - باب الكسوة

(ح 1112) بخبر كعب بن عجرة أنه أوجب في فدية الأداء لكل مسكين نصف صاع. قال: والفرض على الوسط الذي ليس بموسع عليه ولا على المقتر. ما بينهما مداً ونصفاً للمرأة، ومداً للخادم. وقال أصحاب الرأي: فريضة النفقة في ذلك على الموسع قدره، وعلى المقتر قدره، وعلى قدر غلاء السعر ورخصه، يقوم ذلك قيمة بالمعروف فان كان معسراً فرض لامرأته من النفقة في كل شهر أربعة دراهم إلى خمسة، أو ما بين ذلك، ولخادمها ثلاثة أو أقل من ذلك قليلاً أو أكثر من ذلك، إنما يفرض على المعسر القوت يقوم الدقيق قيمة ما يكفيها كل يوم (¬1) وما لا بد منه من الآدام، والدهن لها ولخادمها، وذكروا الكسوة. وإن كان الرجل موسراً فالنفقة لامرأته [2/ 40/ ب] ثمانية أو سبعة، أو أقل من ذلك قليلاً أو نحو ذلك، يوسع عليها في الطعام، والآدام، لخادمها ثلاثة أو أربعة، أو أقل من ذلك بقليل. 45 - باب الكسوة قال أبو بكر: (ح 1113) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - وقال: ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف. ¬

_ (¬1) كذا في الأصل وفي "الأوسط" القوت الذي ليس فيه فضل يقوم الدقيق قيمة وما يكفيها كل يوم 238/ب.

46 - باب عدد من يجب على الزوج نفتهم من خدم الزوجة

م 2845 - وقد أجمع أهل العلم على أن للزوجة نفتقها وكسوتها بالمعروف. م 2846 - وقد اختلف أهل العلم فيما يجب أن يكسوها، فقال كثير منهم: يكسو ثياب بلد كذا، ومن كسوة كذا، لبلدان سموها، تركت ذكر ذلك اختصاراً، إذ لا فائدة في كثير مما ذكروه؛ لأن عامة أهل البلدان يقل عندهم ما ذكروه. وأصح ذلك وأعدله، أن لا يحمل أهل البلدان جميعاً على كسوة واحدة، ولكن يؤمر أهل كل بلد بأن يكسو مما يكسيه أهل ذلك البلد بالمعروف بقدر ما يطيقه المأمور به على قدر يساره، وعسره، وعلى قدر الكفاية لها على قدر حالها، وما يكسي مثلها في مثل ذلك البلد. ويجتهد الحاكم في مثل هذا عند نزول الأمر، كما يجتهد في المتعة عند الطلاق التي لم يدخل بها ولم يسم لها مهراً، وكما يوجب الآداب وغير ذلك. والدليل على صحة هذا المذهب في النفقة، والكسوة قول النبي- صلى الله عليه وسلم - لهند: (ح 1114) " خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف". ففي هذا بيان الذي يجب من الكفاية من ذلك كله. 46 - باب عدد من يجب على الزوج نفتهم من خدم الزوجة م 2847 - واختلف أهل العلم فيمن ينفق عليه الزوج من خدم الزوجة. فقالت طائفة: ينفق على خادم واحد، هذا قول مالك، والشافعي، وأصحاب الرأي.

47 - باب الرجل يطالب بنفقة زوجته ولما يدخل عليها [2/ 41/ألف]

وقال الشافعي في التي الأغلب أن لا تخدم نفسها، وقال مالك: إلا أن تكون امرأته لا تصلح لخدمة نفسها، وهو الأكثر من واحدة، فما عليه أن ينفق أكثر من واحدة. قال أبو ثور: إذا كانت امرأة الرجل تحتاج إلى خادمين، لا بد لها منهما، ويحتمل الزوج ذلك، فرض عليه الخادمين. قال أبو بكر: ليس في وجوب نفقة خدم المرأة أصل يعتمد عليه، من حديث يجب قبوله، وإنما هو شيء قاله أهل العلم، فيفرض من ذلك لخادم واحد وهو أقل ما قيل، ويوقف ما زاد على ذلك. 47 - باب الرجل يطالب بنفقة زوجته ولما يدخل عليها [2/ 41/ألف] م 2848 - واختلفوا في الرجل البالغ ينكح المرأة البالغ أو التي يوطأ مثلها، وإن لم تبلغ. فقالت طائفة: إذا كان الحبس من قبله فعليه النفقة، وإن كان من قبلها فلا نفقة لها، هذا قول الحسن، والنخعي، والشعبي، والثوري، ومالك، والشافعي، والكوفي. وقد روينا عن الحسن أنه كان لا يجعل للمرأة على زوجها نفقة حتى يدخل عليها. قال أبو بكر: الأول أصح، لها النفقة إلا أن تكون ممتنعة، فتزول نفقتها ما دامت ناشزة.

48 - باب نفقة الصغيرة التي لا توطأ مثلها

48 - باب نفقة الصغيرة التي لا توطأ مثلها م 2849 - واختلفوا في نفقة الصغيرة التي لا توطأ مثلها. ففالت طائفة: لا نفقة لها، حتى تدرك أو تطيق الرجال، كذلك قال بكر بن عبد الله الأشبح، ومالك بن أنس. وقال الحسن البصري، والنخعي: إذا كان الحبس من قبل المرأة، فلا نفقة للمرأة، وبه قال أحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. وقال الثوري في الصغيرة: عليه النفقة، إذا بلغت أن يدخل بمثل، دخل بها. 49 - باب الصغير يعقد عليه نكاح امرأة كبيرة م 2850 - واختلفوا في الصغير يعقد عليه نكاح امرأة كبيرة، ففي قول محمَّد بن الحسن: عليه النفقة. وقال مالك: لا نفقة لها. وقال الشافعي وهو بالعراق: عليه النفقة، وبه قال أبو ثور. قال أبو بكر: أما البالغ الذي تزوج صغيرة، فعليه نفقة لدخول هذه الزوجة في جملة من فرض لهن النفقة، ولو قال قائل: يفرض على الزوج الصغير النفقة كما يفرض في ماله نفقة والديه، ومماليكه، لكان ذلك ذهباً، والله أعلم. م 2851 - وأجمع عوام أهل العلم على إسقاط نفقة الناشز المانعة نفسها من الزوج، هذا قول الشعبي، وحماد بن أبي سليمان، ومالك، والأوزاعي، والشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي.

50 - باب وجوب نفقة زوجة الغائب وما يؤخد به منه وما لا يؤخذ

ولا أعلم أحداً خالف هؤلاء إلا الحكم، فإنه قال في امرأة خرجت من بيت زوجها عاصية، لها نفقة. قال أبو بكر: الأول أصح. 50 - باب وجوب نفقة زوجة الغائب وما يؤخد به منه وما لا يؤخذ م 2852 - واختلفوا في وجوب نفقة الزوجة على الزوج الغائب أيام غيبته، فثبت أن عمر بن الخطاب كتب إلى أمراء الأجناد في رجال غابوا عن نسائهم، يأمرهم أن ينفقوا عليهن (¬1)، أو يطلقوا فإن طلقوا بعثوا [2/ 41/ب] بنفقة ما مضى، وبه قال الحسن البصري، والشافعي، وأبو ثور، وأحمد، وإسحاق. وقال النعمان: نحن لا نقول ذلك، نقول ليس لها شيء إلا أن يفرضه السلطان. قال أبو بكر: نفقة الزوجة واجبة بالكتاب، والسنة، والاتفاق، ولا يزول ما وجب بالحجج التي ذكرناها إلا بسنة أو اتفاق، ولا نعلم شيئاً يدل على سقوط نفقة الزوجة، إلا الناشز الممتنعة، فنفقة الزوجة واجبة على الزوج غائباً، كان الزوج أو حافراً. 51 - باب الرجل يعجز عن نفقة زوجته م 2853 - واختلفوا في الرجل يعجز عن نفقة زوجته، فتسأله الطلاق. ¬

_ (¬1) في الأصل "عليهم".

فقالت طائفة: يفرق بينهما، كذلك قال مالك، ويحيى القطان، وعبد الرحمن بن مهدي، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو عبيد، وأبو ثور. واحتج محتجهم بقول عمر بن الخطاب أنه كتب إلى أمراء الأجناد، وقد ذكرته فيما مضى. وقد روي ذلك عن أبي هريرة، وسعيد بن المسيب، والحسن. وقالت طائفة: لا يفرق بينهما، كذلك قال عطاء، والزهري، وابن شبرمة، والثوري، والنعمان، وصاحباه. وفي هذا الباب قول ثالث: حكي عن عبيد الله بن الحسن أنه قال: يحبس الرجل بنفقة امرأته حتى ينفق عليها أو يطلقها، ولا آمره بطلاقها إذا عجز، يحبس أبداً. وقد احتج من يقول بالقول الثاني: نكاحها قد انعقد بإجماع، فلا يفرق بينهما إلا بإجماع مثله، أو سنة عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - لا معارض لها، فإن احتج محتج بالعنين، فإنما يفرق بين العنين وبين زوجته بإجماع إذا كان موجوداً، ولو اختلفوا في العنين، لوجب الوقوف عن التفرق بينهما. م 2854 - واختلفوا في السائل يتزوج المرأة، وهي تعلم أن مثله لا يجزي النفقة، فقال مالك: لا أرى لها قولاً بعد ذلك. وقال الشافعي: يفرق بينهما إذا سألت ذلك. واختلفوا في القدر الذي ينظر من لا يجد ما ينفق على أهله، فقال حماد ابن أبي سليمان يؤجل سنة. وروينا عن عمر بن عبد العزيز أنه قال: اضربوا له شهراً أو شهرين، وقال مالك: الشهر ونحوه.

52 - مسائل من أبواب النفقات

وقال الشافعي: لا يؤجل أكثر من ثلاث. م 2856 - وقال مالك: إذا فرق الإمام بينهما تكون تطليقة، وهو أحق بها إن أيسر ما دامت في العدة. وقال الشافعي: تكون فرقة بلا طلاق، [2/ 42/ألف] ولا يملك رجعتها. قال أبو بكر: يكون إنقطاعاً للعصمة من غير طلاق يكون فيه الرجعة. 52 - مسائل من أبواب النفقات م 2857 - كان مالك، والشافعي، وأبو ثور: يرون بيع العروض في نفقة الزوجة، وبه قال يعقوب، ومحمد. وقال النعمان: في حالة النفقة من الدنانير، والدراهم، ولكنه لا يبيع من عروضه شيئا، إلا برضى منه وتسليم. قال أبو بكر: القول الأول أصح. م 2858 - وكان يحيى بن آدم، والشافعي يقولان: يجري عليها النفقة من مال الزوج يوماً بيوم، وقد روينا عن الشعبي أنه فرض لامرأة في قوتها عشر صاعاً بالحجازي (¬1) ودرهمين، لدهنها وحاجتها في كل شهر. وقال أصحاب الرأي: يفرض لامرأة المقتر في كل شهر كذا. قال أبو بكر: لو جاز أن يفرض لشهر، وتقبض في أول الشهر، لجاز أن يفرض لسنة وتقبضه في أول السنة، وأصح من ذلك أن ينفق يوماً بيوم. ¬

_ (¬1) التصحيح من الأوسط238/ألف وكان في الأصل "بالحجاجي".

قال أبو بكر: م 2859 - ولو دخلت امرأة الرجل عليه، ومرضت مرضاً شديداً لا تقدر معه على إتيانها، كانت عليه نفقتها، وهذا قول الشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي. م 2860 - وإذا قالت امرأة الرجل: هو موسر فافرضوا عليه على قدر ذلك، وقال هو: بل أنا معسر، فالقول قوله مع يمينه، فإن أقامت المرأة البينة على ما تدعي، أخذ بينتها، وهذا على قول الشافعي، وبه قال أبو ثور، وأصحاب الرأي. م 2861 - وإذا كان للرجل على المرأة ديناً، فقال: احبسوا نفقتها مما لي عليها، وجب ذلك، وقاضها به في قول أصحاب الرأي. وقال أبو ثور: فيها قولان: أحدهما قال أصحاب الرأي. والثاني: إن عليه تركها إلا أن توسر. قال أبو بكر: أصح القولين أن يؤخر بما عليها، إذا كانت معدمة لقول الله تبارك وتعالى: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} الآية. م 2862 - وإذا كان على الزوج صداق، ونفقة، فدفع شيئاً، واختلفا فيما دفع، فقال الزوج: من المهر، فقالت: بل من النفقة، فالقول قول الزوج مع يمينه في قول الشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي. وبه نقول.

53 - باب اختلاف الزوجين في النفقة

53 - باب اختلاف الزوجين في النفقة م 2863 - واختلفوا في الزوج والمرأة يختلفان في النفقة، فقال الزوج: قد دفعت إليها نفقتها، وقالت المرأة لم يدفع إلي، فقال الشافعي، وأبو ثور: القول قولها مع يمينها، وعليه النفقة كسائر الحقوق، ولا يبرأ من عليه حق مما عليه حتى يقر الذي له عليه الحق، أو تقوم بينة على قبضه. وقال أصحاب الرأي: إذا اختلفا فقال الزوج: قضى على [2/ 42/ب] القاضي منذ شهر إنما لك نفقة شهر، وقالت المرأة: بل قضى لي بنفقة بثلاثة أشهر، فإن القول في ذلك قول الزوج مع يمينه، وعلى المرأة البينة. وقال مالك: إذا اختلفا فالقول قول الزوج، إذا كان مقيماً معها، وإن كان غائباً فالقول قولها من يوم رفعت أمرها إلى السلطان. قال أبو بكر: القول هذه الأقوال قول المرأة مع يمينها، وكل من علم قبله حق، فليس يبرأ منه إلا ببينة تشهد له، أو بإقرار من الذي له الحق بالبرأة لمصاحبته. قال أبو بكر: م 2864 - وإذا بعث الرجل إليها بثوب فقال الرجل: هو من الكسوة وقالت: "بل هو هبة، فالقول قول الزوج مع يمينه قول الشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي. وكذلك نقول. م 2865 - واختلفوا في المرأة ينفق علي من مات زوجها، ثم يعلم أنه كان قد مات قبل ذلك.

مسألة

فقال أبو العالية، وأبو قلابة، ومحمد بن سيرين: ما أنفقت، من نصيبها" وهذا على مذهب الشافعي. وبه نقول. وهذا بمنزلة رجل أكل طعاماً ظن أنه له، فعلم بعد، أنه كان لغيره. وفيه قول ثان: وهو أن ذلك لها بما حبست نفسها عليه، هذا قول الحسن البصري، والنخعي". مسألة م 2866 - واختلفوا في وجوب النفقة على العبد لامرأته المطلقة الحامل، فأوجبت طائفة عليه النفقة على ظاهر قوله تبارك وتعالى: {وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} الآية. هذا قول الأوزاعي، والشافعي. وقال أحمد في رجل طلاق امرأته ثلاثاً، وهي مملوكة حامل، أن عليه نفقتها، وبه قال إسحاق، ولم يذكر حراً ولا عبداً. وقال مالك بن أنس: لا نفقة عليه، وكذلك روى عن الشعبي. 54 - باب نفقة العبيد م 2867 - وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن على العبد نفقة زوجته. هذا قول الشافعي، ومالك، والشعبي. وقال أصحاب الرأي: تجب نفقتها عليه أن يكون بوأها بيتاً.

55 - باب الذمية تكون تحت المسلم

م 2868 - وفي قول أصحاب الرأي: إذا اجتمع عليه نفقتها، ولم يكن معه، بيع فيه، أو يؤدي عنه سيده. وفي قول الشافعي: لا يباع فيه، وإن شاءت الزوجة أقامت بعد إذ يجد ما ينفق، وإن شاءت اختارت فراقه. والخيار في الحرة إليها، والخيار في الأمة إلى سيدها. 55 - باب الذمية تكون تحت المسلم قال أبو بكر: م 2869 - إذا كانت الذمية [2/ 43/ألف]، تحت المسلم كان حكمها في نفسها، وكسوتها، وسائر ما يجب لها من حقوق الأزواج، حكم المسلمة حرة في قول مالك، والشافعي، وأصحاب الرأي. قال أبو بكر: م 2870 - وإذا تحاكم أهل الذمة إلينا، حكمنا بينهم كحكمنا بين المسلمين، هذا قول الشافعي، وأبي ثور. وقال الله تبارك وتعالى: {وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ} الآية. 56 - باب نفقة الوالدين (ح 1115) ثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه، وأن ولده من كسبه"

57 - باب وجوب نفقة الولد

م 2871 - وأجمع أهل العلم على أن نفقة الوالدين الفقيرين اللذين لا كسب لهما، ولا مال، واجبة مال الولد. كذلك قال مالك، والثوري، والحسن بن صالح، والشافعي، والنعمان وأصحابه، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور. غير أن الشافعي قال: إذا كانا ذميين، ولم يذكر ذلك أحد غيره. م 2872 - واختلفوا في وجوب نفقة الجد في مال ولد الولد، ففي قول الشافعي، والثوري، وأصحاب الرأي: تجب نفقتة على ولد ولده، إذا كانا في حال من يجب لمثله النفقة. ولا يجب ذلك في قول مالك. وقال أحمد: يجبر الرجل على نفقة أبيه، وامرأته. 57 - باب وجوب نفقة الولد (ح 1116) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال لهند بنت عتبة، وقد قالت له: إن أبا سفيان رجل شحيح، وأنه لا يعطيني وولدي ما يكفيني إلا ما أخذت منه سراً وهو لا يعلم، قال النبي- صلى الله عليه وسلم -: "خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف". م 2873 - وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن على المرء نفقة أولاده الأطفال الذين لا مال لهم. م 2874 - واختلفوا في وجوب نفقة البالغ الذي لا مال له منهم ولا كسب يستغني به.

فقالت طائفة: على الأب، أن ينفق على ولده، ولد الصلب الذكور حتى يحتلموا (¬1). فإذا احتلموا لم يلزمه نفقتهم، والنساء حتى يتزوجن، ويدخل بهن أزواجهن، إذا دخل بها زوجها فلا نفقة بها، وإن طلقها بعد البناء، أو مات عنها فلا نفقة لها على أمها، فإن طلقها قبل البناء فهي على نفقتها، ولا نفقة لولد الولد على جدهم، هذا قول مالك. وقالت طائفة: وينفق على ولده حتى يبلغوا المحيض، والحلم، ثم لا نفقة لهم عليه إلا أن يكونوا زمنى فينفق عليهم، الذكر والأنثى فيه سواء، ما لم يكن لهم أموال، [2/ 43/ب] وسوى في ذلك ولده، وولد ولده وإن سلفوا، ما لم يكن لهم أب دونه يقدر على أن ينفق عليهم. وإذا زمن الأب والأم انفق عليهما الولد، وكذلك الأجداد، هذا قول الشافعي. وقالت طائفة: يفرض عليه نفقة ولده الصغار، والنساء، والرجال الزمنى، فأما الذين لا زمانة بهم من الرجال، فإنه لا يفرض لهم نفقة، ومن كان منهم رجل به زمانة أو امرأة غير زمنة دفعت نفقته إليه، هذا قول أصحاب الرأي. وأوجبت طائفة النفقة لجميع أولاده البالغين، الأطفال من الرجال والنساء، إذا لم يكن لهم أموال يستغنون بها عن نفقة الوالد، على ظاهر قول رسول الله- صلى الله عليه وسلم - لهند: "خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف". ولم يستثن ولداً بالغاً دون الطفل، ¬

_ (¬1) في الأصل "حتى يحتلم".

58 - باب وجوب النفقات على ذوي الأرحام لليتيم الذي لا مال له

فإن أجمع أهل العلم على إسقاط النفقة على أهل اليسار منهم، سقط بذلك نفقتهم، وكل مختلف فيه، فمردود إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم -. 58 - باب وجوب النفقات على ذوي الأرحام لليتيم الذي لا مال له م 2875 - أجمع عامة أهل العلم على أن نفقة الصبي، وأجر رضاعه إذا توفي والده، وله مال، أن ذلك في ماله، كذلك قال الحسن البصري، وعبد الله بن معقل، وعبد الله بن عتبة، وشريح، وعطاء بن أبي رباح، وقبيصة بن ذؤيب، والنخعي. وبه قال الزهري، وأبو الزناد، وربيعة، ومالك، والشافعي، وأصحاب الرأي. وروي عن حماد بن أبي سليمان أنه قال: يخرج رضاع الصبي من جميع المال، ثم يقسم له نصيبه مما بقي، جعله بمنزلة الدين. وروي عن النخعي أنه قال: إن كان المال قليلاً فمن نصيبه، وإن كان كثيراً فمن جميع المال. م 2876 - واختلفوا في الصبي الرفع الذي لا أب ولا جد له. فقالت طائفة: نفقته وأجور رضاعه على كل ذي رحم محرم، هذا قول أصحاب الرأي. وقد روينا عن عمر بن الخطاب أنه حبس عصبة حتى ينفقوا على صبي، الرجال دون النساء. وبه قال الأوزاعي، وأحمد، وإسحاق وقالوا: إن لم يكن له عصبة ففي بيت المال.

مسألة

وقالت طائفة: يجبر على نفقته كل وارث، هذا قول الحسن البصري، ومجاهد، والنخعي، وقتادة، والحسن بن صالح، وابن أبي ليلى، وأبي ثور. وفي قول مالك: تكون النفقة على الأب، وليس ذلك على الجد، ويجبر الولد على نفقة والديه الأدنين خاصة، ولا يجبر على نفقة جده، ولا جدته، ولا يجبر على ولد ولده. وكان الشافعي يقول: يجبر الرجل على نفقة ولده وولد ولده وإن سلفوا من [2/ 44/ألف] البنين والبنات، ويجبر الرجل على نفقة والديه، وأجداده، وجداته وإن بعدوا، ولا يجبر على نفقة غير هؤلاء. والذي به أقول، إيجاب النفقة للوالدين، والولد، دون سائر القرابات. مسألة م 2877 - كان الشافعي يوجب على الذمي نفقة زوجته الذمية إذا أسلمت وهي حامل، حتى تضع حملها، وأجر الرضاع (¬1). وبه قال أبو ثور، وأصحاب الرأي. 59 - باب وجوب الرضاع على المرأة ذات الزوج لولدها منه م 2878 - واختلفوا في المرأة ذات الزوج تأبى أن ترضع ولدها منه. فقالت طائفة: تجبر على رضاعه ما كانت امرأته، هذا قول مالك، وابن أبي ليلى، والحسن بن صالح، وأبي ثور. ¬

_ (¬1) كذا في الأصل، وفي الأوسط 242/ب "وأجر الرضاع بعد وضع الحمل"

60 - باب جماع أبواب حقوق الزوجين إذا افترقا وتنازعا الولد

وفيه قول ثان (¬1): وهو أن ليس عليها أن ترضع ولدها منه، هذا قول أصحاب الرأي، وبه قال الثوري. وقد حكي عن مالك أنه فرق بين ذات اليسار، وذات الشرف، وبين غيرها، فجعل على الأب إذا كانت هكذا. 60 - باب جماع أبواب حقوق الزوجين إذا افترقا وتنازعا الولد م 2879 - أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن الزوجين إذا افترقا ولهما ولد طفل، أن الأم أحق به ما لم تنكح. وممن حفظنا ذلك عنه يحيى الأنصاري، والزهري، ومالك، والثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. وبه نقول. وقد روينا عن أبي بكر الصديق أنه حكم على عمر بن الخطاب وقضى بعاصم لأمه أم عاصم. وقال حجرها، وريحها، ومسها خير له منك حتى يشب فتختار. م 2880 - وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن لا حق للأم في الولد إذا تزوجت. (ح 117) وقد روينا عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "هي أحق بالولد ما لم تتزوج". ¬

_ (¬1) في الأصل "ثالث".

61 - باب تخيير الغلام بين الأبوين

61 - باب تخيير الغلام بين الأبوين م 2881 - واختلفوا في الوقت الذي غير فيه الولد بين الأبوين. فقالت طائفة: الأم أحق بالجواري حتى ينكحن ويدخل بهن، وإن حضن، وأما الغلمان فهي أحق بهم حتى يحتلموا، وإذا بلغوا الأدب أدبهم الأب عند أمهم، هذا قول مالك. وقالت طائفة: يخير إذا صار ابن سبع سنين أو ثمان سنين، هكذا قال الشافعي. قال إسحاق: يخير ابن سبع، [2/ 44/ب] وهو حسن، وقال أحمد: يخير إذا كبر. وقال أبو ثور: إذا أكل وحده، ولبس وحده، وتوضأ وحده، خير، وبه قال أصحاب الرأي. (ح 1118) وقد روينا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه خير غلاماً بين أبويه. 62 - باب الأبوين تختلف داراهما م 2882 - واختلفوا في الأبوين تختلف داراهما، أو العصبة، والأم، فكان شريح يقول: الصبية مع أمهم ما كانت الدار واحدة، فإذا افترقت الدار فالأولياء أحق. وبه قال الشافعي. وفيه قول ثان: وهو أن كانت رحلة نقلة، قيل للأم: إن شئت فابتغي دارك، وإن شئت فأنت أعلم، وإن كان أصل النكاح في ذلك

63 - باب تنازع القرابات في الولد

البلد، فأرادت المرأة أن تشخص ولدها من ذلك المصر، فأبوهم أحق بهم، وإن كان أصل النكاح في غيره، فأرادت المرأة أن تشخص بولدها، إلى ذلك المصر الذي كان فيه أصل النكاح، كان أمهم أحق بهم، هذا قول أصحاب الرأي. قال أبو بكر: م 2883 - وإذا خرجت الأم من البلد الذي فيه ولدها، ثم رجعت إليهم، فهي أحق بولدها في قول الشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي. وكذلك لو تزوجت ثم طلقت، أو توفي عنها زوجها، رجعت في حقها من الولد. 63 - باب تنازع القرابات في الولد م 2884 - أجمع مالك، والشافعي، وأبو ثور، والنعمان على أن الرجل إذا طلق امرأته ولها منه أولاد صغار، أنها أحق بولدها، ما داموا صغاراً، فإن تزوجت فإنها أحق بهم إن كان لها أم. م 2885 - واختلفوا فيه إذا لم يكن لها أم، وكانت لهم جدة هي أم الأب، فقال مالك: أم الأب أحق إذا لم تكن للصبي خالة. وقال ابن القاسم: قال مالك وبلغني ذلك عنه أنه قال: الحالة أولى من الجدة أو الأب. وفيه قول الشافعي، والنعمان: أم الأب أحق من الخالة. وفي قول مالك: الجدة من الأب أولى من الأخت، والأخت أولى من العمة، والعمة أولى ممن بعدها، والأب أولى من الأخت، والعمة، والجدة، والخالة أولى من الأب.

م 2886 - وقال الشافعي: "وإذا جتمعت (¬1) القرابة من وتنازعن (¬2) في الولد، فالأم [حق] ثم أمها، ثم أمهات أمها وإن بعدن، ثم الجدة أم الأب، ثم أمها وأمهاتها، ثم الجدة أم أب الأب، ثم أمها وأمهاتها، ثم الأخت للأب والأم، ثم الأخت للأب، ثم الأخت للأم، ثم الخالة، ثم العمة". ولا ولاية لأم، أي [2/ 45/ألف] الأم؛ لأن قرابتها بأب لأيام، ولا حق لأحد مع الأب غير الأم وأمهاتها. فأما أخواتها وغيرهن فإنما يكون حقهن بالأب. ولا يكون لهن حق معه وهن يدلين به. م 2887 - والجد أب الأب يقوم مقام الأب إذا لم يكن أب، وكذلك أبو الأب، وكذلك العم، وابن العم، وابن عم الأب، والعصبة يقومون مقام الأب، ما لم يكن أحد أقرب منهم مع الأم وغيرها من أمهاتها. وقال أبو ثور: لما أجمعوا أنه مع الأم، فإن ماتت الأم فهو مع أقرب الناس من الأم، ولا يكون لأحد من قبل الأب حق فيه، حتى لا يبقى من قبل الأم أحد، ثم يصير إلى الأب فيكون من كان أقرب إلى الأب من النساء، كان أولى الأقرب فالأقرب، وكذلك الرجال. وإذا اجتمعت الجدة أم الأب والخالة، والعمة، والأخت للأب والأم، فالأخت للأب والأم أولى به، وذلك أنها أقرب إلى الأم، فإن لم تكن فالأخت للأم، فإن لم تكن فالخالة أولى بهم، فإن لم تكن فالأخت للأب أحق بهم؛ لأنها أقرب، فإن ماتت فالجدة ¬

_ (¬1) في الأصل "اجتمع" وكذا في الأم. (¬2) في الأصل "تنازعوا".

64 - مسائل

من قبل الأب، فإن تزوجت ولم يكن الزوج جد الصبي، فالعمة أحق بهم. وقال النعمان: الأم أحق ثم أم الأم، ثم أم الأب، ثم الخالة، ثم العمة، والأم والجدة التي من قبل الأم، والجدة التي من قبل الأب أحق بالغلام حتى يستغني، وأحق بالجارية حتى تحيض، والنعمة والخالة أحق بالجارية، والغلام حتى يستغنيا. مسائل م 2888 - واختلفوا في الزوجين يفترقان بطلاق والزوجة ذميه. فقالت طائفة: لا فرق بين الذمية، والمسلمة، وهي أحق بولدها هذا قول أبي ثور، وأصحاب الرأي، وابن القاسم صاحب مالك. وقد روينا حديثاً مرفوعاً موافقاً لهذا القول، وفي إسناده مقال. وفيه قول ثان: وهو أن الولد مع المسلم منهما، هذا قول مالك، وسوار، وعبيد الله بن الحسن. وحكي ذلك عن الشافعي. م 2889 - واختلف مالك، والشافعي في الأم إذا نكحت، ففي قول مالك: ينقطع حقها من الولد، إذا دخل بها زوجها. وفي قول الشافعي: إذا نكحت فقد انقطع حقها. م 2890 - واختلفوا في الزوجين يفترقان أحدهما حر والآخر مملوك. فقالت طائفة: الحر أولى، هذا قول عطاء، والثوري، والشافعي، وأصحاب الرأي.

65 - مسائل

وقال مالك في الأب إذا كان حراً وله ولد حر، والأم مملوكة: إن الأم أحق به، إلا أن تباع فتنقل، فيكون الأب أحق به. م 2891 - واختلفوا في الولد البالغ رجلاً كان أو المرأة، [2/ 45/ب] يريد الوالد ضمهما إليه ويأبى الولد. فكان أبو ثور يقول: إذا كانا مؤمنين فهما أحق بأنفسهما، وحكي ذلك عن الشافعي. وقال مالك في المرأة إذا زوجها أبوها، وبنى بها زوجها، فهي أحق بنفسها. وقال أصحاب الرأى: كنحو من قول أبي ثور في الثيب، قالوا: فإن كانت بكراً مأمونة كانت أو غير مأمونة، فلأبيها ضمها إليه، قالوا: والغلام إذا احتلم، فلا سبيل للوالد عليه، فإن كان غير مأمون، فللأب أن يضمه إليه، وان يؤويه. مسائل م 2892 - واختلفوا في الرجل يخطب إلى القوم، لرجل ذكره، فأنكر المخطوب له ذلك. فقال الزهري، وقتادة: على الخطاب نصف الصداق، وقال النعمان كذلك. وقال محمد: على الرسول المهر كاملاً. وفيه قول ثان: وهو أن ليس على الخاطب شيء إلا أن يضمن، هذا قول مالك، والثوري، والشافعي.

66 - باب وقت الدخول على النساء

وقال أبو ثور: على الرسول نصف الصداق، ويقال لذلك: طلق، وقال يعقوب، ومحمد: إذا جعل عليه اليمين، فإذا حلف فلا سبيل عليه. م 2893 - وقال أبو ثور: وإذا خطب الرجل على رجل غائب لم يأمره، وزوجته المرأة على نفسها، أو زوجها أبوها، فالنكاح باطل، لا يجوز، أجازه المزوج، أو لم يجزه، وهذا على مذهب الشافعي. وبه أقول. وقال أصحاب الرأي: إذا بلغه فأجاز، فالنكاح جائز. م 2894 - وإذا وكل رجل رجلاً أن يزوجه بامرأة، ووكلته المرأة أيضاً، جاز أن يزوجهما في قول أبي ثور، ويشهد على ذلك. وحكى أبو ثور ذلك عن الكوفي. قال أبو بكر: وهذا لا يجوز في قول الشافعي. 66 - باب وقت الدخول على النساء (ح 1119) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - تزوج عائشة وهي بنت سبع سنين، وبني بها وهي بنت تسع سنين. م 2895 - واختلف أهل العلم في هذه المسألة، فكان أحمد، وأبو عبيد يقولان بظاهر هذا الحديث، وبه قال النعمان. قال: غير أنا نقول: إن بلغتها ثم لم يكن لها من الجسم والقوة ما تحمل الرجل، كان لأهلها منعها منه، وإذا لم تكن بلغت التسع، ولها من الجسم والقوة ما تحتمل الرجل، لم يكن لهم أن يمنعوها منه.

67 - باب العزل

وقال الشافعي: إذا كانت الزوجة جسيمة تحمل مثلها أن تجامع، يعني خلى بينه [2/ 46/ألف] وبينها، وإن كانت لا تحمل ذلك، فلأهلها منعها حتى تحمل الجماع. 67 - باب العزل م 2896 - اختلف أهل العلم في الرجل تكون له الجارية، يعزل عنها، فرخص فيه جماعة من أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم -. وممن روينا عنه أنه رخص في ذلك، علي بن أبي طالب، وسعد ابن أبي وقاص، وأبو أيوب الأنصاري، وزيد بن ثابت، وابن عباس، وجابر بن عبد الله، والحسن بن علي، وخباب بن الأرت، وسعيد بن المسيب، وطاووس. وروينا عن أبي بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وعلي ابن أبي طالب، وابن مسعود، وابن عمر أنهم كرهوا ذلك. قال أبو بكر: العزل عن الأمة مباح مطلق: (ح 1120) للثابت عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أنه قال لرجل كانت له جارية: "اعتزل عنها، إن شئت، فإنه سيأتيها ما قدر لها". م 2897 - واختلفوا في العزل عن الحرة، والأمة يإذنهما وغير إذنهما، فروينا عن ابن عباس أنه قال: تستأمر الحرة في العزل، ولا تستأمره السرية، وإن كانت أمة تحت حر، استأمرها كما استأمر الحرة.

68 - باب إتيان النساء أدبارهن

وممن روينا عنه أنه قال تستأمر الحرة، ابن مسعود، وعطاء، والنخعي. وقال مالك: لا يعزل عن الحرة إلا بإذنها، ويعزل عن الأمة إذا كانت زوجة، ويعزل عن الأمة إذا كانت زوج بإذن أهلها، ويعزل عن أمته بغير إذن، وبه قال أحمد في الحرة، وفي الأمة إذا لم تكن زوجته. وقال النعمان في الأمة الزوجة: الإذن فيه إلى الولي. قال أبو بكر: يكره أن يعزل عن الحرة إلا بإذنها. 68 - باب إتيان النساء أدبارهن قال أبو بكر: (ح 1121) في حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "إن الله لا يستحي من الحق، لا تأتوا النساء في أدبارهن". م 2898 - وقد روينا عن ابن عباس أنه قال في قوله عز وجل: {فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} الأية، يعني الحرث في الفرج، يقول: تأتيها كيف شئت مقبلة أو مدبرة، على أي ذلك أردت، بعد أن لا تجاوز الفرج إلى غيره، قال: وهو قوله: {مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ} الآية.

69 - باب الاستمناء

وقال عكرمة، وسعيد بن جبير، ومجاهد: هذا المعنى، وقال مجاهد: إتيان المرأة في دبرها بمنزلة إتيان الرجل بالرجل. وروي عن طاووس أنه قال: كان بدء عمل قوم لوط، فعل الرجال بالنساء. وكان الشافعي يحرم دلك. وقد روينا عن ابن عمر في هذه المسألة [2/ 46/ب] روايتان. إحداهما في قوله: {أَنَّى شِئْتُمْ} من حيث شئتم في الفرج. وروينا عنه غير ذلك. واختلفت الحكايات فيها عن مالك. وإذا ثبت الشيء عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، استغنى به عما سواه. 69 - باب الاستمناء قال أبو بكر: م 2899 - واختلفوا في الاستمناء، فحرمت ذلك طائفة، وممن حرمه الشافعي. واحتج بقوله عز وجل: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ} إلى قوله {فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ} الآية. قال: ولا يحل العمل بالذكر، إلا في زوجة أو ملك يمين.

وبلغني عن مالك أنه سئل عن هذه المسألة، فتلا هذه الآية. وروي عن ابن عمر، وعكرمة، أنهما قالا: ذلك فاعل بنفسه. وعن ابن عباس أنه قال: نكاح الأمة خير منه، وهو خير من الزنا. وكان الحسن يكره ذلك، ورخص فيه عمرو ابن دينار. قال أبو بكر: بقول الشافعي نقول، للحجة التي ذكرها.

53 - كتاب الطلاق

53 - كتاب الطلاق 1 - باب مبلغ الطلاق أخبرنا أبو بكر محمد (¬1) بن إبراهيم بن المنذر قال: (ح 1122) روينا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن رجلاً قال له: أرأيت قول الله جل ثناءه: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} الآية فأين الثالثة؟ قال: التسريح بإحسان، الثالثة. 2 - باب إباحة الطلاق قال أبو بكر: م 2900 - أباح الله الطلاق في كتابه فقال: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} الآية. (ح 1123) وثبت أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - قال لعمر، حين سألة عن طلاق ابن عمر قال: "فإذا طهرت فليطقها إن شاء". ¬

_ (¬1) في الأصل "أحمد بن إبراهيم" وهو خطأ.

3 - باب وقت الطلاق للعدة التي أمر الله عز وجل به

فدل الكتاب والسنة على أن الطلاق مباح غير محظور، ودل طلاق النبي- صلى الله عليه وسلم - حفصة على مثل ذلك. (ح 1124) روينا عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه طلق حفصة، ثم راجعها. وقد روينا أخباراً كثيرة تدل على إباحة الطلاق، وليس في النهي عن الطلاق، ولا في المنع منه خبر يثبت. 3 - باب وقت الطلاق للعدة التي أمر الله عَزَّ وَجَلَّ به قال الله جل ذكره: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} الآية. (ح 1125) وثبت أن ابن عمر طلق امرأته على عهد رسول الله- صلى الله عليه وسلم -[2/ 47/ألف]- صلى الله عليه وسلم - وهي حائض تطليقة واحدة، واستفتى عمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فأمره أن يراجعها، ثم يمسكها حتى تطهر، ثم يمهلها حتى تحيض [[عنده]] حيضة، ثم يمهلها حتى تطهر، فإذا أراد أن يطلق فليطلقها من قبل أن يجامعها. فتلك العدة التي أمر الله أن يطلق بها النساء. قال أبو بكر: م 2901 - وممن راى من أهل العلم أن الطلاق للسنة، أن يطلقها طاهراً في [[قبل]] عدتها، ابن مسعود، وابن عباس، وسعيد بن المسيب، وعطاء

4 - باب الطلاق الذي يكون مطلقه مصيبا للسنة

وطاووس، وعمرو بن دينار، وقتادة، وربيعة، ومالك بن أنس، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو عبيد، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. وكذلك نقول، والحجة فيه ظاهر كتاب الله، والأخبار الثابتة عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -، وما لا يعلم أهل العلم يختلفون فيه. 4 - باب الطلاق الذي يكون مطلقه مصيباً للسنة م 2902 - أجمع أهل العلم على من طلق زوجته طلقة واحدة، وهي طاهرة من حيضة لم يطلقها فيها، ولم يكن جامعها في ذلك الطهر، أنه مصيب للسنة، وان له الرجعة إذا كانت الزوجة مدخولاً بها ما لم تنقض العدة، فإذا انقضت العدة فهو خاطب من الخطاب. م 2903 - واختلفوا فيمن كان أراد أن يطلقها في هذه الحال ثلاثاً، فقال أكثر أهل العلم: الطلاق الذي يكون مطلقه مصيباً للسنة أن يطلق إذا كانت مدخولاً بها طلاقاً يملك فيه الرجعة. واحتج محتجهم بظاهر قوله: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} إلى قوله: {لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} الآية قال: فأي أمر يحدث بعد الثلاث؟ قال: ومن طلق ثلاثاً فما جعل الله له مخرجاً، ولا من أمره يسراً، قال: وهو طلاق السنة الذي أجمع أهل العلم عليه أنه للسنة، قال: فأما ما زاد على ذلك مما لا رجعة لمطلقة عليها، فليس للسنة إذا كانت

5 - باب طلاق الحامل للعدة والوقت فيه

من طلق ثلاثاً، لا يجوز أن يحدث له بعد ذلك أمراً، فمن فعل ذلك، فقد خالف ما أمر الله به وما سنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقد أمر الله أن يطلق للعدة، فإذا طلق ثلاثاً، فأي عدة تحصى؟ وأي أمر يحدث؟ وذلك خلاف ما أمر الله. وقد روينا عن عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وابن مسعود، وابن عباس، وابن عمر ما يدل على [2/ 47/ب] ما قلناه، ولم يخالفهم مثلهم، ولو لم يكن في ذلك إلا ما قالوه، لكان في ذلك كفاية. وقد كان الشافعي، وأبو ثور يقولان: له أن يطلق ثلاثاً. 5 - باب طلاق الحامل للعدة والوقت فيه م 2904 - واختلفوا في وقت طلاق الحامل، فقال أكثر من نحفظ عنه منهم: يطلقها متى شاء، روي هذا القول عن الحسن، وابن سيرين، وطاووس، وحماد بن أبي سليمان. وبه قال مالك، وربيعة، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو عبيد، وأبو ثور. وقال النعمان، ويعقوب: إن شاء طلقها أخرى بعد ما مضى شهر بين التطليقة الأولى، ثم يطلقها تطليقة أخرى بعدما مضى شهر آخر، فقد بانت منه بثلاث، وأجلها أن تضع حملها. وفي قول محمد: طلاق الحامل للسنة تطليقة واحدة، لا يقع عليها وهي حامل أكثر من واحدة للسنة، ثم يدعها حتى تضع حملها، وهذا قول زفر.

6 - باب طلاق اللواتي يئسن من المحيض واللواتي لم يحضن

وفي هذه المسألة ثلاثة أقاويل سوى ما ذكرناه. أحدها: أنها تطلق عند الأهلة، هذا قول الشعبي، وقتادة. والقول الثاني: كراهية أن تطلق وهي حامل، روي ذلك عن الحسن. والقول الثالث: قاله الأوزاعي قال: طلاق الحامل للسنة أن يطلقها في أول حملها، كراهية أن تطول عليها العدة. قال أبو بكر: وبالقول الأول أقول. (ح 1126) لحديث النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه قال في طلاق ابن عمر، قال ابن عمر: [[مره]] فليراجعها، ثم يطلقها، وهي طاهر أو حامل. 6 - باب طلاق اللواتي يئسن من المحيض واللواتي لم يحضن م 2905 - واختلفوا في وقت طلاق اللاتي يئسن من المحيض، واللاتي لم يحضن. فقالت طائفة: طلقتان عند الأهلة، روي هذا القول عن عمر بن عبد العزيز، والشعبي، ومكحول، والزهري. وفي قول أصحاب الرأي يطلقها في أي الشهر شاء. وقال أبو ثور: يتركها شهراً لا يطأها، وإذا انقضى الشهر، أوقع عليها من الطلاق ما شاء. وفي قول مالك، والشافعي: يطلقها متى شاء ما شاء، غير أن مالكاً قال: لا يبتعها طلاقاً حتى تحل، وفي قول الشافعي: جائز أن يتبع طلاقاً في أثر طلاق حتى تنقضي العدة. قال أبو بكر: يطلقها طلقة [2/ 48/ألف] واحدة متى شاء.

7 - باب الطلاق لغير العدة وما يلزم المطلق منه

7 - باب الطلاق لغير العدة وما يلزم المطلق منه قال أبو بكر: م 2906 - طلق ابن عمر امرأته حائضاً، فاحتسب بالتطليقة. وممن مذهبه أن الحائض يقع بها الطلاق، الحسن البصري، وعطاء ابن أبي رباح، وبه قال مالك، والثوري، وأصحاب الرأي، والأوزاعي، والليث بن سعد، والشافعي، وأبو ثور، وكل من نحفظ عنه من أهل العلم، إلا ناساً من أهل البدع لا يقتدى بهم (¬1). جماع أبواب الطلق المبتوت فيه وما فيه من الأحكام 8 - باب طلاق الثلاث قبل الدخول بالمرأة م 2907 - أجمع أهل العلم على أن من طلق زوجته في أن يدخل بها تطليقة، أنها قد بانت منه، ولا تحل له إلا بنكاح جديد، ولا عدة له عليها. م 2908 - واختلفوا في الرجل يطلق غير الدخول بها ثلالاً بلفظه واحدة. فقالت طائفة: لا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره، كذلك قال ابن عباس، وأبو هريرة، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وعبد الله ابن عمر، وأنس بن مالك، وابن مسعود. وبه قال سعيد بن المسيب، وابن سيرين، وابن معقل، وعكرمة، والنخعي، والشعبي، وسعيد بن جبير، والحكم، ومالك، ¬

_ (¬1) وفي الحاشية: "بقولهم".

9 - باب افتراق الطلاق الثلاث قبل الدخول

وابن أبي ليلى، والثوري، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. وروي ذلك عن علي، وزيد. قال أبو بكر: وبه نقول. وكان سعيد بن جبر، وطاووس، وأبو الشعثاء، وعطاء، وعمرو بن دينار يقولون: من طلق البكر ثلاثاً فهي واحدة. واختلفت الأخبار عن ابن عباس، فروى طاووس عنه أنه قال: كان الطلاق على عهد رسول الله- صلى الله عليه وسلم -، وأبي بكر، وسنتين من خلافة عمر، طلاق الثلاث واحدة. وروى سعيد بن جبير، ومجاهد، وعطاء، ومالك بن الحارث عن ابن عباس خلاف رواية طاووس عنه. 9 - باب افتراق الطلاق الثلاث قبل الدخول م 2909 - واختلفوا في الرجل يقول لامرأته التي لم يدخل بها: أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق. فقالت طائفة: تبين بالأولى واللتان اتبعتا (¬1) ليستا بشيء. روينا هذا القول عن [2/ 48/ب] النخعي، وأبي بكر بن عبد الرحمن ابن الحارث، وعكرمة، وحماد بن أبي سليمان، والحكم، وذكره الحكم عن علي، وابن مسعود، وزيد. وبه قال سفيان الثوري، والشافعي، وأحمد، وأبو عبيد، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. ¬

_ (¬1) في الأصل "اتبع".

10 - باب الطلاق الثلاث المفترقة بعد الدخول

وكذلك نقول، لأن الأولى لما وقعت لم تكن في عدة، فتقع عليها الثانية، والثالثة. وفيه قولان: وهو أنه إذا تابع بين كلامه، طلقت ثلاثاً، ولم تحل له حتى تنكح زوجاً غيره، كذلك قال الأوزاعي، والليث بن سعد، ومالك. وقال مالك: إذا لم تكن له نية. 10 - باب الطلاق الثلاث المفترقة بعد الدخول م 2910 - واختلفوا في الرجل يقول لامرأته الدخول بها: أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق. فقالت طائفة: إن أراد واحدة منه واحدة، هذا قول الحكم، وحماد، وقتادة. وفيه قول ثان: وهذا إن أراد تبين الأولى فهي واحدة، وإن أراد إحداث طلاق بعد الأولى فهو ما أراد، وإن أراد بالثالثة تبين الثانية فهي اثنتان، وإن أراد طلاقاً ثلاثاً فهي ثالثة، وإن مات قبل أن يسأل فهي ثلاث، هذا قول الشافعي. وفيه قول ثالث: وهو أنه يدين فيها بينه وبين الله إذا قال: أنت طالق، أنت طالق، وفي الحكم اثنتان، وهذا قول الثوري، وأبي ثور. 11 - باب الرجل يطلق امرأته وينوي ثلاثاً م 2911 - اختلف أهل العلم في الرجل يقول لامرأته: أنت طالق وهو ينوي ثلاثاً.

جماع أبواب الكنايات عن الطلاق والأسماء التي يكنى بها

فقالت طائفة: هي واحدة، وهو أحق بها، هذا قول الحسن، وعمرو بن دينار، والثوري، والأوزاعي، وأحمد، وأبي ثور، وأصحاب الرأي. وقال آخرون: إذا نوى ثلاثاً فهو ثلاث، هذا قول مالك، والشافعي، وإسحاق، وأبي عبيد. وبه نقول. (ح 1127) لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: الأعمال بالنية. م 2912 - وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن من طلق زوجة أكثر من ثلاث، إن ثلاثاً منها تحرمها عليه. روي معنى هذا القول عن عمر بن الخطاب، وابن مسعود، وابن عباس، وابن عمر. وبه قال مالك، والثوري، والأوزاعي، والشافعي، وأبو عبيد. جماع أبواب الكنايات عن الطلاق والأسماء التي يكنى بها 12 - باب الكناية عن الطلاق بقوله: اعتدّي م 2913 - واختلفوا في الرجل يقول لزوجته: [2/ 49/ألف] اعتدّي، فقال ابن مسعود، وعطاء، والنخعي، ومكحول، والأوزاعي: يكون تطليقة.

وقال الحسن البصري، والشافعي: إن أراد طلاقاً فهو طلاق، وإن لم يرد طلاقاً فليس بشيء، وبه قال الثوري، والأوزاعي. وقال مالك: ذلك إلى نيته إلا أن يقول: لم أنو شيئاً. فأراها واحدة. وقال أصحاب الرأي: إن نوى واحدة فهي واحدة يملك الرجعة، وإن نوى ثلاثاً فهي واحدة يملك الرجعة. م 2914 - واختلفوا فيمن قال لامرأته: اعتدى، وأراد ثلاثاً، فقال الشعبي، والثوري، وأحمد: تكون واحدة. وقال مالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق: ذلك إلى نيته، ففي هذا القول إن أراد ثلاثاً كان ثلاثاً. م 2915 - واختلفوا فيمن قال لامرأته: اعتدّي، اعتدّي، اعتدّي فقال قتادة: هي ثلاث، إلا أن يقول: كنت أفهمها الأولى، فيكون كما قال. وقال الحكم، وحماد: هي واحدة، وكذلك قالا: إذا قال: أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق، ينوي واحدة، فهي واحدة. وقال مجاهد: إن قال: لم أراد إلا واحدة، فإنه يدين، فإن كان أراد بالثلاث واحدة، فهي واحدة، وإن أراد بكل واحدة تطليقة، فقد بانت مه. قال أبو بكر: وهذا على مذهب الشافعي، غير أن الشافعي يقول: وإن لم يرد طلاقاً فليس بطلاق. وقال أصحاب الرأي: إن نوى تطليقة واحدة بهن جميعاً، فهو كذلك فيما بينه وبين الله. وأما في القضاء: فهي ثلاث، ولا يسع امرأة أن تقيم معه إذا سمعت ذلك منه.

13 - باب الخلية، والبرئية والبائن، والبتة يكنى بهن عن الطلاق

وإذا قال: نويت بالأولى الطلاق، والاثنين عدة، فهو مصدق في القضاء فيما بينه وبين الله. واختلفوا في الرجل يقول لامرأته: أنت طالق فاعتدي، وأنت طالق فاعتدي، فكان الحسن البصري يقول: إذا قال: أنت طالق فاعتدي (أنت طالق فاعتدي) (¬1) فهما اثنتان، وإن قال: أنت طالق فاعتدي، فهي واحدة وهو أحق بها. وقالت طائفة: هي واحدة وينوي في قوله: فاعتدي، هذا قول الأوزاعي، والشافعي، وأبي عبيد، وأصحاب الرأي، وبه قال حماد ابن أبي سليمان. وقال قتادة: إذا قال: أنت طالق فاعتدي، فهما ثنتان. 13 - باب الخلية، والبرئية والبائن، والبتة يكنى بهن عن الطلاق م 2917 - واختلفوا في الرجل يقول لامرأته: أنت خلية، أو برئية، أو بائن. فقالت طائفة: هي ثلاث، [2/ 49/ ب]، روي هذا القول عن علي بن أبي طالب، والحسن البصري. وقال ابن عمر في الخلية، والبرئية، والبتة: هي ثلاث، وعن زيد بن ثابت في البرئية ثلاث، وقال عمر بن عبد العزيز في البتة ثلاث. ¬

_ (¬1) ما بين القوسين ليس في الأصل، والصحيح إثباته.

وقال الزهري في قوله: أنت بائنة، أو أنت برئية، أو أنت طالق، حرمت عليه حتى تنكح زوجاً غيره، وقال في أنت خلية: تطليقة، وهو أملك بها. وقال ابن أبي ليلى، وأبو عبيد في الخلية والبرئية، والبائنة: أنها ثلاث، ثلاث في المدخول بها. وفيه قول ثان: إذا قال لامرأته: أنت خلية، أو برئية، أو بائنة، أو بتة ثلاثاً للمدخول بها، كل واحدة منهن، ويدين في التي لم يدخل بها، تطليقة واحدة أراد، أم ثلاثاً، فإن قال واحدة، كان خاطباً من الخطاب، هذا قول مالك. وقال ربيعة في الخلية والبرئية، والبائنة: بمنزلة البرئية إن كان دخل بها، فهي البتة، وإن لم يدخل بها، فهي واحدة. وفيه قول ثالث: وهو أنها واحدة، وهو أحق بها في البرئية، والبتة، والبائنة، هذا قول عطاء، وكذلك قال الحسن، والزهري، وقتادة في الحلية. وقال أبو ثور في الخلية والبرئية، والبائن، والبتة، في كل واحدة منها تطليقة، يملك الرجعة ولا يسألة عن نيته. وفي البرئية، والبائنة، والبتة لا والخلية قول رابع: وهو أنها واحدة بائنة، هذا قول النخعي. وفيه قول خامس: وهو أن ذلك إلى نيته يدين، هذا قول عمرو بن دينار، وبه قال إسحاق. وفيه قول سادس: وهو أن ذلك لا يكون طلاقاً حتى يقول: أردت بمخرج الكلام مني طلاقاً، فيكون طلاقاً، هذا قول الشافعي.

14 - باب قول الرجل لأمرأته: أنت طالق البتة

وفيه قول سابع في البتة، و"الخلية" والبرئية، والبائنة، يسأل عن نيته في ذلك، فإن كان نوي ثلاثاً فهي ثلاث، وإن نوى واحدة فهي واحدة بائنة، وهي أحق بنفسها، فإن شاء خطبها في عدتها، وإن نوى ثنتين، يكون واحدة، ولا يكون ثنتين، وهي أحق بنفسها. هذا قول الثوري، وأصحاب الرأي. قال أبو بكر: وبقول الشافعي أقول. 14 - باب قول الرجل لأمرأته: أنت طالق البتة م 2918 - واختلفوا في الرجل يقول لامرأته: أنت طالق البتة. فقالت طائفة: هي واحدة يملك الرجعة، روي ذلك عن عمر بن الخطاب، [2/ 50/ألف] وسعيد بن جبير، وقال عطاء: إن أراد واحدة، فواحدة، وإن أراد ثلاثاً فثلاث، وبه قال الشافعي. وقالت طائفة: يكون ثلاثاً، روي ذلك عن علي، وبه قال ابن عمر، وسعيد بن المسيب، وعمر بن عبد العزيز، وعروة بن الزبير، والزهري، ومالك، وابن أبي ليلى، والأوزاعي، وأبو عبيد. وفيه قول ثالث: قال النخعي: كانوا يقولون: إن نوى ثلاثاً فثلاث، وإن نوى واحدة فواحدة يملك نفسها. وفيه قول رابع: وهو أن يسأل من قال: أنت طالق البتة عن نيته، فإن نوى بها ثنتين كانتا تطليقتين، وإن أراد البتة بالتطليقة الأولى فهي واحدة بائنة، وإن نوى ثلاثاً فهي ثلاث، وإن لم يكن له نية فهي واحدة بائنة، هذا قول أصحاب الرأي. قال أبوبكر: بالقول الأول أقول.

15 - باب الكنايات عن الطلاق بقوله: لله إلحقي بأهلك، وحبلك على غاربك، ولا سبيل لي عليك لله، وما أشبه ذلك

15 - باب الكنايات عن الطلاق بقوله: لله إلحقي بأهلك، وحبلك على غاربك، ولا سبيل لي عليك لله، وما أشبه ذلك م 2919 - واختلفوا في الرجل يقول لامرأته: الحقي بأهلك. فقالت طائفة: إن نوى طلاقاً فهو طلاق وهو أحق بها، وإن لم يرد طلاقاً فليس بشيء، هذا قول الحسن، والشعبى، ومالك، والشافعي كذلك مذهبه. وقال عكرمة: إذا أراد الطلاق فواحدة وهو أحق بها. وفي قول ثان: وهو إن أراد الطلاق ثلاثاً فهو ثلاث، وإن أراد واحدة فواحدة بائنة، وإن لم ينو شيئاً فلا شيء، هذا قول الثوري. وقال أصحاب الرأي كما قال الثوري، غير أنهم قالوا: إن نوى اثنتين، فهي واحدة بائنة، لأنها كلمة واحدة، وقال الزهري: إذا قال الحقي بأهلك، تطليقة. م 2920 - وقد روينا عن عمر، وعلي أنهما قالا في قوله: "حبلك على غاربك": يستحلف ما أراد. وقال أصحاب الرأي: إن أراد طلاقاً فهو طلاق، وإن لم يرد طلاقاً فليس بشيء، وهذا مذهب الشافعي. وقال أبو عبيد، وأبو ثور: تكون تطليقة يملك الزوج الرجعة.

16 - باب الكناية عن الطلاق بهبة الرجل زوجته لأهلها

وقال مالك: لا أرى أن ينوي أحد في حبلك على غاربك؛ لأن هذا لا يقوله أحد وقد بقى من الطلاق شيئاً. م 2921 - واختلفوا في الرجل يقول لامرأته: لا سبيل لي عليك، فقال الحسن، والشعبى: إن نوى طلاقاً فهي واحدة، وهو أحق بها، وإن لم ينوا طلاقاً فلا شيء عليه. وبه قال أصحاب الرأي، وقال قتادة: تكون واحدة، وما نوى. وقال أبو عبيد: [2/ 50/ب] تكون واحدة، يملك فيها الزوج (¬1) الرجعة، إلا أن يريد ثلاثاً. وقال الشافعي: إذا قال أنت طالق وقد فارقتك، أو قد سرحتك، يلزم الطلاق في كل واحد منهما، ولا ينوي في الحكم. وقال في سائر الكنايات إن أراد الطلاق فهو طلاق، وإن لم يرد شيئاً حلف، ولا يلزمه شيء. وقال إسحاق: كل كلام يشبه الطلاق، يريد به الطلاق فهو على ما نوى. 16 - باب الكناية عن الطلاق بهبة الرجل زوجته لأهلها م 2922 - واختلفوا في الرجل يقول لزوجته: قد وهبت لأهلك. فقالت طائفة: إن قبولها فواحدة بائنة، وإن لم يقبلوها فواحدة وهو (¬2) أحق بها، هذا قول النخعي، وروي ذلك عن علي. ¬

_ (¬1) في الأصل "الزوجة" (¬2) في الأصل "وهي".

وفيه قول ثان: وهو أنهم إن قبلوها فواحدة يملك الرجعة، وإن لم يقبلوها فليس بشيء، هذا قول ابن مسعود، وعطاء، والزهري، ومكحول، ومسروق، وأحمد، وإسحاق. وفيه قول ثالث: وهو أنهم إن قبلوها فثلاث، وإن لم يقبلوها فواحدة يملك الرجعة، روي هذا القول عن زيد بن ثابت، وبه قال الحسن البصري. وفيه قول رابع: وهو أنهم إن قبلوها فثلاث وإن لم يقبلوها فثلاث هذا قول ربيعة، ويحيى بن سعيد، وأبي الزناد، ومالك. وفيه قول خامس: وهو أن ذلك تطليقة قبلوا أو ردوا، كذلك قال الأوزاعي. وفيه قول سادس: وهو إن أراد طلاقاً فهو طلاق، وما أراد من عدد الطلاق، قبلوها أو لم يقبلوها، وإن لم يرد طلاقاً فليس بطلاق، هذا على مذهب الشافعي. وفيه قول سابع: وهو أن يسأل عن نيته، فإن نوى واحدة فهي واحدة بائنة، وإن نوى ثنتين فهي واحدة بائنة، وإن نوى ثلاثاً فثلاث، وإن لم ينو طلاقاً لم يقع عليه الطلاق، وذلك أن قال: قد وهبتك لأهلك قبلوها أو لم يقبلوها، هذا قول أصحاب الرأي. وفيه قول ثامن: وهو إن كان وهبها لهم وهو ينتظر رأيهم، فالقضاء ما قضوا، وإن كان وهبا لهم وهو لا ينتظر رأيهم فهو طلاق البتة، هذا فول الليث بن سعد. وفيه قول تاسع: وهو إن هذا ليس من ألفاظ الطلاق فلا يقع شيء، هذا قول حكاه أبو عبيد عن طائفة من أهل الكلام، وقال أبو ثور كذلك، قال: إلا أن يكون لأهل العلم في ذلك قول فيصر إليه.

17 - باب الكناية عن الطلاق، يقول الرجل لزوجته: أنت حرة

قال [2/ 51/ألف] أبو عبيد: إن قبلوها فهي واحدة يملك رجعتها، وإن أراد ثلاثاً وقبلوها، فهي ثلاث، وإن لم يقبلوها فلا شيء. قال أبو يكر: الذي حكيته من هذهب الشافعي، صحيح. 17 - باب الكناية عن الطلاق، يقول الرجل لزوجته: أنت حرة م 2923 - واختلفوا في الرجل يقول لامرأته: أنت حرة، ويقول: قد اعتقتك، قال عطاء: إن أراد طلاقها فهو طلاق، وإلا فليس بشيء. م 2924 - وقال الحسن: إذا قال لامرأته: أنت عتيقة وهو ينوي الطلاق، فهي واحدة وهو أحق بها، وهو قول قتادة، ومالك، والليث بن سعد، والشافعي، وإسحاق. وقال النعمان: إن أراد ثلاثاً فثلاث، وإن نوى واحدة فواحدة بائن، إن نوى طلاقاً ولم ينو عدداً فهي واحدة بائن، وبه قال الحسن، وقال: إن لم ينو طلاقاً فليس بشيء. وقال الثوري: إن نوى ثلاثاً فهو كما نوى، وإن نوى واحدة فهو (¬1) أحق بنفسها. وقال أبو عبيد: تطليقة يملك فيها الرجعة إلا أن يريد ثلاثاً. قال أبو بكر: كما قال الحسن أقول، وإن لم يرد طلاقاً فليس بشيء. ¬

_ (¬1) في الأصل "وهي".

18 - باب الكناية عن الطلاق، يقول الرجل: أنت علي كالميتة والدم ولحم الخنزير

18 - باب الكناية عن الطلاق، يقول الرجل: أنت علي كالميتة والدم ولحم الخنزير م 2925 - اختلف أهل العلم في الرجل يقول لامرأته: أنت على كالميتة، والدم، ولحم الخنزير. فقال مالك: أراها البتة إن لم يكن له نية، ولا تحل هذا إلا بعد زوج. وقال الزهري: إذا أراد طلاقاً فهو على ما أراد، وإن قال: لم أرد طلاقاً فهي تطليقة يملك الرجعة. وقال الليث: يدين فيهما ويحلف على ما قال. وفي قول الشافعي: إن أراد طلاقاً فهو طلاق وما أراد من عدد الطلاق، وإن لم يرد طلاقاً فليس بشيء بعد أن يحلف. وقال أصحاب الرأي: إن أراد الكذب فهو الكذب وليس بشيء، وإن أراد التحريم بغير طلاق فهي تبين، فإن تركها أربعة أشهر بانت منه بإيلاء، وإن لم ينو اليمين ونوى الطلاق، فالقول فيه كالقول في الطلاق. 19 - باب طلاق الحرج م 2926 - واختلفوا في الرجل يقول لامرأته: أنت طالق طالق الحرج، روينا عن علي أنه قال: [2/ 51/ب] يلزمه ثلاثاً، وبه قال الحسن. وقال الزهري مرة: هو ثلاث. ومرة قال: هو ما نوى.

20 - باب الحرام وما فيه من الكناية عن الطلاق

وقال الثوري، وإسحاق: ذلك إلى نيته، وهو يشبه مذهب الشافعي. وكذلك أول. 20 - باب الحرام وما فيه من الكناية عن الطلاق م 2927 - واختلفوا في الرجل يقول لامرأته: أنت علي حرام. فقالت طائفة: الحرام ثلاث، روي ذلك عن علي، وزيد بن ثابت، وابن عمر. وبه قال الحسن البصري، والحكم، ومالك، وابن أبي ليلى. وقالت طائفة: كفارة يمين، روي هذا القول عن أبي بكر، وعمر، وابن مسعود، وابن عباس، وعائشة. وبه قال سعيد بن المسيب، والحسن، وعطاء، وطاووس، وسليمان بن يسار، وسعيد بن جبير، وقتادة، والأوزاعي، وأبو ثور. وفيه قول ثالث: وهو أن عليه كفارة الظهار، هذا قول ابن عباس، وسعيد بن جبير، وأبي قلابة، وأحمد. وفيه قول رابع: وهو إن أراد طلاقاً فهو طلاق، وإلا فهي يمين، روي هذا القول عن ابن مسعود، وابن عمر. وبه قال النخعي، وطاووس، والشافعي، وقال إسحاق معنى ذلك. وفيه قول خامس: إن ذلك ما نوى، ولا يكون أقل من واحدة، هذا قول الزهري. وفيه قول سادس: وهو أن ذلك تطليقة بائنة هذا قول حماد ابن أبي سليمان.

21 - باب الطلاق بلسان العجم

وفيه قول سابع: رويناه عن علي أنه قال: لا آمرك أن تتقدم ولا آمرك أن تتأخر. وفيه قول ثامن: يروى عن النخعي رواية أخرى أنه قال: إن نوى طلاقاً وإلا فليس بشيء. وفيه قول تاسع: قاله مسروق، وهو أنه مثل تحريم قصعة من شراب، وبه قال أبو سلمة بن عبد الرحمن، وروينا عن الشعبي أنه قال: ليس بشيء. وفيه قول عاشر: وهو أنه إذا نوى ثلاثاً فثلاث، وإن نوى واحدة فواحدة بائنة، وإن نوى يميناً فهوي يمين يكفرها، وإن لم ينو شيئاً فليس بشىء، هي كذبة، هذا قول الثوري، وبه قال أصحاب الرأي. غير أنهم قالوا: إن نوى اثنين فهي واحدة بائنة، وإن نوى طلاقاً ولم يرد عدداً منه فهي واحدة. قال أبو بكر: إن أراد الطلاق لزمه ما أراد من عدد الطلاق، وإن لم يرد عدداً من الطلاق وأراد طلاقاً فهوي واحدة يملك الرجعة، وإن أراد الظهار فعليه كفارة الظهار [2/ 52/ألف]، لأنها تشبه كنايات الطلاق، والكنايات عن الظهار، وإن لم يرد طلاقاً ولا ظهاراً فليس بشيء. 21 - باب الطلاق بلسان العجم م 2928 - أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن العجمي إذا طلق بلسانه وأراد الطلاق، أن ذلك لازم.

22 - باب إنكار الرجل أن تكون له زوجة وهو ينوي بقوله ذلك طلاقا، أو لا نية له

وممن حفظنا ذلك عنه الشعبي، والنخعي، والحسن البصري ومالك، والثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، والنعمان، وزفر. وقال النخعي، والنعمان في قوله: "بهشتم" كلمة بالعجمية، إذا لم يرد طلاقاً فليس بشيء، وقال النعمان: ويلزمه في القضاء. وقال زفر: إذا قال: "بهشتم" فهي تطليقة بائنة، وقال أحمد: أقل ما يكون تطليقة. قال أبو بكر: إذا قال العجمي لامرأته: "بهشتم" فإن ذلك عندهم تصريحاً مثل تصريح الطلاق بلسان العرب، لزمه الطلاق، ولم يقبل منه غير ذلك، لأنهم وسائر الناس في أحكام الله سواء. 22 - باب إنكار الرجل أن تكون له زوجة وهو ينوي بقوله ذلك طلاقاً، أو لا نية له م 2929 - واختلفوا في الرجل تكون له الزوجة فيقال له: ألك زوجة؟ فيقول: لا، فقال الحسن البصري، والشعبي، والنخعي، والحكم، وقتادة: هى كذبة، وبه قال يعقوب، ومحمد، وبه قال الزهري، ومالك، إذا لم يرد طلاقاً. وقد روينا عن يوسف بن الحكم أنه قضاها واحدة، وقال سعيد بن المسيب: ما أبعد. وقال النعمان: إذا قال لها: ليست لي بامرأة، فهو كما قال في الخلية، والبرئية، وقال حماد بن أبي سليمان: إن نوى الطلاق فهي

23 - باب الطلاق بالكتاب من غير لفظ الطلاق

واحدة، وقال النخعي، وحماد: إذا قال الرجل: قد طلقت، ولم يطلق، فقد طلق. قال أبو بكر: قول الحسن صحيح. 23 - باب الطلاق بالكتاب من غير لفظ الطلاق م 2930 - واختلفوا في الرجل يكتب إلى امرأته بطلاقها. فقالت طائفة: إذا كتب الطلاق بيده فقد وجب، كذلك قال الشعبي، والنخعي، والزهري، والحكم، واحتج الحكم بأن الكتاب كلام بقوله: {فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا} الآية قال: كتب لهم. وبه قال أحمد، قال قد عمل بيده. وفيه قول ثان: وهو إن نفذ الكتاب [2/ 52/ب] إليها نفذ الطلاق، هذا قول عطاء، وقتادة. وقال الحسن: ليس بشيء إلا أن يمضيه أو يتكلم به، وكذلك قال الشعبى، وقال مالك، والأوزاعي: إذا كتب إليها وأشهد على كتابه ذلك، ثم بدأ له، فله ذلك، ما لم يوجه الكتاب، فإذا وجه إليها فقد طلقت في ذلك الوقت، إلا أن يكون نوى أنها لا تطلق عليه حتى يبلغها كتابه. وقال مالك، والأوزاعي، والليث بن سعد في رجل قال: اذهب إلى فلانه فبشرها بطلاقها، قالوا: تبين.

جماع أبواب النيات في الطلاق

وفيه قول ثالث: روي عن الحسن أنه قال: إن شاء رجع فيه ما لم يصل إليها الكتاب. وفيه قول رابع: روي عن حماد بن أبي سليمان قال: إذا قال: إذا أتاك كتابي فأنت طالق، فإن لم يأتها الكتاب، فليس بطلاق، فإذا كتب: أما بعد فأنت طالق، فهي طالق. وقال أبو عبيد نحواً (¬1) من قول حماد. جماع أبواب النيات في الطلاق 24 - باب الطلاق بالنية، والعزم من غير منطق به م 2932 - اختلف أهل العلم في الرجل يعزم على طلاق المرأة، ويطلقها في نفسه، فقال كثر من أهل العلم: ليس بشيء، كذلك قال عطاء ابن أبي رباح، وجابر، وسعيد بن جبير، وقتادة، ويحيى بن أبي كثير، والشافعي، وأحمد، وإسحاق. وروى ذلك عن القاسم، وسالم، والشعبي، والحسن. وقال ابن سيرين في رجل طلق امرأته في نفسه: أليس قد علمه الله؟. وقال الزهري: إذا عزم على ذلك فقد طلقت لفظ به أو لم يلفظ به. وإن كان إنما هو وسوسة الشيطان، فليس بشىء. وقيل لمالك: فيمن طلق في نفسه ولم ينطلق به بلسانه، أتراه طلاقاً؟ قال: نعم في رأي، وما هو وجه الطلاق، ولم يذكر هذا غير أشهب، وأحسبه مختلفاً فيه عنه. ¬

_ (¬1) الأصل "نحو من قال حماد".

25 - باب طلاق الرجل إحدى نسائه لا نية له فيها

قال أبو بكر: لا يلزم من أضمر الطلاق في نفسه الطلاق لأن النبي- صلى الله عليه وسلم - قال: (ح 1128) " إن الله تجاوز لأمتي ما حدثت به أنفسها ما لم يتكلموا به أو يعملوا". 25 - باب طلاق الرجل إحدى نسائه لا نية له فيها م 2933 - اختلف أهل العلم في الرجل يطلق إحدى نسائه بغير عينها، فقال قتادة ومالك: يطلقن (¬1) جميعاً، إذا كان طلاقه ثلاثاً. وفيه قول ثان: وهو أن يختار أيتهن [2/ 53/ألف] شاء، فيوقع عليها، هذا قول حماد بن أبي سليمان، والثوري. وفيه قول ثالث: وهو أن يعتزلهن وينفق عليهن حتى يقول التي أراد (¬2): هذه والله، ما أردت غيرها، كذلك قال الشافعي. وفيه قول رابع: وهو أن يؤمر أن يطلقهن ولا يعضلهن، إذا أبى ذلك جعل لهن حكم المولى، هذا قول أهل الكلام (¬3). ¬

_ (¬1) في الأصل "يطلقان". (¬2) في الأصل "أردت" والصحيح ما أثبته. (¬3) كان في الأصل "العلم" والتصحيح من الحاشية.

وفيه قول خامس: وهو أن يقرع بينهن، روي ذلك عن الحسن، وبه قال أبو ثور. وفيه قول سادس: وهو إن كان اعتقد في نفسه خياراً إلى وقت كان ذلك، وإن كان جعله طلاقاً بحتاً، فحكم هذه كحكم مطلقة بعينها ثم التبست عليه معرفتها، هذا قول أبي عبيد. م 2934 - واختلفوا في هذا الطلاق (¬1) إذا أحدث بنكاح خامسة، ثم مات قبل أن يبين التي طلق. فقالت طائفة: للتي تزوج أخيراً ربع الثمن، وما بقي بين الأربع نسوة. هذا قول الشعبي، والنخعي، وعطاء الخراساني. وزعم أبو عبيد أنه قول أهل الحجاز والعراق جميعاً وقال: عليهن العدة معاً. وفيه قول ثان: وهو أن تعطى التي تزوجها أخيراً ربع الثمن إن كان له ولد، وتوقف ثلاثة أرباع الثمن بين الأربع الأول حتى يصطلحوا، هذا قول الشافعي. وفيه قول ثالث: وهو أن يقرع بينهن، إذا خرجت واحدة، أخرجت من الميراث وورثت البواقي، هذا قول أحمد. قال أبو بكر: يريد بالاقراع الأربع الأول، فأما الأخيرة فلا أعلم أحداً يمنعها من ربع الثمن (¬2). ¬

_ (¬1) في الأصل "الطلق". (¬2) كذا في الأصل، وفي الحاشية "ربع الميراث".

26 - باب الرجل يقصد طلاق زوجة له بعينها فيوقع الطلاق على أخرى يحسبها التي قصد

26 - باب الرجل يقصد طلاق زوجة له بعينها فيوقع الطلاق على أخرى يحسبها التي قصد م 2935 - اختلف أهل العلم [[في]] الرجل تكون له امرأتان، في إحداهما عن الخروج فخرجت التي لم ينهها، فظن أنها التي نهاها، فقال: فلانة! أخرجت؟ فأنت طالق، فكان الحسن البصري، والزهري، وأبو عبيد، يقولون: تطلق التي أراد. ويشبه مذهب الشافعي أن يدين فيما بينه وبين الله، فأما الأحكام فإن ثبتت بينة بأنه خاطب ذلك لزمه الطلاق في الأحكام، ويلزمه طلاق أخرى فيما بينه وبين الله. وفيه قول ثان: وهو أنهما تطلقان جميعاً، هذا قول النخعي، وقتادة، والأوزاعي، [2/ 53/ب] وقال أصحاب الرأي: يلزمه طلاق التي خاطبها، فإن قال نويت الأخرى، وقع عليهما جميعاً. وقال أبو ثور: الطلاق على التي أراد. 27 - جماع أبواب الخيار وما فيها من السنن (ح 1129) ثبت عن عائشة قالت: لما أمر رسول الله- صلى الله عليه وسلم - بتخير نسائه بدأ بي فقال: إني ذاكر لك أمراً، فلا عليك وان لا تعجلي حتى تستأمري أبويك (¬1)، ثم تلا هذه الآية، {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا} إلى قوله {سَرَاحًا جَمِيلًا} الآية. ¬

_ (¬1) في الأصل "أبيك".

فقالت: ففي أي هذا استأمر أبوي؟ فإني أريد الله ورسوله، والدار الآخرة. قالت عائشة: ثم فعلت أزواج رسول الله- صلى الله عليه وسلم - مثل ما فعلت، فلم يكن ذلك حين قال لهن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاخترته طلاقاً من أجل أنهن اخترنه. م 2936 - واختلفوا في الرجل يخير زوجته فقال: أمرها بيدها، فإن قامت من مجلسها فلا خيار لها، روينا هذا القول عن عمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وابن مسعود. وفي أسانيدها مقال. وبه قال جابر بن عبد الله، وعطاء، وحماد بن زيد، ومجاهد، والشعبي، والنخعي، ومالك، والثوري، والأوزاعي، والشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. وفيه قول ثان: وهو أن أمرها بيدها في ذلك المجلس وفي غيره، حتى تقضي فيه، هذا قول الزهري، وقتادة، وبه قال أبو عبيد، وابن نصر. وكذلك نقول، ويدل على صحته: (ح 113) قول النبي- صلى الله عليه وسلم - لعائشة: "فلا تعجلي حتى تستأمري أبويك".

28 - باب الخيار تختار فيه المرأة الزوج

28 - باب الخيار تختار فيه المرأة الزوج م 2937 - اختلف أهل العلم في الرجل يخير امرأته فتختار زوجها. فقالت طائفة: لا يكون ذلك شيء، روينا هذا القول عن عمر بن الخطاب، وعلي، وابن مسعود، وابن عباس، وزيد بن ثابت. وبه قال عمر بن عبد العزيز، وابن شبرمة، وابن أبي ليلى، والثوري، وأحمد، وأبو عبيد، وأبو ثور، وهو مذهب الشافعي. وفيه قول ثان: روي عن الحسن أنه قال: إن اختارت زوجها فواحدة، وهو أحق بها، روي ذلك عن علي، [2/ 54/ألف]، وزيد. قال أبو بكر: بالقول الأول أقول. 29 - باب الخيرة تختار نفسها م 2938 - واختلفوا في الرجل يخير امرأته فتختار نفسها. فقالت طائفة: تكون واحدة وهو أحق بها، روي ذلك عن عمر، وابن مسعود، وابن عباس. وبه قال عمر بن عبد العزيز، وابن أبي ليلى، والثوري، والشافعي، كذلك إذا أراد الطلاق. وقال أحمد، وإسحاق، وأبو عبيد، وأبو ثور: تكون واحدة يملك الرجعة. وفيه قول ثان: وهو أنها إذا اختارت نفسها تكون واحدة بائنة. روي هذا القول عن علي، وبه قال النعمان، وأصحابه.

30 - باب الخيار يكرره الزوج مرارا

وفيه قول ثالث: وهو أنها إذا اختارت نفسها يكون ثلاثاً، روي هذا القول عن زيد بن ثابت، وبه قال مالك، والليث بن سعد، والحسن البصري. 30 - باب الخيار يكرره الزوج مراراً م 2939 - واختلفوا في الرجل يقول لامرأته: اختاري، اختاري، اختاري، فتختار مرة واحدة. فقالت طائفة: يكون ثلاثاً، وإذا خيرها مرة فاختارت ثلاثاً فهي واحدة. روينا هذا القول عن النخعي، والشعبي. وفي قول مالك: إذا قال لها: اختاري، اختاري، اختاري، قد ملكتك أمرك، قد ملكتك أمرك، فقالت: قد قبلت أمري، فقال: أراها البتة. وقال أصحاب الرأي: يكون ثلاثاً. وقال عطاء: تكون واحدة، وقال أبو ثور: تكون تطليقة يملك الرجعة. 31 - مسائل من هذا الباب م 2940 - كان أحمد يقول في الخيار: إذا أخذوا في غير المعنى الذي كانوا فيه، فليس لها من الأمر شيء، وبه قال إسحاق. وقال أحمد: إذا خيرها، ثم غشيها ذهب الخيار.

م 2941 - وقال الثوري: إذا خيرها وهي جالسة، فقامت، فلا أرى لها خياراً، وإن خيرها وهي قائمة فجلست فلها الخيار، وبه قال أصحاب الرأي. وقال جابر بن زيد: إذا قامت قبل أن تختار ليس لها خيار. م 2942 - وقال أصحاب الرأي: إذا كان على دابة فخيرها، فإن سارت بعد الخيار فلا خيار لها، وبه قال أبو ثور. م 2943 - واختلف أصحاب الرأي، وأبو ثور: إذا خيرها وهي في صلاة، فقال أصحاب الرأي: إن كان في مكتوبة فأتمتها فلها الخيار، وإن كانت في صلاة تطوع فصلت أربع [2/ 54/ب] ركعات بطل الخيار، وفي قول أبي ثور: إذا فرغت من المكتوبة والتطوع تختار إذا فرغت من صلاتها. الوتر عند أهل الكوفة بمنزلة المكتوبة. م 2944 - واختلفوا في الرجل يخير امرأته فيقول الزوج: لم أرد الطلاق، ففي قول الثوري، والشافعي، وأصحاب الرأي: هو مصدق، غير أن الشافعي يقول: بعد أن يحلف الزوج. وقال أبو ثور: الطلاق واقع عليه في الحكم، ويدين فيما بينه وبين الله تعالى. قال أبو بكر: الأول أصح. وقال أبو ثور: إذا خير امرأته وهو ينوي ثلاثاً، فاختارت نفسها فهي واحدة يملك الرجعة. وقال أصحاب الرأي: تكون واحدة بائنة. وإذا قال لها: اختاري، فقالت: يا جارية! هاتي الطعام، فهذا قطع للخيار.

32 - باب المملكة أمرها تطلق نفسها

وفي فول أصحاب الرأي، وأبي ثور: وإن خيرها فامتشطت، أو اغتسلت، أو اختضبت في ذلك المجلس، كان ذلك كله قطعاً للخيار في قول أصحاب الرأي. وقال أبو ثور: وإذا امتشطت، أو اختضبت فلها الخيار. م 2947 - واختلفوا الرجل يقول لامرأته: اختاري تطليقة تقول: قد اخترتها، ففي قول مالك، وأصحاب الرأي: هي واحدة يملك فيها الرجعة، وقال أبو ثور: لا يقع بذلك طلاق. م 2948 - وإذا خيرها ثم تفرقا من ذلك المجلس، فقالت: قد اخترت نفس في أن يفترقوا، وكذبها الزوج، فالقول قول الزوج مع يمينه في قول الشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي. 32 - باب المملكة أمرها تطلق نفسها م 2949 - اختلف أهل العلم في الرجل يملك امرأته أمرها. فقالت طائفة: القضاء ما قضت، كذلك قال عثمان بن عفان، وابن عمر، وابن عباس، وروي ذلك عن علي، وفضالة بن عبيد. وبه قال سعيد بن المسيب، وعطاء بن أبي رباح، والزهري، إلا أن ابن عمر إذا قال: نويت واحدة، فيمينه بالله ما نوى إلا واحدة، وترد عليه، ولم يذكر ذلك غير ابن عمر. وفيه قول ثان: وهو أن ذلك تطليقة وهو أحق بها روي هذا القول عن عمر، وابن مسعود، وزيد بن ثابث. وبه قال عطاء، ومجاهد، والقاسم بن محمد، والزهري، ورييعة، ومالك، والأوزاعي، والليث، وكذلك قال الشافعي [2/ 55/ألف] إذا أراد الطلاق.

33 - باب المملكة أمرها تطلق زوجها وتدع أن تطلق نفسها

وفيه قول ثالث: وهو أنها إذا اختارت نفسها فواحدة بائنة، فإن ردت الأمر فلا شيء، هذا قول ابن شبرمة. وفيه قول رابع: وهو أنه قد ذهبت بثلاث، هذا قول الحسن البصري. وفيه قول خامس: وهو أن يسأل الزوج عما أراد، وإن قال لم أرد شيئاً، فليس بشيء، هذا قول الثوري، وبه قال الشافعي. وفيه قول سادس: أنها تطليقة، ولا يكون أكثر من ذلك، وإن نوى الزوج أكثر من ذلك، هذا قول أبي ثور. وفيه قول سابع: وهو أنها إذا اختارت نفسها فهي طالق ثلاثاً، وإن نوى الزوج واحدة، أو اثنتين فهي واحدة بائنة، ولا تكون ثنتين، فإن نوى الزوج الطلاق ولم ينو عدداً، فاختارت نفسها فهي واحدة بائنة، وإن لم ينو الزوج الطلاق فهو مصدق فيما قاله مع يمينه، هذا قول أصحاب الرأي. وفيه قول ثامن: وهو أنها لا تملك إن تطلق نفسها، إذ ليس ذلك إلى النساء، هذا قول طاووس. م 2950 - وقال الشعبي، ومسروق، والنخعي، والزهري، وحماد بن أبي سليمان، والثوري، وأبو عبيد: أمرك بيدك، واختاري، سواء. 33 - باب المملَّكة أمرها تطلق زوجها وتدع أن تطلق نفسها م 2951 - واختلفوا في الرجل يملك امرأته أمرها فتطلق زوجها. فقالت طائفة: إذا طلقت زوجها كانت تطليقة يملك الرجعة، كذلك قال عمر بن الخطاب وابن مسعود. وبه قال عطاء، والنخعي، والقاسم بن محمد، ومالك، وإسحاق.

34 - باب المملكة أمرها ترد الأمر إلى الزوج

وفيه قول ثان: وهو أن لا يقع بذلك طلاق، هذا قول ابن عباس، والثوري، وأبي عبيد، وأصحاب الرأي. وبه نقول. 34 - باب المملكة أمرها ترد الأمر إلى الزوج م 2952 - واختلفوا في المملكة أمرها ترد الأمر إلى الزوج، فقال أكثر أهل العلم: لا يلزمه شيء، روي ذلك عن ابن عمر. وبه قال سعيد بن المسيب، وعطاء بن أبي رباح، وعمر ابن عبد العزيز، ومجاهد، ومسروق، والزهري. وهذا على مذهب الثوري، والأوزاعي، والشافعي، وأبي ثور. وفيه قول ثان: وهو إن ردت ذلك إلى زوجها فهي واحدة [2/ 55/ب] وهو أحق بها. هذا قول قتادة. قال أبو بكر: بالقول الأول أقول. 35 - باب المملكة أمرها تفارق موضعها قبل أن تقضي شيئاً م 2953 - واختلفوا في المملكة أمرها تفارق موضعها قبل أن تقضي شيئاً. فقالت طائفة: الأمر إليها مادامت في مجلسها قبل أن يفترقا، روي ذلك عن عمر، وعثمان، وابن مسعود، وجابر، والنخعي، وعطاء، ومجاهد، والشعبي، وجابر بن زيد، وحماد بن أبي سليمان. وبه قال مالك.

36 - باب رجوع الزوج فيما ملك زوجته من أمرها الطلاق قبل أن تقضي الزوجة شيئا

وفيه قول ثان: وهو أن أمرها بيدها، وإن قامت من ذلك المجلس، هذا قول الحكم، وأبي ثور. قال أبو بكر: وهو أصح القولين. 36 - باب رجوع الزوج فيما ملك زوجته من أمرها الطلاق قبل أن تقضي الزوجة شيئاً م 2954 - واختلفوا في الرجل يملك امرأته أمرها، ثم يرجع في ذلك قبل أن تقضي شيئاً فقالت فرقة: ذلك إليه، هذا قول عطاء بن أبي رباح، وجابر بن زيد، والشعبي، ومجاهد، والنخعي، والأوزاعى، والشافعي، وإسحاق، وأبي ثور. وفي قول الزهري، ومالك، والثوري، وأصحاب الرأي: ليس للزوج أن يرجع فيما جعل إليها، ولا يخرج الأمر من يدها حتى يفترقا، أو تكون هي المخرجة الأمر من يدها. قال أبو بكر: القول الأول أصح. 37 - باب الرجل يملك أمر زوجته رجلين م 2955 - واختلفوا في الرجل يملك أمر امرأته رجلين. فقالت طائفة: إن طلق أحدهما فلم تطلق حتى يجتمعا على الطلاق، كذلك قال الحسن البصري، ومالك، والثوري، والأوزاعي، والشافعي، وأبو ثور، وأبو عبيد. وقال الثوري: إذا جعل أمر امرأته بيد رجلين فطلق أحدهما ثلاثاً،

38 - باب الرجل يجعل أمر امرأته بيد غيرها

والآخر واحدة لا يجوز لهما، وقال أحمد، وإسحاق: اجتمعا على واحدة. قال أبو بكر: قول الحسن صحيح، يدل على صحته قوله عز وجل: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا} الآية، وغير جائز استدلالا بالآية أن يكون لأحد الحكمين أمر دون الآخر. وفيه قول سواه: قال الزهري في الرجل [2/ 56/ألف] يجعل أمر امرأته بيد رجلين فطلق أحد دون الآخر، قال: هي طالق. 38 - باب الرجل يجعل أمر امرأته بيد غيرها م 2956 - واختلفوا في الرجل يجعل أمر امرأته بيد غيرها. فقالت طائفة: القضاء ما قضى قال: فإن رده فواحدة وهو أحق بها، هذا قول الحسن البصري. وقال الزهري: القضاء ما قضى، وقال النخعي: واحدة وهو أحق بها. وقالت فرقة: إذا جعل أمر امرأته بيد غيرها، فقام الرجل من قبل أن يقضي شيئاً، فلا أمر له، هذا قول مالك، وأصحاب الرأي، إذا افترقا من ذلك المجلس ولم يقض شيئاً. وقالت فرقة: الأمر بيد من جعل الأمر إليه وإن افترقا من المجلس، هذا قول الزهري، وقتادة، والثوري، إذا قال الرجل للرجل: أمر امرأتي بيدك، فليس له أن يرجع إلا أن يرد عليه الرجل. وقال أبو ثور: إذا جعل أمر امرأته في يد رجل أو صبي، أو عبد،

فالأمر في يده حتى يخرجه منه، أو يطلق على ما أمره الزوج. وقال أصحاب الرأي: إذا جعل أمر امرأته بيد صبي، أوكافر، أو مجنون أو عبد، فهو في يده، ليس له أن يخرجه منه ما دام في المجلس، فإذا قام من ذلك المجلس قبل أن يقول شيئاً فهي امرأته. قال أبو بكر: جعل الله الطلاق إلى الأزواج، وإذا جعل (¬1) لأزواج ما بأيديهم من ذلك إلى رجل، أو امرأة، كنت المرأة امرأته أو أجنبية فهو سواء، والأمر إلى من جعل ذلك منهم إليه، يطلق من جعل الزوج ذلك إليه منهم متى شاء في المجلس وبعد الافتراق من المجلس، فللزوج أن يرجع فيما جعل من ذلك إلى عنده متى شاء، فللمجعول إليه الأمر أن يطلق متى شاء، لا فرق بين الزوجة في ذلك، والأجنبي من الناس؛ لأن ذلك بمنزلة الوكاله. م 2957 - واختلفوا في الرجل يجعل أمر امرأته إلى أجل، فقال سفيان الثوري: الأمر بيدها إلى ذلك الوقت. وقال الحسن البصري: هو بيدها ما لم يصبها، وبه قال قتادة. م 2958 - وإذا قال الرجل [2/ 56/ب] لامرأته: طلقي نفسك، ثلاثاً فطلقت واحدة، لزمه طلقة في قول الشافعي، ويعقوب، وابن الحسن. وفي قول النعمان: لا يقع طلاق. وقال مالك، كما قال الشافعي. م 2959 - وإذا قال لها: طلقي نفسك واحدة، فطلقت نفسها ثلاثاً، وقعت واحدة في قول الشافعي، ويعقوب، ومحمد بن الحسن. ولا يلزم ذلك في قول النعمان. ¬

_ (¬1) في الأصل "جعلوا".

39 - باب تقدم الطلاق قبل النكاح

39 - باب تقدم الطلاق قبل النكاح م 2960 - افترق أهل العلم في الطلاق قبل النكاح ثلاث فرق. فقالت طائفة: لا طلاق قبل النكاح، روينا هذا القول عن علي بن أبي طالب، وابن عباس، وعائشة أم المؤمنين. وبه قال سعيد بن المسيب، وشريح، وعطاء، وطاووس، وسعيد ابن جبير، والحسن، وعكرمة، وعروة بن الزبير، وعلي بن الحسين، وقتادة، وابن عيينة، وعبد الرحمن بن مهدي والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور. واحتج ابن عباس، وعلي بن الحسين، والحسن البصري، بقول الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} الآية. وفيه قول ثان: وهو إيجاب الطلاق قبل النكاح، روي ذلك عن ابن مسعود، وبه قال الزهري، والنعمان، وأصحابه. وفيه قول ثالث: وهو إيجاب الطلاق على من خص امرأة من النساء ومن قبيلة بعينها، أو بلد بعينه، روي هذا القول عن الشعبي، والنخعي. قالا: إذا وقت امرأة أو قبيلة جاز، وإن عم النساء فليس بشيء. وبه قال الحكم، وربيعة، ومالك، والأوزاعي، وابن أبي ليلى.

40 - باب الاستثناء من غير يمين يحلف بها

وفي المسألة قول رابع: وهو إن كان نكح لم يؤمر بالفراق، وإذا لم يكن نكح لم يؤمر بالتزويج، هذا قول أبي عبيد، وبنحو من هذا القول، قال أحمد. بالقول الأول أقول، للآية التي احتج بها ابن عباس، والأخبار التي رويناها. (ح 1131) عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لا طلاق قبل النكاح". 40 - باب الاستثناء من غير يمين يحلف بها م 2961 - اختلف أهل العلم في الرجل يقول لامرأته: أنت طالق إن شاء الله تعالى. فقالت طائفة: الطلاق يلزم، هكذا قال الحسن البصري، وسعيد بن المسيب، ومكحول، وقتادة، والزهري، وابن أبي ليلي، والليث بن سعد، والأوزاعي. وقالت طائفة: له ثنياه كذلك قال طاووس، والحكم، والشافعي، وإسحاق، والنعمان. م 2962 - واختلفوا في الاستثناء [2/ 57/ألف] في الطلاق إذا كان ذلك يميناً حلف بها، فقال طاووس، وسعيد بن المسيب، والحسن البصري، والأوزاعي، وابن أبي ليلى، والشافعي، وإسحاق، والنعمان: لا شيء عليه. احتج منهم من احتج بقول رسول الله- صلى الله عليه وسلم -.

جماع أبواب صنوف الطلاق التي تكون عند الحوادث

(ح 1132) من حلف فقال: إن شاء الله فهو بالخيار، إن شاء فعل وإن شاء لم يفعل. وفيه قول ثان: وهو قول من لا يرى الاستثناء ويلزمه الحكم، روي ذلك عن الزهري. وفيه قول ثالث: وهو إن بدأ بالطلاق فليس له استثناء، روي ذلك عن طاووس. وقال أبو عبيد: إذا قال: أنت طالق إن شاء الله قال: الطلاق له لازم، فإذا حلف على شيء استثنى، فله ثنياه. وقال أحمد: سواء، وإنما يكون الاستثناء في الأيمان، والطلاق، والعتاق، وليس بيمين. جماع أبواب صنوف الطلاق التي تكون عند الحوادث 41 - باب طلاق المريض م 2963 - أجمع كل من نحفظ قوله على أن من طلق زوجته مدخولاً بها طلاقاً ملك رجعتها وهو صحيح، أو مريض، فمات أو ماتت قبل أن تنقضي عدتها، إنهما يتوارثان. م 2964 - وأجمع أهل العلم على أن من طلق زوجته ثلاثاً وهو صحيح،

في كل مرة تطليقة، ثم مات أحد، أن لا ميراث للحي منهما من الميت. م 2965 - وافترقوا فيمن طلق زوجته مدخولاً بها وهو مريض ثلاثاً، ثم مات من مرضه، خمس فرق. فقالت فرقة: ترثه مادامت في العدة، روي ذلك عن عثمان ابن عفان، أنه ورث امرأة عبد الرحمن بن عوف منه، وكانت في العدة. وبه قال ابن سيرين، والشعبي، والنخعي، وعروة بن أبي سليمان، والحارث العكلي، وربيعة بن أبي عبد الرحمن، والليث بن سعد، والثوري، والنعمان وصاحباه. وقالت فرقة: ترثه وإن انقضت العدة، هذا قول البتي، وحميد، وأصحاب الحسن. وقالت فرقة: ترثه في العدة وبعد إنقضاء العدة ما لم تتزوج، هذا قول أحمد، وإسحاق، وأبي عبيد. وقالت فرقة: ترثه وإن تزوجت هذا قول مالك. وقالت فرقة: لا ترثه، روي ذلك عن عبد الله بن الزبير، وبه قال أبو ثور. وكان الشافعي يقول مرة: ترثه في العدة، وبعد انقضاء العدة. ثم قال بمصر: وهذا مما استخير فيه، فأخبرني الربيع أنه [2/ 57/ب] قال: استخار الله فقال: لا ترث المبتوتة. قال أبو بكر: قول ابن الزبير (¬1) أصح الأقاويل في النظر، والله أعلم. ¬

_ (¬1) في الأصل "الزبير".

42 - باب طلاق المريض زوجته التي لم يدخل بها

م 2966 - وقد أجمعوا على [أن] الزوج لا يرثها إن ماتت في العدة، ولا بعد انقضاء العدة إذا طلقها ثلاثاً، وهو صحيح أو مريض. 42 - باب طلاق المريض زوجته التي لم يدخل بها م 2967 - واختلفوا فيمن طلق امرأته وهو مريض قبل أن يدخل بها. فقالت طائفة: لا ميراث لها، ولا عدة عليها، ولها نصف الصداق، كذلك روي عن ابن عباس. وبه قال عمر بن عبد العزيز، والشعبى، والزهري، والثوري، وأصحاب الرأي. وفيه قول ثان: وهو أن لها الميراث، والصداق كاملاً، وعليها العدة. هذا قول الحسن البصري، وأحمد، وإسحاق، وأبي عبيد. وفيه قول ثالث: وهو أن لها الصداق كاملاً، ولا ميراث لها، ولا عدة عليها. وكذلك قال جابر بن زيد. وفيه قول رابع: وهو أن لها نصف الصداق ولها الميراث إن مات من وجعه، ذلك ما لم تنكح، هذا قول عطاء بن أبي رباح. 43 - باب الطلاق في المرض يصح المطلق بعد طلاقه ثم يموت م 2968 - واختلفوا في الرجل يطلق امرأته وهو مريض ثلاثاً، ثم يصح، ثم يموت، فقال الثوري: ترثه إذا مات وهي في العدة، وبه قال أحمد، وإسحاق. وقال الزهري: ترثه في قضاء عثمان.

44 - مسائل من هذا الباب

وقال ربيعة، ومالك، والشافعي، وأبو ثور، وأبو عبيد، والنعمان: لا ترثه. وروي ذلك عن الحسن، وعطاء. 44 - مسائل من هذا الباب م 2969 - وإذا قال الرجل لزوجته: أنت طالق ثلاثاً، إن كلمت فلاناً، وذلك في صحته، ثم كلمت فلاناً، وهو مريض، ثم مات، فلا ميراث لها في قول أبي ثور، وبه قال أصحاب الرأي، والشافعي. وهو قياس قول الثوري. م 2970 - وقال قتادة: إذا سألت زوجها الطلاق، فطلقها فلا ميراث لها، وقال الأوزاعي: إذا جعل أمرها إليها وطلقت نفسها ثلاثاً، فلا ميراث لها. وهذا قول الشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي. وقال مالك فيمن سألته امرأته أن يخيرها، وهو مريض، فاختارت نفسها، أن ذلك طلاق ولا يقع الميراث عنها. وبه قال أبو عبيد. 45 - باب الأمراض التي لا تنقل أحكام الصحة [2/ 58/ألف] عن سبلها قال أبو بكر: م 2971 - رأيت (¬1) في مذاهب أهل العلم في الأمراض التي لا تنقل أهلها عن ¬

_ (¬1) في الأوسط 3/ 264/ألف "نظرت في مذاهب".

46 - باب طلاق المجنون والمعتوه

أحكام الصحة مثل الحمى الربع، والفالج المتطاول، والمقعد، وكالعلل الخفية مثل الصداع، والرمد، والجرب، وما أشبه ذلك من العلل، أن أصحاب هذه العلل لا يمنعون من التصرف في أموالهم كتصرف الأصحاء. م 2972 - واختلفوا فيما سوى ذلك، فكان الأوزاعي يقول فيمن طلق وهو بين الصفين ترثه امرأته، وتعتد عدة المتوفي. م 2973 - وقال الشافعي: ما فعل الأسير في ماله غير مكره، فهو جائز. م 2974 - وهكذا إذا قدم ليقتل [[فيما]] ليس من قتله بد، مثل القتيل في القصاص الذي لصاحبه عفوه، فإذا قدم ليرجم، فلا يجوز له في ماله إلا الثلث. م 2975 - وحكى أبو عبيد عن الثوري، وأصحاب الرأي أنهم لا يورثون المطلق في حصار، ولا أسر، ولا في مصافة عدو، ولا عند البراز للقتال. وبه قال أبو عبيد، وأبو ثور. 46 - باب طلاق المجنون والمعتوه م 2976 - أجمع من أحفظ عنه من علماء الأمصار على أن المجنون لا يجوز طلاقه، كذلك قال عثمان بن عفان. وقال علي بن أبي طالب: كل الطلاق جائز إلا طلاق المعتوه. وممن قال إن طلاق المجنون لا يجوز: سعيد بن المسيب، وجابر بن زيد، والحسن البصري، والشعبي، والنخعي، وقتادة، وأبو قلابة، والزهري، ويحيى الأنصاري، ومالك، والثوري، والشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. وكذلك نقول.

47 - باب طلاق الصبي الذي لم يبلغ

(ح 1133) وقد ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: "رفع القلم عن ثلاثة، عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يعقل". م 2977 - وأجمع كل من أحفظ عنه من أهل العلم على أن الرجل إذا طلق في حال نومه أن لا طلاق له، روينا ذلك عن الشعبي، والنخعي، وأبي قلابة، والزهري. 47 - باب طلاق الصبي الذي لم يبلغ م 2978 - واختلفوا في طلاق الصبي الذي لم يبلغ. فقال أكثر أهل العلم: لا يجوز طلاقه حتى يحتلم، كذلك قال الحسن البصري، والنخعي، والزهري، ومالك، والحكم، وحماد، والثوري، والشافعي، وأبو ثور، وأبو عبيد. وذكر أبو عبيد أنه قول أهل العراق، وأهل الحجاز. قال [2/ 58/ب] أبو بكر: وبه نقول: (ح 1134) وقد ثبت أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "رفع القلم عن الصبي حتى يحتلم". وفيه قول ثان: أن الصبي إذا أحصى الصلاة، وصام شهر رمضان، جاز طلاقه. كذلك قال سعيد بن المسيب.

48 - باب طلاق السكران

وقال عطاء: يجوز طلاقه إذا بلغ أن يصيب النساء، وقال أحمد: يجوز طلاقه إذا عقل. وقال إسحاق: إذا جاوز (¬1) اثنتي عشرة سنة، وعقل الصلاة، فطلق، وقع طلاقه. 48 - باب طلاق السكران م 2979 - واختلفوا في طلاق السكران فكان عثمان بن عفان لا يجيز طلاقه، وبه قال عمر بن عبد العزيز، والقاسم بن محمد، وعطاء، وطاووس. وبه قال ربيعة، ويحيى الأنصاري، والليث بن سعد، وعبيد الله الحسن، وإسحاق، وأبو ثور، والمزني. وقالت طائفة: طلاقه جائز، كذلك قال عطاء، والحسن البصري، وسعيد بن المسيب، والشعبي، ومحمد بن سيرين، وميمون ابن مهران، ومجاهد، والحكم، والنخعي. وبه قال مالك، والثوري، والأوزاعي، وابن شبرمة، والشافعي، وأبو عبيد، وسليمان بن حرب، والنعمان، وصاحباه. ووقف أحمد عن الجواب فيه. وقد احتج بعض من لا يرى طلاقه جائزاً، بأن المكره لما سقط طلاقه لارتفاع مراده، وجب أن يسقط طلاق السكران، إذ لا مراد له، واحتج بالثابت عن عثمان، وان أحداً من الصحابة لا نعلم أنه خالفه. ¬

_ (¬1) في الأصل "جاز" والصحيح ما أثبته.

49 - باب طلاق الولي عن المجنون

(ح 1135) وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "عليكم بسنتي، وسنة الخلفاء الراشدين المهديين بعدي، عضوا عليها بالنواجز". ولما قالوا: أن السكران إذا ارتد لم يستتب في سكره ولم يقتل، دل على أن لا حكم لقوله، ولا يجوز إبطال نكاح قد أجمع على صحته بطلاق، قد اختلف في وجوبه. م 2980 - واختلفوا في حد السكران، فقال الثوري: السكر اختلاس العقل، فإن استقرئ فخلط في قرأته وتكلم بما لا يعرف، جلد. وقال أحمد: إذا تغير علقه عن حال الصحة، فهو سكران. وحكي عن مالك نحوه. وقال أبو يكر: إذا خلط في قرأته فهو سكران، استدلالا بقوله: {حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ}. 49 - باب طلاق الولي عن (¬1) المجنون م 2981 - قال الشافعي، والنعمان: لا يجوز أن يطلق عن المجنون [2/ 59/ألف] وليه، ولا يخالع عنه أب ولا ولي. م 2982 - وكذلك قال الزهري في الأخرس الذي لا يتكلم: لا يطلق عنه وليه. وقال الحسن البصري: إن شاء طلقها وليه. وقال قتادة في الأخرس الذي لا يتكلم: يطلق عليه وليه. ¬

_ (¬1) في الأصل "على المجنون".

50 - باب طلاق المكره

قال أبو بكر: جعل الله عَزَّ وَجَلَّ الطلاق إلى الأزواج، فلا يكون ذلك إلى غيرهم. 50 - باب طلاق المكره م 2983 - اختلف أهل العلم في طلاق المكره. فقالت طائفة: لا يجوز طلاقه، كذلك قال الحسن البصري، وجابر بن زيد، وشريح، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور. وروينا معنى ذلك عن عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وابن الزبير، وابن عمر، وابن عباس. وأجازت طائفة طلاق المكره، وممن أجاز ذلك، النخعي، والشافعي، وأبو قلابة، والزهري، وقتادة، والنعمان وصاحباه. غير أن النعمان قال: إذا أكره السلطان على طلاق أو عتاق جاز، وإن أكرهه على بيع لن يجز. وقال الثوري: إذا أخذ السلطان رجلاً فأكرهه على طلاق، أو عتق، فأحلفه جاز عليه، إلا أن يكون ورى ذلك إلى شيء ينوي غيره. وفي المسأله قول ثالث: وهو إن كان الذي أكرهوه لصوصاً، فليس بطلاق، وإن أكرهه السلطان فجائز، روي هذا القول عن الشعبي. وفسره ابن عيينه قال: لأن اللص يقدم على قتله، والسلطان لا يقتله.

51 - باب الخطأ والنسيان في الطلاق

واحتج من أبطل طلاق المكره بقوله جل ذكره: {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ} الآية. (ح 1136) والخبر الذي رويناه عن النبي- صلى الله عليه وسلم -: رفع عن أمتي الخطأ والنسيان، وما استكرهوا عليه". م 2984 - واختلفوا في حد الإكراه، فروي عمر أنه قال" ليس الرجل أميناً على نفسه إذا أجعته، أوثقته أو ضربته. وذكر أحمد ذلك الحديث كالمحتج به. وذكر شريح أن القيد كره، والوعيد كره، والسجن كره. وقال أحمد: إذا كان يخاف القتل، أو ضرباً شديداً. 51 - باب الخطأ والنسيان في الطلاق م 2985 - واختلفوا في الخطأ والنسيان في الطلاق. فقالت طائفة: من حلف على أمر لا يفعله بالطلاق، ففعله ناسياً، لم يحنث، كذلك قال عطاء، وعمرو بن دينار وابن أبي نجيح.

52 - جماع أبواب الطلاق بالمعاني المختلفة

وقال إسحاق: أرجو أن لا يلزمه شيء. وروي عن الشعبي، والحكم. م 2986 - في الرجل يحلف على شيء فيخرج على لسانه غير ما يريد [2/ 59/ب]. قال الشعبي: يرجع إلى نيته، وكذلك قال طاووس. وقال الحكم: يؤخذ بما تكلم به، وقال أحمد: في هذا أرجو أن يكون واسعاً، قال الحسن (¬1): هو على الإرادة. وأوجبت طائفة عليه الحنث، هذا قول الزهري، وقتادة، وربيعة، ومالك، والنعمان، وصاحبيه. وكان أبو عبيد يحنثه في الطلاق، والعتاق، ولا يحنثه في سائر الإيمان، وبه قال أحمد. وقال الشافعي: فيها قولان. أحدهما: أن يحنث. والآخر: لا حنث عليه. 52 - جماع أبواب الطلاق بالمعاني المختلفة م 2987 - أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن جد الطلاق، وهزله سواء، روي هذا القول عن عمر بن الخطاب، وابن مسعود. م 2988 - وممن قال: لا لعب في الطلاق، وأن من طلق لاعباً فقد جاز عليه، عطاء ابن أبي رباح، وعبيدة السلماني، وهذا على مذهب الشافعي. وبه قال أبو عبيد، وذكر أنه قول الثوري، واحتج ¬

_ (¬1) كذا في الأصل، وفي الحاشية بدله "إسحاق".

53 - باب الطلاق إلى أجل يؤقته المطلق

بقوله: {وَلَا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا}. قال أبو بكر: (ح 1137) وقد روينا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ثلاثة جدهن جد وهزلهن جد، الطلاق، والنكاح، والرجعة. 53 - باب الطلاق إلى أجل يؤقته المطلق م 2989 - واختلفوا في الرجل يقول لزوجته: أنت طالق إلى شهر، أو إلى سنة، أو ما أشبه ذلك، فقالت طائفة: هي زوجته إلى ذلك الوقت، كذلك قال عطاء، وجابر بن زيد، والنخعي، وأبو هاشم. وبه قال الثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو عبيد، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. وفيه قول ثان: وهو أنها طالق من يوم تكلم به، كذلك قال سعيد ابن المسيب، والحسن، والزهري، وقتادة، ويحيى الأنصاري، وربيعة، ومالك. وقد روينا عن ابن عباس أنه قال في رجل قال لامرأته: أنت طالق إلى سنة قال: هي امرأته إلى سنة. قال أبو بكر: وبقول ابن عباس نقول. وأما إذا قال: إن لم تفعلي كذا وكذا فأنت طالق، فليس يحنثه أحد، إلا أن يأتي ذلك الوقت ولم تفعل ما حلف عليه أن تفعله.

54 - باب إيجاب الطلاق بولادة المرأة

54 - باب إيجاب الطلاق بولادة المرأة م 2990 - واختلفوا في الرجل يقول لزوجته: أنت طالق إذا ولدت، فقالت طائفة: لا يقع الطلاق حتى تلده، [2/ 60/ألف] كذلك قال عطاء، والشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. وقال مالك: إذا كان بها حمل وقع عليها الطلاق. قال أبو بكر: وبالقول الأول أقول. م 2991 - وإن قال: كلما ولدت ولداً فأنت طالق، فإن ولدت فهي طالق وتعتد، وإن ولدت ولدين في بطن واحد وقع الطلاق بالولد الأول، وانقضت عدتها بالولد الثاني، وإن ولدت ثلاثة أولاد، وقعت تطليقتان بالولدين الأولين؛ لأن الطلاق وقع وهو يملك الرجعة، وانقضت عدتها بالثالث. ولوكانت المسألة بحالها وولدت أربعة في بطن، وقع الثلاث بالثلاث الأول وانقضت العدة بالولد الرابع، وهذا قول الشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي. م 2992 - وإذا قال الرجل لامرأته إن ولدت كلاماً فأنت طالق واحدة، وإن ولدت جارية فأنت طالق ثنتين، فولدت غلاماً وجارية، لا يدرى أيهما أول؟ فإنه يقع عليها تطليقة، نأخذ في ذلك بالأقل، ولا يلزمه الأكثر، إلا بالإحاطة، وانقضت عدتها بالولد الثاني، هكذا قال أبو ثور. وبه قال أصحاب الرأي، غير أنهم قالوا: ينبغي لهما أن يأخذ فيما بينهما وبين الله بأكثر ذلك تطليقتين.

55 - باب إيجاب الطلاق بحيض المرأة

م 2993 - وإن قال الرجل لامرأله: إن كان حملك هذا غلاماً فأنت طالق واحدة، وإن كانت جارية فأنت طالق ثنتين، فوضعت غلاماً وجارية، لم يقع علي الطلاق، وذلك لأن حملها لم يكن غلاماً ولا جارية. وبه قال أبو ثور: وأصحاب الرأي. 55 - باب إيجاب الطلاق بحيض المرأة م 2994 - وإذا قال الرجل لامرأته: إذا حضت فأنت طالق، إذا رأت الدم وقع علي الطلاق. وإذا قال: إن حضت حيضة فأنت طالق، لم تطلق حتى تطهير من حيضتها، فإذا طهرت وقع علي الطلاق، وهذا قول الثوري. وبه قال أبو ثور: وأصحاب الرأي. ولا أعلم أحداً قال غير ذلك، غير مالك، فإن ابن القاسم ذكر أنه يحنث حين تكلم به في قول مالك. 56 - باب التجزية والتبعيض في الطلاق م 2995 - أجمع كل من أحفظ عنه من أهل العلم على أن من طلق زوجته نصفاً، أو ثلثاً، أو ربعاً، أو سدسي تطيقة، أنها تطليقة واحدة، كذلك قال الشعبي [2/ 60/ب]،والحارث العكلي، والزهري، وقتادة، وبه قال الشافعي، وأحمد، وأبو عبيد، وأبو ثور، وأصحاب الرأي.

وذكر أبو عبيد أنه قول مالك، وأهل الحجاز، والثوري، وأهل العراق. قال أبو بكر: م 2996 - فإن قال لأربع نسوة له: بينكن تطليقة، لزم كل واحدة منهن تطليقة، كذلك قال الحسن البصري، والشافعي، وابن القاسم صاحب مالك، وأبو عبيد، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. م 2997 - وإذا قال لأربع نسوة له: بينكن خمس تطليقات، وقع على كل واحدة منهن تطليقتان، هذا قول الحسن، وقتادة، والشافعي، وأبي ثور، وابن القاسم صاحب مالك، وأصحاب الرأي. م 2998 - وإذا قال الرجل لامرأته: رأسك، أو يدك، أو رجلك طالق، فإن أكثر أهل العلم يلزمونه الطلاق، هذا قول الشافعي، وأبي ثور، وابن القاسم صاحب مالك. وقال أصحاب الرأي في الرأس، والفرج، والجسد، والبدن كما قال الشافعي. وقالوا في اليدين، والرجلين وشبه ذلك من جسدها: لا يقع به طلاق. وقالوا: إذا قال: نصفك، أو ثلثك، أو جزء من ألف جزء طالق، أنها تكون طالقاً. وقال الحسن البصري: إذا طلق الرجل من امرأته شعراً، أو اصبعاً، فقد طلقت، وإن عتق من عبده شعراً، أو اصبعاً، فقد عتق. وقال الأوزاعي في الشعر، وأطراف البدن مثله.

57 - باب الطلاق المشكل الذي لا يعلم له وجوب ولا بطول

57 - باب الطلاق المشكل الذي لا يعلم له وجوب ولا بطول م 2999 - واختلفوا في الرجلين يحلفان بالطلاق على الشيء، يختلفان فيه كاختلافهما (¬1) في الطير، يقول أحدهما: هذا غراب، ويقول الآخر: هذا حمام، ويحلف كل واحد منهما عليه بالطلاق. فإن عطاء، والشعبي، والزهري، والحارث العكلي، والثوري، وأبو ثور يقولون: يديّنان. وهذا على مذهب الشافعي، وهو قياس قول مالك. وفيه قول ثان: وهو أن يحمل الطلاق عليهما (¬2) جميعاً، هذا قول مكحول. وروينا معنى ذلك عن الشعبي ومال أبو عبيد إلى هذا القول. وكان الشافعي يقول: إذا شك في الطلاق، لم ألزمه في الشك في الحكم، والورع: له أن يطلقها. 58 - باب الطلاق يجحده المطلق وقد سمعته زوجته م 3000 - واختلفوا في المرأة تسمع طلاقها، ثم [[يجحده]] الزوج، فقال الحسن البصري، والنخعي، [2/ 61/ألف] والزهري: يستحلف ثم يكون الإثم عليه. وقال آخرون: تفر منه ما استطاعت، وتبتدي منه بكل ما أمكن، روي ذلك عن جابر بن زيد، وابن سيرين، ¬

_ (¬1) في الأصل "كاختلافها". (¬2) في الأصل "عليه".

وبه قال حماد بن أبي سليمان، وأحمد. وممن رأى أن تفر منه، الثوري، والنعمان، ويعقوب، وأبو عبيد. م 3001 - واختلفوا في استحلاف الرجل المدعى عليه الطلاق، فممن روينا عنه أنه قال يستحلف، ابن عمر، والحسن البصري، والنخعي، والزهري، والأوزاعي، والشافعي، وأبو عبيد، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. وبه نقول. (ح 1138) لقول النبي- صلى الله عليه وسلم -: "البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه". وفيه قول ثان: وهو أن يستحلف كما يفعل في اللعان، روي ذلك عن ابن عباس. وفيه قول ثالث: وهو أن المرأة إن جاءت بشاهد حلف الزوج وخلى بينه وبينها ولا ينبغي لها أنت تتزين له، ولا تبدي له شيئاً من شعرها ولا عريتها وهي قدر على ذلك، ولا يصيبها إلا وهي مكرهة، هذا قول مالك. م 3002 - واختلفوا في ميراثها منه إن مات، فقال الحسن البصري: ترثه. وقال قتادة، والشافعي، والنعمان، ويعقوب: لا ميراث. وبه نقول.

59 - باب الطلاق يجحده المطلق فتقوم عليه بينة أو يستحلف فينكل عن اليمين

59 - باب الطلاق يجحده المطلق فتقوم عليه بينة أو يستحلف فينكل عن اليمين م 3003 - أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن الرجل إذا طلق زوجته ثلاثاً وقد غشيها بعد طلاقه، وقد ثبتت البينة أنه طلقها، وهو يجحد ذلك، أن التفريق بينما يجب، ولا حد على الرجل. كذلك قال الشعبي، ومالك، وأهل الحجاز، والأوزاعي، والثوري، وربيعة، والشافعي، وأبو ثور. وبه نقول. م 3004 - وأجمع الشافعي، والنعمان ومن تبعهم على أن طلاق السفيه لازم له. وبه نقول، لدخوله في جملة من تلزمه الأحكام، والحدود. وقال عطاء بن أبي رباح في سفيه محجور عليه: لا يجوز طلاقه، ولا نكاحه ولا بيعه. 60 - أبواب إحلال المطلقة ثلاثاً لمطلقها والنكاح الذي يحلها للمطلق قال الله عز وجل: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنْ [2/ 61/ب] طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا} الآية. فأباح الله في ظاهر كتابه للزوج الأول أن ينكح إذا نكحها زوج غيره، ومنع الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن ترجع إلى الزوج الأول حتى

61 - باب التغليظ في المحلل والمحلل له

يجامعها الزوج الثاني. وكان القول من رسول الله- صلى الله عليه وسلم -، كالقول من الله، لأن الله فرض طاعته، ودل منع رسول الله- صلى الله عليه وسلم - من ذلك. (ح 1139) "حتى يذوق العسيلة". على مراد الله من ذلك. م 3005 - وأجمع عامة علماء الأمصار على القول بما ذكرناه، إلا ما رويناه عن سعيد بن المسيب. وممن قال بجملة ما ذكرناه، علي بن أبي طالب، وابن عباس، وابن عمر، وجابر بن عبد الله، وعائشة. وبه قال مسروق، والزهري، ومالك، وأهل المدينة، والثوري، وأهل الرأي من أهل الكوفة، والأوزاعي وأهل الشام، والشافعي، وأبو ثور، وأبو عبيد. وكان سعيد بن المسيب من بين أهل العلم يقول: إذا تزوجها تزويجاً صحيحاً لا يريد به إحلالا، فلا بأس بأن يتزوجها الأول. ولا نعلم أحداً من أهل العلم قال بقول سعيد هذا إلا الخوارج، والسنة مستغني بها عن كل قول. 61 - باب التغليظ في المحلل والمحلل له (ح 1140) روينا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه لعن المحلل والمحلل له.

م 3006 - وقال ابن مسعود: المحلل والمحلل له ملعونان على لسان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم القيامة. وروينا عن عمر بن الخطاب أنه قال: ما أوتي بالمحلل ولا بالمحللة إلا رجمتهما. وقال ابن عمر لا يزالان زانين، وإن مكثا عشرين سنة، إذا علم أنه يريد أن يحلها له. م 3007 - واختلفوا في الرجل يطلق ثلاثاً، فتنكح زوجاً ليحل للزوج الأول. فقالت طائفة: لا يجوز ذلك، ولا يحلها لزوجها الأول إلا نكاح رغبة غير مدانسة. روي ذلك عن عثمان بن عفان، وقال ابن عمر في تحليل المرأة لزوجها: ذلك السفاح. وممن غلظ في ذلك النخعي، والحسن، وبكر بن عبد الله المزني، وقتادة. وممن قال لا يصلح إلا نكاح رغبة، مالك، والليث، وبمعناه قال الثوري، وأحمد، وإسحاق، وأبو عبيد. وقد روينا عن النخعي، والشعبي أنهما قالا: لا بأس به [2/ 62/ألف] إذا لم يأمر به الزوج. م 3008 - واختلفوا فيه إن تزوجها على أن يحلها، وبدأ له أن يمسكها، فقال عطاء والحكم: يمسكها.

62 - باب المملوك، والذمي، والغلام الذي لم يدرك، تستحل بنكاحهم المرأة

وقال أحمد، وإسحاق: لا يحل له أن يمسكها. وقال الثوري: لا يعجبن إلا أن يفارق. 62 - باب المملوك، والذمي، والغلام الذي لم يدرك، تستحل بنكاحهم المرأة م 3009 - كان عطاء بن أبي رباح يقول: إذا تزوجها عبد فأصابها، أحلها لزوجها الأول. ويروى ذلك عن الشعبي، وبه قال مالك، والثوري، والشافعي، وأبو عبيد، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. م 3010 - واختلفوا في المسلم يتزوج الذمية، ثم يطلقها ثلاثاً فينكحها ذمي ويدخل بها، ثم يطلقها. فقالت طائفة: الذمي زوج، ولها أن ترجع إلى الأول، هكذا قال الحسن، والزهري، والثوري، والشافعي، وأبو عبيد، وابن نصر، وأصحاب الرأي. وكذلك نقول؛ لأن الله قال: {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} الآية. والنصراني زوج. وفيه قول ثان: وهو أنها لا تحل له، هذا قول ربيعة، ومالك. م 3011 - واختلفوا في الطلقة ثلاثاً، تنكح غلاماً مراهقاً يجامع مثله، فيجامعها، فقال عطاء، والشافعي، وأحمد، والنعمان: يحلها. وقال الحسن البصري، ومالك، وأبو عبيد: لا يحلها. قال أبو بكر: بالقول الأول أقول.

63 - باب استحلال المطلقة ثلاثا بالنكاح الفاسد

63 - باب استحلال المطلقة ثلاثاً بالنكاح الفاسد م 3012 - واختلفوا في المطلقة ثلاثاً تنكح نكاحاً فاسداً، ويصيبها، ثم يفارقها، فكان الحسن البصري، والشعبي، وحماد بن أبي سليمان، ومالك، والثوري، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو عبيد، وأصحاب الرأي يقولون: لا يحل للزوج الأول إلا بنكاح صحيح. وكان الحكم يقول: هو زوج. قال أبو بكر: ليس بزوج؛ لأن أحكام الأزواج في الظهار، والإيلاء، واللعان، غير ثابتة بينهما. م 3013 - واختلفوا في الزوج الثاني يطأها في حال الحيض، فقال عطاء، ومالك: لا يحلها لزوجها الأول. وفي قول الشافعي، وأصحاب الرأي: يحلها له، وبه قال ابن نصر. وكذلك نقول، لأنه زوج، قد ذاق عسيلتها، وذاقت عسيلته. 64 - باب [2/ 62/ب] تصديق الزوج الأول للمطلقة أنها قد نكحت قال أبو بكر: م 3014 - كل من نحفظ عنه من أهل العلم يقول: إذا قالت المرأة للزوج الأول: قد تزوجت ودخل علي زوجي، وصدقها، أنها تحل للأول. كذلك قال الحسن البصري، والشافعي، والأوزاعي، والثوري،

65 - باب المطلقة دون الثلاث تنكح زوجا ثم تعود إلى المطلق

وأبو عبيد، وأصحاب الرأي. وقال الشافعي: والورع أن لا يفعل، إذا وقع في نفسه أنها كذبته. 65 - باب المطلقة دون الثلاث تنكح زوجاً ثم تعود إلى المطلق م 3015 - أجمع أهل العلم على أن الحر إذا طلق زوجته الحرة [ثلاثا] (¬1)، ثم انقضت عدتها، ونكحت زوجاً ودخل بها، ثم فارقها، وانقضت عدتها، ثم نكحها الأول، أنها تكون عنده على ثلاث تطليقات. واختلفوا في الرجل يطلق زوجته تطليقة أو تطليقتين، ثم تزوج غيره، ثم ترجع إلى زوجها الأول. فقالت طائفة: تكون على ما بقي من طلاقها، كذلك قول الأكابر من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وأبي بن كعب، وعمران بن حصين، وأبي هريرة. وروي ذلك عن زيد بن ثابت، ومعاذ بن جبل، وعبد الله بن عمرو بن العاص. وبه قال عبيدة السلماني، وسعيد بن المسيب، والحسن البصري، ومالك، والثوري، وابن أبي ليلى، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو عبيد، وأبو ثور، ومحمد بن الحسن، وابن نصر. وفيه قول ثان: وهو أن النكاح جديد، والطلاق جديد، هذا قول ابن عمر، وابن عباس. ¬

_ (¬1) ما بين المعكوفين من كتاب الإجماع.

جماع الطلاق

وبه قال عطاء، والنخعي، وشريح، والنعمان، ويعقوب. قال أبو بكر: بالقول الأول أقول. وفيه قول ثالث: وهو إن كان دخل لآخر فطلاق جديد، ونكاح جديد. وإن لم يكن دخل بها فعلى ما بقي من عدد الطلاق، هذا قول النخعي. جماع الطلاق 66 - باب طلاق الأخرس قال أبو بكر: م 3517 - حفظنا عن جماعة من أهل العلم أنهم قالوا: إن الأخرس إذا كتب الطلاق بيده أنه يلزمه، كذلك قال النخعي، والثوري، والشافعي، وأبو ثور، وأصحاب [2/ 63/ألف] الرأي. وقال مالك إذا أشار يلزمه. وروي عن قتادة أنه قال: يطلق عنه وليه. م 3018 - وإذا نظر الرجل إلى امرأته، وامرأة معها ليست له بزوجة، فقال: احداكما طالق، كان القول قوله إذا أراد امرأته فهي طالق، وإن أراد الأجنبية لم تطلق امرأته، هذا قول أبي ثور، وأصحاب الرأي. م 3019 - وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن الرجل إذا قال لامرأته: أنت طالق ثلاثاً، إلا اثنتين، إنها تطلق واحدة.

وإن قال: أنت طالق ثلاثاً إلا واحدة أنها تطلق تطليقتين. وإذا قال: أنت طالق ثلاثاً أنها تطلق ثلاثاً. وممن حفظنا ذلك عنه، الثوري، والشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. م 3020 - وكان الشافعي يقول: إذا قال لها أنت طالق طلاقاً، كانت واحدة إلا أن يزيد بقوله طلاقاً ثانياً. قال النعمان: إذا أراد واحدة فهي واحدة، وبه قال أبو ثور. م 3021 - وكان مالك يقول: إذا حلف بطلاق امرأته أنه من أهل الجنة، طلقت عليه. وقول الأوزاعي: لا تطلق بالشك. وبه نقول. م 3022 - وكان الشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي يقولون،: إذا قال لها وهي مدخول بها: كلما وقع عليك طلاق فأنت طالق، لم تطلق حتى يطلقها، فإذا طلقها تطليقة، وقع عليها ثلاث، واحدة بعد واحدة. م 3023 - وإذا قال الرجل لامرأته: أنت طالق كذا، وأشار باصبع، أو باصبعين، أو ثلاث، فهي طالق واحدة، ولا تكون اشارته بإصبعه بشيء. وفي قول أصحاب الرأي: يلزمه مع القول ما أشار به، فإن أشار بثلاث لم يدين في القضاء. وإن قال: أردت أقل منها، دين فما بينه وبين الله. م 3024 - وإذا قال الرجل لنسوة له قال: أيتكن أكلت (¬1) من هذا الطعام فهي طالق، فأكلن جميعاً، طلقن جميعاً في قول أبي ثور، ¬

_ (¬1) في الأصل "أكل".

وأصحاب الرأي. وكذلك نقول. م 3025 - وإذا قال: أنت طالق ما بين تطليقة إلى الثلاث، فهي واحدة في قول أبي ثور. وكذلك إن قال: أنت طالق من واحدة إلى ثلاث، هي أيضاً واحدة. وقال أصحاب الرأي: القياس أن يلزم في المسألة الأولى واحدة، ولكنا نستحسن فنجعلها ثنتين، وهذا قول النعمان. م 3026 - وإذا قال: أنت طالق ما بين واحدة إلى أخرى، فهي طالق واحدة [2/ 63/ب] وإذا قال: أنت طالق واحدة، أو لا شيء، فهي طالق واحدة، وهذا قول أبي ثور، وأصحاب الرأي. م 3027 - إذا قال: أنت طالق غير طالق، فهي غير طالق في قول أبي ثور، وأصحاب الرأي. م 3028 - واختلفوا في الرجل يحلف بالطلاق، ليفعلن كذا وكذا، ويقدم الطلاق في يمينه، فقال كثير من أهل العلم: لا شيء عليه، هذا قول الحسن، وابن المسيب، والزهري، وعطاء، وسعيد بن جبير، والشعبي، والثوري، والشافعي، وأبي ثور، وعامة أصحابنا، وقال شريح: إن الطلاق يقع عليه. قال أبو بكر: بالقول الأول أقول. م 3029 - وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن الرجل إذا قال لامرأته: أنت طالق ثلاثاً، إن دخلت هذه الدار، فطلقها ثلالاً، ثم تزوجت بعد ما انقضت عدتها، ثم نكحها الحالف الأول،

67 - باب الطلاق يوصف بالعظم والتشديد

ثم دخلت الدار، أنها لا يقع عليها الطلاق. وهذا على مذهب مالك، والشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي؛ لأن طلاق ذلك الملك قد انقضى. م 3030 - وإن كانت المسأله بحالها وطلق تطليقة وانقضت عدتها، ثم تزوجها رجل آخر ودخل بها، ثم عاد إلى زوجها الأول، ثم دخلت الدار، ففي قول أصحاب الرأي: يقع عليها الطلاق. وفي قول الشافعي فيها قولان. أحدهما: كما قال أصحاب الرأي. والثاني: أن لا يقع شيء، وبه قال أبو ثور. 67 - باب الطلاق يوصف بالعظم والتشديد م 3031 - وإذا قال الرجل لامرأته: أنت طالق ملء هذا البيت، ففي قول الشافعي، وأبي ثور: أقل ما يلزمه واحدة، يملك فيها الرجعة. وقال النعمان: هي طالق تطليقة بائن، إلا أن ينوي ثلاثاً فتكون ثلاثاً. م 3032 - وإذا قال: أنت طالق واحدة عظيمة أو كثيرة، أو شديدة، فهي بائن في القضاء، وفيما بينه وبين الله، هكذا قال أصحاب الرأي. وفي قول الشافعي، وأحمد، وأبي ثور: تكون واحدة يملك الرجعة، إن لم يرد أكثر منها.

68 - باب الرجل يبيع زوجته

68 - باب الرجل يبيع زوجته م 3033 - واختلفوا في الرجل يبيع زوجته. فقالت طائفة: لا تطلق عليه، ولكن يعذر، هكذا قال الثوري، وأحمد، وإسحاق. وبه أقول. وقال مالك: ينكل نكالاً شديداً، أو تطلق عليه واحدة، وهي أملك [2/ 64/ألف] بنفسها. 69 - باب المشيئة في الطلاق م 3534 - اختلف أهل العلم في الرجل يقول لامرأته: أنت طالق إن شئت. فقالت طائفة: إن شاءت الطلاق فذلك ما دام في مجلسها، هذا قول الحسن البصري، وعطاء، والثوري، وأبي ثور. وبه قال الزهري، وقتادة، ولم يذكرا المجلس. وقال أصحاب الرأي: كما قال الحسن، وعطاء. 3035 - واختلفوا في الرجل يقول لامرأته: أنت طالق إذا شئت، أو متى شئت، أو إذا شئت، أو كلما شئت، فكان الثوري يقول: إذا قال: أنت طالق متى شئت، وإذا شئت، فهي متى شاءت وإذا شاءت تطليقة، ليس لها فوق ذلك، وإذا قال: أنت طالق كلما شئت، فهي كلما شاءت طالق، حتى تبين بثلاث. وقال أبو ثور: وإذا قال لها أنت طالق إذا شئت، أو متى شئت، أو إذا ما شئت، أو كلما شئت، كان ذلك على الأبد، كلما شاءت

وقع الطلاق، فإن شاءت مرة واحدة، فوقعت تطليقة، ثم تركها حتى تنقضي عدتها، ثم تزوجها بعد، لم يكن بعد ذلك مشيئة، وذلك أن حكم ذلك النكاح قد سقط، فلا يعود شيء من أحكامه على أحكام النكاح الثاني. وفرق أصحاب الرأي بين قوله: أنت طالق إذا شئت، أو متى شئت، وبين أن يقول لها: أنت طالق إن شئت، ومتى شئت، وإذا ما شئت، ومتى ما شئت، لها المشيئة في ذلك كله أبداً مرة واحدة في ذلك المجلس وغير ذلك المجلس. وإذا قال لها: أنت طالق كلما شئت، كان لها أبداً كلما شاءت حتى يقع عليها منه ثلاث تطليقات. م 3036 - وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن الرجل إذا قال لامرأته: أنت طالق إن شئت، فقالت: قد شئت إن شاء فلان، أنها قد ردت الأمر، ولا يلزمها الطلاق وإن شاء فلان. كذلك قال أحمد: وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. م 3037 - وإذا قال: أنت طالق ثلاثاً أن أحببتهن، فقالت: أحب واحدة، وواحدة، وواحدة، لم يقع عليها شيء، وبطل ما جعل إليها في قول أبي ثور، وفي قول أصحاب [2/ 64/ب] الرأي يقع عليها كلها (¬2). م 3038 - وإذا قال الرجل لامرأته: إن كنت تحبيني فأنت طالق، وإن كنت تبغضيني فأنت طالق، فما قالت: استحلفت عليه، وكان الطلاق واقعاً عليها، هذا قول أبي ثور، وأصحاب الرأي، غير أن أصحاب الرأي قالوا: نأخذ في هذا بالاستحسان. ¬

_ (¬2) في الأصل "كلهن".

جماع طلاق الشرك ووقوع الفراق بين الزوجين المشركين بإسلام أحدهما

م 3039 - وإذا قال لامرأتين له: إذا شئتما فأنتما طالقتان. فشاءت احدهما، لم يقع الطلاق، وإن شاءتا أن تطلقا احداهما دون الأخرى، لم يقع، هذا قول أبي ثور، وأصحاب الرأي. م 3040 - وإذا قال لرجلين: طلقا امرأتي، فطلق أحدهما، كان باطلاً حتى يجتمعا على الطلاق، وهذا قول الشافعي، وأبي ثور. وقال أصحاب الرأي: إذا طلق أحد فهو جائز. قال أبو بكر: قول الشافعي صحيح. م 3041 - وإذا قال لها: إن كنت تحبين أن يعذبك الله، أو يقطع يديك، ورجليك فأنت طالق، فقالت: أنا أحب ذلك، ففيها قولان. أحدهما: أنه لا يقع، وذلك أن هذا لا يحبه أحد، هذا قول أبي ثور. والقول الثاني: أنها مصدقة في ذلك، فالطلاق واقع عليها، هذا قول أصحاب الرأي. جماع (¬1) طلاق الشرك ووقوع الفراق بين الزوجين المشركين بإسلام أحدهما 70 - باب الزوجين الذميين يسلم أحدهما م 3042 - أجمع عوام أهل العلم على أن النصرانيين الزوجين إذا أسلم الزوج قبل امرأته، أنهما على نكاحهما، إذ جائز له في هذه الحال أن يبتدئ نكاحها لو لم تكن زوجة. ¬

_ (¬1) كان في الأصل (باب) والظاهر ما أثبته.

م 3043 - وأجمع أهل العلم على أنهما لو أسلما معاً أنهما على نكاحهما، كانت مدخولاً بها أو لم يكن دخل بها. م 3044 - واختلفوا في النصرانية تسلم وزوجها نصراني، وهي مدخول بها. فقالت طائفة: متى أسلم الزوج قبل [أن] تنقضي عدة المرأة فهما على نكاحهما، هذا قول قتادة، ومالك، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبي عبيد. وفيه قول ثان: وهو أن يعرض على الزوج الإسلام، فإن أسلم فهما على نكاحهما، وإن أبى أن يسلم، فرق بينهما، فإن كان دخل بها فلها المهر، وإن لم يكن دخل بها فلها نصف المهر، هذا قول الثوري. وبه قال الزهري، غير أنه لم يذكر المهر. وفيه قول ثالث: [2/ 65/ ألف] وهو أنهما إن كانا في دار الإِسلام فأسلمت امرأته، فهي امرأته ما لم يعرض عليه الإِسلام، إذا عرض عليه الإِسلام فأبى أن يسلم، فرق بينهما الحاكم. فإن أسلمت امراته، ثم لحق الزوج بدار الحرب، فقد بانت منه، وكذلك إن كانت في دار الحرب فأسلمت المرأة، ثم خرجت إلى دار الإِسلام، فقد بانت منه بافتراق الدارين. فان أسلمت وهما في دار الحرب ولم يخرجا، أو أحد منهما إلى دار الإِسلام، فهو أحق بها إن أسلم قبل [أن] تنقضي عدتها، فإذا انقضت عدتها فلا سبيل إليها، هذا قول أصحاب الرأي. وفيه قول رابع: وهو أنها تبين منه كما تسلم، هذا قول ابن عباس، وروي معناه عن عمر بن الخطاب. وبه قال عكرمة، والحسن، وسعيد بن جبير.

71 - باب إسلام أحد الزوجين من أهل الذمة قبل أن يدخل بها وما لها فيه من الصداق

وقال عطاء، وطاووس، ومجاهد: يفرق بينهما، وبه قال أبو ثور. وهو أصح هذه الأقاويل في النظر، والله أعلم. وقد روينا عن علي بن أبي طالب في هذا الباب قولاً خامساً في النصراني تكون تحته النصرانية، فتسلم المرأة قال: هو أحق بها ما دامت في دار هجرتها. وقال الشافعي: هي امرأته، ولكن لا يخرجها من دار الهجرة. 71 - باب إسلام أحد الزوجين من أهل الذمة قبل أن يدخل بها وما لها فيه من الصداق م 3045 - واختلفوا في النصرانية التي لم يدخل بها، تسلم قبل زوجها. فقالت طائفة: لا صداق لها. روي هذا القول عن ابن عباس. وبه قال الحسن البصري، والزهري، ومالك، والأوزاعي، وابن شبرمة، وعثمان البتي، والشافعي، وأحمد، وإسحاق. وقال الشافعي، وابن شبرمة: إن أسلم هو قبلها فلها نصف المهر. وفيه قول ثان: وهو أن لها نصف المهر، هذا قول قتادة، والثوري.

72 - باب الوثنيين يسلم أحدهما

72 - باب الوثنيين يسلم أحدهما م 3046 - أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن الوثنيين الزوجين إذا أسلم أحدهما قبل صاحبه، ولم يدخل الزوج بامرأته، أن الفرقة تقع بينهما. م 3047 - وأجمعوا كذلك على أنها إذا أسلما معاً، أنهما على النكاح، كانت مدخولاً بها [2/ 65/ب] أو لم يكن دخل بها. م 3048 - واختلفوا في الوثنيين يسلم أحدهما دون الآخر. فقالت طائفة: تقع الفرقة بينهما، بإسلام أيهما أسلم منهما، هذا قول الحسن، وعكرمة، وطاووس، ومجاهد، وقتادة، والحكم، وعطاء. وروي ذلك عن عمر بن عبد العزيز، وروينا هذا القول عن مالك. وقالت طائفة: إذا أسلم المتخلف منهما عن الإسلام قبل انقضاء عدة المرأة، فهما على النكاح، هذا قول الزهري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق. وفيه قول ثالث: في المجوسي يسلم قبل امرأته المجوسية، وأبت أن تسلم ولم يدخل بها، لا مهر لها، وإن أسلمت هي، عرض عليه الإِسلام، فإن أسلم فهما على نكاحهما، وإن أبي أن يسلم فرق بينهما، ولها المهر إن كان دخل بها، وإن لم يكن دخل بها، فلها نصف المهر، هذا قول الثوري. وفي كتاب ابن الحسن: في الحربيين يسلم الرجل قبل المرأة فإنهما على نكاحهما ما لم تحض المرأة ثلاث حيض، فإذا حاضت المرأة

73 - باب ارتداد أحد الزوجين المسلمين

قبل أن تسلم، انقضت العصمة بينهما، وكذلك لو كانت المرأة هي التي أسلمت، وإن أسلم واحد منهما وخرج إلى دار الإِسلام قبل [أن] تنقضي عدة المرأة فلا نكاح بينهما. واحتج بعض من يقول بقول الحسن، وعكرمة، بقوله: {وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} الآية، وبقوله: {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} الآية. وإن استدل بأن تحريم ذلك في معنى استقباله، ولما لم يجز لي أن أنكح مشركة، لم يكن لي وأنا مسلم أن أتمسك بعصمة مشركة. ولما أجمعوا على أن عقد الكافر على نكاح المسلمة (¬1) باطل، كان حكم ما اختلفوا فيه من إسلام أحد الزوجين حكم المجموع عليه، والله أعلم. 73 - باب ارتداد أحد الزوجين المسلمين م 3049 - واختلفوا في الزوجين يرتد أحدهما. فقالت طائفة: يفسخ النكاح بارتداد أيهما ارتد منهما، روي هذا القول عن الحسن، وعمر بن عبد العزيز. ¬

_ (¬1) كان في الأصل "المشركة" والظاهر ما أثبته.

74 - باب إسلام المشرك وعنده أكثر من أربع نسوة

وبه قال مالك في المسلم يرتد وله زوجة، وكذلك قال الثوري في المرأة ترتد عن الإِسلام ولها زوج. وبه قال النعمان وأصحابه، وأبو ثور. وفيه قول ثان: وهو إن رجع المرتد منهما إلى دين الإِسلام في انقضاء [2/ 66/ألف] عدة المرأة، كانا على نكاحهما، هذا قول الشافعي، وأحمد، وإسحاق. قال أبو بكر: الأول أصح. 74 - باب إسلام المشرك وعنده أكثر من أربع نسوة م 3050 - واختلف أهل العلم في الرجل يسلم وعنده أكثر من أربع نسوة. فقالت طائفة: يختار منهن أربعاً ويفارق سائرهن، هذا قول الحسن البصري، ومالك بن أنس، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، واحتجوا: (ح 1141) بحديث غيلان بن سلمة أنه أسلم وعنده عشر نسوة، فأمر النبي- صلى الله عليه وسلم - أن يأخذ منهن أربعاً. وفيه قول ثان: وهو أن يختار الأربع الأول ويفارق الأواخر، هكذا قال النخعي، وقتادة. وقال سفيان الثوري: إذا أسلم وعنده ثمان نسوة، إن كان نكحهن جميعاً في عقدة، فرق بينه وبينهن، وإن كان

75 - باب إسلام المشرك وعنه أختان

نكح واحدة بعد الأخرى، حبس أربعاً منهن الأولى والأولى، وترك سائرهن. وحكي هذا القول عن النعمان. قال أبو بكر: القول الأول أصح. 75 - باب إسلام المشرك وعنه أختان م 3051 - واختلفوا في الرجل عنده أختان فيسلم وتسلمان معاً. فقالت طائفة: يختار أيهما شاء، هذا قول الحسن البصري، والأوزاعي، وأحمد، وإسحاق، وأبي عبيد. وقال الزهري: فيمن جمع بين المرأة وعمتها، وبين المرأة وخالتها، ثم أسلموا، يمسك أيتهن شاء، ويفارق سائرهن. وقال الثوري: في الأختين المجوسيتين إذا أسلموا يفارقهما جميعاً، وبه قال الماجشون عبد الملك. قال أبو بكر: وبالقول الأول أقول. (ح 1142) وذلك بحديث فيروز الديلمي أنه أسلم وتحته أختان، فقال له النبي- صلى الله عليه وسلم -: طلق أيتهما شئت.

76 - باب إسلام المشرك وعنده امرأة وابنتها

76 - باب إسلام المشرك وعنده امرأة وابنتها م 3052 - أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن الرجل إذا نكح المرأة وابنتها ودخل بها وأسلموا، أن عليه أن يفارقهما، ولا ينكح واحدة منهما بحال. وممن حفظنا ذلك عنه، الحسن البصري، وعمر بن عبد العزيز، وقتادة، ومالك وأهل الحجاز، والثوري، وأهل العراق، والشافعي ومن تبعهم. قال أبو بكر: فإن لم يكن دخل بواحدة منهما [2/ 66/ب] ففيهما للشافعي قولان: أحدهما: أن يمسك الابنة ولا يمسك الأم. والقول الثاني: أن يمسك أيتهما شاء ويفارق الأخرى. م 3053 - واختلفوا في النصرانية تكون تحت الرجل المسلم وتتمجس. ففي قول الشافعي: يكون النكاح موقوفاً على العدة، فإن رجعت إلى دينها قبل انقضاء العدة، ثبت النكاح، وإن انقضت العدة قبل رجوعها انفسخ النكاح. وقال أبو ثور: في قول من يقول: إن المجوس أهل كتاب، ثابت.

77 - باب طلاق أهل الشرك

77 - باب طلاق أهل الشرك م 3054 - واختلفوا في طلاق أهل الشرك، فقال الحسن البصري، وقتادة، وربيعة، ومالك: ليس طلاقهم بطلاق. وألزمت طائفة أهل الشرك طلاقهم، هذا قول عطاء بن أبي رباح، والشعبي، والزهري، وحماد، والثوري، والأوزاعي، والشافعي، وأصحاب الرأي. قال أبو بكر: هذا أصح. 78 - باب الشهادات في الطلاق م 3055 - واختلفوا في الرجل يشهد عليه شاهد بتطليقة، وشاهد بثلاث، فكان قتادة، وابن أبي ليلى، ويعقوب، ومحمد، وأبو ثور يقولون: تكون واحدة ويستحلف. وفيه قول ثان: وبه نقول. وهو إبطال الشهادتين، كذلك قال الشافعي، والنعمان، وروي ذلك عن الشعبى. م 3056 - واختلفوا في قبول شهادة النساء في الطلاق، فكان النخعي، ومكحول، والزهري، والشافعي، وأحمد، وأبو ثور يقولون: لا تجوز شهادتهن. وقال الثوري، وإسحاق، وأصحاب الرأي: تجوز شهادة امرأتين ورجل في الطلاق، وبه قال النبي- صلى الله عليه وسلم -. قال أبو بكر: الأول أصح.

م 3057 - واختلفوا في الرجل يشهد عليه شاهدان بأنه طلق امرأته ثلاثاً قبل أن يدخل بها ففرق الحاكم بينهما، ثم رجعا عن الشهادة، ففي قول أصحاب الرأي: عليهما نصف المهر، فإن رجع أحد، رجع عليه بربع المهر. وقد اختلف عن الشافعي في هذه المسأله، فذكر الربيع أنه قال: عليهما مهر مثلها دخل بها أو لم يدخل بها. وذكر أبو ثور عنه أنه قال كقول أصحاب الرأي. تم كتاب الطلاق وصلى الله على سيدنا محمد النبي- صلى الله عليه وسلم - وآله وسلم تسليماً [2/ 67/ألف].

54 - كتاب الخلع

54 - كتاب الخلع 1 - باب ما يجوز من الخلع وما لا يجوز قال الله جل ذكره: {وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ} الآية. قال أبو بكر: فقد حرم الله على الزوج في هذه الآية أن يأخذ منها شيئاً أتاها إلا بعد الخوف الذي ذكره الله، ثم أكد تحريم ذلك بتغليظه الوعيد على من تعدى أو خالف أمره قال: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا} وهلآية. (ح 1143) وبمعنى كتاب الله جاء الخبر عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أنه خالع بين خولة بنت سلول وبين زوجها، لما قالت: إني لا أستطيعه، وأكره الكفر في الإِسلام. م 3058 - وبه قال عوام أهل العلم، وخطروا على الزوج أخذ شيء من مالها إلا أن يكون النشوز من قبلها، روينا معنى ذلك عن ابن عباس، وعطاء، ومجاهد، والشعبي، والنخعي، وابن سيرين، والقاسم ابن محمد، وعمرو بن شعيب، وعروة بن الزبير، والزهري، وحميد ابن عبد الرحمن، وقتادة.

وبه قال الثوري، ومالك، وإسحاق، وأبو ثور. وحم عن النعمان أنه قال: إذا جاء الظلم والنشوز من قبله فخالعته فهو جائز ماض، وهو إثم لا يحل له ما صنع، ولا يجبر على رد ما أخذ. قال أبو بكر: وهذا من قوله خلاف ظاهر كتاب الله، وخلاف الخبر الثابت عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -، وخلاف ما أجمع عليه عوام أهل العلم من ذلك، ولا أحسب أن لو قيل لامرئ: اجهد نفسك في طلب الخطأ، ما وجد أمراً أعظم من أن ينطق الكتاب بتحريم شيء، ثم يقابله مقابل بالخلاف نصاً، بل فيقول: يجوز ذلك ولا يجبر على رد ما أخذ. ولو قال قائل: لما جاز له أن يأخذ ما طابت به نفسها على غير طلاق، جاز أن يأخذ منها ما أعطته من طلاق، أو فسخ نكاح، وهذا إن لم يكن في باب الخطأ أقرب مما مضى من خلافه الكتاب فليس بدونه؛ لأنه يحرم في أبواب المعاوضات ما حرمه الله من الربا، ويجيز الهبات، والعطاء في غير باب المعاوضة، وهذا سبيل كل ما خالف كتاب الله والخبر الثابت عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -[2/ 67/ب]- صلى الله عليه وسلم -، وأنه ليبلغني أن كثيراً ممن نصب نفسه للفتيا، والنوازل، يعلم من حلف بطلاق زوجته ثلاثاً ليفعلن كذا ولا فعلن كذا، وكل واحد من الزوجين يؤدي إلى صاحبه ما أوجب الله عليه أن يقول له: خذ منها كذا وافسخ نكاحها، أو طلقها على ما يأخذ منها طلقة، ثم احنث وتزوجها، وتكون عندك على ما بقي من الطلاق.

2 - باب مبلغ الفدية

وليس فيما قلناه حديث فيحتال القائل بما ذكرناه عنه أن يطعن في إسناده، ولا ذلك، أنه يحتمل التأويل فيتأول في دفعها بالتأويل، وإنما هو ظاهر لا يحتمل إلا معنى واحداً. فلو تكلم المتكلم عن عطاء، والزهري، والثوري، حيث أجازوا الشغار، وقالوا: إنما أجزناه لتراضيهما به، وأنهم لا يفسدون العقد بفساد المهر. أو قال بعض من يجيز نكاح المحرم: إنما أجزته لقوله: {مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} الآية. إن النكاح قد عقد بولي وشهود، والنكاح في نفسه مباح، وإنما نهى عن العقد في وقت، كما قال من يخالفنا في عقد البيع بعد النداء لصلاة الجمعة: إن ذلك لوقت وهو جائز، فلما رأيتك لا تلتفت إلى الوقت اقتديت بك، فأجزت نكاح المحرم، إذ هو لوقت، هل يقابل من خالف هذه الأشياء فيقال له: إن النكاح لا ينعقد ما نهى عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وإذ نهى الله ورسوله عن شيء بطل النكاح، كما أبطلت البيع الذي عقد على الزنا، مابين شيء من ذلك فرق، والله أعلم. 2 - باب مبلغ الفدية م 3059 - واختلفوا في مبلغ الفدية. قالت طائفة: لها أن تفتدي منه بما تراضيا عليه كان أقل مما أعطي أو أكثر منه، هذا قول عكرمة، ومجاهد، وقبيصة بن ذؤيب، والنخعي، ومالك، والشافعي، وأبي ثور، والنعمان.

وروي معنى ذلك عن عثمان، وابن عمر. واحتج قبيصة بقوله: {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} الآية. وقالت طائفة: لا يأخذ منها أكثر مما أعطاها، كذلك قال طاووس، وعطاء، وعمرو بن شعيب، والزهري. وكره ذلك ابن المسيب، والحسن البصري، والشعبي، والحكم، وحماد، وإسحاق، وأحمد، وأبو عبيد. وقال الأوزاعي، كنت القضاة لا يجيزون (¬1) أن يأخذ إلا ما ساق إليها. وقد روينا عن سعيد بن المسيب [2/ 68/ألف] قولاً ثالثاً قال: ما أرى أن يأخذ منها كل ما لها ولكن ليدع لها شيئاً. وقد روي عن بكر بن عبد الله المزي أنه سئل عن رجل تريد امرأته منه الخلع؟ قال: لا يحل له أن يأخذ منها شيئاً، قلت: يقول الله في كتابه: {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} الآية قال: إن هذه نسخت، قلت: أين جعلت؟ قال: جعلت في سورة النساء. يقول الله: {وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ} الآية. قال أبو بكر: بالقول الأول أقول للآية التي احتج بها قبيصة ابن ذؤيب. ¬

_ (¬1) في الأصل "لا تجيز" وكذا في الأوسط 3/ 274/ب.

3 - باب اختلاف أهل العلم في البينونة في الخلع

3 - باب اختلاف أهل العلم في البينونة في الخلع م 3060 - واختلفوا في الخلع. فقالت طائفة: الخلع تطليقة ثانية روي هذا القول عن عثمان، وعلي، وابن مسعود، وبه قال الحسن البصري، وابن المسيب، وعطاء بن أبي رباح، والشعبي، وشريح، وقبيصة بن ذؤيب، ومجاهد، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، والزهري، ومكحول، والنخعي، وابن أبي نجيح. وبه قال مالك، والأوزاعي، والثوري، وأصحاب الرأي، غير أن أصحاب الرأي قالوا: إن نوى الزوج ثلاثاً كان ثلاثاً، وإن نوى اثنين فهو واحدة بائنة لأنها كلمة. وفيه قول ثان: وهو أن الخلع فسخ وليس بطلاق، هكذا قال ابن عباس، وطاووس، وعكرمة. وبه قال أحمد، وإسحاق، وأبو ثور. ويه قول ثالث: وهو أنه إن نوى بالخلع طلاقاً، أو سماه فهو طلاق، وإن لم ينو طلاقاً ولا سمى، لم يقع فوقه، هذا قول الشافعي. وفيه قول رابع: قاله أبو عبيد قال: إن نكاح الزوج الذي يلي ذلك فهو طلاق، وإن كان السلطان بعث حكمين فهو انقطاع للعصمة غير طلاق. وضعف أحمد حديث عثمان، وحديث علي، وابن مسعود في إسنادهما مقال: وليس في الباب اصح من حديث ابن عباس، واحتج ابن عباس فيه بالفراق قوله: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ}

4 - باب الطلاق بعد الخلع في العدة

إلى قوله: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} الآية. 4 - باب الطلاق بعد الخلع في العدة م 3061 - اختلف أهل العلم في الرجل يخالع زوجته، ثم يطلقها وهي في العدة. فقالت طائفة: [2/ 68/ب] يلحقها الطلاق ما دامت في العدة، كذلك قال سعيد بن المسيب، وشريح، وطاووس، والنخعي، والز هري، والحكم، وحماد، والثوري، وأصحاب الرأي. وفيه قول ثان: وهو أن الطلاق لا يلزمها، هذا قول ابن عباس، وابن الزبير، وعكرمة، والحسن، وجابر بن زيد، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبي ثور. وفيه قول ثالث: وهو إن اتبعها الطلاق حين تعتدي لزمها الطلاق، وإن طلقها بعد ما يفرقان، لم يلزمها. وقال مالك: إذا افتدت بشيء على أن يطلقها، ثم طلقها طلاقاً متابعاً نسقاً، فذلك ثابت عليه، وإن كنت بين ذلك صمت، فليس بشيء. قال أبو بكر: بقول ابن عباس، وابن الزبير أقول.

5 - باب الخلع يكون بعده النكاح في العدة

5 - باب الخلع يكون بعده النكاح في العدة م 3062 - واختلفوا في الرجل يخالع زوجته، ثم يريد الرجوع إليها، فقال أكثر أهل العلم: لا سبيل له إليها إلا بتجديد نكاح مستأنف، هذا قول عطاء، والحصن البصري، وطاووس، والنخعي، والثوري، ومالك، والأوزاعي، والشافعي، وإسحاق. وفيه قول ثان: وهو إن شاء راجعها وأشهد عليه، ورد عليها ما أخذ منها، هذا قول سعيد بن المسيب، والزهري. وفيه قول ثالث: وهو إن كان لم يسم في الخلع طلاقاً، فالخلع فرقة ولا يملك رجعتها، وإن سمى فيه طلاقاً فهو أملك برجعتها ما دامت في العدة، هذا قول أبي ثور. قال أبو بكر: الأول أصح. 6 - باب الخلع يكون بعده النكاح في العدة ثم الطلاق قبل المسيس وما يجب عليه من المهر م 3063 - واختلفوا في الرجل تكون له المرأة قد دخل بها، ثم يخالعها، ثم ينكحها في العدة، ثم يطلقها قبل [أن] يمسها. فقالت طائفة: عليها العدة، كذلك قال النخعي، والشعبي. وفيه قول ثان: وهو أن عليها أن تكمل بقية عدتها، روي ذلك عن الحسن، وعطاء، وقتادة، ومالك، وأبي عبيد. م 3064 - واختلفوا فيه إن طلقها وهذه صفته، فيما يجب لها من المهر، فقال الحصين البصري، وعطاء، وعكرمة، وطاووس، وقتادة،

7 - باب الخلع في المرض

وميمون بن مهران، ومالك، والأوزاعي، وأبو عبيد، لها نصف الصداق. وقد روي عن، والنخعي أنهما قالا: لها الصداق كاملاً [2/ 69/ألف]. 7 - باب الخلع في المرض م 3065 - واختلفوا في المرأة تختلع من زوجها وهي مريضة. فقالت طائفة: إن اختلعت منه بأقل من ميراثه منها أجزناه، وإن اختلعت بأكثر من ميراثه منها لم نجزه، هذا قول الثوري، وأحمد، وإسحاق. وقال مالك: يجوز من ذلك خلع مثلها، ويؤخذ منه ما زاد على خلع مثلها، وقال أصحاب الرأي: إن كنت اختلعت منه بالمهر الذي تزوجها به، وقد دخل عليها وماتت في العدة، وكان ذلك أقل من ميراثه فهو جائز، وإن كان (¬1) أكثر من المهر، وماتت قبل انقضاء العدة، فإن كان ذلك أقل من ميراثه منها، فهو جائز، وإن كان أكثر فهو مردود إلى قدر ميراثه. وقال الشافعي: "إن خالعته بمهر مثل أو أقل، فالخلع جائز، وإن خالعته بأكثر من مهر مثلها، ثم ماتت في مرضها قبل أن تصح، جاز له وكان الفاضل عن مهر مثلها وصية، يخاص به أهل الوصايا". ¬

_ (¬1) كلمة "كان" تكررت في الأصل.

مسألة

وكان أبو ثور يجيز أن تختلع منه بمهر مثلها في مرضها وإن كان جميع ما يملك، وإن ماتت. (¬1) مسألة م 3066 - كان الحارث العكلي يقول: إذا اختلعت المرأة من زوجها وهو مريض، فمات وهي في العدة، فلا ميراث لها، وبه قال أصحاب الرأي. وقال الزهري: ترثه، وبه قال أبو عبيد. 8 - باب تفريق الأب بين ابنه الصغير وبين زوجته تخلع م 3067 - واختلفوا في [[مبارأة]] الأب على ابنته الصغيرة البكر. فقالت طائفة: ذلك جائز عليها، ولا تجوز على الثيب، هذا قول عطاء بن أبي رباح، وبه قال الزهري. وقال الزهري في الابن والبنت الصغرين، جائز صلح الأب عليهما، وبه قال قتادة. م 3068 - وقال عطاء: إذا زوج الأب فالطلاق في يد الأب، وبه قال قتادة، إذا كان الابن صغيراً، قال: وعلى الأب نصف الصداق، وبه قال يحيى الأنصاري، وأبو عبيد، إلا الصداق فإنهما لم يذكراه. وقال مالك: لا يجوز طلاق الأب عليه، ويجوز الصلح وتكون تطليقة بائنة كذلك الوصي يزوج اليتيم، ثم تصالح عنه امرأته وتكون تطليقة. ¬

_ (¬1) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: ونص الكلام في الأوسط كما يلي: «وكان أبو ثور: يقول: إذا اختلعت المرأة من زوجها في مرضها على مهرها وهو جميع مالها كان الخلع جائزا وكان المهر له، فإن ماتت في مرضها لم يكن للورثة على الزوج سبيل، ولم يكن لهم أن يرجعوا عليه بشيء.»

9 - مسائل من كتاب الخلع

قال أبو بكر: وأبطلت طائفة ذلك [2/ 69/ب] كله، وقالت: الطلاق إلى الأزواج، فإن طلق الأب على ابنه، فهي زوجة بحالها، ولا يجوز طلاقه، هذا قول الشافعي، والثوري، وأصحاب الرأي، وهو قول مجاهد. وبه نقول. 9 - مسائل من كتاب الخلع م 3069 - واختلفوا في الخلع بالشيء المجهول، وذلك أن تخالعه بما في بطن أمتها، أو بعبد لم يره ولم يعرفه، فإن الشافعي يقول: الخلع جائز، وله مهر مثلها. وقال أبو ثور: الخلع باطل. وقال أصحاب الرأي: الخلع جائز وله ما في بطن الأمة، فإن لم يكن فيه ولد، فلاشيء له. م 3070 - فإن اختلعت منه على خادم وسط، فالوسط عندنا أربعون ديناراً في قول النعمان، وفي قول يعقوب، ومحمد: على قدر الغلاء والرخص. وفي قول الشافعي: له مهر مثلها. م 3071 - واختلفوا في الرجل يخالع زوجته على الشيء الحرام مثل الخمر، والخنزير، ففي قول الشافعي: الخلع جائز، وله مهر مثلها. وفي قول النعمان وأصحابه: ليس (¬1) له غير ما سمى. وفي قول مالك، وأبي ثور: الخلع جائز وليس له شيء. ¬

_ (¬1) في الأصل "وليس".

م 3072 - واختلفوا في الرجل يخالع المرأة على عبد بعينه، فيتلف العبد بعد الخلع قبل أن يقبضه الزوج، فكان الشافعي يقول: له مهر مثلها. وقال أصحاب الرأي: إن مات العبد قبل الخلع فله مهرها الذي أعطاها، وإن مات بعد الخلع فله قيمته. وفي قول أبي ثور: إن كان هو التارك للعبد في يدها حتى مات فلا شيء، وإن منعته بعد الخلع فعليها قيمته. م 3073 - وإذا خالعها على عبد فكان حراً، ففي قول الشافعي: له مثلها. وفي قول أبي ثور: له قيمته. وفي قول أصحاب الرأي: يرجع عليها بالمهر الذي أعطاها. م 3074 - وقال أبو ثور، وأصحاب الرأي: إن استحقه رجل فللزوج قيمة العبد. وفي قول الشافعي: له مهر مثلها. م 3075 - وإذا اختلعت منه على عبد، ومهر مثلها ألف درهم على أن زادها ألف درهم. ففي قول أبي ثور: الخلع باطل. وفي قول أصحاب الرأي: يرجع عليها بالألف درهم، ويأخذ منها نصف قيمة العبد. وفي قول الشافعي: عليها مهر مثلها، ويرجع عليها بالألف إن كانت قبضتها. م 3076 - وإذا خالع السكران امرأته فهو جائز في قول مالك، والشافعي، وأصحاب الرأي. وقال أبو ثور: فيها قولان آخر، [2/ 70/ألف] وهو إن خلعه لا يجوز.

قال أبو بكر: وقياس قول عثمان بن عفان إن الخلع لا يجوز. وكذلك نقول. م 3077 - واختلفوا في خلع المكره عليه، ففي فول أبي ثور، لا يجوز، وهو قياس قول مالك، والشافعي. وفي قول أصحاب الرأي: جائز. م 3078 - واختلفوا في الرجل تكون له المرأتان تسألانه أن يطلقهما بألف، فطلقهما في ذلك المجلس، فقال أصحاب الرأي: يقسم الألف على قدر ما تزوجهما عليه من المهر، فتلزم كل واحدة ما أصابها من ذلك، هكذا قال أصحاب الرأي. وقال أبو ثور: على كل واحدة منهما نصف الألف. وللشافعي فيها قولان: أحدهما أن الألف عليهما على قدر مهور أمثالهما. والآخر: إن على كل واحدة منهما مهر مثلها. م 3079 - فإن ادعت أن الزوج خالعها، وأقامت شاهداً أنه خالع بألف، وشاهداً بخمس مائة، كانت شهادتهما باطلة، ولا يلزم الزوج شيء في قول الشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي. وكذلك نقول م 3080 - وإن أنكرت المرأة الخلع وادعاه الزوج، فشهد شاهد أنه خالعها بعبد، وشهد آخر أنه خالعها بدنانير، لزمه الطلاق الذي أقر به، ولم يلزمها من المال شيء في قول الشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي. وكذلك [نقول] (¬1). ¬

_ (¬1) ما بين القوسين كان ساقطاً من الأصل.

م 3081 - واختلفوا في المرأة تقول لزوجها: اخلعني ولك ألف درهم، ففعل، ففي قول أبي ثور: الخلع باطل، وإن طلق فالطلاق لازم، ولا شيء له. وقال النعمان: الخلع والطلاق لازم، وليس له من الألف شيء، وهو يملك الرجعة. وفي قول يعقوب، ومحمد: الطلاق بائن، والمال لها لازم. م 3082 - إذا قال: أنت طالق وعليك ألف درهم، فهي واحدة، وله الرجعة وليس عليها من الألف شيء في قول الشافعي، والنعمان. م 3083 - وإذا اختلعت المرأة من زوجها بهذا الدن من الخل، فنظره فإذا هو خمر، ففي قول الشافعي: له مهر مثلها. وقال النعمان: ترد المهر الذي أخذت منه. وقال أبو ثور: له ملء الدن خل من الخل الذي وصفته. وفي قول ابن الحسن: له مثل كيل ذلك الدن، خل من خلط وسط. م 3084 - وإذا اختلعت المرأة من زوجها إلى قدوم فلان، [2/ 70/ب] أو إلى موته بشيء معلوم، فالخلع جائز في قول الشافعي، وله مهر مثلها، لأن ذلك إلى أجل مجهول. وقال أصحاب الرأي: المال حال عليها. وقال أبو ثور: الخلع جائز، والمال إلى ذلك بالأجل. م 3085 - وإذا اختلعت المرأة من زوجها بعرض موصوف، أو طعام موصوف إلى أجل معلوم، فهو جائز في قول الشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي.

10 - باب الخلع دون السلطان

10 - باب الخلع دون السلطان م 3086 - واختلفوا في الرجل يخالع زوجته دون السلطان، فقال كثير من أهل العلم: ذلك جائز، روينا ذلك عن عمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان. وبه قال شريح، والزهري، ومالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي. وبه نقول. وكان الحسن، وابن سيرين يقولان: لا يجوز الخلع إلا عند سلطان. 11 - باب الحكمين قال الله تعالى ذكره: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا} الآية. قيل في قوله: {وَإِنْ خِفْتُمْ} أيقنتم، وفي قوله {شِقَاقَ بَيْنِهِمَا}: تفاسد، وقيل: تباعد ما بينهما، {فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ} الآية. م 3087 - واختلفوا في الإمام يبعث بحكم من أهله، وحكم من أهلها.

فقالت طائفة: الأمر إلى الحكمين، إن رأيا أن يجمعا جمعا، وإن رأيا أن يفرقا بينهما فرقا بينهما، روينا هذا القول عن علي، وابن عباس. وبه قال، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، وسعيد بن جبير، والنخعي، ومالك، وإسحاق. قال أبو بكر: وبهذا القول أقول، لظاهر قوله {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا} الآية. وفيه قول ثان: وهو أن الحكمين لا يفرقان إلا بأن يجعل ذلك الزوجان بأيديهما، هذا قول عطاء، والشافعي.

55 - كتاب الايلاء ما فيه من الأحكام والسنن

55 - كتاب الايلاء ما فيه من الأحكام والسنن [1 - باب حد الإيلاء] (¬1) قال أبو بكر محمد بن إبراهيم بن المنذر: قال الله عز وجل: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} الآية. كان أبي بن كعب، وابن عباس يقرآن هذه الآية {للذين يقسمون من نسائهم}. م 3088 - واختلفوا في الرجل يولي من امرأته أربعة أشهر أو أقل فكان ابن عباس يقول: لا يكون الرجل مولياً حتى يحلف ألا يمسها أبداً. وفيه قول ثان: وهو أن الايلاء إنما هو أن يحلف أن لا يطأها أكثر من أربعة أشهر، كذلك قال مالك، والشافعي، وأحمد، [2/ 71/ألف] وأبو ثور. وقال عطاء، والثوري، وأصحاب الرأي: الايلاء أن يحلف على أربعة أشهر فصاعداً. وفيه قول ثالث: وهو أن من حلف على قليل من الأوقات أو كثير فتركها أربعة أشهر فهو مولى، هذا قول النخعي، وقتادة. وبه قال أحمد، وابن أبي ليلى، وإسحاق. ¬

_ (¬1) ما بين المعكوفين زيد من عندي.

1 - جماع الأيمان التي يكون بها وجوب الايلاء

قال أبو بكر: أنكر هذا القول كثير من أهل العلم، وقالوا: لا يكون الايلاء أقل من أربعة أشهر، هذا قول ابن عباس، وسعيد بن جبير، وطاووس، ومالك، والثوري، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وأبي ثور، وأبي عبيد، والنعمان، ويعقوب. وبه نقول. م 3089 - وقد روينا عن ابن عباس أنه قال: كل يمين منعت جماعاً فهي ايلاء، وبه قال الشعبي، والنخعي، ومالك، وأهل الحجاز، والثوري، وأهل العراق والشافعي، وأبو ثور، وأبو عبيد. وبه نقول. 1 - جماع الأيمان (¬1) التي يكون بها وجوب الايلاء 2 - باب الايلاء في الغضب والرضا م 3090 - واختلفوا في الرجل يولي من زوجته في غير حال الغضب، فروينا عن علي بن أبي طالب أنه قال: ليس في الإصلاح ايلاء. وعن ابن عباس: أنه قال: إنما الايلاء في الغضب، وروي هذا القول عن النخعي، والحسن، وقتادة. وقال مالك: من حلف أن لا يطأها امرأته حتى تفطم ولدها، فإن ذلك لا يكون ايلاء، وكذلك قال الأوزاعي، وأبو عبيد، إن أراد الإصلاح لولده. وفيه قول ثان: وهو أن الايلاء في الغضب والرضا سواء، كما يكون سائر الإيمان فيهما سواء، روي هذا القول عن ابن مسعود. ¬

_ (¬1) في الأصل "باب الأيمان".

3 - باب الطلاق والايلاء يجتمعان

وبه قال الثوري وأهل العراق، والشافعي، وأصحابه، وهو قول أحمد إذا أراد اليمين. قال أبو بكر: وهذا أصح، لأنهم أجمعوا أن الظهار، والطلاق، وسائر الأيمان سواء في حال الغضب والرضاء، كان الايلاء كذلك. 3 - باب الطلاق والايلاء يجتمعان م 3091 - واختلفوا في الرجل يولي من امرأته، ثم يطلقها. فقالت طائفة: يهدم الطلاق الايلاء. روي هذا القول عن ابن مسعود. وبه قال النخعي، وعطاء، والحسن، وقتادة، والأوزاعي. وفيه قول ثان: روينا عن علي أنه قال: إذا سبق حد الايلاء حد الطلاق فهما تطليقتان، وإن [2/ 71/ب] سبق حد الطلاق الايلاء فهي واحدة. وقال الشعبي، والحسن: أيهما سبق أخذ به، وإن وقعا جميعاً، أخذ بهما. وقال أصحاب الرأي: لا يهدم الطلاق الايلاء، وإن مضت أربعة أشهر قبل أن تحيض ثلاث حيض، بانت منه. وحكى أبو عبيد هذا القول عن الثوري. وقال الزهري: إذا آلى ثم طلق، أو طلق ثم آلى وقعا جميعاً. وكان مالك يقول: "إذا آلى ثم طلق وانقضت الأربعة الأشهر قبل انقضاء عدة الطلاق فهما تطليقتان، إن هو وقف فلم يف، وإن

4 - باب الايلاء بالظهار يوجبه المولى

مضت عدة الطلاق قبل الأربعة الأشهر فليس الايلاء بطلاق". قال أبو عبيد: والمعمول به عندي قول مالك أنه يوقف بعد الأربعة الأشهر، وإن لم يكن قد بقي من عدة الطلاق إلا يوم واحد بعد أن تكون المرأة تريد ذلك. وقال الشافعي: إذا آلى، ثم طلق فمضت الأربعة الأشهر قبل أن تنقضى عدة الطلاق، فلا وقوف عليه ولا طلاق ما لم يراجعها لأنه ليس له أن يجامعها ما لم يراجعها. 4 - باب الايلاء بالظهار يوجبه المولى م 3092 - واختلفوا في الرجل يقول لامرأته: [[إن قربتك]] فأنت علي كظهر أمي. فقالت طائفة: إذا مضت أربعة أشهر فهو ايلاء، كذلك قال النخعي، والحسن، وبه قال مالك، وأبو ثور. والصحيح من قول الشافعي بمصر أن كل يمين منعت جماعاً فهي ايلاء، وهو قول أصحاب الرأي. وبمثل قول الحسن، والنخعي قال أبو عبيد. 5 - باب الايلاء بالظهار الذي لا يشترط فيه الهجران للمضجع م 3093 - واختلفوا في المظاهر مضى له أربعة أشهر. فقالت طائفة: ليس ذلك بايلاء، كذلك قال عطاء،

6 - باب الفيء في الايلاء بالجماع لمن لا عذر له

والشعبى، والزهري. وقال ابن المسيب، والحسن، والنخعي: ليس في الظهار وقت. وقال جابر بن زيد، وقتادة: هو ايلاء. قال أبو بكر: لا يكون الولى مظاهراً، والمظاهر مولياً، وهما أصلان، وهذا على مذهب الشافعي، والثوري، وأحمد، والنعمان. 6 - باب الفيء في الايلاء بالجماع لمن لا عذر له قال الله جل ذكره: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا [2/ 72/ألف] فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} الآية. م 3094 - وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن الفيء الجماع، كذلك قال ابن عباس، وروي ذلك عن علي، وابن مسعود. وبه قال مسروق، والشعبي، وسعيد بن جبير، وعطاء، والنخعي، والثوري، والأوزاعي، والشافعي، وإسحاق، وأبو عبيد، وأصحاب الرأي: أن الفيء الجماع إذا لم يكن له عذر. م 3595 - وقد اختلفوا في فيء (¬1) من لا يقدر على الجماع. فقالت طائفة: إذا فاء بلسانه وقلبه فقد فاء، روي ذلك عن ابن مسعود. وممن قال إذا كان له عذر فإنه يفيء بلسانه، جابر بن زيد، والنخعي، والحسن، والزهري. ¬

_ (¬1) في الأصل " فيئه".

7 - باب الكفارة في الحنث على المولى

وقال الزهري: يفيء بلسانه يقول: قد فئت، يجيزه ذلك، وبه قال أبو عبيد، وأصحاب الرأي. وقال أبو ثور: إذا لم يعذر من مرض، أو علة يؤقت حتى يصح، أو يصل إن كان غائباً. وقالت طائفة: إذا أشهد على فيئه في حال العذر أجزاه. هذا قول الحسن، وعكرمة، وبه قال الأوزاعي، وقال أحمد: إذا كان له عذر يفيء بقلبه، وبه قال أبو قلابة. وقال النعمان: أجزأه إذا لم يقدر على الجماع بقوله: قد فيئت إليها. وقالت طائفة: لا يكون الفيء إلا بالجماع في حال العذر وغيره، كذلك قال سعيد بن المسيب، قال: وكذلك إن كان في سفر أو سجن. 7 - باب الكفارة في الحنث على المولى م 3096 - واختلفوا في المولى يقرب امرأته فقال أكثرهم: إذا قربها كفر عن يمينه، روي هذا القول عن ابن عباس، وزيد بن ثابت. وبه قال النخعي، وابن سيرين، وبه قال الثوري، ومالك وأهل المدينة، والشافعي، وأصحاب الرأي، وأبو عبيد، وعامة أهل العلم. وبه نقول. وفيه قول ثان: وهو إذا فاء فلا كفارة عليه، هذا قول الحسن البصري، وقال النخعي: كانوا يقولون ذلك.

8 - باب انقضاء وقت الايلاء والحكم على أهله فيه

8 - باب انقضاء وقت الايلاء والحكم على أهله فيه م 3097 - واختلفوا في المولى من امرأته تنقضي الأربعة أشهر من وقت الايلاء. فقالت طائفة: إذا مضت أربعة أشهر فهي تطليقة بائنة، كذلك قال ابن مسعود، وابن عباس. وروي ذلك عن عثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، وزيد بن ثابت، وابن عمر، وبه قال عكرمة، وجابر بن زيد، ومسروق، والحسن البصري، وعطاء بن أبي رباح، وقبيصة بن [2/ 72/ب] ذؤيب، والنخعي، والأوزاعي، وابن أبي ليلى، والثوري، وأصحاب الرأي. وفيه قول ثان: وهو أنها تطليقة يملك الرجعة إذا قضت أربعة أشهر، هذا قول سعيد بن المسيب، وأبي بكر بن عبد الرحمن، ومكحول، والزهري. وفيه قول ثالث: وهو أن المولى يوقف عند مضي الأربعة الأشهر، فإما فاء وإما طلقه، كذلك قال علي بن أبي طالب، وابن عمر، وعائشة. وروي ذلك عن عمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وأبي الدرداء. وقال سليمان بن يسار: كان تسعة عشر رجلاً من أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - يوقفون في الايلاء. وقال سهيل بن أبي صالح عن أبيه قال: سألت اثني عشر رجلاً من أصحاب الرسول - صلى الله عليه وسلم - عن المولى فكلهم يقول: ليس عليه شيء حتى يمضي أربعة أشهر، فيوقف فإن فاء وإلا طلق.

9 - باب الرجل يولي من امرأته قبل أن يدخل بها

وبه قال ابن المسيب، ومجاهد، وطاووس، ومالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو عبيد، وأبو ثور. وبه نقول. 9 - باب الرجل يولي من امرأته قبل أن يدخل بها م 3098 - واختلفوا في المولى قبل أن يدخل بامرأته. فقالت طائفة: إنما الايلاء بعد الدخول كذلك قال عطاء، والزهري، والثوري. وفيه قول ثان: وهو أن ذلك ايلاء يحكم على الزوج بحكم المولى، كذلك قال النخعى، ومالك، والأوزاعي، والشافعي، وأحسبه مذهب أصحاب الرأي. وبه نقول. 10 - باب الايلاء قبل النكاح م 3099 - واختلفوا في الرجل يحلف أن لا يطأ فلانه، وليست بزوجة له، ثم ينكحها. فقالت طائفة: ليس بمولى ويكفر إذا قبرها، هذا قول الشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبي ثور. وبه نقول. وفيه قول ثان: وهو أنه مولى، هذا قول مالك بن أنس.

11 - باب ايلاء العبد

وفيه قول ثالث: قال سفيان الثوري: إذا مرت به امرأة فحلف أن لا يقربها، ثم تزوجها، قال: ليس بايلاء، وإن قال: إن تزوجتها فوالله لا أقربها، فإن تزوجها، وقع الايلاء. وبه قال أصحاب الرأي، وقالوا: عليه الكفارة. 11 - باب ايلاء العبد م 3100 - واختلفوا في ايلاء العبد، فكان الشافعي، وأحمد، وأبو ثور يقولون: ايلاءه مثل ايلاء الحر. وحجتهم ظاهر قوله: {لِلَّذِينَ [2/ 73/ألف] يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} الآية فكان ذلك لازماً لجميع الأزواج. وبه نقول. وفيه قول ثان: وهو أن ايلاءه شهران، كذلك قال عطاء بن أبي رباح، والزهري، ومالك، وإسحاق. وفيه قول ثالث: وهو أن ايلاءه من زوجته الأمة شهر، ومن الحرة أربعة أشهر، هذا قول الحسن البصري، والنخعي. وقال الشعبى، إيلاء الأمة نصف ايلاء الحرة. 12 - باب ايلاء الذمي م 3101 - واختلفوا في ايلاء الذمي، فقال الشافعي، وأحمد: يلزمه من ذلك ما

13 - باب الرجل يحلف أن لا يطأ زوجته في موضع بعينه

يلزم المسلم إذا رضي بحكمنا. وبه قال أبو ثور، إذا اختار الإمام الحكم بينهم، وهو قول النعمان. وفيه قول ثان: وهو أنه إذا أسلم سقط حكمه إذا حلف بالله في شركه، أو بما كان من الأيمان، هذا قول مالك. وفيه قول ثالث: وهو أنه لا يكون مولياً إذا كانت يمينه بالله، لأنه إذا جامع لم يحنث، فإن كانت يمينه بطلاق أو عتاق فهو مولى، هذا قول يعقوب، ومحمد. 13 - باب الرجل يحلف أن لا يطأ زوجته في موضع بعينه م 3102 - واختلفوا في الرجل يحلف أن لا يطأ زوجته في هذا البيت، أو في هذه الدار، فقال كثر منهم: ليس بمول لأنه يجد السبيل، إلى وطيها في ذلك المكان، هذا قول الثوري، والشافعي، والنعمان وصاحبيه. وبه قال الأوزاعي، وأحمد. وفيه قول ثان: وهو أنه مولى، إن تركها أربعة أشهر بانت بالايلاء، هذا قول ابن أبي ليلى، وبه قال إسحاق إلا أنه يرى أن يوقف عند انقضاء الأشهر الأربعة. 14 - باب الايلاء من الأربع نسوة م 3103 - وإذا قال الرجل لأربع نسوة له: والله لا أقربكن.

15 - باب المولى يستثني في يمينه

فقالت طائفة: هو مولى بهن يوقف لكل واحد منهن، فإذا أصاب ثلاثة خرج من حكم الايلاء فيهن، وعليه للباقية أن يوقف حتى يفي أو يطلق، ولا حنث عليه حتى يصيب الأربع. هذا قول الشافعي، وبه قال أبو ثور. وقال أصحاب الرأي: هو مولى منهن كلهن، وإن تركهن أربعة أشهر، بن جميعاً بالايلاء، وإن جامع واحدة قبل الأربعة الأشهر، أو اثنتين، أو ثلاثة سقط حكم الايلاء عمن جامع منهن [2/ 73/ب] ولا كفارة عليه؛ لأنه لم يجامع كلهن ولا يقع الحنث إلا بجماعهن كلهن، وبنحو منه قال الثوري. قال أبو بكر: أصل ما بني عليه أهل العلم في الايلاء بأن كل يمين منعت جماعاً فهي ايلاء، والمولى من أربع نسوة: لأوطيهن، غير حانث إن وطئ واحدة، وإنما يكون مولياً من الرابعة منهن إذا جامع ثلاثاً، لأنه حينئذ يحنث إن وطي الرابعة، ولا يكون قبل ذلك مولياً بحنث أو وطئ والله أعلم. 15 - باب المولى يستثني في يمينه م 3104 - وإذا حلف الرجل أن لا يطأ زوجته واستثنى في يمينه، فليس بمولي يلزمه حكم الايلاء، هكذا قال الثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. وكذلك نقول. قال أبو بكر:

16 - باب مسائل

م 3105 - وإذا قال الرجل: والله لا أقربك حتى يشاء فلان فليس بمولي حتى يشاء فلان، إذا شاء فلان فهو مولي، وهذا قول الشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي. 16 - باب مسائل م 3106 - وإذا حلف أن لا يطأ زوجته حتى تمضي سنة إلا مرة، فليس [[بمولٍ]] يجب عليه حكم الايلاء حتى يطأها مرة، فإن وطيها ولم يبق من السنة إلا أقل من أربعة أشهر، فليس بمولٍ في قول الشافعي، وأبي ثور. وهو مولى في قول أصحاب الرأي. م 3107 - واختلفوا في الرجل يولي من امرأته، ثم يطلقها تطليقة وتنقضي عدتها، ثم ينكحها، ففي قول النعمان، وأصحابه، يكون مولياً. وللشافعي في هذه المسألة قولان. أحدهما: كما قال النعمان. والآخر: إن الايلاء قد سقط، وذلك لأنها صارت في حال بعد انقضاء العدة، لو طلق لم يقع عليها طلاقه. وفيه قول ثالث: وهو أن الايلاء يرجع عليه، وإن طلق ثلاثاً وتزوجت زوجاً، ثم تزوجها الأول، هذا قول مالك. قال أبو بكر: م 3108 - إذا صارت مرة أحق بنفسها في أن تنقضي عدتها، فليس يرجع عليه الايلاء، وإذا قال: أنت علي كامرأة فلان، وقد كان فلان آلى من امرأته وهو ينوي الايلاء، ففي قول أصحاب الرأي مولياً [2/ 74/ألف].

وإذا ألى من امرأته ثم قال الأخرى: قد اشركتك معها، كان باطلاً، وبه قال الشافعي، إذ قال: اشركتك معها، أنه لا يكون شيئاً. قال أبو بكر: وهذا عندي غير مولي في المسألتين جميعاً. قال أبو بكر: م 3109 - وإذا حلف الرجل بعتق رقيقة لا وطئ زوجته، فإن باع رقيقه، سقط الايلاء في قولهم جميعاً. م 3110 - فإن عادوا في ملكه بشراء أو غيره ففي قول أبي ثور، وهو أحد قولي الشافعي سقط الايلاء، وبه قال الأوزاعي. وقد قال الشافعي: إذا عادوا في ملكه، عاد عليه الايلاء، وهذا قال أصحاب الرأي. م 3111 - واختلفوا في الرجل يحلف لا وطئ زوجته حتى تفطم ولدها، فقال الحسن البصري، وقتادة، ومالك، وأبو ثور: ليس بمولي إذا أراد الاصلاح. قال الشافعي مرة: هو مولي. وقال مرة: ليس بمولي. وقال أبو ثور: إذا أمكنه الجماع فهو مولي. وقال أصحاب الرأي: إذا كان بينه وبين الفطام أربعة أشهر وهو ينوي الفطام، لا ينوي دونه، فهو مولي.

56 - كتاب الظهار

56 - كتاب الظهار قال الله جل ذكره: {الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ} الآية. (ح 1144) وفي حديث خويلة امرأة أوس بن الصلت أنه قال لها: أنت علي كظهر أمي لذكر ذلك لرسول الله- صلى الله عليه وسلم -، فأمره رسول الله- صلى الله عليه وسلم - بالكفارة. م 3112 - وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن تصريح الظهار أن يقول الرجل لزوجته: أنت علي كظهر أمي. واختلفوا في الظهار ببعض الجسد سوى الظهر، وأنا مبين ذلك فيما بعد إن شاء الله تعالى. 1 - باب الظهار في المرأة الواحدة مراراً م 3113 - واختلفوا في الرجل يظهار من امرأته مراراً. فقالت طائفة: عليه كفارة واحدة، روي هذا القول عن علي بن أبي طالب، وعطاء بن أبي رباح، وجابر بن زيد، والشعبي، وطاووس.

2 - باب ظهارالرجل من أربع نسوة

وبه قال الزهري، ومالك، والأوزاعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو عبيد، وأبو ثور. وقالت طائفة: عليه كفارات [2/ 74/ب] إذا أراد بكل واحدة منها ظهاراً غير صاحبه قبل أن يكفر، وشبهوا ذلك بالطلاق، وهذا قول الثوري، وبه قال الشافعي إذ هو بالعراق. وروينا عن علي أنه قال إذا ظهار من امرأته مقاعد شتى في أمر واحد فكفارات شتى، وإن ظهار في مقعد واحد فكفارة واحدة، وبه قال عمرو بن دينار، وقتادة. وقال أصحاب الرأي: إذا ظهار مرات في مجالس مختلفة فلكل مرة كفارة، وإذا ظهار منها في مجلس واحد ثلاث مرات، أو أربع، فعليه لكل ظهار كفارة، إلا أن يكون نوى الظهار الأول فعليه كفارة واحدة. 2 - باب ظهارالرجل من أربع نسوة م 3114 - واختلفوا في الرجل بظاهر من ثلاث نسوة أو أربع. فقالت طائفة: عليه كفارة واحدة، عن عمر بن الخطاب. وبه قال الحسن، وعطاء، وعروة، وربيعة، ومالك، والأوزاعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور. وقالت طائفة: عليه لكل امرأة كفارة كذلك قال النخعي، والزهري، ويحيى الأنصاري، والثوري، وأصحاب الرأي. وبه قال الشافعي، وقد كان يقول قبل ذلك كما روي عن عمر. قال أبو بكر: هذا أولى إن شاء الله.

3 - باب الظهار بذوات المحارم

3 - باب الظهار بذوات المحارم م 3115 - واختلفوا في الظهار بذوات محارم سوى الأم. فقالت طائفة: الظهار من كل محرم يحرم عليه نكاحه، هذا قول الحسن البصري، والشعبي، والنخعي، وجابر بن زيد، وعطاء، والزهري، ومالك، والأوزاعي، والثوري، وأصحاب الرأي. وبه قال أحمد، وإسحاق، وأبو عبيد، وأبو ثور. وقال الشافعي: إذ هو بالعراق: وفي الظهار بما سوى الأم قولان. أحد: كقول هؤلاء. والقول الآخر: أنه لا يكون إلا بالأم، ثم قال بمصر كما ذكرناه عن جمل الناس. وفيه قول ثان: وهو أن الظهار لا يكون إلا بأم أو جدة، هذا قول قتادة، وروي عن الشعبي أنه قال: الأم وحدها، وحكى أبو ثور هذا القول عن الشافعي. 4 - باب الظهار بالأب أو الأجنبي م 2116 - واختلفوا في الرجل يقول لامرأته: أنت علي كظهر أبي، فقال الشافعي: لا يكون ظهاراً. وقال مالك: هو مظهار، وبه قال أحمد وقال جابر بن زيد، وأحمد: إذا قال: أنت علي كظهر لرجل، فهو مظهار [2/ 75/ألف].

5 - باب الظهار ببعض الجسد سوى الظهر

5 - باب الظهار ببعض الجسد سوى الظهر م 3117 - قال جابر بن زيد: البطن، والظهر سواء إذا قال لها: أنت عليّ كبطن أمي. وبه قال الثوري، والشافعي، وكذلك قال النعمان في الفرج، إذا قال: أنت عليّ كفرج أمي، وبه قال ابن القاسم صاحب مالك، وأبو عبيد. وقال أصحاب الرأي: إذا قال كفرجها، أو كبطنها، أو كيدها، أو كجسدها فهو مظهار، وإن قال: كيدها، أو كرجلها فليس بشيء، وكذلك إذا قال: شعرك عليّ كظهر أمي كان باطلاً. 6 - باب إذا قال لها: أنت عليّ مثل أمي م 3118 - كان الشافعي يقول: إذا قال لزوجته: أنت عليّ أو عندي مثل أمي، أو عدل أمي، فأراد الكرامة فلا ظهار، وكذلك قال أبو ثور، إذا لم يكن في غضب، وقال أحمد: إذا قال: أنت أمي إن فعلت كذا، فعليه الكفارة. وقال إسحاق: ليس عليه شيء إلا أن ينوي الظهار. وفي كتاب محمد بن الحسن: إن عني الظهار فهو ظهار، وإن عنى الكرامة فليس بظهار، وإن يكن له نية فليس بشيء، وهذا قول النعمان. وفي قول يعقوب: هو تحريم إذا لم يكن له نية. وفي قول محمد: هو ظهار إذا لم يكن له نية.

7 - باب إذا قال الرجل لزوجته: أنت علي حرام كأمي

7 - باب إذا قال الرجل لزوجته: أنت عليّ حرام كأمي م 3119 - واختلفوا في هذه المسأله فذكر ابن القاسم أن في قول مالك: هو مظهار. وقال النعمان، ومحمد، إذا أراد طلاقاً فهو طلاق، وإن أراد ظهاراً فهو ظهار. وقال محمد: إذا لم يرد واحداً منهما فهو ظهار. وقال أبو ثور: عليه كفارة يمين. قال أبو بكر: م 3120 - فإن قال: أنت عليّ حرام كظهر أمي ففي قول الشافعي: إن أراد طلاقاً فهو طلاق، وإن لم يرد طلاقاً فهو مظهار. وقال أبو ثور: هو ظهار، وبه قال النعمان. وقال يعقوب، ومحمد: إن أراد طلاقاً فهو طلاق. 8 - باب ظهار المرأة من الزوج م 3121 - واختلفوا في ظهار المرأة من الزوج، فقالت طائفة: ليس ذلك بشيء، كذلك قال الحسن البصري، ومالك، والشافعي، وإسحاق، وأبو ثور، والنعمان. وقال النخعي: إن قالت ذلك بعد ما تزوج فليس بشيء [2/ 75/ب]. وقال الزهري: هو ظهار. وقال أحمد: الأحوط أن يكفر.

9 - باب الظهار من الإماء

وقال الأوزاعي: إذا قالت: إن تزوجت فلاناً فهو عليّ كظهر أمي، فهو ظهار إذا تزوجها. وقال عطاء: إذا قالت: هو عليها كأبيها، فإن ذلك يمين وليس بظهار. 9 - باب الظهار من الإماء م 3122 - واختلفوا في الظهار من الأماء، فقال سعيد بن المسيب، والحسن، ومجاهد، وعكرمة، والشعبي، والنخعي، وعمرو بن دينار، وسليمان بن يسار، والزهري، وقتادة، والثوري، ومالك في الظهار في الأمة: كفارة تامة. وفيه قول ثان: وهو أن لا ظهار إلا من الزوجة، كذلك قال الشافعي، وأحمد، وإسحاق، والنعمان، وصاحباه. وقد روينا عن الحسن قولاً ثاثاً، وهو إن كان يطأها فهو ظهار، وإن لم يطأها فليس بظهار. وفيه قول رابع: وهو إن كان يطأها فهو ظهار، وإن لم يكن يطأها فكفارة يمين. هذا قول الأوزاعي. وقال أحمد: يكفر يمينه. وفيه قول خامس: وهو أن عليه نصف كفارة الحر، كما عدتها شطر عدة الحرة. هذا قول عطاء بن أبي رباح.

10 - باب اختلافهم في معنى قوله: {ثم يعودون لما قالوا}

10 - باب اختلافهم في معنى قوله: {ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا} م 3123 - قال طاووس: الوطئ إذا تكلم بالظهار، والمنكر، والزور، فحنث، فعليه الكفارة. وبه قال الزهري، وقتادة. وقال الحسن: الغشيان في الفرج. وفيه قول ثان: وهو أن يجمع على إصابتها، فماذا فعل ذلك، فقد وجبت عليه الكفارة، هذا قول مالك. وقال أحمد: إذا أراد أن يغشي كفر. وفيه قول ثالث: وهو أن الظهار إذا خرج من لسانه فقد وجب عليه. هذا قول الثوري، وروي ذلك عن طاووس. وفيه قول رابع: وهو أنه إذا عزم على إمساكها ولم يطلقها بعد الظهار فقد وجبت الكفارة عليه، هذا قول الشافعي. وفيه قول خامس: قاله بعض أهل الكلام، قال: كذا أعاد فتظهار منها ثانياً، وجبت عليه الكفارة. 11 - باب الظهار يحدث بعد الطلاق م 3124 - واختلفوا في المظاهر يطلق امرأته، وتنقضي عدتها، ثم ينكح.

12 - باب الظهار إلا أجل معلوم

فقالت طائفة: إذا نكحها عاد عليه الظهار، هذا قول عطاء، والزهوى، والنخعي. وبه قال مالك، وأبو عبيد. وفيه قول ثان: وهو أنها إذا بانت منه سقط [2/ 76/ألف] عنه الظهار، روي هذا القول عن الحسن، وقتادة. وقال الشافعي: إذا أتبع المظاهر طلاقاً لم يكن عليه كفارة، فإن راجعها في العدة فعليه الكفارة، ولو انقضت العدة، ثم نكحها، لم يكن عليه كفارة. 12 - باب الظهار إلا أجل معلوم م 3125 - واختلفوا في المظاهر من زوجته شهراً أو يوماً، أو ما أشبه ذلك، فقالت طائفة: إذا برّ المظاهر لم يكفر، هذا قول عطاء، وقتادة، والثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور. قال أبو بكر: ولا يشبه ذلك مذهب الشافعي؛ لأنه يقول: إذا مسكها بعد التظهار ساعة فقد عاد لما قال، ووجبت عليه الكفارة. وفي قول ثان: وهو أن المظاهر يكفر وإن برّ هذا قول طاووس، وابن أبي ليلى. وفي قول ثالث: قاله أبو عبيد، وزعم أنه يجمع بين المذهبين. قال أبو بكر: وهو إلى الخروج منها أقرب. قال أبو عبيد: إن كان المظاهر أجمع على غشيان امرأته قبل انقضاء المدة، لزمه الكفارة، فإن لم يكن كل ذلك وذهب الوقت، فلا كفارة عليه.

13 - باب الظهار قبل النكاح

13 - باب الظهار قبل النكاح م 3126 - واختلفوا في الظهار قبل النكاح. فقالت طائفة: إذا نكح وقد تظهار منها قبل أن ينكح فعليه كفارة الظهار، هذا قول ابن المسيب، والحسن، وعطاء، وعروة بن الزبير، ومالك، وأحمد، وإسحاق. وفيه قول ثان: وهو أن ذلك ليس بشيء، هكذا قال ابن عباس، والثوري، والشافعي، والنعمان. وبه نقول. 14 - باب الكفارة قبل الغشيان في الظهار م 3127 - واختلفوا في المظاهر يطأ زوجته التي ظهار منها قبل أن يكفر. فقالت طائفة: يستغفر الله ويكفر كفارة واحدة، هكذا قال عطاء، والحسن، وجابر بن زيد، والنخعي، وأبو مجلز، وعبد الله ابن أذينة، ومالك، والثوري، والأوزاعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وأبو عبيد، وأصحاب الرأي. وفيه قول ثان: وهو أن عليه كفارتين، روي هذا القول عن عمرو بن العاص، وقبيصة بن ذؤيب، وسعيد بن جبير. وبه قال الزهري، وقتادة. قال أبو بكر: بالقول الأول أقول.

15 - باب مباشرة المظاهر زوجته التي تظاهر منها

(ح 1145) لحديث [2/ 76/ب] سلمة بن صخر أنه تظهار عن امرأته فوقع عليها قبل أن يكفر، فأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - بكفارة واحدة. 15 - باب مباشرة المظاهر زوجته التي تظاهر منها م 3128 - واختلفوا في قبلة المظاهر زوجته، ومباشرتها، فروي عن الحسن أنه قال: لا بأس بذلك. وقال عطاء، وعمرو بن دينار، والزهري، وقتادة في قوله: {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} الآية أنه الوقاع نفسه. ورخص في القبلة، والمباشرة، الثوري، وأبو ثور، وقال أحمد، وإسحاق، نرجو أن لا يكون به بأس. وفيه قول ثان: وهو أن ليس للمظهار أن يقبل، ولا يتلذذ منها بشيء، هذا قول الزهري، ومالك، والأوزاعي، وأصحاب الرأي، وأبو عبيد. وبه قال النخعي. 16 - باب الكفارة بالإطعام قبل المسيس م 3129 - كان عطاء، وقتادة، والزهري، والشافعي يقولون: لا يطأ حتى

17 - باب ظهار العبد

يطعم، وقال أصحاب الرأي: وإذا أطعم بعض الطعام ثم جامع، أطعم ما بقي. وقال أبو ثور: جائز أن يجامع قبل الطعام. 17 - باب ظهار العبد م 3130 - أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن ظهار العبد مثل ظهار الحر. واختلفوا فيما يجب عليه من كفارة. فقال مكحول: يصوم شهرين، ولا يعتق إلا بإذن مولاه. وقال الزهري: يصوم شهرين، وبه قال مالك، والأوزاعي، والشافعي، وأصحاب الرأي، ولا يجزيه عند الشافعي، والكوفي إلا الصيام. وقال أبو ثور: يعتق إذا أعطاه سيده. 18 - باب وفاة المرأة التي يظاهر منها زوجها قبل الكفارة م 3131 - واختلفوا في الرجل يظهار من زوجته ثم تموت، أو يموت ولم يكفر. فقال عطاء، والنخعي، والحسن: يتوارثان ولا يكفر. وبه قال الأوزاعي: وحكي أبو عبيد هذا القول عن مالك، والثوري.

19 - مسائل من كتاب الظهار

وفيه قول ثان: وهو أن يكفر ويرث، هكذا قال الزهري، والشعبي، وقتادة، وهو قول الشافعي. وقال أبو عبيد: يرث على كل حال إن كان عزم بقلبه على أن يقربها، ثم ماتت فعليه (¬1) كفارة. 19 - مسائل من كتاب الظهار م 3132 - كان مالك، والشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي يقولون: الكفارة [2/ 77/ألف] على كل حر وعبد من المسلمين من زوجة حرة كانت، أو أمة مسلمة، أو نصرانية، أو يهودية. م 3133 - وقال أبو ثور: إلا الرتقاء فإنه لا يلزمه الظهار. وفي قول أصحاب الشافعي، وأصحاب الرأي: الظهار عليه في الرتقاء. م 3134 - وقال مالك، والشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي: إذا ظاهر من امرأته أمة، ثم اشتراها فالظهار لازم له. م 3135 - وكان الشافعي يقول: لا يلزم غير البالغ الظهار، ولا المعتق، ولا المغلوب على عقله بغير سكر، وبه قال أبو ثور، وأصحاب الرأي. وبه نقول. م 3136 - وقالوا جميعاً فيمن يجن ويفيق إذا آلي، أوظهار في حال إفاقته، فالظهار لازم له. م 3137 - ولا يلزم السكران الظهار في قياس قول عثمان بن عفان، وبه قال أبو ثور، ويلزمه في قول الشافعي، وأبي ثور. م 3138 - ولا يلزم المكره الظهار. ¬

_ (¬1) في الأصل: "فعليها الكفارة".

جماع أبواب كفارات الظهار

وفي قول أصحاب الرأي: يلزمه. قال أبو بكر: لا يلزمه م 3139 - وقال الشافعي: إذا تظهار الأخرس وهو يعقل الإشارة، أو الكتابة لزمه الظهار، وبه قال أبو ثور، وأصحاب الرأي. وكذلك قالوا: إذا نوى كتابه الظهار. م 3140 - وقال الشافعي: إذا ظهار من زوجته، ثم قال لأخرى: قد أشركتك معها، فعليه فيها مثل ما على الذي يظهار منها، وحكي أبو ثور ذلك عن الكوفي. م 3141 - وإذا قال لامرأته: أنت علي كظهر أمي إن شاء الله، فليس بظهار. وبه قال الشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. جماع أبواب كفارات الظهار 20 - أبواب العتق في الظهار قال الله جل ذكره: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} الآية. م 3142 - وقد أجمع أهل العلم على أن من وجبت عليه رقبة في ظهار، فأعتق عن ذلك رقبة مؤمنة، أن ذلك يجزى عنه. م 3143 - واختلفوا فيمن اعتق عن ظهاره عبداً يهودياً، أو نصرانياً، فأجازت طائفة ذلك على ظهار الكتاب، هذا قول عطاء، والنخعي، والثوري، وأبي ثور، وأصحاب الرأي.

21 - باب عتق المدبر في كفارة الظهار

وفيه قول ثان: وهو أن لا يجزي في شيء من الكفارات إلا عتق مسلم، هذا قول الحسن البصري، ومالك، والأوزاعي، والشافعي، وأبي عبيد. قال أبو بكر: بالقول الأول أقول، ومالك لأنهم لم يجعلوا حكم أمهات النساء حكم الربائب، وقالوا: لكل آية حكمها، فما أطلقه الله فهو مطلق، وأولى الناس بأن يقول لكل آية حكم، من يمنع أن يقاس أصل على أصل. 21 - باب عتق المدبر في كفارة الظهار م 3144 - كان الحسن البصري، [2/ 77/ب] ومالك، والأوزاعي، وأبو عبيد، وأصحاب الرأي يقولون: لا يجوز عتق المدبر في الظهار. وقد اختلف فيه عن الحسن. وقال الشافعي، وأبو ثور، ذلك جائز. وبه نقول. (ح 1146) لأن النبي باع مدبراً. 22 - باب عتق المكاتب في الظهار م 3145 - كان مالك، والشافعي، وأبو عبيد يقولون: لا يجزي عتق المكاتب عن الظهار. وقال الليث بن سعد، والأوزاعي، وأصحاب الرأي: إن كان أدى بعض الكتابة لم يجز.

23 - باب عتق أم الولد عن الظهار، وولد الزنا

وقال أحمد، وإسحاق: إن كان أدى الثلث إلى النصف إلى الثلثين، لا يعجبنا، وإنْ لم يكن أدى شيئاً، فنعم. وفيه قول رابع: وهو أن ذلك جائز، وذلك أنه عبد ما بقي عليه شيء، هذا قول أبي ثور. 23 - باب عتق أم الولد عن الظهار، وولد الزنا م 3146 - وقال مالك، والأوزاعي، والشافعي، وأبو عبيد، وأصحاب الرأي: لا يجزي عتق أم الولد عن الرقبة الواجبة. وقال طاووس، وعثمان البتي: عتقها جائز عن الظهار. م 3147 - واختلفوا في عتق ولد الزنا عن الواجب، فقال النخعي، والشعبي، والأوزاعي: لا يجوز. وقال الحسن، وطاووس، والثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو عبيد: عتقه جائز عن الواجب. وروينا عن هذا القول عن فضالة بن عبيد، وأبي هريرة. وبه نقول. 24 - باب عتق الصغير وشرى من يعتق على المرء م 3148 - كان الحسن، وعطاء، والزهري، والنخعي، والليث بن سعد، والثوري، والشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي يقولون: يجزي عتق الصغير عن كفارة الظهار. وقال مالك: يجزي إذا كان من قصر النفقة.

25 - مسائل من باب العتق عن الظهار

وقال أحمد: حتى يصلي؛ لأن الإيمان قول وعمل. وقد روينا عن النخعي أنه قال: يجوز الصبى في كفارة الظهار، ولا يجوز في كل النفس إلا من صام، وصلى. قال أبو بكر: جائز عتقه في الرقبة الواجبة لدخوله في جملة الرقاب. م 3149 - واختلفوا فيمن اشترى أباه، أو أمه، ينوي بشرائه العتق عن كفارة وجبت عليه، فقال مالك، والشافعي، وأبو ثور: لا يجزيه. وقال أصحاب الرأي: يجزيه، وهو استحسان. 25 - مسائل من باب العتق عن الظهار م 3150 - كان الشافعي، وأبو ثور يقولان: يجزي أن يعتق عبداً بينه وبين آخر عن ظهار عن رقبة عليه. وقال النعمان: لا يجزيه. وقال يعقوب، ومحمد: إن كان موسراً ضمن لشريكه، [2/ 78 ألف] ويجزيه. م 3151 - واختلفوا فيمن أعتق نصف عبد له عن ظهار، فحكى أبو ثور عن الشافعي أنه قال: هو حر كله، ويجزيه، وبه قال يعقوب، ومحمد. وقال النعمان: لا يجزيه، وإن أعتق النصف الباقي عن ظهاره أجزاه. وقال أبو ثور: لا يجزيه؛ لأنه لم يقصد بالعتق النيه. قال أبو بكر: هذا أصح.

26 - باب العيوب التي تجزئ في الرقاب الواجبة ولا تجزى

م 3152 - واختلفوا فيمن أعتق ما في بطن جاريته عن ظهاره، ثم خرج حيا، ثم مات، فإن أبو ثور يقول: يجزيه إذا علم أن الولد كان في بطنها يوم أعتقه. وقال أصحاب الرأي: إذا جاءت به لستة أشهر أو أقل، أو لأكر لم يجزه. وقال الشافعي: لا يجزيه. م 3153 - وفي قول الشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي: لا يجزي أن يصوم شهراً ويعتق نصف عبد عن ظهار حتى يأتي بكفارة كاملة من العتق، أو الصوم، أو الإطعام على ما يجب. م 3154 - واختلفوا في الرجل يكون عليه الرقبة فيقول للرجل: اعتق عني عبدك، فأعتقه، فقال مالك، والثوري، والشافعي، وأبو ثور: يجزيه، ويكون الولاء للذي عليه الكفارة. وقال النعمان: العتق عن الذي أعتق، والولاء له، ولا يجزي العتق عن المعتق عنه، وبه قال محمد. وقال يعقوب: ويجزي العتق عن المعتق عنه، ويكون الولاء له. 26 - باب العيوب التي تجزئ في الرقاب الواجبة ولا تجزى 3155 - أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم أن من العيوب التي تكون في الرقاب ما تجزى، ومنها ما لا تجزى، فمما أجمعوا عليه أنه لا يجزى إذا كان أعمى، أو مقعداً، أو مقطوع اليدين، أو أشلهما،

أو الرجلين، هذا قول مالك، والشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي. وبه قال الأوزاعي، وأبو عبيد، في الأعمى، والمعقد. م 3156 - وأجمع هؤلاء على أن الأعور يجزي، والعرج الخفيف، وقال مالك: إذا كان عرجاً شديداً لا يجزي. وقال أصحاب الرأي: يجزي أقطع أحد اليدين، أو أحد الرجلين. ولا يجزي ذلك في قول الشافعي، ومالك، وأبي ثور. م 3157 - واختلفوا في الأخرس. ففي قول الشافعي، وأبي ثور: يجزي الأخرس. وقال أصحاب الرأي: لا يجزي. م 3158 - وقال [2/ 78/ب] مالك، والأوزاعي، والشافعي، وأصحاب الرأي: لا يجزي المجنون المطبق عن الرقاب الواجبة. م 3159 - وقال مالك: فيمن يجن فيفيق، لا يجزي. وقال الشافعي: يجزي. م 3160 - ولا يجزي من قد أعتق إلى سنتين في قول مالك. ويجزي في قول الشافعي. م 3161 - ولا يجزي في قول مالك، والشافعي، وأحمد: رقبة تشترى بشرط أن يعتق عن الرقاب الواجبة.

27 - باب صيام المظاهر وغيره من المتتابع يقطعه الصائم من غير عذر

27 - باب صيام المظاهر وغيره من المتتابع يقطعه الصائم من غير عذر قال الله جل ذكره: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ} الآية. م 3162 - وأجمع أهل العلم على أن من صام بعض الشهرين، ثم قطعه من غير عذر، فأفطر أن عليه أن يستأنف الصيام. م 3163 - وأجمعوا على الصائمة صوماً واجباً إن حاضت قبل أن تتمه، أنها تقضي أيام حيضتها إذا طهرت. م 3164 - واختلفوا في الصائم يصوم بعض صومه، ثم يمرض. فقالت طائفة: يبنى إذا صح، روينا هذا القول عن ابن عباس. وبه قال سعيد بن المسيب، والحسن، وعطاء، والشعبي، ومجاهد، وطاووس، ومالك، وأحمد، وإسحاق، وأبو عبيد، وأبو ثور. وبه نقول، وذلك لما أجمعوا على أن الحائض تبنى، فكذلك هذا بيني، إذ كل واحد منهما معذور فيما أصابه. وقالت طائفة: يستأنف الصوم، هذا قول النخعي، وسعيد بن جبير، والحكم بن عتيبة، والثوري، وأصحاب الرأي. وكان الشافعي، إذ هو بالعراق يقول: يبنى إذا صح. وقال بمصر: يستأنف. م 3165 - واختلفوا فيمن عليه صوم شهرين متتابعين فسافر وأفطر.

فقالت طائفة: إذا أفطر صائم بقيته، روي هذا القول عن الحسن. وأبي ذلك كثير من أهل العلم، وقالوا: السفر شيء اختاره هو، وأدخله على نفسه، بل يستأنف، هذا قول مالك بن أنس، والشافعي، وأصحاب الرأي. وبه نقول. م 3166 - واختلفوا فيمن عليه صوم شهرين متتابعين. فصام شعبان، ورمضان، فكان مجاهد، وطاووس يقول يقولان: يجزيه. ووقف أحمد عن الجواب فيه. قال أصحاب الرأي: إذا صام رمضان ينوي به أحد الشهرين المتتابعين، أجزأه عن رمضان ولا يجزيه عن صوم الشهرين. وقال الشافعي: لا يجزيه ذلك عن رمضان، ولا عن غيره، وعليه قضاء صيام شهر رمضان. وفيه قول رابع: قال أبو ثور: إن كان صام وهو لا يعلم برمضان [2/ 79 ألف] أجزأه. وعليه رمضان، وذلك أن يكون في موضع لا تعرف الأهلة، وإن عرف رمضان وصامه، لم يجزه عن الكفارة. قال أبو بكر: م 3167 - وإن صام شهرين أحدهما شهر رمضان في السفر لم يجزه في قول الشافعي، ويعقوب، ومحمد. ويجزيه ذلك في قول أبي ثور، والنعمان.

28 - باب الظهار وغيره من المتتابع يؤسر صاحبه قبل الاكمال

قال أبو بكر: لا يجزيه صوم الظهار إلا بنية: (ح 1147) لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "الأعمال بالنية". 28 - باب الظهار وغيره من المتتابع يؤسر صاحبه قبل الاكمال م 3168 - قال الحسن البصري، وابن سيرين، وعطاء بن أبي رباح، والنخعي، والحكم، وحماد، والثوري، وأبو عبيد، وأصحاب الرأي: إذا صام بعض الصوم، ثم أيسر، هدم الصوم، وعليه أن يعتق رقبة. وفيه قول ثان: وهو أن يمضي في صومه، هذا آخر قول الحسن البصري. وبه قال قتادة، ومالك، والأوزاعي، والليث بن سعد، والشافعي، وأبو ثور. وبه نقول. 29 - باب صيام العبد كفارة الظهار وما يجزيه من الكفارة م 3169 - واختلفوا فيما يجزي العبد من الكفارة إذا ظاهر من زوجته، فكان الحسن البصري، والشعبي، والنخعي، والشافعي، وأحمد، وإسحاق يقولون: يصوم شهرين. وبه قال مالك، والأوزاعي. وقال الأوزاعي: فإن لم يستطع الصيام فأطعم عند أهله أجزاه، وإن كان له عبد فأذن له مولاه أن يطعم، أو يعتق أجزأه.

30 - باب صيام المظاهر للروية

وقال مالك: "لا يجزيه العتق وإن أذن له سيده، وأرجو أن يجزي الأطعام، والصوم أحب إلي. وأنكر ابن القاسم هذا وقال: إنما يجزي الصوم من لا يقدر على الإطعام". وقال طاووس في ظهار العبد: عليه مثل كفارة الحر. وقال الحسن: لا يعتق إلا بإذن مولاه. 30 - باب صيام المظاهر للروية قال الله جل ثناءه: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ} الآية. م 3170 - وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن من صام بالأهلة يجزيه صيام شهرين متتابعين، كانا ثمانية وخمسين، أو تسعة وخمسين يوماً، هذا قول الثوري، وأهل العراق. وبه قال مالك وأهل الحجاز، وكذلك قال الشافعي، وأبو ثور، وأبو عبيد. م 3171 - واختلفوا [2/ 79 /ب] فيمن لم يستقبل الهلال بالصوم، فكان الزهري يقول: يصوم ستين يوماً. ويجزيه في قول الشافعي، وأصحاب الرأي: بأن يصوم شهراً بالهلال، وثلاثين يوماً. م 3172 - وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن من صام بغير الأهلة، أن صوم ستين يوماً يجزي عنه.

31 - باب صوم من له دار وخادم

31 - باب صوم من له دار وخادم م 3173 - واختلفوا في صوم من له دار، وخادم، فإن الشافعي، وأبو ثور يقولان: يجزيه الصوم، قال أبو ثور: وإذا لم يستغن عنه. وقال مالك: عليه العتق؛ لأنه يقدر عليه، وبه قال أصحاب الرأي. وقال أصحاب الرأي: يجزي الصوم من له مسكن. 32 - باب المظاهر يجامع في ليل الصوم م 3174 - أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن من صام شهراً عن ظهاره، ثم جامع نهاراً عامداً أنه يبتدئ الصوم. م 3175 - واختلفوا فيمن صام بعض الصوم ثم جامع ليلاً، فكان الثوري، ومالك، وأبو عبيد، وأصحاب الرأي يقولون: جامع ليلاً أو جامع نهاراً، استقبل الصوم. وفيه قول ثان: وهو أن ذلك لا ينقض صومه، كذلك قال الشافعي، وأبو ثور. وبه نقول، وهو أن لا يجد السبيل إلى أن تكون كفارته قبل الوطئ أبداً.

33 - مسائل من باب صيام الكفارة

33 - مسائل من باب صيام الكفارة م 3176 - كان الشافعي، وأصحاب الرأي يقولون: لو كان عليه ظهاران، فصام شهرين عن أحد، ولا ينوي عن أيهما هو، كان له أن يجعله عن أيهما شاء. وقال أبو ثور: يقرع بينهما، فأيهما أصابتهما القرعة حل له وطيها. م 3177 - وقال الشافعي، وأصحاب الرأي: إذا كانت عليه ثلاث كفارات، فاعتق مملوكاً ليس له ملك غيره، وصام شهرين، ثم مرض، وأطعم ستين مسكينا ينوي عن كل ظهار بغير عينه كفارة من هذه الكفارات، أجزأه عند الشافعي. وبه قال أصحاب الرأي، وقالوا: هو استحسان، وليس بقياس. وقال أبو ثور: يقرع بينهن فمن أصابتها القرعة، كان العتق عنها، وكان له أن يطأها، ثم يقرع بين الثلاثة على هذا المثال، هذا إذا ظهار من أربع نسوة. 34 - باب إطعام المظاهر م 3178 - واختلفوا فيما يطعم في كفارة الظهار. فقالت طائفة: يطعم كل مسكين مداً من طعام، روي هذا القول [2/ 80/ ألف] عن أبي هريرة. وبه قال عطاء، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد.

وقالت طائفة: يطعم في كفارة الظهار نصف صاع لكل مسكين، هذا قول الثوري، وأصحاب الرأي. وفيه قول ثالث: وهو أن الإطعام في الظهار مد بمد هشام، هذا قول مالك. قال أبو بكر: يقال: أنه مد وثلث. م 3179 - وقال أصحاب الرأي: إن غداهم وعشاهم، أجزأه. ولا يجزي في قول الشافعي أن يغديهم، ويعشيهم، ولا يجزي عنده حتى يعطيهم حباً. م 3180 - ولا يجزي عنه في قول الشافعي أن يعطيهم قيمة الطعام، وبه قال أبو ثور. وقال أحمد: اخشى أن لا يجزيه. وفي قول الأوزاعي، وأصحاب الرأي: تجزي القيمة. قال أبو بكر: لا يجزيه إخراج القيمة. م 3181 - ولا يجزي في قول مالك، والشافعي، وأبي ثور: إلا إطعام ستين مسكيناً عدداً. ولا يجزي في قولهم أن يردد عليهم فيعطي أقل من العدد. وقال أصحاب الرأي: لا يجزي أن يعطي مسكيناً واحداً في في ضربة واحدة. وقالوا: ولو أطعمه كل يوم نصف صاع من حنطة حتى يستكمل ستين يوماً، أجزأه.

قال أبو بكر: قول مالك، والشافعي صحيح؛ لأن الله أمر بعدد فلا يجزي أقل منه، وأمر بشاهدين، فلو ردد الشاهد الواحدة شهادته، كانت شهادة واحدة، وكذلك في باب الظهار، إذا كان مسكيناً لم نجزه حتى يأتي بالعدد الذي أمر الله به. م 3182 - واختلفوا فيمن أعطى من يحسبه فقيراً فكان غنياً، فقال الشافعي، وأبو ثور، وأبو يوسف: لا يجزيه. وقال النعمان، ومحمد: يجزيه. قال أبو بكر: لا يجزيه. م 3183 - وقال أبو ثور: لا يجزي أن يعطي أم ولده، ومملوكه، ومدبره وهذا مذهب الشافعي، وأصحاب الرأي. وفي قول الشافعي، وأصحاب الرأي: لا يعطي مكاتبه. قال أبو بكر: وإن أعطاه رجوت أن يجزيه. ولعل من علة الشافعي أنه يعجز فرجع إليه. ويجوز أن يكون من علة أبي ثور أنه قد يعطي قريباً له فقيراً، فيموت ويرثه المعطي، ويجزي ذلك. م 3184 - ولا يجوز إعطاء العبيد من الزكاة في قول مالك، والشافعي، وأصحاب الرأي. م 3185 - وقال أبو ثور: لا بأس أن يعطي فقير أهل الذمة من الكفارة، وبه قال أصحاب الرأي. وفي قول الشافعي: لا يجوز أن يعطي من الكفارة ذمي.

م 3186 - وقال أصحاب الرأي: لا يجوز أن يعطي فقراء أهل دار الحرب إذا كانوا مستأمنين. وقال أبو ثور: يجزي، واحتج بقوله: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا} الآية.

57 - كتاب اللعان

57 - كتاب اللعان 1 - باب إثبات [2/ 80/ب] للفراش ونفيه عن العاهر قال أبو بكر محمد بن إبراهيم بن المنذر: (ح 1148) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: الولد للفراش. م 3187 - وأجمع أهل العلم على القول به. قال أبو بكر: م 3188 - إذا نكح الرجل المرأة نكاحاً صحيحاً، ثم جاءت بعد عقد نكاحها بولد لستة أشهر فأكثر، فالولد به لاحق إذا أمكن وصوله إليها، وكان الزوج ممن يطأ، إذا علم أنه لم يصل إليها، وذلك أن يكونا ببلدين بينهما مسافة، يعلم أنهما لم يلتقيا بعد النكاح، ثم أتت بولد لم يلحق به. وذلك لو كان الزوج طفلاً ممن لا يطأ مثله، فجاءت بولد، لم يلحق به، وكذلك لو جاءت بالولد ممن قطع ذكره وأنثيه، لم يلحق به. قال أبو بكر: م 3189 - وكذلك إذا غاب الزوج عن زوجته سنين فبلغها وفاته فاعتدت ونكحت رجلاً نكاحاً صحيحاً في الظاهر بولي وشهود، ودخل بها

2 - باب نفي الولد عن الزوج باللعان وإلحاقه بالأم

الثاني، فأولدها أولاداً، ثم قدم زوجها الأول، فسخ نكاح الثاني، وتعتد منه، وترجع إلى الأول، ولها على الثاني صداق مثلها والأولاد لاحقون بالثاني، لأنهم ولدوا على فراشه، هذا قول الثوري وأهل العراق، وبه قال ابن أبي ليلى. وهو قول مالك، وأهل الحجاز، والشافعي، وأصحابه، وأحمد، وإسحاق، ويعقوب، ومحمد، وكل من نحفظ عنه من أهل العلم. غير النعمان فإنه زعم أن الأولاد للأول، وهو صاحب الفراش. وقد روينا عن علي بن أبي طالب أنه قضى بالولد للثاني. 2 - باب نفي الولد عن الزوج باللعان وإلحاقه بالأم (ح 1149) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - فرق بين المتلاعنين وألحق الولد بالمرأة. م 3190 - واختلف أهل العلم في الوقت الذي يزول فيه فراش المرأة تقع الفرقة بينهما. فقالت طائفة: تقع الفرقة بينهما بإتمام اللعان كان، وذلك أن يلتعن الرجل والمرأة اللعان كله، فإذا كان ذلك، وقعت الفرقة بينهما، هذا قول مالك، وأبي عبيد، وأبي ثور. وروي ذلك عن ابن عباس. وفيه قول ثان: وهو أن الفراش يزول بإكمال الزوج اللعان قبل أن تلتعن المرأة، [2/ 81/ألف] وإن مات أحدهما قبل أن تلتعن المرأة لم يتوارثا، هذا قول الشافعي.

3 - باب اللعان ينفي الرجل حمل امرأته

وفيه قول ثالث: وهو أن الفرقة تقع بعد التعانهما، إذا فرق القاضي بينهما، وإن مات أحدهما قبل ذلك ورثه الحي منهما، هذا قول أصحاب الرأي. قال أبو بكر: قول مالك صحيح. م 3191 - واختلفوا في معنى قوله: فرق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين المتلاعنين، فقال بعض من يميل إلى قول أهل العراق، وهو أن يقول الحاكم: قد فرقت بينكما. وقالت فرقة: معناه أن النبي- صلى الله عليه وسلم - أعلمهما أن الفرقة قد وقعت بينهما. قال أبو بكر: وبهذا أقول. (ح 1150) ويدل قول رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: "لا سبيل لك عليها". على صحة هذا القول، وعلى الحاكم أن يعلمهما ذلك إذا كانا جاهلين، كما أعلمهما النبي- صلى الله عليه وسلم - أن لا سبيل له عليها. 3 - باب اللعان ينفي الرجل حمل امرأته م 3192 - واختلفوا في الرجل ينتفي من حمل زوجته، فرأت فرقة: أن يلاعن بالحمل روي ذلك عن النبي- صلى الله عليه وسلم -، وعمر بن عبد العزيز. وبه قال ابن أبي ليلى، ومالك، وأبو ثور، وكذلك قال الشافعي إذا قذفها، ونفى الحمل.

(ح 1151) واحتج بعضهم بحديث ابن مسعود أن النبي- صلى الله عليه وسلم - لاعن بالحمل. وحديث سهل بن سعد يدل على أن زوجة عويمر العجلاني كانت حاملاً. (ح 1152) بين ذلك في قول رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: انظروها فإن جاءت به هكذا، وكذا. وقال عبيد الله بن الحسن: إذا انتفى مما في بطن امرأته ولم يقذفها، قال: يلاعن. وقال الشافعي: لا يلاعن أن يقذفها. وفي المسأله قول ثان: وهو أن لا يلاعن حتى تضع، فإن رماها بالزنا لاعن، هذا قول الثوري. وقال النعمان: إذا نفى الرجل حمل امرأته قوال: هو من زنا، فلا لعان بينهما ولا حد، لأن نفى الولد في الحمل ليس بشيء، لعله ريح. وقال يعقوب، ومحمد: إن جاءت بولد لأقل من ستة أشهر منذ قذفها، لاعن ولزم الولد أمه، وإن جاءت به لأكثر من ستة أشهر، فكما قال النعمان. وقال أبو عبيد: إنكار الحمل من أشد القذف، واللعان له لازم، كان حملاً أو لم يكن.

4 - باب اللعان في الانتفاء من الحمل بعد الطلاق البائن

وقال مالك، والليث: إذا تصادق [2/ 81/ب] الزوجان الصبي، ليس بابنه، ولا نسب له، وتحد الأم عند مالك. وفي قول الشافعي: لا يصدقان على الولد إلا بلعان، لأن الولد حقاً. 4 - باب اللعان في الانتفاء من الحمل بعد الطلاق البائن م 3193 - واختلفوا في الرجل يطلق زوجته ثلاثاً، ثم يظهرها حمل فينتفي منه، فقال عطاء بن أبي رباح، والنخعي: يجلد ويلزق به الولد. وقال الحسن البصري: يلاعنها ما كانت في العدة. وقال: يحد ولا لعان، إلا أن ينفي به ولداً ولدته، أوحملاً يلزمه. وقال أحمد: إذا أنكر حملها بعد أن طلقها ثلالاً، لاعنها، وإن قذفها بلا ولد، لا يلاعنها. 5 - باب اللعان بعد طلاق يملك الزوج فيه الرجعة أو لا يملك م 3194 - واختلفوا في الرجل يطلق زوجته، ثم يقذفها، وهو يملك الرجعة أو لا يملك. فقالت طائفة: إن كان يملك الرجعة لاعنها، وإن لم يكن له عليها رجعة فلا لعان بينهما، ويحد، روي هذا القول عن ابن عمر. وبه قال جابر بن زيد، والنخعي، والزهري، وقتادة، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو عبيد، وأبو ثور، وأصحاب الرأي.

6 - باب من طلق ثلاثا بعد القذف

وحكي أبو عبيد (¬1) هذا القول عن مالك، والثوري، وأهل العراق، وأصحاب الرأي، وأهل الحجاز. ْروينا عن ابن عباس أنه قال: إن طلق ثلاثاً، ثم قذفها في العدة لاعنها، وكذلك قال الحسن ولم يقل ثلاثاً. قال أبو بكر: بالقول الأول أقول. 6 - باب من طلق ثلاثاً بعد القذف م 3195 - واختلفوا في الرجل يقذف زوجته، ثم يطلق ثلاثاً. فقالت طائفة: يلاعنها لأن القذف كان وهي زوجته، روي هذا القول عن الحسن، والشعبي، والقاسم بن محمد. وبه قال مالك، والشافعي، وأبو ثور، وأبو عبيد. وقالت طائفة: يجلد، هذا قول مكحول، والحارث العكلي، وقتادة، وجابر بن زيد، والحكم. وفيه قول ثالث: وهو أن لا حد ولا لعان، هكذا قال حماد بن أبي سليمان، وأصحاب الرأي. وفيه قول رابع: وهو أن ينظره فإذا ارتفعا إلى السلطان وهما [2/ 82/ألف] يتوارثان، لاعن بينهما، وإن كان لا يتوارثان لم يلاعن بينهما، هكذا قال النخعي. قال أبو بكر: بالقول الأول أقول لقول الله عز وجل: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} الآية وإنما رماها وهي زوجته. ¬

_ (¬1) في الأصل "ابن عبيد" وهو خطأ.

7 - باب اللعان بين الزوجين لم يدخل عليها الزوج وما يجب لها من الصداق

م 3196 - وإذا قال الرجل لامرأته أنت طالق ثلاثاً يا زانية، ففي قول الشافعي: يحد ولا لعان، إلا أن ينفي ولداً فيلاعن ولا يحد، وبه قال أبو ثور. وقال أحمد: إذا طلقها ثلاثاً ثم قذفها فجاءت بولد، لا يتلاعنان، وقال أصحاب [الرأي] (¬1) عليه الحد. وهكذا أقول؛ لأنه رمى غير زوجة. 7 - باب اللعان بين الزوجين لم يدخل عليها الزوج وما يجب لها من الصداق م 3197 - أجمع كل من نحفظ عنه من علماء الأمصار على أن الرجل إذا قذف زوجته قبل أن يدخل بها أنه يلاعنها، وكذلك قال عطاء بن أبي رباح، والحسن، والشعبي، والنخعي، وعمرو بن دينار، وقتادة، ومالك، وأهل المدينة، والثوري، وأهل العراق، والشافعي وأصحابه. وحجتهم في ذلك بظاهر قوله: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} الآية. وهذه عند الجميع زوجته. م 3198 - واختلفوا فيما يجل لها من الصداق إذا لاعنها. ¬

_ (¬1) ما بين القوسين سقط من الأصل.

8 - باب لعان الرجل بزنا، ذكر أنه كان قبل أتى يدخل بها

فقالت طائفة: لها الصداق كاملاً، كذلك قال أبو الزناد، والحكم، وحماد بن أبي سليمان. وقالت طائفة: لها نصف الصداق، هذا قول الحسن البصري، وسعيد بن جبير، وقتادة، ومالك. قال أبو بكر: لها نصف، وقال الزهري: لا صداق لها. 8 - باب لعان الرجل بزنا، ذكر أنه كان قبل أتى يدخل بها م 3199 - واختلفوا في الرجل يقول لامرأته: زنيت قبل أن أتزوجك، فكان مالك، والشافعي، وأبو ثور يقولون: يجلد ولا يلاعن، روي هذا عن ابن المسيب، والشعبي. وفيه قول ثان: وهو أن يلاعن، روي ذلك عن الحسن، وزرارة بن أوفى. وبه قال أصحاب الرأي. م 3200 - وقال كل من نحفظ عنه من أهل العلم أن الرجل إذا قذف امرأته، ثم تزوجها، أنه يحد، ولا يلاعن. م 3201 - وقال الشافعي: إذا قال لها بعد ما تبين منه: زنيت [2/ 82/ب] وأنت امرأتي، ولا ولد ولا حبل، حد ولا يلاعن، لأنه قذف غير زوجة. وقال أصحاب الرأي: إذا قال لها: قذفتك بزنا قبل أن أتزوجك لم يكن عليه في هذا لعان، وعليه الحد. وهذا خلاف قولهم: إذا قال لها: زنيت قبل أن أتزوجك وليس بينهما فرق.

9 - باب مسائل

9 - باب مسائل قال أبو بكر: م 3202 - وإذا قال لها: تزوجتك فأنت زانية، فلا حد ولا لعان في قول الشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي. م 3203 - وإذا وطئت وطاء حراماً مطاوعة، فليس على قاذفها حد، ولا لعان في قول أبي ثور، وأصحاب الرأي، وبه قال الشافعي. م 3204 - وقال الشافعي: إذا قال لها: زنيت وأنت صغيرة، لم يكن عليه حد، وبه قال أبو ثور، وأصحاب الرأي. م 3205 - وقال الشافعي: إذا قال لامرأته وقد كانت نصرانية، أو أمة: زنيت وأنت نصرانية، أو أمة، كذلك لا حد عليه. م 3206 - وقال مالك: إذا كانت صبية لم تبلغ، وتجامع مثلها فقذفها، حد. وقال الحسن: لا حد ولا لعان إذا كانت صغيرة لم تبلغ، وكذلك قال الثوري، وأبو عبيد. وبه نقول. م 3207 - وإذا قال لامرأته: زنيت مستكرهة، فلا حد ولا لعان في قول الشافعي، وأصحاب الرأي. وقال أبو ثور: يلاعن أو يحد، وذلك أنه قاذف لها، إنما يقال للمستكرهة: زنى بك. م 3208 - وإذا قال لها: زنى بك صبي لا يجامع مثله، فلا حد عليه في قول الشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي. م 3209 - واختلفوا في الرجل يقذف المرأة، فوطئت بعد القذف حراماً أو زنت، فقال الشافعي، والنعمان: لا حد ولا لعان.

10 - باب قول الرجل لزوجته: لم أجدك عذراء

وقال أبو ثور: بينهما اللعان. وقد كان الشافعي يقول إذ هو بالعراق: يلاعن أو يحد. قال أبو بكر: وهذا أصح. 10 - باب قول الرجل لزوجته: لم أجدك عذراء م 3210 - قال كثير من أهل العلم: إذا قال الرجل لزوجته: لم أجدك عذراء، لاحد عليه. هذا قول عطاء بن أبي رباح، والحسن البصري، والشعبي، وطاووس، وسالم بن عبد الله، والنخعي، وربيعة، ومالك، والشافعي، والنعمان. وقال ابن المسيب: يجلد. قال أبو بكر: الأول أصح. 11 - باب مسألة م 3211 - كان الشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي يقولون: إذا قال فرجك زان، أنه قاذف، يلاعن أو يحد. م 3212 - واختلفوا في قوله لها: جسدك، أو يدك، أو عيناك، أو شعرك، [2/ 83/ألف] زان فقال أصحاب الرأي في قوله: فرجك، أو جسدك، أو يدك، أن عليه اللعان، وقالوا في سائر ما ذكرناه: لا حد ولا لعان، وبه قال أبو ثور. وقال الشافعي: ذلك كله واحدة ماخلا الفرج.

12 - باب قذف الرجل زوجته فترد عليه القذف

م 3213 - وإذا قذف الرجل زوجته بأي لعان قذفها، كان عليه الحد، واللعان، وهذا على مذهب الشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي. 12 - باب قذف الرجل زوجته فترد عليه القذف م 3214 - واختلفوا في الرجل يقذف زوجته فترد عليه القذف تقول: زنيت بك، ويطالبان معاً. فقالت طائفة: إذا قالت: عنيت أنه أصابني وهو زوجي، حلفت، وحد هو أو يلاعن، وإن قالت: زنيت بك قبل أن تنكحني، فعليها الحد، ولا حد عليه، هذا قول الشافعي. وقال أصحاب الرأي: في المسألة الأولى: ليس بينهما حد ولا لعان. م 3215 - وقال الشافعي: وإذا قال لها: يا زانية، فقالت: أنت أزنى مني، فعليه الحد أو اللعان، ولا شيء عليها إلا أن تريد به القذف. وقال أصحاب الرأي، وأبو ثور: عليه اللعان، وليس قولها: أنت أزنى مني بقذف. م 3216 - وقال الشافعي: إذا قال لها: أنت أزنى الناس، فليس بقاذف. وقال أبو ثور: هو قاذف. م 3217 - وقال أبو ثور: إذا قذف رجل امرأة رجل، فقال الزوج: صدقت، فهو قاذف، وقال أصحاب الرأي. ليس بقاذف. م 3218 - وإذا قذف الرجل امرأته، فصدقته، ثم رجعت فلا حد ولا لعان في قول الشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي.

13 - باب قذف الرجل نسوة بكلمة واحدة

م 3219 - وإذا قال الرجل لامرأته: يا زانٍ، كان عليه الحد، هذا قول الشافعي. وإذا قالت هي له: يا زانية، فعليها الحد في قول الشافعي، وبه قال أبو ثور. 13 - باب قذف الرجل نسوة بكلمة واحدة م 3220 - وإذا قذف الرجل أربع نسوة له بكلمة واحدة، أو كلمات، فقمن معاً أو متفرقات، لاعن كل واحدة منهن، أو حد لها، وأتيهن لا عن سقط حدها، وأيتهن نكل عن أن يلتعن لها، حد لها، إذا طلبت حدها، أو يلتعن لهن واحدة بعد واحدة وقال أبو (¬1) [2/ 83/ب] ثور: لكل واحدة منهن حق. وقال أصحاب الرأي إذا رافعنه جميعاً، أو متفرقات فهو سواء، وعليه أن يلاعن كل واحدة منهن، فإن جئن متفرقات فإنما عليه حدٌ واحدٌ إن لم يلاعن. وفي قول مالك: في رجل قذف جماعة بكلمة، فعليه حد واحد 14 - باب الرجل صدق الأجنبية ثم يتزوجها ويقذفها م 3221 - واختلفوا في الرجل يقذف المرأة، ثم ينكحها فيقذفها قذفاً ثانياً، وتطالب بالقذف فكان الشافعي، وأبو ثور يقولان: يحد للقذف الأول، ويعرض عليه اللعان بالقذف الآخر، فإن أبي حد أيضاً. ¬

_ (¬1) كلمة "أبو" تكررت في الأصل.

15 - باب مسألة

وقال أصحاب الرأي: يجلد الحد، ويدرأ عنه اللعان. وقال الزهري، والثوري، إذا قذفها، ثم تزوجها جلد ولم يلاعن. 15 - باب مسألة م 3222 - كان النخعي يقول: إذا قذف الرجل زوجته بالزنا، ثم تاب قبل أن ترفعه إلى السلطان، إن شاءت لم ترفعه وهي زوجته. والعفو عند الشافعي جائز عن ذلك، وبه قال أبو ثور. وقال أصحاب الرأي: إن عفت عن ذلك كان لها أن تعود فيه حتى يلاعن، والعفو باطل. قال أبو بكر: العفو عن الجلد جائز. 16 - باب قذف الملاعنة وولدها قال أبو بكر: (ح 1153) في حديث ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في قصة اللعان أنه قال: ومن رماها أو ولدها، فعليه الحد. وبه نقول. م 3223 - وهذا قول ابن عباس، والشعبي، والزهري، وقتادة، والنخعي، ومالك، والشافعي، وأبي عبيد.

17 - باب الرمي الذي يوجب الحد واللعان

وذكر أبو عبيد عن أصحاب الرأي أنهم قالوا: وإن كان لاعنها ولم ينف ولدها، فإن قاذفها يحد، وإن لاعنها بولد نفاه، فلا حد على الذي قذفها. 17 - باب الرمي الذي يوجب الحد واللعان م 3224 - وإذا قال الرجل لامرأته: يا زانية، لاعنها، رأى ذلك عليها أو لم ير، أعمى كان الزوج أو غير أعمى، وهذا قول الشافعي، وأبي ثور، وأبي عبيد. وهذا معنى قول عطاء. وفيه قول [2/ 84/ألف] ثان: وهو أن اللعان كان لا يكون إلا بأحد أمرين، إما رؤية، وإما إنكار الحمل، هذا قول يحيى الأنصاري، وأبي الزناد، ومالك. قال الله عز وجل: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} الآية فكل ما كان به الرجل رامياً للأجنبي، فهو بذلك رام للزوجة؛ لأن ذكرهما في الكتاب واحدة. 18 - باب اللعان بين المسلم والذمية م 3225 - كان الحسن البصري، وأبو الزناد، ومالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو عبيد، وأبو ثور يقولون: اللعان بين كل زوجين على

19 - باب اللعان بين الحر والأمة، والعبد والحرة

ظهار قوله: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} الآية. وقال مكحول، والنخعي، والزهري، وحماد بن أبي سليمان، والثوري، وأصحاب الرأي: ليس بين المسلم والذمية لعان. قال أبو بكر: بظاهر الكتاب أقول. 19 - باب اللعان بين الحر والأمة، والعبد والحرة م 3226 - واختلفوا في اللعان بين الحر والأمة، فقال الحسن البصري، وأبو الزناد، ومالك بن أنس، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو عبيد، وأبو ثور: بين كل زوجين لعان. وقال الثوري، وأصحاب الرأي: لا لعان بينهما. وبالقول الأول أقول، وهو قوله: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} الآية. م 3227 - واختلفوا في اللعان كان بين المملوك والحرة، فقال مالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وأبو عبيد: بينهما لعان. وبه نقول. واحتجوا بظاهر الآية. وقال عطاء، والزهري، والثوري، وأصحاب الرأي: لا لعان. وقال الزهري، والثوري، وأصحاب الرأي: يحد لها.

20 - باب اللعان بين المحدودين في القذف

20 - باب اللعان بين المحدودين في القذف م 3228 - واختلفوا في اللعان كان بين المحدودين في القذف. فقالت طائفة: لا لعان بينهما، هذا قول أصحاب الرأي. وقالت طائفة: بينهما اللعان على ظهار الآية، هذا قول مالك، والشافعي، وبه قال أبو عبيد، وأبو ثور، وروي ذلك عن الشعبى. وبه نقول، لظاهر قوله: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} الآية. 21 - باب اللعان على الأعميين، واللعان على، الخرساء م 3229 - كان الثوري، [2/ 84/ب] والشافعي، وأصحاب الرأي يقولون: إذا قذف الأعمى امرأته أنه يلاعنها. وبه قال مالك، والأوزاعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو عبيد، وأبو ثور. وبه نقول. غير أن مالكاً قال: إذا قال: وجدت معها الرجل يقع بها. م 3230 - واختلفوا في الرجل يقذف زوجته الخرساء، فقال أحمد، وإسحاق، وأبو عبيد، وأصحاب الرأي: لا حد ولا لعان. وقال الشافعي: "يقال له: إن لاعنت فرقنا بينك وبينها، وإن لم تلتعن فهي امرأتك، ولا يجبر على اللعان كان، وليس لأوليائها أن يطلبوا ذلك".

22 - باب امتناع الزوج والمرأة من الالتعان

قال أبو بكر: إنما قوله: "ليس لأولياءها أن يطلبوا ذلك"، فصحيح، وأما قوله: إن لاعنت فرقنا بينك وبينها، فلا يدل عليه حجة. (ح 1154) لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا سبيل لك عليه". بعد التعانهما. قال أبو بكر: م 3231 - إن كان الزوج أخرس فعقل بالإشارة، والجواب، أو الكتاب، لاعن بالإشارة أو يحد، هكذا قال الشافعي، وأبو ثور. وقال أصحاب الرأي: لا حد ولا لعان. م 3232 - قال الثوري، ومالك، والشافعي، وأبو عبيد، وأبو ثور، وأصحاب الرأي في الصبي إذا قذف امرأته: لا يضرب ولا يلاعن. ولا أحفظ عن أحد خلاف قولهم. وبه نقول. 22 - باب امتناع الزوج والمرأة من الالتعان قال الله عز وجل: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} الآية. قال أبو بكر: فكان اللازم على ظاهر الآية أن على كل من رمى محصنة ثمانين جلدة، زوجاً كان الرامي أو غيره، لا يسقط ذلك عنه إلا بأربعة شهداء يشهدون على تصديق ما قال كما قال الله.

فلما رأى العجلاني امرأته بالزنا أنزل الله عز وجل قوله: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} الآية، وأخرج عَزَّ وَجَلَّ الزوج من عموم الآية بأن أقام أيمانه الأربع مع الخامسة مقام الشهود الأربع، يدرأ بها عن نفسه الحد، كما يدرأ سائر الناس عن أنفسهم بالشهود الأربع حد القذف. ولو امتنع الزوج من الأيمان لوجب عليه القذف كما يجب على غير الزوج إذا لم يأت بأربعة شهداء، وإذا التعن الزوج [2/ 85/ألف] وجب حد الزنا على المرأة، إلا أن تدفع ذلك عن نفسها بالالتعان بقوله: {وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ} والعذاب الذي تدرأ عن نفسها في هذا الموضع، هذا العذاب الذي ذكره الله عَزَّ وَجَلَّ وهو قوله: {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}. هذا خلاف قول من قال: إن الذي يجب عليها إذا لم تلتعن الحبس، مستغني بظاهر الكتاب عنه. م 3233 - وقد اختلف فيما يجب على المرأة إذا هي امتنعت عن الالتعان بعد التعان الزوج، فكان الشعبي، ومكحول، ومالك، والشافعي، وأبو عبيد، وإسحاق، وأبو ثور يقولون: تحد. وقالت طائفة: تحبس، كذلك قال الحسن، والأوزاعي، وأصحاب الرأي. واختلف فيه عن أحمد.

23 - باب وقت التفريق بين المتلاعنين

23 - باب وقت التفريق بين المتلاعنين م 3234 - واختلفوا في الرجل يلتعن ثلاث مرات، والمرأة كذلك، ففرق الحاكم بينهما فكان مالك، والشافعي، وأبو ثور يقولون: لا تكون فرقة. وقال محمد بن الحسن: إذا فرق الحاكم بينهما فقد أخطأ السنة، والفرقة جائزة، فإن التعن الرجل مرتين والمرأة مرتين، ففرق الحاكم بينهما فهو باطل. قال أبو بكر: بالقول الأول أقول؛ لأن القول الثاني خلاف ظاهر كتاب الله عز وجل. 24 - باب وفاة الزوجين بعد القذف قبل أن يلتعن واحد منهما م 3235 - واختلفوا في الرجل يقذف زوجته، ثم يموت إحداهما قبل اللعان، فكان عطاء بن أبي رباح، والحسن البصري، والزهري، والنخعي، وحماد بن أبي سليمان، ومالك، والليث بن سعد، والشافعي، والثوري، وأهل العراق، وأبو ثور، وأبو عبيد يقولون: يتوارثان. وزعم أبو عبيد أن للأمة على هذا القول [إجماعاً] (¬1). قال أبو بكر: وقد غلط، ليس فيه إجماع. قال أبو بكر: وقد روينا عن ابن عباس أنه قال: إذا قذفها، ثم ماتت المرأة [2/ 85/ب] قبل أن يتلاعنا، وقف، فإن أكذب نفسه جلد وورث، وإن جاء بالشهود ورث، وإن التعن لم يرث. ¬

_ (¬1) ما بين القوسين سقط من الأصل.

25 - باب التفريق بين المتلاعنين

وقال الشعبي، إن شاء أكذب نفسه، وورث، وإن شاء لاعن ولم يرث، وبه قال عكرمة. وقال جابر بن زيد: إذا مات أحد قبل الملاعنة، إن هي أقرت بما قال رجمت، وصار لها الميراث، وإن التعنت لم ترث، فإن لم تقر بواحدة منهما، تركت ولاميراث لها، ولا حد عليها. م 3236 - واختلفوا في الزوج يلتعن دون المرأة، ثم يموت أحد، فقال مالك وأهل المدينة، والنعمان، وأصحابه، وأبو عبيد: يتوارثان. وقال الشافعي: لا يتوارثان. قال أبو بكر: بالقول الأول أقول. م 3237 - واختلفوا في القاضي يبدأ بالمرأة قبل الزوج في اللعان، ثم يلتعن الزوج بعد تفريق الحاكم بينهما، ففي قول الشافعي: لا معنى لالتعان المرأة، وتقع الفرقة بينهما بالتعان الزوج وحده. وقال أبو ثور: الفرقة باطلة، وبه نقول. وقال أصحاب الرأي: هذا خطأ، والفرقة جائزة. 25 - باب التفريق بين المتلاعنين (ح 1155) ثبت أن رسول الله قال للملاعن: "لا سبيل لك عليه". (ح 1156) وثبت عن أنه فرق المتلاعنين، وتفسيره في حديث ابن عمر قوله: "لا سبيل لك عليها".

26 - باب الوقت الذي [2/ 86/الف] يجوز فيه نفي الولد ومسائل سوى ذلك

م 3238 - وجاءت الأخبار عن عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب بأن المتلاعنين لا يجتمعان أبداً، وبه قال الحسن البصري، وعطاء، والزهري، والنخعي، والحكم، ومالك، والثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، والأوزاعي، وأبو عبيد، وأبو ثور، ويعقوب. وفيه قول ثان: وهو أنه إذا أكذب نفسه جلد الحد، وكان خاطباً من الخطاب. هذا قول ابن المسيب، والنعمان قالا: إذا أكذب نفسه كانت تطليقة بائنة ويجلد الحد. وبه قال ابن الحسن. وفيه قول ثالث: وهو أنه إذا أكذب نفسه جلد الحد، وترد إليه امرأته ما دامت في العدة، روي هذا القول عن سعيد بن جبير. 26 - باب الوقت الذي [2/ 86/الف] يجوز فيه نفي الولد ومسائل سوى ذلك م 3239 - واختلفوا في الوقت الذي للزوج أن ينتفي فيه من الولد. فقالت طائفة: ينتفي الرجل من ولده متى شاء، هذا قول شريح، وعطاء. وقال الحسن: إذا أقر بولده، ثم أنكر، يتلاعنان، ما دامت أمه عنده. ويصير لها الولد، وكذلك قال قتادة. وقالت طائفة: إذا أقر به فليس له أن ينفيه هذا قول الشعبي، وعمر بن عبد العزيز، والنخعي.

وبه قال أصحاب الرأي، وكذلك قال أبو ثور، وهو قول مالك، والثوري، والشافعي. ويلزمه عن الشافعي، والنعمان الولد إذا علم بولادة فلم ينفه، بأن يأتي الحاكم وهو يمكنه إثباته ونفيه. وفي قول يعقوب: الوقت عند النفاس، إذا أنفاه في النفاس لا عن، ولزم الولد أمه، وإذا نفاه بعد النفاس لاعن ولزم الولد أباه، وحكي ذلك عن محمد، والوقت عند في ذلك أربعون يوماً. قال أبو بكر: م 3245 - إذا علم الرجل بولادتها، فأنكره حين بلغه، كان ذلك له، ويلاعنها عليه، ثم يزول نسبه، وإذا أنكر بعد ذلك كان النسب له لازماً، ويلاعنها برميه إياها، وهذا آخر قول الشافعي، وبه قال أبو عبيد، وأبو ثور. وبه نقول لأن النبي- صلى الله عليه وسلم - حكم بالولد للفراش، فالولد ثابت النسب للفراش، فإن نفى الزوج الولد أول ما أمكنه أن ينفيه، فبإجماع نفى عنه الولد مع السنة الثانية، وكل مختلف فيه من هذه المسألة، فمردود (¬1) إلى قول: (ح 1157) النبي- صلى الله عليه وسلم -: "الولد للفراش". م 3241 - واختلفوا في الرجل يلاعن زوجته، وينفي الولد عنه، ثم يموت الولد، ويخلف مالاً، فيدعيه الزوج بعد ذلك. فقالت طائفة: يثبت نسبه ويرثه، هذا قول الشافعي، وأبي ثور. وقال الثوري: لا يجوز ذلك؛ لأنه إنما ادعى مالاً، وإذا ادعاه وهو حي ضرب والحق به. ¬

_ (¬1) في الأصل "مردوداً".

وقال أصحاب الرأي، يضرب الحد ولا يثبت نسب الولد منه، ولا يرث شيئاً من ميراثه، وإن كان الولد ترك ذكراً أو أنثى [2/ 86/ب] يثبت نسبه من المدعي، وضرب الحد، وورث الأب منه؛ لأنه قد نفى ولداً يثبت نسبه من المدعي. م 3242 - وكان الشافعي، وأبو ثور وأصحاب الرأي يقولون: إذا قال الرجل لصبي مع امرأته: لم تلديه، لم يلحق نسبه إلى أن يثبت بينه أنها ولدته، والبينة في مذهب الشافعي، وأبي ثور، أربع نسوة يشهدن (¬1) على ولادتها. وعند أصحاب الرأي: إذا شهدت امرأة واحدة ثبت نسبة منها بشهادتها (¬2). وقال الكوفي: فإن شهدت المرأة فنفاه حين شهدت المرأة، فعليه اللعان كان ويلزم الولد أمه، فان أقر الزوج أنها ولدته وهي زوجته في وقت يمكن أن يكون الولد منه، لزمه الولد لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "الولد للفراش" ولا يقبل قوله: "ليس مني"، ولو اجمعا على ذلك لم يقبل منهما، لأن للولد حقاً في نفسه. م 3243 - واختلفوا في المرأة تلد ولدين في بطن، فيقر الزوج بأحدهما وينفي الآخر. فإن الشافعي، وأبو ثور، وابن القاسم صاحب مالك يقولون: وإذا أقر بأحد لزمه الآخر، بأيهما أقر بالأول أو بالآخر. وقال أصحاب الرأي: وإذا انتفى من الأول وأقر بالآخر حد، ولم ¬

_ (¬1) في الأصل "يشهدون" (¬2) في الأصل "بشهادتهما".

يلتعن، والزم الولدان جميعاً، وإن أقر بالأول ونفى الآخر، فإنه يلاعن ويلزمه الولدان جميعاً. م 3244 - وقال النخعي: في رجل له ثلاثة أولاد، فأقر بالأول، ونفى الثاني، وأقر بالثالث قال: هو كما قال. قال أبو بكر: وفي قول الشافعي، والكوفي: إذا أقر بأحد الثلاثة لزمه الثلاث جميعاً. وبه نقول. م 3245 - وكان الشافعي يقول: إذا قذف الرجل امرأته فارتدت عن الإِسلام، وطلبت حقها، لاعن أو حد، وكذلك لو كان هو المرتد. وقال أبو ثور: إن ارتدت فلا حد عليه ولا لعان، لأن النكاح قد انفسخ. وقال أصحاب الرأي: لا حد بينهما ولا لعان. م 3246 - وإذا قذف الرجل امرأته فقامت عليه بينة أنه كذب نفسه، حد أن طلبت ذلك، هذا قول الشافعي، وأبي ثور. وقال أصحاب الرأي: عليه الحد، ولا لعان بينهما. م 3247 - وإذا قذف الرجل امرأته وهي أمه فاعتقت، أو قذفها وهي ذمية فأسلمت، فلا حد عليه ولا لعان في قول الشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأى. غير أن الشافعي قال: إن شاء لاعن [2/ 87/ألف] ليدرأ عن نفسه التعزير. قال أبو بكر: وبه نقول. م 3248 - واختلفوا في الرجل يقذف امرأته برجل بعينه سماه فقال أبو ثور: إذا جاء يطالبان، حد للرجل ولاعن زوجته، فإن أبى حد لها أيضاً.

27 - باب الشهادة في اللعان

وحكي هذا القول عن ربيعة، ومالك. وقال الشافعي: لا يحد الرجل الذي رماه بها، إذا ذكر الرجل في اللعان كان وذكر أبو ثور عن الكوفي أنه قال: إذا حد الرجل فلا لعان بينه وبينها. قال أبو بكر: قول أبي ثور صحيح. م 3249 - وإذا قذف الرجل زوجته بالزنا وشهد شاهدان على إقرارها بالزنا وهي تحجد، فلا حد عليها ولا عليه، ولا لعان، كذلك قال الشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. م 3250 - وإذا قذفها وقال: هي أمة، فالقول قوله مع يمينه، وعليها أن تقيم البينة، ولا حد عليه ويلاعن، وإن لم يفعل عزر، هذا قول الشافعي. وبه قال أبو ثور، وأصحاب الرأي، غير أن أصحاب الرأي لا يرون بين الحر والأمة لعاناً. م 3251 - وإن عرف أنها حرة فعلى الزوج اللعان، ولا يصدق في قولهم جميعاً. ويستحلف في قول الشافعي، وأبي ثور إذا ادعى عليه القذف. وقال أصحاب الرأي: لا يمين عليه. قال أبو بكر: يستحلف: (ح 1158) لقول النبي- صلى الله عليه وسلم -: واليمين على المدعي عليه. 27 - باب الشهادة في اللعان م 3252 - واختلفوا في الزوج وثلاثة معه يشهدون على الزوجة بالزنا.

فقالت طائفة: يلاعن الزوج ويحد الثلاثة، روي ذلك عن ابن عباس. وبه قال سعيد بن المسيب، وجابر بن زيد، والزهري، والنخعي، ومالك، وسعيد بن عبد العزيز، والشافعي، وأحمد، وإسحاق. وفيه قول ثان: قاله الحسن البصري، والشعبي، والأوزاعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي: وهو أن يقام عليها الحد. م 3253 - واختلفوا في الرجل يقذف امرأته بالزنا، ثم جاء بأربعة، فشهد كل واحد منهم وحده على حدة على الزنا، ففي قول الشافعي، وأبي ثور: يسقط عن الرجل الحد، وتحد المرأة. وقال أصحاب الرأي: على الزوج العان ويضرب كل واحدة منهم الحد. قال أبو بكر: قال الله جل ذكره: {لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ} الآية. وقد جاء هذا بأربعة شهداء، فالحد واجب على المرأة بظاهر الكتاب. قال أبو بكر: م 3254 - وإذا شهد شاهدان على الزوج بالقذف [2/ 87/ب] حتى يعدلا، فيحد أو يلتعن، كذلك قال الشافعي، وأصحاب الرأي. وقال أبو ثور: يأمر الحاكم بلزومه حتى يسأل عن الشاهدين ويعجل، فإن عدلا، حكم عليه، وإن لم يعدلا استحلفه وخلى سبيله.

م 3255 - وإذا شهد رجل وامرأتان على رجل بالقذف، لم تجز شهادتهم في قول الشافعي، وأبي ثور وأصحاب الرأي. م 3256 - وإذا شهد شاهد أنه قذف امرأته بالزنا يوم الخميس، وشهد آخر أن الزوج أقر أنه قذفها بالزنا يوم الجمعة وهو يجحد، فلا حد ولا لعان، هذا قول الشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي. قال أبو بكر: وكذلك نقول. م 3257 - وإذا شهد شاهد على يوم الخميس أنه قال: يا زانية، وشهد آخر على يوم الجمعة أنه قال: يا زانية، فعليه قول النعمان اللعان، وفي قول يعقوب، ومحمد: لا حد عليه ولا لعان. م 3258 - وإذا شهد شاهد أنه قذفها بالعربية، وشهد أخر أنه قذفها بالفارسية، كنت شهادتهما باطلة في قول الشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي.

58 - كتاب العدد

58 - كتاب العدد قال أبو بكر محمد بن إبراهيم بن المنذر: قال الله جل ذكره: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} الآية. (ح 1159) وثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لفريعة بنت مالك بن سنان، وكانت متوفى عنها: "امكثي في بيتك حق يبلغ الكتاب أجله". م 3259 - وأجمع أهل العلم على أن عدة المرأة الحرة المسلمة التي ليست بحامل من وفاة زوجها، أربعة أشهر وعشراً مدخولاً بها، أو مدخول بها، صغيرة لم تبلغ أوكبيرة قد بلغت. م 3260 - واختلفوا في إجماعهم على أن عدة المتوفي عنها زوجها على ما ذكرناه في مقام المتوفى عنها زوجها في مسكنها حتى تنقضي عدتها، وخروجها منه. فقالت طائفة: عليها أن تثبت في منزلها حتى تنقضي عدتها، هذا قول الليث بن سعد، ومالك بن أنس، وسفيان الثوري، والشافعي، وأحمد، والنعمان وأصحابه. وقد روينا أخباراً عن عثمان بن عفان، وابن مسعود، وابن عمر، وأم سلمة تدل على ما قاله هؤلاء.

1 - باب خروج العتدة عن بيتها للحج والعمرة

وقالت طائفة: تعتد حيث شاءت، هذا قول عطاء، وجابر بن زيد، والحسن. وروينا [2/ 88/ألف] هذا القول عن علي بن أبي طالب، وابن عباس، وجابر، وعائشة أم المؤمنين. قال أبو بكر: بالقول الأول أقول للخبر الذي ذكرته عن الفريعة. 1 - باب خروج العتدة عن بيتها للحج والعمرة م 3261 - واختلفوا في خروج المعتدة للحج والعمرة. فمنع من ذلك عمر بن الخطاب، روي ذلك عن عثمان بن عفان. وبه قال ابن المسيب، والقاسم بن محمد، والشافعي، وأصحاب الرأي، وأبو عبيد، وحكاه أبو عبيد عن الثوري. وقال مالك: ترد ما لم تحرم. وقالت طائفة: لها أن تحج في عدتها، هذا قول عطاء، وطاووس. وروي ذلك عن عائشة، وابن عباس. وقال الحسن البصري، وأحمد، وإسحاق: تحج المرأة في عدتها من الطلاق. قال أبو بكر: بالقول الأول أقول.

2 - باب المتوفى عنها زوجها يأتيها الخبر من غير بيت زوجها

2 - باب المتوفى عنها زوجها يأتيها الخبر من غير بيت زوجها م 3262 - واختلفوا في المرأة يأتيها نعي زوجها وهي في غير بيت زوجها. فأمرها بالرجوع إلى مسكنه وقراره، مالك بن أنس، وروي ذلك عن عمر بن عبد العزيز. وقال ابن المسيب، والنخعي: إذا أتاها نعي زوجها وهي في مكان، لم تبرح منه حتى تنقضي العدة. وقال أصحاب الرأي: إذا طلقها زوجها وهي في بيت أهلها، كان عليها أن ترجع إلى منزل زوجها حتى تعتد فيه. قال أبو بكر: قول مالك صحيح، إلا أن يكون نقلها الزوج إلى مكان، فتلزم ذلك المكان. 3 - باب التغليظ في خروج المبتوتة بالطلاق من بيتها في عدتها م 3263 - واختلفوا في خروج المبتوتة بالطلاق من بيتها في عدتها. فمنعت من ذلك طائفة: وممن رأى ألا تخرج عبد الله بن مسعود، وابن عمر، وعائشة. وكان ابن المسيب، والقاسم بن محمد، وأبو بكر بن عبد الرحمن، وخارجة بن زيد، وسليمان بن يسار، يرون أن تعتد في بيت زوجها حيث طلقت.

4 - باب جماع أبواب النفقات لذوات العدد من الطلاق والوفا وغير ذلك

وذكر أبو عبيد أن هذا قول سفيان الثوري، ومالك، وأصحاب الرأي. قال أبو [2/ 8/ب] بكر: وبه نقول. وفيه قول ثالث: وهو أنها تعتد حيث شاءت، كذلك قال ابن عباس، وجابر بن عبد الله، والحسن البصري، وعطاء، وطاووس، وعكرمة. وقال أحمد، وإسحاق: تخرج المطلقة ثلاثاً على حديث فاطمة ولا سكنى لها ولا نفقة. قال أبو بكر: وإنما اختلف الناس في خروج التي طلقت ثلاثاً، أو مطلقة لا رجعة للزوج عليها، وأما من له عليها رجعة، فإنها في معاني الأزواج. م 3264 - وكل من نحفظ عنه من أهل العلم يمنع هذه من الخروج من بيتها حتى تنقضي عدتها. ويحتجون في ذلك بقوله: {لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ} الآية. 4 - باب جماع أبواب النفقات لذوات العدد من الطلاق والوفا وغير ذلك م 3265 - أجمع كل من نحفظ عنه من علماء الأمصار على أن للمطلقة التي يملك زوجها السكنى والنفقة، إذ أحكامها أحكام الأزواج في عامة أمورها.

م 3266 - واختلفوا في وجوب السكنى، والنفقة للمطلقة ثلاثاً، إذا لم تكن حبلى. قالت طائفة: لا سكنى ولا نفقة، هذا قول أحمد، وإسحاق، وأبي ثور، وروى ذلك عن ابن عباس. وبه قال عكرمة، والحسن، والشعبي. وقال عطاء، والزهري: لا نفقة لها. وقالت طائفة: لها السكنى والنفقة، حاملاً كانت أو غير حامل، هكذا قال سفيان الثوري، وأصحاب الرأي. وروي هذا القول عن عمر، وعبد الله، وبه قال شريح. وفيه قول ثالث: وهو أن لها السكنى ولا نفقة لها، هذا قول ابن المسيب، والحسن، وعطاء، والشعبي، وسليمان بن يسار، ومالك بن أنس، وابن أبي ليلى، والأوزاعي، وعبد الرحمن بن المهدي، والشافعي، وأبي عبيد. قال أبو بكر: وبه نقول. لأن ذلك يجب لها بظاهر قوله: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ} الآية، فعم الله عَزَّ وَجَلَّ بالسكنى للمطلقات، فذلك واجب لهن، وقد اختلفوا في النفقة. (ح 1160) وقد ثبت أن النبي- صلى الله عليه وسلم - قال لفاطمة بنت قيس: "ليس لك عليه نفقة".

5 - باب نفقة المطلقة الحامل والمتوفى عنها

والسكنى يجب بظاهر الكتاب للمطلقة ثلاثاً، والنفقة غير واجبة لحديث رسول الله- صلى الله عليه وسلم -[2/ 89/ألف]. 5 - باب نفقة المطلقة الحامل والمتوفى عنها م 3267 - أجمع أهل العلم على أن نفقة المطلقة ثلالاً وهي حامل، واجب لقوله جل ذكره: {وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} الآية. م 3268 - واختلفوا في وجوب نفقة الحامل المتوفى عنها زوجها. فقالت طائفة: لا نفقة لها، كذلك قال جابر بن عبد الله، وابن عباس، وابن المسيب، وعطاء، والحسن، وعكرمة وعبد الملك بن يعلى، ويحيى الأنصاري، وربيعة، ومالك، وأحمد، وإسحاق. وحكى أبو يوسف ذلك عن أصحاب الرأي. وفيه قول ثان: وهو أن لها النفقة من جميع المال، روينا هذا القول عن علي، وعبد الله. وبه قال ابن عمر، وشريح، وابن سيرين، والشعبي، وأبو العالية، والنخعي، وخلاس بن عمرو، وحماد بن أبي سليمان، وأيوب السختياني، وسفيان الثوري، وأبو عبيد.

6 - باب أقصى مدة الحمل الموجود في النساء

قال أبو بكر: وبالقول الأول أقول، لأنهم أجمعوا على أن نفقة كل من كان يجبر على نفقته وهو حي، مثل أولاده الأطفال، وزوجاته، ووالديه، يسقط عنه، فكذلك يسقط عنه نفقة الحامل من أزواجه. 6 - باب أقصى مدة الحمل الموجود في النساء م 3269 - واختلفوا في أقصى مدة الحمل، فروينا عن عائشة أنها قالت: سنتين، وروينا عن الضحاك بن مزاحم، وهرم بن حيان أن كل واحد منهما أقام في بطن أمه سنتين. وبه قال سفيان الثوري. وفيه قول ثان: وهو أن ذلك يكون ثلاث سنين, قال الليث بن سعد: حملت مولاة لعمر بن عبد الله ثلاث سنين. وفيه قول ثالث: وهو أن أقصى مدته تكون أربع سنين، هكذا قال الشافعي، وهو المشهور من قول مالك عند أصحابه، وقد قيل أنه رجع عنه. وفيه قول رابع: وهو أن ذلك يكون خمس سنين، روينا ذلك عن عباد بن العوام. وفيه قول خامس: قاله الزهري، قال: المرأة قال تحمل ست سنين، وسبع سنين. وقال أبو عبيد: ليس لأقصاه وقت [2/ 89/ب] يوقف عليه. م 3270 - وأجمع كل من نحفظ عنه من علماء الأمصار من أهل المدينة والكوفة وسائر علماء الأمصار من أصحاب الحديث، وأهل الرأي

7 - باب النفقة على المطلقة ثلاثا تدعي الحمل

على أن المرأة إذا جاءت بولد لأقل من ستة أشهر من يوم عقد نكاحها، أن الولد لا يلحق به، وإن جاءت به لستة أشهر من يوم عقد نكاحها، فالولد له. 7 - باب النفقة على المطلقة ثلاثاً تدعي الحمل م 3271 - واختلفوا في المرأة الطلقة ثلاثاً تدعي أنها حامل. فقالت طائفة: إذا ظهر الحمل أنفق عليها حتى تضع حملها، هذا قول الزهري، وقتادة، وحماد بن أبي سليمان، وابن أبي ليلى، والأوزاعي، ومالك. وقال الشافعي: فيها قولان. أحدهما: كقول هؤلاء. والقول الثاني: أنها إذا ولدت قضى لها نفقة الحمل كله. قال أبو بكر: وإن اختلفت هي والزوج في الحمل، أرسل الحاكم إليها نسوة أربع ينظرن إليها، فإن أفلن أنها حامل أنفق عليها حتى تضع حملها. م 3272 - فإن أنفق عليها وهو يحسب أن بها حملاً، ثم لم تكن كذلك، فقد اختلف فيه، فكان الزهري، ويحيى الأنصاري يقولان: لا رجوع له عليها. وقال ربيعة، ومالك، وأبو عبيد: النفقة دين عليها. قال أبو بكر: وبه نقول، إنما أعطيت ذلك على أنها مستحقه،

8 - باب نفقة المختلعة الحامل

8 - باب نفقة المختلعة الحامل م 3273 - واختلفوا في نفقة المختلعة الحامل، فكان ابن المسيب، والشعبي، وأبو العالية، وطاووس، والقاسم بن محمد، والزهري، وعمرو بن دينار، وخلاس بن عمرو، وحماد بن أبي سليمان، وعمرو بن شعيب، ومالك، والشافعي، وأبو عبيد يقولون: لها النفقة. وحكي عن الحسن، وعطاء، أنهما قالا: لا نفقة لها. 9 - باب نفقة المختلعة التي ليست بحامل م 3274 - واختلفوا في وجوب النفقة والسكنى للمختلعة، فكان الشعبي، وأبو العالية، والنخعى، وأصحاب الرأي يقولون: للمختلعة السكنى والنفقة ما دامت [2/ 90/ألف] في العدة. وقال أبو ثور: لا سكنى لها ولا نفقة. وكان الشعبي، والزهري، وقتادة يقولون: لا نفقة لها. وفيه قول ثالث: وهو أن لها السكنى ولا نفقة لها، هذا مذهب مالك، والشافعي، وأبي عبيد. وفيه قول رابع: وهو أن لا نفقة لها، إلا أن تشترط ذلك على زوجها، روي هذا القول عن الحسن البصري، وحماد بن أبي سليمان.

10 - باب النفقة لأم الولد الحامل يموت عنها المولي

10 - باب النفقة لأم الولد الحامل يموت عنها المولي م 3275 - كان الحسن البصري يقول: في أم الولد إذا مات عنها سيدها وهي حامل، إن ولدته حياً فنفقتها من نصيبه، وإن ولدته ميتاً فمن جميع المال. وكان عبد الملك بن يعلى لا يرى لها نفقة، وهو قول أصحاب الرأي، كما ذكر أبو عبيد، وهذا قول مالك، والشافعي. وقال أبو عبيد: لها النفقة من جميع المال. 11 - باب النفقة للملاعنة م 3276 - واختلفوا في فيما يجب (¬1) للملاعنة من النفقة والسكنى، فقال أبو ثور: لا نفقة لها ولا سكنى، وبه قال أحمد، وأبو عبيد. قال أبو بكر: وبه نقول. (ح 1161) لحديث ابن عباس بأن رسول - صلى الله عليه وسلم - قضى أن لا بيت لها ولا قوت. وقال الزهري، ومالك، والشافعي: لها السكنى ولا نفقة لها. وفيه قول ثالث: وهو أن لها السكنى والنفقة هذا قول حماد بن أبي سليمان، وسفيان الثوري، وأصحاب الرأي كذلك قالوا، إذا لاعنها بغير ولد. ¬

_ (¬1) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: كان بالمطبوع: «واختلفوا في فيما يجب على للملاعنة»

12 - باب جماع أبواب العدد في الطلاق والوفاة

12 - باب جماع أبواب العدد في الطلاق والوفاة قال الله جل ذكره: {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} الآية. م 3277 - وأجمع أهل العلم على أن أجل كل حامل مطلقة يملك الزوج رجعتها، أو لا يملك، حرة كانت أو أمة، أو مدبرة، أو مكاتبة، أن تضع حملها. م 3278 - واختلفوا في أجل الحامل المتوفى عنها، فقال أكثر أهل العلم: أجلها أن تضع حملها، ولو وضعت بعد وفاة زوجها يوم أو ساعة، هذا قول عمر بن الخطاب، وابن مسعود، وابن عمر، وأبي هريرة، وابن المسيب، [2/ 90/ب] والزهري، وقتادة، ومالك، وسفيان الثوري، والحارث العكلي، والأوزاعي، والشافعي، وأبي ثور، وأبي عبيد، وأصحاب الرأي. قال أبو بكر: وبه نقول، لظاهر الآية. (ح 1162) ولإذن النبي- صلى الله عليه وسلم - لسبيعة النكاح، وإنما ولدت بعد وفاة زوجها بليال. وفيه قول ثان: وهو أن انقضاء عدتها آخر الأجلين، روي ذلك عن علي، وابن عباس. وكرهت طائفة للنفساء أن تنكح ما دامت في الدم، كره ذلك الحسن البصري، والشعبي، وحماد.

13 - باب وقت انقضاء عدة من في بطنها ولدان

وأباح سائر أهل العلم النكاح وهي في دمها. قال أبو بكر: وبه نقول. 13 - باب وقت انقضاء عدة من في بطنها ولدان م 3279 - اختلف أهل العلم في الحامل المطلقة التي في بطنها ولدان، فروينا عن علي بن أبي طالب، وابن عباس، أنهما قالا: تنقضي عدتها بالولد الأخير، وبه قال ابن المسيب، وعطاء، والشعبي، وسليمان بن يسار، والزهري، وربيعة، ومالك، والشافعي، وسفيان الثوري، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. وقال عكرمة، وأبو قلابة: إذا وضعت الأول فقد حلت. قال أبو بكر: بالقول الأول أقول، ولا يكون النفاس إلا من آخر الأولاد. قال أبو بكر: م 2280 - فإن طلق طلقة يملك رجعتها وخرج بعض الولد، فله أن يرجعها حين يبرز الولد، لأنها في هذه الحال غير واضعة حملها، وهذا مذهب الشافعي، وأحمد، وإسحاق. 14 - باب انقضاء العدة بالسقط تسقطه المرأة م 3281 - أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن عدة المرأة تنقضي بالسقط تسقطه إذا علم أنه ولد.

15 - باب انقضاء عدة التي تطلق عند كل حيضة تطليقة

وممن حف ذلك عنه الحسن، وابن سيرين، وشريح، والشعبي، والنخعي، والزهري، ومالك، والثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق. 15 - باب انقضاء عدة التي تطلق عند كل حيضة تطليقة م 3282 - واختلف أهل العلم في الرجل يطلق زوجته مدخولاً بها في كل قرء تطليقة. فقالت طائفة: عدتها من الطلاق الأول، هذا [2/ 91/ألف] قول ابن المسيب، والحسن، وعطاء، والشعبي، وأبي قلابة، والنخعي، ومالك، والثوري، والشافعي، وأصحاب الرأي. وحكي عن خلاس بن عمرو أنه قال: تعتد من الطلاق الآخر ثلاث حيض. قال أبو بكر: بالقول الأول أقول. 16 - باب الطلاق يكون بعده الرجعة ثم الطلاق قال الله جل ذكره: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} إلى قوله {فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ} الآية. روينا عن الحسن أنه قال: كان الرجل يطلق المرأة، ثم يراجعها، ثم يطلقها، ثم يراجعها، يضارها، فنهاهم الله عَزَّ وَجَلَّ عن ذلك.

17 - باب عدة المغيبة يأتيها وفاة زوجها أو طلاقه

م 3283 - واختلفوا فيما يجب على زوجة من فعل بها ذلك ضراراً، وغير ضرار، ومتى تنقضي عدتها إذا طلقها ثم راجعها؟ فقال أكثرهم: عدتها الطلاق الآخر، وممن حفظنا ذلك عنه أبو قلابة، وحماد بن أبي سليمان. وقال الثوري: اجتمع الفقهاء عندنا على ذلك، هذا قول طاؤوس، والزهري، وعمرو بن دينار، ومالك، وابن جابر، وسعيد بن عبد العزيز، وأحمد، وإسحاق، وأبي ثور، وأبي عبيد، وأصحاب الرأي. وقال الشافعي: فيها قولان. أحدهما: إنها تعتد من الطلاق الآخر. والثاني: أن العدة من الطلاق الأول، وبه قال المزني (¬1). وفيه قول ثان: وهو أنه إذا طلقها فاعتدت بعض عدتها، ثم راجعها في عدتها، فطلقها ولم يمسها، أن تعتد باقي عدتها، هذا قول عطاء، ثم تلا: {ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} الآية. قال أبو بكر: وقد سمعت بعض من لا يعتد بقوله. والقول الأول أولى القولين. والله أعلم. 17 - باب عدة المغيبة يأتيها وفاة زوجها أو طلاقه م 3284 - واختلفوا في المرأة يبلغها وفاة زوجها أو طلاقه، فقالت طائفة: العدة في الطلاق والوفاة من يوم يموت أو يطلق، هذا قول ابن عمر، وابن ¬

_ (¬1) هذا من الحاشية وكان في الأصل "الثوري" والصحيح ما أثبته.

18 - باب عدة التى رفعتها حيضها

مسعود، وابن عباس. وبه قال مسروق، وعطاء، وجابر، وابن سيرين، وسعيد بن جبير، ومجاهد، وأبو قلابة، وعكرمة، وطاووس، وسليمان بن يسار، وإبراهيم النخعي، وأبو العالية، ونافع، ومالك، والثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو عبيد، وأبو ثور، وأصحاب [2/ 91/ب] الرأي. وفيه قول ثان: وهو أن عليها من يوم يبلغها الخبر، روي هذا (¬1) القول عن علي بن أبي طالب. وبه قال الحسن، وقتادة، وعطاء الخراساني، وخلاس بن عمرو. في فيه قول ثالث: وهو فإن عدتها إن أقامت بينة فمن يوم مات أو طلق، وإن لم تقم بينة فمن يوم يأتيها الخبر، هذا قول ابن المسيب، وعمر بن عبد العزيز. قال أبو بكر: بالقول الأول أقول. وقد أجمعوا على أنها لو كانت حاملاً لا لعلم بوفاة الزوج أو طلاقه فوضعت حملها، أن عدتها منقضية. ولا فرق بين هذه، وبين المسألة المختلف فيها. 18 - باب عدة التى رفعتها حيضها م 3286 - واختلفوا في المرأة تطلق فتحيض حيضة أو حيضتين، ثم ترتفع حيضتها، فقالت طائفة: تنتطر تسعة أشهر، ثم ثلاثة أشهر، ثم قد حلت، هذا قول عمر بن الخطاب، وروى ذلك عن الحسن وبه قال مالك. ¬

_ (¬1) في الأصل "روي ذلك هذا القول".

19 - باب عدد اللواتي يعتددن بالشهور ثم تحيض في بعضها

والشافعي كذلك قال إذ هو بالعراق وقال: هذا قضاء عمر بين المهاجرين والأنصار، لا ينكر منهم منكر علمناه. وقال بمصر: وعدة التي تحيض الحيض إن تباعد كأنها تحيض في كل سنة أو سنتين، فعدتها الحيض. وقالت طائفة: أقرؤها ما كانت حتى تبلغ سن الموئسات من المحيض، هذا قول جابر بن زيد، والحسن، وعطاء، والشعبي، والزهري، وطاووس، والنخعي، وأبي الزناد، وسفيان الثوري، والشافعي، وأبي عبيد، وحكاه عن أهل العراق. وقد روينا عن عكرمة قولاً ثالثاً: وهو أنها إذا كانت تحيض حيضاً مختلفاً فإذا ريبة، عدتها ثلاثة أشهر. وقد روينا عن ابن المسيب قولاً رابعاً: وهو أنها إذا كانت تحيض في الأشهر مرة، فعدتها سنة. 19 - باب عدد اللواتي يعتددن بالشهور ثم تحيض في بعضها م 3287 - أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن الصبية، أو البالغ المطلقة التي لم تحض، إن حاضت قبل انقضاء الشهور الثلاثة بيوم، أو أقل من يوم، أن عليها استئناف العدة بالحيض. وممن حفظنا ذلك عنه سعيد بن المسيب، والزهري، ومالك، وأهل المدينة، والشعبي، والنخعي، وسفيان الثوري، وأصحاب الرأي من أهل الكوفة، والحسن البصري، وقتادة ومن تبعهما [2/ 92/ألف] من أهل البصرة، ومجاهد، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو عبيد.

20 - باب عدة المستحاضة التي يستمر بها الدم

قال أبو بكر: م 3288 - وكذلك لو كانت من أهل الحيض، فحاضت حيضة، أو حيضتين، ثم صارت من الموئسات، استأنفت الشهور. 20 - باب عدة المستحاضة التي يستمر بها الدم م 3289 - اختلف أهل العلم في عدة المستحاضة، فقالت طائفة: تعتد بالإقراء، كذلك قال الحسن البصري، والزهري، والنخعي، والثوري. وقال عكرمة، وقتادة: عدتها ثلاثة أشهر، وبه قال الشافعي. وفيه قول ثالث: وهو أن عدتها ستة، هذا قول ابن المسيب، ومالك. وبه قول رابع: وهو أنها إن كانت أقرؤها مستقيمة، فاقراؤها، فإذا اختلط عليها فعدتها ستة، هذا قول أحمد، وإسحاق. وفيه قول خامس: وهو أن عدتها الأقراء إذا كانت أيامها معلومة، فإن كانت أيامها مجهولة فعدتها ثلاثة أشهر، هذا قول أبي عبيد. قال أبو بكر: إن كانت عاملة بأقرائها، فعدتها الأقراء لا شك فيه، وإن كانت غير عالمة بأيامها، وعلمة أنها كانت تحيض في كل شهر حيضة، فعدتها تنقضي حين تمضي ثلاثة أشهر، وإن شكت في شيء من ذلك، تربصت حتى تستقين أن الأقراء الثلاث قد انقضت، ثم تحل للأزواج.

21 - باب المطلقة النفساء

21 - باب المطلقة النفساء م 3290 - أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم ممن يقول: إن الأقراء الأطهار، ومن يقول: إن الأقراء الحيض، أن المطلقة وهي نفساء لا تعتد بدم النفاس حتى تستأنف ثلاثة قروء، روي هذا القول عن زيد ابن ثابت، والحسن، وعطاء، وسليمان بن يسار، والزهري. وبه قال أبو عبيد، وذكر أنه قول أهل الحجاز، والعراق جميعاً. قال: لأن النفاس ليس من القروء، ولا يلزمه اسمها. 22 - باب المطلقة طلاقاً يملك الزوج الرجعة، يموت قبل انقضاء عدتها م 3291 - أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن من طلق زوجته طلاقاً يملك رجعتها، ثم توفي قبل انقضاء العدة، أن عليها عدة الوفاء وترثه. م 3292 - واختلفوا في عدة المطلق ثلاثاً المرض. فقالت طائفة: تعتد عدة الطلاق، هذا قول مالك، والشافعي، ويعقوب، [2/ 92/ب] وأبي عبيد، وأبي ثور. قال أبو بكر: وبه نقول، لأن الله جعل عدة المطلقات الأقراء وأقل [ما] أجمعوا على أن المطلقة بثلاث (¬1) لو ماتت لم يرثها المطلق، وذلك لأنها غير زوجة، وإذا كانت غير زوجة له، فهو غير زوج لها. ¬

_ (¬1) في الأصل "وأقل أجمعوا على أن المطلقة ثلاث".

23 - باب وقوف الرجل عن زوجته أن يطأها لموت ولدها من غيره

وفيه قول ثان: وهو أنها تعتد بأقصى العدتين، إن كان أربعة أشهر وعشرة أكثر من ثلاث حيض، أتممت أربعة أشهر وعشراً، وإن كانت ثلاث حيض أكثر، اعتدت ثلاث حيض، هذا قول سفيان الثوري. وقال النعمان، ومحمد: عليها أربعة [[أشهر]] وعشراً، تستكمل في ذلك ثلاث حيض. 23 - باب وقوف الرجل عن زوجته أن يطأها لموت ولدها من غيره م 3293 - روينا عن علي بن أبي طالب أنه قال في رجل يتزوج المرأة، لها ولد من غيره، فيموت بعضهم، يعتزل امرأته حتى تحيض حيضة. وروي معنى ذلك عن عمر بن الخطاب، والمصعب بن جثامة، والحسن، والحسين بن علي، والحسن البصري، والنخعي، وعمارة بن عمير، وأحمد، وإسحاق، وأبي عبيد. قال أبو بكر: وبه نقول. 24 - باب العشر التي في الوفاة مع الأربعة الأشهر قال الله جل ثناؤه: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} الآية.

25 - باب عدة المختلعة

م 3294 - واختلف أهل العلم في العشر، فقال مالك: هو على الليل والنهار، وبه قال الشافعي، وأبو عبيد، وحكاه عن أهل العراق. وقال الأوزاعي: هو على الليل. قال أبو بكر: بالقول الأول أقول. 25 - باب عدة المختلعة م 3295 - اختلف أهل العلم في عدة المختلعة، فقال عثمان بن عفان، وابن عمر: عدتها حيضة، وبه قال أبان بن عثمان، وإسحاق بن راهويه. وفيه قول ثان: وهو أن عدتها عدة الطلقة، روينا هذا القول عن علي بن أبي طالب. وبه قال ابن المسيب، وسليمان بن يسار، والحسن، والشعبي، وسالم بن عبد الله، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، والنخعي، وعروة بن الزبير، وعمر بن عبد العزيز، والزهري، وقتادة، وخلاس بن عمرو، وأبو عياض، ومالك، والليث بن سعد، والأوزاعي، والثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو عبيد. ْقال أبو بكر: وبالقول الأول أقول. (ح 1163) لحديث رويناه عن النبي- صلى الله عليه وسلم -[2/ 93/ألف] أن امرأة ثابت بن قيس اختلعت منه، فجعلت النبي- صلى الله عليه وسلم - عدتها حيضة. ولقول عثمان بن عفان، وابن عمر، ولا يثبت حديث علي.

26 - باب عدة الملاعنة

26 - باب عدة الملاعنة م 3296 - كان ابن عباس يقول: عدة الملاعنة تسعة أشهر. وقال سائر أهل العلم: عدتها عدة المطلقة، هذا قول مالك، والثوري، والشافعي، وأبي عبيد، وأصحاب الرأي. وروي ذلك عن ابن المسيب، والنخعي. 27 - باب عدة الذمية م 3297 - أجمع كل من أحفظ قوله من علماء الأمصار على أن عدة الذمية الحرة تكون تحت المسلم، عدة الحرة المسلمة، وكذلك قال مالك، والثوري، والشافعي، وأبو ثور، وأبو عبيد، أصحاب الرأي ومن تبعهم. 28 - باب عدة أم الولد في وفاة السيد عنها م 3298 - واختلفوا في عدة أم الولد إذا توفي عنها سيدها. فقالت طائفة: عدتها أربعة أشهر وعشراً، هذا قول ابن المسيب، وابن عياض، والحسن، وابن سيرين، وسعيد بن جبير، ومجاهد، وخلاس بن عمرو، وعمر بن عبد العزيز، والزهري، ويزيد بن عبد الملك، والأوزاعي، وإسحاق.

(ح 1164) وروينا عن عمرو بن العاص أنه قال: "لا تلبسوا علينا سنة نبينا، عدة أم الولد إذا توفي عنها سيدها أربعة أشهر وعشراً". وضعف أحمد بن حنبل، وأبو عبيد هذا الحديث. وفيه قول ثان: وهو أن عدتها ثلاث حيض، وروي هذا القول عن علي، وابن مسعود. وبه قال عطاء، وإبراهيم النخعي، والثوري، وأصحاب الرأي. وفيه قول ثالث: وهو أن عدتها حيضة، هذا قول ابن عمر، والشعبى، والحسن، ومكحول، وأبي قلابة. وبه قال مالك، والشافعي، وأحمد، وأبو عبيد، وأبو ثور. وفيه قول رابع: وهو أن عدتها نصف عدة الحرة المتوفي عنها زوجها، روي هذا القول عن طاووس، وعطاء، وبه قال قتادة. قال أبو بكر: م 3299 - ففي قول مالك، والشافعي، وأحمد، وأبي عبيد (¬1)، وأبي ثور: عدتها في العتق، والوفاة حيضة واحدة. وفي قول سفيان الثوري، وأصحاب الرأي: عدتها ثلاث حيض في العتق، والوفاة. وجعل الأوزاعي عدتها في الوفاة: أربعة أشهر وعشراً، وفي العتق ثلاث حيض. قال أبو بكر: بقول ابن عمر أقول؛ لأنه الأقل مما قيل، وليس فيه سنة تتبع، ولا إجماع يعتمد عليه. ¬

_ (¬1) في الأصل " أبي عبيدة".

29 - باب مسائل

29 - باب مسائل م 3300 - واختلفوا في الرجل ينكح أمة، قد يصيبها [2/ 93/ب]، سيدها، فقال عطاء، وقتادة: عدتها حيضتان. وقال الزهري، والثوري، والشافعي: عدتها حيضة. ولفظ الشافعي: أن تستبرئ بحيضة. وقال أصحاب الرأي لا عدة عليها. م 3301 - وكان الشافعي يقول: إذا زوج الرجل أم ولده من رجل فمات السيد وهي عند زوجها، فلا عدة عليها ولا استبراء، وهذا قول سفيان الثوري، وأبي ثور. ولا أحفظ عن غير خلاف هذا القول. م 3302 - واختلفوا في السيد، والزوج يموتان، يعلم أن أحد مات قبل الآخر، بيوم أو شهرين، أو خمس ليال، أو أكثر، ولا يعلم أيهما مات قبل، فإن الشافعي يقول: تعتد من يوم مات الآخر منهما، أربعة أشهر وعشراً تأتي فيها بحيضة. وقال الثوري: إذا لم يدر أيهما مات قبل، فإنها تعتد بأربعة أشهر وعشراً، آخر الأجين. وكذلك قال أصحاب الرأي إذا علم أن بين موتهما يوماً، وكذلك لو كان بين موتهما (¬1) شهران، أو شهور، أو أربعة أيام. فإن كان بين موتهما شهران وخمسة أيام، أو أكثر، فإنها تعتد أربعة أشهر وعشراً فيها ثلاث حيض، هذا قول يعقوب، ومحمد. وقال النعمان: عليها أربعة أشهر وعشراً، لا حيض فيها. ¬

_ (¬1) في الأصل "موتها".

30 - باب عدد الإماء من الطلاق ووفاة الزوج

وقال أبو ثور: حكمها حكم الإماء، وعليها شهران وخمسة أيام، ولا أنقلها إلا حكم الحرائر إلا بإحاطة أن الزوج قد مات قبل المولى، وانقضت عدتها. 30 - باب عدد الإماء من الطلاق ووفاة الزوج م 3303 - واختلف أهل العلم في عدة الأمة التي تحيض من الطلاق. فقالت طائفة: عدتها حيضتان، روي هذا القول عن عمر بن الخطاب، وابن عمر. وبه قال سعيد بن المسيب، والحسن البصري، وعطاء بن أبي رباح، وعطاء بن عتبة، وسالم بن عبد الله، والقاسم بن محمد، والزهري، وقتادة، وزيد بن أسلم، ومالك بن أنس، والثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. وقد روينا عن ابن سيرين أنه قال: ما أرى عدة الأمة إلا كعدة الحرة، إلا أن تكون مضت في ذلك سنّة، فإن السنة أحق أن تتبع. م 3304 - واختلفوا في عدة الأمة الصغيرة التي لم تبلغ المحيض، والكبيرة الموئسة من المحيض. فقالت طائفة: عدتها شهر ونصف، روينا عن عمر بن الخطاب أنه قال: شهرين، أو شهراً ونصفا، وعن ابن عمر [2/ 94/ألف] أنه قال: شهر ونصف. وبه قال الحسن، والشعبي، وسالم بن عبد الله، وعطاء، وابن المسيب، والثوري، والشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي.

31 - باب الأمة تطلق ثم تعتق قبل أن تنقضي عدتها

وفيه قول ثان: وهو أن عدتها شهران لكل حيضة شهر، هذا قول عطاء، والزهري، وأحمد، وإسحاق. وفيه قول ثالث: وهو أن عدتها ثلاثة أشهر، وهكذا قال الحسن، ومجاهد، وعمر بن عبد العزيز، والنخعي، ويحيى الأنصاري، وربيعة، ومالك. م 3305 - أجمع أهل العلم على أن عدة الأمة الحامل إذا طلقت، أن تضع حملها. م 3306 - وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن عدة الأمة التي ليست بحامل من وفاة الزوج، شهران وخمس ليال. إلا ما ذكرناه عن ابن سيرين، وإلا في قول من رأى أن الليالي بأيامها، فمن قال: إن عدتها شهران وخمس ليال، سعيد بن المسيب، وعطاء، وسليمان بن يسار، والزهري، وقتادة، ومالك، والثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. قال أبو بكر: وكذلك نقول. 31 - باب الأمة تطلق ثم تعتق قبل أن تنقضي عدتها قال أبو بكر: م 3307 - واختلفوا في الأمة تطلق طلاقاً يملك الزوج رجعتها أو لا يملك، ثم تعتق قبل انقضاء العدة.

فقالت طائفة: إن كان طلاقاً يملك الزوج رجعتها، أكملت عدة حرة، وإن كان لا يملك رجعتها، فعدتها عدة الأمة هذا قول الحسن، والشعبى، والنخعي، والضحاك. وقال النخعي: إذا مات عنها زوجها ثم اعتقت، تقضي على عدة الأمة وقال الثوري في الطلاق كما قال الحسن، وفي الوفاة كما قال النخعي، وكذلك قال أحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي. وفيه قول ثان: وهو أنها تقضي في عدة الأمة، كان المطلق يملك الرجعة أو لا يملكها، هذا قول مالك، وبه قال أبو ثور. وبه كان يقول الشافعي إذ هو بالعراق. ثم قال بمصر: إن كان الطلاق يملك فيه الرجعة فإنها تكمل عدة حرة، وإن كان لا يملك الرجعة ففيها قولان. أحدهما: أن تبنى على العدة الأولى. والثاني: أنها تكمل عدة حرة. وفيه قول ثالث: وهو أن عدتها عدة حرة، هذا قول عطاء، والزهري، وقتادة. قال أبو بكر: وسواء كان المطلق حراً أو مملوكاً في قول مالك، والشافعي. م 3308 - وقد اختلفوا في الحر يطلق المملوكة، والمملوك يطلق الحرة. فقالت طائفة: [2/ 94/ب] الطلاق بالرجال، والعدة بالنساء، هذا قول زيد بن ثابت، وابن عباس، وابن المسيب، وعطاء، ومالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبي ثور. وفيه قول ثان: وهو أن الطلاق والعدة بالنساء، روي هذا القول عن علي، وابن مسعود.

وبه قال الحسن، وابن سيرين، وعكرمة. وقال عبيدة السلماني في حر طلق امرأته أمة تطليقتين، ثم اشتراها. قال: لا ينكحها حتى تنكح زوجاً غيره، وبه قال مسروق، والزهري، والحكم، وحماد، والثوري، والنعمان. وقد روي عن ابن عمر قولاً ثلاثاً: وهو أن الطلاق بابها رق، وبه قال الأوزاعي. قال أبو بكر: بالقول الأول أقول، إن الطلاق بالرجال، لأن الله عَزَّ وَجَلَّ خاطبهم بالطلاق، والعدة بالنساء لأن الله عز وجل خاطبهن بالعدة. قال أبو بكر: وحكم المكاتبة، والمدبر، وأم الولد قبل أن تعتق فيما ذكرناه، حكم الأمة.

59 - كتاب الاحداد

59 - كتاب الاحداد (¬1) 1 - باب الاحداد العدة للمتوفى عنهن أزواجهن قال الله تبارك وتعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} الآية. فثبتت العدة على المتوفى عنها بظاهر كتاب الله عز وجل، ووجب الاحداد عليها. (ح 1165) بخبر رسول الله- صلى الله عليه وسلم - لما قال: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله ورسوله، أو تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث، إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً". فوجب القول بالكتاب والسنة، لأن الله فرض على الناس إتباع رسوله في غير آية من كتابه. قال أبو بكر: م 3309 - وهذا قول كل من لقيناه، وبلغناه من أهل العلم، إلا الحسن البصري، فإنه انفرد عن الناس، فكان لا يرى الاحداد. قال أبو بكر: والسنة مستغنى بها عن كل قول. م 3310 - واختلفوا في إحداد الذمية. فكان مالك، والشافعي وأبو ثور يقولون: على الذمية الاحداد. ¬

_ (¬1) سقط من الأصل وأثبته من الأوسط 3/ 206/ب.

2 - باب ما تجتنبه المرأة احدادها على الزوج

وقال أصحاب الرأي: ليس ذلك عليها. قال أبو بكر: وبه نقول. وذلك أن في قول النبي- صلى الله عليه وسلم - "لا يحل لامرأة تؤمن بالله ورسوله أن تحد"، دليل على أن ذلك ليس على من يخاطب به من ليست بمؤمنة. م 3311 - واختلفوا في وجوب ذلك على الصغيرة المتوفى عنها، فقال مالك، والشافعي، وأحمد، وأبو عبيد، وأبو ثور: عليها من ذلك [2/ 95/ألف] ما على البالغ. وقال أصحاب الرأي: ليس ذلك على الصغيرة. قال أبو بكر: م 3312 - وأما الأمة المزوجة (¬1) فهي داخلة في جملة الأزواج، وفي عموم الأخبار، وهو قول مالك، والشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي، إلا الحسن البصري. م 3313 - ولا أعلمهم يختلفون في أن لا إحداد (¬1) على أم الولد إذا مات سيدها. قال أبو بكر: وبه أقول، وذلك لأنها ليست بزوجة. 2 - باب ما تجتنبه المرأة احدادها على الزوج قال أبو بكر: (ح 1166) جاء الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: المتوفي عنها لا تليس ¬

_ (¬1) في الأصل " الآية الزوجة". (¬1) في الأصل " أن الاحداد" وهو خطأ.

3 - باب لباس المرأة الحلي في الاحداد

المعصفر من الثياب، ولا الممشقة (1) ولا الحلي، ولا تختضب، ولا تكتحل. وقد اختلف أهل العلم في منع المتوفي عنها زوجها من بعض ما ذكرناه، وأجمعوا على منعها من بعض ذلك إلا ما ذكر عن الحسن. م 3314 - فمما أعلمهم أن تمنع منه الثياب المصبغة والمعصفرة، إلا ما صبغ بالسواد، منع ذلك عائشة، وابن عمر، والزهري، ومالك، والثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. وروي ذلك عن أم سلمة، وأم عطية. ورخص في لبس السواد عروة بن الزبير، ومالك، والشافعي. 3 - باب لباس المرأة الحلي في الاحداد قال أبو بكر: م 3315 - روينا عن ابن عمر، وعائشة، وأم سلمة، وابن المسيب أنهم نهوا الحادة عن لبس الحلي كله. وبه قال مالك، وأصحاب الرأي، وأبو ثور.

4 - باب النهي عن الكحل في الاحداد

وقد كان عطاء لا يكره الفضة إذا كان عليها حين مات، وإن لم يكن عليها ذلك، لم تبتد لبسه. وكره لها [[الخضاب]] بن المسيب، وعروة بن الزبير. وروينا عن ابن عمر، وأم سلمة. 4 - باب النهي عن الكحل في الاحداد (¬1) م 3316 - نهى ابن عمر عن الكحل في الاحداد، إذا أرادت به للزينة، إلا أن تشتكي عينيها، وروينا النهي فيه عن عائشة، وأم سلمة، وأم عطية، وابن المسيب، وعروة. وبه قال مالك، والثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور. غير أن الشافعي كره منه ما كان لزينة. ورخص في الكحل لها عند [2/ 95/ب] الضرورة: عطاء، والنخعي، ومالك، وأصحاب الرأي. 5 - باب الوقوف عن استعمال الطيب للمرأة في عدتها من وفاة الزوج م 3317 - أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم، إلا ما رويناه عن الحسن على أن المرأة ممنوعة في الاحداد من الطيب، والزينة. ¬

_ (¬1) في الأصل "النهي عن الكحل عن الاحداد".

6 - باب الإحداد في الطلاق المبتوت

وكان ابن عباس، وابن عمر، وعائشة، وعطاء، وجماعات أهل العلم يكرهون ذلك وينهون عنه. م 3318 - فأما الإدهان فإن عطاء، ومالكاً، والشافعي، وأصحاب الرأي منعوها من الإدهان للتي تنتن بالأفواه للطيبة. ورخص الزهري في الدهن الذي فيه الريحان. وكره ذلك مالك. ورخص مالك في الإدهان بالشبرق، والزيت. وكره الشافعي ذلك في الرأس. م 3319 - ورخص عطاء أن تمتشط بالحنا، والكتم. وخالفه مالك فقال: لا تمتشط بهما، وقال مالك: لا تمتشط بهما، وقال مالك: لا تمتشط إلا بالسدر. ورخص لها كل من نحفظ عنه قوله من أهل العلم لبس البياض. 6 - باب الإحداد في الطلاق المبتوت م 3320 - واختلفوا في الاحداد على المطلقة ثلاثاً. فقالت طائفة: هي والمتوفي عنها في الاحداد سواء، هذا قول ابن المسيب، وأبي عبيد، وأبي ثور، أصحاب الرأي. ورخص فيه عطاء بن أبي رباح، وربيعة، ومالك. وقال الشافعي، أحب أن تفعل، ولا يبين في أن أوجبه.

7 - باب ما تتقيه المطلقة طلاقا يملك الزوج فيه الرجعة

قال أبو بكر: (ح 1167) في قول النبي- صلى الله عليه وسلم -: لا تحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر، أن تحد على ميت فوق ثلاث، إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً. دليل على أن المطلقة ثلاثاً، والمطلق حي، لا حداد عليها. 7 - باب ما تتقيه المطلقة طلاقاً يملك الزوج فيه الرجعة م 3321 - كان الحسن البصري، وإبراهيم النخعي، وسفيان الثوري، وأحمد بن حنبل، وأصحاب الرأي لا يرون بأساً للذي يملك الزوج رجعتها، أن تزين، وتشرف. وذكر أبو ثور عن الشافعي أنه قال: أحب إلى أن لا تزين، ولا تتعطر. جماع (¬1) المتعة للمطلقات المدخول بهن وغيرهن 8 - باب المتعة المفروضة في [2/ 96/ألف] الكتاب وهي للمطلقة قبل الدخول من غير تسمية صداق (¬2) م 3322 - واختلفوا فيمن تجب لها من النساء المتعة، فكان ابن عمر يقول: المتعة التي تجب للمطلقة التي لم يفرض لها صداقاً، ولم يسم لها مهراً. ¬

_ (¬1) في الأصل "باب". (¬2) هذا الباب وما بعد ذكر تحت "كتاب المتعة" في الأوسط 3/ 289/ألف.

وقال ابن عباس، لها المتاع، وبه قال الحسن، وعطاء، وجابر بن زيد، والنخعي، والشعبي، والزهري، والثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو عبيد، وأصحاب الرأي. حجتهم في ذلك قوله: {لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ} الآية. وفيه قول ثان: وهو أن لكل مطلقة متعة، غير أن بعض أهل العلم جعل معنى "لكل مطلقة متعة" على معنى التقي، والاحسان، والتفضل، لا على الوجوب، وبعضهم جعله على الوجوب، فممن روينا عنه أنه قال: لكل مطلقة متعة، علي بن أبي طالب، والحسن البصري، وسعيد بن جبير، وأبو قلابة، والزهري، وقتادة، والضحاك بن مزاحم. وممن قال: إن ذلك على "الإحسان، لا على الإيجاب، أبو عبيد. واحتج بشيء روي عن شريح، وسعيد بن جبير. وقال أبو ثور: لكل مطلقة متعة على ظاهر قوله: {وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ} الآية مدخولاً بها أو غير مدخول بها. وفيه قول ثالث: وهو أنه لكل مطلقة واحدة، أو اثنتين، أو ثلاثاً متعة، إلا أن تكون امرأة طلقها زوجها قبل أن يمسها، وقد فرض لها، فحسبها فريضتها، وإن لم يكن فرض لها، فليس لها إلا المتعة، كذلك قال ابن عمر، والشعبي، وعطاء، والنخعي.

9 - باب مبلغ المتعة الواجبة للمطلقة التي لم يدخل بها ولم يفرض لها

وقال أبو عبيد كذلك على معنى التقوى، والاحسان. وفيه قول رابع: وهو أن المتعة غير واجبة في شىء من الأحوال وجوب فرض، هذا قول مالك، وابن أبي سلمة، ولا يلزم السلطان ذلك. واحتج قائله بقول الله عز وجل: {حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ} الآية، وكما قال في تلك {حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ} الآية. 9 - باب مبلغ المتعة الواجبة للمطلقة التي لم يدخل بها ولم يفرض لها م 3323 - واختلفوا في مبلغ المتعة، فروينا عن ابن عمر أنه قال: أدنى ما أراه يجزي من المتعة، ثلاثون درهماً أو شبهها [2/ 96/ب]. وفيه قول ثان: روي عن ابن حجيرة أنه كان يقضي على صاحب الديوان ثلاثة دنانير في متعة النساء. وفيه قول ثالث: كان ابن عباس يقول: أرفع المتعة الخادم، ثم دون ذلك الكسوة، ثم دون ذلك النفقة، وروي ذلك عن الزهري. وفيه قول رابع: روي عن عطاء أنه قال: من أوسط المتعة، الدرع، والخمار والملحفة.

وقال الشعبي، وأبو مجلز: أربعة أثواب، درع، وخمار، وجلباب، وملحفة. وقال قتادة: جلباب، ودرع، وخمار. وقال أصحاب الرأي: أدناه درع، وخمار، وملحفة. وفيه قول خامس: روينا عن الحسن أنه قال: منهم من يمتع بالخادم، والنفقة، ومن كان دون ذلك، متع بالنفقة والكسوة، ومن كان دون ذلك متع بملحفة، [[ودرع]]، وجلباب، ومن كان دون ذلك متع بثوب واحد. وفيه قول سادس: قاله حماد بن أبيِ سليمان، قال: إذا طلقها ولم يدخل بها ولم يفرض لها، جبر على نصف صداق مثلها. وفيه قول سابع: وهو أن أوضعه ثوب، وأرفعه الخادم، وروي ذلك عن ابن المسيب. وفيه قول ثامن: وهو أن لا حد له يوقف عليه ويؤقت، هذا قول عطاء، ومالك، والثوري، والأوزاعي، وأبي عبيد. واحتجوا بقول الله عز وجل: {عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ} الآية. وقد روي أن الحسن بن علي كرم الله وجهه متع امرأتين له بعشرين ألف درهم، وزقاق من عسل.

10 - باب متعة المختلعة والملاعنة

ومتع كل واحد من أنس بن مالك، والأسود بن يزيد بثلاثمائة درهم ومتع شريح بخمس مائة درهم، ومتع عبد الرحمن بن عوف بجارية سوداء. وروي عن ابن عمر أنه متع أمرأته خادماً. وفعل ذلك عروة بن الزبير. 10 - باب متعة المختلعة والملاعنة م 3324 - واختلفوا في متعة المختلعة، والملاعنة، فكان عطاء، والنخعي، والزهري يرون للمختلعة المتعة. وبه قال أحمد، وإسحاق. وقال أصحاب الرأي في الفرقة تكون من قبل الزوج بلعان أو غيره، للمرأة [2/ 97/ألف] المتعة. وفيه قول ثان: وهو أن لا متعة لها، هذا قول مالك. قال الزهري: لكل مطلقة متاع. م 3325 - وقال عطاء: لا متعة للأمة، ولا للحرة تكون تحت العبد. وقال مالك: على العبد المتعة للحرة، والأمة. م 3326 - وقال مالك، والثوري: لليهودية، والنصرانية، والمملوكة المتع. وقال أحمد: لكل مطلقة متاع إذا لم يكن فرض لها، ولا دخل بها.

60 - كتاب الرجعة

60 - كتاب الرجعة قال أبو بكر محمد بن إبراهيم بن المنذر: قال الله جل ذكره: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ}. 3327 - وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن الحر إذا طلق زوجته الحرة، وكانت مدخولاً بها تطليقة، أو تطليقتين، أنه أحق برجعتها حتى تنقضي العدة. وقوله: {أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ} العدة عند جماعة أهل التفسير. وقالوا في قوله: {لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} أنه الرجعة. 1 - باب الإشهاد على الرجعة قال الله جل ذكره: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ}. م 3328 - ولم يختلف أهل العلم على أن السنة في الرجعة أن تكون بالإشهاد.

وفيما ذكرناه من كتاب الله عز وجل، مع إجماع أهل العلم عليه، كفاية عن ذكر ما روي عن الأوائل في هذا الباب. م 3329 - واختلفوا فيما يكون به الرجل مراجعاً لزوجته المطلقة واحدة، أو اثنتين، فقالت طائفة: إذا جامعها فقد راجعها، هكذا قال ابن المسيب، والحسن، وابن سيرين، وعطاء، وطاووس، والزهري، والثوري: قالوا: ويشهد. وبه قال أصحاب الرأي، والأوزاعي، وابن أبي ليلى. وفيه قول ثان: وهو أن الجماع إنما يكون رجعة إذا أراد به الرجعة، هذا قول مالك، وإسحاق. م 3330 - وقال الثوري، وأصحاب الرأي: إذا قبل، أو باشر، أو لمس فهو رجعة، قال أصحاب الرأي: إذا كإن ذلك بشهوة. م 3331 - وقال أصحاب الرأي: النظر إلى الفرج رجعة. وفي قول مالك بن أنس، والشافعي، وإسحاق، وأبي عبيد، وأبي: لا يكون رجعة. م 3332 - وقال الشافعي، وأبو ثور: لا تكون رجعة حتى يتكلم بالرجعة. وقال جابر بن زيد، وأبو قلابة: إذا تكلم بالرجعة فهي رجعة. قال أبو بكر: هذا حسن. م 3333 - وأجمع أهل العلم على أن الرجعة إلى الرجل ما دامت في [2/ 97/ب] العدة، وإن كرهت المرأة ذلك. م 3334 - وكذلك أجمعوا على أن الرجعة تثبت بغير مهر، ولا عوض.

2 - باب المدة التي تصدق فيها المرأة إذا ادعت انقضاء العدة

م 3335 - وأجمعوا كذلك أن المطلق إذا قال بعد إنقضاء العدة: إني كنت راجعتك في العدة، وأنكرت المرأة، إن القول قولها مع يمينها، ولا سبيل له إليها. غير أن النعمان كان لا يرى يميناً في النكاح، ولا في الرجعة. وخالفه صاحباه فقالا كقول سائر أهل العلم. م 3336 - وقال الشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي: إذا قال: إذا كان غداً فقد راجعتك، أن ذلك ليس برجعة. وإذا قال: قد كنت راجعتك أمس، وهي في العدة، فالقول قوله في قول الشافعي، وأصحاب الرأي. م 3337 - إذا كانت الزوجة أمة فاختلف المولى، والجارية، والزوج يدعي الرجعة، وذلك بعد إنقضاء العدة، وقال الزوج: قد كنت راجعتك في العدة، وأنكرت، فالقول قول الزوجة الأمة، وإن كذبها مولاها، وهذا قول الشافعي، وأبي ثور، والنعمان. قال أبو بكر: وبه نقول. وقال يعقوب، ومحمد: القول قول المولى. وهو أحق بها. 2 - باب المدة التي تصدق فيها المرأة إذا ادعت انقضاء العدة م 3338 - واختلفوا في الرجل يطلق زوجته، فتدعي انقضاء العدة، ويكذبها الزوج. فقالت طائفة: إذا ادعت أنها حاضت ثلاثة حيض في شهر، أو في خمس وثلاثين ليلة، أو جاءت بينة من النساء العدول، من بطانه أهلها ممن يرضى صدقه وعدله، أنها رأت ما يحرم عليها الصلاة من

الطمث، وتغتسل عند كل قروء، وتصلي، فقد انقضت عدتها، وهي غير كاذبة، هذا قول شريح. وقال له علي بن أبي طالب: "قالون" معناها بالرومية: أصبت، أو أحسنت. وقال أحمد: إذا ادعت في شهر، سئلت البينة، كما قال علي، وإن كان أكثر من شهر، صدقت على حديث أبيّ أن المرأة ائتمنت على زوجها. وفيه قول ثان: وهو أنها تصدق في انقضاء عدتها في أكثر من اثنين وثلاثين يوماً، هذا قول الشافعي. وقال النعمان: لا تصدق في أقل من ستين يوماً. وفيه قول رابع: [2/ 98/ألف] وهو أنها لا تصدق في أقل من تسعة وثلاثين يوماً، وهذا قول يعقوب، ومحمد. وفيه قول خامس: قال أبو ثور قال: أقل ما يكون في ذلك إذا طلقها في أول الطهر، سبعة وأربعون يوماً، وذلك أن أقل (¬1) الطهر خمسة عشر يوماً وأقل الحيض يوم. وفيه قول سادس: قال إسحاق، وأبو عبيد، وهو إن كانت لها أقراء معلومة، قبل أن تبتلي، حتى عرفها بذلك بطانة أهلها ممن يرضي دينهن وأمانتهن، فإنها تصدق على ذلك، فإن لم يكن كذلك، لم تصدق في أقل من ثلاثة أشهر. ¬

_ (¬1) في الأصل "الأقل الطهر".

3 - باب انقضاء العدة بالأقراء من الحيض والطهر

م 3339 - واختلفوا في الرجل يقول لامرأته المطلقة: قد راجعتك، فقالت مجيبة له: قد انقضت عدتي، في وقت يمكن أن تنقضي فيه العدة، فكان الشافعي يقول: القول قول المرأة مع يمينها. وحكي أبو ثور عن النعمان أنه قال ذلك. وحكي عن يعقوب، ومحمد أن ذلك رجعة، والقول قول الزوج. م 3340 - وقال كل من حفظت عنه من أهل العلم إذا قالت المرأة في عشر أيام: قد حضت ثلاثة حيض، وانقضت عدتي، أنها لا تصدق، ولا يقبل منها، إلا أن تقول: قد اسقطت سقطاً قد استبان خلقه، وهذا على مذهب الشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي. وقال مالك كذلك. 3 - باب انقضاء العدة بالأقراء من الحيض والطهر م 3341 - اختلف أهل العلم في الحر يطلق زوجته الحرة تطليقة، أو اثنتين حتى تبين منه، حتى لا يكون له رجعة، والوقت فيه، فقال عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وابن مسعود، وابن المسيب، والثوري، وإسحاق، وأبو عبيد: هو أحق بها حتى تغتسل من الحيضة الثالثة. وروي ذلك عن أبي بكر الصديق، وعثمان بن عفان، وأبي موسى، وعبادة، وأبي الدرداء. وفيه قول ثان: وهو أنه أحق بها ما دامت في الدم، هذا قول طاووس، وسعيد بن جبير، والأوزاعي.

4 - مسائل من كتاب الرجعة

وفيه قول ثالث: وهو أن له الرجعة حتى يمضي وقت الصلاة التي طهرت في وقتها، هذا قول سفيان الثوري. وقد روينا عن ابن عباس قولاً رابعاً: وهو أنها إذا حاضت المطلقة الثالثة، فقد برئت منه. وفيه قول خامس: وهو أن له الرجعة [2/ 98/ب] وإن فرطت في الغسل عشرين سنة ما لم تغتسل، حكي هذا القول عن شريك. قال أبو بكر: وهذا كله على مذهب من يرى أن الأقراء من الحيض. وقالت طائفة سادسة: الاقراء الاطهار، ففي هذا القول له عليها الرجعة ما لم تر الدم من الحيضة الثالثة، إذا كان طلقها وهي طاهر، هذا قول مالك، والشافعي، وأبي ثور. وممن هذا مذهبه كان الأوائل زيد بن ثابت، وابن عمر، وعائشة، والقاسم، وسالم، وأبان بن عثمان. ووقف أحمد عن الجواب فيه، وقال: كنت أقول بقول زيد، ثم إني أتهيب الآن [من أجل أن فيه عن علي، وعبد الله] (¬1). 4 - مسائل من كتاب الرجعة م 3342 - واختلفوا في الرجل ينكح المرأة، ثم يطلقها ويقول: لم أطاهأ، وتدعي أنه وطيها. ¬

_ (¬1) في الأصل "ثم انتهيت الآن" وهو خطأ والصواب ما أثبته، وكذا في مسائل أحمد بن حنبل لأبي داوود/ 184 وكذا في الأوسط 3/ 310/ ب.

فقالت طائفة: القول قوله مع يمينه، وعليه نصف المهر، ولا رجعة له عليها، وعليها العدة، هذا قول شريح. وقال الشافعي: عليها العدة، ولا رجعة عليها، وبه قال أبو ثور، وأصحاب الرأي. وقال مالك: لها الصداق كاملاً إذا قال: لم أطأها وقد دخل بها. م 3343 - وإن دخل بها وقالت: لم يطأني، وقال: قد وطيتها، فالقول قولها مع يمينها، ولا رجعة له عليها، هذا قول الشافعي. وقال أصحاب الرأي: إن كان خلى بها فالقول قول الزوج، فإن لم يكن دخل بها، فلارجعة له عليها. وقال أبو ثور: كما قالوا، ويستحلف. م 3344 - وإن كان الزوج مجبوباً، أو عنيناً فدخل بها، ثم طلقها فعلى كل منهما نصف الصداق في قول أبي ثور، ولا عدة عليها، ولا رجعة. وقال النعمان: إذا خلى بها أحدهما ولم يدخل، ثم طلق، فلا رجعة له وعليه في قول النعمان، ويعقوب، ومحمد: المهر، وعليها العدة، ما خلا المجبوب خاصة، وان عليها العدة، وعليه لها نصف المهر في قول أبي يوسف، ومحمد وقال الشافعي: لا يكمل المهر إلا بالوطئ. م 3345 - واختلفوا في الرجل يطلق زوجته قبل أن يدخل بها، فيظن أن له الرجعة فيراجع ويطأها، فقال عطاء، وجابر بن زيد، والزهري، والنخعي، وحماد، وأبو عبيد، لها المهر ونصف المهر.

وذكر أبو عبيد أن هذا قول سفيان، وأهل العراق من أصحاب الرأي. وقال الشعبي، الحسن البصري، وجابر بن زيد، والزهري، وقتادة، والحكم، وابن شبرمة، ومالك: لها صداق واحد. وقال عثمان البتي: لها نصف الصداق. وقال [2/ 99/ألف] الأوزاعي: إن كان أعلمها طلاقها، ثم دخل بها، فرق بينهما وضربا مائة مائة، ولا صداق لها بعد الأول، وإن كان لم يعلمها طلاقه إياها حتى دخل بها فلها صداق ونصف. م 3346 - وكان مالك يقول: من طلق امرأته وهي حائض، أو نفساء، يجبر على الرجعة. (ح 1168) لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لعمر: مُر عبد الله فليراجعها. فأمره على الفرض. قال أبو بكر: وكذلك نقول. وفي قول الشافعي: لا يجبر على ذلك. وقال الثوري: كان الرجل يؤمر بذلك، وقال أبو ثور: يؤمر بالرجعة. وقال أصحاب الرأي: ينبغي له أن يراجعها، إذا طلق وهي حائض. م 3347 - وقال الشافعي: إذا مات الصبي الذي لا يجامع مثله عن امرأته وهي حبلى، دخل بها أو لم يدخل بها، فعليها أن تعتد أربعة أشهراً وعشراً.

وبه قال أحمد، وإسحاوق، وأبو ثور، والنعمان، ومحمد. وقال النعمان: وإن كان الحبل في حياته فأجلها أن تضع حملها. وبه قال محمد، قال: استحسنا ذلك. ثم كتاب الرجعة (¬1)، وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطاهرين (¬2). ¬

_ (¬1) في الأصل "الطلاق" ولعل الخطأ وقع من الناسخ من سبق القلم. (¬2) في الأصل يأتي بعد هذا "كتاب أحكام أمهات الأولاد" والصحيح أن موقعه بعد كتاب المكاتب، وكتاب المدبر، وقد جاء في نسخة الدار، وفي الأوسط هكذا صحيحاً، فأثبته هناك.

61 - كتاب الاستبراء

61 - كتاب الاستبراء 1 - باب النهى عن وطئ الحبالى من النساء حتى يضعن حملهن (ح 1169) جاء الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه أتى على امرأة محج على باب فسطاط، أو قال: خباء، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: "لعل [2/ 100/ب] صاحب هذه يريد أن يلم بها، لقد هممت أن ألعنه لعنة تدخل معه في قبره، كيف يورثه وهو لا يحل له، كيف يسترقه وهو لا يحل له؟ ". (ح 1170) وروينا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال في غزوة خيبر: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يسقي ماءه زرع غيره". م 3348 - وروينا عن عمر بن الخطاب أنه كتب إلى أبو موسى الأشعري: لا تشاركوا المشركين في، أولادهم، فإن الماء يزيد في الولد. قال أبو بكر: ومنع كل من نحفظ عنه من علماء الأمصار أن يطأ الرجل جاريته يملكها من السبي، وهي حامل، حتى تضع حملها.

2 - باب النهي عن وطئ غير ذوات الأحمال بلفظ عام.

وممن حفظنا عنه ذلك مالك بن أنس، والشافعي، وأحمد بن حنبل، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. ودل منع رسول الله- صلى الله عليه وسلم - للمالك أن يطأ جارية ملكها من السبي، على أن قول الله تعالى: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} الآية، أريد به بعض ما ملكت اليمين في حال دون حال، لنهي النبي- صلى الله عليه وسلم - وطئ الحبالى من النساء حتى يضعن حملهن. 2 - باب النهي عن وطئ غير ذوات الأحمال بلفظ عام. (ح 1171) روينا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال يوم أوطاس: "لا تطأن حامل حتى تضعن حملها، ولا غير حامل حتى تحيض حيضة". م 3349 - وممن قال أن الأمة تستبرأ بحيضة، ابن مسعود، وعبد الله بن عمر، وروينا ذلك عن علي. وبه قال عطاء بن أبي رباح، والحسن البصري، والشعبي، والنخعي، ومكحول، والزهري، ويحيى الأنصاري، ومالك، والثوري، والليث بن سعد، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي، والمزني. وبه نقول. وفيه قول ثان: وهو أنها تستبرأ بحيضتين، كذلك قال ابن المسيب.

3 - باب استبراء العذراء

وفيه قول ثالث: وهو أنها تستبرأ ثلاث حيض، هذا قول ابن سيرين. وقال مجاهد: التى لم تحض تستبرأ بثلانة أشهر، وبه قال النخعي. 3 - باب استبراء العذراء (ح 1172) روينا عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يأتين ثيباً من السبي حتى يستبرئها". م 3350 - واختلفوا في استبراء العذراء. فثبت عن ابن عمر أنه قال: إذا كانت الأمة [2/ 101/ألف] عذراء لم يستبرئها إن شاء. وفيه قول ثان: وهو أنها تستبرأ، هذا قول الحسن البصري، وابن سيرين، وعكرمة، وأيوب السختياني، ومالك، والثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق. وقال عطاء في العذراء التي حاضت: عدتها إذا استبرئتها حيضة. وفيه قول ثالث: وهو إن كان اشتراها من امرأة، لا يستبرئها، وإن كان اشتراها من رجل، يستبرئها، هذا قول قتادة. قال أبو بكر: (ح 1173) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - نهي عن وطئ الحبالى من السبايا حتى يضعن كلهن.

(ح 1174) وجاء الحديث عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "ولا غير حامل حتى تحيض حيضة". م 3351 - واختلفوا في المعنى الذي يستبرأ له الأمة. فقالت طائفة: الاستبراء يجب لمعنيين: للتعبد، ولبراء الرحم من الحبل، وممن قال ما هذا معناه، الأوزاعي، والشافعي. وقال عطاء، والحسن البصري، والنخعي، وهشام بن حسان: إن اشتراها من امرأة فليستبرئها، وكذلك قال مالك، والليث بن سعد، وأحمد، وإسحاق. وقالت طائفة: إنما الاستبراء لبرأة الرحم من الولد، فكل من ملك جارية يعلم أنها لم توطأ بعدما حاضت في ملك سيدها إلى أن ملكها، فلا استبراء عليه، وفي نهي النبي- صلى الله عليه وسلم -: "أن يستقي الرجل ماءه زرع غيره"، دليل على أن النهي إنما وقع على الوطىء لعلة الحمل وكذلك في قوله: "ولا يأتين ثيباً من السبي حتى يستبرئها" دليل على ذلك؛ لأنه لما نص على الثيب، لأنها قد وطيت، ولم يجعل على البكر استبراء، هذا قول طائفة من أهل الحديث. م 3352 - وقال عكرمة، وإياس بن معاوية: وإذا اشترى جارية صغيرة لا تجامع مثلها، لا بأس أن يطأها ولا يستبرئها. وقال ابن المسيب: إذا اشتراها من امرأة لم يستبرئها.

4 - باب مسالة

واحتج بعض من هذا مذهبه بأن الله عَزَّ وَجَلَّ أباح وطيء ما ملكت اليمين عاماً مطلقاً، ولا يجوز أن يمنع المالك من وطئ أمته إلا بحجة، ولا نعلم حجة تمنع من وطئ من يعلم أن لا حمل بها. 4 - باب مسالة م 3353 - واختلفوا في الرجل يشتري الجارية من الرجل، فلم يقبضها المشتري، حتى تناقضا البيع بعد أن صح البيع، ثم استقاله البائع. فقال مالك، والشافعي: لا يطأها حتى يستبرئها [2/ 101/ب]. وقول أبي ثور: لا يستبرئها، وقال أرأي إن جاءت بولد بمن يلحق؟ فإذا كان البائع يلزمه الجهل فمن يستبرئها من نفسه. قال أبو بكر: وهذا أصح. وقال أصحاب الرأي كما قال أبو ثور: وقالوا: يستحسن ذلك. م 3354 - واختلفوا في الرجل يقع في سهمه الجارية من السبي، وهي حامل، فيطأها. فقال الأوزاعي: لا يسترق الولد، ولا تعتق هي. وقال أحمد: يعتق الولد لحديث أبي الدرداء، لأن الماء يزيد. في الولد. وفي قول مالك، والشافعي: لا يعتق عليه إذا ولدته لأقل من ستة أشهر، من يوم ملكها.

5 - باب الجارية تشترى وهي حائض

5 - باب الجارية تشترى وهي حائض م 3355 - واختلفوا في الجارية تشترى وهي حائض. [فقالت طائفة: تستبرأ] (¬1) بحيضة أخرى، هذا قول الحسن البصري، والشافعي، والثوري، وأحمد، والنعمان، وابن الحسن. وفيه قول ثان: وهو أن يجترئ بتلك الحيضة، هذا قول الزهري، والنخعي، وإسحاق، ويعقوب. وقد اختلف فيه عن الحسن البصري. وفيه قول ثالث: وهو أنه إن كان اشتراها في أول يوم حاضت، أو بعد ذلك بيومين، أو ثلاثة، اجترأ بتلك الحيضة، وإن كان اشتراها في وسط حيضتها، أو آخر حيضتها، فعليه أن يستبرأها، هذا قول الليث بن سعد، وبمعناه قال مالك. 6 - باب استبراء الأمة التي لم تحض ومثلها لا تحمل من الصغير أو الكبر (¬2) م 3356 - واختلفوا في استبراء الأمة التي لا تحيض من صغر أو كبر. فقالت طائفة: تستبرأ البكر التي لم تحض بثلاثة أشهر، هكذا قال الحسن البصري، ومجاهد، وابن جيرين، وأبو قلابة، والنخعي، والأوزاعي، وأحمد، ومالك بن أنس. وكذلك قال أحمد في العجوز، وقد أئست من المحيض. ¬

_ (¬1) ما بين القوسين ساقط من الأصل، ولعل الصواب ما أثبته. (¬2) في الأصل "من صغير أو كبير".

7 - باب تقبيل الجارية المستبرأة ومباشرتها قبل الاستبراء

وقال إسحاق: أربعين يوماً، عجوزاً كانت أو ممن قاربت أن تحيض. وقال الثوري: بشهر ونصف، أو ثلاثة أشهر، أي ذلك فعل فلا بأس. وقالت طائفة: تستبرأ بشهر ونصف، هذا قول ابن المسيب، وعطاء بن أبي رباح، وسعيد بن جبير، ويحيى بن أبي كثير. واختلف فيه الحكم، وحماد. وقالت طائفة: تستبرأ بشهر، وهذا قول عكرمة، والشافعي، [2/ 102/ألف] وأصحاب الرأي وعلية الليث، وأحمد في ذلك، أن الحمل لا يتبين في أقل من ثلاثة أشهر. قال أبو بكر: الظاهر من أمر المرأة التي قد حاضت، أن حيضة تجزيها من الاستبراء، وهذا الأغلب من أمور النساء. 7 - باب تقبيل الجارية المستبرأة ومباشرتها قبل الاستبراء م 3357 - واختلفوا في الرجل يشتري الجارية، فيريد أن يقبلها، أو يباشرها قبل أن يستبرئها. فكره ذلك ابن سيرين، وقتادة، وأيوب السختياني، ويحيى الأنصاري، ومالك، والليث بن سعد، والثوري، والشافعي، وأحمد، وأصحاب الرأي. وقال الأوزاعي: لا يقربها ولا يعريها.

8 - باب استبراء البائع الجارية قبل البيع

وفيه قول ثان: وهو أن له أن يقبلها ويباشرها، هذا قول عكرمة، والحسن البصري، وبه قال أبو ثور. وفرقت فرقة ثالثة بين أن يشتري جارية من رجل كان يطأها، وبين أن تقع في سهمه من السبي. فقالت طائفة: إذا اشتراها ممن كان يطأها، لم يقبل ولم يباشر، لعل الحمل يظهر بها فيكون تلذذ بأم ولد مسلم، والجارية التي وقعت في سهمه من السبي لا يردها على أحد، وليست أم ولد لمسلم. وقد روينا عن ابن عمر أنه قبل جارية وقعت في سهمه يوم جلولاء. وهذا مذهب الأوزاعي. 8 - باب استبراء البائع الجارية قبل البيع م 3358 - واختلفوا في وجوب الاستبراء على البائع إذا أراد بيع الجارية التي قد وطيها. فقالت طائفة: يستبرئها قبل أن يبيعها، ويستبرئها المشتري إذا اشتراها، هذا قول الحسن البصري، وابن سيرين، والنخعي، وقتادة، والثوري.

9 - باب مواضعة الجارية المشتراة للاستبراء

وفيه قول ثان: وهو أن الاستبراء إنما يجب على المشتري، قال ابن مسعود: وتستبرأ الأمة إذا اشتريت يحيضة، وبه قال ابن عمر، وعبيد الله بن الحسن، وأحمد بن حنبل. وفيه قول ثالث: وهو أن الاستبراء إنما هو على البائع، هذا قول عثمان البتي. وفيه قول رابع: وهو مذهب من رأى أن توضع بعض الجواري على يد عدل، حتى تحيض حيضة. 9 - باب مواضعة الجارية المشتراة للاستبراء م 3359 - واختلفوا في وجوب مواضعة [2/ 102/ب] الجارية المشتراة للاستبراء. فقال مالك في الرجل يبيع الجارية المرتفعة فيقول له المشتري: تعال أواضعك للحيضة. قال مالك: عليه المواضعة على ما أحب أو كره، وإنما يجب ذلك عنده في الجارية التي يراد بها الوطىء. وفيه قول ثان: وهو أن ذلك غير واجب، وهو قول أكثر أهل العلم غير مالك، وممن قال أن ذلك غير واجب، الشافعي، وجماعة من أهل العلم. م 3360 - واختلفوا في الجارية المواضعة عند عدل، تتلف، فقال الحكم: هي من مال البائع، وبه قال مالك. وبه قال الشافعي، إذا حال البائع بينه وبينها، ووضعها على يدي عدل.

10 - باب الجارية المشتراة تحيض وللبائع الخيار أو للمشتري أو لهما

وفيه قول ثان: وهو أن لها من مال المشتري، هذا قول الشعبي. وقال الليث: أرى أن ما أصابها من عيب قبل أن تحيض، فإنه يلزم المشتري، إلا الإباق، والموت، فإنه من مال البيع، ويقبض الثمن المشتري. 10 - باب الجارية المشتراة تحيض وللبائع الخيار أو للمشتري أو لهما م 3361 - واختلفوا في الرجل يشتري الجارية من الرجل على أن لها الخيار، أو لأحدهما، فتحيض في أيام الخيار، فكان مالك، وأبو ثور يقولان: يجتزي بتلك الحيضة إذا تم الملك. وكان الشافعي يقول: إذا كان الخيار للبائع، أو لهما جميعاً لم يجتزي بتلك الحيضة، وإن كان الخيار للمشتري وحده، اجتزأ بتلك الحيضة، لأنها قد حاضت، وقد تم ملك المشتري عليها. 11 - باب مسائل من كتاب الاستبراء م 3362 - واختلفوا في الرجل يكاتب الجارية، ثم تعجز فترجع إليه. فكان الشافعي يقول: لا يطأها حتى يستبرئها. وقال أبو ثور: ليس عليه أن يستبرئها. قال أبو بكر: هذا أصح.

م 3363 - واختلفوا في الرجل يشتري الجارية، ثم يطأها قبل أن يستبرئها، فقال الزهري: يعبس في وجهه الإمام، ولا يضربه، ولم يجعل عليه أحمد أدباً. وقال مالك: إن كان ممن يعذر بالجهل لم يعاقب، وإن كان ممن لا يعذر بالجهل، فإنه يعاقب. وقال هشام بن عبد الملك: يجلد مائة. م 3364 - واختلفوا في الجارية يشتريها الرجل فلم يقبضها حتى حاضت عند البائع حيضة، فقال أبو [2/ 103/ألف] ثور: يطأها. قال أبو بكر: وبه أقول. وقال أصحاب الرأي: لا يطأها حتى تحيض عنده حيضة بعد القبض. م 3365 - وإذا اشترى الرجل الجارية، فوضعها على يدي عدل، حتى يعطي الثمن فحاضت، كان له أن يطأها في قول مالك، وأبي ثور. وقال أصحاب الرأي: لا يطأها حتى تحيض حيضة بعد القبض. م 3366 - وإذا اشترى الرجل الجارية وهي لا تحيض من صغير، فاستبرأها بالأيام، فمضت عشرون ليلة، ثم حاضت، استبرأها بحيضة، وقد سقطت الأيام، وهذا قول أبي ثور، وأصحاب الرأي. م 3367 - وإذا رهن جارية من رجل فامتلكها وقبضها، فلا استبراء عليه في قول الشافعي وأبي ثور. م 3368 - وإذا باع جارية بيعاً فاسداً فقبضها المشتري، ولم يطأها وردها، فليس عليه أن يستبرئها. م 3369 - وإذا وطيها المشتري، ثم فسخ البيع، لم يكن للبائع أن يطأها حتى يستبرئها وهذا قول أبي ثور، وهو يشبه مذهب الشافعي.

م 3370 - وإذا نكحت الأمة نكاحاً فاسداً فلم يطأها الذي نكحها، حتى فرق بينهما، فليس على السيد أن يستبرئها، وإن وطيها الزوج، استبرأها في قول أبي ثور. وفي قوله أصحاب الرأي: إذا وطيها ففرق بينهما، لم يقربها حتى تنقضي العدة، وإن لم يكن دخل بها، فرق بينهما ولا استبراء عليه. م 3371 - وإذا ورث الرجل بجارية من رجل، أو وصي له بها، أو وهبت له هبة صحيحة، لم يطأها حتى يستبرئها، وهذا على مذهب الشافعي، وبه قال أبو ثور. وقال أصحاب الرأي: في الهبة، والوصية إذا حاضت قبل أن يقبضها، ثم قبضها، ففي قياس قول النعمان: لا يقربها حتى تحيض حيضة عنده، قاله يعقوب عنه، وخالفه يعقوب فقال: يطأها. قال أبو بكر: يطأها. وقال مالك في الهبة: لا يطأها الموهوب (¬1) له حتى يستبرئها. م 3372 - وقال مالك: لا تستبرأ الأمة في النكاح. وقال أحمد كذلك، إلا أن يعلم أن السيد قد وطيها، فإذا علم ذلك لم يقربها حتى يستبرئها. وقال أبو ثور: إذا تزوج أمة استبرأها قبل أن يدخل بها، فلا أحب له أن يطأها حتى يستبرئها، إلا أن تكون كانت مشتراة، فلا شيء عليه. وقال أصحاب [2/ 103/ب] الرأي: لا استبراء عليه. قال أبو بكر: وبه أقول. ¬

_ (¬1) في الأصل "الموهوبة" والتصحيح من الحاشية.

12 - باب الرجل يزوج أمته وقد كان يطأها أو أعتقها

قال أبو بكر: م 3373 - وإذا ارتدت جارية الرجل عن الإِسلام، ثم رجعت إلى الإِسلام، فليس عليه استبراء. 12 - باب الرجل يزوج أمته وقد كان يطأها أو أعتقها م 3374 - واختلفوا في الرجل يريد أن يزوج أمته، وقد وطيها. فقالت طائفة: يستبرئها بحيضة، هكذا قال الزهري، ومالك، والثوري، والحسن بن صالح، والشافعي، وأحمد بن حنبل. وقال عطاء: يستبرئها بحيضتين، وبه قال قتادة. م 3375 - واختلفوا فيه إن زوجها قبل أن يستبرئها ففي قول الشافعي: النكاح باطل، وكذلك قال في أم ولد الرجل، تزوج قبل أن تحيض حيضة: النكاح باطل. وفي أحد قولي الشافعي، والثوري: النكاح جائز في الأمة إذا زوجها وقد وطيها. وقال النعمان، وابن الحسن: إذا زوجها ولم يستبرئها فالنكاح جائز، ويطأ الرجل منه في قول النعمان. وقال يعقوب: استقبح أن يجتمعا في يوم واحد في الوطئ، السيد، والزوج، ولكن لا يقربها الزوج حتى تحيض حيضة. وقال إسحاق، وأبو ثور: النكاح جائز، ولكن لا يطأها الزوج حتى يستبرئها. وقال سفيان إذا اشترى جارية فزوجها، أو أعتقها قبل أن يستبرئها، لا بأس أن يقربها، ليس في النكاح عدة.

13 - باب عدة أم الولد إذا توفي عنها سيدها أو أعتقها

قال أبو بكر: يجب إذا وطئ رجل أمته، أن لا يزوجها حتى يستبرئها بحيضة، كما يجب للبائع أن لا يبيعها إذا كان يطأها حتى يستبرئها، فإن باع أو زوج، فالبيع، والنكاح جائزان، ولا يطأ الزوج، ولا المشتري حتى تستبرأ. م 3376 - وإذا اشترى رجل أمة، أو تزوج أمة وقد علم أن واحدة منهما لم توطأ، وكان بكراً فليس على المشتري، ولا على الزوج استبراء. وقد ثبت أن ابن عمر قال في الأمة التي توطأ، إذا بيعت، أو وهبت، أو أعتقت: فلتستبرأ بحيضة. م 3377 - وقال الأوزاعي في الرجل يعزل أم ولده، عدتها حيضة واحدة، فإن أعتقها فثلاث حيض، فإن مات عنها فأربعة أشهر وعشراً. وقال الحسن بن صالح: في المدبرة إذا مات سيدها، والعتقة إنها تستبرأ بثلاث حيض. قال أبو بكر: وقول ابن عمر أحسن ما روي في هذا الباب، وهو قول أكثر أهل العلم، إن عدة الأمة استبراء حيضة واحدة، إذا لم تكن أم ولد، وليس [2/ 104/ألف] لها أن تزوج في قول مالك حتى يستبرأ رحمها، فإن نكحها فالنكاح باطل. وأصحاب الرأي: يرون النكاح جائزاً. 13 - باب عدة أم الولد إذا توفي عنها سيدها أو أعتقها م 3378 - واختلفوا في عدة أم الولد إذا توفي عنها سيدها، فقال ابن عمر، ومالك، والشافعي، وأحمد بن حنبل، وأبو عبيد، وأبو ثور: تستبرأ بحيضة.

وقد روينا هذا القول عن الحسن البصري، والشعبي، وعروة بن الزبير، والقاسم بن محمد، وأبي قلابة، ومكحول، والزهري. وقالت طائفة: عدتها في الوفاة أربعة أشهر وعشراً، روينا هذا القول عن علي بن أبي طالب، وعمرو بن العاص. وبه قال ابن المسيب، والحسن البصري، وابن سيرين، وسعيد بن جبير، وأبو عياض، وخلاس بن عمرو، وعبد الملك بن مروان، وعمر بن عبد العزيز، والزهري، والأوزاعي، وإسحاق. وقالت طائفة: عدتها ثلاث حيض، روي هذا القول علن علي، وعبد الله. وبه قال عطاء، وإبراهيم النخعى، والثوري، وأصحاب الرأي. وقالت طائفة: عدتها نصف عدة الحرة المتوفى عنها زوجها، روينا هذا القول عن عطاء، وطاووس، وبه قال قتادة. قال أبو بكر: فهذه أربعة أقاويل. وقد روينا عن الحسن البصري قولاً خامساً، روينا عنه أنه قال إذا أعتقت فعدتها حيضة، وإذا مات عنها فثلاث حيض. وقد اختلف فيه عنه. قال أبو بكر: ففي قول مالك، والشافعي، وأحمد، وأبي عبيد، وأبي ثور: عدتها حيضة في العتق والوفاة جميعاً. وفي قول سفيان، وأصحاب الرأي: عدتها ثلاث حيض في العتق، والوفاة جميعاً، وجعل الأوزاعي عدتها في الوفاة أربعة أشهر وعشراً، وفي العتق ثلاث حيض وضعف أحمد، وأبو عبيد حديث عمرو بن العاص.

14 - باب عدة الزانية، وهل للزاني بها أو لغيره أن يتزوج بها؟

قال أبو بكر: وليس في هذا أصح من حديث ابن عمر؛ لأن في إسناد حديث علي، وعبد الله مقال، والقول بحديث ابن عمر يجب، لأنه قال ما قيل أنه يجب، وما زاد على أقل ما قيل أنه يجب، غير جائز إيجابه، إذ لا حجة مع القائلين. 14 - باب عدة الزانية، وهل للزاني بها أو لغيره أن يتزوج بها؟ م 3380 - اختلف أهل العلم في الزانية هل [2/ 104/ب] عليها عدة أم لا؟ فقالت طائفة: لا عدة عليها، هذا قول الثوري، والشافعي، وأصحاب الرأي. وقد روي معنى هذا القول عن أبي بكر، وعمر، ولا نعلم أن أحداً من أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم - خالفهما. وقال الحسن البصري، والنخعي: عليها العدة. وقال مالك: لا ينكحها أحد حتى يستبرئها. وقد اختلفوا في الزانية تنكح وهي حامل من الزنا، فإن الشافعي فيما أحفظ عنه يقول: نكاحها جائز، وبه قال النعمان، وابن الحسن. وفي قول مالك، والثوري: النكاح باطل، وبه قال أحمد، وإسحاق، ويعقوب. وقال الأوزاعي: إذا زنى بامرأة لا يتزوجها حتى تحيض حيضة، وثلاث أحب إلي.

15 - باب وقوف الرجل عن وطئ زوجته لموت ولدها من غيره

وقال الأوزاعي: في امرأة غلبها رجل على نفسها، اجتمعا عليها في طهر واحد، قال: يكف عنها زوجها حتى تحيض حيضة. وقد روينا عن ابن عباس أنه أباح وطئ الجارية الفاجرة. وروينا ذلك عن ابن المسيب، وبه قال محمد بن الحسن. 15 - باب وقوف الرجل عن وطئ زوجته لموت ولدها من غيره قال أبو بكر: م 3382 - روينا عن علي بن أبي طالب أنه قال في الرجل يتزوج المرأة لها ولد من غيره فيموت بعضهم، قال: يعزل امرأته حتى تحيض حيضة شأن الميراث. وروينا معنى ذلك عن عمر بن الخطاب، والمصعب بن جثامة، والحسن أو الحسين بن علي. وبه قال النخعي، وعطاء. وقال عمر بن عبد العزيز، وعطاء بن أبي رباح: لا يقرا حتى ينظر ابها حمل أم لا؟ وبه قال مالك، وأحمد، وإسحاق، وأبو عبيد ولا أحفظ لغيرهم خلافاً لقولهم. ْوقال الثوري: إن جاءت بولد لأقل من ستة أشهر من يوم توفي أبوها (¬1) ورّثناه، وإن جاءت به لأكثر من ستة أشهر لم نورثه. ¬

_ (¬1) في الأصل "أيها".

16 - باب فسخ نكاح المرأة إذا سبيت ولها زوج وإباحة وطيها بعد الاستبراء

16 - باب فسخ نكاح المرأة إذا سبيت ولها زوج وإباحة وطيها بعد الاستبراء قال الله جل ذكره: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ} إلى قوله: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} الآية. م 3383 - واختلف أهل العلم في تأويل هذه الآية. فقالت طائفة: هن ذوات الأزواج من الحرائر والإماء، [2/ 105/ألف] فكل ذات زوج من حرة أو أمة فحرام نكاحها إلا أمة لها زوج، فملكها بشراء، أو هبة، أو ميراث، أو غير ذلك من وجوه الملك، فإذا مكلها بأي وجه من وجوه الملك ملكها به، فإن ذلك فسخ نكاحها من زوجها، وتحرم عليه، وتباح لك بملك اليمين. كان ابن عباس، وابن مسعود، وأنس بن مالك يقولون: بيع الأمة طلاقها. قال أبو بكر: فممن هذا مذهب يقول: إذا ملك الرجل الأمة، ولها زوج، فقد انفسخ نكاحها، وتعتد عدة الأمة المطلقة، ولا يتلذذ بها وهي في العدة، فإذا انقضت العدة حل لها وطيها. وقالت طائفة: نزلت الآية في السبايا خاصة، فإذا سبيت المرأة ولها زوج، فإن وقوع السبي عليها، انفساخ لنكاح الزوج مع ثبوت ملك المستحقين لها، فلمن ملكها، أن يطأها إذا استبرأها بحيضة.

م 3384 - فأما المرأة التي يكون لها الزوج في بلاد الإِسلام، فحرام وطيها على جميع الناس غير زوجها، هل بها قول عوام أهل العلم، وعلماء الأمصار من أهل المدينة، وأهل الكوفة، وأهل الشام، وأصحاب الحديث، وأصحاب الرأي. وقد روينا روايات توافق هذا القول، عن أبي سعيد الخدري، وابن عباس، وابن مسعود. وبه قال الحسن البصري، والنخعي، وأبو قلابة، وسعيد ابن جبير. وقال الشعبي: نزلت يوم أوطاس. قال أبو بكر: في تأويل الآية قول ثالث، وهو أنهن النساء الأربع اللواتي أباح الله عَزَّ وَجَلَّ في قوله: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى} الآية يقول: أحل الله لك أربع نسوة في أول السورة، وحرم عليك نكاح كل محصنة بعد الأربع، إلا ما ملكت يمينك، روينا هذا القول عن ابن عباس، وبه قال ابن سيرين. وقال عبيد، والحسن بن محمد: هن النساء الأربع. وفي تأويل قول رابع: في قوله: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ} الآية قال: ذوات الأزواج. وقال ابن المسيب، وعكرمة، وعطاء، ومجاهد: معناه أن الله حرم الزنا.

17 - باب مسألة

قال أبو بكر: وأصح هذه الأقاويل مذهب من قال: إن الآية نزلت في السبايا خاصة، والدليل على أن بيع الأمة لا يكون طلاقاً، شراء عائشة بريرة، وعتقها إياها. (ح 1175) وتخير النبي [2/ 105/ب] بريرة بعد العتق. وفي ذلك بيان على أن النكاح لا يفسخ بالبيع. وقد روينا عن عمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، وعبد الرحمن بن عوف ما هذا معناه. 17 - باب مسألة م 3385 - أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن المرأة إذا وقعت في ملك رجل، ولها زوج مقيم في دار الحرب، أن نكاح زوجها قد انفسخ، وحل لمالكها وطيها بعد الاستبراء. م 3386 - واختلفوا فيه إن سبيت هي وزوجها معاً، فوقعا في سهم رجل فملكها، فكان الشافعي يقول: السبي يقطع العصمة بينها (¬1) وبين زوجها، وانفسخ نكاحها، وحل وطيها بعد الاستبراء. وقال أصحاب الرأي: إذا وقعا في سهم رجل واحد، فهما على النكاح، وليس لسيدها أن يفرق بينهما. وقال النعمان: إذا سبيت، ثم سبي زوجها بعدها بيوم، يعني وهي في دار الحرب، أنهما على نكاحهما. ¬

_ (¬1) في الأصل "بيهما".

18 - باب شرى الأختين

وقال الأوزاعي: إذا كانا في المقاسم فهما على نكاحهما. فإن اشتراهما رجل، فشاء أن يفرق بينهما فرق، وإن شاء، جمع بينهما. قال أبو بكر: قول الشافعي أصح. 18 - باب شرى الأختين م 3387 - روينا عن عمر بن الخطاب أنه قال في امرأة وابنتها من ملك اليمين، هل تطأ إحداهما بعد الأخرى، وقال: ما أحب أن نحرمهما جميعاً. وعن عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه قال في امرأة وأختها مما ملكت اليمين، فقال: أحلتهما آية، وحرمتهما آية أخرى، وروينا عن علي مثله. وقالت عائشة: لا يفعله أحد من أهلي، ولا أحد أطاعني، وروينا عن ابن عمر مثل ذلك. وروينا عن معاوية بن سفيان أنه نهى عن ذلك، وروي ذلك عن عمار بن ياسر. وممن كره الجمع بين الأختين من ملك اليمين في الوطئ، جابر بن زيد، وطاووس، وعطاء، وابن سرين. ونهى عنه الأوزاعي، ومالك، والشافعي، وإسحاق. وقال إسحاق: هو حرام لقول الله عز وجل: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ} الآية.

واختلف فيه عن أحمد: فقال مرة: لا يجمع بينهما. وقال مرة: أنهى عنه ولا أقول حرام. وقال أبو ثور: لا يجمع بينهما، وحكي ذلك عن الكوفي. وقد روينا عن ابن عباس أنه قال: {إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} الآية مرسلة. قال أبو بكر: م 3388 - وقد أجمع أهل [2/ 106/ألف] العلم على إبطال نكاح الأختين في عقد واحدة، فإن نكاح الرجل المرأة، ثم نكح أختها فنكاح الأولى ثابت، ويبطل نكاح أختها كل هذا مجمع عليه. م 3389 - وأجمعوا على أن شراء الأختن الأمتين جائز في صفقةٍ واحدةٍ، وقد أجمعوا على الفرق بين العقدين. فإن أراد الجمع بينهما في الوطئ، فإن الأخبار جاءت عن أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم - على ما ذكرناه عنهم، وعامتها تدل على كراهتهم لذلك، وكره ذلك من بعدهم. وجاءت الأخبار عن ابن عباس مختلفة وقال الله جل ذكره: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ} الآية فاحتمل أن يكون أريد بهذه الآية النكاح، وملك اليمين، واحتمل غير ذلك، واحتمل قوله: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} الآية ذلك، فوفق

أكثر أهل العلم على المتقدم على ذلك الاحتمال الاثنين التأويل، فكرهوه ووقفوا عنه، واتقوه من قبل الشبهات. ولعل من حجتهم في الوقوف عن المتقدم فيه قول النبي- صلى الله عليه وسلم -: (ح 1176) "الحلال بين والحرام بين وبين ذلك أمور مشتبهات". فاتقوا ذلك لما أشكل، وأكثر أهل العلم من علماء الأمصار من المتأخرين يمنع، ويحرمه كثير منهم. واحتج بعض من حرم ذلك بتحريمهم وطئ الأم، والأخت من الرضاعة، إذا ملكتا بالشراء الصحيح، أو الهبة، أو الميراث قالوا: فدل ذلك من قولهم على أن قوله: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} ليس على العموم، وأنه خاص على ما سوى ما حرم الله في كتابه. قال أبو بكر: ونحن نكره من ذلك ما كرهوه. قال أبو بكر: م 3390 - وإذا اشترى الرجل جارية فوطيها، ثم ملك اختها فليس له أن يطأها يعني الثانية ما دام يطأ الأولى، إذا أراد الآخر أخرج الأولى من ملكه وملكها غيره، وله أن يطأ التي ملك آخراً بعد أن يستبرئها، فإن لم يخرجها من ملكه حتى زوجها، ففي قول مالك، والثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، والكوفي: له أن يطأها إذا حرم فرج الأولى عليه بالنكاح.

وفيه قول ثان: وهو أن لا يطأ الأخرى، وإن حرم فرج [2/ 106/ب] الأولى على نفسه، حتى يخرجها من ملكه، روينا هذا القول عن علي، وابن عمر. وبه قال الحسن البصري، والأوزاعي. وفيه هذه المسأله قول ثالث: قاله قتادة، قال في رجل عنده جاريتان فغشي إحداهما، ثم أمسك عنها، ثم أراد أن يغشي أختها قال: يعتزلها ولا يغشي أختها حتى تنقضي عدة هذه التي اعتزل، ثم إن شاء غشي الأخرى بعد أن يضمر في نفسه أن لا يقرب أختها. وفيه قول رابع: قاله الحكم، وحماد قالا: إذا كان عند الرجل أختان فلا يقرب واحدة منهما. قال أبو بكر: م 3391 - فإذا اشترى الرجل جارية فوطيها، ثم أراد وطئ أختها، فحرم نكاح التي كان يطأ على نفسه بنكاح، أو بيع، أو عتق، أو غير ذلك، فوطئ أختها لما حرم فرج التي كان يطأ، ثم رجعت إليه التي كان حرم فرجها عليه بشراء، أو طلاق زوج، فله أن يقيم على وطئ التي كان يطأ، وليس له وطئ التي رجعت إليه بشراء أو غيره. فإذا أراد وطئ التي رجعت إليه، حرم فرج التي كان يطأها، فإذا حرم فرجها، وطئ التي رجعت إليه على سبيل ما ذكرناه، هذا على مذهب مالك، والشافعي. وقال أصحاب الرأي إذا عادت إلى ملكه بأي وجه كان، لم يكن له أن يطأ واحدة منهما، حتى يخرج إحداهما عن ملكه، وهذا قول أحمد، وإسحاق.

قال أبو بكر: م 3392 - وإذا أخرج التي كان يطأ من ملكه، فحرم فرجها عليه، كان له أن يطأ التي عنده، إذا كانت مستبرأة، وليس عليه أن ينتظر أن تستبرأ فرج التي حرم فرجها على نفسه، وهذا أحسبه (¬1) مذهب مالك. وبه قال الشافعي، وأبو ثور. وقال أصحاب الرأي لا يطأ الأخرى حتى تسبرأ الأولى بحيضة. ثم كتاب الاستبراء، والحمد لله رب العالمين [2/ 107/ألف]. ¬

_ (¬1) في الأصل "يحسبه".

انتهى الجزء الخامس ويليه الجزء السادس وأوله كتاب البيوع

الإشراف على مذاهب العلماء لأبي بكر محمد بن إبراهيم بن المنذر النيسابوري 318هـ المجلد السادس حققه وقدم له وخرج أحاديثه د. أبو حامد صغير أحمد الأنصاري

بسم الله الرحمن الرحيم

الإشراف على مذاهب العلماء

حقوق الطبع محفوظة للناشر الطبعة الأولى 1425هـ - 2005 م الناشر مكتبة مكة الثقافية هاتف: 2361835 - 7 - 00971 فاكس: 2362836 - 7 - 00971 ص. ب. 2326 رأس الخيمة - الإمارات العربية المتحدة

بسم الله الرحمن الرحيم ـ[بين يدي الكتاب]ـ الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين. أما بعد: ففي البحث عن المؤلفات لابن المنذر، وفقني الله أن أسافر إلى سلطنة عمان، يوم الخميس 29 ربيع الثاني 1425هـ، الموافق 17/ 6/2004 م، متجهاً إلى فضيلة الشيخ سالم بن حمد بن سليمان بن حميد الحارثي -حفظه الله-، الذي حقق كتاب "بيان الشرع الجامع للأصل والفرع" للعالم الكبير محمد بن إبراهيم بن سليمان الكندي النزوي، وهو يحتوي على 72 مجلداً، جمع فيه مؤلفه المسائل الشرعية الفقهية من كتب مختلفة، ومنها كتاب الإشراف لابن المنذر، فيكثر النقول منه، ثم يذكر تخريجات الشيخ أبي سعيد محمد بن سعيد، على المذهب على هذه النقول فقط، وعلي سبيل المثال: 1 - "قال أبو بكر: (ابن المنذر): واختلفوا في صوم يوم الشك على أنه تطوع، فكرهت فرقة ذلك .. الخ. قال أبو بكر: (ابن المنذر) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - نهى أن يتعجل شهر رمضان يصوم يوم أو يومين إلا رجل كان يصوم يوماً فيأتي ذلك على صومه. قال أبو سعيد: ومعي أنه يخرج في معاني قول أصحابنا نحو ما حكى من الكراهية والترخيص، ولا يخرج ذلك كله عندي على الحجر ما لم يقصد الصائم إلى التزام ذلك.

وقال: ويعجبني قوله في الروية عن النبي - صلى الله عليه وسلم - على معنى ما قد مضى من حسن التأويل، لا على حمل الرواية على كل المعاني". 2 - "قال أبو بكر: (ابن المنذر) في الكنز يوجد في دار الحرب .. الخ. قال أبو سعيد: لا أعلم أنه يحضرني في معاني قول أصحابنا في هذا شيء، ولكنه يعجبني ما قاله من الاختلاف: أن يكون غنيمة لجميع الجيش، أو يكون لمن وجده". وهكذا بدأ المؤلف النقل من كتاب الإشراف من كتاب الطهارة، في المجلد السابع من كتاب بيان الشرع إلى المجلد الثامن والثلاثين، والشيخ أبو سعيد يعلق، ويخرج على المذهب، وقد تصفحت جميع المجلدات من هذا الكتاب، والحمد لله على ذلك. والشيخ سالم يملك مكتبة زاخرة من علوم شتى، من مطبوعات ومخطوطات، وعنده إلمام كبير بمؤلفات ابن المنذر، فرأيت في مكتبته: الإجماع، والإشراف الجزء الرابع، كلاهما لابن المنذر، وهما طبعا عام 1982 م بتحقيقي، والأوسط لابن المنذر، المجلدات المطبوعة كلها، التي نشرت بتحقيقي بعد هذه السنة. والذي أثلج صدري، ولأجله قمت بهذه الزيارة، تقديمه إليّ نسخةً خطيةً من كتاب الإشراف لابن المنذر، التي تبدأ بكتاب البيوع إلى كتاب المدبر، وتحتوي على 648 صفحة، وفيها رد الشيخ أبي سعيد، وتخريجه على المذهب، كما كان في كتاب بيان الشرع، وفي آخرها وريقات، وفيها زيادات من غير كتاب الإشراف.

ولم يتبين في أن هذه النسخة مصورة من النسخة الأصلية الموجودة بدار المخطوطات والوثائق بوزارة التراث القومي والثقافة، أو بمكتبة أخرى خاصة. وإنني بدأت التصحيح والمقابلة بهذه النسخة مع النسختين الموجودتين عندي، وأثبت ذلك في الحاشية، ورمزت لها "العمانية"، وأثبت في بداية هذا المجلد نماذج من هذه النسخة. وجزى الله جزيلاً واسعاً كل من سعى إلى هذا الخير، حتى يخرج كتاب الإشراف لابن المنذر، في أحسن وأكمل صورة، إلى عالم المكتبات، وتعم المنفعة العلمية للجميع. وصلى الله وسلم على نبيه وأصحابه صلاةً وتسليماً كثيراً كثيراً. وكتبه: أبو حامد الأنصاري 28/ جمادى الآخر/ 1425 هـ الموافق 8/ 14/ 2004 م رأس الخيمة

ـ[الرموز والمصطلحات التي استعملت في الدراسة والتحقيق:]ـ لقد استعملت خلال ترجمة ابن المنذر، ودراسة الكتاب، وفي تحقيق الكتاب رموزاً ومصطلحات للاختصار والتسهيل، وهي ليست بجديدة إلا البعض، وقد يتبادر الذهن إلى الأصول في أول نظرة، لأن معظمها قد تستعمل في كثير من الكتب المحققة، وهي كالتالي: 1 - حرف "ح" قبل الرقم إشارة إلى الحديث النبوي. 2 - حرف "م" قبل الرقم إشارة إلى المسألة الفقهية، سواء كانت مجمعا عليها أو مختلفا فيها. 3 - "الأصل" إشارة إلى النسخة الخطية من كتاب الإشراف. 4 - "ألف" إشارة إلى اللوحة الأولى من الورقة من المخطوطة المصورة. 5 - "ب" إشارة إلى اللوحة الثانية من الورقة من المخطوطة المصورة. 6 - وكذلك اختصرت أسماء الكتب ومؤلفيها عند ذكرها في الدراسة والتحقيق، وهي كالتالي: بق: البيهقي في السنن الكبرى. طف: ابن جرير الطبري في تفسيره. ت: الترمذي في جامعه. عب: عبد الرزاق في المصنف. جه: ابن ماجه في سننه. قط: الدارقطنى في السنن. حم: أحمد بن حنبل في مسنده. م: مسلم بن الحجاج في الصحيح. خ: البخاري في الصحيح. مط: مالك بن أنس في الموطأ. د: أبو داود في السنن. مي: الدارمي في السنن. شب: ابن أبي شيبة في المصنف. ن: النسائي في السنن. ط: طبقات.

62 - كتاب البيوع

62 - كتاب البيوع أخبرنا أبو بكر محمد بن [ابراهيم بن] (¬1) المنذر: قال الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} الآية. وقال الله جل ذكره: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} الآية. فكان ظاهر قوله: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} أن كل بيع عقده متبايعان جائزا الأمر، عن تراض منهما جائز. ودل قوله: {وَحَرَّمَ الرِّبَا} على أنه لم يرد بقوله: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} كل بيع لزمه اسم بيع، ودلت سنن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - على مثل ما دل عليه كتاب الله، لأن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - لما نهى عن بيوع تراضى بها المتبايعان، دل ذلك على أن الله تبارك وتعالى إنما أباح من البيع ما لم يحرمه في كتابه، وعلى لسان نبيه - صلى الله عليه وسلم -. (ح 1177) فمما نهى رسول الله- صلى الله عليه وسلم - عن بيعه بيع الحر. م 3393 - وأجمع أهل العلم على أن بيع الحر باطل. ¬

_ (¬1) ما بين القوسين كان ساقطاً من الأصل.

1 - باب تحريم بيع الميتة وشحومها واختلاف الناس في الانتفاع بها

1 - باب تحريم بيع الميتة وشحومها واختلاف الناس في الانتفاع بها قال الله جل ذكره: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ} الآية. (ح 1178) وثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - حرم بيع الخمر والميتة. م 3394 - وأجمع أهل العلم على تحريم بيع الميتة. والميتة محرمة بالكتاب، والسنة، والاتفاق، ودل خبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أن بيع جيفة الكافر من أهل دار الحرب غير جائز، وبيع شحوم الميتة من أهل السفن إذا باعوا غير جائز لقوله - صلى الله عليه وسلم -: (ح 1179) لعن الله اليهود حرمت عليهم الشحوم فباعوها وأكلوا أثمانها. (ح 1180) ونهاهم النبي- صلى الله عليه وسلم - عن أن يستعملوا أوداك الميتة في السفن. وإذا حرم رسول الله- صلى الله عليه وسلم - ذلك، حرم الانتفاع به على الوجوه كلها.

2 - باب النهي عن بيع الخمر

(ح 1181) وفي قوله - صلى الله عليه وسلم - في السمن الذي وقعت فيه الفأرة "ولا تقربوه". بيان ذلك. م 3395 - وقد اختلف أهل العلم في السمن المائع الذي سقطت فيه الفأرة الميتة [2/ 107/ب]. فقالت طائفة: ينتفع به ولا يوكل، روى ذلك عن ابن عمر، وابن مسعود، وعلي، وابن عباس، وأبي سعيد الخدري. وبه قال عطاء، والليث بن سعد، وسفيان الثوري، والشافعي. وقال أحمد: يطلى به السفن، وكذلك قال إسحاق، وأصحاب الرأي. وكرهت طائفة بيعه، والانتفاع به، هذا قول عكرمة، ومالك. قال أبو بكر: وبهذا أقول، والنبي - صلى الله عليه وسلم - الحجة على الأولين والآخرين فلا يجوز يع شيء من ذلك، ولا الانتفاع به استدلالا بالأخبار الثابتة عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - 2 - باب النهي عن بيع الخمر قال أبو بكر: (ح 1182) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - حرم الخمر وقال: إن الذي حرم شربها حرم بيعها".

3 - باب تحريم ثمن الدم والخنزير

(ح 1183) ونهى التجارة في الخمر. م 3396 - وأجمع أهل العلم على أن بيع الخمر غير جائز. والخمر حرام شربها لا يجوز، والانتفاع بها، ولا يجوز أن يتخذ الخمر خلا، لأن ذلك لو كان جائزاً ما أمر بصبها، لأنه نهى عن إضاعة المال. 3 - باب تحريم ثمن الدم والخنزير قال الله جل ثناءه: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ} الآية. (ح 1184) وثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - نهى عن ثمن الدم. م 3397 - وأجمع أهل العلم على القول به. (ح 1185) وثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حرم بيع الخمر، والميتة، والخنزير والأصنام. م 3398 - وأجمع أهل العلم على أن بيع الخنزير، وشراءه حرام. م 3399 - واختلفوا في الانتفاع بشعره، فكره ابن سيرين، والحكم، وحماد، والشافعي، وأحمد، وإسحاق الانتفاع به.

4 - باب عظام الميتة والعاج

وقال أحمد: الليف أحب إلينا. ورخص فيه الأوزاعي، والحسن البصري، ومالك، والنعمان، ويعقوب. 4 - باب عظام الميتة والعاج م 3400 - واختلفوا في عظام الميتة، والعاج، والانتفاع به، فكرهت طائفة بيعه والانتفاع به، كره ذلك عطاء بن أبي رباح، وطاووس، وعمر [2/ 108/ألف] بن عبد العزيز، ومالك، والشافعي، وأحمد. ورخص فيه محمد بن سيرين، وعروة بن الزبير، وابن جريج. وقال الحسن البصري: لا بأس بالانتفاع بأنياب الفيلة. قال أبو بكر: مذهب من حرم ذلك أصح المذهبين. 5 - باب النهي عن ثمن الكلب والمهر قال أبو بكر: (ح 1186) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - نهى عن ثمن الكلب، ومهر البغي، وحلوان الكاهن. م 3401 - وقد اختلف أهل العلم في تحريم ثمن الكلب، فحرمت طائفة ثمنه، ولم تر على من قتله غرما في ماله، هذا قول الشافعي، وأحمد.

وقال الأوزاعي: الكلب لا يباع، وكره ثمن الكلب أبو هريرة، والحسن البصري، والحكم، وحماد. وأباح النعمان بيع الكلاب (¬1) كلها، وأوجب على قاتلها الغرم. ولا معنى لقوله، إذ هو خلاف ما ثبت عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -. وفيه قول ثالث: وهو أن الرخصة في ثمن كلب الصيد من بين الكلاب، روى هذا القول عن جابر بن عبد الله، وبه قال عطاء، وإبراهيم النخعي. وقد روينا عن عطاء قولاً رابعاً، وروينا عنه أنه قال: إن قتلت كلباً ليس بعقور، فاغيرم لأهله ثمنه. وفيه قول خامس: وهو كراهية أثمان الكلاب كلها، وإلزام قاتل كلب الصيد والماشية قيمته، هذا قول مالك. قال أبو بكر: وإذا نهى رسول الله- صلى الله عليه وسلم - من ثمن الكلب، وأخبرنا أنه حرام، فذلك على العموم، يدخل فيه جميع الكلاب، ولا يجوز أن يستثنى من خبر الرسول إلا بخبر مثله، ولا نعلم خبراً عارض الخبر الذي ذكرناه خبر أبي مسعود (¬2). (ح 1187) وقد روينا عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أنه نهى عن ثمن السنور. م 3402 - وقد أجمع أهل العلم على أن اتخاذه مباح. م 3403 - واختلفوا في بيعه، فروينا عن ابن عباس أنه رخص في بيعه، وبه قال الحسن البصري، وابن سيرين [2/ 108/ب]، والحكم، ¬

_ (¬1) هذا من الحاشية، وكذا في الأوسط 3/ 313/ألف، وفي الأصل "ثمن" بدل "بيع". (¬2) في الأصل "ابن مسعود" والصحيح ما أثبته، وهو الحديث يرقم 1186.

6 - باب ما نهى عنه عن بيع الغرر

وحماد، ومالك، والثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي. وكرهت طائفة بيعه، روينا ذلك عن أبي هريرة، وطاووس، ومجاهد. وبه قال جابر بن زيد. قال أبو بكر: فإن يثبت عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه نهى عن بيعه، فبيعه لا يجوز، وإن لم يثبت ذلك، فبيعه كبيع الخمر، والبغال، وسائر ما ينتفع به، ولا يجوز أكله. 6 - باب ما نهى عنه عن بيع الغرر قال أبو بكر: (ح 1188) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الغرر. قال أبو بكر: م 3404 - وفيه عن بيع الغرر يدخل في أبواب من البيوع، ذلك كل بيع عقده متبايعان بينهما على شيء مجهول عند البائع والمشتري، أو عند أحد، فمن ذلك بيع ما في بطون الحيوان من الأنعام والبهائم، وبين الألبان في ضروع الأنعام، وبيع السمن في الألبان، وعصير [[هذا]] العنب، وزيت هذا الزيتون، وبيع الحيتان في البحر، وبيع الطير في السماء، والعبد الآبق، والعبد الشارد، وكل شيء معدوم [[الشخص]] في وقت تبايعهما.

7 - باب النهي عن بيع حبل الحبلة وبيع المجر، والمضامين والملاقيح

وإن وجد وجد مجهولاً لا يقل ولا يكثر، وما في هذا المعنى. ومن بيع الغرر المنهى عنه بيع حبل الحبلة. 7 - باب النهي عن بيع حبل الحبلة وبيع المجر، والمضامين والملاقيح قال أبو بكر: (ح 1189) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الحبلة. م 3405 - وقد اختلف في معناه، ففي بعض أخبار ابن عمر: أن يبيع الرجل الجزور حين يلقح الناقة، ثم تنتج ما في بطن. هذا قول مالك، والشافعي، وليس في فساد هذا البيع شك من وجود شيء. وقال بعضهم: هو أن يبيع ولد الجنين الذي في بطن الناقة هذا قول أبي عبيد. وذكر ابن علية: هو نتاج النتاج، وبه قال أحد، وإسحاق. م 3406 - فالبيع في ذلك كله يبطل. (ح 1190) وقد روينا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى عن بيع المجر.

8 - باب النهي عن بيع الملامسة والمنابذة وبيع الحصاة وبيع المعانم حتى يقسم وبيع الولاء

وهو بيع ما في بطون الإناث. م 3407 - والبيع في هذا باطل، لا أعلمهم يختلفون فيه. م 3408 - وأجمعوا على أن بيع المضامين والملاقيح لا يجوز. قال أبو عبيد: [2/ 109/ألف] "المضامين في البطون وهي الآجنة، والملاقيح ما في أصلاب الفحول". 8 - باب النهي عن بيع الملامسة والمنابذة وبيع الحصاة وبيع المعانم حتى يقسم وبيع الولاء قال أبو بكر: (ح 1191) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الملامسة والمنابذة. م 3409 - فأما المنابذة: إذا ألقى إليه الثوب وجب البيع، والملامسة: أن يلمسه بيده ولا يقلبه ولا ينشره. وممن قال هذا المعنى مالك، والأوزاعي، وأحمد بن حنبل. م 3410 - وقال الشافعي في الملامسة: أن يأتي الرجل بثوبه مطوياً، يقول: أبيعك هذا على أن نظرك إليه اللمس، لا خيار لك إذا نظرت إلى جوفه، وطوله، وعرضه. م 3411 - وأما المنابذة فكان مالك يقول: المنابذة أن ينبذ الرجل إلى الرجل ثوبه، وينبذ إليه الآخر ثوبه دلى غير تأمل منهما، وبنحوه قال الشافعي، وأحمد.

9 - باب بيع الألبان في ضروع الأنعام وبيع الأصواف على ظهورها

قال أبو بكر: م 3412 - والبيع في ذلك كله باطل. قال أبو بكر: (ح 1192) وثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الحصاة وتفسيره أن يقول: إذا وقع الحجر فهو لك، هكذا قال أبو هريرة. (ح 1193) وفي حديث ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى يوم خيبر عن بيع المغانم حتى تقسم. قال أبو بكر: وذلك لأن بيع حصة الرجل غير معروف قدره، حتى تقسم المغانم، وكل بيع مجهول، ففي هذا المعنى. (ح 1194) وثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الولاء، وعن هبته. 9 - باب بيع الألبان في ضروع الأنعام وبيع الأصواف على ظهورها م 3413 - واختلفوا في بيع الألبان في ضروع الأنعام، وبيع الأصواف على ظهورها، فممن روينا عنه أنه نهى عن ذلك ابن عباس. ونهى أبو هريرة عن شراء اللبن في ضروع الغنم، وكره ذلك مجاهد، وطاووس.

10 - باب بيع العبد الآبق والجمل الشارد

وقال الشافعي: لا يجوز ذلك، وقال أحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي: بحديث ابن عباس. ورخص طاؤس بيعه كيلا. وقال سعيد بن جبير: لا بأس ببيع اللبن [2/ 109/ب] في الضرع، والصوف على الظهر. وقال الحسن البصري: لا بأس أن يشتري لبن هذه الشاة شهراً، إذا كان لها يومئذ لبن، وبه قال مالك بن أنس، ومحمد بن مسلمة. وقال مالك: لا بأس باشتراء الصوف على الغنم إذا كنت تريد جزازها قريباً، فإن أخرت جزازها فلا خير فيه. قال أبو بكر: لا يجوز بي شيء من ذلك، لأنه غرر يقل ويكثر. (ح 1195) وقد نهى رسول الله- صلى الله عليه وسلم - عن بيع الغرر". 10 - باب بيع العبد الآبق والجمل الشارد قال أبو بكر: م 3414 - كان مالك، والشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي لا يجيزون بيع العبد الآبق، والجمل الشارد. وقد روينا عن ابن عمر أنه اشترى من بعض ولده بعيراً شارداً. وقال ابن سيرين: لا بأس ببيع العبد الآبق إذا كان علمهما فيه واحد، وحكى ذلك عن شريح.

11 - باب بيع السمك في الآجام

قال أبو بكر: بالقول الأول أقول، لنهي رسول الله- صلى الله عليه وسلم - عن بيع الغرر. 11 - باب بيع السمك في الآجام قال أبو بكر: م 3415 - ومما هو داخل في بيع الغرر، بيع السمك في الآجام، وقد روينا عن ابن مسعود أنه نهى عنه. وكره ذلك إبراهيم النخعي، ومالك، والشافعي، والنعمان، ويعقوب، وأبو ثور. وقد روينا عن عمر بن عبد العزيز أنه أجاز ذلك، وبه قال ابن أبي ليلى. 12 - باب بيع البصل والجزر، والفجل، والشلجم مغيبا في الأرض، وبيع تراب المعادن، والصناعة، والمقاثى، والمباطخ، والمباقل قال أبو بكر: م 3416 - ومما يدخل في بيع الغرر، بيع الجزر، والثوم، والبصل،

والشلجم، والفجل مغيباً في الأرض، وكان الشافعي، وأحمد: يبطلان البيع في ذلك. وأجاز ذلك مالك، والأوزاعي، وإسحاق. قال أبو بكر: البيع في ذلك كله لا يجوز، لأنه من بيوع الغرر، ومما هو داخل في بيوع الغرر، بيع تراب الصاغة، وتراب المعادن. م 3417 - وكره بيع تراب الصاغة عطاء، والشعبي. وقال الشافعي: لا يجوز شرى تراب المعادن بحالٍ، وبه قال [2/ 110/ألف] الثوري، والأوزاعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور. وفيه قول ثان: وهو إباحة تراب الفضة بالذهب، وتراب الذهب بالفضة، هذا قول الحسن البصري، والنخعي، وربيعة، والليث بن سعد. وفيه قول ثالث: قاله مالك قال: لا بأس بشراء تراب المعادن بشيء مخالف، إن كان ذهباً فبورق يدا بيد، وبعرض إلى أجل. وقال في تراب الصواغين: لا يجوز بيعه بالعروض ولا بغيرها من الأشياء. قال أبو بكر: لا يجوز بيع شيء منه؛ لأنه مجهول، ولا يوقف على كثرته وقلته. م 3418 - واختلفوا في بيع المقاثى والمباطخ، فأبطل بيع ذلك الشافعي. وقال مالك: لا بأس به إذا بدا صلاحه. قال أبو بكر: وبقول الشافعي أقول، لدخوله في جملة نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الغرر.

13 - باب بيع القصيل

13 - باب بيع القصيل م 3419 - واختلفوا في بيع القصيل جزتين، وثلاثا، فكره ذلك الحسن البصري، وعطاء بن أبي رباح. ومنع من بيعه الشافعي، إلا أن يقطع مكانه. ورخص فيه مالك. قال أبو بكر: القول الأول أصح. م 3420 - واختلفوا فيمن اشترى قصيلا على أن يدعه حتى يدرك، فأبطل الشافعي البيع، ونهى عنه النخعي، وبه قال فيما أحسب الكوفي. وقال سفيان الثوري: يأخذ راس ماله، وليعطي الباقي المساكين إذا اشترى قصيلاً فصار شعيراً. قال أبو بكر: البيع باطل، لأنه مجهول. 14 - باب بيع زيادة العطاء وشراء الصكاك م 3421 - واختلفوا في بيع الزيادة في العطاء، فكره ابن عباس ذلك إلا بعرض.

15 - باب النهى عن بيع المرء ما ليس عنده

ورخص فيه زيد بن ثابت، وابن عمر، قال ابن عمر: ولكن لا يبيعها حتى يكتالها، ورخص فيه شريح، والشعبي، قال أحدهما: بعرضٍ، وقال آخر: بحيوان. وكره الحسن البصري، ومحمد بن سيرين، وسالم بن عبد الله، وعطاء بن أبي رباح، ومحمد بن كعب القرظي: بيع الزيادة في العطاء بعرض. وبه قال أحمد، وإسحاق. وقال الشافعي: بيع [2/ 110/ب] الأرزاق التي يخرجها السلطان للناس قبل أن يقبضها، فلا يبيعها للذي يشتريها قبل أن يقبضها. وقالت طائفة: لا يجوز بيع ذلك، هكذا قال مالك قال: لا يجوز بعرض ولا بغيره، وبه قال أبو ثور، وحكى ذلك عن الكوفي. وقد روينا عن النبي- صلى الله عليه وسلم - قولاً ثالثاً: قال: لا آمر بها ولا أنهى عنها نفسي، وولدي. قال أبو بكر: بيع زيادة العطاء من الغرر، وذلك غير جائز، والله أعلم. 15 - باب النهى عن بيع المرء ما ليس عنده قال أبو بكر: (ح 1196) جاء الحديث عن حكيم بن حزام أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له: لا تبيعن

16 - باب بيوع الثمار قبل أن يبدو صلاحها

طعاماً حتى تشتريه وتستوفيه. م 3422 - وكان الشافعني يقول: معناه أن أبيع شيئاً بعينه وليس عندي. وقال أحمد، وإسحاق: معناه أن يقول لصاحبه: اشتر كذا وكذا، واشتريها منك. وقال بعضهم: معناه مثل العبد الآبق، والبعير الشارد، والرهن، والشيء المغصوب. وقال أبو بكر: وأصح ذلك: أن أبيع ما ليس عندي، مما ملكه لغيري، على أن علي خلاصه، وهذا من بيوع الغرر، لأني قد أقدر عليه ولا أقدر عليه. 16 - باب بيوع الثمار قبل أن يبدو صلاحها قال أبو بكر: (ح 1197) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها، نهى الباع والمشتري. م 3423 - وأجمع أهل العلم على القول بجملة هذا الحديث. م 3424 - واختلفوا في الوقت الذي يجوز فيه بيع الثمار، فقالت طائفة: لا يباع حتى يوكل من الثمر قليل أو كثير، هكذا قال عطاء وروينا ذلك عن

ابن عمر، وابن عباس. (ح 1198) وقد روينا عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه نهى عن بيع النخل حتى يطعم. وفيه قول ثان: وهو أن يبدو صلاحها أن تحمر، أو تصفر، روينا هذا القول عن مسروق، وبه قال الشافعي، وأحمد، وإسحاق. (ح 1199) وفيه هذا المعنى حديث عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه نهى عن بيع الثمر حتى يشقع، يعني يحمر ويصفر [2/ 111/ألف] ويوكل. (ح 1200) وفي بعض أخبار النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه وقت ذلك طلوع الثريا. وقال إبراهيم النخعي: إذا اشتد نوى البر، وآمن عليه الآفة فليشتر. قال أبو بكر: م 3425 - وحكم جميع ثمار الأشجار داخل في معنى ثمر النخل، وبيع ذلك جائز إذا طاب أول ثمرها، وهذا على مذهب مالك، والشافعي، وأحمد،

17 - باب النهي عن بيع الزرع قبل أن يشتد حبه ويبيض سنبله

وإسحاق، وكثير من أهل العلم. (ح 1201) وقد روينا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى عن بيع العنب حتى يسود. 17 - باب النهي عن بيع الزرع قبل أن يشتد حبه ويبيض سنبله قال أبو بكر: (ح 1202) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع السنبل حتى يبيض ويأمن العاهة، نهى البائع والمشتري. قال أبو بكر: م 3426 - وهذا قول مالك وأهل المدينة، وعبيد الله بن الحسن، وأهل البصرة، وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي، وأصحاب الحديث. وقد كان الشافعي يقول مرة: لا يجوز. ثم بلغه حديث ابن عمر، فرجع عنه، وقال به، ولا أعلم أحداً يعدل عن القول به.

18 - باب النهي عن بيع السنين

18 - باب النهي عن بيع السنين قال أبو بكر: (ح 1203) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع السنين. م 3427 - وأجمع أهل العلم على أن بيع ثمر النخل سنين لا يجوز، ونهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيع السنين، وعن بيع الغرر. وهذا لا يجوز بوجه من الوجوه. 19 - باب النهي عن الثنيا في البيع إلا أن يعلم قال أبو بكر: (ح 1204) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع المحاقلة، والمزابنة، وعن الثنيا. (ح 1205) وروينا عنه أنه نهى عن بيع الثنيا إلا أن يعلم. م 3428 - وقد اختلف أهل العلم في الرجل يبيع ثمرته ويستثنى منها نخلات بغير أعيانهن، أو ملكية معلومة، فقالت طائفة: البيع باطل حتى يكون

الذي استثنى معلوماً، وأما نخلات بأعيانهن، [2/ 111/ب] وإما ثلثاً، أو ربعا، أو جزءاً من جزء معلوم. فممن كره بيع الثمرة ويستثنى منها كيلا معلوماً بن المسيب، والحسن البصري، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور. ولا يجوز في قول الشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبي ثور: أن يستثنى نخلا غير معلوم، مثل أن يقول عشر نخلات، ولا يشير إليهن، البيع في ذلك غير جائز. ورخصت طائفة أن يبيع الرجل ثمر نخله ويستثنى الكر، والكرين، هذا قول ابن سيرين، وسالم بن عبد الله. وقد روينا عن ابن عمر أنه باع من رجل ثمرته بأربعة ألف، وطعام الفتيان. ورخص مالك بن أنس في أن يبيع الرجل ثمرته ويستثنى ثمر نخله أو نخلات يسمى عددها، وكذلك يجيز أن يبيع مائة شاة، إلا شاة يختارها منها. قال أبو بكر: كما قال الشافعي أقول، لحديث رويناه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى عن الثنيا، إلا أن يعلم، ولنهيه عن بيع الغرر.

20 - باب الأمر بوضع الجوائح

م 3429 - واختلفوا في بيع الثمرة إلا نصفها، أو إلا ثلثها، فرخص في ذلك البتى، والشافعي، والنعمان. وكره ذلك أبو بكر بن أبي موسى. وقال الأوزاعي: لا يقول: أبيعك هذه السلعة وأنا شريكك (¬1)، ولكن ليقل: أبيعك نصفها وأنا شريكك، وبه قال النخعي. وقال مالك: له أن يستثنى من حائطه ما بينه وبين ثلث الثمر، لا يجاوز ذلك. قال أبو بكر: إذا كان المستثنى معلوماً، فالبيع جائز. 20 - باب الأمر بوضع الجوائح م 3430 - واختلف أهل العلم في الرجل يشتري الثمرة شراء صحيحاً، ويقبضها في رؤوس النخل ثم يصيبها جائحة، فقالت طائفة: يجب وضع الجوائح على ظاهر حديث جابر، هذا قول أحمد بن حنبل، وأبي عبيد، وجماعة من أهل الحديث. (ح 1206) واحتجوا بحديث جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: لو بعت من أخيك ثمراً، ثم أصابته جائحة، مالك أن تأخذ منه شيئاً، لم تأخذ مال أخيك بغير حق. قال أبو بكر: قالت طائفة: لا يرجع بالجائحة على البائع، هذا قول الشافعي، والنعمان [2/ 112/ألف]. ¬

_ (¬1) في الأصل "إنما".

21 - باب بيع مبتاع الثمرة بعد القبض قبل [أن] تصرم

وقال مالك: الجائحة التي توضع عن المشتري الثلث فصاعداً، ولا توضع أقل من الثلث، ويكون ذلك من مال المشتري، والجائحة من الريح، والحريق، والبرد. 21 - باب بيع مبتاع الثمرة بعد القبض قبل [أن] تصرم م 3431 - واختلفوا في الرجل يشتري الثمار في رؤوس النخل ثم يبيعها قبل [أن] تصرم، فروينا عن الزبير بن العوام، وزيد بن ثابت أنهما رخصا في ذلك. وبه قال الحسن البصري، وأحمد. وكره ذلك ابن عباس، وعكرمة، وأبو سلمة. قال أبو بكر: بيعه جائز إذا قبضه في رؤوس النخل. 22 - باب النهي عن المحاقلة والمزابنة قال أبو بكر: (ح 1207) ثبتت الأخبار عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى عن بيع المحاقلة، المزابنة، والمخابرة.

23 - باب العرايا

م 3432 - وفي حديث جابر: والمحاقلة: بيع الزرع بمائة، فرق حنطة، والمزابنة: أن يبيع الثمر في رؤوس النخل بمائة فرق، والمخابرة: كرى الأرض بالثلث والربع. م 3433 - وممن قال بظاهر هذا الحديث في المحاقلة، ابن المسيب، وعطاء، والشافعي، وأحمد، وأبو عبيد. وفي تفسير المحاقلة وجه آخر، وهو أن المحاقلة كرى الأرض. قال أبو بكر: تبيع الرطب في النخل جزافا بتمر يسمى كيلا من المزابنة، ولا أعلمهم يختلفون أن يبيع ذلك غير جائز، إلا شيئاً يروى عن ابن عباس، أنكره أحمد بن حنبل، إلا العرايا، وأنا ذاكر ذلك بعد إن شاء الله تعالى. 23 - باب العرايا قال أبو بكر: (ح 1208) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - رخص في العرايا، أن تباع بخرصها يأكل أهلها رطباً. م 3434 - وقد اختلف أهل العلم في القول بهذا الحديث، فقال أكثر أهل العلم: بيعه جائز، وجعلوه مستثنى من جملة نهي رسول الله- صلى الله عليه وسلم -. (ح 1209) نهى رسول الله- صلى الله عليه وسلم - عن بيع الثمر بالثمر، وعن بيع الثمرة بالثمرة، وبيع الرطب بالثمرة.

24 - باب قدر ما يجوز من بيع العرايا

وكذلك قال مالك وأهل المدينة، والأوزاعي، وأهل الشام، والشافعي [2/ 112/ب]، وأحمد، وإسحاق، وأبو عبيد، ومن تبعهم من أهل العلم. وعدلت طائفة عن القول بظاهر هذا الخبر، وسائر الأخبار والمأثورة في غير هذا المكان وخالفتها، هذا قول النعمان وأصحابه. قال أبو بكر: فبيع العرايا جائز، لثبوت ذلك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والذي نهى عن بيع الثمر بالثمر، هو الذي رخص في بيع العرايا. 24 - باب قدر ما يجوز من بيع العرايا م 3435 - اختلف أهل العلم في قدر ما يجوز من بيع العرايا. (ح 1210) ففي خبر أبي هريرة خمسة أوسق أو دون خمسة أوسق شك الراوي فيه. وقال مالك: خمسة أوسق، لا يجازو ذلك. وقال الشافعي: لا أفسخ البيع في خمسة أوسق، وأفسخه في أكثر من ذلك. قال أبو بكر: لا يجوز أن يستثنى من نهي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيع

الثمر بالثمر إلا بيقين، فيبيع أقل من خمسة أوسق جائز إذ ذلك يقين، وبيع خمسة أوسق لا يجوز إذ في ذلك شك، ولا يجوز أن يستثنى من يقين ما نهى عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من بيع الثمر بالثمر بالشك. م 3436 - واختلفوا في تفسير العرايا. فكان أبو عبيد يقول: العرايا تفسر بتفسرين، كان مالك يقول: هي النخلة يهب الرجل ثمرتها للمحتاج، يعريها إياه فيأتي المعرى وهو الموهوب له إلى نخلته تلك ليجتنيها، فيشق ذلك على المعري له دخوله عليه، فجاءت الرخصة له خاصة أن يشتري ثمر تلك النخلة من الموهوب بخرصها تمراً. أما التفسير الآخر: فهو أن العرايا هي النخلات يستثنيها الرجل من حائطه إذا باع ثمرته، فلا يدخلها في البيع، ويبقيها لنفسه وعياله، فأرخص النبي - صلى الله عليه وسلم - لأهل الحاجة والمسكنة الذين لا ورق لهم، ولا ذهب، وهم يقدرون على الثمر، أن يبتاعوا بتمرهم من ثمار هذه العرايا بخرصها، فعل ذلك بهم ترفقاً بأهل الفاقة الذين لا يقدرون على الرطب. قال أبو بكر: وهذا أصح في المعنى من الأول [2/ 113/ألف]. م 3437 - وكان مالك يقول: العرايا تكون في الشجر كله من النخل، والعنب، والتين، والرمان، والزيتون، والثمار كلها، وبه قال الأوزاعي. وقال الليث: لا تكون العرايا إلا في النخل. وقال الشافعي: في النخل والعنب.

25 - باب بيع النخل قبل الإبار وبعده

25 - باب بيع النخل قبل الإبار وبعده قال أبو بكر: (ح 1211) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: قال: "من باع نخلاً بعد أن يؤبر فثمرتها للبائع، إلا أن يشترط المبتاع". قال أبو بكر: م 3438 - وفي قوله: من باع نخلاً بعد أن يؤبر فثمرتها للبائع إلا أن يشترط المبتاع، بيان على أن من باع نخلاً لم توبر، أن الثمر للمشتري، وهذا قول مالك، والشافعي، والنعمان، ويعقوب، ومن تبعهم، إلا ابن أبي ليلى فإنه قال: الثمرة للمشتري، وإن لم يشترط لأن ثمرة النخل من النخل. قال أبو بكر: وهذا لا معنى له، لأنه خلاف السنة التي ذكرناها. أبواب ما نهي عنه من الغش والخداع في البيوع 26 - باب النهي عن الغش والخداع قال أبو بكر: (ح 1212) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: أن الدين النصيحة، إن الدين

27 - باب أخبار المصراة وما فيه من الاختلاف

نصيحة، إن الدين النصيحة، قيل لمن يا رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: لله ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم. (ح 1213) وثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: "من غشنا فليس منا". م 3439 - وقد اختلف أهل العلم في معناه فقال قائل: ليس من أهل ديننا. وقال آخر: ليس مثلنا، وقال آخر: ليس من أخلاقنا، وقال آخر: لم يتبعنا على أخلاقنا، واحتج هذا القائل بقوله: {فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي} الآية. قال أبو بكر: وهذا أحسن. 27 - باب أخبار المصراة وما فيه من الاختلاف قال أبو بكر: (ح 1214) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا باع أحدكم اللقحة (¬1) أو الشاة فلا يحفلها". (ح 1215) وثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تصروا الإبل والغنم، فمن ابتاعها بعد ذلك، فهو بخير الناظرين أمسكها، وإن سخطها ردها، ¬

_ (¬1) في الأصل "اللحقة" وهو تصحيف، والصحيح ما أثبتة، وكذا في "العمانية".

ورد معها [2/ 113/ب] صاعاً من تمر. قال أبو بكر: التسليم لهذا الخبر يجب. م 3440 - واختلفوا في معنى المصراة. فكان الشافعي يقول: التصرية أن تربط أخلاف الناقة، أو الشاة، وتترك من الحليب اليومين، أو الثلانة، حتى يجتمع لها لبن، فيراه مشتريها كثيراً، مما يرى، فيزيد في ثمنها، مما يرى، من كثرة لبنها. وقال أبو عبيد: "المصراة: الناقة، أو البقرة، أو الشاة التي قد صرى اللبن في ضرعها، يعني حقن فيه أياماً، فلم تحلب". (ح 1216) وفي حديث أبي هريرة عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "من اشترى شاة مصراة، فهو فيها بالخيار ثلاثة أيام". م 3441 - واختلفوا فيما يرده مشتري المصراة مكان اللبن. فقال أكثر أهل العلم هو بالخيار بعد أن يحلبها، إن شاء أمسكها، وإن شاء ردها وصاعاً من ثمر، هذا قول مالك، والليث بن سعد، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبي عبيد، وأبي ثور. وثبت ذلك عن أبي هريرة. وقالت طائفة: هو بالخيار بعد أن حلبها، فإن شاء ردها ورد معها قيمة اللبن، حكي القول عن أبي ليلى، وبه قال أبو يوسف. وقال بعضهم: يعطون من عيشهم، أهل مصر الحنطة.

28 - باب النهي عن النجش في البيوع

قال أبو بكر: وفي حديث أبي هريرة: صاعاً من طعام لا بتمر، أيقول تمر ليس [[ببر]]. قال أبو بكر: فلا يجوز أن يدفع مكان التمر غيره؛ لأن ذلك يكون بيع الطعام قبل أن يقبض، وقد نهى رسول الله- صلى الله عليه وسلم - عنه. وخالف ذلك كله النعمان فقال: إذا حلب المصراة فليس له أن يردها، لأنه قد أخذ منها شيئاً لا يستطيع ردها. قال أبو بكر: وهذا خلاف ما سنه النبي - صلى الله عليه وسلم - لأمته. م 3442 - واختلفوا في الوقت الذي جعل لمشتري المصراة فيه الخيار. فكان الشافعي وناس من أهل الحديث يجعلون لمشتريه خيار ثلاث. وفي مذهب بعض المدنيين: له الخيار متى تبين له أنها مصراة أن يردها. قال أبو بكر: وبخبر رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أقول خيار ثلاث بعد الحلب على ظهار الحديث. 28 - باب النهي عن النجش في البيوع قال أبو بكر: (ح 1217) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - نهى عن النجش. م 3443 - واختلفوا في عقد البيع [2/ 114/ألف] الذي نجش فيه.

29 - باب النهى عن بيع الحاضر للباد

فقال أكثر أهل العلم: الناجش عاص، إذا كان بالنهي عالماً، والبيع جائز؛ لأن النجش غير البيع، هذا قول الشافعي، وأصحاب الرأي. وأبطلت طائفة من أهل الحديث البيع. واحتج بعض من أجاز البيع بأن النبي- صلى الله عليه وسلم - نهى عن المحاقلة، وجعل للمشتري الخيار، وهذا بالنجش عاص، كما كان بائع المحاقلة عاصياً، والبيع جائز منهما جميعاً. 29 - باب النهى عن بيع الحاضر للباد قال أبو بكر: (ح 1218) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يبيع حافر لباد". م 3444 - واختلفوا فيه، فممن كره ذلك أنس بن مالك، وأبو هريرة، وابن عمر، وعمر بن عبد العزيز، ومالك، والليث بن سعد، والشافعي. وفيه قول ثان وهو أن الرخصة اليوم في بيعهما، هذا قول مجاهد. م 3445 - واختلفوا في شراء الحافر للباد. فكرهت طائفة أن يشترى له، كما كرهت أن يبتاع له.

30 - باب النهي عن التلقي للسلع

قال أنس بن مالك: كان يقال: هي كلمة جامعة يقول: لا تبيعن له شيئاً، ولا تبتاعن له شيئاً. وفيه قول ثالث: وهو الرخصة في الشراء لهم، والنهي في البيع لهم، هذا قول الحسن البصري. م 3446 - واختلفوا في الحاضر يشير على البدوي، ويخبره بالسعر. فكره مالك ذلك، وبه قال الليث بن سعد. ورخص فيه الأوزاعي. قال أبو بكر: لا بأس أن يشير عليه، وليست الإشارة ببيع، وهو من النصيحة للمسلم. 30 - باب النهي عن التلقي للسلع قال أبو بكر: (ح 1219) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تلقوا (¬1) السلع". م 3447 - وممن كره تلقي السلع، عمر بن عبد العزيز، ومالك، والليث بن سعد، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وإسحاق. وبلغني عن النعمان أنه لم يكن يرى بذلك بأساً. ونهت طائفة ثالثة عن تلقي السلع خارج الأسواق، ورخصت في استقبالها في أعلى السوق، هذا قول طائفة من أهل الحديث. ¬

_ (¬1) في الأصل "لا تلتقوا" والصحيح ما أثبته، وكذا في "العمانية"، والكلمة أصلها "لا تتلقوا" فحذفت إحدى التائين.

31 - باب اختلاف أهل العلم فيمن تلقى الركبان فابتاع سلعة

(ح 1220) واحتجوا بحديث مالك عن نافع عن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن تلقى السلع حتى تهبط [2/ 114/ب] الأسواق. قال أبو بكر: هذا أصح. 31 - باب اختلاف أهل العلم فيمن تلقى الركبان فابتاع سلعة م 3448 - اختلف أهل العلم فيمن تلقى الركبان فابتاع سلعة. فقالت طائفة: الشرى جائز، والبائع بالخيار إذا ورد السوق، هذا قول الشافعي. (ح 1221) ومن حجته حديث رويناه عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "فمن تلقاها، فاشترى منها شيئاً، فصاحبه بالخيار إذا أتى السوق". قال أبو بكر: لا خيار للمشتري. وقالت طائفة: لا خيار له، وقد أساء المستقبل، هذا قول لبعض أصحابنا، وبه قال أصحاب الرأي. وبحديث رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أقول. 32 - باب المسترسل الذي لا يماكس ومن في معناه قال أبو بكر: (ح 1222) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: "الدين النصيحة".

جماع ما نهى عنه من البيوع

(ح 1223) وان جريراً قال: أتيت النبي- صلى الله عليه وسلم - أبايعه، فاشترط علي النصح لكل مسلم. (ح 1224) وثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال الرجل كان يخدع في البيع: "إذا بايعت فقل: لا خلاف به". م 3449 - واختلفوا فيمن باع بيعاً غبن فيه غبناً، لا يتغابن الناس فيما بينهم بمثله. فقالت طائفة: إذا كانا مطلقين جائزي الأمر، فالبيع لازم، كذلك قال الشافعي، والنعمان. وقال أحمد في بيع المسترسل: يجئ فيسترسل [[فكره]] غبنه. وقال أبو ثور: البيع الذي فيه غبن، لا يتغابن الناس بمثله فاسد. وقال بعضهم: كل بيع باعه رجل من مسترسل، أو اختدعه فيه، أو كذبه، فالمشتري في ذلك بالخيار، إذا تبين له ذلك. جماع (¬1) ما نهى عنه من البيوع 33 - باب النهي عن بيعتين في بيعة قال أبو بكر: ¬

_ (¬1) في الأصل "باب"، وفي " العمانية " ذكر ما نهى عنه من البيوع بالعيوب.

(ح 1225) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيعتين في بيعة. م 3450 - واختلفوا في تفسيره. فقالت طائفة: هو أن يقول: أبيعك بالنقد بكذا، وبالنسيئة بكذا، هذا قول مالك، وسفيان الثوري، وإسحاق. وقال الشافعي: إذا باعة بيعاً بريئاً على أن الدينار إذا حل أخذ به دراهم إلى وقت، فهذا حرام من بيعتين في بيعة، وشرطين في شرط. وقد روينا عن ابن مسعود أنه قال: الصفقتان في صفقة [2/ 115/ألف] ربا. قال الثوري: وتفسيره، أن أبيعك بألف وتعطيني الدينار من عشرة، وأبيعك بعشرة بنقد، وبعشرين بنسيئة. قال أحمد: صفقتان في صفقة مثل بيعتين في بيعة. وقد روينا عن طاووس، والحكم، وحماد أنهم قالوا: لا بأس بأن يقول: أبيعك بالنقد بكذا، وبالنسيئة بكذا، فيذهب به على أحدهما. وقال الحكم، وحماد: ما لم يتفرقا. قال أبو بكر: ومن بيعتين في بيعة أن يقول: أبيعك جاريتي هذه بمائة دينار على أن تبيعني عبدك هذا بخمسمائة ديناراً، والبيع في ذلك كله فاسد.

34 - باب النهي عن ربح ما لم يضمن وبيع، وسلف

34 - باب النهي عن ربح ما لم يضمن وبيع، وسلف قال أبو بكر: (ح 1226) جاء الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى عن ربح ما لم يضمن، ونهى عنه بيع وسلف. وقد اختلف في القول بحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، فكان أحمد ربما قال به، وربما أقف عن ذلك. وكان الشافعي لا يرى القول به. م 3451 - وقد اختلف بهذا الحديث في معنى نهيه عن ربح ما لم يضمن. فقال أحمد، وإسحاق: لا يكون ذلك إلا في الطعام يعني ما لم يقبض، وبه قال مالك، والثوري. وقال إسحاق: في كل ما يكال ويوزن. وقال الأوزاعي: في ربح ما لم يضمن إستأجارك الغلام بأجر معلوم، ثم تؤجره بأكثر منه. م 3452 - وكان مالك يقول: تفسير بيع وسلف أن يقول الرجل للرجل: آخذ سلعتك بكذا على أن تسلفني كذا، فالبيع في هذا فاسد، قال: فإن ترك الذي اشترط السلف منه كان البيع جائزاً. والبيع عند الشافعي في هذا فاسد، ترك الشرط أو لم يترك.

35 - باب [[الكالئ بالكالئ]]

35 - باب [[الكالئ بالكالئ]] م 3453 - أجمع أهل العلم أن الدين بالدين لا يجوز. فمن ذلك: أن يسلف الرجل للرجل في طعام، فيحل عليه، ليجعله عليه سلفاً في طعام آخر أكثر منه، أو يبيعه ذلك الطعام الذي في ذمته بدنانير إلى وقت ثان، فهذا دين انقلب إلى دين مثله. وممن حفظنا عنه أنه قال: لا يجوز بيع الدين بالدين، مالك، والأوزاعي والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، والكوفي [2/ 115/ب]. وقال أحمد: إجماع أن لا بياع دين بدين. قال أبو بكر: (ح 1227) وقد روينا عن النبي- صلى الله عليه وسلم - بإسناد لا يثبت أنه نهى عن [[الكالئ بالكالئ]]. 36 - باب بيع الحيوانين بالحيوان يداً بيد ونسيئة قال أبو بكر: (ح 1228) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - اشترى عبداً بعبدين أسودين، واشترى جارية بسبعة [[أرؤس]].

37 - باب بيع اللحم بالحيوان

م 3454 - وقد أجمع كل من أحفظ قوله من علماء الأمصار على أن بيع الحيوان بالحيوان يداً بيد جائز. م 3455 - واختلفوا في بيع الحيوان بالحيوان بالنسيئة. فممن كره ذلك عطاء، وعكرمة بن خالد، وعبد الله بن عبيد بن عمير، وابن سيرين، وابن الحنفية، والثوري، وأحمد. وروي ذلك عن عمار بن [ياسر] (¬1)، وابن عمر. وقالت طائفة: لا بأس أن يباع الحيوان بالحيوان نسيئة، هذا قول الشافعي. واحتج بشيء روي عن علي، وابن عمر. وفي المسألة قول ثالث: وهو أن لا بأس أن يباع البعير بالبعيرين إلى أجل إذا اختلف وبان اختلافهما، فإن أشبه بعضهما بعضاً، فلا يأخذ منها اثنين بواحد، هذا قول مالك. وقد روي عن الحسن البصري تجوز ذلك. وقال أصحاب الرأي: إذا قبض أحد الصنفين من الحيوان بعد يوم أو يومين، فلا بأس، ولو جعل لذلك يوم فأكثر، كان فاسداً. 37 - باب بيع اللحم بالحيوان م 3456 - واختلفوا في بيع اللحم بالحيوان. فكره ذلك ابن المسيب، والشافعي. وفيه قول ثان: وهو أن ذلك فاسد، إلا أن يكون اللحم أكثر من ¬

_ (¬1) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: بالمطبوع (يسار) والتصويب من الأوسط

38 - باب النهي عن بيع الماء

لحم الشاة، فيكون الفضل بالصوف، والجلد والسقط، هذا قول محمد بن الحسن. وفيه قول ثالث: وهو إن لحم الإبل والبقر، والغنم، والوحش كلها بشيء منها أحياء لا تصلح، ولا بأس ببيع الحمير، والبغال، والخيل باللحم، هذا قول مالك. قال أبو بكر: واحتج الشافعي. (ح 1229) بحديث مرسل لايثبت. 38 - باب النهي عن بيع الماء قال أبو بكر: (ح 1230) ثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الماء [2/ 116/ألف]. ودل خبر إياس بن عبد المزني، وخبر أبي هريرة على أن النهي إنما وقع على بيع فضل الماء. (ح 1231) وثبت عنه أنه قال: "لا يمنع فضل الماء ليمنع به الكلأ".

قال أبو بكر: م 3457 - أما نهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الماء فظاهره ظاهر عام (¬1)، والمراد منه منع بعض المياه دون بعض، يدل على فيه عن بيع فضل الماء. ويدل أيضاً على أن ذلك معناه إباحة كل من نحفظ قوله من علماء الأمصار أن يبيع الرجل ما أخذه من مثل النيل، أو الفرات في ظرف بثمن معلوم، وغير جائز أن يجمعوا على خلاف سنة رسول الله- صلى الله عليه وسلم -، فدل ما ذكرناه على أن نهيه عن بيع الماء، ليس المراد صفة جميع المياه. ويجوز أن يدخل في نهيه عن بيع الماء المجهول، كالمياه التي يتبايعها أهل المشرق وغيرهم، يبيع الرجل منهم ما يجري في نهره يومه وليلته بكذا، وكذا درهماً، وذلك مجهول يزيد أو ينقص، وتحيط به الآفات، ويختلف ذلك في الشتاء عند كثرة الأمطار، ويقل عند قلة الأمطار، وفي الصيف اختلافاً متفاوتاً، فكل ماء مجهول، فالبيع فيه فاسد، وكل ماء معلوم في ظرف قد أحاط البائع، وللمشتري به معرفة، فالبيع فيه جائز. وأما قوله: "لا يمنع فضل الماء ليمنع به الكلأ، فإن الرجل فيما بلغنا كان يحتفر البئر بناحية من الأرض، وربما لم يكن يقرب لبئره ماء لأحد، فإذا اختصبت الناحية التي بها بئره، انتجعها أصحاب المواشي، فإن منعهم من ماء بئره تسبب منعهم ذلك إلى منع الكلام المباح، لعلمه أن لا مقام لهم بالموضع إذا منعهم ماء بئره على غير ماء، فنهوا عن بيع فضل الماء لهذا المعنى والله أعلم. ¬

_ (¬1) في الأصل "ظهار عليه" وهذا من الأوسط 3/ 327/ب، وفي "العمانية" عن بيع الماء الطاهر عام.

39 - باب النهى عن سوم المرء على سوم أخيه

وقال الأوزاعي في منع فضل الماء قال: يستقى به، ثم يسيبه في الأرض ولا يعطيه أحداً. وقال مالك في ماء البئر: إذا وقع الفضل فالناس في الفضل أسوة. وقال أحمد: إنما نهى عن بيع فضل ماء البئر، والآبار، والعيون في قراره [2/ 116/ب]. م 3458 - واختلفوا في بيع الماء روايات وقرب. فرخص فيه ابن سيرين، وحماد بن أبي سليمان، وأحمد، وإسحاق. وفيه قول ثان: وهو أن ذلك لا يجوز إلا أن يكون بقرب معروفة الوزن، لا يجوز عدداً على مذهب الشافعي، والنظر يدل عليه. 39 - باب النهى عن سوم المرء على سوم أخيه قال أبو بكر: (ح 1232) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -قال: "لا يسأم الرجل على سوم أخيه". م 3459 - فمعنى فيه عن أن يسوم الرجل على سوم أخيه، إنما هو إذا ركن البائع للمسلم، ولم يبق بينهما إلا العقد، هذا مذهب مالك. قال أبو بكر: فأما ما دام الرجل يساوم بالسلعة، وهما يختلفان بالثمن، فمباح أن يسوم على سوم أخيه، استدلالاً بحديث.

40 - باب النهي عن أن يبيع الرجل على بيع أخيه

(ح 1233) أنس أن النبي- صلى الله عليه وسلم - باع قدحاً وحلساً فيمن يزيد. ولأن الناس في القديم والحديث ما زال يزيد بعضهم في أثمان السلع التي تباع في النداء، ولم يختلفوا في السائم إذا ترك السوم، أن لمن أراد السوم أن يسوم. وقد قال بعض أهل العلم أن في قول النبي- صلى الله عليه وسلم -: لا يسوم الرجل على سوم أخيه إباحة؛ لأن يسوم على سوم الذمي، ولا يجوز للذمي أن يسوم على سوم المسلم، لأن المعنى في ذلك الفساد فإذا امتنع المسلم من إدخال الفساد على أخيه المسلم، فالذمي أولى بالمنع من ذلك. 40 - باب النهي عن أن يبيع الرجل على بيع أخيه قال أبو بكر: (ح 1234) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -قال: "لا يبيع بعضكم على بيع بعض". م 3460 - وكان الشافعي يقول: معنى نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن أن يبيع على بيع أخيه أن يتواجبا السلعة، فيكون المشتري مغتبطاً، أو غير نادم، فيأتيه الرجل قبل أن يفترقا، فيعرض عليه مثل سلعته، أو خيراً منها،

41 - باب النهي عن بيع الطعام قبل [أن] يقبضه المشتري

بأقل من الثمن، فيفسخ بيع صاحبه، لأن له الخيار قبل التفرق، فيكون هذا فساداً. (ح 1235) وقد روينا عن النبي- صلى الله عليه وسلم -[2/ 117/ألف] أنه قال: "لا يخطب الرجل على خطبة أخيه حتى يترك، ولا يبيع على بيع أخيه حتى يترك". 41 - باب النهي عن بيع الطعام قبل [أن] يقبضه المشتري قال أبو بكر: م 3461 - ثبت عن ابن عباس أنه قال: "أما الذي نهى عنه رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أن يباع حتى يقبض "فهو الطعام، قال ابن عباس: ولا أحسب كل شيء إلا مثله. (ح 1236) وثبت عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "من اشترى طعاماً فلا يبعه حتى يستوفيه. قال أبو بكر: م 3462 - أجمع أهل العلم على أن من اشترى طعاماً فليس له أن يبيعه حتى يقبضه.

م 3463 - واختلفوا في بيع غير الطعام، فافترقوا فيه أربع فرق. فقالت طائفة: لا يجوز بيع شيء بشيء من الأشياء، اشتراه المرء حتى يقبضه، دخل في ذلك عندهم المكيل والموزون من الطعام كله، والعروض، والدور، والأرضين، والحيوان، وسائر السلع، هذا قول الشافعي وأصحابه، وابن الحسن. وقالت فرقة: كل مبيع ابتاعه رجل، فلا بأس أن يبيعه قبل أن يقبضه ما خلا الكيل والوزن، روينا هذا القول عن عثمان بن عفان. وبه قال ابن المسيب، والحسن، والحكم، وحماد، والأوزاعي، وأحمد، وإسحاق. وقالت فرقة: حكم كل سلعة ومبيع حكم الطعام في أن لا يباع حتى يقبض، إلا الدور والأرضين، فإن بيع ذلك جائز قبل القبض، هذا قول النعمان، ويعقوب. وقالت فرقة رابعة: كل ما عدا (¬1) المأكول والمشروب جائز أن يباع قبل أن يقبض، وذلك مثل الرقيق والثياب، والعروض، وسائر السلع، هذا قول مالك، وأبي ثور. ورخص فيه ابن سيرين في أن يباع البر قبل أن يقبض. قال أبو بكر: وأصح هذه الأقاويل قول مالك، وذلك أن في قصد النبي- صلى الله عليه وسلم - إلى النهي عن بيع الطعام قبل أن يقبض، دليل على أن غير الطعام ليس كالطعام. م 3464 - وقد أجمعوا على أن السلعة المشتراة لو كانت جارية، فأعتقها المشتري قبل [أن] يقبضها، أن [2/ 117/ب] العتق واقع عليها. ¬

_ (¬1) في الأصل: "كلما عدا".

42 - باب النهي عن بيع ما ابتيع من الطعام كيلا بالكيل الذي قبضه حتى يكال ثانيا

ففى ذلك دليل على تمام ملك المشتري وزوال ملك البائع عنها. 42 - باب النهي عن بيع ما ابتيع من الطعام كيلاً بالكيل الذي قبضه حتى يكال ثانياً قال أبو بكر: (ح 1237) جاء الحديث عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه في عن بيع الطعام حتى يجري فيه الصاعان، صاع البائع، وصاع المشتري. م 3465 - واختلفوا فيه فقال بظاهر الحديث الحسن البصري، وابن سيرين، وعطاء، والشعبي، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي. وفيه قول ثان: وهو أن لا بأس أن يخير المشتري بكيله ويصدقه ويأخذ بكيله، هذا إذا باع بالنقد، فإن بيع بدين فهو مكروه، هذا قول مالك. وفيه قول ثالث: وهو أن يبيعه بكيله، ولم يفرقوا بين النقد والدين، هذا قول عطاء، وابن أبي مليكه. قال أبو بكر: (¬1) استحب أن لا يبيع الرجل طعاماً ابتاعه كيلاً حتى يكيله كيلاً ثانياً، وإن باع لم أبطل البيع، لأني لا أعلم في النهي عنه خبراً أصح. ¬

_ (¬1) في الأصل "وقال أبو بكر".

43 - باب النهي عن التفرقة بين الوالدة وولدها في البيع

43 - باب النهي عن التفرقة بين الوالدة وولدها في البيع قال أبو بكر: (ح 1238) جاء الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "من فرق بين الوالدة وولدها، فرق الله ينه وبين أحبته يوم القيامة". م 3466 - وأجمع أهل العلم على القول بجملة هذا الخبر، إذا كان الولد طفلاً لم يبلغ سبع سنين. م 3467 - واختلفوا في وقت ذلك، فقال مالك: حد ذلك إذا أثغر. وقال الأوزاعي: حده أن ينفع نفسه، ويستغني عن أمه فوق عشر سنين. وقال الشافعي: إذا صار ابن سبع، أو ثمان. وقال أبو ثور: وإن يلبس وحده (¬1)، ويتوضأ وحده، ويأكل وحده. وقال النعمان وأصحابه: لا يفرق بينهما إذا كانوا صغاراً. قال أبو بكر: وهذا الباب مذكور في كتاب الجهاد. 44 - باب النهى عن احتكار الطعام قال أبو بكر: ¬

_ (¬1) في الأصل: "وحده أن يلبس وحده".

(ح 1239) جاء الحديث عن [2/ 118/ألف] النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لا يحتكر إلا خاطئ". م 3468 - وقد اختلف أهل العلم فيمن يحرم عليه الاحتكار، وفيما يجب أن لا يحتكر فيه. فقالت طائفة: الاحتكار الذي يحرم الاحتكار في الحرم دون سائر البلدان، واحتجو بها بقوله: {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} الآية. ويقول عمر بن الخطاب لا تحتكروا الطعام بمكة فإن احتكار الطعام بمكة الحاد بظلم. وقال أحمد: الاحتكار بمثل مكة، والمدينة، والثغور. وفيه قول ثان: وهو أن الاحتكار يحرم في كل موضع في كل سلعة، هذا قول مالك. وقال الثوري: كانوا يكرهون الاحتكار. وفيه قول ثالث: وهو أن الذي يحرم إنما هو احتكار الطعام الذي هو قوت خاصة دون سائر الأشياء، روي هذا القول عن عبد الله بن عمر، قال: من كانت له تجارة في الطعام ولم يكن له تجارة غيرها كان خاطياً، أوطاغياً، أو باغياً. وقد روينا عن ابن المسيب أنه كان يحتكر الزيت. وقال أحمد: إذا كان الاحتكار من قوت الناس، فهو الذي يكره.

45 - باب النهي عن التسعير على الناس

وفرق الحسن البصري بين أن يشتري الطعام من السوق ويحبسه، وبين أن يدخله من أرضه، فرخص في حبس الطعام إذا أخذه من ضيعته، وكره أن يشتري الطعام ويحبسه، وبه قال مالك، وأحمد. وقال الأوزاعي: والجالب ليس بمحتكر. قال أبو بكر: احتكار الطعام الذي هو قوت الناس لا يجوز، واحتكار غير الطعام، لا يجوز تحريمه. 45 - باب النهي عن التسعير على الناس قال أبو بكر: (ح 1240) ثبت عن أنس أنه قال: غلا السعر بالمدينة، فقال الناس: يا رسول الله غلا السعر، فسعر لنا، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: إن الله هو المسعر، القابض، الباسط، الرازق، أرجو أن ألقى الله وليس أحد منكم يطلبني بمظلمة في دم، ولا مال. قال أبو بكر: م 3469 - وقد اختلف في التسعير على الناس. فكان مالك يقول: يقال لمن يريد أن يبيع أقل مما يبيع به الناس: بع كما يبيع الناس مثل سلعتك [2/ 118/ب] وإلا فأخرج. وكان الشافعي: لا يرى التسعير على الناس. قال أبو بكر: وبه أقول، إذ لو جاز التسعير لسعر النبي - صلى الله عليه وسلم -.

46 - جماع أبواب الربا

46 - جماع أبواب الربا قال أبو بكر: حرم الله الربا في كتابه تحريماً عاماً مطلقاً فقال: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} الآية. (ح 1241) وثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "الذهب بالذهب وزناً بوزن، والفضة بالفضة وزناً بوزن، والبر بالبر مثلاً بمثل، والشعير بالشعير مثلاً بمثل، والتمر بالتمر مثلاً بمثل، والملح بالملح مثلاً بمثل، فمن زاد أو ازداد فقد أربا، بيعوا الذهب بالفضة يداً بيد كيف شئتم، والبر بالشعير مثل ذلك، والتمر بالملح مثل ذلك يداً بيد كيف شئتم، فمن زاد أو ازداد فقد أربا. م 3470 - وقد أجمع عوام علماء الأمصار منهم مالك بن أنس ومن تبعه من أهل المدينة، وسفيان الثوري ومن وافقه من أهل العراق، والأوزاعي ومن قال لقوله من أهل الشام، والليث بن سعد، ومن وافقه من أهل العلم والشافعي، وأصحابه وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور والنعمان، ويعقوب، ومحمد: على أنه لا يجوز بيع ذهب بذهب ولا فضة بفضة، ولا بر ببر، ولا شعير بشعير، ولا تمر بتمر، ولا ملح بملح متفاضلاً يداً بيد، ولا نسيئة، وإن من فعل ذلك فقد أربى، والبيع مفسوخ.

47 - باب بيع الذهب بالذهب مع أحد الذهبين بشي وغير الذهب

وقد روينا هذا القول عن جماعة من أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم -، وجماعه يكثر عددهم من التابعين. (ح 1242) وقد روينا عن - صلى الله عليه وسلم - "أنه قال: "إنما الربا في النسيئة". ومعناه أن بيع الذهب بالفضة أحدهما حاضر، والآخر إلى وقت، والأخبار المذكورة في غير هذا الكتاب دالة على ذلك. 47 - باب بيع الذهب بالذهب مع أحد الذهبين بشي وغير الذهب قال أبو بكر: (ح 1243) روينا عن فضالة بن عبيد أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أتى وهو بخيبر بقلادة فيها خرز وذهب يباع، فأمر رسول الله- صلى الله عليه وسلم - بالذهب الذي في القلادة [2/ 119/ألف] فنزع وحده، ثم قال لهم: الذهب بالذهب وزناً بوزن. م 3471 - واختلفوا في بيع الذهب بالذهب مع أحد الذهبين بشيء غير الذهب. فكره ذلك ونهى عنه شريح، وابن سيرين، والنخعي، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور.

48 - باب اقتضاء الدراهم من الدنانير، والدنانير من الدراهم

ورخص فيه حماد بن أبي سليمان، والنعمان، وذلك أن يشتري مصحفاً محلى بالدراهم، وزنها أكثر من وزن ما على المصحف من الورق، وإن كانت أقل من الفضة التي على المصحف فالبيع فاسد. وفي المسأله قول ثالث:. وهو أن من اشترى مصحفاً عليه فضة أو ذهب بدنانير أو دراهم، فإن كان قيمة ذلك الثلثين، وقيمة ما فيه من الذهب الثلث، فذلك جائز، هذا قول مالك. قال أبو بكر: بقول فضالة أقول. م 3472 - واختلفوا في الرجل اشترى سلعة ودراهم بدنانير. فرخصت فيه فرقة، وممن رخص فيه سفيان الثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق. وقال الشافعي مرة: لا يجوز. وقال مالك: لا يجوز دراهم وسلعة بدينار، إلا أن تكون الدراهم اليسيرة مع السلعة إذا اشتراها بدينار. قال أبو بكر: لا فرق بين القليل والكثير منه. وقال النعمان: في دينار ودرهم، بدينار وفلس، البيع جائز. قال أبو بكر: ذلك جائز لدخوله في جملة ما أحل الله من البيع. 48 - باب اقتضاء الدراهم من الدنانير، والدنانير من الدراهم م 3473 - واختلفوا في اقتضاء الذهب من الورق، والورق من الذهب.

49 - باب [2/ 119/ب] المتصارفين يجدان أو أحدهما فيما أخذ عيبا

فرخصت فيه طائفة، وممن روينا عنه الرخصة فيه عمر بن الخطاب، وابن عمر، وعطاء بن أبي رباح، والحسن البصري، وطاووس، وسعيد بن جبير، والقاسم، والزهري، والحكم، وقتادة. وبه قال مالك، والثوري، والأوزاعي، وعبيد الله بن الحسن، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور. وقال كثير منهم: إذا كان ببيع يومه. وأجاز ذلك النعمان بسعر يومه، وما غلا، وما رخص. وكره ذلك ابن عباس، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، وابن شبرمة. قال أبو بكر: وبالقول الأول أقول. (ح 1244) لحديث ابن عمر عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه أجاز ذلك. 49 - باب [2/ 119/ب] المتصارفين يجدان أو أحدهما فيما أخذ عيباً م 3474 - واختلفوا في المتصارفين يجد أحدهما بما قبض عيباً.

50 - باب مسائل

فقال مالك: ينقض الصرف كله. وقال سفيان الثوري، وإسحاق: يرد المعيب منها، ويكون شريكه في الدينار. وفيه قول ثالث: وهو أن يستبدل ولا يفارقه حتى يأخذ بدله بوزنه، هذا قول الأوزاعي. وفيه قول رابع: وهو أن الزيف الذي وجده في الدراهم إن كان من قبح الفضة، أو فساد السكة فله أن يقبل، وله أن يرد، وإن رد البيع كله، وإن كان من قبل أنه نحاس، أو شيء غير فضة، فالبيع منتقض، هذا قول الشافعي. وفيه قول خامس: وهو أن يستبدل ذلك إلا الستوق فإنه ينتقض الصرف بقدر ذلك، وإن كان الزيوف نصف المال انتقض من البيع بقدر ذلك، وإن كان ثلث المال استبدل، وإن كان أكثر من الثلث انتقض من البيع بقدر ذلك، هذا قول النعمان. وقال يعقوب: له أن يستبدل البهرجة والزيوف وإن كان جميع المال، فإما الشبه، والرصاص فينتقض. قال أبو بكر: قول الشافعي حسن. 50 - باب مسائل قال أبو بكر: م 3475 - كان الشافعي لا يرى بأساً أن يباع الذهب بالفضة جزافاً،

لأن أكثر ما فيه أنه متفاضل، وقد أجازت السنة التفاضل بينهما يداً بيد. وكان مالك يجزئ ذلك كان تبراً، أو حلياً قد صيغ، فأما الدراهم المعدودة، والدنانير، فلا بأس لأحد أن يبيع ذلك، لأنه يراد به الغرر. قال أبو بكر: بقول الشافعي أقول. واختلفوا في المتصارفين يشترطان، أو أحدهما إن وجد المشتري في الدراهم [[رديئة]] ردها، فقالت طائفة: ذلك له شرط أو لم يشترط هذا قول الثوري، والشافعي. قال أبو بكر: وبه أقول. وكره النخعي، وأحمد، وإسحاق ذلك. واختلفوا في الرجل يصارفه الرجل دنانير بدراهم، ثم يبيع المشتري الدراهم من الصراف بعد ما يقبضها، فرخص فيه الشافعي إذا كان ذلك بعد افتراقهما. وقال مالك: لا أحب ذلك، وليصرفها من غيره، وبه قال أحمد. قال أبو بكر: لا بأس [2/ 120/ألف] به. واختلفوا في الخيار في الصرف فقال قوم: لا يجوز في الصرف خيار، هذا قول مالك، والأوزاعي، والشافعي، وأصحاب الرأي. وقال أبو ثور: ذلك جائز إذا كان إلى مدة. وقال مالك والازاعي، والشافعي: لا يجوز حوالة في صرف. وأجمع كل من احفظ عنه من أهل العلم على أن المتصارفين إذا افترقا قبل أن يتقابضا، أن الصرف فاسد.

م 3481 - وكان الأوزاعي، والشافعي يقولان: لا بأس إذا عجزت دراهم الصيرفي في أن يستقرض دراهم ويتم به الصرف قبل أن يتفرقا. وقال مالك: لا خير في أن يواجبه على دراهم معه، ثم يسير معه إلى الصيارفة لينقذه. وقال الشافعي: لا بأس أن يصطحبا من مجلسهما إلى غيره ليوفيه، لأنهما حينئذ لم يتفرقا. م 3482 - واختلفوا في الرجل يأتي الصراف ويعطيه الصراف دنانير ويزيد صاحب النقر على وزنها قدر ما يكون أجر الصراف. فكره الشافعي ذلك، وقال بمعنى قول الشافعي الأوزاعي. وحكى الشافعي عن مالك أنه قال: لا بأس به. قال أبو بكر: ويقول الشافعي أقول. م 3483 - واختلفوا في الربا بين العبد وسيده. فإن ابن عباس يقول: لا ربا بينهما. وبه قال الحسن البصري، وجابر بن زيد، والنخعي، والشعبي، وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي. ويشبه هذا مذهب الشافعي. قال أبو بكر: وبه نقول لان ابن عباس قاله، ولأنهم لما أجمعوا على أن للسيد أن ينزع ما بيد العبد، كان له أن يأخذ منه دينارين ويعطيه دينارا. وكان مالك يكره الربا بين العبد وسيده، ونهى عنه، وبه قال أبو ثور.

51 - جماع أبواب الطعام بعضه ببعض

51 - جماع أبواب الطعام بعضه ببعض قال أبو بكر: قد ذكرنا فيما مضى. (ح 1245) أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - عن بيع البر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح، إلا سواء بسواء، فمن زاد أو ازداد فقد أربا. م 3484 - وأجمع أهل العلم على القول به. م 3485 - وأجمع عوام أهل العلم من أهل الحجاز والعراق، والشام، ومصر والمغرب أن حكم ما يكال ويوزن مما يؤكل ويشرب، حكم ما نهى عنه رسول الله- صلى الله عليه وسلم - من البر والشعير [2/ 120/ب] والتمر والملح، وذلك مثل الزبيب والأرز، والحلمان، والحمص، والعدس، والباقلي، واللوبيا، والسلق، والذرة، والعسل، والسمن، والسكر، والفانيد، والقند، وما أشبه ذلك من المأكول، والمشروب المكيل، والموزون. وان كل ما بيع منه بصفة، لا يباع إلا مثلاً بمثل، يداً بيد، فمن زاد أو استزاد فقد أربى، والبيع غير جائز. وقد بلغني عن قتادة أن شذ عن جماعة الناس فقال: كلها خلا الستة الأشياء، مما يكال أو يوزن، فلا بأس به، اثنان بواحد من صنف واحد يداً بيد، وإذا كان النسيئة فمكروه.

52 - باب بيع ما لا يكال ولا يوزن من المأكول بعضه متفاضلا

قال أبو بكر: وبالقول الأول أقول؛ لأن عليه عوام علماء الأمصار في القديم والحديث. 52 - باب بيع ما لا يكال ولا يوزن من المأكول بعضه متفاضلاً م 3486 - اختلف أهل العلم في بيع ما يؤكل مما لا يكال ولا يوزن في عامة البلدان بعضه ببعض، وذلك التفاح، والرمان، والخوخ، والمشمش، والكمثرى، والاتريج، والسفرجل، والأجاص، والخيار، والتين، والجوز، واللوز، والبيض، وما أشبه ذلك. فقالت طائفة: لا يجوز بيع شيء منه بشيء من جنسه متفاضلاً يداً بيد، ولا نسيئة، هكذا قال الشافعي، ولا يجوز على قوله: بطيخة ببطيخة، ولا أترجه بأترجه. وفيه قول ثان: وهو أن لا ربا إلا في الذهب والفضة، أو شيء يكال أو يوزن مما يؤكل ويشرب، هذا قول ابن المسيب. وقال الحسن: لا بأس البيضة بالبيضتين، والجوزة بالجوزتين، وكذلك قال مجاهد في البيضة بالبضتين يداً بيد. وفيه قول ثالث: وهو إنما كان الفاكهة ييبس، فتسير يابسة تدخر وتؤكل، لا يباع بعضه ببعض إلا يداً بيد، مثلاً بمثل، إذا كان من صنف واحد، وإن كان من صنفين مختلفين، فلا بأس أن يباع اثنان بواحد يداً بيد، ولا يصلح نسيئة، وما كان يكون رطباً وإن يبس لم

53 - باب بيع ما يكال ويوزن مما لايؤكل ولا يشرب

يكن فاكهة مثل البطيخ والأترج، والقثاء، فلا بأس أن يؤخذ اثنان منه بواحدة من صنفه، هذا قول مالك [2/ 121/ألف]. وقال النعمان في البيضة بالبيضتين والجوزة بالجوزتين، والفلس بالفلسين جائز إذا كان بعينه، وهو قول يعقوب (¬1). وقال محمد: لا يجوز الفلس بالفلسين إذا كان بعينه. 53 - باب بيع ما يكال ويوزن مما لايؤكل ولا يشرب م 3487 - واختلفوا في بيع الشيء مما يكال ويوزن مما لا يؤكل ولا يشرب بالشيء من جنسه متفاضلاً يداً بيد، مثل القطن والصرف، والورس، والحنا والعصفر. ففي قول النعمان: لا يجوز ذلك إلا يداً بيد مثلاً بمثل، وإذا اختلف النوعان فلا بأس، اثنان بواحد، ولا يجوز رطل حديد برطلين حديد. وقال محمد بن الحسن: لا بأس أن يشتري الحديد بالنحاس متفاضلاً، ولا [[خير]] فيه نسيئة، وكذلك القطن، والصوف، ولا خير فيه نسيئة. وقال الزهري: كل شيء يوزن فهو يجري مجري الذهب والفضة، وكل شيء يكال فهو يجري مجرى البر والشعير. ¬

_ (¬1) في الأصل: "يعقوب ومحمد" وهو خطأ، وكذا في "العمانية".

وقال الثوري: ما كان يوزن فوزن بوزن، وما لا يوزن فلا بأس اثنان بواحد يداً بيد، ولا بأس سيف بسيفين، ولا إبرة بإبرتين. وكره الحكم وحماد غزل كتان بكتان. وقالت طائفة: بيع جميع ما خرج عن المأكول والمشروب جائز، واحد باثنين من جنسه يداً بيد ونسيئة، هذا قول الشافعي، مثل النحاس والحديد وكل عرض مثله، وبه قال أبو ثور. وقال مالك في النحاس والرصاص، والقضب والتين وما أشبه ذلك مما يوزن: لا بأس بأن يؤخذ من صنف واحد اثنان بواحد يداً بيد، ولا خير في ذلك اثنان بواحد من صنف واحد إلى أجل. إذا اختلف الصنفان من ذلك، فبان اختلافهما، فلا بأس بأن يؤخذ اثنان عنه بواحد إلى أجل، فإن كان الصنف منه يشبه الصنف الآخر وان اختلفا في الاسم، مثل الشبه، والصفر، والرصاص، والآنك، فإني أكره أن يؤخذ منه اثنان بواحد إلى أجل. وكل شيء ينتفع به الناس من الأصناف كلها، وإن كانت الحصباء، والقصة كل واحد منه بمثليه [2/ 121/ب] إلى أجل ربا. وقال أحمد في الثوب بالثوبين إلا أجل مكروه. وقال إسحاق: كلما كان مما يكال أو يوزن فلا خير فيه، ويجوز ما سوى ذلك. وقال الأوزاعي: والقطن ما لم ينسج فلا بيد له إلا وزناً بوزن يداً بيد، فإذا غزل ونسج وخرج من الوزن، فخذ ثوب قطن بعشرة أثواب يداً بيد.

54 - باب الثياب بعضها بعض

قال أبو بكر: كلما خرج عن المأكول والمشروب، والذهب والفضة، فلا بأس أن يباع اثنان بواحد، يداً بيد ونسيئة، ولما جازوا أن يسلم الرجل ديناراً في عشرين رطلاً من حديد إلى أجل، وحرموا بيع الذهب بالورق إلا يداً بيد، كان هذا فرقاً بين الذهب والحديد، والذهب بالذهب أو الفضة. 54 - باب الثياب بعضها بعض م 3488 - واختلفوا في بيع الثياب بعضها ببعض. فقال مالك: "لا بأس بأن يشتري من الكتان بالملاحف اليمانية اثنين بواحد، والثلاثة، ولا خير فيه نسيئة، ولا يصلح حتى يختلف فيتبين اختلافه، فإن أشبه بعض ذلك بعضاً، وان اختلفت أسماءه، فلا يأخذ منه اثنين بواحد إلى أجل". وقال أصحاب الرأي: لا بأس بفوهية بمروتين إلى أجل، وكذلك كرباستين بفوهية إلى أجل، ولا خير في يهودية بيهوديتين إذا كان نسيئة، هذا قول أصحاب الرأي، وكذلك قول الثوري. وأما الشافعي فليس يرى بأساً أن يبتاع جميع الثياب بعضها ببعض متفاضلاً نقداً ونسيئة، بعد أن يكون الأجل منها معلوماً. قال أبو بكر: بقول الشافعي أقول.

55 - باب الحنطة بالشعير

وقال إسحاق ولا بأس ببيع الثوب بالثوبين نسيئة. قال أحمد: نسيئة أتوقاه. 55 - باب الحنطة بالشعير م 3489 - قال مالك والليث بن سعد: لا يجوز بيع الحنطة بالشعير، إلا مثلاً بمثل، والحنطة، والشعير، والسلت، عند مالك صنف واحد. وكره البر بالشعير متفاضلاً، الحكم وحماد. وقالت طائفة: لا بأس بالتفاضل بينهما يداً بيد، هذا قول الشافعي، وسفيان الثوري، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور. قال أبو بكر: لا بأس بذلك متفاضلاً يدأ بيد. 56 - باب الحنطة بالدقيق م 3490 - واختلفوا في بيع الحنطة بالدقيق. فكان [2/ 122/ألف] الشافعي يقول: لا يجوز ذلك وزناً ولا كيلاً، وبه قال أصحاب الرأي. وروي عن الحسن ومكحول، وأبي هاشم، والحكم، وحماد، والثوري أنهم كرهوا ذلك. وفيه قول ثان: وهو أن لا بأس به مثلاً بمثل، هذا قول قتادة ومالك بن أنس، وابن شبرمة.

57 - باب الحنطة بالسويق، والسويق بالدقيق، والخبز بالخبز

وفيه قول ثالث: وهو أن لا بأس بالدقيق بالقمح وزناً بوزن، ويكره كيلاً بكيل، هذا قول أحمد، وإسحاق. وفيه قول رابع: وهو أن لا بأس به متفاضلاً، هذا قول أبي ثور. قال أبو بكر: بيع الحنطة بالدقيق متفاضلاً لا يجوز، وبيع مثلاً بمثل لا أفسخ البيع فيه، ولا أعلم حجة تمنع من بيعه مثلاً بمثل. 57 - باب الحنطة بالسويق، والسويق بالدقيق، والخبز بالخبز م 3491 - واختلفوا في بيع الحنطة بالسويق. فقال مالك: لا بأس بذلك متفاضلاً، وبه قال أبو ثور. وقال الشافعي: لا يجوز بيع ذلك مثلاً بمثل، ولا متفاضلاً يداً بيد، ولا نسيئة. م 3492 - وقال مالك، وأبو ثور، ويعقوب، ومحمد: لا بأس أن يبيع ذلك السويق بالدقيق متفاضلاً. وقال الشافعي والنعمان: لا يجوز ذلك مثلاً بمثل ولا متفاضلاً. م 3493 - واختلفوا في بيع الخبز بالدقيق. فقالت طائفة: لا بأس به متفاضلاً، هذا قول مالك، والليث بن سعد، وأبي ثور، وإسحاق، وسفيان الثوري. وقال الشافعي: لا يجوز ذلك. وقال أحمد: لا يعجبني. م 3494 - ولا يجوز [بيع الخبز بالخبز] (¬1) في قول الشافعي. ¬

_ (¬1) ما بين القوسين سقط من الأصل، والإثبات من الأوسط 3/ 339/ ألف.

58 - باب الأدهان

وقال عبيد الله بن الحسن: لا بأس ببيع الحبز مثلاً بمثل يداً بيد. وقال مالك: إذا تحرى أن يكون مثلاً بمثل فلا بأس به، وإن لم يوزن، وبه قال الأوزاعي، وأبو ثور. وحكى النعمان أنه قال: لا بأس به قرصاً بقرصين. 58 - باب الأدهان قال أبو بكر: قد ذكرنا فيما مضى أن كل مأكول ومشروب من المكيل، والموزون لا يجوز بيع شيء منه بشيء من جنسه إلا مثلاً بمثل يداً بيد، وإذا اختلفت الجنسان، بيع الشيء منه بغير جنسه اثنان بواحد يداً بيد، ولا يجوز فيه النسيئة. م 3495 - فمما لم نذكره فيما مضى الأدهان، والجواب في الأدهان، إن دهن اللوز يجوز أن يباع بدهن اللوز مثلاً بمثل، ويجوز أن [2/ 122/ب] يباع دهن الجوز بدهن اللوز اثنان بواحد، ولا يجوز النسيئة، هذا سبيل كل دهن اختلف. وما كان من الأدهان التي لا تصلح للأكل وللشرب، وإنما تصلح للعلاج، فهو خارج من أبواب الأطعمة، داخل في أبواب العروض الذي يجوز ببيع الشيء منه الشيء من جنسه متفاضلاً يداً بيد ونسيئة. م 3496 - واختلفوا في بيع الأدهان المطيبة بعضها ببعض متفاضلاً، وذلك مثل دهن الخيري، والبنفسج، والزئبق، والورد. فكان أبو ثور يجعل ذلك أصنافاً، ويجيز التفاضل في بيع بعضها ببعض، وبه قال مالك.

59 - باب اللحم باللحم

وقال مالك: لا يجوز بيع الزيتون بالزيت، ولا الجلجلان بدهن الجلجلان، ولا حب البان بالسلنجد. ثم مالك ترك ذلك وقال: لا بأس بحب البان بالبان المطيب. وقال أبو ثور: لا بأس بالزيتون بالزيت، والدهن بالسمسم، والعصير بالعنب، واللبن بالسمن، وذلك أن الاسم مختلف والمعنى مختلف. وقالت طائفة: ما كان اصله السمسم فلا يصلح أن يباع بعضه ببعض إلا مثلاً بمثل، والمنشوش، وغير المنشوش سواء، ولا يجوز مطبوخاً منه بنيء، هذا قول الشافعي. وفي قول النعمان: لا يجوز بيع الزيتون بالزيت، والجلجلان (¬1) بدهنه إلا أن يعلم يقيناً أن ما في الزيون من الزيت أقل مما أعطى من الزيت، فيكون زيتاً بزيت، والفضل بالنقل. قال أبو بكر: قول الشافعي أصح. 59 - باب اللحم باللحم قال أبو بكر: م 3497 - افترق أهل العلم في بيع اللحوم بعضها ببعض ثلاث فرق. ¬

_ (¬1) في الأصل: "الجلجان" والظاهر ما أثبته.

60 - باب اللحم بالشحم

فقالت فرقة (¬1): اللحمان ثلاثة أصناف، الإبل، والبر والغنم، والوحش كله صنف واحد، لا يجوز من لحومها واحد باثنين، والطير كل صنف واحد أنسيها ووحشيها لا يصلح من لحمها اثنان بواحد، والحيتان كل صنف واحد، هذا قول مالك، ولا بأس بلحم الحيتان بلحم البقر واحد باثنين. وقال فرقة ثانية: لحم الغنم صنف، ولحم البقر صنف، ولحم الإبل صنف، ولحم الظباء صنف، ولا يجوز الفصل في بعضها على البعض، يداً بيد، ولا يجوز نسيئة، هذا قول الشافعي. وقال فرقة ثالثة: اللحمان صنف واحد وحشية وإنسية [2/ 123/ألف] وطائرة، لا يجوز أن يباع منها شيء بشيء، إلا مثلاً بمثل يداً بيد، هذا قول أبي ثور، وحكي هذا القول عن الشافعي. وقال النعمان: لا بأس بلحم البقر اثنان بواحد يداً بيد، ولا يجوز النسيئة. 60 - باب اللحم بالشحم قال أبو بكر: م 3498 - كره مالك أن يباع اللحم بالشحم إلا مثلاً بمثل يداً بيد. وقال النعمان: لا بأس برطلين من شحم برطل من الإلية، وكذلك لو باع من لحم برطل من شحم البطن، لم يكن به بأس. ويشبه هذا قول الشافعي. قال أبو بكر: وبه أقول. ¬

_ (¬1) في الأصل: "طائفة فرقة" والتصحيح من الأوسط3/ 339/ب.

61 - باب الألبان، والزبد، والسمن، واللبن

61 - باب الألبان، والزبد، والسمن، واللبن قال أبو بكر: م 3499 - كان مالك يقول: اللبن كله الإبل، والبقر، لا يصلح فيه التفاضل، وألبان الأنعام عند الشافعي مختلفة يجوز بيع لبن الغنم بلبن البقر متفاضلاً وسواء يداً بيد. قال أبو بكر: وبه أقول. م 3500 - وكان الشافعي يقول: لا يجوز بيع الزبد باللبن، ولا بيع السمن بالزبد، ولا بيع الزبد بالسمن، ولا خير في سمن غنم بزبد غنم، ولا بأس بزبد غنم بسمن بقر، وزبد بقر لاختلافهما. وسئل مالك عن مد زبد ومد لبن بمد زبد، فقال: لا يصلح ذلك. وكان أحمد يقول: إذا كان اللبن حليباً يخرج منه مثل الزبد، فأنا أكره بيع الزبد به، وبه قال إسحاق. وقال الثوري كما قال في الزبد باللبن الحليب والرايبة. 62 - باب بيع التمر بالتمر جزافاً قال أبو بكر: (ح 1246) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الصبرة بالصبرة من الطعام

لا يدري كم كيل هذه، ولا كيل هذه. قال أبو بكر: م 3501 - وأجمع أهل العلم على أن ذلك غير جائز إذا كان من صنف واحد، ولا بأس بالصبرة من الزبيب لا يدري كم كيلها بالصبرة من التمر، لا يدري كم كيلها. (ح 1247) استدلالاً بقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: وبيعوا البر بالشعير كيف شئتم". قال أبو بكر: (ح 1248) ولا يجوز بيع الرطب بالتمر لنهي رسول الله- صلى الله عليه وسلم -[2/ 123/ب] عن ذلك. م 3502 - وقد اختلف أهل العلم فيه. فإن ابن المسيب، ومالك، والشافعي، وأحمد، ويعقوب، وابن الحسن يكرهون ذلك. ورخص فيه النعمان، وهو خلاف ما سنه الرسول صلوات الله عليه ورحمته وبركاته.

63 - باب التمرة بالتمرتين

63 - باب التمرة بالتمرتين م 3503 - واختلفوا في بيع التمرة بالتمرتين، والحبة من الحنطة بالحبتين من الحنطة، فكره ذلك سفيان الثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق. ورخص النعمان، ويعقوب في بيع التمرة بالتمرتين، والبيضة بالبيضتين، والجوزة بالجوزتين. قال أبو بكر: وبقول الشافعي أقول. 64 - باب الصبرة قد علم البائع كيلها دون المبتاع م 3504 - واختلفوا في بيع الصبرة من الطعام قد علم البائع كيلها دون المبتاع، فكره ذلك عطاء، وابن سيرين، وعكرمة، ومجاهد، وأحمد، وإسحاق. وقال الشافعي: إن باعه جزافا فهو جائز، ويبين إذا عرف كيله أحب إلى. قال أبو بكر: البيع جائز، ولو أعلمه كان أحب إلى. 65 - باب خل العنب بخل التمر م 3505 - واختلفوا في بيع خل العنب بخل التمر، فكان مالك يقول: لا يجوز إلا واحداً بواحد. وفي قول الشافعي: لا بأس به، لأن أصلهما مختلف.

66 - باب الخيار الذي جعله النبي - صلى الله عليه وسلم - للمتبايعين بعد عقد البيع قبل الافتراق

م 3506 - واختلفوا في بيع خل التمر بالتمر، فقال مالك: لا بأس به. وقال الشافعي: لا يجوز ذلك. م 3507 - وكان الثوري، والشافعي، وأحمد يكرهون التمر بالتمر وزناً بوزن، لأن بعضه أثقل من بعض، فإذا رددته إلى أصله وهو الكيل اختلف. 66 - باب الخيار الذي جعله النبي - صلى الله عليه وسلم - للمتبايعين بعد عقد البيع قبل الافتراق قال أبو بكر: (ح 1249) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: البيعان بالخيار ما لم يفترقا، إلا بيع الخيار. (ح 1250) وفي حديث ابن عمر أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: البيعان بالخيار ما لم يفترقا ويقول لصاحبه: اختر. قال أبو بكر: فكان تفسير قوله: إلا بيع الخيار أن يقول أحدهما لصاحبه: اختر. (ح 1251) وقد روينا عن النبي [2/ 124/ألف]- صلى الله عليه وسلم - أنه قال لرجل اشترى منه حمل خيط: اختر، فقال له الأعرابي: عزك الله بيعاً.

67 - باب المتبايعين يشترطان أو أحدهما بالخيار وقتا معلوما أو مجهولا

م 3508 - وقد اختلف أهل العلم في حد الافتراق، فقال كثير منهم: الافتراق افتراق الأبدان، هذا قول ابن عمر، وبه قال أبو برزة الأسلمى، وابن المسيب، وشريح، والشعبى، والحسن البصري، وعطاء، وطاؤوس، والزهري، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو عبيد، وأبو ثور. وقالت طائفة: إذا عقد البيع فقد تم ملك كل واحد منهما على ما ابتاعه من صاحبه، هذا قول مالك، وأصحاب الرأي. وكان النخعي يرى البيع جائزاً وإن لم يفترقا. م 3509 - واختلفوا في معنى قوله: "إلا بيع الخيار"، فإن الثوري، والأوزاعي، وابن عيينة، وعبيد الله بن الحسن (¬1)، والشافعي، وإسحاق يقولون: هو أن يقول أحدهما لصاحبه بعد البيع: اختر انفاذ البيع أو فسخه، فإن اختار إمضاء البيع، تم البيع بينهما، وإن لم يفترقا. وقال أحمد: هما بالخيار حتى يفترقا، قالا هذا القول أو لم يقولا. وقال مالك، وأصحاب الرأي: البيع يتم بالعقد، وليس لافترقهما بأبدانهما معنى يقبل به. 67 - باب المتبايعين يشترطان أو أحدهما بالخيار وقتاً معلوماً أو مجهولاً م 3510 - واختلفوا في المتبايعين يشترطان أو أحدهما الخيار وقتاً معلوماً في عقد البيع، فقالت طائفة: البيع جائز والشرط لازم إلى الوقت الذي ¬

_ (¬1) في الأصل عبد الله بن الحسن، وهو خطأ، وكذا في "العمانية".

اشترطا إليه الخيار، هكذا قال ابن أبي ليلى، والحسن بن صالح، وعبيد الله بن الحسن، وأحمد بن حنبل، وإسحاق، وأبو ثور، ويعقوب، ومحمد. وقالت طائفة: اشترط الخيار ثلاثة أيام جائز، والبيع فاسد إذا اشترط خياراً أكثر من ثلاث، هذا قول الشافعي، والنعمان، وابن شبرمة. واحتج الشافعي بخبر المصراة، وبه احتج النعمان، وهو يعدل عن القول به في نفس ما جاء في الحديث. وفيه قول ثالث: وهو أن الخيار في الثوب يكون اليوم واليومين، وفي الجارية أكثر من ذلك الجمعة والخمسة أيام، والدار أكثر من ذلك الشهر وما أشبهه، وما [2/ 124/ب] بعد من الخيار لا خير فيه، لأنه غرر. قال أبو بكر: احتج بعض من أجاز البيع إذا اشترط فيه الخيار مدة معلومة، وإن كان أكثر من ثلاث. (ح 1252) بقول رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: المسلمون على شروطهم. قال أبو بكر: وهذا أقول. م 3511 - واختلفوا في الرجلين يتبايعان ويشترطان في عقد البيع خياراً غير معلوم مدته، فكان ابن أبي ليلى، والأوزاعي يقولان: البيع جائز والشرط باطل. (ح 1253) وحجتهما: خبر بريرة أن النبي- صلى الله عليه وسلم - وقال: كل شرط ليس في كتاب

68 - باب السلعة تتلف في يدي المشتري قبل مضي وقت الخيار

الله فهو باطل فأثبت النبي - صلى الله عليه وسلم - البيع وأبطل الشرط. وقال أحمد، وإسحاق: البيع جائز والشرط لازم، والذي شرط له الخيار، الخيار أبداً أو يأخذه، ولعلهما يحتجان بقوله: المسلمون على شروطهم. وفيه قول ثالث: وهو أن البيع فاسد، هذا قول الثوري، والشافعي، وأصحاب الرأي. 68 - باب السلعة تتلف في يدي المشتري قبل مضي وقت الخيار م 3512 - واختلفوا في السلعة تتلف في يدي المشتري قبل مضي وقت الخيار، فقال أصحاب الرأي: إذا كان الخيار للبائع أولهما، فهلكت السلعة عند البائع، فإنها تتلف من حال البائع وينتقض البيع، فإن قبضها المشتري، وتلفت عنده، فعليه القيمة، للثمن، وإن كان الخيار للمشتري فتلفت في يديه، فعليه الثمن وتتلف من ماله، وإن أعتق المشتري عتق، وإن أعتق البائع لم يعتق، وبه قال الثوري. وقالت طائفة: إن تلفت عند البائع انتقض البيع لأيهما كان الخيار، وإن تلفت عند المشتري فعليه القيمة لأيهما كان الخيار، هذا قول الشافعي. قال أبو بكر: أصح من ذلك على أصل الشافعي إذا كان الخيار للمشتري وحده وتلفت عنده أن عليه الثمن؛ لأنه يزعم أن الزكاة

69 - باب السلعة تتلف عند البائع قبل أن يقبضها المشتري بعد تمام البيع

الفطر على المشتري إذا كان له الخيار، ويزعم أنها لو كانت جارية فحاضت في أيام الخيار، أن المشتري يجزي بتلك الحيضة من الاستبراء [2/ 125/ألف]، هذا يدل على تمام الملك، وإذا تم الملك فعليه الثمن لا القيمة. وفيه قول ثالث: وهو أن الخيار إذا كان للبائع وتلفت عند المشتري، أنه أمين في ذلك، ولا شيء عليه، وإن كان الخيار للمشتري فهلكت عنده، فهو عليه بثمنه الذي اشتراه به، هذا قول ابن أبي ليلى. 69 - باب السلعة تتلف عند البائع قبل أن يقبضها المشتري بعد تمام البيع م 3513 - واختلفوا في السلعة تتلف عند البائع قبل أن يقبضها المشتري، فقالت طائفة، تتلف من مال البائع، هذا قول الشعبي، وربيعة، والشافعي. وقالت طائفة: هي من مال المشتري، والثمن للبائع، هذا قول أحمد، وإسحاق، وأبي ثور، فإن حبسها البائع عن المشتري، فهي من مال البائع، وقد ثبت أن ابن عمر قال: ما أدركت الصفقة حيا مجموعا، فمن المشتري. قال أبو بكر: وهذا يلزم من يوجب تقليد الواحد من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولا نعلم لا بن عمر مخالفاً.

70 - باب الاختلاف في الخيار، وثبوت من له الخيار

م 3514 - وقد أجمعوا على أن المشتري لو أعتق العبد المشترى قبل القبض، أن العتق يقع به لتمام ملكه عليه، وكذلك إذا تلفت السلعة، فمن ماله لتمام ملكه عليه. 70 - باب الاختلاف في الخيار، وثبوت من له الخيار م 3515 - واختلفوا في المتبايعين يختلفان في الخيار، فقال أحدهما: بعتك وأنا بالخيار، وقال المشتري: بل بعتنيه بغير خيار، فكان النعمان يقول: القول قول البائع مع يمينه. وقال ابن الحسن: القول قول المشتري مع يمينه إذا لم تكن بينة، وبه قال الثوري، وأحمد، وإسحاق، وكذلك قال ابن أبي ليلى. وقال الشافعي: يتحالفان ويتفاسخان. م 3516 - واختلفوا في موت الذي له الخيار في البيع قبل وقت الخيار، فقال الثوري، وأحمد بن حنبل، وأصحاب الرأي: بطل خياره وليس لورثته خيار. وقال مالك، والشافعي، وأبو ثور: لورثته من الخيار ما كان له، يقومون مقامه. م 3517 - وقال أصحاب الرأي: إذا ذهب عقله، أو جن حتى مضى وقت الخيار، بطل خياره. وقال أبو [2/ 125/ب] [ثور] (¬1) ولوليه أن يعمل في ذلك في وقت الخيار ما هو أصلح، فإن لم يفعل حتى إنقضت المدة بطل الخيار. ¬

_ (¬1) ما بين القوسين سقط من الأصل، والتصحيح من الأوسط 3/ 343/ألف.

جماع أبواب العيوب التي تكون في السلع المشتراة وتحريم ذلك

م 3518 - وقال الشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي: إذا باعه سلعة عن رضا غيره، كان الذي شرط له الخيار الرد ولم يكن للبائع. جماع أبواب العيوب التي تكون في السلع المشتراة وتحريم ذلك 71 - باب النهي عن كتمان المعيوب التي تكون في السلع وتحريم ذلك قال أبو بكر: (ح 1254) ثبت أن النبي- صلى الله عليه وسلم - قال: الدين النصيحة. (ح 1255) وثبت أنه قال: "من غشنا فليس منا". (ح 1256) وثبت عنه أنه قال: البيعان بالخيار ما لم يتفرقا، فإن صدقا وبينا، بورك لهما في بيعهما، وإن كذبا وكتما محقت بركة بيعهما. (ح 1257) وروينا عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: المسلم أخو المسلم، لا يحل لمسلم باع من أخيه بيعا يعلم فيه عيبا إلا بينه له.

72 - باب اختلاف أهل العلم في عهدة الرقيق

قال أبو بكر: وفي الأخبار التي ذكرناها في أبواب المصراة، دليل على أن البيع الذي دلس فيه البائع بعيب يعقد، إذ لو لم ينعقد لم يجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - وفيه لمشتري المصراة الخيار. (ح 1258) وقد روينا عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه قال: الخراج بالضمان. م 3519 - وقال بظاهر قوله: "الخراج بالضمان" شريح، والحسن، والنخغي، وابن سيرين، وسعيد بن جبير. وبه قال مالك، والثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو عبيد، وأبو ثور. وقال مالك في أصواب الماشية، والشعور كذلك، وقال في أولاد الماشية يردها مع أمهاتهم. وذكر أبو ثور (¬1) عن أصحاب الرأي أنهم ناقضوا، فقالوا في المشترى إذا كانت ماشية فحلبها، أو نخلاً، أو شجراً، فأكل ثمرها، لم يكن له أن يرد بالعيب ويرجع بالأرش، قالوا في الدار، والدابة، والغلام: الغلة له ويرد بالعيب. 72 - باب اختلاف أهل العلم في عهدة الرقيق م 3520 - اختلف أهل العلم في عهدة الرقيق، فقالت طائفة: "من باع عبدا بغير [2/ 126/ألف] البرأة، فما أصاب العبد أو الوليدة في الأيام ¬

_ (¬1) في الأصل "وعن أصحاب الرأى" والصحيح ما أثبته.

73 - باب البيع بالبرأة

الثلاثة من حيث يشتريان حتى تنقضي الأيام الثلاثة، فهو من مال البائع، ثم عهده السنة من الجنون، والجذام، والبرص، فإذا مضت السنة فقد برئ البائع من العهدة كلها، هذا قول مالك. وقال مالك: "إذا باع عبداً أو وليدة من أهل الميراث أو من غيرهم بالبرأة، فقد برئ من كل عيب ولا عهدة، إلا أن يكون علم عيبا فكتمه، فإن كان علم عيبا فكتمه لم تنفعه البراة، وكان ذلك مردوداً عليه، ولا عهدة عندنا إلا في الرقيق". وقال قتادة: وإن رأى عيبا في ثلاث ليال، رده بغير بينة، وإن رأى عيباً بعد ثلاث ليال لم يستطع أن يرده إلا ببينة. وقالت طائفة: من اشترى عبداً، أو وليدة فوجد عيباً، نظر فإن كان ذلك عيباً يحدث مثله عند المشتري، فالقول قول البائع مع يمينه، وإن لم يكن حدوث مثله عند المشتري رد على البائع، هذا قول الشافعي. وقال الثوري: فيما لا يحدث مثله، يرده بغير بينة ويحلف المشتري أنه لم يره، ولم يرض به بعد أن رآه، ولم يعرضه على البيع بعد أن رأى الدار. قال أبو بكر: وبقول الشافعي أقول، ولا يثبت في العهدة حديث. 73 - باب البيع بالبرأة م 3521 - واختلفوا في الرجل يبيع السلعة بالبرأة من العيوب.

74 - باب [2/ 126/ب] العيب يحث عند المشترى بالسلعة ويجد عيبا قديما

فقالت طائفة: البرأة من كل عيب جائز، روينا هذا القول عن زيد بن ثابت، وابن عمر. وبه قال أصحاب الرأي، وأبو ثور. وفيه قول ثان: وهو أن لا يبرأ من شيء من العيوب حتى يضع يده عليه، هذا قول شريح، وعطاء والحسن، وطاؤوس، (وبه) (¬1) قال أحمد، وإسحاق. وفيه قول ثالث: وهو أن يجزيه إذا سمى ويبرأ، وإن لم يضع يده عليه، هذا قول ابن أبي ليلى، والثوري. وفيه قول رابع: وهو أن يبرأ من كل عيب لم يعلمه، ولا يبرأ من عيب علمه في الحيوان، يروى هذا القول عن عثمان بن عفان، وبه قال مالك، والشافعي. 74 - باب [2/ 126/ب] العيب يحث عند المشترى بالسلعة ويجد عيباً قديماً م 3522 - واختلفوا في السلعة يحدث بها عند المشتري، ويجد بها عيبا قديماً، فكان الثوري، وابن شبرمة، والشافعي، وأصحاب الرأي يقولون: يرد عليه البائع أرش العيب الأول، ولا سبيل له إلى الرد. وقد روينا ذلك عن ابن سيرين، والزهري، والنخعي. وفيه قول ثان: وهو أن يردها، ويرد معها نقصان العيب الذي حدث عند المشتري، هذا قول حماد بن أبي سليمان، وأبي ثور. ¬

_ (¬1) ما بين القوسين سقط من الأصل.

75 - باب الجارية المشتراة توطى ثم يوجد بها عيب

وكان عثمان البتي يقول: يرده ولا شيء عليه في قطعه إن كان ثوباً قطعه. وقال الحكم: يرده ولم يذكر: يرد معه شيء (¬1). وفيه قول رابع: وهو أنه إن كان ثوباً فقطعه، ثم رأى عيباً، إن المشتري بالخيار، إن شاء رد القميص ورجع عليه البائع بنقصان القطع، وإن شاء حبسه المشترى ورجع على البائع بقدر الذي نقص من القيمة، هذا قول أحمد، وإسحاق. وفيه قول خامس: "وهو إن كان العيب الذي حدث عند المشترى مثل القطع، والعور، وما أشبه ذلك، فإن الذي اشترى العبد بخير النظرين، إن أحب أن يوضع عنه من ثمن العبد بقدر العيب الذي كان بالعبد يوم اشتراه، وضع عنه، وإن أحب أن يغرم قدر ما أصاب العبد عنده ويرد العبد فذلك له". هذا قول مالك. 75 - باب الجارية المشتراة توطى ثم يوجد بها عيب (¬2) م 3523 - واختلفوا في الجارية المشتراة توطى ويوجد بها عيب، فكان شريح، والنخعي يقولان: إن كانت بكرا ردها ورد معها عشر ثمنها، وإن كانت ثيبا ردها ورد معها نصف عشر ثمنها. وقال الشعبي: يردها ويرد معها حكومة. ¬

_ (¬1) في الحاشية: "رد شيء معه". (¬2) في الأصل "بها عيباً".

76 - باب السلع تشترى فيوجد ببعضها عيب

وقد روينا عن علي أنه قال يوضع عن المشتري قدر ما يضع ذلك العيب أو الداء من ثمنها، وبه قال ابن سيرين، والزهري، والثوري، وإسحاق، والنعمان، ويعقوب. وفيه قول رابع: وهو أن الجارية لا زمة له، يروى هذا القول عن الحسن [2/ 127/ألف]. وفيه قول خامس: وهو أن يردها ويرد معها عشرة دنانير، هذا قول ابن المسيب. وفيه قول سادس: وهو أن يردها ويرد معها مهر مثلها، هذا قول ابن أبي ليلى، والمهر في قوله: يأخذ العشر من قيمتها ونصف، فيجعل المهر نصف ذلك. وفيه قول سابع: وهو إن كانت ثيبا ردها ولا يرد معها شيئاً، وإن كانت بكرا فعليه ما نقص من ثمنها، هذا قول مالك، وأبي ثور. وفيه قول ثامن: وهو إن كانت ثيبا ردها ولا شيء عليه، وإن كانت بكرا لم يكن له ردها ورجع بما نقصها من أصل الثمن، هذا قول الشافعي. 76 - باب السلع تشترى فيوجد ببعضها عيب م 3524 - واختلفوا في السلعة تشتري فيوجد ببعضها عيب، فقالت طائفة: يأخذها كلها أو يردها كلها، هذا قول شريح، والشعبي. وبه قال الشافعي، وأبو ثور.

77 - باب ما يحدثه المشتري في السلعة التي وجد بها العيب مما يكون رضى منه بالعيب

وفرق أصحاب الرأي بين من يشتري خفين أو مصراعين (¬1)، وبين من يشتري عبدين أو ثوبين، فقالوا: إن وجد بأحد الخفين أو المصراعين (¬2) عيبا فله أن يردها، فإن باع أحدهما لم يرد الآخر، وقالوا في العبدين أو الثوبين: يجد بأحدهما عيبا يرده بحصته من الثمن. قال أبو بكر: وليس بين شيء من ذلك فرق. وقال آخرون: يرد الذي وجد به العيب بقيمته، يروى هذا القول عن الحارث العكلي، وبه قال الأوزاعي، وأحمد، وإسحاق. وقال مالك: فيمن اشترى رقيقاً صفقة واحدة فوجد بعبد منهم عيباً، إن كان وجه ذلك الرقيق لم يردهم إلا جميعاً، وإن لم يكن كذلك، رد الذي وجد به العيب بعينه بقدر قيمته. 77 - باب ما يحدثه المشتري في السلعة التي وجد بها العيب مما يكون رضى منه بالعيب قال أبو بكر: م 3525 - كان شريح، والحسن يقولان: إذا اشترى سلعة فعرضها [2/ 127/ب] على البيع لزمه، وبه قال ابن شبرمة، وعبيد الله بن الحسن، وابن أبي ليلى، والثوري، وإسحاق، وأصحاب الرأي. وقال شريح، وأصحاب الرأي: إذا وطيها لزمه. ¬

_ (¬1) في الأصل "مصارعين" والتصحيح من الأوسط 3/ 345/ألف، وكذا في "العمانية". (¬2) في الأصل "مصارعين"، والتصحيح من الأوسط 3/ 345/ألف، وكذا في "العمانية".

78 - باب مسائل من هذا الباب

وقال عبيد الله بن الحسن: إذا استخدمها فليس برضا. وقال أصحاب الرأي: إذا كانت داراً فسكنها، أو أمة فغشيها، أو قبلها الشهوة، فقد بطل خياره، وإذا كانت دابة فسافر عليها فقد رضيها، وإن كانت أمة فاستخدمها، أو دابة فركبها لينظر إليها، أو كان قميصاً فلبسه ينظر إلى قدره، فهذا كله ليس برضا وهو على خياره. وكان أبو ثور يقول: لا يكون الرضا إلا بالكلام، أو يأتي من الفعل ما يكون في المعقول، وفي اللغة أنه رضا، وإلا فله أن يرد حتى تنقضى أيامه، ويستمتع لأنه ملكه. 78 - باب مسائل من هذا الباب م 3526 - واختلفوا في الرجل يشتري العبد، ثم يعتق أو يموت، ثم يجد عيباً قديماً كان عند البائع فقال مالك، والشافعي، وأحمد، وأبو ثور: يرجع بنقصان العيب. وروي ذلك عن الزهري، والشعبي. وقد روينا عن شريح، والحسن أنهما قالا: إذا أعتقه فقد وجب عليه. وقال أصحاب الرأي: في العتق والتدبير كما قال مالك، وكذلك لو كانت جارية فولدت منه، وإن باعها أو وهبها، ثم وجد عيبا لم يكن له أن يرجع به. قال أبو بكر: كقول مالك أقول.

م 3527 - واختلفوا في الرجل يشتري العبد فيأبق عنده، ثم يعلم أنه كان آبقاً عند البائع، فقال مالك: يأخذ المشتري الثمن ولا يضره أن لا يجده. وقال الثوري: لا يقضي على البائع ما دام آبقاً حتى يرده أو يموت. وقال أصحاب الرأي: إن ادعى المشتري أنه أبق عند البائع، لم يستحلف البائع حتى يعلم أنه أبق عند المشتري، ثم يستحلف البائع. وأنكر إسحاق هذا القول وقال: يحلف البائع، وإن لم تكن بينة على أن ذلك العيب به، وبه قال أبو ثور، وكذلك قال أحد. قال [2/ 128/ألف] أبو بكر: قول أبي ثور، وإسحاق صحيح. م 3528 - وكان أبو ثور، وأحمد، وإسحاق يقولون: الزنا في الأمة والعبد عيب يرد به، هذا قول مالك. وقال أصحاب الرأي: الأمة ترد إلى كانت زانية، ولا يرد العبد إذا كان زانياً. قال أبو بكر: يردان جميعاً. م 3529 - وكان أحمد، وأبو ثور، وإسحاق، وأصحاب الرأي يقولون: إذا اشترى عبداً على أنه مسلم فوجد نصرانياً، فهو عيب يرد به. وهو يشبه مذهب الشافعي. م 3530 - وقال أبو ثور: إذا كان العبد مخنثاً، أو سارقاً، فله أن يرده، وبه قال أصحاب الرأي في السارق، والمخنث. م 3531 - وقال أبو ثور، وأصحاب الرأي: إذا كان ولد زنا فله أن يرده. م 3532 - وإذا اشترى عبداً وعليه دين، فليس له أن يرده في قول الشافعي، وأبي ثور.

وله أن يرده في قول أصحاب الرأي، إلا أن يقضي البائع، أو يبرئه عن الغرماء، وقال ربيعة، ومالك: يخير المشترى إذا علم بالدين. قال أبو بكر: لا خيار له. م 3533 - وإذا اشترى جارية وهي في عدة من الطلاق أو موت، فهو عيب ترد به في قول أبي ثور. قال أبو بكر: وبه نقول. وفي قول أصحاب الرأي: ليس بعيب ترد منه، وإن كان طلاقاً يملك الرجعة كان عيباً. م 3534 - وإذا اشترى جارية على أنها بكر، فقال المشتري: لم أجدها بكراً، فالقول قول المشتري مع يمينه في قول أبي ثور، وفي قول أصحاب الرأي: القول قول البائع مع يمينه إلا أن يقيم المشتري البينة أنها ليست ببكر. م 3535 - وقال أبو ثور: إذا اشترى عبداً أو أمة فتزوجها، فليس له أن يرده، وبه قال أصحاب الرأي. م 3536 - وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم في الجارية تشتري ولها الزوج، ولا يعلم به المشتري، أن ذلك عيب ترد به، هذا قول مالك، والشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي. م 3537 - وقال مالك: الشيب في رأس الجارية عيب، وكذلك البخر في الفم، وبه قال أصحاب الرأي. قال أبو بكر: وبه نقول، وكل شيء ينقص من الثمن فهو عيب عند أهل العلم.

قال أبو بكر: م 3538 - وإذا وهب الرجل للرجل جارية على عوض معلوم فتقابضا، ثم وجد الموهوب له الجارية بها عيبا، ردها وقبض القوض في قول الشافعي، وأصحاب [2/ 128/ب] الرأي. وقال أبو ثور: ليس له أن يرجع بشيء، ولا يردها إن وجد عيباً. قال أبو بكر: الأول أولى، لأنه كالبيع. م 3539 - وقال الثوري، وإسحاق: في الصبي يسرق، ويشرب الخمر، ويأبق، لا يرد بعيب حتى يحتلم. وقال أحمد: إذا جاوز (¬2) عشر سنين فهو عيب. م 3540 - وإذا اشترى جارية بجارية، وتقابضا، ثم وجد أحدا بما قبض عيبا، فإنه يرده ويأخذ الجارية التي [[باع]]، وينتقض البع، هذا قول الثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبي ثور، والنعمان، ويعقوب. وقال ابن أبي ليلى: يردها ويأخذ قيمتها، قيمة التي ترد عليه. م 3541 - فإن ماتت إحدى الجاريتين، ووجد بالأخرى عيبا ففي قول الثوري، والشافعي: يردها ويأخذ قيمة جاريته. م 3542 - وإذا اشترى جارية، وتبرأ البائع من الحمل، فقال أبو ثور: هو برأة، وحكاه عن الكوفي. وقال أحمد، وإسحاق: الحبل في الحيوان زيادة، وقال إسحاق: هو عيب في الآدميين. ¬

_ (¬2) في الأصل "إذا جاز"، والتصحيح من العمانية.

وقال مالك: إن كنت الجارية من جوار الوطي المرتفعات، فليس ذلك ببرأة، وله أن يرد، وإن كانت من وحش الرقيق فهي برأة. قال أبو بكر: البرأة من الحمل برأة، وليس بين الرقيق في ذلك فرق. م 3543 - وكان الشافعي، والنعمان، ويعقوب يقولون: إذا اشترى جارية ووجدا عيباً، فله ردها وإن لم ينقد الثمن. وقال ابن أبي ليلى: لا أقبل شهوداً على العيب حتى ينقد الثمن. قال أبو بكر: قول الشافعي صحيح. وقال عبيد الله بن الحسن: إذا كان يقدر على النظر في العيب في تلك الحال، بوئ بالنظر، وإن كان شيئاً يتأخر، أعطى، ثم نظر فيه. م 3544 - واختلفوا في الرجل يشتري السلعة على أنه بالخيار ثلاثاً، فجاء ليردها، فقال البائع: ليس هي هذه، وقال المشتري: هي هذه، فإن الثوري، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي يقولون: القول قول المشتري مع يمينه. م 3545 - وإن كان البيع لم يقبض وأراد البائع أن يلزمه إياه، فقال المشتري: ليس هو هذا، فالقول قول المشتري مع يمينه في قول أبي ثور، وأصحاب الرأي. م 3546 - وقال أبو ثور، وأصحاب الرأي: إذا اشترى عبداً فطعن بعيب، فقال البائع: ليس هذا العبد الذي بعتك، فالقول قوله مع يمينه [2/ 129/ألف] إلا أن يقيم المشتري البينة.

79 - باب البيوع على المرابحة

وقال الأوزاعي: إذا صرف دراهم بدنانير، ثم رجع بدرهم، فقال: ليس هذا من دراهمي، قال: يحلف الصرفي بالله لقد وفيتك هذا ويبرأ. م 3547 - وكان الشافعي يقول: إذا اشترى الرجلان سلعة صفقة واحدة، ووجدا بها عيبا فرد أحدهما، وقال الآخر: أنا أمسك، رد الذي أراد الرد حصته، وبه قال بن أبي ليلى، وأبو يوسف، ومحمد، وعثمان البتي، وعبيد الله بن الحسن. وقال النعمان، وأبو ثور: ليس لأحدهما أن يرد حصته. قال أبو بكر: قول الشافعي صحح. م 3548 - وإذا اشترى الجوز، أو الراتج، أو البطيخ، أو ما أشبه ذلك، فوجده فاسداً، فقال النعمان: إذا لم يكن لها مكسورة قيمة، رجع بالثمن كله، وإن كان لها قيمة وهي مكسورة، رجع بنقصان العيب. وقال الشافعي: فيها قولان: أحدهما: أن له أن يرده ويرجع بثمنه. والآخر: إذا كسره لم يكن رده، ويرجع بما يبين قيمته صحيحا وفاسداً. وقال في البيض: يرجع بالثمن. وقال أبو ثور: يرده ويرد نقصه الكسر، ويرجع بالثمن. 79 - باب البيوع على المرابحة م 3549 - واختلفوا في بيع ده يازده، وده دوازده، فكره ذلك ابن

80 - باب بيع المتاع بالرقم

عباس، وابن عمر، ومسروق، وعكرمة، والحسن، وسعيد بن جبير، وعطاء بن يسار، وأحمد، وإسحاق. وقال إسحاق: البيع مردود. ورخص فيه شريح، وابن المسيب، وابن سيرين، والنخعى، والثوري، والأوزاعي، وأصحاب الرأي. قال أبو بكر: البيع جائز، وهو معروف من بيع المرابحة. 80 - باب بيع المتاع بالرقم م 3555 - قال ابن سيرين، والنخعي، والحكم: لا بأس بأن يباع المتاع برقمه. ورخص فيه أحمد، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. ويروى عن طاؤوس أنه كره ذلك. قال أبو بكر: البيع على الرقم جائز. 81 - باب السلع ينفق عليها ثم تباع مرابحة م 3551 - كان الحسن البصري يقول: إذا أنفق على المال نفقة [2/ 129/ب] فباعه مرابحة، فلا يأخذن للنفقة ربحاً، وبه قال ابن المسيب، وابن سيرين، وطاووس، والنخعي، والأوزاعي، وأحمد، وأبو ثور، وأصحاب الرأي.

82 - باب الدار يستغل، والثوب يلبس، والجارية توطأ ثم يريد بيع ذلك مرابحة

وقد روينا عن الشعبى، والحكم أنهما كانا لا يريان بأساً أن يحمل على المتاع النفقة والكرى، وأجر القصار، وأشباه ذلك، ثم يبيعه مرابحة. قال أبو بكر: أسلم للبائع وأحوط له أن يقول: اشتريت هذا المتاع بكذا ولزمه كذا، وأبيعك بكذا، ليسلم إن شاء الله. 82 - باب الدار يستغل، والثوب يلبس، والجارية توطأ ثم يريد بيع ذلك مرابحة م 3552 - واختلف أهل العلم في الدار تشترى فيستغلها، والثوب كذلك يلبس، والجارية توطأ، ثم يبيعها مرابحة، فكان أحمد، وإسحاق يقولان: يبين ذلك كله. وقال الثوري في اللبن، والصوف، والجارية: أحسن أن يبين، وقال في الغلة: لا بأس أن يبيعه مرابحة. وقال أبو ثور في الغلة، واللبن: يبيعها مرابحة إذا لم يكن العمل نقصها، وقال في الصوف لا يبيع مرابحة. وقال أصحاب الرأي في غلة الدار، والخادم، والدابة: يبيعها مرابحة، وقالوا في الجارية تلد، أو الغنم، أو ثمر الشجرة: لا بأس أن يبيعه مرابحة، وذلك معه، فإن استهلك منه شيئاً، لم يكن له أن يبيعه مرابحة، حتى يبين ما أصاب من ذلك. وقالوا في ألبان الغنم، وأصواها، وسمونها: لا يبيعن شيئاً من ذلك مرابحة حتى يبين ما أصاب منها.

83 - باب مسائل من هذا الباب

قل أبو بكر: أما غلة الدار، والعبد وإصابة الجارية، الثيب، فليبع ذلك مرابحة ما لم يدخله نقص من هذه الأفعال، وكذلك الألبان التي تحدث في الضروع بعد صفقة البيع، فأما الأصواف التى كانت عليها، والألبان التي كانت في الضروع وقت الشرى، فليس له أن يبيع ذلك حتى يبين. 83 - باب مسائل من هذا الباب قال أبو بكر: م 3553 - إذا أخبر هذا البائع أنه شرى هذه السلعة مائة دينار وباعها مرابحة، ثم أطلع على الخيانة. فقال الثوري، وابن أبي ليلى، ويعقوب، وأحمد، [2/ 130/ألف] وإسحاق، وأبو ثور: يحط عند الخيانة وحصتها من الربح. وقال النعمان، ومحمد: المشتري بالخيار، إن شاء رد المبتاع، وإن شاء أخذه بالثمن الذي اشتراه به، فإن كان المبتاع مستهلكاً فالثمن له لازم. م 3554 - واختلفوا في الرجل يشتري السلعة نسيئة، ثم يبيعها مرابحة ولا يبين. فقال الثوري، وأصحاب الرأي: إن كان المبيع قائماً بعينه، فإن شاء أخذ، وإن شاء ترك، وإن كان فائتاً فقد وجب الثمن. وقد روينا عن شريح، وابن سيرين: أنهما قالا: له مثل نقده، وإلى مثل أجله ونحوه قال الأوزاعي. وقال أحمد: إن كان البيع قائماً، فإن شاء كان له إلى ذلك

الأجل، وإن كان قد استهلك حبس المشتري المال بقدر ما كان للبائع فيه من الأجل، وبه قال إسحاق. قال أبو بكر: المشتري بالخيار إن شاء أخذ، وإن شاء رد. م 3555 - وقال الثوري، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي: كل بيع يشتريه قوم جماعة لا يجوز أن يباع بعضه مرابحة. م 3556 - وقال الثوري: إذا اشتريا متاعاً، ثم تفارياه، وأخذ كل واحد منهما بعضه، فليس له أن يبيعه مرابحة، وبه قال أحمد. وقال إسحاق: بل يبيعه مرابحة إذا بين. م 3557 - وقال الثوري: إذا اشتريت بزاً بمائة درهم فلا تبيعن بعضه مرابحة، وكذلك قال أحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. م 3558 - وقال أبو ثور: إن كان طعاماً مما يكال ويوزن وكان صنفاً واحداً، فأكل بعضه فلا بأس أن يبيع ما بقي مرابحة على قدر ما بقي من الثمن، وبه قال أصحاب الرأي. وبه نقول في المسألتين. م 3559 - واختلفوا فيمن ابتاع سلعة، ذكر أن ثمنها خمسون درهماً، فباعها بربح عشرين، ثم ادعى الغلط، وأقام البينة أن اشتراها بمائة. فقال أحمد، وإسحاق: المشتري بالخيار إن شاء أخذ بالثمن الذي ابتاعها وشهدت به البينة، وإن شاء رد. وقال الثوري: لا تقبل البينة، هو أمدق من البينة. م 3560 - وإذا اشتري سلعة بمائة درهم، فحط البائع عن المشتري بعض الثمن. فقال أبو ثور: يبيعه مرابحة بالذي اشتراه به. وقال أصحاب الرأي: يبيعه مرابحة على ما بقي من الثمن.

واحتج أبو ثور بأنهم يقولون: إذا وهب البائع الثمن كله باعه مرابحة على ما به، فكذلك [2/ 130/ب] إذا وهب بعضه. قال أبو بكر: قول أبي ثور صحيح. م 3561 - وإذا اشترى السلعة فباعها بربح، ثم رغب فيها فاشتراها، ثم يريد بيعها مرابحة. فحكي عن ابن سيرين أنه قال: يطرح الربح الأول. وأعجب أحمد قول ابن سيرين. وقال النعمان: لا يبيعهما مرابحة حتى يلغي من الشراء الآخر قدر الربح الأول. وقال أبو ثور، ويعقوب، ومحمد: يبيعه مرابحة على الثمن الآخر. قال أبو بكر: وبه نقول. م 3562 - وقال أبو ثور، وأصحاب الرأي: إذا اشترى السلعة بحنطة، أو شعير، أو بشيء مما يكال أو يوزن موصوفاً فلا بأس أن يبيعه مرابحة، وذلك مثل الذهب والفضة. قال أبو بكر: (¬1) وكذلك نقول. م 3563 - واختلفوا في الرجل يشترى من ابنه أو أمه، أو مكاتبه متاعاً قد قام على البائع بأقل مما اشتراه به، فأراد أن يبيعه مرابحة. فقال أبو ثور، والنعمان: ليس له أن يبيعه مرابحة. وقال يعقوب: يبيعه مرابحة من أي هؤلاء اشترى ما خلا عبده، أومكاتبه. وبه قال محمد. ¬

_ (¬1) في الأصل: "قال أبو ثور".

84 - جماع أبواب السلم

قال أبو بكر: هذا أقيس. م 3564 - واختلفوا في الرجل يبيع السلعة التي اشتراها بعشرة بوضعه ده فقال أبو ثور: يطرح من العشرة واحدة. وقال أصحاب الرأي: يكون الثمن تسعة دراهم وجزاء من أحدى عشرة جزواء من الدرهم. قال أبو بكر: م 3565 - وإذا اشترى خادماً، أو ثوباً، أو طعاماً، أو دابة، فأصاب الخادم بلاء فذهبت عينه، أو لزمه عيب، فلا يبيعه مرابحة حتى يبين ما أصابه عنده، فإن لم يفعل فالمشتري بالخيار إن شاء أخذه، وإن شاء رده، هذا قول أصحاب الرأي، وأبي ثور. وقال الثوري: لا بأس أن يبيعه مرابحة إذا عور أو عمي. م 3566 - وقال الثوري: إذا اشترى سلعة بمائة درهم فاستغلاها، فأخبر أنه اشتراها بتسعين، فالبيع جائز، وقد أساء حين كذب، وبه قال أحمد. وقال إسحاق: ليس هذا كذب إذا كانت إرادته أنه قد قامت عليه بتسعين. 84 - جماع أبواب السلم قال الله جل ذكره: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ}

مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} الآية. قال أبو بكر: م 3567 - فدل قوله: {إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} على أن السلم إلى الأجل المجهول غير جائز، ودلت سنة رسول الله- صلى الله عليه وسلم -[2/ 131/ألف] على مثل معنى كتاب الله. قال أبو بكر: (ح 1259) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قدم المدينة وهو يسلفون في الثمار في سنتين وثلاث، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: أسلفوا في الثمار في كيل معلوم إلى أجل معلوم. (ح 1265) وقال ابن عمر: كان أهل الجاهلية يبتاعون لحم الجزور إلى حبل الحبلة، وحبل الحبلة أن تنتج الناقة ما في بطنها، ثم تحمل التي نتجت، فنهاهم رسول الله- صلى الله عليه وسلم - عن ذلك. م 3568 - وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن السلم الجائز أن يسلم الرجل على صاحبه في طعام معلوم موصوف من طعام أرض عامة لا يخطئ مثل، بكيل معلوم أو وزن معلوم إلى أجل معلوم دنانير أو دراهم معلومةً يدفع ثمن ما أسلم فيه قبل أن يتفرقا من مقامهما الذي تبايعا فيه، ويسمى المكان الذي يقبض فيه الطعام، فإذا فعلا ذلك،

85 - باب ترك ذكر المكان الذي يقبض فيه الطعام

وكانا جائزي الأمر، كان سلما صحيحاً، لا أعلم أحداً من أهل العلم يبطله. 85 - باب ترك ذكر المكان الذي يقبض فيه الطعام قال أبو بكر: م 3569 - واختلفوا في ترك ذكر المكان الذي يقبض فيه الطعام. فقال الثوري، وأصحاب الرأي: السلم فاسد. وقال الأوزاعي: هو مكروه. وقال أحمد، وإسحاق وطائفة من أهل الحديث: السلم جائز، واحتجوا: (ح 1261) بحديث ابن عباس أن النبي- صلى الله عليه وسلم - قال لهم: "أسلفوا في الثمار في كيل معلوم إلى أجل معلوم". ولم يذكر المكان الذي يقبض فيه، فدل ذلك على إجازته. واختلف قول الشافعي فيه، فأبطل السلم مرة، وأجازه مرة. قال أبو بكر: قول أحمد صحيح. 86 - باب اختلاف أهل العلم في السلم يتخلف بعض الثمن عند المشتري م 3570 - واختلفوا في البائع يقبض ثمن السلم ويبقى بعض حتى يتفرقا.

87 - باب [2/ 131/ب] المسلم إليه يجد بعض الثمن زائفا

فكان ابن شبرمة، والثوري، والشافعي، وأحمد يقولون: السلم فاسد. وقال أصحاب الرأي له من السلم بحساب ما قبض، وبه قال إسحاق. وفيه قول ثالث: وهو إن دفع الثمن إلى يومين أو ثلاثة، فلا بأس، وإن ضرب لبعضه أجلاً كان ذلك حراماً، هذا قول مالك. قال أبو بكر: قول الثوري صحيح. 87 - باب [2/ 131/ب] المسلم إليه يجد بعض الثمن زائفاً م 3571 - واختلفوا فيمن أسلم إليه في طعام، فوجد بعض الثمن زائفاً. فكان الثوري، وأحمد بن حنبل يقولان: يتم من السلم بقدر ما قبض. وقال أبو ثور: له إبداله، والسلم جائز. وقال إسحاق: فيهما قولان، أحدهما: كقول أحمد، والقول الثاني: كقول أبو ثور. وقال أصحاب الرأي: إن كان الذي وجد زائفاً فإنا نستحسن أن يرد عليه، ويأخذ غيره، وإن كان ستوقاً ردا وحط منه بقدر. وقال يعقوب، ومحمد: إن كنت زيوفاً كلها فإنا نستحسن أن يبدله، والسلم على حاله. وقال مالك: يبدلهما ولا ينتقض. وقال الشافعي: إذا كان الثمن زائفاً فالسلم فاسد.

88 - باب السلم أو البيع إلى الآجال المجهولة مثل الحصاد والجذاذ وما أشبهه

88 - باب السلم أو البيع إلى الآجال المجهولة مثل الحصاد والجذاذ وما أشبهه م 3572 - أجمع أهل العلم على أن من باع معلوماً من السلع بمعلوم من الثمن على أجل معلوم من شهور العرب أو إلى أيام معروفة العدد، أن البيع جائز، وكذلك قالوا في السلم إلى الأجل المعلوم. م 3573 - واختلفوا فيمن باع إلى الحصاد، أو إلى الدياس، أو إلى العطاء. فقال مالك: ذلك جائز, لأنه معروف، وبه قال أبو ثور. وقال أحمد: أرجو أن لا يكون به بأس، وكذلك إلى قدوم الغزاة. وقد روينا عن ابن عمر أنه كان يبتاع إلى العطاء. وقالت طائفة: ذلك غير جائز، كذلك قال ابن عباس، وبه قال الشافعي، والنعمان. وفيه قول ثالث: قاله الأوزاعي قال: إذا باع إلى فيح النصارى، أو صومهم، فذلك جائز، وإن باع إلى الأندر والعصر فهو مكروه. وفيه قول رابع: وهو أن البيع إلى العطاء جائز، والمال حال، هذا قول ابن أبي ليلى. قال أبو بكر: قول ابن عباس أصح.

89 - باب إبطال السلم في ثمر حائط بغيم عينه

89 - باب إبطال السلم في ثمر حائط بغيم عينه قال أبو بكر: (ح 1262) روينا عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه أسلف على رجل من يهود دنانير في ثمن كيل مسمى إلى أجل مسمى، فقال اليهودي من ثمن حائط فلان، فقال النبي- صلى الله عليه وسلم -: أما من ثمن حائط فلان فلان فلا، ولكن كيل مسمى إلى أجل مسمى [2/ 132/ألف]. قال أبو بكر: وهذا كالإجماع من أهل العلم. م 3574 - وممن حفظنا ذلك عنه مالك، والثوري، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي. 90 - باب السلم في الحيوان م 3575 - اختلف أهل العلم في السلم في الحيوان. فرخصت فيه طائفة: وممن روينا عنه أنه قال: لا بأس به، ابن مسعود، وابن عباس، وابن عمر، وابن المسيب، والحسن البصري، والشعبى، ومجاهد، والزهري.

91 - باب السلم يكون حالا وغير ذلك

وبه قال الأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، واحتج أحمد بأن الدية سنة. وقال الشعبي: إنما كرهه ابن مسعود، ولأنه قال من فحل كذا. (ح 1263) واحتج الشافعي بحديث أبي رافع. وبأن الدية بأسنان معلومة. قال أبو بكر: وبه نقول. وكرهت طائفة السلم فيه، هذا قول الثوري، وأصحاب الرأي. 91 - باب السلم يكون حالاً وغير ذلك م 3576 - واختلفوا في السلم في الشيء المعلوم حالاً. فكان الشافعي، وأبو ثور يقولان: ذلك جائز، وقال أصحاب الرأي: بطل السلم إذا كان حالاً. وقال مالك: إذا كان الأجل ثلاثة أيام فلا خير فيه. وقال الأوزاعي: ذلك جائز. قال أبو بكر: قول الشافعي صحيح. م 3577 - وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن السلم في الطعام لا يجوز بقفيز لا يعرف عياره، ولا في ثوب يذرع فلان، لأن المعبار لو تلف أو مات فلان بطل السلم. وممن حفظت ذلك عنه، الثوري، والشافعي، وأبو ثور، والنعمان وأصحابه.

92 - باب الرجل يسلم ما يكال فيما يوزن، وما يوزن فيما يكال

قال أبو بكر: وبه نقول. م 3578 - واختلفوا فيمن أسلم مائة دينار في مائة مد قمح ومائة مد شعير. فأبطل الشافعي، وسفيان الثوري، وأبو ثور، والنعمان هذا السلم، وقالوا: لا يجوز حتى يبين رأس مال كل واحد منهما. وفيه قول ثان: وهو أن السلم جائز، هذا قول مالك، ويعقوب. قال أبو بكر: هذا أصح. 92 - باب الرجل يسلم ما يكال فيما يوزن، وما يوزن فيما يكال م 3579 - قال الثوري: أسلم ما يكال ولا يوزن فيما يوزن ولا يكال، وأسلف ما يوزن ولا يكال فيما يكال ولا يوزن. وذكر قول الثوري لأحمد فقال: هذا لا يعجبنا، وهذا قول أبي حنيفة [2/ 132/ب]. وقال إسحاق: هو جائز. وقال الشافعي: في الأطعمة كلها لا يجوز أن يسلم بعضها في بعضها، ولا يجوز ذلك في العروض إذا لم تكن مأكولاً ولا مشروباً. 93 - باب الاختلاف في السلم وغيره م 3580 - وإذا اختلفا فقال أحدهما: أسلمت إليك مائة دينار في مائة مد حنطة، وقال الآخر: أسلمت إلى مائة دينار شعير، ففي قول الشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي: يتحالفان ويتفاسخان.

94 - باب الرهن والكفيل في السلم

وهو قول مالك في الشعير، والقمح. والذي يبدأ باليمين الطالب في قول يعقوب. وقال الشافعي: يبدأ باليمين البائع. م 3581 - وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على منع أن يجعل الرجل ديناراً له على رجل سلماً في طعام إلى أجل معلوم. وممن حفظنا ذلك عنه مالك، والأوزاعي، والثوري، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي، وهو مذهب الشافعي. وقد روينا عن ابن عمر أنه قال: لا يصلح. قال أبو بكر: وبه نقول. 94 - باب الرهن والكفيل في السلم م 3582 - واختلفوا في الرهن والكفيل في السلم. فممن روينا عنه أنه كره علي بن أبي طالب، وكره ذلك سعيد بن جبير، والأوزاعي، وأحمد بن حنبل، وأبو ثور. ورخص فيه عطاء، ومجاهد، والشعبى، وعمرو بن دينار، ومقسم، ومالك، والشافعي، وإسحاق، وأصحاب الرأي. وكان مجاهد يكره الرهن في السفر. وقد روينا عن ابن عمر، وابن عباس، والحسن البصري، والنخعى الرخصة والكراهية جميعاً.

95 - باب الإقالة في بعض السلم

قال أبو بكر: الرهنة والحميل في السلم جائز، إذ لم يمنع منه السنة، والإجماع. (ح 1264) وقد رهن النبي - صلى الله عليه وسلم - درعاً وأخذ طعاماً. فدل ذلك على خلاف قول مجاهد. 95 - باب الإقالة في بعض السلم م 3583 - أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن الإقالة في جميع ما أسلم فيه المرء جائز. م 3584 - واختلفوا في الإقالة، في بعض السلم، فروينا عن ابن عمر، وابن سيرين، والنخعي، والحسن، وأحمد بن حنبل، وإسحاق، أنهم كرهوا ذلك. وقال مالك: ليأخذ سلفه كله أو رأس ماله، وبه قال ربيعة، والليث بن سعد، وابن أبي ليلى [2/ 133/ألف]. ورخص فيه ابن عباس، وعطاء، ومحمد بن علي، وحميد بن عبد الرحمن، وعمرو بن دينار والحكم، والثوري، والشافعي، والنعمان، وأصحابه. قال أبو بكر: وبه نقول، إذا كان له أن يقيله في الجميع، فما الذي منع أن يقيله في البعض.

96 - باب السلم في الثياب

96 - باب السلم في الثياب م 3585 - أجمع كل من نحفظ عه من أهل العلم على أن السلم في الثياب جائز، بذراع معلوم، وصفة معلومة الطول والعرض، والرقة، والصفاقة، والجود بعد أن ينسبه إلى بلدة من البلدان إلى أجل معلوم. هذا قول الشافعي، ومالك، والأوزاعي، والثوري، وأحمد، وأبي ثور، وأصحاب الرأي، ومن تبعهم. وروى إجازة ذلك عن ابن المسيب، والشعبي، والقاسم ابن محمد. قال أبو بكر: ولست أحفظ عن غيرهم خلاف قولهم، وبه أقول. 97 - باب السلم في الرطب وسائر الفواكه في غير حينها م 3586 - واختلفوا في السلم في الرطب وسائر الفواكه في غير حينها. فكره ذلك الثوري، والأوزاعي، وأصحاب الرأي. وقال آخرون: السلم جائز في ذلك كله في غير حينه إذا حل في الوقت الذي يكون فيه ما أسلم فيه من ذلك موجوداً، هذا قول مالك، وأحمد، وإسحاق، وأبي ثور. قال أبو بكر: وبه نقول، لدخول ذلك في جملة ما أذن النبي- صلى الله عليه وسلم -

98 - باب السلم في اللحم، والشحم، والرؤوس، والأكارع

م 3587 - وإذا أسلم إليه في رطب فلم يأخذه في حينه حتى نفذ. فكان الشافعي، وإسحاق يقولان: المسلف بالخيار إن شاء رجع ما بقي من سلفه، وإن شاء أخر ذلك إلى رطب قابل. وقال الأوزاعي: لا بأس بأن يرد عليك من رأس مالك بقدر ما بقي. قال أبو بكر: بقول الشافعي نقول. 98 - باب السلم في اللحم، والشحم، والرؤوس، والأكارع م 3588 - واختلفوا في السلم في اللحم. فكان الزهري، ومالك، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وأبو ثور، وأبو يوسف يجيزون السلم فيه إذا وصفه، وشرط وزناً [2/ 133/ب] معلوماً إلى أجل معلوم، وموضع من اللحم معروف بصفة تسمى به. وقال النعمان: لا خير في السلم في اللحم، لأنه مختلف، ولا خير في السلم في السمك الطري، فأما السلم في المالح منه فلا بأس به، وزناً معلوماً وضرباً معلوماً. م 3589 - وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن السلم في الشحم جائز، إذا كان معلوماً وممن حفظنا ذلك عنه الشافعي، وأحمد، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. وبه نقول. م 3590 - والسلم في الجبن الطري جائز، إذا كان السلف فيه في حينه،

99 - باب السلم في الجوز والبيض واللؤلؤ

وممن أجاز السلم في الجبن الشافعي، وأصحاب الرأي. وكان الأوزاعي يقول: لا بأس في السلم في الجبن الطبري إذا أسلف في حينه. م 3591 - واختلفوا في السلم في الرؤوس، والأكارع. فكان مالك، وأحمد يجبز أن السلم في الرؤوس إذا اشترط من ذلك شيئاً معلوماً صغاراً أو كباراً. وقال الشافعي، وأصحاب الرأي: لا يجوز السلم فيه. م 3592 - وفي قول الشافعي، وأصحاب الرأي لا يجوز السلم في الأهب، والجلود، والورق، والادم. 99 - باب السلم في الجوز والبيض واللؤلؤ م 3593 - كان الأوزاعي يرى السلم في الجوز، والبيض جائز عدداً، وقال مالك في الجوز فله، وقال: إن كان الكيل أمراً معروفاً فلا بأس به، وبه قال أحمد، وإسحاق. وقالوا: لا خير في السلم في الرمان، ولا السفرجل، ولا في البطيخ، والقثاء، والخيار، لأنه يكال ولا يوزن، ومنه الصغير والكبير. ولا يجوز السلم في الجوز والبيض عند الشافعي، وأبي ثور. م 3594 - وكان مالك بن أنس يجيز السلم في اللؤلؤ إذا اشترط من ذلك شيئاً معلوماً إن كان وزناً فيوزن معروف، وبه قال أبو ثور إذا كان أهل الصناعة يتعارفون ذلك. وفي قول الشافعي، وأصحاب الرأى: لا يجوز السلم في.

100 - باب السلم في الآنية

100 - باب السلم في الآنية قال أبو بكر: م 3595 - كان مالك يقول: السلم في آنية الزجاج جائز إذا كان بصفة معلومة، وبه قال الشافعي فيه، وفي سائر الآنية. وهو مذهب أبي ثور، والنعمان إذا كان شيء يعرف ويعلم، وكذلك الأوزاعي. 101 - باب السلم في الحيتان قال أبو بكر: م 3596 - كان الأوزاعي، والشافعي، والنعمان يجيزون السلم في الحيتان المالحة إذا كان بوزن معلوم وصفة معلومة. والسلم في الحيتان الطرية جائز في قول مالك، والشافعي [2/ 134/ألف] إذا كان بين صنفه وبوزن معلوم. قال أبو بكر: كما قالوا أقول. 102 - باب السلم في القصيل، والحطب، والبقول، والفلوس قال أبو بكر: م 3597 - كان الشافعي يقول: لا يجوز السلم في القصيل حزماً، لأنها تتباين، وبه قال أبو ثور، وأصيحاب الرأي.

103 - باب مسائل

وقال مالك: "السلم فيه جائز إذا اشترط حزماً أو أحمالاً معروفة، واشترط أخذه في إبانه". م 3598 - وقال أبو ثور، وأصحاب الرأي: السلم في الفلوس جائز عدداً إذا كانت لا تتباين تبايناً شديداً. ورخص في السلم فيه إسحاق. 103 - باب مسائل م 3599 - واختلفوا في الرجل يسلم إلى الرجل في طعام يوفيه بمكة، فيلقى الذي عليه الطعام الذي له الطعام بغير مكة، فيعرض فعليه الطعام ليقضيه ويعطيه مقدار كراه إلى مكة، فكره ذلك مالك، والثوري والأوزاعي وأحمد، وإسحاق. وقال أبو ثور: له أخذ الكرى. م 3600 - واختلفوا في الرجل يسلم إلى الرجل في عرض من العروض فيحل، فأراد أن يأخذ مكانه غيره، فكان الشافعي، وإسحاق يقولان: لا يجوز ذلك. وقال مالك: لا بأس بأن يأخذ مكانه غيره، يتعجله ولا يؤخر إلا الطعام. قال أبو بكر: وقد ثبت أن ابن عباس قال: إذا أسلفت في شيء إلى أجل فحل الأجل، فإن أخذت ما أسلفت فيه، وإلا فخذ عرضاً بأنقص منه ولا تربح مرتين.

م 3601 - وقال كل من نحفظ عنه من أهل العلم في النصراني يسلم إلى النصراني في الخمر، ثم يسلم أحدهما، أن الذي أسلم يأخذ دراهمه، كذلك قال الثوري، وأحمد وإسحاق، وأصحاب الرأي. قال أبو بكر: وبه نقول. م 3602 - واختلفوا في الرجل يسلم إلى الرجل دنانير ولا يعلم عددها، أو دراهم في طعام معلوم فكان الشافعي يقول: لا يجوز، وبه قال النعمان. وقال يعقوب: السلم جائز. قال أبو بكر: وبه نقول. م 3603 - وقال الشافعي: لا بأس أن يسلم في الشيء الذي أصله الكيل وزناً. وقال مالك: ذلك جائز إذا كان الناس يتبايعون التمر وزناً، وبه قال أحمد، وقال أحمد: لا، إلا الكيل في التمر يسلم فيه. قال أبو بكر: الوزن أقرب إلى الإحاطة من الكيل، وأجوز. م 3604 - واختلفوا في السلم في شيء يقبضه المشتري في أيام متفرقة، مثل أن يسلم في رطب فيقبضه [2/ 134/ب] في أيام معلومة، في كل يوم منه شيئاً معلوماً، فقال مالك: لا بأس به. وقال الشافعي: لا يجوز ذلك. وقال أحمد: لا بأس بأن يأخذ من الخباز الخبز رطلاً بعد رطل إذا لم يعجل له، ليرخص عليه.

104 - جماع أبواب الشروط في البيوع

104 - جماع أبواب الشروط في البيوع قال أبو بكر: (ح 1265) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال لجابر بن عبد الله في جمل له: "بعنيه بأوقية" قال: فبعته بأوقية، فاستثنيت حملانه إلى أهلي. م 3605 - وقد اختلف أهل العلم في الرجل يبيع الدابة ويشترط ظهرها إلى مكان معلوم، أو وقت معلوم، فقالت طائفة: البيع جائز والاستثناء ثابت. وممن أجاز ذلك الأوزاعي، وأحمد، وأبو ثور، وابن نصر، وأصحاب الحديث، واحتجوا بحديث جابر. وقالت طائفة: البيع باطل، هذا قول الشافعي، وأصحاب الرأي. وفيه قول ثالث: وهو إن كان اشترط ركوبا إلى مكان قريب فجائز، وإن كان مكاناً بعيداً فهو مكروه، هذا قول مالك. قال أبو بكر: والجواب في الدار يباع ويستثنى سُكناها مدةً معلومةً كذلك. وقد روينا أن عثمان اشترى داراً من صهيب على أن يسكن فيها كذا وكذا. قال أبو بكر: وإنما نهى أن يستثنى الرجل وقتاً مجهولاً، فأما المعلوم ففي:

105 - باب إجازة شرط البائع على المبتاع عتق المبيع

(ح 1266) حديث جابر أن النبي- صلى الله عليه وسلم - نهى عن الثنيا إلا أن يعلم. قال أبو بكر: وبالقول الأول أقول لحديث جابر. 105 - باب إجازة شرط البائع على المبتاع عتق المبيع قال أبو بكر: (ح 1267) ثبت أن عائشة أرادت أن تشتري بريرة، وأن مواليها اشترطوا ولاءها، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: اشتريها واعتقيها، فإنما الولاء لمن أعطى الثمن. م 3606 - واختلفوا في الرجل ببيع النسمة ويشترط على المشتري العتق، فكان الشافعي يقول: البيع جائز، والشرط ثابت. وقال النعمان، ويعقوب: البيع باطل. م 3607 - وقال النعمان، ومحمد. إذا أعتقه المشتري فعليه الثمن. وقال يعقوب: العتق جائز، وعليه القيمة. قال أبو بكر: وكل ما قالوه من ذلك خطأ، لأن البيع إذا [2/ 135/ألف] بطل لم يثبت ملك المشتري عليه، وإذا لم يثبت ملكه فغير جائز عتقه، لأنه أعتق حينئذٍ ما لا يملك.

106 - باب العبد يباع ويشترط على المبتاع أن لا يبيعه ولا يهب

وكان مالك يقول: إذا اشترى جارية على أن يعتقها أو يدبرها، فقالت: بالتدبير أو العتق فهو ماض ويتراجعان إلى القيمة. وفيه قول ثالث: وهو أن البيع جائز والشرط باطل، هذا قول ابن أبي ليلى، وأبي ثور. وحكاه أبو ثور عن الشافعي. 106 - باب العبد يباع ويشترط على المبتاع أن لا يبيعه ولا يهب م 3608 - واختلفوا في الرجل يبيع العبد أو الأمة على أن لا يبيعه المشتري ولا يهبه. فكان الحسن البصري، والشعبي، والنخعي، والحكم، وابن أبي ليلى، وأبو ثور يقولون: البيع جائز، والشرط باطل. وقال حماد بن أبي سليمان: البيع جائز، والشرط لازم. وقال أحمد وإسحاق في البيع إذا قال البائع: إن أم تأت بنقدي غداً فلا بيع بيني وبينك، قالا: له شرطه. قال أبو بكر: وقد روي معنى هذا القول عن عمر، وابن مسعود. وفيه قول ثالث: وهو البيع الشروط فيه بعض هذه الشروط باطل، هذا قول الشافعي، والنعمان، ويعقوب. وقد روينا عن ابن عمر، وعائشة أنهما كرها أن تباع الأمة على أن لا تباع، ولا توهب. وقال مالك في هذا هو بيع مراده.

107 - باب اشتراط المشتري مال العبد المشترى في عقد البيع

قال أبو بكر: خبر بريرة ثابت، ولا نعلم خبراً ثابتاً يعارضه، والقول به يجب، وقد أثبت النبي- صلى الله عليه وسلم - البيع، وأبطل الشرط. وبه نقول. 107 - باب اشتراط المشتري مال العبد المشترى في عقد البيع قال أبو بكر: (ح 1268) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: "من باع عبداً له مال فماله للبائع إلا أن يشترط المبتاع". م 3609 - وقد اختلف أهل العلم فيمن باع عبداً وله مال. فقال أكثر أهل العلم بظاهر هذا الحديث، أن ماله للبائع إلا أن يشترط المبتاع ماله، كذلك قال عمر بن الخطاب، وقضى به شريح. وبه قال طاووس، ومالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق. وقد روينا عن ابن عمر أنه قال: من زين وليدة وباعها، إن الذي اشترى [2/ 135/ب] ما عليها، إلا أن يشترط الذي باعها ما عليها، وهو قول الحسن البصري، والنخعي. قال أبو بكر: بالقول الأول أقول. م 3610 - واختلفوا في العبد يباع وله مال يعلم قدره، أو لا يعلمه، فاشترط المشتري.

108 - باب اشتراط المشتري على البائع في عقد البيع شيئا لو أفرد شرائه لم يجز

فقالت طائفة: هو للمشتري عرضاً كان أو نقداً، أو ديناً يعلم به أو لا يعلم، وإن كان المال أكثر مما اشترى به العبد كان الثمن نقداً أو عرضاً فهو للبائع، هذا قول مالك، وإسحاق، وأبي عبيد، وأبي ثور. وقالت طائفة: هو مشترى للعبد ومشترى لماله معه، فإن كان للعبد ذهب لم يجز أن يشتري بذهب، فإن كان مال العبد مجهولاً أو ديناً فاشتراه بدين لم يجز، هذا قول الشافعي في حكايته بعض أهل مصر عنه. وقد كان إذ هو بالعراق يميل إلى قول المديني. قال أبو بكر: بظاهر خبر ابن عمر يجب أن يقال، وكل مال يكون للعبد فهو داخل في جملة قوله: "وله مال"، غير جائز إخراج شيء منه بغير سنة؛ لأن السنن لا يستثنى منها إلا بسنة مثلها، ولا يجوز الخروج عن ظاهر خبر النبي- صلى الله عليه وسلم -، وعمومه، إلا إلى خبر مثله. 108 - باب اشتراط المشتري على البائع في عقد البيع شيئاً لو أفرد شرائه لم يجز قال أبو بكر: (ح 1269) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال:" من باع نخلاً قد أبرت فثمرها للبائع إلا أن يشترطها المبتاع. قال أبو بكر:

109 - باب بيع الأمة واستثاء ما في بطنها

م 3611 - وهذا دليل على أن الثمر إذا لم يؤبر، أن ذلك للمشتري، وقال بظاهر هذا الخبر مالك وأهل المدينة، والشافعي وأصحابه، والنعمان ويعقوب، وعوام أهل العلم. قال أبو بكر: وبه نقول، إلا ابن أبي ليلى فإنه قال: الثمرة للمشتري وإن لم يشترطه، لأن ثمرة النخل من النخل. 109 - باب بيع الأمة واستثاء ما في بطنها م 3612 - واختلفوا في الرجل يبيع الأمة أو الناقة ويستثني ما في بطنها. فقالت طائفة: البيع جائز والشرط لازم، كذلك قال الحسن البصري، والنخعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور. وقد ثبت أن ابن عمر أعتق غلاماً له وامرأته واستثني ما في بطنها. وقال مالك، والثوري، والشافعي، وأصحاب الرأي: البيع فاسد. قال [2/ 136/ألف] أبو بكر: وهم يرون تقليد الواحد من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا يخالفه منهم غيره، ولا نعلم لابن عمر مخالفاً لما في ذلك، وهذا يلزمهم. وإذا كان البيع يلزم إذا باع أمة واشترط إنما في بطنها حر، فلما كان كذلك بيعها واستثناء ما في بطنها؛ لأن الجارية التي وقع عليها البيع دون الولد في المسألتين جميعاً.

110 - باب البيع بدنانير إلا دراهم

110 - باب البيع بدنانير إلا دراهم م 3613 - أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن للرجل أن يبيع سلعته بدينار إلا قيراطاً وبدينار ودرهم. م 3614 - واختلفوا فيمن باع سلعته بدينار إلا درهم. فأبطل كثير من أهل العلم هذا البيع، وممن كرهه، النخعي، وعطاء، والأوزاعي، وابن أبي ليلى، والثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق. وأفسد أصحاب الرأي أهل العلم البيع، وقد ذكروا عن أبي سلمه بن عبد الرحمن أنه اشترى ثوباً بدينار إلا درهماً، وأجاز ذلك عبيد الله بن الحسن إذا عرفا سعر الدينار في ذلك السوق. قال أبو بكر: البيع في ذلك فاسد، لأنهما (¬1) غير عارفين بالثمن في وقت عقد البيع. (ح 1270) وقد روينا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى الثنيا إلا أن يعلم. 111 - باب الرجل يشتري السلعة على أنه إن لم يأت بالثمن إلى وقت كذا وإلا فلا بيع بينهما م 3615 - واختلفوا في الرجل يشتري السلعة ويقول: إن لم يأت إلى وقت كذا، وإلا فلا بيع بيننا. ¬

_ (¬1) في الأصل "لأنها"، والتصحيح من العمانية.

112 - باب [2/ 136/ب] بيع العربون

فقالت طائفة: البيع جائز، والشرط ثابت، كذلك قال الثوري، وأحمد بن حنبل، وإسحاق. وبه قال أبو ثور إذا كان الشرط ثلاثة أيام، روى مثل قول أبو ثور، عن ابن عمر. وقال النعمان إن كان الوقت، ثلاثة أيام فالبيع جائز والشرط باطل، وإن كان أكثر من ثلاثة أيام فالبيع فاسد، ثم قال: فإن نقده في ثلاثة أيام فالبيع جائز، وهو لازم له، هذا قول النعمان. وقال محمد: يجوز أربعة أيام وعشرة أيام. وقال مالك: إن كان الأجل يومين أو ثلاثة أو نحو ذلك فلا بأس به، وإن كان عشرين ليلة، أو نحوه فسخ البيع. 112 - باب [2/ 136/ب] بيع العربون م 3616 - واختلفوا في بيع العربون. فكرهت ذلك طائفة: وابطل بعضهم البيع، روينا عن ابن عباس، والحسن البصري أنهما كرها ذلك. وبه قال مالك، وهو يشبه قول الشافعي، وهو قول أصحاب الرأي. وقد روينا عن ابن عمر أنه أجاز ذلك، وقال ابن سيرين: لا بأس به. وقد روينا أن نافع بن الحارث (¬1) اشترى من صفوان بن أمية ¬

_ (¬1) في الأصل "عبد الحارث" وكذا في العمانية، وهو خطأ، والتصحيح من الأوسط [4/ 10/ب].

113 - باب مسائل

داراً بمكة بأربعة آلاف، فإن رضي عمر فالبيع له، وإن لم يرضى فلصفوان أربعة مائة. وذكر لأحمد حديث عمر فقال: أي شيء أقدر أقول. 113 - باب مسائل قال أبو بكر: م 3617 - كان مالك يقول: إذا اشترى السلعة على أن لا وضيعة عليه، فالبيع باطل، وبه قال الأوزاعي، وهو مذهب الشافعي. وكره ذلك عكرمة. وفي قول ابن سيرين: لا بأس به. وقال الحكم، وحماد: يأخذه بما باعه. م 3618 - واختلفوا فيمن اشترى ثوباً، واشترط البائع خياطته، أو قصارته، أو كان طعاماً فاشترط على البائع طحنه، فكان سفيان الثوري، والشافعي، وأبو ثور يقولون: البيع باطل. وقال أحمد، وإسحاق: إذا اشترط أحد هذه الأشياء، فالبيع جائز، وإن اشترط شرطين، فالبيع باطل. وقال مالك في الرجل يشتري السمسم، والفجل، والزيتون على أن على البائع عصره، فهو مكروه، ولو اشترى ثوباً على أن على البائع خياطته، فلا بأس به. قال أبو بكر: لا فرق بينهما. وقال أصحاب الرأي: إذا اشترى طعاماً فاشترط عليه أن يوفيه في منزله وهما في المصر، فذلك جائز، وبه قال أبو ثور.

جماع أبواب الأقضية في البيوع

قال أبو بكر: والبيع في ذلك فاسد، لأن حصة الثمن من حصة الأجر، والعمل غير معلوم، والبيع لا يجوز إلا بثمن معلوم. م 3619 - واختلفوا في الرجل يبيع الشاة ويستثني رأسها أو جلدها. فكان الشافعي (يقول) (¬1): البيع باطل، وبه قال الثوري إذا اشترط الرأس. وقال مالك: لا بأس أن يستثني من لحمها أرطالاً يسيرة، وكره الكثير، ولا يجوز أن يستثني إهابها في القرى، ويجوز أن يستثني ذلك في الفلوات، حيث لا يكون للجلد خطر، وقال: لا بأس أن يستثني رأسها، أو أكارعها [2/ 137/ألف] أو ثلثاً، أو ربعاً. وقال الأوزاعي: إذا قال: أبيعك هذه الشاة ولي يدها أو رجلها إذا أخذ في ذبحها عند البيع فجائز، وأكره إن كان فيه تأخير، وكره أن يستثني من لحمها أرطالاً. وقال أحمد وإسحاق في البقرة تباع ويشترط رأسها ثم بدا له فأمسكها، قالا (¬2): يكون شريكاً في البقرة، يقوم الرأس من اللحم فيكون بقدر الرأس، والبيع جائز. جماع أبواب الأقضية في البيوع 114 - باب الإشهاد على البيع م 3620 - اختلف أهل العلم في الإشهاد على البيع. ¬

_ (¬1) ما بين القوسين كان ساقطاً. (¬2) في الأصل "قال"، وكذا في العمانية.

115 - باب اختلاف المتبايعين في الثمن

فقالت طائفة: ذلك فرض لازم لا يجوز تركه؛ لأن الله عز وجل أمر به فقال: {وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ} الآية، فمن ترك الإشهاد على البيع كان عاصياً، روينا هذا القول عن ابن عباس. وكان ابن عمر إذا باع بنقد اشهد ولم يكتب. وقد روينا عن مجاهد أنه قال: ثلاثة لا يستجاب لهم دعوة، رجل باع ولم يشهد ولم يكتب، وروينا نحو ذلك عن أبي بردة بن أبي موسى (¬1)، وأبي سليمان المرعشي. وممن رأى الإشهاد على البيع عطاء، والنخعى، وجابر بن زيد. وقالت طائفة: الإشهاد ندب وليس بفرض، قال الحسن البصري، والشعبي: إن شاء أشهد وإن لم يشأ لم يشهد، وبه قال أبو أيوب، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي. وروينا عن أبي سعيد الخدري أنه قال: صار المرء على الأمانة قوله تعالى: {فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا} الآية. 115 - باب اختلاف المتبايعين في الثمن م 3621 - واختلفوا في المتبايعين يختلفان في الثمن، والسلعة قائمة. فكان الشعبي يقول: القول قول البائع، أو يترادان البيع، وبه قال أحمد: القول قول البائع مع يمينه أو يترادان. ¬

_ (¬1) في الأصل "عن أبي موسى"، والتصحيح من العمانية/207.

116 - باب اختلافهما في الثمن والسلعة مستهلكة

وفيه قول ثان: وهو أن يستحلفان بالله فإن حلفا أو نكلا، تراد البيع، فإن حلف أحدهما أو نكل الآخر كان للذي حلف، هذا قول شريح. وفيه قول ثالث: وهو أن يحلف الكتاب البائع فإذا حلف قيل للمشتري: إما أن تأخذ السلعة بما حلف عليه البائع، وإما أن تحلف كما تذكر فإذا حلفت برأت منها، هذا قول مالك، وبه قال [2/ 137/ب] الشافعي. وفيه قول رابع: وهو أن القول قول المشتري، لأنهما قد أجمعا على زوال مالك البائع، وإنما يدعي على البائع فضل دراهم، فإن أقام البينة استحقها، وإلا يحلف المشتري، ويبري من دعواه، هذا قول أبو ثور. قال أبو بكر: وليس في هذا الباب خبراً يعتمد عليه. 116 - باب اختلافهما في الثمن والسلعة مستهلكة م 3622 - واختلفوا في المتبايعين يختلفان في الثمن والسلعة مستهلكة. فكان النخعي، والثوري، والأوزاعي، والنعمان ويعقوب يقولون: القول قول المشتري مع يمينه. وقال الشافعي، ومحمد بن الحسن: يتحالفان ويترادان قيمة السلعة. وكان مالك يقول: إذا أجازها المشتري فالقول قوله مع يمينه مالم يكن بشيء يستنكر.

117 - باب بيع المجيزين

117 - باب بيع المجيزين م 3623 - اختلف أهل العلم في الرجل يوكل الرجلين ببيع السلعة، فيبيع كل واحد منهما السلعة من رجل بثمن مسمى. فقالت طائفة: البيع للأول، روينا هذا القول عن شريح، وابن سيرين، وبه قال الشافعي. وحكى عن ربيعة، ومالك أنهما قالا: هو للذي بدا فقبض السلعة، فإن لم يكن قبضها أحدهما فهو للأول. قال أبو بكر: القول الأول أصح، والنظر قال عليه، وفيه حديث في إسناده مقال. (ح 1271) عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "إذا باع المجيزان فهو للأول". 118 - باب السلعة تباع وصاحبها حاضر لا يتكلم م 3624 - واختلفوا في السلعة تباع وصاحبها حاضر لا يتكلم. فكان الشافعي، والنعمان ويعقوب يقولون: لازول ملكه عنه بسكوته. وقال ابن أبي ليلى: سكوته إقراره بالبيع. قال أبو بكر: الأول أصح. 119 - باب مسألة م 3625 - واختلفوا في الرجل يبيع السلعة، لا يملكها، ولم يوكل ببيعها،

120 - باب الموصي والوكيل يشتريان ما جعل [2/ 138/ألف] إليهما بيعه

فبلغ مالك فيجيز البيع. فقال مالك، والنعمان، وإسحاق: إذا اجاز رب السلعة البيع جاز. قال أبو بكر: قول الشافعي صحيح. 120 - باب الموصي والوكيل يشتريان ما جعل [2/ 138/ألف] إليهما بيعه م 3626 - واختلفوا في الوصي، والوكيل يبيع كل واحد منهما ما جعل إليه البيع من نفسه. قالت طائفة: البيع باطل، هذا قول الشافعي. وقال الثوري: إذا دفع إليك ثوباً تبيعه، فلا تشتريه لنفسك، وروى نحو ذلك عن ابن مسعود، وبه قال ابن سيرين. وأجاز الشافعي، والنعمان شرى الأب مال ابنه الطفل من نفسه. وحكي عن عبيد الله بن الحسن أنه أجاز شرى الوصي لنفسه ما الأيتام فيه حظ. 121 - باب المتبايعين يمتنع كل واحد منهما من دفع ما يجب عليه م 3627 - واختلفوا في المتبايعين يمتنع كل واحد منهما أن يدفع ما بيده حتى يقبض ما بيد صاحبه.

122 - باب شرى الأعمى والصبي

فقال الثوري، وأحمد، وإسحاق: يجعلان عدلاً بينهما، يدفعان إليه ويدفع إليهما. وفيه قول ثان: وهو أن يومر البائع بدفع السلعة ويجبر المشتري على دفع الثمن من ساعة، فإن غاب ماله أشهد على وقف ماله، وأشهد على وقف السلعة، فإذا دفع اطلق عنه الوقف، وإن لم يكن له مال فهذا مفلس، والبائع أحق بسلعته، هذا قول مال إليه الشافعي. وقال أبو ثور: ليس للذي اشترى السلعة أن يقبضها حتى يدفع الثمن، وحكى ذلك عن الكوفي. 122 - باب شرى الأعمى والصبي م 3628 - واختلفوا في شرى الأعمى. فقالت طائفة: لا يجوز شراؤه، إلا أن يوكل من يشري له، هذا قول الشافعي. وقال النعمان: نظره إليه جسه. وقال عبيد الله بن الحسن: شرائه جائز، إذا أمر إنساناً بالنظر إليه لزمه. م 3629 - وكان أبو ثور يقول: بيع الصبي وشرائه لا يجوز. وحكي عن الكوفي أنه قال: بيعه جائز بإذن وليه، وإذن القاضي. وقال سفيان الثوري: لا يجوز بيعه إلا بإذن أهله، وقال أحمد، وإسحاق: كذلك إلا الشيء اليسير، فإنهما أجازا الشيء اليسير، ومنعا من يع الكثير.

123 - باب مسائل

123 - باب مسائل م 3635 - أجمع أهل العلم على أن من باع معلوماً من السلع حاضراً بمعلوم من الثمن، وقد [2/ 138/ب] أحاط البائع والمشتري معرفة، وهما جائزاً الأمر، أن البيع جائز. م 3631 - وأجمعوا على أن من باع سلعة بثمن مجهول غير معلوم، ولا مسمى، ولا عين قائم، أن البيع فاسد. م 3632 - واختلفوا فيمن باع سلعة لم يرها المشتري، ووصفها له البائع بصفة معروفة. فقالت طائفة: البيع جائز، والمشتري بالخيار، كنت السلعة على الصفة التي وصفت أم لم تكن، هذا قول سفيان الثوري، وأصحاب الرأي. وقد روينا هذا القول عن الشعبي، والحسن، والنخعي. وقالت طائفة: إذا خرجت السلعة على الصفة التي وصفت له لزم ذلك المشتري، وإن كان على غير تلك الصفة فله الخيار، هذا قول محمد بن سيرين، وأيوب السختياني، ومالك، وعبيد الله بن الحسن (¬1)، وأحمد، وإسحاق، وأبي ثور، وابن النصر. وفيه قول ثالث: وهو أن البيع باطل، هذا قول الشافعي. وقد أجاز الشافعي هذا البيع مرة. ¬

_ (¬1) في الأصل "عبد الله بن الحسن"، وكذا في العمانية /215.

م 3633 - وقال الحكم، وحماد: إذا اشترى العبد وقد رآه بالأمس، ولم يره يوم اشتراه، قالا: لا يجوز حتى يراه يوم اشتراه. قال أبو بكر: قول ابن سيرين صحيح، وكل بيع جائز على ظاهر قوله: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} الآية، إلا بيع منع منه كتاب، أو سنة، أو إجماع. م 3634 - واختلفوا في الرجل يشتري عبدين فيهلك أحدهما ويجد بالآخر عيباً، ويختلفان في قيمة الهالك. فقال ابن أبي ليلى، وأبو ثور: القول قول المشتري، لأنه مدعى عليه. وقال الشافعي: القول قول البائع، لأن الثمن كله قد لزم المشتري، وقد ذكر عنه غير ذلك. وقال النعمان: القول قول المشتري إلا أن يشاء البائع أن يأخذ الحي، ولا يأخذ من ثمن الميت شيئاً. وقال يعقوب: القول قول المشتري في حصة الميت، ويتحالفان ويترادان. وقال محمد: يتحالفان ويترادان العبد القائم وقيمة الهالك، والقول في قيمة الهالك قول المشتري مع يمينه. م 3635 - واختلفوا في الرجل يقول لعبده: إن بعتك فأنت حر، فباعه. فقالت طائفة: هو حر من مال البائع، روى هذا القول عن الحسن. وبه قال ابن أبي ليلى، وابن شبرمة، والشافعي، وأحمد بن حنبل.

وقال الثوري، والنعمان [2/ 139/ألف] ويعقوب: لا يقع العتق لأن العتق إنما يقع بعد خروج العبد من ملك البائع. م 3636 - واختلفوا فيه إن قال البائع: إن بعتك فأنت حر، وقال المشتري إن اشتريته فهو حر، فذكر أبو عبيد عن ابن أبي ليلى، ومالك انهما قالا: لا يعتق من مال البائع، قال: وأصحاب الرأي مجمعون على أنه يعتق من مال المشتري. ومال أبو عبيد إلى قول مالك، وابن أبي ليلى. م 3637 - واختلفوا في الرجل يبيع من الرجل الطعام إلى أجل، فلما حل الأجل أخذ بالثمن طعاماً حاضراً وقبضه مكانه، فأجاز ذلك الشافعي، وأصحاب الرأي. وقال مالك: ذلك ربا. وقال أحمد، وإسحاق: يشتري منه ما لا يكال ولا يوزن. وقال طاووس: لا يأخذ طعاماً. قال أبو بكر: وبقول الشافعي أقول. م 3638 - واختلفوا في الرجل يبيع السلعة بدين، ثم يشتريها بأقل من ثمنها بنقد. فقال مالك، وربيعة، وأبو الزناد، وعبد العزيز بن أبي سلمة، والأوزاعي، والثوري، وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي: لا يجوز ذلك. وروينا عن الحسن، وابن سيرين، والشعبي، والنخعي، أنهم كرهوا ذلك. وقد روي عن ابن عباس حديث يوافق هذا القول.

وروينا عن عائشة أنها قالت حيث سئلت عن مثل هذا: بئس ما شريت وبئس ما اشتريت. ورخص فيه الشافعي، وأبو ثور، وروي معنى ذلك عن ابن عمر. قال أبو بكر: البيع في ذلك جائز إذا كانت البيعة الثانية بعد افتراقهما بأدانهما عن البيع الأول. م 3639 - واختلفوا في الرجل يقول للرجل: اشتر سلعة كذا وكذا، حتى أربحك فيها كذا وكذا. فكره ذلك قوم، ونهوا عنه، كره ذلك ابن عمر، وابن المسيب، وابن سيرين، والحسن، والنخعي، وقتادة، وعبيد الله بن الحسن، وأحمد، وإسحاق. وكان القاسم بن محمد، وحيد الطويل لا يريان بذلك بأساً. وكان الشافعي يجيز هذا البيع، إذا كان العقد صحيحاً، لا شرط فيه. وكان مالك يكره ذلك ولا [[يفسخ]] البيع. قال أبو بكر: كما قال مالك أقول. م 3640 - واختلفوا في الرجل يشري من الرجل مائة ثوب [2/ 139/ب] فيزيد أوينقص. فكان الثوري يقول: إذا قال: كل ثوب بعشرة دنانير وجدها تسعين فالمشتري بالخيار، وإن زادت على مائة، فالبيع مردود. وقال أبو ثوز: إذا زاد أو نقص فالبيع فاسد. وقال مالك: إذا اشتراها خمسين ثوباً فوجدها أحداً وخمسين، يرد منها ثوباً.

وقال ابن القاسم صاحبه: يرد جزأ من أحد وخمسين جزءاً من الثياب. وقال أصحاب الرأي: إن وجدها أحداً وخمسين ثوباً فالبيع باطل، فإن سمى كل ثوب منها عشرة دراهم وكان في العدد أحد وخمسين ثوباً فالبيع فاسد، وإن كانت الثياب تنتقص، وقد سمى لكل ثوب منها شيئاً، فالبيع جائز، والمشتري بالخيار إن شاء أخذ كل ثوب منها بما سمى، وإن شاء ترك. م 3641 - وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن رقيق أهل الذمة، إذا أسلموا بيعوا عليهم. فعل ذلك عمر بن عبد العزيز، وروي ذلك عن الحسن، والشعبي، والنخعي. وبه قال الشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. وخالفهم بعض من لقيناه من أهل الحديث، وقال: لا يجبر الذم على بيع عبده الذي أسلم. (ح 1272) واحتج بحديث سلمان. وإنه كان بعد ما أسلم (¬1)، وأن اليهودي كاتبه، وإن ذلك كان بعلم النبي - صلى الله عليه وسلم -. ¬

_ (¬1) في الأصل "اسلم اليهودي"، وفي العمانية /220 "فارتد كان بعد ما أسلم اليهودي" وهو خطأ.

124 - باب الصفقة تجمع ما يملكه البائع وما لا يملكه

م 3642 - وكان الثوري لا يرى ببيع البنادق بأساً إذا كان يرمي بها للصيد، لا للعبث. وبه قال أحمد، وإسحاق. م 3643 - وكره الثوري ببيع الدفوف. وقال أحمد: الدفوف أيسر من الطبل. 124 - باب الصفقة تجمع ما يملكه البائع وما لا يملكه م 3644 - واختلفوا في الرجل يبيع ما يملك وما لا يملك في صفقة واحدة مثل أن ييع عبدين فيوجد أحدهما حراً، أو ما أشبه ذلك. فكان الشافعي، وأبو ثور يقولان: البيع باطل. وحكى أبو ثور عن الكوفي أنه قال: إذا كان أحد العبدين حراً فالبيع باطل، وإذا كان أحدهما مسروقاً، أو مغصوباً، فالبيع جائز، ويرد المغصوب بالقيمة ويأخذ الذي له بالقيمة. قال أبو بكر: بقول الشافعي أقول. م 3645 - واختلفوا في العبد يدس المال إلى من يشتريه [2/ 104/ألف] من مولاه فيعتقه. فقالت طائفة: البيع باطل، كذلك قال الحسن البصري، والشعبي. وقال النخعي، والثوري: البيع جائز، والعتق جائز، ويرد المشتري على سيد العبد مثل الثمن الذي ابتاعه، وقال أحمد: يرد الدراهم على المولي ويأخذ المشترط بالثمن والعبد حر.

125 - باب شرى المصاحف وبيعها

وفي قول الشافعي: إن كان اشتراه بعين المال فالشرى فاسد، وإن كان اشتراه بغير عين المال فالشرى جائز، ويغرم للسيد الثمن الذي اشترى به من عنده، ويدفع المال الذي قبضه من العبد إلى مولاه، ويكون العتق جائزاً، والولاء للمشتري المعتق. قال أبو بكر: هذا صحيح. 125 - باب شرى المصاحف وبيعها م 3646 - واختلفوا في شرى المصاحف وبيعها. فروى عن ابن عمر أنه شدد في بيعها، قال: وددت أن الأيدي تقطع في بيع المصاحف. وقد روينا عن الأشعري أنه كره ذلك، وكره بيعها وشرائها علقمة، وابن سيرين، والنخعي، وشريح، ومسروق، وعبد الله بن زيد.

126 - باب بيع العنب والعصير ممن يتخذه خمرا

وفيه قول ثان: وهو الترخيص في شرائها وكراهية بيعها، روينا هذا القول عن ابن عباس، وبه قال سعيد بن جبير، وإسحاق. وقال أحمد: الشراء أهون وما أعلم في البيع رخصة. ورخصت طائفة في شرائها وبيعها هذا قول الحسن، والحكم، وعكرمة، وقال عكرمة: إنما يبيع عمل يديه. وقال الثوري: لا بأس أن يبادل مصحفاً بمصحف وزيادة دراهم، يأخذ الدراهم، وبه قال إسحاق. م 3647 - واختلفوا في النصراني يشتري مصحفاً. فكان الثوري يقول: البيع مفسوخ. وأجاز أبو ثور، وأصحاب الرأي شرائه، وقالوا "يجيز على بيعه. 126 - باب بيع العنب والعصير ممن يتخذه خمراً م 3648 - واختلفوا في بيع العنب والعصير ممن يتخذه خمراً. فرخص فيه عطاء، والثوري، والحسن البصري. وقال أحمد: لا يعجبني ذلك، وقال إسحاق: لا يسعه إذا علم ذلك. وقال عطاء مرة: لا يبيع العصير ممن يجعله خمراً. وقد روينا عن سعد بن أبي وقاص [2/ 140/ب] ما دل على كراهية ذلك. 127 - باب بيع المزايدة م 3649 - واختلفوا في بيع المزايدة.

218 - باب البيع على البارنامج وبيع الساج المدرج

فأباح ذلك ابن سيرين، وأحمد، وهو مذهب الثوري، والشافعي، ولا أعلمه إلا مذهب مدني، والكوفي. وكره الأوزاعي، وإسحاق بيع من يزيد، إلا في الغنائم والمواريث. قال أبو بكر: لا بأس به لأنا قد: (ح 1273) روينا عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه باع قدحاً وحلساً فيمن يزيد. ولأن عليه العامة والخاصة في عامة البلدان. 218 - باب البيع على البارنامج وبيع الساج المدرج م 3650 - كان الشافعي يقول: لا يجوز بيع ما لم يره المشتري إلا السلم. وكان مالك يقول: لا يجوز بيع الثوب المدرج حتى ينظر إليه بعد النشر، ويجيز بيع الأعدال على البارنامج. وكان الأوزاعي يجيز بيع ذلك إذا وصف ما في العدل ويجعل للمشتري الخيار إذا نشره. وكان ابن سيرين لا يرى بأساً بالبيع من البارنامج. قال أبو بكر: من أجاز بيع السلعة على الصفة، فينبغي أن يجيز بيع الثوب، أو الثياب إذا وصف طولها، وعرضها، ودقتها، أو صفاقتها، ويكون المشتري بالخيار إذا خالف الصفة التي وصفت له.

219 - باب بيع السمن والزيت بالظروف على أن يطرح لكل ظرف شيئا معلوما

219 - باب بيع السمن والزيت بالظروف على أن يطرح لكل ظرف شيئاً معلوماً قال أبو بكر: م 3651 - إذا اشترى الرجل السمن في الظروف على أن يطرح لكل ظرف شيئاً معلوماً. فكره ذلك ابن سيرين، وقتادة، وأبو هاشم، والنعمان، والشافعي. وكان الشافعي والنعمان لا يريان بأساً أن يشتري ذلك على أن توزن الظروف ويطرح وزنها. م 3652 - واختلفوا فيمن يشرى الزيت، والسمن فيجد فيه الرُب. فروينا عن شريح أنه قال: يؤخذ البائع بأن يعطي المشتري بكيل الرُب سمناً. وقال الثوري: إذا شاء المشتري أخذ الذي وجد، ولا يكلف بأن يجيء بكيل الرب سمناً. وقال أحمد، وإسحاق: إن كان السمنا عنده ممن كثير أعطاه [2/ 141/ألف] بوزنه، فإن لم يكن نده سمن، رجع عليه بقدر الرب من السمن. 130 - باب الشركة والتولية والإقالة في الطعام م 3653 - كان الثوري يقول: التولية، والشركة بيع، ولا يجوز بيع الطعام

حتى يقبضه المشتري، وبه قال عبيد الله بن الحسن، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، والنعمان. وممن رأى أن التولية بيع الحسن البصري، وابن سيرين، وعطاء، والحكم، والزهري،. م 3654 - ورخصت طائفة في الشركة، والتولية، والإقالة في الطعام وغيره، هذا قول مالك. وكان الشافعي، وأحمد، وإسحاق، والنعمان يجيزون الإقالة في الطعام؛ لأنه فسخ بيع. قال أبو بكر: أما الشركة، والتولية فليس يخلو أن يكون بيعاً أو هبة، فلما أجمعوا على أن ذلك ليس بهبة، ثبت أنه بيع، وإذا كان بيعاً فغير جائز بيع الطعام قبل أن يقبض، لنهي - صلى الله عليه وسلم - عنه، وأما الأقالة ففي إجماعهم أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -[. .] (¬1) في بيع الطعام قبل أن يقبض، مع إجماعهم على أن له أن يقيل المسلم، ويفاسخه جميع السلم، دليل على أن الإقالة ليس ببيع، إذ لو كان بيعاً ما جاز أن يجتمع الناس على سنة لرسول الله- صلى الله عليه وسلم - (¬2). م 3655 - واختلفوا في الإقالة على أن يعطيه المشتري شيئاً. فكره الشافعي ذلك، وبه قال أحمد، وإسحاق، إلا أن تكون تغيرت السلعة. وكره ذلك ابن عباس، وابن عمر. وقال مالك: إن كان النادم البائع فأعطاه المشتري شيئاً على أن يفسخ البيع، فذلك جائز، وإن كان النادم المبتاع، فسأل البائع أن يقيله على أن يعطيه شيئاً، فلا خير فيه. ¬

_ (¬1) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: هنا بالمطبوع [أبو ثور]! (¬2) كذا في الأصل، وفي الأوسط 4/ 17/ب" على خلاف سنة ثابتة".

131 - باب السلف

131 - باب السلف م 3656 - أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن استقراض الدنانير والدراهم، والحنطة، والشعير، والزبيب، والتمر، وما كان له مثل من سائر الأطعمة المكيل منها والموزون جائز. (ح 1274) ودل خبر رسول الله- صلى الله عليه وسلم - على أن الإستسلاف على الحيوان جائز. م 3657 - وأجمع كذلك كل [2/ 141/ب] من نحفظ عنه من أهل العلم على أن من أسلف سلفاً مما يجوز أن يسلف، فرد عليه مثله، إن ذلك جائز، وان للمسلف أخذ ذلك. م 3658 - وأجمعوا على أن السلف إذا شرط عقد السلف هدية أو زيادة، فأسلفه على ذلك، أن أخذه الزيادة على ذلك ربا. م 3659 - واختلفوا فيه إن قضاه عن غير شرط أفضل مما قبض، أو أهدى له هدية، فقال ابن مسعود، وابن عباس، وأبي بن كعب، وابن عمر قولاً معناه أن يأخذ مثل ما أقرض ولا يأخذ فضلاً. وكره ابن سيرين، والنخعي، والثوري، ومالك، والليث بن سعد، وأحمد كل قرض جر منفعة. ورخص في ذلك جماعة إذا كان ذلك عن غير شرط، وممن رخص فيه ابن عمر، وابن المسيب، والحسن والنخعي، والشعبي،

ومكحول، والزهري، وقتادة، ومالك، وأحمد، وإسحاق، والشافعي. وقال آخرون: إن كانا يتهاديان أو يتعاطيان بينهما الهدايا قبل ذلك، أو المواكلة، فلا بأس أن يمضيا على عادتهما، وإن أخذت ذلك بعد القرض فهو مكروه، روينا هذا القول عن النخعي، وبه قال إسحاق بن راهويه. قال أبو بكر: الأمر في هذا يتصرف على أوجه: أحدهما: أن يفرضه فرضاً على أن يهدي إليه هدية فذلك غير جائز، والزيادة التي يأخذها حرام. والوجه الثاني: أن يفرضه فرضاً ولا يشرطه عليه شيئاً ولم يعطه ذلك على نية، أن يأخذ أفضل مما أعطى، فرد عليه أفضل مما قبض، فذلك مباح حلال، استدلالاً بخبر أبي رافع، وأبي هريرة رضي الله عنهما أن النبي- صلى الله عليه وسلم -. (ح 1275) استسلف من رجل بكراً فقضاه أفضل منه. (ح 1276) وفي حديث أبي هريرة: فأعطاه أفضل من سنه، وقال: خيركم أحسنكم قضاء. والوجه الثالث: أن يكونا يتهاديان بينهما قبل ذلك، فلا يكره لهما أن يمضيا على عادتهما إن شاء لله.

132 - باب السفاتيح

132 - باب السفاتيح م 3660 - واختلفوا في الرجل يدفع دنانير ودراهم بأرض ويأخذها بأرض أخرى. فأباح ذلك فريق، وممن روينا أنه أباح ذلك علي بن أبي طالب، وابن عباس [2/ 142/ألف] وابن الزبير، والحسن بن علي، وابن سيرين، وعبد الرحمن بن الأسود، وأيوب السختياني، والثوري، وأحمد، وإسحاق. وكره ذلك الحسن البصري، وميمون بن أبي شبيب، وحماد بن أبي سليمان، وعبدة بن أبي لبابة، والأوزاعي، والليث بن سعد، ومالك، والشافعي. قال أبو بكر: لا بأس به، إذا لم يشترط أفضل مما يدفعه، أو يدخل فيه خزفاً، أو نقداً غير نقده. 133 - مسائل من باب السلف م 3661 - كان مالك والليث بن سعد، والشافعي يقولون: إذا تسلف فلوساً، أو دراهم فأفسدها السلطان، أو إبطالها، فليس عليه إلا مثل الفلوس التي يستلفها أو الدراهم. وقال أحمد: يكون له عليه قيمتها من الذهب. م 3662 - واختلفوا في الرجل يسلف الرجل الشيء إلى أجل، فيطالبه به قبل الأجل.

فكان مالك، والليث بن سعد يقولان: ليس ذلك له حتى يحل الأجل. وقال الحارث العكلي، والأوزاعي، والشافعي: يطالبه به ويأخذه منه متى شاء. قال أبو بكر: هذا أصح. م 3663 - وقال مالك: من سلف ورقاً فلا بأس أن يأخذ بها ذهباً بعد محل الأجل. وقال الشافعي: لا بأس يأن يأخذ ذهباً قبل محل الأجل وبعده. م 3664 - وقال إسحاق: إذا كان له على رجل حنطة من قرض، فلا يأخذ قيمته شعيراً، لأنه باع الدين بالدين. وفي قول الشافعي: له أن يأخذ به شعيراً، يقبضه مكانه أقل من كيل الحنطة وأكثر إذا شاء ذلك المعطي. وقد روينا ذلك عن ابن عمر أنه كره أن يأخذ مكان الدراهم طعاماً. وووينا عن سعيد بن جبير، وعكرمة، وحماد أنهم لو يروا بذلك بأساً. م 3665 - وكان الحصين، وابن سيرين، والأوزاعي يقولون: إذا استقرض دراهم عدداً رد عدداً، إذا أخذ وزناً رد وزناً، وفعل ذلك أيوب، أخذ من حماد بن زيد دراهم بمكة عدداً فأعطاه بالبصرة عدداً. قال أبو بكر: هذا جائز، لأنه ليس ببيع. م 3666 - ورخص أبو قلابة، وأحمد بن حنبل أن يستقرض الجيران بعضهم من بعض الخبز. وبه قال مالك إذا لم يكن يشترط أن يقضيه أفضل منه.

134 - باب اجتناب الشبهات من الأمور

وكره مالك والشافعي [2/ 142/ب] استقراض الولائد. قال أبو بكر: م 3667 - وإذا أقرضه طعاماً ببلد فلقيه ببلد آخر فطالبه بالطعام، قيل له: إن شئت فأقبض منه طعام بالبلد الذي أعطيته فيه، وإن شئت فخذ قيمة الطعام بذلك البلد، هذا قول الشافعي. م 3668 - واختلفوا في نصراني أسلف نصرانياً خمراً. فقال الثوري: إن أسلم المقرض لم يأخذ شيئاً، فإن أسلم المستقرض، رد على النصراني ثمن خمره. وعلى مذهب الشافعي، وأحمد، وإسحاق: أيهما أسلم لا يرد شيئاً. قال أبو بكر: وبه أقول. 134 - باب اجتناب الشبهات من الأمور (ح 1277) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: "الحلال بين والحرام بين، وبينهما مشتبهات لا يعلمها كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات [[استبرأ]] لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كالراعي حول الحمى يوشك أن يقع فيه، ألا وإن لكل ملك حمى، وإن حمى الله محارمه".

(ح 1278) وفي حديث الحسن بن علي عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك". (ح 1279) وفي حديث النواس بن سمعان: الإثم ما حال في صدرك، وكرهت أن يطلع عليه الناس. قال أبو بكر: وقد تكلم غير واحد من أهل العلم في معنى خبر النعمان بن بشي: الحلال بين والحرام بين، فقال بعضهم: الشبهات تنصرف على وجوه: فمنها: شيء يعلمه المرء محرماً، ثم يشك هل حل ذلك أم لا، فما كان من هذا النوع فهو على أصل تحريمه، لا يحل لأحد من ذلك شيء حتى يوقن أنه قد حل له، مثل [[الصيد]] حرام على المرء أن ينال من لحمه شيئاً وهو حي قبل أن يذكي، وإذا شك في ذكاته لم يزل على أصل التحريم إلا بيقين ذكاة، والأصل فيه مع ما دل عليه النظر: (ح 1280) حديث عدي بن حاتم أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا أرسلت كلبك فخالطته أكلب لم يسم عليها فلا تأكل فانك لا تدري أيها قتله". قال أبو بكر: وهذا أصل لكل محرم أنه على أصل تحريمه حتى يعلم [2/ 143/ألف] أن المحرم عليه قد صار حلالاً بيقين. ومن ذلك أن يكون للرجل أخ لا وارث له غيره، فيبلغه وفاته،

ولأخيه جارية، فهي محرمة عليه حتى يومين بوفاته، ويعلم أنها قد حلت له. قال أبو بكر: وكلما ورد عليك من هذا النوع، فالجواب فيه كالجواب في الصيد والجارية. وكذلك لو أن شاتين ذكية وميته سلختا، فلم يدر أيهما الذكية، كانتا محرمين على أصل التحريم حتى نعلم الذكية من الميتة. والوجه الثاني: أن يكون الشيء حلالاً فيشك في تحريمه، فما كان من هذا الوجه فهو على الإباحة حتى يعلم بيقين تحريمه، كالرجل له الزوجة فيشك في طلاقها، أو تكون له جارية فيشك في وقوع العتق عليها، والأصل في هذا: (ح 1281) حديث عبد الله بن زيد أن من شك في الحديث بعد أن أيقن بالطهارة، فهو على يقين طهارته، قال النبي- صلى الله عليه وسلم -: لا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يحد ريحاً. والوجه الثالث: أن يشكل بالشيء في نفسه على الإنسان، لا يدري حرام هو أو حلال، ويحتمل الشيء المعنيين، ولا دلالة تدل على أحد المعنيين، فما كان في هذا المعنى، فالأصوب والأعلى أن يستعمل فيه المرء ما استعمل النبي - صلى الله عليه وسلم - في الثمرة التي وجدها ساقطة قال: (ح 1282) "لولا أخشى أن تكون من الصدقة لأكلتها".

ولا يجوز أن يحكم على من نال مثل هذا أنه أخذ حراماً، لاحتمال أن يكون حلالاً، غير أنا نستحب من باب الورع أن نقتدي برسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما فعل. وقد زعم بعض أهل العلم أن الضب هذا سبيله، ولأن النبي- صلى الله عليه وسلم -قال: (ح 1283) "لست بآكله ولا بمحرمه". (ح 1284) وأكل بحضرته فلم ينه عنه. فمن كان مذهبه الورع وقف عن الشبهات، ومما يحتمل ما احتملت التمرة التي وجدها النبي - صلى الله عليه وسلم -. (ح 1285) وقد روينا عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لا يبلغ العبد أن يكون من المتقين حتى يدع مالا بأس به، حذراً لما به البأس". قال أبو بكر: يعرفك أنه لا يبلغ اسم التقوى عند الله إلا [2/ 143/ب] بتركه مالا بأس به، حذراً لما به البأس، ألا تراه يقول في خبر أبي أمامة: (ح 1286) إذا حاك في صدرك شيء فذره.

135 - باب مبايعة من يخالط أمواله الحرام

(ح 1287) وفي الحديث الآخر: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك. م 3669 - وقد سئلت عائشة عن لحم الصيد للمحرم، فقالت: إنها أيام قرائب فما حك في نفسك فدعه. قال أبو بكر: وأولى الأشياء أن يستعمل فيه التوقف وترك التقديم عليه، [والتثبيت في] (2) أمر الفتيا، بل محرم على من سئل عما لا علم له به أن يجيب فيه، ويقول ما قالته ملائكة الله لما قال لهم: {أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ، قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} الآية. (ح 1288) وفعل ذلك النبي- صلى الله عليه وسلم - لما سئل عن خير البقاع وشر البقاع، فقال: لا أدري. واستعمل ذلك الصديق، والفاروق، وسئل أحدهما عن الجمرة، فقال للسائلة: ارجعي حتى اسأل الناس، وقبل الآخر بخبر الضحاك بن سفيان في توريث المرأة من دية زوجها، لما لم يكن عنده في ذلك علم. وقال ابن مسعود: إن الذي يفتي الناس في كل ما يسألونه لمجنون. 135 - باب مبايعة من يخالط أمواله الحرام م 3670 - واختلفوا في مبايعة من يخالط أمواله الحرام، وقبول

هداياه، وجوائزه. فرخص فيه الحسن، ومكحول، والزهري، والشافعي، وقال: لا أحب ذلك. وقد احتج بعض من رخص ذلك بقول الله عَزَّ وَجَلَّ لما ذكر لليهود، فقال: {سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ} الآية. (ح 1289) وقد رهن النبي- صلى الله عليه وسلم - درعه عند اليهودي. واحتج بأن جماعة من أصحاب النبي- صلى الله عليه وسلم - كانوا يقبلون جوائز قوم، منهم ابن عمر، وابن عباس، وعائشة وغيرهم. وكرهت طائفة قبول هداياهم، وجوائزهم، والأخذ منهم، وممن كان لا يقبل ذلك ابن المسيب، والقاسم بن محمد، وبشير بن سعيد، والثوري، ومحمد بن واسع، وابن المبارك، وأحمد بن حنبل.

64 - كتاب الشفعه

64 - كتاب الشفعه 1 - باب إثبات الشفعة للشريك وإبطالها عن الجار الذي ليس بشريك قال أبو بكر: (ح 1290) ثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -[2/ 144/ألف]: جعل الشفعة في كل مال لم يقسم، فإذا وقعت الحدود، وصرفت الطرق فلا شفعة. م 3671 - وأجمع أهل العلم على إثبات الشفعة للشريك الذي لم يقاسم، فيما بيع: من أرض، أو دار، أو حائط. م 3672 - واختلفوا في الشفعة للجار الملاصق، ولغير الشريك. فقالت طائفة: إذا وقعت الحدود فلا شفعة، وإنما الشفعة فيما لم يقسم من الرباع، والأرضين، هذا قول كثير من أهل العلم. وممن روينا عنه هذا القول: عمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان رضي الله عنهما. وبه قال سعيد بن المسيب، وسليمان بن يسار، وعمر بن عبد العزيز، والزهري، ويحيى الأنصاري، وأبو الزناد، وربيعة، ومالك بن أنس. وقالت طائفة: الشريك أحق بالشفعة من الجار، والجار أحق من غيره، والجوار: الحدود، إذا كان حده إلى حده، هذا قول الثوري.

2 - باب الأمر بأن يؤذن الشريك شريكه بالبيع قبل أن يبيع

وقال أصحاب الرأي: الشريك في المنزل أحق بالشفعة من الجار، فإن سلم الشفعة فإن الشريك في الدار، والطريق أحق من جار الدار، فإن سلم الشفعة الشريك في الدار، فالجار أحق بالشفعة الملاصق الذي داره لصيق الدار التي فيها الشراء، فإن كان بينهما طريق نافذ، فلاحق له في الشفعة. قال أبو بكر: بالقول الأول أقول. (ح 1291) للثابت عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أنه جعل الشفعة في كل مال لم يقسم". وسائر الأخبار في أسانيدها ومتونها مقال، وقد ذكرتها في غير هذا الموضع. 2 - باب الأمر بأن يؤذن الشريك شريكه بالبيع قبل أن يبيع قال أبو بكر: (ح 1292) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -قال: "من كانت له شركة في أرض،

3 - باب الشفعة في العروض

أو ربعة فليس له أن يبيع حتى يستأذن شريكه، إن شاء أخذ، وإن شاء ترك". م 3673 - واختلفوا في الشريك يأذن لشريكه في بيع النصيب، ثم يرجع فيطالب بشفعته. فقالت طائفة: لا شفعة له، كذلك قال الحكم، والثوري، وأبو عبيد، وطائفة من أهل الحديث. واحتجوا فيه بهذا الحديث، قالوا: ومحال أن يقول رسول الله: "وإن شاء ترك" فإن ترك فلا يكون لتركه معنى؟ ... ولا يجوز على ظهار الخبر إلا و (¬1) الترك يلزمه [2/ 144/ب] وتبطل شفعته. وقال آخرون: إذا أبي أن يأخذ ثم بيع، فله الشفعة، هذا قول مالك، والبتي، وابن أبي ليلى، وأصحاب الرأي، وهو يشبه مذهب الشافعي. واختلف فيه عن أحمد، فقال مرة: كقول هؤلاء، ومرة كقول الثوري. 3 - باب الشفعة في العروض قال أبو بكر: م 3674 - واختلفوا في الشفعة في العروض والحيوان. ¬

_ (¬1) كذا في الأصل، وفي العمانية /251، وفي الدار " وبخبر الأول الترك".

4 - باب الشفعة فيما في قسمته ضرر، وفيها لا يحتمل القسم

فقال أكثر أهل العلم: لا شفعة فيه. هذا قول عطاء، والحسن البصري، وبه قال مالك، والثوري، والأوزاعي، وعبد الله ابن الحسن، وقتادة، وربيعة، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي. وقال الحكم، وحماد: لا شفعة في العبد. وقال عطاء مرة: الشفعة في كل شيء حتى في الثوب، وقد اختلف فيه عنه. قال أبو بكر: بالقول الأول أقول. وليس في الباب حديث صحيح يجب القول به. 4 - باب الشفعة فيما في قسمته ضرر، وفيها لا يحتمل القسم قال أبو بكر: م 3675 - واختلفوا في الشفعة فيما لا يحتمل القسم، وفيما في قسمته ضرر، وذلك مثل البئر، والعين: فقال يحيى بن سعيد الأنصاري، وربيعة: لا شفعة في ذلك وبه قال مالك، والشافعي. روينا عن عثمان بن عفان رفي الله عنه أنه قال: "لا شفعة

5 - باب الشفعة للغائب

في بئر ولا فحل". وقال أصحاب الرأي في العين، أو النهر، أو البئر يشتريها الرجل بأصلها (¬1): فيها الشفعة. قال أبو بكر: وبقول يحيى الأنصاري أقول، وفي قوله - صلى الله عليه وسلم -: "فإذا وقعت الحدود فلا شفعة". دليل على أن لا شفعة فيما لا يحتمل القسم. م 3676 - واختلفوا فيمن باع حصته من طريق أو عرضه دار واسعة، بين جماعة تحتمل القسم. ففي قول الشافعي: فيها الشفعة. وقال مالك بن أنس: لا شفعة فيه، وكان يرى الشفعة في الحمام. 5 - باب الشفعة للغائب قال أبو بكر: ¬

_ (¬1) كذا في الأصل، وفي العمانية/ 253، وفي الدار " يشتريها إلى أجل فأصلها".

م 3677 - واختلفوا في الشفعة للغائب. فروينا عن شريح، والحسن، وعطاء أنهم رأوا للغائب الشفعة، وبه قال مالك، والليث بن سعد، والثوري، وعبيد الله بن الحسن، والأوزاعي، والشافعي، وأصحاب الرأي، وأحمد، وإسحاق. وقد روينا عن النخعي [2/ 145/ألف] أنه قال: ليس للغائب شفعة، وبه قال الحارث العكلي قال: إلا الغائب القريب. وقال البتي: إن كانت غيبته قريبة فله الشفعة، وإن كانت غيبته منقطعة فلا شفعة. قال أبو بكر: حكم النبي- صلى الله عليه وسلم - بالشفعة حكماً عاماً، فذلك لكل شفيع. وقال عطاء: الغائب على شفعته إذا قدم، وبه قال الحسن، ومالك ابن أنس. وقال عبد الله بن الحسن: له مسافة الطريق ذاهباً وجائياً، وظهرياً إياباً. وقال الشافعي: إذا أمكنه الخروج بعد العلم، أو التوكيل، ولا حابس له، فترك ذلك: انقطعت شفعته.

6 - باب الشفعة للصغير

وقال أصحاب الرأي: له من الأجل بعد العلم قدر المسير، فإن مضى ذلك الأجل قبل أن يطلب، أو يبعث من يطلب، فلا شفعة له 6 - باب الشفعة للصغير قال أبو بكر: م 3678 - واختلفوا في الشفعة للصغير. فأوجبت طائفة الشفعة للصغير، هذا قول الحسن، ومالك، وعطاء، والأوزاعي، وعبيد الله بن الحسن، والشافعي، وأصحاب الرأي. وقال الثوري: له الشفعة إذا بلغ. وقال آخرون: لا شفعة له، روي ذلك عن النخعي، وبه قال ابن أبي ليلى، والحارث العكلي. قال أبو بكر: القول الأول أصح. م 3679 - واختلفوا في الولي والوصي يسلمان الشفعة، ثم يبلغ الصبي ويطالب بما سلماه. فقال مالك، والنعمان (¬1)، ويعقوب: تسليمهما جائز. ¬

_ (¬1) "والنعمان" ساقط من الدار، وثابت في العمانية/258.

7 - باب الشفعة للذمي

وقال محمد، وزفر (¬1): هو على شفعته إذا بلغ، وهو مذهب الشافعي. قال أبو بكر: وبه أقول. 7 - باب الشفعة للذمي فل أبو بكر: م 3680 - واختلفوا في الشفعة للذمي. فاثبتث طائفة له الشفعة، وري ذلك عن شريح، وبه قال عمر بن عبد العزيز، وإياس بن معاوية، والنخعي، وحماد بن أبي سليمان، ومالك، والثوري، وعبيد الله بن الحسن، والشافعي، وإسحاق، وأصحاب الرأي. وفيه قول ثان: وهو أن، شفعة له، روي ذلك عن الحسن البصري، والشعبي. وبه قال أحمد، قال: لأنه ليس له حرمة. قال أبو بكر. دخل الذمي في جملة من جعل له النبي- صلى الله عليه وسلم - الشفعة. 8 - باب الشفعة للوارث قال أبو بكر: م 3681 - واختلفوا في الرجل تكون له الشفعة [2/ 145/ب] فيموت. ¬

_ (¬1) "وزفر" ساقط من الدار، وثابت في العمانية /258.

9 - باب الشفعة للأعرابي

فقال مالك: تقوم ورثثه مقامه، وحكي ذلك عن الشافعي. وقال كثير منهم: لا شفعة لهم، روي ذلك عن ابن سيرين، والشعبي. وبه قال الثوري، وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي. 9 - باب الشفعة للأعرابي (¬1) م 3682 - واختلفوا في الشفعة للأعراب. فقال الشعبي: ليس لمن لا يسكن بالمصر شفعة، وبه قال البتي. وقال الثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق: الشفعة للبدوي والقروي، وبه قال أصحاب الرأي. قال أبو بكر: وكذلك نقول، لدخوله في ظهار الحديث. 10 - باب الشفعة بين أهل الميراث قال أبو بكر: م 3683 - قالت طائفة: كل أهل حيز بعضهم أولى بالشفعة من الآخرين، مثل الأزواج لهن الربع أو الثمن، وكذلك الأخوة لأم، فمن باع منهم ¬

_ (¬1) هذا الباب بأكمله ساقط في "الدار"، وثابت في العمانية /260.

11 - باب الحكم في الشفعة وحقوق الشركاء متفاوتة

فبعضهم أولى بما باع بعض ممن سواهم من أهل الميراث، يتشافعون بينهم دون غيرهم من أهل الميراث، هذا قول مالك. وقال عطاء في رجلين اشتريا ثلث دار، واشترى آخرين الثلثين، فباع أحد الإثنين نصيبه، قال: صاحبه الذي اشترط معه أولى بالشفعة. وقال سائر أهل العلم: هو وسائر الشركاء سواء، هذا مذهب أصحاب الرأي، وعبيد الله بن الحسن. وللشافعي فيه قولان: هذا القول أصحهما. قال أبو بكر: وبه نقول. (ح 1293) لأن النبي - صلى الله عليه وسلم -حكم للشريك بالشفعة. فحكم جميع الشركاء واحد. 11 - باب الحكم في الشفعة وحقوق الشركاء متفاوتة قال أبو بكر: م 3684 - واختلفوا في الشركاء يجتمعون على طلب الشفعة وحقوقهم متفاوتة. فقالت فرقة: يقسم الشقص بينهم على قدر حصصهم، روي ذلك عن عطاء، والحسن، وابن سيرين، وبه قال مالك، وسوار بن عبد الله، وعبيد الله بن الحسن، وإسحاق، وأبو عبيد.

12 - باب الوقف الذي تنقطع فيه الشفعة

وفيه قول ثان: وهو أن يعطي صاحي القليل كما يعطى من له الكثير. روى هذا القول عن الشعبي، والنخعي، وبه قال ابن أبي ليلى، والثورى، وابن شبرمة [2/ 146/ألف] أصحاب الرأي. وقال الشافعي: فيها قولان. أحدهما: كقول مالك. والآخر: كقول الثوري، ومال إلى قول الثوري. قال أبو بكر: هذا أصح. 12 - باب الوقف الذي تنقطع فيه الشفعة قال أبو بكر: م 3685 - واختلفوا في الوقت الذي تنقطع فيه شفعة الشفيع. فقال أصحاب الرأي: إذا علم بها الشفع فلم يطلب مكانه، فلا شفعة له، وهذا مذهب ابن شبرمة، والبتي، وعبيد الله بن الحسن، والأوزاعي، وبه قال الشافعي إذا تركها ولم يذكر عذراً. وفيه قول ثان: وهو أن حد ذلك ثلاثة أيام، إذا علم فلم يأخذها فلا شفعة له، هذا قول الثوري، وابن أبي ليلى. وحكى ابن وهب عن مالك أنه قال: تنقطع الشفعة، إذا مضت سنة وصاحبها حاضر.

13 - باب العهدة في الشفعة: على من تكون؟

وقد حكي عنه أنه قال: يحلف بالله ما كانت إقامته تركاً للشفعة، ثم يأخذها. وقد روينا عن الشعبي قولاً رابعاً، وهو (¬1) أنه قال: إذا مضى على الشفعة يوم، فلا شفعة له. قال قائل: له أن يأخذ بالشفعة في كل حال، أو يترك، وهو حق للشفيع كما القصاص حق للولي. 13 - باب العهدة في الشفعة: على من تكون؟ قال أبو بكر: م 3686 - كان مالك، والشافعي، والنعمان (¬2)، ويعقوب يقولون: عهدة الشراء على المشتري للشفيع. وقال ابن أبي ليلى: العهدة على البائع. وقال ابن الحسن: إن أخذها من البائع، فعهدته عليه. 14 - باب الشفعة في بيع الخيار قال أبو بكر: ¬

_ (¬1) "وهو" ساقط من الدار، ومن العمانية/ 262. (¬2) "والنعمان" ساقط من الدار، وثابت في العمانية/ 262.

15 - باب اختلافهم في ثمن الشقص

م 3687 - واختلفوا في الشفعة في الشقص المشتري بشرط الخيار. فقال مالك: لا شفعة فيه حتى يقطع المشتري الخيار. وقال أصحاب الرأي: إن كان الخيار للبائع فلا شفعة فيه، وإن كان الخيار للمشتري ففيه الشفعة. وبه قال الشافعي، وقال: فيه قول آخر: أن لا شفعة فيه حتى يتم ملكه. 15 - باب اختلافهم في ثمن الشقص قال أبو بكر: م 3688 - وإذا قال البائع: بعتك بألف درهم، وقال المشتري [2/ 146/ ب] والشفيع: بعته بخمسمائة: تحالفا وترادا، وكان الشفيع بالخيار: في أخذها بألف درهم، أو ترخها، هكذا قال الشافعي. وقال أصحاب الرأي: القول قول البائع مع يمينه، أو يترادان البيع. وقياس قول أبي ثور أن القول قول المشتري مع يمينه، ويأخذ الشفيع بما حلف عليه المشتري. 16 - باب العرض يشتري به الشقص، ثم يختلفوق في قيمته قال أبو بكر: م 3689 - قال مالك، والشافعي، وأصحاب الرأي: إذا اختلفوا في قيمة

17 - باب الشقص المشترى إلى أجل

العرض المشترى به (¬1) الشقص، فالقول قول المشتري مع يمينه، فإذا شاء الشفيع أخذ، وإن شاء ترك. م 3690 - وقال الشافعي، وأصحاب الرأي: إذا كان العرض قائماً قوم، وأعطي قيمته. م 3691 - وقال أصحاب الرأي: إذا اشترى الشقص بشيء مما يكال أو يوزن، أخذها الشفيع بمثل الثمن. 17 - باب الشقص المشترى إلى أجل قال أبو بكر: م 3692 - واختلفوا في الشقص يشتري بثمن إلى أجل (¬2). فقال مالك، وعبد الملك: إن كان الشفيع مليئاً، أخذه بالثمن إلى الأجل، وإن كان مخوفاً فجاء بملئ فله ذلك. وبه قال إسحاق، وأحمد، إذا كان في الثقة مثله، فله إلى ذلك الأجل. وقال البتي: إذا وثق له أخذها. وقال الثوري: لا يأخذها إلا بالنقد. وقال الشافعي: إن تطوع بتعجيل الثمن أخذ بالشفعة، وإلا فليدع حتى يحل (¬3) الأجل ثم يأخذ. ¬

_ (¬1) كذا في الأصل، والعمانية/ 265، وفي الدار "كذلك". (¬2) وفي الدار "الشقص المشتري بثمن آجل". (¬3) وفي الدار: "يجيء الأجل"، وفي العمانية/ 267" حتى يحل الثمن".

18 - باب الشفيع يسلم الشفعة، ثم يعلم أن الثمن أقل

18 - باب الشفيع يسلم الشفعة، ثم يعلم أن الثمن أقل قال أبو بكر: م 3693 - كان الشافعي، وأصحاب الرأي يقولون: إذا علم أن الثمن أقل مما أظهروه (¬1) فهو على حقه إذا علم. وبه قال مالك، بعد أن يحلف ما سلم الشفعة إلا لمكان الثمن الكثير. وقال ابن أبي ليلى: لا شفعة له، لأنه قد سلم ورضي. م 3694 - وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن من اشترى شقصاً من أرض مشتركة، فسلم بعضه الشفعة، وأراد بعضهم أن يأخذ، فلمن أراد الأخذ بالشفعة أن يأخذ الجمع أو يدعه، وليس له أن يأخذ بقدر حقه ويترك ما بقي، هذا قول مالك، وأصحاب الرأي، وهو يشبه مذهب الشافعي [2/ 147/ألف]. م 3695 - وللشفيع أن يأخذ بالشفعة وإن أقال المشتري البائع، هذا قول مالك، وعبيد الله بن الحسن، وأصحاب الرأي، ولا نعلم غيرهم خالفهم. 19 - باب المشتري يقاسم ويعمر ثم يأتي الشفيع قال أبو بكر: م 3696 - واختلفوا في المشتري يقاسم ويعمر، ثم يأتي الشفيع. ¬

_ (¬1) وفي الدار: "أضمروه".

20 - باب إذا اشترى شقصا فيه الشفعة، فباع من البناء ثم جاء الشفيع

فقالت طائفة: الشفيع بالخيار، إن شاء أخذ ذلك بقيمة البناء، وإن شاء ترك، كذلك قال الشعبي، وابن أبي ليلى، ومالك، والأوزاعي، والبتي، وسوار، والليث بن سعد، والشافعي، وأحمد، وإسحاق. وقال حماد بن أبي سليمان، والثوري، وأصحاب الرأي: يكلف المشتري أن يقلع البتاء، ويسلم المشتري إلى الشفيع. وفيه قول ثالث: وهو أنهما إذا اختلفا ولم يتفقا، أن يبيعاه جميعاً، فإن قصر الثمن عن قيمة العرضة والبناء: دخل النقصان عليهما بالحصص، وكذلك تكون الزيادة لهما على قدر رؤوس أموالهما. 20 - باب إذا اشترى شقصاً فيه الشفعة، فباع من البناء ثم جاء الشفيع قال أبو بكر: م 3697 - واختلفوا فيمن اشترى ما فيه الشفعة، فباع من البناء، ثم جاء الشفيع. فقالت طائفة: تقوم الأرض قيمة، والبناء قيمة، فيأخذ (¬1) هذا الأرض بالقيمة من حساب الثمن، هذا قول الثوري، والشافعي، وعبيد الله بن الحسن، والنعمان، ويعقوب (¬2)، وأحمد، وإسحاق. ¬

_ (¬1) في الأصل " فأخذ" وهذا من "الدار". (¬2) والنعمان، ويعقوب" ساقط من "الدار"، ومن العمانية/270 "النعمان" ساقط.

21 - باب الشفعة في الصداق

وقال مالك: إذا هدم منها شيئاً ليوسع، أو كانت نخلا فقطعها، فليس له أن يأخذ حتى يعطيه الثمن كله، ولا يقاصه بشيء مما قطع أو هدم، وليس له أن يأخذ حتى يعطيه قيمة ما عمر. قال أبو بكر: الأول أصح. 21 - باب الشفعة في الصداق قال أبو بكر: م 3698 - وافترقوا في الشفعة في الصداق ثلاث فرق: فقال الحسن البصري، والشعبي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي: لا شفعة في الصداق. وقال مالك، وابن أبي ليلى، وابن شبرمة: يأخذه بقيمة الشقص. وقال الحارث العكلي، والشافعي: يأخذ ذلك بصداق مثلها. قال أبو بكر: الأول أصح (¬1)، وليس ذلك بشراء (¬2) فيكون فيه شفعة. قال أبو [2/ 147/ب] بكر: م 3699 - وإذا اشترى شقصاً من دار، فتصدق به على رجل، ثم قدم الشفيع: أخذ بشفعته، وأبطلت الصدقة (¬3)، وكذلك لو جعله مسجداً، وهذا على مذهب الشافعي، وأصحاب الرأي. ¬

_ (¬1) في "الدار" قول مالك أصح، وبه يتناقض الكلام. (¬2) وفي العمانية/271 "ذلك بشيء". (¬3) كلمة "الصدقة "سقطت من "الدار".

22 - باب الشفعة الهبات

22 - باب الشفعة الهبات قال أبو بكر: م 3700 - وإذا كنت الهبة معقودة على ثواب معلوم، وتقابضا: فالشفعة فيه (¬1) ثابتة، في قول مالك، والشافعي، وأصحاب الرأي. م 3701 - وإن كانت الهبة على غير ثواب: فلا شفعة فيه، في قولهم جميعاً. م 3702 - وإذا كان الشيء الوهوب شقصاً على ثواب: ففي قول مالك، والشافعي: فيه الشفعة. وفيه قول الكوفي: لا شفعة فيه. م 3703 - وممن أجاز هبة المشاع: مالك، وابن أبي ليلى، وأحمد (¬3)، وإسحاق، وأبو ثور. 23 - باب المشتري يذكر نسيان الثمن قال أبو بكر: م 3704 - كان مالك يقول: "إذا طال الزمان، وهلك الشهود، ونسي الثمن: فلا شفعة، وإن كان العهد قريباً: قومت الأرض، فيصير ثمنها إلى ذلك وأخذ صاحب الشفعة". ¬

_ (¬1) كلمة "فيه" سقطت من "الدار". (¬3) كلمة "أحمد" سقطت من "الدار"، وهي ثابتة في العمانية/272.

24 - باب مسألة

والشافعي لا يرى بين قديم الملك وحديثه فرقاً، ولكن المشتري يحلف بالله، ما تثبت الثمن، وتبطل الشفعة. 24 - باب مسألة قال أبو بكر: م 3705 - وإذا باع مشتري الشقص ما اشترى، فله أن يأخذ بالشفعة بأي الثمنين شاء، في قول مالك، وعبيد الله بن الحسن، وإسحاق. م 3706 - ولا شفعة في البيع الفاسد، في قول الشافعي، وبه قال أصحاب الرأي غير أنهم قالوا: إن سلمها المشتري للشفيع بالثمن الذي أخذها به، وسماه له؟ جاز ذلك، وكان على المشتري قيمة الدار، لأن هذا بيع من المشتري. قال أبو بكر: هذا لا معنى له، لأنه سلم ما لا يملك. 25 - باب الشفعة يطالب بها، ولم يحضر المال قال أبو بكر: م 3707 - كان مالك يقول: لا بأس أن يؤخر الثمن يوماً أو يومين، فإن جاء بالثمن وإلا (¬1) فالمشتري أحق بها. وقال ابن شبرمة: يؤخر ثلاثة أيام. ¬

_ (¬1) كذا في الأصل، والعمانية/ 274، وفي "الدار" "فإن أجله بالثمن يوماً أو يومين وإلا".

26 - باب مسألة

وقال يعقوب: إن تقدم إلى القاضي [2/ 148/ألف] فيما بينه وبين ثلاثة أيام، وإلا فإن أبا حنيفة قال (¬1): لا شفعة له. وقال عبيد الله بن الحسن: إن لم يكن عنده ثمنه، يباع ما أخذ بالشفعة فيما عليه، فإن لم يكن في ذلك وفاء، كان الفضل عليه إذا أخذ بالشفعة، وليس عنده ثمنه. 26 - باب مسألة م 3708 - واختلفوا في الوصي يأخذ بالشفعة. ففي قول الأوزاعي: لا يأخذ له بالشفعة، ولكن يأخذ بها الصبي إذا كبر. وفي قول مالك، والبتي (¬2)، وسوار، وعبيد الله بن الحسن، والشافعي، وأصحاب الرأي: يأخذ وصية له بالشفعة. 27 - باب مسألة م 3709 - واختلفوا في الشركاء يبيع بعضهم من بعض، هل للآخرين شفعة؟ فكان الحسن البصري، والشعبي، والبتي يقولون: لا شفعة لهم، وقال مالك، والشافعي: إن شاؤوا أخذ كل واحد (¬3) بحصته. ¬

_ (¬1) كذا في الأصل، والعمانية/ 274، وفي "الدار" فلا لاشفعة فيه. (¬2) وفي العمانية/274 "الليثي" وهو خطأ. (¬3) في الدار "كل إنسان"، وكذا في العمانية/ 275.

65 - كتاب الشركة

65 - كتاب الشركة قال أبو بكر: م 3710 - أجمع أهل العلم على أن الشركة الصحيحة، أن يخرج كل واحد من الشريكين مالاً مثل مال صاحبه، دنانير، أو دراهم، ثم يخلطان ذلك، حتى يصير مالاً واحداً لا يتميز (¬1)، على أن يبيعا، ويشتريا ما رأيا من أنواع التجارات على أن ما كان فيه من فضل وربح فلهما، وما كان من نقصان فعليهما، فإذا فعلا ذلك صحت الشركة. م 3711 - ثم ليس لأحد منهما (¬2) أن يبيع ويشتري إلا مع صاحبه، إلا أن يجعل كل واحد منهما لصاحبه أن يتجر في ذلك بما يرى، فإن فعلا قام كل واحد منهما مقام صاحبه وانفرد (¬3) بالبيع والشراء، حتى ينهاه صاحبه. م 3712 - وإذا مات أحدهما، انفسخت الشركة. م 3713 - واختلفوا في الرجلين يشتركان، فيأتي أحدهما بألف درهم، ويأتي الآخر بألفي درهم، يخلطانها، على أن الربح بينهما نصفين، والوضيعة على قدر رؤوس أموالهما. فقالت طائفة: ذلك جائز. ¬

_ (¬1) وفي الدار "يتبين". (¬2) في الدار "ليس لأحدهما". (¬3) في الدار "وتفرد".

1 - باب الشركة على أن يخرج أحدهما دنانير والآخر دراهم

يروى ذلك عن الشعبي، والحسن، والنخعي، وبه قال أحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي. وقال الشافعي: الشركة فاسدة، والربح بينهما على قدر رؤوس أموالهما، والوضيعة كذلك على قدر المال، ولصاحب المال الأقل على الآخر أجر مثله، في مقدار ما عمل ف [2/ 148/ ب] مال صاحبه. م 2714 - واختلفوا فيه والمسأله بحالها، إن اشترطا أن الربح والوضيعة عليهما شطران. فكان الشعبي (¬1) يقول: الربح على ما اصطلحا عليه، والوضيعة على المال. وقال أصحاب الرأي، وأبو ثور: هذه شركة فاسدة لا يجوز أن يكون على صاحب الألف من الوضيعة أكثر من رأس ماله. 1 - باب الشركة على أن يخرج أحدهما دنانير والآخر دراهم قال أبو بكر: م 2715 - واختلفوا في الرجلين يشتركان، فأخرج أحدهما دنانير والآخر دراهم. فرخص فيه الحسن البصري وقال: إذا كان عند القسمة أخذ كل واحد منهما مثل ما جاء به، وكان الربح بينهما على ما اشترطا عليه، والوضيعة على المال. وكره الثوري هذه الشركة. ¬

_ (¬1) في الدار "الشافعي" مكان الشعبي، وكذا في العمانية/177.

2 - باب الشركة بالعروض

وفي قول الشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي: الشركة فاسدة. 2 - باب الشركة بالعروض قال أبو بكر: م 3716 - واختلفوا في الشركة بالعروض. فكره ذلك ابن سيرين، ويحيى بن أبي كثير، وسفيان الثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. ورخص في ابن أبي ليلى. قال أبو بكر: لا تجوز الشركة بالعروض، لأن رؤوس أموالهما تكون مختلفة. 3 - باب شركة المفاوضة قال أبو بكر: م 3717 - واختلفوا في شركة المفاوضة. فكان الشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور يقولون: ذلك باطل. قال أبو بكر: وبه نقول.

4 - باب شركة الأبدان

وأجاز ذلك سفيان الثوري، والأوزاعي، وابن أبي ليلى، وأصحاب الرأي. وقال الثوري، والنعمان، ويعقوب: لا تكون شركة مفاوضة حتى تكون رؤوس أموالهما سواء. 4 - باب شركة الأبدان قال أبو بكر: م 3718 - ولا تجوز في قول الشافعي، وأبو ثور شركة الأبدان، وأجاز أحمد، وأصحاب الرأي شركة الأبدان. وقال الثوري في شركة الصباغين: إذا تقبلا العمل وقاما (¬1) فلا بأس به. قال أبو بكر: لا يجوز ذلك. واحتج أحمد بن حنبل بأن سعداً، وابن مسعود اشتركا يوم بدر. 5 - باب الشركة بغير رأسه مال قال أبو بكر: ¬

_ (¬1) في نسخين "وماتا"، وفي العمانية/280 "زماناً".

6 - باب الشركة بالقمح ونحوه

م 3719 - أجاز الثوري، واحد، وإسحاق، وأبو ثور، ومحمد بن الحسن الشركة [2/ 149 ألف] بغير رأس مال على أن يشتريا بوجوههما، فما ربحاً أو وضعاً فعليهما. ولا يجوز ذلك في قول الشافعي. قال أبو بكر: لا بأس بأن يقول الرجل للرجل: ما اشتريت في هذا الوقت من متاع، فهو بيني وبينك، ولا أعلم أحداً يمنع من هذا، وإذا جاز ذلك في الوقت، جاز أن يوكل كل واحد منهما صاحبه يشتري ما بدا له. 6 - باب الشركة بالقمح ونحوه قال أبو بكر: م 3720 - واختلفوا في الشركة بالقمح ونحوه: فإن الأوزاعي يقول: لا بأس به، وبه قال أبو ثور، وأصحاب الرأي. وقال الشافعي: لا تجوز الشركة إلا بالدنانير، والدراهم. قال أبو بكر: وإنما كره من كره الشركة بالعروض لاختلاف القيمة، إذا كانا سواء من جنس واحد وسعر واحد (¬1)، فهو في معنى الدنانير، والدراهم، لا فرق بينهما. 7 - باب الشركة والمال لأحدهما قال أبو بكر: م 3721 - واختلفوا في الرجلين يشتركان والمال لأحدهما: فقال الشافعي: لا ¬

_ (¬1) "وسعر واحد" ساقط من "الدار"، وثابت في العمانية/282.

8 - باب مشاركة أهل الكتاب

يجوز، والربح، والوضيعة على الذي له المال (¬1)، وللذي لا مال له على الذي له المال أجر مثله فيما عمل. وبه قال عبيد الله بن الحسن، وهو على مذهب ربيعة، ومالك، والليث، وقال أحمد بن حنبل: إن ربح شيئاً، فله نصف ما ربح، وإلا فلا شيء له. 8 - باب مشاركة أهل الكتاب (¬2) قال أبو بكر: م 3722 - كره كثر من أهل العلم مشاركة اليهودي والنصراني، وممن كره ذلك ابن عباس، وهو قول الحسن، وعطاء، وإياس بن معاوية، ومالك، والثوري، وأحمد، وإسحاق، إذا كان الذي يلي البيع والشراء الذمي، وكره ذلك الشافعي. 9 - باب الدين بين الشركاء قال أبو بكر: م 3723 - واختلفوا في الدين يكون بين الشركاء، فيقتسمون الغرماء، ثم يَتْوَى بعض المال. ¬

_ (¬1) في الأصل "والربح والوضعية على المال، والذي أثبته من الدار"، وفي العمانية/282" لا يجوز والوضيعة على المال". (¬2) في الدار مترجم لهذه الفقرة بالمسائل، وفي العمانية/282" ذكر مشاركة أهل الذمة".

ففي قول ابن سرين، والنخعي: يرجع الذي توِيَ ماله على الذي لم يَتْوَ فيحاصه، وبه قال أحمد. وفي قول الحسن البصري، وإسحاق بن راهويه: ذلك جائز، إذا أبرأ كل واحد منهما صاحبه. وقد روينا عن ابن عباس أنه قال [2/ 149 ب]: "لا بأس أن يتخارج أهل الميراث من الدين بعضهم من بعض".

66 - كتاب الرهن

66 - كتاب الرهن 1 - باب اباحة الرهن في الحقوق تكون للمرتهن على الراهن قال أبو بكر: قال الله جل ذكره: {وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} (ح 1294) وثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - "رهن درعه بثلاثين صاعاً من شعير كان أخذه لأهله من يهودي". قال أبو بكر: م 3724 - فالرهن جائز بكتاب الله جل وعز في السفر، وهو جائز في الحضر بالسنة؛ لأن النبي- صلى الله عليه وسلم - رهن درعه بالمدينة، وهو حاضر غير مسافر. وممن قال بظاهر هذا الحديث، الثوري، ومالك، وعبيد الله بن الحسن، والشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. ولا نعلم أحداً خالف ذلك في القديم والحديث، إلا مجاهداً فإنه قال: ليس الرهن إلا في السفر. فالرهن جائز في السفر بالكتاب، وفي الحضر بالسنة، وبه قال عامة أهل العلم.

2 - باب الرهن المعلوم

وخبر رسول الله- صلى الله عليه وسلم - على إباحة أن يرهن المسلم الذمي ما يجوز ملكه، ويشتري منه ويبع. 2 - باب الرهن المعلوم قال أبو بكر: م 3725 - واختلفوا في الرجل يبيع الشيء على أن يرهنه من ماله شيئاً وقد عرفه البائع والمشتري. فقال كل من نحفظ عنه من أهل العلم: لا يكون الرهن إلا مقبوضاً، فإن امتنع الراهن أن يقبض المرتهن الرهن: لم يجبر على ذلك في قول الشافعي، وأصحاب الرأي. وفي قول الشافعي: للبائع الخيار في إتمام البيع بغير الرهن، أو رد البيع. وقال أبو ثور: آخذ الرهن إن كان قائماً وأدفعه إلى المرتهن، وذلك إن عقد البيع وقع عليه. 2 - باب الرهن يهلك عند المرتهن قال أبو بكر: م 3726 - افترق أهل العلم في الرهن يهلك عند المرتهن خمس فرق. فقالت فرقة: يترادّان الفضل، روي هذا القول عن علي بن أبي طالب، وبه قال عبيد الله بن الحسن، وأبو عبيد، وإسحاق.

4 - باب العدل يقبض الرهن

وقال فرقة: يكون من مال الراهن، وحق المرتهن ثابت على الراهن، هذا قول الشافعي، وأحمد، وأبي ثور. وقالت فرقة: ذهبت الرهبان بما فيها، يروى هذا القول عن شريح، والحسن [2/ 150/ألف]، والشعبي. وقالت فرقة إن كان الرهن أكثر مما رهن فيه، فهلك فهو بما فيه، والمرتهن أمين في الفضل، وإن كان أقل رد عليه النقصان، هكذا قال النخعي، والثوري، وأصحاب الرأي. وقالت فرقة: "إن كان الرهن مما يظهر تلفه مثل الحيوان، والدور والأرضين، فهو من الراهن، إذا علم هلاكه، وإن كان مما لا يعلم هلاكه فهو من المرتهن، وهو لقيمته ضامن، هذا قول مالك بن أنس. قال أبو بكر: بقول الشافعي أقول؛ لأن ملك الراهن (¬1) ثابت عليه، ولم يملكه المرتهن، وإذا تلف، فتلفه من مال ملكه، والزيادة والنقصان له وعليه. 4 - باب العدل يقبض الرهن قال أبو بكر: م 3727 - وإذا قبض العدل الرهن، فهو مقبوض في قول عطاء، وعمرو بن ¬

_ (¬1) في "الدار" ملك الرهن.

5 - باب اختلاف الراهن والمرتهن في المال

دينار، وسفيان الثوري، وابن المبارك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبي ثور، وأصحاب الرأي. م 3728 - وإن تلف الرهن في يد العدل ففي قول الشافعي، وأبي ثور: يكون من مال الراهن. وفي قول أصحاب الرأي: يكون من مال المرتهن. وقال الحكم، والحارث العكلي، وقتادة: لا يكون الرهن مقبوضاً إذا قبضه العدل. قال أبو بكر: يكون الرهن مقبوضاً؛ لأن العدل في معنى وكيل المرتهن. 5 - باب اختلاف الراهن والمرتهن في المال م 3729 - واختلفوا في الراهن والمرتهن يختلفان في مقدار الدين والرهن قائم، فإن النخعي، وعثمان البتى، والثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي يقولون: القول قول الراهن مع يمينه. قال أبو بكر: وبه نقول. وفيه قول ثان: وهو أن القول قول المرتهن ما لم يجاوز ثمنه أو قيمته الرهن، روى هذا القول عن الحسين، وقتادة. وفيه قول ثالث: قاله اياس بن معاوية قال: إن كنت له بينة أنه وقع الرهن فالقول ما قال الراهن، وإن لم تكن له بينة بدفعه الرهن،

6 - باب قيمة الرهن

والرهن في يديه فالقول ما قال المرتهن لأنه لو شاء جحد الرهن ومن أقرا بشيء وليست عليه بينة فالقول ما قال. وفيه [2/ 150/ب] قول رابع: قاله مالك قال: يحلف المرتهن، فإن كان الرهن قدر حقه أخذه بحقه إلا أن يشاء رب الرهن أن يعطيه حقه الذي حلف عليه، ويأخذ رهنه، وإن كان الرهن أقل من الذي سمى، أحلف المرتهن على الذي سمى، ثم قيل للراهن: إما أن تعطيه الذي حلف عليه، وإما أن تحلف على الذي قلت، ويبطل عنك ما زاد على الراهن مما حلف عليه صاحبه، وإن لم يحلف لزمه ما حلف عليه صاحبه. قال أبو بكر: القول قول الراهن مع يميه؛ لأن المرتهن مدعي الفضل. (ح 1295) وقال النبي- صلى الله عليه وسلم -: البينة على المدعي، واليمين على المدعى عليه. 6 - باب قيمة الرهن قال أبو بكر: م 3730 - وإذا اختلف الراهن والمرتهن في قيمة الرهن إذا تلف في قول من يضمنه القيمة فالقول قول المرتهن مع يمينه، هكذا قال الثوري، وعبيد الله بن الحسن، وأصحاب الرأي.

7 - باب معنى قوله - صلى الله عليه وسلم - "لا يغلق الرهن"

وفي قول الشافعي، وأحمد: لا شيء على المرتهن، إلا أن يتلف من جنايته فيكون القول قول المرتهن الغارم مع يمينه، في قولهم. قال أبو بكر: م 3731 - وإذا باعه سلعة على رهن غير معلوم، فالبيع فاسد في قول الشافعي، وأصحاب الرأي. وقال أبو ثور: البيع جائز، ويرهنه ما شاء مما يجوز رهنه. 7 - باب معنى قوله - صلى الله عليه وسلم - "لا يغلق الرهن" (ح 1296) [ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -قال: لا يغلق الرهن]. قال أبو بكر: م 3732 - روينا عن ابن عمر بن الخطاب أنه قال في الرجل، يرهن الرهن، قول: إن جئتك بحقك إلى كذا وكذا، وإلا فهو لك، قال: ليس ذلك له، وهذا معنى قوله: لا يغلق الرهن، عند مالك، والثوري، وأحمد، وبه قال النخعي، وأصحاب الرأي. وقال الشافعي: إن المرتهن لا يستحق الرهن، بأن يدَّع الراهن قضاء حقه عند محله، وأبطل الشافعي البيع الذي يعقد على أن المرتهن مستحق للرهن عند محل المال إذا لم يقضه الراهن.

8 - باب المرتهن يجعل له بيع الرهن إذا حل الحق

8 - باب المرتهن (¬1) يجعل له بيع الرهن إذا حل الحق قال أبو بكر: م 3733 - كان مالك والشافعي يقولان: لا يجوز أن يجعل للمرتهن البيع عند محل الحق، ولا يكون ذلك إلا بأمر السلطان، وبه قال ابن سيرين. وفيه قول ثان: وهو أن له بيعه، إذا جعل الراهن ذلك إليه [2/ 151/ألف] هذا قول ابن شبرمة، والثوري، وأحمد، وإسحاق. 9 - باب الرهن يستحق بعضه قال أبو بكر: م 3734 - واختلفوا في الرهن يستحق بعضه. فقال مالك، وابن أبي ليلى، وأبو ثور: يكون ما بقي رهناً. وقال أصحاب الرأي: يبطل الرهن فيما بقي، قالوا: فإن كانت دابتين، فاستحقت إحدهما، فالأخرى رهن بجميع المال. قال أبو بكر: يكون ما بقي رهناً، وللبائع الخيار في فسخ البيع وإتمامه. ¬

_ (¬1) في الأصل "الراهن" والتصحيح من الدار، وفي العمانية/296 "ذكر بيع الرهن إذا حل الحق".

10 - باب الراهن يعتق العبد المرهون

10 - باب الراهن يعتق العبد المرهون قال أبو بكر: م 3735 - أجمع أهل العلم على أن الراهن ممنوع من بيع الرهن، وهبته. والصدقة به، وإخراجه من يدي مرتهنه، حتى يبرأ من حق المرتهن. م 3736 - واختلفوا في الراهن يعتق العبد المرهون. فقال عثمان البتي، وأبو ثور: العتق باطل، وهو رهن بحاله. وقال الشافعي، وأحمد، وأصحاب الرأي: إن كان موسراً أخذ منه قيمته، ونفذ العتق، ويجعل القيمة رهنا مكانه، وبه قال مالك. وقال مالك، والشافعي: إن كان معسراً بطل عتقه. وقال شريك، والحسن بن صالح، وأحمد: إن كان معسراً فعتقه جائز، قال شريك: يسعى العبد للمرتهن، وقال الحسن بن صالح: ليس عليه سعاية. وقال أصحاب الرأي: يسعى العبد في قيمته، ويرجع العبد على الراهن. 11 - باب الأمة الرهن يطؤها الراهن قال أبو بكر: م 3737 - أجمع أهل العلم على أن للمرتهن منع الراهن من وطء أمته المرهونة. م 3738 - واختلفوا فيه إذا وطئها فحملت. فقال الشافعي: إن كان موسراً يؤخذ منه قيمة الجارية، وتكون أم ولد له.

12 - باب نماء الرهن

وقال أصحاب الرأي: هو [[ضامن]] للمال إن كان موسراً. وقال أبو ثور: يؤخذ بالدين وخرجت من الرهن، وبه قال الثوري. وقال قتادة: تباع إن لم يكن لسيدها مال. وقال أحمد، وإسحاق: لا تباع. وقال ابن شبرمة: تستسعى، ولا تباع. م 3739 - وتخرج من الرهن عند أبي ثور إن كان معسراً، ولا تستسعى. وللشافعي فيها قولان: أحدهما أن تباع إذا وضعت حملها. والقول الثاني [2/ 151/ب] لا تباع. وقال مالك: إن كان تَسَوَّرَ عليها، أُعطِيَ ولده، وتباع، وإن كانت تأتيه وتخرج إليه فأراها أم ولد لا تباع، ويُتْبَعُ بالدين. 12 - باب نماء الرهن قال أبو بكر: م 3740 - واختلفوا فيمن رهن شجراً فأثمر، وجارية فحملت وولدت. فقال الثوري، وأصحاب الرأي: ولد الجارية، وثمر الشجر من الرهن. وكذلك قال الشعبى، والنخعي في ولد الأمة.

م 3741 - وقال أصحاب الرأي في ألبان الماشية، وأصواف الغنم وسمونها، رهن معها. وقال الشافعي وأبو ثور: ولد الأمة، ونتاج الماشية، خارج من الرهن. وفي قول الشافعي: إن رهنت ماشية مخاضاً، فنتجت، فالنتاج خارج من الرهن. وفي قول أبي ثور: يكون رهناً معها. وفيه قول ثالث، وهو: أن ثمر النخل ليس برهن مع الأصل، إلا أن يكون اشترط ذلك، وولد الأمة يكون رهناً مع الأم (¬1). هذا قول مالك. قال أبو بكر: وبقول الشافعي أقول، إلا في الماشية تُرهن مخاضاً فإن ولدها يكون رهناً معها. م 3742 - واختلفوا في الرجل يرهن الثمرة دون النخل. ففي قول الشافعي، وأبي ثور: رهنه جائز إذا حل بيعه. وفي قول أصحاب الرأي: لا يجوز ذلك إلا أن يصرِمَ النخل (¬2) فيقبضه بأمره. ¬

_ (¬1) هذا من الدار، وفي الأصل "مع الأصل". (¬2) "النخل" ساقط من الدار.

13 - باب قوله - صلى الله عليه وسلم - الرهن محلوب ومركوب"

13 - باب قوله - صلى الله عليه وسلم - الرهن محلوب ومركوب" قال أبو بكر: (ح 1297) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: "الظَّهرُ يُركَبُ بنفقتِهِ إذا كانَ مرهوناً، ويُشرَب لبنُ الدَّرَّ إذا كانَ مرهوناً، وعلى الذي يشرب ويركب نفقتُه". (ح 1298) وروي عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "الرهنُ مركوبٌ، ومحلوبٌ". م 3743 - واختلفوا فيمن له منفعة الرهن، وركوب الظهر، ولبن الدر، وغير ذلك. فقالت طائفة: كل ذلك للراهن، هذا قول الشافعي. وقال أحمد: لا ينتفع به إلا الدر لحديث أبي هريرة، وبه قال إسحاق. وقال أبو ثور: إذا كان الراهن لا ينفق عليه، وتركه في يدي المرتهن فأنفق عليه (¬1)، فله ركوبه، واستخدام العبد. م 3744 - واختلفوا في المرتهن ينتفع بالرهن. فقالت طائفة: إن كان من بيع فجائز، وإن كان من قرض فلا. روي هذا القول عن الحسن، ومحمد، وبه قال أحمد، وإسحاق. ¬

_ (¬1) كذا في الأصل، وفي الدار "ما ينفق عليه فله".

14 - باب نفقة الرقيق ومؤنتهم

وقال مالك: لا باًس أن يشترط في البيع منفعة الرهن إلى أجل في الدور، والأرضين، وكره [2/ 152/ألف] ذلك في الحيوان، والثياب، وكره ذلك في القرض، لأنه يصير سلفاً جرَّ منفعة. وفي قول الشافعي: لا يكون ذلك كله إلا للراهن، في الحيوان، والدور، وغير ذلك. 14 - باب نفقة الرقيق ومؤنتهم (¬1) قال أبو بكر: م 3745 - واختلفوا في نفقة الرقيق على من تجب. فقال الشافعي: نفقة الرقيق على الراهن، وكذلك قال مالك، وعبيد الله بن الحسن، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور. م 3746 - وكذلك قال الشافعي، وأصحاب الرأي في علف الدواب: إن ذلك على الراهن. م 3747 - وكان مالك (¬2)، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، والنعمان يقولون: كفن العبد المرهون، إن مات على الراهن. م 3748 - وقال أصحاب الرأي: إن مرض الرقيق، أو أصابتهم جراحة، أو دَبَرَت الدواب، فإن إصلاح ذلك ودواؤ على المرتهن إذا كان الدين والقيمة سواء، وإن كان الدين أقل من قيمة الرهن فالمعالجة عليهما، على الراهن والمرتهن بحساب ذلك. ¬

_ (¬1) ومؤنتهم "ساقط من الدار". (¬2) "وكان مالك ...... إلى قوله: إن مات، على الراهن" ساقط من الدار، وكذلك من العمانية/ 302.

15 - باب المرتهن ينفق على الرهن بغير أمر الراهن

وفي قول الشافعي: ذلك كله على الراهن. قال أبو بكر: وبه أقول لأنهم مالكهم. 15 - باب المرتهن ينفق على الرهن بغير أمر الراهن قال أبو بكر: م 3749 - كان الثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي يقولون: إذا أنفق المرتهن على الرهن بغير أمر الراهن، فهو متطوع لا يرجع به على الراهن. وقال أبو ثور: يلزم الراهن ما أنفق المرتهن، إذا لم يكن له حاجة أن يركب ويستخدم. وقال إسحاق: علف الدواب على المرتهن، وله أن ينتفع بقدر العلف، لما: (ح 1299) صح عن النبي- صلى الله عليه وسلم - "الرهنُ مركوبٌ ومحلوبٌ". قال أبو بكر: كقول الشافعي أقول. 16 - باب الزيادة في الرهن قال أبو بكر: م 3750 - أجمع كل من أحفظ عنه من أهل العلم على أن للراهن أن يزيد المرتهن مع رهنه رهناً، أو رهوناً، كذلك قال الشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي.

17 - أبواب من يجوز رهنه ومن لا يجوز

واختلفوا في الرجل، يكون بيده الرهن بمال، فيسأله الراهن أن يزيده في الرهن مالاً غير المال الأول، ليكون الرهن بالمالين جميعاً: فإن الشافعي يقول: يجوز إلا مسألة واحدة، فإنه أجار ذلك في العبد المرهون، إذا جنى عند المرتهن، فقال: إذا أمره الراهن بأن يفديه، ويجعل العبد رهناً بالمال الأول وبما [2/ 152/ب] فداه به، فجائز. وقال النعمان، ومحمد: إذا استزاده الراهن مالاً (¬1) ليجعله في الرهن لم يكن ذلك الرهن، قالا: هذا والباب الأول سواء، غير أنا أخذنا في الباب الأول بالاستحسان. وكان أبو يوسف يجيز هذا، كما يجيز الأول، ويجعل الرهن بالمالين جميعاً، وبه قال أبو فور. قال أبو بكر: لا فرق بينهما، وقول يعقوب صحيح. 17 - أبواب من يجوز رهنه ومن لا يجوز قال أبو بكر: م 3751 - وإذا استدان الوصي لليتيم، في كسوته، وطعامه، ورهن به رهناً، فهو جائز في قول أصحاب الرأي، ولا يجوز في قول أبي ثور. وقال الشافعي مرة: يجوز، ومرة: لا يجوز. ¬

_ (¬1) وفي الدار "مالاً رهنا ليجعله"، وفي العمانية/ 303" إذا اشترى به مالاً".

18 - باب رهن العبد المأذون له في التجارة

18 - باب رهن العبد المأذون له في التجارة (¬1) قال أبو بكر: م 3752 - واختلفوا في رهن العبد المأذون وكان له في التجارة. ففي قول أبي ثور، وأصحاب الرأي: رهنه جائز. ولا يجوز ذلك في قول الشافعي. 19 - باب رهن المرتد قال أبو بكر: م 3753 - واختلفوا في رهن المرتد فإن أبو ثور يقول: لا يجوز رهنه. وقال أصحاب الرأي: إن قتل على الردة فرهنه باطل، وإن أسلم فهو جائز. وقال الشافعي: رهنه جائز. وقال مرة: إن رهن قبل أن يوقف ماله جاز، وإن رهن بعد أن أوقف ماله، لم يجز رهنه. 20 - باب بيع الموضوع على يده الرهن (¬2) قال أبو بكر: م 3754 - واختلفوا في بيع العدل الموضوع على يده الرهن عند محل الحق، ¬

_ (¬1) كذا في الأصل، وفي الدار "باب رهن العبد"، وكذا في العمانية/304. (¬2) كذا في الأصل، وفي الدار "باب الموضوع على يديه الرهن"، وكذا في العمانية/305.

21 - باب رهن المشاع

إذا كان وكل ببيعه. ففي قول أبي ثور، وأصحاب الرأي: له أن يبيع ذلك؟ غير أن أبا ثور قال: يكتب الراهن العهدة على نفسه، وقال أصحاب الرأي: تكون العهدة على العدل. وقال مالك: لا يبيع، إلا بأمر السلطان. وقال الشافعي: يبيع ذلك بأمر الراهن والمرتهن، فأيهما منعه البيع فليس له أن يبيع. م 3755 - وإذا باع العدل، وذكر أنه دفع الثمن إلى المرتهن، وأنكر ذلك المرتهن، حلف المرتهن، وضَمَّن الراهنُ الأمين، إلا أن يقيم العدل البينة على الدفع. هذا قول الشافعي. وقال أبو ثور: ليس على العدل شيء153 [2/ 153/ألف] لأنه غير ضامن في الأصل ومالُ المرتهن على الراهن. وفي كتاب ابن الحسن (قال): إذا قال العدل: دفعت إلى المرتهن فهو مصدق، وعلى العدل أن يحلف على ذلك. 21 - باب رهن المشاع قال أبو بكر: م 3756 - واختلفوا في رهن المشاع. فإن مالك، وابن أبي ليلى، وعثمان البتى، والأوزاعي، وسوار، وعبيد الله بن الحسن، والشافعي، وأبو ثور: يجيزون رهن الشاع.

22 - باب رهن المكاتب

وقال أصحاب الرأي: لا يجوز أن يرهنه ثلث دار، ولا نصيباً من عبد، ولا سيف. ثم قالوا: إذا كان للرجلين على الرجل مالاً هما فيه شريكان، فرهنهما بذلك أرضاً، فهو جائز إذا قبضاها. قال أبو بكر: وهذا إجازة رهن المشاع، لأن كل واحد منهما مرتهن نصف دار له (¬1). قال أبو بكر: رهن المشاع جائز كما يجوز بيعه. 22 - باب رهن المكاتب قال أبو بكر: م 3757 - أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن للمكاتب أن يرتهن فيما له فيه الصلاح. كذلك قال مالك، والشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. م 3758 - واختلفوا في المكاتب يَرْهَن. فقال مالك، وأبو ثور، وأصحاب الرأي: رهنه جائز. وقال الشافعي: لا يجوز. 23 - باب العارية في الرهن قال أبو بكر: م 3759 - وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن الرجل إذا استعار من ¬

_ (¬1) كلمة "له" سقطت من الأصل. أثبته من الدار.

الرجل الشيء، يرهنه على دنانير معلومة، عند رجل سماه له، إلى وقت معلوم، فرهن ذلك على ما أذن له فيه، إن ذلك جائز. م 3760 - واختلفوا فيه إذا استعاره على أن يرهنه، ولم يسم ما يرهنه به. فكان الشافعي يقول: لا يجوز حتى يسمي مالك الشيء ما يرهنه به. وقال أبو ثور، وأصحاب الرأي: إذا لم يوقت له شيئاً فيما رهنه به فهو جائز. م 3761 - وإذا أمره أن يرهنه بشيء فرهنه بأكثر منه، فهو ضامن، في قول الشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي. م 3762 - وكذلك إذا أمره أن يرهنه بشيء فرهنه بغيره، كأنه أمره أن يرهنه بقمح فرهنه بزيت، فهو ضامن، والرهن مفسوخ. م 3763 - وكذلك إذا أمره أن يرهنه بالبصرة، [2/ 153/ب] فرهنه بالكوفة، أو أمره أن يرهنه من فلان فرهنه من آخر، فهو ضامن في قولهم جميعاً. م 3764 - واختلفوا في الرجل يستعير من الرجل الثوب لهذه بعشرة دراهم، وقيمة الثوب عشرون درهما، فرهنه بعشرة دراهم، فضاع الثوب عند المرتهن. فكان محمد بن الحسن يقول: يرد الراهن العشرة التي أخذها على رب الثوب، ويبطل حق المرتهن، ولا يضمن المرتهن، وللراهن من الفضل شيئاً. وقال أبو ثور: لا ضمان عليه لصاحب الثوب، إذا أعاره على أن يرهنه. وقال أحمد: الثوب عارية، هو ضامن حتى يؤديه.

24 - باب جنايات الرهون

وقال الثوري: إذا أعاره ثوباً يرهنه، فرهنه، فعطب الثوب، فكل ما أخذ من سيب الثوب ما بينه وبين قيمة الثوب، يرد عليه. وبه قال إسحاق. م 3765 - وإذا اختلف رب الثوب والمستعر: فقال رب الثوب: أمرتك أن ترهنه بخمسة، وقال المستعر: أمرتني أن أرهنه بعشرة، فالقول قول رب الثوب، في قول الشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي. والمستعير ضامن لقيمته إن هلك (¬1). 24 - باب جنايات الرهون قال أبو بكر: م 3766 - واختلفوا في العبدين يرهنان عند رجل، فيجني أحدهما على الآخر، فيقتله. فكان الشافعي يقول: إن كان قتل محمداً، فللسيد الخيار، إن شاء اقتص منه فإن اقتص منه (¬2) بقي المال بغير رهن، وإن كان رهناً بحاله، وإن كان قتل خطأ، فالآخر رهن بحاله. وقال أبو ثور: الجناية باطل. وقال أصحاب الرأي: إذا كانا رهناً بألف، وكل واحد منهما يساوي ألفاً، فإن الباقي القاتل يكون رهناً بتسعمائة وخمسين. ولو لم يقتله، ولكن فقأ عينه، كان الباقي بستمائة وخمسة وعشرين، والفقوءة عينه رهناً بمائتين وخمسين، وهما جميعاً رهناً بهذا، ¬

_ (¬1) كلمة "والمستعر" وما بعدها ساقطة من الدار. (¬2) "فإن اقتص منه"، ساقط من الدار.

25 - باب جناية العبد المرهون على سيده

ولا يفتكهما جميعاً إلا بما سميا فيهما. ولو أن المفقوءة عينه، بعد ذلك، فقأ عين الفاقئ عينه بقي في عين الفاقئ الأول ثلاثمائة واثنا عشر ونصف، ويلحق الفاقئ الآخر مائة وستة وخمسون وربع إلى المائتين والخمسين التي في عنقه. م 3767 - وقال أبو ثور: إن كان الرهن عبداً، فقتل نفسه، أو جرحها [2/ 154/ألف] فليس على المرتهن شيء، والنقص على الراهن. وبه قال الشافعي. 25 - باب جناية العبد المرهون على سيده قال أبو بكر: م 3768 - أجمع أهل العلم على أن العبد المرهون، إذا جنى على سيده جناية تأتي على نفسه، أو نقص أطرافه، خطأ، أنه رهن بحاله. م 3769 - وكذلك لو جنى على عبد لمولاه، أو أم ولد، أو أمة، أو مدبر، أو مال لمولاه. م 3770 - فإن جنى جناية محمداً، أتت على نفس السيد، ففي هذا أقاويل: أحدها: أن الأولياء بالخيار، إن شاؤوا اقتصوا منه، فإن اقتصوا

26 - باب جناية العبد المرهون على ابن الراهن

منه (¬1) فقد بطل الرهن، والدين ثابت في ماله، وإن عفوا على غير مال، كان رهناً بحاله. هذا قول الشافعي. وقال أصحاب الرأي: عليه القصاص، ويبطل الدين والرهن إذا قُتِل. وقال الثوري: إذا قتل سيدَه، فليس على المرتهن منه شيء، هو ماله، بعضه في بعض. وبه قال أحمد، وإسحاق قالا: وهو رهن بحاله. وقال أبو ثور: جنايته على السيد باطل، وهو رهن بحاله. 26 - باب جناية العبد المرهون على ابن الراهن قال أبو بكر: م 3771 - واختلفوا في العبد المرهون، يجني على ابن الراهن، وارثه جناية تأتي على نفسه. فإن الشافعي يقول: "للراهن القود أو العفو على الدية، أو غير الدية فإن عفا على الدية، بيع العبد، وخرج من الرهن، فإن اشتراه سيده الراهن فهو مملوك له لا يجبر على أن يعيده في الرهن، لأنه ملكه بغير الملك الأول". وقال أبو ثور: إذا كان المطالب بها الأب فلا جناية له على عبده. ¬

_ (¬1) "فإن اقتصوا منه" سقط من الدار.

27 - باب جناية العبد المرهون على المرتهن

وقال أصحاب الرأي: إذا كانت جنايته على ابن الراهن أو المرتهن كنت جنايته على هذا كجنايته على رجل غريب، يدفع بذلك العبد، أو يفتدى. 27 - باب جناية العبد المرهون على المرتهن قال أبو بكر: م 3772 - واختلفوا في العبد المرهون يجني على المرتهن. فقال أبو ثور: يقال للراهن: إما أن تسلمه، وإما أن تفتديه، فإن فداه فهو رهن بحاله، وإن أسلمه فهو للمرتهن، والدين على الراهن. وقال أصحاب الرأي: يقال للراهن [2/ 154/ب] ادفعه أو افده، فإن دفعه فقبله المرتهن صار عبداً له، ويبطل الدين والرهن، وإن فداه كان على الراهن نصف الفداء، ويكون رهناً على حاله. هذا قول النعمان. وإن كنت الجناية عمداً أتت على نفس المرتهن، فعليه القصاص، فإن قتل بطل الدين والرهن في قول أصحاب الرأي. وفي قول الشافعي، وأبي ثور: لا يبطل دين المرتهن بقتل الرهن، ويكون الدين لورثة المرتهن على الراهن.

28 - باب جناية العبد المرهون على غير الراهن والمرتهق

28 - باب جناية العبد المرهون على غير الراهن والمرتهق قال أبو بكر: م 3773 - واختلفوا في العبد المرهون الذي يساوي ألفين، وهو رهن بألف، يقتل رجلاً خطأ. فكان الشافعي يقول: "الخصم فيه المالك الراهن، يقال له: إن فديته بجميع أرش الجناية فأنت متطوع، والعبد مرهون بحاله، وإن لم تفده يع العبد في الجناية، وذلك أولى من الرهن". قال أبو ثور: يقال للراهن: إما أن تسلمه وإما أن تفديه، فإن فداه فهو رهن بحاله، وإن سلمة فالدين على الراهن بحاله. وفيه قول ثالث: وهو أن يخير الراهن والمرتهن، فإن شاءا دفعاه، وبطل الرهن، وإن شاءا فدياه بالدية نصفين على كل واحد منهما النصف، وكان رهناً على حاله. وإن قال أحدهما: أدفع، وقال الآخر: أفدي، فليس يستقيم ذلك، إما أن يفدياه، وإما أن يدفعاه، هذا قول أصحاب الرأي. وقال الثوري: إذا ارتهن عبداً، فجنى عنده جناية، فما جنى فهو عليه، ليس على الذي رهنه شيء. 29 - باب العبد المرهون يجنى عليه قال أبو بكر: م 3774 - كان الشافعي يقول: "إذا جنى على العبد المرهون عبد للراهن،

30 - باب مسائل من كتاب الرهن

أو للمرتهن، أو لغيرهما جناية أتت على نفسه، فالخصم فيه سيد العبد الراهن، والقصاص إليه، فإن شاء اقتص، فإن اقتص فقتله، فليس عليه أن يبدل رهناً، وإن اختار أخذ قيمة عبده، دفعه إلى المرتهن، يكون رهناً، إلا أن يشاء أن يكون قصاصاً من حق المرتهن". وقال الثوري: إن اقتص فقد ذهب الرهن بما فيه، إلا أن يكون للمرتهن فضل عن القيمة [2/ 155/ألف] للعبد. وقال أحمد: يؤخذ السيد برهن يكون قيمة العبد، وبه قال إسحاق. 30 - باب مسائل من كتاب الرهن قال أبو بكر: م 3775 - أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن من رهن شيئاً أو أشياء بمال، فادّى بعض المال، وأراد إخراج بعض الرهن، أن ذلك ليس له، ولا يخرج من الرهن شيئاً، حتى يوفيه آخر حقه، أو يبرأ من ذلك. كذلك قال مالك، والثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور (¬1)، وأصحاب الرأي. ¬

_ (¬1) "أبو ثور" ساقط من الدار، وثابت في العمانية1/ 315.

12 - باب العامل يشترط أن يعمل معه رب المال

رب المال بيعه، ولا فضل في المال، جُبِر المضارب (¬1) على بيعه، أو يعطي رب المال رأس ماله. وإن كان في المال فضل، فإن المضارب يجبر على بيعه أيضاً إلا أن يشاء المضارب أن يعطي رب المال ثلاثة أرباع المال برأس ماله وحصته من الربح، ويسلم رب المال ربع المال للمضارب بحصته من الربح، فإن أبي ذلك رب المال جبر على ذلك. قال أبو بكر: قول الشافعي صحيح. 12 - باب العامل يشترط أن يعمل معه رب المال قال أبو بكر: م 3825 - أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن الرجل إذا دفع إلى آخر مالاً معاملة، وأعانه رب المال، من (¬2) غير شرط، كان له ذلك جائزاً، وممن حفظنا ذلك عنه: مالك، والشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. م 3826 - وقال مالك، وأبو ثور، وأصحاب الرأي: فإن اشترط عليه، أن يعمل معه [2/ 159/ألف] فهي مضاربة فاسدة، والربح والوضيعة لرب المال، وله أجر مثله في قول الشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي. ¬

_ (¬1) في الأصلين: (جبر رب المال) وبذلك لا يستقيم الكلام. (¬2) في الدار "عن غير شرط".

13 - باب دفع مال اليتيم قراضا

قال أبو بكر: م 3827 - لا تصح المضاربة حتى يسلم رب المال إلى العامل ويخلي بينه وبينه، هذا مذهب مالك، والأوزاعي، والشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي. م 3828 - فإن باع العامل أو اشترى (¬1)، والمال بيد رب المال، فربح أو وضع، فهو لرب المال، وعليه، وللعامل أجر مثله في قول الشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي. 13 - باب دفع مال اليتيم قراضا (¬2) قال أبو بكر: م 3829 - واختلفوا في دفع مال اليتيم مضاربة (¬3). فممن روينا عنه أنه رأى ذلك: عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وهو قول ابن عمر، والنخعي، والضحاك، والشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي. وروينا عن الحسن أنه كره ذلك. وقال إسحاق: للوصي أن يعمل بمال اليتيم مضاربة، إذا كان فيه نظر لليتيم. وقال أصحاب الرأي في الأب والوصي كما قال إسحاق. ¬

_ (¬1) في الدار "واشترى". (¬2) وفي الدار "مضاربة". (¬3) وفي الدار "قراضاً".

14 - باب العامل يشتري أبا رب المال

14 - باب العامل يشتري أبا رب المال قال أبو بكر: م 3830 - إذا اشترى العامل أبا رب المال بإذنه، عتق عليه، وإذا اشتراه بغير إذن (¬1)، فالعامل ضامن للمال، والعبد له في قول الشافعي، وأصحاب الرأي. م 3831 - وإذا اشترى العامل أبا نفسه. فهو على المضاربة في قول الشافعي، وأبي ثور. وفي قول أصحاب الرأي كذلك، إذا لم يكن في المال فضل، فإذا كان في المال فضل فهو لازم له، فعتق من مال العامل، وهو ضمان لما نقد من الثمن. وفي قول الشافعي، وأبي ثور: العبد على المضاربة، كان في المال فضل أو لم يكن فيه فضل. قال أبو بكر: وبه نقول لأنه: لا شيء للعامل فيه حتى يقبض رب المال رأس ماله. 15 - باب نفقة المضارب قال أبو بكر: م 3832 - واختلفوا في نفقة المضارب (¬2) إذا سافر. ¬

_ (¬1) وفي الدار "أمره". (¬2) وفي الدار "العامل".

16 - باب مسائل من كتاب المضاربة

فقال مالك، والأوزاعي: ينفق بالمعروف، إذا شخص بالمال، وبه قال أبو ثور، وإسحاق، وأصحاب الرأي، ولا نفقة له في قولهم جميعاً حتى بشخص بالمال عن البلد. وممن رأى للمضارب أن ينفق من المال: الحسن البصري، والنخعي. وقالت طائفة: نفقته على نفسه، وما أكل من المال فهو دين عليه، هذا قول [2/ 159/ب] ابن سيرين، وحماد بن أبي سليمان. وبه قال أحمد، إلا أن يشترط. م 3833 - وفي قول الأوزاعي، وأصحاب الرأي: ما كان من حجامة، ودواء في مال نفسه. وقال أبو ثور في الحجامة، ودخول الحمام: من المال، وشرب الدواء وفصد العروق، ومكافأة الأخوان: من مال نفسه. واختلف فيه عن الشافعي، فحكى البويطي عنه أنه قال، كما قال ابن سيرين، وحكى المزني عنه أنه قال كما قال مالك، والأوزاعي. 16 - باب مسائل من كتاب المضاربة قال أبو بكر: م 3834 - واختلفوا في شراء رب المال، أو العامل من مال المضاربة: فكان مالك يرى ذلك لرب المال، وبه قال الأوزاعي.

وقال الثوري: للعامل أن يشتري، إذا رضي ذلك رب المال، وبه قال أحمد، وإسحاق إذا باعه صاحب المال. وقال أبو ثور: البيع باطل لا يجوز. وحكي عن الكوفي أنه قال: جائز. م 3835 - كان الشافعي يقول: لا يجوز أن يقارضه إلى مدة من المدد. وقال مالك: إن قارضه إلى سنة رُد إلى قراض مثله. وقال قائل: فيها قولان: أحدهما: كقول الشافعي، والقول الآخر أنه جائز؛ لأن المسلمين على شروطهم. م 3836 - وكان الشافعي، والنعمان، ويعقوب، وأبو ثور، ومحمد: يكرهون أن يدفع المسلم إلى النصراني [[مالا]] مضاربة، فإن فعل ذلك، كان جائزاً. م 3837 - وفي قول الشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي: للنصراني أن يقارض المسلم. وكره ذلك مالك، وابن أبي حازم. قال أبو بكر: كما قال الشافعي، أقول في المسألتين جميعاً. قال ابن سيرين: لا تعط الذمي مالاً مضاربة، وخذ منه. م 3838 - واختلفوا في المسلم، يدفع إلى النصراني مالاً قراضاً، فيشتري به خمراً أوخنزيراً. فكان الشافعي يقول: شراؤه باطل، ويضمن المال، وبه قال أحمد، وإسحاق، وأبو ثور. وقال الثوري: إن اشتراه متعمداً ضمن، وإن اشتراه جاهلا لم يضمن.

فإن اشترى النصراني بالمال خنزيراً أو خمراً، فإن ابن الحسن زعم أن ذلك جائز على رب المال [على ما اشترطا] (¬1)، وإن كان مسلماً في قياس قول أبي حنيفة (¬2)، فإن باع النصراني ذلك، فربح ربحا، فالربح [2/ 160/ألف] بينهما في قياس قول أبي حنيفة (¬3) على ما اشترطاه، وينبغي للمسلم أن يتصدق بنصيبه من الربح، وإن كان فيه وضيعة، فهو على رب المال. وفي قول يعقوب، ومحمد: جميع ما اشترى المضارب من الخمر والخنزير لازم للمضارب، ولا يلزم شيء من ذلك رب المال، والعامل ضامن للمال، إن كان نقد منه شيئاً في ذلك، والربح للعامل، والوضيعة عليه. م 3839 - وفي قولهم جميعاً: إن اشترى ميتة فالشراء باطل، ويضمن المال. م 3840 - وإن اشترى درهماً بدرهمين، فالبيع فاسد، فإن باع، فربح، أو وضع، فإن ذلك جائز، والربح بينهما على [[ما]] اشترطا، والوضيعة على المال. قال أبو بكر: ليس بين الخمر، والخنزير، والميتة فرق، وكل ما وزن النصراني من المال في ثمن المحرم، فهو ضامن له، ولا يجوز مما قالوه؛ لأن ذلك خلاف ما حرمه الله عز وجل، ورسوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. م 3841 - واختلفوا في الرجل، يقر بالديون (¬4)، والمضاربة، ثم يهلك. ¬

_ (¬1) ما بين المعكوفين من "الدار". (¬2) "في قياس قول أبي حنيفة" ساقط من الدار. (¬3) "في قياس قول أبي حنيفة" ساقط من الدار. (¬4) في الدار "بالدين".

فقالت طائفة: يقسم المال بينهم (¬1) بالحصص، روي ذلك عن الشعبي، وبه قال مالك. وقال الحارث العكلي: يبدأ بالدين. م 3842 - وإذا دفع رجل إلى رجل مالاً مضاربة، فارتد العامل عن الإسلام، ثم اشترى، وباع، فربح، أو وضع، فذلك على المضاربة في قول أبي ثور، وأصحاب الرأي. م 3843 - وليس للعامل أن يزوج ما اشترى من الرقيق بعضهم من بعض، في قول الشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي (¬2). م 3844 - وليس له أن يكاتب منهم أحداً في قولهم جميعاً. م 3845 - وإذا اشترى المتاع، فقصره من ماله، على أن يرجع في مال القراض. فقال أبو ثور: يرجع بذلك. وقال أصحاب الرأي: لا يرجع به، لأنه متطوع، وهو مذهب الشافعي. قال أبو بكر: وبه أقول. ¬

_ (¬1) في الدار "بينهما". (¬2) هذه المسأله بأكملها ساقطة من الدار، وثابتة في العمانية /343.

68 - كتاب الحوالة الكفالة

68 - كتاب الحوالة الكفالة قال أبو بكر: (ح 1300) جاء الحديث عن رسول الله- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: "العاريةُ مؤدّاة، والمنحة مردودة، والدين مقضيٌّ، والزعيم غارم". قال أبو بكر: والزعيم الكفيل، كذلك قيل في قوله تعالى: {وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} الآية أي كفيل، ويقال حميل. (ح 1301) وثبت عن النبي- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه أتي بجنازة ليصلي عليها، فقال: عليه دين ؟ فقالوا: نعم ديناران، قال: أترك لهما وفاء؟ قالوا: لا، قال: فصلوا على صاحبكم، فقال أبو قتادة: هما عليّ يا رسول الله، فصلى عليه رسول الله- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"-. م 3846 - وقد اختلف أهل العلم في الدين يضمنه الحي عن الميت الذي لم يترك وفاء.

1 - باب المال، يضمنه الرجل عن الرجل، هل يبرأ المضمون عنه أم لا؟

فكان الشافعي يقول: الضمان لازم، ترك الميت شيئاً أو لم يترك، وبه قال ابن أبي ليلى. وقال النعمان: لا ضمان على الكفيل، لأن الدين قد توي (¬1)، وقال: إن ترك الميت شيئاً ضمن الكفيل بقدر ما ترك. قال أبو بكر: في امتناع النبي- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من الصلاة عليه قبل ضمان أبي قتادة، وصلاته عليه بعد ضمان أبي قتادة: دليل بين على صحة ضمان أبي قتادة، وهذا خلاف قول النعمان، لأنهم ذكروا أن الرجل لم يترك لذلك وفاء. 1 - باب المال، يضمنه الرجل عن الرجل (¬2)، هل يبرأ المضمون عنه أم لا؟ قال أبو بكر: م 3847 - اختلف أهل العلم في المال، يضمنه الرجل عن الرجل، هل يبرأ المضمون عنه المال بالضمان عنه أم لا؟. فقالت طائفة: لصاحب المال أن يأخذ بماله أيهما شاء، حتى يستوفي ماله، هذا قول سفيان الثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبي عبيد، وأصحاب الرأي، وهو على مذهب مالك. ¬

_ (¬1) وفي الدار "تواه". (¬2) وفي الدار "الرجل على الرجل".

2 - باب الحوالة بالدين على المليء وغير المليء

وكان أبو ثور يقول: الكفالة والحوالة سواء، ولا يجوز أن يكون مال واحد (¬1) على اثنين، وبه قال ابن أبي ليلى، إلا أن يشترط المكفول له أن يأخذ به أيهما شاء. واحتج هذا القائل بأن النبي- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - امتنع أن يصلي على الذي كان عليه الدين، قبل ضمان أبي قتادة، وصلى عليه بعد ضمانه، فدل ذلك على الفرق بين الحالين. وقال بعض من يحتج للقول الأول في قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في بعض الأخبار لما ذكر أنه قضى عنه: (ح 1302) "الآن بردت عليه جلده". (ح 1303) وفي قوله: "نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه". دليل على أن البراءة إنما تقع بالأداء عنه. 2 - باب الحوالة بالدين على المليء وغير المليء قال أبو بكر: (ح 1304) ثبت أن رسول الله- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "مطلُ الغني ظُلم، ومن أتبع على ¬

_ (¬1) في الأصلين: مالاً واحداً.

مليءٍ فليتبع" (1) [2/ 161/ألف]. قال أبو بكر: م 3848 - وقد اختلف أهل العلم في الرجل يحتال بالمال على مليء من الناس، ثم يفلس المحال عليه أو يموت. فقالت طائفة: يرجع على المحيل بماله، هذا قول شريح، والشعبي، والنخعي. وقال أصحاب الرأي: إذا مات الذي أحيل عليه، ولم يترك وفاء، رجع على المحيل، في قول النعمان، ويعقوب، ومحمد. وإن أفلس وفلسه القاضي، رجع أيضاً في قول يعقوب، ومحمد. وفيه قول ثان: وهو أن لا يرجع ما دام حياً، حتى يموت، ولا يترك شيئاً، هذا قول الحكم. وفيه قول ثالث: وهو أن لا يرجع على المحيل بشيء، أفلس المحال عليه، أو مات، هذا قول مالك، والليث بن سعد، والشافعي، وأحمد، وأبي عبيد، وأبي ثور. غير أن مالكاً كان يقول: إن أحاله عليه، وهو لا يعلم أنه مفلس، ثم اطلع عليه، فإنه يرجع على صاحبه، لأنه غره. وكان الحسن البصري لا يرى الحوالة براءة، إلا أن يبرئه، فإن أبرأه برئ. قال أبو بكر: بقول مالك، والشافعي - رحمهما الله- أقول.

3 - باب مسألة

3 - باب مسألة قال أبو بكر: م 3849 - أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن الحوالة (¬1) بجعل يأخذه الحميل، لا تحل، ولا تجوز. م 3850 - واختلفوا في ثبوت الضمان على هذا الشرط. فكان الثوري يقول: إذا قال الرجل للرجل: أكفل عني ولك ألف درهم، فإن الكفالة جائزة وترد عليه (¬2) الألف درهم. م 3851 - وإذا قال: استقرض لي من فلان ألف درهم، ولك عشرة دراهم. قال: هذا لا خير فيه؛ لأنه قرض جر منفعة. وقال أحمد في مسألة الكفالة: ما أرى هذا يأخذ شيئاً بحق. وقال إسحاق: ما أعطاه من شيء، فهو حسن. وقال أحمد (¬3) في المسألة الثانية في القرض: لا بأس به. وقال إسحاق: أكرهه. 4 - باب الكفالة بدين غير مسمى ولا معلوم قدره قال أبو بكر: م 3852 - واختلفوا في الرجل، يقول للرجل: كل حق لك على فلان فأنا له ضامن. ¬

_ (¬1) وفي الدار "الحمالة"، وفي العمانية /352 "المحال". (¬2) وفي الدار "إليه". (¬3) وقال أحمد إلى آخر الفقرة، ساقط من الدار، وثابت في العمانية /354.

5 - باب كفالة [2/ 161/ب] العبد المأذون له في التجارة

فقالت طائفة: ليس ذلك بشيء، حتى يسمي المال، هذا قول سفيان الثوري، وابن أبي ليلى، والليث بن سعد، والشافعي. قال أبو بكر: وبه نقول، لأن ذلك مجهول. وفيه قول ثان: وهو أن ذلك جائز، هذا قول النعمان، وبه يأخذ. 5 - باب كفالة [2/ 161/ب] العبد المأذون له في التجارة قال أبو بكر: م 3853 - واختلفوا في كفالة العبد المأذون له في التجارة. فقال ابن أبي ليلى، والثوري، والشافعي، والنعمان: لا تجوز. وقال أبو ثور: إن كان ذلك من قبل التجارة، جاز، وإن كان تطوعاً لم يجز. وقال عبد الملك: ذلك جائز. قال أبو بكر: لا يجوز ذلك إلا بإذن السيد. 6 - باب الدين يكون على الرجل إلى أجل، فيموت قال أبو بكر: م 3854 - واختلفوا في الدين، يكون على الرجل إلى أجل، فيموت الذي عليه الدين، قبل محل الأجل.

فقالت طائفة: يحل الدين بموته، هكذا قال الحسن البصري، والشعبي، والنخعي، والزهري، ومالك بن أنس، وسوار بن عبد الله، والثوري، والشافعي. وفيه قول ثان: وهو أن الدين إلى أجله، إذا وثق الورثة، هذا قول ابن سيرين، وعبيد الله بن الحسن، وأحمد، وإسحاق، وأبي عبيد. وفيه قول ثالث: وهو أن الدين إلى أجله (¬1)، هكذا قال طاووس، والزهري، وأبو بكر بن محمد، وسعد بن إبراهيم. وفيه قول رابع: وهو أن الذي عليه الدين، إذا أفلس، أو مات، وعليه دين إلى أجل، فقد حل دينه، إلا أن يقول الغرماء لصاحب الدين إلى أجل: خل بيننا وبين ماله، ننتفع به إلى أجلك (¬2)، ونحن ضامنون لك لحقك، قال: فذلك لهم، ولا يقبل ذلك من الورثة، إن قالوه، لمكان الميراث. م 3855 - وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن ديون الميت على الناس إلى الآجال (¬3) أنها إلا آجالها، لا تحل بموته. م 3856 - وقال الثوري، والشافعي: إذا تكفل الرجل عن الرجل بالدين (¬4)، فمات الحميل قبل محل الدين، أخذ من مال الكفيل، وليس لورثة الكفيل أن يرجعوا على المحمول عنه، حتى يبلغ الأجل. ¬

_ (¬1) "إذا وثق الورثة ... إلى قوله: إلى أجله" ساقط من الدار. (¬2) وفي الدار "أجله". (¬3) وفي الدار "إلى الأجل". (¬4) وفي الدار "بدين".

7 - باب ضمان الرجل عن الرجل بغير أمره

7 - باب ضمان الرجل عن (¬1) الرجل بغير أمره قال أبو بكر: م 3857 - أجمع أهل العلم على أن الرجل إذا ضمن عن الرجل مالاً معلوماً بأمره لرجل، أن الضمان لازم له، وله أن يأخذه بما ضمن عنه. م 3858 - واختلفوا في الرجل يضمن عن الرجل مالاً بغير أمره، فيؤدي المال ويريد الرجوع به على الذي أدى عنه. فقال عبيد الله بن الحسن، وأحمد، وإسحاق: يرجع به عليه، وشبه أحمد [2/ 162/ألف] ذلك بالأسير، يشتريه الرجل من العدو، بغير أمره، وقال أحمد: أليس كلهم قال: يرجع عليه بالثمن، وبه قال إسحاق. وفيه قول ثان: وهو أن لا يرجع به عليه، إذا أدى عنه بغير أمره، هذا على مذهب الشافعي، وبه قال أصحاب الرأي. قال أبو بكر: وبه نقول، فأما ما قال أحمد في الأسير، وقال: أليس كلهم قال: يرجع عليه، فالجواب في ذلك، أن يقال لمن يقول بقوله: لا ما قاله الناس كلهم، هذا سفيان الثوري، والشافعي يقولان: لا يرجع على الأسير، لأنه متطوع بما فعل. ولو كانوا قد أجمعوا في أمر الأسير، لم يجز أن يجعل إحدى المسألتين قياساً على الأخرى؛ لأن استنقاذ الأسارى واجب على المسلمين، ¬

_ (¬1) وفي الدار "على الرجل".

8 - باب الكفالة في الحدود وبالنفس

لأن النبي- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمر به، وقضاء ديون الناس ليس بواجب على أحد (¬1). (ح 1305) وثبت أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "عودوا المرضى، وفُكوا العاني". 8 - باب الكفالة في الحدود وبالنفس (¬2) قال أبو بكر: م 3859 - الأكثر من علماء الأمصار لا يرون الكفالة في الحدود جائزة، إذ غير جائز أن يحدّ الضامن، ولا يؤخذ بفعل غيره. وممن قال لا كفالة في الحدود: الحسن البصري، وشريح، والشعبي. وروي ذلك عن مسروق، وبه قال أحمد، وإسحاق، وأبو عبيد، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. م 3860 - واختلفوا في الرهن في الكفالة. فقال الثوري، وأحمد، وإسحاق: لا يكون رهناً حتى يغرم المال. وأجاز عبيد الله بن الحسن الرهن في ذلك. م 3861 - واختلفوا في الكفالة بالنفس. فأوجب ذلك أكثر من أهل العلم، هذا مذهب شريح، وبه قال ¬

_ (¬1) وفي الدار "عليهم". (¬2) وفي الدار "الحدود بالنفس".

9 - باب المكفول به يموت

مالك، والثوري، والليث بن سعد، وأحمد، والنعمان. وقال الشافعي مرة: هي ضعيفة، ومرة قال كقول مالك. قال أبو بكر: وقد ذكرنا فيه أخباراً عن الأوائل، وهي (¬1) مذكورة في غير هذا الموضع. 9 - باب المكفول به يموت قال أبو بكر: م 3862 - واختلفوا في المكفول به يموت. فقالت طائفة: سقطت الكفالة، كذا قال الشعبي، وشريح، وحماد ابن أبي سليمان، وبه قال أحمد (¬2)، وهو يشبه مذهب الشافعي. وقال الحكم، ومالك، والليث بن سعد [2/ 162/ب]: إذا مات وجب غرمها على الكفيل (¬3). م 3863 - واختلفوا في الرجل يأخذ من الرجل كفيلا بنفسه، ثم يأخذ منه كفيلاً آخر بعد ذلك بنفسه. ففي قول الشافعي، والنعمان، ويعقوب: هما كفيلان. وقال ابن أبي ليلى: قد يرى الأول حين أخذ الكفيل الآخر. ¬

_ (¬1) كلمة "وهي" ساقطة من الدار. (¬2) "بن أبي سليمان، وبه قال أحمد" ساقط من الدار. (¬3) وفي الدار "عن الكفيل".

69 - كتاب الحجر

69 - كتاب الحجر قال أبو بكر: قال الله تعالى: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا}. وقال جل ثناؤه: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ}. قال أبو بكر: والرشد الصلاح في الدين وحفظ المال. م 3864 - وقد اتفقوا على أن مال اليتيم يجب دفعه إليه إذا بلغ النكاح وأونس منه الرشد. م 3865 - وقد اختلفوا في وجوب دفع ماله إليه على غير ذلك. فلا يجوز إطلاق المال بعد المنع (¬1) الأول إلا بحجة، وكل محظور أبيح بمعنيين لم يجز إطلاقه وإباحته بأحد المعنيين. وقال من خالفنا في هذا: إن رجلاً لو تزوج إمرأة، ثم طلقها ثلاثاً لم تحل له، إلا بعد زوج، ولا تحل له بعقد نكاح الزوج عليها حتى يكون مع العقد وطؤ. ¬

_ (¬1) وفي الدار "الحظر الأول"، وساقط من العمانية /362.

1 - باب إثبات الحجر على الحر البالغ المضيع لماله

ويلزم من أطلق المال لليتيم (¬1) لوجود أحد المعنيين فيه، ما أجاب به في هذه المسألة، وقال: ما حظر بمعنيين لا يجوز إطلاقه إلا بوجود المعنيين. 1 - باب إثبات الحجر على الحر البالغ المضيع لماله قال أبو بكر: م 3866 - اختلف أهل العلم في وجوب الحجر على الحر البالغ، المضيع لماله. فقال أكثر علماء الأمصار، من أهل الحجاز، والعراق، والشام، ومصر: يجب الحجر على كل مضيع لماله، صغيراً أو كبيراً. واحتجوا في ذلك بأخبار رويت عن علي، وابن عباس، وابن الزبير رضي الله عنهم، تدل على ذلك. وهذا قول مالك، وعثمان البتي، وعبيد الله بن الحسن، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبي عبيد، وأبي ثور، ويعقوب، ومحمد. وقال النعمان، وزفر (¬2): لا يحجر على الحر البالغ إذا بلغ مبلغ الرجال. قال أبو بكر: (ح 1306) وقد ثبت أن النبي- صلى الله عليه وسلم - قال: "إن الله عَزَّ وَجَلَّ كره لكم ¬

_ (¬1) وفي الدار "مال اليتيم". (¬2) "وزفر" ساقط من الدار، وثابت في العمانية /363.

2 - باب مسائل من هذا الباب

ثلاثاً: القيل والقال، وإضاعة المال، وكثرة السؤال"، وما كره الله لنا فيحرم علينا فعله. (ح 1307) وقد حجر النبي [2/ 163/ألف]- صلى الله عليه وسلم - على رجل ومنعه من البيع. وقد منع الله عَزَّ وَجَلَّ من الفساد، وأخبر أنه تعالى لا يحب الفساد، والمفسد لما له داخل في النهي، وهو ممنوع منه. وقد نهى الله عَزَّ وَجَلَّ عن التبذير، فقال: {وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا}. 2 - باب مسائل من هذا الباب قال أبو بكر:

م 3867 - واختلفوا في الغلام، إذا بلغ وأونس منه الرشد ودفع إليه ماله، ثم فسد بعد ذلك. فقالت طائفة: هو محجور عليه بالفساد، لأن العلة التي من أجلها وجب منعه من ماله بعد بلوغه الفساد، فمتى عاد مفسداً فقد رجعت العلة، ووجب الحجر. هذا قول أبي ثور، وهو يشبه مذهب الشافعي. وحكى أبو ثور عن الكوفي أنه قال: لا يحجر عليه، وما فعل فهو جائز. واختلفوا في نكاح المحجور عليه، بغير إذن وليه. فكان الشافعي، وأبو ثور يقولان: النكاح باطل. وقال أصحاب الرأي: النصح جائز. قال أبو بكر: م 3868 - وإذا نذر المحجور (¬1) عليه نذوراً كثيرة، أو حلف بأيمان فحنث، ووجب عليه كفارات، لم تطلق يده في ماله، وصام عن كل يمين ثلاثة أيام. هذا قول أبي ثور، ومحمد بن الحسن. م 3869 - وإن ظاهر صام عن ظهاره، في قولهما. م 3870 - وإذا أعتق عبداً عن ظهاره. جاز العتق، في قول محمد، ولم يجزه عن ظهاره، وسعى العبد في قيمته. وقال أبو ثور: العتق باطل. ¬

_ (¬1) "عليه" ساقط من الدار.

م 3871 - وإن قتل المحجور عليه رجلاً خطأ ببينة، فالدية على العاقلة، وعليه صوم شهرين متتابعين، في قول أبي ثور، ومحمد. م 3872 - وإن قتل رجلاً عمداً بعصا. قتل به، في قول أبي ثور. وفي قول محمد: الدية على عاقلته مغلظة، ويصوم شهرين متتابعين. وفي قول الشافعي: إن كان الأغلب ممن ضرب بمثل هذه العصا أنها تقبل، فعليه القود، وإلا ففيه الدية. م 3873 - وإذا أقر المحجور عليه في عبد له، لم يولد في ملكه، فقال: هذا ابني، ومثله يولد لمثله، ففيها قولان: أحدهما: أن إقراراً باطل قول أبي ثور. وقال ابن الحسن: هو حر، وهو ابنه، ويعتق الغلام، ويسعى في جميع قيمته. م 3874 - فإن أعتق المحجور عليه عبداً. كان حراً، ويسعى في جميع قيمته في قول ابن الحسن. وفي قول الشافعي، وأبي ثور، وأكثر أصحابنا: العتق باطل، لأنه ممنوع من ماله. قال أبو بكر: وبه نقول. م 3875 - وإذا جاءت جارية [2/ 163/ب] المفسد لماله بولد، فإن كان يطأها لزمه الولد، ولم ينظر إلى ما ادعى؛ لأن الولد للفراش، فإذا كانت فراشاً له لزمه الولد، هذا قول أبي ثور، وحكاه عن الشافعي.

م 3876 - وإذا اشترى المحجور عليه ابنه، وهو معروف أنه ابنه: بطل شراؤه، والغلام على ملك البائع، لأنه ممنوع من الشراء، هذا قول أبي ثور. قال أبو بكر: وبه أقول. وزعم ابن الحسن أن شراءه فاسد، ويعتق الغلام حين قبضه، ويسعى في جميع قيمته للبائع، ولا يكون للبائع في مال المشتري منه شي". قال أبو بكر: إذا بطل شراؤه، لم يعتق عليه، لأنه ليس بمالك. قال أبو بكر: م 3877 - وكل ما أوجب الله على المحجور عليه، من زكاة ماله، أو حج، فأما الزكاة فعلى وليه إخراج ذلك من ماله، ودفعه إلى أهله المستحقين له. وأما الحج، فعلى وليه أن يكتري له، ويمونه في حجه، ويكون ذلك على يدي ثقة ممن يخرج من (¬1) الحاج، يتولي النفقة عليه بالمعروف. وهذا قول الشافعي، وأبي ثور. وقال أصحاب الرأي: إذا أراد أن يحج، لم يمنع من ذلك. وإذا أراد العمرة، فالجواب فيه كالجواب في الحج في قول الشافعي لأن العمرة عنده فرض كالحج. وقال أصحاب الرأي: يستحسن لك. وفي قول أبي ثور: لا يعطى نفقة العمرة لأنها عنده تطوع. ¬

_ (¬1) وفي الدار "مع الحاج".

م 3878 - وإذا كان للمحجور عليه والدان، أو ولد، وهم في حال يجب لهم فيه النفقة، أنفق عليهم من ماله، في قول الشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي. م 3879 - وإذا أصاب المحجور عليه في إحرامه ما يجب فيه الفدية، وجب عليه الصوم، في قول أبي ثور، وابن الحسن. م 3880 - وإن أصابه أذى، أو احتاج إلى لبس بعض ما يجب فيه الفدية، أخرج ذلك عنه وليه، من ماله، في قولهما. م 3881 - وإذا وطئ المحجور عليه في حجته، فأفسدها، أتمها. فإن قال قائل: أعطوني ما أقضي به حجتي، لم يعط، في قول أبي ثور، لأن لا يؤمن أن يفعل هذا في كل عام، ويقضي إذا صلح وخرج عن الحجر. ويعطى مما يقضي به حجته حجة الإِسلام، وإن كثر ذلك منه، قول ابن الحسن. م 3882 - وإن ترك طواف الزيارة حق رجع إلى بلده، فالنساء حرام عليه في قول الشافعي، وأبي ثور، والكوفي. وكان عليه إذا صلح أن يرجع فيطوف، في قول أبي ثور. وفي قول ابن الحسن كما قال في المسألة قبلها. م 3883 - وإذا اختلفت المحجور عليها من زوجها على مال، ففي قول الشافعي وابن الحسن [2/ 164/ألف] يكون طلاقاً يملك فيه الرجعة، ويبطل المال.

م 3884 - ولو أن غلاماً أدرك مفسداً، فباع مما ترك أبوه، أو وهب، أو تصدق، ابطل القاضي ذلك كله، في قول الشافعي، وأبي ثور، وابن الحسن. م 3885 - وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم، على أن إقرار المحجور عليه على نفسه، جائز، إذا كان إقراره بزنى، أو سرقة، أو شرب خمر، أو قذف، أو قتل. وأن الحدود تقام عليه، هذا قول الشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي، ولا أحفظ عن غيرهم خلافاً لقولهم (¬1). م 3886 - وإذا أقر أنه استهلك مالاً لقوم لم يلزم ذلك، في حال الحجر، ولا بعده، في الحكم في الدنيا، ويلزمه تأدية ذلك فيما بينه وبين الله تعالى، إذا خرج من الحجر. هذا قول الشافعي. وقال أبو ثور: يؤخذ به إذا صلح. م 3887 - وإذا كانت امرأة محجوراً عليها (¬2)، فزوجت نفسها رجلاً بمهر مثلها: فالنكاح فاسد في قول الشافعي، وأبي ثور. وقال ابن الحسن: يرفع ذلك إلى القاضي، فإن كان لم يدخل بها، وهو كفوء، وتزوجت بمهر مثلي، فالنكاح جائز. ¬

_ (¬1) وفي الدار "خلاف قولهم" (¬2) وفي الدار "محجورة".

70 - كتاب التفليس

70 - كتاب التفليس قال أبو بكر: (ح 1308) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: "أيما رجل اْفلسَ، فوجدَ رجلٌ متاعه بعينه، فهو أحق به من غيره". قال أبو بكر: وبما ثبت عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - نقول. م 3888 - وقد روينا عن عثمان بن عفان، وعلي رضي الله عنهما وغيرها هذا القول، ولا نعلم أحداً من أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم - خالف عثمان بن عفان، وعلياً. وبه قال عروة بن الزبير، ومالك بن أنس، والأوزاعي، وعبيد الله بن الحسن، والشافعي، وأحمد، وإسحاق. وقالت طائفة: هو أسوة الغرماء، روينا هذا القول عن الحسن البصري، والنخعي، وبه قال النعمان، وابن شبرمة. قال أبو بكر: والسنة مستغنى بها عن كل قوة، وقد بلغني أن بعض من خالف السنة، تأول قوله: "فوجد رجل متاعه

1 - باب السلعة توجد عند المفلس، وقد اقتضى البائع بعض الثمن

بعنيه" أي أمانته، أو وديعته، ففي حديث أبي هريرة ما يبطل هذه الدعوى، قال: (ح 1309) قال النبي- صلى الله عليه وسلم -: "إذا أفلس الرجلُ فوجدَ البائعُ سلعته بعينها فهو [2/ 164/ب] أحق بها دون الغرماءِ". 1 - باب السلعة توجد عند المفلس، وقد اقتضى البائع بعض الثمن قال أبو بكر: م 3889 - واختلفوا في الرجل، يشتري من الرجل العبد بمائة دينار فيقبض (¬1)، من ثمنه خمسين ديناراً. ْفكان الشافعي يقول: يكون شريكاً للغريم بنصفه. وفيه قول ثان: وهو أن يرد الذي قبض، ويأخذ العبد، إن أحب ذلك، هذا قول مالك. وفيه قول ثالث: وهو أن يكون أسوة الغرماء فيما بقي، هذا قول النعمان، وبه قال إسحاق، إذا كان اقتضى من ثمنها شيئاً. قال أبو بكر: وقد روي فيه حديث يوافق قول إسحاق، وليس يصح ذلك. ¬

_ (¬1) وفي الدار "فيقضي".

2 - باب البيت يجد الذي باعه سلعته عنده بعينها

2 - باب البيت يجد الذي باعه سلعته عنده بعينها قال أبو بكر: م 3890 - واختلفوا في الرجل يموت، فيجد رجل سلعته بعينها. فقالت طائفة: هي بين الغرماء، روي هذا القول عن علي رضي الله عنه، وبه قال أحمد، وإسحاق. وقالت طائفة: الموت والحياة فيه سواء، هذا قول الشافعي. (ح 1310) واحتج الشافعي بحديث مجهول الإسناد. 3 - باب مسألة م 3891 - وقد اختلفوا في الرجل، يجد بعض متاعه عند مفلس، وقد أتلف البعض. فقال مالك، والشافعي: يأخذ الذي وجده، ويضرب مع الغرماء بحصته فيما تلف له (¬1)، وبه قال الأوزاعي، وعبيد الله بن الحسن. ¬

_ (¬1) وفي الدار "بحصة ما تلف".

4 - باب الزيت يشترى، فيخلط بمثله، ثم يفلس

وقال أحمد، وإسحاق: لا يأخذ ما وجد، إلا أن يجده بعينه. 4 - باب الزيت يشترى، فيخلط بمثله، ثم يفلس قال أبو بكر: م 3892 - اختلف أهل العلم في الرجل يشتري الزيت، أو القمح، ويخلط بمثله، ثم يفلس. ففي قول مالك: يأخذ زيته. وقال الشافعي: إن كان خلطه بمثله، أو بأشر منه، فأراد أن يأخذ بكيل زيته، أخذه، وإن خلطه بخير (¬1) منه ففيها قولان: أحدهما: أن لا يأخذ شيئاً، قال: وهذا أصح القولين. والقول الثاني: أن يأخذ من الزيت بقدر قيمة زيته. وفي قول الكوفي: يكون أسوة الغرماء. 5 - باب السلعة المشتراة يرتفع ثمنها ويفلس قال أبو بكر: م 3893 - وإذا اشترى سلعة، فارتفع ثمنها. فكان مالك يقول: يخير الغرماء بين أن يسلموا السلعة وبين أن يعطوه الثمن الذي باعها به. وفي قول الشافعي: يأخذ السلعة. ¬

_ (¬1) وفي الدار "بأخير منه".

6 - باب الأمة تلد عند المشتري، والبقعة يبنيها، ثم يفلس المبتاع

وقالا جميعاً: إذا كانت [2/ 165/ألف] السلعة ناقصة، إن شاء أخذها، وإن شاء ضرب مع الغرماء. 6 - باب الأمة تلد عند المشتري، والبقعة يبنيها، ثم يفلس المبتاع قال أبو بكر: م 3894 - وإذا اشترى أمة، فولدت عند المشتري. فقال مالك: الجارية وولدها للبائع، إلا أن يرغب الغرماء في ذلك، فيعطونه حقه كاملاً ويمسكون ذلك. وقال الشافعي: إذا ولدت الأمة له أولاداً، ثم أفلس، يرجع بالأم ولم يرجع بالأولاد. م 3895 - وإذا اشترى بقعة فبناها، ثم أفلس. فقالت طائفة: تقوم البقعة وما فيها مما أصلح، فينظر كم ثمن البقعة، وكم ثمن البنيان، ثم يكونان في ذلك شريكين لصاحب البقعة بقدر حصته، وللغرماء حصة البنيان، هذا قول مالك بن أنس. وقال الشافعي: يخير بين أن يعطى قيمة العمارة والغراس، فيكون ذلك له، أو يكون له ما كان من الأرض ولا عمارة فيها، وتباع العمارة للغرماء، إلا أن يشاء الغرماء أن يقلعوا البناء وعليهم ما دخل على الأرض من النقص.

7 - مسألة

7 - مسألة م 3896 - واختلفوا في الرجل ينكح المرأة فتجده مفلساً. فقال أحمد: لا خيار إلا أن يكون غرّها، وقال: عندي كذا. وأومأ الشافعي إلا أن لها الخيار، إن شاءت فسخت النكاح، كالمفلس توجد عنده السلعة. 8 - باب الجمال يفلس وقد أكرى من قوم، والمكتري يفلس قال أبو بكر: م 3897 - كان الشافعي يقول في القوم يتكارون من الجمال إبلا بأعيانها، ثم يفلس: إن لكل واحد منهم أن يركب إبله بأعيانها، ولا تباع حتى يستوفوا الحمولة. وبه قال مالك إلا أن يضمنوا له الغرماء حملانه ويكترون له من ملاء ويأخذون الإبل. وقال الشافعي: وإن كانت الإبل بغير أعيانها دخل بعضهم على بعض، ودخل عليهم غرماء غيرهم الذين لا حمولة لهم. م 3898 - واختلفوا في الرجل يتكارى من الرجل حمل طعام (¬1) إلى بلد من البلدان، ثم يفلس المكتري أو يموت. ¬

_ (¬1) وفي الدار "على حمل طعام".

9 - باب بيع المفلس وشراؤه، وعتقه، وإقراره، وإعطاؤه بعض غرمائه دون بعض

فقال الشافعي: يكون المكري أسوة الغرماء، لأنه ليس [2/ 165/ب] له في الطعام صنعة، ولو أفلس قبل تحمُّل الطعام: كان له فسخ الكراء. وقال مالك: الجمال أولى بالبر إذا كان في يده حتى يستوفي الكراء. م 3899 - واختلفوا في الرجل يستأجر الأجير في الحانوت أو في الزرع، بإجارة معلومة، ثم يفلس. فقال الشافعي: الأجير أسوة الغرماء. وقال مالك: الأجر أولى بما في يديه من الزرع والحائط حتى يقبض إجازته. 9 - باب بيع المفلس وشراؤه، وعتقه، وإقراره، وإعطاؤه بعض غرمائه دون بعض قال أبو بكر: م 3900 - واختلفوا فيما يجريه المفلس بعد أن يحجر عليه القاضي من بيع وغير ذلك. فكان الشافعي يقول: إذا حجر عليه القاضي، لم يكن له أن يهب من ماله ولا يبيع ولا يتلف، وبه قال ابن أبي ليلى. وقال يعقوب مثلما قال ابن أبي ليلى ما خلا العتاقة في الحجر. وقال سفيان الثوري: إذا أفلسه القاضي فليس له بيع، ولا صدقة، ولا عتق.

10 - باب إقرار الصناع بالمتاع بعد أن يفلسوا

وقال أحمد في البيع والصدقة كما قال الثوري، وقال في العتق: يجوز عتقه، هو شيء لله تعالى. وبه قال إسحاق. وخالف النعمان ذلك كله، فقال: إذا اشترى، أو أعتق، أو تصدق بصدقة، أو وهب هبة، فذلك كله جائز. قال أبو بكر: م 3901 - وإذا أقر من قد أفلس بدين لقوم، وبينة لهم، ففي قول مالك، وعبيد الله بن الحسن: لا يجوز إقراره، وبه قال سفيان الثوري إذا أفلس وأظهر على ماله. ولا يجوز إقراره في قول ابن الحسن فيما أوقف، ويجوز إقراره على نفسه. وقال الشافعي: فيها قولان: أحدهما: إن إقراره لازم، ويدخل من أقر له من سائر الغرماء، وبه قال الشافعي. والثاني: كما قال ابن الحسن. قال أبو بكر: قول الشافعي صحيح. م 3902 - وكان مالك، والشافعي يقولان: له أن يقضي بعضاً دون بعض قبل أن يوقف ماله، وبه قال النعمان، وابن الحسن، ويعقوب (¬1). 10 - باب إقرار الصناع بالمتاع بعد أن يفلسوا قال أبو بكر: ¬

_ (¬1) "ويعقوب" ساقط من الدار.

11 - باب [2/ 166/ألف] حبس المفلس

م 3903 - لا يجوز إقرارهم في قول مالك بعد أو يوقف مالهم. وفي قول الشافعي: قولهم مقبول. قال أبو بكر: إقرارهم لازم. 11 - باب [2/ 166/ألف] حبس المفلس قال أبو بكر: م 3904 - أكثر من نحفظ عنه قوله (¬1) من علماء الأمصار، وقضاتهم يرون الحبس في الدين. وممن نحفظ ذلك عنه، مالك وأصحابه، والشافعي، والنعمان، وأصحابهما، وأبو عبيد، وبه قال سوار بن عبد الله، وعبيد الله بن الحسن. وقد روينا هذا القول عن شريح، والشعبي. قال أبو بكر: ليس يخلو أمر من عليه الدين من أحد ثلاثة وجوه: إما أن يكون موسراً مانعاً لماله، فإن وجد إلى مال له ظاهر سبيل وجب بيعه، وقضي ما عليه عنه، وإن لم يوصل إلى ذلك عوقب بالحبس ليخرج ما عليه. (ح 1311) وقد روينا عن النبي- صلى الله عليه وسلم - بإسناد فيه مقال: "أنه أمر رجلاً ¬

_ (¬1) وفي الدار "نحفظ قوله".

بلُزومِ رجلٍ له عليه حق". (ح 1312) وقد روينا عنه - صلى الله عليه وسلم -، بإسناد آخر أنه قال "لي الواجدِ يُحلّ عرضه وعقوبتهُ". وهذا إسناد غير صحيح. وفي الحبس عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، خبران في إسنادهما جميعاً مقال، وأحدهما أوهى من الآخر. (ح 1313) فأما أحسنهما، فمن حديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده، وليس منهما صحيح.

وإن كان الذي عليه الدين معسراً، فلا سبيل إلى حبسه إلا أن يوسر، قال الله جل ذكره: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} الآية. (ح 1314) وثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال في رجل عليه دين: "خُذوا ما وجدتُم، وليس لكم إلا ذلك". فقد أعلم ألا سبيل إلى المعسر في حال عسره. والوجه الثالث: أن يكون الذي عليه الدين ممن لا يوقف على أمره ولا تشهد له بينة بالعلم، ولا عليه باليسار، وقد أخذ أموال الناس، وصارت إليه بيقين، ولا تعلم جائحة أصابته ذهبت بماله، فحبس هذا يجب، لأن العلم قد أحاط بأخذه الأموال، ولا يعلم زوالها وخروجها عن يديه فيعذر به. فإن أتى بينة أنه معدم، وجب إطلاقه، ولا يغفل القاضي المسألة عنه، إذا صح عنده إفلاسه، أطلقه، ثم لم يعده إلى السجن حتى تثبت عليه البينة، أو يقر أنه قد استفاد مالاً، فيرجع إلى حالته الأولى. قال أبو بكر: فإن لحقته [2/ 166/ب] الديون من جهة الضمانات، والكفالات، ولا يعلم له أصل مال معه، وجب الوقوف عندي عن حبسه؛ لأن الحبس عقوبة، ولا يعاقب إلا بذنب يستحق أن يعاقب به، ولا يعلم له ذنب يستحق به العقوبة.

12 - باب ديون المفلس إلى الأجل، والدين يكون عليه إلى الأجل

12 - باب ديون المفلس إلى الأجل، والدين يكون عليه إلى الأجل قال أبو بكر: م 3905 - أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن ما كان من دين المفلس إلى أجل، أن ذلك إلى أجله، لا يحل بإفلاسه. م 3906 - واختلفوا في حلول ما علي المفلس من الديون. فقال مالك: يحل ما عليه من الدين. وقال الشافعي: يحتمل ما قال مالك (¬1): وقد ذهب غير واحد ممن حفظت عنه إلى أن ديونه تحل، وقد يحتمل أن يؤخر الذين ديونهم متأخرة؛ لأنه (¬2) غير ميت وإنه قد يملك، والميت لا يملك. 13 - باب الدين (¬3) يكون علي الرجل فيقول الذي عليه المال لصاحب المال ضع عني وأعجل لك قال أبو بكر: م 3907 - واختلفوا في الرجل يكون عليه الدين لآخر إلى أجل معلوم، فيقول الذي عليه الدين: ضع عني، وأعجل لك. ¬

_ (¬1) "يحمل ما قال مالك" ساقط من الدار. (¬2) "لأنه غير ميت" ساقط من الدار. (¬3) وفي الدار "الديون".

14 - باب مسائل من كتاب التفليس

فكرهت ذلك طائفة، وممن روي عنه أنه كرهه: زيد بن ثابت، وابن عمر، وكره ذلك سعيد بن المسيب، والحسن البصري، وسالم بن عبد الله، والحكم، ومالك، والثوري، وابن عيينة، وهشام، وأحمد، وإسحاق، والكوفي. وقد روينا عن ابن عباس أنه لم ير به بأساً، وبه قال النخعي، وأبو ثور. وقد روينا عن الحسن البصري، وابن سيرين أنهما كانا لا يريان بأساً بالعروض أن يأخذها من حقه قبل محله. 14 - باب مسائل من كتاب التفليس قال أبو بكر: م 3908 - واختلفوا فيما يتلف من مال المفلس، بعد أن يوقف القاضي ماله للغرماء، على يد أمين من أمنائه. فكان الشافعي يقول: ذلك من مال المفلس لا من مال أهل الدين. وقال مالك في العروض من مال المفلس، والدنانير والدراهم من مال الغرباء.

مسألة

وقال المغيرة: الدنانير من أصحاب الدنانير، والدراهم من أصحاب الدراهم. قال أبو بكر: كل ذلك من مال المفلس. م 3909 - وكان مالك، والشافعي، والنعمان، وصاحباه، يقولون: لا يجب أن يؤاجر المفلس، لقول الله عز وجل: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} الآية. وقيل لأحمد: يؤاجر في علم إذا كان [2/ 167/ألف] يحسنه؟ قال: إني أجيزك إذا كان رجل في كسبه فضل عن قوته. قال أبو بكر: قول مالك صحيح، وبه نقول. م 3910 - وكان الشافعي يقول: يباع عليه مسكنه، وخادمه. وقال أحمد وإسحاق: لا تباع عليه الدار (¬1) والخادم. قال أبو بكر: قول الشافعي أصح. مسألة قال أبو بكر: م 3911 - واختلفوا في المفلس، يقسم ماله بين غرمائه، ثم يدان ديناً ثم يفلس ثانياً. فكان مالك يقول: إذا داين قوماً بعد أن أفلس، ففلس في أموالهم، أن الأولين لا يدخلون على هؤلاء فيما داينوه (¬2) حتى ¬

_ (¬1) وفي الدار "الدور". (¬2) "فيما داينوه" ساقط من الدار.

يستوفوا حقوقهم، وإن دخل عليه (¬1) فائدة من ميراثه (¬2)، أو تفقأ له عين فيقضي بعقلها، تحاصّ أصحاب الديون، الأولين، والآخرين فيه. وفي قول الشافعي: الأولون، والآخرون في المسألة الأولى والثانية سواء، يقسم بين الجميع ماله. م 3912 - وقال مالك في الفلس، يحلف بالله ما غيبت مالاً، فكان عرف له المال غيبه، سجنه الإمام، واحتال له حتى يخرج ماله. قال الشافعي: وأحلفه بالله ما يملك، ولا يجد لغرمائه قضاء في نقده ولا عرض، ولا بوجه من الوجوه. ¬

_ (¬1) وفي الدار "عليهم" (¬2) وفي الدار "ميراث"، وكذا في العمانية/391.

71 - كتاب المزارعة

71 - كتاب المزارعة قال أبو بكر: (ح 1315) ثبت عن ابن عمر أنه قال: "ما كُنا نرى بالمزارعة بأساً، حتى سمعتُ رافع بن خديج يقول: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عنها". قال أبو بكر: وقد جاءت الأخبار عن رافع بن خديج بعللٍ تدل على أن النهي من رسول الله- صلى الله عليه وسلم -، إنما كان لتلك العلل. (ح 1316) أحدها أنه قال: "كُنا نُكري الأرض (¬1) بالناحية منها مسمى لسيد الأرض، فنهينا عن ذلك". والثانية أنه قال: (ح 1317) "كنا نكري الأرض، ونشترط على الأكار، أن ما سقى الربيع والماذيان فهو لنا، وما سقت الجداول فهو لكم، فربما سلم ¬

_ (¬1) "كنا نكري الأرض ... إلى قوله: والثانية أنه قال "ساقط من الدار.

هذا، وهلك الجداول، وربما هلك هذا وسلم هذا، فسألنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك، فنهى عنه". وبقيت أربع علل سوى ما ذكرناه، وهي مثبتة في غير هذا الوضع. فإذا كانت أخبار رافع هذه سبيلها، وجب الوقوف عن استعمالها ووجب استعمال خبر ابن عرم، إذ هو خبر ثابت، لا معارض له. وذكر لأحمد خبر رافع، فقال: عن رافع الوان [2/ 167/ب] كأنه يريد أن اختلاف الرواية عنه يوهن ذلك الحديث. (ح 1318) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - "دفع خيبر على شطر ما يخرجُ من ثمرٍ أو زرع". م 3913 - وقد اختلف أهل العلم في الرجل، يعطي أرضه البيضاء، أو أرضه ونخله، بالنصف، أو الثلث، أو الربع، أو بجزءٍ معلوم مما يخرج منها. فروينا عن جماعة من أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أنهم أجازوا ذلك منهم: ابن مسعود، وسعد بن مالك -رضي الله عنهم-.

وروينا ذلك عن علي بن أبي طالب، ومعاذ فرض في الله عنهما. وهذا مذهب سعيد بن المسيب، ومحمد بن سيرين، وطاووس، وعبد الرحمن بن الأسود، وموسى بن طلحة، وعمر بن عبد العزيز، والزهري، وعبد الرحمن بن أبي ليلى. وروينا عن أبي جعفر أنه قال: عامل رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أهل خيبر بالشطر، ثم أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي رضي الله عنهم، ثم أهلوهم إلى اليوم يعطون بالثلث والربع. وبه قال ابن أبي ليلى، وأحمد بن حنبل، ويعقوب، ومحمد، واحتج أحمد بقصة خيبر. وكرهت طائفة ذلك، وممن روينا عنه أنه كرهه: ابن عباس، وعكرمة، وسعيد بن جبير، ومجاهد، والنخعي، ومالك بن أنس. وكره الشافعي الزارعة بالثلث والربع، وأجاز المساقاة في النخل على النصف أو الثلث.

1 - باب من يخرج البذر

وأبطل النعمان المزارعة بالنصف والثلث، ومنع من دفع النخل معاملة بالثلث والربع، وزعم أن ذلك كله باطل. قال أبو بكر: هذا خلاف الأخبار الثابتة عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أنه" أعطى خيبر على شطر ما خرج من ثمر أو زرع" ثم هو خلاف أخبار أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬1)، وقول أكثر أهل العلم. 1 - باب من يخرج البذر قال أبو بكر: م 3914 - واختلف الذين أجازوا المزارعة بالثلث والربع من يخرج البذر العامل، أو رب الأرض. فقالت طائفة: يكون من عند العامل، روي ذلك عن سعد بن مالك، وابن مسعود، وابن عمر [2/ 168/ألف]. وفيه قول ثان: وهو أن البذر يكون من عند رب الأرض، والعمل من الداخل، هذا قول أحمد، وإسحاق، وقالا: لا يعجبنا أن يكون البذر من عند الداخل. وفيه قول ثالث قاله بعض أهل الحديث، قال: من أخرج البذر منهما، فهو جائز، لأن النبي- صلى الله عليه وسلم - دفع خيبر معاملة، وفي تركه اشتراط البذر من عند أحدهما دليل على أن ذلك يجوز من عند أيهما كان. ¬

_ (¬1) "أنه أعطى ... إلى قوله: أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -" ساقط من الدار.

2 - باب اكتراء الأرض بالذهب والفضة

2 - باب اكتراء الأرض بالذهب والفضة قال أبو بكر: م 3915 - أجمع عوام أهل العلم على أن اكتراء الأرض وقتاً معلوماً، جائز بالذهب والفضة. روينا هذا القول عن سعد بن أبي وقاص، ورافع بن خديج، وابن عمر، وابن عباس. وبه قال سعيد بن المسيب، وعروة بن الزبير، والقاسم، وسالم بن عبد الله، وعبد الله بن الحارث، وأبو جعفر، ومالك، والليث بن سعد، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. وقال أحمد: قل ما اختلفوا في الذهب والورق. قال أبو بكر (¬1): وقد روينا عن طاووس، والحسن أنهما كرها ذلك. ¬

_ (¬1) "قال أبو بكر: وقد" ساقط من الدار.

3 - باب استئجار الأرض بالطعام

قال أبو بكر: ولا فرق بينهما، إذ هى في معنى الدار والدابة، وهو قول كل من نحفظ عنه من أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم -، ولا نعلم مع من منع منه حجة. 3 - باب استئجار الأرض بالطعام قال أبو بكر: م 3916 - واختلفوا في استئجار الأرض بالطعام. فكان سعيد بن جبير، وعكرمة، والنخعي، والشافعي، وأبو ثور، لا يرون بأساً، بعد أن يكون معلوماً، مما يجوز فيه المسلم. وكره ذلك مالك (¬1)، وقال أحمد بن حنبل: ربما تهيبْته. قال أبو بكر: القول في هذا على وجهين: أحدهما: أنه لا يجوز كراؤها بشيء من الطعام الذي يخرج منها لأنها قد تخرج شيئاً ولا تخرج. وكذلك لا يجوز أن تكترى بربع ما يخرج من الأرض (¬2) أوثلثه. وإن اكترى الأرض مدة معلومة بطعام معلوم موصوف، فجائز. ¬

_ (¬1) "مالك وقال ... إلى قوله: القول في هذا" ساقط من الدار. (¬2) "من الأرض" ساقط من الدار.

4 - باب القوم يشتركون [2/ 168/ب] فيخرج بعضهم البذر، وتكون الأرض من، عند أحدهم، والعمل من قبل الآخر

4 - باب القوم يشتركون [2/ 168/ب] فيخرج بعضهم (¬1) البذر، وتكون الأرض من، عند أحدهم، والعمل من قبل الآخر قال أبو بكر: م 3917 - اختلف أهل العلم في القوم يشتركون على أن البقر من عند أحدهم والأرض من عند الآخر، والبذر من عند آخر، والعمل على آخر (¬2)، وعملوا وسلم الزرع. فقالت طائفة: الزرع كله لصاحب البذر، ويكون عليه أجر مثل البقر والرجل العامل والأرض، وينظر إلى ما فيه من فضل، فيتصدق به ولا يجبر عليه، هذا قول أصحاب الرأي. وبه قال أبو ثور، غير أنه لا يأمر بالصدقة به. وقول الشافعي كقول أبي ثور. وقال مالك في الرجل يدفع إلى الوجل البذر ببذرة في أرضه، ويكون ما يخرج بينهما، قال: أرى أن يدفع صاحب الأرض قيمة الحب إلى صاحبه ويكون الزرع لصاحب الأرض. وقال الليث بن سعد في الرجلين يشتركان في الأرض الحرة، فيأتي كل واحد منهما ببذر، ويأتي أحد ببدنه، والآخر بدابته، فقال: لا أرى بأساً أن يعمل الرجل ببدنه وبدابة صاحبه، ثم يتراجعان الفضل بينهما، في عمله بيده وفي عمل دابة صاحبه. ¬

_ (¬1) وفي الدار "أحدهما". (¬2) وفي الدار "والعمل من عند آخر".

5 - باب الإجارة ينقضي وقتها والزرع قائم

قال أبو بكر: م 3918 - وإذا كانت الأرض بين رجلين، ولهما دواب وغلمان بينهما، فاشتركا على أن زرعها ببذرهما ودوابهما وأعوانهما، على أن ما أخرج الله عَزَّ وَجَلَّ من ذلك من شيء فبينهما، فهذا جائز. وهذا على مذهب مالك، والشافعي، وأحمد، وأبي ثور، وأصحاب الرأي وذلك أن أحدهما لا يفضل صاحبه بشيء. 5 - باب الإجارة ينقضي وقتها والزرع قائم قال أبو بكر: م 3919 - واختلفوا في الرجل يستأجر الأرض إجارة صحيحة فتنقضي المدة، والزرع قائم. فكان مالك يقول: لا يقلع، ولكن يترك حتى يتم، ويكون لرب الأرض كراء مثل أرضه. وفيه قول ثان: وهو أن عليه أن ينقله من الأرض، إلا أن يشاء رب الأرض تركه، قرب ذلك أم بعد، إذا كان الكراء في الأصل جائز، هذا قول الشافعي، وهو قول النعمان (¬1). 6 - باب المرتد يدفع أرضه وبذره مزارعة قال أبو بكر: م 3920 - واختلفوا في المرتد يدفع [2/ 169/ألف] أرضه وبذره إلى رجل ¬

_ (¬1) "وهو قول النعمان" ساقط من الدار.

ليزرعها، على أن ما أخرج الله عَزَّ وَجَلَّ من شيء فبينهما، فخرج الزرع، وقتل المرتد. فقال يعقوب، ومحمد: وهو بين ورثة المرتد (¬1) وبين العامل، على ما اشترط عليه. وقال النعمان: جميع ما خرج من الزرع للزارع، وعليه ما نقص الأرض ومثل البذر. قال أبو ثور: جميع ما يخرج (¬2) من ذلك في بيت مال المسلمين، وعلى الإمام قدر كراء العامل، وليس لورثة المرتد من ذلك شيء. م 3921 - ولو دفع مسلم إلى مرتد أرضاً يزرعها بالنصف، والبذر والبقر من عند المرتد، فزرع، فخرج زرع كثير، وقتل المرتد على ردته، ففيها قولان: أحدهما: أنه جائز، وما أصاب المرتد فلورثته، هذا قول يعقوب، ومحمد. وفي قياس قول الشافعي: ما خرج من ذلك للمرتد، لا يرث ورثته من ذلك شيئاً، بل يوضع في بيت مال المسلمين، ويأخذ رب الأرض فمن مال المرتد كراء مثل أرضه. م 3922 - وإذا دخل حربي دار الإِسلام بأمان، فدفع إليه رجل مسلم أرضاً وبذراً، على أن يزرع هذه السنة، فما خرج من شيء فهو بينهما نصفين، فزرع الحربي على ذلك. ¬

_ (¬1) كلمة المرتد ساقطة من الدار. (¬2) "ما يخرج" ساقط من الدار.

7 - باب الأرض تكترى وفيها نخل قليل

ففي قول الشافعي، وأبي ثور جميع ما يخرج من الأرض لرب الأرض، وللحربي أجر مثله. وقال يعقوب، ومحمد: جميع ما خرج بينهما نصفان. 7 - باب الأرض تكترى وفيها نخل قليل قال أبو بكر: م 3923 - اختلف مالك بن أنس، والشافعي في الأرض البيضاء، يكتريها الرجل، وفيها النخلات اليسيرة، يشترط المكتري ثمرتها. ففي قول مالك: ذلك جائز إذا كان مقدار الثلث أو أقل، والبياض الثلثين. ولا يجوز ذلك في قول الشافعي، فإن فعلا فالكراء فاسد، ويكون على المستأجر كراء مثل الأرض، ومثل الثمر، إن كان قبض للنخل ثمراً. قال أبو بكر: قول الشافعي صحيح (¬1). 8 - باب مسألة م 3924 - وإذا اكترى الرجل الأرض أو الدار إلى لسنة، كراءً فاسداً وقبضها، وعطلها. ¬

_ (¬1) " قال أبو بكر: قول الشافعي صحيح" ساقط من الدار.

9 - باب الزارع في أرض قوم بغير إذنهم

ففي قول الشافعي: عليه كراء مثل الأرض، وهو قول مالك، وفي قولهما: إذا لم يقبض الأرض، فلا شيء على المكتري. قال أبو بكر: وبه أقول. وقال الشافعي: وإذا اكترى الرجل الأرض عشر سنين بمائة دينار، لم يجز، حتى يسمي لكل سنة شيئاً معلوماً. وقد أجاز الشافعي هذا الكراء في مكان آخر، وهو أصح قوليه. قال أبو بكر: وبه أقول. 9 - باب الزارع في أرض قوم بغير إذنهم قال أبو بكر: (ح 1319) جاء الحديث عن النبي- صلى الله عليه وسلم -أنه قال: "من زرع في أرض قوم بغير إذنهم، فليس له من الزرع شيء، وترد إليه نفقته". م 3925 - وقال أحمد بهذا الحديث ما دام الزرع قائماً في الأرض، فإذا حصد فإنما لهم الأجر.

10 - باب كراهية الزرع بالعرة

وفي قول الشافعي: إذا أدرك الزرع قبل أن يشتد قلع، وعليه كراء المثل فيما مضى، وإن لم يدرك زرعاً حتى يحصد، كان الزرع لصاحب البذر، وعليه كراء مثل الأرض في المدة التي أقامت في يده. 10 - باب كراهية الزرع بالعُرة قال أبو بكر: م 3926 - واختلفوا في الزرع يزرع بالعرة (¬1). فكرهت طائفة ذلك، وممن كان يكره ذلك ابن عمر. وكره بيع رجيع بني آدم، مالك بن أنس. وحرمه الشافعي (¬2)، وحرم بيعه وشراءه. وكره أحمد العرة في الأرض. وقال إسحاق: إن فعله جاز. وقد روينا عن سعد بن أبي وقاص كالرخصة فيه. 11 - باب مسائل من كتاب المزارعة قال أبو بكر: م 3927 - وإذا اكترى رجل أرضاً من رجل سنة، على أنه إن زرعها ¬

_ (¬1) في الحاشية العرة: عذرة الناس. (¬2) وفي الدار "وكرهه الشافعي".

حنطة فكراؤها عشرة دنانير، وإن زرعها شعيراً فكراؤها ثمانية دنانير (¬1) فالكراء فاسد، فإن أدرك قبل الزرع، فسخ، وإن زرعها فعليه كراء المثل، في قول الشافعي. م 3928 - وإذا دفع صبي أرضاً له مزارعة إلى رجل على النصف، بإذن وليه، أو باذن أبيه، فزرعها: ففي قول أبي ثور: على الزارع كراء مثل الأرض، والزرع له. وقول يعقوب، ومحمد: ذلك جائز، إذا كان إذن وليه. وقياس قول أحمد، وإسحاق: أن ذلك لا يجوز. م 3929 - وإذا أكرى رجل بئراً له (¬2) سنة، ليسقى منها (¬3) زرعاً له ففيها قولان: أحدهما: أن الكراء جائز، وله أن يسقي منها زرعه، هذا قول مالك، ويحتمل [2/ 170/ألف] أن يقول قائل: هذا كراء فاسد، لأن أخذ الماء من البئر يختلف، يقل ويكثر، وهو مجهول لا يوقف له على حد ولا مقدار. وهذا يشبه مذهب الشافعي، وعليه قيمة الماء، فإن اختلفا في قيمته، فالقول قول المكتري مع يمينه. ¬

_ (¬1) وفي الدار "بمالة دينار". (¬2) وفي الدار "بئره". (¬3) وفي الدار "بها".

م 3930 - وإذا اكترى أرضاً كراء صحيحاً، ثم جاء المكتري وقال: لا أجد بذراً، لم يكن ذلك عذراً يجب به الفسخ، والكراء له لازم، في قول مالك، والشافعي، وأبي ثور. وإذا اكترى رجل مراعي أرض فمن رجل سنة معلومة ليرعى فيها المكتري دواباً له. ففي قول مالك بن أنس: لا بأس به إذا طابت مراعيها وبلغ أن يرعى. ولا يجوز ذلك في قول الشافعي؛ لأنه مجهول لا يوقف على حده. قال أبو بكر: وهذا أحب القولين إليّ. قال أبو بكر: (ح 1320) ثبت أن رسول الله قال: "لا يغرس رجلٌ مسلم غرساً ولا زرعاً، فيأكل منه سبع، أو طائر، أو شيء إلا كان له فيه أجراً". (ح 1321) وثبت عنه أنه قال: إن قامت الساعة، وبيد أحدكم فسيل، فاستطاع أن لا يقوم حتى يغرسها فليغرسها".

72 - كتاب المساقاة

72 - كتاب المساقاة قال أبو بكر: (ح 1322) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - وسط "عامل أهل خيبر على شطر ما تخرجُ من ثمرٍ أو زرع". م 3931 - واختلفوا في الرجل يدفع نخله مساقاة على النصف، أو الثلث، أو الربع. فأجاز ذلك فريق، وممن أجاز ذلك سعيد بن المسيب، وسالم بن عبد الله، ومالك، والثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، ويعقوب، ومحمد. وقال مالك: "والمساقاة في كل أصل من كرم، وزيتون، أو تين، أو رمان، أو فرسك، أو ما أشبه ذلك من الأصول، جائزة". وبه قال أبو ثور. وأنكر النعمان المعاملة على شيء من الفرس ببعض ما يخرج منها، وهذا خلاف ما سنه (¬1) رسول الله- صلى الله عليه وسلم -، وخلاف فعل أبي بكر، ¬

_ (¬1) وفي الدار "خلاف سنة"، وكذا في العمانية / 409.

1 - باب المساقاة في غير النخل والكروم

وعمر رضي الله عنهما؛ لأن النبي- صلى الله عليه وسلم - "عامل أهل خيبر على شطر ما يخرج منها من ثمر أو زرع". وأقرهم أبو بكر رضي الله عنه بعد [2/ 170/ب] رسول الله- صلى الله عليه وسلم -، وأقرهم عمر رضي الله عنه صدراً من إماراته. ولا معنى لقول خالف فيه قائله النبي- صلى الله عليه وسلم -، والحليفتين بعده، الصديق والفاروق. ثم هو بعد ذلك قول شاذ. وأهل الحرمين على ما ذكرناه، قديماً وحديثاً، إلى زماننا هذا. 1 - باب المساقاة في غير النخل والكروم قال أبو بكر: م 3932 - كان مالك يقول: والمساقاة في كل نخل، وكرم، وتين، وزيتون، أو فرسك، أو ما أشبه ذلك من الأصول، جائزة. وبه قال أبو ثور. وقال مالك: لا بأس بمساقاة القثاء، والبطيخ، ما لم يبد صلاحه، ويحل بيعه، إذا عجز عنه صاحبه وفيه قول ثان: وهو أن المساقاة لا تجوز إلا في النخل والكرم، هذا قول الشافعي (2).

2 - باب المساقاة في البعل من النخل وغير ذلك

2 - باب المساقاة في البعل من النخل وغير ذلك قال أبو بكر: م 3933 - واختلفوا في المساقاة في البعل من النخل. فكان مالك يجيز المساقاة منه. وقال الليث بن سعد: لا أرى ذلك. م 3934 - واختلفوا في المساقاة في شجر لم يطعم. ففي قول مالك: لا تجوز، وبه قال يعقوب، ومحمد، غير أنهما قالا: فإن عمل عليه فأطعم كان ذلك لرب الأرض، وللعامل أجر مثله. وقال أبو ثور: هي معاملة جائزة إذا كانت على سنين معلومة. قال أبو بكر: م 3935 - وإن دفع إليه نخلاً أو شجراً معاملة على النصف، ولم يذكر وقتاً معلوماً. فهذا عند أبي ثور على سنة واحدة. وأجاز بعض أهل الكوفة ذلك استحساناً. وقال بعض أهل الحديث: ذلك جائز، واحتج: (ح 1323) بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لأهل خيبر: "نُقركم على ذلك ما شئنا".

3 - باب المساقاة في ثمرة قد حل بيعها

3 - باب المساقاة في ثمرة قد حل بيعها قال أبو بكر: م 3936 - واختلفوا في المساقاة في نخل فيه طلع أو بسر قد اخضر أو احمرّ، وقد انتهى وعظم، لم يطعم بعد ولم يرطب، وهو محتاج إلى السقى، والتعاهد حتى يرطب. فأجاز أبو ثور المعاملة فيه إذا احتاج إلى القيام عليه، وأبطل المعاملة فيه إذا لم يحتج إلى القيام عليه. وقال يعقوب، ومحمد: لا تجوز المعاملة فيه، وإن كان يزداد [2/ 171/ألف] فالمعاملة فيه جائزة. فكان عامله وقد انتهى، في قول يعقوب، ومحمد: للعامل أجر مثله، والثمر لصاحب النخل. وقال مالك: لا تجوز المعاملة في ثمر قد بدا صلاحه وحل بيعه. وأجاز مالك المساقاة في الزرع، إذا خرج واستقل وعجز صاحبه عن سقيه. وقال الليث بن سعد: ما أحب ذلك، ولكن صاحبه يستأجر له من يسقيه. [وبقول مالك أقول] (¬1). 4 - باب الشروط التي يشترطها رب النخل، والعامل قال أبو بكر: ¬

_ (¬1) ما بين المعكوفين ساقط من الدار.

م - قال مالك بن أنس: "لا بأس أن يشترط صاحب الأرض على المساقي سد الحيطان (¬1)، وخثم العين، وسرْو الشرَب، وإبار النخل، وقطع الجريد، وجذاذ الثمر، ولا ينبغي أن يشترط عليه بئراً يحفرها، أو عيناً يرفع في رأسها، أو غراساً يغرسه فيها يأتي به من عنده، أو ضفيرة، يبنيها (¬2)، تعظم نفقته فيها". وقال الشافعي: "كل ما كان يستزاد في الثمر من إصلاح الماء، وتصريف الجريد، وإبار النخل، وقطع الحشيش الذي يضر بالنخل وينشف عنه الماء، جاز شرطه على المساقي. وأما سد الحظار، فلا يصلح شرطه على [[المساقي]] ". وقال يعقوب، ومحمد: إن اشترط عليه أن يقوم عليه، ويكسحه ويلقحه ويسقيه، فذلك جائز. ¬

_ (¬1) وفي الدار "شد الحظار". (¬2) في الأصليين. بينهما، والتصويب من الموطأ.

5 - باب اشتراط الرقيق يشترطه كل واحد منهما على صاحبه [2/ 171/ب]

وإن اشترط عليه صرام الثمر أو لقاط الرطب، أو جذاذ الثمر، أو لقاط ما يلقط مثل الباذنجان، وثمر الشجر، فذلك باطل، والمعاملة على هذه الشروط فاسدة، فكان عمل كان له كراء مثله، وما أخرج النخل من شيء فهو لصاحبه. وقال أبو ثور في قيام العامل عليه وكسحه، وسقيه، وتلقيحه، كما قال يعقوب، ومحمد. فإن اشترط رب الأرض على العامل في ذلك صرام النخل، أو لقاط الرطب، أو جذاذ الثمرة، أو لقاط مثل الباذنجان، وثمر الشجر ففيه قولان: أحدهما: أنه جائز. والآخر: أن هذا ليس مما يكون في المعاملة، وذلك أن الثمرة إذا أدركت فقد انقضت المعاملة، وصارت بينهما على ما اشترطا عليه. 5 - باب اشتراط الرقيق يشترطه كل واحد منهما على صاحبه [2/ 171/ب] قال أبو بكر: م 3938 - قال مالك: في الرقيق يشترطهم المساقي على صاحب الأصل، أنه لا بأس به. وكذلك قال الشافعي. قال أبو بكر:

6 - باب مسائل

م 3939 - ولا يجوز أن يستعمل الرقيق الذي يشترطهم عليه في غير ذلك الحائط، في قول مالك، والشافعي. م 3940 - وقال مالك في نفقة الرقيق: هو على المساقي، لا ينبغي أن يشترط نفقتهم على رب المال. وكان الشافعي يقول (¬1): "ونفقة الرقيق على ما اشترطا عليه، وليس نفقة الرقيق بأكثر من أجرتهم، فإذا جاز أن يعملوا للمساقي بغير أجرة، جاز (¬2) أن يعملوا له بغير نفقة". م 3941 - وقال مالك: "وليس للمساقي أن يعمل بعمال العين في غيرها، ولا يشترط ذلك على الذي ساقاه. ولا يجوز للمساقي أن يشترط على رب المال رقيقاً يعمل بهم في الحائط (¬3) ليسوا فيه حين ساقاه إياه". 6 - باب مسائل م 3942 - وكان مالك يقول: في الجريد والليف والسعف: بمنزلة الثمر ¬

_ (¬1) " في نفقة الرقيق ... إلى قوله: الشافعي يقول " ساقط من الدار. (¬2) " أن يعملوا للمساقى ... إلى قوله أجره جاز "ساقط من الدار. (¬3) في الأصليين في الحوائط، والتصويب من الموطأ.

م 3943 - واختلفوا في الرجل، يدفع إليه الرجل النخل مساقاة، فيعامل العامل غيره في النخل. فقال مالك: إن جاء برجل أمين فذلك له، ولا يجوز ذلك في القراض. وفيه قول ثان: وهو أنه لا يجوز أن يدفع ذلك إلى غيره معاملة إذا لم يقل له: اعمل فيها برأيك، فإن عمل فما خرج فلصاحب النخل وللعامل الأخير على العامل الأول كراء مثله، وليس للعامل الأول شيء، وذلك أنه لم يعمل شيئاً مما يستوجب به أجراً. هذا قول أبي ثور. وقال يعقوب، ومحمد كما قال أبو ثور. م 3944 - واختلفوا في الرجل يساقي رجلاً على نخل له (¬1)، في مواضع متفرقة منها على النصف، ومنها على الثلث، ومنها على الربع. فقال مالك: إن عقدا ذلك في صفقة واحدة، فليس ذلك بحسن، وإن كان ذلك في صفقات متفرقة، فلا بأس. وفي قول الشافعي: ذلك جائز. م 3945 - وإذا ساقى رجل رجلاً على نخل له على النصف، وجب إخراج الزكاة من جملة الثمر، ثم يقتسمان ما فضل على ما اتفقا عليه. وهذا [2/ 172/ألف] على مذهب مالك، والشافعي. وبه قال الليث بن سعد إذا ساقى المسلم النصراني، أعلمه أن الزكاة مؤداة في الحائط، ثم يقاسمه بعد الزكاة ما بقي. ¬

_ (¬1) وفي الدار "رجلاً نخلاً له".

7 - باب عقد المساقاة بين الرجلين سنين معلومة (2) ثم يريد أحدهما الرجوع عن ذلك

م 3946 - واختلفوا في الرجل يدفع إلى الرجل أرضه، على أن يغرس فيها شجراً، على أن يكون الشجر بينهما نصفين، وعلى أن الأرض والشجر بينهما. فكان مالك، وأبو ثور يقولان: لا يجوز، ويشبه ذلك مذهب الشافعي. وكان أبو ثور يقول: فكان أخذها على هذا وعمل، فما أخرجت الأرض من ثمرة، فلماحب الغيرس، ويقطع غيرسه، ويكون له على رب الأرض ما بين غرسه قائماً ومقطوعاً، وذلك أنه غيرّه، ويكون لصاحب الأرض على صاحب الغرس كراء مل أرضه، وما نقص أرضه، وذلك أنه غرّه. وقال يعقوب، ومحمد في إفساد المعاملة كما قالوا، وقالا: فكان أخذها على هذا، فعمل فيها، فما أخرجت الأرض من شيء، فلصاحب الأرض، ولصاحب الغرس قيمة غرسه، وأجر مثله؛ لأن حين اشترط شيئاً من الأرض يغرسه ن ما غرس لصاحب الأرض (1). 7 - باب عقد المساقاة بين الرجلين سنين معلومة (2) ثم يريد أحدهما الرجوع عن ذلك قال أبو بكر: م 3947 - وإذا دفع الرجل نخله إلى رجل سنين معلومة، على النصف

أو الثلث، ثم أراد أحدهما الرجوع قبل انقضاء المدة فليس ذلك له، أيهما أراد إبطال ذلك. وهذا قول مالك بن أنس، قال: إلا أن يمرض فيضعف، أو يفلس فيقال له: ساق إن شئت عد لا رضا وإلا (¬1) كان صاحب المال أولى به من غيره. وبه قال يعقوب، ومحمد إلا أن يكون عذر، ومن العذر أن يكون العامل رجل سوء يخاف على فساد النخل، وقطع السعف، فلصاحب الأرض إخراجه. والعذر للعامل أن يمرض مرضاً لا يستطيع أن يعمل، أو يضعف عنه. وقال أبو ثور: ليس لواحد منهما أن يرجع، حتى تنقضى المدة. قال أبو بكر: هذا أصح، ولا أعلم عذراً يجب به فسخ العاملة، إلا أن تقوم [2/ 172/ب] بينة أن العامل خائن، فيقال له: أقم مكمك (¬2) عاملاً يقوم بما يجب عليك أن تقوم به، فإذا جاءت الغلة، أخذ كل واحد من رب المال والعامل حصته، وكانت أجرة القائم في مال العامل. ¬

_ (¬1) وفي الدار "وإن كان". (¬2) وفي الدار "مكانك".

8 - باب موت العامل أو رب النخل

8 - باب موت العامل أو رب النخل (¬1) قال أبو بكر: م 3948 - وإذا دفع رجل إلى رجل نخلاً معاملة، فما أحدهما فإن مات صاحب النخل، قام ورثته مقامه، وإن مات العامل فكذلك تقوم ورثته مقامه إن شاؤوا. م 3949 - وكان أبو ثور يقول: إن مات صاحب الأرض والعامل جميعاً، فإن أحب ورثة العامل أن يقوموا فيه، كان ذلك لهم، وإن كرهوه، كان على ورثة صاحب الأرض أن يقاسموهم، أو يرضوهم في حقوقهم. م 3950 - وإذا دفع الرجل إلى الرجل نخلاً معاملة على النصف، وعلى أن لرب الأرض دنانير معلومة، أو دراهم، أو وسقا من الثمر، يختص بها، أو شرط العامل ذلك لنفسه، والعاملة على هذا فاسدة لا تجوز. وهذا على مذهب مالك، والأوزاعي، والشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي. م 3951 - وإذا ساقى الرجل على نخل، ولم يذكر البياض، فليس للعامل أن يزرع في بياض الأرض، إلا بإذن صاحبه، فإن زرع في ذلك بغير إذن صاحبه، فهو متعدي، وعليه كراء الله، والزرع له فإن أدرك ذلك وقد زرع، أمر بقلعه وهذا قول يعقوب. وقال مالك: "ما ازدرع الداخل في البياض فهو له، وإن اشترط صاحب النخل أن يكون ذلك بينهما، فهو جائز إذا كان تبعاً للنخل. ¬

_ (¬1) وفي الدار "رب المال".

وقال مالك: فإن اشترط صاحب الأرض أن يزرع في البياض، فذلك لا يصلح؛ لأن الرجل الداخل يسقي لرب الأرض، فذلك زيادة ازدادها عليه". [وبه أقول] (¬1). ¬

_ (¬1) ما بين المعكوفين من الدار. ملاحظة: في الدار يأتي بعد هذا الكتاب كتاب الإستبراء وكذا في العمانية/ 423، وقد سبق كتاب الاستبراء في نسخة الأصل الثالث.

73 - كتاب الاجارات

73 - كتاب الاجارات قال أبو بكر: قال الله جل ذكره: {قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ، قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ ...} الآية. وقال جل وعز: {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} الآية. (ح 1324) وروينا عن النبي - صلى الله عليه وسلم -[2/ 173/ألف] أنه قال: "سألت جبريل عليه السلام: أي الأجلين قضى موسى - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: أتمهما وأكملهما". (ح 1325) وثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -، وأبا بكر رضي الله عنه " استأجرا رجلاً من بني الديل هادياً خريتا"، والخرِّيت: الماهر بالهداية. (ح 1326) وجاء الحديث عن النبي أنه قال: "أعطوا الأجير أجره

1 - باب إجارة الدواب

قبل أن يجف عرقُه". (ح 1327) وجاءت الأخبار عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - من غير وجه أنه أباح الإجارة، وأجازها. قال أبو بكر: فالاجارة ثابتة بكتاب الله عز وجل، وبالأخبار الثابتة عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -. م 3952 - واتفق على إجازتها كل من نحفظ عنه قوله من علماء الأمة. م 3953 - وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على إجازة أن يكتري الرجل من الرجل داراً معلومة قد عرفها، وقتاً معلوماً، بأجر معلوم (4). 1 - باب إجارة الدواب قال أبو بكر: م 3954 - اختلف أهل العلم في الرجل يكتري الدابة بأجر معلوم إلى موضع مسمى، فيتعدى فيجاوز ذلك المكان، ثم يرجع إلى المكان المأذون له في المسير إليه. فقالت طائفة: إذا جاز ذلك المكان ضمن، وليس عليه في التعدي كراء، هذا قول سفيان الثوري.

وقال النعمان: الأجرة له فيما سمى، ولا أجرة فيما لم يسم لأنه خالف، فهو ضامن، وبه قال يعقوب. وقالت طائفة: هو ضامن، وعليه الكراء، كذلك قال الحكم، وابن شبرمة. وعليه عند الشافعي: الكراء الذي سمى، وكراء المثل فيما جاوز ذلك المكان، ولو عطبت: لزمه قيمتها. وقال أحمد، وإسحاق، وأبو ثور: عليه الكراء، والضمان. قال أبو بكر: وبه نقول. وفيه قول ثالث، وهو: أن له الأجر فيما سمى وفيما خالف إن سلم، وإن لم يسلم ذلك: ضمنه، ولا يجعل عليه أجراً في الخلاف إذا ضمنه، هذا قول ابن أبي ليلى. م 3955 - وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن من اكترى دابة ليحمل عليها عشرة أقفزة قمح، فحمل عليها [2/ 173/ب] ما اشترط، فتلفت: أن لا شيء عليه، وهكذا إن حمل عليها عشرة أقفزة شعير. واختلفوا فيمن اكترى دابة ليحمل عليها عشرة أقفزة قمح، فحمل عليها أحد عشر قفيزاً. فكان الشافعي، وأبو ثور يقولان: هو ضامن لقيمة الدابة، وعليه الكراء. وقال ابن أبي ليلى: عليه قيمتها، ولا أجر عليه.

وفيه قول ثالث، وهو: أن عليه الكراء، وعليه جزء من أحد عشر جزءاً من قيمة الدابة بقدر ما زاد عن الحمل، هذا قول النعمان، ويعقوب، ومحمد. وقال ابن القاسم: لا ضمان عليه في قول مالك، وإذا كان القفيز الزائد لا يفدح (¬1) الدابة، ويعلم أن مثله لا تعطب منه الدابة، ولرب الدابة أجر القفيز الزائد. م 3957 - واختلفوا في الدابة يكتريها الرجل ليركبها بِسَرْج، فركبها بإكاف. فإن كان ذلك أثقل أو أضر عليه، كان ضامناً للدابة وعليه الأجرة، وإن كان أخف مما عليه، فليس عليه شيء غير الكراء الأول. هذا قول أبي ثور. وقال النعمان: إذا تكاراها ليركبها بسرج، فيجعل عليها إكافاً فهو ضامن بقدر ما زاد، وقال: إن كان مسرجاً بسرج حمار، فأسرجه بسرج برذون لا تسرح بمثله الحمر، فهو مثل الإكاف، وبه قال يعقوب، ومحمد. وقال النعمان، ويعقوب: إن استأجر حماراً بإكاف، فأسرجه، فلا ضمان عليه؛ لأن السرج أخف. م 3958 - وإذا اكترى حماراً من المكاريين، ليبلغ عليه إلى موضع، ذاهباً وراجعاً، فقال أبو ثور: عليه أن ينزل في المكاريين في الموضع الذي اكتراه، وكذلك الحمال. ¬

_ (¬1) في حاشية المخطوطة: فدحه الأمر: أثقله، وكذا في المختار.

2 - باب إباحة ضرب الدواب

م 3959 - واختلفوا في الرجل تكون عنده الدابة وديعة، فيركبها بغير إذن صاحبها، ثم يردها إلى مكانها. فقال أبو ثور: إذا ردها إلى مكانها: سقط عنه الضمان. وقال النعمان: لا ضمان عليه، ثم قال بعد: هو ضامن، ولا يبرئه من الضمان إلا دفعها إلى صاحبها. وبه قال يعقوب، ومحمد، وهو قول الشافعي. م 3960 - وإذا أكرى دابته وعبده، ثم أراد بيعه، فليس له بيعه، فإن باع، فالمكتري أحق به، حتى ينقضي وقت الكراء. هذا قول أبي ثور، وهو مذهب مالك [2/ 174/ألف] بن أنس. وقال النعمان: ليس هذا بعذر. م 3961 - وإذا اكترى دابة بعينها، فوجدها جموحاً، أو عضوضاً، أو نفوراً، أو بها عيب، أو غير ذلك مما يفسد ركوبها: فالمكتري بالخيار، إن شاء أخذها، وإن شاء ردها، ونقض الإجارة. هذا قول أبي ثور، وأصحاب الرأي. 2 - باب إباحة ضرب الدواب قال أبو بكر: (ح 1328) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -ضرب الجمل الذي كان عليه جابر بن عبد الله".

3 - باب مسائل

م 3962 - واختلفوا في المكتري يضرب الدابة، فتموت. فقالت طائفة: إذا ضربها ضرباً يضرب صاحبها مثله، إذا لم يتعد فلا شيء عليه، كذلك قال أحمد، وإسحاق، وأبو ثور. وقال الثوري: هو ضامن، إلا أن يكون أمره أن يضرب، وبه قال النعمان. وقال يعقوب، ومحمد: يستحسن ألا يضمنه إلا إذا لم يتعد في الضرب كما يضرب الناس. وقال مالك إذا ضرب ما لا يضرب مثله أو حيث لايضرب: ضمن. 3 - باب مسائل م 3963 - واختلفوا فيمن اكترى دابة إلى مكان، على أنه إن سار في يومين فله عشرة دراهم، وإن سار به أكثر من ذلك فله درهما. فكان أبو ثور يقول: هذا كراء فاسد، فإن سار عليه فله كراء المثل. قال أبو بكر: وبه نقول. وقال غيره. إن سار في يومين، فله عشرة دراهم، وإن أبطأ فله أجر مثله، لا ينقصه عن درهمين، ولا يتجاوز به عشرة دراهم، وفي قياس قول أبي حنيفة (¬1). وفي قياس قول يعقوب، ومحمد: هو على الشرط. ¬

_ (¬1) " قياس قول أبي حنيفة" ساقط من الدار

4 - باب اكتراء الدواب للمحامل والزوامل

م 3964 - وإذا اكترى دابة إلى العشي، إذا زالت الشمس فذلك وقت العشي، في قول أبي ثور، والنعمان، ويعقوب (¬1)، ومحمد. م 3965 - وإذا اكترى دابة يوماً بدرهم، فله أن يركبها عند طلوع الشمس، ويردها عند غروبها، في قول أبي ثور، وأصحاب الرأي. م 3966 - وإذا اكترى دابة ليلة: ركبها عند غروب الشمس، ويردها عند طلوع الفجر (¬2)، في قول أبي ثور، والنعمان، وصاجه. 4 - باب اكتراء الدواب للمحامل والزوامل قال أبو بكر: م 3967 - واختلفوا في اكتراء الدواب للمحامل والزوامل. فقالت طائفة: لا يجوز ذلك حتى يرى الراكبين وظرف المحمل، والوطأ، والظل [2/ 174/ب] إن شرطه، لأن ذلك يختلف، والحُمولة بوزن، أو عين تُرى. فإن اكترى محملاً، وقال معه معاليق، أو ما يصلحه، فالقياس أنه فاسد، هذا قول الشافعي، وأبي ثور. ¬

_ (¬1) "ويعقوب" ساقط من الدار. (¬2) وفي الدار "عند الفجر".

5 - باب أجر الكيال والوزان

وقال أصحاب الرأي: إذا قال في المحمل فيه رجلان وما يصلحهما من الوطاء، والدثر، وقد رأى الرجلين ولم ير الوطاء، والدثر، فكان القياس أن الكراء فاسد، وقال النعمان: نستحسن فنجيزه. وقالوا جميعاً النعمان وصاحباه: يسمى وزن المعاليق، ووزن الهدايا، أحب إلينا. قال أبو بكر: لا يجوز ذلك حتى يكون معلوماً، إما بنظر، وإما بوزن معلوم. م 3968 - وقال مالك: إذا اكترى دابة، ومكن منها، ولم يركبها وعطلها: فالكراء له لازم، وبه قال الشافعي، وأبو ثور. 5 - باب أجر الكيال والوزان (¬1) قال أبو بكر: م 3969 - اختلف أهل العلم في أجر الكيال والوزان. فأجاز ذلك فريق، وممن أجاز ذلك: مالك بن أنس، والثوري، وأبو ثور. وأجاز (¬2) أصحاب الرأي استئجار القاضي القاسم شهراً بأجر مسمى، ليقسم بين الناس. وكل ما كان معلوماً فهو جائز على مذهب الشافعي. قال أبو بكر: وبه أقول. ¬

_ (¬1) "والوزان" ساقط من الدار. (¬2) "وأجاز" ساقط من الدار.

6 - باب أجور المعلمين

م 3970 - وقال مالك بن أنس، والثوري: أجر الكيال على البائع، وبه قال الشافعي. وذكر أحمد: القاسم، والحاسب، والمعلم، والقاضي، قال: كان ابن عيينة يكره هذا كله. وقال إسحاق: هذا أهون من التعليم. وقد روينا عن سعيد بن المسيب أنه قال: رأى عليّ رجلاً يحسب بين أهل السوق حساباً، فنهاه أن يأخذ عليه أجراً. قال أبو بكر: كل ما كان من ذلك معلوماً: فالأجر فيه جائز: (ح 1329) لأن في حديث سويد بن قيس قال: "أتانا رسول الله- صلى الله عليه وسلم - فاشترى منا سراويل، وثم رجل وزان يزن بأجره". 6 - باب أجور المعلمين قال أبو بكر: (ح 1330) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: زوج رجلاً امرأة بما معه

من القرآن". م 3971 - واختلف أهل العلم في أجور المعلمين، وكسبهم، فرخص فيه قوم، وكره آخرون. فممن رخص فيه، عطاء بن أبي رباح، وأبو قلابة، ومالك، والشافعي، وأبو ثور. وقالت طائفة: لا بأس به ما لم يشترط، وكرهت الشرط، فممن كره الشرط: الحسن البصري، وابن سيرين، والشعبي. وكرهت طائفة تعليم القرآن [2/ 175/ألف] بالأجرة، وفيه ذلك: الزهري، وإسحاق، والنعمان، وقال النعمان: لا يحل ولا يصلح، وقال عبد الله بن شقيق: هذه الرغف التي يأخذها المعلمون من السحت. قال أبو بكر: القول الأول أصح، لأن النبي- صلى الله عليه وسلم - لما أجاز أن يأخذ الرجل على تعليم القرآن عوضاً في باب النكاح، ويقوم ذلك مقام المهر: جاز أن يأخذ المعلم على تعليم القرآن الأجر، والنعمان يجيز أن يستأجر الرجل الرجل على أن يكتب له نوْحاً، أو شعراً، أو غناء معلوماً، بأجر معلوم، فيجيز الإجارة على ما هو معصية، ويبطلها فيما هو طاعة لله، ومما قد دلت السنة على إجازته.

7 - باب الأجير يستأجر بطعام بطنه، والدابة تستأجر بعلفها

7 - باب الأجير يستأجر بطعام بطنه، والدابة تستأجر بعلفها قال أبو بكر: م 3972 - واختلفوا في الأجر يستأجر بطعامه: فأجاز ذلك مالك بن أنس، وأحمد، وإسحاق، واحتج مالك بأن الرجل إذا تزوج المرأة: عليه نفقتها. واحتج أحمد بالإطعام في كفارة اليمين، والظهار. وقد روينا عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: "أكريت نفسي من ابنة غزوان على طعام بطني، وعُقبة رجلي". وروينا عن علي رضي الله عنه أنه قال: "كنت أدلو الدلو بتمرة وأشترطُ أنها جلدة". وأبطل النعمان استئجار الرجل العبد بأجر مسمى بطعامه، وكذلك قال في الدابة تستأجر بعلفها، وبه قال يعقوب، ومحمد. ثم ناقض النعمان فأجاز ذلك في الظئر تستأجر بطعامها وكسوتها، وقال يعقوب، ومحمد: لا يجوز.

8 - باب اجارة الظئر

وقال أبو ثور: لا يجوز ذلك، فإن عمل فله أجر مثله يحسب عليه ما أنفق، وهذا على مذهب الشافعي. قال أبو بكر: وبه نقول. 8 - باب اجارة الظئر قال أبو بكر: قال الله عز وجل: {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} الآية. م 3973 - فاستئجار الظئر جائز، لأن الله عَزَّ وَجَلَّ أذن فيه، ولا اختلاف في ذلك بين أهل العلم أعلمه (¬1). قال أبو بكر: فللمرء أن يستأجر المرأة لترضع صبياً، وقتاً معلوماً، بأجر معلوم، إذا كانا عالمين بما عقدا عليه الإجارة، وطعامها وكسوتها ونفقتها عليها، ليس على المستأجر منه شيء. فإن اشترطت عليه [2/ 175/ب] كسوة ونفقة، فكان ذلك معلوماً موصوفاً، كما يوصف في أبواب السلم: فذلك جائز ولا أحفظ عن أحد فيما ذكرت خلافاً. م 3974 - واختلف أصحاب الرأي: إن اشترطت كسوتها ثلاثة أثواب زطية وعند الفطام دراهم مسماة، وقطيفة، ¬

_ (¬1) "أعلمه" ساقط من الدار.

ومسحاً، وفراشاً: فاستحسن النعمان، وأجاز ذلك في الظئر، ولم يجزه في غيرها. وقال يعقوب، ومحمد: لها أجر مثلها، فيما أرضعت. م 3975 - وفي قول النعمان: إن اشترطت طعاماً عليهم، فجائز. ولا يجوز ذلك في قول يعقوب، ومحمد، إلا أن يكون موصوفاً كما ذكرناه. ولا يجوز في قول الشافعي، إلا أن يكون معلوماً. م 3976 - وفي قول أبي ثور، وأهل الكوفة: إذا أجرت نفسها بغير إذن الزوج فله فسخ ذلك، إذا علم به زوجها. م 3977 - وإذا مات الصبى، وقد مضت سنة وكان الرضاع إلى سنتين، أخذت نصف ما شرط لها، في قول الشافعي، وأصحاب الرأي. وقال أبو ثور: إلا أن له أن يؤاجرها إلى انقضاء المدة، أو يدع ذلك. م 3978 - وقال أبو ثور. ليس على المرضعة تمريخ الصبى ولا تدهينه، ولا غسل ثيابه، إلا أن يشترط ذلك عليها، لأنه غير الرضاع. قال أبو بكر: وكذلك نقول. وقال أصحاب الرأي: ذلك كله عليها. م 3979 - ورخص أبو ثور في بيع ألبان الآدميات وشرائه، وزناً، وكيلاً، للعلاج، والشرب، والسعوط. قال أبو بكر: وكذلك نقول، لأنه طاهر.

وقال أصحاب الرأي: لا يجوز بيع ذلك بوجه، وقالوا: لا بأس أن يستعط به، ويشرب الدواء. قال أبو بكر: م 3980 - وليس لأهل الصبي مع زوج الظئر من وطئها، لأن ذلك مما أبيح له. م 3981 - واختلفوا في المرأة تؤاجر نفسها من قوم لترضع صبياً، ثم تؤاجر نفسها من قوم آخرين- بغير علم الأولين-. ففي قول أبي ثور: الأجرة الثانية فاسدة، وليس لها أن تبيع من لبنها شيئاً. وبه نقول. وقال أصحاب الرأي: تأثم، ولها الأجر كاملاً، على هؤلاء وعلى هؤلاء، ولا تتصدق منه بشيء. وقال أبو ثور: ما أخذث من الآخرين: للأولين. م 3982 - واختلفوا فيمن استأجر ظئراً، على أن ترضع صبياً [2/ 176/ألف] في بيتها فدفعته إلى خادم لها، فأرضعته حتى فطمته. فقال أبو ثور: لا شيء لها، ولا للخادم. وقال أصحاب الرأي: لها أجرها (¬1). م 3983 - واختلفوا فيمن أراد زوجته، على أن ترضع ولدها منه، فأبت. فقال أبو ثور: تجبر على ذلك. وقال أصحاب الرأي: ليس له أن يستكرهها على رضاعه، فإن استأجرها بأجر معلوم، وقبلت: فلا أجر لها. ¬

_ (¬1) وفي الدار "لها أجر مثل".

3984 - وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم: على أن للرجل أن يستأجر أمه، أو أخته، أو ابنته، أو خالته: لرضاع ولده. م 3985 - واختلفوا في الرجل يستأجر المرأة للرضاع، فتأبى أن ترضع. فقال أبو ثور: تجبر على ذلك، عُرفت به أو لم تعرف به. وقال أصحاب الرأي: إن كانت تُعرف به أجبرت، وإن لم تعرف به لم تجبر. م 3986 - وإذا استأجرها لترضع صبياً في منزلها، فكانت توجره لبن الغنم وتطعمه، ولم ترضعه. لم يكن لها أجره لأنها لم ترضعه، وهكذا قال أبو ثور، وأصحاب الرأي. وفي قول أبي ثور، وأصحاب الرأي: إذا قالت: أرضعته، وأنكر الأب فالقول قولها مع يمينها. م 3987 - وإذا استأجر الرجل ظئراً للقيط وجده: فهو جائز ولا يرجع على اللقيط بشيء إذا بلغ، وهذا قول أبي ثور وأصحاب الرأي. م 3988 - واختلفوا في اليتيم الذي لا أب له ولا أم. ففي قول الشافعي: لا يلزم الرضاع إلا والدا أو جداً، وروي هذا القول عن الشعبي. وروينا عن ابن عباس أنه قال- في قوله تعالى: {وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ} الآية، قال: لا يضار.

9 - باب الدار يستأجرها الرجل، ثم يكريها بأكثر مما اكتراها به [2/ 176/ب]

وقالت طائفة: على أوليائه، على كل ذي رحم محرم أن يستأجروا له ظئراً، على قدر مواريثهم، وإن كان لا ولي له فمن بيت المال. هذا قول أصحاب الرأي. وقد روينا عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "أنه جبر عصبة ينفقون على صبي، الرجال دون النساء". وممن قال: إن الرضاع على الوارث إذا مات أبواه: الحسن البصري، وعبيد الله بن عتبة، والنخعي، وقتادة، والثوري. 9 - باب الدار يستأجرها الرجل، ثم يكريها بأكثر مما اكتراها به [2/ 176/ب] قال أبو بكر: م 3989 - واختلفوا في الدار يكتريها الرجل، ثم يكريها بأكثر مما اكتراها به. فرخص فيه قوم، روى ذلك عن عطاء، والحسن البصري، والزهري، وبه قال الشافعي، وأبو ثور. وكره ذلك قوم، وممن روينا عنه أنه كره ذلك: ابن المسيب، وابن سيرين، والشعبي، ومجاهد، وعكرمة، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، والنخعي، والأوزاعي. وفيه قول ثالث: وهو إن كان المكتري أصلح فيها شيئاً، فلا بأس أن يؤاجرها بأكثر مما استأجرها به، روي هذا القول عن الشعبي، وبه

10 - باب موت المكري، والمكتري

قال الثوري، والنعمان، وقال النعمان: إن أصلح في البيت شيئاً بتطيين أو تجصيص فلا بأسٌ بالفضل، وإن لم يصلح فيه شيئاً: فلا خير في الفضل ويتصدق به. قال أبو بكر: القول الأول أصح. م 3990 - واختلفوا في الكراء: متى يستحق المكري. ففي قول الشافعي: يملك رب الدار الكراء بالعقد، وله قبض ذلك كله من المستأجر وبه قال أبو ثور. وقال النعمان: إذا اكترى إلى مكة دابة، فكلما سار مسيرا له من الأجر شيء معروف: فله أن يأخذ ذلك من المستأجر، إن شاء. قال أبو بكر: وبقول الشافعي أقول، وقد كان الشافعي أجاب بغير ذلك، في موضع آخر، والذي ذكرناه عنه أصح. وزعم الكوفي: أن للمكري أن يصارف المكتري، فيأخذ مكان الدراهم دنانير، وفي هذا: إيجاب بأن الكراء يجب بالعقد، إذ لو لم يكن ذلك واجباً: ما كان له أن يصارفه على ما لم يستحقه. 10 - باب موت المكري، والمكتري قال أبو بكر: م 3991 - واختلفوا في الإجارة الصحيحة، في العبد، أو الدار، يموت المكري أو المكتري. فقالت طائفة: الإجارة بحالها، لا تنفسخ بموتها ولا بموت أحدهما بل يقوم الوارث منهما مقام الميت، هذا قول مالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وابي ثور.

11 - باب خير الأجير من عمله قبل انقضاء الوقت

وقال طائفة: تنتقض [2/ 177/ألف] الإجارة بموت أيهما مات. هذا قول الثوري، وأصحاب الرأي. قال أبو بكر؟ بالقول الأول أقول، إذ غير جائز أن تنتقض إجارة صحيحة بقول لا حجة مع قائله. 11 - باب خير الأجير من عمله قبل انقضاء الوقت قال أبو بكر: م 3992 - واختلفوا في الرجل، يستأجر الدار، أو العبد، ثم يريد أحدهما نقض الإجارة، من عذر، أو غير عذر. ففي قول مالك، وأبي ثور، وهو على مذهب الشافعي: ليس لواحد منهما نقضه، من عذر أو غير عذر، والكراء إلى مدته، وبه قال الثوري، وأحمد، وإسحاق. وفي قول النعمان: له أن يفسخ الإجارة، إذا أراد أن ينتقل من بلد إلى بلد، وهو عذر، وإذا أفلس فهو عذر، وإذا أراد، وقد اشترى منزلاً -أن يتحول إليه، فليس ذلك بعذر، وإن اكترى إلى مكة، ثم بدا للمستأجر أن يترك الحج: فهو عذر، وإن مرض، أو لزمه غيريم له، أو خاف أمراً، فهو عذر، هذا كله: قول النعمان. قال أبو بكر: القول الأول أصح.

12 - باب اجارة الدار والدابة

12 - باب اجارة الدار والدابة قال أبو بكر: م 3993 - أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم، على أن اجارة المنازل، والدواب: جائز إذا بين الوقت، والأجر، وكانا عالمين بالذي عقدا عله الأجارة، وبينا من يسكن الدار، ويركب الدابة، وما يحمل عليها. م 3994 - واختلفوا فيمن استأجر دارا معلومة، بأجر معلوم، ولم يُبين من يسكن الدار، وما يجعل فيها. فكان أبو ثور يقول: لا يجوز، حتى يقول: أسكنها أنا وعيالي، وليس له أن يجعل فيها ما يَضُر بها. وقال النعمان: ذلك جائز، يسكنها، ويسكنها من شاء، ويضع فيها ما بدا له، من الثياب، والدواب، والمتاع، ما خلا الرجى أن تنصب فيها، أو القصّار، أو الحدّاد، إلا برضى من صاحب الدار، أو يشترط ذلك في الاجارة، هذا قول: أبي يوسف (¬1)، ومحمد، وكذلك [2/ 177/ب] كل عمل يوهن البناء، أو يفسده. 13 - باب اكتراء الدار مشاهرة قال أبو بكر: م 3995 - واختلفوا في الرجل، يكتري الدار مشاهرة، كل شهر بكذا، ¬

_ (¬1) "أبي يوسف" ساقط من الدار.

14 - باب المكتري يغصب ما اكتراه

فسكن شهراً، أو بعض شهر، ثم يريد الساكن الخروج، أو يريد رب الدار إخراج الساكن. فقال مالك: للمكري أن يخرجه إن شاء، ويقبض منه ما سكن من الشهر الآخر، وسواء تكاراها مشاهرة، أو تكاراها أشهراً مسماة. وكره الثوري هذا الكراء، حتى يسمى شهراً معلوماً، أو أشهراً معلومة. م 3996 - وكان أبو ثور يقول: لرب الدار أن يخرج الساكن عند انقضاء الشهر، وللساكن كذلك أن يخرج عند انقضاء الشهر، وإن دخل من الشهر الثاني يوم أو يومان: فليس له أن يخرج، حتى ينقضى الشهر. وبه قال النعمان، ويعقوب، ومحمد، غير أن هؤلاء قالوا: ليس له أن يخرج، ولا لرب الدار أن يخرجه إذا مضى من الشهر يوم، إلا من عذر. 14 - باب المكتري يُغصب ما اكتراه قال أبو بكر: م 3997 - وإذا اكترى الرجل الدار، فغصبها غاصب. فقالت طائفة: ليس للمؤاجر على المستأجر أجر فيما غصب عليه الغاصب هذا قول: أصحاب الرأي، وبه قال الشافعي. وقال الشافعي: على الغاصب: كراء مثله. وقال أبو ثور: يرجع المستأجر على الغاصب بكراء مثله، وليس على رب الدار شيء.

15 - باب الكراء بالطعام وغيره مما يكال ويوزن

15 - باب الكراء بالطعام وغيره مما يكال ويوزن قال أبو بكر: م 3998 - واختلفوا في الكراء بغير الذهب والفضة. فقالت طائفة: لا بأس أن يكتري بطعام موصوف معلوم، كما يوصف في أبواب السلم، هذا قول أحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي، وهو قياس قول الشافعي. وقال الثوري: هو مكروه. وقال أبو بكر: القول الأول صحيح. 16 - باب مسائل من كتاب الاجارات [2/ 178/ألف] قال أبو بكر: م 3999 - واختلفوا في الذمي يكتري من المسلم دارا، فيريد أن يبيع فيها خمراً. فكان أبو ثور، وأصحاب الرأي: يرون أن له منعه. وقال أصحاب الرأي: إن كان هذا في دار بالسواد والجبل: كان له أن يعمل فيها ما يشاء. قال أبو بكر: لا فرق بين شيء من ذلك، أحكام الله تعالى في جميع البلاد سواء. م 4000 - واختلفوا في الدار يكتريها الرجل، فيسقط منها حائط. ففي قول الشافعي: للساكن أن يتحول منها، وعليه أجر ماسكن.

وفي قول مالك، والكوفي: إن كان ذلك يضر بالساكن: فله أن يخرج، غير أن الكوفي قال: إلى أن يبنيه رب الدار. 4001 - واختلفوا الرجل يستأجر الدار سنة، فلما استكمل سكناها استحقت الدار. فقال أبو ثور: على الذي سكن كراء مثل الدار، فإن كان كراء المثل أقل من الاجارة: لم يكن عليه أكثر من ذلك، ولم يكن للمؤاجر عليه شيء، وذلك أنه ليس بمالك؛ وإن كان (¬1) أكثر مما استأجرها به رجع بالفضل على المؤاجر (¬2) الذي أجره (¬3)، لأنه غره. وقال النعمان كان: الأجر للمؤاجر على المستأجر، ولا يكون لرب الدار لأن المؤاجر كان ضامناً غاصبا، والأجر له لضمانه. وقال يعقوب: عليه أن يتصدق به، ولا يجبر عليه، فإن تهدمت من السكنى ضمن الساكن، ويرجع به علي المؤاجر، وهو قول محمد. قال أبو بكر: بالقول الأول أقول. م 4002 - واختلفوا في الرجل يكتري الدار بسكنى دار أخرى. فكان أبو ثور يقول: ذلك جائز. قال أبو بكر: وبه نقول. وقال النعمان: الكراء فاسد، وإن استأجره بخدمة عبد كان جائزا. قال أبو بكر: ¬

_ (¬1) "أقل من الإجارة ... إلى قوله: وإن كان "ساقط من الدار. (¬2) وفي الدار "على رب الدار". (¬3) "الذي أجره" ساقط من الدار.

م 4003 - ولو فرّغ الساكن الدار، وفيها تراب، وقُمام، وسرقين، وزبل: فعلى الساكن نقل ذلك، في قول أبي ثور، وأصحاب الرأي، وهو قياس قول الشافعي. وبه نقول. قال أبو بكر: م 4004 - فأما تنقية البلاليع، والكنف. فإن أصحاب الرأي قالوا: هو مثل الأول إنه على الساكن، ولكنا ندفع القياس ولا نجعله عليه. وفي قول أبي ثور: ذلك على [2/ 178/ب] رب الدار. قال أبو بكر: لا فرق بين القمام، وبين ما في الكنف، وهو على الساكن. قال أبو بكر: م 4005 - إذا اكترى منزلا، فقبضه، وعطله، فعليه كراؤه، وهذا قول الشافعي، وأبي ثور، وبه قال يعقوب، ومحمد. م 4006 - وإن كان الساكن أنفق على المنزل في عماره نفقة، بغير أمر رب الدار: فهو متطوع في قول الشافعي، وأبي ثور، وأبي حنيفة (¬1)، ويعقوب، ومحمد. م 4007 - وإن أمره أن ينفق، ثم اختلفا فيما أنفق، فالقول قول رب الدار مع يمينه، في قولهم جميعاً. وبه نقول. ¬

_ (¬1) "وأبي حنيفة" ساقط من الدار.

م 4008 - فإن قال الساكن لرب الدار: أعرتنيها، وقال رب الدار: بل اكتريتها: فالقول قول رب الدار، وعلى الساكن كراء المثل في قول أبي ثور، وأصح قولي الشافعي. وفي قول أصحاب الرأي: القول قول المستأجر في العارية مع يمينه، والبينة بينة المؤاجر. م 4009 - واختلفوا في الرجل يكتري المنزل على أن يسكنه شهراً واحداً، فتزوج امرأة. فكان أبو ثور يقول: ليس له أن يسكنها معه، ولصاحب المنزل متعة من ذلك. وقال النعمان، ويعقوب، ومحمد: له أن ينزله هو ومن كان معه، حتى ينقضي الوقت. قال أبو بكر: م 4010 - وإذا اكترى رجل داراً على أن يرُمّها الساكن: فالكراء فاسد، في قول الشافعي، وأبي ثور، والنعمان، ويعقوب، ومحمد، وعليه كراء المثل في قولهم جميعاً، وبه نقول، وقال مالك: لا خير في ذلك. وإن كان في الدار المكتراة حائط واه، فأشهد على الساكن فيه وتقدم إليه، وصاحب الدار غائب، فسقط الحائط، فقتل أو أفسد مال إنسان. ففي قول أبي ثور ذلك على الساكن، لأنه يقوم مقام صاحب الدار، ولا شيء على الساكن، ولا على رب الدار، في قول الشافعي، والنعمان، ويعقوب، ومحمد.

م 4011 - واختلفوا في الرجل يكتري الدار على أن يسكنها، فجعلها خان أنبار للطعام. فقال أبو ثور: لرب الدار أن يمنعه من ذلك؛ لأنه يشين الدار. وقالت طائفة: ليس له أن يخرجه حتى يستكمل السنة؛ لأن هذا من السكنى، في قول النعمان، وصاحبيه. م 4012 - وإذا [2/ 179/ألف] اكترى داراً على أن لا يسكنها (¬1)، ولا ينزلها، ولا ينزل فيها أحداً كانت الإجارة فاسدة، فإن سكنها: كان عليه كراء المثل، في قول أبي ثور، وبه قال النعمان وصاحباه، غير أنه قال: إن سكنها فعليه أجر مثلها، لا ينتقص مما سمى شيئاً. م 4013 - واختلفوا في الدار يكتريها الرجل ولم يرها، وقد وصفت له. فقالت طائفة: إذا كانت كما وصفت له: لزمه الكراء، وإن لم تكن كما وصفت له: فالكراء باطل، هذا قول أبي ثور. وفي قول أصحاب الرأي: هو بالخيار إذا رآها. م 4014 - وإن أحدث الساكن تنوراً في الدار، كما يحدث الناس، فاحترق من الدار شيء، فلا شيء على الساكن، في قول أبي ثور، وأبي حنيفة، ويعقوب، ومحمد. ¬

_ (¬1) وفي الدار "على أن يسكنها".

17 - باب أجرة المشاع

17 - باب أجرة المشاع قال أبو بكر: م 4015 - واختلفوا في الرجل يستأجر من الرجل نصف دار مشاع، أو نصف عبد، أو نصف دابة. ففي قول مالك، والشافعي، وأبي ثور، ويعقوب، ومحمد: الإجارة في ذلك كله جائزة. ولا يجوز ذلك في قول النعمان. قال أبو بكر: وبقول مالك أقول، لأن ذلك لما كان معلوما في البيع لزم من خالفنا أن يكون كذلك في الكراء. 18 - باب مسائل الصناع قال أبو بكر: م 4016 - واختلفوا في الرجل يدفع الثوب إلى الخائط ينسجه بالثلث أو بالربع. فكره ذلك الحسن البصري، والشعبي، والنخعي، والثوري. ولا يجوز ذلك في قول مالك، والشافعي، وأبي ثور، والنعمان، ويعقوب، ومحمد. قال أبو بكر: وبه نقول. وروينا عن عطاء: أنه رخص فيه، وبه قال الزهري، وأيوب، ويعلي بن حكيم، وقتادة، وأحمد، وإسحاق.

واحتج أحمد: (ح 1331) بحديث أن النبي- صلى الله عليه وسلم -"اعطى خيبر على الشطرِ". وحكى أحمد عن ابن سيرين: أنه كان لا يرى بأساً بالثلث ودرهم. م 4017 - واختلفوا في رجل أسلم إلى طحان قفيزا من حنطة، ليطحنه له بدرهم ويربع دقيق منها. فقال ابو ثور: ذلك جائز. وقال النعمان: هو فاسد. م 4018 - واختلفوا [2/ 179/ب] في الرجل يستصنع عند الرجل الشيء، مثل الإبريق، والطست، والخف، وما أشبه ذلك، فوصف ذلك صفة معروفة، وضرب له أجلاً معلوماً. فقالت طائفة: هو جائز، ولا خيار له إذا أتى به على الصفة، هذا قول أبي ثور. وقال النعمان: هو جائز، وللمستصنع الخيار، إذا رآة مفروغاً منه. قال أبو بكر: قول أبي ثور أصح. واختلفوا في الرجل يدفع على الرجل الثوب ليصبغه، فصبغه، قال رب الثوب: أمرتك أن تصبغه أحمر، وقال الصباغ: أمرتني أن أصبغه بزعفران.

ففي قول الشافعي: القول قول رب الثوب مع يمينه، وبه قال أبو ثور، والنعمان، ويعقوب، ومحمد. وقال مالك: القول قول الصباغ: إلا أن يأتي بأمر لا يستعملون مثله. م 4019 - وقد روينا عن الحسن أنه قال: إذا اختلف الخياط ورب الثوب، فقال: أمرتك بقرطق، وقال الخياط: بل أمرتني بقميص، فالقول قول الخياط، وبه قال ابن أبي ليلى، وأحمد، وإسحاق. وفي قياس قول الشافعي: القول قول رب الثوب مع يمينه، ويضمن الخياط ما بين قيمة الثوب صحيحاً، وقيمته قد قطع. م 4020 - واختلفوا في الرجل يدفع إلى الخياط ثوباً، ويقول له: إن كان يقطع قميصاً فاقطعه، فقال هو: يقطع، ثم قطعه، فلم يكفه. فكان أبو ثور يقول: لا شيء عليه. وقال أصحاب الرأي: هو ضامن لقيمة الثوب. قالوا: ولو قال للخياط: انظر إلى هذا الثوب، يكفيني قميصاً؟. فقال: نعم. فقال: اقطعه. فقطعه، فإذا هو لا يكفي. قالوا: لا يضمن. قال أبو بكر: إن كان غيره في الأولى، فقد غره في هذه.

19 - باب القصار يغلط، فيدفعه إلى غير صاحبه

19 - باب القصار يغلط، فيدفعه إلى غير صاحبه قال أبو بكر: م 4021 - واختلفوا في القصار يدفع الثوب إلى غير صاحبه، مخطئاً أو عامداً، فيقطعه المدفوع إليه، وهو يحسب أنه ثوبه، ثم يجيء صاحب الثوب. فقالت طائفة: يأخذ صاحب الثوب ثوبه، ويأخذ ما نقصه القطع من القصار، لأنه الجاني عليه، ويرجع الآخر على القصار بثوبه وأجر الخياط الذي خاط الثوب [2/ 180/ألف] المستحق من يده، لأنه غره. هذا قول أبي ثور. وقال أصحاب الرأي: إذا جاء صاحب الثوب، فهو بالخيار: إن شاء ضمن القصار قيمة الثوب، ويرجع القصار بتلك القيمة على القاطع، ويرجع القاطع بثوبه على القصار. وإن شاء رب الثوب ضمن القاطع قيمة الثوب، ويسلم له الثوب، ويرجع القاطع على القصار بثوبه. 20 - باب تضمين الصناع قال أبو بكر: م 4522 - اختلف أهل العلم في تضمين الصناع.

فقالت طائفة: هم ضامنون، إلا أن يجيء شيء غالب. هذا قول مالك بن أنس، ويعقوب. غير أن مالكاً قال: إن استعملتهم في بيتك، فضاع، فلا ضمان عليهم، إلا أن يتعدوا. وقد روينا عن علي رضي الله عنه أنه " ضمن الأجير" وفي إسناده مقال. وممن قال بالقول الذي بدأت بذكره- أنهم ضامون-: شريح، وعبد الله بن عتبة". والحسن البصري. وضمن الشعبي: الراعي. وقال النعمان في السفينة: إن غيرقت من مدِّه، أو معالجته، أو عنفه فهو ضامن. وفيه قول ثان: وهو أن يضمن الصانع، إلا من حَرَقٍ، أو سرق أو غرق، هكذا قال الحسن، وقتادة. وقال أحمد: كل شيء تفسده يده: يضمنه، وما كان من حرق أو غرق فأجيرٌ عنده، وبه قال إسحاق.

وفرقت فرقة ثالثة بين الأجير المشترك، وبين غيره فقالت: كل أجر مشترك: ضامن لما جنت يده من الإجارة، مما خالف فيه، ومما لم يخالف، وأما ما هلك، فلا ضمان عليه، في قول النعمان. وقال النعمان، ويعقوب، ومحمد: المشترك عندنا: القصار، والخياط، والصائغ، والإسكاف، وكل من يتقبل الأعمال من غير واحد. وأجير الرجل وحده يكون: الرجل يستأجر الرجل ليخدمه شهراً، أو ليخرج معه إلى مكة، وما أشبه ذلك مما لا يقدر الأجير أن يؤجر فيه نفسه من غيره. وقالت طائفة: لا ضمان على الصناع. روي هذا القول عن ابن سيرين، وطاووس. وقال ابن شبرمة في السفينة- تنكسر، وفيها متاع-: لا ضمان على صاحبها. وقال أبو ثور: لا ضمان على [2/ 180/ب] الأجر. والصحيح من قول الشافعي: أن لا ضمان على الأجير، إلا ما تجنيه يده (¬1). قال أبو بكر: ليس مع من ضمن الأجير حجة، ولا ضمان على الأجراء إلا فيما تجنيه أيديهم. م 4023 - واختلفوا في وجوب الأجرة إذا تلف قبل أن يسلم إلى رب الشيء شيئه، وقد عمل الأجير العمل. ¬

_ (¬1) "يده" ساقط من الدار.

21 - باب إجارة الراعي

ففى قول الثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، والنعمان: لا يلزمه أجرة، حتى يسلم الذي فيه العمل. وفرق أحمد بين البناء والخياط، فقال: إذا قال: اعمل لي ألف لبنة في كذا وكذا، فعمل، ثم سقط، فعليه الكراء، وإذا استعمله يوماً، فعمل فسقط عند الليل ما عمل، فله الكراء. وإذا قال له: ارفع في حائطاً، كذا وكذا دراعاً، فإن سقط، فعليه التمام. وبه قال إسحاق. وقال مالك في الحفار، يستأجر على حفر القبر، فانهدم قبل فراغه، فلا شيء له. وقال أبو ثور: إذا هلكت السلعة عند الصانع، بعدما عمل، فله الأجرة ولا شيء عليه. وهكذا كل صانع، وأجير. 21 - باب إجارة الراعي قال أبو بكر: م 4024 - وإذا استأجر الرجل الراعي، يرعى له غنماً شهوراً معلومة، بأجر معلوم: كان ذلك جائزاً. وليس على الراعي ضمان ما تلف من الغنم، فإن ضرب شاة، فتلفت من ضربه، فهو ضامن.

22 - باب إجارة الثياب

وإن تلف بعض الغنم لم ينقص من الأجر شيء، ولرب الغنم أن يبدل مكان التالف منها. وهذا على مذهب أبي ثور، والكوفي. 22 - باب إجارة الثياب قال أبو بكر: م 4025 - وإذا استأجر الرجل الثوب- قد عرفه- ليلبسه يوماً إلى الليل، بأجرة معلومة، فهو جائز، وكذلك كل ثوب يلبس، وكل بساط يبسط، أو وسادة يتكأ عليها. ولا أعلم في هذا اختلافاً. م 4026 - واختلفوا في الرجل، يستأجر الثوب ليلبسه، فألبسه غيره. فقال أبو ثور: لا ضمان عليه. وقال أصحاب الرأي: إن ألبسه غيره، وكان هو الذي أعطاه فهو ضامن للثوب؟ إن أصابه شيء، وليس عليه أجرة في ذلك اليوم، لأنه صار ضامناً لما خالف [2/ 181/ألف]. 23 - باب إجارة الحلي قال أبو بكر: م 4027 - كان الثوري يقول: لا بأس باستئجار الحلي، والسيف، والسرج، وبه قال إسحاق، وأبو ثور، وهو قول النعمان، وصاحبه.

24 - باب كتاب المصاحب بالأجر

وقال مالك: لا يعجبني إجارة الحلي والثياب، وما أراه حراماً، والحلال واسع، وهذه مشتبهات. وسئل أحمد عن استئجار الحلى، فقال: ما أدري ما هو، وأما السيف والسرج، واللجام: فلا بأس به. قال أبو بكر: ذلك كله جائز، إذا كان معلوماً. 24 - باب كتاب المصاحب بالأجر قال أبو بكر: م 4028 - كره علقمة، وابن سيرين كتاب المصاحف بالأجر. وقال ابن سيرين: لا بأس أن يستأجر الرجل شهراً، ثم يستكتبه مصحفاً، وبه قال مالك، وأبو ثور، والنعمان (¬1). قال أبو بكر: كل ذلك جائز. وقال أبو ثور: لا بأس أن يكتري المصحف وقتاً معلوماً، ليقرأ فيه، وذكر ابن القاسم: أن ذلك قياس قول مالك. وبه نقول. 25 - باب إجارة رحى الماء قال أبو بكر: م 4029 - للرجل أن يكتري من الرجل البيت الذي فيه رحى الماء، والرحى ¬

_ (¬1) "والنعمان" ساقط من الدار.

26 - باب أجر السمسار

بآلتها، بأجر معلوم، ومدة معلومة. ولا أحفظ عن أحد فيه خلافاً م 4030 - واختلفوا فيه إن انقطع الماء بعد أن يسلم ذلك، فكان الشافعي يقول: عليه من الأجر قدر ما انتفع به، رواه أبو ثور عنه. وقال أبو ثور: إن الإجارة لا تنتقض، والمصيبة من المستأجر. م 4031 - وإن اختلف الرحى والمستأجر في انقطاع، فقال المستأجر: انقطع عشرة أيام. وقال رب الرحى: انقطع خمسة أيام. ففي قول أبي ثور، وابن القاسم- صاحب مالك-: القول قول رب الرحى. وقال أصحاب الرأي: القول قول المستأجر مع يمينه. 26 - باب أجر السمسار قال أبو بكر: م 4032 - واختلفوا في أجر السمسار. فرخصت فيه طائفة، وممن روي عنه أنه رخص فيه: ابن سيرين، وعطاء، والنخعي. وقال أحمد: لا بأس أن يعطيه من الألف شيئاً معلوماً، وكره أن يشتري له من السوق، إنما أعطاه ليشتري له من الحائك، ليكون أرخص [2/ 181/ب] له؛ إلا أن يبين. وكره حماد بن أبي سليمان، وسفيان الثوري كراء السمسار.

27 - باب دفع الرجل إلى الرجل الثوب ليبيعه بكذا فما زاد فله

وقال أبو ثور: لا يجوز أن يجعل له في الألف شيئاً معلوماً، ولا في كل ثوب شيئاً معلوماً، فإن فعل: فله أجر مثله، وإنما يستأجره شهراً يشتري له ويبيع. وقال النعمان: لا يجوز أن يشتري له بألف درهم ثياباً (1) زطياً بأجر عشرة دراهم، وكذلك لو قال له: اشتر لي مائة ثوب زطي، فإن اشترى وباع: فله أجر مثله، لا يجاوز به من الأجر ما سمى له في قول النعمان. وقال يعقوب، ومحمد: إن شاء أمره أن يشتري له ثم يعوضه بعد الفارغ من البيع والشراء، مئل ما يأخذ مثلُهُ من الأجرة. قال أبو بكر: قول أبي ثور حسن. 27 - باب دفع الرجل إلى الرجل الثوب ليبيعه بكذا فما زاد فله قال أبو بكر: م 4033 - واختلفوا في الرجل، يدفع إلى الرجل الثوب، أو غيره، ليبيعه بكذا، فما زاد بعد فله. فاجاز ذلك قوم، روي ذلك عن ابن عباس، وبه قال ابن سيرين، وأحمد، وإسحاق، وقال أحمد: هذا مثل المضاربة.

28 - باب الاختلاف في الإجارة

وكره ذلك النخعي، وحماد، والكوفي (¬1)، وسفيان الثوري. قال أبو بكر: هذه أجرة مجهولة، فإن باع، فله أجر مثله. 28 - باب الاختلاف في الإجارة قال أبو بكر: م 4034 - واختلفوا في الأجير والمستأجر، يختلفان في الأجر. فكان الشافعي يقول: إن كان لم يعمل تحالفا، وترادّا الاجارة، وإن عمل تحالفا، وله أجر مثله. وقال النعمان: القول قول المستأجر في القضاء إذا اختلف هو ورب الثوب (¬2). وقال ابن أبي ليلى: القول قول الأجير، فيما بينه وبين أجر مثله. م 4035 - وإن لم يكن علم العمل ترادا بعد أن يتحالفا، في قول النعمان، والثوري، وابن أبي ليلى. وقال يعقوب- بعد-:إذا كان شيئاً متقارباً: قبلت قول المستأجر واحلفته، وإذا تفاوت: جعلت للعامل أجر مثله، إذا حلف. وقال أبو ثور: القول قول المستأجر، مع يمينه، فإن أقاما البينة فالبينة، بينة الذي يدعي الفضل. ¬

_ (¬1) في الدار "حماد الكوفي". (¬2) وفي الدار "رب المال".

29 - باب كرى الفساطيط والخيام

م 4036 - والخيار في الكراء جائز، كما يجوز في البيوع، في قول مالك، وأبي ثور [2/ 182/ألف] والنعمان، ويعقوب، ومحمد. 29 - باب كرى الفساطيط والخيام قال أبو بكر: م 4037 - وللرجل أن يستأجر الفساطيط، والخيام، والكنائس، والعماريات، والمحامل، بعد أن يكون المكترى من ذلك عيناً قائمة قدر أياها جميعاً، مدة معلومة بأجر معلومة. وهذا قول كل من أحفظ عنه من أهل العلم. م 4038 - فإن استأجر فسطاطا، ليخرج به إلى مكة، ولم يقل متى أخرج، فالكراء فاسد، فإن لم يخرج به، فلا شيء عليه، وإن خرج به، فله أجر مثله. وهذا قول أبي ثور، وقياس قول الشافعي.

30 - باب إجارة الرقيق للخدمة

وقال أصحاب الرأي كذلك، وقالوا: ليس بقياس، ولكنا نستحسن فنجيزه، ويخرج كما يخرج الناس. قال أبو بكر: لا يجوز ذلك، إلا أن يكون معلوماً. 30 - باب إجارة الرقيق للخدمة قال أبو بكر: م 4039 - وإذا استأجر الرجل عبداً للخدمة، كل شهر بأجر معلومٍ فالإجارة جائزة، في قول الشافعي، والنعمان، وأبي ثور. فان أراد رب العبد أن يتعجل الأجرة، ودافعه المستأجر، ففي قول الشافعي، وأبي ثور، الأجرة حالة. قال أبو بكر: وبه أقول. وفي قول النعمان- آخر قوليه-: يأخذ أجر يوم بيوم، وكذلك قال يعقوب، ومحمد. م 4040 - وكان أبو ثور يقول: يخدمه من طلوع الشمس إلى غروب الشمس، وبالليل ما يكون من خدمة أوساط الناس. وفي قول النعمان: يستخدمه من السحر إلى بعد العشاء الآخرة، وإلى أن ينام الناس.

مسائل من هذا الباب

م 4041 - وفي قول أبي ثور: ليس له أن يمنعه من صلاة فرض، ولا تطوع مثل ركعتي الفجر، وأربع قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب والوتر بعد العشاء الآخرة. وحكى عن الثوري، وابن المبارك، أنهما قالا: لا بأس أن يصلي الأجير ركعات السنة. قال أبو بكر: وكذلك نقول. مسائل من هذا الباب قال أبو بكر: م 4042 - كان سفيان الثوري يقول: كل صانع دفعت إليه عملا، ليس لك أن تأخذه حتى تعطيه أجره، وبه قال [2/ 182/ب] أبو ثور. واختلف قول أصحاب الرأي في هذا الباب، فقالوا في القصار، والصائغ، والخياط، والصباغ (¬1)، والحائك، والخباز، والجزار، كما قال أبو ثور. وقالوا في الحمال، والملاح، والذي يحمل على ظهره، أو على دوابه، لصاحب المتاع أن يأخذه قبل أن يعطيه الأجرة. م 4043 - وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم، على أن اكتراء الحمام جائز إذا حدده، وذكر جميع آلته، شهوراً مسماة، وهذا قول مالك وأبي ثور، وأصحاب الرأي، وهو على مذهب الشافعي. ¬

_ (¬1) "الصباغ " ساقط من الدار.

م 4044 - وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم، على إبطال إجارة النائحة، والمغنية. كره ذلك الشعبي، والنخعي، ومالك. وبه نقول. م 4045 - وقال أبو ثور، والنعمان، ويعقوب، ومحمد: لا تجوز الإجارة على شيء من الغناء، والنوح. م 4046 - واختلفوا في الرجل، يجب له القصاص، فاستأجر له رجلاً فضرب له عنق من وجب عليه القصاص. فقالت طائفة: ذلك جائز، هذا مذهب الشافعي، وأبي ثور. وقال أصحاب الرأي: لا أجر له. قال أبو بكر: قول الشافعي صحيح. م 4047 - واختلفوا في الوصي يكري نفسه في عمل اليتيم الذي في حجره، أو يفعل ذلك الأب. فقال النعمان: لا يجوز ذلك للوصي، وأجاز ذلك للأب، وهو يشبه مذهب الشافعي. وأجاز أبو ثور ذلك للأب والوصي. م 4048 - واختلفوا في الرجل يستأجر الرجل ليحمل له خمراً. فكان مالك، وأبو ثور، ويعقوب، ومحمد يقولون: لا يجوز ذلك. وهو يشبه مذهب الشافعي. وقال النعمان: ذلك جائز وله الأجر.

قال أبو بكر: أخذ الأجرة في هذا: من أكل المال بالباطل، وقد: (ح 1332) "لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حامل الخمر والمحمولة إليه". م 4049 - واختلفوا في الرجل، يدفع الثوب إلى الخياط، فيقول له: إن خطته اليوم، ذلك درهم، وإن خطته غدا. ذلك نصف درهم. فقالت طائفة: لا يجوز ذلك، فإن عمل فله أجر مثله، هذا قول الثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبي [2/ 183/ألف] ثور. وقال النعمان: إن خاطه اليوم، له درهم، وإن لم يفرغ منه اليوم، فله أجر مثله، لا ينقصه من نصف درهم، ولا يزاد على درهم. وقال الحارث العكلي، ويعقوب، ومحمد، له شرطه. قال أبو بكر: قول الشافعي صحيح. م 4050 - وقال الثوري: إذا اكترى غلاماً، فقال: فرَّ مني، فالقول قوله، إذا لم يكن بينة أنه عمل عنده. وإذا قال: مرض عندي فلم يعمل، فإن الكراء عليه، إلا أن يأتي ببينة أنه مرض، وبه قال أحدهما وإسحاق، فيهما. وقال النعمان: إذا قبض العبد، في أول الشهر، فقال المستأجر: أبق، أو مرض، وهو مريض، فالقول قوله، وإن وجد صحيحاً، لم يقبل قوله.

31 - باب النهي عن عسب الفحل

31 - باب النهي عن عسب الفحل قال أبو بكر: (ح 1333) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: نهى عسب الفحل" (1). م 4051 - واختلف أهل العلم في الرجل يستأجر الفحل لينزيه مدة معلومة بأجر معلوم، فرخص فيه قوم وكرهه آخرون. فممن رخص فيه: الحسن، وابن سيرين، وأجاز ذلك مالك. وقد روينا عن أبي سعيد الخدري، والبراء بن عازب: أنهما كرها بذلك، وقال أبو ثور، أصحاب الرأي: يجوز ذلك، وهو يشبه مذهب الشافعي. وقال عطاء: لا يأخذ عليه أجراً، ولا بأس أن تعطيه إذا لم تجد من يَطرُقك. قال أبو بكر: لا يجوز ذلك، لدلالة السنة عليه، ولأنه من جهة النظر: مجهول لا يوقف له على حد. 32 - باب كسب الحجام قال أبو بكر:

(ح 1334) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: "كسب الحجام خبيث". (ح 1335) وثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه: "أعطى الحجام أجرة". قال: "ولو علمه خبيثاً: لم يعطه". (ح 1336) وقد روينا عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: إعْلِفْه ناضِحَكَ، أو أطعِمْه رقيقك". م 4052 - واختلف أهل العلم في كسب الحجام. فروينا عن عثمان بن عفان، وأبي هريرة رضي الله عنهما: أنهما كرهاه. وكره ذلك الحسن البصري، والنخعي. وقال أحمد: نحن نعطيه كما أعطى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. ورخص فيه ابن عباس وقال: أنا آكله، وبه قال عكرمة، والقاسم، وأبو جعفر، وربيعة [2/ 183/ب]، ويحيى الأنصاري، ومالك.

وقال عطاء: لا بأس بكسب الحجام بالجَلَمَيْن. واحتج من أباح ذلك بأن النبي- صلى الله عليه وسلم - أعطى الحجام أجره، ولو كان حراماً: لم يعطه. ودل حديث محيصة على إباحة كسبه، إذ غير جائز أن يأمر بأن يطعم رقيقه مما يحرم عليه أكله، وإنما كره النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك تنزيها، لا أن ذلك لا يحل.

74 - كتاب الوديعة

74 - كتاب الوديعة قال أبو بكر: قال الله جل ذكره: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا}، فقد أمر الله عَزَّ وَجَلَّ برد الأمانات إلى أهلها أمراً عاماً. م 4053 - وأجمع أهل العلم على أن الأمانات مؤداة إلى أربابها: الأبرار منهم والفجار. 1 - باب ذكر تلف الوديعة قال أبو بكر: م 4054 - أجمع أهل العلم على أن على المودع إحراز الوديعة وحفظها. م 4055 - وأجمع أكثر أهل العلم على أن المودع إذا أحرز الوديعة، ثم تلفت من غير جنايته، أن لا ضمان عليه. وممن روينا ذلك عنه: أبو بكر الصديق رضي الله عنه، وبه قال شريح، والنخعي، وربيعة، ومالك، وأبو الزناد، والثوري، والأوزاعي، والشافعي، وأصحاب الرأي.

2 - باب إحراز الوديعة

وروينا عن علي، وعبد الله رضي الله عنهما أنهما قالا: ليس على مؤتمن ضمان. ويقبل قول الودع أن الوديعة تلفت، في قول أكثر أهل العلم إلا ما روينا عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه ضمن أنس بن مالك وديعة ذهبت من بين ماله. وقال أحمد، وإسحاق: لا يضمن صاحب الوديعة إلا أن يتهم بريبة، كما ضمن عمر أنسا. 2 - باب إحراز الوديعة قال أبو بكر: م 4056 - أجمع أهل العلم على أن المودع إذا أحرز الوديعة بنفسه، في صندوقه، أو حانوته، أو بيته، فتلفت أن لا ضمان عليه. م 4057 - واختلفوا في الرجل يودع الرجل الوديعة، فيودعها غيره. فقالت طائفة: هو لها ضامن، كذلك قال شريح، ومالك، والشافعي، والنعمان وأصحابه، وإسحاق.

3 - باب الوديعة يخلطها المودع بغيرها

وهذا إذا لم يكن ثم عذر، فإن حضر المودع سفراً، أو كان له عذر من خراب منزل، فأودعها غيره، فلا ضمان عليه في قول مالك، والليث بن سعد، والشافعي. وقد روينا عن شريح أنه قال: ليس على المستعير غير المغل ضمان، ولا على المستودع غير المغل ضمان. وكان ابن أبي ليلى يقول: لا ضمان عليه [2/ 184/ألف]، ووافق بعض الناس ابن أبي ليلى فقال: إذا كان عليه إحرازها وحفظها عنده، فله إحرازها عند غيره، ولا ضمان عليه. م 4058 - وكان الليث بن سعد يقول (¬1): إذا أودعه من يرضى من أهله فلا ضمان عليه. وقال مالك، والثوري: لا ضمان عليه إذا دفعها إلى زوجته، وبه قال إسحاق، والنعمان (¬2)، وابن الحسن. وكذلك لو دفعها إلى ابنه، وهو في عياله كبيراً، أو إلى عهده، أو إلى أمه، أو إلى أخيه، وهو في عياله. 3 - باب الوديعة يخلطها المودع بغيرها قال أبو بكر: م 4059 - أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم، على أن الوديعة إذا كانت ¬

_ (¬1) "يقول" ساقط من الدار. (¬2) "والنعمان" ساقط من الدار.

4 - باب الوديعة يختلف فيها المودع والمستودع

دراهم، فاختلطت بغيرها، أو خلطها غير المودع، ثم تلفت: أن لا ضمان على المودع. م 4565 - واختلفوا فيما يجب على المودع إن خلطها بغيرها، فضاعت. ففي قول الشافعي: يضمن إن خلطها بدراهم ولم تتميز، وبه قال أصحاب الرأي، ولوكانت سمناً فخلطها بزيت، أو ضرباً من الأدهان فخلطه بدهن آخر، ضمن. وقال ابن القاسم، في الدراهم إذا خلطها بدراهم مثلها، وأراد وجه الحرز: إنه لا يضمن، في قياس قول مالك. 4 - باب الوديعة يختلف فيها المودع والمستودع قال أبو بكر: م 4061 - أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم، على أن المودع إذا أحرز الوديعة، ثم ذكر أنها ضاعت، أن القول قوله، وقال أكثرهم: إن القول قوله مع يمينه. م 4562 - واختلفوا في المودع يقول: قد رددتها إليك. فقال الثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي: القول قوله مع يمينه.

5 - باب الوديعة يخرجها المودع من مكانها، أو ينفقها ثم يرد مكانها بدلها

وقال مالك، إن كان دفعها ببينة فإنه لا يبرأ منها إذا قال: قد - دفعتها إليك، إلا ببينة، وإن كان أودعه بغير بينة فإنه يبرأ بغير بينة، والمضارب مثله. قال أبو بكر: قول الثوري صحيح، لأنهم أجمعوا على أنه إذا قال: قد تلفت، أنه أمين، وكذلك إذا قال: قد رددتها إليك، فالقول قوله. م 4063 - وإذا قال المودع: دفعتها إلى فلان بأمرك، وأنكر ذلك رب الشيء لم يقبا قوله، وهو ضامن في قول مالك، والشافعي، والثوري، وعبيد الله بن الحسن، وأصحاب الرأي. وقال ابن أبي ليلى: القول قول المودع مع يمينه، وبه قال أحمد. 5 - باب الوديعة يخرجها المودع من مكانها، أو ينفقها (¬1) ثم يرد مكانها بدلها قال أبو بكر: م 4064 - افترق أهل العلم في المودع، يخرج الوديعة من موضعها، ثم يردها حيث كانت. فقال مالك: لا ضمان عليه إن تلفت، وكذلك لو أنفق بعضها، ثم رد مثل ما أنفق في مكانها. ¬

_ (¬1) "أو ينفقها" ساقط من الدار.

6 - باب المودع يموت، وعنده وديعة للرجل، تعرف بعينها، أو لا تعرف

وفيه قول ثان قاله أصحاب الرأي قالوا: إن أنفقها، ثم ردها في مكانها، وتلفت: ضمن، وإن لم يكن أنفقها، ولكنه أخرجها ثم ردها: لم يضمن. وفي قول الشافعي، يضمن في الوجهين جميعاً، إن تلفت. قال أبو بكر: قول الشافعي صحيح. 6 - باب المودع (¬1) يموت، وعنده وديعة للرجل، تعرف بعينها، أو لا تعرف قال أبو بكر: م 4065 - أجمع أهل العلم على أن الوديعة إذا عرفت بعينها لرجل أن صاحبها أحق بها، وأن تسليمها إليه يجب. م 4066 - واختلفوا في الرجل يموت وعنده وديعة معلومة الصفة، غير أنها لا توجد بعينها (¬2)، وعليه دين. فقالت طائفة: هى والدين سواء، هذا قول الشعبي، والنخعي، وداود بن أبي هند، وروي ذلك عن شريح، ومسروق، وعطاء، وطاووس، والزهري، وأبي جعفر، وبه قال مالك، وإسحاق، والشافعي، والنعمان وأصحابه (¬3). ¬

_ (¬1) وفي الدار "الرجل يموت". (¬2) وفي الدار "لا توجد بغيرها". (¬3) "والنعمان وأصحابه" ساقط من الدار.

7 - باب التعدي في الوديعة، والعمل بها

وروينا عن النخعي أنه قال: الأمانة قبل الدين. وقال الحارث العكلي: يبدأ بالدين. وقال ابن ليلى: إذا لم توجد الوديعة بعينها: فليس بشيء. 7 - باب التعدي في الوديعة، والعمل بها قال أبو بكر: م 4567 - أجمع أهل العلم على أن المودع ممنوع من استعمال الوديعة ومن إتلافها. م 4068 - وأجمعوا على إباحة استعمالها بإذن مالكها. م 4069 - واختلفوا في المستودع أو المبضع معه، يخالفان فيستعملان الوديعة أو البضاعة، بغير إذن أصحابها [2/ 185/ألف]. فقالت طائفة: كل واحد منهما ضامن لها لما تعدي فيه، والربح لرب المال، هذا قول ابن عمر، ونافع مولاه، وأبي قلابة، وبه قال أحمد، وإسحاق. وقالت طائفة: الربح كله للعامل، ورينا ذلك عن شريح، والحسن البصري، وعطاء بن أبي، رباح، والشعبي، ويحيى الأنصاري، وربيعة، وهو قول مالك، والثوري، وقال الثورى: يتنزه عنه أحب إليّ. وقال الأوزاعي كذلك، وقال: أسلم له أن يتصدق به. وقالت طائفة المال الذي هذا سبيله: يتصدق بالربح أحب إليّ.

هذا قول الشعبي، وروي ذلك عن مجاهد، وكذلك قال النخعي في المضارب يخالف، وبه قال حماد، وبه قال أصحاب الرأي، قالوا في الوديعة- يعمل بها- الربح له ويتصدق به، ولا ينبغي له أن يأكله. قال أبو بكر: وأصح من ذلك كله: أن الرجل إذا تعدى في وديعة كانت عنده، أو اغتصب مالاً. فاشترى من عين المال جارية بمائة دينار، وقال للبائع قد اشتريت منك هذه الجارية بهذه المائة دينار: أن البيع باطل، لأنه اشترى جارية بمال لا يملكه، وإذا كان هكذا: حرم عليه وطء الجارية، ولم يكن له أن يعتقها، ولا يبيعها، ولا يهبها، لأنه غير مالك لها. فإن باعها بمائتي دينار، وربح فيها مائة دينار، فإن بيعه باطل، لأنه باع ما لا يملكه. وإذا صارت الجارية في يد من اشتراها فهي على ملك البائع الأول والبائع غير مالك للمائتي دينار التي قبضها، بل ملكها لمشتري الجارية. فإذا جاء المودع أو المغصوب منه المائة الدينار ببينة تشهد له، بالمائة: قضي له بها، فأخذها، ورجع بائع الجارية على المشتري المتعدي في الوديعة فآخذ الجارية منه إن وجدها عنده، وإن لم يجدها عنده وكان قد باعها: أخذها ممن هي في يده إذا ثبت ذلك ببينة تشهد له. فإن كانت الجارية مستهلكة لا يُقْدَر عليها، وكان المتعدي في المال قد باعها بمائتي دينار، فوجد المائة (¬1) دينار في يديه. ¬

_ (¬1) وفي الدار "المائتي".

فإن كانت المائتا (¬1)، دينار قيمة جاريته، فله أخذها. وإن كانت أكثر من مائتي (¬2) دينار، أخذ المائتي دينار، وغرمه تمام قيمة الجارية. وإن كانت قيمتها مائة دينار لم يسعه- عندي- أن يأخذ من قيمة جاريته، وهي مائة دينار، يطلب المتعدي في [2/ 185/ب] الوديعة فيرد المائة على من أخذها منه، لا يسعه- عندي- غير ذلك. م 4070 - وإن كان من أخذها منه قد مات: رده على ورثته. فإن لم يصل إليه ولا إلى ورثته. صبر حتى ييأس من وصوله إليه، فإذا يأس من ذلك تصدق بها، على ما رويناه عن ابن مسعود، وابن عباس، ومعاوية بن أبي سفيان. وهذا مذهب الحسن البصري، والزهري، وبه قال مالك في اللقطة إذا يأس من صاحبها. وفي هذه المسأله قولان آخران (¬3). أحدهما: أن يدفع إلى بيت المال، روينا هذا القول عن عطاء. والقول الثاني: أن يمسكها أبداً حتى يعلم: أحي هو، أم ميت. وهذا يشبه مذهب الشافعي في إيقاف المال في مثل هذا، حتى يتبين أمر صاحبه. قال أبو بكر: وإن كان المشتري ليس بعين المال، ولكنه كان يشتري السلع، ثم يزن من مال الوديعة: فالشراء ثابت، والمال في ¬

_ (¬1) في الأصلين "فإن كانت المائة دينار .. الخ، ولعل الصواب ما أثبته. (¬2) وفي الدار "مائة". (¬3) "آخران" ساقط من الدار.

8 - باب إذا أشكل على المودع رب الوديعة

الذمة وهو مالك للسلع بعقد الشراء، وما كان من ربح فيها (¬1) فله، وما كان من نقصان فعليه، وعليه مثل الدنانير التي أتلف لصاحبها، وهذا قول الشافعي- آخر قوليه -وهو قول أكثر أصحابه. 8 - باب إذا أشكل على المودع رب الوديعة قال أبو بكر: م 4071 - واختلفوا في المودع، يشكل عليه من أودعه، وقد ادعاها رجلان. فكان الشافعي يقول يحلف بالله ما يعلم من أودعه، ويوقف الشيء بينهما حتى يصطلحا، أو تقوم البينة لمن هي. وفيه قول ثان وهو: أن الوديعة تقسم بينهما نصفين، ويضمن لهما مثل ذلك، لأنه أتلف ما استودع بجهله، هذا قول النعمان (¬2)، ويعقوب، ومحمد. وقال ابن أبي ليلى: هي بينهما نصفان. 9 - باب الوديعة تكون عند الرجلين قال أبو بكر: م 4072 - واختلفوا في الوديعة تكون بيد الرجلين، ويختلفان عند من تكون؟ فقال أصحاب الرأي: تكون عند كل واحد منهما نصفه، ¬

_ (¬1) "فيها" ساقط من الدار. (¬2) "النعمان" ساقط من الدار.

10 - باب إذا اختلف رب المال والذي [2/ 186/ألف] قبض المال في المال

وكذلك يفعل الأوصياء، وإن كانت الوديعة عبداً، كان عند كل واحد منهما شهراً. وفي قول مالك: تكون عند أعدلهما. وبه أقول. 10 - باب إذا اختلف رب المال والذي [2/ 186/ألف] قبض المال في المال قال أبو بكر: م 4073 - واختلفوا في الرجل يقول للرجل: استودعتني ألف درهم فضاعت، وقال صاحب المال: غصبتنيها، أو: أخذتها بغير أمري. قال أصحاب الرأي: القول قول المستودَع، فإن قال المستودَع: أخذتها منك وديعة، وقال رب المال: بل غصبتها، فالمستودع ضامن؛ لأنه قال: أخذتُها. وحكى ابن القاسم عن مالك في المسألة الأولى: إن القول قول رب المال. وحكى ابن نافع عن مالك أنه قال: هو مأمون، ولا ضمان عليه.

11 - باب جحود المستودع الوديعة

11 - باب جحود المستودع الوديعة قال أبو بكر: م 4074 - وإذا طلب المودِع المال، فقال الودَع: ما أودعتني شيئاً، فأقام المودع البينة أنه أودعه مالاً معلوماً. ففي قول مالك، والأوزاعي، والشافعي، وإسحاق: هو ضامن له، وبه قال أصحاب الرأي. وقال قائل: ليس ذلك باكذاب لبينته، إذ جائز أن يكون نسي ذلك، ثم ذكره. 12 - باب المودع يجحد الوديعة، ويقع بيد (¬1) رب المال مثله من مال المودع قال أبو بكر: م 4075 - وإذا أودع الرجل الرجل مائة درهم، فجحدها المودَع، ثم أودع المودَع الجاحدُ ربّ الوديعة الأولى مائة مثله. فقال الشافعي، وأصحاب الرأي: له أن يأخذها من ماله. والجواب عندهم في الحنطة والشعير، وما يكال أو يوزن: مثله، إذا أودعه مثلها، فله أن يأخذ ذلك قصاصا. وقال مالك: لا يجحده ولا يأخذها. ¬

_ (¬1) "بيد" ساقط من الدار.

13 - باب المودع ينفق على الوديعة بغير إذن ربها

وفي قول الشافعي: إن وصل إلى سلعة من السلع، فله أن يبيعها ويقتضي من ثمنها ماله. وليس له إمساك ذلك، في قول أصحاب الرأي. قال أبو بكر: قول الشافعي صحيح، استدلالاً: (ح 1337) بخبر عائشة رضي الله عنها أن النبي- صلى الله عليه وسلم - قال لهند: "خذي ما يكفيك وولدكِ بالمعروف" (1). 13 - باب المودَع ينفق على الوديعة بغير إذن ربها قال أبو بكر: م 4076 - كان الشافعي، وأصحاب الرأي يقولون: إذا أنفق عليها بغير إذن الحاكم، فهو متطوع، ولا يرجع عليه بشيء [2/ 186/ب]. م 4077 - وإن اجتمع من ألبان الماشية شيء، فباعه بغير إذن الحاكم، فالبيع فاسد في قول الشافعي، والكوفي. وقال قائل: البيع جائز، لأن ذلك حال ضرورة، والواجب عليه أن يمنع مال أخيه من التلف. وفي قول مالك: يبيع السلطان ذلك، ويعطي المنفق نفقته.

14 - باب المستودع يخالف ما أمر به

14 - باب المستودع يخالف ما أمر به قال أبو بكر: م 4078 - واختلفوا في الرجل، يودع الرجل الوديعة، ويأمره أن يجعلها في بيت بعينه، أو دار بعينها، أو نهاه أن يجعلها في دار له أخرى، أو في بيت له آخر: فجعلها المودَع في الدار التي نهاه أن يجعلها فيها، ففي هذا قولان: أحدهما: أن لا شيء عليه، لأنه قصد الحرز، وهذا قول قاله بعض أهل النظر. والقول الثاني: أنه يضمن إن جعلها في دار أخرى غير الدار التي أذن له أن يحرزها فيها، ولا يضمن في البيت، إن خالف فجعلها في بيت آخر. هذا قول النعمان، ومحمد (¬1). قال أبو بكر: لا فرق بينهما (¬2). م 4079 - وإذا دفع إليه وديعة، وقال: لا تخرجها من البلد، وضعها في بيتك، فأخرجها من البلد فضاعت. ففي قول الشافعي، وأصحاب الرأي: يضمن إلا أن يكون ضرورة، فإن أخرجها لضرورة من خوف لم يضمن في قول الشافعي، وكذلك لو انتقل للسيل أو النار. ¬

_ (¬1) وفي الدار "هذا قول الشافعي". (¬2) "قال أبو بكر: لا فرق بينهما" ساقط من الدار.

م 4080 - ولو اختلفا في السيل والنار، فإن كان لذلك عين ترى، أو أثر يدل فالقول قول المستودع، وإن لم يكن ذلك فالقول قول المودع مع يمينه. هذا قول الشافعي. وقال أصحاب الرأي: إن انتقل من البصرة إلى الكوفة لشيء لم يكن له بُد، فهلكت فلا ضمان عليه؛ لأن هذا حال عذر. م 4081 - واختلفوا في الحريق تقع في البيت، ويمكن المودع إخراج الوديعة من مكانها فلم يفعل. فقال قائل: يضمن، لأنه كأنه أتلفه؛ لأنه أمر بحفظه، وهذا مضيع، وهذا يشبه مذهب الشافعي، لأنه قال: من استودع دوابا، فلم يعلفها حتى تلفت: ضمن. وقال آخر: لا ضمان عليه، لأن النار أتلفتها، وهذا كالرجل المسلم تحيط به النار، ورجل مسلم قادر على إخراجه، فلم يفعل: فهو عاص، ولا عقل عليه ولا [2/ 187/ألف] قود. م 4082 - وإذا أمر رب الوديعة المودَع أن يلقيها في البحر أو النار، ففعل ففيها قولان: أحدهما: أنه لا شيء عليه، لأن فعله بأمره، هكذا قال الشافعي في الرجل يأمر الرجل أن يقطع رأس مملوكه، فقطعه فعلى القاطع عتق رقبة، ولا قود عليه. وقال آخر: هو ضامن، لأنه ممنوع من إتلاف المال في غير حال الضرورة، لأن ذلك محرم، وفاعله عاص يجب أن يحجر عليه.

15 - مسائل من كتاب الوديعة

(ح 1338) لنهي النبي- صلى الله عليه وسلم - عن إضاعة المال (1). فإذا أمره بما ليس له، فأمره وسكوته سيان. ولو كان هذا لا شيء عليه، لكان المسلم إذا قال لأخيه المسلم: اضرب عنقي، فقطعه، أن لا شيء عليه، لأنه فعل ما أمره به، وقد أجمع أهل العلم على أن هذا: قاتل ظالم، وقد منعها الله تعالى من مال المسلم ومن ودمه. (ح 1339) وقد جمع النبي- صلى الله عليه وسلم - بين تحريمهما. 15 - مسائل من كتاب الوديعة قال أبو بكر: م 4083 - وإذا استودع رجلان رجلاً مالا دنانير، أو دراهم، أو ثياباً، فجاء أحدهما- وشريكه غائب- فقال: أعطني حصتي. فقال النعمان: لا يدفع إلى أحد شيئاً حتى يأتي صاحبه. وقال يعقوب، ومحمد بن الحسن: يقسم ذلك، ويدفع إليه حصته، ولا يكون ذلك جائزاً على الغائب.

م 4084 - واختلفوا في رجل أودع عبداً محجوراً عليه، أو صبياً وديعة، فأكلها. فقال النعمان، ومحمد: لا ضمان على الصبي، ولا على الملوك حتى يعتق. وقال يعقوب: الصبي والعبد ضامنان جميعاً الساعة. وقال ابن القاسم في الصبي يودع: لا يضمن. م 4085 - واختلفوا في الرجل تكون عنده الوديعة، فيجعلها رب المال مضاربة مع الودّع. فكان أحمد، وأبو ثور، وأصحاب الرأي: يجيزون ذلك. وقال الحسن البصري: الوديعة مثل القرض، لا يدفع مضاربة حتى يقبض. م 4086 - وإذا دفع رجل إلى رجل ألف درهم وديعة، وعلى المودَع ألف درهم قرضا لرب الوديعة، فدفع إليه ألفاً، فقال المودَع: هذه الألف التي قضيتك هي القرض، وتلفت الوديعة، وقال الذي دفع الوديعة: [2/ 187/ب] إنما قبضت الوديعة، والقرض على حاله. فالقول قول القاضي المودّع مع يمينه، وهو برئ من المالين جميعاً. وهذا يشبه مذهب الشافعي، وبه قال أصحاب الرأي. م 4087 - وإذا أودع رجل رجلاً مالاً، فقال المودع: أمرتني أن أنفقه على أهلك أو أتصدق به، أو أهبه لفلان، وأنكر المودع ذلك.

فالقول قوله مع يمينه، وهذا على مذهب الشافعي، وبه قال أصحاب الرأي. م 4088 - وإذا شرط المودع على المودَع أنه ضامن للوديعة (¬1). فلا ضمان عليه، كذلك قال الثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق ويشبه ذلك مذهب مالك. وحكي عن عبيد الله بن الحسن أنه قال: هو ضامن. قال أبو بكر: بالقول الأول أقول. م 4589 - وإذا أودعه ألف درهم، فجاء رجل فقال: إن (¬2) رب الوديعة بعثني إليك لتبعث إليه بالوديعة، فصدقه ودفعها إليه، فهلكت عنده، وأنكر رب الوديعة أن يكون بعثه. فقال أصحاب الرأي: المودَع ضامن، ولا يرجع على الرسول بشيء. فإن كان حين جاءه بالرسالة كذبه، ودفعها إليه على ذلك، فهلكت، ثم جاءه رب الوديعة، فأنكر ذلك: فالمودَع ضامن، ويرجع بذلك على الرسول. وكذلك إن دفعها إليه، ولم يصدقه ولم يكذبه. قال أبو بكر: وإن علم المودَع صدق ما قال الرسول: لم يرجع عليه بشيء لأنه يعلم أن رب الوديعة ظالم له. م 4090 - واختلفوا في الرجل يبعث مع رسوله بالمال إلى رجل، وأمره ¬

_ (¬1) "للوديعة" ساقط من الدار، وثابت في العمانية / 539. (¬2) "إن" ساقط من الدار، وثابت في العمانية / 539.

أن يدفعه إليه، فقال الرسول: قد دفعته إليه، وقال المرسل إليه: لم يدفع إلى شيئاً. فقال مالك: لا يقبل قول الرسول إلا ببينة، وإلا غرم. وقال أصحاب الرأي: القول قول المستودع مع يمينه، لأنه أمين، لأنه لو قال: قد رددتها إليك، كان القول قوله. قال أبو بكر: وقد قال قائل: إن قال له: اقض عني الدين الذي علي فقال: قد دفعته، ولم يشهد عليه- لم يبرأ الرسول، وإن كانت أمانة فالقول قوله.

75 - كتاب العارية

75 - كتاب العارية قال أبو بكر: قال الله عز وجل: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ، الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ، الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ، وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ} الآية. م 4091 - واختلف أهل العلم في معنى قوله تعالى: {الْمَاعُونَ}. فكان ابن مسعود يقول: العواري، الدلو، والقدر، والميزان. وقال ابن عباس: العارية. وقال عكرمة: إذا جمع ثلاثتها فله الويل، إذا سها عن الصلاة، وراءى، ومنع [2/ 188/ألف] الماعون، فله الويل. وقالت فرقة: إنها الزكاة، روي هذا القول عن علي، وابن عمر رضي الله عنهم، والحسن البصري، وزيد بن أسلم. قال أبو بكر: واحتمل أن يكون أريد بقوله (¬1) الماعون: العارية واحتمل أن يكون أراد الزكاة. ¬

_ (¬1) "أريد بقوله" ساقط من الدار، وثابت في العمانية / 543.

1 - باب تضمين العارية

فدلت الأخبار عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أن الفرض في مال السلم: الزكاة. وأجمع أهل العلم على وجوب الزكاة في مال المسلم، واختلفوا في العواري فالذي أجمع عليه يجب لإجماعهم، والمختلف فيه من العواري غير واجب. (ح 1340) وقد روينا عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "إذا أديت زكاة مالك فقد قضيت ماعليك". 1 - باب تضمين العارية قال أبو بكر: م 4092 - أجمع أهل العلم على أن المستعر لا يملك بالعارية الشيء المستعار. م 4093 - وأجمعوا كذلك على أن له أن يستعمل الشيء المستعار، فيما أذن له أن يستعمله فيه. م 4094 - وأجمعوا على أن المستعير إذا تلف الشيء المستعار أن عليه ضمانه. م 4095 - واختلفوا في وجوب الضمان عليه إن تلفت العارية من غير جنايته. فقالت طائفة: لا يضمن، روينا عن علي رضي الله عنه، وابن مسعود أنهما قالا: ليس على مؤتمن ضمان، وممن كان لا يرى

العارية مضمونة، الحسن البصري، والنخعي، وعمر بن عبد العزيز، وبه قال الثوري، وإسحاق، والنعمان وأصحابه (¬1). وقالت طائفة: العارية مضمونة، روينا هذا القول عن ابن عباس، وأبي هريرة، وبه قال عطاء، والشافعي، وأحمد. وفيه قول ثالث: وهو أن العارية إذا كانت مما يظهر تلفها، مثل الرقيق، والحيوان، والدور، وما أشبه ذلك، فلا ضمان عليه إلا أن يتعدى- وما كان من ثياب، أو حلي، أو عروض: فهو ضامن إلا أن يصيبه أمر من الله عَزَّ وَجَلَّ يعذر به وتقوم عليه بينة، فلا يضمن، هذا قول مالك. وفيه قول رابع: وهو أن المعير إن شرط الضمان في العارية، فهي مضمونة، وإن لم يشترط فليس بشيء، هذا قول قتادة. قال أبو بكر: احتج الشافعي، وأحمد: (ح 1341) بأخبار صفوان في تضمين العارية. وقد اختلف الرواة [2/ 188/ب] في أسانيد هذا الحديث ومتونها. ¬

_ (¬1) "والنعمان وأصحابه" ساقط من الدار، وثابت في العمانية /544.

2 - باب الأرض تستعار على أن يبني فيها المستعير ثم يبدو لرب الأرض في إخراجه

(ح 1342) وفي بعض الأخبار: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لصفوان: "إن شئت غرمناها لك". وفي هذا دليل على أنها ليست بمضمونة. ولا أعلم من رأى تضمينها حجة توجب ذلك. 2 - باب الأرض تستعار على أن يبني فيها المستعير ثم يبدو لرب الأرض في إخراجه قال أبو بكر: م 4096 - واختلفوا في الأرض، يستعرها الرجل على أن يبني فيها المستعير (¬1)، أو يغرس، ولم يوقت في ذلك وقتاً، أو وقت وقتاً، ثم إن رب الأرض أراد إخراجه من أرضه. فقالت طائفة: إذا أخرجه ضمن له قيمة بنيانه وغرسه، وقت له وقت دفعها عليه، أو لم يوقت، هذا قول الشافعي. قال: فإن كان قال له: فإن انقفضت العشر سنين كان عليك أن تنقض بناءك، كان ذلك عليه، لأنه لم يغره وإنما غر نفسه. وقال ابن أبي ليلى: الذي أعاره ضامن لقيمة البناء، والبناء للمعير. وقالت طائفة: له إخراجه: وينقض هذا بناءه، ويقلع غرسه، ولا يضمن المعير شيئاً إذا لم يكن وقت له وقتاً، فإن وقت له وقتاً فأخرجه ¬

_ (¬1) "المستعير" ساقط من الدار، وثابت في العمانية / 545.

2 - باب عارية الدواب

قبل الوقت: أدى قيمة ذلك هذا قول أصحاب الرأي وإن شاء صاحب البناء والغراس أخذ بناءه وغرسه. 2 - باب عارية الدواب قال أبو بكر: م 4097 - وإذا استعار الرجل من الرجل دابة، وردّها فلم يلق صاحبها، فربطها في معلف صاحبها. فكان الشافعي يقول: يضمن. وقال ابن الحسن: القياس أن يضمن، وأستحسن أن لا أضمنه. قال أبو بكر: كما قال الشافعي أقول. م 4098 - وإذا استعار رجل من رجل دابة ليركبها إلى مكة، فتعدى بها إلى الطائف، فعطبت بالطائف أو بعدما ردها إلى مكة، فهو ضامن لها، وعليه الكراء من حيث تعدى مع الضمان، هذا قول الشافعي. [[ووافق]] أصحاب الرأي [[الشافعي]] في الضمان، وخالفوه في الكراء (¬2)، فقالوا: ليس عليه كراء من حيث تعدى. م 4099 - وإذا استعار دابة على أن يحمل عليها عشرة أمداد قمح، فحمل عليها أحد [2/ 189/ألف] عشر مُداً، فهلكت، ففيها أقاويل: أحدهما: أنه ضامن لجزء من أحد عشر جزءاً من قيمة الدابة. ¬

_ (¬2) "في الكراء" ساقط من الدار.

4 - باب مسائل من كتاب العارية

هذا قول أصحاب الرأى، ثم قالوا: إذا أمر رجل أن يضرب عبده عشرة أسواط، فضربه أحد عشر سوطاً، فمات: أن عليه ما نقصه ذلك السوط الآخر ونصف قيمته مضروباً (1). وفي قول ابن أبي ليلى، والشافعي: عليه قيمتها، وقال الشافعي: وعليه الكراء. وقال مالك فيما حمل على الدابة من الزيادة: إن كان رطلين أو ثلاثة أو ما أشبه ذلك مما لا تعطب الدابة مثله، كان له كراء تلك الزيادة، إن أحب، وليس عليه ضمان، وإن كان في مثل ما زاد عليه ما يُعطب في مثله، كان صاحب البعير مخيراً: فإن أحب فله قيمة بعيره يوم تعدى عليه، وإن أحب فله كراء ما زاد على بعيره مع الكراء الأول، ولا شي له من القيمة. 4 - باب مسائل من كتاب العارية قال أبو بكر: م 4100 - وإذا أعار الرجل الرجل الشيء، إلى أجل معلوم، فقبضه، ثم أراد المعير أن يرجع فيأخذ ما أعاره قبل مضي الوقت. ففي قول مالك: ليس ذلك له، والعارية إلى الوقت الذي أعطيها، هذا قول مالك.

وفي قول الشافعي: يرجع متى أحب. م 4101 - واختلفوا في الرجل يعير الرجل الدابة، فاختلفا: فقال: أعرتنيها إلى بلد كذا، وقال المعير: أعرتك إلى بلد كذا. فقال مالك: إن كان شيئاً يشبه ما قال المستعير فعليه اليمين. وفي قول الشافعي، وأصحاب الرأي: القول قول المعير مع يمينه. واختلفوا في الرجل يستعير من الرجل الثوب، فيعره غيره. فقالت طائفة: إذا استعاره ليلبسه هو، فأعطاه غيره، فلبسه، فهو ضامن، وإن لم يسم من يلبسه، فلا ضمان عليه، هذا قول أصحاب الرأي. وقال بعض أهل النظر: إنه ضامن، لأن المتعارف من أخلاق الناس ألا يعير غيره. وقال مالك: إذا استعار دابة، فأعارها، فإن لم يفعل بها إلا ما كان يفعل بها الذي أعيرها: فلا شيء عليه. م 4102 - واختلفوا في الرجل يستعير من الرجل الدنانير. فكان مالك يقول: هو ضامن، ولم يجعله من وجه العارية. و [2/ 189/ب] أصحاب الرأي: هو والقرض سواء. وقال آخر: لا يجوز، والدراهم والدنانير لا تكون عارية، وليس له أن يشتري بها شيئاً. م 4103 - كان الثوري يقول: إذا استعار شيئاً فعلى الذي أعاره أن يأخذه من عنده.

وقال أحمد وإسحاق: عليه أن يرده من حيث أخذه. م 4104 - وكان الشافعي لا يرى للعبد أن يعير شيئاً بما بيده من المال. وقال أصحاب الرأي: لا بأس أن يعير إذا كان يشتري ويبيع. م 4105 - وإذا استعار رجل من رجل ثوباً فلبسه، ثم جحده إياه، وأقام رب الثوب البينة على ذلك، وقد هلك الثوب. فهو ضامن للقيمة (¬1) في قول الشافعي، وأصحاب الرأي. فأما تضمين الشافعي إياه فلأنه كان يرى العارية مضمونة، وأوجب أصحاب الرأي ذلك لجحوده. م 4106 - وإذا استعار رجل شيئاً ليقاتل به، فضرب به فانكسر، فلا ضمان عليه، وكذلك قال أصحاب الرأي. م 4107 - وإذا قال: أعرتني دابتك فركبتها إلى مكان كذا وكذا بإذنك، وقال رب الدابة: بل أكريتكها إلى ذلك المكان. فالقول قول الراكب مع يمينه، في أحد قولي الشافعي، وبه قال أصحاب الرأي، والأوزاعي. وأصح من ذلك- على مذهب الشافعي- أن عليه كراء المثل بعد اليمين. م 4108 - وإذا أقام رجل بينة على أرض ونخل، أنها له، وقد أصاب الذي هي في يديه من غلة النخل والأرض. فإن النعمان، ويعقوب، ومحمد كانوا يقولون: الذي كانت في يديه ضامن لما أخذ من الثمر، وبه قال الشافعي. ¬

_ (¬1) "للقيمة" ساقط من الدار.

وقال ابن أبي ليلى: لا ضمان عليه. م 4109 - وإذا أخذ رجل أرض رجل (¬1) سنة، اجارة، فأقام فيها سنتين. فكان النعمان: يقول: يعطى أجر السنة الأولى، وهو ضامن لما نقصت الأرض السنة الثانية، ويتصدق بالفضل، وبه قال يعقوب، ومحمد. وقال ابن أبي ليلى، والشافعي: عليه أجر المثل في السنة الثانية. م 4110 - وإذا وجد الرجل كنزاً قديماً، في أرض رجل، أو داره. فكان الشافعي، والنعمان يقولان: هو لرب الدار، ويخمس، وبه قال محمد. وقال ابن أبي ليلى، ويعقوب، وأبو ثور: هو للذي وجده [2/ 190/ألف] ويخمّس. ¬

_ (¬1) "أرض رجل" ساقط من الدار.

76 - كتاب اللقيط

76 - كتاب اللقيط (¬1) قال أبو بكر: م 4111 - أجمع عوام أهل العلم على أن اللقيط حر، وروينا هذا القول عن عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وبه قال عمر بن عبد العزيز، والشعبى، والنخعي، والحكم، وحماد، ومالك، والثوري، والشافعي، وإسحاق، ومن تبعهم من أهل العلم. م 4112 - وأجمعوا كذلك على أن الطفل إذا وجد في بلاد المسلمين، في أي مكان وجد ميتاً، أن غسله ودفنه يجب في مقابر المسلمين. م 4113 - ومنعوا أن يدفن أطفال المشركين في مقابر المسلمين. م 4114 - وقد روينا عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال للذي التقطه: "هو حرّ وولاؤُه لك"، وبه قال شريح. وقال مالك بن أنس: ولاؤه للمسلمين. وقال الشافعي: لا ولاء له، وإنما يرثه المسلمون بأنهم خُوِلوا كل مال لا مالك له. ¬

_ (¬1) وفي الدار كتاب اللقطة مقدم على هذا الكتاب، وكذا في العمانية / 551.

1 - باب النفقة على اللقيط

1 - باب النفقة على اللقيط قال أبو بكر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن نفقة اللقيط غير واجبة على الملتقط كوجوب نفقة ولد إن كان له. م 4115 - وكان شريح، والشعبي، وكثير من أهل العلم يقولون: إن أنفق عليه بغير أمر حاكم، وهو متطوع، لا يرجع به عليه، وهذا قول مالك بن أنس، والأوزاعي، والشافعي، والنعمان (¬1)، وابن الحسن. قال أبو بكر: وبه نقول. وإنما تجب نفقته من بيت مال المسلمين، من مال الفيء. وقد روينا عن شريح، والنخعي أنهما قالا: يرجع (¬2) بالنفقة عليه إذا أشهد. وقد روينا عن عمر بن عبد العزيز أنه قال: يحلف ما أنفق عليه احتساباً، فإن حلف استسعي. وقد روينا عن علي رضي الله عنه قولاً رابعاً: وهو أن اللقيط إن كان موسراً رد عليه، وإن لم يكن كذلك كان ما أنفق عليه صدقة. ¬

_ (¬1) "والنعمان" ساقط من الدار، وثابت في العمانية/ 574. (¬2) وفي الدار "لا يرجع"، وفي العمانية / 547 كما في الأصل.

وفيه قول خامس: قاله أحد بن حنبل قال: نفقته إذا أنفق تؤدى من بيت المال. وفيه قول سادس: قاله إسحاق بن راهويه قال: إن كان حين أنفق عليه نوى أخذه، عوض من بيت المال، وإن تورع فلا شيء عليه. قال أبو بكر: وهذا كله إذا أنفق بغير أمر الحاكم. م 4116 - فإن رفع أمره إلى الحاكم، فأمره بالنفقة عليه. ففي قول الثوري، والشافعي، وأصحاب الرأي: يلزم ذلك اللقيط [2/ 190/ب] إذا بلغ، إذا كانت النفقة قصدا بالمعروف. قال أبو بكر: م 4117 - وإذا كان اللقيط في مكان ليس فيه إمام، وجب على الملتقط وعلى سائر المسلمين ألا يضيعوه، ويحيوه، ولا يرجعون عليه بما أنفقوا. م 4118 - فإذا أمره الإمام بالنفقة، فانفق، واختلف هر واللقيط في ذلك، فقال اللقيط: أنفقت علي خمسين ديناراً، وقال الملتقط: أنفقت عليك مائة دينار. ففي قول الشافعي: القول قول اللقيط في ذلك مع يمينه. م 4119 - وقال أصحاب الرأي: إذا أمره القاضي أن ينفق عليه، على أن يكون دينار عليه، فهو جائز وهو دين عليه. م 4120 - فإذا أدرك اللقيط، وكان عدلا، جازت شهادته، في قول مالك، والشافعي، والكوفي، وغيرهم.

2 - باب دعوى اللقيط

2 - باب دعوى اللقيط قال أبو بكر: م 4121 - وإذا ادعى الذي التقط اللقيط، وهو حر- أنه ابنه: قبل قوله، ولحق به نسبه (¬1)، في قول الشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي. وقال قائل: لا يقبل قوله: (ح 1343) لقول النبي- صلى الله عليه وسلم -: "البينة على المدعي". وقل من يقول هذا. م 4122 - واختلفوا في اللقيط، يوجد في مصر من أمصار المسلمين، فادعاه ذمي: فقال الشافعي: نجعله مسلماً، لأنا لا نعلمه كما قال، وبه قال المزني (¬2). وقد قال الشافعي غير ذلك. وقال أبو ثور: لا يقبل قول الذمي أنه ابنه، لأنه يحكمون له بحكم الإسلام، وغير جائز أن يكون ابنه ويكون مسلما. وقال ابن الحسن: أجعله ابنه، وأجعله مسلما. م 4123 - وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم، على أن امرأة: لو ادعت اللقيط، أنه ابنها: أن قولها لا يقبل. هذا قول الثوري، والشافعي، ويحيى بن آدم، وأبي ثور، وأصحاب الرأي. ¬

_ (¬1) "نسبة" ساقط من الدار. (¬2) وفي الدار "وبه قال الثوري".

م 4124 - ولو وجدته امراة، فقالت: هو ابني من زوجي هذا، وصدقها الزوج: كان ابنهما، في قول أبي ثور، وأصحاب الرأي. م 4125 - واختلفوا فيه إذا ادعاه رجلان، وأقام كل واحد منهما البينة على أنه ابنه. ففي قول الشافعي: تراه القافة، فبأيهما ألحقوه لحق، وإذا قالت: هو ابنهما: انتسب إذا بلغ إلى أيهما شاء. وقال أصحاب الرأي: [2/ 191/ألف] يكون ابنهما. م 4126 - وإذا ادعاه مسلم وذمي: كان ابن المسلم في قول أبي ثور. م 4127 - وإذا ادعاه الذي وجده أنه عبده: لم يقبل قوله، في قول الشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي، لأن اللقيط حر. م 4128 - وإذا ادعى اللقيط رجلان، فأقام واحدهما البينة أنه ابنه، وأقام الآخر بينة أنها ابنته، فإذا هو خنثى. ففي قول أبي ثور: إن بال من الذكر فهو رجل يحكم به للذي قال هو ابني، وإن بال من قبل الفرج فهو جارية يحكم به لصاحب الجارية، وإن كان مشكلا: أرى القافة.

3 - باب اللقيط يدعيه مسلم ونصراني

3 - باب اللقيط يدعيه مسلم ونصراني قال أبو بكر: م 4129 - وإذا التقط اللقيط رجلان، فتنازعا فيه. فكان الشافعي يقول: يقرع بينهما، فأيهما خرج سهمه، سلم إليه. وفيه قول ثان: وهو أنهما جميعاً يقومان بأمره. قال أبو بكر: م 4130 - فإن كان أحدهما مقيماً، والآخر ظاعنا: كان المقيم أولى به، في قول الشافعي. والقروي أولى به من البدوي، والحر أولى به من العبد، والمسلم أولى به من النصراني، في قول الشافعي. وقال ابن الحسن: المسلم أولاهما به. م 4131 - وإذا وجد اللقيط في قرية ليس فيها إلا مشرك، فهو ذمي، على ظاهر ما حكموا به: إذا وجد في مصر من أمصار المسلمين: أنه مسلم، وهذا على قول الشافعي، وأصحاب الرأي. قال أبو بكر: وبه نقول. 4 - باب اللقيط يقتل، أويُقتل، أويُقذف قال أبو بكر:

م 4132 - وإذا قتل اللقيط عمداً، فأمره إلى الإمام (¬1): إن شاء أخذ العقل، وإن شاء قتل، هذا قول الشافعي. وبه نقول. (ح 1344) لقول النبي- صلى الله عليه وسلم - "السلطانُ وليّ من لا وليّ له". وقال النعمان، ومحمد: إن شاء السلطان قتله، وإن شاء صالحه على الدية. وقال يعقوب: الدية عليه في ماله، ولا أقتله. قال أبو بكر: قول الشافعي صحيح. قال أبو بكر: م 4133 - وإذا قُتل اللقيط خطأ، فديته: دية حر، على عاقلة القاتل، فتؤخذ، وتوضع في بيت المال، في قول الشافعي، والكوفي. م 4134 - وإذا قذفه قاذف. فإن الشافعي قال: لا أحد له حتى أسأله، فإن قال: أنا حر حددت [2/ 191/ب] قاذفه، وإن قذف حُد. قال أبو بكر: وللشافعي- فيها- قول آخر: أنه لا يحد له حتى تثبت البينة أنه حر قاله (¬2) المزني عنه. ¬

_ (¬1) "إلى الأمام" ساقط من الدار. (¬2) كذا في الأصل "قاله"، وكلمة "قالة" أضافها مصححها على حاشية المخطوطة، وعلى هذه الزيادة تعليق في الحاشية أيضاً، ونصه: أظنه ليس قاله في الأصل ولا وجدته في أصل آخر، وكان قريء على المصنف، قلت: لعل هذا التعليق هو من قاريء للنسخة كان قد أطلع على =

5 - باب ميراث اللقيط

وقال أصحاب الرأي: يحد قاذفه في نفسه، ولا يحد قاذفه في أمه. قال أبو بكر: إذا كانوا يقولون: إن اللقيط حر، لزمهم أن يحكموا له بأحم الأحرار. ولو قال لرجل حر (¬1): يا منبوذ، فإنه يضرب الحد. 5 - باب ميراث اللقيط قال أبو بكر: م 4135 - وإذا مات اللقيط قبل أن يبلغ، فميراثه في بيت مال المسلمين، في قول مالك، والثوري، والشافعي، والكوفي. قال أبو بكر: هذا كله (¬2) إذا مات قبل أن يبلغ، وينكح. فإن نكح امرأة، وتوفي عنها، فلها الربع، والباقي للمسلمين. فإن خلف ولدا وزوجة: قسم ميراثه بينهم، على فراض الله عز وجل. فإن كانت الورثة لا يحرزون (¬3) جمع المال: كان الباقي عن مواريثهم للمسلمين. ¬

_ = نسخ أخرى للكتاب ومنها نسخة قد قرئت على المصنف، ويقول: إن كلمة "قاله" لا توجد في جميع تلك النسخ، وفي العمانية / 579" لعله روى ذلك عن المزني". (¬1) "حر" ساقط من الأصل، وكذا من العمانية / 580. (¬2) "كله" ساقط من الدار. (¬3) وفي الدار "يحوزون" وكذا العمانية/ 580.

6 - باب المال يوجد مع المنبوذ

6 - باب المال يوجد مع المنبوذ قال أبو بكر: م 4136 - كان الشافعي يقول: إذا وجد مع المنبوذ مال، فهو له، وبه قال أصحاب الرأي. قال أبو بكر: ولا أحفظ عن غيرهم خلاف قولهم. م 4137 - وقال الشافعي: ما وجد قريباً منه، من مال وغيره: فهي ضالة ولقطة. م 4138 - ويأمر الحاكم الذي وجدَ المنبوذ، أن ينفق عليه، إذا كان ثقة، ويشهد بما وجد عليه، وإن كان غير ثقة، نزعه الحاكم منه. وما أنفق عليه بغير أمر الحاكم ضمن. قال أبو بكر: وفي الإنفاق عليه- مما وجد معه بغير إذن الحاكم- قول ثان: وهو أن لا شيء عليه، لأنه قام بما يجب عليه وعلى الحاكم وعلى جميع المسلمين. 7 - باب إقرار اللقيط أنه عبد لفلان (¬1) قال أبو بكر: م 4139 - كان الشافعي يقول: وإذا بلغ اللقيط، فاشترى، وباع، ونكح امرأة، ثم أقر أنه عبد لرجل: ألزمته ما لزمه قبل إقراره. وإلزامه الرق قولان: ¬

_ (¬1) "فلان " ساقط من الدار، وثابت في العمانية/ 582.

أحدهما: أن إقراره يلزمه في نفسه، وفي الفضل من ماله عن غرمائه ولا يصدق في حق غيره. ومن قال: أصدقه في الكل، قال: لأنه مجهول الأصل. وقال أصحاب الرأي: إن أقر اللقيط بعد ما يدرك [2/ 192/ألف] أنه عبد لفلان، وادعى ذلك فلان: ألزمته إقراره. وقال ابن القاسم صاحب مالك (¬1): لا أقبل قوله أنه عبد. قال أبو بكر: والذي قال ابن القاسم يحتمل النظر، لأنهم حكموا له بحكم الأحرار، لم يجز أن يتحول عبداً إلا بحجة. ¬

_ (¬1) "صاحب مالك" ساقط من الدار.

77 - كتاب اللقطة

77 - كتاب اللقطة 1 - باب أخذ اللقطة وتركها قال أبو بكر: م 4140 - اختلف أهل العلم في أخذ اللقطة وتركها. فكرهت طائفة أخذها، روينا هذا القول عن ابن عمر، وابن عباس، وبه قال جابر بن زيد، وعطاء بن أبي رباح، والربيع بن [[خثيم]]، وأحمد بن حنبل. ومرّ شريح بدرهم فلم يعرض له. وممن رأى أخذها: سعيد بن المسيب، والحسن بن صالح. وقال الشافعي بالعراق: الورع ألا يأخذها، وقال مرة: لا أحب لأحد ترك لقطة وجدها، إذا كان أميناً عليها. وممن رأى أخذ اللقطة أبي بن كعب: (ح 1345) وجد صُرة فيها مائة دينار، على عهد رسول الله- صلى الله عليه وسلم -،

2 - باب ما يفعل باللقطة اليسيرة

فأتى بها النبي- صلى الله عليه وسلم -. وقال مالك: إذا كان شيئاً له بال: يأخذه أحب إلى، ويعرفه. 2 - باب ما يفعل باللقطة اليسيرة قال أبو بكر: م 4141 - واختلفوا فيما يفعل باللقطة اليسيرة. فرخصت فرقة في أخذها، والانتفاع بها. فممن روينا ذلك عنه: عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وابن عمر، وعائشة رضي الله عنهم، وعطاء بن أبي رباح، وطاووس، وجابر بن زيد، والنخعي، ويحيى بن أبي كثير. وقال الحسن بن صالح: تعرف العشرة الدراهم السنة، وما دون العشرة يعرفها ثلاثة أيام. وقال الثوري في الدارهم: يعرفه أربعاً. وقال أحمد: يعرفه سنة. وقال إسحاق: ما دون الدينار يعرفه جمعة، أو نحوها.

وأوجبت طائفة تعريف قليل اللقطة وكثيرها. هذا قول مالك، والشافعي. وقال أحمد: يعرف كل شيء إلا ما لا قيمة له، وبه قال إسحاق، وهذا اختلاف من قول إسحاق. وقال مالك في الفلس، والقُرْص، والجوزة: يتصدق به من يومه. قال أبو بكر: يعرف قليل اللقطة وكثيرها، على ظاهر: (ح 1346) قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: عرّفها سنةً". ْولا يجوز أن يستثني من أخبار رسول الله- صلى الله عليه وسلم - إلا بخبر مثله. (ح 1347) وقد رأى [2/ 192/ب] رسول الله- صلى الله عليه وسلم - تمرةً، فقال: "لولا أن تكون صدقة لأكلتُها". فالتمرة مستثناة من [[جملة]] اللقطة، وما كان في معناها. ونستعمل في سائر اللقطة ما سنه رسول الله- صلى الله عليه وسلم -. م 4142 - واختلفوا فيمن التقط ما لا يبقى سنة. فقال مالك، وأصحاب الرأى: يتصدق به. وقال الثوري: يبيعه، ويتصدق بثمنه.

2 - باب الوقت الذي تعرف إليه اللقطة

وقال الشافعي: يأكله إذا خاف فساده، ويغرمه لربه، وقال مرة: يبيعه، ويقيم على تعريفه. 2 - باب الوقت الذي تعرف إليه اللقطة قال أبو بكر: (ح 1348) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أمر بأن تعرف اللقطة سن. م 4143 - واختلفوا في أقصى المدة التي إليها تعرف اللقطة. فقالت طائفة: تعرف سنة، روينا هذا القول عن عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وابن عباس، وسعيد بن المسيب، والشعبى، ومالك، والشافعي، والحسن بن صالح، وأحمد، وأصحاب الرأي. وقد روينا عن عمر بن الخطاب ثلاث روايات غير هذه الرواية. أحدها: أنه يذكرها ثلاثة أيام، ثم يعرفها سنة. والثانية: أن يعرفها ثلاثة أعوام. والثالثة: أن يعرفها ثلاثة أشهر. قال أبو بكر: والذي أرى أن تعرف اللقطة سنة على ظاهر: (ح 1349) خبر زيد بن خالد.

4 - باب ما يفعل باللقطة بعد التعريف

4 - باب ما يفعل باللقطة بعد التعريف قال أبو بكر: م 4144 - واختلفوا فيما يفعله الملتقط بعد التعريف. فقالت طائفة: شأنه بها، روينا هذا القول عن عمر بن الخطاب، وابن مسعود، وعائشة، وبه قال الشافعي، وأحمد، وإسحاق. وفيه قول ثان: وهو أن يتصدق بها، روينا هذا القول عن علي، وابن عباس، وبه قال سعيد بن المسيب، والشعبي، والحسن (¬1)، وعكرمة، وطاووس. وكان عطاء يقول كقول عكرمة، ثم قال كما روينا عن ابن مسعود. وممن كان يعرفها حولاً، ثم يتصدق بها، ويخير صاحبها إذا جاء بين الأجر أو الغرم له: مالك بن أنس، والثوري، والحسن بن صالح، وأصحاب [2/ 193/ألف] الرأي. وفيه قول ثالث: وهو أن يجعلها في بيت مال المسلمين، روينا هذا القول عن عمر، وابن عمر. ¬

_ (¬1) "والحسن" ساقط من الدار.

5 - باب المواضع التي تعرف فيها اللقطة

قال أبو بكر: والذي أرى أن يعرفها سنة، فإن جاء صاحبها دفعها إليه، وإن لم يأت فعل بها ما شاء، إن شاء انتفع بها، وإن شاء تركها فلم ينتفع بها، وإن شاء تصدق بها. فإن جاء صاحبها، وقد انتفع بها أو تصدق بها، فهو ضامن لمثلها إن كان لها مثل، أو لقيمتها إن لم يكن لها مثل. خبر رسول الله- صلى الله عليه وسلم - على ذلك يدل. 5 - باب المواضع التي تعرف فيها اللقطة قال أبو بكر: (ح 1350) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أمر الذي وجد اللقطة أن يعرفها. لم يخص موضعاً دون موضع. (ح 1351) ودل حديث أبي هريرة عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "من سمع رجلاً ينشد ضالة في المسجد فليقل: لا أداها الله إليك، فإن المساجد لم تبن لهذا". على أن المساجد ممنوعة من أن ينشد فيها الضوال. فللمرء أن ينشد الضاله حيث شاء إلا في المسجد. م 4145 - قد روينا عن عمر أنه قال لمن وجد لقطة" عرفها على

6 - باب الإشهاد على اللقطة، والنهى عن كتمانها وتعيينها والأمر بتعريفها، وذكر اختلافهم في المخبر بعفاص اللقطة ووكائها ووعائها، يريد أخذها

أبواب المسجد" وبه قال مالك بن أنس، والشافعي. قال أبو بكر: وبه نقول. 6 - باب الإشهاد على اللقطة، والنهى عن كتمانها وتعيينها والأمر بتعريفها، وذكر اختلافهم في المُخبر بعفاص اللقطة ووكائها ووعائها، يريد أخذها قال أبو بكر: (ح 1352) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال في اللقطة: تُعرف، ولا تُغيبْ، ولا تُكتم، فإن جاء صاحبها، وإلا فهي من مال الله عَزَّ وَجَلَّ يؤتيه من يشاء" (2). م - واختلفوا فيمن يطلب اللقطة، ويخبر بعفاصها (3)، ووكائها (4)، ووعائها، ويذكر أنها له.

فقالت طائفة: يعطيه إياها، كذلك قال أحمد قال: لا يطلب منه البينة، وكذلك قال ابن القاسم صاحب مالك. وقال الشافعي: إذا وقع في نفسه أنه صادق (¬1)، دفعها إليه، ولا يجبر على ذلك إلا ببينة. قال أبو بكر: بقول أحمد أقول. (ح 1353) للثابت عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -[2/ 193/ب] أنه قال: "فإن جاءك أحد يُخبركَ بعددِها، ووعائها، ووكائها، فادفعها إليه". وقال أصحاب الرأي: إذا كانت دنانير أو دراهم، فسمي وزنها، وعددها، ووكاءها، ووعاءها، إن شاء دفعها إليه وأخذ كفيلا بذلك، فإن أبي لم يجبر على ذلك إلا ببينة. قال أبو بكر: م 4147 - وفيمن دفع لقطة إلى من أتى يصفها، ثم أتى آخر، فأقام البينة أنها له، قولان: أحدهما: أن لا غرم عليه، لأنه فعل ما أمر به، وهو أمين، والشيء ليس بضمون، هذا قول ابن القاسم صاحب ¬

_ (¬1) وفي الدار "إنه حق".

7 - باب اللقطة تضيع من ملتقطها قبل الحول أو بعده

مالك (¬1)، وأبي عبيد. والثاني: قول أصحاب الرأي: أنه يضمن، وهو يشبه مذهب الشافعي؛ لأن قوله كقولهم. وكان أبو عبيد يقول: "الوعاء الذي تكون فيه اللقطة، من جلد كان، أو غيره، وقوله: ووكائها، تعني: الخيط الذي تشد به". 7 - باب اللقطة تضيع من ملتقطها قبل الحول أو بعده قال أبو بكر: م 4148 - واختلفوا في اللقطة تضيع من ملتقطها قبل الحول، أو بعده. فقال كثير من أهل العلم: لا ضمان عليه، كذلك قال الحسن البصري، والنخعي، وأبو مجلز، والحارث العُكلي، ومالك بن أنس، ويعقوب. وقال النعمان، وابن الحسن: إن كان حين أخذها قال: إنما أخذتها لأردها على أهلها، وأشهد على ذلك شاهدين بمقالته: لم أضمنه، وإن لم يكن كذلك: ضمناه. وقد قال الحسن البصري مرة: هو ضامن. قال أبو بكر: إذا أخذ اللقطة ليحفظها على ربها، فضاعت، فلا ضمان عليه، وإذا أقر أنه أخذها ليذهب بها، فضاعت، فهو ضامن. ¬

_ (¬1) "صاحب مالك" ساقط من الدار.

8 - باب الملتقط يرد اللقطة إلى مكانها

8 - باب الملتقط يرد اللقطة إلى مكانها قال أبو بكر: م 4149 - واختلفوا في اللقطة يأخذها، ثم يردها حيث وجدها. فقالت طائفة: هو ضامن، روينا هذا القول عن طاووس، وهو مذهب الشافعي. وقال مالك: لا ضمان عليه. قال أبو بكر: الأول أصح (¬1). وروينا عن عمر بن الخطاب أنه قال لرجل وجد (¬2) بعيرا: أرسله حيث وجدته، وبه قال مالك. وقال الشافعي: إن أرسله ضمن. قال أبو بكر: من قلد الواحد من أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال بقول عمر، ومن جعل الأشياء على النظر ضمنه [2/ 194/الف]. 9 - باب لقطة مكة قال أبو بكر: (ح 1354) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: "ولا تحلُّ لقطتها إلا ¬

_ (¬1) "قال أبو بكر: الأول أصح" ساقط من الدار. (¬2) وفي الدار "أخذ بعيراً".

لمنُشدٍ" يريد مكة. م 4150 - واختلفوا في لقطة مكة. فقالت طائفة (¬1): حكم لقطتها كحكم لقطة (¬2) سائر البلدان، روينا هذا القول عن عمر، وابن عباس، وعائشة، وبه قال سعيد بن المسيب، وأحمد بن حنبل. وفيه قول ثان: وهو أن لقطت لا تحل البتة، وليس لواجدها فيها إلا الإنشاد أبداً، هذا قول ابن مهدي، وأبي عبيد. م 4151 - واختلفوا في معنى قوله: "إلا لمنشد". فكان جرير بن عبد الحميد يقول: إلا لن سمع ناشداً يقول قبل ذلك أو معروفاً: من أصاب كذا وكذا، فحينئذ يجوز أن يرفعها ليردها على صاحبها. ومال إسحاق إلى قول جرير. وذكر أبو عبيد: "أن ابن مهدي قال: إنما معناه لا تحل لطقتها كأنه يريد البتة، فقيل له: إلا لمنشد، فقال: "إلا لمنشد" وهو يريد المعنى الأول. وقال أبو عبيد: المنشد المعرف، والطالب: الناشد". قال أبو عبيد: "وليس يخلو قوله: "إلا لمنشد" إن كان أراد ¬

_ (¬1) وفي الدار "قال مالك". (¬2) كلمة "لقطة" ساقط من الدار.

10 - باب ضالة الإبل

المعرف، فعلى هذا، لا تحل له اللقطة أبداً، وعليه أن يعرفها حتى يجد طالبها، أو يكون أراد به الطالب: فلا تحل لغيره". فعلى أي المعنيين كان: فليس تحل لقطة مكة إلا لصاحبها، لأنها خصت من بين البلدان، والله أعلم. 10 - باب ضالة الإبل قال أبو بكر: (ح 1355) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال للذي سأله عن ضالة الإبل: "مالك ولها؟ معها حذاؤُها وسقاؤُها، تردُ الماءَ وتأكل الشجر، دعها حتى يجدها ربُها". قال أبو عبيد: "معها (¬1) حذاؤها وسقاؤها، يعني بالحذاء: أخفافها وسقاؤها: يعني أنها تقوي على ورود الماء لتشرب، والغنم لا تقوى على ذلك". م 4152 - وقد اختلفوا في ضالة الإبل. فكان مالك يقول في قول عمر بن الخطاب: "من أخذ ضالةً فهو ضال"، أي مخطئ، فلا يأخذها، وبه قال الأوزاعي، ¬

_ (¬1) "معها" ساقط من الدار.

11 - باب النفقة على الضالة

والشافعي، والليث بن سعد قال في ضالة الإبل: من وجدها في القرى: عرّفها، وفي الصحراء: لا يقرا. وكان الزهري يقول: من وجد ضالة بدنة، فليعرفها، فإن لم يجد صاحبها [2/ 194/ب] فلينحرها قبل أن تنقضى الأيام الثلاث. 11 - باب النفقة على الضالة قال أبو بكر: م 4152 - واختلفوا فيمن وجد ضالة، فأنفق عليها، وجاء ربها. فقالت طائفة: يغرم له ما أنفق، هذا قول عمر بن عبد العزيز، ومالك. وكان الشعبي لايعجبه قضاء عمر بن عبد العزيز. وهو مذهب الشافعي، وأصحاب الرأي. وقد روينا عن علي بن أبي طالب أنه كان ينفق على الضوال من بيت المال، وبه قال سعيد بن المسيب. م 4153 - وقال مالك في ضوال الإبل: يأمر الإمام ببيعها، ووضع ثمنها، فإن جاء صاحبها دفع إليه الثمن. وقال في الرقيق الذي يأبقون: يؤخذون فيحبسون، فإن لم يأت طالب، بيعوا. فإن جاء طالبهم بعد أن يبيعوا، لم يكن له إلا الثمن، وليس ذلك لغير الإمام. وقال الشافعي: وإذا وجد بعيراً، فأراد رده على صاحبه، فلا بأس بأخذه، ولا يأخذه ليأكله.

12 - باب ضالة البقر والغنم

وإن كان للسلطان حمّى: صنع كما صنع عمر بن الخطاب رضي الله عنه. م 4154 - وقد روينا عن ابن عمر أنه كان يُسهل في شرب لبن الضالةِ، وروي ذلك عن عائشة رضي الله عنهم. وقال مالك في اللبن: عسى أن يأكل منها، فأما نتاجها فلا يأكل منها شيئاً. 12 - باب ضالة البقر والغنم قال أبو بكر: (ح 1356) روينا عن جرير (¬1) بن عبد الله أنه طرد بقرة لحقت بالبقر، حق توارت، وقال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا يأوي الضالة إلا ضال". م 4155 - وممن رأى أن ضالة البقر كقالة الإبل: طاووس، والأوزاعي، والشافعي، وأبو عبيد. ¬

_ (¬1) في الأصلين "جابر بن عد الله" وهو خطأ، وما أثبته من الدار.

م 4156 - والخيل، والبغال، والحمير، في مذهب الشافعي، وأبي عبيد، كالإبل. قال أبو بكر: (ح 1357) وثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -قال في ضالة الغنم: "لك، أو لأخيك، أو للذئب". م 4157 - وقال مالك في الشاة الضاله، توجد في الصحراء، قال: اذبحها، وكلها. وإن كانت في قرية فليضمها إليها (¬1)، أو إلى غنمه حتى يجد صاحبها. وقال مالك في البقرة مثله. وقال أبو عبيد: كقول مالك في ضالة الغنم. وقال الليث بن سعد في ضالة الغنم: لا أحب أن يقربها، إلا أن يحرزها لصاحبها. قال أبو [2/ 195/ألف] بكر: وفي الحديث دليل على افتراق البراري، والقرى، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لك، أو لأخيك، أو للذئب" وإنما قال ذلك حيث تكون الذئاب، والذئاب لا تكون في القرى. قال أبو بكر: م 4158 - وإذا وجدت الشاة بفلاة من الأرض، فأكلها من جعل النبي - صلى الله عليه وسلم - له ذلك، ثم جاء صاحبها، ففيها قولان: ¬

_ (¬1) في الأصلين: فيضمها إليه، وما أثبته من المدونة، وعبارتها: قال مالك: أما ما كان قرب القرى، فلا يأكل، وليضمها إلى أقرب القرى إليها يعرفها فيها، أهـ 4/ 367.

13 - باب الرجل تقوم عليه دابة فيتركها آيسا منها

أحدهما: أن لا غرم عببه، وهذا قول مالك. وقال الشافعي: يغرم قيمتها إذا جاء صاحبها. ومن حجة مالك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أذن لواجدها في أكلها، ولم يوجب فيها تعريفاً، وفرق بينها وبين اللقطة التي تعرف. ومن حجة الشافعي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما أمر في اللقطة أن يردها إلى صاحبها قالوا: فإن أكلها بعد التعريف غرم، كانت الشاة مثل اللقطة. 13 - باب الرجل تقوم عليه دابة (¬1) فيتركها آيساً منها قال أبو بكر: م 4159 - واختلفوا في الرجل، يدع دابته بمكان منقطع من الأرض [آيساً منها] (¬2) فأخذها رجل، وقام عليها حتى صلحت، وجاء ربها. فكان الليث بن سعد يقول: هي للذي أحياها، إلا أن يكون تركها، وهو يريد أن يرجع إليها، فرجع مكانه. وهذا مذهب الحسن بن صالح فيهما؟ وفي النواة التى يطرحها الرجل. وقال أحمد بن حنبل، وإسحاق في الدابة هي لمن أحياها، إذا كان تركها صاحبها بمهلكة. ¬

_ (¬1) وفي الدار "الدابة". (¬2) ما بين المعكوفين من الدار.

وفيه قول ثان: وهو أن يأخذ دابته، ويغرم ما أنفق عليها، هذا قول مالك بن أنس. قال أبو بكر: هي لصاحبها، يأخذها، والآخر متطوع بالنفقة عليها (¬1). م 4160 - واختلفوا في الظبي، يملكه المرء، ثم يفلت منه (¬2). فقال الشافعي: هو لصائده الأول. وقال مالك: إن كان الثاني اصطاده بالقرب من وقت أفلت من الأول، فهو للأول، وإن كان اصطاده بعد مدة طويلة، فهو للثاني. م 4161 - وإذا وجد الرجل ضالة، فجاء بها صاحبها، وطلب جعلاً، فلا جعل له، كان ممن يعرف بطلب الضوال، أو لا يعرف، وهذا على مذهب الشافعي، وأصحاب الرأي. م 4162 - وإذا وجد الرجل المتاع الذي قد طرحه صاحبه في البحر طلب السلامة [2/ 195/ب] في فأخذه رجل، فعله رده إلى صاحبه، ولا جعل له. م 4163 - وكان الحسن البصري يقول: من أخرج شيئاً فهو لمن أخرجه، وما نضب عنه الماء، وهو على الساحل فهو لأهله. ¬

_ (¬1) "عليها" ساقط من الدار. (¬2) وفي الدار "تلف عنه".

14 - باب العبد، والصبي، والمحجور عليه يلتقطون اللقطة

م 4164 - وقال الليث بن سعد: ليس لأهل المركب الذي ألقوا متاعهم شيئاً وإذا طرحوا المتاع وسلم بعضهم لم يطرح متاعه، يواسوا في المتاع الذي ألقوه، على قدر حصصهم. م 4165 - وقال مالك في السفن التي تنكسر في البحر: يأخذ أصحاب المتاع متاعهم، ولا شيء للذين أصابوه. 14 - باب العبد، والصبي، والمحجور عليه يلتقطون اللقطة م 4166 - قال مالك في العبد: "إذا استهلك اللقطة قبل السنة: فهي في رقبته، إما أن يعطي سيدُه، وإما أن يسلم إليهم غلامه. فإن استهلكها بعد السنة، كنت ديناً عليه، ولا شيء على السيد منه". وقال الشافعي: تضم إلى سيده، فإن علم بها السيد، فأقرها في يده، فهو ضامن لها في رقبة عبده. فإن لم يعلم السيد، فهي في رقبته، إن استهلك قبل السنة وبعدها، دون مال السيد؛ لأن أخذه عدوان. فإن كان حراً غير مأمون في دينه، ففيها قولان: أحدهما: أن يؤمر بضمها إلى مأمون. والآخر: أن يؤمر من يديه. قال المزني: الأول أولى.

15 - باب مسائل من كتاب اللقطة

15 - باب مسائل من كتاب اللقطة (¬1) قال أبو بكر: م 4167 - وإذا التقط رجل لقطة، فادعاها رجلان، أحد أقام البينة أنها له، وأقر الملتقط للآخر أنها له. فالذي يجب: أن تدفع إلى الذي أقام البينة عليها. ولو لم تقم البينة لواحد منهما، وأقر الملتقط لأحدهما دون الآخر: دفعت إلى الذي أقر له بها، فإن دفعها إليه، ثم أقام الآخر البينة أنها له: وجب نزعها من يده ودفعها إلى الذي أقام البينة أنها له. فإن استهلكها القابض لها، فللذي أقام البينة أن يأخذ قيمتها منه، وهو في ذلك بالخيار: إن شاء غرم الملتقط الذي أتلفها بدفعها إلى غيره، وإن شاء غرم الملتف لها. فإن غرم المتلف بها: لم يرجع على المقر [2/ 196/ألف] الملتقط بشيء. وإن غرم الملتقط المقرّ للمدفوع إليه: لم يرجع على الذي أتلفها بشيء لأنه يقول: أتلفتها، وهي ملك لك. م 4168 - وإدا وجد الرجل العنبرة على ساحل البحر، فهي له، ولا شيء عليه فيها. م 4169 - وإذا عرف الرجل اللقطة سنة، ثم استهلكها بعد السنة، وجاء مالكها، واختلفا في قيمتها: فالقول قول الملتقط مع يمينه، إذا لم تكن بينة. ¬

_ (¬1) وفي الدار "مسائل".

م 4170 - وإذا أعطى الملتقط من نادى عليها جعلا أخذ مالك اللقطة اللقطة، ولا شيء عليه، وهذا على مذهب الشافعي، وأصحاب الرأي. وقال مالك: إذا أعطى منها لمن عرفها، فلا غرم عليه.

78 - كتاب أحكام الأباق

78 - كتاب (¬1) أحكام الأُبّاق 1 - باب أحكام الإباق قال أبو بكر: (ح 1358) ثبت أن فيما شرط النبي- صلى الله عليه وسلم - على أصحابه حين بايعوه: النصيحة للمسلمين. (ح 1359) وجاء الحديث عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "والله في عون العبدِ ما كان العبد حاجةِ أخيه". قال أبو بكر: فمن نصيحة المرء حفظ ماله عليه، وحياطته له حتى يؤديه إلى صاحبه. فغير جائز أن يأخذ جعلا على ما يجب عليه القيام به يُلزمُه صاحب الشيء. م 4171 - وقد اختلف في هذا الباب. ¬

_ (¬1) وفي الدار "باب أحكام".

فقالت طائفة: إذا أخذ عبداً آبقاً، فلا شيء له فيه، من كان من الناس. كان النخعي يقول: المسلم يرد على المسلم. وقال مالك: لا شىء له، إلا ما أنفق عليه من ركوب أو غيره. قال أبو بكر: وبالقول الأول قال الحسن بن صالح، والشافعي. ولم يكن أحمد يوجب ذلك. وقد روينا عن ابن مسعود أنه قال: يعطى في كل رأسِ أربعين درهماً. وقال أبو إسحاق: أعطيت الجعل أربعين درهماً، في زمان معاوية. وفيه قول ثالث: وهو أن يعطى إذا أخذ في المصر عشرة دراهم، وإذا أخذ خارجاً فأربعين درهماً (¬1)، هذا قول شريح، وبه قال إسحاق، وحكاه عن ابن مسعود. وفيه قول رابع: روينا عن عمر بن الخطاب: أنه جعل في جعل الآبق عشرة دراهم، أو دينار. وقال عمر بن عبد العزيز: إذا وجد على مسيرة ثلاث، فثلاثة دنانير. وفيه قول سادس: قاله أصحاب الرأي، قالوا: إذا أخذه خارجاً من المصر، أو في المصر، فإنا نستحسن: [2/ 196/ب] أن يجعل له ¬

_ (¬1) "درهماً" ساقط من الدار.

2 - باب من أخذ عبدا آبقا، فأبق منه

على قدر المكان الذي تعنّى إليه، إلا أن يكون أخذه على مسيرة ثلاثة أيام، فإذا كان كذلك، فله الأربعون درهماً. وقال الأوزاعي: أحب إليّ أن يرد على أخيه المسلم. وقال مالك قولاً سابعاً: قال: أما من كان ذلك شأنه، وهو عمله، فأرى أن يجعل ذلك له، ومن لم يكن كذلك، فله نفقته، ولا جعل له. م 4172 - وقال مالك: إذا قال: من جاء بعبدي الآبق فله دينار، ثم بدا له، فرجع فيه: قال: ليس ذلك له. قال أبو بكر: له أن يرجع فيما جعل له، ما لم يوجد العبد. م 4173 - وقال الشافعي: ولو قال لثلاثة، كل واحد منهم: إن جئتني بعبدي ذلك كذا، فجاؤوا به جميعاً، فلكل واحد منهم ثلث ما جعل له (2). قال أبو بكر: وإذا أخذ الرجل عبداً، فجاء به إلى مولاه: وجب عليه تسليمه إليه، وليس له أن يلزمه جعلاً، لأني لا أعلم مع من ألزمه جعلاً حجة والله اعلم. 2 - باب من أخذ عبداً آبقاً، فأبق منه قال أبو بكر: م 4174 - واختلفوا في العبد الآبق، يوجد فيأبق ممن أخذه. فروينا عن علي رضي الله عنه أنه قال: يحلف بالله تعالى، لأبق منه، ولا ضمان عليه.

3 - باب قطع الآبق في السرقة

وممن قال لا ضمان عليه، الشعبى، والحسن البصري، وابن أبي مليكة، وقتادة، وأبو هاشم، ومنصور، وحماد بن أبي سليمان، ومالك، والثوري، وأحمد، وإسحاق. وقد روينا عن شريح روايتين، أحدهما: أنه ضمنه، والأخرى، قال: لا ضمان عليه. وفيه قول ثالث: وهو إن كان الذي أخذه أظهر ذلك ليرده وقد سُمع ذلك منه فلا ضمان عليه، وإن لم يكن فعل ذلك: فهو ضامن. هذا قول النعمان، ومحمد. وقال يعقوب: لا ضمان عليه إذا علم أنه أبق. 3 - باب قطع الآبق في السرقة قال أبو بكر: م 4175 - واختلفوا في قطع الآبق إذا سرق. فمن رأى أن قطع يده يجب: ابن عمر، وهذا قول عمر بن عبد العزيز، ويزيد بن عبد الملك، والحسن البصري،

4 - باب النفقة على العبد الآبق

والقاسم بن محمد، وعروة بن الزبير، ومالك، والثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبي ثور. وفي قول ثان: روينا عن ابن عباس أنه قال: ليس على، [2/ 197/ألف] الآبق الملوك قطع إذا سرق، وبه قال الليث بن سعد. وقال النعمان، ومحمد: يقطع بحضرة مولاه. وقال يعقوب: يقطع، ولا ينتظر مولاه. قال أبو بكر: يقطع، لدخوله في ظاهر (¬1) قوله سبحانه وتعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} الآية ولا ينتظر مولاه. 4 - باب النفقة على العبد الآبق قال أبو بكر: م 4176 - واختلفوا فيما ينفقه الذي وجد العبد الآبق عليه. فقال الشافعي، والحسن بن صالح، وأصحاب الرأي: هو متطوع. قال أبو بكر: وبه نقول. ¬

_ (¬1) وفي الدار "جملة قوله".

وقال مالك: لا شيء له إلا ما أنفق من ركوب وغيره. م 4977 - وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة، فأبق وباعه في إباقه، واشترى. فقال أصحاب الرأي: لا يجوز ما فعل. وفيه قول ثان: وهو أن بيعه وشراءه جائز. وبه نقول. قال أبو بكر: م 4178 - وإذا وجد الرجل عبداً آبقاً، فأراد بيعه، وجب (¬1) منعه من ذلك، فإن باعه بغير قضاء قضى، فالبيع باطل، في قول الشافعي، والكوفي، وإن باعه بأمر قاضٍ: فالبيع جائز في قولهم. م 4179 - وقال الأوزاعي في الأمير يحبس الآبق على صاحبه: يأمر ببيعه وإيقاف ثمنه، فإن جاء صاحبه خيّره إن كان الغلام قائماً بينه وبين ثمنه، فإن كان الغلام هالكاً: أعطاه ثمنه. قال مالك: أما الرقيق الذين يأبقون، ويؤخذون: فإنهم يحبسون، فإن لم يأت لهم طالب: بيعوا، فإن جاء طالبهم بعد أن يباعوا: لم يكن له إلا الثمن الذي بيعوا به، ولا يبيعه (¬2) غير الإمام. وقال أصحاب الرأي: إذا طال ذلك باعه الإمام، وأمسك ثمنه، فإن أترى من يقيم البينة أنه له: دفع ثمنه إليه، ولا يرد الإمام البيع ¬

_ (¬1) وفي الدار "بيعه ومنعه". (¬2) وفي الدار "ولا يمنعه".

إن جاء صاحبه لأن بيع الأمام عليه (¬1) جائز. م 4180 - وليس للسيد أن يبع عبده الآبق في قول: مالك، والشافعي، والكوفي، وقد روينا عن ابن سيرين: أنه كان لا يرى بأساً ببيعه، إذا كان علمهما واحد. قال أبو بكر: لا يجوز بيعه لأنه من بيوع الغرر. م 4181 - وإذا أعتق الرجل عبده الآبق: وقع العتق به، ولا أعلمهم يختلفون فيه. م 4182 - ولا تجوز هبة العبد [2/ 197/ب] الآبق، في قول الشافعي، والكوفي. وفي قول أبي ثور: الهبة جائز. م 4183 - وإذا أتى رجل إلى الإمام بعبد آبق، فأقام رجل البينة أنه له: دفع إليه وليس للإمام أن يستحلفه ما باع ولا وهب. وقال أصحاب الرأي: يستحلفه بالله تعالى ما بعته، ولا وهبته، ويدفعه إليه. م 4184 - وإن لم تقم بينة، وأقر العبد أنه له: وجب دفعه إليه، وبه قال الكوفي. ¬

_ (¬1) "عليه" ساقط من الدار.

م 4185 - وجناية العبد الآبق، والجناية عليه، وقذفه، وسرقه، وشربه الخمر، وأي فعل فعله، وجب أن يحكم له، وعليه كحكم سائر العبيد، لا فرق بينهم، وهذا كله على مذهب الشافعي، والكوفي، إلا ما ذكرناه، عنهم فيما مضى. م 4186 - وإذا كاتب الرجل عبده، فأبق، فهو على كتابته، وهذا على قول الشافعي، والكوفي. قال أبو بكر: م 4187 - وعتق العبد جائز عن الظهار إذا علم بحياته، ومكانه، وبه قال أصحاب الرأي (2). وإذا نكح البد في حال إباقه، بغير إذن السيد، فنكاحه باطل، ولا يجوز بإجازة السيد، وهذا على قول الشافعي. وقال ابن الحسن: إذا أجازه الولى جاز.

انتهى الجزء السادس ويتلوه الجزء السابع وأوله كتاب المكات

الإشراف على مذاهب العلماء لأبي بكر محمد بن إبراهيم بن المنذر النيسابوري 318هـ المجلد السابع حققه وقدم له وخرج أحاديثه د. أبو حامد صغير أحمد الأنصاري

حقوق الطبع محفوظة للناشر الطبعة الأولى 1426هـ - 2005 م الناشر مكتبة مكة الثقافية هاتف: 2361835 - 7 - 00971 فاكس: 2362836 - 7 - 00971 ص. ب. 2326 رأس الخيمة - الإمارات العربية المتحدة

ـ[الرموز والمصطلحات التي استعملت في الدراسة والتحقيق:]ـ لقد استعملت خلال ترجمة ابن المنذر، ودراسة الكتاب، وفي تحقيق الكتاب رموزاً ومصطلحات للاختصار والتسهيل، وهي ليست بجديدة إلا البعض، وقد يتبادر الذهن إلى الأصول في أول نظرة، لأن معظمها قد تستعمل في كثير من الكتب المحققة، وهي كالتالي: 1 - حرف "ح" قبل الرقم إشارة إلى الحديث النبوي. 2 - حرف "م" قبل الرقم إشارة إلى المسألة الفقهية، سواء كانت مجمعا عليها أو مختلفا فيها. 3 - "الأصل" إشارة إلى النسخة الخطية من كتاب الإشراف. 4 - "ألف" إشارة إلى اللوحة الأولى من الورقة من المخطوطة المصورة. 5 - "ب" إشارة إلى اللوحة الثانية من الورقة من المخطوطة المصورة. 6 - وكذلك اختصرت أسماء الكتب ومؤلفيها عند ذكرها في الدراسة والتحقيق، وهي كالتالي: بق: البيهقي في السنن الكبرى. طف: ابن جرير الطبري في تفسيره. ت: الترمذي في جامعه. عب: عبد الرزاق في المصنف. جه: ابن ماجه في سننه. قط: الدارقطنى في السنن. حم: أحمد بن حنبل في مسنده. م: مسلم بن الحجاج في الصحيح. خ: البخاري في الصحيح. مط: مالك بن أنس في الموطأ. د: أبو داود في السنن. مي: الدارمي في السنن. شب: ابن أبي شيبة في المصنف. ن: النسائي في السنن. ط: طبقات.

79 - كتاب المكاتب

79 - كتاب المكاتب قال الله عز وجل: {وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} الآية. 1 - باب اختلاف أهل العلم في الكتابة: هل تجب فرضاً أو لا؟ قال أبو بكر: م 4988 - اختلف أهل العلم في وجوب الكتابة، إذا علم في المملوك خيراً، وسأل ذلك. فقالت طائفة: هو واجب، قال عطاء، وعمرو بن دينار: ما نراه إلا واجباً. وقال الضحاك بن مزاحم: عزمة.

2 - باب معنى قوله تعالى: {إن علمتم فيهم خيرا}

وسأل سيرين أبو محمد أنس بن مالك: الكتابة، فأبى أنسٌ، فرفع عليه عمر بن الخطاب رضي الله عنه الدرة، وتلا: {فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} فكاتبه أنس. وفيه قول ثان: وهو أنها ليست بواجبة، من شاء كاتب، ومن شاء لم يكاتب. روي هذا القول عن الشعبي، والحسن البصري، وبه قال مالك، والثوري [2/ 198/ألف] والشافعي. وفيه قول ثالث: قاله إسحاق بن راهويه قال: لا يسع الرجل ألا يكاتبه إذا اجتمع فيه الأمانة والخير، من غير أن يجبر الحاكم عليه، وأخشى أن يأثم إن لم يفعل. وقد احتج بعض من يوجب الكتابة بظاهر قوله تعالي: {فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} وبأن عمر لم يكن ليرفع الدرة على أنس فيما هو مباح ألا يفعله. 2 - باب معنى قوله تعالى: {إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} قال أبو بكر: م 4189 - كان ابن عمر يكره أن يكاتب عبده إذا لم يكن له حرفة.

3 - باب كتابة من لا حرفة له

وقال مجاهد: في قوله تعالى: {ِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} الغنى والأداء. وقال ابن عباس، وعطاء: المال. وقال عمرو بن دينار: المال والصلاح. وقال النخعي: صدقا ووفاء. وقال الثوري: ديناً وأمانة. وقال عكرمة: قوة. وقال الشافعي: إذا جمع القوة على الاكتساب والأمانة. 3 - باب كتابة من لا حرفة له قال أبو بكر: م 4190 - واختلفوا في كتابة من لا حرفة له. فكره ابن عمر أن يكاتب من لا حرفة له، وكره الأوزاعي، وأحمد بن حنبل، وإسحاق، أن يكاتب من لا حرفة له. وقد روينا عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وسلمان، ومسروق: معنى ذلك، ورخص مالك، والثوري، والشافعي، أن يكاتب من لا حرفة له. وقد اختلف فيه عن مالك. قال أبو بكر: يجوز أن يكاتب من لا حرفة له، ولا كسب، استدلالاً:

4 - باب ما يوضع عن المكاتب وكم يوضع عنه

(ح 1360) بأن بريرة كوتبت، ولا يعلم لها كسب، وبلغ النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك، فلم ينكره ولم يمنع منه (1). 4 - باب ما يوضع عن المكاتب وكم يوضع عنه قال أبو بكر: م 4191 - واختلفوا في معنى قوله تعالى: {فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} الآية. فقالت طائفة: حُثّ الناس عليه، هذا قول بريدة، والحسن البصري، والنخعي، والثوري. وقال الشافعي: يجبر السيد على أن يضع عنه شيئاً من الكتابة. م 4192 - واختلفوا في مقدار ما يضعه سيد المكاتب عنه. فكان إسحاق بن راهويه يقول: يضع عنه ربع الكتابة. واستحب الثوري ذلك. وروينا [2/ 198/ب] ذلك عن علي بن أبي طالب. وقال قتادة: يوضعه العشر من كتابته.

5 - باب الرجل يكاتب مملوكه وله مال

وقال مالك، والشافعي: يوضع عنه شيء منه، وروي ذلك عن ابن عباس. ووفع أبو أسيد عن مكاتبه: السدس من كتابته. قال أبو بكر: قول مالك صحيح. 5 - باب الرجل يكاتب مملوكه وله مال قال أبو بكر: م 4193 - واختلفوا في الرجل يكاتب مملوكه وله مال. فقالت طائفة: هو للعبد، هذا قول الحسن البصري، وعطاء بن أبي رباح، وعمرو بن دينار، والنخعي، وسليمان بن موسى، ومالك، وابن أبي ليلى. وفيه قول ثان: وهو أنه للسيد، إلا أن يشترط المكاتب، هذا قول سفيان الثوري. وقال الحسن بن صالح، والشافعي، والنعمان، ويعقوب: المال للسيد. وفيه قول ثالث: وهو أنه إذا كاتبه وله مال ما لم يستثنه: فهو للمكاتب، وإذا كتمه: فهو للسيد، هذا قول الأوزاعي. 6 - باب الرجل يكاتب عبده، وله أولاد وأم ولد قال أبو بكر: م 4194 - كان عطاء بن أبي رباح، وسليمان بن موسى، وعمرو بن

7 - باب اشتراط السيد على المكاتب، والمكاتب على السيد أن ما ولدت من ولد فهم رقيق، والولد الذي يلدون هو في المكاتبة

دينار، ومالك، والشافعي يقولون في أولاد المكاتب: للسيد إذا كاتبه وله أولاد. وقال النخعي، وأحمد، وإسحاق: هم عبيده. وقال النخعي: إذا كانت له سرية، فالسرية فيما كوتب عليه، وأما الولد فمملوكين، وبه قال مالك، والليث بن سعد، ويشبه مذهب الشافعي أنهم كلهم للسيد. 7 - باب اشتراط السيد على المكاتب، والمكاتب (¬1) على السيد أن ما ولدت من ولد فهم رقيق، والولد الذي (¬2) يلدون هو (¬3) في المكاتبة قال أبو بكر: م 4195 - أجاز عطاء في المكاتبة أن يشترط عليها أهلها (¬4) أن ما ولدت في الكتابة فهم عبيد لنا، ويجوز ذلك في المكاتب. وقال سفيان الثوري: ذلك باطل. وقال مالك: لا يجوز، وتفسخ الكتابة. ¬

_ (¬1) وفي الدار على المكاتبة، والمكاتبة على". (¬2) وفي الدار "الذين". (¬3) "هو" ساقط من الدار. (¬4) "أهلها" ساقط من الدار.

وقال ابن جريج: ذلك الشرط جائز. م 4196 - أجمع أهل العلم على أن ولد المكاتب من الحرة: أحرار. م 4197 - وأجمعوا كذلك (¬1) على أن ولد المكاتب من أمة لقوم آخرين مملوك لسيد الأمة. م 4198 - واختلفوا في ولد المكاتب [2/ 199/ألف] من سريته. فكان الشافعي يقول: إذا أولدها وهو مكاتب لم تكن أم ولد له، وليس له أن يبيع ولده من أمته، ويبيع أم ولده متى شاء، وإذا عتق ولده معه. وقال النعمان، وأصحابه في المكاتب إن ولد له من أمته: فإنه يستعمله ويستخدمه، وأبوه أحق بكسبه، وبما أصاب من مال. م 4199 - ولو كانت الأم لرجل، والأب لرجل آخر: كانت الأم أحق بكسبه وماله، ويعتق بعتقها. وقال الشافعي في ولد المكاتب إذا ولدوا بعد كتابته: فحكمهم حكم أمهم، لأن حكم الولد في الرق حكم أمه. وقال أبو ثور: ولا يبيع المكاتب، ولا المكتبة ولدهما، وذلك أن الولد ليس بملك لهما. ¬

_ (¬1) "كذلك" ساقط من الدار.

8 - باب ولد المكاتبة

8 - باب ولد المكاتبة قال أبو بكر: م 4200 - واختلفوا في ولد المكاتبة. فقال شريح، ومالك، وسفيان الثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق: يعتقون بعتقها، ويرقون برقها. وقال أبو ثور: فيها قولان: هذا الذي قاله شريح أحدهما، والآخر أنهم للمولي قال: وهذا أقيس القولين. قال أبو بكر: وبه أقول. 9 - باب ما تجوز عليه الكتابة م 4201 - أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن الرجل إذا كاتب عبده على ما يجوز أن يملك، مما له عدد، أو وزن، أو كيل، على نجوم معروفة معلومة من شهور العرب، ووصف ما يكاتب عليه من ذلك كما يوصف في أبواب المسلم: أن ذلك جائز. ودل حديث عائشة رضي الله عنها على إباحة الكتابة على نجوم في أعوام معلومة، لكل عام شىء معلوم. م 4202 - واختلفوا في الكتابة على نجم واحد. فكان الشافعي يقول: لا تجوز الكتابة على نجم واحد. م 4203 - وقال النعمان وأصحابه: إذا كاتبه على ألف درهم وعلى

عبد فهو جائز. ولا يجوز هذا في قول الشافعي، لأن العبد غير معلوم، ولا معروف وصفه. م 4204 - وقال أصحاب الرأي: فإن كاتبه على ألف درهم (¬1) على أن يرد عليه المولي وصيفاً: فلا خير في المكاتبة على هذا الشرط، في قول النعمان، ومحمد، وبه قال الشافعي. وقال يعقوب: يقسم [2/ 199/ب] الألف على قيمة العبد وعلى قيمة وصيف وسط، فيطرح ما أصاب قيمة الوصيف من ذلك، ويؤخذ بما أصاب قيمته. م 4205 - وقال أصحاب الرأي: إذا كاتب الرجل على مال، واشترط عليه خدمةً معلومة: فهو جائز، وإن اشترط خدمة مجهولة، فالكتابة فاسدة. وقد روينا عن سليمان بن يسار رضي الله عنه أنه كاتب على أن يغرس مائة ودية، قال: فإذا أطعمت فهو حر. ¬

_ (¬1) "درهم" ساقط من الدار.

10 - باب الكتابة على الوصفاء (1)

10 - باب الكتابة على الوصفاء (1) قال أبو بكر: م 4206 - أجاز الحسن البصري، وسعيد بن جبير، والزهري، والنخعي، وابن شبرمة، وأحمد، وإسحاق: الكتابة على الوصفاء. وروينا عن أبي برزة الأسلمي، وحفصة بنت عمر- رضي الله عنهم-: أنهما رأيا ذلك. وبه قال الشافعي، إذا وصف كما يوصف في السلم، وكانت الكتابة صحيحة على نجوم. وأجاز ذلك أصحاب الرأي، وإن لم يوصف الوصفاء. وبه قال مالك، وقال مالك: يدعى له أهل المعرفة بالقيمة، فيقومون ذلك على قدر ما يرون. وقال مالك: إذا قال: حمران، أو سودان، يعطى وسطا من الوصفاء السودان أو الحمران. 11 - باب سفر المكاتب بغير إذن مولاه قال أبو بكر: م 4207 - واختلفوا في سفر المكاتب بغير إذن مولاه.

12 - باب [2/ 200/ألف] المكاتب يشترط عليه شيئا من ميراثه

فقالت طائفة: يخرج فإن اشترط عليه ألا يخرج خرج (¬1)، هذا قول الشعبي، وسعيد بن جبير، والنعمان. وقال الثوري، والحسن بن صالح، والشافعي، وأحمد، وإسحاق: له أن يخرج، ولم يذكروا الشرط. واختلف فيه عن الثوري، فحكى العدني عنه: أنه قال: أما الخروج فهو شرط لا يستقيم، ليخرج إن شاء، وبه قال أصحاب الرأي. وقال مالك: "ليس له أن يسافر إلا بإذن سيده، اشترط أو لم يشترط وذلك بيد سيده: إن شاء منعه، وإن شاء أذن له". وفيه قول ثالث: قاله الأوزاعي قال: إن اشترط عليه ألا يخرج، فليس له الخروج، وإن لم يشترط عليه، فله أن يخرج. 12 - باب [2/ 200/ألف] المكاتب يشترط عليه شيئاً من ميراثه قال أبو بكر: م 4208 - واختلفوا في المكاتب، يشترط عليه شيئاً من ميراثه، فأبطل ذلك ¬

_ (¬1) "خرج" ساقط من الدار.

13 - باب المكاتب يشترط عليه بعد عتقه خدمة سنين

عمر بن عبد العزيز، وعطاء، والحسن البصري، والنخعى، وأحمد، وإسحاق. وكان إياس بن معاوية يقول: هو جائز. قال أبو بكر: لا يجوز ذلك، لأن الله عَزَّ وَجَلَّ قضى أن ميراث الحر بين ورثته، فإذا اشترط خلاف كتاب الله: بطل. 13 - باب المكاتب يشترط عليه بعد عتقه خدمة سنين قال أبو بكر: م 42059 - واختلفوا في المولي يشترط على المكاتب خدمة بعد العتق. فأجاز ذلك عطاء، وابن شبرمة، وقد روينا عن عمر بن الخطاب ما يؤيد هذا المذهب، وهو أنه أعتق كل فصل من سبى العرب، واشترط عليهم: أنكم تخدمون الخليفة بعدي ثلاث سنوات. وأبطل ذلك الزهري، ومالك، وروي معنى ذلك عن سعيد بن المسيب.

14 - باب وطء الرجل مكاتبته

14 - باب وطء الرجل مكاتبته قال أبو بكر: م 4215 - واختلفوا في الرجل يطأ مكاتبته. فقال الثوري، والحسن بن صالح، والشافعي: لا حد عليه. وقال الشافعي: يعزر، إلا أن يكون جاهلا. وفيه قول ثان: وهو أن عليه الحد، هذا قول الزهري، والحسن البصري. وقال الأوزاعي: يجلد الرجل مائة، بكرا كان أو ثيباً، وتجلد الأمة خمسين جلدة. وفيه قول ثالث: وهو أن يجلد مائة إلا سوطًا، هذا قول قتادة. وفيه قول رابع: وهو أن له أن يطأها إن شرط ذلك عليها. هذا قول سعيد بن المسيب، وأحمد بن حنبل. وقال إسحاق (¬1) ومالك: إن وطئها فلا شيء عليه، وإن استكرهها عوقب في استكراهه إياها. وممن قال لا يصلح للرجل أن يطأ مكاتبته: الحسن البصري، والزهري، وقتادة، ومالك، والليث بن سعد (¬2)، والثوري، والأوزاعي، والشافعي. ¬

_ (¬1) "إسحاق" ساقط من الدار. (¬2) "والليث بن سعد" ساقط من الدار.

15 - باب ما يجب لها من المهر إذا وطئها

وقال الليث بن سعد: إن طاوعته، فقد فسخت [2/ 200/ب] كتابتها، ورجعت في الرق. وقال قائل: للسيد أن يطأ مكاتبته في الأوقات التي لا يشغلها بالوطء عن السعي فيما هي فيه. 15 - باب ما يجب لها من المهر إذا وطئها قال أبو بكر: م 4211 - واختلفوا فيما يجب للمكاتبة من المهر إذا وطئها السيد. فإن الحسن البصري، والثوري، والحسن بن صالح، والشافعي يقولون: لها صداق مثلها. وكذلك قال قتادة إذا استكرهها. وقال مالك: لا شيء عليه في وطئه إياها. وفيه قول ثالث: وهو إن كانت بكرا فلها عشر قيمتها (¬1)، وإن كانت ثيبا فلها نصف العشر، هذا قول الأوزاعي. 16 - باب ما يجب لها إن حملت من وطء السيد إياها قال أبو بكر: م 4212 - واختلفوا فيما يجب لها إن حملت. ¬

_ (¬1) وفي الدار "ثمنها".

17 - باب المكاتبة بين الرجلين يطؤها أحدهما

فقالت طائفة: تخير، فإن شاءت مضت على كتابتها، وإن شاءت كانت أم ولد، هذا قول الزهري، ومالك، والليث بن سعد، والثوري، والشافعي، وأصحاب الرأي. وقال الحكم بن عتيبة: تبطل كتابتها إذا هي حملت، وتعتق بموت السيد إذا مضت في كتابتها. قال أبو بكر: بالقول الأول أقول. 17 - باب المكاتبة بين الرجلين يطؤها أحدهما قال أبو بكر: م 4213 - واختلفوا في المكاتبة بين الرجلين، يطؤها أحدهما. ففي قول مالك: "عن الواطيء مهر مثلها، فإن عجزت واختارت [[العجز]]، كان للذي لم يطؤها أخذ نصف المهر من شريكه الواطيء وإن كانت قبضت المهر ثم عجزت، فلا شيء للشريك على شريكه، ولو حبلت، فاختارت العجز، كان للشريك الذي لم يطأها على الشريك الذي وطيء نصف المهر، ونصف قيمتها على الواطيء". م 4214 - وقال النعمان: إذا ادعى رجل ولد مكاتبة، بينه وبين آخر، فهو ابنه وهو حر ثابت النسب منه، وتأخذ العُقر (¬1) فتستعين به في كتابتها، ¬

_ (¬1) في حاشية المخطوطة: العقر: بضم العين وسكون القاف، وهو دية الفرج المغصوب.

18 - باب ما يفعل المكاتب في ماله مما يجوز له ومما لا يجوز له أتى يفعله

فإن أدت: عتقت، وكان ولاؤها بينهما نصفين، وإن عجزت كانت أم [2/ 201/ألف] ولد لأب الولد، ويضمن نصف قيمتها. فإن جاءت بولد آخر، فدعاه شريكه الآخر، فهو ابنه، وهو حر، وعليه لها أيضاً المهر، فإن ادت الكتابة: عتقت، وكان ولاؤها لهما، وإن عجزت: فهي أم ولد للأول، وهو ضامن لنصف قيمتها لشريكه، وشريكه ضامن لقيمة ولده لشريكه الأول الدعي. وقال يعقوب، ومحمد: إذا ادعى الأول الولد الأول، فقد صارت أم ولد له، وهي مكاتبة له، ويغرم نصف قيمتها لشريكه، وهي مكاتبة له دون شريكه. وإن جاءت بولد بعد، فادعاه شريكه: لم تجز دعواه، ولم يكن ابنه، وغرم العقر كله للمكاتبة، وكان الابن مكاتباً مع أمه. وقال أبو ثور: إذا وطئها أحدهما: إن كان يعذر بالجهالة، وصدقته المكاتبة فالولد ولده، ويضمن لشريكه نصف قيمتها، ونصف قيمة الولد ونصف العقر، وكانت على كتابتها للذي ادعى الولد، فإن أدت عتقت، وكان ولاؤها له دون صاحبه. فإن جاءت بولد فادعاه الآخر، فإن دعواه باطلة. فإن أقر بوطئها، وعلم أن هذا لا يحل له: حددناه، وعليه العقر. وإن كان يعذر بالجهالة، فعليه العقر. 18 - باب ما يفعل المكاتب في ماله مما يجوز له ومما لا يجوز له أتى يفعله قال أبو بكر:

م 4215 - أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن للمكاتب أن يبيع ويشتري، ويأخذ ويعطي، ويتصرف فيما فيه الصلاح لماله والتوفير عليه، على ما يجوز بين المسلمين من أحكامهم. م 4216 - ولم يختلفوا أن له أن ينفق مما في يده من المال على نفسه، ويكتسي بالمعروف فيما لا غنى عنه. م 4217 - وقال الحسن البصري، والنخعي، والأوزاعي، والشافعي، والنعمان: ليس له أن يعتق. م 4218 - وقال الحسن البصري، والشافعي، والنعمان: ليس له أن يهب. وكذلك قال الشافعي، والنعمان في الصدقة. وقال الثوري: إن فعل ذلك، فهو مردود. وكذلك قال مالك في الصدقة، والعتق. م 4219 - ولا تلزمه الكفالة إن تكفل، في قول الشافعي، والنعمان [2/ 201/ب] وكذلك الوصية إن أوصى: كان باطلا. م 4220 - وفي قول أصحاب الرأي: شراؤه وبيعه جائز، وإن حابى فيه، أو حوبي. وليس له أن يحط عن المشتري إن باعه بيعاً. ولا يجوز من ذلك شيء فعله، في قول الشافعي، إلا أن شراءه بالرخص جائز في قوله. م 4221 - وليس للمكاتب عند الشافعي أن يبيع بالدين، وليس له في مذهبه أن يرهن في سلف ولا غيره.

19 - باب المكاتب يشتري من يعتق عليه

م 4222 - وقال أصحاب الرأي: إن أعاد دابة، أو أهدى هدية، أو دعا إلى طعام، فلا بأس بذلك. ولا يجوز شيء من ذلك في قول الشافعي. م 4223 - وليس له في قول الشافعي والنعمان أن يكسو ثوباً، ولا يعطي درهماً. م 4224 - وقال أصحاب الرأي: ولو باع، أو اشترى، ثم زاد: كان جائزاً. ولا يجوز ذلك في قول الشافعي. م 4225 - وكان ابن أبي ليلى يقول في المكاتب: نكاحه، وكفالته: باطل. وهذا قول الشافعي. م 4226 - وقال الثوري: لا ينبغي للمولي أن يبيع من مكاتبة الدرهم بالدرهمين. قال أبو بكر: وهذا قول الشافعي، والنعمان (¬1)، وبه نقول. 19 - باب المكاتب (¬2) يشتري من يعتق عليه قال أبو بكر: م 4227 - واختلفوا في شراء المكاتب من يعتق عليه، من والد، أو ولد، فكان مالك يقول: لا يشتري ولده إلا بإذن سيده، فإن اشتراه بإذنه (¬3)، دخل معه في كتابته. ¬

_ (¬1) "والنعمان" ساقط من الدار. (¬2) وفي الدار "باب شراء المكاتب". (¬3) "فإن اشتراها بإذنه" ساقط من الدار.

20 - باب مسألة

ولا يجوز شراء من ذكرنا في قول الشافعي، فإن فعل: كان مفسوخاً. وقال الثوري: إن ملك أباه، أو ابنه، أو عمه، أو خاله: تركوا على حالهم حق ينظر: أيعتق أم لا. وقال أحمد في قول الثوري هذا: هو عبد وهؤلاء عبيد، إن عجز المكاتب صاروا عبيداً للسيد، وإن عتق: عتقوا به. وبه قال إسحاق. وقال أصحاب الرأي: لا يبيع أحد هؤلاء، يعنون الوالدين، والولد استحساناً، وكان القياس أن يبيع. وما اشترى من ذوي الأرحام، فله أن يبيع في قول النعمان. م 4228 - وإن مات المكاتب، ولم يترك وفاء، وترك أباه وأمه، أو ولداً له، كان قد اشتراهم في كتابته، فإنهم يباعون، ولا يعتقون، في قول النعمان، إلا في الولد خاصة، فإنه إن جاء بالمكاتبة حالة: قبل منه وعتق. وأما في قول يعقوب، ومحمد: فإن كل ذي رحم [2/ 202/ألف] محرم اشتراهم المكاتب إذا مات: ثبتوا، ويسعون في الكتابة على نجومها، بمنزلة المولود في الكتابة، وكذلك أم ولده. وإذا مات المكاتب وترك وفاء: أديت كتابته، ويعتق هؤلاء. 20 - باب مسألة (¬1) قال أبو بكر ¬

_ (¬1) "باب مسألة " ساقط من الدار.

21 - باب كفالة المكاتب

م 4229 - كان مالك يرى: أن يبيع المكاتب أم ولده في دين عليه، إذا لم يكن عنده قضاء. وقال الشافعي: وللمكاتب أن يشتري جارية قد كانت ولدت له- بنكاح- ويبيعها. 21 - باب كفالة المكاتب قال أبو بكر: م 4230 - واختلفوا في كفالة المكاتب. فقالت طائفة: إذا رد السيد ذلك قبل أن يعتق العبد، فهو مردود، وإن لم يرده السيد حتى أعتقه: فهو جائز على العبد. هذا قول مالك. وقال الشافعي: الكفالة باطلة، وهذا قول ابن أبي ليلى، والنعمان، ويعقوب. 22 - باب الحمالة عن المكاتب قال أبو بكر: م 4231 - أكثر من نحفظ عنه من أهل العلم يقولون: إن الحمالة عن المكاتب لسيده غير جائزة. هذا قول عطاء، ومالك، والثوري، والشافعي، وأحمد، والنعمان.

23 - باب المكاتب يكاتب

وكان الزهري يجيز ذلك، وبه قال ابن أبي ليلى، ومال إسحاق إلى هذا القول. 23 - باب المكاتب يكاتب قال أبو بكر: م 4232 - واختلفوا في المكاتب يكاتب عبداً له. فقالت طائفة: ذلك جائز، وهذا قول الثوري، والأوزاعي، والنعمان. وقال الثوري: فإن أدى إلى المكاتب، عتق، وإن عجز هذا الذي كاكاتبه رُدّ، ولم يُردّ الذي كاتب (¬1) المكاتب، وكان ولاؤه لموالى المكاتب. وإن عجز المكاتب الأول الذي كاتبه، وهذا لم يرد: أدى إلى موالي المكاتب الأول (¬2)، وكان الولاء لهم. وفيه قول ثان: وهو أن ينظر، فإن كان إنما أراد المحاباة للعبد، فلا يجوز، وإن كاتبه على وجه الرغبة، وطلب المال، والعون على كتابته: فهو جائز، هذا قول مالك. ¬

_ (¬1) وفي الدار " الذي كاتبه". (¬2) "الأول" ساقط من الدار.

24 - باب ولاء من يعتق بكتابة المكاتب، أو من يعتق بإذن سيده

وفيه قول ثالث: وهو أن ليس للمكاتب أن يكاتب، ولا يعتق، ولا يهب، ولا يتزوج إلا بإذن سيده، هذا [2/ 202/ب] قول الحسن البصري. وكان الشافعي يقول: "إذا أذن الرجل لمكاتبه أن يعتق عبده، فأعتقه، أو أذن له أن يكاتب عبده على شيء، فكاتبه، فأدى المكاتب الآخر قبل الذي كاتبه، أو لم يؤد، ففيها قولان: أحداهما: أن العتق، والمكاتبة باطل؛ لأن النبي- صلى الله عليه وسلم - قال: "الولاء لمن أعتق" ولا ولاء للمكاتب. والثاني: إنه يجوز". وقال حماد بن أبي سليمان في المكاتب، يعتق مملوكاً، كان له، قال: يُرْجأ، فإن مضى عتقه: عتق، وإلا رجع. 24 - باب ولاء من يعتق بكتابة المكاتب، أو من يعتق بإذن سيده قال أبو بكر: م 4233 - واختلفوا في المكاتب، يكاتب عبداً له، فأدى المكاتب الآخر قبل الأول. فكان الشافعي يقول: "في الولاء قولان: أحداهما: أنه موقوف على المكاتب، فإن عتق فالولاء له، وإن لم يعتق حتى يموت، فالولاء لسيد المكاتب. والثاني: إنه لسيد المكاتب بكل حال".

25 - باب نكاح المكاتب بإذن سيده وبغير إذنه

وقال مالك: إذا أعتق المكاتب الذي كاتب عبده، رجع إليه ولاؤه. 25 - باب نكاح المكاتب بإذن سيده وبغير إذنه قال أبو بكر: م 4234 - أجمع أهل العلم على أن نكاح العبد بغير إذن سيده: باطل. (ح 1361) وجاء في الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "أيما عبدٍ نكحَ بغير إذن سيده، فهو عاهرٌ". م 4235 - واختلفوا في نكاح المكاتب بغير إذن سيده. فقالت طائفة: نكاحه باطل، كذلك قال الحسن البصري ومالك بن أنس، والليث بن سعد، وابن أبي ليلى، والشافعي، والنعمان، ويعقوب. والقول الثاني: أن يوقف، فإن أدى مكاتبه جاز نكاحه، وإن عجز فرُدّ: رُدّ نكاحه، هذا قول الثوري. وفيه قول ثالث: وهو أن له أن يتزوج إن شاء، ويتسرى، ولا يمنعه شيء. هذا قول الحسن بن صالح.

26 - باب بيع المكاتب

قال أبو بكر: القول الأول صحيح (¬1). م 4236 - وقال الشافعي: ليس للمكاتب أن يتسرى، وإن أذن له سيده. وقال الزهري: لا ينبغي لأهله أن يمنعوه أن يتسرى، وقد أحل الله له ذلك حتى يؤدي نجومه. م 4237 - وقال مالك: للمكاتب أن يزوج عبيده، وإماءه [2/ 203/ألف] بغير إذن سيده، إذا كان على وجه النظر. قال أبو بكر: وغير جائز ذلك في قول الشافعي. وبه أقول (¬2): إذا لم يكن له أن يتزوج؛ لأن أحكامه أحكام العبيد بغير إذن سيده، فهو من أن يزوج عبيده أبعد، إلا بإذن سيده. 26 - باب بيع المكاتب قال أبو بكر: م 4238 - أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن بيع السيد مكاتبه غير جائز، على أن تبطل كتابته ببيعه، إذا كان ماضياً فيها، مؤدياً ما يجب عليه من نجومه، في أوقاتها. م 4239 - واختلفوا في بيع المكاتب على أن يمضي في كتابه، على الشروط التي شرطها له السيد الذي كاتبه. فرأت طائفة: أن بيع المكاتب جائز، هذا قول النخعي، والليث ¬

_ (¬1) وفي الدار "أصح". (¬2) "وبه أقول" ساقط من الدار.

ابن سعد، وأحمد، وأبي ثور، وبه (¬1) قال عطاء بن أبي رباح. ففي قول هؤلاء: يؤدي (¬2) نجومه إلى الذي اشتراه، فإن عجز، فهو عبد له (¬3)، وإن عتق فهو مولي للذي ابتاعه، هكذا قال عطاء. وقال مالك: "المكاتب إذا بيع كان أحق باشتراء كتابته ممن اشتراها إذا قوي على أن يؤدي إلى سيده الثمن الذي باعه به، فهو أحق بذلك. وفيه قول ثان: وهو أن لا يجوز بيعه إلا برضى منه، هذا قول الزهري، وأبي الزناد، وربيعة. وفيه قول ثالث: وهو أن بيعه غير جائز، هذا قول أصحاب الرأي. واختلف عن الشافعي في هذه المسألة: فكان يقول بالعراق: بيعه جائز. وقال بمصر: لا يجوز. قال أبو بكر: بيعت بريرة بعلم النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهي مكاتبة، ولو كان بيع المكاتب غير جائز لنهى عنه، ففي ذلك أبين البيان على أن بيعه جائز. ولا أعلم خبراً يعارضه. ولا أعلم في شيء من الأخبار دليلاً على عجزها (¬4). ¬

_ (¬1) "وبه" ساقط من الدار. (¬2) وفي الدار "لا يؤدى" وهو خطأ. (¬3) "له" ساقط من الدار. (¬4) وفي الدار "دليل على عجزها كان".

27 - باب بيع كتابة المكاتب

وقال الأوزاعي: يكره بيع المكاتب قبل عجزه للخدمة، ولا بأس أن يباع للعتق. 27 - باب بيع كتابة المكاتب قال أبو بكر: م 4240 - واختلفوا في بيع كتابة المكاتب. فرخص فيه مالك، وقال: "إن مات المكاتب قبل أن يؤدي ورثه الذي اشترى [2/ 203/ب] كتابته، وإن عجز: فله رقبته، وإن أدى فعتق، فولاؤه للذي كتابته". وقال عمرو بن دينار، وعطاء: إن عجز فهو عبد للذي ابتاعه. ولا يجوز في قول الشافعي، وأبي ثور بيع كتابة المكاتب. 28 - باب مقاطعة المكاتب قال أبو بكر: م 4241 - واختلفوا في المكاتب يقاطعه السيد مما كاتبه، على شيء معلوم. فأجاز ذلك عبد الله بن يزيد بن هرمز.

29 - باب تعجيل المكاتب النجوم قبل محلها

وقال الزهري: ما علمنا أحداً كره ذلك ابن عمر. ورخص فيه النخعي، وربيعة بن أبي عبد الرحمن، ومالك بن أنس، وأصحاب الرأي. وفيه قول ثان: ثبت أن ابن عمر- رضي الله عنهما- نهى عن ذلك إلا بالعروض وبه قال الليث بن سعد، وأحمد، وإسحاق. ولا يجوز ذلك في قول الشافعي. م 4242 - واختلفوا في المكاتب يقول لمولاه: ضع عني وأعجل لك. فرخص فيه طاووس، والزهري، والنخعي. وكرهه الحسن، وابن سيرين، والشعبي (¬1). 29 - باب تعجيل المكاتب النجوم قبل محلها قال أبو بكر: م 4243 - أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن المكاتب كتابة صحيحة، إذا أدى نجومه في أوقاتها على ما شرط عليه: أنه يعتق. م 4244 - واختلفوا في المكاتب يعجل نجومه قبل محلها. فقالت طائفة: ليس لسيده أن يأبى ذلك عليه، هذا قول ربيعة، ومالك، والأوزاعي، وأحمد، وإسحاق. ¬

_ (¬1) "والشعبى" ساقط من الدار، وثابت في العمانية / 614.

30 - باب تعجيز السيد المكاتب عند غير السلطان

وفيه قول ثان: وهو أن يجبر السيد على قبض ذلك منه إذا كنت دنانير أو دراهم، ولا يجبر عليه إذا كانت عروضاً، هذا قول الشافعي. وقد روينا عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه رفع الدرة على أنس بن مالك لا أبي أن يقبل من سيرين ما أتاه به. 30 - باب تعجيز السيد المكاتب عند غير السلطان قال أبو بكر: م 4245 - واختلفوا في تعجيز السيد مكاتبه بغير حضرة السلطان. فكان الشافعي، والنعمان يقولان: ذلك جائز. فعل ذلك ابن عمر، وهذا على مذهب شريح، والنخعي. وقال مالك: لا يفسخ كتابته إلا بأمر سلطان. وقال ابن أبي ليلى [2/ 204/ ألف]: لا يجوز ذلك إلا عند قاض. م 4246 - واختلفوا في تعجيز المكاتب إذا حل نجم من نجومه. فكان الشافعي، والنعمان يقولان: للسيد أن يعجزه إذا حل نجم من نجومه. وفيه قول ثان: وهو ألا يرد حتى يعجز بنجمين، هذا قول الحكم، وابن أبي ليلى، والحسن بن صالح، ويعقوب. وقال أحمد: نجمان أحب إلى. وقال الثوري: منهم من يقول نجمان والاستثناء به أحب إلى. وقال الحارث العكلي: إذا دخل نجم في نجم فقد [[استبان]] عجزه.

31 - باب المكاتب يظهر العجز بلسانه، وله مال أو له قوه على الكسب

وقال الحسن البصري في المكاتب إذا عجز استسعى بعد العجز بسنتين. وقال الأوزاعي: يستأنى به شهرين ونحو ذلك. م 4247 - وقال النعمان: إذا عجز المكاتب فقال: أخروني: إن كان له مال حاضر، أو غائب يرجو قدومه، أخرته (¬1) يومين أو ثلاثة لا أزيده على ذلك شيئاً، وبه قال محمد. م 4248 - وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن المكاتب، إذا حل (¬2) عليه نجم من نجومه، أو نجمان، أو نجومه كلها، فوقف السيد عن مطالبته فتركه بحالة: أن الكتابة لا تنفسخ ما داما ثابتين على العقد الأول. 31 - باب المكاتب يظهر العجز بلسانه، وله مال أو له قوه على الكسب قال أبو بكر: م 4249 - واختلفوا في المكاتب يظهر العجز، وبيده مال. فقال مالك: ليس له ذلك، ويؤخذ منه، وإن لم يعلم له مال فقال: قد عجزت، فإن هذا يجوز. وقال الأوزاعي: إذا قوي على الأداء، وعجّز نفسه: لا يُمكّن من ذلك. ¬

_ (¬1) "أخرته" ساقط من الدار. (¬2) وفي الدار "إذا دخل عليه".

32 - باب استحقاق ما يؤديه المكاتب

وفيه قول ثان: وهو أنه إذا قال: قد عجزت، أو أبطلت الكتابة، فذلك إليه، عُلم له مال، أو قوة على الكتابة أو لم يُعلم، وهو إلى العبد ليس إلى سيده وهذا قول الشافعي. 32 - باب استحقاق ما يؤديه المكاتب قال أبو بكر: م 4250 - واختلفوا في المكاتب، يؤدي ما عليه من النجوم في الظاهر، ويعتق، ثم يستحق بعض ما أدى، أو يجد السيد ببعض ما أدى عيباً. فكان مالك يقول: إذا قاطع سيده بشيء، فاعترف في يده وأُخذ منه، أما الشيء الذي له بال فإنه يرجع رقيقاً. وقال الشافعي: "إذا كاتب الرجل عبده على عرض أو ماشية بصفة أو طعام بكيل، فأدى المكاتب جميع الكتابة، وعتق، ثم استحق ما أدى [المكاتب بعدما] (¬1) مات [2/ 204/ب] المكاتب: فإنما مات رقيقاً. ولو استحق على المكاتب شيء من صنف مما أدى، وعلى صفته: كان العتق ماضياً، وأتبع المكاتب بما استحق عليه، ولم يخرج من يدي سيده [ما أخذ منه] (¬2). ¬

_ (¬1) ما بين المعكوفين من الأم. (¬2) ما بين المعكوفين من الأم.

33 - باب اختلاف السيد والمكاتب في قدر المال الذي وقعت به الكتابة

ولوكاتبه على عبيد، فإذا هم معيبون، أو بعضهم معيب، وعتق، ثم علم سيده بالعيب: كان له رد المعيب منهم بعينه، فإنه اختار رده: رد (¬1) العتق، وان اختار حبسه: ثم العتق. 33 - باب اختلاف السيد والمكاتب في قدر المال الذي وقعت به الكتابة قال أبو بكر: م 4251 - إذا اختلف السيد والمكاتب في الكتابة، بعد اقرارهما بأن الكتابة كانت صحيحة، فقال السيد: كاتبتك على ألفين، وقال العبد: كل على ألف. ففي قول الثوري، والأوزاعي، وأحمد، إسحاق: القول قول السيد مع يمينه. وقال الأوزاعي: فإن أحب العبد ما قال السيد، أدى، وإن كره: انتقضت كتابته، وصار ما أدى للسيد. وقال ابن القاسم صاحب مالك: القول قول المكاتب، إذا كان يشبه ما قال، لأن الكتابة فوت. وفيه قول ثالث: وهو أنهما يتحالفان، ويترادان الفضل (¬2) هذا قول الشافعي. ¬

_ (¬1) "رد" ساقط من الدار. (¬2) كلمة " الفضل " ساقطة من الدار، وكذا من العمانية /617.

34 - باب المكاتب يعجز، وبيده فضل مال من الصدقات وغيرها

م 4252 - وإن لم يختلفا في الكتابة، وقال المكاتب (¬1): قد أديت إليك (¬2)، وقال السيد: لم تؤد إليّ، فالقول قول السيد مع يمينه، على قول الشافعي. 34 - باب المكاتب يعجز، وبيده فضل (¬3) مال من الصدقات وغيرها قال أبو بكر: م 4253 - واختلفوا في المكاتب يعجز وبيده فضل (¬4) مال. فقالت طائفة: للسيد ما قبض منه، في حال كتابته، وله ما فضل بيده. روينا عن ابن عمر -رضي الله عنهما-: أنه رد مكاتبا في الرق، وامسك ما أخذ منه. وهو قول جابر. وقال شريح: هو لمولاه. وقال عطاء: أحب إليّ أن يجعله في باب السبيل، وإن أمسكه فلا بأس به (¬5). وقال أحمد، والنعمان: هو لسيده ما تصدق به عليه. وفيه قول ثان: وهو أن يجعل السيد ما أعطاه الناس في الرقاب. ¬

_ (¬1) في الأصل "المكاتب يعجز" والتصحيح من الدار، والعمانية / 618، والأم 7/ 380. (¬2) "إليك" ساقط من الدار، وثابت في العمانية / 618. (¬3) "فضل" ساقط من الدار، وكذا من العمانية / 618. (¬4) "فضل" ساقط من الدار. (¬5) "به" ساقط من الدار.

35 - باب المكاتب يموت، ويخلف مالا وأولادا

هذا قول شريح، ومسروق، والنخعي، والثوري. وقال إسحاق: ما أُعطيَ بحال الكتابةُ: رُدّ [2/ 205/ألف] على أربابه. 35 - باب المكاتب يموت، ويخلف مالا وأولاداً قال أبو بكر: م 4254 - واختلفوا في المكاتب يموت، ويخلف ما لا يفي بما بقي عليه من الكتابة. فقالت طائفة: يُقضى عنه ما بقي لسيده من ماله، ويكون الفضل لولده الأحرار. روينا هذا القول عن علي، وابن مسعود، ومعاوية- رضي الله عنهم-. وبه قال عطاء، والحسن، والنخعي (¬1)، وطاووس، والثوري، والحسن بن صالح، وإسحاق، وأصحاب الرأي. وقال مالك: يرثون (¬2) الورثة ما بقي من المال، بعد قضاء كتابته. ¬

_ (¬1) "والنخعي" ساقط من الدار. (¬2) كذا في الأصلين، وهذا على لغة جماعة من العرب حكاها البصريون عن طىء، وهو مذهب بني الحارث بن كعب، وهو أن الفعل إذا أسند إلى ظاهر مثنى أو مجموع، أتى فيه بعلامة تدل على التثنية أو الجمع، فتقول قاما الزيدان، ويتعاقبون فيكم ملائكة، وقد جاء مثل هذا كثيراً عند المؤلف.

36 - باب حكم المكاتب

وفيه قول ثان: وهو أنه مات عبداً، وماله لسيده: ترك وفاء أو لم يترك. روي هذا القول عن عمر بن الخطاب، وزيد بن ثابت -رضي الله عنهما-، وبه قال عمر بن عبد العزيز، والزهري، وقتادة، والشافعي، وأحمد. 36 - باب حكم المكاتب قال أبو بكر: دل خبر عائشة رضي الله عنها قصة بريرة لما بيعت، بعلم النبي على أن المكاتب عبد. م 4255 - وقد روينا عن عمر، وزيد بن ثابت، وابن عمر رضي الله عنهم أنهم قالوا: المكاتب عبد ما بقي عليه درهم. وهذا قول سعيد بن المسيب، والقاسم، وسالم، وسليمان بن يسار، والزهري، وقتادة، وعطاء، والثوري، ومالك، والأوزاعي، وابن شبرمة، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي. وروي مثل (¬1) هذا عن عائشة، وأم سلمة- رضي الله عنهما-. ¬

_ (¬1) "مثل" ساقط من الدار.

37 - باب المكاتب يموت وعليه ديون الناس ونجوم للسيد [2/ 205/ب]

وفيه قول ثان: وهو أنه إذا أدى الشطر، فلا رد عليه. روي ذلك عن عمر، وعلي رضي الله عنهما، والنخعي. وفيه قول ثالث: وهو أنه إذا أدى قيمته، فهو غريم. روي ذلك عن ابن مسعود. وفيه قول رابع: وهو أنه إذا أدى الثلث، فهو غريم، روي ذلك عن ابن مسعود، وشريح. وفيه أقاويل سوى هذه، قد ذكرتها في غير هذا المكان. قال أبو بكر: وبالقول الأول أقول، استدلالاً بخبر عائشة رضي الله عنها في قصة بريرة، لما بيعت بعلم النبي- صلى الله عليه وسلم -، فدل ذلك على أن المكاتب مملوك. 37 - باب المكاتب يموت وعليه ديون الناس ونجوم للسيد [2/ 205/ب] قال أبو بكر: م 4256 - واختلفوا في المكاتب يموت، وعليه ديون للناس، وبقية كتابته. فقالت طائفة: يبدأ بديون الناس، فإن فضل فضل، كان لسيده. روينا هذا القول عن زيد بن ثابت، وبه قال عطاء، وعمرو بن دينار، والحسن البصري، وأبو الزناد، ويحيى الأنصاري، وربيعة، والأوزاعي، والشافعي، والنعمان.

38 - باب إفلاس المكاتب

وفيه قول ثان: وهو أن السيد يضرب مع الغرماء بما حل من نجومه. كذلك قال شريح، والنخعي، والشعبي، والحكم، وحماد، وابن أبي ليلى، والثوري، والحسن بن صالح. 38 - باب إفلاس المكاتب قال أبو بكر: م 4257 - واختلفوا في المكاتب يفلس بأموال الناس. فكان مالك يقول: يأخذون ما وجدوا له من مال، ويبيعونه بما بقي ديناً عليه ولا يدخل ذلك في رقبته. وقال الشافعي: (¬1) يُبدأ بديون الناس، ولا دين عليه للسيد. وقال الثوري: إذا عجز، وعليه ديون للناس: إن شاء السيد أدى عنه، وإلا أسلمه إلى الغرماء، وبه قال أحمد، وإسحاق. وقال مالك والليث: تباع أم ولده في دينه. وقال الزهري: لا يبيع المكاتب أم ولده في دينه. 39 - باب إذا كاتب الرجل جماعة عبيد قال أبو بكر: م 4258 - واختلفوا في الرجل يكاتب جماعة عبيد. ¬

_ (¬1) وفي الدار "وكان الشافعي يقول".

فقالت طائفة: "يكون بعضهم حملاء عن بعض، فإن قال أحدهم: قد عجزت وألقي بيده، فإن لأصحابه أن يستعملوه فيما يطيق من العمل، حتى يعتق بعتاقهم إن عتقوا، أو يرق برقهم إن رقوا". هذا قول مالك (¬1). وقال عطاء، وسليمان بن موسى، والشافعي: لا يكون بعضهم حملاء عن بعض. قال الشافعي: "على كل واحد منهم حصته من الكتابة بقدر قيمته، فأيهم مات، أو عتق: وُضع (¬2) عن الباقين بقدر حصته من الكتابة، وحصته بقيمته يوم تقع [عليه] الكتابة، لا يوم يموت، ولا قبل الموت، وبعد الكتابة". وهذا على مذهب الحسن بن صالح، وأحمد، وإسحاق. وقال النعمان، ويعقوب في رجل كاتب عبدين له على ألف درهم حالة، أو على ألف درهم إلى أجل مسمى، ولم يقل: إن أديتما: عتقتما، فأيهما أدى حصته من الألف: عتق. وإن أدى أحدهما الألف عنه وعن [2/ 206/ألف] صاحبه: عتقا، ولا يرجع على صاحبه بشيء مما أدى عنه، لأنه ¬

_ (¬1) جاء في حاشية المخطوطة "هذا قول مالك في كتاب الأوسط"، خطأ، وقد ذكر المؤلف في كتاب الأوسط 4/ 130/ألف كلاماً كثيراً من قول مالك من كتاب الموطأ. (¬2) في الأصلين: رفع، والمثبت من الأم.

40 - باب العبد بين الشريكين، يكاتبه أحدهما دون شريكه

أداه بغير أمره، ولم يكن ضامناً له (¬1). فإن اشترط عليهما في الكتابة: إن أديتما، عتقتما، أنهما لا يعتقان حتى يؤديا الألف كلها، لأيهما أدى الألف، عتقا، ويرجع على صاحبه بحصته منها. وقالا: إذا كاتب الرجل عبيده جميعاً، مكاتبة واحدة، وجعل نجومهم واحدة (¬2)، إذا أدوا: عتقوا، وإذا عجزوا: ردوا، فإن بعضهم يكون (¬3) حملاً عن بعض، ويأخذ أيهم شاء بالمال، وقالا: هذا استحسان، وليس بقياس. ولو مات منهم عبد، لم ترفع عنهم حصته، لأنهم لا يعتقون إلا بأداء جميع المال. 40 - باب العبد بين الشريكين، يكاتبه أحدهما دون شريكه قال أبو بكر: م 4259 - واختلفوا في العبد بين الشريكين، يكاتبه أحدهما بغير إذن شريكه. فكان مالك، والشافعي يقولان: لا يجوز. وكره ذلك حماد بن أبي سليمان، والثوري. وقال الثوري: أكره أن يكاتبه أحد دون شريكه، فإن فعل رددته، إلا أن يكون نقده، فإن كان نقده، ضمن لشريكه ¬

_ (¬1) "له" ساقط من الدار. (¬2) "وجعل نجومهم واحدة" ساقط من الدار. (¬3) "يكون" ساقط من الدار.

41 - باب الجنايات على المكاتبين، وجناياتهم

نصف ما في يده، ويتبع هذا المكاتب بما أخذ منه، ويضمن لشريكه نصف القيمة، إن كان له مال، فإن لم يكن له مال: استسعى العبد. وعُرض هذا من قول الثوري على أحمد. فقال أحمد: كتابته جائزة، إلا أن مكتسب المكاتب، أخذ الآخر نصف ما اكتسب، ولا يستسعى العبد. وقال إسحاق كما قال سفيان. وكان الحكم (¬1) يجيز أن يكاتب أحد الشريكين دون الآخر. وأجاز ذلك ابن أبي ليلى، وقال: ولو أن الشريك أعتق العبد: كان عتقه باطلاً، في قول ابن أبي ليلى، حتى ينظر ما يمنع في المكاتبة، فإن أداها إلى صاحبها: عتق، وكان الذي كاتبه ضامناً لنصف القيمة، والولاء كله له. 41 - باب الجنايات على (¬2) المكاتبين، وجناياتهم قال أبو بكر: م 4260 - "وإذا جنى المكاتب على سيده عمدا، فلسيده القود فيما فيه القود. وكذلك ذلك لوارث سيده [إن مات سيده من الجناية] (¬3)، ولسيده ولوارث سيده، فيما ليس فيه القود، الأرش حال على ¬

_ (¬1) وفي الدار "وكان أحمد". (¬2) وفي الدار "جماع أبواب الجنايات". (¬3) ما بين المعكوفين من الأم.

42 - باب جناية السيد على المكاتب

المكاتب، فإن أداه فهو [2/ 206/ب] على الكتابة، وإن لم يؤدها فله تعجيزه إن شاء. فإذا عجّزه بطلت الجناية، إلا أن تكون جناية فيها قود، فيكون لهم القود. فأما الأرش، فلا يلزم عبدا لسيده أرش، وإذا لم يلزمه لسيده أرش: لم يلزمه لوارث سيده". وهذا قول الشافعي، وجماعة من أصحابنا. 42 - باب جناية السيد على المكاتب قال أبو بكر: م 4261 - واختلفوا في السيد يجني على مكاتبه. فكان مالك يقول في مكاتب كاتبه سيده، فشجه السيد موضحة، قال: يوضع عنه نصف عشر ثمنه إن وقف يباع (¬1). وبه قال الأوزاعي. وقال الشافعي: يأخذ أرش ذلك، فيستعين به في كتابته. وبه قال النعمان. 43 - باب جناية المكاتب، ومن يجب عليه أرش ذلك قال أبو بكر: ¬

_ (¬1) كذا في الأصلين، وفي المدونة: وإنما يكون على السيد في موضحة المكاتب في قول مالك، نصف عشر قيمته مكاتباً على حاله في ادائه وقوته، اهـ 4/ 473.

م 4262 - واختلفوا في جناية المكاتب. فقالت طائفة: جنايته في رقبته، كذلك قال الحسن البصري، والزهري، والنخعي، وقتادة. وقال الحكم، وحماد: جنايته يسعى فيها، وبه قال الأوزاعي، ومالك، والشافعي، وأبو ثور، والحسن بن صالح. وقال الليث بن سعد: ينظر في جنايته، فإن كانت كتابته أكثر من جنايته (¬1)، أو مثلها: بطلت كتابته (¬2)، وأسلمَ برمته، وإن كنت جنايته أقل من كتابته: سعى في جنايته، إذا أداها: رجع إلى كتابته. وقال أحمد، وإسحاق: يؤدي إلى أهل الجناية أولاً، فإن عجز: رُدّ رقيقا، وفداه السيد إن شاء أو أسلمه. وفيه قول ثان: وهو أن جنايته على سيده، هذا قول النخعي. وبه قال عطاء، وعمرو بن دينار. وقال عطاء: هي لسيده عليه. وقال الزهري: إذا قتل المكاتب رجلاً خطأ، فإنه تكون كتابته وولاؤه لولى المقتول، إلا أن يفديه مولاه. ¬

_ (¬1) كذا في الأصلين، وفي الأوسط القسم المخطوط 4/ 132/ب، وهذا يتناقض مع بقية الكلام، ولعل الصواب، فإن كنت جنايته أكثر من كتابته. (¬2) في الأصلين "بطلت جنايته"، وهذا لا يستقيم المعنى، والتصحيح من الأوسط القسم المخطوط 4/ 132/ب.

44 - باب حكم المكاتب في جنايته والجناية عليه

44 - باب حكم المكاتب في جنايته والجناية عليه قال أبو بكر: دل بيع أهل بريرة بريرة (¬1) من عائشة رضي الله عنها بعلم (¬2) النبي- صلى الله عليه وسلم -، على أن المكاتب عبد، وعلى أن أحكام المكاتب، أحكام العبيد في كثير من أموره. ودل خبر أصحاب [2/ 207/ألف] رسول الله- صلى الله عليه وسلم - حيث قالوا: إن المكاتب (¬3) عبد ما بقي عليه درهم، على مثل ما دل عليه خبر عائشة. وقد ذكرنا ذلك فيما مضى عنهم، فلزم على ظاهر ما ذكرناه أن تكون جراح المكاتب جناية مملوك. م 4263 - وهذا قول شريح، وعمر بن عبد العزيز، ومالك، والثوري، والشافعي. وفيه قول ثان: وهو أن المكاتب إذا أصاب حدا أو جناية، أو ورث ميرثاً: أقيم عليه الحد بقدر ما أعتق، والميراث بقدر ما أعتق، منه. روينا هذا القول: عن علي رضي الله عنه. وقال النخعي: بحساب ما أدي. ¬

_ (¬1) كلمة "بريرة" الثانية ساقطة من الدار. (¬2) وفي الدار "بقول النبي". (¬3) "أحكام العبيد ... إلى قوله: قالوا: إن المكاتب "ساقط من الدار.

45 - باب الجماعة يكاتبهم السيد، فيجني أحدهم

45 - باب الجماعة يكاتبهم السيد، فيجني أحدهم قال أبو بكر: م 4264 - واختلفوا في العبيد يكاتبهم المولي كتابة واحدة، فيجني أحدهم. فإن مالك يقول: "يقال له وللذين معه: أدوا عقل هذا الجرح، فإن أدوا: ثبتوا، وإن لم يؤدوا: فقد عجزوا، ويخير سيدهم: فإن شاء أدى عقل ذلك الجرح، وإن شاء أسلم الجارح وحده". وقال الشافعي: الجناية عليه دون الذين معه في الكتابة. 46 - باب الجناية عليه المكاتب وعلى رقيقه قال أبو بكر: م 4265 - كان مالك يقول في المكاتب يُجْرح، ليس له أن يعفو عن ذلك، إلا أن يعتق ثم يعفو بعد ذلك. وقال الشافعي: له الخيار في أخذ (¬1) الأرش أو القود، فإن أراد العفو عنهما، فعفوه باطل. م 4266 - وقال النعمان في رجل كاتب عبده، فقتله رجل عمداً: إن كان المكاتب ترك وفاء لكتابته وله ورثة أحرار: لم يكن له على المقاتل قصاص، وإن لم يكن له وارث غيرو الولى: فللمولي القصاص. وهذا قول يعقوب. ¬

_ (¬1) "أخذ" ساقط من الدار.

47 - باب كتابة أهل الذمة وأهل الحرب

وقال محمد: لا أرى في ذلك قصاصاً. فإن كان المكاتب لم يترك وفاء لكتابته، وله ورثة أحرار: فللمولي أن يقتل القاتل، قولهم جميعاً. قال أبو بكر: وقول الشافعي، على القاتل إن كان حراً قيمته عبداً للمولي، ترك مالاً أو لم يترك. 47 - باب كتابة أهل الذمة وأهل الحرب قال أبو بكر: م 4267 - أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن النصراني [2/ 207/ب] إذا كاتب عبداً له نصرانياً، على ما تجوز به الكتابة بين المسلمين، أن ذلك جائز. واختلفوا في النصراني يكاتب عبداً له نصرانياً، ثم يسلم العبد بعد المكاتب فكان مالك يقول: تباع كتابته. وقال الشافعي: "هو على كتابته، فإن أدى أعتق، وإن عجز بيع عليه، وإن أسلم السيد، والعبد نصراني: فالكتابة بحالها وكذلك لو أسلما جميعاً. قال الشافعي: "وإذا اشترى النصراني عبداً مسلماً، ثم كاتبه، ففيها قولان: أحداهما: أن الكتابة باطلة.

والقول الثاني: أن الكتابة جائزة، فإن عجز بيع عليه، وإن أدى عتق وللنصراني ولاؤه". م 4270 - وقال مالك: إذا أسلم المكاتب، فبيعت كتابته، فأدى الكتابة، فولاؤه للمسلمين، فإن أسلم مولاه: رجع الولاء إليه، لأنه عقد كتابه وهما نصرانيان. م 4271 - وقال الشافعي: "إذا كاتب عبداً له نصرانياً على خمر أو خترير، فأيهما جاء يريد إبطال الكتابة: أبطلناها. فإن أدى الخمر والخنزير، وهما نصرانيان، ثم ترافعا إلينا، أو جاءنا أحدهما فقد عتق، ولا يردُ واحد منهما على صاحبه شيئاً، لأن ذلك مضى في النصرانية. ولو أسلم السيد والعبد، أو أحدهما وقد بقي على العبد رطل خمر، فقبض السيد ما بقي على العبد: عتق العبد، ورجع السيد على العبد بجميع قيمته ديناً عليه". م 4272 - وقال النعمان في رجل نصراني، كاتب عبداً له نصرانياً على أرطال خمر، قال: جائز، فإن أسلم أحدهما: أبطلت الخمر، وكانت عليه قيمة الخمر، فإن أداها: عتق.

48 - باب مسائل من كتاب المكاتب

48 - باب مسائل من كتاب المكاتب (¬1) قال أبو بكر: م 4273 - واختلفوا في الوصي يكاتب عبداً لليتيم. ففي قول الشافعي، وابن أبي ليلى: لا يجوز. وقال أحمد وإسحاق: إذا كان صلاحاً فهو جائز. م 4274 - ولا يجوز في قول الشافعي: أن يكاتب الرجل مماليك أولاده الأطفال، وفي قول أحمد، وإسحاق، والنعمان: ذلك جائز. م 4275 - وقال مالك في المكاتب، يعتقه سيده عند الموت: يعتق بالأقل من قيمته، أو ما بقي عليه من الكتابة، من الثلث، وبه قال الشافعي. م 4276 - وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على- أن سيد [2/ 208/ألف] العبد، إذا كاتبه على نجوم معلومة، بما تجوز الكتابة به، يؤديه إلى السيد، في أوقات معلومة من شهور العرب، قال: إذا أديت ذلك في الأوقات التي سميناها، إليّ فأنت حر، أن الحرية تجب له إذا أدى ذلك، على ما شرط عليه. م 4277 - واختلفوا فيه إذا كاتب على ذلك، ولم يقل: فإن أديت إليّ ذلك، فأنت حر. فإن الشافعي يقول: لا يعتق إن أداه. وقياس قول أصحاب الرأي: أن يعتق. م 4278 - واختلفوا في الرجل يكاتب أمته، ويستثني ما في بطنها. ¬

_ (¬1) وفي الدار "مسائل".

فقالت طائفة: له شرطه، هذا قول النخعي، وبه قال أحمد، وإسحاق. وقال إسحاق: لما قال ابن عمر، وأبو هريرة وغيرهما ذلك. قال أبو بكر: ولا يجوز ذلك في قول مالك، والشافعي. وبالقول الأول أقول.

80 - كتاب المدبر

80 - كتاب المُدبَّر قال أبو بكر: م 4279 - أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن من دبّر عبده، أو أمته، ولم رجع عن ذلك حتى مات، فالمدبر يخرج من ثلث ماله، بعد قضاء، دين إن كان عليه، وإنقاذ وصايا إن كان أوصى، وكان السيد بالغاً جائز الأمر، أن الحرية تجب له إن كان عبداً، أو لها إن كانت أمة، بعد وفاة السيد. قال أبو بكر: م 4280 - فإذا قال الرجل لمملوكه: أنت مدبر، أو أنت حر إلى متُّ (¬1)، ْأو أنت حر بعد موتي، أو متى مت، ومدبر، ويعتق بعد موته، إذا خرج من الثلث، على سبيل ما ذكرناه. وهذا كله عل مذهب الشافعي، والكوفي، وغيرهم. 1 - باب إيجاب الحرية للمملوك بعد الموت بيوم أو شهر قال أبو بكر: م 4281 - كان الشافعي يقول: "إذا قال لعبده: أنت حر بعد موتي بعشر سنين (¬2) فهو حر في ذلك الوقت، من الثلث. ¬

_ (¬1) "إذا مت" ساقط من الدار. (¬2) وفي الدار "إلى عشر سنين".

وإن كانت أمة، فولدها بمنزلتها: يعتقون إذا عتقت". وقال أصحاب الرأى: لا يكون ذلك مدبراً، فإن مات المولي، له يعتق من ثلثه، بعدما يمضي الوقت، ولا يعتق حتى تعتقه الورثة. وفي قول الثوري، وأحمد، وإسحاق: يعتق في الوقت الذي (¬1) قال من الثلث. م 4282 - وإذا قال: أنت حر إن مت من مرضي هذا، أو في سفري هكذا، أو في عامي هذا، فليس هذا بتدبير، فإذا صح ثم مات من غير مرضه، لم يكن [2/ 208/ب] حراً، في قول الشافعي، وأصحاب الرأي. م 4283 - وإن مات من مرضه، أو في سفره: فهو حر من ثلث ماله، قولهم جميعاً. م 4284 - وفي قول الثوري، والشافعي، وأصحاب الرأي: له أن يبيعه في مرضه، وإن مات قبل أن يبيعه، فهو حر. م 4285 - وفي قول مالك: إذا قال لجاريته: إن لم أضربك عشرة أسواط، في ذنب جاءت به، فأنت حرة، فأراد بيعها: لم يجز ذلك، فإن باعها: فسخ البيع، وإن يضربها ومات: عتقت في ثلث ماله، وفي قول الشافعي: إن لم يكن جعل للضرب وقتاً، فباعها، فالبيع جائز، وفي قول الليث بن سعد" إذا حلف بهذا، أعتق عند بيعه إياه. ¬

_ (¬1) "الذي" ساقط من الدار.

2 - باب المدبر يخرج من الثلث أو من رأس المال

م 4286 - وقال مالك: إذا قال: غلامي حر إلى رأس السنة، إن مات السيد قبل ذلك (¬1): كان العبد حراً عند رأس السنة، من رأس المال. وفي قول الشافعي: له أن يبيعه، ويزيل ملكه عند قبل مجىء السنة. 2 - باب المدبر يخرج من الثلث أو من رأس المال قال أبو بكر: م 4287 - واختلفوا في المدبر، من أين يخرج؟ فقال كثير منهم: من الثلث، روي هذا القول عن علي رضي الله عنه، وبه قال شريح، وسعيد بن المسيب، وعمر بن عبد العزيز، والزهري، والحسن البصري، وابن سيرين، ومكحول، وقتادة، وحماد بن أبي سليمان، ومالك، وأهل المدينة، والثوري، وأهل العراق، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، والنعمان وأصحابه. وفيه قول ثان: وهو أن المدبر يخرج من رأس المال، هذا قول مسروق، وسعيد بن جبير. قال أبو بكر: والذي عليه أكثر علماء الأمصار: أن المدبر يخرج من الثلث، وبه أقول. ¬

_ (¬1) "قبل ذلك" ساقط من الدار.

3 - باب بيع الدبر

م 4288 - وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن من أعتق عبداً له، عن دبر: أنه لا يعتق إلا من بعد موت السيد. واختلفوا في بيعه في حياة السيد. 3 - باب بيع الدبر قال أبو بكر: م 4289 - اختلف أهل العلم في بيع المدبر، والرجوع في التدبير. فقالت طائفة: يجوز بيعه، ويرجع فيه صاحبه متى شاء، هذا قول مجاهد، وطاووس، والشافعي، وأحمد، وإسحاق. وقال الحسن البصري: إذا احتاج [2/ 209/ألف] إليه، رجع في تدبيره. وباع عمر بن عبد العزيز مدبراً في دين صاحبه. وقد روينا عن عائشة -رضي الله عنها - أنها باعت مدبرة لها. وكرهت طائفة بيع المدبر: كره ذلك ابن عمر، وسعيد بن المسيب، وابن سيرين، والشعبي، والزهرى، والنخعي. ولا يجوز بيع الدبر في قول مالك، والثوري، والأوزاعي، والحسن بن صالح، وأصحاب الرأي. وفي بيع المدبر أقاويل سوى ما ذكرناه.

4 - باب بيع خدمة المدبر

أحدهما: ألا يباع إلا من نفسه، روينا هذا القول عن ابن سيرين. والقول الثاني: قول الشعبي قال: يبيعه الجريء، ويهابه الورع. والقول الثالث: قول الليث بن سعد، قال: يكره بيعه، فإن جهل إنسان أو غفل، فباعه، فأعتقه الذي اشتراه، فإن بيعه جائز، وولاؤه لمن أعتقه. قال أبو بكر: بالقول الأول أقول. (ح 1362) للثابت عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه باع مدبراً. ولإجماع عوام (¬1) أهل العلم، على أن حكمه: حكم الوصايا، إذ هو من الثلث. وإذا كان له أن يرجع في جميع وصاياه، فحكم المدبر: حكم سائر الوصايا، مع أن السنة مستغنى بها عن كل قول. 4 - باب بيع خدمة المدبر قال أبو بكر: م 4290 - واختلفوا في بيع خدمة المدبر. فقالت طائفة: لا يجوز بيعه، هذا قول مالك، والأوزاعي، والشافعي، وأصحاب الرأي، وكره ذلك عطاء. وفيه قول ثان: وهو أن بيع خدمته [منه] (¬2) جائز، هذا قول سعيد ابن المسيب، والزهري، والنخعي. ¬

_ (¬1) "عوام" ساقط من الدار. (¬2) ما بين المعكوفين من الدار.

5 - باب العبد يكون بين الرجلين، يدبره أحدهما

وقال مالك: لا بأس أن تباع خدمته من نفسه، ولا يجوز بيع ذلك من غيره. وبه قال أحمد، قال: هو مثل المكاتب. وقال ابن سيرين: يجوز بيع خدمته من نفسه. قال أبو بكر: لا يجوز خدمته من نفسه، ولا من غيره؛ لأنه مجهول لا يدري البائع ما يبيع: ولا يدري (¬1) المشتري ما يشتري، وهو من بيوع الغرر المنهي عنه. 5 - باب العبد يكون بين الرجلين، يدبره أحدهما (¬2) قال أبو بكر: م 4291 - واختلفوا في العبد يبن الرجلين، يدبر أحدهما حصته. فإن مالك يقول: "يتقاومانه، فإن صار الذي [2/ 209/ب] دبره: دبره كله، وإن صار للذي لم يدبره: صار رقيقاً كله". وفيه قول ثان: وهو أنه يقوم عليه، ويدفع إلى صاحبه نصف قيمته، فيكون مدبراً كله. وإن لم يكن له مال: سعى على صاحبه حتى يؤدي إليه نصف قيمته، فإن أداها، رجع إلى صاحبه، فكان مدبراً كله. فان مات العبد، وترك مالاً، وهو يشعى لهذا: دفع إليه من ماله ما بقي عليه من نصف قيمته، وكان ما بقي: للذي دبر. ¬

_ (¬1) "يدري" ساقط من الدار. (¬2) وفي الدار "أحدهما حصته".

هذا قول الليث بن سعد. وفيه قول ثالث: وهو أن نصيب الذي دبر، مدبر، ولا قيمة عليه لشريكه، فإن مات، عتق عليه نصفه، وليس عليه قيمة نصيب شريكه. هذا قول الشافعي. وفيه قول رابع: قاله أصحاب الرأي: قالوا: إذا دبر أحدهما فالآخر بالخيار، إن شاء دبّره، وإن شاء أعتق، وإن شاء سعى العبد في نصف قيمته وإن شاء ضمّن صاحبه إن كان موسراً ز وإن أعتق البتة، وهو موسر، فإن يضمن لشريكه نصف قيمة الخدمة إن شاء ذلك الشريك، وإن شاء الشريك استسعى العبد في ذلك والولاء بينهما نصفان. وإذا دبر أحدهما فاختار الآخر أن يضمن صاحبه المدبر، وهو موسر: فله ذلك، والذي دبرها له نصفها مدبرة له، ونصفها رقيق، فان شاء وطئها، وإن شاء أن يؤاجرها: آجرها. وليس له أن يبيعها (¬1) ولا يمهرها. وإذا مات وله مال: فإن نصفها يعتق بالتدبير، وتسعى في نصف قيمتها، فإن لم يكن له مال: عتق ثلثها، وسعت في ثلثي قيمتها. هذا كله قول النعمان. وقال يعقوب، ومحمد: إذا كانت الأمة بين رجلين، فدبر أحدهما فهو ضامن نصف قيمتها لشريكه، موسراً كان أو معسراً، والجارية كلها مدبرة للذي دبرها. ¬

_ (¬1) وفي الدار "يمنعها".

6 - باب إذا دبر أحدهما حصته، وأعتق الآخر

6 - باب إذا دبر أحدهما حصته، وأعتق الآخر قال أبو بكر: م 4292 - واختلفوا في العبد يكون بين الرجلين يدبر أحدهما حصته، ويعتق الآخر. فقالت طائفة: إن كان المعتق موسراً، فالعبد حر كله، وعليه نصف قيمته للذي [2/ 210/ألف] دبر حصته وله ولاؤه. وإذا كان معسراً، فنصيبه منه حر، ونصيب شريكه مدبر، هذا قول الشافعي. وقال مالك: أحب إليّ أن يقوم عليه إذا كان مدبراً. وفيه قول ثان: وهو أن التدبير باطل، والعتق جائز، والمعتق ضامن لنصف قيمته إن كان موسراً، وإن كان معسراً سعى فيه العبد، ثم يرجع على المعتق، والولاء كله للمعتق، هذا قول ابن أبي ليلى. وفيه قول ثالث: وهو إن شاء الذي دبره ضمن المعتق نصف قيمة العبد، وإن شاء استسعى العبد، وإن شاء أعتق، هذا إذا كان موسراً، هذا قول النعمان. وفيه قول رابع: وهو إذا دبر أحدهما فهو مدبر كله، وعتق الآخر باطل، ويضمن الذي دبره نصف قيمته، موسراً كان أو معسراً، هذا قول يعقوب، ومحمد. قال أبو بكر: قول الشافعي أصح.

7 - باب الحكم في أولاد المدبرة

7 - باب الحكم في أولاد المدبرة قال أبو بكر. م 4293 - اختلف أهل العلم في أولاد المدبرة. فقالت طائفة: يعتقون بعتقها، ويرقون برقها، روينا هذا القول عن ابن مسعود، وابن عمر رضي الله عنهم. وبه قال الحسن البصري، وسعيد بن المسيب، والقاسم بن محمد، ومجاهد، والشعبي، وإبراهيم النخعي، وعمر بن عبد العزيز، والزهري، ومالك، والليث بن سعد، وسفيان الثوري، والحسن بن صالح، وأصحاب الرأي. قال أبو بكر: وإنما مذهب من نحفظ عنه منهم: أنهم يدبرون الأولاد الذين تلدهم بعد التدبير. فأما ما كان لها من ولد قبل التدبير، لا يعتقون بعتقها. وقال سفيان الثوري وأحمد وإسحاق: إذا أعتقت المدبرة، لم يعتق ولدها إلا بموت السيد. وفيه قول ثان: وهو أنهم مملوكون، ووينا هذا القول عن عمر ابن عبد العزيز، وعطاء، وجابر بن زيد. واحتج جابر بن زيد: بأن ذلك بمنزلة الحائط، تصدقت به إذا متّ، ذلك ثمرته ما عشتَ.

8 باب تدبير الرجل جماعة رقيق، بعضهم قبل بعض

وحجة الآخرين: أن الأكثر من علماء الأمصار يقولون: هم بمنزلتها، مع إجماعهم على أن ولد الحرة أحرار، وولد الأمة ممالك، فقياس هذا: أن يكون أولاد [2/ 210/ب] المدبرة بمنزلتها. وكان الشافعي يقول: فيها قولان: أحدهما: أنهم بمنزلة أمهم. والقول الثاني: كما قال جابر بن زيد. ومال المزني إلى قول جابر بن زيد، وقال: هو أشبههما بقول الشافعي. م 4294 - واختلفوا ولد المدبر. فروينا عن ابن عمر، وليس يثبت ذلك عنه، أنه قال: هم بمنزلة أمهم، ويه قال عطاء، والزهري، والأوزاعي، والليث بن سعد. وقال مالك في ولد المدبر من جاريته: بمنزلته، وبه قال أحمد. 8 باب تدبير الرجل جماعة رقيق، بعضهم قبل بعض قال أبو بكر: 4294 - كان مالك يقول: "إذا دبر رقيقا له، بعضهم قبل بعض، يُبدأ بالأول فالأول وإن دبرهم جميعاً، قسم الثلث بينهم بالحصص". وكان الشافعي يرى: "ألا يُبدى أحد على أحدهما فإن خرجوا من الثلث: عتقوا، وإن لم يخرجوا من الثلث: أقرع بينهم، فأعتق ثلث الميت، وأرق ثلثي الورثة".

9 - باب وطء المدبرة

9 - باب وطء المدبرة قال أبو بكر: م 4295 - كان ابن عباس، وابن عمر رضي الله عنهما يقولان: يصيب الرجل وليدته إذا دبّرها. وبه قال سعيد بن المسيب، وعطاء، والنخعي، ومالك، والأوزاعي، والشافعي، وإسحاق. وقال أحمد: لا أعلم أحداً كره ذلك غير الزهري. [قال أبو بكر: وصدق أحمد، لا أعلم أحداً كره ذلك غير الزهري] (¬1). وقد روينا عن الأوزاعي قولاً ثانياً هو: وهو أنه إن كان يطؤها قبل تدبيره، فلا بأس بأن يطأها بعد أن دبرها، وإن كان لا يطؤها، كره له وطؤها. قال أبو بكر: يطؤها إن شاء لأنها أمة من الإماء، له وطؤها. 10 - باب النصراني يدبر عبدا له نصرانياً، ثم يسلم العبد قال أبو بكر: م 4296 - واختلفوا في النصراني، يدبر عبداً له نصرانياً، ثم يسلم العبد. ¬

_ (¬1) ما بين المعكوفين من الدار، والأوسط 4/ 137/ب.

11 - باب تدبير ما في البطن، وتدبير المرتد

فقال مالك: يؤاجر، "ولا يباع حتى يموت، فيعتق، فإذا مات النصراني أعتق في ثلثه إن حمل الثلث، والأرق منه ما بقي". وقال الشافعي: يقال للنصراني: "إن أردت الرجوع في التدبير، بعناه عليك، وإن لم ترده، حُلنا بينك وبينه، [[وتخارجه]]، وندفع إليك خراجه حتى تموت، فيعتق، ويكون لك ولاؤه، أو ترجع [[فتبيعه]] " [2/ 211/ألف]. وفيه قول ثالث: وهو أن يباع ممن يعتقه (¬1)، ويكون ولاؤه لمن اشتراه ويدفع ثمنه إلى النصراني، هذا قول الليث بن سعد. وفيه قول رابع: وهو أن تقوم قيمته، فيسعى في قيمته، فإن مات المولى قبل أن يفرغ من سعايته، وله مال: عتق العبد، وبطلت عنه السعاية. 11 - باب تدبير ما في البطن، وتدبير المرتد قال أبو بكر: م 4297 - كان الشافعي، وأصحاب الرأي يقولون: إذا دبر ما في بطن أمته، فولدت لأقل من ستة أشهر: فالولد مدبر. وإن لم تلد إلا لستة أشهر فصاعداً، لم يكن مدبراً. وقال الشافعي: "في تدبر المرتد أقاويل: ¬

_ (¬1) "ويكون لك ولاؤه .. إلى قوله: ممن يعتقه "ساقط من الدار.

12 - باب تدبير الصبي

أحدها: أنه موقوف، فإن رجع إلى الإسلام، كان على تدبيره، وإن لم يرجع، وقتل، فالتدبير باطل. والقول الثاني: أنه باطل، قال: وبه أقول. والثالث: أن التدبير ماض، عاش أو مات". وقال أصحاب الرأي: التدبر موقوف، فإن مات قبل أن يسلم، أو لحق بدار الحرب، فالتدبير باطل، والعبد رقيق للورثة. وإن أسلم رجع إلى دار الإِسلام فوجد العبد بعينه في يدي الورثة، فأخذه: فهو مدبر على حاله. 12 - باب تدبير الصبي قال أبو بكر: م 4298 - واختلفوا في تدبير الصبي. فكان الشافعي يقول: "جائز، في قول من أجاز وصيته، ولا يجوز تدبير المغلوب على عقله. وإن كان يجن ويفيق، فدبر في حال إفاقته: جاز. وإن دبر غير حال الإفاقة: لم يجز".

13 - باب مسائل من كتاب المدبر

13 - باب مسائل من كتاب المدبر قال أبو بكر: م 4299 - كان مالك يقول: [ليس] (¬1) للسيد أن يأخذ مال مدبره إلا أن تحضره الوفاة أو يكون مريضاً. وفي قول الشافعي: له أن يأخذه على كل حال. م 4350 - وقال مالك: "إذا دبر عبدا له، فهلك السيد، ولا مالك له غيره، وللعبد مال، قال: يعتق ثلث المدبر، ويوقف ماله بيده". وفي قول الشافعي: المال الذي بيد المدبر مال من مال السيد، ويجب أن ينظر إلى المال الذي بيده، وإلى قيمة المدبر، فيعتق منه، مقدار ثلث ذلك. م 4301 - واختلفوا في الرجل، يدبر غلامه، ثم يموت وعليه دين. فكان الشافعي، وأحمد، وإسحاق يقولون: يباع المدبر في الدين. وقال سفيان الثوري: يسعى في قيمته للغرماء، ولا يؤخذ بأكثر من ذلك. وقال الليث بن سعد: إذا تركت المرأة عبدا مدبراً: عتق الثلث منه (¬2)، ويسعى في الثلثين. قال الليث: يكون لعصية المرأة ثلث الولاء، ولورثته ثلثاً الولاء على قدر أنصبائهم فيه. ¬

_ (¬1) ما بين المعكوفين من الدار. (¬2) "منه" ساقط من الدار.

قال مالك: يباع في دينه، إن كان على السيد دين يحيط بالمدبر، وإن كان الدين يحيط بنصف المدبر: بيع نصفه، ثم عتق ثلث ما بقي منه بعد الدين. وإذا قال الرجل لعبد لا يملكه: أنت حر بعد موتي. فإن قوله ذلك باطل، في قول الشافعي، وأصحاب الرأي. وإن قال: إن ملكتك فأنت حر بعد موتي، لم يكن مدبراً، في قول الشافعي. وهو مدبر، لا يستطيع بيعه إذا ملكه، في قول أصحاب الرأي. قال أبو بكر: لا يكون مدبراً، ولا فرق بينهما. قال أبو بكر: وإذا دبر عبده، ثم كاتبه، فإن أدى (¬1) الكتابة قبل موته (¬2)، عتق، وإن مات عتق في الثلث، وبطلت الكتابة. وهذا على قول الشافعي. ¬

_ (¬1) وفي الدار "فأراد". (¬2) "موته" ساقط من الدار.

81 - كتاب أحكام أمهات الأولاد

81 - كتاب أحكام أمهات الأولاد (¬1) قال أبو بكر: م 4305 - أجمع عوام أهل العلم على أن الرجل إذا اشترى جارية شراء صحيحاً، ووطئها وأولدها ولداً، أن أحكامها في أكثر أمورها أحكام الإماء. م 4306 - واختلفوا فيما لسيدها من بيعها وهبتها، فمنعت طائفة من بيعها، ومن منع من بيعها مالك، والثوري، والحسن بن صالح، وأصحاب الرأي، والأوزاعي، والشافعي، وإسحاق، وأبو عبيد، وأبو ثور، وعلى هذا أدركنا عامة علماء الأمصار. واحتجوا بأن عمر بن الخطاب منع من بيعهن. وممن قال هذا القول، عثمان بن عفان، وعمر بن عبد العزيز، وعطاء بن أبي رباح، ومجاهد، وسالم، والحسن، وإبراهيم النخعي، والزهري. وأباحت طائفة من الأوائل بيعهن، وممن رأى بيعهن، علي بن أبي طالب، وابن عباس. ¬

_ (¬1) هذا الكتاب يقع في الأصل بعد أبحاث النكاح، والطلاق، والرجعة، والصحيح إثباته هنا، وكذا في الدار، والأوسط.

1 - باب حكم ولد أم الولد من غير سيدها

(ح 1363) وقال جابر، وأبو سعيد الخدري: كنا نبيعهن على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وقد روينا عن ابن مسعود قولا ثالثا: أنه قال: تعتق من نصيب ذي بطنها، وقد روي ذلك عن ابن عباس، وابن الزبير 1 - باب حكم ولد أم الولد من غير سيدها قال أبو بكر: م4307 - أجمع أهل العلم على أن ولد أم الولد من سيدها حر. م 4308 - واختلفوا في ولدها [2/ 99/ب] من غير سيدها فقالت طائفة: أولادها بمنزلتها يعتقون بعتقها، ويرقون برقها. ثبت هذا القول عن ابن عمر. وروي ذلك عن عبد الله بن مسعود. وبه قال شريح، وسعيد بن المسيب، والشعبي، وقتادة، والنخعي، ومالك، والثوري، والشافعي، وأصحاب الرأي. قال أبو بكر: والمشهور من قول الزهري: أنهم مملوكون. وبالقول الأول أقول

2 - باب الرجل يملك الأمة بنكاح، فتلد منه ثم يشتريها

2 - باب الرجل يملك الأمة بنكاح، فتلد منه ثم يشتريها قال أبو بكر: م 4309 - واختلفوا في الرجل ينكح الأمة فتلد له أولاداً، ثم يشتريها. قالت طائفة: لا يكون حكم حكم أمهات الأولاد حتى تحمل بعد ما يشتريها، هذا قول مالك، والشافعي. وقال الحسن البصري، وأصحاب الرأي: هي أم ولد. 3 - باب الولد الذي يحكم إذا ولدته (¬1) بحكم أمهات الأولأد قال أبو بكر: م 4310 - واختلفوا في الولد الذي يحكم لأمه إذا ولدته بحكم أمهات الأولاد. فقالت طائفة: يحكم لها بحكم أمهات الأولاد، إذا طرحت سقطاً، هذا قول الحسن البصري، وابن سيرين والزهري، وقال الشافعي كذلك إذا كان السقط قد بان له شيء من خلق بني آدم، عين، أو ظفر، أو غير ذلك، وبه قال أحمد، وأصحاب الرأي. وكذلك قال مالك إلى إذا علم أنه مخلوق. وقال الشعبي: إذا نكس في الخلق الرابع فكان مخلقاً، أعتقت له الأمة. ¬

_ (¬1) "إذا ولدته" ساقط من الدار.

4 - باب أم ولد النصراني تسلم

وقال حماد بن أبي سليمان: إذا كانت مضغة، عتقت به، وبه قال الأوزاعي. قال أبو بكر: لا تعتق إلا بما، لا شك فيه، وهو أن تسقط سقط مخلقاً، أو فيه خلق من يد، أو رجل، أو ما أشبه ذلك، فأما ما فيه شك، لا تصير به أم ولد. 4 - باب أم ولد النصراني تسلم قال أبو بكر: م 4311 - واختلفوا في أم ولد النصراني تسلم. فقال مالك: تعتق. وقال النعمان: تسعى في قيمتها، وبه قال الحسن (¬1). وقال الأوزاعي (¬2): تقوم قيمة، ثم يلغى الشطر، وتؤدي الشطر، وهي حرة. وقال الشافعي: تحال بينه وبينها، ويؤخذ بالنفقة عليها، وتعمل له ما يعمل مثلها، وتعتق بموته، وبه قال أحمد، وإسحاق. قال أبو بكر: [2/ 100/ألف] وكذلك نقول (¬3). 5 - باب جناية أم الولد قال أبو بكر: م 4312 - المحفوظ عن جماعة من أهل العلم أنهم قالوا: جناية أم الولد على ¬

_ (¬1) "وبه قال الحسن" ساقط من الدار. (¬2) وفي الدار "وبه قال الأوزاعي". (¬3) "نقول" ساقط من الدار.

6 - باب إكراه الرجل أم ولده على النكاح

السيد، هذا قول الزهري، وقتادة، وإبراهيم النخعي، ومالك، والأوزاعي، والشافعي، وإسحاق (¬1). قال الشافعي (¬2): يكون على سيدها الأقل من قيمتها، والجناية. م 4313 - واختلفوا فيه إن جنت جناية بعد جناية، فقال الشافعي: إذا جنت، فأخرج السيد قيمتها، ثم جنت ففيها قولان. أحدهما: أن يشتركا فيها، ويرجع المجني عليه الجناية الثانية على المجني عليه الجناية الأولى، فيشاركه فيما قبض على قدر ما على كل واحد منهما. والقول الثاني: أن يغرم السيد كلما جنت. وقال أصحاب الرأي بالقول الأول الذي حكيناه عن الشافعي. 6 - باب إكراه الرجل أم ولده على النكاح قال أبو بكر: م 4314 - اختلف أهل العلم في السيد يكره أم ولده على النكاح، ففي قول الثوري، وأصحاب الرأي: له أن ينكحها. وقد اختلف فيه عن مالك، فقال مرة: له ذلك، وكره ذلك مرة. واختلف فيه عن الشافعي. فقال إذ هو بالعراق: ليس له أن يزوجها، فإن فعل ¬

_ (¬1) "وإسحاق" ساقط من الدار. (¬2) "قال الشافعي" ساقط من الدار.

7 - باب مسائل

فهو مفسوخ. وكذلك قال بمصر، ثم قال: له أن يزوجها. 7 - باب مسائل قال أبو بكر: م 4315 - كان مالك يقول: إذا جرحت (¬1) أم الولد خطأ فتوفي سيدها، أخذ عقلها، وكان مالاً للورثة، ثم قال: أراه لها. وفي قول الشافعي: المال لورثته وهو على مذهب أصحاب الرأي. م 4316 - وقال الشافعي: إذا جلا السيد أو الولد، ثم مات، يكون ذلك لها من غير الثلث. وفي قول الشافعي: إذا مات فهو للورثة. م 4397 - وإذا قذفت أم ولد لرجل، رجلاً حراً، جلدت جلد الإماء. م 4318 - وإذا قذفت أدب قاذفها وهذا على مذهب الشافعي. م 4319 - وليس للنصراني أن يبيع أم ولده، فإن فعل، وجاءتنا، أبطلنا البيع. م 4320 - وإذا عتق الرجل أم ولده في مرضه، ولا مال له، أو له مال فسواء. م 4321 - وتعتق في قول المزني، والشافعي، والكوفي من رأس المال. ¬

_ (¬1) "جرحت" ساقط من الدار.

82 - كتاب الهبات والعطايا والهدايا

82 - كتاب الهبات والعطايا والهدايا قال أبو بكر: (ح 1364) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: "كلّ معروفٍ صدقةٌ". (ح 1365) وثبت أنه قال: "لو أهدي إليّ ذراعٌ لقبلت، ولو دعيت إلى كُرَاعٍ لأجبت". (ح 1366) وثبت أنه قال: "من منح منيحة ورقٍ، أو أهدى زُقاقاً أو سقى لبناً: كان له كعدل رقبةٍ أو نسمةٍ". (ح 1367) وكان رسول الله- صلى الله عليه وسلم - يأكُل الهدية، ولا يأكل الصدقة. م 4322 - وأجمع أهل العلم على أن الرجل إذا وهب لرجل داراً، أو أرضاً، أو عبداً، على غير عوض، بطيب من نفس المعطي، وقبل الوهوب له

ذلك، وقبضه، بدفع من الواهب ذلك إليه، وحازه: أن الهبة تامة. م 4323 - واختلفوا في الرجل، يهب من الرجل الشقص في الدار، أو العبد. فقالت طائفة: ذلك جائز، والهبة عندنا (¬1) جائزة، وإن لم تكن مقسومة، هذا قول مالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبي ثور. وكان النعمان يقول: إذا وهب الرجل داراً له لرجلين، أو متاعاً، وذلك المتاع مما يقسم، فقبضاه جميعاً: فإن ذلك [2/ 212/ألف] لا يجوز إلا أن يقسم لكل واحد منهما حصته. وقال: إذا وهب اثنان لواحد، وقبض: فهو جائز. قال أبو بكر: بالقول الأول أقول، وذلك. (ح 1368) لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - وهب حقه من غنائم حنين لهوازن، وحقه من ذلك مشاع. (ح 1369) وقد وهب البهزي (¬2) الحمار لجماعة، فقال: شأنكم بهذا الحمار، فأمر رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أبا بكر رضي الله عنه، فقسمهُ بين (¬3) الناس، وكل ذلك يدل على إباحة هبة المشاع. ¬

_ (¬1) وفي الدار "عندها". (¬2) وفي الدار "الزهري" وهو تصحيف. (¬3) "بين الناس" ساقط من الدار.

1 - باب الرجوع في الهبات

1 - باب الرجوع في الهبات قال أبو بكر: (ح 1370) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: "العائدُ في هبته كالعائد في قيئه". م 4324 - واختلفوا في الرجوع في الهبات. فإن عمر بن الخطاب يقول: من وهب هبة لذي رحم جاز، ومن وهب هبة لغير ذي رحم رجع إن لم يُثب. وقال بنحو هذا القول النخعي، والثوري، وبه قال إسحاق (¬1). وقال أصحاب الرأي: إذا وهب الرجل لابن أخيه هبة، أو لابن أخته أو لابن ابن أخته، أو لابنة ابنه، أو لأخيه لأمه، أو لجده أبي أمه، أولخاله، أولخالته، أو لعمه، أو لعمته، [2/ 212/ب] وقبضوا ما وهب لهم: فليس له أن يرجع فيها، وكل هؤلاء ذووا رحم محرم. وتفسير ذي الرحم المحرم من (¬2) النسب، الذي لا يكون للواهب أن يرجع فيما أعطاهم: كل من لا يحل له نكاحهم. ¬

_ (¬1) "إن لم يثب ... إلى قوله: وبه قال إسحاق" ساقط من الدار. (¬2) "من" ساقط من الدار.

فليس له أن يرجع فيما أعطاهم إلا أن يكون ممن يحرم عليه نكاحه (¬1) من قبل الرضاع أو غيره، من نحو امرأة الأب، أو أم امرأته، أو امرأة ابنه: ليس بمنزلة من حرم عليه بالنسب. وإذا وهب ابن العم لابن عمه شيئاً، فله أن يرجع في هبته، وكذلك ابن الخال، وابن الخالة. وكذلك الصدقة على ذي الرحم الذي ليس بمحرم، مثل ذلك. وقالت طائفة: ليس لأحد أن يهب هبة، ثم يرجع فيها، على ظاهر: (ح 1371) حديث ابن عباس. هذا قول أحمد، واحتج بقوله - صلى الله عليه وسلم -: (ح 1372) " ليس لنا مثلُ السوء ... ". وكان طاووس يقول: لا يعود الرجل في هبته. وقال الشافعي: "إذا وهب الرجل جارية، أو داراً، فزادت الجارية في يده، أو بني الدار، فليس للواهب أن يرجع في الجارية أي حال ما كنت زادت خيراً أو نقصت". وقالت طائفة ليس لأحد أن يهب هبة لقريب أو بعيد، وقبضها الموهوب له، أن يرجع فيها، إلا الوالد فيما يهب ولده، هذا قول أبي ثور، واحتج: ¬

_ (¬1) "إلا أن يكون ممن يحرم عليه نكاحه" ساقط من الدار.

2 - باب الأمر بالتسوية بين الأولاد والعدل بينهم العطية

(ح 1373) بحديث ابن عمر، وابن عباس عن النبي- صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يحل لرجلِ يُعطي عطيةً ثم يرجعُ فيها، إلا الوالدُ فيما يُعطي ولده ومثل الذي يُعطي العطيةّ ثم يرجعُ فيها كمثلِ الكلبِ يأكلُ، إذا شبع قاءَ، ثم عاد في قيئه". وقالت طائفة: إذا استهلكت الهبة، فلا رجوع فيها، كذلك قال الشعبي، وسعيد بن جبير. 2 - باب الأمر بالتسوية بين الأولاد والعدل بينهم العطية قال أبو بكر: (ح 1374) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال لبشير بن سعد- وقد أعطى بعض ولدهِ عطيةً- فقال: "هل لكَ من ولد غيره؟ قال: نعم، فقال بيده هكذا سوّ". م 4325 - وقد اختلف أهل العلم في الرجل ينحل بعض ولده دون بعض.

فقالت فرقة: ذلك جائز، هذا قول مالك، والشافعي، وأصحاب [2/ 213/ألف] الرأي. وقد روينا هذا القول عن شريح، وجابر بن زيد، والحسن بن صالح. وكان الحسن البصري يكره ذلك، ويجيزه في القضاء. وكرهت طائفة ذلك، وممن كرهه: طاووس، وقال: لا يجوز ذلك ولا رغيف محترق. وقال أحمد بن حنبل فيمن فضل بعض ولده على بعض: بئسما صنع. وقال إسحاق: لا يجوز ذلك، فإن فعل ومات الناحل، فهو ميراث بينهم، لا يسع أحد أن ينتفع بما أعطي دون اخوته وأخواته، واحتج: (ح 1375) بقول النبي- صلى الله عليه وسلم - "لا تُشهدني على جور". وروينا مع ذلك عن مجاهد، وعروة، ورآه (¬1) طاووس من أحكام الجاهلية. م 4326 - وقد اختلف أهل العلم في التسوية بين الذكر والأنثى في العطية. فقال أحمد، وإسحاق: يقسم بينهم في حياته كما يقسم المال بينهم بعد وفاته: للذكر مثل حظ الأنثيين. وقال شريح لرجل قسم ماله بين ولده، ارددهم إلى سهام الله وفرائضه. ¬

_ (¬1) وفي الدار "ورواه" وهو تصحيف.

3 - باب رجوع الوالد فيما يهب ولده الكبير

ورأت جماعة التسوية بينهم، ليس في أخبارهم ذكر الذكر والأنثى، هذا قول طاووس، وعطاء، والثوري. قال أبو بكر: وأصح شيء عندي: التسوية بينهم. (ح 1376) لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "سوّ". 3 - باب رجوع الوالد فيما يهب ولده الكبير قال أبو بكر: م 4327 - واختلفوا في رجوع الوالد فيما يهب ولده. فقالت طائفة: له أن يرجع فيه، هذا قول الأوزاعي، والشافعي، وأبي ثور. وقالت طائفة: ليس له أن يرجع بحال: صغيراً كان الولد أو كبيراً. هذا قول أصحاب الرأي، وعبيد الله بن الحسن. وفيه قول ثالث: وهو "أن له أن يعتصر ما يعطي ولده، ما لم يستحدث الولد، من أجل ذلك العطاء الذي أعطاه أبوه، دينا، فليس له أن يعتصر إذا كان هكذا"، هذا قول مالك. وهكذا لو كان تزوج على ذلك العطاء، فليس له أن يرجع فيه. واختلفوا في رجوع الجد والجدة فيما يهبان لأولاد أولاد.

4 - باب الزوج والمرأة يهب كل واحد منهما لصاحبه

فقال مالك، وأصحاب الرأي: ليس لهما أن يرجعا في ذلك. قال أبو ثور: لهما أن يرجعا فيه. قال أبو بكر: قول أبي ثور أصح. 4 - باب الزوج والمرأة يهب كل واحد منهما لصاحبه قال أبو بكر: م 4328 - واختلفوا في الرجل والمرأة يهب كل واحد منهما لصاحبه. فقالت طائفة: ذلك لازم لهما، وليس لأحد منهما الرجوع فيما يعطيه الآخر، هذا قول عمر بن عبد العزيز، والنخعي، وربيعة، ومالك، والليث بن سعد، والثوري، والشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي. وكذلك قال عطاء بن أبي رباح، وقتادة، وأحمد بن حنبل في المرأة تهب لزوجها بطيب نفس إنها لا ترجع. وفيه قول ثان: وهو أن لها أن ترجع فيما أعطته، وليس له أن يرجع فيما أعطاها، هذا قول شريح، والشعبي. وحكى الزهري ذلك عن القضاة. قال أبو بكر: بالقول الأول أقول، استدلالاً بقوله تعالى: {إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ}.

5 - باب اختلاف أهل العلم في الهبات التي لم تقبض

(ح 1377) وبحديث ابن عمر، وابن عباس رضي الله عنهما عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لا يحل لأحد يُعطي عطيةً [2/ 213/ب]، ثم يرجع فيها، إلا الوالد فيما يُعطي ولده". م 4329 - واختلفوا فيما وهبه الرجل لامرأته. فقالت طائفة: الهبة جائزة، وإن لم تقبضها، كذلك قال الحسن البصري، وحماد بن أبي سليمان، وابن أبي ليلى. وقال ابن شبرمة في المرأة يعطي (¬1) زوجها شيئاً-: ليس لها (¬2) شيء حتى تقبضه، وهذا أحب إلى الثوري. وقال الشعبي: لا تجوز هبة إلا مقبوضة. 5 - باب اختلاف أهل العلم في الهبات التي لم تقبض قال أبو بكر: م 4330 - أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم، على أن من وهب عبداً بعينه، أو داراً (¬3)، أو دابة بعينها، وقبضها الموهوب له بأمر ¬

_ (¬1) وفي الدار "تعطى". (¬2) وفي الدار "له". (¬3) "أو داراً" ساقط من الدار.

الواهب: أن الهبة صحيحة. م 4331 - واختلفوا في الهبة، يهبها الرجل، ويقبلها الموهوب له الشيء. فقالت طائفة: لا تتم الهبة إلا بالقبض، هذا قول إبراهيم النخعي، وسفيان الثوري، والحسن بن صالح، وعبيد الله ابن الحسن، والشافعي، وأصحاب الرأي، والمزني. وروينا معنى ذلك عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه. وقد اختلف عن مالك في هذه المسأله، فقال في الموطأ: "الأمر عندنا فيمن أعطى أحدا عطية، لا يريد ثوبها، وأشهد عليها: أنها ثابتة للذي أعطيها إلا أن يموت المعطي قبل أن يقبضها الذي أعطيها. ومن أعطى عطية، لا يريد ثوابها، وأشهد عليها، ثم أراد أن يمسكها: فليس له ذلك، فإذا قام عليها صاحبها أخذه". وسئل عما يشتري الناس في حجهم من الهدايا لأهليهم، ثم يموت قبل أن يصل إلى بلده: إن كان أشهد على ذلك رأيتُهُ لمن اشتراه، وإن لم يشهد فهو ميراث. وكان أبو ثور يقول: الهبة تتم بالكلام، دون القبض، وهو مثل البيع، ينعقد بالكلام، وقد روينا معنى هذا الكلام عن الحسن البصري. وكذلك قال حماد بن أبي سليمان، وأحمد بن حنبل في هبة الرجل لزوجته: أنها إذا علمت فهي جائزة. م 4332 - واختلفوا في الموهوب له يقبض الهبة بغير أمر الواهب.

6 - باب قبض الوالد من نفسه ما يهبه لولده

ففي قول الشافعي، وأصحاب الرأي: ليس له قبض ذلك بغير أمر الواهب، وإن قبضها: كان باطلاً [2/ 214/ألف]. وكان أبو ثور يقول: له أن يقبضه بأمر الواهب وبغير أمره. 6 - باب قبض الوالد من نفسه ما يهبه لولده قال أبو بكر: م 4333 - أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم، على أن الرجل إذا وهب لولده الطفل دارا بعينها، أو عبدا بعينه، وقبضه له من نفسه، وأشهد عليه: أن الهبة تامة، هذا قول مالك، وسفيان الثوري، والشافعي، وأصحاب الرأي. وروينا معنى ذلك عن شريح، وعمر بن عبد العزيز. وروينا عن عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه قال: أحق من يجوز على الصبي أبوه. 7 - باب الوقف الذي يجوز فيه للمرأة ذات الزوج الهبة والعطية قال أبو بكر: م 4334 - اختلف أهل العلم في الوقت الذي يجوز فيه للمرأة أن تهب من مالها وتعطي. فقالت طائفة: ليس للمرأة في مالها أمر حتى تلد، أو يحول عليها الحول في بيت زوجها، روينا هذا القول عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وبه قال شريح، والشعبي، وأحمد، وإسحاق.

وفيه قول ثان: وهو أن لها أن تهب إذا ولدت، هذا قول النخعي. وروينا عن الشعبي أنه قال: إذا حالت في بيتها حولاً: جاز لها ما صنعت. وفيه قول رابع: وهو أن ليس لها أن تعطي شيئاً من مالها إلا يأذن زوجها، هذا قول طاووس، وروينا هذا القول عن أنس بن مالك. وقال مالك في البكر، تعطي من مالها، وهي في سترها (¬1)، ثم تتزوج فتزيد أن ترجع فيما أعطت: إن ذلك لها، إلا أن يكون الشيء اليسير. فإن هي تزوجت، ثم أقامت على التسليم، ثم أرادت أن ترجع فيما أعطت: لم يكن لها ذلك. وفيه قول سادس: وهو أن لا فرق بينهما وبين البالغ من الرجال، ْفما جاز من عطايا الرجل البالغ الرشيد: جاز من عطاياها، هذا قول سفيان الثوري، والشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي، وروينا معنى ذلك عن عطاء بن أبي رباح. قال أبو بكر: وبه نقول. (ح 1378) وقد ثبت أن نبي الله "خرج يوم فطر، فصلى، ثم خطب، ثم أتى النساء ومعه بلال، فأمرهن يالصدقة". وليس شيء من الأخبار [2/ 214/ب] أنهن استأذن أزواجهن، أو من كان لها منهن زوج. ¬

_ (¬1) وفي الدار "في منزلها".

8 - باب هبة الرجل دينا له علي رجل آخر

8 - باب هبة الرجل دينا له علي رجل آخر (¬1) قال أبو بكر: م 4335 - كان مالك يجيز أن يهب الرجل دينا له على آخر إذا أشهد ويدفع كتاب ذكر الحق إليه، إن كان له كتاب، وإن لم يكن له كتاب وأشهد على ذلك، وأعلن به: فهو جائز. وقال أبو ثور: ذلك جائز، أشهد أو لم يشهد، إذا اتفقا على ذلك. وفيه قول ثالث: وهو أن الهبة غير جائزة، هذا قول الحسن ابن صالح، وهو مذهب الشافعي. قال أبو بكر: م 4336 - فأما إذا وهب الرجل ماله على الرجل، وقبله منه، وأبرأه، وقبل البراءة: فذلك جائز، لا أعلم فيه اختلاففاً. 9 - باب الهبة على الثواب، واختلاف أهل العلم فيه قال أبو بكر: م 4337 - واختفوا في الهبة، يريد الواهب الثواب. فكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: هي ردّ على صاحبها، أو يثاب منها، وروينا معنى ذلك عن علي بن أبي طالب رضي الله عه، وفضالة بن عبيد، وبه قال مالك بن أنس. ¬

_ (¬1) وفي الدار "على آخر لرجل".

10 - باب الغائب يهدى له، أو يوهب له

وقال طائفة: لا تجوز الهبة على ثواب لا يسميه عند الهبة، هذا قول الشافعي رواه عنه أبو ثور، وبه قال أبو ثور. وقال أصحاب الرأي: إذا وهبه عبدا على أن يعوضه شيئاً معلوما فهو بمنزلة البيع إن أراد أحدهما منع صاحبه من الشيء: كان له فإن تقابضا فليس لواحد منهما رجوع، فإن وجد أحدهما بما قبض عيباً رده. 10 - باب الغائب يُهدى له، أو يوهب له قال أبو بكر: م 4338 - واختلفوا في الغائب، يُهدى له هدية، أو يوهب له هبة. فكان مالك يقول: إن كان أشهد عليها، أو أبرزها ودفعها إلى من يدفعها إليه: فهي جائزة له. وفيه قول ثان: وهو إن كان الذي أهدى (¬1) إليه مات بعدما فُصلت (¬2) الهدية فهي لورثة الذي أهدى له، وإن كان مات (¬3) الذي أهدي له من قبل أن تُفصل، فإنها ترجع إلى ورثة الذي أهدى الهدية. هذا قول عبيدة السلماني. ¬

_ (¬1) وفي الدار "دفعها". (¬2) وفي الدار "وصلت". (¬3) "فهي لورثة الذي أهدى له وإن كان مات" ساقط من الدار.

11 - باب مسائل من كتاب الهبات

وقال الحارث، وحماد بن [2/ 215/ألف] أبي سليمان، في رجل أهدى إلى رجل هدية، وهو غائب، فمات المهدي إليه- فقالا: الهدية لورثته، لأنه شيء (¬1) قد كان أمضاه. وفيه قول ثالث: وهو أن الهدية إن كان بعث بها المهدي مع رسوله فمات الذي أهدي إليه فإنها ترجع إليه، وإن كان أرسل بها مع رسول الذي أهدي إليه، فمات المهدي إليه: فهي لورثته. هذا قول الحكم، وأحمد، وإسحاق. وفيه قول رابع: وهو أن الهبة (¬2) لا تتم إلا بالقبض من الموهوب له (¬3)، أو وكيله، هذا مذهب الشافعي. فعلى هذا القول، أيهما مات فهي راجعة إلى الواهب، أو إلى ورثته. 11 - باب مسائل من كتاب الهبات قال أبو بكر: م 4339 - أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم، على أن حكم الهبات في المرض الذي يموت فيه الواهب: حكم الوصايا، ويكون من الثلث إذا كانت مقبوضة، هذا على مذهب المدني (¬4)، والشافعي، والكوفي. ¬

_ (¬1) "شيء" ساقط من الدار. (¬2) وفي الدار "الهدية". (¬3) "له" ساقط من الدار. (¬4) في الأصلين "المزني" والصحيح ما أثبته.

م 4340 - وإذا وهب المسلم للذمي، أو وهب الذمي للمسلم ما يجوز أن يملكه المسلم، وقبض ذلك الموهوب له (¬1)، وكان الشيء مفروزاً معلوماً: فالهبة جائزة، في قول مالك، والشافعي، وأبي ثور، والكوفي. م 4341 - وإذا وهب رجل لرجلين دارا، قبضاها، فالهبة جائزة. وكذلك لو وهب رجلان لرجل دارا، فقبضها: جاز، وهذا على مذهب مالك، والشافعي. وقال النعمان لي الرجل يهب الدار للرجلين، ويدفعها إليهما من غير قسم: إن الهبة غير جائزة. وقال يعقوب، ومحمد: ذلك جائز. م 4342 - وإذا وهب الرجل لرجلين مائة درهم، أو مائة دينار، أو مائة شاة، ودفع ذلك إليها، وقبضاها، لم يجز، في قول النعمان. وهو جائز، في قول مالك (¬2)، والشافعي، وأبي ثور، ويعقوب، ومحمد. م 4343 - ولا يجوز أن يهب المكاتب هبة بغير إذن مولاه، في قول الشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي. وكذلك العبد وأم الولد. م 4344 - وإذا وهب الرجل ما على ظهور غنمه من الصوف، أو ما في ضروعها من اللبن: لم يجز ذلك في قول أبي ثور، وأصحاب الرأي. ¬

_ (¬1) "له" ساقط من الدار. (¬2) "مالك" ساقط من الدار.

م 4345 - فإن أمره بجزّ الصوف، أو حلب اللبن، وقبض ذلك: فهو جائز، في قول أصحاب الرأي [2/ 215/ب] قالوا: يستحسن ذلك. م 4346 - وإذا وهب العبد المأذون له في التجارة هبة، لم يجز في قول الشافعي، وأبي ثور، وإن أجاز ذلك السيد: لم يجز. وقال أصحاب الرأي: إذا أجاز ذلك السيد: جاز إن لم يكن عليه دين، فإن كان عليه دين: لم يجز. م 4347 - وإذا وهب الرجل ما لم يُخلق، مثل أن يهبه ثمرة نخلة، أو شجرة، أو ما في بطن أمته، أو ما تنتج ماشيته، أو ما أشبه ذلك، مما لم يكن ذلك موجوداً (¬1)، فهو غير جائز، في قول الشافعي، وأبي ثور والكوفي. قال أبو بكر (¬2): وبه نقول. م 4348 - واختلفوا في الرجل يهب للرجل الجارية، ويستثنى ما في بطنها ويُقبضه الجارية. ففي قول أبي ثور: ذلك جائز. وقد ثبت أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أعتق جارية، واستثنى ما في بطنها. وبه قال النخعي، وأحمد، وإسحاق في البيع والعتق، وبه قال أبو ثور. ¬

_ (¬1) "مما لم يكن ذلك موجوداً" ساقط من الدار. (¬2) "قال أبو بكر" ساقط من الدار.

وقال أصحاب الرأي في الهبة: إنها جائزة، وما في بطنها للموهوبة له والاستثناء باطل. م 4349 - وإذا وهب الرجل عبداً مأذوناً له في التجارة، وعليه دين من رجل: فالهبة جائزة في قول الشافعي، وأبي ثور. ولا تجوز الهبة في قول أصحاب الرأي، والدين عندهم في رقبة العبد، فلذلك قالوا: لا يجوز أن يوهب العبد. م 4350 - وإذا وهب الرجل للرجل دُهنَ سمسمه هذا قبل أن يعصر، أو زيت زيتونة: لم يجز في قول أبي ثور، وأصحاب الرأي. وهو جائز على مذهب الشافعي. م 4351 - وقال سفيان الثوري: ولا رجوع في هبة، إلا عند قاض. وقال ابن أبي ليلى: يرجع دون القاضي، وبه قال إسحاق. وفي قول الشافعي، وأبي ثور: ليس لأحد أن يرجع فيما يهب، وصحت الهبة، إلا الولد فيما يهب لولد.

83 - كتاب العمرى والرقبى

83 - كتاب العمرى والرُّقبى قال أبو بكر: (ح 1379) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: "العمرى لمن وُهبت له". م 4352 - وقد اختلف أهل العلم في العُمرى. فقالت طائفة: بظاهر أخبار جابر، إن العمرى لمن أُعمرها حياً وميتاً ولعقبه، روينا هذا القول عن جابر بن عبد الله، وابن عمر رضي الله عنهما. وقال شريح: العمرى ميراث لأهلها. وقال طاووس: العمرى جائزة ويقضى بها.

وقال مجاهد: العمرى لمن [2/ 216/ألف]، أُعمرها، ولوارثه، والرقبى مثلها. وقال أحمد في العمرى: إذا قال هذا الشيء لك، حياتك، فهو له حياته وموته. وبه قال أصحاب الرأي، والحسن بن صالح. وقال الشافعي - رحمه الله-: إذا قال: هي عمرى له ولعقبه، فهي للذي يعطاها، لا ترجع إلى الذي أعطاها. وقالت طائفة: إذا أُعمر الرجل عُمرى، فهي له ما عاش، ثم ترجع إلى أهلها. وإن أُعمر رجل عمرى، هو وحده، منه له ما عاش، ثم ترجع إلى أهلها، وإذا أُعمر عُمرى له [[ولولده]]، منه لهم، فإذا انقرضوا ترجع إلى صاحبها الأول، هذا قول القاسم بن محمد، ويزيد بن قُسيط. وقال القاسم (¬1): "ما أدركت الناس إلا وهم على شروطهم في أموالهم، وفيما أعطوا". وذكر مالك حديث القاسم، قال مالك: وعلى هذا العمل. وقال أبو ثور: إذا قال: أعمرتك وعقبك، فهي له ولعقبه، وإن لم يقل ذلك: رجعت إذا مات المُعْمَر إلى المُعْمِر (¬2)، أو إلى ورثته. م 4353 - واختلفوا في الرجل يقول: هي لك حياتك، ثم هي لفلان. ¬

_ (¬1) وفي الدار "وقال ابن القاسم". (¬2) "إلى المعمر" ساقط من الدار.

1 - باب الرقبى

فقال الزهري: هو على شرطه. وقال قتادة: هي لورثة الأول. 1 - باب الرُّقبى قال أبو بكر: (ح 1380) ثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "العُمرى جائزة لمن أعمرها، والرُّقبى جائزة لمن أرقبها". م 4354 - وفي حديث ابن عمر رضي الله عنه قال: الرقبى أن تقول هي للآخر مني ومنك موتاً، وبه قال طاووس، وعروة بن الزبير. وبه قال أبو عبيد، قال: وأصله من الراقبة. وقال قتادة: الرقبى أن يقول: كذا وكذا لفلان وإن مات فهو لفلان (¬1). 435 - واختلفوا في الرقبى. ¬

_ (¬1) "وإن مات فهو لفلان" ساقط من الدار.

2 - باب السكنى

فروينا عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: الرُقبى والعمرى سواء، وبه قال الثوري. وقال أحمد: هو أن يرقبه (¬1) بها، يقول: إن متُّ فهي لك، أو راجعة إليّ، فهذا مثل العمرى، لا يرجع إلى الأول أبداً، وبه قال إسحاق. وقال ابن عباس: من أرقب شيئاً فهو له. وقال طاووس: من أرقب شيئاً فهو سبيل الميراث. وقال الزهري: هي وصية. وقال ابن الحسن: إذا قال: داري لك رقبى فهو باطل. وإذا قال رجل [2/ 216/ب]،لرجلين، عبدي هذا لأطولكما حياة، قال: هذا باطل وهو الرقبى، وبه قال النعمان ومحمد. 2 - باب السكنى قال أبو بكر: م 4356 - اختلف أهل العلم في الرجل يُسكِن الرجل مترلاً حياته. فقال الشعبي، وإبراهيم النخعي: ترجع إلى أهلها. وقال الثوري: يرجع فيها صاحبها إن شاء. ¬

_ (¬1) وفي الدار "يراقبه".

وقال أحمد، وإسحاق: يرجع في السكنى، ولا يرجع في [[العُمرى]] والرُّقبى. وهذا يشبه مذهب الشافعي في السكنى: أنها عارية، متى شاء رجع فيها، وإن مات المُسكَّن رجع إلى الُمسكِّن. روي معنى هذا عن حفصة رضي الله عنها. وقال مالك في الرجل يسكن الرجل الدار حياته، فريد أن يكريها، فقال: يكريها قليلاً قليلاً. وقال عطاء، والحسن، وادة: إذا قال: هذه الدار سكنى لك ما عشت: فهي له، ولعقبه. وقال الشعبي: إذا قال الرجل للرجل: داري هذه لك سكنى حتى تموت، فإنها له حياته وموته، وإذا قال: هذه اسكنها حتى تموت، فإنها ترجع إلى صاحبها. وقال الثوري: إذا قال: هي لك سكنى، رجعت، وإذا قال: هي لك أسكنها، فإنها جائزة له أبداً، إنما هو كالتعليم أبدا منه. وقال النعمان في الرجل يقول للرجل: هذه لك هبة سكنى، ودفعها إليه، قال: هذه عارية، وإن قال: هي لك هبة سكنى، فهي هبة، وإن قال: هي لك سكنى هبة، فهي سكنى.

3 - باب هبة المريض

م 4360 - وقال أبو ثور، وأصحاب الرأي: إذا قال: قد جعلت لك هذه الدار فأقبضها، أو هذا العبد فأقبضه، قالوا: هذه هبة. م 4361 - وقال أبو ثور: إذا قال: داري لك سكنى ولعقبك من بعدك، فهو كما قال: وهذه ترجع إذا انقضى ما قال. وقال أصحاب الرأي: هذه عارية، فله أن يرجع متى شاء فيأخذها. م 4362 - وقال أبو ثور، وأصحاب الرأي: إذا وهب رجل لرجل عبدا، على أن يعتقه، فقبضه (¬1) الموهوب له على ذلك، فالهبة جائزة، والشرط باطل. م 4363 - وقال أبو ثور، وأصحاب الرأي: إذا وهب رجل لرجل عبداً مريضاً [2/ 217/ألف] به جرح، فداواه الموهوب له حتى برأ، إنه لا يرجع فيه، وكذلك إن كان أصم فسمع، أو أعمى فأبصر. 3 - باب هبة المريض قال أبو بكر: (ح 1381) ثبت "أن رجلاً أعتق ستةَ أعبُدٍ له عند موته، ولم يكن له مالٌ غيرهم، فبلغ ذلك النبي- صلى الله عليه وسلم -، فقال لهُ قولاً شديداً، ثم دعاهم فجزّأَهم، فأقرع بينهم، فأعتق اثنين، وأرق أربعة". ¬

_ (¬1) وفي الدار "فقبله".

قال أبو بكر: م 4364 - إذا وهب الرجل وهو مريض لرجل عبداً، لا مال له غيره، وقبل ذلك الموهوب له وقبضه، ثم مات الواهب من مرضه، فللموهوب له، ثلث العبد، ولورثة الواهب ثلثا العبد. م 4365 - فإن كانت المسأله بحالها وعوض الموهوب له الواهب عوضاً من هبته، فللموهوب له من العبد ثلثه، في قول أبي ثور، وثُلثاه لورثة الواهب. وقال أصحاب الرأي: إذا كان في العوض قيمة الهبة، أو أكثر، فالهبة جائزة، والعوض جائز. وإن كان بقدر نصف القيمة، ورجع الورثة في سدس العبد، وإن كره الموهوب له ذلك، رجع في العوض وترجع الورثة في العبد إذا كنت الهبة على عوض وإن لم تكن الهبة على عوض رجع في السدس. م 4366 - وإذا وهب رجل لرجل داراً في مرضه، ولا مال له غيرها، فقبضها الموهوب له، ثم مات الواهب. كان للموهوب له ثلث الدار، وللورثة ثلثا الدار، وهذا قول أبي ثور، وأصحاب الرأي. قال أبو بكر (¬1): وأصحاب الرأي لا يجيزون هبة المشاع، وقد أجازوها في هذا الموضع. ¬

_ (¬1) وفي الدار "وقال أبو ثور".

م 4367 - وقال أبو ثور: وإذا وهب رجل لرجل مريض جارية (¬1)، وقبضها، ولا مال له غيرها، فالثلث له والثلثان للمريض بحاله. فإن أعتق الموهوب له الجارية، وكان موسراً، ضمن ثلثي قيمتها للواهب، وإن كان معسراً كان الثلث من الجارية حرا وثلثاها رقيقاً. وإن كاتبها كانت الكتابة جائزة في الثلث ويبطل الثلثان. وإن دبرها كذلك، فإن مات عتق منها ثلثها، وبقي ثلثاها. وإن وطئها وكان لا يعذر [2/ 217/ب] بالجهالة، حُدّ ولم يلحق به الولد، وكذلك تحد الجارية إن علمت أن هذا لا يحل، ولا مهر لها. وإن كان من يعذر بالجهالة لزمه ثلثا الصداق، وكان الولد ولده، وكنت الجارية أم ولد له، وعليه ثلثا (¬2) قيمة الولد إن كان موسراً، وإن كان معسراً كان ثلثا الأمة رقيقا للواهب، وثلث للموهوب له: حكمها حكم أم الولد، لا تباع، وتستخدم، ولا توطأ لأنه لا يملك الرقبة كلها، وثلثا ولده رقيق، وثلثه حر، وعليه من العقر (¬3) ثلثاه، وثلث يسقط عنه لعلة ملكه. وقال أصحاب الرأي: إذا باعها أو دبرها، أو كاتبها، أو وهبها، أو وطئها فجاءت بولد، ثم مات الواهب: كان عليه ثلثا قيمتها. وقالوا: إذا أعتقها وهو معسر، فلا سبيل لهم على الجارية، وعلى الموهوب له ثلثا قيمتها ديناً عليه. ¬

_ (¬1) وفي الدار "رجل مريض جارية". (¬2) " ثلثا" ساقط من الدار. (¬3) وفي الدار "الثمن" وهذا تصحيف.

م 4368 - وقال أبو ثور: إذا وهب رجل لرجل عبداً، وهو مريض، ولا مال له غيره والموهوب له مريض، فمات الواهب، ثم مات الموهوب له، كان ثلثا العبد لورثة الواهب، وثلثه لورثة الموهوب له. وإن كان الموهوب له أعتق العبد في مرضه، ولا مال له غيره: كان ثلثا الثلث لورثة الموهوب له، ويعتق منه ثلث الثلث. وإن كان على الموهوب له دين يحيط بماله في العبد: كان عتقه باطلاً، وكان ثلثه يباع في دينه، ولا يجوز عتقه وعليه دين. قال أبو بكر: وهذا فول مالك. وقال أصحاب الرأي: إذا أعتقه الموهوب له في مرضه، ولا مال له غيره، فعتقه جائز، وثلثا القيمة دين عليه (¬1)، ويسعى العبد بعد ذلك فيما بقي لورثة الموهوب. فيكون العبد يسعى في ثمانية أتساع قيمته، وتكون وصيته تسع قيمته. م 4369 - وقال أبو ثور: إذا وهب رجل لرجل عبدا في مرضه، وهو ثلث ماله، ثم عدا الموهوب له (¬2) على الواهب، فقتله، كانت الهبة جائزة، وكان لورثة الواهب أن يقتلوا الموهوب [2/ 218/ألف] له، أو يأخذوا الدية منه. وقال أصحاب الرأي: الهبة مردودة إلى ورثة الواهب لأن الموهوب له قاتل، فلا تجوز له وصية. قال أبو بكر: قول أبي ثور أصح. ¬

_ (¬1) "عليه" ساقط من الدار. (¬2) "له" ساقط من الدار.

م 4370 - وقال أبو ثور: إذا وهب رجل لرجل عبداً، وهو ثلث ماله، فعدا العبد على الواهب، فقتله، فإن لورثة الواهب أن يقتلوه إن شاؤوا، وإن اختاروا الدية يقال للموهوب له: إما أن تسلمه، وإما أن تفديه، فإن فداه (¬1) فهو له، وإن أسلمه (¬2) بالدية كان ميراثاً بينهم. ¬

_ (¬1) وفي الدار "أسلمه" (¬2) وفي الدار "فداه".

84 - كتاب النذور والأيمان

84 - كتاب النذور والأيمان (¬1) 1 - باب صفات الأيمان التي لا يجوز الحلف بها من صفات الله تعالى (¬2) [أخبرنا أبو علي: الحسن بن علي بن شعبان المصري، قال] (¬3). أخبرنا أبو بكر: محمد بن إبراهيم [بن المنذر النيسابوري] (¬4) قال: (ح 1382) ثبت أن أكثر قسم رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: أن يقول: ومَصُرِّفِ القلوبِ. (ح 1383) أو مقلب القلوب. (ح 1384) وقال غير مرة: والذي نفسي بيده. ¬

_ (¬1) وفي الدار "كتاب الأيمان". (¬2) الباب بأكمله ساقط من الدار. (¬3) ما بين المعكوفين من الدار. (¬4) ما بين المعكوفين من الدار.

م 4371 - وأجمع أهل العلم على أن من حلف فقال: والله، أو تالله، أو بالله فحنث: أن عليه الكفارة. م 4372 - وكان مالك، والشافعي، وأبو عبيد، وأبو ثور، وإسحاق (¬1)، وأصحاب الرأي يقولون: من حلف باسم من أسماء الله تعالى، فحنث: فعليه الكفارة. قال أبو بكر: وبه نقول، ولا أعلم في ذلك اختلافاً. م 4372 - وقال الشافعي: إذا قال: وحق الله، وعظمة الله، وجلال الله، وقدرة الله، يريد بهذا كله اليمين، أو لا نيه له: فهي يمين. وإن لم يرد به اليمين: فليس بيمين. وقال أصحاب الرأي: إذا قال: وعظمة الله، وعزة الله، وجلال الله، وكبرياء الله، وأمانة الله، فحنث: وجبت (¬2) عليه الكفارة. (ح 1385) وثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - وقال: "وأيْمُ الله، إن كان لخليقاً للإمارةِ"، في قصة أسامة بن زيد وأبيه زيد. وكان ابن عباس قول: وأيمُ الله، وكذلك قال ابن عمر. ¬

_ (¬1) "وأبو ثور، وإسحاق" ساقط من الدار. (¬2) "وجبت" ساقط من الدار.

2 - باب اليمين بالعمر والحياة

وقال إسحاق: إذا أراد بقوله (¬1): وأيم الله يميناً، كنت يميناً بالإرادة وعقد القلب. 2 - باب اليمين بالعمر والحياة قال أبو بكر: م 4374 - واختلفوا في قول الرجل: لعمري. فقال الحسن: عليه الكفارة إذا حنث. وقال مالك، والأوزاعي، والشافعي، وأبو عبيد: ليست بيمين. قال أبو بكر: وأكره أن يقول الرجل: لعمري، وبحياتي، وبحياتك [2/ 218/ب] وإن قال ذلك، فحنث: فلا كفارة عليه. (ح 1386) وقد نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الحلف بغير الله عَزَّ وَجَلَّ. 3 - باب الحلف بالقران قال أبو بكر: م 4375 - واختلفوا في ما على من حلف بالقرآن، فحنث. ¬

_ (¬1) "بقوله" ساقط من الدار.

4 - باب إقسام الرجل على أخيه، في الأمر: يأمره به

فكان ابن مسعود يقول: عليه بكل آية يمين، وبه قال الحسن البصري. وقال أحمد: ما أعلم شيئاً يدفعه. وقال أبو عبيد: يكون يميناً واحدة. وقال النعمان: لا كفارة عليه. م 4376 - وقال يعقوب: من حلف بالرحمن، فحنث: إن أراد بالرحمن، الله تعالى، فعليه كفارة يمين، وإن أراد سورة الرحمن، فحنث، فلا كفارة عليه. وكان قتادة يكره أن (¬1) يحلف بالمصحف. وقال أحمد، وإسحاق: لا يكره ذلك. 4 - باب إقسام الرجل على أخيه، في الأمر: يأمره به قال أبو بكر: (ح 1387) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -"أمر يإبرار المُقسم". م 4377 - واختلفوا في الرجل يقسم على الرجل. ¬

_ (¬1) "يكره أن" ساقط من الدار.

5 - باب القسم بالله عز وجل

فروينا عن ابن عمر أنه قال: إذا أحنثه، فالكفارة على المقسم. وبه قال عطاء، وقتادة، والأوزاعي. وقال قتادة: لا يكون يميناً، حتى يقول: أقسمت عليك بالله. وحكى أبو عبيد عن أهل المدينة: أنهم قالوا كما قال قتادة. وحكى عن أهل العراق: أنهم جعلوا عليه الكفارة. 5 - باب القسم بالله عز وجل قال أبو بكر: م 4378 - اختلف أهل العلم في الرجل يقول: أقسمت بالله، أو أقسمت ولم يقل بالله. فروينا عن ابن عمر، وابن عباس أنهما قالا: القسم يمين، وبه قال النخعي، والثوري، وأصحاب الرأي. وفي قول الثوري، وأصحاب الرأي: أقسمت بالله، وأقسمت: يمين. وبه قال عبيد الله بن الحسن. وقالت طائفة: إذا قال: أقسمت، ولم يقل: بالله، فلا يمين عليه، هذا قول الحسن البصري، والزهري، وعطاء، وقتادة، وأبي عبيد.

6 - باب اليمين بصدقة المال، أو يجعله في السبيل أو يهديه

وقالت طائفة: إن أراد الرجل بقوله: أقسمت، أي بالله، فهي يمين، وإلا فلا شيء عليه، هذا قول مالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق. قال أبو بكر: هكذا أقول. 6 - باب اليمين بصدقة المال، أو يجعله في السبيل أو يهديه قال أبو بكر: م 4379 - واختلفوا في الرجل، يحلف بصدقة ماله [2/ 219/ألف]، أو بأن يجعله في السبيل أن أو يهديه. فقالت طائفة: إذا قال: كل مالٍ له في المساكين، فحنث: فلا شيء عليه. هذا قول الشعبي، والحارث العكلي، والحكم، وحماد، وروي ذلك عن عطاء وطاووس. وروينا عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت، في رجل جعل ماله (¬1) في رِتاجِ الكعبة: ليس بشيء. وقالت طائفة: عليه كفارة يمين، روينا هذا القول عن عمر ابن الخطاب، وابن عباس، وعائشة رضي الله عنهم. وروينا معنى ذلك عن حفصة، وعبد الله بن عمر، ¬

_ (¬1) وفي الدار "رجل قال مالي".

وزينب بنت أم سلمة رضي الله عنهم، والحسن وطاووس. وبه قال عبيد الله بن الحسن، وشريك، وعبيد الله بن عمر، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو عبيد، وأبو ثور. وفيه قول ثالث: وهو أن يخرج ثلث ماله فيتصدق به، هذا قول مالك بن أنس. وفيه قول رابع: وهو أن يتصدق من ماله بقدر الزكاة. روينا هذا القول عن ابن عمر، وابن عباس. وفيه قول خامس: وهو أن يفي بما جعله على نفسه، ويخرجه في الوجوه التي ذكرها، روي ذلك عن ابن عمر. وقال عثمان البتي: إذا قال: مالي في المساكين إن فعلت كذا وكذا، لا كفارة له إلا الوفاء به. وفيه قول سادس: وهو أن يهدي بدنة، هذا قول قتادة فيمن قال: أنا أهدي جاريتي. وفيه قول سابع: وهو إن كان ماله كثيراً [فليهدِ] (¬1) خمسه، وإن كان وسطًا: فسبعه، وإن كان قليلاً فعشره (¬2)، هذا قول جابر بن زيد. ¬

_ (¬1) هذه الزيادة من "المصنف" (¬2) في الأصلين: إن كان ماله كثيراً فعشره، وإن كان قليلاً فخمسه، وأثبته ابن قدامة في المغني، وابن حجر في فتح الباري، وذلك خطأ، والصواب ما أثبته من المصنف والمحلى، ومما لا يخفى على المتأمل أن السياق جار لإيجاب جزء من المال يخرج الملتزم به عن التزامه، وإذا كان المقصود التخفيف فليس من العدل أن نوجب على المقل قدراً يزيد نسبياً على ما نوجبه على المليء راجع: المصنف 8/ 486 رقم 15999، والمحلى 8/ 10، والمغنى10/ 9، وفتح الباري 11/ 574.

7 - باب اليمين بالحج والعمرة

وقال قتادة، وهو الراوي خبر جابر بن زيد: فالكثير ألفان، والوسط ألف، والقليل خمسمائة. وفيه قول ثامن قاله النعمان، قال: إذا قال: مالي في اوركين صدقة، فهذا على ما يكون فيه الزكاة. قال أبو بكر: أصح هذه الأقاويل قول ابن عمر، وابن عباس: إن عليه كفارة يمين، لدخول ذلك في جملة الأيمان التي أمر الله عَزَّ وَجَلَّ فيها بالكفارة. 7 - باب اليمين بالحج والعمرة قال أبو بكر: م 4380 - واختلفوا في الرجل يحلف بالمشي إلى بيت الله، فحنث. فروينا عن (¬1) ابن المسيب، والقاسم بن محمد أنهما قالا: لا شيء عليه. وفيه قول ثان: وهو أن عليه كفارة يمين. روينا هذا القول عن الحسن البصري، وجابر بن زيد، وعطاء، وطاووس، والنخعي [2/ 219/ب]، [وقتادة] (¬2). وبه قال الشافعي، وأحمد، وأبو ثور. ¬

_ (¬1) وفي الدار "ابن عباس". (¬2) ما بين المعكوفين من الدار.

8 - باب مسألة

وفيه قول ثالث: وهو أن يأتي بما أوجب على نفسه، روينا هذا القول عن الشعبي. وبه قال المدني، والكوفي (¬1). وقال ابن شبرمة: يُحْرِم من يومه. قال أبو بكر: وعلى من حلف بهذه اليمين كفارة يمين، لدخول ذلك في جملة الإيمان التي أمر الله عَزَّ وَجَلَّ فيها بالكفارة. 8 - باب مسألة (¬2) م 4381 - واختلفوا في الرجل، يقول لرجل: أنا أهديك، ففي هذه أقاويل: أحدها: إنه يُحجُّه، روينا هذا القول عن الشعبي، والنخعي. وروينا عن ابن عباس أنه قال: يهدي كبشاً. وعن علي رضي الله عنه - وليس بثابت عنه - أنه قال: يهدي وقال قتادة يهدي بدنه. وقال الحسن البصري، والأوزاعي: يكفر عن يمينه. وفيه قول سادس: في الرجل يقول: هو يحمل فلاناً إلى بيت الله، قال يمشي، ويهدي. ¬

_ (¬1) "والكوفي" ساقط من الدار. (¬2) "باب مسألة" ساقط من الدار.

9 - باب اليمين بتحريم ما أحل الله، من الطعام وغيره

وإن نوى أن يحجه راكباً يُحجه راكباً ويحج معه، حكى الوليد ابن مسلم هذا القول عن مالك. وقال الشافعي: إذا لم تكن له نية، فلا شيء عليه. 9 - باب اليمين بتحريم ما أحل الله، من الطعام وغيره قال أبو بكر: قال الله عَزَّ وَجَلَّ ثناؤه: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} الآية. م 4382 - واختلفوا في تأويل هذه الآية. فقالت طائفة: إنما حرم رسول الله- صلى الله عليه وسلم - وعلى نفسه شراباً كان يشربه عند بعض أزواجه، كذلك قالت عائشة، وابن عباس رضي الله عنهما. وقالت طائفة: حرم رسول الله- صلى الله عليه وسلم - فتاته: مارية (¬1) القبطية أم إبراهيم، كذلك قال قتادة. وقال الحسن البصري: حرم جاريته. قال أبو بكر: وأصح ذلك أنه حرم الشربة التي ذكرناها، وحلف مع ذلك، فأمر بالكفارة لليمين التي كان حلف بها. ¬

_ (¬1) "مارية" ساقط من الدار.

10 - باب اليمين بالعهد

قال أبو بكر: م 4383 - وقد اختلف فمن حرم على نفسه طعاماً، أو شراباً أحله الله له. فقالت طائفة: لا يحرم عليه الشيء الذي حرم على نفسه، وعليه كفارة يمين. حكى أبو عبيد هذا القول عن أهل العراق، وروي معناه عن ابن مسعود. وقالت طائفة: إذا قال كل (¬1) حلال عليّ حرام، فهي يمين. هذا قول الحسن البصري [2/ 220/ألف] وجابر بن زيد، وقتادة، والأوزاعي. وبه قال أحمد بن حنبل إذا لم يكن له امرأة، وكذلك قال إسحاق. وذكر أبو عبيد عن مالك: أنه كان لا يرى عليه شيئاً فيما سوى النساء. وقال طاووس: هو ما نوى. 10 - باب اليمين بالعهد قال أبو بكر: م 4384 - واختلفوا فيما يجب على من حلف بالعهد، فحنث. فقالت طائفة: عليه كفارة يمين، روينا هذا القول عن الشعبي، والحسن، وطاووس، والحارث العكلي، وقتادة، والحكم (¬2) ¬

_ (¬1) "كل" ساقط من الدار. (¬2) "والحكم" ساقط من الدار.

11 - باب اليمين بالميثاق والكفاله

وبه قال مالك، والأوزاعي، وأصحاب الرأي. وقالت طائفة: ليست بيمين، إلا أن يريد يميناً، كذلك قال عطاء، والشافعي، وأبو عبيد، وأبو ثور. واختلف فيه عن الثوري. قال أبو بكر: وكما قال عطاء أقول. 11 - باب اليمين بالميثاق والكفاله قال أبو بكر: م 4385 - كان مالك يقول: إذا قال: عليّ عهد الله، وميثاقه، وكفالته إن فعلت كذا وكذا، وحنث: عليه ثلاث كفارات، وبه قال أبو عبيد. وقال طاووس: إذا قال علي عهد الله، وميثاقه يمين، يكفرها، وبه قال الثوري. وقال الشافعي: ليست بيمين، إلا أن يريد يميناً. 12 - مسائل من كتاب الأيمان (¬1) م 4386 - قال الشافعي، وأبو ثور: إذا قال: أعزم بالله، ليست بيمين. ¬

_ (¬1) "مسائل من كتاب الأيمان" ساقط من الدار.

قال الشافعي: إلا أن يريد يميناً. وقال أصحاب الرأي: هي يمين. م 4387 - وقال الشافعي: إذا قال: أشهد الله، فإن نوى اليمين فهي يمين، وإن لم ينو يميناً فلا شيء. وقال أبو ثور وأصحاب الرأي: هي يمين. م 4388 - وقال أصحاب الرأي: إذا قال: إذا قال، فهي يمين. وقال أبو عبيد: ليست بيمين. كما قال أصحاب الرأي (¬1) قال ربيعة، والأوزاعي: إذا قال: اشهد أن لا أفعل كذا وكذا، ثم فعل، فهي يمين. م 4389 - وإذا قال: حلفت، ولم يحلف. فقال الحسن، والنخعي: لزمته اليمين. وقال حماد بن أبي سليمان: إذا قال (¬2): حلفت، ولم يحلف، فهي كذبة. وقال أبو ثور: إذا قال: علي يمين، ولم يكن حلف، فهذا باطل. وقال أصحاب الرأي: يمين. م 4390 - وقال الأوزاعي، وأبو ثور: إذا قال: لعمرُ الله [2/ 220/ب] أفعل كذا، ثم فعل، فهي يمين، وفيها الكفارة. وقال الشافعي، وأبو عبيد: هي يمين إذا أراد اليمين. ¬

_ (¬1) "كما قال أصحاب الرأي" ساقط من الدار. (¬2) "إذا قال" ساقط من الدار.

13 - باب ما يجب على من حلف بعتق رقبة ثم حنث

13 - باب ما يجب على من حلف بعتق رقبة ثم حنث قال أبو بكر: م 4391 - اختلف أهل العلم فيمن حلف بعتق رقبة، أن لا يفعل كذا، وحنث. فقالت طائفة: عليه كفارة يمين، لدخوله في ظاهر قوله تعالى: {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ} الآية. روينا هذا القول عن ابن عمر، وابن عباس، وأبي هريرة، وعائشة، وحفصة، وأم سلمة (¬1) رضي الله عنهم، وبه قال الحسن، وأبو ثور. وقالت طائفة: يعتق رقبة، هذا قول مالك، وابن أبي ليلى، والثوري، والأوزاعي، والليث بن سعد، والشافعي، وأحمد، وإسحاق. 14 - باب مسألة (¬2) م 4392 - واختلفوا في الرجل يقول: علي عتق رقبة إن فعلت كذا، ففعله. فقالت طائفة: عليه كفارة اليمين، روينا هذا القول عن الحسن، وطاووس، وبه قال أحمد، وإسحاق، وأبو ثور. ¬

_ (¬1) "وأم سلمة" ساقط من الدار. (¬2) "باب مسألة" ساقط من الدار.

15 - باب اليمين بالطلاق

وقال قتادة: إذا قال: عليّ مائة رقبة إن فعلت كذا وكذا، فحنث: يعتق رقبة واحدة. 15 - باب اليمين بالطلاق قال أبو بكر: م 4393 - أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن الحالف بالطلاق على زوجته في أمر ألا يفعله، ففعله، أن الطلاق يقع عليها. وهذا قول مالك، وأهل المدينة، والليث بن سعد، وأهل مصر، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبي ثور، وأصحاب الرأي، وأبي عبيد. قال أبو بكر: وبه نقول. 16 - باب التغليظ في اليمين الكاذبة، يقتطع بها مال المسلم قال أبو بكر: (ح 1388) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: "من حلفَ على يمين وهو فيها فاجرٌ ليقتطع بها مال امرئٍ مسلمٍ، لقي الله عَزَّ وَجَلَّ وهو عليه غضبان"، فنزلت: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} الآية.

م 4394 - وروينا عن ابن مسعود أنه قال: كنا نعد من اليمين التي لا كفارة لها اليمين الغموس، أن يحلف الرجل على مال أخيه كاذباً ليقتطعه. وقال سعيد بن المسيب: يمين الصبر من الكبائر. وقال الحسن: إذا حلف على أمر كاذباً متعمداً، فليس فيه كفارة. وهذا [2/ 221/ألف] قول مالك، ومن تبعه من أهل المدينة. وبه قال الأوزاعي ومن وافقه من أهل الشام. وقول الثوري وأهل العراق. وبه قال أحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وأبو عبيد، وأصحاب الحديث، وأصحاب الرأي من أهل الكوفة. قال أبو بكر: (ح 1389) وقول النبي- صلى الله عليه وسلم - من حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها، فليأتِ الذي هو خيرٌ، وليُكفّر عن يمينه". (ح 1390) وقوله - صلى الله عليه وسلم -: فليكفر عن يمينه، ويأتِ الذي هو خيرٌ". يدل على أن الكفارة إنما تجب فيمن حلف على فعل يفعله فيما يستقبل فلا يفعله، أوعلى فعل ألا يفعله فيما يستقبل، فيفعله. وفي هذه المسأله قول ثان: وهو أن يكفر، وإن أثم وعمد الحلف بالله كاذباً، هذا قول الشافعي،

17 - باب النهي عن اليمين بغير الله تعالى والتغليظ في اليمين بالآباء

قال أبو بكر: ولا نعلم خبراً يدل على هذا القول، والكتاب والسنة دالان على القول الأول. قال الله عز وجل: {وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}. قال ابن عباس: هو الرجل يحلف ألا يصل قرابته، فجعل الله له مخرجاً في التكفير، فأمره ألا يعتلّ بالله، وليكفر عن يمينه، وليبرر. والأخبار دالة على أن اليمين التي يحلف بها الرجل يقتطع بها مالاً حراماً هي أعظم من أن يكفرها بما يكفر اليمين. 17 - باب النهي عن اليمين بغير الله تعالى والتغليظ في اليمين بالآباء قال أبو بكر: (ح 1391) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم"، وذلك أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: سمعني النبي- صلى الله عليه وسلم - وأنا أحلف بأبي، فقال ذلك.

(ح 1392) وقال ص: "لا تحلفوا بآبائكم، ولا بأمّهاتكم، ولا بالأنداد، (ولا تحلفوا إلا بالله) (¬1) ولا تحلفوا بالله إلا وأنتم صادقون". قال أبو بكر: م 4395 - فقد ثبتت الأخبار عن النبي- صلى الله عليه وسلم -، أنه نهى أن يحلف الرجلُ بغير الله تعالى، وبالتغليظ على من حلف بغيره. (ح 1393) ودل خبر سعد بن أبي وقاص- لما قال: حلفتُ باللات والعزى، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: "قل لا إله الله، ثم انفثْ عن يسارك ثلاثاً، وتعوّذ، ولا تعُدْ". على أن لا [2/ 221/ب] كفارة في اليمين بغير الله تعالى. (ح 1394) وفي حديث أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من حلف فقال في حلفه: واللاتِ والعزى، فليقل: لا إله الله". ¬

_ (¬1) ما بين القوسين من كتب السنن.

18 - باب التغليظ في الحلف بالملل سوي الإسلام

18 - باب التغليظ في الحلف بالملل سوي الإسلام قال أبو بكر: (ح 1395) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: "من حلف بملةٍ سوى ملة (¬1) الإِسلام كاذبا فهو كما قال". مَ 4396 - واختلفوا في الرجل يقول: هو يهودي، هو نصراني، هو مجوسي إن فعل كذا. فقالت طائفة: يستغفر الله، ولا كفارة عليه، كذا قال مالك، والشافعي، وأبو عبيد، وأبو ثور. وفيه قول ثان: وهو أن عليه كفارة يمين، هكذا قال طاووس، والحسن، والشعبي، والنخعي، والثوري، والأوزاعي، وأصحاب الرأي. وهو قول أحمد، وإسحاق إذا أراد اليمين في قوله: أشرك بالله، أو أكفر بالله، ثم يحنث. قال أبو بكر: بالقول الأول أقول، في سعد بن أبي وقاص. م 4397 - واختلفوا في الرجل، يدعو على نفسه بالخزى والهلاك، إن فعل كذا، مثل قول الرجل: أخزاني الله، أو قطع الله يدي. فقالت طائفة: لا شيء عليه، هذا قول عطاء، وهو قول الثوري، وأبي عبيد، وأبي ثور، وأصحاب الرأي. ¬

_ (¬1) "ملة" ساقط من الدار.

[أبواب الاستثناء في الأيمان]

وقال طاووس: عليه (¬1) كفارة يمين، وبه قال الليث ابن سعد. وقال الأوزاعي: إذا قال: عليه لعنة الله إن لم يفعل كذا وكذا، فلم يفعله، فعلية كفارة يمين. قال أبو بكر: القول الأول صحيح. [أبواب الاستثناء في الأيمان] (¬2) 19 - باب الاستثناء اليمين المسقط للكفارة قال أبو بكر: (ح 1396) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - فقال: "من حلف فقال: إن شاء الله، لم يحنث". قال أبو بكر: ولا يكون الاستثناء بالقلب، وإنما يكون مستثنى باللسان، لقوله: "فقال: إن شاء الله. قال أبو بكر: م 4398 - وهذا قول مالك بن أنس، والثوري، والأوزاعي، والليث ابن سعد، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبي ثور. ¬

_ (¬1) "عليه" ساقط من الدار. (¬2) ما بين المعكوفين من الدار

20 - باب وقت الاستثناء

وممن حفظنا عنه أنه قال: لا يكون مستثنى حتى يظهر الاستثناء بلسانه، الحسن البصري، والنخعي، وحماد، والثوري، والكوفي (¬1)، وأحمد، وإسحاق وهو يشبه مذهب الشافعي، وأبي ثور. قال أبو بكر: وبه نقول [2/ 222/ألف]. 20 - باب وقت الاستثناء قال أبو بكر: م 4399 - اختلف أهل العلم في الوقت الذي إذا استثنى المرء في يمينه سقطت عنه كفارة اليمين. فقالت طائفة: إذا كان استثناؤه متصلاً بيمينه، فليس عليه كفارة، هذا قول الحسن البصري، والنخعي، وعطاء، ومالك، والثوري، والأوزاعي، والشافعي، وأبي عبيد، وأصحاب الرأي. وقد روينا عن طاووس أنه قال: له أن يستثنى ما دام في مجلسه، وبه قال الحسن البصري. وقال قتادة: إن استثنى قبل أن يقوم، أو يتكلم، فله [[مستثناه]]. وقال أحمد: يكون الاستثناء ما دام في ذلك مال أمر، وبه قال إسحاق. وقد روينا عن عطاء أنه قال: له ذلك قدر حلب الناقة الغزيرة اللبن. ¬

_ (¬1) "والكوفي" ساقط من الدار.

21 - باب الاستثناء في الطلاق

وفيه قول رابع: روينا عن ابن عباس أنه كان يرى الاستثناء بعد حين. وقد روينا عن مجاهد أنه قال: أن قال بعد سنين: إن شاء الله، فقد استثنى. وروينا عن سعيد بن جبير أنه قال: إن قال إن شاء الله، بعد أربعة أشهر، فقد استثنى. قال أبو بكر: بالقول الأول أقول. (ح 1397) لأنه - صلى الله عليه وسلم -، لما قال: "من حلف، فقال: إن شاء الله". كلاماً متصلاً مستمسكاً بعضه ببعض، ولم يجعل بينه فصلاً: دل على أن اليمين إذا انقضت، وصار بينها وبين الاستثناء فصلاً (¬1)، أن ذلك لا ينفع. ولو جاز ما قاله من خالف هذا القول، ما وجبت كفارة على حالف أبداً، لأنه يستثني إذا ذكرها فتسقط الكفارة عنه. 21 - باب الاستثناء في الطلاق قال أبو بكر: م 4400 - واختلفوا في الاستثناء في الطلاق والعتق. فقالت طائفة: ذلك جائز، روينا هذا القول عن طاووس، ¬

_ (¬1) "فصلاً" ساقط من الدار.

22 - باب اليمينين يستثنى الحالف في أحدهما

وبه قال حماد الكوفي، والشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. ولا يجوز الاستثناء في الطلاق، في قول مالك، والأوزاعي. وهذا قول الحسن، وقتادة في الطلاق خاصة. وبالقول الأول أقول (¬1). 22 - باب اليمينين يستثنى الحالف في أحدهما قال أبو بكر: م 4401 - كان أبو ثور يقول: إذا حلف بيمين، ثم بيمين، ثم قال: إن شاء الله (¬2)، وأراد اليمينين: أن ذلك جائز. وبه قال أصحاب الرأي في [2/ 222/ب] اليمينين: بالله، وبالحج، والعمرة. قال الكوفي: فأما إن قال: عبدي حر إن كلمت فلاناً، عبدي الآخر حر إن كلمت فلاناً إن شاء الله، ثم كلمه: فإن عبده في اليمين الأولى حر في القضاء، ويدين فيما بينه وبين الله عَزَّ وَجَلَّ. ¬

_ (¬1) "وبالقول الأول أقول" ساقط من الدار. (¬2) "ثم قال: إن شاء الله" ساقط من الدار.

23 - باب سقوط الكفارة عن المخطئ والناسي

23 - باب سقوط الكفارة عن المخطئ والناسي قال أبو بكر: قال الله جل ذكره: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا}. وقال تعالى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ} الآية. م 4402 - وقد اختلف أهل العلم في وجوب الكفارة على الساهي والناسي. فكأن عطاء بن أبي رباح، وعمرو بن دينار، وابن أبي نجيح، يقولون في الرجل: يحلف بالطلاق على أمر أن لا يفعله، ففعله ناسياً: أن لاشيء عليه. وقال إسحاق: (¬1) أرجو أن لا يلزمه شيء. وأوجبت طائفة عليه الحنث، وألزمته ذلك، هذا قول سعيد ابن جبير، ومجاهد، والزهري، وقتادة، وربيعة، ومالك، وأصحاب الرأي. وفيه قول ثان: وهو الزام ذلك في الطلاق، والعتاق خاصة، وسقوط الحنث عنه في سائر الأيمان، هذا قول أبي عبيد، والمشهور من قول الشافعي عند أصحابه، وهو قول مالك. وكان أحمد يحنث في النسيان في الطلاق، ويقف على إيجاب الحنث في سائر الأيمان إذا كان ناسياً. ¬

_ (¬1) وفي الدار "وبه قال إسحاق وقال".

قال أبو بكر: الفرائض غير واجبة بالاختلاف، ولا أعلم أحداً يقول: إن الله عَزَّ وَجَلَّ نهى الناسي أن يفعل في حال نسيانه أمراً نهاه عنه. ففي ذلك دليل على سقوط الحنث والكفارة عن الحالف على شيء، ثم يفعل ذلك ناسياً. م 4403 - وإذا حلف الرجل أن لا يفارق غريمه حتى يستوفي ماله، ففر منه (¬1) غريمه. فلا شيء عليه، في قول مالك، والشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي. وبه أقول، لأن غريمه فارقه. م 4404 - وإن أحال بالمال على رجل، أو أبرأه الطالب، ثم فارقه. حنث في قول الشافعي، وأبي ثور، ويعقوب؛ لأنه لم يستوف ماله. ولا يحنث في قول النعمان، ومحمد. م 4405 - ولو أعطاه الدراهم قبل أن يفارقه، ثم وجد فيها زيوفاً. حنث في قول مالك. ولا يحنث في قول أبي ثور، وأصحاب الرأي. م 4456 - ولو وجدها [[ستوقه]]. لم يحنث في قول أبي ثور. وفي قول أصحاب الرأي: إن كانت أكثرها فضة: لم يحنث، وإن كانت من نحاس أكثرها والفضة أقلها: حنث، لأنه فارقه وعليه شيء. ¬

_ (¬1) "منه " ساقط من الدار.

24 - باب اللغو في اليمين

م 4407 - ولو استحقها [2/ 223/ألف]، رجل، فأخذها من الحالف: لم يحنث، لأنه لم يفارقه إلا على الوفاء، في قول أبي ثور، وأصحاب الرأي. 24 - باب اللغو في اليمين قال أبو بكر: م 4408 - واختلفوا في اللغو في اليمين. فقالت طائفة: هو قول الرجل: لا والله، وبلى والله. روينا هذا القول عن ابن عباس، وعائشة رضي الله عنهما. وروي ذلك عن القاسم بن محمد، وعطاء، والحسن، وعكرمة، والشعبي، وبه قال الشافعي. وفيه قول ثان: روينا عن ابن عباس أنه قال: لغو اليمين، هو أن يحلف على الشيء، يرى أنه كما حلف عليه، ثم لا يكون كذلك. روي ذلك عن الحسن، ومجاهد، وقتادة، والنخعي، وسليمان ابن يسار. وبه قال مالك، والأوزاعي، وأحمد، وأصحاب الرأي.

25 - أبواب كفارات الأيمان

وقال سعيد بن جبير: هو تحريم الحلال. وقال مسروق: اللغو في الأيمان: كل يمين في معصية، ليس فيه كفارة. روينا عن ابن عباس رواية ثالثة، قال: لغو اليمين أن تحلف وأنت غضبان. وروينا عن إبراهيم النخعي أنه قال: هو الرجل يحلف على اليمين، يرى أنه حق، فلا يجده كذلك، يكفر عن يمينه. والأكثر من أهل العلم على أن لا كفارة في اليمينين اللتين بدأنا بذكر. 25 - أبواب كفارات الأيمان قال أبو بكر: قال الله جل ذكره: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} إلى قوله تعالى: {أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ} الآية.

م 4409 - وأجمع أهل العلم على أن الحانث في يمينه بالخيار: إن شاء أطعم، وإن شاء كسا، وإن شاء أعتق، أي ذلك فعل يجزئه. م 4410 - واختلفوا في الحانث في يمينه، يريد أن يكفر بالطعام. فقالت طائفة: لكل مسكين مُد من طعام. روي هذا القول عن زيد بن ثابت، وابن عمر، وابن عباس، وأبي هريرة رضي الله عنهم وبه قال عطاء، وابن سيرين، والقاسم، وسالم، ومالك، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو عبيد. قال أبو بكر: وبه نقول. وقالت طائفة: يطعم كل مسكين نصف صاع. روينا هذا القول عن عمر. وروينا عن علي أنه قال: صاع من شعير، أو نصف صاع من قمح لكل مسكين. وممن روينا عنه أنه قال: نصف صاع من قمح: مجاهد، والنخعي، وأبو مالك، وعكرمة، [2/ 223/ب] والشعبي، وبه قال الثوري، وأصحاب الرأي، واستحب ذلك أبو ثور. قال أبو بكر: مد يجزئ لكل مسكين، ومدان أحوط.

26 - باب الأوسط من إطعام المساكين

26 - باب الأوسط من إطعام المساكين قال أبو بكر: م 4411 - واختلفوا في معنى قوله تعالى: {مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ} الآية فقال عبيدة: الخبز، والسمن. وقال ابن سيرين: أفضله، الخبز، واللحم، وأوسطه: الخبز، والسمن، وأخسه: الخبز، والتمر. وقال أبو رزين: خبز وخل، وخبز وزيت. م 4412 - واختلفوا في إطعام المساكين. فقالت طائفة: يغدّيهم ويعشيهم، روينا هذا القول عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، والحسن البصري، والشعبي، وقتادة. وقال مالك: يجزئه ذلك، وبه قال أبو ثور، وأصحاب الرأي. وقال ابن سيرين، والأوزاعي، وأبو عبيد يجزئهم أكلة، وقد روي ذلك عن الحسن. وقال الشافعي: لا يجزئ في غير المكيلة. م 4413 - قال مالك، والشافعي: لا يعطى الدقيق والسويق. ويجزئه في قول أصحاب الرأي الدقيق والسويق. وقال أحمد: يعطى الدقيق بالوزن.

27 - باب مسائل

27 - باب مسائل (¬1) م 4414 - واختلفوا في إخراج قيمة الطعام، في كفارة اليمين. ففي قول مالك، والشافعي: لا يجزئه. ويجزئه في قول أصحاب الرأي، ويجزئ (¬2) ذلك عند الأوزاعي. قال أبو بكر: لا يجزئ إلا الإطعام. واختلفوا في المعطي مسكيناً واحداً كفارة يمين، في مرة واحدة (¬3)، أو مرات. فكان الشافعي، وأحمد، وأبو ثور يقولون: لا يجزئ إلا أن يعطي العدد الذي أمره الله تعالى به. وقال الأوزاعي: يجزئ أن يعطي مسكيناً واحداً عشرة أمداد من قمح. وقال الثوري: يطعم عشرة مساكين، فإن لم يجد، أعطى مسكيناً أو اثنين. وفيه قول رابع: وهو إن أعطى مسكيناً واحداً خمسة أصع: لم يجز، فإن أعطاه نصف صاع، ثم أعطاه من الغد نصف صاع، حتى يستكمل خمسة آصع، في عشرة أيام: أجزأ، هذا قول أصحاب الرأي. وفيه قول خامس: قال أبو عبيد قال: إن كان المعطى خص بها أهل بيت شديدي الفاقة: أجزأه، واحتج: ¬

_ (¬1) "باب مسائل" ساقط من الدار. (¬2) "في قول أصحاب الرأي، ويجزئ" ساقط من الدار. (¬3) "واحدة" ساقط من الدار.

(ح 1398) بحديث الواقع على أهله في رمضان [2/ 224/ألف]. م 4416 - واختلفوا في إعطاء أهل الذمة من كفارات الأيمان. فروينا عن الحسن البصري، والنخعي، والحكم أنهم قالوا: لا يعطى منها أحد على غير دين الإسلام. وبه قال مالك، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو عبيد. وفيه قول ثان: وهو إجازة أن يعطى أهل الذمة من ذلك، يروى هذا القول عن الشعبي، وبه قال أصحاب الرأي، وأبو ثور. وقال الثوري: يعطيهم إن لم يجد مسلمين، ولا يعطي أهل الحرب. م 4417 - قال الشافعي: ويعطي من كفارة الأيمان من لا تلزمه نفقته، من قراباته، ومن عدا الوالد والولد والزوجة، وبه قال أبو ثور. م 4418 - وقال الشافعي: لا يعطي أم ولده ومملوكه، ومدبره، وبه قال أبو ثور، لأصحاب الرأي. م 4419 - وقال الشافعي، وأصحاب الرأى: لا يعطي مكاتبه. وقا أبو ثور: أرجو أن يجزئه. م 4420 - وقال مالك، والشافعي، وأبو ثور وغيرهم: لا يعطى العبد من الكفارة.

28 - باب الكسوة

م 4421 - وكان الشافعي، وأبو ثور يقولان: لا يجزئ أن يطعم خمسة، ويكسو خمسة. وقال الثوري يجزئه. ويجزئه عند أصحاب الرأي إذا كان الطعام أرخص. م 4422 - ويجزى عند مالك [[أن]] يعطى [[الفطيم]] من الكفارة. [[وإن]] أعطاه نصف صاع، فأكله في أيام: أجزأه عند أبي ثور. ويجزئ إعطاء الطفل عند الشافعي، إذا قبضه وليه. (¬1) م 4423 - وإذا أعطى من يحسبه فقيراً، فكان غنياً. لم جزئه في قول الشافعي وأبي ثور، ويعقوب. ويجزئه ذلك في قول النعمان، ومحمد. قال أبو بكر: قول الشافعي صحيح، لأن هذا لم يعط من أمرَ بإعطائه. 28 - باب الكسوة قال أبو بكر: م 4424 - واختلفوا فيما يجزئ أن يكسو في كفارة اليمين، فقال عطاء، والحسن، ومجاهد، وطاووس (¬2)، وعكرمة: يجزئ أن يعطى ثوباً. هذا قول الثوري، والأوزاعي، والشافعي، وأبى عبيد. وقال الأوزاعي: لا يجزئه سراويل، لأنه نصف ثوب. وقال أبو ثور: لا يجزئ نصف ثوب. ¬

_ (¬1) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: ونص الكلام في الأوسط كما يلي: «وكان مالك يقول: يعطي الفطيم من الكفارة، وقال أبو ثور: إن أطعم عشرة مساكين فغداهم وعشاهم، وفيهم ابن سنتين أو أكبر لم يجزه، وإن أعطى نصف صاع، وأكله في أيام أجزأه، ولا يجزئ عند الشافعي إلا المكيلة ويجوز على مذهبه [إعطاء] الطفل إذا قبضه وليه.» (¬2) "وطاووس" ساقط من الدار.

وقال أصحاب الرأى: يجزئ أن يعطي كل مسكين ثوباً. ولا يجزئ عندهم قلنسوة، ولا نعلين، ولا خفين. وقد روينا عن أبي موسى الأشعري أنه أمر (¬1) أن يكسى عنه [2/ 224/ب] ثوبين ثوبين (¬2) وبه قال الحسن، وابن (¬3) سيرين. وفيه قول ثالث: وهو "إن كسا الرجال، كما هم ثوباً ثوباً، وإن كسا النساء ثوبين ثوبين، درعاً وخماراً لكل إمرأة". هذا قول مالك. م 4425 - ولا يجزئ أن يكسي فقراء أهل الذمة، في قول الشافعي. ويجزئ ذلك في قول أبي ثور، وأصحاب الرأي. م 4426 - ولو أعطاهم ثوباً واحداً قيمته عشرة أثواب. لم يجزه في قول الشافعي، وأبي ثور. ويجزئ ذلك قول النعمان، ويعقوب، ومحمد، عن الطعام، ولا يجزئ ذلك من الكسوة. م 4427 - وإذا كسا، واستحق ذلك (¬4) ببينة: لم يجز ذلك في قول الشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي. م 4428 - وإن أعطى دابة قيمتها عشرة أثواب. ¬

_ (¬1) "أنه أمر أن يكسى" تكرر في الأصل. (¬2) في الدار "أن يكسى ثوبين". (¬3) في الأصل "ابن شبرمة" والتصحيح من الدار، وهو موافق لما جاء في "عب". (¬4) "ذلك" ساقط من الدار.

29 - باب الرقاب

لم يجزه في قول مالك، والشافعي، وأبي ثور. ويجزئ ذلك (¬1) قول أصحاب الرأي. ولو أعطاهم بغير أمره: لم يجزه في قولهم جميعاً. م 4429 - ولو أعطى مسكيناً من كفارة اليمين، فمات المسكين، فورثه المعطي: أجزأه ذلك في قول الشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأى. م 4430 - وقال أبو ثور: لو أن رجلاً عليه يمينان، فأعطى عشرة مساكين، لكل مسكين ثوبين، لم يجزئه ذلك، ويجزى عن يمين واحدة، وهكذا قال النعمان، ويعقوب. وقال محمد: يجزئه ذلك قول الشافعي إذا نوى ذلك. م 4431 - وإذا كان له دار وخادم: أعطى من الكفارة في قول الشافعي، وأصحاب الرأي. 29 - باب الرقاب قال أبو بكر: م 4432 - أجمع أهل العلم على أن من وجبت عليه كفارة يمين، فأعتق عنها رقبة مؤمنة: أن ذلك مجزئ عنه. م 4433 - واختلفوا في عتق غير المؤمنة عن الكفارة. فكان عطاء، وأبو ثور، وأصحاب الرأى يقولون: يجزئه. وقال مالك، والأوزاعي، والشافعي، وأبو عبيد: لا يجزئه. ¬

_ (¬1) "ذلك" ساقط من الدار.

ومن حجة من قال: يجزئه، ظاهر قوله تعالى: {أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ}. قالوا: فظاهر القرآن يأمر بتحرير رقبة، فأي رقبة أعتق أجزأ، إلا رقبة أجمعوا على أنها لا تجزئ. م 4434 - واختلفوا في عتق أم الولد عن الرقاب الواجبة. فقال مالك، والشافعي، وأبو عبيد، وأصحاب الرأي: لا تجز. قال أبو بكر (¬1): وبه نقول [2/ 225/ألف]. وقد روي عن الحسن، والنخعي أنهما قالا: لا يجزئه. م 4435 - واختلفوا في عتق المدبر عن الرقاب الواجبة. فكان مالك، والأوزاعي، وأبو عبيد، وأصحاب الرأي يقولون: لا يجزئ. ويجزى ذلك في قول الشافعي، وأبي ثور، وبه نقول. م 4436 - وكان مالك، والشافعي يقولان: لا يجزئ فيه عتق المكاتب. وقال أصحاب الرأي: إن لم يكن أدى شيئاً، يجزئ، وبه قال أحمد، وإسحاق. م 4437 - وإن أدى بعض الكتابة: لم يجز في قول الأوزاعي، والليث بن سعد، وأصحاب الرأي، ويجزئ ذلك عند أبي ثور، وإن أدى بعض الكتابة، لأن المكاتب عبد ما بقي عليه درهم. م 4438 - واختلفوا في عتق ولد الزنى عن الواجب. ¬

_ (¬1) "قال أبو بكر" ساقط من الدار.

فروينا عن عطاء بن أبي رباح، والشعبي، والنخعي، أنهم قالوا: لا يجزئه. وبه قال الأوزاعي. وروينا عن فضالة بن عبيد، وأبي هريرة، أنهما قالا: يجزئه، وبه قال سعيد بن المسيب، والحسن، وطاووس، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، أبو عبيد. وبه نقول، لدخوله في ظاهر قوله تعالى: {أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} م 4439 - واختلفوا في الرجل يعتق عبداً بينه وبين آخر، عن رقبة عليه. فكان الشافعي، وأبو ثور يقولان: يجزئه، وبه قال يعقوب، ومحمد إذا كان موسراً، ويضمن لشريكه حصته. وقال النعمان: لا يجزئه. م 4440 - واختلفوا في الرجل يشتري من يعتق عليه، من والد، وولد، ينوي بذلك العتق عن كفارة عليه. فقال مالك، والشافعي، وأبو ثور: لا يجزئه. وقال أصحاب الرأي: إن نوى ذلك عن الكفارة، يجزئه. م 4441 - واختلفوا في عتق الصغير، عن الرقاب الواجبة. فكان الحسن يقول: يجزئ، به قال عطاء، والزهري، والشافعي، وأبو ثور، وأبو عبيد، وأصحاب الرأي.

وقال مالك، من صلى وصام أحب إليّ، وبه قال أحمد ابن حنبل، وإسحاق (¬1). قال أبو بكر: يجزئ ذلك على ظاهر الآية. م 4442 - وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن من العيوب التي تكون في الرقاب، ليجزئ، ومنها ما لا يجزئ. فمما أجمعوا عليه أنه لا يجزئ: إذا كان أعمى، أو مقعداً، أو مقطوع اليدين، أو شلهما، أو الرجلين، هذا قول مالك، والشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي، وكذلك قال الأوزاعي في الأعمى والمقعد. م 4443 - وقال مالك: لا يجزئ العرج الشديد. وقال الشافعي: [2/ 225/ب] يجزئ العرج الخفيف. م 4444 - وقال أصحاب الرأي: يجزئ أقطع أحد اليدين، أو أحد الرجلين، ولا يجزئ ذلك في قول مالك، والشافعي، وأبي ثور. والنظر يدل على ما قالوه أن ما أضر بالعمل إضراراً بيناً: لا يجزئ. وما لا يضر به إضراراً بيناً، إذا كان قصدهم في ذلك العمل. م 4445 - ويجزى الأخرس في قول الشافعي، وأبي ثور. ولا يجزئ قول أصحاب الرأي (¬2). ¬

_ (¬1) "وإسحاق" ساقط من الدار. (¬2) "ولا يجزئ في قول أصحاب الرأي" ساقط من الدار.

م 4446 - ولا يجزئ المجنون المطبق في قول مالك، والأوزاعي، والشافعي، وأصحاب الرأي. وقال الشافعي: إذا كان يجن ويفيق: يجزئ. وقال مالك: لا يجزئ. م 4447 - ولا يجزئ عند مالك من أعتق إلى سنين. ولا يجزئ ذلك في قول الشافعي. م 4448 - ولا يجزئ في قوله مالك، والشافعي، وأحمد: رقبة تشترى بشرط أن تعتق عن الرقبة الواجبة. م 4449 - ولا يجزئ في قول الشافعي، والكوفي، ومالك (¬1) أن يعتق ما في بطن أمته. وقال أبو ثور: يجزئ. م 4450 - وقال الثوري: إذا كان على الرجل كفارة رقبة، فقال لرجل: أعتق عني عبدك، فأعتق عنه، أجزأه، وبه قال مالك، والشافعي، وأبو ثور. م 4451 - وإن أعتقه بأمره على غير شيء. ففي قول الشافعي: يجزئ، ويكون ولاؤه للمعتق عنه، وبه قال يعقوب. وقال أبو ثور: يجزئ، ويكون ولاؤه للذي أعتقه. وفي قول النعمان: الولاء للمعتق، ولا يجزئ عن ذلك. وقال محمد: هذا أحب إليّ. م 4452 - وإذا اشترى عبداً شراء فاسداً، فأعتقه عن واجب عليه. لم يجزه في قول الشافعي، وأبي ثور. ¬

_ (¬1) "ومالك" ساقط من الدار.

30 - باب الصوم

وقال أصحاب الرأي: عتقه جائز، ويجزئه إذا قبضه. قال أبو بكر: لا تجزئه، لأنه لم يملكه. م 4453 - وإن قال: إن اشتريت فلاناً فهو حر عن يميني، فاشتراه ينوي به العتق عن يمينه. لم يجزه في قول الشافعي، وأبي ثور. ويجزئه في قول أصحاب الرأي. قال أبو بكر: قول الشافعي صحيح. م 4454 - وإن أعتق عبداً على مال يأخذه من العبد، لم يجزه، ويعتق العبد في قول أبي ثور، وأصحاب الرأي. م 4455 - وقال الشافعي، وأبو ثور: كفارات الإيمان تخرج من رأس مال البيت. وفي قول أصحاب الرأي: تكون من الثلث. 30 - باب الصوم قال أبو بكر: م 4456 - أجمع أهل العلم على أن الحالف الواجد للإطعام، أو الكسوة أو الرقبة: لا يجزئه الصوم إذا حنث في يمينه. م 4457 - واختلفوا في الحال التي له أن يصوم فيها. فقال الشافعي: من كان له أن يأخذ من الصدقة [2/ 226/ألف] فله أن يصوم.

وقال أحمد، وإسحاق: إذا كان عنده قوت يومه وليلته: أطعم مافضل عنه. وقال أبو عبيد: إذا كان عنده قوت يومه لنفسه، وعياله، وكسوة تكون لكفايتهم، ثم يكون بعد ذلك مالكاً لقدر الكفارة، فهو عندنا واحد. وروي عن النخعي أنه قال: إذا كان عنده عشرون درهماً، فله أن يصوم. وقال عطاء الخرساني: إذا كان عنده عشرون درهماً: أطعم، وإن كان دون العشرين: صام. وفيه قول سادس: وهو إذا كانت له خمسون درهماً، وجب عليه الإطعام، أو الكسوة، وإذا كانت دون الخمسين فهو ممن لا يجد، فيصوم. وروينا عن سعيد بن جبير أنه قال: إذا لم يكن عنده إلا ثلاثة دراهم فليكفر بها. وفيه قول ثامن: يروى عن الحسن أنه قال: إذا ملك درهمين، وجب عليه الكفارة. وقال أبو ثور: إذا كانت له دار يسكنها، أو خادم، ولم يكن عنده شيء أجزأه الصوم، وبه قال ابن الحسن قال: دار يسكنها، أجزأه الصوم (¬1). ¬

_ (¬1) "أجزأه الصوم" ساقط من الدار.

قال أبو بكر: قول أبي عبيد حسن. م 4458 - واختلفوا تفريق صوم الكفارة. فروي أن في قراءة أبي بن كعب، وابن مسعود: {ثلاثة أيام مُتتابعاتٍ}. وروينا هذا القول عن عطاء، ومجاهد، وعكرمة، والنخعي، وبه قال الثوري، وأحمد، وإسحاق، وأبو عبيد، وأبو ثور (¬1)، وأصحاب الرأي. قالوا: لا يجوز إلا متتابعة. وقالت طائفة: يجزئ التفريق فيها، هذا قول مالك بن أنس، والشافعي وروي ذلك عن الحسن، وطاووس. قال أبو بكر: يلزم من زعم أن الرقبة في الموضع الذي لم يذكر الله تعالى فيه مؤمنة، لا يجزئ إلى مؤمنة، استدلالاً بالآية التي أوجب الله فيها على القاتل خطأ رقبة مؤمنة، أن يقول كذلك لا يجزئ الصوم في كفارة اليمين إلا متتابعاً، إذ هي كفارة، وكفارة، لا فرق بينهما. م 4459 - واختلفوا فيمن صام بعض الأيام في كفارة اليمين، ثم أيسر. فروينا عن الحسن وقتادة أنهما قالا: يمضي في في صومه، وليس عليه إطعام، وبه قال مالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور. ¬

_ (¬1) "وأبو ثور" ساقط من الدار.

وقالت طائفة: إن صام يومين، ثم أيسر، فعليه أن يطعم، ولا يحتسب بالصيام. روينا هذا [2/ 226/ب] القول عن النخعي، والحكم، وبه قال الثوري، وأصحاب الرأي. قال أبو بكر: يمضي في صومه، لأنه دخل في فرض مأمور بالدخول فيه، ولا يجوز نقل الفرض الذي دخل فيه إلى غيره بغير حجة. م 4460 - واختلفوا فيمن صام بعض الصوم الذي هو متتابع، ثم مرض. فقالت طائفة: يبني على صومه، هذا قول أحمد، وإسحاق، وأبو ثور. وكذلك قالوا في المرأة إذا حاضت: تبني. وقال أصحاب الرأي في المريض والحائض: يستأنفان. وقال مالك، والشافعي في الحائض: تبني. وقال الشافعي في المريض: يستأنف. م 4461 - واختلفوا فيمن أكل في نهار الصوم ناسياً. فكان الشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي يقولون: يمضي في صومه، ولا قضاء عليه، وبه نقول. وقال مالك: يقضي يوماً منه. واختلفوا فيمن صام للكفارة في أيام التشريق. فقال الشافعي، وأصحاب الرأي: لا يجزئه. وقال أبو ثور: يجزئه. قال أبو بكر: لا يجزئه.

م 4463 - وقال الشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي: إن صام رمضان، ينوي عن الكفارة، لم يجزه. ولا يجزه من صوم (¬1) شهر رمضان في قول الشافعي، وأبي ثور. ويجزئه في قول أصحاب الرأي. م 4464 - وإذا أحنث في يمينه، وماله غائب عنه. فكان الشافعي يقول: لا يكفر حتى يحضر المال. وقال ابن القاسم كذلك: يتسلف. وقال أبو ثور: إن لم يجد قرضاً صام. وقال أصحاب الرأي: يجزئه الصوم. وقال الشافعي، وأصحاب الرأي: لا يجزئه أن يصام عنه بعد موته، وإن أوصى بذلك. وقال أبو ثور: يجزئه. م 4466 - واختلفوا فيمن حلف، وهو موسر، فأعسر. فقال الشافعي: لا نرى الصوم يجزئ عنه. وقال أبو ثور، وأصحاب الرأي: يجزئه. وإن حنث وهو معسر، ثم أيسر: ففيه للشافعي قولان: أحدهما: أن الصوم يجزئه. والثاني: أن حكمه حين يكفر، وبهذا قال أبو ثور، وأصحاب الرأي. قال أبو بكر: وهذا أصح. وكان الشافعي يقول: لو أن رجلاً عليه ثلاثة أيمان مختلفة، فحنث فيها، فإن أطعم، وأعتق، وكسا، ينوي الكفارة، ولا ينوي عن أيها ¬

_ (¬1) "صوم" ساقط من الدار.

31 - باب كفارة العبد

العتق، ولا عن أيها الأطعام، ولا عن أيها الكسوة، أجزأه بنية الكفارة. وكذلك قال مالك وأبو ثور، وأبو حنيفة (¬1). 31 - باب كفارة العبد قال أبو بكر: م 4469 - واختلفوا فيما يجب على العبد إذا حنث في يمينه. فكان الثوري، والشافعي، وأصحاب الرأي يقولون: [2/ 227/ألف] ليس عليه إلا الصوم، وقال الشافعي، وأصحاب الرأي (¬2): لا يجزئه غير ذلك. وقال أبو ثور: إذا أعطاه مولاه ما يكفر، فأطعم، أو أعتق، أوكسا. أجزأه واختلف فيه عن مالك، فحكى ابن نافع أنه قال: لا يكفر العبد بالعتق، لأنه لا يكون له الولاء، ولكن يكفر بالصدقة إن أذن له سيده، وأصوب ذلك أن يصوم. وحكى ابن القاسم عنه أنه قال: إن أطعم، أو كسا بإذن السيد فما هو بالبين وفي قلبي منه شيء. م 4470 - واختلفوا في الغلام، يكون نصفه حراً. فكان النعمان يقول: لا يجزئه إلا الصيام. ¬

_ (¬1) "وأبو حنيفة" ساقط من الدار. (¬2) "وأصحاب الرأى" ساقط من الدار.

32 - باب الكافر يحلف ثم يحنث بعد إسلامه

وقال الشافعي: عليه أن يكفر مما في يديه من المال، فإن لم يكن فيه يده مال لنفسه: صام. وقال (¬1) أبو حنيفة: لا يجزئه. ويجزئه أن يكفر مما في يديه في قول يعقوب، ومحمد. وقال أبو ثور: إن أذن له المولى، فكفر بما يصيبه في يومه: أجزأه. 32 - باب الكافر يحلف ثم يحنث بعد إسلامه قال أبو بكر: م 4471 - كان الثوري يقول: إذا حلف النصراني، ثم أسلم، فليس عليه كفارة فيما حلف عليه في شركه، وبه قال أصحاب الرأي. فإن حنث بعد إسلامه: فلا كفارة عليه. وقال الشافعي، وأبو ثور: عليه الكفارة وبه نقول. 33 - باب اليمين يحلف بها المرء إلى غير وقت معلوم قال أبو بكر: م 4472 - واختلفوا في الرجل يحلف بالطلاق، ليفعلن كذا، إلى غير وقت معلوم. ¬

_ (¬1) "وقال أبو حنيفة: ... إلى قوله: في يومه: أجزأه "ساقط من الدار.

فقالت طائفة: لا يطؤها حتى يفعل الذي قال، فأيهما مات، لم يرثه صاحبه، روي هذا القول عن سيد بن المسيب، والحسن البصري، والشعبى (¬1)، وبه قال أبو عبيد. وقالت طائفة: إن ماتَ، ورثتهُ، وله وطؤها، روي هذا القول عن عطاء، وبه قال يحيى الأنصاري. وقال مالك: إن مات ترثه. وقال إياس بن معاوية: يتوارثان. وقال الثوري: إنما يقع الحنث بعد الموت، وبه قال أبو ثور. وقال ربيعة، ومالك، ويحيى الأنصاري، والأوزاعي، يضرب لهما أجل الُمولي. وقال ابن أشوعَ: يؤجل سنة. وفيه قول خامس: حكي عن النعمان أنه قال: إذا قال: أنت طالق ثلاثاً إن لم يأت البصرة، فماتت [2/ 227/ب] امرأته قبل أن يأتي البصرة، فله الميراث. ولو مات قبلها حنث، وكان لها الميراث؛ لأنه فار (¬2)، ولأن الطلاق إنما وقع عليها قبل أن يموت بقليل. ولو قال لها: أنت طالق إن لم تأت البصري أنت، فماتت هي، فليس له منها ميراث، وإن مات قبلها، فلها الميراث. ¬

_ (¬1) وفي الدار "النخعي". (¬2) وفي الأصل "بار" وهذا من الدار.

34 - باب اليمين يكررها الحالف مرارا

قال أبو بكر: إذا حلف المرء أن يفعل فعلاً، ولم يجعل لذلك وقتاً، فهو على يمينه، استدلالاً: (ح 1399) بخبر مروان والمسور في قصة الحديبية، قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: قلت: يعني للنبي - صلى الله عليه وسلم -: "أو ليس كنت تحدثنا أنا سنأتي البيت، فنطوّف به؟ قال: بلى، فأخبرتُك أنا نأتيه العام؟، قلتُ: لا، قال: فأنك آتيه ومطوّف به. وفي ذلك دليل على أن الحالف ليفعلن فعلاً متى فعله برّه. 34 - باب اليمين يكررها الحالف مراراً قال أبو بكر: م 4473 - اختلف أهل العلم في الحالف، يكرر يمينه في الشيء الواحد مراراً، في مجلس واحد، أو مجالس متفرقة. فقالت طائفة: تجزئه كفارة واحدة، روينا هذا القول عن ابن عمر، وبه قال الحسن، وعروة بن الزبير، والزهري، ومالك ابن أنس، والأوزاعي، وأبو عبيد. وقالت طائفة: إن أراد بها اليمين الأول، فهي يمين واحدة. وإن ردّد، يريد أن يغلظ، فلكل يمين كفارة، هذا قول الثوري، وبه قال أبو ثور.

35 - باب مسألة

وقالت طائفة: إن حلف في مجلس واحد بأيمان، فكفارة واحدة، وإن كان في مجالس شتى، فكفارات شتى، روي هذا القول عن عمرو بن دينار، وقتادة. وقالت طائفة: ما لم يكفر فعليه كفارة واحدة، إذا حلف على أمور شتى، أو على شيء واحد، مراراً، في مجلس، أو مجالس، هذا قول أحمد، وإسحاق. وقال الشافعي (¬1): عليه في كل يمين كفارة، إلا أن يريد التكرير. وقال أصحاب الرأي: عليه يمينان إذا حلف مرتين، إلا أن يكون نوى باليمين الآخرة اليمين الأولى، فيكون عليه (¬2) كفارة واحدة. 35 - باب مسألة (¬3) م 4474 - واختلفوا فيمن قال: إن حلفت بطلاقك، فأنت طالق، إن حلفت بطلاقك فأنت طالق، إن حلفت بطلاقك فأنت طالق. فقالت طائفة: تقع علي الطلقة الأولى والثانية، إن كان دخل بها، وكانت في عدة منه، لأنه حلف بطلاقها في المرة الثانية فصارت طالقاً بالتطليقة الأولى [2/ 228/ألف]. ¬

_ (¬1) في الأصل "النعمان" وهذا من الدار، وهو الصحيح. (¬2) "عليه" ساقط من الدار. (¬3) "باب مسألة" ساقط من الدار.

36 - باب المساكنة

وحلف (¬1) بطلاقها في الثالثة، كانت طالقاً بالثانية أخرى، وصارت الثالثة يميناً أخرى، إن أعاد الكلام وقعت عليها أيضاً [تطليقة أخرى فإن كان لم يدخل بها: وقعت عليها] (¬2) تطليقة واحدة. هذا قول أصحاب الرأي. وقال أبو ثور: لا يقع عليها من الطلاق شيء لأن ذلك تكرير للكلام. 36 - باب المساكنة قال أبو بكر: م 4475 - وإذا حلف الرجل: لا يساكن فلاناً، ولا نية له، وكانا في دار فيها مقاصير، كان كل واحد منهما في حجرة. فلا حنث عليه، هذا قول الشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي. وقول مالك: يحنث. م 4476 - وقال الشافعي: النقلة والمساكنة على البدن دون الأهل، والمال، والولد (¬4) والمتاع، وبه قال أبو ثور. وقال أصحاب الرأي: لا يكون الانتقال إلا بالأهل، والمتاع. ¬

_ (¬1) وفي الدار "ولو حلف" وهو خطأ. (¬2) ما بين المعكوفين ساقط من الأصل، وهذا من الدار. (¬4) "والولد" ساقط من الدار.

ومذهب مالك: أن ينتقل بكل شىء له (¬1). م 4477 - وإذا حلف الرجل: ألا يساكن الرجل، هو ساكن معه، فإن أقاما (¬2) ساعة بعد ما أمكنه أن يتحول، حنث، كذلك قال مالك، والشافعي، وأبو ثور. وقال أصحاب الرأي: إذا لم يكن له نية، ثم أقام فيها بعد يمينه يوماً، أو أكثر، حنث، وينبغي له حين حلف أن يخرج متاعه منها مكانه. قال أبو بكر (¬3): لا فرق بين مقام يوم أو نصف يوم، إذا أقام بعد يمينه قليلاً، وهو يمكنه الخروج: حنث. م 4478 - واختلفوا فيمن حلف: لا يساكن فلاناً في دار بعينها، فاقتسما الدار نصفين، وفتح كل واحد منهما باباً لنفسه، فسكنا: فقال أبو ثور وأصحاب الرأي: يحنث. وقال مالك: لا يعجبني ذلك. وقال الشافعي: إن كان بينهما حاجز، ولكل واحد من الحجرتين باب، لم يحنث. قال أبو بكر: وبه نقول. م 4479 - وإذا حلف: ألا يسكن داراً بعينها، فهدمت، وبنيت، فسكنها، حنث، في قول أبي ثور، وأصحاب الرأي. م 4480 - وإذا حلف ألا يسكن دار فلان، فباع فلان الدار، وسكن بعدما ¬

_ (¬1) "له" ساقط من الدار. (¬2) وفي الدار "أقام". (¬3) "قال أبو بكر" ساقط من الدار.

صارت (¬1) لغيره: لم يحنث في قول أبي ثور، والنعمان، ويعقوب. وقال الشافعي، وابن الحسن: إن لم يكن له نية، حنث. م 4481 - وإذا حلف ألا يسكن بيتاً، ثم هدم ذلك البيت، وصار صحراء، ثم بني في موضعه بيت آخر، فيسكنه، حنث في قول أبي ثور، كما قال في الدار. ولا يحنث في قول أصحاب الرأي [2/ 228/ب]. قال أبو بكر: لا فرق بينهما. م 4482 - وإذا حلف ألا يأكل طعاماً لفلان، فاشترى فلان طعاماً، فأكل منه، حنث، في قول أبي ثور، وأصحاب الرأي، ويشبه ذلك مذهب الشافعي. وبه نقول. م 4483 - وإذا حلف ألا يسكن داراً لفلانٍ، فسكن داراً بين فلان وآخر، لم يحنث في قول الشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي. م 4484 - وإذا حلف ألا يسكن داراً اشتراها فلان، فاشترى فلان داراً لغيره، فسكنها، حنث في قول أبي ثور، وأصحاب الرأي. م 4485 - واختلفوا في الرجل يحلف ألا يسكن بيتاً، وهو من أهل البادية، أو من أهل القرية. فقال الشافعي: أي بيت سكن، من شعر، أو خيمة، أو ما وقع عليه اسم بيت، أو بيت حجارة، أو مدر: حنث. وقال أصحاب الرأي: إذا سكن بيت شعر لم يحنث إذا كان من أهل الأمصار. فإن كان من أهل البادية: حنث في قول أبي ثور، وقولهم جميعاً. ¬

_ (¬1) وفي الدار "كانت".

م 4486 - وإذا حلف ألا يسكن بيتاً لفلان، فسكن صُفةٌ له. حنث في قول أصحاب الرأي. ولا يحنث في قول أبي ثور. قال أبو بكر: هذا أصح. م 4487 - وإذا حلف ألا يسكن دار فلان هذه، فسكن بعضها، حنث في قول أبي ثور، وأصحاب الرأي، إلا أن يكون أراد ألا يسكن كلها. م 4488 - وإذا حلف ألا يدخل داراً لفلان، فدخل دار فلان هو (¬1) فيها ساكن. حنث في قول أبي ثور، وأصحاب الرأي. وبه قال الشافعي، إلا أن يكون نوى مسكناً له يملكه. م 4489 - وإذا حلف ألا يدخل على فلان، ولم يسم بيتاً، ولا نية له، فدخل عليه في بيته، أو بيت رجل، أو صفة، حنث في قول أبي ثور، وأصحاب الرأي. م 4490 - وإن دخل عليه في دهليز باب، أو ظلة، أو سقيفة، أو فسطاط، أو خيمة، أو بيت شعر. حنث في قول أبي ثور. ولم يحنث في قول أصحاب الرأي. فإن كان الحالف من أهل البادية: حنث في قولهم جميعاً. م 4491 - وإن دخل عليه الكعبة أو مسجداً، حنث في قول أبي ثور. ولم يحنث في قول أصحاب الرأي. وقال الشافعي: إذا دخل عليه المسجد، لم يحنث. ¬

_ (¬1) "فلان، هو" ساقط من الدار.

37 - باب الكفارة في اليمين قبل الحنث وبعده

م 4492 - وإذا حلف ألا يدخل بيتاً لفلان، فانهدم وصار صحراء، فدخله، لم يحنث في قول أبي ثور، وأصحاب الرأي. وقال الشافعي: لا يحنث [2/ 229/ألف]. وقال أصحاب الرأي في الدار (¬1) يحنث لأنها دار، وقالوا في البيت: لا يكون بيتاً إلا ببناء. قال أبو بكر: لا يحنث في المسألتين جميعاً. م 4493 - وإذا حلف ألا يدخل على فلان بيتاً، أو داراً، فدخل بيتاً أو داراً، وفلان فيه، وهو لا ينوي الدخول عليه، لم يحنث في قول الشافعي، وأصحاب الرأي. وقال أبو ثور: لا يحنث إذا لم ينو الدخول عليه، ولم يعلم. وللشافعي قول آخر أنه يحنث (¬2). قال أبو بكر: لا يحنث. 37 - باب الكفارة في اليمين قبل الحنث وبعده قال أبو بكر: م 4494 - اختلف أهل العلم في كفارة اليمين في الحنث، وبعده. فرخصت طائفة أن يكفر الرء عن يمينه (¬3) في أن يحنث. كان ابن عمر يكفل في الحنث أحياناً، وبعده أحياناً. ¬

_ (¬1) "في الدار" ساقط من الدار. (¬2) " أنه يحنث" ساقط من الدار. (¬3) وفي الدار "عن نفسه".

وممن روينا عنه أنه رخص في الكفارة قبل الحنث، ابن عباس، وعائشة رضي الله عنها، وابن سيرين والحسن البصري. وكان ربيعة بن أبي عبد الرحمن، ومالك، والأوزاعي، وابن المبارك، والثوري: يرون الكفارة قبل الحنث جائزة. غير أن مالكاً، والثوري، والأوزاعي يستحبون أن يكفر بعد الحنث. وكان أحمد، وإسحاق، وأبو عبيد، وأبو ثور، وسليمان ابن داود، وأبو خيثمة (¬1)، يرون الكفارة قبل الحنث تجزئ. وقال أصحاب الرأي: لا تجزئ الكفارة قبل الحنث. وفيه قول ثالث: قاله الشافعي قال: إن كفر قبل الحنث بإطعام: يجزئ وإن كفر بصوم، لم يجزه. قال أبو بكر: جاءت الأخبار عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - وبألفاظ شتى، ففي: (ح 1400) بعضها: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "وإذا حلفتَ على يمينٍ، فرأيت غيرها خيراً منها فأتِ الذي هو خيرٌ، وكفّر عن يمينك". (ح 1401) وفي بعضها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "كفّر عن يمينك وانتِ الذي هو خيرٌ". قال أبو بكر: وأي ذلك فعل يجزئه. ¬

_ (¬1) وفي الدار "أبو حنيفة" مكان أبي خيثمة، وهو خطأ.

38 - باب مسائل

38 - باب مسائل (¬1) م 4495 - وإذا حلف ألا يدخل من باب هذه الدار، ولا نية له فحول بابها إلى موضع آخر، فدخلها: لم يحنث، كذلك قال الشافعي، وأصحاب الرأي. قال الشافعي: [2/ 229/ب] وإن حلف ألا يدخل الدار، حنث. قال أبو بكر (¬2): وبه نقول. م 4496 - وإذا حلف الرجل ألا يركب دابة، وهو راكبها، أو لا يليس ثوباً وهو لابسه، أو لا يدخل داراً وهو فيها داخل. فقالت طائفة: إن نزع الثوب منه أو نزل منه، أو خرج من الدار منه، وإلا حنث، هذا قول الشافعي. ولا يحنث في شيء من ذلك عند أبي ثور، إلا أن يخرج من الدار، ثم يدخل وينزل عن الدابة، ثم يركبها، وينزع الثوب، ثم يلبسه. وبه نقول. وقال أصحاب الرأي: في الدابة إذا مكث عليها ساعة بعد اليمين: حنث. وقالوا في البيت: إن أقام فيه لم يحنث؛ لأنه لم يدخله بعد اليمين. وقالوا في القميص: إن تركه عليه بعد اليمين يحنث. قال أبو بكر: ليس بين شيء من ذلك فرق. ¬

_ (¬1) "باب مسائل" ساقط من الدار. (¬2) "قال أبو بكر" ساقط من الدار.

م 4497 - وإذا حلف ألا يكلم فلانة امرأة فلان، فطلق فلان، ثم كلمها: حنث في قول أبي ثور، وأصحاب الرأي. قال أبو بكر: وبه نقول. م 4498 - وإذا حلف ألا يدخل دار فلان هذه، فجعلت الدار حماماً، أو بستاناً، ثم دخل ذلك الموضع: لم يحنث في قول أبي ثور، وأصحاب الرأي. وبه نقول. م 4499 - وإذا حلف ألا يضع قدمه في دار فلان، ولا نية له، فدخلها راكباً: لم يحنث في قول أبي ثور، وإن دخلها وعليه خف أو نعل: حنث في قوله. وقال أصحاب الرأي: يحنث في ذلك كله، لأن معاني كلام الناس ههنا إنما تقع على الدخول. م 4500 - فإن قام على حائط من حيطان الدار (¬1)، حتى صار على سطح من سطوحها، حنث في قول المدني (¬2)، وأبي ثور، وأصحاب الرأي. وقال الشافعي: لا يحنث، قال: وإنما دخولها أن يدخل بنيانها، أو عرصتها. قال أبو بكر: الشافعي لا يحنثه بدخوله السطح، ويرى الاعتكاف على سطح المسجد، أو ظهر المسجد. والمدني لا يرى للمعتكف المقام (¬3) على سطح المسجد، ¬

_ (¬1) وفي الدار "حيطانها". (¬2) وفي الدار "المزني". (¬3) وفي الدار "والذي لا يرى الاعتكاف على".

39 - باب الخروج في كفارة اليمين

ويحنث الحالف لا يدخل داراً إن رقى سطحها. وكذلك ذلك من قولهما تضاد، وهو عندي حانث في المسألتين جميعاً، إذ سطح المسجد من المسجد، أو سطح الدار [2/ 230/ألف] من الدار. 39 - باب الخروج في كفارة (¬1) اليمين قال أبو بكر: م 4501 - وإذا قال لامرأته: أنت طالق إن خرجت إلا بإذني، ولا نية له، فأذن لها فخرجت، ثم عادت فخرجت، لم يحنث في قول الشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي. قال أبو بكر: وكذلك نقول. وكذلك قوله: إلا أن آذن لك، أو إلا بإذني. م 4502 - وإذا قال: أنت طالق كلما خرجت إلا بإذني، أو أنت طالق في كل وقت خرجت إلا بإذني، كان هذا على كل خرجه، في قول الشافعي. قال أبو بكر: وبه نقول. م 4503 - وإذا حلف ألا تخرج من بيته، فخرجت من الدار، ولا نية له، لم يحنث في قول أبي ثور. وهو حانث في قول أصحاب الرأي. ¬

_ (¬1) "كفارة" ساقط من الدار.

40 - باب الأيمان في الطعام والشراب

م 4504 - وإذا حلف ألا تخرج من الدار، فاحتمل هو فأخرجها، لم يحنث في قول الشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي، وهذا قياس قول مالك بن أنس. وبه نقول. م 4505 - وإذا حلف ألا يدخل عليها فلان البيت، فدخل فلان البيت، ثم جاءت فدخلت عليه، لم يحنث في قول الشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي. وبه نقول. م 4506 - وإذا حلف ألا تخرج امرأته إلا بإذنه، فأذن لها من حيث لا تسمع، فكان مالك يقول: يحنث. وقال الشافعي: لا يحنث، والورع أن يحنث نفسه. 40 - باب الأيمان في الطعام والشراب قال أبو بكر: م 4507 - أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن من حلف ألا يأكل طعاماً، أو لا يشرب شراباً، فذاق شيئاً من ذلك ولم يدخل حلقه: أنه لا يحنث. وممن حف ذلك عنه الشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. وبه نقول.

م 4508 - وإذا حلف ألا يأكل شيئين من الطعام سماهما، فأكل أحدهما، لم يحنث في قول الشافعي، مثل أن يقول: والله لا أكلت خبزاً ولحماً، فأكل أحدهما. وكذلك لو قال لزوجته: أنت طالق، إن دخلت هاتين الدارين، فدخلت إحداهما: لم يحنث. وقال أصحاب الرأي: إذا قال: والله لا آكل كذا ولا كذا، فأيهما أكل حنث. وكذلك إذ قال: والله لا أكلم فلاناً ولا فلاناً، فأيهما كلم حنث. وقال أبو ثور: وكذلك إذا قال: والله لا أذوق طعاماً ولا شراباً، فذاق أحدهما: حنث. م 4509 - وإذا [2/ 230/ب] حلف لا يأكل لحماً، فأكل سمكاً: لم يحنث في قول أبي ثور، وأصحاب الرأي، وبه قال الشافعي، وقال: يحنث في الورع. وقال الثوري: أما في القضاء فيقع عليه، والنية فيما بينة وبين الله تعالى. وقال قتادة: السمك لحم. م 4510 - وإذا حلف ألا يأكل لحماً، فأكل شحماً: لم يحنث في قول الشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي. ولا يحنث إن أكل ألية. م 4511 - وقالوا: يحنث إن أكل لحوم الوحش، والأنعام، والطير.

وقال أبو ثور، وأصحاب الرأي في البطون كذلك. وقال أحمد: إذا حلف ألا يأكل اللحم، فأكل الشحم: لا بأس به، ألا أن يكون أراد اجتناب الدسم. م 4512 - وإذا حلف ألا يأكل أدماً، ولا نية له. فالأدم عند أهل الكوفة: اللبن والزيت، والخل، والثريد، وأشباه ذلك، وبه قال أبو ثور. وقال النعمان، ويعقوب في الجبن والبيض: لا يؤتدم به ولا يحنث. وقال أبو ثور، ومحمد: يحنث في الجبن والبيض. وقال أبو ثور: الأدم: ما كان من طبيخ، أو شواء، أو لبن، أو سمن، أو خل، أو زيت، أو جبن، أو زيتون، أو سمك طري، أو مالح، أو بيض، أو تمر، أو ما يأتدم به الناس فهو أدم. قال أبو بكر: قول أبي ثور حسن. م 4513 - كان أبو ثور يقول: إذا حلف ألا يأكل شواء، فأكل ما يشوي من الطعام يحنث فيه. وقال أصحاب الرأي: إذا لم يكن له نية، لا يقع اسم الشواء إلا على اللحم. قال أبو بكر: قول أبي ثور أصح. م 4514 - وإذا حلف ألا يأكل الرؤوس. لم يحنث في قول الشافعي، إلا برؤوس الإبل، والبقر، والغنم. وبه قال أبو ثور إذا لم تكن له نية.

وقال النعمان: لا يقع هذا إلا على الغنم، والبقر إذا لم يكن له نية. وقال يعقوب، ومحمد: أما اليوم، فإنما اليمين على رؤوس الغنم. قال أبو بكر: جعل الشافعي اليمين فيمن حلف بألا يأكل رؤوساً: على المتعارف، وإذا حلف ألا يأكل لحماً على الأسماء، وما بينهما عندي فرق. م 4515 - وإذا حلف ألا يأكل بيضا، فإن البيض الذي يحنث به صاحبه. بيض الدجاج، والأوز، والنعام، ولا يحنث بيض الحيتان. وجعل أصحاب الرأي ذلك على بيض الطير، والدجاج، والإوزْ، وإن أكل غيره: لم يحنث. وقال أبو ثور: إذا لم تكن له نية، فهو على بيض الدجاج، وما يباع في السوق مما يتعارفه الناس. م 4516 - وإذا حلف ألا يأكل فاكهة، فالفاكهة معروفة [2/ 231/ألف]. ولا يحنث في قول أبي ثور إذا أكل ما يخرج من النخل. قال: والعنب، والخيار، والقثاء، ليس من الفاكهة. ولا يحنث في قول أصحاب الرأي بالعنب، والرمان، والرطب. وقال يعقوب، ومحمد: نراه حانثاً، يريدان إذا أكل عنباً. وجعل أبي ثور البطيخ من الفاكهة. م 4517 - وإذا حلف ألا يأكل من هذا الدقيق شيئاً، فأكل من خبزه، ولا نية له. لم يحنث في قول الشافعي، وأبي ثور. ويحنث في قول أصحاب الرأي.

م 4518 - وإذا حلف ألا يأكل من هذه الحنطة، فطحنت، فأكلها خبزاً، أو سويقاً. لم يحنث في قول الشافعي، وأبي ثور، والنعمان. ويحنث في قول يعقوب، ومحمد. قال أبو بكر: لا يحنث في هذه، ولا في التي قبلها. وإذا حلف ألا يأكل بسراً، فأكل رطباً، أو حلف ألا يأكل رطباً، فأكل تمراً، أو لا يأكل بسراً فأكل بلحاً، أو لا يأكل طعاماً فأكل بلحاً، أو حلف (¬1) ألا يأكل لحماً فأكل شحماً، أو حلف (¬2) ألا يأكل شحماً فأكل لحماً، أو لا يأكل زبداً فأكل لبناً، أو لا يأكل خلاً فأكل مرقاً فيه خل. لم يحنث في شيء من هذا، عند الشافعي، في حكايته أبي ثور عنه، وبه قال أبو ثور. وفي قول أصحاب الرأي: إذا حلف ألا يأكل من هذا البسر شيئاً، فأكل منه بعدما يصير رطباً أو تمراً: لم يحنث. م 4519 - وكذلك لو حلف ألا يأكل من هذا اللبن شيئاً (¬3)، فأكل منه حين صنع جبناً أو أقطاً، لم يحنث، لأنه قد تغير عن حاله. قال أبو بكر: كل هذا لا يحنث فيه. ¬

_ (¬1) "حلف" ساقط من الدار. (¬2) "حلف" ساقط من الدار. (¬3) "شيئاً" ساقط من الدار.

وقال أحمد، وإسحاق إذا حلف ألا يشرب اللبن فأكل الزبد: لم يحنث. وقال النخعي: من حلف ألا يأكل الزبد، فأكل لبناً: لم يحنث، وإن حلف ألا يأكل لبناً، فأكل زبداً، قال: قد حنث، لأن الزبد من اللبن. م 4520 - وإذا حلف ألا يأكل خبزاً، فماثه وشربه، أو لا يشرب سويقاً، فأكله. لم يحنث في قول الشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي. م 4521 - وإذا حلف ألا يأكل هذه التمرة، فسقطت في تمر، فأكل التمر كله. حنث في قول الشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي. قال أبو بكر: وبه نقول. وإن كان بقي من التمر تمرة: لم يحنث في الحكم، وحسن لو حنّث نفسه في الورع. م 4522 - وإذا حلف ألا يأكل بسراً، فأكل بُسراً مُذنّباً، أو حلف ألا يأكل [2/ 231 /ب] رطباً فأكل بسراً مذنباً. وقال أبو ثور: إن كان الغالب عليه البسر: كان بسراً، وإن كان الغالب عليه الرطب وإن بقي فيه شيء من البسر: فهو رطب.

41 - باب يمين المكره

وفي قول أبي يوسف: إذا حلف ألا يأكل بسراً، فأكل رطبًا، والرطب شيء من البسر: لم يحنث. ويحنث في قول النعمان، ومحمد. م 4523 - وإذا حلف ألا يأكل رطباً، فأكل ذلك البسر مذنباً، ففي هذا قولان: أحدهما: أنه يحنث، وإن كان الذنب يقع (¬1) عليه اسم البسر، واسم الرطب، هذا قول النعمان، ومحمد. والقول الثاني: أنه بسر، وليس برطب، حتى يرطب ويسمى رطباً، وهذا لا يحنث، وهذا قول يعقوب. م 4524 - وإذا حلف ألا يأكل من هذا العنب شيئاً، فأكل منه بعد ما صار زبيباً، لم يحنث في قول أبي ثور، وأصحاب الرأي. م 4525 - وإذا حلف ألا يأكل من الحلو شيئاً، فما أكل عن خبيص، أو عسل، أو سكر، أو ناطف، أو غير ذلك مما يسميه الناس حلواً: حنث في قول أبي ثور، وأصحاب الرأي. 41 - باب يمين المكره قال أبو بكر: قال الله جل ذكره: {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ}. واختلف أهل العلم في يمين المكره. ¬

_ (¬1) وفي الدار "لا يقع".

42 - باب مسالة

فقالت طائفة: إذا حلف ألا يأكل الشيء، فأكره على أكله: لم يحنث. هذا قول أبي ثور. وقال الشافعي: يمين المكره غير ثابتة عليه. وقال أصحاب الرأي: يحنث. م 4526 - وإذا حلف ألا يدخل دار فلان (¬1) فاحتمل، فأدخل. فإن الثوري، وأبو ثور، وأصحاب الرأي يقولون: لا يحنث وبه قال الشافعي، تراخى أو لم يتأرخ. وقال مالك: إن أدخل مربوطاً، فلا شيء عليه. وروي عن النخعي أنه قال: إذا أدخلها مربوطاً، فقد دخل. وقال الأوزاعي في امرأة حلفت على شيء، فأحنثها زوجها كرها، فكفارتها عليه (¬2). 42 - باب مسالة (¬3) م 4527 - وإذا حلف ألا يأكل تمراً فأكل حيساً، لم يحنث في قول أبي ثور. ويحنث في قول أصحاب الرأي م 4528 - وإذا حلف ألا يأكلُ طعاماً، فمضغه ورمى به، لم يحنث في قول أبي ثور، وأصحاب الرأي. ¬

_ (¬1) وفي الدار "بيتاً". (¬2) وفي الدار "عليها". (¬3) "باب مسألة" ساقط من الدار.

43 - باب الكفارة في الشراب

م 4529 - وإذا حلف ألا يأكل حبا، فأي شيء وقع عليه اسم الحب، فأكله، حنث في قول أبي ثور، وأصحاب الرأي [2/ 232/ألف]. 43 - باب الكفارة في الشراب قال أبو بكر: م 4530 - وإذا حلف ألا يشرب شراباً، ولا نية له، فأي شراب شربه مما يقع عليه اسم شراب، ماء أو غيره، حنث في قول أبي ثور، وأصحاب الرأي. م 4531 - وإن قال: أردت شراباً دون شراب، وكانت يمينه بالطلاق، أو العتق: لم يصدق في الحكم، وصدق فيما بينه وبين الله عز وجل. وبه قال أبو ثور، وأصحاب الرأي. م 4532 - وإذا حلف ألا يشرب مع رجل سماه، فإن شربا في مجلس واحد، من شراب واحد أو شرابين، أو كل واحد منهما من شراب على حدة، حنث في قول أبي ثور، وأصحاب الرأي. ولا (¬1) يحنث إن صُبّ الشراب في حلقه مكرها. م 4533 - وإذا حلف ألا يشرب، فمص حب الرمان ورمى بالثفل، لم يحنث، في قول أبي ثور، وأصحاب الرأي. قال أبو بكر: وبه نقول. ¬

_ (¬1) "ولا يحنث ... إلى قوله: وبه نقول" ساقط من الدار.

44 - باب الكسوة

44 - باب الكسوة قال أبو بكر: م 4534 - وإذا حلف ألا يشتري ثوباً، ولا نية له، حنث إن اشترى قز، أو طيلساناً، أو ثوباً من البياض، أو ثوبَ وشيٍ، أو فرواً، أو قباء، أو قميصاً، في قول أبي ثور، وأصحاب الرأي. م 4535 - وإن اشترى بساطاً، أو مسحاً، لم يحنث في قول أصحاب الرأي، ويحنث في قول أبي ثور. م 4536 - ولو اشترى قلنسوة، أو نصف ثوب، لم يحنث في قولهم جميعاً. م 4537 - ولو اشترى أكثر من نصف ثوب، لم يحنث في قول أبي ثور، ويحنث في قول أصحاب الرأي. قال أبو بكر: لا يحنث إلا بما يقع عليه اسم ثوب. م 4538 - وإذا حلف ألا يلبس هذا الثوب بعينه، فائتزر به، أو ارتدى به، حنث في قولهم جميعاً. وبه نقول. م 4539 - وإذا حلف ألا يلبس قميصاً، ولا نية له، فأئتزر به، أو ارتدى به، لم يحنث في قول أبي ثور. ويحنث في قول أبي يوسف، ومحمد إذا قال: لا ألبس هذا القميص. م 4540 - وإذا حلف ألا يعطي فلاناً ديناراً، فكساه ثوباً، أو حلف ألا يكسو فلاناً فأعطاه ديناراً.

45 - باب [2/ 232/ب] الكفارة في الوفاء باليمين

حنث في قول مالك. ولا يحنث في قول الشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي. م 4541 - وإذا حلف ألا يلبس ثوب فلان هذا، فباعه فلان، فلبسه، لم يحنث في قول أبي ثور، والنعمان، ويعقوب. ويحنث في قول محمد. 45 - باب [2/ 232/ب] الكفارة في الوفاء باليمين قال أبو بكر: م 4542 - إذا حلف ليقضين فلاناً حقه رأس الهلال. فقال مالك، وأبو ثور، وأصحاب الرأي: له ليلة ويوم من رأس الشهر (¬1). وقال الشافعي: يحنث إذا مرت الليلة التي يهل فيها الهلال، إذا قال: إلى رأس الهلال، أو عند رأس الهلال، أو إلى استهلال الهلال. م 4543 - وإذا حلف ليقضينه حقه اليوم، فله اليوم حتى تغيب الشمس، في قول الشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي. م 4544 - وإذا حلف ليقضينه ماله رأس الشهر، فأعطاه في ذلك، أو وهبه له الطالب، أو أبرأه مه. يحنث في قول الشافعي، إن لم يكن له نية. ¬

_ (¬1) وفي الدار "الهلال".

وقال أبو ثور: إن كانت يمينه إنما هي على أن يخرج مما عليه، فلا يحنث إذا خرج منه قبل الوقت، وإن كان أراد أن يعطيه في وقت، فأعطاه في غيره: حنث. وفي قول النعمان، ومحمد: لا يحنث. ويحنث في قول (¬1) الثوري، ويعقوب. م 4545 - وإن مات الطالب فالمطلوب لم يحنث، في قول أبي ثور، وأصحاب الرأي. م 4546 - وإذا حلف ألا يعطيه حتى يأذن له فلان، فمات فلان قبل أن يأذن له. سقطت اليمين في قول أبي ثور، والنعمان، ومحمد. وقال يعقوب: يحنث إذا كلمه، أو أعطاه. م 4547 - وإذا حلف لقاضٍ: لا يرى كذا وكذا، إلا رفعه إليه، فمات ذلك القاضي، فرأى ذلك الشيء بعد موته. لم يحنث في قول الشافعي، وأبي ثور. وحكى أبو ثور ذلك عن النعمان، ومحمد. وحكى عن يعقوب أنه قال: إذا مضى الوقت، حنث. قال أبو بكر: بقول الشافعي أقول. م 4548 - وإذا حلف بطلاق امرأته ليأتين البصرة، ولم يوقت وقتاً، فمات قبل ذلك. لم تطلق في قول أبي ثور؛ لأنه لم يفرط، ولو كان له وقت فمضى. ¬

_ (¬1) وفي الدار "المزني".

وقال أصحاب الرأي: يقع الطلاق عليها. م 4549 - وإذا حلف بعتق كل مملوك له، ثم حنث، وله عبيد وإماء، ومكاتبون، ومدبرون، وأمهات أولاد. عتق جميع هؤلاء، في قول الشافعي، والنعمان (¬1)، ويعقوب، ومحمد، إلا المكاتبين، فإنهم لا يعتقدون في قولهم جميعاً. وخالفهم أبو ثور في ذلك فقال: المكاتب عبد ما بقي عليه درهم، فرأى اليمين تلزمه. وقال أبو ثور: وفيه قول آخر، وهو: أن عليه كفارة يمين، هذا قول جماعة من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -[2/ 233/ألف]، ابن عمر، وابن عباس، وأبي هريرة، وعائشة وحفصة، وأم سلمة -رضي الله عنهم-. م 4550 - وإذا حلف ألا يشتري عبداً، أو متاعاً، أو حلف ألا يبيع عبداً أو متاعاً، فأمر غيره فباع ذلك الشيء، أو اشتراه. ففي قول مالك، وأبي ثور: يحنث. وفي قول الشافعي: لا يحنث، ولا يحنث عند أصحاب الرأي. م 4551 - وإذا حلف ألا يضرب عبده، فأمر غيره، فضربه، حنث في قول أبي ثور، وأصحاب الرأي، ولا يحنث في قول الشافعي. م 4552 - وإذا حلف ألا يتزوج امرأة، فأمر إنساناً، فزوجه، حنث في قول أبي ثور، وأصحاب الرأي. م 4553 - وإذا حلف ألا يهب لفلان هبة، فتصدق عليه بصدقة. حنث في قول الشافعي. ¬

_ (¬1) "والنعمان" ساقط من الدار.

46 - باب اليمين الخدمة

ولا يحنث في قول أبي ثور، وأصحاب الرأي. م 4554 - وقال أصحاب الرأي في النحل، والعمري: إذا قبضت حنث، وبه قال الشافعي. 46 - باب اليمين الخدمة قال أبو بكر: م 4555 - وإذا حلف على خادمة، قد كانت تخدمه، ألا يستخدمها، فكانت تخدمه، ولا يأمرها، ولا نية له. لم يحنث في قول أبي ثور. قال أبو بكر (¬1): وبه نقول. وقال أصحاب الرأي: يحنث إن كان يملك الخادم، وإن كان لا يملكها لم يحنث. قال أبو بكر: لا فرق بينهما. م 4556 - وإذا حلف ألا تخدمني فلانة، فخدمته، بأمره أو بغير أمره، حنث في قول أبي ثور، وأصحاب الرأي. قال أبو بكر (¬2): وبه نقول. 47 - باب في الركوب قال أبو بكر: م 4557 - وإذا حلف ألا يركب دابة، ولا نية له، فإن ركب بغلاً، أو حماراً، ¬

_ (¬1) "قال أبو بكر" ساقط من الدار. (¬2) "قال أبو بكر" ساقط من الدار.

أو برذوناً، أو فرساً، أو بقرة، أو غير ذلك من الدواب التي تركب: حنث وهذا قول أبي ثور. وكذلك قال أصحاب الرأي في الحمار، والفرس، والبغل، والبرذون: يحنث، وفي القياس: إذا ركب غير ما ذكرناه من الدواب أنه يحنث، غير أنا ندع ذلك ونستحسن أن لا يحنث. قال أبو بكر: فول أبي ثور أصح. م 4558 - وإذا حلف ألا يركب دابة فلان، ركب دابة عبده، حنث في قول الشافعي. ولا يحنث في قول أبي ثور (¬1)، وأصحاب الرأي إذا لم يكن له نية. م 4559 - وإذا حلف ألا يدخل داراً لفلان، دخل داراً لعبده. حنث في قول الشافعي، وابن الحسن. ولا يحنث في قول أبي ثور، والنعمان، ويعقوب (¬2) [2/ 233/ب]. م 4560 - وإذا حلف ألا يركب مركباً، ولا نية له، فركب سفينة: حنث، وكذلك الدابة بسرج، والمحمل. وإذا ركب دابة باكاف، أو عُرْيُ، حنث في قول أبي ثور، وأصحاب الرأي، في ذلك كله. ¬

_ (¬1) "اصح" وإذا حلف ... إلى قوله: في قول أبي ثور" ساقط من الدار. (¬2) في الأصل "ومحمد" وهذا خط، والتصحيح من الدار.

48 - باب في الحين والزمان

48 - باب في الحين والزمان قال أبو بكر: م 4561 - واختلفوا في الرجل، يحلف ألا يعطي فلاناً ماله حينا. فالحين في قول مجاهد، والحكم، وحماد، ومالك بن أنس: سنة. وفيه قول ثان: روي عن ابن عباس أن الحين ستة أشهر، وبه قال أصحاب الرأي. وكذلك قال عكرمة، وسعيد بن جبير، وعامر، وأبو عيد في قوله تعالى: {تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا} أنه ستة أشهر. والدهر في قول يعقوب، وابن الحسن كذلك: ستة أشهر (¬1). وقال الأوزاعي، وأبو عبيد: الحين ستة أشهر. وليس عند الشافعي في الحين وقت معلوم ولا غاية (¬2)، قد يكون الحين عنده مدة الدنيا. وقال: لا نحنثه أبداً، والورع أن يقضيه قبل انقضاء يوم. قال أبو بكر (¬3): الحين والزمان على ما تحتمله اللغة، يقال: قد جئت مد حين، ولعله لم يجيء من نصف يوم. ¬

_ (¬1) "والدهر في قول يعقوب، وابن الحسن كذلك ستة أشهر" ساقط من الدار. (¬2) وفي الدار "وللحين عنده غاية " وهذا خطأ. (¬3) وفي الدار "قال أبو ثور" وهو خطأ.

49 - باب اليمين في الضرب

49 - باب اليمين في الضرب قال أبو بكر: م 4562 - وإذا حلف الرجل ليضربن عبده مائة، فضربه ضرباً خفيفاً، فهو بار عند الشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي. وقال مالك بن أنس: ليس الضرب إلا الضرب الذي يؤلم. م 4563 - وإذا حلف ليجلدن عبده مائة، فجمعها، فضربه بها ضربة واحدة، فأيقن أنها ماسّته كلها. فقد برّ، عند الشافعي، وأبي ثور. وقال مالك: لا يخرجه ذلك من يمينه. وبه قال أصحاب الرأي: قالوا: لأنها لم تقع به جميعاً. 50 - باب اليمين في الكلام والكتاب والرسول قال أبو بكر: م 4564 - وإذا حلف ألا يتكلم اليوم، فتكلم بالعربية، أو بالفارسية، أو بأي لغة تكلم بها، حنث في قول كل من نحفظ عنه من أهل العلم. م 4565 - وإذا حلف ألا يكلم فلاناً، فناداه من حيث يسمع الصوت مثله،

أو كان نائماً، فناداه فأيقظه، حنث في قول أبي ثور، وأصحاب الرأي. وقال الشافعي: إذا ناداه حيث يسمع كلامه، حنث وإن [2/ 234/ألف] لم يسمعه وإن كلمه حيث لا يسمع أحد كلامه لم يحنث، في قول الشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي. قال أبو بكر: وبه نقول. م 4566 - وإن مر بقوم، فسلم عليهم، وهو فيهم. حنث في قول الحسن البصري، وبه قال أبو عبيد، وذكر أنه قول مالك، والكوفي. وقال الشافعي مرة: لا يحنث، إلا أن ينويه، وقال مرة: يحنث، إلا أن يعزله بقلبه. م 4567 - واختلفوا في الرجل، يحلف ألا يكلم فلاناً، فكتب إليه كتاباً، أو أرسل إليه رسولاً. فقال الثوري في الرسول: ليس بكلام. وقال الشافعي: لا يبين أن يحنث. وقال النخعي، والحكم في الكتاب: يحنث. وقال مالك: يحنث في الكتاب وفي الرسول، وقال مرة: الرسول أسهل من الكتاب. وقال أبو عبيد: الكلام سوى الخط والإشارة.

51 - باب لزوم الغريم

وقال أبو ثور: لا يحنث في الكتاب، وكذلك (¬1) لو أومأ، أو أشار إليه. قال أبو بكر: لا يحنث في الكتاب والرسول. 51 - باب لزوم الغريم م 4568 - قال أبو بكر: وإذا حلف الرجل (¬2) ألا يفارق غريمه، حتى يستوفي ماله، ففر منه غريمه. فليس عليه شيء في قول مالك، والشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي. وبه نقول. م 4569 - وإن أحال بالمال على رجل، أو أبرأه الطالب، ثم فارقه. حنث في قول الشافعي، وأبي ثور، وأبي يوسف (¬3)، لأنه لم يستوف ماله، ولا يحنث في قول النعمان، ومحمد. م 4570 - ولو أعطاه الدراهم قبل أن يفارقه، ثم وجد فيها زيوفاً. حنث في قول مالك. ولا يحنث في قول أبي ثور، وأصحاب الرأي. م 4571 - ولو استحقها رجل فأخذها من الحالف، فرجع الحالف على غريمه ¬

_ (¬1) "وكذلك لو ... إلى قوله: في الكتاب" ساقط من الدار، (¬2) "الرجل" ساقط من الدار. (¬3) "وأبي يوسف" ساقط من الدار.

52 - باب مسائل

لم يحنث لأنه لم يفارقه إلا على الوفاء، في قول أبي ثور، وأصحاب الرأي. 52 - باب مسائل (¬1) م 4572 - وإذا حلف ألا يمشي على الأرض، ولا نية له، فمشى عليها حافياً، أو بنعلين أو بخفين. حنث في قول أبي ثور، وأصحاب الرأي. م 4573 - ولو مشى على بساط، أو على فراش: لم يحنث في قولهم جميعاً. م 4574 - وإذا حلف ألا يشتري طعاماً، ولا نية له، ففيها قولان: أحد: أن لا يحنث، إلا في الحنطة. وقال أصحاب الرأي: القياس أن يحنث في كل ما يؤكل، من الحنطة والتمر، والفواكه، ولا يحنث في الاستحسان إلا في الخبز والدقيق، والحنطة. م 4575 - ولو أن امرأة حلفت ألا تلبس حلياً، فلبست خاتم فضة. حنثت في قول أبي ثور. ولا تحنث في قول أصحاب الرأي. م 4576 - ولو لبست عقد لؤلؤ، أو قرطين، أو قلادة. حنثت في قول أبي يوسف، ومحمد، ولا تحنث في قول النعمان. قال أبو بكر: تحنث. ¬

_ (¬1) "باب مسائل" ساقط من الدار.

م 4577 - وإذا حلف ألا يتزوج اليوم امرأة، فتزوج امرأة بغير شهود. لم يحنث في قول الشافعي، وأصحاب الرأي. وقال أصحاب الرأي: كان ينبغي في القياس أن يحنث. وقال أبو ثور: يحنث إلى أعنوا النكاح، وهذا قول مالك. قال أبو بكر: يحنث.

85 - كتاب النذور

85 - كتاب النذور قال أبو بكر محمد بن إبراهيم بن المنذر، قال الله عز وجل ذكره: {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا}. (ح 1402) "وأمر رسول الله- صلى الله عليه وسلم - عمر أن يفِي بنذرٍ كان عليه في الجاهلية". (ح 1403) "وأمر سعد بن عبادة أن يقضي نذراً كان على أمه". (ح 1404) وقال النبي- صلى الله عليه وسلم -: "من نذر أن يطيع الله، فليُطِعْهُ، ومن نذرَ أن يعصيْ في الله، فلا يعْصِه". (ح 1405) وقال: "لا يأتي ابن آدم النذرُ بشيءٍ لم أكُن قدّرتُهُ له، إنما استخرجُ به من البخيل".

م 4578 - وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن من قال: إن شفى الله مريضاً، أو شفاني من علتي، أو قدم غائبي، أو ما أشبه ذلك، فعليّ من الصوم كذا، أو من الصلاة كذا، أو من الصدقة كذا، فكان ما قال: أن عليه الوفاء بنذره. م 4579 - واختلفوا فيمن نذر نذر معصية. فروينا عن جابر بن عبد الله، وابن عباس، وابن مسعود أنهم قالوا: لا نذر في معصية، وكفارتُه كفارةُ اليمين. وحكي ذلك عن الثوري والنعمان (¬1). وقال مالك، والشافعي، وأبو ثور: لا كفارة فيه. قال أبو بكر: وبه أقول. (ح 1406) للثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لا نذر في معصية". م 4580 - واختلفوا فيمن نذر مشياً إلى مسجد رسول الله- صلى الله عليه وسلم -، أو إلى مسجد بيت المقدس. فقال مالك: إذا جعل عليه مشياً من المدينة إلى بيت المقدس، مضى [2/ 235/ألف] إلى ذلك وركب، وبه قال أبو عبيد. وقال الأوزاعي: يمش ويتصدق لركوبه بصدقة. وقال سعيد بن المسيب: من نذر أن يعتكف في مسجد [[إيلياء]]، فاعتكف في مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم -: أجزأ عنه. ¬

_ (¬1) "والنعمان" ساقط من الدار.

ومن نذر أن يعتكف في مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم -،فاعتكف في المسجد الحرام: أجزأ عنه. وكان الشافعي يحب إذا نذر أن يمشي إلى مسجد المدينة ومسجد بيت المقدس، أن يمشي، قال: ولا يبين لي أن يجب ذلك، لأن البر بإتيان بيت الله فرض، والبر بإتيان هذين نافلة. قال أبو بكر: من نذر أن يمشي إلى مسجد الرسول - صلى الله عليه وسلم -، والمسجد الحرام، وجب عليه الوفاء به، لأن ذلك طاعة لله. ومن نذر أن يمشي إلى مسجد بيت المقدس، كان بالخيار، إن شاء مشى إليه، وإن شاء مشى إلى مسجد الحرام: (ح 1407) لحديث جابر: "أن رجلاً قال للنبي - صلى الله عليه وسلم - إني نذرتُ إن فتحَ اللهُ عليك مكةَ أن أصلي في مسجدِ بيتِ المقدسِ، قال: صلّ ههنا، ثلاثاً". واختلفوا فيما يجب على من نذر نذراً، من غير تسمية. فروينا عن ابن عباس أنه قال، عليه أغلظ اليمين، وأغلظ الكفارة عتق رقبة، أو يصوم شهرين متتابعين، أو يطعم ستين مسكيناً. وروي ذلك عن مجاهد. وفيه قول ثان: وهو أن عليه كفارة يمين، روي هذا القول عن جابر بن عبد الله، وابن مسعود، والنخعي، والشعبى، وعطاء،

والحسن البصري، والقاسم بن محمد، وسعيد بن جبير، وعكرمة، وطاووس. وقال مالك، والثوري، وأبو ثور، وابن الحسن: كفارة يمين. وقال الشافعي: لا نذر عليه، ولا كفارة. قال أبو بكر: وروينا عن ابن عباس أنه قال في النذر: عتق رقبة، أو كسوة عشرة مساكين، أو طعام ستين مسكيناً، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين. وكان الزهري يقول قولاً خامساً، قال: إن كان في طاعة الله فعليه وفاؤه، وإن كان معصية الله فليتقرب إلى الله تعالى بما شاء. وفيه قول سادس: وهو إن كان نوى شيئاً، فهو ما نوى. وإن كان سمى، فهو ما سمى. وإن لم يكن نوى ولا سمى: فإن شاء صام يوماً، وإن شاء أطعم مسكيناً، وإن شاء صلى ركعتين. واختلفوا في الرجل ينذر أن ينحر ابنه. فكان ابن عباس يقول: يذبح كبشاً، وله قال عطاء، ومسروق [2/ 235/ب] وكذلك قال أحمد، وإسحاق: إذا نذر ألا ينحر نفسه. وقال ابن المسيب، وأبو عبيد: يكفر عن يمينه في الذي نذر أن ينحر نفسه.

1 - باب النذور في البدن والهدي

وفيه قول ثالث: وهو أن ينحر مائة من الإبل، روي ذلك عن ابن عباس. وفيه قول رابع: وهو أن لا شيء عليه، هذا قول مسروق، والشافعي. قال أبو بكر: وبه نقول. (ح 1408) لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من نذر أن يعصيَ الله فلا يعصِهِ". ولم يجعل عليه كفارة. 1 - باب النذور في البدن والهدْي قال أبو بكر: م 4583 - روينا عن ابن عمر أنه قال: من جعل على نفسه بدنة فمحلها بمكة، ومن جعل عليه جزوراً: بقرة فمحلها حيث سمى أو نوى. وروي ذلك عن الحسن البصري، وعطاء، والشعبي. وقال ابن الحنيفة عبد الله بن محمد: إذا نذر أن ينحر بدنة، فإن البدن (¬1) من الإبل والبقر، ومنحرها مكة، إلا أن يسمى مكاناً، أو ينويه فإن لم يجد بقرة فسبع من الغنم. وبه (¬2) قال سالم بن عبد الله. ¬

_ (¬1) وفي الدار "فإن النذر". (¬2) "وبه قال سالم ... إلى قوله: فعشر من الإبل" ساقط من الدار.

وبه قال ابن المسيب، غير أنه قال: فإن لم يجد بقرة، فعشر من الغنم. وقال الشافعي: إذا نذر الرجل بدنة لم تجزئه إلا بمكة، فإن سمى موضعاً من الأرض ينحرها فيه، أجزأته. وقال أبو عبيد: لا محل للبدن دون الحرم. م 4584 - واختلفوا فيمن نذر صوم يوم، فوافق ذلك اليوم يوم عيد. فقال النخعي، والحسن، والأوزاعي، وأبو عبيد: يفطر ويقضيه. وقال مالك، والشافعي: لا قضاء عليه. وقال الحكم وحماد: يكفر بيمينه ويصوم يوماً مكانه. وقال جابر بن زيد: يطعم مسكيناً. وقال قتادة: يصوم يوماً منه. وقال أبو ثور: يفطر ويقضي يوماً مكانه. م 4585 - واختلفوا فيمن نذر صوم سنة، بغير عينها. فقال الشافعي: يفطر يوم الفطر ويوم النحر، وأيام مني، ويقضيها. وإن نذر صوم سنة بعينها، صامها كلها إلا رمضان فإنه يصومه لرمضان، ويفطر (¬1) يوم الفطر ويوم النحر، وأيام التشريق، ولا قضاء عليه. وقال مالك: إذا لم ينو شيئاً صام اثني عشر شهراً سوى رمضان، ويصوم مكان يوم الفطر ويوم النحر، ويصوم أيام التشريق في نذره لصيامه السنة. ¬

_ (¬1) "ويفطر" ساقط من الدار.

2 - باب مسائل

وقال أبو ثور: إذا قال: لله عليّ صيام سنة، بعينها، فأفطر يوم الفطر ويوم النحر، وأيام التشريق، قضاهن، وقد أوفى بنذره. م 4586 - واختلفوا في الرجل يقول: عليّ صيام شهر، لا ينوي مقطعاً ولا متتابعاً. فقال مالك: أحب إلا أن يصوم ثلانين يوماً متتابعات. وقال أبو ثور: يصوم شهراً متتابعاً [2/ 236/ألف] بالأهلية، أو بالأيام. وقال الشافعي: أحب إلى أن يتابعها، فإن فرقها أجزأه. وقال الحسن: يفرق ذلك إن شاء. 2 - باب مسائل (¬1) م 4587 - وكان مالك يقول: إذا جعل عليه صوم شهر بعينه، فمرض فيه، فلا قضاء عليه، وبه قال عبد الملك. وقال أحمد: يكفر لتأخيره، ويصوم شهراً. م 4588 - واختلفوا فيمن جعل على نفسه صوم اليوم الذي يقدم فيه فلان، فقدم فلان بعد الفجر، ولم يأكل، أو قد أكل. فقال الشافعي: عليه القضاء، وقال: يحتمل ألا يكون عليه قضاؤه. وقال أبو ثور، وأصحاب الرأي: لا قضاء عليه. قال أبو بكر: وبه نقول. ¬

_ (¬1) "باب مسائل" ساقط من الدار.

م 4589 - واختلفوا فيه، إن قدم ليلاً. فقال الشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي: لا شيء عليه، إلا الشافعي قال: وأحب إلي لو صامه. وقال ابن القاسم صاحب مالك: عليه صوم صبيحة تلك الليلة. قال أبو بكر: لاشيء عليه.

86 - كتاب أحكام السراق

86 - كتاب أحكام السراق (¬1) 1 - باب ما يجب فيه قطع يد السارق قال أبو بكر: قال الله عز وجل: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} الآية. (ح 1409) ودل قول رسول الله- صلى الله عليه وسلم -:" لا تُقطعُ يدُ السارق إلا في رُبعِ دينار فصاعداً". على أن الله عَزَّ وَجَلَّ إنما أراد بقوله: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} بعض السراق دون بعض، فلا يجوز قطع يد السارق إلا في ربع دينار، أو في ما قيمته ربع دينار، فأكثر من ذلك، مما يجوز ملكه. ويكون السارق مع ذلك عالماً بتحريم الله عَزَّ وَجَلَّ السرقة. فإذا كان كذلك: وجب قطع يد السارق، إذا سرق من حرز. م 4590 - واختلفوا فيما يجب فيه قطع يد السارق. ¬

_ (¬1) كذا في الأصل، والأوسط 4/ 182/ألف، وفي الدار "كتاب الحدود، باب أحكام السراق وما يجب فيه .. الخ".

فقالت طائفة بظاهر حديث رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: "لا تُقطعُ يدُ السارقِ إلا في رُبعِ دينارٍ فصاعداً". روينا هذا القول عن عمر، وعثمان، وعلي رضي الله عنهم، وبه قالت عائشة رضي الله عنها، وعمر بن العزيز، والأوزاعي، والليث بن سعد، والشافعي، وأبو ثور. وفيه قول ثان: وهو أن اليد يقطع في ربع دينار، وفي ثلاثة دراهم فإن سرق درهمين وهو ربع دينار لانخفاض (¬1) الصرف، لم تقطع يده. هذا قول مالك، وقال: السلع لا يقطع فيها إلا أن تبلغ ثلاثة دراهم قل (¬2) الصرف أو كثر. وقال أحمد وإسحاق في السلع: تقوم: (ح 1410) على حديث ابن عمر [2/ 236/ب] رضي الله عنهما. فإن سرق ذهبا فربع دينار، وإن سرق من غير الذهب والفضة فكانت قيمته ربع دينار أو ثلاثة دراهم قطع. وفيه قول رابع: وهو أن الخمس لا تقطع إلا في خمس، روي ذلك عن عمر، وبه قال سليمان بن يسار، وابن أبي ليلى، وابن شبرمة. ¬

_ (¬1) وفي الدار "لانتقاص الصرف". (¬2) وفي الدار "على الصرف" وهو خطأ.

وقال أنس بن مالك: قطع أبو بكر رضي الله عنه في مجن قيمته خمسة دراهم. وفيه قول خامس: وهو أن اليد لا تقطع إلا في عشرة دراهم، هذا قول عطاء، وهو قول النعمان، وصاحبيه. وفيه قول سادس: وهو أن اليد تقطع في أربعة دراهم فصاعداً، روي هذا القول عن أبي هريرة، وأبي سعيد الخدري. وفيه قول سابع: وهو أن اليد تقطع في درهم فما فوقه، هذا قول عثمان البتي. وفيه قول ثامن: وهو أن اليد تقطع في كل مالهُ قيمةٌ، على ظاهر الآية، هذا قول الخوارج. وقد روي هذا القول عن الحسن البصري، إحدى الروايات الثلاث (¬1) عنه، والقول الثاني (¬2): كما قال سليمان بن يسار. والقول الثالث: حكاية قتادة عنه أنه قال: تذاكرناه على عهد زياد، فاجتمع رأينا على درهمين. ¬

_ (¬1) "الثلاث" ساقط من الدار. (¬2) "والقول الثاني ... إلى قوله: قتادة عنه أنه" ساقط من الدار.

2 - باب الرجلين يسرقان ما إذا سرقه الرجل الواحد قطعت يده

قال أبو بكر: بالقول الأول أقول. (ح 1411) للثابت بن عن النب - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لا تُقطعُ يدُ السارقِ إلا في رُبعِ دينارٍ فصاعداً". 2 - باب الرجلين يسرقان ما إذا سرقه الرجل الواحد قطعت يده قال أبو بكر: م 4591 - واختلفوا في الرجلين، يسرقان مقدار ما تقطع فيه اليد. فإن مالك، وأحمد، وأبو ثور يقولون: عليهما القطع. وشبه بعضه ذلك بالرجلين يقطعان يد الرجل معاً (¬1)، أن عليهما جميعاً القطع. وكان سفيان الثوري، والشافعي، وإسحاق، وأصحاب الرأي يقولون: لا قطع عليهما حتى تكون حصة كل واحد منهما، ما تقطع فيه اليد. م 4592 - وإذا سرق الرجل من رجلين شيئاً يسوى ما تقطع فيه اليد. قطعت يده، في قول مالك، وأبي ثور، وأصحاب الرأي. قال أبو بكر: وبه نقول. م 4593 - وإذا قال السارق، سرقت من الرجلين ثوباً، فقال أحدهما: غصبتنيه (¬2). ¬

_ (¬1) وفي الدار "جميعاً" بدل "معاً" (¬2) وفي الدار "غصبته".

3 - باب السارق يسرق منه المتاع

أو: كنت أودعتك (¬1) وديعة. قطعت يده، في قول أبي ثور بإقراره. وقال أصحاب الرأي: لا تقطع. م 4594 - وإذا كان الثوب عند رجل وديعة، أو عارية، أو بإجارة، فسرقه [2/ 237/ألف] سارق من حرز: قطع في قول مالك، وأبي ثور، وأصحاب الرأي. 3 - باب السارق يسرق منه المتاع قال أبو بكر: م 4595 - واختلفوا في السارق، يسرق منه المتاع الذي سرقه. فقال مالك: على كل واحد منهما القطع، وبه قال إسحاق، وأبو ثور. وقال الثوري: القطع عن الأول، ويغرم الآخر. وكذلك قال أصحاب الرأي، وقالوا: وإن غصب رجل من رجل شيئاً فجاء لص، فسرقه منه، قطع. م 4596 - وكان مالك، والشافعي ينظران إلى قيمة السرقة يوم سرقها، رخصت بعد أو غلت. ¬

_ (¬1) وفي الدار "أودعته".

4 - باب السارق يقر بالسارقة، أو تثبت عليه بها بينة وصاحب المتاع غائب

4 - باب السارق يقر بالسارقة، أو تثبت عليه بها (¬1) بينة وصاحب المتاع غائب قال أبو بكر: م 4597 - واختلفوا في السارق يقر بالسرقة، والمسروق منه غائب، أو تثبت عليه بينة. فقال مالك: يقطع، وهذا قول ابن أبي ليلى، وأبي ثور. وقال الشافعي، والنعمان، ويعقوب: لا يقطع حتى يحضر رب الشيء. وقال يعقوب: في نفسي منه شيء. قال أبو بكر: كقطع يده. 5 - باب مسألة (¬2) قال أبو بكر: م 4598 - واختلفوا في الرجل، يسرق من الرجل الذي له عليه دين، عروضاً بقدر حقه. فروينا عن الشعبي أنه قال: لا حد عليه. وبه قال أبو ثور، وذكر أنه على قول الشافعي. ¬

_ (¬1) "بها" ساقط من الدار. (¬2) وفي الدار "مسائل".

6 - باب السارق يذكر أن رب المنزل أمره بالدخول

وقال أصحاب الرأي: يقطع؟، وإن قال: أردت أخذه رهناً بحقي: درأنا عنه الحد. قال أبو بكر: قول أبي ثور صحيح. 6 - باب السارق يذكر أن رب المنزل (¬1) أمره بالدخول قال أبو بكر: م 4599 - واختلفوا في السارق تثبت عليه البينة أنه سرق، فيدّعي (¬2) أن رب المترل أمره بالدخول. فقالت طائفة: تقطع يده، وبه قال أبو ثور. وقال أصحاب الرأي: لا تقطع. وقال أحمد، وإسحاق: إذا شهدوا عليه أنه سرق: تقطع يده. 7 - باب القطع بعد حين من الزمان قال أبو بكر: م 4600 - واختلفوا في القطع في السرقة بعد حين من الزمان. فقالت طائفة: تقطع يده، هذا قول مالك، والثوري، وأبي ثور. ¬

_ (¬1) وفي الدار "رب المال". (¬2) وفي الدار "فيه غير" وهو تصحيف واضح.

وقال أصحاب الرأي: لا تقطع [2/ 237/ب] وقالوا: إن كان قذفاً أو جرحاً أمضى فيه الحكم. قال أبو بكر: أمر الله عَزَّ وَجَلَّ بجلد الزاني والقاذف، وقطع السارق، وأمر بإقامة الحدود، فما أمر الله عَزَّ وَجَلَّ به فهو واجب إنفاذه، طالت الأيام أو لم تطل. م 4601 - وقال أبو ثور: إذا سرق الرجل مراراً، ثم أتي به في آخر مرة، فقطع بها، ثم أتي به في بعض تلك السرقات، القياس أن يقطع، إلا أن يمنع منه إجماع. وفي قول الشافعي، وأصحاب الرأي: إذا زنى الرجل مراراً، ثم أتي به، لم يجب عليه غير حد واحد، وكذلك السرقة. م 4602 - وإذا سرق الرجل المتاع، فقطعت يده، ورد المتاع إلى صاحبه، ثم سرق ذلك المتاع مرة. قطع في قول أبي ثور. وقال أصحاب الرأي: لا يقطع. قال أبو بكر: يقطع؛ لأن (¬1) الله عَزَّ وَجَلَّ أمر بقطع يد السارق، ولا معنى لترك ظاهر الآية بغير حجة. م 4603 - وإذا سرق السارق، فأخذ، ورد السرقة على أهلها، ثم رفع إلى الإمام، قطع، هذا قول أبي ثور. وقال أصحاب الرأي: لا يقطع. ¬

_ (¬1) "يقطع الآن" ساقط من الدار.

قال أبو بكر: تقطع [يد السارق، ولا معنى لترك ظاهر- الآية بغير حجة] (¬1). م 4604 - وقد اختلفوا فيمن أصاب حداً، ثم تاب. فكان الشافعي يقول: يسقط عنه الحد، قياساً على المحارب. وفيه قول ثان: وهو أن يقام عليه الحد. قال أبو بكر: وهذا أصح. 8 - باب من سرق عبداً صغيراً، أو صغيراً حراً قال أبو بكر: م 4605 - أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم، على أن من سرق عبداً صغيراً، من الحرز: أن عليه (¬2) القطع، كذلك قال مالك، والثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور. وروينا ذلك عن الشعبي، وبه قال الحسن البصري. وقال النعمان، ومحمد كذلك، إذا كان صغيراً لا يتكلم ولا يعقل، وقالا: إن كان يتكلم ويعقل لم يقطع سارقه (¬3). وقال الزهري: يقطع إذا كان أعجمياً لا يفقه. وقال يعقوب: يستحسن ألا يقطع. ¬

_ (¬1) ما بين القوسين من الدار. (¬2) "أن عليه" ساقط من الدار. (¬3) وفي الدار "لم تقطع يده".

9 - باب السارق يسرق من بيت المال، أو من الخمس

قال أبو بكر: قطع يده يجب على ظاهر الكتاب. م 4606 - واختلفوا في السارق، يسرق صبياً حراً، من حرزه (¬1). فقال مالك، وإسحاق: يقطع؛ لأن الحر، ديته أكثر من الثمر. وبه قال الحسن البصري، والشعبي. وقال سفيان الثوري، وأحمد، وأبو ثور، وأصحاب الرأي: لا قطع عليه، م 4607 - وقال النعمان: إن كان على الصبي المسروق مائة مثقال حلي (¬2)، لم يقطع. وخالفه يعقوب فقال: يقطع. قال أبو بكر: لا يطع سارق الحر، وإذا كان عليه حلي تبلغ [2/ 238/ألف] قيمته ربع دينار: قطع. وخالف النعمان ظاهر الكتاب؛ لأن سارقه سارق صبي، وسارق مال. 9 - باب السارق يسرق من بيت المال، أو من الخمس قال أبو بكر: م 4608 - واختلفوا فيما يجب على من سرق من بيت المال، فكان النخعي، والشعبي، والحكم، والشافعي، وأصحاب الرأى يقولون: لا قطع عليه. ¬

_ (¬1) "من حرزه" ساقط من الدار. (¬2) وفي الدار "مائة دينار حلي".

10 - باب الفاكهة الرطبة تسرق

وقال حماد بن أبي سليمان، ومالك، وأبو ثور: عليه القطع. قال أبو بكر: يقطع ظاهر الكتاب. 10 - باب الفاكهة الرطبة تُسرق قال أبو بكر: 46109 - واختلفوا في القطع (¬1) في الفاكهة الرطبة، والخبز، واللحم، وما أشبه ذلك. فقالا مالك، عليه القطع في الفاكهة الرطبة، والطعام، والبطيخ، واللحم، والقثاء، والبقل. واحتج بأن الأترُجّة التي قطع فيها عثمان، كانت أترجة تؤكل. وهذا على مذهب الشافعي، وبه قال أبو ثور. وقال أصحاب الرأي: لا قطع في اللحم، والخبز، ولا في شيء من الفاكهة، والبقل، والريحان، والنورة (¬2)، والجص، والزرنيخ، والنبيذ، واللبن. وقال الثوري، فيما يفسد من يومه مثل الثريد، واللحم وما أشبه ذلك: لا قطع عليه (¬3) فيه، ولكن يُعزّر (¬4). ¬

_ (¬1) "في القطع "ساقط من الدار. (¬2) وفي الدار "اللوز". (¬3) "عليه" ساقط من الدار. (¬4) وفي الدار "يغرم".

11 - باب القطع في الثمر المعلق

وقال النعمان: لا أقطع في الحجارة، والفخار، والملح، والنورة، والجص، والزجاج، والتوابل، والقصب، والحطب، والجذوع، وما أشبه ذلك، وأقطع فيما سواه. وقال يعقوب: أقطع في جميع هذا. وقال النعمان: لا أقطع في شيء من الطير، ولا في شيء من الصيد، وأقطع في الفاكهة اليابسة، التي تبقى في أيدي الناس. م 4610 - وقال في سارق الصليب من الذهب والفضة، من حرز: لأقطع عليه فيه. ومن سرق الدراهم التي فيها التماثيل، قطع فيها، لأن هذا لا يعبد، وذلك يعبد. قال أبو بكر: القطع في هذا كله يجب لظاهر الكتاب. 11 - باب القطع في الثمر المعلق قال أبو بكر: (ح 1412) جاء الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لا قْطعَ في ثمرٍ، ولا كثر"

12 - باب القطع في الطير يسرق

قال أبو بكر: والكثر: جُمّار النخل. م 4611 - واختلفوا في قطع الثمر من رؤوس الأشجار. فقالت طائفة: لا قطع [2/ 238/ب] في الثمار التي في رؤوس النخل. روينا معنى هذا القول عن ابن عمر. وبه قال عطاء بن أبي رباح، ومالك، والثوري، والشافعي، وأصحاب الرأي. وكان أبو ثور يقول: إذا سرق ثمراً من نخل، أو شجر، أو عنباً من كرم، أو فسيلاً (¬1) من أرض قائم، وكان محرزاً، وكان قدر ما تقطع فيه اليد: قطعت يده. قال أبو بكر: هكذا أقول، إن لم يصح خبر رافع بن خديج، ولا أحسبه (¬2) ثابتاً. 12 - باب القطع في الطير يسرق قال أبو بكر: م 4612 - واختلفوا فيمن سرق طيراً. فكان مالك، وأبو ثور يقولان: يقطع. ¬

_ (¬1) وفي الدار "فصيلاً" وهو خطأ، وجاء في حاشية المخطوطة: والفسيل: صفار النخل. (¬2) وفي الدار "أراه".

13 - باب سرقة المواشي من الحرز، وغير الحرز

وهذا مذهب الشافعي إذا كانت قيمته ربع دينار. وقال أحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي: لا قطع فيه. قال أبو بكر: بالقول الأول أقول. 13 - باب سرقة المواشي من الحرز، وغير الحرز قال أبو بكر: (ح 1413) جاء الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "ليس في شيء من الماشية قطعٌ، إلا فيما آواهُ المُراحُ، فبلغ ثمنَ المجنِّ، ففيه قطعُ اليد". م 4613 - وهذا قال عطاء، ومالك، والشافعي. وقال مالك، والشافعي في البعير يُحلُّ من القطر، يقطع. وقال مالك، والشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي، في البعير يُسْرقُ من المرعى: لا قطع فيه. قال أبو بكر: وبه نقول. 14 - باب سارق المصحف قال أبو بكر: م 4614 - واختلفوا فيما على سارق المصحف. فكان الشافعي، وابن القاسم، صاحب مالك، ويعقوب، وأبو ثور يقولون: يقطع إذا كانت قيمته ما تقطع فيه اليد.

15 - أبواب الحرز

وقال النعمان: لا أقطع (¬1) من سرق مصحفاً. قال أبو بكر: يقطع سارق المصحف. 15 - أبواب الحرز (¬2) قال أبو بكر: (ح 1414) جاء الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "ليس في شي من الماشية قطع، إلا ما آواه المُراحُ، فبلغَ ثمنَ المجنّ، ففيه قطعُ اليدِ". قال أبو بكر: م 4615 - وقول عوام أهل العلم: أن القطع إنما يجب على من سرق ما يجب فيه قطع اليد، من حرز. وهذا مذهب عطاء بن أبي رباح، وعمرو بن دينار، وعمر بن عبد العزيز، والزهري. وبه قال مالك، والثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. واختلف فيه عن الحسن البصري. فروي عنه: أنه قال فيمن جمع المتاع في البيت: عليه القطع. وحُكي عنه قول يوافق قول [2/ 239/ألف] سائر أهل العلم. ¬

_ (¬1) وفي الدار "لا قطع على من". (¬2) في الأصل "باب أبواب الحرز".

قال أبو بكر: ليس في هذا الباب خبر ثابت لا مقال فيه لأهل العلم. وبقول عوام أهل العلم نقول، وهوكالإجماع من أهل العلم. م 4616 - وإذا دخل السارق الدار، وأخذ المتاع، ورمى به إلى السدة، ثم خرج فأخذ المتاع، قطع في قول الشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي. قال أبو بكر: وبه نقول. م 4617 - وإذا دخل السارق الدار وأخذ المتاع، وناوله رجلاً خارجاً من الدار. ففي قول مالك: إذا أخرجه الداخل من حرزه فناوله الخارج، قطع الداخل، وهذا على مذهب الشافعي، وأبي ثور. وقال أصحاب الرأي: إذا أخذها وهو في الدار، فناولها رجلاً على باب الدار، لم يقطع واحد منهما. قال أبو بكر: يقطع الذي أخرجه من الحرز. م 4618 - واختلفوا فيمن نقب بيتاً، فأدخل يده، فأخرج ثوباً. فكان مالك يقول: يقطع، ولو أدخل قصبة فأخرجه قطع، وبه قال أبو ثور وهو يشبه مذهب الشافعي، وبه قال يعقوب. وقال النعمان: لا يقطع. قال أبو بكر: يقطع، لأنه سرق متاعاً من حرز.

م 4619 - وإذا كانا اثنين، فنقبا البيت، ودخل أحدهما فأخرج المتاع، فلما خرجا به حملاه معاً، فالقطع على الذي أخرج المتاع ويعزر الآخر في قول الشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي. وبه نقول. م 4620 - واختلفوا في النفر، يدخلون الدار ويجمعون المتاع، ويحملونه على أحدهم، وخرج به. فقالت طائفة: القطع على الذي أخرج المتاع، كذلك قال الشافعي، وأبو ثور. وقال أصحاب الرأي: ينبغي أن يكون ذلك القياس، وفي الاستحسان يقطعون كلهم، وبه يأخذ النعمان، ويعقوب، ومحمد. وقد اختلف عن مالك: فحكي عنه القولان جميعاً. قال أبو بكر: القول الأول أصح. م 4621 - واختلفوا فيما على من سرق باب دار، أو باب مسجد، وقد كان مغلقاً مسدوداً كما تسد الأبواب. فكان ابن القاسم، صاحب مالك، وأبو ثور يقولان: يقطع، وهو مذهب الشافعي. وقال أصحاب الرأي: لا قطع عليه. قال أبو بكر: وبالقول الأول أقول؛ لأن الناس هكذا يحرزون أبوابهم. م 4622 - واختلفوا في السارق، يسرق من بيت الحمّام. فقال أصحاب الرأي: لا قطع عليه، وقال أحمد: أرجو ألا يكون عليه قطع.

وقال مالك، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور: يقطع، إذا كان مع المتاع من يحفظه. قال أبو بكر: [2/ 239/ب] هذا أولى. م 4623 - واختلفوا في النباش يسرق الكفن. فروي عن ابن الزبير أنه قطع نباشاً، وبه قال عمر بن عبد العزيز، والحسن البصري، والشعبي، وقتادة، والنخعي، وحماد بن أبي سليمان (¬1). وهو قول مالك، والشافعي، وعبد الملك الماجشون، وإسحاق، وأبي ثور، وأبي يوسف. وقال أحمد: هو أهل أن يقطع. وكان الثوري، والنعمان، ومحمد يقولون: لا قطع عليه، وفي القبر، عندهم، بحرز. قال أبو بكر: يقطع. واختلفوا فيمن سرق من الفسطاط شيئاً قيمته ما تقطع فيه اليد. ففي قول الثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبي ثور، وأصحاب الرأي: يقطع. قال أبو بكر: وبه أقول، ولا أحفظ في ذلك خلافاً. م 4625 - واختلفوا فيمن سرق الفسطاط من مكانه. ¬

_ (¬1) "وحماد بن أبي سليمان" ساقط من الدار.

16 - باب ما لا تقطع فيه اليد

فقال الشافعي، وأبو ثور: يقطع، إذا كان صاحبه قد اضطجع فيه. وقال أصحاب الرأي: لا يقطع. م 4626 - وقال أصحاب الرأي: إن سرق من جوالق على ظهر بعير، أو دابة، وصاحبه واقف عنده، فسرق منه ثوباً، قطع، وإن سراق الجوالق كما هو: لم يقطع. قال أبو بكر: يقطع في ذلك كله. م 4627 - وكان مالك، والشافعي، وأبو ثور يقولون في الدار يكون فيها الحُجَر، كل إنسان منهم يُغلق عليه بابه: من سرق من بيوت تلك الدار شيئاً. يجب فيه القطع، فخرج به إلى الدار، فقد أخرجه من حرزه إلى غير حرزه، فعليه القطع، وبه قال النعمان. وقال يعقوب، ومحمد (¬1): لا قطع عليه. 16 - باب ما لا تقطع فيه اليد قال أبو بكر: م 4628 - اختلف أهل العلم في الرجل يستعير ما يجب في مثل القطع، ثم يجحده. فقال كثير من أهل العلم: لا قطع عليه. ¬

_ (¬1) وفي الدار "النعمان، ومحمد، وقال يعقوب".

كذلك قال مالك، وأهل المدينة، والثوري، والنعمان، وأهل الكوفة، وبه قال الشافعي وأصحابه، وهو قول عوام أهل العلم من علماء الأمصار وروي ذلك عن عطاء. وقال إسحاق: عليه القطع، وقال أحمد: لا أعلم شيئاً يدفعه. (ح 1415) واحتجا بحديث عائشة رضي الله عنها: "أن امرأة مخزوميةً، كنت تستَعيرُ المتاعَ وتجحدُهُ، فأمرَ النبي - صلى الله عليه وسلم - بقطع يدها". قال أبو بكر: في بعض الأخبار: (ح 1416) "إنها كانت تستعير المتاع وتجحده فسرقت، فأمر النبي- صلى الله عليه وسلم - بقطع يدها" [2/ 240/ألف]. قال أبو بكر: وهذا قول يوافق عامة العلماء. قال أبو بكر: وبه نقول. قال أبو بكر: (ح 1417) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: "ليس على الخائن، والمختلسِ قطعٌ".

وممن روينا عنه أنه قال: لا قطع في الخلسة، عمر بن الخطاب، وعلي ابن أبي طالب رضي الله عنهما. وبه قال عطاء بن أبي رباح، وعمر بن عبد العزيز، والحسن البصري، والشعبي، وعمرو بن دينار، وقتادة، والنخعي، والزهري، ومالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. وقد روينا عن إياس بن معاوية أنه قال: أقطعه. م4629 - واختلفوا في الطرّار يطرُّ، النفقة من الكم. فقالت طائفة: يقطع، من داخل الكم طرّ أو من خارج، هذا قول مالك، والأوزاعي، وأبي ثور، ويعقوب. وقال أحمد: إن كان يطرُ سراً قطع، وإن إختلس لم يقطع. وفيه قول ثان: وهو إن كانت الدراهم مصرورة في ظاهر كمه، فطرّها فسرقها (¬1)، لم يقطع، وإن كانت مصرورة إلى داخل الكم، فأدخل يده فسرقها، قطع، هذا قول إسحاق، والنعمان (¬2)، ومحمد. وقال الحسن: يقطع. قال أبو بكر: يقطع على أي جهة طرّ. ¬

_ (¬1) "فسرقها" ساقط من الدار. (¬2) "والنعمان" ساقط من الدار.

17 - باب السرقة من الآباء والأبناء والأزواج

م 4630 - وأجمع عوام أهل العلم على أن لا قطع على الخائن. روينا هذا القول عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وشريح، والوليد بن عد الملك، وأبي هاشم، ومنصور بن زاذان (¬1)، وقتادة، وعطاء بن أبي رباح، والزهري، ومالك، وأبي ثور، وأصحاب الرأي. م 4631 - واختلفوا فيمن دخل دار قوم، فأخذ شاتهم فذبحها، وأخرجها فكان مالك، والثوري، والشافعي، وأبو ثور يقولون: تقطع يده. وقال أصحاب الرأي: لا قطع عليه. قال أبو بكر: عليه القطع. م 4632 - وكان مالك، والشافعي، وأبو ثور، وغيرهم من أصحابنا يقولون (¬2): على مخرج الثوب الذي شقه في داخل دار الرجل القطع، إذا كان يسوى ما تقطع فيه اليد، وإن أخرجه وهو مشقوق لا يسوى ما تقطع فيه اليد، لم يقطع، وغرم ما نقص الثوب. 17 - باب السرقة من الآباء والأبناء والأزواج قال أبو بكر: قال الله عز وجل: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} الآية. ¬

_ (¬1) في الأصل "أبي منصور بن زاذان" والتصحيح من الدار. (¬2) وفي الدار "لا يرون".

قال أبو بكر: م 4633 - فعلى كل سارق سرق ما تقطع (¬1) فيه اليد القطع، على ظاهر كتاب الله عز وجل، [2/ 240/ب] إلا أن يجمع أهل العلم على شيء، فيجب استثناء ذلك من ظاهر الكتاب. وكل مختلف فيه فمردود إلى الكتاب، لأن الله عَزَّ وَجَلَّ أمرهم إذا تنازعوا أن يردوا ما تنازعوا فيه إلى كتاب الله عز وجل وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -. دخل في ذلك الأبناء، والآباء، والأزواج، وسائر الناس. م 4634 - واختلفوا فيمن سرق من مال والديه. فكان الحسن البصري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي يقولون: لا يقطع، وبه قال الثوري. وفيه قول ثان: وهو أن قطع يده يجب، هذا قول مالك، وأبي ثور. وكذلك قالا إن زنى بجارية أبيه: عليه الحد. م 4635 - وكان مالك، وسفيان الثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي يقولون: إن سرق الأبوان من مال ابنهما لم يقطعا. م 4636 - واختلفوا فيمن سرق من ذوات المحارم، مثل العمة، والخالة، والأخت، وغيرهن. فكان الثوري يقول: لا تقطع يده (¬2). ¬

_ (¬1) وفي الدار "ما يجب فيه القطع". (¬2) "يده" ساقط من الدار.

وبه قال أصحاب الرأي قالوا: لا يقطع إذا سرق من ذي رحم محرم منه. وفي قول الشافعي، وإسحاق، وأحمد (¬1): يقطع من سرق من هؤلاء. وقال أبو ثور: يقطع كل سارق سرق ما تقطع فيه اليد، إلا أن يجمعوا على شيء، فيسلم للإجماع. م 4637 - واختلفوا في الزوجين، يسرق كل واحد منهما من صاجه. فقال أصحاب الرأي: لا قطع عليهما إذا سرق كل واحد منهما صاحبه (¬2). وبه قال الشافعي، وقال: على الاحتياط. وقد حكي عن الشافعي أنه قال: تقطع المرأة إذا سرقت من مالك زوجها، مما قد أحرزه عنها. قال أبو بكر: هذا أصح قوليه. وفيه قول ثان: وهو أن عليهما القطع، هذا قول مالك، وأحمد، وإسحاق، وأبي ثور. ¬

_ (¬1) "وأحمد" ساقط من الدار. (¬2) "كل واحد منهما صاحبه" ساقط من الدار.

18 - باب الإقرار الذي يوجب القطع

18 - باب الإقرار الذي يوجب القطع قال أبو بكر: م 4638 - اختلف أهل العلم في الإقرار الموجب للقطع. فقالت طائفة: لا تقطع يد السارق حتى يقر مرتين، هذا قول ابن أبي ليلى، ويعقوب، وأحمد، وإسحاق. وفيه قول ثان: وهو أن السارق إذا أقر أنه سرق مرة، وجب قطع يده هذا قول عطاء، وسفيان الثوري، والشافعي، والنعمان، ومحمد، وأبي ثور. قال أبو بكر: وبه نقول، لأن المعترف مرة معترف، ولا نعلم حجة توجب ما قاله من زعم أن اعتراف مرة لا يوجب قطع اليد. م 4639 - وأجمع كل من نحفظ عنه [2/ 241/ألف] من أهل العلم على أن السارق مرات إذا قدم إلى الحاكم في آخر السرقات: أن قطع يده يجزئ من ذلك كله. كذلك قال عطاء، والزهري، ومالك، وإسحاق، وأحمد، وأبو ثور. والنعمان، ويعقوب. ويشبه هذا مذهب الشافعي. والجواب في الرجل يزني مراراً، في أن عليه حداً واحداً، هكذا.

19 - باب الشهادة على السرقة

وكذلك الرجل ينكح المرأة نكاحاً فاسداً، أن الذي يجب عليه مهر واحد، وإن كان وطئها مرات، م 4640 - ولكن لو كان قطع السارق، ثم سرق ثانياً، أو جلد في الزنى ثم زنى ثانياً، أو فرق بين الرجل والمرأة ثم نكحها ثانياً، فعلى السارق إذا سرق بعد القطع القطع (¬1)، وكذلك الزاني إذا جلد ثم زنى ثانياً، وذلك الرجل ينكح المرأة ثانياً ويطؤها عليه مهر ثان. 19 - باب الشهادة على السرقة قال أبو بكر: م 4641 - أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن قطع يد السارق يجب إذا شهد عليه بالسرقة شاهدان، حران، مسلمان، عدلان، ووصفا ما يوجب القطع. م 4642 - فإن شهدا بذلك ثم غابا، أو ماتا. وجب قطع يد السارق، في قول أبي ثور، وهو يشبه مذهب الشافعي. وقال النعمان: إذا غابا لم يقطع إلا بمحضرهما، ثم رجع بعد ذلك فقال: تقطع يده، وبه قال يعقوب ومحمد. قال أبو بكر: يقطع إذا غابا، أو ماتا. ¬

_ (¬1) "القطع" ساقط من الدار.

م 4643 - وإذا اختلفا، فقال أحدهما: سرق ثوراً، وقال الآخر: سرق بقرة، أو قال أحدهما: كانت حمراء، وقال الآخر: كنت بيضاء، لم يقطع، في قول الشافعي، وأبي ثور، ويعقوب، ومحمد. وقال النعمان: لا تجوز شهادتهما إذا قال أحدهما: سرق ثوراً، وقال الآخر: سرق بقرة، وقال: وإن اختلفوا في لونها قطع. قال أبو بكر: لا فرق بينهما، بل اللون (¬1) أولى ألا يقطع، لأن ذلك لا يكاد يخفى على الناظر، ومعرفة الذكر والأنثى تخفى على كثير من الناظرين، إلا أن يتفقّد ذلك. م 4644 - وإذا اختلفا، فقال أحدهما: سرق يوم الخميس، وقال الآخر: يوم الجمعة. لم يقطع، في قول مالك، والشافعي، وأبي ثور، في أصحاب الرأي. قال أبو بكر: وبه نقول. م 4645 - وإذا شهدا على رجل، فقطعت يده، ثم جاءا بآخر، فقالا: هذا الذي سرق وقد أخطأنا بالأول. فقول كل من نحفظ عنه من أهل العلم: أنهما يغرمان دية اليد، ولا تقبل شهادتهما على الثاني. روينا ذلك عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وبه قال ابن شبرمة، والشافعي، وأبو ثور، وأصحاب [2/ 241/ب] الرأي. ¬

_ (¬1) وفي الدار "الفرق".

20 - باب صفة قطع يد السارق

20 - باب صفة (¬1) قطع يد السارق قال أبو بكر: م 4646 - اختلف أهل العلم فيما يجب قطعه من السارق. فقالت طائفة: إذا سرق قطعت يده اليمنى، إذا سرق الثانية قطعت رجله اليسرى، وإذا سرق الثالثة قطعت يده اليسرى، فإذا سرق الرابعة قطعت رجله اليمنى، فإذا سرق الخامسة عزر وحبس. هذا قول مالك، وأهل المدينة، وبه قال قتادة، والشافعي، وأصحابه، وكذلك قال (¬2) أبو ثور. وقد ثبت عن أبي بكر الصديق، وعمر رضي الله عنهما أنهما قطعا في السرقة اليد بعد اليد والرجل. وفيه قول ثان: وهو أن تقطع يده اليمنى، ثم رجله اليسرى في السرقة الثانية، فإن سرق بعد ذلك حبس، روي هذا القول عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه. وقال الزهري: لم يبلغنا في السنة إلا قطع اليد والرجل، وبه قال حماد بن أبي سليمان، واحد بن حنبل. ¬

_ (¬1) "صفة" ساقط من الدار. (¬2) "كذلك قال" ساقط من الدار.

م 4647 - واختلفوا في اليد والرجل، من أين تقطع؟ فروينا عن عمر، وعثمان رضي الله عنهما أنهما قالا: من المفصل، قال عمر: القدم من مفصلها، وقال عثمان: اليد من المفصل. وبه قال الشافعي في اليد والرجل. وقد روينا عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: تقطع الرجل من شطر القدم، ويترك له عقبها. وقال إسحاق: اليد من الرسغ، والرجل من المفصل، ويترك العقب. وقال أبو ثور: قول علي أرفق وأحب إليّ. (ح 1418) وقد روينا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه أمر بقطع يد رجلٍ، وقال: احسموها". وفي إسناده مقال. م 4648 - واستحب ذلك جماعة، منهم: الشافعي، وأبو ثور، وغيرهما. وهذا أحسن، وهو أقرب للبرء وأبعد من من التلف. م 4649 - واختلفوا في السارق، تكون يمينه شلاء. فقال الزهري: تقطع يمينه، لأنها جمال، وبه قال إسحاق، وأبو ثور. وقال أحمد: إذا كان يحركها، أوكانت قائمة: تقطع.

واختلف قول أصحاب الرأي في هذا الباب، فقالوا: إذا كان أشل اليد اليمنى، ويده الشمال صحيحة: تقطع اليمنى. وإن كانت يده الشمال شلاء يابسة واليمنى صحيحة: لم تقطع اليمنى (¬1)، فإن كانت يداه شلاوين يابستين: لم تقطع. وإن كانت يداه صحيحتين، ورجله الشمال شلاء يابسة: قطعت يده اليمنى. وإن كانت رجله اليمنى يابسة، والشمال صحيحة: لم تقطع يده اليمنى؛ لأنه يكون من شقٍ (¬2) ليس له يد ولا رجل [2/ 242/ألف]. قال أبو بكر: أوجب الله عَزَّ وَجَلَّ قطع يد السارق في كتابه (¬3)، فقطع يد السارق يجب: شلاء كانت أو صحيحة. وليس لقول من ترك ظاهر الكتاب معنى، واتباع كتاب الله عز وجل يجب. م 4650 - واختلفوا في السارق يسرق، ويشهد عليه بذلك بينة، ويداه ورجلاه صحيحتان، فيحبسه الحاكم ليسأل عن الشهود، فعدا عليه رجل، فقطع يده اليمنى. فقال أصحاب الرأي: يقتص له منه، لأن الحد لم يكن وجب بعد، فإن زكي الشهود: لم يقطع ثانياً، لأن اليد التي كان فيها الحد قد ذهبت. ¬

_ (¬1) "وإن كان يده الشمال ... إلى قوله: لم تقطع اليمنى" ساقط من الدار. (¬2) وفي الدار "موسر" وهو تصحيف. (¬3) "قطع يد السارق في كتابه" تكرر في الدار.

وإن لم تقطع يده اليمنى الأولى (¬1) ولكن قطعت يده اليسرى، قال: أقتص من قاطعه، ولا أقطعه في السرقة، لأني أكره أن أدعه بغير يد. وقال أبو ثور: فيها قولان: أحدهما: أن لا شيء عليه. والثاني: أن قطع رجله يجب. قال أبو بكر: القول الأول أصح، لأن اليد لا تخلو من أحد معنيين: إما أن يكون قد وجب قطعها، فلا شيء على قاطعها، إلا الأدب إذا كانت البينة عادلة. أو لا تكون عادلة، فعلى القاطع القود أو الدية (¬2). وقال قتادة - في رجل سرق، فعدا عليه رجل فقطع يده- قال: تقطع يد الذي عدا عليه، وتقطع رجل السارق. م 4651 - وإذا حكم عليه الحكم بأن تقطع يده فعدا عليه رجل (¬3)، فقطع يمينه التي وجب قطعها. فقال مالك، وأبو ثور، وأصحاب الرأي: لا شيء على السارق، ولا على القاطع، ويؤدبه السلطان. م 4652 - وقال الثوري: إذا قطع رجل السارق، أو قتل الزاني (¬4)، قبل أن يبلغه السلطان، فعليه القصاص، وليس على السارق غير ذلك. ولا شيء على من قتل المرتد قبل أن يرفع إلى السلطان. ¬

_ (¬1) "الأول" ساقط من الدار. (¬2) "أو الدية، وقال ... إلى قوله: تقطع يده قال: "ساقط من الدار. (¬3) "بأن تقطع يده، فعدا عليه رجل" ساقط من الدار. (¬4) وفي الدار "الوالي" وهو خطأ فاحش.

قال أبو بكر: إذا وجب قطع يد السارق، أو وجب الرجم على رجل، فعدا رجل فقتل الزاني، وقطع السارق، فلا شيء عليه، ويؤد به الحاكم، حيث فعل ما ليس إليه. م 4653 - واختلفوا في الحاكم، يأمر بقطع يمين السارق، فتقطع يساره. فقال قتادة: قد أقيم عليه، لا يزاد عليه، وبه قال مالك إذا أخطأ القاطع فقطع شماله، وبه قال أصحاب الرأي استحساناً. وقال أبو ثور: عليه الحد، أو الدية، لأنه أخطأ، وتقطع يمينه، إلا أن يمنع منه إجماع. قال أبو بكر: ليس يخلو قطع يسار السارق من أحد معنيين. إما أن يكون القاطع عمد (¬1) ذلك، فعليه القود، أو يكون أخطأ، فديه يده على عاقلة القاطع. وقطع يمين السارق يجب في السرقة، ولا يجوز إزالة (¬2) ما أوجب الله عَزَّ وَجَلَّ بتعدي متعد، أو خطأ مخطئ. م 4654 - واختلفوا في الجذّاذ يقول للسارق: أخرج يمينك، فأخرج شماله، فقطعها. فقال قتادة، والشعبي: لا شيء على القاطع، وحسبه ما قطع منه. وقالت طائفة: تقطع يمينه إذا برأ، وذلك أنه هو أتلف يساره. ¬

_ (¬1) وفي الدار "غير ذلك". (¬2) وفي الدار "له" مكان "إزاله".

21 - باب إقامة الحد في الحر الشديد، والبرد الشديد وغير ذلك

وقال أصحاب الرأي: ليس على الجذاذ شيء. وهذا قياس قول الشافعي: إن لا شيء على القاطع، وتقطع يمينه إذا برأت شماله (¬1). وقال الثوري في الذي يقتص منه في يمينه، فيقدم شماله، فتقطع، قال: تقطع يمينه أيضاً. قال أبو بكر: هذا صحيح. 21 - باب إقامة الحد في الحر الشديد، والبرد الشديد وغير ذلك قال أبو بكر: م 4655 - اختلف أهل العلم في إقامة الحد على المريض، أو في الحر والبرد. فقالت طائفة: يقام الحد، ولا يؤخر ما أوجبه الله عز وجل بغير حجة. هذا قول أحمد، وإسحاق، واحتجا بحديث عمر: أنه أقام الحد على قدامة، وهو مريض، وقال: أخشى أن يموت، وبه قال أبي ثور. وقالت طائفة: إذا كان مريضاً يخاف عليه فيه، لم يُقم عليه حتى يبرأ. كذلك قال مالك، والشافعي. ¬

_ (¬1) "شماله" ساقط من الدار.

وكذلك قال النعمان، ومجاهد، ومحمد في الحر والبرد. م 4656 - واختلفوا في الرجل يقر بسرقة عند الإمام، وثبت عليه أنه قتل رجلاً عمداً. ففي قول الشافعي، تقطع يده، ثم يقتل قوداً إن طلب ذلك الوالي، وبه قال أبو ثور. وقال أصحاب الرأي: يقتل، ويدرأ عند القطع. قال أبو بكر: أمر الله عَزَّ وَجَلَّ بقطع السارق، وأوجب القصاص، فلا يجوز أن نعطل شيئاً مما أمر الله عَزَّ وَجَلَّ به بغير حجة. م 4657 - واختلفوا في السارق يسرق، ويقطع يمين رجل. فقالت طائفة: تقطع يمينه للسرقة، ولا شيء للمقطوعة يده، حكى ابن القاسم هذا القول عن مالك. وفي قول الشافعي: غير المقطوعة يده بين القصاص، أو دية اليد، فإن اختار القصاص قطعت يده للقصاص وللسرقة، وإن أراد الدية أعطي ذلك، وقطعت يده للسرقة، وبه قال أبو ثور. وقال أصحاب الرأي: أبدأ بالقصاص وأدرأ عنه الحد.

22 - أبواب قطع العبيد

22 - أبواب (¬1) قطع العبيد قال أبو بكر: قال الله تبارك وتعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} الآية. قال أبو بكر: دخل في ظاهر الكتاب الأحرار والعبيد، وبه قال عوام أهل العلم. م 4658 - وممن رأى أن العبد المعترف بالسرقة [2/ 243/ألف] تقطع يده عمر (¬2) وابن عمر رضي الله عنهما، وعمر بن عبد العزيز، والحسن البصري، والقاسم، وعروة بن الزبير، والنخعي، وقتادة. وبه قال مالك، والثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، ويعقوب (¬3). وفي قول ثان: وهو أن لا قطع عليه، روينا ذلك عن ابن عباس، وبه قال سعيد بن العاص، ومروان بن الحكم في الآبق. قال أبو بكر: إتباع ظاهر القرآن يجب. ¬

_ (¬1) وفي الدار "باب قطع العبيد". (¬2) "عمر" ساقط من الدار. (¬3) "ويعقوب" ساقط من الدار.

23 - باب سرقة العبد من مولاه

23 - باب سرقة العبد من مولاه قال أبو بكر: م 4659 - أجمع أكثر من نحفظ عنه من أهل العلم على أن لا قطع على العبد إذا سرق من مال مولاه. ثبت ذلك عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وابن مسعود. وبه قال مالك، وعبد الملك، والثوري، والنعمان، ومن وافقهم. وكذلك قال الشافعي، وأحمد، وإسحاق. م 4660 - وقال الثوري، وأحمد، وإسحاق في المكاتب ومولاه، أيهما سرق من صاحبه، لا قطع عليه، وكذلك قال أصحاب الرأي. م 4661 - وقال أصحاب الرأي في العبد يقر بالسرقة من مولاه، أو ابن مولاه، أو أب مولاه (¬1)، أو ابن ابن مولاه، أو جد مولا، أو جدة مولاه، أو ذي رحم محرم لمولاه، أو من امرأة لمولاه، قالوا: لا يقطع في شيء من ذلك. وكذلك المكاتب، والمدبر، وأم الولد. وإذا أقر الرجل أنه سرق من مكاتبه، أو من عبد له تاجر عليه دين: لم يقطع. وقال أبو ثور: يقطع العبد إذا سرق من أي هؤلاء سرق، إلا من مال مولاه فإنه لا قطع عليه. ¬

_ (¬1) " أو أب مولاه" ساقط من الدار.

24 - باب وجوب رد المتاع المسروق إلى أهله وتضمين المتلف لذلك قيمته

م 4662 - واختلفوا في عبد الرجل يسرق من مال زوجته، أو عبد المرأة يسرق من مال زوجها. ففي قول الشافعي: لا قطع على واحد منهما. وقال مالك: على كل واحد منهما القطع. قال أبو بكر: قول مالك صحيح. 24 - باب وجوب رد المتاع المسروق إلى أهله وتضمين المتلف لذلك قيمته قال أبو بكر: م 4663 - أجمع عوام أهل العلم على أن السارق إذا وجب قطع يده، فقطعت، ووجد المتاع بعينه عنده، أن ردّ ذلك يجب، على المسروق منه. م 4664 - وقد اختلفوا فيه إذا قطع والمتاع مستهلك. ففي قول الشافعي، وأبي ثور: إن كان للشيء المتلف مثل أخذ مثله، وإن لم يكن له مثل أخذ قيمته من السارق. وهذا مذهب النخعي، وحماد بن أبي سليمان، والليث بن سعد، وأحمد، وإسحاق. وقال آخرون: [2/ 243/ب] إن وجد المتاع بعينه أخذ منه، وإن استهلكه السارق غرم قيمته إن كان له مال، فإن كان معدماً بطل عنه، ولم يكن ديناً عليه، هذا قول مالك.

وفيه قول ثالث: وهو أن لا غرم على السارق بعد أن تقطع يده، إلا أن يوجد شيء منه بعينه، فيؤخذ منه. هذا قول عطاء بن أبي رباح، وابن سيرين، والشعبي، ومكحول. وقال الثوري: قول الشعبي أحب إليّ. وبه قال النعمان، وأصحابه. وقال النعمان في الرجل يسرق مرات، ثم يؤتى به في آخر مرة، فإنه يقطع، ويضمن كل السرقات إلا الآخرة. وقال يعقوب: لا أضمنه. قال أبو بكر: القول الأول أصح، لأن الله عَزَّ وَجَلَّ حرم الأموال في كتابه، وعلى لسان نبيه - صلى الله عليه وسلم -، وأجمع أهل العلم على تحريمه، فلا يحل شىء منه بغير حجة. وإذا أجمعوا على وجب ردّ الشيء المسروق إن كان موجوداً، ومعنى القطع غير معنى المال، لأنهم قد أمروا برد الشيء مع قطع اليد، إذا كان رد ذلك يجب وإن قطعت يده، وجب قيمة ما استهلك منه، لأنه (¬1) مال لمسلم أتلفه. (ح 1419) ولا يثبت حديث عبد الرحمن بن عوف ¬

_ (¬1) "لأنه" ساقط من الدار.

25 - باب سرقة الخمر من المسلم ومن النصراني

25 - باب سرقة الخمر من المسلم ومن النصراني قال أبو بكر: حرم الله عَزَّ وَجَلَّ الخمر في يهابه، وعلى لسان نبيه - صلى الله عليه وسلم -. (ح 1420) وحرم رسول الله- صلى الله عليه وسلم - الخمر وثمنها. م 4665 - وأجمع أهل العلم على تحريم الخمر. م 4666 - وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن المسلم إذا سرق من أخيه المسلم خمراً: أنه لا قطع عليه. هذا قول عطاء، ومالك، والشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي. م 4667 - وكذلك الخنزير، إذا سرقه: لا قطع عليه. م 4668 - واختلفوا في المسلم يسرق من النصراني خمراً. فقال عطاء: تقطع يده. وقال الشافعي، وأحمد، وأبو ثور، وأصحاب الرأي: لا قطع عليه. وفيه قول ثالث: وهو ألا تقطع يده، ولكن يضمن، لأنه عندهم له ثمن. واحتج بأن شريحاً قضى بذلك [هذا قول إسحاق] (¬1). ¬

_ (¬1) ما بين المعكوفين من الدار.

26 - باب سرقة الحربي والذمي

قال أبو بكر: كما قال الشافعي أقول، لأن الله عز وجل حرم الخمر، ولا يجوز قطع يد المسلم فيما لا قيمة له إذ هو محرم. 26 - باب سرقة الحربي والذمي قال أبو بكر: م 4669 - واختلف أهل العلم في الحربي يدخل دار الإِسلام بأمان (¬1) ويسرق [2/ 244/ألف]. فقال الشافعي، والنعمان، وابن الحسن: لا قطع عليه، ويضمن السرقة. وروينا عن ابن عباس: انه كان لا يرى على أهل الذمة قطعاً. وقال أبو ثور: تقطع يده إذا لم يعذر بالجهالة. وقال مالك: يقطع إذا سرق، ولا يقام عليه حد الزنى. قال أبو بكر: ليس بينهما فرق. 27 - باب إقامة الحدود في أرض الحرب قال أبو بكر: م 4670 - واختلفوا في إقامة الحدود في أرض الحرب. فقالت طائفة: تقام الحدود، ولا فرق بين دار الحرب ودار الإسلام. ¬

_ (¬1) "بأمان" ساقط من الدار.

28 - باب حد البلوغ

هكذا قال الشافعي، وبه قال مالك، والليث بن سعد. وقال الأوزاعي: يقيم من غزا على جيش، وإن لم يكن أمير مصر (¬1) من الأمصار الحدود في عسكره في القطع، فإذا قفل قطع. وقال النعمان: إذا غزا الجند أرض الحرب، وعليهم أمير، فإنه لا يقيم الحدود في عسكره، إلا أن يكون إمام مصر، أو الشام، أو العراق، أو ما أشبهه، فيقيم الحدود في عسكره. 28 - باب حد البلوغ قال أبو بكر: قال الله عز وجل: {وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا} الآية. وقال تعالى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ} الآية، وبلوغ النكاح هو الحلم. (ح 1421) وثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: "رُفع القلمُ عن الصبي حتى يحتلم". م 4671 - وأجمع أهل العلم على أن الفرائض والأحكام تجب على المحتلم العاقل. ¬

_ (¬1) وفي الدار "أمر مضى" وهو تصحيف.

م 4672 - وأجمع أهل العلم على أن الفرائض تجب على المرأة بظهور الحيض فيها، فهي والرجل في حكم الاحتلام سواء. م 4673 - واختلفوا في خصال سوى الاحتلام. فمما اختلفوا فيه: بلوغ خمسة عشرة سنة. فممن رأى أن الغلام إذا كمل له خمس عشرة سنة أنه بالغ: الشافعي، والأوزاعي، وأحمد. وفيه قول ثان: وهو أنه بالغ إذا كمل له أربع عشرة سنة وطعن في الخمس عشرة، هذا قول إسحاق. وأما مالك، وأهل المدينة، وأهل الكوفة، فليس يرون ذلك ولا يعتبرون به. م 4674 - واختلفوا في الإنبات. فجعلت فرقة الإنبات حد البلوغ، هذا قول القاسم، وسالم (¬1)، وأحمد، وإسحاق، وأبي ثور. (ح 1422) واحتجوا بحديث عطية القرظي. ¬

_ (¬1) "وسالم" ساقط من الدار.

29 - باب تلقين السارق ما يزال به عنه القطع

والشافعي لا يقول به، إلا في أهل الشرك الذين لا يوفقون على أسنانهم. وقد روينا عن أبي بكر الصديق، وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما [2/ 244/ب]، وابن الزبير أنهم جعلوا حد البلوغ: بلوغ ستة أشبار، وبه قال إسحاق. وقال عطاء بن أبي رباح، والحكم، والزهري: لا قطع على من لم يحتلم. وخالف النعمان ذلك كله، فقال: حد البلوغ في الغلام استكمال ثماني عشرة سنة، إلا أن يحتلم قبل ذلك وفي الجارية استكمال سبع عشرة، إلا أن تحيض قبل ذلك (¬1). قال أبو بكر: لا شك أن الاحتلام حد البلوغ، وقد يكون حد البلوغ استكمال خمس عشرة سنة، ويكون الإنبات كذلك حد البلوغ. م 4676 - وليس على من بلغ مغلوباً على عقله شيء من الفرائض. 29 - باب تلقين السارق ما يزال به عنه القطع قال أبو بكر: م 4677 - ثبت أن عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه - قال: "ادرؤوا ¬

_ (¬1) "وفي الجارية استكمال سبع عشرة، إلا أن تحيض قبل ذلك" ساقط من الدار.

الحدود ما استطعتُم". وروينا عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه " أنه أُتي برجلٍ، فسأله: أسرقتَ؟ قل: لا، فقال: فتركه (¬1) ". وروينا معنى ذلك عن أبي بكر الصديق، وأبي الدرداء، وأبي هريرة، وأبي مسعود (¬2)، رضي الله عنهم. وبه قال أحمد، وإسحاق، وأبو ثور. واحتج بعضهم: (ح 1423) بقول النبي- صلى الله عليه وسلم -: "لعلك قبّلت، أو غمَزتَ، فقال: لا". قال: وإنما قال ذلك ليدرأ عنه الحد. وقال غيرهم: إذا وجب الحد، لم تجز إزالته بوجه. ولعل ما روي عن الأوائل في هذا الباب: إنما هو قبل الإقرار، فإذا جاء الإقرار وجب إقامة ما أوجبه الله عز وجل. ¬

_ (¬1) وفي الدار "أبي الزناد" وهو خطأ، والتصويب من الأوسط 4/ 196/ب، وكذا عند "عب " 10/ 225 رقم 18922. (¬2) في الأصلين "ابن مسعود"، والتصويب من الأوسط 4/ 196 /ب، وكذا عند "عب" 10/ 225 رقم 18921، و"بق" 8/ 276.

30 - باب الستر على المسلمين، والشفاعة في الحدود

30 - باب الستر على المسلمين، والشفاعة في الحدود قال أبو بكر: (ح 1424) جاء الحديث عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "من سترَ على مسلمٍ عورةً (¬1) ستر الله عليه في الدنيا و (¬2) الآخرة. م4678 - والذي يجب أن يستر المسلم على أخيه: إذا رآه على فاحشة، أو سوء، طلب ثواب الله عز وجل. وعلى من أصاب حداً أن يستتر بستر الله عز وجل، وينزع عن ذلك، ويحدث توبة نصوحاً، وهو ألا يعود في الذنب أبداً، إذا بلغ الإمام ذلك: لم يسعه إلا إقامة الحد: (ح 1425) لحديث النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "تعافوا الحدود فيما بينكُم، فما بلغني من حدّ فقد وجبَ". م 4679 - وقد اختلفوا في الشفاعة في الحدود قبل وصول ذلك إلى الإمام. ¬

_ (¬1) "عورة" ساقط من الدار. (¬2) "الدنيا و" ساقط من الدار.

فممن [2/ 245/ألف] رأى أن يشفع في الحد ليدرأ به (¬1) عمن وجب ذلك عليه، قبل الوصول إلى الإمام: الزبير بن العوام، وقال: يفعل ذلك دون السلطان، إذا بلغ الإمام فلا أعفاه الله إن أعفاه. وممن رأى ذلك: عمار بن ياسر، وابن عباس، وسيد بن جبير، والزهري، والأوزاعي، وأحمد. وكرهت طائفة الشفاعة في الحدود، وقال ابن عمر: "من حالت شفاعتُه دون حدٍ من حدود الله فقد ضادّ الله في حكمه". وفرّق مالكٌ بين من لم يعرف منه أذى للناس، فقال: لا بأس أن يشفع له ما لم يبلغ الأمام، واً ما من عرف بشر وفساد فلا أحب أن يشفع له أحد، ولكن يترك حتى يقام عليه الحد. قال أبو بكر: الأخبار الثابتة تدل على أن الشفاعة المنهي عنها: أن يشفع إلى الإمام في حد قد وصل إليه علمه، فمن ذلك: (ح 1426) أن النبي- صلى الله عليه وسلم - قال لأسامة لما كلمه في أمر المخزومية التي سرقت: "أتشفعُ في حدّ من حدودِ الله". مُنكراً عليه لمّا شفع في أمرها. ¬

_ (¬1) "به" ساقط من الدار.

31 - باب السارق يملك ما سرق قبل وصوله إلى الإمام وبعد ذلك

31 - باب السارق يملك ما سرق قبل وصوله إلى الإمام وبعد ذلك قال أبو بكر: م 4680 - كان مالك، والشافعي يقولان: تقطع يد السارق، وإن وهب المسروق منه الشيء للسارق قبل قطع يده. وقال أصحاب الرأي: إذا ردّ السرقة إلى أهلها قبل أن يرفع إلى الأمام، ثم أني به إلى الإمام، وشهد عليه الشهود: لم يقطع. قال أبو بكر: القطع إذا وجب لم تجز (¬1) إزالته بوجه. وفي السرقة (¬2) شيئان: حد الله تعالى، ومال لآدمي فما كان لله تعالى فالقائم بإقامته السلطان، وما كان لنبي آدم فذلك إليهم: إن شاؤوا طالبوا به، وإن شاؤوا تركوه. ¬

_ (¬1) وفي الدار "لم يجب". (¬2) وفي الدار "السارق".

87 - كتاب المحاربين

87 - كتاب المحاربين قال أبو بكر: قال الله عز وجل: {وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ}. وقال تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ} الآية. وقال جل ذكره: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا}. (ح 1427) وثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال يوم عرفة، "دماؤكم وأموالكم حرامٌ عليكم، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، وفي بلدكم هذا". (ح 1428) وقال: "أمرت أن أقاتل الناس [2/ 245/ب] حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فإن قالوها فقد عصموا مني (¬1) دماءهُم، وأموالهم إلا ¬

_ (¬1) "مني" ساقط من الدار.

بحقّها، وحسابُهُم على الله عَزَّ وَجَلَّ. م 4681 - فدماء المؤمنين محرمة على ظاهر كتاب الله عز وجل، وبالأخبار الثابتة عن رسول الله صلى الله - صلى الله عليه وسلم - وبإجماع أهل العلم، إلا بالحق الذي استثناه الله عَزَّ وَجَلَّ في كتابه وعلى لسان نبيه - صلى الله عليه وسلم -. فأما الكتاب: فقوله عز وجل: {وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ}. وأما السنة: فقوله: "عصموا مني دماءهُم وأموالهُم إلا بحقّها". فمن الحق الذي استثناه الله في كتابه، القصاص، قال الله عز وجل: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ} الآية. {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا} َ وقال جل ذكره: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ}. ومن الحق الذي ذكره الله عَزَّ وَجَلَّ في كتابه، وعلى لسان نبيه - صلى الله عليه وسلم -: إباحة دم من كفر بعد إيمانه (¬1)، أو زل بعد إحصان. ¬

_ (¬1) وفي الدار "بعد إسلامه".

1 - باب اختلاف أهل العلم فيمن نزلت آية المحاربين

وقال الله عز وجل: {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ}، وأوجب حد الزاني، وقطع السارق. وجلد الشارب على لسان نبيه - صلى الله عليه وسلم -. وأوجب الله عَزَّ وَجَلَّ إقامة الحدود على المحاربين فقال جل ذكره: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ} إلى قوله: {فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}. 1 - باب اختلاف أهل العلم فيمن نزلت آية المحاربين قال أبو بكر: م 4682 - اختلف أهل العلم فيمن نزل قوله عز وجل: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} الآية. فقال مالك، والشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي: نزلت الآية فيمن خرج من المسلمين يقطع السبيل، ويسعى في الأرض بالفساد.

وقالت طائفة: نزلت الآية في أهل الشرك، هذا قول الحسن البصري، وعطاء، وعبد الكريم. وقد احتج أبو ثور بالقول الأول بأن في الآية دليلاً على أن الآية نزلت في غير أهل الشرك، وهو قوله تعالى: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ}. م 4683 - وقد أجمع [أهل العلم] (¬1) على أن أهل الشرك إذا وقعوا في أيدينا وأسلموا، أن دماءهم تحرم. فدل ذلك على أن الآية نزلت في أهل الإِسلام. واحتج بعض من يقول بالقول الآخر بخبر العرنيين، وقال: في بعض الأخبار: إنهم كفروا [2/ 246/ألف] بعد إسلامهم، وفيهم نزلت الآية. قال أبو بكر: قول مالك أصح. ¬

_ (¬1) ما بين المعكوفين من الدار.

2 - باب ما يجب على قطاع الطريق عند من جعل حكم الآية في أهل الإسلام

2 - باب ما يجب على قطاع الطريق عند من جعل حكم الآية في أهل الإسلام قال أبو بكر: أمر الله عَزَّ وَجَلَّ بإقامة الحدود على المحارب إذا جمع شيئين: محاربة وسعياً في الأرض بالفساد، فقال جل ذكره: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} الآية. م 4684 - فالحكم عند أكثر أهل العلم هذه الآية إنما يجب على من خرج من المسلمين فقطع الطريق، وأخاف السبيل، وسعى في الأرض بالفساد. م 4685 - وقد اختلفوا فيما يجب على من فعل ذلك. فقالت طائفة: تقام عليه الحدود على قدر أفعالهم. فمن روي هذا المذهب عنه: ابن عباس، قال إذا خرج الرجل محارباً فأخاف السبيل، وأخذ المال قطعت يده ورجله من خلاف، وإن أخذ المال وقتل: قطعت يده ورجله من خلاف، ثم صلب. وإذا قتل ولم يأخذ قال: قتل، فإن هو لم يأخذ قال ولم يقتل: نفي. ويروى معنى هذا القول عن أبي مجلز، وقتادة، وعطاء الحراساني، والنخعي.

وكان الأوزاعي يقول: إذا أخاف السبيل فشهر سلاحه وقتل ولم يصب مالاً، قتل، وإن قتل وأخذ مالاً: صلب فقتل مصلوباً، وإن هو شهر السلاح وأخاف السبيل وأخذ المال ولم يقتل أحداً، ولم يصب دماً: قطع من خلاف. وقال الشافعي رحمه الله: "من قتل منهم وأخذ المال: قتل وصلب. وإذا قتل ولم يأخذ مالاً: قتل ودفع إلى أوليائه يدفنونه، ومن أخذ مالاً ولم يقتل، قطعت يده اليمنى ثم حسمت، ثم رجله اليسرى ثم حسمت في مكان واحد، وخلي. ومن حضر، وكثّر، وهيّب، أو كان ردءاً يدفع عنهم، عُزّر وحُبس". وقال أحمد بن حنبل: من قتل قتل، ومن أخذ المال: قطع. وقال أصحاب الرأي: إذا قتلوا وأخذوا المال، قطعت أيديهم اليمنى وأرجلهم اليسرى من خلاف، ويقتلهم، أو يصلبهم إن شاء، فإن أصابوا الأموال ولم يقتلوا قطعت أيديهم وأرجلهم من خلاف، ولا يقتلوا. فإن [2/ 246/ب] قتلوا ولم يصيبوا مالاً: يقتلون، ولا تقطع أيديهم وأرجلهم. وقالت طائفة: الإمام مخير في الحكم على المحاربين، يحكم عليهم بأي الأحكام التي أوجبها الله جل ذكره في الآية، من القتل والصلب، أو القطع، أو النفي، بظاهر الآية.

3 - باب صلب المحارب

وروي هذا المذهب عن ابن عباس، وهذا مذهب عطاء، والحسن البصري، ومجاهد، والنخعي، والضحاك بن مزاحم. وبه قال مالك، وأبو ثور. واحتج بعضهم بأن الآية لما كان فيها أو كان ككفارة اليمين التي الحانث فيها (¬1) بالخيار: إن شاء أعتق، وإن شاء كسا، وإن شاء أطعم، ومثل فدية الأذى. وقد روينا عن ابن عباس أنه قال: ما كان في القرآن أو، أو فصاحبه بالخيار. 3 - باب صلب المحارب قال أبو بكر: قال الله عز وجل: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا} الآية. م 4686 - واختلف أهل العلم في صلب المحارب. فروي عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال: إذا أخذ المال وقتل، قطعت يده ورجله من خلاف، ثم صلب. ¬

_ (¬1) وفي الدار "التي الحالف في يمينه".

4 - باب نفي المحارب

وقد روينا عن قتادة، وسعيد بن جبير، وعطاء الخراساني، والنخعي، والسدي، وعطية، والكلبي، أنهم قالوا: إذا أخذ المال، وقتل، صلب. وقال الليث بن سعد: يصلب حياً، ثم يطعن بالحربة حتى يموت. وقال الشافعي: وأحب إليّ أن يبدأ بقتله، ثم يصلب. وقال الأوزاعي: يصلب ويقتل مصلوباً. وقال يعقوب: يصلب وهو حي، ثم يقتل على الخشبة، إذا جمع القتل وأخذ المال. 4 - باب نفي المحارب قال أبو بكر: قال الله عز وجل: {أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ}. م 4687 - واختلف أهل العلم في نفي المحارب. فروينا عن ابن عباس أنه قال: ينفي من بلده إلى بلدِ غيره. وقال الشعبي: ينفيه من عمله.

5 - باب عفو السلطان عن المحارب، أو عفو ولي دمه دون الإمام

وقال أبو الزناد: كان منفى الناس إلى باضع، ودهلَك، وتلك الناحية. وقال مالك: ينفى من بلد إلى بلد، ويحبس في الحبس، وقال: لا ينفى إلى شيء من بلدان الكفر. وقال الحسن البصري: ينفى حتى لا يقدر عليه. وقال الزهري: نفيه أن يطلب فلا يقدر عليه كلها سمع به في أرض طلب فيها (¬1). وقال الشافعي [2/ 247/ألف] بخبر رواه عن ابن عباس: أن نفيهم أن يطلبوا حتى يؤخذوا، فتقام عليهم الحدود. وقال أصحاب الرأي: يطلب حتى يؤخذ، فتقام عليه الحدود. وبه قال أبو ثور. وقال بعضهم: ينفى من البلدة التي هو بها إلى بلدة غيرها، واحتج بأن الزاني كذلك ينفى. 5 - باب عفو السلطان عن المحارب، أو عفو ولي دمه دون الإمام قال أبو بكر: م 4688 - أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن السلطان ولي من ¬

_ (¬1) "فيها" ساقط من الدار.

6 - باب توبة المحارب قبل أن يقدر عليه، وما يجب عليه من حقوق بني آدم

حارب فإن قتل محارب أخاً امرئ، أو أباه في حال المحاربة، فليس إلى طالب الدم من أمر المحارب شيء، ولا يجوز عفو ولي الدم، والقائم بذلك الإمام. جعلوا ذلك بمنزلة حد من (¬1) حدود الله، روي هذا القول عن عمر ابن الخطاب رضي الله عنه، وبه قال سليمان بن موسى، والزهري، ومالك، والشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. وقال أحمد: السلطان ولي من حارب الدين. قال أبو بكر: وبه نقول. 6 - باب توبة المحارب قبل أن يقدر عليه، وما يجب عليه من حقوق بني آدم (¬2) قال أبو بكر: قال الله عز وجل: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ}. م 4689 - واختلف أهل العلم في معنى هذه الآية. ¬

_ (¬1) "حد من" ساقط من الدار. (¬2) وفي الدار "حقوق ابن آدم".

7 - باب المحاربة في الأمصار والقرى

فقال قتادة، والزهري: ذلك لأهل الشرك. وقال كثير من أهل العلم: الآية نزلت في المسلمين، فإذا تاب المحارب الذي قد جنى الجنايات قبل أن يقدر عليه الأمام، سقط عنه ما كان من حد لله، وأخذ بحقوق الآدميين، واقتص منه من النفس الجراح، وأخذ ما كان معه من مال، وقيمة ما استهلك. هذا مذهب مالك، والشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي، [أبو ثور عنهم] (¬1). 7 - باب المحاربة في الأمصار والقرى قال أبو بكر: (ح 1429) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: "من انتهب نُهبةً مشهورةً فليس منا". م 4690 - واختلف أهل العلم فيمن قطع الطريق في مصر من الأمصار، أو قرية من القرى، فقتل وأخذ المال. فقالت طائفة: لا تكون المحاربة في [2/ 247/ب] المصر، إنما يكون خارجاً من المصر، هذا قول سفيان الثوري، وإسحاق، والنعمان. ¬

_ (¬1) ما بين المعكوفين من الدار.

8 - باب ما يجب على من قطع الطريق وأخذ أقل مما تقطع فيه اليد في السرقة

وقد اختلف عن مالك في هذه المسألة، فأثبت المحاربة في المصر مرة، ونفي ذلك مرة. وقالت طائفة: حكم ذلك في الصحراء، والمنازل، والطريق، وديار أهل البادية، والقرى سواء، إن لم يكن من كان في المصر أعظم ذنباً فحدودهم واحدة هذا قول الشافعي، وأبي ثور. قال أبو بكر: كذلك هو، لأن كلاً يقع عليه اسم المحاربة، والكتاب على العموم، وليس لأحد أن يُخرج من جملة الآية قوماً بغير حجة. 8 - باب ما يجب على من قطع الطريق وأخذ أقل مما تقطع فيه اليد في السرقة قال أبو بكر: م 4691 - واختلفوا في المحارب يصيب من المال أقل مما يجب فيه قطع اليد. فقال مالك: للإمام أن يحكم عليه بحكمه على المحارب إذا شهر السلاح وأخاف السبيل، هذا قول مالك، وأبي ثور. وقال آخرون: لا يقطع من قطاع الطريق إلا من أخذ قدر ما تقطع فيه يد السارق، هذا قول الشافعي، وأصحاب الرأي.

9 - باب قطع الطريق على أهل الذمة وقطع الذمي الطريق على أهل الملة

قال أبو بكر: فمن الفرق البين بينهما وجوب قطع اليد والرجل على المحارب، وإنما يجب على السارق قطع اليد فقط، فإذا جاز التغليظ على المحارب دون السارق فكذلك جاز أن يغلظ عليه، فيوجب عليه على ظاهر الآية قطع اليد وإن أخذ أقل من قدر ما يجب فيه قطع اليد. وهذا يلزم من قال: لا يقاس أصل على أصل. 9 - باب قطع الطريق على أهل الذمة وقطع الذمي الطريق على أهل الملة قال أبو بكر: م 4692 - كان الشافعي يقول: وإذا قطع المسلمون على أهل الذمة، حُدوا حدودهم لو (¬1) قطعوا على المسلمين، إلا أني واقف في أن أقتلهم إن قتلوا، أو أضمنهم الدية. وقال أبو ثور: نحكم عليهم على من قطعوا، على مسلمين أو ذميين. وكذلك نحكم عليهم مسلمين كانوا أو ذميين. وحكي ذلك عن الشافعي، والكوفي. م 4693 - وقال الشافعي، وأبو ثور: إذا قطع أهل [2/ 248/الف] الذمة على المسلمين، حدوا حدود المسلمين، وبه قال أصحاب الرأي. ¬

_ (¬1) وفي الدار "أو".

10 - باب قتال الرجل عن نفسه وماله

م 4694 - وفي قول الشافعي: الحكم على المرأة كالحكم على الرجل. م 4695 - وكذلك قال أبو ثور في العبيد، والنساء: أن الحكم عليهم كالحكم على الأحرار. م 4696 - وليس كذلك الصبيان، في قول الشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي، لأن الحدود غير واجبة عليهم، ويغرمون ما أتلفوا من مال. 10 - باب قتال الرجل عن نفسه وماله قال أبو بكر: (ح 1430) ثبتت الأخبار عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "من قُتل دون مالهِ فهُو شهيدٌ. م 4697 - قال أبو بكر: روينا عن جماعة من أهل العلم أنهم رأوا قتال اللصوص، ودفعهم عن أنفسهم وأموالهم. هذا مذهب ابن عمر، والحسن البصري، وإبراهيم النخعي، وقتادة، ومالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، والنعمان.

قال أبو بكر: وهذا يقول عوام أهل العلم إن للرجل أن يقاتل عن نفسه وماله وأهله، إذا أريد ظلماً (¬1)، للأخبار التي جاءت عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -، لم تخص وقتاً دون وقت، ولا حالاً دون حال؟ إلا السلطان، فإن جماعة أهل الحديث كالمجمعين على أن من لم يمكنه أن يمنع نفسه وماله إلا بالخروج على السلطان ومحاربته: أنه لا يحاربه، ولا يخرج عليه. (ح 1431) للأخبار الدالة عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - التي فيها الأمر بالصبر على ما يكون منهم من الجور والظلم، وترك قتالهم، والخروج عليهم ما أقاموا الصلاة. (ح 1432) وروينا عن ابن عباس عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "من رأى من أميره شيئاً يكرهُهُ فليصبر فإنه ليس أحدُ يفارقُ الجماعةَ إلا مات ميتةً جاهليةَ". ¬

_ (¬1) وفي الدار "إذا أريد ظلمه".

88 - كتاب الحدود

88 - كتاب الحدود قال أبو بكر: قال الله عز وجل: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ، إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} الآية. وقال جل ثناؤه: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا} الآية. وقال تعالى: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ [2/ 248/ب] اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ} الآية. وقال: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} إلى قوله: {وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} الآية. (ح 1433) وثبتت الأخبار عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - بأنه حرم الزنى. م 4698 - وأجمع أهل العلم على تحريم الزنى.

1 - باب أول بدء في عقوبة الزاني، ونسخ ذلك

1 - باب أول بدء في عقوبة الزاني، ونسخ ذلك قال الله عز وجل: {وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ ...} الآية. م 4699 - كان ابن عباس يقول: كانت المرأة إذا زنت حبست في البيت، حتى تموت، ثم أنزل الله عَزَّ وَجَلَّ بعد ذلك: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ ...} الآية. (ح 1434) وثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: "خذوا عني، فإن الله قد جعل لهن سبيلاً: الثيب بالثيب، والبكر بالبكر، الثيب بالثيب يجلد ثم يرجم والبكر بالبكر يجلد ثم ينفى". 2 - باب إثبات الرجم على الثيب الزاني قال الله جل ذكره: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ...} الآية. وقال تعالى: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ}.

فقد ألزم الله تعالى خلقه طاعة رسوله. (ح 1435) وثبتت الأخبار عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أنه أمر بالرجم ورجم. (ح 1436) وقال عمر: "رجم رسول الله- صلى الله عليه وسلم -، ورجمنا بعده". م 4700 - وفعل ذلك بعد عمر علي بن أبي طالب. قال: فالرجم ثابت بسنن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - وباتفاق عوام أهل العلم عليه. منهم مالك، وأهل المدينة، والأوزاعي، وأهل الشام. وسفيان الثوري، وسائر أهل العراق. وبه قال الشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، والنعمان، ومحمد. وهو قول عوام أهل الفتيا من علماء الأمصار.

3 - باب وجوب الجلد مع الرجم على الثيب الزاني والاختلاف فيه

3 - باب وجوب الجلد مع الرجم على الثيب الزاني والاختلاف فيه قال أبو بكر: م 4701 - اختلف أهل العلم في إيجاب الجلد مع الرجم. فقالت طائفة: يجلد بكتاب الله، وهو قوله: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ}، ويرجم بسنة رسول الله- صلى الله عليه وسلم -. وممن استعمل هذا علي بن أبي طالب، وبه قال الحسن البصري، وإسحاق بن راهويه. وقالت طائفة: الثيب يرجم ولا [2/ 249/ألف] يجلد. هذا قول النخعي، والزهري، ومالك، والأوزاعي، والثوري، والشافعي، وأحمد، وأبي ثور، وأصحاب الرأي. قال أبو بكر: القول الأول أصح، لأن ما هو ثابت بكتاب الله وسنة رسول الله- صلى الله عليه وسلم - لا يجوز تركه بغير حجة، ولا يجوز أن يزال اليقين إلا بيقين مثله، ولا يزول بشك.

4 - باب حد البكر الزاني

4 - باب حد البكر الزاني قال أبو بكر: قال الله جل ذكره: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ}. (ح 1437) وثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -:"أوجب على البكر الزاني جلد مائة". م 4702 - وأجمع أهل العلم على القول به (¬1). فالقول به يجب، للكتاب والسنة، والإتفاق. 5 - باب الإحصان الذي يوجب الرجم على المحصن الزاني قال أبو بكر: م 4703 - أجمع أهل العلم على أن الحر المسلم إذا تزوج امرأة مسلمة تزويجاً صحيحاً، ودخل بها، ووطئها في الفرج: أنه محصن، يوجب عليه وعليها، إذا كانت حرة، وزنيا: الرجم. م 4704 - واختلفوا فيمن وطئها بنكاح فاسد. ¬

_ (¬1) "على القول" ساقط من الدار.

[مسألة]

فقال أكثر أهل العلم: لا يكون محصناً. كذلك قال عطاء، وقتادة، ومالك بن أنس، والليث بن سعد، والشافعي، وأصحاب الرأي. وقال أبو ثور: هو محصن، عليه الرجم إذا زنى، وكذلك المرأة. وذكر أن حكم النكاح الفاسد: حكم النكاح الصحيح في وجوب المهر، وإلزام الولد، ووجوب العدة، وتحرم به الربيبة وأم الولد. والقياس: على الأكثر شبهاً. [مسألة] (¬1) قال أبو بكر: م 4705 - وأجمع أهل العلم على أن المرء لا يكون بعقد النكاح محصناً، حتى يكون معه الوطء. 6 - [باب الذمية تكون تحت المسلم] (¬2) قال أبو بكر: م 4706 - واختلفوا في الذمية تكون تحت المسلم، هل تحصنه أم لا؟. ¬

_ (¬1) ما بين المعكوفين من الدار. (¬2) ما بين المعكوفين من الدار.

7 - [باب الأمة تكون تحت الحر]

فقال سعيد بن المسيب، والحسن البصري، وعطاء، وسليمان بن موسى، والزهري، وقتادة، ومالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو عبيد، وأبو ثور: وإذا دخل بها فهو محصن. وقالت طائفة: لا تحصنه. هذا قول الشعبي، وعطاء، ومجاهد، والنخعى، والثوري، وأصحاب الرأي. قال أبو بكر: (ح 1438) وقد ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - "رجم يهودياً ويهودية". ولا يرجم إلا محصنين. وإذا كانت محصنة فهي تحصنه. 7 - [باب الأمة تكون تحت الحر] (¬1) قال أبو بكر: م 4707 - واختلفوا في الأمة تكون تحت الحر. ¬

_ (¬1) ما بين المعكوفين ساقط من الأصل، وهذا من الدار.

8 - [باب الحرة تكون تحت العبد]

فقال سعيد بن المسيب، وعبد الله بن عتبة، والزهري [2/ 249/ ب]، ومالك، والشافعي: إذا وطئها فهو محصن. وقال عطاء، والحسن، وابن سيرين، وقتادة، وسفيان الثوري، وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي: لا تحصنه. 8 - [باب الحرة تكون تحت العبد] (¬1) قال أبو بكر: م 4708 - واختلفوا في الحرة تنكح العبد: فقالت طائفة: يحصنها العبد، كذلك قال سعيد بن المسيب، والحسن البصري، ومالك، والشافعي، وأبو ثور. وقال النخعي وعطاء، وأصحاب الرأي: لا يحصن العبد الحرة. قال أبو بكر (¬2): وبالقول الأول أقول. ¬

_ (¬1) ما بين المعكوفين من الدار. (¬2) "قال أبو بكر" ساقط من الدار.

9 - [باب الصبية والمعتوهة]

9 - [باب الصبية والمعتوهة] (¬1) قال أبو بكر: م 4709 - واختلفوا في الرجل يطأ الصبية التي لم تبلغ المحيض. فقال مالك، والأوزاعي، والشافعي، وأبو ثور: تحصنه. وقال أصحاب الرأي: لا تحصنه. م 4710 - وفي قول الشافعي: تحصنه المغلوبة على عقلها، إذا جامعها بالنكاح. م 4711 - وكان مالك يقول: الصبي إذا كان مثله يجامع، وجامع امرأته لا يحصنها. وبه قال أصحاب الرأي، وفي قول الشافعي: يحصنها. 10 - [باب إحصان العبيد والإماء] (¬2) قال أبو بكر: م 4712 - واختلفوا في إحصان العبيد والإماء. فكان مالك يقول: لا تحصن المرأة الحرة العبد، إلا أن يعتق، وهو زوجها، فيمسها بعد عتقه. وقال في الأمة تكون تحت الحر فتعتق وهي تحته، قبل أن يفارقها: أنه يحصنها إذا كانت عتقت وهي عنده، إذا أصابها بعد العتق. ¬

_ (¬1) ما بين المعكوفين من الدار. (¬2) ما بين المعكوفين من الدار.

11 - [باب إحصان أهل الكتاب]

وبه قال أصحاب الرأي. وقالت طائفة: إذا كانا مملوكين، زوجين، فعتقا، ثم وطئها بعد العتق، لا رجم على واحد منهما إن زنى (¬1). لأن أصل نكاحهما كان في الرق، هذا قول الأوزاعي. وفيه قول ثالث: وهو أن الأمة إذا كانت تحت حر أو عبد، وقد دخل بها، فإنها محصنة، وعليها الرجم إذا زنت، إلا أن يكون إجماع يخالف هذا القول، فلا ترجم للإجماع، هذا قول أبي ثور. 11 - [باب إحصان أهل الكتاب] (¬2) قال أبو بكر: م 4713 - واختلفوا في الكتابيين الزوجين يسلما، وقد أصابها الزوج قبل أن يسلما. فقالت طائفة: ذلك إحصان، وعليهما الرجم إذا زنيا. هذا قول الزهري، والشافعي. وقالت طائفة: لا يكونان محصنين، حتى يجامعها بعد الإِسلام، هذا قول أصحاب الرأي. قال أبو بكر: والذي يكون به الرجل محصناً أن يتزوج المرأة ¬

_ (¬1) وفي الدار "زيد". (¬2) ما بين المعكوفين من الدار.

12 - باب الحفر للمرجوم

نكاحاً صحيحاً، ويطأها حرة، مسلمة أو ذمية، أو أمة مسلمة، ويطأها بعد عقد النكاح، إذا فعل ذلك كان محصناً. وكل زوج ثبت نكاحه، فهو يحصن المرأة الحرة. 12 - باب الحفر للمرجوم قال أبو بكر: م 4714 - واختلفوا في الحفر للمرجوم. فرأت طائفة: أن [2/ 255/ألف] يحفر له، روينا هذا القول عن علي بن أبي طالب، وبه قال قتادة، وأبو ثور. وقال أحمد بن حنبل: أكثر الأحاديث على ألا يحفر له. وقال أصحاب الرأي: لا يحفر له. وقالوا: إن حفر للمرأة فحسن، وإن ترك فحسن. وقال يعقوب: يحفر لها. م 4715 - وأجمع أهل العلم على أن المرجوم يدام عليه الرمي حتى يموتُ. 13 - باب عدد الطائفة التي تحضر عذاب المرجوم قال أبو بكر: م 4716 - روينا عن ابن عباس انه قال: الطائفة، الرجل فما فوقه،

وبه قال مجاهد. وفيه قول ثان: وهو أن الطائفة رجلان، هذا قول عطاء، وإسحاق. وفيه قول ثالث: وهو أن الطائفة ثلاثة، هذا قول الزهري، والشافعي. وللشافعي قول ثان: وهو أن الطائفة أربعة. هذا قول مالك، والقول الأول قاله الشافعي في كتاب صلاة الخوف. وقال ربيعة: الطائفة ما زاد على أربعة. وفيه قول سادس: وهو أن الطائفة عشرة، هذا قول الحسن البصري. وقال قتادة في قوله تعالى: {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} قال: نفر من المؤمنين. قال أبو بكر: والطائفة: الجماعة، وقد يقع هذا الاسم على الواحد، لأن الله عَزَّ وَجَلَّ قال: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} إلى آخر الآية.

14 - باب حضور الإمام المرجوم

يدل على صحته (¬1) [الآية التي بعدها] (¬2)، وهو قوله: {فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ}. مع الأخبار التي جاءت في ذلك. 14 - باب حضور الإمام المرجوم قال أبو بكر: م 4717 - واختلفوا في حضور الإمام المرجوم. فروينا عن علي رضي الله عنه انه قال: إذا ظهر الحبل من الزنا، كان أول من يرجم الأمام، ثم الناس، وإذا قامت البينة رجمت البينة، ثم رجم (¬3) الناس. وقال أحمد: سنة الاعتراف أن يرجم الإمام، ثم الناس. وفيه قول ثان: وهو أن الإمام لا يحضر المرجوم، وللشهود، لأن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قد رجم رجلاً وامرأة، ولم يحضرهما. هذا قول الشافعي. قال أبو بكر: هكذا أقول، وإن حضر الإمام فلا شيء عليه. ¬

_ (¬1) وفي الدار "صحة". (¬2) ما بين المعكوفين من الدار. (¬3) "رجم" ساقط من الدار.

15 - باب إقامة الحد على الحبلى بعد وضع حملها

15 - باب إقامة الحد على الحبلى بعد وضع حملها (¬1) قال أبو بكر: م 4718 - أجمع أهل العلم على أن المرأة إذا اعترفت بالزنى، وهي حامل: أنها لا ترجم حتى تضع [2/ 250/ب] حملها. (ح 1439) وجاء الحديث عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه قال لولي الجهينية التي اعترفت بالزنى: "إذا وضعت فأخبرني، ففعل، ثم أمر بها فرجمت". م 4719 - وقد اختلف أهل العلم بعد إجماعهم على أن الحبلى لا ترجم حتى تضع حملها في الوقت الذي ترجم، بعد وضع حملها. فقالت طائفة: لا ترجم حتى تضع، ثم ترجم إذا وضعت. فعل ذلك علي بن أبي طالب شراحة. وبه قال الشعبي، ومالك، والشافعي، وأبو ثور. وقال أحمد، وإسحاق: تترك حتى تضع ما في بطنها، ثم تترك حتى تفطمه حولين. وقال أصحاب الرأي: حتى تلد وتتعالى من نفاسها، ثم يقيم عليها الحد، فإن كان رجم: رجمت حين تضع. ¬

_ (¬1) وفي الدار "بعد ما تضع الحمل".

16 - باب الإقرار بالزنا

قال أبو بكر: لا أعلم مع من منع من إقامة الحد إذا وضعت حملها حجة. 16 - باب الإقرار بالزنا قال أبو بكر: م 4720 - اختلف أهل العلم في الإقرار الوجب لحد الزنى. فقالت طائفة: إذا أقر بالزنى مرة واحدة، وجب عليه الحد، هذا قول الحسن، وحماد بن أبي سليمان، ومالك، والشافعي، وأبي ثور. وقالت طائفة: لا يقام عليه الحد حتى يقر أربع مرار، هذا قول الحكم، وابن أبي ليلى، وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي. م 4721 - واختلف الذين قالوا: لا يقام عليه الحد حتى يقر أربع مرار. فقال ابن أبي ليلى، وأحمد: يحد إذا أقر أربع مرار، في مجلس واحد. وقال أصحاب الرأي: إذا أقر أربع مرار في مجلس واحد، فهو بمنزلة مرة واحدة. قال أبو بكر: الإقرار مرة واحدة يوجب الحد. (ح 1440) لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "واغد يا أنيس على امرأة هذا، فإن اعترف فارجمها".

17 - باب المعترف بالزنى، يرجع عن إقراره

(ح 1441) وكذلك خبر الجهينية: أقرت بالزنى، ولم تقر أربع مرار. وإنما رد النبي - صلى الله عليه وسلم - ماعزاً لأنه شك في أمره، وقال: (ح 1442) "هل بك جنون". فليس في ذلك حجة يحتج بها فيمن أقر، ولا يشك في صحته. 17 - باب المعترف بالزنى، يرجع عن إقراره قال أبو بكر: م 4722 - واختلفوا في الرجل يقر بالزنى، ثم يرجع عنه. فكان عطاء، ويحيى بن يعمر، والزهري، وحماد بن أبي سليمان، والثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، والنعمان، ويعقوب، يقولون: يترك، ولا يحد. واختلف عن مالك في هذه المسألة. فذكر القعنبي عن مالك أنه قال: يقبل منه. وقال ابن عبد الحكم: قال مالك: لا يقبل ذلك منه [2/ 251/ألف] وقال أشهب: قال مالك: إن جاء بعذر، وإلا لم يقبل ذلك منه.

18 - باب إقامة الحد بعد حين من الزمان، وبعد أن يتوب الذي أصاب الحد

وقال سعيد بن جبير: إذا رجع أقيم عليه الحد، وبه قال الحسن البصري، وابن أبي ليلى، وأبو ثور. قال أبو بكر: لا يقبل رجوعه، ولا نعلم في شيء من الأخبار أن ماعزاً رجع. وإذا وجب الحد بالاعتراف، ثم رجع، واختلفوا في سقوطه عنه لم يجز أن يسقط ما قد وجب بغير حجة. 18 - باب إقامة الحد بعد حين من الزمان، وبعد (¬1) أن يتوب الذي أصاب الحد قال أبو بكر: م 4723 - واختلفوا في إقامة الحد بعد مدة وزمان. فقالت طائفة: يقام الحد، هذا قول مالك بن أنس، والثوري، والأوزاعي، وأحمد، وإسحاق، وأبي ثور. وقال النعمان: إذا شهد الشهود على زنى قديم، لم أحده، وإذا أقر بزنى قديم أربع مرات، فإني أحده. وقال محمد بن الحسن: إذا قذف رجلاً، فأتى به الإمام بعد زمان، يحده، وإن كان ذلك إقرار بسرقة- بعد زمان- لم يقطع. وقالوا- في الزنى إذا تقادم-: كان على الزاني المهر. وكل ذلك ترك منهم: إما لظاهر كتاب الله، أو سنة رسوله (¬2)، أو إثبات ما قد نفته السنة. ¬

_ (¬1) وفي الدار "وبغير". (¬2) "رسوله" ساقط من الدار.

19 - باب إقامة الحاكم الحد بعلمه

وأوجب الله تعالى حد الزاني، وقطع السارق في كتابه، وعلى لسان نبيه - صلى الله عليه وسلم -، فأبطلوا ذلك بغير حجة، ثم فرقوا بين الإقرار بالزنى وبين الشهادة عليه، وأوجبوا ما نهى عنه النبي- صلى الله عليه وسلم - من مهر البغي. 19 - باب إقامة الحاكم الحد بعلمه (¬1) قال أبو بكر: م 4724 - واختلفوا في إقامة الحاكم الحد بعلمه: فقال مالك: لا يقيم حد الزنى الإمام بعلمه، وبه قال أصحاب الرأي. وقال الشافعي: فيها قولان: أحدهما: أن له أن يقضي بعلمه. والآخر: لا يقضي بعلمه. وقال أبو ثور- في القذف-: يحكم عليه الحاكم بعلمه، لأن علمه أكثر من الشهود. 20 - باب إقرار الحر الذمي بالزنى قال أبو بكر: (ح 1443) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: "رجم يهودياً، ويهوديةً زنيا". ¬

_ (¬1) وفي الدار "بعلمه بغير بينة لغيره".

قال أبو بكر: م 4725 - إذا أقر الذمي بالزنى، راضياً بحكمنا، حكمنا عليه بحكمنا على المسلمين. وهذا على مذهب [2/ 251/ب] الشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي. غير أن أصحاب الرأي قالوا: يحد ولا يرجم. وفي قول الشافعي، وأبي ثور: يرجمان إذا كانا محصنين. وقال مالك- في الرجل- يوجد يزني بالمرأة النصرانية- قال: لا أرى على تلك حداً في دينها، وعلى الرجل المسلم حده (¬1). قال أبو بكر: قول الشافعي صحيح، يدل على صحته السنة. م 4726 - واختلفوا في النصراني يزني، ثم يسلم، وقد شهدت عليه بينة من المسلمين. فحكي عن الشافعي أنه قال- إذ هو بالعراق- لا حد عليه، ولا تعزير، لقول الله عز وجل: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} الآية. قال أبو بكر: وهذا موافق لما حكي عن مالك. م 4727 - وقال أبو ثور: إذا أقر، وهو مسلم، أنه زنى وهو كافر، أقيم عليه الحد. وحكي عن الكوفي أنه قال: لا يحد. ¬

_ (¬1) وفي الدار "ولا على الرجل المسلم حده"، وزيادة (لا) هنا خطأ.

21 - باب الحدود فى تجتمع على الرجل، فيها القتل

21 - باب الحدود فى تجتمع على الرجل، فيها القتل قال أبو بكر: م 4728 - اختلف أهل العلم في الحدود تجتمع على الرجل، فيها القتل. فقالت طائفة: القتل كاف من ذلك كله. هذا قول عطاء، والشعبي، والنخعي، وحماد بن أبي سليمان. وبه قال مالك إلا الفرية فإنها تثبت على من قيلت له. وفيه قول ثان: وهو أن الحدود إذا اجتمعت على الرجل- فيها القتل- فما كان للناس أقيد منه، وما كان لله فدعه القتل يمحو ذلك. هذا قول سفيان الثوري. وفيه قول ثالث: وهو أن الحدود تقام كلها. هذا قول الحسن البصري، وابن مليكة، والزهري، وقتادة، والشافعي. وقال أحمد: كل شيء من حقوق الناس فإنه يقام عليه الحد، ويقتص منه، ثم يقتل- وبه قال إسحاق- وما كان من حقوق (¬1) الله فلا يقتص منه، مثل السرقة، وشرب الحمر. وقال أبو ثور- في القذف، وشرب الخمر، والزنى، والسرقة- تقام عليه الحدود. وقال أصحاب الرأي: إذا أقر بالزنى أربع مرار، وأقر بالسرقة، وبشرب الخمر، وأقر بقذف رجل، وأقر بفقء عين رجل عمداً: يؤخذ بذلك، ويبدأ بحقوق الناس. ¬

_ (¬1) وفي الدار "ديون الله".

22 - مسائل من باب الإقرار بالحدود

قال أبو بكر: أصح ذلك إقامة الحدود كلها عليه، ولا يسقط من ذلك شيء بغير حجة. 22 - مسائل من باب الإقرار بالحدود قال أبو بكر: م 4729 - قياس قول الشافعي أن الأخرس يحد إذا أقر بالزنى، بالإشارة [2/ 252/ألف] أو كتب ففهم عنه. وكذلك يلاعن بالإشارة. وبه قال أبو ثور، وابن القاسم. وقال أصحاب الرأي: لا يحد، لأنه لم يتكلم، وكذلك لو شهد عليه بذلك شهود. قال أبو بكر: يحد، ويلاعن، إذا فهم ذلك عنه. م 4730 - وإذا كان الرجل يجن ويفيق، فأقر في حال إفاقته بالزنى: حد في قول الشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي. وإن أقر أنه زنى في حال جنونه: لم يحد. وإن أنكر فقال: زنيت في حال جنوني، وثبتت عليه بينة أنه زنى في حال إفاقته: حد في قولهم جميعاً. م 4731 - وإذا أقر المحبوب أنه زنى، أو شهدت بذلك عليه بينة: لم يحد، وكان كذباً منه أو منهم. وهذا قول الشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي. م 4732 - وإذا أقر الخصي الذي ليس بمجبوب، أنه زنى، أو شهدت عليه به بينة: حد في قولهم جميعاً.

23 - باب صفة ضرب الزاني والقاذف

وكذلك العنين. قال أبو بكر: م 4733 - وإذا أقر الرجل أنه زلنى بهذه المرأة بعينها، فقالت: ما زنى بي، ولكنه تزوجني. أو قالت: لا أعرفه: ففي قول الشافعي، وأبي ثور: على الرجل الحد، لأنه مقر بالزنى. وقال يعقوب: يدرأ عنه الحد، ويجعل عليه المهر للمرأة إذا قالت: تزوجني، وإن قالت: كذب ما زنى بي وما أعرفه، فلا حد على الرجل. 23 - باب صفة ضرب الزاني والقاذف قال أبو بكر: قال الله تبارك وتعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} الآية. (ح 1444) وثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال لرجل زنى ابنه: وعلى ابنك جلد مائة وتغريب عام. (ح 1445) وقال - صلى الله عليه وسلم -: "البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام".

م 4734 - وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن الجلد بالسوط يجب، والسوط الذي يجب أن يجلد به سوط بين السوطين. للأخبار التي روينا عن عمر، وابن مسعود رضي الله عنهما. وبه قال الشافعي (¬1). وروينا عن علي، وأبي هريرة رضي الله عنهما أنهما قالا: يضرب بالسوط. وبه قال مالك، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. م 4735 - وقد اختلفوا في تجريد المجلود: فرأت طائفة: أن يترك عليه ثوب واحد، ولا يجرد. روينا هذا [2/ 252/ب] القول عن أبي عبيدة بن الجراح، وابن مسعود. وممن رأى أن تترك على المجلود ثيابه: طاووس، والشعبي، والنخعي، وقتادة، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور. وقد روينا عن عمر بن عبد العزيز أنه جلد قاذفاً مجرداً، وبدد الضرب. وفيه قول ثالث: وهو أن الإمام إن شاء جرده، وإن شاء ترك عليه ثيابه. هذا قول الأوزاعي. وقال مالك: يترك على المرأة ما يواريها ويسترها. م 4736 - واختلفوا في الحال التي يضرب عليها الرجال والنساء. ¬

_ (¬1) وفي الدار "الشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي".

فروينا عن علي بن أبي طالب، ويحيى بن الجزار أنهما قالا: يضرب الرجال قياماً، والنساء قعوداً. وممن قال: أن النساء يضربن قعوداً، الثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، والنعمان، وأصحابه (¬1)، وأبو ثور. وقال ابن جريج: سمعت أن المرأة تضرب قاعدة. وقال الشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي: الرجال يضربون قياماً. وقال الثوري: سمعنا ذلك. وقال مالك: يضرب الرجل والمرأة وهما قاعدان. قال أبو بكر: ضرب الرجال قياماً، والنساء قعوداً: أحسن، وكيفما ضربوا أجزأ. م 4737 - وروينا عن ابن مسعود أنه قال: لا يحل في هذه الأمة تجريد، ولا مد. وبه قال الحسن البصري، وسفيان الثوري، وأحمد، وإسحاق. وقال الشافعي: لا يمد، وتترك له يداه يتقي بهما ولا يربط. قال أبو بكر: وبه نقول. م 4738 - وثبت أن عمر بن الخطاب أمر بضرب امرأة في حد، وقال: "لا ¬

_ (¬1) "وأصحابه" ساقط من الدار.

تخرقا جلدها" وهذا قال مالك بن أنس، والشافعي، وأبو ثور. وبه نقول. م 4739 - وقد أتى عمر بن الخطاب برجل في حد فأتى بسوط بين سوطين، فقال: "أضرب ولا يرى ابطك، وأعط كل عضو حقه". وممن قال: لا يخرج الضارب ابطه: علي بن أبي طالب، وأبو مجلز، وأبو ثور (¬1). وقال عطاء: لا يرفع يده في الفرية. وقد روينا عن عبد الملك أنه أمر الضارب أن يرفع يده حتى يرى إبطه. قال أبو بكر: وبقول عمر، وعلي نقول. م 4740 - وثبت عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: وقد أتي برجل في حد: "اضرب، وأعط كل عضو حقه". وقد روينا هذا القول عن علي، وابن مسعود، والنخعي. م 4741 - وقال الشافعي: ويترك الجلاد الفرج والوجه ويتجنبهما (¬2). وبه قال أصحاب الرأي، وقالوا: والرأس، وهذا قول ¬

_ (¬1) "وأبو ثور" ساقط من الدار. (¬2) "ويتجنبهما" ساقط من الدار.

النعمان، ومحمد. ووافقهما يعقوب [2/ 253/ألف] في الوجه والفرج (¬1)، وخالفهما في الرأس، فقال: يضرب الرأس. وقال أبو ثور: لا يضرب الوجه والرأس. قال أبو بكر: م 4742 - ولا يكون الذي يقيم الحدود إلا مأمونا، عالماً باقامة الحدود. روينا عن عمر بن الخطاب: أنه كان يختار للحدود رجلاً. وهذا مذهب ربيعة، وبه قال مالك، والشافعي، وأبو ثور، وغيرهم من أهل العلم. م 4743 - واختلفوا في التسوية بين ضرب الزنى، وضرب القذف، وشرب الخمر. فقالت طائفة: جلد الزاني أشد من جلد الفرية والخمر. هذا قول النخعي، وعطاء، وقتادة. وقال الحسن البصري: "الزنى أشد من القذف، والقذف أشد من الشرب للخمر (¬2)، وبه قال الثوري. وقال (¬3) أحمد، وإسحاق نحوا مما قال الحسن. ¬

_ (¬1) "والفرج" ساقط من الدار. (¬2) "للخمر" ساقط من الدار. (¬3) " قال" ساقط من الدار.

وقال الزهري: "يجتهد في جلد الزنى والفرية، ويخفف في الشرب. وبمعناه قال الشافعي. وقال مالك: رأيت أهل العلم يقولون في الضرب في الحدود، كلها سواء في الوجع. قال أبو بكر: م 4744 - الضرب بالسوط يجب في الحدود كلها. ويكون السوط الذي يضرب به بين السوطين، كالذي رويناه عن أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم -. وليس في تجريد المجلود خبر يعتمد عليه، ولا يجرد المجلود، والمجلود عليه قميمه: مجلود عند أهل العلم. ونزع ما يمنع من الألم؟ يجب. والضرب الذي يجب أن يضرب المحدود: ضرب يكون مؤلماً، لا يجرح ولا يبضع، واسم الضرب يقع على هذا. وليس في ضرب القاعد والقائم سنة فتتبع، وما كان أسهل على المضروب ضرب على ذلك، وأستر على المرأة أن تضرب وهي قاعدة، فالستر عليها أحب إلينا، وهو قول أكثر أهل العلم. وقد أمر الله تعالى بجلد الزاني والقاذف، وليس مع من فرق فرأى أن ضرب بعضهم أشد من بعض حجة. ويضرب على جميع أعضاء المضروب، إلا أن تمنع السنة من شيء فلا يضرب على ذلك العضو لمنع السنة من ذلك.

24 - باب [2/ 253/ب] المضنوء يزني

فما منعت السنة فيه: الضرب على الوجه: (ح 1446) قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إذا ضرب أحدكم فليتق الوجه. والضرب على الفرج ممنوع منه، لأن التلف يخاف منه. 24 - باب [2/ 253/ب] المضنوء يزني (¬1) قال أبو بكر: م 4745 - واختلفوا في المضنوء (¬2) يزني. فقالت طائفة: يضرب بإثكال النخل، هذا قول الشافعي. وقد روينا عن علي رضي الله عنه أنه جلد الوليد بن عقبة بسوط له طرفان أربعين جلده. ¬

_ (¬1) وفي الدار "باب النضوء في خلقته يزنى". (¬2) وفي الدار "النضوء يزنى".

24 - باب إقامة الحدود في المساجد

وأنكر مالك هذا، وتلا قوله تعالى: {فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} الآية، وهذا مذهب أصحاب الرأي. وقد احتج الشافعي لقوله: (ح 1447) بحديث. وقد تكلم في إسناده، والله أعلم. 24 - باب إقامة الحدود في المساجد قال أبو بكر: م 4746 - روينا عن عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب -رضي الله عنهما-: أنهما أمرا بإخراج من عليه ضرب من المسجد. وهذا على مذهب عكرمة، ومالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، والنعمان، وابن الحسن.

25 - باب مبلغ التعزير

وقد روينا عن الشعبى: أنه ضرب يهودياً حداً في المسجد، وبه قال ابن أبي ليلى. وفيه قول ثالث: وهو التسهيل في ضرب الدرة والدرتين في المسجد، ومنع إقامة الحدود فيه، هذا قول أبي ثور، وبنحوه قال ابن عبد الحكم. قال أبو بكر: وهذا استحسان، ولا معنى له، والأكثر من أهل العلم على القول الأول. ولا يبين لي أن يأثم من أقام الحدود في المسجد، لأني لا أجد الدلالة على ذلك. 25 - باب مبلغ التعزير قال أبو بكر: م 4747 - لم نجد في عدد الضرب في التعزير خبراً عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - ثابتاً. م 4748 - وكل من نحفظ عنه من أهل العلم يرى أن للإمام أن يعزر في بعض الأشياء. م 4749 - وقد اختلفوا في المقدار الذي يعزر الإمام من وجب عليه

التعزير: فكان أحمد، وإسحاق يقولان: لا يضرب فوق عشرة أسواط. وقد روينا عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه: أنه أمر زيد بن ثابت أن يضرب رجلاً عشرة أسواط. وروينا عنه أنه كتب إلى أبي موسى الأشعري، ألا يبلغ بنكال فوق عشرين سوطاً. وروينا عنه قولاً ثالثاً، وهو: أنه لا يبلغ في تعزير أكثر من ثلاثين جلدة. وفيه قول رابع: وهو ألا يبلغ في عقوبة أربعين، هذا قول الشافعي، والنعمان، وابن الحسن. وفيه قول خامس [2/ 254/ألف]: وهو أن يضرب في التعزير خمسة وسبعين سوطا، هذا قول ابن أبي ليلى. وفيه قول سادس: وهو أن التعزير على قدر الجرم، هذا قول مالك. وقد روي عنه: أنه أمر بضرب مائة وحبس سنة، في باب من أبواب العقوبات. وهذا مذهب أبي ثور، أن يضرب أكثر من الحد، إذا كان الجرم عظيماً.

26 - باب النفي

26 - باب النفي قال أبو بكر: (ح 1448) ثبتت الأخبار عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: "أنه أوجب على الزاني البكر جلد مائة وتغريب عامٍ". قال أبو بكر: وبه نقول. إذا أقر الرجل بالزنى، أو ثبتت عليه به بية: وجب جلده، ونفيه عن البلد الذي أصاب فيه الزنى، حتى يكون عاماً مَنفياً عن البلد الذي أصاب فيه الزنى. م 4750 - وقد اختلفوا بعد ثبوت الأخبار عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - في نفي الزاني. فروينا عن الخلفاء الأربعة الراشدين المهديين، أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي-رضي الله عنهم-: أنهم رأوا نفي الزاني. وبه قال أبي بن كعب، وابن عمر، وعطاء، وطاووس، ومالك، والثوري، وابن أبي ليلى، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور.

وقالت طائفة: قليل عددها، ضعيف قولها، [إذ قولها] (¬1) خلاف سنن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -، وسنن الخلفاء الراشدين من بعده، وخلاف سائر أهل العلم من علماء الأمصار،: كفى بالنفي فتنة، هذا قول النعمان، وابن الحسن. م 4751 - واختلفوا في نفي العبيد والإماء. فممن رأي نفيهما: ابن عمر، حد مملوكة له في الزنى (¬2) ونفاها إلى فدك، وبه قال الشافعي، وأبو ثور، أن العبد والأمة ينفيان. وفيه قول ثان: وهو أن لا نفي على المملوك، كذلك قال الحسن، وحماد بن أبي سليمان، ومالك، وأحمد، وإسحاق. ¬

_ (¬1) ما بين المعكوفين من الدار. (¬2) "في الزنى" ساقط من الدار.

أبواب ما يوجب حد الزنى وما لا يوجب

م 4752 - واختلفوا في المسافة التي ينفى إليها الزاني. فروينا عن عمر، وابن عمر: أنهما نفيا إلى فدك. ونفى علي من الكوفة إلى البصرة. وقال الشعبي: ينفيه من عمله إلى [[عمل]] غير عمله. وقال ابن أبي ليلى: ينفى إلى بلد غير البلد الذي فجر بها. وقال مالك: يغرب عاما في بلد ويحبس فيه لئلا يرجع إلى البلد الذي نفي منه. وقال إسحاق: كلما نفي من مصر إلى مصر جاز. ويجزئ عند أبي ثور لو نفي إلى قرية أخرى، بينهما ميل أو أقل. قال أبو بكر: هذا صحيح، وليس فيما رويناه عن أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم - دليل، على أن إماماً لو نفى إلى [2/ 254/ب] أقل من ذلك القدر لم يجز. أبواب ما يوجب حد الزنى وما لا يوجب 28 - باب الرجل يطأ جارية زوجته وما يجب عليه (¬1) قال أبو بكر: م 4753 - اختلف أهل العلم في الرجل يطأ جارية زوجته. فقالت طائفة: يرجم إذا كان محصنا، روينا هذا القول عن عمر، وعلي -رضي الله عنهما-. ¬

_ (¬1) "وما يجب عليه" ساقط من الدار.

وبه قال عطاء، وقتادة، ومالك (¬1)، والشافعي. وقال الزهري، والأوزاعي قولاً ثانياً: يجلد ولا يرجم (¬2). وفيه قول ثالث: "وهو أنه (¬3) إن كان استكرهها: عتقت، وغرم لها مثلها، وإن كانت طاوعه، أمسكها، وغرم لها مثلها". روينا هذا القول عن ابن مسعود. وفيه قول رابع: قاله النخعي قال: يعزر، ولا حد عليه. وقال أصحاب الرأي: إن أقر بذلك: يحد، وإن قال: ظننت أنها تحل لي: لم نحده. قال أبو بكر: (ح 1449) وقد روينا في هذا أول حديناً مسنداً. كالذي رويناه عن ابن مسعود، وبه قال الحسن البصري. ¬

_ (¬1) "ومالك" ساقط من الدار. (¬2) ما بين المعكوفين من الدار، وفي الأصل "يرجم ولا يجلد". (¬3) "أنه" ساقط من الدار.

29 - باب وطء الرجل جارية أبيه، أو أمه أو وطئه جارية ابنه، أو جارية ابنته

قال أبو بكر: يحد إن كان عالما أو جاهلاً (¬1) بتحريم الله الزنى، ولا يثبت خبر سلمة بن المحبق. 29 - باب وطء الرجل جارية أبيه، أو أمه أو وطئه جارية ابنه، أو جارية (¬2) ابنته قال أبو بكر: حرم الله عَزَّ وَجَلَّ الزني في كتابه، وعلى لسان نبيه - صلى الله عليه وسلم -. م 4754 - فإذا أقر الرجل أنه زنى بجارية أبيه، أو أمه، وهو عالم بتحريم الله ذلك، فعليه الحد الذي أوجبه الله على الزاني. وممن حفظنا عنه هذا القول: الحكم، وحماد، وابن أبي ليلى، والشافعي، وأبو ثور. وبه قال أصحاب الرأي، إلا أن يقول: ظننت أنها تحل لي، وكان مثله يجهل ذلك، فلا يكون عليه الحد. م 4755 - وأكثر من نحفظ عنه من أهل العلم يقولون: إذا وطيء الرجل جارية ابنه، أو ابنته يدرأ عنه الحد. وممن حفظنا ذلك عنه: مالك، وأهل المدينة، وأصحاب الرأي، والشا فعي، والأوزاعي. ¬

_ (¬1) "أو جاهلا" ساقط من الدار. (¬2) "جارية" ساقط من الدار.

وكان أبو ثور يقول: إذا كان عالماً فعليه الحد. قال أبو بكر: عليه الحد، إلا أن يمنع منه إجماع. م 4756 - وإذا وطئ الرجل جارية عمته، أو خالته، أو أخته (¬1)، أو جارية ذي رحم محرم منه: فهو زان وعليه الحد. هذا قول مالك، والشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي. م 4757 - واختلفوا في الجارية بين الشريكين، يطؤها أحدهما. فقالت [2/ 255/ألف] طائفة: لا حد عليه، روي هذا القول عن ابن عمر، وبه قال الحسن البصري. وقال مالك: "لا يقام عليه الحد، ويلحق به الولد، وتقام عليه الجارية حين حملت فيعطي شريكه حصته من الثمن، وتكون له الجارية". وقال أصحاب الرأي: إذا قال وطئتها وأنا أعلم أنها علي حرام، لاحد عليه. وقد روينا عن سعيد بن المسيب أنه قال: يجلد مائة سوط (¬2) إلا سوط، وتقوم عليه، ويؤدي (¬3) إلى شريكه ما يجب له فيها. ¬

_ (¬1) "أو أخته" ساقط من الدار. (¬2) "سوط" ساقط من الدار. (¬3) "ويؤدي إلى شريكه ما يجب له فيها" ساقط من الدار.

30 - باب حد الذي يعمل عمل قوم لوط

وفيه قول ثالث: وهو أن يجلد مائة، وتقوم عليه هي وولدها، هكذا قال الزهري. وفيه قول رابع: وهو أن عليه الحد إذا كان بالتحريم عالماً، هذا قول أبي ثور. 30 - باب حد الذي يعمل عمل قوم لوط قال أبو بكر: قال الله جل ذكره: {أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ، وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ} الآية. (ح 1450) وجاء الحديث عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "من عمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به". (ح 1451) وروينا عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: لعن الله من عمل عمل قوم لوط". م 4758 - واختلف أهل العلم بعد إجماعهم على تحريم ذلك فيما يجب على من عمل عمل قوم لوط. فقالت طائفة: عليه القتل، محصناً كان أو غير محصن.

31 - باب من أتى بهيمة

وروينا عن أبي بكر الصديق، وابن الزبير رضي الله عنهما، أنهما أمرا أن يحرق من فعل ذلك بالنار. وروينا عن علي، وابن عباس - رضي الله عنهم- أنهما قالا: يرجم. وقال ابن عباس: وإن كان بكراً. وبه قال جابر بن زيد، والشعبي، وربيعة، ومالك، وإسحاق. وفيه قول ثان: وهو أن حده حد الزاني: يرجم إن كان محصناً، ويجلد إن كان بكراً، كذلك قال عطاء، والحسن البصري، والنخعي، وسعيد بن المسيب، وقتادة، والشافعي، وأبو ثور. وقال الحكم: يضرب دون الحد. 31 - باب من أتى بهيمة (¬1) قال أبو بكر: م 4759 - اختلف أهل العلم فيما يجب على من أتى بهيمة. فقالت طائفة: يقتل الفاعل والبهيمة، روي هذا القول عن أبي سلمة بن عبد الرحمن. وقال الحسن البصري: حده حد الزاني. وقال قتادة: عليه الحد. ¬

_ (¬1) وفي الدار "باب ما يجب على من أتى بهيمة".

وفيه قول ثالث: "وهو أن يجلد مائة أحصن أو لم يحصن"، هذا قول الزهري (¬1). وفيه قول رابع: وهو أن لا حد عليه، روينا هذا القول عن ابن [2/ 255/ب] عباس، والشعبي، رضي الله عنهما. وفيه قول خامس: وهو أن عليه التعزير، روي ذلك عن عطاء، والنخعي، والحكم، ومالك، والثوري، وأحمد بن حنبل، وإسحاق، وأصحاب الرأي. قال أبو بكر: واشتبه علي مذهب الشافعي في هذا الباب؛ لأن الروايات قد اختلفت عنه. وقال جابر بن زيد، يقام عليه الحد، إلا أن تكون البهيمة له. قال أبو بكر: (ح 1452) وقد روينا عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "اقتلوا الواقع على البهيمة (¬2)، واقتلوا البهيمة". ¬

_ (¬1) في الأصل "الثوري" والصحيح من الدار. (¬2) وفي الدار "اقتلوا واقع البهيمة".

32 - باب الزنى بذوات المحارم

فإن يَكُ هذا ثابتاً فالقول به يجب، وإن لم يثبت فليستغفر الله تعالى من فعل ذلك كثيراً، ولو عزره الحاكم كان حسناً، والله أعلم. 32 - باب الزنى بذوات المحارم قال أبو بكر: (ح 1453) روينا عن البراء بن عازب أنه قال: "لقيت عمي ومعه راية، فقلت له أين تريد؟ فقال: بعثني رسول الله- صلى الله عليه وسلم - إلى رجل نكح امرأة أبيه، أن أضرب عنقه، وآخذ ماله". م 4760 - وقد اختلفوا فيما يجب على من زنى بذات محرم منه. فروي عن جابر بن زيد أنه قال: ضرب عنقه (¬1)، وبحديث البراء ابن عازب قال أحمد، وإسحاق. وفيه قول ثان: وهو أن عليه الحد، هذا قول الحسن البصري، ومالك، والشافعي، وأبي ثور، ويعقوب، ومحمد. وقال الثوري: ما عليه حد إذ كان تزويج وشهود، ويعزر. وقال النعمان: يعزره الإمام، ولا يبلغ به أربعين سوطاً. قال أبو بكر: إن ثبت حديث البراء، وجب قتل من أتى ذلك: بكراً كان أو ثيباً، وإن لم يثبت فإنما عليه الحد. ¬

_ (¬1) وفي الدار "ضرب عتق".

33 - باب تزوج الرجل خامسة بعد رابعة عنده

33 - باب تزوج الرجل خامسة بعد رابعة (¬1) عنده قال أبو بكر: م 4761 - واختلفوا في الرجل يتزوج خامسة، وعنده أربع (¬2). فقال مالك، والشافعي: عليه الحد إن كان عالماً، وبه قال أبو ثور. وقال الزهري: من تزوج خامسة يرجم إن كان عالماً، وإن كان جاهلاً جلد أدنى الحدين، ولها مهرها، ويفرق بينهما، ولا يجتمعان أبداً. وقالت طائفة: لا حد عليه في شيء من ذلك، هذا قول النعمان. وقال يعقوب، ومحمد: يحد في ذات المحرم، ولا يحد في غير ذلك من النكاح، وذلك مثل أن يتزوج مجوسية، أو يتزوج خمساً في عقدة، أو يتزوج متعة، أو يتزوج [2/ 256/ألف] امرأة بغير شهود، أو أمة يتزوجها (¬3) بغير إذن مولاها. وقال أبو ثور: إن علم أن هذا لا يحل له يجب أن يحد فيه كله، إلا التزوج بغير شهود والمجوسية. وقال الثوري في الذي ينكح الخامسة (¬4) يعزر، ولا حد عليه. وفيه قول ثالث قاله النخعي: في الذي ينكح الخامسة متعمداً قبل أن تنقضي عدة الرابعة من نسائه: يجلد مائة ولا ينفى. ¬

_ (¬1) وفي الدار "بعد أربع عنده". (¬2) وفي الدار "وذلك على مثل". (¬3) "يتزوجها" ساقط من الدار. (¬4) "يعزر ولا حد ... إلى قوله: ينكح الخامسة" ساقط من الدار.

34 - باب درء الحد عن الجاهل الذي لا علم له

م 4762 - وقال الزهري: إذا تزوجت المرأة (¬1) ولها زوج، فإنها تجلد مائة، وترد إلى زوجها الأول، ولا مهرها من زوجها الثاني (¬2). 34 - باب درء الحد عن الجاهل الذي لا علم له قال أبو بكر: م 4763 - ثبت أن عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما قالا: لا حد إلا على من علمه. وهذا قال عوام أهل العلم. وقال عبد الله بن مسعود: ادرؤوا القتل عن عباد الله ما استطعتم. وروينا عن عمر بن عبد العزيز أنه قال: ادرؤوا الحدود ما استطعتم في كل شبهة. قال أبو بكر: م 4764 - وكل من نحفظ عه من أهل العلم يرى أن يدرأ الحد في الشبهة. م 4765 - وقد اختلفوا في معنى ذلك. ¬

_ (¬1) "المرأة" ساقط من الدار. (¬2) وفي الدار "زوجها الآخر".

35 - باب إسقاط الحد عن المستكرهة

فقال بعضهم: الشبهة التي يجب أن يدرأ بها الحد: ما يفعله (¬1) وهو لا يعلم تحريم ذلك، كالناكح (¬2) نكاح المتعة وهو يحسب أن لك حلالاً له. قال أبو بكر: وهذا مذهب، فأما من درأ الحد عمن نكح أمه، وهو عالم بتحريم ذلك فبعيد الشبه من هذا، بل عليه الحد لا إشكال فيه. 35 - باب إسقاط الحد عن المستكرهة قال أبو بكر: قال الله تبارك وتعالى: {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ}. (ح 1454) وجاء الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه". م 4766 - وقد روينا معنى ذلك، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه. وبه قال الزهري، وقتادة، والشافعي، وأحمد، وإسحاق. ¬

_ (¬1) وفي الدار: "أن يفعله". (¬2) وفي الدار: "كالنكاح نكاح".

36 - باب وجوب الصداق للمستكرهة

وقال مالك: "إذا وجدت المرأة حاملاً، وليس لها زوج، فقالت: استكرهت فلا يقبل ذلك منها، ويقام عليها الحد، إلا أن يكون لها بينة- أو جاءث تدمى- على أنها أتيت (¬1)، أو ما أشبه ذلك". (ح 1455) واحتج بحديث عمر بن الخطاب- رضي الله عنه - أنه قال: "الرجم في كتاب الله حق على كل (¬2) من زنى، إذا أحصن، من الرجال والنساء [2/ 256/ب]، إذا قامت البينة، أو كان الحمل، أو الاعتراف". قال أبو بكر: وبالقول الأول أقول. 36 - باب وجوب الصداق للمستكرهة قال أبو بكر: م 4767 - واختلفوا في وجوب الصداق للمستكرهة. فقال عطاء، والزهري: لها صداق نسائها. وممن قال: لها الصداق، الحسن البصري، ومالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور. ¬

_ (¬1) في الأصلين "أو ثبت" والتصحيح من الموطأ. (¬2) "كل" ساقط من الدار.

37 - باب الرجل يوجد مع المرأة

وقال آخرون: إذا أقيم الحد، بطل الصداق. روي ذلك عن الشعبي، وبه قال أصحاب الرأي. قال أبو بكر: والقول الأول أصح. 37 - باب الرجل يوجد مع المرأة قال أبو بكر: م 4768 - واختلفوا في الرجل يوجد مع المرأة، فيتفقان على أنهما زوجان. فقالت طائفة: القول قولهما. كذلك قال الحكم، وحماد بن أبي سليمان، والشافعي، وأصحاب الرأي. وقال النخعي: يسأل البينة، وإلا أقيم عليهما الحد. م 4769 - وإذا شهدوا عليه بالزنى، أو عليهما، فقالا: نحن زوجان: فعليهما الحد إذا لم يكن لهما بينة بالنكاح (¬1)، وبه قال أبو ثور. وقال أصحاب الرأي: لا حد عليهما. قال أبو بكر: عليهما الحد. 38 - باب المكره على الزنى قال أبو بكر: م 4775 - واختلفوا في الرجل يكره على الزنى. فقال أبو ثور: عليه الحد. وبه قال ابن الحسن. ¬

_ (¬1) "إذا لم يكن لهما بينة بالنكاح" ساقط من الدار.

39 - باب المسلم يزني في دار الحرب

وقال النعمان: إذا أكرهه السلطان حتى خاف على نفسه (¬1)، فزنى، فلا شيء عليه، وإذا أكرهه غيره فزنى فعليه الحد. وقال ابن الحسن: إذا أكرهه غير السلطان حتى خاف على نفسه (¬2)، لم يحد. قال أبو بكر: لا حد عليه، ولا فرق بين السلطان- في ذلك- وبين غير السلطان. 39 - باب المسلم يزني في دار الحرب قال أبو بكر: م 4771 - حرم الله الزنى في كتابه، فحيثما زنى الرجل فعليه الحد. وهذا قول مالك، والشافعي، وأبي ثور. وقال أصحاب الرأي- في الرجل المسلم إذا كان في دار الحرب بأمان، وزنى هنالك، ثم خرج-: لم يحد. قال أبو بكر: دار الحرب، ودار الإسلام واحد، من زنى فعليه الحد، على ظاهر قوله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ}. ¬

_ (¬1) "حتى خاف على نفسه" ساقط من الدار. (¬2) "حتى خاف على نفسه" ساقط من الدار.

40 - باب إقامة الحد [2/ 257/ألف] على أهل البغي، والمرأة الميتة توطأ

40 - باب إقامة الحد [2/ 257/ألف] على أهل البغي، والمرأة الميتة توطأ قال أبو بكر: م 4772 - وإذا زنى رجل من أهل البغي، في عسكر أهل البغي. ففي قول الشافعي، وأبي ثور: عليه الحد. قال أبو بكر: وبه نقول. وقال أصحاب الرأي: لا حد عليه. م 4773 - وإذا وطئ الرجل امرأة ميتة: فقد روي عن الحسن البصري أنه قال: لا حد عليه. وبه قال ابن الحسن، وقال ربيعة: عليه الحد. وقال الزهري: يضرب مائة، ولا حد عليه. 41 - باب مسائل من باب الحدود قال أبو بكر: م 4774 - وإذا استأجر الرجل المرأة ليزني بها، وشهد عليه الشهود. حدّ؛ لأنه مقر بالزنى. وهذا قول أبي ثور. وحكى عن النعمان أنه قال: لا حد عليهما. وقال يعقوب، ومحمد: يحدان. قال أبو بكر: عليهما الحد. والزني الذي يوجب الحد: أن يعطي الفاجر الفاجرة شيئاً، على أن يزني بها، أو تزني بغير جعل. م 4775 - وإذا زنى بكر بثيب، الزم كل واحد منهما حده.

م 4776 - وإذا زنى من عليه الحد بمن لا حد عليه: كان على الذي عليه الحد الحد، ولا شيء على الآخر. م 4777 - وإذا زنى حر بأمة، وقال: اشتريتها. والمولى ينكر. حدّ، ولم يقبل قوله على ذلك إذا قامت عليه البينة بالزنى. هذا قول أبي ثور. وقال أصحاب الرأي: لا حد عليه. قال أبو بكر: وبقول أبي ثور نقول. قال أبو بكر: م 4778 - وإذا زوج الرجل أمته من عبده، ثم وطئها، فكان الحسن البصري لا يجعل عليه شيئاً. وقال النعمان: يدرأ عنه الحد. م 4779 - وإذا طلق الرجل امرأته ثلاثاً، ثم وطئها، وقال: ظننتها تحل لي: فإن كان ممن يعذر بالجهالة فلا حد عليه، وإن كان ممن لا يعذر بالجهالة حدّ. في قول الشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي. م 4780 - وإذا فجر الرجل بالمرأة، ثم تزوجها: فعليه الحد، في قول الشافعي، وأبي ثور، ويعقوب. م 4781 - وكذلك الأمة يفجر بها ثم يشتريها. وفي قول النعمان: لا حد عليه، في المسألتين جميعاً. م 4782 - وإذا فجر الرجل بالأمة وقتلها: فعليه الحد، في قول الشافعي، وأبي ثور، والنعمان، وعليه القيمة.

42 - أبواب حدود العبيد والإماء

م 4783 - وفي قول الشافعي، وأبي ثور: إن كان استكرهها، فعليه مع ذلك المهر، ولا يجتمع مهر [2/ 257/ب]، وحد في قول النعمان. وقال يعقوب: إذا ألزمته القيمة: أبطلت الحد. 42 - أبواب حدود العبيد والإماء قال أبو بكر: م 4784 - اختلف أهل العلم في معنى قوله عز وجل: {فَإِذَا أُحْصِنَّ} الآية وفي قراءته. فقال عبد الله بن مسعود: إحصان الأمة إسلامها. هذا قول ابن مسعود، وكان يقرأ (¬1): {فَإِذَا أُحْصِنَّ}: اسلمن. وكذلك قرأ (¬2) النخعي، والضحاك، وشيبة، وعاصم، والأعمش، وحمزة، والكسائي. فقياس قول من قرأ هذه القراءة وقال: أَسْلَمْنَ، ألا يكون على الأمة النصرانية حد إذا زنت. وقال الشافعي: إذا زنت الأمة السلمة، جُلِدَت خمسين. وفيه قول ثان: وهو أن لا حد عليها حتى تحصن بزوج. هكذا قال ابن عباس، وطاووس. وقرأها ابن عباس: "أُحصِنَّ" بضم الألف أُحصِنَ (¬3) بالأزواج. ¬

_ (¬1) وفي الدار "وكان يقول". (¬2) "قرأ" ساقط من الدار. (¬3) "أحصن" ساقط من الدار.

43 - باب إقامة الرجل الحد على عبده وأمته دون السلطان

وقال أبو عبيد: يعني أن الأمة لا تحد في الفاحشة حتى تُزَوَّج. وهي قراءة أبي جعفر، ونافع، وحميد، وأبي عمر. وبه قال أبو عبيد. م 4785 - وممن رأى أن تجلد الأمة في الزني خمسين: عمر بن الخطاب. وروينا ذلك عن علي بن أبي طالب، وابن مسعود، والنخعي، والحسن. وبه قال مالك، والأوزاعى، والبتي، وعبيد الله بن الحسن، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، والنعمان. وقال أبو ثور: إن كانوا اختلفوا في رجمها فإنهما يرجمان إذا كانا محصنين، وإن كان إجماع فالإجماع أولى. 43 - باب إقامة الرجل الحد على عبده وأمته دون السلطان قال أبو بكر: م 4786 - اختلف أهل العلم في إقامة الرجل الحد على عبده، وأمته دون السلطان. فمن رأى ذلك: ابن مسعود، وابن عمر، والحسن البصري، والزهري، وأبو ميسرة، وهبيرة بن بريم. وبه قال مالك، والثوري، والشافعي، وأبو ثور. قال أبو بكر (¬1): وبه نقول. ¬

_ (¬1) "قال أبو بكر" ساقط من الدار.

44 - باب مسائل

(ح 1456) لثبوت الخبر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "إذا زنت أمة أحدكم، فليجلدها الحد، ولا يعيِّرها ولا يقيدها". وقال أصحاب الرأي: لا يقيم عليها الحد؛ لأن الحد إلى السلطان. قال (¬1): وإن علم أنه زنى يعزره يوجعه ضرباً، ولا يبلغ به الحد. قال أبو بكر: فأجاز (¬2) ضربه [2/ 258/ألف] تعزيراً وذلك غير واجب على الزاني، ومنع (¬3) أن يقيم عليه الحد، وقد ثبت عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه أمر بذلك. 44 - باب مسائل (¬4) قال أبو بكر: م 4787 - أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن العبد إذا أقر بالزنى، أن الحد يجب عليه: أقر مولاه بذلك أو أنكره. هذا قول مالك، والشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي، ومن تبعهم. م 4788 - وكذلك المدبرة، وأم الولد، والمكاتب، والمعتق بعضه. ¬

_ (¬1) وفي الدار "قالوا". (¬2) وفي الدار "فأجازوا". (¬3) وفي الدار "ومنعوا". (¬4) وفي الدار "مسائل".

45 - أبواب الشهادات على الزنى

م 4789 - وإذا زنت الأمة، ثم اعتقلت: حدت حد الإماء. م 4790 - وإذا زنت وهي لا تعلم بالعتق، ثم علمت وقد حدت حد الإماء: أقيم عليها تمام حد الحرة. م 4791 - واختلفوا في عفو السيد عن عبده وأمته إذا زنيا. فكان الحسن البصري يقول: له أن يعفو. وقال غير الحسن: لا يسعه إلا إقامة الحد عليهما. فكما لا يسع السلطان أن يعفو عن أحد إذا علمه، لم يسع السيد- كذلك- أن يعفو عن أمته إذا وجب عليها الحد. وهذا على مذهب أبي ثور. قال أبو بكر: وبه نقول. 45 - أبواب الشهادات على الزنى قال أبو بكر: قال الله جل ذكره: {لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ} الآية. وقال تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ ...} الآية. م 4792 - وأجمع أهل العلم- لا اختلاف بينهم- أن الشهادة على الزني أربعة لا يقبل منهم أقل من ذلك.

46 - باب صفة الشهادة على الزنى

م 4793 - واختلف أهل العلم في شهود الزنى إذا جاؤوا متفرقين، وكانوا أربعة. فقالت طائفة: يقبل ذلك منهم. هذا قول البتي، وأبي ثور. وقال ابن الحسن: لا تجوز شهادتهم. قال أبو بكر: وبقول البتي أقول. وذلك أن الله عز وجل قد قال: {لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ} ولم يذكر متفرقين ولا مجتمعين، فشهادة أربعة شهداء يجب قبولها على الزنى، متفرقين كانوا أو مجتمعين. 46 - باب صفة الشهادة على الزنى قال أبو بكر: (ح 1457) جاء الحديث عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: "أنه قال لماعز: "أَنكْتَها (¬1) حتى غاب ذلك منك في ذلك منها كما يغيب المِرْوَدُ في الُمكْحُلَة، والرشا في البئر؟، قال: نعم". وقال معاوية بن أبي سفيان: لا يجب الحد حتى يرى المرود [2/ 258/ب] في المكحلة. ¬

_ (¬1) وفي الدار "أنكحتها".

47 - باب حد الشهود إذا لم يتموا أربعة

وهذا قول الزهري، والشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي. قال أبو بكر: وهكذا أقول. 47 - باب حد الشهود إذا لم يتموا أربعة قال أبو بكر: م 4794 - اختلف أهل العلم في وجوب الحد على الشهود إذا لم يكملوا أربعة. فكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يرى عليهم الحد. وهذا قول مالك، والشافعي، وأصحاب الرأي. قال أبو بكر: وقال قائل: الشاهد غير القاذف وألفاظهما مختلفة، والحد إنما يجب على القاذف، وليس الشاهد بقاذف. قال أبو بكر: وهذا قول يقل القائل به (¬1)، وإن صح في النظر. 48 - باب الشهود على الزنى يتم عددهم أربعة ولم يعدّلوا قال أبو بكر: م 4795 - اختلف أهل العلم في الشهادة على الزنى، يتم عددهم أربعة (¬2) ولم يعدلوا. ¬

_ (¬1) وفي الدار "يقل قول القائلين به". (¬2) "أربعة" ساقط من الدار.

49 - باب أربعة يشهدون على رجل بالزنى، فرجم ثم رجع أحدهم

فكان الحسن البصري، والشعبي يريان: أن لا حد على الشهود، ولا على المشهود عليه. وبه قال أحمد، والنعمان، ومحمد. وقال مالك: إذا شهد عليه أربعة بالزنى، فإذا أحدهم عبداً، أو مسخوطاً يجلدون جميعاً. م 4796 - وقال سفيان الثوري، وأحمد، وإسحاق في أربعة عميان شهدوا على امرأة بالزنى: يضربون. 49 - باب أربعة يشهدون على رجل بالزنى، فرجم ثم رجع أحدهم قال أبو بكر: م 4797 - واختلفوا في أربعة شهدوا على رجل بالزنى فرجم، ثم رجع بعضهم. فقالت طائفة: يغرم ربع الدية، ولا شيء على الآخرين. كذلك قال قتادة، وحماد بن أبي سليمان، وعكرمة، وأبو هاشم، ومالك، وأحمد، وأصحاب الرأي. وقال الشافعي: إن قال: عمدت ليقتل، فالأولياء بالخيار: إن شاؤوا قادوا، وإن شاؤوا عفوا وأخذوا ربع الدية وعليه الحد. واختلف فيه عن الحسن. فروي عنه أنه قال: يقتل الذي أكذب نفسه، وعلى الآخرين الدية.

50 - باب اختلاف الشهود في الشهادة على الزنى

وروي عنه أنه قال: يقتل به، وعلى الآخرين ثلاثة أرباع الدية. وفيه قول خامس: روينا عن ابن سيرين أنه قال: إذا قال: أخطأت وأردت غيره، فعليه الدية كاملة [2/ 259/ألف]، وإن قال: تعمدت قتله، قتل به، وبه قال ابن شبرمة. 50 - باب اختلاف الشهود في الشهادة على الزنى قال أبو بكر: م 4798 - واختلفوا في أربعة شهدوا على رجل بالزنى، فشهد اثنان أنه زنى بها ببلد، وشهد اثنان أنه زنى بها في بلد آخر. ففي قول مالك، والشافعي: يقام على الشهود حد الفرية، ولا يقام على المشهود عليه حد الزنى. وقالت طائفة: لا حد على الشهود إذا اختلفوا وكانوا أربعة. روى ذلك عن النخعي. وبه قال أبو ثور، وأصحاب الرأي. 51 - باب ما يجب على الرجل والمرأة يوجدان في الثوب قال أبو بكر: م 4799 - واختلفوا فيما يجب على الرجل يوجد على (¬2) المرأة في الثوب. فقال إسحاق بن راهوية: يضرب كل واحد منهما مائة. ¬

_ (¬2) وفي الدار "مع المرأة".

52 - مسائل من أبواب الشهادة على الزنى

وروي ذلك عن عمر، وعلي، وليس يثبت ذلك عنهما. وفيه قول ثان: وهو أنهما يؤدبان، هكذا قال عطاء، وسفيان الثوري، وبه قال مالك، وأحمد على قدر مذاهبهم في الآداب. قال أبو بكر: والأكثر ممن رأيناه يرى على من وُجد على هذه الحال: الأدب، غير أن قد: (ح 1458) روينا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بإسناد جيد: "أنه جاءه رجل فقال: إني أصبت امرأةً في بستانٍ، ففعلت بها كل شيء غير النكاح، قال: فنزلت هذه الآية: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ} الآية. ففي بعض الأخبار "أن الرجل قال: أَلِيَ خاصة أم للناس عامة؟، فرفع عمر يده فضرب صدره، وقال: بل للناس عامة، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: صدق عمرُ". 52 - مسائل من أبواب الشهادة (¬1) على الزنى قال أبو بكر: م 4800 - اختلف أهل العلم في أربعة شهدوا على رجل بالزنى، وزعموا أنهم أحرار، فوجدوا عبيداً، أو من أهل الكتاب. ¬

_ (¬1) وفي الدار "الشهادات".

فكان أبو ثور يقول: إن وجدوا عبيدا فشهادتهم جائزة، وإن كانوا كفاراً فعلى الذين زكوهم الدية، لأنهم غروا الإمام [2/ 259/ب]. وقال النعمان: إن وجدوا عبيداً، وأقام المزكون على شهادتهم أنهم أحرار، فليس عليهم شيء. وقال يعقوب، ومحمد: لا ضمان على المزكين. م 4801 - وقال ابن الحسن: إذا رجم الرجل، فوجد أحد الشهود عبداً، أو محدوداً في قذف، أو أعمى: فعلى الإمام الدية في بيت المال. وقال أبو ثور: الحاكم ضامن. وقال الشافعي: الدية على عاقلة الوالي (¬1). م 4802 - واختلفوا في الرجل يشهد عليه أربعة بالزنى، وهو محصن، فحبس ليل عن الشهود، فقتله رجل. ففي قول أبي ثور: إن كان الشهود عدولاً، فليس على قاتله شيء. وإن لم يكونوا عدولاً، فعليه القود إن كان القتل عمداً، أو الدية على العاقلة إن كان خطأ. وقال أصحاب الرأي: على القاتل القصاص إن كان قتله عمداً، وإن كان خطأ فعلى القاتل الدية، عُدّل الشهود أو لم يعدلوا، ما لم يقض القاضي برجمه. قال أبو بكر: قول أبي ثور صحيح. ¬

_ (¬1) وفي الدار "عاقلة الزاني" وهو خطأ.

م 4803 - وإذا شهد عليه أربعة من الشهود بالزنى، وشاهدان بالإحصان، فرجم، ثم رجع شهود الإحصان: ففي قول أصحاب الرأي: لا شيء عليهما. وقال أبو ثور: إن قال شهود الإحصان: تعمدنا، فعليهم القود، وذلك إن الرجم كان بهما. م 4804 - وإذا شهد أربعة بالزنى والإحصان على رجل، فرجم، ثم وجد مجبوباً. فقال الشافعي (¬1): إن كانوا تعمدوا، قيد منهم، وإن كانوا أخطأوا فالدية في أموالهم، رواه أبو ثور عنه. وقال أصحاب الرأي: على الشهود الدية. م 4805 - ولو كانت امرأة، فقالوا: هي عذراء، أو رتقاء. لم يضمن الشهود، في قول أصحاب الرأي. والجواب في مذهب الشافعي في هذا كجوابه في المجبوب. وكان الشعبي يقول: إذا شهد أربعة على امِرأة بالزنى، فإذا هي عذراء، قال: اتركها، وأدرأ عنهم الحد. وفي قول الشافعي: لا حد عليها ولا عليهم، وبه قال الثوري، وأبو ثور. وقال أحمد بن حنبل بقول الشعبي (¬2). م 4806 - وكان أبو ثور، وأصحاب الرأي يقولون: إذا شهد ثلاثة رجال وامرأتان على رجل بالزني، حدوا جميعاً، لأن شهادة النساء في ¬

_ (¬1) وفي الدار "فكان الشافعي يقول". (¬2) وفي الدار "بقول الشافعي".

[2/ 260/ألف] الحدود لا تجوز، وقال الشافعي (¬1): في شهادة النساء في الحدود كما قالوا. قال أبو بكر: م 4807 - وإذا أقر رجل مرتين بالزنى، وشهد عليه شاهدان، حد بإقراره، ولم يحد الشاهدان، وهذا على مذهب الشافعي، وأبي ثور. وقال أصحاب الرأي: لا يحد. م 4808 - وإذا شهد أربعة من أهل الذمة على ذمي، أنه زنى بمسلمة. لم تقبل شهادتهم، في قول الشافعي، ولا يحد الرجل وللمرأة في قوله (¬2)، وقول أبي ثور، وأصحاب الرأي. قال أبو بكر: وهذا من أصحاب الرأي ترك لأصولهم، لأنهم يجيزون شهادة بعضهم على بعض. م 4809 - واختلفوا في الرجل يقول للرجل: لست ابن فلان. فقال الثوري: "يسأل المنفي البينة، أنه ابن فلان، فإن أخرج: ضرب القاذف، ولا يستحلف القاذف ولا المقذوف". وقال النعمان: "في الرجل يقذف الرجل، فلما رافعه قال: إن أمه يهودية، قال: يسأل البينة أنه أمه حرة مسلمة"، وهذا قول الشافعي، وأبي ثور. وقال عطاء: البينة على النافي. ¬

_ (¬1) وفي الدار "وقول الشافعي". (¬2) "قوله و"ساقط من الدار.

53 - أبواب القذف وما يجب على القاذف

وقال مالك: يكلف القاذف المخرج مما قال، فإن لم يأت بالمخرج: ضرب. م 4810 - واختلفوا في شاهدين، شهد أحدهما أن فلاناً قذف فلاناً يوم الخميس وشهد الآخر أنه قذف فلاناً يوم الجمعة، والمقذوف واحد. فقال مالك: يحد، وبه قال النعمان. وقال يعقوب، ومحمد: يدرأ عنه. وفي قول الشافعي: لا تجوز شهادتهما. وقال أبو ثور: تقبل البينة أقيس القولين. قال أبو بكر: قول الشافعي صحيح. 53 - أبواب القذف وما يجب على القاذف قال أبو بكر: قال الله جل ذكره: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} الآية. وقال تبارك وتعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ}. (ح 1459) وثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: "سبعٌ من الكبائر، فذكر الإشراك بالله، وقتل النفس بغير حقٍ، وأكل الربا، وأكل مال ايتيم بداراً

أن يكبُروا، والفرارَ من الزحف، ورمىَ المحصنات، وانقلاب إلى الاعراب بعد هجرة" قال أبو بكر: لم نجد في أخبار رسول الله- صلى الله عليه وسلم - خبرا يدل على تصريح القذف الذي يوجب الحد. وظاهر كتاب الله مستغنى به، دال على القذف الذي يوجب الحد. م 4811 - وأهل العلم على ذلك مجمعون. م 4812 - واختلفوا في رجل قذف رجلاً من أهل الكتاب، أو امرأة منهم. فقالت طائفة: لا حد عليه، هكذا قال الشعبي، وسعيد بن المسيب، والقاسم بن محمد، وعمر بن عبد العزيز، وخارجة بن زيد، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة، ونافع مولى ابن عمر، والزهري، وسليمان ابن موسى، وعروة بن الزبير، وأبو بكر ابن عبد الرحمن بن الحارث ابن هشام، وحماد بن أبي سليمان. وبه قال مالك، وسفيان الثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق. غير أن عمر بن عبد العزيز، والزهري، ومالكاً، والشافعي قالوا: يعزر. وفيه قول ثان: وهو أن على من قذف يهودية، أو نصرانية، ولها ولد من مسلم، أن عليه الحد، هذا قول سعيد بن المسيب، والزهري، وابن أبي ليلى.

54 - باب العبد يقذف الحر

وفيه قول ثالث: وهو أنه إذا قذف النصرانية تحت المسلم جلد الحد. قال أبو بكر: وجمل العلماء مجمعون وقائلون بالقول الأول، ولم أدرك أحداً، ولا لقيته يخالف ذلك. م 4813 - وإذا قذف النصراني المسلم الحر. فعليه ما على المسلم يقذف المسلم، ثمانون جلدة، ولا أعلم في ذلك اختلافاً. وممن حفظت عنه أنه قال ذلك: الشعبي، وعمر بن عبد العزيز، والزهري، ومالك، والليث بن سعد، وأصحاب الرأي، ولا أعلم عن غيرهم فيه اختلافاً. 54 - باب العبد يقذف الحر قال أبو بكر: م 4814 - واختلفوا في العبد يقذف الحر. فقال كثير من أهل العلم: يجلد أربعين جلدة (¬1). رُوي هذا القول عن أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهم. ¬

_ (¬1) "جلدة" ساقط من الدار.

55 - باب الحر يقذف العبد

وبه قال سعيد بن المسيب، والحسن البصري، وعطاء، وعكرمة، والقاسم بن محمد، ومجاهد، وإبراهيم النخعي، والحكم، وحماد، ومالك، والليث بن سعد، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي. وفيه قول ثان: وهو أن يحد ثمانين جلدة و (¬1) جلد أبو بكر بن محمد عبداً قذف حراً ثمانين، وبه قال قبيصة بن ذؤيب، وعمر بن عبد العزيز. قال أبو بكر: والذي عليه عوام علماء الأمصار، القول الأول، وبه [2/ 261/ألف] نقول. 55 - باب الحر يقذف العبد قال أبو بكر: م 4815 - كل من نحفظ عنه من أهل العلم يقول: إذا افترى حر على عبد فلا حد عليه. وممن حفظت ذلك عنه: عطاء، والزهري، والشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. غير أنهم يقولون: عليه التعزير. قال أبو بكر: وبه نقول. ¬

_ (¬1) "جلدة، و" ساقط من الدار.

56 - باب نفي الرجل من أبيه، أو من قبيلته

م 4816 - وحكم العبد والمدبر والمكاتب والمعتق (¬1) بعضه، كذلك لا حد على قاذفهم. م 4817 - وإذا قذف الرجل من يحسبه عبدا، فإذا هو حر، فعليه الحد، كذلك قال الحسن البصري، ومالك، والشافعي. قال أبو بكر: وبه نقول. م 4818 - واختلفوا فيمن قذف أم ولد لرجل. فقال ابن عمر، والنخعي، ومالك (¬2) والشافعي: عليه الحد إذا ِقذفها بعد موت السيد. وهذا على مذهب من يمنع بيع أمهات الأولاد. وقد روينا عن الحسن البصري أنه كان لا يرى جلد قاذف أم الولد. 56 - باب نفي الرجل من أبيه، أو من قبيلته قال أبو بكر: م 4819 - واختلفوا في الرجل يقول للرجل من العرب: يا نبطي، أو يقول: لست من بني فلان. فقال الشعبي، وحماد بن أبي سليمان: لا حد عليه، وبه قال النعمان. وقال الزهري: عليه الحد، وبه قال مالك. ¬

_ (¬1) "والمعتق" ساقط من الدار. (¬2) "ومالك" ساقط من الدار.

وقال الشافعي: "إذا قال ذلك وقفتُه، فإن قال: عنيت نبطي الدار، أو نبطي اللسان، أحلفته بالله ما أراد أن ينفيه، فإن حلف نهيته عن أن يقول ذلك القول، وأدبته على الأذى، وإن أبى أن يحلف، حلف المقول له، فإذا حلف سألت القائل عمن (¬1) نفى، فإن قال: لا ما نفيته، ولا قلت له ما قال، جعلت القذف واقعاً على أم المقول له. فإن كانت حرة مسلمة، حددته إن طلبتْ الحد، وإن عفت فلا حد لها (¬2). وإن قال: عنيت به الأب الجاهلي، ما أحلفته ما عني به أحداً من أهل الإسلام (¬3)، وعزرته، ولم أحده". وقال أبو ثور: إذا قال الرجل للرجل: لست من بني فلان لقبيلته، إن أراد النفي حد، وإن أراد لست لفلان لصلبه فلا حد عليه. وقال مرة: لا يحد (¬4). وقال الشعبى: إذا قال: يا نبطي فليس [2/ 261/ب] بشيء، وإذا قال: أنت من النبط جلد، إلا أن يكون كذلك. م 4820 - وإذا نفى الرجل الرجل من أبيه فقال: لست ابن فلان، وأمه ¬

_ (¬1) وفي الدار "ممن نفى". (¬2) وفي الدار "فلا حد له". (¬3) وفي الدار "آباء الإسلام" (¬4) وفي الدار "لا حد عليه"

حرة مسلمة، فعليه الحد، وهذا على مذهب الشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي. م4821 - وإذا قال الرجل للرجل وأبوه عبد، وأمه حرة، وقد ماتا جميعاً: لست لأبيك، فعليه الحد في قول أبي ثور، وأصحاب الرأي (¬1). م 4822 - وإذا قال الرجل للرجل الكافر، وأبواه مسلمان وقد ماتا: لست لأبيك، فعليه الحد في قولهم جميعاً. م 4823 - وإذا قال الرجل لعبده: لست لأبويك، وأبواه حران مسلمان قد ماتا فعلى المولى الحد، في قول أبي ثور. وقال أصحاب الرأي: يستقبح أن يحد المولى لعبده. قال أبو بكر: هذا لا معنى له، يبطل حقاً قد وجب بغير حجة [يفزع إليها] (¬2). م 4824 - واختلفوا في الرجل يقول للرجل: يا ابن ماء السماء، وما أشبه ذلك مما قد يقوله الناس، لا يراد به القذف. فلا حد عليه، في قول أبي ثور، وأصحاب الرأي. م 4825 - واختلفوا في الرجل يقول للرجل: يبن الزانيين، وأبواه حران مسلمان. ففي قول الشافعي، وأبي ثور، وابن أبي ليلى: عليه حدان. ¬

_ (¬1) وفي الدار "في قولهم جميعاً". (¬2) ما بين المعكوفين من الدار.

57 - باب قذف الرجل والده، أو جده، أو أجداده، أو ولده، أو ولد ولده

وقال النعمان: عليه حد واحد، لأنها كلمة واحدة. م 4826 - وإذا قال الرجل للرجل: لست لأمك، فلا حد عليه، في قول الزهري، وأبي ثور، وأصحاب الرأي. قال أبو بكر: وبه نقول؛ لأن هذا كذب. 57 - باب قذف الرجل والده، أو جده، أو أجداده، أو ولده، أو ولد ولده قال أبو بكر: م 4827 - أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن الرجل إذا قذف أباه أو جده، أو جداً من أجداده، أو جداته بالزني أن عليه الحد. م 4828 - واختلفوا في الرجل يقذف ابنه، أو ابن ابنه. فقال عطاء بن أبي رباح، والحسن البصري، وأحمد، إسحاق: لا حد عليه. وهو قياس قول الشافعي، وبه قال أصحاب الرأي. وقال عمر بن عبد العزيز، ومالك: أن عليه الحد، وبه قال أبو ثور. قال أبو بكر: وظاهر القرآن يدل على ذلك، وليس مع من (¬1) أزال الحد عن هذا حجة. ¬

_ (¬1) "من" ساقط من الدار.

58 - مسائل من أبواب القذف

م 4829 - وإذا قذف الرجل مملوكه فلا حد عليه، في قول الأوزاعي، وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي. 58 - مسائل من أبواب القذف قال أبو بكر: م 4830 - وإذا قال الرجل للرجل: يا ابن الأقطع، أو الأعور، أو المقعد، أو الأعمى، وأبوه ليس كذلك. م 4831 - أو قال [2/ 262/ألف] رجل لامرأته: يا بنية، أو يا أخيه. م 4832 - أو قال الرجل للرجل: يا بني، أو قال له: أنت عبدي، أو يا عبد (¬1)، أو: أنت مولاى. م 4833 - أو قال للعربي: يا دهقان. فلا حد عليه في شيء من ذلك كله في قول أبي ثور، وأصحاب الرأي. م 4834 - وقال مالك: إذا قال الرجل لرجل من العرب أو الموالي: يا ابن النبطي، أو يا ابن الحائك، أو ما أشبهه، أن عليه الحد إن كان أبوه لم يعمل عملاً من تلك الأعمال. م 4835 - وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن الرجل إذا قال ¬

_ (¬1) وفي الدار "يا عبدي".

59 - [باب إذا قال الرجل للرجل: زنأت في الجبل]

لرجل من المسلمين: يا يهودي، أو (¬1) يا نصراني: أن عليه التعزيز ولا حد عليه. وممن أحفظ هذا (¬2) عنه: الزهري، والثوري، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي، ويشبه ذلك مذهب الشافعي. 59 - [باب إذا قال الرجل للرجل: زنأت في الجبل] (¬3) قال أبو بكر: م 4836 - وإذا قال الرجل للرجل: زنأت في الجبل، ففيها قولان: أحدهما: أن يحلف بالله ما أراد القذف، ولا حد عليه، لأن زنأت في الجبل يكون (¬4)، رقيت في الجبل، هذا قول الشافعي، وابن الحسن. وحكى أبو ثور عن بعض أهل الكوفة أنه قال: عليه الحد، ولم يسمه. م 4837 - وإذا قال: زنيت في الجبل، فعليه الحد لا شك فيه، وهو مثل قوله: زنيت في الدار، أو في البيت. م 4838 - وإذا تزوج المجوس أمه، أو أخته، ثم أسلما ففرق بينهما، ثم قذفه إنسان، فعليه الحد، في قول أبي ثور، والنعمان. ¬

_ (¬1) "أو" ساقط من الدار. (¬2) "هذا" ساقط من الدار. (¬3) ما بين المعكوفين ساقط من الأصل "والتصحيح من الدار. (¬4) "يكون" ساقط من الدار.

وقال يعقوب، ومحمد: لا حد عليه. م 4839 - وإذا شهد على عبد أربعة أن مولاه أعتقه، وأنه زنى وهو محصن، فرجمه الإمام، ثم رجعوا عن الشهادة. فعليهم الدية لورثته إن قال: أخطأنا، وإن قالوا: تعمدنا أقيدوا به، هذا قول أبي ثور، وحكاه عن الشافعي. م 4840 - فإن شهد اثنان على العتق فأعتقه، ثم شهد آخران على الزني، فرجم، ثم رجع شاهد العتق عن العتق، ولم يرجعا عن الزنا، فعلى شاهدي العتق قيمته لولاه. فإن رجع الشاهدان الآخران عن الزني، فعليهما نصف الدية لورثته، ويضربان الحد، وليس على الذين رجعا عن العتق حد. م 4841 - وقال أصحاب الرأي في أربعة شهدوا على عبد أن مولاه أعتقه، وأنه قد زنى وهو محصن، فرجمه الإمام، ثم رجعوا عن شهادتهم في الزنى، فقال: يضربون الحد، وعيهم الدية في أموالهم لورثته [2/ 262/ب]. وإن رجعوا أيضاً عن العتق ضمنوا القيمة للمولى، والدية للورثة، ويضربون الحد (¬1). م 4842 - وقال أبو ثور: وإن شهدا على عبد أن مولاه أعتقه، فقضى القاضي بعتقه، ثم شهدا، وهذا العبد (¬2)، وآخر على رجل أجنبي بالزنى، فرجمه الإمام. ثم إن الشاهدين الذين شهدا بالعتق رجعا عن العتق، فإنهما يضمنان، قيمته للمولى، وشهادتهم على الزنى جائزة. ¬

_ (¬1) وفي الدار "ويضربان". (¬2) وفي الدار "شهدا هذا العبد"

60 - باب قذف الرجل الجماعة بكلمة واحدة

وبه قال أصحاب الرأي. م 4843 - وقال الشافعي إذا قال: أنت أزنى من فلان، لم يكن قذفاً، ويؤدب للأذى. فإن أراد به القذف: حد. وإن قال: أنت أزنى الناس، لم يكن قاذفاً، إلا أن يريد القذف فيعزر (¬1). وقال أصحاب الرأي: في ذلك: لا حد عليه. م 4844 - وإذا شهد أربعة على رجل أنه زنى بمجنونة، فعليه الحد، في قول الشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي. م 4845 - وإذا أقر الرجل بالزنى أربع مرات بامرأة بعينها فعليه الحد. فإن جاءت المرأة تطالبه بقذفها، ولها عليه بينة بذلك (¬2): حد لها، في قول أبي ثور، ويشبه أن يحد في قول الشافعي. وقال النعمان: لا يحد. قال أبو بكر: هذا لا معنى له. 60 - باب قذف الرجل الجماعة بكلمة واحدة قال أبو بكر: م 4846 - اختلف أهل العلم في الرجل قذف النفر بكلمة واحدة. ¬

_ (¬1) وفي الدار "ويعزر". (¬2) "ولها عليه بينة بذلك" ساقط من الدار.

فقالت طائفة: يحد حدا واحداً، كذلك قال عطاء، وطاووس (¬1)، والشعبي، والزهري، وقتادة، والنخعي، وحماد بن أبي سليمان. وبه قال مالك، والثوري، وأحمد، وإسحاق، والنعمان، ويعقوب، وابن الحسن. وفي قول حماد بن أبي سليمان، ومالك: سواء جمع القذف بكلمة واحدة أو فرقه. وقالت طائفة: يحد لكل واحد منهم حدا، هذا قول الحسن البصري، والشافعي، وأبي ثور. وفيه قول ثالث: وهو إن كان القذف بكلمة واحدة كان حدا واحداً، وإن قذف هذا، ثم قذف هذا، ثم هذا كان لكل واحد منهم حد، هذا قول عطاء، والشعبي، وقتادة، وابن أبي ليلى، وأحمد بن حنبل. وفيه قول رابع: وهو إن جاؤوا جميعاً فحد واحد، وإن جاؤوا متفرقين أخذ كل إنسان منهم حده، هذا قول عروة بن الزبير. قال أبو بكر: قول الحسن البصري أصح، لأنهم لم يختلفوا أن رجلاً لو قذف [2/ 263/ألف] خمسة من الناس فعفا أربعة منهم، أن للخامس الحد، دل ذلك على أن لكل واحد منهم حداً. ولو لم يكن كذلك لسقط بعفو الأربعة عن القاذف أربعة أخماس الحد. ¬

_ (¬1) "وطاووس" ساقط من الدار.

61 - باب الرجل يقول للرجل: يا لوطي

ففي إجماعهم على أن الذي لم يعف حقه ثابت بيان على أنهم إنما عفواً عن حقوقهم، لا عن حق هذا الذي طالب بالحد. وسواء جمع القذف أو فرّقه. 61 - باب الرجل يقول للرجل: يا لوطي قال أبو بكر: م 4847 - واختلفوا في الرجل يقول للرجل: يا لوطي. فقال عطاء، وقتادة: لا حد عليه. وبه قال الحسن البصري إلا أن يقذفه بعمل قوم لوط. وقال النخعي: إذا عني دين قوم لوط درئ عنه الحد (¬1)، وإن أراد عمل قوم لوط ضرب الحد. وفيه قول ثان: وهو أن عليه الحد، كذلك قال الزهري، ومالك. وقال يعقوب، ومحمد: إذا قذفه بعمل قوم لوط فعليه الحد. وبه قال أبو ثور. قال أبو بكر: القول قوله مع يمينه، إذا قال: أردت أنه على دين قوم (¬2) لوط، لأن الكلمة تحتمل معنيين. ¬

_ (¬1) "الحد" ساقط من الدار. (¬2) "قوم" ساقط من الدار.

62 - باب إذا قال الرجل للمرأة: زنيت وأنت مستكرهة أو صغيرة

62 - باب إذا قال الرجل للمرأة: زنيت وأنت مستكرهة أو صغيرة قال أبو بكر: م 4848 - كان الشافعي يقول: إذا قال: زنيت وأنت صغيرة أو مستكرهة، فلا حد عليه ويعزر للأذى، وبه قال أبو ثور، وأصحاب الرأي. م 4849 - وإذا قال: زنيت، وأنت أمة ثم أعتقت، سئل البينة على ذلك، وإلا ضرب الحد. م 4850 - وإذا قال: زنيت في الشرك، سئل البينة على ذلك وإلا ضرب الحد. هكذا قال الثوري. م 4851 - وقال مالك في الجارية التي لم تبلغ المحيض تقذف أو تقذف، وقد تزوجت أن الحد يلزم من قذفها إذا بلغت أو يوطأ مثلها. وقال أحمد في الجارية: بنت تسع سنين يجلد قاذفها، وكذلك الغلام إذا بلغ عشراً يضرب قاذفه. وقال إسحاق: إذا قذف غلاماً يطأ مثله، فعلى قاذفه الحد، والجارية إذا جاوزت تسعاً مثل ذلك. قال أبو بكر: لا يحد من قذف من لم يبلغ، لأن ذلك كذب، ويعزر للأذى.

63 - باب قاذف الخصي

63 - باب قاذف الخصي قال أبو بكر: م 4852 - كان الحسن البصري قول: ليس على قاذف الخصي حد، وهذا قول الشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي إذا كان الخصي مجبوباً [2/ 263/ب]. قال أبو بكر: م 4853 - وكذلك لا حد على قاذف الرتقاء. م 4854 - وإذا كان القاذف خصياً، مجبوباً أو غير مجبوب، أو إمرأة رتقاء، أو عذراء حد القاذف منهم. م 4855 - وقال أحمد فيمن قذف الخصي (¬1)، يطيق الجماع أو لا يطيق: عليه الحد. م 4856 - وإذا كان القوم في دار الحرب، وقذف بعضهم بعضا. حد القاذف، في قول الشافعي، وأبي ثور. ولا يحد في قول أصحاب الرأي. قال أبو بكر: يحد على ظاهر قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} الآية. ¬

_ (¬1) وفي الدار "قذف الصبي" وهو خطأ.

64 - باب إذا قال الرجل للرجل: يا فاعل أمه

64 - باب إذا قال الرجل للرجل: يا فاعل أمه قال أبو بكر: م 4857 - روينا عن أبي هريرة أنه جلد رجلاً قال لآخر: يا نائك أمّه. وبه قال أبو ثور. م 4858 - وإذا قال: فعلتُ بأمك، يعني القاذف أنه فعل ذلك، فلا حد عليه، في قول أبي ثور. وقال أصحاب الرأي: لا حد عليه في الوجهين جميعاً. قال أبو بكر: قول أبي ثور حسن. 65 - باب من قذف محدوداً قال أبو بكر: م 4859 - وإذا قذف الرجل رجلاً محدودا في الزنى. فعلى القاذف التعزير، ولا حد عليه، هكذا قال سعيد بن المسيب. وقال مالك: لا حد عليه. م 4860 - وإذا قذف الرجل امرأته، وقد كانت وُطئت حراماً. ففي قول الشافعي، والنعمان: لا حد عليه، ولا لعان. وقال الثوري: يستحب الدرء، ويعزر.

66 - باب إذا قال الرجل: من رماني فهو ابن الفاعلة

وقال ابن أبي ليلى: إذا أقيم الحد جلد من قذفها. م 4861 - وإذا قذف امرأته، ثم تزني بعد القذف. ففي (¬1) قول الشافعي: لا حد، ولا لعان. وقال الثوري: عليه الحد. قال أبو بكر: وبه نقول، ولا يدل ما حدث من فعلها بعد القذف، أنها تزل فاعلة ذلك. 66 - باب إذا قال الرجل: من رماني فهو ابن الفاعلة قال أبو بكر: م 4862 - وإذا قال الرجل: من رماني بحجر، فهو ابن الفاعلة، فرماه رجل. فلا حد عليه، يعزر للأذى، في قول الشافعي. وقال أحمد: إذا قال: الكاذب ابن الفاعلة، فلا حد عليه. وفي قول أصحاب الرأي، وقول مالك: الجواب في المسألة الأولى كما قال الشافعي. 67 - باب من يقوم من الورثة [2/ 264/ألف] بحق من قد مات إذا قذف الميت قال أبو بكر: م 4863 - أجمع [كل من نحفظ عنه من] (¬2) أهل العلم على أن للمقذوف ¬

_ (¬1) "ففي قول الشافعي ... إلى قوله: بعد القذف" ساقط من الدار. (¬2) ما بين المعكوفين من الدار.

طلب ما يجب له من الحد على القاذف. م 4864 - واختلفوا في رجل قذف رجلا فمات المقذوف قبل أن يحد القاذف، وفيمن قذف ميتاً. فقال مالك، والشافعي: لأوليائه أن يجلدوه، وأي أوليائه كان في القُعْدُدِ إليه سواء فله القيام به. وفيه قول ثان: وهو أن حد الميت لا يأخذ به إلا الولدان، والولد، والجد، وولد الولد، ممن يرث، ويورث، هذا قول أصحاب الرأي. م 4865 - وقال الشافعي: يأخذ بحد الميت ولده و (¬1) عصبته من كانوا. وقال ابن أبي ليلى: يأخذ الأخ والأخت أيضاً، ولا يأخذ غير هؤلاء. وقال أحمد: ليس للأولاد (¬2) أن يطلبوا به؛ لأنه إنما كان لأبيهم وقد مات الأب. قال أبو بكر: م 4866 - ففي قول المديني (¬3)، والشافعي: إذا كانوا أخوة فوقف بعضهم فلمن شاء منهم أن يقوم بالحد، وإن عفا بعضهم قام به الآخرون. وقال أبو ثور: الحد يورث كما يورث المال. وقال الزهري: إن قذف أم رجل فعفا عه ابنها، فقام به أخوه لأمه حد له به. ¬

_ (¬1) وفي الدار "أو عصبته". (¬2) وفي الدار "للولد". (¬3) وفي الدار "قول المزني".

68 - باب مسائل

م 4867 - وأجمعوا على أن المقذوف إذا كان غائباً فليس لأبيه، ولا لابنه أن يطلب بالقذف ما دام المقذوف حياً. هذا مذهب كل من نحفظ عنه من أهل العلم. م 4868 - وإذا أوصى المقذوف بذلك إلى من يقوم به بعد وفاته: فذلك له، في قول أبي ثور، كما يقوم بسائر الحقوق. وقال أصحاب الرأي: ليس للوصي أن يطلب به. م 4869 - وإن وكل المقذوف من يطلب بحقه. جاز في قول أبي ثور، وللوكيل أن يضربه. وفي قول أصحاب الرأي: لا يحد حتى يحضر المقذوف. م 4870 - وإذا ضرب بعض الحد ثم مات. ففي قول الشافعي: لأوليائه أن يقوموا بباقي الحد، وأيهم قام به فله ذلك. وفي قول أبي ثور: يقومون به على قدر حقوقهم. وقال أصحاب الرأي: يدرأ عنه الحد، ولا يحده (¬1). 68 - باب مسائل قال أبو بكر: م 4871 - كان عطاء يقول: إذا قذف رجل رجلاً بزنى كان (¬2) في شركه، لم يحد. ¬

_ (¬1) "ولا يحده" ساقط من الدار. (¬2) "كان" ساقط من الدار.

69 - باب العفو عن الحدود

وبه قال الزهري، ومالك، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. م 4872 - وإذا قال الرجل للرجل: [2/ 264/ب] أخبرت أنك زان، أو أشهدني رجل أنك زان، فإن أثبت له بينة (¬1) على أن ذلك قد قاله، وإلا جلد، (¬2) المُبلغ، هذا قول عطاء. وقال الزهري: إن لم يأت بالبينة فعليه الحد. وقال قتادة: يعزر المبلغ إذا أنكر ذلك الذي حكي عنه. وفي قول الشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي: لا حد عليه. 69 - باب العفو عن الحدود قال أبو بكر: م 4873 - روينا عن الحسن البصري أنه قال: لا يعفى عن الحدود. وقال أصحاب الرأي: إذا قال المقذوف: قد عفوت عنه، لا يدرأ عنه الحد، لأن عفوه باطل. وقالت طائفة: العفو عن القذف من حقوق بني آدم، وللمقذوف أن يقوم به، وله أن يعفو عنه. غير أن هؤلاء قد اختلفوا. ¬

_ (¬1) وفي الدار "فإن جاء ببينة". (¬2) ما بين المعكوفين من الدار، وفي الأصل "والآخر المبلغ".

70 - باب الاستحلاف في الحدود

فقال مالك: له أن يعفو عن الحد ما لم يبلغ الإمام، وقد اختلف فيه عنه وقال الشافعي، وأحمد، وأبو ثور، له أن يعفو وإن بلغ الإمام. 70 - باب الاستحلاف في الحدود قال أبو بكر: م 4874 - اختلف أهل العلم في الرجل يدعى عليه القذف، فينكر، ولا بينة للمقذوف. فقالت طائفة: يستحلف، هذا قول الزهري، ومالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبي ثور. وفيه قول ثان: وهو أن لا يمين على القاذف، هكذا قال الشعبي، وحماد بن أبي سليمان، والثورى، وأصحاب الرأي. قال أبو بكر: (ح 1460) قول النبي- صلى الله عليه وسلم - و:"البينة على الُمدعي واليمينُ على المُدّعى عليه". يوجب اليمين على الذي ادعي عليه القذف. 71 - باب الكفاله في الحدود قال أبو بكر:

72 - باب ما يوجب الأدب

م 4875 - كل من نحفظ عنه من أهل العلم لا يجيز الكفالة في الحدود، وممن حفظنا ذلك عنه شريح، والشعبي، ومسروق، وأحمد، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. وقد ذكرت هذه المسأله في كتاب الكفالة أتم من هذا. م 4876 - وأجمعوا على أن الحد لا يجب بيمين وشاهد. م 4877 - وقال أبو ثور: وإذا شهد على رجل بالقذف، فحد بعض الحد، ثم هرب فأخذ، فإنه يتم عليه الحد. م 4878 - فإن شهد بشهادة قبل أن يتم الحد لم تجز شهادته، لأنه فُسّق بالقول "لا بالضرب. وقال أصحاب الرأي: شهادته جائزة، لأنه لم يضرب حدا تاما. قال أبو بكر: كما قال أبو ثور أقول [2/ 265/ألف]. 72 - باب ما يوجب الأدب قال أبو بكر: م 4879 - ثبت أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يحد في التعريض بالفاحشة الحدّ تاماً. وبه قال عروة بن الزبير، ومالك، وإسحاق، وأحمد. وفيه قول ثان: وهو أن لا حد في التعريض، وفيه التعزير، هذا

قول عطاء، وعمرو بن دينار، وقتادة، والثوري، والشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي. وقال سعيد بن المسيب: إنما الحد على من نصب الحد نصباً. واحتج بعضهم: (ح 1461) "بأن رجلاً قال للنبى - صلى الله عليه وسلم -: إن امرأتي ولدت ولداً أسودَ". وهو لا يذكره إلا مُنكراً له فدل ذلك على أن لا حد في التعريض. وقد أحل الله تعالى التعريض في خطبة النساء، وفرق يه وبين التصريح الذي لا يحل. قال أبو بكر: من يتكلم بكلمة تحتمل معنيين، لم يجز إلزامه الحد بشك، ومن صرح وجب عليه الحد إن طلب ذلك المقذوف. م 4880 - وأجمع كل من نحفظ كه من أهل العلم على أن قول الرجل للرجل: يا فاجر، يا فاسق، يا خبيث، لا يوجب الحد. روينا هذا القول عن علي بن أبي طالب. وبه قال الثوري، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور،

73 - باب مسألة

وأصحاب الرأي. م 4881 - وكذلك لا أعلم أحداً يوجب الحد على الرجل يقول للرجل: يا فاسق، يا سكران، يا سارق، يا خائن، يا آكل الربا، يا شارب الخمر. وكل ذلك في قول الشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي. م 4882 - ولا حد على من قال لآخر: يا حمار، يا ثور، يا خزير، في قول أحد من أهل العلم علمته. م 4883 - وقد اختلفوا فيما يجب عليه في ذلك. فقال أصحاب الرأي: لا يعزر. وقال أبو ثور: إن كان سفيها وكنت له عادة: عزر. م 4884 - وإذا قال الرجل للرجل: يا مخنث، حلف بالله، ما أراد بذلك الفاحشة ولا الفرية، ولا حد عليه في ذلك (¬1) ويعزر، في قول مالك. وقال الشافعي، وأصحاب الرأي: لا حد عليه. 73 - باب مسألة (¬2) م 4885 - واختلفوا في الإمام يعزر، فيموت المضروب من الضرب. ففي قول الشافعي: على عاقلة الإمام العقل، وعليه الكفارة. وفي قول أبي ثور، وأصحاب الرأي: لا شيء على الإمام، ولا على بيت المال إذا وجب التعزير ببينة. ¬

_ (¬1) "في ذلك" ساقط من الدار. (¬2) وفي الدار "مسألة".

74 - باب الستر على المسلمين

قال أبو بكر: وكذا أصح؛ لأن التعزير لا يخلو أن يكون حقاً أو باطلاً، فإن كان حقاً فمات منه فالحق قتلهُ، وإن كان باطلاً، فلا يحل للإمام أن يتعدى [فيفعل] (¬1) [2/ 256/ب] ما هو ممنوع منه. 74 - باب الستر على المسلمين قال أبو بكر: (ح 1462) جاء الحديث عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "من سترَ على مُسلمٍ عورة (¬2) ستر الله عليه في الآخرة". قال أبو بكر: فيستحب لمن أطلع على عورة من أخيه المسلم، أن يستر عليه رجاء ثواب الله عز وجل. م 4886 - ويجب على من بلى أن يستتر بستر الله، ويعتقد توبة، فإن لم يفعل ذلك الذي (¬3) أصاب الحد، وأبدى ذلك للإمام، وأقر بالحد، لم يكن آثماً؛ لأنا لم نجد في شيء من الأخبار عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أنه نهى عن ذلك، بل الأخبار دالة على أن: (ح 1463) من أصاب حدا فأقيم عليه فهو كفارة له. ¬

_ (¬1) ما بين المعكوفين من الدار. (¬2) "عورة" ساقط من الدار. (¬3) "الذي" ساقط من الدار

75 - جماع أبواب الخمر

75 - جماع أبواب الخمر قال أبو بكر: (ح 1464) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا سكر فاجلدوه، ثم إذا سكر فاجلدوه، ثم إذا سكر فاجلدوه، ثم إذا سكر فاضربوا عنقه". قال أبو بكر: ثم أزيل القتل عن الشارب في المرة الرابعة بخبر رسول الله- صلى الله عليه وسلم -، وبإجماع عوام أهل العلم من أهل الحجاز، والعراق، والشام، ومصر، وكل من نحفظ عنه من أهل العلم إلا شاذا من الناس لا يعد خلافهم خِلافاً. (ح 1465) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: " لا يحل دمُ رجلٍ يشهد أن لا إله الله وأني رسول الله- صلى الله عليه وسلم - إلا أحد ثلاثة نفر: النفسُ بالنفسِ، والثيبُ الزاني، والتاركُ لدينه المفارق للجماعة". قال أبو بكر: وغير جائز أن يقول رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: "لا يحل دم رجلٍ مسلمٍ يشهد أن لا إله الله إلا أحد ثلالة نفر" ويحل بخصلة رابعة.

76 - باب الحد الذي يجب أن يجلد شارب الخمر من العنب وغيره

76 - باب الحد الذي يجب أن يجلد شارب الخمر من العنب وغيره قال أبو بكر: (ح 1466) ثبت "أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - جلد في الخمر بالنعال والجريد، ثم جلد أبو بكر رضي الله عه أربعين جلدة (¬1)، واستشار عمرُ رضي الله عنه، فقال له عبد الرحمن: كأخف الحدودِ، فجلد عمرُ ثمانين". وفي حديث عبد الرحمن بن أزهر: أن أبا بكر رضي الله عنه توخّى الذي كان من ضربهم عند رسول الله- صلى الله عليه وسلم -، فضربه أربعين. قال أبو بكر: فدل: (ح 1467) قول رسول الله- صلى الله عليه وسلم -[2/ 266/ألف]- صلى الله عليه وسلم -: "من شرب الخمر فاجلدوه". م 4887 - على أن شارب الخمر يجب عليه الحد سكر، أو لم يسكر. ولا نعلم في شيء من الأخبار أنه أمر بعدد يضرب شارب الخمر، إلا ما كان من فعلهم، حيث أمر بضرب السكران على ما جاءت به الأخبار من أفعالهم. ¬

_ (¬1) "جلدة" ساقط من الدار.

م 4888 - واختلف أهل العلم فيما يجب على شارب الخمر من الجلد. فقال أكثر الفقهاء: يضرب ثمانين. وقد روينا عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه - أنه قال: حد النبيذ إذا سكر ثمانون، وبه قال مالك، والثوري، والنعمان، ومن تبعهم. وقال الشافعي: "إن ضرب بنعلين، أو بطرف ثوب ضرباً يحيط العلم أنه لا يبلغ أربعين، أو يبلغها ولا يجاوزها، فمات، فالحق قتله، وإذا كان كذلك فلا عقل، ولا قود، ولا كفارة على الإمام. وإنه ضربه أربعين سوطًا، أو أكثر من أربعين بالنعال، فمات: فديته على عاقلة الإمام دون بيت المال". واحتج بحديث ذكره عن علي رضي الله عنه. م 4889 - واختلفوا في وجوب الحد على من شرب قليل ما يسكر كثيره. فقال طائفة: عليه الحد، هذا قول الحسن البصري (¬1)، وعمر ابن عبد العزيز، وعروة بن الزبير، وقتادة، والأوزاعي، ومالك بن أنس، والشافعي، وأحمد. وفيه قول ثان: وهو ألا يضرب في شيء من الشراب حتى يسكر، إلا الخمر. رُوي عن أبي وائل (¬2)، والنخعي أنهما قالا: لا يجلد السكران من النبيذ حدا. ¬

_ (¬1) "الحسن البصري" ساقط من الدار. (¬2) وفي الدار "ابن أبي ليلى".

77 - باب جلد الشارب يوجد منه رائحة شراب يسكر كثيره

وفرق أبو ثور بين المتأول وغيره، فقال: كل من كان المسكر عنده حراماً، فشرب منه شيئاً، حددناه، ومن كان متأولاً مخطئاً في تأويله فشربه على خبر قلده ضعيفاً، أو تبع أقواماً، لم يكن عليه الحد. 77 - باب جلد الشارب يوجد منه رائحة شراب (¬1) يسكر كثيره قال أبو بكر: م 4890 - واختلفوا في وجوب الحد بوجود رائحة الشراب الذي يسكر كثيره من الشارب. فقالت طائفة: يحد بحديث ثبت عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: أنهُ جلد من وُجد منه ريح الشراب الحدّ تاماً. وبه قال ابن مسعود، ومالك، والشافعي. وضرب عمر بن عبد العزيز قوماً وجدواً على [2/ 266/ب] شراب، سكر بعضهم ولم يسكر بعض. وقد روينا عن عطاء أنه قال: لا حد إلا ببينة، إن الريح ليكون من الشراب الذي ليس به بأس. ¬

_ (¬1) وفي الدار "الشراب الذي يسكر كثير منه".

وقال عمرو بن دينار: لا حد في الريح. وقال الثوري: وإن وجد من رجل ريح خمر، فليس عليه حد حتى يعترف، أو تقوم بينة أنه شربها، أو يوجد سكران ولكن عليه تعزير إذا وجد ريحه. وقد روينا عن [ابن] (¬1) الزبير قولاً ثالثاً وهو: أن الرائحة إذا وجدت من المدمن حد، وإلا فلا. قال أبو بكر: (ح 1468) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا شرب الخمر فاجلدوه. فالجلد يجب على شارب الخمر، سكر أو لم يسكر، على ظاهر حديث رسول الله- صلى الله عليه وسلم -. (ح 1469) وثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬2) قال: "كلّ مسكر خمرٌ، وكلّ خمرٍ حرامٌ". (ح 1470) وروينا عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "ما أسكر كثيرهُ فقليلُه حرامٌ". ¬

_ (¬1) في الأصلين "عن الزبير" والتصويب من المصنف. (¬2) "وثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - "ساقط من الدار.

78 - باب إقامة الحد على السكران في حال سكره

78 - باب إقامة الحد على السكران في حال سكره قال أبو بكر: م 4891 - واختلفوا في جلد السكران في حال سكره. فروينا عن عمر بن عبد العزيز، والشعبي أنهما قالا: لا يحد حتى يصحو، وبه قال الثوري، والنعمان، وأصحابه. واحتج من خالف هؤلاء: (ح 1471) بحديث عبد الرحمن بن أزهر " أن النبي- صلى الله عليه وسلم - أتى بسكران، فأمر من كان عنده فضربهُ". وليس في الحديث أنه أخّر ذلك حتى يصحو. وقال بعض من يميل إلى القول الأول: إنما أريد به التنكيل، وليتألم به المحدود، والسكران لا يعقل ذلك، فغير جائز أن يقام الحد على من لا يعقل ذلك، ولا يُحسرّ به. 79 - باب حد السكر (¬1) قال أبو بكر: م 4892 - واختلف أهل العلم في حد السكر الذي يلزم صاحب اسم السكران. فقالت طائفة: أول السكر أن يغلب على عقله في بعض ما لم يكن يغلب عليه قبل الشرب. ¬

_ (¬1) وفي الدار "السكران".

هذا قول الشافعي، وبمعناه قال الثوري، وأبو ثور. وكان النعمان يقول: السكر الذي يجب على صاحبه الحد، ألا يعرف الرجل من المرأة. وقال يعقوب: إذا كان الغالب عليه اختلاط العقل، واستقرئ سورة فلم يقمها، وجب عليه الحد. قال أبو بكر: قول الشافعي: [2/ 267/ألف] أصح ما قيل في هذه الباب، والدليل على صحة ذلك قول تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} الآية. وقد كان القوم الذين خوطبوا بهذه أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قبل أن ينزل تحريم الخمر يقربون الصلاة في حال سكرهم عالمين بها، وقد سمّوا سكارى، لأن في الحديث أن بعض من قدم منهم خلط في القراءة، فأنزل الله عَزَّ وَجَلَّ هذه الآية.

89 - كتاب الجراح والدماء

89 - كتاب الجراح والدماء (¬1) 1 - باب تحريم سفك الدماء بغير الحق، من كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - قال أبو بكر: قال الله جل ذكره: {وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا} الآية. وقال تعالى: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ}. وقال تعالى: {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا} الآية. (ح 1472) وثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تُقتل نفسٌ ظلماً إلا كان على ابن آدم (الأول) كفلٌ من دمها، وذلك أنه سنّ القتل". ¬

_ (¬1) وفي الدار "كتاب القصاص والجراح".

2 - باب تعظيم سفك الدماء المحرمة بغير الحق والتغليظ فيها

(ح 1473) وثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه حرم الدماء مُودّعاً أمته بذلك قال لهم يوم النحر: "أي يومٍ هذا؟ قالوا: هذا يومُ النحر، قال: وأيّ بلدٍ هذا؟ قالوا: بلد الحرام، قال: وأي شهرٍ هذا؟ قالوا: الشهر الحرام، قال هذا يوم الحج الأكبر فدماؤكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرامٌ كحرمة هذا البلد في هذا اليوم، ثم قال: اللهم هل بلغت، فطفقَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: اللهم اشهد، ثم ودّع الناس، فقالوا: هذه حجةُ الوداعٍ". 2 - باب تعظيم سفك الدماء المحرمة بغير الحق والتغليظ فيها (¬1) قال أبو بكر: قال الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} إلى قوله: {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا} الآية. وقال: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} الآية. ¬

_ (¬1) "فيها" ساقط من الدار.

جماع أبواب القصاص في النفس، وفيما دون النفس

وقد ثبتت الأخبار عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - الدالة [2/ 267/ب] على تغليظ سفك الدماء بغير الحق. وقد ذكرناها في مواضعها، من ذلك: (ح 1474) أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: قيل له: أيّ الذنبِ أعظم؟ قال: أن تجعل لله ندّاً وهو خلقك، قال: قلت، ثم ماذا؟ قال: أن تقتل ولدك من أجل أن يأكل معك (¬1)، قال: قلت: ثم ماذا؟ قال: أن تزني بحليلة جارك"، ثم تلا هذه الآية: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ} الآية. جماع أبواب القصاص في النفس، وفيما دون النفس 3 - باب التسوية بين دماء المسلمين قال أبو بكر: قال الله جل ذكره: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى} الآية. ¬

_ (¬1) وفي الدار "أن يأكل طعامك".

(ح 1475) وثبت أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "المؤمنون تتكافأ دماؤهم". م 4893 - وأجمع أهل العلم على أن الحر يقاد به الحر، وإن كان الجاني مقعداً، وأعمى، أو أقطع اليدين والرجلين، والمقتول صحيح سوي الخلق. م 4894 - وأجمع عوام أهل العلم على أن بين الرجل والمرأة القصاص في النفس، إذا كان القتل عمداً، إلا شيئاً اختلف فيه عن علي، وعطاء، وروينا عن الحسن. وممن قال أن بين الرجل والمرأة القصاص في النفس، مالك بن أنس، وأهل المدينة، وسفيان الثوري، والنعمان، ومن تبعهما من أهل الكوفة، والشافعي، وأصحابه، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور. وهذا قول النفس، والشعبي، وعمر بن عبد العزيز، والزهري، وقد روينا عن الحسن البصري أنه قال: لا يقتل الذكر بالأنثى حتى تؤدى نصف الدية إلى أهله. وأصح الروايتين عن عطاء أنه قال: والمرأة تقتل بالرجل ليس بينهما فضل، وعمرو (¬1) بن دينار. ¬

_ (¬1) "وعمرو بن دينار" ساقط من الدار.

4 - باب القصاص بين الرجال والنساء فيما دون النفس

وفي حديث أنس بن مالك إثبات القصاص بين الرجل والمرأة وذلك: (ح 1476) "أن رجلاً من اليهود قتل جارية من الأنصار بالحجارة على حلي لها، فأمر رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فرُجم بالحجارة حتى مات". قال أبو بكر: والذي عن علي غير ثابت، وقد روينا عن الحسن خلاف ما ذكرناه عنه، فإذا اختلفت الأخبار عن الحسن صار وجوب القصاص بينهما كالإجماع من السنن [2/ 268/ألف] الثابتة المستغنى بها عما سواها. 4 - باب القصاص بين الرجال والنساء فيما دون النفس قال أبو بكر: م 4895 - اختلف أهل العلم في وجوب القصاص بين الرجال والنساء فيما دون النفس. فأثبتت طائفة القصاص بينهم في النفس وفيما دون النفس، هذا قول مالك، وسفيان الثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبي ثور. وفيه قول ثان: وهو أن لا قصاص بينهما فيما دون النفس، كذلك قال حماد بن أبي سليمان، والنعمان.

5 - باب القصاص بين الأحرار والعبيد في النفس

قال أبو بكر: الأول أصح، وذلك أن المرأة (¬1) كانت كافئة (¬2) في النفس، وهو أعظم حظراً، كان ما دون النفس أولى، لأن الكثير إذا أبيح فالقليل أولى. 5 - باب القصاص بين الأحرار والعبيد في النفس قال أبو بكر: م 4896 - اختلف أهل العلم في القصاص بين الأحرار والعبيد في النفس. فقالت طائفة: لا قصاص بينهما، هذا قول الحسن البصري، وعطاء بن أبي رباح، وعكرمة، وعمرو بن دينار، وعمر بن عبد الزبير. وبه قال مالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور. وفيه قول ثان: وهو أن القصاص بينهما ثابت في النفس. هذا قول سعيد بن المسيب، والشعبى، والنخعي، وقتادة، والثوري، وأصحاب الرأي. وحجة من قال بهذا القول ظاهر قول رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: ¬

_ (¬1) وفي الدار "لها". (¬2) وفي الدار "مكافئة".

(ح 1477) "المؤمنون تكافأ دماؤهم". فقال: هو مؤمن وهو مكافيء للحر. ولما كان حجة من أجاز أمان العبد هذا الحديث لقوله: (ح 1478) ويسعى بذمتّهم أدناهم. كان قوله: "المؤمنون تكافأ دماؤهم حجة عليه. (ح 1479) وقد روينا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "من قتل عبده قتلناهُ (¬1)، ومن جدعَ عبده جدعناه". وليس بثابت. وقال الثوري: من قتل عبده قتلناه، وقد اختلف فيه عنه. واحتج من قال: لا قصاص من العبيد والأحرار في النفس: أنهم لما أجمعوا على أن لا قصاص بينهما فيما دون النفس، فالنفس أولى ألا يكون يها بينهما قصاص. م 4897 - وممن حفظنا عنه أنه قال: لا قصاص بين العبيد والأحرار فيما دون النفس: مالك، والشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي، والثوري. وروينا ذلك عن الحسن البصري، والشعبي، والنخعي. ¬

_ (¬1) "ومن جدع ... إلى قوله: عبده قتلناه" ساقط من الدار.

6 - باب الحر والعبد يقتلان الحر

6 - باب الحر والعبد يقتلان الحر قال أبو بكر: م 4898 - واختلفوا في الحر والعبد يقتلان الحر عمداً. فقالت طائفة: يقتلان به جميعاً إن شاء الولي، روينا هذا القول عن النخعي، والثوري. وقال الزهري: يقتل الحر، وإن شاء أهل القتيل قتلوا (¬1) العبد، وإن شاؤوا استخدموه، وبه قال قتادة. وفي قول الشافعي: إن شاؤوا قتلوهما، وإن شاؤوا عفوا عنهما، وإن شاؤوا قتلوا الحر وبيع العبد في نصف الدية إلا أن يفدي السيد عبده. 7 - باب قتل المؤمن بالكافر قال أبو بكر: م 4899 - واختلفوا في قتل المؤمن بالكافر. فروي عن عمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، وزيد بن ثابت: أنهم كانوا لا يرون قتل المؤمن بالكافر. وبه قال عطاء، والحسن البصري، وعكرمة، وعمر بن عبد العزيز، وسفيان الثوري، ومالك، والشافعي، وأحمد بن حنبل، وإسحاق، وأبو ثور. ¬

_ (¬1) وفي الدار "قتل".

8 - باب قتل الوالد بالولد

وقالت طائفة: إذا قتل المسلم اليهودي، أو النصراني، أو المجوسى، قتل به المسلم، هذا قول أصحاب الرأي. وروي ذلك عن الشعبي، والنخعي، في اليهودي والنصراني خاصة. (ح 1480) وثبت أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يقتل مؤمن بكافر". قال أبو بكر: وبه نقول، ولا يصح عن النبي خبر يعارضه. 8 - باب قتل الوالد بالولد قال أبو بكر: م 4900 - اختلف أهل العلم في الرجل يقتل ابنه عامداً. فقالت طائفة: لا قود عليه، وعليه ديته، هذا قول الشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي. وروي ذلك عن عطاء، ومجاهد وقال مالك، وابن نافع، وابن عبد الحكم: يقتل به. قال أبو بكر: وهذا نقول، لظاهر الكتاب والسنة. فأما ظاهر الكتاب فقوله عز وجل: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ}.

9 - باب قتل الرجل بعبده

(ح 1481) والثابت عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "المؤمنون تكافأ دماؤهم". ولا نعلم خبراً ثابتاً يوجب استثناء الأب [2/ 269/ألف] من جملة الآية. وقد روينا فيه أخباراً غير ثابتة. م 4901 - وكان مالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور (¬1) يقولون: إذا قتل الابن الأب قتل به. 9 - باب قتل الرجل بعبده قال أبو بكر: م 4902 - واختلفوا في الرجل يقتل عبده، أو يجرحه. فقال الحسن البصري، والشعبي، والقاسم، وسالم: لا يقتل به. وقال الزهري: يعاقب ويسجن. وممن وافق الحسن البصري، ومالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، والنعمان. وفي قول مالك، والشافعي، وأحمد، والنعمان: يعاقب. وقال النخعي: يقتل الرجل بعبده. وقد ذكرنا ذلك عن الثوري، وهو مختلف فيه عنه. قال أبو بكر: بالقول الأول أقول. ¬

_ (¬1) "وأبو ثور" ساقط من الدار.

10 - باب القصاص بين العبيد في النفس وفيما دون النفس

10 - باب القصاص بين العبيد في النفس وفيما دون النفس قال أبو بكر: م 4903 - واختلفوا في القصاص بين العبيد في النفس وفيما دون النفس. فقالت طائفة: يقتص بعضهم من بعض في النفس وفيما دون النفس. هذا قول عمر بن العزيز، وسعالم بن عبد الله، والزهري، وقتادة، ومالك، والشافعي، وأبو ثور. وفيه قول ثان: وهو أن لا قصاص بينهم إلا في النفس، هذا قول الشعبى، والنخعي، والثوري، والنعمان. قال أبو بكر: القول الأول أصح. 11 - باب مسألة قال أبو بكر: م 4904 - كان الشافعي، وأبو ثور يقولان: إذا قتل الرجل الخنثى المشكل فلأولياء الخنثى القصاص، لأن الخثى إما أن يكون رجلاً أو امرأة، فأيهما كان فبينه وبين الرجل القصاص في النفس وفيما دون النفس. وإن سأل أولياؤه الدية أعطوا الأقل، وهو النصف. وفي قول مالك: إنما لهم القود، وليس لهم الدية، إلا أن يصالحوا. وقال أصحاب الرأي فيما احسب: يجب عليه فيه ثلاثة أرباع الدية.

12 - باب القصاص بين الرجل وامرأته

12 - باب القصاص بين الرجل وامرأته قال أبو بكر: م 4905 - واختلفوا في القصاص بين الزوجين. فقالت طائفة: بينهما القصاص كسائر الناس، هذا قول الشافعي، وأحمد. وقال الشافعي: [2/ 269/ب] إلا أن يكون ذلك على وجه الأدب. وبه قال الثوري: وهذا قول عمر بن عبد العزيز، والنخعي. وفيه قول ثان: ألا يقتص للمرأة من زوجها لا في النفس، هذا قول الزهري. قال أبو بكر: قول الشافعي أصح، لظاهر قوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ} الآية. 12 - باب النفر يقتلون الرجل قال أبو بكر: م 4906 - واختلفوا في النفر يقتلون الرجل.

14 - باب النفر يجتمعون على قطع يد رجل

فروينا عن عمر أنه قال: يقتلون به، وروينا هذا القول عن علي، والمغيرة بن شعبة. وبه قال سعيد بن المسيب، والشعبي، والحسن البصري، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، وقتادة، ومالك، وسفيان الثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأى. وفيه قول ثان: وهو ألا يقتل اثنان بواحد، هذا قول الزهري، وحبيب بن أبي ثابت، وابن سيرين. وروينا ذلك عن معاذ بن جبل، وابن الزبير، وعبد الملك. قال أبو بكر: وهذا أصح، ولا حجة مع من أباح قتل جماعة بواحد، وقد ثبت عن ابن الزبير ما ذكرناه عنه، وإذا اختلف أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - في شيء فسبيله النظر. 14 - باب النفر يجتمعون على قطع يد رجل قال أبو بكر: م 957 - واختلفوا في قطع اليدين باليد.

15 - باب البالغ العاقل، والمجنون والصبي يشتركون في قتل الخطأ يشارك العمد

فقال الحسن البصري، والزهري، وسفيان الثوري: لا تقطع يدان بيد، ولا رجلان برجل. وفي قول الشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبي ثور: تقطع أيديهما. قال أبو بكر: الأول أصح. 15 - باب البالغ العاقل، والمجنون والصبي يشتركون في قتل الخطأ يشارك العمد قال أبو بكر: م 4908 - واختلفوا في البالغ العاقل، والمجنون، والصبي يشتركون في قتل. فكان حماد بن أبي سليمان، وقتادة والزهري، وأحمد بن حنبل يقولون في البالغ، والصبي يقتلان الرجل: على الرجل القتل، وعلى عاقلة الصبي نصف الدية. وفي قول مالك، والشافعي: على الكبير القود، وعلى الصبي نصف الدية في ماله. وقال الحسن البصري، وإبراهيم النخعي، والأوزاعي، وإسحاق، والنعمان، ويعقوب، ومحمد: عليهم كلهم دية ولا قود [2/ 270/ألف].

[مسألة]

[مسألة] (¬1) م 4909 - وإذا ضرب الرجل الرجل وضربه معه أسد، أو نمر، أو خنزير، أو سبع ضربة تقع موقع الجرح الذي الأغلب أن الجرح قتل دون الثقل (¬2). ففي قول أبي ثور: على الرجل القود. واختلف عن الشافعي في هذه المسألة. فقال مرة:" على القاتل القود، إلا أن يشاء الورثة الدية فيكون لهم نصفها". وقال مرة: لا قود عليه. م 4910 - وقال الشافعي: "في رجل ضرب رجلاً، ونهشته (¬3) حية، فمات: لا قصاص، وعلى الضارب نصف الدية حالة في ماله". وبه قال أصحاب الرأي. م 4911 - وإذا اشترك رجلان في قتل رجل، أحدهما أبو المقتول: فعلى الأب نصف الدية، وعلى الأجنبي القود، في قول الشافعي، وأبي ثور. وفي قول أصحاب الرأي: عليهما الدية. م 4912 - واختلفوا (¬4) المخطئ يشارك العامد في القتل. ¬

_ (¬1) ما بين المعكوفتين من الدار. (¬2) في الأصل "القتل" وفي الدار "الرجل" والتصحيح من الأم. (¬3) وفي الدار "أو نهشته". (¬4) وفي الدار "واختلف".

16 - باب وجوه القتل

فقال النخعي، والشافعي: لا قود عليهما، وعلى العامد نصف الدية، وعلى عاقلة المخطئ نصف الدية. م 4913 - وقال الحسن البصري: إذا قتل أحدهما بحديدة والآخر بخشبة، فإنما هو دية. وكذلك قال الشافعي إذا كانت الخشبة خفيفة الأغلب أن مثلها لا يقتل. قال أبو بكر: ولو قال قائل: على العامد القود، وعلى عاقلة المخطئ نصف الدية: كان مذهباً؛ لأن القائل منهم قال: إذا قتل الأب والأجنبي ابن الرجل: كان عل الأجنبي القود، لأنهما قاتلان في الظاهر. فليقتل العامد، لأنه والمخطيء قاتلان. 16 - باب وجوه القتل قال أبو بكر: ذكر الله جل ثناؤه قتل العمد وقتل الخطأ في كتابه، فقال: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا}. وقال تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً} الآية. فهذان وجهان ذكرهما الله تعالى في كتابه. م 4914 - وأجمع أهل العلم على القول به.

واختلفوا في الوجه الثالث، وأنا ذاكر الاختلاف فيه بعد إن شاء الله. م 4915 - وأجمع أهل العلم على أن من عمد فضرب رجلاً بحديد محدد مثل السيف، والخنجر، والسكين، وسنان الرمح، وما أشبه ذلك مما يشق بحده، فمات المضروب من ضربه: أن عليه القود. م 4916 - واختلفوا في الرجل يضرب الرجل بالعصا أو السوط الضرب [2/ 270/ب] الأغلب منه أنه يقتل، أو يشدخ رأسه بالحجر الثقيل، أو الخشبة الضخمة، أو ما أشبه ذلك مما الأغلب أن مثله يقتل. فقال كثير من أهل العلم: عليه القود. هذا مذهب النخعي، والزهري، والحسن، وابن سيرين، وحماد بن أبي سليمان، وعمرو ابن دينار، وابن أبي ليلى، والشافعي، وأحمد، وإسحاق. وروينا معنى (¬1) هذا القول عن عبيد بن عمير، والشعبي، ومالك. وفيه قول ثان وهو: أن العمد ما كان بسلاح، هكذا قال عطاء، وطاووس، وسعيد بن المسيب. ¬

_ (¬1) "معنى" ساقط من الدار.

17 - باب الوجه الثالث المختلف فيه، وهو شبه العمد

وقال الحسن: ليس العمد الذي يوجب القود إلا بحديدة. وبه قال الشعبي، ومسروق، وإبراهيم النخعي، والنعمان (¬1)، وابن الحسن، قال أبو بكر: وبالقول الأول أقول؛ لأن الله عز وجل قال: {وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا}، والقاتل بما الأغلب من مثل فعله أنه يقتل: قاتل. (ح 1482) وثبت عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه أوجب القصاص على من قتل بحجر. م 4917 - وأجمع كل من احفظ عنه من أهل العلم على أن القتل الخطأ أن يرمي الرامي شيئاً فيصيب غيره. ولا أعلمهم يختلفون فيه. وممن حفظنا ذلك عنه: عمر بن عبد العزيز، وقتادة، والنخعي، والزهري، وابن شبرمة، وسفيان الثوري، ومالك، والشافعي، وأصحاب الرأي. 17 - باب الوجه الثالث المختلف فيه، وهو شبه العمد قال أبو بكر: م 4918 - واختلفوا في شبه العمد. ¬

_ (¬1) "والنعمان" ساقط من الدار.

18 - باب ما يجب على الخالق، وعلى الرجل يسقي آخر السم [2/ 271/ألف]

فمن أثبت شبه العمد: الشعبي، والحكم، وحماد، والنخعي، وقتادة، وسفيان الثوري، وأهل العراق، والشافعي، وأصحاب الرأي. وروينا ذلك عن عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب. وأنكر ذلك مالك وقال: ليس في كتاب الله إلا العمد، والخطأ، وشبه العمد لم يعمل به عندنا. (ح 1483) وقد روينا عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "ألا وإن قتيل الخطأ شبه العمد ما كان بالسوط والعصا، مائة من الإبل، منها أربعون خلفةً في بطونها أولادها. 18 - باب ما يجب على الخالق، وعلى الرجل يسقي آخر السَّم [2/ 271/ألف] م 4919 - واختلفوا في الرجل يخنق الرجل بحبل حتى يموت في خناقه. فقال كثير من من أهل العلم: عليه القود. هذا قول عمر بن عبد العزيز، والنخعي، والشافعي، وأحمد. وقال حماد بن أبي سليمان -في رجل خنق رجلاً حتى قتله- قال: هو خطأ.

وقال أصحاب الرأي: إذا خنقه حتى مات، أو طرحه في بئر، أو ألقاه من ظهر جبل، أو من سطح، فمات: لا قصاص فيه، وعلى مما قلته (¬1) الدية. فإن كان خنَّاقاً قد خنق غير واحد، معروفاً بذلك، فعليه القتل. قال أبو بكر: حكايه هذا القول تجزئ عن الادخال على قائله. وهو مع ذلك خلاف ظاهر الكتاب والسنة. وقال أبو بكر: قال الله جل ذكره: {ومن يقتل مؤمناً متعمّداً ...} وهذا قاتل عمد فعليه القتل. (ح 1484) وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا يحل دم امرئٍ مسلم إلا بإحدى ثلاث" وفيه" أو قتل نفس فيقتل به". وهذا قاتل نفس. وإذا جاز أن يكون على ألسنتهم قاتلاً في آخر مرة فهو قاتل في أول مرة. (ح 1485) وقد ثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رضخ رأس اليهودي لما رضخ رأس الجارية بالحجارة". م 4920 - وقال الشافعي: "إذا جعل السم في طعام رجل، فأطعمه إياه، أو سقاه إياه غير مكره له ففيها قولان: ¬

_ (¬1) وفي الدار "قاتله".

أحدهما: أن عليه القود، وهذا أشبههما. والقول الثاني: أن لا قود عليه، وهو آثم. لأن الآخر شربه. وإن خلطه فوضعه فأكله الرجل: فلا عقل، ولا قود، ولا كفارة. وقد قيل يضمن. وقال: إذا استكرهه فسقاه سمَّا، وقال: علمت أنه يقتل، فعليه القود". وقال مالك: عليه القود. وقال أصحاب الرأي: إذا سقاه سماً، أو أوجره إياه إيجاراً فقتله، فلا قصاص عليه، وعلى عاقلته الدية. ولو أعطاه إياه فشربه هو، لم يكن عليه فيه شيء ولا على عاقلته، من قبل أنه هو شربه. م 4921 - ولو هدم رجل على قوم بيتاً، أو ضرب رجلاً متلففاً في ثوب، فماتوا. أو فقأ عين رجل، واختلفوا: فقال الأولياء: دخل البيت وهو صحيح، أو تلفف وهو صحيح، أوكنت العين صحيحة. فعليه [2/ 271/ب] القود في قول الشافعي، وأبي ثور عنه. وبه قال أبو ثور، وقال: كل صحيح حكمه حكم الصحيح حتى يعلم منه غير ذلك. وحكى أبو ثور عن الكوفي أنه قال: لا شيء عليه إلا أن تقوم بينة أنهم كانوا في وقت الهدم أصحاء.

19 - باب قتل الغيلة

م 4922 - وقال الشافعي: "من جنى (¬1) على رجل يسوق، يرى من حضره أنه في السياق، وأنه يقبض مكانه، فضربه بحديدة، فمات: فعليه القود". 19 - باب قتل الغيلة قال أبو بكر: م 4923 - اختلف أهل العلم فيمن قتل قتل (¬2) الغيلة. فقالت طائفة: قتل الغيلة وغيره سواء، والقصاص والعفو فيه إلى الولي دون السلطان، هذا قول الشافعي، والنعمان. وقال مالك: الأمر عندنا أنه يقتل به، وليس لولاة الدم أن يعفو عنه، وذلك إلى السلطان. والغيلة عند مالك: أن يعرض لرجل أو صبي فيخدعه حتى يدخله بيتاً كي يأخذ ماله إن كان معه. وقال أبو عبيد: "قتل الغيلة أن يغتال الإنسان فيخدع بالشيء حتى يصير إلى موضع يستخفي له فيقتله". ¬

_ (¬1) في الأصل "جاء" والتصحيح من الدار، والأم. (¬2) "قتل" ساقط من الدار.

20 - باب الرجل يحبس الرجل على الرجل حتى يقتله

قال أبو بكر: وبالقول الأول أقول، وذلك (¬1) لقوله تعالى: {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا ...} الآية. وقد قتل من ذكرناه مظلوماً. (ح 1486) وللثابت عن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "من قتل له قتيل فأهله بين خيرتين". 20 - باب الرجل يحبس الرجل على الرجل حتى يقتله قال أبو بكر: م 4924 - واختلفوا في الرجل يحبس الرجل على الرجل حتى يقتله. فقالت طائفة: يقتلان جميعاً. ذكر ابن جريج هذا القول عن سليمان بن موسى أنه قال: الاجتماع فينا أن يقتلا. وقال مالك: إن حبسه وهو يرى أنه يريد قتله: قتلا جميعاً. وفيه قول ثالث وهو: أن يقتل القاتل، ويعاقب الحابس. هذا قول الشافعي، وأبي ثور، والنعمان. وقال الحكم، وحماد: يقتل القاتل. وقال عطاء: يقتل القاتل، ويحبس الحابس حتى يموت. ¬

_ (¬1) "وذلك" ساقط من الدار.

21 - باب السيد يأمر عبده أن يقتل رجلا فيقتله [2/ 272/ألف]

وروي ذلك عن علي، وليس بثابت عنه. قال أبو بكر: وبقول الشافعي أقول. وقوله تعالى: {فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ} قال كثير من أهل المعرفة بالتفسير: لا يقتل غير قاتله. (ح 1487) وقال النبي- صلى الله عليه وسلم - س: "إن أعتى الناس على الله عَزَّ وَجَلَّ من قتل غير قاتله. والممسك غير قاتل (¬1) ". 21 - باب السيد يأمر عبده أن يقتل رجلاً فيقتله [2/ 272/ألف] قال أبو بكر: م 4925 - واختلفوا في الرجل يأمر عبده بأن يقتل رجلاً فيقتله. فقال أحمد: يقتل السيد. ¬

_ (¬1) وفي الدار "غير القاتل".

22 - باب الرجل يأمر الرجل بقتل الرجل

وقد روينا هذا القول عن علي، وأبي هريرة. وقال علي: ويستودع العبد السجن. وقال أحمد: يحبس العبد، ويضرب ويؤدب. وقال الثوري: يعزر السيد. وقال الحكم، وحماد: يقتل العبد. وقال قتادة: يقتلان جميعاً. وقال الشافعي: إن كان العبد فصيحاً يعقل: قتل العبد، وعوقب السيد، وإن كان أعجمياً: فعلى السيد القود. وقال سليمان بن موسى قولاً خامساً قال: لا يقتل الآمر، ولكن يديه، ويعاقب، ويحبس". 22 - باب الرجل يأمر الرجل بقتل الرجل قال أبو بكر: م 4926 - واختلفوا في الرجل يأمر الرجل بقتل الرجل فيقتله المأمور. فقالت طائفة: القتل على القاتل: كذلك قال عطاء، وسليمان بن موسى، والحكم، وحماد بن أبي سليمان، والشافعي، وأحمد، وإسحاق. وفيه قول ثان وهو: أنهما شريكان هكذا قال النخعي.

23 - باب القصاص في الأمراء والعمال

م 4927 - وقال الشافعي: "إذا أمر السلطان رجلاً بقتل رجل، والمأمور يعلم أنه أمر بقتله ظلماً: كان عليه وعلى الإمام القود كقاتلين معاً، وإن أكرهه الإمام عليه وعلم أنه يقتله ظلماً: كان على الإمام القود. والمأمور قولان: أحدهما: أن عليه القود. والآخر: لا قود عليه. ونصف الدية، والكفارة عليه". 23 - باب القصاص في الأمراء (¬1) والعمال قال أبو بكر: م 4928 - ثبت عن عمر بن الخطاب أنه كان يقيد من نفسه. وثبت عن أبي بكر أنه قال لرجل شكا أن عاملاً (¬2) قطع يده: لئن كنت صادقاً لأقيدنَّك منه. وهذا مذهب الشافعي، وأحمد، وإسحاق. قال أبو بكر: وليس بين العمال وسائر العامة في أحكام الله عز وجل فرق، لقول الله عز وجل: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى}. ¬

_ (¬1) وفي الدار "من الأمراء والعمال". (¬2) في الأصل "غلاماً له" والتصحيح من الدار.

24 - باب الرجل يجد مع امرأته رجلا فيقتله

(ح 1488) ولقول رسول (¬1) الله - صلى الله عليه وسلم -: "من قتل له قتيل فأهله بين خيرتين: إن أحبوا العقل، وإن أحبوا القود". 24 - باب الرجل يجد مع امرأته رجلاً فيقتله م 4929 - وإذا وجد الرجل مع امرأته رجلاً (¬2) فقتله. فروينا عن علي رضي الله عنه أنه قال: [2/ 272/ب] "إن لم يأت بأربعة شهداء، فليعط برمّته". وبه قال الشافعي، وقال: "يسعه فيما بينه وبين الله قتله". وبه قال أبو ثور. قال أبو بكر: وكذلك نقول. 25 - باب ما يكون به القصاص قال أبو بكر: م 4930 - واختلفوا فيما يفعله الولي بمن له قتله من (¬3) القصاص. ¬

_ (¬1) في الأصل "لقول الله عَزَّ وَجَلَّ" والتصحيح من الدار. (¬2) وفي الدار "وجد امراته مع رجل". (¬3) "من" ساقط من الدار.

26 - باب المقتص منه يتلف في القصاص فيما دون النفس

فقالت طائفة: له أن يفعل بالقاتل قال ما فعل بالمقتول. هذا قول عمر بن عبد العزيز، والشعبي، ومالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبي ثور. وقال سفيان الثوري: القتل يمحو ذلك كله، أي القود بالسيف وبه قال عطاء. قال أبو بكر: لولي المقتول أن يفعل بالقاتل قال ما فعل القاتل بالمقتول، يدل على ذلك الكتاب والسنة. فأما الكتاب فقوله تعالى: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} الآية. (ح 1489) وأما السنة، فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - باليهودي لما رضخ رأسه، لأنه كان رضخ رأس الجارية. 26 - باب المقتص منه يتلف في القصاص فيما دون النفس قال أبو بكر محمد بن إبراهيم بن المنذر النيسابوري: م 4931 - واختلفوا في المقتص منه من يد أو رجل يموت منه. فممن قال: لا دية له، الحسن البصري، وابن سيرين، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، ويعقوب، ومحمد.

وروينا ذلك عن أبي بكر، وعمر، وعلي. وبه نقول، لأن المقتص أخذ ما وجب له، ولم يتعد. فلما أجمعوا على أنه أخذ حقه لم يجز أن يلزم من أخذ ما يجب له شيئاً بغير حجة. ولا أعلم أحداً يخالف في أن الإمام إذا أقام حداً أوجبه الله تعالى، فمات الذي أقيم عليه الحد: أن لا شيء على الإمام. فكذلك إذا اقتص لمجروح (¬1) فمات: فإن الحق قتله. وفيه قول ثان وهو: أن على المقتص الدية إذا تلف المقتص منه. هذا قول عطاء، وطاووس، وعمرو بن دينار، والحارث العكلي. وبه قال الثوري. وقال الشعبي: دية المقتص منه على عاقلة القاص (¬2)، وبه قال الزهري. وقال النعمان: دية المقتص منه على المقتص له. وقد قيل: عليه ديته يطرح منها دية جرحه. روي هذا القول عن حماد بن أبي سليمان. ¬

_ (¬1) وفي الدار "اقتص المجروح". (¬2) وفي الدار "عاقلة المقتص له".

27 - باب الرجل يقطع من رجلين من كل واحد منهما يمينه

27 - باب الرجل يقطع من رجلين من كل واحد منهما يمينه قال أبو بكر: م 4932 - كان مالك، والشافعي يقولان: إذا [2/ 273/ألف] قطع الرجل يمين رجلين تقطع يمينه بأيمانهما إذا أرادا القود. وقال الشافعي: إن أراد أحدهما القصاص، والآخر الدية: اقتص لهذا، وأعطى الآخر دية يده من مال القاطع، وبه قال أبو ثور. وقال أصحاب الرأي: تقطع يمينه لهما جميعاً، ويغرم لهما دية اليد من ماله نصفين. قال أبو بكر: ومنهم ترك لأصولهم، لأنهم يقولون في رجل قتل نفسين، فجاء الأولياء يريدون القود قتلوه (¬1): أن لا دية لهما. وإذا كانت النفس، الجواب فيها فكذا، فاليد أولى أن تكون كذلك. م 4933 - وإذا قطع رجل يد رجل اليمنى ويد آخر اليسرى: اقتص منه لهما جميعاً، في قول مالك، والشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي، ولا أحفظ فيه خلافاً. 28 - باب المقتول يكون له ورثة صغار قال أبو بكر: م 934 - واختلفوا في المقتول يخلف ورثة صغاراً. ¬

_ (¬1) "فقتلوه" ساقط من الدار.

فقالت طائفة: يستأنى بهم بلوغ صغارهم، روينا هذا القول عن عمر بن عبد العزيز. وبه قال ابن أبى ليلى، وابن شبرمة، والشافعي، وأحمد، وإسحاق. قال أبو بكر: وعلى هذا القول إذا وجب أن ينتظر بلوغ صغيرهم، درجب كذلك أن ينتظر قدوم غائبهم، وإفاقة المغمى عليه منهم، حتى يحضر الغائب، أو يوكل، ويفيق المغمى عليه، أو يموت فيقوم وارثه مقامه. وقالت طائفة: للكبار أن يقتلوا القاتل قبل بلوغ الصغار، هذا قول حماد بن أبي سليمان، ومالك، والنعمان، والأوزاعي، والليث. واحتج بعض من وافق النعمان بأن الحسن (¬1) بن علي -رضي الله عنه - قتل ابن ملجم بعلي -رضي الله عنه - وكان لعلي أولاد صغار. ¬

_ (¬1) في الأصل: "الحسين" وما أثبته من الدار وهو الصحيح،

29 - باب مسألة

29 - باب مسألة م 4935 - قال الشافعي، وأصحاب الرأي: إذا ضرب الرجل رجلاً ضربة، فمات منها، فجاء (¬1) الولي يقتله، فقطع يده أو رجله: فلا عقل عليه، ولا كفارة، ولكن يعذر. م 4936 - فإن قطع يده ثم عفا عنه. ففي قول النعمان: عليه دية اليد، لأنه أخذها بغير حق. وفي قول أبي يوسف، ومحمد: لا ضمان عليه، من قبل أنه قد كانت له النفس. قال أبو بكر: هذا أصح. م 4937 - وإذا قتل الرجل الرجل -ولا ولي له- عمداً: فالسلطان أن يقتل به قاتله، وله أن يأخذ الدية، في قول الشافعي. وفي قول أصحاب الرأي: للسلطان أن يقتص من قاتله إن شاء، وليس له أن يعفو، لأنه لا يملك شيئاً. فإن صالحوا على الدية فهو جائز. قال أبو بكر: قول الشافعي أحسنهما. 30 - باب القاتل يقتله غير ولي المقتول قال أبو بكر: ¬

_ (¬1) وفي الدار: "فحل الولي وقتله"

م 4938 - واختلفوا في القاتل يقتله (¬1) غير ولي المقتول. فقال الحسن البصري، والثوري: يقتل الذي قتله، وبطل دم الأول (¬2). وقال مالك: هذا بمنزلة الرجل يقتل الرجل عمداً، ثم يموت القاتل، أي لا شيء لطالب الدم الأول. وقد روينا عن قتادة، وأبي هاشم أنهما قالا- في رجل قتل رجل عمداً، فحبس ليقاد به، فجاء رجل فقتله عمداً- قالا: لا يقاد به. قال أبو بكر: كأنهما شبها ذلك بالذي يجب عليه الرجم وقد زنى. وهذا بعيد الشبه من ذلك، ذلك (¬3) إلى السلطان، وهذا إلى الأولياء، والأولياء بالخيار، وليس للسلطان في الزاني يجب عليه الرجم، الخيار. وفيه قول ثالث: وهو أن على الأجنبي القصاص إلا أن يشاء ورثة المقتول الثاني أخذ الدية، فإن أرادوا الدية كانت لهم، فإن كانت عليه ديون ضم ما قبضوا من الدية إلى سائر ماله، ثم ضرب أولياء المقتول الأول مع سائر أهل الديون في ديته وماله. وإن لم يكن عليه قبضوا أولياء المقتول ديته إذا كانت الديتان سواء. هذا قول الشافعي. ¬

_ (¬1) وفي الدار "يقتل". (¬2) وفي الدار "وبطل دم الآخرين". (¬3) "ذلك" ساقط من الدار.

31 - باب إصابة الحدود في الحرم

م 4939 - وإن كان القاتل الأول عامداً، والقاتل الثاني مخطئاً، ففيها أقاويل: أحدها: أن لا شيء لورثة المقتول الأول، والدية لأولياء المقتول الثاني، هذا قول الحسن، وحماد بن أبي سليمان، والنخعي. والقول الثاني: أن الدية لورثة المقتول الأول، هذا قول عطاء، والزهري، وأحمد، وإسحاق. وقد ذكرت مذهب الشافعي في هذا الباب، وهو أصح المذاهب. 31 - باب إصابة الحدود في الحرم قال أبو بكر: م 4940 - واختلفوا في الرجل يصيب حداً خارجاً (¬1) من الحرم، ثم يدخل الحرم، أو يصيب في الحرم حداً. فقالت طائفة: "من قتل أو سرق في الحل، ثم دخل الحرم: فإنه لا يجالس، ولا يكلم، ولا يؤوى (¬2)، ويناشد حتى يخرج من الحرم، فيقام عليه. ومن قتل أو سرق فأخذ في الحل فأدخل الحرم، فأرادوا أن يقيموا [2/ 274/ألف] عليه ما أصاب (¬3): أخرجوه من الحرم إلى الحل. وإن قتل أو سرق في الحرم: أقيم عليه في الحرم". ¬

_ (¬1) في الأصل: "خارجاً" والتصحيح من الدار. (¬2) وفي الدار: "ولا يرى". (¬3) وفي الدار: "فأرادوا أن يقيموا عليهما أصاب".

32 - باب الانتظار بالقصاص من الجرح حتى يبرأ

هذا قول ابن عباس. وقال عطاء: إن قتل في الحرم يقتل قاتله حيث شاء أهل المقتول، وبه قال الزهري، ومجاهد، والشعبي، وأحمد، وإسحاق. وفي قول مالك، والشافعي: الحرم لا يمنع من إقامة الحدود. واحتج مالك: (ح 1490) بقتل النبي- صلى الله عليه وسلم - ابن خطل وهو متعلق بأستار الكعبة. وبهذا نقول، لأن الله تعالى أمر بجلد الزاني، وقطع السارق، وأوجب القصاص، ولم يخص (¬1) به مكاناً دون مكان، فإقامة ذلك تجب في كل مكان بظاهر الكتاب. 32 - باب الانتظار بالقصاص من الجرح حتى يبرأ قال أبو بكر: م 4941 - كل من نحفظ عنه من أهل العلم يرى الانتظار بالقصاص من الجرح حتى يبرأ صاحب الجرح. هكذا قال عطاء، والحسن البصري، ومالك، والثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور. ¬

_ (¬1) وفي الدار: "يحد".

33 - أبواب العفو عن القصاص

33 - أبواب العفو عن القصاص قال أبو بكر: قال الله عز وجل: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ} الآية. م 4942 - قال ابن عباس: كان في بني إسرائيل القصاص، ولم تكن فيهم الدية، قال الله لهذه الأمة: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى ...} الآية، {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ} الآية، قال: فالعفو أن يقبل الدية في العمد. {فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ}: يتبع الطالب بمعروف، ويؤدي إليه المطلوب بإحسان. {ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ} الآية مما كتب على من كان قبلكم. م 4943 - واختلف أهل العلم في الأولياء الذين لهم القصاص، وإليهم العفو. فقالت طائفة: عفو كل واحد ذي سهم جائز، هذا قول عطاء،

34 - باب الخيار الذي جعل لأولياء الدم والأختلاف فيه

والنخعي، والحكم، وحماد، وسفيان الثوري، والشافعي، وأحمد. وروينا معنى هذا عن عمر بن الخطاب. م 4944 - وقال الشعبي، وعطاء، وطاووس: عفو المرأة جائز. م 4945 - وروينا عن عمر بن عبد العزيز أنه قال: يستأنى بالصغير حتى يبلغ. وبه قال ابن أبي ليلى، وابن شبرمة، والثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق. وقال أصحاب الرأي في الرجلين يعفو أحديث: يكون للآخر حصته من الدية. وقالت [2/ 274/ب] طائفة: ليس للنساء عفو، كذلك قال الحسن البصري، وقتادة، والزهري، وابن شبرمة، والليث بن سعد، والأوزاعي. 34 - باب الخيار الذي جعل لأولياء الدم والأختلاف فيه قال أبو بكر: م 4946 - واختلفوا في الرجل يقتل الرجل عمداً. فقالت طائفة: الأولياء بالخيار: إن شاءوا قتلوا القاتل، وإن شاءوا أخذوا الدية، وإن شاءوا عفوا.

35 - باب عفو المجني عليه عن الجناية، وما يحدث منها إذا كانت الجناية عمدا

هذا قول سعيد بن المسيب، وابن سيرين، والشافعي، وأحمد (¬1)، وإسحاق، وأبي ثور. وقالت طائفة: ليس لهم إلا الدم، إن شاءوا قتلوا، وإن شاءوا عفوا، إلا أن يشاء القتل أن يعطي الدية، هذا قول النخعي. وقال مالك: ليس للأولياء إلا القتل. وكان قتادة ومالك يقولان: لهم أن يصالحوا على ثلاث ديات. قال أبو بكر: الكتاب والسنة يدلان على أن أولياء المقتول بالخيار: فأما الكتاب، فقوله عز وجل: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ} الآية. (ح 1491) وأما السنة فقول النبي: "من قتل له قتيل فهو بخير النظرين: إما أن يفدى (¬2)، وإما أن يقتل". 35 - باب عفو المجني عليه عن (¬3) الجناية، وما يحدث منها إذا كانت الجناية عمداً قال أبو بكر: ¬

_ (¬1) "وأحمد" ساقط من الدار. (¬2) وفي الدار: "أن يعفوا". (¬3) وفي الدار: "من الجناية".

م 4947 - واختلفوا في المجروح يعفو عن الجراح وما يحدث منها: فكان الحسن البصري، وقتادة، والأوزاعي يقولون: إذا كان وهب المضروب دمه (¬1)، عند موته وعفى عنه فعفوه جائز. وبه قال طاووس، ومالك. وقال الشافعي- إذ هو بالعراق-: عفوه باطل، وبه قال أبو ثور. وقال بمصر: إذا عفا عن جراحته وما يحدث منها فلا سبيل إلى قتل الجارح. فإن كان عفا عن القصاص فليأخذ عقلاً أخذت منه الدية تامة. وإن عفا عن العقل والقصاص ثم مات من الجرح: فمن لم يجز الوصية للقاتل أبطل العفو، وكانت الدية تامة للورثة. ومن أجاز ذلك ضرب بها في الثلث مع أهل الوصايا. وقال أحمد: يكون ذلك في الثلث إذا كان المقتول خطأ، وإن كان عمداً فإنما تجب النفس بعد الموت، أي ليس للمقتول شيء. وبه قال إسحاق. وقال أصحاب [2/ 275/ألف] الرأي: إذا عفا عن الجناية فبرأ منها، فعفوه جائز، وإن مات منها فعفوه باطل. ونستحسن فنجعل عليه الدية في ماله، في قول النعمان. وإن عفا عن الجراحة وما يحدث منها فعفوه جائز. ¬

_ (¬1) وفي الدار: "حقه".

26 - باب الولي يقتل بعد العفو أو أخد الدية

قال أبو بكر: م 4948 - وإن كان القتل خطأ. فالعفو جائز يكون في ثلثه، في قول مالك، وسفيان الثوري، وأصحاب الرأي. فإن لم يكن له مال غير الدية جاز ثلثه. وقد ذكرنا قول الشافعي. وقال عمر بن عبد العزيز: "إذا تصدق الرجل بديته، وقتل خطأ، فالثلث منه جائز إذا لم يكن له مال غيره". وبه قال الأوزاعي، وأحمد، وإسحاق. وكذلك نقول. 26 - باب الولي يقتل بعد العفو أو أخد الدية قال أبو بكر: قال الله عز وجل: {فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ}. م 4949 - قال ابن عباس: من بعد قبول الدية. وبه قال الحسن، وعطاء، وقتادة. م 4950 - واختلفوا فيمن قتل قاتل وليه بعد عفوه عنه، أو بعد قبول الدية منه.

37 - باب الوليين يعفو أحدهما ويقتل الآخر

فقال عكرمة: عليه القود، واحتج هذه الآية. وبه قال مالك، والثوري، والشافعي. وبه نقول، لأن القاتل لما عفي عنه صار (¬1) دمه محرماً كسائر الدماء المحرمة. وقال الحسن البصري: تؤخذ منه الدية ولا يقتل. وقال عمر بن عبد العزيز: الحكم فيه إلى السلطان بالذي يرى فيه من (¬2) العقوبة. 37 - باب الوليين يعفو أحدهما ويقتل الآخر قال أبو بكر: م 4951 - واختلفوا في الوليين يعفو أحدهما عن الدم، ويقتل الآخر. فقالت طائفة: يدرأ عنه القتل بالشبهة، ويكون لورثة القاتل الأول الدية على القاتل الآخر، ويرجع الذي عفا بنصف الدية في مال القاتل الأول. هذا قول الشافعي إذ هو بالعراق. وقال أبو ثور: إذا كان جاهلاً دريء عنه القتل وعليه الدية في ماله، وإن كان عالماً قتلناه، إلا أن يريد الأولياء الدية. ¬

_ (¬1) "صار" ساقط من الدار. (¬2) في الأصلين، "بعد العقوبة" والتصويب من "عب".

38 - باب وجوب الأدب على من عفى عنه ولي الدم

وللوليين الأولين (¬1) الدية في مال المقتول الآخر. وقال أصحاب الرأي: عليه الدية كاملة يحتسب له من ذلك نصف الدية حصته من دم المقتول الأول، ويؤدي النصف. قال أبو بكر: النظر يدل على أن عليه القود [2/ 275/ب] إذا علم بعفو صاحبه، وإن لم يعلم كان جاهلاً فلا قود عليه، وعليه الدية. 38 - باب وجوب الأدب على من عفى عنه ولي الدم قال أبو بكر: م 4952 - واختلفوا فيما يجب على القاتل الذي يعفو عنه وفي الدم. فقال مالك، والليث بن سعد، والأوزاعى: يضرب ويحبس سنة (¬2). وفيه قول ثان وهو: أن لا شىء عليه من عقوبة ولا غيره، هذا قول الشافعي، وأحمد، وإسحاق. وبه قال أبو ثور (¬3) قال: إلا أن يكون رجلاً يعرف بالشر، فيكون للإمام أن يؤدبه على قدر ما يرى. قال أبو بكر: لاشيء عليه. ¬

_ (¬1) "الأولين" ساقط من الدار. (¬2) "سنة" ساقط من الدار. (¬3) وفي الدار "وبه قال أبو ثور، وقال الأوزاعي: إلا أن يكون" والظاهر أن سهو من الناسخ.

39 - باب الجراحات التي لا توجب عقلا ولا قودا

39 - باب الجراحات التي لا توجب عقلاً ولا قوداً قال أبو بكر: م 4953 - واختلفوا في الرجل يعض الرجل فينتزع المعضوض عضوه من فيّ العاض، فيذهب ثنية العاض. فكان الشافعي، والنعمان يقولان: لا شىء عليه. وروينا ذلك عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وشريح. وبه نقول. (ح 1492) للثابت عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - "أنه أهدر ثنية العاض". وقال مالك: على المعضوض عقل السن، وبه قال ابن أبي ليلى. 40 - باب إسقاط العقول فيما تصيب البهائم من بني آدم، من جراح وغيره، واسقاط الغرم عن مالكها قال أبو بكر: (ح 1493) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -قال: "العجماء جرحها جبار".

41 - باب هدر عين من أطلع في بيت قوم بغير إذنهم إذا أصابوه بشيء

والجبار: الهدر، عند أهل تهامة. م 4954 - وكل من نحفظ عنه من أهل العلم يقول ليس على صاحب الدابة المنفلتة ضمان فيما أصابت. وممن حفظنا ذلك عه: شريح، والزهري، والحكم، وحماد بن أبي سليمان، ومالك، وسفيان الثوري، والأوزاعي، والشافعي، والنعمان، ومن تبعهم من أهل العلم. 41 - باب هدر عين من أطلع في بيت قوم بغير إذنهم إذا أصابوه بشيء (¬1) قال أبو بكر: (ح 1494) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: "لو أن امرأ طلع عليك بغير إذن، فحذفته بحصيات [2/ 276/ألف] ففقأت عينه، ما كان عليك جناح". م 4955 - وروينا معنى ذلك عن عمر بن الخطاب، وأبي هريرة -رضي الله عنهما-. وبه قال الشافعي. ¬

_ (¬1) والدار " فأصابوه بشيء".

42 - باب المؤمن الذي يقتل ببلاد العدو خطأ

وقد حكي عن النعمان أنه قال: من أطلع على قوم ففقئت عينه ضمن الذي فقأها. 42 - باب المؤمن (¬1) الذي يقتل ببلاد العدو خطأ قال أبو بكر: قال السنة جل ذكره: {فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ ...} الآية. م 4956 - روينا عن ابن عباس أنه قال: ذلك الرجل يسلم، ثم يرجع إلى قومه، فيكون بينهم وهم مشركون، فيصيبه المسلمون خطأ في سرية أو غزاة: فيعتق الذي يصيبه رقبة. وبمعناه قال عطاء، ومجاهد، وعكرمة، والنخعي، وقتادة. وقال الشافعي: "معنى من قوم عدو لكم" لا يجوز إلى أن يكون: في قوم عدو لنا، ففيه تحرير رقبة، وليس فيه دية. وبه قال الثوري، والأوزاعي، وأبو ثور. ثم كتاب الجراح والدماء، والحمد لله رب العالمين. ¬

_ (¬1) "المؤمن" ساقط من الدار.

90 - كتاب الديات

90 - كتاب الديات 1 - باب مبلغ دية الحر المسلم من الإبل قال أبو بكر: قال الله عز وجل: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا} الآية. (ح 1495) ودلت الأخبار عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - بأن الدية مائة من الإبل. م 4957 - وأجمع أهل العلم على أن على أهل الإبل مائة من الإبل. م 4958 - واختلفوا فيما يجب على غير أهل الإبل، قالت طائفة: على أهل الذهب الذهب، وعلى أهل الفضة الفضة. فروينا عن عمر بن الخطاب، وعروة بن الزبير، وقتادة، ومالك، وأحمد، وإسحاق، وأبي ثور، وأصحاب الرأي أنهم قالوا: على أهل الذهب ألف دينار. وقالت طائفة: دية الحر المسلم مائة من الإبل، ولا دية غيرها، كما فرض رسول الله- صلى الله عليه وسلم -.

2 - باب الديات من البقر والغنم والحلل

هذا قول الشافعي، وبه قال طاووس. قال أبو بكر: دية الحر المسلم من الإبل، في كل زمان، كما فرض رسول الله- صلى الله عليه وسلم -. قال أبو بكر: م 4959 - ولم يختلف الذي ألزموا أهل الذهب الذهب أن الدية من (¬1) الذهب ألف دينار. م 4960 - واختلفوا [2/ 276/ب] فيما يجب على أهل الفضة. فقال سفيان الثوري، والنعمان، وصاحباه، وأبو ثور: على أهل الفضة عشرة آلاف درهم. وقال الحسن البصري، وعروة بن الزبير، ومالك، وأحمد، وإسحاق: على أهل الورق اثنا عشر ألفا. واختلفت الأخبار عن عمر في عدد الدراهم، وما منها شيء يصح عنه، لأنها مراسيل. 2 - باب الديات من البقر والغنم والحلل قال أبو بكر: م 4961 - قال مالك: الدية من الإبل والذهب والفضة، ولا يعرف مالك الحلل والشاء. وهو قول النعمان. ¬

_ (¬1) وفي الدار "من أهل الذهب الف دينار".

3 - باب أسنان الإبل في دية العمد

وقال آخرون: على أهل البقر مائتا بقرة، وعلى أهل النساء ألف شاة، وعلى أهل الحلل مائتا حلة، روي هذا القول عن عمر، والحسن البصري. وقال عطاء، والزهري، وقتادة كما روى عن عمر، غير أنهم لم يذكروا الحلل. وقد عرفتك مذهب الشافعي. وبه نقول 3 - باب أسنان الإبل في دية العمد قال أبو بكر: م 4962 - واختلفوا في أسنان الإبل في دية العمد. فقالت طائفة: ثلاثون حقه، وثلاثون جذعة، وأربعون خلفة في بطونها أولادها، هذا قول الشافعي. وفيه قول ثان: وهو أن دية العمد أرباع: خمس وعشرون بنت مخاض، وخمس وعشرون بنت لبون، وخمس وعشرون جذعة، وخمس عشرون حقه، هذا قول الزهري، وربيعة، وأحمد ابن حنبل.

4 - باب أسنان الإبل في شبه العمد

وفيه قول ثالث: وهو أن الدية أخماس: عشرون بنت مخاض، وعشرون بنت لبون، وعشرون ابن لبون، وعشرون حقه، وعشرون جذعة. هذا قول أبي ثور، وحجته أن هذا أقل ما قيل فيه. 4 - باب أسنان الإبل في شبه العمد قال أبو بكر: م 4963 - واختلفوا في أسنان الإبل في دية شبه العمد. فكان عطاء، والشافعي يقولان: ثلاثون حقه، وثلاثون جذعة، وأربعون خلفة. وروينا هذا القول عن عمر، وزيد بن ثابت، والمغيرة بن شعبة، وأبي موسى الأشعري رضي الله عنهم. وفيه قول ثان وهو: أنها أربعون جذعة إلى بازل عامها، وثلاثون حقه، وثلاثون بنت لبون. روي هذا القول عن عثمان رضي الله عنه، وبه قال الحسن، وطاووس، والزهري.

5 - باب أسنان الإبل في دية الخطأ

وفيه قول ثالث وهو: أن دية شبه العمد [2/ 277/ألف] أربع وثلاثون خلفة إلى بازل عامها، وثلاث وثلاثون حقه، وثلاث وثلاثون جذعة. روي هذا القول عن علي بن أبي طالب، وبه قال الشعبي، والنخعي. وفيه قول رابع وهو: أنها أرباع، ربع بنات لبون، وربع حقاق، وربع جذاع، وربع بنات مخاض، وبه قال النعمان، ويعقوب. وفيه قول خامس وهو: أن دية شبه العمد أخماس، عشرون بنت مخاض، وعشرون بنت لبون، وعشرون ابن لبون، وعشرون حقه، وعشرون جذعة، هذا قول أبي ثور. قال أبو بكر: [ومالك] (¬1) لا يعرف شبه العمد، وقد ذكرت ذلك عنه. 5 - باب أسنان الإبل في دية الخطأ قال أبو بكر: م 4964 - واختلفوا فيما يجب على العاقلة من أسنان الإبل، في دية الخطأ. فقالت طائفة: دية الخطأ أخماس، ثم افترق (¬2) الذين قالوا: أن دية الخطأ أخماس فريقين. ¬

_ (¬1) ما بين المعكوفين من الدار. (¬2) في الأصلين "افترقوا".

فروينا عن ابن مسعود أنه قال: خمس بنو مخاض، وخمس بنات مخاض، وخمس بنات لبون، وخمس جذاع، وخمس حقاق. وبه قال إبراهيم النخعى، وأحمد، والنعمان، ويعقوب، ومحمد. وقالت فرقة: هي أخماس كما قال أولئك غير أنهم جعلوا مكان بني مخاض بني لبون ذكوراً. هذا قول عمر بن عبد العزيز، وسليمان بن يسار، والزهري، وربيعة، ومالك، والشافعي. وقالت طائفة: دية الخطأ أرباع، خمس وعشرون جَذَعة، وخمس وعشرون حُقَّة، وخمس وعشرون بنت لبون، وخمس وعشرون بنت مخاض. رُوِي هذا القول عن علي بن أبي طالب، وبه قال الشعبي، والحسن البصري، والنخعي، وإسحاق بن راهويه. وقال مجاهد، ثلاثون حُقَّه، وثلاثون جذعة، وثلاثون بنت لبون، وعشرة بنو لبون ذكور (¬1). وقال طاووس: "ثلاثون حُقَّه، وثلاثون بنت لبون، وثلاثون بنت مخاض، وعشرة بنو لبون ذكور"، هذا قول طاووس (¬2). ¬

_ (¬1) "ذكور" ساقط من الدار. (¬2) "هذا قول طاووس" ساقط من الدار.

6 - باب تغليظ الدية على من قتل في الحرم أو في الشهر الحرام، [2/ 277/ب] أو قتل محرما

قال أبو بكر: "بالقول الأول أقول، لأنه الأقل مما قيل. (ح 1496) ولحديث مرفوع ورويناه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - يوافق هذا القول. 6 - باب تغليظ الدية على من قتل في الحرم أو في الشهر الحرام، [2/ 277/ب] أو قتل محرماً قال أبو بكر: م 4965 - روينا عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: من قتل في الحرم، أو قتل محرماً، أو قتل في الشهر الحرام، فعليه الدية وثلث الدية. وممن قال: على من قتل في الحرم دية وثلث سعيد بن المسيب، وعطاء ابن أبي رباح، وسليمان بن يسار، ومجاهد، وجابر ابن زيد، وسعيد ابن جبير، والزهري، وقتادة، وأحمد، وإسحاق.

7 - باب دية المرأة

م 4966 - وقال مجاهد، والزهري، وعروة بن الزبير في الذي يقتل في الشهر الحرام دية وثلث الدية. م 4967 - وقال جابر بن زيد، وعطاء، والزهري، ومجاهد: من قتل وهو محرم ففيه دية وثلث. وقال أحمد فيمن قتل محرماً في الشهر الحرام: يزداد عليه في كل واحد ثلث الدية. وقالت طائفة: التغليظ في أسنان الإبل، لا الزيادة في العدد. روي هذا القول عن طاووس، وبه قال الشافعي. وممن كان لا يرى التغليظ الحسن البصري، والشعبي، والنخعي. وبه نقول. وليس يثبت ما روي عن عمر، وعثمان، وابن عباس، في هذا الباب. وأحكام الله عَزَّ وَجَلَّ على الناس في جميع البقاع واحدة. 7 - باب دية المرأة قال أبو بكر: م 4968 - أجمع أهل العلم على أن دية المرأة نصف دية الرجل (¬1). ¬

_ (¬1) وفي الدار "فعليه".

8 - باب اختلاف أهل العلم في ديات أهل الكتاب [2/ 278/ألف]

م 4969 - واختلفوا فيما يجب في جراحات النساء. فقالت طائفة: دية المرأة على نصف من دية الرجل، فيما قل أو كثر. روينا هذا القول عن علي بن أبي طالب، وبه قال سفيان الثوري، والشافعي، وأبو ثور، والنعمان، وصاحباه. واحتجوا بأنهم لما أجمعوا على الكثير وهو الدية كان القليل مثله. وبه نقول. وقالت طائفة: عقلها مثل عقل الرجل إلى ثلث، فإذا بلغت ثلث الدية كانت على النصف من دية الرجل. روينا هذا القول عن عمر، وزيد بن ثابت رضي الله عنهما. وبه قال ابن المسيب، وعمر بن عبد العزيز، وعروة بن الزبير، والزهري، وقتادة، ومالك، وابن هرمز، وأحمد بن حنبل. وقال الحسن البصري: يستويان إلى النصف، فإذا بلغ النصف اختلفا. 8 - باب اختلاف أهل العلم في ديات أهل الكتاب [2/ 278/ألف] قال أبو بكر: م 4970 - افترقوا في ديات أهل الكتاب اليهود والنصارى ثلاث فرق. فقالت فرقة: دية الكتابي مثل دية المسلم. هذا قول علقمة، وعطاء، والشعبى، ومجاهد، والنخعي، والثوري، والنعمان، وأصحابه.

9 - باب دية المجوسي

وروي ذلك عن عمر، وعثمان، وابن مسعود، ومعاوية -رضي الله عنهم-. وقالت فرقة: دية الكتابي نصف دية المسلم. روي هذا القول عن عمر بن عبد العزيز، وعروة بن الزبير، وعمرو بن شعيب، وبه قال مالك، وأحمد. وقالت فرقة: دية الكتابي ثلث دية المسلم. روي هذا القول عن عمر، عثمان رضي الله عنهما، وبه قال ابن المسيب، وعطاء، والحسن، وعكرمة، وعمرو بن دينار، والشافعي، وأبو ثور، وإسحاق. 9 - باب دية المجوسي قال أبو بكر: م 4971 - روينا عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: دية المجوسي ثمانمائة درهم. وبه قال ابن المسيب، وسليمان بن يسار، وعكرمة، وعطاء، والحسن، ومالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق. وفيه قول ثان وهو: أن دية المجوسي نصف دية المسلم. روي هذا القول عن عمر بن عبد العزيز.

10 - باب أبواب الديات

وقال الشعبي، والنخعي: ديته مثل دية المسلم. وبه قال الثوري، وأصحاب الرأي. قال أبو بكر: م 4972 - ديات نساء أهل الكتاب على شطور (¬1) ديات رجالهم، وكذلك نساء المجوس دياتهم شطور (¬2) ديات رجالهم، وجراحهم على قدر دياتهم. 10 - باب أبواب الديات قال أبو بكر: قال السنة جل ذكره: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً} إلى قوله: {وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ} الآية. فحكم الله عَزَّ وَجَلَّ في المؤمن يقتل خطأ بالدية. ودلت السنن الثابتة عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - على ذلك. م 4973 - وأجمع أهل العلم على القول به. 11 - باب الشجاج اللواتي هن دون الموضحة قال أبو بكر: لم نجد لرسول الله- صلى الله عليه وسلم - حكماً في شيء من الشجاج دون الموضحة. ¬

_ (¬1) وفي الدار "شطر". (¬2) وفي الدار "شطر".

م 4974 - وقد أجمع أهل العلم على أن فيما دون الموضحة أرشاً. م 4975 - واختلفوا في ذلك الأرش، وأنا مبين اختلافهم [2/ 178/ب] فيه إن شاء الله تعالى. وما دون الموضحة شجاج خمس: الدامية، الدامعة، الباضعة، المتلاحمة، السمحاق وهي التي يسميها أهل المدينة: الملطاة. وقد فسر ذلك أبو عبيد قال أبو عبيد: "قال الأصمعي وغيره دخل كلام بعضهم في بعض. أو الشجاج الحارصة: التي تشق اللحم قليلاً، ومنه قيل: حرص القصار الثوب، إذا شقه. ثم الباضعة: وهي التي تشق اللحم وتبضعه بعد الجلد.

ثم المتلاحقة: وهي التي أخذت في اللحم ولم تبلغ السمحاق. والسمحاق: "جلدة أو قشرة رقيقة بين اللحم والعظم". قال أبو عبيد: الدامية: "التي تدمى من غير أن يسيل منها الدم. والدامعة: هي التي يسيل منها الدم". م 4976 - وقد اختلفوا في الدامية. ففي قول مالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي: فيه حكومة. وروي عن زيد بن ثابت أنه قال: فيه بعير (¬1). م 4977 - وقال مالك (¬2)، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي في الدامعة حكومة. وروينا عن زيد بن ثابت أنه قال: فيه نصف بعير. م 4978 - وكان مالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي يقولون: في الباضعة حكومة. وروينا عن زيد بن ثابت أنه قال: فيها بعيران. م 4979 - وقال مالك، والشافعي، وأصحاب الرأي: في المتلاحمة حكومة. وروينا عن زيد بن ثابت أنه قال: فيها ثلاث، أي ثلاث أبعرة. ¬

_ (¬1) وفي الدار "نصف بعير". (¬2) "وقال مالك، والشافعي ... إلى قوله: فيه نصف بعير" ساقط من الدار.

12 - باب القصاص فيما دون الموضحة

م 4980 - واختلفوا في السمحاق. فروينا عن علي، وزيد بن ثابت -رضي الله عنهما- أنهما قالا: فيه أربع من الإبل. وروينا عن عمر، وعثمان -رضي الله عنهما- أنهما قالا: فيه نصف الوضحة. وقال الحسن البصري، والنخعي، وعمر بن عبد العزيز: فيه حكومة. وبه قال مالك، والشافعي، وأحمد. 12 - باب القصاص فيما دون الموضحة قال أبو بكر: م 4981 - قال الحسن البصري: ليس فيما دون الموضحة قصاص. وقال مالك: القصاص فيما دون الموضحة: الملطاة، والدامية، والباضعة، وما أشبه ذلك. وقال أصحاب الرأي: في السمحاق، والباضعة، والدامية، والموضحة: القصاص. وكان أبو عبيد يقول: ليس فيما دون الموضحة قصاص.

أبواب [2/ 279/ألف] المواضح

أبواب [2/ 279/ألف] المواضح 13 - باب ذكر الموضحة قال أبو بكر: (ح 1497) جاء الحديث عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "في الموضحة خمس من الإبل". م 4982 - وأجمع أهل العلم على القول به. م 4983 - وأجمع أهل العلم على أن الموضحة تكون في الوجه والرأس. م 4984 - واختلفوا في تفضيل موضحة الوجه على موضحة الرأس. فروينا عن أبي بكر، وعمر أنهما قالا: الموضحة في الوجه والرأس سواء. وقال بقولهما شريح، والشعبي، ومكحول، والزهري، والنخعي، وربيعة، وعبيد الله بن الحسن، والشافعي، وأحمد (¬1)، وإسحاق. ¬

_ (¬1) "وأحمد" ساقط من الدار.

وروينا عن سعيد بن المسيب أنه قال: تضعف موضحة الوجه على موضحة الرأس. وقال أحمد في موضحة الوجه: أحرى أن يزاد في ديته. م 4985 - وقال مالك: الموضحة في الوجه (¬1) من اللحي الأعلى فما فوقه، وليس في اللحى الأسفل من الوجه ولا في الرأس، لأنهما عظمان منفردان. وقال مالك: ليس في الأنف موضحة. قال أبو بكر: ليس في شيء من الأخبار عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - وتفضيل موضحة على موضحة (¬2). ففي الموضحة خمس [من الإبل] (¬3). والمواضح على الأسماء، لهما أوضح عن العظم ووقع عليها اسم موضحة، ففيها خمس من الإبل. والواضحة التي تبدى وضح العظم. م 4986 - واختلفوا في الموضحة في غير الرأس والوجه. فقالت طائفة: في الموضحة في سوى الرأس والوجه حكومة، وليس فيها أرش معلوم. هذا قول مالك، وسفيان الثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق. وبه نقول، ولا يثبت عن أبي بكر، وعمر في هذا الباب شيء. ¬

_ (¬1) في الأصل "في الدية" وهذا من الدار. (¬2) "على موضحة" ساقط من الدار. (¬3) ما بين المعكوفين من الدار.

14 - باب الهاشمة

وفيه قول ثان وهو: "أن الموضحة إذا كانت في جسد الإنسان ففيها خمسة وعشرون ديناراً". هذا قول عطاء الخراساني. 14 - باب الهاشمة قال أبو بكر: لمن نجد في الهاشمة عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - فرضاً معلوماً. م 4987 - ووجدنا أكثر من لقيناه، وبلغنا عنه ممن لم نلقه، يجعلون في الهاشمة عشراً من الإبل. روينا هذا القول عن زيد بن ثابت، وبه قال قتادة، وعبيد الله بن الحسن، [2/ 279/ب] والشافعي. وقال الثوري، وأصحاب الرأي: فيها ألف درهم، ومرادهم عشر الدية. ولم أجد في كتاب المدنيين ذكر الهاشمة، بل قد قال مالك فيمن كسر أنف رجل: إن كان خطأ ففيه الاجتهاد. وكان الحسن البصري لا يوقت في الهاشمة شيئاً. وقال أبو ثور: إن اختلفوا فيه ففيها حكومة. قال أبو بكر: النظر على هذا يدل إذ لا سنة فيها، ولا إجماع.

15 - باب المنقلة

15 - باب المنقلة قال أبو بكر: (ح 1498) جاء الحديث عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "في المنقلة خمس عشرة من الإبل". 498 - وأجمع أهل العلم على القول به. 498 - وقد قال كل من نحفظ عنه من أهل العلم أن المنقلة التي تنقل منها العظام. م 4990 - وقال مالك، والشافعي، وأحمد، وأصحاب الرأي، وهو قول عطاء، وقتادة، وابن شبرمة: أن النقلة لا قود فيها. روينا عن ابن الزبير- وليس بثابت عنه - أنه أقاد (¬1) من المنقلة. قال أبو بكر: الأول أولى، لأني لا أعلم أحداً يخالف ذلك. ¬

_ (¬1) وفي الدار: "أنه قال أقاد".

16 - باب ذكر المأمومة

16 - باب ذكر المأمومة قال أبو بكر: (ح 1499) جاء الحديث عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "في المأمومة ثلث الدية". م 4991 - وأجمع عوام أهل العلم على القول به. ولا نعلم أحداً يخالف ذلك إلا مكحولاً فإنه قال: إذا كانت المأمومة عمداً ففيها ثلثا الدية، وإذا كانت خطأ ففيها ثلث. الدية. قال أبو بكر: وهذا قول شاذ، وبالقول الأول أقول. م 4992 - واختلفوا القود في المأمومة. فقال كثير من أهل العلم: لا قود فيها، روينا هذا القول عن علي، وبه قال مكحول، والشعبى، والزهري، ومالك، والشافعي، وأصحاب الرأي. وقد روينا عن ابن الزبير أنه اقتص من المأمومة، فأنكر ذلك الناس. وقال عطاء: "ما سمعنا أحداً أقاد منها قبل ابن الزبير".

17 - باب ذكر العقل، والأذنين والسمع والحاجبين والشعر

17 - باب ذكر العقل، و (¬1) الأذنين والسمع والحاجبين والشعر قال أبو بكر: م 4993 - أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن في العقل الدية. وممن حفظنا ذلك عنه عمر بن الخطاب [2/ 280/ألف]، وزيد بن ثابت، ومجاهد، ومالك، وأهل المدينة، وسفيان الثوري، وأهل العراق، والشافعي، وأصحابه، وأحمد بن حنبل، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. ولا نعلم عن غيرهم خلاف قولهم. وبه نقول. م 4994 - واختلفوا في دية الأذنين. فقال كثير منهم: في الأذنين الدية، روينا هذا القول عن عمر، وعلي -رضي الله عنهما-. وبه قال عطاء، والحسن البصري، ومجاهد، وقتادة، وسفيان الثوري، والأوزاعي، والشافعي، وأبو ثور، والنعمان. وقال مالك: في الأذنين إذا قطعتا وبقي السمع ليس لها عقل معلوم إلا الاجتهاد. م 4995 - وأجمع عوام أهل العلم على أن في السمع الدية، روينا ذلك عن عمر بن الخطاب. ¬

_ (¬1) في الأصل: "العقل في الأذنين"، والتصحيح من الدار.

وبه قال مجاهد، وقتادة، وسفيان الثوري، وأهل العراق، والأوزاعي، وأهل الشام، والشافعي، وأصحابه. وقال مالك: سمعنا أن في السمع الدية. قال أبو بكر: كذلك أقول، أن فيه الدية، إذ لا أحفظ عن أحد خلاف قول ما ذكرت. م 4996 - وإذا ضرب رجل رجلاً، فأدعى المضروب أن سمعه ذهب. فالذي حفظته عن أهل العلم: أن يغتفل المضروب فيصاح به، فإن أجاب في بعض ما يغتفل به جواب من يسمع، لم يقبل قوله. وإن لم يجب إذا اغتفل فيصاح به: أحلف بالله لقد صممت وما وجدت صمماً إلا منذ ضربت هذه الضربة، فإذا حلف أعطي عقله كاملاً. هذا مذهب المدني، والكوفي، والشافعي، وغيرهم. م 4997 - واختلفوا في الحاجبين يصابان. فقالت طائفة: فيهما الدية، روي هذا القول عن سعيد بن المسيب، وشريح، والحسن البصري، وقتادة. وروينا عن زيد بن ثابت أنه قال: في الحاجب ثلث الدية. وقال مالك، والشافعي، وعبد الملك: فيها حكومة. وكذلك نقول. م 4998 - واختلفوا في الشعر يجنى عليه فلا ينبت.

18 - باب [2/ 280/ب] الجنايات على العيون

فروينا عن علي، وزيد بن ثابت أنهما قالا: في الدية، وبه قال الثوري، وأصحاب الرأي. وقال الشافعي، وأحمد، وإسحاق: فيه حكومة. وبه نقول، إذ هو أقل ما قيل، ولا يثبت عن علي، وزيد ما روي عنهما. 18 - باب [2/ 280/ب] الجنايات على العيون قال أبو بكر: (ح 1500) جاء الحديث عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "في العينين الدية". م 4999 - وأجمع أهل العلم على أن العينين إذا أصيبتا خطأ فيهما الدية، وفي العين الواحدة نصف الدية. م 5000 - واختلفوا في عين الأعور. فقالت طائفة: فيها الدية، روي ذلك عن عمر، وعثمان. وبه قال عبد الملك بن مروان، والزهري، وقتادة، ومالك، والليث بن سعد، وأحمد، وإسحاق. وفيه قول ثان وهو: أن في عين الأعور نصف الدية، روي هذا القول عن مسروق، وعبد الله بن معقل، والنخعي. وبه قال سفيان الثوري، والشافعي، والنعمان.

وبه نقول؛ لأن في الحديث: "في العينين الدية"، ومعقول إذا كان كذلك أن في احداهما نصف الدية. م 5001 - واختلفوا في الأعور يفقأ عين الصحيح. فروينا عن عمر، وعثمان أنهما قالا: لا قود عليه، وعليه الدية كاملة. وبه قال عطاء، وسعيد بن المسيب، وأحمد بن حنبل. وقالت طائفة: عليه القود، على ظاهر قوله تعالى: {العين بالعين} الآية. هذا قول مسروق، والشعبي، وابن سيرين، وابن معقل، والثوري، والشا فعي، والنعمان. وقال الحسن، والنخعي: إن شاء اقتص منه وأعطاه نصف الدية. وقال مالك: إن شاء فقأ عين الأعور فتركه أعمى، وإن شاء أخذ الدية كاملة، دية عين الأعور لأنه إنما يأخذ دية العين التي كانت ألف دينار. قال أبو بكر: قال لله عز وجل: {والعين بالعين}، وجعل النبي- صلى الله عليه وسلم - في العينين الدية، ففي العين نصف الدية. والقصاص بين الأعور وصحيح العين كهو بين سائر الناس. واختلفوا في عين الأعور التي لا يبصر بها. فروينا عن زيد بن ثابت أنه قال: فيها مائة دينار. وعن عمر بن الخطاب أنه قال: فيها ثلث ديتها، وبه قال إسحاق.

وقال مجاهد: فيها نصف ديتها. وقال مسروق، والزهري، ومالك، والشافعي، وأبو ثور، والنعمان: فيها حكومة. وبه نقول، لأنه الأقل مما قيل. وفي هذه المسألة قولان سوى ما ذكرناه. أحدهما: عن سعيد بن المسيب [2/ 281/الف] أنه قال: عشر الدية. والثاني: عن عمر بن عبد العزيز أن عقلها خمس مائة دينار إن لم يكن أخذ لها عقل. م 5003 - واختلفوا في جفون العينين. فقالت فرقة (¬1): في كل جفن ربع الدية. هكذا قال الشافعي. وبه قال الشعبي، والحسن البصري، وقتادة، وأبو هاشم، وسفيان الثوري، وأصحاب الرأي: أن في كل شفر ربع الدية. وقد روينا عن الشعبي أنه قال: في الجفن الأعلى ثلث الدية، وفي الجفن الأسفل ثلثا الدية. وقال مالك: في شفر العين، وحجاج العين الاجتهاد. ¬

_ (¬1) وفي الدار "طائفة".

م 5004 - وقال الشافعي، وأبو ثور: في الأهداب إذا نتفت فلم تنبت حكومة. م 5005 - واختلفوا في قراءة قوله تعالى: {والعين بالعين} الآية. فكان نافع، وعاصم، والأعمش، وحمزة يقرؤونها كلها نصبا. وكان الكسائي، وأبو عبيد يقرآنها رفعا {والعين بالعين}. فمن قرأها بالنصب جعل معناها على معنى قوله: {وكتبنا عليهم فيها} الآية أصحاب الرأي: كتبنا ذلك عليهم في التوراة. ومن قرأها: {العين بالعين} رفعا، جعل ذلك ابتداء كلام حكم في المسلمين، وهذا أصح القراءتين (¬1)، وذلك أنها قراءة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. م 5006 - وممن كان يرى القصاص من العين: مسروق، والحسن البصري، وابن سيرين، والشعبى، والزهري، ومالك، والثوري، والنعمان، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور. وروي ذلك عن علي بن أبي طالب. م 5007 - وأحسن ما روي في صفة الاقتصاص من البصر حديث علي بن أبي طالب: "أنه أمر بمرآة فأحميت، ثم وضع على العين الأخرى قطناً، ثم أخذ المرآة بكلبتين فأدناها من عينه حتى سال إنسان عينه". ¬

_ (¬1) "القراءتين" ساقط من الدار.

19 - باب ذكر الجنايات على الأنف

قال أبو بكر: فالقصاص من العين يجب على قراءة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - {والعين بالعين}. ويقطع الأنف بالأنف، والأذن بالأذن، والسن بالسن، والجروح قصاص، كأنهم أمروا بالقصاص مخاطبة للمسلمين ابتداء كلام {والعين بالعين}. م 5008 - وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن لا قود من بعض البصر، إذ غير ممكن الوصول إليه. م 5009 - وإذا ضرب الرجل عين الرجل فأذهب بعض {2/ 282/ب} بصره وبقي بعض. فأحسن ما قيل في ذلك ما قاله علي: أمر بعينه الصحيحة فعصبت، وأعطى رجلاً بيضة فانطلق بها وهو ينظر حتى انتهى بصره، ثم أمر فخط عند ذلك، ثم أمر بعينه الأخرى فعصبت وفتحت الصحيحة، وأعطى رجلاً بيضة، فانطلق بها وهو ينظر حتى انتهى بصره، ثم خط عند ذلك علماً، ثم أمر به فحول إلى مكان آخر. ففعل به مثل ذلك، فوجدوه سواء، فأعطاه بقدر ما نقص من بصره من مال الآخر. وهذا على مذهب الشافعي. 19 - باب ذكر الجنايات على الأنف قال أبوبكر:

(ح 1501) جاء الحديث عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "وفي الأنف إذا أوعب جدعه الدية". م 5015 - وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على القول به. قال أبو بكر: والقصاص من الأنف إذا كانت الجناية عمدا كالقصاص من سائر الأعضاء، على ظاهر كتاب الله عز وجل. م 5011 - واختلفوا في كسر الأنف. فكان مالك يرى في العمد منه القود. وروينا عن مكحول أنه قال: في قصبة الأنف إذا انكسرت، ثم انجبرت ثلاثة أبعرة. وقال الثوري: فيه حكم، وبه قال الشافعي. وقال مالك في الأنف إذا انكسر خطأ الاجتهاد. قال أبو بكر: م 5012 - وما قطع من الأنف فبحسابه، روي ذلك عن الشعبي، وعمر بن عبد العزيز، وبه قال الشافعي. وقال مجاهد، وأحمد، وإسحاق: في روثة الأنف ثلث الدية. وبه قال قتادة. وقال عطاء الخراساني في الأنف إذا خرم مائة دينار.

20 - باب ذكر الشفتين

وقال أحمد: كل شيء في الأنف من اللحم دون العظم ففيه الدية، وفي الوترة الثلث، وفي الخرمة في كل واحدة منها الثلث. وبه قال إسحاق. 20 - باب ذكر الشفتين قال أبو بكر: (ح 1502) جاء الحديث عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "في الشفتين الدية". م 5013 - واختلفوا فيما يجب في الشفتين. فقالت طائفة: في الشفتين الدية، في كل واحدة منهما نصف الدية، لا فضل للعليا منهما على السفلي. روينا هذا القول عن علي [2/ 282/ألف] وبه قال عطاء، والحسن البصري، والشعبي، والنخعي، ومالك، وعبد العزيز بن أبي سلمة، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، والنعمان، وأصحابه. وفيه قول ثان وهو: أن في الشفعة العليا ثلث الدية وفي الشفعة السفلى ثلثا الدية. روينا هذا القول عن زيد بن ثابت، وبه قال ابن المسيب، والزهري.

21 - باب ذكر ديات الأسنان

قال أبو بكر: بالقول الأول أقول، للحديث المرفوع، ولأن في اليدين الدية ومنافعهما مختلفة، وما قطع من الشفتين فبحساب ذلك. 21 - باب ذكر ديات الأسنان قال أبو بكر: قال الله جل ذكره: {وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ}. (ح 1503) وثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أقاد من سن وقال: "كتاب الله القصاص". (ح 1504) وجاء الحديث عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "في السن خمس من الإبل". قال أبو بكر: وبظاهر هذا الحديث نقول لا فضل للثنايا منها على الأنياب، والأضراس، والرباعيات لدخولها كلها في ظاهر الحديث. وبه يقول الأكثر من أهل العلم. م 5014 - وممن قال بظاهر الحديث ولم يفضلوا منها شيئاً على شيء: عروة بن

الزبير، وطاووس، والزهري، وقتادة، ومالك، وسفيان الثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، والنعمان، وابن الحسن. وروي ذلك عن ابن عباس، ومعاوية. وفيه قول ثان: روينا عن عمر بن الخطاب أنه قضى فيما أقبل من الفم بخمس فرائض خمس فرائض، وذلك خمسون ديناراً قيمة كل فريضة عشرة دنانير، وفي الأضراس بعير ببعير. وكان عطاء يقول في الثنيتين، والرباعيتين، والنابين خمس خمس، وفيما بقي بعيران ببعيران. أعلا الفم وأسفله سواء، والأضراس سواء. م 5015 - واختلفوا في السن يجنى عليها فتسوّد: فقالت طائفة: إذا اسودّت فقد تم عقلها. روينا هذا القول عن زيد بن ثابت، وبه قال (¬1) سعيد بن المسيب، والحسن البصري، وشريح، وابن سيرين، والزهري، وعبد الملك ابن مروان، والنخعي، ومالك بن أنس، والليث بن سعد، وعبد العزيز بن أبي [2/ 282/ب] سلمة، والثوري، وأصحاب الرأي. وفيه قول ثان: روينا عن عمر بن الخطاب أنه قال: إذا اسودّت السن (¬2) ففيها ثلث ديتها. وبه قال أحمد، وإسحاق. وقال آخرون: فيها حكومة. هذا قول الشافعي، وأبي ثور. ¬

_ (¬1) "زيد بن ثابت" ساقط من الدار. (¬2) "السن" ساقط من الدار.

م 5016 - واختلفوا في سن الصبي تقلع قبل أن يثغر. فكان مالك، والشافعي، وأصحاب الرأي يقولون: إذا قلعت سن الصبي فنبت، فلا شيء على القالع. م 5017 - وقال مالك، والشافعي: إذا نبتت ناقصة الطول عن التي تقاربها أخذ له من أرشها بقدر نقصها. وقالت طائفة: فيها حكومة. روي ذلك عن الشعبي. وبه قال النعمان. قال أبو بكر: يستأنى بها إلى الوقت الذي يقول أهل المعرفة إنها لا تنبت، فإذا كان ذلك كان قدرها فيها تاماً على ظاهر الحديث، وإن نبتت رُدَّ الأرش. وأكثر من نحفظ عنه من أهل العلم يقولون: يستأنى بها سنة. روي ذلك عن علي، وزيد بن ثابت، وشريح، والنخعي، وعمر بن عبد العزيز، وقتادة، ومالك، وأصحاب الرأي. ولم يجعل الشافعي له مدة معلومة. م 5018 - وإذا قلع سن الكبر، وأخذ ديتها، ثم نبتت: فقال مالك: لا يرد ما أخذ. وقال أصحاب الرأي: إذا نبتت فلا شيء على القالع. واختلف قول الشافعي في هذه المسألة: فقال مرة: يرد ما أخذ. وقال مرة: لا يرد. قال: ولو جنى عليها جان آخر، وقد نبتت صحيحة كان فيها أرشها تماماً. قال أبو بكر: وهذا أصح القولين، لأن كل واحد منهما قالع سن.

(ح 1505) وقد جعل النبي- صلى الله عليه وسلم - في السن خمساً من الإبل. م 5019 - واختلفوا في السن تقلع قوداً، ثم ترد مكانها فتثبت. فقال عطاء بن أبي رباح، وعطاء الخراساني: لا بأس بذلك. وقال الثوري، وأحمد، وإسحاق: تقلع لأن القصاص للشين. وقال الشافعي: ليس له أن يردها من قبل أنها نجسة، ويجبره السلطان على القلع. م 5020 - وقال مالك في الرجل تقلع سنه، ثم ترد مكانها، وتعالج حتى تثبت وتعود مكانها، فقال مالك: لا عقل لها إذا عادت مكانها. وفي قول الشافعي: إذا كانت الجناية عمداً [2/ 283/ألف] ففيها القصاص وإن كانت خطأ ففيها ديتها. وقال أصحاب الرأي: إذا كان خطأ فأثبتها فثبتت فعلى القالع أرشها كاملاً، وكذلك الأذن. قال أبو بكر: هذا صحيح. م 5021 - روينا عن زيد بن ثابت أنه قال: في السن الزائدة ثلث السن. وفي قول مالك، والشافعي، والثوري، والنعمان: فيه حكومة. قال أبو بكر: وبه نقول. ولا يصح ما رُوِيَ عن زيد بن ثابت. م 5022 - وقد روينا عن علي بن أبي طالب أنه قال: في السن إذا كسر بعضها أعطي صاحبها بحساب ما نقص منه. وهذا قول مالك، والشافعي، وغيرهما.

22 - باب اللسان والكلام

22 - باب اللسان والكلام قال أبو بكر: (ح 1506) جاء الحديث عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "في اللسان الدية". م 5023 - وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم، من أهل المدينة، وأهل الكوفة، وأهل الحديث، وأهل الرأي على القول به. م 5024 - واختلفوا في الرجل يجني على لسان الرجل فيقطع من اللسان شيئاً (¬1)، ويذهب من الكلام بعضه: فقال أكثر أهل العلم: ينظر إلى مقدار ما ذهب من الكلام من ثمانية وعشرين حرفاً، فيكون عليه من الدية بمقدار ما ذهب من كلامه. وإن ذهب الكلام كله ففيه الدية. وممن قال إن الكلام إذا ذهب كله الدية: مجاهد، ومالك، والشافعي، أحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي. م 5025 - وقالوا كلهم: في اللسان إذا قطع وذهب الكلام الدية. وقال مالك: ليس في اللسان القود. م 5026 - واختلفوا في لسان الأخرس يقطع: فقال الشعبي، ومالك، وأهل المدينة، والثوري، وأهل العراق، والشافعي، وأبو ثور، والنعمان، وصاحباه: فيه حكومة. ¬

_ (¬1) "شيئاً" ساقط من الدار.

23 - باب ذهاب الصوت، واللحى يجنى عليها

وفيه قولان شاذان: أحداهما: قول النخعي: أن فيه الدية. والآخر قول قتادة: أن فيه ثلث الدية. قال أبو بكر: القول الأول أصح، لأنه الأقل مما قيل فيه. 23 - باب ذهاب الصوت، واللحى يجنى عليها قال أبو بكر: م 5027 - أكثر من نحفظ عنه من أهل العلم يرى أن في ذهاب الصوت [2/ 283/ب] من الجناية (¬1) الدية. حفظنا ذلك عن مجاهد، وعمر بن عبد العزيز، وعبد الكريم، وداود بن أبي صالح، والثوري وقد اختلف فيه عنه فقال مرة: الدية، وقال مرة: حكم. م 5028 - وأما اللحى فليس فيه خبر يعتمد عليه. وكان شريح، والنخعي، والنعمان، والشافعي، وجماعة من أهل العلم (¬2) يقولون: كل ما في الإنسان منه فرد ففيه (¬3) الدية كاملة. وما كان في الإنسان منه اثنان ففي كل واحد منهما نصف الدية. ¬

_ (¬1) وفي الدار "من الجنايات". (¬2) "من أهل العلم" ساقط من الدار. (¬3) "ففيه" ساقط من الدار.

24 - باب اللحية والذقن

وقال الشعبي: في اللحى إذا كسر أربعون ديناراً. وقال مكحول: إذا كسر ثم انجبر سبعة أبعرة. وقال الشافعي: "إن قلع أحدهما ففيه نصف الدية، وفي الأسنان (¬1) التي فيها في كل سن خمس مع الدية في اللحيين (¬2). وكان عمر بن عبد العزيز يقول في الصَّعر -وهو أن يضرب (¬3) المضروب في حالة لا يلتفت-: نصف الدية. وقال الثوري والشافعي: فيه حكومة. 24 - باب اللحية والذقن قال أبو بكر: م 5529 - وإذا جنى الرجل على الرجل فاذهب لحيته بحميم صبّ عليه، أو بنتف، أو غير ذلك. ففي قول الشعبي، والثوري، وإسحاق: عليه الدية. ¬

_ (¬1) في الأصل "الأنسان" والتصحيح من الدار. (¬2) في الأصل "اللحى" والصحيح من الدار. (¬3) في الدار "يصير المضروب".

25 - باب الترقوة

وبه قال قتادة: إذا صبّ عليها ماء حاراً. قال: فإن نتفها فلم تنبت فلا شيء عليه. وقال شريح في الشعر ينتف من اللحية يوضع في الميزان"فإن لم تف اللحية فمن الرأس. وفيه قول رابع وهو: أن فيه حكومة. هكذا قال الشافعي، وأبو ثور. قال أبو بكر: وبه نقول، لأنه الأقل مما قيل. م 5030 - وقد كان عمر بن عبد العزيز يقول: في الذقن ثلث الدية. وقال الثوري: فيه حكومة، ويشبه ذلك مذهب الشافعي، وبه نقول. 25 - باب التَّرقوَة قال أبو بكر: م 5531 - كان عمر بن الحظاب يقول: في التَّرقُوة جمل. قال أبو بكر: وبه قال سعيد بن المسيب، وأحمد، وإسحاق. وقال الشافعي مرة كقول عمر.

26 - أبواب دية اليد

والمشهور من قوليه عند أصحابه أن فيه حكومة، وعليه أصحابه وقال سعيد بن جبير وقتادة: فيها بعيران. وروينا عن زيد بن ثابت أنه قال: فيها أربعة أبعرة. وقال الشعبي، ومجاهد: فيها (¬1) إذا كسرت أربعون ديناراً. وقال قتادة: "إن جبرت عشرون [2/ 284/ألف] ديناراً، وإن كان فيها عثم فأربعون ديناراً. وقال عمرو بن شعيب: إن قطعت الترقوة فلم يعش فله الدية، وإن عاش ففيها خمسون من الإبل، وفيهما جميعاً الدية. وقال مسروق: في الترقوة حكم. وبه نقول، لأنه الأقل مما قيل. 26 - أبواب دية اليد قال أبو بكر: (ح 1507) جاء الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "في اليدِ خمسون ¬

_ (¬1) "فيها" ساقط من الدار.

من الإبل". م 5032 - وأجمع أهل العلم على أن في اليد نصف الدية. (ح 1508) وجاء الحديث عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "في الأصابع عَشْرٌ عَشْرٌ". م 5033 - واختلفوا في الأصابع. فقال الأكثر ممن حفظنا عنه من أهل العلم: الأصابع سواء، لا فضل لبعضها على بعض. وممن حفظنا ذلك عه فيما رويناه عنهم: عمر، وعلي، وزيد بن ثابت، وابن عباس رضي الله عنهم. وبه قال مكحول، ومسروق، والشعبي، وعروة بن الزبير، وعبد الله بن معقل، ومالك، والثوري، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وأبو ثور، وأصحاب الحديث، وأصحاب الرأي. وقد روينا فيه الباب عن عمر بن الخطاب رصي الله عنه قولاً ثانياً، روينا عنه (¬1): أنه قضى في الإبهام بثلاث عشرة، وفي التي تليها ثنتي عشرة، وفي الوسطى بعشر، والتي تليها بتسع، وفي الخِنْصَر بست. وقد روينا عنه أنه قال لما أخبر بكتاب كتبه النبي - صلى الله عليه وسلم - لآل حزم: ¬

_ (¬1) "روينا عنه" ساقط من الدار.

27 - باب الأنامل واليد الشلاء

(ح 1509) "وفي كل إصبع مما هنالك عشرٌ من الإبل". فأخذ به عمر رضي الله عنه، وترك قوله الأول. (ح 1510) وقد ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: "هذِهِ وهذِهِ سواءٌ، ومال بِخنصَرهِ وإبهامه". قال أبو بكر: وبه نقول. 27 - باب الأنامل واليد الشلاء قال أبو بكر: م 5034 - أجمع [كل من نحفظ عنه من] (¬1) أهل العلم على أن الأنامل سواء، وإن في كل أنملة ثلث دية الأصبع، إلا الإبهام. روينا هذا القول عن عمر بن الخطاب، وعمر بن عبد العزيز. وبه قال النخعي، والثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي. م 5035 - وقال كثير من أهل العلم: للإبهام أنملتان، في كل أنملة منها نصف دية الأصبع. ¬

_ (¬1) ما بين المعكوفين ساقط من الدار.

هذا قول النخعي، والثوري، والشافعي، وأصحاب الرأي [2/ 284/ب]. واختلف عن مالك في الإبهام، فأخذ قوليه كقول سائر أهل العلم. والقول الثاني: أن فيها ثلاث أنامل مثل غيرها. قال أبو بكر: وبالقول الأول أقول. م 5036 - واختلفوا في اليد الشلاء تقطع. فروينا عن عمر بن الخطاب أنه قال: فيها ثلث ديتها. وبه قال مجاهد (¬1). وهو قياس قول أحمد، وإسحاق. وقياس قول الزهري: أن فيها نصف الدية (¬2). وقال الشافعي، والنعمان: فيها حكومة. قال أبو بكر: وبه نقول. م 5037 - وإن ضربت اليد الصحيحة فَشُلَّتْ: ففيها ديتها تامة، في قول مالك، والشافعي. قال أبو بكر: وبه نقول. ولا أحفظ عن أحدٍ خلاف ما قالا. ¬

_ (¬1) "وبه قال مجاهد" ساقط من الدار. (¬2) وفي الدار "نصف ديتها".

28 - باب كسر اليد والرجل

28 - باب كسر اليد والرجل قال أبو بكر: م 5038 - واختلفوا في كسر اليد والرجل. فروينا عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه - أنه قال: إن كانت جبرت صحيحة ففيها حقتان. وفيه عن عمر بن الخطاب اختلاف. وقال شريح: يعطى أجر الطبيب، وقدر ما شغل عن صنعته. وقال إسحاق: إذا جبر على غير عثم ولا شلل ففيها حكومة. 29 - باب الظفر يجنى عليه فيسود أو يَعْوَرُّ م 5039 - قال ابن عباس في الظفر يسود أو يعور: فيه خمس دية الإصبع. وبه قال أحمد، وإسحاق. وقال مجاهد: إذا أعورت فناقة. وقال مالك، والشافعي: فيه حكومة. قال أبو بكر: وبه نقول.

30 - مسائل من هذا الباب

30 - مسائل من هذا الباب قال أبو بكر: م 5040 - واختلفوا في الإصبع الزائدة تقطع: فروينا عن زيد بن ثابت أنه قال: فيها ثلث الإصبع. وقال الثوري، والشافعي، وأصحاب الرأي: فيها حكومة. قال أبو بكر: وبه نقول. م 5041 - وإذا قطعت من أشل يده الصحيحة: فقال قتادة: يغرم له دية يدين. وقول مالك، والشافعي، والثوري، وأصحاب الرأي: ليس عليه إلا دية يده الصحيحة التي قطعت. م 5042 - وقال مالك، وسفيان الثوري، والشافعي، وأحمد، وأبو ثور، وأصحاب الرأي: إذا قطعت الأصابع دون اليد فعلى القاطع دية اليد كاملة. م 5043 - ولا تقطع اليسرى باليمنى، ولا اليمنى باليسرى، في قول الشافعي، وأصحاب الرأي، وكل من أحفظ عنه من أهل العلم. م 5544 - وقال عطاء: في اليد تقطع من شطر الذراع خمسون. وبه قال قتادة، والنخعي، ومالك، والثوري [2/ 285/ألف].

31 - باب ثدي المرأة والرجل

وقال الشافعي: في اليد نصف الدية، وفي الزَّائدة (¬1) على الكف حكومة وبه قال الكوفي. 31 - باب ثدي المرأة والرجل قال أبو بكر: م 5045 - كل من نحفظ عنه من أهل العلم يقول: أن في ثدي المرأة نصف الدية، وفي الثديين الدية. وممن حفظنا عنه: الشعبي، والحسن البصري، والزهري، ومكحول، وقتادة، والثوري، والشافعي وأصحاب الرأي. قال أبو بكر: وبه نقول. م 5046 - وروينا عن النخعي، والشعبي، أنهما قالا: في حلمة المرأة نصف ديتها. وقال قتادة: كذلك إذا ذهب الرضاع. وبه قال الثوري. وقال الشافعي: إذا أصيبت حلمتا ثدي المرأة ففيهما الدية. وقال مالك: إن ذهب اللبن فكما قال قتادة، وإن لم يذهب لبن فبقدر شينه. م 5547 - واختلفوا في ثدي الرجل. فروينا عن زيد بن ثابت أنه قال: فيه ثمن الدية. ¬

_ (¬1) وفي الدار "الزيادة".

32 - باب الصلب

وقال الزهري: في حلمة ثدي الرجل خمس من الإبل. وقال أحمد، وإسحاق: في ثدي الرجل الدية. وقال النخعي، ومالك، والشافعي، والنعمان، وصاحباه: في ثدي الرجل حكومة. قال أبو بكر: وبه نقول. 32 - باب الصلب (¬1) قال أبو بكر: م 5548 - واختلفوا فيما يجب في كسر الصلب: فروينا عن علي أنه قال: فيه الدية إذا منع الجماع. وعن زيد بن ثابت أن فيه الدية. وأكثر أهل العلم يرون في الصلب الدية، منهم: عطاء بن أبي رباح، والزهري، ومالك (¬2)، ويزيد بن قسيط، والحسن البصري، وسفيان الثوري. وبه قال الشافعي إذا منعه أن يمشي بحال. وروينا عن ابن الزبير أنه قضى في رجل كسر صلب رجل فاحدَوْدَبَ ولم يقعد فمشى، وهو يمشي (¬3) محدودباً، فقضى له ¬

_ (¬1) وفي الدار "الصلب يكسر". (¬2) "ومالك" ساقط من الدار. (¬3) وفي الدار "يشر".

33 - باب الضلع

بثلثي الدية. وقال أحمد، وإسحاق في كسر الصلب: إذا ذهب ماؤه الدية. 33 - باب الضِلَع قال أبو بكر: م 5049 - وروينا عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قضى في الضِلَع بجمل وبه قال سعيد بن المسيب، ومجاهد، وعبد الملك بن مروان، وأحمد، وإسحاق. وقال به الشافعي مرة، ثم قال: ذلك عن معنى الحكومة. وروينا عن مسروق أنه قال: فيه حكومة (¬1). 34 - باب الجَائِفَةِ قال أبو بكر: (ح 1511) جاء الحديث عن النبي- صلى الله عليه وسلم -[2/ 285/ب] أنه قضى في الجَائِفَةِ بثلث الدية". ¬

_ (¬1) وفي الدار "حكم".

35 - باب الذكر

م 5050 - وأجمع أكثر أهل العلم على القول به، من أهل المدينة، وأهل الكوفة، وأهل الحديث، وأصحاب الرأي، وكل من لقيناه وحفظنا عنه من أهل العلم، إلا منفرد به مكحول، وشذ به عن الناس. فإنا روينا عنه أنه قال: إذا كانت عمداً ففيها ثلثا الدية، وإذا كانت خطأ ففيها الثلث. م 5051 - وقال كل من نحفظ عنه من أهل العلم: في الجَائِفَةِ النافذة ثلثا الدية. حفظنا ذلك عن عطاء، ومجاهد، وقتادة، ومالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي. م 5052 - وكان عطاء، والنخعي، ومالك، والشافعي، وأصحاب الرأي يقولون: لا قصاص في الجَائِفَةِ. قال أبو بكر: وبه نقول. 35 - باب الذكر قال أبو بكر: (ح 1512) جاء الحديث عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "في الذَّكَرِ الدية".

م 5053 - وأجمع أهل العلم على القول به. غير قتادة فإنه قال: في ذكر الذي لا ياتي النساء ثلث ما في ذكر الذي يأتي النساء. ولا معنى لقوله هذا. م 5054 - وكان عطاء، ومجاهد، والنخعي، والثوري، وعبد العزيز بن أبي سلمة، والشافعي، وأحمد، وإسحاق يقولون: في الحشفة وحدها إذا قطعت الدية. قال أبو بكر: ولا فرق بين ذكر الصغير، والشيخ الكبير، وذكر الذي لا يأتي النساء، والصبي والطفل، والذي يقع جماعه موقع جماع الكبير. لأنه عضو ببّان كسائر الأعضاء التي تجب فيها الديات. م 5056 - واختلفوا ذكر الخصي. فكان الشافعي، وسعيد بن عبد العزيز يقولان: في ذكر الخصي ما في ذكر الفحل، على ظاهر الحديث.

36 - باب الأنثيين

وقال مالك، والثوري، وأحمد، وأصحاب الرأي: في ذكر الخصي حكومة. وقال قتادة، وإسحاق بن راهويه: فيه ثلث الدية. قال أبو بكر: ويالقول الأول أقول. 36 - باب الأنثيين قال أبوكر: (ح 1513) جاء الحديث عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "الأنثيين الدية". م 5057 - وبه قال عوام أهل العلم. ففي البيضتين الدية، وفي كل واحد نصف الدية. وقد روينا عن سعيد بن المسيب أنه فضَّل اليسرى عل اليمنى، فقال: في اليسرى ثلثا الدية، لأن الولد يكون منها، وفي اليمنى الثلث. وممن روينا [2/ 259/ألف] عنه أنه قال بظاهر الحديث: علي، وابن مسعود، وزيد بن ثابت، وعطاء، ومجاهد، والنخعي. وبه قال مالك، والثوري، وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي.

37 - باب ركب المرأة وشفرها

37 - باب رَكَب المرأة وشفرها قال أبو بكر: م 5058 - روينا عن محمد (¬1) بن الحارث بن سفيان أنه قضى في شفري (¬2) المرأة إذا بلغ العظم بديتها. وبه قال الشافعي، والثوري، وقال: إذا لم يقدر علي جماعها فعليه الدية كاملة (¬3). 38 - باب الإفضاء، وإفتضاض الرجل والمرأة بالإصبع قال أبو بكر: م 505 - قال عمر بن عد العزيز: إذا أفضى الرجل المرأة فعليه الدية، من أجل أنه يمنع اللذة، وبه قال الشافعي. وقال أبو ثور: إذا أفضاها حتى صارت لا تستمسك البول، فعليه الحد، والعقر، والدية. وقال ابن جريج: إذا لم يستمسك خلاءه فعليه الدية. وبه قال الثوري. ¬

_ (¬1) وفي الدار "عمرو بن الحارث". (¬2) وفي الدار "شفر المرأة". (¬3) "كاملة" ساقط من الدار.

39 - باب الأليتين

وقال قتادة: فيه ثلث الدية. وقال النعمان: [إن كان] (¬1) الخلاء يستمسك ففيه ثلث الدية، وإن كان لا يستمسك فالدية. وقال حماد بن أبي سليمان: يحكم فيه ذوا عدل. م 5060 - وإذا افتضت المرأة بإصبعها. فروي عن علي بن أبي طالب - ولا يصح ذلك عنه - أنه قال: عليها صداقها. وبه قال الزهري، وذكر أن عبد الملك بن مروان قضى به. وقال شريح: لها عقرها. وبه قال الثوري، وابن أبي ليلى. وقال الشافعي: إن كانت أمة فعليها ما نقصها من ذهاب العذرة، وإن كانت حرة فعليها حكومة. وكذلك لو افتضى الرجل المرأة بإصبعه. 39 - باب الأليتين قال أبو بكر: م 5061 - كل من عنه من أهل العلم يقول: في الأليتين الدية، وفي كل واحدة منهما نصف الدية. وممن نحفظ عنه هذا عمرو بن شعيب، والنخعي، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي. ¬

_ (¬1) ما بين المعكوفين من الدار.

40 - باب الرجل

40 - باب الرِجل قال أبو بكر: (ح 1514) جاء الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "في اليد خمسون، وفي الرجل خمسون". م 5062 - وقد روينا هذا القول عن عمر بن الخطاب، وعل بن أبي طالب. وبه قال قتادة، ومالك، وأهل المدينة، والثوري، وأهل العراق، والشافعي، وأصحابه، وأحمد، وإِسحاق [2/ 286/ب] وأبو ثور، وأصحاب الرأى. قال أبو بكر: وكلك نقول. م 5063 - اختلف في الرجل تقطع من الساق أو الفخذ. فقال قتادة: فيها ديتها لا يزاد عليه، وبه قال مالك، والثوري. وقال الشافعي، وأصحاب الرأي: عليه في الرجل الدية، وعليه في الزيادة حكومة. 41 - باب القصاص في العظم قال أبو بكر: م 5064 - واختلفوا في القصاص من العظم.

فروينا عن ابن عباس أنه قال: ليس في العظام قصاص، وبه قال عمر بن عبد العزيز، وعطاء، والزهري، والنخعي، والحكم، وابن شبرمة، والثورى، والشافعي، والنعمان، وابن الحسن. وفيه قول ثان وهو: أن لا قصاص في العظم ما خلا الرأس، كذلك قال الحسن البصري، والشعبي، والنخعي. وفيه قول ثالث وهو: أن في العظم القصاص كسر رجل فخذ رجل فقضى أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، فكسرت فخذه. وفعل ذلك عبد العزيز بن عبد الله بن خالد بن أسيد بمكة. وروينا عن عمر بن عبد العزيز أنه فعل ذلك. وبه قال مالك، وذكر أنه الأمر المجتمع عليه عندهم. والمعمول به في بلادنا في الرجل يضرب الرجل، فيتقيه بيده، فيكسرها: يقاد منه. قال أبو بكر: أما القصاص في السن فهو يجب بالكتاب والسنة. وأما كل عظم لا يوصل إلى القصاص منه إلا بضرب، وقد يخطى الضارب ويصيب، ويزيد وينقص: فلا قصاص فيه.

42 - باب القصاص من اللطمة، وما أشبه ذلك

(ح 1515) ولا يثبت حديث (¬1) نمران بن جارية عن أبيه. 42 - باب القصاص من اللطمة، وما أشبه ذلك قال أبو بكر: محمد بن إبراهيم بن المنذر النيسابوري. م 5065 - واختلفوا في القصاص من اللطمة. فقالت طائفة: لا قصاص فيها، روينا هذا القول عن الحسن، وقتادة. وبه قال مالك، والشافعي، والنعمان. وقالت طائفة: فيها القصاص. فمن روينا عنه أنه قال: في اللطمة القصاص، أبو بكر، وعثمان، وعلي، وخالد بن الوليد -رضي الله عنهم- وشريح، والمغيرة بن عبد الله وبه قال ابن شبرمة، والحكم، والشعبي، وحماد. وما أصيب به من سوط، أو عصا، أو حجر، فكان دون النفس فهو عمد [2/ 287/ألف] وفيه القود. قال أبو بكر: وهذا قول جماعة من أهل الحديث. ¬

_ (¬1) وفي الدار "خبر نمران بن حارث" وهو خطأ.

43 - باب معنى قولهم: عليه حكومة

43 - باب معنى قولهم: عليه حكومة قال أبو بكر: م 5066 - كل من نحفظ عنه من أهل العلم يرى أن معنى قولهم حكومة: أن يقال إذا أصيب الإنسان بجرح لا عقل له معلوم: كم قيمة هذا الجرح، لو كان عبداً قبل أن يجرح هذا الجرح، أو يضرب هذا الضرب؟. فإن قيل: مائة دينار، قيل: كم قيمته وقد أصابه هذا الجرح، وانتهى برؤه؟ فإن قيل: خمسة وتسعون ديناراً. فالذي يجب للمجني عليه على الجاني نصف عشر الدية. وإن قالوا تسعة ففيه عشر الدية، وما زاد أو نقص فعلى هذا المثال. وممن حفظاً ذلك عنه: الشافعي، وعبيد الله بن الحسن، وأبو ثور. م 5067 - ويقبل فيه رجلين ثقتين من أهل المعرفة. وقيل: بل يقبل قول عدل واحد، والله أعلم.

أبواب الجنايات التي توجب العقل ولا توجب القود

أبواب الجنايات التي توجب العقل ولا توجب القود (¬1) 44 - باب اصطدام الفارسين قال أبو بكر: م 5068 - اختلف أهل العلم في فارسين اصطدما فماتا. فقالت طائفة: يكون على عاقلة كل واحد منهما نصف دية صاحبه من قبل أن كل واحد منهما مات من فعله وفعل صاحبه، هذا قول الشافعي. والجواب في الرجلين (¬2) يصطدمان كالجواب في الفارسين. وقالت طائفة: إذا ماتا فدية كل واحد منهما على عاقلة صاحبه. هذا قول أحمد، وإسحاق. قال أبو بكر: بالقول الأول أقول. م 5069 - وكان الشافعي يقول: فإن مات الفرسان فعلى (¬3) كل واحد منهما نصف قيمة دابة صاحبه. وقال أحمد، وإسحاق: وأما الفارسان فعليهما في أموالهما. م 5070 - واختلفوا في الحر والملوك يصطدمان ويموتان (¬4). فقال الحكم، وحماد: يعقل الحر العبد، وموالي العبد لا يعقلون الحر. ¬

_ (¬1) "أبواب الجنايات التي توجب العقل ولا توجب القود" ساقط من الدار. (¬2) وفي الدار "الرجلين". (¬3) في الأصلين "ففي". (¬4) "يموتان" ساقط من الدار.

45 - باب السفينتين تصطدمان

وفيه قول ثان وهو: "أن على عاقلة الحر نصف قيمة العبد بالغة ما بلغت، ونصف دية الحر في عنق العبد. فإن كان في نصف قيمة العبد فضل عن نصف دية الحر، دفع إلى سيد العبد، وإن كان وفاء فهو قصاص ولا شيء لسيده. وإن كان فيه نقص أقص بقدره، ولا شيء على سيد العبد. وإن كانا عبدين كان نصف قيمة كل واحد منهما في [2/ 287/ب] عنق صاحبه، وبطلت الجناية، ومن قبل أن الجانيين جميعاً قد ماتا، ولا يضمن عنهما عاقلة، ولا مال لهما"، هذا قول الشافعي. 45 - باب السفينتين تصطدمان (¬1) قال أبو بكر: م 5071 - واختلفوا في السفينتين تصطدمان وتغرقان أو أحدهما. فقالت طائفة: لا ضمان في ذلك. هذا قول الشعبي. وكان الشافعي يقول: "لا يجوز فيه إلا واحد من قولين: 1 - إما أن يضمن القائم في حالة تلك بأمر السفينة نصف كل ما أصابت سفينته لغيره. 2 - أو لا يضمن بحال. إلا أن يكون يقدر على تصريفها بنفسه ومن يطيعه فلا يصرفها، فأما إذا غلبته فلا يضمن. ومن قال هذا القول قال: القول قول الذي يصرفها في أنها غلبته. ¬

_ (¬1) وفي الدار "باب اصطدام السفينتين".

46 - باب جناية الصبي والمجنون عمدا أو خطأ

وإذا ضمن ضمن غير النفوس في ماله، وضمنت النفوس عاقلته، إلا أن يكون عبداً فيكون ذلك في عنقه". قال أبو بكر: لا يضمن كما قال الشعبي إذا كان غير متعمد. وإن خرقها هو أو رجل من الركبان حتى هلك ركبانها وما فيها: ضمنت عاقلته ديات من هلك فيها، وضمن هو في ماله قيمة ما تلف منها. 46 - باب جناية الصبي والمجنون عمداً أو خطأ قال أبو بكر: م 5072 - اختلف أهل العلم في جناية الصبي، والمجنون عمداً أو خطأ. فمن روينا عنه أنه قال: عمد الصبي خطأ: الشعبي، وعمر بن عبد العزيز، والزهري، والنخعي، وقتادة، والحسن البصري، وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي. م 5073 - وقال عمر بن عبد العزيز، والشعبي: جناية المجنون على العاقلة. وقال مالك في جناية المجنون والصبي: ما كان الثلث فصاعداً فهو على العاقلة. وقالت طائفة: عمد الصبي في ماله، وكذلك المجنون. روينا عن عبد الله بن الزبير أنه قال: جناية المجنون في ماله. وقال الشافعي: لا تحمل العاقلة عمد الصبي، وهو في ماله.

47 - باب خطأ الطبيب

قال أبو بكر: جناية المجنون على عاقلته، ومحمد الصبي في ماله، وخطؤه على عاقلة. 47 - باب خطأ الطبيب قال أبو بكر: م 5074 - أجمع عوام أهل العلم على أن الطبيب إذا لم يتعد (¬1) لم يضمن. هذا قول شريح، وعطاء، والشعبي، والنخعي [2/ 288/ألف]، وعمر وبن ديناو، والزهري، وربيعة، ومالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، والنعمان، وأصحابه. قال أبو بكر: العلاج، والتداوي بالأدوية مباح، بل قد: (ح 1516) ثبت أن النبي- صلى الله عليه وسلم - قد أمر بالتداوي، وقال: "خير ما تداويتم به الحجامة، والقسط البحري". (ح 1517) وأمر بشرب ألبان الإبل وأبوالها لعلة كانت بقوم. ¬

_ (¬1) وفي الدار "لم يتعمد".

48 - باب الرجل يسقط على آخر فيموت أحدهما

فكل ما ذكرته، وما لم أذكره يدل على إباحة التداوي والعلاج. فإذا استعين الطبيب وفعل ما يفعل مثله مما فيه الصلاح، فمات المداوى، والمعالج: فلا شيء على الطبيب. م 5075 - وإذا ختن الختان (¬1) فأخطأ، فقطع الذكر أو الحشفة، أو بعضها: فعليه عقل ما أخطأ به، تعقله العاقلة. هذا قول كل من حفظت عنه من أهل العلم، مالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي. 48 - باب الرجل يسقط على آخر فيموت أحدهما قال أبو بكر: م 5076 - واختلفوا في الرجل يسقط على الرجل فيجرحه، أو يموت. فروينا عن ابن الزبير أنه قال: يضمن الأعلى الأسفل، ولا يضمن الأسفل الأعلى، وهذا قول شريح، والنخعي، وأحمد، وإسحاق. وقال [مالك] (¬2) في رجلين جرّ أحدهما صاحبه حتى سقطا وماتا (¬3)، على عاقلة الذي جذبه الدية. وقال الشافعي في رجلين صدم أحدهما الآخر فماتا، قال: دية المصدوم على عاقلة الصادم، ودية الصادم هدر. ¬

_ (¬1) وفي الدار "الخاتن". (¬2) ما بين المعكوفين من الدار. (¬3) وفي الدار "حق سقط أو مات".

49 - باب حافر البئر، وواضع الحجر في غير حقه

وقال الحكم: إن سقط رجل على رجل من فوق بن فمات أحدهما، قال: يضمن الحي منها. وقال ابن شبرمة، أيهما مات فديته على الآخر. 49 - باب حافر البئر، وواضع الحجر في غير حقه قال أبو بكر: م 5077 - واختلفوا فيمن حفر بئراً في غير حقه، أو شرع جناحاً، أو أخرج جذعاً في غير حقه، فأصاب إنساناً فتلف. روينا عن شريح: أنه ضمن رجلاً حفر بئراً، فوقع فيها بغل فمات. وروينا هذا المذهب عن علي، وبه قال النخعي، والشعبي، وحماد. وهذا مذهب الثوري، وأحمد، وإسحاق. وقد حكى أبو ثور عن الشافعي أنه قال فيمن حفر بئراً، أو وضع حجراً، أو عمل دكاناً، أو شرع جناحاً، أو ميزاباً، [2/ 288/ب] أو ما أشبه ذلك: فما فعل من ذلك مما له فعله، فكان به تلف، فليس عليه شيء، وكذلك قال أبو ثور. م 5078 - وقال الحكم في الرجل السوقي يرش الماء بين يدي دكانه (¬1)، فيمر إنسان فينزلق فيعنت، قال: لا يضمن. ¬

_ (¬1) وفي الدار "بيته".

50 - باب اشتراك النفر في قتل بعضهم خطأ

وقال الشعبي: يضمن. م 5079 - وقال الزهري- في قوم حفروا في بادية بئراً، فمر بها قوم ليلاً، فسقط بعضهم في البئر- قال: لا نرى عليه شيئاً. م 5080 - وإذا استأجر الرجل أجيراً يحفر له بئراً، أو يبني له باء، فأصيب، فلا شيء على المستأجر، لأنه لم يجن ولم يتعد. وهذا على مذهب عطاء، والزهري، وقتادة، وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي. وهو يشبه مذهب الشافعي، وأبي ثور. م 5081 - وإذا استأجر عبداً بغير إذن مولاه، فاستعمله وتلف، ضمن. 50 - باب اشتراك النفر في قتل بعضهم خطأ قال أبو بكر: م 5082 - روينا عن علي بن أبي طالب أنه قال في رجل استأجر أربعة يحفرون له بئراً، فسقط طائفة منهم على رجل فمات، فجعل على الثلاثة ثلاثة أرباع الدية، ورفع عنهم الربع نصيب الميت. وهذا على مذهب عمر بن عد العزيز، والشافعي. 51 - باب تضمين القائد، والراكب، والسائق، وما أصابت الدابة قال أبو بكر: م 4083 - واختلفوا في تضمين القائد والراكب والسائق ما أصابت

الدابة بيدها أو رجلها. فقالت طائفة: يضمنون، روي هذا القول عن علي بن أبي طالب. وبه قال شريح، والشعبي، والنخعي، والحكم. غير أن شريحاً قال: ولا يضمن إذا عاقبت، فقيل: وما عاقبت؟ قال: إذا ضربها فضربته. وقال الزهري- في قائد وراكب أوطأ إنساناً- قال. يغرمان. وقال الحسن: يضمن القائد والسائق والراكب لما أصابت الدابة، إلا أن ترمح الدابة من غير أن يفعل بها شيء ترمح له. وحكى أبو ثور هذا القول عن الشافعي والكوفي، وبه قال (¬1). وحكى الشافعي عن ابن أبي ليلى أنه قال: إذا نفحت الدابة برجلها وهي تسير، فهو ضامن في هذا لما أصابت. وقالت طائفة: يضمن القائد عن اليد ولا يضمن عن الرجل. هكذا قال عطاء. وقال شريح، والشعبى: الرجل جبار. ¬

_ (¬1) "وبه قال" ساقط من الدار.

وقال النعمان، وابن الحسن: لا ضمنا فيما تنفح برجلها [22/ 289/ألف] وهي تسير. وقال ابن الحسن: إذا أوطأ إنساناً بيد أو رجل فهو ضمان لديته على عاقلته. وقال سفيان الثوري: إن نفحت وهي تمشي لم يضمن، وإن نفحت وهي قائمة ضمن. م 5084 - وقال حماد: إذا كان واقفاً على دابة فضربت برجلها لا يضمن، وقال الحكم: يضمن. وروينا عن الشعبى أنه قال: إذا ساق دابته سوقاً رفيقاً فلا شيء عليه، وإذا ساقها سوقاً عنيفاً فهو ضامن. وكان الحارث العكلي يقول: إذا ضربت الدابة أو كبحتها فأنت ضامن. وروينا عن علي أنه قال: إذا قال: الطريق. فاسمع، فلا ضمان عليه. م 5085 - واختلفوا في تضمين الرديفين. فروينا عن علي أنه قال: الرديفان يضمنان، وبه قال الحسن البصري، والزهري، ومالك، وأصحاب الرأي. وقال الشعبي: الرديف يضمن، وبه قال ابن سيرين، وقتادة، وأبو هاشم، وحماد.

52 - باب الحائط المائل يشهد على صاحبه فيسقط ويتلف نفسا أو مالا

وفيه قول ثان وهو: أن لا شيء على الرديف، هذا قول إسحاق بن راهويه. وقال أحمد: أرجو إلا يكون عليه شيء إذا كان قدامه من يمسك باللجام. م 5086 - واختلفوا في الفلو يتبع الدابة التي عليها صاحبها. فقال النخعى، والحكم، وحماد بن أبي سليمان: يضمن الراكب وهذا قول الشعبي (¬1). وقال الحسن البصري: لا يضمن. 52 - باب الحائط المائل يشهد على صاحبه فيسقط ويتلف نفساً أو مالاً قال أبو بكر: م 5087 - واختلفوا في الحائط يشهد على صاحبه. قال طائفة: إن أشهد على صاحبه فأتلف شيئاً، فصاحبه ضامن. هذا قول الحسن البصري، والنخعي، وأصحاب الرأي. وقال إسحاق بن راهويه: هو ضامن أشهد أو لم يشهد، وبه قال أبو ثور إذا علم ذلك فتركه، ويه قال ابن أبي ليلى. وقال الشافعي: لا ضمان عليه، لأنه وضعه في ملكه. ¬

_ (¬1) وفي الدار "الشافعي".

53 - باب تضمين من استعان صبيا حرا لم يبلغ أو مملوكا بغير إذن مواليه، فأصابته جناية، أو يؤذى، أو غير ذلك

وقال الثوري: إن لم يشهدوا عليه لم يضمنوا، وإن كان قائماً وهو مشقوق لم يجبروا على نقضه، وإن كان مائلاً جبروا على نقضه. 53 - باب تضمين من استعان (¬1) صبياً حراً لم يبلغ أو مملوكاً بغير إذن مواليه، فأصابته جناية، أو يؤذى، أو غير ذلك قال أبو بكر: م 5088 - أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن من حمل صبياً لم يبلغ، أو مملوكاً [2/ 289/ب] بغير إذن مواليه على دابة، فتلف أنه ضامن. وقد روينا عن عطاء، والشعبي، وحماد بن أبي سليمان، والثوري، وأحمد، وإسحاق، هذا المذهب. وهو مذهب أصحاب الرأي. م 5089 - وإذا استعان (¬2) حراً بالغاً على عمل من الأعمال، متطوعاً أو بإجارة، فأصابه شيء: فلا ضمان عليه. هذا محفوظ عن عطا، والشعبي، وعمرو بن دينار، والزهري، وهو مذهب مالك، والشافعي، والكوفي. ¬

_ (¬1) في الأصلين "استعار". (¬2) في الأصلين "استعار".

54 - باب ما يضمن المرء من عقر الكلب وما لا يضمن منه

54 - باب ما يضمن المرء من عقر الكلب وما لا يضمن منه قال أبو بكر: م 5090 - واختلفوا في الرجل يستأذن في منزل قوم، ويدخل بإذنهم، فيعقره كلبهم. فقالت طائفة: إذا دخل باذنهم ضمنوا، وإن دخل بغير إذنهم لم يضمنوا، هذا قول شريح، والشعبي، والنخعي، وحماد بن أبي سليمان. وكان مالك يقول- فيمن اقتنى كلباً في دار الماشية فعقر ذلك الكلب إنساناً- قال: إذا أفلته وقد علم أنه يفترس ويعقرهم، فهو ضامن. وقال إسحاق في البعير المغتلم: إن تركه عمداً نهاراً غرم، وإن انفلت منه لم يضمن. وقال أصحاب الرأي: إذا وقف الرجل في ملكه دابة له، ثم أصابت إنساناً فقتلته، فلا ضمان عليه، ولا غرم فيما كدمت. والكلب العقور مثله. وإذا دخل الرجل دار قوم بإذنهم، أو بغير إذنهم فعقره كلبهم، فلا ضمان عليهم.

55 - باب مسألة

55 - باب مسألة قال أبو بكر: م 5091 - روينا عن عثمان بن عفان أنه قضى في الرجل يضرب حتى يحدث بثلث الدية. وقضى به مروان بن الحكم. وقال أحمد: لا أعرف شيئاً يدفعه، يريد حديث عثمان. وبه قال إسحاق. وفي قول مالك، والشافعي: على من فعل ذلك العقوبة، وليس عليه عقل ولا قود. ثم كتاب الديات.

انتهى الجزء السابع ويتلوه الجزء الثامن وأوله كتاب المعاقل

الإشراف على مذاهب العلماء لأبي بكر محمد بن إبراهيم بن المنذر النيسابوري 318هـ المجلد الثامن حققه وقدم له وخرج أحاديثه د. أبو حامد صغير أحمد الأنصاري

حقوق الطبع محفوظة للناشر الطبعة الأولى 1425هـ - 2005 م الناشر مكتبة مكة الثقافية هاتف: 2361835 - 7 - 00971 فاكس: 2362836 - 7 - 00971 ص. ب. 2326 رأس الخيمة - الإمارات العربية المتحدة

ـ[الرموز والمصطلحات التي استعملت في الدراسة والتحقيق:]ـ لقد استعملت خلال ترجمة ابن المنذر، ودراسة الكتاب، وفي تحقيق الكتاب رموزاً ومصطلحات للاختصار والتسهيل، وهي ليست بجديدة إلا البعض، وقد يتبادر الذهن إلى الأصول في أول نظرة، لأن معظمها قد تستعمل في كثير من الكتب المحققة، وهي كالتالي: 1 - حرف "ح" قبل الرقم إشارة إلى الحديث النبوي. 2 - حرف "م" قبل الرقم إشارة إلى المسألة الفقهية، سواء كانت مجمعا عليها أو مختلفا فيها. 3 - "الأصل" إشارة إلى النسخة الخطية من كتاب الإشراف. 4 - "ألف" إشارة إلى اللوحة الأولى من الورقة من المخطوطة المصورة. 5 - "ب" إشارة إلى اللوحة الثانية من الورقة من المخطوطة المصورة. 6 - وكذلك اختصرت أسماء الكتب ومؤلفيها عند ذكرها في الدراسة والتحقيق، وهي كالتالي: بق: البيهقي في السنن الكبرى. طف: ابن جرير الطبري في تفسيره. ت: الترمذي في جامعه. عب: عبد الرزاق في المصنف. جه: ابن ماجه في سننه. قط: الدارقطنى في السنن. حم: أحمد بن حنبل في مسنده. م: مسلم بن الحجاج في الصحيح. خ: البخاري في الصحيح. مط: مالك بن أنس في الموطأ. د: أبو داود في السنن. مي: الدارمي في السنن. شب: ابن أبي شيبة في المصنف. ن: النسائي في السنن. ط: طبقات.

91 - كتاب المعاقل

91 - كتاب المعاقل 1 - باب إثبات دية الخطأ على عاقلة القاتل دونه قال أبو بكر: (ح 1518) ثبتت الأخبار عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - "أنه قضى بدية الخطأ على العاقلة". م 5092 - وأجمع أهل العلم على القول به. وفي إجماع أهل العلم على [2/ 290/ألف] أن الدية في الخطأ على العاقلة دليل على أن المراد من: (ح 1519) قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لأبي رمثة- حيث دخل على النبي- صلى الله عليه وسلم - ومعه ابنه: "لا يجني عليك ولا تجني عليه". جناية العمد دون الخطأ.

2 - باب يلزم كل رجل من العاقلة

قال أبو بكر: العاقلة، العَصَبة. م 5093 - وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن ديَة الخطأ على العاقلة، وأن ولد المرأة إذا كانوا من غير عصبتها لا يعقلون عنها شيئاً، وكذلك الإخوة من الأم لا يعقلون عن أخيهم لأمهم شيئاً. وهذا قول مالك والشافعي وأحمد وأبي ثَور والنعمان. م 5094 - وأجمعوا على أن المرأة والصبي الذي لم يبلغ (¬1) لا يعقلان مع العاقلة، هذا قول مالك والشافعي وأحمد وإسحاق وأصحاب الرأي. م 5095 - وأجمعوا على أن الفقير لا يلزمه من ذلك شيء. 2 - باب يلزم كل رجل من العاقلة (¬2) قال أبو بكر: م 5096 - قال الشافعي: "أرى على مذهبهم على من كثر ماله إذا قُوِّمت الدية نصف دينار، ومن كان دونه ربع دينار، ولا يزاد ولا ينقص منه". ¬

_ (¬1) وفي الدار "الذين لم يبلغا". (¬2) وفي الدار "من العاقلين".

3 - باب اختلاف أهل العلم فيما يلزم العاقلة من الدية

وقد حكى أبو ثور عن مالك بن أنس أنه قال: على كل رجل رُبع دينار، وبه قال أبو ثور. وقال أحمد بن حنبل: يحملون بقدر ما يطيقون. وقال أصحاب الرأي: لا يؤخذ من الرجل إلا ثلاثةُ دراهم، أو أربعة دراهم. قال أبو بكر: يلزم كل رجل منهم أقل ما قيل، وهو ربع دينار، ويوقف عن إلزام أكثر من ذلك. 3 - باب اختلاف أهل العلم فيما يلزم العاقلة من الدية قال أبو بكر: م 5097 - أجمع أهل العلم على أن دية الخطأ على العاقلة. م 5098 - وأجمعوا كذلك على أن ما زاد على ثلث الدية على العاقلة. م 5099 - واختلفوا في الثلث، وفيما دون الثلث. فإن الزُهْري يقول: الثلث فما دونه في ماله (¬1) خاصة، وما زاد فهو على العاقلة. ¬

_ (¬1) "في ماله" ساقط من الدار.

وقيل (¬1): الثلث لهما فوقه على العاقلة، وما دون الثلث في مال الجاني، هذا قول سعيد بن المسيب [2/ 290/ب] وبه قال عطاء، ومالك، وعبد العزيز بن أبي سلمة. وقال أحمد: لا تعقل العاقلة ما دون الثلث. وقالت طائفة: تعقل العاقلة السن والموضحة فما فوق ذلك، وما كان دون ذلك ففي مال الجاني، هذا مذهب الثوري، والنعمان. وقال إسحاق: الغُرّة على العاقلة، صح ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. وقالت طائفة: عقل الخطأ على عاقلة الجاني، قلَّتِ الجناية أو كثُرت؛ لأن من غرم الأكثر غرم الأقل. كما عقل العمد في مال الجاني، قل أو كثر. هذا قول الشافعي. قال أبو بكر: وقال الله جل ثناؤه: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}. (ح 1520) وقال النبي- صلى الله عليه وسلم - "لا يؤخذ امرؤٌ بجَريرة أبيه". م 5100 - وأجمع أهل العلم على أن الدية على العاقلة. وثبت ذلك عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -. م 5101 - وأجمعوا على أن ما زاد على ثلث الدية على العاقلة. ¬

_ (¬1) وفي الدار "وقال ابن المسيب".

4 - باب الوقت الذي تحل فيه دية الخطأ

(ح 1521) وثبت أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - جعل الغُرة على العاقلة. فما ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - جعله على العاقلة فهو عليها، وكذلك يلزمها ما أجمع أهل العلم عليه. وما اختلف في ذلك من شيء لم يثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيه خبر، فهو على الجاني، على ظاهر الكتاب والسنة. 4 - باب الوقت الذي تحل فيه دية الخطأ قال أبو بكر: لم نجد لتنجيم دية الخطأ آيةً في كتاب الله عز وجل، ولا خبراً عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. م 5102 - وقد روينا عن عمر بإسناد لا يثبت عنه (¬1) أنه قضى بها في ثلاث سنين. ووجدنا عوامَّ أهلِ العلم قد أجمعوا (¬2) كما روي عن عمر رضي الله عنه، رواه الشعبي عنه ولم يلقه: أن عمر جعل الدية في الأعطية في ثلاث سنين. النصف في سنتين، والثلثين في سنتين، والثلث في سنة ¬

_ (¬1) "عنه" ساقط من الدار. (¬2) وفي الدار "قد قالوا".

5 - باب ما لا تحمله العاقلة وما اختلف فيه منه

وممن روينا عنه أنه قال: الدية في ثلاث سنين: الشعبي، والنخعي، وقتادة، وأبو هاشم، وعبيد الله (¬1) بن عمر، ومالك بن أنس والشافعي، وإسحاق، وأبو ثور. م 5103 - وأجمع أكثر أهل العلم على أن العاقلة لا تعقل مهر المثل، ولا الجنايات على الأموال. إلا العبيد فإنهم اختلفوا فيه. وإلا شيئاً رويناه عن عطاء، أنه قال- في رجل قتل دابة خطأ- قال: هو [2/ 291/ألف] على العاقلة. وأبي ذلك سائر أهل العلم. 5 - باب ما لا تحمله العاقلة وما اختلف فيه منه قال أبو بكر: م 5104 - أجمع أهل العلم على أن العاقلة لا تحمل دية العمد. م 5105 - وأجمعوا على أنها تحمل دية الخطأ. م 5106 - واختلفوا في الحر يقتل العبد خطأ. فقالت طائفة: لا تحمل العاقلة عمداً ولا عبداً، ولا صلحاً، ولا اعترافاً، كذلك قال ابن عباس، والشعبي، والثوري، والليث بن سعد. وممن قال لا تحمل العاقلة عبداً: مكحول، والنخعي، والبتي، ومالك، وابن أبي ليلى، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور. ¬

_ (¬1) وفي الدار "عبد الله بن عمر".

6 - باب جناية الرجل على نفسه خطأ

وقال الحسن البصري- فيمن أقر أنه قتل خطأ- قال: في ماله. وبه قال عمر بن عبد العزيز، والزهري، وسليمان بن موسى، وأحمد، وإسحاق. وقال الزهري: لا تحمل العاقلة العمد وشبه العمد والاعترافَ والصلحَ، هو عليه في ماله إلا أن تعينه العاقلة. وقالت طائفة: تعقل العاقلة العبد، كذلك قال عطاء، والزهري، والحَكَم، وحماد بن أبي سليمان. وللشافعي فيها قولان: أحدهما: كما قال ابن عباس. والقول الثاني: كما قال عطاء. م 5107 - واختلفوا في المعترف بجناية خطأ. فكان أبو ثور، وابن عبد الحكم يقولان: لا يلزم (¬1) العاقلةَ ما أقر به، لأنه أقر به (¬2) على غيره. فأما في مذهب سفيان الثوري، والأوزاعي، والنعمان، وصاحبيه فالدية عليه في ماله دون عاقلته. قال أبو بكر: النظر يدل على ما قاله أبو ثور. 6 - باب جناية الرجل على نفسه خطأ قال أبو بكر: م 5108 - واختلفوا في جناية الرجل على نفسه خطأ. ¬

_ (¬1) وفي الدار "لا يلزمه". (¬2) "لأنه أقر به" ساقط من الدار.

7 - باب خطأ الإمام

فقالت طائفة: لا تعقل العاقلة أحداً أصاب نفسه بشيء عمداً، أو خطأ. كذلك قال مالك، والشافعي. ولا أحسِبه إلا قول الكوفي. وقال الأوزاعي، وأحمد، وإسحاق: ديته على عاقلته. م 5109 - وقال الثوري- في رجل وجد في بيته مقتولاً- قال: تضمن عاقلته ديته. 7 - باب خطأ الإمام قال أبو بكر: م 5110 - واختلفوا فيما يخطئ به الإمام من قتل أو جراح، وفيما يجرى على يديه من النظر فيما بين الناس. فقال الثوري، والنعمان: هو على بيت المال، وبه قال أحمد وإسحاق، واحتج بحديث علي -رضي الله عنه - في حد الخمر. وقال الأوزاعي، والشافعي: هو على عاقلة الإمام. قال أبو بكر: هذا أصح. 8 - باب من يجب عليه عقل ما لا قَوَد فيه من جنايات العمد قال أبو بكر: م 5111 - واختلفوا في المأمومة وما أشبهها. فقال الحكم، وقتادة في العمد الذي لا يستطاع أن يستقاد منه: هو على العاقلة، وبه قال مالك.

9 - باب من يلزم دية شبه العمد

وفي قول النخعي، وحماد بن أبي سليمان [2/ 291/ب] والشافعي: هو في مال الرجل دون العاقلة. قال أبو بكر: هذا أصح. 9 - باب من يلزم دية (¬1) شبه العمد قال أبو بكر: م 5112 - واختلفوا في شبه العمد. فقال الحارث العكلي، وابن أبي ليلى، وابن شبرمة، وقتادة، وأبو ثور: هو عليه في ماله. وقال الشعبي، والنخعي، والحكم، والشافعي، والثوري، وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي: هو على العاقلة. قال أبو بكر: قول الشعبى أصح: (ح 1522) لحديث أبي هريرة أن النبي- صلى الله عليه وسلم - جعل دية الجنين على عاقلة الضاربة. 10 - باب الرجل يكون مع غير قومه، وجناية من لا عاقلة له قال أبو بكر: م 5113 - واختلفوا في الرجل يكون مع غير قومه، فيجني جناية ¬

_ (¬1) "ديه" ساقط من الدار.

خطأ: فقال مالك: يعقلون عنه. وفي قول الشافعي: يكون ذلك على العاقلة. قال أبو بكر: الدية على العاقلة حيث كانت، كما حكم النبي - صلى الله عليه وسلم -. م 5114 - واختلفوا في جناية من لا عاقلة له. فقال الحسن البصري: جنايته على نفسه، وميراثه لبيت مال المسلمين. وقال إسحاق: عقله على بيت المال. وقال الزهري: عقله على المسلمين، ويرثونه. وقال أحمد: يهدر عنه. قال أبو بكر: (ح 1523) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: "الولاء لمن أعتق". فإذا قتل مَن لا عَصَبة له وله موالٍ قتلَ خطأ: عقل عنه مواليه من فوق كما يرثونه. هذا قول عمرَ بنِ عبد العزيز، والنخعي، وحماد بن أبي سليمان، ومالك، والشافعي. م 5115 - واختلفوا في العتق سائبةً. فكان عمر بن عبد العزيز يقول: إذا مات ولم يول (¬1) أحداً ¬

_ (¬1) وفي الدار "ولم يوال".

11 - جماع أبواب الأجنة

فميراثه للمؤمنين (¬1)، وهم يعقلون عنه، وبه قال مالك. وفي قول الحسن البصري، وابن سيرين، والشعبى، وراشد بن سعد، وضمرة بن حبيب: ولاؤه لمن أعتقه. قال أبو بكر: وبه أقول، لدخوله في جملة قول النبي- صلى الله عليه وسلم -: "الولاء لمن أعتق". م 5116 - وفي قول الشافعي، وأبي ثور: لا يعقل عن المسلم أهلُ الذمة. م 5117 - وإذا قتل الذمي خطأ لزم ذلك عاقلتَه في قول الشافعي وأبي ثور. 11 - جماع أبواب الأجنة قال أبو بكر: (ح 1524) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - "حكم في الجنين غرة". م 5118 - وبه قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وعطاء، والشعبى، والزهري [2/ 292/ألف]،والنخعي، ومالك، والثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي، وعوام أهل العلم. قال أبو بكر: م 5119 - ولا فرق بين ذكران الأجنة وإناثِهم؛ لأن السنة لم تفرق بينهم. ¬

_ (¬1) وفي الدار "للمسلمين".

12 - باب ما جاء سن الغرة التي يجب قبولها في الجنين ومبلغ قيمتها

وإنما يجب أن يفرق بينهما إذا طرحت المرأة الجنين حيا، وهذا على مذهب عامة أصحابنا: الشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبي ثور، وبه قال أصحاب الرأي. 12 - باب ما جاء سن الغرة التي يجب قبولها في الجنين ومبلغ قيمتها قال أبو بكر: م 5120 - واختلفوا في الغرة التي يجب قَبُولها في الجنين يسقط ميتاً. فقالت طائفة: قيمتها خمسون ديناراً. وقال آخرون: خمسمائة درهم. وقصدهم في ذلك نصف عشر الدية. وممن هذا مذهبه: الشعبى، وقتادة، وربيعة، ومالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي. وقد روينا عن حبيب بن أبي ثابت أنه قال: قيمة الغرة أربعمِائة درهَم. وقال طاووس، ومجاهد، وعروة بن الزبير: الغرة: عبد، أو أمة، أو فرس. وقال ابن سيرين: غرة عبد، أو أمة، أو مِائة شاة. وقال الشعبى: مائة من الغنم.

13 - باب ما جاء في جنين الأمة

وقد روينا عن عبد الملك بن مروان "أنه قضى في الجنين إذا ملص (1) بعشرين ديناراً، فإذا كان مضغة فأربعين، فإذا كان عظاماً فستين، فإذا كان العظم قد كسي لحماً فثمانين، فإن تم خلقه ونبت شعره فمائة دينار". وقال قتادة: "إذا كان مضغة فثلثا غرة، وإن كان علقة فثلث". قال أبو بكر: فأما مالك، والثوري، والشافعي، فإنهم يقولون: إذا استبان خلقه وعلم أنه ولد وجبت فيه الغرة. 13 - باب ما جاء في جنين الأمة قال أبو بكر: م 5121 - واختلفوا فيما يجب في جنين الأمة. فقالت طائفة: يجب فيه عشر قيمتها، هذا قول الحسن البصري، وقتادة ومالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبي ثور. قال أبو بكر: وبه نقول.

14 - باب في جنين الكتابية

وقال الزهري، والنخعي، والحكم، في جنين الأمة من قدر ثمنها كما في جنين الحرة من قدر ديتها. قال أبو بكر: والمعنى واحد. وقالت طائفة: إن كان غلاماً فنصف عشر قيمته لو كان حيا، وإن كانت جارية فعشر قيمتها لو كانت حية، هذا قول النعمان، وابن الحسن، وبه قال الثوري. وفيه قول ثالث قاله النخعي قال: في جنين الأمة نصف عشر ثمن أمه. وفيه قول رابع [2/ 292/ب]: قاله سعيد بن المسيب قال: دية جنين الأمة عشرة دنانير. وقال حماد بن أبي سليمان: في جنين الأمة حكم. 14 - باب في جنين الكتابية قال أبو بكر: م 5122 - كان مالك يقول في جنين اليهودية والنصرانية عشر دية أمه، وبه قال الشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي، ولم أحفظ فيه خلافاً لقولهم.

15 - باب ما جاء في المرأة يجنى عليها فتطرح جنينها حيا، ثم يموت

15 - باب ما جاء في المرأة يجنى عليها فتطرح جنينها حيا، ثم يموت قال أبو بكر: م 5123 - أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن في الجنين يسقط [حياً] (¬1) من الضرب الديةَ كاملةً. وممن حفظنا ذلك عنه: زيد بن ثابت، وبه قال عروة بن الزبير، والزهري، والشعبى، وقتادة وابن شبرمة، ومالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. وبه نقول. 16 - باب ما جاء في الصفة التي يستحق بها الجنين اسم الحياة قال أبو بكر: م 5124 - واختلفوا في المعنى الذي يستحق به الجنين اسمَ الحياة. فقالت طائفة: لا تكفل له الدية حتى يستهل صارخاً، هذا قول شريح، والزهري، وقتادة. وقال ابن عباس، والقاسم بن محمد، والنخعي: الاستهلال، الصياح. وكان الزهري يقول: العُطاس استهلال. ¬

_ (¬1) ما بين المعكوفين من الدار.

17 - باب ما جاء في المرأة تطرح أجنة

وممن رأى أن حكم الحياة لا يقع إلا بالاستهلال، مالك، وأحمد، وإسحاق. وروينا معني ذلك عن عمر بن الخطاب، وجابر بن عبد الله، وابن عباس، والحسن بن علي. وفيه قول وهو: أن حياة الجنين إذا عرفت بتحريك أو صياح، أو نَفَس أو رَضاع: كانت أحكامه أحكامَ الحي، هذا قول الشافعي. وقال الثوري والأوزاعي: إذا ولد حيا ولم يستهل صُلي عليه، وقال قائل " هذا الذي قاله الثوري، والشافعي يحتمل النظر، غير أن خبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمنع منه، وهو قوله، (ح 1525) "ما من مولد يولد إلا مسه الشيطان، فيستهل صارخاً من مسه". قال: فلا يجوز غير ما قاله النبي - صلى الله عليه وسلم - لأن هذا خبر وليس بأمر. 17 - باب ما جاء في المرأة تطرح أجنة قال أبو بكر: م 5125 - وإذا طرحت المرأة أجنة من ضربة ضربتها. ففي كل جنين غرة، وفي الجنينين غرتان، وفي الثلاثة ثلاث غرر [2/ 293/ألف] وهذا قول الزهري، ومالك، والشافعي، وأحمد،

18 - مسائل من هذا الباب

وإسحاق، ولم أحفظ عن غيرهم خلاف قولهم. قال أبو بكر: وبه نقول. م 5126 - وإذا قُتلت المرأة وفي بطنها جنين فلا شيء في جنينها، إنما تجب ديتها هي، كذلك قال قتاد، ومالك، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وإسحاق. قال أبو بكر: وبه نقول. وقال الزهري: دية، وغرة وإن لم تلقِه. 18 - مسائل من هذا الباب قال أبو بكر: م 5127 - اختلف مالك والشافعي في الجنين يخرج بعضه من بطن أمه. ففي قول مالك: لا يجب فيه غرة. وقال الشافعي: يجب فيه غرة. قال أبو بكر: قوله مالك صحيح، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما أوجب الغرة في الجنين الذي ألقته المرأة، وهذه لم تلق شيئاً. م 5128 - وكان مالك، والشافعي، وأبو ثور يقولون: دية الجنين موروثة على كتاب الله عز وجل. قال أبو بكر: وبه نقول. م 5129 - وقال الزهري، والشافعي: إن كان الضارب الأب، لم يرث من تلك الغرة شيئاً.

19 - أبواب الكفارات التي تلزم القاتل

م 5130 - وقال الزهري في رجل اعتق ما في بطن جاريته، فضربها رجل، فوقع ولدها (¬1) ما: ديته دية المملوك. وبه قال الثوري، وأحمد، وإسحاق. م 5131 - وإذا اختلف الجاني والمَجْنيّ عليها (¬2)، فقال الجاني: طرحَتْ جنينا ميتا، وقالت هي: طرحته حيا، فالقول قول الجاني مع يمينه، في قول الشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي. قال أبو بكر: وبه نقول. 19 - أبواب الكفارات التي تلزم القاتل (¬3) قال أبو بكر: م 5132 - أجمع أهل العلم على أن على القاتل خطأ الكفارة. م 5133 - واختلفوا في الجماعة يقتلون الرجل خطأ. فقالت طائفة: على كل واحد منهم كفارة، كذلك قال الحسن البصري، وعِكْرِمة، والنخعي، والحارث البكلي، ¬

_ (¬1) "ولدها" ساقط من الدار. (¬2) في الأصلين "والمجني عليه". (¬3) وفي الدار "جماع أبواب الكفارة التي لم تلزم القاتل".

20 - باب الكفارة في قتل العمد

ومالك، والثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي. وقالت طائفة: عليهم كفارة واحدة، هكذا قال أبو ثور، وحكي ذلك عن الأوزاعي. وفيه قول ثالث قاله الزهري، قال- في الجماعة يرمون بالمَنْجَنيق- فيقتلون رجلاً-: عليهم كلهم عتقُ رقبة، فإن كانوا لا يجدون فعلى كل رجل منهم صوم شهرين متتابعين. 20 - باب (¬1) الكفارة في قتل العمد قال أبو بكر: م 5134 - كان مالك، والشافعي يريان على قاتل [2/ 293/ب] العمد الكفارة. وقال الثوري، وأبو ثور، وأصحاب الرأي: لا تجب الكفارة إلا حيث أوجبها الله تعالى. قال أبو بكر: وكذلك نقول، لأن الكفارات عبادات، ولا يجوز التمثيل عليها، وليس لأحد أن يفرض فرضاً يُلزمه عباد الله إلا بكتاب، أو سنة، أو إجماع. وليس مع مَن فرض على القاتل عمداً كفارةً حجة، من حيثُ ذكرت. ¬

_ (¬1) وفي الدار "باب ما جاء في الكفارة".

21 - باب وجوب الكفارة على قاتل الذمي

21 - باب وجوب الكفارة على قاتل الذمي قال أبو بكر: قال الله تبارك وتعالى: {وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ}. م 5135 - كان ابن عباس يقول: هو الرجل يكون معاهَداً، ويكون قومه من أهل العهد، فيسلم إليهم ديته، ويعتق الذي أصابه رقبة. وقال النخعي، وأبو مالك (¬1) - في هذه الآية- قالا: هو كافر. وقال الحسن البصري، وجابر بن زيد: هو مؤمن. وقال الحسن البصري: إذا قتل المسلم الذميَّ فلا كفارة عليه. وقال الشعبي: كفارتهما سواء. 22 - باب وجوب الكفارة مع الغرة في الجنين تطرحه المرأة من الضرب قال أبو بكر: م 5136 - كل من نحفظ عنه من أهل العلم يوجب على الضارب بطن المرأة تلقي جنينها مع الغرة الرقبة. ¬

_ (¬1) في الأصل "ومالك" والتصحيح من الدار.

23 - أبواب أحكام العبيد والإماء في الجراحات والديات

وممن حفظنا ذلك عنه: الحسن البصري، وعطاء، والزهري، والحكم، والنخعي، ومالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق. وقال الزهري (¬1)، والشافعي: إن كان الضارب الأب، لم يرث من تلك الغرة شيئاً. 23 - أبواب أحكام العبيد والإماء في الجراحات والديات قال أبو بكر: م 5137 - أجمع أهل العلم على أن في العبد يُقتل خطأ قيمتَهُ، إذا كانت القيمة أقل من الدية. م 5138 - واختلفوا في العبد يقتل وقيمته أكثرُ من دية الحر. فقالت طائفة: قيمته يوم يُصاب بالغاً ما بلغ، وكذلك قال سعيد بن المسيب، وعمر بن عبد العزيز، وابن سيرين، والحسن البصري (¬2)، واياس بن معاوية، والزهري، ومكحول، ومالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق. ¬

_ (¬1) "وقال الزهري: .... إلى قوله: تلك الغرة شيئاً" ساقط من الدار. (¬2) "والحسن البصري" ساقط من الدار.

24 - باب جراحات العبيد

وقالت طائفة: لا يُبلغ به ديةُ الحر، وكذلك قال الشعبي، والنخعي، ومال إلى هذا القول الثوري. وقال النعمان: لا يُجَاوز به دية الحر ينقص منه ما تُقطع فيه الكف. وقد روينا عن سعيد بن العاص أنه حكم في عبد قُتل، ثمنه عشرة آلاف درهم (¬1) أربعة آلاف درهم، وقال: أكره أن أجعل ديته مثل دية الحر. واختلف منه عن عطاء، فأصح الروايات عنه أنه قال: إن زاد على دية الحر رد إلى دية الحر [2/ 294/ألف]. وقال حماد بن أبي سليمان: لا يُجاوز به دية الحر. قال أبو بكر: بالقول الأول أقول، لأنهم لما أجمعوا على أن ديات الأحرار سواء، وأجمعوا على اختلاف أثمان العبيد، دل ذلك على افتراق أحوالهم، لأنهم أموال، وليس كذلك الأحرارُ. 24 - باب جراحات العبيد قال أبو بكر: م 5139 - واختلفوا في جراحات العبيد. فقالت طائفة: جراحات العبيد في أثمانهم كجراحات الأحرار في دياتهم. ¬

_ (¬1) "درهم" ساقط من الدار.

25 - باب العبد يجني، ثم يعتقه سيده، وهو عالم بجنايته، أو لا يعلم ذلك

روينا هذا القول عن علي بن أبي طالب، وبه قال محمد بن سيرين، وعمر بن عبد العزيز، والشافعي، والنعمان، وأبو ثور. وقال سعيد بن المسيب في عبد تقطع رجله فيه نصف ثمنه (¬1). وفيه قولٌ ثان وهو: "أن في موضحة العبد نصفَ عشر ثمنه، وفي منقلته عشراً ونصف العشر من ثمنه، وفي مأمومته، وجائفته في كل واحدة منهما ثلث ثمنه، وفيما سوى هذه الخصال الأربع مما يصاب به العبد: ما نقص من ثمنه" هذا قول مالك. وقال إياس بن معاوية: إذا قطع يد عبد عمداً، أو فقأ عينه: هو له وعليه ثمنه. وقال سفيان الثوري: فإذا أصيب من العبد ما يكون نصف ثمنه من يد أو رجل، أخذ مولاه نصف ثمنه إذا كان قد بَرِئ. 25 - باب العبد يجني، ثم يعتقه سيده، وهو عالم بجنايته، أو لا يعلم ذلك قال أبو بكر: م 5140 - واختلفوا في العبد يقتل الحر، فيعتقه السيد. فقالت طائفة: يغرَم السيد الدية، والعتق واقع، وهذا قول النخعي، والشعبى. ¬

_ (¬1) وفي الدار "قيمته".

26 - باب حكم العبد الجاني

وفيه قول ثان وهو: أن على السيد ثمنه، هذا قول الزهري، والحكم، وحماد. وقال الحسن البصري: يسعى العبد في جنايته. وفيه قول رابع: قاله مالك، قال في العبد يجرح يعتقه سيده بعد ما جرح، وعلم ذلك، قال: إن أعطى سيد العبد صاحب الجرح عقل جرحه تمت العتاقة للعبد، وإلا حلف السيد ما أردت أن أعتقه وأحمل الجرح، ثم يسلم العبد إلى من جرحه. وفيه قول خامس وهو: إن كان مولاه أعتقه وقد علم بالجناية، فهو ضامن للجناية، وإن لم يكن علم بالجناية فعليه قيمة العبد، هذا قول سفيان الثوري، وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي. وفيه قول سادس وهو: أن عتقه باطل، علم بالجناية السيد (¬1) أو لم يعلم ذلك، وذلك أن الجناية في رقبة العبد، وليس للمولى إتلافه. كذلك قال أبو ثور، وقال: هو قياس قول الشافعي في العبد المرهون. 26 - باب حكم (¬2) العبد الجاني قال أبو بكر: م 5141 - واختلفوا في العبد يجني بخاية تأتي على نفس المجني عليه. قالت طائفة: إن شاء مولاه فداه، وإن شاء دفعه إلى المجني عليه (¬3) ¬

_ (¬1) "السيد" ساقط من الدار. (¬2) "حكم" ساقط من الدار. (¬3) "إلى المجني عليه" ساقط من الدار.

روينا هذا القول عن علي بن أبي طالب، وبه قال الشعبى، وعطاء، والحسن البصري، وعروة بن الزبير، ومجاهد، والزهري، وحماد بن أبي سليمان، والثوري، وأحمد، وإسحاق، وابن الحسن. م 5142 - وقال النخعي، وحماد بن أبي سليمان، والحارث العكلى، والثوري، والنعمان: إن كان القتل عمداً فلهم القَوَدُ، وإن شاؤوا عَفَوْاً، ولا يسترقونه. وفيه قول ثالث وهو: أن لهم أن يسترقّوه إذا دفعه السيد إلى أولياء المقتول، هذا قول الحسن البصري، وعطاء، وقتادة. وقال مالك: "يخيَّر سيد العبد المقتول، فإن شاء أخذ العقل [2/ 294/ب]، وإن شاء قتل. فإن أخذ العقل أخذ قيمة عبده، وإن شاء أرباب العبد القاتل أن يعطوا ثمن العبد المقتول، فعلوا. وإن شاءوا أسلموا عبدهم، فإذا أسلموه فليس عليهم إلا ذلك، وليس لأرباب العبد المقتول إذا أخذوا القاتل ورضوا به أن يقتلوه. وقال الشافعي: سيد العبد المقتول بالخيار: إما أن يقتل، وإما أن تكون قيمة العبد المقتول في عنق القاتل. فإن أدى ذلك السيد فليس لسيد العبد إلا ذلك إذا عفا عن القصاص، وإن أبى بِيع العبد القاتل، فإن كان فيه فضلٌ رُدَّ على سيد العبد القاتل، وإن كان نقصان فليس له غير ذلك.

27 - باب العبد يجني على نفر شتى بعضهم قبل بعض

27 - باب العبد يجني على نفر شتى بعضهم قبل بعض قال أبو بكر: م 5143 - واختلفوا في العبد يجني على نفر شتى بعضهم قبل بعض. فقال الحسن البصري، وحماد بن أبي سليمان، وربيعة، وأصحاب الرأي: هو بينهم بالحِصص. وروينا عن شريح أنه قال: يقضي به لآخرهم (¬1)، وبه قال الشعبى، وقتادة. 28 - باب العبد بين الرجلين يعتقه أحدهما ويقتله الآخر قال أبو بكر: م 5144 - واختلفوا في العبد بين الرجلين، يعتقه أحدهما -وهو موسر- ويقتله الآخر خطأ قبل أن يقوم. فكان ابن أبي ليلى، وابن شبرمة، والثوري يقولون: يعتق العبدُ ساعة أعتقه، ويغرم لشريكه حصته، وعلى القاتل دية حر، لورثته الأحرار، لأن العتق يتم بالقول، وبه قال قتادة. وفي قول مالك: لا يعتق العبد إلا بأن تؤخذ منه القيمة. فقياس هذا القول: ألا يعتق من العبد إلا نصيبُ المعتِق، ويكون على القاتل نصف دية الحر، ولا شيء عليه في حصته إلا الأدب. ¬

_ (¬1) وفي الدار "لأحدهم".

29 - باب جناية المكاتب

م 5145 - وإذا كان للرجل عبدان، فقتل أحدهما الآخر عمداً: فللسيد القود إن شاء في قول مالك، والشافعي. 29 - باب جناية المكاتب قال أبو بكر: م 5146 - واختلفوا في جناية المكاتب. فقالت طائفة: جنايته في رقبته، هذا قول الحسن البصري، والزهري، والنخعي، وحماد بن أبي سليمان ومالك. وقال مالك: إن عَجَز عن أداء ذلك خُيِّر سيده: فإن أحب أدى عَقْل ذلك الجرح فعل، وأمسك غلامه، وصار عبداً له، وإن أحب أن يسلمه فعل، وليس عليه أكثرُ من [2/ 295/ألف] ذلك. وقال الشافعي: إن قدر على أدائها مع الكتابة فعل، وإن لم يكن معه ما يؤدي، عجزه في مال الأجنبى. فإذا عجّزه السيد، خُير السيد بين أن يفديَه بالأقل من أرش الجناية وقيمته، فإن لم يفعل بِيع عليه، وأعطي أهل الجناية جنايتهم (¬1). وقال النخعي: جناية المكاتب على سيده، وكذلك المعتق عن دُبُر، وأم الولد. قال أبو بكر: قول الشافعي حسن. ¬

_ (¬1) "جنايتهم" ساقط من الدار.

30 - باب جناية المدبر

قال أبو بكر: م 5147 - واختلفوا في جناية المكاتب. فروينا عن شريح، وعمر بن عبد العزيز أنهما قالا: جناية المكاتب جناية عبد، وبه قال مالك، والثوري، والشافعي. وقال أكثر أهل العلم: المكاتب عبد ما بقى عليه درهم. وفيه قول ثان وهو: أن ذلك على قدر ما أعتق منه. روي هذا القول عن علي. 30 - باب جناية المُدَبَّر قال أبو بكر: م 5148 - واختلفوا في جناية المدبر. فقالت طائفة: جناية المدبر كجناية سائر العبيد. هذا قول الحسن البصري، وإبراهيم النخعي، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبي ثور. وقال عمر بن عبد العزيز، والنخعى، وحماد، والثوري: جناية المدبر على مولاه، وبه قال أصحاب الرأي. وقال مالك في المدبر: "إذا جرح، وله مال، فأبى سيده أن يفديه أخذ المجروح مال المدبر في دية جرحه، فإن كان فيه وفاء رجع المدبر إلى سيده، وإن لم يكن فيه وفاء استعمل المدبر

31 - باب جناية أم الولد

بما بقي له من جرحه". قال أبو بكر: الذي (¬1) عندي أن أحكامه أحكام العبيد. 31 - باب جناية أم الولد قال أبو بكر: م 5149 - قال كثير من أهل العلم: جناية أم الولد على سيدها. كذلك قال الحسن البصري، وإبراهيم النخعي، وبه قال مالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي. وعلى هذا عوام المفتين، لأن مذهبهم المنعُ من بيع أمهات الأولاد، اتِّباعاً لعمرَ بن الخطاب حيث مع من بيعهن. وفي هذه المسألة قولان آخران: أحدهما: أن حكمها كحكم سائر الإماء. وهذا على مذهب من كان يرى بيعهن من أصحاب النبي- صلى الله عليه وسلم - والقول الثاني قاله أبو ثور، قال: إن كان لأهل العلم إجماع فهو على ما قالوا، وإلا فالذي أراه أنه على بيت المال. م 5150 - وإذا جنت أم الولد جناية بعد جناية. ففي قول [2/ 295/ب] مالك: كلما جرحت جرحاً غرِم ¬

_ (¬1) وفي الدار "المدبر عبد أحكامه".

السيد قيمتها، إلا أن تكون دية الجرح أقلَّ من قيمتها فلا يكون عليه أكثر من دية الجرح. وقال أصحاب الرأي في المدبَّرة وأم الولد: إذا جنتا جناية فدفع المولى القيمة، ثم جنت إحداهما جناية أخرى تبع أهل الجناية الثانية أهل الجناية الأولى. وقال الشافعي: فيها قولان، أحدهما (¬1): كما ذكرنا عن مالك. والآخر: كقول الكوفي. ومال الُمزني إلى قول المدني. م 5151 - واختلفوا في أم الولد تجنى على سيدها جناية تأتي على نفسه. فقال الثوري، وأصحاب الرأي: لا شيء عليها. وقال أحمد: فيها قولان: منهم من يقول: تصير حرة، لأنها إن جنت وسيدها حي كانت جنايتها على سيدها، ومنهم من يقول: عليها قيمتها، فإن لم يكن عندها يكن ديناً عليها. ¬

_ (¬1) وفي الدار "الواحد".

32 - باب الجمل الصؤول

32 - باب الجمل الصَّؤول قال أبو بكر: م 5152 - واختلفوا في الدابة تريد الرجل فيدفعها عن نفسه ويقتلها. قال طاووس: لا شيء عليه. وكذلك قال مالك: إن قامت بذلك بينة، فلا شيء عليه. وبه قال الشافعي إذا لم يقدر على دفعها إلا بقتله لها، كما لا يكون عليه شيء في المسلم (¬1)، يريده فلا يقدر على دفعه إلا بضربه. وقال ربيعة كما قال مالك. وقال الحسن البصري، وعطاء، والزهري: يغرم قيمته. وقال أبو هريرة: من أصاب العجماء غَرِم. وحُكى هذا القول عن النعمان، ويعقوبَ. 33 - باب الجنايات على الدواب قال أبو بكر: م 5153 - واختلفوا في الرجل يجني على الدابة فتذهب عينها. فقالت طائفة: في عين الدابة ربع ثمنها. روينا هذا القول عن عمر بن الخطاب، وبه قال شريح، والشعبى، وعمر بن عبد العزيز. ¬

_ (¬1) وفي الدار "المغتلم".

وقال مالك، والشافعي، وأبو ثور: عليه ما نقص من ثمنها. م 5154 - واختلفوا فيما يجب في جنين الدابة. فقال الحسن البصري: في عشر ثمن أمه. وفيه قول ثان: وهو أن عليه قيمته. هذا قول النخعي، وفي قول الشافعي عليه ما نقص الأم. ثم كتاب المعاقل والحمد لله كثيراً

92 - كتاب القسامه

92 - كتاب القَسامه 1 - باب الحكم بالبينة على المدعي واليمين على المدعى عليه [2/ 296/ألف] قال أبو بكر: (ح 1526) ثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "جعل البينة على المدعي واليمين على المدَّعى عليه". م 5155 - فقال بظاهر هذا الحديث عوام أهل العلم من علماء الأمصار، والحكم بظاهر ذلك يجب إلا أن يخصَّ الله عَزَّ وَجَلَّ في كتابه أو على لسان نبيه - صلى الله عليه وسلم - حكماً (¬1) في شيء من الأشياء، فيُستثنى من جملة هذا الخبر ما دل عليه الكتاب والسنة. فما دل عليه الكتاب: إلزام القاذف حدَّ القذف إذا لم يكن معه أربعة شهداء يشهدون له على صدق ما رمى به المقذوف. وخص من رمى زوجته بأن أسقط عنه الحد إذا شهد أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين، والخامسة أن لعنة الله عليه (¬2) إن كان من الكاذبين. وذكر هذا بتمامه في كتاب اللعان ¬

_ (¬1) "حكماً" ساقط من الدار. (¬2) "عليه" ساقط من الدار.

(ح 1527) ومما خصته السنة حكم النبي - صلى الله عليه وسلم - بالقسامة. م 5156 - وقد اختلف أهل العلم في القسامة. فقالت طائفة: القسامة ثابتة عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -، يبدأ فيها بالمدعين في الأيمان، فإن حلفوا استحقوا، وإن نكلوا حلف المدعى عليهم خمسين يميناً، فإن حلفوا برئوا. هذا قول مالك، والشافعي، وأبي ثور، وهو مذهب يحيى بن سعيد، وربيعة، وأبي الزناد، والليث بن سعد، وأحمد بن حنبل. وفيه قول ثان وهو: إن شهد ذوا عدل على قاتله قتل به، وإن لم يشهد ذوا عدل استُحلف خمسون رجلاً من المدعى عليهم بالله ما قتلوا ولا علموا قاتلاً، فإن لم يحلفوا استحلف خمسون من المدعين أن دمنا لفيكم، ثم يعطون الدية. هذا قول الحسن البصري. وفيه قول ثالث وهو: أن المدعى عليهم يُستحلفون ويغرَمون الدية. روي هذا القول عن عمر، وبه قال الشعبى، والنخعي، والثوري، وأصحاب الرأي. قالوا: والقسامة خمسون رجلاً يحلف كل واحد منهم، بالله ما قتلتُ ولا علمت قاتلاً، ثم يغرمون الدية.

2 - باب [2/ 296/ب] القود بالقسامة

وفيه قول رابع وهو: التوقف عن الحكم بالقسامة. هذا قول الحكم، وروي ذلك عن النخعي. قال أبو بكر: القول بالأخبار الثابتة عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - في وجوب القسامة يجب. 2 - باب [2/ 296/ب] القود بالقسامة قال أبو بكر: م 5157 - واختلفوا في وجوب القود بالقسامة. فقالت طائفة: القسامة توجب القود. فممن رأى ذلك عبد الله ابن الزبير، وعمر بن عبد العزيز، ومالك، وأحمد، وأبو ثور. وفيه قولٌ ثانٍ وهو: أن القسامة توجب الدية ولا يقاد بها. روينا هذا القول عن ابن عباس، ومعاوية، وبه قال الحسن البصري، وإبراهيم النخعى، والثوري، والشافعي، وإسحاق، والنعمان، وأصحابه. قال أبو بكر: وبالقول الأول أقول. (ح 1528) لقول النبي: "تحلفون بالله وتستحقون دم صاحبكم". م 5158 - واختلفوا في عدد من يجب أن يقتل به، فكان الزهري، ومالك، وأحمد يقولون: لا يقتل بالقسامة إلا واحد.

3 - باب الأسباب التي إذا كانت موجودة وجب الحكم بالقسامة إذا ادعى ذلك المدعي

وقال أبو ثور: إذا جاز أن يقسموا على واحد جاز أن يقسموا على من يمكن أن يكون قتل. 3 - باب الأسباب التي إذا كانت موجودة وجب الحكم بالقسامة إذا ادعى ذلك المدعي قال أبو بكر: م 5159 - واختلفوا في المعنى إذا وُجد (¬1) وجبَ الحكم بالقسامة. فكان مالك، والشافعي يقولان: إذا شهد شاهد واحد عَدْل على رجل أنه قتله وجب الحكم بالقسامة. وقال الشافعي: إذا كان بين قوم وقوم عداوةٌ ظاهرة كالعداوة، التي كانت بين الأنصار واليهود، ووجد قتيل في أحد الفريقين، ولا يخلطهم غيرهم: وجهت فيه القسامة. وقالت طائفة: إذا قال المجروح أو المضروب: دمي عند فلان ومات، كانت قسامة. روي هذا القول عن عبد الملك بن مروان. وبه قال مالك، والليث بن سعد. واحتج مالك بقتيل بني إسرائل، وأنه قال: قتلني فلان. ¬

_ (¬1) "وجد" ساقط من الدار.

4 - باب الأولياء الذين يحلفون في القسامة وكم أقل من يحلف منهم

قال أبو بكر: قول المجروح: دمي عند فلان. بعيد الشبه من قتيل بين إسرائيل، لأن قتيل بني إسرائيل لم يقسم الورثة عليه، وهو يوجب أن يقسم الورثة، ولا يستحقون شيئاً إلا بالقسامة. وفي قوله، وقول جميع أهل العلم: أن أحداً لا يعطى بدعواه شيئاً: بيان على أن قتيل بني إسرائيل غير جائز أن يكون لنا أصلاً تبنى عليه المسائل. (ح 1529) وقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: "لو يُعطى الناسُ بدعواهم شيئاً [2/ 297/ألف] لادعى ناس دماء رجال وأموالهم. 4 - باب الأولياء الذين يحلفون في القسامة وكم أقلُّ مَن (¬1) يحلف منهم قال أبو بكر: م 5160 - واختلفوا في الأولياء، الذين يحلفون في القسامة. فقال مالك: "لا يحلف في القسامة في العمد أحد من النساء، وإن لم يكن في ولاة الدم إلا النساء فليس للنساء في قتل العمد قسامةٌ. ¬

_ (¬1) وفي الدار "ما يحلف".

ويحلف العصبة والموالي، ويستحقون الدم، وليس لهن أن يعفون، والعصبة والموالي أولى بذلك منهن. وقال مالك: "يحلف من ولاة الدم خمسون رجلاً خمسين يميناً، وإن قل عددهم، أو نكل بعضهم رُدت الأيمان عليهم إلا أن ينكل أحد من ولاة المقتول ولاة الدم، الذي يجوز لهم العفو عنه، فلا سبيل إلى الدم إذا نكل أحد منهم". وقال سفيان الثوري: ليس على النساء والصبيان قسامة. وقال الليث بن سعد قول ربيعة: والأمر عندنا أنه ليس للنساء عفو، ولا قَوَد، ولا قسامة. وكان الأوزاعي يقول: ليس للنساء قسامة، ولا عفو، ولا قود. وقد روينا عن النخعي، ليس للنساء قسامة، ولا عفو، ولا قود. م 5161 - وقد روينا عن النخعي، وعطاء إن عفو كل ذي سهم جائز، وهو مذهب الثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي. م 5162 - وفي قول الشافعي: لا يُقْسِم إلا وارثٌ، كان القتل عمداً أوخطأ. ولا يحلف على مال يستحقه إلا من له الملك لنفسه، أو من جعل الله له المال من الورثة، والورثة يُقْسِمون على قدر مواريثهم، وبه قال أبو ثور. قال أبو بكر: وبه نقول.

5 - باب العدد الذين يقسمون من الأولياء

5 - باب العدد الذين يقسمون من الأولياء قال أبو بكر: م 5163 - واختلفوا في العدد الذين يقسمون ويستحقون الدم أو العقل. فقالت طائفة: "لا يقسم في قتل العمد إلا اثنان فصاعداً، تُرَدَّد الأيمان عليهما حتى يحلفا خمسين يميناً، ثم قد استحقا الدم" هذا قول مالك. وفيه قول ثان قاله الشافعي، قال: ولا يجب على أحد حق في قسامة حتى تكمل أيمان الورثة خمسين يميناً، وسواء كثر الورثة أو قلوا. وإذا مات الميت وترك وارثاً واحداً استحق الدية، بأن يقسم خمسين يميناً. ولو لم يترك إلا ابنته وهي مولاته حلفت خمسين يميناً [2/ 297/ب] وأخذت الكل، النصف بالنسب والنصف بالولاء. وإذا ترك أكثر من خمسين وارثاً سواء في ميراثه حلف كلُّ واحد منهم يميناً، وبه قال أبو ثور.

6 - باب القتيل يوجد في المحلة أو القرية مع فقد اللوث الذي يوجب القسامة

6 - باب القتيل يوجد في المحلة أو القرية مع فقد الَّلوْثِ (¬1) الذي يوجب القسامة قال أبو بكر: م 5164 - واختلفوا في القتيل يوجد في القرية أو المحلة، فيدعيه أولياؤه على أهل المحلة، ولا لوث معهم. فقال مالك، والشافعي: لا قسامة في هذا، ويُستحلف المدعى عليهم. وقال أصحاب الرأي. يختار الولي من أهل المحلة أو القرية خمسين رجلاً، فيحلفون بالله ما قتلناه ولا علمنا قاتلاً. فإن لم يبلغوا خمسين كررت الأيمان عليهم حتى يحلفوا خمسين يميناً، فإذا حلفوا غرموا الدية. وكانت الدية على العاقلة. ولا يقسم فيهم صبي ولا امرأة ولا عبد. وقال الثوري: إذا وجد القتيل في قرية به أثر كان عقله عليهم. وإذا لم يكن به أثر لم يكن على العاقلة شيء إلا أن تقوم البينة على أحد. قال أبو بكر: وبقول مالك، والشافعي أقول، وذلك (ح 1530) لأن النبي- صلى الله عليه وسلم - جعل البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه. ¬

_ (¬1) وفي الدار "الثوب" وهو خطأ.

7 - باب مسائل

(ح 1531) وَسَنُّ القَسامة في القتيل الذي وجد بخيبر من الأنصار. وقول أصحاب الرأي: خارج عن جمل هذه السنن. 7 - باب مسائل قال أبو بكر: م 5165 - واختلفوا في القتيل يوجد في دار قوم. فقال الثوري: إن كان به أثر ففيه القسامة، وإن لم يكن به أثر فلا قسامة فيه. وقال حماد بن أبي سليمان: إذا وجد ميتاً لم يضمنوا، وإن وجد قتيلاً به أثر ضمنوا. وقال أصحاب الرأي: إذا وجد به أثر ضرب، أو جراحة، أو أثر خنق، فإن هذا قتيل وفيه القسامة على عاقلة رب الدار. م 5166 - واختلفوا في القتيل يوجد في المحلة. فقال أصحاب الرأي: هو على أهل الخطة، وليس على السكان شيء. فإن باعوا دورهم، ثم وجد قتيل في محلتهم فإن القسامة والدية على المشتري، وليس على السكان شىء.

وإن كان أرباب الدور (¬1) الغيب، وليس على السكان الذين وجد (¬2) القتيل بين أظهرهم شيء. ثم رجع يعقوب من بينهم عن هذا القول فقال: القسامة والدية على السكان في الدور. وحكي هذا القول عن ابن أبي ليلى. واحتج ابن أبي ليلى بأن أهل خيبر كانوا عمالاً يعملون سكاناً (¬3) فوجد القتيل فيهم. قال الثوري: ونحن نقول: هو على أصحاب الأصل، يعني أهل الدور. وقال أحمد: القول قول ابن أبي ليلى في القسامة لا في الدية. وقال الشافعي: ذلك كله سواء، ولا عقل ولا قود إلا ببينة تقوم، أو بما يوجب القسامة فيقسم الأولياء. قال أبو بكر: هذا أصح. م 5167 - وكان مالك، والشافعي، والنعمان يقولون: لا (¬4) قسامة فيما دون النفس. قال أبو بكر: وهذا أصح، وبه نقول. م 5168 - وقال الشافعي: "ومن أوجبت له دية نفس بيمين أو أوجبت له أن يبرأ من نفس بيمين، لم يستحق هذا ولم يبرأْ هذا بأقلَّ من خمسين يميناً. ¬

_ (¬1) وفي الدار "دورهم الغيب". (¬2) وفي الدار "الذين وجدوا القتيل" وهو خطأ. (¬3) وفي الدار "كانوا عمالا لا يعملون سكاناً". (¬4) وفي الدار "يقولون: قسامة فيها".

8 - باب الفريقين يقتتلان، ثم يفترقان عن قتيل لا يدرى من قتله

والأيمان في الدماء خلافُ الأيمان في الحقوق، وهي في جميع الحقوق يمينٌ يمين، وفي الدماء خمسون يميناً بما سن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - في القسامة. وكان أبو ثور يقول: من ادُّعِيّ عليه جناية عمداً كانت عليه يمين واحدة. وحكي عن الكوفي أنه قال كقوله. قال أبو بكر: وهذا أصح، (ح 1532) لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه". فذلك عام في كل شىء إلا في القسامة التي خصتها السنة. 8 - باب الفريقين يقتتلان، ثم يفترقان عن قتيل لا يُدْرى من قتله قال أبو بكر: م 5169 - وقد اختلف أهل العلم في الفريقين يقتتلان، فيفترقان عن قتيل لا يُدْرَى من قتله. فقال مالك: ديته على الذين نازعوهم، فإن كان القتيل أو الجريح ابن عم الفريقين، فَعَقْله على الفريقين جميعاً. وقال أحمد: عقله على عم عواقل الآخرين، يريد الذي نازعوهم، إلا أن يدَّعوا على رجل بعينه فتكونَ قسامةً، وبه قال إسحاق.

9 - باب قتيل الجماعات في الزحام لا يدرى من قتله

وفيه قول ثان وهو: أن ديته على عاقلة الفريقين جميعاً، كذلك قال ابن أبي ليلى، وبه يأخذ يعقوبُ. وقال الثوري- في الرجلين يصطرعان (¬1) فيجرح أحدهما صاحبه- قال: يضمن كل واحد منهما صاحبه. وقال النعمان: هو على عاقلة القبيلة التي وجد فيهم، إذا لم يدّعِ أولياء القتيل على غيرهم. وقال الشافعي، يقال لهم: إن جئتم بما يوجب القسامة على إحدى الطائفتين، أو واحد بعينه، أو أكثر، قيل لكم: أقسموا على واحد، فإن لم تأتوا بذلك فلا عقل ولا قود، ومن شئتم أحلفناه لكم. 9 - باب قتيل الجماعات في الزحام لا يُدرى من قتله قال أبو بكر: م 5170 - اختلف أهل العلم في المقتول في الزحام. فقالت طائفة: ديته على بيت المال، روينا هذا القول عن عمر، وعلي، وبه قال إسحاق، والثوري. كذلك قال: إذا وجد مقتولا على الجسر. وفيه قول ثان وهو: أن ديته على من حضر. هذا قول الحسن البصري، والزهري. ¬

_ (¬1) وفي الدار "يصطدمان".

10 - باب القسامة في العبد

وفيه قول ثالث وهو: أن ديته هَدَرٌ، هذا قول مالك. ويه قول رابع وهو: "أن يقال لوليه: ادّعِ على مَن شئت، فإذا ادعى (¬1) على أحد بعينه، أو جماعةٍ كانت يمكن أن يكونوا قاتليه في الجميع (¬2) قُبلت دعواه، وحلف واستحق على عواقلهم الدية في ثلاث سنين"، هذا قول الشافعي. 10 - باب القسامة في العبد قال أبو بكر: م 5171 - واختلفوا القسامة في العبد. فقال الزهري، ومالك، والثوري، والأوزاعي، وأبو ثور: لا قسامة في. وفي قول ثان وهو: أن لسيد العبد القسامة. هذا قول الشافعي. وقال أصحاب الرأي: في العبد القسامةُ على الذين وجد العبد بين أظهرهم، كما يكون في الحر. م 5172 - وكان مالك والشافعي يريان القسامة في قتل الخطأ. 11 - باب صفة اليمين في القسامة قال أبو بكر: ¬

_ (¬1) وفي الدار "حلف". (¬2) وفي الدار "الجمع".

(ح 1533) ثبت أن بني الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الحلف بغير الله. م 5173 - وأجمعوا على أن من حلف بالله أنه حالف. م 5174 - واختلفوا في كيفية اليمين في القسامة. قال مالك: اليمين في القسامة: والله الذي لا إله إلا هو لهو ضَرَبه ولِمَنْ ضَرْبِته (¬1) مات. وقال الشافعي: "يحلف بالله الذي لا إله إلا هو عالم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، لقد قتل فلان فلاناً منفرداً بقتله، ما شركه في قتله آخر غيره". وقال [2/ 299/ألف] النعمان: يحلف بالله الذي لا إله إلا هو، فإن اتهمه القاضي غلَّظ عليه اليمين فقال له: والله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم، الذي يعلم من السر ما يعلم من العلانية، الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور. قال أبو بكر: والذي يجب أن يُستحلف به المدعى عليه بالله، ولو استحلفه الحكم بالله الذي لا إله إلا هو لكان مذهباً حسناً. واختلف مالك والشافعي في الأيمان يكون فيها المكسور. فقال مالك: إذا قُسمت بينهم نُظِر إلى الذي يكون عليه أكثرُ تلك اليمين فتجبر عليه تلك اليمين. ¬

_ (¬1) وفي الدار "ولمن ضربه".

وقال الشافعي: من وقع عليه أولُّ كسر يمين جبرها. وسواء كانت زوجة أو غير زوجة تجبر الكسور كلها في مذهبه على مَن وقع عليه كسرُ يمين.

92 - كتاب المرتد

92 - كتاب المرتد قال أبو بكر محمد بن إبراهيم بن المنذر النيسابوري: قال الله جل ذكره: {وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ} إلى قوله {خَالِدُونَ}. وقال تعالى: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ}. وقال عز وجل: {كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ} إلى قوله {وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ}. 1 - باب حكم (¬1) المرتد والمرتدة قال أبو بكر: ح 1534) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: "من رجع عن دينه فاقتلوه، ولا تعذبوا بعذاب الله". ¬

_ (¬1) "حكم" ساقط من الدار.

(ح 1535) وثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لا يحل دم امرئ (¬1) يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله- صلى الله عليه وسلم - إلا إحدى ثلاث (¬2) نفر: النفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة، والثيب الزاني". واختلفوا في استتابة المرتد. فقالت طائفة: يستتاب فإن تاب وإلا قتل، روينا هذا القول عن عمر، وعثمان، وعلي. وبه قال عطاء بن أبي رباح، وإبراهيم النخعي، ومالك، وسفيان الثوري، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي. وفيه قول ثان وهو: أن يقتل ولا يستتاب، هذا قول عبيد بن عمير وطاووس. وقيل اختلف فيه عن الحسن، وقد روينا عن عطاء قولاً ثالثا قال: إذا كان مسلما ممن ولد في الإِسلام، ثم ارتد لم يستتب ويقتل. وإذا كان مشركا ثم أسلم، ثم ارتد يستتاب. والرواية الأولى عن عطاء أثبت [2/ 299/ب]. م 5176 - واختلف الذين رأوا أن يستتاب المرتد. ¬

_ (¬1) وفي الدار "دم رجل". (¬2) وفي الدار "أحد ثلاثة نفر".

فقالت طائفة: يستتاب ثلاثة أيام، روينا ذلك عن عمر، وبه قال أحمد بن حنبل، وإسحاق (¬1). وقال مالك: إنه ليقال ثلاثة أيام، وأرى ذلك حسناً، وما يأتي من الاستظهار إلا خيرا. واستحسن ذلك أصحاب الرأي. واختلفوا قول الشافعي في هذا الباب. فقال في كتاب المرتد: يقتل مكانه. وقال في مكان آخر: والقول الثاني أن يحبس ثلاثاً. ومال المزني إلى القول الأول. وفيه قول ثالث قاله الزهري، قال: يُدعى إلى الإِسلام ثلاث مرات (¬2)، فإن أبى ضُربت عنقه. وروينا عن علي بن أبي طالب قولاً رابعاً (¬3) وهو: أنه استتاب رجلاً كفر بعد إيمانه شهراً، فأبى فقتله. وقال النخعي: يستتاب أبداً. وقال الثوري: "هذا الذي نأخذ (¬4) به". ¬

_ (¬1) "وإسحاق" ساقط من الدار. (¬2) وفي الدار "ثلاث مرار". (¬3) في الأصلين "قولاً ثالثاً". (¬4) "نأخذ به ... إلى قوله: وهو قوله: من" ساقط من الدار.

2 - باب ارتداد المرأة المسلمة

قال أبو بكر: وقد اختلفت الأخبار عن عمر في هذا الباب. واستعمال ما أمر به النبي- صلى الله عليه وسلم - يجب، وهو قوله: (ح 1536) "من بدل دينه فاقتلوه". وحسن أن يستتاب، فإن تاب مكانه وإلا قتل. 2 - باب ارتداد المرأة المسلمة قال أبو بكر: (ح 1537) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: "من بدل دينه فاقتلوه". قولاً عاماً يدخل فيه الرجال والنساء، لأنه لم يخص امرأة دون رجل. م 5177 - وقد اختُلِف فيه. فقالت طائفة: في المرأة إذا ارتدت: تقتل إن لم ترجعْ إلى الإِسلام. كذلك قال الحسن البصري، والزهري، ومكحول، والنخعي، وحماد، ومالك، والليث بن سعد، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وإسحاق.

3 - باب النصرانيين يسلم أحدهما

وفيه قول ثان وهو: أنها تُسترق ولا تقتل، يُروى هذا القول عن علي بن أبي طالب. وبه قال قتادة، والحسن البصري. وفيه قول ثالث وهو: أنها تسجن ولا تقتل، روي هذا القول عن ابن عباس ولا يصحُ ذلك عنه. وقال النعمان: تجبر على الإِسلام ولا تقتل تحبس المرأة الحرة وتجبر على الإِسلام. قال أبو بكر: بظاهر قول رسول الله- صلى الله عليه وسلم - نقول. م 5178 - واختلفوا في الأمة ترتد عن الإِسلام. ففي قول مالك، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وإسحاق: تقتل إن لم تتب. وفي قول أصحاب الرأي: تدفع إلى مولاها، ويؤمر مولاها أن يجبرها على الإِسلام. قال أبو بكر: دخل في ظاهر قول رسول الله- صلى الله عليه وسلم -، [2/ 300 /ألف]- صلى الله عليه وسلم - "من بدل دينه فاقتلوه" الرجال والنساء، والعبيد والإماء. 3 - باب النصرانيين يسلم أحدهما قال أبو بكر: م 5179 - أجمع أهل العلم على أن النصرانيْين إذا أسلم أحدهما ولهما

أولاد بالغون رجال ونساء، أنهم لا يكونون مسلمين بإسلام أيهما أسلم منهما. م 5180 - واختلفوا في النصرانيين يُسْلم أحدهما ولهما أولاد أطفال لم يبلغوا. فقالت طائفة: يكونون على دين الأب نصرانيا كان أو مسلما. هذا قول مالك. وفيه قول ثانٍ وهو: أن يكون حكم الأولاد حكمَ المسلم منهما. هذا قول الشافعي، وأحمد. وفيه قول ثالث وهو: إذا بلغ فهو بالخيار: إن شاء دين أبيه، وإن شاء دين أمه. هذا قول الثوري. وقال أصحاب الرأي: إذا أسلم أبواه، أو أحدهما، ثم أدرك وأبى الإسلام، أجبر على الإِسلام، ولم يقتل. وقال الأوزاعي: إذا أبى الأولاد الأطفال أن يسلموا بإسلام أبيهم حتى بلغوا، تُركوا وأولياؤهم من أهل دينهم. م 5181 - واختلفوا في صبي لم يبلغ، ابن عشر سنين ارتد عن الإِسلام، وتحته امرأةٌ مسلمة. فقال الشافعي، وزُفَر: لا تبين منه امرأته. وقال يعقوب: ردته رِدَّة، وقد بانت منه امرأته. وقال أحمد، وإسحاق: أجبره على الإِسلام. وقال النعمان: إذا عَقَل الصبى ارتدادُه ارتدادٌ، إلا أنه لا يقتل، ويجبر على الإِسلام، وإسلامه إسلام، ولا يرث

4 - باب من انتقل من كفر إلى كفر

أبواه (¬1) إن كانا كافرَيْن، وبه قال محمد. وقال يعقوب: ارتداده ارتداد، وإسلامه إسلام. 4 - باب من انتقل من كفر إلى كفر قال أبو بكر: م 5182 - واختلفوا فيمن انتقل من اليهود إلى دين النصارى، أو من دين النصارى إلى دين اليهود والمجوس. فكان الشافعي يقول: إن رجَع إلى دينه، وإلا بلغ أي بلاد الحرب شاء الإمام من أهل دينه، ثم حورب. وفي قول مالك، وأبي ثور: ذلك كفرٌ كله، ولا يجب عليه شيء. 5 - باب المغلوب على عقله يتكلم بالردة، والسكران يتكلم بالكفر قال أبو بكر: م 5183 - أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن المجنون إذا ارتد في حال جنونه (¬2) أنه مسلم على ما كان قبل ذلك، ولو قتله قاتل عمدا [2/ 300/ب] كان عليه القود إذا طلب أولياؤه ذلك. ¬

_ (¬1) وفي الدار "لا يرث أبويه". (¬2) وفي الدار "حال حياته".

6 - باب ارتداد العبد والأمة وجنايتهما في حال ارتدادهما

م 5184 - واختلفوا في السكران يرتد. فكان الشافعي، ويعقوبُ يلزمانه الارتداد. وقال النعمان في السكران يرتد: ليس ردته ردةً. هذا هَذَيان، لم يكن كفره كفراً لأن قلبه لم يعقد عليه. قال أبو بكر: لست أجد دلالة توجب على السكران الذي تكلم بالكفر كفراً يوجب قتله. 6 - باب ارتداد العبد والأمة وجنايتهما في حال ارتدادهما قال أبو بكر: (ح 1538) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: "من بدل دينه فاقتلوه". دخل في ظاهر قوله الأحرارُ، والعبيد، والرجال، والنساء. م 5185 - وممن قال بأن العبد إذا ارتد فاستتيب فلم يتب يجبُ قتله: مالك والأوزاعي، والشافعي، والنعمان، ومن تبعهم، ولا أحفظ عن غيرهم خلاف قولهم. م 5186 - وقال النعمان في العبد إذا جنى وهو مرتد فجنايته كجناية غير المرتد، فإن جُنِيَ عليه وهو مرتد فليس على الجاني شيء لأن دمه حلال. وقال الأوزاعي: جنايته هدر، فإن رجع إلى الإِسلام كانت جنايته في رقبته.

7 - باب ما يجب على من سب نبي الله - صلى الله عليه وسلم -

وكان الشافعي، يجعل جناية العبد المرتد في رقبته، فإن فداه السيد قتل على الردة، وإن لم يَفْده قتل على الردة ولا شيء للمجني عليه على مولى العبد شيء (¬1). 7 - باب ما يجب على من سب نبي الله - صلى الله عليه وسلم - قال أبو بكر: م 5187 - أجمع عوام أهل العلم على أن من سب النبي - صلى الله عليه وسلم - القتل. وممن قال ذلك: مالك، والليث بن سعد، وأحمد، وإسحاق، وهو مذهب الشافعي. وقد حكي عن النعمان أنه قال: لا يقتل من سب النبي - صلى الله عليه وسلم - من أهل الذمة، وما هم (¬2) عليه من الشرك أعظم. قال أبو بكر: ومما يحتج به في هذا الباب قصة كعب بن الأشرف. (ح 1539) وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من لكعب بن الأشرف فإنه قد آذى الله ورسوله" فانتدب له جماعة بإذن النبي- صلى الله عليه وسلم - فقتلوه. ¬

_ (¬1) "على مولى العبد شيء" ساقط من الدار. (¬2) وفي الدار "فإنهم عليه".

8 - باب المكره على الكفر

وتغيظ أبو بكر الصديق -رضي الله عنه - على رجل، فقال مِن أصحابه أبو برزة: أضرب عنقه؟ فقال: ما كانت لأحد بعد رسول الله- صلى الله عليه وسلم -. قال أبو بكر: فأما من بعد رسول [2/ 301/ألف] الله - صلى الله عليه وسلم -، فلا أعلم أحدا يوجب قتل من سب من بعد رسول الله- صلى الله عليه وسلم -. 8 - باب المكره على الكفر [(¬1) قال أبو بكر: قال الله جل ثناؤه: {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ}]. م 5188 - واختلفوا في المكره على الكفر أو الإِسلام. فقالت طائفة: إذا أكره على الكفر لم تَبن منه زوجته، ولم يحكم عليه بحكم الكفر، هذا قول مالك بن أنس، والشافعي، والنعمان، ويعقوب. وقال ابن الحسن: إذا أظهر الشرك كان مرتداً في الظاهر، وهو فيما بينه وبين الله عَزَّ وَجَلَّ على الإِسلام إن كان مخلصًا للإسلام بقلبه، وتبين منه امرأته، ولا يُصلى عليه إن مات، ولا يرث أباه إن مات مسلماً. ¬

_ (¬1) ما بين المعكوفين من الدار.

م 5189 - ولو أن نصرانياً أجبره والٍ على الإِسلام، فأسلم لم يكن ذلك إسلاما، في قول النعمان، وهذا على مذهب الشافعي. وفي قول محمد: يكون إسلاماً في الظاهر، فإن رجع عنه استتُيب فإن تاب وإلا قتل. قال أبو بكر: (ح 1540) قال الله عز وجل: {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ} الآية نزلت في عمار وغيره، قال لهم كلمة أعجبتهم تقية، فاشتد على عمار الذي كان تكلم به، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: "كيف كان قلبك حين قلتَ الذي قلت؟ أكان منشرحاً بالذي قلت أم لا؟ " فأنزل الله عز وجل: {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ} الآية. (ح 1541) وقد روينا عن النبي- صلى الله عليه وسلم -: "إن الله جل ذكره تجاوز لي عن أمتي الخطأ، والنسيان، وما استكرهوا عليه". م 5190 - وقد روينا عن جماعة من أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أنهم كانوا لا يرون طلاقَ المكره شيئاً. منهم عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وابن عمر، وابن عباس، وابن الزبير -رضي الله عنهم-.

9 - باب استتابة الزنديق

وبه قال طاووس، وعطاء، وجابر بن زيد، وشريح، والحسن البصري، وعبيد الله بن عمير، وأيوب السختياني، ومالك، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور. 9 - باب استتابة الزنديق قال أبو بكر: م 5191 - واختلفوا في الزنديق يُظهر عليه، هل يستتاب أم يقتل، ولا يقبل منه الرجوع؟.

فقالت طائفة: تقبل توبته إن تاب، ويقتل إن لم يتب. يُروى هذا القول عن علي بن أبي طالب، وبه قال عبيد الله بن الحسن، والشافعي. وكان مالك، والليث بن سعد، وأحمد، وإسحاق يقولون: لا يستتابون. وقال مالك: يقتل الزنادقة، ولا يستتابون. وقال أحمد [2/ 301/ب] بن حنبل: الزنديق لا يستتاب، روى ذلك عنه إسحاق بن منصور (¬1). وذكر الأثرم أنه ذُكر لأحمد الزنديق فقال: لا أدري. قال أبو بكر: كما قال الشافعي أقول. وقد احتج بقول الله تعالى في المنافقين: {اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} قال: وهذا يدل على أن إظهار الإيمان جنة من القتل. (ح 1542) وقال المقداد لرسول الله- صلى الله عليه وسلم -: "ارأيت إن اختلفت أنا ورجل من المشركين ضربتين بالسيف، فضربني فقطع يدي، فلما أهويت إليه لأقتله قال: لا إله الله، أأقتله أم أدعه؟ قال: بل دعه". ¬

_ (¬1) وفي الدار "وذكر ذلك إسحاق بن منصور عنه".

10 - باب مال المرتد المقتول على ردته

10 - باب مال المرتد المقتول على ردته قال أبو بكر: م 5192 - واختلفوا في مال المرتد المقتول على ردته. فقالت طائفة: ميراثه لورثته من المسلمين. هذا قول الليث بن سعد، وإسحاق بن راهويه، والنعمان. وروينا هذا القول عن علي بن أبي طالب، والحسن البصري، والشعبى، والحكم. وقال الأوزاعي: إذا كان في دار الإِسلام قتل وقسم ماله بين ورثته. وقالت طائفة: لا يرث المرتد ورثتُهُ من المسلمين ولا يرثهم، لأنه كافر. (ح 1543) وقد ثبت أن النبي- صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يرث الكافر المسلم ولا المسلم الكافر". هذا قول ربيعة، وابن أبي ليلى، ومالك، والشافعي، وأبي ثور. وبه نقول. وفي هذه المسألة قول ثالث وهو: أن ماله لورثته من المسلمين، وما أصاب في ارتداده فهو فيء للمسلمين، هذا قول سفيان الثوري.

11 - باب ما يفعل المرتد في ماله من هبة، وعتق، وعطية، وغير ذلك

واختلف فيه عن أحمد. فحكى إسحاق بن منصور عنه أنه قال: ماله للمسلمين، وحكى الأثرم عه أنه قال: كنت أقول به، ثم جَبُنت عنه، قال: هو كما ترى قتل على الكفر فكيف يرثه المسلمون؟، وقال: هو في بيت المال. وضعّف أحمد حديث علي. 11 - باب ما يفعل المرتد في ماله من هبة، وعتق، وعطية، وغير ذلك قال أبو بكر: م 5193 - واختلفوا في المرتد يعتق عبداً من عبيده، أو يهبَ شيئاً من ماله. فقالت طائفة: "كل ما فعله في ماله فهو جائز إذا رجع إلى الإِسلام (¬1)، كما كان يصنع قبل الردة. إذا وُقِف فلا سبيل له على إتلاف شيء من ماله بعوض ولا غيره ما كان موقوفاً [2/ 302/ألف] فإن أعتق، أو كاتب، أو دبَّر، أو اشترى، أو باع: فذلك موقوف لا ينفذ منه شيء في حال ردته، فإن رجع إلى الإِسلام لزمه ذلك كله إلا البيع فإذا فَسخ بيعه انفسخ. هذا قول الشافعي. ¬

_ (¬1) "إذا رجع إلى الإِسلام" ساقط من الدار.

12 - باب لحوق المرتد بدار الحرب

وقال النعمان: كل شيء صنع المرتد من عتق، أو بيع، أو شراء: فهو جائز إذا رجع إلى الإِسلام، وإذا لحق بدار الحرب، أو مات على ردته، فكل شيء صنع فهو باطل. وقال يعقوب: كل شيء صنع من كذلك فهو جائز. وقال محمد: هو جائز كما يجوز للمريض، لأنه يقتل. م 5194 - وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن المرتد لا يزول ملكه عن ماله (¬1) بارتداده. م 5195 - وأجمعوا كذلك أنه برجوعه إلى الإِسلام مردودٌ إليه ماله ما لم يلحق بدار الحرب. وإنما اختلفوا فيما يجوز له أن يفعله في ماله، وقد بينا ذلك. قال أبو بكر: ليس يخلو فعله في ماله في حال ارتداده من أحد وجهين: إما أن يكون جائزاً فعلُه في ماله كما كان قبل أن يرتد. أو يكونَ ممنوعاً من ماله كما ارتد أن يحدث فيه حدثا. وأنا استخير الله تعالى فيه. 12 - باب لحوق المرتد بدار الحرب قال أبو بكر: م 5196 - أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن المرتد إذا تاب ورجع إلى الإسلام: أن ماله مردود إليه. ¬

_ (¬1) "عن ماله" ساقط من الدار.

13 - باب حكم ولد المرتد

م 5197 - واختلفوا في مال المرتد اللاحق بدار الحرب. فقالت طائفة: إذا قتل المرتد، أو مات فماله للمسلمين دون ورثته. لم يفرقوا في ذلك بين من مات منهم أو قتل في دار الحرب، أو دار الإِسلام، هذا قول مالك، والشافعي. وقال الأوزاعي: ماله بمنزلة دمه إذا لحق بدار الحرب. وقال الثوري: إذا قتل المرتد فماله لورثته، إذا لحق بدار الحرب فماله للمسلمين. وقال النعمان: يقسم ماله بين ورثته على سهام الله وفرائضه، مات أو لحق بدار الحرب. وقال الحسن البصري: ما حمل معه من ماله فهو مغنم إذا أصيب، وما خلف فهو لورثته. 13 - باب حكم ولد المرتد قال أبو بكر: م 5198 - واختلفوا في ولد المرتد، وولد المعاهد [2/ 302/ب] اللاحق بدار الحرب. فكان الشافعي (¬1) يقول: حكم أولاد المرتد حكم الإِسلام، فإن بلغ وأبي الإِسلام استتيب، فإن تاب وإلا قتل. ولا تسبى للمرتد ذرية". ¬

_ (¬1) في الأصل "فكان مالك والشافعي يقول" والتصحيح من الدار، والأوسط المخطوط.

14 - باب قتل المرتد وجرحه

وقال الأوزاعي: إن كان تزوج في دار الحرب وولد له، ثم رجع إلى الإِسلام ألحقت به ذريته، ووضعت امرأته في القاسم، وإن أبي إن يسلم وضعت امرأته وولدها في المقاسم. وقال النعمان: إن ارتد الرجل وامرأته عن الإِسلام جميعاً معاً فهما على النكاح، فإن لحقا بدار الحرب، فحملت في دار الحرب فولدت، ثم ظُهِر على ولدها فإنه فيء، ويجبر على الإِسلام إذا سُبِيَ صغيراً. وإن ولد لولدهما ولدٌ، ثم ظهر على ولد الولد، كان فيئاً، ولم يجبر على الإِسلام. إنما يجبر على الإِسلام المرتدون وأولادهم لأصلابهم، فأما أولاد أولادهم الذين ولدوا في دار الحرب فهم فيء ولا يجبرون على الإِسلام. 14 - باب قتل المرتد وجرحه قال أبو بكر: (ح 1544) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يَحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: كفرٍ بعد إيمان، أو زنى بعد إحصان، أو قتلِ نفس بغير نفس". قال أبو بكر: م 5199 - فإذا عدا رجل على مرتد فقتله بغير إذن الإمام، فلا شيء عليه من

15 - باب ما يحدثه المرتد في حال ارتداده

عَقل، ولا قَوَد، لأنه قتل نفساً مباحةَ الدم (¬1). غير أن الإمام ينهاه عن ذلك، لأنه تولى ما ليس إليه، ويعزِّره إن رأى ذلك. وإذا قطع بعض أطراف المرتد، أو جرح كان كذلك. م 5200 - وقد اختلفوا فيمن جرح مرتداً، ثم أسلم المرتد. فكان الأوزاعي يقول: إن راجع الإِسلام عُقلت جراحته (¬2)، وإن قتل على كفر، فجراحته هدْر. وكان الشافعي لا يجعل له عقلاً ولا قوداً. وقال الثوري كما قال الشافعي، ولكنْ يعزر لأنه فعل ذلك دون الإمام. 15 - باب ما يحدثه (¬3) المرتد في حال ارتداده قال أبو بكر: م 5201 - كان الليث بن سعد يقول في الحر والعبد المرتديْن يجنيان: أما الحر فإن هو رجع إلى الإسلام وتاب من الكفر اقتُصَّ منه [2/ 303/ألف] إن كان تعمد، وكانت الدية على عاقلته في الخطأ، وإن لم يرجع وكان مقتولا على كفره فالقتل يقطع كل جناية لأنه يأتي على نفسه. ¬

_ (¬1) "الدم" ساقط من الدار. (¬2) وفي الدار "جراحه". (¬3) وفي الدار "يجني المرتد".

16 - باب مسألة

والعبد إن جَنى على حر ورجع إلى الإِسلام، اقتص منه، وإن كره ذلك فداه سيده أو بيع فيه رقبته، وإن لم يتعمد فالعقل في رقبته ولا قصاص عليه. وقال في الرجل المرتد يقتل رجلاً خطأ، ثم يلحق بدار الحرب، أو يقتل على ردته، فالدية فما اكتسبت في حال الإِسلام. وقال يعقوب: فما اكتسبت في حال الإِسلام وحال الردة. وقال قائل: لا يؤخذ بشيء مما أحدثه في حال ارتداده إذا حارب ونابذ المسلمين. وقال الشافعي "إذا عرضت الجماعة لقوم من مارّة الطريق بعد أن يرتدوا عن الإِسلام، ثم فعلوا وهم مرتدون لم يقم عليهم شيء من هذا بأنهم فعلوه وهم مشركون". وقال في كتاب جراح العمْد: "إن الجناياتِ تلزم المرتدين في حال الارتداد، وإن الحكم عليهم كالحكم على المسلمين، لا يُخْتلَف في العقل والقود، أو ضمان (¬1) ما يضمنون (¬2)، وسواء قبل أن يُقْهروا أو بعد ما قُهروا، فتابوا أو لم يتوبوا، لا يختلف ذلك. 16 - باب مسألة قال أبو بكر: م 5202 - واختلفوا في المسلم يصيب حداً أو حدوداً، ثم يرتد، ثم ¬

_ (¬1) وفي الدار "ولا ضمان". (¬2) وفي الأم "ما يصيبون".

17 - باب زوجة المرتد والحكم فيها

يرجع إلى الإِسلام. فقالت طائفة: تُقام عليه تلك الحدود، لأنه فعلها وهو ممن يلزمه ذلك، هذا قول الشافعي، وأحمد، وإسحاق. وفيه قول ثانِ وهو: أنه إذا أحدث في الإِسلام حدثا، ثم لحق بأرض الرومَ (¬1)، ثم قدر عليه الإمام، إن كان ارتد عن الإِسلام كافراً دُرِئَ عند الحد، وإن لم يرتدّ أقيم عليه، هذا قول قتادة. وقال الثوري: إذا سرق وزنى، ثم ارتد عن الإِسلام، ثم تاب: هدم الإِسلام ما كان قبل ذلك إلا حقوق الناس بعضهم لبعض. 17 - باب زوجة المرتد والحكم فيها قال أبو بكر: م 5203 - واختلفوا في حكم زوجة المرتد. فقالت طائفة: أيّ الزوجين ارتد انفسخ النكاح بينهما ساعةَ يرتد أحدهما، [2/ 303/ب] هذا قول مالك، والثوري، وأبي ثور، والنعمان، وأصحابه. وبه قال الحسن البصري، وعمر بن عبد العزيز. وفيه قول سواه وهو: أنها محبوسة على العِدة، انِ انقضت العدة قبل أن يرجع الزوج إلى الإِسلام فقد بانت منه، وإن رجع إلى ¬

_ (¬1) وفي الدار "بأرض الحرب".

18 - باب ذبيحة المرتد

الإِسلام وهي في العدة فهما على النكاح. هذا قول النخعي، والشعبي، والحكم، والشافعي، وأحمد، وإسحاق. قال أبو بكر: القول الأول أصح، لقوله عز وجل: {وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ}. 18 - باب ذبيحة المرتد قال أبو بكر: م 5204 - واختلفوا في ذبيحة المرتد. فقال مالك، والشافعي، والنعمان، ويعقوب، وابن الحسن، وأبو ثور: لا تؤكل ذبيحته. وقال إسحاق: ذبيحة المرتد إذا ذهب إلى النصرانية جائزةٌ. وحُكي ذلك عن الأوزاعي، واحتج بقول علي: من تولى قوماً فهو منهم. 19 - باب استتابة القدرية، وسائر أهل البدع قال أبو بكر: م 5205 - واختلفوا في استتابة أهل البدع، مثل القَدَرية،

والإباضية.

20 - باب صفة كمال وصف الإيمان

فكان مالك يقول: "أرى أن يستتابوا، فإن تابوا وإلا قتلوا". وفي قول الشافعي: لا يستتابون. وكان يذم الكلام ذماً شديداً. وكان يقول: لأن يلقى الله العبدُ بكل ذنب ما خلا الشرك خير له من أن يلقاه بشيء من الأهواء. وقال شبابة، وأبو النضر. المِرِّيسي كافر جاحد، يستتاب، فإن تات وإلا ضربت عنقه. وقال يزيد بن هارون: جَهْمٌ كافر قتله سالم بن أحوز بأصبهان على هذا القول. 20 - باب صفة كمال وصف الإيمان قال أبو بكر: م 5206 - أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن الكافر إذا قال: أشهد أن لا إله الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وأن كل ما جاء به

محمد حق، وأتبرأ من كل دين خالف دين الإِسلام. وهو بالغ صحيح يعقل: أنه مسلم. فإن رجع بعد ذلك فأظهر الكفر كان (¬1) مرتداً يجب عليه ما يجب على المرتد. م 5207 - واختلفوا فيمن شهد أن لا إله الله وأن محمدا رسول الله، ولم يزد على ذلك. فكان الشافعي يقول: "إن كان من أهل الأوثان ومَن لا دين له يدعي أنه دين نبوة ولا كتاب، فإذا أقر بهذا فقد أقر بالإيمان، ومتى [2/ 304/ألف] رجع عنه قتل. وإن كان على دين اليهودية أو النصرانية فهؤلاء يدَّعون دين موسى وعيسى، وقد بدلوا منه، فقد قيل لي (¬2): إن فيهم من هو (¬3) مقيم على دينه يشهد أن لا إله الله ويشهد أن محمدا رسول الله، ويقول: لم يبعث إلينا. فإن كان فيهم أحد هكذا لم يكن هذا مستكملَ الإيمان حتى يقول: وأن دين محمد حق أو فرض، وأبرأ مما خالف دين محمد - صلى الله عليه وسلم -، أو دين الإسلام. فإذا قال هذا فقد استكمل دينَ الإِسلام الإقرارُ بالإيمان، فإذا رجع عنه استُتيب، فإن تاب وإلا قتل. ¬

_ (¬1) وفي الدار "على مرتداً". (¬2) "لي" ساقط من الدار. (¬3) "من هو" ساقط من الدار.

21 - باب المرتد مرة بعد مرة

وقال أصحاب الرأي في النصراني يقول: أشهد (¬1) أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله- صلى الله عليه وسلم -، ولم يقل: إني داخل في الإِسلام، ولا يتبرأ من النصرانية لم يكن ذلك مسلما إلا أن يصلي مع المسلمين في جماعة، أو يؤذّنَ لهم. وقال أحمد في رجل قال: أشهد أن لا إله الله وأن محمدا رسول الله: يجبر على الإِسلام. وأنكر على من قال: لا يجبر. 21 - باب المرتد مرة بعد مرة قال أبو بكر: م 5208 - واختلفوا فيمن ارتد مرة بعد مرة. فقالت طائفة: يستتاب، ليس له حد ينتهي إليه، هذا قول الشافعي، وأحمد، وابن القاسم صاحب مالك (¬2). وقال أصحاب الرأي (¬3): إذا ارتد ثم تاب، ثم ارتد، ثم تاب، ثم أتى به في الثالثة، استتبْناه أيضاً فإن لم يتب قتلناه، ولا نؤجله. وإن تاب ضربناه ضرباً وجيعاً، ولا نبلغ به الحد، ثم حبسناه، ولم نخرجه من السجن حتى نرى عليه أثر خشوع التوبة. فإن فعل ذلك خُلّي سبيله. ¬

_ (¬1) "أشهد أن لا إله الله ... إلى قوله: وقال أحمد في رجل قال" ساقط من الدار. (¬2) "وابن القاسم صاحب مالك" ساقط من الدار. (¬3) "الرأى" ساقط من الدار.

22 - باب تأديب المرتد إذا رجع إلى الإسلام

وقالت طائفة: يستتاب ثلاثا، فإن ارتد الرابعة قتل. هذا قول إسحاق. قال أبو بكر: قول الشافعي صحيح (¬1). 22 - باب تأديب المرتد إذا رجع إلى الإسلام قال أبو بكر: م 5209 - لا نعلمُ أحداً أوجب على المرتد مرة واحدة أدباً إذا رجع إلى الإِسلام. وهذا على مذهب مالك، والشافعي، والكوفي. 23 - مسائل من هذا الكتاب (¬2) قال أبو بكر: م 5210 - أجمع أهل العلم على أن شهادة شاهديْن يجب قَبولهما على الارتداد، ويقتل المرتد [2/ 304/ب] بشهادتهما إن لم يرجع إلى الإِسلام. هذا قول مالك، والأوزاعي، والشافعي، وأصحاب الرأي. ¬

_ (¬1) وفي الدار "أصح". (¬2) في الأصل "الباب" والتصحيح من الدار.

ولا نعلم أحدا خالفهم في ذلك إلا الحسنَ البصري فإنه كان يقول: لا يقبل في القتل (¬1) إلا شهادةُ أربعة شهداء. م 2511 - وقال الشافعي: "وإذا كان على المرتد دَيْن تدينه (¬2) قبل الردة، ثم ارتد: قُضِيَ عنه إن كان حالاً، وإن كان إلى أجل فهو إلى أجله، إلا (¬3) أن يموت فيحلّ بموته (¬4) وإقراره بالدين جائز بعد الردة". وقال أصحاب الرأي: يُقضى دينه من ماله الذي كان له، وما بقي يكون لورثته. وقال الحسن: يقضى دَينه من ماله الذي اكتسبه قبل أن يرتدَّ، فإن لم يف بدينه لم يقض مما أفاد في حال ارتداده شيء، وكان ذلك فيْئاً للمسلمين. وقال يعقوب: الدين في المالين جميعاً. قال أبو بكر: م 5212 - وإن كان للمرتد دَين أُخذ دَينهُ فوُقِفَ مع ماله. وإن كان إلى أجل فهو إلى أجله، إذا حل قبض. م 2513 - وليس له أن يَنكح امرأة مسلمة، ولا ذمية، لأنه كافر لا ينعقد نكاحُه على مسلمة، ولا يُقرُّ على دِينه فينكحَ ذمية. ¬

_ (¬1) وفي الدار "في القتال". (¬2) وفي الدار "ببينة". (¬3) وفي الدار "إلى". (¬4) وفي الدار "بموته في الدار".

م 5214 - وإن ارتد عن الإِسلام فقتل رجلاً خطأً، ثم (¬1) لحق بدار الحرب: كانت الدية في ماله وفيما اكتسبه في حال الإِسلام وحال الردة في قول الشافعي، ويعقوب، ومحمد. وقال النعمان: الدية فيما اكتسبت في حال الإِسلام. قال أبو بكر: وبقول الشافعي أقولِ. قال أبو بكر: م 5215 - إذا تكلم المراهق الذي لم يبلغْ من المسلمين بالكفر، فقتله رجل، فعلى قاتله القَودُ، في قول الشافعي، والكوفي. م 5216 - وميراثه لورثته من المسلمين، في مذهبهم جميعاً. ¬

_ (¬1) "ثم" ساقط من الدار.

94 - كتاب العتق

94 - كتاب العتق قال أبو بكر: قال الله جل ذكره: {فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ. وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ. فَكُّ رَقَبَةٍ} الآية. (ح 1545) وثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - "قيل له: أي الرقاب أفضل، قال: أعلاها ثمناً وأنفسها عند أهله". ودل خبر كعب بن مرة البهزي على أن عتق الذُّكران من الرقيق أفضل للرجل من عتق الإناث. (ح 1546) قال كعب: سمعت رسول الله- صلى الله عليه وسلم - يقول: "أيما رجل مسلم أعتق رجلاً مسلماً كان فَكاكه من النار، يجزي بكل عظم من عظامه عظماً من عظامه، وأيما رجل مسلم أعتق امرأتين مسلمتين كانتا فكاكه من النار [2/ 305/ألف] يجزي بكل عظمين (¬1) من عظامها عظما من عظامه، وأيما (¬2) امرأة مسلمة أعتقت امرأة مسلمة كانت فكاكها من النار تجزي بكل عظم من عظامها عظماً من عظامها. ¬

_ (¬1) وفي الدار "بكل عظم". (¬2) "وأيما امرأة مسلمة ... إلى قوله ... من عظامها" ساقط من الدار.

1 - باب الحكم في المعتق شركا له في عبد

1 - باب الحكم في المعتق شركاً له في عبد قال أبو بكر: (ح 1547) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - عد قال: "من أعتق شركاً له في عبد، وكان له مال يبلغ ثمن العبد قُوم عليه قيمته فأعطى شركاءَه حصصهم [في العبد] (¬1) وعتق عليه العبد، وإلا فقد عتق منه ما عتق. م 5217 - واختلفوا في العبد يكون بين رجلين يعتق أحدهما نصيبه منه. فقالت طائفة: إن كان موسراً حين أعتقه عَتَق العبد كله وصار حرا، وغرِم لشريكه قيمة نصيبه في ماله والولاء كله له. هذا قول ابن أبي ليلى، وابن شبرمة، وسفيان الثوري. وقال الثوري: إذا أعتق أحدهما وكان موسراً يومئذ، ثم أفلس، فهو دَين عليه يتبع به. وبه قال أحمد، وإسحاق. وفيه قول ثان في العبد يكون بين الرجلين يعتقه أحدهما، ثم يعتقه الآخر بعد: أن الميراث والولاء بينهما نصفان، ولا ضمان عليه. هذا قول الزهري، وعمرو بن دينار، وبه قال مالك. وفيه قول ثالث وهو: أن أحد الشريكين إذا أعتق نصيبه وهو موسر فشريكه بالخيار: إن شاء أعتق كما أعتق، وكان الولاء بينهما نصفين. وإن شاء استسعى العبد في نصف قيمته، فإذا أدى عتق وكان الولاء بينهما نصفين. وإن شاء ضمن شريكه نصف قيمته ¬

_ (¬1) ما بين المعكوفين من الدار.

ورجع شريكه بما ضمن على العبد فاستسعاه فيه، إذا أداه كلَّه (¬1) عتق، وكان الولاء كله للمعتق. هذا قول النعمان. وكان الشافعي- إذ هو بالعراق- يقول بقول مالك في هذه المسألة، ثم قال بمصر: فيها قولان: أحدهما: كما قال مالك. والقول الثاني: كما قال الثوري، ومال إلى قول الثوري، وقال: هو الذي يصح فيه القياس. قال أبو بكر: وكان قول الثوري أصح لأنهم لما قالوا: إنّ المعتق بعد دفع القيمة لا يحتاج إلى تجديد قول ثان فإن العتق إنما وقع على الحصة التي للشريك بالقول الأول، والقيم إنما تكون للأشياء المتلفة. ولما منعوا الذي لم يعتق من بيع حصته بعد عتق شريكه، ولم يمنعوه قبل أن يعتق شريكه من البيع: بان (¬2) أن ذلك [2/ 305/ب] يدل على الفرق بين الحالتين، وأنهم إنما منعوه من بيع ما قد وقع عليه العتق. وفي المسألة قول رابع قاله عثمان البتي: إذا أعتق أحدهما نصيبه فالباقي منهما على حقه (¬3)، وليس على المعتق شيء سوى عتق ما عتق منه، إلا أن تكون جارية نفيسة يغالى فيها. فإذا كان كذلك فهو بمنزلة الجناية من المعتق، للضرر الذي أدخله على شريكه. وقد روي عن محمد بن سيرين أنه قال في العبد يعتَق منه الشقص: كان يقضي فيه ثلاث قضايا. ¬

_ (¬1) "كله" ساقط من الدار. (¬2) "بان" ساقط من الدار. (¬3) وفي الدار "على حصته".

2 - باب العبد بين الرجلين يعتق أحدهما وهو معسر

منهم من يعتقه من مال الذي أعتقه. ومنهم من يستسعيه. ومنهم من يعتقه من بيت المال. وبارك الله في ذلك الأمير. 2 - باب العبد بين الرجلين يعتق أحدهما (¬1) وهو معسر قال أبو بكر: م 5218 - اختلف أهل العلم العبد يكون بين الرجلين، يعتق أحدهما نصيبه وهو معسر. فقالت طائفة: لا يعتق منه إلا ما أعتق، وليس على المعتق سعاية، لأنه لم يُجَن ولم يتعدّ، ولم يضمن ضمانا يحب أن يؤخذ به. ولا يجوز أخذ أحد بجنايه غيره (ح 1548) وفي قال النبي- صلى الله عليه وسلم - للرجل الذي دخل مع ابنه عليه: " لا تجني عليه ولا يجني عليك". إلا ما خص النبي - صلى الله عليه وسلم - من أمر العاقلة في قتل الخطأ، فإن ذلك مخصوص. وليس مع من أوجب السعاية على العبد حجةٌ هذا قول مالك، والشافعي، وأحمد بن حنبل، وأبي عبيد. وحجتهم مع ما ذكرنا. ¬

_ (¬1) وفي الدار "باب الحكم في العبد بين الرجلين يعتق أحدهما نصيبه وهو معسر"

(ح 1549) حديث ابن عمر رض الله عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "إن كان موسراً ضمن، وإن كان معسراً عتق منه ما عتق". وقالت طائفة: إن كان المعتق موسراً ضمن حصة شريكه ماله، وإن كان معسراً سعى العبد في حصة شريكه حتى يؤدي (¬1) قيمته، هذا قول سفيان الثوري، وابن أبي ليلى، وابن شبرمة، والأوزاعي، وإسحاق بن راهويه. م 5219 - واختلفوا في رجوع العبد بما سعى منه على العتق إذا أيسر: فكان ابن أبي ليلى، وابن شبرمة يوجبان للعبد الرجوع بما سعى فيه على المعتق لأنه إنما أدى عنه ما لزمه ضمانه بالجناية التي جناها. ولم يذكر سفيان الثوري، ويعقوب، ومحمد رجوعَ العبد على العتق بما سعى فيه. وقد احتج بعض أهل الكوفة في إيجابهم [2/ 306/ألف] الاستسعاء. (ح 1550) بحديث لا يصح. قد ذكرنا علته في كتبنا. ¬

_ (¬1) وفي الدار "حتى يوفي".

وذكر هَمّام أن ذكر الاستسعاء من فُتيا قتادة، وفَرْق بين الكلام الذي هو من قول رسول الله- صلى الله عليه وسلم -، وبين قول قتادة، قال بعد ذلك: فكان قتادة يقول: إن لم يكن له مال استسعيَ. وبقى في المسألة قولان شاذان، لا أعلم أحداً قال بواحد منهما. أحداهما: إن الشريك إذا أعتق وهو معسر فالعتق باطل، لأنه لا يكون إنسانٌ بعضُه حر وبعضه عبدٌ. والقول الثاني: إن العتق إن كان موسراً أخذت منه قيمة (¬1) حصة شريكه، وإن كان معسراً كانت دينا عليه يؤديها إذا أيسر. هذا قول قاله بعض أهل البصرة. فهذان القولان مع قول النعمان الذي ذكرناه عنه أقاويلُ شاذة لا نعلم أحدا من أهل العلم قال بشيء منها. م 5220 - وإذا كان العبد بين ثلاثة أنفس، فاعتق أحدهم نصيبه، ثم اعتق الثاني، ثم أراد الثالث مطالبة الذي يجب حقه عليه من المعتِقَيْن: ففي قول أهل المدينة: يطالب الأول. قال مالك: إنما تكون القيمة على الأول، فأما من أعتق بعده فلا يلزمه القيمة لأنه زاده خيراً. ¬

_ (¬1) "قيمة" ساقط من الدار.

وفي قول الثوري: إذا كان العتق الأول موسراً فقد عتق العبد كله، وعليه قيمة حصص أصحابه، ولا يقع عليه عتق الثاني. والفرق بين القولين: أن مالكاً يوقع عتق الثاني، والثوري لا يجعل لعتق الثاني- إذا كان الأول موسراً- معنى. م 5221 - واختلفوا في المعتق يكون موسراً يوم أعتق، ثم أعسر بعد ذلك. ففي قول مالك: ليس على العتق شىء، وباقي العبد رقيق على حاله لمالكه. وفي قول الثوري: يكون العبد حراً، وتكون قيمة حصته الذي لم يعتق ديناً على المعتق يتبع به، لان ذلك لزمه وقت العتق. م 5222 - واختلفوا في الجارية بين الرجلين، تكون حاملاً، فيعتق أحدهما نصيبه، ثم يغفل عن ذلك حتى تأتي الجارية بولد. ففي قول مالك: تقوم بولدها حتى (¬1) تعتق. وفي قياس قول الثوري: يكون على المعتق نصف قيمتها حاملاً وقت أوقع عليها (¬2) العتق في أن تلد. م 5223 - وقال مالك- في الرجل يعتق شركاً له في عبد، فلما أراد أن يقوم عليه قال: إنه سارق آبق- قال: أرى أن يقوم بريئاً بلا عيب إلا أن يأتي المعتق ببينة. وبه قال الشافعي غير أنه قال: يستحلف، فإن حلف قوم بريئاً [2/ 306/ب] من الإباق، والسرقة، وإن نكل رددنا اليمين على المعتق فإن حلف قومناه آبقاً سارقاً، وإن نكل قومناه صحيحاً. م 5224 - وإذا أعتق الرجل شركاً له في عبد، عند الموت خاصة. ¬

_ (¬1) وفي الدار "حين". (¬2) "عليها" ساقط من الدار.

3 - باب الرجل يعتق بعض عبده أو عبيده

ففي قول الأوزاعي: لا يضمن لصاحبه شيئاً، قال: لأن الميت لا يضار (¬1). وفي قول الشافعي: تقوم عليه حصة شريكه في ثلث ماله إن خرج من الثلث. 3 - باب الرجل يعتق بعض عبده أو عبيده قال أبو بكر: م 5225 - أجمع أهل العلم على أن الرجل إذا أعتق عبداً له في صحته وهو موسر أن عتقه ماض عليه. م 5226 - واختلفوا في الرجل يعتق عبده وهو صحيح. فقالت طائفة: يعتق العبد كله، روينا هذا القول عن عمر بن الخطاب، وابن عمر، رضي الله عنهما. وبه قال الحسن البصري، والحكم بن عتيبة، والأوزاعي، والثوري (¬2)، والشافعي، ويعقوب. وروي ذلك عن الشعبى. وفيه قول ثان: وهو أن منه ما أعتق ويسعى في الباقي. روي ذلك عن علي رضي الله عنه وليس بثابت عنه. وبه قال الحسن البصري خلاف القول الأول عنه. ¬

_ (¬1) وفي الدار "لا يعطي". (¬2) "والثوري" ساقط من الدار.

وقال حماد بن أبي سليمان، والنعمان كما روينا عن علي. وفيه قول ثالث قاله مالك، سئل مالك عن رجل أعتق نصف عبد له وهو صحيح، فلم يعتق عليه بقيته وعقل عنه حتى مات، أترى نصفه الذي لم يعتق حراً أو رقيقاً؟ قال: أراه رقيقاً. وقال طاووس- في رجل أعتق نصف عبد له- قال: يعتق في عتقه، ويرق في رقه. قال أبو بكر: بالقول الأول أقول، لأن النبي- صلى الله عليه وسلم - لما ألزمه قيمة حصة شريكه الذي لم يملك، قبل العتق إذا كان موسراً، وأوقع العتق على جميع العبد. ووجب إذا كان العبد له بكماله، فأعتق شقصاً منه بأن يعتق جميعه عليه من حيث دلت السنة على وجوب عتق ما لا يملك من العبد عليه، لأنه أعتق ما يملكه منه. م 5227 - واختلفوا في الرجل يعتق عبداً له في مرضه الذي مات فيه. ولا مال له غيره. فقال مسروق: أجيزه برمته، شىء جعله لله لا أرده. وقالت طائفة: يعتق ثلثه، ويسعى في ثلثيه، هذا قول شريح، وسعيد ابن المسيب، والحسن البصري، والشعبي، وقتادة، والنخعي، وفيه قول ثالث وهو: أن يعتق ثلثه. روينا هذا القول عن ابن مسعود [2/ 307/ألف] وليس يثبت ذلك عنه.

4 - باب الرجل يعتق من عبده يده أو رجله أو ما شبه ذلك

قال أبو بكر: وبه نقول. وهو مذهب الشافعي. وذلك لأن المريض ممنوعٌ مما زاد على ثلث ماله. ولا نعلم مع من أوجب الاستسعاء حجةً. 4 - باب الرجل يعتق من عبده يده أو رجله أو ما شبه ذلك قال أبو بكر: م 5228 - واختلفوا في الرجل يقول لعبده: إصبعك حر. فكان قتادة يقول: عتق العبد كله. وبه قال أحمد، وإسحاق. وروي عن الشعبي أنه قال: إذا أعتق عضواً منه عتق كله. وقال الليث بن سعد: إذا قال: رحمُكِ حر. فهي حرة. وهذا قياس قول الشافعي، لأنه قال، ولو قال لامرأته: بدنك (¬1)، أو رأسك، أو فرجك، أو رجلك، أو سمَّى عضواً من جسدها، أو طرفاً ما كان منها طالقاً، فهي طالق. وفيه قول ثان وهو: أن الرجل إذا قال لعبده: يدك حر، أو رجلك حر، أو اصبع من أصابعك، أو سن من أسنانك، أو عضو من أعضائك، وما أشبه هذا حر، فإن هذا كلَّه لا يقع به العتق. ولو وقع العتق عليه بهذا لكان إذا قال له: دمك أو ما أشبه ذلك مما في جسده من المِرّة أو البلغم، وأشباه ذلك عتق، فهذا كله باطل لا يُعتق. هذا قول أصحاب الرأي. ¬

_ (¬1) وفي الدار "يدك".

5 - باب إذا ملك الرجل ولده أو والده

قالوا: وإذا قال لأمته: فرجك حر، أو قال لعبده رأسك حر، أو بدنك حر، وجسدك حر، أو نفسك حرة، فإن هذا كله يقع به العتق عليه. ولا يُديّنُ في القضاء. م 5229 - واختلفوا في الرجل يقول لعبده: ظفرك حر. فكان قتادة يقول: يعتق، وبه قال الليث بن سعد. وفي قول أصحاب الرأي: لا يعتق، وبه قال أحمد، وإسحاق. قال أحمد: لأن الظُفْرَ يسقط ويذهب. 5 - باب إذا ملك الرجل ولده أو والده قال أبو بكر: م 5230 - أجمع أهل العلم على أن الرجل إذا ملك والده، أو ولد أنه يعتق عليه ساعة يملكهم. م 5231 - وأجمعوا على أن من ملك من كل من ذكرناه جزءاً: أن الجزء الذي يملكه يعتق عليه. م 5232 - واختلفوا فيمن ملك شخصاً ممن يعتق عليه إذا ملكه بشراء، أو هبة، فقال مالك والشافعي، ويعقوب: يعتق عليه ما يملكه بشراء أو هبة، ويُقَّوم الباقي فيعتق عليه، إلا الميراث فإنه لا يعتق عليه إلا ما ورث، لا يقوم عليه الباقي [2/ 307/ب] لأن الذي

ورث غيرُ مختار للميراث، والذي اشترى، أو قبل الهبة بفعله ملك الشيء. وفيه قول ثان وهو: أن يعتق عليه ما اشترى أو وُهب له، ولا يعتق عليه الباقي، ولا ضمان عليه في ذلك، ولعل من حجته أن النبي -صلى الله عليه وسلم- إنما ضمَّن المعتق حِصص أصحابه، لأنه أحدث العتق، والذي اشترى لم يحدث عتقاً، إنما عتق عليه، وليس من أعتق كمن لم يعتق. م 5233 - وقال مالك: يعتق عليه أبواه، وأجدادُه لأبيه وأمه، وجداته لأبيه وأمه، وولده، وولد ولده. وهذا قول الشافعي. قال أبو بكر: وهذا قول كل مَن نحفظ عنه من أهل العلم إلا رجلاً كان في زماننا فإنه بلغني عنه أنه قال: لا يعتق عليه الوالد والولد إلا أن يعتقه المالك الذي اشتراه. (ح 1551) وبلغني أنه احتج بحديث سهيل عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا يجزي ولد والده إلا أن يجده مملوكاً فيشتريَهُ فيعتقَه". وقد تكلم في سهيل يحيى القطان فقال: محمد بن عمرو أعلا منه، وقال يحيى بن مَعين: سهيل بن أبي صالح صويلح وفيه لين.

6 - باب اختلاف أهل العلم فيمن يعتق على المرء إذا ملكهم غير الوالد والولد من سائر القرابات

6 - باب اختلاف أهل العلم فيمن يعتق على المرء إذا ملكهم غير الوالد والولد من سائر القرابات قال أبو بكر: م 5234 - اختلف أهل العلم في الرجل يملك ذَوي أرحامه. فقالت طائفة: يعتِق عليه كلُ ذي رحم مَحْرم منه، كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: إذا ملك ذا رحم فهو حر، وبه قال جابر بن زيد. وقد روينا عن ابن مسعود أن رجلاً قال له: إن عمي أنكحني وليدته، وإنها وَلَدت لي (¬1)، وأنه يريد أن يسترقهم قال: ليس ذلك له. وقال الحسن البصري: من ملك ذا رحم محرم فهو حر، وبه قال الزهري. وقال عطاء، والشعبي: من ملك ذا رحم محرم فهو حر، العمة والخالة وبنت الأخ، وبنت الأخت، وكذلك قال الحكم، وحماد. وقالت طائفة: يعتق عليه الوالد، والولد والإخوة. هذا قول يحيى الأنصاري، ومالك، وقال مالك: ولا يَعْتِق مَنْ سواهم. ¬

_ (¬1) في الأصلين "ولدت له" والتصحيح من "عب".

وقال أصحاب الرأي: إذا ملك الرجل أخاه لأبيه أو أمه، أو لأبيه وأمه، أو ولدَه، وولد ولده، أو أباه، أو أمه، أو جده، أو جدته من قبل الرجال والنساء، أو عماً [2/ 358/ألف] أو خالاً، أو عمة (¬1)، أو خالة، أو ابن أخت، أو بنت أخت، فهو حر يعتق حين يقع في ملكه، صغيراً كان أو كبيراً، الذي يعتق أو الذي يعتق عليه. وكل من لا يحل نكاحه له من ذوي الرحم المحرم فهو محرم يعتق عليه إذا ملكه، وعم جده مثل عمه في هذا. ولو ملك الرجل ابن عمه، أو ابن خاله، لم يعتق عليه واحد منهما لأنه ليس بذوي رحم محرم. وقال أحمد بن حنبل: إذا ملك ذا رحم محرم أرجو أن يكون عتق كلُّه (¬2) عليه. وقال إسحاق بن راهويه: كل من ملك ذا رحم محرم (¬3) فهو حر وإن لم يعتقه، فأما ذو الرحم فلا يعتقون إلا أن يعتقهم. قلت: وما المحرم؟ قال: من حرم عليك نكاحه. وقالت طائفة: لا يعتق إلا الوالد والولد، أو ولد الولد، أو الأجداد أو الجدات من قبل الآباء والأمهات. هذا قول مالك، والشافعي، والمزني. وقد يلزم من قلد أصحاب النبي- صلى الله عليه وسلم - إذا لم يخالفهم غيرهم قول ¬

_ (¬1) "أو عمة" ساقط من الدار. (¬2) "كله" ساقط من الدار. (¬3) "محرم" ساقط من الدار.

عمر بن الخطاب، وابن مسعود رضي الله عنهما فيما لا كتاب فيه، ولا سنة، ولا اتفاق، فهذا يلزم من مذهبه ما ذكرت. وقد يجوز أن يحتج محتج بقول الشافعي ومن قال بمثل قوله أن يقول: اعتقوا من أجمعوا على أن العتق يقع عليه، ووقفنا عن أن نوجب عتق من اختلفوا في وقوع العتق عليه، لأن أملاك الناس لا تزال عما ملكوا إلا بسنة أو إجماع. وليس مع من أوجب العتق على ذوي الأرحام سنة تثبت. وقد تكلم الناس في الحديثين اللذين روينا في هذا الباب. (ح 1552) حديث ابن عمر لم يروه عن الثوري غير ضمرة. (ح 1553) وحديث الحسن عن سمرة. وقد تكلم فيه، وليس منهما ثابت. م 5235 - واختلفوا في وجوب العتق على ذوي المحارم من الرضاعة. ففي قول الزهري، وقتادة، ومالك، والثوري، والليث ابن سعد، والشافعي، وأصحاب الرأي، لا يجب عتقهم.

7 - باب مال العبد المعتق

وقد اختلف فيه عن الحسن، وابن سيرين. فروينا عنهما أنهما قالا: يعتق الأخ من الرضاعة على أخيه. وروينا عنهما أنهما قالا: لا يعتق. وقد اختلف عن الثوري فيه: فذكر عبد الرزاق عن الثوري أنه قال في الأم من الرضاعة: "هو في القضاء جائز ويكره له. والأخ من الرضاعة يستخدمه أخوه ويستغله". وذكر الأشجعي عنه أنه قال: يستخدمه ويبيعه إن شاء، هو مملوك يعني من ملك ذا محرم من قبل الرضاعة. وقال شريك: لا يسترق الرجل الأخ والأخ من الرضاعة. قال أبو بكر: بالقول الأول أقول، لأني إذا لم أجد حجة أوجب بها عتق ذوي الأرحام من القرابات، [2/ 308/ب] فإنا من وجودها في باب الرضاع آيس. 7 - باب مال العبد المعتق قال أبو بكر: م 5236 - اختلف أهل العلم في مال العبد إذا أعتق.

8 - باب الاستثناء في العتق

فقالت طائفة: المال للسيد، روينا هذا القول عن ابن مسعود. وبه قال قتادة، والحكم، والثوري، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وأصحاب الرأي. وقد علق أحمد بن حنبل مرة القول على خبر ابن عمر، الذي رواه عبيد الله بن أبي جعفر عن بكير عن نافع عن ابن عمر. وقالت طائفة: إذا أعتق العبد تبعه ماله، روينا هذا القول عن عمر، وعائشة، وبه قال الحسن البصري، وعطاء بن أبي رباح، والزهري، والشعبى، والنخعي، ومالك، وأهل المدينة. قال أبو بكر: وبه أقول. (ح 1554) لحديث ابن عمر أن النبي- صلى الله عليه وسلم - قال: "من أعتق عبداً فماله له إلا أن يشترط السيد ماله فيكون له". 8 - باب الاستثناء في العتق قال أبو بكر: م 5237 - أجمع أهل العلم على أن من قال لعبده: أنت حر وقد أعتقتك،

9 - باب عتق الرجل أمته ويستثني ما في بطنها

وأنت عتيق، أو أنت معتق ينوي به عتقه: أن مملوكه ذلك يعتق ولا سبيل له إليه. م 5238 - واختلفوا في الرجل يقول لعبده: أنت حر إن شاء الله. فقالت طائفة: لا يعتق العبد، وليس في العتاق استثناءٌ، هذا قول الحسن البصري، والأوزاعي، ومالك. وقالت طائفة: لا يقع العتق، والاستثناء جائز، هذا قول عطاء ابن أبي رباح، وطاووس، وحماد بن أبي سليمان، والشافعي. ووقف أحمد عن الجواب فيه. 9 - باب عتق الرجل أمته ويستثني ما في بطنها قال أبو بكر: م 5239 - أجمع كما من نحفظ عنه من أهل العلم على أن الرجل إذا أعتق ما في بطن أمته، فولدت ولداً حياً مكانها: أن الولد حر دون الأم. وممن حفظنا ذلك عنه: مالك بن أنس، وسفيان الثوري، وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي. ولا نحفظ عن غيرهم خلاف قولهم. قال أبو بكر: ولم يجعلوه في هذا الوجه كعضو من أعضائها، بل جعلوهما نفسين متفرقين.

م 5245 - واختلفوا في الرجل يعتق أمته ويستثني ما في بطنها. فقالت طائفة: له ثنياه. كذلك قال ابن عمر [2/ 309/ألف] ولا نعلم أحداً من أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم - خالفه. وبه قال عطاء بن أبي رباح، ومحمد بن سيرين، والشعبى، والنخعي، والحكم، وحماد بن أبي سليمان، وأحمد، وإسحاق. وقالت طائفة: هما حران، كذلك قال الزهري، والثوري، والشافعي. وفيه قول ثالث وهو: أن الاستثناء يجوز في البيع ولا يجوز في العتق وهذا قول الحسن البصري. وقال النخعي: الاستثناء فيهما جائز هما سواء فيما قد بانَ خَلْقُه. قال أبو بكر: الاستثناء في البيع والعتق جائز، ولا يقع البيع إلا على البيع دون المستثنى. وإذا قال قائل: إن الحمل إذا أُعتق ثم بيعت الأم دون الولد أن البيع جائز، لأن المبيع معلوم، ولا يضر المتبايعَيْن أن يجهلا ما لم يقع عليه البيع. فالجواب في الأم تباع دون الولد هذا الجواب بعينه، لأن البيع معلومٌ ولا يضرهما أن يجهلا ما لم يقع عليه البيع.

10 - باب اشتراط الخدمة على المعتق

وهم يقولون: لا يجوز خلاف الرجل من أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم - إذ لم يخالفه غيره. وهذا قول ابن عمر. وقد ذكر إسحاق ذلك عن أبي هريرة والنظر دالٌ عليه. 10 - باب اشتراط الخدمة على المعتق قال أبو بكر: م 5241 - روينا عن سَفينة أنه قال: "كنت مملوكاً لأم سلمةَ رضي الله عنها، فأعتقتنى واشترطت علي أن أخدم رسول الله- صلى الله عليه وسلم - ما عشت". وقد روينا عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه "أنه أعتق كل من صلى من رقيقه"، وأعتق رقيقاً من رقيق بيت المال كانوا يحفرون للناس القبور، وشرط عليهم أنكم تخدمون الخليفة بعدي ثلاث سنين، وأنه يصحبكم بمثل ما كنت أصحبكم به". وِقد روينا عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه "أنه أعتق عبيداً له واشترط عليهم أن يعملوا في أرضه ست سنين.

وقال أحمد، وإسحاق بحديث سَفينة، وروينا ذلك عن الحسن، وابن سيرين، وهو مذهب الثوري، وقال أصحاب الرأي: إذا قال الرجل لعبده: اخدم ولدي سنة، ثم أنت حر، فخدمهم فهو حر. م 5242 - واختلفوا في الرجل يقول لأمته: أنت حرة على أن تؤديَ إلى كل شهر خمسة دراهم. فروينا عن شريح أنه أبطل الشرط وأجاز العتق. م 5243 - وقال سفيان الثوري: إذا قال الرجل لعبده: اخدمني عشر سنين وأنت حر، فمات السيدُ قبله. قال: هو عبد، [2/ 309/ب]، وبه قال أصحاب الرأي، وهو يشبه مذهب الشافعي، لأن الصفة لم تأت. قال أبو بكر: وبه أقول. م 5244 - واختلفوا في شراء المعتقد بهذا الشرط خدمته من الذي له الخدمة. فذكر الزهري قصة عمر بن الخطاب حين أعتق رقيقاً من رقيق الإمارة، قال: فابتاع الخيار خدمته من عثمان الثلاث سنين، بغلامه أبي فروة. وبه قال الزهري. وقال أحمد بن حنبل، يشتري خدمته من صاحبه الذي اشترط له، ويكون ولاؤُه للذي أعتقه أولاً.

11 - باب مسائل

11 - باب مسائل قال أبو بكر: م 5245 - واختلفوا في الرجل يقول لأمته: أول ولد تلدينه حرٌ، فولدت ولدين. فقال الحسن البصري، والشعبي، وقتادة: هما حران. وقال مالك، والثوري، وأبو هاشم. يعتِق (¬1) الأول منهما. قال أبو بكر: وبه نقول -وهو يشبه مذاهب الشافعي، والكوفي. فإن ولدت ولدين وبه يُدرَ الأول منهما: ففيه ثلاثة أقاويل: أحدهما: إنهما يُسْتَسعيان. هذا قول سفيان الثوري. والقول الثاني قول أحمد، وإسحاق: أن يقرع بينهما، فمن أصابته منهما القُرعةُ عتق. والقول الثالث: أن يُوقف أمرهما حتى يتبين الأول منهما. هذا يشبه مذهب الشافعي. قال أبو بكر: وبه أقول. على أن الشافعي قد كان يقول مرة فيما يشبه هذا بالقرعة. قال أبو بكر: م 5246 - فإن ولدت ولداً ميتاً. ¬

_ (¬1) "يعتق" ساقط من الدار.

ففي قول الثوري: ليس بشيء حتى تلد بطناً آخر، فإن ولدت غلاماً فهو حر. م 5247 - واختلفوا في الرجل يقول: أول مملوك أملكه فهو حر، فملك اثنين جميعاً. فكان النخعي يقول: يُعتق أيَّهما شاء. وقال النعمان: لا يعتق واحد منهما، لأنه ليس لهما أول. ولا يعتق في قول الشافعي منهما شيء، ولو ملك عبداً، ثم عبداً لم يعتق، لأنه أيَرَ العتق قبل الملك. م 5248 - وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن الرجل إذا قال لأمته: كل ولد تلدينه فهو حر، فولدت أولاداً: أنهم أحرار. وممن حفظت هذا عنه. مالك، والأوزاعي، والليث بن سعد، وسفيان الثوري، والشافعي، ولا أحفظ عن غيرهم خلاف قولهم. قال أبو بكر: م 5249 - فإن باع الأمة، ثم ولدت بعد زوال مِلكه عنها أولاداً، فالأولاد مماليك لأنهم وُلدوا بعد خروجها من مِلكه.

12 - باب الرجل يعاتب غلامه [2/ 310/ألف] يقول: ما أنت إلا حر

12 - باب الرجل يعاتب غلامه [2/ 310/ألف] يقول: ما أنت إلا حر قال أبو بكر: م 5250 - واختلفوا في الرجل يقول لغلامه: ما أنت إلا حرٌ. فقال الحسن البصري، والشعبى: لا شيء عليه، وبه قال مالك، والأوزاعي، وقال النخعي: هو حر. وقال حماد بن أبي سليمان- في رجل مر على عشّار ومعه رقيق (¬1) فقال له العشار: ما هذا قال: هم أحرار- قال: أخشى أن يدخل عليه شيء. وقال الحكم: لا يدخل عليه شيءٌ. قال أبو بكر: وبالقول الأول أقول، هو قول أكثر أهل العلم. (ح 1555) لقول النبي- صلى الله عليه وسلم -: "الأعمال بالنية". وهذا لم يرد عتقاً، كأنه قال: إنك تشبه الأحرار في أفعالهم وتتخلق بأخلاقهم. 13 - باب تقديم العتق قبل الملك قال أبو بكر: م 5251 - اختلف أهل العلم في الرجل يقول: كل مملوك أملكه فهو حر. ¬

_ (¬1) وفي الدر "مر على رقيق ومعه عشار".

فقالت طائفة: لا عِتق إلا من بعد الملك. ثبت هذا القول عن ابن عباس. وبه قال سعيد بن المسيب، وعطاء بن أبي رباح، والحسن البصري، وعروة بن الزبير، وجابر بن زيد، وسوار القاضي، والشافعي، وأبو ثور. وفيه قول ثانٍ قاله مالك، قال: إن كان اختص جنساً من الأجناس، أو شيئاً بعينه فإنه يعتق عليه مبتاع من أولئك، وإذا قال: كل عبد أملكه فهو حر فلا شيءَ عليه. وفيه قول ثالت وهو: أن يعتق عليه كل مملوك يملكه بشراء، أو هبة، أو ميراث، أو غير ذلك. والموقَّت وغير الموقت فيه سواء. هذا قول أصحاب الرأي. وكان أحمد، وإسحاق يَجْبُنان عنه. قال أبو بكر: بالقول الأول أقول، لأن الخبر والنظر يدلان عليه، فأما الخبر: (ح 1556) فحديت عبد الله بن عمرو.

14 - باب قول الرجل لعبده: إن بعتك فأنت حر

(ح 1557) وابن عباس عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لا عتق فيما لا تملك، ولا بيعَ فيما لا تملك". فلما لم أعلمهم يختلفون أن بيع ما لا يملك لا يجوز، كان كذلك المقرون إليه عتق ما لا يملك مثله. ولما أجمع أهل العلم على ثبوت ملك المشتري على العبد الذي قال: إن اشتريته فهو حر، واختلفوا في زوال ملك المشتري عن العبد المشترى بكلام يقدم منه قبل الشراء: لم يجز إزالة ملكه عما ملكه، إلا بإجماع مثله، أو سنة عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -. وقد ثبت ذلك عن ابن عباس، ولا أعلم أحداً بخالفه من أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم -. ومن خالفنا من أهل المدينة، وأهل الكوفة يرون [2/ 310/ب] تقليد الواحد من أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم - إذا لم يخالف غيره منهم. 14 - باب قول الرجل لعبده: إن بعتك فأنت حر قال أبو بكر: م 5252 - واختلفوا في الرجل يقول لعبده: إن بعتك فأنت حر.

15 - باب العبد يدس المال إلى من يشتريه من مولاه

فقالت طائفة: يعتِق من مال البائع، كذلك قال الحسن البصري، ومالك بن أنس، والليث بن سعد، وابن أبي ليلى، وابن شبرمة، والشافعي، وأحمد بن حنبل. وفيه قول ثان وهو: أن العتق لا يقع عليه إذا باعه، لأن البيع يتم بالقول، إذا زال ملكُه لم يجزْ أن يقع العتق على المشتري، هذا قول الثوري، والنعمان، وأصحابه. قال أبو بكر: بالقول الأول أقول، لأن البيع يلزم من باع المشتري بيعاً صحيحاً، فلما باع لزمته الحرية لأنهما بالخيار ما لم يتفرقا، وإذا وقعت الحرية انفسخ البيع. وكان أصح على مذهب مالك أن يكون قوله موافقاً لقول الكوفي، لأنه لا يجعل للمتابعين الخيار ما لم يتفرقا. 15 - باب العبد يدس المال إلى من يشتريه من مولاه قال أبو بكر: م 5253 - واختلفوا في العبد يدفع المال إلى من يشتريه من مولاه فيعتقه. فقالت طائفة: إذا اشتراه فأعتقه بطل العتق، والعبد لمولاه، هذا قول الحسن البصري. وقال الشعبى: لا يجوز ذلك، ويعاقب مَنْ فعلَه.

16 - باب عتق من عليه دين

وفيه قول ثان وهو: أن البيع جائز، والعتقَ ماضٍ، ويرد المشتري على سيد العبد مثل الثمن الذي ابتاعه به، هذا قول إبراهيم النخعى، والثوري. وقال أحمد بن حنبل: شراؤه جائز، وعتقه جائز، ويرجع السيد على المشتري بالثمن الذي اشتراه به له، ويكون الوَلاءُ للمشتري. وبه قال إسحاق بن راهويه. وفي قول الشافعي: إن كان المشتري العبد بعين المال الذي دفعهُ العبدُ إليه، فالشراء فاسدٌ، والعتق باطل، لأن الذي قُبِض من العبد إنما هو مال السيد. وإن اشتراه بغير عين المال، جائز، والعتق ماض، ويدفع إلى السيد ما قبض من العبد، ويزن للسيد الثمنَ من ماله، أعني من مال المشتري. قال أبو بكر: وبه أقول. 16 - باب عتق من عليه دين قال أبو بكر: م 5254 - واختلفوا في عتق من عليه دين [2/ 311/ألف] يحيط بماله. فقالت طائفة: عتقه باطل، كذلك قال مالك بن أنس والليث بن سعد.

17 - باب أحكام العبد المعتق بعضه

وقال الثوري: رد ابن أبي ليلى عبداً أعتقه سيده عند الموت، وعليه دين. وقال أحمد: أحسن ابن أبي ليلى. وفي كتاب ابن الحسن عن علي بن أبي طالب- رضي الله عنه - بإسناد لا يَثْبُت، أنه قال في رجل أعتق عبداً له عند الموت وعليه دين، قال: يسعى العبد في قيمته. وبه قال قتادة، وإسحاق. وفي قول الشافعي: إذا كان العتق والسيد صحيح ولم يكن القاضي أوقف ماله، فالعتق ماض. وإذا كان في المرض، فكما قال ابن أبي ليلى، إذا كان الدين يحيط بماله. 17 - باب أحكام العبدِ المعتَقِ بعضُه قال أبو بكر: م 5255 - واختلفوا في العبد المعتق نصفُهُ، مَنْ يرثه إذا مات وترك مولاه الذي أعتقه والمولى الذي له النِصْف. فقالت طائفة: ميراثه للذي له النصف. هذا قول الزهري، ومالك بن أنس. وقال مالك في خدمة هذا العبد يصطلحان على الأيام، وتكون حدوده، وطلاقُه، وأموره أمورَ عبدٍ ما دام فيه رقٌ. وقال أبو بكر: ومِنْ حجة من قال هذا القول: أن الله عز وجل قد حكم على الأحرار بأحكام، وحكم على العبيد بأحكام، ولم نجد

لله تعالى حكماً ثالثاً، فلم يجُز أن نوجب على هذا المعتَق نصفُه إلا أحدَ هذين الحُكمين، فأوجبنا عليه الأقل، لأن ذلك لازم بالإجماع، وأسقطنا عنه ما زاد على ذلك للاختلاف. وقدْ كانت أحكام العبيد لازمةً له قبل أن يحدث في بعضه الحريةُ. ولا يجوز أن تُترك تلك الأحكام عنه حتى يُجْمعوا، أو تدلَّ سنة على ذلك. وقالت طائفة: ما ترك هذا المعتَقُ بينهما شطران. هذا قول عطاء بن أبي رباح، وعمرو بن دينار، وطاووس، وإياس بن معاوية، وأحمد بن حنبل. وقد روينا عن الشعبى أنه سئل عن عبد اعتِق نصفه، ثم فَجَر؟ قال: يضرب خمسةً وسبعين سوطً. وكان إسحاق يقول في العبد يعتق نصفه نصف حر ونصف مُسْتَرق، فيموت، إن الميراث لا يكون إلا الذي أعتقه. ولعل مَنْ حجة من قال هذا القول أن يقول: قد كان الذي لم يَعْتِقْ يقبض خراج يومه، ويقبض المعتق نصف حصة يومه، فوجب لما مات [2/ 311/ب] أن يكون الذي اكتسبه في اليوم الذي كان له لمولاه، لأنه كسبه في يومه، وقد قبض الذي ملك النصف حصته. وقد كان الشافعي يقول: المعتقُ بعضه يورَث ولا يرث، وادعى الإجماع على أنه لا يرث. وحكى العراقيون عنه أنه قال: لا يرث ولا يورث.

18 - باب الشريكين في العبد يشهد أحدهما على صاحبه أنه أعتق حصته من العبد

18 - باب الشريكين في العبد يشهد أحدهما على صاحبه أنه أعتق حصته من العبد قال أبو بكر: م 5256 - واختلفوا في العبد يكون بين الرجلين، فيشهد أحدهما على صاحبه أنه أعتق العبد، وصاحبه منكر لذلك. فكان حماد بن أبي سليمان يقول: إن كان المشهود عليه موسراً سعى له العبد، وإن كان معسراً سعى لهما جميعاً، وبه قال الثوري. وقال ابن شبرمة. يعتق العبد، وليس عليه سعاية. وزعم النعمان "أن الشهود عليه إن كان معسراً سعى العبد، وكان الولاء بينهما، وإن كان الشهود عليه موسراً، فولاؤه نصفه موقوف فإن اعترف أنه أعتق استحق الولاء، وإلا كان ولاؤه لبيت المال". وقياس قول الشافعي. أن الشهود عليه منهما إن كان موسراً فردت شهادته، فإنه يعتق منه حصة الشاهد في الحكم، بأن الشريك لما أعتق أعتق عليه حصته، وإن له عليه قيمة حصته. ولا تعتق حصة المشهود عليه، ويستحلف (¬1) الشاهد شريكَه ¬

_ (¬1) "ويستحلف الشاهد شريكه على ما يدعى" ساقط من الدار.

19 - باب مسائل

على ما يدّعي عليه من القيمة، وولاء حصة الشاهد موقوفٌ على إقرار الشهود عليه. وإن كان المشهود عليه معسراً، فرُدت شهادتُه فكل واحد منهما على ملك حصته من العبد. 19 - باب مسائل م 5257 - وإذا شهد رجلان على رجل أنه أعتق عبده، فرُدت شهادتهما، ثم اشتراه أحد أو اشترياه جميعاً. عتق على من اشتراه منهما، في قول مالك، والأوزاعي، والشافعي، وقياس قول الكوفي. قال أبو بكر: وبه نقول. م 5258 - واختلفوا في الشاهدين يشهدان على رجل أنه أعتق أحد عبديه، ولا يدريان أيهما هو. فكان سفيان الثوري يقول: يستسعيان في النصف من قيمتهما. وفي قول أصحاب الرأي [2/ 312/ألف] شهادتهما باطلة، من قبل أنهما لم يتثبتا الشهادة. م 5259 - قال زفر- في رجل شهد عليه شهود أنه طلق إحدى امرأتيه، ونسوها وله نسوة، شهدوا عليه بذلك، وهو يجحد- قال زُفَر: يجبره القاضي على أن يوقع الطلاق على أيتهما شاء.

20 - باب عتق الصبي، والمجنون، والمولى عليه، والسفيه، والسكران

قال المزني: القياس ما قال زفر مِن قِبَل إجماعهم على أنه إذا شهد عليه أنه أقر أنه طلق إحدى امرأتيه: إن الطلاق عليه، وعليه أن يخبر أيتَّهما هي. وقال سفيان الثوري في عبد شهد رجلان أن سيده أعتقه وقد مات سيده، فسئلا: أفي صحته أعتق أو في مرضه؟ قالا: لا ندري، قال: هو من الثلث. 20 - باب عِتْقِ الصبي، والمجنون، والمولى عليه، والسفيه، والسكران قال أبو بكر: (ح 1558) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: "رُفع القلم عن ثلاثة: عن الصبى حتى يحتلم، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن المجنون، والمعتوه حتى يُفيق". م 5260 - وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن عتق الصبي لا يجوز وممن حفظنا ذلك عنه: الحسن البصري، والشعبى، والزهري، ومالك، والأوزاعى، والشافعي، وأصحاب الرأي. ولا يجوز عتق المجنون (¬1) استدلالاً بالسنة، ولا أعلم فيه اختلافاً بين أهل العلم. ¬

_ (¬1) في الأصل "لا يجوز عتق العبد المجنون" وهذا خطأ ظاهر، والتصحيح من الدار.

21 - باب إذا قال الرجل: كل مملوك لي حر وله عبيد وإماء (وأمهات [2/ 312/ب] أولاد) ومكاتبون وغير ذلك

م 5261 - واختلفوا في عتق السكران. فقال الزهري، والشعبى، ومالك، والشافعي: عتقه جائز. م 5262 - وقال عثمان بن عفان، وطاووس، وعطاء بن أبي رباح، والقاسم ابن محمد، وعمر بن عبد العزيز، وحميد بن عبد الرحمن، وربيعة بن أبي عبد الرحمن، ويحيى الأنصاري، وعبيد الله بن الحسن، وإسحاق بن راهويه. لا يجوز طلاق السكران. فقياس قول هؤلاء: أن عتقه لا يجوز. م 5263 - واختلفوا في عتق المولى عليه. فكان مالك، والشافعي يقولان: لا يجوز عتقه. م 5264 - وقال مالك- في السفيهِ يعتق أمّ ولده- قال: يعجبني أن يُجاز عتقه. قال أبو بكر: عتق الصبى، والمجنون، والسكران، والمولى عليه لا يجوز. 21 - باب إذا قال الرجل: كل مملوك لي حر وله عبيد وإماء (وأمهات [2/ 312/ب] أولاد) ومكاتبون وغير ذلك قال أبو بكر: م 5265 - اختلف أهل العلم في الرجل يقول: كل مملوك لي حر، وله عبيد، وإماء، وأمهات أولاد، ومُدبَّرون، ومكاتبون.

فقالت طائفة: هم أحرار جميعاً إلا المكاتبين فإنهم لا يعتقون، وإن نواهم عتقوا، هذا قول الشافعي، وأصحاب الرأي، والثوري، وإسحاق. وقال أحمد بن حنبل: إذا قال: كل مملوك لي حر، وله مكاتب ومدبر، قال: ما أرى ألا يجرى عليهما. قال أبو بكر: قول أحمد هذا صحيح، وبه قال المزني، وحفظي عن أبي ثور أنه قال كذلك. والقياس على الأغلب من المعاني، إذا كان المكاتب أحكامه أحكام العبيد في شهادته وجراحته، والجراحة عليه، والمواريث، ولا سهم له في المغانم، وفي النكاح، والطلاق، ولا ينكِحُ إثنتين، وطلاقه ثنتان، وعدة الأمة حيضتان، ولا يجبر على نفقة من يجبر الحر على النفقة عليه، ويمنع من إتلاف الأموال، والعتق، والهبات، والعطايا. وإن أعتقه سيده عتق عليه كما يعتق عليه سائرُ عبيده. ولا يرث، ولا ترثه ورثتُه الأحرارُ. وأعلى من ذلك كله أن مَنْ نحفظ عنه من أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم - منهم عمر بن الخطاب، وزيد بن ثابت، وابن عمر، وعائشة رضي الله عنهم قالوا: المكاتب مملوك ما بقي عليه درهم. وبه قال جماعة من التابعين يكثُر عددهم. وهو قول مالك، والثوري، والشافعي. وإذا قال أصحابنا: إن القياس على الأكثر من المعاني، وأكثر أحكام المكاتب أحكام العبيد، وجب أن يعتق إذا قال: عبيدي

22 - باب اختلاف أهل العلم في استرقاق أولاد الإماء من العرب

أحرارٌ، كما يعتق إذا قال له ولعبد له آخر: أنت حران. ما بين ذلك فرق. ولا يعتلَّن معتل بل ممنوع من بيعه، لأنه ممنوع من بيع العبد الآبق ولو قال له أعتقه: في جملة رقيقه، عتقه إذا أعتقه في جملة رقيقه، والله أعلم. 22 - باب اختلاف أهل العلم في استرقاق أولاد الإماء من العرب قال أبو بكر: م 5266 - اختلف أهل العلم في أولاد العرب من الإماء. فقالت طائفة: يقوم على أبيه ولا يسترق [2/ 313/ألف] كذلك قال سفيان الثوري، وإسحاق، وأبو ثور. واحتجوا بأخبار رويت عن عمر رضي الله عنه أنه قال لابن عباس: اعقل عني ثلاثاً: الإمارة شورى، وفي فداء العرب مكان كل عبد عبد، وفي ابن الأمة عبدان. وفي حديث غاضرة عن عمر رضي الله عنه في نساء ساعين

في الجاهلية -يعني بغين- فأمر أن تقوّم أولادهن على آبائهم، ولا يسترقوا. وقالت طائفة: إذا علم أف أمةٌ فنكحها على ذلك فأولاده (¬1) رقيق. هذا قول مالك، وأصحاب الرأي، وطائفة من أهل الحديث. واحتجوا بأخبار ثاتة عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -، منها: (ح 1559) أنه - صلى الله عليه وسلم - "سبى سبي هوازن، وأنهم لما كلموه، وسألوه (¬2)، ترك حقه وحق من أطاعه، وكلّم مَنْ لم تَطِبْ نفسه بترك حقه، وضمن لكل رأس منهم شيئاً ذكره". ¬

_ (¬1) وفي الدار "فأولادها". (¬2) "وسألوه" ساقط من الدار.

(ح 1560) وأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين سمعهم يقولون: أعتق رسول الله- صلى الله عليه وسلم - رقيقَ حُنين، ومعه غلام من رقيق حنين، قال: اذهب فأنت حر. ولم يكن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - ليعتق أحراراً، وهؤلاء قوم من العرب قد جرى عليهم الرق بالسباء. ومما يدل على صحة هذا القول: (ح 1561) قول النبي - صلى الله عليه وسلم - في سبية كانت عند عائشة رضي الله عنها من بني تميم: أعتقيها (¬1) فإنها من ولد إسماعيل". (ح 1562) "وأمرها أيضاً أن تعتق من بني العنبر في محرَّر كان عليها". قال أبو بكر: وهي أخبار ثابتة. وإنما وقف الشافعي عن القول بما جاء في سبي هوازن أنه قال: زعم بعضهم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما أطلق سبي هوازن قال " لو كان الرق تاماً على أحد من العرب لتم على هؤلاء"، وهذا غير ثابت. ¬

_ (¬1) "اعتقيها .. إلى قوله: وهي أخبار" ساقط من الدار.

23 - باب عتق الرجل عن الرجل عبدا بأمره

وهو لا يرى المرسَلَ الذي يرسله الحسنُ، وابن سيرين، ومَنْ كان مثلُهما حجةً، فكيف يكون شيءٌ أرسله الشافعي حجة على الأخبار الثابتة المذكورة (¬1) في كتاب العتق وغيره والنظر مع الأخبار الثابتة المذكورة دال على ما قلناه، وذلك أن النبي- صلى الله عليه وسلم - لما سَوَّى بين العرب والعجم في الإماء فقال: (ح 1563) "المؤمنون تتكافأ دماؤهم". وأجمع أهل العلم على القول به. فوجب إذا اختُلِف فيما دون الدماء أن يكون حكمه حكم الدماء الذي ثبت عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -، وأجمع أهل العلم على [2/ 313/ب] القول به. 23 - باب عتق الرجل عن الرجل عبداً بأمره قال أبو بكر: (ح 1564) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: "الوَلاء لمن أعتق". م 5267 - وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن الرجل إذا أعتق عن الرجل عبداً بغير أمره، أن الولاء للمعتق. م 5268 - واختلفوا في الرجل يقول للرجل: أُعتِقَ عني عبدَك فلاناً، فأعتقة عتقه عنه بأمره. ¬

_ (¬1) "المذكورة" ساقط من الدار.

24 - باب عتق الرجل أحد مماليكه ومات قبل أن يبين

فقالت طائفة: يكون الولاء للآمر، وعليه الثَمنُ. هذا قول الشافعي، وأحمد، وإسحاق. وقال الزهري- في رجل قال لرجل: أعتق عني غلامك هذا وعليَّ ثمنه- قال: هو جائز، والولاء للسيد، وعلى الحَميل ما تحمَّل. 24 - باب عتق الرجل أحد مماليكه ومات قبل أن يُبيِّن قال أبو بكر: م 5269 - واختلفوا في الرجل يعتق أحد عبيده، ولم يدر أيهم هو؟ وله ثلاثة أعبد. فكان الشعبى (¬1) يقول: يعتق من كل واحد منهم الثلث، ويُستسعى في الثلثين، وبمعناه قال الأوزاعي. وقال أصحاب الرأي إذا قال الشهود: أَشْهدنا فلان (¬2) أنه قد أعتق بعض عبيده، ونسيناه، فشهادتهم باطلة، فإن قالوا: أعتق أحدهم ولم يسمِّ، فهذا والأول سواءٌ في القياس، ولكنا نستحسن فيعتق من كل عبد ثلثه، ويسعى في ثلثيه إذا كانوا ثلاثة. وإن كانوا أربعة عتق من كل واحد منهم رُبُعَه، ويُستسعى في الباقي إذا كانت قيمتهم سواءً. وإن كانت قيمتهم نحتلفةً أخذنا أقلَّهم قيمة وأكثرَهم قيمة، فجُمعت قيمتاهما جميعاً، ثم أخذنا نصف ذلك فقسّمناه على قيمتهم. ¬

_ (¬1) وفي الدار "فكان الشافعي" (¬2) "فلان" ساقط من الدار.

وفيه قول ثان في الرجل يعتق غلاما له، وله رقيق، فلا يعلم أيّ غلام أعتق؟، نسي ذلك: أن الرقيق يسهم عليهم، ثم يعتق أحدهم. هذا قول الليث بن سعد قال: فإن ذكر بعد ذلك الغلام الذي أعتقه (¬1) أعتق عليه أيضاً. وقال أبو ثور: إذا قال الشهود: إنه أعتق أحدهم، ولم يسمِّهِ أقرع بينهم. وقال مالك: إن كان له ستة أعبد فأعتق أحدهم، ثم مات قبل أن يُبَيِّن: يُقرع بينهم حتى يعتق منهم بقدر سدس قيمتهم. وإن كانوا أربعة فربعهم، فإن خرج السهم في أحدهم، وكانت قيمته أقل من الربع أعيد السهم فيهم حتى يستكمل الربع. وهذا قول ثالث [2/ 314/ألف]. وفيه قول رابع وهو: أن يعتقوا جميعاً. هذا قول ابن وهب. وفيه قول خامس وهو: أن يوقف أمرهم حتى يتبين. لأن العتق قد وقع على واحد منهم بعينه. وغير جائز أن يتحول العتق عمن وقع (¬2) عليه إلى غيره بقرعة ولا بغيرها. وإنما سن النبي - صلى الله عليه وسلم - القرعة في عبيد أعتقهم الرجل كلهم، وهذه المسألة إنما هي في رجل أعتق أحد عبيده. ولا يشبه هذا من أعتق جميعهم. هذا قول يحتمله النظر، والله أعلم. ¬

_ (¬1) "أعتقه" ساقط من الدار. (¬2) "وقع" ساقط من الدار.

25 - باب الرجل يقول لعبده: أنت حر إن كلمت فلانا فباعه بيعا صحيحا، ثم كلم فلانا

25 - باب الرجل يقول لعبده: أنت حر إن كلمت فلانا فباعه بيعا صحيحاً، ثم كلم فلانا قال أبو بكر: م 5275 - واختلفوا في الرجل يقول لعبده: أنت حر إن فعلت كذا ثم باع العبد بيعا صحيحا، ثم فعل ذلك الفعل. فقالت طائفة: لا يعتق العبد لأنه حنث وهو خارج من ملكه، هذا قول الشافعي، والنعمان. وفيه قول ثان وهو: أن البيع ينتقض، ويصير العبد حرا. هذا قول النخعي، وابن أبي ليلى. م 5271 - وكذلك لو حلف بطلاق امرأته لا يكلم فلاناً، ثم طلقها طلاقا لا يملك (¬1) رجعتها، ثم كلم فلانا. حنث في قول ابن أبي ليلى، لأنه حلف بذلك وهي في ملكه. ولم يحنث في قول الشافعي، والنعمان. قال أبو بكر: قول الشافعي صحيح. 26 - باب العتق إلى الأجل المسمى قال أبو بكر: م 5272 - واختلفوا في الرجل يقول لعبده: أنت حر إلى سنة، أو يقول ذلك لجاريته. ¬

_ (¬1) وفي الدار "يملك رجعتها".

27 - باب قول الرجل لعبده أو لأمته: إن لم أضربك فأنت حره، فباعها

فقال مالك: إن مات السيد قبل السنة كان العبد حرا عند رأس السنة من رأس المال. وقال مالك إن كانت جارية: لم يطأها، لأنه لا يملكها ملكاً تاماً، ولا يبيعها، ولا يهبها، ولا يلحقها دين. وفيه قول ثان وهو: أن له أن يطأها، هذا قول الأوزاعي، والشافعي. قال أبو بكر: وبه نقول. وله أن يبيعها ويهبها قبل الوقت. وإذا زال ملكه عنها ببيع أو هبة قبل الوقت، ثم جاء الوقت لم يحنث وهي في ملك غيره. 27 - باب قول الرجل لعبده أو لأمته: إن لم أضربْكِ فأنت حره، فباعها قال أبو بكر: م 5273 - واختلفوا في الرجل يقول لعبده: إن أضربك فأنت [2/ 314/ب] حر. فأراد أن يبيعه، وألا يضربه. فقالت طائفة: لا يجوز بيعه، ولا هبته حتى يضربه، فإن باعه فُسخ البيع، فإن مات السيد أعتق في ثلث ماله، وإن مات العبد فهو عبد لأنه لم يعتق، هذا قول مالك. وقال الليث بن سعد: إذا قال لعبده: إن لم أضربك فأنت حر، ثم باعه، أعتق عليه عند بيعه إياه.

28 - باب أحكام المريض

وفيه قول ثالث وهو: أن العتق لا يقع عليه إذا لم يجعل لذلك وقتا، هذا على مذهب الشافعي، وأبي ثور. قال أبو بكر: وبه أقول، وله أن، يبيعه ويهبه متى أحب. فإن مات السيد قبل أن يضربه عتق في قول مالك، والشافعي في ثلث ماله. 28 - باب أحكام المريض قال أبو بكر: م 5274 - أجمع أهل العلم على أن ما يحدثه المريض الخوف عليه، في مرضه الذي يموت فيه، من هبة لأجنى، [أو صدقة] (¬1)، أو عتق: إن ذلك في ثلث ماله. وأن ما جاوز ثلثه من ذلك مردود غير جائز انفاذُهُ. (ح 1565) ودل خبر عمران بن حصين- عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - في قصة الرجل الذي أعتق ستة أعبد له عند موته، فأعتق اثنين وأرق أربعة - على مثل ما أجمع عليه أهل العلم. م 5275 - وقال بظاهر خبر عمران بن حصين، عمر بن عبد العزيز، وأبان بن عثمان، ومالك بن أنس، والشافعي، وأحمد، وإسحاق. وفيمن أعتق رقيقه عند موته ولا مال له غيرهم قول ثان، وهو أن يعتق من كل واحد منهم الثلث، ويستسعى في الثلثين. ¬

_ (¬1) ما بين المعكوفين من الدار.

29 - باب اختلافهم في كيفية القرعة

هذا قول شريح، وسعيد بن المسيب، والحسن البصري، والشعبي، وقتادة، والنخعي، وبه قال النعمان. وقال مسروق في رجل أعتق عبداً له في مرضه، وليس له مال غيره، قال: أجيزه برُمَّته، شيء جعله الله لا أرده. قال أبو بكر: إن كان مسروق إنما قال في مريض أعتق عبده في مرضه، ثم صح، فهو صحيح من القول. وإن لم يكن أراد هذا فهو شاذٌ لا معنى له. وخبر عمران بن حصين مع إجماع عامة العلماء يدل على خلافه. 29 - باب اختلافهم في كيفية القرعة قال أبو بكر: م 5276 - كان الشافعي يقول: "وأَحبُّ القرعة إلى أن يقطع رقاعا صغاراً مستوية، فيكتب في كل رقعة اسم ذي السهم حتى يستوظف أسماؤهم، ثم تجعل في بنادق طين مستوية لا تفاوت بينها، ثم تستجف [2/ 315/ألف] قليلاً، ثم تلقى في ثوب رجل لم يحضر ذلك، ويغطي عليها ثوبه، ثم يقال له: أدخل يدك فأخرج بندقة. إذا أخرجها وفضت وقرأ اسم صاحبها، ثم دفع إليه الجزء الذي أقرع عليه السهم ثم يقال له: أقرع على السهم الذي يليه. هذا هكذا ما بقي من السُّهمان شيءٌ، حتى تنفد".

30 - باب عتق الراهق العبد المرهون

وكان أحمد بن حنبل يقول: قال سعيد بن جبير: بالخواتيم أقرع بين اثنين في ثوب، فأخرج خاتم هذا أو خاتم هذا. ثم قال: يخرجون الخواتيم، ثم يدفع إلى رجل فيخرج منها واحد. 30 - باب عتق الراهق العبد المرهون قال أبو بكر: م 5277 - أجمع أهل العلم على أن الراهن ممنوع من بيع الرهن وهبته، والصدقة به وإخراجه من يدي مرتهنه حتى يبرأ من حق المرتهن. م 5278 - واختلفوا في الراهن يعتق العبد (¬1) المرهون بغير إذن المرتهن. فقالت طائفة: عتقه باطل لا يجوز، روي هذا القول عن عثمان البتي، وبه قال أبو ثور. وقالت طائفة: إن كان الراهن موسراً فالعتق جائز، وتؤخذ منه قيمته وتكون رهناً مكانه. هذا قول الشافعي، وأحمد بن حنبل، وأصحاب الرأي. وقال مالك: إن [كان موسراً] (¬2) دفع إلى الرجل حقه، وجازت عتاقته، وإن كان معسراً فلا عتق له. وقال شريك، والحسن بن صالح: عتقه جائز. وقال شريك: يسعى العبد للمرتهن. ¬

_ (¬1) "العبد" ساقط من الدار. (¬2) ما بين المعكوفين من الدار.

31 - باب العبد الذي مثل به سيده

وقال الحسن بن صالح: ليس عليه سعاية. وأصح القول قول عثمان البتي، وأبي ثور، وذلك لأنهم لما أجمعوا على إبطال بيع الرهن بغير إذن المرتهن. وكان ذلك إخراجاً له من يدي المرتهن، كان كذلك كل ما كان إخراجا من يدي المرتهن مثله. والله أعلم. م 5279 - فإن كان الراهن معسراً والمسألة بحالها. ففي قول أصحاب الرأي: إذا كان قيمة العبد خمس مائة درهم (¬1)، والدين ألف درهم: يسعى العبد العتق في خمس قيمته، ويرجع العبدُ على الراهن بذلك، ويرجع المرتهن على الراهن بفضل حقه. وفي قول مالك، والشافعي: يبطل العتق، ويكون العبد رهناً بحاله وقال أحمد بن حنبل: إذا كان معدما فقد جاز العتق. 31 - باب العبد الذي مثل به سيده قال أبو بكر: م 5280 - أكثر أهل العلم لا يوجبون عِتقَ من مُثِّل به من العبيد. وكان مالك، والليث بن سعد يقولان: يعتق عليه. م 5281 - وقال مالك: وولاؤه له. م 5282 - وقال مالك: يعاقبه [2/ 315/ب] السلطان. ¬

_ (¬1) "درهم" ساقط من الدار.

32 - باب الكلام الذي يوجب العتق والذي لا يوجبه

م 5283 - والمُثْلَة في مذهب مالك أن يصيب (¬1) العبد بالنار، أو يقطع منه الإصبع، وما أشبه ذلك. 32 - باب الكلام الذي يوجب العتق والذي لا يوجبه قال أبو بكر: م 5284 - أجمع أهل العلم على أن الرجل إذا قال لعبده: أنت حر، أو قد أعتقتك، أو: أنت عتيق، أو: أنت معتق، يريد به لله عز وجل، أنه حر. م 5285 - وإذا قال السيد لعبده: لا سبيل لي عليك، أو: لا ملك لي عليك. أو: لا ملك عليك (¬2). فإن قال: لم أعتقه، أو قال: لم أرد عتقاً، فإنه يحلف، ولا يلزمه العتق، وإن أقر بالعتق لزمه العتق. م 5286 - وإذا قال الرجل لعبده: يا بني، أو لأمته: يا بنية، فهو سواء، ولا يعتق واحد منهما، لأن هذا دعاءٌ وكلام لطيف، وهذا موجود في كلام الناس. (ح 1566) وقد روينا عن النبي- صلى الله عليه وسلم - "أنه قال لأنس يا بني". ¬

_ (¬1) وفي الدار "يصاوب". (¬2) "أولا ملك عليك" ساقط من الدار.

م 5287 - وإذا قال الرجل لغلام مجهول النسب: هذا بني، ومثله يولد لمثله: ثبت نسبُه منه، وهو حرٌ. م 5288 - وإذا قال الرجل وهو ابن عشرين سنة لعبد له ابن خمسين سنة: هذا ابني، وصدقه العبد، أو كذبه، لم يلحق نسبه به، ولم يلزمه عتقه، وهذا كذب منه. م 5289 - وكذلك لو قال العبد له- وللعبد عشرون سنة، وللذي بيده العبد ثلاثون سنة -: هذا ابني، كان كذلك. وزعم النعمان أن العتق يقع عليهما. وخالفه يعقوب، ومحمد فقالا: لا يعتقان، ولا يثبت نسبهما. قال أبو بكر: وقول النعمان هذا شاذٌ لا نعلم أحداً سبقه إليه ولا تابعه عليه، لأنه محال من الكلام وكذب. ولو جاز ما قال لجاز لرجل بيده طفل صغير أن يقول: هذا أبتي، وهذا غير جائز ولا مقبول من قائله. م 5290 - وإذا قال الرجل لعبده: لا سلطان لي عليك، وقال: لم أرد عتقك، وإنما أردت أنك غير مطيع لي، فالقول قوله، ولا يلزمه العتق. م 5291 - وقال سفيان الثوري: إذا قال الرجل لغلامه: هو حر النفس. قال له (¬2) نيته في ذلك. قال أبو بكر: هو كما قال فإن أراد العبد استحلافه، استحلفه ولا يلزمه العتق. ¬

_ (¬2) "له" ساقط من الدار.

33 - مسائل من كتاب العتق

33 - مسائل من كتاب العتق م 5292 - وإذا قال الرجل لمملوكه: يا سالم، فأجابه نافع، فقال: أنت حر، وقال: عنيت سالما. فإنهما يعتقان- في قول أصحاب الرأي، وابن القاسم صاحب [2/ 316/ألف] مالك- في الحكم: فأما فيما بينه وبين الله تعالى فلا يعتق إلا الذي أراده. قال أبو بكر: وهذا حسن، لأن السيد قد أثبت (¬1) الحرية لنافع بمخاطبته إياه في الظاهر، وأخبر بأنه أراد إيقاع الحرية على سالم، فيعتق سالم لأنه أخبر أنه أراده. م 5293 - وإذا قال الرجل لمملوك رجل: أنت حر من مالي، ثم اشتراه: فهو مملوكه، ولا شيء عليه. هذا على مذهب [مالك] (¬2)، والشافعي، وعامة أصحابنا. م 5294 - وقال الثوري، وأحمد، وإسحاق- في الرجل يقول لعبد رجل. أنت حر في مالك، فبلغ ذلك السيد، فقال: قد رضيت، وأبى الآخر- قالوا جميعاً: ليس بشيء. م 5295 - وإذا أجر الرجل عبده إجارة صحيحة من رجل سنة، ثم أعتق الولى العبد قبل انقضاء الإجارة: لم تنتقض الإجارة في قول مالك، والشافعي، غير أن الشافعي قال: ويرجع العبد على السيد بإجارة مثله، من يوم أعتقه إلى انقضاء المدة. م 5296 - واختلفوا في الرجل يعتق عبد ولده الصغير. ¬

_ (¬1) وفي الدار "لأن المخاطبة قد ثبتت الحرية لنافع لمخاطبته". (¬2) ما بين المعكوفين من الدار.

فكان مالك يقول: إن كان له مال جاز عتقه، وضمن القيمة لولده. قال أبو بكر: ولا يجوز عتقه في قول الشافعي، لأنه اعتق ما لا يملك. قال أبو بكر: كما قال الشافعي أقول. لأن الله جل ذِكْره ورَّثه من مال ابنه السُدُس- بعد موته- مع ولده، ففي ذلك بيان أن لا حق له في ماله. م 5297 - وإذا قال الرجل لعبده: بعتك نفسك بألف درهم، فإن صدَّقَهُ العبد: فهو حر وعليه ألف درهم. في قول الشافعي، وأصحاب الرأي. وفي قول مالك: يعتق ويتبعه السيد بالألف درهم. قال أبو بكر: م 5298 - وإذا قال الرجل لعبده: أعتقتك أمس على ألف درهم وقبلته، وقال العبد: أعتقتني على غير شيء. حُلِّف العبد، وأعتق باقراره أنه حر. في قول الشافعي، وأصحاب الرأي. وكذلك نقول. م 5299 - وإذا قال الرجل لعبده: إذا أديت إلى ألف درهم فأنت حر. فمتى أدى إليه ألف درهم، فهو حر، في قول أصحاب الرأي، وهو يشبه مذهب الشافعي. م 5300 - وقال الثوري: "إذا قال الرجل لعبده: إذا أديت إلى ألف درهم فأنت حر، ثم بدا له ألا يقبل منه شيئاً، كان ذلك للسيد".

وفي قول أصحاب الرأي: يجبر على أخذ المال، ويعتق العبد. وهذا يشبه مذهب الشافعي. قال أبو بكر: وبه نقول. م 5301 - وإذا قال الرجل (¬1) لعبده: أنت حر وعليك ألف درهم، فهو حر ولا شيء عليه، وهذا يشبه مذهب الشافعي، والكوفي. قال أبو بكر: وبه نقول. وقال الأوزاعي: هو حرٌ وعليه ما قال إذا كان كلاماً (¬2) متصلاً. وقد حكى ابن القاسم عن مالك نحو قول الأوزاعي. قال أبو بكر: م 5302 - وإذا أعتق عن أبيه (¬3) عبداً، وهو حي، يريد بر أبيه، فهو حر، وفي الولاء اختلاف. أحدهما: أن الولاء لأبيه، هذا قول مالك، ثم قال: ولو كان وهبه لأبيه فيكون هو الذي يعتقه، كان أصوب. والقول الثاني: أن الولاء للابن، وهو أصح القولين، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - جعل الولاء للمعتق. وهو يشبه مذهب الشافعي. م 5303 - واختلفوا في الرجل يشتري العبد بثوب، ثم يعتق العبد، ويستحق الثوب: فكان مالك يقول: يرجع بقيمة العبد. وفي قول الشافعي يبطل العتق والبيع جميعاً. ¬

_ (¬1) "الرجل" ساقط من الدار. (¬2) وفي الدار "إذا كان كاملاً". (¬3) "عن أبيه" ساقط من الدار.

قال أبو بكر: وبه نقول؛ لأنه أعتق ما لا يملك. م 5304 - وقال مالك: إذا قال لعبده: أنت حر اليوم فهو حر أبداً. قال أبو بكر: وبه نقول. م 5305 - وإذا قال الرجل لعبده: هو (¬1) لله، فهو حر، في قول الشعبي، والمسيب بن رافع، وحماد بن أبي سليمان. م 5306 - واختلفوا في امرأة حلفت بعتق جارية ليس لها غيرها، فحنثت، ولها زوج، فرد ذلك عليها زوجها. فقال مالك: له أن يرد عليها، وليس لها عتق. وقال مَرَّةً: يجوز لها العتق بينها وبين الثلث. وفيه قول ثان وهو: أنّ بيعها، وشراءها، وعتقها جائز. ولا فرق بينها وبين الرجل في أن لها أن تتصرف في أموالها كما يتصرف المالكون، إلا أن تكون محجوراً عليها- يدل على ما قلناه الكتاب والسنة: فأما الكتاب فقوله جل ذكره: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا}، فإذا كان لها أن تهب صداقها لزوجها جاز لها أن تهب ذلك لغيره. وأما السنة فقول النبي - صلى الله عليه وسلم - حين خرج في أضحى أو فطر للنساء: ¬

_ (¬1) "هو" ساقط من الدار.

(ح 1567) فقال: "تصدقن". أمراً عاماً لم يستثن ذات زوج ولا غيرها.

95 - كتاب الأطعمة

95 - كتاب الأطعمة قال أبو بكر: قال الله جل ذكره: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ ...} الآية. قال أبو بكر: لم يكن الله جل ذكره حرم يوم تلا نبيه - صلى الله عليه وسلم - هذه الآية على الناس غير ما في هذه الآية. وهذه الآية مكية، لأن ابن عباس ذكر أن سورة الأنعام أنزلت بمكة. ثم أنزل الله تعالى بعد ذلك سورة المائدة، فقال: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا [2/ 317/الف] أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ ...} الآية. وسورة المائدة مدنيةٌ.

م 5307 - قالت عائشة رضي الله عنها - في سورة المائدة- إنها من آخر سورةٍ نزلت، فما وجدتم فيها من حلال فاستحلوه، وما وجدتم من حرام فحرّموه. ومما حرم الله تعالى في سورة المائدة بعد الآية التي بدأنا بذكرها. الخمر، لم يختلفوا فيه. قال أبو بكر: وقد روينا عن ابن عباس، وعائشة أنهما كانا يقولان بظاهر قوله تعالى: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً}. تلا ابن عباس هذه الآية فقال: ما خلا هذا فهو حلال. وكان لا يرى بلحوم الحُمُر الأهلية بأساً، ويتلو (¬1) هذه الآية. وسئلت عائشة عن الفأرة فقالت: ما هي بحرام، وقرأت هذه الآية {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ ...} الآية. قال الله جل ثناؤه: {النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ}. ¬

_ (¬1) "ويتلوا هذه الآية" ساقط من الدار.

وقال لنبيه: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} الآية. فالنبي - صلى الله عليه وسلم - المفسر لكتاب الله جل ذكره، والمبين على الله معنى ما أراد. فَمِمّا حرم رسول الله- صلى الله عليه وسلم - بالمدينة كلّ ذي ناب من السباع، وكل ذي مخلب من الطير. وحرم لحوم الحمر الأهلية، ولحوم البغال. ونهى عن المصبورة، والمجثمة، ولحوم الجلالة، وأكل كثير من الهوام. وأنا ذاكر ذلك بعد إن شاء الله تعالى. والنبي - صلى الله عليه وسلم - يحرم بالوحي الذي يتلوه على الناس، ويحرم بالوحي الذي لم يذكر في القرآن. فعلى الخلق طاعتُه، وأن يحرموا ما حرم، وأن يحلوا ما أحلَّ، ويطيعوه في الأمرين جميعاً.

1 - باب تحريم النبي- صلى الله عليه وسلم - كل ذي ناب من السباع

قال الله جل ثناؤه: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} الآية. وقال: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ ...} الآية. 1 - باب تحريم النبي- صلى الله عليه وسلم - كل ذي ناب من السباع قال أبو بكر: (ح 1568) "حرم رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أكل كل ذي ناب من السباع". قال أبو بكر: م 5308 - وبهذا قال عوام علماء الأمصار منهم: مالك بن أنس، والشافعي، وأبو ثور، والنعمان، وأصحابه، وأصحاب الحديث. إلا ما اختلف فيه من أمر [2/ 317/ب] الضبع، والثعلب، فإني (¬1) سأذكر الاختلاف فيه إن شاء الله تعالى. 2 - باب الضبع واختلاف أهل العلم فيه قال أبو بكر: (ح 1569) روينا عن جابر بن عبد الله أنه قيل له: أتؤكل الضبع؟ ¬

_ (¬1) وفي الدار "وأنا".

قال: نعم، قيل: أصيدٌ هي؟، قال نعم، قيل: أسمعت ذلك عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -؟، قال: نعم. م 5309 - وحكم عمر -رضي الله عنه -: في الضبع يقتله المحرم كبشاً، وبه قال ابن عباس رضي الله عنهما. وروينا عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه كان يرى الضبع صيداً. وقد روينا الرخصة فيه عن سعد بن أبي وقاص، وابن عمر، وأبي هريرة، وعكرمة، وعروة بن الزبير. وكان عطاء بن أبي رباح، والشافعي يريان فيه الجزاء على المحرم. ورخص في أكله أحمد، وإسحاق، وأبو ثور. وفيه قول ثان وهو: كراهية أكل الضبع. روينا ذلك عن

3 - باب الثعلب، والهر

سعيد بن المسيب، وبه قال الثوري، والليث بن سعد، والنعمان، وأصحابه. وقال مالك في الضبع، والثعلب: لا خير في أكلهما. نهى رسول الله- صلى الله عليه وسلم - عن أكل كل ذي ناب من السباع وقال الله جل ذكره: {أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ}. قال أبو بكر: فالضبع يجب أن يستثنى من جملة نهي النبي- صلى الله عليه وسلم - عن أكل كل ذي ناب من السباع، ويحكم في سائر السباع بما في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عنه. 3 - باب الثعلب، والهر قال أبو بكر: (ح 1570) ثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن أكل كل ذي ناب من السباع. م 5310 - فالقول بهذا الخبر يجب، والثعلب داخل في جمل السباع غير خارج منها إلا بحجة. والأخبار عند أصحابنا على العموم، لا يستثنى منها شيء إلا بخبر عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -، أو بإجماع.

وقد روينا عن أبي هريرة أنه قال: الثعلب حرام، وبذلك قال الحسن البصري، وإبراهيم النخعي. وقال الزهري، ومالك: الثعلب سبع. وقال عمرو بن دينار: ما علمنا أن الثعلب يفدى (¬1). وقال ابن أبي نجيح: ما كنا نعده إلا سبعاً. وروينا عن عطاء بن أبي رباح أنه كان يكره أكل الثعلب، ولا يرى على قاتله في الحرم جزاء. وكره النعمان [2/ 318/ألف] وأصحابه أكل الضبع والثعلب. ورخصت طائفة في أكل الثعلب، فرخص في أكله طاووس، وقتادة، والشافعي، وأبو ثور. واختلف في أمره عن عطاء. قال أبو بكر: والهر داخل في نَهْي النبي عن كل ذي ناب من السباع. (ح 1571) وقد روينا عنه - صلى الله عليه وسلم -: "أنه نهى عن أكل الهر، وأكل ثمنه". ¬

_ (¬1) وفي الدار "بهذا".

4 - باب نهي النبي- صلى الله عليه وسلم - عن لحوم الحمر الأهلية ولحوم البغال

م 5311 - فالهر حرام أكله، لنهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن كل ذي ناب من السباع. وقد روينا عن طاووس ومجاهد أنهما كرها ثمن السنور، وبيعه، وأكل لحمه، وأن ينتفع بجلده. وقال مالك: لا يؤكل الهر الإنسي، والوحشي، وبه قال أبو ثور. وظاهر خبر رسول الله- صلى الله عليه وسلم - مستغنى به. وقال الليث بن سعد: لا بأس بأكل الهر. 4 - باب نهي النبي- صلى الله عليه وسلم - عن لحوم الحُمُر الأهلية ولحوم البغال قال أبو بكر: (ح 1572) نهى رسول الله- صلى الله عليه وسلم - عن البغال والحمير". (ح 1573) "ونهى رسول الله- صلى الله عليه وسلم - عن لحوم الحمر الأهلية"

(ح 1574) وقال جابر بن عبد الله: "حَرّم رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يومئذٍ -يعني يوم خيبر- لحوم الحمر الإنسية، ولحوم البغال، وكل ذي ناب من السباع، وكل ذي مِخْلب من الطير، وحرم المجثَّمة، والخُلْسة، والنهبة". قال أبو بكر: م 5312 - فلا يجوز أكل الحمير والبغال لثبوت الخبر عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أنه نهى عن ذلك. وهو قول عوام أهل العلم. كره النخعي أكل لحم البغل. وقال قتادة: ما هو إلا بني الحمار. وقال مالك: "أحسن ما سمعت في أكل الدواب الخيل، والبغال، والحمير أنها لا تؤكل، لقول الله عز وجل: {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً} وقال في الأنعام: {لِتَرْكَبُوا مِنْهَا وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ} ".

5 - باب النهي عن أكل ما قطع من ذوات الأرواح قبل أن تذكى من الدواب التي حل أكلها مذكاة

قال أبو بكر: وقول الشافعي في البغال والحمير كقول مالك. وبه قال النعمان وأصحابه وأبو ثور. وفيه قول ثان: وهو إباحة أكل لحوم الحُمُر. وهذا قول ابن عباس رضي الله عنهما. وبه قال عكرمة، وأبو وائل. قال أبو بكر: وحدثنى علي عن أبي عبيد أنه قال: "وأما المجثمة: فإنها المصبورة أيضاً، ولكنها لا تكون إلا في الطير والأرانب وأشباهه [2/ 318/ب] مما يجثم بالأرض لأن الطير يجثم (¬1) بالأرض، فإن حبسها إنسان قيل: قد جُثِّمت، أي فُعل ذلك بها. 5 - باب النهي عن أكل ما قطع من ذوات الأرواح قبل أن تُذكّى من الدواب التي حل أكلُها مذكاةً قال أبو بكر: م 5313 - أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن ما قطع من الأنعام وهي أحياء: ميتة، ويحرم أكل ذلك. ¬

_ (¬1) في حاشية المخطوطة يقال: جثم بالأرض، أي لزم مكانه. جثم يجثم جثوماً، والمجثمة المحبوسة، والجثامة: البليد.

(ح 1575) وجاء الحديث عن النبي: "أنه قدم المدينة والناس يَجُبُّون أسنمة الإبل، ويقطعون أليات الغنم، فقال النبي- صلى الله عليه وسلم - ما قطع من البهيمة وهي حية فهو ميت. وقد سئل مالك بن أنس عن قطع أَليْة الكبش من أصل الذنب، فإنه يكثر لحمه إذا قطع ذلك منه، فقال مالك: لا أرى بذلك بأساً، ولكن لا يؤكل ذلك الذنب. قال أبو بكر: م 5314 - ولا يجوز عندي قطع شيء من أعضاء البهيمة وهي حبيبة، لأن في ذلك تعذيباً لها. وقد نُهِي عن تعذيب البهيمة والطير. ونُهِيَ عن المصبورة. (ح 1576) وفي حديث عبد الله بن عمرو أن النبي- صلى الله عليه وسلم - قال: "من قتل عصفوراً فما فوقها بغير حقها سأله الله عن قتله، قيل: يا رسول الله وما حقها؟ قال: أن يذبحها فيأكلها، ولا قطع رأسها فيرميَ به".

م 5315 - وقد اختلف في اخصاء الدواب. فروينا عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه - أنه نهى عنه. وكان ابن عمر يكره الخِصاء، ويقول: هو مما نهى (1) الله عنه، بقوله: {وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ}. وكره ذلك عبد الملك بن مروان. وقال الأوزاعي: كانوا يكرهون اخصاء كل شيء له نسل. وكره ذلك أحمد وإسحاق. وفيه قول ثان: رخص فيه الحسن البصري، وطاووس. وخصى عروة بن الزبير بغلاً له. وأمر عمر بن عبد العزيز بخصاء الخيل. ورخص مالك في خصاء ذكور الغنم. قال أبو بكر: والقول الأول أولى القولين عندي. لأن ذلك ثابت عن ابن عمر. وفيه عن النبي- صلى الله عليه وسلم - حديثان:

6 - باب تحريم لحوم الجلالة، واختلاف أهل العلم في أكل لحومها

(ح 1577) أحدهما: حديث ابن عمر أن النبي- صلى الله عليه وسلم -" نهى عن خصاء الإبل، والبقر، والغنم، والخيل" [2/ 319/ألف]. (ح 1578) والآخر: حديث ابن عباس أن النبي- صلى الله عليه وسلم - "نهى عن صبر الروح، وخصاء البهائم". م 5316 - واختلفوا في معنى قوله تعالى: {وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ}. فقالت طائفة: هو الخصاء، روينا هذا القول عن أنس بن مالك، وابن عباس، رضي الله عنهم. وقالت طائفة: إن معنى قوله تعالى: {فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ}: هو دين الله، هكذا قال عكرمة، وسعيد بن جُبَيْر، والنخعي، وقتادة. 6 - باب تحريم (¬1) لحوم الجّلالة، واختلاف أهل العلم في أكل لحومها قال أبو بكر: ¬

_ (¬1) "تحريم" ساقط من الدار.

م 5317 - واختلفوا في أكل لحوم الجلالة والركوب عليها. فروينا عن عمر بن الخطاب، وابن عمر رضي الله عنهما أنهما كانا يكرهان الركوب عليها. وقال الشافعي: والجلالة مَنْهيٌ عن لحومها، حتى تعلف علفاً غيره ما تصير به إلا أن يوجد عرقها وجررها منقلباً عما كانت تكون عليه. وقال النعمان، وأصحابه: تكره لحوم الجلالّة، وأَنْ يُعمل عليها، ولا يؤكل لحمُها حتى تُحبس أياماً وتعزل عما كانت عليه (¬1)، فإذا فعل ذلك بها فلا بأس بأكلها. وكره أحمد وإسحاق أكل (¬2) الجلالة، والركوب عليها، وكرها ألبانها. وقال النخعي: كانوا يكرهون ما أكل الجِيَفَ من الطير والوحش. وفيه قول ثان: كان الحسن البصري لا يرى بلحوم الجلالة وألبانها بأساً، ولا بشيء من أمرها. ورخص الليث بن سعد أكل لحوم الغنم الجلالة، وشرب ألبانها. وقال: لأنها (¬3) تصير إلى أهلها وتعلف العلف. ¬

_ (¬1) "عما كانت عليه" ساقط من الدار. (¬2) "أكل" ساقط من الدار. (¬3) "لأنها" ساقط من الدار.

7 - باب المقدار الذي تحبس فيه الجلالة لتطيب لحومها فيجوز أكل لحمها وشرب لبنها والحمل عليها والركوب

وقال الليث: إنما كره لحوم الجلالة التي ليس لها طعام إلا الرجيع وما أشبهَهُ. 7 - باب المقدار الذي تُحبس فيه الجلالة لتطيب لحومها (¬1) فيجوز أكل لحمها وشرب لبنها والحمل عليها والركوب قال أبو بكر: (ح 1579) روينا عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه نهى عن الإبل الجلالة أن تُؤكل لحومها، ولا تشرب ألبانها ولا يحمل عليها الأدم ولا يركبها الناس، حتى تحبس أربعين ليلة". قال أبو بكر: م 5318 - وكان المغيرة بن مسلم يقول: إذا عُلفت الجلالة أربعين يوماً قد حل لحمها. قال أبو بكر: أما البعير الجلال فقد ذكرنا ما جاء في. م 5319 - وأما الدجاجة: فالمحفوظ عن ابن عمر أنه كان يحبسها ثلاثة أيام. وقال أبو ثور بقول ابن عمر، ولم يذكر ذلك عن ابن عمر. قال: وإن كانت ناقةً، [2/ 319/ب] أو بقرة، أو شاة: تحبس بقدر ما يعلم أن الخُبثَ قد زايلها. وليس هذا واجباً، ولكن اختيار، وأكره ركوبها. ¬

_ (¬1) "لحومها" ساقط من الدار.

8 - باب القرد، والفيل، وألبان الأتن، والحيات، والعقارب، والترياق، وغير ذلك

قال أبو بكر: وفرق أصحاب الرأي بين الجلالة فقالوا: يكره أن يعمل عليها، ولا (¬1) يحمل عليها حتى تحبس أياماً وتعتزل، فإذا فعل ذلك بها. فلا بأس بأكلها. وقالوا: لا بأس بأكل الدجاج، لأن الأثر جاء في الإبل، والدجاجة تخلط. وسئل مالك عن الدجاجة: هل تحبس فتعلف قبل أن تذبح؟ فقال: لا، وهذا الطير الذي يطير فيأكل الجيف. فلا بأس بأكل الدجاج المسرح. 8 - باب القرد، والفيل، وألبان الأتُنُ، والحيات، والعقارب، والترياق، وغير ذلك قال أبو بكر: م 5320 - اختلف أهل العلم في أكل لحم القرد. فقال مجاهد: ليس من بهيمة الأنعام، وكره مرة لحم القرد، والنسانيس الأهلية. وروينا عن عكرمة أنه قال: لا يصلح أكل لحم (¬2) القرد، وقد روينا عن عطاء أنه سئل عن القرد يقتل في الحرم؟ فقال: يحكم فيه ذوا عدل. ¬

_ (¬1) "لا" ساقط من الدار. (¬2) "لحم" ساقط من الدار.

قال أبو بكر: فعلى مذهب عطاء يجوز أكل لحمه، لأن الجزاء لا يجب على من قتل غير صيد. م 5321 - واختلف الشعبى، والشافعي في أكل لحم الفيل. فلم ير الشعبي به بأساً. وفي قول الشافعي: لا يجوز أكل لحمه، لأنه قال: "لا يجوز الانتفاع بعظم الفيل، ولا بعظم شيء لا يؤكل لحمه". م 5322 - واختلفوا في شرب ألبان الأُتُن للعلاج. فروينا عن زاهر بن الأسود أنه كره ذلك. وكره ذلك الحسن البصري، وابن سيرين، وأحمد بن حنبل، ومجاهد. وقال سعيد بن جبير: نُهي عن لحومها وألبانها. وفي قول الشافعي، وأبي ثور: لا يجوز شربُ ألبان الأتن. وكره أصحاب الرأي ذلك. وقال إسحاق كما قال أحمد، إلا من ضرورة، ينزل بالمسلم داءٌ يوصف له أن ذلك دواؤه، فحينئذ يجوز له للضرورة، ويغسل فمه للصلاة. ورخص في ألبان الأتن عطاء، وطاووس، والزهري. قال أبو بكر: القول الأول أصح.

(ح 1580) لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن لحوم الحمر الأهلية". وحكم ألبانها حكمُ لحومها. م 5323 - واختلفوا في استعمال التَرّياق. فكره شربه الحسن البصري، وابن سيرين، وأحمد. وكما قال أحمد قال إسحاق [2/ 325/ألف] إلا أن تُذكَّى الحياتُ. ورخص فيه الشعبى. وقال مالك: ما زال الناس يشربونه، فقيل لمالك: للحية ذكاة لعمل الترياق؟ قال: نعم، لم ابتغي ذلك فيما إذا أصاب المذبح. وقد روينا عن ابن عمر أنه أمر بترياق فسقي. م 5324 - واختلفوا في شرب أبوال الأنعام. فرخصت فيه طائفة: قال عطاء بن أبي رباح: ما أكلت لحمه فلا بأس ببوله. وبه قال النخعي، وقتادة، ومالك بن أنس، والثوري، والأوزاعي، والنعمان، وأصحابه. ومن حجة من أباح شرب أبوال ما أكل لحمه:

(ح 1581) أن النبي - صلى الله عليه وسلم - "أذن لقوم في شرب أبوال الإبل وألبانها". وفيه قول ثان وهو: أن الأبوال كلها نجسة، هذا قول الشافعي. وبالقول الأول أقول، لحجج شتى: أعلاها إذن النبي - صلى الله عليه وسلم - للذين اجتووا المدينة أن يشربوا من أبوال الإبل وألبانها. ولو كان ذلك حراماً ما أذن لهم في شربها. وفي حديث عبد الله بن مسعود: "إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم". (ح 1582) وفي حديث سعد بن أبي وقاص أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال "إن أعظم المسلمين في المسلمين جُرماً مَن سأل عن شيء لم يحرَّم فحرِّم من أجل مسألته". (ح 1583) وفي حديث أبي ثعلبة الخُشَني عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله حدَّ حدوداً فلا تعتدوها، وفرض عليكم فرائض فلا تضيعوها، وحرم أشياء فلا تنتهكوها، وترك أشياء من غير نسيان، فاقبلوها ولا تبحثوا عنها".

9 - باب الفأر، والغراب، وغير ذلك

قال أبو بكر: فدلت هذه الأخبار على أن كل مسكوت عه معفوٌ لهم عن ذلك. وإنما تحرم الأشياء إما بكتاب، أو بسنة، أو بإجماع. وأما أن يأخذ أحد تحريم شيء من الأشياء عن غير رسول الله- صلى الله عليه وسلم - فغير جائز. بل قد ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - "أمر بشرب أبوال الإبل" ولا نعلم أحداً قال قبل الشافعي إن أبوال الأنعام وأبعارها نجسة. 9 - باب الفأر، والغراب، وغير ذلك قال أبو بكر: م 5325 - اختلف أهل العلم في أكل الفأرة. فروينا عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: ما هي بحرام، وقرأت هذه [2/ 320/ب] الآية: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ} الآية، وقال مالك: أكره الفأرة، والحية، والعقرب، من غير أن أراه حراماً بيناً (¬1)، ومن أكل حية فلا يأكلها حتى يذبحها. ولا يجوز في قول الشافعي "أكل الفأرة، ولا شيئاً مما أبيح للمحرم أن يقتله، مثل العقارب، والحيات، والحِدَأَ، والغربان. ¬

_ (¬1) "بينا" ساقط من الدار.

ولا يجوز أن يؤكل الرَّخَمُ، ولا العقبان (¬1)، ولا الصقور، ولا الصوائد من الطير كله مثل الشواهين والبزاة، والبواشق، ولا (¬2) تؤكل الخنافسُ، ولا الجِعلان، ولا العَظاء (¬3)، ولا اللحكاء، ولا العنكبوت، ولا الزنابير، ولا كل ما كانت العرب لا تأكله". م 5326 - واختلفوا في أكل لحوم الغربان. فكرهت طائفة ذلك وممن كره: عروة بن الزبير قال: لا خير فيه. وقال طاووس: يكره من الطير ما يأكل الجيف. ¬

_ (¬1) وفي الدار "ولا الثعبان" (¬2) "ولا تؤكل ... إلى قوله: لا تأكله واختلفوا" ساقط من الدار. (¬3) على حاشية المخطوطة: العظاية ويقال العظاءة: دابة على خلقة سام ابرص، وللحكاء ذكرها

وقال النخعي: أكره من الطير كل شيء يأكل الميتة. وقال النخعي: يقتل المحرم الفأرة، والغراب (¬1)، والعقعق. وقال الشافعي: "مع أن ثم دلالةً بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلما أمر النبى - صلى الله عليه وسلم - بقتل الغراب، والحدَأة، والعقرب، والفأره، والكلب العقور: دل هذا على تحريم أَكل ما أمر بقتله في الإحرام". وقال أبو ثور: لا يحل أكل كل ذي مخلب من الطير صغيراً كان أو كبيراً، ولا يؤكل الغراب، ولا الحدأة. وقال أصحاب الرأي: لا يجوز أكل كل ذي مخلب من الطير. وأباحت طائفة أكل لحوم الغربان. وكان النخعي لا يرى بأكل الغربان الصغار بأساً. وقال قتادة، وأبو هاشم، لا نرى بأكل شيء من الغربان بأساً. وقيل لمالك في أكل الغراب، والحدأة، فقال: لم أدرك أحداً ينهى عن أكلها. وقال: لا بأس بأكلها. ولا أعلم في الطير كله بأساً. ولا ينهى عنه. وفي أكل لحم الغراب قول ثالث: كره الحكم، وحماد أكل ¬

_ (¬1) وفي الدار "والعقرب"، محل الغراب.

لحوم الغربان السود، ولم يريا بالزاغ بأساً. وقال محمد بن الحسن: لا يحل أكل لحم ما كان له مخلب، وكذلك البازي، والصقر لا يُؤكل. ويكره أكل الغراب الأبقع، والغراب الأحمر يعني الزاغ لا بأس بأكله. وكرَّه بعض أهل الحديث أكل الغراب الأبقع، وأباح أكل سائر الغربان. (ح 1584) وروينا فيه حديثاً عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "خمس فواسق" فذكر في الخمس: "الغراب الأبقع". قال أبو بكر: لما حرم الله تعالى الصيد في [2/ 321/ألف] الإحرام، وكان المحرم عليهم منه ما جاز أكله مذكى قبل الإحرام: دل على أن ما أبيح للمحرم قتله، ليس من الصيد الذي في المحرم عن قتله. (ح 1585) وثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال "خمس لا جناح في قتل ما قتل منهن: الغراب، والفأرة، والحدأة، والكلب العقور، والعقرب.

10 - جماع أبواب ما أباح كتاب الله أكله وما لم يأت بتحريمه حجة

قال أبو بكر: فكل ما أبيح للمحرم أن يقتله، حرامٌ أكلُهُ إستدلالاً بما ذكرت. 10 - جماع أبواب ما أباح كتابُ الله أكله وما لم يأت بتحريمه حجة قال أبو بكر: أباح الله جل ثناؤه أكل لحوم الأنعام فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ} الآية. وقال جل ذكره: {لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ}. وقال: {وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ}. فأباح الله جل ذكره أكل (¬1) لحوم الأنعام في كتابه. ودلت أخبارُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على إباحة لحوم الأنعام. م 5327 - وأجمع أهل العلم على القول به. ¬

_ (¬1) "أكل" ساقط من الدار.

11 - باب أكل لحوم الخيل والحمار الوحشي

فلحوم الأنعام مباحة بالكتاب، والسنة، والإتفاق. (ح 1586) وثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: "إن أعظم المسلمين في المسلمين جُرماً مَن سأل عن شيء لم يكن محرماً، فحرم من أجل مسألته". 11 - باب أكل لحوم الخيل والحمار الوحشي (¬1) قال أبو بكر: الخيل داخل فيما أباح الله (¬2) مما لم ينزل بتحريمه كتاب، ولا جاءت بتحريمه سنة، ولا أجمع على تحريمه أهل العلم. (ح 1587) بل قد جاءت أخبار ثابتة عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -، تدل على إباحة أكل لحوم الخيل. (ح 1588) وفي حديث جابر بن عبد الله أن النبي- صلى الله عليه وسلم - "أطعمهم لحوم الخيل، وأمرهم بها، ونهاهم عن لحوم الحمر". ¬

_ (¬1) وفي الدار "لحوم الخيل والبغال وحمير الوحش". (¬2) وفي الدار "في ما أبيح".

(ح 1589) وقالت أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما: "أكلنا لحم فرس على عهد رسول الله- صلى الله عليه وسلم - ونحن بالمدينة". قال أبو بكر: م 5328 - وقد اختلف أهل العلم في أكل لحوم الخيل. فروينا عن ابن عباس رضي الله عنهما: أنه كان يكرهه. وتناول هذه الآية. {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا} وحرَّم (¬1) الحكم بن عتيبة لحومَ الخيل. وكرهه مجاهد. وقال مالك: لا تؤكلُ، واحتج بالآية التي احتج بها ابن عباس [2/ 321/ب]. وقال ابن الحسن في لحوم الخيل: تركُه أحب إلي. وقال أبو عبيد: لا تؤكل. وأباحت فرقة أكل لحوم الخيل. واحتجوا بأن ما لم يَحرَّمْ حلالٌ على ما ذكرناه. واحتجوا (¬2) مع ذلك بالأخبار التي رويت عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه أطعمهم لحوم الخيل، وأمرهم بها. وقال جابر: "أكلنا زمن خيبر الخيل، وحُمُر الوحش". وقد روي عن ابن الزبير أنه قسم لحم فرس. ¬

_ (¬1) وفي الدار "وكره". (¬2) وفي الدار "وأجمعوا".

12 - باب لحم الظبي، والضب

ورخص في لحوم الخيل: شريح، والحسن البصري، وعطاء بن أبي رباح، والأسود بن يزيد، وحماد بن أبي سليمان، وسعيد بن جبير، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور. وكان ابن عمر يكره سُؤْر الحمار والكلب، ولا يرى بسؤر الفرس بأساً، ليعلم أن مذهبه أن أكل لحمه مباحٌ عنده. ورخص فيه الثوري، وابن المبارك. قال أبو بكر: وخبر أبي قتادة يدل على إباحة أكل الحمار الوحشي. (ح 1590) لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما ناوله أبو قتادة العضد أكلها وهو محرم حتى تعرقها. 12 - باب لحم الظبي، والضب قال أبو بكر: م 5329 - لحم الظباء حلال، لا أعلم أحداً منع منه، لأنه من جملة الصيد الذي منع المحرم منه، فدل على إباحة أكله للحلال. (ح 1591) وقد ثبت أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - سئل عن الضب؟ فقال: "لست بآكله، ولا محرمه".

(ح 1592) وقد روينا عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: "إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يُحَرِّم الضب، ولكن قِذره، أو عافه". (ح 1593) "وأكل الضب على مائدة رسول الله- صلى الله عليه وسلم -، ولو كان حراماً ما أُكِل على مائدته". م 5330 - ورخص في أكله عمر بن الخطاب رضي الله عنه. وروينا عن أبي سعيد الخدري أنه قال. "كنا معشر أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - لأن يُهْدى إلى أحدنا ضبٌ مشوي أحبُّ إليه من دجاجة". ورخص فيه مالك بن أنس، والليث بن سعد، والأوزاعي، والشافعي، وأبو ثور. وفه قول ثان: روينا عن أبي هريرة أنه قال: لست بآمر به، ولا ناه عنه. وروي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه: أنه نهى عن الضب والضبع، وثمن الكلب، وكسب الحجام، ومهر البغي. وقال أحمد في الضب: قال النبي- صلى الله عليه وسلم -: "لا آكله ولا أحرمه".

13 - باب الأرنب، واليربوع، والوبر، والقنفذ

وكره [2/ 322/ألف] أصحاب الرأي أكلَ الضب. قال أبو بكر: [وأكل الضب] (¬1) لا بأس به، لأن خبراً لم يأت بتحريمه، وإنما تركه النبي - صلى الله عليه وسلم - لأنه عافه، وأكِلَ بحضرته فلم ينه عنه. (ح 1594) وخبر سعد بن أبي وقاص عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "إن أعظم المسلمين في المسلمين جرماً من سأل عن شيء لم يحرم فحرِّم من أجل مسألته". يدل على إباحة أكل الضب. 13 - باب الأرنب، واليربوع، والوبر، والقنفذ قال أبو بكر: (ح 1595) روينا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه أتي بأرنب فقال النبي- صلى الله عليه وسلم -: م 5331 - وكان سعد بن أبي وقاص يأكله. ¬

_ (¬1) ما بين المعكوفين من الدار.

ورخص فيه أبو سعيد الخدري، وبلال، وابن المسيب. ورخص فيه الليث بن سعد، ومالك، والشافعي، وأبو ثور، وابن الحسن. قال أبو بكر: وبه نقول؛ لأن الأشياء على الإباحة، ما لم يقع تحريم بخبر، وحديث أبي ذر يدل على إباحة أكله. وقد روي عن عمرو بن العاص أنه حرمه. والقول الذي بدأنا بذكره أولى. م 5332 - واختلفوا في أكل اليربوع. فروينا عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه - أنه حكم فيه بجفرة. ورخص في أكله عروة بن الزبير، وعطاء الخراساني، والشافعي، وأبو ثور. وكره ذلك ابن سيرين، والحكم، وحماد، وأصحاب الرأي.

14 - باب الجراد

قال أبو بكر: اليربوع مباح أكله. لأني لا أعلم حجة تمنع منه، وقد جعل عمر بن الخطاب -رضي الله عنه - على المحرم إذا قتله جفرة. م 5333 - ورخص في أكل الوبر: طاووس، وعطاء، ومجاهد. وقال عمرو بن دينار: ما أرى بأكله بأسا ما لم أقذَرْهُ. قال أبو بكر: والجواب في الوبر كالجواب في اليربوع. م 5334 - واختلفوا في القُنْفذ. فروي عن أبي هريرة أنه قال: هو حرام. وكره مالك، وأصحاب الرأي ذلك. وقد روينا عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه رخص فيه. وبه قال الليث بن سعد، والشافعي، وأبو ثور. 14 - باب الجراد قال أبو بكر: (ح 1596) روينا عن ابن أبي أوفى أنه قال:" غزونا مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم - سبع "غزوات نأكل الجراد".

م 5335 - وروينا عن أنس بن مالك أنه قال: "كان أزواج النبي- صلى الله عليه وسلم - يتهادين الجراد". ورخص في [2/ 322/ب] أكل الجراد عمر بن الخطاب وابن عمر، وزيد بن ثابت، وصهيب، وسلمان، وابن عباس، وأبو سعيد الخدري -رضي الله عنهم-. وروينا عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه - أنه قال: الجراد، والحيتان ذكيان. قال أبو بكر: أكل الجراد مباح على ظاهر خبر ابن أبي أوفى، وجماعة مِمَّنْ ذكرنا ذلك عنه من أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم -. م 5336 - ولم يختلف أهل العلم في إباحة أكله إذا أخذ حياً فقطف رأسه. م 5337 - واختلف في الجراد يوجد ميتاً أو يؤخذ حياً فيغفل عنه حتى يموت. فروينا عن سعيد بن المسيب أنه قال: ما أخذ من الجراد حياً فلا بأس به، وكره ما مات منه قبل أن يؤخذ. وقال مالك في الجراد: إذا أخذ حياً، ثم قطع رأسه، أو شوي شياً، أو قلي قلياً، فلا بأس بأكله، وما أخذ حياً فغفل عنه حتى يموت فلا يؤكل، وإنما هو بمنزلة ما وجد ميتاً قبل أن يصطاد، لأنه من صيد البر، وإن ذكاته قتله.

وكان الليث بن سعد يكره أكل الجراد الميت، وما أخذ حياً، ثم مات فلا بأس بأكله، لأن أخذه ذكاته. قال أبو بكر: والليث بن سعد موافق لمالك فما وجد ميتاً من الجراد أنه لا يؤكل، وقد خالفه لهما أخذ منه حياً، ثم غفل عنه حتى يموت، فرخص الليث بن سعد، وكرهه مالك. قال أبو بكر: وعوام أهل العلم- غير مالك، والليث- كالمجمعين على إباحة أكل الجراد أخذ (¬1) ميتاً، أو أخذ حياً فغفل عنه حتى يموت، أكل الجراد عندهم مباح على الوجوه كلها. هذا مذهب الشافعي، وأصحابه، والنعمان، وأصحاب الحديث. م 5338 - ولم يختلفوا في إباحة أكل ما اصطاده المسلم، واليهودي، والنصراني منه، على سبيل ما قد ذكرته عنهم. م 5339 - واختلفوا فيما اصطاده المجوسي منه. فروينا عن إبراهيم النخعي أنه قال: يؤكل صيد المجوسي في البحر، ولا يؤكل في البر. وكره ذلك عطاء. وقال مالك فيما صاد المجوسي من الجراد، فمات في يده فإنه لا يؤكل. وكان الشافعي، والنعمان ومن تبعهما، وأبو ثور لا يرون بصيد المجوسى للجراد بأساً. قال أبو بكر: أكل الجراد مباح على الوجوه كلها. ¬

_ (¬1) "أخذ" ساقط من الدار.

15 - باب صيد البحر والخبر الدال على أن المراد من [2/ 232/ألف] قوله تعالى {حرمت عليكم الميتة} بعض الميتة دون بعض

15 - باب صيد البحر والخبر الدال على أن المراد من [2/ 232/ألف] قوله تعالى {حرمت عليكم الميتة} بعض الميتة دون بعض قال أبو بكر: قال الله جل ذكره: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ}. (ح 1597) وفي حديث أبي هريرة أن رجلاً سأل النبي- صلى الله عليه وسلم - عن الوضوء بماء البحر؟ فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: "هو الطهور ماؤه الحل ميتته". (ح 1598) وقال جابر بن عبد الله: "ألقى لنا البحر ونحن بالساحل دابة تسمى العنبر، فأكلنا منه نصف شهر وائتدمنا منه، وادهنا بودكه حتى ثابت أجسامنا، فأتينا النبي- صلى الله عليه وسلم - لما قدمنا عليه المدينة، فأخبرناه، فقال: هل معكم منه شيء؟ فأرسلنا النبي - صلى الله عليه وسلم - الله- منه، فأكله". قال أبو بكر: وفي أكل النبي- صلى الله عليه وسلم - منه دلالة على أن أكل من أكل منه على غير معنى الضرورة التي أبيح لصاحبها الميتة.

16 - باب غسل آنية المشركين

م 5340 - وأجمع أهل العلم على أن صيد البحر حلا للحلال، ولِلْمُحْرِم اصطياده، وأكله، وبيعه، وشراؤه. م 5341 - واختلفوا في قوله تعالى: {وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ} وقد بينت اختلاف أهل العلم في ذلك وغيره في آخر كتاب الصيد. 16 - باب غسل آنية المشركين قال أبو بكر: (ح 1599) روينا عن جابر بن عبد الله أنه قال: "كنا مع النبي- صلى الله عليه وسلم - فلا ينهانا أن نأكل في آنية المشركين ونشرب في أسقيتهم". (ح 1600) وفي حديث أبي ثعلبة الخشني أنه قال: يا رسول الله- صلى الله عليه وسلم - إنا بأرض أهل كتاب، أفنطبخ في قدورهم ونشرب في آنيتهم؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن لم تجدوا غيرها فارحضوها بالماء، ثم اطبخوا فيها، ثم كلوا". م 5342 - وقد اختلف فيما يفعل بآنيتهم.

17 - باب إباحة أكل الميتة عند الضرورة

فسئل مالك وقيل له: أفرأيت إن علمت أنهم يأكلون الخترير، فاستعرت منهم قدراً قد نصبوا فيها مراراً وتداخلها الودك، هل يجزئ الغسل من ذلك شيئاً؟ قال: لتغلى على النار بالماء (¬1) حتى يخرج ودكها أحب إلي في الاحتياط. قال أحمد بن حنبل، وإسحاق: يؤكل في أوعية المشركين إذا غسلت. قال أبو بكر: والآنية على مذهب الشافعي على الطهارة [2/ 323/ب] حتى يوقن بنجس قد مسّ الإناء. إذا علم ذلك لم يجز الطبخ فيه، ولا استعماله حتى يغسل بالماء فيطهر. وهذا قياس قول أبو ثور، ويشبه هذا مذهب أصحاب الرأي. 17 - باب إباحة أكل الميتة عند الضرورة قال أبو بكر: قال الله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ ...} الآية، فاحتمل (¬2) أن يكون الله عَزَّ وَجَلَّ حرم عليهم الميتة، وما ذكر معها في سورة الأنعام في جميع الأحوال، وعلى جميع الناس. ¬

_ (¬1) "بالماء" ساقط من الدار. (¬2) "فأحتمل أن يكون ... إلى قوله: وعلى جميع الناس" ساقط من الدار.

واحتمل أن يكون حُرِّمَتْ في غير حال الاضطرار. فدل قول الله تبارك وتعالى: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ}. على إباحة أكل الميتة في حال الاضطرار. وعلى أنها إنما حرمت عليهم في غير حال الاضطرار. م 5343 - ودل إجماع أهل العلم على مثل ذلك. م 5344 - واختلفوا في قوله: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ} فقالت طائفة: غير باغ في الميتة، ولا عاد في الأكل، روينا هذا القول عن ابن عباس رضي الله عنهما. وقال الحسن البصري: يأكل منها بقدر ما يقيمه، وبه قال النخعي، وبمعناه قال قتادة. وفي حديث الحسن: ويجزئ من الاضطرار غبوق أو صبوح. قال أبو عبيد: "الصبوح: الغداء، والغبوق: العشاء يقول: فليس لكم أن تجمعوهما من الميتة". وقالت طائفة: في قوله: {غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ} قالت: غير باغ على المسلمين، ولا معتد عليهم، هذا قول مجاهد. وقال سعيد بن جبير: إذا خرج في سبيل الله، واضطر إلى الميتة، أكل، وإذا خرج يقطع الطريق فلا رخصة له.

وقال الكلبي: غير باغ في الدنيا يقول اللص يقطع الطريق، ولا عاد على الناس. م 5345 - واختلفوا في المحرم يضطر فيجد الصيد، والميتة. فقالت طائفة: يأكل الميتة، هذا قول الحسن البصري، وبه قال مالك بن أنس. وبه قال الشافعي، وقد اختلف فيه عنه. وهو قول النعمان، وأصحابه. وفيه قول ثان وهو: أن يأكل الصيد ويكفِّر، هذا قول الشعبي (¬1). م 5346 - واختلفوا فيمن وجد الميته، وأموال الناس، واضطر: فقال سعيد بن المسيب، وزيد بن أسلم: يأكل الميتة. وقال عبد الله بن دينار: أكل مال المسلم أحب إلى. م 5347 - واختلفوا في قدر ما يأكل الرجل من الميتة [2/ 324/ألف]. فقال مالك: "يأكل ما يأكل منها حتى يشبع، ويتزود منها، فإذا وجد عنها غنى طرحها". وقال النعمان، وأصحابه: يأكل منها ما يمسك نفسه. قال أبو بكر: وهذا أصح. لأن الميتة إذا أبيحت له في حال الاضطرار، فإذا أكل منها ما يزيل تلك الحال عنه، رجع الأمر إلى التحريم. وقال الحسن البصري: يأكل منها بقدر ما يقيمه. ¬

_ (¬1) وفي الدار "الشافعي" مكان الشعبى.

18 - باب اختلافهم في التداوي بالخمر، والاستعاطة به، وشربه عند الضرورة

18 - باب اختلافهم في التداوي بالخمر، والاستعاطة (¬1) به، وشربه عند الضرورة م 5348 - واختلفوا في التداوي بالخمر، وشربه عند الضرورة. فكرهت طائفة ذلك. وسقى غلام لابن عمر بعيراً له خمراً فتوعّده. وقال عبد الله بن مسعود "لم يجعل الله شفاءكم فما حرم عليكم". وقيل لابن عمر: إن النساء يمتشطن بالخمر، فقال ابن عمر: ألقى الله في رؤوسهن الحاصَّة. وروينا عن حذيفة أنه ذكر له نساء يمتشطن بالخمر، فقال: تطيبن بالخمر لاطيبهن الله. وكره عطاء بن أبي رباح، وعمرو بن دينار، وعبد الكريم، وعكرمة، والثوري الإمتشاط بالخمر. ¬

_ (¬1) وفي الدار "والامتشاط".

وقال إبراهيم النخعى: كانوا يكرهون أن يسقوا البهيمة دماً أو خمرا. وكان الليث بن سعد يرى معاقبة من يسقى الصبي الصغير خمراً. وكره الثوري أن يتداوي بالخمر، أو تسقى الدواب ذلك، أو يمتشط بها النساء. وقال مالك في الخمر إذا اضطر إليها: لا يشربها. وقيل لأحمد بن حنبل: المضطر يشرب الخمر إذا عطش (¬1) قال: يقال إنه لا يروى. وبه قال إسحاق إلا يكون في طمع أنه يرويه إلى موضع في الماء. وفيه قول ثان: كان مسروق يقول: "من اضطر إلى الميتة، والدم، ولحم الخنزير، فلم يأكل ولم يشرب حتى يموت: دخل النار". وقد حكي عن الشافعي أنه قال: لا بأس أن يتداوى عند خوف التلف بكل محرم، وبه قال أبو ثور. (ح 1601) وقد روينا أن رجلاً سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الخمر؟ فنهاه عنها، فقال: إنما أصنعها للدواء. فقال النبي- صلى الله عليه وسلم -: "إنها داء وليست بدواء". وكان الأوزاعي يقول في الرجل يأكل الميتة، والدم، والخنزير من غير ضرورة قال: أرى أن يضرب ثمانين. ¬

_ (¬1) "إذا عطش" ساقط من الدار.

19 - باب ما أبيح للمرء من مال أخيه

قال أبو بكر: وعلى مذهب غير الأوزاعي يعزره الإمام تعزيراً على حال الأكل، دون الحد. 19 - باب ما أبيح للمرء من مال أخيه قال أبو بكر: (ح 1602) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -قال: "لا يحلبن أحد ماشية أحد بغير إذنه. أيحب أحدكم أن تؤتى مشربته، فتكسر خزانته فينتثل طعامه؟ فإنما تخزن لهم ضروع ماشيتهم أطعمتهم. فلا يحلبن أحد ماشية أحد إلا بإذنه". قال أبو بكر: وقد حرم الله الأموال في كتابه فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ}. (ح 1603) وحرم رسول الله- صلى الله عليه وسلم - الأموال في خُطبته بعرفةَ ومِنى. فقال: "ألا

إن (¬1) دماءكم وأموالكم حرامٌ عليكم، كحرمه يومكم هذا، في بلدكم هذا، [(¬2) في شهركم هذا] ". م 5349 - وأجمع أهل العلم على تحريم أموال المسلمين ودمائهم، إلا حيث أباحه الله تعالى ورسوله. وكل ما أباح الله من دم مسلم من جهة القصاص، أو بالكفر بعد الإيمان، أو بالزنى بعد الاحصان، أو بالديات حيث أوجبها الله: فتلك مخصوصة مستخرجة من جمل الأموال التي حرمها الله في كتابه، وعلى لسان نبيه. وقد حرم النبي- صلى الله عليه وسلم - أن تحتلب ماشية قوم إلا بإذنهم، إلا أن يمر جائع أو عطشان مضطر بماشية، أو مال، فيباح له ذلك على: (ح 1604) خبر أبي هريرة قال: قلنا: يا رسول الله- صلى الله عليه وسلم - ما يحل لأحدنا من مال أخيه إذا اضطر إليه؟ قال: "يأكل، ولا يحمل، ويشرب ولا يحمل". قال أبو بكر: وكل مختلف فيه بعد ذلك فمردود إلى تحريم الله الأموال، وتحريم رسوله - صلى الله عليه وسلم - ذلك؟. ¬

_ (¬1) "إلا أن" ساقط من الدار. (¬2) ما بين العكوفين من الدار.

20 - باب الاستشفاء بأكل الشونيز والتبرك به، وأكل الكمأة، والحلوى والعسل، والأترج وغير ذلك

20 - باب الاستشفاء بأكل الشُونيز والتبرك به، وأكل الكمأة، والحلوى والعسل، والأترج وغير ذلك قال أبو بكر: (ح 1605) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -قال للشونيز: "عليكم بهذه الحبة السوداء، فإن فيها شفاء من كل شيء إلاَ السام". (ح 1606) وقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: "الكمأة من المَنِّ، وماؤها شفاءٌ للعين". (ح 1607) "وكان - صلى الله عليه وسلم - يحب الحلواء، والعسل". (ح 1608) وقال - صلى الله عليه وسلم - في الأُتْرُجِّ: "مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كمثل الأترجة، [2/ 325/ألف] طعمها طيب، وريحها طيب. ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل التمرة، طعمها طيب ولا ريح لها. ومثل الفاجر الذي يقرأ القرآن كمثل الريحانة ريحها طيب وطعمها مر،

21 - باب آداب الأطعمة، وما فيها من وجوه السنن

ومثل الفاجر الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة طعمها مر ولا ريح لها". 21 - باب آداب الأطعمة، وما فيها من وجوه السنن قال أبو بكر: (ح 1609) روينا عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "الوضوء قبل الطعام وبعد الطعام بركة الطعام". قال أبو بكر: م 5350 - ومعنى ذلك: غسل اليدين إذا أراد أن يأكل، وبعد فراغه من الأكل، وليس ذلك بواجب، (ح 1610) لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد أكل لما خرج من البراز قبل أن يغسل يديه.

م 5351 - ويستحب إذا أراد أن يأكل أن يقول: بسم الله. (ح 1611) لأن النبي- صلى الله عليه وسلم - قال لعمرَ بنِ أبي سَلَمة: "قل بسم الله، وكل بيمينك، وكل مما يليك". م 5352 - فإن نسي أن يذكر اسم الله في أول طعامه فليقل في آخره: "بسم الله أوله وآخره". م 5353 - ويستحب أن يأكل المرء بيمينه. (ح 1612) لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يأكل الرجل بشماله، وقال: "فإن الشيطان يأكل بالشمال". م 5354 - ويستحب ترك الاتكاء عند الأكل. (ح 1613) لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "أما أنا فلا آكل متكئاً". م 5355 - ويستحب خلع النعال إذا وضع الطعام.

(ح 1614) لأن في حديث أنس بن مالك: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا وضع الطعام فاخلعوا نعالكم، فإنه أروح لأقدامكم". م 5356 - ويكره أن يقون الرجل بين تمرتين جميعاً (¬1) إذا أكل مع غيره. (ح 1615) لحديث ابن عمر "أن النبي- صلى الله عليه وسلم - نهى أن يقرن الرجل بين تمرتين جميعاً، حتى يستأذن صاحبه". م 5353 - ويكره الأكل من وسط الصحفة. (ح 1616) لأن في حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن البركة تكون في وسط الطعام، فكلوا من حافتيه، ولا تأكلوا من وسطه". (ح 1617) ولقول النبي- صلى الله عليه وسلم - لعمر بن أبي سلمة: "كل مما يليك". م 5358 - إلا أن يكون الطعام ألواناً مختلفة. ¬

_ (¬1) "جميعاً" ساقط من الدار.

(ح 1618) لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لعِكْراش لما أُتُوْا بطبق من تمرٍ، [2/ 325/ب] أو رطب: "كل من حيث شئت، فإنه غير لون واحد". م 5359 - ويستحب أن يأكل المرء بالأصابع الثلاث إذا أكل الثريد، وشبهه. (ح 1619) لأن النبي- صلى الله عليه وسلم - "كان يأكل بثلاث أصابع". م 5360 - ويستحب أن يَسْلِت الصحفة ويلعقها إذا أكل. (ح 1620) لحديث جابر أن النبي- صلى الله عليه وسلم - قال: "ولا ترفعِ الصحْفَة حتى تلعقها أو تلعقها، فإن آخر الطعام فيه البركة". م 5361 - ويستحب أن يلْعَقَ الرجل أصابعه التي يأكل بها. (ح 1621) لأن النبي في قال: "إذا أكل أحدكم طعاماً فلا يمسح يده بالمنديل حتى يلعقها، أو يلعقها". م 5362 - وفيه إباحة مسح اليد بالمنديل، إذا فعل ذلك. م 5363 - يستحب الاجتماع على الطعام. (ح 1622) لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - "طعام الواحد يكفي الاثنين، وطعام الاثنين يكفي

الأربعة، وطعام الأربعة يكفي الثمانية. (ح 1623) ولحديث وحشي أن أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قالوا: "يا رسول الله إنا نأكل ولا نشبع. قال: فلعلكم تأكلون وأنتم مفترقون. قالوا: نعم، قال: فاجتمعوا على طعامكم، واذكروا اسم الله، يبارك لكم". م 5364 - ويستحب أكل اللقمة الساقطة، (ح 1624) لقول النبي- صلى الله عليه وسلم -: إذا سقطت لقمة أحدكم فليأخذها، فليمط عنها ما بها من الأذى، ثم ليأكلها، ولا يدعها للشيطان". م 5365 - ويستحب الأكل على السفر. (ح 1625) لحديث أنس أنه قال: "ما أكل رسول الله- صلى الله عليه وسلم - وفي على خوان قط، ولا مائدة، ولا في سُكُرُّجة، ولا خبز له مرقق".

"قيل لقتادة- الراوي لهذا الحديث-: فعلى أي شي كانوا يأكلون؟ قال: على السُّفَر". م 5366 - ويستحب أكل الطعام إذا اشتهاه المرء، وترك عيبه. (ح 1626) لحديث أبي هريرة أنه قال: "ما عاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم - طعاماً قط، إذا اشتهى شيئاً أكله، وإذا كره شيئاً تركه". م 5367 - ويستحب إدخار التمر. (ح 1627) لحديث عائشة رضي الله عنها أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: "بيت لا تمر فيه جياعٌ أهله". م 5368 - ويستحب إذا أكل التمر أن يضع النوى على ظهر اصبعيه الوسطى والسبابة فيرمي بها. (ح 1628) لأن في حديث [2/ 326/ألف] عبد الله بن بسر (¬1) أن النبي- صلى الله عليه وسلم - كان يفعل ذلك. م 5369 - ومما هو لذيذ المطعم، جَمْعُ الأكل بين الشيء الحارّ والبارد في الأكل ليعتدلا: أكل القِثّاء بالرُطَب. ¬

_ (¬1) وفي الدار "عبد الله بن بشر".

(ح 1629) قال عبد الله بن جعفر: "رأيت رسول الله- صلى الله عليه وسلم - يأكل القثاء بالرطب". (ح 1630) وقد كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم - "يجمع بين الرطب والبِطِّيخ". (ح 1631) وقد روينا عن النبي أنه قال: "كلوا البلح بالتمر، فإن الشيطان يغضب ويقول: عاش ابن آدم حتى أكل الجديد بالخلق". م 5370 - ويستحب أكل الدُّبّاء تبركاً: (ح 1632) لأن النبي- صلى الله عليه وسلم - كان يحبه. قال أبو بكر: ويدل: (ح 1633) خبر المقداد بن معدي كرب عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "ما ملأ ابن آدم وعاءاً شراً من بطنه، حَسْبُ الرجل أُكُلاتٌ ما أقمن صُلْبه، فإن

كان لا محالة فثلث طعام، وثلث شراب، وثلث لنفسه". م 5371 - على أن قلة الطعام، وترك الشِبَع أفضل، وإن كان الشبع مباحاً. م 5372 - ويستحب أن يتبرَّك المرء بأكل الزيت. (ح 1634) لأنا روينا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال: "كلوا الزيت وادَّهنوا به، فإنه يخرج من شجرة مباركة". وقد تكلم في إسناده. (ح 1635) وقد روينا عن النبي- صلى الله عليه وسلم - رسإِ أنه قال: "نعم الإدام الخل". م 5373 - فالخل والزيت مما يأتدم به عوامٌّ الناس بالحجاز.

22 - باب الدعوات، وإطعام الطعام، وفضائله وآدابه

22 - باب الدعوات، وإطعام الطعام، وفضائله وآدابه قال أبو بكر: (ح 1636) روينا عن عبد الله بن سَلام أنه قال: لما قدم رسول الله- صلى الله عليه وسلم - المدينة استشرفه الناس (¬1)، وقالوا: قدم رسول الله- صلى الله عليه وسلم -، قال: فخرجت فيمن خرج، فلما رأيت وجهه عرفت أنه ليس بوجه كذاب، فكان أول ما سمعته يقول: "يا أيها الناس أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصِلُوا الأرحام، وصلُّوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام". قال أبو بكر: م 5374 - ويستحب إذا طبخ المرء أن يُكْثر المَرَقة، ويطعم بعض الجيران منه، (ح 1637) لأن في خبر أبي ذر أمر النبي- صلى الله عليه وسلم - بذلك. ¬

_ (¬1) وفي الدار "استبشر به الناس".

(ح 1638) وقد سمّى النبي - صلى الله عليه وسلم - المرقَ أحدَ اللحْمَيْن في حديث عبد الله (¬1) المزني. م 5375 - ويستحب أن [2/ 326/ب] يجيب المرء الدعوة، (ح 1639) لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لو أهديت إلى ذراع لقبلت، ولو دعيت إلى كُراع لأجبت". م 5376 - ويستحب أن يكون من دعاء الضيف لصاحب الدعوة ما دعا به النبي - صلى الله عليه وسلم - لبُسْر السُلَمي لما طعم عنده، وفرغ: (ح 1640) قال: اللهم ارحمهم، واغفر لهم، وبارك لهم فيما رزقتهم". م 5377 - ويستحب أن يطعم المرء مملوكه مما يأكل، ويكسوه مما يلبس. (ح 1641) لقول رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: "إنهم إخوانكم فضلكم الله عليهم، فمن لاءمكم منهم فأطعموهم مما تأكلون، واكسوهم مما تلبسون، ومن لم، فبيعوه ولا تعذبوا خلق الله". قال أبو بكر: وهذا استحبابٌ وأمرُ ندبٍ. ¬

_ (¬1) وفي الدار "أبي عبد الله".

(ح 1642) لقول النبي- صلى الله عليه وسلم -: "إذا وَضع خادم أحدكم طعامَه ليُقْعدْهُ معه، أو فليناولْه لقمة أو لقمتين، فإنه وَلِي حرَّه، ودخانَهُ". قال أبو بكر: ويدل: (ح 1643) خبُر أبي هريرة عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "للمملوك طعامُه وكسوته بالمعروف، ولا يكلّف من العمل ما لا يطيق". على أن ما ذكرناه من قوله: "أطعموهم مما تأكلون" وقوله: "فليقعدْه، معه، أو ليناوله لقمة أو لقمتين "إنما هو استحباب، لأن الولى إن كان ممن يأكل الفراريج، والفراخ (¬1)، وخير السمك (¬2)، والأطعمة الرقيقة، وكانت كسوته الشَطَوي (¬3)، والرقاق من البغدادي، والنيسابوري: لم يكن عليه في مذهب أحد من أهل العلم أن يطعم رقيقه من ذلك، ولا يكسوهم منه، لأن الأطعمة، والكسوة التي ذكرناها لم تكن طعام أحد من أصحاب ¬

_ (¬1) "والفراخ" ساقط من الدار. (¬2) وفي الدار "خبز السميد". (¬3) في حاشية المخطوطة: "الشطوي، بالشين المعجمة، والطاء المهملة: ضرب من ثياب الكتان، يعمل بأرض ما يقال لها، شطا، ويقال للثياب: شطوية واحدها: شطوي".

رسول الله- صلى الله عليه وسلم - الذين خاطبهم بما خاطبهم به. إنما كان الغالب من قوتهم بالمدينة التمر والشعر. فمن زاد المملوك على ما فرض عليه من قوته وكسوته بالمعروف، كان متفضلا متطوعا به. ومن اقتصر على ما هو معروف من كسوة الناس ونفقاتهم لعبيدهم بالمعروف (¬1)، كان مؤدياً ما فرض الله عليه. والله أعلم. م 5378 - ويستحب أن يقول المرء إذا رُفعت مائدته: "الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه غير مكفي ولا مُودَّع ولا مستغنى عنه ربنا". (ح 1644) لأنا روينا عن أبي أمامة الباهلي [2/ 327/ألف] أن النبي- صلى الله عليه وسلم - كان إذا رفعت المائدة قال ذلك. (ح 1645) وفي حديث أبي أيوب الأنصاري أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أكل أو شرب قال: "الحمد لله الذي أطعم وسقى وسوغه، وجعل له مخرجاً". ¬

_ (¬1) "بالمعروف" ساقط من الدار.

(ح 1646) وفي حديث سنان بن سنة (¬1) أن النبي- صلى الله عليه وسلم - قال: "الطاعم الشاكر له مثلُ أجرِ الصائم الصابر". ثم كتاب الأطعمة ¬

_ (¬1) وفي الدار "سنان بن شيبة".

96 - كتاب الأشربة

96 - كتاب الأشربة قال أبو بكر: محمد بن ايراهيم بن المنذر: (ح 1647) ثبت أن (¬1) أحب الشراب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - الحلو (¬2) البارد". (ح 1648) "وكان - صلى الله عليه وسلم - يحب الحَلْواء والعسل". (ح 1649) وقال أنس: "لقد سقيت رسول الله- صلى الله عليه وسلم - "بقدحي هذا الشراب كله: اللبن، والماء، والنبيذ، والعسل". (ح 1650) وفي حديث أبي هريرة أن في الله قال: "إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة أن يقال له: ألم أصحَّ جسمك وأُرَوِّيَكَ من الماء البارد". ¬

_ (¬1) وفي الدار "أنه كان أحب الشراب". (¬2) وفي الدار "الماء البارد".

1 - باب آداب الشاربين

(ح 1651) وقالت عائشة رضي الله عنها:" كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم - يستقى له الماء العذبُ من بيوت السقيا". 1 - باب آداب الشاربين قال أبو بكر: (ح 1652) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا أكل أحدكم فليأكل بيمينه وليشرب بيمينه فإن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله. وقد روينا عن النبي- صلى الله عليه وسلم - حديثين: (ح 1653) أحدهما من حديث أنس بن مالك "أن النبي- صلى الله عليه وسلم - كان إذا شرب تنفس ثلاثاً". (ح 1654) والحديث الثاني: عن أبي قتادة "أن النبي- صلى الله عليه وسلم - نهى أن يستنجي الرجل بيمينه، وأن يتنفس في الإناء".

(ح 1655) ودلّ خبر ثالث عن أبي هريرة عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لا يتنفس أحدكم في الإناء إذا كان يشرب، ولكن إذا أراد أن يتنفس فليؤخره عن فيه، ثم ليتنفس". على أن معنى شربه بثلاثة أنفاس غير معنى فيه عن أن يتنفس في الإناء، فرَّق حديث أبي هريرة بينهما. م 5379 - ولا يجوز النفخ في الشراب: (ح 1656) لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عنه. م 5380 - وإن نفخ نافخٌ في الشراب لم يحرم الشراب [2/ 327/ب] وكان النافخ في الشراب مسيئاً في فعله. م 5381 - ويكره الشرب من في السقاء. (ح 1657) لنهي النبي -صلى الله عليه وسلم- عنه. (ح 9658) وفي حديث ابن أنيس (¬1) أن النبي- صلى الله عليه وسلم - شرب من في السقاء (¬2). ¬

_ (¬1) في الأصلين "حديث أنس" والصحيح ما أثبته، كما ورد في سنن الترمذي، وفتح الباري. (¬2) وفي الدار "من في سقاء معلق".

وهو معلق". وقد قيل: إن النبي- صلى الله عليه وسلم - إنما نهى عن ذلك في تأديب لا تحريم وعلى أن السقاء المعلق لا تكاد الدواب تصل إليه، لأن في: (ح 1659) حديث أبي سعيد الخدري: "أن رجلاً شرب من في السقاء، فانساب في بطنه حيان (¬1)، فنهى رسول الله- صلى الله عليه وسلم - عن اختناث الأسقية". (ح 1660) وقد أمر النبي- صلى الله عليه وسلم -بالتسمية عند إيكاء القرب، قال: فأوكوا قربكم، واذكروا اسم الله". ¬

_ (¬1) وفي الدار "حيات".

2 - باب الشرب قائما

(ح 1661) وقال أبو حميد: وإنما أمر النبي- صلى الله عليه وسلم - (¬1) بالأسقية أن تُوكى ليلاً، وبالأبواب أن تغلق ليلاً. 2 - باب الشرب قائما قال أبو بكر: م 5382 - اختلف أهل العلم في الشرب قائماً. فروينا عن عمر بن الخطاب وابن عمر، وابن الزبير رضي الله عنهم: أنهم شربوا قياماً. وروي ذلك عن سعد بن أبي وقاص، وعائشة، وأبي هريرة رضي الله عنهم أنهم قالوا: لا بأس به. وهذا قول سالم بن عبد الله، وطاووس، وسعيد بن جبير، والنخعي، وزاذان. وبه قال أحمد بن حنبل، وإسحاق. وكان أنس بن مالك يكره ذلك، وبه قال الحسن البصري. ¬

_ (¬1) "بالتسمية عند .. إلى قوله: إنما أمر النبي - صلى الله عليه وسلم -" ساقط من الدار.

وقال الشعبى: إنما كره ذلك لأنه رديء. قال أبو بكر: وقد روينا عن النبي- صلى الله عليه وسلم - في هذا الباب حديثين. (ح 1662) أحدهما: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يشرب الرجل وهو قائم". (ح 1663) والحديث الثاني: أنه قال: "لو يعلم الذي يشرب وهو قائم ما في بطنه لاستقاء". قال أبو بكر: وليس للحديث الأول علة، وقد علل الخبر الثاني. (ح 1664) وقد روينا عن النبي- صلى الله عليه وسلم - "أنه شرب قائماً من زمزم". (ح 1665) وقال ابن عمر: "كنا نشرب ونحن قيام، ونأكل ونحن نمشي على عهد رسول الله- صلى الله عليه وسلم -". وقد قال بعض أهل العلم: إن النهي عن الشرب قائماً

3 - باب الشرب في آنية الذهب والفضة

نهي اختيار، لأن الشرب جالساً أهدأ (¬1) وأمرأ من الشرب قائماً. قال: ولو كان الشرب قائماً [2/ 328/ألف] يوجب مأثماً، ما شرب النبي- صلى الله عليه وسلم - قائماً. 3 - باب الشرب في آنية الذهب والفضة قال أبو بكر: (ح 1666) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - نهى عن الشرب في آنية الذهب والففة، وعن الحرير، والديباج (¬2)، وقال: هي لهم في الدنيا، ولكم في الآخرة". (ح 1667) وقال: "إن الذي يشرب في إناء فضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم". ¬

_ (¬1) وفي الدار "أهنأ". (¬2) "الذهب والفضة، وعن الحرير، والديباج" ساقط من الدار.

قال أبو بكر: م 5383 - فالشرب في آنية الذهب والفضة محرم لنهي النبي- صلى الله عليه وسلم - عن ذلك. وقال أبو هريرة: الذين يشربون في آنية الفضة إنما يجرجرون في بطونهم نار جهنم. وقد روينا عن أنس أنه أتي بجام من ففة فيه خبيص، فحوله على رغيف، ثم أكله، وهذا قول سعيد بن جبير، وميسرة، وزاذان. وقال شعبة: سألت معاوية بن قرة عن الشرب في قدح من فضة، فقال: لا بأس به. قال أبو بكر: وهذا لا معنى له، وأحسن ما يوضع عليه قوله، أنّه لم يبلغه نهى النبي- صلى الله عليه وسلم - عنه. م 5384 - وقد اختلفوا في الآنية المفضضة. فكان ابن عمر لا يشرب في قدح فيه حلقة من فضة، ولا ضبة من فضة. وكره (¬1) الشرب في المفضض علي بن الحسين رضي الله عنهما، وعطاء بن أي رباح، وسالم بن عبد الله، والمطلب بن عبد الله بن حنطب. وكره الحسن البصري، ومحمد بن سيرين أن تضبب الأقداح بذهب أو ففة. ¬

_ (¬1) "وكره الشرب ... إلى قوله: والمطلب بن عبد الله بن حنطب" ساقط من الدار.

4 - باب الأنبذة التي كانت تنبذ لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -

وقد روينا عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: نُهي أن نضبب الآنية أو نحلقها بالفضة. ورخصت طائفة في الشرب في [الإناء] (¬1) المفضض، وممن كان يشرب فيه سعيد بن جبير، وميسرة، وزاذان، وطاووس. وكان عروة بن الزبير لا يشرب بإناء مضبب بفضة، ويشرب من قدح فيه حلقة من ورق. وقيل لأحمد بن حنبل: أيشرب في قدح مفضض؟، قال: إذا لم يضع فمه على الفضة، فهو مثل العلم في الثوب. وقال إسحاق كما قال، وقال- قد وضع عمر بن عبد العزيز فمه بين ضبتين، وبه قال أبو ثور. قال أبو بكر: ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - نهى عن الشرب [2/ 328/ب] في آنية الذهب والفضة. والمفضض ليس بإناء من فضة ولا ذهب، وكذلك المضبب. فالذي يحرم أن يشرب فيه ما نهى عنه رسول الله- صلى الله عليه وسلم -. وليس بحرام ما لم يقع عليه النهي، ولو اتقى متق ما اتقاه ابن عمر كان حسنا، ولا يعصي من شرب فيما لم ينه عنه. 4 - باب الأنبذة التي كانت تنبذ لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال أبو بكر: ¬

_ (¬1) ما بين المعكوفين من الدار.

(ح 1668) في حديث جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - "كان ينبذ له في سقاء، فإن لم يوجد فتور من حجارة". (ح 1669) وقالت عائشة رضي الله عنها: "كنا ننبذ لرسول الله- صلى الله عليه وسلم - في سقاء يُوكى عليه (¬1) أعلاه، وله غزلاء، ننبذه غدوة فيشربه عشياً، وننبذه عشياً فيشربه غدوة". (ح 1670) وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما "أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - كان ينبذ له فيشربه من الغد ومن بعد الغد، فإذا كان اليوم الثالث أهريق". قال أبو بكر: م 5385 - أما ما (¬2) في حديث عائشة رحمها الله ورضي عنها، فالشراب في المدة التي ذكرناها يُشرب حلواً. ¬

_ (¬1) "عليه" ساقط من الدار. (¬2) وفي الدار "أما في حديث عائشة".

5 - باب النهي عن الخليطين

وفي حديث ابن عباس يشربه من الغد، ومن بعد الغد، فإذا كان اليوم الثالث أهريق، يعني إذا على، وغير (¬1) جائز أن يظن أحد أن ذلك كان مسكراً، لأنه حُرِّم المُسكر، وقوله: أهريق، يعني ما على منه وحرم، لأنه نُهيَ عن إضاعة المال. 5 - باب النهي عن الخليطين (ح 1671) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - نهى عن البُسر والتمر أن يخلطا جميعاً، وعن الزبيب والتمر أن يخلطا جميعاً". (ح 1672) ونهى أن يجمع بين الرطب والبسر. (ح 1673) وفي حديث أبي قتادة أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تجمعوا بين الزبيب والتمر ولا بين الزهو والرطب، وانتبذوا كل واحد منهما على حدة". م 5386 - وقد اختلف أهل العلم فيما ذكرناه. ¬

_ (¬1) "وغير جائز أن يظن أحد ... إلى قوله: ونهى أن يجمع بين الرطب" ساقط من الدار.

فممن كان مذهبه أن يُنبذ كل واحد من ذلك على حدة أبو مسعود الأنصاري، وأنس بن مالك، وبمثل معناه قال جابر بن عبد الله، وأبو سعيد الخدري. وهذا مذهب طاوس، وعطاء. وبه قال مالك، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. وقد روينا [2/ 329/ألف] عن ابن عباس قولاً ثانياً: أنه كان يكره البسر وحده، وأن يجمع بينه وبين التمر، ولا يرى بالتمر والزبيب بأساً. ويقول: حلال إن اجتمعا أو تفرقا. وكان الحسن يكره أن يجمع بين التمر والزبيب. وفيه قول ثالث وهو: أن لا بأس أن يخلطا نبيذ الزبيب ونبيذ التمر، ثم يشربان جميعاً، وإنما جاء الحديث في الكراهية أن ينبذا جميعاً، ثم يُشْربا، فذلك لأن أحدهما يشد صاحبه. هذا قول الليث بن سعد. وقال ابن وهب- الراوي عن الليث هذه الحكاية-: وخالفه مالك فقال: لا أرى أن يخلط جميعاً لا عند شربه ولا عند انتباذه. وقال سفيان الثوري في التمر والزبيب: لا بأس أن يجمعا إذا لم يسكر. وذكر داود بن الزبرقان: أن أبا حنيفة سئل عن الخليطين

خليط البسر والتمر، والزبيب والتمر، فقال: حدثني حماد عن [إبراهيم] (¬1) أنه كان لا يرى بأساً. قال أبو بكر: وبأخبار رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أقول. ولا تجوز معارضة أخبار رسول الله- صلى الله عليه وسلم -، ويجب أن يسلم لما جاء عن النبي- صلى الله عليه وسلم -. وقال بعض من يخالف الأخبار: إذا حلا منفردين فليس بالجمع بينهما بأس. قال: ولو عارض فهذا القائل معارض فقال ماله: إذا جاز نكاح المرأة ونكاح أختها منفردين فليس بالجمع بينهما بأس. فإن قال: حرم الله جل ذكره الجمع بين الأختين. قيل: وكذلك حرم النبي- صلى الله عليه وسلم -[الجمع بين] (¬2) البسر والتمر أن يخلطا في حديث أبي قتادة أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: "انتبذوا كل واحد منهما على حدة". والجواب في الجمع بين العمة وبنت أخيها، كالجواب في الجمع بين الأختين. وقد بلغني عن الشافعي أنه سئل عن رجل شرب خليطين مُسكراً؟ فقال: هذا بمنزلة رجل أكل لحم خنزير ميت، فهو حرام ¬

_ (¬1) ما بين المعكوفين من الدار. (¬2) ما بين المعكوفين من الدار.

6 - باب النهي عن الانتباذ في الدباء، والجر، والنقير، والمزفت

من جهتين: الخنزير حرام أكله، والميتة حرام أكلها. فلما اجتمع المعنيان في شيء واحد كان حراماً من جهتين. 6 - باب النهي عن الانتباذ في الدباء، والجرِّ، والنَّقير، والمزفت قال أبو بكر: (ح 1674) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - "نهى عن الجر، والدباء، والنقير، والمزفّت، والحَنتم أن ينتبذ فيه". " فأما الدبار: [2/ 329/ب] فإن أهل الطائف كانوا يأخذون الدباء فيطرحون فيها عناقيد العنب، ثم يدفنوها حتى تهدر، ثم تموت. وأما النقير: فإن أهل اليمامة كانوا ينقرون أصل النخلة، ثم يشدخون فيها الرطب والبسر، ثم يدعونه حتى يهدر، ثم يموت. وأما الحنتم: فجرار خضر كانت تحمل إليهم. قال أبو عبيد: أما الحديث فحمر، وأما في كلام العرب فخضر".

م 5387 - وقد اختلف أصحاب النبي- صلى الله عليه وسلم - ومن بعدهم في نبيذ الأواني اللواتي ذكرناها. فكان ابن عمر ينهى عن نبيذ الجرِّ والدبّاء. وقال ابن عباس: لا تشربه وإن كان أحلى من العسل. ونهى أبو هريرة عن نبيذ الجر، وروي معنى ذلك عن علي رضي الله عنه، وأنس بن مالك. وكره مالك بن أنس أن ينبذ الرجل في المزفت والدباء، أو يطبخ فيه. وقال أحمد بن حنبل، وقد سئل: ما يكره من الظروف؟ فقال: الذي نهي عنها الدباء، والحنتم. والنقير. وأحب إلي أن تتقى الأوعية كلها، وبه قال إسحاق. وفيه قول ثان وهو: أن إباحة شرب نبيذ الجر رويت الرخصة فيه عن ابن مسعود، وقد كان يشرب نبيذ الجر. وروي عن علي بن أبي طالب أنه كان ينبذ له نبيذ الَجّر أبيض. ورويت الرخصة فيه عن قيس بن عباد، ومعقل بن يسار. قال أبو بكر: وقد قال بكل قول من هذين القولين ناس من التابعين ومن تبعهم (¬1). والذي به نقول: إن الأخبار التي رويناها عن النبي- صلى الله عليه وسلم - في نهيه عن الدباء، والحنتم، والنقر، والمزفت: أخبار صحاح ثابتة الأسانيد. ¬

_ (¬1) وفي الدار "ومن بعدهم".

وقد كان النبي- صلى الله عليه وسلم - نهى عن ذلك كما نهى عن زيارة القبور، ثم أذن فيه وفي زيارة القبور، وحرم كل مسكر. [وكل شراب] (¬1) لا يسكر كثيرهُ، فهو حلال في أي جرة وظرف كان، إلا جلد ميتة، أو إناء نجس. وكل شراب أسكر كثيره فالقليل منه حرام، في أي ظرف من هذه الظروف اتخذ، كالعسل لا يبالى في أي ظرف جعل، فهو حلال. والمسكر محرم في أي إناء وسقاء كان. (ح 1675) وفي حديث بريدة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إني كنت نهيتكم عن ثلاث، وأنا آمركم بهن [2/ 330/ألف]، نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإن في زيارتها تذكرة، ونهيتكم عن الأشربة أن تشربوها إلا في ظروف ¬

_ (¬1) ما بين المعكوفين من الدار.

7 - باب تحريم الخمر

الأدم، فاشربوا في كل وعاء، غير أن لا تشربوا مسكراً، ونهيتكم عن لحوم الأضاحي أن تأكلوها (¬1) بعد ثلاث، فكلوها واستمتعوا بها في أسفاركم". (ح 1676) وقال عبد الله بن مغفل: (¬2) "إني لآخذ بغصن من أغصان الشجرة التي بايع النبي - صلى الله عليه وسلم - الناس تحتها، فبايعناه على أن لا نَفِرَّ، وشهدته حين نهى عن نبيذ الجر، وشهدته حين أمر بشربه، وقال: اجتنبوا المسكر". 7 - باب تحريم الخمر (¬3) قال أبو بكر: قال الله جل ثناؤه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}. (ح 1677) وثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - "حرم الخمر". ¬

_ (¬1) وفي الدار "أن تأكلوا منها". (¬2) في الأصلين "عبد الله بن مغفل" والصواب ما أثبته، كما في مسند أحمد. (¬3) وفي الدار "باب أبواب تحريم الخمر"

8 - باب ما يتخد منه الخمر وذكر تحريم ما أسكر من الأشربة كلها

(ح 1678) وفي حديث ابن عمر عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه قال: إن الله لعن الخمر وعاصرها، ومعتصرها، وشاربها، وساقيها، وحاملها، والمحمولة إليه، وبائعها، ومشتريها وآكل ثمنها". (ح 1679) وقال: "من شرب الخمر في الدنيا ولم يتب منها، حرمها في الآخرة [فلم يُسقَها] ". 8 - باب ما يتخد منه الخمر وذكر تحريم ما أسكر من الأشربة كلها قال أبو بكر: (ح 1680) في حديث أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "الخمر من هاتين الشجرتين: النخلة، والعنبة". (ح 1681) وثبت (¬1) أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: "كل مسكر خمر وكل مسكر حرام، ومن شرب الخمر في الدنيا، فمات وهو مدمنها، لم يشربها في الآخرة". ¬

_ (¬1) "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ... إلى قوله وثبت" ساقط من الدار.

(ح 1682) وروينا عن النبي- صلى الله عليه وسلم - قال: "أنهاكم عن قليل ما أسكر كثيرُه". (ح 1683) وأنه قال: "ما أسكر الفَرْقُ منه، فملءُ (¬1) الكف منه حرامٌ". وقال ابن عمر: "كل مسكر خمر"، وقال مرة: المسكر قليله وكثيره حرام. م 5388 - وعن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أنها قالت: "كل مسكر حرام. وهذا مذهب عطاء، وطاووس، ومجاهد، وقتادة، [2/ 330/ب] وعمر بن عبد العزيز. وقال الحسن البصري: قليل الحمر وكثيرها سواء. وهذا قول مالك، والشافعي، وأحمد، وأبي عبيد، وأبي ثور. وقد ثبت أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه جلد رجلاً وجد منه ريح شراب. وهذا مذهب ابن مسعود. وقد روينا هذا القول عن جماعة من الأوائل. ¬

_ (¬1) وفي الدار "الفَرْقُ مثل الكف".

قال أبو بكر: وجاء أهل الكوفة بأخبار معلولة قد ذكرناها مع عللها في كتاب الأوسط. فإذا اختلف الناس في الشيء وجب رد ذلك إلى كتاب الله، وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -. فوجدنا الله عَزَّ وَجَلَّ قد حرم الخمر. فذلك على العموم، وحرم رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قليل ما أسكر كثيره. فوجب تحريم جميع الأشربة التي تسكر، لأنها داخلة في جملة الخمر. ألا ترى إلى: (ح 1684) قول النبي- صلى الله عليه وسلم -: كلُّ مسكر خمر، وكلُّ خمر حرامٌ.

9 - باب الطلاء

(ح 1685) و: "ما أسكر كثيره فقليله حرام". فلم يبق هذا الخبر مقالة لقائل، ولا حجة لمحتج. فأما ما احتج به من روى عن بعض التابعين أنه شرب الشراب الذي يسكر كثيره: فللقوم ذنوب يستغفرون الله منها، وليس يخلو ذلك من أحد معنيين، إما مخطئ أخطأ في تأويل على حديث سمعة. أو رجل أتى ذنباً لعله أن يكثر الاستغفار منه. والنبي - صلى الله عليه وسلم - حجة الله على الأولين والآخرين من هذه الأمة. 9 - باب الطلاء قال أبو بكر: م 5389 - اختلف أهل العلم في الطلاء

فقال كثير من أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم - وأكثر أهل العلم: إذا ذهب ثلثاه وبقي ثلثه فشربه مباح. هذا قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه. وبه قال علي بن أبي طالب، وأبو عبيدة بن الجراح، ومعاذ ابن جبل، وأبو طلحة، وأبو الدرداء، وأنس بن مالك. وهو قول الحسن البصري، وعكرمة، والليث بن سعد، وسفيان الثوري، وأحمد بن حنبل. وقال مالك: كنت أسمع إذا بقي له الثلث. وهذا لا أعلمهم يختلفون في إباحة شربه، لأنه لا يسكر كثيره. وفيه قول ثان: وهو قول من أباح أن يشرب على النصف، روينا هذا القول عن البراء بن عازب، وأنس بن مالك، وأبي جحيفة، وجرير.

وبه قال شريح، وعبيدة السلماني، وقيس بن أبي حازم، وابن الحنفية، وسعيد بن جبير، والنخعي. وقال النعمان: ما طبخ [2/ 331/ألف] من العصير، فذهب ثلثاه فهو حلال. وكان لا يرى بشرب النصف بأساً وبه قال يعقوب، وابن الحسن. قال أبو بكر: والذي به نقول ظاهر قول رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: (ح 1686) "ما أسكر كثيره فقليله حرام". (ح 1687) وقوله: "كل مسكر خمر وكل مسكر حرام". فإذا طبخ العصير وذهب منه الثلثان وبقي الثلث لم يسكر، وهذا مباح من الأشربة بإجماعهم. وكل ما أسكر كثيره من ذلك من الأشربة، فهو حرام لظاهر قول رسول الله- صلى الله عليه وسلم -. وإذا كان الخمر عند من خالفنا لا يحل بالطبخ، فمعلوم أن الطبخ لا يحل حراما، والحلال من الأشربة ما لا يسكر كثيرُه.

10 - باب اتخاذ الخمر خلا

10 - باب اتخاذ الخمر خلاً قال أبو بكر: م 5390 - اختلف أهل العلم في الخمر هل يجوز أن يعالج فيتخذ منه خلا أو لا يجوز. فقالت طائفة: لا يجوز ذلك. روينا هذا القول عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وبه قال الزهري. وكرهت طائفة أن يتخذ العصير للخل، وقالت: لا يتخذ من العصر الخل، ولكن يصب الخل على العصير حتى يغلبه فلا يصير خمراً بحال. هذا مذهب أحمد بن حنبل، وبنحوه قال ابن المبارك. وفيه قول ثان وهو: الرخصة في أن يتخذ الخمر خلا. هذا قول عطاء وعمرو بن دينار، وبه قال الحارث العكلي. وقال مالك: لا أحب لمسلم ورث خمراً أن يحبسها يخللها، ولكن إن فسدت الخمر حتى تصير خلا، لم أر بأكلها بأسا. وقال الليث بن سعد: لا أحرمه. وقال النعمان: لا بأس أن يتخذ الخمر خلا. م 5391 - وقد روينا عن جماعة من الأوائل أنهم اصطبغوا بخل الخمر، وليس في شيء من أخبارهم أن ذلك كان خمراً فاتخذ خلا، أو تحول الخمر خلا

من غير صنعة دخلت ذلك، أو كان عصراً فصب عليه من الخل ما يغلبه ولا يصير خمراً، ولكن جاءت الأخبار عنهم مبهمة. روي هذا القول عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وأبي الدرداء، وعائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، وابن عمر. ورخص فيه ابن سيرين، والحسن البصري، [2/ 331/ب] وسعيد بن جبير. وقد احتج غير واحد من أصحابنا في هذا الباب بحديث رويناه: (ح 1688) عن أنس بن مالك "أن أبا طلحة سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن أيتام ورثوا خمراً فجعله خلاً؟ قال: لا فأهراقه". قال أبو بكر: وقد ثبتت الأخبار عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أنه حرم الخمر وثمن الخمر، وأمر بصبها مع نهيه عن إضاعة المال. فلو كان إلى اتخاذ الخمر خلا سبيل لأمر بذلك وأذن لأبي طلحة فيه، لأن حياطة اليتيم تجب، ويحرم تضييع ماله، إذ في حفظ ماله الصلاح وفي إضاعة ماله المأثم. فلما أمر بصبها دل على أنها ليست بمال، لأن من كان له مال فأتلفه كان مضيِّعاً لماله. ففي أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بإهراقه الخمر، أبين البيان على أنها ليس بمال يجوز الانتفاع به.

11 - باب شرب الفقاع (1)

11 - باب شرب الفُقّاع (1) قال أبو بكر: م 5392 - قد ذكرنا فيما مضى أن الأشياء مباحة حتى توجد حجة في تحريم شيء بعينه، فيحرم ذلك الشي. والفقاع مباح من وجوه: أحدها: أنا لا نعلم في تحريمه حجة. والثاني: أن الاستكثار منه لا يسكر. والثالث: أنه إن ترك فسد على ما قيل لي. وقد كان أحمد، وإسحاق يرخصان فيه.

97 - كتاب قتال أهل البغي

97 - كتاب قتال أهل البغي قال أبو بكر: قال الله جل ثناؤه: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}. يقال: إن الآية نزلت في أمر كان بين قوم على عهد رسول الله-صلى الله عليه وسلم-. (ح 1689) وروينا عن أنس بن مالك: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قيل له: لو أتيت عبد الله بن أبي، فانطلق إليه وركب (¬1) حماراً، وانطلق المسلمون، وهي أرض سبخة، فلما أتاه النبي- صلى الله عليه وسلم -قال: إليك عني فو الله لقد آذاني ريح حمارك، فقال [2/ 332/ألف] رجل من ¬

_ (¬1) وفي الدار "فانطلق راكباً حماراً".

الأنصار: والله، لحمار رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أطيب ريحاً منك. فغضب لعبد الله رجل من قومه، فغضب لكل واحد منهما أصحابه. فكان بينهم ضربٌ بالجريد وبالأيدي والنعال. فبلغنا أنها نزلت فيهم {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا}. قال أبو بكر: م 5393 - وإذا اعتزلت جماعة من الرعية إمام المسلمين ومنعوه حقاً من الحقوق، ولم يعتلوا فيه بعلة يجب على الإمام (¬1) النظر فيه، ودعاهم الإمام إلى الخروج مما يجب عليهم، فلم يقبلوا قوله، وامتنعوا من أداء ذلك إلى الإمام، فحق على إمام المسلمين حربهم وجهادهم، ليستخرج منهم الحق الذي وجب عليهم، وحق على الرعية قتالهم مع إمامهم إذا استعان الإمام بهم. كما فعل أبو بكر الصديق رضي الله عنه في قتال من منع الزكاة، انه قال: لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة، فإن الزكاة حق المال. وتأول: (ح 1690) قول النبي- صلى الله عليه وسلم - "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله الله، فمن قال: لا إله إلا الله عصم مني نفسه وماله إلا بحقه، وحسابهم على الله". فرأي أن الزكاة من الحق الذي ذكره النبي - صلى الله عليه وسلم -. ¬

_ (¬1) وفي الدار "الإسلام".

ويقال: إن أبا بكر قاتل الذين منعوا الصدقة، قاتل قوماً كفروا بعد إسلامهم. ولم يختلف الناس أن قتال الكفار يجب. وقال الشافعي: "وأهل الردة بعد رسول الله- صلى الله عليه وسلم - ضربان: ضرب منهم كفروا بعد إسلامهم، مثل طُلَيحَة، والعنسي، ومسيلمة وأصحابهم. ومنهم قوم تمسكوا بالإسلام ومنعوا الصدقات. ولا نعلم أحدا في الوقت الذي رأى عمر مثل ما رأى أبو بكر الصديق رضي الله عنهم من أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم - امتنع من قتالهم. ولا أرى رأيا خلاف الذي رآه الصديق. فهذا مع دلائل سنن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - كالإجماع من المهاجرين

والأنصار على أن الصديق قام في ذلك بحق وجب عليه القيام به. وأما علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقد بلغه عن القوم الذين قاتلوا كلاما، قبل أن يقتلوا عبد الله بن خباب، فلم يقاتلْهم، فلما قتلوا عبد الله بن خباب قال لهم: أقيدوني من ابن خباب، قالوا: كلنا قتله. فحينئذٍ استحل قتالَهم [2/ 332/ب] فقتلهم. (ح 1691) وقد ذكر عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬1) أمر بقتلهم قال: سمعته يمول: "سيخرج أقوام في آخر الزمان أحداث الأسنان، سفهاءُ الأحلام، يقولون من خير قول البرية، لا يجاوز إيمانُهم حناجِرَهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرَّمِيَّة، فأينما لقيتَهم فاقتلْهم، فإن في قتلهم أجراً لمن قتلهم يوم القيامة. ¬

_ (¬1) وفي الدار "وقد ذكر عن علي أنه أمر بقتلهم".

م 5394 - واختلفوا في قتل المُدْبر منهم، والأسير، أو الجريح. فكان الشافعي يقول: لا يقتل منهم مُدْبرٌ أبداً، ولا أسير، ولا جريح بحال. قال أبو بكر: ومن حجة من قال هذا القول قول علي رضي الله عنه يوم الجمل: لا يُذفّف على جريح، ولا يهتك ستر، ولا يفتح باب، ومن أغلق باباً، أو بابه، فهو آمن، ولا يتبع مدبر. وروي نحو (¬1) ذلك عن عمار بن ياسر. وقال أصحاب الرأي في الخوارج: إذا هزموا ولهم فئة يلجؤون إليها فينبغي لأهل الجماعة أن يقتلوا مدبرهم، وأن يُجيزوا على جريحهم، وأن يقتلوا من أسر منهم. فإن انهزم الخوارج ولم يكن لهم فئة يلجؤون إليها لم يقتل مدبرهم، ولم يجيزوا على جريحهم، ولم يقتلوا أسيرهم، ولكن يعاقبون ويضربون من أخذ منهم ضربا وجيعاً، ويحبسون حتى يقلعوا عما هم عليه ويحدثوا توبة. ¬

_ (¬1) "نحو" ساقط من الدار.

1 - باب ما أصاب أهل التأويل من الخوارج وغيرهم من مال أو دم على وجه التأويل، أو أصاب أهل العدل منهم

وقال الأوزاعي بعد أن ذكر قول أبي حنيفة: وما تحل هذه السيرة في الفئة إذا افترقت الأمة، ولا في الطائفتين اللتين نزل فيهما وفي أشباههما القرآن، ولا في الخوارج إذا هزمهم المسلمون قتل أسيرهم والإجازة على جريحهم. قال أبو بكر: وقد روينا عن ابن عباس رضي الله عنه قولاً يوافق قول الأوزاعي، والنعمان. وروينا عن ابن عباس أنه سئل عن أناس من الخوارج: "قالوا فهزمناهم أنقتلهم؟ قال: اقتلهم ما كانت لهم فئة يرجعون إليها. فإن لم يكن لهم فئة فلا تقتلوا مدبراً ولا مقبلاً". وقد روينا عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه ودى قوماً من بيت مال المسلمين قتلوا مدبرين. 1 - باب ما أصاب أهل التأويل من الخوارج وغيرهم من مال أو دم على وجه التأويل، أو أصاب أهل العدل منهم قال أبو بكر: م 5395 - واختلفوا فيما يصيبه كلُّ فريق من أهل العدل والخوارج [2/ 333/ألف] بعضهم من بعض، من دم أو مال على وجه التأويل. فقالت طائفة: إذا التقت الفئتان فما كان بينهم من دم، أو جراحة فهو هدر، ألا تسمع إلى قوله الله عز وجل: {وإن

طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}. روينا هذا القول عن سعيد بن المسيب. وقال ابن القاسم: بلغني عن مالك أنه قال: الدماء موضوعة عنهم، وأما الأموال فرأيي إن وجدوا شيئاً بعينه أخذوه، قال: ولم يُتْبَعوا بشيء مما استهلكوه، لأنهم إنما استهلكوه على التأويل. وقال الشافعي (¬1): "وما أصابوا في هذه الحال -يعني أهل البغي- على وجهين: أحدهما: ما أصابوا من دم، أو مال، أو فرج على التأويل، ثم ظهر عليهم بعد ذلك، لم يقم عليهم منه شيء، إلا أن يوجد مال رجل بعينه فيؤخذ. والوجه الثاني: "ما أصابوا على غير وجه التأويل من حد الله أو للناس، ثم ظُهِر عليهم رأيتُ أن يُقام عليهم كما يقام على ¬

_ (¬1) في الأصل "الشعبى" والتصويب من الدار.

2 - باب اختلاف أهل العلم في أموال أهل البغي

غيرهم ممن هرب من حدٍّ، أو أصابه وهو في بلاد لا والي لها، ثم جاءها والٍ. وقال أصحاب الرأي: نحوا مما قال الشافعي في الدم والمال، وكذلك لا يؤخذ للخوارج ما أصاب أهل الجماعة منهم من دم أو مال إلا أن يوجد مال بعينه فيرد عليهم. وقال الأوزاعي: إن كانت الفئتان اللتان إحداهما باغية والأخرى عادلة في سواد العامة، وإمام الجماعة المصلح (¬1) بينهما، يأخذ من الباغية على الأخرى ما أصابت منها بالقصاص في القتل والجراحة كما [كان] (¬2) أمر تَيْنِك - الطائفتين اللتين نزل فيهما القرآن إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم - وإلى الولاة. 2 - باب اختلاف أهل العلم في أموال أهل البغي قال أبو بكر: م 5396 - اختلف أهل العلم في أموال أهل البغي إذا وجدها الإمام بعينه في أيدي ناس من المسلمين (¬3). ¬

_ (¬1) وفي الدار "وأقام الجماعة الصلح". (¬2) الزيادة من المحلى. (¬3) وفي الدار "في أيدي المسلمين".

فقالت طائفة: ما كان من مال بعينه (¬1) فَرَدُّه على أصحابه [2/ 333/ب] يجب؛ لأنه مال مسلم. هذا قول الشافعي. قال أبو بكر: ومن الحجة لهذا القول "أن علياً رضي الله عنه عرف ربة (¬2) أهل النهر (¬3)، فقال: من عرف شيئاً فليأخذه، قال: فبقيت قدر قريباً من شهرين ثم جاء رجل فأخذها، أو قال: ثم جاء صاحبها فأخذها". قال أبو بكر: وفيه قول ثان "وهو أن أموالهم تغنم- يعني الخوارج- هذا قول طائفة من أهل الحديث، ولا أعلم أحداً وافقهم على هذه المقالة. واحتج قائله بأخبار رويناها عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في أمر الخوارج (¬4). (ح 1692) منها قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يجاوز إيمانهم حناجرهم". ¬

_ (¬1) وفي الدار "ما كان من مال بعينه فإنه دم فرده على أصحابه". (¬2) في هامش المخطوطة الرثة: إسقاط البيت من الخقان، والرِّثّ: الخلق من كل شيء وهو يرث رثاثة ورثوثة. (¬3) وفي الدار "أن علياً سئل عن ورثة أهل النهر". (¬4) وفي الدار "في الخوارج".

3 - باب الفئتين تلتقيان فيقتل بينهما قتيل والقاتل وارثه

(ح 1693) وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية لا يرجعون إليه". (ح 1694) وبقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لئن أنا أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد وإرم". (ح 1695) واحتج بما في خبر أبي ذر: "هم شر الخلق والخليقة". قال: فلا يجوز أن يقول قائل: هم من خير البرية، وإنما قال الله عز وجل: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ}، وقال قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لهم: هم شر الخلق، والخليقة" (¬1). واحتج بأشياء فرق بها بين قتال أهل البغي، وبين قتال الخوارج. 3 - باب الفئتين تلتقيان (¬2) فيقتل بينهما قتيل والقاتل وارثه قال أبو بكر: ¬

_ (¬1) في الأصل "شر الخلق، والخليقة" من الدار. (¬2) وفي الدار "ذكر الطائفنين تقتتلان".

م 5397 - واختلفوا في الرجلين يلتقيان من الفئتين فيقتل أحدهما الآخر، وهو وارثه. فقالت طائفة: لا يرثه، كذلك قال الأوزاعي. وبه قال الشافعي، قال: يرثهما ورثتهما غير القاتلين. وفيه قول ثان: وهو أنه يرثه لأنه قتله على تأويل هذا قول النعمان. وفيه قول ثالث: وهو أن الخارج إذا قتل أخاه من أهل الجماعة لم يرثه، وإذا قتل الذي من أهل الجماعة أخاه وهو مع الخوارج ورثه. حكى هذا القول عن يعقوب، وزُفَر (¬1). وقال قائل: لا يحل لمن كان من أهل العدل قتل أبيه أو أخيه، أو ذي رحم من أهل البغي بالقصد منه إليه. فإن تعمد ضربه ليصيره غير ممتنع من الوصول إلى أخذ الحق منه: لم أره بذلك حرجاً، وكرهت له ذلك. إذا ضربه على هذا الوجه فمات من ذلك الضرب فله منه الميراث، كالإمام يأمر رجلاً بإقامة حد وجب على أبيه أو وارثه، فيفعل فيموت من ضربه [2/ 334/ألف] إياه الحد، فيكون له منه الميراث. ¬

_ (¬1) "وزفر" ساقط من الدار.

4 - باب الصلاة على من قتل من الفريقين في المعركة

وإن تعمد قَتْلَه فلا ميراث له، لأنه تعمد إلى قتله: ولا ميراث لقاتل العمد، لأنهم مجمعون عليه. وإن كان الضارب من أهل البغي الضرب الذي أبحنا للعدلي أن يضربه الباغي، فقتل الرجل من أهل الجماعة، فمات المضروب لم يَرْثُه لأنه قاتلٌ ظلماً. قال أبو بكر: هذا القول أحسنهما وأشبههما بالنظر. 4 - باب الصلاة على من قتل من الفريقين في المعركة قال أبو بكر: م 5398 - واختلفوا في الصلاة على من قتل من الفريقين في المعركة. فكان الشافعي يقول: "أهل البغي إذا قتلوا في المعركة، فإنهم يغسلون ويصلى عليهم، ويصنع بهم ما يصنع بالموتى. وإذا قتل أهل البغي أهل العدل في المعركة ففيها قولان: أحدهما أن يدفنوا بكلومهم ودمائهم، ولا يصلى عليهم. والقول الثاني: أن يصلى عليهم. وفي قول الأوزاعي: يصلى على قتلى الطائفتين جميعاً. وفيه قول ثان، وهو قول أصحاب الرأي: إن قتل أهل الجماعة بعض الخوارج وللخوارج فئة، لم يصل على قتلى الخوارج، فإذا

5 - باب أقضية الخوارج

انقطعت الحربُ ولم يكن للخوارج فئة، فلا بأس أن يغسل أهل الجماعة من قتل من (¬1) ذوي قرابته من الخوارج ويكفنه ويصلى عليه، ويدفنه. ومن قتل من أهل الجماعة فهو بمنزلة الشهيد، لا يغسل، ويدفن في ثيابه، ويصلى عليه ويدفن. قال أبو بكر: يصلى على الفريقين، لأن النبي- صلى الله عليه وسلم - عمّ بالأمر بالصلاة الناس كلهم، واستثنى بسنته الشهداء الذين قتلهم المشركون. م 5399 - قال مالك في القدرية، والإباضية: لا يصلى على موتاهم ولا تتبع جنائزهم ولا يعاد مريضهم. وقال مالك في الإباضية، والحرورية، وأهل الأهواء كلهم: "أرى أن يستتابوا فإن تابوا، وإلا قتلوا". 5 - باب أقضية الخوارج قال أبو بكر: م 5400 - واختلفوا (¬2) في أقضية قاضي الخوارج إذا ظهر أهلُ العدل عليهم. ¬

_ (¬1) وفي الدار "من قتل ذوي قرابته". (¬2) "واختلفوا" ساقط من الدار.

6 - باب الاستعانة بأهل الذمة وبأهل الحرب على أهل البغي

فكان الشافعي يقول: "إذا ظهر أهل [2/ 334/ب] البغي على بلد من بلدان المسلمين، فأقام إمامهم على أحد حداً لله أو للناس، فأصاب في إقامته، أو أخذ صدقات المسلمين، ثم ظهر أهل العدل عليهم لم يعودوا عفى من حده إمام أهل البغي بحد، ولا (¬1) على من أخذوا صدقته بصدقة. وكذلك ما أخذوا من خراج الأرض وجزية الرقاب، لم يعد على من أخذوه منه". وقالت طائفة: لو أن قاضياً للخوارج قضى بين رجلين بقضية وهو في عسكر الخوارج، ثم اختصموا في ذلك إلى قاضي أهل الجماعة، لم يجز ذلك. وإن كتب قاضي الخوارج كتاباً إلى قاضي أهل الجماعة في حق لرجل قد قامت به بينة عنده من الخوارج أو من غيرهم فلا ينبغي لقاضي أهل الجماعة أن ينفذ كتابه، ولا يقبله (¬2)، هذا قول أصحاب الرأي. 6 - باب الاستعانة بأهل الذمة وبأهل الحرب على أهل البغي قال أبو بكر: م 5401 - واختلفوا في الاستعانة بأهل الذمة على أهل البغي. ¬

_ (¬1) وفي الدار "وعلى من أخذوا". (¬2) "ولا يقبله" ساقط من الدار.

7 - باب الرجال من أهل العدل يكونون في عسكر أهل البغي، والرجال من أهل البغى يكونون في عسكر أهل العدل

فكان الشافعي يقول: "لا يجوز لأهل العدل أن يستعينوا على أهل البغي بأحد من المشركين، ذمي ولا حربي، ولا أحب أن أقاتلهم- يعني أهل البغي- أيضاً بأحد يستحل قتلهم مدبرين، وجرحى، وأسرى من المسلمين". وفيه قول ثان وهو: أن لا بأس أن يستعينوا عليهم بأناس من أهل الذمة، وكذلك يستعينوا عليهم بأناس من أهل الحرب قد دخلوا دار الإِسلام بأمان، وكذلك يستعينوا عليهم بصنف من الخوارج مخالفين للذين خرجوا، إذا كان أهل الحد هم الظاهرين على الذين يستعينون هم على الخوارج. هذا قول أصحاب الرأي. 7 - باب الرجال من أهل العدل يكونون في عسكر أهل البغي، والرجال من أهل البغى يكونون في عسكر أهل العدل قال أبو بكر: م 5402 - كان الشافعي يقول: "لو أن رجلاً من أهل العدل قتل رجلاً من أهل العدل (¬1) في شغل الحرب وعسكر أهل العدل. فقال: أخطأت به (¬2) ¬

_ (¬1) "قتل رجلاً من أهل العدل" ساقط من الدار. (¬2) "به" ساقط من الدار.

8 - مسائل من كتاب قتال أهل البغي

ظننته من أهل البغي. استحلف وضمن ديته. ولو قال: عمدته. أقيد منه، [2/ 335/ألف]. وكذلك إذا صار من أهل العدل بعض أهل البغى تائباً، مجاهداً أهل البغى، أو تاركاً للحرب وإن لم يجاهد أهل البغي، فقتله بعض أهل العدل، وقال: قد عرفته بالبغى وكنت أراه إنما صار إلينا لينال من بعضنا غرة فقتلته، أحلف على ذلك وضمن ديته. وإن لم يدع هذه الشبهة، أقيد منه لأنه إذا صار إلى أهل العدل، فحكمه حكمهم". وفيه قول ثان: في القوم من أهل الجماعة اقتتلوا هم والخوارج، وفي عسكر الخوارج قوم من أهل الجماعة، فقتل بعض أهل الجماعة بعض الذين في عسكر أهل البغي من أهل الجماعة، لم يكن في ذلك دية ولا كفارة، كان المقتول دخل إليهم بأمان أو بغير أمان. وكذلك إن غصب بعضهم مال بعض أو جرح، كان ذلك كله ساقطًا لا يتبع بعضهم بعضاً به إذا غلب أهل الجماعة عليهم. هذا قول أصحاب الرأي. 8 - مسائل من كتاب (¬1) قتال أهل البغي قال أبو بكر: ¬

_ (¬1) وفي الدار "من باب قتال".

م 5403 - وإذا قاتلت المرأة والعبد مع أهل البغي، والغلام المراهق، فهو مثل رجالهم يقاتلون مقبلين، ويتركون مدبرين "في قول الشافعي، أبي ثور. وقال النعمان في النساء يقاتلن كما قال الشافعي. قال أبو بكر: م 5404 - وكل من نحفظ عنه من أهل العلم يرى للإمام إذا سأله أهل البغي النظرة لينظر في أمرهم، ورجا رجوعهم عما هم عليه إلى رأي أهل العدل: أن ينظرهم. قال أبو بكر: م 5405 - وإذا تحصن الخوارج، واحتاج الإمام إلى رميهم بالمجانيق، والعرادات (¬1)، فعل الإمام بهم ذلك كله ما كان لهم عسكر، وما لم يهزموا في قول النعمان. وقال الشافعي فيما ذكره النعمان: قد قيل ذلك. قال: "وأحب إلى أن يتوقى ذلك فيهم ما لم يكن بالإمام ضرورة إليه. والضرورة إليه: أن يكون بإزاء قوم متحصناً، فيفزوه، أو يحرقوه، أو يرموه بمجانيقَ أو عَرّادات، أو يحيطوا به، فيخافَ الاصطلامَ على من معه. ¬

_ (¬1) وفي الدار "والدعادات".

فإذا كان هذا أو بعضه رجوت أن يسعه رميهم بالمجانيق والنار، دفعاً عن نفسه، أو معاقبة بمثل ما فعل به". قال أبو بكر: م 5406 - وأمان (¬1) العبد المسلم جائز لأهل البغي وأهل الحرب، وكذلك المرأة المسلمة، في قول الشافعي. وفي قول النعمان: إذا كان العبد يقاتل جاز أمانه، وإن لم يقاتل لم يَجُزْ أمانه. قال أبو بكر: أمان العبد جائز، قاتل أو لم يقاتل على ظاهر: (ح 1696) قول النبي- صلى الله عليه وسلم -: "ويسعى بذمتهم أدناهم". وقد ذكرت هذه المسأله في كتاب الجهاد. م 5407 - وقال الشافعي: "إذا غزا أهل البغي المشركين، مع أهل العدل، والتقوا في بلادهم فاجتمعوا، ثم قاتلوا معاً: فإن كان لكل واحد من الطائفتين إمام، فأهل البغي كأهل العدل، جماعتهم كجماعتهم، وواحدهم كواحدهم في كل شيء ليس الخمس. فإن أمن أحدهم عبداً كان أو حراً أو امرأة منهم جاز أمانه، وإن قتل أحدٌ منهم في الإقبال كان له السَّلَبُ". ¬

_ (¬1) وفي الدار "وأما أن".

قال أبو بكر: وحفظي عن أصحاب الرأي أنهم قالوا كذلك. قال أبو بكر: وقد روينا عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: "إني لا أمنعهم نصيبهم من الفيء، ولا أبدؤهم بشيء حتى يبدؤوني، ولا أمنعهم مساجد الله أن يذكروا فيها اسمه. قال أبو بكر: م 5408 - وإذا قصد قوم من أهل الحرب حصناً فيه ناس من أهل البغي فعلى الإمام دفعهم عن الحصين، فإن أخذوا منهم ناساً فأمكن الإمام استنقاذَ أولئك منهم، وجب عليه أن يستخرج من بأيديهم من الأسارى (¬1) من أهل البغي. قال أبو بكر: م 5409 - ولو أن إماماً من أهل العدل والذي يتولى أمر الفئة الباغية تَوادعوا وتوافقوا على أن يدفع كل فريق منهم إلى الآخر (¬2) رهناً من الرجال، ثم غدر أهل البغي بمن (¬3) كان عندهم من أهل العدل، فقتلوهم، لم يجز للإمام قتل أهل البغي الذين في يديه بجناية صاحبهم على أهل العدل. ولكنه يحاربهم ليستخرج منهم الحق الذي يجب عليهم فيما تعدَّوْا وقتلوا. ¬

_ (¬1) "من الأسارى" ساقط من الدار. (¬2) "إلى الآخر" ساقط من الدار. (¬3) "بمن" ساقط من الدار.

9 - باب الحال التي يجب على المرء القتال فيه أيام الفتن، والحال التي يجب على المرء الوقوف عن القتال فيه وكف يده ولسانه

وهذا على (¬1) مذاهب الشافعي، وغيره من أصحابنا. م 5410 - واختلفوا في دفع الزكاة إلى الخوارج. ففي قول ابن عمر، وسلمة بن الأكوع، والشافعي، وأحمد، وأبي ثور: يجزئ دفع ذلك إليهم [2/ 336/ألف]. وقد قال أصحاب الرأي: إذا ظهروا على قوم أخذوا زكاة الإبل، ثم ظهر الإمام عليهم احتسبوا لهم به من الصدقة. وإذا مر الإنسان على عسكر الخوارج، ولهم عاشر فعشره، لا بحسبه من زكاته، وهذا لا يجزئ عنه من زكاة ماله. قال أبو بكر: وانفرد أبو عبيد فقال: الذي أختار في أمر الخوارج فإنه يكون على من أخدوا منه -يعني الزكاة- الإعادة. قال أبو بكر: يجزئ ذلك من أخذوا منه. ولا معنى لقول أبي عبيد هذا. 9 - باب الحال التي يجب على المرء القتالُ فيه أيام الفتن، والحال التي يجب على المرء الوقوف عن القتال فيه وكف يده ولسانه قال أبو بكر: م 5411 - إذا صحت الخلافة للإمام، وبايعه الجميع، فخرج عليه رجل ممن بايعه طائعاً غير مكره، ليقاتله، فعلى الناس معونة إمامهم وقتل من ¬

_ (¬1) "على" ساقط من الدار.

10 - باب الوجه الأول من الوجهين

خرج عليه، للأخبار التي ثبتت (¬1) عن رسول الله-صلى الله عليه وسلم- فيها بيان ذلك، هذا أحد الوجهين. والوجه الثاني: أن يفترق الناس فرقتين، يعقد كل فريق منهم لرجل الخلافة. ويمتنع كل فريق منهما بجماعة يكثر عددهم ويشكل أمرهما. فعلى الناس عند ذلك الوقوف عن القتال مع أحد من الطائفتين للأخبار التي جاءت عن النبي- صلى الله عليه وسلم - في ذلك. وقد ذكرت (¬2) الأخبار في ذلك بأسانيدها في مختصر كتاب السنن والإجماع والاختلاف. 10 - باب الوجه الأول من الوجهين في حديث عبد الله بن عمرو قال: سمعت رسول الله- صلى الله عليه وسلم - يقول: "من أعطى إماماً صفقة يده وثمرة قلبه، فَلْيُطِعْهُ فيما استطاع، فإن جاء آخرُ ينازعه فاضربوا عنق الآخر". ¬

_ (¬1) وفي الدار "رويت". (¬2) وفي الدار " وقد ذكرت أسانيدها".

11 - باب الوجه الثاني الذي يجب على الناس الوقوف عن القتال فيه وطلب السلامة منه

(ح 1697) وفي حديث أبي سعيد الخدري عن النبي- صلى الله عليه وسلم -: إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما". (ح 1698) وفي حديث عرفجة قال (¬1): قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: [2/ 336 /ب] ستكون هنات وهنات- ورفع بها صوته- إلا من خرج على (¬2) أمتي وأمرهم جميع، فأضربوا عنقه بالسيف كائناً من كان". 11 - باب الوجه (¬3) الثاني الذي يجب على الناس الوقوف عن القتال فيه وطلب السلامة منه قال أبو بكر: (ح 1699) في حديث عبد الله بن الصامت عن أبي ذر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "كيف أنت إذا رأيت أحجار الزيت قد غرقت بالدم؟ - قلت: ما خار الله لي ورسوله. قال: عليك بمن أنت منه، قال: قلت: يا رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أفلا آخذ سيفي فأضعه على عاتقي؟ قال: شاركت إذن، قلت: لهما تأمرني به؟ قال: تلزم ¬

_ (¬1) وفي الدار "وفي حديث عرفجة: ستكون هنات وهنات- ورفع بها صوته- قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: إلا من" ... الحديث. (¬2) وفي الدار "عن أمتي". (¬3) وفي الدار "الخبر الذي يجب".

بيتك، قلت: (¬1) إن دُخِل عليّ؟ قال: إن خشيت أن يبهرك شعاع السيف فألق رداءك على وجهك يبؤ بإثمه وإثمك". (ح 1700) وفي حديث سعيد بن أبي وقاص أنه قال عند قتلهم عثمان بن عفان رضي الله عنه "أشهد أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: "إنها ستكون فتنة القاعد فيها خير من القائم، والقائم خير من الماشي، والماشي خير من الساعي. فقيل له: أرأيت إن دخل على بيتي وبسط إلي يده ليقتلني؟ قال: كن كابن آدم". (ح 1701) وفي حديث أهبان بن صيفي: "أنه قال لعلي رضي الله عنه وقد قال له: ما يمنعك مِن اتِّباعي؟ قال: أوصاني خليلي وابن عمك، قال: إنها ستكون فتن وفرقة، إذا كان كذلك فاكسر سيفك، واتخذ سيفاً من خشب، وقد فعلت". وقد ذكرنا هذه الأخبار عن محمد بن سلمة، وأبي بكرة، وأبي هريرة، بأسانيدها في الكتاب الذي اختصرت منه هذا الكتاب. ¬

_ (¬1) في الأصلين: "قال" والتصويب من سنن أبي داود.

وممن اعتزل من أصحاب رسول الله-صلى الله عليه وسلم- في فتنة كانت فيما مضى: سعد بن أبي وقاص، وأبو موسى الأشعري، ومحمد بن سلمة، وابن عمر رضي الله عنهم. وقد ذكرت أخباراً تدل على فضل العزلة في الفتن، وسائر الأوقات التي (¬1) تركت ذكرها ها هنا. ¬

_ (¬1) "التي" ساقط من الدار.

98 - كتاب الساحر والساحرة

98 - كتاب الساحر والساحرة قال أبو بكر: م 5412 - اختلف أهل العلم في قتل الساحر الذي يسحر بكلام يكون كفراً. فأوجبت طائفة [2/ 337/ألف] عليه القتل، روينا هذا القول (¬1) عن عمر بن الخطاب، وابن عمر، وحفصة رضي الله عنهم، وجندب بن عبد الله رضي الله عنه، وقيس بن سعد. وهذا مذهب عثمان بن عفان رضي الله عنه. وبه قال مالك، والشافعي، وأبو ثور، وأحمد، وإسحاق، والنعمان (¬2). ¬

_ (¬1) "هذا القول" ساقط من الدار. (¬2) "والنعمان" ساقط من الدار.

وقد روينا عن عائشة رضي الله عنها أنها باعت ساحرة كانت سحرتها، باعتها وجعلت ثمنها في الرقاب. قال أبو بكر: إذا أقر الرجل أنه يسحر بكلام يكون ذلك الكلام كفراً: وجب قتله إن لم يتب، (ح 1702) لقول رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: "لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: بكفر بعد إيمان". وكذلك لو ثبت عليه به بينة، ووصفت البينة كلاماً يكون كفراً. فإذا أوجبنا قتله لما ذكرنا، ثم تاب، وجب قبول توبته. وإن كان الكلام الذي ذكر أنه سحر به ليس بكفر، لم يجز قتله. فإن كان أحدث في المسحور جناية توجب القصاص، اقتص منه إن كان عمد ذلك، وإن كان ذلك مما لا قصاص فيه، ففيه دية ذلك العضو (¬1)، وقد روينا عمن ذكرنا من أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم -أنهم أمروا بقتل الساحر، وأمرت عائشة رضي الله عنها ببيع التي سحرتها. وإذا اختلف أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم - في المسألة وجب اتباع أشبههم قولاً بالكتاب والسنة. ¬

_ (¬1) "العضو" ساقط من الدار.

وقد يجوز أن يكون السحر الذي أَمَرَ مَنْ أَمَرَ منهم بقتل الساحر سحراً يكون كفراً، فيكون ذلك موافقاً لسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وبحتمل أن تكون عائشة أمرت ببيع ساحرة لم يكن سحرها كفراً. فإن احتج محتجٌ. (ح 1703) بحديث جندب عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "حد الساحر ضربه بالسيف". فلو صح هذا لاحتمل أنه يكون أمر بقتل الساحر الذي يكون كره كفراً. (ح 1704) فيكون ذلك موافقاً للأخبار التي جاءت عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لا يحل دم امرئ مسلم إلا باحدى ثلاث". وفي إسناد حديث جندب- هذا- مقالٌ؛ لأن الذي رواه إسماعيل ابن مسلم، وهو ضعيف عندهم، أحاديثه تدل على ذلك.

99 - كتاب [2/ 337/ب] أحكام تارك الصلاة

99 - كتاب (¬1) [2/ 337/ب] أحكام تارك الصلاة قال أبو بكر: (ح 1705) جاء الحديث عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "ما بين العبد والكفر والشرك إلا ترك الصلاة". (ح 1706) وحديث بريدة أن النبي قال: "من ترك صلاة العصر متعمداً أحبط الله عمله". (ح 1707) وثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "الذي تفوته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله". م 5413 - وثبت أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: "لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة". ¬

_ (¬1) في الأصل "باب".

وقال عبد الله بن مسعود: "من لم يصلِّ فلا دين له". وروينا عن جابر "أنه سئل: ما بين العبد والكفر؟ قال: ترك الصلاة". وروينا عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه (¬1) أنه قال "من لم يصل فهو كافر". وعن أبي الدرداء أنه قال: "لا إيمان لمن لا صلاة له". وروينا عن ابن عباس أنه قال: "من ترك الصلاة فقد كفر". وقال حذيفة لرجل لا يتم الوكوع والسجود: "ما صليت منذ كنت، لأن الرجل ذكر أن تلك صلاته منذ أربعين سنة، وقال له: لو مت وأنت على هذا لمت على غير فطرة النبي (¬2) - صلى الله عليه وسلم - التي فطر عليها. وروينا عن بلال أنه قال لرجل لا يتم الركوع والسجود: "لو مت الآن ما مت إلا (¬3) على ملة عيسى بن مريم". ¬

_ (¬1) وفي الدار "عن ابن عباس" وهو خطأ. (¬2) وفي الدار "فطرة الإسلام"، كما في المصنف لعبد الرزاق. (¬3) وفي الدار "ما مت على ملة عيسى بن مريم".

1 - باب اختلاف أهل العلم في تارك الصلاة

وقال عبد الله بن شقيق: "لمن يكن أصحاب النبي- صلى الله عليه وسلم - يرون شيئاً من الأعمال تركُه كفرٌ غيرَ الصلاة". 1 - باب اختلاف أهل العلم في تارك الصلاة قال أبو بكر: م 5414 - اختلف أهل العلم فيمن ترك الصلاة عامداً حتى يخرج وقتها لغير عذر. فقالت طائفة: هو كافر. هذا قول إبراهيم النخعي، وأيوب السختياني، وابن المبارك، وأحمد، وإسحاق. وقال أحمد: لا يكفر أحد بذنب إلا تارك الصلاة عمداً، فإن تارك الصلاة (¬1) إلى أن يدخل وقت صلاة أخرى يستتاب ثلاثاً. وبه قال سليمان بن داود، وأبو خيثمة، وأبو بكر بن أبي شيبة. وقالت طائفة: يستتاب، فإن تاب وإلا قتل. ولم تسمِّهِ هذه الطائفة كافراً. هذا قول مكحول، وبه قال مالك، وحماد بن زيد، ووكيع، والشافعي. ¬

_ (¬1) "فإن تارك الصلاة" ساقط من الدار.

قال الشافعي: "وقد قيل: يُستتاب [2/ 338/ألف] تارك الصلاة ثلاثاً، وذلك إن شاء الله حسن، فإن صلى في الثلاث وإلا قتل". وفيه قول ثالث: وهو أن يضرب ويسجن. هذا قول الزهري. وسئل الزهري عن رجل ترك الصلاة، قال: إن كان إنما تركها ابتدعٍ ديناً غير الإِسلام قتل، وإن كان إنما هو فاسق، ضرب ضرباً مبرحاً وسجن. وقال النعمان: يضرب ويحبس حتى يصلي. وفيه سوى ما ذكرناه ثلاثة أقاويل لثلاث فرق من أهل الكلام. قالت فرقة: هو فاسق، لا مؤمن، ولا كافر، مخلد في النار، إلا أن يتوب. وقالت فرقة: هو كافر بالله العظيم، حلال الدم والمال. وقالت طائفة: إنما استحق اسم الكفر من أسلم، ثم لم يصل شيئاً من الصلوات حتى مات، لأن في قوله تعالى: {وأقيموا الصلاة} أريد به (¬1) جميعُ الصلوات. فمن أسلم، ثم لم يصل شيئاً من الصلوات حتى مات، مات كافراً (¬2). ¬

_ (¬1) "أريد به" ساقط من الدار. (¬2) وفي الدار "كان كافرا".

ومن صلى شيئاً من الصلوات في عمره، لم يستحق هذا الاسم. قال أبو بكر: واحتج من قال بالقول الأول في تكفيرهم تارك الصلاة بالأخبار التي بدأنا بذكرها عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -، احتج بها إسحاق. واحتج إسحاق بحجج قد ذكرناها في "كتاب أحكام تارك الصلاة". واحتج الشافعي "بأن أبا بكر رضي الله عنه قال: "لو منعوني عِقالاً مما أعطَوا رسول الله- صلى الله عليه وسلم - لقاتلتهم عليه. لا تفرقوا بين ما جمع الله". قال: وأصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قاتلوا مانع الزكاة إذ كانت فريضة من فرائض الله ونصب أهلها دونها، فلم يقدر على أخذها منهم طائعين، فاستحلوا قتالهم، والقتال سبب القتل، فلما كانت الصلاة لا يقدر على أخذها منه لأنها ليست بشيء يؤخذ من يده مثل اللقطة، والخراج، والمال، قلنا: إن صليت وإلا قتلناك. كما يكفر، فنقول: إن قلت بالإيمان وإلا قتلناك"، وذكر كلاماً. واحتج بعض من يميل إلى الضرب والحبس، بأن ما قلناه أقل ما قيل إنه يلزمه، فأوجبنا [2/ 338/ب] أقل ما قيل وهو الأدب،

ووقفنا عن إيجاب القتل عليه لأن فيه اختلافاً. ولا يجوز أن يهراق دم من قد ثبت له الإيمان إلا بإجماع، أو بخبر ثابت. (ح 1708) وفي قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا يحل دم امرئ مسلم إلا باحدى ثلاث، بكفر بعد إيمان، أو زنا بعد إحصان، أو قتل نفس فيقتل به"، فتارك الصلاة لم يأت بواحدة من الثلاث التي أوجب بها النبي - صلى الله عليه وسلم - هراقه دمه. وأحق الناس أن يقول بهذا القول من قال: إن الساحر لا يقتل إلا بأن يستوقفه على ما سحر به، فإن كان ذلك كلاماً يكون كفراً استتابَهُ، وإن لم يكن كفراً عاقبه ولا يقتله، لأن القتل لا يجب عنده إلا بإحدى الثلاث التي ذكرناها. قال: فليت شعري من أي هؤلاء الثلاثة عنده تارك الصلاة، وهو غير جاحد فيلزمه بذلك اسم الكفر، ولا ترك الصلاة استنكافاً، ولا معاندة. وتارك الصلاة كالأخبار التي جاءت في الإكفار بسائر الذنوب نحو: (ح 1709) قوله - صلى الله عليه وسلم -: "سباب المسلم فسوق وقتاله كفر". (ح 1710) وكقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض".

2 - باب اختلاف أهل العلم في الكافر يرى يصلي

(ح 1711) وقوله عليه الصلاة والسلام: "لا ترغبوا عن آبائكم، فمن رغب عن أبيه فقد كفر". (ح 1712) وكقوله - صلى الله عليه وسلم -: "من حَلَف بغير الله فقد أشرك". وقد ذكر غير هذا مما تركته. قال: فإذا لم يكن بعض من ذكرنا: كافراً مرتداً تجب استتابته وقتله على الكفر إن لم يتب، وتأولوا لهذه الأخبار تأويلات اختلفوا فيها، فكذلك الأخبار في إكفار تارك الصلاة تحتمل من التأويل ما احتمله سائر الأخبار التي ذكرناها. 2 - باب اختلاف أهل العلم في الكافر يُرى يُصلي قال أبو بكر: م 5415 - اختلف أهل العلم في الكافر يُرى يصلي: فألزمته طائفة الإِسلام وجعلته مسلماً، هذا قول عبيد الله بن الحسن. وقال سعيد بن عبد العزيز: إذا أذن، وأقام، وصلى بهم فهو إسلام، ويستتاب فإن تاب وإلا قتل. وبه قال الليث بن سعد.

وقال الشافعي: إذا أقام ورثةُ المرتد بينةً أنهم رأوْهُ في مدة [2/ 339/ألف] بعد الشهادة بالردة يصلي صلاة المسلمين، قَبِلْتُ ذلك منهم، وورثتهم ماله. قال: وإن كان هذا في بلاد الإسلام، والمرتد ليس في حال ضرورة، لم أقبل منهم حتى يشهد عليه شاهدان بالتوبة بعد الردة. قال: وكان الأوزاعي يقول في نصراني صحب قوماً مسلمين في سفر فصلى معهم، ثم قال: خفتكم على نفسي ومالي. قال: لا قتل عليه. وكذلك لو أذن، وأقام وصلى بهم، لم ير عليه قتلاً لتقيته على نفسه، ويعيدون صلاتهم الذين صلوا خلفه (¬1). وقال مالك: لا قتلَ عليه، ويعيدون صلاتهم. وفي بعض كتب محمد بن الحسن- في ذمي شهد عليه شهود أنه صلى معنا صلاة واحدة في جماعة- قال: أجعله مسلماً، أو أضربُ عُنُقَه. ¬

_ (¬1) "الذين صلوا خلفه" ساقط من الدار.

100 - كتاب القسمه

100 - كتاب القِسْمه قال أبو بكر محمد بن إبراهيم بن المنذر: (ح 1713) قسم رسول الله- صلى الله عليه وسلم - الغنائم (¬1) بينهم ببدر. (ح 1714) وقسم يوم خيبر لمائتي فرس سهمين سهمين. (ح 1715) وقسم أرض خيبر. وهي أموال عِظام، لم يغنمِ المسلمون في حياة رسول الله- صلى الله عليه وسلم - من العقد: من الأرضين والحصون، والنخيل التي فيها الأموال مثلَها. ¬

_ (¬1) "الغنائم" ساقط من الدار.

وكانت المقاسم على أموال خيبر، على الشَّق، والنطاة، والكتيبة. فكانت النطاة، والشق في سهمان المسلمين، وكانت الكتيبة خمس الله وسهم النبي - صلى الله عليه وسلم -، وسهم ذوي القربى، واليتامى، والمساكين. وقد اختصرت ذلك. (ح 1716) وقد قسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غنائم هوازن يوم حنين بين أصحابه. (ح 1717) وقسم عبد الله بن جحش ما غنمه، وعزل لرسول الله- صلى الله عليه وسلم - خمس العير، وقسم سائرها بين أصحابه.

وأنزل الله تعالى على رسوله - صلى الله عليه وسلم -: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ} الآية. م 5416 - وأجمع كل من نحفظ عنه من علماء الأمصار (¬1)، من أهل الحديث وأهل الرأي، وغيرهم على أن الرَّبْع، [2/ 339/ب] أو الأرض إذا كانت بين شركاء، واحتملت القَسْمَ عن غير ضرر ¬

_ (¬1) وفي الدار "من أهل العلم".

1 - باب مالا يجب قسمة مما فيه فساد على الشركاء وضرر عليهم

يلحق أحداً منهم فيه، وأجمعوا على قسمة: أن قسم ذلك يجب بينهم إذا أقاموا بينة على أصول أملاكهم. 1 - باب مالاً يجب قسمة مما فيه فسادٌ على الشركاء وضرر عليهم قال أبو بكر: قال الله جل وعز: {وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ}، وقال: {وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ}، وقال جل ذكره: {لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ}. فنهى الله عَزَّ وَجَلَّ عن الإضرار، وليس الإضرار من فعل العاقلين، ولا من أخلاق المتقين. (ح 1718) وقد روينا عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لا ضرر ولا ضرار".

وليس الحديث بصحيح بل هو مرسل. (ح 1719) وروينا عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "من ضار ضر (¬1) الله به، ومن شاق شق الله عليه". وقد أمر الله تعالى بحفظ الأموال فقال الله جل ذكره: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا}. وقد ملك الله العباد أموالاً من العقد، والعروض، والرقيق وسائر الأموال، أشرك بينهم فيها بأشربة، ومواريث، ومغانم، وأمرهم بإصلاحها. ¬

_ (¬1) وفي الدار "أضر الله به".

ونهاهم أن يأكلوا أموالهم بينهم بالباطل، فقال جل ثناؤه: {لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ}. (ح 1720) ونهاهم رسول الله- صلى الله عليه وسلم - عن إضاعة المال. (ح 1721) ونهاهم عن الميسر. وهو القمار لأن فيه تلفاً للأموال. (ح 1722) ونهاهم رسول الله- صلى الله عليه وسلم - عن بيع الثمر حتى يبدو صلاحه. إذ ذلك غرر. (ح 1723) ونهاهم عن بيوع الغرر، وعن بيع الحصاة. (ح 1724) والملامسة والمنابذة. (ح 1725) وبيع السنين.

لأن في ذلك ضررا (¬1) على البائع والمشتري. ففي كل ما ذكرناه مع ما لم نذكره دلالة على الأمر بحياطة الأموال، وحفظها وإصلاحها. م 5417 - وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن لؤلؤة لو كانت بين جماعة، فأراد بعضهم أخذ حظه منها بأن تقطع بينهم أو تُكسر: أنهم ممنوعون من ذلك، لأن في قطعها تلف لمالهم [2/ 340/ألف] وفساداً له. وكذلك السفينة تكون بين الجماعة لها القيمة الكثيرة، فإذا كسرت أو قطعت ذهب عامة قيمتها. والجواب في المصحف، والسيف، والدرع، والجفنة، والمائدة، والصحفة، والصندوق، والسرير، والنعل، والقوس، وما أشبه ذلك، يكون بين جماعة كالجواب فيما ذكرناه من اللؤلؤة والسفينة. م 5418 - فأما الرقيق، والكراع، والسلاح إذا كان بين جماعة فقسمه جائزٌ بين الشركاء، يأخذ هذا ناقة بقيمتها، وهذا بقيمتها، ويصير لهذا عبد بقيمته، ولهذا عبد بقيمته. وذلك خلافُ الشيء المنفرد يكون بين جماعة يفسُد إذا كُسر، أو قطع، ويذهب عامة ثمنه. ¬

_ (¬1) وفي الدار "في ذلك غرر".

2 - باب قسم الدار والأرض تحتمل القسمة

2 - باب قسم الدار والأرض تحتمل القسمة قال أبو بكر: م 5419 - أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن الدار والأرض إذا احتملت القسم، ودعا الشركاء إلى القسم: أن قسم ذلك يجب بينهم. م 5420 - واختلفوا فيه إذا دعا بعضهم إلى القسم وأبى الآخرون، وفي قسمته ضررٌ على بعضهم. ففي قول مالك: يجب قسم ذلك بينهم. وقال الشافعي: "إذا كان يحتمل القسمة حتى ينتفع كل واحد منهم بما يصير إلى مقسوما: أجبرتهم على القسم وإن لم ينتفع البقية بما يصير إليهم إذا بُعِّضَ بينهم. وأقول لمن كره القسمة: إن شئتم جمعت لكم حقوقكم فكانت مُشاعةً تنتفعون بها، وأخرجت لطالب القسم حقه كما طلبه. وإن شئتم قسمت بينكم نَفَعَكم ذلك أو لم ينفعكم". وقال النعمان- في الدار الصغيرة بين اثنين-: أيهما طلب القسمة وأبى صاحبُه قسمت له. وبه قال أصحاب الرأي (¬1). ¬

_ (¬1) وفي الدار "وبه قال أصحابه".

3 - باب في الدور تكون بين جماعة شركاء

وفيه قول ثان وهو: إن كان فيهم من لا ينتفع بما قسم (¬1) له وإن انتفع شركاؤه بما يصير لهم، فلا يقسم. وكل قسم يدخل على أحدهم ضرراً دون الآخر فإنه لا يقسم بينهم. هذا قول ابن أبي ليلى، وأبي ثور. قال أبو ثور: وكل قسم يدخل (¬2) عليهما، أو على أحدهما ضرراً لم يقسم. قال أبو بكر: وهذا أصح القولين، [للعلل] (¬3) [2/ 340/ب] التي قدمناها في الباب قبل. ومن استحسن من الكوفيين فامتنع من الضرر الكثير، وسهل في القليل بغير حجة يرجع إليها، فلا معنى لقوله. ودفع الضرر عن المسلمين يجب في كل شيء على ظاهر ما ذكرناه من الكتاب والسنن. ونهى رسول الله- صلى الله عليه وسلم - عن إضاعة المال مع إجماعهم في الامتناع من قَسْم أشياءَ ذكرناها فيما مضى من الضرر. 3 - باب في الدور تكون بين جماعة شركاء قال أبو بكر: م 5421 - واختلفوا في العدد من الدور تكون بين جماعة، فدعا بعضهم ¬

_ (¬1) وفي الدار "من لا ينتفع به أقسم له" (¬2) وفي الدار "يكون عليهما". (¬3) ما بين المعكوفين من الدار

إلى أن يجمع حقه في دار واحدة، وأراد بعضهم أن يعطى من كل دار بحصته. فقالت طائفة: تقسم كل دار على حدة. هذا قول الشافعي، وبه قال النعمان. وفه قول ثان: وهو قول من فرق بين الدور تكون في موضع واحد، أو مواضع متفرقة. فقال مالك في الموطأ- "فيمن هلك وترك أموالاً بالعالية والسافلة-: إن البعل لا يقسم من النضح، إلا أن يرضى أهله بذلك، وإن البعل يقسم مع العيون إذا ما كان يشبهها. وإن الأموال إذا كانت بأرص واحدة، الذي بينهما متقارب، فإنه يقام كل واحد منها، ثم يسهم (¬1) بينهم. والدور والمساكن هذه المنزلة". وفيه قول ثالث وهو: إذا كانت دور شتى بين قوم جمع، حق (¬2) كل واحد في دار، أو في بعضها، ولا تقسم كل دار بينهم على مواريثهم، فيكون في ذلك ضرر عليهم وفساد لحقهم. ¬

_ (¬1) وفي الدار "يقسم". (¬2) "حق" ساقط من الدار.

4 - باب المال يكون بأيدي جماعة فيريدون قسم ذلك بينهم

فإن أراد بعضهم ذلك أو كلهم، وكان في ذلك ضرر وفساد، لم يجبهم الحاكم إلى ذلك، وحملهم على ما هو أصلح لهم. والله أعلم. [هذا قول أبي ثور] (¬1). قال أبو بكر: والقول الأول أصحُّ هذه الأقاويل، وذلك أن كل شريك منهم يلي ماله، ويفعل منه الذي يراه. وكما ليس للحاكم أن يبيع على رجل بالغ رشيد ماله وإن كان مع ذلك (¬2) صلاح له، وإن طلب ذلك منه بضعف الثمن امتنع من البيع منه: فكذلك ليس له أن ينقل حقه من دار [2/ 341/ألف] إلى دار أخرى، لأن ذلك في معنى البيع، والله أعلم. 4 - باب المال يكون بأيدي جماعة فيريدون قسم ذلك بينهم قال أبو بكر: م 5422 - أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن جماعة لو جاؤوا إلى حاكم ببلد من البلدان، وبأيديهم أرض، أو عرض من العروض، وأقاموا البينة على أنهم مالكون له، وسألوه أن يأمر بأن يقسم ذلك بينهم، واحتمل الشيء القَسْمَ، أن قسم ذلك يجبُ بينهم. م 5423 - واختلفوا فيه إن سألوه قسم ذلك بينهم بإقرارهم، ولا بيّنة معهم تشهد لهم بأملاكهم في الشيء الذي بينهم. ¬

_ (¬1) ما بين المعكوفين ساقط من الأصل. (¬2) وفي الدار "بيع ذلك".

5 - باب الدار تكون بين جماعة فيهم صغير أو غائب

فقالت طائفة: لا يَقسِم ذلك حتى يقيم البينة على ذلك، هذا قول الشافعي، وبه قال النعمان في الدور، والعقد (¬1). وقالت طائفة: يقسم بينهم الدور، والأرضين، والدراهم، والدنانير، والمتاع، والثياب، والعروض كلها. يقسم ذلك بينهم بإقرارهم على أنفسهم. هذا قول يعقوب، ومحمد وبه قال أبو ثور. قال أبو بكر: وقد ناقض النعمان في مقالته حيث فرق بين الدراهم، والدنانير، والعروض، والدور، والأرضين، بغير حجة فزع إليها. قال أبو بكر: وأنا إلى القول الثاني أميل. 5 - باب الدار تكون بين جماعة فيهم صغيرٌ أو غائب قال أبو بكر: م 5424 - واختلفوا في الدار، والأرض فتكون بين جماعة، فيهم صغير أو غائب. ففي قول مالك، والشافعي: يقسم ذلك بينهم الحكم وإن كان شريكهم غائباً، وبه قال أبو ثور. ¬

_ (¬1) وفي الدار "والبقر".

وقال النعمان: إن كان وارثاً حاضراً، وبقيتهم غُيب صغاراً أو كبارا، فأقام الوارث الحاضر البينة على المواريث، وسأل القاضى أن يقسم الدار، فإنه لا يقسمها، لأنه ليس معه خصم. فإن كان معه صغير واحد عيّن القاضي له وصياً، وقبل البينة، وقسم الدار لأن معه خصما. وهو قول يعقوب، ومحمد. وكذلك الأرض، وكذلك المنزل في الدار. م 5425 - وقال النعمان: لا يقسم القاضي الحائط، ولا الحمام بين الرجلين، ولا أكثر من ذلك، [2/ 241/ب] لأن في قسمه ضررا. م 5426 - وقال النعمان: إنما أمنع القسمة إذا كان الضرر عليهما، فإذا كان الضرر على أحدهما وليس علي الآخر ضرر، فإن القاضي يقسم بينهما. م 5427 - والقسمة على الرجال والنساء سواءٌ. م 5428 - وكذلك أهل الذمة. م 5429 - وكذلك حر وعبد بينهما دار. م 5430 - وقال النعمان: إذا أقروا أنها شراء بينهم، قسمتها بينهم بغير بينة. وإذا أقروا أنها ميراث، لم أقسمها إلا بببنة. قال أبو بكر: ما بينهما فرق. وقال يعقوب، ومحمد: هما سواء، أقسمه بينهما بغير بينة إذا أقروا.

6 - باب الدار تقسم بين الشركاء فيدعي بعضهم غلطا

6 - باب الدارُ تقسم بين الشركاء فيدعي بعضهم غلطا قال أبو بكر: م 5431 - اختلف أهل العلم في القاسم يقسم الأرض، أو الدار بين الشركاء، فيدعي بعضهم غلطا. فقالت طائفة: يكلف البينة على ما يدعي من الغلط، إن جاء بها رد القسم عليه، هذا قول الشافعي، وأبي ثور، وبه قال النعمان. وقال مالك في الشركاء يدعي بعضهم خطأ القاسم قال: ينبغي له -يعني القاضي- أن ينظر في ذلك: فإن كان الذي بعث لذلك مأموناً قد أصاب وجه العمل فيما قسم أنفذ ذلك، وإن كان خطأ رده. قال مالك: ورب مأمون من الناس لا يحسن العمل. والناس في ذلك ليسوا كلهم (¬1) سواء. قال أبو بكر: هذا كما قال الشافعي، والنعمان. 7 - باب أجرة القسام وشهادتهم قال أبو بكر: الأفضل والأعلى للحاكم، والقاسم، وصاحب مغانم المسلمين ¬

_ (¬1) "كلهم" ساقط من الدار.

أو يعملوا محتسبين طلب ثواب الله عز وجل، فإن لم يفعلوا فينبغي لقاضي المسلمين أن يرزق القسام من بيت مال المسلمين، كما فعل بعلماء المسلمين، وقرائهم، ومعلميهم، ومن قام بأمر فيه صلاح عوامهم. م 5432 - وقد اختلف أهل العلم في أجور القسام إن لم يعملوا محتسبين، ولم يرزقوا من بيت مال المسلمين. فكرهت طائفة أخذ الأجر على ذلك. وقد روينا عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه كره ذلك، وكذلك قال ابن سيرين. وقال القاسم: أربع لا يؤخذ عليهن أجر: المقاسم [والقضاء] (¬1)، وقراءةُ القرآن، والأذان، وقال سعيد بن المسيب: كل حساب يحسبه [2/ 342/ألف] يأخذ أجراً غير (¬2) طائل. وقال الشافعي: "أجر القسام من بيت المال، فإن لم يعطوه خُلِّي بين الناس وبين (¬3) من طلب القسم، فاستأجروهم بما شاؤوا، قل أو كثُرَ". وقال أبو ثور. رزقهم من بيت مال المسلمين. ¬

_ (¬1) ما بين المعكوفين من الدار. (¬2) "غير" ساقط من الدار. (¬3) "بين" ساقط من الدار.

وقال مالك: من احتسب فهو خيرٌ له وأحب إلي، وأما أن أقول لا خير فيه، أو إنه حرام فلا. وذلك أنه لا يوجد مَنْ يعمل بغير جُعل، وهذا لا بدَّ منه. وقال النعمان: لا بأس أن يأخذ قاسم الدور والأرضين عليه الأجر من الذين يقسم بينهم. م 5433 - واختلفوا في الأجرة، وأنصباؤهم مختلفة. فقال أكثرهم: تكون الأجرة على قدر الأنصباء، لا عدد الرؤوس. هذا قول الشافعي، وسوار، وعبيد الله بن الحسن، وأبي ثور، ويعقوب، ومحمد. وفيه قول ثان: وهو أن الأجرة على عدد رؤوس الرجال، هذا قول النعمان. قال أبو بكر: الأول صحيح. م 5434 - واختلفوا في شهادة القسام. فكان الشافعي، ومحمد بن الحسن لا يجيزان شهادة القاسمين. وفيه قول ثان: وهو أن شهادة القاسمين اللذَيْن بعث بهما الحاكم على ما يقسمان (¬1)، جائزة من قبل أنهما لا يجران بشهادتهما إلى أنفسهما شيئاً، هذا قول أبي حنيفة (¬2). ¬

_ (¬1) وفي الدار "على ما قسما". (¬2) "هذا قول أبي حنيفة" ساقط من الدار.

8 - باب العبد يكون [2/ 342/ب] بين جماعة يدعو أحدهم إلى بيع الجميع ليقبض حصته من الثمن، ويأبى أصحابه البيع

وكان يعقوب يقول: لا تجوز شهادتهما، ثم رجع إلى قول أبي حنيفة. م 5435 - وفي قول جميع من ذكرنا: لا تجوز شهادة قاسم واحد. قال أبو بكر: والذي أقول به: إن شهادة القاسم الواحد غير جائزة، لأني لا أعلم من أجاز شهادة الشاهد الواحد له حجةٌ. فأما القاسمان يشهدان على قسم مال، وليسا ممن يجران إلى أنفسهما بشهادتهما نفعاً (¬1) يأخذانه، وكانا محتسبين، أو ممن يرزق من مال الفئ (¬2)، وكانا عدلين: فشهادتهما مقبولة، وهما داخلان في جملة قوله تعالى: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ}، غير خارجين من هذه الآية بحجة. هذا يلزم أصحابنا لأنهم لا يرون الإستثناء من الكتاب إلا بكتاب، أو سنة، أو إجماع، وليس مع من استثناهما من جملة الآية حجة. 8 - باب العبد يكون [2/ 342/ب] بين جماعة يدعو أحدُهم (¬3) إلى بيع الجميع ليقبض حصته من الثمن، ويأبى أصحابُه البيع قال أبو بكر: م 5436 - واختلفوا في الرجل يكون له الشقص في العبد الذي له الثمن إذا بيع ¬

_ (¬1) وفي الدار "جعلا". (¬2) وفي الدار "مال المسلمين" (¬3) وفي الدار "بعضهم".

9 - باب قسم الرقيق، والأنعام، والثياب، وسائر الأمتعة سوى الرباع، والأرضين

كلُّه ولا يجد صاحب الشقص لحصته (¬1) الثمن الذي (¬2) يصيبه مع أصحابه عبد بيع الكل. فقالت طائفة: يكره الذي أبي البيع على ذلك، ويتوقف في السوق فيباع، هذا قول مالك. قال: وكذلك البعير، والثوب، وكل ما لا يستطاع قسمه. وقال مالك: في العبد يُقَوَّمُ ويباع عليهم، فيشتريه من يريده. وبه قال أبو ثور في الدار تباع أو يشتري أحدهما من صاحبه. وقال الشافعي: "لا يباع عليهم. ويقال لهم: تراضوا في حقوقكم بما شئتم: كان الذي بينهم سيف، أو عبد، أو غيره". قال أبو بكر: قول الشافعي أصح القولين، والله أعلم بالصواب. 9 - باب قَسْم الرقيق، والأنعام، والثياب، وسائر الأمتعة سوى الرِباع، والأَرضين قال أبو بكر: م 5437 - كان مالك بن أنس يقول في الرقيق، والغنم، والأشياء التي ¬

_ (¬1) وفي الدار "بحصته". (¬2) "الذي يصيبه ... إلى قوله. ويتوقف في السوق" ساقط من الدار.

يجعل الخير منها مع الشر: قسم ذلك جائز. وبه قال أبو ثور في الغنم، والمتاع، والخرثي، وغير ذلك. وبه قال النعمان ويعقوب في الغنم، والإبل، والبقر، والثياب كلها مما يستقيم فيها القسم. وقالوا في الرقيق: لا يقسمون، لأن اختلافه متفاوت. وكذلك اللؤلؤ، والياقوت، والزُّمُرُّد لا يقسم. فأما الفضة والتِبْر والذهب فإنه يقسم، والحديد، والنحاس التبر، ولا تقسم الآنية من ذلك. ويقسم ما كان بالكيل (¬1) والوزن قليلاً كان أو كثيراً. ولا يقسم حائط بين اثنين، ولا حمام، ولا حانوت صغير. قال أبو بكر: وقال أبو ثور: يقسم اللؤلؤ، والجوهر، والياقوت، والزمرد، وجميع الأشياء من الذهب، والفضة، والحديد، والنحاس، والصُفْر، وغير ذلك تِبْراً كان أو آنية معمولة. فما كان يوزن فيوزن، وما كان بالقيمة فبالقيمة. وهذا الباب كله على هذا يُقوَّم، ثم يُقسم [بحصته] (¬2) على قدر المواريث، والله أعلم. ¬

_ (¬1) وفي الدار "ويقسم الكيل". (¬2) ما بين المعكوفين من الدار.

10 - باب صفة القسم

قال أبو بكر: وقياس [2/ 343/ألف] قول الشافعي- حيث منع في الدور تكون بين جماعة أن يجمع حق كل رجل منهم فيجعل له داراً واحدة، وقال: يعطى من كل دار حصته، ولم ير نقل حق له من دار إلى دار أخرى-: أن يكون له في كل بعير حصته، ولا ينقل حقه من بعير إلى بعير آخر. ولا يجوز على قياس قوله: قسم شيء مما ذكرته من الحيوان، والجواهر، وسائر الأمتعة. قال أبو بكر: (ح 1726) وقد قسم النبي - صلى الله عليه وسلم - غنائم حنين (¬1) وأكثر ذلك كان السبي، والماشية. فقول من رأى قسم الحيوان وما في معناه، وإجازة ذلك أولى من المنع منه. ولا يكون ذلك إلا بالقيمة. (ح 1727) وقد أقرع النبي - صلى الله عليه وسلم - بين الأعْبُد الستة الذين أعتقهم المريض في مرضه، فميز بالقرعة بين حق العتق وحق الورثة، فأعتق اثنين وأرق أربعة. 10 - باب صفة القسم قال أبو بكر: م 5438 - كان الشافعي يقول: "إذا قسم أرضاً فيها (¬2) أصلٌ أو بناء، أو لا ¬

_ (¬1) وفي الدار "غنائم خيبر". (¬2) "أرضا فيها" ساقط من الدار.

أصل فيها ولا بناء، فإنما يقسمها على القيمة لا على الزرع، فيقومها قِيماً، ثم يقسمها"، وبه قال أبو ثور. وقال أصحاب الرأي: إذا كانت الدار بين رجلين فاقتسماها فيما بينهما مذارعة ذرعها بينهما رجل رضيا به. فإن النعمان قال: هو جائز. وكذلك قسمة قاسم القاضي إذا قسم بين قوم وأقرع بينهم فإن أبا حنيفة (¬1) قال: وهو جائز. وقال أبو حنيفة (¬2): القرعة في القياس لا تستقيم، ولكنا تركنا القياس في ذلك، وأخذنا بالآثار، والسنة. وقال أبو ثور: قال بعض الناس يعني (¬3) النعمان ويعقوب: يُقَوّم البناء والأرضَون بالقيمة، وكذلك النخل، والشجر. فإن قُسم (¬4)، وجعل على ذلك يأخذ دراهم فحسنٌ. وإن جعلت القيمة في الدور، فهو أحب إلى، لأن الدراهم تَبَعٌ وليس من الميراث، فيجعل الفضل في الدور والأرضين. جريب (¬5) بجريبين (¬6)، وذراع بذراعين. ¬

_ (¬1) وفي الدار "فإن النعمان". (¬2) وفي الدار "وقال قائل". (¬3) وفي الدار "بعثني النعمان". (¬4) وفي الدار "فإن جعل". (¬5) "جريب" ساقط من الدار. (¬6) على هامش المخطوطة: الجريب من الأرض معروف،

وقال مالك في الأرض فيها النخل (¬1): تقسم بالقيمة، فيفضل ما كان أقرب للماء (¬2)، لأنه ربما يعذب النخل من الماء وقل الماء، فلم يشرب من النخل إلا ما قرب، يكون هذه التي إلى الماء أقرب مائة نخلة، والتي على إثرها خمسون ومائتان، والتي خلفها [2/ 343/ب] ثلاثمائة، ثم يقسم ذلك بالقيمة. وقال الشافعي: "يحصي (¬3) القاسم أهل القسم ويعلمهم مبلغ حقوقهم، فإن كان فيهم من له سدس، وثلث، ونصف، قسمه على أقل (¬4) السُهمان وهو السدس، فجعل لصاحب السدس سهماً، ولصاحب الثلث سهمين. ولصاحب النصف ثلاثة أسهم، ثم (¬5) قسم الدار ستة أجزاء، ثم كتب أسماء السهمان في رقاع من (¬6) قواطيس صغار، ثم أدرجها في بندق من طين، ثم دور (¬7) البندق، فإذا استوى درجه، ثم ألقاه في حجر رجل لم يحضر البندقة ولا الكتاب، أو حجر صبي أو عبد. ثم جعل السُهمانَ فسماها أولاً، وثانياً، ¬

_ (¬1) وفي الدار "في الأرض والنخل". (¬2) وفي الدار "ما كان قرب الماء". (¬3) وفي الدار "يحضر". (¬4) في الأصل "أولى السهمان"، والتصويب من الدار، والأم. (¬5) "أسهم، ثم" ساقط من الدار. (¬6) "من" ساقط من الدار. (¬7) وفي الدار "دق البندق".

11 - باب الشيء المقسوم يستحق بعضه

وثالثاً، ثم قال: أدخل يدك وأخرج على الأول بندقة واحدة (¬1) فإذا أخرجها فضّها، فإذا خرج اسم صاحبها جعل له السهم الأول، فإن كان صاحب السدس فهو له، ولا شيء له غيره. وإن كان صاحب الثلث فهو له والسهم الذي يليه، وإن كان صاحب النصف، فهو له والسهمان اللذان يليانه، ثم يقال: أدخل يدك فأخرج بندقة على السهم الفارغ الذي يلي ما خرج، إذا خرج فيها اسم، فهو كما وصفت حتى تنفد السهمان". 11 - باب الشيء المقسوم يستحق بعضه قال أبو بكر: م 5439 - واختلفوا في القوم يقسمون الشيء ثم يستحق بعض ما في يد أحدهم. فقالت طائفة: ينتقض القسم، هذا قول الشافعي. قال الشافعي: "ويقال فم في الدين أو الوصية: إن تطوعتم أن تعطوا أهل الدين والوصية أنفذنا القسم بينكم، وإن لم تطوعوا ولم نجد للميت مالاً إلا هذه الدار بعنا منها، ونقضنا القسم". وقد ذكر ابن القاسم مذهب مالك في الرجلين يقتسمان الدار يأخذ أحدهما الربع والآخر ثلاثة أرباعها، فاستحق من الذي قبض ¬

_ (¬1) في الأصل "وأخذه".

12 - مسائل من هذا الكتاب

الربع نصف ما في يده قال: يرجع على الذي أخذ ثلاثة أرباع الدار بقيمة ربع ما في يديه، ولا تنتقض القسمة. فإذا استحق من يد كل واحد منهما جل ما في يديه، فالقسمة تنتقض إذا كان الذي يستحق ضرراَّ لَما يِبقى في يديه ويرجع فيقاسم صاحبه ثانية. وقال أصحاب الرأي: إذا اقتسم الرجلان دارين فأخذ أحدهما داراً، وأخذ الآخر داراً، فهدم [2/ 344/ألف] وأنفق، ثم استحق من الأخرى موضع في حائط، أو مسيل ماء، فإن الذي استحق ذلك من يده بالخيار: إن شاء نقض القسمة كلها وضمنه قيمة ما هدم، وإن شاء لم ينقض القسمة ولم يرجع بشيء، ورضي بما بقي في يديه. قال أبو بكر: تنتقض القسمة في أصح القولين. 12 - مسائل من هذا الكتاب (¬1) قال أبو بكر: م 5440 - إذا قدم الوصي ببينة على الوصية، ولم يحضر خصم وارث ولا غير وارث. ¬

_ (¬1) وفي الدار "هذا الباب".

قُبلتْ بينته، وثبثَتَ وصيتُه. هذا قول أبي ثور. قال: وذلك أن الخصم أكثر حالاته أن يدفع فتقبل عليه البينة، فهو في غيبته كالحاضر يجحد (¬1). قال: وهذا قول مالك، وأبي عبد الله يعني الشافعي أنهما يقضيان على الغائب. قال أبو ثور: قال بعض الناس- يعني النعمان-: إذا لم يحضر خصم وارث للميت، ولاطالب دين، ولا وصية، ولا مطلوب بحق (¬2) للميت قبله، فلا ينبغي للقاضي أن يسمع من بينته، ولا يقضي له بالوصية إليه. م 5441 - وقال أصحاب الرأي: لو أن رجلين اقتسما دارا، فوقع الباب لأحدهما، ووقع قسم الآخر في الناحية الأخرى. وليس له طريق يمر فيه، فإن أبا حنيفة (¬3) قال: إن كان مفتح (¬4): أجزت القسمة وأمرته أن يفتح في ذلك باباً. وإن لم يكن مفتح (¬5): أبطلت القسمة، لأن هذا ضرر، ولا تجوز القسمة عليه. وهذا قياس قول أبي ثور، لأنه يمنع من الضرر، وإدخاله على أى من الشركاء. م 5442 - واختلفوا في العُلوِّ والسُفْل. ¬

_ (¬1) "يجحد" ساقط من الدار. (¬2) وفي الدار "بدين". (¬3) وفي الدار "فان النعمان". (¬4) وفي الدار "مفتاح". (¬5) وفي الدار "مفتاح".

فإن أبو حنيفة يقول: يحسب في القسمة للذي أسفل له ذراع بذراعين من العلو. وقال أبو يوسف: يحسب العلو بالنصف والسفل بالنصف، فينظر: كم جملة ذرع (¬1) كل واحد منهما فيطرح من ذلك النصف. وقال محمد: أقسم ذلك على القيمة قيمة العلو وقيمة السفل. قال أبو بكر: وفي قياس قول الشافعي: لا يجوز للقاسم أن يقسم العلو أو السفل (¬2) على ما ذكره الكوفي إلا برضى من الشريكين، فإن كان على غير رضى فلا يجوز ولا يجوز إلا أن يعطي كل واحد منهما من العلو بقدره، ومن السفل بقدره. قال أبو بكر: م 5443 - وإذا وقع للرجل ساحة من الأرض [لا بناء فيها] (¬3)، ووقع للآخر بناء، فأراد صاحب الساحة أن يبني في ساحته بناء ويرفعه. قال صاحب البناء: تسدُّ عليَّ الريح والشمس فلا أدعك ترفع بناءك. فلصاحب الساحة أن يرفع بناءه ما بدا له، [2/ 344/ب] وليس للآخَرِ أن يمنعه من ذلك لأنه حقُه يصنع فيه ما بدا له. ¬

_ (¬1) "ذرع" سقط من الأصل. (¬2) "أو السفل" ساقط من الدار. (¬3) ما بين المعكوفين من الدار.

وهذا قول النعمان، وصاحبيه، وهو على مذهب الشافعي، وأبي ثور. وبه نقول. قال أبو بكر: م 5444 - وإذا اقتسم رجلان دارا على أحدهما أو جميعاً بالخيار ثلاثة أيام. فالقسمة جائزة في قول النعمان. وكذلك قسمة الحيوان، والعروض، وما يكال، ويوزن. وفي الغنم، والإبل، والبقر، والرقيق في قياس قول أبي حنيفة. وفي قول يعقوب ومحمد: الخيار في ذلك سَنَةً جائزٌ.

101 - كتاب الوكالة

101 - كتاب الوكالة قال أبو بكر: (ح 1728) ثبت الوكالةُ في خبر فاطمة بنت قيس: أنها كانت عند رجل من بني مخزوم، فطلقها ثلاثا وخرج إلى بعض المغازي وأمر وكيلاً أن يعطيها بعض النفقة، فاستقلّتها، فانطلقت إلى إحدى نساء النبي - صلى الله عليه وسلم -، فدخل النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهي عندها، وذكر باقي الحديث. (ح 1729) وفي حديث عروة بن أبي الجعد الباقي "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أعطاه ديناراً يشتري به أضحية أو شاةً، فاشترى به اثنتين، فباع احداهما بدينار، وأتاه بشاة ودينار، فدعا له بالبركة في بيعه، فكان لو اشترى تراباً لربح فيه". قال أبو بكر: ولو احتج محتج في إثبات الوكاله بقول الله عز وجل: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا} الآية: كان مذهباً (¬1)، لأن الحكام الباعثين بالحكمين يجعلون إليهما أمر الزوجين. ¬

_ (¬1) "كان مذهبا" ساقط من الدار.

1 - باب وكالة الحاضر الصحيح البدن

ألا ترى إلى قول ابن عباس: بعثت أنا ومعاوية حكمين. يقال: إن الذي بعثهما عثمان بن عفان رضي الله عنه. م 5445 - وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن للمريض العاجز عن الخروج إلى مجلس الحكم (¬1)، وللغائب عن المصر: أن يوكل كل واحد منهما وكيلاً يطالب له بحقه ويتكلم عنه. 1 - باب وكالة الحاضر الصحيح البدن قال أبو بكر: م 5446 - اختلف أهل العلم في وكالة الحاضر من الرجال والنساء. فقالت طائفة: تقبل الوكالة من الحاضر من الرجال والنساء، في العذر وغير العذر، هذا قول الشافعي. وذكر أن علي بن أبي طالب وكل عند عثمان عبد الله بن جعفر وعلي بن أبي طالب حاضر، فقبل ذلك عثمان. وقد كان يوكل قبل عبد الله بن جعفر عقيل بن أبي طالب. قال أبو بكر: وهذا قول [2/ 345/ألف] ابن أبي ليلى، ويعقوب، ومحمد. ¬

_ (¬1) وفي الدار "مجلس الحاكم".

2 - باب توكيل الرجل والمرأة، والصبي، والعبد

وقال النعمان: لا يقبل ذلك من المقيم بالبلد إلا برضا من خصمه، إلا أن يكون مريضاً. وإن كان غائباً فلا يقبل له وكيل إلا أن تكون غيبته مسيرة ثلاثة أيام فصاعداً، فتقبل منه الوكالة. قال أبو بكر: بالقول الأول أقول، لأنهم كالمجمعين على أن للرجل الحاضر أن يوكل ببيع عبد له أو سلعة، وبشراء ذلك. وإذا جاز عند جميعهم أن يوكل بالبيع والشراء من شاء، جاز أن يوكل بالخصومة وبقبض الدين، لا فرق بين ذلك. 2 - باب (¬1) توكيل الرجل والمرأة، والصبي (¬2)، والعبد م 5447 - واختلفوا في الصبي يُوكَّل بطلب حقوقه. ففي قول الشافعي: لا تجوز وكالة غير البالغ، ولا المعتوه. وقال أصحاب الرأي: وكالة الصبي لا تجوز إلا أن يكون الصبيُّ تاجراً، قد أذن له أبوه في ذلك، فيوكّلَ في شيء من تجارته فهو جائز. م 5448 - وقالوا: إذا وكل الرجل الصبي بالخصومة بعد أن يكون صبياً يعقل، فهو وكيله، فإن قضي عليه بشهادة شهود فهو جائز. م 5449 - وإن كان الصبيُ ليس بابنه، فليس ينبغي له أن يوكله إلا يإذن الأب. ¬

_ (¬1) كلمة "باب" ساقطة من الدار. (¬2) "والصبي" ساقط من الدار.

قال أبو بكر: م 5450 - ويجوز أن يوكل الرجل المرأة، والمرأة توكل (¬1) الرجل. في قول أصحاب الرأي، وهو (¬2) مذهب الشافعي. وبه أقول. م 5451 - [ويوكل المسلم الذمي، والذمي المسلم. في قول الشافعي، وأصحاب الرأي. وبه نقول] (¬3). م 5452 - وكذلك الحر يوكل عبده وعبد غيره بإذن مواليه. في قولهم جميعاً. م 5453 - والمكاتب مثل العبد في ذلك. م 5454 - وإذا وكل الرجل زوجته، ثم طلقها ثلاثاً، فالوكاله على حالها. في قول أصحاب الرأي، وهو قياس قول الشافعي. وله نقول. م 5455 - وإذا وكل عبده أو عبد غيره بإذن مواليه، ثم باع مولى العبد العبد، بان رضي المشتري أن يكون على الوكاله، كان، وإن لم يرض بذلك لم يجبر على الوكاله. م 5456 - وإذا وكل المسلم الحربي المستأمن، أو وكل الحربي المستأمن المسلم، فهو جائز. ¬

_ (¬1) "توكل" ساقط من الدار. (¬2) وفي الدار "وفي مذهب". (¬3) ما بين المعكوفين من الدار.

3 - باب إقرار الوكيل على من وكله به

م 5457 - وإذا وكل الرجلُ الرجلَ في خصومة، ثم ذهب عقل الذي وكل ذهابا دائماً (¬1)، فقد خرج الوكيل من الوكالة. وهذا قولنا وقول أصحاب الرأي. م 5458 - فإن ذهب عقله ساعة، ثم ثاب إليه العقل، أو جن ساعة، ثم أفاق: فقد زالت الوكالة قولنا. وقال أصحاب الرأي: هو على الوكالة. فرقوا بين القليل [2/ 345/ب] والكثير منه، ثم قالوا هما في القياس سواء ولا فرق عندي بينهما. ويلزم الكوفي أن تزول الوكالة إذا ذهب عقله ساعة، ثم أفاق، لأنه ذكر أنه القياس. م 5459 - وقد أجمع أهل العلم على أن الموكل إذا مات أن وكالة الوكيل تنفسخ بموته. م 5460 - وأجمعوا جميعاً على أن نومهما، أو نوم أحدهما لا يبطل الوكالة. 3 - باب إقرار الوكيل على مَن وكله به (¬2) قال أبو بكر: م 5461 - أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن إقرارَ الوكيل الذي ¬

_ (¬1) وفي حاشية الدار "ذهاباً تاماً". (¬2) "به" ساقط من الدار.

4 - باب الوكالة في الحدود والقصاص

جعل إليه الموكِّل أن يقر عليه، جائز. م 5462 - واختلفوا في الرجل يوكل الرجل بخصومة، وأثبت الوكالة عند القاضي، ثم أقر على صاحبه الذي وكله، أن الخصومة التي ادعاها المدعي حق، فكان الشافعي يقول: إقراره باطل، وبه قال ابن أبي ليلى. وفيه قول ثان وهو: أن إقراره لا يجوز عليه إلا عند القاضي، وأما عند غيره فلا يجوز. هذا قول النعمان، ومحمد. وفيه قول ثالث وهو: أن إقراره جائز عند القاضي وغيره، وتُقبل البيّنة عليه بذلك. هذا قول يعقوب. قال أبو بكر: والقول الأول أصح (¬1). 4 - باب الوكالة في الحدود والقصاص قال أبو بكر: م 5463 - واختلفوا في التوكيل بطلب القصاص، والحدود، والسلعة ترد بعيب. فكان النعمان يقول: لا تقبل الوكالة في الحدود، والقصاص، والسلعة ترد بعيب، لأنه لا بد أن يحضر المشتري فيحلف، إذا ادعى الخصم أنه قد رضي. وحكى الشافعي عن النعمان أنه قال في القصاص والحدود: لا تقبل في ذلك وكالة، وبه يأخذ -يعني يعقوب-. ¬

_ (¬1) وفي الدار "صحيح".

5 - باب إثبات الوكالة وليس الخصم بحاضر وغير ذلك

وحكى يعقوب عن النعمان أنه قال: أقبل من الوكيل البينة في الدعوى في الحدود، والقصاص، ولا أقيم الحد، والقصاص حتى يحضر المدعي. وبه قال الشافعي. وكان ابن أبي ليلى يقبل في ذلك الوكالة. ووافق بعض أهل النظر ابن أبي ليلى على مذهبه، وقال: لا فرق بين الحدود والقصاص والديون إلا أن يدّعي (¬1) الخصم أن صاحبه قد عفا، فيوقف عن النظر فيه (¬2) حتى يحضرَ. 5 - باب إثبات الوكالة وليس الخصم بحاضر وغير ذلك قال أبو بكر: م 5464 - واختلفوا في إثبات الوكالة، وليس معه خصمٌ حاضر. ففي قول النعمان: لا تثبت وكالته [2/ 346/ألف]، إلا أن يأتي معه بخصم، وبه قال يعقوب. وفي قول ابن أبي ليلى، والشافعي: تقبل الوكالة وتثبت وإن لم يكن خصمٌ حاضر. قول الشافعي، وابن أبي ليلى أصح. ¬

_ (¬1) وفي الدار "يذكر". (¬2) "فيه" ساقط من الدار.

م 5465 - وأجمع كلُّ مَن نحفظ عنه من أهل العلم على أن الوكيل إذا أراد أن يوكل به غيره، [وقد (¬1) جعل الموكل ذلك إليه في كتاب الوكالة: أن له أن يوكل به غيره]. م 5466 - واختلفوا فيه إن لم يكن جعل ذلك إليه. ففي قول الشافعي والنعمان ويعقوب ليس ذلك له. وفي قول ابن أبي ليلى: له أن يوكل غيره إذا أراد أن يغيب أو مرض، إذا كان صحيحاً حاضراً فلا قال أبو بكر: الأول أصح. م 5467 - وإذا ادعى أنه وكيل لرجل، فصدقه الخصم ودفع إليه مالاً عليه للذي ذكر أنه وكله. فكان ابن أبي ليلى، والشافعي لا يجبرانه على دفع المال إليه. وقال النعمان، ويعقوب: يجبر على دفع المال إليه. قال أبو بكر: قول ابن أبي ليلى أصح (¬2). م 5468 - وإذا وكل الرجل الرجل بكل قليل وكثير. فإن ابن أبي ليلى كان يقول: إذا باع داراً أو غيرها كان جائزاً. ولا يجوز ذلك في قول النعمان (¬3) والشافعي. قال أبو بكر: وهذا أصح، لأنه كلام مجهول لا يوقف (¬4) على معناه. ¬

_ (¬1) ما بين المعكوفين من الدار. (¬2) وفي الدار "صحيح". (¬3) في الأصل "ابن أبي ليلي"، والتصحيح من الدار. (¬4) وفي الدار "لا يوجد".

6 - باب إذا وكله ببيع سلعة فاشتراها من نفسه وغير ذلك

6 - باب إذا وكله ببيع سلعة فاشتراها من (¬1) نفسه وغير ذلك قال أبو بكر: م 5469 - واختلفوا في الرجل يوكّل ببيع سلعة فيبيعها من نفسه. ففى قول مالك، والثوري، والشافعي، والنعمان، وأصحابه: البيع باطل. قال أبو بكر: وكذلك نقول. م 5470 - وقد روينا عن ابن مسعود أنه قال في رجل أوصى إلى رجل بتركته- وقد ترك فرساً- فقال الوصي: اشتريه؟. قال: لا. وكان الشافعي والكوفي يجيزان للأب شراء مال (¬2) ابنه الطفل من نفسه. وقد حُكي عن مالك، وعبيد الله بن الحسن أنهما كانا يجيزان بيع الوصي من نفسه، فيما للأيتام فيه حظ. م 5471 - ولا يجوز في مذهب الشافعي أن يبيع الرجل السلعة التي وكل ببيعها من عبده، ولا من أمته، لأن ذلك بمنزلة بيعه من نفسه. م 5472 - وإذا وكل الرجل ببيع داره، وإجازة عبده رجلين، فباع أحدُهما دون الآخر: فالبيع فاسد في قول الشافعي، والكوفي. وكذلك نقول. ¬

_ (¬1) وفي الدار "فاشتراها هو نفسه". (¬2) "مال" ساقط من الدار.

والأصل في ذلك: قوله عز وجل: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا}. فإن اختلف الحكمان ففرق أحدهما بينهما دون الآخر لم يجز. م 5473 - واختلفوا في الرجل يأمر الرجلين ببيع شيء، فباعاه [2/ 346/ب] بما لا يتغابن الناس بمثله. ففي قول مالك، والشافعي، ويعقوب، ومحمد: إذا باعا وحطا من الثمن مالاً يتغابن الناس بمثله (¬1) فهو باطل. فإن كانت السلعة قائمة ردت وفسخ البيع. م 5474 - وإن كانت مستهلكة ففي قول مالك، والشافعي: على الذي قبض السلعة القيمة. ولا أدري ما يقول الآخران فيه. وقال النعمان: إذا باعا جميعاً بثمن يسير فإنه جائز، وإن باعا بدرهم شيئاً يساوي ألفاً. م 5475 - وقال النعمان: إن وكلهما أن يشتريا له شيئاً، فزاد على الثمن مالاً يتغابن الناس في مثله، فإنه يلزمه (¬2). وقال: البيع والشراء في ذلك مختلف، في قول النعمان. وفي قول يعقوب، ومحمد، هما سواء، لا يجوز على الآمر إلا ما يتغابن الناس في فله. ¬

_ (¬1) "ففي قول مالك .. إلى قوله: الناس بمثله" ساقط من الدار. (¬2) وفي الدار "فإنه لا يلزمه".

7 - مسائل

وهذا قول الشافعي. قال أبو بكر: م 5476 - ولا أعلمهم يختلفون أنه إذا سمى له ثمناً في البيع والشراء، فخالف الوكيل: أن ذلك غير جائز. م 5477 - وإذا وكله ببيع عبد له، فباع نصفه من رجل، ثم باع النصف الآخر من آخر فهو جائز. م 5478 - وإن باع نصفه ولم يبع ما بقي. فإن هذا لا يجوز في قول يعقوب، ومحمد. ويجوز في قول النعمان. قال أبو بكر: لا يجوز شيء من ذلك، لأنه لم يأمره ببيع النصف، إنما أمره ببيع الكل. فإذا باع البعض فالبيع باطل، ولو باع الباقي فالبيع أيضاً باطل، لأنه خالفه في الأول والثاني. ثم ترك النعمان ما قال: فقال: لو أمره أن يشتري له عبداً فاشترى نصفه لم يجز على الآمر. ففرق بين ما لا يفترق بغير حجة. 7 - مسائل قال أبو بكر: م 5479 - وإذا وكل الرجل ببيع سلعةٍ من السلع فباعها بالأغلب من

نقد البلد، دنانير كان أو دراهم، فالبيع جائز، لا أعلمهم يختلفون فيه. م 5480 - فإن باع السلعة بغير الدنانير والدراهم، فقد اختلفوا فيه. فكان الشافعي، ويعقوب، ومحمد، وأبو ثور يقولون: البيع باطل. وقال النعمان: البيع جائز بما باعه به مما يكون ثمناً، أجاز ذلك الموكل أو لم يجز له ذلك. قال أبو بكر: وبالقول الأول أقول. م 5481 - فإن كان وكله بالبيع، فباع بالدنانير أو الدراهم غير أنه باعه بنسيئة. فالبيع في ذلك باطل، على قول مالك، والشافعي، ويعقوب، ومحمد، وأبي ثور. وفي قول النعمان: البيع جائز، أجاز له ما باع به، أو لم يجزه، إذا وكله بالبيع. قال أبو بكر: بقول مالك أقول. م 5482 - وإذا وكل الرجل رجلاً بإجارة عبد له في عمل معلوم، فأجره في غير ذلك [2/ 347/ألف] العمل، أو وكله أن يؤاجره من فلان فآجره من غيره، أو أمره أن يبيعه من فلان فباعه من غيره. فذلك كله باطل غير جائز في قول الشافعي، وأبي ثور. م 5483 - فإن تلف العبد بيد من قبضه منه فالوكيل ضامن لقيمة العبد. وبه قال الشافعي، وأبو ثور.

8 - باب إذا عزل الوكيل وهو لا يعلم وغير ذلك من مسائل

وكذلك قال النعمان وأصحابه، إلا أنهم قالوا: إن أجر الوكيل العبد في غير العمل الذي أذن له فيه المولى أن يؤاجره فيه: ضمن وكان الأجر له، ويتصدق به. قال أبو بكر: وبالقول الأول أقول. 8 - باب إذا عزل الوكيل وهو لا يعلم وغير ذلك من مسائل (¬1) قال أبو بكر: م 5484 - واختلفوا في الرجل يوكل الرجل بالخصومة، ثم عزله عنها بغير علم منه ولا محضره، ثم قضي الوكيل، فجاء ببينة تشهد أنه عزله عن الوكالة غير أنه لم يحضره ولم يعلم به. ففي قول النعمان وأصحابه القضاء ماض نافذ على الوكيل. وقال الثوري، وأحمد، وإسحاق: إذا باع ولم يعلم برجوعه فالبيع جائز، وإن علم برجوع الموكل عن ذلك لم يجز بيعه. وفيه قول ثان وهو: إن الوكالة تنفسخ وإن لم يعلم، ولا يجوز مما قضي عليه ولا بيع (¬2). م 5485 - واختلفوا في الرجل يوكل الرجل بقبض عبد له، وتثبت الوكالة، فادعى العبد العتق، وأقام على ذلك البينة. ¬

_ (¬1) "من مسائل" ساقط من الدار. (¬2) وفي الدار "ولا يباع".

فالذي يجب: أن ينفذ عتقه، ويكون المولى (¬1) على حجة إن كانت له إذا حضر. هذا مذهب من يرى القضاء على الغائب. وقال أصحاب الرأي: لا يدفعه إلى الوكيل، ولا نقضي بالعتق، ولكنا نوقفه (¬2)، لأنه لم يوكله بالخصومة في ذلك، إنما وكله بقبضه. م 5486 - وكذلك لو وكله بإخراج امرأة له، فأقامت المرأة البينة أن زوجها طلق ثلاثاً. م 5487 - وكذلك لو وكله بقبض دار له، فأقام الذي في يده الدار البينة أنه اشتراها من الذي وكله. هذا قول النعمان. م 5488 - قال: ولو وكله بقبض دين له، فأقام الغريم البينة أنه قد أوفاه الطالب، قال أقبل ذلك منه. وقال يعقوب: أوقف ذلك كله: الدين وغيره. قال أبو بكر: والذي أقول به في المرأة: أن يثبت الحاكم بينتها ويحكم بطلاقها، ويجعل الزوج على حجته إذا حضر. ويدع الدار في يد من هي في يده. ويبرئ الغريم من الدين. وكل من له حجة فعلى حجته إذا حضر. ¬

_ (¬1) وفي الدار "ويكون القول على حجة". (¬2) في الأصل "نوافقه" وهذا من الدار.

9 - باب بيع الوكيل سلعة فيها عيب

9 - باب بيع الوكيل سلعة فيها عيب قال أبو بكر: م 5489 - وإذا باع الوكيل عبداً أو سلعة من السلع، فظهر للمشتري فيها عيب (¬1)، [2/ 347/ب] وأقام البينة أن الوكيل باعها وبها ذلك العيب، ولم يبرأ منه إليه، فرد القاضي البيع وألزم الوكيل رد الثمن: لزم الأمر رد الثمن ورجعت السلعة إليه. ولم يلزم المشتري شيء من ذلك، في قول كل من نحفظ عنه من أهل العلم. م 5490 - وإن لم يقم بينة وأراد المشتري يمين الوكيل فلم يحلف، فحلف المشتري، فإنها ترد ويلزم الثمن الآمر. وأصحاب الرأي يلزمون الوكيل رد الثمن بالنكول دون يمين المشتري. قال أبو بكر: م 5491 - وإن كان الوكيل البائع أبرأ المشتري من الثمن، أو وهبه له، أو اشترى به منه متاعاً، أو كان الثمن دنانير فأخذ بها دراهم، أو كانت دراهم أخذا بها دنانير، أو أخره به إلى وقت من الأوقات. فذلك كله باطل لا يجوز، لأنه فعل ذلك فيما لا يملكه، وهو مال قد وجب للآمر الموكل على المشتري، وليس للوكيل فيه شيء، ما فيه فباطل مردود، ولا يجوز من ذلك كله شيء. ¬

_ (¬1) وفي الدار " فطعن المشتري فيها بعيب".

10 - باب الوكالة في شراء ما يجوز وما لا يجوز، ووكالة الوصي

م 5492 - ولا أعلمهم يختلفون في رجل وكل رجلاً بقبض دين له على آخر، فأبرأ الوكيل الغريم من الدين الذي عليه: أن ذلك غير جائز، لأنه لا يملكه. ولا فرق بين هذا وبين ثمن سلعة للموكل على المشتري. وهذا قال يعقوب. وقال النعمان (¬1)، ومحمد: كل ذلك جائز، والوكيل ضامن للثمن. 10 - باب الوكالة في شراء ما يجوز وما لا يجوز، ووكالة الوصي قال أبو بكر: م 5493 - وإذا وكل الرجل الرجل أن يشتري جارية، أو عبداً: فلا يجوز ذلك في قول أصحاب الرأي. قالوا: لأن العبيد، والجواري مختلفون. م 5494 - فإن وكله أن يشتري له عبداً مولداً، أو حبشياً، أو سندياً، أو سمى جنسا من الأجناس، فإن ذلك جائز عندهم، وكذلك الجارية. فإن لم يسم جنسا من الأجناس، وسمى الثمن، فإن ذلك جائز أيضاً. وتسمية الثمن، وتسمية الجنس سواء. م 5496 - إذا وكله بشراء جارية وسمى جنساً وثمناً، فاشتراها له عمياء، أو عوراء، أو مقطوعة اليدين، أو الرجلين، أو إحداهما، أو مقعدة. فإن أبا حنيفة قال في ذلك: هو جائز على الآمر. ¬

_ (¬1) "وقال النعمان" ساقط من الدار.

وفي قول يعقوب، ومحمد: لا يجوز من ذلك العمياء، والمقعدة، والمقطوعة اليدين أو الرجلين. ولا يجوز القطعاء اليد والعوراء إذا اشتراها بمثل ثمنها، أو ما يتغابن الناس فيه. م 5497 - وكان مالك يقول: إذا أمر الرجل الرجل أن يشتري له جارية بأربعين، فيزيد الدينار والدينارين قال مالك: ذلك جائزٌ لازمٌ للآمر. والزيادة عند مالك بقدر ما يرى أنها تكون في تلك السلعة، وفي ذلك الثمن. قال أبو بكر: وقياس قول الشافعي أن الآمر لا يلزمه ذلك، والشراء يلزم الوكيل لأنه خالف ما أمر به الموكل [2/ 348/ألف]. م 5498 - ولو أن الموكل قال- بعد ما اشتراه بزيادة على الثمن الذي أمر به-: قد رضيت به. لم يلزم ذلك عند الشافعي. لأن الشراء لزم الوكيل لما خالف ما أمر به. م 5499 - وإذا وكل وصي الأب وكيلين ببيع أو شراء فاشترى أحد أو باع: لم يجز في قول أصحاب الرأي، والشافعي. وبه نقول. م 5500 - وإذا وكل الأب في مال ابنه الطفل وكيلاً ببيع أو شراء أو غير ذلك، ثم مات الأب: انتُقِضَتْ الوكالة، وليس في هذا اختلاف.

11 - باب الوكالة في بيع عبدين

11 - باب الوكالة في بيع عبدين قال أبو بكر: م 5501 - وإذا وكل الرجل الرجل ببيع عبدين له بألف درهم، فباع أحدهما بأربعمائة درهم. فالبيع باطل، لأنه لم يبعهما بألف درهم كما أمره به. وقال النعمان، وأصحابه: إن كان الأربعمائة حصته من الألف فالبيع جائز، وإن كان أقل من ذلك لم يجز البيع. م 5502 - وإن لم يكن سمى له ثمناً، فباعه بأقل من الثمن الذي يساوي: فهو جائز- في قول النعمان- وإن باعه بدرهم. ولا يجوز في قول أبي يوسف، ومحمد إلا أن يبيعه بما يبيع به الناس. قال أبو بكر: وهذا أصح. 11 - باب الوكالة في بيع الخمر، والخنزير، ومسائل قال أبو بكر: م 5503 - وإذا وكل المسلم الذمي ببيع خمر، أو خنزير، أو وكل الذمي المسلم ببيع خمر أو خنزير: فإن الوكالة في ذلك كله غير جائزة، لأن الخمر والخنزير لا يجوز بيعهما، ولا شراؤهما، ولا تنعقد الوكالة في شيء من ذلك، لأنه حرام على المسلمين.

وقال النعمان: إذا وكل الذمى المسلم ببيع خمر أو خترير، فباعه من ذمي فإنه لا يجوز من قبل أن المسلم هو ولي بيعه. قال أبو بكر: 5504 - ولو كان الآمر مسلماً، والمأمور ذمياً، والمشتري ذمياً، جاز البيع وكانت العهدة على الأمور ويرجع بها على الآمر، في قول النعمان. وقال يعقوب، ومحمد: لا يجوز البيع لأن الخمر للآمر المسلم. م 5505 - وإذا وكل الرجل صبياً لم يبلغ، أو محجوراً عليه في بيع أو شراء، فباع أيهما باع منهما أو اشترى، فالشراء لا يجوز ولا البيع. م 5506 - وإن وكل الرجل عبدا له بالبيع والشراء، فبيعه وشراؤه جائز. م 5507 - وإن وكل عبدا لغيره بأن يبيع ويشتري، فإن كان أذن له مولاه في ذلك فبيعه وشراؤه جائز. وإن لم يكن ذلك باذن سيده، لم يجز بيعه ولا شراؤه، لأنه في أكثر من حال المحجور عليه. م 5508 - وقال أصحاب الرأي: إذا وكل صبياً بالبيع والشراء وكان ذلك بإذن أبيه فهو جائز. قال أبو بكر: ولا يجوز ذلك عندي. قال أبو بكر: 5509 - وإذا وكل الرجل وكيلا ببيع أو شراء، فالوكيل مؤتمن، فإن هلكت السلعة عنده فلا [2/ 348/ب] ضمان عليه، ولو غصب ما في يديه غاصب فكذلك. م 5510 - فإن كان الموكل وكله بقبض الثمن فله أن يقبض الثمن، فإن هلك الثمن عنده فلا شيء عليه.

13 - باب اختلاف الوكيل والموكل في الثمن ومسائل

وإن لم يكن جعل عليه قبض الثمن، فقبض الثمن، فتلف عنده، فهو ضامن، لأنه تعدى فقبض ما ليس له أن يقبضه، ولا يبرأ المشتري من الثمن، وللموكل أن يطالب المشتري بالثمن إذا ثبتت البينة أن السلعة للموكل. م 5511 - فإن ادعى المشتري أنه جعل قبض الثمن إلى الوكيل حلف، ولم يبرأ المشتري من الثمن حيث دفعه إلى مَنْ لم يؤمرْ بدفعه إليه. 13 - باب اختلاف الوكيل والموكل في الثمن ومسائل (¬1) قال أبو بكر: م 5512 - وإذا وكل رجل رجلاً ببيع عبد له، فقال الوكيل: أمرتني أن أبيعه بخمسمائة درهم. وقال الموكل: ما أمرتك أن تبيعه إلا بألف. فالقول قول الموكل مع يمينه إذا لم تكن بينة تشهد على ما ذكره أحدهما، وهذا على مذهب الشافعي، وأصحاب الرأي. وقال ابن القاسم: إن باع السلعة بعشرة وادعى الوكيل ذلك، وقال الآخر: ما أمرتك إلا بأحد عشر أو أكثر، قال مالك: إن ادركت السلعة حلف الآمر، وكان القول قوله. وإن فاتت حلف المأمور أنه أمره بذلك، ولا شيءَ عليه. ¬

_ (¬1) "ومسائل" ساقط من الدار.

قال أبو بكر: القول الأول صحيح، ولا أعلم مع مالك (¬1) حجةً فيما ذكروا (¬2). م 5513 - وإذا وكل رجل رجلاً ببيع عبد له، فقال الموكل: قد أخرجتك من الوكالة، وقال الوكيل: قد بعته أمس، فإن ثبتت بينة أنه باعه أمس كما ذكر ثبت البيع، وإن لم يكن له بينة لم يجز البيع، لأنه ادعى بعد أن عزل عن الوكالة أنه باعه فلا تقبل دعواه. م 5514 - وإذا أمره بيع العبد، وأمره بالإشهاد على البيع، فباع ولم يشهد، فالبيع جائز، في قول أصحاب الرأي، وهو قياس قول الشافعي- إذا كان البيع بالنقد- لأن الإشهاد عندهم ليس بفرض، وهو نَدْب. م 5515 - وإن وكله أن يبيعه برهن فباعه بغير رهن. فالبيع فاسدٌ في قول الشافعي، وقولهم. وبه نقول. م 5516 - وكذلك إذا وكله أن يبيعه بنسيئة بكفيل، فباعه بغير كفيل: فالبيع باطلٌ في قولهم جميعاً. وكذلك نقول ¬

_ (¬1) وفي الدار "مع ذلك". (¬2) وفي الدار "فيما ذكرناه".

م 5517 - وإذا اختلف الموكل [2/ 349/ألف] والوكيل في الرهن والكفيل، فقال الوكيل: لم تأمرني برهن ولا كفيل. وقال الموكل: بل أمرتك بذلك. فالقول قول الموكل مع يمينه ويفسخ البيع. م 5518 - وإذا أمره أن يبيعه من رجل، فباعه من رجل آخر: لم يجز البيع في قولهم جميعاً. وبه نقول. م 5519 - وإذا باعه من ذلك الرجل ومن آخَرَ. جاز ذلك النصف لذلك الرجل، ولا يجوز النصف الآخر في قياس قول أبي حنيفة (¬1). ولا يجوز في قول يعقوب، ومحمدٍ. وكذلك نقول. م 5520 - وإذا وكله ببيع عبد له، فباعه من رجل لم يره، ووصفه له، ففي هذه المسألة أقاويل. أحدها: أن البيع جائز، وللمشتري خيارُ الرؤية، هذا قول أصحاب الرأي. والقول الثاني: أن البيع فاسد، هذا آخر (¬2) قولَيْ الشافعي، وبه يقول أكثر أصحابه. والقول الثالث: أن البيع جائز، فإن وجد المشتري العبدَ كما وصف له ¬

_ (¬1) وفي الدر "قول النعمان" (¬2) وفي الدار "هذا أحد".

فلا خيارَ له، وإن لم يجده كما وصف له فهو بالخيار، هذا حفظي عن أبي ثور أنه قال ذلك. وهذا أصح، لأنه بيع جائز، لدخوله في جملة قوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا}. ولأنهم كلَّهم أجازوا البيع، بالصفة في باب السلم، فلزمهم ذلك فيما كان مثله والله أعلم. وللشافعي قول ثانٍ يوافق أهل الكوفة. م 5521 - وإذا وكل الرجل الرجل يبيع عبد له، فباعه من ابن الآمر، أو من أبيه، أو من أمه، أو من أخته، أو من زوجته، أو من خالته، أو من عمته: فالبيع جائز، ولا أعلمهم يختلفونَ فيه. م 5522 - واختلفوا فيه إن باعه من عبد الآمر. ففي قول الشافعي، والكوفي: البيع باطل، إلا أن يكون على العبد دينٌ فإنه يجوز [بيعه] (¬1) في قول النعمان، وأصحابه، وإن لم يكن عليه دينٌ فإنه لا يجوز. وفي قول مالك: بيعه من عبد الآمر جائز، كان عليه دين أو لم يكن، لأنه يرى أن العبيد يملكون. والشافعي، والكوفي لا يريان للعبيد ملكاً. 5523 - وإذا وكل الرجل رجلاً ببيع عبد له ودفع العبد إليه. فقال الوكيل: ¬

_ (¬1) ما بين المعكوفين من الدار.

قد بعته من فلان وقبضت منه الثمن، وسلمت العبد إليه وهلك والثمن مني، وادعى ذلك المشتري. فالقول قول الوكيل مع يمينه، في قول أصحاب الرأي. وقال الشافعي- "في كتاب الصرف"-: إذا وكله ببيع طعام له، فهو بنقد لا بدين فإن قال: قد بعته وهلك الثمن، أو: هرب المشتري، فصدقه البائع: فهو كما قال. وإن كذبه فعليه البينة أنه باعه". م 5524 - وإذا وكل الرجل الرجل ببيع عبد له، ثم إن الموكل باع العبد، أَوْ دبره أو وهبه، وأقبضه الموهوب له، أو كاتبه، أو تصدق به وقبض منه، أو أجَّره، أو كانت أمة فوطئها فولدت منه أم لم تلد. فإن ذلك كله نقض للوكالة ما خلا الوطء إذا لم تلد، وما خلا الإجارة، والرهن، وكذلك الخدمة لا تنقُضُ الوكالة. هذا قول أصحاب الرأي. قال أبو بكر: التدبير لا ينقض الوكالة، لأن بيع المدبر جائز. وقد بينته في كتاب المدبر. وكذلك الإجارة والوطء: إذا لم تحمل أو تلد. وكذلك الخدمة. وأما البيع، والهبة إذا أقبضها الموهوب له، والكتابة، والصدقة المقبوضة، والرهن المقبوض. إذا فعل -أي ذلك فعل- فقد نقض الوكالةَ.

14 - باب الرجلين يوكل كل واحد منهما رجلا بعينه ببيع عبد له

14 - باب الرجلين يوكل كلُّ واحد منهما رجلا بعينه ببيع عبد له قال أبو بكر: م 5525 - وإذا وكل رجل رجلاً ببيع عبد له، ووكله آخر ببيع عبد له آخر، فباعهما هذا الوكيل صفقة واحدة من رجل بثمن واحد. فالبيع جائز في قول الكوفي، ويكون لكل واحد منهما من الثمن بحصة عبده. وفي قول الشافعي: ينبغي أن يكون البيع فاسدا، لأنه باع عبد كل واحد منهما بثمن غير معلوم عند البيع حتى يقومان (¬1)، ولم يوكل بذلك. م 5526 - فإن باع واحداً منهما من رجل أو رجلين بثمن مسمى، فالبيع جائز فيها، في قولهم جميعاً. م 5527 - فإذا باع سيد أحد العبدين العبد بيعاً فاسداً، فالوكيل على وكالته. فإن باعه الوكيل- بعد بيع المولى البيع الفاسد- بيعا صحيحاً، فهو جائز، لأن ملك الموكل على العبد قائمٌ وقت باع الوكيل. م 5528 - فإن باع الوكيل العبد بيعاً فاسداً وسلمه إلى المشتري، ثم تلِف العبد في يد المشتري: فللسيد أن يُضمِّن الوكيل، لتعديه ¬

_ (¬1) "حتى يقومان" ساقط من الدار.

15 - باب الرجل يوكل الرجلين ببيع عبده كل واحد منهما وكله ببيعة على حدة

ولدفعه إلى من لم يؤمر بدفعه إليه، لأنَّ بيعه كان بيعا فاسداً، ولم يُؤذن له أن يسلمه إلى غير مُستحِقّه (¬1). والحمد لله رب العالمين، وصلى على سيدنا محمد النبي- صلى الله عليه وسلم - وآله الطاهرين (¬2). 15 - باب (¬3) الرجل يوكل الرجلين ببيع عبده كل واحد منهما وكله ببيعة على حدة قال أبو بكر: م 5529 - إذا وكل رجل ببيع عبده رجلاً، ووكل آخر ببيع ذلك العبد: فأيهما باع منهما فبيعه جائز، في قول الشافعي. م 5530 - فإن باعه أحدا من رجل وباعه الآخر من آخر، فإن علم بيع الأول منهما فهو جائز، وبيع الثاني باطل. هكذا قال الشافعي، وأصحاب الرأي في المسألتين جميعاً. وبه نقول. م 5531 - واختلفوا فيه إن لم يعلم الأول منهما. ففي قول أصحاب الرأي: يقال لكل واحد منهما: إن شئت أن تأخذ نصفه بنصف الثمن، فخذ، وإن شئت فدعه. ¬

_ (¬1) إلى هنا تنتهي مخطوطة الأصل من كتاب الوكالة، ثم تبتدئ بأول كتاب الغصب، بخط متغاير تماماً. (¬2) وجاء في آخره: ثم ملكه فقيرُ رحمة ربه الرحيم محمد بن عبد الله بن إبراهيم العدني الرامهرمزي الشافعي ختم الله تعالى له بخير ولطف، وذلك في اثنين وعشرين من شوال سنة أربع وأربعين وخمسمائة، حسبنا الله ونعم الوكيل. (¬3) تفردت نسخة الدار بهذه الأبواب الآتية من كتاب الوكالة.

قال أبو بكر: وهذا قول فاسدٌ من غير وجه. أحدهما: أنه أعطى أحدها ما لا يستحقُه، ومنع الآخر حقاً يجب له إن كان بيع أحدهما قبل بيع [215/ألف- الدار] الآخر. فإن كانت الصفقتان وقعتا في وقت واحد، فلا حقَّ لكل واحد منهما، لأن بيعهما فاسد. ويفسُدُ الذي فعلوه من وجه ثالث: وهو أنهم حكموا وتقدموا على أمر بغير علم. (ح 1730) وقد وجد - صلى الله عليه وسلم - تمرة، وقال: "لولا أني أخشى أن تكون من الصدقة لأكلتها". فوقف عن أكلها لما احتمل أمرها مَعْنَيينٍ. وقد تقدم أصحاب الرأي في هذه المسألة على أمر لا شك أنه خطأ، لأن من المحال أن يكون لكل واحد منهما نصفه في شيء من الوجوه التي ذكرناها. قال أبو بكر: والذي به أقول: إن البيعتين فاسدتان لأن ملك الموكل على العبد ثابت قبل أن يوكلهما بالبيع. فلما عقد كل واحد منهما البيع في العبد. احتمل أن يكون ذلك في وقت واحد. وإذا احتمل ذلك لم يزل ملكه عما كان يملك يقينا لا يقين مثله. قال أبو بكر: وسواء كان هذا العبد في يد أحد الوكيلين أو أحد المشترين، أو كان في يد الوكل إذا تقاروا على ما ذكرت. م 5532 - وإذا وكل رجل وكيلا ببيع عبد له، فأراد الوكل قبض ثمن عبده من المشتري، فله قبض ذلك إذا علم المشتري أن الثمن له، وإن لم يعلم بذلك وثبتت البينة بأنه الموكل ببيع الحد، فله قبض الثمن.

16 - باب اختلاف من القول

م 5533 - وليس للموكل أن يقبض الثمن من المشتري إلا أن يوكل الموكل بقبض الثمن، وهذا على مذهب الشافعي. وقال أصحاب الرأي: ليس للموكل قبض الثمن من المشتري إلا أن يوكله الوكيل بذلك، لأنه هو ولي البيع. ثم نقضوا ذلك بعد ما منعوا منه فقالوا: ولو دفع المشتري ثمن العبد إلى المولى برئَ منه. فمنعوا من دفع الثمن إليه إلا بوكالة، ثم أجازوا ذلك بغير وكالة من الوكيل البائع. وقالوا. إن أقر الوكيل أن العبد وثمنه للآمر وأنه وكله ببيعه، ثم غاب الوكيل: لم يكن لرب العبد أن يقبض الثمن، ولا تقبل منه البينة على ذلك. قال أبو بكر: وهذا مع قولهم: إن دفع الثمن إلى الموكل بَرِئَ المشتري. 16 - باب اختلاف من القول قال أبو بكر: م 5534 - وإذا وكله ببيع عبد له فباعه، وافترقا، ثم حط الوكيل عن المشتري [215/ب- الدار] من ثمنه، أو وهبه له، أو صالحه على عيب به. فذلك غير جائز، والثمن لازم للمشتري، ويناظر في العيب إن شاء، وفي قول أصحاب الرأي: كل ذلك جائز على الوكيل، ويضمن ما حط.

17 - باب الوكالة في بيع العروض

17 - باب الوكالة في بيع العروض قال أبو بكر: م 5535 - وإذا وكل الرجل ببيع عدل (¬1) زُطِّي فباعه، وقبضه المشتري، ثم رده على البائع بعيب كان فيه وقت باعه، وذكر أنه لم يره، فله رده على الوكيل بعد أن يحلف ما رآه. وسواء رده بقضاء قاض، أو بغير قضاء قاض. وهذا لازم للوكيل أن يرد عليه ويلزم ذلك الآمر. م 5536 - وإذا وكله ببيع عدل زطي، أو جراب هروي، فباعه الوكيل ثوباً ثوباً، أو باعه جملة. فهو جائز، ولا ضمان على الوكيل فيه، وإن نوى من الثمن فلا ضمان على الوكيل فيه في قول أصحاب الرأي. قال أبو بكر: والذي أقول به: إن الموكل إن كان أمره ببيع العدل، أو الجراب صفقة واحدة فباعه مفترقاً: فالبيع فاسد، والوكيل (¬2) متعد. وإذا تعدى وخرج من باب الأمانة انفسخت وكالته، ولم يجز له بيع شيء منه، فإن كان باعه على الفساد الذي ذكرناه بعض ¬

_ (¬1) في الأصل: ببيع عبد له زطي. وهو تصحيف، والتصويب من المبسوط، والمراد: ربطه من مجموعة من الثياب. (¬2) كلمة "الوكيل" تكررت في الأصل.

الثمن أو بعض الثياب: فهو ضامنٌ لجميع ذلك. م 5537 - ولو باع ثوباً واحداً منه ولم يبع سوى ذلك كان جائزاً في قول النعمان. ولا يجوز في قول يعقوب. إذا كان ذلك يضرب بالجراب، فإنه لا يجوز. قال أبو بكر: وسواء أضر ذلك بالجراب أو لم يَضُرَّ به، لا يجوز إذا أمر الموكل ببيع شيء جملة صفقة واحدة، أن يفرق فيباع ثوباً ثوبا. وقال يعقوب، ومحمد: إن لم يضر ذلك بالجراب، فهو جائز. م 5538 - وفرق أصحاب الرأي بين أن يوكل ببيع حنطة، أو شعير، أو شيء ما يكال أو يوزن، وبين أن يوكل ببيع دار أو عبد. فقالوا في الحنطة، والشعير: إن باع بعضه فهو جائز. ولا يجوز عندهم بيع بعض الدار أو العبد وأفسدوا بيع بعضه وأجازوا بيع الكل، ولا فرق بين شيء من ذلك. م 5539 - واختلفوا في الرجل يوكل الرجل ببيع عدل زطي [216/ألف-الدار] بألف درهم فباعه الوكيل بنسيئة. ففي قول أصحاب الرأي: البيع جائز. وفي قول الثوري، والشافعي، وأحمد: البيع باطل إذا لم يكن أذن له الموكل بذلك. وبه نقول. قال أبو بكر: م 5540 - وإذا وكل الرجل بأن يبيع له عدلاً زطياً دفعه إليه، فعمد الوكيل إلى العدل فدفعه إلى القصار فقصره: فهو ضامن لما هلك منه عند

القصار لتعدّيه، فإن رجع المتاع إلى يد الوكيل فقد برئ من الضمان في قول أصحاب الرأي. ولا يبرأ من الضمان على مذهب الشافعي، حتى يصل المال إلى المال، أو وكيله. وبه أقول. وليس للوكيل من أجرة القصار شيء، لأنه متطوع. م 5541 - وإذا وكل رجل رجلاً ببيع جراب هروي، فقطعه قمصاً وخاطها، أو أقبية فخاطها وحشاها، أو بطن، أو خاطها. فهو ضامن لقيمة ذلك، ويكون المتاع له لأنه خالف، هذا قول أصحاب الرأي. وفي قول الشافعي: له أن يأخذ القمص والأقبية. وإن كان نقص الثياب الخياطة والقطع، فعلى الوكيل ما نقصه، وإن كان حشاها قطناً وبطنها ببطائن من عنده أخذ البطائن والقطن، وسلم الثياب إلى الموكل، وعليه قيمة ما نقص الثياب، ولا يملك شيئاً من الثياب بتعديه فيه. وبه نقول. م 5542 - وإذا وكله فقال: بع هذا المتاع بيعاً فاسداً. فباعه الوكيل بيعاً صحيحاً. فالبيع باطل لأنه لم يوكله وكالة صحيحة. وقال يعقوب: أدع القياس وأستحسن في ذلك أن أجيز البيع. وقال محمد: لا يجوز البيع.

18 - باب الوكالة في الشراء

18 - باب الوكالة في الشراء قال أبو بكر: م 5543 - وإذا وكل رجل رجلاً يشتري له عبداً بعينه، وقبل الوكيل الوكالة، ثم خرج الوكيل من عند الموكل، وأشهد أنه يشتري العبد لنفسه، ثم اشترى الوكيل العبد. فالشراء للوكيل. وإذا كانوا يقولون: إذا أمره أن يشتري العبد بمائة فاشتراه بمائة وخمسين أن ذلك لا يكون للآمر لأنه خالفه، وكذلك إذا اشتراه لنفسه [216/ب-الدار] فلا يكون للآمر لأنه خالفه. وقال أصحاب الرأي: العبد للموكل الآمر، ولا يستطيع الوكيل أن يخرج من تلك الوكاله إلا بمحضر من الموكل. قال أبو بكر: لا أعلم حجة تدل على أن الوكيل لا يقدر على أن يخرج من الوكاله إلا بمحضر من الموكل. م 5544 - وإن أمره أن يشتري عبداً بألف درهم فاشتراه بأقل من ألف درهم، فالشراء جائز لأنه زاده خيراً. وهكذا قال أصحاب الرأي. وكذلك نقول. م 5545 - وإن أمره أن يشتري له عبداً فاشتراه بعرض من العروض لم يكن أذن له فيه الموكل. فالشراء للوكيل.

ولا يجوز أن يشتري العبد للآمر إلا بالأغلب من نقد البلد: الدنانير والدراهم هذا على مذهب الشافعي، وأصحاب الرأي. وبه نقول. م 5546 - ولو أمره أن يشتري له عبداً بعينه، والوكيل ابن ذلك العبد، أو أبوه، أو أخوه، فاشترى، فهو جائز. وهو للآمر، ولا يضره أن يكون له ابن أو أب (¬1)، وهذا على مذهب أصحاب الرأي. وبه نقول. م 5547 - وإذا وكل رجل رجلاً أن يشتريَ كُرَّ حِنطة من العراق، فاشتراها واستأجر إِبِلاً فحمله عليها. فليس على الموكل من الكراء شيء، لأن الوكيل تطوع بإخراج الكراء. وقال أصحاب الرأي: لا يجوز الكراء على الآمر في القياس. ولكننا نستحسن فنجيزُه. م 5548 - ولو قال الآمر للوكيل: استأجرْ عليّ الكُرَّ بدينار، فاستأجر عليه بدينارين: لم يكن على الآمر شيءٌ لأنه خالف. وهذا قول أصحاب الرأي. م 5549 - وإذا وكل رجل رجلاً فقال: اشتر عبد فلان فقال: نعم، ثم وكله أخوه أن يشتريه له، فاشتراه الوكيل وأشهد أنه للآخر. فالشراء للذي نوى الشراء له منهما. ¬

_ (¬1) في الأصل: ابن أو ابن.

19 - باب ذكر الوكالة في الصرف

م 5550 - ولو لم يشتره لهما، واشتراه لثالث، أو لنفسه، فالشراء لمن نوى الشراء له دون الآخر. وقال أصحاب الرأي: هو للأول، ولا يستطيع الوكيل أن يخرج من الوكالة لنفسه ولا لغيره إلا بمحضر من الأول. م 5551 - وقال أصحاب الرأي: إن أمره أن يشتري له جارية بعينها، فقال: نعم، فاشتراها الوكيل لنفسه: فهي للآمر، فإن وطئها الوكيل وولدت منه، فإنه يدرأ عنه [217/ألف-الدار] الحدُّ، وتكون الجارية وولدها للآمر، ولا يثبت نسب الولد. قال أبو بكر: النسب ثابت منه وتكون أم ولد للوكيل، لأنه اشتراها لنفسه. 19 - باب ذكر الوكالة في الصَّرف قال أبو بكر: م 5552 - أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن الوكالة في الصرف جائزة. فلو وكل رجل رجلاً يصرف له دراهم، ووكل آخر يصرف له دنانير فالتقيا وتصارفا صرفا ناجزاً: أن ذلك جائز وإن لم يحضر الموكلان أو أحدهما. م 5553 - وإذا وكل الرجل الرجلين بدراهم يصرفانها، فليس لأحدهما أن يصرف ذلك دون صاحبه، فإن صرفاها جميعاً فهو

جائز، فإن قام أحدهما من المجلس الذي تصارفا فيه ومضى قبل أن يتصارفوا، فإن الصرف ينتقض. (ح 1731) لأن النبي- صلى الله عليه وسلم - قال: "الفضة بالذهب رباً إلا هاء وهاء. وقال أصحاب الرأي: إن قام أحد قبل أن يقبضا فقد انتقضت حصة الذي ذهب وهي النصف، وحصة الباقي جائزة. قال أبو بكر: لم يجعل الموكل إلى أحد شيئاً دون الآخر، ولا يجوز أمر أحدهما دون الآخر، ولهذا أصل من كتاب الله تعالى قال الله عز وجل: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا} ولا يجوز لأحد الحكمين أمر إلا مع صاحبه. قال ابن عباس: بعثت أنا ومعاوية حكمين، فقيل لنا: إن رأيتما أن تجمعا جمعتما، وإن رأيتما أن تفرقا فرقتما. قال أبو بكر:

م 5554 - وإن الوكيلين وكلا رب المال بقبض الدنانير، فقبض ذلك رب المال الموكل، انتقض الصرف، لأن الذي يلي قبض الشيء الوكيلان دون رب المال، لأنهما وليا عقد الصرف. وهذا على مذهب الشافعي، وأصحاب الرأي. وبه نقول. م 5555 - وإذا وكل رجل رجلاً يشتري له عبداً، فاشترى له وافترقا، ثم قتل العبد عند البائع قبل أن يقبضه الوكيل، ففي هذه المسألة أقاويل: أحدهما: أن الوكيل بالخيار: إن شاء فسخ البيع وردّه ولا يضمن شيئاً، وإن شاء أجاز البيع، وكانت القيمة له خاصة دون الآمر، إلا أن يشاء الآمر [217/ب-الدار] أخذ القيمة فيكون ذلك له. هذا قول أصحاب الرأي. والقول الثاني: أن البيع ينفسخ ويكون من مال البائع، ويطالب البائع العامل بقيمة عبده. هذا قول الشافعي. والقول الثالث -وهو أصح الأقاويل-: أن البيع لا ثم بإفتراقهما على مقامهما الذي تبايعا فيه العبد، فالعبد للمشترى له. والدليل على أن العبد له: أن المشترى له العبد لو أوقع العتق عليه قبل أن يقتل كان حراً، لا أعلم فيه اختلافاً. ففى إجازتهم عتقه (دليل) (¬1) على أنه أعتق عبداً ملكه على البائع وتم الملك له. ¬

_ (¬1) الزيادة لإستقامة الكلام.

20 - باب الوكالة في السلم

وإذا جاز عتقه، لأنه مالك له، كانت له على القاتل القيمة، لأنه أتلف عليه ملكه. وهذا على مذهب أحمد، وإسحاق، وأبي ثور. وقد ثبت أن [ابن] (¬1) عمر رضي الله عنهما قال: "ما أدركت الصفقة حياً مجموعاً فهو من مال المشتري". 20 - باب الوكالة في السلم قال أبو بكر: م 5556 - وإذا وكل رجل رجلاً يسلم له عشرة دراهم في حنطة، فأسلمها إليه سلماً صحيحاً، فهو جائز. م 5557 - وللوكيل (¬2) أن يقبض الطعام إذا حل إن كان الآمر وكله بذلك، وإن لم يكن أمره بذلك لم يقبضه، وعلى المسلم إليه أن المسلم وكيل الآمر، فعليه تسليمه إلى الآمر إن طلبه منه. وقال أصحاب الرأي: للوكيل أن يقبض الطعام إذا حل. ومتى أقام الآمر البينة على ما أسلم فيه وكيله له، فله قبض ذلك من المسلم إليه، وإن علم المسلم إليه أن المسلم وكيل الآمر لم ¬

_ (¬1) في الأصل "أن عمر" والصحيح ما أثبته. (¬2) في الأصل: "وله وكيل" وهذا تصحيف.

يجز دفع ذلك إليه، إلا أن يكون الآمر قد جعل للوكيل قبض الشيء من المسلم إليه. م 5558 - وإذا حل السلم (¬1) فأنظر الوكيل المسلم بالطعام فالنظرة غير جائزة، لأنه لا يملك من ذلك شيئاً، والأمر فيه إلى الموكل. وكذلك لو أبرأه، أو وهبه له. وكذلك إن أقاله منه فالإقالة فاسدة؛ لأن ذلك لم يجعل إليه، وليس له أن يقيل فيما ليس له. وقال النعمان، ومحمد: ذلك من فعل وكيل جائز كله. وهو ضامن لرب الطعام طعاماً مثل طعامه، لأن الطعام قد وجب للآمر. وقال يعقوب: لا يجوز إبراء الوكيل ولا هبته، ولا متاركته (¬2)، ولا [218/ألف-الدار] تأخيره. وللموكل (¬3) أن يرجع بطعامه، أستحسن ذلك وأدع القياس. م 5559 - وإذا وكل الرجل الرجل أن يسلم له دراهم في حنطة، ودفعها إليه، فأسلمها إليه، ولم يشهد على المسلم إليه بقبض المال والسلم، ثم جاء المسلم إليه بردهم يرده، وقال: وجدته زائفاً. ففي قول أصحاب الرأي: هو مصدق ويقضى به على الوكيل، فيبدله، ويرجع به الوكيل على الموكل. وكذلك لو لم يقض به عليه، ولكن الوكيل قبله منه بغير قضاء قاض بعد ألا يكون المسلم إليه أقر بالإستيفاء. ¬

_ (¬1) في الأصل "وإذا حلم المسلم" والمراد: إذا حل الأجل في المسلم. (¬2) في الأصل "ولا مشاركته". (¬3) في الأصل "وللوكيل".

21 - باب الوكالة في الدين

وذلك لو وجد درهمين. م 5560 - وإذا وجد النصف زيوفاً رد ذلك، وبطل من السلم بحساب ذلك، في قول النعمان. وفي قول يعقوب، ومحمد: يستبدلها كلها، إذا كانت زيوفاً استبدلها. وإن كان قد أشهد عليه أنه قد استوفى رأس مال المسلم: لم يصدق المسلم إليه على الدراهم الزيوف، ولم تقبل منه البيّنة على ذلك، ولم يكن له على الوكيل يمين. 21 - باب الوكالة في الدين قال أبو بكر: م 5561 - وإذا وكل رجل رجلين بقبض دينه. فليس لأحدهما أن يقبض ذلك دون الآخر. فإن قبض أحدهما دون الآخر لم يبرأ الغريم من شيء من ذلك في قولنا. وقول أصحاب الرأي، وهذا قياس قول الشافعي. م 5562 - وإذا وكل رجلاً بدينه ولم يقل بقبضه. فهذه وكالة مجهولة، لا يكون وكيلاً في قبضه حتى يسمى ذلك الموكل. وقال أصحاب الرأي: هو وكيل في قبضه. قالوا: يستحسن ذلك.

م 5563 - وإن وكله بقبض دين له فأبى الوكيل قبول الوكالة، ثم ذهب فقبض ديناً. فإن الدين على الغريم لا يبرأ منه؛ لأنه لما رد الوكالة بطل أن يكون وكيلاً حتى يجدد له الموكل التوكيل. وللغريم أن يرجع على من قبض منه الشيء، لأنه ليس بوكيل. وهذا قول أصحاب الرأي. وبه نقول. م 5564 - وإذا وكله بقبض دين له على زيد: فليس له أن يقبض من غير زيد من سائر غرمائه شيئاً، فإن دفع إليه غير زيد ديناً لم يبرأ منه. وكذلك قال أصحاب الرأي. م 5565 - واختلفوا في الوكيل يأخذ كفيلاً بالمال. فقالت طائفة: له أن يأخذ الكفيل بالمال [218/ب-الدار] ويطالب الغريم الأول على ما كان يطالبه حتى يقبض المال من أحدهما. وهذا قول جماعة، وهو قول الشافعي، وأصحاب الرأي. وكان أبو ثور يرى أن الكفالة مثل الحوالة. وقال: لا يجوز أن يطالب رجل بألف درهم على رجلين، يطالب كل واحد منهما بألف. م 5566 - وإذا وكله بكل قليل وكثير. فهو جائز في قول ابن أبي ليلى، وله أن يبيع. والوكالة على هذا عند الشافعي غير جائزة.

وقال أصحاب الرأي: هو وكيل في الحفظ، وليس بوكيل في تقاض، ولا بيع، ولا شراء، ولا إجارة. قال أبو بكر: قول الشافعي صحيح. م 5567 - وإذا وكل الذمي بتقاضي خمر له على ذمي ويقبضها: انه حرام على المسلم قبض ذلك، لأن الله عَزَّ وَجَلَّ حرم الخمر. (ح 1732) "ولعن النبي - صلى الله عليه وسلم - الخمر وعاصرها، ومعتصرها، وحاملها، والمحمولة إليه، وشاربها وبائعها، ومبتاعها، وساقيها، ومسقاها". وقد ذكرت إسناده في كتاب الأشربة. م 5568 - فإن قبض المسلم الخمر وأهرقها فقد أحسن، ولا شيء عليه، لأن الله تعالى حرم الخمر، ولا قيمة للشيء المحرم. وقال أصحاب الرأي: يكره للمسلم قبض الثمن، فإن فعل فهو جائز، ويبرأ الذمي الذي كان عليه الخمر. والمسلم الذي قبضها وأهرقها ضامن لقيمتها.

§1/1