الإشارة إلى سيرة المصطفى وتاريخ من بعده من الخلفا

علاء الدين مغلطاي

مقدمات التحقيق

مقدّمات التّحقيق بسم الله الرّحمن الرّحيم 1 - بين يدي الكتاب الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، به أبتدىء وعليه أتوكل. . . وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة مقر بربوبيته، ومعترف بألوهيته، وناف لأن يكون له شريك في ذاته، أو صفاته، أو أفعاله. . . وأشهد أن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، وصفيه وخليله، بعثه الله بالدين القويم، والمنهج المستقيم، ليكون للعالمين رحمة وإماما وحجة، وفرض عليهم طاعته واتباعه ومحبته، وجعل الذلة والصغار على من خالف أمره، أو ابتعد عن نهجه. بمتابعته صلى الله عليه وسلم يكون الفلاح والنصر، وتحصل السعادة والطمأنينة، وبمخالفته صلى الله عليه وسلم يكون الشقاء والذل، ويعيش الإنسان حياة التعاسة والهمل. . . فصلى الله عليه وعلى آله وأزواجه وأصحابه وسلم تسليما كثيرا كثيرا، ما ذكره الذاكرون، وغفل عن ذكره الغافلون، وبعد: فأخلق بسيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم وأنعم بها أن تكون كتابا يقرؤه القارئون، ويتذاكره المتذاكرون؛ كيف لا، وهو صلى الله عليه وسلم القدوة الكاملة، والأسوة الحسنة لكل من كان يرجو الله واليوم الآخر، وذكر الله كثيرا. بل كيف نقتدي به، ونتأسى بشخصيته صلى الله عليه وسلم إذا لم نطلع على سيرته، ونتعرف على فضائله وشمائله، ونتدارس صفاته وأخلاقه.

ومن هنا كان اهتمام علمائنا الأفاضل، ومشايخنا الكرام بجمع السيرة، والتأليف فيها، والكتابة عنها وبكل ما يتصل بها: من حوادث ومغاز، ودلائل وخصائص. . . فدونوا المؤلفات الكثيرة الغزيرة في هذا الشأن، وهي أشهر من أن تذكر، وأوضح من أن تشهر، واختلفت أساليب كتابتهم لهذه السيرة الشريفة: فمن جامع لحوادثها ومغازيها، ومن مفرد للمغازي فقط، ومنهم من أضاف إلى هذين: الفضائل والشمائل، والدلائل والخصائص، ومنهم من أفرد هذه الأخيرة، ومنهم من جمع كل ذلك بزيادة شيء من سيرة الخلفاء بعده صلى الله عليه وسلم. وهذا ما فعله مؤلف هذا الكتاب: الحافظ مغلطاي بن قليج رحمه الله. كما تنوعت الكتابة من ناحية أخرى: فمن العلماء من كتبها نثرا، ومنهم من صاغها شعرا، ومنهم من أفردها بمؤلّف مستقل، ومنهم من جعلها في مقدمة كتابه، أو سياق تاريخه، كلهم-رحمهم الله، وأجزل لهم المثوبة-يبغي خدمة هذه السيرة، وتقريبها للناس، وأن يتبرك بصاحبها صلى الله عليه وسلم. . وبهذه النية أحببت مشاركتهم في ذلك فأقدمت على تحقيق هذا الكتاب في السيرة النبوية، لأظهره بالمظهر اللائق به، ولأخدمه تحقيقا وتخريجا وتعليقا، لينضاف إلى كتب تراثنا الخالد في هذا المجال، فمن هو مؤلف هذا الكتاب؟ وما هي منزلته بين العلماء؟ وما منهج وقيمة كتابه هذا؟. هذا ما سوف أتكلم عنه في الصفحات القليلة التالية، قبل عرض نص الكتاب، والله أسأل أن يتقبل عملي هذا خالصا لوجهه الكريم، وأن يثيبني ووالديّ ومشائخي خير الثواب، والله من وراء القصد، وهو حسبي ونعم الوكيل، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. . وكتب أبو عبد الله محمّد نظام الدّين الفتيّح نزيل المدينة المنورة المدينة المنورة، في الخامس والعشرين من شهر ذي الحجة سنة 1413 هـ‍

2 - مؤلف الكتاب

2 - مؤلف الكتاب أ-اسمه ومولده: هو علاء الدين أبو عبد الله مغلطاي-بضم الميم، وفتح الغين ومنهم من يضمها، ومنهم من يسكنها-ابن قليج-بفتح القاف، ومنهم من يكسرها، وبالجيم آخره، ومنهم من يجعلها حاء مهملة، ومعناه السيف بلغة الأتراك-ابن عبد الله البكجري الحكري. تركي الأصل، مستعرب، مصري النشأة، حنفي المذهب (¬1). ولد في جامع قلعة الجبل بالقاهرة، سنة تسع وثمانين وستمائة، ذكروه عن تلميذه العراقي (¬2). وقال ابن رافع: سنة تسعين وستمائة (¬3). وضبطه الصفدي: بعد التسعين وستمائة (¬4). ب-مكانته العلمية: اشتغل الحافظ مغلطاي بالعلم في سن مبكرة، يتبين ذلك من شيوخه الذين أدركهم وأخذ منهم. ¬

(¬1) انظر في ضبط اسمه: هامش لحظ الألحاظ/133/، وهامش الأعلام 7/ 275 - 276. (¬2) ذيل العبر لأبي زرعة بن العراقي 1/ 71، ولحظ الألحاظ/133/. (¬3) الوفيات 2/ 244. (¬4) الدرر الكامنة 4/ 352.

كما أن أباه كان يرسله في صباه ليرمي بالنشّاب، فيخالفه ويذهب إلى حلق أهل العلم فيحضرها (¬1). وذكر ابن فهد: أن جلّ طلبه كان في العشر الثاني بعد السبعمائة (¬2). كان-رحمه الله-شديد الإقبال على العلم، منكبا على البحث والدرس، أكثر جدا من القراءة بنفسه والسماع، وانتقى وخرّج وأفاد، وكتب الطباق، وكان دائم الاشتغال، منقطعا عن الناس، وصفه الصلاح الصفدي فقال: كان جامد الحركة، كثير المطالعة والدأب والكتابة، وعنده كتب كثيرة جدا، ولم يزل يدأب ويكتب إلى أن مات (¬3). وقال الحافظ: أكثر عن أهل عصره، فبالغ، وحصل من المسموعات ما يطول عدّه (¬4). كما كان نقّادة مولعا في الرد والاستدراك، ساعده على ذلك مكتبة ضخمة، واطلاع واسع، ونظر مستمر في الكتب، فكان حصيلة ذلك مشاركة في فنون عديدة أنتجت أكثر من مائة كتاب كما سوف أوضح عند الحديث عن مؤلفاته وآثاره. وتقدم أكثر ما تقدم في الحديث، فكان له فيه باع واسع واطلاع كبير ومعرفة بعلومه وطرقه المختلفة بحيث أهّله ذلك لأن يكون شيخ الحديث والمحدثين في الظاهرية وأن يدرس في مدارس عديدة غيرها، وآثاره ومؤلفاته في الحديث خير شاهد على ذلك. كما برع في اللغة: فقد نال منها حظا واسعا، قال الحافظ: كان كثير ¬

(¬1) لحظ الألحاظ/133/. (¬2) المصدر السابق/134/. (¬3) المصدر السابق/141/، والبداية والنهاية 14/ 296، والدرر الكامنة 4/ 353. (¬4) لسان الميزان 6/ 72.

الاستحضار لها، متسع المعرفة فيها (¬1). حفظ الفصيح لثعلب، وكفاية المتحفظ لابن الخوييّ، كلاهما في اللغة. وبلغ درجة عالية، بحيث أصبح له مآخذ على أهل اللغة (¬2). وانظر تعليقاته على كتاب الاشتقاق لابن دريد طبعة عبد السلام هارون (¬3)، ووضع في اللغة كتابا علقه على «كتاب ليس» لابن خالويه، كما سوف أذكر في مؤلفاته. . وكان له مشاركة أيضا في الشعر. (انظر كتابه: الواضح المبين فيمن استشهد من المحبين). وأما الأنساب: فبلغ فيه درجة واسعة، ومعرفة جيدة، حتى فاق أقرانه من العلماء، ففي تدريب الراوي: «سأل شيخ الإسلام ابن حجر شيخه الحافظ أبا الفضل العراقي عن أربعة تعاصروا، أيهم أحفظ: مغلطاي، وابن كثير، وابن رافع، والحسيني؟ فأجاب: أن أوسعهم اطلاعا وأعلمهم بالأنساب مغلطاي، على أغلاط تقع منه في تآليفه. . .» (¬4). وبعد: فلا عجب بعد ذلك أن يصفوا مغلطاي بأنه: حافظ مشهور، وعالم فقيه، وشيخ فاضل، ومصنف مكثر، كما قالوا عنه: بأنه شيخ المحدثين، انتهت إليه رئاسة الحديث في زمانه، قال الحافظ: أخذ عنه عامة من لقيناه من المشايخ (¬5). ¬

(¬1) لسان الميزان 6/ 74. (¬2) الدرر الكامنة 4/ 353. (¬3) كان من جملة النسخ التي رجع إليها الأستاذ عبد السلام هارون واعتمدها في تحقيق كتاب الاشتقاق لابن دريد: نسخة الحافظ مغلطاي نفسه، حيث قرأ عليها تملكه لها، وإجازته إلى ابن دريد، وأثبت في حواشيها كثيرا من التعليقات التي تدل على سعة اطلاع الحافظ مغلطاي في الأنساب واللغة والشعر وغير ذلك. (¬4) فهرس الفهارس 1/ 404، وانظر حسن المحاضرة 1/ 359. (¬5) الدرر الكامنة 4/ 354، ولسان الميزان 6/ 72.

ج‍-شيوخه

ج‍-شيوخه: سمع الحافظ مغلطاي جملة من شيوخ عصره، تتلمذ عليهم، وأخذ عنهم في مصر والشام، ذكروا منهم: 1 - ابن دقيق العيد: تاج الدين أبا الحسن أحمد بن علي بن وهب القشيري، وهو أخو الشيخ تقي الدين. 2 - الوافي: نور الدين أبا الحسن علي بن عمر. 3 - الدبوسي: فتح الدين يونس بن إبراهيم بن عبد القوي. وقد أكثر عنه جدا كما في لسان الميزان. 4 - ابن شحنة الحجار: شهاب الدين أبا العباس أحمد بن أبي طالب الصالحي. 5 - الختني: أبا المحاسن يوسف بن عمر. 6 - الكردي: الحسن بن عمر. 7 - ابن الطباخ: محمد بن محمد بن عيسى. 8 - أحمد بن الشجاع الهاشمي. 9 - الجلال القزويني. وكان ملازما له. 10 - فتح الدين بن سيد الناس. وبه تخرج. 11 - عبد الرحيم المنشاوي. قال في اللسان: أكثر عنه جدا. كما ذكروا أنه أخذ عن: 12 - الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد المتوفى سنة (702) هـ‍. 13 - الحافظ شرف الدين أبي محمد عبد المؤمن الدمياطي المتوفى سنة (705) هـ‍. 14 - ابن الصواف نور الدين أبي الحسن علي بن نصر الله القرشي المصري المتوفى (712) هـ‍. لكنهم اعترضوا على أخذه عن هؤلاء الثلاثة الأخيرين متعللين بصغر سنه

د-تلاميذه

آنذاك، فالله أعلم إذا كان هناك دوافع لهذا الكلام أم أنه على حقيقته. د-تلاميذه: عاصر الحافظ مغلطاي كثير من التلاميذ النجباء، والعلماء الكبار، والحفّاظ المشهورين حتى قال الحافظ ابن حجر: أخذ عنه عامة من لقيناه من المشايخ: كالعراقي، والبلقيني، والرحوي، وإسماعيل الحنفي وغيرهم. وقال: وقرأ عليه في الدرس شمس الدين السروجي الحافظ. كما ذكروا من جملة من أخذ عنه: الدميري (¬1). هـ‍-مؤلفاته وآثاره: تقدم أن الحافظ مغلطاي من المكثرين، وأنه صنف أكثر من مئة كتاب (¬2)، تناول فيها مختلف العلوم والفنون: كالحديث والسيرة، والفقه واللغة والجرح والتعديل والمشتبه وغير ذلك، ويظهر أن مؤلفاته انتشرت وطالعها العلماء ونقلوا عنها واستفادوا منها، حتى قالوا عنه: صاحب التصانيف المشهورة (¬3). وإليك بعض ما تيسر لي منها، جمعته من كافة المصادر التي أثبتها، ورتبته على حسب الحروف: 1 - الاتصال في مختلف النسبة: موجود نسخة منه بخطه في مكتبة الكتاني بفاس رقم 4183. (الأعلام 7/ 275). 2 - (الأحكام) فيما اتفق عليه الأئمة الستة. (ذيل العبر لابن العراقي، ولحظ الألحاظ). 3 - الإشارة إلى سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم وتاريخ من بعده من الخلفا كتابنا هذا. ¬

(¬1) لسان الميزان 6/ 72 - 73. وانظر هامش الدرر الكامنة 4/ 353. (¬2) لحظ الألحاظ/365 - 366/، والدرر الكامنة 4/ 353 عن الشهاب بن رجب. (¬3) ذيل العبر لابن العراقي 1/ 70.

اختصر به كتابه الزهر الباسم (الآتي) وأضاف إليه شيئا من تاريخ الخلفاء، وسوف يأتي الحديث عنه مفصلا بعد هذا الباب. 4 - إصلاح ابن الصلاح. في علوم الحديث. ذكره السخاوي في الإعلان بالتوبيخ لمن ذم أهل التاريخ/139/وقال: قرأته بخطه. وانظر كشف الظنون/1163/. وقال الحافظ في لسان الميزان 6/ 72 - 73: وعمل في فن الحديث (إصلاح ابن الصلاح) فيه تعقبات على ابن الصلاح، أكثرها وارد أو ناشىء عن وهم وسوء فهم، وقد تلقّاه عنه أكثر مشائخنا وقلّدوه فيه، لأنه كان انتهت إليه رئاسة الحديث في زمانه. 5 - الإعلام بسنته عليه السلام. شرح سنن ابن ماجه في خمس مجلدات، لكنه لم يتمه. قال السيوطي في ذيله على تذكرة الحفاظ/366/: وقد شرعت في إتمامه. قلت: يوجد منه (ميكرو فيلم) بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة رقم/814/. وقال الزركلي 7/ 275: ذكر الميمني نسخة منه في مجلدين بخطه، وهي مسودته، قال: كتبها سنة 732 هـ‍ في خزانة فيض الله بإستانبول رقم 362. 6 - أعلام النبوة. ذكره هكذا الدكتور صلاح الدين المنجد في كتابه معجم ما ألف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم نقلا عن السخاوي. ويؤيده: أن السخاوي ذكر الحافظ مغلطاي من جملة من جمع دلائل النبوة. (الإعلان بالتوبيخ /156/). 7 - إكمال تهذيب الكمال. وهو كتاب مشهور ومتداول بين العلماء، ومنه (ميكرو فيلم) بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة رقم 197، ويقع في ثلاثة عشر أو أربعة عشر مجلدا بقدر الأصل، وقد ذكر هذا الكتاب كل من ترجم للمؤلف وقالوا: إنه استدرك فيه على كتاب تهذيب الكمال في أسماء الرجال للحافظ المزي وأكمله، وضبط كثيرا من الأسماء والأنساب فيه، وأخذ عليه بعض المآخذ عدّها الدكتور بشار عواد في مقدمته لكتاب تهذيب الكمال الذي قام بتحقيقه، وقد كتب كلاما مطولا

عن مغلطاي فارجع إليه إن شئت. هذا وقد استفاد الحافظ من كتاب مغلطاي هذا عند تأليفه لتهذيب التهذيب فقال في المقدمة 1/ 7: وقد انتفعت في هذا الكتاب المختصر بالكتاب الذي جمعه الإمام العلامة علاء الدين مغلطاي على تهذيب الكمال مع عدم تقليدي له في شيء مما ينقله، وإنما استعنت به في العاجل (¬1). . قلت: وكما مدحوا كتاب مغلطاي هذا، فقد أخذوا عليه بعض التعصب والوهم. 8 - أليس إلى كتاب ليس. في اللغة، وكأنه ذيل أو تعليق-كما يدل اسمه- على (كتاب ليس) لابن خالويه. ذكره الحافظ في لسان الميزان، وابن فهد في لحظ الألحاظ. 9 - أوهام الأطراف. تعقب فيه الحافظ المزي أيضا في تحفة الأشراف بمعرفة الأطراف. (لسان الميزان وذيل السيوطي على التذكرة). وانظر مقدمة الحافظ لكتابه: النكت الظراف على الأطراف 1/ 4 - 5. 10 - أوهام التهذيب. في مجلدين، اختصر به إكمال تهذيب الكمال المتقدم، مقتصرا على الاعتراضات التي أخذها على الحافظ المزّي. (الدرر الكامنة 4/ 353 وغيرها). 11 - (الإيصال) في اللغة. ذكره هكذا في الأعلام، وقال: المجلد الأول منه كله بخطه، في خزانة الرباط (361 كتاني). 12 - التحفة الجسيمة لإسلام حليمة. (سبل الهدى 1/ 466، وإيضاح المكنون /245/). 13 - ترتيب بيان الوهم لابن القطان. (الدرر الكامنة ولحظ الألحاظ). 14 - ترتيب صحيح ابن حبان. على أبواب الفقه. رآه الحافظ بخطه، وقال: لم يكمل. (انظر لسان الميزان، ولحظ الألحاظ، والنجوم الزاهرة 11/ 9). ¬

(¬1) وانظر مقدمة الحافظ أيضا لكتابه تقريب التهذيب/73/.

15 - ترتيب المبهمات على أبواب الفقه. قال الحافظ في الدرر الكامنة 4/ 354: رأيت منه بخطه. وانظر البدر الطالع 2/ 313. 16 - ترتيب المبهمات على الروضة في الفروع. هكذا ذكره في كشف الظنون /1915/. وقد يكون الذي قبله، والله أعلم. 17 - التلويح في شرح الجامع الصحيح. هكذا ذكر اسمه في كشف الظنون /546/وسموه «بشرح البخاري» في أغلب المصادر، ويقع في عشرين مجلدة. وكان أحد مصادر الحافظ في فتح الباري. 18 - الخصائص النبوية. أو خصائص الرسول. أو معجزات الرسول صلى الله عليه وسلم. ذكره الزركلي بالاسم الأول، في خزانة أبي فارس الأدوزي بالسوس، (رسالة). ويوجد منه نسخة في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة بالاسمين الأخيرين رقم/229/. 19 - دلائل النبوة. ذكره الصالحي في سبل الهدى والرشاد 1/ 420 و 2/ 202 والسخاوي في (الإعلان بالتوبيخ) 156. وأظنه هو وأعلام النبوة المتقدم واحدا، والله أعلم. 20 - ذيل على تكملة الإكمال لابن نقطة. في المؤتلف والمختلف (لحظ الألحاظ وذيل العبر للعراقي والدرر الكامنة ومعجم المؤلفين 12/ 313). 21 - ذيل على كتاب الضعفاء لابن الجوزي. (لحظ الألحاظ والنجوم الزاهرة وتاج التراجم). 22 - ذيل على تكملة إكمال الإكمال للصابوني. (لحظ الألحاظ والرسالة المستطرفة). 23 - ذيل على ذيل تكملة الإكمال لابن سليم. (المصدران السابقان). وانظر تبصير المنتبه 1/ 2. قال الحافظ في لسان الميزان 6/ 72: وذيل على ذيول الإكمال بذيل كبير في مجلدين. قلت: وهذا يدل على أن هذه

الذيول إنما هي كتاب واحد، والله أعلم. 24 - الزهر الباسم في سيرة أبي القاسم صلى الله عليه وسلم. وضعه على السيرة النبوية وشرحها الروض الأنف للسهيلي. انظر ذيل العبر للعراقي، ولسان الميزان، ولحظ الألحاظ، وتاج التراجم. وفسره المستشرق بروكلمان 3/ 13: بأنه حاشية جدلية على الروض الأنف بعنوان: الزهر الباسم في سيرة أبي القاسم. وهو أصل كتاب الإشارة كما نص مغلطاي نفسه في المقدمة كما سيأتي. وقد اختصره أبو البركات محمد بن عبد الرحيم المتوفى سنة 776 واقتصر فيه على اعتراضاته على السهيلي. 25 - زوائد ابن حبان على الصحيحين. مجلد. (لحظ الألحاظ، وذيل العبر، والدرر الكامنة، والبدر الطالع). 26 - شرح سنن أبي داود. لم يكمل. (لسان الميزان، والدرر الكامنة، ولحظ الألحاظ، والنجوم الزاهرة، والبدر الطالع). -شرح سنن ابن ماجه. تقدم في (الإعلام بسنته عليه السلام). -شرح صحيح البخاري. تقدم في (التلويح في شرح الجامع الصحيح). 27 - (فيمن عرف بأمه). ذكره أبو زرعة ابن العراقي في ذيل العبر. -معجزات الرسول صلى الله عليه وسلم. تقدم في الخصائص النبوية. 28 - منارة الإسلام. جمع فيه كتاب بيان الوهم لابن القطان وكتاب الأحكام. (الدرر الكامنة 4/ 354). 29 - من عرف بالله تعالى. (كشف الظنون 1823). 30 - من وافقت كنيته اسم أبيه للخطيب. انتخب منه. رسالة صغيرة منها ميكرو فيلم بالجامعة الإسلامية 134. 31 - الواضح المبين فيمن استشهد من المحبين. في العشق. قالوا: تعرض بسببه لمحنة، وذلك لتناوله السيدة عائشة رضي الله عنها وذكره أبياتا

و-وفاته

تدل على استهتار مما أدى إلى تعزيره واعتقاله، لكن انتصر له ابن البابا وخلصه. فالله أعلم إن كانت هذه القصة حقيقة أم بسبب تنافس العلماء والحسد. خاصة وقد قدمنا أنه تولى مشيخة الحديث ودرّس على المحدثين أنفسهم في الظاهرية وغيرها. (وانظر اللحظ والدرر والشذرات). وأخيرا: قال في تاج التراجم: وله مجاميع حسنة، وغير ذلك. و-وفاته: لم يزل-رحمه الله-يشتغل بالعلم ويكتب إلى أن لبّى نداء ربه يوم الثلاثاء في الرابع والعشرين (¬1) من شعبان سنة اثنتين وستين وسبعمائة (¬2). وكانت وفاته بالمهدية، خارج باب زويلة من القاهرة، بحارة حلب، ودفن من الغد بالريدانية، وتقدم في الصلاة عليه: القاضي عز الدين بن جماعة (¬3). ¬

(¬1) في بعض المصادر: في (الرابع عشر). أظنه تصحيفا لاتفاق المصادر على الأول. (¬2) اتفقوا على ذلك. وأثبتت في لسان الميزان 6/ 74 هكذا: (إحدى) وستين وسبعمائة خلافا لما جاء في الدرر الكامنة 4/ 354 على قول الجمهور. (¬3) انظر خاصة لحظ الألحاظ/141/، والبداية والنهاية 14/ 296.

3 - الكتاب: قيمته ومنهجه

3 - الكتاب: قيمته ومنهجه أ-قيمته واهتمام العلماء به: حضيت السيرة التي وضعها الحافظ مغلطاي باهتمام وعناية العلماء، فكانت مرجعا ومصدرا لمن جاء بعده، بل لمن عاصره وتتلمذ على يديه من كبار الحفاظ، خاصة إذا علمنا أنه كتبها في وقت مبكر على وفاته، نستدل على هذا بما صرح في مقدمة كتابه كما سيأتي أنه وضعها تلبية لرغبة قاضي القضاة جلال الدين القزويني المتوفى سنة 739، أي قبل وفاة المؤلف بخمس وعشرين سنة على الأقل فتلقاها العلماء بالقبول، فإذا كانت السّير وضعت للعامة، فهذه ألّفت للعلماء: فمن ناظم لها، ومن كاتب عليها بعض الفوائد، ومن مختصر. . فهذا تلميذه الحافظ العراقي يمشي في «ألفيته» على سيرة مغلطاي، وينظمها شعرا (¬1). كما كتب عليها فوائد كلّ من الشمس البرماوي، والشرف أبي الفتح المراغي، وجرد ذلك في تصنيف مفرد: التقي بن فهد (¬2). كما نظمها على زيادة ألف بيت الشمس الباعوني الدمشقي المتوفى (871) هـ‍ وسماها: «منحة اللبيب في سيرة الحبيب» (¬3). ¬

(¬1) قاله السخاوي في الإعلان بالتوبيخ لمن ذم أهل التاريخ/152/، وانظر فتح الباري عند شرح الحديث (1063). (¬2) المصدر السابق (الإعلان). (¬3) المصدر السابق/153/. وقال السخاوي: وسمعت بعضه منه. وانظر معجم ما ألف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم للدكتور صلاح الدين المنجد.

ولخصها أيضا الشيخ الفاسي المكي صاحب شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام والعقد الثمين في تاريخ البلد الأمين. المتوفى (832) هـ‍، وسماها «الجواهر السنية في السيرة النبوية». وقد أدرجها كاملة في مقدمة كتابه الكبير: «العقد الثمين» (¬1). وقال أول هذا التلخيص وقبل أن يسوقه: وذلك فيما لخصته من السيرة الصغرى للحافظ علاء الدين مغلطاي المصري الحنفي رحمه الله وأكده بلفظه. ثم ذكر إجازته للكتاب إلى مغلطاي وقال: وإنما عوّلت على كتابه دون غيره من الكتب المصنفة في هذا المعنى على كثرتها. لأن كتابه أكثرها فوائد، وفيه من الفوائد النفيسة ما لا يوجد في كثير من الكتب المبسوطة في هذا المعنى (¬2). كما نقل عنه الحافظ القسطلاني صاحب المواهب اللدنية مصرحا باسمه في كثير من المواضع، وما لم يصرح أكثر، بحيث إني لو قلت: إنه ضمنها كاملة كتابه، لما بالغت أو جانبت الصواب، والله أعلم. أما الحافظ ابن حجر في الفتح-وله سيرة لم أطلع عليها-، والنجم عمر بن فهد في إتحاف الورى، والإمام الصالحي في سبل الهدى والرشاد، والشيخ الديار بكري في تاريخ الخميس: فقد نقلوا عن الحافظ مغلطاي في كتبهم في عدة أماكن، والأخيران بالأخص صرحا في مقدمة كتابيهما أن مغلطاي مرجع رئيسي من مراجعهما. وقد بلغ من كثرة نقلهما أني كنت أصحح نص الكتاب على ما نقلاه من مغلطاي (¬3). ولسبب أو آخر قرن طاش كبرى زاده سيرة مغلطاي إلى سيرة ابن إسحاق وابن هشام فقط عندما تحدث عن علم المغازي والسير (¬4). ¬

(¬1) الجزء الأول من 217 - 279. (¬2) العقد الثمين 1/ 217 - 218. (¬3) سوف أذكر مواضع النقل هذه في أماكنها من هذا الكتاب إن شاء الله. (¬4) مفتاح السعادة ومصباح السيادة 1/ 260.

ب-منهجه وطريقته

وبعد؛ هذه عجالة سريعة عن قيمة ومكانة هذا الكتاب موضوع هذه الدراسة، سجلتها من خلال ما اطلعت عليه، وما لم أطلع عليه أكثر. ب-منهجه وطريقته: ذكر الحافظ مغلطاي في مقدمته لهذا الكتاب بأنه أراد تلخيص سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم كثيرة الفوائد، عارية من الشواهد، منتخبة بغير إكثار، حاوية لمقاصد الكتب الكبار. ومن هذا المنطلق جاءت سيرته مستوعبة لحوادث السيرة أو أكثرها، ولكن عن طريق الإشارة والعبارة القصيرة بغير تفصيل، ولا ذكر دليل. وعلى الرغم من صغر حجم الكتاب الأصل، فقد جاء بعد التحقيق كما ترى، علما بأني قد حذفت كثيرا من تعليقاتي، واختصرت بعضها خشية الإطالة وإخراج الكتاب عن مقاصده. هذا وقد اشتمل الكتاب بالإضافة إلى حوادث السيرة والمغازي على ذكر خصائصه صلى الله عليه وسلم، ودلائل نبوته ومعجزاته، وعلى شمائله وفضائله، وأخلاقه وصفاته. كما ضم المؤلف إليه فصولا قصرها على زوجاته وكتّابه، ومواليه وخدامه، ودوابه وآلاته صلى الله عليه وسلم. كما ختمه بذكر شيء عن تواريخ الخلفاء إلى عصره. إذن فهي ليست سيرة مختصرة كما فعل ابن كثير مثلا في الفصول، وإنما هي إشارات إلى ما جاء في سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم حاوية لمقاصد الكتب الكبار كما نصّ المؤلف رحمه الله. بل أجزم أنه قد زاد على كثير من تلك الكتب الكبار بما التقطه من هنا وهناك، أعني كتب الحديث والتفسير والتاريخ والأدب والنسب بالإضافة إلى كتب السيرة نفسها. وأخيرا: فإني لا أريد أن أتحدث عن منهج الكتاب بأكثر مما قلت، وأترك للقارىء أن يرى ذلك بنفسه عند مطالعته لهذه السيرة الكريمة، وأن يتعرف على معلومات جديدة لا توجد في كتب السيرة المتداولة، وليس معنى هذا أن

ج‍-عنوانه ونسبته إلى المؤلف

المؤلف قد جاء بها من بنات أفكاره، بل غاص عليها واستخرجها بما أوتي من طول قراءة، وسعة اطلاع، ولقد شهد له الحافظ ابن حجر-رحمه الله-في فتح الباري في عدة موضوعات أنه قد استوعب ما ورد فيها، بل كان في بعض الأحيان ينسب إليه عندما لا يجد المعلومة إلا عنده، وسوف ترى كل ذلك في تعليقاتي وتخريجاتي بإذن الله. ج‍-عنوانه ونسبته إلى المؤلف: لم يختلف اثنان-بعد كل هذه النقول-في عنوان الكتاب ونسبته إلى المؤلف (¬1)، ويكفي أن المؤلف نفسه قد نص على ذلك في المقدمة كما سوف ترى، وأما الذين ترجموا للحافظ مغلطاي فقد ذكروا اسمه صريحا مرة (¬2)، وأشار بعضهم إليه باسم: السيرة المختصرة أو الصغرى مرة ثانية (¬3). ¬

(¬1) وقع في تاريخ المستشرق بروكلمان 3/ 13 أن السهيلي قد اختصر كتاب الروض الأنف بعنوان «الإشارة إلى سيرة المصطفى وآثار من بعده من الخلفا». قلت: أظنه-والله أعلم-سبق قلم. (¬2) انظر: الأعلام-معجم المؤلفين-الرسالة المستطرفة-كشف الظنون. بالإضافة إلى النسخ المخطوطة. (¬3) انظر: العقد الثمين، والإعلان بالتوبيخ لمن ذم أهل التاريخ.

4 - النسخ المعتمدة

4 - النسخ المعتمدة يظهر أن شهرة الكتاب ومكانته بين السير، ساعد على كثرة نسخه وانتشاره، ومن هنا فإنه لا تخلو مكتبة تقريبا عنه. ولولا خشيتي من تأخر ظهور الكتاب، لجمعت من نسخه الشيء الكثير، ولكني اقتصرت على عدة نسخ أذكرها كما يلي: 1 - نسخة مكتبة عارف حكمت. بالمدينة المنورة ذات الرقم 120/ 242، ورمزت لها بالعدد (1)، وهي نسخة كاملة قديمة، تاريخ نسخها سنة (773) هـ‍، كتبها عبد الله بن عمر العثماني، وهي تحت عنوان: مختصر الزهر الباسم في سيرة أبي القاسم صلى الله عليه وسلم. وعدد أوراقها (61) ورقة، في كل ورقة صفحتان، في كل صفحة من 16 - 20 سطرا، وفي كل سطر من 8 - 10 كلمات، وخطها نسخ عادي، لكنه رديء فيه أخطاء كثيرة. 2 - نسخة دار الكتب المصرية. رقم/460/. وحصلت عليها من جامعة أم القرى بمكة المكرمة برقم/163/سيرة. ورمزت لها بالعدد (2)، وهي قديمة أيضا، تاريخ نسخها (881) هـ‍، كتبها محمد بن محمد منصور الحسيني الحلبي، وعنوانها كما أثبته على غلاف الكتاب، وعدد أوراقها (57) ورقة، في كل ورقة صفحتان، وفي كل صفحة (19) سطرا، في كل سطر من 9 - 11 كلمة، وخطها نسخ أندلسي، متوسطة الوضوح، ومع ذلك فهي أفضل من التي قبلها، وليس فيها أخطاء تقريبا. 3 - نسخة مكتبة عارف حكمت ذات الرقم 7/ 242، ورمزت لها بالعدد (3)، وهي نسخة كاملة أيضا وفيها زيادة من آخرها في تاريخ الخلفاء عن اللتين قبلها. ولدخول هذه الزيادة في عهد ما بعد المؤلف أهملتها. وقد يكون

المؤلف-رحمه الله-زادها إلى عهده ثم أكملها أحدهم بعده، وقد قدمت أن المؤلف وضع كتابه هذا قبل وفاته بزمن ليس بالقصير. وهذه النسخة حديثة، تاريخها (1267) هـ‍ كتبها عبد الله بن عمر بن مصطفى بن إسماعيل بن الشيخ عبد الغني النابلسي رحمه الله، وهي تحمل اسم الكتاب كما أثبته، وعدد أوراقها (57) ورقة، في كل ورقة صفحتان، في كل صفحة (19) سطرا وفي كل سطر من 10 - 12 كلمة، وخطها نسخ جيد الوضوح، ومشكول في أماكن منه. ملاحظة: بدا لي أن أثبت هذه الزيادة التي في هذه النسخة، عسى أن يكون فيها فائدة. . 4 - نسخة برلين، ومنها (ميكرو فيلم) في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، تحت رقم (1214) ف 1، ورمزت لها بالعدد (4) وهي من أفضل النسخ ضبطا، وعليها تعليقات وشروح، وكتب على إحدى صفحاتها أنها قوبلت على أصل نقل من أصل عليه إجازة المؤلف، لكن-ومع الأسف-فإن هذه النسخة ناقصة، لا يوجد منها إلا ثماني عشرة ورقة، من أول الكتاب، ولولا هذا لقدمتها على سائر النسخ. 5 - النسخة المطبوعة، وهي حجرية الخط، طبعت سنة 1300 هـ‍ كما هو مدون آخرها، وتحمل اسم (سيرة مغلطاي)، فهي وقد مضى عليها أكثر من قرن من الزمان تكاد تكون نسخة مخطوطة، وهي مكونة من (119) صفحة فقط، يعني بما يعادل النسخ المخطوطة تماما. وهي طبعا بدون تحقيق أو تعليق، ولا شرح أو تخريج، ولكني استفدت منها كنص خامس للكتاب. 6 - مختصر الإمام الفاسي المكي صاحب العقد، والذي أشرت إليه سابقا، فقد رجعت إليه عند اختلاف النسخ لتأييد ما أعتمده، على الرغم من التصحيفات الكثيرة فيه. 7 - الكتب التي نقلت عن الحافظ مغلطاي، وقد تحدثت عنها بما فيه الكفاية.

5 - عملي في الكتاب

5 - عملي في الكتاب لم أجد-والحمد لله-صعوبة في تحقيق نص الكتاب وضبطه، وذلك بسبب كثرة نسخة بالإضافة للمطبوع وغيره. ولكني تعبت جدا وبذلت جهدا كبيرا في تخريج هذه النصوص التي أربت على المئات، وإذا قلت: إن كل كلمة سجلها المؤلف تعتبر نصا لا أكاد أكون مبالغا، وذلك لأنه إشارة، والإشارة تقتضي إجمال العبارة، وهذا هو السبب في مضاعفة حجم الكتاب، وكثرة حواشيه. وأجمل ما قمت به لتحقيق هذا الكتاب بما يلي: 1 - أثبتّ نص الكتاب بعد أن قارنت مختلف نسخه ببعضها البعض، وأهملت ذكر الأخطاء الإملائية أو النحوية، وحتى الاختلاف البسيط بينها وبين المطبوع، اللهم إلا إذا كان ذا بال. 2 - ضبطت النص على قواعد العربية: إملاء، وشكلا، وترقيما. 3 - خرّجت نصوص الكتاب على اختلاف أنواعها: قرآنا، وحديثا، وتاريخا، وأدبا وغير ذلك. 4 - شرحت غريبه، وأوضحت مبهمه، وترجمت لما فيه من أسماء ما خلا أعلام الناس إلا في النادر، وذلك لأن لهم كتبا متوفرة وموثقة، وحتى لا يطول الكتاب فيخرج عن مقاصده. 5 - وضعت له عناوين رئيسة، وأخرى جانبية وكان خلوا منها، كما رتبت نصوصه بحيث تكون بارزة واضحة، ملفتة للنظر.

6 - صنعت له فهارس عامة فنية لتسهّل الرجوع إلى مضامينه ومحتوياته، ولتيسر لطلاب العلم دراسته والاستفادة منه. وختاما: أسأل الله تعالى أن ينفع بهذا الكتاب، وأن يكون هذا العمل خالصا لوجه سبحانه وتعالى، وأن يثيبني ووالديّ ومشايخي، وأن يجعله حجة لي في اتباع سيرة هذا النبي الكريم صلّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، والحمد لله رب العالمين. وكتب أبو عبد الله

صورة عنوان الكتاب كما في نسخة مكتبة عارف حكمت بالمدينة المنورة (1)

صورة مقدمة المؤلف كما في نسخة مكتبة عارف حكمت بالمدينة المنورة (1)

صورة نهاية الكتاب كما في النسخة (1) من مكتبة عارف حكمت

عنوان الكتاب واسم المؤلف كما بدا في نسخة دار الكتب المصرية، ويظهر شعر للمؤلف ولغيره في مدح الكتاب

صورة مقدمة الكتاب كما في نسخة دار الكتب المصرية

صورة نهاية الكتاب كما في نسخة دار الكتب المصرية

عنوان الكتاب كما في النسخة الثانية لمكتبة عارف حكمت بالمدينة المنورة

مقدمة المؤلف كما في النسخة الثانية لمكتبة عارف حكمت

نهاية الكتاب كما في النسخة الثانية لمكتبة عارف حكمت

صورة العنوان كما في نسخة (برلين)

صورة المقدمة كما في نسخة (برلين)

الإشارة إلى سيرة المصطفى وتاريخ من بعده من الخلفا تصنيف الحافظ مغلطاي بن قليج «فيه من الفوائد النفيسة ما لا يوجد في كثير من الكتب المبسوطة في هذا المعنى» قاضي مكة ومؤرخها تقي الدين الفاسي «صاحب العقد الثمين» حقّ نصوصها وخرّجها وعلّى عليها محمّد نظام الدّين الفتيّح

أولا السيرة النبوية

أوّلا السّيرة النّبويّة

[مقدمة المؤلف]

[مقدمة المؤلف] بسم الله الرّحمن الرّحيم بعد حمد الله القهار (¬1)، والصلاة والسلام على المصطفى المختار، وعلى آله وصحبه الأطهار، ما طرد الليل النهار. . . فقد ندب أفضل العجم اليوم (¬2) والعرب، سيدنا قاضي القضاة جلال الدين (¬3)، نفع الله ببركته المسلمين، إلى تلخيص سيرة المصطفى، وآثار ¬

(¬1) هكذا جاءت بداية الكتاب-المقدمة-في (2) والمطبوع، وكذا ذكرها حاجي خليفة في كشف الظنون ص 98، بينما جاءت في (1) بعد ديباجة عن اسم المؤلف وألقابه، وفي (3) و (4) سبقها الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم. (¬2) كلمة (اليوم) سقطت من (1) و (2)، وهي ضرورية ليستقيم المعنى، إن صح ذلك. (¬3) لم أجد في المصادر التي ذكرت هذا الكتاب للمؤلف، بأنه قد ألفه أو اختصره لفلان من الناس، لكنني تتبعت فترة حياة المؤلف في كتب التاريخ والتراجم، فلم أجد من يلقب بهذا اللقب إلا قاضي القضاة جلال الدين القزويني المتوفى سنة تسع وثلاثين وسبعمائة، قال عنه الذهبي في ذيله على عبره 4/ 113: قاضي قضاة الإقليمين-يعني مصر والشام-جلال الدين محمد بن عبد الرحمن القزويني الشافعي. قلت: هو صاحب كتاب الإيضاح في علم البلاغة وغيره، وانظر ترجمته في طبقات السبكي 9/ 158، وطبقات ابن قاضي شهبة 3/ 138، والدرر الكامنة 4/ 3 وغيرها. ثم إني وجدتهم في مصادر ترجمة الحافظ مغلطاي يذكرون: أنه لازم الجلال القزويني، وأن الجلال كان السبب في توليته مشيخة الحديث والتدريس بالظاهرية، فترجح عندي ما ذهبت إليه، والله أعلم.

من بعده من الخلفا، كثيرة الفوائد، عارية من الشواهد، منتخبة بغير إكثار، حاوية لمقاصد الكتب الكبار، يلجأ إليها المسلمون، ولا يستغني عنها العالمون. فقدّمت الاستخارة، ولخصت معظم هذه الإشارة، من كتابي المسمّى ب‍ (الزهر الباسم، في سيرة (¬1) أبي القاسم) إلا المآثر، فإنني من غيرها لها ذاكر، مقدّما المشهور في كل باب، ليستغنى بذلك عن تكرّره في الكتاب. والله أسأل أن يجعله لوجهه خالصا، وينفعنا به إذا الظّلّ أضحى في القيامة قالصا، فنقول: ¬

(¬1) كذا في (1) والمطبوع، ومصادر ترجمة المؤلف، أما في باقي النسخ فورد هكذا: الزهر الباسم في (سير) أبي القاسم. والله أعلم.

[أسماؤه صلى الله عليه وسلم]

[أسماؤه صلى الله عليه وسلم] (¬1) ¬

(¬1) الذي ورد في الصحيح من أسمائه صلى الله عليه وسلم ما أخرجه الشيخان من حديث جبير بن مطعم رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لي خمسة أسماء: أنا محمد، وأنا أحمد، وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر، وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي، وأنا العاقب». أخرجه البخاري في المناقب، باب ما جاء في أسماء رسول الله صلى الله عليه وسلم (3532). ومسلم في الفضائل، باب في أسمائه صلى الله عليه وسلم (2354). وأخرج مسلم في الكتاب والباب السابقين (2355) من رواية أبي موسى رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم سمى لنا نفسه أسماء فقال: «أنا محمد وأحمد المقفي والحاشر، ونبي التوبة ونبي الرحمة». وقال الحافظ عند شرحه للحديث السابق: والذي يظهر أنه أراد: أن لي خمسة أسماء أختص بها، لم يسمّ بها أحد قبلي، أو معظمة أو مشهورة في الأمم الماضية، لا أنه أراد الحصر فيها. ونقل السيوطي في الرياض الأنيقة/15/عن العزفي: أن ذلك قبل أن يطلعه الله على بقية أسمائه، وقال: إن قوله: لي خمسة أسماء. لا ينافي أن له أكثر من ذلك، لأن قواعد الأصول: أن العدد لا يخصص، وكم ورد في الأحاديث ذكر أعداد لم يقصد الحصر فيها، كحديث: «سبعة يظلهم الله في ظل عرشه». أقول: ولفظ رواية أبي موسى يدل على ذلك، فليس فيه تحديد العدد، كما أن فيه زيادة على حديث جبير رضي الله عنهما، والله أعلم. هذا وسوف يسوق المصنف رحمه الله أسماء كثيرة انظرها مع تفسيرها إن شئت في دلائل البيهقي، وشفا القاضي عياض، وتاريخ ابن عساكر، ووفا ابن الجوزي والتلقيح له، وتهذيب النووي، وزاد ابن القيم، ومواهب القسطلاني، والقول البديع للسخاوي وقد زاد بها على الأربعمائة، وسبل الصالحي، وأفرد لها السيوطي كتابا سماه: الرياض الأنيقة في شرح أسماء خير الخليقة صلى الله عليه وسلم رتبها على المعجم. وقال الإمام النووي في تهذيب الأسماء واللغات 1/ 22: وبعض هذه =

هو المصطفى، الماحي، الحاشر، العاقب، المقفّي (¬1)، الشهيد، المصدّق، النور، المسلم، العبد، الداعي (¬2)، الإمام، الهادي، المهاجر، البشير، النذير، السراج، المنير، الأمين، الذّكر (¬3)، المذكّر، العامل، المنصور، أذن خير (¬4)، المزّمّل، المدّثّر، طه، يس، خاتم النبيين، رؤوف، رحيم، الصاحب (¬5)، الشفيع، المشفّع، المتوكل (¬6)، المبارك (¬7)، ¬

= المذكورات صفات، فإطلاقهم الأسماء عليها مجاز. وقال ابن القيم في الزاد 1/ 86: وكلها نعوت ليست أعلاما محضة لمجرد التعريف، بل أسماء مشتقة من صفات قائمة به، توجب له المدح والكمال. (¬1) معناه: الذي ليس بعده نبي، كالعاقب، وقيل: المتبع آثار من قبله من الأنبياء. (¬2) مأخوذ من قوله تعالى: يا قَوْمَنا أَجِيبُوا داعِيَ اللهِ. . . [الأحقاف:31]. قال البغوي في تفسيره:4/ 174: يعني محمدا صلى الله عليه وسلم. (¬3) في المطبوع: (الذاكر). تصحيف. قال السيوطي في الرياض/158/: ذكره العزفي وابن دحية وقالا: لأنه شريف في نفسه، مشرف غيره، يجزى عنه به، فاجتمعت له وجوه الذكر الثلاثة، وقال الطبري في تفسير قوله تعالى: قَدْ أَنْزَلَ اللهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً [الطلاق:10] قال بعضهم: الذكر هو القرآن، وقال آخرون: الذكر هو الرسول. (¬4) مأخوذ من قوله تعالى: وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ [التوبة:61]. (¬5) كما في قوله تعالى: ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَما غَوى [النجم:2]، وقوله: وَما صاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ [التكوير:22]. (¬6) هذا اسمه في التوراة، كما أخرجه البخاري في التفسير، باب إِنّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً حديث (4838) وفيه: «إني سميتك المتوكل ليس بفظ ولا غليظ ولا سخّاب في الأسواق». (¬7) استشهدوا عليه بقول حسان رضي الله عنه: صلى الإله ومن يحف بعرشه والطيبون على المبارك أحمد وقول عباس بن مرداس رضي الله عنه: وجهت وجهي نحو مكة قاصدا وبايعت بين الأخشبين المباركا

الرحمة، الآمر، الناهي، الطيّب، الكريم، المحلّل، المحرم، الواضع (¬1)، الرافع، المجير، قاسم، نبي التوبة، نبي الرحمة، نبي الملحمة (¬2)، عبد الله (¬3)، أحمد، محمد (¬4). قال ابن دحية (¬5) أسماؤه صلّى الله عليه وسلّم تقرب من ¬

(¬1) قال في سبل الهدى 1/ 661: الواضع: المزيل والقاطع. قال تعالى: وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ [الأعراف:57]. (¬2) ورد في عدة روايات صحيحة، أخرجها الإمام أحمد 4/ 404، والبيهقي 2/ 142، وابن الجوزي في الوفا/100/كلهم من حديث أبي موسى رضي الله عنه، ومن حديث حذيفة رضي الله عنه أخرجه الإمام أحمد 5/ 405 والبزار كما في كشف الأستار 3/ 120، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد 8/ 284: رواه أحمد والبزار، ورجال أحمد رجال الصحيح غير عاصم بن بهدلة وهو ثقة وفيه سوء حفظ. وذكر البيهقي في الشعب 2/ 145 عن الحليمي رحمهما الله تعالى قال: وأما نبي الملحمة، فلأن الله تبارك وتعالى فرض عليه جهاد الكفار، وجعله شريعة باقية إلى قيام الساعة. وانظر القاضي عياض 2/ 641 وقال القاري في شرحه 2/ 634: لا تعارض بين كونه رسول الرحمة ورسول الملحمة، إذ هو سلم لأوليائه، حرب لأعدائه. (¬3) عزاه السيوطي في الرياض/211/إلى الجماعة، واستشهد بقوله تعالى: وَأَنَّهُ لَمّا قامَ عَبْدُ اللهِ. . . [الجن:19]. (¬4) قال الحليمي كما في شعب البيهقي 2/ 142: من تأمّل، علم أنه ليس من أسماء الناس اسم يجمع من الحسن والفضل ما يجمعه محمد وأحمد، لأن محمّد هو المبالغ في حمده، والحمد في هذا الموضع المدح، وأحمد هو الأحق بالحمد، وهو المدح أيضا. وللتوسع في شرحهما انظر المواهب 2/ 21 - 28. (¬5) هو أبو الخطاب عمر بن الحسن بن علي بن محمد الجميل، ينتهي نسبه إلى الصحابي دحية الكلبي رضي الله عنه، ويعرف بذي النسبين، وهو أندلسي توفي سنة/633/، كان من أعيان العلماء، سمع وحدث ورحل، وكان عارفا بالنحو واللغة وأيام العرب، وله كتاب (التنوير في مولد البشير النذير) ذكره ابن كثير في تاريخه 2/ 242، و (المستوفى في أسماء المصطفى) ذكره الملا القاري في شرحه-

[كنيته صلى الله عليه وسلم]

الثلثمائة (¬1). وانتهى بها بعض المتصوفة إلى ألف (¬2). [كنيته صلى الله عليه وسلم]: يكنى أبا القاسم وأبا إبراهيم (¬3). ¬

= على الشفا 2/ 620. وحكى عنه الذهبي في السير 22/ 389 بعض ما يعيبه وينقصه. وانظر ترجمته أيضا في وفيات الأعيان 3/ 448. (¬1) حكاها عنه القسطلاني في المواهب 2/ 14، والسيوطي في الرياض/4/، والقاري في شرح الشفا 2/ 620. (¬2) قاله القاضي أبو بكر بن العربي في كتابه الأحوذي في شرح الترمذي كما نقله عنه الإمام النووي في تهذيبه 1/ 22، وأورده أيضا القسطلاني 2/ 14 عن ابن العربي في أحكام القرآن. (¬3) أما الأولى فهي المشهورة كما قال النووي في التهذيب 1/ 21. وجاء في الصحيح من حديث جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تسموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي، فإني أنا أبو القاسم، أقسم بينكم». أخرجه البخاري في المناقب، باب كنية النبي صلى الله عليه وسلم (3538)، ومسلم في الآداب، باب النهي عن التكني بأبي القاسم (2133). وأما الكنية الثانية: فقد كناه بها جبريل عليه السلام حين ولد له ابنه إبراهيم، ورد ذلك في حديث أنس رضي الله عنه قال: لما ولد إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم من جاريته مارية، وقع في نفس النبي صلى الله عليه وسلم شيء، حتى أتاه جبريل عليه السلام فقال: السلام عليك يا أبا إبراهيم. أخرجه البزار كما في الكشف 2/ 189، وقال الهيثمي:4/ 329: رواه البزار وفيه ابن لهيعة، وحديثه حسن وبقية رجاله رجال الصحيح. كما أخرجه ابن السني في عمل اليوم والليلة (410)، وابن سعد 8/ 214، والحاكم 2/ 604، والبيهقي في الدلائل 1/ 164. قلت: وبقي من كناه صلى الله عليه وسلم: أبو الأرامل، وأبو المؤمنين. انظر المواهب اللدنية 2/ 21، والرياض الأنيقة/38/، وفي الإمتاع/3/أبو قثم. قلت: ذكرها ابن الأثير في تاريخه 1/ 544 كنية لعبد الله والد الرسول صلى الله عليه وسلم.

[النسب الشريف]

[النسب الشريف] [هو] ابن عبد الله الذبيح؛ وذلك أن أباه أمر في منامه بحفر زمزم، وسميت بذلك لأنها زمّت بالتراب (¬1)، أو لزمزمة الماء فيها (¬2)، فمنعته قريش من ذلك، ولم يكن له من الولد إلا الحارث، وبه كان يكنّى، فنذر: لئن ولد له عشرة نفر، ثم بلغوا أن يمنعوه، لينحرنّ أحدهم عند الكعبة لله تعالى. فلما بلغوا ذلك، ضرب عليهم القداح (¬3)، فخرج القدح على عبد الله وهو أصغر بنيه، كذا قاله ابن إسحق (¬4)، والصواب بني أمه، وإلا فحمزة والعباس رضي الله عنهما كانا أصغر منه (¬5). ¬

(¬1) عزاه في الروض 1/ 135: إلى البرقي عن ابن عباس رضي الله عنهما، وقال: لئلا يأخذ الماء يمينا وشمالا، ولو تركت لساحت على الأرض حتى تملأ كل شيء. (¬2) زمزمة الماء: صوته. (¬3) القداح جمع قدح، وهو السهم، وكان للعرب سبعة قداح مستوية في المقدار، عليها أعلام وكتابة، فإذا أرادوا أمرا ذا بال اختلفوا فيه، جاؤوا إلى صاحب القداح ليضرب لهم بها، وهذا هو الاستقسام بالأزلام الذي نهى الله تعالى عنه في كتابه. ولمزيد تفصيل عنها انظر: سيرة ابن هشام 1/ 152 - 153، والمحبّر لابن حبيب/332/، وتاريخ الطبري 2/ 240 - 241، والكامل لابن الأثير 1/ 545، وبلوغ الأرب في معرفة أحوال العرب للآلوسي. (¬4) السيرة 1/ 153. (¬5) كذا أيضا تعقبه السهيلي في الروض الأنف 1/ 176، ثم أجاب عنه بقوله: ولروايته وجه، وهو أن يكون أصغر ولد أبيه حين أراد نحره، ثم ولد له بعد ذلك حمزة-

[أعمامه وعماته صلى الله عليه وسلم]

[أعمامه وعماته صلى الله عليه وسلم]: أولهم: الحارث. وأبو طالب (¬1). والزبير (¬2). وعبد الكعبة، والمقوّم، ويقال: هما واحد. وجحل (¬3)، واسمه المغيرة. والغيداق، ويقال: هما واحد (¬4). وقثم، ومنهم من أسقطه (¬5). وضرار. وأبو لهب، واسمه عبد العزى، وكني بذلك لجماله، وصار في الآخرة لمآله (¬6). ¬

= والعباس. قلت: كذا أجاب الخشني 1/ 204، وابن الجوزي في المنتظم 2/ 201. (¬1) اسمه عبد مناف، كما في السيرة 1/ 108. (¬2) قال في الروض 1/ 132: وهو أكبر أعمام النبي صلى الله عليه وسلم، وهو الذي كان يرقّصه وهو طفل، وبنته ضباعة كانت تحت المقداد، وعبد الله ابنه مذكور في الصحابة رضي الله عنهم، وكان الزبير. . يكنى أبا الطاهر بابنه الطاهر، وكان من أظرف فتيان قريش، وبه سمّى رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنه الطاهر. (¬3) بتقديم الجيم على الحاء المهملة كما في الاشتقاق لابن دريد/47/، وذكره السهيلي 1/ 131 عن رواية الكتاب، وحكى عن الدارقطني (حجل) بتقديم الحاء. قلت: وهذا الأخير هو الذي ذهب إليه الإمام النووي في التهذيب 1/ 27، والعلاّمة الفيروز آبادي في القاموس، والحافظ ابن حجر في تبصير المنتبه 1/ 244. وفي الصحاح 4/ 1652: الجحل: اليعسوب العظيم، والسقاء الضخم، والحرباء، ويقال: الجعل. وفي الاشتقاق أن جحل لقب مصعب بن عبد المطلب. (¬4) في الروض 1/ 131: وجحل هو الغيداق، والغيداق ولد الضب. وفي السيرة 1/ 109: كان يلقب بالغيداق لكثرة خيره، وسعة ماله. (¬5) ذكره ابن سعد في الطبقات 1/ 93 وقال: لا عقب له. وقال البلاذري في أنساب الأشراب 1/ 90: مات صغيرا، ويقال: كان أخا الغيداق لأمه، ولم يكن أخا الحارث، وقثم: مأخوذ من القثم وهو الإعطاء، أو الجامع للخير. (¬6) كنيته أبو عقبة، وكان أحول، وإنما سمي أبو لهب لجماله. انظر هذا وبقية الأعمام مع مزيد من الشرح: سيرة ابن حبان 49 - 52.

[عودة إلى قصة عبد الله الذبيح]

وعماته: صفية. وعاتكة. وأروى-أسلمن وفي ذلك خلاف إلا صفية-وأميمة. وبرّة. وأم حكيم البيضاء (¬1). [عودة إلى قصة عبد الله الذبيح]: فأمرته كاهنة بالحجاز تسمى سجاح، وقيل قطبة (¬2)، أن يضرب عليه وعلى إبل بالقداح، فكان يضرب على عشرة بعد عشرة، وهي تخرج عليه، حتى بلغت مائة، فخرجت عليها ثلاثا (¬3)، فنحرها عنه، فكان أول من سن الدية مائة، وقيل القلمّس، وقيل أبو سيارة (¬4). ¬

(¬1) قال ابن حبان/53/: لم يسلم من عمات النبي صلى الله عليه وسلم إلا صفية. ونسب صاحب المواهب 2/ 111 هذا القول إلى ابن إسحاق، وأخرجه البخاري في التاريخ الصغير/38/عن هشام بن عروة، وأخرجه من طريق البخاري ابن عساكر 1/ 100، وأما عن إسلام صفية وعاتكة وأروى، فقد ذكر ذلك ابن سعد 8/ 41 - 44 وتبعه ابن عساكر في تاريخ دمشق 1/ 99 - 101 كما نقل ابن سعد خبرا يدل على إدراك أميمة لزمن الرسالة، وقال الحافظ ابن عساكر: إن صح ذلك فقد أسلمت أميمة. (¬2) هكذا في الروض 1/ 177 مع تقديم (قطبة). (¬3) ورد في السيرة 1/ 155: أن القدح عندما خرج على الإبل المائة، قال عبد المطلب: لا والله حتى أضرب عليها ثلاث مرات. (¬4) انظر الأوائل للعسكري/16/، والروض 1/ 146، والمعارف/551/، وتلقيح الفهوم/466/، والوسائل إلى معرفة الأوائل للسيوطي/84/، ولم يذكروا القلمس، وإنما ذكروا آخر هو النضر بن كنانة، وذلك أنه قتل أخاه، فوداه مائة من الإبل، فجرت سنة. قاله العسكري وقدمه في الذكر على أبي سيارة. وفي جمهرة ابن حزم/189/حين الكلام على نسأة الشهور في الجاهلية قال: وكل من صارت إليه هذه الرتبة يسمى «القلمّس». وأما أبو سيارة: فهو عميلة-وقيل: العاصي-بن الأعزل العدواني، كان يفيض بالناس من المزدلفة إلى منى على حمار أسود أعور أربعين سنة، لذلك قالت العرب: أصحّ من عير أبي سيارة. وقال الجاحظ عن الأصمعي: لم يكن عيرا، وإنما كان أتانا. انظر الحيوان 1/ 139، وثمار القلوب للثعالبي/369/.

ولما انصرف عبد الله من نحر الإبل، تعرضت له امرأة من بني أسد اسمها قتيلة، ويقال رقيقة بنت نوفل، وتكنّى أمّ قتال، ويقال اسمها فاطمة بنت مرّ، ويقال ليلى العدويّة، ويقال امرأة من تبالة، ويقال من خثعم، ويقال كانت يهودية (¬1)، فقالت: لك مثل الإبل التي نحرت عنك وقع عليّ الآن. لمّا رأت النور الذي بين عينيه فأبى (¬2)، وواقع آمنة يوم الإثنين. قال ابن الجزار (¬3): أيام منى، في شعب أبي طالب، عند الجمرة الوسطى، فحملت بسيد المرسلين صلى الله عليه وسلم ذلك الوقت (¬4). ثم بعد ذلك تعرّض للمرأة فلم تكلمه، فسألها، فقالت: إنما أردت أن يكون النور الذي بين عينيك فيّ، فأبى الله إلا أن يجعله حيث شاء. قال أبو أحمد الحاكم: كان سنه إذ ذاك ثلاثين سنة (¬5). ¬

(¬1) انظر عن هذه المرأة: السيرة 1/ 155 - 156، والطبقات 1/ 95 - 97، وتاريخ الطبري 2/ 243 - 245، وأنساب الأشراف 1/ 79 - 80، والروض الأنف 1/ 180. وفيها: أن هذه المرأة كانت من أجمل النساء وأعفهن، وكانت قرأت الكتب، وأنها أخت ورقة بن نوفل. (¬2) وقال-كما في المصادر السابقة-: أما الحرام فالممات دونه والحلّ لا حلّ فأستبينه فكيف بالأمر الذي تبغينه يحمي الكريم عرضه ودينه (¬3) هو-والله أعلم-أبو جعفر أحمد بن إبراهيم القيرواني، طبيب مؤرخ له عدة مؤلفات، منها: التعريف بصحيح التاريخ. توفي/369 هـ‍/. (¬4) هذا القول عزاه ابن سيد الناس في العيون 1/ 79 إلى الزبير. (¬5) ذكره ابن سيد الناس 1/ 77 عن أبي عمر أيضا. قلت: كيف يكون سنّه إذ ذاك ثلاثين عاما ووفاته كما قال ابن سعد 1/ 99 سنة خمس وعشرين؟ وقال الواقدي: وهو أثبت الأقاويل عندنا. كما أن الحافظين العلائي وابن حجر ذكرا أن عمره يوم توفي ثماني عشرة سنة. انظر سبل الهدى والرشاد 1/ 399.

[تابع سرد النسب الشريف]

[تابع سرد النسب الشريف]: ابن عبد المطلب واسمه شيبة الحمد، وقيل عامر (¬1) بن هاشم واسمه عمرو بن عبد مناف واسمه المغيرة بن قصي واسمه زيد، وقال الشافعي: يزيد. فيما حكاه الحاكم أبو أحمد، ابن كلاب واسمه حكيم، وقيل: عروة بن مرة، بن كعب، بن لؤي، بن غالب، بن فهر وهو جماع قريش في قول الكلبي (¬2) وغيره. وسمّوا قريشا: لأنهم كانوا يقرّشون عن خلّة الناس (¬3). وقيل: التقريش التفتيش. وقيل: التجمع، وقيل: التجارة. وقيل: إن قصيا كان يقال له القرشي. وقيل: التحريش. وقيل: سمّوا بدابة في البحر تأكل الدواب لشدتها (¬4). ¬

(¬1) والأول هو الصحيح كما في الروض، وأنكر أبو عمر الثاني. وفي السيرة والروض (شيبة) بدون إضافة، وبها ذكره ابن سعد 1/ 55، وابن حزم في السيرة /2/، وقيل في سبب تسميته بذلك: أنه ولد وفي رأسه شيبة، وقيل: لأن أباه وصّى أمه بذلك. ولقّب عبد المطلب: لأن عمه المطلب لما أحضره من عند أخواله في المدينة بعد وفاة أبيه هاشم، دخل مكة ضحوة وهو مردفه خلفه، فسأله الناس؟ فقال: هذا عبدي. فثبت هذا وترك شيبة. وانظر سبل الهدى والرشاد 1/ 309 - 310. (¬2) ذكره عن الكلبي: السهيلي في الروض 1/ 116. وقال ابن شهاب: وهو الذي أدركت عليه من أدركت من نسّاب العرب: أنّ من جاوز فهرا فليس من قريش. وبه قال الشعبي وهشام الكلبي ومصعب الزبيري وخلق، وقيل: إن قريشا هم بنو النضر بن كنانة. قاله ابن إسحاق وأبو عبيدة وابن سلام، وبه قال الإمام الشافعي وصححه الحافظ العلائي. وقيل غير ذلك. انظر الفصول 85 - 86، وسبل الهدى والرشاد 1/ 332. (¬3) أي أنهم كانوا يسدون حاجة الناس، ويرفدونهم بمالهم. (¬4) يقصد حوت القرش، سميت به القبيلة أو أبو القبيلة كما في الروض 1/ 117. -

ابن مالك بن النضر واسمه قيس-وهو قريش في قول ابن إسحق- ابن كنانة، بن خزيمة، بن مدركة واسمه عمرو، وقال ابن إسحق: عامر، ابن إلياس واسمه حبيب، بن مضر، بن نزار، بن معد، بن عدنان. إلى هنا مجمع عليه، وما فوق ذلك مختلف فيه (¬1). وأشهره: ابن أدد-ويقال: ابن أدّ، بن أدد-بن مقوّم (¬2)، بن ناحور، بن تيرح، بن يعرب، بن يشجب-وقيل: يشجب، بن يعرب-بن يشجب، بن نابت، بن إسماعيل. وتفسيره: مطيع الله الذبيح، ويلقب: أعراق الثرى (¬3). قال عليه الصلاة والسلام: «أنا ابن الذبيحين» (¬4). ¬

= وللتوسع في تسمية قريش: انظر المنتظم 2/ 227 - 230 فقد خصص لذلك فصلا كاملا. -وانظر شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام لقاضي مكة الفاسي 2/ 104 - 106. (¬1) قال السهيلي 1/ 11: وما بعد عدنان من الأسماء مضطرب فيه، فالذي صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه انتسب إلى عدنان لم يجاوزه، بل قد روي من طريق ابن عباس رضي الله عنهما أنه لما بلغ عدنان قال: «كذب النسابون». مرتين أو ثلاثا. قلت: رواه ابن سعد عن طريق الكلبي. قال السهيلي: والأصح في هذا الحديث أنه من قول ابن مسعود. وأصح شيء روي فيما بعد عدنان ما ذكره الدولابي أبو بشر. . عن أم سلمة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «معد بن عدنان بن أدد بن زند -بالنون-بن اليرى، من أعراق الثرى». وعزاه الطبري في التاريخ 2/ 271 للزبير بن بكار بسنده عن أم سلمة رضي الله عنها. (¬2) بين (أدد) و (مقوم) عدة أسماء ساقطة، والله أعلم. (¬3) ومعناه كما في حديث أم سلمة رضي الله عنها: لأنه ابن إبراهيم، وإبراهيم لم تأكله النار، كما أن النار لا تأكل الثرى، وانظر الوفا لابن الجوزي/71/، والروض 1/ 11. وانظر حديث أم سلمة رضي الله عنها: البسوي 3/ 250 - 251، ودلائل البيهقي 1/ 177 - 178. (¬4) بهذا اللفظ عزاه في المقاصد/14/إلى الزمخشري في الكشاف، وقال في كشف الخفاء 1/ 230: قال الزيلعي وابن حجر في تخريج أحاديثه: لم نجده-

وأما قول من قال: أراد أباه وهابيل، لأن الذبيح عندهم إسحاق (¬1)، فلا نعلم له وجها، لأنه ليس من ولد هابيل إجماعا، إلا أن يريد أن العم بمنزلة الأب، وكذا في إسحق بن إبراهيم خليل الرحمن، ويكنى أبا الضيفان، وتفسيره: أب راحم (¬2). ابن تارح، وهو آزر، بن ناحور، بن ساروح (¬3)، بن راغو، ويقال: أرغو ومعناه قاسم، بن فالخ. ويقال: فالغ، بن عيبر. ويقال: عابر وهو هود عليه الصلاة والسلام، بن شالخ. ومعناه الرسول. ويقال: الوكيل. بن أرفخشذ. ويقال: ألفخشذ. ويقال: أرنخشذ، معناه مصباح مضيء (¬4)، ابن سام بن نوح عليه السلام واسمه عبد الغفار (¬5)، بن لامك ويقال: ¬

= بهذا اللفظ. قلت: أورده الحاكم في المستدرك 2/ 559 بهذا اللفظ أيضا، بدون سند، وفيهما وفي سبل الهدى 1/ 289 عن معاوية رضي الله عنه، أن أعرابيا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: يابن الذبيحين، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم ينكر عليه، فقيل لمعاوية: من الذبيحان؟ قال: إسماعيل وعبد الله. وقال في المقاصد نقلا عن المواهب وشرحها للزرقاني: والحديث حسن بل صححه الحاكم والذهبي لتقوّيه بتعدد طرقه. قلت: هو في المستدرك 2/ 554 بأطول من هذا، وقال الذهبي: إسناده واه. (¬1) قال الإمام النووي في التهذيب 1/ 116: واختلف العلماء في الذبيح: هل هو إسماعيل أم إسحاق؟ والأكثرون على أنه إسماعيل. وأنكره ابن القيم في زاد المعاد 1/ 71 وقال: وإسماعيل هو الذبيح على القول الصواب عند علماء الصحابة والتابعين ومن بعدهم، وأما القول بأنه إسحاق، فباطل بأكثر من عشرين وجها. ولمزيد تفصيل في أقوال الفريقين انظر كامل ابن الأثير 1/ 83 - 86. (¬2) انظر تهذيب الإمام النووي 1/ 101، والروض الأنف 1/ 12 كلاهما عند الحديث عن سيدنا إبراهيم عليه السلام. (¬3) وضبط هكذا: (شاروخ) و (ساروغ) و (ساروع). انظر سبل الهدى 1/ 370. (¬4) انظر في ضبطها وتخريجها السبل 1/ 371. ولعل الاختلاف في هذه الأسماء كما قال ابن سعد 1/ 57: من قبل اللغة، لأن هذه الأسماء ترجمت من العبرانية. والله أعلم. (¬5) زاد في الروض 1/ 13: وسمّي نوحا: لنوحه على ذنبه.

لمكان (¬1)، بن متّوشلخ، بن خنّوخ. ويقال: أخنّخ. ويقال: أخنوخ. ويقال: أهنخ، وهو إدريس عليه السلام، ابن يرد، ويقال: يارد، ويقال: الرّايد، ومعناه الضّابط، ابن مهليل، ويقال مهلاييل، ومعناه الممدّح، ابن قينن، ويقال: قينان، ومعناه المستوي (¬2)، ابن يافش (¬3)، ومعناه الصادق، ابن شيث، ويقال: شاث (¬4)، ومعناه هبة الله، ويقال: عطية الله، ابن آدم أبي البشر، ويقال: أبو محمد، بمحمد ابنه عليهما الصلاة والسلام (¬5). أمه عليه الصلاة والسلام: آمنة، بنة وهب، بن عبد مناف، بن كلاب، وزهرة أمه فيما قاله ابن قتيبة والجوهري، وفي ذلك نظر (¬6). ¬

(¬1) في سيرة ابن حبان/43/: ملكان. وفي سبل الهدى 1/ 376: لمك. (¬2) هكذا في المخطوطات. وفي السهيلي 1/ 14، والصالحي 1/ 380: مستوي. (¬3) في الروض 1/ 14: أنوش. وذكر الاثنين الصالحي في السبل 1/ 380. (¬4) ولها ضبط آخر، انظره في السبل 1/ 380 وقال: وكان أجمل ولد آدم، وأفضلهم، وأشبههم به، وأحبهم إليه، وكان وصي أبيه وولي عهده. (¬5) ورد أنه ليس أحد من أهل الجنة إلا يدعى باسمه إلا آدم صلى الله عليه وسلم يدعى أبا محمد. وعزاه في سبل الهدى 1/ 507 إلى ابن عدي وأبي الشيخ وابن عساكر والبيهقي من عدة طرق. (¬6) يريد أن يقول-والله أعلم-أن زهرة أم عبد مناف وزوجة كلاب، لأن الجوهري قال في الصحاح عند مادة (زهر): وزهرة أيضا حي من قريش، وهو اسم امرأة كلاب بن مرة. . . نسب ولده إليها، وهم أخوال النبي صلى الله عليه وسلم. وأما ابن قتيبة: فالذي في المعارف/70/أن زهرة بن كلاب، ولكنه قال: وزهرة امرأة ينسب إليها ولدها دون الأب، وهم أخوال رسول الله صلى الله عليه وسلم. قلت: لكن تعقبه السهيلي في الروض 1/ 133 وقال: وفي المعارف لابن قتيبة أن زهرة اسم امرأة عرف بها بنو زهرة، وهذا منكر غير معروف، وإنما هو اسم جدهم كما قال ابن إسحاق. قلت أيضا: وبقول ابن إسحاق قالت جميع المصادر الأخرى.

ذكر مولده صلى الله عليه وسلم

ذكر مولده صلى الله عليه وسلم [بعض أسماء مكة]: ولد بمكة. وتسمّى بكّة: لأنها تبكّ أعناق الجبابرة (¬1)، أو من الازدحام، وقيل: مكة اسم المدينة، وبكّة اسم البيت، وتسمّى أيضا الناسّة (¬2)، والرأس، وصلاح، وأمّ رحم (¬3)، وكوثى (¬4)، وأم القرى، والحاطمة، والعرش، ¬

(¬1) هذان الاسمان وردا في القرآن الكريم، والسيرة 1/ 114؛ وشرح ابن هشام معنى (بكة) كما قال المصنف، وتبك: تكسر وتدق. وأما (مكة) فحكى الماوردي في الأحكام السلطانية/278/عن الأصمعي أنها مأخوذة من قولهم: تمككت المخ من العظم تمككا، إذا استخرجته عنه، لأنها تمكّ الفاجر عنها وتخرجه منها. وقال السهيلي في الروض 1/ 139: وكأنها تجذب إلى نفسها ما في البلاد والناس والأقوات التي تأتيها في الموسم. وانظر منال الطالب في طوال الغرائب لابن الأثير/176/. (¬2) الناسّة-بالنون-كما في السيرة 1/ 114 ويروى الباسّة-بالباء-كما في بقية المصادر، وقال الماوردي في الأحكام/279/: وأما الباسة: فلأنها تبس من ألحد فيها، أي تحطمه وتهلكه، ومنه قوله تعالى: وَبُسَّتِ الْجِبالُ بَسًّا [الواقعة:5] ويروى: الناسة-بالنون-ومعناه: أنها تنسّ من ألحد فيها، أي تطرده وتنفيه. (¬3) أم رحم-بضم الراء والحاء، ويقال: بتسكين الحاء كما في سبل الهدى 1/ 230 - وشرحها الماوردي في الأحكام/279/فقال: لأن الناس يتراحمون بها ويتنازعون. وعبارته في المطبوع مصحفة، وصححتها من سبل الهدى. (¬4) بكاف مضمومة، وثاء مثلثة مفتوحة كما في سبل الهدى، وكوثى اسم بقعة فيها أو جبل بمنى.

وطيّبة (¬1). في الدار التي كانت لمحمد بن يوسف أخي الحجاج، ويقال: بالشّعب، ويقال: بالرّدم، ويقال: بعسفان (¬2). يوم الإثنين لليلتين خلتا من ربيع الأول. وفي تلك الليلة انشق إيوان كسرى، وسقطت منه أربع عشرة شرفة، وخمدت نار فارس ولم تخمد قبل ذلك بألف عام، وغاضت بحيرة ساوة (¬3). وقيل: لثمان، وقيل: لعشر، وقيل: لاثنتي عشرة؛ وحكى فيه ابن الجزار الإجماع، وفيه نظر (¬4). ¬

(¬1) انظر في أسماء مكة وشرحها: أخبار مكة للأزرقي، والأحكام السلطانية للماوردي، والروض الأنف للسهيلي، وتهذيب الأسماء واللغات للنووي، وشفاء الغرام للفاسي، والعقد الثمين له، وسبل الهدى والرشاد للصالحي، وهذا أوعبها. رحمهم الله جميعا. (¬2) انظر في مكان ولادته صلى الله عليه وسلم: الروض 1/ 184، والعقد الثمين 1/ 97، وإتحاف الورى 1/ 48 - 49. واستغرب الفاسي في العقد القولين الأخيرين وقال: مولد النبي صلى الله عليه وسلم بسوق الليل. وهو مشهور. (¬3) قال ياقوت: (ساوة) مدينة حسنة بين الري وهمذان. وقال غيره: بحيرة متسعة الأكناف جدا، تركب فيها السفن ويسار إلى ما حولها من البلاد والمدن، فأصبحت ليلة المولد ناشفة كأن لم يكن فيها شيء من الماء. وانظر الخبر كاملا في الطبري 2/ 166، ودلائل أبي نعيم 1/ 138 - 141 (82)، والبيهقي 1/ 126 - 129، كلهم من كلام مخزوم بن هانىء عن أبيه. قال ابن الأثير في الأسد 5/ 382: وليس فيه ما يدل على صحبته والله أعلم. ونقله عنه الحافظ في الإصابة. (¬4) هذا الأخير هو قول ابن إسحاق 1/ 158. وانظر الأقوال الأخرى وما سوف يأتي-

وذكر يعقوب عن ابن عباس: ولد صلى الله عليه وسلم يوم الإثنين، وخرج من مكة يوم الإثنين، ودخل المدينة يوم الإثنين، وفتح مكة يوم الإثنين، ونزلت سورة المائدة يوم الإثنين، ورفع الركن يوم الإثنين، وتوفي يوم الإثنين (¬1). وقيل: لثماني عشرة، وقيل: لسبع عشرة، وقيل: لثمان بقين منه، وقيل: في أوله حين طلع الفجر يوم أرسل الله الأبابيل-وهي الجماعات، واحدها: إبّول، وقيل: لا واحد لها-على أهل الفيل. ¬

= في الطبقات 1/ 100 - 101، والمنتظم 1/ 245 - 246، والصالحي 1/ 401 - 405. (¬1) أخرجه يعقوب البسوي في المعرفة والتاريخ 3/ 252. وعزاه إلى يعقوب: الصالحي في سبل الهدى 1/ 401. ولكن اقتصر فيه على بعض ما ذكر. وأخرجه الإمام أحمد في المسند 1/ 277، والطبراني في الكبير (12984)، والبيهقي في دلائل النبوة 7/ 233. ولفظ الإمام أحمد: ولد النبي صلى الله عليه وسلم يوم الإثنين، واستنبىء يوم الإثنين، وتوفي يوم الإثنين، وخرج مهاجرا من مكة إلى المدينة يوم الإثنين، وقدم المدينة يوم الإثنين، ورفع الحجر الأسود يوم الإثنين. وصححه أحمد شاكر (2506). وقال الهيثمي في المجمع 1/ 196: رواه أحمد والطبراني في الكبير وزاد فيه: وفتح بدرا يوم الإثنين، ونزلت سورة المائدة يوم الإثنين الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ. وفيه ابن لهيعة وهو ضعيف، وبقية رجاله ثقات من أهل الصحيح. والخبر بهذه الألفاظ جميعها خرجه ابن عساكر أيضا في تاريخ دمشق، السيرة 1/ 56. قلت: جاء في الصحيح من حديث قتادة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن صوم الإثنين؟ فقال: «ذاك يوم ولدت فيه، ويوم بعثت أو أنزل عليّ فيه». أخرجه مسلم في الصيام، باب استحباب صوم ثلاثة أيام من كل شهر وصوم يوم عرفة وعاشوراء والإثنين والخميس (1162).

[قصة الفيل وكنيسة أبرهة]

[قصة الفيل وكنيسة أبرهة]: واسمه محمود (¬1)، وكان للنجاشي، وصحبته اثنا عشر فيلا، هلكت كلّها إلا هو، لامتناعه وإقدامها (¬2)، وذلك أن أبرهة الأشرم (¬3)، كان بنى باليمن كنيسة، يقال لها: القلّيس (¬4)، وأراد أن يصرف حجّ الناس إليها، فخرج رجل من كنانة إلى الكنيسة، فجلس فيها، يعني أحدث (¬5)، فغضب أبرهة، وحلف ليسيرنّ إلى بيت العرب فيهدمه. فقدموا مكة يوم الأحد لخمس ليال خلون من المحرّم، وقيل: لثلاث عشرة (¬6). فلما وجّهوا الفيل للكعبة امتنع من ذلك، حتى وخزوه بالأسنّة، وهو لا يتحوّل من مكانه إلا إلى جهة غير البيت، فأرسل الله عليهم طيرا من البحر أمثال الخطاطيف والبلسان، وقيل: في صفتها غير ذلك (¬7)، مع كل ¬

(¬1) كذا في السيرة 1/ 52. (¬2) كذا في الروض الأنف 1/ 72. (¬3) قيل في سبب تسميته بالأشرم: إنه تنازع مع أرياط أمر الحبشة، فضربه أرياط بالحربة فوقعت على جبهة أبرهة فشرمت حاجبه وأنفه وعينه وشفته، قال في السيرة 1/ 22: فبذلك سمي أبرهة الأشرم. (¬4) انظر خبرها في السيرة 1/ 43، والروض 1/ 63، ومعجم البلدان. (¬5) هكذا في السيرة 1/ 45. وذكر ابن الجوزي في زاد المسير قولا ثانيا وهو: أن قوما من قريش خرجوا في تجارة إلى أرض النجاشي فنزلوا في جنب بيعة، فأوقدوا نارا وشووا لحما، فلما رحلوا هبت الريح فاضطرم المكان نارا فغضب النجاشي. . . (¬6) يعني من سنة اثنتين وأربعين من ملك كسرى أنوشروان. انظر الوفا بأحوال المصطفى صلى الله عليه وسلم/86/. (¬7) في تفسير الطبري 30/ 297 - 298: لها خراطيم كخراطيم الطير، وأكف كأكف-

[عودة إلى ولادته صلى الله عليه وسلم]

طائر ثلاثة أحجار، حجر في منقاره، وحجران في رجليه، أمثال الحمّص والعدس، لا تصيب أحدا منهم إلا هلك (¬1) وليس كلهم أصابت (¬2). [عودة إلى ولادته صلى الله عليه وسلم]: وقيل: عام الفيل، وحكى ابن الجزار الإجماع، وفيه نظر، وقيل: بعد الفيل بشهر، وقيل: بأربعين يوما، وقيل: بشهرين وستة أيام، وقيل: بخمسين يوما، وقيل: بخمسة وخمسين يوما، وقيل: بعشر سنين، وقيل: بثلاثين عاما، وقيل: بأربعين عاما، وقيل: بسبعين عاما، وقيل: لاثنتي عشرة خلت من شهر رمضان سنة ثلاث وعشرين من غزوة أصحاب الفيل، وقيل: ولد يوم عاشوراء، وقيل: في صفر، وقيل: في شهر ربيع الآخر (¬3). ¬

= الكلاب. ورؤوس كرؤوس السباع من روايات صحح أسانيدها ابن كثير في تفسيره 4/ 589 - 590 كما اختلفوا أيضا في ألوانها على ثلاثة أقوال: بيضاء أو سوداء أو خضراء. والبلسان: الزرازير، والله أعلم. انظر شرح الخشني 1/ 92، والنهاية في غريب الحديث 1/ 152، ولسان العرب مادة (بلس). (¬1) في (3): أهلكته. واختلفوا أيضا في صفة الحجارة، فقالوا كما ذكر المصنف، وقالوا: بل كان أصغرها كرأس الإنسان، وكبارها كالإبل. انظر زاد المسير 9/ 234، والروض الأنف 1/ 72. (¬2) هذا قول ابن إسحاق 1/ 53 وهو ما يفيده قول ابن سعد 1/ 92. وفي زاد المسير 9/ 235: هلك القوم جميعا، وقيل لم ينج إلا أبو يكسوم (أبرهة)، فسار حتى وصل إلى النجاشي فأخبره ثم مات. وكذا نقل ابن كثير: أنهم أصيبوا جميعا، ولم يرجع منهم مخبر إلا وهو جريح. . والخبر أخرجه ابن سعد 1/ 90 - 92. وأبو نعيم في الدلائل (86)، والحاكم مختصرا 2/ 535 وصححه الذهبي. (¬3) انظر هذه الأقوال في طبقات ابن سعد 1/ 100 - 101، وتاريخ خليفة 52 - 53، والبلاذري 1/ 92، والمسعودي 2/ 296، والروض الأنف 1/ 184، والوفا 86 -

[حمله وختانه صلى الله عليه وسلم]

[حمله وختانه صلى الله عليه وسلم]: لم تجد لحمله ثقلا، ولا وحما، وفي حديث شداد عكسه (¬1)، وجمع: بأن الثقل في ابتداء العلوق، والخفة عند استمرار الحمل، ليكون في ذلك خارجا عن المعتاد (¬2). مختونا، مسرورا (¬3)، مقبوضة أصابع يده، مشيرا بالسبابة كالمسبّح ¬

= 87، وتاريخ الإسلام للذهبي (السيرة) 22 - 27، والبداية والنهاية 2/ 242 - 244، وعيون الأثر 1/ 79 - 81. وقال الحافظ في فتح الباري في كتاب المناقب 6/ 659: والمشهور عند الجمهور أنه ولد في شهر ربيع الأول. . . وعن الزبير ابن بكار أنه ولد في شهر رمضان وهو شاذ. (¬1) حديث شداد أورده السيوطي في الخصائص الكبرى 1/ 56 وفيه: «أن رجلا من بني عامر سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم ما حقيقة أمرك؟ فقال: بدأ شأني أني دعوة إبراهيم، وبشرى أخي عيسى، وأني كنت بكر أمي، وأنها حملت بي كأثقل ما تحمل النساء، وجعلت تشتكي إلى صواحبها ثقل ما تجد. . .». وعزاه إلى أبي يعلى، وأبي نعيم، وابن عساكر. (¬2) ذكر الصالحي هذا التعليل للمؤلف، لكن عن كتابه الزهر الباسم، وقال: وبذلك صرح الحافظ أبو نعيم رحمه الله تعالى. انظر سبل الهدى 1/ 394 وأورده في المواهب 1/ 121 دون أن ينسبه. (¬3) في ختانه صلى الله عليه وسلم أوردوا حديث أنس رضي الله عنه يرفعه «من كرامتي على ربي أني ولدت مختونا ولم ير أحد سوأتي». أخرجه الطبراني في الصغير (936) والأوسط، وقال الهيثمي في المجمع 8/ 224: وفيه سفيان بن الفزاري وهو متهم به. قلت: لكن رواه أبو نعيم في الدلائل (91) وليس فيه سفيان. كما عزاه السيوطي إلى الخطيب وابن عساكر من طرق، وقال: وصححه الضياء في المختارة. (الخصائص 1/ 53)، و (تاريخ بغداد 1/ 329)، و (تاريخ دمشق قسم السيرة 1/ 211 - 212). وله شواهد من حديث العباس رضي الله عنه عند ابن سعد 1/ 103، ودلائل البيهقي 1/ 114، وأبي نعيم (92)، وحديث ابن عباس-

بها (¬1)، وقيل: إن جده ختنه يوم سابعه (¬2)، وقيل: جبريل (¬3). وختم حين وضعه بالخاتم، ذكره ابن عائذ (¬4). وسماه الله محمدا، قالته أمه، وقيل: إن جده سماه في سابعه (¬5). واختلف في مدة الحمل به، فقيل: تسعة أشهر، وقيل: عشرة، وقيل: ثمانية، وقيل: سبعة، وقيل: ستة (¬6). ¬

= وأبي هريرة وابن عمر رضي الله عنهم عند ابن عساكر (السيرة) 1/ 210 - 213، هذا ولابن القيم رحمه الله كلام حول مسألة الختان، انظره في زاد المعاد 1/ 81 - 82. (¬1) هكذا في الروض الأنف 1/ 181. (¬2) ذكره الذهبي في السيرة 27 وقال: وهذا أصح مما رواه ابن سعد (يعني حديث العباس). وعزاه الصالحي في السبل 1/ 420 لأبي عمر ونقل عن الحافظ العراقي: أن سنده غير صحيح. (¬3) روي ذلك عن أبي بكرة رضي الله عنه موقوفا. أخرجه الطبراني في الأوسط كما في مجمع الزوائد 8/ 224، وأبو نعيم في الدلائل (93)، وابن عساكر 1/ 209، وقال الذهبي: منكر (السيرة/28/)، وقال الهيثمي: فيه عبد الرحمن بن عيينة وسلمة بن محارب ولم أعرفهما، وبقية رجاله ثقات. (¬4) هو محمد بن عائذ، الإمام المؤرخ الصادق، صاحب المغازي أبو عبد الله القرشي الدمشقي الكاتب، متولي خراج الشام زمن المأمون (سير الذهبي 10/ 104 - 105). (¬5) ذكر الأول ابن إسحاق 1/ 157 - 158. والثاني أخرجه البيهقي في الدلائل 1/ 113. (¬6) أما تسعة الأشهر: فذكرها في سبل الهدى 1/ 395 - 396 عن ابن عائذ، ونقل عن الغرر المضية لابن الهائم أنه هو الصحيح، ثم ذكر بقية الأقوال الأخرى عدا الأخير. وقد ذكره القسطلاني في المواهب 1/ 146 دون أن ينسبه، وحكاه الشارح الزرقاني عن مغلطاي وغيره.

[من سمي بمحمد قبل ولادته صلى الله عليه وسلم]

[من سمّي بمحمد قبل ولادته صلى الله عليه وسلم]: ولمّا شاع قبل ولادته: أن نبيا اسمه محمد، هذا إبّان ظهوره، سمّى جماعة أبناءهم محمدا، رجاء أن يكون هو، منهم: محمد بن سفيان بن مجاشع (¬1)، ومحمد بن أحيحة بن الجلاح، ومحمد بن حمران، ومحمد بن مسلمة الأنصاري وفيه نظر (¬2)، ومحمد بن براء البكري (¬3)، ومحمد بن خزاعي السّلمي، ومحمد بن عدي بن ربيعة بن سعد المنقري، ومحمد بن عثمان بن ربيعة السّعدي وأظنهما واحدا (¬4)، ومحمد الأسيديّ، ومحمد الفقيميّ، ومحمد بن عثوارة الليثيّ، ومحمد بن حرماز العمريّ، ومحمد بن خولي الهمداني، ومحمد بن يزيد بن ربيعة، ومحمد بن أسامة بن مالك (¬5). ¬

(¬1) في (2) بعد هذا الاسم: (محمد بن مجاشع) تكرار. (¬2) قال الإمام السيوطي في الرياض/46/بعد أن نقل كلام مغلطاي: أي لأنه لم يكن موجودا قبل مولد النبي صلى الله عليه وسلم. وانظر السبل 1/ 505، والقاري في شرح الشفا 2/ 628. قلت: ترجم له الحافظ في الإصابة 6/ 33 على أنه صحابي وقال: وهو ممن سمي في الجاهلية محمدا ولم يزد. لكن قال الصالحي: إن محمد بن مسلمة هو محمد بن الحارث ذكره الحافظ في القسم الثالث من الإصابة. قلت: نعم ذكره 6/ 279 وقال: وهو أحد من سمي محمدا في الجاهلية ولكنه لم يشر على أنه محمد بن مسلمة. والله أعلم. (¬3) في السبل 1/ 504: محمد بن البرّ، بتشديد الراء من غير ألف بعدها. وفي شرح الشفا 2/ 628: محمد بن بدّاء البكري، بفتح موحدة وتشديد دال مهملة. وقال الملا: وفي نسخة صحيحة بباء موحدة، فراء ممدودة. قلت: وهذا الذي جرى عليه المصنف رحمه الله. (¬4) في (1): وأصلها واحد. تصحيف. (¬5) اقتصر ابن سعد 1/ 109 على ذكر خمسة من هؤلاء، وابن قتيبة في المعارف /556/، والسهيلي على ثلاثة فقط. والقاضي على سبعة، وأوصلها السخاوي-

[وفاة أبيه]

[وفاة أبيه]: توفي أبوه عليه الصلاة والسلام وهو حمل (¬1)، وقيل: قبل ولادته بشهرين (¬2)، وقيل: وهو في المهد (¬3)، وقيل: وهو ابن شهرين (¬4)، وقيل: وهو ابن سبعة أشهر، وقيل: وهو ابن ثمانية وعشرين شهرا (¬5). في دار النابغة، وقيل: بالأبواء (¬6). ¬

= في القول البديع إلى خمسة عشر، وفي السبل إلى ما دون العشرين. وقال القاضي 2/ 629: ثم حمى الله تعالى كلّ من تسمّى به أن يدّعي النبوة، أو يدّعيها أحد له، أو يظهر عليه سبب يشكك أحدا في أمره، حتى تحققت السّمتان له صلى الله عليه وسلم ولم ينازع فيهما. (¬1) هذا قول ابن إسحاق 1/ 158، والواقدي كما في الطبقات 1/ 99، وقال الواقدي وابن سعد: وهو الأثبت. وكذا نص البلاذري في أنساب الأشراف 1/ 92. (¬2) لم أجد هذا القول، وهو بمعنى الذي قبله، والله أعلم. (¬3) ذكره في الروض 1/ 184: عن الدولابي وغيره، وقال: وهو قول أكثر العلماء. (¬4) المصدر السابق عن ابن أبي خيثمة، ورواه الحافظ ابن عساكر 1/ 64 عن الزبير بن بكار. (¬5) هذا القول والذي قبله رواهما ابن سعد 1/ 100 من طريق الكلبي، ولكنه رجح كونه حملا. وانظر القولين أيضا: في دلائل البيهقي 1/ 187 - 188، والاستيعاب 1/ 33 - 34، والمنتظم 2/ 245. وفي المروج 2/ 296، والمقريزي 1/ 5 أقوال أخرى. (¬6) وكونه دفن في دار النابغة: فقد ذكره ابن سعد 1/ 99 وقال: وهو رجل من بني عدي بن النجار. وفي الكامل لابن الأثير 1/ 548: النابغة الجعدي؟!. كيف وهذا شاعر نجدي قدم المدينة في وفد قومه وأسلم؟ ثم في أكثر المصادر ضبطت كلمة (النابغة) هكذا بنون وعين معجمة، وفي عيون الأثر 1/ 79 -

[رضاعه صلى الله عليه وسلم]

وله حين توفي خمس وعشرون سنة، وقيل: ثمان وعشرون، وقيل: ثلاثون، وقيل: ثماني عشرة (¬1). [رضاعه صلى الله عليه وسلم]: وأرضعته ثويبة (¬2) عتيقة أبي لهب حين بشّرته بولادته عليه الصلاة ¬

= والمواهب اللدنية وسبل الهدى 1/ 400 ضبطت: (التابعة) بتاء وعين، ذكرها الصالحي والزرقاني عن مغلطاي في الزهر. هذا وقد ذكر الطبري 2/ 246 الكلمتين، والله أعلم. أما كون عبد الله والد الرسول صلى الله عليه وسلم دفن بالأبواء فقد تبع المصنف في ذلك المقريزي في إمتاع الأسماع 1/ 5، والقسطلاني في المواهب اللدنية 1/ 123. وقال المقريزي: والأول هو المشهور. (¬1) أما الأول فهو قول الواقدي كما في الطبقات 1/ 99، وذكره البلاذري 1/ 92 وقال: وقيل: ثمان وعشرون. قلت: وهذا هو القول الثاني الذي ذكره المصنف. وأما القول الثالث: ذكره أبو عمر في الاستيعاب 1/ 28 هكذا: تزوج عبد الله بن عبد المطلب آمنة وهو ابن ثلاثين سنة. وحيث إنه مات والرسول صلى الله عليه وسلم حمل فيكون عمره حين الوفاة ثلاثين. وأما كون عمره حين توفي ثماني عشرة: فقد ذكره السهيلي 1/ 185، وابن الجوزي في المنتظم 2/ 243، ونقله في السبل 1/ 399 عن الحافظين العلائي وابن حجر. (¬2) الخبر في الصحيح، أخرجه البخاري في النكاح، باب وَأُمَّهاتُكُمُ اللاّتِي أَرْضَعْنَكُمْ (5101)، ومسلم في الرضاع، باب تحريم الربيبة وأخت المرأة (1449)، وقد أرضعت معه صلى الله عليه وسلم سيدنا حمزة وأبا سلمة بن عبد الأسد المخزومي رضي الله عنهما، لكن ذكر السهيلي في الروض 1/ 186 بدل أبي سلمة: عبد الله بن جحش رضي الله عنه، وأظنه-والله أعلم-سبق قلم أو تصحيفا، لأن أبا سلمة اسمه عبد الله أيضا، ولأني لم أجد في التراجم من قال: بأن عبد الله بن جحش هو أخ للنبي صلى الله عليه وسلم من الرضاعة، هذا مع العلم بأن السهيلي ترجم لعبد الله بن جحش في موضع آخر 3/ 179 ولم يقل أنه كان أخا-

والسلام (¬1)، وقال أبو أحمد: أعتقها بعدما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم، فأثابه الله على ذلك بأن سقاه ليلة كل إثنين في مثل نقرة الإبهام (¬2) بلبان ابنها مسروح، وتوفيت ثويبة سنة سبع من الهجرة (¬3). قال أبو نعيم: ولا أعلم أحدا أثبت إسلامها غير ابن منده (¬4). وأرضعته أيضا حليمة بنت أبي ذؤيب السعدية-وصحح ابن حبان وغيره حديثا دل على إسلامها (¬5) -بلبان ابنها عبد الله أخي أنيسة ¬

= للنبي صلى الله عليه وسلم من الرضاعة، كما أني لم أجد من نبه على هذا، فالله أعلم. (¬1) هذا ما يفيده كلام الكلاعي في الاكتفاء 2/ 50 أنه أعتقها حينما بشرته بولادته صلى الله عليه وسلم، وقال في السبل 1/ 458 نقلا عن الغرر: وهو الصحيح. قلت: لكن ذكر الحافظ في الفتح عند شرح حديث البخاري السابق عن أهل السير أن عتقها كان بعد الإرضاع بدهر طويل. (¬2) هذا الخبر أيضا في الصحيح من نفس حديث البخاري السابق من قول عروة، وفيه أن الإرضاع كان بعد العتق، وعزاه الحافظ للسهيلي أيضا، قلت: أخرجه ابن سعد 1/ 108 عن عروة من طريق الواقدي لكنه أخرج خبرا آخر فيه أن عتقها كان بعد الهجرة-وهو ما يؤيد قول أبي أحمد الذي ذكر المصنف، وهو قول أبي عمر في الاستيعاب 1/ 28 أيضا-لكن ضعّفه صاحب الغرر كما في السبل 1/ 458. (¬3) كذا ذكر ابن سعد 1/ 109 وقال: مرجعه من خيبر، وكان يسأل عنها بعد أن هاجر، ويبعث إليها الصلة والكسوة حتى جاء خبر موتها، فسأل عن ابنها وقرابتها فقيل له: لم يبق أحد. (¬4) قول أبي نعيم هذا، ذكره عنه ابن الجوزي في المنتظم بمعناه، وذكره بنصه ابن الأثير في أسد الغابة 7/ 46، وساقه الحافظ في الإصابة 9/ 48 عن ابن منده. (¬5) أما إرضاع حليمة للنبي صلى الله عليه وسلم: فقد أخرجه ابن حبان (6335) من الإحسان، وصححه الحافظ في الإصابة، وأما إسلامها: فقد ترجموا لها في كتب-

وجدامة (¬1)، وهي الشيماء القادمة عليه، عليه الصلاة والسلام بحنين -وقيل: بل كانت أمّه حليمة (¬2) -أولاد الحارث بن عبد العزّى واختلف في إسلامه (¬3). ¬

= الصحابة، ولم أجد من شكك في إسلامها، إلا أن الذهبي في التجريد قال: ولم يذكروا ما يدل على إسلامها إلا ما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقسم لحما بالجعرانة، فأقبلت امرأة بدوية فلما دنت من رسول الله صلى الله عليه وسلم بسط لها رداءه فجلست، فقالوا: هذه أمه التي أرضعته. . وقال: وصرح أبو عمر بذكر اسم حليمة فيه. قلت: هذا الحديث أخرجه أبو داود في سننه كتاب الأدب باب في بر الوالدين (5144)، وأخرجه أبو يعلى أول مسند أبي الطفيل رضي الله عنه (896). وفيه عمارة بن ثوبان وثقه ابن حبان كما في تهذيب التهذيب 7/ 360 - 361 وقال الذهبي عنه في الميزان: لم يحدث عنه سوى ابن أخيه جعفر بن يحيى لكنه قد وثق. قلت: صرّح بإسلامها ابن عبد البر في الاستيعاب، وابن الجوزي في الحدائق 1/ 169، والمنتظم 2/ 270، وقد ألّف الحافظ مغلطاي رحمه الله جزءا في إيمان حليمة رضي الله عنها، ذكره الصالحي في السبل 1/ 466. (¬1) اختلف في ضبط هذه الكلمة، ففي الروض 1/ 186 عن ابن إسحاق: خذامة، بكسر الخاء المنقوطة، وعن غيره: حذافة، بالحاء المضمومة وبالفاء مكان الميم. وصحح الخشني 1/ 214 هذا الأخير، وذكر وجها ثالثا هو الذي أثبتناه حسب المخطوطة (1). (¬2) انظر الاستيعاب، والعيون 1/ 97، وسبل الهدى 1/ 466 - 468. (¬3) قال في الروض 1/ 185: ذكره يونس بن بكير في روايته عن ابن إسحاق. ثم ذكر قصة للحارث مع قريش، وفي آخرها: فأسلم الحارث بعد ذلك وحسن إسلامه. وقال ابن الجوزي في الحدائق 1/ 167 وهو يتحدث عن حليمة: ثم قدمت عليه بعد النبوة فأسلمت وبايعت وأسلم زوجها الحارث بن عبد العزى.

[حادثة شق الصدر]

[حادثة شق الصدر]: روى خالد بن معدان أن نفرا من الصحابة قالوا: يا رسول الله، أخبرنا عن نفسك. فقال: نعم، أنا دعوة أبي إبراهيم، وبشرى عيسى بن مريم، ورأت أمي حين وضعتني خرج منها نور أضاء له قصور الشّأم. وذكر ابن حبان أن ذلك كان في المنام، وفيه نظر (¬1). واسترضعت في بني سعد بن بكر، فبينا أنا مع أخ لي خلف بيوتنا نرعى بهما لنا، إذ أتاني رجلان عليهما ثياب بياض بطست من ذهب مملوءا ثلجا، فأخذاني، فشقا بطني، فاستخرجا قلبي، فاستخرجا منه علقة سوداء فطرحاها، ثم غسلا بطني وقلبي بذلك الثلج، ثم قال: زنه بمائة من أمته. فوزناني بهم فوزنتهم، ثم قال: زنه بألف من أمته. فوزنتهم، ثم قال: دعه، فلو وزنته بأمته لوزنها (¬2). وذكر أبو نعيم: أن ذلك كان وعمره عشر سنين (¬3). ¬

(¬1) أجاب عنه الإمام السيوطي في الخصائص 1/ 46: بأن الرؤيا كانت حين الحمل، وأما ليلة المولد فرأت ذلك رؤية العين. (¬2) أخرجه ابن إسحاق في السيرة 1/ 166 - 167، وقال ابن كثير في البداية والنهاية 2/ 256: وهذا إسناد جيد قوي. وأخرجه الحاكم في المستدرك 2/ 600 وصحح إسناده الذهبي، ورواه البيهقي من طريق الحاكم في الدلائل 1/ 145 - 146. وله عدة شواهد انظرها في مجمع الزوائد 8/ 222. (¬3) دلائل أبي نعيم 219 - 220 (166)، ويظهر أن هذا كان في حادثة أخرى، أخرجها عبد الله بن الإمام أحمد في زوائد المسند 5/ 139، وقال الهيثمي في المجمع 8/ 223: رواه عبد الله ورجاله ثقات وثقهم ابن حبان. كما أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (قسم السيرة) 1/ 375، وعزاه الحافظ في الفتح-أول كتاب الصلاة-إلى أبي نعيم في دلائله، وانظر الوفا لابن الجوزي/111/. قلت: الحادثة الأولى كانت وهو عند حليمة السعدية وعمره فوق السنتين بأشهر-

[خاتم النبوة وصفته]

[خاتم النبوة وصفته]: وختم بخاتم النبوة بين كتفيه وكان ينمّ مسكا (¬1). مثل زرّ الحجلة. ذكره البخاري (¬2). وفي مسلم: جمع عليه خيلان كأنها الثّاليل السود عند نغض كتفه (¬3). ¬

= كما في السيرة 1/ 164، وأربع سنوات كما عند ابن سعد 1/ 112، وأبي نعيم في الدلائل 1/ 161. كما ذكروا أن شق الصدر وقع مرة أخرى عند مجيء جبريل له صلى الله عليه وسلم بالوحي في غار حراء، وعزاها الحافظ إلى الطيالسي والحارث، والرابعة عند الإسراء به صلى الله عليه وسلم وهذه في البخاري كتاب الصلاة، باب كيف فرضت الصلوات في الإسراء (349)، والخامسة لا تثبت. انظر الفتح 1/ 549، والمواهب اللدنية 1/ 158 - 159، وتاريخ ابن عساكر قسم السيرة 1/ 370 - 389. (¬1) كأنه أخذه من حديث جابر رضي الله عنه قال: أردفني رسول الله صلى الله عليه وسلم خلفه، فالتقمت خاتم النبوة بفيّ، فكان ينمّ مسكا. رواه المزنيّ وإبراهيم الحربيّ في غريبه، وابن عساكر في تاريخه. (انظر الشفا للقاضي عياض 1/ 381 - 382، وسبل الهدى للصالحي 2/ 73). (¬2) أخرجه البخاري في عدة مواضع، أولها في الوضوء، باب استعمال فضل وضوء الناس (191). . ومسلم في الفضائل، باب إثبات خاتم النبوة. . (2345). والحجلة: الكلة التي تعلق على السرير ويزين بها للعروس وهي ذات أزرار وعرى، وجزم بهذا في الروض 1/ 206، وقال غيره: المراد بالحجلة الطير المعروف، وزرها بيضها، وبه قال الترمذي (3646). ورجح الإمام النووي 15/ 98 الأول وقال: وبه قال الجمهور. (¬3) أخرجه مسلم في الكتاب والباب السابقين (2346) وكلمة (السود) ليست فيه، لكنها في المسند 5/ 82 - 83 حيث أخرجه الإمام أحمد أيضا. ومعنى (جمع): أي كجمع الكف، وهي صورته بعد أن تجمع الأصابع وتضمها، وشذ السهيلي فقال: يعني كالمحجمة لا كجمع الكف. و (الخيلان): جمع خال، -

ويروى: غضروف كتفه اليسرى، وفي كتاب أبي نعيم: الأيمن (¬1). وفي مسلم أيضا: كبيضة حمامة (¬2). وفي صحيح الحاكم: شعر مجتمع (¬3). وفي البيهقي: مثل السّلعة (¬4). ¬

= وهو الشامة في الجسد. و (الثآليل): جمع ثؤلول، حبّ يظهر على الجسد كالحمصة فما دونها، وقال القرطبي في المفهم: نقط سود كانت على الخاتم، شبهها بها لسعتها، لا أنها كانت ثآليل. و (نغض) -وهذا لفظ المسند، وفي مسلم (ناغض) -: هو أعلى الكتف، وقيل: هو العظم الرقيق الذي على طرفه. (¬1) أما كونها عند كتفه اليسرى فقد جاء صريحا في لفظ مسلم من الحديث السابق: «عند ناغض كتفه اليسرى». قال الحافظ: قال العلماء: السر في ذلك أن القلب في تلك الجهة. قلت: ويؤيده ما ذكر السهيلي في الروض 1/ 191: أن ذلك الموضع منه يوسوس الشيطان لابن آدم، حيث يدخل خرطومه إلى قلبه يوسوس، فإذا ذكر الله تعالى العبد خنس. وأما كونه عند كتفه الأيمن فقد أورده السيوطي في الخصائص 1/ 60 عن سلمان رضي الله عنه وعزاه للبيهقي، وهي رواية شاذة كما في السبل 2/ 68. (¬2) أخرجه مسلم في الفضائل، باب شيبه صلى الله عليه وسلم وباب إثبات خاتم النبوة (2344) 109 و 110. (¬3) المستدرك 2/ 606 وصححه وأقره الذهبي. وأخرجه الإمام أحمد 5/ 341. وصححه الهيثمي في مجمع الزوائد 8/ 281. وأخرجه الترمذي في الشمائل /19/، وأبو يعلى (6811)، والطبراني في الكبير 17/ 27، وابن حبان كما في الموارد (2096)، والإحسان (6300). (¬4) دلائل النبوة 1/ 264 - 265 وهو أيضا في المسند 3/ 434 - 435 و 5/ 35 من حديث النعمان بن قرة عن أبيه، وأخرجه أيضا الإمام أحمد من حديث أبي رمثة 2/ 226، وصححه أحمد شاكر (7109)، ورواه البيهقي في الدلائل 1/ 265.

وفي الشمائل: بضعة ناشزة (¬1). وفي حديث عمرو بن أخطب: كشيء يختم (¬2) به. وفي تاريخ ابن عساكر: مثل البندقة (¬3). وفي الترمذي: كالتفاحة (¬4). وفي الروض: كأثر المحجم القابضة على اللحم (¬5). وفي تاريخ ابن أبي خيثمة: شامة خضراء محتفرة في ¬

(¬1) شمائل الترمذي (21) من حديث أبي سعيد رضي الله عنه، وأخرجه البيهقي في الدلائل 1/ 265 بلفظ: لحمة ناتئة. والإمام أحمد 3/ 69 بلفظ: لحم ناشز بين كتفيه. وفيه مقال، انظر المجمع 8/ 280. (¬2) هي رواية من الحديث السابق (كشعر مجتمع) أخرجها الطبراني في الكبير 17/ 28 ولفظه: (كأنه يختم). (¬3) مختصر تاريخ دمشق 2/ 164 وقد تحرفت فيه لفظة (بندقة) إلى (سرقة) وتمامه: من لحم مكتوب محمد رسول الله. وكذا أورده السيوطي في الخصائص 1/ 60 عنه وعن الحاكم في تاريخ نيسابور. قلت: وأخرجه ابن حبان كما في الإحسان (6302)، وضعفه الحافظ في الفتح 6/ 650، والهيثمي في الموارد (2097) وقال: اختلط على بعض الرواة خاتم النبوة بالخاتم الذي كان يختم به الكتب. (¬4) أخرجه الترمذي من حديث أبي موسى رضي الله عنه في المناقب، باب ما جاء في بدء نبوة النبي صلى الله عليه وسلم (3624)، وقال: حسن غريب. كما أخرجه أبو نعيم في الدلائل (109)، ويشهد له ما أخرجه الإمام أحمد في المسند 4/ 163 من حديث أبي رمثة رضي الله عنه، وإسناده صحيح كما قال الذهبي في تاريخ الإسلام قسم السيرة/433/. (¬5) الروض الأنف 1/ 206. وفي السيرة 1/ 182: قال ابن هشام: وكان مثل أثر المحجم.

اللحم (¬1). وفيه أيضا: كشامة سوداء، تضرب إلى الصّفرة، حولها شعرات متراكمات، كأنها عرف الفرس (¬2). وفي تاريخ القضاعي: ثلاث شعرات مجتمعات (¬3). وفي كتاب أبي عمر كركبة عنز (¬4). وفي كتاب الترمذي الحكيم: كبيضة حمام مكتوب في باطنها: الله وحده لا شريك له، وفي ظاهرها توجّه حيث شئت، فإنك منصور (¬5). وفي كتاب المولد لابن عائذ: كان نورا يتلألأ (¬6). وفي سيرة ابن أبي عاصم: عذرة كعذرة الحمامة. قال أبو أيوب: ¬

(¬1) ذكرها في السبل 2/ 66 عن ابن أبي خيثمة، وحرفت فيه كلمة (محتفرة) إلى (مختضرة). (¬2) ذكره في الخصائص 1/ 60 عن ابن أبي خيثمة في تاريخه من رواية السيدة عائشة رضي الله عنها وفيه (متراكبات)، كما هو في (2) و (3)، وما أثبته من (1)، ويؤيده ما جاء في المواهب 1/ 161، حيث نقله عن المصنف، والله أعلم. (¬3) كذا في السبل 2/ 66 أيضا. (¬4) سقطت هذه الفقرة من (2) و (3) والالتباس واضح. وهي جزء من حديث عزاه أيضا السهيلي إلى أبي عمر في الاستيعاب، وأخرجه الطبراني كما في مجمع الزوائد 8/ 281 وقال: فيه من لم أعرفه. وكذا ضعفه الحافظ في الإصابة 6/ 651. (¬5) عزاه للحكيم أيضا الصالحي في السبل 2/ 66 نقلا عن ابن دحية واستنكره. وعزاه السيوطي في الخصائص 1/ 60 لأبي نعيم عن سلمان رضي الله عنه. قال عنه الحافظ في الإصابة: لا يثبت. وقال صاحب المورد: حديث باطل. (¬6) كذا في سبل الهدى 2/ 66، ولم يزد.

يعني قرطمة الحمامة (¬1). وفي تاريخ نيسابور: مثل البندقة من لحم مكتوب فيها باللحم: محمد رسول الله (¬2). وعن عائشة رضي الله عنها: كتينة صغيرة، تضرب إلى الدّهمة، وكان مما يلي الفقار، قالت: فلمسته حين توفي، فوجدته قد رفع (¬3). ¬

(¬1) كذا نقله الصالحي أيضا (السبل 2/ 67)، وفي القاموس: وقرطمتا الحمام: نقطتان على أصل منقاره. (¬2) تقدم تخريجه والحديث عنه قبل قليل. (¬3) عزاه في (الزهر) الباسم إلى الحاكم في تاريخه، وقال الصالحي 2/ 73: وما إخاله صحيحا. قلت: نقل صاحب المواهب 1/ 160 - 162 هذا الفصل بكامله وبلفظه وعزاه للحافظ مغلطاي. وقال الحافظ في الفتح عند شرح الحديث (3541) المتقدم: وأما ما ورد من أنها كانت كأثر محجم، أو كالشامة السوداء أو الخضراء، أو مكتوب عليها «محمد رسول الله» أو «سر فأنت المنصور» أو نحو ذلك، فلم يثبت منها شيء. وقال الإمام السيوطي في الخصائص 1/ 60: قال العلماء: اختلفت أقوال الرواة في خاتم النبوة، وليس ذلك باختلاف، بل كل شبه بما سنح له. . . وكلها ألفاظ مؤداها واحد، وهو قطعة لحم.

أهم الأحداث التي وقعت قبل البعثة [وفاة أمه]

أهم الأحداث التي وقعت قبل البعثة [وفاة أمه]: ماتت أمه صلى الله عليه وسلم وهو ابن أربع، وقيل: ستة، وقيل: سبع، وقيل: تسع سنين، وقيل: خمس، وقيل: اثنتي عشرة سنة وشهر وعشرة أيام (¬1). بالأبواء، وقيل: بشعب أبي دبّ بالحجون (¬2). ¬

(¬1) أما الأربع: فهي قول واحد لابن حبان في سيرته/57/، وأخرجها ابن عساكر من طريق الزبير بن بكار، انظر تاريخ دمشق القسم الأول من السيرة/64/، ومختصره 2/ 35. كما ذكرها ابن الجوزي في التلقيح/13/ولكن بلفظ التضعيف، وانظر إمتاع الأسماع/7/. وأما الست: فهي المشهورة، وهي من كلام ابن إسحاق في السيرة 1/ 168، وابن سعد في الطبقات 1/ 116. وقال البلاذري في أنساب الأشراف 1/ 94: وهو الثبت. وأما السبع: فهي للمسعودي صاحب المروج 2/ 297، وابن عبد البر في الاستيعاب 1/ 34. وأما التسع: فلم أجدها إلا في المواهب 1/ 168، والسبل 2/ 163 دون عزو، وذكروا مكانها: الثماني، وهي قول ابن حبيب في المحبر/9/وأوردها أبو عمر 1/ 34 عنه، وانظر عيون الأثر 1/ 99. وأما القول الأخير فلم أجده أيضا إلا في المواهب والسبل، وأظنهما قد أخذاه مع الذي قبله عن المؤلف، والله أعلم. وسوف يكرر هذين التاريخين في كفالة عمه له، والله أعلم. (¬2) أما الأبواء فهو القول المقدم في كتب السيرة، وقال ابن القيم في الزاد 1/ 76: لا خلاف في ذلك. قلت: والأبواء قرية من أعمال الفرع بين المدينة ومكة، قبل الجحفة مما يلي المدينة. وأما القول الثاني وهو شعب أبي دب: فقد ذكره البلاذري في أنساب الأشراف 1/ 95 وقال: وذلك غير ثبت، وقال ابن سعد: -

[وفاة جده]

وكانت أمّ أيمن بركة دايته وحاضنته. بعد موت أمه (¬1). [وفاة جده]: ومات جده عبد المطلب كافله، وله ثماني سنين، وقيل: ثماني سنين وشهر وعشرة أيام، وقيل: تسع، وقيل: عشر، وقيل: ستة، وقيل: ثلاث؛ وفيه نظر (¬2). وله عشر ومائة سنة، ويقال: اثنتان وثمانون سنة، ويقال: بلغ مائة وأربعين سنة، ويقال: خمسا وتسعين سنة (¬3). ¬

= وهذا غلط، وليس قبرها بمكة، وقبرها بالأبواء. قلت: وقد أورد ابن الجوزي في الوفا عدة شواهد على وجود قبرها بمكة، ثم جمع بين القولين فقال: يجوز أن تكون توفيت بالأبواء ثم حملت إلى مكة فدفنت فيها. (الوفا/116/، والمنتظم 2/ 273). هذا وقد حرّفت كلمة (أبي دب) إلى (أبي ذر) في الطبري 2/ 166 وإلى (أبي ذئب) في المواهب 1/ 168. وانظر تاريخ مكة للأزرقي 2/ 209 - 210، ومعجم البلدان (شعب أبي دب) حيث أوردا أيضا خبر وفاة آمنة، وأضاف الأزرقي: «وقال بعضهم: قبرها في دار رائعة». والحجون: جبل بأعلى مكة، عنده مدافن أهلها، وفيه قبر أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها. (¬1) انظر الطبقات 1/ 116، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لها: أنت أمي بعد أمي. وسوف أترجم لأم أيمن رضي الله عنها في فصل (خدمه وإمائه) صلى الله عليه وسلم. (¬2) أما الثماني سنين فهي قول ابن إسحاق في السيرة 1/ 169، وابن سعد في الطبقات 1/ 119، وعليه أكثر المصادر. وأما الزيادة عليها بشهر وعشرة أيام، فقد ذكرها ابن حبيب في المحبر/10/، وابن الجوزي في التلقيح/13/، إلا أن فيهما (وشهران وعشرة أيام)، فالله أعلم. وأما العشرة: فقد ذكرها الطبري في التاريخ 2/ 166. وأما الثلاث: فهي لابن عبد البر في الاستيعاب 1/ 34، ويعضدها ما رواه ابن الجوزي في المنتظم 2/ 282: توفي أبو طالب وقد أتى على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمانية وعشرون شهرا. (¬3) الأول والثاني لابن سعد 1/ 119، وأضاف ثالثا لم يذكره المصنف وهو: ابن-

[كفالة عمه]

[كفالة عمه]: فكفله أبو طالب-واسمه عبد مناف، وقيل: اسمه كنيته، فيما ذكره الحاكم، وفيه نظر-بوصية أبيه عبد المطلب ولكونه شقيق عبد الله (¬1). [الخروج إلى الشام]: فلما بلغ اثنتي عشرة سنة، وقيل: تسعا، وقيل: اثنتي عشرة سنة وشهرا وعشرة أيام (¬2)، وقيل: لعشر خلون من ربيع الأول سنة ثلاث عشرة من ¬

= عشرين ومائة سنة. وأما المائة والأربعون سنة فقد أفادها ابن سيد الناس في العيون 1/ 103، وكذلك ذكر التي بعدها ونسبها إلى الزبير. (¬1) نصّ كلام الحاكم كما في الإصابة 7/ 235: أكثر المتقدمين على أن اسمه كنيته. وقال الحافظ: واسمه عبد مناف على المشهور، وقيل: عمران. قلت: أما عبد مناف فذكره ابن إسحاق 1/ 108، وابن سعد 1/ 121. ولم يذكر غيره في الروض. وأضاف ابن سعد عن الكلبي أن له ابنا يسمى طالبا. وذكر ابن سعد 1/ 118 أنه لما حضرت عبد المطلب الوفاة أوصى أبا طالب بحفظ رسول الله صلى الله عليه وسلم وحياطته. وقال ابن إسحاق: وأم عبد الله وأبي طالب والزبير وجميع النساء غير صفية: فاطمة بنت عمرو. وقال ابن الجوزي في الوفا /127/: إن في سبب تقديم أبي طالب ثلاثة أقوال: أحدها: وصية عبد المطلب إليه. والثاني: أنهما اقترعا-يعني أبا طالب والزبير-فخرجت القرعة لأبي طالب. والثالث: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اختاره. (¬2) الأول لابن سعد 1/ 121، وعليه الأكثر. والثاني لابن الكلبي، أخرجه الطبري 2/ 278، وهو قول ابن حبيب في المحبر/9/، وانظر المنتظم 2/ 289. وأما القول الأخير فقد ذكره ابن الجوزي في المنتظم 2/ 292، والتلقيح/13/، والمقريزي في الإمتاع/8/وعندهما: اثنتا عشرة سنة (وشهران) وعشرة أيام. هذا وذكر في المروج 2/ 297: /ثلاث عشرة/.

الفيل (¬1)، خرج مع عمه أبي طالب إلى الشأم، حتى بلغ بصرى، فرآه بحيرا -واسمه جرجيس (¬2) -فعرفه بصفته، فقال وهو آخذ بيده: هذا سيد العالمين، هذا يبعثه الله رحمة للعالمين. فقيل له: وما علمك بذلك؟ فقال: إنكم حين أشرفتم من العقبة (¬3)، لم يبق شجر ولا حجر إلا خر ساجدا، ولا يسجدان (¬4) إلا لنبي، وإنا نجده في كتبنا. وسأل أبا طالب أن يردّه خوفا عليه من اليهود (¬5). وخرّج الترمذي وحسنه، والحاكم وصححه، أن في هذه السفرة أقبل سبعة من الروم يقصدون قتله عليه الصلاة والسلام، فاستقبلهم بحيرا، فقال: ما جاء بكم؟ قالوا: إن هذا النبي خارج في هذا الشهر. فلم يبق طريق إلا بعث إليه بأناس، فقال: أفرأيتم أمرا أراد الله أن يقضيه، هل ¬

(¬1) يعني تاريخ خروجه صلى الله عليه وسلم إلى الشام، وانظر هذا القول في تاريخ دمشق قسم السيرة 1/ 10، وإمتاع الأسماع 1/ 8، وقال المسعودي 2/ 310، وأبو عمر 1/ 34: ثلاث عشرة دون ذكر اليوم والشهر. (¬2) هكذا في الجميع، ويؤيده ما أثبته الصالحي في السبل 2/ 195 عن الإشارة والزهر. وهو موافق لاسم النبي جرجيس عليه السلام، وفي مروج الذهب 1/ 72 (سرجس). ونقلها عنه السهيلي 1/ 205، والصالحي 2/ 195، بينما ذكرها الحافظ عن المسعودي في الإصابة عند ترجمة بحيرا كما أثبتها المؤلف، والله أعلم. وأما (بحيرا) فرسمت هكذا بألف ممدودة، كما رسمت بألف مقصورة، وفي القاموس: بحيرى: اسم. وهكذا ضبطها صاحب المواهب 1/ 187 بألف مقصورة. (¬3) هكذا في (1) وهو ما عليه المصادر كما سوف أخرج، وفي (2) و (3): حين أشرفتم (به) من العقبة. (¬4) في (1): ولا (يسجدن)، وعند أبي نعيم: ولا (يسجد)، وفي المستدرك: ولا (تسجد) ويؤيد ما أثبته: رواية الترمذي، والله أعلم. (¬5) هذا الكلام هو من رواية الترمذي وأبي نعيم والحاكم كما سوف أخرج.

[بعض الأحداث]

يستطيع أحد من الناس رده؟ قالوا: لا. قال: فبايعوه وأقاموا معه، ورده أبو طالب، وبعث معه أبو بكر بلالا (¬1). وفيه وهمان: الأول: بايعوه على أي شيء؟. الثاني: أبو بكر لم يكن حاضرا ولا كان في حال من يملك، ولا ملك بلالا إلا بعد ذلك بنحو ثلاثين عاما (¬2). [بعض الأحداث]: ولما بلغ عليه الصلاة والسلام ست عشرة سنة: ولد أبو طلحة الأنصاري، ولما بلغ سبع عشرة سنة: ولد حاطب بن أبي بلتعة، وفي الثامنة عشرة: ولد خباب بن الأرت، ومحمد بن مسلمة الأنصاري، وفي التاسعة عشرة: صار ملك فارس إلى أبرويز بن هرمز فيما ذكره العتقي (¬3). ¬

(¬1) أخرجه الترمذي في المناقب، باب ما جاء في بدء نبوة النبي صلى الله عليه وسلم (3624)، وأبو نعيم في الدلائل (109)، والحاكم في المستدرك 2/ 615 - 616. (¬2) يعني أن أبا بكر رضي الله عنه كان صغيرا لا يملك، وهذا هو سبب تضعيفهم للحديث، لذلك قال الذهبي في تلخيص المستدرك: أظنه موضوعا، فبعضه باطل. وقال ابن سيد الناس 1/ 108: ليس في إسناد هذا الحديث إلا من خرّج له في الصحيح. . . ومع ذلك ففي متنه نكارة. وقال الحافظ في الإصابة 1/ 353: الحديث رجاله ثقات، وليس فيه منكر إلا هذه اللفظة، فتحمل على أنها مدرجة فيه، مقتطعة من حديث آخر وهما من أحد رواته. (وانظر المواهب 1/ 188، والسبل 2/ 193). (¬3) خبر تمليك أبرويز: في الطبري 2/ 176 ولم يحدد لذلك تاريخا، وأفاد بأن اسمه كسرى أيضا وأبرويز لقب، وتفسيره بالعربية: المظفر. وكان من أشد ملوكهم بطشا وأنفذهم رأيا. وفي المنتظم 2/ 303: حدد ولايته في السنة التاسعة عشرة من مولده صلى الله عليه وسلم.

[حرب الفجار]

[حرب الفجار (¬1)]: ولما بلغ عليه الصلاة والسلام عشرين سنة، وقيل: أربع عشرة سنة (¬2)، حضر مع عمومته حرب الفجار في شوال (¬3)، وكان بين قريش وهوازن، وسمي بذلك لكونه في الأشهر الحرم، وأيام الفجار أربعة، كذا قاله السهيلي (¬4)، والصواب: ستة، ورمى فيه بأسهم (¬5)، وكانت قبله ثلاثة أفجرة، وزاد أبو عبد الرحمن العتقي رابعا في الأنصار (¬6). ¬

(¬1) الفجار-بكسر الفاء-بمعنى المفاجرة، كالقتال والمقاتلة، وذلك أنه كان قتالا في الشهر الحرام، ففجروا فيه جميعا، فسمي الفجار. أفاده السهيلي 1/ 209 وهو قول أبي عبيدة كما في العقد 6/ 102. (¬2) الأول: هو لابن إسحاق 1/ 186، وابن سعد 2/ 128، وذكره البلاذري 1/ 103 عن هشام الكلبي. وقال: ومن قال إنه صلى الله عليه وسلم كان ابن أربع عشرة سنة فقد غلط. والثاني: قاله ابن هشام في السيرة أيضا 1/ 184، وفيها: أو خمس عشرة سنة. وقال في المنتظم 2/ 298: والأول أصح. يعني الأربع عشرة سنة لا العشرين. (¬3) كذا حدده الواقدي كما في الطبقات 1/ 128. (¬4) الروض الأنف 1/ 209. وقاله قبله الجوهري في الصحاح مادة (فجر)، وقبله المسعودي في المروج 2/ 294، وقبله ابن عبد ربه في العقد 6/ 101 - 103، وقبله ابن حبيب في المنمق 160 - 185 وهو أوسع من تكلم عنها، ثم يليه صاحب العقد. ثم قالوا: إن الفجار الرابع خمسة أيام في أربع سنين (المنمق /182، والعقد 6/ 109). (¬5) أخرجه ابن سعد 1/ 128 عن الواقدي. وقال ابن إسحاق: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كنت أنبّل على أعمامي». أي أرد عليهم نبل عدوهم إذا رموهم بها. (¬6) ذكر ابن الأثير في الكامل 1/ 534 - 536 فجارين للأنصار غير أفجرة قريش وهوازن.

[حلف الفضول]

[حلف الفضول]: وحضر حلف الفضول، وهو حلف عقدته قريش على نصر كلّ مظلوم (¬1) بمكة. [رعيه الغنم]: وكان يرعى غنم أهله بأجياد على قراريط (¬2). ¬

(¬1) ذكر البيهقي في السنن الكبرى 6/ 367، والسهيلي في الروض 1/ 155 - 156 عن ابن قتيبة في سبب تسميته بحلف الفضول: أن ثلاثة من جرهم كل واحد منهم اسمه الفضل، تحالفوا على نفس ما تحالفت عليه قريش من نصرة المظلوم، فلما أشبه حلف قريش ذلك الحلف سموه باسمه. وقال السهيلي: هذا حسن، ثم قال: ورد في الحديث ما هو أقوى منه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لقد شهدت في دار عبد الله بن جدعان حلفا لو دعيت به في الإسلام لأجبت، تحالفوا أن ترد الفضول على أهلها ولا يعزّ ظالم على مظلوم» رواه الحميدي. وقال الصالحي 2/ 209: الظاهر أن قوله: تحالفوا. . . إلى آخره، مدرج من بعض رواته، وليس بمرفوع، فلا دلالة حينئذ فيه. قلت: ويؤيد قول الصالحي أن الحديث روي في السيرة 1/ 134، والطبقات 1/ 129، وسنن البيهقي 6/ 367، كما روي بلفظ حلف المطيبين عند الإمام أحمد 1/ 190 بسند صحيح، وابن حبان كما في الموارد (2062)، وليس فيه تلك الزيادة. وانظر في التعليق على كلمة (المطيبين) كلام الإمام البيهقي في السنن 6/ 367، وانظر أسبابا أخرى لتسمية حلف الفضول في المنمق/279/. (¬2) أخرجه الإمام البخاري بلفظ: «ما بعث الله نبيا إلا رعى الغنم» فقال له أصحابه: وأنت؟ فقال: «نعم، كنت أرعاها على قراريط لأهل مكة». كتاب الإجارة، باب رعي الغنم على قراريط (2262). وأما لفظة (أجياد) فقد وردت في حديث آخر عن ابن حزن أخرجه النسائي في التفسير (344)، وانظر تحفة الأشراف 9/ 8، وأخرجه أبو داود الطيالسي (1311)، كما أخرجه الإمام أحمد-

[بعض الأحداث]

[بعض الأحداث]: ولما بلغ اثنتين وعشرين سنة: ولد ابن مسعود، وفي سنة ثلاث: ولد سعد بن أبي وقاص، وفي سنة أربع: ولد الزبير فيما قاله العتقي. [الخروج ثانيا إلى الشام]: ثم خرج ثانيا مع ميسرة غلام خديجة بنت خويلد بن أسد في تجارة لها، وكانت استأجرته على أربع بكرات (¬1)، ويقال: استأجرت معه رجلا آخر من قريش، حتى بلغ سوق بصرى (¬2)، وقيل: سوق حباشة بتهامة (¬3)، ¬

= 3/ 96، وعبد بن حميد (896)، من حديث أبي سعيد رضي الله عنه. قال الحافظ: والقراريط: الذي هو جزء من الدينار أو الدرهم. وقال إبراهيم الحربي كما في الوفا/139/: قراريط: موضع. ورجح الحافظ: الأول. وفي الحكمة من رعي الغنم، قال السهيلي 1/ 192: وإنما جعل الله هذا في الأنبياء تقدمة لهم، ليكونوا رعاة الخلق، ولتكون أممهم رعايا لهم. (¬1) البكرات: جمع بكرة، وهي الفتيّة من الإبل. (¬2) هذه رواية ابن سعد 1/ 130، وبصرى: قرية بالشام من أعمال دمشق، وهي قصبة كورة حوران. (¬3) هذه رواية عبد الرزاق 5/ 320، والدولابي في الذرية الطاهرة (9) كلاهما عن الزهري، وأوردها في معجم البلدان عنه، وقال: سوق من أسواق العرب في الجاهلية، ونقل عن أبي عبيدة: وهي سوق لقينقاع، وهكذا ذكرهما المجد في القاموس. وفي بلوغ الأرب للآلوسي 1/ 267: كانت في ديار بارق نحو (قنونا) من مكة إلى جهة اليمن، ولم تكن من مواسم الحج، وإنما كانت تقام في رجب. وقال في ص/270/: وكان آخر ما ترك من الأسواق المذكورة سوق حباشة في زمن داود بن عيسى العباسي سنة سبع وتسعين ومائة. قلت: وذكر سوق حباشة هنا قد يكون في سفرة أخرى، لأنه لم يذكر في هذه الرواية بقية الخبر. ثم إني وجدت الطبري في التاريخ 2/ 282 ينقل عن محمد بن-

[الزواج من خديجة رضي الله عنها]

وله إذ ذاك خمس وعشرون سنة، لأربع عشرة ليلة بقيت من ذي الحجة (¬1). فنزل تحت ظلّ شجرة، فقال نسطور (¬2) الراهب: ما نزل تحت هذه الشجرة إلا نبيّ-واستشكل (¬3) -، وفي رواية: بعد عيسى (¬4). وكان ميسرة يرى في الهاجرة ملكين يظلاّنه من الشمس (¬5). [الزواج من خديجة رضي الله عنها]: وتزوجها بعد ذلك بشهرين وخمسة وعشرين يوما في عقب صفر سنة ¬

= سعد عن الواقدي بأن هذا غلط. والله أعلم. (¬1) تحديد اليوم والشهر ليس في روايات الخبر كما سوف أخرج، وذكرها الحافظ ابن عساكر في تاريخ دمشق (السيرة 1/ 10). (¬2) هكذا رسمت بدون ألف بعد الراء في جميع النسخ، وهي كذلك في طبقات ابن سعد، وتاريخ دمشق، وشرح الخشني، والإصابة، بينما ضبطه الصالحي في السبل 2/ 220: (نسطورا) بنون مفتوحة، فسين ساكنة، فطاء مضمومة مهملتين، قال في النور: وألفه مقصورة، كذا أحفظه. (¬3) لبعد العهد بالأنبياء قبل ذلك، والشجرة لا تعمر في العادة هذا العمر الطويل، ويبعد في العهد أن تكون شجرة تخلو من أن ينزل تحتها أحد. (انظر الروض الأنف 1/ 211)، وأجاب عنه بقوله: يريد: ما نزل تحتها هذه الساعة إلا نبي، ولم يرد: ما نزل تحتها قط إلا نبي. قلت: وكلام السهيلي متعقّب. (انظر سبل الهدى 2/ 218 - 219). (¬4) أشار إليها في الروض 1/ 212 وأخرجها الواحدي في أسباب النزول/254 - 255/عن ابن عباس من رواية عطاء. وذلك عند الكلام على آية حَتّى إِذا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً من سورة الأحقاف. (¬5) أخرج هذا الخبر ابن سعد في الطبقات 1/ 129 - 131، وأبو نعيم في الدلائل (110)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (السيرة 1/ 10 - 11)، وانظر السيرة 1/ 187 - 188.

ستّ وعشرين (¬1). وقيل: كان سنه: إحدى وعشرين سنة، وقيل: ثلاثين. وقال ابن جريج: وله سبع وثلاثون سنة. وقال البرقي: تسع وعشرون قد راهق الثلاثين (¬2). وخديجة يومئذ ابنة أربعين سنة، وقيل: خمس وأربعين، وقيل: ثلاثين، وقيل: ثمان وعشرين (¬3). وكانت أولا عند عتيق بن عابد (¬4)، فولدت له عبد الله، وقيل: عبد مناف وهندا (¬5). ¬

(¬1) هذا قول أبي عمر في الاستيعاب 1/ 35 وعزاه الصالحي 2/ 224 إلى ابن إسحاق في المبتدأ. (¬2) انظر هذه الأقوال وغيرها في أنساب الأشراف 1/ 98، وأوائل العسكري /77/، والروض 1/ 216، والاستيعاب 1/ 35، وعيون الأثر 1/ 115، وزاد المعاد 1/ 77، وإمتاع الأسماع 1/ 9 - 10، وسبل الهدى 2/ 225. قلت: والقول الأول وهو ابن خمس وعشرين هو الذي في السيرة من كلام ابن هشام 1/ 187، وابن سعد في الطبقات 1/ 132، والدولابي في الذرية الطاهرة (15). وعليه الجمهور كما قال الحافظ في الفتح 7/ 167. (¬3) كذا في تهذيب الإمام النووي 2/ 342 لكنه قدم الخمس والأربعين. والأربعون هو قول ابن سعد 1/ 132 و 8/ 17 عن الواقدي، والطبري 2/ 280 عن الكلبي، وقال البلاذري 1/ 98: وذلك الثبت عند العلماء. وانظر السبل 2/ 225. (¬4) هكذا رسمت (عابد) في الجميع، وهي كذلك في السيرة والطبقات والطبري وأنساب الأشراف والإكمال. كما رسمت: (عائذ) في بعض المصادر الأخرى، وصوّب الأول ابن سيد الناس في العيون 1/ 119. (¬5) في السيرة 2/ 644: فولدت له عبد الله وجارية، وفي ابن سعد 8/ 15، والبلاذري 1/ 407، والطبري 3/ 161، اقتصروا على ذكر الجارية، وسماها-

ثم خلف عليها أبو هالة النباش ابن زرارة، فولدت له هندا والحارث وزينب (¬1). وكانت تكنى أم هند، وتدعى الطاهرة (¬2). وولي تزويجها عمّها عمرو بن أسد، وقيل: أخوها عمرو بن خويلد، وقيل: أبوها (¬3). ¬

= البلاذري هندا. (¬1) اختلفوا أيضا في اسمه وأولاده، وما ذكره المصنف هو لأبي عبيد، وسماه الزبير: مالكا، وسماه ابن منده: زرارة، وسماه العسكري هندا (انظر الفتح 7/ 167). ولم يذكر له ابن إسحاق من الولد إلا هندا وزينب. وهند هذا رجل كما في الطبقات 8/ 15 وأسد الغابة والإصابة. وفي الطبراني أن خديجة ولدت له: هندا وهالة، أخرجه عن الزبير (انظر مجمع الزوائد 9/ 219) وبه قال ابن سعد أيضا 8/ 15، وقال: وهالة: رجل. قلت: وبه كان يكنى. وذكر (الحارث): ابن حزم في السيرة/32/، وجمهرة الأنساب/210/وقال فيها: قيل: إنه أول من قتل في سبيل الله عز وجل في الإسلام تحت الركن اليماني. وانظر أوائل العسكري/148/: (أول من استشهد في الإسلام). قلت: واختلفوا فيمن تزوج خديجة رضي الله عنها أولا: عتيق كما نص المصنف أو أبو هالة؟ ففي الطبقات 8/ 15 أبو هالة أولا، ونسبه في الاستيعاب إلى الأكثر. والقول الأول هو لقتادة، وبه قال ابن إسحاق 2/ 643 - 644، والطبري 3/ 161، وانظر الإصابة 7/ 600. (¬2) انظر طبقات ابن سعد 8/ 15، وعن الزبير بن بكار: كانت تدعى قبل البعثة الطاهرة، أخرجه الطبراني في الكبير 22/ 448. (¬3) كون عمها هو الذي ولي تزويجها: قال به الواقدي كما في الطبقات 1/ 133 و 8/ 16، وقال: وهذا المجمع عليه عند أصحابنا. وقال: فإن أباها مات يوم الفجار، وفي رواية: قبل يوم الفجار. وغلّط من قال: إنه أبوها، وكذلك قال ابن الجوزي في الوفا/142/. قلت: وعزاه في الروض 1/ 213 للمبرد-

[بناء الكعبة]

أصدقها اثنتي عشرة أوقية ونشا، وقيل: عشرين بكرة (¬1). وذكر يعقوب بن سفيان الفسوي في كتاب ما روى أهل الكوفة مخالفا لأهل المدينة: أن عليا ضمن المهر، وهو غلط، كان علي إذ ذاك صغيرا لم يبلغ سبع سنين (¬2). [بناء الكعبة]: ولما بلغ خمسا وثلاثين سنة (¬3)، خافت قريش أن تنهدم الكعبة من ¬

= وطائفة، وصححه. وعزاه في الفتح 7/ 167 للكلبي. وأما كونه أخاها: فهي رواية لابن إسحاق 2/ 643. وأما كونه أباها، فقد ورد في عدة روايات، وقال به ابن إسحاق 1/ 190، وانظر مسند الإمام أحمد 1/ 312، والطبراني في الكبير 2/ 209 و 12/ 186، وكشف الأستار 3/ 237 - 238، والذرية الطاهرة (11)، والبيهقي في الدلائل 2/ 70، وانظر كتاب أزواج النبي صلى الله عليه وسلم-بتحقيقنا- /56/حيث خرّجت هذه الروايات ونقلت كلام الأئمة فيها. (¬1) أما الأول: فهو قول البلاذري في الأنساب 1/ 97، وأخرجه ابن سعد عن الكلبي 8/ 16 - 17، والدولابي في الذرية الطاهرة/14/وفيهما: (اثنتي عشرة أوقية) أضاف الدولابي: (ذهب). (¬2) وأخرجه أيضا العسكري في الأوائل/78/ولكنه تعقبه بقوله: ولو كان ذلك كذلك، لكان لعلي يوم استشهد أكثر من سبعين سنة، ولم يقل هذا أحد. وذكر الصالحي 2/ 225 ما حكاه مغلطاي وقال: وتعقبه الحافظ في الحاشية، وكذلك صاحب (الغرر)، بأن عليا رضي الله عنه لم يكن قد ولد بعد. (¬3) هذا هو المشهور، وهو قول ابن إسحاق 1/ 192، وفي تاريخ مكة للأزرقي 1/ 161: ورسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ غلام لم ينزل عليه الوحي، لكن ضعفه الحافظ في الفتح 7/ 516 (باب فضل مكة وبنيانها). هذا وسوف يأتي قول آخر وأخرجه إن شاء الله.

السيول (¬1)، فأمروا باقوم النجار النّبطيّ (¬2) الذي قيل: إنه هو الذي عمل منبره صلى الله عليه وسلم من طرفاء الغابة- وقيل: الذي عمل منبره، اسمه مينا، وقيل: إبراهيم، وقيل: صباح، وقيل: باقول، وقيل: ميمون، وقيل: قبيصة، فيما ذكره ابن بشكوال (¬3) - بأن يبني الكعبة المشرفة (¬4). وكان بناؤها في الدهر الأول خمس مرات حين بناها شيث، والثانية إبراهيم، والثالثة قريش، هذه، والرابعة ابن الزبير، والخامسة الحجاج (¬5). ¬

(¬1) هكذا حكى ابن سعد 1/ 145، والبلاذري 1/ 99، وانظر أخبار مكة 1/ 160، ومروج الذهب 2/ 294، وشفاء الغرام 1/ 155، وفيها وفي سيرة ابن هشام 1/ 192 - 194 أسباب أخرى: كتوهينها بسبب الحريق الذي أصابها، وكسرقة حليّها، لأنها كانت غير عالية الجدار وغير مسقوفة. (¬2) هكذا في المخطوط، وفي المطبوع وبقية المصادر: (القبطي). والنّبط والأنباط: شعب سامي، كانت له دولة شمال شبه الجزيرة العربية (البتراء اليوم). أما الأقباط: فهم سكان مصر قديما. واتفقوا على أنه رومي، واختلفوا في من يكون؟ ففي السيرة، وكان البحر قد رمى بسفينة إلى جدّة لرجل من تجار الروم، فتحطمت، فأخذوا خشبها فأعدوه لتسقيفها، وكان بمكة رجل قبطي نجار. وقال ابن سعد: فأقبلت سفينة فيها روم، ورأسهم باقوم، وكان بانيا. ومثل ابن سعد أفاد الأزرقي في تاريخ مكة. (¬3) حكاها عن ابن بشكوال الحافظ في تلخيص الحبير (كتاب الجمعة) 2/ 66، وأضاف إليها أسماء أخرى، والله أعلم. (¬4) بناء قريش للكعبة وحضور الرسول صلى الله عليه وسلم له مخرج في الصحيح، أخرجه البخاري في الحج، باب فضل مكة وبنيانها. . (1582)، ومسلم في الحيض، باب الاعتناء بحفظ العورة (340). (¬5) هكذا قال السهيلي في الروض 1/ 221، والنووي في تهذيب الأسماء واللغات-

وقيل: إن جرهما بنته مرة أو مرتين من أجل السيول. وقيل: لم يكن بناء إنما كان إصلاحا (¬1). وفي الدلائل لأبي نعيم: كان بين الفيل والفجار أربعون سنة وبين الفجار وبنيان الكعبة خمس عشرة سنة (¬2). وفي تاريخ يعقوب: كان بناؤه في سنة خمس وعشرين من الفيل (¬3). ووضع عليه الصلاة والسلام الركن اليماني بيده يوم الإثنين (¬4). ¬

= 2/ 124. وأوصلها في شفاء الغرام 1/ 147 إلى عشر مرات. (¬1) هكذا قال السهيلي 1/ 222 أيضا. وفي تاريخ الأزرقي 1/ 86: جاء سيل فدخل البيت فانهدم، فأعادته جرهم على بناء إبراهيم عليه السلام. وفي المستدرك 1/ 459، ودلائل البيهقي 2/ 56: فبنته العمالقة-يعني بعد بناء إبراهيم عليه السلام-ثم انهدم، فبنته جرهم. قلت: فهذا صريح بأنه كان بناء وليس إصلاحا. والله أعلم. (¬2) في الطبري 2/ 290: كان بناء قريش الكعبة بعد الفجار بخمس عشرة سنة، وكان بين عام الفيل وعام الفجار عشرون سنة. (¬3) انظر المعرفة والتاريخ للفسوي 3/ 251، وأورده عنه البيهقي في الدلائل 1/ 78، وابن عساكر 1/ 61، ونقله الفاسي في شفاء الغرام 1/ 154 عن المصنف عن يعقوب. وهو قول واحد للماوردي في الأحكام السلطانية /282/. وأخرجه عبد الرزاق 5/ 98، والبيهقي في الدلائل 2/ 62 عن مجاهد وعروة أيضا. (¬4) سقطت هذه العبارة من المطبوع، وفيها إشكال، وهو قوله: الركن اليماني. وأجيب عنه في هامش (3): لعله سهو قلم، وصوابه: الركن الأسود. قلت: وأما تخريجه: فهو عند ابن إسحاق في السيرة 1/ 197، وابن سعد في الطبقات 1/ 146، وعبد الرزاق في المصنف 5/ 98 - 101، والإمام أحمد في المسند 3/ 425، والأزرقي في تاريخ مكة 1/ 159، والحاكم في المستدرك 1/ 458 وأقره الذهبي، والبيهقي في الدلائل 2/ 57 من عدة طرق. وأما كونه صلى الله عليه وسلم وضع =

[بعض الحوادث]

[بعض الحوادث]: وفي سنة ست: ولد طلحة، بن عبيد الله، وفي سنة سبع: ولد سعيد بن زيد، وفي سنة تسع: ولد كعب بن عجرة، وفي سنة ثلاثين: ولد شريح القاضي، وفي سنة إحدى: ولد أبو هريرة. وفي سنة اثنتين: ولد بلال بن الحارث المزني. وفي سنة ثلاث: ولد سعيد بن عامر بن حذيم. وفي سنة أربع: ولد معاوية بن أبي سفيان، ومعاذ بن جبل؛ وتوفي زيد بن عمرو بن نفيل. وفي سنة ست: ولد عبد الله بن عمرو بن العاص، وجابر، وأبو قتادة، وأبو أسيد الساعدي. وفي سنة تسع: ولد واثلة بن الأسقع، ذكره العتقي رحمه الله. ¬

= الحجر يوم الإثنين، فلم أجده في هذه الروايات، وذكره الصالحي في السبل 2/ 232 وعزاه للمصنف في الزهر والإشارة. قلت: وهو وارد في حديث آخر ذكره المصنف رحمه الله ص/57/وخرجته عند الإمام أحمد وغيره بسند صححه المرحوم أحمد شاكر، والله أعلم.

ابتداء الوحي الشريف

ابتداء الوحي الشريف فلما بلغ صلى الله عليه وسلم أربعين سنة، وقيل: أربعين ويوما، وقيل: وعشرة أيام، وقيل: وشهرين (¬1). يوم الإثنين لسبع عشرة خلت من شهر رمضان، وقيل: لأربع وعشرين ليلة (¬2). وقال ابن عبد البر: يوم الإثنين لثمان من ربيع الأول سنة إحدى وأربعين من الفيل، وقيل: في أول ربيع (¬3). ¬

(¬1) كونه صلى الله عليه وسلم بعث على رأس الأربعين: أخرجه البخاري في المناقب، باب صفة النبي صلى الله عليه وسلم (3547)، ومسلم في الفضائل، باب في صفة النبي صلى الله عليه وسلم ومبعثه وسنه (2347). وقال الإمام النووي في شرحه على مسلم 15/ 99: وهذا الذي ذكرناه أنه بعث على رأس أربعين سنة، هو الصواب المشهور الذي أطبق عليه العلماء. قلت: وفي إضافة الأيام أو الشهور إلى الأربعين. انظر المنتظم 2/ 348 - 349، والفتح عند شرح الحديث السابق وسبل الهدى 2/ 303. (¬2) أما كون بعثته يوم الاثنين: فهذا في الصحيح، وقد خرجته في السابق عند الإمام مسلم، وكونها في سبع عشرة خلت من رمضان: فهذا قول الواقدي 1/ 194، وقال ابن كثير 3/ 6 - 7 والحافظ في الفتح: إنه المشهور-يعني في رمضان-واستدل ابن إسحاق بنزول القرآن فيه. وأما كونها في الأربع وعشرين منه: فأخرجه الإمام أحمد 1/ 107، والطبري 2/ 294. (¬3) انظر هذه الأقوال وغيرها في فتح الباري أول كتاب التعبير 12/ 373، فقد نقلها الحافظ عن شيخه البلقيني.

وفي تاريخ الفسوي: على رأس خمس عشرة سنة من بنيان الكعبة، وضعفه (¬1). وعن مكحول: بعد اثنتين وأربعين سنة جاءه جبريل بغار حراء (¬2). قالت عائشة رضي الله عنها: أول ما بدىء به عليه الصلاة والسلام من الوحي الرؤيا الصادقة (¬3). وقال الواقدي وابن أبي عاصم، والدولابي في تاريخه: نزل عليه القرآن وهو ابن ثلاث وأربعين (¬4). وفي كتاب العتقي: ابن خمس وأربعين، لسبع وعشرين من رجب. قاله الحسين (¬5)، وجمع بأن ذلك حين حمي الوحي وتتابع (¬6). وقيل: إن إسرافيل وكّل به عليه الصلاة والسلام ثلاث سنين قبل جبريل. وأنكر ذلك الواقدي، وصححه الحاكم (¬7). ¬

(¬1) المعرفة والتاريخ 3/ 252، وعنه ابن عساكر (السيرة 1/ 61). (¬2) عن مكحول: عزاه الحافظ إلى تاريخ يعقوب وغيره. (¬3) أخرجه الإمام البخاري في كتاب بدء الوحي (3)، والتفسير (4953). (¬4) أخرجه الحاكم في المستدرك 2/ 610، والبيهقي في الدلائل 2/ 132، والبلاذري في الأنساب 1/ 114، وعزاه الحافظ في الفتح إلى الواقدي والبلاذري وابن أبي عاصم، وقال: وهو شاذ. (¬5) أورد الحافظ عبارة (سبع وعشرين من رجب) عن الحسين بن علي، وعزاها للعتقي، وقال: وهو شاذ. (¬6) قال في مشارق الأنوار 1/ 201 - 202: حمي الوحي-بكسر الميم-كناية عن الاشتداد والمبالغة في الأمر. (¬7) أخرجه ابن سعد 1/ 191 وقال: فذكرت هذا الحديث لمحمد بن عمر (الواقدي) فقال: ليس يعرف أهل العلم ببلدنا أن إسرافيل قرن بالنبي صلى الله عليه وسلم. لم-

[أول وضوء وأول صلاة]

فقال جبريل: أبشر يا محمد، فأنا جبريل أرسلت إليك، وأنت رسول هذه الأمة. ثم أخرج لي قطعة نمط (¬1)، فقال: اقرأ. فقلت: والله ما قرأت شيئا قطّ. فقال: {اِقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} إلى قوله: {يَعْلَمْ}. [أول وضوء وأول صلاة]: ثم قال: انزل عن الجبل، فنزلت معه إلى قرار الأرض، فأجلسني على درنوك (¬2)، وعليه ثوبان أخضران (¬3)، ثم ضرب برجله الأرض، فنبعت عين ماء، فتوضأ منها جبريل، ثم أمر النبي صلى الله عليه وسلم فتوضأ كذلك، ثم قام فصلى بالنبي صلى الله عليه وسلم، ثم انصرف جبريل عليه السلام. وجاء عليه الصلاة والسلام إلى خديجة، فأمرها فتوضأت، وصلى بها كما صلى به جبريل (¬4). فكان ذلك أول فرض الصلاة، ركعتين ركعتين، ثم إن الله تعالى أقرّها في السفر كذلك، وأتمّها في الحضر (¬5). ¬

= يقرن به غير جبريل. وعزاه ابن كثير 3/ 4 - 5 إلى الإمام أحمد، وصحح إسناده إلى الشعبي. (¬1) في السيرة: نمط من ديباج، والنمط-كما في النهاية-: الأنماط: هي ضرب من البسط له خمل رقيق، واحدها: نمط. (¬2) الدرنوك: مثل النمط. وعزا السهيلي 1/ 271 هذه اللفظة إلى سير سليمان بن المعتمر، وأوردها ابن كثير 3/ 13 عن موسى بن عقبة عن الزهري عن سعيد بن المسيب. (¬3) هذه العبارة نقلها في تاريخ الخميس 1/ 283 عن مغلطاي. (¬4) انظر في هذا النص: السيرة 1/ 236 و 237 و 1/ 244، والطبري 2/ 300 - 307. (¬5) هكذا في السيرة 1/ 243 من قول عائشة رضي الله عنها. وأخرجه البخاري أول

[ذهاب خديجة إلى ورقة]

وقال مقاتل: كانت الصلاة أول فرضها ركعتين بالغداة وركعتين بالعشي (¬1). [ذهاب خديجة إلى ورقة]: وفي البخاري: ذهبت به خديجة إلى ورقة (¬2). وقيل: إن خديجة قالت لأبي بكر رضي الله عنه: يا عتيق اذهب به إلى ورقة. فأخذه أبو بكر رضي الله عنه، فقص عليه ما رأى، فقال له: إذا خلوت وحدي سمعت نداء: يا محمد يا محمد، فأنطلق هاربا. فقال: لا تفعل، إذا قال فاثبت، حتى تسمع، ثم ائتني فأخبرني. فلما خلا، ناداه: يا محمد، فثبت، فقال: قل: {بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ. الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ} إلى آخرها، ثم قال: قل: لا إله إلا الله. ¬

= كتاب الصلاة، باب كيف فرضت الصلوات في الإسراء (350)، ومسلم مستهل كتاب صلاة المسافرين وقصرها (685). قلت: وذهب كثير من أهل العلم أن المقصود هنا أول فرضيتها ليلة الإسراء لا كما يفيده سياق المصنف، وقال السهيلي 1/ 213: «فرضت الصلاة ركعتين» أي قبل الإسراء، وقد قال بهذا طائفة من السلف، منهم: ابن عباس، ويجوز أن يكون معنى قولها: فرضت الصلاة: أي ليلة الإسراء، حين فرضت الخمس، فرضت ركعتين ركعتين، ثم زيد في صلاة الحضر بعد ذلك. (¬1) ذكره بمعناه في الروض 1/ 282 وعزاه للمزني. وأورده الحافظ بلفظه في الفتح عند شرح الحديث السابق عن الحربي وأظنهما واحد. وأما عن مقاتل بن سليمان فأخرجه ابن الجوزي في الوفا/163/. (¬2) أخرجه البخاري في عدة مواضع أولها كتاب الوحي، باب كيف كان بدء الوحي 3 (3).

[أول النبوة]

وذكر أبو نعيم أن جبريل وميكائيل عليهما السلام شقا صدره وغسلاه (¬1). ثم قالا: {اِقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} الآيات. . . . فأتى ورقة فأخبره، فقال ورقة: أبشر، فأنا أشهد أنك الذي بشّر به ابن مريم، وأنك على مثل ناموس موسى، وأنك نبي مرسل، وأنك ستؤمر بالجهاد، وإن أدرك ذلك لأجاهدنّ معك. وقال عليه الصلاة والسلام: رأيت ذلك القسّ-يعني ورقة-في الجنة وعليه ثياب خضر (¬2) وفي المستدرك: لا تسبّوا ورقة، فإني رأيت له جنة أو جنتين (¬3). [أول النبوة]: وعن ابن عباس: أول شيء رأى النبي صلى الله عليه وسلم من النبوة أن قيل له: استتر وهو غلام، فما رؤيت عورته بعد (¬4). ¬

(¬1) دلائل أبي نعيم (163). (¬2) أخرجه البيهقي 2/ 158 - 159 وقال: هذا منقطع، وأخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق 26/ 272 من المختصر، وذكره ابن كثير في البداية 3/ 9 - 10 وعزاه للبيهقي وأبي نعيم وقال: هو مرسل وفيه غرابة وهو كون الفاتحة أول ما نزل. وانظر الخبر في الوفا/156/. (¬3) المستدرك 2/ 609 وأقره الذهبي، وأخرجه البزار كما في كشف الأستار 3/ 281، وقال الهيثمي في المجمع 9/ 416: رواه البزار متصلا ومرسلا. . . ورجال المسند والمرسل رجال الصحيح. كما أخرجه ابن عساكر 26/ 284 من المختصر. وله عدة شواهد، انظر في تاريخ دمشق عند ترجمة ورقة، وسبل الهدى 2/ 327. (¬4) أخرجه ابن سعد 1/ 157، وأبو نعيم في الدلائل (135)، والحاكم في-

[بعض الحوادث]

[بعض الحوادث]: وفي هذه السنة كانت وقعة ذي قار، بين ربيعة والفرس (¬1). وولد رافع بن خديج، قاله العتقي. ¬

= المستدرك 4/ 179، وقال الذهبي: فيه النضر، ضعفوه. (¬1) انظر الطبري 2/ 193 وقال: وذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «هذا أول يوم انتصف العرب من العجم، وبي نصروا». وانظر مروج الذهب 1/ 288، وفيه: أن وقعة ذي قار كانت لتمام أربعين سنة من مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بمكة بعد أن بعث، وقيل: بعد أن هاجر، وفي رواية أخرى: أنها كانت بعد وقعة بدر بأشهر ورسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة. وانظر أوائل العسكري 289 - 291 أيضا.

أولاده صلى الله عليه وسلم

أولاده صلى الله عليه وسلم [القاسم]: ولد له قبل النبوة القاسم، مات وله سنتان، وهو أول من مات من ولده (¬1). وقال مجاهد: عاش سبعة أيام (¬2). وخطّأ ذلك الغلابيّ وقال: الصواب أنه عاش سبعة عشر شهرا (¬3). وفي مسند الفريابي ما يدل على أنه توفي في الإسلام (¬4). ¬

(¬1) طبقات ابن سعد 1/ 133، والبلاذري 1/ 396، والوفا 677 - 678. وفيها أنه كان بكر ولده، وبه كان يكنى. (¬2) عن مجاهد: أورده ابن قتيبة في المعارف/141، وابن عساكر في تاريخ دمشق (السيرة) 1/ 109 وأضاف: وقال الزهري: وهو ابن سنتين، وقال قتادة: عاش حتى مشى. وقول الزهري: أخرجه ابن سعد 1/ 133 عن جبير بن مطعم رضي الله عنه. وقول قتادة: أورده الحافظ في الإصابة 5/ 515 عن الزبير بن بكار. (¬3) عن ابن المفضل (الغلابي): أورده الحافظ ابن عساكر 1/ 109، والحافظ ابن حجر في الإصابة 5/ 515، وحرّف فيها اسم (الغلابي). (¬4) عن الفريابي في مسنده: ذكره السهيلي في الروض 1/ 214 - 215، وهو مخرج في سنن ابن ماجه، كتاب الجنائز (1512). وقال الحافظ في الإصابة عند ترجمة القاسم بعد أن عزاه إلى ابن ماجه والطيالسي والحربي: وهذا ظاهر جدا في أنه مات في الإسلام، ولكن في السند ضعف.

[زينب رضي الله عنها]

وقال ابن فارس: بلغ ركوب الدابة (¬1). [زينب رضي الله عنها]: ثم زينب، قال الكلبي: هي أول (¬2) ولده. قال السّرّاج: ولدت سنة ثلاثين (¬3)، وماتت سنة ثمان من الهجرة (¬4)، عند زوجها وابن خالتها أبي العاص لقيط، وقيل: مهشم، وقيل: هشيم (¬5) بن الربيع، بن عبد العزى، بن عبد شمس؛ وكانت هاجرت قبله، وتركته على شركه (¬6). ¬

(¬1) أخرجه ابن منده وأبو نعيم من رواية يونس بن بكير: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بلغ أن يركب الدابة ويسير على النجيبة. ذكره ابن الأثير في أسد الغابة 4/ 378 والحافظ في الإصابة. (¬2) عن الكلبي: ذكره ابن الأثير في الأسد 7/ 130، وبه قال ابن حبيب في المحبر /52/، وهو يخالف كون القاسم الأول كما قال ابن حزم/38/، وقال أبو عمر في الاستيعاب/1839/: لا أعلم خلافا في ذلك. قلت: وتبقى هي أكبر البنات، كما قال ابن سعد 8/ 30، والبلاذري 1/ 397، وقال ابن الأثير: وقد شذّ من لا اعتبار به أنها لم تكن أكبر بناته صلى الله عليه وسلم. قلت: قال ابن هشام 1/ 190: أكبر بناته رقية ثم زينب. (¬3) يعني من عمر الرسول صلى الله عليه وسلم. (¬4) في أولها كما أخرجه ابن سعد 8/ 34، ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم في قبرها. (¬5) ذكروا أيضا أنه يقال له: القاسم والزبير وياسر. وقال البلاذري 1/ 397: والثبت أن اسمه لقيط. وانظر بالإضافة إلى البلاذري: الاستيعاب/1701/، والإصابة 7/ 248. (¬6) أخرجه ابن سعد 8/ 31 وفيه عن الشعبي بسند صحيح: أنها هاجرت مع الرسول صلى الله عليه وسلم وأبى أبو العاص أن يسلم. كما أخرج عن الواقدي: أنها هاجرت بعد بدر حين أسر زوجها أبو العاص، فأطلقه الرسول صلى الله عليه وسلم على أن يخلّي سبيل-

وردّها النبي صلى الله عليه وسلم له بالنكاح الأول بعد سنتين (¬1)، وقيل: بعد ست سنين، وقيل: قبل انقضاء العدة فيما ذكره ابن عقبة (¬2). وفي حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: ردها له بنكاح جديد سنة سبع (¬3). ¬

= زينب، ففعل، وقال الواقدي: وهذا أثبت. وأتى الحافظ في الإصابة بما يؤيده، والله أعلم. (¬1) بالنكاح الأول بعد سنتين: أخرجه ابن ماجه في النكاح/2009/، وابن سعد 8/ 33، والدولابي في الذرية الطاهرة/61/، وصححه الحاكم في المستدرك 4/ 46. ومن نفس الحديث وبلفظ ست سنين: أخرجه الإمام أحمد 1/ 261، وصحح إسناده أحمد شاكر (2366)، والترمذي في النكاح، باب ما جاء في الزوجين المشركين يسلم أحدهما (1143). وبالقولين معا: أخرجه أبو داود في الطلاق، باب إلى متى ترد عليه امرأته إذا أسلم بعدها (2240)، وذكر الحافظ في الفتح 9/ 333 رواية ثالثة: (بعد ثلاث)، وجمع بينها على أن المراد بالست: ما بين هجرة زينب وإسلامه، والمراد بالسنتين أو الثلاث: ما بين نزول قوله تعالى: لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وقدومه مسلما، فإن بينهما سنتين وأشهرا. (¬2) وهو مشكل أن تبقى العدة إلى هذه المدة، وأجاب عنه الخطابي: بأن ذلك ممكن في تلك المدة وإن لم تجر العادة غالبا به، ولا سيما إذا كانت المدة إنما هي سنتان وأشهر، فإن الحيض قد يبطىء عن ذوات الإقراء لعلة أحيانا. (انظر معالم السنن 3/ 223، وفتح الباري 9/ 333 حيث نقلت النص منه). (¬3) أخرجه الترمذي من نفس الكتاب والباب السابقين (1142)، وابن ماجه (2010)، والإمام أحمد 2/ 207 - 208، والدارقطني في المهر (35)، والبيهقي في السنن الكبرى 7/ 188، وليس فيها لفظة (سنة سبع) واتفقوا على تضعيفه وقالوا: إن العمل على حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده على الرغم من ضعفه، وقال الترمذي عقب رواية الحديث: إن المرأة إذا أسلمت قبل زوجها ثم أسلم زوجها وهي في العدة، أن زوجها أحق بها ما كانت في-

[رقية رضي الله عنها]

ولدت له عليا-مات صغيرا-وأمامة المحمولة في صلاة الصبح، تزوجها علي بن أبي طالب بعد موت فاطمة، رضي الله عنهم أجمعين (¬1). [رقية رضي الله عنها]: ثم رقيّة، تزوجها عثمان بن عفان رضي الله عنه فماتت عنده. وكانت أولا تزوجها عتبة بن أبي لهب، فلما بعث النبي صلى الله عليه وسلم، وأنزل الله تعالى: {تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ}، قال أبو لهب: رأسي من رأسك حرام إن لم تطلق رقية. ففارقها قبل الدخول (¬2). هاجر بها عثمان إلى الحبشة (¬3). ¬

= العدة، وهو قول مالك بن أنس والأوزاعي والشافعي وأحمد وإسحاق. وانظر مزيد تفصيل: فتح الباري عند شرحه لأحاديث باب إذا أسلمت المشركة أو النصرانية تحت الذمي أو الحربي، من كتاب الطلاق. والبداية والنهاية 3/ 333 - 334. (¬1) انظر ترجمتها في أسد الغابة 7/ 22، والإصابة 7/ 501 - 504، وفيهما أنه تزوجها بعد علي رضي الله عنه: المغيرة بن نوفل بن الحارث بأمر من علي. وأما حمله صلى الله عليه وسلم لأمامة في الصلاة: فهو في الصحيحين من حديث أبي قتادة رضي الله عنه، أخرجه البخاري في الصلاة، باب إذا حمل جارية صغيرة على عنقه في الصلاة (516)، ومسلم في المساجد، باب جواز حمل الصبيان في الصلاة (543). قلت: وليس فيهما تحديد الصلاة، لكن قال السهيلي في الروض 3/ 68: عن عمرو بن سليم أنها صلاة الصبح وعزاه الحافظ في الفتح عند شرح الحديث إلى الزبير بن بكار والسهيلي. وأخرجه أبو داود في الصلاة، باب العمل في الصلاة (920) وفيه: في الظهر أو العصر. والله أعلم. (¬2) الخبر هكذا في طبقات ابن سعد 8/ 36، وأضاف: وأسلمت حين أسلمت أمها خديجة. وأخرجه الدولابي في الذرية الطاهرة (67) و (68) بمعنى متقارب. (¬3) الهجرتين جميعا، كما في الطبقات 8/ 36، وتاريخ دمشق (السيرة 1/ 126) -

وولدت له عبد الله، مات بعد ست سنين من عمره (¬1). وتوفيت والنبي صلى الله عليه وسلم ببدر (¬2). وفي كتاب التّفرّد ليعقوب: عن أبي هريرة قال: دخلت على رقية وفي يدها مشط فقالت: خرج النبي صلى الله عليه وسلم من عندي آنفا وقد رجّلت رأسه (¬3). وفيه نظر، لأنّ أبا هريرة إنما قدم بعد موتها بسنين (¬4). ¬

= عنه، وقال ابن سعد وعنه ابن عساكر: قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «إنهما لأول من هاجر إلى الله تبارك وتعالى بعد لوط»، وعزاه الحافظ إلى ابن منده بسند واه. (¬1) هكذا في المعارف/142/، والرياض النضرة 2/ 103، وعيون الأثر 2/ 380، والبداية 5/ 268، وعند ابن سعد في الطبقات المطبوع 8/ 36: مات لسنتين. ويؤيده ما في الذرية الطاهرة (69): وهو صغير رضيع. لكن أخرجه ابن عساكر 1/ 126 عن ابن سعد بلفظ: وبلغ ست سنين. كما أخرج خبرا آخر وفيه: أن الوفاة كانت سنة أربع من الهجرة. وقالوا في سبب موته: إن ديكا نقره في عينه فمرض فمات. كما قالوا: إنه به كان يكنّى. ثم كني بعمرو بن عثمان (الذرية الطاهرة 66). (¬2) ذكروا أنها مرضت ورسول الله صلى الله عليه وسلم يتجهز إلى بدر، فخلف عليها عثمان رضي الله عنهما، فتوفيت ورسول الله صلى الله عليه وسلم ببدر في شهر رمضان، على رأس سبعة عشر شهرا من الهجرة. (¬3) أخرجه يعقوب البسوي في المعرفة والتاريخ 3/ 162. وهو عند البخاري في التاريخ الصغير/11/، والدولابي في الذرية الطاهرة (74)، وله تتمة عنده: «فقال: كيف تجدين أبا عبد الله؟ قلت: بخير. قال: أكرميه، فإنه أشبه أصحابي بي خلقا». (¬4) قال البخاري في التاريخ الصغير/11/بعد ذكر الخبر: وأبو هريرة هاجر بعد ذلك بنحو من خمس سنين، أيام خيبر.

[فاطمة رضي الله عنها]

[فاطمة رضي الله عنها]: ثم فاطمة وكنيتها: أمّ ابنيها (¬1). تزوجها عليّ بعد أحد (¬2)، وقيل: في السنة الثانية في رجب، وقيل: في رمضان، وقيل: في صفر (¬3). ولدت سنة إحدى وأربعين (¬4). وتزوّجت ولها خمس عشرة سنة وخمسة أشهر ونصف، وسنّ عليّ ¬

(¬1) هكذا في المخطوط، علما بأنها في (2) غير واضحة. وعزاه الحافظ في الإصابة 8/ 53 إلى ابن فتحون عن بعضهم، وقال: وهو تصحيف. وضبطها هكذا (أم أبيها) بكسر الموحدة، بعدها تحتانية ساكنة. وهو ما أثبت أيضا في تاريخ دمشق 1/ 131، وأسد الغابة 7/ 220، والعقد الثمين 1/ 271 وهذا ينقل عن المؤلف كما ذكرت في المقدمة فالله أعلم إذا كان الناسخ قد صحفها أم لا؟ ولأن فيه-أي العقد-تصحيفات كثيرة. وجاء في تهذيب النووي 2/ 352: أن كنيتها (أم الهاد) وقال: «روينا ذلك في تاريخ دمشق، وذكره خلائق من العلماء». ولم أجده، والله أعلم. (¬2) كذا أيضا في أسد الغابة 7/ 220، وتهذيب النووي 2/ 352. وضعف الحافظ في الإصابة 8/ 55 كون زواجها بعد أحد. (¬3) ذكر هذه الأقوال الثلاثة: ابن الجوزي في الصفوة 2/ 9، وصحح الأخير كما في المنتظم 3/ 85. والذي في طبقات ابن سعد 8/ 22 عن الواقدي: في رجب بعد مقدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة بخمسة أشهر، وبنى بها مرجعه من بدر. وأخرجها ابن عساكر 1/ 130 عنه. واقتصر ابن حبان/52/على صفر من السنة الثانية. (¬4) يعني من عمر الرسول صلى الله عليه وسلم، وبه قال أبو عمر في الاستيعاب/1893/، وأخرجه الحافظ ابن عساكر في تاريخ دمشق 1/ 131، وذكره ابن سيد الناس في العيون 2/ 380 عن ابن السراج.

إحدى وعشرون سنة وخمسة أشهر، وقيل غير ذلك (¬1). وقال ابن الجوزي: ولدت قبل النبوة بخمس سنين، أيام بناء البيت (¬2). وتوفيت بعده عليه الصلاة والسلام بستة أشهر، وقيل: بثلاثة، وقيل: دونها، وقيل: بثمانية، وقيل: بشهرين، وقيل: بسبعين يوما، وقيل: لثلاث خلون من رمضان سنة إحدى عشرة (¬3). ولها تسع وعشرون سنة، وقيل: ثلاثون، وقيل: إحدى وعشرون، وقيل: خمس وثلاثون (¬4). ¬

(¬1) كذا في المواهب 2/ 65، وعند ابن الأثير في الأسد 7/ 220، والنووي في التهذيب 2/ 352 - 353: كان سنها يوم تزوجها خمس عشرة سنة. قلت: وهو مبني على أن ولادتها كانت أول النبوة. (¬2) صفة الصفوة 2/ 9. وخرجه ابن سعد 8/ 26، وعنه ابن عساكر 1/ 130 أنها ولدت وقريش تبني الكعبة، والنبي صلى الله عليه وسلم ابن خمس وثلاثين سنة. وهذا مضمون كلام ابن الجوزي، فكان الأولى بالمصنف أن يعزوه لابن سعد. وعلى هذا يكون عمر فاطمة رضي الله عنها حين الزواج: ثماني عشرة سنة، وهو ما أخرجه ابن سعد أيضا 8/ 22، وعند ابن عساكر 1/ 130، وبه قال ابن الجوزي في المنتظم 3/ 85. (¬3) خرّج جميع هذه الأقوال وزاد عليها: الحافظ الدمشقي في تاريخه (السيرة 1/ 131 - 135)، وانظر تاريخ خليفة/96/، وطبقات ابن سعد 8/ 28، وصفة الصفوة 2/ 14 - 15، وتهذيب النووي 2/ 352، وتاريخ ابن كثير 5/ 268 - 269. وفيها: أن الصحيح المشهور هو الأول. قلت: أخرجه الإمام مسلم في الجهاد والسير، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا نورث، ما تركنا فهو صدقة» (1759) -54. (¬4) أما الأول: فقد خرجه ابن سعد 8/ 28، وقدمه في أسد الغابة 7/ 226، والثاني: ذكراه في الأسد والتهذيب، وأما الثالث: فقد أخرجه الحافظ الدمشقي-

ولدت الحسن: في نصف رمضان سنة ثلاث، وقيل: في نصف شعبان (¬1). والحسين: في ليال خلون منه سنة أربع، وقيل: لخمس خلون منه سنة ثلاث (¬2). وقيل: لم يكن بين الحمل به ومولد الحسن إلا طهر واحد، وقيل: خمسون ليلة (¬3). وقال قتادة: ولد الحسين بعد الحسن بستة عشر شهرا (¬4). ومحسّنا مات صغيرا (¬5). ¬

= 1/ 131، والأخير: عزاه ابن الأثير والنووي إلى الكلبي. (¬1) الأول: أخرجه الدولابي في الذرية الطاهرة (102) عن ابن البرقي، و (101) عن الليث بن سعد، وهو قول البلاذري 1/ 404، والطبري 2/ 537. والثاني: ذكره في أسد الغابة 2/ 11 دون عزو. وقال الحافظ في الإصابة 2/ 68: والأول أثبت. (¬2) الأول: أخرجه الدولابي (101) عن الليث بن سعد، وعزاهر الحافظ في الإصابة 2/ 76 إلى الزبير وغيره. وهو قول البلاذري 1/ 404، والطبري 2/ 555. وأما الثاني: فذكره أبو عمر في الاستيعاب 1/ 392 مع الأول وقال: هذا قول الواقدي وطائفة معه. (¬3) ذكر القولين: البلاذري في الأنساب 1/ 404. (¬4) هكذا (ستة عشر شهرا)، وأخرجه الدولابي في الذريّة الطاهرة (100)، وذكره أبو عمر في الاستيعاب 1/ 393، وابن الأثير في الأسد 2/ 19، وفيهما: (سنة وعشرة أشهر)، وهما متقاربتان في الرسم، فالله أعلم أين وقع التصحيف؟. (¬5) أخرجه الدولابي في الذرية الطاهرة (216)، والبيهقي في الدلائل 3/ 160 - 161 كلاهما عن ابن إسحاق، وذكره ابن قتيبة في المعارف/211/، وحدد ابن حزم في الجمهرة/38/الوفاة إثر الولادة.

[أم كلثوم رضي الله عنها]

ثم أم كلثوم ولدتها قبل وفاته صلى الله عليه وسلم، وتزوجها عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ثم عون بن جعفر بن أبي طالب، وتوفيت هي وابنها زيد بن عمر في وقت واحد أيام حرب زجاجة (¬1)، وصلى عليها عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهم (¬2). وزينب تزوجها عبد الله بن جعفر (¬3). [أم كلثوم رضي الله عنها]: ثم أمّ كلثوم: تزوّجها عتيبة بن أبي لهب، وقيل: عتبة (¬4)، فأمره أبوه بطلاقها لمّا نزلت: {تَبَّتْ} قبل الدخول بها (¬5). وتزوجها عثمان سنة ثلاث في جمادى الآخرة، وتوفيت في شعبان ¬

(¬1) اسم امرأة قامت بسببها حرب بين بني عدي، فخرج زيد ليصلح بينهم، فأصابته ضربة خاطئة (الجمهرة). (¬2) انظر خبرها مفصلا في طبقات ابن سعد 8/ 463 - 465، والمعارف/188/ وسماها أم كلثوم الكبرى، لأن لعلي رضي الله عنه ابنة أخرى من غير السيدة فاطمة رضي الله عنها اسمها: أم كلثوم الصغرى، والله أعلم. وفي الطبقات وغيرها: أنه تزوج أم كلثوم بعد عون بن جعفر أخوه محمد، ثم أخوه عبد الله فماتت عنده. وانظر جمهرة ابن حزم/38/. (¬3) الطبقات 8/ 465، وقد ترجم لها بعد أم كلثوم، بينما ذكرها ابن قتيبة وابن حزم قبل أم كلثوم، وقال هذا الأخير: تزوجها عبد الله بن جعفر بعد طلاقه لأختها زينب. (¬4) بلفظ (عتيبة): أخرجه ابن سعد 8/ 37، والدولابي (76)، وابن عساكر 1/ 137 - 138. وذكر أبو عمر/1952/ (عتبة). وعند البلاذري في الأنساب 1/ 401: (معتب)، ويقال: (عتيبة). (¬5) تقدم تخريجه عند الحديث عن رقية رضي الله عنها.

[عبد الله رضي الله عنه]

سنة تسع (¬1). قال البرقي: فقال عليه الصلاة والسلام: «لو كانت عندي ثالثة لزوجتها عثمان، وما زوجته إلا بوحي» (¬2). [عبد الله رضي الله عنه]: ثم عبد الله، وهو الطّيّب والطّاهر (¬3)، مات بمكة، فقال العاصي بن وائل: قد انقطع ولده، فهو أبتر. فأنزل الله تعالى: {إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ} (¬4). ¬

(¬1) هكذا في الطبقات 8/ 38، ولم أجد من قال بغيره. (¬2) رواه الطبراني كما في المجمع 9/ 83 عن عصمة، وقال الهيثمي: فيه الفضل بن المختار وهو ضعيف. لكنه أورد عدة أحاديث بمعناه، منها: «ما زوجت عثمان أم كلثوم إلا بوحي من السماء». وقال: رواه الطبراني في الكبير والأوسط، وإسناده حسن لما تقدمه من الشواهد. وانظر الرياض النضرة 3/ 10 - 11، وتاريخ دمشق 1/ 127. (¬3) هكذا قال ابن سعد 1/ 133، وعنه ابن عساكر 1/ 103 أن الطيب والطاهر لقبان لعبد الله. بينما يوهم كلام ابن إسحاق وابن هشام في السيرة 1/ 190 أنهما اثنان، ورواه الطبري 2/ 281، وابن حبان في سيرته/62/عن ابن إسحاق هكذا دون تعليق، وقال السهيلي في الروض 1/ 214: قال الزبير-وهو أعلم بهذا الشأن-: ولدت له القاسم، وعبد الله وهو الطاهر وهو الطيب، سمي بالطاهر والطيب لأنه ولد بعد النبوة، واسمه الذي سمي به أول هو: عبد الله. وقال ابن الجوزي في الوفا/678/: قال أبو بكر البرقي: يقال: إن الطيب والمطيب ولدا في بطن، والطاهر والمطهر ولدا في بطن. والصحيح أن هذه الألقاب لعبد الله، لأنه ولد في الإسلام. وانظر زاد المعاد 1/ 103. (¬4) بهذا اللفظ أخرجه ابن سعد 1/ 133، وعنه ابن عساكر 1/ 103 من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما. وقيل: إن الآية نزلت في غيره. انظر تفسير الطبري 30/ 329 - 330، وتفسير ابن كثير 4/ 598، والدر-

[إبراهيم رضي الله عنه]

وروى الهيثم بن عدي-وهو متهم بالكذب-أنه كان له ابن يقال له عبد العزى فمات (¬1)، وطهّره الله منه، وأعاذه (¬2). [إبراهيم رضي الله عنه]: وأما إبراهيم فمن مارية (¬3). توفي وله سبعون يوما، ذكره أبو داود (¬4)، وكان ذلك في ربيع الأول يوم الثلاثاء لعشر خلون منه (¬5)، وقيل: بلغ ستة عشر شهرا وثمانية أيام، وقيل: ثمانية عشر شهرا، وقيل: سبعة عشر، وقيل: سنة وعشرة أشهر وستة أيام (¬6). ¬

= المنثور 8/ 652. والعاص بن وائل هو والد عمرو بن العاص رضي الله عنه. (¬1) من (1) فقط. (¬2) عن الهيثم بن عدي ذكره ابن الجوزي في التلقيح/30/وذكر فيه مع عبد العزى: عبد مناف وقال: الهيثم كذاب. وأخرجه ابن حزم في جوامع السيرة/38/قال: وروينا من طريق هشام بن عروة عن أبيه أنه كان له ولد اسمه عبد العزى قبل النبوة، وهذا بعيد، والخبر مرسل، ولا حجة في مرسل. قلت: وقوله: «ولا حجة في مرسل». ليس على إطلاقه فللعلماء تفصيل في ذلك. انظر نزهة النظر شرح نخبة الفكر/41 - 42/للحافظ ابن حجر رحمه الله. (¬3) القبطية سرّيّة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسوف تأتي في الموالي. (¬4) أخرجه أبو داود في الجنائز، باب في الصلاة على الطفل (3188). (¬5) هكذا عند ابن سعد 1/ 143 - 144 وأضاف: سنة عشر. وبها قال مصعب /22/. وقال ابن حزم/38 - 39: ومات قبل أبيه صلى الله عليه وسلم بثلاثة أشهر، يوم كسوف الشمس. وقال الحافظ معلقا على قول: (إنه عاش سبعين يوما): فعلى هذا يكون مات سنة ثمان، والله أعلم. (¬6) هذا القول الأخير لابن قتيبة في المعارف/143/، إلا أن فيه: وثمانية أيام. وانظر بقية الأقوال في المصادر السابقة مع الإصابة 1/ 172 - 174، وقال ابن-

وكان مولده في السنة الثامنة من الهجرة في ذي الحجة (¬1). ¬

= حزم/38/: عاش عامين غير شهرين. وفي صحيح البخاري: عاش سبعة عشر شهرا أو ثمانية عشر شهرا على الشك. (قاله في الإصابة). (¬1) قاله الواقدي كما في الطبقات. قال الحافظ في الفتح 3/ 208: اتفقوا على ذلك. قلت: بقيت مسألة يجب التنبيه عليها، وهي كون هذا الترتيب الذي ساقه المؤلف رحمه الله لأولاد النبي صلى الله عليه وسلم إنما هو قول الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما كما في الطبقات 1/ 133، وعنه ابن عساكر 1/ 103. وقال السهيلي في الروض 1/ 215: واختلفوا في الصغرى والكبرى من البنات، غير أن أم كلثوم لم تكن الكبرى من البنات، ولا فاطمة، والأصح في فاطمة أنها أصغر من أم كلثوم. وقال ابن الجوزي في الوفا/678/: والصحيح-أن فاطمة-أصغر بناته، وقد ذكر الزبير بن بكار أن أصغر بناته رقية. وانظر تهذيب النووي 2/ 352.

أول من آمن وصدق

أول من آمن وصدق فكان أول من آمن بالله تعالى وصدّق: خديجة رضي الله عنها (¬1). [فتور الوحي]: ثم فتر الوحي فترة حتى شق عليه-عليه الصلاة والسلام-وأحزنه، [وحتى قال في نفسه، وقيل: بل قالته امرأة: أخشى أن يكون صاحبي قلاني فودعني] (¬2)، فجاءه جبريل بسورة: {الضُّحى} (¬3). ¬

(¬1) قال ابن إسحاق في السيرة 1/ 240: وكانت [خديجة] أول من آمن بالله ورسوله وصدقت بما جاءه من الله. وقال أبو عمر في الاستيعاب/1819/: اتفقوا على أن خديجة أول من آمن. وقال السهيلي 1/ 284: ولا يختلف أن خديجة أول من آمن بالله وصدق رسوله. وقال ابن الأثير في الأسد 7/ 78: خديجة أول خلق الله إسلاما بإجماع المسلمين، لم يتقدمها رجل ولا امرأة. ونقل الإمام النووي عن الإمام الثعلبي: اتفاق العلماء على ذلك، وإنما اختلافهم في أول من أسلم بعدها. (تهذيب الأسماء واللغات 1/ 344، و 2/ 341). وقال الحافظ في الإصابة 7/ 600: خديجة أول من صدقت ببعثته مطلقا. وانظر عيون الأثر 1/ 178، وكتاب أزواج النبي صلى الله عليه وسلم للصالحي بتحقيقنا ص 57 - 58. (¬2) ما بين معكوفتين من (1) فقط. (¬3) في البخاري كتاب التفسير، باب ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى حديث (4950). ومسلم في الجهاد، باب ما لقي النبي صلى الله عليه وسلم من أذى المشركين والمنافقين (1797) عن جندب بن سفيان رضي الله عنه قال: اشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يقم ليلتين أو ثلاثا، فجاءت امرأة فقالت: يا محمد إني لأرجو أن يكون-

فكان أول ذكر آمن بعدها أبو بكر رضي الله تعالى عنه (¬1). وقيل: عليّ، وكان في حجر النبي صلى الله عليه وسلم منذ كان صغيرا، فلذلك قال رضي الله عنه: سبقتكم إلى الإسلام طرّا … صغيرا ما بلغت أوان حلمي (¬2) ¬

= شيطانك قد تركك، لم أره قربك منذ ليلتين أو ثلاثا. فأنزل الله عز وجل: وَالضُّحى وَاللَّيْلِ إِذا سَجى ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى. وأشار الحافظ إلى الرواية الثانية للطبري من طريق إسماعيل مولى آل الزبير. وقال: والحق أن الفترة المذكورة في سبب نزول والضحى غير الفترة المذكورة في ابتداء الوحي، فإن تلك دامت أياما وهذه لم تكن إلا ليلتين أو ثلاثا، فاختلطتا على بعض الرواة. (¬1) هذا أحد قولي ابن عباس وحسان بن ثابت وأسماء بنت أبي بكر وإبراهيم النخعي وغيرهم رضي الله عنهم جميعا. انظر الطبري 2/ 314 - 315، والدرر لابن عبد البر/38/، والصفوة لابن الجوزي 1/ 237 - 238، والبداية والنهاية 3/ 26 - 28 وقال: وهو المشهور عن جمهور أهل السنة. وانظر السيرة الشامية 2/ 406 - 407. (¬2) قول سيدنا علي رضي الله عنه ساقه هكذا: ابن الوردي في تاريخه 1/ 137 وفيه بدل (صغيرا): غلاما. وأخرجه الإمام البيهقي في السنن الكبرى 6/ 206 بلفظ: سبقتهم إلى الإسلام قدما غلاما، ما بلغت أوان حلمي وقال: ليس في رواية ابن عبدان (قدما)، وهذا شائع فيما بين الناس من قول علي رضي الله عنه، إلا أنه لم يقع لنا بإسناد يحتج بمثله. أقول: وكان عمره رضي الله عنه حين أسلم ثماني سنين كما رواه يعقوب بإسناد صحيح، أو عشر سنين كما قال ابن إسحاق 1/ 245 وهو الراجح كما قال الحافظ في الفتح 7/ 89. وأما كونه أول من آمن بعد خديجة رضي الله عنهما، فقاله كثيرون، منهم: ابن عباس وأنس وزيد بن أرقم كما في الترمذي 9/ 310 - 312، ورواه الطبراني عن سلمان الفارسي. ورووه عن محمد بن كعب وبريدة وأبي ذر والمقداد وخباب والحسن البصري وغيرهم رضي الله عنهم جميعا. (انظر ابن-

ثم زيد بن حارثة (¬1). ثم أسلم عثمان بن عفان، والزبير بن العوام، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، وطلحة بن عبيد الله بدعاء أبي بكر رضي الله عنهم أجمعين (¬2). ثم أسلم أبو عبيدة عامر بن عبد الله بن الجراح، وأبو سلمة عبد الله ابن عبد الأسد بعد تسعة أنفس (¬3)، والأرقم بن أبي الأرقم المخزومي، وعثمان بن مظعون الجمحي، وأخواه قدامة وعبد الله، وعبيدة بن الحارث بن المطلب (¬4) بن عبد مناف، وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل، ¬

= إسحاق في السيرة 1/ 245، والطبري في التاريخ 2/ 309 - 314، وابن عبد البر في الاستيعاب 3/ 1090، والنووي في التهذيب 1/ 344 - 345، وابن الأثير في الأسد 4/ 92 - 95). ثم قال علماؤنا: الأولى التوفيق بين الروايات كلها والتصديق بها فيقال: إن أول من أسلم من النساء خديجة رضي الله عنها. وأول من أسلم من الرجال أبو بكر رضي الله عنه. وأول من أسلم من الصبيان علي رضي الله عنه. وأول من أسلم من الموالي زيد بن حارثة رضي الله عنه. (¬1) جعله ابن إسحاق في السيرة 1/ 247 ثالثا بعد خديجة وعلي رضي الله عنهم وقال: وكان أول ذكر أسلم وصلى بعد علي بن أبي طالب. (¬2) هكذا عند ابن إسحاق 1/ 250 - 251 ترتيبا وسببا، وقال: فكان هؤلاء النفر الثمانية الذين سبقوا الناس بالإسلام، فصلّوا وصدّقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بما جاءه من الله. (¬3) هذا حسب الترتيب السابق بدون السيدة خديجة رضي الله عنها، أما إذا حسبت فيكون إسلامه بعد عشرة أنفس، وهو ما نص عليه الحافظ في الإصابة 4/ 152 عن ابن إسحاق، والله أعلم. (¬4) في المطبوع: ابن (عبد) المطلب. تصحيف، والمطلب هو ابن عبد مناف، وعبد المطلب-جد الرسول صلى الله عليه وسلم-هو ابن هاشم بن عبد مناف. (انظر جمهرة الأنساب /14/).

وامرأته فاطمة بنة الخطاب. وقال ابن سعد: أول امرأة أسلمت بعد خديجة أمّ الفضل زوج العبّاس (¬1). وأسماء بنت أبي بكر، وعائشة أختها. كذا قاله ابن إسحاق وغيره (¬2)، وهو وهم، لم تكن عائشة ولدت بعد، فكيف تسلم؟ وكان مولدها سنة أربع من النبوّة (¬3). ¬

(¬1) الطبقات الكبرى 8/ 277، وقال: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزورها ويقيل في بيتها. قلت: وهي إحدى الأخوات المؤمنات اللاتي ذكرهن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث أخرجه النسائي في فضائل الصحابة (281)، والطبراني في الكبير 11/ 415، وصححه الهيثمي في المجمع 9/ 260، والحافظ في الإصابة 8/ 128، وهو عند ابن سعد 8/ 138، والحاكم في المستدرك 4/ 32 - 33. هذا وقد علق الحافظ في الفتح 7/ 29 على كون أن أم الفضل أسلمت بعد خديجة بقوله: ليس بواضح، لأنها وإن كانت قديمة الإسلام إلا أنها لم تذكر في السابقين. قلت: رد الحافظ بهذا على بعض شيوخه تبعا للدمياطي كما قال، فهل يا ترى إنه لم يطلع على كلام ابن سعد؟!. (¬2) السيرة 1/ 254، وقال ابن إسحاق: وهي يومئذ صغيرة. وأورده ابن عبد البر في الدرر/39/عنه دون أن يعلق عليه. (¬3) قريبا من هذا في عيون الأثر 1/ 184، ونقله في المواهب 1/ 220 - 221 عن مغلطاي وغيره، قلت: أما مولدها سنة أربع من النبوة: فقد صرح به ابن سعد 8/ 79، وفي الصحيحين وغيرهما: أن زواجه صلى الله عليه وسلم بعائشة رضي الله عنها بعد مقدمه المدينة وهي بنت تسع سنين. فإذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد لبث في مكة بعد النبوة ثلاث عشرة سنة يوحى إليه كما في الصحيح، فيكون مولدها بعد النبوة بأربع سنين، وأوضح من هذا ما أخرجه الإمام البخاري في مناقب الأنصار، باب هجرة النبي صلى الله عليه وسلم (3905) من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: «لم أعقل أبويّ قط إلا وهما يدينان الدين. . .». قال الحافظ: يعني الإسلام. وانظر سير أعلام-

ثم أسلم خبّاب بن الأرتّ، وعمر بن أبي وقاص أخو سعد، وعبد الله بن مسعود، ومسعود الداريّ (¬1)، وسليط بن عمرو، وعيّاش بن أبي ربيعة وامرأته أسماء، وخنيس بن حذافة، وعامر بن ربيعة، وعبد الله ابن جحش وأخوه أبو أحمد، وجعفر بن أبي طالب وامرأته أسماء (¬2)، وحاطب بن الحارث وامرأته، وخطّاب (¬3) بن الحارث وامرأته فكيهة، ومعمر بن حبيب (¬4)، والسائب بن عثمان بن مظعون، والمطّلب بن أزهر وامرأته رملة، ونعيم النّحام (¬5)، وخالد بن سعيد وامرأته همينة (¬6)، ¬

= النبلاء 2/ 139. (¬1) هكذا في الجميع، وهو تصحيف-والله أعلم-وصوابه: القاريّ كما في السيرة 1/ 255، والروض 1/ 292، وشرح الخشني 1/ 320، وهو نسبة إلى القارة، لقبت به قبيلته، وانظر سبل الهدى 2/ 413. (¬2) يعني بنت عميس رضي الله عنها. (¬3) هكذا (خطاب) بالخاء المعجمة في جميع الأصول والسيرة التي مع الروض 1/ 291، وفي أصولها وأصل الدرر كما في الهوامش وطبقات ابن سعد 4/ 202، والسيرة الشامية 2/ 416، بينما ترجموا له في الاستيعاب والأسد والإصابة في حرف الحاء المهملة. (¬4) هكذا في الأصول والمطبوع، وإنما هو تصحيف أيضا سقط منه بعض الأسماء، وهو هكذا: معمر بن الحارث بن معمر بن حبيب أخو حاطب وخطاب السابقين. (¬5) اسمه: نعيم بن عبد الله بن أسيد، وإنما سمي النحّام، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لقد سمعت نحمه في الجنة». ونحمه: حسّه. (السيرة 1/ 259). وقال في الروض: النحم: سعلة مستطيلة، يقال للبخيل: نحّام، لأنه يسعل إذا سئل، يتشاغل بذلك. (¬6) في السيرة 1/ 259: أمينة. وقال ابن هشام: ويقال: همينة. وقال أبو ذر الخشني 1/ 323: روي بالميم والنون [أميمة وأمينة] وأمينة بالنون هو الصواب. وانظر الإصابة فقد ذكر الثلاثة.

وحاطب بن عمرو، وأبو حذيفة بن عتبة، وواقد بن عبد الله، وخالد بن البكير. وإلياس (¬1). وعمّار. وصهيب. ذكره يعقوب (¬2). ودخل الناس في الإسلام أرسالا من الرجال والنساء (¬3). وفي سنة إحدى وأربعين ولد عبد الله بن بسر. قاله العتقي (¬4). ¬

(¬1) هكذا في الجميع، وفي السيرة وطبقات ابن سعد 3/ 389، وكتب الصحابة: (إياس)، كما ذكروا معه: خالدا وعامرا، كلهم من بني البكير. وانظر الطبقات 3/ 388 - 389، ودلائل البيهقي 2/ 174 - 175. (¬2) هذا السياق هو للسيرة أيضا، وخالف أبو عمر في الدرر فقدم وأخر وأضاف بعض الأسماء، وساقه في العيون وسبل الهدى عن ابن إسحاق. (¬3) هذه عبارة ابن إسحاق 1/ 262 وأضاف: حتى فشا الإسلام بمكة وتحدّث به. (¬4) صحابي روى عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن أبيه، سكن حمص، وهو آخر من مات من الصحابة بالشام، توفي سنة ثمان وثمانين-وقيل غير ذلك-فيكون قد عمّر مائة سنة كما يفيده كلام العتقي، وهو مأخوذ من حديث أخرجه البخاري في التاريخ الصغير/93/عن عبد الله بن بسر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: «يعيش هذا الغلام قرنا». فعاش مائة سنة.

الجهر بالدعوة

الجهر بالدعوة ثم إن الله أمر رسوله صلى الله عليه وسلم بأن يصدع (¬1) بما جاء منه، وكان ذلك بعد ثلاث سنين من النبوة، فبينا سعد بن أبي وقاص في نفر يصلون في شعب من شعاب مكة، إذ ظهر عليهم نفر من المشركين وهم يصلون، فعابوا عليهم ما يصنعون حتى قاتلوهم، فضرب سعد يومئذ رجلا بلحي بعير فشجّه، فكان أول دم هريق في الإسلام (¬2). فلما بادى النبي صلى الله عليه وسلم قومه بالإسلام، لم يبعد منه قومه، ولم يردّوا عليه حتى ذكر آلهتهم وعابها. قال العتقي: وكان ذلك في سنة أربع (¬3). فلما فعل أجمعوا على خلافه وعداوته إلا من عصم الله. وحدب عليه أبو طالب، فحقب الأمر وتنابذ القوم، وبادى بعضهم بعضا، وتذامرت قريش على من أسلم منهم، يعذّبونهم، ويفتنونهم عن ¬

(¬1) يصدع: مأخوذ من قوله تعالى: فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ [الحجر:94]، وشرحها ابن هشام 1/ 263 فقال: اصدع، افرق بين الحق والباطل. ووافقه في الروض 2/ 6. والصّدع في اللغة: الشقّ في شيء صلب. (¬2) انظر السيرة 1/ 263، وأوائل العسكري 146 - 147 حيث أخرجه من غير طريق ابن إسحاق. ولحي البعير: عظمه الذي على الخد، ومن الإنسان: العظم الذي تنبت عليه اللحية (الخشني). (¬3) ذكره عن العتقي أيضا: الصالحي 2/ 436.

دينهم (¬1). ومنع الله رسوله صلى الله عليه وسلم بعمه أبي طالب، وببني هاشم غير أبي لهب، وببني المطلب (¬2). فرماه الوليد بن المغيرة بالسّحر، وتبعه قومه على ذلك، فنزل فيه: {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً} [المدثر:11] الآيات (¬3)، وفي النفر الذين تابعوه على قوله: {الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ} (¬4) [الحجر:91]. ثم إن قريشا اشتدّ عليهم أمره، فكذّبوه، وآذوه، ورموه بالشّعر والكهانة والجنون، وأغروا به سفاءهم، حتى أخذ رجل منهم يوما بمجمع ردائه، فقام أبو بكر رضي الله عنه دونه، وهو يبكي ويقول: أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله (¬5). قال العتقي: وفي هذه السنة ولد أسامة بن زيد، وأنس بن مالك، والمغيرة بن شعبة الثقفي، وأبو موسى الأشعري، وزيد بن خالد الجهني، وحبيب بن مسلمة الفهري. ¬

(¬1) شرح مفردات هذه الفقرة على الترتيب هكذا: حدب عليه: عطف عليه ومنعه، وأصل الحدب: انحناء في الظهر، ثم استعير فيمن عطف على غيره ورقّ له. وحقب الأمر: زاد واشتد. وتنابذ القوم: تركوا ما بينهم من عهد. وتذامرت -وفي الأصول: توامرت. وفي المطبوع: تآمرت-من التذامر، وهو التحاضّ على القتال، أي حض بعضهم بعضا على حربه وعداوته. (¬2) السيرة 1/ 269. (¬3) تفسير الطبري 29/ 152 - 153، وأسباب النزول للواحدي/295/، ودلائل البيهقي 2/ 198 - 199، ومستدرك الحاكم 2/ 506 - 507. (¬4) دلائل النبوة للبيهقي 2/ 201، ومعنى عضين: قطعا، أي آمنوا ببعضه وكفروا ببعضه، أو فرقوا القول فيه. (¬5) السيرة 1/ 290.

[إسلام حمزة رضي الله عنه]

[إسلام حمزة رضي الله عنه]: ثم أسلم حمزة بن عبد المطلب عمه صلى الله عليه وسلم، وكان أعزّ فتى في قريش، وأشدّه شكيمة، فعز به (¬1) رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكفّت عنه قريش قليلا (¬2). قال العتقي: وكان إسلامه سنة ست (¬3). وسألوه: إن كنت تطلب مالا، جمعنا لك مالا تكون به أكثرنا مالا؛ وإن كنت تريد الشرف فينا، فنحن نسوّدك علينا، وإن كنت تريد ملكا، ملّكناك علينا؛ وإن كان هذا الذي يأتيك رئيّا (¬4) قد غلب عليك، بذلنا أموالنا في طلب الطبّ حتى نبرئك منه أو نعذر فيك. فقال لهم عليه الصلاة والسلام: «ما بي ما تقولون، ولكنّ الله بعثني رسولا، ونزّل عليّ كتابا، وأمرني أن أكون لكم بشيرا ونذيرا، فبلّغتكم رسالات ربي، ونصحت لكم، فإن تقبلوا مني ما جئتكم به فهو حظّكم في الدنيا والآخرة، وإن تردّوه عليّ أصبر لأمر الله حتى يحكم الله بيني وبينكم» (¬5). ثم إن النّضر بن الحارث وعقبة بن أبي معيط ذهبا إلى أحبار يهود، فسألاهم عنه عليه الصلاة والسلام فقالوا لهما: سلاه عن ثلاثة، فإن ¬

(¬1) في (1): ففرح به. (¬2) انظر تفاصيل قصة إسلامه رضي الله عنه في السيرة 1/ 291 - 292، والروض الأنف 2/ 49 ففيه زيادة. (¬3) هكذا أيضا عند ابن سعد 3/ 9، وفي الإصابة 2/ 122 عند ترجمته: أسلم في السنة الثانية من البعثة. (¬4) الرّئي-بفتح الراء وكسرها-ما يتراءى للإنسان من الجن. (الخشني). (¬5) السيرة 1/ 295 - 296.

[أول من جهر بالقرآن، وأول قتيل في الإسلام]

أخبركما بهنّ فهو نبي مرسل، وإن لم يفعل، فهو متقوّل، سلوه عن فتية ذهبوا في الدهر الأول، وعن رجل طوّاف، وعن الروح. فأنزل الله تعالى سورة الكهف (¬1). [أول من جهر بالقرآن، وأول قتيل في الإسلام]: ثم جهر عبد الله بن مسعود بالقرآن فكان أول من جهر به من الصحابة (¬2). واشترى أبو بكر رضي الله عنه بلالا فأعتقه، وكان يعذّب في الله (¬3). وأعتق ستة آخرين: عامر بن فهيرة، وأمّ عبيس، وزنّيرة، والنّهديّة وبنتها، والمؤمّليّة (¬4). وقتلت أمّ عمّار بن ياسر سميّة في الله، فهي أول قتيل في الإسلام، وقيل: أول قتيل الحارث بن أبي هالة بن خديجة، فيما ذكره العسكريّ (¬5). ¬

(¬1) السيرة 1/ 300 - 302، وتفسير الطبري 15/ 191 - 192، وعزاها في الدر المنثور 5/ 357 إلى ابن المنذر، وأبي نعيم والبيهقي كلاهما في الدلائل أيضا. (¬2) السيرة 1/ 314، وتاريخ الطبري 2/ 334، وأوائل العسكري/147/. وكان رضي الله عنه جريئا، فلما تلاها عند المقام على مسامع قريش ضربوا وجهه حتى أثّروا فيه، فلم يزده ذلك إلا إصرارا. (¬3) وقصة تعذيبه رضي الله عنه مشهورة، قال عمار رضي الله عنه. كلّ قد قال ما أرادوا-يعني المشركين-غير بلال. (الإصابة عن الجوزجاني في تاريخه). (¬4) انظرهم مع قصص تعذيبهم وثباتهم وإعتاقهم: السيرة 1/ 318 - 319، وأنساب الأشراف 1/ 194 - 197. (¬5) الأوائل/148/، ولكنه قدم الحارث على سمية رضي الله عنهما، واقتصر ابن سعد 8/ 265، وابن الجوزي في التلقيح/465/على سمية أم عمار رضي الله عنهما. وأخرجه البيهقي في الدلائل 2/ 282 عن مجاهد رحمه الله.

الهجرة إلى الحبشة

الهجرة إلى الحبشة ثم أذن النبيّ صلى الله عليه وسلم لأصحابه في الهجرة إلى الحبشة في رجب سنة خمس من النبوّة (¬1)، وعدّتهم اثنا عشر رجلا وأربع نسوة، وقيل: أحد عشر وامرأتان (¬2). وقال الحاكم: بعد موت أبي طالب (¬3). ¬

(¬1) هكذا في الطبقات 1/ 204، وأنساب الأشراف 1/ 198، وتاريخ الطبري 2/ 329. (¬2) اقتصرت كتب السيرة والتاريخ على ذكر أنهم كانوا أحد عشر رجلا وأربع نسوة، وهو قول الواقدي كما في الطبقات 1/ 204، وتاريخ الطبري 2/ 329، ولكن بعدّ الأسماء التي ساقها ابن سعد والطبري عن الواقدي يتبين أنها اثنا عشر رجلا وأربع نسوة، كما ذكر المصنف رحمه الله. وأما من قال: أحد عشر: فلأن ابن إسحاق 1/ 322 - 323 عدّهم كذلك، إلا أنه ذكر خلافا في الحادي عشر، لذلك نص على أنهم عشرة رجال، وهو ما سوف يذكره المصنف بعد قليل، أما الخلاف بين ما ساقه ابن سعد والطبري وبين ما ساقه ابن إسحاق فهو في عبد الله بن مسعود رضي الله عنه حيث عده ابن إسحاق في من هاجر إلى الحبشة الهجرة الثانية لا الأولى. (انظر فتح الباري عند شرح باب هجرة الحبشة من كتاب مناقب الأنصار 7/ 227 - 228، والمواهب اللدنية 1/ 240، وسبل الهدى 2/ 485). (¬3) هكذا أيضا في سيرة ابن حبان/72/خلافا لجمهور أهل السير، فهم يكادون يتفقون على أن موته وموت خديجة رضي الله عنها في عام واحد، وذلك قبل الهجرة إلى المدينة بثلاث سنين.

[النجاشي وأسماء الملوك]

وفي كتاب الاقتصار على صحيح الأخبار: وكانوا عشرة رجال وأربع نسوة (¬1). وأميرهم: عثمان بن مظعون، وأنكر ذلك الزهري فقال: لم يكن لهم أمير (¬2). [النجاشي وأسماء الملوك]: عند ملكها: النجاشيّ، واسمه: أصحمة بن بحرى، وقيل: مكحول بن صصه (¬3). والنجاشيّ: اسم لكلّ من ملك الحبشة، وتسمّيه المتأخرون: ¬

(¬1) قدمت أنه من كلام ابن إسحاق 1/ 323، وانظر كامل ابن الأثير 1/ 596، والفتح في الموضع السابق. (¬2) أما كون أميرهم عثمان بن مظعون رضي الله عنه: فذكره ابن هشام عن بعض أهل العلم (السيرة 1/ 323)، وأما إنكار الزهري فذكره صاحب المواهب وصاحب السبل أيضا 2/ 486. (¬3) النّجاشي: بفتح النون وكسرها، واسمه في أكثر المصادر: (أصحمة). وتفسيره: (عطية) كما في الدلائل 2/ 310 عن ابن إسحاق، وهو كذلك في الروض 2/ 79، وعزاه في اللسان إلى ابن قتيبة. وضبطه الحافظ في الفتح 3/ 241، والإصابة 1/ 205 على وزن أربعة، وأنه قيل فيه بالخاء (أصخمة)، وقيل بالموحدة (أصحبة)، وقيل بغير ألف (صحمة)، وقيل غير ذلك. وفي الدلائل: مصحمة. وانظر مشارق الأنوار 1/ 63. وهو في أكثر المصادر: ابن أبجر، انظر الطبري 2/ 652، وفي سير أعلام النبلاء 1/ 436 عن أبي موسى الأصبهاني الحافظ: اسم النجاشي أصحمة، وقيل: أصحم بن بجرى. وفي المصباح المضيّ 2/ 18 عن مقاتل بن سليمان البلخي: اسم النجاشي: مكحول بن صصة.

الأمحريّ (¬1). وكذلك خاقان: لمن ملك التّرك (¬2). وقيصر: لمن ملك الروم (¬3). وتبّع: لمن ملك اليمن، فإن ترشّح للملك سمّي قيلا (¬4). وبطلميوس: لمن ملك اليونان (¬5). ¬

(¬1) في تاريخ الخميس 1/ 289 (الأبحرى). نقله عن المصنف. (¬2) انظر مروج الذهب 1/ 134، والروض 2/ 79 و 289، والمنتظم 14/ 50، ووفيات الأعيان 5/ 58. وقال في القاموس: اسم لكل ملك خقّنه الترك على أنفسهم، أي ملّكوه ورأسوه. ونقل في اللسان عن أبي منصور: أنه ليس من العربية في شيء. (¬3) هكذا في الصحاح، والروض 1/ 54، والمنتظم 14/ 50. وقال المسعودي 1/ 321: وتفسير قيصر: بقر-وفي الروض عنه: بقير-أي شقّ عنه، ذلك أن أمه ماتت وهي حامل به، فشق بطنها، فكان هذا الملك يفتخر في وقته بأن النساء لم تلده، واسمه: أغسطس. أقول: وتسمية أهل زماننا (القيصرية) لعملية شق البطن وإخراج الجنين نسبة إلى قيصر هذا، والله أعلم. (¬4) كذا في المنتظم 14/ 50 بالنسبة لتبّع، وفي الصحاح: والتبابعة: ملوك اليمن، الواحد: تبّع، وأضاف في اللسان: سمّوا بذلك لأنه يتبع بعضهم بعضا، كلما هلك واحد، قام مقامه آخر تابعا له على مثل سيرته. . وقيل: كان ملك اليمن لا يسمّى تبّعا حتى يملك حضر موت وسبأ وحمير. وأما القيل: فقال الجوهري: ملك من ملوك حمير، دون الملك الأعظم. وفي اللسان: يتقيّل من قبله من ملوكهم يشبهه. (¬5) كذا في الروض 2/ 79، وصبح الأعشى 3/ 476، وفيهما الاسم بتقديم الياء على الميم (بطليموس). وقال في القاموس: (بطليموس): حكيم يوناني. أقول: ورسم الكلمة في الملل والنحل للشهرستاني/371/، والبداية والنهاية 11/ 229 كما هي عند المصنف، علما بأن ابن كثير ينقل عن السهيلي، والله أعلم.

والفطيون: لمن ملك اليهود. هكذا قاله ابن خردادبه (¬1)، والمعروف مالخ: ثم رأس الجالوت (¬2). والنّمرود: لمن ملك الصابئة، ودهمن (¬3). وفغفور: لمن ملك الهند (¬4). وغانة: لمن ملك الزّنج (¬5). وفرعون: لمن ملك مصر والشام، فإن أضيف إليهما الإسكندرية ¬

(¬1) هو عبيد الله بن أحمد بن خرداذبه، مؤرخ جغرافي، فارسي الأصل، كان من ندماء المعتمد العباسي، له عدة تصانيف، منها: المسالك والمالك. توفي نحو 280 هـ‍. (انظر لسان الميزان 4/ 96، والأعلام 4/ 190 لضبط الاسم خاصة). وذكر في الروض 2/ 289: أن كل من ولي أمر اليهود وملكهم يسمّى: (الفطيون)، وهي كلمة عبرانية. وانظر الاشتقاق/436/. (¬2) قال الثعالبي في ثمار القلوب/322/: رأس الجالوت: رئيس اليهود، كما أن الأسقف رئيس النصارى، والموبذ رئيس المجوس. (¬3) الصابئون كما في مفردات الراغب: قوم كانوا على دين نوح عليه السلام. وفي الصحاح: جنس من أهل الكتاب. وانظر تفسير الطبري 1/ 318 - 320 عند قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالنَّصارى وَالصّابِئِينَ. . [البقرة: 62] فقد ذكر في تفسيرها عدة أقوال. وأوصلها ابن الجوزي إلى سبعة وليس فيها ما قاله (الراغب) والله أعلم. وأما الدهمن: فقال في القاموس: دهمن للفرس: كالقيل لليمن. وعبارة المصنف نقلها في تاريخ الخميس 1/ 289 عن المصنف. (¬4) الذي يفيده كلام المسعودي في المروج 1/ 275 أن (فغفور) ملك الصين وليس الهند، وفي البداية والنهاية 3/ 75: وبطليموس لمن ملك اليونان، وقيل الهند، والله أعلم. وفي تاريخ الخمس 1/ 289: (يغفور). عن المصنف. (¬5) في المروج 2/ 5 و 17: أن (فليمى) سمة ولقب لسائر ملوك الزنج في سائر الأعصار، وفسّره بأنه يعني: ابن الرب الكبير.

سمّي: العزيز، ويقال: المقوقس (¬1). وكسرى: لمن ملك العجم (¬2). والإخشيد: لمن ملك فرغانة (¬3). والنعمان: لمن ملك العرب من قبل العجم (¬4). وجالوت: لمن ملك البربر (¬5). فخرج المسلمون، وهي أول هجرة في الإسلام (¬6). فلما رأت قريش استقرارهم في الحبشة وأمنهم، أرسلوا فيهم إلى النجاشي عمرو بن العاصي، وعبد الله بن أبي ربيعة (¬7)، ليردهم إلى ¬

(¬1) قال النووي في شرح مسلم 12/ 113: وفرعون لكل من ملك القبط، والعزيز لكل من ملك مصر. وانظر المجموع له 5/ 252. وفي البداية 11/ 229: فرعون لمن ملك مصر، والمقوقس لمن ملك الإسكندرية، وذكر غير ذلك. وقال في القاموس: (العزيز): لقب من ملك مصر مع الإسكندرية. (¬2) في الروض 2/ 79، ووفيات الأعيان 5/ 58: كسرى: لمن ملك الفرس. وأضاف له الهمذاني في التكملة/358/اسما آخر: (شاها بشاه). (¬3) هكذا في تكملة الهمذاني وأخبار الدول المنقطعة/235/أيضا. وقال ابن خلكان 5/ 58: وتفسيره بالعربي: ملك الملوك. (¬4) في اللسان عن أبي عبيدة: إن العرب كانت تسمي ملوك الحيرة: النعمان، لأنه كان آخرهم. (¬5) في المروج 1/ 49: أن الذي خرج على بني إسرائيل، وقتله طالوت هو: جالوت الجبار ملك البربر من أرض فلسطين. وانظر هذا النص من أوله في تاريخ الخميس 1/ 289 حيث نقله عن المصنف. (¬6) هذا قول ابن إسحاق 1/ 322. (¬7) هذا قول ابن إسحاق 1/ 332، وفي رواية أخرى: عمارة بن الوليد بن المغيرة. انظر دلائل البيهقي 2/ 293. وجمعوا بينهما بأن عمارة كان رفيق عمرو بن-

قومهم، فأبى ذلك، وردّهما خائبين (¬1). وكان حين ذلك مشركا، ثم أسلم سنة سبع (¬2)، وتوفي في رجب سنة تسع (¬3). ¬

= العاص في الهجرة الثانية. ومنهم من قال: كان ثالثهم. (¬1) في قصة مشهورة، انظرها في السيرة 1/ 332 - 338، ودلائل البيهقي 2/ 285 - 307 من عدة وجوه. (¬2) في الهامش: يعني من النبوة. أقول: فيكون ذلك عند هجرة المسلمين إلى الحبشة الهجرة الثانية، وهو مصرح به في حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، وصححه البيهقي في الدلائل 2/ 299 - 300، وأخرجه ابن إسحاق 1/ 340 من حديث جعفر بن محمد عن أبيه، ولكن قال الواقدي: إن الهجرة الثانية إلى الحبشة كانت في السنة الخامسة من مبعث النبي صلى الله عليه وسلم. (انظر الطبقات 1/ 206، ودلائل البيهقي 2/ 297). ويتبين من هذا أن مراد المؤلف-رحمه الله-من قوله سنة سبع. هو سبع للهجرة وبه قال الواقدي، حيث نقل ابن سعد 1/ 207 عنه: أنه في شهر ربيع الأول سنة سبع من هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى النجاشي كتابا يدعوه إلى الإسلام، وبعث به مع عمرو بن أمية الضمري، فلما قرىء عليه الكتاب أسلم وقال: لو قدرت أن آتيه لأتيته. وانظر نص كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى النجاشي وجواب النجاشي عليه في دلائل البيهقي 2/ 308 - 310، والمصباح المضي 2/ 33 - 35. أقول: وفي صحيح مسلم، كتاب الجهاد والسير، باب كتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى ملوك الكفار يدعوهم إلى الله عز وجل (1774) من حديث أنس رضي الله عنه أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى كسرى وإلى قيصر وإلى النجاشي وإلى كل جبار، يدعوهم إلى الله تعالى، وليس بالنجاشي الذي صلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم. (¬3) هكذا في الطبري 3/ 122، والروض الأنف 2/ 94، والمنتظم 3/ 375. وقال ابن قتيبة في المعارف/163/: توفي سنة ثمان، وعزاه الحافظ في الفتح 7/ 231 في باب موت النجاشي من كتاب مناقب الأنصار إلى البيهقي في الدلائل.

[الصلاة على النجاشي رضي الله عنه]

[الصلاة على النجاشي رضي الله عنه]: وصلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم، رفع إليه سريره حتى رآه، وقيل: لأنه كان عند الكفار الذين لا يصلّون عليه، فلذلك صلى عليه (¬1). [الصلاة على القبر]: وقد روى الصلاة على القبر تسعة من الصحابة: أبو هريرة، وابن عباس، وأنس، وبريدة، وزيد بن ثابت، وعامر بن ربيعة، وأبو قتادة، وسهل بن حنيف، وعبادة بن الصامت، وحديثه مرسل، كذا قاله السهيلي. وزيد عليه: يزيد بن ثابت، وعقبة بن عامر، وأبو سعيد الخدري، ¬

(¬1) الصلاة على النجاشي ثابتة في الصحيحين وغيرهما من كتب الحديث والسير، فأخرج البخاري في الجنائز، باب الصفوف على الجنازة (1318) عن أبي هريرة رضي الله عنه: نعى النبي صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه النجاشي، ثم تقدم فصفوا خلفه، فكبر أربعا. وأخرجه مسلم في الجنائز، باب التكبير على الجنازة (951) وأخرجاه أيضا من حديث جابر رضي الله عنه. وأما رفع سريره حتى رآه النبي صلى الله عليه وسلم وهو بالمدينة: فقد ذكره السهيلي في الروض 2/ 94 قال: نعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الناس في اليوم الذي مات فيه، وصلى عليه بالبقيع، رفع إليه سريره بأرض الحبشة حتى رآه وهو بالمدينة فصلى عليه. وانظر أسباب النزول للواحدي /93/، وتفسير البغوي 1/ 388 عند قوله تعالى: وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ. . [آل عمران:199]. وأما قول المصنف الأخير: إنه صلى عليه لأنه عند الكفار الذين لا يصلون عليه. فهذا تحليل فقهي، أورده الفقهاء ردا على من أثبت الصلاة على الميت الغائب وهو الإمام الشافعي رحمه الله. (انظر تفسير القرطبي 2/ 82 عند قوله تعالى: وَلِلّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ. . [البقرة:115].

[إسلام عمر رضي الله عنه]

وسعيد بن المسيّب وإن كان حديثه مرسلا فقد أسند (¬1). [إسلام عمر رضي الله عنه]: وأسلم عمر بن الخطاب بعد حمزة بثلاثة أيام-فيما قاله أبو نعيم (¬2) -بدعوة النبي صلى الله عليه وسلم: «اللهم أيد الإسلام بأبي جهل، أو بعمر بن الخطاب» (¬3). ¬

(¬1) استطرد المؤلف-رحمه الله-إلى الحديث عن الصلاة على القبر، والفقهاء والمحدثون يفرقون بين الصلاة على القبر والصلاة على الغائب، وهذا الأخير هو المقصود هنا، والأحاديث المتعلقة به في الصحيحين وغيرهما، وقد ذكرت آنفا اثنين منها، والثالث أخرجه مسلم عن عمران بن حصين رضي الله عنه في الكتاب والباب السابقين (953)، كما أخرجه الترمذي (1039) وقال: وفي الباب عن أبي هريرة، وجابر بن عبد الله، وأبي سعيد، وحذيفة بن أسيد، وجرير بن عبد الله. أقول: وأما أحاديث الصلاة على القبر فقد استوعبها الإمام البيهقي رحمه الله في سننه الكبرى 4/ 45 - 49 وليس فيها ما يتعلق بالصلاة على النجاشي رضي الله عنه. (¬2) دلائل أبي نعيم (192) عن ابن عباس رضي الله عنهما. (¬3) أخرجه الإمام أحمد في المسند 2/ 95، وصححه أحمد شاكر (5696)، كما أخرجه في فضائل الصحابة (312)، وأخرجه الترمذي في المناقب باب فضائل عمر رضي الله عنه (3682) وقال: حسن صحيح غريب. وابن سعد في الطبقات 3/ 267، والبيهقي في الدلائل 2/ 215 - 216، وصححه ابن حبان (6881)، وعزاه الحافظ في الإصابة إلى أبي يعلى. كلهم من حديث عبد الله ابن عمر رضي الله عنهما. كما أخرجه الطبراني في الكبير (10314)، والحاكم في المستدرك 3/ 83 من حديث ابن مسعود رضي الله عنه، وقال الهيثمي 9/ 61 - 62: ورجاله رجال الصحيح غير مجالد بن سعيد، وقد وثق. وله طرق أخرى انظرها في المجمع والإصابة.

[حصار الشعب وخبر الصحيفة]

وفي كتاب الحاكم: «اللهم أيد الإسلام بعمر بن الخطاب». لم يذكر أبا جهل (¬1). وكان رجلا لا يرام ما وراء ظهره، فامتنع به وبحمزة الصحابة (¬2). فكان ابن مسعود يقول: ما كنا نقدر على أن نصلي عند الكعبة حتى أسلم عمر رضي الله تعالى عنه (¬3). قال العتقي: وفي سنة ست ولد عبد الله بن جعفر بالحبشة، وأبو أمامة صديّ بن عجلان، وسلمة بن الأكوع، وكانت حرب حاطب بن قيس بين الأوس والخزرج (¬4). [حصار الشّعب وخبر الصحيفة]: [فلما رأت قريش عزّة النبي صلى الله عليه وسلم بمن معه، وعزّة أصحابه بالحبشة، ¬

(¬1) أخرجه الحاكم 3/ 83 من عدة أحاديث. والطبراني في الكبير عن ثوبان رضي الله عنه (1428). وابن حبان عن عائشة رضي الله عنها (6882). وانظر الإصابة 4/ 590 فله طرق أخرى. (¬2) السيرة 1/ 342. (¬3) المرجع السابق، وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير (8806)، وقال الهيثمي 9/ 63: ورجاله رجال الصحيح إلا أن القاسم لم يدرك جده ابن مسعود. قلت: أورده الحافظ في الإصابة بلفظ: ما عبدنا الله جهرة حتى أسلم عمر. وأخرجه الإمام البخاري في مناقب عمر رضي الله عنه من كتاب فضائل الصحابة (3684) بلفظ: ما زلنا أعزة منذ أسلم عمر. (¬4) وتسمى: حرب حاطب لأنه كان سببها، أو يوم الجسر لأنها وقعت عند جسر للخزرج، وهي آخر وقعة كانت بين القبيلتين قبل يوم بعاث حتى جاء الله بالإسلام، وكان النصر فيها للخزرج على الأوس (انظر كامل ابن الأثير 1/ 531).

[قدوم بعض مهاجرة الحبشة وقصة الغرانيق]

وفشوّ الإسلام في القبائل، اجتمعوا وائتمروا أن يكتبوا كتابا يتعاقدون فيه على بني هاشم وبني المطلب، أن لا ينكحوا إليهم ولا ينكحوهم، ولا يبيعوا منهم شيئا ولا يبتاعوا منهم. وكتبوه في صحيفة بخط منصور بن عكرمة، وقيل: بغيض بن عامر، فشلت يده (¬1). وعلقوا الصحيفة في جوف الكعبة هلال المحرم سنة سبع (¬2)، فانحاز الهاشميون-غير أبي لهب-والمطلبيّون إلى أبي طالب، فدخلوا معه في شعبه، فأقاموا على ذلك سنتين أو ثلاثا، وقال ابن سعد: سنين (¬3). حتى جهدوا، وكان لا يصل إليهم شيء إلا سرا (¬4). [قدوم بعض مهاجرة الحبشة وقصة الغرانيق]: وقدم نفر من مهاجرة الحبشة حين قرأ عليه الصلاة والسلام: {وَالنَّجْمِ إِذا هَوى} فألقى الشيطان في أمنيته (¬5) -على ما ذكره الكلبيّ، ¬

(¬1) بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم كما في السيرة 1/ 350 و 377، وانظر اسم الكاتبين فيها وفي الروض 2/ 127 حيث صحح الاسم الثاني، واقتصر ابن سعد 1/ 209 على الأول فقط. (¬2) طبقات ابن سعد 1/ 209 وفيها: ليلة هلال المحرم سنة سبع من حين تنبىء رسول الله صلى الله عليه وسلم. (¬3) المصدر السابق 1/ 210 عن الحكم، وانظر القولين السابقين فيها أيضا 1/ 209 - 210. (¬4) انظر السيرة والطبقات في المواضع السابقة. (¬5) أي في تلاوته عند ذكر اللات والعزى. (الروض 2/ 126)، وأصلها كما في الطبري 2/ 340 قال: جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم في ناد من أندية قريش، كثير أهله، -

وهو متهم عن بادان وهو مثله-عن ابن عباس ولم يسمع منه-تلك الغرانيق العلى، وإنّ شفاعتهنّ لترتجى. فسجد النبي صلى الله عليه وسلم، وسجد المشركون لتوهمهم أنه ذكر آلهتهم بخير، فلما تبين لهم عدم ذلك، رجعوا إلى أشد ما كانوا عليه (¬1). وتؤول على تقدير الصحة. بأنّ الشيطان نطق به على لسانه عند انقطاع نفس النبي صلى الله عليه وسلم. وأنه قالها مريدا بها الملائكة. أو قالها تعجبا وتهكما (¬2). فلما بلغ ذلك القادمين حين دنوّهم من مكة، لم يدخل أحد منهم إلا بجوار أو مستخفيا (¬3). ¬

= فتمنى يومئذ ألاّ يأتيه من الله شيء فينفروا عنه، فأنزل الله عز وجل: وَالنَّجْمِ إِذا هَوى، فقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا بلغ: أَفَرَأَيْتُمُ اللاّتَ وَالْعُزّى* وَمَناةَ الثّالِثَةَ الْأُخْرى ألقى عليه الشيطان كلمتين: «تلك الغرانيق العلى. وإن شفاعتهن لترتجى». فتكلم بها، ثم مضى فقرأ السورة كلها، فسجد في آخر السورة، وسجد القوم معه جميعا. وأصل الغرانيق في اللغة: طيور الماء طويلة العنق، واحدها: غرنيق (الصحاح). وقال ابن الأثير في النهاية 3/ 364: وقيل: هو الكركي. وقال: المراد بها هنا: الأصنام. وقال في المواهب 1/ 249: كانوا يزعمون أن الأصنام تقربهم من الله، وتشفع لهم، فشبهت بالطيور التي تعلو في السماء وترتفع. (¬1) كان سجود النبي صلى الله عليه وسلم آخر السورة لوجود آية السجدة فيها. (¬2) انظر هذه الأقوال وغيرها في فتح الباري كما سوف أذكر. (¬3) هذه عبارة السيرة 1/ 364، وانظر تخريج هذه القصة فتح الباري كتاب التفسير، سورة الحج. حيث ذكر لها عدة طرق كلها ضعيفة سوى طريق سعيد بن جبير وطريقين آخرين مرسلين، وقال: لكن كثرة الطرق تدل على أن للقصة أصلا. -

[الهجرة الثانية إلى الحبشة]

[الهجرة الثانية إلى الحبشة]: ثم هاجر المسلمون الثانية إلى أرض الحبشة، وعدتهم ثلاثة وثمانون رجلا-كان عمار بن ياسر فيهم (¬1) -وثماني عشرة امرأة (¬2). وخرج أبو بكر رضي الله عنه مهاجرا إلى الحبشة حتى بلغ برك الغماد، ثم رجع في جوار سيد القارة مالك بن الدّغنة (¬3). ¬

= ونقل عن ابن العربي والقاضي عياض ردهما للقصة وقولهما بعدم صحتها، ورد عليهما وقال: وإذا تقرر ذلك تعين تأويل ما وقع فيها مما يستنكر، وهو قوله: ألقى الشيطان على لسانه: تلك الغرانيق العلى وإن شفاعتهن لترتجى. فإن ذلك لا يجوز حمله على ظاهره، لأنه يستحيل عليه صلى الله عليه وسلم أن يزيد في القرآن عمدا ما ليس منه، وكذا سهوا إذا كان مغايرا لما جاء به من التوحيد لمكان عصمته. ثم نقل تأويل العلماء لهذه القصة كما ذكر المصنف وزيادة. (¬1) هكذا في السيرة 1/ 330، وقال في الروض 2/ 80: والأصح عند أهل السير كالواقدي، وابن عقبة، وغيرهما أنه لم يكن فيهم. (¬2) هكذا في طبقات ابن سعد 1/ 207 للرجال والنساء دون أن يتعرض لذكر عمار رضي الله عنه. وانظر أسماءهم مفصلة في السيرة في الموضع السابق. (¬3) قصة خروج أبي بكر رضي الله عنه مهاجرا إلى الحبشة أخرجها ابن إسحاق عن الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله عنها (1/ 372 - 373)، وعبد الرزاق عن معمر عن الزهري به (5/ 385 - 386) وأخرجها البخاري من نفس الطريق في مناقب الأنصار، باب هجرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى المدينة (3905)، وبرك الغماد-بكسر الغين المعجمة وبضمها-: موضع على بعد خمس ليال من مكة جهة اليمن. والقارة: قبيلة مشهورة يضرب بها المثل في قوة الرمي.

بعض الأحداث قبل الهجرة إلى المدينة [نقض الصحيفة]

بعض الأحداث قبل الهجرة إلى المدينة [نقض الصحيفة]: ثم قام رجال في نقض الصحيفة، فأطلع الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم على أن الأرضة أكلت ما فيها من القطيعة والظلم، فلم تدع إلا اسم الله تعالى فقط، فلما أنزلت لتمزق، وجدت كما قال عليه الصلاة والسلام، وذلك في السنة العاشرة (¬1). [إسلام الطفيل ودعوته قومه]: ثم قدم الطّفيل بن عمرو الدّوسيّ، وكان شريفا، فأسلم، وقال: يا رسول الله إني امرؤ مطاع في قومي، وأنا راجع إليهم فداعيهم إلى الإسلام، فادع الله تعالى أن يجعل لي آية تكون لي عونا عليهم. فدعا له، فطلع نور بين عينيه مثل المصباح حين أشرف على قومه. قال: فقلت: اللهم في غير وجهي، إني أخشى أن يظنوا أنها مثلة وقعت في وجهي لفراقي دينهم. قال: فتحول فوقع في رأس سوطي كالقنديل المعلّق؛ فأسلم على يده ناس قليل. ¬

(¬1) انظر القصة كاملة في السيرة 1/ 374 - 377، وطبقات ابن سعد 209 - 210، وفيهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان قد أخبر عمه أبا طالب بأن الأرضة قد فعلت بالصحيفة ما ذكر، فأخبر أبو طالب قريش، فطلبوها فوجدوها كما أخبر صلى الله عليه وسلم.

[إرادة الأعشى الإسلام]

فردّ إليه عليه الصلاة والسلام (¬1)، فشكا ذلك إليه، وسأله أن يدعو عليهم، فقال: «اللهم اهد دوسا، ارجع إلى قومك فادعهم وارفق (¬2) بهم». قال: فلم أزل أدعوهم حتى مضى الخندق، ثم قدمت المدينة بسبعين أو ثمانين بيتا من دوس بخيبر، فأسهم لنا مع المسلمين (¬3). [إرادة الأعشى الإسلام]: وخرج إلى النبي صلى الله عليه وسلم الأعشى ميمون (¬4)، يريد الإسلام، ومدحه بقصيدته التي أولها: ألم تغتمض عيناك ليلة أرمدا … وبتّ كما بات السليم مسهّدا (¬5) فلما قرب من مكة اعترضه بعض المشركين فقال له: يا أبا بصير، ¬

(¬1) هكذا في الجميع وضبطتها كما ترى بمعنى رجع. (¬2) أخرجاه في الصحيحين بلفظ: «اللهم اهد دوسا وائت بهم» انظر البخاري في المغازي باب قصة دوس والطفيل (4392)، ومسلم في فضائل الصحابة، باب من فضائل غفار وأسلم وجهينة وأشجع ومزينة وتميم ودوس وطيء (2524). (¬3) هكذا في السيرة، وانظر قصة إسلام الطفيل وقومه كاملة فيها 1/ 382 - 385. (¬4) هو الشاعر الجاهلي ميمون بن قيس يكنى أبا بصير لأنه كان أعمى أو ضعيف البصر ويلقب بصنّاجة العرب لأنه أول من ذكر الصنج في شعره (انظر الشعر والشعراء لابن قتيبة 154). (¬5) هكذا في السيرة 1/ 386، وأنشد أبو الفرج في الأغاني 9/ 125 الشطر الثاني هكذا:. . . . . . . . . . . وعادك ما عاد السليم المسهّدا وبعده: وما ذاك من عشق النساء وإنما تناسيت قبل اليوم خلّة مهددا وانظر تمام القصيدة في السيرة، وانظر شرحها في الروض 2/ 137، والخشني 2/ 30 - 32.

[إسلام وفد النصارى]

إنه يحرّم الزنا. فقال: والله إن ذلك الأمر ما لي فيه من أرب. فقال: ويحرم الخمر. فقال: أمّا هذه فو الله إنّ في النفس منها لعلالات، ولكني منصرف فأتروّى منها عامي هذا، ثم آتيه فأسلم. فمات من عامه ذلك ولم يعد (¬1). كذا ذكره ابن إسحاق وغيره (¬2). وفيه نظر من حيث إنّ الخمر إنما حرّمت في المدينة (¬3)، والصواب فيما ذكره الأصبهانيّ من أن قدومه كان والنبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة، وأنه اجتاز بالحجاز فعرض له المشركون هنا، والله أعلم (¬4). [إسلام وفد النصارى]: وقدم عليه عليه الصلاة والسلام عشرون رجلا من النصارى-وسمّوا بذلك لأنّ مبدأ دينهم كان من ناصرة قرية بالشّام (¬5) -من أهل نجران مدينة بالحجاز فيهم العاقب، فآمنوا بالله تعالى، فأنزل الله فيهم: {الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ} [القصص:52] الآيات. ويقال: ¬

(¬1) قال في الروض 2/ 136: وقول الأعشى: أتروّى منها هذا العام، ثم أعود فأسلم. لا يخرجه عن الكفر بإجماع، قال الإسفراييني في عقيدته: إذا قال المؤمن: سأكفر غدا أو بعد غد. فهو كافر لحينه بإجماع، وإذا قال الكافر: سأومن غدا أو بعد غد. فهو على كفره، لا يخرجه عن حكم الكفر إلا إيمانه إذا آمن، ولا خلاف في هذه المسألة، والله المستعان. (¬2) انظر السيرة 1/ 388، والذي ذكر القصة هو ابن هشام وليس ابن إسحاق، وانظر الروض 2/ 136. (¬3) كذا في الروض الأنف 2/ 136. (¬4) انظر أغاني الأصبهاني 9/ 125 - 126، وذكره قبله ابن قتيبة في الشعر والشعراء /154/. وفي شعره ما يدل على ذلك حيث يقول: ألا أيهذا السائلي أين يممت فإن لها في أهل يثرب موعدا (¬5) هكذا في الروض 2/ 139.

[موت أبي طالب]

نزلت في النجاشي وأصحابه (¬1). [موت أبي طالب]: ولما أتت عليه عليه الصلاة والسلام تسع وأربعون سنة وثمانية أشهر وأحد عشر يوما مات عمه أبو طالب (¬2). وقيل في النصف من شوال من السنة العاشرة (¬3). وقال ابن الجزار: قبل هجرته عليه الصلاة والسلام بثلاث سنين (¬4). [وفاة خديجة رضي الله عنها]: وماتت خديجة بعد ذلك بثلاثة أيام (¬5). ¬

(¬1) كذا قال ابن إسحاق 1/ 391 - 392، وأخرجها البيهقي في الدلائل 2/ 306، وليس فيهما ذكر للعاقب، وإنما ذكره ابن سعد 3/ 357 - 358 في وفد نجران الذين قدموا على الرسول صلى الله عليه وسلم وهو بالمدينة عام الوفود، وكان العاقب أميرهم وصاحب مشورتهم، واسمه: عبد المسيح. أسلم بعد أن عاد مع الوفد إلى نجران وجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم مع شخص آخر هو السيد، وانظر ترجمتهما في الإصابة (السيد النجراني). (¬2) هكذا في إمتاع الأسماع 1/ 27، والمواهب اللدنية 1/ 262، وذكرها ابن قتيبة في المعارف/150/، والمسعودي في مروج الذهب 2/ 306 دون الأيام. وانظر المحبّر/11/فإن كلامه يفيد بأن عمره صلى الله عليه وسلم كان: تسعا وأربعين سنة وثمانية أشهر وواحدا وعشرين يوما. (¬3) أنساب الأشراف 1/ 236 و 405. (¬4) هو قول ابن إسحاق 1/ 416، وأخرجه الطبري 2/ 343 عنه، وأخرجه البيهقي في الدلائل 2/ 353 عن الواقدي. (¬5) كذا في المحبر/11/، وأنساب الأشراف 1/ 236، والمعارف/133/، وأخرجه البيهقي في الدلائل 2/ 352 - 353 لكن قال البلاذري: إن موتها قبل موت أبي طالب. وهذا قول المسعودي 2/ 306 أيضا، والمشهور الأول كما-

[زواجه صلى الله عليه وسلم بسودة رضي الله عنها]

وقيل: بخمسة، في رمضان (¬1). وقيل: ماتت قبل الهجرة بخمس (¬2). وقيل: بأربع سنين (¬3). وقيل: بعد الإسراء (¬4). وكان عليه الصلاة والسلام يسمي ذلك العام: عام الحزن. فيما ذكره صاعد (¬5). [زواجه صلى الله عليه وسلم بسودة رضي الله عنها]: وبعد أيام تزوج سودة بنت زمعة في رمضان سنة عشر (¬6). ¬

= قال ابن كثير في البداية 3/ 120. (¬1) أنساب الأشراف 1/ 236 و 406 وفيه أقوال أخرى. (¬2) نقله البلاذري 1/ 405 - 406 عن بعض البصريين وغلّطه. (¬3) تهذيب النووي 2/ 341، لكن الذي في الصحيح أن وفاتها قبل الهجرة بثلاث سنين. أخرجه البخاري في مناقب الأنصار، باب تزويج النبي صلى الله عليه وسلم عائشة (3896)، وهو قول الواقدي كما في الطبقات 8/ 18. (¬4) الأكثر على أنها ماتت رضي الله عنها قبل الإسراء قبل أن تفرض الصلاة، لكن جاء في ذكر وفاتها في سياق (السيرة) بعد الإسراء. وتبعها ابن كثير في ذلك، لكن قال: أخّرناه لمقصد. (¬5) كذا أيضا في ثمار القلوب/644/حيث ذكر (عام الحزن) وقال: هو العام الذي توفيت فيه خديجة رضي الله عنها وأبو طالب، وكانت وفاتهما في عام واحد لسنة ست من الوحي، فسمى النبي صلى الله عليه وسلم ذلك العام عام الحزن. قلت: والذي في السيرة 1/ 416: فتتابعت على رسول الله صلى الله عليه وسلم المصائب بهلك خديجة -وكانت له وزير صدق على الإسلام، يشكو إليها-وبهلك عمه أبي طالب، وكان له عضدا وحرزا في أمره. (¬6) ابن سعد 8/ 53 عن الواقدي، وأضاف: بعد وفاة خديجة وقبل تزوج عائشة، -

[خروجه صلى الله عليه وسلم إلى الطائف]

وقيل: بعد موت خديجة بسنة (¬1). وكانت قبله عند السكران بن عمرو (¬2). وقال ابن عقيل: تزوجها بعد عائشة رضي الله عنهم أجمعين (¬3). [خروجه صلى الله عليه وسلم إلى الطائف]: ثم خرج إلى الطائف بعد موت خديجة بثلاثة أشهر (¬4)، في ليال بقين من شوّال سنة عشر (¬5)، ومعه زيد بن حارثة (¬6). فأقام به شهرا (¬7) يدعوهم إلى الله تعالى فلم يجيبوه، وأغروا به سفهاءهم، فجعلوا يرمونه بالحجارة، حتى أن رجليه لتدميان، وزيد يقيه ¬

= ودخل بها بمكة، وهاجر بها إلى المدينة. (¬1) المعارف/134/، (انظر الهامش). (¬2) أسلم رضي الله عنه وهاجر إلى الحبشة الهجرة الثانية، فلما قدم إلى مكة مات فيها كما في الطبقات 8/ 52 - 53، وجزم به ابن حزم في جوامع السيرة/66/، ولكن نقل ابن الأثير في أسد الغابة 2/ 412 عن أبي معشر وموسى بن عقبة: أنه مات في الحبشة. (¬3) أسد الغابة 7/ 157، وتهذيب النووي 2/ 348، ويجمع بين القولين: بأنه صلى الله عليه وسلم عقد أولا على عائشة ودخل بسودة قبلها. وانظر مزيد تفصيل في هذه المسألة: مرشد المحتار/256 - 257/لابن طولون الدمشقي، فقد أجاد في عرض المسألة، والله أعلم. (¬4) في المحبر/11/: ثلاثة أشهر وثمانية أيام. (¬5) يعني من النبوة. (¬6) الطبقات 1/ 211، والذي في السيرة 1/ 419: فخرج إليهم وحده. وانظر الطبري 2/ 344. (¬7) الذي في الطبقات 1/ 212 عن الواقدي: عشرة أيام. وذكرها ابن الجوزي في الوفا/214/وقال: وقال غيره: (شهرا).

[إيمان بعض الجن]

بنفسه، حتى لقد شجّ في رأسه (¬1). ثم رجع في جوار المطعم بن عدي ولم يستجب له إنسان (¬2). [إيمان بعض الجن]: فلما نزل نخلة-وهو موضع على ليلة من مكة-صرف إليه سبعة من جن نصيبين (¬3)، فاستمعوا له وهو يقرأ سورة الجن (¬4). وقيل: كان قدوم الجن بعد خمسين سنة وثلاثة أشهر من مولده (¬5). ¬

(¬1) يعني: زيد ابن حارثة رضي الله عنه. انظر الطبقات في الموضع السابق. (¬2) قبل رجوعه صلى الله عليه وسلم إلى مكة ودخولها في جوار المطعم بن عدي، ذكر ابن إسحاق أن رسول الله صلى الله عليه وسلم التجأ إلى بستان في الطائف ودعا الله بدعاء مشهور، وتعرف على عدّاس النصراني. انظر السيرة 1/ 420 - 421. (¬3) قال ياقوت: هي مدينة عامرة من بلاد الجزيرة على جادة القوافل من الموصل إلى الشام. وهكذا في الروض 2/ 180: أن نصيبين مدينة بالشام. وقال الطبري 2/ 347: سبعة نفر من جن أهل نصيبين اليمن. وكذا أيضا في إمتاع الأسماع 1/ 27. أقول: ذكر ياقوت أماكن أخرى تسمى نصيبين، كلها في الشام. ويؤيد كون المقصود بها نصيبين الجزيرة ورود عدة آثار وأحاديث فيها: أنهم جاؤوا من نينوى أو حرّان أو جزيرة الموصل. وكلها جهة نصيبين، ولم أجد من نبه على هذا الذي قلته، ثم خطر ببالي أن مقصود الطبري-والله أعلم- نصيبين التي يسكنها قبائل يمنية وهي (ربيعة)، وبهذا يتفق مع الآخرين. (¬4) استماع الجن مذكور في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، وانظر الخبر في السيرة 1/ 421 - 422، والطبقات 1/ 212. واختلف في أولية قدومهم، وفي عددهم، واجتماع النبي صلى الله عليه وسلم بهم، (انظر تفسير ابن كثير عند الآية (29) من سورة الأحقاف، وسبل الهدى 2/ 583،592). وأخرج أبو نعيم في الدلائل (259) أسماءهم. (¬5) كذا في إمتاع الأسماع/28/.

الإسراء والمعراج

الإسراء والمعراج فلما كان ليلة السبت لسبع عشرة ليلة خلت من رمضان، قبل الهجرة بثمانية عشر شهرا، وهو نائم في بيته ظهرا، أتاه جبريل وميكائيل، فقالا: انطلق إلى ما كنت تسأل، وذلك أنه كان يسأل أن يرى الجنة والنار. فانطلقا به إلى ما بين المقام وزمزم، فأتي بالمعراج، فعرج به إلى السماء السابعة، وفرضت عليه الصلوات (¬1). وقيل: كان المعراج قبل الهجرة بثلاث سنين (¬2). وقيل: بسنة (¬3). وقيل: كان بعد النبوّة بخمسة أعوام (¬4). وقيل: بعام ونصف عام (¬5). ¬

(¬1) هذا الكلام من أوله إلى هنا لابن سعد 1/ 213. (¬2) كذا في كامل ابن الأثير 1/ 578 وقدّمه. ولم أجده عند غيره. (¬3) أخرجه ابن سعد 1/ 214 عن ابن عباس رضي الله عنهما من طريق الواقدي. وقال به البلاذري 1/ 255، وأخرجه البيهقي في الدلائل 2/ 354 عن ابن عقبة عن ابن شهاب. وعزاه ابن عطية 10/ 257 إلى مقاتل وقتادة. (¬4) كذا في شرح مسلم 2/ 209، وعزاه القرطبي في تفسيره 10/ 210 إلى الزهري عن الوقّاصي، وقاله القاضي عياض 2/ 447. لكن فيه: قبل الهجرة، ورجحه. (¬5) يعني ثمانية عشر شهرا، وتقدم من كلام ابن سعد عن الواقدي، وعزاه القاضي-

وقال عياض: بعد مبعثه بخمسة عشر شهرا (¬1). وقال الحربي: ليلة سبع وعشرين من ربيع الآخر، قبل الهجرة بسنة (¬2). وقيل: لسبع عشرة خلت من ربيع الأول (¬3). وقال ابن قتيبة: بعد سنة ونصف من رجوعه من الطائف (¬4). وقيل: في رجب (¬5). وقال الواقدي: ليلة سبع عشرة من ربيع الأول قبل الهجرة بسنة من شعب أبي طالب إلى بيت المقدس (¬6). ¬

= 2/ 447 إلى الزهري ومن وافقه. وذكره ابن عطية 10/ 257 من قول عروة عن عائشة رضي الله عنها. (¬1) نقله عنه النووي في شرحه على مسلم 2/ 209 على أنه أقل ما قيل فيه. (¬2) شرح مسلم للنووي 2/ 209، وتفسير القرطبي 10/ 210، كلاهما عن الحربي، وكان في المطبوع: (الجويني). (¬3) كذا في المحرر الوجيز لابن عطية 10/ 257. وذكره ابن الجوزي في الوفا /221/عن أشياخ الواقدي. (¬4) المعارف/151/، ولم يذكر غيره أبو عمر في الاستيعاب 1/ 40. (¬5) قدمه ابن عطية في المحرر الوجيز 10/ 257، وقاله ابن الجوزي في الوفا /222/، والمنتظم 3/ 26، وأورده الحافظ ابن رجب الحنبلي في لطائف المعارف/143/-بإسناد لا يصح-عن القاسم بن محمد أن الإسراء كان في سابع وعشرين من رجب. وقال: وأنكر ذلك إبراهيم الحربي وغيره. وفي السبل 2/ 96: كان في رجب، وجزم به النووي في الروضة تبعا للرافعي. (¬6) الطبقات 1/ 214 وتحديده المكان: من شعب أبي طالب لا ينافي ما ورد في الصحيح من أنه أسري به من الحطيم أو الحجر، وفي رواية فيه أيضا: فرج سقف بيتي وأنا بمكة. وفي حديث أم هانىء عند الطبراني: ففقدته من الليل-

وقيل: قبل الهجرة بستة أشهر (¬1). وقال ابن فارس: فلما أتت عليه إحدى وخمسون سنة وتسعة أشهر، أسري به من زمزم إلى القدس (¬2). وفي البخاري: بينا أنا نائم في الحطيم-وربما قال: في الحجر (¬3)، ومنهم من قال: بين النائم واليقظان (¬4) -إذ أتاني آت، فشقّ ما بين هذه إلى هذه-يعني من ثغرة نحره إلى مراقّه- (¬5) فاستخرج قلبي، ثم أتيت بطست من ذهب مملوءة إيمانا، فغسل قلبي، ثم حشي، ثم أعيد، ثم أتيت بدابة ¬

= فقال: إن جبريل أتاني. ذكر كل هذه الروايات الحافظ مع رواية الواقدي، وجمع بينها: أنه نام في بيت أم هانىء، وبيتها عند شعب أبي طالب، ففرج سقف بيته-وأضاف البيت إليه لكونه كان يسكنه-فنزل منه الملك فأخرجه من البيت إلى المسجد، فكان به مضطجعا وبه أثر النعاس، ثم أخرجه الملك إلى باب المسجد فأركبه البراق. (انظر فتح الباري 7/ 243 عند شرح الحديث (3887) من كتاب مناقب الأنصار، باب المعراج). (¬1) ابن الجوزي في الوفا/222/. (¬2) كذا تاريخ سنّه صلى الله عليه وسلم في المحرر الوجيز 10/ 257، لكن أضاف: وثمانية وعشرين يوما، وقال: والمتحقق أن ذلك كان بعد شق الصحيفة، وقبل بيعة العقبة. وقال المسعودي 2/ 306: وأسري به وهو ابن إحدى وخمسين سنة وثمانية أشهر وعشرين يوما. (¬3) اللفظتان للبخاري في حديث واحد، أخرجه في مناقب الأنصار، باب المعراج (3887) والحطيم: هو الحجر. وإنما سمي الحطيم من جداره، فلم يسوّ ببناء البيت، وترك خارجا منه محطوم الجدار. (أعلام الحديث للخطابي 3/ 1679). (¬4) من نفس حديث البخاري السابق، في بدء الخلق، باب ذكر الملائكة (3207). (¬5) وفي (1): شعرته. وهي لفظ آخر للبخاري أيضا. ومراقّ البطن: ما سفل من البطن ورق من جلده. والثّغرة: الموضع المنخفض الذي بين الترقوتين.

دون البغل وفوق الحمار أبيض، وهو البراق، يضع خطوه عند أقصى طرفه، فحملت عليه، فانطلق بي جبريل إلى السماء. وذكر الأنبياء الذين رآهم في بيت المقدس والسماء، وذكر الجنة والنار، وسدرة المنتهى، والأنهار الأربعة، والآنية الثلاث: الماء والخمر واللبن، وفرض الصلوات (¬1). واختلف في المعراج والإسراء: هل كانا في ليلة واحدة أم لا (¬2)؟. وهل كانا أو أحدهما يقظة أو مناما (¬3)؟. ¬

(¬1) انظر البخاري في المواضع السابقة، وأخرجه مسلم أيضا من حديث أنس رضي الله عنه في الإيمان، باب الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السماوات وفرض الصلوات (162). (¬2) المشهور عند الجمهور: أنهما في ليلة واحدة، وهذا قول القاضي عياض 2/ 380. وقيل: وقعا في ليلتين مختلفتين. انظر فتح الباري 1/ 548 أول كتاب الصلاة. (¬3) الأكثر أنهما كانا بالروح والجسد يقظة لا مناما. قال القاضي 2/ 419: وذهب معظم السلف والمسلمين إلى أنه إسراء بالجسد، وفي اليقظة، وهذا هو الحق. وقال 2/ 421: وقالت طائفة: كان الإسراء بالجسد يقظة إلى بيت المقدس وإلى السماء بالروح، واحتجوا بقوله تعالى: سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى. فجعل المسجد الأقصى غاية الإسراء. . ثم ساق براهين على رد هذا القول استهلها بقوله: والحق من هذا والصحيح إن شاء الله: أنه إسراء بالجسد والروح في القصة كلها، وعليه تدل الآية وصحيح الأخبار والاعتبار، ولا يعدل عن الظاهر والحقيقة إلى التأويل، إلا عند الاستحالة، وليس في الإسراء بجسده وحال يقظته استحالة، إذ لو كان مناما، لقال: بروح عبده. وقوله تعالى: ما زاغَ الْبَصَرُ وَما طَغى. ولو كان مناما لما كانت فيه آية ولا معجزة، ولما استبعده الكفار، ولا كذبوه فيه، ولا ارتد به ضعفاء من أسلم وافتتنوا به، إذ مثل هذا في المنام لا ينكر. وانظر-

[انحباس الشمس]

وهل كان المعراج قبل الإسراء (¬1)؟. وهل كان المعراج مرة أو مرات (¬2)؟. والصحيح: أن الإسراء كان في اليقظة بجسده، وأنه مرات متعددة، وأنه رأى ربه عز وجل بعيني رأسه صلّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم (¬3). ولما أصبح أخبر قريشا بالإسراء، فكذبوه، وارتد جماعة ممن كان أسلم، وسألوه أمارة (¬4)، فأخبرهم بقدوم العير يوم الأربعاء. [انحباس الشمس]: فلما كان ذلك اليوم، لم يقدموا، حتى كادت الشمس أن تغرب، ¬

= القرطبي 10/ 208 - 209 فقد ذكر مثل هذا، وأحال إلى كتاب الشفاء للقاضي عياض. (¬1) لم أجد من تحدث عن هذا. والعبارة ساقطة من المطبوع. (¬2) حكى السهيلي في الروض 2/ 149 عن طائفة من العلماء أنهم قالوا: كان الإسراء مرتين: مرة في نومه، ومرة في يقظته ببدنه صلى الله عليه وسلم. وقال: وهذا القول هو الصحيح، وبه تتفق معاني الأخبار. وأنكر ابن القيم تعدده، وصوّب كونه مرة واحدة (الزاد 3/ 42). وقال الصالحي في السبل 3/ 104: ذهب جماعة منهم: الحافظ أبو محمد عبد الرحمن بن إسماعيل الشهير بأبي شامة رحمه الله تعالى، إلى أن الإسراء وقع مرارا، واحتج بما رواه سعيد بن منصور، والبزار، والبيهقي، وابن عساكر عن أنس رضي الله عنه. . . ثم ساق الحديث. (¬3) انظر في هذه المسألة: المصادر السابقة، وشرح مسلم للنووي 2/ 209، وزاد المعاد 3/ 34 - 42، والفتح 7/ 259 عند شرح باب المعراج من مناقب الأنصار. وانظرها بتفصيل واستيعاب في كل من المواهب اللدنية، وسبل الهدى، أول الجزء الثالث في كل منهما. (¬4) يعني: علامة. وفي السيرة: آية.

فدعا الله، فحبس الشمس حتى قدموا، كما وصف. قال ابن إسحاق: ولم تحتبس الشمس إلا له ذلك اليوم، وليوشع بن النون (¬1). وفي قوله نظر، لما ذكره الطحاوي من أن الشمس ردت له في بيت أسماء بنت عميس، حين شغل به عليّ عن صلاة العصر (¬2). ¬

(¬1) الخبر عن ابن إسحاق من رواية يونس بن بكير: أورده القاضي في الشفا 3/ 19 - 20، وابن سيد الناس 1/ 244، وأخرجه البيهقي في الدلائل 2/ 404 عن يونس بن بكير من غير طريق ابن إسحاق. ويوشع بن النون كما في (1)، والعقد الثمين 1/ 232 عن المؤلف وفي جميع المصادر الأخرى: يوشع بن (نون) وهو فتى موسى عليه السلام بعثه ليقاتل الجبارين-أو أنه قاتلهم بعد موت موسى وهارون عليهما السلام-فقاتلهم يوشع يوم الجمعة قتالا شديدا حتى أمسوا، وغربت الشمس، ودخل السبت، فدعا الله فقال للشمس: إنك في طاعة الله، وأنا في طاعة الله، اللهم اردد عليّ الشمس، فردت الشمس، فزيد له في النهار يومئذ ساعة، فهزم الجبارين. . . (انظر تاريخ الطبري 1/ 439 - 440). وفي المسند 2/ 325: «إن الشمس لم تحبس على بشر إلا ليوشع ليالي سار إلى بيت المقدس). وسنده صحيح كما في الفتح عند شرح الحديث (3124). (¬2) في (1): حين نام عن صلاة العصر. رواية أخرى. والخبر كما هو في مشكل الآثار للطحاوي 2/ 9 و 4/ 388 - 389، والشفا للقاضي 2/ 16 - 17 من طريقين: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوحى إليه ورأسه في حجر علي، فلم يصلّ العصر حتى غربت الشمس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أصليت يا علي؟ قال: لا. فقال: اللهم إنه كان في طاعتك وطاعة رسولك، فاردد عليه الشمس. قالت أسماء: فرأيتها غربت، ثم رأيتها طلعت بعدما غربت على الجبال والأرض، وذلك بالصهباء في خيبر. وقال القاضي: وهذان الحديثان ثابتان، ورواتهما ثقات. قلت: وأخرجه الدولابي في الذرية الطاهرة (164). والطبراني في الكبير 24/ (382) و (390) و (391). والعقيلي في الضعفاء الكبير 3/ 327 - 328. -

ولما ذكره عياض، من أنها ردت عليه أيضا في الخندق حين شغل عن صلاة العصر، ووثّقا رواتهما (¬1). ولما ذكره أبو بكر الخطيب في كتاب ذم النجوم: أن الشمس حبست لداود عليه السلام. وضعّف رواته (¬2). ¬

= وحكم بوضعه ابن الجوزي في الموضوعات 1/ 355 - 357، وابن تيمية في منهاج السنة 4/ 185 - 186 إلا أن الحافظ ابن حجر قال في فتح الباري عند شرح الحديث (3124) بعد أن ذكره من رواية الطحاوي والطبراني والحاكم والبيهقي: وقد أخطأ ابن الجوزي بإيراده له في الموضوعات، وكذا ابن تيمية -في كتاب الرد على الروافض-في زعم وضعه، والله أعلم. وانظر تخريجات أخرى وتفصيل أكثر في المقاصد الحسنة/226/، وكشف الخفا 1/ 255 - 256 (670)، ومجمع الزوائد 8/ 296 - 297. وقال القاري في شرحه للشفا 3/ 15 - 16: اختلف المحدثون في تصحيحه وضعفه ووضعه، والأكثرون على ضعفه، فهو في الجملة ثابت بأصله، وقد يتقوى بتعاضد الأسانيد إلى أن يصل إلى مرتبة حسنة، فيصح الاحتجاج به. أقول: وللصالحي صاحب السبل كتاب سماه: مزيل اللبس عن حديث رد الشمس. انظر مقدمتنا لكتابه أزواج النبي صلى الله عليه وسلم. (¬1) حبسها يوم الخندق. قاله القاضي عياض عن الطحاوي كما في شرح مسلم 12/ 52، والمواهب اللدنية 2/ 531، وتلخيص الحبير 1/ 206 الحديث الخامس من باب الأذان. وقال صاحب المواهب: وتعقب بأن الثابت في الصحيح وغيره أنه صلى الله عليه وسلم صلى العصر في وقعة الخندق بعدما غربت الشمس. (¬2) أوردها-هكذا-القاري في شرحه على الشفا 3/ 20 عن مغلطاي في سيرته والذي ذكروه: أنها حبست لسليمان بن داود عليهما السلام. قاله البغوي في تفسيره 4/ 61 عند قوله تعالى: رُدُّوها عَلَيَّ. . . [ص:33]. عن علي رضي الله عنه.

دعوته صلى الله عليه وسلم القبائل إلى الإسلام قال الواقدي

دعوته صلى الله عليه وسلم القبائل إلى الإسلام قال الواقدي: ومكث عليه الصلاة والسلام ثلاث سنين من أول نبوته مستخفيا، ثم أعلن في الرابعة. فدعا الناس إلى الإسلام عشر سنين، يوافي المواسم كل عام، يتتبع الحاجّ في منازلهم بعكاظ ومجنّة وذي المجاز (¬1)، يدعوهم إلى أن يمنعوه حتى يبلغ رسالات ربه، فلا يجد أحدا ينصره ولا يجيبه، حتى إنه ليسأل عن القبائل ومنازلها قبيلة قبيلة، فيردّون عليه أقبح رد، ويؤذونه، ويقولون: قومك أعلم بك. فكان من سمّي لنا من تلك القبائل: بنو عامر بن صعصعة، ¬

(¬1) الثلاثة: أسماء لمواضع كانت تقوم فيها أسواق للعرب في الجاهلية زمن موسم الحج. أما عكاظ-وهو أكبرها وأعظمها-فموضع بين مكة والطائف، أقرب إلى الثاني، بينه وبين نخلة، وراء قرن المنازل. وأما مجنّة-وتكسر الجيم-فأسفل مكة بمر الظهران. وذو المجاز: قرب عرفة، عن يمين الموقف. وقالوا: تقام سوق عكاظ أول ذي القعدة إلى عشرين منه، وبعدها مجنة، عشرة أيام إلى آخره، وأما ذو المجاز فثمانية أيام من أول ذي الحجة، يعرّفون بعدها في اليوم التاسع. وقيل غير ذلك. انظر في ذلك: أخبار مكة للأزرقي، والمحبر، ومعجم البلدان، وشفاء الغرام للفاسي، وبلوغ الأرب للآلوسي.

[ذكر الأنصار]

ومحارب بن خصفة، وفزارة، وغسان، ومرّة، وحنيفة، وسليم، وعبس، وبنو نصر (¬1)، و [بنو] (¬2) البكاء، وكندة، وكلب (¬3)، والحارث بن كعب، وعذرة، والحضارمة (¬4). [ذكر الأنصار]: إلى أن أراد الله تعالى إظهار دينه، فساقه عليه السلام إلى هذا الحي من الأنصار، وهو لقب إسلامي، لنصرتهم النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما كانوا يسمّون أولا: أولاد قيلة، والأوس والخزرج (¬5). فأسلم اثنان: أسعد بن زرارة، وذكوان بن عبد قيس (¬6). فلما كان العام المقبل في رجب، أسلم منهم ستة، وقيل: ثمانية، وهم: معاذ بن عفراء، وأسعد بن زرارة، ورافع بن مالك، وذكوان، وعبادة بن الصامت، ويزيد بن ثعلبة، وأبو الهيثم بن التّيّهان، وعويم بن ساعدة (¬7). ¬

(¬1) في (1): نصره. وفي المطبوع والطبقات: بنو (نضر) بضاد معجمة، والتصحيح من جمهرة ابن حزم وسبل الهدى 2/ 595. (¬2) من الطبقات والجمهرة. (¬3) كان في المخطوط والمطبوع: (كعب)، والتصحيح من السيرة وأنساب الأشراف وغيرهما. (¬4) انظر قول الواقدي كاملا في الطبقات 1/ 216 - 217. ومعناه في السيرة 1/ 422 - 425. (¬5) انظر المعارف/109/، والروض 2/ 183. وقيلة: أمّهم. (¬6) الطبقات 1/ 218، وفيهما أيضا: أن رافع بن مالك الزرقي ومعاذ بن عفراء هما اللذان خرجا إلى مكة وأسلما. (¬7) المصدر السابق.

[بيعة العقبة الأولى]

وقال ابن إسحاق: عوف، ورافع بن مالك، [وقطبة بن عامر، وعقبة بن عامر] (¬1)، وجابر بن عبد الله، وأسعد بن زرارة (¬2). فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: «تمنعون ظهري حتى أبلغ رسالة ربي». فقالوا: يا رسول الله، إنما كانت (بعاث) عام الأول، يوم من أيامنا، اقتتلنا به، فإن تقدم ونحن كذا، لا يكون لنا عليك اجتماع، فدعنا حتى نرجع إلى عشائرنا، لعل الله يصلح ذات بيننا، وموعدك الموسم العام المقبل (¬3). فكان أول مسجد قرىء فيه القرآن بالمدينة: مسجد بني زريق (¬4). [بيعة العقبة الأولى]: فلما كان العام المقبل، لقيه اثنا عشر رجلا-وفي الإكليل: أحد ¬

(¬1) سقط الاسمان من (2)، وسقط الثاني فقط من (1)، والتصحيح من السيرة. (¬2) السيرة النبوية 1/ 429 - 430. (¬3) الطبقات 1/ 218 - 219. وبعاث-بالعين المهملة، وقيل بالغين-يوم من أيام العرب في الجاهلية، كان آخر الحروب المشهورة بين الأوس والخزرج قبل الإسلام. وكان النصر فيه للأوس على الخزرج في قصة انظرها في الكامل 1/ 538. (¬4) كذا في طبقات ابن سعد 1/ 218، وذلك لأن رافع بن مالك رضي الله عنه الذي ذكره في المسلمين الأوائل من الأنصار كان من بني زريق. وأخرج ابن شبة رحمه الله في تاريخ المدينة 1/ 77: «أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل مسجد بني زريق وتوضأ فيه، وعجب من قبلته، ولم يصل فيه، وكان أول مسجد قرىء فيه القرآن». وانظر في تحديد مكانه وفاء الوفا 3/ 857 - 858.

عشر (¬1)، وهي العقبة الأولى (¬2) -فيهم عوف بن عفراء، وعباس بن عبادة بن نضلة، وعقبة بن عامر، وقطبة بن عامر بن حديدة. فأسلموا، وبايعوا على بيعة النساء (¬3): على أن لا نشرك بالله شيئا، ولا نسرق، ولا نزني، ولا نقتل أولادنا، ولا نأتي ببهتان نفتريه بين أيدينا وأرجلنا، ولا نعصيه في معروف، [والسمع والطاعة في العسر واليسر، والمنشط والمكره، وأثرة علينا (¬4)، وأن لا نتنازع الأمر أهله، وأن نقول ¬

(¬1) كذا في المستدرك أيضا 2/ 624، والأول: هو قول ابن إسحاق والواقدي ومن روى عنهما. (¬2) أولى على اعتبار المبايعة، ومنهم من عدها ثانية، والتي بعدها ثالثة. وأما العقبة: فذكر الصالحي 3/ 269 عن المحب الطبري أن الظاهر هي التي تضاف إليها الجمرة، أو شعب مرتفع بالقرب منها على يسار الطريق لقاصد منى من مكة، والذي عليه مسجد البيعة. ثم قال الصالحي: قال في النور: وجزم غيره أنها العقبة التي تضاف إليها الجمرة. أقول: رجعت إلى تاريخ الأزرقي 2/ 205 - 206، والعقد الثمين 1/ 95، وإتحاف الورى 1/ 339 عند كلامهم عن مسجد البيعة، فلم يذكروا سوى أنه عند شعب العقبة. لكني وجدت ياقوت في معجمه مادة (عقبة) يجزم بأنها-أي البيعة-في المكان الذي ترمي عنده الجمرة. ثم وجدت دليلا من السيرة على أن المقصود بها العقبة التي تضاف إليها الجمرة، فقد ورد: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعترضهم بعدما انصرفوا من رمي الجمرة. (انظر دلائل البيهقي 2/ 437). وقال الواقدي 1/ 221: في الشعب الأيمن إذا انحدروا من منى بأسفل العقبة حيث المسجد اليوم. وقال ابن الأثير في جامع الأصول 1/ 253: العقبة هي عقبة منى. . وكانت البيعة في شعب قريب من العقبة، وبه الآن مسجد. (¬3) أي وفق بيعتهن التي نزلت بعد ذلك عند فتح مكة، إذ لم يكن فيها مبايعة على القتال. وقوله: على بيعة النساء. هو لفظ السيرة 1/ 431، وابن سعد 1/ 220. (¬4) الأثرة: الاستئثار بالشيء والانفراد به. والمراد في الحديث: إن منعنا حقّنا من-

بالحق أينما كنا، لا نخاف في الله لومة لائم]، قال: فإن وفيتم فلكم الجنة، ومن غشي من ذلك شيئا، كان أمره إلى الله، إن شاء عذبه، وإن شاء عفا عنه (¬1). ولم يفرض يومئذ القتال (¬2). ثم انصرفوا إلى المدينة، فأظهر الله الإسلام. وكان أسعد بن زرارة يجمّع بالمدينة بمن أسلم (¬3). ¬

= الفيء والغنائم، وأعطي غيرنا، نصبر على ذلك (جامع الأصول 1/ 254). (¬1) ألفاظ هذه البيعة عدا ما بين المعكوفتين هي في السيرة 1/ 434، وطبقات ابن سعد 1/ 220، وأخرجها البخاري في الإيمان، باب (11) حديث (18)، ومسلم في الحدود، باب الحدود كفارات لأهلها (1709)، كلاهما من حديث عبادة ابن الصامت رضي الله عنه. وأما ما بين المعكوفتين: فأخرجه البخاري في الأحكام، باب كيف يبايع الإمام الناس (7199 - 7200)، ومسلم في الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية، وتحريمها في المعصية (1709)، كلاهما من حديث عبادة أيضا مقتصرين عليها. لكن قال الحافظ في الموضع الأول: والمبايعة المذكورة في حديث عبادة على الصفة المذكورة، لم تقع ليلة العقبة، وإنما كان ليلة العقبة ما ذكره ابن إسحاق وغيره من أهل المغازي: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لمن حضر من الأنصار: «أبايعكم على أن تمنعوني مما تمنعون منه نساءكم وأبناءكم». فبايعوه على ذلك، وعلى أن يرحل إليهم هو وأصحابه. . قلت: هذه الصيغة سوف ترد في بيعة العقبة الثانية، والله أعلم. (¬2) كذا في السيرة 1/ 431، والطبقات 1/ 220. (¬3) قاله ابن إسحاق 1/ 435، وابن سعد 1/ 220، وقال: وروى بعضهم أن مصعبا كان يجمّع بهم. قلت: هو قول موسى بن عقبة عن الزهري كما في دلائل البيهقي 2/ 433 و 2/ 441، ورواه الدارقطني عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى مصعب بن عمير أن يجمع بهم. الحديث. وكانوا أربعين رجلا (انظر المواهب 1/ 280). وقال البيهقي في الدلائل 2/ 441: لا مخالفة، وكأن-

[مصعب المقرىء]

[مصعب المقرىء]: وكتبت الأوس والخزرج إلى النبي صلى الله عليه وسلم: ابعث لنا من يقرئنا القرآن. فبعث إليهم مصعب بن عمير (¬1). وقال ابن إسحاق: أرسله معهم، فكان يسمّى: المقرىء. وهو أول من سمي به (¬2). ثم قدم عليهم عبد الله-ويقال عامر (¬3) -بن أم مكتوم (¬4). ¬

= مصعبا جمّع بهم بمعونة أسعد بن زرارة. أقول: ويؤيده: قول ابن إسحاق 1/ 434 - 435: أن مصعبا كان يصلي بهم، وذلك أن الأوس والخزرج كره بعضهم أن يؤمّه بعض. (¬1) هذا قول الواقدي كما في الطبقات 1/ 220، وأخرجه البيهقي في الدلائل 2/ 431 من قول موسى بن عقبة عن الزهري. (¬2) السيرة 1/ 434 دون قوله: وهو أول من سمي به. فهو للروض 2/ 195 أيضا. وفي رواية أخرى عن ابن إسحاق كقول الزهري والواقدي: أنهم كتبوا إليه أن ابعث إلينا. . . (دلائل البيهقي 2/ 437). (¬3) هكذا في المخطوط والمطبوع، وإنما هو (عمرو)، وقدموه على (عبد الله) في تراجم الصحابة، ولم يذكره ابن حزم في الجمهرة/171/، وابن دريد في الاشتقاق/114/إلا به. وقال ابن سعد 4/ 205: أهل المدينة يقولون: اسمه عبد الله. وأهل العراق وابن السائب يقولون: اسمه عمرو. أقول: ولعله سبق قلم من المصنف-رحمه الله-لأن ابن أم مكتوم عامري، من بني عامر بن لؤي، والله أعلم. (¬4) نسبة إلى أمه، واسم أبيه: قيس بن زائدة بن الأصم. وهو الأعمى الذي عني في قوله تعالى: عَبَسَ وَتَوَلّى أَنْ جاءَهُ الْأَعْمى. وأخرج ابن سعد 4/ 206 عن البراء أن أول من قدم علينا مصعب ثم أتانا بعده عمرو بن أم مكتوم. فجعلا يقرئان الناس القرآن.

[بيعة العقبة الثانية]

[بيعة العقبة الثانية]: ثم قدم على النبي صلى الله عليه وسلم في العام المقبل في ذي الحجة أوسط أيام التشريق، منهم سبعون رجلا. وقال ابن سعد: يزيدون رجلا أو رجلين (¬1)، وامرأتان (¬2). وقال الحاكم: خمس وسبعون نفسا (¬3). في خمر قومهم وهم خمسمائة (¬4). فكان أول من ضرب على يده عليه السلام: البراء بن معرور، ويقال: أبو الهيثم، ويقال: أسعد بن زرارة (¬5). على أنهم يمنعونه مما يمنعون منه نساءهم وأبناءهم، وعلى حرب الأحمر والأسود (¬6). [أول آية نزلت في القتال]: وكانت أول آية نزلت في الإذن والقتال: {أُذِنَ لِلَّذِينَ} ¬

(¬1) الطبقات 1/ 221. وقال ابن إسحاق: ثلاثة وسبعون رجلا. (¬2) هما: أم عمارة: نسيبة بنت كعب، وأم منيع: أسماء بنت عمرو. (¬3) الذي في المستدرك 2/ 625: سبعون. وعلى كل حال، فقوله مطابق لما ذكر ابن إسحاق، لأنه قال: خمس وسبعون نفسا. ونفس تشمل النساء، والله أعلم. (¬4) هذا قول الواقدي كما في الطبقات 1/ 221، وخمر قومهم: يعني في دهمائهم وزحمتهم لا يعرفون. (¬5) هكذا في الطبقات 1/ 222. (¬6) انظر السيرة 1/ 442 بالنسبة للعبارة الأولى، وهي من قول الرسول صلى الله عليه وسلم، و 1/ 446 بالنسبة للعبارة الثانية، وهي من قول العباس بن عبادة الأنصاري رضي الله عنه. وأخرجها البيهقي في دلائله 2/ 450 من طريق ابن إسحاق أيضا.

{يُقاتَلُونَ} (¬1) الآية. وفي الإكليل: {إِنَّ اللهَ اِشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ} (¬2). ونقّب عليهم اثني عشر منهم، فصرخ عند ذلك الشيطان من رأس العقبة بأنفذ صوت سمع: يا أهل الجباجب، هل لكم في محمد (¬3)، والصّباة معه، قد أجمعوا على حربكم. فقال عليه الصلاة والسلام: «هذا أزبّ العقبة، أي عدوّ الله، والله لأفرغنّ لك» (¬4). ¬

(¬1) وتمامها:. . . بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ [الحج:39]. وكونها أول آية نزلت في الإذن بالقتال أخرجه الإمام أحمد 1/ 216، وصحح إسناده أحمد شاكر (1865)، والترمذي في التفسير، باب ومن سورة الحج (3170) وحسنه، والنسائي في الجهاد في مستهله 6/ 2، وفي تفسيره (365). (¬2) وتمامها:. . . وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ مِنَ اللهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بايَعْتُمْ بِهِ وَذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ [التوبة:111]. وذكر ابن كثير في تفسيرها أن عبد الله بن رواحة رضي الله عنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم-يعني ليلة العقبة-: اشترط لربك ولنفسك ما شئت. فقال: «أشترط لربي أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا، وأشترط لنفسي أن تمنعوني مما تمنعون منه أنفسكم وأموالكم». قالوا: فما لنا إذا فعلنا ذلك؟ قال: «الجنة». قالوا: ربح البيع، لا نقيل ولا نستقيل. فنزلت: إِنَّ اللهَ اِشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ الآية. قلت: أخرجه ابن جرير عن محمد بن كعب القرظي وغيره، (التفسير 7/ 35 - 36). (¬3) في (1): مذمّم. وهو لفظ السيرة 1/ 447 وما أثبته من (2) و (3) والمطبوع، وهو لفظ ابن سعد 1/ 223 الذي غالبا ما يبدأ المصنف به. (¬4) السيرة 1/ 447، وانظر الطبقات 1/ 223. والجباجب-وفي الطبقات: الأخاشب-ضبطها في النهاية كالأولى، وشرحها ابن إسحاق بمعنى المنازل. وقال ابن الأثير: أسماء منازل بمنى، سمّيت به =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

= لأن كروش الأضاحي تلقى فيها أيام الحج، والجبجبة: الكرش يجعل فيها اللحم يتزود في الأسفار. وانظر (المجموع المغيث) 1/ 292. وقال الفيروز-وفيه بفتح الجيم الأولى-: جبال مكة حرسها الله تعالى أو أسواقها أو منحر بمنى كان يلقى به الكروش. وأزبّ العقبة، وبعدها في السيرة: هذا ابن أزيب، وقال ابن هشام: ويقال: ابن أزيب. هو اسم الشيطان، وذكره ابن ماكولا 1/ 49، والحافظ في تبصير المنتبه 1/ 12 عن ابن إسحاق. وقال في النهاية: وهو الحية. واختلف في ضبط همزته بالفتح أو الكسر، وانظر الروض 2/ 203.

الهجرة إلى المدينة

الهجرة إلى المدينة [أول من هاجر من الصحابة]: ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم أذن لأصحابه في الهجرة إلى المدينة عند إخوانهم الأنصار، وأقام بمكة ينتظر أن يؤذن له في الخروج. فكان أول من هاجر من مكة إلى المدينة: أبو سلمة بن عبد الأسد، قبل بيعة العقبة بسنة، قدم مكة من الحبشة بمكة (¬1)، فآذاه أهلها، وبلغه إسلام من أسلم من الأنصار، فخرج إليهم (¬2). ¬

(¬1) هكذا، وفي السيرة 1/ 468 حيث النص فيها: وكان قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة من أرض الحبشة، وفي المواهب 1/ 284 - حيث ينقل عن المؤلف غالبا كما أشرت في المقدمة-قدم من الحبشة لمكة. (¬2) كون أبي سلمة رضي الله عنه أول من هاجر، ذكره: ابن إسحاق 1/ 468، وابن سعد 1/ 226، وابن أبي شيبة في المصنف 14/ 104، والطبري 2/ 369، وانظر أوائل العسكري/149/، ووسائل السيوطي/129/. وقال البلاذري 1/ 257: كان أبو سلمة الثالث بعد مصعب وابن أم مكتوم. وأخرج الطبراني في الأوائل له/55/: أن مصعب بن عمير أول من قدم المدينة من المهاجرين. قلت: لا خلاف إن شاء الله فمصعب وابن أم مكتوم قدما المدينة ليقرئا الناس القرآن، وأبو سلمة أول من قدمها بعد الإذن بالهجرة. وقال الواقدي كما في أنساب الأشراف 1/ 258: قدم مصعب مكة بعد ذهابه إلى المدينة وهاجر مع من هاجر. والله أعلم.

ثم عامر بن ربيعة وامرأته ليلى (¬1). ثم عبد الله بن جحش وأخوه عبد، المكنّى أبا أحمد الشاعر. ثم المسلمون أرسالا (¬2). ثم عمر بن الخطاب وأخوه زيد، وعياش بن أبي ربيعة، وطلحة بن عبيد الله، وصهيب، وزيد بن حارثة، وأبو مرثد كنّاز بن الحصين (¬3)، وابنه مرثد، وأنسة، وأبو كبشة (¬4)، وعبيدة بن الحارث وأخواه (¬5): الطفيل وحصين (¬6)، ومسطح بن أثاثة، وسويبط، وعبد الرحمن بن عوف، والزبير، وأبو سبرة، وأبو حذيفة بن عتبة، وسالم مولاه، وعتبة بن غزوان، وعثمان بن عفان، حتى لم يبق معه صلى الله عليه وسلم بمكة إلا علي بن أبي طالب، والصديق رضي الله تعالى عنهم أجمعين. كذا قاله ابن إسحاق وغيره، وفيه نظر لما يأتي بعد (¬7). ¬

(¬1) هي أم عبد الله بنت أبي حثمة، واختلف في أول من هاجر من النساء، هذه أم أمّ سلمة رضي الله عنهما، وفي السيرة: أن أم سلمة لما أزمعت على الهجرة مع زوجها، منعها قومها. وجمع الحافظ في الفتح عند شرح الحديث (3924) بين القولين بأن أولية أم سلمة بقيد البيت. يعني بيت أبي سلمة كما في الحديث. وانظر المصادر السابقة، ودلائل البيهقي 2/ 460، ونسب قريش/337/ لمصعب الزبيري، والاستيعاب 4/ 1921 و 1939 وبقية كتب الصحابة. (¬2) في السيرة 1/ 472: ثم قدم المهاجرون أرسالا. ومعنى أرسالا: جماعة إثر جماعة. (¬3) في السيرة 1/ 478: كناز بن حصن، وقال ابن هشام: ابن حصين. (¬4) أنسة وأبو كبشة: هما موليا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسوف تأتي ترجمتهما في الموالي إن شاء الله. (¬5) في المطبوع: وأخواله. تصحيف. (¬6) في السيرة 1/ 478، وجمهرة ابن حزم/73/: الحصين. (¬7) انظر السيرة 1/ 468 - 480، ودرر ابن عبد البر 75 - 79، وقد أسقط المصنف-

[مؤامرة قريش على قتل الرسول صلى الله عليه وسلم]

[مؤامرة قريش على قتل الرسول صلى الله عليه وسلم]: فلما رأت ذلك قريش، اجتمعوا ومعهم إبليس-لعنه الله (¬1) -في صورة شيخ نجدي (¬2) في دار الندوة، يتشاورون فيما يصنعون في أمره عليه الصلاة والسلام حين خافوه، فأجمعوا على قتله. فأتاه جبريل، فقال: لا تبت هذه الليلة على فراشك (¬3). فأمر عليا فنام مكانه، وغطي ببرد أخضر (¬4)، فكان أول من شرى نفسه، وفي ذلك يقول: وقيت بنفسي خير من وطىء الحصا … ومن طاف بالبيت العتيق وبالحجر رسول إله خاف أن يمكروا به … فنجّاه ذو الطّول الإله من المكر (¬5) ¬

= -رحمه الله-بعض الأسماء، منها: مصعب بن عمير، وحمزة بن عبد المطلب رضي الله عنهما. (¬1) من (2) فقط. (¬2) كذا في السيرة 1/ 480 - 489، وطبقات ابن سعد 1/ 227، ومصنف عبد الرزاق 5/ 389 - 390. قال السهيلي في الروض 2/ 229: وإنما قال لهم: إني من أهل نجد-فيما ذكره بعض أهل السيرة-لأنهم قالوا: لا يدخلن معكم في المشاورة أحد من أهل تهامة، لأن هواهم مع محمد [صلى الله عليه وسلم]، فلذلك تمثل لهم في صورة شيخ نجدي. (¬3) السيرة 1/ 482، وابن سعد 1/ 227، وأخرجه عبد الرزاق 5/ 390 وعنه الإمام أحمد 1/ 348 بلفظ: فأطلع الله عز وجل نبيه على ذلك، فبات علي. . . (¬4) في السيرة 1/ 483، والطبقات 1/ 228: أنه برد حضرمي، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال له: «لن يخلص إليك شيء تكرهه منهم»، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينام في برده ذلك إذا نام. وروى الحاكم 3/ 4 عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: شرى عليّ نفسه، ولبس ثوب النبي صلى الله عليه وسلم ثم نام مكانه. . . وصححه وأقره الذهبي، ويشهد له ما يأتي. (¬5) الخبر مع البيتين: أخرجه الحاكم 3/ 4 عن علي بن الحسين رضي الله عنه، -

[هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم]

[هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم]: ثم خرج [عليهم] (¬1) عليه الصلاة والسلام وقد أخذ الله أبصارهم عنه، فلم يره منهم أحد، ونثر على رؤوسهم كلهم ترابا كان في يده (¬2). وأذن الله لنبيه صلى الله عليه وسلم في الهجرة، وأمره جبريل أن يستصحب أبا بكر رضي الله عنه، واستأجر عبد الله بن الأريقط (¬3) دليلا وهو على شركه (¬4)، وعامر بن فهيرة خادما، وذلك بعد العقبة بشهرين وليال (¬5). ¬

= وفيه بعد البيت الثاني: وبات رسول الله في الغار آمنا موقّى وفي حفظ الإله وفي ستر وبتّ أراعيهم وما يتهمونني وقد وطّنت نفسي على القتل والأسر (¬1) ما بين المعكوفتين من (3) والمطبوع فقط، وهي لفظ السيرة 1/ 483. (¬2) كانوا-كما في السيرة-قد اختاروا شبابا أقوياء، فوقفوا صفين على بابه صلى الله عليه وسلم، فخرج وهو يقرأ: يس* وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ إلى فَأَغْشَيْناهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ. وقال السهيلي 2/ 229: وفي قراءة الآيات الأول من سورة (يس) من الفقه: التذكرة بقراءة الخائفين لها، اقتداء به عليه الصلاة والسلام. وأورد لذلك حديثا رواه ابن أبي أسامة في مسنده. (¬3) كذا في الطبقات 1/ 229، وفي السيرة 1/ 485: أرقط، وقال ابن هشام 1/ 488: أريقط، وفي الطبري 2/ 378: أرقد، وفي الإصابة 4/ 5: أريقد، بالدال المهملة. (¬4) في الطبقات 1/ 229، والبخاري (3905): ولكنهما أمناه. أقول: ويظهر أنه أسلم بعد ذلك، فقد ذكره الذهبي في التجريد 1/ 296، إلا أن ابن الأثير في منال الطالب/177/نقل عن أبي موسى أنه لا يعرف له إسلاما. وقال الحافظ في الإصابة: ولم أجد من ذكره في الصحابة غير الذهبي. (¬5) عزاه الحافظ في الفتح 7/ 68 إلى الأموي في المغازي عن ابن إسحاق. وذكره صاحب الإمتاع 1/ 41 دون عزو. أقول وهو مبني على ما تقدم من أن بيعة العقبة كانت أيام التشريق من ذي الحجة، وجزم ابن إسحاق بأن الهجرة كانت-

وقال الحاكم [في المستدرك] (¬1): بثلاثة أشهر أو قريبا منها (¬2). وكان مدة مقامه بمكة من حين النبوة إلى ذلك الوقت بضع عشرة سنة، وفي ذلك يقول صرمة: ثوى في قريش بضع عشرة حجّة … يذكّر لو يلقى صديقا مواتيا (¬3) وقال عروة: عشرا (¬4). وقال ابن عباس: خمس عشرة. وفي رواية عنه: ثلاث عشرة (¬5). ¬

= أول يوم من ربيع الأول. (¬1) من (2) فقط. (¬2) مستدرك الحاكم 2/ 625 عن ابن شهاب. (¬3) البيت من قصيدة لأبي قيس صرمة بن أبي أنس. أسلم وهو شيخ كبير، وحسن إسلامه رضي الله عنه. (انظر السيرة 1/ 510 - 512، وأنساب الأشراف 1/ 268، والطبري 2/ 385 و 2/ 626 - 627، ودلائل البيهقي 2/ 513 وفيها: لو (ألفى) صديقا. أقول: البيت منسوب لحسان بن ثابت رضي الله عنه، وهو وباقي الأبيات آخر ديوانه 478 - 479، وعزاه ابن قتيبة في المعارف /151/له عن أبي اليقظان، ثم ذكر رواية ابن إسحاق: أنه لصرمة. (¬4) عن عروة: أخرجه الحاكم 2/ 626، وأخرجه البخاري في آخر المغازي، باب وفاة النبي صلى الله عليه وسلم (4464 - 4465) عن عائشة وابن عباس. وأخرجه الطبري 2/ 383 - 384 عن أنس وابن عباس وسعيد بن المسيب وعمرو بن دينار رضي الله عنهم جميعا. (¬5) أخرج الأولى عن ابن عباس رضي الله عنهما: مسلم في الفضائل، باب كم أقام النبي صلى الله عليه وسلم بمكة والمدينة (2353)، والطبري 2/ 386، والحاكم 2/ 627. وأخرج الثانية عنه: البخاري في مناقب الأنصار، باب هجرة النبي صلى الله عليه وسلم (3902)، ومسلم في الكتاب والباب السابقين (235). وجمع الطبري 2/ 387 بين القولين فقال: فلعل الذين قالوا: كان مقامه بمكة بعد الوحي عشرا، عدوا مقامه بها من حين أتاه جبريل بالوحي من الله عز وجل، وأظهر الدعاء إلى-

قال الخوارزمي: تنقص يوما واحدا. ولم يعلم بخروجه عليه الصلاة والسلام إلا عليّ وآل أبي بكر رضي الله عنهم. فدخلا غارا بثور-جبل بأسفل مكة-فأقاما فيه ثلاثا، وقيل: بضعة عشر يوما (¬1). فأمر الله العنكبوت فنسجت على بابه، والراءة فنبتت عليه، وحمامتين وحشيتين فعششتا على بابه (¬2). قال السهيلي: وحمام الحرم من نسلهما (¬3). ¬

= التوحيد. وعد الذين قالوا: كان مقامه ثلاث عشرة من أول الوقت الذي استنبىء فيه، وكان إسرافيل المقرون به وهي السنون الثلاث التي لم يكن أمر فيها بإظهار الدعوة. (¬1) الأول: هو قول ابن إسحاق 1/ 486، وابن سعد 1/ 229، وهو الوارد في الصحيح، أخرجه البخاري في مناقب الأنصار، باب هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة (3905). وأما الثاني: فقد رواه الإمام أحمد 3/ 487، والحاكم في المستدرك 4/ 448 - 449 من رواية طلحة النضري. وقال الحافظ في التعليق عليه: قال الحاكم: معناه مكثنا مختفين من المشركين في الغار وفي الطريق بضعة عشر يوما. قلت-يعني الحافظ-: لم يقع في رواية أحمد ذكر الغار، وهي زيادة في الخبر من بعض رواته، ولا يصح حمله على حالة الهجرة لما في الصحيح. . (انظر الفتح 7/ 279). (¬2) الطبقات 1/ 229، ودلائل أبي نعيم (229)، ودلائل البيهقي 2/ 482، وكشف الأستار 2/ 299، وفيها بدل (الراءة): شجرة. وهما بمعنى، قال في الروض 2/ 232: قال قاسم بن ثابت في الدلائل: وهي شجرة معروفة. وقال عن أبي حنيفة الدينوري: الراءة من أغلاث الشجر، وتكون مثل قامة الإنسان، ولها خيطان، وزهر أبيض تحشى به المخاد. (¬3) الروض الأنف 2/ 232، وعزاه لمسند البزار. وانظر كشف الأستار 2/ 300، -

ثم خرج منه ليلة الإثنين لأربع ليال خلون من ربيع الأول على ناقته الجدعاء (¬1). قالت أسماء رضي الله عنها: فمكثنا ثلاث ليال لا ندري أين وجه النبي صلى الله عليه وسلم، حتى أنشد رجل من الجن شعرا يسمعه الناس وما يرونه: جزى الله ربّ الناس خير جزائه … رفيقين حلاّ خيمتي أمّ معبد (¬2) هما نزلا بالبرّ ثمّ تروّحا … فأفلح من أمسى رفيق محمد (¬3) ليهن بني كعب مكان فتاتهم … ومقعدها للمؤمنين بمرصد سلوا أختكم عن شاتها وإنائها … فإنكم إن تسألوا الشاة تشهد دعاها بشاة حائل فتحلّبت … عليه صريحا ضرّة الشاة مزبد (¬4) ¬

= وفي الطبقات 1/ 229: فسمّت-يعني دعا وبارك-النبي صلى الله عليه وسلم عليهن، وفرض جزاءهن، وانحدرن في حرم الله. وهذا أخرجه أبو نعيم والبيهقي (انظر التخريج السابق). (¬1) التاريخ هكذا: ذكره ابن سعد 1/ 232، أما الناقة فسماها 1/ 228: القصواء. لكن الذي في الصحيح: كما قال المؤلف رحمه الله (الجدعاء)، وعزاه صاحب الروض 2/ 230 إلى ابن إسحاق في غير رواية ابن هشام. وانظر صحيح البخاري، كتاب المغازي، باب غزوة الرجيع (4093). (¬2) وفي رواية: (قالا) خيمتي أم معبد. من القيلولة. وتعديته بغير حرف الجر خلاف القاعدة. (¬3) وروي: هما نزلاها بالهدى واهتدت به. (¬4) هكذا جاء هذا البيت في رواية الحاكم 3/ 10، وأبي نعيم/339/، وهو مشكل من حيث الإعراب، لأن (مزبد) صفة لصريح، والتي جاءت في معظم الروايات بالجر هكذا: له بصريح. ثم إني وجدت ابن الأثير رحمه الله في منال الطالب/191 - 192/يذكر هذه الرواية ويعرب (مزبد) مجرورا على الجوار كقولهم: «جحر ضبّ خرب». ثم ذكر وجها آخر، انظره فيه.

[قصة أم معبد]

فغادره رهنا لديها لحالب … تزودها في مصدر ثم مورد (¬1) [قصة أم معبد]: وكان النبي صلى الله عليه وسلم نزل بقديد (¬2) على أم معبد عاتكة بنت خالد (¬3)، فمسح ضرع شاة مجهودة، وشرب من لبنها، وسقى أصحابه، واستمرت تلك البركة فيها (¬4). فلما جاء زوجها- قال السهيلي: ولايعرف اسمه (¬5). ¬

(¬1) وفي رواية بدل (تزودها): يردّدها. وقول أسماء رضي الله عنها وثلاثة الأبيات الأولى هي رواية ابن إسحاق 1/ 487، وعنه الطبري 2/ 379 - 380، وهي مخرجة من عدة وجوه أخرى كما سوف يأتي في قصة أم معبد رضي الله عنها ووصفها للنبي صلى الله عليه وسلم، وقد عارض هذه الأبيات حسان رضي الله عنه كما في تلك المصادر وديوانه 139 - 142. (¬2) موضع قرب مكة المكرمة، بينها وبين المدينة المنورة، معروف حتى الآن. (¬3) كذا اسمها في الطبقات 8/ 288، وفيها وفي السيرة 1/ 487: أنها من بني كعب من خزاعة. وجاء في الاشتقاق/474/، وجمهرة أنساب العرب/238/: عاتكة بنت خليف. وفي البداية 3/ 188 عن ابن إسحاق من رواية يونس: عاتكة بنت خلف، وقال الأموي: عاتكة بنت تبيع حليف بني منقذ. فالله أعلم. هذا وأخرج ابن سعد 1/ 230: أنها كانت امرأة جلدة، برزة، تحتبي بفناء الخيمة، ثم تسقي وتطعم. (¬4) ذكر ابن سعد 8/ 289 من طريق الواقدي عن أم معبد، أنها قالت: إن الشاة التي لمس رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرعها عندنا، بقيت حتى كان زمان الرمادة، زمان عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وهي سنة ثماني عشرة من الهجرة. قالت: وكنا نحلبها صبوحا وغبوقا، وما في الأرض قليل ولا كثير. (¬5) الروض الأنف 2/ 235. وترجمه ابن الأثير والحافظ بكنيته فقظ.

وردّ بقول العسكري: اسمه أكثم بن أبي الجون، ويقال: ابن الجون (¬1) - ورأى ما بالشاة من اللبن، سألها فقالت: رأيت رجلا ظاهر الوضاءة (¬2)، متبلّج الوجه (¬3)، حسن الخلق (¬4)، لم تعبه ثجلة (¬5)، ولم تزر به صعلة (¬6)، وسيم قسيم (¬7) في عينيه دعج (¬8)، وفي أشفاره وطف (¬9)، وفي ¬

(¬1) كذا قال مجد الدين بن الأثير في منال الطالب/175/، وأخوه عز الدين في أسد الغابة 1/ 133. وترجم الحافظ في الإصابة لهذا الاسم بالقولين، ولم يذكر أنه زوج أم معبد رضي الله عنها، ولكن جاء في نسبه أنه خزاعي، وروى له من عدة طرق، وفي إحداها عن الإمام أحمد قال: معبد بن أكثم. لذلك ذكر صاحب الروض 2/ 235 أن له رواية. فالله أعلم. (¬2) الوضاءة: الحسن والجمال والنظافة، ومنه اشتقاق الوضوء. (¬3) وفي رواية: أبلج الوجه: الحسن المشرق المضيء، ومنه قولهم: الحق أبلج. (¬4) كناية عن حسن الأوصاف الظاهرة، كما يمكن أن تضبط ب‍ (حسن الخلق). وهذه كناية عن الأوصاف الباطنة. (¬5) الثجلة، بالثاء المثلثة والجيم: عظم البطن مع استرخاء أسفله. وفي رواية: نحله، بالنون والحاء المهملة: من النحول. (¬6) الصّعلة: بفتح الصاد: صغر الرأس. وفي رواية: صقلة، بالقاف: الخصر، والمراد طوله، وقيل: ضمره وقلة لحمه. والمعنى: أنه ليس بعظيم البطن، ولا منتفخ الخصر، ولا صغير الرأس، فلا عيب في صفة من صفاته صلى الله عليه وسلم. (¬7) بالرفع على الاستئناف، وفي رواية: «وسيما قسيما» بالنصب على الصفة. والوسيم: المشهور بالحسن. والقسيم: الحسن القسمة، وهي الوجه. ورجل مقسّم الوجه، وقسيم الوجه: كأن كل موضع منه قد أخذ من الحسن والجمال قسما، فهو كله جميل، ليس فيه ما يستقبح. (¬8) الدّعج: شدة سواد العين مع سعتها. يقال: عين دعجاء. (¬9) الأشفار: حروف الأجفان التي ينبت عليها الشّعر، واحدها: شفر، بالضم. والوطف: كثرة شعر العين والاسترخاء، وإنما يكون ذلك مع الطول. وفي-

صوته صحل (¬1)، أحور، أكحل، أزجّ، أقرن (¬2)، شديد سواد الشعر، في عنقه سطع (¬3)، وفي لحيته كثاثة (¬4)، إذا صمت فعليه الوقار، وإذا تكلم سما وعلاه البهاء، وكأنّ منطقه خرزات نظم يتحدّرن، حلو المنطق، فصل، لا نزر ولا هذر (¬5)، أجهر الناس وأجمله من بعيد، وأحلاه وأحسنه من قريب، ربعة لا تشنؤه من طول (¬6)، ولا تقتحمه عين من ¬

= رواية: الغطف، بالغين: وهو المشهور كما في منال الطالب/186/، ويريد به الطول. وفي دلائل أبي نعيم: عطف. وقال ابن الأثير: وهو انعطاف شعر الأجفان لطولها. وفي الفائق: العطف والغطف: واحد. (¬1) الصّحل: البحّة، تريد أن لا يكون حادا، وهو يستحسن لخلوه عن الحدة المؤذية. قال أبو نعيم: وبذلك توصف الظباء. وفيه أيضا: «صهل» بالهاء، ورجح الأول. (¬2) الحور، بالتحريك: شدة بياض وسواد العين. والكحل، بفتحتين: سواد في أجفان العين خلقة. والأزجّ: المتقوّس الحاجبين، في طول وامتداد. والأقرن: المتصل رأسي حاجبيه. قال ابن الأثير: كذا في حديث أم معبد، والصحيح في صفته: أنه لم يكن أقرن. (¬3) السّطع، بفتح الطاء: طول العنق. وقال أبو نعيم: وهذا مما يمدح به الناس. وعند الخشني: سطح. ولم أجد من ذكرها. (¬4) الكثاثة، بثائين: دقة نبات شعر اللحية مع استدارة فيها، كذا عند الخشني. وقال ابن الأثير: اجتماعه والتفافه وكثرته. وذكره (كثافة) بالفاء في الثانية، وقال: ويروى (كثاثة)، وهو بمعناه. (¬5) النّزر: القليل. والهذر: الكثير غير المفيد. أرادت أن منطقه-مع حلاوته- ليس بقليل لا يفهم، ولا كثير يمل ويسأم، بل هو قصد بين ذلك. وروي (هدر) بالدال المهملة الساكنة والمعنى متقارب. (¬6) الرّبعة من الرجال: ما بين الطويل والقصير. وتشنؤه من طول: أي لا يبغض لفرط طوله. وفي رواية: «لا يأس من طول» ومعناه: أنه كان ميله إلى جانب الطول أكثر من ميله إلى جانب القصر.

قصر (¬1)، غصن بين غصنين، فهو أنضر الثلاثة منظرا، وأحسنهم قدرا، له رفقاء يحفّون به، إذا قال استمعوا لقوله، وإذا أمر تبادروا إلى أمره، محفود محشود، ولا عابس ولا مفنّد (¬2). قال: والله هذا صاحب قريش (¬3). ثم هاجرت بعد ذلك هي وزوجها فأسلما (¬4). ¬

(¬1) لا تقتحمه عين من قصر: أي لا تحتقره العيون لقصره، فتتركه وتجاوزه إلى غيره، بل تقبله وتقف عنده. . يقال في المنظر المستقبح: اقتحمته العين: أي ازدردته واحتقرته. (¬2) قال ابن قتيبة وأبو نعيم: المحفود: المخدوم، قال تعالى: بَنِينَ وَحَفَدَةً. ومحشود: هو الذي قد حشده أصحابه، وصفّوا حوله، وأطافوا به. والعابس: الكالح الوجه المقطّب. والمفنّد: المنسوب إلى الجهل وقلة العقل، من الفند: الخرف. وفي رواية: (ولا معتد). من العداء وهو الظلم. انظر في شرح حديث أم معبد: غريب الحديث لابن قتيبة 1/ 190 - 197، ودلائل النبوة لأبي نعيم 337 - 343، والخشني على سيرة ابن هشام 2/ 146 - 150 حيث خرجوه من رواية حبيش بن خالد صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أخو أم معبد رضي الله عنهما. كما شرحوه، وشرحه أيضا الزمخشري في الفائق 1/ 94 - 99، وابن الأثير في منال الطالب 171 - 196، وابن الجوزي في الوفا 244 - 247، والمنتظم 3/ 57 - 61 حيث أخرجه من حديث أبي معبد. (¬3) حديث أم معبد رضي الله عنها أخرجه بالإضافة إلى من تقدم: ابن سعد 1/ 230 - 232، والطبراني كما في مجمع الزوائد 6/ 55 - 58، ورواه الحاكم في المستدرك 3/ 9 - 11. وقال ابن الأثير في منال الطالب 174 - 175: حديث أم معبد حديث مشهور بين العلماء، مروي في كتبهم، وهو من أعلام النبوة، ورواه جماعة من الحفاظ عن حبيش صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وروي من طرق أخرى كثيرة. وقد أخرج أيضا عن أبي معبد نفسه، وعنه عن أم معبد، وأخرج عن أسماء بنت أبي بكر، وأبي سليط الأنصاري. (¬4) أما هي فقد ذكر الواقدي كما في الطبقات 8/ 289: أنها أسلمت بعد ذلك-

[قصة سراقة]

وكان أهلها يؤرخون بيوم نزول الرجل المبارك (¬1). ولما مرت قريش سألوها عنه ووصفوه، فقالت: ما أدري ما تقولون، قد ضافني حالب الحائل. فقالوا: ذاك الذي نريد (¬2). وفي الإكليل: قصة أخرى شبيهة بقصة أم معبد. قال الحاكم: ولا أدري أهي هي أم غيرها (¬3). [قصة سراقة] (*): فلما راحوا (¬4) من قديد، تعرض لهما سراقة بن مالك بن جعشم ¬

= وبايعت. وأخرجه أبو نعيم في الدلائل/340/عن عبد الملك بن وهب. وأما إسلام زوجها فقد خرجه البزار كما في الكشف 2/ 301. وانظر ترجمتهما في كتب الصحابة. (¬1) كذا في الروض 2/ 236 من حديث آخر. (¬2) الخبر هكذا أخرجه البيهقي في الدلائل 2/ 493، عن ابن إسحاق من رواية يونس بن بكير. والحائل: الشاة التي لم تحمل، فلا يكون لها لبن، وتجمع على حيال وحيّل. (¬3) نقله هكذا القسطلاني في المواهب 1/ 305 عن الحافظ مغلطاي دون أن يعلق عليه، والقصة رواها البيهقي في الدلائل 2/ 491 - 392 من حديث أبي بكر رضي الله عنه وقال في نهايتها: وهذه القصة وإن كانت تنقص عما روينا في قصة أم معبد، ويزيد في بعضها، فهي قريبة منها، ويشبه أن يكونا واحدة. وقد ذكر محمد بن إسحاق من قصة أم معبد شيئا يدل على أنها وهذه واحدة والله أعلم. ثم ساق رواية ابن إسحاق والتي أشرت إليها في الفقرة السابقة. (¬4) في (3): فلما (رجعوا). (*) قال الصالحي في السبل 3/ 362 - 363: ذكر في «العيون» قصة سراقة قبل قصة أم معبد، والتزم في أولها أنه يرتب الوقائع. وذكر في «الإشارة» قصتها قبل قصة سراقة، وتبعته في ذلك، وهو الصحيح الذي صرح به جماعة. قلت: -

المدلجي، فدعا عليه النبي صلى الله عليه وسلم، فساخت قوائم فرسه، فطلب الأمان، فأطلق، وردّ من وراءه (¬1). ففي ذلك يقول أبو بكر رضي الله تعالى عنه: قال النبيّ ولم يجزع يوقّرني … ونحن في سدف من ظلمة الغار (¬2) لا تخش شيئا فإن الله ثالثنا … وقد توكل لنا منه بإظهار (¬3) حتى إذا الليل وارانا جوانبه … وسدّ من دون من تخشى بأستار (¬4) سار الأريقط يهدينا وأنيقه … ينعين بالقوم نعيا تحت أكوار (¬5) ¬

= وممن ذكر قصة سراقة قبل قصة أم معبد: ابن حبان في سيرته، والبيهقي في دلائله، وأبو عمر في الدرر، وابن الجوزي في الوفا، وابن كثير في الفصول /116/. (¬1) انظر الخبر كاملا في السيرة 1/ 489 - 490، وابن سعد 1/ 232، وصحيح الإمام البخاري حيث خرجه من حديث سراقة رضي الله عنه في مناقب الأنصار، باب هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة (3906)، وصحيح الإمام مسلم كتاب الزهد والرقائق، باب في حديث الهجرة (2009) من حديث البراء رضي الله عنه. (¬2) في دلائل أبي نعيم مكان (ولم يجزع): ولم أجزع. وفي الروض: ولم يزل. ومعنى يوقرني: يسكنني ويهدئني. وأسدف الليل: إذا أرخى ستوره وأظلم. وفي بعض المصادر (سدفة). (¬3) في بقية المصادر بدل (لنا): لي. (¬4) في بقية المصادر عدة أبيات تركها المصنف بين الثاني والثالث. وفيها بدل (وارانا) وارتنا، خلا أبي نعيم فقد وافقه المصنف. وفي بعضها بدل (تخشى): نخشى، بالنون. (¬5) أنيق: جمع ناقة. وينعين، بالياء كما في (1) و (2) وبالباء الموحدة (ينعبن) و (نعبا) كما في (3)، وكلاهما صفة لسير الناقة، وهو سرعتها وتقدمها وعدوها. والأكوار، جمع كور: وهو الرّحل.

ولما قال أبو جهل حين بلغه أمر سراقة

حتى إذا قلت قد أنجدن عارضنا … من مدلج فارس في منصب وار (¬1) يردي به مشرف الأقطار معتزم … كالسّيد ذي اللّبدة المستأسد الضاري (¬2) فقال: كرّوا. فقلنا: إن كرّتنا … من دونها لك نصر الخالق الباري أن يخسف الأرض بالأحوى وفارسه … فانظر إلى أربع في الأرض غوّار (¬3) فهيل لمّا رأى أرساغ مقربه … قد سخن في الأرض لم تحفر بمحفار (¬4) فقال هل لكم أن تطلقوا فرسي … وتأخذوا موثقي في نصح أسرار وأصرف الحيّ عنكم إن لقيتهم … وأن أعوّر منهم كل عوّار (¬5) فقال قولا رسول الله مبتهلا … يا ربّ إن كان ينوي غير إخفار فنجّه سالما من شرّ دعوتنا … ومهره مطلقا من كلم آثار فأظهر الله إذ يدعو حوافره … وفاز فارسه من هول أخطار (¬6) ولمّا قال أبو جهل حين بلغه أمر سراقة: بني مدلج إني أخاف سفيهكم … سراقة يستغوي بنصر محمد (¬7) ¬

(¬1) في بعض المصادر بدل (عارضنا) عارضها. (¬2) السّيد، بالكسر: الأسد. (¬3) الأحوى: الأسود. صفة للحصان، والله أعلم. (¬4) هيل، بالبناء للمفعول، من هاله: أخافه وأفزعه. و (سخن) من ساخ، وساخت الأرض: انخسفت. وفي بعض المصادر بدل (مقربه): مهرته. وسوف تأتي في بيت آخر. (¬5) في بقية المصادر بدل (كل): عين. والعوّار، كرمّان: الذي لا بصر له في الطريق. (¬6) انظر هذه القصيدة في دلائل أبي نعيم ص 334 - 336، والروض الأنف 2/ 234، وإتحاف الورى بأخبار أم القرى 1/ 390 - 391، وسبل الهدى والرشاد 3/ 355 - 356. (¬7) في مصادره بدل (يستغوي بنصر) مستغو لنصر. والأولى أجود إعرابا.

عليكم به أن لا يفرّق جمعكم … فيصبح شتّى بعد عزّ وسؤدد قال سراقة يجيبه: أبا حكم واللات لو كنت شاهدا … لأمر جوادي إذ تسيخ قوائمه (¬1) عجبت ولم تشكك بأن محمدا … نبيّ وبرهان فمن ذا يكاتمه (¬2) عليك بكفّ الناس عنه فإنني … أرى أمره يوما ستبدو معالمه (¬3) بأمر تود النفس فيه بأنها … لو أن جميع الناس طرّا تسالمه (¬4) ¬

(¬1) في جميع مصادره التي اطلعت عليها: بدل (اللات): الله. وفيها أيضا خلا دلائل أبي نعيم بدل (تسيخ): تسوخ. قال في اللسان: الأقدام تسوخ في الأرض وتسيخ: تدخل فيها وتغيب. (¬2) هكذا جاء هذا البيت في دلائل أبي نعيم، وجاء في الروض هكذا: علمت ولم تشكك بأن محمدا رسول ببرهان فمن ذا يقاومه (¬3) في جمع المصادر: بدل (الناس): القوم. وجاء الشطر الثاني في الدلائل هكذا:. . . . . . . . . . . أرى أن يوما ما ستبدو معالمه وجاء البيت في البداية هكذا: عليك فكفّ القوم عنه فإنني أخال لنا يوما ستبدو معالمه (¬4) جاء الشطر الأول من هذا البيت في (1) مضطربا، وفي دلائل أبي نعيم هكذا: بأمر يود النصر فيه بالبها. . . . . . . . . . . . وفي الروض هكذا: بأمر يود الناس فيه بأسرهم بأن جميع. . . . . . . . . . . وانظر في تخريج بيتي أبي جهل ورد سراقة رضي الله عنه عليه: دلائل أبي نعيم ص 336 - 337، والبداية والنهاية 3/ 184، وإتحاف الورى 1/ 389 - 390. وفي أبيات سراقة فقط: الروض 2/ 233، ونهاية الأرب 16/ 335.

[هجرة علي رضي الله عنه]

فلما بلغ خروج النبي صلى الله عليه وسلم حييّ بن ضمرة الجندعي (¬1) قال: لا عذر لي في مقامي بمكة-وكان مريضا-فأمر أهله فخرجوا به إلى التنعيم فمات، فأنزل الله تعالى: {وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللهِ} (¬2) [النساء:100]. فلما رأى ذلك من كان بمكة ممن يطيق الخروج خرجوا، فطلبهم أبو سفيان وغيره من المشركين فردوهم، وسجنوهم، فافتتن منهم ناس (¬3). [هجرة علي رضي الله عنه]: وأقام علي بعد مخرجه عليه الصلاة والسلام ثلاثة أيام (¬4)، ثم أدركه ¬

(¬1) هكذا جاء الاسم في الجميع، أوله (حيي)، وكذا هو في أصول إتحاف الورى 1/ 394، وأظنه عن المصنف حيث ينقل عنه بالنص كثيرا، والله أعلم. والذي عند الواقدي-حيث روى الخبر كما سوف أخرج- (جندب) بن ضمرة الجندعي. وكذا هو في إحدى روايات الطبري كالذي عند الواقدي. وذكره ابن الجوزي في زاد المسير باسم أبيه ولقبه فقط هكذا: (ابن ضمرة الجندعي)، والذي نقله عنه القرطبي في تفسيره: حبيب بن ضمرة. وهذا قريب من لفظ المصنف. وقد اختلف في هذا الاسم اختلاف كبير، ذكر منها الطبري عدة أسماء، وكذا ابن عطية، والقرطبي، وأوصلها الحافظ في الإصابة إلى عشرة. (¬2) انظر في هذا الخبر مغازي الواقدي 1/ 73، والبلاذري 1/ 365 من طريق ابن إسحاق، وتفسير الطبري 5/ 238 - 241، وتفسير البغوي 1/ 470، وزاد المسير 2/ 179 - 181، وابن عطية 4/ 229 - 230، والقرطبي 5/ 348 - 349. (¬3) النص بحرفه من مغازي الواقدي 1/ 73. (¬4) وذلك بعد أن أدى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الودائع التي كانت عنده للناس. (السيرة 1/ 493).

[كتابة التاريخ]

بقباء وقد نزل على كلثوم بن الهدم، وقيل: سعد بن خيثمة (¬1). يوم الإثنين سابع-وقيل: ثامن عشر-ربيع (¬2). وكان مدة مقامه هناك مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة أو ليلتين (¬3). [كتابة التاريخ]: وأمر عليه الصلاة والسلام بالتاريخ فكتب من حين الهجرة (¬4). قال ابن الجزار: ويعرف بعام الإذن (¬5). ¬

(¬1) هكذا في السيرة 1/ 493، والطبقات 1/ 233، وأنساب الأشراف 1/ 263، وتاريخ الطبري 2/ 382، ودرر ابن عبد البر/85/؛ وقدموا جميعا-خلا ابن عبد البر-ذكر كلثوم بن الهدم، وقال ابن سعد: وهو الثبت عندنا. وقال هو وابن إسحاق: ولكنه كان صلى الله عليه وسلم يجلس للناس ويتحدث مع أصحابه في منزل سعد بن خيثمة-وكان يسمى منزل العزاب-فذلك قيل: نزل على سعد بن خيثمة. وفي الروض 2/ 245: صواب (العزاب): أعزب، لأنه جمع: (عزب). وقال ابن قتيبة في المعارف/152/): ونزل بقباء على كلثوم بن الهدم، ثم مات كلثوم فتحول إلى سعد بن خيثمة. ولم يذكر المسعودي في المروج 2/ 302 سوى نزوله على سعد بن خيثمة، والله أعلم. (¬2) كذا في المواهب 1/ 307، وفي الإمتاع 1/ 48: كان قدومه في النصف من ربيع الأول. (¬3) السيرة 1/ 493. (¬4) أخرجه الطبري 2/ 388، وابن عساكر (مختصر ابن منظور 1/ 32) عن الزهري، ونسبه الحافظ في الفتح 7/ 314، والسخاوي في الإعلان بالتوبيخ /130/: إلى الحاكم في الإكليل عن الزهري أيضا، وقالا: وهذا معضل، والمشهور خلافه. وقوله: من حين الهجرة يعني من ربيع الأول كما هو مصرح به في حديث الزهري. (¬5) كذا في إتحاف الورى 1/ 397 دون أن ينسبه، وهل المراد به عام الإذن-

وقيل: إن عمر رضي الله عنه أول من أرّخ وجعله من المحرم (¬1). وقيل: يعلى بن أمية إذ كان باليمن (¬2). وقيل: بل أرّخ بوفاته عليه الصلاة والسلام (¬3). ¬

= بالهجرة أو غير ذلك؟ المرجح الأول، والله أعلم. (¬1) هذا قول الجمهور كما قال ابن كثير في البداية 3/ 205، بل هو الصحيح المشهور كما قال السخاوي في التوبيخ/130/، وذلك في السنة السادسة عشرة، والخبر أخرجه خليفة في تاريخه/51/، والطبري 2/ 391، والعسكري في الأوائل/104/، وابن عساكر في تاريخ دمشق 1/ 33 - 34 (مختصر ابن منظور). وقالوا في سبب جعله من المحرم على الرغم من أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة في ربيع الأول: لأنه منصرف الناس من حجهم، وهو شهر حرام، فأجمعوا على المحرم. وفي قول آخر: لتجتمع الأشهر الحرم في سنة واحدة. وفي قول: أن بيعة العقبة كانت في ذي الحجة وأن العزم والنية على الهجرة كانت من ذلك الوقت فابتدؤوا بأول هلال بعد العقبة وهو هلال المحرم. قال الحافظ في الفتح 7/ 315: وهذا أقوى ما وقفت عليه من مناسبة الابتداء بالمحرم. أقول: وفي الروض 2/ 247 أن الصحابة فهموه من قوله تعالى: لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ. . [التوبة:108]. (¬2) أخرجه الإمام أحمد 4/ 222 بإسناد صحيح كما في الفتح 7/ 315، إلا أنه قال: لكن فيه انقطاع. ويعلى بن أمية كان عاملا لعمر رضي الله عنهما على بعض اليمن. (¬3) عزاه الحافظ في الفتح 7/ 315 إلى الحاكم من طريق مصعب الزبيري عن سهل ابن سعد بلفظ: أخطأ الناس العدد، لم يعدوا من مبعثه، ولا من قدومه المدينة، وإنما عدوا من وفاته. وقال الحافظ: قال الحاكم: وهو وهم، ثم ساقه على الصواب بلفظ: ولا من وفاته، إنما عدوا من مقدمه المدينة. قلت: هذا الثاني الصحيح هو في المستدرك 3/ 13. وأخرجه البخاري في مناقب الأنصار، باب التاريخ، ومن أين أرخوا التاريخ (3934).

[نزوله صلى الله عليه وسلم بقباء]

[نزوله صلى الله عليه وسلم بقباء]: وكان نزوله عليه الصلاة والسلام بقباء يوم الإثنين لثمان خلون من ربيع الأول (¬1)، وهو الرابع من تيرماه (¬2)، والعاشر من أيلون (¬3)، سنة تسعمائة وثلاثة وثلاثين لذي القرنين (¬4). ويقال: لاثنتي عشرة ليلة خلت من حين اشتد الضحى (¬5). ويقال: لهلال ربيع الأوّل، ويقال: في أوله (¬6). ¬

(¬1) أما كونه يوم الإثنين من شهر ربيع الأول: فهذا وارد في الصحيح، أخرجه البخاري (3906). وأما كونه في الثامن من ربيع: فقد عزاه أبو عمر 1/ 41، والسهيلي 2/ 245 لغير ابن إسحاق. ونسبه صاحب نهاية الأرب 16/ 339 للخوارزمي. ونقل السمهودي في وفاء الوفا 1/ 246 عن الحاكم في الإكليل: أن الأخبار تواترت في ذلك. وهذا مبني على قول من قال: إن خروجه صلى الله عليه وسلم من الغار أول يوم من ربيع الأول ليلة الإثنين. (انظر الفتح 7/ 287). (¬2) شهر من شهور الفرس. (¬3) في الاستيعاب 1/ 32 ونهاية الأرب والإمتاع: (العشرين) من أيلول. وأيلول: شهر من شهور السريان. (¬4) كذا في مروج الذهب 2/ 301، وتاريخ دمشق (المختصر 1/ 35). (¬5) هذا قول ابن إسحاق كما في السيرة 1/ 492، وأخرجه البيهقي في الدلائل 2/ 510 - 512 عنه من رواية ابن بكير، كما أخرجه عن عاصم بن عدي. وأخرجه ابن الجوزي في الوفا/251/عن الزهري، وقاله ابن سعد 1/ 233 قولا ثانيا. . ولم يذكر البلاذري في أنساب الأشراف 1/ 263 والإمام النووي في السير من كتاب الروضة 7/ 407 غيره. وقال ابن كثير في البداية 3/ 206: وهذا هو المشهور الذي عليه الجمهور. (¬6) هذا قول ابن شهاب من رواية موسى بن عقبة كما في الاستيعاب 1/ 41، والفتح 7/ 287، والقول الأول الذي في الطبقات 1/ 233. ورواية عن ابن-

فأقام بها أربع عشرة ليلة (¬1)، ويقال: خمسا، ويقال: أربعا، ويقال: ثلاثا فيما ذكره الدولابي (¬2). ويقال: ثنتين وعشرين ليلة (¬3). وأسس به مسجدا (¬4)، وهو أول مسجد أسس في الإسلام، وكانت الأنصار لما بلغهم خروجه يخرجون كل يوم لتلقيه، وإذا اشتد الحر رجعوا، فلما كان يوم قدومه صلى الله عليه وسلم فعلوا ذلك، فرآه رجل من يهود، فنادى بأعلى صوته: يا بني قيلة (¬5) هذا جدّكم (¬6) قد أقبل. فخرجوا إليه سراعا (¬7). ¬

= إسحاق كما في الفتح: أنه كان لليلتين خلتا من شهر ربيع الأول. (¬1) رواه الإمام البخاري في مناقب الأنصار، باب مقدم النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه المدينة (3932) عن أنس بن مالك رضي الله عنه، وأخرجه في الباب السابق من نفس الكتاب (3906) عن عروة بن الزبير رضي الله عنه بلفظ: بضع عشرة ليلة. (¬2) أما الخمس: فهو لابن إسحاق، وأما الأربع: فهو للكلبي وجزم به ابن حبان، وأما الثلاث: فقد رواه موسى بن عقبة عن ابن شهاب. (انظر فتح الباري 7/ 287 - 288). (¬3) في (1): ثلاثا وعشرين، وهو ما ذكره البلاذري 1/ 263، وما أثبته من الباقي وهي رواية موسى بن عقبة عن مجمع بن حارثة كما في البداية 3/ 196، والفتح 7/ 288 وعزاه أيضا 7/ 287 إلى الزبير بن بكار. (¬4) في (1): المسجد، وهو مسجد قباء. (¬5) هي قيلة بنت كاهل بن عذرة، الجدة الكبرى للأنصار، والدة الأوس والخزرج. (الفتح). (¬6) جدّكم: يعني حظكم ودولتكم التي كنتم تتوقعونها. (أعلام الحديث)، ولفظ ابن سعد: هذا صاحبكم. (¬7) الخبر في السيرة 1/ 492، والطبقات 1/ 233، وأخرجه البخاري في مناقب الأنصار باب الهجرة إلى المدينة (3907) عن عروة.

وفي كتاب البرقي: قدمها ليلا (¬1). ثم خرج من قباء يوم الجمعة، لاثنتي عشرة ليلة خلت من ربيع في قول ابن الكلبي (¬2). وقال ابن الجوزي (¬3): لليلتين خلتا منه. وفيهما نظر (¬4). فجمّع في بني سالم بن عوف ببطن الوادي (¬5). ¬

(¬1) نسبها إلى ابن البرقي: ابن الجوزي في تلقيح الفهوم/43/، وأضاف الحافظ في الفتح أنها رواية عن ابن إسحاق، وهي من حديث البراء رضي الله عنه عند مسلم في كتاب الزهد والرقائق، باب حديث الهجرة (2009). وقال الحافظ في الفتح-في شرح الحديث السابق-: والأكثر أنه قدم نهارا، ويجمع بأن القدوم كان آخر الليل، فدخلها نهارا. (¬2) ذكر أبو عمر في الاستيعاب 1/ 41، والسمهودي في وفاء الوفا 1/ 247 عن روضة الأقشهري قول ابن الكلبي هذا، لكن بلفظ: وقدم المدينة يوم الجمعة لاثنتي عشرة خلت من ربيع الأول. أقول: على الرغم مما فيه من ذكر يوم الجمعة، فإنه محمول على وصوله إلى قباء. وهذا ما يفهم من كلام الحافظ حين نقل كلامه في الفتح 7/ 287، وقال السمهودي: والعلماء كلهم يطلقون ذلك لقدوم المدينة. (¬3) كذا في النسخ المخطوطة: (ابن الجوزي)، ومثلها في العقد الثمين 1/ 236 حيث نقل عن المؤلف، لكن الذي في المطبوع: وقال ابن (الجزار). وقد يكون هذا هو الصحيح، لأني لم أجد هذا القول في كتب ابن الجوزي الثلاثة: الوفا والمنتظم والتلقيح. والله أعلم. (¬4) لأنهما يخالفان ما تقدم من تاريخ دخوله المدينة وبقائه في قباء، ولم أجد من وقف عند تاريخ خروجه من قباء، حتى عند الذين ينقلون عن المصنف، وذلك لأنه يحمل على حسب ما ذكر في قدومه إلى قباء والمكث فيها، والله أعلم. (¬5) أضاف ابن إسحاق 1/ 494: وادي رانوناء، فكانت أول جمعة صلاها بالمدينة. وقال ابن سعد 1/ 236: وكان معه مائة من المسلمين. أقول: والمسجد-

[قدومه صلى الله عليه وسلم المدينة]

[قدومه صلى الله عليه وسلم المدينة]: ثم قدم المدينة، فبركت ناقته على باب مسجده ثلاث مرار (¬1)، وهو يومئذ مربد لسهل وسهيل ابني عمرو-يتيمين في حجر أسعد بن زرارة، ويقال: معاذ بن عفراء (¬2) -فاشتراه بعشرة دنانير (¬3). ¬

= معروف إلى اليوم باسم (مسجد الجمعة)، وفي تاريخ المدينة لابن شبة 1/ 68: يقال له: مسجد عاتكة. وأخرج الطبري 2/ 394 - 395 أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب في أول جمعة صلاها في بني سالم بن عوف. وانظر سياق الخطبة كاملة فيه. (¬1) هي رواية ذكرها السمهودي في وفاء الوفا 1/ 259، والقسطلاني في المواهب 1/ 310: أن ناقته صلى الله عليه وسلم لما أتت دار بني مالك بن النجار بركت ثم وثبت وسارت فبركت على باب أبي أيوب رضي الله عنه ثم ثارت منه وبركت مبركها الأول. أقول: والذي في السيرة 1/ 495: أنها لما قامت من مبركها الأول سارت غير بعيد ثم التفتت إلى خلفها فرجعت إلى مبركها أول مرة، فبركت فيه. (¬2) الأول-يعني كونهما في حجر أسعد بن زرارة رضي الله عنه-: هو قول ابن شهاب كما رواه ابن سعد 1/ 239، والبيهقي في الدلائل 2/ 538، وهو الذي في الصحيح، أخرجه البخاري في مناقب الأنصار، باب الهجرة إلى المدينة (3906) من قول ابن شهاب عن عروة بن الزبير رضي الله عنه. وأما الثاني-وهو كونهما في حجر معاذ بن عفراء-: فهو لابن إسحاق في السيرة 1/ 495، ولأبي عبيد في الغريب 1/ 246 - 247. وذكر الحافظ في شرح الحديث السابق قولا ثالثا عن الزبير بن بكار أنهما كانا لأبي أيوب رضي الله عنه. (¬3) طبقات ابن سعد 1/ 239، وفي حديث البخاري السابق: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ساومهما بالمربد وأنهما قالا: بل نهبه لك يا رسول الله، فأبى، وابتاعه منهما. وفي رواية أخرى للبخاري (3932): أن المربد كان لبني النجار وأن-

[أول كلمة سمعت منه صلى الله عليه وسلم بالمدينة]

ونزل برحله على أبي أيوب (¬1)، لكونه من أخوال عبد المطلب (¬2)، فأقام عنده سبعة أشهر، وقيل: إلى صفر من السنة الثانية (¬3). وقال الدولابي: شهرا (¬4). [أول كلمة سمعت منه صلى الله عليه وسلم بالمدينة]: فكان أول كلمة سمعت منه صلى الله عليه وسلم: «أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا الأرحام، وصلّوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام» (¬5). ¬

= رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهم: «ثامنوني بحائطكم». فقالوا: لا والله لا نطلب ثمنه إلا إلى الله. (¬1) وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نزل من ناقته، سارع أبو أيوب رضي الله عنه فأخذ رحله، فجاء أقوام يدعون رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى النزول عندهم، فقال: «المرء مع رحله». (¬2) تقدم أن هاشم بن عبد مناف والد عبد المطلب تزوج في المدينة بامرأة منها، فولدت له عبد المطلب ثم ماتت. (¬3) الأول هو قول ابن سعد 1/ 237، والثاني لابن إسحاق في السيرة 1/ 500. (¬4) كذا أيضا في وفاء الوفا 1/ 265. وهو قول المسعودي في المروج 2/ 302. وذكر ابن كثير 3/ 213 القول الأول عن الواقدي، وقال: وقال غيره: أقل من شهر. والله أعلم. (¬5) كذا في الطبقات 1/ 235 من حديث عبد الله بن سلام رضي الله عنه قال: فكان أول شيء سمعته يتكلم به أن قال: «يا أيها الناس، أفشوا السلام. . .». والحديث أخرجه الإمام أحمد 1/ 451، والترمذي في صفة القيامة، باب أفشوا السلام. . . (2487) وقال: حديث صحيح. وأخرجه أيضا: ابن ماجه (1334)، وابن أبي شيبة 8/ 624، والدارمي (2635)، وأبي نصر المروزي في قيام الليل/53/، والبيهقي في الدلائل 2/ 531 - 532، وأخرجه الطبراني /62/، والعسكري/81/كلاهما في الأوائل.

[قدوم آل النبي صلى الله عليه وسلم وعيال أبي بكر رضي الله عنه]

وكان بالمدينة أوثان يعبدها رجال، فأقبل حينئذ قومهم عليها فهدموها (¬1). [قدوم آل النبي صلى الله عليه وسلم وعيال أبي بكر رضي الله عنه]: وبعث النبي صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة وأبا رافع ببعيرين وخمسمائة درهم إلى مكة، فقدما بفاطمة، وأم كلثوم، وسودة بنت زمعة، وأسامة بن زيد، وأمه بركة. المكناة أم أيمن، وخرج عبد الله بن أبي بكر رضي الله عنه معهم بعيال أبيه (¬2). [بناء المسجد وتوسعته]: وكان عليه الصلاة والسلام يصلي حيث أدركته الصلاة، حتى بنى المسجد باللّبن وسقفه بالجريد، وجعل عمده خشب النخل، وجعل قبلته للقدس، وجعل له ثلاثة أبواب: بابا في مؤخره، وبابا يقال له باب الرحمة، والباب الذي يدخل منه (¬3). فلما كان أيام عمر رضي الله عنه، زاد فيه، وبناه على بنائه الأول، ثم غيره عثمان رضي الله عنه، وزاد فيه زيادة كبيرة، وبنى جدره بالحجارة المنقوشة والقصّة، وجعل عمده حجارة منقوشة، وسقفه بالساج (¬4). ثم وسعه ببيوت نسائه عليه الصلاة والسلام عمر بن عبد العزيز في ¬

(¬1) دلائل البيهقي 2/ 532 من طريق موسى بن عقبة عن ابن شهاب. (¬2) طبقات ابن سعد 1/ 237 - 238، وأنساب الأشراف 1/ 270. (¬3) الطبقات 1/ 239 - 240. وانظر التخريج الآتي. (¬4) أخرجه الإمام البخاري من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما في الصلاة، باب بنيان المسجد (446). والقصّة: الجص بلغة أهل الحجاز. والساج: نوع من الشجر.

إمرة الوليد بن عبد الملك (¬1). ثم بناه المهدي في سنة ستين ومائة (¬2). ثم زاد فيه المأمون وأتقن بنيانه في سنة اثنتين ومائتين (¬3). قال السهيلي: وهو على حاله إلى الآن (¬4). وهلك في تلك الأيام أبو أمامة أسعد بن زرارة بالذّبحة (¬5) -وسيأتي عن ابن الجزار خلافه-وكلثوم بن الهدم (¬6). ¬

(¬1) انظر الخبر كاملا في الطبري 6/ 435 - 436، والمنتظم 6/ 283 - 285. (¬2) الطبري 8/ 133، والمنتظم 8/ 238، وهي توسعة ليست بناء. (¬3) كذا في الروض، ولم أجد في الطبري أو المنتظم أو كامل ابن الأثير في حوادث سنة اثنتين ومائتين ذكرا لزيادة المأمون أو بنائه للمسجد النبوي الشريف، ثم رأيتهما عند ابن قتيبة في المعارف ص/562/حيث يقول: وزاد فيه المأمون زيادة كثيرة ووسعه، ثم يذكر: أنه قرأ على موضع زيادة المأمون: «أمر عبد الله بعمارة مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة اثنتين ومائتين. . .». وقال السمهودي في وفاء الوفا 2/ 540: ولم أر في كلام أحد من مؤرخي المدينة، أن المسجد الشريف زيد فيه بعد المهدي، لكن قال الزين المراغي ما لفظه: وقيل: إن المأمون زاد فيه وأتقن بنيانه أيضا في سنة اثنتين ومائتين. قال السهيلي: وهو على حاله، ورزين ينكر ذلك، ويمكن الجمع بأنه جدده ولم يزد. قال السمهودي: ولم أر في كلام رزين تعرضا لحكاية ذلك حتى ينكره، وهذا بعيد جدا لأن من أدرك زمن المأمون من مؤرخي المدينة لم يتعرض لشيء من ذلك. ثم ذكر السمهودي كلام ابن قتيبة، وقال: لا دلالة فيه. . . (¬4) الروض الأنف 2/ 248. (¬5) كذا في السيرة 1/ 507. والذّبحة، ويجوز تسكين الباء: وجع في الحلق، أو دم يخنق فيقتل. (¬6) ابن قتيبة (المعارف 152)، والطبري 2/ 397، وذكر وفاته أولا ثم بعده أسعد بن زرارة، رضي الله عنهما قبل بناء المسجد، وقال ابن سعد 3/ 623 - 624: توفي قبل أن يخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بدر بيسير.

أحداث ما بعد الهجرة

أحداث ما بعد الهجرة [اتخاذ المنبر وحنين الجذع]: وكان عليه الصلاة والسلام يخطب إلى جذع في المسجد، فلما اتخذ المنبر [من طرفاء الغابة] (¬1) ثلاث درجات، بينه وبين الحائط ممر الشاة، خار عند ذلك الجذع كالبقرة أو الناقة، فنزل عليه الصلاة والسلام واحتضنه حتى سكن، وقال: «لو لم ألتزمه لحنّ إلى يوم القيامة» (¬2). فلما كان أيام معاوية، جعل المنبر ست درجات، وحوّله عن مكانه، فكسفت الشمس يومئذ (¬3). [وباء المدينة]: وكانت المدينة أول قدومه أوبأ أرض الله تعالى بالحمّى، فأصاب أصحابه منها بلاء وسقم، فدعا بنقل ذلك الوباء إلى مهيعة، وهي ¬

(¬1) ما بين المعكوفتين من (3) فقط. وهو لفظ الإمام البخاري. (¬2) انظر طبقات ابن سعد 1/ 249 - 254 في اتخاذ المنبر وحنين الجذع، وكلاهما وارد في الصحيح، وسوف أخرجهما في فصل المعجزات إن شاء الله. (¬3) هذه رواية الزبير بن بكار في أخبار المدينة، وفيها: أنه لما قلع المنبر أظلمت المدينة، وفي رواية ثانية: فكسفت الشمس حتى رأينا النجوم. انظر فتح الباري عند شرح الحديث (917) من كتاب الجمعة، باب الخطبة على المنبر. وانظر وفاء الوفا 2/ 398 - 399 حيث ذكرها من عدة روايات.

[المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار]

الجحفة (¬1). [المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار]: وبعد مقدمه لخمسة أشهر-وقال أبو عمر: بثمانية (¬2) -آخا بين ¬

(¬1) السيرة 1/ 588 - 589. وأخرجه البخاري في فضائل المدينة، باب (12) حديث (1889)، ومسلم في الحج، باب الترغيب في سكنى المدينة والصبر على لأوائها (1376). والجحفة قرية على الطريق بين مكة والمدينة، وهي ميقات أهل مصر والشام إذا لم يمروا على المدينة، وقال ياقوت: وكان اسمها مهيعة، وإنما سميت الجحفة لأن السيل اجتحفها، وهي الآن خراب. أقول: ولم أعثر في علة دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لنقل وباء المدينة إلى الجحفة، إلا ما ذكره الإمام النووي في شرح مسلم 9/ 150: قال الخطابي وغيره: كان ساكنو الجحفة في ذلك الوقت يهودا. وقال: وقال برهان الدين الحلبي في سيرته المسماة بإنسان العيون 2/ 85: واستشكل حينئذ جعلها ميقاقا للإحرام، وقد علم من قواعد الشرع أنه صلى الله عليه وسلم لا يأمر بما فيه ضرر. وأجيب: بأن الحمى انتقلت إليها مدة مقام اليهود بها، ثم زالت بزوالهم من الحجاز أو قبله حين التوقيت بها. (¬2) الذي في الاستيعاب 1/ 42 هو الأول، وقال في الدرر ص/88/: بعد بنائه المسجد، وقيل: والمسجد يبنى. وأما الثمانية: فقد ذكرها صاحب الإمتاع 1/ 49 - 50 في موضعين دون عزو. وقال ابن قتيبة في المعارف ص 152: بعد خمسة أشهر من وقت إتمام الصلاة. وفي سيرة ابن حبان ص/146/: في رمضان. وذكر الحافظ في الفتح 7/ 317 عدة أقوال، وليس فيها مما ذكرت إلا قول أبي عمر، والله أعلم. أقول: وبمناسبة ذكر المؤاخاة بين الأنصار والمهاجرين بعد الهجرة، فقد ذكر ابن حبيب في المحبر 70 - 72 وأبو عمر في الدرر/92/: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم آخى بين المهاجرين أنفسهم قبل الهجرة في مكة. وأوردها الحافظ من وجوه أخرى في معرض رده على ابن تيمية رحمه الله الذي أنكرها (انظر فتح الباري عند شرحه لباب (كيف آخى النبي صلى الله عليه وسلم بين أصحابه) من كتاب مناقب الأنصار).

[موادعة يهود]

المهاجرين والأنصار، وكانوا تسعين رجلا من كل طائفة خمسة وأربعون -وقيل: مائة-على الحق والمواساة والتوارث، وكانوا كذلك إلى أن نزل بعد بدر {وَأُولُوا الْأَرْحامِ} الآية (¬1). [موادعة يهود]: وكتب كتابا بين المهاجرين والأنصار، وادع فيه يهود (¬2) وعاهدهم، وأقرهم على دينهم وأموالهم، واشترط عليهم وشرط لهم (¬3). وبنى بعائشة رضي الله عنها على رأس تسعة أشهر، وقيل: ¬

(¬1) طبقات ابن سعد 1/ 238، وفيه: أن هذه المؤاخاة كانت قبل بدر. وتمام الآية:. . . بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ إِنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [الأنفال:75]. والمؤاخاة مذكورة في الصحيح، وقد عنون لها البخاري بهذا الاسم في أكثر من موضع. وانظر أسماء المتآخين في السيرة 1/ 504 - 507، ودرر ابن عبد البر 88 - 92. ورتبهم ابن الجوزي في المنتظم 3/ 71 - 76 على حروف المعجم. (¬2) قال السهيلي في الروض 2/ 291 - 292: يهود: اسم علم كثمود، يقال: إنهم نسبوا إلى يهوذ بن يعقوب، ثم عربت الذال دالا، فإذا قلت: اليهود-بالألف واللام-احتمل وجهين: النسب، والدين الذي هو اليهودية. . وفي القرآن لفظ ثالث، لا يتصور فيه إلا معنى واحد، وهو الدين دون النسب، وهو قوله -سبحانه-: وَقالُوا كُونُوا هُوداً أَوْ نَصارى بحذف الياء، ولم يقل: كونوا يهود، لأنه أراد التهوّد، وهو التدين بدينهم. . . (¬3) هذا لفظ السيرة 1/ 501، وانظر نص الكتاب كاملا فيها. ونسبه محمد حميد الله في الوثائق السياسية 57 - 62 أيضا إلى ابن زنجويه عن الزهري. وأشار إليه الواقدي في المغازي 1/ 176، والبلاذري في أنساب الأشراف 1/ 286.

[ابتداء الأذان]

ثمانية (¬1). وقيل: ثمانية عشر شهرا. في شوال (¬2). [ابتداء الأذان]: وأري عبد الله بن زيد بن ثعلبة بن عبد ربه الأذان (¬3). وقيل: كان ذلك في السنة الثانية (¬4) عندما شاور عليه الصلاة والسلام ¬

(¬1) سقطت لفظة (ثمانية) من (1) والمطبوع والعقد الثمين وإحدى نسخ المواهب، مما يدل على أن المصدر واحد. (¬2) كذا جاءت هذه التواريخ مرتبة أيضا في العقد الثمين 1/ 238، والإمتاع 1/ 50، والمواهب اللدنية 1/ 321، وجاءت في العيون هكذا: على رأس ثمانية أشهر، وقيل: سبعة أشهر، وقيل: ثمانية عشر. (عيون الأثر 2/ 394). والذي في الطبقات 8/ 58، وابن حبان/151/: بعد ثمانية أشهر. وفي المعارف/134/، والمسعودي 2/ 306، وابن حزم/33/: سبعة أشهر. وذكر القولين: الطبري 2/ 398 مع تقديم الأول. وقال ابن الجوزي في التلقيح /44/: في السنة الثانية، ونقل عن الواقدي: أنه في السنة الأولى، وصححه في المنتظم 3/ 69. واختلفوا في الشهر: فبعضهم قال: شوال. وبعضهم قال: ذو القعدة، والذي في الصحيح من حديث السيدة عائشة رضي الله عنها هو (شوال)، أخرجه مسلم في النكاح، باب استحباب التزوج والتزويج في شوال (1423). (¬3) وهو الأذان المعروف، أما زيادة الصبح: «الصلاة خير من النوم» فقد زادها بلال رضي الله عنه وأقرها رسول الله صلى الله عليه وسلم. (الطبقات 1/ 248). وانظر المسند 4/ 43. ورؤيا عبد الله بن زيد الخزرجي للأذان رواها ابن إسحاق 1/ 508، وابن سعد 1/ 246 - 247. وأخرجه الإمام أحمد 4/ 43، وأبو داود في الصلاة، باب كيف الأذان (499)، والترمذي في الصلاة، باب ما جاء في بدء الأذان (189) وقال: حسن صحيح. وصححه الخطابي في المعالم 1/ 131، والنووي في شرح مسلم 4/ 77. (¬4) أما كونه في السنة الأولى: فقد رواه خليفة في تاريخه/56/عن ابن إسحاق. -

أصحابه فيما يجمعهم به للصلاة، إذ كان اجتماعهم بمناد: «الصلاة جامعة» (¬1). فقال بعضهم: ناقوس كناقوس النصارى. وقال آخرون: بوق كبوق اليهود، وهو الشّبّور (¬2). وقال بعضهم: القنع، وهو القرن (¬3). وقال بعضهم: نبعث رجالا ينادون بالصلاة، وفيه نظر، لما تقدم (¬4). ¬

= وأما كونه في السنة الثانية: فهو مقتضى كلام ابن سعد في الطبقات 1/ 246، حيث ذكر أن الأمر بالأذان وقع بعد صرف القبلة إلى الكعبة، وكان قد أخرج أن صرفها كان على رأس سبعة عشر شهرا من الهجرة. ثم إني رأيت هذا الكلام لابن الجوزي في المنتظم 3/ 77 - 80 حيث ذكر التاريخين. ورجح الحافظ في الفتح 2/ 93 القول الأول. ولم يذكر النووي في المجموع 3/ 77 غيره. (¬1) ابن سعد 1/ 246. وعزاها الصالحي في السبل 3/ 520 لسعيد بن منصور كلاهما عن سعيد بن المسيب مرسلا. (¬2) ورد هذا اللفظ في حديث أبي داود تفسيرا للقنع من نفس الحديث (انظر كتاب الصلاة، باب بدء الأذان (498)). وكون البوق هو الشبور كما قال المصنف: هو قول السهيلي في الروض 2/ 284، والحافظ في الفتح 2/ 96. (¬3) هكذا فسره في الروض 2/ 284، وفي معالم السنن 1/ 130: القنع والشّبّور والبوق، واحد. ولفظة (القرن) وقعت في حديث ابن عمر رضي الله عنهما عند مسلم في الصلاة، باب بدء الأذان (377). ولفظة (البوق) عند البخاري من نفس الحديث في الأذان، باب بدء الأذان (604). وبقي شيء ثالث لم يذكره المصنف، وهو (النار) وهي عند البخاري قبل الحديث السابق (603) من حديث أنس رضي الله عنه، وفسرت في حديث آخر: بأن النار للمجوس. وفي حديث أبي داود السابق حديث عمير بن أنس (498): أنه قيل له: انصب راية عند حضور الصلاة. فإذا رأوها آذن بعضهم بعضا. فلم يعجبه ذلك. (¬4) في البخاري أول كتاب الأذان (604) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن-

ورآه أيضا عمر بن الخطاب رضي الله عنه (¬1). وفي كتب الفقهاء: رآه سبعة من الأنصار أيضا (¬2). ويقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم رأى ليلة الإسراء في السماء ملكا يؤذن، ويشكل بأنه لو كان ذلك لم يحتج إلى ما يجمع به المسلمين للصلاة (¬3). وقيل: الحكمة في ذلك-على تقدير الصحة-أن يكون على لسان غيره، لرفع شأنه (¬4). ولا يعترض بحديث يعلى بن مرة الذي فيه أذانه عليه الصلاة والسلام، لأمرين: ¬

= عمر قال: أولا تبعثون رجلا ينادي بالصلاة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا بلال، قم فناد بالصلاة». وقول المصنف: وفيه نظر لما تقدم، يعني، أنه ذكر أن اجتماعهم كان بمناد: الصلاة جامعة. فهذا وذاك واحد، والله أعلم. (¬1) ورد هذا في حديث عبد الله بن زيد، وحديث أبي عمير بن أنس السابقين. وأورده ابن هشام 1/ 509 من حديث عبيد بن عمير الليثي. (¬2) أورده الحافظ في الفتح 2/ 94، والقسطلاني في المواهب 1/ 323 كلاهما عن المصنف. (¬3) رواه البزار كما في الكشف (352)، من حديث علي، وقال الهيثمي في المجمع 1/ 329: وفيه زياد بن المنذر وهو مجمع على ضعفه إلا أن السهيلي 2/ 288 قال: أخلق بهذا الحديث أن يكون صحيحا. ورواه الطبراني في الأوسط من حديث ابن عمر كما في مجمع الزوائد 1/ 329 وقال الهيثمي: فيه طلحة بن زيد، ونسب إلى الوضع. وقال عنه الحافظ في الفتح 2/ 94: وهو متروك. وأورده الحافظ من حديث أنس عند الدارقطني، ومن حديث عائشة رضي الله عنهم جميعا عند ابن مردويه، وقال: والحق أنه لا يصح شيء من هذه الأحاديث. (¬4) هكذا في الروض أيضا 2/ 285.

[زيادة صلاة الحضر]

الأول: -على تقدير الصحة-كان ذلك بعد تقرير الأذان وشهرته. الثاني: أنه كان مرة في الدهر، فأراد تحصيل فضيلة الأذان مع الإمامة (¬1). [زيادة صلاة الحضر]: وبعد شهر من مقدمه المدينة زيد في صلاة الحضر لاثنتي عشرة خلت من ربيع الآخر (¬2). قال الدولابي: يوم الثلاثاء (¬3). وقال السهيلي: بعد الهجرة بعام أو نحوه (¬4). وكانت الصلاة قبل الإسراء: صلاة قبل طلوع الشمس، وصلاة قبل غروبها (¬5). ¬

(¬1) حديث يعلى بن مرة رضي الله عنه أخرجه الترمذي في الصلاة، باب ما جاء في الصلاة على الدابة في الطين والمطر (411) وفيه: «فأذّن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على راحلته». وقال: غريب، لكن الحافظ في الفتح 2/ 95: وجهه: بأن المراد: أمر بلالا فأذن. وهذه رواية الإمام أحمد للحديث. (¬2) الطبري 2/ 400، وسيرة ابن حبان/145/، وفي البخاري، كتاب مناقب الأنصار، باب التاريخ من أين أرخوا؟ (3935) من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: فرضت الصلاة ركعتين، ثم هاجر النبي صلى الله عليه وسلم، ففرضت أربعا، وتركت صلاة السفر على الأولى. وهو عند مسلم أول كتاب صلاة المسافرين (685). (¬3) كذا أيضا في الإمتاع 1/ 51، والمواهب 1/ 330. (¬4) الروض 1/ 283، وعزاه الحافظ في الفتح 1/ 554 إلى الدولابي بلفظ: كان قصر الصلاة في ربيع الآخر من السنة الثانية. (¬5) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 1/ 359 عن قتادة، بدون لفظ (قبل الإسراء). وبها عزاه السهيلي 1/ 282 إلى (المزني). وعزاه الحافظ في الفتح 1/ 554 إلى (الحربي). والكلمتان متقاربتان في اللفظ، فالله أعلم. وفي أنساب الأشراف-

[عداوة يهود]

قال الدولابي: روي عن عائشة رضي الله عنها وأكثر الفقهاء أن الصلاة نزلت بتمامها (¬1). وولد مسلمة بن مخلّد، فيما ذكره يعقوب (¬2). [عداوة يهود]: ونصبت أحبار يهود حينئذ العداوة للنبي صلى الله عليه وسلم، بغيا وحسدا (¬3). منهم: حييّ بن أخطب، وأخواه (¬4) أبو ياسر وجديّ، وسلاّم بن مشكم، وكنانة بن الربيع، وأبو رافع الأعور (¬5)، وكعب بن الأشرف ¬

= 1/ 117 عن الواقدي: كانوا يصلون الضحى والعصر. . (¬1) واستدلوا لذلك بما في الصحيح من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: فرض الله الصلاة على لسان نبيكم صلى الله عليه وسلم في الحضر أربعا، وفي السفر ركعتين، وفي الخوف ركعة. أخرجه مسلم في أول صلاة المسافرين وقصرها (687). وأورده ابن عبد البر في الاستذكار 1/ 30 من طريق أخرى بلفظ: أن الصلاة فرضت في أول ما فرضت أربعا إلا المغرب، فإنها فرضت ثلاثا، والصبح ركعتين. (¬2) ذكر الذهبي في سير أعلام النبلاء 3/ 424 عن علي بن رباح: أن مسلمة ولد مقدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة. وقال الحافظ في الفتح 7/ 292 - 293 عن ابن أبي شيبة: أن أول مولود من الأنصار بالمدينة بعد الهجرة مسلمة بن مخلد، وقيل: النعمان بن بشير. ومسلمة بن مخلد رضي الله عنه صحابي أنصاري، تولى إمرة مصر لمعاوية رضي الله عنه. وانظر أخباره في فتوح مصر وأخبارها لابن عبد الحكم، وكتاب ولاة مصر للكندي. (¬3) عبارة السيرة 1/ 513. (¬4) كان في الجميع: (وأخوه). والتصحيح من السيرة 1/ 514، والروض 2/ 289. (¬5) هو الذي قتله أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بخيبر.

[المنافقون]

وكردم بن قيس، وعبد الله بن صوريا (¬1)، وابن صلوبا، ومخيريق (¬2)، وعبد الله ابن صيف (¬3)، ورفاعة بن قيس، وفنحاص، وأشيع، والزّبير بن باطا (¬4)، وعزّال، وكعب بن أسد، وشمويل، ولبيد بن الأعصم (¬5)، وقردم بن عمرو (¬6). ودخل منهم جماعة في الإسلام نفاقا، منهم: سعد بن حنيف، وزيد بن اللّصيت (¬7)، ونعمان بن أوفى، وأخوه عثمان، ورافع بن حريملة (¬8)، ورفاعة بن زيد (¬9)، وسلسلة بن برهام، وكنانة بن صوريا. [المنافقون]: وانضاف إليهم من الأوس والخزرج منافقون قهروا بالإسلام، منهم: ¬

(¬1) ذكر ابن إسحاق 1/ 514: أنه لم يكن بالحجاز في زمانه أحد أعلم بالتوراة منه. ونقل السهيلي 2/ 289 عن النقاش: أنه أسلم. (¬2) قال ابن إسحاق: وكان حبرهم، أسلم. (¬3) وقال ابن هشام 1/ 514: ابن ضيف. (¬4) زبير: بفتح الزاي وكسر الباء كما في الإكمال 4/ 165 - 166. وفي القاموس: (باطى). وفي أسد الغابة والإصابة: (باطيا). (¬5) في السيرة 1/ 515: وهو الذي أخّذ-سحر-الرسول صلى الله عليه وسلم عن نسائه. (¬6) انظر هذه الأسماء وغيرها ممن ناصب رسول الله صلى الله عليه وسلم العداء: السيرة 1/ 513 - 516. (¬7) في السيرة 1/ 527: هو الذي قاتل عمر رضي الله عنه، وهو الذي قال عندما ضلت ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم: يزعم أنه يأتيه خبر السماء، وهو لا يدري أين ناقته؟. (¬8) قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم حين مات: قد مات اليوم عظيم من عظماء المنافقين. (السيرة). (¬9) وهو الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قفل المسلمون من غزوة بني المصطلق وهبت عليهم ريح شديدة: لا تخافوا، فإنما هبت لموت عظيم من عظماء الكفار، فلما قدموا المدينة وجدوا رفاعة قد مات في ذلك اليوم الذي هبت فيه الريح.

زويّ بن الحارث، وجلاس بن سويد بن الصامت (¬1) وأخوه الحارث، ونبتل بن الحارث (¬2)، وأبو حبيبة بن الأزعر، وثعلبة بن حاطب، ومعتّب بن قشير (¬3)، وجارية بن عامر، وابناه زيد ومجمّع ثم حسن إسلامه (¬4)، ووديعة بن ثابت، وخذام بن خالد، ومربع بن قيظيّ، وأخوه أوس (¬5)، وحاطب بن أمية، وبشير بن أبيرق، وقزمان (¬6)، ورافع بن وديعة، وزيد بن عمرو، وعمرو بن قيس، والجدّ بن قيس، وعبد الله بن أبيّ ابن سلول (¬7)، ووديعة، ومالك، وسويد، وداعس (¬8). ¬

(¬1) انظر قصته مع عمير بن سعد ربيبه، وكيف نزل القرآن بتأييد عمير. وقال ابن إسحاق: زعموا أنه تاب (السيرة 1/ 519 - 520). (¬2) في السيرة 1/ 521: وهو الذي قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أحب أن ينظر إلى الشيطان فلينظر إلى نبتل بن الحارث». (¬3) وهو الذي قال يوم أحد: لو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا ها هنا. وقال يوم الخندق: كان محمد-صلى الله عليه وسلم-يعدنا أن نأكل كنوز كسرى وقيصر، وأحدنا لا يأمن أن يذهب إلى الغائط. فنزل بهما القرآن. (¬4) يعني: مجمع بن جارية. (انظر السيرة 1/ 522 - 523، وأنساب الأشراف 1/ 276، والدرر/93/). (¬5) نزل فيهما قرآن، أما الأول: فقد قال للرسول صلى الله عليه وسلم عندما مرّ بحائطه إلى أحد: لا أحل لك-إن كنت نبيا-أن تمر بحائطي. وأما الثاني: فقد قال: إن بيوتنا عورة. (¬6) وهو الذي كان يقول فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنه لمن أهل النار». فلما كان يوم أحد قاتل مع المسلمين قتالا شديدا وقتل بضعة نفر من المشركين، فأثبتته الجراح، فأخذ سهما من كنانته فقتل نفسه. (السيرة 1/ 525). (¬7) رأس المنافقين. (¬8) أربعتهم من رهط عبد الله بن أبي ابن سلول.

الغزوات والسرايا والبعوث

الغزوات والسرايا والبعوث (¬1) [سرية حمزة رضي الله عنه] وعلى رأس سبعة أشهر عقد لعمه حمزة في شهر رمضان لواء ¬

(¬1) جاء هذا العنوان في (1) فقط، وإليك بعض الفوائد حوله: أولا: المراد بالغزوة عند أهل السير: ما وقع من قصد النبي صلى الله عليه وسلم الكفار بنفسه. وأما السرية والبعث: فهما الجيش الذي أرسله أو بعثه صلى الله عليه وسلم لقتال الكفار، ولم يخرج معه. وفرّق بعضهم بين السرية والبعث فقال: إن ما افترق عن السرية يسمى بعثا. (انظر الوفا/729/، وجامع الأصول 9/ 496، وفتح الباري 7/ 326 و 653). ثانيا: اختلف في عدد هذه الغزوات والسرايا: فمنهم من عدّ المغازي (25)، ومنهم من عدها (27). وأما السرايا: فمنهم من قال (36). ومنهم من قال (48). وعدها ابن الجوزي (56). وأوصلها المسعودي إلى (66)، والذي في الفتح عنه (60). وعند الحاكم في الإكليل: أنها تزيد على مائة. (انظر مغازي الواقدي 1/ 7، وطبقات ابن سعد 2/ 5 - 6، والطبري 3/ 152 - 159، ومروج الذهب 2/ 303 - 306، وتلقيح الفهوم/78/، وتهذيب النووي 1/ 31، وفتح الباري 7/ 328). ثالثا: أول من صنف في المغازي عروة بن الزبير وتلميذاه: موسى بن عقبة ومحمد بن شهاب الزهري رحمهم الله، ثم جاء بعدهم ابن إسحاق، حتى قال فيه الإمام الشافعي رحمهما الله: من أراد أن يتبحر في المغازي فهو عيال على ابن إسحاق. ثم جاء بعده الواقدي وتلميذه ابن سعد. رابعا: روي عن زين العابدين رحمه الله قال: كنا نعلّم مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم كما نعلّم السورة من القرآن. (سبل الهدى 4/ 20 عن الخطيب وابن عساكر). =

أبيض (¬1)، وأمّره على ثلاثين رجلا من المهاجرين، وقيل من الأنصار (¬2). وقيل: في ربيع الأول سنة اثنتين. وقيل: بعد انصرافه من الأبواء. وقيل: بعد ربيع الآخر (¬3). يعترض عيرا لقريش فيها أبو جهل في ثلاثمائة رجل، فبلغوا سيف البحر من ناحية العيص (¬4)، فلما تصافّوا، حجز بينهم مجديّ بن عمرو الجهني (¬5). ¬

= خامسا: عن أنس رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا غزا قال: «اللهم أنت عضدي ونصيري، وبك أحول، وبك أصول، وبك أقاتل». أخرجه الإمام أحمد 3/ 184، وأبو داود (2623)، والترمذي (3578) وقال: حديث حسن غريب، والنسائي في عمل اليوم والليلة (604)، وصححه ابن حبان (4761) كما في الإحسان. (¬1) كذا عند ابن سعد 2/ 6 وقال: وهو أول لواء عقده رسول الله صلى الله عليه وسلم. وتبعه البلاذري 1/ 371، وأخرجه العسكري في الأوائل/84/عن المدائني، والبيهقي في الدلائل 3/ 8 من طريق موسى بن عقبة عن ابن شهاب. (¬2) الذي عند ابن إسحاق 1/ 595، وابن سعد 2/ 6: أنهم من المهاجرين. وعند الواقدي 1/ 9: خمسة عشر من المهاجرين، وخمسة عشر من الأنصار. وعلل ابن سعد كونهم كلهم من المهاجرين بقوله: ولم يبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأنصار مبعثا حتى غزا بهم بدرا، وذلك أنهم شرطوا له أنهم يمنعونه في دارهم، وهذا الثبت عندنا. (¬3) القول الأول: حكاه خليفة في تاريخه/62/عن المدائني. وأما الثاني: فذكره أبو عمر في الدرر/96/، وابن حزم/100/. وأما الثالث: ذكره في الاستيعاب 1/ 42 في جمادى الأولى. (¬4) سيف البحر-بكسر السين-يعني: ساحله. والعيص: بلدة على ساحل البحر الأحمر، شمال ينبع وغرب المدينة، تسكنها جهينة. (¬5) وأضاف ابن إسحاق 1/ 595: وكان موادعا للفريقين جميعا، فانصرف بعض-

[سرية عبيدة إلى رابغ]

[سرية عبيدة إلى رابغ] ثم سريّة عبيدة بن الحارث إلى بطن رابغ (¬1) في شوال (¬2)، وتعرف بودان (¬3) في ستين رجلا (¬4) يلقى أبا سفيان، وكان على المشركين (¬5)، وقيل: مكرز بن حفص (¬6)، وقيل: عكرمة بن أبي جهل (¬7). [أول سهم وأول راية في الإسلام]: ورمى فيها سعد بن أبي وقاص بسهم، فكان أول سهم رمي به في ¬

= القوم عن بعض ولم يكن بينهم قتال. قلت: وصحف اسم (مجدي) في دلائل البيهقي 3/ 9 إلى (مخشي)، وقال الصالحي 6/ 22: ولا يعلم لمجدي إسلام. (¬1) حدد هذا الموضع ابن سعد 2/ 7 فقال: على ماء يقال له: «أحياء» من بطن رابغ، على عشرة أميال من الجحفة، وأنت تريد قديدا، على يسار الطريق. وقال ابن إسحاق 1/ 591: فسار حتى بلغ ماء بالحجاز بأسفل ثنية المرة. أقول: لذلك سماها البلاذري في الأنساب 1/ 371: «ثنية المرة» أيضا. (¬2) كذا في مغازي الواقدي وطبقات ابن سعد. وأضافا: على رأس ثمانية أشهر. قلت: وتقدم كلام ابن إسحاق أنها والسرية التي قبلها كانتا في مدة واحدة. (¬3) هكذا (ودان) في الجميع، وهو سبق قلم-والله أعلم-لأني لم أجد من قال به، وإنما غزوة (ودان) هي غزوة الأبواء الآتية. (¬4) هكذا (ستين) عند الواقدي 1/ 10، وابن سعد 2/ 7، والبلاذري 1/ 371. وفي السيرة 1/ 591، والدرر/96/، وجوامع السيرة/100/: كانوا ستين أو ثمانين. وفي الاستيعاب-بطبعتيه- (خمسين). واتفقوا على أن رجال البعث كانوا من المهاجرين فقط. (¬5) هذا قول الواقدي 1/ 10 ومن تبعه. (¬6) قاله ابن هشام في السيرة 1/ 592. (¬7) هو قول ابن إسحاق 1/ 592، وذكره عنه خليفة/61/.

[سرية سعد رضي الله عنه]

الإسلام (¬1). وأما ابن إسحاق فيزعم أن هذه أول راية عقدت، قال: وإنما أشكل أمرها، لأن النبي صلى الله عليه وسلم شيعهما جميعا (¬2). وذكر أبو عمر: أن أول راية عقدت لعبد الله بن جحش (¬3). [سرية سعد رضي الله عنه] ثم سرية سعد بن أبي وقاص إلى الخرّار-واد بالحجاز يصبّ في الجحفة (¬4) -في ذي القعدة (¬5) في عشرين رجلا (¬6). ¬

(¬1) السيرة 1/ 591، والواقدي 1/ 10، والطبقات 2/ 7. وأخرجه الطبراني في الأوائل/53/من حديث جابر رضي الله عنه، وأخرجه العسكري في الأوائل /147/عن سعد رضي الله عنه قال: إني لأول رجل من العرب رمى بسهم في سبيل الله. (¬2) السيرة 1/ 595 - 596 إلا أن ابن إسحاق قال: وقد زعموا أن حمزة قد قال في ذلك شعرا يذكر فيه أن رايته أول راية عقدها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن كان حمزة قد قال ذلك، فقد صدق إن شاء الله، لم يكن يقول إلا حقا، فالله أعلم أي ذلك كان. (¬3) الاستيعاب 1/ 43، لكنه قال: والأول-يعني راية حمزة-أصح، والله أعلم. قلت: كون راية عبد الله بن جحش رضي الله عنه أول راية: أخرجها خليفة في تاريخه/62/، وأبو عمر في الاستيعاب 3/ 878 عن الشعبي، والطبراني 6/ 67 بسند حسن عن زر. وذكره الحافظ في الإصابة 4/ 35 - 36 من عدة طرق. (¬4) حدده ابن سعد 2/ 7 هكذا: والخرار: حين تروح من الجحفة إلى مكة، آبار عن يسار المحجّة، قريب من خم. (¬5) على رأس تسعة أشهر من مهاجرة صلى الله عليه وسلم. (الطبقات 2/ 7). (¬6) الطبقات 2/ 7. وقال الواقدي 1/ 11: في عشرين أو أحد وعشرين.

[غزوة الأبواء]

وقال أبو عمر: بعد بدر (¬1). وقال ابن حزم نحوه، وقال: كانوا ثمانية (¬2). تعترض عيرا لقريش، فخرجوا على أقدامهم فصبحوها صبح خامسة، فوجدوا العير قد مرت بالأمس (¬3). [غزوة الأبواء] ثم غزوة الأبواء-جبل بين مكة والمدينة (¬4) -ويقال لها: ودّان (¬5)، في صفر سنة اثنتين، واستعمل على المدينة سعد بن عبادة، يعترض عيرا لقريش، فغاب خمسة عشر يوما ولم يلق كيدا، ووادع بني ضمرة (¬6). ¬

(¬1) يعني: بدرا الأولى (سفوان)، والذي في الدرر/98/، وجوامع السيرة /103/: أن هذا البعث كان في حين خروج النبي صلى الله عليه وسلم إلى بدر الأولى، نعم ذكراه بعدها. (¬2) هذا قول ابن إسحاق 1/ 600، وتبعه في ذلك أبو عمر وابن حزم. (¬3) هكذا عند الواقدي 1/ 11، وابن سعد 2/ 7، والبلاذري 1/ 371. ولم يذكر ابن إسحاق 1/ 600 أي سبب لها. وذكرها أبو عمر في الدرر/98/، وابن حزم/104/وقالا: وقيل: إنما بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم في طلب كرز بن جابر الفهري. قلت: هو الذي أغار على سرح المدينة، وسوف يأتي. (¬4) قال ياقوت: الأبواء: قرية من أعمال الفرع من المدينة، بينها وبين الجحفة مما يلي المدينة ثلاثة وعشرون ميلا، وقيل: الأبواء جبل على يمين آرة، ويمين الطريق للمصعد إلى مكة من المدينة، وبالأبواء قبر آمنة بنت وهب أم النبي صلى الله عليه وسلم. (¬5) قال ابن سعد 2/ 8: وكلاهما قد ورد، وبينهما ستة أميال، وهي أول غزوة غزاها بنفسه صلى الله عليه وسلم. قال في السبل 4/ 26: ودّان-بفتح الواو وتشديد الدال-: قرية جامعة من أعمال الفرع. (¬6) قال ابن سعد 2/ 8: وكتب بينه وبينهم كتابا. قلت: انظر نص هذا الكتاب في-

[غزوة بواط]

[غزوة بواط] ثم غزوة بواط-جبل لجهينة من ناحية رضوى-بينه وبين المدينة أربعة (¬1) برد في ربيع الأول، وقيل: الآخر (¬2). واستخلف سعد بن معاذ، وقيل: السائب بن عثمان بن مظعون (¬3). في مائتين، يعترض عيرا فيها أمية بن خلف، فرجع ولم يلق كيدا (¬4). [غزة بدر الأولى] ثم غزا في ربيع الأول أيضا (¬5)، يطلب كرز بن جابر الفهري (¬6)، ¬

= الروض الأنف 3/ 28، وسبل الهدى 4/ 25، والوثائق السياسية 266 - 267. (¬1) قال ابن سعد 2/ 9: وهي قريب من ذي خشب، مما يلي طريق الشام. قلت: ورضوى: جبل قرب ينبع. (¬2) الأول: لابن إسحاق 1/ 598، والواقدي 1/ 12، وابن سعد 2/ 8، والبلاذري 1/ 287. والثاني: لأبي عمر/97/، وابن حزم/102/قولا واحدا. (¬3) كونه سعد بن معاذ: هو قول ابن سعد وتبعه البلاذري، وأما كونه السائب: فهو قول ابن هشام وتبعه أبو عمر (انظر المواضع السابقة). قلت: سماه ابن حزم: السائب بن مظعون. وكذا قال السهيلي 3/ 27. وهذا يعني أنه أخو عثمان بن مظعون وليس ابن عمه، وانظر السبل 4/ 27. (¬4) انظر هذه الغزوة موسعة: الطبقات 2/ 8 - 9. (¬5) هذا قول ابن سعد 2/ 9. وكلام ابن إسحاق 1/ 601 يقتضي أنها في جمادى الآخرة، وكذا نقلها خليفة/57/عنه. (¬6) كان من رؤساء المشركين، ثم أسلم واستشهد في غزوة الفتح. انظر كامل ترجمته في الإصابة 5/ 581 - 582.

[غزوة العشيرة]

لإغارته على سرح المدينة (¬1)، حتى بلغ سفوان من ناحية بدر، فلم يلحقه. وتسمى: بدرا الأولى (¬2). وذكرها ابن إسحاق بعد العشيرة بليال (¬3). قال ابن حزم: بعشرة أيام (¬4). [غزوة العشيرة] ثم غزا ذات العشيرة (¬5) -موضعا لبني مدلج بناحية ينبع-في جمادى الآخرة، وقيل: الأولى (¬6)، في خمسين ومائة-وقيل: مائتين-رجل، ¬

(¬1) السّرح-كما في الطبقات 2/ 9 - : ما رعوا من نعمهم. (¬2) هكذا سماها أبو عمر في الدرر/98/، وابن حزم في جوامع السيرة/103/. وسماها ابن سعد 2/ 9: غزوة طلب كرز بن جابر الفهري. وسماها البلاذري 1/ 287: غزوة سفوان. وفي السيرة 1/ 601: غزوة سفوان وهي بدر الأولى. قلت: وسفوان-بفتح السين والفاء-واد من أودية بدر. (¬3) السيرة 1/ 601، والعشيرة: غزوة سوف تأتي بعد هذه، وقد أخرها على هذه أيضا أبو عمر، وابن حزم، وابن سيد الناس، وعلى ما ذكر المصنف: ابن سعد والبلاذري وابن الجوزي والصالحي (انظر كتبهم). (¬4) جوامع السيرة/103/، وعبارته: نحو عشر ليال، وهو مأخوذ من السيرة: ليال قلائل لا تبلغ العشر. وعبارة أبي عمر: عشر ليال أو نحوها. (¬5) في الطبقات: ذو العشيرة. بالتذكير، وقال السهيلي 3/ 27: يقال فيها العشيرة، والعشيراء وبالسين المهملة أيضا: العسيرة والعسيراء. . . وفي البخاري عن قتادة: العشير. قلت: وهو اسم موضع. (وانظر السيرة 1/ 598 ففيها وصف دقيق لطريقه صلى الله عليه وسلم إليه). (¬6) الأول: للواقدي 1/ 12، وتبعه ابن سعد 2/ 9. والثاني: ذكره خليفة/57/ عن المدائني قال: خرج لمستهل جمادى الأولى، ورجع لخمس بقين منه. وانظر السيرة 1/ 599 ففيها جمع بين القولين.

[سرية عبد الله بن جحش إلى نخلة]

ومعهم ثلاثون بعيرا يعتقبونها، واستخلف أبا سلمة، يعترض عيرا لقريش، ففاتته بأيام. ووادع بني مدلج، ورجع ولم يلق كيدا (¬1). [سرية عبد الله بن جحش إلى نخلة] ثم سرية أمير المؤمنين المجدّع في الله عبد الله بن جحش (¬2)، إلى نخلة، على ليلة من مكة (¬3) في رجب، في اثني عشر مهاجرا، ويقال: ثمانية (¬4)، يترصد قريشا، فمرت به (¬5) عيرهم تحمل زبيبا وأدما من الطائف، فيها عمرو بن الحضرمي. فتشاور المسلمون، وقالوا: نحن في آخر يوم من رجب، فإن نحن ¬

(¬1) أضاف ابن إسحاق وابن سعد: أنه صلى الله عليه وسلم كنّى عليا رضي الله عنه في هذه الغزوة بأبي تراب. (¬2) أما (أمير المؤمنين) فهي عند ابن سعد 2/ 11، وقال الواقدي 1/ 19 عن أبي معشر: وفي تلك السرية-يعني نخلة-سمي عبد الله بن جحش أمير المؤمنين. وأما المجدع في الله: فلأنه مثّل به يوم أحد، وقطع أنفه. (الاستيعاب 3/ 878)، ولهذا الكلام قصة انظرها في أسد الغابة 3/ 195، والإصابة 4/ 36. وتقدم أن عبد الله بن جحش رضي الله عنه كان من السابقين إلى الإسلام، وهاجر الهجرتين، وأخته زينب أم المؤمنين زوج النبي صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنها، حضر بدرا واستشهد في أحد، روى الزبير أن سيفه انقطع يوم أحد، فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم عرجون نخلة، فصار في يده سيفا، وكان يسمى العرجون. . (انظر كتب الصحابة). (¬3) يعني جهة الطائف، وعند ابن سعد 2/ 10 إلى بطن نخلة، وهو بستان ابن عامر الذي قرب مكة. قلت: سماها الواقدي 1/ 13: سرية نخلة. (¬4) الأول: لابن سعد 2/ 10. والثاني: لابن إسحاق 1/ 601. (¬5) في (2): بهم.

قاتلناهم هتكنا حرمة الشهر، وإن تركناهم الليلة دخلوا حرم مكة. فأجمعوا على قتلهم، فقتلوا عمرا، واستأسروا أسيرين، وهرب من هرب، واستاقوا العير. فكانت: أول غنيمة في الإسلام (¬1)، فقسمها ابن جحش، وعزل الخمس وذلك قبل أن يفرض (¬2). ويقال: بل قدموا بالغنيمة كلها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «ما أمرتكم بالقتال في الشهر الحرام»، فأخّر أمر الأسيرين والغنيمة حتى رجع من بدر، فقسمها مع غنائمها (¬3). وتكلمت قريش بأن محمدا-صلى الله عليه وسلم-سفك الدم، وأخذ المال في الشهر الحرام. فأنزل الله تعالى: {يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ} الآية (¬4). ¬

(¬1) هكذا قال أبو عمر في الدرر/100/، وانظر الوسائل إلى معرفة الأوائل للسيوطي/97/. (¬2) السيرة 1/ 603، وقال في الدرر/100/: فكان أول خمس في الإسلام: ثم نزل القرآن: وَاِعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ. فأقرّ الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم فعل عبد الله بن جحش في ذلك، ورضيه وسنّه للأمة إلى يوم القيامة. (¬3) ابن سعد 2/ 11. (¬4) وتمامها:. . . قُلْ قِتالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَإِخْراجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلا يَزالُونَ يُقاتِلُونَكُمْ حَتّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اِسْتَطاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كافِرٌ فَأُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَأُولئِكَ أَصْحابُ النّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ [البقرة:217]. وانظر هذه السرية موسعة في السيرة 1/ 601 - 605.

[تحويل القبلة، وفرض صيام رمضان، وزكاة الفطر والأموال]

[تحويل القبلة، وفرض صيام رمضان، وزكاة الفطر والأموال]: فلما كان يوم الثلاثاء الظهر نصف شعبان، حولت القبلة إلى الكعبة (¬1)، وقيل: يوم الإثنين نصف رجب (¬2). وفرض صيام رمضان وزكاة الفطر قبل العيد بيومين (¬3). وقال ابن سعد: قبل فرض زكاة الأموال (¬4). وقيل: إن الزكاة فرضت فيها، وقيل: قبل الهجرة (¬5). ¬

(¬1) كذا في الطبري 2/ 416 عن ابن سعد عن الواقدي. وكذا أيضا: في سيرة ابن حبان/157/. وأورده في التلقيح/44/عن ابن حبيب. وانظر الكامل 2/ 13. وقال الطبري عن كونها في النصف من شعبان: وهو قول الجمهور الأعظم. وكونها صلاة الظهر، هو أيضا ظاهر حديث البراء رضي الله عنه في البخاري كتاب الصلاة باب التوجه نحو القبلة (399)، وانظر كلام الحافظ عليه في الفتح 1/ 599. . وقال في باب الصلاة من الإيمان من (كتاب الإيمان): والتحقيق أن أول صلاة صلاها في بني سلمة صلاة الظهر، وأول صلاة صلاها بالمسجد النبوي العصر. وأما الصبح فهو بأهل قباء. (¬2) طبقات ابن سعد 2/ 242. وأخرجه خليفة/64/عن ابن إسحاق: بذكر رجب فقط. وقال ابن كثير في البداية 3/ 51: وبه قال قتادة، وزيد بن أسلم، وهو رواية عن محمد بن إسحاق، وقد روى أحمد عن ابن عباس ما يدل على ذلك، وهو ظاهر حديث البراء. . قلت: أضاف الحافظ في الفتح 1/ 120 قولا ثالثا هو: جمادى الآخرة. (¬3) ابن سعد 1/ 248 وفيه: بعدما صرفت القبلة إلى الكعبة بشهر في شعبان. وانظر تاريخ خليفة/65/، وتاريخ الطبري 2/ 417 - 418. لكن الذي في الدرر/97/ أن فرض صوم رمضان كان سنة إحدى، قبل صرف القبلة بعام. ولم أجدها لغيره. (¬4) الطبقات 1/ 248، والوفا/263/عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه. (¬5) ذكر ابن كثير 3/ 255 و 349 عن غير واحد من المتأخرين أن الزكاة ذات-

وقال ابن الجزار: وفيها توفي أسعد بن زرارة (¬1)، والوليد بن المغيرة، والعاصي بن وائل (¬2). وولد زياد بن أبيه (¬3). وقتل كسرى النعمان بن المنذر (¬4). وتوفي أبو لهب. وولد المسور بن مخرمة (¬5). ¬

= النصب فرضت في سنة اثنتين. (¬1) قال ابن الأثير في الأسد 1/ 87: مات في السنة الأولى من الهجرة في شوال قبل بدر، وانظر العبر 1/ 5، والسير 1/ 299 كلاهما للذهبي. (¬2) كلاهما كان من المستهزئين من قريش الذين ماتوا كفارا، انظر قصة موتهما في المنمق لابن حبيب/191/و/387/. (¬3) قال في أسد الغابة 2/ 271: ولد عام الهجرة، وقيل: قبل الهجرة. وقيل: ولد يوم بدر، وليست له صحبة ولا رواية. وانظر سير الذهبي 3/ 494. وفي المعارف/346/: ولد عام الفتح بالطائف. (¬4) انظر قصة قتل كسرى للنعمان: المعارف 649 - 650. (¬5) وفاة أبي لهب، وولادة المسور رضي الله عنه ذكرهما الذهبي في العبر 1/ 5 - 6 من حوادث هذه السنة، وفي السيرة 1/ 646 - 647، والطبري 2/ 462: أن وفاة أبي لهب عقب بدر مباشرة عندما جاءه خبر الهزيمة. وضبطت (المسور) من تبصير المنتبه لابن حجر 4/ 1286.

غزوة بدر الكبرى

غزوة بدر الكبرى ثم غزا بدرا الكبرى (¬1)، وتسمى العظمى (¬2)، وتسمى الثانية (¬3)، وتسمى بدر القتال (¬4). وهي بئر، سميت ببدر بن الحارث حافرها، وقيل: بدر بن كلدة، وقيل: لاستدارتها، وقيل: لصفائها ورؤية البدر فيها (¬5). يتلقى عيرا لقريش، فيها أبو سفيان. يوم السبت (¬6) لثنتي عشرة خلت من رمضان، ويقال: لثمان ¬

(¬1) في (2): الأولى. سبق قلم من الناسخ، والله أعلم. وانظر السيرة 1/ 606، وابن سعد 2/ 11، والطبري 2/ 418. (¬2) كذا في دلائل البيهقي 3/ 23، والبداية والنهاية 3/ 255. (¬3) الدرر/102/. (¬4) انظر مغازي الواقدي 1/ 19، وطبقات ابن سعد 2/ 11، وأنساب البلاذري 1/ 288. هذا وورد فيها أسماء أخرى لم يذكرها المصنف مثل: يوم الفرقان، وليلة الفرقان، والبطشة الكبرى، أو بدر البطشة. (انظر المحبر/111/، والطبري 2/ 420، وجوامع السيرة/107/). (¬5) ساق الحافظ في الفتح 7/ 333، والصالحي في السبل 4/ 120 هذه المعاني، ولم يزيدا. (¬6) كذا في الطبقات 2/ 12، وفي السيرة 1/ 612: خرج يوم الإثنين، وأخرج خليفة/58/عن ابن إسحاق أنه يوم الأربعاء. وذكر الواقدي 1/ 21: يوم الأحد.

خلون (¬1) منه. ومعه الأنصار، ولم تكن قبل ذلك خرجت معه (¬2). وعدتهم ثلثمائة وخمسة (¬3). وثمانية لم يحضروها، إنما ضرب لهم بسهمهم وأجرهم، فكانوا كمن حضرها (¬4). ويقال: كانوا ثلثمائة وبضعة عشر، ويقال: وتسعة عشر، ويقال: وخمسة عشر، ويقال: وثمانية عشر، ويقال: وأربعة عشر، ويقال: وستة عشر (¬5). ¬

(¬1) هذا-الأخير-هو قول ابن هشام 1/ 612، وابن حبيب في المحبر/111/، وأخرج خليفة/58/عن ابن إسحاق: أن خروجه صلى الله عليه وسلم كان لثلاث خلون من شهر رمضان. إلا أن الطبري 2/ 418 ذكر هذا عن غير ابن إسحاق. وبالأول: قال الواقدي 1/ 21، وتبعه ابن سعد 2/ 12. (¬2) تقدم تعليل ذلك. انظر طبقات ابن سعد 2/ 12. (¬3) كذا في الطبقات 2/ 12، وأضاف: كان المهاجرون منهم أربعة وسبعين رجلا. (¬4) منهم: عثمان وطلحة وسعيد بن زيد رضي الله عنهم ذكرهم ابن سعد 2/ 12 مجتمعين، وذكرهم ابن إسحاق 1/ 678 - 684 متفرقين ضمن من حضر بدرا من المسلمين. وانظر عذرهم وسبب تأخرهم في المصدرين نفسيهما. (¬5) انظر تخريج هذه الأقوال-عدا التسعة عشر والستة عشر-: ابن سعد 2/ 19 - 20، والطبري 2/ 431 - 433، ودلائل البيهقي 3/ 36 - 38. وأما التسعة عشر -وهذا يدل على سعة اطلاع المصنف رحمه الله، لأنه لم يكتف بالنقل من تلك المصادر-فقد وردت في صحيح مسلم من حديث عمر رضي الله عنه كتاب الجهاد والسير، باب الإمداد بالملائكة في غزوة بدر وإباحة الغنائم (1763) بلفظ: «نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المشركين وهم ألف، وأصحابه ثلاثمائة وتسعة عشر رجلا». ولم يذكر ابن حزم/145/غيرها. وأما الستة عشر، فلم أجدها، وورد مكانها (سبعة عشر) كما في حديث أبي موسى رضي الله عنه عند البزار (1784) من الكشف، وعلى كل حال فقول: (بضعة عشر) يحتمل من-

معهم ثلاثة أفراس (¬1). وكان المشركون ألفا، ويقال: تسعمائة وخمسين رجلا، معهم مائة فرس، وسبعمائة بعير (¬2). وكان قتالهم يوم الجمعة لسبع عشرة مضت من رمضان (¬3). وقيل: يوم الإثنين (¬4). وقيل: لإحدى عشرة بقيت، أو لتسع عشرة خلت (¬5). ويقال: لثنتي عشرة خلت (¬6). ¬

= 13 - 19، وهو لفظ البخاري من حديث البراء رضي الله عنه في كتاب المغازي، باب عدة أصحاب بدر (3957). (¬1) ذكرها ابن هشام في السيرة 1/ 666 وسماها وسمى أصحابها، وانظر ابن سعد 2/ 24 وفيه روايتان: اثنان وثلاث. وذكرها في المنتظم 3/ 98 كما ذكرها ابن سعد. وذكرها الكلاعي 2/ 66 كما ذكرها ابن هشام. أما أبو عمر في الدرر /105/، وابن كثير في الفصول/128/فلم يذكرا إلا فرسين، وهو ما أخرجه الحاكم 3/ 20 عن علي رضي الله عنه. قال السهيلي 3/ 84: الاختلاف في فرس الزبير رضي الله عنه. (¬2) انظر ابن سعد 2/ 15 و 22، وأنساب الأشراف 1/ 290. وقد تقدم في التخريج قبل من حديث سيدنا عمر رضي الله عنه عند مسلم: أنهم كانوا ألفا. (¬3) هذا قول ابن إسحاق 1/ 626. وأخرجه ابن سعد 2/ 21 من طريقين. والبيهقي في الدلائل 3/ 126 - 129 من عدة طرق. (¬4) أخرجه ابن سعد 2/ 20، وقال بعده في 2/ 21: الثبت أنه يوم الجمعة، وحديث يوم الإثنين شاذ. (¬5) في (1): أو (لتسع) خلت. وما أثبته من البقية، والطبقات 2/ 21، والطبري 2/ 418 حيث خرجاه. (¬6) لم أجد هذا القول، لكن تقدم عن ابن سعد أن الخروج من المدينة كان لاثنتي عشرة خلت من رمضان.

ويقال: لثلاث خلون منه (¬1). واستخلف أبا لبابة (¬2). قال الحاكم: لم يتابع ابن إسحاق على ذلك، إنما كان أبو لبابة زميل النبي صلى الله عليه وسلم. وفي الذي قاله نظر، لمتابعته هو له في المستدرك بعزوه ذلك إلى عروة (¬3). وبنحوه ذكره ابن سعد، وابن عقبة، وابن حبان (¬4). واستشهد من المسلمين أربعة عشر رجلا: ستة من المهاجرين، وثمانية من (¬5) الأنصار. وقتل من المشركين سبعون، وأسر سبعون، وانهزم الباقون، وغنم عليه الصلاة والسلام متاعهم (¬6). ¬

(¬1) هكذا في (1) و (3) والعقد الثمين 1/ 241 عن المصنف كما تقدم، وهي رواية الطبري 2/ 431 عن غير ابن إسحاق. والذي في (2) والمطبوع: لثلاث عشرة بقيت منه. ويشهد له ما في الطبقات 2/ 21: إما لسبع عشرة خلت أو لثلاث عشرة بقيت. وهذا يشكك في ذكر (اثنتي عشرة)، والله أعلم. (¬2) قال ابن إسحاق 1/ 612: استعمل عمرو بن أم مكتوم، ثم رد أبا لبابة من الروحاء واستعمله على المدينة. (¬3) المستدرك 3/ 632. (¬4) الطبقات 2/ 12 و 3/ 457. وقال الحافظ في الإصابة 7/ 349: ذكره موسى بن عقبة في البدريين. وقال ابن حبان في السيرة/194/: وقد قيل إنه شهد بدرا. (¬5) السيرة 1/ 706 - 708، والطبقات 2/ 17، وانظر أسماءهم فيهما. (¬6) المصدران السابقان:1/ 714 و 2/ 18.

[تبشير أهل المدينة ووفاة رقية رضي الله عنها]

[تبشير أهل المدينة ووفاة رقية رضي الله عنها]: وأرسل زيد بن حارثة بشيرا (¬1)، فوصل المدينة يوم الأحد ضحى (¬2)، وقد نفضوا أيديهم من تراب رقيّة ابنته عليه الصلاة والسلام (¬3). [فداء الأسارى]: وفودي بالأسرى بأربعة آلاف فما دونها (¬4). [سرية عمير إلى عصماء بنت مروان] ثم سرية عمير بن عدي الخطميّ، لخمس ليال بقين من رمضان، ¬

(¬1) ابن سعد 2/ 19 و 8/ 36 - 37. وفي السيرة 1/ 642: بعث زيد بن حارثة إلى أهل السافلة. وفيهما: وابن رواحة إلى أهل العالية. قال ابن سعد: والعالية: قباء وخطمة ووائل وواقف وبنو أمية بن زيد وقريظة والنضير. (¬2) كذا في دلائل البيهقي 3/ 131 - 132 عن الواقدي. (¬3) السيرة 1/ 642، وابن سعد 2/ 19 وعبارتهما: حين سوّي التراب على رقية رضي الله عنها. (¬4) السيرة 1/ 660، وابن سعد 2/ 18 وفيهما: إلا من لا مال له، فمنّ عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم. وإليك هذه الصورة عن معاملة المسلمين للأسرى، تلك المعاملة التي لم يشهد تاريخ البشرية مثلها إلا عند المسلمين. قال ابن إسحاق عن نبيه بن وهب: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أقبل بالأسارى فرقهم على أصحابه وقال: استوصوا بالأسارى خيرا. قال: وكان أبو عزيز بن عمير أخو مصعب في الأسارى. قال: فقال أبو عزيز: مرّ بي أخي مصعب-ورجل من الأنصار يأسرني-فقال: شدّ يديك به، فإن أمه ذات متاع، لعلها تفديه منك. قال -وكنت في رهط من الأنصار حين أقبلوا بي من بدر، فكانوا إذا قدّموا غداءهم وعشاءهم خصوني بالخبز، وأكلوا التمر، لوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم إياهم بنا، ما تقع في يد رجل منهم كسرة خبز إلا نفحني بها. قال: فأستحيي فأردها على أحدهم، فيردها عليّ ما يمسّها.

[من الكلام الموجز البديع الذي لم يسبق إليه صلى الله عليه وسلم]

إلى عصماء بنت مروان، زوج يزيد بن زيد الخطمي. وكانت تعيب الإسلام، وتؤذيه عليه الصلاة والسلام، وتحرّض عليه. فجاءها ليلا-وكان أعمى-فبعج بطنها بالسيف، وأخبره عليه الصلاة والسلام بذلك (¬1)، فقال: [من الكلام الموجز البديع الذي لم يسبق إليه صلى الله عليه وسلم]: * «لا ينتطح فيها عنزان» (¬2). وهذا من الكلام الفرد الموجز البديع الذي لم يسبق إليه، وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم: * «حمي الوطيس» (¬3). ¬

(¬1) وهذا من معجزاته صلى الله عليه وسلم. إذ قال لسالم عندما رجع إليه: أقتلت ابنة مروان؟ قال: نعم، فهل عليّ من شيء؟ فقال: لا ينتطح. . . (¬2) خبر السرية هكذا بكامله عند ابن سعد 2/ 27 - 28، وانظر السيرة 2/ 636 - 638. ومعنى: لا ينتطح فيها عنزان: أي لا يعارض فيها معارض ولا يسأل عنها، فإنها هدر. وانظر المثل في: البيان والتبيين 2/ 15، والمجتنى/2/، وجمهرة الأمثال 2/ 313، ومجمع الأمثال 2/ 117، والنهاية في غريب الحديث 5/ 74، وأخرجه الخطيب في تاريخ بغداد 13/ 99، وابن عدي كما في كشف الخفاء 2/ 506، وابن عساكر كما في السبل 6/ 36. (¬3) هكذا ساقه القاضي في الشفا 1/ 466 في الكلمات التي لم يسبق صلى الله عليه وسلم إليها. وورد في السيرة 2/ 445، والطبقات 2/ 151 حين الحديث عن غزوة حنين، وقيل: أوطاس، بلفظ: «الآن حمي الوطيس». وبنفس اللفظ أخرجه أبو الشيخ في كتاب الأمثال (218)، والطبراني في الأوسط كما في المجمع 6/ 182. وأخرجه الإمام مسلم في الجهاد، باب غزوة حنين (1775) بلفظ: «هذا حين حمي الوطيس». وقال ابن الأثير في النهاية حيث ساقه بلفظ السيرة: الوطيس: التنور، وهو كناية عن شدة الأمر واضطراب الحرب. وانظر المجتنى/3/.

*و «مات حتف أنفه» (¬1). *و «لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين» (¬2). *و «يا خيل الله اركبي» (¬3). ¬

(¬1) أخرجه الحاكم 2/ 88، والبيهقي في الشعب (1442) من حديث عبد الله بن عتيك رضي الله عنه ولفظه: «من مات حتف أنفه-وإنها لكلمة ما سمعتها من أحد من العرب قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم-فقد وقع أجره على الله عز وجل». وأوردها ابن الجوزي في الصفوة 1/ 202 بلفظ المؤلف عن علي رضي الله عنه. قال السهيلي 4/ 138: قالها في فضل من مات في سبيل الله. وفسرها القاري في شرح الشفا 1/ 467: مات بلا مباشرة قتل ولا ضرب ولا غرق ولا حرق، وخص الأنف لأنه أراد أن روحه تخرج من أنفه بتتابع نفسه، أو لأنهم كانوا يتخيلون أن المريض تخرج روحه من أنفه والجريح من جراحته. وانظر المجتنى/3/، والفائق 1/ 259، وغريب الحديث لابن الجوزي 1/ 191، والنهاية 1/ 337، وفيها: الحتف: الهلاك. (¬2) أخرجه البخاري في الأدب، باب لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين (6133)، ومسلم في الزهد، باب لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين (2998). وفي الروض 4/ 138: قالها لأبي عزة الجمحي يوم أحد. (¬3) البيان والتبيين 2/ 15، ومروج الذهب 2/ 319. وعزاه في الروض 4/ 138 إلى مسلم في حنين. وذكره ابن الأثير في جامع الأصول 9/ 171 دون أن يعزوه. ونسبه السخاوي في المقاصد الحسنة/473/لأبي الشيخ في الناسخ والمنسوخ، وإلى العسكري. وقال ابن دريد في المجتنى/6/: والخيل لا تركب، وإنما تركب؛ وهذا على الإيجاز والاختصار، وكان وجه الكلام أن يقول: يا فرسان خيل الله اركبي. فاختصر، لأنه علم ما أراد، والخيول كلها لله، فأضاف الخيول إلى الله عز وجل تبجيلا وتعظيما، كقولهم: بيت الله-والبيوت كلها لله-وشهر الله الأصم، وناقة الله، ونحو ذلك.

*و «الولد للفراش وللعاهر الحجر» (¬1). *و «كلّ الصّيد في جوف الفرا» (¬2). *و «الحرب خدعة» (¬3). ¬

(¬1) أخرجه البخاري في الفرائض، باب الولد للفراش حرة كانت أو أمة (6749)، ومسلم في الرضاع، باب الولد للفراش (1457)، وأخرجه أبو الشيخ في الأمثال (212) و (213). ومعنى الولد للفراش: أن الرجل إذا كانت له زوجة أو مملوكة صارت فراشا له، فأتت بولد لمدة الإمكان منه، لحقه الولد. والعاهر: الزاني. وله الحجر: أي له الخيبة ولا حق له في الولد. وقيل: المراد بالحجر هنا أنه يرجم بالحجارة، وهذا ضعيف لأنه ليس كل زان يرجم، وإنما يرجم المحصن خاصة، ولأنه لا يلزم من رجمه نفي الولد. (انظر فصل المقال/18/، وشرح مسلم للنووي 10/ 37). (¬2) أبو عبيد في الأمثال 35 - 36، والرامهرمزي في أمثال الحديث (82)، والعسكري في جمهرة الأمثال 2/ 135 - 136، والميداني في مجمع الأمثال 2/ 109 - 110. وقد صرحوا أن المثل قديم وإنما تمثل به صلى الله عليه وسلم كما هو في نص الحديث. وقد قاله صلى الله عليه وسلم لأبي سفيان يتألفه على الإسلام. واختلف في أبي سفيان: فعند أبي عبيد والجاحظ في البيان والتبيين 2/ 16: أنه أبو سفيان بن حرب. وفي فصل المقال 10 - 11: روي أنه أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب. وهذا قول ابن دريد في المجتنى/4/، لكن رجح أبو عمر في الاستيعاب 4/ 1676 القول الأول. والفرا-يمد ويقصر-: الحمار الوحشي، قال ابن دريد: وهو أعظم ما يصاد، فكل صيد دونه. وقال الميداني: يضرب لمن يفضل على أقرانه، وانظر أصل المثل فيه وفي فصل المقال. (¬3) أخرجه البخاري في الجهاد، باب الحرب خدعة (3028)، ومسلم في الجهاد، باب جواز الخداع في الحرب (1739). وضبطوا (خدعة) بفتح الخاء وسكون الدال، وهو أفصحها، وهي لغة النبي صلى الله عليه وسلم كما في غريب الخطابي 2/ 166. وقيل: بضم الخاء وتسكين الدال أو فتحها، وقيل: بالفتح فيهما، ونقل الحافظ-

*و «إياكم وخضراء الدّمن» (¬1). *و «إنّ مما ينبت الربيع لما يقتل حبطا أو يلمّ» (¬2). *و «الأنصار كرشي وعيبتي» (¬3). ¬

= في الفتح 6/ 183 قولا خامسا عن المصنف مغلطاي: بكسر أوله مع الإسكان. (¬1) أبو عبيد في غريب الحديث 3/ 99، والأمثال/36/، والرامهرمزي في أمثال الحديث (84)، والعسكري في جمهرة الأمثال 1/ 21، والديلمي في الفردوس (1537). وعزاه السخاوي في المقاصد (271) إلى الدارقطني وابن عدي والقضاعي والخطيب، كلهم من طريق الواقدي وهو متروك. وتمام الحديث: «قالوا: وما خضراء الدمن؟ قال: المرأة الحسناء في منبت السوء». والدمن جمع دمنة وهي الموضع الذي يجتمع فيه الغنم فتتلبد فيه أبوالها وأبعارها، فربما نبتت فيه الشجرة الناضرة والنبات الحسن، فيكون ظاهرها حسن أنيق، ومنبتها فاسد، فضرب النبي صلى الله عليه وسلم الدمنة مثلا لخبث المنبت، وجودة النبات مثلا لحسن المرأة، وإنما أراد به فساد النسب، قال الشاعر: فقد ينبت المرعى على دمن الثرى وتبقى حزازات النفوس كما هيا (انظر هذا الشرح في غريب أبي عبيد، والبكري في فصل المقال). (¬2) أخرجه البخاري من حديث في الجهاد، باب فضل النفقة في سبيل الله (2842). وأورده أبو عبيد في الأمثال/35/، وابن دريد في المجتنى/5/، والعسكري في الجمهرة 1/ 20 وقال: أول من تكلم به النبي صلى الله عليه وسلم. ومعنى الحبط: داء يصيب الماشية عن كثرة أكل الكلأ، حتى تنتفخ بطونها فتمرض عنه. ويلم: يدني من الموت. فأراد عليه السلام أنها وإن كانت-يعني الدنيا- ذات بهجة أو جمال، فقد تؤول بصاحبها إذا سلك بها غير القصد إلى سوء المغبة، كما أن آكلة الخضر من الماشية إذا لم تقتصد في مراعيها آل بها ذلك إلى أن تستوبله-تستزيده-حتى تحبط منه بطونها فتهلك. (انظر أمثال أبي عبيد/35/، وشرحه فصل المقال/10/). (¬3) أخرجه البخاري في مناقب الأنصار، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: «اقبلوا من محسنهم، وتجاوزوا عن مسيئهم» (3799)، ومسلم في فضائل الصحابة، باب من فضائل-

*و «لا يجني على المرء إلا يده» (¬1). *و «الشديد من غلب نفسه» (¬2). *و «ليس الخبر كالمعاينة» (¬3). ¬

= الأنصار رضي الله عنهم (2510). وقال الخطابي في أعلام الحديث 3/ 1644: يريد أنهم بطانتي وخاصتي، وضرب المثل بالكرش لأنه مستقر غذاء الحيوان الذي يكون به بقاؤه، وقد يكون الكرش عيال الرجل وأهله. . والعيبة: هي التي يخزن فيها المرء حرّ ثيابه ومصونها، ضرب المثل بها، يريد أنهم موضع سره وأمانته. ونقل الحافظ في الفتح عند شرحه عن ابن دريد، أن هذا من كلام الرسول صلى الله عليه وسلم الموجز الذي لم يسبق إليه. (انظر المجتنى لابن دريد). (¬1) هكذا ساقه ابن دريد في المجتنى/6/، والمسعودي في المروج 2/ 319، والقسطلاني في المواهب 2/ 245 وعزاه للشيخين. وأخرجه الإمام أحمد 4/ 14 بلفظ: «لا يجني عليك إلا نفسك». وأخرجه الترمذي (3087)، وابن ماجه (3055) من حديث عمرو بن الأحوص بلفظ: «لا يجني جان إلا على نفسه». قال ابن دريد: أراد: لا يؤخذ بجناية غيره إن قتل أو جرح أو زنى، فبيده أصاب ذلك، أي فيده الجانية عليه، ولا يؤخذ بجناية يده غيره. (¬2) كذا في المجتنى/6/، والمروج 2/ 319، وأخرجه بهذا اللفظ الطيالسي (2525)، وابن حبان (717)، والبغوي في شرح السنة 13/ 160. وهو في الصحيحين وغيرهما بلفظ: «ليس الشديد بالصّرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب». والمعنى واحد. قال في المجتنى: من ملك نفسه عند شهوته وعند غضبه، فهو الشديد. (¬3) أخرجه الإمام أحمد 1/ 215 و 271، وابن حبان (6213)، وأبو الشيخ في الأمثال (5)، والحاكم 2/ 321، والبزار 1/ 111 من كشف الأستار. وعزاه الهيثمي في المجمع 1/ 153 إلى الطبراني في الكبير والأوسط أيضا وقال: رجاله رجال الصحيح. وساقه أبو عبيد في الأمثال/203/بلفظ: ليس الخبر كالعيان. قال ابن دريد/7/: يريد أنه لا يهجم على قلب المخبر من الهلع بالأمر والاستفظاع له، مثل ما يهجم على قلب المعاين. .

*و «المجالس بالأمانة» (¬1). *و «اليد العليا خير من اليد السفلى» (¬2). *و «البلاء موكّل بالمنطق» (¬3). ¬

(¬1) بهذا اللفظ: أول حديث أخرجه أبو داود في الأدب، باب في نقل الحديث (4869) عن جابر رضي الله عنه، ومن طريقه أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 10/ 247. وذكره أبو عمر في بهجة المجالس 1/ 41، وأخرجه العقيلي في الضعفاء الكبير 1/ 247 عن علي رضي الله عنه. وأخرجه ابن المبارك في الزهد 240 - 241 بلفظ: «إنما يتجالس المتجالسان بأمانة الله» عن أبي بكر بن حزم يرفعه. وأخرجه ابن أبي الدنيا في الصمت وآداب اللسان (405) بلفظ: «الحديث بينكم أمانة» مرسلا عن ابن شهاب. وأخرجه هناد في الزهد (1222) باللفظ الأول من كلام عطاء بن أبي رباح. وفسره ابن الأثير في جامع الأصول 6/ 545 بقوله: هذا ندب إلى ترك إعادة ما يجري في المجلس من قول أو فعل، فكأن ذلك أمانة عند سامعه وناظره. وانظر المجتنى 7 - 8. (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري في الزكاة، باب الاستعفاف عن المسألة (1472)، ومسلم في الزكاة، باب بيان أن اليد العليا خير من اليد السفلى (1035). وهو مخرج فيهما من طرق أخرى كثيرة. والجمهور على أن اليد العليا هي المنفقة المعطية، وأن السفلى هي السائلة، وانظر شرحه مفصلا: الفتح 3/ 349 - 350. وأورده أبو الشيخ في الأمثال (96) و (97) و (99). (¬3) وورد بلفظ آخر: «البلاء موكل بالقول». انظر كتب الأمثال: في أبي الشيخ (50) و (51)، وأبي عبيد (75)، وشرحه فصل المقال/95/، والعسكري 1/ 169 - 170، والميداني 1/ 26. والحديث مخرج من عدة طرق مرفوعة وموقوفة، انظر: الزهد لوكيع (310) و (311) و (312)، والزهد لهناد (1193)، والصمت لابن أبي الدنيا (288)، وشعب الإيمان للبيهقي (4948) و (4949)، وتاريخ الخطيب 7/ 389 و 13/ 279، والفردوس للديلمي (2220) و (2221)، وعزاه السخاوي أيضا في المقاصد/147/إلى ابن أبي شيبة، والخرائطي، والقضاعي. والحديث متكلم فيه، حتى عدّه ابن الجوزي-

*و «الناس كأسنان المشط» (¬1). *و «ترك الشرّ صدقة» (¬2). *و «أيّ داء أدوى من البخل» (¬3). ¬

= في الموضوعات 3/ 83. وأورده الزركشي في التذكرة 109 - 110، والسيوطي في اللآلىء المصنوعة 2/ 394 - 395، إلا أن السخاوي في المقاصد ردّ ذلك لتعدد طرقه، وساق له شاهدا، وأنشد: لا تنطقن بما كرهت فربما نطق اللسان بحادث فيكون (¬1) وله تتمة: «وإنما يتفاضلون بالعافية». والحديث مخرج من عدة طرق: رواه أبو الشيخ في الأمثال (166) و (167) و (168)، وابن حبان في المجروحين 1/ 198، وابن عدي في الكامل 3/ 1099، والديلمي في الفردوس (6882) و (6883)، وابن الجوزي في الصفوة 1/ 204، والموضوعات 3/ 80. وانظر اللآلىء المصنوعة للسيوطي 2/ 290، وكشف الخفاء للعجلوني 2/ 433. وقال في المجتنى/8/: يريد أنهم مستوون، وإنما التفاضل في العمل الصالح، والفعل الجميل، وهذا كقوله: «كلكم لآدم، وآدم من التراب». (¬2) كذا ذكره ابن دريد في المجتنى/8/، والمسعودي في المروج 2/ 320، والقسطلاني في المواهب 2/ 247، وأورده العجلوني في كشف الخفاء 1/ 360 عن هذا الأخير فقط. وشرحه ابن دريد بقوله: يريد أن من ترك الشر وأذى الناس، فكأنه قد تصدق عليهم، أي فضل ترك الشر، كفضل الصدقة. (¬3) الحديث من عدة طرق: أخرجه البخاري في الأدب المفرد (296)، والبزار كما في الكشف (2704)، والخرائطي في مساوىء الأخلاق (372)، والطبراني في الصغير (317)، والأوسط (مجمع 3/ 126)، وأبو الشيخ في الأمثال (89) و (90) و (91) و (92)، وأبو نعيم في الحلية 7/ 317، والحاكم في المستدرك 3/ 219 و 4/ 163، وأورده ابن الأثير في النهاية 2/ 142، وشرحه بقوله: أي أيّ عيب أقبح منه؟ والصواب: أدوأ بالهمز ولكن هكذا يروى، إلا أن يجعل من باب دوي يدوى دوى فهو دو، إذا هلك بمرض باطن.

*و «الأعمال بالنيات» (¬1). *و «الحياء خير كله» (¬2). *و «اليمين الفاجرة تدع الديار بلاقع» (¬3). *و «سيّد القوم خادمهم» (¬4). ¬

(¬1) الحديث أشهر من أن أقف عليه، وهو عند الشيخين وغيرهما. (¬2) متفق عليه من حديث عمران بن حصين رضي الله عنه، وهو بهذا اللفظ عند مسلم في الإيمان، باب بيان عدد شعب الإيمان (37)، وأخرجه البخاري في الأدب، باب الحياء (6117)، بلفظ: «الحياء لا يأتي إلا بخير». وساقه المسعودي 2/ 320 ضمن الكلام الموجز البليغ الذي لم يسبق إليه صلى الله عليه وسلم. وخرجه أبو الشيخ (194) في الأمثال. (¬3) بهذا اللفظ أخرجه البيهقي في الشعب (4842) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا، وأورده المنذري في الترغيب والترهيب 2/ 622 بلفظ التضعيف، وعزاه للبيهقي فقط. وأخرجه الديلمي في الفردوس (9053) عن أبي الدرداء رضي الله عنه، بينما عزاه في المواهب 2/ 248 للديلمي فقط من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. وذكره البكري في فصل المقال/121/بلفظ: إن اليمين الغموس تذر الديار بلاقع. وذكره ابن الجوزي في غريب الحديث 1/ 86، وابن الأثير في النهاية 1/ 153 وعندهم-عدا البيهقي- «اليمين الكاذبة. . .». وبلاقع جمع بلقع وبلقعة، وهي الأرض القفر الفارغة، يريد أن الحالف باليمين الكاذبة يفتقر ويذهب ما في بيته من الرزق. وقال ابن دريد/9/: هذا نهي عن الإقدام على احتجاز أموال الناس بالأيمان. . . (¬4) الحديث من طرق: أخرجه البيهقي في الشعب (8407)، والخطيب في التاريخ 10/ 187، والديلمي في الفردوس (3477) و (3474)، وابن عساكر في تاريخ دمشق 14/ 111 من مختصر ابن منظور، وعزاه السخاوي في المقاصد (579) إلى أبي عبد الرحمن السلمي في آداب الصحبة، ونسبة السيوطي في الجامع الصغير (4753) إلى الحاكم في تاريخه. قال ابن دريد 9 - 10: هذا-

*و «فضل العلم خير من فضل العبادة» (¬1). *و «الخيل في نواصيها الخير» (¬2). *و «عدة المؤمن كأخذ باليد» (¬3). *و «أعجل الأشياء عقوبة البغي» (¬4). ¬

= كلام حث به على المكارم والتعاون، وترك التكبر على الأصحاب في الأسفار، فجعل الخادم سيدا إذا كان يخدم أصحابه تكرما، لا لمنالة، ولا جعالة، فأوجب له بذلك السودد على أصحابه. (¬1) أخرجه البزار كما في الكشف (139)، والطبراني في الأوسط كما في المجمع 1/ 120، والحاكم من حديثين في المستدرك 1/ 92 - 93، وابن عبد البر في جامع بيان العلم 1/ 22. وفي البزار وأحد حديثي الحاكم جاء لفظه: «فضل العلم أحب إليّ من فضل العبادة». وانظر كشف الخفاء. وقال ابن دريد /10/: يريد صلى الله عليه وسلم أن العالم-وإن كان منه تقصير في عبادته-أفضل من جاهل مجتهد، لأن العالم يعرف ما يأتي وما يتجنب، والعابد الجاهل المتهور، ربما أتى الشيء، وهو يظن أنه مصيب، وهو مخطىء. (¬2) خرجاه في الصحيحين، ولفظه لمسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه في الزكاة، باب إثم مانع الزكاة (987) -26، وخرجاه أيضا بلفظ: «الخيل معقود في نواصيها الخير». (¬3) ذكره ابن دريد/10/، والمسعودي 2/ 320 في هذا الباب أيضا. ونسبه السخاوي في المقاصد (685) بهذا اللفظ إلى الديلمي. قلت: وذكره أبو عبيد في الأمثال/71/بلفظ: العدة عطية. وكذا أخرجه أبو الشيخ في الأمثال (249) وابن أبي الدنيا في الصمت (455). وله لفظ آخر: العدة: دين. وقال في المجتنى: يريد أن المؤمن إذا وعد، فالثقة بموعده كالثقة بالشيء إذا كان في اليد. (¬4) كذا في المجتنى/10/، وأورده في المواهب 2/ 248 دون أن يتكلم عليه، ويشهد لمعناه حديث أبي بكرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من-

*و «إنّ من الشّعر لحكما» (¬1). *و «الصحة والفراغ نعمتان» (¬2). *و «نية المؤمن خير من عمله» (¬3). ¬

= ذنب أجدر أن يعجل الله تعالى لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يدخر له في الآخرة مثل البغي وقطيعة الرحم». أخرجه أبو داود (4902)، وابن ماجه (4211)، والترمذي (2513) وقال: حسن صحيح. (¬1) بهذا اللفظ أخرجه الترمذي في الأدب، باب ما جاء إن من الشعر حكمة (2848)، وابن ماجه في الأدب، باب الشعر (3756)، وأبو داود بأطول منه في الأدب، باب ما جاء في الشعر (5011)، وزيادة اللام في (لحكما) هي لفظ العسكري حيث خرجه في جمهرته 1/ 19 من حديث طويل. وهو في الصحيح بلفظ: «إن من الشعر حكمة» رواه البخاري في الأدب، باب ما يجوز من الشعر والرجز (6145). (¬2) كذا بهذا اللفظ عند ابن دريد/11/، والمسعودي 2/ 323، وعزاه الحافظ في الفتح 11/ 234 لأبي نعيم في المستخرج، وللدارمي. والحديث أخرجه البخاري في مستهل كتاب الرقاق (6412) ولفظه: «نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراع». (¬3) الحديث من طرق: رواه الطبراني في الكبير (5942)، وأبو الشيخ في الأمثال (52)، وأبو نعيم في الحلية 3/ 255، والبيهقي في الشعب (6859) و (6860)، والديلمي في الفردوس (6843)، وعزوه أيضا للعسكري من طريقين في الأمثال، ولم أجده في جمهرته، وإنما هو في أمثال أبي الشيخ كما ذكرته، ولم أر من ذكر ذلك، وانظر: تذكرة الزركشي/65/، ومجمع الهيثمي 1/ 61 و 109، ومقاصد السخاوي (1260)، وأسرار الملا علي القاري (568)، وفيض المناوي 6/ 291 - 292، وكشف العجلوني 2/ 430 - 431. وقال ابن دريد/11/: يريد عليه السلام: أن المؤمن ينوي الأشياء [من] أبواب البر، نحو الصدقة والصوم وغير ذلك، فلعله يعجز عن بعض ذلك، وهو معقود النية عليه، فنيته خير من عمله.

*و «الولد ألوط» (¬1). *و «استعينوا على الحاجات بالكتمان، فإنّ كلّ ذي نعمة محسود» (¬2). *و «المكر والخديعة في النار» (¬3). ¬

(¬1) أخرجه أبو عبيد في الغريب 3/ 222، وعزاه في جامع الأحاديث 1/ 430 - 431 من المسانيد إلى ابن عساكر أيضا. وانظر الفائق 3/ 333 - 334، والنهاية 4/ 277، وفي كل هذه المصادر أن الكلام لأبي بكر رضي الله عنه، ونص حديثه هكذا: عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: والله إن عمر لأحب الناس إليّ، ثم قال: كيف قلت؟ قالت عائشة: قلت: والله إن عمر لأحب الناس إليّ. فقال: اللهم أعزّ والولد ألوط. قال أبو عبيد: قوله: الولد ألوط: يعني ألصق بالقلب، وكذلك كل شيء لصق بشيء فقد لاط به يلوط لوطا. وانظر المجتنى/11/. (¬2) ورد أيضا بألفاظ أخرى مثل: «استعينوا على قضاء حاجاتكم. . .» و «استعينوا على إنجاح حاجاتكم. . .». والحديث من طرق: أخرجه العقيلي في الضعفاء 2/ 109، وابن عدي في الكامل 2/ 771 و 3/ 1240، والطبراني في الكبير 20/ 183، والصغير (1186)، وأبو نعيم في الحلية 5/ 15، و 6/ 96، والبيهقي في الشعب (6655)، والخطيب في التاريخ 8/ 56 - 57، كما عزوه إلى ابن أبي الدنيا والخرائطي والخلعي، وانظر موضوعات ابن الجوزي 2/ 165 - 166 ومع ذلك ذكره في الصفوة 1/ 216 من جملة أحاديث هذا الباب. وانظر أيضا: ميزان الاعتدال 2/ 141، وتذكرة الزركشي 99 - 100، ومجمع الزوائد 8/ 195، والمقاصد (103)، وكشف الخفاء 1/ 135، وفيض القدير 1/ 493 - 494. وقرأت في أحد الهوامش أن الشيخ الألباني ذكره في الصحيحة (1453). وانظر المجتنى/12). (¬3) ورد الحديث من عدة طرق بهذا اللفظ وبأطول، أخرجه أبو داود في المراسيل (165)، والبزار 1/ 69 من الكشف، والطبراني في الكبير (10234)، والصغير-

*و «من غشّنا فليس منا» (¬1). *و «المستشار مؤتمن» (¬2). *و «النّدم توبة» (¬3). ¬

= (738)، وابن عدي 2/ 584، وحسّن إسناده الحافظ في الفتح عند شرح الحديث رقم (2142)، وذكر له روايات أخرى، وصححه ابن حبان (567) من الإحسان، والحاكم في المستدرك 4/ 607، وأخرجه أبو نعيم في الحلية 4/ 188 - 189، والبيهقي في الشعب (5268) و (6978)، والديلمي في الفردوس (6658). وقال المنذري في الترغيب 2/ 572: بإسناد جيد، وقال الذهبي في الكبائر/219/: إسناده قوي. ومعناه كما في المواهب: أن ذا المكر والخداع لا يكون تقيا ولا خائفا لله، لأنه إذا مكر غدر، وإذا غدر خدع، وإذا فعلهما أوبق، وهذا لا يكون في تقي، فكل خلة جانبت التّقى فهي في النار. وانظر المجتنى/12/. (¬1) أخرجه مسلم في الإيمان، باب، قول النبي صلى الله عليه وسلم: «من غشنا فليس منا» (101). (¬2) أخرجه الإمام أحمد 5/ 274، عن أبي مسعود رضي الله عنه، وأخرجه أبو داود في الأدب، باب في المشورة (5128)، والترمذي في الأدب، باب إن المستشار مؤتمن (2823) كلاهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وحسنه الترمذي، وأخرجه الطبراني عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما، ورجاله رجال الصحيح كما في المجمع 8/ 97. (¬3) أخرجه الإمام أحمد 1/ 376، وصحح إسناده أحمد شاكر (3568). وأخرجه ابن ماجه في الزهد، باب ذكر التوبة (4252)، وصحح إسناده البوصيري في مصباح الزجاجة 3/ 308. ورواه ابن أبي شيبة 9/ 361 - 362، والحميدي (105)، وأبو نعيم في الحلية 8/ 312، والبيهقي في الكبرى 10/ 154، وصححه ابن حبان (612)، والحاكم 4/ 243. وله شواهد عديدة انظرها في مجمع الزوائد 10/ 198 - 199. وانظر تهذيب الكمال 9/ 510 - 512، وتهذيبه 3/ 330 - 331 في الكلام على مدار الحديث الأول.

*و «الدّالّ على الخير كفاعله» (¬1). *و «حبّك الشيء يعمي ويصمّ» (¬2). ¬

(¬1) بهذا اللفظ، ومن حديث أنس رضي الله عنه: أخرجه الترمذي في العلم، باب ما جاء الدال على الخير كفاعله (2672)، وهو في الصحيح عند مسلم في الإمارة، باب فضل إعانة الغازي في سبيل الله (1893) بلفظ: «من دلّ على خير فله مثل أجر فاعله». والحديث باللفظ الذي ساقه المؤلف له طرق أخرى عديدة: انظر المسند 5/ 357 - 358، والبزار (154) من الكشف، والطبراني في الكبير (5945)، وأبو نعيم في الحلية 6/ 266، والبيهقي في الشعب (7656) و (7657). وانظر أمثال أبي الشيخ (175)، وتذكرة الزركشي /87/، والمطالب العالية 1/ 264، والمقاصد الحسنة (478)، وكشف الخفاء 1/ 480 - 481، وفيض القدير 3/ 536 - 537 حيث رمز له السيوطي بالصحة، وذكره العسكري في الجمهرة 1/ 367 كحديث، ثم قال: والصحيح أنه لأكثم بن صيفي، وتمثل به النبي صلى الله عليه وسلم. (¬2) أخرجه الإمام أحمد 5/ 194 و 6/ 450، وأبو داود في الأدب، باب في الهوى (5130)، ويعقوب في المعرفة والتاريخ 2/ 328، ومن طريقه البيهقي في الشعب (411)، والآداب (229) كما رواه موقوفا في الشعب (412)، والحكيم الترمذي في نوادر الأصول 1/ 266، وأبو الشيخ في الأمثال (115)، والعسكري في الجمهرة (538)، وذكره أبو عبيد في الأمثال/224/موقوفا لكن قال البكري في شرحه/320/بل هو مرفوع. وانظر الزركشي/72/، والمقاصد (381)، وكشف الخفاء (1095)، والأسرار المرفوعة (161)، وفيض القدير 3/ 372 - 373، وانظر فردوس الديلمي (2726) و (2728) من طريق أخرى ولفظ مغاير. وحسّن الحديث كلّ من السخاوي والسيوطي وملا علي القاري. وشرحه ابن دريد في المجتنى 12/ 13 فقال: إن الرجل إذا غلب الحب على قلبه، ولم يك له رادع من عقل أو دين، أصمه حبه عن العذل، وأعماه عن الرشد. وقال العسكري: أراد أن حبك للشيء يعميك عن مساوئه، ويصمك عن استماع العذل فيه، فأخذه الشاعر فقال: -

*و «العاريّة مؤدّاة» (¬1). *و «الإيمان قيّد الفتك» (¬2). ¬

= وعين الرضا عن كلّ عيب كليلة ولكنّ عين السّخط تبدي المساويا ونقل البيهقي في الشعب عن الحليمي مفهوما آخر فقال: فقد يفهم من هذا أن من أحب الله تعالى، لم يعدّ المصائب التي يقضيها عليه إساءة منه إليه، ولم يستثقل وظائف عبادته وتكاليفه المكتوبة عليه. (¬1) ورد هذا من حديث أبي أمامة رضي الله عنه أخرجه الإمام أحمد في المسند 5/ 267، والترمذي في البيوع، باب ما جاء في أن العارية مؤداة (1265)، وأبو داود في البيوع، باب في تضمين العارية (3565)، وابن ماجه في الصدقات، باب العارية (2398). وصححه ابن حبان (5094) وحسنه البغوي في شرح السنة 8/ 224 - 225. وله شاهد في المسند 5/ 293، وشاهد آخر عند ابن حبان (472). والعاريّة-مشددة الياء-: ما يستعيره الإنسان، ومؤداة: أي يجب ردها إجماعا، إلا إذا تلفت، ففي ضمان قيمتها خلاف، انظره في كتب الفقه. (¬2) أخرجه الإمام أحمد في المسند 1/ 166 و 167، وأبو عبيد في الغريب 3/ 302 و 4/ 6، والأمثال (10) كلاهما من حديث الزبير رضي الله عنه، وتمامه: عن الحسن قال: قال رجل للزبير: ألا أقتل لك عليا؟ قال: كيف تقتله؟ قال: أفتك به، قال: لا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الإيمان قيد الفتك، لا يفتك مؤمن». وأخرجه أبو داود من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مقتصرا على قول النبي صلى الله عليه وسلم، في الجهاد، باب في العدو يؤتى على غرة (2769). وإسناد الأول صحيح كما في مجمع الزوائد 1/ 96، ومسند أحمد تحقيق أحمد شاكر (1426) و (1433). والفتك: القتل على غفلة وغرّة. ومعنى الحديث: أن الإيمان يمنع المؤمن أن يفتك بأحد، ويحميه أن يفتك به، فكأنه قد قيّد الفاتك ومنعه، فهو له قيد (جامع الأصول 10/ 209). وانظر فائق الزمخشري 3/ 88، وغريب ابن الجوزي 2/ 175، ونهاية ابن الأثير 3/ 409.

*و «سبقك بها عكّاشة» (¬1). *و «عجب ربكم من كذا» (¬2). *و «قتل صبرا» (¬3). ¬

(¬1) من حديث متفق عليه أخرجه البخاري في عدة مواضع منها في الرقاق، باب يدخل الجنة سبعون ألفا بغير حساب (6541)، ومسلم في الإيمان، باب الدليل على دخول طوائف من المسلمين الجنة بغير حساب (220). والعبارة جزء من هذا الحديث، وفيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبر أن سبعين ألفا من أمته يدخلون الجنة بغير حساب، فقام عكاشة بن محصن فقال: أمنهم أنا يا رسول الله؟ قال: «نعم»، فقام آخر فقال مثله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «سبقك بها عكاشة». وعكاشة: بضم العين وتشديد الكاف وتخفيفها. (¬2) يعني كما في قوله صلى الله عليه وسلم: «عجب الله من قوم يدخلون الجنة في السلاسل» أخرجه البخاري في الجهاد، باب الأسارى في السلاسل (3010)، ولفظ أبي داود: «عجب ربنا عز وجل من قوم. .»، في الجهاد (2677). وفي المسند 4/ 151: «عجب ربّك من شابّ ليست له صبوة». وفي الشعب (7335): «عجب ربكم من ذبحكم الضأن في يوم عيدكم». وفي النهاية: «عجب ربكم من إلّكم وقنوطكم». وفسر ابن الأثير عجب الرب من كذا بقوله: أي عظم ذلك عنده وكبر لديه، وقيل: معنى عجب ربك: أي رضي وأثاب، فسماه عجبا مجازا، وليس بعجب في الحقيقة، والأول أوجه. وقال: وإطلاق التعجب على الله مجاز، لأنه لا تخفى عليه أسباب الأشياء. وفيه أيضا وفي غريب ابن الجوزي 2/ 70 - 71: أعلم أنه إنما يتعجب الآدميّ من الشيء إذا عظم موقعه عنده، فأخبرهم بما يعرفون ليعلموا موقع هذه الأشياء عنده. (¬3) ورد هذا المعنى من عدة وجوه، ففي مسلم: «لا يقتل قرشيّ صبرا». أخرجه في الجهاد، باب لا يقتل قرشي صبرا بعد الفتح (1782). وعند أبي داود من حديث أبي أيوب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن قتل الصبر. أخرجه في الجهاد، باب في قتل الأسير بالنبل (2687)، ومعنى قتل-

*و «ليس المسؤول بأعلم من السائل» (¬1). *و «لا ترفع عصاك عن أهلك» (¬2). *و «لا يضحّى بشرقاء» (¬3). وغير ذلك مما يطول ذكره (¬4). ¬

= الصبر: أن يحبس للموت، قال أبو عبيد في الغريب 1/ 255 بعد أن ذكر الحديث: ومنه قيل للرجل الذي يقدّم فيضرب عنقه: قتل صبرا. يعني أنه أمسك على الموت. وقال في 3/ 302 - 303: وهو أن يؤخذ الرجل أسيرا، ثم يقدم فيقتل. (¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري في الإيمان، باب سؤال جبريل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإيمان والإسلام و. . . (50)، ومسلم في الإيمان، باب بيان الإيمان والإسلام والإحسان. . . (9) و (10) واللفظ عندهما: «ما المسؤول عنها بأعلم من السائل». وفي شرحه قال الحافظ في الفتح: وقال القرطبي: مقصود هذا السؤال كف السامعين عن السؤال عن الساعة، لأنهم قد أكثروا السؤال عنها كما ورد في كثير من الآيات والأحاديث، فلما حصل الجواب بما ذكر هنا، حصل اليأس من معرفتها. (¬2) هكذا ذكره أبو عبيد في الأمثال (16)، وابن عبد ربه في العقد 3/ 6، ورواه الطبراني في الصغير (114) عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا ترفع العصا عن أهلك، وأخفهم في الله عز وجل». وأخرجه الإمام أحمد في المسند 5/ 238 من حديث معاذ رضي الله عنه كجزء من حديث طويل وفيه: «وأنفق على عيالك من طولك، ولا ترفع عنهم عصاك أدبا. .». وقال أبو عبيد في شرحه: فقد علم أنه لم يرد ضربهم بالعصا، وإنما هو الأدب. (¬3) هكذا ضبطته، وهو جزء من حديث أخرجوه في السنن والمسانيد في الأضحية المنهي عنها، وانظر غريب الهروي 1/ 100، وغريب ابن الجوزي 1/ 533، والنهاية 2/ 466، ولم أجد من ذكره في هذا الباب، والله أعلم. (¬4) انظر أحاديث أخرى مجتمعة من هذا الباب أيضا في البيان والتبيين للجاحظ-

[صلاة الفطر]

[صلاة الفطر]: وفي أول شوال صلى صلاة الفطر (¬1). [غزوة قرقرة الكدر] وفي أوله أيضا، ويقال: بعد بدر بسبعة أيام، ويقال: في نصف المحرم سنة ثلاث، ويقال: لست خلون من جمادى الأولى من السنة المذكورة (¬2). خرج عليه الصلاة والسلام يريد بني سليم، واستخلف سباع بن عرفطة، وقيل: ابن أم مكتوم (¬3). فبلغ ماء يقال له: الكدر، وتعرف بغزوة قرقرة-ويقال: قرارة- الكدر (¬4). ¬

= 2/ 15 - 29، والمجتنى لابن دريد، ومروج الذهب للمسعودي، والعقد الفريد لابن عبد ربه 3/ 4 - 6، وزهر الآداب للقيرواني 1/ 60 - 61، والمواهب اللدنية للقسطلاني، وكتب الأمثال. (¬1) انظر الطبقات 1/ 248، وتاريخ الطبري 2/ 418، وسيرة ابن حبان/209/. (¬2) كونها في أوله: نقله خليفة في تاريخه/58/عن ابن إسحاق، وهو قول ابن حبيب في المحبر/111/، والطبري في التاريخ 2/ 482. وأما كونها بعد سبعة أيام من بدر: فهو قول ابن إسحاق في السيرة 2/ 43، وأخرجها الطبري عنه 2/ 482. وأما كونها في النصف من محرم: فهو للواقدي 1/ 182، وابن سعد 2/ 31. وأما القول الأخير: فهو تاريخ غزوة بني سليم أيضا ببحران، وقد جعلهما المصنف غزوة واحدة، وانظر السيرة 2/ 46، ومغازي الواقدي 1/ 196، وابن سعد 2/ 35. (¬3) القولان في السيرة 2/ 43. وعبد الله بن أم مكتوم قولا واحدا: عند الواقدي 1/ 184، وابن سعد 2/ 31، وتبعهما البلاذري 1/ 310، وابن حبان/215/. (¬4) كذا في الطبقات 2/ 31 حيث ذكر الاسمين، واقتصر ابن حبيب على الأول، والواقدي على الثاني (انظر المحبر/111/، والمغازي 1/ 182). وسماها في-

[سرية سالم بن عمير]

ويقال: بحران (¬1). فأقام عليه ثلاثا، ويقال عشرا، فلم يلق أحدا، ويقال: كانت غيبته خمس عشرة ليلة (¬2). وذكرها ابن سعد بعد غزوة السويق (¬3). [سرية سالم بن عمير] ثم سرية سالم بن عمير في شوال إلى أبي عفك اليهودي (¬4)، وكان ¬

= السيرة 2/ 43: غزوة بني سليم بالكدر. وعند أبي عمر في الدرر/140/، وابن حزم في الجوامع/153/، والبيهقي في الدلائل 3/ 165، وابن القيم في الزاد 3/ 189: ذكروهما ضمن غزوة السويق الآتية. وفسّر السهيلي 3/ 142 معنى القرقرة: الأرض الملساء، والكدر-: طير في ألوانها كدر، عرف بها ذلك الموضع. وضبط ابن الأثير (الكدر) بضم الكاف وسكون الدال المهملة. وفي القاموس: بفتح الكاف: موضع قرب المدينة. قال ابن سعد: وهي بناحية معدن بني سليم، وبين المعدن وبين المدينة ثمانية برد. وفي تاريخ ابن الوردي 1/ 155: وهي مما يلي جادة العراق إلى مكة. أقول: فكأنه-اليوم-الموضع المسمى بمهد الذهب والله أعلم. (¬1) هذه أيضا لبني سليم بناحية الفرع، وبينه وبين المدينة ثمانية برد. إلا أن ابن إسحاق والواقدي جعلا هذه غزوة مستقلة كما أشرت قبل. ويشهد للمؤلف -رحمه الله-أن الأحداث والجهة واحدة، والله أعلم. وبحران: بضم الباء وتفتح. (¬2) أما الثلاث: فقول ابن إسحاق 2/ 43، وأما القولان الأخيران: فهما للواقدي 1/ 182 و 196، وابن سعد 1/ 31 و 36، والأول منهما خاص بغزوة بحران التي جعلها المصنف مع هذه غزوة واحدة. (¬3) الطبقات 1/ 30 - 31 تبعا للواقدي، بينما قدمها ابن إسحاق 2/ 43 - 44. (¬4) لم يذكر ابن إسحاق ولا الواقدي أنه كان يهوديا، وإنما هو قول ابن سعد، قال ابن إسحاق: وكان قد نجم نفاقه. وقال الواقدي: ولم يدخل في الإسلام.

[غزوة بني قينقاع]

شيخا كبيرا يقول الشعر، ويحرض على النبي صلى الله عليه وسلم فقتله (¬1). [غزوة بني قينقاع] ثم غزوة بني قينقاع، بطن من يهود [المدينة، لهم شجاعة وصبر، وكانوا حلفاء عبد الله بن أبي، وأول يهود] (¬2) نقضوا العهد، وأظهروا البغي والحسد (¬3)، يوم السبت نصف شوال، واستخلف أبا لبابة (¬4). فحاصرهم خمس عشرة ليلة، إلى هلال ذي القعدة، فقذف الله تعالى في قلوبهم الرعب، ونزلوا على حكمه عليه الصلاة والسلام، وأنّ له أموالهم ولهم النساء والذرية، فأمر بتكتيفهم، وألحّ ابن أبي عليه من أجلهم، فقال: حلّوهم لعنهم الله تعالى ولعنه معهم. وأمر بأن يحلّوا، فلحقوا بأذرعات، فما كان أقل بقاؤهم بها (¬5). وأخذ من حصنهم سلاحا وآلة كثيرة (¬6). قال الحاكم: هذه وبني النضير واحدة، وربما اشتبها على من لا يتأمل (¬7). ¬

(¬1) انظر السيرة 2/ 635 - 636 - وقد ذكرها آخر الكتاب دون تحديد لزمنها- والمغازي 1/ 174 - 175، والطبقات 2/ 28، وقد ذكراها قبل التي قبلها وحدّدا زمنها في شوال على رأس عشرين شهرا من مهاجره صلى الله عليه وسلم. (¬2) سقطت العبارة من (1)، واللبس ظاهر. (¬3) يعني بعد انتصار الرسول صلى الله عليه وسلم على المشركين في بدر. وذكروا في ذلك قصة تكشف المرأة المسلمة في سوق بني قينقاع من قبل اليهود. (¬4) ذكره في السيرة 2/ 49 باسمه: (بشير بن عبد المنذر) رضي الله عنه. (¬5) لأنهم هلكوا كما في أنساب الأشراف 1/ 309. (¬6) انظر في تفصيل هذا السلاح: الطبقات 2/ 29. (¬7) قول الحاكم: ذكره الحافظ في الفتح عند شرح باب حديث بني النضير من كتاب المغازي 7/ 386 هكذا: وأغرب الحاكم، فزعم أن إجلاء بني قينقاع-

[غزوة السويق]

[غزوة السويق] ثم غزوة السّويق (¬1)، لأنه كان أكثر زاد المشركين، وغنمه المسلمون منهم، يوم الأحد لخمس خلون من ذي الحجة، وقال ابن إسحاق: في صفر (¬2). ¬

= وإجلاء بني النضير كانا في زمن واحد. قال الحافظ: ولم يوافق على ذلك، لأن إجلاء بني النضير كان بعد بدر بستة أشهر على قول عروة-يعني في البخاري-أو بعد ذلك بمدة طويلة على قول ابن إسحاق. قلت: وتقدم في نص غزوة بني قينقاع أنها في نصف شوال يعني سنة اثنتين بعد بدر بشهر. (¬1) قال الخشني 3/ 66: السويق: هو أن تحمص الحنطة والشعير أو نحو ذلك، ثم تطحن، ثم يسافر بها، وقد تمزج باللبن والعسل والسمن تلتّ به، فإن لم يكن له شيء من ذلك مزج بالماء. قلت: وبه سميت هذه الغزوة كما قال ابن هشام 2/ 45. (¬2) الأول: قول الواقدي 1/ 181، وتبعه ابن سعد 2/ 30، وأما قول ابن إسحاق: فالذي في السيرة 2/ 44، وفي دلائل البيهقي 3/ 165 من رواية ابن بكير عنه، وتاريخ خليفة/59/عنه أنها في ذي الحجة، وهناك أقوال أخرى عند خليفة، وفي المحبر/111/، والطبري 2/ 483 لا تعدو ذا الحجة، ونقل الطبري عن الواقدي أنها في ذي العقدة، وهذا هو قول ابن حبان/211/، والذي في مغازي الواقدي في موضعين 1/ 3 و 1/ 181 أنها في ذي الحجة. ولم أجد هذا الذي قاله المؤلف-رحمه الله-عن ابن إسحاق إلا في العقد الثمين 1/ 243 وهذا صرح بتلخيص سيرة مغلطاي، وإلا في المواهب 1/ 382 ولفظه كلفظ مغلطاي حرفيا، ويشهد للمصنف أن ابن الجوزي في المنتظم 3/ 156 ذكر هذه الغزوة في حوادث السنة الثالثة بعد غزوة قرقرة الكدر، وقد تقدم عن الواقدي وابن سعد أن هذه كانت في النصف من المحرم، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم غاب فيها خمسة عشر يوما، فعلى هذا تكون غزوة السويق في صفر، لكن يبقى الإشكال في النقل عن ابن إسحاق، والله أعلم.

[صلاة الأضحى وموت عثمان بن مظعون رضي الله عنه]

واستخلف أبا لبابة. يطلب أبا سفيان في ثمانين راكبا (¬1)، لحلفه أن لا يمس النساء والدّهن حتى يغزو محمدا، فخرج في مائتي راكب، وقيل: أربعين (¬2)، حتى أتى أرض العريض ناحية من المدينة على ثلاثة أميال، فحرّق نخلا، وقتل رجلا من الأنصار وأجيرا له عليه السلام، ورأى أن يمينه قد حلّت. ففاته ورجع عليه الصلاة والسلام بعد غيبته خمسة أيام (¬3). [صلاة الأضحى وموت عثمان بن مظعون رضي الله عنه]: وفي ذي الحجة صلى صلاة العيد، وأمر بالأضحية (¬4). وفيه مات عثمان بن مظعون (¬5). ¬

(¬1) يعني من الصحابة، والذي في الطبقات 2/ 30 ونقلوه عنه: مائتي رجل من المهاجرين والأنصار. ونقل الصالحي 4/ 258 قول المصنف في الإشارة، وقال: وجمع بأن الركبان ثمانون، وعامة الجيش مائتان. (¬2) القولان للواقدي 1/ 181، وتبعه ابن سعد 1/ 30، واقتصر ابن إسحاق 2/ 44 على الأول. وأخرج البيهقي في الدلائل 3/ 164 من طريق موسى بن عقبة عن الزهري: أن أبا سفيان خرج في ثلاثين فارسا، ويقول بعض الناس بل أكثر من ذلك. (¬3) هكذا في المغازي والطبقات، وانظر تفصيل الغزوة فيهما وفي السيرة. (¬4) يعني في السنة الثانية، وقال ابن سعد 1/ 248 - 249: وأقام بالمدينة عشر سنين يضحي في كل عام. وانظر الطبري 2/ 481، وابن حبان/212/. (¬5) هكذا في الطبري 2/ 485، وسيرة ابن حبان/212/: أن وفاته رضي الله عنه في ذي الحجة من السنة الثانية. وذكره خليفة من وفيات هذه السنة دون تحديد الشهر. ويكنى عثمان أبا السائب، وهو أول من مات بالمدينة من المهاجرين، وأول من دفن بالبقيع منهم.

[تزويج فاطمة وولادة ابن الزبير وابن بشير رضي الله عنهم]

[تزويج فاطمة وولادة ابن الزبير وابن بشير رضي الله عنهم]: وفي هذه السنة تزوج علي بفاطمة رضي الله عنهما (¬1). وفي شوال ولد عبد الله بن الزبير، والنعمان بن بشير (¬2)، وقيل: في السنة الأولى (¬3). [سرية محمد بن مسلمة إلى كعب بن الأشرف] ثم سرية محمد بن مسلمة وأربعة معه (¬4) إلى كعب بن الأشرف النّضيري-ويقال: النبهاني (¬5) -الشاعر، لأربع عشرة ليلة مضت من ربيع الأول (¬6). ¬

(¬1) كذا في تاريخ خليفة/65/، والمعارف/158/، والطبري 2/ 485 - 486، وابن حبان/212/وحددها بذي الحجة من السنة الثانية. (¬2) ذكرهما خليفة/65/، وابن الجوزي في التلقيح/44/من حوادث السنة الثانية، وقال خليفة عن عبد الله: وهو أول مولود من المهاجرين. (¬3) هكذا أيضا في تهذيب النووي 1/ 266، وسير الذهبي 3/ 363 بالنسبة لعبد الله وأما بالنسبة للنعمان: فانظر السير 3/ 411 - 412 حيث ذكر سنة اثنتين ابتداء، ثم نقل عن البخاري أنه ولد عام الهجرة. لكن صحح الإمام النووي 2/ 129 أن ولادته كانت على رأس أربعة عشر شهرا من الهجرة، وهو أول مولود من الأنصار بعد الهجرة. (¬4) ذكرهم ابن سعد 2/ 32 بأسمائهم، وفي المحبر/282/عدهم خمسة بدون محمد بن مسلمة، لكن ورد في بعض الروايات أنهم كانوا ثلاثة، وقال الحافظ في الفتح 7/ 394: ويمكن الجمع بأنهم كانوا مرة ثلاثة، وفي الأخرى خمسة. (¬5) كان يهوديا، وقال ابن إسحاق وغيره: كان عربيا من بني نبهان، وهي بطن من طيء، جاء أبوه إلى المدينة وحالف بني النضير وتزوج فيهم. (¬6) أي من السنة الثالثة، على رأس خمسة وعشرين شهرا من مهاجره صلى الله عليه وسلم.

[غزوة غطفان]

وكان يؤذي النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فقتله الله تعالى في داره ليلا (¬1). فأصاب الحارث بن أوس ليلتئذ جراحة، فتفل عليها النبي صلى الله عليه وسلم فلم تؤذه بعد (¬2). وخافت عند ذلك يهود (¬3). [غزوة غطفان] ثم غزا غطفان إلى نجد، لاثنتي عشرة مضت من ربيع الأول، في أربع مائة وخمسين فارسا، واستخلف عثمان. وقال ابن إسحاق في صفر (¬4). وهي غزوة ذي أمر وسماها الحاكم غزوة أنمار (¬5). ¬

(¬1) في قصة طريفة أخرجها الشيخان بالإضافة إلى أصحاب السير، انظر البخاري كتاب المغازي، باب قتل كعب بن الأشرف (4037)، ومسلم في الجهاد والسير، باب قتل كعب بن الأشرف طاغوت اليهود (1801). (¬2) الخبر في مغازي الواقدي 1/ 190. (¬3) فلم يطلع عظيم من عظمائهم ولم ينطقوا، وخافوا أن يبيّتوا كما بيّت ابن الأشرف. (المغازي 1/ 191). (¬4) في دلائل النبوة 3/ 167 من رواية ابن بكير: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رجع من غزوة السويق أقام بالمدينة بقية ذي الحجة والمحرم أو عامته ثم غزا نجدا. . . فأقام بنجد صفرا كله أو قريبا من ذلك. والعبارة في السيرة 2/ 46 فيها سقط فليتنبه، وانظر الطبري 2/ 487، والقول الأول هو للواقدي 1/ 193، وابن سعد 2/ 34، وابن حبان/215/. وقال ابن حبيب/112/: خرج عقب المحرم، ورجع لخمس خلون من صفر. (¬5) بالأول سماها ابن إسحاق ومن تبعه، وذو أمر واد ناحية النخيل وهو بنجد من ديار غطفان، وإلى اليوم توجد قرية بهذا الاسم على بعد مائة كيلو مترا تقريبا-

وذلك بأن جمعا من بني ثعلبة ومحارب تجمّعوا يريدون الإغارة، وعليهم دعثور بن الحارث المحاربي، وكان شجاعا، فلما سمعوا بمهبطه عليه الصلاة والسلام عليهم، هربوا في رؤوس الجبال. وأصاب النبي صلى الله عليه وسلم مطر، فنزع ثوبيه ونشرهما على شجرة ليجفا، واضطجع تحتها وهم ينظرون، فقالوا لدعثور: قد انفرد محمد فعليك به. فأقبل حتى قام على رأسه، فقال: من يمنعك مني اليوم؟ فقال عليه الصلاة والسلام: «الله». فدفعه جبريل في صدره، فوقع السيف من يده فأخذه النبي صلى الله عليه وسلم وقال له: «من يمنعك أنت مني اليوم» (¬1)؟ فقال: لا أحد، وأنا أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله. ثم أتى قومه فدعاهم إلى الإسلام، فأنزل الله تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اُذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ} الآية (¬2). وسماه الخطيب: غورث، ويقال: غورك (¬3). ¬

= عن المدينة شرقها تجاه نجد. وأما تسمية الحاكم فهي للطبري 2/ 492، ويوضحها قول ابن حبيب في المحبر/112/: ثم خرج صلى الله عليه وسلم في عقب المحرم إلى بني أنمار بن بغيض بذي أمر. وفي البخاري من كتاب المغازي، باب: غزوة أنمار (4140) لكن ليس فيه تحديد لمكان أو زمان، ونقل الحافظ في شرحه عن مغلطاي أنها غزوة (أمر) بفتح الهمزة وكسر الميم. (¬1) جاءت هذه العبارة في (2) مثل الأولى. (¬2) وتمامها: فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَاِتَّقُوا اللهَ وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ [المائدة:11]. وانظر الخبر بكامله في مغازي الواقدي 1/ 194 - 196، وأخرجه البيهقي في الدلائل 3/ 168 - 169 عنه. (¬3) الأسماء المبهمة في الأنباء المحكمة للخطيب/246/وعزاه الحافظ في الفتح 7/ 493 إليه، وبالأول (غورث) سماه الإمام البخاري عقب هذه القصة، حيث-

[سرية زيد بن حارثة إلى القردة]

ويقال: كان ذلك في ذات الرقاع (¬1). ثم رجع النبي صلى الله عليه وسلم بعد غيبته إحدى عشرة ليلة، ولم يلق كيدا (¬2). [سرية زيد بن حارثة إلى القردة] ثم سرية زيد بن حارثة في مائة راكب إلى القردة-ويقال: بالفاء (¬3) - ماء من مياه نجد، بها مات زيد الخيل (¬4)، لهلال جمادى الآخرة. وذكرها ابن إسحاق قبل قتل ابن الأشرف (¬5). يعترض عيرا لقريش، فيها صفوان بن أمية، فأصابوها، فبلغ خمسه عشرين ألف درهم، وأسر فرات ابن حيّان، فأسلم (¬6). ¬

= أخرجها من وجه آخر في المغازي، باب غزوة ذات الرقاع (4135) و (4136)، ومسلم في صلاة المسافرين، باب صلاة الخوف (843)، وانظر ضبط الاسم في تكملة الإكمال لابن نقطة 4/ 387. (¬1) كما عند البخاري ومسلم في التخريج السابق، وقال الإمام البيهقي في الدلائل 3/ 169: فإن كان الواقدي قد حفظ ما ذكر في هذه الغزوة، فكأنهما قصتان، والله أعلم. وكذا نص الحافظ في الفتح في الموضع السابق. (¬2) هذا على قول الواقدي 1/ 196 وأضاف: واستخلف على المدينة عثمان بن عفان رضي الله عنه. (¬3) هكذا ضبطها ابن الأثير في الكامل 2/ 41، وانظر القاموس المحيط (فرد). (¬4) هكذا في السيرة 2/ 578، وكان قد قدم المدينة في وفد طيء فأسلم، ومدحه الرسول صلى الله عليه وسلم وسماه زيد الخير، لكن أصابته حمى المدينة، فتوفي في الطريق إلى قومه في هذا الموضع. الذي حدده ابن سعد 2/ 36: من أرض نجد بين الربذة والغمرة، ناحية ذات عرق. وانظر خبره في جمهرة ابن حزم/403/، وسمي زيد الخيل لخمسة أفراس كانت له. (انظر الروض 4/ 226). (¬5) السيرة 2/ 50. (¬6) وفرات كان دليل قريش، وخرج به صفوان بن أمية لأنه أدرى بطريق العراق إلى-

[الزواج من حفصة رضي الله عنها]

[الزواج من حفصة رضي الله عنها]: وتزوج حفصة بنت عمر رضي الله عنه في شعبان (¬1). وقال أبو عبيدة: سنة اثنتين (¬2). ويقال: بعد أحد، لأن زوجها خنيس بن حذافة شهد أحدا ومات في تلك الأيام من جراحة (¬3). وطلّقها مرة، وراجعها لأجل عمر-وقيل: وثانية-أمره الله بذلك (¬4). ¬

= الشام، وذلك لأنهم خافوا من كمائن المسلمين على طريق الساحل وغيره. وانظر تفصيل هذه السرية في السيرة 2/ 50 - 51، والمغازي 1/ 197 - 198، والطبقات 2/ 36. (¬1) يعني من السنة الثالثة، وهذا قول الواقدي كما في الطبقات 8/ 83، وخليفة /66/، والبلاذري 1/ 422، والطبري 2/ 499، وهذا يعني أن زواجها كان قبل أحد بشهرين كما قال البلاذري. (¬2) قول أبي عبيدة في كتابه تسمية أزواج النبي صلى الله عليه وسلم/59/، قال: «الدليل على وقت تزويجه إياها أنه تزوجها بعد وفاة رقية بنت النبي صلى الله عليه وسلم التي كانت عند عثمان، وكان النبي صلى الله عليه وسلم خلّف عثمان بالمدينة حين غزا بدرا ليمرض رقية. . . فماتت، فدفنت يوم أتى أهل المدينة البشير بفتح الله على رسوله صلى الله عليه وسلم ببدر وهم على قبرها، فلما قدموا المدينة رأى عمر عثمان مغتما فسأله عن غمه، فشكا إليه اغتمامه لانقطاع الصهر بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له عمر: ألا أزوجك ابنتي. . .». قلت: والخبر صحيح أخرجه البخاري في النكاح، باب عرض الإنسان ابنته أو أخته على أهل الخير (5122). (¬3) كذا في الاستيعاب 2/ 452، ورجح ابن سيد الناس 2/ 395، والحافظ في الفتح 9/ 81 الأول، وهو كون موته رضي الله عنه عقب بدر كما رواه ابن سعد 8/ 81، لكن كلام الحافظ في الإصابة 7/ 581 - 582 فيه تناقض فليتنبه. (¬4) يعني بمراجعتها، أما تطليقها ومراجعتها رضي الله عنها: فقد ورد ذلك من-

[الزواج من زينب رضي الله عنها]

[الزواج من زينب رضي الله عنها]: وتزوج زينب بنت خزيمة أم المساكين (¬1) في رمضان (¬2) قبل أحد بشهر (¬3). وكانت قبله عند الطفيل بن الحارث فطلقها، فتزوجها أخوه عبيدة، ¬

= حديث سيدنا عمر رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طلق حفصة ثم راجعها. أخرجه أبو داود (2283)، والنسائي-وفيه تحريف باسم الراوي-6/ 213، وابن ماجه (2016)، وصححه ابن حبان (4275)، والحاكم 2/ 197. وأما كونه صلى الله عليه وسلم راجعها من أجل عمر رضي الله عنه فقد أخرج الطبراني في الكبير 23/ (305)، والبزار (1502)، وابن حبان (4276) عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: دخل عمر على حفصة وهي تبكي، فقال: ما يبكيك؟ لعل رسول الله صلى الله عليه وسلم طلقك! إنه قد كان طلقك ثم راجعك من أجلي، فأيم الله إن كان طلقك لا أكلمك كلمة أبدا. ورجال أبي يعلى والبزار والطبراني رجال الصحيح كما في المجمع 4/ 333 و 9/ 244. وأما كون الله تعالى قد أمره بذلك: فقد ورد من عدة أحاديث أيضا، ففي الطبراني برجال الصحيح كما في المجمع 9/ 245 قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قال لي جبريل: راجع حفصة، فإنها صوّامة قوّامة، وإنها زوجتك في الجنة». وأخرجه ابن سعد 8/ 84، والحاكم 4/ 15، وأبو نعيم في الحلية 2/ 50، والحارث بن أبي أسامة كما في المطالب العالية 4/ 134. وأخرج الطبراني في الكبير 23/ 188، وأبو نعيم في الحلية 2/ 50 - 51: نزل جبريل من الغد وقال: إن الله تعالى يأمرك أن تراجع حفصة رحمة بعمر. لكن فيه راو غير معروف كما في المجمع 9/ 244. (¬1) قال الزهري رحمه الله: سميت بذلك لكثرة إطعامها المساكين. أخرجه الطبراني في الكبير 24/ 57 ورجاله ثقات كما في المجمع 9/ 248. وقال ابن سعد 8/ 115: كانت تسمى بذلك في الجاهلية. (¬2) قال في المعارف/158/: بعد حفصة بعشرين يوما. (¬3) هذا قول الواقدي كما في الطبقات 8/ 115.

فقتل عنها يوم بدر شهيدا (¬1). ¬

(¬1) أخرجه ابن سعد 8/ 115 عن الواقدي، وهو قول ابن الكلبي أيضا كما في الإصابة 7/ 673، لكن قال الزهري: كانت قبل الرسول صلى الله عليه وسلم تحت عبد الله بن جحش، فقتل عنها يوم أحد. أخرجه الحاكم 4/ 33. والبيهقي في الدلائل 3/ 159، وحكاه أبو عمر في الاستيعاب 4/ 1853، وابن حزم في السيرة /33/عن الزهري.

غزوة أحد

غزوة أحد ثم غزوة أحد، جبل بالمدينة على أقل من فرسخ منها، به قبر هارون عليه السلام (¬1)، ويقال له: ذو عينين (¬2). يوم السبت لسبع خلون (¬3) من شوّال، ويقال: لإحدى عشرة ليلة خلت منه، ويقال: للنصف منه (¬4). ¬

(¬1) أضاف السهيلي 3/ 159: وفيه قبض، ثم واراه موسى عليه السلام، وكانا قد مرا بأحد حاجين أو معتمرين، وانظر القصة أيضا في وفاء الوفا 1/ 161 - 162، لكن ضعفها الحافظ في الفتح عند شرحه لباب غزوة أحد من كتاب المغازي 7/ 401. (¬2) هكذا أيضا في تاريخ الخميس 1/ 419. والمعروف أن جبل عينين-بكسر العين وفتحها كما في القاموس-غير أحد، يفصل بينهما-اليوم-سفح جبل أحد، والذي تقوم عليه مقبرة الشهداء، وجبل عينين هو الذي كان عليه الرماة يوم أحد، وقال ياقوت: عينان: هو هضبة أحد بالمدينة، وقيل: جبل من جبال أحد. وقال ابن إسحاق 2/ 62: ببطن السبخة من قناة على شفير الوادي، مقابل المدينة. وقال ابن سعد 2/ 39: جبل بقناة. وفي البخاري (4072): «وعينين جبل بحيال أحد، بينه وبينه واد». (¬3) في (1): يوم السبت (لليلة خلت) من شوال. وفي (2) و (3): (لتسع ليال خلون). وما أثبته من العقد الثمين 1/ 245 حيث ينقل عن المؤلف، ومن المطبوع، وهو الموافق لما سيأتي في التخريج، لكن يشهد ل‍ (تسع) أنها أحد الأقوال الواردة كما في الفتح 7/ 401. (¬4) أما الأول: فهو للواقدي 1/ 199، وابن سعد 2/ 36 ومن تبعهما. وأما الثاني: -

قال مالك: كانت بعد بدر بسنة، وعنه: كانت على أحد وثلاثين شهرا من الهجرة (¬1). وذلك أن قريشا تجمعت لقتاله عليه الصلاة والسلام في ثلاثة آلاف رجل، فيهم سبعمائة دارع، ومائتا فرس، وثلاثة آلاف بعير، وخمس عشرة امرأة (¬2). والمسلمون ألف رجل، ويقال: تسعمائة (¬3). فانخزل (¬4) عبد الله بن أبي في ثلثمائة (¬5). ويقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم ¬

= فأخرجه البيهقي في الدلائل 3/ 201 عن قتادة ولم يذكر الإمام النووي في التهذيب 3/ 17 غيره. وأما الأخير: فهو قول ابن إسحاق كما أخرجه خليفة /67/، والطبري 2/ 502، والبيهقي 3/ 227، كلهم عنه. وأخرجه الطبراني عن ابن إسحاق أيضا برجال ثقات (المجمع 6/ 124). لكن الذي في الفتح أن (الإحدى عشرة) هي قول ابن إسحاق. وأظنه سبق قلم منه رحمه الله، إذ لم أجده، والله أعلم. (¬1) القولان أخرجهما البيهقي في الدلائل 3/ 202 عن الإمام مالك رحمه الله. (¬2) العبارة العددية بكاملها لابن سعد 2/ 37. (¬3) هكذا أيضا في المواهب 1/ 395، والسيرة الحلبية 1/ 230 وقال: لعله تصحيف عن سبعمائة. والمجمع عليه عند كتاب السير والمغازي الأول، وخرجه البيهقي 3/ 208 من رواية موسى بن عقبة و 3/ 221 عن عروة من رواية أخرى، والطبري 2/ 504 عن السدّي، وفي معالم التنزيل 1/ 347، والكشاف 1/ 214: في ألف، وقيل: في تسعمائة وخمسين رجلا. (¬4) بالزاي، أي: انفرد. (¬5) فأصبح عدد المسلمين سبع مائة كما في الطبقات 2/ 39، والطبري 2/ 504، والبيهقي 3/ 220 - 221 من طريقين، لكن خرّج من قول الزهري أنهم كانوا أربعمائة، وصحح الأول.

أمرهم بالانصراف لكفرهم (¬1) بمكان يقال له: الشّوط (¬2)، ويقال: بأحد عند التّصاف (¬3). وقال النبي صلى الله عليه وسلم للرماة: «لا تتغيروا من مكانكم، فلما تغيروا هزموا» (¬4). وقتل من المسلمين سبعون، [منهم حمزة رضي الله عنه بحرية وحشي] (¬5)، ويقال: خمسة وستون (¬6). ¬

(¬1) الذي في المغازي 1/ 215، والطبقات 2/ 39: أن كتيبة من يهود حلفاء ابن أبي خرجت معه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تستنصروا بأهل الشرك على أهل الشرك»، وروى الطبراني في الكبير والأوسط برجال ثقات عن أبي حميد الساعدي: أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج يوم أحد، حتى إذا جاوز ثنية الوداع، فإذا هو بكتيبة حسناء، فقال: من هؤلاء؟ قالوا: عبد الله بن أبيّ في ستمائة من مواليه من اليهود من بني قينقاع، فقال: وقد أسلموا؟ قالوا: لا يا رسول الله. قال: مروهم فليرجعوا، فإنا لا نستعين بالمشركين على المشركين». (وفاء الوفا 1/ 283). (¬2) هذا قول ابن إسحاق 2/ 64، والشوط-كما في النهاية-: اسم حائط من بساتين المدينة، وقال ابن إسحاق: بين المدينة وأحد، وأورده السمهودي مؤرخ المدينة في وفاء الوفا/1248/من عدة روايات يؤخذ منها أنه بالقرب من جبل (ذباب). وهذا قبل أحد في الطريق إليه. (¬3) هذا قول الواقدي 1/ 219، وابن سعد 2/ 39، والبيهقي 3/ 208، ونقل الطبري في التاريخ 2/ 504 عن الواقدي أن انخزال ابن أبي كان من الشيخين. والشيخان: أطمان عسكر عندهما الرسول صلى الله عليه وسلم عند خروجه إلى أحد، وردّ من رد من صغار الصحابة. (¬4) الحديث في الصحيح، ولفظه فيه من حديث البراء رضي الله عنه: «لا تبرحوا، إن رأيتمونا ظهرنا عليهم فلا تبرحوا، وإن رأيتموهم ظهروا علينا فلا تعينونا». أخرجه البخاري في المغازي، باب غزوة أحد (4043). (¬5) ما بين المعقوفتين ساقط من (1). (¬6) الأول: أخرجه البخاري في المغازي، باب من قتل من المسلمين يوم أحد-

وأصيب صلى الله عليه وسلم، وشجّ جبينه، وكسرت رباعيته برمية عبد الله بن قميّة (¬1)، وضربه بالسيف على شقه الأيمن، فجرح وجنته (¬2)، ودخلت فيه حلقتان من المغفر (¬3)، ووقع في حفرة من الحفر التي كيد بها المسلمون، واتقاه طلحة بن عبيد الله، وشقت شفته السفلى صلى الله عليه وسلم (¬4). وصرخ ابن قميّة إن محمدا قتل (¬5). ¬

= (4078). وبالثاني: قال ابن إسحاق 2/ 126، وبه قال ابن قتيبة/160/. وفي الطبقات 2/ 42 - 43 ما يفيد بأنهم أكثر من السبعين. (¬1) هذا على رواية الطبراني في الكبير (7596) من حديث أبي أمامة رضي الله عنه. وأخرجه الطبري 2/ 519 عن السّدّي، والذي في السيرة 2/ 80: أن الذي كسرها عتبة بن أبي وقاص، وعن عبد الله بن شهاب الزهري: شجّه في جبهته، وأن ابن قميّة جرح وجنته. وقال الواقدي 1/ 244: الثبت عندنا أن الذي رمى وجنته ابن قمية، والذي أصاب رباعيته عتبة. قلت: والخبر في الصحيح بدون ذكر الأسماء أخرجه مسلم من حديث أنس في الجهاد، باب غزوة أحد (1791)، ورواه البخاري تعليقا في المغازي أول باب (ليس لك من الأمر شيء). وانظر باب ما أصاب النبي صلى الله عليه وسلم من الجراح يوم أحد. والرباعية: السن التي تلي الثنية من كل جانب، وللإنسان أربع رباعيات. وكان في الأصل (قميئة)، وفي كتب السيرة والحديث (قمئة) و (قميئة). وضبطتها من تكملة الإكمال لابن نقطة 4/ 655 - 657 بفتح القاف وكسر الميم وتشديد الياء حيث روى حديث الطبراني. وضبطها الصالحي في السبل 4/ 295: بفتح القاف وكسر الميم وبعدها همزة. (¬2) الوجنة: ما ارتفع من لحم الخد. (¬3) المغفر: زرد ينسج من الدروع على قدر الرأس يلبس تحت القلنسوة (السلاح 29). (¬4) السيرة 2/ 80، والطبقات 2/ 42. (¬5) في السيرة 2/ 73 من كلام ابن إسحاق: أن ابن قمية لما قتل مصعب رضي الله عنه ظن أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجع إلى قريش وهو يقول: قتلت محمدا.

ويقال: بل كان ذلك أزبّ العقبة (¬1). ويقال: بل هو إبليس تصور في صورة جعال (¬2). ولم يثبت معه عليه الصلاة والسلام يومئذ إلا أربعة عشر رجلا (¬3). وقتل بيده أبيّ بن خلف (¬4). وصلّى الظهر يومئذ قاعدا (¬5). وانقطع سيف عبد الله بن جحش يومئذ، فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم عرجونا، فصار في يده سيفا، ولم يزل يتناول حتى اشتراه بغا التركي (¬6). ¬

(¬1) في السيرة من كلام ابن هشام 2/ 78: الصارخ: أزبّ العقبة، يعني الشيطان. (¬2) في تاريخ الخميس 1/ 429: تصور الشيطان بصورة جعال بن سراقة الضمري. (¬3) هذا قول الواقدي 1/ 294، وابن سعد 2/ 42 وفيه: سبعة من المهاجرين فيهم أبو بكر، وسبعة من الأنصار. وانظر الفتح عند شرح الحديث (4060) و (4061) ففيه أقوال أخرى. (¬4) كان أبيّ بن خلف قد حلف بمكة ليقتلن محمدا صلى الله عليه وسلم، فلما سمعها منه صلى الله عليه وسلم قال: «بل أنا أقتله إن شاء الله». فصدقه الله تعالى في غزوة أحد، إذ طعن أبيّ بحربته فوقع عن ظهر فرسه لكنه لم يمت، فجزع أبيّ جزعا شديدا فقالوا له: إنما هو خدش، فقال لهم: إن محمدا-صلى الله عليه وسلم-قال: أنا أقتل أبيا. فما وصل مكة حتى مات دونها. والحديث أخرجه الحاكم 2/ 327 وصححه ووافقه الذهبي، كما أخرجه أبو نعيم في الدلائل (415)، والبيهقي في الدلائل 3/ 258 - 259، وانظر السيرة 2/ 84، والطبقات 2/ 46. (¬5) السيرة 2/ 87 من كلام ابن هشام، وأضاف: وصلى المسلمون خلفه قعودا. (¬6) دلائل البيهقي 3/ 250، وعزاه أبو عمر في الاستيعاب 3/ 879 إلى الزبير في الموفقيات، كما ذكر بيعه من بغا التركي بمائتي دينار. وانظر كتب الصحابة الأخرى.

[المردودون لصغرهم]

وكذا جرى لعكاشة، وسلمة بن أسلم يوم بدر (¬1). وقتل من المشركين ثلاثة-ويقال: اثنان-وعشرون رجلا (¬2). [المردودون لصغرهم]: وكان قد رد جماعة من المسلمين لصغرهم، منهم: أسامة، وابن عمر، وزيد بن ثابت، والبراء، وأسيد، وعمرو بن حزم (¬3)، وأبو سعيد الخدري، وعرابة الأوسي، وسعد بن حبتة، وزيد بن أرقم، والنعمان بن بشير وفيه نظر (¬4). [الصلاة على الشهداء]: وصلى على حمزة والشهداء من غير غسل، وهذا إجماع إلا ما شذّ به بعض التابعين (¬5). ¬

(¬1) في (1) و (2): في بدر. وخبر عكاشة رضي الله عنه: في السيرة 1/ 637، والمغازي 1/ 93، وأخرجه البيهقي في الدلائل 3/ 99. وأما خبر سلمة بن أسلم رضي الله عنه: فقد ذكره الواقدي 1/ 93 - 94، وأخرجه البيهقي في الدلائل 3/ 99 عنه. (¬2) الأول لابن سعد 2/ 43، والثاني لابن إسحاق 2/ 129. (¬3) إلى هنا ذكرهم ابن هشام في السيرة 2/ 66 وقال: ثم أجازهم يوم الخندق وهم أبناء خمس عشرة سنة. (¬4) ذكر السهيلي 3/ 160 اثنين من هؤلاء: عرابة وسعد بالإضافة إلى ما ذكره ابن هشام. وذكر أبو عمر في الدرر الباقي عدا النعمان، فقد ذكره الواقدي ضمن هؤلاء 1/ 216. وقول المصنف رحمه الله: (وفيه نظر). لأنه تقدم أن ولادته رضي الله عنه كانت في السنة الثانية، والله أعلم. (¬5) قوله: (وهذا إجماع). إن عنى به كتّاب السير فممكن، لكن المحدثين ضعفوه، وإن عنى به الفقهاء، فلا، فإجماعهم-إلا أبا حنيفة رحمه الله-أن الشهيد في-

ويقال: بل غسّلوا، وفي الكامل لابن عدي: أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بذلك (¬1). قال السهيلي: ولم يرو عنه صلى الله عليه وسلم أنه صلى على شهيد في شيء من مغازيه إلا في هذه (¬2). وفيه نظر، لما ذكره النسائي من أنه صلى على أعرابي في غزوة أخرى (¬3). ¬

= أرض المعركة لا يغسل ولا يصلى عليه. انظر حلية العلماء 2/ 357، والمجموع 5/ 264، والمغني 2/ 528 - 529، وهو قول ابن المنذر في الأوسط 5/ 346. وانظر في حجج الفريقين والرد عليها: معرفة السنن والآثار 3/ 140 وما بعد، والروض الأنف 3/ 178، وفتح الباري 3/ 248 - 249 و 7/ 435 عند شرح حديث جابر رضي الله عنه (1343): «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بدفن شهداء أحد في دمائهم، ولم يغسلوا ولم يصل عليهم». والحكمة من عدم تغسيلهم والصلاة عليهم كما قال الإمام الشافعي في الأم 1/ 237: أن يلقوا الله جلّ وعزّ بكلومهم، لما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم: أن ريح الكلم ريح المسك، واللون لون الدم، واستغنوا بكرامة الله جل وعز لهم عن الصلاة لهم، مع التخفيف على من بقي من المسلمين. (¬1) عدم تغسيله: هو بإجماع الفقهاء، وإنما قال بغسله الحسن وابن المسيب رحمهما الله تعالى. انظر الأوسط 5/ 346 - 347، والروض 3/ 179. (¬2) الروض الأنف 3/ 178، وقوله: إلا في هذه. يعني رواية ابن إسحاق في الصلاة على شهداء أحد، لكن السهيلي ضعفها، وتكلم الشافعي رحمه الله عليها قبله في الأم 1/ 237 وخطّأها وقال: ينبغي لمن روى هذا الحديث أن يستحي على نفسه. يعني لمخالفته الأحاديث الصحيحة في هذا الباب. (¬3) أخرجه النسائي في الجنائز، باب الصلاة على الشهداء 4/ 60 - 61، وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى 4/ 15 - 16، وأجاب عنه هنا وفي معرفة السنن 3/ 146 بقوله: يحتمل أن يكون بقي حيا حتى انقطعت الحرب. وفي المجموع-

[دليل الغزوة]

[دليل الغزوة]: وأما قول ابن إسحاق: كان دليله عليه الصلاة والسلام أبو خيثمة الحارثي، ففيه نظر، لما ذكره الواقدي وغيره من أنه أبو حتمة والد سهل ابن أبي حتمة (¬1). وأما قول ابن أبي حاتم: كان سهل بن أبي حتمة، فغير صحيح لصغر سنه عند ذلك (¬2). ورجع النبي صلى الله عليه وسلم في يومه آخر النهار (¬3). [غزوة حمراء الأسد] ثم غزا حمراء الأسد-وهي على ثمانية أميال من المدينة، عن يسار الطريق إذا أردت ذا الحليفة-لطلب عدوهم بالأمس (¬4). ونادى: أن لا يخرج إلا من شهد أحدا (¬5). واستخلف ابن أم مكتوم (¬6). ¬

= 5/ 265: أن هذه الرواية مرسلة. (¬1) السيرة 2/ 65، والواقدي 1/ 218، وابن سعد 2/ 39. (¬2) قول ابن أبي حاتم-وفي الإصابة- (عن أبيه): ذكره الحافظ 3/ 196 ونقل عن ابن القطان بأنه لا يصح، لأن سهل كان ابن ثمان سنين أو نحوها عند موت النبي صلى الله عليه وسلم. وأبو (حثمة) هكذا بالثاء المثلثة في جميع المصادر، لكن ضبطها الصالحي (بالتاء) المثناة عن ابن سعد وغيره، فأثبتها على ضبطه، والله أعلم. (¬3) وصلى المغرب بالمدينة، كما في الواقدي 1/ 317، وابن سعد 2/ 44. (¬4) انظر تحديد الزمان والمكان بأدق من هذا في الطبقات 2/ 48. (¬5) إلا جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أبي خلّفني يوم أحد على أخوات لي. فأذن له. (¬6) كذا في الطبقات 2/ 49، وأنساب الأشراف 1/ 339.

[سرية أبي سلمة إلى قطن]

فأقام بها يوم الإثنين والثلاثاء والأربعاء، ودخل المدينة يوم الجمعة وقد غاب خمسا (¬1). وحرمت الخمر في شوال، ويقال: سنة أربع (¬2). وولد الحسن بن علي رضي الله عنهما (¬3). [سرية أبي سلمة إلى قطن] ثم سرية أبي سلمة عبد الله بن عبد الأسد، هلال المحرم إلى قطن -جبل بناحية فيد، وقيل: ماء من مياه بني أسد بنجد (¬4) -ومعه مائة وخمسون رجلا، لطلب طليحة وسلمة ابني خويلد الأسديين، فلم يجدوهما، ووجدوا إبلا وشاء ولم يلقوا كيدا (¬5). ¬

(¬1) الواقدي 1/ 334، والبلاذري 1/ 338. (¬2) كون تحريمها في شوال من السنة الثالثة بعد أحد: هو قول ابن الجوزي في التلقيح/44/، والقرطبي في التفسير 6/ 285، وقال ابن إسحاق 2/ 191، والبلاذري 1/ 272، وابن حزم في جوامع السيرة/181/: إنها حرمت في السنة الرابعة، لكن الحافظ في الفتح 10/ 34 في مستهل شرحه لكتاب الأشربة ضعفه، ورجح أنها في عام الفتح، قبل الفتح، كما نقل عن الدمياطي أن تحريم الخمر كان سنة الحديبية، والحديبية كانت سنة ست. (¬3) تاريخ خليفة/66/، والدولابي (102)، والطبري 2/ 537، لكن فيها ما يدل على أن ولادته رضي الله عنه قبل أحد بشهر في النصف من شهر رمضان. وفي المعارف/158/: أن ولادته كانت في السنة الثانية بعد بدر. وأخرج الدولابي (100) عن قتادة: أن ولادته كانت لأربع سنين وستة أشهر ونصف من التاريخ، يعني بعد أحد بسنتين تقريبا. (¬4) كذا في السيرة 2/ 612، وفي معجم البلدان: فيد: بليدة في نصف طريق مكة من الكوفة، وفيه: أنها أكرم نجد قريب من طيء. (¬5) انظر تفصيل أكثر في مغازي الواقدي 1/ 340.

[سرية عبد الله بن أنيس إلى عرنة]

قال أبو عبيد البكري: وقتل بها عروة بن مسعود (¬1). [سرية عبد الله بن أنيس إلى عرنة] ثم سرية عبد الله بن أنيس وحده إلى سفيان بن خالد الهذلي بعرنة (¬2) -وهو وادي عرفة-يوم الإثنين لخمس خلون من المحرم، لأنه بلغه عليه الصلاة والسلام أنه يجمع لحربه. فقال له عبد الله: جئتك لأكون معك، ثم اغتره فقتله. وغاب ثماني عشرة ليلة، وقدم يوم السبت لسبع بقين منه (¬3). [سرية المنذر إلى بئر معونة] ثم سرية المنذر بن عمرو إلى بئر معونة-ماء لبني عامر بن صعصعة، وقيل: قرب حرّة بني سليم (¬4) -في صفر على رأس ستة وثلاثين ¬

(¬1) هكذا (عروة بن مسعود) في الجميع، وهو قول ابن حبيب في المحبر/117/. لكن الذي في السيرة 2/ 612، ونقله عنه البكري في معجم ما استعجم (قطن): مسعود بن عروة. وبهذا الاسم ذكروه في كتب الصحابة، انظر الاستيعاب 3/ 1393، وأسد الغابة 5/ 164، والتجريد 2/ 74. (¬2) قال ابن إسحاق 2/ 619: بنخلة أو بعرنة. وعرنة-كما ضبطها المحب الطبري في القرى-: بضم العين المهملة، وبضم الراء المهملة وفتحها، وهو الأشهر عند مالك. وعرنة هي ما دون عرفة من جهة مكة، بينهما الوادي الذي ينسب إليها، وليس هو من عرفة. (¬3) كذا في الطبقات 2/ 51، وانظر تفصيلها فيه وفي السيرة 2/ 619 - 621. (¬4) حرة بني سليم في عالية نجد كما في معجم البلدان 2/ 246، وفي وفاء الوفا /1186/: تحت قاع النّقيع-يعني الحمى شرقيا. وقال في موضع آخر /1083/: وحمى النقيع على بعد عشرين فرسخا من المدينة، وهو صدر وادي العقيق. وقال ابن سعد 2/ 52: وهو بناحية المعدن. وفي الفتح 7/ 438 - -

شهرا من الهجرة (¬1) ومعه القراء (¬2)، وهم سبعون، وقيل: أربعون، وقيل: ثلاثون (¬3)، أرسلهم مع أبي براء ملاعب الأسنة، ليدعو أهل نجد إلى الإسلام. فخرج عليهم عامر بن الطفيل بجمع من بني عامر ورعل وذكوان وعصيّة، فقتلوا من عند آخرهم، إلا كعب بن زيد، وعمرو بن أمية الضمري (¬4). ¬

= 439: موضع في بلاد هذيل بين مكة وعسفان. (¬1) هذا قول الواقدي 1/ 346، وفي السيرة 2/ 183: في صفر على رأس أربعة أشهر من أحد. (¬2) كذا في البخاري من حديث أنس رضي الله عنه، كتاب المغازي، باب غزوة الرجيع ورعل وذكوان وبئر معونة. . . (4090) وفيه: كنا نسمّيهم القراء في زمانهم، كانوا يحتطبون بالنهار ويصلون في الليل. وفي مغازي الواقدي والطبقات: أنهم شببة، كانوا يستعذبون الماء لرسول الله صلى الله عليه وسلم ويحطبون له، حتى إذا كان الليل قاموا إلى السواري للصلاة. وقال الواقدي: وكان أهلهم يظنون أنهم في المسجد، وكان أهل المسجد يظنون أنهم في أهليهم. وفي السيرة 2/ 184: في رجال مسمّين من خيار المسلمين. (¬3) الأول والثاني للواقدي 1/ 347 لكن قال: الثبت على أنهم أربعون. واقتصر ابن سعد على الأول، واقتصر ابن إسحاق على الثاني، أما الثلاثون: فهو قول ابن حبيب في المحبر/118/وأضاف: منهم أربعة من المهاجرين وستة وعشرون من الأنصار. وبثلاثة الأقوال قال أبو عمر في الدرر/161/. قلت: لكن الذي في الصحيح من حديث أنس رضي الله عنه السابق أنهم سبعون، لذلك قال في الزاد 3/ 47: والذي في الصحيح هو الصحيح. (¬4) أما كعب بن زيد فإنه كان به رمق عندما تركوه، فارتث من بين القتلى، فعاش حتى قتل يوم الخندق شهيدا، وأما عمرو بن أمية: فقد كان في سرح القوم ثم لما استبطأهم ذهب إليهم فأخذ أسيرا، فلما أخبرهم أنه من مضر أطلقه عامر بن الطفيل، وجزّ ناصيته وأعتقه عن رقبة زعم أنها كانت على أمه. (انظر-

[سرية مرثد إلى الرجيع]

فمكث عليه الصلاة والسلام يدعو عليهم في صلاته حينا (¬1). [سرية مرثد إلى الرجيع] ثم سرية مرثد بن أبي مرثد الغنوي (¬2) إلى الرّجيع-ماء لهذيل بين مكة وعسفان بناحية الحجاز-في صفر وعدتهم عشرة، ويقال: ستة (¬3). وذلك أن رهطا من عضل والقارة، سألوا النبي صلى الله عليه وسلم أن يرسل معهم من يعلمهم شرائع الإسلام، فلما كانوا بين عسفان ومكة، غدروا بهم، فقتلوهم إلا خبيب بن عدي، وزيد بن الدّثنة، فإنهم أسروهما وباعوهما في مكة فقتلا (¬4) بها. ¬

= السيرة 2/ 185، والواقدي 1/ 348). (¬1) في حديث أنس رضي الله عنه السابق عند البخاري: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قنت شهرا يدعو في الصبح عليهم. (¬2) كذا في السيرة 2/ 169، والطبقات 2/ 55، وابن حبان/233/، والدرر /159/: أن الأمير هو مرثد بن أبي مرثد رضي الله عنه، وقال الواقدي 1/ 355: مرثد بن أبي مرثد، ويقال: أميرهم عاصم بن ثابت. وأخرج الطبري 2/ 538 - 540 الروايتين. لكن الذي في الصحيح-كما سوف أخرج-أن الأمير هو عاصم بن ثابت، وقال الحافظ: وما في الصحيح أصح. (¬3) كونهم عشرة هي رواية ابن سعد 2/ 55، وهي التي توافق ما جاء في صحيح البخاري كما سوف أخرج، وقال ابن إسحاق 2/ 169: كانوا ستة. وأخرجها البيهقي في الدلائل 3/ 327 عن موسى بن عقبة، وذكر الواقدي 1/ 355 الروايتين، إلا أن عنده: سبعة، ويقال: عشرة. (¬4) انظر خبر السرية كاملا في السيرة 2/ 169 - 183، والمغازي 1/ 354 - 363، والطبقات 2/ 55 - 56، وأخرجها البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، في المغازي، باب غزوة الرجيع. . (4086).

[غزوة بني النضير]

وصلى خبيب قبل قتله ركعتين، فكان أول من سنهما (¬1). وقيل: بل أسامة بن زيد حين أراد المكري الغدر به (¬2). كذا ذكره بعضهم، وكأن الصواب: زيد، والله تعالى أعلم (¬3). [غزوة بني النضير] ثم غزوة بني النّضير في ربيع الأول سنة أربع وجعلها ابن إسحاق: بعد بئر معونة، والزهري: بعد بدر بستة أشهر (¬4). ¬

(¬1) كذا في المصادر السابقة أيضا، وهي في الصحيح من نفس الحديث السابق. وانظر أوائل الطبراني/108/، وأوائل العسكري 143 - 144. (¬2) الخبر أخرجه السهيلي بسنده عن الليث بن سعد رحمه الله قال: بلغني أن زيد ابن حارثة اكترى بغلا من الطائف، واشترط عليه المكري أن ينزله حيث شاء، قال: فمال به إلى خربة، فقال له: انزل. فنزل فإذا في الخربة قتلى كثيرة، قال: فلما أراد أن يقتله، قال: دعني أصلي ركعتين. قال: صلّ. . . إلى آخر الخبر، وفيه: أنه دعا الله فنجاه. لكن قال السهيلي إن فعل خبيب صار سنة، ثم ذكر هذه الرواية ولم يقل إنه أول من صلاهما. ثم إن هذا الخبر غير متصل، وهو يعارض ما جاء في الصحيح. (¬3) يعني: زيد بن حارثة وليس أسامة بن زيد. وهذه العبارة ساقطة من (1) و (2) وقال الصالحي في السبل 6/ 76 عند نقل عبارة المصنف السابقة: كذا في نسختين من الإشارة يقصد (أسامة). مما يدل على أن النسختين اللتين اطلع عليهما هما (1) و (3) حيث سقطت هذه العبارة أيضا منهما. لكن نقل الديار بكري في تاريخ الخميس 1/ 457 عن المصنف هذه العبارة الأخيرة، وهي ما أثبته من (2) والمطبوع. والله تعالى أعلم. (¬4) السيرة 2/ 190 والترتيب فيها: يوم الرجيع، ثم بئر معونة، ثم غزوة بني النضير، وكلها بعد أحد. أما قول الزهري: فهو في البخاري تعليقا، مستهل باب حديث بني النضير من-

[غزوة بدر الصغرى]

واستخلف ابن أم مكتوم، فحاصرهم خمسة عشر يوما، وقيل: ستة أيام (¬1)، لأنهم نقضوا عهده، وأرادوا قتله (¬2). فخرّب وحرّق، وقذف الله تعالى في قلوبهم الرعب، فأجلاهم إلى خيبر (¬3). [غزوة بدر الصغرى] ثم غزوة بدر الموعد، وهي الصغرى (¬4)، هلال ذي القعدة، ويقال: ¬

= كتاب المغازي. ورجح السهيلي 3/ 250 قول الزهري، لكن استغربه الحافظ منه، وكذا خطّأه ابن القيم في الزاد 3/ 249، قال: الذي لا شك فيه أنها بعد أحد، وكان صلى الله عليه وسلم له مع اليهود أربع غزوات. أولها: غزوة بني قينقاع بعد بدر، والثانية: غزوة بني النضير بعد أحد، والثالثة: غزوة قريظة بعد الخندق، والرابعة: غزوة خيبر بعد الحديبية. (¬1) الأول للواقدي 1/ 374، وتبعه ابن سعد 2/ 58، والبلاذري 1/ 339، وابن حبان/236/. والثاني هو قول ابن إسحاق 2/ 191، وتبعه ابن حزم /181/، وأبو عمر في الدرر/165/. (¬2) وذلك عندما همّوا أن يرموا عليه صخرة من فوق جدار أحد البيوت، عندما جاء يستعينهم في دية الكلابيّين اللّذين قتلهما عمرو بن أمية بعد أخذ الأمان لهما. انظر القصة في كتب السير والمغازي. (¬3) في البخاري كتاب المغازي، باب حديث بني النضير (4031) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: حرّق رسول الله صلى الله عليه وسلم نخل بني النضير وقطع، وهي البويرة، فنزلت: ما قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوها قائِمَةً عَلى أُصُولِها فَبِإِذْنِ اللهِ [الحشر:59]. أقول: لذلك كانت سورة الحشر تسمى: سورة النضير، كما في البخاري (4029). (¬4) وتسمى أيضا غزوة بدر الموعد، لما سيأتي. وبدر الصغرى، بالنسبة لبدر الكبرى التي حدث فيها القتال، وفي السيرة: بدر الآخرة. وفي الدرر/168/: -

في شعبان بعد ذات الرقاع (¬1). وذلك أن أبا سفيان قال يوم أحد: الموعد بيننا وبينكم بدر رأس الحول. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «نعم» (¬2). فخرج ومعه ألف وخمسمائة [من أصحابه] (¬3) وعشرة أفراس، واستخلف عبد الله بن رواحة (¬4). فأقاموا بها ثمانية أيام، وباعوا ما معهم من التجارة فربحوا الدرهم درهمين (¬5). ¬

= غزوة بدر الثالثة. لأنه قد سبقها غزوتان بهذا الاسم. كما تسمى: غزوة السويق، أو جيش السويق، وهو اسم أطلقه مشركو مكة عليها، وذلك لأن أبا سفيان وجيشه خرجوا لبدر الموعد كما سوف يقول المصنف وأخرّج، ثم بدا له أن يعود، فلما عادوا عيّرهم أهل مكة بذلك وسمّوا ذلك الجيش: جيش السويق، يقولون: خرجوا يشربون السويق. وهي غير غزوة السويق المتقدمة. (الواقدي 1/ 388، والطبري 2/ 559، ودلائل النبوة للبيهقي 3/ 387). (¬1) كونها في شعبان: هو قول ابن إسحاق 2/ 209، وبه قال ابن حبيب في المحبر/113/، والطبري في التفسير 4/ 182، وهو قول موسى بن عقبة كما في دلائل البيهقي 3/ 386، وصححه البيهقي وابن كثير 4/ 91. وقال بالأول الواقدي 1/ 384، وتبعه ابن سعد 2/ 59، والبلاذري 1/ 339، وابن الجوزي في الوفا/711/. وقال ابن حبان/238/: خرج في شهر رمضان. (¬2) المغازي 1/ 384، والسيرة 2/ 94. (¬3) من الواقدي، حتى لا يكون الرقم واحدا. (¬4) كذا عند الواقدي 1/ 384، وابن سعد 2/ 59 ومن تبعهما، وبه قال الطبري 2/ 561، وابن حبان/238/. أما ابن هشام 2/ 209 فقال: استعمل عبد الله ابن عبد الله بن أبي بن سلول الأنصاري. وتبعه في هذا: ابن حزم/184/، وأبو عمر في الدرر/168/. (¬5) معالم التنزيل 1/ 375 عند تفسير الآية (172) من آل عمران. وكذا في الطبري-

[ولادة الحسين رضي الله عنه]

وخرج أبو سفيان ومعه ألفان، حتى إذا انتهى إلى مرّ الظهران -وقيل: عسفان-رجع، لأنه كان عام جدب (¬1). فأنزل الله في المؤمنين: {فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ} [آل عمران:174] (¬2). [ولادة الحسين رضي الله عنه]: وفي هذه السنة ولد الحسين (¬3). [غزوة ذات الرقاع] ثم غزوة ذات الرقاع (¬4). ¬

= 1/ 561، والبداية والنهاية 4/ 91 كلاهما عن الواقدي. والذي في مغازي الواقدي 1/ 387، وسبل الهدى 4/ 479 عن عثمان بن عفان رضي الله عنه: ربحت للدينار دينارا. وعند ابن سعد 2/ 60، وابن حبان/239/: فربحوا للدرهم درهما. أقول: وذلك لأن بدرا-ويقال لها بدرا الصفراء-كانت موسما ومجتمعا وسوقا للعرب، تقوم لهلال ذي القعدة إلى ثمان منه ثم يتفرق الناس إلى بلادهم، وهذا هو سبب حمل المسلمين للتجارة معهم. (¬1) السيرة 2/ 209، والواقدي 1/ 388. (¬2) اختلف في سبب نزول هذه الآية، فعن مجاهد وعكرمة رحمهما الله تعالى أنها نزلت في هذه الغزوة، وقال أكثر المفسرين: نزلت في غزوة حمراء الأسد المتقدمة بعد أحد مباشرة. انظر معالم التنزيل للبغوي 1/ 374، وزاد المسير 1/ 503، وصحح قول الجمهور ابن عطية في المحرر الوجيز 3/ 298 - 299، والقرطبي في الجامع لأحكام القرآن 4/ 278 - 279. (¬3) الطبري 2/ 555، وابن حبان/237/، وتلقيح الفهوم/45/. (¬4) لم يحدد المصنف جهتها، وفي السيرة 2/ 204: حتى نزل (نخلا). وفي الطبقات 2/ 61: قريب من (النخيل) بين السعد والشقرة. والنخيل موضع-

[صلاة الخوف]

وسميت بذلك: لأنهم رقعوا راياتهم. وقيل: بشجرة تعرف بذات الرقاع. وقيل: بجبل أرضه متلونة (¬1). وفي البخاري: لأنهم لفوا على أرجلهم الخرق لمّا نقبت (¬2). قال الداودي: لأن صلاة الخوف كانت بها، فسميت بذلك لترقيع الصلاة فيها (¬3). [صلاة الخوف]: وقد رويت صلاة الخوف على ست عشرة صورة، كلها سائغ (¬4) فعله. ¬

= بنجد من أرض غطفان يبعد عن المدينة يومين، ولا تزال تعرف بهذا الاسم إلى اليوم، وقد تقدمت. (¬1) هذا الأخير هو للواقدي 1/ 395، وابن سعد 2/ 61، وفيهما: لأنه جبل فيه بقع حمر وسواد وبياض. وتبعهما ابن الجوزي في المنتظم 3/ 214، وابن الأثير في الكامل 2/ 66. وبالأول والثاني قال ابن هشام 2/ 204. وقال أبو ذر الخشني في شرحه للسيرة 3/ 285: اسم الجبل: ذات الرقاع. وهذا المعنى الذي ذكره أبو ذر، عزاه النووي 2 - 1/ 113 من تهذيبه إلى صاحب المطالع. (¬2) أخرجه البخاري في كتاب المغازي، باب غزوة ذات الرقاع (4128) من حديث أبي موسى رضي الله عنه: «. . . فنقبت أقدامنا، ونقبت قدماي، وسقطت أظفاري، فكنا نلف على أرجلنا الخرق، فسميت غزوة ذات الرقاع، لما كنا نعصب من الخرق على أرجلنا». وأخرجه مسلم في الجهاد والسير، باب غزوة ذات الرقاع (1816). ورجحه السهيلي في الروض 3/ 253، والنووي في التهذيب 2 - 1/ 114، وشرح مسلم 12/ 197، وشرح المهذب 4/ 407. (¬3) قول الداودي في الفتح أثناء شرح الحديث السابق، لكن الحافظ استغربه. وقد جمع البيهقي رحمه الله في دلائله 3/ 372 بين قول الواقدي وما جاء في الصحيح بقوله: فيشبه أن تكون غزوتين. (¬4) هكذا أيضا قال السهيلي 3/ 253: ست عشرة رواية، وتبعه النووي في-

وتفارق سائر الصلوات بأنه لا سهو فيها على إمام ولا على غيره (¬1). وكانت الغزوة في المحرم، يوم السبت لعشر خلون منه، وقيل: سنة خمس، وقيل: في جمادى الأولى سنة أربع (¬2). وذكرها البخاري بعد غزوة خيبر، مستدلا بحضور أبي موسى الأشعري فيها، وفي ذلك نظر، لإجماع أهل السير على خلافه (¬3). ¬

= المجموع 4/ 407 وقال: في صحيح مسلم بعضها، ومعظمها في سنن أبي داود، واختار الشافعي رحمه الله ثلاثة أنواع. . . وانظر مزيد تفصيل: الفتح 2/ 500 عند شرح الحديث (942)، حيث أضاف رواية أخرى، فصارت سبع عشرة. (¬1) كذا في الروض 3/ 253 أيضا، وقال: رواه الدارقطني بسند ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا سهو في صلاة الخوف». قلت: هو في سنن الدارقطني مستهل باب صفة صلاة الخوف وأقسامها (2/ 58 من التعليق المغني) وقال بعده: تفرد به عبد الحميد بن السري وهو ضعيف. (¬2) الأول: للواقدي 1/ 395، وتبعه ابن سعد 2/ 61، والبلاذري 1/ 340، وابن حبان/249/، وجعلها ابن الجوزي في المنتظم 3/ 214 كذلك، لكنه ذكرها في تلقيح الفهوم/44/من حوادث السنة الرابعة. والثاني: هو نفس الأول، لأن المحرم أول السنة الخامسة. لكن نقل صاحب المواهب 1/ 433 عن أبي معشر أنه جزم بأنها بعد بني قريظة في ذي القعدة سنة خمس. أما القول الأخير فهو لابن إسحاق 2/ 203، وابن حبيب/113/وقدمه ابن الأثير في الكامل 2/ 66. (¬3) تقدم حديث أبي موسى رضي الله عنه قبل قليل، وعلى الرغم من أن البخاري رحمه الله قال هي بعد خيبر، كما في عنونته لباب غزوة ذات الرقاع، إلا أنه ذكرها قبل أن يتكلم عن غزوة خيبر، لذلك استغرب الحافظ ذلك منه وقال: فلا أدري، هل تعمد ذلك تسليما لأصحاب المغازي أنها كانت قبلها، أو أن ذلك من الرواة عنه، أو إشارة إلى احتمال أن تكون ذات الرقاع اسما لغزوتين-

ويقال: قبل بدر الموعد (¬1). وقيل: في ربيع الأول (¬2). وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم بلغه أن أنمار بن ثعلبة (¬3) قد جمّعوا الجموع، فخرج في أربعمائة، وقيل: سبعمائة (¬4). واستخلف عثمان، وقيل: أبا ذر (¬5). فوجد أعرابا هربوا في الجبال، ونسوة فأخذهن، وغاب خمسة عشر يوما (¬6). ¬

= مختلفتين كما أشار إليه البيهقي؟! ثم قال: فالأولى الاعتماد على ما ثبت في الحديث الصحيح، وقد ازداد قوة بحديث أبي هريرة وبحديث ابن عمر، رضي الله عنهم. قلت: وبهذا جزم ابن القيم قبله، وانظر كلامه مفصلا حول هذه المسألة في الزاد 3/ 250 - 254. وكذا ذهب الصالحي في السبل 5/ 268 فذكرها بعد خيبر. (¬1) هي هكذا عند ابن إسحاق ومن تبعه مثل ابن حزم وأبي عمر مذكورة قبل بدر الموعد، وكذلك جاء ترتيبها في مروج المسعودي 2/ 304. (¬2) لم أجد هذا القول على الرغم من التتبع. (¬3) هكذا (أنمار بن ثعلبة) في الجميع بما فيها العقد الثمين الذي هو عن المصنف. وفي الواقدي وابن سعد والمنتظم ونهاية الأرب: «أنمارا وثعلبة». ويؤيده ما في أنساب الأشراف 1/ 340: وسببها أن بني أنمار بن بغيض، وبني سعد بن ثعلبة. . .». (¬4) القولان لابن سعد 2/ 61، وهما عند الواقدي 1/ 396 أيضا، لكنه أضاف قولا ثالثا هو: ثمان مائة. (¬5) كون المستخلف عثمان رضي الله عنه: هو قول الواقدي 1/ 402، وتبعه ابن سعد 2/ 61، وفي السيرة 2/ 203: استعمل أبا ذر الغفاري، ويقال: عثمان بن عفان. وتبعه أبو عمر في الدرر/166/لكن قال: والأول أكثر. (¬6) كذا في طبقات ابن سعد 2/ 61.

[غزوة دومة الجندل]

واستغفر لجابر بن عبد الله حين رجوعه خمسا وعشرين مرة (¬1). [غزوة دومة الجندل] ثم غزوة دومة الجندل-مدينة بينها وبين دمشق خمس ليال، وبعدها من المدينة خمس أو ست عشرة ليلة. وقال أبو عبيد: ما بين برك الغماد ومكة على عشر مراحل من المدينة، وعشر من الكوفة، وثمان من دمشق، واثنتي عشرة من مصر، سميت بدوما بن إسماعيل (¬2) -لخمس ليال بقين من ربيع الأول (¬3) -. لما بلغه عليه الصلاة والسلام أن بها جمعا كثيرا يظلمون الناس، واستخلف سباع بن عرفطة (¬4). فلم يجد بها إلا نعما وشاء، فأصاب منهم، وأقام بها أياما، وبث ¬

(¬1) كان عبد الله والد جابر رضي الله عنهما قد استشهد في أحد وعليه دين من التمر لأحد اليهود، فجاء اليهودي مطالبا في دينه، فشكا جابر لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فدعا أن يبارك الله في تمر جابر حتى استوفى اليهودي حقه وزاد أكثره، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لجابر: ما فعل دين أبيك؟ قال: قد قضاه الله عز وجل. فقال: اللهم اغفر لجابر، فاستغفر لي في ليلة خمسا وعشرين مرة. «انظر الواقدي 1/ 401 - 402، وابن سعد 2/ 61. والقصة مخرجة في كتب الدلائل وصحيح البخاري بدون عبارة الاستغفار، وانظر البخاري كتاب الاستقراض، باب إذا قاصّ أو جازفه في الدّين تمرا بتمر أو غيره (2396). (¬2) انظر معجم ما استعجم (دومة الجندل)، وذكره عنه: السهيلي في الروض 3/ 276. ودومة الجندل اليوم شمال المملكة العربية السعودية قريبة من الجوف. (¬3) من السنة الخامسة، وانظر السيرة 2/ 213، والواقدي 1/ 402، وشذّ ابن حبيب في المحبر/114/فقال: مستهل المحرم. (¬4) اتفقوا عليه في السيرة، والواقدي، والطبقات.

[بعض الأحداث]

السرايا، فرجعوا ولم يصب منهم أحد (¬1). ووادع عيينة بن حصن الفزاري (¬2). وكان دخوله المدينة في العشرين من ربيع الآخر (¬3). [بعض الأحداث]: وفي جمادى الأولى مات عبد الله بن عثمان من رقية عليها السلام (¬4). وولد مروان بن الحكم (¬5). ¬

(¬1) كونه صلى الله عليه وسلم بلغ دومة وأقام بها: هو قول الواقدي 1/ 403، وتبعه ابن سعد 2/ 62، والبلاذري 1/ 341، وابن حبان/250/، وابن القيم في الزاد 3/ 256. وقال ابن إسحاق 2/ 213: رجع صلى الله عليه وسلم قبل أن يصل إليها. وتبعه ابن حبيب، وأبو عمر، وابن حزم، وابن كثير. (¬2) أي صالحه صلى الله عليه وسلم عند عودته، على أن يرعى في ساحة خصبة من الأرض حددها له، وذلك لأن بلاده قد أجدبت. (الطبقات 2/ 63). (¬3) في مغازي الواقدي 1/ 402، وطبقات ابن سعد 2/ 63: لعشر ليال بقين من ربيع الآخر. والمعنى واحد. (¬4) في الطبري 2/ 555، وسيرة ابن حبان/237/، والمنتظم 3/ 210: وفاته في جمادى الأولى من السنة الرابعة، وهو ابن ست سنين. (¬5) الأكثر على أن ولادته كانت لسنتين خلت من الهجرة، وهذا قول واحد في المعارف/353/، ومروج الذهب 3/ 108، وقال ابن سعد 5/ 36: توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ومروان ابن ثماني سنين. وهذا كالأول. لكن في الاستيعاب 3/ 1387، وأسد الغابة 5/ 144، وتهذيب الأسماء واللغات 1 - 2/ 87 ذكروا بعد القول الأول عن مالك أنه ولد يوم أحد، وقيل: يوم الخندق. وهذا يقرب من قول المصنف. وفي تهذيب الكمال 27/ 388، والإصابة 6/ 257: ولد بعد الهجرة بسنتين، وقيل: بأربع.

[الزواج من أم سلمة رضي الله عنها]

وماتت أم عائشة [رضي الله عنهما] (¬1). [الزواج من أم سلمة رضي الله عنها]: وفي ليال بقين من شوال تزوج صلى الله عليه وسلم أم سلمة هند بنت أبي أمية بن المغيرة (¬2). وكانت قبله عند أبي سلمة، فمات لثمان خلون من جمادى الآخرة (¬3). زوّجها منه ابنها عمر، وقيل: سلمة (¬4). ¬

(¬1) يعني أم رومان-بفتح الراء وضمها-زوجة أبي بكر رضي الله عنه، والأكثر على أن وفاتها في آخر السنة السادسة من الهجرة وهو قول ابن سعد 8/ 276، وعزاه أبو عمر في الاستيعاب 4/ 1936 إلى الواقدي والزبير، وبه قال ابن حبان /292/، والسهيلي 4/ 21، وابن الأثير في الكامل 2/ 98 لكن ذكر أبو عمر أيضا أنهم زعموا أن وفاتها كانت في ذي الحجة سنة أربع أو خمس عام الخندق. وخطّأ هذا ابن الأثير في أسد الغابة 7/ 333، لكن الحافظ في الإصابة أفاد بأنه محتمل. (¬2) كون زواجها في شوال من السنة الرابعة: هو قول الواقدي كما في طبقات ابن سعد 8/ 87، والطبري 3/ 561، وابن حبان/239/، وتهذيب النووي 2/ 362، وتفسير القرطبي 14/ 165. (¬3) كذا في الطبقات، والوفا/668/. (¬4) أما كون الذي زوجها من الرسول صلى الله عليه وسلم ابنها عمر: فقد ورد هذا بلفظ صريح في رواية أخرجها النسائي 6/ 81 - 82 في النكاح، باب إنكاح الابن لأمه، وصححه الحافظ في الإصابة 8/ 223، إلا أن ابنها عمر كان صغيرا في ذلك الوقت، لذلك فهذا القول دار عليه كلام كثير (انظره في جلاء الأفهام/197/، والبداية والنهاية 4/ 92، ومرشد المحتار 297 - 298). وأما كون الذي زوّجها سلمة ابنها أيضا: فهو قول ابن إسحاق 2/ 644، والبلاذري 1/ 430، -

[الزواج من زينب بنت جحش رضي الله عنها ونزول آية الحجاب]

ويقال: تزوجها سنة اثنتين بعد بدر، ويقال: قبل بدر (¬1). [الزواج من زينب بنت جحش رضي الله عنها ونزول آية الحجاب]: وفي ذي القعدة من هذه السنة، تزوج صلى الله عليه وسلم ابنة عمته (¬2) زينب بنت جحش، وكانت قبله عند زيد مولاه (¬3). ويقال: تزوجها سنة ثلاث، ويقال: سنة خمس (¬4). ¬

= والقرطبي في التفسير 14/ 165 وصححه. وهناك قول ثالث مبني على ما ورد في الحديث كما في المسند وغيره أن الذي زوجها (عمر) دون ذكر لفظ (ابنها) الذي انفرد به النسائي، لذلك قالوا: إن المقصود هو عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وإلى هذا ذهب الحافظ المزي وابن كثير في التاريخ 4/ 92، والفصول/245/، وقال إنه جمع جزءا في ذلك. وانظر زاد المعاد 1/ 107 - 108. (¬1) هذا قول أبي عبيدة في تسمية أزواج النبي صلى الله عليه وسلم/56/حيث قال: قبل وقعة بدر سنة اثنتين. وقال أبو عمر في الاستيعاب 3/ 1921: سنة اثنتين من الهجرة بعد وقعة بدر. وقال الحافظ: تزوجها سنة أربع، وقيل: سنة ثلاث. (الإصابة 7/ 222). وانظر قصة تزويجها وفضائلها رضي الله عنها كتاب أزواج النبي صلى الله عليه وسلم للصالحي بتحقيقنا. (¬2) عمته صلى الله عليه وسلم: أميمة بنت عبد المطلب، تقدمت. (¬3) هو زيد بن حارثة رضي الله عنه، وسوف تأتي ترجمته في الموالي، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم زوجه إياها على كره منها. (¬4) أما كون زواجها رضي الله عنها في السنة الرابعة كما رجحه المصنف: فقد ذكره الحافظ في الفتح عن جماعة وهو يتكلم عن نزول الحجاب، الذي اتفقوا على أنه نزل عند زواجه صلى الله عليه وسلم من زينب رضي الله عنها، وهذا في الصحيحين وغيرهما كما سوف أخرج. ورجحه الحافظ، وقدمه في عيون الأثر 2/ 398، ومرشد المحتار/264/، وذكره الصالحي في كتاب أزواج النبي صلى الله عليه وسلم/182/ثاني الأقوال. -

[بعض الأحداث]

ونزلت آية الحجاب (¬1). [بعض الأحداث]: وفي هذه السنة أمر زيد بن ثابت بتعلم كتاب اليهود (¬2). ¬

= وأما سنة خمس: فهو قول الواقدي، كما في الطبقات 8/ 114، والطبري في التاريخ 2/ 562، وابن حبان في السيرة/266/، وابن الجوزي في المنتظم 3/ 225، والقرطبي في التفسير 14/ 166، وقدمه ابن كثير في البداية 4/ 147. لكن رده الحافظ في الفتح 7/ 495 عند شرح باب غزوة بني المصطلق، وجعله ابن سيد الناس والصالحي وابن طولون آخر الأقوال. (¬1) هي قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلاّ أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ. . . [الأحزاب:53]. وروى الشيخان وغيرهما عن أنس رضي الله عنه قال: لما تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش، دعا القوم فطعموا، ثم جلسوا يتحدثون، وإذا هو يتأهب للقيام، فلم يقوموا، فلما رأى ذلك قام، فلما قام، قام من قام. وقعد ثلاثة نفر، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم ليدخل، فإذا القوم جلوس، ثم إنهم قاموا، فانطلقت فجئت، فأخبرت النبي صلى الله عليه وسلم أنهم قد انطلقوا، فجاء حتى دخل، فذهبت أدخل، فألقي الحجاب بيني وبينه، فأنزل الله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ. . . الآية. أخرجه البخاري في التفسير، باب: لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم (4791)، ومسلم في النكاح، باب: زواج زينب بنت جحش، ونزول آية الحجاب وإثبات وليمة العرس (1428). أقول: وفي تاريخه: انظر التخريج السابق لزواج السيدة زينب بنت جحش رضي الله عنها، لأنه نزل بسببها كما قدمت في الصحيحين وغيرهما. (¬2) كذا في الطبري 2/ 561، وابن حبان/239/ذكراه من حوادث السنة الرابعة، وعزاه ابن كثير في البداية والنهاية 4/ 93 إلى الواقدي. وأخرج أبو داود في العلم، باب رواية حديث أهل الكتاب (3645)، والترمذي في الاستئذان، باب ما جاء في تعليم السريانية (2716) وقال: حسن صحيح. عن زيد بن ثابت-

ورجم اليهودي واليهودية (¬1). وفي جمادى الآخرة خسف القمر، وصلى عليه الصلاة والسلام صلاة الخسوف (¬2). وزلزلت المدينة (¬3). وسابق بين الخيل، وقيل: في سنة ست (¬4)، وجعل بينها سبقا ومحلّلا (¬5). ¬

= رضي الله عنه قال: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أتعلم له كتاب يهود، وقال: «إني والله ما آمن يهود على كتاب». قال: فما مر بي نصف شهر حتى تعلمته. وأخرجه البخاري تعليقا في الأحكام، باب ترجمة الحكام، وهل يجوز ترجمان واحد؟. (¬1) سيرة ابن حبان/239/، وانظر حديثهما في الصحيحين وغيرهما، أخرجه البخاري في الحدود، باب أحكام أهل الذمة وإحصانهم إذا زنوا ورفعوا إلى الإمام (6841)، ومسلم في الحدود، باب رجم اليهود أهل الذمة في الزنى (1699). وفي المنتظم 3/ 206: أن هذا الرجم كان في السنة الرابعة. وهو ما قاله ابن حبان. (¬2) من حوادث السنة الخامسة: ذكره ابن حبان في السيرة، ونقله الحافظ في الفتح عنه عند شرح الحديث (1063)، وقال: وقد جزم به مغلطاي في سيرته المختصرة، وتبعه شيخنا في نظمها. (¬3) هكذا أيضا في عمدة الأخبار للعباسي/458/من حوادث السنة الخامسة، وقال ابن الجوزي في المنتظم 3/ 240: في شهر ذي الحجة من هذه السنة رجفت المدينة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله مستعتبكم فأعتبوه». (¬4) ذكره ابن حبان/270/، وابن الجوزي في التلقيح/45/، والمنتظم 3/ 291، لكن عندهما: من حوادث السنة السادسة. وذكرها في تاريخ الخميس 1/ 502 من حوادث السنة الخامسة. (¬5) السّبق-بفتح السين والباء-: ما يجعل للسابق من جائزة وعطاء، وهو المراد-

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

= هنا، وأما (السّبق) -بتسكين الباء فهو مصدر سبق يسبق سبقا. والمحلّل في السباق: هو طرف ثالث يدخل مع المتسابقين ليحلل لهما عقد المسابقة ويخرجه عن صورة القمار. والمسابقة بين الخيل، ومثلها المسابقة بين الإبل مذكورة في الصحيحين وغيرهما، انظر البخاري كتاب الجهاد والسير، باب السبق وباب غاية السباق (2870)، وباب ناقة النبي صلى الله عليه وسلم (2872). ومسلم في الإمارة، باب المسابقة بين الخيل وتضميرها (1870). وأما قول المصنف -رحمه الله-: (وجعل بينها سبقا ومحللا). فهذه ليست من الخبر، كما في المصادر السابقة. وإنما هي مسألة فقهية مبنية على بعض الأحاديث التي وردت في هذا الشأن، منها: ما رواه الإمام أحمد 2/ 67 من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم سبّق بين الخيل وراهن. وفي لفظ له 2/ 91: سبّق بين الخيل وأعطى السابق. وحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أدخل فرسا بين فرسين وهو لا يأمن أن يسبق فلا بأس، ومن أدخل فرسا بين فرسين وهو آمن أن يسبق فهو قمار». أخرجه الإمام أحمد في المسند 2/ 505، وأبو داود في الجهاد، باب في المحلل (2579)، وابن ماجه في الجهاد، باب السبق (2876)، وابن أبي شيبة 12/ 499، والبيهقي في الكبرى 10/ 20، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي 2/ 114، وكذا ابن حزم في المحلى 7/ 354، وانظر تلخيص الحبير 4/ 180. وللتوسع في هذه القضية انظر كتاب الفروسية لابن القيم بتحقيقنا.

[غزوة المريسيع]

[غزوة المريسيع] ثم غزوة المريسيع-ماء لخزاعة، بينه وبين الفرع نحو من يوم، وبين الفرع والمدينة ثمانية برد (¬1) -ويقال لها: غزوة بني المصطلق (¬2)، وهم بنو جذيمة بن سعد بطن من خزاعة. يوم الإثنين لليلتين خلتا من شعبان سنة خمس (¬3). وقال البخاري: كانت سنة ست (¬4). وقال ابن عقبة: كانت سنة أربع (¬5). وكان رئيسهم الحارث بن أبي ضرار، واستخلف زيد بن حارثة (¬6). ¬

(¬1) هكذا عند ابن سعد 2/ 63،، وفي السيرة 2/ 290: ماء المريسيع، من ناحية قديد إلى الساحل. (¬2) كما في السيرة 2/ 289، وبالأول سماها الواقدي 1/ 404 وتبعه ابن سعد 2/ 63 وذكرها البخاري بالاسمين. كما سيأتي في التخريج. (¬3) هذا قول الواقدي 1/ 404، وتبعه ابن سعد 2/ 62، وهو قول قتادة وعروة كما في دلائل البيهقي 4/ 44 - 45، وبه قال ابن قتيبة في المعارف/161/. (¬4) قاله البخاري تعليقا عن ابن إسحاق، وهو في السيرة 2/ 289، وأخرجه البيهقي في الدلائل 4/ 46 عنه من رواية ابن بكير أيضا، وجزم به خليفة/80/، والطبري 2/ 604. (¬5) كذا ذكره البخاري مع قوله السابق في هذه الغزوة، في المغازي، باب غزوة بني المصطلق من خزاعة وهي غزوة المريسيع. لكن تعقبه الحافظ بقوله: وكأنه سبق قلم، أراد أن يكتب سنة خمس، فكتب سنة أربع، والذي في مغازي موسى بن عقبة من عدة طرق أخرجها الحاكم وأبو سعيد والبيهقي في الدلائل 4/ 45 وغيرهم سنة خمس. ورجح الحافظ كونها في سنة خمس، وانظر بما استدل عليه: الفتح 7/ 495. (¬6) هذا قول ابن سعد 2/ 63. وقال ابن هشام 2/ 289: استعمل أبا ذر الغفاري، -

[الزواج من جويرية رضي الله عنها]

وكان معه عليه الصلاة والسلام بشر كثير (¬1)، ومعهم ثلاثون فرسا، وأم سلمة وعائشة رضي الله تعالى عنهما. وتكلم أهل الإفك (¬2). وأسر من الكفار جمع عظيم (¬3). [الزواج من جويرية رضي الله عنها]: وتزوج صلى الله عليه وسلم جويرية بنت الحارث رئيسهم، حين جاءته تستعينه في كتابتها، فأعتق الناس ما بأيديهم من الأسرى لمكان جويرية رضي الله عنها (¬4). ¬

= ويقال: نميلة بن عبد الله الليثي. (¬1) أضاف ابن سعد 2/ 63: من المنافقين، لم يخرجوا في غزاة قط مثلها. (¬2) الإفك: الكذب. ويراد به هنا قذف السيدة عائشة رضي الله عنها، والحديث مشهور مروي في كتب السيرة والسنن، أخرجه البخاري في عدة مواضع من صحيحه، انظر كتاب التفسير، باب لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً وَقالُوا هذا إِفْكٌ مُبِينٌ (4750)، ومسلم في التوبة، باب في حديث الإفك وقبول توبة القاذف (2770). (¬3) قال ابن سعد 2/ 64: فما أفلت منهم إنسان، وقتل عشرة منهم وأسر سائرهم، وسبى رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجال والنساء والذرية، والنعم والشاء، ولم يقتل من المسلمين إلا رجل واحد. وقال ابن إسحاق 2/ 290: قتل خطأ، أصابه رجل من الأنصار. (¬4) حتى قالت عائشة رضي الله عنها: ما أعلم امرأة أعظم بركة على قومها منها. أخرجه الإمام أحمد في المسند 6/ 277، وأبو داود في العتق، باب في بيع المكاتب إذا فسخت الكتابة (3931)، والبيهقي في الدلائل 4/ 49 - 50، والطبراني في المعجم الكبير 24/ 61، والحاكم في المستدرك 4/ 26 - 27 كلهم من طريق ابن إسحاق، وهو في السيرة 2/ 294 - 295 وقد صرح فيه-

وفي هذه الغزوة قال ابن أبي: لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجنّ الأعزّ منها الأذلّ، فسمعه زيد بن أرقم ذو الأذن الواعية، ونزلت سورة المنافقين (¬1). وكانت غيبته ثمانية وعشرين يوما (¬2). ¬

= بالتحديث، وأخرجه ابن سعد من طريق الواقدي 8/ 116 - 117، وهو في المغازي 1/ 411. (¬1) نزلت في ابن أبي ومن كان على مثل أمره، فلما نزلت أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بأذن زيد بن أرقم، ثم قال: هذا الذي أوفى الله بأذنه. (السيرة 2/ 292). وكان بعض من حضر مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عندما جاء زيد يحمل عبارة ابن أبي: عسى أن يكون الغلام قد أوهم في حديثه ولم يحفظ ما قال الرجل. كما أن ابن أبي جاء وأنكر مقالته وحلف. (¬2) ابن سعد 2/ 65 وأضاف: وقدم المدينة لهلال شهر رمضان. وهذا ما يفيده كلام ابن إسحاق عندما مهّد للحديث عن أمر الحديبية.

غزوة الخندق

غزوة الخندق ثم غزوة الخندق-وتسمى الأحزاب-في ذي (¬1) القعدة. وقال ابن عقبة: في شوال سنة أربع (¬2). قال ابن إسحاق: في شوال سنة خمس (¬3). وذكرها البخاري قبل غزوة ذي الرقاع (¬4). وكان المشركون عشرة آلاف، عليهم أبو سفيان بن حرب، والمسلمون ثلاثة آلاف (¬5). ¬

(¬1) يعني من سنة خمس، وهو قول الواقدي 2/ 440 - 441، وابن سعد 2/ 65 ومن تابعهما. (¬2) ذكره البخاري تعليقا، أول باب غزوة الخندق من كتاب المغازي، ووصله البيهقي في الدلائل 3/ 392 - 393، ورجحه ابن حزم/185/. (¬3) السيرة 2/ 214. وبه قال ابن حبان/256/، وأبو عمر في الدرر/169/. ويؤيد كونه في السنة الخامسة: قول الحافظ عبد الرزاق في مصنفه 5/ 367: كانت بعد أحد بسنتين. (¬4) وذلك في الباب (29)، بينما ذكر ذات الرقاع في الباب (31) من كتاب المغازي، بل قال في هذه الأخيرة: إنها بعد خيبر. وجمع البيهقي بين قولي ابن عقبة وابن إسحاق. ورجح الحافظ في الفتح 7/ 454 قول ابن إسحاق، وكذا فعل ابن القيم في الزاد 3/ 269، وابن كثير في الفصول/164/. (¬5) اتفق ابن إسحاق 2/ 219 - 220، والواقدي 2/ 444 و 452، وابن سعد 2/ 66 على هذا. وقيل: كان المشركون أربعة آلاف، والمسلمون نحو الألف. (الفتح).

وحفر النبي صلى الله عليه وسلم الخندق في ستة أيام، بمشورة سلمان (¬1). وتداعوا إلى البراز، وأقاموا على ذلك بضع عشرة ليلة، فمشى نعيم بن مسعود الأشجعي إلى الكفار وهو مخف إسلامه، فثبّط قوما عن قوم، وأوقع بينهم شرا، لقول النبي صلى الله عليه وسلم له: «الحرب خدعة» (¬2). وأرسل الله تعالى ريحا هزمهم (¬3) بها. وأقام عليه الصلاة والسلام بالخندق خمسة عشر يوما، وقيل: أربعة وعشرين يوما. وفرغ منه لسبع ليال بقين من ذي القعدة (¬4). ¬

(¬1) أما مدة حفر الخندق: فهي عند الواقدي 2/ 454، وتبعه ابن سعد 2/ 67. وأما مشورة سلمان رضي الله عنه: فهي في السيرة 2/ 224، والطبقات 2/ 68، وساقها الحافظ في الفتح 7/ 453 عن أبي معشر. وأما حفر الخندق نفسه فهو في الصحيح، أخرجه البخاري من عدة أحاديث، انظرها في باب غزوة الخندق. (¬2) تقدم هذا الحديث وخرجته في الصحيحين. وكونه قيل في غزوة الخندق أخرجه ابن إسحاق 2/ 229، والواقدي 2/ 486 - 487، وذكره الحافظ في الفتح 6/ 183 عنه. وأما قصة نعيم: فقد خرجها ابن إسحاق 2/ 229 - 231، والواقدي 2/ 480 - 487، وعبد الرزاق 5/ 368 - 369، وابن سعد 2/ 73. (¬3) السيرة 2/ 231، والطبقات 2/ 71. وذكرها الله تعالى في كتابه فقال: فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَمْ تَرَوْها [الأحزاب:9]. وانظر تفسير ابن كثير 3/ 478 - 479. (¬4) من سنة خمس: انظر الواقدي 2/ 440 - 441 و 491، والطبقات 2/ 70 و 73، والوفا/714/. وفي دلائل البيهقي 3/ 401 عن ابن عقبة: أن مدة الحصار كانت عشرين ليلة. وفي السيرة 2/ 223: «بضعا وعشرين ليلة، قريبا من شهر».

[غزوة بني قريظة]

وقال: لن تغزوكم قريش بعد عامكم هذا (¬1). ودخل المدينة يوم الأربعاء (¬2). [غزوة بني قريظة] ولما انصرف ووضع السلاح، جاءه جبريل عليه السلام الظهر، فقال: إن الملائكة ما وضعت السلاح بعد، إن الله يأمرك أن تسير إلى بني قريظة، فإني عامد إليهم، فمزلزل بهم (¬3). فحاصرهم خمسة عشر يوما، وقيل: خمسا وعشرين (¬4). [أبو لبابة وتوبته]: فسألت اليهود النبي صلى الله عليه وسلم أن يرسل إليهم أبا لبابة، ليشاوره في أمرهم، فأشار إليهم بيده أنه الذبح. ثم ندم واسترجع، وربط نفسه إلى سارية في المسجد ست ليال (¬5). ويقال: بضع عشرة ليلة (¬6). ¬

(¬1) هذا لفظ ابن إسحاق كما في السيرة 2/ 254، ومن رواية يونس بن بكير كما في دلائل البيهقي 3/ 458، وأخرجه الإمام البخاري في المغازي، باب غزوة الخندق (4110) بلفظ: «الآن نغزوهم ولا يغزوننا، نحن نسير إليهم». (¬2) الواقدي 2/ 440، والطبقات 2/ 70. (¬3) السيرة 2/ 233، وابن سعد 2/ 74. (¬4) الأول: للواقدي 2/ 496، وابن سعد 2/ 74، والثاني: لابن إسحاق 2/ 235، وابن حبيب/113/. (¬5) هذا قول ابن هشام 2/ 238. وقال الواقدي 2/ 507: ارتبط سبعا بين يوم وليلة. (¬6) قاله أبو عمر في الاستيعاب 4/ 1740. وفي رواية عند الواقدي 2/ 508: -

[الحكم على يهود بني قريظة]

ويقال: قريبا من عشرين يوما (¬1)، حتى ذهب سمعه، وكاد يذهب بصره (¬2). [الحكم على يهود بني قريظة]: ويقال: إن هذه الحالة جرت له حين تخلف عن تبوك، فأنزل الله توبته (¬3). ونزلوا على حكم النبي صلى الله عليه وسلم، فحكّم فيهم سعد بن معاذ، وكان ضعيفا، فحكم بقتل الرجال، وقسم الأموال، وسبي الذراري والنساء. فقال عليه الصلاة والسلام: «لقد حكمت فيهم بحكم الملك» (¬4). وفرغ منهم يوم الخميس، لخمس ليال خلون من ذي الحجة (¬5). [موت سعد بن معاذ]: وانفجر جرح سعد بن معاذ بعد ذلك، فمات شهيدا رضي الله عنه، ¬

= ويقال: مكث خمس عشرة مربوطا. (¬1) أخرجه البيهقي في الدلائل 4/ 13 عن موسى بن عقبة. (¬2) الاستيعاب 4/ 1740. وفي الواقدي 2/ 507: فلم يزل كذلك حتى ما يسمع الصوت من الجهد. (¬3) هذا قول سعيد بن المسيب رحمه الله كما في دلائل البيهقي 4/ 16. ورواه البغوي في التفسير عن علي بن أبي طلحة وابن عباس رضي الله عنهما، انظر تفسير الآية (103) من سورة التوبة. وانظر في نزول توبته أيضا: ابن إسحاق 2/ 237 - 238). (¬4) أخرجه البخاري في المغازي، باب مرجع النبي صلى الله عليه وسلم من الأحزاب (4121). (¬5) كون الفراغ من بني النضير (لخمس) خلون من ذي الحجة: ذكره في المواهب 1/ 467 عن مغلطاي، والذي في المغازي للواقدي 2/ 496: (لسبع). وفي المحبر 113 - 114: رجع يوم الإثنين (لأربع) خلون من ذي الحجة.

[الزواج من ريحانة رضي الله عنها]

وحضر جنازته سبعون ألف ملك، واهتز له عرش الرحمن (¬1). وقال فيه عليه الصلاة والسلام-وقد أهديت له حلة سندس-: «لمناديل سعد في الجنة، أحسن من هذه» (¬2). [الزواج من ريحانة رضي الله عنها]: واصطفى لنفسه صلى الله عليه وسلم ريحانة، فتزوجها، وقيل: كان يطؤها بملك اليمين (¬3). ¬

(¬1) أما حضور السبعين ألف ملك لجنازته رضي الله عنه: فقد أخرجه النسائي في الجنائز، باب في ضمة القبر وضغطته 4/ 100 - 101، كما أخرجه ابن سعد 3/ 429 - 430 من طريقين، والبزار بإسنادين (2698) و (2699) ورجال أحدهما رجال الصحيح كما في المجمع 9/ 308، وأخرجه البيهقي في الدلائل 4/ 28، وفي إثبات عذاب القبر (109). وأما اهتزاز العرش: فهو في الصحيح وغيره؛ أخرجه البخاري في مناقب الأنصار باب مناقب سعد بن معاذ رضي الله عنه (3803)، ومسلم في فضائل الصحابة، باب من فضائل سعد بن معاذ رضي الله عنه (2466). (¬2) أخرجه البخاري في بدء الخلق، باب ما جاء في صفة الجنة وأنها مخلوقة (3248)، وانظر الحديث (3802) من الكتاب والباب السابقين. ومسلم في الموضع السابق (2469). (¬3) انظر السيرة 3/ 245، والمحبر/94/، والطبري 2/ 592، والاستيعاب 4/ 1847، لكن رجح الواقدي أمر عتقها وتزويجها، وقال كما في الطبقات 8/ 131: وهو أثبت الأقاويل عندنا، وهو الأمر عند أهل العلم. وكذا قال السخاوي في القول البديع/119/قال: كما رجحه جماعة من الحفاظ. والله أعلم. وفي الطبقات 8/ 130: كان تزويجه إياها في المحرم سنة ست من الهجرة.

[فرض الحج]

[فرض الحج]: وفي هذه السنة فرض الحج، وقيل: سنة ست، وقيل: سنة سبع، وقيل: سنة ثمان، ورجحه جماعة من العلماء، وقيل غير ذلك (¬1). [سرية محمد بن مسلمة إلى القرطاء] ثم سرية محمد بن مسلمة في ثلاثين راكبا إلى القرطاء من بني أبي بكر بن كلاب بناحية ضريّة بالبكرات، على سبع ليال من المدينة (¬2). لعشر ليال خلون من المحرم سنة ست، ويقال: على رأس تسعة وخمسين شهرا من الهجرة (¬3). فلما أغار عليهم هرب سائرهم، وغنم منهم غنائم (¬4). ¬

(¬1) كونه فرض في سنة خمس: ذكره النووي في الروضة 7/ 406 ثاني الأقوال، وقدمه صاحب الإمتاع 1/ 254، ونقله القسطلاني في المواهب 1/ 471 عن مغلطاي وغيره، وجزم به الديار بكري في تاريخ الخميس 1/ 503. وأما كونه في سنة ست: فهو قول الإمام الشافعي رحمه الله كما في معرفة السنن والآثار 3/ 491 وهو قول الماوردي في الأحكام السلطانية/281/، وبه قال الجمهور كما في الفتح 3/ 442 أول كتاب الحج، وقدمه الإمام النووي في الروضة في موضعين 7/ 406 و 409. وفي القرى لقاصد أم القرى/63/: أن القاضي عياض صحح كونه سنة تسع. وقال ابن القيم في زاد المعاد 3/ 607: فرض في العاشرة. واستدل على ذلك بقصة قدوم وفد عبد القيس سنة تسع وعدم مطالبتهم بالحج. وانظر باقي الأقوال في المصادر السابقة. (¬2) جهة نجد، كما هو مصرح به في البخاري والدلائل، والقرطاء: اسم القبيلة. وضرية: اسم القرية. والبكرات: اسم ماء أو اسم موضع. (¬3) القولان لابن سعد 2/ 78، وانظر دلائل البيهقي 4/ 78. (¬4) مائة وخمسون بعيرا، وثلاثة آلاف شاة. (ابن سعد 2/ 78).

[غزوة بني لحيان]

وقدم المدينة لليلة بقيت من المحرم، ومعه ثمامة بن أثال الحنفي أسيرا (¬1). وكانت غيبته تسع عشرة ليلة (¬2). [غزوة بني لحيان] ثم غزوة بني لحيان، في مائتي رجل في ربيع الأول (¬3). وذكرها ابن إسحاق في جمادى الأولى، على رأس ستة أشهر من قريظة (¬4). قال ابن حزم: الصحيح أنها في الخامسة (¬5). واستخلف ابن أم مكتوم، حتى انتهى إلى غران-واد بين أمج وعسفان-وهناك أصيب أهل الرجيع، فترحم عليهم، وسمعت بنو لحيان فهربوا، فلم يقدر منهم على أحد. فأقام يوما أو يومين يبعث السرايا في كل ناحية، فأتى عسفان، فبعث أبو بكر رضي الله عنه إلى كراع الغميم (¬6) فلم يلق أحدا. ¬

(¬1) انظر خبره في الصحيحين وغيرهما: البخاري في المغازي، باب وفد بني حنيفة، وحديث ثمامة بن أثال (4372)، ومسلم في الجهاد والسير، باب ربط الأسير وحبسه وجواز المن عليه (1764). (¬2) انظر ابن سعد 2/ 78، وابن حبان/268/، ودلائل البيهقي 4/ 78. (¬3) هذا قول ابن سعد 2/ 78، وتابعه في أنساب الأشراف والوفا. (¬4) السيرة 2/ 279، وبه قال ابن حبان/273/، وأبو عمر في الدرر/185/، وصححه ابن كثير في الفصول/157/. (¬5) جوامع السيرة/200/. (¬6) واد أمام عسفان بثمانية أميال.

[غزوة الغابة]

فانصرف إلى المدينة وقد غاب تسع عشرة ليلة (¬1)، وهو يقول: «آيبون تائبون لربنا حامدون» (¬2). [غزوة الغابة] ثم غزوة الغابة-وتعرف بذي قرد (¬3) -على بريد من المدينة، في ربيع الأول. قال أبو عمر: بعد بني لحيان (¬4) بليال. فأغار على المدينة عيينة بن حصن الفزاري (¬5) ليلة الأربعاء في أربعين فارسا فاستاق نعما، وقتل ابن أبي ذر وآخر من غفار، وسبوا امرأته (¬6)، ¬

(¬1) عند الواقدي، وابن سعد، وابن الجوزي في المنتظم: (أربع) عشرة ليلة. وكذا فيمن جاء بعد المؤلف كصاحب الإمتاع، والقسطلاني، والصالحي، والديار بكري، والبرهان الحلبي. (¬2) السيرة 2/ 280، ومغازي الواقدي 2/ 537، والطبقات 2/ 80. وقال الواقدي: وهذا أول ما قال هذا الدعاء. قلت: وهذا الدعاء مخرج في الصحيحين وغيرهما، أخرجه البخاري في العمرة، باب ما يقول إذا رجع من الحج أو العمرة أو الغزو (1797)، ومسلم في الحج، باب ما يقول إذا ركب إلى سفر الحج وغيره (1342). كلاهما من حديث ابن عمر رضي الله عنهما. (¬3) وهذا الثاني هو المشهور في أكثر المصادر، ومنها الصحيحين. والغابة موضع معروف شمالي المدينة، جهة الشام. وذو قرد: ماء ناحية خيبر. (¬4) الدرر/186/. وهو قول ابن إسحاق 2/ 281، لكن عنده-كما تقدم-أنها في شعبان. (¬5) عند مسلم-كما سوف أخرج-: عبد الرحمن الفزاري. ولا منافاة، لأن عبد الرحمن هو ابن عيينة بن حصن الفزاري، فيكون كلاهما موجود. وقال البيهقي في الدلائل 4/ 178: عيينة أو ابنه. (¬6) هكذا جعلهم رجلين وامرأة، والذي في السيرة ومن تبعها كالدرر/186/-

فركبت ناقة للنبي صلى الله عليه وسلم ليلا حين غفلتهم، ونذرت: لئن نجت لتنحرنّها، فلما قدمت على النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته بذلك، فقال: «لا نذر في معصية، ولا لأحد فيما لا يملك» (¬1). وقال البخاري: كانت قبل خيبر بثلاثة أيام (¬2). وفي مسلم: نحوه (¬3). وفي ذلك نظر، لإجماع أهل السير على خلافهما (¬4). فخرج عليه الصلاة والسلام في خمسمائة، وقيل: سبعمائة، واستخلف ابن أم مكتوم، وخلّف سعد بن عبادة في ثلثمائة يحرسون المدينة، وصلى بها صلاة الخوف، وأقام يوما وليلة، ورجع وقد غاب خمس ليال (¬5). ¬

= والاكتفاء 2/ 26: لم يذكروا إلا رجلا من غفار وامرأته، فقتلوا الغفاري وحملوا المرأة. وعند ابن سعد 2/ 80 سماه: ابن أبي ذر. لم يذكر غيره، لكن الحافظ في الفتح نقل عن ابن سعد: أنهم قتلوا ابن أبي ذر وأسروا امرأته. أقول: وابن أبي ذر غفاري، فتكون رواية ابن سعد مثل رواية ابن إسحاق ويؤيدها ما في صحيح مسلم: وقتل راعيه. وذكر صاحب الإمتاع 4/ 263 أن المرأة هي زوجة أبي ذر نفسه، وهذا قول الواقدي 2/ 548، فالله أعلم. (¬1) السيرة 2/ 285، والواقدي 2/ 548. وأخرجه الإمام مسلم في النذر، باب لا وفاء لنذر في معصية الله، ولا فيما لا يملك العبد (1641). (¬2) كتاب المغازي، مستهل باب غزوة ذات القرد. (¬3) كتاب الجهاد والسير، باب غزوة ذي قرد وغيرها، آخر حديث سلمة بن الأكوع الطويل (1807) وفيه: فو الله ما لبثنا إلا ثلاث ليال حتى خرجنا إلى خيبر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. (¬4) لكن قال الحافظ عما جاء في الصحيح: وهو أصح مما ذكره أهل السير. (¬5) هذا النص في الطبقات 2/ 80 - 81. وفيها: أن أول ما نودي: «يا خيل الله-

[سرية عكاشة]

[سرية عكاشة] ثم سرية عكّاشة بن محصن إلى غمر مرزوق-ماء لبني أسد على ليلتين من فيد (¬1) -في ربيع الأول، ومعه أربعون رجلا. فغنم ولم يلق كيدا (¬2). [سرية محمد بن مسلمة إلى ذي القصة] ثم سرية محمد بن مسلمة إلى ذي القصّة-موضع بينه وبين المدينة أربعة وعشرون ميلا (¬3) -في ربيع الأول، ومعه عشرة، إلى بني ثعلبة، وكانوا مائة، فقتلوهم إلا ابن مسلمة (¬4). [سرية أبي عبيدة إلى ذي القصة أيضا] فبعث النبي صلى الله عليه وسلم أبا عبيدة بن الجراح في ربيع الآخر، ومعه أربعون رجلا إلى مصارعهم، فوجدوا هناك رجلا أسلم حين أسر، ونعما وشاء فغنموه (¬5). ¬

= اركبي». كان في هذه الغزوة، وانظر أنساب الأشراف/349/، والمنتظم 3/ 251. وفي سبل الهدى 5/ 152 عن ابن عائذ عن قتادة: أن أول ما نودي بها كان في غزوة بني قريظة. والله أعلم. (¬1) جهة نجد، وفيد-كما في معجم البلدان-: نصف طريق الحاج من الكوفة إلى مكة، وهي أكرم نجد. (¬2) انظر تفصيل خبرها: في مغازي الواقدي 2/ 550 - 551، والطبقات 2/ 84 - 85. (¬3) جهة نجد أيضا على طريق الربذة. (¬4) فإنه جرح، فظنّ أنه مات، فترك، فجاء رجل مسلم فاسترجع، فتحرك له محمد بن مسلمة، فعرض عليه طعاما وشرابا وحمله إلى المدينة. (¬5) انظر تفصيل هذه السرية في الواقدي 2/ 552، والطبقات 2/ 86، وليس فيها-

[سرايا زيد بن حارثة]-إلى بني سليم

[سرايا زيد بن حارثة] -إلى بني سليم: ثم سرية زيد بن حارثة إلى بني سليم بالجموم-ويقال: الجموح (¬1)، ناحية ببطن نخل من المدينة على أربعة أميال-في ربيع الآخر، فغنموا نعما وشاء (¬2). - إلى العيص: ثم أرسله أيضا إلى العيص على أربع ليال من المدينة (¬3) في جمادى الأولى، ومعه سبعون راكبا (¬4)، يعترض عيرا لصفوان بن أمية، فأسر منهم ناسا، منهم: أبو العاصي بن الربيع، فأجارته زوجته زينب بنت النبي صلى الله عليه وسلم، وردّ عليه ما أخذ (¬5). وذكر ابن عقبة: أن أسره على يد أبي بصير بعد الحديبية وقد تقدم (¬6). ¬

= ما يدل على ارتباطها بالتي قبلها كما أفاد المصنف، علما بأن القسطلاني والديار بكري ساقاها كما هنا، والله أعلم. (¬1) ذكره في معجم البلدان بلفظ: (الجموم) لا غير، وهو الذي في الطبقات 2/ 86، وذكره السمهودي في وفاء الوفا/1178/بلفظ: (الجموح) لا غير، وتابع المصنف كلّ من القسطلاني والديار بكري. (¬2) انظر تفصيل هذه السرية في الطبقات 2/ 86. (¬3) باتجاه الشام على الساحل، الطريق الآخر لقريش إلى الشام. (¬4) هكذا في الجميع (سبعون)، وتابع المصنف عليها كلّ من القسطلاني 1/ 477، والديار بكري 2/ 9. لكن الذي في الواقدي 2/ 553، والطبقات 2/ 87: في (سبعين ومائة) راكب. (¬5) كذا في المصادر السابقة. (¬6) ذكرها عن موسى بن عقبة: البيهقي في الدلائل 4/ 86، وابن سيد الناس في-

- إلى الطرف

- إلى الطرف: ثم أرسله أيضا إلى الطّرف-ماء على ستة وثلاثين ميلا من المدينة (¬1) -في جمادى الآخرة ومعه خمسة عشر رجلا إلى بني ثعلبة، فأصاب نعما وشاء (¬2). - إلى حسمى: ثم أرسله أيضا إلى حسمى-موضع وراء وادي القرى-في جمادى الآخرة، ومعه خمسمائة رجل إلى قوم من جذام قطعوا على دحية بن خليفة الطريق (¬3). فقتل منهم زيد قتلا ذريعا، وأصاب مغانم كثيرة (¬4). فرحل زيد بن رفاعة الجذاميّ إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فذكّره بكتابه الذي كان كتبه لقومه، فرد النبي صلى الله عليه وسلم ما أخذ زيد كله (¬5). ¬

= عيون الأثر 2/ 179. (¬1) كذا حكاه ابن سعد 2/ 87، ونقله عنه الصغاني في العباب-حرف الفاء /388/-وأضاف ابن سعد: وهو ماء قريب من المراض دون النخيل. وقال ابن إسحاق 2/ 616: من ناحية نخل من طريق العراق. وضبطها الفيروز: ككتف. (¬2) انظر التفصيل في الطبقات 2/ 87، والواقدي 2/ 555. (¬3) كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أرسله إلى قيصر الروم، فعاد بهداياه، لكنه سلبها ثم استرجعت. (¬4) انظرها في الطبقات 2/ 88. (¬5) كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كتب كتابا لزيد بن رفاعة ولقومه حينما قدم عليه فأسلم، وانظر التفصيل في السيرة 2/ 612 - 616 وسماها: غزوة زيد بن حارثة إلى جذام، والطبقات 2/ 88.

- إلى وادي القرى

- إلى وادي القرى: ثم أرسله إلى وادي القرى في رجب، فقتل من المسلمين قتلى، وارتثّ زيد (¬1). [سرية عبد الرحمن بن عوف إلى دومة الجندل] ثم سرية عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه إلى دومة الجندل (¬2) في شعبان، يدعو أهلها إلى الإسلام. فأسلم ناس كثير منهم: الأصبغ بن عمرو الكلبي، وكان نصرانيا، فتزوج ابنته تماضر، فولدت له أبا سلمة (¬3). ومن لم يسلم ضرب عليه الجزية (¬4). ¬

(¬1) الارتثاث: أن يحمل الجريح من المعركة وهو ضعيف قد أثخنته الجراح (النهاية). قلت: وهذا الارتثاث بالنسبة لزيد رضي الله عنه لم يكن في هذه السرية، وإنما في التي بعدها إلى أم قرفة كما في جميع المصادر، حيث خرج زيد في تجارة إلى الشام ومعه بضائع لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فلما كان دون وادي القرى، لقيه ناس من فزارة من بني بدر قوم (أم قرفة) فضربوه وضربوا أصحابه حتى ظنوا أنهم قد قتلوا، ثم أخذوا ما كان معهم، وقدم زيد على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره، فحلف ألا يمسّ رأسه غسل جنابة حتى يغزو فزارة، فلما شفي بعثه إليهم كما سيأتي. (¬2) جهة الشام، بينها وبين دمشق خمس ليال، وبينها وبين المدينة الشريفة خمس عشرة ليلة. (¬3) ابن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه، وكان عبد الرحمن قد بعث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يستشيره بالزواج منهم، فأشار صلى الله عليه وسلم إليه أن تزوج تماضر هذه، وعند ابن سعد 2/ 89: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بعثه قال له: إن استجابوا لك فتزوج ابنة ملكهم. (¬4) انظر تفصيلها في الطبقات 2/ 89، والسيرة 2/ 631 - 632.

[سرية علي إلى فدك]

[سرية علي إلى فدك] ثم سرية علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه في شعبان، ومعه مائة رجل، إلى بني سعد بن بكر بفدك (¬1)، لتجمعهم لإمداد اليهود، فغنم نعما وشاء (¬2). [سرية زيد بن حارثة إلى أم قرفة] ثم سرية زيد بن حارثة إلى أم قرفة فاطمة بنت ربيعة بن بدر الفزارية (¬3)، بناحية وادي القرى، على سبع ليال من المدينة، في رمضان، فأخذها، فربطها بين بعيرين حتى ماتت (¬4). وفي مسلم: كان أمير هذه السرية أبو بكر رضي الله عنه (¬5). ¬

(¬1) قرية بالحجاز جهة خيبر، قال ابن سعد 2/ 90: بينها وبين المدينة ست ليال. وقال ياقوت: يومان، وقيل: ثلاثة. وهذا عزاه السمهودي في وفاء الوفا /1280/إلى القاضي عياض، لكنه ذكر قول ابن سعد، وكأنه رجحه، والله أعلم. (¬2) حيث أغار عليهم، وأخذ خمسمائة بعير وألفي شاة، وهربت بنو سعد بالظّعن. (¬3) هي زوجة مالك بن حذيفة بن بدر، سيد قومه، وكان يضرب بها المثل فيقال: أعز من أم قرفة. وذلك لأنه كان يعلق في بيتها خمسون سيفا لخمسين فارسا، كلهم لها محرم. (¬4) لم أجد سبب قتلها هذه القتلة الشنيعة عند الواقدي أو ابن سعد، وقال البلاذري 1/ 378: كانت تؤلب على رسول الله صلى الله عليه وسلم. ونقل ابن سيد الناس 2/ 156 عن الدولابي: أنها كانت تسب النبي صلى الله عليه وسلم. (¬5) صحيح مسلم، كتاب الجهاد والسير، باب التنفيل وفداء المسلمين بالأسارى (1755).

[سرية عبد الله بن عتيك لقتل أبي رافع]

[سرية عبد الله بن عتيك لقتل أبي رافع] ثم سرية عبد الله بن عتيك لقتل أبي رافع عبد الله، ويقال: سلاّم بن أبي الحقيق (¬1)، في رمضان، وقيل: في ذي الحجة سنة خمس، وقيل: في جمادى الآخرة سنة ثلاث (¬2)، وقال الزهري: بعد قتل ابن الأشرف (¬3). ومعه أربعة منهم: عبد الله بن عتبة [فيما ذكره البخاري (¬4)، وقيل: فيه نظر. وصوابه: عبد الله بن] (¬5) أنيس، فقتلوه في داره ليلا بخيبر، ويقال بحصنه بالحجاز (¬6). ¬

(¬1) هكذا أيضا ذكر البخاري الاسمين في المغازي، باب قتل أبي رافع عبد الله بن أبي الحقيق، ويقال: سلام بن أبي الحقيق (4038) و (4039) و (4040). وكان أبو رافع هذا يهوديا ممن حزّب الأحزاب وجعل لهم الجعل العظيم على حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم. (¬2) في الطبقات 2/ 91: في شهر رمضان سنة ست. وفي السيرة 2/ 273: ذكرها ابن إسحاق بعد الخندق وقريظة. وذكرها ابن حبان/239/من حوادث السنة الرابعة، وهذا قول الواقدي 1/ 391، ونقله عنه الطبري في التاريخ 2/ 495 بعد أن ساقها من حوادث السنة الثالثة، وهذا هو قول ابن حبيب في المحبر /117/. وذكرها البلاذري 1/ 376 في سنة أربع وقال: وقال قوم: بعثه إليه في سنة خمس. وهذا الأخير عزاه الصالحي في السبل 6/ 167 لمغلطاي في الإشارة. وانظر الفتح في موضع الأحاديث السابقة. (¬3) أخرجه البخاري تعليقا. انظر الموضع السابق منه. (¬4) انظر الحديث (4040) من البخاري. (¬5) ما بين المعكوفتين ساقط من المطبوع. (¬6) هذا قول البخاري أيضا في الموضع السابق (عنوان الباب) 16، وانظر حديث البراء رضي الله عنه (4039)، وجمع الحافظ بين القولين فقال: ويحتمل أن يكون حصنه كان قريبا من خيبر في طرف أرض الحجاز.

[سرية عبد الله بن رواحة إلى أسير بن رزام]

[سرية عبد الله بن رواحة إلى أسير بن رزام] ثم سرية عبد الله بن رواحة في ثلاثين رجلا (¬1) إلى أسير (¬2) بن رزام اليهودي بخيبر في شوال (¬3)، لأنه سار في غطفان يجمعهم لحرب النبي صلى الله عليه وسلم، فقتل، وقتل معه نحو الثلاثين (¬4). [سرية كرز بن جابر إلى العرنيين] ثم سرية كرز بن جابر رضي الله عنه في عشرين رجلا-ويقال: جرير بن عبد الله البجلي، وفيه نظر، لأن إسلام جرير كان بعد هذه بنحو أربع سنين. وقال ابن قتيبة (¬5): كان أميرهم سعيد بن زيد (¬6). ¬

(¬1) في (2) و (3): (راجلا). ويؤيد ما أثبتّه: وروده هكذا في جميع المصادر، وفي دلائل البيهقي 4/ 293 - 294: في ثلاثين (راكبا). وهذا يؤيد ما أثبته أيضا. (¬2) كذا في الواقدي والطبقات، وفي السيرة 2/ 618، ودلائل البيهقي عن موسى ابن عقبة: (اليسير) بن رزام. (¬3) من سنة (ست)، والخلاف هو في كونها قبل غزوة خيبر كما هنا والسيرة والطبقات، أو بعدها كما في الدلائل وزاد المعاد 3/ 360. ورجح الصالحي 6/ 178 كونها قبل خيبر. (¬4) انظر تفصيلها في الطبقات 2/ 92، والسيرة 2/ 618. (¬5) هكذا (ابن قتيبة) في الجميع، والقول الذي بعده إنما عزوه لابن (عقبة). انظر عيون الأثر 2/ 131، وفتح الباري عند شرح الحديث (233)، والمواهب اللدنية 1/ 487. (¬6) أما كون الأمير كرز-بضم الكاف وسكون الراء-ابن جابر: فهو قول ابن إسحاق 2/ 641، والواقدي 2/ 569، وتبعه ابن سعد 2/ 93، والبلاذري 1/ 378. وأما كونه جرير بن عبد الله البجلي فقد وقع في رواية أخرجها الطبري في التفسير 6/ 207، لكن إسناده ضعيف كما قال الحافظ في الفتح، وقال: -

[سرية عمرو الضمري إلى أبي سفيان]

في شوال إلى العرنيّين الذين قتلوا يسارا راعي النبي صلى الله عليه وسلم، واستاقوا اللقاح، فأتى بهم بعد قربهم من بلادهم، فقطع أيديهم، وسمل أعينهم. وكانوا ثمانية، ويقال: سبعة، فأنزل الله: {إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ} الآية [المائدة:33] (¬1). [سرية عمرو الضمري إلى أبي سفيان] ثم سرية عمرو بن أمية الضّمري، ومعه سلمة بن أسلم، ويقال: جبّار بن صخر (¬2) إلى أبي سفيان بمكة، ليغتراه فيقتلاه، لفعله مثل ذلك مع النبي صلى الله عليه وسلم (¬3) قبل. وفطن لعمرو فهرب، وقتل في طريقه أربعة رجال (¬4). [غزوة الحديبية] ثم غزوة الحديبية (¬5) على مقربة من مكة، يوم الإثنين هلال ذي ¬

= والمعروف أن إسلامه تأخر عن هذا الوقت بمدة. ونقل صاحب المواهب كلام مغلطاي. وأما كونه سعيد بن زيد: فهو قول ابن عقبة كما تقدم، والله أعلم. (¬1) قصتهم أيضا مخرجة في الصحيحين وغيرهما، انظر البخاري كتاب المغازي، باب قصة عكل وعرينة (4192)، ومسلم في القسامة، باب حكم المحاربين (1671)، وتفسير الطبري، وأسباب النزول للواحدي 129 - 130. (¬2) هذا قول ابن هشام في السيرة 2/ 633، والأول لابن سعد 2/ 93، وخرجه البيهقي في الدلائل 3/ 334 من طريق الواقدي. (¬3) كان أبو سفيان قد انتدب أعرابيا لقتل النبي صلى الله عليه وسلم، فلما وصل إلى المدينة وتوجه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كشف أمره، لكنه عفا عنه فأسلم. (¬4) انظر تفصيل خبر هذه السرية في السيرة 2/ 633 - 635، والطبقات 2/ 93 - 94، ودلائل البيهقي 3/ 333 - 337. (¬5) الحديبية: بتخفيف الياء الثانية أو تشديدها، وجهان مشهوران، والتخفيف هو-

القعدة، في ألف وأربعمائة، ويقال: خمسمائة وخمسة وعشرين رجلا، ويقال: ثلثمائة، ويقال: ستمائة (¬1). وبعث عثمان بن عفان رضي الله عنه إلى مكة رسولا، ليعرّفهم أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأت إلا للزيارة، فاحتبسته قريش عندها فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم أن عثمان قد قتل، فدعا الناس إلى بيعة الرضوان تحت الشجرة على الموت، وقيل: على أن لا يفروا (¬2). ¬

= قول الإمام الشافعي رحمه الله، وأهل اللغة، وبعض المحدثين. والتشديد هو قول أكثر المحدثين (تهذيب النووي 3/ 81). ونقل السهيلي 4/ 32 عن النحاس قوله: سألت كل من لقيته ممن أثق بعلمه عن الحديبية، فلم يختلفوا أنها بالتخفيف. وصوبه الفاسي في شفاء الغرام 1/ 92. وسميت الحديبية باسم بئر أو شجرة، واقتصر النووي على الأول، والحافظ على الثاني. وهي اليوم بين مكة وجدة-حدود الحرم-عند الشميسي. (¬1) ورد كل ذلك في الصحيح وغيره، وقال الإمام النووي في التهذيب 3/ 81: والأشهر ألف وأربعمائة وهو أكثر الروايات. وانظر تفصيلا أكثر في الفتح عند شرح الحافظ لأحاديث باب غزوة الحديبية من كتاب المغازي. (¬2) القولان في الصحيح، أما المبايعة على الموت: فقد أخرجها البخاري في المغازي، باب غزوة الحديبية (4169)، ومسلم في الإمارة، باب استحباب مبايعة الإمام الجيش عند إرادة القتال، وبيان بيعة الرضوان تحت الشجرة (1860)، كلاهما من حديث سلمة بن الأكوع رضي الله عنه أن مولاه سأله: على أي شيء بايعتم رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية؟ قال: على الموت. وأما البيعة على عدم الفرار: فقد أخرجها مسلم في الكتاب والباب السابقين (1856) من حديث جابر رضي الله عنه قال: لم نبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم على الموت، وإنما بايعناه على أن لا نفر. وأجاب الحافظ عن هذا التناقض بقوله: لا تنافي بين قولهم: بايعوه على الموت وعلى عدم الفرار، وليس المراد أن يقع الموت ولا بد، وقال: وجمع الترمذي بأن بعضا بايع على الموت، وبعضا بايع على أن لا يفر.

وجاء سهيل بن عمرو، فوادع النبي صلى الله عليه وسلم على صلح عشرة أعوام، وأن لا يدخل البيت إلا العام المقبل. ويقال: إنه كتب في هذه الموادعة بيده (¬1). وحلق النبي صلى الله عليه وسلم هناك والناس (¬2)، فأرسل الله تعالى ريحا، فحملت شعورهم، فألقتها في الحرم (¬3). ¬

(¬1) نسبها ابن سيد الناس 2/ 176 إلى البخاري، وقال: وعدّ ذلك من وقف عنده معجزة له عليه الصلاة والسلام. وبه قال الإمام أبو الوليد الباجي أحد علماء الأندلس كما في العيون، والفصول/296/، والفتح 7/ 575، قالوا: ولكنه قول مردود، ومفهوم خاطىء لظاهر رواية البخاري، وهو مخالف لقوله تعالى: وَما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لارْتابَ الْمُبْطِلُونَ [العنكبوت:48]. وقال القاضي في الشفا 3/ 361: لم تصح الرواية أنه صلى الله عليه وسلم كتب. وكذلك أفاد السهيلي في الروض 4/ 36، وانظر فتح الباري عند شرح الحديث (4251)، والمواهب اللدنية 1/ 497 - 501، وتوسع فيها وأجاد ابن طولون الدمشقي في مرشد المحتار 147 - 154. (¬2) وفي مناسبة الحلق هنا قصة ظريفة خرجها الإمام البخاري، وفيها بيان لفضل السيدة أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ورضي الله تعالى عنها، ففي كتاب الشروط، باب الشروط في الجهاد والمصالحة مع أهل الحرب (2731 - 2732): روى البخاري أنه لما فرغ من قضية الكتاب، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: قوموا فانحروا ثم احلقوا. قال: فو الله ما قام منهم رجل، حتى قال ذلك ثلاث مرات، فلما لم يقم منهم أحد، دخل على أم سلمة فذكر لها ما لقي من الناس، فقالت: يا نبي الله أتحب ذلك؟ اخرج ثم لا تكلم أحدا منهم كلمة حتى تنحر بدنك، وتدعو حالقك فيحلقك. فخرج فلم يكلم أحدا حتى فعل ذلك، فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا، وجعل بعضهم يحلق بعضا. . (¬3) طبقات ابن سعد 2/ 104، وعزاه القسطلاني 1/ 509 لمغلطاي.

[بعض الحوادث في هذه السنة أيضا]

وأقام بالحديبية بضعة عشر يوما، وقيل: عشرين يوما، ثم قفل، فلما كان بين مكة والمدينة نزلت سورة الفتح (¬1). [بعض الحوادث في هذه السنة أيضا]: وفي هذه السنة كسفت الشمس (¬2). وظاهر أوس من امرأته خولة (¬3). واستسقى في رمضان، ومطر الناس، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أصبح الناس مؤمنا بالله وكافرا بالكواكب» الحديث (¬4). ¬

(¬1) المسند 3/ 420، وتفسير الطبري 26/ 69، وسيرة ابن حبان/286/، وأسباب النزول للواحدي/255/. (¬2) كذا في سيرة ابن حبان/269/، وتلقيح الفهوم/45/عن ابن حبيب. وقال الحافظ في الفتح 2/ 612 عند شرح حديث المغيرة رضي الله عنه: «كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم مات إبراهيم». وجزم النووي بأنها كانت سنة الحديبية. بينما نقل عن جمهور أهل السير أن إبراهيم يعني ابن النبي صلى الله عليه وسلم مات في السنة العاشرة من الهجرة. (¬3) كذا قال ابن الجوزي في التلقيح/45/، والمنتظم 3/ 291. وقال البغوي 4/ 304: وهذا أول ظهار في الإسلام. (¬4) هكذا أيضا ربط ابن الجوزي في التلقيح/45/بين حادثة الاستسقاء في رمضان وبين الحديث، بينما لم يذكر الطبري 2/ 642 إلا الاستسقاء في رمضان، وفصل ابن حبان/272/و/287/بين الحادثتين، وجعل الحديث خاص بغزوة الحديبية على إثر سماء (مطر)، وهذا هو قول الواقدي 2/ 589 - 590، وأخرجه البخاري في الصحيح، كتاب الاستسقاء باب قول الله تعالى: وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ (1038)، وفي المغازي، أول باب غزوة الحديبية (4147).

[غزوة خيبر]

[غزوة خيبر] ثم غزوة خيبر، وبينها وبين المدينة ثمانية برد (¬1)، في جمادى الأولى سنة سبع، واستخلف على المدينة: سباع بن عرفطة (¬2). قال ابن إسحاق: وأقام بعد الحديبية ذا الحجة وبعض المحرم، وخرج في بقية منه إليها (¬3)، ولم يبق من السنة السادسة من الهجرة إلا شهر وأيام (¬4). واستخلف نميلة بن عبد الله الليثي (¬5). ومعه ألف وأربعمائة راجل، ومائتا فارس (¬6). وفرق الرايات، ولم تكن الرايات إلا بها، وإنما كانت الألوية (¬7). ¬

(¬1) أي ثلاثة أيام، وبالعدّ الحديث:180 كم، جهة الشام. قالوا: كل بريد أربعة فراسخ، وكل فرسخ ثلاثة أميال، وكل ميل أربعة آلاف خطوة، وكل خطوة ثلاثة أقدام، يوضع قدم أمام قدم ويلصق به. (¬2) هذا قول ابن سعد. وقال الواقدي 2/ 636: خرج في صفر سنة سبع ويقال: خرج لهلال ربيع الأول. وذكر البلاذري 1/ 352 التواريخ الثلاثة. (¬3) السيرة 2/ 328. وبه قال ابن حبان/300/، ورجحه الحافظ في الفتح (شرح باب غزوة خيبر). (¬4) هذا قول أبي عمر في الدرر/196/، وقال ابن حزم/211/: قرب آخر السنة السادسة من الهجرة. وهو قول الإمام مالك، وهذا مبني عندهم على أن السنة الهجرية تبدأ من ربيع وليس من المحرم كما هو عليه الجمهور، وانظر زاد المعاد 3/ 316، والفصول/167/، والفتح 7/ 531. (¬5) هذا قول ابن هشام 2/ 328، لكن الأول أصح كما في الفتح، وعليه اقتصر الطبري وابن حبان وابن القيم. وهو الوارد عند أحمد والحاكم وغيرهما. (¬6) السيرة 2/ 350، وابن حزم/214. (¬7) هكذا قال ابن سعد 2/ 106، وهو قول الواقدي 2/ 649، وعزاه في المواهب 1/ 522 لمغلطاي وغيره. وفي الفتح (كتاب الجهاد، باب ما قيل في لواء-

وقاتل النبي صلى الله عليه وسلم أشد القتال، وقتل من الصحابة عدة، وفتحها الله عليه: حصنا حصنا: النّطاة، وحسن الصّعب، وحصن ناعم، وحصن قلعة الزبير، والشّق، وحصن أبي، وحصن البراء (¬1)، والقموص، والوطيح، والسّلالم، ويقال: السّلاليم. وقلع عليّ باب خيبر، ولم يقلبه سبعون رجلا إلا بعد جهد (¬2). واستشهد من المسلمين خمسة عشر، وقتل من اليهود ثلاثة وتسعون (¬3). ¬

= النبي صلى الله عليه وسلم): اللواء-بكسر اللام والمد-هي الراية، ويسمى أيضا العلم، وكان الأصل أن يمسكها رئيس الجيش، ثم صارت تحمل على رأسه، وقال أبو بكر ابن العربي: اللواء غير الراية، فاللواء: ما يعقد في طرف الرمح ويلوى عليه، والراية: ما يعقد فيه ويترك حتى تصفقه الرياح. وقيل: اللواء دون الراية. وقيل: اللواء العلم الضخم. والعلم علامة لمحل الأمير يدور معه حيث دار، والراية يتولاها صاحب الحرب. (¬1) في الواقدي 2/ 648، وابن سعد 2/ 106: (النزار)، وفي الإمتاع 1/ 312: أثبت المحقق (النزار)، لكن قال في الأصل (البراز)، وهذا قريب مما أثبته. وفي البداية 4/ 200: (البزاة). وفي السبل 5/ 192: (النزال). وفي المواهب 1/ 524: (البريء). لكنها في تاريخ الخميس 2/ 47 عنه: (البراء). وأثبتت في السيرة الحلبية 3/ 40 مثل ما في المواهب. (¬2) كذا في رواية ضعّفها البيهقي في الدلائل 4/ 212، وأوردها عنه ابن كثير في البداية 4/ 191 أنه اجتمع عليه سبعون رجلا، وكان جهدهم أن أعادوا الباب. وفي السيرة 2/ 335، وعنه الطبري 3/ 13، وابن عبد البر في الدرر/198/ من حديث أبي رافع رضي الله عنه أن رجلا من يهود ضرب عليا فأطاح ترسه من يده، فتناول بابا كان عند الحصن فترّس به عن نفسه، فلم يزل في يده حتى فتح الله عليه، قال أبو رافع: فلقد رأيتني في نفر سبعة معي، أنا ثامنهم، نجهد على أن نقلب ذلك الباب، فما نقلبه. (¬3) ابن سعد 2/ 107 وانظر أسماء شهداء المسلمين عنده وفي السيرة 2/ 343 - 344.

[تحريم الحمر الأهلية وغيرها]

[تحريم الحمر الأهلية وغيرها]: وفي هذه الغزوة حرّم النبي صلى الله عليه وسلم الحمر الأهلية (¬1). ونهى عن أكل كلّ ذي ناب من السباع (¬2). وعن بيع المغانم حتى تقسم. [تحريم نكاح المتعة]: وأن لا توطأ جارية حتى تستبرأ (¬3). وعن متعة النساء (¬4)، واختلفوا هل. . . . . . . . . . . . ¬

(¬1) ورد هذا في الصحيحين وغيرهما من عدة أحاديث، منها حديث ابن أبي أوفى رضي الله عنه، أخرجه البخاري في المغازي، باب غزوة خيبر (4220)، ومسلم في الصيد والذبائح، باب تحريم أكل لحم الحمر الإنسية (1937). وانظر جامع الأصول 7/ 456 وما بعدها. (¬2) هذا في الصحيحين أيضا، لكن كون التحريم يوم خيبر هو لفظ حديث ابن عباس رضي الله عنهما عند أبي داود في الأطعمة، باب النهي عن أكل السباع (3805)، وفيه أيضا: «وكل ذي مخلب من الطير». وذو الناب: كالأسد والنمر ونحوهما، وذو المخلب: كالبازي والصقر ونحوهما. وأخرجه الترمذي من حديث أبي هريرة رضي الله عنه في الأطعمة، باب ما جاء في لحوم الحمر الأهلية (1796) وقال: حسن صحيح. وأخرجه الدارقطني عن المقدام بن معدي كرب عن خالد بن الوليد رضي الله عنهما في الصيد والذبائح والأطعمة (60). (¬3) الخبران في السيرة 2/ 331 - 332، وأخرجه أبو داود عن طريق ابن إسحاق في النكاح، باب في وطء السبايا (2158). (¬4) متعة النساء: يعني نكاحهن إلى أجل، فإذا انقضى وقعت الفرقة. وقد كان هذا مباحا في بداية الأمر للحاجة، ثم حرّم أخيرا، وقال ابن عبد البر رحمه الله في التمهيد 10/ 121 بعد أن ساق ما ورد في المتعة من أحاديث وآثار، وأعلّ-

[الشاة المسمومة]

حرّمت (¬1) مرة، أو مرتين، أو أكثر؟ وذلك أن في بعض الأحاديث: إنما حرمت يوم خيبر، وفي بعضها: يوم الفتح، وفي بعضها: في تبوك، وفي بعضها: في عمرة القضاء، وفي بعضها: عام أوطاس (¬2). [الشاة المسمومة]: وفي هذه الغزوة سمّت النبيّ صلى الله عليه وسلم زينب بنت الحارث امرأة سلام بن مشكم، فقتلها النبي صلى الله عليه وسلم ببشر بن البراء بن معرور الآكل معه، وقيل: لم يقتلها (¬3). ¬

= ما ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما فيها: وأما سائر العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم من الخالفين وفقهاء المسلمين؛ فعلى تحريم المتعة، منهم: مالك في أهل المدينة، والثوري وأبو حنيفة في أهل الكوفة، والشافعي فيمن سلك سبيله من أهل الحديث والفقه والنظر بالاتفاق، والأوزاعي في أهل الشام، والليث بن سعد في أهل مصر، وسائر أصحاب الآثار. (¬1) في (3): نسخت. (¬2) بقي موطنان لم يذكرهما المصنف رحمه الله، هما: حجة الوداع، وحنين. وانظر في ذلك الروض الأنف 4/ 59، وزاد المعاد 3/ 343، والبداية والنهاية 4/ 194 - 195، وفتح الباري كتاب النكاح، باب نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نكاح المتعة أخيرا، عند شرح الحديث (5115). وأوطاس: هو الوادي الذي جرت فيه موقعة حنين، وهذا هو سبب عدم ذكر المصنف لحنين هنا لأنهما واحد، ولأن الأثر الوارد في حنين قد أخطأ فيه الرواة كما قال الحافظ رحمه الله. والله أعلم. (¬3) أما قصة الشاة المسمومة فهي في الصحيح؛ أخرجها البخاري في الهبة، باب قبول الهدية من المشركين (2617)، ومسلم في السلام، باب السم (2190)، كلاهما من حديث أنس رضي الله عنه، وفيه أنه لم يقتلها. وأما قتلها: فقد أخرجه أبو داود في الديّات، باب فيمن سقى رجلا سما أو طعمة فمات، أيقاد منه؟ (4511) و (4512). وقال ابن سعد 2/ 107 عن قتلها: وهو الثبت-

وأمر بلحم الشاة فأحرق (¬1). وفيها نام عن صلاة الفجر لما وكّل به بلالا (¬2). قال البيهقي: كان ذلك في تبوك (¬3). ¬

= عندنا. ونقل الإمام النووي في شرح مسلم 14/ 179 عن القاضي عياض قوله: واختلفت الآثار والعلماء، هل قتلها النبي صلى الله عليه وسلم أم لا؟ فوقع في صحيح مسلم أنهم قالوا: ألا نقتلها؟ قال: لا. ومثله عن أبي هريرة وجابر، وعن جابر من رواية أبي سلمة أنه صلى الله عليه وسلم قتلها، وفي رواية ابن عباس أنه صلى الله عليه وسلم دفعها إلى أولياء بشر بن البراء بن معرور، وكان أكل منها فمات بها، فقتلوها، وقال ابن سحنون: أجمع أهل الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قتلها. قال القاضي: وجه الجمع بين هذه الروايات والأقاويل: أنه لم يقتلها أولا حين اطلع على سمها، وقيل له: اقتلها. فقال: لا. فلما مات بشر بن البراء من ذلك، سلمها لأوليائه فقتلوها قصاصا، فيصح قوله: لم يقتلها، أي في الحال، ويصح قولهم: قتلها. أي بعد ذلك، والله أعلم. وفي دلائل البيهقي 4/ 261: قال الزهري: فأسلمت فتركها النبي صلى الله عليه وسلم، قال معمر: وأما الناس فيقولون: قتلها النبي صلى الله عليه وسلم. . (¬1) كذا أيضا في السبل 5/ 210 عن محمد بن عمر، وعزاه الديار بكري 2/ 52 إلى مغلطاي. (¬2) كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قفل من غزوة خيبر، سار ليلة، حتى إذا أدركه الكرى عرّس، وقال لبلال: «اكلأ لنا الطريق». فصلى بلال ما قدر له، ونام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فلما تقارب الفجر استند بلال إلى راحلته مواجهة الفجر، فغلبت بلالا عيناه. . . أخرجه مسلم في المساجد، باب قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها (680). (¬3) في (3): قال (السهيلي). وانظر قول البيهقي في دلائله 4/ 275 عن الواقدي، وقد أورد عدة أحاديث وقع فيها النوم عن الصلاة، بعضها في طريق مكة، وبعضها بعد خيبر، وبعضها بعد رجوعهم من الحديبية. وذكر السهيلي في الروض 4/ 69 موضعا آخر، هو حنين، وقال عن الموضع الأول الذي هو بعد خيبر: وهذه الرواية أصح. وقال عمن قال إنها عام الحديبية: ليس ذلك-

[زواجه صلى الله عليه وسلم من صفية رضي الله عنها]

وقدم جعفر ومن معه من الحبشة (¬1). [زواجه صلى الله عليه وسلم من صفية رضي الله عنها]: وتزوج بصفية بنت حيي، وكانت عند كنانة بن الربيع بن أبي الحقيق، وكانت قبل رأت أن القمر سقط في حجرها فتؤول بذلك (¬2). وقال الحاكم: كذا جرى لجويرية (¬3). ¬

= بمخالف للرواية الأولى. يريد أنهما في عام واحد، والله أعلم. وقال النووي في شرح مسلم 5/ 181 - 182: واختلفوا هل كان هذا النوم مرة أو مرتين؟ وظاهر الأحاديث: مرتين. (¬1) أخرجه البخاري في المغازي، باب غزوة خيبر (4230)، ومسلم في فضائل الصحابة، باب من فضائل جعفر بن أبي طالب وأسماء بنت عميس وأهل سفينتهم رضي الله عنهم (2502) و (2503). (¬2) أما زواجها رضي الله عنها عند فتح خيبر: فهذا في الصحيح، أخرجه البخاري في المغازي، باب غزوة خيبر (4211) وفي عدة أماكن أخرى. وأخرجه مسلم في النكاح، باب فضيلة إعتاق أمته ثم يتزوجها (1365) 84 - 87. وأما ما رأته في منامها رضي الله عنها، فقد أخرج الطبراني برجال الصحيح في الكبير 24/ 67، وابن حبان في صحيحه (1697) موارد، وألمح إليه ابن إسحاق في السيرة 2/ 336، وانظر مجمع الزوائد 9/ 251، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: كانت بعيني صفية خضرة، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما بعينك»؟ فقالت: قلت لزوجي: إني رأيت فيما يرى النائم كأن قمرا وقع في حجري، فلطمني وقال: أتريدين ملك يثرب؟. . . وله شاهد أيضا من حديث أبي برزة رضي الله عنه، انظر كتاب أزواج النبي صلى الله عليه وسلم/221/للصالحي بتحقيقنا. (¬3) المستدرك 4/ 27، وجويرية هي أم المؤمنين رضي الله عنها بنت الحارث، وقد تقدمت. وانظر مغازي الواقدي 1/ 411 - 412، ودلائل البيهقي 4/ 50.

[علي وراية الرسول صلى الله عليه وسلم]

[علي وراية الرسول صلى الله عليه وسلم]: وقال عليه الصلاة والسلام: «لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله»، فدفعها إلى علي رضي الله عنه (¬1). قال الحاكم: وروى ذلك جماعة كثيرة منهم: سهل بن سعد، وأبو هريرة، وعلي بن أبي طالب، وسعد بن أبي وقاص، والزبير، والحسن بن علي، وعبد الله بن عمرو، وأبو سعيد، وسلمة بن الأكوع، وعمران بن حصين، وأبو ليلى الأنصاري، وبريدة، وعامر بن أبي وقاص، وجابر بن عبد الله (¬2). [مصالحة أهل فدك]: وسأل أهل فدك (¬3) النبيّ صلى الله عليه وسلم أن يحقن لهم دماءهم، ويخلّوا له الأموال ففعل، فكانت خالصة له (¬4). [الاختلاف في فتح خيبر]: واختلف في فتح خيبر: هل كان عنوة، أو صلحا، أو جلا أهلها بغير قتال، أو بعضها صلحا وبعضها عنوة، وبعضها جلا عنه أهلها رعبا؟ ¬

(¬1) أخرجه البخاري في المغازي، باب غزوة خيبر (4210)، ومسلم في فضائل الصحابة، باب من فضائل علي بن أبي طالب رضي الله عنه (2406). (¬2) أخرج أكثر هذه الروايات البيهقي في الدلائل 4/ 205 - 213، وقال الحافظ في الفتح عند شرح الحديث (4210): وفي الباب عن أكثر من عشرة من الصحابة، سردهم الحاكم في الإكليل، وأبو نعيم والبيهقي في الدلائل. (¬3) تقدم بيانها، وأهلها من يهود. (¬4) أخرجها أبو داود في الخراج والإمارة والفيء، باب ما جاء في حكم أرض خيبر (3016)، وانظر قصتها في السيرة 2/ 337، والطبري 3/ 20، والدرر /207/، وفتوح البلدان للبلاذري 42 - 47 بتوسع.

[فتح وادي القرى]

وعلى ذلك تدل السنن الواردة (¬1). وقسمها نصفين: الأول له وللمسلمين، والثاني: لمن نزل به من الوفود والنوائب (¬2). [فتح وادي القرى] ثم فتح وادي القرى (¬3) في جمادى الآخرة (¬4)، بعد ما أقام بها أربعا يحاصرهم، ويقال أكثر من ذلك (¬5). وأصاب مدعما مولاه سهم، فقال عليه الصلاة والسلام: «إن الشّملة ¬

(¬1) أما عنوة-قهرا لا صلحا-فقد أخرجه البخاري في الصلاة، باب ما يذكر في الفخذ (371)، ومسلم في الجهاد والسير، باب غزوة خيبر (1365). وأما بعضها عنوة وبعضها صلحا: فقد أخرجه أبو داود في الخراج والإمارة والفيء، باب ما جاء في حكم أرض خيبر (3017) عن مالك عن ابن شهاب، وانظر في ذلك شرح مسلم 12/ 164 - 165، ورجح ابن القيم في الزاد 3/ 328 - 329 أنها فتحت عنوة. وانظر سبل الهدى 5/ 238. (¬2) أخرجه أبو داود في الكتاب والباب السابقين (3012). (¬3) عنوة، كما في أنساب الأشراف 1/ 352، وفتوح البلدان/47/. ووادي القرى مدينة قديمة يقال: إنها الحد الفاصل بين المدينة والشام، وهي بالقرب من الحجر والعلا. (¬4) كذا حدده البلاذري في كتابيه السابقين. وكان توجهه إليها من خيبر مباشرة، كما في البخاري (4234) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وفيه: «افتتحنا خيبر. . . ثم انصرفنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى وادي القرى. . .». ورواه البيهقي في الدلائل 4/ 270 بلفظ: «خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من خيبر إلى وادي القرى». وانظر المسعودي 2/ 303. (¬5) الأول للواقدي 2/ 711، وفي السيرة 2/ 338: فحاصر أهله ليال.

[مصالحة أهل تيماء]

التي غلّها من خيبر لتشتعل عليه نارا» (¬1). [مصالحة أهل تيماء]: وصالحه أهل تيماء على الجزية (¬2). [سرية عمر إلى تربة]: وأرسل عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى تربة على أربعة أميال من المدينة (¬3). في شعبان، في ثلاثين رجلا (¬4)، فلم يلق بها أحدا (¬5). [سرية أبي بكر إلى بني كلاب بنجد] ثم سرية أبي بكر إلى بني كلاب-ويقال: فزارة-بناحية ضريّة في ¬

(¬1) أخرجه البخاري من نفس الحديث السابق (4234) في المغازي، باب غزوة خيبر. والشملة، كساء يتغطى به ويتلفف فيه. (¬2) وذلك بعد الذي سمعوه عما حل بأهل وادي القرى. مغازي الواقدي 2/ 711، وفتوح البلدان 48، وتيماء: بلد بالقرب من تبوك. والخبر نقله صاحب المواهب 1/ 536، وصاحب تاريخ الخميس 2/ 59 عن الحافظ مغلطاي. (¬3) هكذا (من المدينة). وأظنه سبق قلم والله أعلم، لأنها في الطبقات 2/ 117 على أربعة ليال من مكة طريق صنعاء ونجران. وقال ياقوت 2/ 21: واد بالقرب من مكة على مسافة يومين منها، يصب في بستان ابن عامر، ثم ذكر خبر السرية. وقال البيهقي 4/ 292: وراء مكة بأربعة أميال. (¬4) في (2) و (3) والعقد والمطبوع: (راجلا) بزيادة ألف، وما أثبته من (1) ومصادره الآتية. (¬5) لأن أهلها كانوا قد سمعوا بهم فهربوا. ولم تذكر المصادر شيئا عن سببها سوى أنها لقتال هوازن حيث يوجد عجزها بتربة. انظر الواقدي 2/ 722، وابن سعد 2/ 117، وأنساب الأشراف 1/ 379، والطبري 3/ 22.

[سرية بشير بن سعد إلى بني مرة بفدك]

شعبان (¬1)، فسبى منهم جماعة، وقتل آخرين (¬2). [سرية بشير بن سعد إلى بني مرة بفدك] ثم سرية بشير بن سعد، إلى بني مرّة بفدك (¬3)، في شعبان، ومعه ثلاثون رجلا، فقتلوا، وارتثّ بشير (¬4). [سرية غالب بن عبد الله إلى الميفعة ناحية نجد] ثم سرية غالب بن عبد الله الليثي إلى الميفعة، بناحية نجد، من المدينة على ثمانية برد (¬5) في مائة وثلاثين رجلا، في رمضان. فقتل أسامة بن زيد نهيك بن مرداس (¬6) بعد قوله. . . . . . ¬

(¬1) أي من السنة السابعة، وضريّة بنجد، وتقدم التعريف بها. (¬2) ذكرها الواقدي مختصرة 2/ 722، وذكرها ابن سعد 2/ 117 - 118 مطولة، وكأنه أدخل معها سرية أخرى، وتبعه في ذلك ابن سيد الناس 2/ 200، لكن الصالحي 6/ 207، وهّم ابن سعد. وانظر السيرة الحلبية 3/ 186. (¬3) تقدم التعريف بها عند الحديث عن غزوة خيبر، وبشير بن سعد هو والد النعمان بن بشير رضي الله عنهما. (¬4) ارتث: حمل من المعركة جريحا وبه رمق. وقوله: فقتلوا. يعني أصحاب بشير، وكانوا قد استاقوا النعم والشاء لما لم يجدوا أحدا، ثم خرج الصريخ إليهم فقضوا عليهم، وقاتل بشير حتى ارتث وضرب كعبه، فقيل: قد مات، وقدم علبة بن زيد الحارثي بخبرهم، ثم قدم من بعده بشير بن سعد، وكان قد تحامل حتى انتهى إلى فدك، فأقام عند يهودي أياما حتى اندمل جرحه. (الواقدي 2/ 723، وابن سعد 2/ 118 - 119). (¬5) الميفعة: اسم ماء وراء بطن نخل إلى النقرة قليلا، بناحية نجد. (¬6) هكذا سماه الواقدي 2/ 724، وعند ابن إسحاق 2/ 622: مرداس بن نهيك واقتصر عليه الحافظ في الفتح عند شرحه لحديثه في كتاب الديات كما سوف أخرج، وقال الصالحي 6/ 222: وهو الصواب.

[سرية بشير إلى يمن وجبار]

لا إله إلا الله (¬1). وفي الإكليل: فعل أسامة ذلك في سرية كان هو أميرا عليها سنة ثمان (¬2). [سرية بشير إلى يمن وجبار] ثم سرية بشير أيضا، إلى يمن وجبار-أرض لغطفان، ويقال: لفزارة وعذرة-في شوال، ومعه ثلاثمائة رجل، لجمع تجمعوا بالجناب (¬3) للإغارة على المدينة. فلما بلغهم مسير بشير هربوا، فغنم منهم غنائم، وأسر رجلين فأسلما (¬4). ¬

(¬1) أضاف ابن سعد 2/ 119: فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «ألا شققت قلبه، فتعلم صادق هو أم كاذب؟» وهذا في الصحيح بلفظ آخر كما سوف أخرج. (¬2) ذكر البخاري هذه القصة في كتاب المغازي، باب بعث النبي صلى الله عليه وسلم أسامة بن زيد إلى الحرقات من جهينة (4269) وقال الحافظ: ليس في هذا ما يدل على أنه كان أمير الجيش كما هو ظاهر الترجمة، وقد ذكر أهل المغازي سرية غالب بن عبد الله الليثي إلى الميفعة في رمضان سنة سبع، وقالوا: إن أسامة قتل الرجل في هذه السرية، فإن ثبت أن أسامة كان أمير الجيش، فالذي صنعه البخاري هو الصواب، لأنه ما أمّر إلا بعد قتل أبيه بغزوة مؤتة، وذلك في رجب سنة ثمان، وإن لم يثبت أنه كان أميرها، رجح ما قال أهل المغازي. وانظر كتاب الديات، باب قول الله تعالى: وَمَنْ أَحْياها. . . (6872)، كما أخرجها مسلم في الإيمان، باب تحريم قتل الكافر بعد أن قال لا إله إلا الله (96). (¬3) قال ابن سعد 2/ 120: والجناب: يعارض سلاح وخيبر ووادي القرى. وقال في العيون 2/ 202: وسلاح-بكسر السين المهملة والحاء المهملة-: موضع قريب من خيبر. (¬4) انظر مغازي الواقدي 2/ 727، وسماها: سرية بشير إلى الجناب. وطبقات ابن سعد 2/ 120.

[عمرة القضية]

[عمرة القضية] ثم عمرة القضية: وتسمى أيضا عمرة القضاء، وغزوة القضاء، وعمرة الصلح (¬1)، في هلال ذي القعدة (¬2)، ومعه عليه الصلاة والسلام ¬

(¬1) أما القضية والقضاء: فمن المقاضاة بين المسلمين والمشركين لنص الكتاب الذي كتب بينهم بالحديبية، أو لكونها قضاء عن عمرة الحديبية التي صدّ فيها المسلمون عن البيت. قال السهيلي 4/ 76 - 77: وسميت عمرة القضاء لأن النبي صلى الله عليه وسلم قاضى قريشا عليها، لا لأنه قضى العمرة التي صد عن البيت فيها، فإنها لم تك فسدت بصدهم عن البيت، بل كانت عمرة تامة متقبلة، حتى إنهم حين حلقوا رؤوسهم احتملتها الريح فألقتها في الحرم. وأما تسميتها بغزوة القضاء: فلأن الرسول صلى الله عليه وسلم خرج مستعدا بالسلاح والمقاتلة، خشية أن يقع من قريش غدر. (ذكره موسى بن عقبة عن ابن شهاب كما في الفتح). قلت: لذلك أوردها البخاري في كتاب المغازي: وردّ ذلك ابن الأثير في جامع الأصول 8/ 348 عند شرحه للحديث (6133) فقال: هذه عمرة القضاء ليست من الغزوات، وإنما البخاري ذكرها في كتاب الغزوات حيث تضمنت ذكر المصالحة مع المشركين في الحديبية. وأما تسميتها بعمرة الصلح: فواضح، ونقله الحافظ عن الحاكم في الإكليل. ونسبه الصالحي 5/ 298 إلى ابن إسحاق. هذا وبقي اسم رابع لعمرة القضاء لم يذكره المصنف، وذكره ابن إسحاق في السيرة 2/ 370 فقال: ويقال لها: (عمرة القصاص). لأنهم صدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذي القعدة في الشهر الحرام الذي صدوه فيه من سنة سبع، وبلغنا عن ابن عباس أنه قال: فأنزل الله في ذلك: وَالْحُرُماتُ قِصاصٌ. قال السهيلي 4/ 76 - 77: وهذا الاسم أولى. وانظر في سبب التسمية، وحكم العمرة، ووجوب القضاء أو الهدي، وعدد عمر النبي صلى الله عليه وسلم: الروض الأنف 4/ 76 - 77، وزاد المعاد 3/ 378 - 381، والفتح 7/ 571 - 572، والبداية والنهاية 5/ 99 - 100، وسبل الهدى 5/ 297 - 298. (¬2) يعني من سنة سبع، وهو قول الجمهور، بدون خلاف.

[الزواج من ميمونة رضي الله عنها]

ألفان (¬1). واستخلف أبا رهم (¬2)، وساق ستين بدنة، وأقام بمكة ثلاثة أيام (¬3). [الزواج من ميمونة رضي الله عنها]: وتزوج صلى الله عليه وسلم بميمونة بنت الحارث الهلالية بسرف (¬4)، وهو محرم، وقيل: وهو حلال (¬5). ¬

(¬1) ممن شهد الحديبية (ابن إسحاق)، وآخرون معتمرون (ابن سعد)، سوى النساء والصبيان (الفتح عن الحاكم في الإكليل). (¬2) كذا عند ابن سعد 2/ 120، وقال ابن هشام 2/ 370: عويف بن الأضبط الديلي. وقال البلاذري 1/ 353: أبو ذر جندب بن جنادة الغفاري، ويقال: عويف بن الأضبط، وعند ابن حبان/313/: ناجية بن جندب الأسلمي. (¬3) وهو الأجل الذي بينه وبين أهل مكة، حسب شروط الصلح. (¬4) سرف-بفتح السين وكسر الراء وبالفاء-: موضع قرب التنعيم من مكة، بينه وبين وادي فاطمة. (¬5) كلا القولين مخرج في الصحيح وغيره، أخرجه البخاري في جزاء الصيد، باب تزويج المحرم (1837)، ومسلم في النكاح، باب تحريم نكاح المحرم وكراهة خطبته (1410). وقال ابن عبد البر رحمه الله في التمهيد 3/ 152: والرواية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة-وهو حلال-متواترة عن ميمونة بعينها، وعن أبي رافع مولى النبي صلى الله عليه وسلم، وعن سليمان بن يسار مولاها، وعن يزيد الأصم وهو ابن أختها. وهو قول سعيد بن المسيب، وسليمان بن يسار، وأبي بكر بن عبد الرحمن وابن شهاب، وجمهور علماء المدينة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم ينكح ميمونة إلا وهو حلال، قبل أن يحرم. وما أعلم أن أحدا من الصحابة روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نكح ميمونة-وهو محرم-إلا عبد الله بن عباس ورواية من ذكرنا معارضة لروايته، والقلب إلى رواية الجماعة أميل. . وقال ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد 1/ 113 بعد أن ذكر حديث ابن عباس رضي الله عنهما: ووهم رضي الله عنه، فإن السفير بينهما بالنكاح أعلم الخلق بالقصة، وهو أبو-

[سرية الأخرم إلى بني سليم]

وكانت أولا: عند مسعود بن عمرو، ففارقها، فخلف عليها أبو رهم بن عبد العزى، وقيل: كانت عند فروة، وقيل: كانت عند سخبرة بن أبي رهم. وقال ابن حزم: كانت تحت حويطب بن عبد العزى أخي أبي رهم (¬1). [سرية الأخرم إلى بني سليم] ثم سرية الأخرم رضي الله عنه، الذي يقال له: ابن أبي العوجاء السّلمي (¬2)، إلى بني سليم في ذي الحجة، ومعه خمسون رجلا. ¬

= رافع. . . وابن عباس إذ ذاك له نحو العشر سنين أو فوقها، وكان غائبا عن القصة لم يحضرها. وقال الحافظ في الفتح 9/ 70 عند شرح الحديث (5114) ويجمع بينه وبين حديث ابن عباس، بحمل حديث ابن عباس على أنه من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم، ثم ساق قول ابن عبد البر ملخصا. قلت: وأما الحكم الفقهي المترتب على ذلك: فقد ذهب الجمهور إلى عدم صحة زواج المحرم أو تزويجه. وبه قال الأئمة الشافعي ومالك وأحمد، وذهب أبو حنيفة-رحمهم الله جميعا-إلى جواز ذلك. انظر المجموع 7/ 287 - 288، والمغني 3/ 332، ونيل الأوطار 5/ 14 - 15. (¬1) الذي في جوامع السيرة: أنها كانت قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم عند أبي رهم، وقال عبد الله بن محمد بن عقيل: بل كانت تحت حويطب بن عبد العزى أخي أبي رهم. واقتصر في السيرة 2/ 646، والمحبر/91/على ذكر أبي رهم، بينما ذكر ابن سعد 8/ 132: مسعود بن عمرو ثم فارقها فخلف عليها أبو رهم. وانظر بقية الأسماء في الإصابة عند ترجمتها رضي الله عنها. (¬2) هكذا عند الواقدي 2/ 741، وابن سعد 2/ 123، والطبري 3/ 26. وفي أنساب الأشراف 1/ 379 ذكره كذلك، ثم قال: ويقال: هو أبو العوجاء. وهذا ما اقتصر عليه ابن إسحاق في السيرة 2/ 612، وابن حبيب في المحبر-

[هدايا المقوقس]

فأحدق بهم الكفار، وقتلوهم عن آخرهم، وجرح ابن أبي العوجاء (¬1). [هدايا المقوقس]: وقدم حاطب (¬2) من عند المقوقس ملك مصر، واسمه جريج بن مينا (¬3). وأهدى هدايا إلى النبي صلى الله عليه وسلم منها: مارية القبطية رضي الله عنها (¬4). ¬

= /122/، لكن الذي في التجريد للذهبي 2/ 190. وقال ابن إسحاق: ابن أبي العوجاء. ونسب الآخر للزهري، وهي رواية موسى بن عقبة عنه كما في دلائل البيهقي 4/ 341. وترجم له الحافظ في الإصابة باسم: الأخرم بن أبي العوجاء السلمي. (¬1) في المحبر/122/: استشهد. والأول هو للواقدي 2/ 741، وابن سعد 2/ 123، وابن حبان/314/، وقال ابن إسحاق 2/ 612: أصيب بها هو وأصحابه جميعا. (¬2) هو ابن أبي بلتعة رضي الله عنه، وكان صلى الله عليه وسلم قد بعثه في سنة ست كما عند خليفة /79/وقدم في سنة سبع كما هنا، وتاريخ خليفة/86/. (¬3) هكذا اسمه أيضا في الروض 4/ 249، ونسبه في نصب الراية 4/ 422 إلى الدارقطني. وقال النووي في التهذيب 2/ 113: ذكره ابن منده وأبو نعيم. (¬4) ومعها-كما في أنساب الأشراف 1/ 449: شيرين أختها، وقال في الوفا /735/: أهدى إليه أربع جوار منهن: مارية، وألف مثقال ذهبا، وعشرون ثوبا، وبغلة النبي صلى الله عليه وسلم: الدلدل، وبقيت إلى زمن معاوية رضي الله عنه كما في المعارف/149/. وحماره: يعفور، ويقال: إن الحمار من عامل عمان، ونفق، وخصيّ، سمّاه في الروض 4/ 250: مابور، وأضاف: وقدحا من قوارير كان يشرب فيه النبي صلى الله عليه وسلم؛ وقال ابن سعد في الطبقات 1/ 260: ولم يسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ضنّ الخبيث بملكه، ولا بقاء لملكه.

[رسله صلى الله عليه وسلم إلى الملوك]

[رسله صلى الله عليه وسلم إلى الملوك] وأرسل الرسل إلى الملوك (¬1). فبعث ابن حذافة إلى كسرى، فمزق كتابه، فدعا عليه بتمزيق ملكه (¬2). وعمرو بن العاص إلى ملكي عمان عبد وجيفر ابني الجلندى، فأسلما (¬3). وسليط بن عمرو إلى هوذة بن علي باليمامة (¬4). وشجاع بن وهب إلى الحارث بن أبي شمر الغساني ملك البلقاء (¬5). ¬

(¬1) قال ابن عقيل: من الدليل على صحة نبوة نبينا صلى الله عليه وسلم: أنه كاتب كسرى وقيصر وغيرهما، وأمره مع قومه كلهم ما استتبّ، فضلا عن عامة العرب. . (الوفا 757). (¬2) فسلط الله تعالى على كسرى ابنه شيرويه فقتله، وفي تاريخ خليفة/79/أن إرسال عبد الله بن حذافة السهمي رضي الله عنه إلى كسرى كان في السنة السادسة. وفي الروض 4/ 68: وإنما خص النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بإرساله إلى كسرى، لأنه كان يتردد عليه كثيرا ويختلف إلى بلادهم. (¬3) سماه في القاموس: جلنداء، بضم أوله وفتح ثانيه ممدودة. وبضم ثانيه مقصورا، وفي السيرة بدل (عبد): عياد. (¬4) كان سليط بن عمرو يتردد على اليمامة، وفي الطبقات 1/ 262: طلب هوذة من الرسول صلى الله عليه وسلم أن يجعل له بعض الأمر، فقال عليه الصلاة والسلام: «لو سألني سيابة من الأرض ما فعلت، باد، وباد ما في يديه». فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم من الفتح جاءه جبريل فأخبره أنه مات. (¬5) كذا قال ابن سعد 1/ 261، وعنده: أنه لم يسلم، فدعا عليه الرسول صلى الله عليه وسلم بأن يبيد ملكه، فمات عام الفتح. والبلقاء: شمال الأردن حاليا، وفي ياقوت: كورة من أعمال دمشق بين الشام ووادي القرى، قصبتها عمّان.

والعلاء بن الحضرمي إلى المنذر بن ساوى بالبحرين، فأسلم (¬1). وأبا موسى الأشعري ومعاذا إلى اليمن بعد (¬2). وعمرا الضمريّ إلى مسيلمة، وأردفه بكتاب اخر مع السائب بن العوام (¬3). وعياش بن أبي ربيعة إلى الحارث، ومسروح، ونعيم، بنو عبد كلال (¬4). وكتب أيضا إلى جماعة كثيرة يدعوهم إلى الإسلام (¬5). ¬

(¬1) وصدّق، وقال ابن سعد 1/ 263: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث أبا هريرة مع العلاء بن الحضرمي، وأوصاه به خيرا. (¬2) في البخاري، كتاب المغازي، باب بعث أبي موسى ومعاذ إلى اليمن قبل حجة الوداع. وفي كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم، باب حكم المرتد والمرتدة (6923) من حديث أبي موسى الأشعري-واسمه عبد الله بن قيس- وفيه: اذهب أنت يا أبا موسى، ثم أتبعه معاذ بن جبل. . (¬3) الطبقات 1/ 273. (¬4) في (1) سقطت عبارة (بنو عبد)، وفي (3) والمطبوع والعقد الثمين بدل (بنو): (ابن) عبد كلال. وهو نفس الوارد في المصباح المضيّ 1/ 246. وانظر طبقات ابن سعد 1/ 264 وفيها بدل مسروح: شريح. (¬5) انظر التفصيل في الطبقات 1/ 258 - 291، وانظر بعضها في الوفا لابن الجوزي 733 - 757، ونصب الراية 4/ 418 - 425، وزاد المعاد 3/ 688 - 697، وصبح الأعشى 6/ 353 - 368، وبعض هذه الكتب في الصحيحين وغيرهما، وانظر المحبر 75 - 77 وكتاب: (المصباح المضي في كتّاب النبي الأمي ورسله إلى ملوك الأرض من عربي وعجمي) لابن حديدة الأنصاري.

[سرية غالب إلى بني الملوح]

[سرية غالب إلى بني الملوح] ثم سرية غالب (¬1) إلى بني الملوّح بالكديد (¬2) في صفر سنة ثمان (¬3)، فغنم غنائم (¬4). [إسلام خالد وعمرو وعثمان بن أبي طلحة]: وفي هذا الشهر أسلم خالد، وعمرو بن العاص، وعثمان بن أبي طلحة (¬5). وقال ابن أبي خيثمة: كان ذلك سنة خمس (¬6). ¬

(¬1) هو غالب بن عبد الله الليثي رضي الله عنه، الذي تقدم في سرية (الميفعة ناحية نجد). (¬2) ماء بين عسفان وقديد، أقرب إلى مكة من المدينة. (¬3) كذا في الواقدي 2/ 750، والطبقات 2/ 124، وفيهما أنهم كانوا بضعة عشر رجلا، وذكرها ابن حبيب/119/من حوادث السنة الخامسة، وذكرها ابن حبان/312/من حوادث السنة السابعة في رمضان وقال: كانوا في مائة وثلاثين رجلا. فكأنه خلط بين سرية غالب هذه وبين سريته المتقدمة إلى الميفعة، والله أعلم. (¬4) انظرها كاملة في المصادر السابقة، والطبري 3/ 27 - 28، ودلائل البيهقي 4/ 298 - 299. (¬5) كذا في أنساب الأشراف 1/ 380 - 381، والطبري 3/ 29 - 31، وقال: قدموا المدينة في أول صفر من سنة ثمان، ولم يذكر في المعارف/267/إلا السنة. بينما ذكر خليفة/79/: أن إسلام عمرو كان في السنة السادسة، وإسلام خالد في السنة السابعة بين الحديبية وخيبر، لكن صحح أبو عمر في الاستيعاب 3/ 1185 أن إسلام عمرو كان في الثامنة، قال: وقدم هو وخالد وعثمان بن طلحة. (¬6) ذكر أبو عمر في الاستيعاب 2/ 427 أن إسلام خالد كان سنة خمس بعد فراغ-

[سرية غالب إلى فدك]

وقال الحاكم: سنة سبع (¬1). [سرية غالب إلى فدك] ثم سرية غالب أيضا إلى مصاب أصحاب بشير بفدك (¬2)، في صفر، ومعه مائتا رجل، فقتلوا قتلى، وأصابوا نعما (¬3). [سرية شجاع بن وهب إلى بني عامر] ثم سرية شجاع بن وهب الأسدي إلى بني عامر بالسّيّ (¬4)، ماء من ذات عرق إلى وجرة، على ثلاث مراحل من مكة إلى البصرة، وخمس من المدينة (¬5)، في أربعة وعشرين رجلا إلى جمع من هوازن فغنموا غنائم (¬6). ¬

= رسول الله صلى الله عليه وسلم من بني قريظة. لكن الحافظ في الإصابة 2/ 251، وهّم من زعم ذلك. قلت: وهذا القول مبني على أن ابن إسحاق ذكر قصة إسلامهم بعد غزوة الخندق وقريظة مباشرة. (¬1) قدّم الحافظ في الإصابة 2/ 251 أن إسلام خالد رضي الله عنه كان سنة سبع بعد خيبر. (¬2) حيث قتل أصحابه، وارتث هو كما مر. (¬3) كذا في الطبقات 2/ 126. وذكر الواقدي 2/ 724، وابن إسحاق 2/ 622 فيها مقتل نهيك بن مرداس على يد أسامة بن زيد رضي الله عنهما، وقد تقدم التعليق على ذلك قبل. (¬4) كذا ضبطت في الصحاح والقاموس، وضبطها الصالحي بمد الهمزة (السّيء). (¬5) في معجم البلدان 5/ 362: (حرة ليلى، ووجرة، والسيّ): مواضع قرب ذات عرق ببلاد سليم. (¬6) انظر التفصيل في المغازي 2/ 753 - 754، والطبقات 2/ 127.

[سرية كعب إلى ذات أطلاح]

[سرية كعب إلى ذات أطلاح] ثم سرية كعب بن عمير الغفاري (¬1) إلى ذات أطلاح وراء وادي القرى في ربيع الأول، ومعه خمسة عشر رجلا، فقتلهم كفار قضاعة إلا رجلا واحدا قيل هو الأمير (¬2). [غزوة مؤتة] ثم غزوة مؤتة، من عمل البلقاء بالشام دون دمشق (¬3)، في جمادى الأولى (¬4)، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان أرسل الحارث بن عمير بكتاب إلى ¬

(¬1) في الطبري 3/ 29: (عمرو بن كعب الغفاري) خلافا لبقية المصادر وكتب الصحابة. (¬2) في السيرة 2/ 621: أصيب بها هو وأصحابه جميعا. وذكره الحافظ عن ابن شهاب وعروة. (الإصابة 5/ 607). وقال الطبري 3/ 29، وابن حبان/317/ بنجاته، وعزاه أبو عمر في الاستيعاب 3/ 1323، وابن الأثير في أسد الغابة 4/ 485 إلى الدولابي وغيره. وقال الواقدي 2/ 753، وابن سعد 2/ 128: إن رجلا واحدا جرح وتحامل حتى أتى المدينة فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم. (¬3) في السيرة: أنهم وصلوا إلى معان، ثم تقدموا إلى حدود البلقاء، وانحازوا إلى قرية يقال لها: مؤتة. ونقل الحافظ في الفتح 7/ 583 عن غير ابن إسحاق: أنها على مرحلتين من بيت المقدس. وقال في ضبط (مؤتة) بضم الميم، وسكون الواو بغير همز لأكثر الرواة، وبه جزم المبرد، ومنهم من همزها، وبه جزم ثعلب والجوهري وابن فارس. قلت: اقتصر السهيلي في الروض 4/ 78، وابن سيد الناس في عيون الأثر 2/ 208 على كونها مهموزة الواو. (¬4) من سنة ثمان، وذكر الحافظ في الفتح 7/ 583، والصالحي في السبل 6/ 248 عن خليفة في تاريخه أنه ذكرها في سنة سبع. قلت: الذي في تاريخ خليفة المطبوع/86/أنها في جمادى الأولى سنة ثمان، كما قاله المصنف وأهل المغازي، والله أعلم.

ملك بصرى، فعرض له شرحبيل بن عمرو الغساني فقتله (¬1). فأمّر النبيّ صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة على ثلاثة آلاف رجل، وقال: «إن قتل فجعفر، فإن قتل فعبد الله بن رواحة، فإن قتل فليرتض المسلمون برجل من بينهم» (¬2). فلما وصلوا إلى مؤتة، وجدوا بها نحو المائة ألف رجل (¬3). فلما تصافّوا قتلوا كما رتّبهم النبي صلى الله عليه وسلم، فأخذ الراية، ثابت بن أقرم العجلاني إلى أن اصطلحوا على خالد (¬4). ¬

(¬1) صبرا رضي الله عنه، ولم يقتل لرسول الله صلى الله عليه وسلم رسول غيره، وكان هذا هو سبب خروج جيش مؤتة. (طبقات ابن سعد 4/ 343). وشرحبيل بن عمرو: هو من أمراء قيصر على الشام (الفتح) كما في التخريج الآتي. (¬2) أخرجه البخاري في المغازي، باب غزوة مؤتة من أرض الشام (4261) عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: أمّر رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة مؤتة زيد بن حارثة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن قتل زيد فجعفر، وإن قتل جعفر فعبد الله بن رواحة». (¬3) في المطبوع بعدها: وقيل: مائة وخمسين ألفا. وفي السيرة 2/ 375: أن هرقل قد نزل مآب من أرض البلقاء في مائة ألف من الروم، وانضم إليهم من لخم وجذام والقين وبهراء وبلي مائة ألف منهم. (¬4) هكذا في السيرة 2/ 379، وعند ابن سعد 2/ 130: ثم أخذ اللواء رجل من الأنصار، ثم سعى به حتى إذا كان أمام الناس ركزه ثم قال: إليّ أيها الناس، فاجتمع إليه الناس، حتى إذا كثروا مشى باللواء إلى خالد بن الوليد فقال له خالد: لا آخذه منك، أنت أحق به، فقال الأنصاري: والله ما أخذته إلا لك. فأخذ خالد اللواء. . . قلت: الذي في الصحيح من حديث أنس رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن نعى الأمراء الثلاثة قال: «حتى أخذ الراية سيف من سيوف الله، حتى فتح الله عليهم». أخرجه البخاري في الكتاب والباب السابقين (4262).

قال الحاكم: فلما قاتلهم خالد، فقتل منهم مقتلة عظيمة، وأصاب غنيمة (¬1). وقال ابن سعد: إنما انهزم بالمسلمين (¬2). وقال ابن إسحاق: انحازت كل طائفة من غير هزيمة (¬3). ورفعت الأرض للنبي صلى الله عليه وسلم حتى رأى معترك القوم وأخبر به (¬4). ¬

(¬1) يعني أن المسلمين قد هزموا عدوهم، وهذا هو قول الواقدي 2/ 764، وابن سعد 2/ 130، وأخرجه البيهقي في الدلائل 4/ 365، وعزاه الحافظ في الفتح إلى مغازي أبي الأسود، ومغازي ابن عقبة أيضا. وتقدم حديث أنس رضي الله عنه في التعليق السابق. (¬2) الطبقات 2/ 129. ورجحه المقريزي في الإمتاع 1/ 349. (¬3) السيرة 3/ 380، وقال البيهقي في الدلائل 4/ 375 بعد أن ذكر اختلاف أهل المغازي في هذه المسألة: وحديث أنس يدل على ظهور خالد عليهم، والله أعلم بالصواب. وقال ابن القيم في الزاد 3/ 383: ذكر ابن سعد أن الهزيمة كانت على المسلمين، والذي في صحيح البخاري أن الهزيمة كانت على الروم. ثم قال: والصحيح ما ذكره ابن إسحاق أن كل فئة انحازت عن الأخرى. قلت: عجيب من ابن القيم أن يقدم قول ابن إسحاق على ما في الصحيح دون أن يذكر العلة. وانظر أيضا ابن كثير في البداية 4/ 248 حيث قال: ويمكن الجمع بين قول ابن إسحاق وبين قول الباقين، وهو أن خالدا لما أخذ الراية حاش بالقوم المسلمين حتى خلصهم من أيدي الكافرين من الروم والمستعربة، فلما أصبح وحوّل الجيش ميمنة وميسرة، ومقدمة وساقة كما ذكره الواقدي، توهم الروم أن ذلك عن مدد جاء إلى المسلمين، فلما حمل عليهم خالد هزموهم بإذن الله، والله أعلم. (¬4) هكذا أخرجه البيهقي من رواية موسى بن عقبة في الدلائل 4/ 364 - 365. ويؤيده ما في رواية البخاري السابقة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نعاهم قبل أن يجيء خبرهم.

[سرية عمرو بن العاص إلى ذات السلاسل]

[سرية عمرو بن العاص إلى ذات السلاسل] ثم سرية عمرو بن العاص إلى ذات السّلاسل، ويقال السلسل: ماء وراء وادي القرى من المدينة على عشرة أيام (¬1). في جمادى الآخرة (¬2). ومعه ثلثمائة من سراة المهاجرين والأنصار، إلى جمع من قضاعة، تجمعوا للإغارة، ثم أمده بأبي عبيدة في مائتين (¬3). فهزم الله تعالى عدوهم حين الحملة (¬4). ¬

(¬1) في الروض 4/ 252: والسلاسل مياه، واحده: سلسل. وذكر ابن سعد أنها وراء وادي القرى، وبينها وبين المدينة عشرة أيام. وقال النووي في تهذيبه 3/ 114: موضع معروف بناحية الشام في أرض بني عذرة. وقال الحافظ في الفتح 7/ 674: قيل: سميت ذات السلاسل: لأن المشركين ارتبط بعضهم إلى بعض مخافة أن يفروا، وقيل: لأن بها ماء يقال له: السلسل. وضبط النووي (السلاسل) بفتح السين الأولى، وكسر الثانية. وقال ابن الأثير في النهاية 2/ 389: بضم الأولى. واستغربه النووي. (¬2) كذا عند ابن سعد 2/ 131، والبلاذري 1/ 380. ولم يحدد لها ابن إسحاق تاريخا، وذكرها ابن حبيب في المحبر/121/من حوادث السنة السابعة، وهذا نقله الحافظ في الفتح 7/ 674 عن ابن أبي خالد في كتاب صحيح التاريخ، ونقل النووي عن ابن عساكر أن غزوة ذات السلاسل بعد مؤتة فيما ذكره أهل المغازي، سوى ابن إسحاق فإنه قال: هي قبل مؤتة. (¬3) هذا قول ابن سعد 2/ 131، وقال هو وابن إسحاق 2/ 623: وفيهم أبو بكر وعمر في المهاجرين الأولين. (¬4) أخرج خبر هذه الغزوة أيضا: البخاري في المغازي، باب غزوة ذات السلاسل وهي غزوة لخم وجذام (4358)، ومسلم في فضائل الصحابة، باب من فضائل أبي بكر رضي الله عنه (2384). وفي الحديث أن عمرو رضي الله عنه هو-

[سرية الخبط وأميرها أبو عبيدة]

[سرية الخبط وأميرها أبو عبيدة] ثم سرية أبي عبيدة بن الجراح في ثلثمائة فيهم عمر بن الخطاب، وتعرف بسرية الخبط (¬1). في رجب (¬2)، يتلقى عيرا لقريش (¬3)، ويقال: إلى حي من جهينة بساحل البحر على خمس ليال من المدينة (¬4). ¬

= الأمير، وقال الحافظ: فيه منقبة لعمرو لتأميره على جيش فيهم أبو بكر وعمر، وإن كان ذلك لا يقتضي أفضليته عليهم. قلت: في السيرة والمغازي أن والدة العاص كانت من أهل تلك البلاد، فأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يتألفهم. وأورد الحافظ عن ابن راهويه والحاكم أثرا فيه: أن أبا بكر قال لعمر رضي الله عنهما: لم يبعثه علينا إلا لعلمه بالحرب. قال الحافظ: وهذا السبب أصح. (¬1) كذا في الطبقات 2/ 132، وفي البخاري من حديث جابر رضي الله عنه كما سوف أخرج: «غزونا جيش الخبط» وتعرف أيضا: بغزوة سيف البحر. كما في السيرة 2/ 632، وبه عنون البخاري كما سوف أخرج. فأما الخبط-بفتح الخاء والياء-: فهو ورق الشجر المتساقط، وهو من علف الإبل كما في النهاية، وخصصه الحافظ فقال: هو من ورق السّلم. وأما سيف البحر-بكسر السين وسكون التحتانية-: فهو ساحله، وسميت كذلك: لأنها كانت عند ساحل البحر كما سيذكر. (¬2) يعني من السنة الثامنة كما في الطبقات. (¬3) كذا في الصحيح من حديث جابر رضي الله عنه قال: «بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثلاثمائة راكب أميرنا أبو عبيدة بن الجراح، نرصد عير قريش. . .» أخرجه البخاري في المغازي، باب غزوة سيف البحر، وهم يتلقون عيرا لقريش، وأميرهم أبو عبيدة (4361)، وأخرجه مسلم في الصيد، باب إباحة ميتات البحر (1935). (¬4) هذا قول ابن سعد 2/ 132، وجمع الحافظ بين القولين بقوله: وهذا لا يغاير ظاهره ما في الصحيح، لأنه يمكن الجمع بين كونهم يتلقون عيرا لقريش-

[سرية أبي قتادة إلى خضرة]

وزودهم جرابا من تمر، فلما نفذ أكلوا الخبط، فأخرج الله من البحر دابة تسمى العنبر، فأكلوا منها وتزودوا (¬1). ورجعوا ولم يلقوا كيدا (¬2). [سرية أبي قتادة إلى خضرة] ثم سرية أبي قتادة رضي الله عنه إلى خضرة، أرض محارب بنجد (¬3) في شعبان، ومعه خمسة عشر رجلا (¬4). فقتل منهم وسبى وغنم، وكانت غيبته خمس عشرة ليلة (¬5). [سرية أبي قتادة إلى بطن إضم] ثم أرسله إلى بطن إضم (¬6)، فيما بين ذي خشب وذي المروة، من ¬

= ويقصدون حيا من جهينة. ويقويه ما عند مسلم من حديث جابر: «بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثا إلى أرض جهينة» فذكر هذه القصة. (انظر صحيح مسلم التخريج السابق). (¬1) كذا في الصحيح، وفيه أيضا: أنهم ذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: هو رزق أخرجه الله لكم، فهل معكم من لحمه شيء فتطعمونا؟ قال: فأرسلنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منه، فأكله. (¬2) ابن سعد 2/ 132. (¬3) كذا ضبطها وعرّفها ياقوت 2/ 377. (¬4) وقع في الفتح كما سوف أخرج: وكانوا (خمسة وعشرين). خلافا لما في المغازي والطبقات. (¬5) انظر الخبر مفصلا في المغازي 2/ 777 - 780، والطبقات 2/ 132 - 133، وأخرجها البخاري مختصرة في المغازي، باب السرية التي قبل نجد (4338). (¬6) واد، وقيل: جبل، شمال المدينة جهة الشام، طرفه عند زغابة-مجتمع سيول المدينة-وسمي إضما: لانضمام السيول إليه. (وفاء الوفا).

[سرية ابن أبي حدرد إلى الغابة]

المدينة على ثلاثة برد (¬1)، أول رمضان، في ثمانية نفر (¬2). فلقوا عامر بن الأضبط، فسلم عليهم بتحية الإسلام، فقتله محلّم بن جثّامة، فأنزل الله تعالى: {وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً} (¬3). فلما وصلوا إلى حيث أمروا، بلغهم خروج النبي صلى الله عليه وسلم إلى مكة، فساروا إليه (¬4). [سرية ابن أبي حدرد إلى الغابة] ونسبها (¬5) ابن إسحاق لابن أبي حدرد ومعه رجلان إلى ¬

(¬1) ذو خشب: واد على ليلة من المدينة، يصب في إضم. وذو المروة: قرية بعده، بينه وبين وادي القرى، أو هي قرية بوادي القرى كما عند ياقوت. وعند ابن سعد: بينها وبين العيص التي على الساحل ليلة. (¬2) ذكر الواقدي 2/ 796 - 797،. وابن سعد 2/ 133 في سببها: أن هذه السرية كانت عندما همّ رسول الله صلى الله عليه وسلم غزو أهل مكة، ليظن ظان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توجه إلى تلك الناحية، ولأن تذهب بذلك الأخبار. (¬3) الآية (94) من سورة النساء. وكون سبب نزولها هو هذه القصة: هو قول ابن إسحاق 2/ 626، وابن سعد 2/ 133، وعزاه في الدر المنثور 2/ 633 إلى ابن أبي شيبة وأحمد وابن جرير والطبراني. . . أيضا. لكن قال أبو عمر في الاستيعاب عند ترجمة محلم بن جثامة: هناك اختلاف كبير في سبب نزولها. وذكر ابن إسحاق أن محلّم هذا لما مات لفظته الأرض أكثر من مرة، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد دعا عليه لقتله الرجل. (¬4) قال ابن سعد 2/ 133: فبلغهم-وهم في ذي خشب-أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد توجه إلى مكة، فأخذوا على بين، حتى لقوا النبي صلى الله عليه وسلم بالسقيا. (¬5) كذا أيضا في عيون الأثر 2/ 220، وهو صحيح بالنسبة لهذه السرية، أي أن ابن إسحاق جعل أميرها ابن حدرد لا أبا قتادة، لكن المصنف ساق غزوة أخرى-

الغابة (¬1)، لما بلغه عليه السلام أن رفاعة بن قيس يجمّع لحربه، فقتلوا رفاعة، وهزموا عسكره، وغنموا غنيمة عظيمة (¬2). ¬

= لابن أبي حدرد إلى الغابة ذكرها ابن إسحاق منفصلة عن هذه. وذكر الواقدي حديث ابن أبي حدرد عند كلامه على غزوة الفتح 2/ 797، ولكن فيه: أميرنا أبو قتادة في تلك السرية. (¬1) الغابة: موضع شمال المدينة جهة الشام، وهي أسفل سافلة المدينة، إليها تنتهي السيول، وأدناها الحفياء التي كان يجري فيها السباق إلى ثنية الوداع. (¬2) انظر خبر هذه السرية كاملا في السيرة النبوية 2/ 629 - 631 وفيها قصة زواج ابن أبي حدرد رضي الله عنه.

غزوة فتح مكة

غزوة فتح مكة ثم فتح مكة في رمضان، لنقض قريش العهد، من غير إعلام أحد بذلك (¬1). فكتب حاطب (¬2) كتابا وأرسله مع أم سارة، كنود المزنية (¬3)، فأطلع الله نبيه عليه السلام على ذلك، فبعث عليا والزبير، والمقداد (¬4)، ¬

(¬1) فقد أخفى عليه الصلاة والسلام أمره، وقال لعائشة رضي الله عنها: جهزيني ولا تعلمي بذلك أحدا. ووضع على الطريق من يراقبها، وكان مما دعا به: اللهم خذ على أبصارهم، فلا يروني إلا بغتة. (¬2) هو ابن أبي بلتعة رضي الله عنه، ولم يكن ذلك منه ردة، ولا رضا بالكفر بعد الإسلام كما في الصحيحين وغيرهما، ولمّا قال سيدنا عمر رضي الله عنه: يا رسول الله دعني أضرب عنق هذا المنافق. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وما يدريك يا عمر، لعل الله قد اطلع على أهل بدر، فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم؟». (¬3) عند الواقدي 2/ 798: امرأة من مزينة من أهل العرج، يقال لها: كنود، وأخرج في رواية أخرى 2/ 799: هي سارة. وفي السيرة 2/ 398: أنها من مزينة، وأنها سارة. وأما (أم سارة) فذكرت في حديث أنس رضي الله عنه: أن أم سارة كانت مولاة لقريش، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فشكت إليه الحاجة، ثم إن رجلا بعث معها بكتاب إلى أهل مكة. . أخرجه البيهقي في الدلائل 5/ 60 - 61، وأخرجه ابن منده وأبو نعيم، كما في أسد الغابة 7/ 336، والإصابة 8/ 214. (¬4) وفي رواية: بعث عليا وأبا مرثد الغنوي والزبير. وكلاهما في الصحيح، وفي السيرة اقتصر ابن إسحاق على ذكر علي والزبير رضي الله عنهما فقط، وقال-

فاستخرج الكتاب من قرون رأسها (¬1). واستخلف ابن أم مكتوم (¬2). وخرج من المدينة ومعه عشرة آلاف رجل (¬3)، وقال الحاكم: اثنا عشر (¬4). يوم الأربعاء بعد العصر، لعشر مضين من رمضان، فلما بلغ الكديد أفطر (¬5). ¬

= الحافظ في الفتح 7/ 594: فالذي يظهر أنه كان مع كل منهما آخر تبعا له. (¬1) يعني من ضفائرها. قال في الإمتاع 1/ 363: ومضت سارة إلى مكة، وكانت مغنية، فأقبلت تغني بهجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد ارتدت عن الإسلام. ويؤيده قول الحافظ في الإصابة 8/ 214: قد ذكروا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان أهدر دمها، ثم أمنها يوم الفتح. قلت: لكن قال أبو نعيم لا أعلم أحدا ذكرها في الصحابة ونسبها إلى الإسلام غير ابن منده. (¬2) هذا قول ابن سعد 2/ 135، وقال ابن إسحاق 2/ 399: واستخلف على المدينة أبا رهم، كلثوم بن حصين الغفاري. وقال الصالحي 5/ 321: هو الصحيح، وقد رواه الإمام أحمد والطبراني بسند حسن عن ابن عباس رضي الله عنهما. (¬3) كذا في الصحيح، أخرجه البخاري في المغازي، باب غزوة الفتح في رمضان (4276). (¬4) ذكره الحافظ في الفتح عند شرح الحديث السابق من مرسل عروة عن ابن إسحاق وابن عائذ، وقال: وكذا وقع في (الإكليل)، و (شرف المصطفى)، ويجمع بينهما: بأن العشرة آلاف خرج بها من المدينة ثم تلاحق بها الألفان. (¬5) الكديد-كما في نص حديث البخاري السابق-: ماء بين عسفان وقديد. وبين الكديد ومكة مرحلتان، وبينه وبين المدينة عدة أيام. وبنى الفقهاء على إفطار النبي صلى الله عليه وسلم هنا جواز الإفطار في السفر ولو نوى الصيام من الليل، وهذا هو قول الجمهور، أما لو نوى الصوم وهو مقيم ثم سافر أثناء النهاء: فالجمهور على منعه من الإفطار، وقال أحمد وإسحاق بالجواز. (فتح الباري عند شرح الحديث (1944) من كتاب الصوم، باب إذا صام أياما من رمضان ثم سافر.

وبذي الحليفة-ويقال: الجحفة-لقيه عمه العباس ومعه عياله، فأرسلهم إلى المدينة، وانصرف مع النبي صلى الله عليه وسلم (¬1). ولقيه أيضا أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب، وعبد الله بن أبي أمية بن المغيرة، بالأبواء، وقيل: بين السّقيا والعرج. وقال ابن حزم: بنيق العقاب. فأسلما (¬2). فلما نزل مرّ الظهران رقّت نفس العباس لأهل مكة، فخرج ليلا راكبا بغلة النبي صلى الله عليه وسلم لكي يجد أحدا فيعلم أهل مكة بمجيء النبي صلى الله عليه وسلم ليستأمنوه، فسمع صوت أبي سفيان بن حرب، وحكيم بن حزام، وبديل بن ورقاء، فأركب أبا سفيان خلفه، وأتى به النبي صلى الله عليه وسلم فأسلم، وانصرف الآخران ليعلما أهل مكة. ونادى مناديه عليه الصلاة والسلام: من دخل المسجد فهو آمن، ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن أغلق عليه بابه فهو آمن إلا المستثنين. ¬

(¬1) قال ابن هشام 2/ 400: لقيه بالجحفة مهاجرا بعياله، وقد كان قبل ذلك مقيما بمكة على سقايته ورسول الله صلى الله عليه وسلم عنه راض فيما ذكر ابن شهاب الزهري. وقال البلاذري 1/ 355: لقيه بذي الحليفة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «هجرتك يا عم آخر هجرة، كما أن نبوتي آخر نبوة». (¬2) أما أبو سفيان بن الحارث: فهو ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأخوه من الرضاعة، وشبيهه في الشكل، وكان رضي الله عنه ممن كان يؤذي النبي صلى الله عليه وسلم ويهجوه، ويؤذي المسلمين. وأما عبد الله بن أبي أمية بن المغيرة: فهو صهر النبي صلى الله عليه وسلم، وابن عمته عاتكة، وأخو أم سلمة أم المؤمنين رضي الله عنها، وكان شديدا على المسلمين، وهو الذي قال للنبي صلى الله عليه وسلم: (لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا). والأسماء التي ذكرها المصنف: قرى ومواضع على الطريق بين المدينة المنورة ومكة المكرمة. وانظر قول ابن حزم في جوامع السيرة/227/.

[المستثنون من العفو]

[المستثنون من العفو]: وهم: *عبد الله بن سعد بن أبي سرح، أسلم (¬1). *وابن خطل، قتله أبو برزة (¬2). *وقينتاه: فرتنى، أسلمت (¬3). *وسارة، ويقال: كانت مولاة عمرو بن صيفي بن هاشم (¬4). ¬

(¬1) قال ابن إسحاق 2/ 409: قد كان أسلم، وكان يكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم الوحي، فارتد مشركا راجعا لقريش، ففر إلى عثمان رضي الله عنه حين الفتح-وكان أخاه من الرضاعة-فغيبه حتى أتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم فعفا عنه. قال ابن هشام: ثم أسلم بعد، وولاه عمر وعثمان رضي الله عنهما. وأضاف السهيلي 4/ 103: وحسن إسلامه، وعرف فضله وجهاده، وكان على ميمنة عمرو حين فتح مصر، وهو الذي فتح أفريقية سنة سبع وعشرين، وغزا الأساود من النوبة، واعتزل الفتنة. (¬2) أسلم، فبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم مصدّقا، وكان معه مولى مسلم يخدمه، فأمره أن يصنع له طعاما، فنام ولم يصنع له شيئا، فعدا عليه ابن خطل فقتله ثم ارتد مشركا. (السيرة 2/ 410). وفي الصحيحين وغيرهما من حديث أنس رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل مكة يوم الفتح وعلى رأسه المغفر، فلما نزعه جاء رجل فقال: ابن خطل متعلق بأستار الكعبة، فقال: اقتلوه. (جامع الأصول 8/ 373). (¬3) وكتبت في بعض المصادر (فرتنا). وكانت قد فرت حتى استؤمن لها من رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمنها فآمنت (الواقدي 2/ 860). (¬4) كذا في الروض 4/ 104: أن القينتين سارة وفرتنى، وأنهما أسلمتا. وقال الواقدي 2/ 860: كانت سارة مولاة عمرو بن هاشم مغنية نوّاحة بمكة، وأنها قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فوصلها ثم عادت إلى قريش وهي على دينها، فأمر-

*وأرانب (¬1) *وقريبة، قتلت (¬2). *وعكرمة بن أبي جهل، أسلم (¬3). *والحارث بن نقيد، قتله علي (¬4). ¬

= رسول الله صلى الله عليه وسلم بها فقتلت يومئذ. ونقله الحافظ عن الحميدي، بينما قال ابن إسحاق 2/ 411: إنه استؤمن لها، فأمنها، وإنها ماتت زمن عمر رضي الله عنه. وفي الفتح 7/ 604: أنها هي التي وجد معها كتاب حاطب. (¬1) هي ثانية قينتي ابن خطل عند الواقدي 2/ 860، وأنها قتلت، وكناها الديار بكري 2/ 95: بأم سعد بينما ذكرهما الحافظ على أنهما اثنتان، قتلتا. (¬2) سمّى الواقدي قينتي ابن خطل في موضع آخر 2/ 825: قرينا وقريبة. وعند ابن سعد 2/ 136: فرتنا وقريبة. وجرى على هذا ابن سيد الناس 2/ 237. وقال في تاريخ الخميس 2/ 94: فأما قريبة، فقتلت مصلوبة. (¬3) أسلمت زوجته أم حكيم بنت الحارث بن هشام، وأخذت له الأمان، فأدركته عند البحر يريد اليمن، فعاد معها وأسلم وحسن إسلامه. (¬4) هكذا ورد اسمه (الحرث) الحارث في الجميع، وهو الذي عليه في الزاد 3/ 411، لكن الذي في كتب المغازي والسير والفتح 7/ 604: (الحويرث) -بالتصغير-ابن نقيذ، بالذال المعجمة. وكتبت في الفتح (نقيد) بالدال المهملة وضبطها الحافظ بنون وقاف مصغر. وضبطها الصالحي 5/ 340 هكذا (نقيدر) بضم النون، وفتح القاف، وسكون التحتية، فدال مهملة، فراء مهملة. وفي أصل مغازي الواقدي هامش 2/ 857، والمخطوطة (1)، والزاد: (نفيل) بدلها، والله أعلم. وفي المغازي: كان يؤذي النبي صلى الله عليه وسلم فأهدر دمه. وقال ابن هشام 2/ 410: نخس دابة ابنتي الرسول صلى الله عليه وسلم حين الهجرة فرمى بهما إلى الأرض. وفي الروض 4/ 104: نخس بزينب رضي الله عنها هو وهبار بن الأسود فسقطت عن دابتها وألقت جنينها.

*ومقيس بن صبابة، قتله نميلة الليثي (¬1). *وهبّار بن الأسود، أسلم (¬2). *وكعب بن زهير، أسلم (¬3). *وهند بنت عتبة، أسلمت (¬4). ¬

(¬1) في السيرة والروض والخشني: مقيس بن (حبابة) بالحاء المهملة، وهو كذلك في القاموس، مادة (قيس). بينما في الطبقات والبلاذري والطبري والدرر والعيون والفصول والإمتاع: (صبابة) بالصاد المهملة، وهكذا ضبطه الصالحي 5/ 340. وكان أسلم ثم قتل رجلا من الأنصار كان قد قتل أخاه المسلم خطأ في أحد الغزوات، فجاء فأخذ ديته ثم قتله وهرب مرتدا. (¬2) تقدم ذكره في التعليق (4) ص 310، وفي الواقدي 2/ 857: أنه هرب يوم الفتح، ثم جاء المدينة فأسلم. (¬3) هو ابن زهير بن أبي سلمى الشاعر الجاهلي المعروف، ولم تذكره المصادر من جملة الستة الذين أهدر الرسول صلى الله عليه وسلم دمهم يوم الفتح، لكن عزاه الحافظ في الفتح إلى الحاكم، وإلى ابن أبي عاصم كما في الإصابة 5/ 593. وكان أخوه بجير أسلم فقال كعب أبيات يعيب بها على بجير إسلامه، فأهدر رسول الله صلى الله عليه وسلم دمه، وقيل غير ذلك. فبعث إليه أخوه أن يأتي مسلما تائبا، فجاء مستجيرا بأبي بكر رضي الله عنه وأعلن إسلامه وبايع، وقال قصيدته المشهورة: بانت سعاد فقلبي اليوم متبول. . . . . . . . . . . . . . وفيها: إن الرسول لسيف يستضاء به مهند من سيوف الله مسلول فكساه الرسول صلى الله عليه وسلم بردته، لذلك لقبت هذه القصيدة بالبردة ونهج عليها الشعراء بعده، وذكر ابن إسحاق 2/ 501: أن إسلامه وقدومه على النبي صلى الله عليه وسلم كان بعد الانصراف عن الطائف. (¬4) زوجة أبي سفيان بن حرب، وأم معاوية رضي الله عنهم، جاءت مسلمة مع نسوة من قريش، فبايعهن صلى الله عليه وسلم دون مصافحة.

[الاختلاف في فتح مكة]

*ووحشي بن حرب، أسلم (¬1). [الاختلاف في فتح مكة]: واختلف في فتح مكة: فالشافعي: يرى أنها ليست عنوة، فلذلك كان يجيز كراءها لأربابها (¬2). وأبو حنيفة وغيره: خالفوا ذلك (¬3). وقيل: أعلاها فتح صلحا، وأسفلها عنوة (¬4). [تكسير الأصنام]: وطاف النبي صلى الله عليه وسلم بالبيت يوم الجمعة لعشر بقين من رمضان وحوله ¬

(¬1) بعد أن هرب إلى الطائف، وهو قاتل سيدنا حمزة رضي الله عنه، فلما أسلم قبل منه رسول الله صلى الله عليه وسلم إسلامه، وقال له: غيّب عني وجهك. (¬2) الأحكام السلطانية للماوردي/286/، ومعرفة السنن والآثار 4/ 423 - 428 للبيهقي، وانظر فيه مناظرة الإمام الشافعي لإسحاق بن راهويه بحضور الإمام أحمد رحمهم الله جميعا. وكذلك نقله ابن عبد البر في الدرر عن الإمام الشافعي وغيره، وقال: وهو الأصح، والله أعلم. وانظر القرى لقاصد أم القرى /259/. (¬3) قال الماوردي في الأحكام السلطانية/286/: ذهب أبو حنيفة ومالك إلى أنه صلى الله عليه وسلم دخلها عنوة. وفي شرح معاني الآثار للطحاوي 3/ 311: وممن قال بهذا القول: أبو حنيفة، والأوزاعي، ومالك بن أنس، وسفيان الثوري، وأبو يوسف، ومحمد بن الحسن، رحمهم الله، وانظر الإمتاع 1/ 400. (¬4) نسب الحافظ هذا القول إلى الماوردي، والحاكم في الإكليل، وللتوسع في هذه المسألة انظر شرح معاني الآثار 3/ 311، والروض الأنف 4/ 102، وزاد المعاد 3/ 429، والفتح 7/ 605 و 3/ 526.

[مدة إقامته صلى الله عليه وسلم في مكة]

ثلاثمائة وستون صنما، فكلما مر بصنم أشار إليه بقضيبه قائلا: {جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً}، فيقع الصنم لوجهه (¬1). [مدة إقامته صلى الله عليه وسلم في مكة]: قال البخاري، [وكذا ابن إسحاق] (¬2): وأقام بها خمس عشرة ليلة، وفي رواية: تسع عشرة (¬3). وفي أبي داود: سبع عشرة (¬4). ¬

(¬1) انظر البخاري، كتاب المغازي، باب أين ركز النبي صلى الله عليه وسلم الراية يوم الفتح (4278)، ومسلم في الجهاد، باب إزالة الأصنام من حول الكعبة (1781). وأما الإشارة إلى الصنم ووقوعه لوجهه: فقد صححه ابن حبان بلفظ: فيسقط الصنم ولا يمسه. (الموارد 1702)، وعزاه الحافظ في الفتح عند شرحه للحديث السابق إلى الفاكهي أيضا، وأخرجه أبو نعيم (446)، والبيهقي 5/ 72 في دلائلهما، كلهم من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، وأخرجه أبو نعيم (447)، وابن إسحاق 2/ 417 عن ابن عباس رضي الله عنهما. وقال الحافظ: وفعل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك، لإذلال الأصنام وعابديها، ولإظهار أنها لا تنفع ولا تضر، ولا تدفع عن نفسها شيئا. (¬2) من (3) فقط، وأورد صاحب العقد وصاحب المواهب العبارة بدون هذه الزيادة. (¬3) رواية البخاري: (تسع عشرة)، كتاب المغازي، باب مقام النبي صلى الله عليه وسلم بمكة زمن الفتح (4298) و (4299). ورواية ابن إسحاق: (خمس عشرة)، السيرة 2/ 437، وأخرجها عنه أبو داود في الصلاة، باب متى يتم المسافر (1231)، وابن ماجه (1076)، وأخرجها النسائي من غير طريق ابن إسحاق 3/ 121، وردّ الحافظ في الفتح أول كتاب تقصير الصلاة، تضعيف النووي لها، لكن في كلام البيهقي 3/ 151 من السنن الكبرى أنها معلولة. (¬4) رقم (1230) من نفس الكتاب والباب السابقين.

[قطع يد السارقة]

وفي الترمذي: ثماني عشرة (¬1). وفي الإكليل: أصحها بضع عشرة (¬2). يصلي ركعتين (¬3). وبث السرايا خارج الحرم، فكانوا يغنمون (¬4). [قطع يد السارقة]: وسرقت فاطمة المخزومية، فأمر بقطع يدها، فكلمه فيها أسامة، فأنكر ذلك عليه (¬5). [سرية خالد إلى العزى] وبعث خالد بن الوليد لخمس ليال بقين من رمضان إلى العزّى ¬

(¬1) لم أجدها عند الترمذي، وأخرجها أبو داود من حديث عمران بن حصين رضي الله عنه (1229) أول باب متى يتم المسافر، وانظر جامع الأصول 5/ 702، وكذا نسبها الحافظ في الفتح إلى أبي داود فقط. وأخرجها البيهقي في الدلائل 5/ 105، وفي السنن الكبرى كما سيأتي. (¬2) لم يذكر البيهقي في السنن الكبرى 3/ 149 - 151 هذه الرواية، وقد خرّج جميع الروايات التي ذكر المصنف، وكذا فعل الحافظ في الفتح. لكن خرجها البيهقي 3/ 152 من طريق شيخه الحاكم في غزوة تبوك. (¬3) أي يقصر الصلاة، كما هو مصرح به في الأحاديث السابقة. (¬4) في السيرة 2/ 428: أن هذه السرايا للدعوة إلى الله عز وجل، ولم يأمرهم بقتال. (¬5) أخرجه البخاري في المغازي، باب (53) حديث (4304): أن امرأة سرقت في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة الفتح، ففزع قومها إلى أسامة بن زيد يستشفعون، فلما كلمه أسامة فيها، تلون وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «أتكلمني في حد من حدود الله؟. . .» ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بتلك المرأة فقطعت يدها.

[سرية عمرو بن العاص إلى سواع]

بنخلة، ومعه ثلاثون فارسا، فهدمها (¬1). [سرية عمرو بن العاص إلى سواع] وبعث عمرو بن العاص إلى سواع-صنم هذيل برهاط-على ثلاثة أميال من مكة فهدمه (¬2). [سرية سعد بن زيد إلى مناة] وبعث سعد بن زيد الأشهليّ إلى مناة-صنم للأوس والخزرج- بالمشلّل في عشرين فارسا، فهدمها (¬3). [سرية خالد إلى بني جذيمة] ثم سرية خالد إلى بني جذيمة بناحية يلملم (¬4) في شوال، وتعرف بيوم الغميصاء (¬5)، ومعه ثلثمائة وخمسون رجلا داعيا لا مقاتلا، فادّعوا أنهم أسلموا. ¬

(¬1) (العزى) هي المعنية بقوله تعالى: أَفَرَأَيْتُمُ اللاّتَ وَالْعُزّى [النجم:19]، وهي شجرة أو صنم أو حجر أبيض ببطن نخلة بين مكة والطائف، بني عليه بيت، ووضع له سدنة، وكانت غطفان وقريش وأهل الطائف يعظمونه، قال أبو سفيان يوم أحد: لنا العزى ولا عزى لكم. (¬2) وهو المذكور في قوله تعالى: وَقالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُواعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً [نوح:23]، ورهاط: بين مكة وجدة جهة الساحل، بقرب غران والحديبية، والله أعلم. (¬3) وهي المذكورة في قوله تعالى: وَمَناةَ الثّالِثَةَ الْأُخْرى [النجم:20]، والمشلل: قرب مكة، جبل يهبط منه إلى قديد جهة الساحل. (¬4) يلملم: ميقات أهل اليمن، وهو جبل من جبال تهامة على بعد مرحلتين من مكة. (¬5) الغميصاء: موضع كان يسكنه بنو جذيمة، أسفل مكة من ناحية يلملم.

وفي البخاري: لم يحسنوا أن يقولوا ذلك، فقالوا: صبأنا (¬1). فقال لهم: استأسروا. فلما كان السحر نادى مناديه: من كان معه أسير فليقتله. فقتلت بنو سليم من كان بأيديهم، وأبى ذلك المهاجرون والأنصار، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «اللهم إني أبرأ إليك مما فعل خالد» (¬2). وبعث عليا فودى لهم قتلاهم (¬3). ¬

(¬1) أخرجه البخاري في المغازي، باب بعث النبي صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد إلى بني جذيمة (4339)، وفي الأحكام، باب إذا قضى الحاكم بجور، أو خلاف أهل العلم، فهو رد (7189)، وقال الحافظ: إن قريشا كانوا يقولون لكل من أسلم: صبأ. حتى اشتهرت هذه اللفظة، وصاروا يطلقونها مقام الذم، فلما اشتهرت هذه اللفظة بينهم في موضع أسلمت، استعملها هؤلاء، وأما خالد فحمل هذه اللفظة على ظاهرها، أو أنه نقم عليهم العدول عن لفظ الإسلام، لأنه فهم عنهم أن ذلك وقع منهم على سبيل الأنفة، ولم ينقادوا إلى الدين، فقتلهم متأولا قتلهم. (¬2) قالها مرتين كما في البخاري، وقال الخطابي: أنكر عليه العجلة وترك التثبت في أمرهم، قبل أن يعلم المراد من قولهم: صبأنا. (انظر أعلام الحديث 3/ 1764 - 1765). (¬3) السيرة 2/ 430 والطبقات 2/ 148.

غزوة حنين

غزوة حنين ثم خرج لستّ ليال خلون من شوال، ويقال: لليلتين بقيتا من رمضان (¬1)، إلى حنين، واد، ويقال: ماء، بينه وبين مكة ثلاث ليال، قرب الطائف، سمي بحنين بن قانية بن مهلاييل (¬2). واستعمل عتّاب بن أسيد (¬3). وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لما فتح مكة، مشت أشراف هوازن وثقيف بعضها إلى بعض، وحشدوا، وكان رئيسهم مالك بن عوف النصري، وله ثلاثون سنة، فوصلها عليه الصلاة والسلام مساء ليلة الثلاثاء، لعشر خلون من شوال، ورأى أبو بكر رضي الله عنه-وقيل غيره-كثرة العساكر، ¬

(¬1) الأول هو قول الواقدي 3/ 889، وتبعه ابن سعد 2/ 150. وذكر الحافظ في الفتح 7/ 621، والصالحي في السبل 5/ 508 الثاني دون عزو. وفي معالم التنزيل للبغوي عند تفسير آية حنين من سورة التوبة قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم فتح مكة، وقد بقيت عليه أيام من شهر رمضان، ثم خرج إلى حنين. . وذكر خليفة وابن حبيب أنها في النصف من شوال وهذا قول ابن قتيبة في المعارف/163/ لكن قال: سار إلى حنين في شوال سنة ثمان، ولقي جمع هوازن للنصف منه. (¬2) كذا في معجم البكري 2/ 472، وذكرها السهيلي 4/ 138 عنه، وحددوا حنينا أيضا بأنه وراء عرفات. وتسمى هذه الغزوة بغزوة أوطاس، وغزوة هوازن. (¬3) القرشي، وكان عمره عشرين سنة أو نيفا وعشرين كما في ابن حزم/249/، وترك معه معاذ بن جبل الأنصاري يعلمهم السنن والفقه.

[ذات أنواط]

فقال: لن نغلب اليوم من قلة (¬1). [ذات أنواط]: ورأى ناس من الأعراب شجرة خضراء-وفي الإكليل: سدرة- وتسمى ذات أنواط، تعظمها الكفار، فقالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: اجعل لنا ذات أنواط، كما لهم ذات أنواط. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «قلتم كما قال قوم موسى: {اِجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ} (¬2)» [الأعراف:138]. ولما تصافّوا للقتال ظاهر عليه الصلاة والسلام بين درعين، وركب بغلة له بيضاء تسمى: دلدل (¬3). ¬

(¬1) وقيل: إن الرسول صلى الله عليه وسلم قالها. انظر السيرة 2/ 444، ومغازي الواقدي 3/ 889 - 890، وابن سعد 2/ 150 وقد اقتصر على عزوه لأبي بكر رضي الله عنه، وأخرجها الطبري في التفسير عند قوله تعالى: وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ. واقتصر الحافظ في الفتح 7/ 622 على عزوه لرجل من المسلمين، عن ابن إسحاق من رواية يونس بن بكير. (¬2) الخبر ساقه ابن إسحاق في السيرة 2/ 442، والواقدي في المغازي 3/ 890، وأخرجه الإمام أحمد في المسند 5/ 218، وابن أبي شيبة 15/ 101، وعبد الرزاق (20763)، وأبو يعلى (1437)، والطيالسي (1346)، وابن أبي عاصم في السنة (76)، وأخرجه النسائي في تفسيره (205)، والترمذي في الفتن، باب ما جاء لتركبن سنن من كان قبلكم (2181) وقال: حسن صحيح. وصححه ابن حبان 15/ 94 (6702). وسميت ذات أنواط: لأن المشركين كانوا ينوطون-يعلقون-بها سلاحهم، ويعكفون حولها. (¬3) هي التي أهداها له فروة الجذامي، كما في صحيح مسلم 12/ 113، وليست التي أهداها له ملك أيلة عقب غزوة تبوك، لأن حنين قبل تبوك. نبه إلى هذا الحافظ في الفتح عند شرحه لمستهل باب بغلة النبي صلى الله عليه وسلم من كتاب الجهاد. وقال الإمام النووي في شرحه على مسلم 12/ 114 - 115: قال العلماء: ركوبه صلى الله عليه وسلم البغلة في موطن الحرب، وعند اشتداد الناس، هو النهاية في-

فشد الكفار عليهم شدة واحدة، فانكشفت خيل بني سليم، وتبعهم أهل مكة والناس، ولم يثبت معه صلى الله عليه وسلم حين ذلك إلا عشرة، وقيل: ثمانية (¬1). ونادى العباس بالناس فأقبلوا (¬2). وتناول عليه الصلاة والسلام قبضة من التراب وهو على ظهر ¬

= الشجاعة والثبات، ولأنه يكون معتمدا يرجع المسلمون إليه، وتطمئن قلوبهم به وبمكانه، وإنما فعل هذا عمدا، وإلا فقد كانت له صلى الله عليه وسلم أفراس معروفة. . (¬1) سماهم ابن إسحاق 2/ 443 فقال: من المهاجرين: أبو بكر، وعمر، ومن أهل بيته: علي، والعباس، وأبو سفيان بن الحارث، وابنه، والفضل بن العباس، وربيعة بن الحارث، وأسامة بن زيد، وأيمن بن عبيد. وذكر منهم ابن سعد 2/ 151: ثمانية. وأخرج الترمذي في الجهاد، باب ما جاء في الثبات عند القتال (1689) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما: «لقد رأيتنا يوم حنين، وإن الفئتين لموليتان، وما مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مائة رجل». وقال حسن غريب. وفي المسند 1/ 453 - 454 من حديث ابن مسعود رضي الله عنه: كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين، فولى عنه الناس، وثبت معه ثمانون رجلا من المهاجرين والأنصار. وصححه الهيثمي 6/ 180. وجمع الحافظ في الفتح 7/ 624 بين الحديثين بقوله: وهذا لا يخالف حديث ابن عمر، فإنه نفى أن يكونوا مائة، وابن مسعود أثبت أنهم كانوا ثمانين. ثم نقل عنه النووي أنهم كانوا اثني عشر، وقال عن (العشرة): لعل هذا هو الثبت. (¬2) في صحيح مسلم 12/ 115: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي عباس ناد أصحاب السّمرة. فقال عباس-وكان رجلا صيّتا-: أين أصحاب السمرة؟ قال: فو الله لكأن عطفتهم حين سمعوا صوتي عطفة البقر على أولادها. فقالوا: يا لبيك يا لبيك. وقال النووي في الشرح: عن الحازمي في المؤتلف أن العباس رضي الله عنه، كان يقف على سلع فينادي غلمانه في آخر الليل وهم في الغابة، فيسمعهم، قال: وبين سلع والغابة ثمانية أميال.

بغلته (¬1)، واستقبل بها وجوه الكفار، فلم يبق عين إلا دخل فيها من ذلك التراب (¬2)، فأنزل الله تعالى: {وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللهَ رَمى} (¬3). وقال عليه الصلاة والسلام: «أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبد المطلب» (¬4). خصه بالذكر لرؤيا رآها عبد المطلب، كانت مشهورة عند العرب، دالة على نبوته صلى الله عليه وسلم (¬5). ¬

(¬1) روى أبو القاسم البغوي، والبيهقي، وأبو نعيم، وابن عساكر عن شيبة بن عثمان رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم حنين: «يا عباس ناولني من الحصباء». قال: وأفقه الله تعالى البغلة كلامه، فانخفضت به حتى كاد بطنها يمس الأرض، فتناول رسول الله صلى الله عليه وسلم من البطحاء، فحثا وجوههم، وقال: شاهت الوجوه، حم لا ينصرون. (السبل 5/ 478 - 479). (¬2) في صحيح مسلم من حديث سلمة بن الأكوع رضي الله عنه: فلما غشوا رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل عن البغلة، ثم قبض قبضة من تراب الأرض ثم استقبل وجوههم، فقال: شاهت الوجوه، فما خلق الله منهم إنسانا إلا ملأ عينيه ترابا بتلك القبضة، فولوا مدبرين. (¬3) الآية (17) من سورة الأنفال، ولم أجد أحدا من المفسرين ذكرها في غزوة حنين، ويتفقون على أنها نزلت في بدر (انظر: الطبري، والبغوي، وزاد المسير، وابن عطية، وابن كثير، والدر المنثور). لكن قال ابن عطية 8/ 33 بعد أن ذكرها في غزوة بدر: وهذه الفعلة أيضا كانت يوم حنين بلا خلاف. وكذا قال ابن كثير 2/ 308، ثم إني وجدت ابن عبد البر في الدرر/226/ يذكرها في غزوة حنين، والله أعلم. (¬4) أخرجاه في الصحيحين: البخاري في المغازي، باب قوله تعالى: وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ. . (4315)، ومسلم في الجهاد والسير، باب غزوة حنين 12/ 118. (¬5) كذا قال النووي في شرحه على مسلم 12/ 119 - 120، وفيه أيضا: أن سيف بن ذي يزن كان قد أخبر عبد المطلب أنه سيظهر من صلبه نبي سيكون شأنه عظيما، وكان هذا مشتهرا عندهم. وأما عن انتسابه لعبد المطلب دون أبيه-

[سرية أوطاس]

واستشهد من المسلمين أربعة، وقتل من المشركين أكثر من سبعين قتيلا، وأفضى المسلمون في القتل إلى الذرية، فنهاهم عن ذلك (¬1). ونادى مناديه: «من قتل قتيلا فله سلبه» (¬2). [سرية أوطاس] بعث عبيدا أبا عامر الأشعري حين فرغ من حنين إلى أوطاس (¬3)، لطلب دريد بن الصّمّة وأصحابه، فهزمهم وقتلهم، وقتل أبو عامر بعد قتله جماعة منهم (¬4). وكان في السبي الشيماء، أخته صلى الله عليه وسلم من الرضاعة (¬5). ¬

= عبد الله، وذلك لأن شهرته بجده كانت أكثر، لأن أباه توفي شابا في حياة أبيه، وكان عبد المطلب مشهورا شهرة ظاهرة شائعة، وكان سيد أهل مكة. . . وانظر فتح الباري عند شرح الحديث، فقد كرر الحافظ هذه المعاني. (¬1) طبقات ابن سعد 2/ 151. (¬2) هذا من قول النبي صلى الله عليه وسلم، من حديث أبي قتادة رضي الله عنه، أخرجه البخاري في الكتاب والباب السابقين (4321)، ومسلم في الجهاد، باب استحقاق القاتل سلب القتيل (1571). (¬3) واد في ديار هوازن قرب حنين. وسميت به غزوة حنين أيضا. (¬4) أخرج القصة: البخاري في المغازي، باب غزوة أوطاس (4323)، ومسلم في فضائل الصحابة، باب من فضائل أصحاب الشجرة أهل بيعة الرضوان (2498). وأبو عامر الأشعري هو عم أبي موسى الأشعري رضي الله عنهما. (¬5) بنت حليمة السعدية، وكان بنو سعد بن بكر حاربوا مع هوازن، فلما تعرف عليها الرسول صلى الله عليه وسلم رحب بها، وبسط لها رداءه، وأكرمها، فأسلمت ورجعت إلى قومها. انظر السيرة 2/ 458، والاستيعاب 4/ 1870 - 1871.

[سرية الطفيل إلى ذي الكفين]

[سرية الطفيل إلى ذي الكفين] ثم سرية الطّفيل بن عمرو الدّوسي في شوال (¬1) إلى ذي الكفّين -صنم من خشب كان لعمرو بن حممة-فهدمه (¬2). وقدم معه أربعة (¬3) من قومه مسلمين على النبي صلى الله عليه وسلم بالطائف (¬4). [غزوة الطائف] ثم غزوة الطائف في شوال (¬5)، فمر في طريقه بقبر أبي رغال-وهو أبو ثقيف فيما يقال-فاستخرج منه غصنا من ذهب (¬6). ¬

(¬1) من سنة ثمان كما في الطبقات 2/ 157. وفي أنساب الأشراف 1/ 382: في آخر سنة ثمان. (¬2) وأحرقه، وعمرو بن حممة الدوسي من قوم الطفيل رضي الله عنه. (¬3) هكذا (أربعة) في الجميع ونقلها عنه في العقد والمواهب بينما في الأصول ومن نقل عنهم: (أربع مائة). ويظهر-والله أعلم-أنه التبس على المصنف ما ذكر الواقدي وابن سعد بعدها: من أنهم وافوا النبي صلى الله عليه وسلم بعد مقامه في الطائف (بأربعة) أيام. (¬4) انظر مغازي الواقدي 3/ 923، وابن سعد 2/ 157 ومن أخذ عنهما. (¬5) يعني من السنة الثامنة، وهو قول جمهور أهل المغازي، والطائف بلد كبير مشهور، شرقي مكة. على بعد ثلاث مراحل، وقيل: مرحلتين. (¬6) أخرجه أبو داود في الخراج والأمارة والفيء، باب نبش القبور العادية يكون فيها المال (3088)، والبيهقي في الدلائل 6/ 297، كلاهما من طريق ابن إسحاق، وزاد البيهقي طريقا أخرى، ونصه: عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول حين خرجنا معه إلى الطائف، فمررنا بقبر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هذا قبر أبي رغال، وكان بهذا الحرم يدفع عنه، فلما خرج أصابته النقمة التي أصابت قومه بهذا المكان فدفن فيه، وآية ذلك أنه دفن معه غصن من ذهب، إن أنتم نبشتم عنه أصبتموه معه. فابتدره الناس، -

[أول منجنيق في الإسلام]

وحاصر الطائف ثمانية عشر يوما، وقيل: خمسة عشر، وقيل: عشرون (¬1). وقال ابن حزم: بضع عشرة ليلة (¬2). [أول منجنيق في الإسلام]: ونصب عليهم المنجنيق، وهو أول منجنيق رمي به في الإسلام (¬3)، وكان قدم به الطفيل الدوسي معه (¬4). وتدلى ثلاثة وعشرون عبدا من سوره إلى النبي صلى الله عليه وسلم، منهم: أبو ¬

= فاستخرجوا الغصن». قلت: وفي السيرة 1/ 47 - 48: أن أهل الطائف لما مرّ بهم أبرهة يريد هدم الكعبة بعثوا معه أبا رغال ليدله على الطريق إلى مكة، فمات أبو رغال بالمغمس، فرجمت قبره العرب. وقيل: إن هذا غيره، والله أعلم. (¬1) الأول والثاني للواقدي 2/ 927، وعنده قول ثالث: تسعة عشر يوما. واقتصر ابن سعد 2/ 158 على: (ثمانية عشر). والذي في السيرة 2/ 482 من قول ابن إسحاق: فحاصرهم بضعا وعشرين ليلة، وقال ابن هشام: ويقال سبع عشرة ليلة. وأخرج خليفة/89/قول ابن إسحاق والسبع عشرة أو التسع عشرة. أما العشرون: فذكرها أبو عمر في الدرر/229/آخر الأقوال. وقال الحافظ في الفتح عند شرح الحديث (4325): وذكر أنس في حديثه عند مسلم أن مدة حصارهم كانت أربعين يوما. قلت: وهذا أخرجه ابن سعد عن مكحول. لكن استغربه ابن كثير في البداية 4/ 355. (¬2) جوامع السيرة/243/وقال: وهو الصحيح بلا شك. وانظر الدرر. (¬3) كذا في السيرة 2/ 483. (¬4) هذا قول الواقدي 3/ 923، وفيه أيضا 3/ 927: أن سلمان هو الذي أشار به على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقيل غير ذلك.

[سرية قيس بن سعد إلى صداء]

بكرة (¬1). واستشهد من المسلمين اثنا عشر رجلا، وقاتل النبي صلى الله عليه وسلم فيه بنفسه، ولم يؤذن له في فتحه (¬2). فرجع إلى المدينة بعد غيبته شهرين وستة عشر يوما (¬3)، فقدم عليه وفدهم وهو بها فأسلموا (¬4). [سرية قيس بن سعد إلى صداء] وبعث قيس بن سعد بن عبادة إلى ناحية اليمن، في أربعمائة فارس، وأمره أن يطأ صداء (¬5). فقدم زياد بن الحارث الصّدائيّ، فسأل عن ذلك البعث، فأخبر، فقال: يا رسول الله، أنا وافدهم، فاردد الجيش، وأنا لك بقومي. فردهم ¬

(¬1) الخبر أخرجه البخاري في المغازي، باب غزوة الطائف (4326) و (4327)، وكنّي أبو بكرة بذلك لأنه نزل من الحصن في بكرة، واسمه نفيع بن الحارث، ويقال: ابن مسروح، وقيل: اسمه مسروح. وهو أخو زياد بن أبي سفيان لأمه. وكان من فضلاء الصحابة، وسكن البصرة، وأنجب أولادا لهم شهرة. وكان يفتخر ويقول: أنا مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم. (¬2) كذا في الطبقات 2/ 159، وقال ابن كثير 4/ 351: وكانت الحكمة الإلهية تقتضي أن يؤخر الفتح عامئذ، لئلا يستأصلوا قتلا، وأن يؤخر الفتح ليقدموا بعد ذلك مسلمين في رمضان من العام المقبل. (¬3) عزاه في السبل 5/ 591 إلى أبي عمر المدني. (¬4) وذلك في رمضان من العام المقبل بعد رجوعه صلى الله عليه وسلم من تبوك. انظر السيرة 2/ 537. (¬5) صداء، حي باليمن، وقال ياقوت: صداء-بالضم والمد-: مخلاف-بلد- باليمن، بينه وبين صنعاء، اثنان وأربعون فرسخا، سمي باسم القبيلة.

[مؤذنو الرسول صلى الله عليه وسلم]

النبي صلى الله عليه وسلم من قناة (¬1). وقدم الصدائيون بعد خمسة عشر يوما، فأسلموا (¬2). [مؤذّنو الرسول صلى الله عليه وسلم]: واتخذ النبي صلى الله عليه وسلم زيادا مؤذنا (¬3). مع بلال (¬4). ¬

(¬1) واد شمالي المدينة، يمر بقبور شهداء أحد. وكان جيش سعد معسكرا فيه. (¬2) الطبقات 1/ 326 - 327، حيث ذكر ابن سعد خبر هذه السرية هنا مع الوفود، ولم أجد من ذكرها في السرايا كما صنع المؤلف رحمه الله، وهذا يدل على سعة اطلاع. وفي سبل الهدى 6/ 322 ساقها الصالحي عن ابن إسحاق، وأورد ألفاظ ابن سعد نفسها، وليست هي في السيرة. (¬3) هو زياد بن الحارث الصدائي المتقدم، وحديثه في الأذان: في المسند 4/ 169، وسن الترمذي في الصلاة، باب ما جاء أن من أذن فهو يقيم (199)، وسنن أبي داود في الصلاة، باب في الرجل يؤذن ويقيم آخر (514)، وأخرجه ابن ماجه (717)، ونصه: عن زياد بن الحارث الصدائي قال: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أؤذن في صلاة الفجر، فأذنت، فأراد بلال أن يقيم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن أخا صداء قد أذن، ومن أذن فهو يقيم». (¬4) ابن رباح، رضي الله عنه، وهذا ثابت في الصحيح، فقد أخرج مسلم في الصلاة، باب استحباب مؤذنين للمسجد الواحد (380) عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم مؤذنان: بلال وابن أم مكتوم الأعمى. وقال البلاذري 1/ 526: أول من أذّن لرسول الله صلى الله عليه وسلم بلال بن رباح مولى أبي بكر بالمدينة وفي أسفاره، وجعل على نفسه أن لا يؤذن لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم. . فلما قدم عمر رضي الله عنه الشام أمره أن يؤذن وقال: لست بالموضع الذي كنت تؤذن فيه للنبي صلى الله عليه وسلم. فأذّن، فبكى عمر والمسلمون، وذكروا النبي صلى الله عليه وسلم حين سمعوا أذانه.

[سرية الضحاك إلى القرطاء]

وابن أم مكتوم (¬1). وسعد القرظ (¬2). وأبي محذورة (¬3). [سرية الضحاك إلى القرطاء] وبعث الضحاك بن سفيان الكلابي في آخر سنة ثمان، فيما ذكره الحاكم (¬4). ¬

(¬1) وهي أمه، واسمه: عمرو بن قيس بن زائدة، وقيل: عبد الله. . وهو قرشي عامري، وقد تقدم في استخلاف الرسول صلى الله عليه وسلم له على المدينة عدة مرات. وكونه مؤذنا، تقدم في التعليق السابق في صحيح مسلم. وفي البخاري كتاب الأذان، باب أذان الأعمى إذا كان له من يخبره (617) من حديث سالم بن عبد الله عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن بلالا يؤذن بليل، فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم». (¬2) هو سعد بن عائذ المؤذن، مولى عمار بن ياسر رضي الله عنه، كان يتجر في القرظ-ورق السّلم-فسمّي به، كما في النهاية. قال أبو عمر في الاستيعاب 2/ 594: جعله رسول الله صلى الله عليه وسلم مؤذنا بقباء، فلما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وترك بلال الأذان، نقل أبو بكر رضي الله عنه سعد القرظ هذا إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يزل يؤذن فيه إلى أن مات، وتوارث عنه بنوه الأذان فيه إلى زمن مالك وبعده أيضا. (¬3) المؤذن القرشي الجمحي، كان مؤذن الرسول صلى الله عليه وسلم بمكة، أمره بالأذان بها منصرفه من حنين، وكان قد سمعه يحكي الأذان في الطريق، فبعث إليه، وعلمه الأذان. انظر حديثه في مسلم وأبي داود والترمذي والنسائي. (جامع الأصول 5/ 280) (3358). وقال الزبير: كان أبو محذورة أحسن الناس أذانا، وأنداهم صوتا. (الاستيعاب). (¬4) ذكره عن الحاكم أيضا: الصالحي في سبل الهدى 6/ 329.

[طلاق سودة رضي الله عنها]

وفي الطبقات: كانت في ربيع الأول سنة تسع (¬1). إلى القرطاء. فهزموهم وغنموا (¬2). [طلاق سودة رضي الله عنها]: وفي هذه السنة أراد طلاق سودة لكبرها، فوهبت يومها لعائشة، رضي الله عنهما (¬3). [أول منبر في الإسلام]: وأخذ الجزية من مجوس هجر (¬4). ¬

(¬1) 2/ 162، وسمى السرية: سرية الضحاك إلى بني كلاب. والقرطاء: بطن من بني بكر بن كلاب في نجد، وقد تقدم. (¬2) لم أجد كلمة (وغنموا) أو ما يدل عليها في مصادر هذه السرية كالطبقات أو الواقدي، ولا عند من نقل عنها كعيون الأثر والإمتاع وسبل الهدى. فلعلها من الحاكم، والله أعلم. وهي في العقد الثمين لأنه يلخص عن المؤلف، وفي المواهب لأن عبارته هي عبارة المصنف في جميع الغزوات والسرايا تقريبا. (¬3) هكذا نقله ابن الجوزي في التلقيح/46/، والمنتظم 3/ 344 في حوادث السنة الثامنة عن ابن حبيب، ولكن بلفظ: طلقها. وهذا أخرجه ابن سعد 8/ 53 - 54. لكنه أخرج أيضا لفظ المؤلف: أنه أراد طلاقها، وعليه اقتصر أبو عمر في الاستيعاب 4/ 1867. وصححه الترمذي في التفسير، باب ومن سورة النساء (3043) بلفظ: «خشيت سودة أن يطلقها النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: لا تطلقني وأمسكني، واجعل يومي لعائشة. ففعل». وهذا أخرجه أبو داود (2135)، وصححه الحاكم 2/ 186 من رواية عائشة رضي الله عنها. (¬4) وذلك بعد منصرفه من الجعرانة، حيث بعث العلاء بن الحضرمي رضي الله عنه إلى المنذر بن ساوى ملك البحرين، فكتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بإسلامه، وأنه قد-

[بعث المصدقين]

وعمل له منبر فخطب عليه، وهو أول منبر عمل في الإسلام (¬1). [بعث المصدقين]: فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم هلال المحرم سنة تسع، بعث المصدّقين لأخذ الصدقات (¬2). فبعث عيينة بن حصن الفزاري إلى بني تميم. وبريدة، ويقال: كعب بن مالك إلى أسلم وغفار. وعبّاد بن بشر إلى سليم ومزينة. ورافع بن مكيث إلى جهينة. وعمرو بن العاصي إلى فزارة. والضحّاك بن سفيان إلى بني كلاب. وبسر بن سفيان الكعبي، ويقال: النّحّام العدوي إلى بني كعب. وعبد الله بن اللّتبيّة إلى ذبيان. ورجلا من سعد هذيم على قومه (¬3). ¬

= قرأ كتابه على أهل هجر فمنهم من أسلم ومنهم من كرهه، فكتب إليه الرسول صلى الله عليه وسلم: من أقام على يهودية أو مجوسية فعليه الجزية. وانظر المنتظم 3/ 340. (¬1) ذكره الطبري 3/ 22 من حوادث سنة سبع عن الواقدي، لكن قال: إنه عمل سنة ثمان. وهو الثبت. وتبعه في الكامل 2/ 105. (¬2) كذا عند الواقدي 3/ 973، وتلميذه ابن سعد 2/ 160. (¬3) انظر هذه الأسماء في المصدرين السابقين. وانظر السيرة 2/ 600، ففيها أسماء أخرى.

[سرية عيينة إلى بني تميم]

[سرية عيينة إلى بني تميم] وبعث عيينة أيضا في خمسين فارسا إلى بني تميم (¬1)، فلما هجم عليهم ولوا مدبرين، فأخذ منهم أحد عشر رجلا وإحدى عشرة امرأة، وثلاثين صبيا، فحبسهم النبي صلى الله عليه وسلم في دار رملة (¬2). فقدم فيهم عشرة من رؤسائهم، منهم: عطارد، والزّبرقان، وقيس ابن عاصم، والأقرع بن حابس؛ فنادوا: اخرج إلينا يا محمد. فأنزل الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ} (¬3) الآية. [بعث الوليد إلى بني المصطلق] ثم أرسل الوليد بن عقبة إلى بني المصطلق يصدّقهم، فخرجوا يتلقونه فرحا به، وكانوا قد أسلموا. فلما رآهم ولّى راجعا، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنهم تلقوه بالسلاح، فهمّ أن يبعث جيشا، فنزلت: {إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} (¬4). [بعث ابن عوسجة إلى بني حارثة] وبعث عبد الله بن عوسجة إلى بني حارثة بن عمرو في مستهل ¬

(¬1) كانوا فيما بين السقيا وأرض بني تميم، والسقيا: قرية جامعة بين مكة والمدينة. (¬2) بنت الحارث، صحابية، رضي الله عنها. (¬3) رقم (4) من سورة الحجرات، وتتمتها:. . . أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ. وانظر السيرة 2/ 567، ومغازي الواقدي 3/ 979، وابن سعد 2/ 161، والدر المنثور 7/ 552. وفي المغازي والطبقات: فرد الرسول صلى الله عليه وسلم السبي والأسرى. (¬4) انظر أسباب النزول للواحدي 261 - 263، فما تعدى هذا السبب. والآية هي من سورة الحجرات أيضا، رقم (6).

[سرية قطبة إلى خثعم]

صفر (¬1)، يدعوهم إلى الإسلام، فرقعوا بالصحيفة أسفل دلوهم، وأبوا أن يجيبوا النبي صلى الله عليه وسلم. فدعا عليهم بذهاب العقل، فهم إلى اليوم أهل رعدة، وعجلة، وكلام مختلط. ذكره النيسابوري في شرف المصطفى صلى الله عليه وسلم (¬2). [سرية قطبة إلى خثعم] ثم سرية قطبة بن عامر بن حديدة إلى خثعم، بناحية بيشة من مخاليف مكة (¬3) في صفر، ومعه عشرون رجلا. فقتلوا منهم وغنموا (¬4). [سرية علقمة إلى الحبشة] ثم سرية علقمة بن مجزّز المدلجي إلى الحبشة (¬5)، فهربوا منه، ¬

(¬1) في المغازي 3/ 983: لمستهل شهر ربيع الأول سنة تسع. (¬2) هو للواقدي قبله، انظر المغازي 3/ 983. وعزاه في السبل 6/ 326 إلى النيسابوري وإلى أبي نعيم في الدلائل من طريق محمد بن عمر. (¬3) تبعد عنها خمسة مراحل من جهة اليمن، وفي الطبقات: قريب من تربة. (¬4) في الطبقات 2/ 162: فاقتتلوا قتالا شديدا حتى كثر الجرحى في الفريقين جميعا، وقتل قطبة من قتل، وساقوا النعم والشاء والنساء إلى المدينة، وجاء سيل فحال بينه وبينهم، فما يجدون إليه سبيلا. (¬5) يعني في جزيرة مقابل ساحل جدّة، تراءاهم أهل الشعيبة (جدة) في مراكب. (الواقدي والطبقات). وذكر ابن إسحاق 2/ 639 - 640 سببا آخر لها. قال الحافظ 7/ 656: ويجمع بأنه أمر بالأمرين.

وكانت في ربيع الآخر (¬1). وقال الحاكم: في صفر (¬2). ومعه عبد الله بن حذافة في ثلثمائة، فأمّر علقمة عبد الله على بعض الجيش (¬3)، فأجج نارا (¬4)، وأرادهم على الوثوب فيها (¬5)، فلما همّ بذلك بعضهم، قال: اجلسوا، إنما كنت أمزح (¬6). فلما بلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من أمركم بمعصية فلا تطيعوه» (¬7). ¬

(¬1) هذا قول الواقدي 3/ 983، وتبعه ابن سعد 2/ 163. (¬2) سبل الهدى 6/ 331. (¬3) حيث أراد بعضهم أن يتعجل العودة بعدما فر عدوهم. (¬4) هكذا في السيرة 2/ 640، والبخاري ومسلم، كما سوف أخرج: أن الذي أمرهم بإيقاد النار هو حذافة. بينما الذي عند ابن سعد وكتب السنة من حديث أبي سعيد رضي الله عنه: أنهم هم الذين أوقدوا النار ليصطلوا بها. (¬5) إما لأنه غضب عليهم كما في البخاري ومسلم، أو لأنه كان ذا دعابة، فأراد أن يمزح معهم كما في بقية المصادر. (¬6) وفي الصحيحين: فسكن غضبه. (¬7) بهذا اللفظ: أخرجه الإمام أحمد 3/ 67، وابن ماجه (2863) في الجهاد، باب لا طاعة في معصية الله. وصححه البوصيري في مصباح الزجاجة 2/ 423. كما أخرجه أبو يعلى (1344)، وابن حبان (4558)، والحاكم 3/ 630، وابن خزيمة كما في الفتح. كلهم من حديث أبي سعيد رضي الله عنه. وأخرجاه في الصحيحين من حديث علي رضي الله عنه بلفظ: «الطاعة في المعروف»، أخرجه البخاري في المغازي، باب سرية عبد الله بن حذافة السهمي، وعلقمة بن مجزز المدلجي (4340)، ومسلم في الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية، وتحريمها في المعصية (1840).

[سرية علي إلى الفلس]

[سرية علي إلى الفلس] ثم سرية علي في ربيع الآخر إلى الفلس، صنم طيىء (¬1). ومعه مائة وخمسون رجلا. وقال ابن سعد: مائتان (¬2). فهدمه، وغنم غنائم، منها: سفّانة بنت حاتم أخت عدي، فمنّ عليها النبي صلى الله عليه وسلم، فكان ذلك سبب إسلام أخيها (¬3). وقال ابن سعد: الذي سباها كان خالد بن الوليد (¬4). [سرية عكاشة إلى الجباب] ثم سرية عكّاشة في ربيع الآخر إلى الجباب (¬5)، أرض عذرة وبليّ. ¬

(¬1) الفلس: بضم الأول والثاني، أو فتح الأول وتسكين الثاني كما عند ياقوت، ونقل عن ابن حبيب: أنه اسم صنم، كان بنجد، تعبده طيء، وكان قريبا من فيد. قلت: ضبطه ابن سيد الناس في العيون 2/ 278 هكذا: (الفلس)، بضم الفاء وسكون اللام. (¬2) القولان حكاهما ابن سعد في الطبقات 2/ 164 و 1/ 322. (¬3) وإسلامها أيضا، انظر أسد الغابة 7/ 143، والتجريد 2/ 276، والإصابة 7/ 701. (¬4) قول ابن سعد هذا، حكاه في الطبقات 1/ 322 عند الكلام على وفد طيء من حديث هشام بن محمد، وانظر خبر سفانة وإسلام عدي فيه هنا، وفي السيرة عند ابن إسحاق 2/ 575 - 579، والطبري في التاريخ 3/ 111 - 115، وأخرجه الإمام أحمد 4/ 378، والترمذي في التفسير، باب ومن سورة الفاتحة (2954)، والطبراني في الكبير 17/ 99 (237)، والبيهقي في الدلائل 5/ 337، وفي كتب الحديث: أن التي سبيت هي عمة عدي بن حاتم رضي الله عنه. (¬5) في (1) و (3): والعقد والمواهب عن المؤلف، والعيون 2/ 279، والسبل-

[قدوم وفد بني أسد]

وقيل: أرض غطفان، وقيل: أرض فزارة، ولعذرة فيها شركة (¬1). [قدوم وفد بني أسد]: ثم قدم وفد بني أسد، فقالوا: جئنا قبل أن ترسل إلينا رسولا. فنزلت: {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا} (¬2) [الحجرات:17]. ¬

= 6/ 336: (الجباب) بباءين: وفي (2): الجناب: بنون، وهو المثبت في الطبقات 2/ 164، والتلقيح/76/. (¬1) ذكر ابن سعد 2/ 164 هذه السرية بأخصر مما هنا، ونقلوها عنه. (¬2) انظر في سبب نزولها: الدر المنثور 7/ 585. وحدد ابن سعد قدوم الوفد في أول سنة تسع. (الطبقات 1/ 292).

غزوة تبوك

غزوة تبوك ثم غزوة تبوك (¬1)، وتعرف بغزوة العسرة وبالفاضحة (¬2)، من المدينة على أربع عشرة مرحلة، في رجب يوم الخميس (¬3). وكان الحر شديدا، والجدب كثيرا، فلذلك لم يورّ عنها كعادته في سائر الغزوات (¬4). ¬

(¬1) مكان معروف، هو نصف الطريق بين المدينة ودمشق تقريبا، أقرب إلى دمشق بمرحلة أو ثلاث مراحل، وهي طرف الشام من جهة القبلة، وسميت باسم عين في ذلك المكان. (انظر الروض 4/ 195، وتهذيب النووي 3/ 43). (¬2) أما غزوة العسرة، أو جيش العسرة: فقد وقع في الصحيح من حديث أبي موسى رضي الله عنه، أخرجه البخاري في المغازي، باب غزوة تبوك، وهي غزوة العسرة (4415) وهو مأخوذ من قوله تعالى: الَّذِينَ اِتَّبَعُوهُ فِي ساعَةِ الْعُسْرَةِ [التوبة:120]. وسميت كذلك لما كان فيه المسلمون من عسرة في الماء، والظهر، والنفقة، وشدة من الحر، وجدب من البلاد. وأما تسميتها بالفاضحة: فلافتضاح المنافقين فيها. (¬3) كونها يوم الخميس: حكاه يونس عن ابن إسحاق كما في دلائل البيهقي 5/ 219. ورواه ابن سعد 2/ 167 من حديث كعب بن مالك رضي الله عنه. وهي رواية للنسائي كما في الفتح عند شرح الحديث (4418). (¬4) كذا في البخاري من حديث كعب بن مالك رضي الله عنه (4418) وفيه: ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد غزوة إلا ورّى بغيرها، حتى كانت تلك الغزوة. . فجلّى للمسلمين أمرهم. . فأخبرهم بوجهه الذي يريد.

[إنفاق عثمان رضي الله عنه]

وذلك أنه بلغه صلى الله عليه وسلم أن الروم تجمعت بالشام مع هرقل (¬1). فقال قوم من المنافقين: لا تنفروا في الحر. فنزلت: {وَقالُوا لا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ} [التوبة:81] الآية (¬2). [إنفاق عثمان رضي الله عنه]: وأنفق عثمان رضي الله عنه فيها نفقة عظيمة، وروي أنه حمل على تسعمائة بعير ومائة فرس بجهازها (¬3). فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «اللهم ارض عن عثمان، فإني عنه راض» (¬4). ¬

(¬1) هذا هو السبب الذي ذكره الواقدي وابن سعد وغيرهما، وأخرج البيهقي في الدلائل 5/ 254 وعزاه الحافظ في الفتح 7/ 715 إلى أبي سعد النيسابوري في شرف المصطفى أيضا، وحسّن إسناده مع كونه مرسلا: أن اليهود أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فقالوا: يا أبا القاسم، إن كنت صادقا أنك نبي، فالحق بالشام، فإن الشام أرض المحشر، وأرض الأنبياء. فصدق ما قالوا، فغزا غزوة تبوك، لا يريد إلا الشام، فلما بلغ تبوك أنزل الله عز وجل آيات من سورة بني إسرائيل بعد ما ختمت السورة: وَإِنْ كادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْها. . . [الإسراء:76]، فأمره الله عز وجل بالرجوع إلى المدينة وقال: فيها محياك ومماتك، ومنها تبعث. . (¬2) انظر في سبب نزولها هذا: تفسير الطبري 10/ 201، والبغوي 2/ 315، والدر المنثور 4/ 255 - 256. (¬3) كذا أيضا في جوامع السيرة/250/، والدرر 238 - 239. وفي السيرة 2/ 518 عن ابن هشام أن عثمان أنفق ألف دينار. وأضاف إليها ابن الأثير في الكامل 2/ 149: وثلاثمائة بعير. وفي الرياض النضرة 3/ 17 عن قتادة: ألف بعير وسبعين فرسا. (¬4) بهذا اللفظ: أخرجه ابن هشام في السيرة 2/ 518، وابن الجوزي في صفة الصفوة 1/ 298، وعزاه المحب الطبري في الرياض 3/ 28 و 30 إلى أبي-

[البكاؤون]

[البكاؤون]: وجاء البكاؤون يستحملونه (¬1)، فقال: {لا أَجِدُ ما أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ. . .} (¬2). وهم: سالم بن عمير، وعلبة بن زيد، وأبو ليلى عبد الرحمن بن كعب المازني، والعرباض بن سارية، وهرميّ بن عبد الله، وعمرو بن عنمة، وعبد الله بن مغفّل، وعبد الله بن عمرو المزني، وعمرو بن الحمام، ومعقل المزني، وحضرمي بن مازن، والنعمان، وسويد، ومعقل، وعقيل، وسنان، وعبد الرحمن، وهند بنو مقرّن (¬3). [المعذّرون]: وجاء المعذّرون من الأعراب، فاعتذروا ليؤذن لهم، فلم يعذرهم، وقيل: عذرهم، وهم اثنان وثمانون رجلا (¬4). ¬

= الحسن الخلعي وخيثمة في فضائله. قلت: ويشهد له ما أخرجه الترمذي في المناقب (3702)، والبيهقي في الدلائل 5/ 215 من حديث عبد الرحمن بن سمرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما ضر عثمان ما عمل بعد اليوم» مرتين. وقال الترمذي: حسن غريب. (¬1) يعني يطلبون منه عليه الصلاة والسلام إبلا تحملهم معه للجهاد، لأنهم كانوا فقراء معسرين، ذوي حاجة، لا يحبون التخلف عن الجهاد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. (¬2) الآية (92) من سورة التوبة وبعدها: تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً أَلاّ يَجِدُوا ما يُنْفِقُونَ وبها يعرف سبب تسميتهم بالبكائين. (¬3) اختلفت مصادر السيرة في تسمية هؤلاء البكائين، وفي أكثرها: أنهم سبعة فقط. وقد جمع المصنف هنا كل ما حكي في ذلك. (¬4) في البخاري من حديث كعب بن مالك رضي الله عنه الذي سبق أن أشرت إليه: أنهم كانوا بضعة وثمانين رجلا. وقال الحافظ في شرحه: ذكر الواقدي أن هذا

[المتخلفون]

وقال ابن عساكر: كانوا من غفار (¬1). واستخلف على المدينة: محمد بن مسلمة، وقيل: سباع بن عرفطة، وقيل: عليا. ورجحه ابن عبد البر (¬2). [المتخلفون]: وتخلّف كعب بن مالك، ومرارة بن الربيع، وهلال بن أمية، من غير شك حصل لهم، وفيهم نزل: {وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا} (¬3) [التوبة: 118]، وأبو ذر، وأبو خيثمة، ثم لحقاه بعد (¬4). ¬

= العدد كان من منافقي الأنصار، وأن المعذرين من الأعراب كانوا أيضا اثنين وثمانين رجلا من بني غفار وغيرهم، وأن عبد الله بن أبي ومن أطاعه من قومه، كانوا من غير هؤلاء، وكانوا عددا كثيرا، وانظر الواقدي 3/ 995، وابن سعد 2/ 165 وفيهما: أن الذين عذرهم، هم من المنافقين، وأما المعذرون من الأعراب فلم يعذرهم. وهذا قول ابن إسحاق 2/ 518 أيضا. وقال ابن حزم /251/، وابن عبد البر/239/: عذرهم. (¬1) هذا لابن إسحاق في السيرة 2/ 518. (¬2) الدرر/239/، وانظر السيرة 2/ 519، والواقدي 3/ 995، والطبقات 1/ 165 وفيها يقول ابن سعد عن محمد بن مسلمة: وهو أثبت عندنا ممن قال استخلف غيره. قلت: وفي البلاذري 1/ 368 ذكر غير هؤلاء: ابن أم مكتوم، وأبا رهم، ثم رجح ما قاله ابن سعد. (¬3) وآخرها: ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللهَ هُوَ التَّوّابُ الرَّحِيمُ. (¬4) أما أبو ذر رضي الله عنه-كما في السيرة، والسند ضعيف كما في الإصابة-: فقد أبطأ به بعيره، فأخذ متاعه فحمله على ظهره ثم لحق برسول الله صلى الله عليه وسلم. وأما أبو خيثمة رضي الله عنه: فإنه لما سار رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى تبوك دخل على أهله في يوم حار، فوجد امرأتين له في عريشين لهما في حائطه، وقد رشت كل واحدة منهما عريشها، وبردت له فيه ماء، وهيأت له فيه طعاما، فلما دخل قام-

[عدد الجيش]

ولما رأى أبا ذر قال: «يمشي وحده، ويعيش وحده، ويموت وحده»، فكان كذلك (¬1). [عدد الجيش]: وكان معه صلى الله عليه وسلم ثلاثون ألفا، وفي الإكليل: أكثر من ثلاثين، وقال أبو زرعة: سبعون. وفي رواية عنه: أربعون (¬2). ¬

= على باب العريش، فنظر إلى امرأتيه وما صنعتا له فقال: سبحان الله! رسول الله صلى الله عليه وسلم قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر في الضّح-الشمس- والريح والحر، وأبو خيثمة في ظل بارد، وطعام مهيأ، وامرأة حسناء، في ماله مقيم! ما هذا بالنّصف. ثم قال: والله لا أدخل عريش واحدة منكما حتى ألحق برسول الله صلى الله عليه وسلم، فأدركه حين نزل تبوك، فأخبره بقصته، فقال له خيرا، ودعا له بخير. (انظر السيرة ومغازي الواقدي، ودلائل البيهقي). (¬1) رواه ابن إسحاق في السيرة 2/ 524، والطبري في التاريخ 3/ 107، والحاكم في المستدرك 3/ 50 - 51، والبيهقي في الدلائل 5/ 222، كلهم من طريقه عن ابن مسعود رضي الله عنه. وأورده السيوطي في الخصائص 2/ 131 عن أبي المثنى المليكي، أخرجه الحارث بن أبي أسامة. وشرح السهيلي 4/ 195 معنى: يموت وحده: أي منفردا. قلت: وقصة نفيه إلى الربذة وموته بها مشهورة. (¬2) أما الثلاثون: فقالها الواقدي 3/ 996 و 1002، وابن سعد 2/ 166 وأضاف: ومن الخيل: عشرة آلاف فرس. وفي أنساب الأشراف 1/ 368: وكانت الإبل: اثني عشر ألف بعير. وأما الزيادة على الثلاثين: فهي لابن إسحاق من رواية يونس كما في دلائل البيهقي 5/ 219، وعزاها الحافظ في الفتح 7/ 721 له وللحاكم في الإكليل من حديث معاذ رضي الله عنه، ثم نقل عن أبي زرعة الرازي: أنهم كانوا أربعين ألفا. وأما رواية أبي زرعة الأولى: فنقلها الصالحي 5/ 638 عن الحاكم في الإكليل عن أبي زرعة. والله أعلم.

[خبر الناقة التي ضلت]

[خبر الناقة التي ضلت]: وفي هذه الغزوة ضلت ناقته صلى الله عليه وسلم، فتكلم المنافقون (¬1)، فنزل الوحي وأخبره بأنها متعلقة بخطامها في شجرة، فوجدت كذلك (¬2). [سرية خالد إلى أكيدر] ولما انتهى إلى تبوك، وجد هرقل بحمص، فأرسل خالدا إلى أكيدر بن عبد الملك النصراني، وقال: إنك ستجده ليلا يصيد البقر (¬3). فوجده كذلك، فأسره وقتل أخاه حسانا، وصالح أكيدر على فتح الحصن (¬4). [مصالحة صاحب أيلة]: وصالحه عليه الصلاة والسلام: يحنّة بن روبة صاحب أيلة (¬5) على ¬

(¬1) قالوا: لو كان نبيا، لعرف أين ناقته؟. (¬2) رواه ابن إسحاق في السيرة 2/ 522 - 523، ومن طريقه: الطبري في التاريخ 3/ 106، والبيهقي في الدلائل 5/ 232. (¬3) يعني بقر الوحش، وكان خالد رضي الله عنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم لما بعثه إليه: كيف لي به، وهو وسط بلاد كلب؟! وكان صلى الله عليه وسلم قد بعث معه أربعمائة وعشرين فارسا، فلما سار إليه، وجده قد نزل من حصنه ليصيد البقر، كما أخبر عليه الصلاة والسلام. (انظر التفصيل في السيرة 2/ 526 - 527)، وابن سعد 2/ 166. (¬4) يعني حصنه في دومة الجندل. (¬5) مدينة على ساحل البحر الأحمر، هي آخر الحجاز وأول الشام. وروبة-بواو ساكنة-هكذا ضبطها الحافظ في الفتح 3/ 405، وضبطها الصالحي بهمزة ساكنة (رؤبة).

[مدة إقامته صلى الله عليه وسلم بتبوك]

الجزية، وعلى أهل جرباء، وأذرع بلدين بالشام (¬1)، وأهدى له بغلة (¬2). [مدة إقامته صلى الله عليه وسلم بتبوك]: وأقام بتبوك بضع عشرة ليلة. وقال ابن سعد: عشرين (¬3). وبها مات عبد الله ذو البجادين (¬4). وانصرف صلى الله عليه وسلم ولم يلق كيدا وبنى في طريقه مساجد (¬5). [إحراق مسجد الضرار]: فلما قدم في رمضان، أمر بمسجد الضرار أن يحرق (¬6). ¬

(¬1) في أطرافه، جهة الحجاز، بينهما ميل أو أقل، كما في ياقوت 1/ 129. (¬2) إهداء صاحب أيلة البغلة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مخرج في البخاري من حديث أبي حميد الساعدي رضي الله عنه، في الزكاة، باب خرص التمر (1481). وجزم الإمام النووي في شرحه على صحيح مسلم 12/ 113 أن اسم هذه البغلة هو: (دلدل). (¬3) الأول: لابن إسحاق 2/ 527، والثاني: في الطبقات 2/ 168. (¬4) هو عبد الله المزني رضي الله عنه، وقال ابن هشام 2/ 528: وإنما سمي ذا البجادين: لأنه كان ينازع إلى الإسلام، فيمنعه قومه من ذلك، ويضيقون عليه، حتى تركوه في بجاد ليس عليه غيره، والبجاد: الكساء الغليظ الجافي، فهرب منهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما كان قريبا منه، شق بجاده باثنين، فاتّزر بواحد، واشتمل بالآخر، ثم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقيل له: ذو البجادين لذلك. (¬5) سماها ابن إسحاق 2/ 530 - 531 واحدا واحدا، ومنها مسجد تبوك. ونقلها السمهودي في وفاء الوفا 3/ 1029 عنه وعن ابن رشد وابن زبالة، وأوصلها إلى عشرين. (¬6) انظر قصة هذا المسجد في السيرة، والطبري، ودلائل البيهقي. وملخصها: أن-

[قدوم الوفود]

[قدوم الوفود]: وقدم عليه وفد ثقيف، وتتابعت الوفود، فوفد عليه: وفد تميم، وعبس، وفزارة، ومرّة، وثعلبة، ومحارب، وسعد بن بكر، وكلاب، ورؤاس، وعقيل، ولقيط، وجعدة، وقشير، والبكّاء، وكنانة، وعبد بن عديّ، وباهلة، وأشجع، وسليم، وهلال بن عامر، [وقدر بن عمار]، وعامر بن صعصعة، وعبد القيس، وبكر بن وائل، وتغلب، وحنيفة، وطيّء، وتجيب، وخولان، وجعفيّ، ومراد، وزبيد، وكندة، والصّدف، وحشين، وسعد هذيم، وبليّ، وبهراء، وعذرة، وسلامان، وجهينة، وكلب، وجرم، والأسد، وغسّان، والحارث بن كعب، وهمدان، وسعد العشيرة، وعنس، والدار، والرّها، وغامد، والنّخع، وبجيلة، وخثعم، وحضرموت، وأزد عمان، وغافق، وبارق، ودوس، وثمالة، والحدّان، وأسلم، وجذام، ومهرة، وحمير، ونجران، وجيشان (¬1). ¬

= جماعة من منافقي المدينة أرادوا أن يبنوا مسجدا، يضاهوا به مسجد قباء، وجاؤوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل مخرجه إلى تبوك ليصلي لهم فيه، فأرجأهم إلى حين عودته، فنزل قوله تعالى: وَالَّذِينَ اِتَّخَذُوا مَسْجِداً ضِراراً وَكُفْراً. . [التوبة:107 - 108]. (¬1) قال ابن إسحاق: لما افتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة، وفرغ من تبوك، وأسلمت ثقيف وبايعت، ضربت إليه وفود العرب من كل وجه. وقال ابن هشام: حدثني أبو عبيدة: أن ذلك في سنة تسع، وأنها كانت تسمى سنة الوفود. وانظر في هذه الوفود: السيرة 2/ 559 وما بعد، وابن سعد 1/ 291 وما بعد، وقد ساق المصنف هذا الباب منه، بترتيبه تقريبا، وانظر سبل الهدى 6/ 398 وما بعد، فقد رتبها على حروف المعجم. وقال الحافظ في الفتح 7/ 684: وقد سرد محمد بن سعد في الطبقات الوفود، وتبعه الدمياطي في السيرة التي جمعها، وتبعه ابن سيد الناس، ومغلطاي، وشيخنا في نظم السيرة، ومجموع ما ذكروه: =

[سرية أبي سفيان والمغيرة لهدم الطاغية]

ومن الوحش: السباع والذئاب (¬1). [سرية أبي سفيان والمغيرة لهدم الطاغية] وبعث صلى الله عليه وسلم أبا سفيان بن حرب، والمغيرة بن شعبة لهدم الطاغية وغيرها، فهدماها وأخذا مالها (¬2). [حجة أبي بكر رضي الله عنه]: ثم حج أبو بكر رضي الله عنه ومعه ثلثمائة رجل (¬3)، وعشرون بدنة، بسورة (براءة) لينبذ إلى كل ذي عهد عهده، وأن لا يحجّ بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان (¬4). ¬

= يزيد على الستين. قلت: وهذا ما جرى عليه المصنف رحمه الله، وبقي أن أشير أن الوفد الذي بين المعقوفتين لم أجد من ذكره، والله أعلم. (¬1) كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء ذئب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقعى بين يديه، وجعل يبصبص بذنبه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هذا وافد الذئاب جاء يسألكم أن تجعلوا له من أموالكم شيئا». فقالوا: لا والله يا رسول الله لا نجعل له من أموالنا شيئا. فقام إليه رجل من الناس ورماه بحجر، فسار وله عواء. أخرجه البيهقي في دلائل النبوة 6/ 39 - 40، والبزار كما في كشف الأستار 3/ 143 - 144، وقال الهيثمي في المجمع 8/ 192: رواه البزار، ورجاله رجال الصحيح غير زياد بن أبي الأدبر، وهو ثقة. كما نسبه السيوطي في الخصائص 2/ 62 إلى سعيد بن منصور، ونسبه الصالحي أيضا إلى أبي يعلى، كما أخرجه ابن سعد 1/ 359، وأبو نعيم من وجه آخر من طريق الواقدي بلفظ: «هذا وفد السباع إليكم. . .». (¬2) وهي اللات، صنم ثقيف، وتسمى أيضا: الربّة. (¬3) في (1): (ثلاثون رجل). تصحيف كما يدل عليه التمييز. والمثبت هو الذي عليه المصادر. (¬4) في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن أبا بكر الصديق-

فلما نزل العرج أدركه عليّ مبلّغا لا أميرا (¬1). وكان حجهم في ذلك العام في ذي القعدة (¬2). ¬

= رضي الله عنه بعثه في الحجة التي أمّره النبي صلى الله عليه وسلم عليها قبل حجة الوداع يوم النحر في رهط يؤذن في الناس: «لا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان». أخرجه البخاري في المغازي: باب حج أبي بكر بالناس في سنة تسع (4363)، وفي التفسير: باب (وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج. .) (4656) وفيه هنا: قال حميد: ثم أردف النبي صلى الله عليه وسلم بعلي بن أبي طالب، فأمره أن يؤذن ببراءة. . .». قال الحافظ: وهذا صورته مرسلة، لكن قد ثبت إرسال عليّ من عدة طرق. ثم ساقها، ومنها: ما رواه الترمذي وحسنه، وأحمد من حديث أنس قال: «بعث النبي صلى الله عليه وسلم براءة مع أبي بكر، ثم دعا عليا فأعطاها إياه. . .». كما نقل الحافظ عن الطحاوي في مشكل لفظ البخاري: بأن أبا هريرة هو الذي أذن في الناس. قال: الأخبار تدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان بعث أبا بكر بذلك، ثم أتبعه بعلي، فأمره أن يؤذن، فأرسل أبو بكر أبا هريرة وغيره ليساعدوا عليا على ذلك. (¬1) في السيرة 2/ 546: قال له أبو بكر: أأمير أم مأمور؟ فقال: بل مأمور. وفي الطبقات 2/ 168: فقال له أبو بكر: أستعملك رسول الله صلى الله عليه وسلم على الحج؟ قال: لا، ولكن بعثني أقرأ (براءة) على الناس، وأنبذ إلى كل ذي عهد عهده. قلت: والعرج: عقبة بين مكة والمدينة على جادة الحاج. وفي الطبري 3/ 123: فلما سار فبلغ الشجرة من ذي الحليفة أتبعه بعلي. (¬2) عزاه ابن الجوزي في المنتظم 3/ 372 إلى مجاهد. وصحح الحافظ إسناده عن ابن سعد وغيره، ووافقه عكرمة بن خالد فيما أخرجه الحاكم في الإكليل. ثم قال: وفيما عدا هذين، إما مصرح بأنه في ذي الحجة، أو ساكت. (انظر الفتح عند شرح: باب حج أبي بكر بالناس في سنة تسع من كتاب المغازي). وفي المنتظم: إن العرب كانوا يستعملون النسيء، فيؤخرون تحريم المحرم إلى صفر، ثم كذلك حتى تتدافع الشهور، فيستدير التحريم على السنة كلها، فوافقت حجة أبي بكر ذي القعدة.

[من حوادث هذه السنة]

[من حوادث هذه السنة]: وفي هذه السنة مات عبد الله بن أبي، وصلى عليه صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله تعالى: {وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً} [التوبة:84] (¬1). وآلى من نسائه شهرا (¬2). وباع المسلمون أسلحتهم، وقالوا: انقطع الجهاد. فقال عليه الصلاة والسلام: «لا ينقطع الجهاد حتى ينزل عيسى بن مريم عليه السلام» (¬3). ولاعن بين عويمر العجلاني وامرأته بعد العصر، وكان قدم من تبوك فوجدها حبلى (¬4). ¬

(¬1) أخرجه البخاري في التفسير، باب (ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره) (4672)، ومسلم في صفات المنافقين وأحكامهم (2774)، وانظر أسباب النزول للواحدي/173/. وكونه من حوادث سنة تسع هو قول الواقدي 3/ 1057، والطبري 3/ 120، وحدّداه في ذي القعدة من هذه السنة. (¬2) كون هذا الخبر من حوادث السنة التاسعة: حكاه ابن حبان في سيرته/363/، وابن الجوزي في التلقيح/46/عن الواقدي. وذكرا-ونقله ابن الجوزي عن ابن حبيب-: أن السبب في ذلك: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذبح ذبحا، فقسمته عائشة رضي الله عنها بين أزواجه، لكن زينب بنت جحش ردت نصيبها، فقال: زيديها. ثلاثا، كل ذلك ترده، فقال: لا أدخل عليكن شهرا. وآلى: أي حلف لا يدخل عليهن. (النهاية). واعتزال الرسول صلى الله عليه وسلم لنسائه رضي الله عنهن شهرا أو تسعا وعشرين هو في الصحيح أيضا من حديث جابر رضي الله عنه، أخرجه مسلم في الطلاق، باب أن تخيير امرأته لا يكون طلاقا إلا بالنية (1478). (¬3) الواقدي 3/ 1057، وحكاه ابن الجوزي في التلقيح/46/عنه، وانظر سيرة ابن حبان/372/. (¬4) كذا في سيرة ابن حبان/376/، والمنتظم 3/ 374. والخبر في الصحيحين وغيرهما، أخرجه البخاري في الطلاق، باب اللعان، ومن طلق بعد اللعان-

[سرية خالد إلى بني عبد المدان]

[سرية خالد إلى بني عبد المدان] ثم أرسل خالد بن الوليد في ربيع الأول سنة عشر. وفي الإكليل: ربيع الآخر، وقيل: جمادى الأولى (¬1). إلى بني عبد المدان بنجران (¬2). فأسلموا (¬3). [سرية علي إلى اليمن] ثم سرية علي إلى اليمن في رمضان، ومعه ثلثمائة رجل (¬4). فقتل وغنم (¬5). ¬

= (5308)، ومسلم في اللعان (1492). وذكر الحافظ أن اللعان كان في السنة الأخيرة من زمان النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قال: لكن جزم الطبري، وأبو حاتم، وابن حبان، بأن اللعان كان في شعبان سنة تسع وجزم به غير واحد من المتأخرين. (¬1) الأول لابن سعد 2/ 169، وما نقله عن الحاكم في الإكليل: هو لابن إسحاق في السيرة 2/ 592، وذكر الطبري القولين في التاريخ 3/ 126. (¬2) في السيرة 2/ 592: إلى بني الحارث بن كعب بنجران. وقال ابن حبان 385 - 386: إلى بني عبد المدان، وهم بنو الحارث بن كعب. (¬3) انظر تفصيل هذه السرية: ابن هشام 2/ 592، وابن سعد 1/ 339. (¬4) كلهم فرسان، وكانت أول خيل دخلت إلى تلك البلاد. انظر المغازي 3/ 1079، والطبقات 2/ 169. (¬5) وهرب من تبقى منهم، ثم دعاهم إلى الإسلام فأسلموا، وانظر التفصيل في المصدرين السابقين.

[حجة الوداع]

[حجة الوداع] ثم حجّة الوداع (¬1). قال ابن الجزار: وتسمى البلاغ، وحجة الإسلام (¬2). يوم السبت لخمس ليال بقين من ذي القعدة (¬3). وقال ابن حزم: الصحيح لستّ بقين (¬4). ومعه تسعون ألفا، ويقال: مائة وأربعة عشر ألفا. ويقال: أكثر من ذلك، فيما حكاه البيهقي (¬5). ¬

(¬1) بكسر الحاء المهملة وبفتحها، وبكسر الواو وبفتحها. (¬2) في السيرة 2/ 606: حجة البلاغ، وحجة الوداع. وعند الواقدي 3/ 1089، وابن سعد 2/ 172: حجة الوداع، وحجة الإسلام. وفي البلاذري 1/ 368، والطبري 3/ 183، وتسمى أيضا: حجة البلاغ. وأضاف الطبري اسما رابعا هو: حجة التمام. وإنما سميت حجة الوداع بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان ابن عباس ينكر ذلك، ويقول: حجة الإسلام. (¬3) هذا قول ابن سعد 2/ 173، وأخرجه ابن إسحاق 2/ 61 عن عائشة رضي الله عنها دون تحديد اليوم، وفي دلائل البيهقي 5/ 432 من حديث جابر رضي الله عنه: أنه خرج لخمس بقين من ذي القعدة أو لأربع. قلت: الذي في الصحيح من حديث ابن عباس رضي الله عنهما: أنه لخمس بقين من ذي القعدة. أخرجه البخاري في الحج، باب ما يلبس المحرم من الثياب والأزر (1545)، وأخرجه مسلم عن عائشة رضي الله عنها أيضا في الحج، باب وجوه الإحرام. . (1211) 125. ورجح ابن كثير 5/ 102، والحافظ في الفتح في المغازي: كونه يوم السبت، وليس الخميس. (¬4) جوامع السيرة/260/. وله كتاب خاص في حجة الوداع، ذكره ابن كثير في التاريخ، والحافظ في الفتح. (¬5) كذا أيضا وبنفس السياق في المواهب وتاريخ الخميس. وقال الذهبي في العبر-

[موت أبي عامر الراهب]

[موت أبي عامر الراهب]: وفي هذه السنة مات أبو عامر الراهب عند هرقل (¬1). [سرية أسامة إلى أبنى] ثم سرية أسامة إلى أهل أبنى بالشراة، ناحية البلقاء (¬2). يوم الإثنين لأربع ليال بقين من صفر، سنة إحدى عشرة، لغزو الروم، مكان قتل أبيه (¬3). ومعه أبو بكر، وعمر، وأبو عبيدة، وسعد، وسعيد، رضوان الله ¬

= 1/ 10: وحج معه صلى الله عليه وسلم من الصحابة مائة ألف أو يزيدون. وقال السخاوي في التحفة اللطيفة 1/ 37: ووقف معه صلى الله عليه وسلم فيها: مائة ألف وعشرون ألفا. (¬1) سقطت هذه الفقرة من (3). وأبو عامر الراهب-وسماه الرسول صلى الله عليه وسلم أبا عامر الفاسق-كان يذكر البعث ودين الحنفية في الجاهلية، فلما بعث النبي صلى الله عليه وسلم عانده وحسده، وخرج من المدينة، وشهد مع قريش وقعة أحد، ثم خرج إلى الروم فمات بها سنة تسع أو عشر كما في الإصابة عند ترجمة ابنه حنظلة غسيل الملائكة رضي الله عنه. وفي السيرة: أنه هو الذي طلب من أصحابه المنافقين أن يبنوا مسجد الضرار، وقال لهم: إني ذاهب إلى قيصر ملك الروم، فآتي بجيش، فأخرج محمدا-صلى الله عليه وسلم-وأصحابه، فتنصر ومات. وانظر المنتظم 4/ 13، فقد جزم أن موته في هذه السنة. (¬2) أسماء مواضع في فلسطين من أرض الشام، و (أبنى) يقال فيها: (يبنى) بالياء أيضا كما في تاريخ دمشق (المختصر) 1/ 171. وفي السيرة: أمره أن يوطىء تخوم البلقاء والداروم من أرض فلسطين. وعند ابن عساكر: أمره بشن الغارة على مؤتة، ويبنى، وآبل الزيت. وما أثبته المصنف: من الطبقات 2/ 189، وفيها: (السراة) بالسين غير المعجمة. (¬3) زيد بن حارثة، شهيد مؤتة، رضي الله عنه.

عليهم أجمعين (¬1). ¬

(¬1) وآخرون من المهاجرين والأنصار. (الطبقات 2/ 190)، وانظر فتح الباري -كما سوف أخرج-فقد رد على ابن تيمية رحمه الله في إنكاره أن يكون أبو بكر وعمر رضي الله عنهما في هذا البعث. وفي البخاري، كتاب المغازي، باب (86) حديث (4469) عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث بعثا وأمر عليه أسامة بن زيد، فطعن الناس في إمارته، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «إن تطعنوا في إمارته، فقد كنتم تطعنون في إمارة أبيه من قبل. وايم الله إن كان لخليقا للإمارة، وإن كان من أحب الناس إليّ، وإن هذا من أحب الناس إليّ بعده». وذكر الحافظ أن تجهيز أسامة كان قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بيومين، وأن ابتداء ذلك كان آخر صفر. وقالوا: إن سرية أسامة كانت آخر سرية بعثها رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأنه سار إلى أهل أبنى فقتل وسبى وتمكن من قاتل أبيه، ورجع إلى المدينة سالما. (انظر الطبقات 2/ 189 - 192، ومختصر تاريخ دمشق 1/ 170 - 179 حيث ساق ابن عساكر جميع الروايات الواردة في هذا البعث).

وفاته صلى الله عليه وسلم

وفاته صلى الله عليه وسلم [ابتداء الوجع برسول الله صلى الله عليه وسلم]: فلما كان يوم الأربعاء، بدأ بالنبي صلى الله عليه وسلم وجعه، فحمّ وصدّع (¬1). فلما كان يوم السبت لعشر خلون من ربيع، ودّع المسلمون (¬2) النبيّ صلى الله عليه وسلم، ومضوا إلى الجرف (¬3). وثقل النبي صلى الله عليه وسلم، فجعل يقول: «انفذوا جيش أسامة» (¬4). فلما كان يوم الأحد، اشتد وجعه، فدخل أسامة من معسكره في اليوم الذي لدّ فيه (¬5) عليه الصلاة والسلام، وكان مغمورا (¬6). ثم دخل يوم الإثنين وهو مفيق، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «اغد على بركة ¬

(¬1) كون ابتداء مرضه صلى الله عليه وسلم يوم الأربعاء: هو قول الواقدي كما في الطبقات 2/ 206، وعزاه الحافظ في الفتح 7/ 736 إلى الحاكم، وقدم عليه قول الخطابي: أنه ابتدأ به يوم الإثنين، وقيل: يوم السبت. (¬2) يعني جيش أسامة، وفيه كبار الصحابة رضي الله عنهم جميعا. (¬3) مكان خارج المدينة، شماليها جهة الشام، وهو اليوم داخل بها. (¬4) الطبقات 2/ 190. (¬5) في المطبوع: (ولد) تصحيف. ولدّ: من اللّدود، وهو دواء يسقاه المريض في أحد شقي الفم. وانظر سبب وقصة لدّه عليه الصلاة والسلام: الطبري 3/ 195، والروض الأنف 4/ 269. (¬6) أي مغمى عليه صلى الله عليه وسلم.

[اليوم الذي توفي فيه صلى الله عليه وسلم]

الله». فودعه أسامة وخرج، فأمر الناس بالرحيل، فبينا هو يريد الركوب، إذا رسول أمّه أمّ أيمن قد جاء يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يموت. فأقبل ومعه عمر وأبو عبيدة (¬1). [اليوم الذي توفي فيه صلى الله عليه وسلم]: فتوفي صلى الله عليه وسلم شهيدا حين زاغت الشمس من ذلك اليوم (¬2)، لاثنتي عشرة ليلة خلت من ربيع الأول، حين اشتد الضحاء (¬3). قال السهيلي: لا يصح أن تكون وفاته صلى الله عليه وسلم يوم الإثنين إلا في ثاني الشهر، أو ثالث عشره، أو رابع عشره، أو خامس عشره، لإجماع المسلمين على أن وقفة عرفة كانت يوم الجمعة، وهو تاسع ذي الحجة، فدخل ذو الحجة يوم الخميس، فكان المحرم إما الجمعة وإما السبت، فإن كان الجمعة، فقد كان صفر إما السبت أو الأحد، فإن كان السبت، فقد كان أول ربيع: إما الأحد أو الإثنين، فعجبا هذا لا يكون الثاني عشر من ربيع الأول بوجه (¬4). ¬

(¬1) وكان أبو بكر رضي الله عنه قد استثناه رسول الله صلى الله عليه وسلم من الخروج-بعد أن أمره به كما تقدم-ليصلي بالناس. (¬2) يعني يوم الاثنين. وقال الطبري 3/ 199، وأبو عمر في الدرر/277/، والسهيلي 4/ 270، والحافظ في الفتح 7/ 736: إنه قول الجمهور بلا خلاف. قلت: هو في الصحيح من حديث السيدة عائشة في وفاة أبيها رضي الله عنهما، وفيه: «في أي يوم توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: يوم الاثنين. . .». أخرجه البخاري في الجنائز، باب موت يوم الإثنين (1387). (¬3) كونه في الثاني عشر من ربيع الأول: هو قول ابن إسحاق كما في الطبري 3/ 215، وقول الواقدي كما في الطبقات 2/ 272. وصححه ابن الجوزي في التلقيح/82/، وقال في العيون 2/ 449: ذكره جمهور الناس. (¬4) الروض الأنف 4/ 270. وعزاه في العيون إلى أبي الربيع بن سالم أيضا.

[الوقت الذي دفن فيه صلى الله عليه وسلم]

ذكر الكلبي وأبو مخنف أنه توفي صلى الله عليه وسلم في الثاني من ربيع الأول (¬1). قال الطبري: هذا القول وإن كان خلاف الجمهور، فإنه لا يبعد إن كانت الثلاثة الأشهر التي قبله كلها كانت تسعة وعشرين يوما (¬2). وفيما قاله نظر، لمتابعة مالك بن أنس فيما حكاه البيهقي، وكذلك المعتمر بن سليمان، والواقدي ثالثهم، لهما على ذلك (¬3). وقال الخوارزمي: توفي صلى الله عليه وسلم أول ربيع (¬4). [الوقت الذي دفن فيه صلى الله عليه وسلم]: ودفن ليلة الأربعاء (¬5). ¬

(¬1) عن الكلبي وأبي مخنف: رواه الطبري 3/ 200، والسهيلي 4/ 270. ورواه ابن سعد 2/ 272 عن الواقدي. وذكره الذهبي في التاريخ (السيرة) /568/عن سليمان التيمي. (¬2) هذا القول ورد في الروض في الموضع السابق، ولم أجده للطبري في التاريخ، ويقرب أن يكون من كلام السهيلي، والذي قال بعده: فتدبره، فإنه صحيح، ولم أر أحدا تفطن له. ويبدو أن الحافظ 7/ 736 قد وافقه على هذا، والله أعلم. (¬3) دلائل النبوة 7/ 234 - 235. (¬4) عن الخوارزمي: ذكره السهيلي في الروض 4/ 270 وقال: وهذا أقرب في القياس. وذكره الذهبي/568/عن موسى بن عقبة. كما عزاه ابن كثير 5/ 223 إلى عروة وموسى عن ابن شهاب. وانظر الفتح 7/ 736. (¬5) أخرجه ابن إسحاق 2/ 664 عن عائشة رضي الله عنها، ورواه من طريقه: الإمام أحمد كما في الفتح الرباني 21/ 257، ورواه ابن الجوزي في الوفا /806/عن ابن عباس رضي الله عنهما، وقال في التلقيح/82/: وهو الأصح.

[مدة علته صلى الله عليه وسلم]

وقيل: ليلة الثلاثاء (¬1). وقيل: يوم الاثنين عند الزوال، قاله الحاكم وصححه (¬2). [مدة علته صلى الله عليه وسلم]: وكانت مدة علته عليه الصلاة والسلام اثني عشر يوما، وقيل: أربعة عشر، وقيل: ثلاثة عشر، وقيل: عشرة أيام (¬3). [تغسيله صلى الله عليه وسلم]: وغسّله عليّ، والعباس وابنه الفضل يعينانه، وقثم، وأسامة، وشقران، يصبّون الماء (¬4)، وأعينهم معصوبة من وراء الستر، لحديث علي بن أبي طالب: (لا يغسلني أحد إلا أنت، فإنه لا يرى أحد عورتي إلا ¬

(¬1) رواه ابن سعد 2/ 305 عن الواقدي. وذكره ابن الجوزي في التلقيح/82/، وأورده ابن كثير في التاريخ 5/ 237 من طريقين، واستغربه. (¬2) كذا أيضا في إمتاع الأسماع 1/ 551. (¬3) أما الاثنا عشر والأربعة عشر يوما: فقد ذكرهما ابن حزم في جوامع السيرة /266/، وابن الجوزي في الوفا/792/مقتصرين عليهما. وأما الثلاثة عشر: فقد أخرجها ابن سعد 2/ 206، والبيهقي في الدلائل 7/ 235. وأما العشرة: فقد أخرجها البيهقي في دلائله 7/ 234 بسند صحيح كما في الفتح 7/ 736، وقال الحافظ: وبه جزم سليمان التيمي في مغازيه. (¬4) كذا-بهذا التنسيق-في الإمتاع 1/ 549، والمواهب 4/ 557. والأسماء هي نفسها في السيرة 2/ 662، والطبقات 2/ 277 - 280 وفيهما غير هذا التنسيق، كما أن ابن سعد لم يذكر قثم، وذكر: عقيل بن أبي طالب. وقثم: هو ابن العباس أخو الفضل رضي الله عنهم جميعا، وشقران-واسمه صالح-هو مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم. وانظر في هذه الفقرة أيضا الطبري 3/ 211، والمنتظم 4/ 44 - 46، والكامل 2/ 195.

طمست عيناه) (¬1). وحضرهم أوس بن خولي من غير أن يلي شيئا (¬2). وقيل: بل كان يحمل الماء (¬3). وقيل: كان العباس بالباب، وقال: لم يمنعني أن أحضره إلا أنه كان يستحي أن أراه حاسرا (¬4). وغسل صلى الله عليه وسلم في قميصه من بئر يقال له: الغرس ثلاث غسلات بماء وسدر (¬5)، ¬

(¬1) أخرجه ابن سعد 2/ 278، والبزار كما في الكشف 1/ 400 (848)، والبيهقي في الدلائل 7/ 244، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد 9/ 36: رواه البزار، وفيه يزيد بن بلال، قال البخاري: فيه نظر. وبقية رجاله وثقوا، وفيهم خلاف. وكذا ضعفه الذهبي في السيرة/576/، وقال ابن كثير في البداية 5/ 239: غريب جدا. (¬2) بهذا اللفظ أخرجه الإمام أحمد عن ابن عباس رضي الله عنهما من طريق ابن إسحاق 1/ 260، وضعّف إسناده أحمد شاكر (2357)، وقال ابن كثير في البداية 5/ 229: انفرد به أحمد. وانظر السيرة 2/ 662، والطبقات 2/ 280. وأوس بن خولي صحابي أنصاري خزرجي، ممن شهد بدرا، كان قد وقف بالباب وقال: يا علي أنشدك الله وحظنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له علي: ادخل. (¬3) رواية أخرجها ابن سعد 2/ 280، والطبراني في الأوسط والكبير كما في مجمع الزوائد 9/ 36، وقال الهيثمي: وفيه يزيد بن أبي زياد، وهو حسن الحديث على ضعفه، وبقية رجاله ثقات. (¬4) أخرجه ابن سعد 2/ 279. (¬5) الخبر في الطبقات 2/ 280، وتاريخ ابن شبة 1/ 161 - 162، ودلائل البيهقي 7/ 245، و (الغرس) بفتح الغين المعجمة، وتسكين الراء، وبالسين، وقال السمهودي في الوفا 3/ 978: بضم الغين المعجمة، وهو الدائر على ألسنة أهل المدينة وهي بئر بقباء كانت لسعد بن خيثمة رضي الله عنه، وكان يستعذب منها-

[تكفينه صلى الله عليه وسلم]

جعل عليّ على يده خرقة، وأدخلها تحت القميص (¬1). [تكفينه صلى الله عليه وسلم]: وكفّن في ثلاثة أثواب بيض سحوليّة-بلدة باليمن-ليس فيها قميص ولا عمامة (¬2). وروي: أن واحدا منها حبره (¬3). وفي رواية: في حلّة حبرة وقميص (¬4). ¬

= الماء لرسول الله صلى الله عليه وسلم. وعند ابن ماجه بإسناد ضعيف من حديث علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا أنا مت فاغسلوني بسبع قرب من بئري بئر غرس». لكن يشهد له ما تقدم. (¬1) أخرجه ابن سعد 2/ 280، وساقه الذهبي في سيرته/575/وقال: فيه ضعف. وعزاه الهيثمي في مجمع الزوائد 9/ 36 إلى الطبراني في الأوسط والكبير، وقال: روى ابن ماجه بعضه، وفيه يزيد بن أبي زياد وهو حسن الحديث على ضعفه، وبقية رجاله ثقات. (¬2) هذا متفق عليه من حديث السيدة عائشة رضي الله عنها، أخرجه البخاري في الجنائز، باب الثياب البيض للكفن (1264)، ومسلم في الجنائز، باب في كفن الميت (941). (¬3) كذا في السيرة 2/ 663، وابن سعد 2/ 284، والطبري 3/ 212، ودلائل البيهقي 7/ 248. والحبرة: ضرب من ثياب اليمن (الخشني 4/ 416)، وقال الذهبي بعد أن أورده/578/: فلعله اشتبه على من قال ذلك، لكونه صلى الله عليه وسلم أدرج في حلّة يمانية، ثم نزعت عنه. قلت: هذا كلام الإمام البيهقي في الدلائل 7/ 249. وسوف يأتي الحديث. (¬4) سقطت هذه العبارة من (3). وفي (1): وفي رواية: حبرة وقميص. وما أثبته من (2) والعقد الثمين عن المصنف، والمطبوع. والخبر في أنساب الأشراف 1/ 571.

وفي رواية: حلة حمراء نجرانية وقميص (¬1). وقيل: إن الحلة اشتريت له، فلم يكفن فيها (¬2). وفي الإكليل: كفّن صلى الله عليه وسلم في سبعة أثواب (¬3). وجمع: بأنه ليس فيها قميص ولا عمامة محسوب. وفي حديث تفرد به يزيد بن أبي زياد-وهو ضعيف-: كفن صلى الله عليه وسلم في ثلاثة أثواب: قميصه الذي مات فيه، وحلة نجرانية (¬4). ¬

(¬1) الطبقات 2/ 286. (¬2) هذا في الصحيح، أخرجه مسلم من حديث السيدة عائشة رضي الله عنها السابق (941) وفيه: أما الحلة: فإنما شبه على الناس فيها، أنها اشتريت له ليكفن فيها، فتركت الحلة. وفي رواية قالت: أدرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في حلة يمنية كانت لعبد الله بن أبي بكر، ثم نزعت عنه. (¬3) ورد هذا في رواية ابن عقيل عن ابن الحنفية عن علي رضي الله عنه، أخرجه الإمام أحمد في المسند 1/ 94، والبزار كما في كشف الأستار 1/ 401 (850)، وابن أبي شيبة في المصنف 3/ 262، وابن حزم في المحلى 5/ 118 - 119 وقال: وهم فيه راويه. لكن حسن الحافظ الهيثمي إسناده في المجمع 3/ 23، وصححه أحمد شاكر في المسند (728). وأورده الإمام الشوكاني في نيل الأوطار 4/ 37 وضعفه، لكن نقل عن الحافظ أن الحاكم روى من حديث أيوب عن نافع عن ابن عمر ما يعضد رواية ابن عقيل عن ابن الحنفية عن علي رضي الله عنه: بمعنى أنه صلى الله عليه وسلم كفن في سبعة أثواب. قلت: وهذا يشهد للمصنف الذي ساقه عن الحاكم في الإكليل. (¬4) أخرجه أبو داود في الجنائز، باب في الكفن (3153) وفيه: الحلة: ثوبان، وأخرجه ابن ماجه في الجنائز، باب ما جاء في كفن النبي صلى الله عليه وسلم (1471)، وابن أبي شيبة في المصنف 3/ 258، وقال الإمام النووي في شرحه على مسلم 7/ 8: حديث ضعيف لا يصح الاحتجاج به، لأن يزيد بن أبي زياد-أحد-

[الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم]

وحنّط بكافور، وقيل: بمسك (¬1). [الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم]: وصلى عليه المسلمون أفذاذا (¬2). قيل: لأنه أوصى بذلك بقوله: «أول من يصلي عليّ ربي، ثم جبريل، ثم ميكائيل، ثم إسرافيل، ثم ملك الموت مع جنوده، ثم الملائكة، ثم ادخلوا فوجا بعد فوج. . .» الحديث، وفيه ضعف (¬3). ¬

= رواته-مجمع على ضعفه، لا سيما وقد خالف بروايته الثقات. (¬1) أما المسك: فأخرجه ابن سعد 2/ 288، والبيهقي 7/ 249. وأما الكافور: فقد أورده ابن كثير في تاريخه 5/ 229 من رواية قال عن سياقها: فيه غرابة جدا. وذكره الهيثمي 3/ 24 من حديث عبد الله بن مغفل رضي الله عنه، وفيه راو متكلم فيه. وفي الإمتاع:1/ 549: وغسل الأولى: بالماء القراح. والثانية: بالماء والسدر. والثالثة: بالماء والكافور. (¬2) أي منفردين، بدون إمام. (¬3) من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، أخرجه البزار كما في كشف الأستار 9/ 398 - 399، والطبري في التاريخ 3/ 191 - 192، والبيهقي في الدلائل 7/ 231 - 232، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد 9/ 25: رواه البزار، ورجاله رجال الصحيح، غير محمد بن إسماعيل بن سمرة الأحمسي وهو ثقة، ورواه الطبراني في الأوسط بنحوه، وذكر في إسناده ضعفاء. وساقه ابن كثير في تاريخه 5/ 222، ونقل تضعيف الأئمة لسلام الطويل-أحد رواته-ثم قال: لكن رواه البزار من غير طريق سلام. وانظر الروض 4/ 273 - 274، حيث ذكره السهيلي من رواية الطبري والبزار، وقال عن هذه الصلاة: ولا يكون هذا الفعل إلا عن توقيف، ووجه الفقه: أن الله تبارك وتعالى افترض الصلاة عليه بقوله: (صلوا عليه وسلموا تسليما). وحكم هذه الصلاة التي تضمنتها الآية ألا تكون إلا بإمام، والصلاة عليه عند موته داخلة في لفظ الآية، وهي متناولة لها وللصلاة عليه في كل حال. . . وقال ابن كثير 5/ 232: وهذا الصنيع، وهو-

[ما ألقي في القبر]

وقيل: بل كانوا يدعون وينصرفون (¬1). وقال ابن الماجشون لما سئل كم صلي عليه صلاة؟ فقال: اثنتان وسبعون صلاة كحمزة. فقيل له: من أين لك هذا؟ فقال: من الصندوق الذي تركه مالك بخطه عن نافع عن ابن عمر (¬2). [ما ألقي في القبر]: وفرش تحته قطيفة نجرانية كان يتغطى بها (¬3). ¬

= صلاتهم عليه فرادى لم يؤمهم أحد أمر مجمع عليه لا خلاف فيه، وقد اختلف في تعليله، فلو صح الحديث الذي أوردنا عن ابن مسعود لكان نصا في ذلك، ويكون من باب التعبد الذي يعسر تعقل معناه، وليس لأحد أن يقول: لأنه لم يكن لهم إمام. لأنا قدمنا أنهم إنما شرعوا في تجهيزه عليه السلام بعد تمام بيعة أبي بكر رضي الله عنه وأرضاه، وقد قال بعض العلماء: إنما لم يؤمهم أحد، ليباشر كل واحد من الناس الصلاة عليه منه إليه، ولتكرر صلاة المسلمين عليه مرة بعد مرة. . ثم نقل كلام السهيلي. (¬1) هكذا أيضا في تاريخ الخميس 2/ 171 عن مغلطاي، وانظر ابن سعد 2/ 290، والبلاذري 1/ 574 - 575، ودلائل البيهقي 7/ 250 - 251، فإنه قد يفهم من رواياتهم أن ذلك كان دعاء فقط، لكن قال البرهان في السيرة الحلبية 3/ 356 بعد أن نقل أثرا يدل على أنهم كانوا يدعون له صلى الله عليه وسلم: وهذا يدل على أن المراد بالصلاة عليه صلى الله عليه وسلم الدعاء لا الصلاة على الجنازة المعروفة عندهم، والصحيح: أن هذا الدعاء كان ضمن الصلاة المعروفة التي بأربع تكبيرات. قلت: وهذا ما تدل عليه ظواهر النصوص، والله أعلم. وقال الفاسي في العقد 1/ 270 بعد أن نقل قول المصنف: ذكر شيخنا العراقي أن هذا القول ضعيف. وانظر مرشد المحتار/367/فقد جعل ذلك من خصائصه صلى الله عليه وسلم. (¬2) نقله في تاريخ الخميس 2/ 171 عن المصنف، وفي الإمتاع 1/ 550: وقيل: صلي عليه اثنتان وسبعون صلاة. (¬3) كذا في عيون الأثر 2/ 450، لكن فيه بدل قطيفة (نجرانية): قطيفة (حمراء). -

[من دخل قبره ولحده صلى الله عليه وسلم]

قال أبو عمر: ثم أخرجت لما فرغوا من وضع اللبنات التسع (¬1). [من دخل قبره ولحده صلى الله عليه وسلم]: ودخل قبره: العباس، وعلي، والفضل، وقثم، وشقران، وابن عوف، وعقيل، وأسامة، وأوس (¬2). قال الحاكم: فكان آخرهم عهدا به صلى الله عليه وسلم قثم. وقيل: علي (¬3). وأما حديث المغيرة فضعيف (¬4). ¬

= وفي السيرة 2/ 664، والطبقات 2/ 299 بدل (يتغطى بها): (يلبسها)، وزاد ابن إسحاق: (ويفترشها). قلت: والذي في الصحيح من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: «جعل في قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم قطيفة حمراء». أخرجه مسلم في الجنائز، باب جعل القطيفة في القبر (967). وفي السيرة والطبقات والترمذي: أن الذي ألقاها في القبر هو شقران رضي الله عنه، وذلك إما لأن الأرض ندية، أو لأنه كره أن يستعملها أحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال النووي في شرح مسلم 7/ 34: والجمهور على كراهية وضع قطيفة أو مضربة أو مخدة ونحو ذلك تحت الميت في القبر. . (¬1) كلام ابن عبد البر هذا، ذكره القسطلاني في المواهب 4/ 563 لأبي عمر من كتاب تحقيق النصرة عن ابن زبالة. قلت: ومعناه كاملا في الاستيعاب 1/ 48. لكن الذي يفيده كلام ابن إسحاق 2/ 664، وابن سعد 2/ 300 أنها دفنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو ما يدل عليه كلام الإمام النووي السابق. وانظر جوامع السيرة/265/، والمنتظم 4/ 48. وفي عدد (اللبنات): انظر الروض الأنف 4/ 276. (¬2) أخرجها كلها ابن سعد 2/ 300 - 304، وعدّد الأسماء فقط ابن الجوزي في التلقيح/83/. (¬3) الروايتان في الطبقات 2/ 303 - 304. (¬4) رواه ابن سعد 2/ 302 - 304 من عدة طرق، لكن روى ما يخالفه.

[عمره صلى الله عليه وسلم حين الوفاة]

وكان الذي حفر له أبو طلحة، لأنه كان يلحد (¬1). [عمره صلى الله عليه وسلم حين الوفاة]: وكان عمره، إذ توفي صلى الله عليه وسلم ثلاثا وستين فيما ذكره البخاري، وثبّته ابن سعد وغيره (¬2). وفي مسلم: خمس وستون. وصححه أبو حاتم في تاريخه (¬3). وفي الإكليل: ستون (¬4). وفي تاريخ ابن عساكر: اثنان وستون ونصف (¬5). وفي كتاب ابن شبة: إحدى أو اثنتان، لا أراه بلغ ثلاثا وستين (¬6). ¬

(¬1) كذا في السيرة والطبقات، وأخرجه الترمذي من حديث جعفر بن محمد عن أبيه في الجنائز، باب ما جاء في الثوب الواحد يلقى تحت الميت في القبر (1047). (¬2) بل هو متفق عليه من حديث السيدة عائشة رضي الله عنها، أخرجه البخاري في المغازي، باب وفاة النبي صلى الله عليه وسلم (4466)، ومسلم في الفضائل، باب كم سن النبي صلى الله عليه وسلم يوم قبض؟ (2349)، وقال ابن سعد 2/ 309: وهو الثبت إن شاء الله. (¬3) أخرجه مسلم في الفضائل، باب كم أقام النبي صلى الله عليه وسلم بمكة والمدينة (2353) - 122. (¬4) هذا متفق عليه أيضا من حديث أنس رضي الله عنه، أخرجه البخاري في المناقب، باب صفة النبي صلى الله عليه وسلم (3547) و (3548)، ومسلم في الفضائل، باب في صفة النبي صلى الله عليه وسلم ومبعثه وسنه (2347). (¬5) تاريخ دمشق (مختصر ابن منظور) 2/ 388. (¬6) ذكرها عن ابن شبة أيضا: الحافظ في الفتح 7/ 758، لكنه جعلها والتي قبلها من الروايات الشاذة.

وجمع: بأن من قال: خمسا، حسب السنة التي ولد فيها والتي قبض فيها، ومن قال: ثلاثا-وهو المشهور-أسقطهما. ومن قال: ستين، أسقط الكسور، ومن قال: اثنين وستين ونصفا، كأنه اعتمد على حديث في الإكليل، وفيه كلام: «لم يكن نبي إلا عاش نصف عمر أخيه الذي قبله، وقد عاش عيسى عليه السلام خمسا وعشرين ومائة» (¬1). ومن قال: إحدى أو اثنتين، فشكّ ولم يتيقن. وكل ذلك إنما نشأ من الاختلاف في مقامه صلى الله عليه وسلم بمكة بعد البعثة على ما تقدم، والله أعلم (¬2). ¬

(¬1) أخرجه البيهقي في الدلائل 7/ 166، وعزاه الهيثمي في المجمع 9/ 23 إلى الطبراني بإسناد ضعيف، إلا أن فيهما: أن عيسى عليه السلام عاش عشرين ومائة سنة. (¬2) انظر في هذه الفقرة أيضا: الاستيعاب 1/ 51 - 53، والنووي على شرح مسلم 15/ 99، وفتح الباري 7/ 758.

خدامه ومواليه صلى الله عليه وسلم [الخدم]

خدامه ومواليه صلى الله عليه وسلم [الخدم] وكان له عليه الصلاة والسلام من الخدام: * أنس (¬1). *وهند وأسماء ابنا حارثة الأسلميان (¬2). *وربيعة بن كعب صاحب وضوئه (¬3). *وابن مسعود صاحب نعله (¬4). ¬

(¬1) ابن مالك الأنصاري، الخزرجي، النجاري، أبو حمزة، المدني، نزيل البصرة. جاءت به أمه أم سليم بنت ملحان إلى النبي صلى الله عليه وسلم خادما، فقبله، ودعا له بكثرة المال والولد كما في الصحيحين، فكان كرمه يحمل في السنة مرتين، وأصبح له من الولد وولد الولد أكثر من مائة. (¬2) الأول شهد الحديبية، والثاني كان من أصحاب الصفة، قال ابن سعد 1/ 497: كانا يخدمان النبي صلى الله عليه وسلم هما وأنس بن مالك رضي الله عنهم. (¬3) هو الأسلمي أبو فراس، وحديثه في المسند 4/ 57 قال: «كنت أبيت عند باب رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطيه وضوءه. .». (¬4) هو عبد الله، مات أبوه في الجاهلية، وأسلمت أمه-أم عبد-وصحبت، وكان من السابقين، وهاجر الهجرتين، وكان من علماء الصحابة، وفي البخاري: صاحب النعلين والوسادة والمطهرة. وأضاف العسكري في الأوائل/147/: وكان صاحب سواد رسول الله صلى الله عليه وسلم-أي أسراره-وصاحب وساده-أي فراشه--

*وعقبة بن عامر، يقود بغلته (¬1). *وبلال (¬2). *وسعد، مولى أبي بكر (¬3). *وذو مخمر ابن أخي النجاشي (¬4). *وبكير بن شدّاخ الليثي (¬5). ¬

= وسواكه ونعليه وطهوره في السفر، وكان يستره إذا اغتسل، ويوقظه إذا نام، ويمشي معه فردين، ويلبسه نعليه، ويمشي أمامه بالعصا، وإذا أتى مجلسا نزع نعليه وأدخلهما في ذراعه، وكان يشبّه به في سمته وهديه. (¬1) الجهني، الصحابي المشهور، كان قارئا، كاتبا، عالما بالفرائض، وهو أحد من جمع القرآن، وحديثه في المسند 4/ 144، وأبي داود (1462)، والنسائي 7/ 251. (¬2) ابن رباح، المؤذن، رضي الله عنه، وفي الوفا/598/: كان بلال يخدمه كثيرا، وكان خازنه على بيت ماله. وفي البداية 5/ 289: وكان يلي أمر النفقة على العيال، ومعه حاصل ما يكون من المال، وانظر تاريخ خليفة/99/. (¬3) روى حديثه الإمام أحمد 1/ 199، وابن ماجه (3332) في الأطعمة: عن سعد مولى أبي بكر-وكان يخدم النبي صلى الله عليه وسلم، وكان يعجبه خدمته-. . وإسناده صحيح كما في المجمع 4/ 241، والبوصيري 3/ 90، وأحمد شاكر (1717). (¬4) ويقال: ذو مخبر. وقدموه في كتب الصحابة، وبالأول قال ابن سيد الناس، وابن كثير، والفيروز-صاحب القاموس-، وهو أخو النجاشي ملك الحبشة، ويقال: ابن أخته. قال ابن كثير: وكان بعثه ليخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم نيابة عنه. قلت: وحديثه في المسند 4/ 90، وأبي داود (445). (¬5) ويقال: بكر. روى ابن منده: أنه كان يخدم النبي صلى الله عليه وسلم، وهو غلام، فلما احتلم أعلم النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، فدعا له. انظر الإصابة 1/ 324.

*وأبو ذر (¬1). *وأربد (¬2). *وأسلع (¬3). *وشريك (¬4). *والأسود بن مالك الأسدي (¬5). *وأيمن بن أم أيمن صاحب مطهرته (¬6). ¬

(¬1) هو جندب بن جنادة الغفاري رضي الله عنه، الزاهد المشهور، الصادق اللهجة، ففي المسند 6/ 457 من حديث أسماء بنت يزيد: أن أبا ذر كان يخدم النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا فرغ من خدمته، آوى إلى المسجد، فكان بيته يضطجع فيه. . (¬2) هكذا-دون نسبة-في الأسد والإصابة عن ابن منده، وترجماه: بخادم رسول الله صلى الله عليه وسلم. (¬3) هو ابن شريك الأعوجي التيمي كما في الاستيعاب 1/ 139، وسماه ابن سعد 7/ 65: ميمون بن سنباذ الأسلع، وروى له حديثا في التيمم، وفي أوله: قال الأسلع: كنت أخدم النبي صلى الله عليه وسلم وأرحّل له. . وقال أبو عمر: خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصاحب راحلته، نزل البصرة. وانظر الجرح والتعديل 2/ 341. (¬4) هكذا: (وشريك). في الجميع، ولم أجده، وأظنه تصحيفا تابعا للذي قبله، فيكون أبا للذي قبله، كما في ترجمة ذاك، والله أعلم. (¬5) اليمامي، أخو الحدرجان، روى ابن منده عن جزء بن الحدرجان عن أبيه قال: قدمت أنا وأخي الأسود على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فآمنا به وصدقناه، وكان جزء والأسود قد خدما رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحباه. انظر أسد الغابة 1/ 106. (¬6) وهو أخو أسامة بن زيد لأمه أم أيمن-رضي الله عنهم جميعا-حاضنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال ابن إسحاق: كان أيمن على مطهرة رسول الله صلى الله عليه وسلم ويعاطيه حاجته. (أسد الغابة). واستشهد رضي الله عنه يوم حنين.

*وثعلبة بن عبد الرحمن الأنصاري (¬1). *وجزء بن الحدرجان (¬2). *وسالم، وزعم بعضهم أنه أبو سلمى الراعي (¬3). *وسابق (¬4). *وسلمى (¬5). *ومهاجر، مولى أم سلمة (¬6). *ونعيم بن ربيعة الأسلمي (¬7). ¬

(¬1) حديثه رواه ابن شاهين وأبو نعيم. (الإصابة). وانظر عيون الأثر 2/ 407. (¬2) تقدم ذكره مع عمه الأسود بن مالك. (¬3) هكذا أيضا في العيون 2/ 407 - 408. ونقله السخاوي في الفخر/44/عن مغلطاي، وقال: وهم فيه بعضهم، وإنما هو سلمى، وهي أم رافع زوجة أبي رافع. (¬4) ترجموه في كتب الصحابة بأنه خادم النبي صلى الله عليه وسلم، وأوردوا له حديثا فيه وهم، لذلك قال أبو عمر 2/ 682: ولا يصح سابق في الصحابة، والله أعلم. وانظر الأسد والإصابة. والفخر المتوالي/43/. (¬5) قال في العيون 2/ 408: وقد ذكر بعضهم: سلمى خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقيل: هو سالم المذكور. ونقله السخاوي في الفخر المتوالي فيمن انتسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم من الخدم والموالي/47/عن مغلطاي. (¬6) ذكره أبو عمر 4/ 1454، وابن الأثير في الأسد 5/ 279. وحديثه رواه الطبراني كما في مجمع الزوائد 9/ 16. وقال الحافظ في الإصابة: يكنى أبا حذيفة، صحب النبي صلى الله عليه وسلم وخدمه، وشهد فتح مصر واختط بها، ثم تحول إلى طحا فسكنها إلى أن مات. (¬7) وحديثه عند ابن منده: عن نعيم بن ربيعة، كنت أخدم النبي صلى الله عليه وسلم. وتعقبه أبو نعيم بأن الصواب: عن نعيم عن ربيعة، وإلى هذا مال الحافظ، والله أعلم.

*وأبو الحمراء هلال بن الحارث (¬1). *وأبو السمح إياد (¬2). *وأبو سلاّم سالم (¬3). *وأبو عبيد (¬4). *وغلام من الأنصار نحو أنس (¬5). ¬

(¬1) قال ابن الأثير 5/ 407: خادم النبي صلى الله عليه وسلم، سكن حمص. وفي الإصابة: مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم. (¬2) هكذا (إياد) في الأصول والاستيعاب والإصابة، وفي الأسد (طبعة دار الشعب): زياد. وحديثه في أبي داود، والنسائي، وابن ماجه، وابن خزيمة، والبغوي قال: كنت أخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان أراد أن يغتسل، قال: «ولّني قفاك». قال السخاوي في الفخر المتوالي/67/: ضلّ فلا يعلم أين مات. (¬3) لم أجد من قال بأن أبو سلام هو سالم. وأبو سلام الهاشمي مذكور في عداد الخدم، ذكره خليفة في طبقاته/7/دون أن ينسبه مع موالي وخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكره أبو عمر 4/ 1681 عن خليفة، ثم ساق حديثه. وذكره الحافظ عن الحاكم أيضا. انظر الإصابة 7/ 185. (¬4) قال أبو عمر 4/ 1709: أبو عبيد مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقال: خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا أقف على اسمه. قلت: أخرج حديثه الترمذي في الشمائل (170) من طريق شهر بن حوشب عن أبي عبيد قال: «طبخت للنبي صلى الله عليه وسلم قدرا، فقال: ناولني ذراعا. .» وأخرجه ابن سعد 7/ 65 هكذا أيضا. (¬5) أخذه من حديث أنس رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل الخلاء، فأحمل أنا وغلام نحوي إداوة من ماء وعنزة، فيستنجي بالماء. أخرجه البخاري في الوضوء، باب حمل العنزة مع الماء في الاستنجاء (152)، ومسلم -واللفظ له-في الطهارة، باب الاستنجاء بالماء من التبرز (271).

*وأمة الله بنت رزينة (¬1). *وبركة أم أيمن (¬2). *وخضرة (¬3). *وخولة جدة حفص (¬4). *ورزينة أم عليلة (¬5). *وسلمى أم رافع (¬6). ¬

(¬1) حديثها أخرجه ابن منده، وأبو نعيم، وابن أبي عاصم. وقال أبو نعيم وابن كثير في البداية 5/ 282: الصحيح أن الصحبة لأمها. قلت: لذلك لم أجد لها ترجمة في الإصابة، وما نقلته عن ابن الأثير، وابن كثير. (¬2) وهي أم أسامة بن زيد أيضا، حاضنة رسول الله صلى الله عليه وسلم التي كان يقول فيها: أم أيمن أمي بعد أمي. ومما يدل على رجاحة عقلها رضي الله عنها أن أبا بكر وعمر رضي الله عنهما دخلا عليها بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، فبكت، فقالا لها: ما يبكيك؟ فعند الله خير لرسوله. قالت: أبكي على الوحي الذي رفع عنا. أخرجه مسلم. (¬3) ذكرها ابن سعد 1/ 497 عن الواقدي من حديث سلمى أم رافع قالت: كان خدم رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا وخضرة، ورضوى، وميمونة بنت سعد، أعتقهن رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهن. (¬4) كذا قال أبو عمر 4/ 1834، وابن الأثير 7/ 94. وحديثها أخرجه ابن أبي شيبة، والطبراني. انظر مجمع الزوائد 7/ 138 وقالوا: سند الحديث لا يحتج به. (¬5) هكذا (أم عليلة). ولم أجد من قاله، وأظنه وهما جاء من سند الحديث؛ ففي سند حديث رزينة: حدثتني عليلة بنت الكميت، قالت: سمعت أمي أمينة، قالت: حدثتني أمة الله بنت رزينة وكانت أمها خادما لرسول الله صلى الله عليه وسلم. . انظر ابن سعد 8/ 311، ومسند أبي يعلى 6/ 341 - 343، وكتب الصحابة. (¬6) تقدمت في (خضرة)، وحديثها أيضا في المسند 6/ 462: عن أيوب بن حسن-

[الموالي] ومن الموالي

*ومارية أم الرّباب (¬1). *ومارية جدة المثنى بن صالح (¬2). *وميمونة بنت سعد (¬3). *وأم عياش (¬4). *وصفية (¬5). [الموالي] ومن الموالي: ¬

= ابن علي بن أبي رافع عن جدته سلمى خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم. . (¬1) كذا في الاستيعاب 4/ 1911، وقال: حديثها عند أهل البصرة: «أنها تطأطأت للنبي صلى الله عليه وسلم حتى صعد حائطا. . .». والحديث في الجرح والتعديل 5/ 36 - 37، وانظر الإصابة 8/ 113. (¬2) انظر حديثها في كتب الصحابة. (¬3) تقدم ذكرها في (خضرة)، وحديثها عند أبي يعلى وأصحاب السنن الأربعة، انظر البداية 5/ 286 - 287، والإصابة 8/ 129. (¬4) بعثها الرسول صلى الله عليه وسلم مع ابنته رقية حين زوجها من عثمان، وقيل: كانت أمة لرقية رضي الله عنها، وحديثها في سنن ابن ماجه (392)، وانظر كتب الصحابة. (¬5) قال أبو عمر 4/ 1387: صفية خادم النبي صلى الله عليه وسلم، روت عنها أمة الله بنت رزينة في الكسوف مرفوعا. ونقلاه عنه في الأسد والإصابة، ولم يزيدا. وبصفية هذه ينتهي ذكر خدامه صلى الله عليه وسلم، وأحصاهم الفاسي في العقد وهو يلخص عن مغلطاي: ثمانية وعشرين رجلا، أو سبعة وعشرين، ومن النساء: إحدى عشرة. ثم قال: قال شيخنا العراقي: إن من خدامه من النساء: خمسة، ذكرن في مواليه. وبيّنهم شيخنا في نظمه.

*أسامة، وأبوه زيد (¬1). *وثوبان (¬2). *وأبو كبشة أوس-ويقال سليم-من مولّدي مكة (¬3). *وأنسة من السّراة (¬4). *وشقران، واسمه صالح، حبشي، ويقال: فارسي (¬5). ¬

(¬1) هما أشهر من أن يعرّفا. (¬2) عربي من اليمن، أصابه سبي، فاشتراه النبي صلى الله عليه وسلم، ثم أعتقه، وخيره بين أن يبقى معه أو يرجع إلى قومه، فاختار البقاء مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يفارقه حضرا ولا سفرا، انتقل بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم إلى حمص فمات فيها رضي الله عنه. وفي طبقات خليفة/7/: مات بمصر، والراجح الأول. انظر كتب الصحابة، وأنساب الأشراف 481، والمعارف/147/، والطبري 3/ 169. (¬3) في السيرة 1/ 678: أبو كبشة فارسي. وقال البلاذري 1/ 478: من مولدي أرض دوس، وقيل: من مولدي مكة. وفي طبقات خليفة/8/: اسمه سليم. وقال ابن حبان: أوس، وقيل: سلمة. ابتاعه النبي صلى الله عليه وسلم فأعتقه، وتوفي أول يوم استخلف فيه عمر رضي الله عنه. وخلط ابن كثير-رحمه الله-5/ 280 - 281 بينه وبين أبي كبشة الأنماري، وليس كذلك، والله أعلم. انظر كتب الصحابة. (¬4) السراة: مكان بين مكة واليمن. ويكنى أنسة: أبا مسروح، ويقال: أبو مسرح وكان يأذن على النبي صلى الله عليه وسلم إذا جلس. وفي الإصابة: وقيل: أبو أنسة. مات في خلافة أبي بكر رضي الله عنه، وقيل: استشهد في بدر. (¬5) تقدم فيمن حضر غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال أبو عمر: كان حبشيا عند عبد الرحمن بن عوف، فوهبه لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فأعتقه. زاد ابن الأثير: وقيل: بل اشتراه الرسول صلى الله عليه وسلم فأعتقه بعد بدر. وفي الإصابة: ويقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم ورثه من أبيه، هو وأم أيمن. قلت: ويؤيد هذا عدّ خليفة له من موالي بني هاشم، واقتصر عليه ابن قتيبة في المعارف/148/. وذكر الطبري 3/ 170 عن بعضهم: بأنه من الفرس، وأن اسمه صالح بن حول بن مهربوذ.

*ورباح الذي أذن لعمر في المشربة، نوبي (¬1). *وكذلك يسار، وهو الذي قتله العرنيّون (¬2). *وأبو رافع، واسمه أسلم، وقيل غير ذلك، قبطي، كان على ثقله صلى الله عليه وسلم (¬3). ¬

(¬1) أما كونه نوبيا: فذكره النويري في نهاية الأرب 18/ 230، وابن القيم في الزاد 1/ 115. وفي الطبقات 1/ 498: أنه كان أسود. وأما خبر إذنه لسيدنا عمر رضي الله عنه فهو في الصحيح، أخرجه مسلم في الطلاق، باب في الإيلاء واعتزال النساء وتخييرهن (1479) وفيه من قول سيدنا عمر: «فدخلت فإذا أنا برباح غلام رسول الله صلى الله عليه وسلم. . فناديت: يا رباح استأذن لي عندك على رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال البلاذري 1/ 484: رباح أبو أيمن، وهو أسود كان يأذن على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم صيره فكان يسار حين قتل، فكان يقوم بأمر لقاحه. وفي الطبقات 1/ 504 عن الواقدي: ثم كان خادمه رباح-عبدا أسود-يستقي مرة من بئر غرس، ومرة من بيوت السقيا بأمره. (¬2) تقدمت القصة في الحوادث، وفيها أنه كان يرعى إبل رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحرة، فقتله قوم من عرينة أظهروا الإسلام، فمرضوا، فبعثهم النبي صلى الله عليه وسلم إلى (يسار) يسقيهم من ألبان الإبل حتى شفوا، فكان جزاؤه أن مثلوا به: فسملوا عينه، وقطعوا يده ورجله، فحمل ميتا إلى قباء، فدفن هناك. وقال ابن سعد 1/ 498: وكان يسار عبدا نوبيا، أصابه صلى الله عليه وسلم في غزوة بني عبد ابن ثعلبة فأعتقه. (¬3) أما أسلم فهو أشهر ما قيل في اسمه كما في الاستيعاب 1/ 83 و 4/ 1657، وقال ابن قتيبة في المعارف/145/أجمعوا على ذلك. قلت: وذكروا له أسماء كثيرة، وقدم الحافظ اسم إبراهيم على أسلم. قال البلاذري 1/ 477: كان للعباس بن عبد المطلب، فوهبه للرسول صلى الله عليه وسلم، فلما بشره بإظهار العباس إسلامه أعتقه، ووجه رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا رافع مع زيد بن حارثة من المدينة لحمل عياله من مكة، وهو الذي عمل لرسول الله صلى الله عليه وسلم منبره من أثل الغابة. وانظر-

*وكذلك كركرة (¬1). *وأبو مويهبة، من مولدي مزينة (¬2). *ورافع أبو البهي، وقيل: أبو رافع (¬3). *ومدعم [أهداه له] رفاعة بن زيد الجذاميّ (¬4). ¬

= المعارف، وفي الكامل للمبرد 2/ 618: أنه كان لسعيد بن العاص إلا سهما، فأعتقه سعيد، واشترى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك السهم فأعتقه. قلت: وذكر أبو عمر أنه كان قبطيا. والثّقل: العيال، ومتاع السفر، وما يثقل حمله من الأمتعة، وقيل: شيء نفيس مصون. (¬1) ذكره البخاري من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما في الجهاد، باب القليل من الغلول (3074) أنه كان على ثقل النبي صلى الله عليه وسلم. وقال الواقدي 2/ 681: كان رجل أسود مع النبي صلى الله عليه وسلم يمسك دابته عند القتال. وقال البلاذري 1/ 484: كركره: غلام النبي صلى الله عليه وسلم، أهدي له فأعتقه، ويقال مات على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مملوك. (¬2) كذا قال البلاذري 1/ 483، وأضاف: أعتقه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فشهد المريسيع، وكان يقود بعائشة رضي الله عنها بعيرها، وحديثه في المسند 3/ 489 عن عبد الله بن عمرو بن العاص عن أبي مويهبة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم من جوف الليل فقال: «يا أبا مويهبة إني أمرت أن أستغفر لأهل البقيع. .». (¬3) تقدمت الإشارة إليه في أبي رافع القبطي. وبهذا الاسم والكنيتين ذكره ابن عساكر كما في المختصر 2/ 300 وفيه عن أبي بكر بن أبي خيثمة: وأبو رافع ابنه البهي بن أبي رافع، وكان يقال للبهي: رافع. وفي الطبري 3/ 17: ذكر رويفع، وهو أبو رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال: وابنه البهي اسمه رافع. (¬4) كان في الجميع: ومدعم ورفاعة بن زيد الجذامي. والعجيب من صاحب المواهب، فقد ذكره مستقلا. فحذفت الواو بينهما، ووضعت ما بين المعقوفتين ليستقيم المعنى حسب جميع المصادر. ورفاعة بن زيد صحابي قدم على-

*وزيد جد هلال بن يسار (¬1). *وعبيد بن عبد الغفار (¬2). *وسفينة، واختلف في اسمه، فقيل: طهمان، وقيل: كيسان، وقيل: مهران، وقيل: ذكوان، وقيل: مروان، وقيل: أحمر، وقيل غير ذلك (¬3). ¬

= النبي صلى الله عليه وسلم في هدنة الحديبية قبل خيبر في جماعة فأسلموا، وعقد له رسول الله صلى الله عليه وسلم على قومه، فأهدى للرسول صلى الله عليه وسلم غلاما أسود اسمه مدعم، ثم قتل مدعم هذا بخيبر، وحديثه في البخاري، كتاب المغازي، باب غزوة خيبر (4234). (¬1) كذا جد (هلال)، وهو ما جرى عليه النووي في التهذيب 1/ 28، والنويري 18/ 232 كما في نسخ الأصل، والصفدي في الوافي 1/ 87. وفي المصادر الأخرى: جد (بلال) بن يسار. ثم قال ابن الأثير: قال بعضهم: (هلال) موضع (بلال)، والله أعلم. وحديثه أخرجه البغوي في معجم الصحابة. انظر ابن عساكر 2/ 302، والبداية 5/ 274، وسوف أنبه على ما فيه من التباس في زيد ابن بولا الآتي، إن شاء الله. (¬2) ترجم له ابن الأثير بهذا الاسم فقط، وترجم له الحافظ بعبد الله بن عبد الغافر، وقيل: عبيد بن عبد الغافر. وساقا حديثه عند أبي موسى وابن منده: عن عبيد بن عبد الغفار مولى النبي صلى الله عليه وسلم، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا ذكر أصحابي فأمسكوا. (¬3) أوصلها الحافظ إلى واحد وعشرين قولا، قلت: كان رضي الله عنه لا يصرح باسمه، فقد سأله أحدهم عن اسمه، فقال: ما أنا بمخبرك. سماني رسول الله صلى الله عليه وسلم سفينة، ولا أريد غير هذا الاسم. وكان رضي الله عنه فارسي الأصل، فاشترته أم سلمة رضي الله عنها ثم أعتقته، واشترطت عليه أن يخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسبب تسميته بسفينة ما روي عنه أنه قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم، فكان بعض القوم أذا أعيا ألقى عليّ ثيابه: ترسا أو سيفا، حتى حملت من ذلك-

*وما بور القبطي (¬1). *وواقد وأبو واقد (¬2). *وهشام (¬3). *وأبو ضميرة سعد-ويقال: روح بن سدر-، ويقال: ابن شيرزاد الحميري (¬4). ¬

= شيئا كثيرا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما أنت إلا سفينة». رواه الإمام أحمد 5/ 221 وقصته، مع الأسد مشهورة. (¬1) أهداه المقوقس إلى النبي صلى الله عليه وسلم مع مارية وسيرين رضي الله عنهم، وقد مرّ هذا في حوادث السيرة. (¬2) في (2): واقد (أو) أبو واقد. وهو ما جرى عليه في المواهب 2/ 124، ويؤيده ما عند ابن عساكر 2/ 310 (المختصر) وتبعه ابن كثير: واقد ويقال له: أبو واقد. لكن يوافق ما أثبته كل من النووي والنويري واليعمري والمزي وابن القيم والصفدي؛ وفرقوا بينهما في كتب الصحابة، لكن حديثهما واحد والله أعلم. (¬3) كذا في الاستيعاب 4/ 1541، وأسد الغابة عن الثلاثة، ورووا حديثه هكذا: عن هشام مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن لي امرأة لا تردّ يد لامس. قال: «طلقها. . .». قلت: أخرجه الطبراني في الأوسط برجال الصحيح لكن عن جابر رضي الله عنه. (انظر مجمع الزوائد 4/ 335). (¬4) كذا ساق هذا الاختلاف في اسمه أبو عمر في الاستيعاب 4/ 1695 وقال: والأول أصح إن شاء الله تعالى. قال ابن قتيبة في المعارف/148/: وكان مما أفاء الله على رسوله صلى الله عليه وسلم وكان من العرب، كتب له النبي صلى الله عليه وسلم ولأهل بيته كتابا فيه عتقهم، وأنه أوصى المسلمين بهم خيرا. وانظر نصه في البداية 5/ 276.

*وحنين جد إبراهيم بن عبد الله (¬1). *وأبو عسيب، ويقال: بالميم، واسمه أحمر، وقيل: مرة (¬2). *وأبو عبيد (¬3). *وأسلم بن عبيد (¬4). ¬

(¬1) قال أبو عمر 1/ 412: حنين مولى العباس بن عبد المطلب، كان عبدا وخادما للنبي صلى الله عليه وسلم، فوهبه لعمه العباس، فأعتقه العباس. قلت: ومن حديثه: أنه كان إذا توضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم، خرج بوضوئه إلى أصحابه، فكانوا إما تمسحوا به وإما شربوه، ثم حبسه، فشكوه للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: «حبسته لأشربه. . .» روى ذلك البخاري في التاريخ، وابن عساكر 2/ 299 (المختصر)، وأخرجه ابن الأثير عن الثلاثة. (¬2) أخرجه ابن عساكر عن أبي عسيب أو أبي عسيم، لكن فرق أبو عمر بينهما فترجم لكل واحد. وذكره ابن كثير بالشين المعجمة (عشيب)، وقال: ومنهم من يقول: (عسيب)، والصحيح الأول. وذكر له الحافظ لفظا آخر (عصيب) بالصاد. وقال أبو عمر: وقيل: اسم أبي عسيب: أحمر. وأما اسم (مرة): فذكره في الفخر/56/، وذكره في تاريخ الخميس 2/ 179 عن مغلطاي. وأما حديثه: فأخرجه الإمام أحمد 5/ 81 بلفظ: عن مسلم بن عبيد قال: سمعت أبا عسيب مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أتاني جبريل عليه السلام بالحمى والطاعون، فأمسكت الحمى بالمدينة، وأرسلت الطاعون إلى الشام، فالطاعون شهادة لأمتي ورحمة لهم، ورجس على الكافرين». كما أخرجه الطبراني في الكبير 22/ 391 (974)، وقال الهيثمي 2/ 310: رواه أحمد والطبراني في الكبير، ورجال أحمد ثقات. كما حسنه الحافظ في كتابه (بذل الماعون في فضل الطاعون) /78/. (¬3) تقدم التعليق عليه في خدمه صلى الله عليه وسلم. (¬4) في الإصابة: أسلم بن (عبيدة). وفي نسخة: (عبيد). كما أثبته عن المصنف، وقال الحافظ: ذكره الدمياطي في موالي النبي صلى الله عليه وسلم، ولعله بعض من تقدم.

*وأفلح (¬1). *وأنجشة (¬2). *وباذام (¬3). *وبدر (¬4). *وحاتم (¬5). *ودوس (¬6). ¬

(¬1) ذكره أبو عمر 1/ 103 وترجمه: بأنه مذكور في موالي رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولم يزد. وحديثه عند الحكيم الترمذي في نوادر الأصول 2/ 57، وعزاه الحافظ أيضا إلى ابن منده، وابن شاهين. لكن قال: فيه راو متروك. (¬2) ترجموا له في كتب الصحابة، ولم يقولوا إنه كان من موالي رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكن هو معدود من جملة الموالي والخدم كما في البلاذري والنويري واليعمري والصفدي، والسخاوي، ويشهد لهم ما ورد في الصحيح من حديث أنس رضي الله عنه قال: كانت أم سليم في الثقل، وأنجشة غلام النبي صلى الله عليه وسلم يسوق بهن، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «يا أنجش، رويدك سوقك بالقوارير». أخرجه البخاري في الأدب، باب من دعا صاحبه فنقص من اسمه حرفا (6202). قال البلاذري: كان حبشيا يكنى أبا مارية. (¬3) له ذكر في تاريخ دمشق والتجريد والإصابة. وقال الحافظ: ذكره البغوي في موالي النبي صلى الله عليه وسلم، وتبعه ابن عساكر. وقال ابن سيد الناس 2/ 411: ذكره النووي عن أبي موسى ونقل له حديثا. (¬4) أبو عبد الله، له حديث ساقه ابن الأثير عن أبي موسى. (¬5) غير منسوب، ساق له ابن الأثير حديثا غريبا، قال: أعتقني النبي صلى الله عليه وسلم، فكنت معه أربعين سنة. قال في التجريد: وهذا كذب. وقال الحافظ: اختلقه بعض الكذابين. قلت: لذلك ذكره في القسم الرابع من حرف الحاء. (¬6) له ذكر في حديث إسناده ضعيف ومختلف فيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى عثمان-

*ورويفع (¬1). *وزيد بن بول (¬2). *وسعيد بن زيد (¬3). *وسعد (¬4). ¬

= وهو بمكة: «أن جندا قد توجهوا قبل مكة، وقد بعثت إليه دوسا مولى النبي صلى الله عليه وسلم، وأمرته أن يتقدم بين يديك باللواء». (انظر أسد الغابة والإصابة). (¬1) ليس له رواية، قاله أبو عمر 2/ 504، وذكره أبو أحمد العسكري في موالي النبي صلى الله عليه وسلم، انظر ابن عساكر وكتب الصحابة، وفي الطبري 3/ 170: ورويفع، وهو أبو رافع. . . وقال النويري 18/ 234: سباه رسول الله صلى الله عليه وسلم من هوازن فأعتقه. (¬2) في (2): زيد بن (بولى)، وهو ما يوافق رسم (أسد الغابة)، وهكذا ضبطه السخاوي في (الفخر). لذلك صحفت في المطبوع إلى (مولى). وحديثه في الترمذي (3572)، وأبي داود (1517) عن بلال بن يسار بن زيد مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثني أبي عن جدي سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «من قال أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه غفر الله له وإن كان فر من الزحف». وقال الترمذي: غريب. وقال المنذري في الترهيب والترغيب 2/ 470: وإسناده جيد متصل. (¬3) كذا في الفخر المتوالي/45/، وفي العيون 2/ 410: (وسعيد). دون نسبة، ويشبهه مما لم يذكره المصنف-رحمه الله-سعيد بن مينا، ذكره الخطيب في المتفق والمفترق: عطاء عن سعيد بن مينا مولى النبي صلى الله عليه وسلم: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «فر من المجذوم فرارك من الأسد». ذكروه في الأسد والتجريد والإصابة. (¬4) هكذا أوردوه بدون نسبة على أنه مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث الصائمتين اللتين أفطرتا على ما حرم الله من الغيبة. أخرجه الإمام أحمد 5/ 331: عن سعد أو عبيد مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

*وسعيد بن كندير (¬1). *وسلمان الفارسي (¬2). *وسندر (¬3). *وشمغون أبو ريحانة (¬4). *وضميرة بن أبي ضميرة (¬5). ¬

(¬1) كذا سعيد (بن) كندير في المخطوط والمطبوع، وذكره في الإصابة 5/ 636 أثناء ترجمة كندير بن سعيد هكذا أيضا. والذي في التلقيح والوفا والعيون: سعيد (أبو) كندير وترجموه في كتب الصحابة بهذا الأخير، لكن ليس فيها أنه من الموالي كما في المصادر السابقة. ونقله السخاوي في (الفخر المتوالي) /45/ عن الدميري ومغلطاي. (¬2) الصحابي المشهور، مولى الإسلام، كان ليهودي، فكاتبه وأعانه الرسول صلى الله عليه وسلم في ذلك، فنسب إليه، حتى قال عليه السلام: «سلمان منا آل البيت». وقد تقدم. (¬3) ترجمه ابن سعد 7/ 505 بمولى رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر من قصته أنه كان عبدا لزنباع الجذامي فرآه يقبل جارية له فجبّه وخرم أنفه، فأتى سندر إلى النبي صلى الله عليه وسلم فشكا له، فبعث إلى زنباع ووعظه وقال: من مثّل به أو حرّق بالنار فهو حر، وهو مولى الله ومولى رسوله. . . (¬4) قال أبو عمر 2/ 712: شمعون بن يزيد بن خنافة القرظي من بني قريظة، أبو ريحانة الأنصاري الخزرجي حليف لهم، يقال: إنه مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم. كانت ابنته ريحانة سرّية رسول الله صلى الله عليه وسلم. قلت: لذلك تبعوه فعدوا شمعون هذا من الموالي. انظر العيون والدميري وكتاب السخاوي (الفخر المتوالي بمن انتسب للنبي صلى الله عليه وسلم من الخدم والموالي). لكن أنكر الصالحي في كتاب أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أن يكون هذا هو والد ريحانة سرية النبي صلى الله عليه وسلم. وانظر في ضبط العين من (شمعون) فيه، وفي كتاب تبصير المنتبه 2/ 789. (¬5) هو ابن أبي ضميرة الذي تقدم ذكره، أصابه سبي ففرق بينه وبين أمه، فمر بها عليه السلام فاشتكت إليه، فأرسل إلى الذي عنده ضميرة فابتاعه منه وأعتقه-

*وعبيد الله بن أسلم (¬1). *وغيلان (¬2). *وفضالة (¬3). *وقفيز (¬4). *وكريب (¬5). *ومحمد بن عبد الرحمن (¬6). *ومحمد آخر، قال المديني: كان اسمه ناهية، فسماه النبي صلى الله عليه وسلم ¬

= (انظر أسد الغابة 3/ 64 - 65). (¬1) كان في المطبوع: (عبيد الله وأسلم). على أنهما اثنان، تصحيف. وحديثه في المسند 4/ 342: عن عبيد الله بن أسلم مولى النبي صلى الله عليه وسلم، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول لجعفر بن أبي طالب: «أشبهت خلقي وخلقي». (¬2) ذكروه عن ابن السكن من حديث في الدجال. (¬3) ذكره ابن سعد 1/ 498 وقال: وكان فضالة مولى له يمانيا نزل الشأم بعد. وقال ابن عساكر 2/ 306: ولم أجد ذكر فضالة هذا في موالي النبي صلى الله عليه وسلم إلا من هذا الوجه. قلت: وهذا هو كلام أبي عمر في الاستيعاب 3/ 1264. (¬4) ذكروه كغلام للنبي صلى الله عليه وسلم من حديث قال عنه الذهبي في التجريد: لا يصح، وانظر عيون الأثر 2/ 411. وضبطه في الفخر: بوزن عظيم. (¬5) قال عنه في التجريد: يروى عنه حديث مضطرب لا يصح. وقال في الإصابة: ذكره عبدان المروزي في الصحابة، وهو خطأ نشأ عن تصحيف، وإنما هو حريث أبو سلمى الراعي. (¬6) قال في (الفخر المتوالي) /55/: ذكره الدمياطي، ومغلطاي، وقيل: اسم جد ثوبان، ويحتاج إلى تحرير. وذكروه في كتب الصحابة وقالوا: خطأ، هو تابعي، أرسل حديث: «من كشف عورة امرأة فقد وجب عليه صداقها».

محمدا (¬1). *ومكحول (¬2). *ونافع أبو السائب (¬3). *ونبيه من مولدي السراة (¬4). *ونهيك (¬5). ¬

(¬1) في كتب الصحابة: كان اسمه (ماناهية) وكان مجوسيا من أهل مرو، قدم المدينة فأسلم ثم عاد. رواه الحاكم بسند مظلم كما في التجريد 2/ 57. (¬2) ذكره ابن إسحاق في السيرة 2/ 458: أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى أخته الشيماء لما جيء بها مسبية في غزوة حنين غلاما له يقال له: مكحول، وجارية، فزوجت أحدهما من الآخر فلم يزل فيهم من نسلهما بقية. (¬3) ذكره ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل 8/ 451، وقال: نافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، له صحبة. وأوردوا له حديثا قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا يدخل الجنة شيخ زان، ولا مستكبر، ولا منان على الله بعمله». أخرجه الطبراني كما في المجمع 6/ 255، وابن عساكر كما في المختصر 2/ 310، وانظر كتب الصحابة، ولم أجد فيها أنه يكنى بأبي السائب، لكن ورد في ترجمة (نافع أبي السائب مولى غيلان بن سلمة) أنه كان عبدا لغيلان، ففر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وغيلان مشرك، فأعتقه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما أسلم غيلان رد النبي صلى الله عليه وسلم ولاءه عليه. فلعل المصنف إياه يعني، والله أعلم. وفي العيون 2/ 410 جعله أخا لنفيع أبي بكرة رضي الله عنهما. (¬4) ذكره ابن قتيبة في المعارف/149/وقال: كان النبيه من مولدي السراة، فاشتراه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعتقه. وذكره ابن عبد البر عن بعضهم وقال: نبيه، وقيل: النبيه. وكذا ذكره ابن الجوزي في التلقيح والوفا. (¬5) لم أجد له ذكرا في كتب الصحابة، ونقله السخاوي في الفخر المتوالي/59/، والديار بكري في تاريخ الخميس كلاهما عن المصنف هكذا، وفي عيون الأثر ذكر ما يقابله في الحظ وهو: (نبيل)، ولم أجد لهذا ذكرا أيضا، والله أعلم.

*ونفيع أبو بكرة (¬1). *وهرمز أبو كيسان (¬2). *ووردان (¬3). *ويسار (¬4). *وأبو أثيلة (¬5). *وأبو البشير (¬6). *وأبو صفية (¬7). *وأبو قيلة (¬8). ¬

(¬1) تقدم ذكره رضي الله عنه في المغازي في حصار الطائف ويسمى أيضا: مسروح. (¬2) ترجموه في كتب الصحابة في (كيسان): قال أبو عمر: كيسان أو مهران مولى النبي صلى الله عليه وسلم، ويقال: اسمه هرمز، ويكنى أبا كيسان. قلت: وذكروا من أسمائه: مهران، وميمون، وذكوان، وطهمان، وباذام. قال الحافظ: أصح الروايات: مهران. وأخرجوا له حديثا في الصدقة: «إنا أهل بيت لا تحل لنا الصدقة». (¬3) ذكره أبو نعيم في الصحابة من حديث عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: وقع وردان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم من عذق نخلة فمات. (¬4) غير يسار الراعي الذي قتله العرنيون، فذاك نوبي، وهذا حبشي، انظر الإصابة. وقيل: هما واحد. وانظر تاريخ دمشق والبداية، وفي حديثه أنه كان يحسن الصلاة، وأن الناس وهبوه للنبي صلى الله عليه وسلم، فقبله وأعتقه. (¬5) ذكره ابن الجوزي في التلقيح والوفا، وأورده الحافظ عنه ولم يزد، وقال ابن سيد الناس: رأيته بخط شيخنا أبي محمد الدمياطي، ولم يسمه، ولم ألق له ذكرا. (¬6) ذكروه في كتب الصحابة من موالي النبي صلى الله عليه وسلم عن أبي موسى مختصرا. (¬7) هو الذي كان يسبّح بالحصا أو بالنوى. فعن أبيّ بن كعب رضي الله عنه عن أبي صفية مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يوضع له نطع ويؤتى بحصى فيسبّح به. (¬8) كذا في (الفخر المتوالي) و (تاريخ الخميس). كلاهما عن مغلطاي، لكن الذي-

[الإماء] ومن الإماء

*وأبو لبابة (¬1). *وأبو لقيط (¬2). *وأبو هند (¬3). *وأبو اليسر (¬4). [الإماء] ومن الإماء: * سلمى أم رافع (¬5). ¬

= في الثاني: أبو (قبيلة). (¬1) ذكره من موالي الرسول صلى الله عليه وسلم: ابن حبيب في المحبر/128/، وأبو عمر 4/ 740، وابن الجوزي في التلقيح والوفا والصفوة، وقال البلاذري 1/ 483: أبو لبابة، واسمه زيد بن المنذر من بني قريظة، ابتاعه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مكاتب فأعتقه، ثم ساق حديث زيد بن بولا المتقدم ونسبه إلى هذا، فالله أعلم. (¬2) ذكره أيضا في المصادر السابقة، وقال أبو عمر: بعد أن ذكره عن بعضهم: ولا أعرفه. (¬3) كذا أيضا في المصادر السابقة، وأضاف البلاذري 1/ 485: وكان حجام رسول الله صلى الله عليه وسلم. وذكر الديار بكري في تاريخ الخميس 2/ 180: وكان صلى الله عليه وسلم اشتراه منصرفه من الحديبية وأعتقه. قلت: ترجموه في كتب الصحابة، وأنه حجم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه كان مولى لبني بياضة ولم يذكروه من موالي رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكن نقل البلاذري عن قوم: بأن بني بياضة وهبوا ولاء أبي هند لرسول الله صلى الله عليه وسلم. وذكره السخاوي في (الفخر المتوالي) عن مغلطاي وغيره. (¬4) في (2): وأبو (اليسير). وما أثبته من (1) و (3) وتاريخ الخميس حيث ذكره عن المصنف، وهكذا أيضا أورده السخاوي في (الفخر المتوالي) /71/وقال: كذا ذكره مغلطاي وابن جماعة، ويحرر. (¬5) تقدم ذكرها في خدم النبي صلى الله عليه وسلم.

*ورضوى (¬1). *وأميمة (¬2). *وربيحة، ويقال: هي ريحانة السّرّيّة (¬3). *وسائبة (¬4). *ومارية، وأختها قيصر (¬5). *وأم ضميرة (¬6). قال أبو عبيدة: وكانت له أيضا سرّيّة جميلة أصابها في سبي وسرّيّة أخرى وهبتها له زينب بنت جحش (¬7). ¬

(¬1) ذكرت مع خضرة من خادمات النبي صلى الله عليه وسلم في حديث سلمى أم رافع عند ابن سعد. وأوردها الذهبي في التجريد عن المستغفري، وترجمها بمولاة رسول الله صلى الله عليه وسلم. (¬2) أخرج حديثها محمد بن نصر في كتاب تعظيم قدر الصلاة 2/ 885 - 886 (912)، والطبراني في الكبير 24/ 190 عن جبير بن نفير عن أميمة مولاة النبي صلى الله عليه وسلم قالت: كنت أوضئه يوما. . . (¬3) في أنساب الأشراف 1/ 485: وكان له روضة وربيحة، أعتقهما. وأوردهما الحافظ في الإصابة عن ابن سعد ولم يزد. ثم قال في ترجمة ريحانة: وقيل: اسمها ربيحة بالتصغير. وانظر نهاية الأرب 18/ 235. (¬4) ترجموها في كتب الصحابة من مولياته صلى الله عليه وسلم، ورووا لها حديثا في اللقطة. (¬5) ذكرها في العيون 2/ 411 وقال: وقيسر القبطية أهداها له المقوقس مع مارية وسيرين. قلت: لم أجد لها ذكرا في كتب الصحابة. والله أعلم. وذكرها السخاوي في الفخر/77/، والحلبي في إنسان العيون 3/ 326 هكذا. (¬6) حديثها مع زوجها أبي ضميرة، تقدم. (¬7) ذكرهما عن أبي عبيدة: ابن الجوزي في التلقيح والوفا، والمحب الطبري في السمط الثمين/162/، وابن القيم في زاد المعاد 1/ 114. وجارية زينب رضي الله عنها اسمها: نفيسة. ترجم لها الحافظ 8/ 143، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم قد =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

= هجر زينب بسبب صفية، فلما رضي عنها وهبت له تلك الجارية، وحديثها في المستدرك 4/ 42. هذا وبقي من الإماء مما لم يسم هنا ولا في الخادمات: روضة. أشرت إليها عند الكلام على ربيحة. ذكرها البلاذري، وترجم لها الحافظ في الإصابة. وكذلك ميمونة بنت أبي عسيب، ويقال: بنت عنبسة. ذكرها أبو عمر 4/ 1919 بهذا الاسم الأخير، وابن الجوزي في الوفا والتلقيح، وترجم لها الحافظ في الإصابة عن أبي نعيم وأبي عمر، روت عن النبي صلى الله عليه وسلم في الدعاء. وذكر ابن سيد الناس ميمونة ثالثة غير منسوبة. كما خلط ابن كثير رحمه الله في البداية بين إمائه صلى الله عليه وسلم وبين إماء بعض زوجاته.

دوابه صلى الله عليه وسلم وما كان له من الخيل والإبل والغنم

دوابه صلى الله عليه وسلم وما كان له من الخيل والإبل والغنم ومن الخيل: * السّكب (¬1). *المرتجز (¬2). *لزاز (¬3). ¬

(¬1) السّكب: ضبطه الإمام النووي في التهذيب 1/ 36، بفتح السين المهملة، وسكون الكاف وبالموحدة. ذكره ابن سعد 1/ 489 وقال: أول فرس ملكه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ابتاعه بالمدينة من رجل من بني فزارة بعشر أواق، وكان اسمه عند الرجل: الضرس. فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم: السكب. فكان أول ما غزا عليه أحدا ليس مع المسلمين يومئذ غيره. وقال: وكان أغر محجلا طلق اليمين. وقال ابن حبيب في المنمق/406/: وكان السكب كميتا. وقال غيره: كان أدهم. ومعنى السكب كما في النهاية: الكثير الجري كأنما يصب جريه صبا، وأصله من سكب الماء يسكبه. (¬2) المرتجز: ذكره ابن سعد 1/ 490، وابن حبيب في المنمق/406/، ورواه الطبراني والخلعي وغيرهما. انظر السبل 7/ 642. وقالوا: هو الذي اشتراه رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأعرابي وشهد له خزيمة بن ثابت بعد أن أنكر الأعرابي وسوف تأتي القصة في الخصائص إن شاء الله. وسمي المرتجز: لحسن صهيله، كأنه ينشد رجزا (شعرا). وكان أبيض. (¬3) اللّزاز: ذكره ابن سعد أيضا وقال: أهداه له المقوقس. ونقل الصالحي عن ابن-

*الظّرب (¬1). *اللّحيف (¬2). *الورد (¬3). ¬

= بنين: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان معجبا به، وكان عليه في كثير من غزواته. وقال في النهاية: سمي به لشدة تلززه، واجتماع خلقه. ولزّ به الشيء: لزق به، كأنه يلتزق بالمطلوب لسرعته. (¬1) الظّرب: بفتح الظاء المعجمة، وكسر الراء. كذا ضبطه النووي في تهذيبه. قال ابن سعد: أهداه له فروة بن عمرو الجذامي. وذكره ابن حبيب في المنمق. قال ابن الأثير: سمي بالظّرب: تشبيها بالجبيل لقوته. ويقال: ظربت حوافر الدابة: أي اشتدت وصلبت. (¬2) اللّحيف: بضم اللام وفتح الحاء المهملة كما في تهذيب النووي وقال: وقيل بالمعجمة، وقيل: النحيف بالنون. وقال الحافظ-كما سوف أخرج-: قال ابن حزقول: ضبطوه عن ابن السراج بوزن رغيف ورجحه الدمياطي، وبه جزم الهروي، وقال: سمي بذلك لطول ذنبه، وكأنه يلحف الأرض بذنبه. قلت: أخرجه البخاري من حديث سهل رضي الله عنه في الجهاد، باب اسم الفرس والحمار (2855) قال: «كان للنبي صلى الله عليه وسلم في حائطنا فرس يقال له: اللّحيف». قال أبو عبد الله: وقال بعضهم: اللّخيف. كذا ضبطه الحافظ يعني بالمهملة والتصغير في الأول، وبالمعجمة في الثاني. قلت: أورده ابن الجوزي في التلقيح/39/هكذا: (النحيف) يعني بالنون وقدمه على الأول. وقال ابن الأثير: ويروى بالجيم. (¬3) الورد: قال ابن سعد 1/ 490: وأهدى تميم الداري لرسول الله صلى الله عليه وسلم فرسا يقال له الورد، فأعطاه عمر. وقال ابن سيد الناس: والورد: لون بين الكميت والأشقر. قلت: وبقي سابع لم يذكره المصنف وهو: «سبحة». فعن أنس رضي الله عنه قال: لقد راهن رسول الله صلى الله عليه وسلم على فرس يقال له (سبحة) فسبق الناس فبش لذلك وأعجبه. رواه الإمام أحمد 3/ 160 و 256 ورجاله ثقات كما في-

ومن البغال

والأبلق. *وذو العقّال. *وذو اللّمّة. *والمرتجل. *والمرواح. *والسّرحان. *واليعسوب. *واليعبوب. *والبحر. *والنّجيب. *والأدهم. *والشّحّاء. *والسّجل. *وملاوح. *والطّرف. *والضّرس. *ومندوب (¬1). ومن البغال: * دلدل (¬2). ¬

= المجمع 5/ 263 - 264، كما أخرجه ابن أبي شيبة (15405)، والدارمي (2435)، والبيهقي 10/ 21 من السنن الكبرى. قالوا: وهي فرس شقراء، اشتراها بعشر من الإبل. وسميت سبحة: من قولهم فرس سابح، إذا كان حسن مد اليدين في الجري. قلت: ونقل ابن سيد الناس 2/ 421 عن شيخه الدمياطي: أن هذه سبعة من الخيل، متفق عليها. وجرى على ذلك كل من صاحب الزاد والمواهب والسبل. ونظمها ابن جماعة الشافعي فقال: والخيل سكب لحيف سبحة ظرب لزاز مرتجز ورد لها أسرار (¬1) انظر في ضبط هذه الأسماء ومعانيها وتخريجها: سبل الهدى والرشاد 7/ 645 - 648، حيث بلغ بها الستة والعشرين اسما فزاد على المصنف بثلاثة. وذكر منها ابن سيد الناس أربعة وعشرين. أما النويري في نهاية الأرب 10/ 38 فقال: فقد ظهر من مجموع الروايات أنها تسعة عشر فرسا أو ثمانية عشر. واقتصر ابن قتيبة في المعارف/149/على ستة الأسماء الأولى فقط. (¬2) بضم الدالين المهملتين كما في تهذيب النووي. وهي التي أهداها له المقوقس صاحب الإسكندرية عظيم القبط لما كتب إليه الرسول صلى الله عليه وسلم يدعوه إلى الإسلام فبعثها مع مارية وسيرين في هدايا أخر. انظر ابن سعد 1/ 260 وقال: بغلة بيضاء لم يكن يومئذ في العرب غيرها. وقال في صفحة/491/: بقيت حتى زمن معاوية، وكانت شهباء، وكات بينبع حتى ماتت. وانظر المعارف /149/. وأخرج ابن عساكر 2/ 356 من المختصر عن الزهري أن دلدل أهداها فروة بن عمرو الجذامي، وحضر رسول الله صلى الله عليه وسلم عليها القتال يوم حنين. وأخرج-

*وفضّة (¬1). *والتي أهداها له ابن العلماء (¬2). *والأيليّة (¬3). *وبغلة أهداها له كسرى (¬4). ¬

= أيضا أنها كانت مع علي رضي الله عنه يوم النهروان. ولم يذكر النووي في التهذيب غيرها، ونقله أيضا عن القاضي عياض كما في شرحه على مسلم 15/ 43. (¬1) أهداها له فروة بن عمرو، فوهبها لأبي بكر رضي الله عنه. كذا في الطبقات 1/ 491. وذكرها البلاذري 1/ 511 عنه. (¬2) صاحب (أيلة)، كما في صحيح مسلم، حيث أخرج عن أبي حميد الساعدي رضي الله عنه قال: «خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة تبوك. . . وجاء رسول ابن العلماء صاحب أيلة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بكتاب، وأهدى له بغلة بيضاء. فكتب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهدى له بردا. . .». كتاب الفضائل، باب في معجزات النبي صلى الله عليه وسلم (1392)، وأخرجه البخاري في الجزية والموادعة، باب إذا وادع الإمام ملك القرية، هل يكون ذلك لبقيتهم؟ (3161). وابن العلماء-ولعلها أمه كما في الفتح-هو يحنّة بن روبة ملك أيلة، وتقدم في الحوادث. (¬3) كذا أيضا فرق بين هذه والتي قبلها الحافظ ابن عساكر في تاريخ دمشق 2/ 365، والنويري في نهاية الأرب 10/ 84، وفيهما: أنها كانت طويلة، حسنة السير، فأعجبته صلى الله عليه وسلم فقال له علي رضي الله عنه: لو أنزينا على فرس عربية حمارا لجاءت بمثل هذه البغلة. فقال: إنما يفعل ذلك الذين لا يعلمون. (¬4) ورد ذلك في رواية سندها ضعيف. أخرجها الثعالبي في تفسيره عند قوله تعالى: وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ فَلا كاشِفَ لَهُ إِلاّ هُوَ [الأنعام:17]. وقال الحافظ الدمياطي: وهذا بعيد، لأنه مزق كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمر عامله على اليمن أن يقتله. وقال الصالحي: يحتمل أن يكون الذي أرسلها ولد المقتول. (انظر: النويري، وعيون الأثر، والمواهب، وسبل الهدى).

ومن الحمير

*وأخرى من دومة الجندل (¬1). *وأخرى من عند النجاشي (¬2). ومن الحمير: * عفير ويعفور، ويقال: هما واحد (¬3). *وآخر أعطاه [له] سعد بن عبادة (¬4). ¬

(¬1) ذكرها ابن سعد 2/ 78: أن صاحب دومة الجندل بعث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ببغلة وجبة من سندس. (¬2) ورد ذلك عن ابن عباس رضي الله عنهما كما في عيون الأثر 2/ 422، وعن بريدة رضي الله عنه كما في نهاية الأرب 10/ 83. وذكرها ابن القيم في زاد المعاد 1/ 134 بلفظ: قيل. (¬3) أما عفير-بالمهملة والفاء مصغر-فقد خرّجاه في الصحيحين: البخاري في الجهاد والسير، باب اسم الفرس والحمار (2855)، ومسلم في الإيمان، باب الدليل على أن مات على التوحيد دخل الجنة قطعا (49). وقال الحافظ: عفير مأخوذ من العفر وهو لون التراب، كأنه سمي بذلك للونه، والعفرة حمرة يخالطها بياض. وأما يعفور-بسكون المهملة وضم الفاء-فقد أخرجه ابن سعد 1/ 491 من هدية فروة بن عمرو الجذامي وأن عفير من هدية المقوقس كما سبق. وقيل: العكس، نقله البلاذري 1/ 511 عن الكلبي والهيثم بن عدي. واليعفور: هو اسم ولد الظبي، كأنه سمي بذلك لسرعته. وأما كونهما واحدا، فقد عزاه الحافظ لابن عبدوس، وبه قال أيضا ابن القيم في زاد المعاد 1/ 124، وابن كثير في البداية 6/ 11، لكن رد ذلك الحافظ الدمياطي كما في الفتح عند شرح الحديث السابق. (¬4) كذا أيضا في زاد المعاد 1/ 134، والمواهب، والسبل. وانظر الخبر في تاريخ دمشق 9/ 240 (المختصر).

ومن اللقاح

ومن اللّقاح (¬1): * الحنّاء. *والسّمراء. *والعريس. *والسعدية. *والبغوم. *واليسيرة. *والرّياء (¬2). *وبردة. *والمروة. *والحفدة. *ومهرة. *والشقراء (¬3). *والعضباء، والقصواء، والجدعاء. ويقال: هنّ واحدة (¬4). ¬

(¬1) اللّقاح، جمع لقحة، بكسر اللام وفتحها: الناقة القريبة العهد بالنّتاج (الولادة)، وناقة لقوح: إذا كانت غزيرة اللبن. (النهاية). (¬2) في الطبقات: (الدباء). (¬3) أخرجها كلها ابن سعد 1/ 494 - 495 عدا المروة والحفدة فلم أجدهما عنده في هذا الموضع، وذكرهما اليعمري في عيون الأثر 2/ 423. وفي الزاد 1/ 135: وكانت له خمس وأربعون لقحة. (¬4) هذه الثلاثة الأخيرة صحيح أنها من الجمال، ولكنها ليست لقاحا، وإنما هي للركوب، لذلك فصلوا بينها وبين التي للقاح، انظر نهاية الأرب، وعيون الأثر، وأفردها الصالحي تحت عنوان: ركائبه صلى الله عليه وسلم. وقال ابن سعد 1/ 492: ابتاع أبو بكر رضي الله عنه القصواء مع أخرى بثمانمائة درهم، فأخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم منه بأربعمائة درهم، فكانت عنده حتى نفقت، وهي التي هاجر عليها. . وكان اسمها: القصواء، والجدعاء، والعضباء. قال البلاذري 1/ 511: والثبت أنه وهبها له فقبلها صلى الله عليه وسلم. قلت: والأسماء الثلاثة وردت في الصحيح، أما الجدعاء: فأخرجها البخاري في المغازي (4093)، وأما القصواء: فأخرجها في الشروط (2731 و 2732)، وأما العضباء: فأخرجها في كتاب الجهاد والسير (2871 و 2872). وأما كون الثلاثة واحدة: فقد رواه النووي 1/ 37 عن إبراهيم التيمي وغيره، وقدمه على القول الأول، واستغربه ابن كثير من إبراهيم التيمي. (انظر الفصول /257/). هذا وبقي من إبله مما لم يذكره المصنف رحمه الله: جمل يقال له: «الثعلب» كان بعث عليه يوم الحديبية خراش بن أمية الخزاعي إلى مكة قبل عثمان، -

ومن الغنم

ومن الغنم: * عجرة (¬1). *وزمزم. *وسقيا. *وبركة. *وورشة (¬2). *وأطلال. *وأطراف. *وغوثة، وقيل: غيثة. *ويمن. *وقمر (¬3). ومائة شاة. ذكرها ابن حبان (¬4). ¬

= فعقروا جمل رسول الله صلى الله عليه وسلم. ذكره الثعالبي في تفسيره، وجمل آخر كان لأبي جهل غنمه في غزاة بدر، وكان يغزو عليه ويضرب في لقاحه. ذكره الطبري. ثم أهداه يوم الحديبية ليغيظ به الكفار. ذكره ابن إسحاق. ونجيبة أهداها له عياض بن حمار قبل أن يسلم، فلم يقبلها إلا بعد إسلامه. انظر في هذه الزيادة: نهاية الأرب للنويري 10/ 111 - 115، وعيون الأثر 2/ 422. (¬1) في الطبقات 1/ 495، والسبل 7/ 665: «عجوة» بالواو. (¬2) في الطبقات: «وورسة» بالسين. ويوافق ما أثبتّه: الكامل، ونهاية الأرب، والمواهب. (¬3) أخرجها ابن سعد 1/ 495 - 496 كلها عدا غوثة ويمن. وذكرهما ابن الأثير كما في نهاية الأرب 10/ 126 - 127، وسبل الهدى 7/ 666. وذكرهما اليعمري في عيون الأثر أيضا 2/ 423. وانظر تاريخ دمشق 2/ 366 (المختصر). (¬4) ورد ذلك في حديث لقيط بن صبرة رضي الله عنه قال: كنت وافد بني المنتفق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم نصادفه في منزله. . وفيه من قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لنا غنم مائة، لا نريد أن تزيد، فإذا ولّد الراعي بهمة، ذبحنا مكانها شاة». أخرجه الإمام الشافعي في المسند (80)، والإمام أحمد 4/ 33، وأبو داود في الطهارة (142).

آلاته الحربية صلى الله عليه وسلم

آلاته الحربية صلى الله عليه وسلم ومن الرماح: * المثويّ. *والمثني. ورمحان آخران (¬1). ومن القسي: * الروحاء. *والصفراء. *وشوحط. *والكتوم. *والزوراء. *والسداد (¬2). [ومن الأتراس]: وكان له ترس فيه تمثال رأس كبش-ويقال: عقاب-فكره مكانه، ¬

(¬1) كذا في نهاية الأرب 18/ 297، والوافي بالوفيات 1/ 91: أربعة رماح. وفي عيون الأثر 2/ 416، وزاد المعاد 1/ 131: خمسة أرماح ذكرا من بينها المثوي والمثني. وأخرج الواقدي في المغازي 1/ 179 وعنه ابن سعد في الطبقات 1/ 489: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أصاب من سلاح بني قينقاع ثلاثة أرماح. (¬2) أخرج الثلاثة الأولى ابن سعد 1/ 489 عن محمد بن عمر عن شيوخه: أصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من سلاح بني قينقاع ثلاثة أرماح، وثلاثة قسي: قوس اسمها الروحاء، وقوس شوحط تدعى البيضاء، وقوس صفراء تدعى الصفراء من نبع. والذي في مغازي الواقدي 1/ 178: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم من سلاحهم ثلاث قسي: قوس تدعى الكتوم، كسرت بأحد، وقوس تدعى الروحاء، وقوس تدعى البيضاء. واقتصر النويري على هذه الأربع، وأضاف اليعمري 2/ 416 إليها خامسة هي الزوراء. وذكرها ابن القيم 1/ 131 كما عند المصنف.

ومن الأسياف

فأذهبه الله تعالى (¬1). *والزّلوق. *والفتق (¬2). ومن الأسياف: * ذو الفقار (¬3). *والقضيب، ويقال: هما واحد (¬4). *والقلعي. *والبتّار. *والحتف (¬5). *والمخذم. *ورسوب (¬6). ¬

(¬1) أخرجه ابن سعد 1/ 489 عن مكحول مرفوعا، وفيه: «رأس كبش». وأخرجه البيهقي باللفظين عن عائشة رضي الله عنها. (السبل 7/ 593). (¬2) كذا أيضا في العيون والزاد. (¬3) في العيون والزاد والسبل بكسر الفاء، ويقال: بفتحها. وقال في الفائق 3/ 132: بفتح الفاء والعامة يكسرونها، سمي بذلك لأنه كانت في إحدى شفرتيه حزوز، شبهت بفقار الظهر. وقال ابن سعد 1/ 486: غنمه صلى الله عليه وسلم يوم بدر، وهو الذي رأى فيه الرؤيا يوم أحد. وقال الزمخشري: تنفله في غزوة بني المصطلق، وكان صفيه، وهو الذي يلزمه ويشهد به الحروب. (¬4) لم أجد من قال بهذا، بل في جميع المصادر التي بين يدي أنهما اثنان والله أعلم، وقال الزمخشري: وهو أول سيف تقلد به، والقضيب: الدقيق، وقيل: القاطع. وفي سبل الهدى 7/ 583: أنه أصابه من سلاح بني قينقاع. (¬5) هذه الثلاثة أصابها صلى الله عليه وسلم من سلاح بني قينقاع كما في الطبقات 1/ 486. والقلعي نسبة إلى القلعة، موضع بالبادية تنسب السيوف إليه. والبتار: القاطع، والحتف: الموت. (¬6) أصابهما من الفلس (صنم طيء) كما في الطبقات 1/ 486. وقال السهيلي 4/ 227: أهداهما زيد الخير لرسول الله صلى الله عليه وسلم لما قدم عليه مسلما وكانا سيفين لصنم بلي الفلس. وفي الفائق: المخذم: من الخذم وهو القطع. والرّسوب: من الرّسوب وهو المضي في الضربة.

ومن الأدراع

*ومأثور (¬1). *والعضب (¬2). ومن الأدراع (¬3): * السّغديّة، ويقال بالعين. وفضة (¬4). *وذات الفضول (¬5). *وذات الوشاح. *وذات الحواشي. *والبتراء. *والخرنق وكان من أدم (¬6). *ومغفر: يسمى السّبوع أو ذا السّبوع. وآخر يسمى: الموشح (¬7). ¬

(¬1) وهو أول سيف ملكه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورثه من أبيه وقدم به المدينة. روى ذلك ابن سعد 1/ 485، والبلاذري عنه 1/ 521. (¬2) أهداه له سعد بن عبادة رضي الله عنه عند توجهه إلى بدر (أخرجه ابن عساكر 2/ 348 عن سعيد بن المسيب). والعضب: القاطع، كما في كتاب السلاح لابن سلام/17/. وهذه تسعة أسياف كما هي في نهاية الأرب، وزاد المعاد، والوافي. وأضاف إليها اليعمري 2/ 416: عاشرا هو: الصمصامة، سيف عمرو ابن معدي كرب. وجعلها الصالحي أحد عشر سيفا. (¬3) جمع درع، ويجمع أيضا على أدرع، ودروع. (¬4) غنمهما من سلاح بني قينقاع، كما في مغازي الواقدي 1/ 178، وطبقات ابن سعد 1/ 487. ويقال: السغدية كانت درع داود عليه السلام التي لبسها لقتال جالوت (العيون). (¬5) أرسل بها سعد بن عبادة يوم بدر، وسميت بذات الفضول لطولها، وكانت من حديد، وهي التي رهنها عند اليهودي (تاريخ دمشق والعيون والزاد). (¬6) هكذا سبعة أدرع كما في عيون الأثر 2/ 416، وزاد المعاد 1/ 130. (¬7) المغفر: ما يلبسه الدارع على رأسه من الزرد، أو حلق يتقنع بها المتسلح. وفي البخاري، كتاب المغازي، باب أين ركز النبي صلى الله عليه وسلم الراية يوم الفتح؟ (4286)، من حديث أنس رضي الله عنه قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم دخل مكة يوم الفتح وعلى-

*وفسطاط: يسمى الكن (¬1). *وحربة: يقال لها النّبعة. وأخرى تسمى البيضاء. وأخرى تسمى عنزة. وأخرى الهر (¬2). *ومحجن: قدر ذراع أو أكثر (¬3). *ومخصرة: وتسمى العرجون (¬4). ¬

= رأسه المغفر. وانظر عيون الأثر 2/ 416، وزاد المعاد 1/ 131. (¬1) كذا أيضا في العيون والزاد، والفسطاط: البيت من الشعر، وهو السرادق، والقبة، وفي صحيح البخاري، كتاب اللباس، باب القبة الحمراء من أدم (5859) من حديث أبي جحيفة رضي الله عنه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو في قبة حمراء من أدم، ورأيت بلالا أخذ وضوء النبي صلى الله عليه وسلم، والناس يبتدرون الوضوء، فمن أصاب منه شيئا تمسح به، ومن لم يصب منه شيئا أخذ من بلل صاحبه. (¬2) اقتصر اليعمري وابن القيم على الثلاث الأولى، وذكر الصالحي الرابعة دون أن يسوق فيها شيئا، وذكره الديار بكري 2/ 189 عن مغلطاي، وأضاف الصالحي خامسة هي: القمرة. (¬3) كذا أيضا في عيون الأثر، ورواه الطبراني عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان له محجن يسمى (الدقن) قدر ذراع أو أطول، يمشي به، ويركب، ويلقى بين يديه على بعيره. (سبل الهدى 7/ 586). وقال في تاريخ الخميس: وهو الذي استلم به الركن في حجة الوداع. والمحجن: العصا المعوجة، أو المقطوعة الرأس، أو ثخينة الرأس، مثل الصولجان والعنزة. (¬4) كذا أيضا في تاريخ دمشق 2/ 365 (م)، والعيون، والزاد، وفي الصحيح من حديث علي رضي الله عنه قال: «كنا في جنازة في بقيع الغرقد، فأتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقعد وقعدنا حوله، ومعه مخصرة، فنكس، فجعل ينكث بمخصرته. . .». أخرجه البخاري في التفسير، باب (وكذب بالحسنى) حديث (4948). وقال ابن الأثير: المخصرة: ما يختصره الإنسان بيده فيمسكه من عصا أو عكازة أو مقرعة أو قضيب، وقد يتكىء عليه، وقال في العرجون: هو-

*وعسيب (¬1). *وقضيب: من شوحط يسمى ممشوقا (¬2). *وهراوة (¬3). ¬

= العود الأصفر الذي فيه شماريخ العذق. (¬1) أخرج البخاري في التوحيد، باب قول الله تعالى: إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ (7462) من حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال: «بينا أنا أمشي مع النبي صلى الله عليه وسلم في بعض حرث المدينة، وهو يتوكأ على عسيب معه. .». والعسيب: جريدة من نخل، وهي السعفة مما لا ينبت عليه الخوص. (¬2) كذا في العيون والزاد، وهو مخرج عند الطبراني في الكبير (11208) وفيه: يسمى (المشوق). وأضاف ابن القيم: وقيل: هو الذي كان يتداوله الخلفاء. والقضيب: العصا. والشوحط: شجر تتخذ منه القسي. (¬3) لم أجد من ذكرها في المصادر التي بين يدي، والهراوة هي العصا، وقد روى أبو الشيخ في كتاب أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم/259/عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم عصا يتوكأ عليها». وأخرج أبو داود من حديث الحكم ابن حزن رضي الله عنه في الصلاة، باب الرجل يخطب على قوس (1096): «شهدنا فيها الجمعة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام يتوكأ على عصا أو قوس». وحسنه الحافظ في تلخيص الحبير 2/ 69.

ما كان له صلى الله عليه وسلم من الخفاف والجباب وغير ذلك

ما كان له صلى الله عليه وسلم من الخفاف والجباب وغير ذلك وأربعة أزواج خفاف (¬1). وخفان ساذجان (¬2). وثلاث جباب يلبسهن في الحرب: جبة سندس أخضر. وجبة طيالسة (¬3). ¬

(¬1) أصابها من خيبر كما في عيون الأثر 2/ 417. قلت: قد وردت في حديث لا يصح الاحتجاج به أخرجه ابن حبان في الضعفاء 2/ 308. وانظر تاريخ دمشق 2/ 356 (المختصر). (¬2) أسودان، أهداهما له النجاشي. أخرجه الترمذي في الشمائل (69)، والأدب (2821) وحسنه، وأخرجه أبو داود في الطهارة (155)، وابن ماجه في الطهارة (549)، واللباس (3620). والساذج: معرب ساده كما في القاموس، يعني-والله أعلم-أنهما كان خالصين في السواد غير مشوبين. (¬3) كذا أيضا في زاد المعاد 1/ 131 لكن لم يعد منها إلا جبة السندس. وفي البلاذري 1/ 507: وجبة (يمنة) ولم يذكر غيرها في العيون، فقد تكون هي الثالثة التي لم يسمها المؤلف، والله أعلم. وفي الصحيحين من حديث المغيرة رضي الله عنه: «ثم جاء وعليه جبة شامية». أخرجه البخاري في الصلاة، باب الصلاة في الجبة الشامية (363)، ومسلم في الطهارة باب المسح على الخفين (77)، كما أخرجه مسلم من حديث أسماء رضي الله عنها قالت: «هذه جبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخرجت إليّ جبة طيالسة كسروانية. . كان النبي صلى الله عليه وسلم يلبسها، فنحن نغسلها للمرضى يستشفى بها». كتاب اللباس والزينة (2069).

وجعبة وهي الكنانة، وقيل: تسمى المتصلة، وقيل: المؤتصلة (¬1). وربعة آسكندرانية، فيها: مرآة، ومشط، ومكحلة، ومقراض، ومسواك (¬2). وكانت له مرآة اسمها المدلة (¬3). وقدح يسمى الريان (¬4). وآخر يسمى: مغيثا (¬5). وقدح مضبب في ثلاثة مواضع (¬6). ¬

(¬1) في تاريخ دمشق 2/ 365، وزاد المعاد 1/ 131، والمواهب 2/ 166، وتاريخ الخميس 2/ 189: كانت له جعبة (كنانة) تدعى: الكافور. وفي تاريخ دمشق وتاريخ الخميس أن اسم نبله: المويصلة- (الموصلة) - (المتصلة). كذا رسمت. (¬2) كذا أيضا في العيون والزاد، وفي تاريخ دمشق 2/ 366: أهداها المقوقس ملك مصر. وأخرجها الصالحي 7/ 575 عن ابن منده. وفي طبقات ابن سعد 1/ 484 عن خالد بن معدان: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم: يسافر بالمشط والمرآة والدهن والسواك والكحل. والربعة: سلة صغيرة مغشاة بالجلد، أو صندوق صغير كصندوق أجزاء المصحف. (¬3) كذا أيضا في تاريخ الخميس 2/ 192، والذي عند الطبراني في الكبير (11208) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما والذي فيه متروك: وكانت له مرآة تسمى (المرآة). كذا في المعجم والمجمع 5/ 272، فالله أعلم أين التصحيف. (¬4) ذكره ابن عساكر 2/ 366، واليعمري 2/ 417. (¬5) حرفت في الزاد 1/ 132 إلى (مغنيا). ويوافق ما أثبته كل من المواهب والسبل وتاريخ الخميس. (¬6) كذا في تاريخ دمشق، وقال: يسع كل واحد منهما-يعني هذا والريان-قدر مدّ. وقال: وفيه حلقة يعلق بها. وأخرج ابن سعد 1/ 485: عن حميد قال: رأيت قدح النبي صلى الله عليه وسلم عند أنس فيه فضة، أو قد شدّ بفضة. وأخرجه في المسند 3/ 139، وآخره: فيه ضبة فضة. وفي البخاري، كتاب فرض الخمس، باب-

وآخر من عيدان (¬1). وآخر من زجاج (¬2). وتور من حجارة يسمى المخضب (¬3). ومركن من شبه (¬4). ¬

= ما ذكر من درع النبي صلى الله عليه وسلم وعصاه وسيفه وقدحه وخاتمه (3109): «أن قدح النبي صلى الله عليه وسلم انكسر فاتخذ مكان الشّعب سلسلة من فضة». (¬1) أخرجه أبو داود (24)، والنسائي 1/ 31 كلاهما في الطهارة، وصححه ابن حبان (1426)، والحاكم 1/ 167، وأخرجه الطبراني في الكبير 24/ 189، والبيهقي 1/ 99، والبغوي 1/ 388 من حديث أميمة رضي الله عنها قالت: «كان للنبي صلى الله عليه وسلم قدح من عيدان يبول فيه، ويضعه تحت السرير». وفي تلخيص الحبير 1/ 43 ضبط الحافظ (عيدان) بفتح العين وياء تحتانية ساكنة، نوع من الخشب، وانظر شرح السيوطي وحاشية السندي هامش سنن النسائي، ففيهما تفصيل في الضبط غير هذا. (¬2) أخرجه ابن سعد 1/ 485، وابن ماجه في الأشربة، باب الشرب في الزجاج (3435)، وأبو الشيخ 238 - 239، والبغوي (1026)، وعزاه الحافظ في الفتح 1/ 364 لأحمد. «كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم قدح زجاج-ولفظ ابن ماجه: من قوارير-يشرب فيه». لكن في إسناده مقال كما قال الحافظ والبوصيري 3/ 113. هذا واقتصر ابن عساكر 2/ 366 على ذكر الريان والمضبب فقط، وأضاف إليهما ابن سيد الناس قدح الزجاج. . وذكرها ابن القيم جميعها. (¬3) هكذا أيضا في تاريخ دمشق والعيون ونهاية الأرب، وفي الصحيح من حديث أنس رضي الله عنه: «فأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بمخضب من حجارة». أخرجه البخاري في الوضوء، باب الغسل والوضوء في المخضب والقدح والخشب والحجارة (195)، وقال الحافظ: المخضب: المشهور أنه الإناء الذي يغسل فيه الثياب من أي جنس كان. والتور: إناء يشرب فيه. (¬4) في تاريخ دمشق والعيون والزاد: ومخضب من شبه. قال في القاموس: المخضب: المركن. قلت: وبهذا اللفظ الأخير أخرجه البغوي 2/ 659 من-

وركوة تسمى: الصادرة (¬1). وقصعة وجفنة لها أربع حلق (¬2). وخاتم فضّة، فصّه منه، يجعله في يمينه، وقيل: كان أولا في يمينه، ثم حوله إلى يساره، منقوش عليه محمد رسول الله (¬3). ¬

= شمائله. والشّبه: النحاس الأصفر. (¬1) رواه الطبراني من حديث ابن عباس رضي الله عنهما وقد سبقت الإشارة إليه. (¬2) القصعة هي الجفنة، وأخرجه أبو داود في الأطعمة (3773)، وأبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم/216/، والبغوي في الشمائل 2/ 661 من كلا اللفظتين عن عبد الله بن بسر رضي الله عنه قال: كانت للنبي صلى الله عليه وسلم قصعة يقال لها: الغراء، يحملها أربعة رجال. وفي لفظ: جفنة لها أربع حلق. (¬3) أما كونه من فضة، وفصّه منه: فقد أخرجه البخاري في اللباس، باب فصّ الخاتم (5870) من حديث أنس رضي الله عنه: «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان خاتمه من فضة، وكان فصّه منه». وأما كونه باليمين: فقد أخرجه البخاري من حديث عبد الله رضي الله عنه في اللباس (5876)، وأخرجه مسلم من حديث أنس رضي الله عنه في اللباس (2094). وأما كونه حوّله إلى يساره: فقد أخرجه أبو الشيخ في كتاب أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم /133/، وابن عدي في الكامل 3/ 111، والبغوي في الشمائل (812) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما: «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتختم في يمينه ثم إنه حوله في يساره». لكن الحافظ في الفتح 10/ 339 ضعف إسناده. قلت: يشهد له في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم لبسه في يساره، كما في حديث أنس عند مسلم، كتاب اللباس والزينة، باب في لبس الخاتم في الخنصر من اليد (2095). وأخرجه البيهقي في شعب الإيمان 5/ 204 - 205، وفي الآداب 372 - 373 من عدة طرق، وجمع البيهقي بينهما: أن الذي لبسه في يمينه كان من ذهب، ثم طرحه ولبس الذي من فضة في يساره. ونقل الحافظ في الفتح عند شرح الحديث (5876) هذه الروايات جميعا ثم قال: ويظهر لي أن ذلك يختلف-

وآخر من حديد، ملوي عليه فضة (¬1). وآخر فصه حبشي (¬2). وكان له سرير قوائمه ساج (¬3). وعمامة يقال لها: السحاب (¬4). وأخرى سوداء (¬5). ¬

= باختلاف القصد، فإن كان اللبس للتزين به فاليمين أفضل، وإن كان للتختم به فاليسار أولى، لأنه كالمودع فيها. . وجنحت طائفة إلى استواء الأمرين، وإلى ذلك أشار أبو داود حيث ترجم (باب التختم في اليمين واليسار 4/ 431). وأما كونه منقوش عليه محمد رسول الله: فقد أخرجه البخاري في الموضع السابق (5875)، ومسلم في الموضع السابق (2092) و (2091) من حديث أخر. (¬1) أخرجه أبو داود في الخاتم، باب في خاتم الحديد (4224)، والنسائي في الزينة، باب لبس خاتم الحديد ملوي عليه فضة 8/ 175. (¬2) أخرجه مسلم في كتاب اللباس والزينة، باب في خاتم الورق فصّه حبشي (2094)، وهو عند أصحاب السنن أيضا. انظر جامع الأصول 4/ 705 - 710 وفسر ابن الأثير معنى (فصه حبشي) بقوله: يحتمل أنه أراد بالفص الحبشي: الجزع، أو العقيق، أو ضرب منهما يكون بالحبشة. كما أشار الحافظ في الفتح 10/ 334 إلى تنوعها بقوله: إنها تحمل على التعدد، والله أعلم. (¬3) أخرجه البلاذري عن الواقدي 1/ 525 وفيه: أن أسعد بن زرارة رضي الله عنه بعث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بسرير له عمود، وقوائمه ساج. . فكان ينام عليه حتى توفي. ثم أصبح الناس يحملون موتاهم عليه طلبا للبركة. (¬4) أخرجها أبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم/124/، وابن عدي في الكامل 6/ 2386 عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده قال: كسا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا عمامة يقال لها: السحاب. فأقبل علي رضي الله عنه وهي عليه، فقال له صلى الله عليه وسلم: «هذا علي قد أقبل في السحاب». فحرفها هؤلاء، فقالوا: عليّ في السحاب!. (¬5) أخرجها مسلم في الحج (1359) من حديث عمر بن حريث رضي الله عنه: -

وكان له رداء مربع (¬1). وفراش حشوه ليف (¬2). ومسح بثنيّتين (¬3) تحته. وصاع لفطرته (¬4). ¬

= «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب الناس وعليه عمامة سوداء». ورواه أيضا من حديث جابر رضي الله عنه (1358): «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل مكة وعليه عمامة سوداء». (¬1) كذا في العيون 2/ 418 أيضا، وأخرجه ابن عدي عن ابن عمر رضي الله عنهما: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبس رداء مربعا. ذكره الصالحي في السبل 7/ 483. ويؤيد معناه: ما ورد في الصحيحين من حديث أنس رضي الله عنه قال: «كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه برد-وفي مسلم: رداء-نجراني غليظ الحاشية. .». أخرجه البخاري في اللباس، باب البرود والحبر والشملة (5809)، ومسلم في الزكاة (1057)، وقال الحافظ: قال الجوهري: البردة: كساء أسود مربع فيه صور تلبسه الأعراب. (¬2) أخرجاه في الصحيحين من حديث السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: «كان فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم من أدم وحشوه ليف». أخرجه البخاري في الرقاق، باب كيف كان عيش النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه (6456)، ومسلم في اللباس والزينة، باب التواضع في اللباس. . والفراش (2082). (¬3) أخرجه الترمذي في الشمائل (322) عن جعفر بن محمد عن أبيه قال: «سئلت حفصة ما كان فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتك؟ قالت: مسحا نثنيه ثنيتين فينام عليه، فلما كان ذات ليلة، قلت: لو ثنيته أربع ثنيات لكان أوطأ له، فثنيناه له بأربع ثنيات، فلما أصبح قال: ما فرشتموا لي الليلة؟ قالت: قلنا هو فراشك إلا أنا ثنيناه بأربع ثنيات، قلنا: هو أوطأ لك. قال: ردوه لحالته الأولى فإنه منعتني وطأته صلاتي الليلة». (¬4) أخرج الإمام مالك في الموطأ 1/ 284 من حديث أبي سعيد رضي الله عنه قال: «كنا نخرج زكاة الفطر صاعا من طعام، أو صاعا من شعير، أو صاعا من تمر، -

وكساء أسود، وآخر أحمر ملبد، وآخر من شعر (¬1). وقعب يسمى النسعة (¬2). ¬

= أو صاعا من أقط، أو صاعا من زبيب، وذلك بصاع النبي صلى الله عليه وسلم». (¬1) قال في الزاد 1/ 139: ولبس الخميصة المعلمة، والساذجة، ولبس ثوبا أسود، ولبس الفروة المكفوفة بالسندس. كما لبس صلى الله عليه وسلم الأبيض والأخضر. وانظر ابن عساكر 2/ 233 - 237 فقد خرج كل ذلك، وأكثرها في الصحيحين وغيرهما، وانظر جامع الأصول 10/ 688 فقد عقد فصلا في ألوان الثياب. (¬2) كذا أيضا في تاريخ الخميس 2/ 192 عن مغلطاي، لكن فيه: (السعة). والقعب: هو القدح الذي يروي الرجل.

كتابه صلى الله عليه وسلم

كتّابه صلى الله عليه وسلم ومن الكتّاب: الخلفاء الأربعة (¬1). *وطلحة. *والزبير. *وابن أبي وقاص. *وعامر بن فهيرة. *وعبد الله بن الأرقم. *وأبيّ (¬2). *وثابت بن ¬

(¬1) كذا في تاريخ دمشق 2/ 337 - 344 (م)، والروض الأنف 4/ 36، وتلقيح فهوم أهل الأثر/80/. وجعلهم السهيلي عدا عليا ممن كتب للنبي صلى الله عليه وسلم في بعض الأوقات. قلت: أما أبو بكر رضي الله عنه فكتب له كتاب الأمان لسراقة بن مالك لما طلبه منه في قصة الهجرة. كذا رواه ابن إسحاق 2/ 153 (شرح الخشني)، وأخرجه البيهقي في الدلائل 2/ 488، وابن عساكر 2/ 337 من المختصر. لكن الذي في صحيح البخاري، كتاب مناقب الأنصار باب هجرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى المدينة (3906) أن الذي كتب ذلك هو عامر بن فهيرة رضي الله عنه. وأما عمر رضي الله عنه، فقد ذكروه من جملة الكتاب ولكن لم يسوقوا له رواية في ذلك، وممن ذكره أيضا الحافظ البيهقي في السنن الكبرى 10/ 126. وأما عثمان رضي الله عنه فكان من كتاب الوحي كما في المسند 6/ 261، وكتاب الوزراء والكتّاب للجهشياري/12/، والعقد الفريد 4/ 243 - 244، وكذا عده البلاذري 1/ 532 من الكتاب. وكذا كان علي رضي الله عنه كما في المصادر السابقة، كما أنه اختص بكتابة الصلح يوم الحديبية كما تقدم في الحوادث، وخرّج له ابن عساكر كتابة أخرى. (انظر مختصر ابن منظور 2/ 344). (¬2) في البلاذري 1/ 531، والتلقيح/80/: أنه أول من كتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه من كتاب الوحي وغيره.

قيس. *وخالد وأبان ابنا سعيد بن العاصي (¬1). *وحنظلة الأسيدي (¬2). *وأبو سفيان. *وابناه: يزيد، ومعاوية. *وزيد بن ثابت (¬3). *وشرحبيل بن حسنة (¬4). *والعلاء بن الحضرمي. *وخالد بن الوليد. *ومحمد بن مسلمة. *والمغيرة بن شعبة. *وابن رواحة. *وعبد الله بن عبد الله بن أبي بن سلول. *وعمرو بن العاص. *وجهم بن سعد. *وجهيم بن الصلت. *ومعيقب. *وأرقم بن أبي الأرقم. *وعبد الله بن زيد بن عبد ربه (¬5). *والعلاء بن عقبة. *وأبو أيوب الأنصاري. *وحذيفة بن اليمان. *وبريدة. *وحصين بن نمير. *وعبد الله بن سعد بن أبي سرح (¬6). *وأبو سلمة بن عبد الأسد. *وحويطب بن عبد العزى. *وحاطب بن ¬

(¬1) في الزاد 1/ 117: أن خالدا أول من كتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم. وفي الجهشياري أنه ومعاوية كانا يكتبان في حوائج النبي صلى الله عليه وسلم. (¬2) هو حنظلة بن الربيع الأسيدي الكاتب، غير غسيل الملائكة، رضي الله عنهما. وفي الجهشياري/13/: كان خليفة كل كاتب من كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا غاب عن عمله، فغلب عليه اسم الكاتب. (¬3) أما معاوية رضي الله عنه فقد اشتهر بكتابة الوحي، وكان هو وزيد بن ثابت ألزمهم للكتابة، وأخصهم به صلى الله عليه وسلم (التلقيح). وزيد هو جامع القرآن في عهد أبي بكر، وناقله إلى المصحف في عهد عثمان، رضي الله عنهم، وترجم له البخاري في فضائل القرآن بقوله: باب كاتب النبي صلى الله عليه وسلم. وقال الحافظ في شرحه: أكثر ما كان يكتب بالمدينة زيد. وفي الجهشياري/12/: أنه كان يكتب إلى الملوك مع ما كان يكتبه من الوحي. (¬4) في المصباح المضي 1/ 106: هو أول من كتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم. (¬5) الأنصاري الخزرجي الذي أري الأذان والإقامة في النوم رضي الله عنه كما تقدم. (¬6) هو أول من كتب للنبي صلى الله عليه وسلم بمكة من قريش، ثم ارتد، ثم عاد مسلما تائبا يوم الفتح بعد أن أهدر دمه، ثم حسن إسلامه جدا، وكان والي مصر لعثمان، وهو فاتح أفريقيا.

عمرو. *والسّجل (¬1). *وابن خطل (¬2). ¬

(¬1) أخرجه أبو داود في الخراج والأمارة، باب في اتخاذ الكاتب (2935) عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: السجل كاتب كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم. وأخرجه النسائي في تفسير قوله تعالى: يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ 2/ 74 و 2/ 77 بلفظ آخر، كما أخرجه الطبري في التفسير 17/ 78، والبيهقي في السنن 10/ 126، والطبراني في الكبير 12/ 170 (12790)، وابن عدي في الكامل 7/ 2662، وله طريق أخرى عن ابن عمر رضي الله عنهما، أخرجها الخطيب في تاريخه 8/ 175، وابن منده كما في البداية 5/ 302، ونقل هو وابن القيم في شرحه على سنن أبي داود كما في عون المعبود 8/ 154 عن شيخهما ابن تيمية رحمه الله أنه موضوع. وقال الذهبي في الميزان 1/ 602: خبر كذب. قلت: ومع ذلك ذكره في التجريد، ولم يشر إلى ذلك. وقال الحافظ في الإصابة 3/ 34 بعد أن أورد طرقه: فهذا الحديث صحيح بهذه الطرق، وغفل من زعم أنه موضوع، والله أعلم بالصواب. (¬2) هو الذي أهدر دمه ثم قتل صبرا وهو متعلق بأستار الكعبة كما تقدم، وقد قيل: إنه كان يكتب قبل ردّته-للنبي صلى الله عليه وسلم، لكنه كان يبدل ويحرف ويزيد وينقص، قاله عبد الكريم الحلبي في شرح السيرة لعبد الغني كما في المصباح المضي 1/ 165، وقال ابن سيد الناس 2/ 316: إن هذه القصة وهم، والمقصود فيها هو عبد الله بن أبي سرح رضي الله عنه. قلت: وعلى هذا يكون مجموع ما ذكره المصنف من الكتاب: اثنين وأربعين كاتبا. وهي زيادة كبيرة على ما ذكره كل من الحافظ ابن عساكر، والسهيلي، وابن الجوزي، وذكر اليعمري منهم أربعين، وأوصلهم ابن حديدة في المصباح إلى أربعة وأربعين، بزيادة: سعيد ابن سعيد بن العاص، وقد تقدم له أخوان، ورجل من بني النجار. وأضيف أنا الخامس والأربعين، وهو جعفر رضي الله عنه. ذكره البيهقي في السنن 10/ 126 من حديث عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما، وفيه: وكان إذا غاب عبد الله بن أرقم وزيد بن ثابت، واحتاج أن يكتب إلى بعض أمراء الأجناد والملوك أو يكتب لإنسان كتابا يقطعه أمر جعفرا أن يكتب. هكذا ذكر جعفرا، ولم أر من أشار إلى ذلك.

الزوجات الللاتي لم يدخل بهن رضي الله عنهن

الزوجات الللاتي لم يدخل بهن رضي الله عنهن وزوجاته صلى الله عليه وسلم اللاتي عقد عليهن، أو خطبهنّ، أو عرضن عليه، ولم يدخل بهن (¬1): *أسماء بنت الصلت السّلميّة (¬2). *وأسماء بنت النعمان، وقيل: بنت الأسود الكندية (¬3). ¬

(¬1) سوف يسوق المصنف رحمه الله هنا أسماء كثيرة تبعا للحافظ الدمياطي، حيث نقلوا عنه أنه قال: إنهن ثلاثون امرأة (انظر عيون الأثر 2/ 403، وفتح الباري 1/ 450)، وقال السخاوي في التحفة اللطيفة 1/ 41: إنهن يزدن على الثلاثين. لكن قال ابن القيم في زاد المعاد 1/ 113 - 114: وأما من خطبها ولم يتزوجها، ومن وهبت نفسها له، ولم يتزوجها، فنحو أربع أو خمس، وقال بعضهم: هن ثلاثون امرأة، وأهل العلم بسيرته وأحواله صلى الله عليه وسلم لا يعرفون هذا، بل ينكرونه، والمعروف عندهم أنه بعث إلى الجونية ليتزوجها، فدخل عليها ليخطبها، فاستعاذت منه، فأعاذها ولم يتزوجها، وكذلك الكلبية، وكذلك التي رأى بكشحها بياضا، فلم يدخل بها، والتي وهبت نفسها له فزوجها غيره على سور من القرآن، هذا هو المحفوظ، والله أعلم. (¬2) نقلوه عن أحمد بن صالح المصري، والحاكم في الإكليل أنها من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم (انظر الاستيعاب وكتاب أزاج النبي صلى الله عليه وسلم للصالحي). وحول اسمها خلاف سوف أذكره بعد. (¬3) الاختلاف هنا في اسم أبيها وهذا نقله الصالحي في كتاب الأزواج/242/عن قطب الدين الحلبي في المورد العذب، لكن الذي في الاستيعاب 4/ 1785، والعيون 2/ 403، والإصابة 7/ 494 أن الخلاف في اسم جدها هكذا: أسماء-

*وجمرة بنت الحارث المزنية (¬1). *وأمامة، ويقال: عمارة بنت حمزة (¬2). *وآمنة بنت الضحاك بن سفيان (¬3). *وأميمة بنت شراحيل (¬4). ¬

= بنت النعمان بن الجون، وقيل: أسماء بنت النعمان بن الأسود. قال أبو عمر: أجمعوا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوجها، واختلفوا في قصة فراقه لها. . . (¬1) ذكرها أبو عبيدة في «تسمية الأزواج» /78/، وأوردها البلاذري في أنساب الأشراف عنه 1/ 462، وذكرها عبد الملك النيسابوري عن قتادة كما في كتاب الأزواج للصالحي/264/وقالوا: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبها إلى أبيها. فقال: إن بها بياضا-يعني برصا-ولم يكن بها. فلما رجع وجدها قد برصت. فسميت بالبرصاء. لذلك ترجمها الحافظ بهذا الاسم الأخير. وانظر: تاريخ الطبري 3/ 169، وتفسير القرطبي 14/ 169. (¬2) رضي الله عنه، سماها ابن سعد 8/ 48، وابن حبيب في المحبر/64/: أمامة، وأوردها الحافظ في الإصابة عن الثاني. وسماها الواقدي في المغازي 2/ 738: عمارة. وفي الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قيل للنبي صلى الله عليه وسلم: ألا تتزوج ابنة حمزة؟ قال: «إنها ابنة أخي من الرضاعة». أخرجه البخاري في النكاح، باب وَأُمَّهاتُكُمُ اللاّتِي أَرْضَعْنَكُمْ (5100)، ومسلم في الرضاع، باب تحريم ابنة الأخ من الرضاعة (1447). (¬3) كذا (آمنة) أيضا في كتاب الأزواج للصالحي/243/لكن عن المصنف في الإشارة، وقال: ويقال لها: فاطمة بنت الضحاك بن سفيان. نقله عن المصنف في الزهر وعن صاحب المورد. قلت: الاسم الثاني سوف يرد بعد. ولم أجد لآمنة هذه ذكرا في كتب الصحابة، والله أعلم. (¬4) ذكرت في البخاري من حديث سهل وأبي أسيد رضي الله عنهما قالا: «تزوج النبي صلى الله عليه وسلم أميمة بنت شراحيل، فلما أدخلت عليه بسط يده إليها، فكأنها كرهت ذلك، فأمر أبا أسيد أن يجهزها ويكسوها ثوبين رازقيين».

*وحبيبة بنت سهل (¬1). *وحمدة بنت الحارث (¬2). *وخولة بنت حكيم-ويقال: خويلة السّلمية (¬3). *وخويلة بنت هذيل التغلبية (¬4). *وسلمى بنت نجدة الليثية (¬5). *وسنا بنت سفيان الكلابية (¬6). ¬

(¬1) روى ابن سعد 8/ 445: أن النبي صلى الله عليه وسلم قد هم أن يتزوج حبيبة بنت سهل ثم تركها. وانظر أسد الغابة 7/ 61. (¬2) هكذا (حمدة). ولم أجد لها ذكرا في كتب الصحابة، ولم يذكرها الصالحي على الرغم من أنه ينقل عن مغلطاي، لكن عنده (جمرة) ثانية بنت الحارث بن عوف بن كعب بن ذبيان. وقال: هكذا فرق الحافظ قطب الدين الحلبي في المورد بينها وبين التي قبلها، وليس بجيد، فإنهما واحدة بلا شك. أقول: والرسم بين (حمدة) و (جمرة) واحد، والله أعلم. (¬3) كذا أيضا في الاستيعاب 4/ 1832 وغيره، وفي البخاري كتاب النكاح، باب هل للمرأة أن تهب نفسها لأحد؟ (5113): «كانت خولة بنت حكيم من اللائي وهبن أنفسهن للنبي صلى الله عليه وسلم». (¬4) قال ابن سعد 8/ 160: عن هشام بن محمد عن الشرقي بن القطامي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج خولة بنت الهذيل فهلكت في الطريق قبل أن تصل إليه. وانظر المحبر/93/، والاستيعاب 4/ 1834. (¬5) نقلها الصالحي هكذا عن مغلطاي في الإشارة والزهر. ونقل عن صاحب المورد أن أبا سعيد النيسابوري ذكرها في كتابه (شرف المصطفى) قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نكحها، فتوفي عنها، وأبت أن تتزوج بعده. (¬6) كذا (سنا) بالنون في المحبر أيضا/95/، لكن الذي في الطبقات 8/ 141 - 143 في موضعين، وذكرها الحافظ في الإصابة 7/ 690 (سبا) ثم قال: تأتي في (سنا) بالنون. وانظر الصالحي/246/.

*وسنا بنت الصلت السلمية (¬1). *وسودة القرشية (¬2). *وشراف بنت خليفة الكلبية (¬3). *وصفية بنت بشارة بن نضلة (¬4). *وضباعة بنت عامر (¬5). *والعالية بنت ظبيان (¬6). ¬

(¬1) ذكرها أبو عبيدة في تسمية الأزواج 73 - 74، وابن حبيب في المحبر /93/، وانظر كتب الصحابة، قالوا: تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم فماتت قبل أن يدخل بها. ونقل الحافظ عن الرشاطي أن سبب موتها: أنها لما بلغها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوجها، سرّت بذلك حتى ماتت من الفرح. (¬2) أخرجه الإمام أحمد 1/ 318 - 319، وأبو يعلى 3/ 147، وابن منده، وأبو نعيم كما في كتب الصحابة، وإسناده حسن كما قال الحافظ، وصححه أحمد شاكر (2926) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد أن يتزوج سودة القرشية، فقالت: إنك أحب البرية إليّ وإن لي صبية أكره أن يتضاغوا عند رأسك. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خير نساء ركبن الإبل نساء قريش، أحناه على ولد في صغره، وأرعاه لبعل في ذات يده». (¬3) ذكرها ابن سعد 8/ 160: تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم شراف بنت خليفة أخت دحية، ولم يدخل بها. وانظر كتب الصحابة. (¬4) كذا بنت (بشارة). في جميع النسخ، والذي في جميع مصادرها (بشامة)، فالله أعلم. وانظر طبقات ابن سعد 8/ 154، والمحبر 96 - 97، والبلاذري 1/ 459، وتاريخ الطبري 3/ 169، وابن عساكر 1/ 200، قالوا: خطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم-وكان أصابها سباء-فخيرها بين نفسه أو زوجها، فاختارت زوجها، فأرسلها، فلعنتها بنو تميم. (¬5) ذكرها أيضا في هذا الباب: ابن سعد 8/ 153 - 154، وابن حبيب في المحبر /97/، وفي المنمق 225 - 227، وانظر قصتها كاملة في هذا الأخير. (¬6) هكذا عدها الزهري في أزواج النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أخرجه الطبراني، ورجاله-

*وعمرة بنت يزيد الكلابية (¬1). *وعمرة بنت معاوية الكندية (¬2). *وغزيّة بنت حكيم العامرية (¬3). *وفاختة بنت أبي طالب (¬4). ¬

= رجال الصحيح كما في مجمع الزوائد 9/ 252، وفي الطبقات 8/ 143 عن الكلبي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج العالية بنت ظبيان فمكثت عنده دهرا ثم طلقها. وانظر مصنف عبد الرزاق 7/ 489 - 490، وتاريخ يعقوب البسوي 3/ 323، ودلائل البيهقي 7/ 286، وتاريخ دمشق 1/ 145. (¬1) ذكرها ابن إسحاق في رواية يونس بن بكير عنه، أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 7/ 73، وفي الدلائل 7/ 287، وانظر الاستيعاب 4/ 1887، وتاريخ دمشق 1/ 187. قالوا: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوجها، فبلغه أن بها بياضا فطلقها ولم يدخل بها. (¬2) رواه أبو نعيم عن علي بن الحسين بن علي رضي الله عنهم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوجها، وروى عن الشعبي قال: تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة من كندة، فجيء بها بعدما مات. انظر تلقيح الفهوم/26/، وأسد الغابة 7/ 204، والإصابة 8/ 34. (¬3) في الطبقات 8/ 154: أم شريك، واسمها: غزية بنت جابر بن حكيم. وأخرج من طريق الواقدي: أنها وهبت نفسها لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يقبلها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم تتزوج حتى ماتت. وفي كتب الصحابة: أنه يقال لها غزيلة بالتصغير، أو غزيّة بتشديد الياء بدل اللام. وقال أبو عمر: وقد ذكرها بعضهم في أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يصح من ذلك شيء، لكثرة الاضطراب فيه. لكن الحافظ في الإصابة 8/ 238 قال: وقد جاء من طرق كثيرة أنها كانت وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم. (¬4) هي أم هانىء بنت عمه صلى الله عليه وسلم «خطبها إلى عمه في الجاهلية، وخطبها هبيرة بن عمرو المخزومي، فزوجها أبوها إلى هبيرة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا عم زوجت هبيرة وتركتني، فقال: يا ابن أخي إنا قد صاهرنا إليهم، والكريم يكافىء-

*وفاطمة بنت شريح (¬1). *وفاطمة بنت الضحاك الكلابية (¬2). *وقيلة بنت قيس بن معدي كرب (¬3). ¬

= الكريم. ثم أسلمت ففرق الإسلام بينها وبين هبيرة فخطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى نفسها، فقالت: والله إني كنت لأحبك في الجاهلية فكيف في الإسلام؛ ولكني امرأة مصبية، وأكره أن يؤذوك». انظر الطبقات 8/ 151 - 152، والحاكم 4/ 53، والمحبر 97 - 98. وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: «أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب أم هانىء بنت أبي طالب، فقالت: يا رسول الله إني قد كبرت ولي عيال. .». أخرجه في الفضائل، باب من فضائل نساء قريش (2527) -201. (¬1) ذكرها ابن الأثير في الكامل 2/ 176، وعزاها كل من ابن سيد الناس والنويري والحافظ في الإصابة إلى أبي عبيدة أنه ذكرها في زوجات النبي صلى الله عليه وسلم. (¬2) ذكرها ابن سعد 8/ 141 مع النساء اللاتي تزوجهن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يجمعهن، ومن فارق منهن، فقال: الكلابية، وقد اختلف علينا باسمها. . . ثم روى من طريق الواقدي عن الزهري قال: هي فاطمة بنت الضحاك بن سفيان، فاستعاذت منه فطلقها، فكانت تلقط البعر وتقول: أنا الشقية. وتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة ثمان من الهجرة، وتوفيت سنة ستين. وقال ابن حبان في سيرته/359/: تزوجها فاستعاذت منه فقال: قد عذت بعظيم الحقي بأهلك. وفارقها. ونقل أبو عمر في الاستيعاب 4/ 1899 عن ابن إسحاق «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوجها ثم خيرها، فاختارت الدنيا، ففارقها. . .» لكنه ردّ هذه الرواية لأنه ثبت أن زوجات النبي صلى الله عليه وسلم اخترنه كلهن حين خيرهن. وانظر كلاما طويلا للحافظ في الإصابة 8/ 64 - 65، وانظر مرشد المحتار/130/. (¬3) هكذا (قيلة) في الجميع. قال أبو عمر 4/ 1903: قتيلة، ويقال: قيلة. وليس بشيء، والصواب: قتيلة، وهو ما جروا عليه في الطبقات وتسمية الأزواج وأنساب الأشراف ودلائل البيهقي وأسد الغابة. ووافق المصنف: المحبر ومعجم الطبراني والإصابة. وروى الطبراني في الكبير 25/ 15 أن رسول الله صلى الله عليه وسلم-

*وقتيلة بنت الحارث الشاعرة (¬1). *وليلى بنت الخطيم (¬2). ¬

= تزوجها ولم يدخل بها حتى فارقها. وروى أبو نعيم وابن عساكر بسند قوي الإسناد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم قتيلة أخت الأشعث بن قيس، فمات قبل أن يخيرها. . .». انظر تاريخ دمشق 1/ 186، والإصابة 8/ 89. وأخرجه البزار أيضا 3/ 148. وقال أبو عبيدة في تسمية الأزواج/72/، وابن حبيب في المحبر 94 - 95، والحاكم في المستدرك 4/ 38 عن أبي عبيدة: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوجها حين قدم عليه وفد كندة، ولم تكن قدمت عليه، ولا دخل بها، وفي لفظ: ولا رآها. وانظر كتاب الأزواج للصالحي بتحقيقنا ففيه تفصيل أكثر. (¬1) هكذا: (قتيلة بنت الحارث) كما هو في السيرة 2/ 42، والعقد الفريد 3/ 222، والأغاني 1/ 19، وزهر الآداب 1/ 66، لكن الذي في كتب الصحابة وبعض كتب الأدب الأخرى: (قتيلة بنت النضر بن الحارث). وسمّاها الجاحظ في البيان 4/ 43: ليلى. ولم أجد من عدّها من زوجات النبي صلى الله عليه وسلم، لكن ذكر البحتري في الحماسة/434/: «أنها كانت حازمة ذات رأي وجمال، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد أن يتزوجها حتى كان من أبيها ما كان». أقول: وهذا يدل على سعة اطلاع المصنف رحمه الله. وأما ترجمته لها: بالشاعرة. فذلك أن جميع من ذكرها، إنما ذكرها بمناسبة أبيات قالتها في أبيها بعد أن قتله النبي صلى الله عليه وسلم عقب بدر. حتى ذكروا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما سمع شعرها بكى وقال: لو بلغني شعرها قبل قتله لعفوت عنه. وفي الأغاني: إن شعرها أكرم شعر موتور، وأعفه، وأكفه، وأحلمه. وقال أبو عمر في الاستيعاب 4/ 1904: كانت شاعرة محسنة. (¬2) أخت قيس بن الخطيم، عرضت نفسها على النبي صلى الله عليه وسلم فقبلها، ثم رجعت فقالت: أقلني. فقال: قد فعلت. وانظر قصتها كاملة في الطبقات 8/ 150 - 151 حيث أخرجها ابن سعد من طريق الكلبي، وانظر المحبر/96/، وأنساب الأشراف 1/ 459.

*وليلى بنت حكيم (¬1). *ومليكة بنت داود (¬2). *ومليكة بنت كعب. وقال الواقدي: دخل بها وتوفيت عنده صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان سنة ثمان (¬3). *وهند بنت يزيد (¬4). ¬

(¬1) قال أبو عمر 4/ 1909: التي وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم، ذكرها أحمد بن صالح المصري في أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يذكرها غيره فيما علمت. وجوز ابن الأثير أن تكون التي قبلها لأن (الخطيم) يشبه (الحكيم)، وأقرّاه في التجريد والإصابة. (¬2) هكذا في الطبري 3/ 65، وساق قصتها كما سيأتي في التي بعدها. وذكرها ابن سيد الناس في العيون 2/ 405، وابن طولون في مرشد المحتار/277/عن ابن حبيب، وعزاها الصالحي في كتاب الأزواج/259/إلى ابن حبيب وابن الأثير وصاحب المورد، ولكني لم أجدها لا عند ابن حبيب في المحبر، ولا عند ابن الأثير في أسد الغابة أو الكامل، ويشهد لي أن الحافظ والذهبي عزياها إلى ابن بشكوال، وقالا: لم يصح ذلك. (¬3) روى ابن سعد 8/ 148، وعنه ابن عساكر 1/ 189 - 190، من طريق الواقدي عن أبي معشر: أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج مليكة بنت كعب، وكانت تذكر بجمال بارع، فدخلت عليها عائشة فقالت لها: أما تستحين أن تنكحي قاتل أبيك؟ فاستعاذت من رسول الله صلى الله عليه وسلم فطلقها، فجاء قومها إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله إنها صغيرة، وإنها لا رأي لها، وإنها خدعت، فارتجعها، فأبى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستأذنوه أن يتزوجها قريب لهم فأذن لهم. لكن محمد بن عمر ضعف هذا الحديث. وروى ابن سعد قول الواقدي الذي ساقه المصنف. ونقل الحافظ كل هذا في الإصابة ولم يزد. (¬4) ذكرها أبو عبيدة في تسمية الأزواج/69/، وذكرها أبو عمر في الاستيعاب 4/ 1923 - 1924 عنه وقال: قال أحمد بن صالح المصري: هي عمرة بنت يزيد. وفيها نظر، لأن الاضطراب فيها كثير جدا.

*وأم حبيب ابنة عمه العباس رضي الله عنه (¬1). *ونعامة العنبرية (¬2). *وأم شريك الأنصارية (¬3). *وأم شريك الغفارية (¬4). ¬

(¬1) ويقال: أم حبيبة. ولم أجد من ذكرها مع الزوجات، لكن جاء في ترجمتها عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أم حبيب بنت العباس تدب بين يديه، فقال: لئن بلغت هذه وأنا حي لتزوجتها، فقبض قبل أن تبلغ. انظر كتب الصحابة، وعزاه ابن الأثير إلى ابن إسحاق من رواية ابن بكير. (¬2) كانت من سبي بني العنبر، وكانت امرأة جميلة، عرض عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتزوجها، فلم تلبث أن جاء زوجها. ذكر الخبر ابن الأثير في الأسد عن ابن الدباغ، وكذا في التجريد، وساقه الحافظ 2/ 57 - 58 عن أبي الشيخ وعمر بن شبة عند ترجمة زوجها الحريش. (¬3) روى ابن أبي خيثمة عن قتادة قال: تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم أم شريك الأنصارية النجارية وقال: «إني أحب أن أتزوج في الأنصار»، ثم قال: «إني أكره غيرة الأنصار». فلم يدخل بها. انظر الإصابة، وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم للصالحي. (¬4) قال في الاستيعاب 4/ 1942: ذكرها أحمد بن صالح المصري في أزواج النبي صلى الله عليه وسلم هكذا.

فصل في أخلاقه صلى الله عليه وسلم

فصل في أخلاقه صلى الله عليه وسلم (¬1) كان صلى الله عليه وسلم أشجع الناس. قال علي رضي الله عنه: كنا إذا حمي البأس، ولقي القوم القوم، اتقينا به (¬2). وعن أنس عنه صلى الله عليه وسلم قال: «فضّلت على الناس بأربع: بالسماحة، والشجاعة، وكثرة الجماع، وشدة البطش (¬3). ¬

(¬1) هذا هو العنوان الثاني في المخطوط. (¬2) بهذا اللفظ أخرجه الإمام أحمد 1/ 156، وصححه أحمد شاكر (1346)، والنسائي في الكبرى كما في تحفة الأشراف 7/ 357، وصححه العراقي كما في تخريجه على الإحياء 2/ 411، وأخرجه أبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم (58)، والبيهقي في الدلائل 3/ 258، والبغوي في شرح السنة (3698)، وفي الشمائل له (356). وتتمة الحديث: «فما يكون أحد أدنى من القوم منه». ومعناه في صحيح مسلم، كتاب الجهاد، باب غزوة حنين (1776) من حديث البراء رضي الله عنه قال: «كنا والله إذا احمرّ البأس نتقي به، وإن الشجاع منا للذي يحاذي به. يعني النبي صلى الله عليه وسلم». ومعنى حمي البأس، وفي لفظ: أحمر البأس: اشتدت الحرب واشتعلت. (¬3) أخرجه الطبراني في الأوسط، وحسن إسناده في مجمع الزوائد 9/ 13، وقال في 8/ 269: رجاله موثقون. وفي المجمع بدل السماحة: السخاء. ويشهد له ما في الصحيحين من حديث أنس رضي الله عنه: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن-

وكان صلى الله عليه وسلم أسخى الناس: «ما سئل شيئا قط فقال: لا» (¬1). وكان أحلم الناس: قال عليه الصلاة والسلام-وسئل أن يدعو على قوم من الكفار-: «إنما بعثت رحمة، لم أبعث عذابا» (¬2). ولما كسرت رباعيته وشج وجهه قال: «اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون» (¬3). ¬

= الناس، وكان أجود الناس، وكان أشجع الناس». أخرجه البخاري في الأدب، باب حسن الخلق والسخاء وما يكره من العمل (6033)، ومسلم في الفضائل، باب في شجاعة النبي صلى الله عليه وسلم وتقدمه للحرب (2307). (¬1) بهذا اللفظ أخرجه البخاري في الكتاب والباب السابقين (6034)، ومسلم في الفضائل، باب ما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا قط فقال: لا، وكثرة عطائه (2311). (¬2) بهذا اللفظ أخرجه البيهقي في شعب الإيمان (1403)، وأخرجه الإمام مسلم بلفظ: قيل: يا رسول الله ادع على المشركين. قال: «إني لم أبعث لعانا، وإنما بعثت رحمة». كتاب البر والصلة، باب النهي عن لعن الدواب وغيرها (2599). وعلق البيهقي على عدم دعوته على المشركين بقوله: وهذا-والله أعلم-على أنه كان يرجو إسلامهم. (¬3) بهذا اللفظ هو في الصحيحين من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، أخرجه البخاري في استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم (6929)، ومسلم في الجهاد والسير، باب غزوة أحد (1792). ونقل الصالحي في السبل 7/ 39 - 40 عن القاضي في قوله صلى الله عليه وسلم: «اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون»: انظر ما في هذا القول من إجماع الفضل، ودرجات الإحسان، وحسن الخلق، وكرم النفس، وغاية الصبر والحلم، إذ لم يقتصر صلى الله عليه وسلم على السكوت عنهم حتى عفا عنهم، ثم أشفق عليهم ورحمهم ودعا وشفع لهم، فقال: اللهم اهد واغفر. ثم أظهر الشفقة والرحمة بقوله: لقومي. ثم اعتذر عنهم لجهلهم فقال: إنهم لا يعلمون.

وكان عليه الصلاة والسلام «أشدّ حياء من العذراء في خدرها (¬1). لا يثبت بصره في وجه أحد» (¬2). قالت عائشة رضي الله تعالى عنها: ما أتى أحدا من نسائه إلا متقنعا، يرخي الثوب على رأسه، ولم أره منه، ولا رآه مني (¬3). وكان لا ينتقم لنفسه، ولا يغضب لها إلا أن تنتهك حرمات الله تعالى، وإذا غضب لله لم يقم لغضبه أحد، ما خيّر بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثما، فإن كان إثما، كان أبعد الناس منه (¬4). «وما عاب طعاما قطّ: إن اشتهاه أكله، وإن لم يشتهه تركه» (¬5). ¬

(¬1) أخرجه البخاري في المناقب، باب صفة النبي صلى الله عليه وسلم (3562)، ومسلم في الفضائل، باب كثرة حيائه صلى الله عليه وسلم (2320)، وتتمته: «وكان إذا كره شيئا، عرفناه في وجهه». (¬2) هذه الفقرة ذكرها القاضي في الشفا 2/ 82 كحديث، ونسبها ملا علي القاري شارح الشفا إلى الغزالي في الإحياء، وقال: لكن لم يعرف العراقي وروده في الأنباء. (¬3) أخرجه أبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم/251/، والبغوي في الشمائل (1060). (¬4) هذه المعاني وردت في الصحيحين وغيرهما، ولفظ البخاري من حديث السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: ما خيّر رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا أخذ أيسرهما، ما لم يكن إثما، فإن كان إثما كان أبعد الناس منه. وما انتقم رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه إلا أن تنتهك حرمة الله، فينتقم لله بها». كتاب المناقب، باب صفة النبي صلى الله عليه وسلم (356)، ومسلم في الفضائل، باب مباعدته صلى الله عليه وسلم للآثام، واختياره من المباح أسهله، وانتقامه لله عند انتهاك حرماته (2327). (¬5) متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أخرجه البخاري في كتاب الأطعمة، باب ما عاب النبي صلى الله عليه وسلم طعاما (5409)، ومسلم في الأشربة، باب لا-

«وكان لا يأكل متكئا (¬1)، ولا على خوان، ولا في سكرّجة، ولا خبز له مرقّق» (¬2). أكل البطيخ بالرطب والقثّاء بالرطب، وقال: «يكسر حر هذا برد هذا، وبرد هذا حر هذا» (¬3). ¬

= يعيب الطعام (2064). وقال الحافظ: أي مباحا، أما الحرام، فكان يعيبه، ويذمه، وينهى عنه، قال الإمام النووي: من آداب الطعام المتأكدة أن لا يعاب، كقوله: مالح، حامض، قليل الملح، غليظ، رقيق، غير ناضج، ونحو ذلك. (¬1) أخرجه البخاري في الأطعمة، باب الأكل متكئا (5398) من حديث أبي أحيحة رضي الله عنه بلفظ: «إني لا آكل متكئا». وذكر الحافظ عدة معان للاتكاء منها: أن يتمكن من الجلوس للأكل على أي صفة كان، ومنها: أن يميل على أحد شقيه، ومنها أن يعتمد على يده اليسرى. أما في صفة الجلوس المستحبة فقال: أن يكون جاثيا على ركبتيه وظهور قدميه، أو أن ينصب الرجل اليمنى ويجلس على اليسرى. (¬2) أخرجه البخاري في الكتاب السابق، باب الخبز المرقق والأكل على الخوان والسفرة (5386) من حديث أنس رضي الله عنه قال: «ما علمت النبي صلى الله عليه وسلم أكل على سكرّجة قط، ولا خبز له مرقق قط، ولا أكل على خوان قط». والخبز المرقق: الرغيف الواسع الرقيق. والخوان بكسر الخاء، ويجوز ضمها: ما يوضع عليه الطعام عند الأكل. والسكرجة: بضم السين والكاف والراء الثقيلة بعدها جيم مفتوحة: صحاف صغار يؤكل بها. ونقل الحافظ عن شيخه في شرح الترمذي أن تركه صلى الله عليه وسلم الأكل في السكرجة: إما لكونها لم تكن تصنع عندهم إذ ذاك، أو استصغارا لها، لأن عادتهم الاجتماع على الأكل. (¬3) أما أكل القثاء بالرطب: فمتفق عليه من حديث عبد الله بن جعفر رضي الله عنه قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يأكل الرطب بالقثاء. أخرجه البخاري في الأطعمة، باب القثاء بالرطب (5440)، ومسلم في الأشربة، باب القثاء بالرطب (2043). وقال الإمام النووي في شرحه 13/ 227: وقد جاء في غير مسلم زيادة قال: «يكسر حر هذا برد هذا». فيه جواز أكلهما معا، وأكل الطعامين معا، والتوسع-

«وكان يحب الحلواء والعسل» (¬1). وأحبّ الشراب إليه الحلو البارد (¬2). ¬

= في الأطعمة، ولا خلاف بين العلماء في جواز هذا، وما نقل عن بعض السلف من خلاف، فمحمول على كراهة اعتياد التوسع والترفه والإكثار منه لغير مصلحة دينية، والله أعلم. وأما أكل البطيخ بالرطب، وما ساق بعده من كلام: فأخرجه أبو داود في الأطعمة، باب الجمع بين لونين في الأكل (3836)، وأخرجه الترمذي مختصرا في الأطعمة، باب ما جاء في أكل البطيخ بالرطب (1844) وقال: حسن غريب. وبالعبارة الأولى أخرجه أيضا النسائي في الكبرى كما في تحفة الأشراف 12/ 101 وسنده صحيح كما في الفتح عند شرح الحديث (5449)، وقال ابن القيم رحمه الله في الطب النبوي/446/، والزاد 4/ 287: المراد به البطيخ الأخضر. وتعقبه الحافظ في الفتح، وقال: بل الأصفر، بدليل حديث أنس عند النسائي بسند صحيح، وفيه: «رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يجمع بين الرطب والخربز». والخربز: نوع من البطيخ الأصفر، وكان يكثر وجوده بأرض الحجاز، بخلاف الأخضر. (¬1) بهذا اللفظ مختصرا: أخرجه الترمذي في الأطعمة، باب ما جاء في حب النبي صلى الله عليه وسلم الحلواء والعسل (1832). وأخرجه البخاري أول حديث طويل في الطلاق، باب قول الله تعالى: لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللهُ لَكَ؟ (5268)، كما أخرجه مسلم في الطلاق، باب وجوب الكفارة على من حرم امرأته ولم ينو الطلاق (1474). والحلواء-بالمد والقصر-: لغتان، وهي كل حلو يؤكل، وقال الخطابي: اسم لحلوى لا يقع إلا على ما دخلته الصنعة، وقال النووي: وفيه جواز لذيذ الأطعمة والطيبات من الرزق، وأن ذلك لا ينافي الزهد والمراقبة. (¬2) أخرجه الإمام أحمد 6/ 38، والترمذي في الأشربة، باب ما جاء أي الشراب أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم (1896)، وفي الشمائل (205)، وأبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم 245 - 246، وصححه الحاكم 4/ 137 ووافقه الذهبي. -

قال أبو هريرة: خرج عليه الصلاة والسلام من الدنيا ولم يشبع من خبز الشعير، هو وأهل بيته (¬1). «وكان يأتي عليه الشهر والشهران لا يوقد في بيت من بيوته نار، كان قوتهم الماء والتمر، قالت عائشة رضي الله عنها: إلا أنّ حولنا أهل دور من الأنصار يبعثون بشياههم فنصيب من ذلك اللبن» (¬2). وكان صلى الله عليه وسلم: يخصف النعل، ويرقع الثوب، ويخدم في مهنة أهله (¬3). ¬

= وأخرجه البغوي في الشمائل (1008)، وفي شرح السنة 11/ 365، كلهم عن الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله عنها، وأخرجه ابن أبي شيبة 8/ 224، وعبد الرزاق 10/ 426 مرسلا، وأشار إليه الترمذي وقال: هذا أصح، يعني المرفوع. (¬1) أخرجه البخاري في الأطعمة، باب ما كان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه يأكلون (5414) واللفظ له إلى قوله: خبز الشعير. وأخرجه مسلم في الزهد والرقائق (2976)، والترمذي في الزهد، باب ما جاء في عيشة النبي صلى الله عليه وسلم وأهله (2359). (¬2) كل هذه المعاني من حديث واحد متفق عليه، انظر رواياته مجتمعة في جامع الأصول 4/ 682 - 683. (¬3) أخرجه البخاري في الأذان، باب من كان في حاجة أهله فأقيمت الصلاة فخرج (676) من حديث السيدة عائشة رضي الله عنها: أنها سئلت: ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يعمل في بيته؟ قالت: كان يكون في مهنة أهله، فإذا حضرت الصلاة، خرج إلى الصلاة. وأخرجه في الأدب المفرد (540) بلفظ: يخصف النعل، ويرقع الثوب، ويخيط. وهذا أخرجه الإمام أحمد 6/ 121 و 167، وأبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم/20/، وعبد الرزاق 11/ 260، وصححه ابن حبان 12/ 490 - 491.

«ويعود المرضى» (¬1). «ويحلب الشاة» (¬2). ويجيب من دعاه من غني أو فقير، ويحب المساكين، ويشهد جنائزهم، ويعود مرضاهم (¬3). ولا يحقر فقيرا لفقره، ولا يهاب ملكا لملكه. يركب الفرس، والبعير، والبغلة، والحمار. ويردف خلفه عبده أو غيره، في نحو من ثلاثين مردفا، ذكرهم ابن منده (¬4). ¬

(¬1) بهذا اللفظ أخرجه الترمذي في الشمائل (325). (¬2) إحدى روايات حديث السيدة عائشة رضي الله عنها السابق: عن عمرة عن عائشة أنها سئلت: ما كان عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته؟ قالت: ما كان إلا بشرا من البشر، كان يفلي ثوبه، ويحلب شاته، ويخدم نفسه. (انظر تخريجه في هامش الإحسان 12/ 489). (¬3) أخرج الإمام مالك في الجنائز، باب التكبير على الجنائز 1/ 227، والنسائي في الجنائز 4/ 40 من حديث سهل بن حنيف رضي الله عنه: أن مسكينة مرضت، فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بمرضها-وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعود المساكين، ويسأل عنهم-فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا ماتت فآذنوني. .»، وأخرجه البيهقي في شعب الإيمان (9246) بلفظ: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتي ضعفاء المسلمين ويزورهم ويعود مرضاهم، ويشهد جنائزهم. (¬4) أخرج أبو داود في الجهاد، باب في لزوم الساقة (2639) من حديث جابر رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخلف في المسير، فيزجي (يسوق) الضعيف، ويردف، ويدعو لهم. وقد وردت في الصحيحين والسنن أسماء كثير ممن أردفهم النبي صلى الله عليه وسلم خلفه أو أمامه، حتى أوصلهم الصالحي 7/ 606 - 617 إلى أكثر من أربعين، وقد نظم أسماءهم بعض العلماء فقال: -

وكان لا يدع أحدا يمشي خلفه، ويقول: «خلوا ظهري للملائكة» (¬1). ويلبس الصوف، وينتعل المخصوف. أحبّ اللباس إليه الحبرة (¬2). وأصابه صلى الله عليه وسلم في الخندق جهد، فعصب على بطنه حجرا من الجوع مع ما آتاه الله من خزائن الأرض (¬3). «وكان يكثر الذكر، ويقلّ اللغو، ويطيل الصلاة، ويقصّر الخطبة، ¬

= وإردافه جمّ غفير، فمنهم عليّ وعثمان سويد وجبريل أسامة والصديق ثم ابن جعفر وزيد وعبد الله ثم سهيل معاوية قيس بن سعد صفية وسبطاه ماذا عنهم سأقول معاذ أبو الدرداء بريدة عقبة وآمنة إن قام ثم دليل وأولاد عباس كذا قال شارح. . . . . . . . . . . . . . . انظر سبل الهدى والرشاد 7/ 616 - 617. (¬1) أخرجه الإمام أحمد في المسند 3/ 398 من حديث طويل. (¬2) متفق عليه من حديث أنس رضي الله عنه، أخرجه البخاري في اللباس، باب البرود والحبر والشملة (5812)، ومسلم في اللباس والزينة، باب فضل لباس ثياب الحبرة (2079). والحبرة-بكسر الحاء وفتح الباء والراء-: من برود اليمن، تصنع من قطن موشية مخططة، وقيل: لونها أخضر. وكانت أشرف الثياب عندهم. ومحبرة أي مزينة. (¬3) عصبه صلى الله عليه وسلم الحجر على بطنه من الجوع يوم الخندق صحيح، أخرجه البخاري في المغازي، باب غزوة الخندق (4101) من حديث جابر رضي الله عنه قال: إنا يوم الخندق نحفر، فعرضت كيدة شديدة، فجاؤوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: هذه كدية عرضت في الخندق، فقال: أنا نازل، ثم قام وبطنه معصوب بحجر، ولبثنا ثلاثة أيام لا نذوق ذواقا. .

ولا يستنكف أن يمشي مع الأرملة والعبد» (¬1). ويحب الطيب، ويكره الريح الكريهة. قال عليه الصلاة والسلام: «حبب إليّ من دنياكم ثلاث: الطيب والنساء، وجعلت قرّة عيني في الصلاة» (¬2). يألف أهل الشرف، ويكرم أهل الفضل، ولا يطوي بشره عن أحد، ولا يجفو عنه، يرى اللعب المباح فلا ينكره. يمزح ولا يقول إلا حقا (¬3). ¬

(¬1) كل هذه المعاني من حديث واحد تقريبا، أخرجه النسائي في الجمعة، باب ما يستحب من تقصير الخطبة 3/ 108 - 109 وفيه: ولا يأنف أن يمشي مع الأرملة والمسكين، فيقضي له الحاجة. وأخرجه الدارمي (75)، وأبو الشيخ /34/، وصححه ابن حبان (6423)، والحاكم 2/ 614، والبيهقي في الدلائل 1/ 329، والبغوي في الشمائل (382). (¬2) أخرجه الإمام أحمد 3/ 128 و 199 و 285، والنسائي في عشرة النساء (1) و (2)، وفي المجتبى 7/ 61 كتاب عشرة النساء، باب حب النساء. وصححه الحافظ في تلخيص الحبير 3/ 133 - 134، وأخرجه أبو الشيخ/247/، وأبو يعلى (3469) و (3517)، والحاكم 2/ 160، والبيهقي في السنن الكبرى 7/ 78. (¬3) أخرجه الطبراني في الكبير 12/ 391 (13443)، وفي الصغير (779) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إني لأمزح، ولا أقول إلا حقا». وقال الهيثمي في المجمع 8/ 89: وإسناده حسن. ورواه الخطيب في تاريخ بغداد 3/ 378 من حديث أنس رضي الله عنه. ويشهد لمعناه أيضا: حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قيل: يا رسول الله، إنك تداعبنا. قال: «إني لا أقول إلا حقا». أخرجه الإمام أحمد 2/ 340 - 360، والترمذي في البر والصلة، باب ما جاء في المزاح (1991)، وقال: حسن صحيح. وقال: تداعبنا: أي تمازحنا. وأخرجه البخاري في الأدب المفرد (265).

أفكه الناس خلقا (¬1)، يقبل معذرة المعتذر إليه. قالت عائشة رضي الله عنها: كان خلقه القرآن، يغضب لغضبه، ويرضى لرضاه (¬2). وقال أنس رضي الله عنه: ما مسست ديباجا ولا حريرا ألين من كفه صلى الله عليه وسلم، ولا شممت رائحة قط أطيب من رائحته صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم (¬3). ¬

(¬1) بهذا اللفظ عزاه الصالحي في السبل 7/ 176 إلى ابن عساكر من حديث حبشي بن جنادة رضي الله عنه، وأخرجه عن أنس رضي الله عنه بلفظ: «من أفكه الناس». (مختصر تاريخ دمشق 2/ 217). (¬2) بهذا اللفظ هو للبيهقي في الشعب (1428)، وأخرجه الإمام أحمد 6/ 54، وأبو الشيخ/28/، والبغوي في الشمائل (197)، وصححه الحاكم 2/ 613، ووافقه الذهبي. (¬3) متفق عليه، أخرجه البخاري في المناقب، باب صفة النبي صلى الله عليه وسلم (3561)، ومسلم في الفضائل، باب طيب رائحة النبي صلى الله عليه وسلم ولين مسه (2330).

فضائله صلى الله عليه وسلم

فضائله صلى الله عليه وسلم ومن فضائله: انشقاق القمر. قال الله تعالى: {اِقْتَرَبَتِ السّاعَةُ وَاِنْشَقَّ الْقَمَرُ} [القمر:1]. وهو في الصحيح من طرق (¬1). وأعطاه الله تعالى الكوثر. قال الله تعالى: {إِنّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ} [الكوثر:1]، وله في الصحيح طرق (¬2). ¬

(¬1) أخرجه البخاري في المناقب، باب سؤال المشركين أن يريهم النبي صلى الله عليه وسلم آية، فأراهم انشقاق القمر (3636) و (3637) و (3638) عن ابن مسعود وأنس وابن عباس رضي الله عنهم جميعا، وأخرجه مسلم عنهم وعن ابن عمر رضي الله عنهما في صفات المنافقين، باب انشقاق القمر (2800) و (2801) و (2802) و (2803). (¬2) ولفظه كما في البخاري من حديث أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بينما أنا أسير في الجنة، إذ أنا بنهر حافتاه قباب الدر المجوف، قلت: ما هذا يا جبريل؟ قال: هذا الكوثر الذي أعطاك ربك. .». كتاب الرقاق، باب في الحوض وقوله تعالى: إِنّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ (6581)، وأخرجه أيضا في التفسير، باب سورة إِنّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ (4964) و (4965) و (4966) عن أنس وعائشة وابن عباس رضي الله عنهم جميعا، وهو في صحيح مسلم من حديث أنس رضي الله عنه في الصلاة، باب حجة من قال: البسملة آية من كل سورة سوى براءة (400).

وكلمه الضب: في حديث رواه الحاكم (¬1). ومنها: أن كنوز كسرى تنفقها أمته في سبيل الله (¬2). ¬

(¬1) الخبر ساقه القاضي في الشفا 3/ 126 مختصرا من حديث سيدنا عمر رضي الله عنه هكذا: «إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في محفل من أصحابه، إذ جاء أعرابي قد صاد ضبا فقال: من هذا؟ قالوا: نبي الله. فقال: واللات والعزى لا آمنت بك أو يؤمن بك هذا الضب، وطرحه بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا ضب، فأجابه بلسان مبين، يسمعه القوم جميعا: لبيك وسعديك يا زين من وافى القيامة. قال: من تعبد؟ قال: الذي في السماء عرشه، وفي الأرض سلطانه، وفي البحر سبيله، وفي الجنة رحمته، وفي النار عقابه. قال: فمن أنا؟ قال: رسول رب العالمين، وخاتم النبيين، وقد أفلح من صدقك، وخاب من كذبك. فأسلم الأعرابي». وهو بتمامه عند الطبراني في الصغير (948)، وأبي نعيم في الدلائل (275)، والبيهقي في الدلائل 6/ 36 - 38 وقال: وروي ذلك في حديث عائشة وأبي هريرة، وما ذكرناه هو أمثل الإسناد فيه. وأضاف السيوطي في الخصائص 2/ 65 نسبته إلى ابن عدي والحاكم في المعجزات. وقال الذهبي في الميزان 3/ 651: خبر باطل. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد 8/ 294: رواه الطبراني في الصغير والأوسط عن شيخه محمد بن علي بن الوليد البصري، قال البيهقي: والحمل في هذا الحديث عليه. قلت: وبقية رجاله رجال الصحيح. وقال السيوطي في الخصائص أيضا: لحديث عمر -رضي الله عنه-طريق آخر ليس فيه محمد بن علي بن الوليد، أخرجه أبو نعيم، وقد ورد أيضا مثله من حديث علي أخرجه ابن عساكر. قلت: هو في المختصر 2/ 145 - 147؛ وقال القسطلاني في المواهب 2/ 555: الحديث مطعون فيه، وقيل: إنه موضوع، لكن معجزاته صلى الله عليه وسلم فيها ما هو أبلغ من هذا، وليس فيه ما ينكر شرعا، خصوصا وقد رواه الأئمة، فنهايته الضعف لا الوضع، والله أعلم. (¬2) كما ورد في الصحيحين من حديث جابر بن سمرة وأبي هريرة رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده، وإذا هلك قيصر فلا-

وأن سراقة يسوّر بسواري كسرى (¬1). وبأن خزائن فارس والروم تفتح (¬2). وبأن المسلمين يقاتلون قوما: صغار الأعين، عراض الوجوه، ذلف الأنوف (¬3). ¬

= قيصر بعده، والذي نفسي بيده، لتنفقن كنوزهما في سبيل الله». أخرجه البخاري في المناقب، باب علامات النبوة (3618) و (3619)، ومسلم في الفتن، باب لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل (2918) و (2919). (¬1) روي ذلك عن الحسن رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لسراقة بن مالك: «كيف بك إذا لبست سواري كسرى؟ قال: فلما أتي عمر رضي الله عنه بسواري كسرى، دعا سراقة، فألبسه، وقال: قل الحمد لله الذي سلبهما كسرى بن هرمز، وألبسهما سراقة الأعرابي»، أخرجه ابن الأثير في أسد الغابة عن الثلاثة، وعزاه السيوطي في الخصائص 2/ 113 إلى البيهقي. (¬2) في الصحيح من حديث عدي رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ولئن طالت بك حياة، لتفتحن كنوز كسرى. . فقال عدي: وكنت فيمن افتتح كنوز كسرى. .». أخرجه البخاري في المناقب، علامات النبوة (3595). (¬3) هم التّرك كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا الترك، صغار الأعين، حمر الوجوه، ذلف الأنوف. . .». أخرجه البخاري في الجهاد، باب قتال الترك (2928)، ومسلم في الفتن، باب لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل (2912)، وأما لفظة (عراض الوجوه): فقد وردت في حديث عمرو بن تغلب رضي الله عنه، أخرجه البخاري في نفس الكتاب والباب السابقين (2927). ومعنى ذلف الأنوف-وفي رواية فطس الأنوف-كما قال الحافظ: جمع أدلفة بالمهملة والمعجمة وهو الأشهر، وقيل: الدلف: الاستواء في طرف الأنف. وقيل: قصر الأنف وانبطاحه. وقيل: ذلف الأنوف: أي صغارها، والعرب تقول: أملح النساء الذلف.

وأن الشام واليمن يفتحان (¬1). وأن أمته يفتحون مصر، أرضا يذكر فيها القيراط (¬2). وأن أويسا القرني يقدم مع أمداد اليمن، وكان به برص فيبرأ منه إلا قدر درهم (¬3). وفي حديث جابر قال له عليه الصلاة والسلام: «هل لكم من أنماط؟ قلت: أنّى تكون لنا أنماط؟ قال: أما إنها ستكون» (¬4). ¬

(¬1) كما في حديث سفيان بن أبي زهير رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «تفتح اليمن، فيأتي قوم يبسّون، فيتحملون بأهلهم ومن أطاعهم، المدينة خير لهم لو كانوا يعلمون، وتفتح الشام، فيأتي قوم يبسون، فيتحملون بأهليهم ومن أطاعهم، والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون، وتفتح العراق، فيأتي قوم. . .». أخرجه البخاري في فضائل المدينة، باب من رغب عن المدينة (1875)، ومسلم في الحج، باب الترغيب في المدينة عند فتح الأمصار (1388). ويبسون-بضم الموحدة وكسرها-: يسوقون دوابهم. (¬2) ورد ذلك في حديث أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنكم ستفتحون أرضا يذكر فيها القيراط، فاستوصوا بأهلها خيرا، فإن لهم ذمة ورحما. . .». أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب وصية النبي صلى الله عليه وسلم بأهل مصر (2543). (¬3) هذا حديث صحيح، وتمامه: «. . . له والدة، هو بها برّ، لو أقسم على الله لأبره. .». أخرجه مسلم من حديث سيدنا عمر رضي الله عنه في فضائل الصحابة، باب من فضائل أويس القرني رضي الله عنه (2542). وفيه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أوصى عمر رضي الله عنه أن يطلب من أويس أن يستغفر له، ففعل. والأمداد: هم الجماعة الغزاة الذين يمدون جيوش الإسلام في الغزو، واحدهم (مدد). انظر شرح مسلم 16/ 95. (¬4) أخرجه البخاري في المناقب، باب علامات النبوة (3631)، ومسلم في اللباس، باب جواز اتخاذ الأنماط (2083). والأنماط، جمع نمط: بساط له خمل رقيق.

وهاجت ريح شديدة، فقال: «هذه الريح هاجت لموت منافق». قال جابر: فقدمنا المدينة فوجدنا عظيما من المنافقين قد مات (¬1). وفي أبي داود: أكل من شاة لقمة، ثم قال: إن هذه تخبرني أنها أخذت بغير إذن أهلها. فنظر، فإذا هو كما قال صلى الله عليه وسلم (¬2). وفي الصحيح: لما تحرك الجبل، قال: «اسكن إنما عليك نبي أو صديق أو شهيد» (¬3). واصطفاه الله تعالى: بالمحبة، والخلّة، والقرب، والدنو، والمعراج، والصلاة بالأنبياء عليهم الصلاة والسلام، والشهادة بينهم، ولواء الحمد، والبشارة، والنذارة، والهداية، والإمامة (¬4)، ورحمة للعالمين. ¬

(¬1) أخرجه مسلم في صفات المنافقين وأحكامهم (2782). (¬2) في هذا الحديث: «أن امرأة دعت النبي صلى الله عليه وسلم، فأرسلت إلى السوق لتشتري شاة، فلم تجد، فبعثت إلى جارتها-وكان الجار قد اشترى شاة، فأرسلت الجارة الشاة بغير علم زوجها. .». أخرجه أبو داود في البيوع، باب اجتناب الشبهات (3332). (¬3) كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان على جبل حراء، فتحرك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اسكن حراء، فما عليك إلا نبي أو صديق أو شهيد». وكان على الجبل معه أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير وسعد وعبد الرحمن رضي الله عنهم. رواه أحمد 1/ 118 و 189، وأبو داود، كتاب السنة، باب في الخلفاء (4648)، والترمذي في المناقب (3757)، وابن ماجه في المقدمة (134)، وصححه ابن حبان كما في الإحسان (6996)، والحاكم في المستدرك. وروى البخاري في فضائل الصحابة، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لو كنت متخذا خليلا» (3675) من حديث أنس رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم صعد أحدا وأبو بكر وعمر وعثمان، فرجف بهم، فقال: «أثبت أحد فإن عليك نبي وصديق وشهيدان». (¬4) كذا (الإمامة) في (1) و (2) والعقد والمطبوع، وفي (3): الأمانة.

وأعطاه: الرضا، وإتمام النعمة، والعفو عما تقدم وتأخر، وشرح الصدر، ورجحان العقل ووضع الوزر، ورفع الذكر، وعزة النصر، ونزول السكينة، والتأييد بالملائكة، وإيتاء الكتاب والحكمة، والسبع المثاني والقرآن العظيم (¬1)، وصلاة الله وملائكته عليه، والحكم بين الناس بما أراه الله تعالى، ووضع الإصر والأغلال عنهم (¬2)، والقسم باسمه (¬3)، وإجابة دعوته، وإحياء الموتى (¬4)، وإسماع الصم، ورد ¬

(¬1) كما في قوله تعالى: وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ [الحجر: 87]. والسبع المثاني هي الفاتحة، وسميت مثاني: لأنها تثنى في الصلاة، فتقرأ في كل ركعة؛ أو لأنها مقسومة بين الله تعالى والعبد بنصفين، نصفها ثناء، ونصفها دعاء؛ أو لأنها نزلت مرتين: مرة بمكة، ومرة بالمدينة؛ أو لأن الله استثناها وادخرها لهذه الأمة، فما أعطاها غيرهم، وقيل غير ذلك. (انظر تفسير البغوي 3/ 56 - 57). (¬2) إشارة إلى قوله تعالى: الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ. . [الأعراف:157]. (¬3) نقل ذلك عن العز بن عبد السلام رحمه الله: أنه يجوز أن يقسم على الله به، وليس ذلك لغيره، قال: وهذا ينبغي أن يكون مقصورا على النبي صلى الله عليه وسلم، لأنه سيد ولد آدم، وأن لا يقسم على الله بغيره من الأنبياء والملائكة والأولياء، لأنهم ليسوا في درجته، وأن يكون هذا مما خصّ به لعلو درجته ومرتبته. ذكر هذا عنه القسطلاني في المواهب 2/ 657 - 658، وابن طولون الدمشقي في مرشد المحتار/396/، ومثل له الزرقاني في شرح المواهب بحديث: «اللهم إني أسألك وأتوسل إليك بنبيك محمد صلى الله عليه وسلم نبي الرحمة. .». (¬4) عقد القاضي عياض في الشفا 3/ 151 فصلا تحت هذا العنوان، وقال القرطبي في التذكرة/15/: فقد ورد في (الكتاب) إحياء قتيل بني إسرائيل وإخباره بقاتله، وكان عيسى عليه السلام يحيي الموتى، وكذلك نبينا عليه الصلاة-

الشمس (¬1)، وقلب الأعيان (¬2)، والاطلاع بإذن الله تعالى على الغيب (¬3)، ¬

= والسلام أحيا الله على يديه جماعة من الموتى. وقال القسطلاني 2/ 577 في المعجزات: ومن ذلك: إبراء ذوي العاهات، وإحياء الموتى. وذكر في ذلك حديث البيهقي في الدلائل: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا رجلا إلى الإسلام، فقال: لا أومن بك حتى تحيي لي ابنتي، فقال صلى الله عليه وسلم: «أرني قبرها»، فأراه إياه، فقال صلى الله عليه وسلم: «يا فلانة»، فقالت: لبيك وسعديك. فقال صلى الله عليه وسلم: «أتحبين أن ترجعي إلى الدنيا». فقالت: لا والله يا رسول الله، إني وجدت الله خيرا من أبويّ، ورأيت الآخرة خيرا لي من الدنيا». (¬1) تقدم الكلام مفصلا عن (رد الشمس) له صلى الله عليه وسلم في الحوادث أثناء الكلام عن الإسراء والمعراج. (¬2) أي تحولها وتغيرها عن حالتها الأولى، فيما لمسه أو باشره صلى الله عليه وسلم كما قال القاضي وشرح القاري: كتحول فرس أبي طلحة الذي كان بطيئا إلى سريع العدو، واسع الجري، عندما ركبه صلى الله عليه وسلم، وهذا متفق عليه من حديث أنس رضي الله عنه قال: «فزع الناس فركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فرسا لأبي طلحة بطيئا، ثم خرج يركض وحده، فركب الناس يركضون خلفه، فقال: لم تراعوا، إنه لبحر، فما سبق بعد ذلك اليوم». أخرجه البخاري في مواضع كثيرة، وهذا اللفظ في الجهاد، باب السرعة والركض في الفزع (2969)، ومسلم في الفضائل، باب شجاعة النبي صلى الله عليه وسلم وتقدمه للحرب (2307). (¬3) يقول القاضي 3/ 240 وقد خصّص فصلا لذلك: والأحاديث في هذا بحر لا يدرك قعره، ولا ينزف غمره، وهذه المعجزة من جملة معجزاته المعلومة على القطع، الواصل إلينا خبرها على التواتر، لكثرة رواتها واتفاق معانيها على الاطلاع على الغيب. ثم استهل الكلام بحديث حذيفة رضي الله عنه المتفق عليه، قال: «قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم مقاما، ما ترك شيئا يكون في مقامه ذلك إلى قيام الساعة، إلا حدّث به، حفظه من حفظه، ونسيه من نسيه. .». رواه البخاري في القدر، باب وَكانَ أَمْرُ اللهِ قَدَراً مَقْدُوراً (6604)، ومسلم -واللفظ له-في الفتن، باب إخبار النبي صلى الله عليه وسلم فيما يكون إلى قيام الساعة (2891).

وظل الغمام، وإبراء الآلام، والعصمة من الناس. . . . . . إلى غير ذلك مما أعده الله تعالى له في الدار الآخرة من الكرامة والسعادة (¬1). ¬

(¬1) كل هذه المعاني التي ساقها المصنف مما اصطفاه الله تعالى وأعطاه لنبينا صلى الله عليه وسلم، ورد فيها نصوص من قرآن كريم أو حديث شريف، واقتصرت في التخريج على ما قدّرت أنه يحتاج إلى تخريج أو إيضاح، والله تعالى أعلم.

معجزاته صلى الله عليه وسلم

معجزاته صلى الله عليه وسلم ومن معجزاته صلى الله عليه وسلم: القرآن العظيم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه (¬1). وروى مسلم في صحيحه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله زوى لي الأرض، فرأيت مشارقها ومغاربها، وسيبلغ ملك أمتي ما زوي لي منها» (¬2). وفي البخاري من حديث جابر: «نبع الماء من بين أصابعه صلى الله عليه وسلم بالحديبية، فتوضؤوا وشربوا منه وهم خمس عشرة مائة (¬3). ¬

(¬1) فعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما من الأنبياء نبي إلا أعطي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيته وحيا أوحاه الله إليّ، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة». أخرجه البخاري أول فضائل القرآن، باب كيف نزل الوحي؛ وأول ما نزل (4981)، ومسلم في الإيمان، باب وجوب الإيمان برسالة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم (152). وقال ابن الأثير في الجامع 8/ 533: أراد إعجاز القرآن الذي خص به رسول الله صلى الله عليه وسلم. (¬2) مسلم في الفتن، باب هلاك هذه الأمة بعضهم ببعض (2889)، ومعنى (زوى): جمع. (¬3) أخرجه البخاري في المناقب، باب علامات النبوة (3576) من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما ولفظه: «عطش الناس يوم الحديبية والنبي صلى الله عليه وسلم بين يديه ركوة، فتوضأ، فجهش الناس نحوه، فقال: ما لكم؟ قالوا: ليس عندنا ماء نتوضأ، ولا نشرب إلا ما بين يديك. فوضع يده في الركوة، فجعل الماء يثور-

ومرة أخرى وهم ثلثمائة (¬1). ومرة أخرى وهم ما بين السبعين إلى الثمانين (¬2). وحديث المزادتين اللتين لم تنقصا، قال عمران: «شربنا منهما ونحن نحو الأربعين» (¬3). وسبح الحصا في كفه، وكذلك الطعام كان يسمع تسبيحه وهو يأكل (¬4). ¬

= بين أصابعه كأمثال العيون، فشربنا وتوضأنا. قلت: كم كنتم؟ قال: لو كنا مائة ألف لكفانا، كنا خمس عشرة مائة». (¬1) كما في حديث قتادة عن أنس رضي الله عنه قال: «أتي النبي صلى الله عليه وسلم بإناء، وهو بالزوراء، فوضع يده في الإناء، فجعل الماء ينبع من بين أصابعه، فتوضأ القوم. قال قتادة: قلت لأنس: كم كنتم؟ قال: ثلاثمائة أو زهاء ثلاثمائة». أخرجه البخاري في المناقب، باب علامات النبوة (3572)، ومسلم في الفضائل، باب في معجزات النبي صلى الله عليه وسلم (2278) -6. وهذه القصة وقعت بالمدينة لأن الزوراء مكان بها عند السوق والمسجد كما في نص الحديث عند مسلم. (¬2) أخرجه البخاري من طريقين: الأولى: الحسن عن أنس رضي الله عنه، وفيها ذكر السبعين، والثانية: حميد عن أنس، وفيها ذكر الثمانين. انظر كتاب المناقب، باب علامات النبوة في الإسلام (3574) و (3575)، وقال الحافظ بعد أن قارن بين هذين الروايتين ورواية قتادة السابقة: ظهر لي من مجموع الروايات أنهما قصتان في موطنين، للتغاير في عدد من حضر، وكذلك المكان الذي وقع ذلك فيه. (¬3) الذي في الحديث: «فشربنا عطاشا أربعون رجلا». أخرجه البخاري في الكتاب والباب السابقين (3571)، ومسلم في المساجد، باب قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها (682). والمزادة: القربة والرواية. (¬4) أما تسبيح الحصا: فقد أخرجه البزار كما في كشف الأستار 3/ 135 - 136، -

وسلم عليه الشجر والحجر ليالي بعثته (¬1). وشهد الذئب بنبوته، رواه أبو سعيد عند ابن حبان (¬2). ¬

= والبيهقي في الدلائل 6/ 64، وابن عساكر 2/ 158 (المختصر)، وعزاه الهيثمي في المجمع 8/ 299 إلى الطبراني في الأوسط أيضا، وقال عن رواية البزار: رواه البزار بإسنادين، ورجال أحدهما ثقات. وساقه الحافظ في الفتح عند شرح أحاديث باب علامات النبوة مختصرا هكذا: عن أبي ذر رضي الله عنه قال: تناول رسول الله صلى الله عليه وسلم سبع حصيات، فسبحن في يده حتى سمعت لهن حنينا، ثم وضعهن في يد أبي بكر فسبحن، ثم وضعهن في يد عمر فسبحن، ثم وضعهن في يد عثمان فسبحن». وأما تسبيح الطعام: ففي الصحيح من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: «ولقد كنا نسمع تسبيح الطعام وهو يأكل». أخرجه البخاري في المناقب، باب علامات النبوة (3579). (¬1) كما في صحيح مسلم كتاب الفضائل، باب فضل نسب النبي صلى الله عليه وسلم وتسليم الحجر عليه قبل النبوة (2277) من حديث جابر بن سمرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إني لأعلم حجرا بمكة كان يسلم عليّ قبل أن أبعث، إني لأعرفه الآن». وعن علي رضي الله عنه قال: «كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم بمكة، فخرجنا في بعض نواحيها، فما استقبله جبل ولا شجر إلا وهو يقول: السلام عليك يا رسول الله». أخرجه الترمذي وحسنه في المناقب، باب الشجر والحجر يسلمان على النبي صلى الله عليه وسلم (3630)، والحاكم 2/ 620، وصححه ووافقه الذهبي، وأخرجه البغوي في شرح السنة 13/ 287، والدارمي (21)، والبيهقي 2/ 153 - 154، وابن عساكر 2/ 139. (¬2) كما في الإحسان 14/ 418 (6494) تحت عنوان: ذكر شهادة الذئب لرسول الله صلى الله عليه وسلم على صدق رسالته. وملخص القصة: أن راعيا في المدينة، عرض له ذئب، فأخذ شاة من شياهه، فأدركه الراعي فانتزعها منه، فقال له الذئب: ألا تتقي الله، تحول بيني وبين رزق ساقه الله إليّ؟ فتعجب الراعي من كلام الذئب، فقال الذئب: أعجب من هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الحرتين يحدث-

ومر في سفر ببعير يستقى عليه الماء، فلما رآه جرجر، ووضع جرانه، فقال صلى الله عليه وسلم: «إنه يشتكي كثرة العمل، وقلة العلف». صححه الحاكم (¬1). ومر ببعير آخر في حائط، فلما رآه حنّ، وذرفت عيناه، فقال لصاحبه: «إنه شكى أنك تجيعه وتدئبه». رواه أبو داود بإسناد حسن (¬2). ¬

= بأنباء ما قد سبق. فأتى الراعي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره، فقال له: قم فأخبر الناس. وإسنادها صحيح على شرط مسلم، أخرجه الإمام أحمد 3/ 83 - 84، وعبد بن حميد (875)، والبزار (2431)، وأبو نعيم في الدلائل (270)، وابن عساكر 2/ 144 (المختصر)، وصححه الحاكم 4/ 467 - 468، والبيهقي في الدلائل 6/ 41 - 42، وأورده الهيثمي في المجمع 8/ 291 وعزاه لأحمد والبزار، وقال: رجال أحد إسنادي أحمد رجال الصحيح. وكذا عند ابن كثير في البداية والنهاية 6/ 150. قلت: وللقصة طرق أخرى من حديث أبي هريرة وأنس وابن عمر رضي الله عنهم، ذكرها القسطلاني في المواهب 2/ 551 - 553. (¬1) المستدرك 2/ 617 - 618 ووافقه الذهبي. وأخرجه الإمام أحمد 4/ 170 و 173، وأبو نعيم (283)، والبغوي في شرح السنة 13/ 295، والشمائل له 1/ 135، وحسنه في مصابيح السنة (4638). وقال الهيثمي في المجمع 9/ 5 - 6: رواه أحمد بإسنادين، والطبراني بنحوه، وأحد إسنادي أحمد رجاله رجال الصحيح. ومعنى جرجر: صوّت. والجران: باطن عنق البعير. (عن البغوي). (¬2) في الجهاد، باب ما يؤمر به من القيام على الدواب والبهائم (2549)، وأخرجه الإمام أحمد 1/ 104 و 105، وصحح إسناده أحمد شاكر (1745) و (1754)، وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف 11/ 493 (11805)، وعزاه في المواهب 2/ 550 إلى ابن شاهين في الدلائل، ونقل عن صاحب المصابيح تصحيحه. ومعنى تدئبه: تكده وتتعبه. (معالم السنن 2/ 215).

وسجد له بعيران عجز صاحبهما عنهما (¬1). وفي مسند أحمد: جاءت شجرة تشق الأرض، حتى قامت عنده وهو نائم، فسلمت عليه (¬2). وأمر شجرتين فاجتمعتا حتى قضى حاجته خلفهما، ثم أمرهما فتفرقتا (¬3). ودعا عذقا فنزل من عذقه حتى سقط في الأرض، وجعل ينقز حتى أتاه، ثم قال له: «ارجع». فرجع مكانه. صححهما الحاكم (¬4). ¬

(¬1) أخرجه أبو نعيم في دلائل النبوة (285) من حديث غيلان بن سلمة رضي الله عنه، وفي سنده شبيب بن شيبة قال عنه الهيثمي 4/ 311: الأكثرون على تضعيفه، وقد وثقه صالح جزرة وغيره. وأخرجه الطبراني عن ابن عباس رضي الله عنهما، وفيه أبو عزة الدباغ، وثقه ابن حبان، وبقية رجاله ثقات. (المجمع 9/ 4 - 5). هذا وقد ورد سجود الجمل له صلى الله عليه وسلم من عدة طرق أخرى: فعن أنس رضي الله عنه أخرجه الإمام أحمد والنسائي بإسناد جيد رواته ثقات مشهورون كما قال المنذري في الترغيب والترهيب 3/ 55. وعن أبي هريرة رضي الله عنه عند البزار بسند حسن كما قال القاري في شرح الشفا 3/ 136. وعن عائشة رضي الله عنها: رواه الإمام أحمد بإسناد جيد كما في المجمع 9/ 9. وعن جابر رضي الله عنه: أخرجه البيهقي في الدلائل 6/ 18 - 19 بإسناد جيد كما في المواهب. (¬2) المسند 4/ 173 - وهو عند الحاكم وأبو نعيم والبغوي-من حديث يعلى بن مرة رضي الله عنه وقد سبق الكلام عنه قريبا. (¬3) هذه رواية من حديث يعلى السابق، وهي في المسند 4/ 170، ودلائل أبي نعيم (292)، والمستدرك 2/ 617. (¬4) تقدم تصحيحه للأول، وأما هذا فصححه في 2/ 620 وأقره الذهبي. والحديث في المسند 1/ 223، وصححه أحمد شاكر (1954)، وأخرجه الترمذي في المناقب، باب حنين الجذع له صلى الله عليه وسلم (3632) وقال: حسن غريب صحيح. -

وفي أبي داود: أمر بنحر ست بدنات فجعلن يزدلفن إليه بأيتهنّ يبدأ (¬1). وفي المستدرك: أصيبت عين قتادة بن النعمان يوم أحد (¬2) -وفي رواية: يوم بدر (¬3)، وقال الرشاطي: بالخندق (¬4) -حتى وقعت على وجنته، فردها عليه الصلاة والسلام بيده، فكانت أصح عينيه وأحدّهما (¬5). ¬

= وصححه ابن حبان (6523)، وأخرجه الدارمي (24)، وأبو يعلى (2346)، وأبو نعيم (297)، والبيهقي 6/ 16 - 17، وقال الهيثمي في المجمع 9/ 10: رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح غير إبراهيم بن الحجاج الشامي وهو ثقة. والعذق: النخلة، كما في نص الحديث. (¬1) هذا حديث عبد الله بن قرط رضي الله عنه، أخرجه أبو داود في المناسك، باب في الهدي إذا عطب قبل أن يبلغ (1765)، والإمام أحمد 4/ 350، وصححه الحاكم 4/ 221 ووافقه الذهبي. ويزدلفن: يتقربن، ويسعين، أي تقصد كل بدنة أن يبدأ صلى الله عليه وسلم في النحر بها، ولا يخفى ما فيه من المعجزة الباهرة. قال الطيبي: أي منتظرات بأيتهن يبدأ للتبرك بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم في نحرهن. ذكره في عون المعبود 5/ 185. (¬2) مستدرك الحاكم 3/ 295، وأخرجها الطبراني كما في مجمع الزوائد 6/ 113، وأبو نعيم في الدلائل (416)، والبيهقي في الدلائل 3/ 252 عنه. وعزاه الحافظ في الإصابة عند ترجمة قتادة إلى الدارقطني وابن شاهين. قلت: وهو قول ابن إسحاق في السيرة 2/ 82. وصححه أبو عمر في الاستيعاب عند ترجمة قتادة. (¬3) أخرجها أبو يعلى (1546)، والبيهقي في الدلائل 3/ 251 - 252 من طريقين، وعزاها الحافظ في الإصابة 5/ 417 للبغوي أيضا. (¬4) ذكره أبو عمر في الاستيعاب 3/ 1275 كأحد الأقوال. (¬5) هذا لفظ ابن إسحاق في السيرة 2/ 82، وفي رواية أبي يعلى: فكان لا يدرى أي عينيه أصيبت.

قال السهيلي: فكانت لا ترمد إذا رمدت الأخرى (¬1). وعند الدارقطني: حدقتاه. واستغربه (¬2). وفي الصحيح: تفل في عين علي يوم خيبر-وكان أرمد-فبرأ من ساعته (¬3). زاد البيهقي: فما رمدت ولا صدّعت بعد (¬4). وأتاه وهو شاك، فدعا له، فما اشتكى وجعه ذلك. صححه الحاكم (¬5). وفي البخاري: أصيبت رجل عبد الله بن عتيك فبرئت بمسحته [صلى الله عليه وسلم] من حينها (¬6). ¬

(¬1) الروض الأنف 3/ 176، وهو لفظ حديث جابر رضي الله عنه في هذه القصة، ذكره ابن كثير 4/ 35. (¬2) ساقه ابن كثير في البداية 4/ 35 بلفظ (عيناي)، وقال: والمشهور الأول، أنه أصيبت عينه الواحدة، وأما استغراب الدارقطني له، فقد نقله السهيلي في الروض 3/ 136 عنه، وكذا قال ابن كثير: بإسناد غريب. (¬3) متفق عليه، أخرجه البخاري في المغازي، باب غزوة خيبر (4210)، ومسلم في فضائل الصحابة، باب من فضائل علي رضي الله عنه (2406)، واللفظ فيهما: «فبرأ حتى كأن لم يكن به وجع». (¬4) دلائل النبوة 4/ 213، وأورده الهيثمي في المجمع 9/ 122 وقال: رواه أبو يعلى وأحمد باختصار ورجالهما رجال الصحيح غير (أم موسى) وحديثها مستقيم. وعزاه الحافظ عند شرح الحديث المتقدم إلى الطبراني أيضا. (¬5) المستدرك 2/ 620 - 621 وأقره الذهبي، وأخرجه البيهقي في الدلائل 6/ 179. (¬6) أخرجه البخاري من حديث البراء رضي الله عنه في المغازي، باب قتل أبي رافع عبد الله بن أبي الحقيق (4039) وفيه: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث ابن عتيك رضي الله عنه إلى قتل أبي رافع اليهودي، فقتله في حصنه، ولما خرج انكسرت رجله، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فحدثه، فقال: فقال لي: ابسط رجلك. فبسطت رجلي، -

وأخبر أنه يقتل أبيّ بن خلف، فكان كما قال (¬1). وأخبر بمصارع المشركين في بدر: «هذا مصرع فلان، هذا مصرع فلان غدا إن شاء الله تعالى»، فلم يعد أحد منهم مصرعه الذي سماه». رواه مسلم (¬2). وأخبر أن طوائف من أمته يغزون البحر كالملوك على الأسرّة، وأن أم حرام خالة أنس بن مالك منهم، فكان كذلك. أخرجاه في الصحيح (¬3). وقال لعثمان بن عفان رضي الله عنه: «إنه تصيبه بلوى شديدة فيصبر، فقتل عثمان صابرا» (¬4). ¬

= فمسحها، فكأنها لم أشتكها قط. (¬1) تقدم الحديث عن هذا في غزوة أحد، وخرجته هناك. (¬2) في موضعين من صحيحه: الأول في الجهاد، باب غزوة بدر (1779)، والثاني في الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب عرض مقعد الميت من الجنة أو النار عليه، وإثبات عذاب القبر والتعوذ منه (2873). (¬3) وفيه: «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقيل عند أم حرام بنت ملحان خالة أنس بن مالك رضي الله عنهما، فنام يوما ثم استيقظ فتبسم، فقالت له أم حرام: ما يضحكك يا رسول الله؟ قال: «عرض عليّ ناس من أمتي غزاة في سبيل الله، يركبون البحر كالملوك على الأسرة». فقالت أم حرام: يا رسول الله، ادع الله أن يجعلني منهم. فقال: «أنت منهم». فتزوجها عبادة بن الصامت فخرج بها إلى الغزو زمن معاوية رضي الله عنه، فهلكت». أخرجه البخاري في عدة مواضع، انظر أولها في كتاب الجهاد، باب الدعاء بالجهاد والشهادة للرجال والنساء (2788)، ومسلم في الإمارة، باب فضل الغزو في البحر (1912)، والحديث مخرج في الموطأ وبقية الستة، انظر الجامع 9/ 147. (¬4) في حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جلس على بئر أريس، ودلّى رجله فيها، فجاء أبو بكر ثم عمر رضي الله عنهما، فاستأذن-

وقال للحسن: «إن ابني هذا سيد، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين». فسلّم الأمر لمعاوية. رواه البخاري (¬1). وأخبر بمقتل عبهلة ذي الخمار-وهو الأسود العنسي الكذاب-ليلة قتله، وبمن قتله وهو بصنعاء (¬2). ¬

= لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فأذن لهما وبشرهما بالجنة، ثم جاء عثمان رضي الله عنه فاستأذن له أبو موسى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ائذن له وبشره بالجنة بعد بلوى تصيبه. فقال عثمان: اللهم خيرا». أخرجه البخاري في الفتن، باب الفتنة التي تموج كالبحر (7097)، ومسلم في فضائل الصحابة، باب فضائل عثمان رضي الله عنه (2403). (¬1) في المناقب، باب علامات النبوة في الإسلام (3629)، وانظر شرحه في الفتن، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم للحسن بن علي: «إن ابني هذا سيد، ولعل الله. . .» (7109) من الفتح. (¬2) لقب (بذي الخمار): لأنه كان يخمر وجهه، وقيل: هو اسم شيطانه. (فتح الباري 7/ 695)، أو بالحاء المهملة (ذي الحمار): لأنه علّم حمارا، إذا قال له: اسجد. يخفض رأسه. والمعروف بالأول. (الفتح 12/ 439). والخبر أورده العماد ابن كثير في تاريخه 6/ 314 من طريق سيف بن عمر التميمي، وهو ضعيف جدا، تكلم فيه الأئمة وجرحوه. انظر الجرح والتعديل 4/ 278، والكامل 3/ 1271، والمجروحين 1/ 341، والميزان 2/ 255، لكن للخبر شاهد ذكره الحافظ عند شرح باب قصة الأسود العنسي من كتاب المغازي عن أبي الأسود عن عروة: أصيب الأسود قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بيوم وليلة، فأتاه الوحي، فأخبر به أصحابه، ثم جاء الخبر إلى أبي بكر رضي الله عنه، وقيل: وصل الخبر بذلك صبيحة دفن النبي صلى الله عليه وسلم. قلت: الذي في الصحيح من حديث عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «بينا أنا نائم أريت أنه وضع في يدي سواران من ذهب، ففظعتهما وكرهتهما، فأذن لي فنفختهما فطارا، فأولتهما كذّابين يخرجان. فقال عبيد الله: أحدهما العنسي الذي قتله فيروز باليمن، والآخر مسيلمة الكذاب». أخرجه-

وأخبر بمثل ذلك عن كسرى (¬1). وقال لرجل ممن يدعي الإسلام وهو في القتال معه: «إنه من أهل النار». فصدّق الله قوله بأن نحر نفسه (¬2). وشكي إليه قحوط المطر وهو على المنبر، فدعا الله تعالى وما في ¬

= البخاري في المغازي، باب قصة الأسود العنسي (4379)، ومسلم في الرؤيا، باب رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم (2274). (¬1) وذلك أنه صلى الله عليه وسلم كان قد بعث إلى كسرى مع عبد الله بن حذافة السهمي كتابا يدعوه فيه إلى الإسلام، فلما وصل إليه الكتاب مزقه، فدعا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بتمزيق ملكه. إلى هنا الخبر في الصحيح، أخرجه البخاري في المغازي، كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى كسرى وقيصر (4424). وأخرج ابن سعد 1/ 259 - 260، والطبري في التاريخ 2/ 654 - 657، وأبو نعيم (241)، والبيهقي 4/ 390 - 391 كلاهما في الدلائل: وكتب كسرى إلى باذان عامله على اليمن، أن يبعث إليه هذا الرجل الذي بالحجاز، فبعث باذان برجلين من عنده إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبرهما رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ربه قد قتل ربهما في هذه الليلة لسبع ساعات مضت منها، وهي ليلة الثلاثاء لعشر ليال مضين من جمادى الأولى سنة سبع، وأن الله تبارك وتعالى سلط عليه ابنه شيرويه فقتله، فرجعا إلى باذان بذلك، فأتاه الخبر عن مقتل كسرى كما حدده رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأسلم هو ومن معه من الفرس باليمن. (¬2) كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه: «أن رجلا ممن يدعي الإسلام قاتل مع المسلمين يوم خيبر قتالا شديدا، فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك، فقال: هو في النار. فتتبعه رجل من الصحابة ليرى أمره، فلما كثرت عليه الجراح لم يصبر، فقتل نفسه، فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: الله أكبر، أشهد أني عبد الله ورسوله». أخرجه البخاري في الجهاد، باب إن الله يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر (3062)، ومسلم في الإيمان، باب غلظ تحريم قتل الإنسان نفسه (111)، كما أخرجاه من حديث آخر.

السماء قزعة، فثار سحاب أمثال الجبال، فمطروا إلى الجمعة الأخرى، حتى شكي إليه كثرة المطر (¬1). وأطعم أهل الخندق وهم ألف من صاع شعير وبهمة وهم في بيت جابر، فشبعوا وانصرفوا والطعام أكثر مما كان (¬2). وعند أبي نعيم: وأطعمهم أيضا من تمر يسير لم يملأ كفيه عليه الصلاة والسلام، أتت به ابنة بشير بن سعد إلى أبيها وخالها (¬3). وفي مسند أحمد: أمر عمر بن الخطاب رضي الله عنه بأن يزود أربعمائة راكب من تمر كالفصيل الرابض، فزودهم وبقي كأنه لم ينقص ¬

(¬1) أخرجه البخاري في الاستسقاء، باب الاستسقاء في خطبة الجمعة غير مستقبل القبلة (1014)، ومسلم في الاستسقاء، باب الدعاء في الاستسقاء (897). والقزعة: القطعة من السحاب. (¬2) في الصحيحين: «وإن برمتنا لتغطّ كما هي، وإن عجيننا ليخبز كما هو». وفي رواية يونس بن بكير: «فما زال يقرب إلى الناس حتى شبعوا أجمعون، ويعود التنور والقدر أملأ ما كانا». وفي رواية أبي الزبير: «فأكلنا نحن وأهدينا لجيراننا، فلما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ذهب ذلك». أخرجه البخاري في المغازي، باب غزوة الخندق (4102)، ومسلم في الأشربة، باب جواز استتباعه غيره إلى دار من يثق برضاه. . (2039). (¬3) كانت قد بعثته عمرة بنت رواحة زوجة بشير بن سعد إلى زوجها وأخيها عبد الله بن رواحة-رضي الله عنهم-يتغذيان به، فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم البنت، فأمرها أن تصبه في كفيه، ثم أمر بثوب فبسط، ثم دحا التمر عليه، فتبدد فوق الثوب، ثم قال لإنسان عنده: اصرخ في أهل الخندق هلم إلى الغذاء. فاجتمع أهل الخندق عليه، فجعلوا يأكلون منه، وجعل يزيد حتى صدر أهل الخندق عنه، وإنه ليسقط من أطراف الثوب». أخرجه أبو نعيم في دلائله (431)، والبيهقي في دلائله 3/ 427، كلاهما من طريق ابن إسحاق عن سعيد بن مينا عن ابنة بشير بن سعد، وهو في السيرة 2/ 218.

تمرة واحدة (¬1). وفي الصحيح: أطعم في منزل أبي طلحة ثمانين رجلا من أقراص شعير جعلها أنس تحت إبطه حتى شبعوا وبقي كما هو (¬2). وعند أبي نعيم: وأطعم الجيش من مزود أبي هريرة حتى شبعوا كلهم، ثم رد ما بقي فيه ودعا له، فأكل منه مدة حياة النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان، فلما قتل عثمان ذهب، وحمل منه نحو الخمسين وسقا في سبيل الله (¬3). وأطعم في بنائه بزينب من قصعة أهدتها له أم سليم خلقا، ثم رفعت وهي كما هي (¬4). ¬

(¬1) أخرجه الإمام أحمد 4/ 174. والبخاري في التاريخ الكبير 3/ 255 - 256، والطبراني في الكبير (4207) و (4210)، وأبو نعيم في الدلائل (333)، وصححه ابن حبان (6528)، وقال الهيثمي في المجمع 8/ 305: رواه أحمد والطبراني ورجالهما رجال الصحيح. وقال: روى أبو داود طرفا منه. قلت: هو عند أبي داود في الأدب، باب في اتخاذ الغرف (5238). والفصيل: من أولاد الإبل أو البقر. (¬2) أخرجه البخاري في المناقب، باب علامات النبوة (3578)، ومسلم في الأشربة، باب جواز استتباعه غيره. . (2040). (¬3) أخرجه أبو نعيم في الدلائل (341) و (342)، والبيهقي 6/ 109 - 113 من عدة طرق في دلائله، وأخرج بعضه الإمام أحمد 2/ 352، والترمذي في مناقب أبي هريرة رضي الله عنه (3838)، وقال: حسن غريب. والوسق: ستون صاعا، أو حمل بعير. (¬4) الخبر في الصحيحين، وفيه: أن الذين أكلوا كانوا زهاء ثلاثمائة. وقال أنس رضي الله عنه-راوي الحديث-فرفعت-يعني القصعة-فما أدري حين وضعت كانت أكثر أم حين رفعت. أخرجه البخاري في النكاح، باب الهدية للعروس (5163)، ومسلم في النكاح، باب زواج زينب بنت جحش ونزول الحجاب وإثبات وليمة العرس (1428).

خصائصه صلى الله عليه وسلم

خصائصه صلى الله عليه وسلم على أضرب: الأول: الواجبات (¬1). الضحى (¬2). ¬

(¬1) يعني التي تجب عليه صلى الله عليه وسلم ولا تجب على أمته. والحكمة منها كما قال الإمام النووي رحمه الله: زيادة الزلفى والدرجات، لأنه ما تقرب إلى الله تعالى بأفضل مما فرض. (روضة الطالبين 5/ 344)، كما في الحديث القدسي الصحيح: «من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إليّ عبد بشيء أحب إليّ مما افترضته عليه. .». (¬2) كما في حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أمرت بركعتي الضحى ولم تؤمروا بها». وفي رواية: «ولم تكتب عليكم». أخرجه الإمام أحمد في المسند 1/ 317 من عدة أسانيد، والبزار بنحوه، والطبراني في الكبير والأوسط من طريق جابر الجعفي وهو ضعيف. وانظر مجمع الزوائد 8/ 264، ومرشد المحتار 61 - 62. وقال الحافظ عند شرحه لحديث السيدة عائشة رضي الله عنها: «ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم سبّح سبحة الضحى وإني لأسبحها». يدل على ضعف ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أن صلاة الضحى كانت واجبة عليه، وعدها لذلك جماعة من العلماء من خصائصه، ولم يثبت ذلك في خبر صحيح. وانظر شرح حديث البخاري والأحاديث الصحيحة التي تعارضه في كتاب التهجد، باب من لم يصل الضحى ورآها واسعا (1177) وانظر قول الأئمة في هذه المسألة في مرشد المحتار 63 - 65 حيث رجح الوجوب. وقال الحافظ في تلخيص الحبير 3/ 136: اختار شيخنا شيخ الإسلام: القول بعدم وجوب الضحى، وأدلته ظاهرة في الصحيحين.

والأضحية (¬1). والوتر (¬2). والتهجد (¬3). والسواك (¬4). ¬

(¬1) كما في حديث ابن عباس رضي الله عنه رفعه: «ثلاث هن عليّ فرائض، وهن لكم تطوع: الوتر، والنحر، وصلاة الضحى». أخرجه الإمام أحمد 1/ 232، والدارقطني أول كتاب الوتر 2/ 21، والبزار (2433)، والحاكم 1/ 300، وقال الذهبي: غريب منكر، وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى 2/ 468. ومداره على أبي جناب الكلبي، ضعفوه كما قال البزار والبيهقي وانظر المجمع 8/ 264، وقال ابن الصلاح: هذا حديث غير ثابت، ولا حجة على القول بوجوب ذلك عليه صلى الله عليه وسلم. (وانظر مرشد المحتار/69/). وذكر الحافظ في تلخيص الحبير 3/ 137 أن الرافعي نقل عن أبي العباس الروياني أنها لم تكن واجبة عليه. (¬2) كما في الدليل السابق، وهو ضعيف. (¬3) أي قيام الليل، كما في قوله تعالى: وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ [الإسراء:79] أي فريضة زائدة لك على الصلوات المفروضة. صححه الرافعي، ونقله النووي عن الجمهور. وقال في التهذيب 1/ 38: والصحيح أن التهجد نسخ وجوبه في حقه صلى الله عليه وسلم كما نسخ في حق الأمة، وهذا هو المنصوص للشافعي رحمه الله. وانظر روضة الطالبين 5/ 346 - 347. (¬4) ودليلهم عليه: ما رواه عبد الله بن حنظلة «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بالوضوء لكل صلاة طاهرا وغير طاهر، فلما شق ذلك عليه أمر بالسواك لكل صلاة». أخرجه أبو داود في الطهارة، باب السواك (48)، وابن خزيمة (15)، والحاكم 1/ 155 - 156، والبيهقي في السنن الكبرى 1/ 37 - 38، وذكر الحافظ في تلخيص الحبير 3/ 138: أن إسناده حسن. ونقل صاحب المواهب 2/ 600 عن صاحب شرح تقريب الأسانيد: أن الخصائص لا تثبت إلا بدليل صحيح.

والمشاورة (¬1). ومصابرة العدو، وإن كثروا وازدادوا على الضعف (¬2). وقضاء دين من مات وعليه دين، لم يخلف وفاء، وقيل: كان يفعله تكرما لا وجوبا (¬3). وتخيير نسائه، وقيل: كان مستحبا (¬4). ¬

(¬1) كما في قوله تعالى: وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ [آل عمران:159]، ونقل البيهقي في معرفة السنن والآثار، عن نص الإمام الشافعي أن المشورة غير واجبة عليه (المواهب 2/ 600، ومرشد المحتار/84/). قلت: هذا ما يفيده نص الإمام الشافعي في الأم 5/ 16 حيث يقول بعد أن ساق الآية: ولم يجعل الله لهم معه أمرا إنما فرض عليهم طاعته، ولكن في المشاورة استطابة أنفسهم، وأن يستن بها من ليس له على الناس ما لرسول الله صلى الله عليه وسلم. (¬2) هكذا في روضة الطالبين 5/ 347 دون أن يزيد، وفي مرشد المحتار/90/قال ابن طولون: لم يذكروا لهذه الخصوصية دليلا يعتمد عليه، لكن قال الماوردي في الدليل عليه: إن فرار الإنسان وتوليه يوم الزحف هو من الخوف من القتل، وذلك غير جائز على الأنبياء. (¬3) كذا في الروضة أيضا، ودليل الأول: قوله عليه الصلاة والسلام: «أنا أولى المؤمنين من أنفسهم، فمن مات وعليه دين ولم يترك وفاء، فعلينا قضاؤه، ومن ترك مالا فلورثته». أخرجه البخاري في الفرائض، باب من ترك مالا فلأهله (6731)، ومسلم في الفرائض، باب من ترك مالا فلورثته (1619). وأما القول الثاني: فذكره النووي في شرح مسلم 11/ 60 أيضا بلفظ: وقيل تبرع منه. وقال الزركشي: وكان ما يفعله من قضاء الديون، تفضلا منه لا واجبا عليه، لأنه لو كان واجبا عليه لقام به الأئمة من بعده والأقوى من حيث الدليل: الوجه الأول، لأن قوله صلى الله عليه وسلم: «فعليّ قضاؤه» محمول على الإيجاب. (مرشد المحتار/93/)، وانظر تهذيب الأسماء واللغات 1/ 38. (¬4) الأصل في هذه المسألة كما قال القطب الخيضري، قوله تعالى: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ -

الثاني: ما اختص به من المحرمات، فيكون الأجر في اجتنابه أكثر (¬1)، وهو قسمان: أحدهما في غير النكاح، فمنه: الشعر. والخط (¬2). والزكاة، وفي صدقة التطوع قولان (¬3). ¬

= قُلْ لِأَزْواجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها فَتَعالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَراحاً جَمِيلاً* وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالدّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِناتِ مِنْكُنَّ أَجْراً عَظِيماً [الأحزاب:28 - 29]. قال: والأمر في ذلك للوجوب، ولا يجب على الغير من أمته. قال الحناطي: إن التخيير لم يكن واجبا عليه، إنما كان مندوبا. وقال النووي في التهذيب/38/: الصحيح: وجوبه. وقال الحافظ في الفتح عند نهاية شرحه لحديث البخاري (4786): (تنبيه). . . وذكر بعض العلماء أن من خصائصه صلى الله عليه وسلم تخيير أزواجه، واستند إلى هذه القصة-يعني قصة التخيير-ولا دلالة فيها على الاختصاص. (¬1) خص بها تكرمة له صلى الله عليه وسلم، لأن أجر ترك المحرم أكثر من أجر ترك المكروه، وفعل المندوب. (¬2) هذا على قول أنه صلى الله عليه وسلم كان يحسنهما، وإلا فالجمهور على أنه لا يحسنهما، بدليل قوله تعالى: وَما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ. . . [العنكبوت:48]. وانظر الروضة 5/ 349. (¬3) وذلك لما ورد في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن الحسن بن علي أخذ تمرة من تمر الصدقة، فجعلها في فيه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «كخ كخ، ارم بها أما علمت أنّا لا تحل لنا الصدقة». أخرجه البخاري في الزكاة، باب ما يذكر في الصدقة للنبي صلى الله عليه وسلم (1491)، ومسلم-واللفظ له-في الزكاة، باب تحريم الزكاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم (1069). قلت: أما الزكاة فمتفق على تحريمها عليه صلى الله عليه وسلم، كما ذكر النووي والحافظ في شرح الحديث، وأما صدقة التطوع: فقال النووي في التهذيب 1/ 39، وشرح مسلم 7/ 176: للشافعي فيها قولان، أصحهما: أنها تحرم. وذكر الحافظ في الفتح عن الخطابي: أن-

والأكل متكئا (¬1). وأكل الثوم والبصل والكراث، وقيل: مكروه (¬2). وإذا لبس لأمته لا ينزعها حتى يلقى العدو، وقيل: مكروه (¬3). ¬

= تحريم صدقة التطوع عليه إجماع. ثم ذكر قول الشافعي ورواية عن أحمد رحمهما الله. قلت أيضا: تحرم الزكاة على آله صلى الله عليه وسلم كما يدل عليه الحديث، وفي صدقة التطوع الخلاف السابق، وأصحه الحل كما نص الإمام النووي. (¬1) تقدم الحديث الصحيح عند البخاري: «إني لا آكل متكئا» في فصل أخلاقه صلى الله عليه وسلم، وشرحت معاني الاتكاء، وليس في الحديث ما يدل على التحريم، ونقل في المواهب 2/ 609 عن الروضة: الراجح كراهيته. وقال في مرشد المحتار /146/: والجمهور على كراهة ذلك في حقه صلى الله عليه وسلم كما في حق الأمة، لأنه لم يثبت فيه ما يقتضي التحريم، واجتنابه صلى الله عليه وسلم الشيء واختياره غيره، لا يدل على كونه محرما عنده، فلا يكون حينئذ من الخصائص. (¬2) ذكر التحريم عن الماوردي، وذلك بسبب هبوط الوحي عليه صلى الله عليه وسلم، لكن قال في الروضة: الأصح الكراهة. (المواهب 2/ 609). واستدل في شرح مسلم 5/ 51 عند قوله صلى الله عليه وسلم للناس لما قالوا: حرمت، -حرمت يعني بقلة الثوم التي أكلها الصحابة يوم فتح خيبر-: «إنه ليس لي تحريم ما أحل الله لي، ولكنها شجرة أكره ريحها»؛ على ذلك أيضا، وانظر التهذيب 1/ 39. (¬3) حتى يلقى العدو فيقاتله أو يحكم الله بينه وبينه. واللأمة-بالهمز-الدرع. والأصل في هذه المسألة: فعله صلى الله عليه وسلم يوم خروجه لأحد عندما قال له الناس: نمكث كما أمرتنا. قال: «لا ينبغي لنبي إذا أخذ لأمته للحرب أن يرجع حتى يقاتل». أخرجوه في المغازي والسير، والإمام أحمد برجال الصحيح كما في مجمع الزوائد 6/ 107، وأخرجه البخاري تعليقا في الاعتصام بالكتاب والسنة، باب قول الله تعالى: وَأَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ. وقال ابن طولون في مرشد المحتار/163/: وقد جزم الجمهور بالتحريم، وقيل: إن ذلك كان مكروها في حقه، ليس بمحرم عليه. قلت: هذا القول الأخير ذكره الإمام النووي في الروضة 5/ 350 وقال: والصحيح الأول. وذكر الحافظ في-

الثاني: في النكاح،

وإذا شرع في تطوع لزمه إتمامه (¬1). وأن لا ينظر إلى ما متّع به الناس من الدنيا (¬2). وخائنة الأعين (¬3). الثاني: في النكاح، فمنه: إمساك من كرهت نكاحه، وقيل: تكرما (¬4). ¬

= تلخيص الحبير 3/ 148 طريقا آخر للحديث بإسناد حسن عند البيهقي والحاكم من حديث ابن عباس رضي الله عنهما. (¬1) هذه الخاصية معدودة في الواجبات وليس في المحرمات، ولكن ذكرها الإمام النووي تفريعا على لبس اللأمة، وقال: هذا ضعيف. قلت: وهو مذهب الإمام الشافعي وأحمد بالنسبة لغيره صلى الله عليه وسلم، وذهب الأحناف والمالكية إلى وجوب القضاء. وانظر قول الحافظ فيها: تلخيص الحبير 3/ 149. (¬2) لقوله تعالى: وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقى [طه:131]. (¬3) وهي الإيماء برأس أو يد أو غيرهما إلى مباح من قتل أو ضرب أو نحوها، على خلاف ما يظهر ويشعر به الحال. (تهذيب النووي) واستدلوا لهذا بقصة إسلام عبد الله بن سعد بن أبي سرح بعدما أهدر رسول الله صلى الله عليه وسلم دمه يوم فتح مكة، وأنه لما جاء به عثمان رضي الله عنه ليسلم، امتنع رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مبايعته في أول الأمر، ثم بايعه، وأقبل على أصحابه فقال: «أما منكم رجل رشيد يقوم فيقتله. فقالوا: هلا أومأت إلينا يا رسول الله، فقال: إنه لا ينبغي أن تكون لنبي خائنة الأعين». أخرجه البيهقي في السنن، باب ما حرم من خائنة الأعين 7/ 40، ورواه البزار كما في الكشف (1821)، ورجاله ثقات كما في المجمع 6/ 168 - 169. (¬4) يعني يحرم عليه صلى الله عليه وسلم من تكره نكاحه، وترغب عنه-وهو الصحيح كما قال النووي في الروضة 5/ 350 - واستشهدوا لذلك بما ورد في الصحيح من أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج أميمة بنت شراحيل، فلما دخلت عليه بسط يده إليها فكأنها-

الثالث: المباحات

ونكاح الكتابية والأمة المسلمة وفيهما خلاف (¬1). الثالث: المباحات (¬2) . فمنه: الوصال في الصوم (¬3). ¬

= كرهت ذلك، فأمر أبا أسيد أن يكسوها ثوبين رازقيين. وتقدم تخريجه عند ذكر الأزواج. وأما ما قيل: إن ذلك تكرما منه: فهو وجه غريب. ومحل الخلاف إذا كرهت نكاحه فقط، وكانت محبّة لذاته الشريفة، أما إذا كانت كارهة لذاته فهي كافرة مرتدة عن الإسلام، فلا يحل له ولا لأحد نكاحها. (مرشد المحتار /184/). (¬1) أما تحريم نكاح الكتابية: فلأن أزواجه صلى الله عليه وسلم أمهات المؤمنين، وزوجات له في الآخرة، ومعه في درجته في الجنة، ولأنه أشرف من أن يضع ماءه في رحم كافرة. ولو نكح كتابية لهديت إلى الإسلام كرامة له صلى الله عليه وسلم (المواهب 2/ 612). وأما نكاح الأمة المسلمة: فلأن جوازه في حق أمته مشروط بخوف العنت -الإثم-وهو عليه الصلاة والسلام معصوم، ولأن من نكح أمة، كان ولده رقيقا، ومنصبه عليه الصلاة والسلام منزه عن ذلك. (مرشد المحتار/189/). وقال إمام الحرمين: اختلف في تحريم الحرة الكافرة. قال ابن العربي: والصحيح عندي تحريمها. (أحكام القرآن 3/ 595). (¬2) أي فيما اختص به صلى الله عليه وسلم من المباحات توسعة عليه وتنبيها على أن ما خص به من الإباحة لا يلهيه عن طاعته وإن ألهى غيره، ومعظم ذلك لم يفعله مع إباحته له، وليس المراد بالمباح هنا مستوي الطرفين، بل المراد ما لا حرج في فعله ولا في تركه. (مرشد المحتار/193/)، وانظر الروضة 5/ 353. (¬3) لما ورد في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوصال في الصوم، فقال له رجل من المسلمين: إنك تواصل يا رسول الله. قال: وأيكم مثلي إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني». البخاري (1965)، ومسلم (1103) كلاهما في الصوم. والوصال في الصوم مختلف في حده، وقالوا: إنه صيام يومين فصاعدا لا يتناول شيئا من أكل أو شرب بينهما. وقيل غير ذلك.

واصطفاء ما أبيح له من الغنيمة قبل القسمة (¬1). ودخول مكة بلا إحرام، وإباحة القتال فيها ساعة (¬2). والقضاء بالعلم (¬3). والحكم لنفسه وولده. ويشهد لنفسه وولده. ويقبل شهادة من يشهد له (¬4). ¬

(¬1) ويسمى هذا بسهم الصفي. كان يختاره قبل الخمس إن شاء عبدا، وإن شاء أمة، وإن شاء فرسا أو غيره. (¬2) أما دخوله صلى الله عليه وسلم مكة بغير إحرام: فاستدلوا عليه بحديث أنس رضي الله عنه عند الستة: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل مكة عام الفتح وعلى رأسه المغفر». أي أنه كان ساتر الرأس، والمحرم يجب عليه كشف رأسه. وبحديث جابر عند مسلم «أن نبي الله صلى الله عليه وسلم دخل مكة يوم فتح مكة وعليه عمامة سوداء بغير إحرام». قلت: أما بالنسبة لغيره صلى الله عليه وسلم فالجمهور على وجوب دخولها بالإحرام، وذهب الشافعية إلى استحباب ذلك وعدم وجوبه، ورجحه الإمام النووي في شرح المهذب 7/ 16، وعنون البخاري في كتاب جزاء الصيد فقال: باب دخول الحرم ومكة بغير إحرام. وانظر شرح الحافظ له. أما إباحة القتال فيها: فهي ساعة دخوله صلى الله عليه وسلم لها يوم الفتح، كما هو مصرح فيه بالحديث: «إن مكة حرمها الله، ولم يحرمها الناس. لا يحل لامرىء يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك بها دما، ولا يعضد بها شجرا، فإن أحد ترخص لقتال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها، فقولوا له: إن الله أذن لرسوله، ولم يأذن لكم، وإنما أذن له فيه ساعة من نهار، وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس». أخرجه البخاري في المغازي، باب 51 (4295). (¬3) يعني: له صلى الله عليه وسلم أن يقضي بعلم نفسه. واستدل البيهقي رحمه الله في الخصائص على ذلك، بقصة هند زوجة أبي سفيان عندما قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: إن أبا سفيان رجل مسيك، فهل عليّ من حرج أن أطعم من الذي له عيالنا؟ قال: «لا حرج عليك». وهذا حديث أخرجه البخاري في الأحكام، باب من رأى للقاضي أن يحكم بعلمه في أمر الناس (7161). (¬4) يستشهد لهذا كله بقصة خزيمة بن ثابت رضي الله عنه، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم-

ويحمي الموات لنفسه (¬1). ولا ينتقض وضوؤه بالنوم مضطجعا (¬2). ¬

= اشترى من أعرابي فرسا، ثم أنكر الأعرابي أنه باعه، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: بلى قد ابتعته منك. فطلب الأعرابي من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأتي بشاهد على البيع، ولم يكن ثمة أحد معهما، ثم جاء خزيمة فقال للأعرابي: أنا أشهد أنك قد بايعته. فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم على خزيمة فقال: بم تشهد؟ قال: بتصديقك يا رسول الله. فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم شهادة خزيمة بشهادة رجلين. أخرجه أبو داود في الأقضية، باب إذا علم الحاكم صدق الشاهد الواحد له أن يحكم به (3607)، والنسائي في البيوع، باب التسهيل في ترك الإشهاد على البيع 8/ 301 - 302، وصححه الحاكم 2/ 177 وأقره الذهبي، وأخرجه البيهقي في الخصائص، باب ما أبيح له من الحكم لنفسه 7/ 66. وأورده الحافظ في المطالب العالية 4/ 92 - 93 من حديث خزيمة نفسه لابن أبي عمر، ولأبي بكر ابن أبي شيبة، وللحارث بن أبي أسامة. وعزاه الهيثمي في المجمع 9/ 320 إلى الطبراني برجال كلهم ثقات. (¬1) أي يحمي الأرض التي ليست ملكا لأحد فتصير له، مع أنه صلى الله عليه وسلم لم يقع ذلك منه، ولو وقع لكان مصلحة للمسلمين، لأن ما كان مصلحة له، فهو مصلحة لهم. ويستشهد لهذا بحديث الصعب بن جثّامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا حمى إلا لله ورسوله». أخرجه البخاري في الشرب والمساقاة، باب لا حمى إلا لله ورسول الله صلى الله عليه وسلم (2370). وقال الحافظ في تلخيص الحبير 3/ 155، بعد أن ذكر هذه الخاصية: لم أره في شيء من الأحاديث. (¬2) واستدلوا لذلك بما ورد في الصحيح من حديث ابن عباس رضي الله عنه «أن النبي صلى الله عليه وسلم نام حتى نفخ، ثم صلى ولم يتوضأ». أخرجه البخاري في الوضوء، باب التخفيف في الوضوء (138)، ومسلم في صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ودعاؤه بالليل 6/ 44 - 45 من شرح الإمام النووي، وقال النووي: هذا من خصائصه صلى الله عليه وسلم أن نومه مضطجعا لا ينقض الوضوء، لأن عينيه تنام، ولا ينام قلبه، فلو خرج حدث لأحس به، بخلاف غيره من الناس.

وفي إباحة مكثه في المسجد مع الجنابة خلاف (¬1). وكذلك انتقاض وضوئه بلمس المرأة (¬2). وأبيح له أخذ الطعام والشراب من مالكهما المحتاج إليهما إذا احتاج صلى الله عليه وسلم إليهما، ويجب على صاحبهما البذل له. وصيانة مهجته عليه الصلاة والسلام بمهجته (¬3). وإباحة تسع نسوة، والصحيح: الزيادة له (¬4). ¬

(¬1) نقل الخلاف النووي في التهذيب 1/ 40، والروضة 5/ 352 - 353، وقال: وقد يحتج للإباحة بحديث عطية بن أبي سعيد قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «يا علي لا يحل لأحد يجنب في هذا المسجد غيري وغيرك». أخرجه الترمذي في المناقب، باب مناقب علي بن أبي طالب رضي الله عنه (3729) وقال: حسن غريب. (¬2) أي فيه خلاف كسابقه، وقال الإمام النووي في الموضع السابق: والمشهور الانتقاض. واستدلوا لعدمه بما ورد: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل امرأة من نسائه ثم خرج إلى الصلاة ولم يتوضأ». لكنه ضعيف. انظر المواهب والمرشد. (¬3) استدلوا لهذا بقوله تعالى: النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ. . [الأحزاب: 6]. (¬4) بدليل قوله تعالى: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ اللاّتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَما مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمّا أَفاءَ اللهُ عَلَيْكَ وَبَناتِ عَمِّكَ وَبَناتِ عَمّاتِكَ وَبَناتِ خالِكَ وَبَناتِ خالاتِكَ اللاّتِي هاجَرْنَ مَعَكَ وَاِمْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ. . [الأحزاب:50]. قال الكيا الهراسي في أحكام القرآن 2/ 348: فيه دليل على إباحة الأزواج لرسول الله صلى الله عليه وسلم مطلقا. وانظر التفصيل في أحكام القرآن لابن العربي 3/ 588. وعن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: «ما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أحل الله له أن يتزوج من النساء ما شاء». أخرجه النسائي في المجتبى 6/ 56، وفي التفسير 2/ 183، والترمذي في التفسير (3215) وقال: حسن صحيح. والإمام أحمد 6/ 180، وابن حبان كما في الموارد /2126/، وعزاه الحافظ في تلخيص الحبير 3/ 141 إلى الإمام الشافعي، والدارمي، وابن خزيمة أيضا، وانظر مقدمتي لكتاب أزواج النبي صلى الله عليه وسلم للصالحي.

وانعقاد نكاحه بلفظ الهبة، وفيه خلاف (¬1). والأصح انحصار طلاقه في الثلاث، وقيل: لا ينحصر (¬2). وإذا عقد بلفظ الهبة لا يجب مهر بالعقد ولا بالدخول كغيره (¬3). وانعقاد نكاحه بلا ولي ولا شهود (¬4). وفي حال الإحرام على الصحيح (¬5). ¬

(¬1) كما تقدم في الآية [50] من سورة الأحزاب: وَاِمْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ. . وزاد الإمام أبو حنيفة رحمه الله أنه يجوز انعقاد النكاح بلفظ الهبة من الجانبين في حقه صلى الله عليه وسلم وفي حق غيره. فلا خصوصية حينئذ، والله أعلم. (مرشد المحتار/280/). (¬2) هكذا أيضا في تهذيب الأسماء للنووي، وسياق المؤلف هنا في باب الخصائص كهو عند النووي، والله أعلم. وقال الماوردي: وإذا قلنا ينحصر طلاقه، فلو طلق طلقة واحدة ثلاثا، هل تحل له من غير أن تنكح غيره؟ فيه وجهان، أحدهما نعم، لما خص به من تحريم نسائه على غيره. والثاني لا تحل له أبدا لما فيه من التغليظ في أسباب التحريم. (مرشد المحتار/278/). (¬3) واستدلوا لذلك بقوله تعالى: وَاِمْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ. . إذ الهبة تغني عن البدل، ولأن المقصود منه صلى الله عليه وسلم التوصل إلى ثواب الله تعالى، فوسع عليه الأمر حتى لا يتعذر عليه ذلك (المرشد/280/). وقال النووي: إذا وهبت امرأة نفسها له صلى الله عليه وسلم فتزوجها بلا مهر، حل له ذلك، ولا يجب عليه بعد ذلك مهرها بالدخول ولا بغير ذلك، بخلاف غيره فإنه لا يخلو نكاحه من وجوب مهر، إما مسمى، وإما مهر المثل، والله أعلم. (المواهب 2/ 616 - 617). (¬4) قال العلماء: إنما اعتبروا الولي للمحافظة على الكفاءة، وهو صلى الله عليه وسلم فوق الأكفاء، وإنما اعتبر الشهود لأمن الجحود، وهو صلى الله عليه وسلم لا يجحد ولو جحدت هي لم يرجع إلى قولها، بل قال العراقي في شرح المهذب: تكون كافرة بتكذيبه (المواهب 2/ 620 - 621). واستدلوا لذلك بقصة زواجه صلى الله عليه وسلم بصفية وجويرية رضي الله عنهما. (¬5) كذا أيضا نص الإمام النووي في الروضة 5/ 354، وقد تقدم ذكر الأحاديث التي-

وإذا رغب في نكاح امرأة خليّة، لزمها الإجابة على الصحيح. ويحرم على غيره خطبتها (¬1). وفي وجوب القسم بين أزواجه وإمائه خلاف (¬2). ¬

= تدل على زواجه بالسيدة ميمونة رضي الله عنها وهو محرم في الصحيحين وغيرهما أثناء الحديث عن عمرة القضاء في المغازي وورود ما يعارض ذلك في الصحيح أيضا، وأن الحافظ جمع بين الروايات بقوله: ويحمل حديث ابن عباس على أنه من خصائصه صلى الله عليه وسلم. (¬1) وعبروا عن هذا بإباحة نكاح المرأة بغير رضاها، لأنها إن خالفت أمره كانت عاصية، وإن كانت خالفت رغبته كانت غير راضية بقوله وفعله، وذلك عصيان عظيم يؤدي إلى الكفر، فتلزمها الإجابة وتخير، واستدل الماوردي لذلك بعموم قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اِسْتَجِيبُوا لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ. . [الأنفال:24]. ويحرم على غيره خطبتها بمجرد الرغبة، لما فيه من المضارة لرسول الله صلى الله عليه وسلم (مرشد المحتار/282/). وأضاف الإمام النووي في الروضة 5/ 354: وإن كانت مزوجة، وجب على زوجها طلاقها لينكحها على الصحيح. (¬2) قال القرطبي في التفسير 14/ 214 عند تفسير قوله تعالى: تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشاءُ. . [الأحزاب:51]: اختلف العلماء في تأويل هذه الآية، وأصح ما قيل فيها: التوسعة على النبي صلى الله عليه وسلم في ترك القسم، فكان لا يجب عليه القسم بين زوجاته وهذا القول هو الذي يناسب ما مضى، وهو الذي ثبت معناه في الصحيح عن عائشة رضي الله عنها قالت: «كنت أغار على اللائي وهبن أنفسهن لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأقول: أو تهب المرأة نفسها لرجل؟ فلما أنزل الله عز وجل: تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشاءُ. . قالت: قلت: والله ما أرى ربك إلا يسارع في هواك». قال ابن العربي: هذا الذي ثبت في الصحيح هو الذي ينبغي أن يعوّل عليه، والمعنى المراد: هو أن النبي صلى الله عليه وسلم كان مخيرا في أزواجه، إن شاء أن يقسم قسم، وإن شاء أن يترك القسم ترك. فخص النبي صلى الله عليه وسلم بأن جعل الأمر إليه فيه، لكنه كان يقسم من قبل نفسه دون أن-

الرابع: ما اختص به صلى الله عليه وسلم من الفضائل والإكرام. فمنه

الرابع: ما اختص به صلى الله عليه وسلم من الفضائل والإكرام. فمنه: أن أزواجه اللاتي توفي عنهن محرمات على غيره أبدا، وفيمن فارقها في حياته أوجه، أصحها: التحريم (¬1). وأن أزواجه-رضوان الله عليهن-أمهات المؤمنين (¬2)، وأنهن أفضل من غيرهن من النساء، وجعل ثوابهن وعقابهن ضعفين (¬3). ¬

= يفرض ذلك عليه، تطييبا لنفوسهن، وصونا لهن عن أقوال الغيرة. وقيل: كان القسم واجبا على النبي صلى الله عليه وسلم ثم نسخ الوجوب عنه بهذه الآية. وقال الحافظ في الفتح 8/ 386 عند شرح حديث السيدة عائشة السابق: تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ: أي تؤخرهن بغير قسم، وهذا قول الجمهور. (¬1) كذا أيضا في الروضة 5/ 355، والتهذيب 1/ 41 كلاهما للإمام النووي، وذكر الدليل على ذلك، قوله تعالى: وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ [الأحزاب:6]. (¬2) كذا قال الإمام النووي في الموضع السابق، وأضاف: سواء من ماتت تحته صلى الله عليه وسلم، ومن مات عنها وهي تحته، وذلك في تحريم نكاحهن، ووجوب احترامهن وطاعتهن، لا في النظر والخلوة، ولا يقال: بناتهن أخوات المؤمنين، ولا آباؤهن وأمهاتهن أجداد وجدات المؤمنين ولا إخوانهن. . قلت: هذا قول الإمام البغوي في التفسير 3/ 507. وقال الإمام البيهقي في الدلائل 3/ 459: فقد تزوج الزبير أسماء بنت أبي بكر وهي أخت عائشة، وتزوج العباس أم الفضل وهي أخت ميمونة، ولم يقل: هما خالتا المؤمنين. وقال البغوي أيضا: كن أمهات المؤمنين من الرجال دون النساء. واستدلوا على هذا بما روي عن السيدة عائشة رضي الله عنها: أن امرأة قالت لها: يا أمّة. فقالت: لست لك بأم، إنما أنا أم رجالكم. أخرجه ابن سعد 8/ 64 - 67، والبيهقي في السنن الكبرى 7/ 70 وقال ابن العربي في أحكام القرآن 3/ 542: وهو الصحيح. وفسره الإمام السيوطي في الخصائص 2/ 250 بقوله: لأن فائدة الأمومة في حق الرجال-وهي النكاح-مفقودة في حق النساء. (¬3) وذلك لقوله تعالى: يا نِساءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضاعَفْ لَهَا الْعَذابُ ضِعْفَيْنِ وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيراً* وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ -

وأنه خاتم النبيين. وخير خلق الله. وأمته أفضل الأمم. وهي معصومة من الإجماع على ضلالة. أصحابه خير القرون. وشريعته مؤبدة، وناسخة لجميع الشرائع. وكتابه معجز، محفوظ عن التحريف والتبديل، وهو حجة على الناس بعد وفاته، ومعجزات الأنبياء انقرضت. ونصر بالرعب مسيرة شهر، وجعلت له الأرض مسجدا وطهورا، وأحلت له الغنائم، وأعطي الشفاعة، والمقام المحمود، وأرسل إلى الناس كافة (¬1). وهو سيد ولد آدم، وأول من تنشق عنه الأرض، وأول شافع، وأول مشفع (¬2). وأول من يقرع باب الجنة. وأكثر الأنبياء تبعا (¬3). وأعطي جوامع الكلم (¬4). ¬

= صالِحاً نُؤْتِها أَجْرَها مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنا لَها رِزْقاً كَرِيماً [الأحزاب:30 - 31]. (¬1) كل هذه المعاني صحيحة ومشهورة لا تحتاج إلى تخريج أو شرح. (¬2) هذه الثلاث الأخيرة يجمعها حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنا سيد ولد آدم يوم القيامة، وأول من ينشق عنه القبر، وأول شافع وأول مشفع». رواه مسلم في الفضائل، باب تفضيل نبينا صلى الله عليه وسلم على جميع الخلائق (2278). (¬3) كما في الحديث الصحيح عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنا أكثر الأنبياء تبعا يوم القيامة، وأنا أول من يقرع باب الجنة». أخرجه مسلم في الإيمان، باب في قول النبي صلى الله عليه وسلم أنا أول الناس يشفع في الجنة، وأنا أكثر الأنبياء تبعا (196). (¬4) حديثه صحيح مشهور، ولكني أسوقه لأنه يجمع عدة خصائص وفضائل له صلى الله عليه وسلم: فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «فضلت على الأنبياء بست: أعطيت جوامع الكلم، ونصرت بالرعب، وأحلت لي الغنائم، وجعلت-

وصفوف أمته في الصلاة كصفوف الملائكة (¬1). وكان لا ينام قلبه (¬2). ويرى من وراء ظهره كما يرى أمامه (¬3). ولا يحل لأحد أن يرفع صوته فوق صوته، ولا يناديه باسمه، ويخاطبه المصلي بقوله: السلام عليك أيها النبي، ولو خاطب آدميا غيره بطلت صلاته، ويلزم المصلي إذا دعاه أن يجيبه وهو في الصلاة، ولا تبطل صلاته (¬4). ¬

= لي الأرض طهورا ومسجدا، وأرسلت إلى الخلق كافة، وختم بي النبيون». أخرجه الإمام مسلم أول المساجد ومواضع الصلاة (523). (¬1) أخرجه مسلم في الموضع السابق (522) من حديث حذيفة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فضلنا على الناس بثلاث: جعلت صفوفنا كصفوف الملائكة. .». (¬2) أخرجه البخاري من حديث السيدة عائشة رضي الله عنها، وفيه: فقلت: يا رسول الله تنام قبل أن توتر! قال: «تنام عيني، ولا ينام قلبي». كتاب المناقب، باب كان النبي صلى الله عليه وسلم تنام عينه ولا ينام قلبه (3569)، وانظر الحديث الذي بعده (3570)، ومسلم في صلاة المسافرين، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه (763) -186. (¬3) متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «هل ترون قبلتي ها هنا؟ فو الله ما يخفى عليّ خشوعكم ولا ركوعكم، إني لأراكم من وراء ظهري». أخرجه البخاري في الصلاة، باب عظة الإمام في إتمام الصلاة وذكر القبلة (418)، ومسلم في الصلاة، باب الأمر بتحسين الصلاة وإتمامها والخشوع فيها (424). (¬4) لما في الصحيح من حديث أبي سعيد بن المعلى رضي الله عنه قال: كنت أصلي في المسجد، فدعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم أجبه، فقلت: يا رسول الله إني كنت أصلي، فقال: ألم يقل الله: اِسْتَجِيبُوا لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ. . . أخرجه البخاري في التفسير، باب ما جاء في فاتحة الكتاب (4474). وقوله: -

وكان بوله ودمه يتبرك بهما (¬1). ¬

= «ويخاطبه المصلي بقوله السلام عليك. .» يعني في التشهد. قال الحافظ في تلخيص الحبير 3/ 163: ووجه الدلالة أنه منع من مخاطبة الآدمي بقوله: «إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس» أخرجه مسلم. (¬1) كذا نص الإمام النووي في الروضة 5/ 359، والتهذيب 1/ 42 وعبارته: وكان يتبرك ويستشفى ببوله ودمه. وعنون له الإمام البيهقي في السنن 7/ 67: باب تركه الإنكار على من شرب بوله ودمه. قلت: أما دليل الأول: فقد أخرج الطبراني في الكبير 24/ 189 و 205، والبيهقي في السنن 7/ 67 عن حكيمة بنت أميمة عن أمها: كان النبي صلى الله عليه وسلم يبول في قدح عيدان، ثم يرفع تحت سريره، فبال فيه، ثم جاء فأراده، فإذا القدح ليس فيه شيء، فقال لامرأة يقال لها: بركة، كانت تخدم أم حبيبة، جاءت بها من أرض الحبشة: «أين البول الذي كان في القدح؟ قالت: شربته. فقال: لقد احتظرت من النار بحظار». وقال في المجمع 8/ 271: رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح غير عبد الله ابن أحمد بن حنبل وحكيمة وكلاهما ثقة. وصحح سنده السيوطي أيضا في الخصائص 2/ 252. وأما الدم: فعن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يحتجم، فلما فرغ قال: يا عبد الله اذهب بهذا الدم فأهرقه حيث لا يراك أحد. فلما برزت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عمدت إلى الدم فحسوته، فلما رجعت إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما صنعت يا عبد الله؟ قال: جعلته في مكان ظننت أنه خاف على الناس، قال: فلعلك شربته. قلت: نعم. قال: ومن أمرك أن تشرب الدم؟ ويلك من الناس، وويل الناس منك. أخرجه الحاكم 3/ 554، وأبو نعيم في الحلية 1/ 330، والبيهقي 7/ 67، وعزاه الذهبي في السير 3/ 366 إلى أبي يعلى. وقال في المجمع 8/ 270: رواه الطبراني والبزار باختصار، ورجال البزار رجال الصحيح غير هنيد بن القاسم وهو ثقة. وله أوجه أخرى أشار إليها البيهقي، وأوردها السيوطي في الخصائص، وله شاهد من حديث سفينة رضي الله عنه أنه شربه. أخرجه البزار وأبو يعلى وابن أبي خيثمة والبيهقي والطبراني، وقال الهيثمي 8/ 270: ورجال الطبراني رجال ثقات.

وكانت الهدية حلالا له بخلاف غيره من ولاة الأمور (¬1). ولا يجوز الجنون على الأنبياء بخلاف الإغماء، واختلف في الاحتلام، والأشهر امتناعه. وفاتته ركعتان بعد الظهر فصلاهما بعد العصر. وداوم عليهما (¬2). وكل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا سببه ونسبه، وذلك أن أمته ينسبون إليه في القيامة، بخلاف أمم سائر الأنبياء (¬3). ¬

(¬1) كذا نص في الروضة أيضا 5/ 360. (¬2) ورد ذلك في الصحيح، أخرجه البخاري من حديث أم سلمة رضي الله عنها أنها قالت: «صلى النبي صلى الله عليه وسلم بعد العصر ركعتين وقال: شغلني ناس من عبد القيس عن الركعتين بعد الظهر». وعن عائشة رضي الله عنها قالت: «والذي ذهب به ما تركهما حتى لقي الله». وفي رواية: «ما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يأتيني في يوم بعد العصر إلا صلى ركعتين». انظر صحيح البخاري، مواقيت الصلاة، باب ما يصلي بعد العصر من الفوائت ونحوها. وقال الحافظ في الشرح: وأما مواظبته صلى الله عليه وسلم على ذلك فهو من خصائصه، والدليل على رواية ذكوان مولى عائشة أنها حدثته: «أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي بعد العصر وينهى عنها، ويواصل وينهى عن الوصال» رواه أبو داود. (¬3) كذا أيضا في الروضة 5/ 359، واستدلوا لذلك بحديث عمر رضي الله عنه مرفوعا: «كلّ سبب ونسب يوم القيامة منقطع، إلا سببي ونسبي». أخرجه الطبراني في الكبير (2634) و (2635) و (2633)، والبزار كما في كشف الأستار (2455) و (2456)، وقال الهيثمي في المجمع 9/ 173: أخرجه الطبراني في الأوسط والكبير باختصار ورجالهما رجال الصحيح غير الحسن بن سهل وهو ثقة. ورواه الحاكم 3/ 142، والبيهقي في السنن الكبرى 7/ 114. كما رواه الطبراني في الكبير أيضا من حديث المسور بن مخرمة رضي الله عنه 20/ 25 - 27 (30) و (33)، والإمام أحمد 4/ 323 و 332، والحاكم 3/ 154. كما أورده الهيثمي في المجمع 9/ 173 من حديث ابن عباس رضي الله عنهما وقال: رواه الطبراني ورجاله ثقات. وله طرق أخرى، وانظر-

ومن رآه في المنام فقد رآه حقا (¬1). وأن الأرض لا تأكل لحم الأنبياء (¬2). وإنّ كذبا عليه ليس ككذب على غيره (¬3). صلى الله عليه وعلى سائر النبيين، وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين. ¬

= تلخيص الحبير 3/ 194 حيث تكلم عليه الحافظ طويلا. (¬1) متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أخرجه البخاري في العلم، باب إثم من كذب على النبي صلى الله عليه وسلم (110)، ومسلم في الرؤيا، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: «ومن رآني في المنام فقد رآني» (2266). (¬2) كما في حديث أوس بن أوس رضي الله عنه وفيه: «إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء». أخرجه الإمام أحمد 4/ 8، وأبو داود في الصلاة، باب فضل الجمعة وليلة الجمعة (1047)، والنسائي الجمعة، باب إكثار الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة 3/ 91 - 92، وابن ماجه في الجنائز، باب ذكر وفاته ودفنه صلى الله عليه وسلم (1636). وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم وله شواهد. (¬3) هذا معنى حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن كذبا عليّ ليس ككذب على أحد، فمن كذب عليّ متعمدا، فليتبوأ مقعده من النار». أخرجه البخاري في الجنائز (1291)، ومسلم في المقدمة، باب تغليظ الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم (4).

ثانيا تاريخ الخلفاء

ثانيا تاريخ الخلفاء

[مصادر هذا التاريخ]

تاريخ الخلفاء [مصادر هذا التاريخ]: وهذا حين الشروع في التاريخ الملخص من: الطبري (¬1). وابن مسكويه (¬2). وابن أبي الأزهر (¬3). ¬

(¬1) هو أشهر من أن يعرّف: أبو جعفر محمد بن جرير الطبري، صاحب التفسير والتاريخ وغيرهما من الكتب، وكتابه هو المرجع الأول الذي اعتمد عليه المؤرخون بعده. توفي رحمه الله سنة 310 هـ‍. (¬2) مسكويه-بكسر الميم كما في القاموس-هو أحمد بن محمد بن يعقوب بن مسكويه، وسماه أبو حيان في الإمتاع والمؤانسة 1/ 32 و 136: (مسكويه)، يعني أن (مسكويه) لقب له لا كنية كما نص المؤلف. وعلى هذا الأخير جرى ياقوت في معجم الشعراء 5/ 5، والزركلي في الأعلام 1/ 211، ووافق المصنف كل من ابن الأثير في الكامل 7/ 9، وصاحب الوافي بالوفيات 8/ 109، وكشف الظنون/43/، وهدية العارفين/73/، ومعجم المؤلفين 2/ 168. وذكره السخاوي في الإعلان بالتوبيخ بالاسمين. وهو صاحب كتاب (تجارب الأمم)، توفي سنة 421 هـ‍. (¬3) هو أبو بكر محمد بن أحمد بن مزيد الخزاعي البوسنجي، نحوي أخباري، من أهل بغداد، له كتاب الهرج والمرج في أخبار المستعين والمعتز، ولكنه كان ضعيفا في الحديث. (انظر تاريخ بغداد 3/ 288، والفهرست/211/، وبغية الوعاة 1/ 242.

والفسوي (¬1). وخليفة (¬2). وابن قانع (¬3). والخطيب (¬4). وابن عساكر (¬5). وابن حبان (¬6). وابن الأثير (¬7). ¬

(¬1) هو الإمام الحجة أبو يوسف يعقوب بن سفيان الفسوي، نسبة إلى مدينة (فسا) كما تسميها العرب، ويسميها العجم: (بسا)، مدينة بفارس، وهو صاحب كتاب المعرفة والتاريخ، توفي سنة 277 هـ‍. (¬2) الإمام المحدث أبو عمرو خليفة بن خياط الملقب بشباب. صاحب كتاب التاريخ وكتاب الطبقات توفي سنة 240 هـ‍. (¬3) هو الإمام الحافظ عبد الباقي بن قانع، بغدادي، قاض من أصحاب الرأي، له كتاب معجم الصحابة، وثقه البغداديون وضعفه غيرهم، ولم أجد في ترجمته أن له تاريخا غير معجم الصحابة (انظر تاريخ بغداد 11/ 88 - 89، والجواهر المضية 2/ 355، وسير أعلام النبلاء 15/ 526 - 527، والبداية والنهاية 11/ 258). والله أعلم. وتوفي ابن قانع 351 هـ‍. (¬4) البغدادي أحمد بن علي بن ثابت صاحب تاريخ بغداد، إمام، حافظ، محدث، توفي سنة 463 هـ‍. (¬5) حافظ دمشق، ومحدث الشام، علي بن الحسن بن هبة الله صاحب تاريخ دمشق توفي سنة 571 هـ‍. (¬6) صاحب الصحيح، الإمام الحافظ أبو حاتم محمد بن حبان التميمي البستي، له كتاب في التاريخ كما في هدية العارفين 2/ 45، وطبع له كتاب بعنوان السيرة النبوية وأخبار الخلفاء، توفي سنة 354 هـ‍. (¬7) هو عز الدين أبو الحسن علي بن أبي الكرم الجزري، صاحب كتاب الكامل في-

والمسعودي (¬1). وابن الجزار (¬2). وابن أقسان الديلمي (¬3). والسّروجي (¬4). ¬

= التاريخ، وكتاب أسد الغابة في معرفة الصحابة، وهو أحد ثلاثة أخوة علماء اشتهروا بهذه الكنية، توفي سنة 630 هـ‍. (¬1) علي بن الحسن من ذرية الصحابي عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، صاحب كتاب مروج الذهب وغيره من التواريخ، توفي سنة 345 هـ‍. (¬2) هو أبو جعفر أحمد بن إبراهيم القيرواني، طبيب مؤرخ، له عدة مؤلفات منها: «التعريف بصحيح التاريخ» كبير، توفي سنة 369 هـ‍. (¬3) لم أجد من ترجم له بهذه الكنية واللقب. ولعله يقصد الحافظ شيرويه الديلمي صاحب الفردوس، فله تاريخ (هراة) وتاريخ (همذان)، والله أعلم. (¬4) في (1) و (3): (الروحي). وأثبت كذلك في مراجع كتاب فوات الوفيات للكتبي 5/ 323. وهو علي بن عبد الله بن محمد بن أبي السرور السروجي، فقيه، مؤرخ توفي بعد 648 هـ‍. من تصانيفه: بلغة الظرفاء في ذكر تواريخ الخلفاء. انظر الإعلان بالتوبيخ للسخاوي/166/، ومعجم المؤلفين لكحالة 7/ 140 حيث نقلت منه الترجمة.

الخلفاء الراشدون

الخلفاء الراشدون [أبو بكر الصديق رضي الله عنه]: أبو بكر رضي الله عنه كان اسمه في الجاهلية عبد الكعبة (¬1)، وفي الإسلام عبد الله الصديق، وسمي بذلك لتصديقه النبي صلى الله عليه وسلم. وقيل: إن الله تعالى صدقه (¬2). ويلقب عتيقا لجماله (¬3). ولأنه ليس في نسبه ما يعاب به (¬4). وقيل: كان له أخ يسمى عتيقا فمات قبله، فسمي به (¬5). ¬

(¬1) كذا في الاستيعاب 3/ 963، وعزاه إلى أهل النسب: الزبيري وغيره. (¬2) يشهد لهذا: ما روي عن حكيم بن سعد قال: سمعت عليا يحلف: لله أنزل اسم أبي بكر من السماء: الصديق. رواه الطبراني، ورجاله ثقات كما في المجمع 9/ 41، وعزاه الحافظ في الإصابة للدار قطني، وأخرجه أبو نعيم في المعرفة من عدة طرق: (65) وما بعده. (¬3) أخرجه الطبراني في الكبير (4)، وأبو نعيم في المعرفة (63)، ورجاله ثقات كما في المجمع 9/ 41. وعزاه أبو عمر في الاستيعاب 3/ 963: إلى الليث بن سعد وجماعة معه. (¬4) قاله مصعب الزبيري وطائفة من أهل النسب كما في الاستيعاب، والرياض النضرة. (¬5) الاستيعاب في الموضع السابق، وعزاه المحب الطبري للبغوي في معجمه.

وقيل: لأنه عتيق من النار (¬1). وقيل: لأنه قديم في الخير (¬2). وقيل: لأن أمه لما ولدته قالت: اللهم هذا عتيقك من الموت (¬3). وقال الأزدي: وكانت إذا نقزته قالت: عتيق ما عتيق … ذوا المنظر الأنيق رشقت منه ريق … كالزّرنب الفتيق قال ابن دريد: وكان يلقب ذا الخلال، لعباءة كان يخلها على صدره (¬4). ابن أبي قحافة عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرّة. أمه أم الخير سلمى. ¬

(¬1) لحديث ابن الزبير رضي الله عنهما قال: كان اسم أبي بكر عبد الله بن عثمان، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «أنت عتيق الله من النار». فسمي عتيقا. أخرجه الطبراني في الكبير (7)، والبزار كما في كشف الأستار (2483)، وقال الهيثمي في المجمع 9/ 40: ورجالهما ثقات. قلت: وصححه ابن حبان كما في الإحسان (4864) والموارد (2171). وأخرجه الترمذي من حديث عائشة رضي الله عنها (3679). (¬2) قاله الفضل ابن دكين، كما في الرياض النضرة 1/ 78، والإصابة 4/ 171. (¬3) أخرجه أبو نعيم في المعرفة (62)، وابن عساكر في تاريخ دمشق 13/ 35 (المختصر)، وعزاه الحافظ إلى الدولابي في الكنى وإلى ابن منده (الإصابة الموضع السابق). (¬4) أخرج ابن عساكر 13/ 50 - 51 عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: «كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم، وعنده أبو بكر الصديق، وعليه عباءة قد خلّها في صدره بخلال. .».

ولي الخلافة سنتين ونصفا، وقيل: وأربعة أشهر إلا عشرة أيام، وقيل: إلا أربعة أيام، وقيل غير ذلك (¬1). وسنه سن المصطفى صلى الله عليه وسلم. وقيل: خمس وستون، وقيل: ستون (¬2). ارتدت في أيامه العرب، فأرسل الجيوش إليهم، فأبادوا من أصرّ منهم على كفره (¬3). وأرسل خالدا إلى العراق، وعمرو بن العاص إلى فلسطين، ويزيد بن أبي سفيان وأبا عبيدة وشرحبيل بن حسنة إلى الشام (¬4). ¬

(¬1) عند ابن سعد 3/ 202: فكانت خلافته سنتين وثلاثة أشهر وعشر ليال، وتبعه في ذلك الطبري 3/ 420، والمسعودي 2/ 325، وهو القول الثاني لخليفة /122/، وأنقص ابن قتيبة في المعارف/171/منه يوما واحدا، وأنقص ابن حزم في جوامع السيرة/353/منه يومين، وانظر بقية الأقوال وغيرها-عدا الأول-في المصادر السابقة وسيرة ابن حبان/456/، والاستيعاب 3/ 976 - 977، وتلقيح الفهوم/83/. (¬2) في جميع المصادر السابقة أنه استوفى سن النبي صلى الله عليه وسلم وهي ثلاث وستون سنة، وقالوا: مجمع على ذلك في الروايات كلها وشذ ابن حبان فقال: اثنتان وستون سنة. وأما القولان الأخيران فلم أجدهما، ويظهر أنهما مبنيان على الاختلاف في سن رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث ذكر-وفي الصحيح-أنه توفي وهو ابن خمس وستين أو ستين، والله أعلم. (¬3) ارتدت العرب، حتى قال الطبري 3/ 242: وارتدت من كل قبيلة عامة أو خاصة إلا قريشا وثقيفا. وتنبأ الأسود العنسي باليمن، ومسيلمة الكذاب وطليحة الأسدي، ومنع قوم الزكاة. . . فبدأهم أولا بالرسل ثم بالقتال. (¬4) كان من فتوحاته رضي الله عنه: اليمامة، وبعض بلاد الشام، وأطراف العراق. (الجوهر الثمين لابن دقماق/31/).

[أبو حفص عمر رضي الله عنه]

توفي مسموما (¬1). [أبو حفص عمر رضي الله عنه]: واستخلف الفاروق أبا حفص، أمير المؤمنين عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي. فأقام عشر سنين وستة أشهر وأربع ليال (¬2). وقتله أبو لؤلؤة فيروز، غلام المغيرة بن شعبة (¬3)، في صلاة الصبح، يوم الأربعاء لأربع بقين من ذي الحجة-وقال ابن قانع: غرة المحرم- لتمام ثلاث وعشرين. وهو ابن ثلاث وستين (¬4). ¬

(¬1) أخرجه ابن سعد 3/ 198 عن ابن شهاب، وقدمه ابن قتيبة/170/، وقال الحافظ في الفتح 7/ 49: هو الصحيح، وذكر أن اليهود هي التي سمته. وهناك أقوال أخرى في سبب موته، منها: أنه مات بالسل، قاله الزبير بن بكار، ومنها: أنه اغتسل في يوم بارد فحم خمسة عشر يوما، يصلي عمر بالناس. (وانظر الاستيعاب 3/ 977). (¬2) هذا قول أبي معشر وهشام بن محمد كما في الطبري 4/ 194، وبه قال ابن حبان/498/، وقال الواقدي كما في الطبقات 3/ 365: كانت ولايته عشر سنين وخمسة أشهر وإحدى وعشرين ليلة؛ وعند خليفة مثل القول الأول لكن فيه: وخمسة أيام أو تسعة. (¬3) واختلف فيه: منهم من قال: كان نصرانيا كما في الطبري 4/ 190، ومنهم من قال كان مجوسيا كما في المحبر/12/، والمسعودي 2/ 352، وجوامع السيرة/354/، وانظر خبره كاملا في الطبقات 3/ 345، والطبري 4/ 190 - 191. (¬4) هذا قول الواقدي كما نقله ابن سعد 3/ 365، وفي سنه خلاف كبير، انظر الطبقات 3/ 365، والطبري 4/ 197 - 198، ومناقب عمر لابن الجوزي 231 - 232.

حج في خلافته تسعا (¬1). وأرسل الجيوش إلى فارس مع أبي عبيد (¬2)، فلما قتل يوم الجسر أرسل ابن أبي وقاص وجريرا والمثنى بن حارثة. فكانت وقعة أجنادين سنة ثلاث عشرة (¬3)؛ ويوم فحل واليرموك -وقيل: سنة خمس-ومرج الصّفّر سنة أربع (¬4)، والقادسية سنة ¬

(¬1) في المعارف/183/: حج عمر بالناس عشر سنين متوالية: وأوردها ابن الجوزي موزعة على السنين عن أبي معشر ابتداء من سنة/14/وحتى سنة /23/، فتكون عشر حجات متوالية، والله أعلم. (انظر مناقب عمر لابن الجوزي 91 - 92). (¬2) في (1) والمطبوع: (أبي عبيدة) بتاء التأنيث. تصحيف، وإنما هو أبو عبيد بن مسعود الثقفي شهيد يوم الجسر، بعثه الفاروق رضي الله عنه ومعه سليط بن عمرو الأنصاري أول توليه الخلافة، وكتب إلى المثنى يأمره بتلقيه، والسمع والطاعة له، فهزم جموع العجم في عدة معارك، ثم تلاقيا على الفرات، فأمر أبو عبيد بنصب الجسر، أو إصلاحه، لأنه يقال: إنه كان موجودا. وعبر النهر فكان استشهاده مع عدة من الصحابة رضي الله عنهم، ثم انحاز المثنى بالجيش، وكتب إلى عمر رضي الله عنه. وأبو عبيد أسلم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ولم يره، فلهذا لم يذكره أكثر الناس في الصحابة. وانظر تفاصيل المعركة في فتوح البلدان/251/، وسيرة ابن حبان 460 - 463. (¬3) قبل وفاة أبي بكر رضي الله عنه بشهر تقريبا (انظر تاريخ خليفة/119/، والطبري 3/ 418 - 419، وجوامع السيرة/342/)، وأجنادين: موضع بالشام من نواحي فلسطين قرب الرملة بينها وبين بيت جبرين، كما في الطبري 3/ 417، وكان الروم مائة ألف مقاتل، فهزمهم المسلمون وقتلوا منهم خلقا كثيرا. (¬4) أما (فحل) بكسر الفاء وسكون الحاء وآخره لام: اسم موضع من الأردن بالشام، كانت فيه وقعة للمسلمين مع الروم، قتل فيه ثمانون ألفا من الروم، -

خمس (¬1). وطاعون عمواس سنة ثمان، مات فيه خمس وعشرون ألفا (¬2). ¬

= ونقل خليفة/126/عن ابن الكلبي أنها آخر ذي الحجة سنة أربع عشرة، لكن الذي عند البلاذري في فتوح البلدان/122/، والطبري 3/ 435: أنها في ذي القعدة سنة ثلاث عشرة. وكان خالد رضي الله عنه على مقدمة الناس. وأما اليرموك: فواد بناحية الشام في طرف الغور يصب في نهر الأردن ثم يمضي إلى البحر الميت. وعنده جرت المعركة الفاصلة والممهدة لفتح بلاد الشام، واختلفوا في تاريخها، فأما سيف ابن عمر فجعلها في سنة ثلاث عشرة عند وفاة الصديق رضي الله عنه، وعلى هذا جرى ابن جرير الطبري، وابن الجوزي في المنتظم، وابن الأثير في الكامل. بينما ذكرها ابن إسحاق، وخليفة، والبلاذري، وابن عساكر أنها سنة خمس عشرة بعد فتح دمشق، وذكروا أن المسلمين يومئذ لم يتجاوزوا ربع الروم من حيث العدد، وقيل: بل كان الروم أكثر من ذلك بكثير. وانظر التفصيل في المصادر السابقة. وأما مرج الصّفّر: فقبل دمشق، من أعمالها، التقى فيه المسلمون مع الروم لهلال المحرم سنة أربع عشرة، فاقتتلوا قتالا شديدا ثم انهزمت الروم. (فتوح البلدان). (¬1) يعني سنة خمس عشرة من الهجرة، ذكر الطبري 3/ 590، والمسعودي 2/ 351، أن هذا التاريخ لوقعة القادسية هو لابن إسحاق، وبعض أهل الكوفة؛ ونقلا عن الواقدي: أنها كانت في ست عشرة، لكن الطبري أوردها في حوادث السنة الرابعة عشرة وقال: وهو الثبت عندنا. وتبعه أصحاب التاريخ بعده: ابن الجوزي وابن الأثير، أما البلاذري وابن حبان فأخذا بقول الواقدي. والقادسية في العراق بينها وبين الكوفة خمسة عشر فرسخا، وكانت فاتحة انتشار الإسلام في الشرق والقضاء على الفرس. وكان قائد المسلمين سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، وقائد الفرس: رستم. (¬2) عمواس: رواه الزمخشري بكسر أوله وسكون ثانيه، ورواه غيره بفتح أوله-

[أبو عبد الله عثمان رضي الله عنه]

وفتحت نهاوند ومصر والشام والعراق (¬1). [أبو عبد الله عثمان رضي الله عنه]: وبويع أبو عبد الله، وقيل: أبو عمرو (¬2) عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف يوم الجمعة غرة المحرم (¬3). ¬

= وثانيه. وهي قرية بفلسطين بالقرب من بيت المقدس، منها كان ابتداء الطاعون عام ثمانية عشر من الهجرة مات فيه خمسة وعشرون ألفا، فيهم خلق كثير من الصحابة مثل أبي عبيدة، ومعاذ بن جبل وغيرهما رضي الله عنهم جميعا (ياقوت 4/ 157 - 158)، وانظر في الطواعين وأوقاتها: المعارف/601/. (¬1) قال في الجوهر الثمين 36 - 38: افتتح دمشق على يد أبي عبيدة بن الجراح وخالد بن الوليد في سنة (13) هـ‍. وفتح الجابية، وفتح بيت المقدس في سنة (16) هـ‍. وفتح القادسية من بلاد العجم على يد سعد بن أبي وقاص. وفتح سروج، والرها، ونصيبين، والرقة، والجزيرة، وعين التمر على يد عياض بن غنم في سنة (16) هـ‍. وفتح قيسارية على يد معاوية بن أبي سفيان، وفتح مدائن كسرى في سنة (19) هـ‍. وفتح مصر، والإسكندرية، ودمياط، وبرقة على يد عمرو بن العاص. وفتح نهاوند على يد النعمان بن مقرن في سنة (21) هـ‍. وفتح أذربيجان على يد مالك بن الأشتر. وفتح طرابلس الغرب-وهي أول مدن الغرب-على يد عمرو بن العاص. وفتح كور الأهواز، وإصطخر على يد أبي موسى الأشعري. وفتح همدان، وأصبهان على يد عبد الله الخزاعي. وفي أيامه دخل معاوية-رضي الله عنه-أرض الروم حتى بلغ عمّورية. وفتح خراسان، وأعمالها في سنة (23) هـ‍. وفتح فلسطين وعسقلان. وفي أيامه زالت دولة الفرس. (¬2) قال ابن سعد 3/ 53: كان عثمان في الجاهلية يكنى أبا عمرو، فلما كان الإسلام ولد له من رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم غلام سماه عبد الله واكتنى به، فكناه المسلمون أبا عبد الله، فبلغ عبد الله ست سنين، فنقره ديك على عينيه فمرض فمات. قال في الاستيعاب 3/ 1037: وأبو عمرو أشهر الكنيتين. . . وقد قيل: إنه كان يكنى أبا ليلى. (¬3) يعني أول سنة أربع وعشرين. وأخرج الطبري 4/ 242: أنه بويع لعثمان رضي الله عنه يوم الإثنين لليلة بقيت من ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين، فاستقبل بخلافته المحرم سنة أربع وعشرين.

فكانت خلافته إحدى عشرة سنة وأحد عشر [شهرا] وثلاثة عشر يوما (¬1). ثم قتل يوم الدار شهيدا، ليلة الجمعة، لليلة بقيت من ذي الحجة (¬2). حاصره الكوفيون وعليهم الأشتر النخعي، والمصريون وعليهم عبد الرحمن بن عديس، وعمرو بن الحمق، وسودان بن حمران، ومحمد بن أبي بكر. فتحت في أيامه ملطية، وغزيت سورية، والمضيق، والسواري (¬3). ¬

(¬1) في (1): فكانت خلافته إحدى عشرة سنة وثلاثة عشر يوما. وفي (2) و (3) والمطبوع: إحدى عشرة سنة وأحد عشر أو ثلاثة عشر يوما. بينما تتفق جميع المصادر أن مدة خلافته كانت اثنتي عشرة سنة إلا أياما، وهذا يوافق ما أثبته، والله أعلم. انظر: الاستيعاب 3/ 1044، وابن سعد 3/ 77، وتاريخ خليفة/177/، والمعارف/198/، والطبري 4/ 416 - 417، وابن حبان/520/، وابن حزم /354/، وصفة الصفوة 1/ 304. (¬2) أما كون قتله (ليلة) الجمعة: فهو للمسعودي 2/ 382، خلافا لبقية المصادر التي ذكرت أنه كان (يوم) الجمعة. انظر الطبقات 3/ 77، وتاريخ خليفة /176/، والمعارف/197/، وابن حبان/519/، بل أخرج الطبري بالإضافة إلى هذا أنه كان (صبيحة) الجمعة 4/ 416 - 417. هذا ونقل ابن قتيبة عن ابن إسحاق أن قتله كان يوم الأربعاء بعد العصر. كذلك خالف المصنف المصادر السابقة في تحديد اليوم: فقد ذكروا: سبع عشرة أو ثماني عشرة أو لأيام أو لثمان ليال خلت من ذي الحجة، حتى المسعودي الذي وافقه المصنف في الأول قال: لثلاث بقين من ذي الحجة. (¬3) أما ملطية: فهي بلدة من بلاد الروم تتاخم الشام (ياقوت) وهي من ثغور الجزيرة (فتوح البلدان). أما سورية: فقد كانت قديما اسم موضع بالشام، بين خناصرة من أعمال حلب، وبين سلمية من أعمال حماة. وأما المضيق: فيعني-والله أعلم-مضيق القسطنطينية، فقد غزاه معاوية عامل-

[أبو الحسن علي رضي الله عنه]

[أبو الحسن علي رضي الله عنه]: ثم بويع أبو الحسن وأبو تراب (¬1) علي بن أبي طالب في اليوم الذي مات فيه عثمان. فأقام في الخلافة أربع سنين وتسعة أشهر وثمانية أيام (¬2). وتوفي شهيدا على يد عبد الرحمن بن ملجم ليلة سابع وعشرين رمضان سنة أربعين (¬3). وفي تاريخ ابن أبي عاصم: سنة تسع وثلاثين، وفيه غرابة (¬4)، وله ثلاث وستون سنة (¬5). ¬

= عثمان رضي الله عنهما سنة اثنتين وثلاثين. وأما السواري: والمشهور: الصواري بالصاد، وهي معركة بحرية بين الروم والمسلمين، انتصر فيها المسلمون بقيادة عبد الله بن أبي سرح عامل عثمان رضي الله عنهما على مصر. (¬1) كنّاه بها رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين. انظر البخاري كتاب الأدب، باب التكني بأبي تراب (6204)، ومسلم في فضائل الصحابة، باب من فضائل علي رضي الله عنه (2409). (¬2) هكذا في مروج الذهب 2/ 385، وفي الطبقات 3/ 38، والطبري 5/ 152، والمعارف/209/، مدة الخلافة كما هي هنا، لكن بدون الأيام. (¬3) اتفقوا على السنة والشهر، واختلفوا في تحديد اليوم، وما ذكره المصنف -رحمه الله-ورد في إحدى الروايات التي ساقها ابن سعد 38 - 39، لكن القول الأول له، ومثله الطبري أنها ليلة السابع عشر، وفي تاريخ خليفة /198/: لسبع بقين من شهر رمضان. وعند ابن قتيبة/209/: لتسع عشرة ليلة مضت من رمضان. وفي المحبر/17/: لأول ليلة من العشر الأواخر. وفي جوامع السيرة/355/: لثلاث بقين منه. وهذا يشبه قول المصنف، والله أعلم. (¬4) ذكره هكذا في تاريخ الخميس 2/ 283 عن المصنف. (¬5) ابن سعد 3/ 38 عن الواقدي، وقال: وهو الثبت. وأخرجه الطبري 5/ 151 - -

ودفن بمسجد الكوفة، وقيل: حمل إلى المدينة فدفن عند فاطمة. وقيل غير ذلك (¬1). وفي أوائل خلافته كانت وقعة الجمل، وابن حزم ينكرها، وفيما قاله نظر (¬2). ونازعه معاوية الأمر بأهل الشام، حتى بلغوا تسعين وقعة. وفي سنة ثمان وثلاثين كان التحكيم، وبسببه كفر جماعة ممن يسمون الخوارج، وقاتلهم عليّ رضي الله عنه في مواضع، وقتل منهم المخدج الذي بشّره النبي صلى الله عليه وسلم بقتله (¬3). ¬

= 152 من عدة طرق، وذكروا أقوالا أخرى، انظرها بالإضافة إلى الطبري: تاريخ خليفة 198 - 199، والمعارف/209/، والاستيعاب 3/ 1122 - 1123. (¬1) انظر هذه الروايات وغيرها في تاريخ بغداد 1/ 137 - 138، حيث خرجها الخطيب جميعا. وقال ابن حبان/552/: واختلفوا في موضع قبره، ولم يصح عندي شيء من ذلك فأذكره. (¬2) الذي في ملحقات جوامع السيرة/355/ما يدل على عكس ما قاله المصنف -رحمه الله-إلا أن أكون غير فاهم لمراده، والله أعلم. ومعركة الجمل وقعت بالبصرة، قتل فيها عدة من الصحابة منهم الزبير وطلحة رضي الله عنهما. (انظر تفصيلها في تاريخ خليفة 180 - 191). (¬3) ورد في الصحيح من حديث علي رضي الله عنه وقد ذكر الخوارج فقال: «فيهم رجل مخدج اليد، أو مودن اليد، أو مثدون اليد، لولا أن تبطروا لحدثتكم بما وعد الله الذين يقتلونهم على لسان محمد صلى الله عليه وسلم». قال: قلت: آنت سمعته من محمد صلى الله عليه وسلم؟! قال: إي ورب الكعبة، إي ورب الكعبة، إي ورب الكعبة. أخرجه مسلم في الزكاة، باب التحريض على قتل الخوارج (1066) -155. وأخرجه الإمام أحمد في فضائل الصحابة (1046)، وفي المسند 1/ 88، وابن أبي عاصم في السنة (912 - 919)، والآجري في الشريعة (31 - 34)، -

[الحسن رضي الله عنه]

[الحسن رضي الله عنه]: وبويع ابنه المتقي أبو محمد الحسن رضي الله عنه، بايعه ثمانون ألفا، فمكث ستة أشهر، ثم سلّم الأمر لمعاوية، وذلك تمام الأربعين (¬1). قال صلى الله عليه وسلم: «الخلافة بعدي ثلاثون سنة، ثم تصير ملكا عضوضا» (¬2). ¬

= والمخدج: بضم الميم وسكون الخاء وفتح الدال مخففة: ناقص الخلق، من الخداج وهو النقص. وانظر ثمار القلوب/290/حيث سمّاه: ذو الثّديّة أو ذو اليديّة، قال: وهو شيخ الخوارج وكبيرهم الذي علمهم الضلال. . (¬1) يعني تمام الأربعين (سنة) للخلافة؛ وإلا فالتاريخ لتسليم الحسن الأمر إلى معاوية رضي الله عنهما هو شهر ربيع أو جمادى الأولى سنة إحدى وأربعين. انظر الطبري 5/ 163، وتاريخ خليفة/203/وفيه: أن ولاية الحسن كانت سبعة أشهر وسبعة أيام، وفي تلقيح الفهوم/84/: سبعة أشهر وأحد عشر يوما، ويقال: أربعة أشهر. ووافق المصنف في ستة الأشهر: ابن حزم في جوامع السيرة/356/. (¬2) حديث حسن أخرجوه في السنن والمسانيد من حديث سفينة رضي الله عنه، أخرجه الإمام أحمد في المسند 5/ 220 - 221، وفضائل الصحابة له (789 و 790)، والترمذي في الفتن (2227) وحسنه، وأبو داود في السنة (4647)، والنسائي في فضائل الصحابة (52)، والطبراني في الكبير (6442)، والطيالسي (1107)، وابن حبان (6943) من الإحسان، والحاكم 3/ 71، والبيهقي في الدلائل 6/ 342، والبغوي في شرح السنة 14/ 74، وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله 2/ 184. وقال الإمام أحمد: حديث سفينة في الخلافة صحيح، وإليه أذهب في الخلفاء. قلت: وكلمة (عضوض) ليست منه كما في جميع المصادر السابقة، ولكنها واردة في حديث حذيفة والنعمان بن بشير رضي الله عنهما عند البزار (1588) من الكشف، والمسند 4/ 273 برجال ثقات كما في المجمع 5/ 189. ومعنى عضوض كما في النهاية حيث أورد لفظه: أي يصيب الرعية فيه عسف وظلم، كأنهم يعضّون فيه عضا.

الأمويون [معاوية رضي الله عنه]

الأمويون [معاوية رضي الله عنه]: وخلص الأمر إلى أبي عبد الرحمن الناصر بحق الله، معاوية بن أبي سفيان، في شوال سنة إحدى وأربعين ببيت المقدس، وكانت أيامه تسع عشرة سنة وثمانية أشهر (¬1). ودفن بدمشق يوم الخميس لثمان بقين من رجب سنة ستين (¬2). [يزيد بن معاوية]: وعهد إلى ابنه أبي خالد المنتصر يزيد، فقتل الحسين بن علي رضي الله عنهما، وأوقع بأهل المدينة يوم الحرة على يد مسرف (¬3). ¬

(¬1) هكذا في مروج الذهب 3/ 3، وأكثر الأقوال في مدة ملكه: تسع عشرة وثلاثة أشهر، وقال ابن قتيبة/349/: عشرون سنة إلا شهرا. (¬2) نقل الطبري 5/ 323 - 324 الإجماع على أن وفاته كانت في سنة ستين من الهجرة، وفي رجب منها ثم اختلفوا في اليوم، فقال هشام بن محمد: لهلال رجب، وقال الواقدي: للنصف منه، وقال علي بن محمد: لثمان بقين منه. قلت: في مروج الذهب 3/ 3 أن وفاته في رجب سنة (إحدى وستين). فالله أعلم. (¬3) لقب بذلك لاستباحته المدينة، وقتله كثيرا من الصحابة وأبنائهم في وقعة الحرة المشهورة، وإنما اسمه: مسلم بن عقبة المري. ولقّبه ابن حزم/358/: مسرفا أو مجرما، مات في الطريق بعد خروجه من المدينة يريد مكة لقتال ابن الزبير رضي الله عنهما.

[معاوية بن يزيد]

وأرسل جيشه إلى الكعبة لحصر ابن الزبير. ومات سنة أربع وستين في ثالث وعشرين ربيع الأول (¬1). وقال الحاكم في صفر (¬2). [معاوية بن يزيد]: وعهد إلى ابنه معاوية الراجع إلى الله، فمات في جمادى الآخرة بعد أربعين يوما (¬3). وصلى عليه الوليد بن عتبة ليكون له الأمر من بعده، فلما كبّر طعن فمات قبل تمام الصلاة (¬4). ¬

(¬1) تتفق المصادر القديمة على أن موت يزيد كان في الرابع عشر من ربيع الأول، وأخرجه الطبري 5/ 499 عن ابن شبة، وأبي معشر، وابن الكلبي، وبه قال خليفة/254/، وابن حبان/562/، وابن الجوزي/84/من التلقيح، وابن الأثير 3/ 462. (¬2) في (2) و (3): وقال الجاحظ، وفي المطبوع، وتاريخ الخميس عن المصنف: الحافظ، وما أثبته من (1)، فالله أعلم. ثم إني وجدت المسعودي في المروج 3/ 66 يقول: هلك يزيد لسبع عشرة ليلة خلت من (صفر) سنة أربع وستين. (¬3) على اختلاف في ذلك، أقل أو أكثر بقليل. وكما اختلفوا هنا، اختلفوا في سنه أيضا، ولا تتعدى ما بين الثلاث عشرة إلى الحادية والعشرين والله أعلم. وكانت وفاته بسبب المرض الذي كان فيه قبل الخلافة، وقيل غير ذلك. وكان من خير أهل بيته كما عند ابن حبان، وقال ابن حزم في الجمهرة/112/: وكان رجلا صالحا. أقول: لهذا لقبه المصنف بالراجع إلى الله، والله أعلم. ولم يقبل أن يستخلف أحدا بعده وقال: ما ذقت حلاوة خلافتكم، فكيف أتقلد وزرها؟ (انظر الطبقات 5/ 39). (¬4) الخبر في مروج الذهب 3/ 89. والوليد بن عتبة بن أبي سفيان بن حرب: أخو معاوية رضي الله عنه لأبيه.

[عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما]

[عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما]: وبويع عائذ بيت الله عبد الله بن الزبير في رابع جمادى الآخرة بالحجاز وما والاه (¬1). [مروان بن الحكم]: وبويع المؤتمن مروان بن الحكم. فمكث تسعة أشهر (¬2). وقتلته زوجته أم خالد بن يزيد آمنة بنت علقمة، وقيل: فاختة بنت هاشم (¬3)، وقيل: مات مطعونا، وقيل: مسموما في نصف ¬

(¬1) ما والاه من اليمن والعراق وخراسان؛ وأما الشام ومصر: فكانتا لمعاوية بن يزيد، فلما مات بايعوا ابن الزبير، ثم خرج مروان بن الحكم فغلب على الشام ثم مصر. (¬2) كذا في المحبر/23/، والطبري 5/ 611، وقيل: عشرة أشهر. (المعارف /354/). وقيل: ثمانية. (المروج 3/ 107). قلت: قال الذهبي: إن مروان لا يعد في أمراء المؤمنين، بل هو باغ خارج على ابن الزبير، ولا عهده إلى ابنه بصحيح، وإنما صحت خلافة عبد الملك من حين قتل ابن الزبير. (تاريخ الخلفاء للسيوطي/238/وصححه). وهذا رأي ابن حزم/359/حيث لم يعده من الخلفاء، وتبعه السيوطي في تاريخه. (¬3) هكذا أيضا نقله الديار بكري 2/ 307 عن مغلطاي. أما الأولى: فلم أجد من ذكرها في هذه القصة، وقال خليفة/259/، وابن حبيب/22/، وابن حبان /563/: هي أم مروان بن الحكم. وأما الثانية فورد اسمها هكذا: فاختة بنت (أبي) هاشم. (انظر المسعودي 3/ 107، والعقد الفريد 5/ 146 - 147)، وفي الطبقات 5/ 42، والطبري 5/ 610، والكامل 4/ 14 ذكروها بكنيتها فقط: أم خالد بنت أبي هاشم بن عتبة. وسماها ابن حزم في جمهرة الأنساب/77/: أم هاشم [بنت أبي هاشم]. وصحفت في البداية والنهاية إلى أم هاشم بنت هاشم. والله أعلم. وقالوا في قصة قتلها له: إن مروان كان تزوجها حتى-

[عبد الملك بن مروان]

رمضان (¬1). [عبد الملك بن مروان]: وبويع ابنه الموفق أبو الوليد عبد الملك. فقتل ابني الزبير: عبد الله ومصعبا، ونصب المنجنيق على البيت سنة ثلاث وسبعين (¬2). وكان مصعب قد قتل المختار بن أبي عبيد الكذاب (¬3). وجاء بالحجاز سيل جحاف، ذهب بكثير من الحاج (¬4). ¬

= يضمن سكوت ابنها خالد بن يزيد بن معاوية عن الخلافة، ثم إنه سبه يوما وعابه، فذهب إلى أمه يشكو لها، فوضعت وسائد على وجه مروان وهو نائم، وجلست عليها مع جواريها حتى خنقته. (¬1) أما سبب موته: فقد ذكر المسعودي الأقوال جميعها، وانظر سير أعلام النبلاء 3/ 479. وأما تاريخه: فالذي في الطبري والمنتظم 6/ 50: لهلال رمضان. والذي عند خليفة والعقد الفريد: لثلاث خلون منه، وقال خليفة أيضا: ويقال: مات آخر يوم من شعبان. (¬2) وبهذه السنة انتهت خلافة ابن الزبير رضي الله عنهما، والتي دامت تسعة أعوام، فخلص الأمر حينئذ لعبد الملك. (¬3) في (2): المختار بن عبيد. وفي المطبوع: ابن أبي عبيدة. تصحيف. وإنما هو كما أثبته، وأبوه هو أبو عبيد بن مسعود الثقفي شهيد يوم الجسر، رحمه الله، ولقب المختار بالكذاب، لأنه ادعى أنه يوحى إليه، وكان أميرا على الكوفة من قبل ابن الزبير رضي الله عنهما، فطابت نفسه بالملك، فسار إليه مصعب بن الزبير فقتله. وفي صحيح مسلم: «إن في ثقيف كذابا ومبيرا». أخرجه في كتاب فضائل الصحابة آخر حديث طويل، في باب ذكر كذاب ثقيف ومبيرها (2545). فالكذاب هو المختار، والمبير-المهلك-هو الحجاج. (¬4) انظر خبر هذا السيل في أخبار مكة للأزرقي 2/ 168، والمعارف لابن قتيبة-

وخرج عليه: نجدة الحروري (¬1)، ونافع بن الأزرق (¬2)، وعبد الرحمن بن محمد بن الأشعث، وبسببه كانت وقعة الجماجم (¬3). وبنى الحجاج واسط العراق (¬4). ¬

= /357/، وفتوح البلدان للبلاذري/65/، والطبري 6/ 325، وشفاء الغرام بأخبار البلد الحرام للفاسي 2/ 416، وإتحاف الورى 108 - 109، وكان هذا السيل سنة ثمانين، وسمي سيل جحاف لأنه كان يجحف بكل شيء يمر به، حتى قتل من الحجاج خلق كثير، وسمي ذلك العام بعام الجحاف، ويقال: إن الماء قد جاوز الركن. (¬1) خارجي استولى على اليمامة والبحرين، ثم قتله أصحابه. وقيل: بل ظفر به أصحاب ابن الزبير. العبر 1/ 54 و 56. وانظر خبره بالتفصيل في الكامل 4/ 20 - 23. (¬2) هو رأس الخوارج في البصرة، وقتل أيام ابن الزبير في معركة دولاب من أرض الأهواز سنة خمس وستين. وقال في المنتظم 6/ 41: وقيل: إن وقعة الأزارقة كانت سنة ست وستين. (¬3) كذا في العقد الفريد 3/ 312، قال ابن الجوزي في المنتظم 6/ 244: وذلك أن عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث نزل دير الجماجم، وهو دير بظاهر الكوفة على طرف البر الذي يسلك منه إلى البصرة، وإنما سمي بدير الجماجم لأنه كان بين إياد والقين حروب، فقتل من إياد والقين خلق كثير ودفنوا، فكان الناس يحفرون فتظهر لهم جماجم، فمسي دير الجماجم، وذلك اليوم بيوم الجماجم. ونقل ابن قتيبة عن أبي عبيدة: إنما سمي دير الجماجم لأنه كان يعمل فيه قداح من خشب. والجمجمة قدح خشب. انظر المسائل والأجوبة 296 - 297، والمعارف/375/كلاهما له. قلت: وكان ابن الأشعث أميرا من قبل ابن الزبير، والحجاج من قبل عبد الملك، وكانت الغلبة في النهاية لهذا الأخير، وانظر التفصيل في الطبري 6/ 346. (¬4) لذلك يقال لها: واسط الحجاج. وسميت بواسط: لأنها متوسطة بين المصرين: الكوفة والبصرة، قال في المنتظم 6/ 199: ابتدأ في البناء من سنة-

وكانت وقعة عين الوردة مع سليمان بن صرد (¬1)، ووقعة عين الخازر (¬2). ومات لعشر خلون من شوال سنة ست وثمانين، فكانت خلافته عشرين سنة (¬3). ¬

= خمس وسبعين، وفرغ في سنة ثمان وسبعين، فأنفق عليها خراج العراق كله خمس سنين. (¬1) صحابي شهد مع علي رضي الله عنهما صفين، ثم استقر في الكوفة، وكان ممن بعث إلى الحسين رضي الله عنه ليقدم إلى العراق، فلما قدمها تخاذلوا عنه. فأراد هو ومن اجتمع معه أن يكفّروا عن ذنبهم فخرجوا إلى الشام مطالبين بدم الحسين رضي الله عنه، فسموا بالتوابين. وعين الوردة: موضع في شمال بلاد الشام (سوريا حاليا). قال ياقوت وابن الأثير: هي (رأس عين). وهذه بلدة شمال سوريا حاليا على الحدود التركية. وكانت الغلبة في هذه المعركة لأهل الشام، وقتل فيها سليمان بن صرد رضي الله عنه وحمل رأسه إلى مروان، وذلك سنة خمس وستين كما في عامة المصادر التاريخية، وذكرها المسعودي 3/ 112 من جملة أيام وأخبار عبد الملك بن مروان. قلت: لا خلاف، لأنهم اتفقوا على أنها في سنة خمس وستين، وهي آخر أيام مروان، وأول أيام ابنه عبد الملك. (¬2) في الجميع: عين الجازر، وإنما هي: الخازر-بالخاء المعجمة-ولم أجد من سماها ب‍ (عين) وإنما هو نهر بين إربل والموصل، كما في معجم البلدان، والكامل، وكانت عنده موقعة عظيمة بين إبراهيم بن الأشتر النخعي من قبل المختار الثقفي وعبيد الله بن زياد-قاتل الحسين رضي الله عنه-من قبل عبد الملك. قتل فيها هذا الأخير، وهزم جيش الشام شر هزيمة. وانظر الخبر مفصلا في الطبري 6/ 86 - 90. (¬3) في الطبقات 5/ 235، ومروج الذهب 3/ 109: كانت ولايته إحدى وعشرين سنة وشهرا ونصفا، وأخرج الخطيب في تاريخ بغداد 10/ 391: كانت اثنتين وعشرين سنة ونصفا، وأسقطوا منها ولاية ابن الزبير رضي الله عنهما، لذلك-

[الوليد بن عبد الملك]

[الوليد بن عبد الملك]: وبويع ابنه الوليد أبو العباس المنتقم. فبنى الجوامع (¬1). وفتحت طخارستان على يد قتيبة بن مسلم. وغزا مسلمة بن عبد الملك الروم. وفتح طارق بن زياد الأندلس. وفتحت أردبيل، وخوارزم، وسمرقند، والهند على يد القاسم بن محمد الثقفي. وفتحت أنطاكية، وزلزلت أربعين يوما حتى تهدمت (¬2). ¬

= عدها الطبري 6/ 418: ثلاث عشرة سنة وخمسة أشهر. وانظر تاريخ دمشق والمنتظم والكامل ففيها أقوال أخرى، ولم أجد من قال بقول المصنف، والله أعلم. (¬1) بنى الجامع الأموي بدمشق، ومسجد الصخرة بالقدس ووسعه، كما وسع المسجد النبوي بالمدينة، وهو الذي أدخل فيه الحجرات. (انظر تاريخ ابن كثير 9/ 172)، كما عمر المسجد الحرام (الأزرقي 2/ 73). (¬2) انظر الخبر في المنتظم 6/ 317 - 318، والكامل 4/ 282 عند الكلام على حوادث سنة أربع وتسعين. لكن الذي في فتوح البلدان/143/: أن أول فتح لأنطاكية كان على يد أبي عبيدة رضي الله عنه. وقال ياقوت 1/ 269: ثم لم تزل بعد ذلك أنطاكية في أيدي المسلمين وثغرا من ثغورهم إلى أن ملكها الروم سنة 353 هـ‍، واستمرت في أيديهم حتى أعاد فتحها السلاجقة سنة 477 هـ‍. قلت: وقد ساق الطبري 6/ 483 - وتبعه في المنتظم-الخبر بلفظ (قيل) هكذا: وقيل: إن العباس بن الوليد غزا أرض الروم ففتح أنطاكية.

[سليمان بن عبد الملك]

وتوفي في منتصف جمادى الآخرة سنة ست وتسعين، وكانت ولايته تسع سنين وتسعة أشهر (¬1). [سليمان بن عبد الملك]: وبويع أبو أيوب المهدي-وقيل: الراعي-سليمان بن عبد الملك. ومكث سنتين وستة أشهر، وتوفي بدابق (¬2) في صفر سنة تسع وتسعين (¬3). وفي أيامه فتح يزيد بن المهلب جرجان. وغزا مسلمة القسطنطينية، فزرع بها وشتى (¬4). ¬

(¬1) كذا في المحبر/25/. واتفقوا على السنين، واختلفوا في الشهور: ما بين أربعة أشهر إلى أحد عشر شهرا لذلك قال ابن عساكر 26/ 324 (المختصر): كانت خلافته عشر سنين إلا أشهرا. ونقل ابن الجوزي في المنتظم 7/ 23 عن ابن الكلبي أنها ثماني سنين وثلاثة أشهر. والله أعلم. وانظر الكامل 4/ 291. (¬2) دابق: قرية تابعة ل‍ (إعزاز)، قرب حلب، قال ياقوت: وبها قبر سليمان بن عبد الملك. (¬3) هكذا عند الكل، إلا ما انفرد به ابن قتيبة في المعارف/361/فقال: سنة ثمان وتسعين. وأما عن مدة خلافته: فأيضا في الأشهر خلاف. (¬4) انظر تفصيل الخبر في الطبري 6/ 530، وأضاف: وبقي مسلمة بالقسطنطينية قاهرا لأهلها، معه وجوه الشام، حتى أتاه موت سليمان. وقال ابن حزم /345/: فأشرف على فتحها لولا موت سليمان، وإقفال عمر بن عبد العزيز إياه، وبنى عليها مسجدا، وشرط عليهم حفظه، فهو محفوظ هنالك إلى اليوم.

[عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى]

[عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى]: وبويع المنصور أشج بني مروان (¬1) أبو حفص عمر بن عبد العزيز بن مروان، أمه: أم عاصم بنت عاصم بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه. فاجتنب أعمال أهل بيته، وترك لعن أبي تراب (¬2). وتوفي في رجب سنة إحدى ومائة بعد مكثه ثلاثين شهرا (¬3). [يزيد بن عبد الملك]: وبويع أبو خالد القادر يزيد بن عبد الملك. ودعا يزيد بن المهلب لنفسه، وتسمّى بالقحطاني، فقتله وأهل بيته ¬

(¬1) ويقال: أشجّ بني أمية. وأشجّ قريش. ولقب بذلك: لأن دابة ضربته وهو صغير في وجهه فشجته، فجعل أبوه يمسح الدم ويقول: سعدت إن كنت أشجّ بني أمية. (ابن سعد 5/ 331). وأخرج أيضا عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: ليت شعري من هذا الذي من ولد عمر في وجهه علامة، يملأ الأرض عدلا؟! وقال الذهبي في السير 5/ 122: تفرد به مبارك بن فضالة عنه وهو صدوق. وانظر في خبر أشج بني أمية أيضا: المعارف/362/، وثمار القلوب /113/، ومناقب عمر بن عبد العزيز لابن الجوزي/11/. (¬2) الخبر في الكامل 4/ 314، وأبو تراب هو علي رضي الله عنه، وقد تقدم تخريج هذه التسمية في الصحيح عند الحديث عن خلافته رضي الله عنه، وأنه كان يحبها. (¬3) كذا في المحبر/28/، وتتفق المصادر الأخرى على أن مدة خلافته سنتان وخمسة أشهر وخمسة أيام، وبعضهم حذف الأيام، وقال ابن الجوزي في التلقيح/86/: وقيل: (وخمسة وعشرين يوما). وقالوا: كان عمره: تسعا وثلاثين سنة أو أربعين سنة وتوفي في دير سمعان من أعمال حمص مسموما رحمه الله.

مسلمة بالعقر (¬1). وتوفي بالبلقاء عشقا، ولا يعلم خليفة مات بذلك غيره، في شعبان (¬2) سنة خمس ومائة بعد موت قينته حبّابة بأيام يسيرة (¬3). ¬

(¬1) في المطبوع: (بالقصر). تصحيف. والعقر: موضع قرب كربلاء. ذكره ياقوت وذكر معه مقتل يزيد بن المهلب بن أبي صفرة. وكان سليمان بن عبد الملك قد ولى يزيد على العراق ثم خراسان، فلما كانت خلافة عمر بن عبد العزيز رحمه الله وضع يزيد هذا في السجن لأنه كان جبارا وظالما، وطالبه بمال كان قد كتب به إلى سليمان، ثم إنه لما مرض عمر، فر من السجن خوفا من يزيد بن عبد الملك، وكان قد أساء معاملة أصهاره، فغلب ابن المهلب على البصرة، وطرد أصحاب يزيد الخليفة بعد قتال عنيف، فلما سلمت له البصرة جمع أهلها وخطبهم ودعاهم إلى كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وزعم أن جهاد أهل الشام أعظم ثوابا من جهاد الترك والديلم، ثم إن يزيد بن عبد الملك بعث بجيشه إليه بقيادة أخيه مسلمة بن عبد الملك ومعه أخوه الآخر العباس بن عبد الملك، فانتصرا على ابن المهلب وقتلاه. انظر التفصيل في تاريخ الطبري 6/ 523 - 604، والكامل 4/ 325 - 345. وقال الذهبي في العبر 1/ 93: ونصب يزيد رايات سوداء، وتسمّى بالقحطاني وقال: أدعو إلى سيرة عمر بن الخطاب، فجاء مسلمة وحاربه ثم قتل في صفر سنة اثنتين ومائة. (¬2) حرفت في المطبوع إلى: شوال. (¬3) كانت له قينتان: الأولى سلاّمة-بتشديد اللام-القس، والثانية حبّابة: مشددة الباء الأولى كما في القاموس. وقال ابن الأثير في الكامل 4/ 369: بتخفيفها، وتبعه ابن كثير في البداية 9/ 242 وصححه. وكان اسمها العالية، فسماها يزيد لما اشتراها حبابة (انظر الأغاني 15/ 122). ووصفوا هذه الأخيرة بالحسن والجمال والظرف والغناء والضرب على العود، فذهبت بلبّه وشغف بها، فلما ماتت جزع عليها جزعا شديدا، فما أقام بعدها إلا خمسة عشر يوما حتى مات فدفن إلى جانبها. وانظر تفصيلا أكثر في الأغاني 15/ 144، والكامل 4/ 367 - 368، والبداية 9/ 242.

[هشام بن عبد الملك]

وكانت الغالبة عليه حتى على الولاية والعزل (¬1)، وفيها يقول حين توفيت متمثلا: فإن تسل عنك النفس أو تدع الهوى … فباليأس تسلو عنك لا بالتّجلّد وكلّ حميم رآني فهو قائل … من أجلك: هذا هامة اليوم أو غد (¬2) وكانت خلافته أربع سنين وشهرا (¬3). [هشام بن عبد الملك]: وبويع أبو الوليد المنصور هشام بن عبد الملك، فمكث تسع عشرة سنة وسبعة أشهر وإحدى عشرة ليلة (¬4). وتوفي في شوال سنة خمس وعشرين ومائة (¬5). ¬

(¬1) ذكر أبو الفرج 15/ 127 - 132 أنه كان لها دور في تولية ابن هبيرة العراق، وعزل مسلمة بن عبد الملك أخي الخليفة، بل وصل بها الأمر إلى أنها تعزل من استعمله، وتستعمل من عزله. (¬2) البيتان لكثيّر كما في الأغاني 15/ 143 - 144، واللسان مادة هوم. وساق الأول منهما: الطبري 7/ 24، والمسعودي 3/ 242، والمنتظم 6/ 111، وأوردهما ابن عبد ربه في العقد 5/ 191، وابن كثير في البداية 9/ 242، وفي ألفاظ البيتين بعض التغاير، وقال في اللسان: ويقال: هذا هامة اليوم أو غد: أي يموت اليوم أو غدا. ثم ساق البيت. (¬3) كذا في الطبري 7/ 22 عن أبي معشر، وهشام بن محمد، وعلي بن محمد. وقال الواقدي: أربع سنين. واختلف في سنه يوم مات ما بين الثلاثين إلى الأربعين سنة. (¬4) هكذا عند خليفة والمسعودي وابن حبان، وخالف الطبري 7/ 200 في الأشهر والأيام. (¬5) بالاتفاق على السنة، أما الشهر فهو: ربيع الآخر عند عامتهم، انظر خليفة، وابن قتيبة، والطبري، والمسعودي، وابن الجوزي، وابن الأثير؛ وقال ابن-

وكان قد خرج عليه عتاب الحروري باليمن (¬1). ووقع بالشام طاعون (¬2). وغزا ابنه معاوية الصائفة والبطال في مقدمته (¬3). ¬

= حبيب وصاحب العقد: ربيع الأول. أما (شوال) فلم أجدها لأحد، وذكرها صاحب تاريخ الخميس 2/ 320 وهو غالبا ما ينقل عن مغلطاي. (¬1) هكذا (عتاب) في المخطوط والمطبوع، والذي في الطبري والمنتظم والبداية: (عباد) الرعيني، ذكروه في حوادث سنة سبع ومائة، وأنه خرج باليمن ودعا إلى مذهب الخوارج، فبعث إليه هشام يوسف بن عمر الثقفي، فقتله وقتل أصحابه. (¬2) ذكره الطبري 7/ 40، وابن الجوزي في المنتظم 7/ 117 من حوادث سنة سبع ومائة، وذكره ابن الأثير في الكامل 4/ 380 من حوادث سنة ثمان ومائة، وكلهم وصفوه بالشدة. كما ذكروا وقوع طاعون آخر سنة خمس عشرة ومائة، وفي التي بعدها أيضا. (¬3) كانت بنو أمية تغزو الروم بأهل الشام والجزيرة صائفة وشاتية (فتوح البلدان 167). فهذا معنى الصائفة. وذكروا عدة غزوات صوائف قام بها معاوية بن هشام منها: ما كان سنة أربع عشرة ومائة حيث التقى فيها عبد الله البطال بجمع من الروم فيهم قسطنطين ملك الروم ابن هرقل الأول، فأسره وبعث به إلى الخليفة. انظر تاريخ خليفة/345/، والطبري 7/ 90، والمنتظم 7/ 159، والكامل 4/ 407. وقال الذهبي في العبر 1/ 118 عند حوادث سنة إحدى وعشرين ومائة: وفيها قتل أحد الشجعان الأبطال: أبو محمد البطال. وسماه ابن الأثير 4/ 456: عبد الله أبا الحسين الأنطاكي. وله حروب ومواقف، ولكن كذبوا عليه فأفرطوا، ووضعوا له سيرة كبيرة، كل وقت يزيد فيها من لا يستحيي من الكذب. ولمزيد من أخباره انظر تاريخ ابن عساكر 14/ 137 - 141 (المختصر). وفي كتاب بلدان الخلافة الشرقية/170/: واعتبره الترك بعد زمن طويل، بطلهم القومي، والجندي المسلم الذي لا يقهر.

وبنى مسلمة الزاب (¬1). وقتل قاءان الترك (¬2). ودخلت دعاة بني العباس خراسان (¬3). وقتل يوسف بن عمر الثقفي زيد بن علي بن الحسين وصلبه، وبعد زمان أحرقه وذرّاه (¬4). ¬

(¬1) هكذا (الزاب) في المخطوط والمطبوع، وإنما هي-والله أعلم-الباب، ويسمى أيضا باب الأبواب، وهو مدينة في بلاد الخزر على بحرهم، وقال ابن كثير 9/ 341 عند ترجمة مسلمة بن عبد الملك: ولما ولي مسلمة أرمينية غزا الترك، فبلغ باب الأبواب، فهدم المدينة التي عنده، ثم أعاد بناءها بعد تسع سنين. وانظر معجم البلدان. (¬2) ويقال: (خاقان) وهو ملك الترك الأعظم، وكان قتله-ومعه مائة ألف من أتباعه-سنة تسع عشرة ومائة، وقائد جيش المسلمين حينئذ: أسد بن عبد الله القسري أمير خراسان، فأراح منه المسلمين بعد أن كان قد انتصر عليهم وقتل وأسر وسبى، وبقتله تفرق شمل الأتراك، واشتغلوا ببعضهم عن المسلمين. (انظر الخبر بالتفصيل: الطبري 7/ 113 - 128). (¬3) انظر الخبر في أول من قدم خراسان من دعاة بني العباس: الطبري، والكامل في حوادث السنة التاسعة بعد المائة، وحوادث السنة الرابعة والعشرين بعد المائة، حيث ابتداء أمر أبي مسلم الخراساني. (¬4) أما يوسف بن عمر الثقفي: فهو والي العراق من قبل هشام، وكان على اليمن كما ذكرت في قتل عباد الخارجي. وأما زيد بن علي بن الحسين بن أبي طالب كرّم الله وجهه: فخرج على هشام بالكوفة بعد أن أغرته الشيعة كما أغروا بأجداده رضي الله عنهم من قبل، ولم يقبل نصيحة الناصحين، ثم لما دنا خروجه تخلّوا عنه حين أبى أن يسبّ أبا بكر وعمر رضي الله عنهما، وسموا عند ذلك: الرافضة. وأما من تابعه، فقد سمّوا بالزيدية. وقال ابن كثير 9/ 343: وفي مذهبهم حق، وهو تعديل الشيخين، -

[الوليد بن يزيد]

فلما ظهرت بنو العباس، تتبعوا قبور الأمويين يجلدونهم ويحرقونهم (¬1). [الوليد بن يزيد]: وبويع المكتفي أبو العباس الوليد بن يزيد الزنديق (¬2). فقتل يوم الخميس لليلتين بقيتا من جمادى الآخرة، بعد مقامه في الخلافة سنة وشهرين واثنتين وعشرين ليلة (¬3). ¬

= وباطل، وهو اعتقادهم بتقديم علي عليهما. وليس علي مقدما عليهما. وانظر في خبر قتل زيد وصلبه وإحراقه: الطبري 7/ 188 - 189. (¬1) انظر خبر صنيع العباسيين بقبور الأمويين: المسعودي في مروج الذهب 3/ 252. (¬2) اتفق المؤرخون على أن الوليد هذا كان ماجنا فاسقا، يشرب الخمر، ويقطع دهره باللهو والغزل، وذهب كثير منهم إلى أنه أظهر أشياء تجعله كافرا زنديقا. انظر المسعودي 3/ 262 - 263، وابن حزم 363 - 364، وسير أعلام النبلاء 5/ 372، والبداية 10/ 10، وقال ابن الجوزي في المنتظم 7/ 241: وكان الوليد بن يزيد مشهورا بالإلحاد، مبارزا بالعناد، مطرحا للدين. إلا أن الذهبي قال في تاريخ الإسلام 5/ 179: لم يصح عن الوليد كفر ولا زندقة، نعم اشتهر بالخمر والتلوط، فخرجوا عليه بذلك. قلت: أخرج الإمام أحمد في المسند 1/ 18 عن سعيد بن المسيب عن عمر رضي الله عنه قال: ولد لأخي أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم غلام فسموه الوليد، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «سميتموه بأسماء فراعنتكم، ليكونن في هذه الأمة رجل يقال له الوليد، لهو شرّ على هذه الأمة من فرعون لقومه». وقال الهيثمي في المجمع 7/ 313: رجاله ثقات. (¬3) كذا حدد خليفة/363/، والطبري 7/ 252 تاريخ قتله، ومدة خلافته. وانظر المعارف/366/، والعقد 5/ 198. وكان الذي قتله: الخليفة الآتي بعده، وذلك في (البخراء) قرب تدمر. قال ابن حزم/364/: قتله ابن عمه بما صح من فسقه وكفره.

[يزيد بن الوليد]

وخرج عليه يحيى بن زيد بن علي، فقتله نصر بن سيار (¬1). [يزيد بن الوليد]: وبويع أبو خالد الشاكر يزيد بن الوليد بن عبد الملك المعروف بالناقص (¬2) - كانت المعتزلة تفضله على عمر بن عبد العزيز لكونه ينتحل مذهبهم (¬3) - مستهل رجب سنة ست وعشرين ومائة، وتوفي في سلخ ذي القعدة، وقيل: في ذي الحجة من السنة المذكورة (¬4). ¬

(¬1) يحيى هذا هو ابن زيد بن علي المقتول في عهد هشام بن عبد الملك كما مر عند الحديث عن خلافته. وكان يحيى قد فر إلى خراسان، فقتله نصر بن سيار أمير الوليد عليها، وذلك في أواخر سنة خمس وعشرين ومائة. قال المسعودي 3/ 258: قتل بقرية يقال لها: (أرعونة) ودفن هناك، وقبره مشهور مزور إلى هذه الغاية. (¬2) قال المسعودي 3/ 268: لم يكن ناقصا في جسمه ولا عقله، وإنما نقص بعض الجند من أرزاقهم، فقالوا: يزيد الناقص. وهذا هو قول ابن قتيبة في المعارف /367/، ونقل الطبري أيضا 7/ 299 عن علي بن محمد: أن مروان بن محمد سبّه، فقال: الناقص بن الوليد. فسمّاه الناس: الناقص. (¬3) قال المسعودي 3/ 269: وكان يذهب إلى قول المعتزلة، وما يذهبون إليه في الأصول الخمسة من التوحيد، والعدل، والوعيد، والأسماء، والأحكام. وهو القول بالمنزلة بين المنزلتين، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر. انظر تفسير هذه الأمور في مروج الذهب أيضا. وفيه 3/ 274: أن المعتزلة تفضل يزيد بن الوليد على عمر بن عبد العزيز رحمه الله ديانة. (¬4) الذي في الطبري 7/ 298: أن وفاته كانت في ذي الحجة. وهذا قول خليفة /369/، وابن قتيبة/363/، وابن حبان/568/. وأما سلخ ذي القعدة: -

[إبراهيم بن الوليد]

[إبراهيم بن الوليد]: وبويع المعتز إبراهيم بن الوليد بن عبد الملك، فمكث أربعة أشهر، وقتله مروان بن محمد (¬1). وكانت أيامه عجيبة من الهرج، واللغط، وسقوط الهيبة، واختلاف الكلمة (¬2). وفيه يقول بعضهم: نبايع إبراهيم في كلّ جمعة … ألا إنّ أمرا أنت واليه ضائع (¬3) ¬

= فهو قول ابن حبيب في المحبر/32/. فكانت مدة خلافته خمسة شهور أو ستة، وكان عمره خمسا وثلاثين سنة أو ستا وأربعين سنة على خلاف. وفي المثل: الأشج والناقص أعدلا خلفاء بني مروان. (¬1) أما عن مدة مكثه بالخلافة: فهذا قول الطبري 7/ 299، وابن حبيب/32/، والمسعودي 3/ 268. وقال خليفة وابن قتيبة: كانت شهرين ونصفا. كما ذكروا: الشهرين وثلاثة الأشهر، وكلها متقاربة. وأما عن كون مروان هو الذي قتله: فهو قول المسعودي 3/ 274، وذكره ابن حبان ثاني الأقوال، وانظر تاريخ ابن عساكر 4/ 173 (م). لكن الأكثر على أن إبراهيم خلع نفسه وبايع لمروان، فسمي إبراهيم المخلوع، وذلك في شهر صفر من سنة سبع وعشرين ومائة، وبقي حيا إلى أن مات بدمشق، وقيل: إنه غرق يوم الزاب. (انظر ابن حزم). (¬2) هذه عبارة المسعودي 3/ 268، وقال الطبري 7/ 299 عن علي بن محمد: لم يتم لإبراهيم أمره، وكان يسلّم عليه جمعة بالخلافة، وجمعة بالإمرة، وجمعة لا يسلمون عليه لا بالخلافة ولا بالإمرة، فكان على ذلك أمره حتى قدم مروان ابن محمد فخلعه. وانظر تاريخ ابن عساكر 4/ 73 (م). (¬3) البيت في مروج الذهب 3/ 268، وتاريخ ابن عساكر 4/ 173 عن بعض أهل ذلك العصر.

[مروان بن محمد]

[مروان بن محمد]: وبويع القائم أبو عبد الملك مروان بن محمد بن عبد الملك بن مروان بن الحكم الجعدي، نسبة إلى الجعد بن درهم أستاذه، وكان زنديقا (¬1). وقيل: بل قيل له ذلك ذما له وعيبا (¬2). ويقال: كانت أمه من بني جعدة (¬3). ويقال: كانت أمة لإبراهيم بن الأشتر، وأنها وصلت إلى أبيه وهي حامل به، فولدته على فراشه فتبناه (¬4). ويلقب بالحمار: لشجاعته، وقيل: لبلادته (¬5). ¬

(¬1) يعني: الجعد هذا. قال الحافظ في لسان الميزان 2/ 105: عداده في التابعين، مبتدع ضال. . . له أخبار كثيرة في الزندقة. وانظر ترجمته في الكامل 5/ 77، وميزان الاعتدال 1/ 399. (¬2) قال في الكامل: فكان الناس يذمون مروان بنسبته إليه، وانظر الأعلام 2/ 120. (¬3) قاله ابن حزم. انظر ملحقات جوامع السيرة/365/. (¬4) في المصادر التي بين يدي: أنها كانت أمة كردية لإبراهيم بن الأشتر، فأخذها والد مروان يوم قتل إبراهيم، فولدت مروان على فراشه. انظر الطبري 7/ 442 - 443، والكامل 5/ 76، وتاريخ دمشق 24/ 216 (المختصر)، ونهاية الأرب 21/ 508، وقال المسعودي 3/ 282: كانت لمصعب بن الزبير رضي الله عنه. وهو قول خليفة/404/أيضا. (¬5) قال الذهبي في السير 6/ 74: كان مروان بطلا شجاعا داهية رزينا جبارا، يصل السير بالسرى ولا يجف له لبد، دوّخ الخوارج بالجزيرة، ويقال: أصبر في الحرب من حمار. قال السيوطي في تاريخ الخلفا/293/: فلذلك لقب به. -

فأظهر أبو مسلم عبد الرحمن الخراساني الدعوة للعباسيين، ووقعت الحرب بينهم بخراسان (¬1). وقتل إبراهيم بن عبد الملك بالزاب (¬2). ووقع طاعون (¬3). وقتل في أول سنة اثنتين وثلاثين ومائة ببوصير من أرض مصر (¬4). ¬

= وقال ابن حبان في سيرته/569/: وإنما عرف بالحمار: لقلة عقله. أقول: وانظر أقوالا أخرى في سبب هذه التسمية عند الذهبي والسيوطي. (¬1) يعني بين العباسيين والأمويين، وكان على خراسان نصر بن سيار عاملا لبني أمية، فواقعه أبو مسلم وطرده منها، ثم دخل العراق وبعدها خراسان، وحينئذ قوي أمر العباسيين. (¬2) إنما يريد إبراهيم بن الوليد بن عبد الملك-والله أعلم-وقد ذكرت هذا أثناء تعليقي على ترجمته. والزاب: نهر، وهو أعلى وأسفل يصبان في دجلة، والمراد هنا الزاب الأعلى بين الموصل وإربل. وانظر ياقوت حيث ذكر المعركة التي جرت بين مروان بن محمد وبين العباسيين والتي انتصر فيها الأخيرون. (¬3) ذكره الطبري وابن الأثير من حوادث سنة ثلاثين ومائة، وذكره ابن قتيبة وابن الجوزي في السنة التي بعدها. وسمياه: طاعون مسلم بن قتيبة والي البصرة. ونقل ابن الجوزي في المنتظم 7/ 287 عن الأصمعي: أنه كان يمر في كل يوم بطريق المربد أحد عشر ألف نعش. وقال في المعارف/602/: ومات فيه أيوب السختياني. قلت: وفي سير الذهبي عند ترجمة أيوب رحمه الله 6/ 24: اتفقوا على أنه توفي سنة إحدى وثلاثين ومائة بالبصرة زمن الطاعون. (¬4) الأكثر على أن قتله كان في ذي الحجة يعني آخر هذه السنة. انظر خليفة، وابن قتيبة، والطبري، وابن الجوزي، وابن الأثير. وما ذكره المصنف هو قول المسعودي في مروج الذهب 3/ 282، ويقرب منه قول ابن حبان/570/ لست ليال بقين من ذي الحجة سنة 131 هـ‍. أما ابن حبيب في المحبر/33/ فقد جعلها آخر ذي الحجة من 133 هـ‍ والله أعلم. .

وكانت خلافته خمس سنين وشهرا وعشرة أيام (¬1). ¬

(¬1) اتفقوا على السنين، واختلفوا في الشهور والأيام اختلافا متباينا، فعلى حين عدها خليفة/404/، والطبري 7/ 442: عشرة شهور، لم يعدها ابن حزم /365/إلا شهرا واحدا، وهذا قريب من قول المصنف. وانظر المسعودي 3/ 282. أقول: واختلفوا أيضا في سنّه يوم مات، ستين: أكثر أو أقل. وبموته انتقل الأمر إلى بني العباس بن عبد المطلب، وانتهت الدولة الأموية.

العباسيون

العباسيون [أبو العباس السفاح]: وبويع أبو العباس السفاح عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس، ليلة الجمعة لثلاث عشرة ليلة خلت من ربيع الأول، سنة اثنتين وثلاثين ومائة (¬1). فخرج عليه جماعة من ولد إدريس وسليمان ابني عبد الله بن حسن ابن حسن بن علي (¬2). وبالأندلس: عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد ¬

(¬1) كذا عند خليفة/409/، والطبري 7/ 420 لكن قال في ربيع الآخر. قلت: كانت بيعته بالكوفة في حياة مروان بن محمد، ثم حول مركز خلافته إلى الأنبار. قال ابن حبان/571/: وبنى مدينتها للنصف من ذي الحجة سنة أربع وثلاثين ومائة. وانظر المسعودي 3/ 304. (¬2) هكذا عند ابن حزم في ملحقات جوامع السيرة/366/وعند الأزدي في أخبار الدول المنقطعة/86/أيضا، وقالا: ظهروا في نواحي البربر. قلت: وهذا لم يكن في ولاية السفاح، ولم يخرج عليه من العلوين أحد، وخرج محمد بن عبد الله بن حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب. (النفس الزكية بالمدينة، وخرج أخوه إبراهيم بالبصرة كلاهما في عهد المنصور الخليفة الآتي. وأولاد إدريس وسليمان ابني عبد الله ظهورا فيما بعد بالمغرب وكونوا دولة الأدارسة والله أعلم. وانظر الطبري 7/ 552، والمسعودي 3/ 360 - 362، والعقد الفريد 5/ 334 وما بعد.

[أبو جعفر المنصور]

الملك (¬1). وتوفي يوم الأحد لاثنتي عشرة ليلة خلت من ذي الحجة، سنة ست وثلاثين ومائة، فكانت خلافته أربع سنين وثمانية أشهر ويوما (¬2). [أبو جعفر المنصور]: وبويع أخوه أبو جعفر المنصور عبد الله بن محمد، فمكث إحدى وعشرين سنة وأحد عشر شهرا (¬3). ¬

(¬1) كذا أيضا مع الخبر الذي قبله عند ابن حزم/366/وعبد الرحمن هذا هو المعروف ب‍ (الداخل)، وب‍ (صقر قريش) مؤسس الدولة الأموية بالأندلس، وكان قد فر إلى المغرب حين زوال دولتهم وذلك آخر سنة 138 هـ‍ كما قال ابن عبد ربه الأندلسي في العقد 5/ 229، وتبعه ابن الأثير في الكامل 5/ 119 - 124. وقال الطبري 7/ 500، وتبعه في المنتظم 8/ 22: كان ذلك في سنة 139 هـ‍. أقول: وهذا يعني أن خروجه كان في عهد المنصور الخليفة الآتي، إلا إذا اعتبرنا أن ذلك كان بعد نجاته في معركة الزاب وهربه إلى المغرب إلى حين إقامة الدولة في الأندلس، والله أعلم. وفي الكامل 5/ 124: وكان يدعو للمنصور. (¬2) أما تاريخ الوفاة فيتفقون عليه، وبعضهم زاده يوما واحدا. وأما مدة الخلافة فكذلك بدون اليوم، وبعضهم قال: وتسعة أشهر (خليفة)، وبعضهم قال: وعشرة أشهر (البسوي). وانظر الطبري 7/ 470، والمعارف/373/، وابن حبان/571/، والعقد الفريد 5/ 369، وابن حزم/367/. (¬3) هكذا في تلقيح الفهوم/87/، وأخبار الدول المنقطعة/105/، لكن زادوا عليها في بقية المصادر أياما اختلفوا فيها على أقوال كثيرة: أكثرها 24 يوما، وأقلها يومان. لذلك جبرها ابن قتيبة/378/، وابن حزم/368/، فقالا: كانت ولايته اثنتين وعشرين سنة. وانظر: خليفة، وابن حبيب، وابن قتيبة، والبسوي، والطبري، والعقد؛ وجمع الأقوال كلها ابن الجوزي في المنتظم 8/ 222.

وتوفي وهو محرم ببئر ميمون سنة ثمان وخمسين (¬1). وكان فقيها، محدثا، كاتبا، بليغا، حافظا لكتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، جماعا للأموال، فلذلك لقب أبا الدوانيق (¬2). قال ابن حزم: لما ادعت فيه الراوندية الإلهية خرج إليهم بنفسه، فقتلهم كلهم (¬3). وبنى بغداد، وهدم الدور التي بفناء البيت الحرام (¬4). ¬

(¬1) على الاتفاق، وذلك قبل يوم التروية، وبئر ميمون بمكة في أعلاها بالأبطح، وقال ياقوت: وعندها قبر أبي جعفر المنصور. قلت: وكان له من العمر ثلاث وستون سنة. (¬2) يعني أنه كان بخيلا، والدانق: سدس الدرهم، ويعبر به عن القلة القليلة. وقال الذهبي في السير 7/ 83: لقب بذلك لتدنيقه، ومحاسبته الصناع لما أنشأ بغداد. وانظر قصة ذلك: ابن عساكر 13/ 314 (م). وعن علمه ودينه وسيرته: تاريخ بغداد 10/ 53 - 61 بالإضافة للمصدرين السابقين. وقال الفاسي في العقد الثمين 5/ 249: وكان المنصور كاملا في الرأي، والعقل، والدهاء، والحزم، والعزم، ذا هيبة وجبروت، وسطوة وظلم، وعلم وفقه وشجاعة، يخالط آية الملك بزي النساك، بخيلا بالمال إلا عند النوائب. (¬3) الفصل في الملل والأهواء والنحل 5/ 49. والراوندية جماعة من أهل خراسان، يقولون بتناسخ الأرواح ويزعمون أن روح آدم عليه السلام حلت في عثمان بن نهيك، وأن ربهم الذي يطعمهم ويسقيهم هو أبو جعفر المنصور، وأن الهيثم بن معاوية جبرئيل. وكانوا يأتون قصر المنصور ويطوفون به، ويقولون: هذا قصر ربنا. (انظر خبرهم وقتلهم في الطبري 7/ 505 - 508). (¬4) أما بغداد: فبناها المنصور سنة خمس وأربعين ومائة، حيث أحضر لها المهندسين وأهل المعرفة بالبناء والمساحة والصناع والنجارين والحدادين وغيرهم، ثم اختطها وجعلها مدورة، وسماها مدينة السلام، وانظر في التعريف بها: تاريخ بغداد للخطيب البغدادي الجزء الأول، وتاريخ الطبري 7/ 614. -

[المهدي]

وقتل أبا مسلم (¬1). وضرب أبا حنيفة رحمه الله على أن يلي القضاء فامتنع، ومات في حبسه (¬2). [المهدي]: وبويع ابنه أبو عبد الله محمد المهدي يوم التروية، فكانت خلافته عشر سنين وشهرا ونصف شهر (¬3). مات مسموما، أرادت بعض حظاياه أن تنفرد به دون صاحبتها، فجعلت لها سما في حلوى، فأكل هو منه من حيث لا يشعران، فمات، وكان قبل ذلك بعشر ليال رأى رجلا يهدم قصره في المنام، وقيل: مات صريعا عن دابته في الصيد (¬4). ¬

= وأما عن هدمه للدور التي بفناء البيت الحرام: فانظر الخبر مفصلا في أخبار مكة للأزرقي 2/ 72 - 74، وإتحاف الورى بأخبار أم القرى لابن فهد 2/ 173 - 176. وكان ذلك في المحرم من سنة سبع وثلاثين ومائة، واستمر إلى نهاية سنة أربعين ومائة، وكانت التوسعة بمقدار الضعف وهو أول من زاده ووسعه بعد عمارة الوليد بن عبد الملك. (¬1) الخراساني، الذي كان له الفضل في إقامة الدولة العباسية، وانظر سبب ذلك في تاريخ الطبري 7/ 479 - 492. (¬2) وذلك سنة 150 هـ‍، ويقال: مات مسموما. وقيل: كان ذلك بسبب قيامهم مع إبراهيم بن عبد الله بن حسن. وانظر الخبر في تاريخ بغداد 13/ 327 - 330، والمنتظم 8/ 143، ومناقب أبي حنيفة للمكي 407 - 243، وللكردري 299 - 305، وأخبار الدول المنقطعة/105/، والعبر 1/ 164. (¬3) هكذا قال خليفة/439/، والطبري 8/ 171، والمسعودي 3/ 377، وزادها ابن حبيب/37/سبعة أيام، وذكرها ابن قتيبة 379 - 380 بدون الأيام. (¬4) انظر هذه الأقوال في الطبري 8/ 168 - 171، والمنتظم 8/ 315 - 316، -

[الهادي]

وكان سخيا، متتبعا للزنادقة يقتلهم في كل بلد (¬1). وبنى جامع الرصافة (¬2). وكسى الكعبة القباطي والخز والديباج، وطلى جدرها بالمسك والعنبر من أسفلها إلى أعلاها (¬3). [الهادي]: وبويع ولده الهادي أبو محمد موسى، فأقام سنة وثلاثة أشهر (¬4). ¬

= والكامل 5/ 259. وكان موته: سنة تسع وستين ومائة، وعمره: ثلاثا وأربعين سنة، وقال في المعارف/380/: ثمان وأربعين سنة. (¬1) أما عن سخائه وبعض سيرته: فانظر الكامل 5/ 260 - 262. وأما عن تتبعه للزنادقة: فقد وصفه الذهبي في السير والعبر بقوله: كان قصّابا في الزنادقة، باحثا عنهم. وانظر قتله للمقنع في ثمار القلوب/652/، حيث ذكر أنه كان من أهل مرو، وأنه أعور يقول بالحلول، ويدعي الإلهية، وأنه اتخذ وجها من ذهب، وتفاقم أمره، ولما أحسّ بقرب قتله سقى نساءه سما ثم شرب منه، فمات ومتن جميعا. (¬2) كذا في الطبري 8/ 226، والمنتظم 8/ 226 من حوادث سنة 159 هـ‍، ووصفه ياقوت في معجمه: بأنه أكبر من جامع المنصور وأحسن. والرّصافة هنا هي رصافة بغداد، التي بناها المهدي بأمر من المنصور، وهي غير رصافة الشام التي بجوار الرقة، وهناك مسميات أخرى، انظر معجم البلدان. (¬3) انظر هذا الخبر بالتفصيل في أخبار مكة للأزرقي 1/ 262 - 263، وفيه أن المهدي هدم وزاد في المسجد الحرام، وأشار إلى ذلك الطبري 8/ 133 أثناء الكلام على حوادث 160 هـ‍. (¬4) هذا أحد الأقوال التي ساقها الطبري 8/ 213، وعند خليفة/446/أقل بثمانية أيام، وفي المعرفة والتاريخ للبسوي 1/ 161: «سنة وأربعة أشهر». وفي المعارف/381: «سنة وشهرا».

[هارون الرشيد]

وتوفي ليلة الجمعة سادس عشر ربيع الأول سنة سبعين ومائة (¬1). وفي هذه الليلة ولد المأمون (¬2). [هارون الرشيد]: وبويع الرشيد [أخو الهادي] (¬3) أبو جعفر هارون، فمكث ثلاثا وعشرين سنة، وشهرين وستة عشر يوما (¬4). وتوفي بطوس ليلة السبت لثلاث خلون من جمادى الآخرة، وقيل: النصف من جمادى الأولى (¬5). ¬

(¬1) اتفقوا على هذا التاريخ: انظر المصادر السابقة في نفس الموضع. واختلفوا في سنّه يوم مات على أقوال. أقلها: إحدى وعشرون سنة، وأكثرها ست وعشرون. (¬2) كذا قال يعقوب البسوي في المعرفة والتاريخ 1/ 161، وقال المسعودي 3/ 408: فكانت تلك الليلة فيها وفاة الهادي، وولاية الرشيد، ومولد المأمون. وقال صاحب العقد 5/ 373: ولم يكن في سائر الزمان ليلة، ولد فيها خليفة، وتوفي فيها خليفة، وقام بها خليفة غيرها. وانظر تاريخ بغداد 14/ 6. وسمّاها الثعالبي في ثمار القلوب/636/: ليلة الخلافة، أو ليلة الخلفاء. (¬3) ما بين المعقوفتين من (2) فقط. (¬4) كذا عند ابن قتيبة/383/بزيادة يوم، وهي إحدى روايات الطبري 8/ 345، والمسعودي 3/ 412 بزيادة يومين، وهناك اختلاف في الشهور عند الآخرين، والله أعلم. وانظر تاريخ بغداد 14/ 13. (¬5) يعني من سنة ثلاث وتسعين ومائة. والقول الأول لابن قتيبة، وأحد أقوال الطبري. وأما الثاني: ففي العقد 5/ 345: في جمادى الأولى. وفي تاريخ بغداد 14/ 13: لغرة جمادى الأولى، وفي المنتظم 9/ 231 - 232: لثلاث خلون منه. أما النصف من جمادى الأولى: فقد عزاها في تاريخ الخميس-

أخطأ عليه طبيبه جبريل بن بختيشوع من دبيلة كانت به (¬1). وقد كان حج تسع حجج، وغزا ثماني غزوات (¬2). قال الشاعر: ألف الحجّ والجهاد فما … ينفك عن غزوتين في كل عام (¬3) وكان من أهل العلم والأدب، ومن شعره: ملك الثلاث الآنسات (¬4) عناني … وحللن من قلبي بكلّ مكان مالي تطاوعني البريّة كلّها … وأطيعهنّ وهنّ في عصياني ما ذاك إلا أنّ سلطان الهوى … -وبه قوين (¬5) -أعزّ من سلطاني (¬6) ¬

= 2/ 333 للجمالي يوسف بن المقري. وطوس: مدينة بخراسان بينها وبين نيسابور عشرة فراسخ بها قبر هارون الرشيد (معجم البلدان). وقالوا: ذهب إليها غازيا. (¬1) الدّبيلة-كجهينة-: داء في الجوف. وانظر غلط طبيبه وأسبابا أخرى في موته: تاريخ الطبري 8/ 344، قالوا وكان له من العمر خمس أو سبع وأربعون سنة. (¬2) كذا في الجوهر الثمين/101/. (¬3) نص الجهشياري في كتاب الوزراء له/206/، وابن حزم في ملحقات جوامع السيرة/369/، وابن الجوزي في التلقيح/88/: أن الرشيد كان يحج عاما ويغزو عاما. وأضاف الجهشياري: وكان يلبس دراعة قد كتب من خلفها: حاج، ومن قدامها: غاز. وقال ابن حزم: وهو آخر خليفة حج في خلافته. وقال الثعالبي في المضاف والمنسوب/113/: كان يقال للرشيد: جبّار بني العباس. لأنه غزا، وأغزى، وقتل الكثير من الأعداء. (¬4) كذا في الأغاني، وتاريخ دمشق، وفي تاريخ بغداد والنهاية: الغانيات. (¬5) في تاريخ بغداد: وبه (ملكن). (¬6) الأبيات للرشيد، وقال أبو الفرج: وقيل: إن العباس بن الأحنف قالها على لسانه في ثلاث حظيات كن عنده، سماهن ابن عساكر: قصفا، وضياء، وخنثا. -

قتل البرامكة سنة سبع وثمانين ومائة، ونهب ديارهم (¬1). وفي أيامه هاجت عصبية أبي الهيذام بالشام (¬2). وخرج عطاف بن الوليد الشاري بالموصل، والوليد بن طريف (¬3). ¬

= وفي الأغاني، بدل الأولى: (سحرا). وانظر هذه الأبيات في الأغاني 16/ 345، وتاريخ بغداد 14/ 12، وتاريخ دمشق 27/ 34 (م)، والبداية والنهاية 10/ 229. (¬1) كان البرامكة من الفرس ثم أسلموا، وظهر أول أمرهم عندما تولى خالد بن برمك الوزارة في عهد السفاح ثم المنصور، ثم اشتهر ابنه يحيى الذي ولاه المنصور أذربيجان، ثم اختاره المهدي كاتبا ونائبا لابنه هارون الذي ولاه الوزارة عند خلافته، فلمع نجمه، واشتهر أولاده: جعفر، والفضل، ومحمد، وموسى؛ وأصبحوا أهل ثقة الخليفة، ففوض إليهم أمر دولته، فكان منهم الوزراء، والكتاب، وأصحاب الدواوين، لذلك انصرف إليهم الناس يمدحونهم، ويتغنون بكرمهم وجودهم الذي كان مضرب المثل، وقصصهم في ذلك كثيرة مبثوثة في كتب التاريخ والأدب. إلا أنهم اتّهموا بالزندقة حتى قال ابن قتيبة في المعارف/382/: وكانوا يرمون بالزندقة إلا من عصم الله تعالى منهم، وفيهم قال الأصمعي: إذا ذكر الشرك في مجلس أضاءت وجوه بني برمك وإن تليت عندهم آية أتوا بالأحاديث عن مزدك وانظر في أسباب قتلهم والإيقاع بهم: الطبري 8/ 287 - 302، والمسعودي 3/ 451، ووفيات الأعيان 1/ 333 - 336، والبداية والنهاية 10/ 196 - 198. (¬2) وذلك في فتنة بين النزارية-الذي كان منهم أبو الهيذام المري هذا-واليمانية، وقتل فيها بشر كثير، فبعث الرشيد موسى بن يحيى البرمكي واليا على الشام، فأصلح بين أهلها حتى سكنت الفتنة. (انظر الخبر في الطبري 8/ 251، والمنتظم 9/ 18، والكامل 5/ 292 - 296) حوادث 176 هـ‍. (¬3) أما الأول: فذكره ابن الأثير 5/ 300 باسم: العطاف بن سفيان الأزدي خرج على الرشيد-وكان من فرسان أهل الموصل-واجتمع عليه أربعة آلاف رجل، -

[الأمين]

وهدم سور الموصل (¬1). وخرج الخزر من باب الأبواب (¬2). وخرج عمر الشاري بشهر زور (¬3). [الأمين]: وبويع ابنه الأمين أبو عبد الله محمد بن زبيدة، ولم يل بعد علي بن ¬

= وغلب على الأمر كله لمدة سنتين. وأما الوليد بن طريف: فهو شاري خرج بأرض الجزيرة، فقتل وسفك، وكثرت جيوشه، وأخذ أرمينية، فوجه إليه الرشيد يزيد بن مزيد فقتله بالبرية، وهو الذي قالت فيه أخته ترثيه: أيا شجر الخابور مالك مورقا كأنك لم تجزع على ابن طريف وانظر خبره بالإضافة إلى كتب التاريخ الرئيسة: خليفة 451 - 452، والمعارف/382/، وسير الذهبي 9/ 292. (¬1) بسبب كثرة الخوارج الذين خرجوا منها كما في المنتظم 9/ 47، وقال ابن الأثير 5/ 300: هدمه بسبب العطاف المتقدم. (¬2) الخزر: قوم من الترك بلادهم خلف باب الأبواب، المعروف بالدربند قريب من سد ذي القرنين. (ياقوت)، وكان خروجهم بسبب ما قيل من قتل بنت ملكهم غيلة، فأوقعوا بالمسلمين، وسبوا أكثر من مائة ألف. وقال الطبري: فانتهكوا أمرا عظيما لم يسمع في الإسلام بمثله، فوجه إليهم الرشيد خزيمة بن خازم، ويزيد بن مزيد إلى أرمينية، فأخرجا الخزر، وأغلقا باب أرمينية، وانظر الخبر في الطبري 8/ 270، والمنتظم 9/ 83، والكامل 5/ 319، وسير أعلام النبلاء 9/ 293. (¬3) كذا الخبر مختصرا في المصادر السابقة، من حوادث سنة 184 هـ‍ إلا أن الاسم فيها هكذا: (أبو عمرو) الشاري، وانظر البداية 10/ 191، وشهرزور: مدينة بين إربل وهمذان، سكانها من الأكراد.

أبي طالب من كان أبواه هاشميين إلا هو (¬1). قتل يوم السبت خامس وعشرين المحرم، سنة ثمان وتسعين ومائة، في حربه مع طاهر بن الحسين (¬2). وكانت خلافته أربع سنين وتسعة أشهر وعشرة أيام (¬3). فتحت في أيامه الأهواز (¬4). ¬

(¬1) هكذا قال المسعودي كما نقله عنه الذهبي في السير 9/ 335، والسيوطي في تاريخ الخلفاء/345/، إلا أنه أضاف-عن المسعودي-: بعد علي وابنه الحسن رضي الله عنهما. (¬2) طاهر بن الحسين: هو ابن مصعب الأعور، أمير خراسان ثم العراق من قبل المأمون، لذلك كان يلقب بذي اليمينين. وكان أول الخلاف بين الأمين والمأمون، عندما أراد الأول خلع الثاني من ولاية العهد وتولية ابنه موسى الناطق بالحق من بعده، فخلعه عند ذاك المأمون، ودعا لنفسه، وتسمّى بأمير المؤمنين، وذلك سنة خمس وتسعين ومائة، وانظر في تاريخ قتل الأمين الطبري 8/ 499 حيث ذكر ما قاله المؤلف، ولكن بهذه الصيغة: ليلة الأحد لخمس بقين من المحرم من سنة 198 هـ‍. وأوردها في تاريخ الخميس 2/ 334 كهي عند المصنف. (¬3) هكذا في (1) و (3): و (تسعة) أشهر، وفي (2): و (سبعة) أشهر، ونقلها عنه في تاريخ الخميس 2/ 334: و (ستة) أشهر. وكلها متشابهة في الخط. وكلها جاءت الروايات بها، جمعها المسعودي في المروج 3/ 473، وانظر بقية المصادر. (¬4) الأهواز فتحت عنوة على يد أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، عندما كان واليا على البصرة من قبل سيدنا عمر رضي الله عنه سنة سبع عشرة (انظر فتوح البلدان 370). وأظن أن الذي يريده المصنف هو: أن الأهواز كانت بيد الأمين، وكان عليها محمد بن يزيد المهلبي من قبله، فبعث المأمون إليها طاهر بن الحسين فقتل المهلبي ودخل الأهواز وذلك سنة 196 - ، وانظر الخبر-

[المأمون]

وخرج الهرش يدعو إلى الرضا من آل محمد صلى الله عليه وسلم (¬1). [المأمون]: وبويع أخوه المأمون أبو العباس عبد الله بمرو (¬2). فمكث في الخلافة اثنتين وعشرين سنة (¬3). ¬

= في المصادر الرئيسة الثلاثة: الطبري والمنتظم والكامل حوادث تلك السنة. والأهواز-كما عند ياقوت-اسم عربي، وكانت تسمى في أيام الفرس خوزستان، ونقل عن صاحب العين: أن الأهواز سبع كور بين البصرة وفارس. (¬1) ذكر الطبري 8/ 527: هذا الخبر أول خلافة المأمون آخر سنة ثمان وتسعين ومائة، وقال: وفيها خرج الحسن الهرش في ذي الحجة منها يدعو إلى الرضا من آل محمد [صلى الله عليه وسلم]-بزعمه-في سفلة الناس وجماعة كثيرة من الأعراب حتى أتى النيل [بليدة في سواد الكوفة] فجبى الأموال، وأغار على التجار، وانتهب القرى، واستاق المواشي. وقال في المحرم من السنة الجديدة: وفيها خرج أزهر بن زهير إلى الهرش فقتله في المحرم. وانظر الكامل 5/ 415، والبداية 10/ 255. (¬2) كذا كنيته عند الأكثر، وقدم عليها المسعودي: (أبا جعفر). وجمع ابن عساكر بين الكنيتين فقال 14/ 93 (م): كنيته أبو العباس، فلما استخلف اكتنى بأبي جعفر. قال في المنتظم 10/ 49: تفاؤلا بكنية المنصور والرشيد في طول العمر. ومرو: أشهر مدن خراسان وقصبتها، والنسبة إليها مروزي على غير قياس. ومدحها ياقوت كثيرا، وفيها قبور بعض الصحابة، وخرج منها علماء كثيرون، على رأسهم: الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله. (¬3) لم أجدها هكذا إلا عند المتأخرين. انظر الجوهر الثمين/110/، وتاريخ الخميس 2/ 336، وهذا الأخير صرح بأنها عن مغلطاي، لكن يستأنس لهذه المدة بما ذكروا: أن خلافته كانت عشرين سنة ونصفا تقريبا، وفي المعارف /391/: عشرين سنة. وقال الطبري 8/ 650: وذلك سوى سنتين كان دعي له فيهما في حياة أخيه. أقول: فعلى هذا القول ينضبط قول المصنف، والله أعلم.

وتوفي بالبذندون من طرسوس ليلة الخميس، لإحدى عشرة ليلة بقيت من رجب، سنة ثماني عشرة ومائتين (¬1). خرج عليه بالكوفة أبو السرايا مع ابن طباطبا (¬2). ثم خرج حسين الأفطس، ووقف الناس بعرفات بغير أمير (¬3). ¬

(¬1) اتفقوا على السنة والشهر واختلفوا في الأيام، انظر المحبر/41/، والمعارف /391/، والطبري 8/ 650، وابن حبان/575/، وابن حزم/370/. والبذندون قرية من قرى طرسوس، بينهما يوم، وطرسوس: مدينة بثغور الشام، بين أنطاكية وحلب وبلاد الروم، قال ياقوت: بينها وبين (أذنة) ستة فراسخ، لذلك قال البسوي 1/ 202: دفن بأذنة. قالوا: خرج غازيا فأدركته المنية بالبذندون، فنقل إلى طرسوس ودفن فيها. انظر المصادر السابقة مع معجم البلدان وكتاب بلدان الخلافة الشرقية 164 - 165. (¬2) ابن طباطبا: هو أحد العلويين الذين خرجوا في الكوفة على العباسيين في عهد المأمون، وأبو السرايا كان من رجال هرثمة بن أيمن أمير خراسان أحد قواد المأمون، فمطل هرثمة أبا السرايا هذا بأرزاقه وأضرّ به، فغضب أبو السرايا ومضى إلى الكوفة فبايع ابن طباطبا العلوي وأصبح القيم بأمره في الحرب وقيادة جيشه، واشتدت شوكتهما، لكن يموت ابن طباطبا فجأة، فبويع مكانه علوي آخر هو محمد بن محمد، لكن هرثمة ينتصر عليهما أخيرا. انظر تاريخ خليفة/470/، وتاريخ الطبري 8/ 528 - 529. (¬3) حسين الأفطس، ويقال: ابن الأفطس، علوي آخر، خرج بمكة آخر سنة 199 هـ‍، وكان أمير الحج من قبل المأمون: سليمان بن داود، أمير مكة، فبسبب فتنة ابن الأفطس هذا، تنحى سليمان، فوقف الناس بدون أمير. وانظر المصدرين السابقين مع البسوي 1/ 189، والمسعودي 4/ 32.

وخرج بابك الخرمي (¬1). وتغلّب مهدي بن علوان الشاري على الموصل (¬2). وخرج الضبابي الشاري بها (¬3). كان المأمون إماما، محدثا، نحويا، لغويا، فلسفيا (¬4). بايع علي بن موسى الكاظم بالعهد بعده، ولبس الخضرة، فخرج عليه عمه إبراهيم بن المهدي المعروف بابن شكلة، ثم قدر عليه وعفا عنه لحلمه (¬5). ¬

(¬1) خرج في (البذّ) قرب أذربيجان، وعاث وأفسد، وقال بالتناسخ دين المجوسية، وانتصر على جيوش المأمون والمعتصم بعده في أكثر من مرة، وأباد من الأمة خلائق لا تحصى، إلى أن قتل في خلافة المعتصم على يد قائده (الإفشين) سنة 222 هـ‍. انظر خليفة/477/، والطبري 8/ 556، وياقوت (البذ). وللتوسع في ترجمته ومذهبه انظر: الفهرست/480/، وسير الذهبي 10/ 293 - 297. (¬2) انظر خبره في الطبري 8/ 558، والكامل 5/ 446، ضمن حوادث 202 هـ‍. (¬3) سمّاه الطبري 8/ 622: بلالا الضبابي الشاري، خرج في سنة 214 هـ‍، فوجه إليه المأمون عباسا ابنه مع بعض القواد، فقتلوه. (¬4) قال الكتبي في الفوات 2/ 235: قرأ العلم في صغره، وسمع من هشيم، وعباد ابن العوام، ويوسف بن عطية، وأبي معاوية الضرير وطبقتهم. . وبرع في الفقه، والعربية، وأيام الناس، ولما كبر عني بعلوم الأوائل، ومهر في الفلسفة، فجره ذلك إلى القول بخلق القرآن. (¬5) كان خروج عمه وكثير من العباسيين عليه بسبب عهده إلى علي بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق، أحد الأئمة الاثني عشر، حيث لقبه بالرضا، وضرب الدراهم باسمه، وزوجه ابنته، وكتب إلى الآفاق بذلك، ويقال: إنه حمله على ذلك إفراطه في التشيع، ولكن عليا الرضا لم ينشب أن مات، وانظر الخبر كاملا في الطبري 8/ 554 - 556، والمسعودي 4/ 33 وغيرهما.

[المعتصم بالله]

وجعل برسم جلب أخبار بغداد إليه ألف عجوز، وسبعمائة عجوز (¬1)، فما كان يخفى عليه شيء من أمر الناس ظاهرا وباطنا، وكان لا ينام حتى يقف على جميعها. وكان أمره نافذا من إفريقية إلى أقصى خراسان، وما وراء النهر والسند (¬2). [المعتصم بالله]: وبويع المعتصم أبو إسحاق محمد، وكان أبوه قد أخرجه من الخلافة، وعهد إلى الأمين والمأمون [والمؤتمن] (¬3). فساق الله إليه الخلافة، وجعل الخلفاء إلى اليوم من ولده، ولم يكن من نسل أولئك خليفة (¬4). وكان مثمنا من اثني عشر جهة (¬5). ¬

(¬1) كذا أيضا في الدول المنقطعة/157/، ونهاية الأرب 22/ 239. (¬2) انظر الدول المنقطعة/158/، ونهاية الأرب 22/ 240. (¬3) من (3) فقط، وهي في نهاية الأرب وتاريخ الخميس، وهذا الأخير عن المصنف. (¬4) كذا أيضا في أخبار الدول المنقطعة/175/عن بعض المؤرخين، وانظر نهاية الأرب 22/ 260، وذكرها في تاريخ الخميس 2/ 336 عن مغلطاي. (¬5) لذلك سمي: (المثمّن). ذكره صاحب العقد عن الصولي، وعزاه الذهبي لنفطويه. وعند الخطيب وابن عساكر: يقال له: (الثماني). ولقد جمعت هذه الأمور من مختلف المصادر التي سوف أذكرها بعد فكانت كما يلي: مولده في الشهر الثامن من سنة ثمانين ومائة، وهو ثامن الخلفاء العباسيين، وثامن ولد العباس، رضي الله عنه، والثامن من أولاد الرشيد، وتملّك ثماني سنين، وثمانية أشهر، وله فتوحات ثمانية، وقتل ثمانية أعداء، وولد ثمانية بنين، -

وفتح عمّورية من أعظم مدن النصارى (¬1). وكان شجاعا سخيا، أقطع أبا تمام مدينة الموصل (¬2). وبنى سرّ من رأى (¬3). واتسع ملكه جدا حتى صار له سبعون ألف مملوك (¬4). ¬

= وثمانية بنات، وعاش ثمانيا وأربعين سنة، وطالعه العقرب وهو ثامن برج، ودخل بغداد من الشام في مستهل رمضان سنة ثماني عشرة ومائتين، بعد استكمال ثمانية أشهر من السنة بعد موت أخيه المأمون، وخلف ثمانية آلاف ألف دينار، ومثلها من الدراهم. انظر في ذلك: الطبري 9/ 119، وتاريخ بغداد 3/ 343، وتاريخ دمشق 23/ 314 (م)، والعقد الفريد 5/ 377، ونهاية الأرب 22/ 260، وسير أعلام النبلاء 9/ 302، والعبر 1/ 315، والبداية 10/ 308. (¬1) في الكامل 6/ 40: لم يعرض لها أحد منذ كان الإسلام، وهي عين النصرانية، وهي أشرف عندهم من القسطنطينية. وقال ابن كثير 10/ 299: وهي مدينة عظيمة كبيرة جدا، ذات سور منيع، وأبراج عالية كبار كثيرة. قلت: تقع في آسيا الصغرى بالقرب من (أنقرة). (¬2) وذلك عندما مدحه عند فتحه لعمورية بقصيدته المشهورة، والتي مطلعها: السيف أصدق أنباء من الكتب في حده الحد بين الجد واللعب ويقال: إنه أعطاه عن كل بيت بها ألف درهم. وانظر الخبر في الدول المنقطعة/171/، ونهاية الأرب 22/ 262. (¬3) خففت بعد فقيل: سامراء. بين بغداد وتكريت، وبها السرداب الذي تزعم الشيعة أن مهديهم يخرج منه، بناها المعتصم، وقيل: كانت مدينة قديمة مهدمة. قال الخطيب 3/ 347: ولكثرة عسكر المعتصم، وضيق بغداد عنه، وتأذي الناس به، بنى المعتصم سر من رأى، وانتقل إليها، فسكنها بعسكره، وسميت: العسكر، وذلك سنة 221 هـ‍. وقال الأزدي/173/: وسميت بهذا الاسم، لأنه لما انتقل إليها بجملته وعساكره سر كلّ منهم برؤيتها. (¬4) كذا أيضا في أخبار الدول المنقطعة/174/، ونهاية الأرب 22/ 260/، وانظر-

وكان أميا (¬1). وامتحن أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى في خلق القرآن وضربه (¬2). وقتل بابك وصلبه (¬3). وجعفر الكردي المشؤوم (¬4). وخرج أبو حرب بالشام، وأظهر أنه السفياني (¬5). ¬

= معجم البلدان عند (سامراء). (¬1) أخرج الخطيب 3/ 343، وابن عساكر 23/ 314 (م): كان مع المعتصم غلام في الكتّاب يتعلم معه، فمات الغلام، فقال له الرشيد: يا محمد، مات غلامك. قال: نعم يا سيدي، واستراح من الكتاب. قال الرشيد: وإن الكتاب ليبلغ منك هذا المبلغ! دعوه إلى حيث انتهى، لا تعلموه شيئا، قال: فكان يكتب كتابا ضعيفا، ويقرأ قراءة ضعيفة. (¬2) قال الذهبي في السير 10/ 292: حتى زال عقله، ولم يجب، فأطلقوه. قلت: وقد امتحن في هذه الفتنة خلق من العلماء منهم من مات شهيدا كأحمد بن نصر الخزاعي، قتله الواثق بيده. (انظر طبقات الحنابلة 1/ 81، وتاريخ بغداد 5/ 177). ومنهم الإمام البويطي صاحب الإمام الشافعي مات مسجونا بالعراق في القيد والغل. (تاريخ بغداد 14/ 299، وطبقات الشافعية للسبكي 2/ 165). ومنهم من اعترف مكرها خائفا، وقد بدأت هذه الفتنة في عهد المأمون واشتدت في عهد المعتصم والواثق، واندثرت على يد المتوكل بعد أربعة عشر عاما. (¬3) تقدمت الإشارة إلى هذا عند ترجمة المأمون، وانظر مروج الذهب 4/ 64 - 68. (¬4) سمّاه مشؤوما-والله أعلم-لأن بعض أصحابه وثب عليه فقتله. وكان قد أظهر الخلاف على المعتصم، فبعث إليه أحد قواده إلى جبال الموصل لحربه. وانظر الطبري 9/ 118 وسمّاه: جعفر بن مهرجش الكردي. (¬5) ويلقب بالمبرقع اليماني للبسه قناعا، وكان ظهوره في الغور بفلسطين، دعا إلى إقامة الحق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فاستجاب له جماعة وعظم-

[الواثق بالله]

مات بسرّ من رأى يوم الخميس، لإحدى عشرة ليلة بقيت من شهر ربيع الأول، سنة سبع وعشرين ومائتين (¬1). فكانت خلافته ثماني سنين، وثمانية أشهر، وثمانية أيام (¬2). [الواثق بالله]: وبويع ابنه الواثق أبو جعفر هارون، وتوفي بسرّ من رأى خامس عشرين (¬3) ذي الحجة-محترقا في تنور، بدعائه على نفسه، حين امتحن أحمد بن حنبل سنة اثنتين وثلاثين ومائتين (¬4). فكانت خلافته خمس سنين وتسعة أشهر وستة أيام (¬5). ¬

= خطره، فبعث إليه المعتصم جيشا، فقبضوا عليه، فسجنه حتى مات. وانظر الخبر كاملا في الطبري 9/ 116، والمنتظم 11/ 227، والكامل 6/ 69، وسير أعلام النبلاء 10/ 301 - 302. (¬1) كذا أيضا في تاريخ خليفة/478/، والمعارف/392/، والطبري 9/ 118، وكان في (2) والمطبوع: ربيع (الآخر). (¬2) ذكروها بدون الأيام، انظر المعارف في الموضع السابق، ومروج الذهب 4/ 54، وذكرها الطبري 9/ 119 لكن قال: «ويومين». (¬3) هكذا (خامس عشرين) في (3) وفي (1): خامس. وفي (2): (خامس عشر). (¬4) في جميع المصادر القديمة جاء تاريخ وفاته هكذا: لست بقين من ذي الحجة عام 232 هـ‍، وهذا يكاد يكون كما نص عليه المؤلف، والله أعلم. وأما عن سبب موته: فانظر الخبر مفصلا في تاريخ الطبري 9/ 150، وملخصه: أنه مرض في بطنه، وأن الأطباء وصفوا له القعود على التنور، وأنه كان يجد في ذلك راحة، ففعلوا به ذلك أكثر من مرة، فحمي عليه في المرة الأخيرة، فأخرج فمات. قال في المنتظم 11/ 188: فأخرج من التنور وقد احترق وصار أسود كالفحم، فلم تمض ساعة حتى قضى. (¬5) كذا في الدول المنقطعة/177/، ونهاية الأرب 2/ 271، وفي أكثر المصادر-

[المتوكل على الله]

وكان عالما بالأنساب والأدب، وكان ابن أبي دؤاد غالبا عليه (¬1). [المتوكل على الله]: وبويع أخوه المتوكل أبو الفضل جعفر، مات مقتولا بإذن ولده المنتصر، ليلة الأربعاء رابع شوال، سنة سبع وأربعين ومائتين (¬2). فكانت خلافته: أربع عشرة سنة وتسعة أشهر وثمانية أيام (¬3). ¬

= أيضا مع اختلاف بسيط في الأيام. وانظر في تخريج هذا وتاريخ الوفاة: المحبر /42/، والمعارف/393/، والطبري 9/ 151، والمسعودي 4/ 75، وفوات الوفيات 4/ 228 حيث وافق المصنف في الأمرين. (¬1) وأما عن علمه بالأدب والأنساب فقد أوردوا له قصة تدل على هذا، انظر وفيات الأعيان 1/ 284، وسير أعلام النبلاء 10/ 311. وأما عن غلبة ابن أبي دؤاد عليه: فقد نص على ذلك الخطيب 14/ 18. وابن أبي دؤاد هذا هو قاضي القضاة للمعتصم ثم الواثق، وكان موصوفا بالكرم والأدب، غير أنه أعلن بمذهب المعتزلة فحمل السلطان على امتحان الناس بخلق القرآن وأن الله لا يرى في الآخرة. (¬2) كذا نص ابن حزم/372/على السبب والتاريخ، وانظر ابن حبان/576/، وانظر تفصيل قتله في الطبري 9/ 222 - 228، والمنتظم 11/ 355 - 357، والكامل 6/ 136 - 138. قالوا: إنه كان قد عهد بالولاية بعده لأبنائه: المنتصر، ثم المعتز، ثم المؤيد. فأراد أن يقدم المعتز أولا لمحبته لأمه، فسأل المنتصر أن ينزل عن العهد فأبى، فأخذ يعامله معاملة سيئة، فاستغل التّرك ذلك واتفقوا مع المنتصر على قتل أبيه، فقتلوه هو ووزيره الفتح بن خاقان. (وانظر تاريخ الخلفاء للسيوطي/396/). وقد اشتهرت ليلة قتل المتوكل حتى صارت مثلا. انظر ثمار القلوب للثعالبي/270/حيث نقل الخبر أيضا. (¬3) كذا في الجوهر الثمين/119/، وكذا في العقد الفريد 5/ 378، ومروج الذهب 4/ 98 لكن زيادة يوم، وأوردها في المحبر/44/بدون الأيام.

قال الزبيري: كنت حاضرا بيعته، فبايع لأولاده بالعهد: محمد المنتصر، والمعتز، والمؤيد، ولم يدخل في العهد أحمد المعتمد، ولا أبا أحمد الموفق، فصار الأمر إلى ولد الموفق إلى اليوم (¬1). وأمر أهل الذمة بلبس العسلي، والزنانير، وركوب السروج بالركب الخشب، وأن لا يعتموا، وغير زي نسائهم بالأزر العسلية، وإن دخلن الحمام كان معهن جلاجل، وأمر بهدم بيعهم المحدثة، وأن يجعل على أبواب دورهم صور شياطين من خشب، وأن لا يستعان بهم في شيء من الدواوين (¬2). ونكب محمد بن عبد الملك الزيات (¬3). وابن أبي دؤاد (¬4). ¬

(¬1) ذكروا في كتب التاريخ أمر بيعته لأولاده الثلاثة ضمن حوادث سنة 235 هـ‍. انظر الطبري 9/ 175 - 180، والمنتظم 11/ 224، والكامل 6/ 105. وساق الخبر كاملا في تاريخ الخميس 2/ 338، لكن عن مغلطاي. (¬2) انظر هذا الخبر بأطول منه في الطبري 9/ 171 - 175، والكامل 6/ 106 - 107، والدول المنقطة/182/، والبداية والنهاية 10/ 327، والجوهر الثمين /117/. ذكروه في حوادث 235 هـ‍. قلت: وهو أول من أمر بذلك كما في أوائل العسكري/187/. (¬3) أحد وزراء الواثق، وكان قد أغضب المتوكل في خلافة الواثق، ويقال: إنه أشار على الواثق أن يخلف ابنه مكان المتوكل، فكان هذا سبب هلاكه حين آل الأمر إلى المتوكل، وضعه أولا في الحبس، وصادر أمواله ومتاعه، ثم وضعه في تنور من خشب فيه مسامير من حديد حتى مات. (انظر الطبري 9/ 156). (¬4) تقدمت ترجمته قبل قليل، وقال الذهبي في السير 12/ 36: وغضب المتوكل على أحمد بن أبي دؤاد، وصادره، وسجن أصحابه، وحمّل ستة عشر ألف ألف درهم، وافتقر هو وآله، وولى يحيى بن أكثم القضاء. وانظر الطبري-

[المنتصر بالله]

وخرب مشهد الحسين (¬1). وخرج عليه محمد بن عمر بالموصل (¬2). [المنتصر بالله]: وبويع ابنه المنتصر أبو جعفر محمد (¬3). وهو أول من عدا على أبيه من بني العباس، كما أن يزيد بن الوليد الأموي أول من عدا على أبيه، كذا قاله ابن دحية (¬4). وقبله شيرويه بن كسرى عدا على أبيه، وقد جرت عادة الله أن من ¬

= 9/ 189، والدول المنقطعة 183 - 184. (¬1) على الرغم من أن المتوكل أظهر السّنّة، ومنع الناس من القول بخلق القرآن إلا أنه ارتكب سيئة غطت على جميع حسناته، وهي كرهه لعلي وآل بيته، رضي الله عنهم، حتى إنه قتل يعقوب بن السكّيت إمام العربية، عندما سأله المتوكل-وكان يؤدب ولديه-من أحب إليك هما أو الحسن والحسين؟ فأجابه: بأن قنبر مولى علي رضي الله عنه خير منهما. فقتله شر قتلة، لذلك فلا عجب أن يأمر بهدم قبر الحسين رضي الله عنه، وأن يمنع الناس من إتيانه. وانظر الخبر في الطبري 9/ 185، والكامل 6/ 108 - 109. (¬2) هكذا: محمد بن (عمر) في المخطوط والمطبوع، وهو موافق لما عند ابن الجوزي، بينما الذي في الطبري والكامل: محمد بن (عمرو) الشاري، وذكروه في حوادث سنة 248 هـ‍ أي في زمن المنتصر، وقالوا: إنه حكّم وخرج بناحية الموصل، فوجه إليه المنتصر من قبض عليه مع عدة من أصحابه فجيء بهم فقتلوا وصلبوا. وانظر الطبري 9/ 255، والمنتظم 12/ 5، والكامل 6/ 151. (¬3) زاد الخطيب 2/ 119: ويقال: أبا العباس، ويقال: أبا عبد الله. (¬4) تقدمت ترجمة ابن دحية هذا، ويزيد بن الوليد عدا على ابن عمه لا أبيه، وذلك بسبب ما قيل عن زندقته ومجونه، انظر تعليقي على مقتل الوليد بن يزيد /492/. وانظر المسعودي 4/ 149 فقد ذكر الخبر على الصحيح.

عدا على أبيه لا يبلّغه سؤلا، ولا يمتعه بدنياه إلا قليلا، فلم يقم المنتصر بعد أبيه سوى ستة أشهر (¬1). كان يسيء إلى العيال ويبخل، فسمه بعضهم في كمثرى، وقيل: أصابته الذبحة، وقيل: أصابه ورم في معدته، وقيل: فصد بمبضع مسموم (¬2). وكانت له حدبة (¬3). ورأى أباه في النوم فقال له: ويلك يا محمد، قتلتني وظلمتني، والله لا تمتعت بالخلافة إلا أياما يسيرة، ثم مصيرك إلى ¬

(¬1) يقول الطبري في تاريخه 9/ 252 عند الحديث عن وفاة المنتصر: ولم أزل أسمع الناس حين أفضت إليه الخلافة من لدن ولي إلى أن مات يقولون: إنما مدة حياته ستة أشهر، مدة شيرويه بن كسرى قاتل أبيه، مستفيضا ذلك على ألسن العامة والخاصة. وروى الخطيب 2/ 120 - 121 قصة طريفة جرت للمنتصر في ذلك. وعادة الله: حكمته، سبحانه وتعالى. (¬2) انظر في سبب موته: الطبري 9/ 251 - 253، والمسعودي 4/ 152 - 153، وعدّها ابن الجوزي في المنتظم 12/ 15 - 17: خمسة أقوال. وأما عن قول المصنف: كان يسيء إلى العيال ويبخل. فهكذا أيضا قال الأزدي في الدول المنقطعة/188/، وابن دقماق في الجوهر الثمين/120/، لكن الذي وصفوه بخلاف ذلك، حتى قال المسعودي 4/ 154: وكان المنتصر واسع الاحتمال، راسخ العقل، كثير المعروف، راغبا في الخير، سخيا، أديبا، عفيفا، وكان يأخذ نفسه بمكارم الأخلاق، وكثرة الإنصاف، وحسن المعاشرة، بما لم يسبقه خليفة إلى مثله. وأضاف ابن الأثير 6/ 149 إلى هذا: أنه أمّن العلويين، وأطلق وقوفهم، وسمح بزيارة قبر علي والحسين رضي الله عنهما. (¬3) هكذا في (1) و (3) والمطبوع، وفي (2): وكانت له (حربة). ولم أدر ما يريد، ولم أجدها لأحد، والله أعلم. لكن ذكروا في وصفه: أنه أعين أقنى. . والأقنى من في أنفه احديداب، والله أعلم.

[المستعين بالله]

النار (¬1). [المستعين بالله]: وبويع المستعين أبو العباس أحمد بن محمد بن المعتصم (¬2). فبقي في الخلافة ثلاث سنين، وثمانية أشهر، وثمانية وعشرين يوما (¬3). وخلع لاضطراب أمره، وتوليته وعزله بغير موجب (¬4). ¬

(¬1) كذا ذكره الطبري 9/ 252 عن يسر الخادم. وانظر الكامل 6/ 148. والدول المنقطعة 188 - 189. (¬2) هكذا اسمه صحيحا، وصحّف في العقد، وابن حبان، والسير، والعبر، والبداية، والسيوطي إلى أحمد بن محمد المعتصم، فجعلوه ابنا للمعتصم، بينما المعتصم في الحقيقة جده، ولم أجد من نبه على ذلك من محققي تلك الكتب. وانظر الأصول: الطبري، والمسعودي، وابن قتيبة، والخطيب، وابن الجوزي، والأزدي، وابن الأثير، فقد سارت على الصحيح، وأغرب هذه التصحيفات ما وجدته عند ابن حزم/373/: فهو ينص على أن المستعين ابن عم المنتصر لحا، ثم يسميه هكذا: أحمد بن محمد المعتصم. فيجعله عم المنتصر لا ابن عمه. لأن المنتصر بن المتوكل بن محمد المعتصم، والمستعين ابن محمد بن محمد المعتصم. ومن هنا جاء التصحيف. والله أعلم. ويظهر أن هذا الخطأ قديم، فقد ذكر ابن الأثير 6/ 150 أن مسكويه في تجارب الأمم اعتبر المستعين أخا للمتوكل أيضا. (¬3) هكذا عند ابن دقماق أيضا/123/، وقد جبرها ابن حبيب/44/، والمسعودي 4/ 165، فقالا: ثلاث سنين وتسعة أشهر. (¬4) قال ابن دقماق/122/: كانت أموره قد اضطربت، لأنه كان يولي الرجل في وظيفة، ثم يعزله منها، ثم يرده إليها، ثم يعزله منها. وقال الذهبي في السير 12/ 46: اختلت الخلافة بولايته، واضطربت الأمور.

[المعتز بالله]

فنفي إلى واسط، ثم قتل بقادسية سر من رأى، يوم الأربعاء لثلاث ليال خلون من شوال، سنة اثنتين وخمسين ومائتين، بعد خلعه بنحو من تسعة أشهر (¬1). خرج في أيامه يحيى بن عمر العلوي بالكوفة (¬2)، وإسماعيل بن يوسف، فأحرق الكعبة ونهبها (¬3). [المعتز بالله]: وبويع المعتز أبو عبد الله محمد، وقيل: الزبير، وقيل: طلحة بن المتوكل (¬4). ¬

(¬1) انظر تاريخ بغداد 5/ 85، وكان الأتراك من جنده قد غضبوا عليه، فأخرجوا أخاه المعتز من السجن وبايعوه بسامراء، فقاتل أخاه المستعين حتى اضطره إلى عزل نفسه، وانظر الخبر في الطبري 9/ 282، و 348 و 362. (¬2) وقالوا في سبب خروجه: إنه كان في ضيق، ونزلت به محنة، وركبه دين، فتبعه جماعة من الزيدية وغيرهم، فأظهر العدل، وتورع عن أخد شيء، ولكن لم تلبث جيوش الخليفة أن قتلته، وحملت رأسه إلى بغداد فصلب. وانظر التفصيل في الطبري 9/ 266، والمسعودي 4/ 169. (¬3) أحد الحسنيين، خرج بالحجاز، وأخذ ما في الكعبة من المال، ومن خزائنها من الطيب والكسوة، وانتهب مكة وأحرق بعضها وحاصرها حتى هلك الناس، وقتل من الحاج أكثر من ألف، انظر المنتظم 12/ 50، والكامل 6/ 181، وقال الذهبي في السير 12/ 48: ثم قصمه الله بالطاعون هو وكثير من جنده. (¬4) هكذا أيضا في الجوهر الثمين، ذكر هذه الأسماء الثلاثة للمعتز، ولم يذكر الخطيب 3/ 121، وابن الجوزي في المنتظم 12/ 43، والذهبي في السير 12/ 532 إلا الأول والثاني، مع تقديم اسم (محمد) على الزبير. بينما ترجمه ابن عساكر 9/ 5 (م) في (الزبير) وقدمه على محمد. وتبعه في هذا ابن كثير 11/ 12. واقتصر ابن قتيبة/394/، والمسعودي 4/ 190، وابن حزم /374/، وابن حبان/577/على اسم (الزبير).

فخلع، وما زال يعذب بالضرب، ويطلب منه الأموال التي احتجنتها أمه قبيحة (¬1)، حتى مات في الحمام عطشا وكربا (¬2) بسرّ من رأى، لثلاث خلون من شعبان، وقيل: لثلاث بقين من رجب، سنة خمس وخمسين ومائتين (¬3). وابنه عبد الله مات في صهريج ماء من شدة البرد (¬4). وكانت خلافته: ثلاث سنين، وستة أشهر، وواحد وعشرين يوما (¬5). ¬

(¬1) أم ولد رومية من صقلية. قال ابن الأثير في الكامل 6/ 203: وكان المتوكل سماها (قبيحة) لحسنها وجمالها، كما يسمى الأسود كافورا. قلت: واحتجن المال-كما في القاموس-: ضمه واحتواه. (¬2) ذكر المؤرخون أن سبب قتله هو: أن الأتراك من القواد والجند طالبوه بأرزاقهم، فلم يقدر عليها لخلو خزائن الخلافة، فطلب من أمه قبيحة-وكانت غنية جدا-أن تعطيه بعض المال، فبخلت عليه، حينئذ أجمع الجند على خلعه وتولية المهتدي كما سيأتي، ثم قبضوا على المعتز وأجبروه على خلع نفسه، وأقاموه في الشمس حافيا، وبعد خمسة أيام أدخلوه الحمام فعطش عطشا شديدا، فأعطوه ماء مثلجا فشربه فمات. هذا أحد الأقوال، وذكروا أسبابا أخرى في موته، انظرها في مروج الذهب 4/ 208، واقتصر الطبري 9/ 390 على أنهم وضعوه في سرداب وأغلقوا عليه الباب حتى مات، وتبعاه في المنتظم 12/ 80، والكامل 6/ 200. (¬3) انظر اليعقوبي وابن دقماق في تحديد اليوم والشهر، والذي عند الطبري 9/ 389 وتبعاه في المنتظم والكامل: أن خلعه لثلاث بقين من رجب، وأن وفاته لليلتين خلتا من شعبان. وانظر العقد والمروج. (¬4) كذا في أخبار الدول المنقطعة/194/، وذكره في تاريخ الخميس 2/ 341 عن مغلطاي. (¬5) هكذا عند ابن دقماق في الجوهر الثمين/125/وذكره صاحب تاريخ الخميس-

خرج في أيامه مساور الموصلي (¬1). وملك أحمد بن طولون مصر (¬2). وخرج صاحب الزّنج بالبصرة (¬3). ¬

= عن مغلطاي. وقال الطبري 9/ 390: أربع سنين وستة أشهر وثلاثة وعشرين يوما، وذكرها المسعودي بدون الأيام ثم قال: هذا منذ بويع بسامراء، ومنذ بويع له بمدينة السلام ثلاث سنين وسبعة أشهر. أقول: وبهذا يعرف سبب الاختلاف في مدة خلافته. (¬1) الشاري، وذلك في سنة ثلاث وخمسين ومائتين، حكّم بالبوازيج من أعمال الموصل، وخرج على المعتز ومن جاء بعده، انظر بداية أمره: الطبري 9/ 374. (¬2) باني الجامع المشهور، تركي من موالي العباسيين، نشأ نشأة صالحة، حفظ القرآن وطلب العلم، وكان يكره ما كان عليه الأتراك من حب للمناصب، وقتل للخلفاء، ولي مصر بتدبير من الأتراك سنة 254 هـ‍ أيام المعتز، وبقي واليا عليها سبع عشرة سنة. قال الذهبي في السير 12/ 94: كان بطلا شجاعا، مقداما مهيبا، سائسا جوادا ممدحا، من دهاة الملوك. وانظر ترجمة مطولة له في النجوم الزاهرة 3/ 1 - 21. (¬3) في المسعودي 4/ 220: وكان خروج صاحب الزنج بالبصرة في خلافة المهتدي. قلت: أول ظهوره في البحرين مدعيا أنه من العلويين، ثم اتجه إلى البصرة آخر أيام ابن المعتز، فجمع إليه الزنج الذين يكسحون السباخ، لذلك سمي بهم. ادعى أن العناية الإلهية أرسلته، وأنه يعلم الغيب، واستفحل أمره، وكثر أتباعه، وهزم جيوش العباسيين أكثر من مرة، واستولى على البصرة، وأحرقها، وذبح كثيرا من أهلها، وخرّب مسجدها، ثم تعداها إلى بلدان أخرى، واستمرت حروبه إلى أن قتل في عهد الموفق: أربع عشرة سنة، وانظر بداية أمره: الطبري 9/ 410.

[المهتدي بالله]

[المهتدي بالله]: وبويع المهتدي أبو عبد الله محمد بن الواثق (¬1). وكان متظاهرا بالدين على منهاج الخلفاء الراشدين (¬2)، إلا أنه لم يوفق في الوزير والحاجب والقاضي (¬3). كانت خلافته: أحد عشر شهرا، وتسعة عشر يوما (¬4). ¬

(¬1) هكذا كناه الطبري والمسعودي وابن الأثير، وقدم عليها الخطيب وابن الجوزي والذهبي: (أبا إسحاق). (¬2) مدحوه كثيرا، فقال المسعودي 4/ 207 - 208: وبنى المهتدي قبة لها أربعة أبواب، وسماها قبة المظالم، وجلس فيها للعام والخاص للمظالم، وأمر بالمعروف ونهى عن المنكر، وحرّم الشراب، ونهى عن القيان، وأظهر العدل، وكان يحضر كل جمعة إلى المسجد الجامع، ويخطب الناس ويؤم بهم. فثقلت وطأته على العامة والخاصة بحمله إياهم على الطريق الواضحة، فاستطالوا خلافته، وسئموا أيامه، وعملوا الحيلة حتى قتلوه. وقال الخطيب 3/ 348 و 350: وروي عنه أنه لم يزل صائما منذ جلس للخلافة إلى أن قتل. وقال ابن حزم/374/: وكان رحمه الله إمام عدل. وقال ابن الجوزي في المنتظم 12/ 81: كان المهتدي من أحسن الخلفاء مذهبا، وأجملهم طريقة، وأظهرهم ورعا، وأكثرهم عبادة، وأسند الحديث. (¬3) قال ابن دقماق/127/: كان عنده وزير وقاض وحاجب يظلمون، ويحوزون الدنيا، ولا ينظرون إلى الآخرة، وكانوا سببا لقتله، فكان أمراؤه خرجوا عليه لظلم الوزير والقاضي والحاجب. قلت: ذكروا له من الوزراء: جعفر بن محمود الإسكافي، لكنه صرفه ونفاه، ومن الحجاب: صالح بن وصيف الذي اتهم بدم المعتز وسلب أموال أمه قبيحة، ثم قتل هذا شر قتلة، وذكروا له من القضاة: الحسن بن أبي الشوارب، فعزله وحبسه. كذا سماهم الأزدي في أخبار الدول المنقطعة/197 - 198/، وانظر الوافي بالوفيات 5/ 146. (¬4) اقتصر ابن حبيب، والمسعودي، وابن حزم على الشهور فقط، وقال الطبري-

[المعتمد على الله]

وقتل بالسكين بسرّ من رأى، لأربع عشرة ليلة بقيت من رجب، سنة ست وخمسين ومائتين (¬1). [المعتمد على الله]: وبويع المعتمد أبو العباس أحمد بن المتوكل (¬2). كانت أيامه مضطربة لغلبة الموالي عليه (¬3)، فقام أخوه الموفق بأمره أحسن قيام، سيما في حرب صاحب الزنج (¬4). مات ببغداد مسموما، وقيل: رمي في رصاص مذاب. وقيل: وقع في حفرة ببغداد، لإحدى عشرة ليلة بقيت من رجب سنة تسع وسبعين ومائتين (¬5). ¬

= 9/ 469: أحد عشر شهرا وخمسة وعشرين يوما. وفي المنتظم: و (15) أو (17) يوما. والله أعلم. (¬1) كذا في العقد الفريد 5/ 381، والمنتظم 12/ 120. وانظر تفاصيل قتله في الطبري 9/ 456 - 469. (¬2) ويعرف ب‍ (ابن فتيان)، وهي أمه، أم ولد رومية. (¬3) يقول ابن حزم/375/: والمعتمد أول خليفة تغلّب عليه، ولم ينفذ له أمر ولا نهي، ولم يكن بيده من أمر الخلافة إلا الاسم فقط. (¬4) وهو الذي قتله كما سيأتي، ويقول المسعودي 4/ 239: وقد كان المعتمد آثر اللذة، واعتكف على الملاهي، وغلب أخوه أبو أحمد على الأمور وتدبيرها، ثم حضر على المعتمد وحبسه، فكان أول خليفة قهر وحبس وحجر عليه. (¬5) هكذا في الجوهر الثمين وتاريخ الخميس ذكرا أيضا هذه الأسباب في وفاته، وفي الطبري 10/ 29، وتبعه في الكامل 6/ 370: أنه شرب كثيرا، وتعشى فأكثر فمات، لم يذكرا غير هذا. وذكر المسعودي قصة السم فقط. أما تاريخ الوفاة فقد اتفقوا عليه.

وبقي في الخلافة اثنتين وعشرين سنة، وأحد عشر شهرا، وخمسة عشر يوما (¬1). خرج في أيامه أبو جورة الشاري بالموصل (¬2). وقتل صاحب الزنج (¬3). وخرج علوي يلقب بالنافع بأذربيجان (¬4). وتحركت القرامطة (¬5). ¬

(¬1) جبرها أكثرهم فقال: كانت ثلاثا وعشرين سنة. انظر العقد والمروج وابن حزم. وزاد الطبري على جبرها ثلاثة أيام، وفي الكامل: وستة أشهر، والله أعلم. . (¬2) اختلفت المصادر التي بين يدي في ضبط كنيته كما اختلفت المخطوطات التي اعتمدتها: في (1): ابن جورة. وفي (2) و (3): ابن أبي حوزة. وفي المطبوع: ابن أبي جورة. وفي الكامل 6/ 375: أبو حوزة، وفي نسخة منه: جوزة. وذكره ياقوت في معجم البلدان بما أثبته عند الحديث عن بلده (قبراثا). وانظر نهاية الأرب 25/ 326. قالوا: اسمه محمد بن عبادة، خرج على هارون وكلاهما خارجيان. لكن ذكره ابن الأثير في حوادث 280 هـ‍، بينما ذكره النويري في حوادث 278 هـ‍. (¬3) وذلك في صفر من سنة 270 هـ‍، بعد أربع عشرة سنة من ظهوره آخر أيام المعتز، وكان قد قتل من المسلمين أكثر من مليون كما قتل بابك لعنهما الله. وانظر خبر قتله: الطبري 9/ 654، والكامل 6/ 331. (¬4) لم أجد من ذكره بهذا اللقب. (¬5) كان أول ظهور القرامطة في سواد الكوفة سنة 278 هـ‍ على يد رجل جاء من ناحية خوزستان يلقب بقرمط، دعا إلى مذهب جديد فيه: أن الصلاة المفروضة خمسون، وأن القبلة والحج إلى بيت المقدس. وأن الصوم يومان: يوم النيروز ويوم المهرجان، وأن لا غسل من الجنابة، وحلل الخمر، وزاد في الأذان، -

[المعتضد بالله]

[المعتضد بالله]: وبويع المعتضد أبو العباس أحمد بن الموفق أبي أحمد بن المتوكل، فصلحت به الأحوال، وأقام العدل، وبذل الأموال، وغزا وحج، وجالس المحدّثين وأهل الفضل والدين، وعمّر البلاد، ورفق بالرعية، وحكم بالسوية (¬1). وخرج في أيامه زكرويه بن مهرويه القرمطي (¬2). وابن عبادة الشاري (¬3). وزلزلت دبيل، فهلك بها ثلاثون ألفا بعد خسف جانب منها، ¬

= وأن أحمد بن محمد بن الحنفية رسول الله. . (انظر الطبري 10/ 23 - 27، والكامل 6/ 363 - 366). (¬1) وصفوه أيضا: بأنه سفاك للدماء، شديد الرغبة في التمثيل بأعدائه، كما وصفوه: بأنه بخيل مقتر، حريص على جمع المال، خلف ميزانية كبيرة، ولم يكن له رغبة إلا في النساء والبناء. كما وصفوه بأنه كان شجاعا مهيبا جبارا، شديد الوطأة، يقدم على الأسد وحده. أما قول المصنف بأنه حج، فلم أجد من قال بهذا، بل ذكر ابن حزم/375/أنه لم يحج قط، لا هو، ولا أحد من الخلفاء بعده إلى زمن ابن حزم. وانظر المسعودي 4/ 260، والمنتظم 12/ 307 حيث تحدث طويلا عن سيرته وأخباره، وانظر أيضا الكامل 6/ 411، وسير الذهبي 13/ 463، وتاريخ الخلفاء/419/، ثم إني وجدتها مع العبارة التي بعدها عند الأزدي في أخبار الدول المنقطعة/204/. (¬2) ذكر الطبري 10/ 94 - 95: أنه كان داعية قرمط، وأنه ظهر بالشام، وادعى أنه من العلويين وتبعته جماعة من الأعراب، وحاصر مدينة دمشق فقتل هناك في عهد المكتفي سنة 289 هـ‍. (¬3) في (2): و (أبو) عبادة. قلت: هو نفسه (أبو جورة) المذكور في ترجمة المعتمد كما نقلت عن الكامل، ومعجم البلدان، والنويري، والله أعلم.

وانخسف القمر، فأظلمت الدنيا إلى العصر، وهبت ريح سوداء (¬1). وقتل: رافع بن هرثمة والي خراسان (¬2). وابتدأت دولة السامانية بها (¬3). وتوفي ببغداد ليلة الثلاثاء لست بقين من شهر ربيع الآخر، وقيل: لثمان بقين منه سنة ثمان وثمانين ومائتين، وقيل: تسع (¬4). ¬

(¬1) ضبطت (دبيل) في المخطوط هكذا: (دنبل)، وما أثبته هو الموافق لما جاء في المصادر التاريخية كما سوف أخرج، وقال ياقوت: دبيل-بفتح أوله وكسر ثانيه-مدينة بأرمينية تتاخم أرّان، كان ثغرا. وانظر هذا الخبر في الطبري 10/ 34 حيث ساقه كما يلي: في ذي الحجة-من سنة 280 هـ‍-ورد كتاب من دبيل بانكساف القمر في شوال لأربع عشرة خلت منها، ثم تجلى آخر الليل، فأصبحوا صبيحة تلك الليلة والدنيا مظلمة، ودامت الظلمة عليهم، فلما كان عند العصر هبت ريح سوداء شديدة، فدامت إلى ثلث الليل، فلما كان ثلث الليل زلزلوا، فأصبحوا وقد ذهبت المدينة، فلم ينج من منازلها إلا اليسير، قدر مائة دار، وأنهم دفنوا حين كتب الكتاب ثلاثين ألف نفس يخرجون من تحت الهدم ويدفنون، وأنهم زلزلوا بعد الهدم خمس مرات. وانظر المنتظم 12/ 334، والكامل 6/ 376. (¬2) كان المعتضد قد عزل رافعا من خراسان، فاستعصى ودعى إلى أحد العلويين، فسير إليه المعتضد عمرو بن الليث الصفّار، فهزمه عمر ثم لحقه إلى خوارزم فقتله سنة 283 هـ‍. (انظر الطبري 10/ 50، والعبر 1/ 407). (¬3) بعد انتصار عمرو بن الليث على ابن هرثمة وقتله، بعث إليه المعتضد هدايا، فلم يقبلها، وتطلع إلى ولاية بلاد ما وراء النهر-وكانت بيد إسماعيل بن أحمد الساماني، فسير الجيوش وقادها بنفسه، ولكن الهزيمة حلت به، ووقع أسيرا في قبضة إسماعيل الساماني الذي سيره إلى الخليفة فقتله، وكانت هذه الوقعة بداية ظهور الدولة السامانية. (ابن الأثير 6/ 401 - 403). (¬4) يعني: (وثمانين). وهذا التاريخ بهذا السياق هو نفسه في الجوهر الثمين-

[المكتفي بالله]

فكانت مدة خلافته عشر سنين، وتسعة أشهر، وثلاثة أيام، وقيل: تسع سنين، وسبعة أشهر، واثنان وعشرين يوما (¬1). [المكتفي بالله]: وبويع ابنه المكتفي أبو محمد علي (¬2)، فبنى جامع القصر، ودار الخلافة وأباد القرامطة، وفتح أنطاكية (¬3)، وخرجت عليه خوارج ¬

= /132/، والقول الثاني هو الذي عليه المصادر التاريخية. (¬1) هذا الاختلاف تبعا للاختلاف السابق، وإلا فأكثر المصادر على أن مدة خلافته أقل من عشر سنين. (¬2) قال المسعودي 4/ 309 - 310: ولم يتقلد الخلافة إلى هذا الوقت [332 هـ‍] من خلافة المتقي بالله من اسمه علي إلا علي بن أبي طالب رضي الله عنه والمكتفي. (¬3) كذا في جميع النسخ والمطبوع: (أنطاكية) بالكاف. ومثلها أيضا في الكامل 6/ 423، وسير الذهبي 13/ 483، وعبره 1/ 419، والبداية والنهاية 11/ 104، والجوهر الثمين/134/، لكن أنطاكية فتحت قديما، وهي من ثغور الشام، والكل متفق هنا أن الانطلاق كان من طرسوس باتجاه الروم، ثم إني وجدت المستشرق لسترنج في بلدان الخلافة الشرقية/184/، يتحدث عن أنطاكية بهذا الاتجاه، ولكن يرسمها على البر قرب عمورية، بينما يتفق المؤرخون على أن هذه المدينة المفتوحة هي على ساحل البحر، وأن فاتحها غنم من جملة ما غنم مراكب، وأنها قريبة من القسطنطينية تنتهي إلى خليجها. وهذه الوصف جميعه ينطبق على مدينة (أنطالية) باللام، ثم إني وجدتها هكذا في الطبري 10/ 117 فالحمد لله على توفيقه، كما أن السيوطي في تاريخه /428/رسمها باللام أيضا وضبطها كتابة، فلله دره. قالوا: إن غلام زرافة سار من طرسوس ففتحها عنوة وقتل وأسر، واستنقذ من أسارى المسلمين، وغنم ما لا يحصى، وذلك في سنة 291 هـ‍. ثم قرأت في كتاب الدول المنقطعة/211/: أن الروم كانت قد استولت عليها ففتحت بالسيف، فهو بهذا-

[المقتدر بالله]

كثيرة (¬1). وتوفي ببغداد ليلة الأحد لثلاث عشرة ليلة خلت من ذي القعدة سنة خمس وتسعين ومائتين (¬2). فكانت مدة خلافته ست سنين، وستة أشهر، وأربعة وعشرين يوما (¬3). [المقتدر بالله]: وبويع المقتدر أبو الفضل جعفر، وقيل: إسحاق بن المعتضد، وهو غير بالغ (¬4). ولأربعة أشهر عزل (¬5). ¬

= يعني أنطاكية الشام، ولكن هذا خلاف الوصف والتحقيق الذي قدمته، والله أعلم. (¬1) انظر المصادر التاريخية المتقدمة خلال سنوات خلافته حيث ذكروا منهم: محمد بن هارون، ويحيى بن زكرويه القرمطي، وأبو عبيد الله الشيعي في المغرب، والخلنجي بمصر، وغيرهم. (¬2) كذا في مروج الذهب 4/ 309، والدول المنقطعة/210/، والسير 13/ 484، وأنقصها الطبري 10/ 138 يوما واحدا، وتبعه في المنتظم 13/ 77. (¬3) على اتفاق تقريبا في السنين والشهور، واختلاف في الأيام. (¬4) أخرج الخطيب في تاريخ بغداد 7/ 213، أنه ولي الخلافة وعمره ثلاث عشرة سنة وشهر وعشرون يوما. ولم يل الأمر قبله أحد أصغر منه سنا. وكذا قال ابن حزم. لكن أخرج ابن الجوزي في المنتظم 13/ 60 أيضا: أنه بلغ قبل خلافته بثلاثة أشهر. وقال ابن كثير 11/ 111: ولما حضرت المكتفي الوفاة سأل عن أخيه أبي الفضل جعفر بن المعتضد، فقد صح عنده أنه بالغ. . . ففوض الخلافة إليه، ولقبه بالمقتدر. (¬5) كذا في تاريخ بغداد 7/ 214 لكن قال: وسبعة أيام، وأضاف: احتجاجا على صغر سنه وقصوره عن بلوغ الحلم. وانظر أخبار الدول المنقطعة/216/.

وبويع عبد الله بن المعتز الشاعر، ولقب المنتصف (¬1) بالله فمكث يوما وليلة، وقتل (¬2). وصفا الأمر للمقتدر، فقتل الحلاج الزنديق المدعي الربوبية، فيما حكاه المظفري (¬3). وقوي أمر القرمطي، فقلع الحجر الأسود (¬4). وتحركت الديلم (¬5). ¬

(¬1) هناك خلاف في هذا اللقب، ففي الطبري وتاريخ بغداد: الراضي بالله، وفي سير الذهبي وعبره: الغالب بالله، وقال ابن كثير 11/ 116: ولقب بالمرتضي والمنتصف بالله. (¬2) قتله أصحاب المقتدر ثاني يوم ولايته، انظر تاريخ بغداد 7/ 214، والكامل 6/ 121. (¬3) قال السلمي في طبقات الصوفية/307/: الحلاج هو الحسين بن منصور، وكنيته أبو مغيث، وهو من أهل بيضاء فارس، ونشأ بواسط والعراق، وصحب الجنيد. . والمشايخ في أمره مختلفون، رده أكثر المشايخ، ونفوه، وأبوا أن يكون له قدم في التصوف. . قتل ببغداد لست بقين من ذي القعدة سنة تسع وثلثمائة. وانظر ترجمة مطولة جدا في تاريخ بغداد 8/ 114 - 141 حيث ساق الخطيب بعض ما ذكرت من حيله، وزندقته وكفره، وادعائه الربوبية، وكيف تم قتله. (¬4) هو عدو الله أبو طاهر القرمطي، ملك البحرين، الأعرابي الزنديق، وافى الحجيج يوم التروية من سنة 317 هـ‍ فقتلهم قتلا ذريعا في المسجد، وفي فجاج مكة، وقتل أميرها، وقلع باب الكعبة، والحجر الأسود وأخذه إلى هجر، ولم يحج أحد، وبقي الحجر الأسود بهجر نيفا وعشرين سنة، انظر العبر 1/ 474، والبداية 11/ 171 - 172، وانظر ترجمة مطولة للقرمطي هذا في سير أعلام النبلاء 15/ 320 - 325. (¬5) انظر الكامل 7/ 65، وسير أعلام النبلاء 15/ 54.

وقوي أمر بني القداح بالمغرب، وانتسبوا إلى محمد بن إسماعيل بن جعفر، فقتلهم أبو القاسم المهدي، وقيل: إنه كان من أبناء اليهود (¬1). وخلع المقتدر مرة أخرى بالقاهر، وأخرج عن دار الخلافة للنصف من المحرم سنة سبع عشرة وثلثمائة، ثم قبض على القاهر وأعيد المقتدر يوم الإثنين لتسع عشرة ليلة خلت منه (¬2). وكانت بعض جواريه تجلس للمظالم، ويحضرها الوزراء والقضاة والعلماء (¬3). ولم يحج أحد في سنة سبع عشرة وثلثمائة (¬4). واستوزر اثني عشر وزيرا، يولي هذا اليوم، ثم يصانع آخر الخدم فيعزله، ويولي الراشي (¬5). ¬

(¬1) كذا أيضا في الكامل 6/ 446 - 447 في حوادث سنة 296 هـ‍ تحت عنوان: ذكر ابتداء الدولة العلوية بإفريقية. (¬2) كان الخلع الثاني للمقتدر بعد إحدى وعشرين سنة من خلافته، اجتمع القواد والجند فقهروه وخلعوه، وأجبروه عل كتابة ورقة بخلع نفسه، ثم أحضروا أخاه محمد بن المعتضد بالله، فنصبوه ولقبوه: القاهر بالله، وسلموا عليه بإمرة المؤمنين، فأقام على ذلك يومين، فلما كان اليوم الثالث، اختلف الجند، وتغير رأيهم، فأعادوا المقتدر إلى الخلافة. (انظر تاريخ بغداد 7/ 214، والمنتظم 13/ 63، والكامل 7/ 49 - 53). (¬3) قال الأزدي/213/: وغلب النساء على أمره والخدم؛ حتى أن جارية لأمه تعرف بثمل القهرمانة كانت تجلس للمظالم، ويحضرها القضاة والفقهاء والوزراء. وأضاف الذهبي في السير 15/ 49: وتوقع ثمل على المراسم. (¬4) وذلك بسبب فتنة القرمطي الذي قتل الحجيج وسرق الحجر الأسود كما تقدم. (¬5) العبارة نفسها أيضا في أخبار الدول المنقطعة/215/. وانظر أسماء وزرائه في العقد الفريد 5/ 384 - 385، ومروج الذهب 4/ 342 - 343. وقال ابن كثير-

إلى أن أخرجه قرناء السوء ليتفرج على لاعب في الميدان، فاشتغل الناس باللاعب عن حراسة الخليفة، فلما رأى اللاعب الناس قد بعدوا عنه، ركض فرسه إليه وطعنه في صدره بحربة فقتله، فلم ينتطح فيها عنزان، ولا طلب دمه من عسكره اثنان، ثم مر اللاعب يطلب دار الخلافة نحو القاهر، فعلق به كلاّب في دكان قصاب، فخرج الفرس من تحته، فبقي معلقا فمات في الوقت وأحرق، يوم الأربعاء لثلاث ليال بقين من شوال سنة عشرين وثلثمائة (¬1). وقيل: إنه قتل في حرب كانت بينه وبين مؤنس الخادم الملقب بالمظفر (¬2). وكانت خلافته: أربعا وعشرين سنة، وشهرين، وعشرة أيام، وقيل: وأحد عشر شهرا، وأربعة عشر يوما (¬3). وكان سمحا جوادا (¬4)، وكانت أمه بليته مع كثرة برها وصدقتها، ¬

= في البداية 11/ 182: وكان كثير التنفل بالصلاة والصوم والعبادة، ولكنه كان مؤثرا لشهواته، مطيعا لحضاياه، كثير العزل والولاية والتلون. (¬1) اتفقوا على هذا التاريخ لموت المقتدر، وانظر هذه القصة في سير الذهبي 15/ 55، والجوهر الثمين 139 - 140. (¬2) أكثر المصادر التاريخية اقتصرت على هذا السبب، انظر ابن حزم/377/، وتكملة تاريخ الطبري للهمذاني/272/، والمنتظم 13/ 308 - 309، والكامل 7/ 73 - 74. ومؤنس الخادم أحد كبار الأمراء والقواد في الدولة العباسية، ويلقب بالمظفر المعتضدي، ووصفه الذهبي في السيرة 15/ 56: بأنه أحد الخدام الذين وصلوا إلى مرتبة الملوك. (¬3) أكثر المصادر التاريخية على هذا القول الثاني، وقال بالأول ابن دقماق/140/. (¬4) لكنهم وصفوه أيضا: بأنه كان مسرفا مبذرا للمال. انظر سير الذهبي 15/ 43 - 44.

[القاهر بالله]

وصودرت بعد موته (¬1). وفي أيامه دخل أبو حامد الجنّابيّ البصرة، فوضع فيها السيف (¬2). [القاهر بالله]: وبويع القاهر أبو منصور محمد بن المعتضد، فخلع يوم الأربعاء سادس جمادى الأولى سنة اثنتين وعشرين وثلثمائة (¬3). وكحل بمسمار، فكان أول من سمل من الخلفاء (¬4). ¬

(¬1) قال الأزدي/221/وماتت أمه شغب بعده بسبعة أشهر وثمانية أيام بعد مصادرات ونوازل. ولم يكن لامرأة من الخير ما كان لزبيدة ولها بعدها. وكانت مواظبة على صلاح شأن الحج، وإنفاذ خزانة الطب والأشربة إلى الحرمين وطريقهما، وإصلاح الحياض، وكان يرتفع لها من ضياعها ألف ألف دينار في كل سنة، تتصدق بأكثرها. قلت: وكان سبب فتنتها ومصادرتها هو الخليفة القاهر الآتي بعد ابنها، وكان أخا لأبيه، وكانت قد حضنته، وخلصته من ابنها حين أخذت البيعة له، فلما توفي ابنها طلبها القاهر وهي مريضة، فعذبها حتى تقرّ على أموالها وصادرها ولم يذكر شيئا من إحسانها إليه. وانظر في ذلك المنتظم 13/ 321 - 322، وابن كثير 11/ 187. (¬2) هكذا (أبو حامد) الجنابي. وأظنه سبق قلم منه، والله أعلم. وإنما الصحيح: (أبو طاهر) الهجري الجنابي، أمير القرامطة، حيث دخل البصرة سنة 311 هـ‍ ومكث فيها سبعة عشر يوما يقتل ويأسر، ويأخذ من أموالها، ثم عاد إلى بلده هجر. (انظر الكامل 7/ 15، والبداية 11/ 158). (¬3) كذا أيضا عند ابن حزم/377/، وتكملة الهمذاني/283/، والدول المنقطعة /230/. (¬4) قال الخطيب 1/ 339: وسملت عيناه في هذا اليوم-يعني الذي خلع فيه-حتى سالتا جميعا فعمي، وارتكب منه أمر عظيم لم يسمع بمثله في الإسلام. وانظر المنتظم 13/ 335، والدول المنقطعة/231/. قال الذهبي في السير 15/ 100: ثم خلع وأكحل بمسمار، لسوء سيرته وسفكه للدماء. وقال-

[الراضي بالله]

وأقيم بين يدي ابن أخيه الراضي، وسلم عليه بالخلافة (¬1). وتوفي بعدما سأل الناس في الجامع، في جمادى الأولى سنة سبع وثلاثين وثلثمائة (¬2). وكانت خلافته: سنة واحدة، وستة أشهر، وثمانية أيام (¬3). وفي أيامه كان استيلاء الديلم على أصبهان، وأميرهم أبو الحسن علي بن بويه الملقب عماد الدولة (¬4). [الراضي بالله]: وبويع الراضي أبو العباس محمد بن المقتدر، فضرب الدراهم ¬

= الهمذاني في تكملة الطبري/284/: امتنع أن يخلع نفسه، فسملوه. وبهذا قال ابن الأثير أيضا 7/ 98. (¬1) كذا عند ابن الجوزي في المنتظم 13/ 336. (¬2) سؤاله الناس في جامع المنصور وطلبه للصدقة: ذكر في المنتظم 13/ 335، وأخبار الدول المنقطعة/231/، وقال ابن الجوزي: وقصد بذلك التشنيع على المكتفي. وأما تاريخ وفاته: فقد أجمعت المصادر التاريخية على أنها كانت في سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة، وقال ابن حزم: ثمان وثلاثين، فلعلها صحفت عند المصنف، والله أعلم. (¬3) كذا في التلقيح/92/، ونهاية الأرب 23/ 120، وأنقصوا في تاريخ بغداد 1/ 340 يوما واحدا. وفي العقد والمروج: يومين. (¬4) انظر في ملوك بني بويه، وابتداء دولتهم، وسيطرة عماد الدولة هذا على أصبهان: الكامل 7/ 87 - 90، وعماد الدولة هو أول سلاطين بني بويه الذين استولوا على البلاد، وملكوا العراقين والأهواز وفارس، وساسوا أمور الرعية أحسن سياسة، ولعماد الدولة قصص عجيبة انظرها عند ابن خلكان 4/ 399 - 400، والذهبي في السير 15/ 402 - 403.

الراضوية، وكان بليغا شاعرا، وهو القائل: لا تعذلي كرمي على الإسراف … ربح المحامد متجر الأشراف أجري كآبائي الخلائف سابقا … وأشيد ما قد أسّست أسلافي إني من القوم الذين أكفّهم … معتادة الإخلاف والإتلاف (¬1) وهو آخر خليفة خطب على المنبر يوم الجمعة (¬2). وولّى مصر محمد بن طغج، ولقّبه الإخشيد (¬3). وكان أمره متعتعا لا يقدر لضعفه أن يغيره، فتقسمت البلاد، وظهر الفساد، واسترجع الروم عامة الثغور، ووزر كل فجور (¬4). وقطع يد ابن مقلة الكاتب (¬5). ¬

(¬1) هكذا ساقها في المنتظم 13/ 337، وأخبار الدول المنقطعة/235/، والوافي 2/ 298. (¬2) تاريخ بغداد 2/ 142، وذكر له عدة فضائل أخرى. وأخرجها عنه في المنتظم 13/ 337. وانظر تمام الخبر في الدول المنقطعة/235/. (¬3) أضاف في أخبار الدول المنقطعة/235/: ولقبه بهذا اللقب لأنه فرغاني، وكل ملك بفرغانة يسمى الإخشيد، ومعناه ملك الملوك ككسرى في الفرس. وانظر وفيات الأعيان 5/ 58. قالوا: كان ملكا حازما، كثير التيقظ في حروبه ومصالح دولته، حسن التدبير، مكرما للجنود. . وأسس دولة دامت أكثر من أربع وثلاثين سنة، وهو أستاذ كافور الإخشيدي. وانظر ترجمة له عند ابن عساكر 22/ 48 - 249 (م). (¬4) كذا أيضا في أخبار الدول المنقطعة/236/. وانظر ابن حزم/378/، والجوهر الثمين/143/. (¬5) والوزير، كما قطع لسانه أيضا، انظر المنتظم 13/ 396. وقد ذموه وتكلموا في فساده وسوء تصرفه. وكان وزر لثلاثة خلفاء آخرهم الراضي. وفي ثمار القلوب/210/: (خط ابن مقلة). يضرب مثلا في الحسن، لأنه أحسن-

[المتقي لله]

وتوفي ببغداد ليلة السبت لأربع عشرة ليلة بقيت من ربيع الأول، سنة تسع وعشرين وثلاثمائة (¬1)، فكانت خلافته ست سنين، وعشرة أشهر، وعشرة أيام (¬2). [المتقي لله]: وبويع أخوه المتقي (¬3) أبو إسحاق إبراهيم، وكان عابدا صوّاما، كثير الصدقة والتلاوة، متواضعا، أبيّ النفس، وفيّ العهد، حسن الخلق والخلق (¬4). إلا أن الله تعالى لم يوفق له أصحابا، فاختلفت آراء وزرائه، فغدر به توزون التركي فخلعه، وكحله يوم السبت لعشر ليال بقين من صفر، سنة ثلاث وثلاثين وثلثمائة (¬5). ¬

= خطوط الدنيا. . وانظر الكلام على حسن خطه: صبح الإنشا 3/ 18 - 19 حيث ذكره وذكر أخاه الحسن. وفي سير الذهبي 15/ 229: واختلف: هل هو صاحب الخط المنسوب، أو أخوه الحسن؟ وكانا بديعي الكتابة، والظاهر أن الحسن هو صاحب الخط. (¬1) كذا في العقد الفريد 5/ 386، والمنتظم 14/ 17 (انظر الهامش)، والتلقيح /92/، وأخبار الدول المنقطعة/233/، والكامل 7/ 151. قالوا: مات مريضا بالاستسقاء (مرض يصيب البطن). (¬2) كذا أيضا في المصادر السابقة (المنتظم وأخبار الدول المنقطعة والكامل). (¬3) حرفت في (3) والمطبوع إلى: (المقتفي). (¬4) وصفوه كذلك وأكثر، انظر تاريخ بغداد 6/ 51، والمنتظم 14/ 3، وأخبار الدول المنقطعة/242/. (¬5) كذا في تاريخ بغداد 6/ 51، والمنتظم 14/ 39، والدول المنقطعة/243/، والكامل 7/ 186 - 187. وتوزون التركي هو أحد القواد المتسلطين، كان رئيس الجيش، وأمير الأمراء، -

[المستكفي بالله]

وكانت خلافته ثلاث سنين، وأحد عشر شهرا (¬1). وتوفي بعد خمس وعشرين سنة من خلعه (¬2). ودفن في داره، فأخرجه منها عز الدولة، ودفنه في تربة أخرى، فامتحن حيا وميتا (¬3). وفي أيامه ملك بنو حمدان الجزيرة والشام (¬4). [المستكفي بالله]: وبويع المستكفي أبو القاسم عبد الله بن المكتفي (¬5)، فاستولت الديلم على البلاد، وظهرت بين جنده الشحناء والأحقاد (¬6). ¬

= وتقلد الشرطة ببغداد. (المنتظم 14/ 39). حدثت بينه وبين الخليفة وحشة فافترقا، ثم اتفقا على الصلح، ولكن توزون غدر بالخليفة بعد الصلح والأمان، فلم يحل الحول على توزون. (¬1) كذا أيضا في المصادر السابقة. (¬2) كذا في الوافي بالوفيات 5/ 341، لكن الذي في تاريخ بغداد والدول المنقطعة: عاش بعد أن خلع من الخلافة أربعا وعشرين سنة. وتوفي سنة 357 هـ‍. (¬3) كانوا قد دفنوه في داره، ثم ابتاعها عز الدولة باختيار من ورثته، فنقلوه إلى تربة بإزائها. انظر أخبار الدول المنقطعة/243 - 244/، ونهاية الأرب 23/ 177 - 178. (¬4) انظر الكامل 7/ 162 بداية تلقيب ابن حمدان ناصر الدولة وجعله أمير الأمراء، وتلقيب أخيه عليّ بسيف الدولة. (¬5) في (1) والعقد، وجوامع السيرة: المستكفي. وفي (3): المقتفي. وما أثبته من (2) والمسعودي، وتاريخ بغداد 10/ 10، والدول المنقطعة، وهو الصحيح، لأنه ابن الخليفة (علي المكتفي) المتقدم. (¬6) في الجوهر الثمين/147/: واستولت الديلم على البلاد، ووقع بين الوزراء السوء وبين الأمراء. قلت: في عهده دخل الديلم-وهم من البويهيين-بغداد، -

فقبض عليه، وسملت عيناه يوم الخميس، لثمان بقين من جمادى الآخرة، سنة أربع وثلاثين وثلثمائة، على يد معز الدولة بن بويه (¬1). وكان خلافته سنة واحدة وأربعة أشهر ويومين (¬2). وتوفي بعد مدة من خلعه في محبسه، لأربع عشرة بقين من ربيع الأول، سنة ثمان وثلاثين وثلثمائة (¬3). مات في أيامه محمد بن طغج (¬4). ودخلت الديلم بغداد، وقامت الحرب بينهم وبين بني حمدان (¬5). ¬

= وكبيرهم أحمد بن بويه، فاضطر الخليفة أن يعترف به، ويسلمه إمرة الأمراء، ويلقبه: معز الدولة، ويلقب أخاه عليا: عماد الدولة، وأخاه الحسن: ركن الدولة. انظر المنتظم 14/ 42 - 43. (¬1) كذا في ملحقات جوامع السيرة/378/، ومروج الذهب 4/ 419 - 420، وفيه: أنهم اتهموه بممالأة بني حمدان ضد الديالمة من بني بويه، وذكر ابن الأثير في الكامل 7/ 206 - 207 غير هذا. وانظر تاريخ سمله وخلعه: الخطيب 10/ 11، والمنتظم 14/ 45. (¬2) كذا في المنتظم 14/ 45، وأنقصها المسعودي 4/ 401 أياما، وزادها الأزدي /245/يوما واحدا، واكتفى بالسنين والأشهر في تاريخ بغداد، والله أعلم. (¬3) كذا في (ربيع الأول) أيضا في الكامل 7/ 207، والجوهر الثمين/148/، وفي تاريخ بغداد 10/ 11، وأخبار الدول المنقطعة/245/ذكرا نفس هذا التاريخ لكن قالا: في ربيع الآخر. وقال ابن حزم/379/: مات سنة 339 هـ‍. والله أعلم. (¬4) الإخشيد، صاحب مصر، وقد تقدم ذكره، لكن اتفقوا على أن موته كان بدمشق في ذي الحجة من سنة 334، وهي نفس السنة التي خلع فيها المستكفي، لكن بعد خلعه بعدة شهور، والله أعلم. انظر تاريخ بغداد 22/ 249، والمنتظم 14/ 50، والكامل 7/ 211. (¬5) انظر في هذا مروج الذهب 4/ 19 - 20، وابن حزم/378/، والمنتظم-

[المطيع لله]

[المطيع لله]: وبويع المطيع أبو القاسم الفضل بن المقتدر، فمكث تسعا وعشرين سنة وأربعة أشهر وأياما (¬1). لم يكن له من الخلافة سوى الاسم، والمدبر للأمور معز الدولة (¬2). وحمله معه إلى البصرة، ولم يدخلها محارب إلا عليّ والمطيع (¬3). وكان سخيا حليما (¬4). وفي أيامه تغلب كافور على مصر والشام (¬5). ¬

= 14/ 42، وانظر تفاصيل أكثر في الكامل 7/ 205 - 206 و 208 - 210. (¬1) كذا في تاريخ بغداد 12/ 379. (¬2) في (1): و (مدبر الدولة) معز الدولة. وفي (3): و (مدبر الأمر) معز الدولة. وما أثبته من (2) والمطبوع، وهو الموافق لما في أخبار الدول المنقطعة /246/. وقال المسعودي 4/ 421 وقد انتهى تاريخه في خلافة المطيع: وغلب على الأمر ابن بويه الديلمي، والمطيع في يده لا أمر له ولا نهي، ولا خلافة تعرف، ولا وزارة تذكر. وانظر ابن حزم/379/، وابن كثير 11/ 226. (¬3) كذا في أخبار الدولة المنقطعة/246/، وقال: ثم حمله معه إلى الأهواز ثم إلى الموصل. وانظر التفصيل في تكملة الطبري/336/، والكامل 7/ 221، حيث ذكرا أن البصرة كانت بيد البريدي وأن المعز خلصها منه. وكانت العبارة الأولى في المطبوع مصحفة هكذا: (وجملة موالي البصرة). (¬4) ذكروا أنه وصل العلويين والعباسيين بيوم واحد نيفا وثلاثين ألف دينار على قلة ذات يده، وكان يجري على ثلاثة خلفاء خلعوا وسملوا، وهم القاهر، والمستكفي، والمتقي. كما بعث بهداياه إلى الحرمين الشريفين. انظر المنتظم 14/ 46، وأخبار الدول المنقطعة/246 - 247/. (¬5) كذا أيضا قال في أخبار الدول المنقطعة/248/، وحدد مدة استيلائه عليهما باثنتين وعشرين سنة. وانظر سير الذهبي 15/ 114 - 115. وكافور هو أبو-

[الطائع لله]

وأعيد الحجر الأسود إلى موضعه في ذي الحجة سنة تسع وثلاثين، بعد مكثه عند القرامطة اثنتين وعشرين سنة إلا شهرا (¬1). ثم فلج، فخلع نفسه طائعا لابنه الطائع، وتوفي يوم الإثنين لثمان بقين من المحرم، سنة أربع وستين وثلثمائة (¬2). [الطائع لله]: وبويع ابنه الطائع أبو بكر عبد الكريم، في ذي القعدة سنة ثلاث وستين، فأقام سبع عشرة سنة، وتسعة أشهر، وستة أيام (¬3). وخلع سنة إحدى وثمانين وثلثمائة، وأقام معتقلا فقيرا ذليلا، إلى ¬

= المسك، الحبشي الأسود، كان عبدا اشتراه الإخشيد، ثم تقدم عنده حتى صار من أكابر قواده لعقله ورأيه وشجاعته، ثم بعد وفاة الإخشيد صار وصيا على ابنه (أنوجور) محمود الذي أقامه الراضي خلفا لأبيه، وكان صبيا، فقام كافور بتسيير الدولة أحسن قيام إلى أن توفي أنوجور، وتولى بعده أخوه علي إلى أن مات أيضا سنة 355 هـ‍ فتسلطن حينئذ كافور واستقل بالمملكة، وملك بلاد الشام مع مصر، وكان يدعى له على منابر مكة والمدينة، وللمتنبي قصائد كثيرة في مدحه وهجائه. وانظر ابن خلكان 4/ 105، وسير الذهبي 16/ 191 - 192، وترجمته المطولة في النجوم الزاهرة 4/ 1 - 10. (¬1) كذا في أخبار الدول المنقطعة/248/، وتكملة الطبري/371/. وكان (بجكم) الأمير التركي قد بذل لهم إن ردوه خمسين ألف دينار، فلم يجيبوه. (¬2) كذا في تاريخ بغداد 12/ 380، والدول المنقطعة/249/، وفيهما: وعمره: ثلاث وستون سنة. قلت: وفي أيامه انتهى تاريخ المسعودي، وتاريخ ابن حبان. رحمهما الله تعالى. (¬3) كذا في الدول المنقطعة/251/، وأنقصها في تاريخ بغداد يوما واحدا. وانظر المنتظم 15/ 40.

[القادر بالله]

أن توفي ليلة عيد الفطر، سنة ثلاث وتسعين وثلثمائة (¬1). وكان كريما أيدا ذا هيبة (¬2). وفي أيامه خرج المصريون، ولم ينفذ العساكر إليهم لشغله بالديلم، فملكوا البلاد والشام إلى زمن المستنصر المصري، فاسترجعت البلاد في أيامه (¬3). [القادر بالله]: وبويع القادر أبو العباس أحمد بن المقتدر، وكان عابدا زاهدا يصحب العلماء، ولا يدخر شيئا، مكرما للحديث وأهله، ملأ الدنيا بالعدل والأمان (¬4). ¬

(¬1) هذه الفقرة بكاملها كهي في الدول المنقطعة/252/مع بعض الاختصار. وقالوا في سبب خلعه: إنه كان قد حبس رجلا من خواص الأمير بهاء الدولة ابن عضد الدولة، فغضب وحبس الخليفة، وسلم الأمر بعده إلى القادر. (وانظر سير الذهبي وتاريخ الخلفاء). وقال ابن الأثير في الكامل 7/ 449: إن سبب ذلك هو قلة أموال الأمير بهاء الدولة، وكثرة شغب جنوده، فطمع في أموال الطائع. وأما قوله: وأقام معتقلا فقيرا ذليلا. ومثلها في الدول المنقطعة: فأما الاعتقال فصحيح، وأما الفقر والذلة: ففي سير أعلام النبلاء 15/ 126: وبقي مكرما إلى أن توفي، وما اتفق هذا الإكرام لخليفة مخلوع مثله. وانظر الكامل 7/ 458 - 459. (¬2) في (1): أسدا داهية. ومعنى (أيد) -كما في القاموس-: اشتد وقوي. أقول: وهذا يناسب ما وصفوه به بأنه كان قويا في بدنه، زعر الأخلاق. (السير 15/ 119). وانظر قصته مع الوعل: المنتظم 14/ 225. وقال في الكامل 7/ 450: وكان شديد القوة، كثير الإقدام. (¬3) كذا العبارة في الدول المنقطعة أيضا/252/، وانظر الجوهر الثمين/150/، حيث ذكر أن ذلك كان بسبب تملك المعز العبيدي لمصر والشام. (¬4) انظر هذا الوصف وأزيد في تاريخ بغداد 4/ 37 - 38، والمنتظم 14/ 354 - -

وعظم أمر الديالمة، وتفاقم، وكبر قدرها وتعاظم، وذلك باستناد الباطنية إليهم، والزنادقة وغيرهم، حتى خرج إليهم يمين الدولة محمود بن سبكتكين، فأمكنه الله تعالى من رقابهم، واستولى على مدنهم وشعابهم، وصلب من الباطنية والمعتزلة والزنادقة كثيرا، وحرّقت كتبهم (¬1). وفي أيامه فتحت السند (¬2). وتوفي في حادي عشر ذي القعدة، سنة اثنتين-وقيل: ثلاث- وعشرين وأربعمائة (¬3). ¬

= 356، والدول المنقطعة/256/، وسير أعلام النبلاء 15/ 127، والجوهر الثمين/252/. (¬1) انظر تفصيل ذلك في المنتظم 15/ 194 - 196، حوادث سنة 420 هـ‍. ومحمود بن سبكتكين هو ملك غزنة وما حولها، وفاتح الهند قهرا، ومكسر أصنامهم، كان مجاهدا عادلا، وعده السبكي أحد أربعة بعد عمر بن عبد العزيز رحمه الله، وهم هذا، وصلاح الدين الأيوبي، ونور الدين زنكي، والوزير نظام الملك. وانظر ترجمته في ابن خلكان 5/ 175، وطبقات الشافعية 5/ 314، وسير الذهبي 17/ 483. (¬2) هكذا: (السند) في المخطوط والمطبوع، وإنما المراد-والله أعلم-الهند، لأن السند فتحت قديما في العهد الأموي على يد محمد بن القاسم رحمه الله (انظر فتوح البلدان). ثم إني وجدت في أخبار الدول المنقطعة/256/، والجوهر الثمين/153/العبارة هكذا: «وفي أيامه فتحت السند والهند». وكان فتح الهند على يد السلطان يمين الدولة محمود بن سبكتكين كما تقدم. (¬3) في الفقرة إشكالان: الأول: في الشهر. ففي تاريخ بغداد 4/ 38، والمنتظم 15/ 220، والدول المنقطعة/256/، والكامل 8/ 197، وسير أعلام النبلاء 15/ 137، وحتى الجوهر الثمين/154/أن وفاته كانت في ذي الحجة. والإشكال الثاني في السنة ففي نفس المصادر السابقة أنها في سنة اثنتين-

[القائم بأمر الله]

وكانت مدة خلافته إحدى وأربعين سنة، وقيل: ثلاث وأربعين سنة، وثلاثة أشهر، وأحد عشر يوما (¬1). [القائم بأمر الله]: وبويع ابنه القائم أبو جعفر عبد الله (¬2)، فأمر بالمعروف، ونهى عن المنكر، وأحسن إلى الرعية، وجلس للناس بنفسه، وجعل العلماء يرفعون إليه قصص الناس (¬3). وفي أيامه قطعت خطبة المصريين بحران، وأقيمت له (¬4). ¬

= وعشرين بعد الأربعمائة إلا الجوهر الثمين فقد وافق المصنف، وإلا ابن الجوزي في التلقيح/93/فذكر القولين أيضا مع تقديم الثاني. واقتصر ابن حزم/380/على هذا الثاني فقط. ثم إني وجدت ابن الجوزي في المنتظم يقول: إنهم نقلوه من الدار التي دفن فيها في ذي القعدة سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة. أقول: ومن هنا جاء هذا الاختلاف، والله أعلم. (¬1) وهذا بناء على الاختلاف السابق، كما ذكروا أنه عاش ستا وثمانين أو ثلاثا وتسعين سنة. لذلك قالوا: لم يبلغ مدة هذه الولاية ولا طول العمر أحد من الخلفاء قبله. (¬2) كان أبوه القادر هو الذي خلّفه، ولقّبه، وخطب له في حياته. انظر تاريخ بغداد 9/ 399، والمنتظم 15/ 217. (¬3) كذا في الجوهر الثمين/155/، وانظر مثل هذا الوصف وأزيد في الدول المنقطعة/262/و 274 - 275، والكامل 8/ 406. وقال الأزدي أيضا: وزال في أيامه ملك العجم الذين يحجرون على الخلفاء، واستقل هو بالأمر، ودعي له بأفريقية. وأضاف ابن الأثير: كان له عناية بالأدب، ومعرفة حسنة بالكتابة. (¬4) العبارة نفسها في الدول المنقطعة/266/. وكان يخطب بحران والرقة للمستنصر العلوي صاحب مصر، فقطعها صاحب حران والرقة وخطب للقائم، -

وأسلم من كفار الترك ثلاثون ألف خركاه (¬1). ودخل أبو طالب محمد بن طغرلبك بن ميكائيل بن سلجوق، وهو أول من دخل من السلجوقية بغداد (¬2). وخطب للمستنصر ببغداد بجامع المنصور أربعين جمعة، وزيد في الأذان حي على خير العمل (¬3). ونهب البساسيري دار الخليفة، وأخذ عصاه التي كان يتوكأ عليها، ¬

= لكن ما لبثت أن عادت للعلويين آخر هذه السنة 430 هـ‍ بسبب تهديدهم لصاحب حران. انظر الكامل 8/ 231، والبداية 12/ 48. (¬1) كذا في الدول المنقطعة/266/، والجوهر الثمين/155/، وقال ابن الأثير 8/ 265، وتبعه ابن كثير 12/ 55: عشرة آلاف خركاه. وفي تاريخ ابن الوردي 1/ 485: خمسة آلاف خركاه. كلهم ذكروا ذلك في حوادث سنة 435 هـ‍. والخركاه: كلمة فارسية معربة تعني: الخيمة الكبيرة أو البيت. (¬2) هكذا جاء هذا الاسم، وإنما هو: محمد بن ميكائيل بن سلجوق. كنيته أبو طالب، ولقبه طغرلبك، وهو أول ملوك السلاجقة، وهو الذي أسس لهم الدولة، وأصلهم أتراك جاؤوا من وراء النهر، ودخل بغداد بأمر من الخليفة مستنصرا به على وزيره البساسيري الذي عظم خطره وقبح فعله كما سيأتي. فأنقذ الخليفة القائم، ورده إلى بغداد، وقتل البساسيري، وتزوج ابنة الخليفة. وانظر ترجمة موسعة له: المنتظم 16/ 84 - 85، ووفيات الأعيان 5/ 63 - 68. (¬3) المستنصر هو صاحب مصر العبيدي والذي خطب له وزاد في الأذان هو البساسيري عندما استولى على بغداد وطرد الخليفة. انظر تاريخ بغداد 9/ 401 - 402، لكن يظهر أن هذه الزيادة كانت من قبل عند الشيعة، ففي المنتظم 16/ 32: أن أهل الكرخ-منطقة الشيعة ببغداد-عاودوا الأذان ب‍ «حيّ على خير العمل» وظهر فيهم السرور الكثير، وعملوا راية بيضاء نصبوها وسط الكرخ وكتب عليها اسم المستنصر العبيدي.

وعمامته، ورداءه، وأرسلها إلى مصر، فبقين هناك إلى أن ملك الناصر صلاح الدين، فأوصلها للمستضيء (¬1). وكتب الخليفة كتابا على نفسه أنه لا حق له في الخلافة مع وجود بني فاطمة، وحمل إلى الأنبار، فجلس بالحديثة إلى أن استنقذه طغرلبك، وأرسل جيشا إلى البساسيري فقتلوه وصلبوه (¬2). وزوّج الخليفة ابنته من أبي طالب السلجوقي (¬3). وتوفي ليلة الخميس ثالث وعشرين من شعبان سنة سبع وستين وأربعمائة (¬4). وكانت مدة خلافته أربعا وأربعين سنة، وثمانية أشهر (¬5). ¬

(¬1) انظر هذه الفقرة بالتفصيل: أخبار الدول المنقطعة 270 - 271. (¬2) انظر في حمل الخليفة إلى حديثة عانة في الأنبار، واستنقاذ طغرلبك له، وقتل البساسيري وصلبه: المنتظم والكامل حوادث سنتي 450 و 451 هـ‍. وأما كتاب الخليفة بخلع نفسه فلم أجده إلا عند الأزدي/270 - 271/حيث ذكر أن السلطان صلاح الدين الأيوبي أعاده للخليفة مع جملة ما أخذ ونهب من دار الخليفة. في فتنة البساسيري. (¬3) المنتظم 16/ 75، وانظر التفصيل في الكامل 8/ 357 - 358 وقال ابن الأثير: وهذا ما لم يجر للخلفاء مثله، فإن بني بويه مع تحكمهم ومخالفتهم لعقائد الخلفاء، لم يطمعوا في مثل هذا ولا ساموهم فعله. قلت: وقد ذكر ابن الأثير قبل هذا الكلام أيضا أن الخليفة القائم انزعج من هذا وطلب أن يستعفى فلم يعف. وانظر سير الذهبي 18/ 110 - 111. (¬4) كذا في المنتظم 16/ 168، والكامل 8/ 406، والدول المنقطعة/262/، والجوهر الثمين/159/، إلا أن فيها جميعا: ليلة الخميس (ثالث عشر) شعبان. فالله أعلم إن كان هناك تصحيف من الناسخ أو سهو من المؤلف. (¬5) زادها في المنتظم خمسا وعشرين يوما، وفي الكامل: وأياما. بينما أنقصها-

[المقتدي بأمر الله]

وفي أيامه غرقت بغداد (¬1). واستوطن أمير المسلمين يوسف بن تاشفين مراكش، لأنه عمّرها سنة خمس وستين وأربعمائة (¬2). [المقتدي بأمر الله]: وبويع ابن ابنه المقتدي أبو القاسم عبد الله بن ذخيرة الدين محمد (¬3). فلم يكن له من الأمر إلا الاسم، لا يتعدى حكمه بابه، ولا يتجاوز جنابه، مع صرامته وشهامته، ولكن لم يكن له أعوان على ذلك (¬4). ¬

= الأزدي شهرا تقريبا، ووافق ابن دقماق المؤلف، والله أعلم. وفي أيامه توفي الخطيب البغدادي وابن حزم، فانتهى تاريخ كل منهما عنده. (¬1) سنة 466 هـ‍ حيث فاض دجلة، وجاء سيل عظيم، ونزل مطر شديد، حتى خرج الماء على الخليفة من تحت السرير، وهلك بسببه كثير من الناس والأموال والدور. وانظر وصفا مستفيضا له: المنتظم 16/ 154 - 157، والكامل 8/ 403 - 404. (¬2) كذا في سير أعلام النبلاء 19/ 252، وانظر تاريخ ابن الوردي 1/ 496. ويوسف بن تاشفين ملك المرابطين، وبطل معركة الزلاقة في الأندلس. (¬3) كان في المطبوع: وبويع (ابنه) المقتدي. . . خطأ، وإنما هو ابن ابنه ذخيرة الدين الذي توفي في حياته. قال ابن الجوزي في المنتظم 16/ 164: فحفظ الله به البيت القادري-يعني العباسي-لأن من سواهم من الأسرة مخالط للعوام في البلد، وجاري مجاري السوقة. . (¬4) كذا في أخبار الدول المنقطعة/277/، وانظر الجوهر الثمين/159/. ومع ذلك فقد وصفه ابن الجوزي في المنتظم 16/ 165 - 166 فقال: وكان المقتدي من رجال بني العباس، له همة عالية، وشجاعة وهيبة، وفي زمانه قامت حشمة الدولة. . وخطب للمقتدي في اليمن والشامات وبيت المقدس-

[المستظهر بالله]

وتوفي مسموما في النصف من المحرم سنة سبع وثمانين وأربعمائة (¬1). وكانت خلافته تسع عشرة سنة، وثمانية أشهر إلا يومين (¬2). [المستظهر بالله]: وبويع ابنه المستظهر بالله أبو العباس أحمد، كان هينا لينا، حسن المعاشرة (¬3). مكث خمسا وعشرين سنة (¬4). ¬

= والحرمين، واسترجع المسلمون الرها وأنطاكية. . وانظر الكامل 8/ 493 - 494، وسير أعلام النبلاء 18/ 318، والبداية 12/ 118، وقد نقل الذهبي عن ابن النجار: أنه لم يزل في دولة قاهرة، وصولة باهرة. . أقول: وأظن أن وصف المؤلف ومن تبعه جاء من كون المسيطر في ذلك الوقت على الخلافة العباسية هو السلطان ملكشاه السلجوقي، قال الذهبي 19/ 57: ولم يكن للمقتدي معه غير الاسم. (¬1) كذا في أخبار الدول المنقطعة/277 - 278/بالنسبة للتاريخ والسبب، وانظر مرآة الزمان 1/ 229، والعبر 2/ 355، والجوهر الثمين/160/، وتاريخ الخلفاء/483/. لكن الذي في المنتظم 17/ 10، والكامل 8/ 493، والسير 18/ 323، والبداية 12/ 156: لم يذكروا إلا الوفاة فجأة. وقالوا عن عمر يقارب التسعة والثلاثين عاما. (¬2) كذا في المنتظم 17/ 14، والكامل 8/ 493. وفي أخبار الدول المنقطعة /277/، ومرآة الزمان 1/ 229: تسع عشرة سنة وخمسة أشهر ويومين. فالله أعلم. (¬3) أضاف في المنتظم 17/ 12: مؤثرا للإحسان، حافظا للقرآن، محبا للعلم، منكرا للظلم، فصيح اللسان، له شعر مستحسن. (¬4) الذي في المنتظم 17/ 165، والكامل 9/ 173: كانت خلافته أربعا وعشرين-

وتوفي ليلة الأحد سابع وعشرين ربيع الآخر، سنة اثنتي عشرة وخمسمائة (¬1). وفي أيامه فتح قوام الدولة الرحبة (¬2). وتوفي ملك شاه بخراسان، وجلس ابنه سنجر مكانه (¬3). وملك الفرنج أنطاكية، وسميساط، والرها، وبيت المقدس (¬4). ¬

= سنة وثلاثة أشهر وأحد عشر يوما. وفي الدول المنقطعة/282/: كانت: ستا وعشرين سنة. (¬1) كذا في مرآة الزمان 2/ 661، لكن ذكرها ثاني الأقوال، وفي بقية المصادر خلاف في الأيام. (¬2) قوام الدولة هو أبو سعيد كربوقا استولى على الموصل ثم سار نحو الرحبة فملكها ونهبها واستناب بها وعاد. انظر الكامل 9/ 4 - 5. (¬3) وفاة السلطان ملكشاه بن السلطان ألب أرسلان السلجوقي التركي كانت ببغداد زمن المقتدي سنة 485 هـ‍، ونقل جثمانه إلى أصبهان، وتنازع الملك أولاده بعده، وكان آخرهم موتا ابنه سنجر صاحب خراسان، عاش بعد أبيه زمنا طويلا، وكان من أعظم الملوك همة، وتلقب بالسلطان الأعظم معز الدين، وكانت ولادته في سنجار، فلذلك سمي بها. انظر المنتظم 16/ 299 - 300، والكامل 8/ 481 - 482 و 9/ 8 - 7، ووفيات الأعيان 2/ 427 - 428. (¬4) أما أنطاكية فملكوها سنة 491 هـ‍، وسميساط-وهي من مدن الجزيرة على شاطىء الفرات طرف بلاد الروم-لم أجد من ذكرها ضمن أيام المستظهر، وذكروا مكانها: (سروج) وهي قريبة منها، سار إليها الفرنج بعد استيلائهم على الرّها فحصروها وتسلموها وقتلوا كثيرا من أهلها وسبوا حريمهم ونهبوا أموالهم. وأما الرها، فملكوها بمكاتبة من أهلها لأن أكثرهم أرمن، وكلا المدينتين سقطتا بأيدي الفرنج سنة 494 هـ‍. وأما بيت المقدس فكانوا قد ملكوه بعد أنطاكية سنة 492 هـ‍، قالوا: وقتل الفرنج الصليبيون بالمسجد الأقصى ما يزيد على سبعين ألفا من المسلمين. انظر الكامل وابن الوردي-

[المسترشد بالله]

وهزم الأفضل أمير الجيوش بعسقلان (¬1). وخطب لبركياروق، بالجزيرة (¬2). ومات محمد بن ملك شاه (¬3). وخسف بسميساط ومرعش (¬4). [المسترشد بالله]: وبويع ابنه المسترشد أبو منصور الفضل، كان جوادا شجاعا شاعرا منصورا (¬5). ولما قطع مسعود (¬6) بهمذان ذكره على المنابر، سار إليه، فانكسر ¬

= والبداية والنهاية حوادث السنين المتقدمة. (¬1) كان المصريون قد سمعوا ما حل ببيت المقدس، فبعثوا الجيوش بقيادة الأفضل هذا، فباغتهم الفرنج قرب عسقلان فهزموهم شر هزيمة، وحصروا عسقلان فصالحهم أهلها على قطيعة. (¬2) وما جاورها، وبالحرمين الشريفين، وبركياروق هو ابن ملك شاه السلجوقي، أخو سنجر المتقدم، ومحمد الآتي. (¬3) آخر خلافة المستظهر سنة 511 هـ‍، عن ثمان وثلاثين سنة. انظر المنتظم 17/ 159، والكامل 9/ 167. (¬4) ذكروا ذلك من جملة حوادث سنة 508 هـ‍، وقالوا: حدثت زلزلة هائلة وخسف بأرض الجزيرة والشام، أصاب الرها وحران وسميساط وبالس، وأنه هلك خلق كثير. انظر المنتظم والكامل والبداية حوادث هذه السنة. (¬5) كما قالوا: كان فصيحا بليغا حسن الخط. الكامل 9/ 283. وقال في البداية 12/ 224: كثير العبادة، محببا، وهو آخر خليفة رئي خطيبا. (¬6) هو السلطان مسعود بن السلطان محمد بن السلطان ملكشاه السلجوقي. وفي الدول المنقطعة: أن الخليفة هو الذي قطع ذكر مسعود. ولا تعارض لأن كلا-

عسكره بغير قتال (¬1). وأسره مسعود، وسار إلى أذربيجان، فلما قربوا من مراغة (¬2) في سادس عشر ذي القعدة، سنة تسع وعشرين وخمسمائة، هجم عليه جماعة من الباطنية، أرسلهم إليه السلطان سنجر الملقب ذا القرنين، فقتلوه (¬3). وكانت مدة خلافته سبع عشرة سنة، وستة أشهر وأياما (¬4). وفي أيامه دخل الشهيد أتابك الموصل، وفتح سنجار (¬5). ¬

= منهما فعل ذلك. (¬1) قال في المنتظم 17/ 295: ولم يقتل بين الصفين سوى خمسة أنفس غلطا. (¬2) قال ياقوت: من أعظم وأشهر مدن أذربيجان. (¬3) كذا في الدول المنقطعة/288 - 290/مع تفصيل أكثر، لكن ذكر ابن الجوزي أن السلطان سنجر بعث إلى أخيه يستحثه في إعادة الخليفة إلى بغداد وأنه لا علم له بهؤلاء الباطنية، لكن قال: والظاهر أنهم دبّروا في قتله. (المنتظم 7/ 298 - 299). وذكر ابن الأثير 9/ 283: أن الباطنية هجموا عليه وقتلوه دون أن يذكر شيئا عن سنجر أو مسعود. وقال الذهبي في السير 19/ 567: إن السلطان مسعود هو الذي عمل على قتله. وانظر ابن كثير 12/ 223. والله أعلم. (¬4) كذا في تلقيح الفهوم/95/، واختلف قوله في المنتظم 17/ 304، ففيه: (وثمانية) أشهر وأياما، فالله أعلم إذا كان هناك تصحيف في أحدهما. وحدد الأيام في الكامل 9/ 283 فقال: (وعشرين يوما). وجبرها في التاريخ الباهر /50/فقال: وسبعة أشهر. وجعلها صاحب الدول المنقطعة/286/أقل من سبع عشرة سنة بشهر. والله أعلم. (¬5) الشهيد أتابك هو عماد الدين زنكي، وأول ولايته للموصل وأعمالها سنة 521 بأمر من الخليفة المسترشد، فدخل الموصل، ثم جزيرة ابن عمر، ثم نصيبين، وبعدها توجه إلى سنجار فصالحه أهلها، ثم ملك الخابور وحران. (انظر الكامل 9/ 243 - 244، والتاريخ الباهر لابن الأثير أيضا/32/).

[الراشد بالله]

[الراشد بالله]: وبويع ابنه الراشد أبو جعفر منصور، في خامس وعشرين ذي القعدة، سنة تسع وعشرين وخمسمائة (¬1). وخلع في سابع وعشرين ذي القعدة، سنة ثلاثين (¬2). ولم يزل تتقلب به الأحوال، ولا ينال من الدنيا إلا العناء والترحال (¬3)، إلى أن كان في سابع وعشرين رمضان سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة، قتلته الباطنية على باب أصبهان (¬4). وقتلت معه خوارزم شاه (¬5). ¬

(¬1) الذي في المنتظم 17/ 300، والكامل 9/ 283: في السابع والعشرين من ذي القعدة؛ بينما ذكروا في التلقيح/95/، والدول المنقطعة/292/، والجوهر الثمين/164/: أن بيعته كانت في الثامن عشر من هذا الشهر، والله أعلم. (¬2) بعد سنة واحدة من خلافته، وقيل في سبب ذلك: اختلاف الخليفة مع السلطان مسعود حيث قطع الخطبة له، وخطب للسلطان داود، فما لبث السلطان مسعود أن جاء بغداد، فخرج الخليفة إلى الموصل حيث عماد الدين زنكي يتبع للسلطان داود. (¬3) بعد خروجه إلى الموصل، بعث السلطان مسعود إلى عماد الدين زنكي بتسليمه، فاعتذر عن ذلك وقال: بل أخرجه من بلادنا، فخرج الخليفة باتجاه أذربيجان، حيث نزل بتربة أبيه وبكى عنده، ثم ارتحل إلى الري. (¬4) كذا في الدول المنقطعة/296/، والباهر/55/حيث حدد التاريخ كما هنا، لكنه قال في الكامل 9/ 305: في الخامس والعشرين منه. قالوا: إن الباطنية كانوا في زي الخراسانيين، وأنهم كانوا يعملون في خدمته، كما ذكروا سببا آخر هو: أنه مات مسموما. انظر المنتظم 17/ 332 حيث حدد التاريخ نفسه، وذكر ثلاثة أقوال في سبب موته. (¬5) وكان معه أيضا الملك داود، لكنهما تركاه وعادا إلى بلادهما قبل توجهه إلى-

[المقتفي لأمر الله]

[المقتفي لأمر الله]: وبويع المقتفي أبو عبد الله محمد بن المستظهر، وتوفي ليلة السبت مستهل ربيع الأول (¬1) سنة خمس وخمسين وخمسمائة (¬2). كانت خلافته أربعا وعشرين سنة، وثلاثة أشهر، وواحدا وعشرين يوما (¬3). وفي أيامه مات السلطان مسعود بهمذان، وقبض على جماعة من أتباعه (¬4). وقتل الأتابك زنكي وهو نائم (¬5). ¬

= أصبهان كما ذكر ابن الأثير في الكامل 9/ 305، وقال البلاذري وتبعه ابن دقماق: إن خوارزم شاه كان معه حين قتل، وأنه لما سمع الصوت بقتل الخليفة ركب مع العسكر، فقتلوا الباطنية. (¬1) في (1) و (3) والمطبوع: ربيع (الآخر). وما أثبته من (2) وهو الموافق للمصادر التي سوف أذكرها. (¬2) انظر المنتظم 1/ 138، والتلقيح/97/، والكامل 9/ 438، وفي الأخيرين: ثاني ربيع الأول. وذكر ابن دقماق/168/قول المصنف أولا ثم عقب بما جاء في التلقيح والكامل. لكن الأزدي/298/جعلها في الثاني من (رجب)، وقال: ويقال: في صفر. (¬3) كذا في التلقيح/97/، وقال في المنتظم 18/ 144 - ومثله في الكامل 9/ 438 - : (وستة عشر) يوما. (¬4) كذا في الجوهر الثمين/168/وقال: وأخذ جميع ما بأيديهم. وكانت وفاة السلطان مسعود في سنة 547 هـ‍، انظر المنتظم 18/ 88 - 89، والكامل 9/ 373 وفيه: وماتت معه سعادة البيت السلجوقي. (¬5) قتله نفر من مماليكه غيلة وهو يحاصر قلعة جعبر، وذلك سنة 541 هـ‍. انظر المنتظم 18/ 51، والكامل 9/ 339، وللتوسع: التاريخ الباهر/74/وما بعد.

[المستنجد بالله]

وملك قطب الدين الموصل (¬1). ومطرت اليمن دما، ووقع على ثياب الناس والأرض شبه الدم (¬2). [المستنجد بالله]: وبويع ابنه المستنجد أبو المظفر يوسف، فمكث إحدى عشرة سنة وشهرا واحدا (¬3). وقتل يوم السبت ثامن شهر ربيع الآخر سنة ست وستين وخمسمائة (¬4). وفي أيامه توفي قطب الدين، وملك سيف الدين (¬5). وتوفي العاضد المصري، وانقرضت دولتهم (¬6). ¬

(¬1) هو ابن الأتابك زنكي، ملكها بعد وفاة أخيه سيف الدين غازي، وذلك سنة 544 هـ‍. انظر الكامل 9/ 359. (¬2) كذا أيضا في المنتظم 18/ 78، حوادث سنة 545 هـ‍. (¬3) كذا في المنتظم 18/ 195، والدول المنقطعة/306/. (¬4) اتفقوا على التاريخ، لكن الذي في المنتظم 18/ 190، والكامل 10/ 28: أنه مرض مرضا شديدا ثم توفي. إلا أنهم ذكروا في سبب الوفاة أن بعض الأمراء والمماليك وبمعاونة من الطبيب دبروا له شربة مسمومة، ثم وضعوه في حمام. وأغلقوا بابه حتى مات. فيكون مقتولا كما في نص المؤلف، وانظر الدول المنقطعة/305 - 306/، والكامل في الموضع السابق، والجوهر الثمين /169/. (¬5) قطب الدين هو ابن الشهيد زنكي، توفي بالموصل مريضا سنة 565 هـ‍، بعد أن حكم إحدى وعشرين سنة ونصفا، وملك بعده ابنه سيف الدين غازي. انظر الباهر/146/، والكامل 10/ 24. (¬6) هو آخر الملوك العبيديين بمصر، كان شديد التشيع، متغاليا في سب الصحابة، -

[المستضيء بأمر الله]

[المستضيء بأمر الله]: وبويع ابنه المستضيء أبو محمد الحسن، مكث في خلافته تسع سنين وستة أشهر وأربعة عشر يوما (¬1). وتوفي ليلة الأحد ثاني ذي القعدة سنة خمس وسبعين وخمسمائة (¬2). خطب له بمصر، وضربت له السكة، وكانت قد انقطعت من مائتين وثماني سنين (¬3). [الناصر لدين الله]: وبويع ابنه الناصر أبو العباس أحمد، فمكث في الخلافة ستا ¬

= رضوان الله تعالى عليهم، وإذا رأى سنيا استحل دمه. انظر وفيات الأعيان 3/ 109 - 112، وسير الذهبي 15/ 213. إلا أن موته كان في أول سنة 567 هـ‍، يعني في السنة التي تلي موت المستنجد، انظر أيضا الكامل 10/ 33، وتاريخ ابن الوردي 2/ 113، والجوهر الثمين/219/، وبموته زالت الدولة العبيدية، وملك صلاح الدين الأيوبي رحمه الله. (¬1) جبرها في الكامل 10/ 97، وتبعه ابن الوردي 2/ 128، فقالا: نحو تسع سنين وسبعة أشهر. وقال ابن الجوزي في التلقيح/98/، وتبعه الأزدي/309/، فقالا: عشر سنين تنقص أربعة أشهر. (¬2) اتفقوا على هذا التاريخ. (انظر المصادر السابقة في نفس الموضع). وقال ابن الأثير: وكان عادلا، حسن السيرة في الرعية، كثير البذل للأموال، وكان الناس معه في أمن عام وإحسان شامل، لم يروا مثله. . (¬3) يعني مدة حكم العبيديين لمصر، وانظر الخبر كاملا في المنتظم 18/ 196، وقال ابن الجوزي: وقد صنفت في هذا كتابا سميته: (النصر على مصر) وعرضته على الإمام المستضيء بأمر الله.

وأربعين سنة، وعشرة أشهر، وتسعة عشر يوما (¬1). وتوفي ليلة الأحد، سلخ رمضان، سنة اثنتين وعشرين وستمائة (¬2). وقتل: في أيامه عز الدولة بدقوقا، والسلطان طغريل (¬3). وتوفي صلاح الدين يوسف (¬4). ¬

(¬1) في الكامل 10/ 452: وثمانية وعشرين يوما، وجبرها الذهبي في السير 22/ 242، وابن الوردي في تاريخه 2/ 211، فقالا: (سبعا وأربعين سنة). (¬2) الكامل 10/ 622، وقال: وكان قبيح السيرة في رعيته ظالما، فخرب في أيامه العراق، وتفرق أهله في البلاد، وأخذ أموالهم وأملاكهم، وكان يفعل الشيء وضده، وجعل جل همه في رمي البندق والطيور. وأنه هو الذي أطمع التتر في البلاد، وراسلهم، فهو الطامة الكبرى التي يصغر عندها كل ذنب عظيم. لكن نقل الذهبي في السير 22/ 199 عن ابن النجار قوله: دانت للناصر السلاطين، ودخل تحت طاعته المخالفون. . . وفتح البلاد العديدة، وملك ما لم يملك غيره. ومدحه ابن دقماق/172/كثيرا. وانظر ترجمة مطولة مفصلة له في الوافي بالوفيات 6/ 310 - 316. (¬3) أما الأول: فقد تقدم اسمه، ودقوقا-بالمد والقصر-مدينة بين إربل وبغداد. وأما الثاني: فهو آخر ملوك السلاجقة، ملك على أذربيجان وهمذان وغيرهما، طلب السلطنة من الخليفة فأبى الخليفة وبعث إليه جيشا فكسره طغريل، ثم سار إليه خوارزم شاه فقتله وبعث برأسه إلى الخليفة في بغداد. وذلك سنة 590 هـ‍. انظر الكامل 10/ 232 - 233، والذيل على الروضتين لأبي شامة /6/، وتاريخ ابن الوردي 2/ 156. (¬4) هو السلطان الكبير، والملك الناصر، صلاح الدين الأيوبي رحمه الله، قاهر الفرنج، ومعيد بيت المقدس، أصله من أكراد أذربيجان، ذهب إلى مصر مع عمه شيركوه أميرا من قبل نور الدين زنكي، ولما توفي ملك صلاح الدين مصر نحو أربع وعشرين سنة، والشام نحو تسع عشرة سنة وتوفي بدمشق سنة 589 هـ‍. انظر الكامل 10/ 224، وسير الذهبي 21/ 278، وتاريخ ابن الوردي 2/ 152 - 154.

[الظاهر بأمر الله]

ولبس لباس الفتوة من مشهد علي (¬1). وتوفي القاهر بن أتابك، وملك بدر الدين لؤلؤ (¬2). وأغارت التتر على بلاد خراسان، وبلغوا إلى العراق (¬3). وجرد عسكر إلى الخوارزمية (¬4). [الظاهر بأمر الله]: وبويع ابنه الظاهر أبو نصر محمد. فمكث تسعة أشهر واثني عشر يوما (¬5). ¬

(¬1) انظر الفتوة ولبسها وسراويلها: الوافي بالوفيات 6/ 311، وسير أعلام النبلاء 22/ 194، والنجوم الزاهرة 6/ 261. (¬2) القاهر: هو الملك عز الدين مسعود بن أرسلان شاه صاحب الموصل آخر ملوك الأتابكة، قال أبو شامة في الذيل/114/: وبلغني أن لؤلؤا سقى القاهر سما فمات. كما ذكر أنه كان سببا في موت ابنه وخليفته محمود. وأما بدر الدين لؤلؤ فكان أتابكا للقاهر ولأولاده من بعده ثم استقل بالسلطنة ويسمى بالملك الرحيم. وانظر الكامل 10/ 382، وعجبت من ابن الأثير لم يذكر شيئا مما قاله أبو شامة، ثم زال عجبي عندما رأيته يذكر في مقدمة الكامل أنه إنما ألف كتابه وأكمله تلبية لرغبة بدر الدين لؤلؤ هذا. (¬3) انظر الكامل 10/ 419 حوادث سنة 617 هـ‍، وقال ابن كثير في البداية 13/ 94: في هذه السنة عم البلاء وعظم العزاء بجنكيز خان المسمى بتموجين لعنه الله تعالى ومن معه من التتار قبحهم الله أجمعين، واستفحل أمرهم واشتد إفسادهم من أقصى بلاد الصين إلى أن وصلوا بلاد العراق وما حولها. (¬4) هكذا جاءت هذه العبارة. وانظر الكامل 10/ 233 و 235 من حوادث 590 هـ‍. (¬5) زادها المنذري في التكملة 3/ 183: يوما واحدا، وفي الكامل 10/ 464 -

[المستنصر بالله]

[المستنصر بالله]: وبويع ابنه المستنصر أبو جعفر منصور. فمكث ستة عشرة سنة، وعشرة أشهر، وثلاثة عشر يوما (¬1). وتوفي سنة أربعين وستمائة في جمادى الآخرة (¬2). وفي أيامه قوتلت التتار (¬3). وفقد جلال الدين خوارزم شاه بنصيبين (¬4). ¬

= وغيره: (وأربعة عشر يوما). وكانت وفاته في رجب سنة 623 هـ‍. وقال ابن الأثير: وكان نعم الخليفة، جمع الخشوع مع الخضوع لربه، وأظهر من العدل والإحسان ما أعاد به سنة العمرين. ثم ذكر له فضائل شتى. (¬1) جبرها الذهبي في السير 23/ 158 فقال: سبع عشرة سنة. قلت: وقد مدحوه كثيرا كما مدحوا أباه. (¬2) هكذا في جمادى الآخرة من هذه السنة في أغلب المصادر، وقال المنذري في التكملة 3/ 607 في جمادى الأولى، ووهمه الذهبي في السير 23/ 167. (¬3) لم يكن أحد يقاتلهم في بداية أمرهم أو يقف في طريقهم حتى افتتحوا خراسان، وعظم الخطب، ثم قاتلهم جلال الدين خوارزم شاه، وانتصر عليهم في عدة معارك، ثم دارت الدائرة عليه كما سيأتي. (¬4) ذكر ابن الأثير في الكامل 10/ 495 - وهو يسوق حوادث سنة 628 هـ‍-أن أخبار جلال الدين انقطعت، وأنه لم يظهر له خبر، ولا علم له حال. قلت: وذلك بعد أن كسره التتار في عدة معارك، وتفرقت عنه جيوشه. إلا أن الذهبي في السير 23/ 162 قال: وفي سنة 629 هـ‍ انهزم جلال الدين خوارزم شاه في جبال، فقتله كردي بأخ له. وحدد ابن كثير 13/ 142 مكان قتله بميافارقين. قلت: ونصيبين قريبة منها، وكلاهما من أعمال الجزيرة.

[المستعصم بالله]

وعظم أمر التتار (¬1). وفتحت قلعة زرندة (¬2). وتوفي مظفر الدين صاحب إربل (¬3). [المستعصم بالله]: وبويع ابنه المستعصم أبو أحمد عبد الله (¬4). ¬

(¬1) وذلك بعد انكسار خوارزم شاه وفراره، وسقوط أذربيجان، ودخول التتار ديار بكر والجزيرة. (انظر الكامل 10/ 490 - 496). (¬2) هكذا في (1) و (3) و (م) وفي (2): (رزندة)، وهي مصحفة عن رويندز، وهي قلعة حصينة من أعمال أذربيجان قرب تبريز، كذا قال ياقوت. وقال ابن الأثير 10/ 488: من أحصن القلاع وأمنعها، لا يوجد مثلها، أطال الحصار عليها جلال الدين خوارزمشاه، حتى أذعن أهلها، وبعثوا إليه ليتسلمها، فساقها الله إلى أحد أمراء التركمان، واسمه صونج، فأخذها لقمة سائغة، هذه قلعة (رويندز) لم تزل تتقاصر عنها قدرة أكابر الملوك وعظمائهم من قديم الزمان وحديثه، وتضرب الأمثال بحصانتها، فملّكها الله رجلا ضعيفا بغير قتال، فسبحان الله. (¬3) هو الملك مظفر الدين أبو سعيد كوكبري بن الأمير زين الدين علي بن بكتكين صاحب مدينة إربل. قال المنذري 3/ 354: وكان له في قتال العدو بالساحل مواقف معروفة، وكان له برّ معروف وآثار حسنة بالحجاز وغيره. قلت: قد أفاض ابن خلكان في ترجمته، فكتب عدة صفحات، انظر وفيات الأعيان 4/ 113 - 121 وفيها: أنه اتصل بصلاح الدين فتزوج أخته الست ربيعة خاتون، وأنه شهد معه مواضع لم يثبت فيها غيره، ولو لم يكن له إلا وقعة حطين لكفته. وقال الذهبي في السير 22/ 336: وكان متواضعا خيرا سنيا، يحب الفقهاء والمحدثين. مات ليلة الجمعة رابع عشرين رمضان سنة 630. (¬4) جعله في الجوهر الثمين/175/أخا للمستنصر بالله. وهذا خطأ، لم أجده لغيره.

فمكث خمس عشرة سنة، وسبعة أشهر، وعشرين يوما (¬1). قتلته التتار سنة ست وخمسين وستمائة (¬2). وأخربوا أكثر بلاد الإسلام بسوء تدبيره (¬3)، وسماعه من العلقمي خاذل الدين وزيره (¬4). واستولى هولاكو (¬5) على البلاد، وأظهر في الأرض الفساد، وخرب مدينة السلام، بل معقل الإسلام ببغداد، فلو كان شاهدا الأسود بن ¬

(¬1) في فوات الوفيات 2/ 231، والبداية 13/ 218، والنجوم الزاهرة 7/ 64: (وثمانية أشهر وأياما). (¬2) بعد سقوط بغداد بأيديهم، وبمقتله زالت الدولة العباسية عن بغداد وانقطعت الإمامة لمدة ثلاث سنين، فكانت دولتهم خمس مائة وأربعا وعشرين سنة. (¬3) قال الكتبي: كان قليل المعرفة والتدبير والتيقظ، نازل الهمة، محبا للمال، مهملا للأمور، يتكل فيها على غيره. . (¬4) هو مؤيد الدين-أو خاذل الدين كما سماه المؤلف وغيره-ابن العلقمي، كان أستاذا لدار الخلافة، ثم صيره المستعصم وزيرا. يقول ابن كثير 13/ 225: كان رافضيا خبيثا، ردي الطوية على الإسلام وأهله. وقال السيوطي في تاريخ الخلفاء/531/: ثم ركن المستعصم إلى وزيره العلقمي الرافضي، فأهلك الحرث والنسل، ولعب بالخليفة كيف أراد، وباطن التتار وناصحهم وأطمعهم المجيء إلى العراق وأخذ بغداد وقطع الدولة العباسية، ليقيم خليفة من آل علي. ولما جاء التتار بغداد، خرج العلقمي وتوثق بنفسه منهم، وورد إلى الخليفة وقال: إن الملك هولاكو رغب في أن يزوج ابنته ابنك، ويبقيك في منصب الخلافة، فليجب مولانا إلى هذا، فإن فيه حقن الدماء، ثم استدعى الوزير الفقهاء والأماثل ليحضروا العقد بزعمه، فضرب التتار رقابهم جميعا ثم قتلوا الخليفة مع ابنين من أولاده. ولم يسلم ابن العلقمي فقتلوه معهم أيضا، ثم استباحوا بغداد أربعين يوما، قتلوا خلالها مئات الألوف. (¬5) طاغية التتار، ابن تولي بن جنكيز خان.

[المستنصر بالله]

يعفر (¬1) لبكى عليهم لا على إياد: ماذا أؤمّل بعد آل المصطفى … تركوا منازلهم بغير معاد (¬2) أهل الرّصافة والعراق وواسط … والكرخ والأنبار والأجناد (¬3) ملكوا البلاد ومن عليها عنوة … من قاطن أو رايح أو غاد جرت الرياح على محلّ ديارهم … فكأنما كانوا على ميعاد وأرى النعيم وكلّ ما يلهى به … يوما يصير إلى بلى ونفاد (¬4) [المستنصر بالله] (¬5): وفي رجب سنة تسع وخمسين وستمائة، بويع بمصر للمستنصر بالله أحمد بن الظاهر محمد بن الناصر أحمد بن المستضيء العباسي (¬6)، ¬

(¬1) قال في طبقات فحول الشعراء/147/: الأسود بن يعفر شاعر جاهلي فحل، كان يكثر التنقل في العرب، يجاورهم فيذم ويحمد، وله في ذلك أشعار، وله واحدة رائعة طويلة، لا حقة بأجود الشعر، لو كان شفعها بمثلها قدمناه على مرتبته، وهي: نام الخليّ وما أحسّ رقادي والهمّ محتضر لديّ وسادي (¬2) مأخوذ من قول الأسود: ماذا أومّل بعد آل محرّق تركوا منازلهم وبعد إياد (¬3) مأخوذ من قول الأسود: أهل الخورنق والسّدير وبارق والقصر ذي الشّرفات من سنداد (¬4) هذا البيت والذي قبله للأسود. انظر الشعر والشعراء لابن قتيبة/152/، والمفضليات/217/، وتأويل مشكل القرآن/11/، ومعجم البلدان (سنداد). (¬5) من هنا تبدأ الزيادة على بقية النسخ. (¬6) هو أخو الخليفة المستنصر بالله منصور واقف المستنصرية وعم المستعصم. قال الذهبي 23/ 168 - 169: بويع بالخلافة أحمد بعد خلو الوقت من خليفة عباسي، وانظر تفصيل بيعته في تاريخ ابن الوردي 2/ 303 - 304 وفيه: أنه-

[الحاكم بأمر الله]

وفوض الأمور للملك الظاهر بيبرس البند قداري الصالحي (¬1). ثم سار المستنصر ليأخذ بغداد ويقيم بها، وكان آقوش البرلي (¬2)، قد بايع بحلب الحاكم بأمر الله (¬3)، فلما قدم الملك الظاهر سحب الحاكم، ثم اجتمع بالمستنصر وبايعه. فكان في آخر العام مصافّ بينه وبين التتار الذي بالعراق، فقدّم المستنصر في الوقعة، وانهزم الحاكم فنجا. وكانت هذه الوقعة في ثالث المحرم سنة ستين وستمائة، وقيل: قتل المستنصر، وقيل: أضمرته البلاد (¬4). وأقام الناس سنة بغير خليفة (¬5). [الحاكم بأمر الله]: وفي ثامن المحرم سنة إحدى وستين عقد مجلس عظيم للبيعة، وجلس الحاكم بأمر الله أبو العباس أحمد بن الأمير أبي علي الحسن بن ¬

= كان أسود، وأنه أشهد عليه وأثبت نسبه. (¬1) أحد المماليك، ولي السلطنة بعد قتله للملك قطز، وكان شجاعا شهما، وقف في وجه التتار بعد كسرهم الكبير في (عين جالوت). (¬2) في النجوم الزاهرة 7/ 113: البريلي. وهو صاحب حلب، الأمير شمس الدين آقوش. وانظر شيئا عنه في تاريخ ابن الوردي 2/ 298. (¬3) هو الخليفة الآتي، كان قد اختفى وقت أخذ بغداد ونجا. (¬4) قال الذهبي 23/ 171: ولم يصح، والظاهر أن الخليفة قتل. وذكر ابن تغري بردي في النجوم الزاهرة 7/ 117: بأنه نجا مجروحا في طائفة من العرب، فمات عندهم. وانظر التفصيل في الجوهر الثمين لابن دقماق 184 - 185. (¬5) قال الذهبي 23/ 171: وبعد سنتين بويع الحاكم بأمر الله أحمد. قلت: صوابه بعد سنة، لأنه أورد المستنصر في العبر 3/ 298 من وفيات 660 هـ‍.

[المستكفي بالله]

الأمير أبي بكر بن الخليفة المسترشد بالله أبي منصور الفضل بن المستظهر أبي العباس أحمد بن المقتدر العباسي، فأقبل عليه الملك الظاهر ومد يده إليه وبايعه بالخلافة، ثم بايعه الأعيان، وقلّد حينئذ السلطنة للملك الظاهر، فلما كان من الغد خطب بالناس خطبة مليحة، أولها: «الحمد لله الذي أقام لآل العباس ركنا وظهيرا» (¬1). ثم كتب بدعوته وإمامته إلى الأقطاب (¬2). وبقي في الخلافة أربعين سنة وأشهرا (¬3). وحجب بقلعة الجبل في سنة ثلاث وستين (¬4). وتوفي في جمادى الأولى سنة إحدى وسبعمائة (¬5)، بعد أن عهد إلى: [المستكفي بالله]: ابنه أبي الربيع سليمان، فبويع له في السنة المذكورة، ولقب: المستكفي بأمر الله، وأقام في الخلافة نحو أربعين سنة أيضا (¬6). ¬

(¬1) انظر تمام الخطبة في البداية 13/ 250 - 251، والنجوم الزاهرة 2/ 59 - 60. (¬2) هذه الفقرة كما هي في تاريخ الخلفاء/548/نقلا عن الشيخ قطب الدين. (¬3) كذا في العبر 3/ 301، وحددها الحافظ في الدرر الكامنة 1/ 120 بأربعين سنة وأربعة أشهر وعشرة أيام. وقال ابن دقماق/188/: كانت خلافته أربعين سنة. (¬4) كذا في العبر 3/ 307. وقال السيوطي/549/: حجبه السلطان الظاهر، ومنعه الناس، لكون أصحابه كانوا يخرجون إلى البلد، ويتكلمون في أمر الدولة. (¬5) كذا في الدرر الكامنة 1/ 120، وقال ابن دقماق في الجوهر الثمين/187 - 188/، والسيوطي في حسن المحاضرة 2/ 62: ودفن بجوار السيدة نفيسة، وهو أول خليفة مات بها من بني العباس. (¬6) حددها الحافظ في الدرر الكامنة 2/ 142، وابن تغري بردي في النجوم الزاهرة-

[الواثق بالله]

وأخرج من خلافته من مصر إلى قوص (¬1). فتوفي بها غرة شعبان، سنة أربعين وسبعمائة، وقد قارب ستين سنة، ودفن برباط الشيخ عبد الغفار. وكان قد عهد إلى ابنه أبي العباس أحمد فلم يتم له ذلك (¬2). [الواثق بالله]: وبويع أخوه أبو إسحاق إبراهيم بن الحاكم أبي العباس أحمد، ولقب بالواثق (¬3). فأقام في الخلافة إلى آخر سنة إحدى وأربعين، ثم عزله منها ¬

= 9/ 322: بتسع وثلاثين سنة وشهرين، وثمانية عشر، أو ثلاثة عشر يوما. وقال الذهبي في ذيل العبر 4/ 117: كانت ثمانيا وثلاثين سنة. (¬1) مدينة بصعيد مصر. وكان سبب نفيه كما قال الحافظ في الدرر الكامنة 2/ 142: إن السلطان الناصر أحضرت إليه قصة عليها خط الخليفة، بأن يحضر السلطان لمجلس الشرع الشريف، فغضب السلطان من ذلك، ونفاه، وأخذ يقلل عليه إلى أن مات. (¬2) لأن السلطان لم يوافق عليه، وبايع لابن أخيه إبراهيم، فعوقب السلطان الناصر بأولاده بعد موته. (انظر الدرر الكامنة 2/ 142، وحسن المحاضرة 2/ 68 - 69). (¬3) ليس إبراهيم ابنا للحاكم، وإنما هو ابن ابنه محمد، كان الحاكم قد عهد إليه، فمات في حياته، فعهد إلى ابنه إبراهيم هذا، لكنه رآه منهمكا في اللعب، ومعاشرة الأرذال، فعدل عنه وعهد إلى المستكفي، فلما مات المستكفي عهد إلى ابنه أحمد فلم يلتفت إليه السلطان، وبايع إبراهيم هذا، فإبراهيم هو ابن محمد أخي المستكفي كما قال الحافظ قبل. (وانظر تاريخ الخلفاء/559/، وحسن المحاضرة 2/ 68).

[الحاكم بأمر الله]

المنصور أبو بكر بن الناصر، حين ولي السلطنة بعد أبيه إنفاذا لعهد المستكفي بن الحاكم إليه (¬1). [الحاكم بأمر الله]: فبويع أبو العباس أحمد بن المستكفي أبي الربيع بن الحاكم، ولقب بالحاكم (¬2). وتوفي سنة ثلاث وخمسين وسبعمائة (¬3). [المعتضد بالله]: وبويع بعده أخوه أبو بكر المكنى بأبي الفتح، ولقب: المعتضد بالله. وتوفي في العشر الأوسط من جمادى الأولى، سنة ثلاث وستين وسبعمائة (¬4). [المتوكل على الله]: ¬

(¬1) قيل: إن السلطان الناصر لما حضرته الوفاة، أراد أن يعيد الحق إلى نصابه، فأوصى برد الأمر إلى أحمد بن المستكفي. (انظر المصدرين السابقين). (¬2) قال الحافظ: لقّب أولا: المستنصر، ثم لقب: الحاكم بأمر الله، لقب جده. (¬3) كذا في ذيل العبر للحسيني 4/ 160، وشذرات الذهب 6/ 173، وقال السيوطي في حسن المحاضرة 2/ 81: مات بالطاعون شهيدا في منتصف ثلاث وخمسين، ولم يعهد لأحد. قلت: لكن ذكر ابن دقماق/190/، وابن تغري بردي 10/ 290: أنه توفي سنة أربع وخمسين وسبعمائة. (¬4) كذا في حسن المحاضرة 2/ 81، والجوهر الثمين/191/. مع ملاحظة أن وفاة المؤلف رحمه الله قبل هذا التاريخ بأقل من عام.

وبويع بعده بعهد منه لابنه المتوكل على الله محمد (¬1). ¬

(¬1) قال السيوطي: وامتدت أيامه خمسا وأربعين سنة. قلت: وإلى هنا تنتهي هذه الزيادة على ما في النسخ (1) و (2) والمطبوع، وبها ينتهي الكتاب، والحمد لله على توفيقه في إتمام تحقيقه، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

فهرس المصادر والمراجع

فهرس المصادر والمراجع 1 - الآداب للبيهقي. ت: محمد عبد القادر عطا. ط: أولى 1406 هـ‍. دار الكتب العلمية-بيروت. 2 - إتحاف الورى بأخبار أم القرى لابن فهد. ت: فهيم محمد شلتوت. ط: المركز العلمي لجامعة أم القرى بمكة المكرمة. 3 - إثبات عذاب القبر للبيهقي. ت: د. شرف محمود القضاة. ط: ثانية 1405 هـ‍. دار الفرقان-عمان. 4 - الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان لابن بلبان الفارسي. ت: شعيب الأرناؤوط. ط: أولى 1408 هـ‍. مؤسسة الرسالة-بيروت. 5 - الأحكام السلطانية للماوردي. ت: خالد عبد اللطيف العلمي. ط: أولى 1410 هـ‍. دار الكتاب العربي-بيروت. 6 - أحكام القرآن لابن العربي. ط: أولى 1408 هـ‍. دار الكتب العلمية-بيروت. 7 - أحكام القرآن للكيا الهراسي. ط: أولى 1403 هـ‍. دار الكتب العلمية- بيروت. 8 - أخبار الدول المنقطعة للأزدي. ت: د. محمد مسفر الزهراني. مطبعة المدني بمصر. 9 - أخبار مكة للأزرقي. ط: رابعة 1403 هـ‍. دار الثقافة-مكة المكرمة. 10 - أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم وآدابه لأبي الشيخ. ت: مرسي أحمد. مكتبة النهضة المصرية. 11 - الأدب المفرد للإمام البخاري مع شرحه فضل الله الصمد للجيلاني. ت: محب الدين الخطيب. المكتبة السلفية بالقاهرة. ط: ثالثة 1407 هـ‍. 12 - أزواج النبي صلى الله عليه وسلم للصالحي الدمشقي. ت: محمد نظام الدين الفتيح. ط: أولى 1413 هـ‍. دار ابن كثير-دمشق-دار التراث-المدينة المنورة. 13 - أسباب النزول للواحدي. ط:1395 هـ‍. دار الكتب العلمية-بيروت.

14 - الاستذكار لمذاهب فقهاء الأمصار لابن عبد البر. ت: علي النجدي ناصف. ط: المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية 1391 هـ‍-القاهرة. 15 - الاستيعاب في معرفة الأصحاب لابن عبد البر. ت: علي محمد البجاوي. دار نهضة مصر-القاهرة. 16 - أسد الغابة في معرفة الصحابة لابن الأثير. ط: دار الشعب-القاهرة. 17 - الأسرار المرفوعة في الأخبار الموضوعة لملاّ علي القاري. ت: محمد لطفي الصباغ. ط: ثانية 1406 هـ‍. المكتب الإسلامي. 18 - الأسماء المبهمة في الأنباء المحكمة للخطيب البغدادي. ت: د. عز الدين علي السيد. ط:1405 هـ‍. مكتبة الخانجي-القاهرة. 19 - الاشتقاق لابن دريد. ت: عبد السلام هارون. ط: ثالثة. مكتبة الخانجي بمصر. 20 - الإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر. ت: علي محمد البجاوي. دار نهضة مصر-القاهرة. 21 - أعلام الحديث في شرح صحيح البخاري للخطابي. ت: د. محمد بن سعد آل سعود. ط: أولى 1409 هـ‍. جامعة أم القرى بمكة المكرمة. 22 - الأعلام للزركلي. ط: سابعة 1986 م. دار العلم للملايين-بيروت. 23 - الإعلان بالتوبيخ لمن ذم التاريخ للسخاوي. ت: فرانز روزنثال، ترجمة د. صالح العلي. ط: أولى 1407 هـ‍. مؤسسة الرسالة-بيروت. 24 - الأغاني لأبي الفرج الأصبهاني. مصور عن طبعة دار الكتب. دار إحياء التراث العربي. 25 - الاكتفاء للكلاعي. ت: مصطفى عبد الواحد. نشر مكتبة الخانجي بالقاهرة والهلال ببيروت. 26 - الإكمال لابن ماكولا. ط: أولى 1411 هـ‍. دار الكتب العلمية-بيروت. 27 - الأم للإمام الشافعي. ط: كتاب الشعب-القاهرة. 28 - إمتاع الأسماع للمقريزي. ت: محمود محمد شاكر. مصورة عن طبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر. 29 - الأمثال لأبي عبيد القاسم بن سلام. ت: د. عبد المجيد قطامش. ط: أولى 1400 هـ‍. دار المأمون للتراث. دمشق-بيروت. 30 - أمثال الحديث للرامهرمزي. ت: د. عبد العلي الأعظمي. ط: أولى 1404 هـ‍. الدار السلفية-بومباي.

31 - أمثال الحديث لأبي الشيخ. ت: د. عبد العلي عبد الحميد. ط: أولى 1402 هـ‍. الدار السلفية-بومباي. 32 - أنساب الأشراف للبلاذري. ت: حميد الله. ط:1406 هـ‍، دار المعارف بمصر. 33 - إنسان العيون في سيرة الأمين المأمون المعروفة بالسيرة الحلبية لبرهان الدين الحلبي. المكتبة الإسلامية-بيروت. 34 - الأنوار في شمائل النبي المختار للبغوي. ت: الشيخ إبراهيم اليعقوبي. ط: أولى 1409 هـ‍. دار الضياء-بيروت. 35 - الأوائل للطبراني. ت: محمد شكور أمرير. ط: أولى 1403 هـ‍. دار الفرقان- عمان. ومؤسسة الرسالة-بيروت. 36 - الأوائل للعسكري. ط: أولى 1407 هـ‍. دار الكتب العلمية-بيروت. -الأوائل للسيوطي-الوسائل بمعرفة الأوائل. 37 - الأوسط لابن المنذر. ت: د. أبو حماد حنيف. ط: أولى 1405 هـ‍. دار طيبة-الرياض. 38 - البداية والنهاية لابن كثير. ت: د. أبو ملحم وزملاؤه. ط: أولى 1405 هـ‍. دار الكتب العلمية-بيروت. 39 - البدر الطالع للشوكاني. مكتبة ابن تيمية-القاهرة. 40 - بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة للسيوطي. ت: محمد أبو الفضل إبراهيم. المكتبة العصرية-بيروت. 41 - بلدان الخلافة الشرقية لكي لسترنج. ط: ثانية 1405 هـ‍. مؤسسة الرسالة- بيروت. 42 - بلوغ الأرب في معرفة أحوال العرب للآلوسي. ت: الأثري. ط: ثانية. دار الكتب العلمية-بيروت. 43 - بهجة المجالس وأنس المجالس لابن عبد البر. ت: محمد مرسي الخولي. دار الكتب العلمية-بيروت. 44 - البيان والتبيين للجاحظ. ت: عبد السلام هارون. ط: خامسة. مكتبة الخانجي-القاهرة. 45 - تاج التراجم لابن قطلوبغا. ت: محمد خير يوسف. ط: أولى 1413 هـ‍. دار القلم-بيروت. دمشق.

46 - تاريخ الأدب العربي لبروكلمان. ط: خامسة. دار المعارف-مصر. 47 - تاريخ الإسلام وطبقات المشاهير والأعلام للذهبي. نشر مكتبة القدسي. 48 - تاريخ الإسلام (السيرة النبوية) للذهبي. ت: د. عمر تدمري. ط: أولى 1407 هـ‍. دار الكتاب العربي-بيروت. 49 - التاريخ الباهر في الدولة الأتابكية بالموصل لابن الأثير. ت: عبد القادر طليمات. دار الكتب الحديثة بالقاهرة. 50 - تاريخ بغداد للخطيب البغدادي. نشر دار الكتاب العربي-بيروت. 51 - تاريخ الخلفاء للسيوطي. ت: قاسم الرفاعي ومحمد العثماني. ط: أولى 1406 هـ‍. دار القلم-بيروت-لبنان. 52 - تاريخ خليفة بن خياط. ت: د. العمري. ط: ثانية 1405 هـ‍. دار طيبة- الرياض. 53 - تاريخ الخميس في أحوال أنفس نفيس للديار بكري. ط: دار صادر-بيروت. 54 - تاريخ دمشق (قسم السيرة) لابن عساكر. ت: نشاط غزاوي. ط: مجمع اللغة العربية بدمشق. -تاريخ دمشق لابن عساكر-مختصر تاريخ دمشق. 55 - التاريخ الصغير للإمام البخاري. ط: رابعة 1402 هـ‍. إدارة ترجمان السنة- لاهور. 56 - تاريخ الطبري (تاريخ الرسل والملوك). ت: محمد أبو الفضل إبراهيم. مصور عن طبعة دار المعارف-مصر. 57 - التاريخ الكبير للإمام البخاري. مصورة عن طبعة دار المعارف العثمانية بالهند. 58 - تاريخ المدينة المنورة لابن شبة. ت: فهيم شلتوت. دار الأصفهاني-جدة. 59 - تاريخ ابن الوردي. ط: ثانية 1389 هـ‍. المطبعة الحيدرية بالنجف. 60 - تأويل مشكل القرآن لابن قتيبة. ت: السيد أحمد صقر. ط: ثانية 1393 هـ‍. دار التراث-القاهرة. 61 - تبصير المنتبه بتحرير المشتبه لابن حجر العسقلاني. ت: محمد البجاوي- المكتبة العلمية-بيروت. 62 - تجريد أسماء الصحابة للذهبي. دار المعرفة-بيروت. 63 - تحفة الأشراف للحافظ المزي. ت: عبد الصمد شرف الدين. الدار القيمة بالهند-المكتب الإسلامي-بيروت.

64 - التحفة اللطيفة في تاريخ المدينة الشريفة للسخاوي. مكتبة ابن الجوزي-الإمام. 65 - التذكرة في الأحاديث المشتهرة للزركشي. ت: مصطفى عطا. ط: أولى 1406 هـ‍. دار الكتب العلمية-بيروت. 66 - الترغيب والترهيب للمنذري ضبط محمد عمارة. ط: ثالثة 1388 هـ‍. دار إحياء التراث العربي. 67 - تسمية أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وأولاده لأبي عبيدة معمر بن المثنى. ت: كمال الحوت. ط: أولى 1405 هـ‍. مؤسسة الكتب الثقافية-بيروت. 68 - تعظيم قدر الصلاة لمحمد بن نصر المروزي. ت: د. عبد الرحمن الفريوائي. ط: أولى 1406 هـ‍. مكتبة الدار بالمدينة المنورة. -تفسير البغوي-معالم التنزيل. -تفسير الزمخشري-الكشاف عن حقائق التنزيل. -تفسير الطبري-جامع البيان عن تأويل آي القرآن. -تفسير ابن عطية-المحرر الوجيز. -تفسير القرطبي-الجامع لأحكام القرآن. 69 - تفسير القرآن العظيم لابن كثير. تقديم: د. يوسف مرعشلي. ط: ثانية 1407 هـ‍. دار المعرفة-بيروت. 70 - تفسير النسائي. ت: سيد الجليمي وصبري الشافعي. ط: أولى 1410 هـ‍. مكتبة السنة-القاهرة. 71 - تكملة الإكمال لابن نقطة. ت: د. عبد القيوم عبد رب النبي. ط: أولى 1408 هـ‍. مركز إحياء التراث-جامعة أم القرى بمكة المكرمة. 72 - تكملة تاريخ الطبري للهمذاني. ت: محمد أبو الفضل إبراهيم. دار المعارف- مصر. 73 - التكملة لوفيات النقلة للمنذري. ت: د. بشار عواد. ط: ثالثة 1405 هـ‍. مؤسسة الرسالة-بيروت. 74 - تلخيص الحبير لابن حجر العسقلاني. ت: د. شعبان إسماعيل. نشر مكتبة ابن تيمية-القاهرة. 75 - تلخيص المستدرك للذهبي على هامش مستدرك الحاكم الآتي. 76 - تلقيح فهوم أهل الأثر في عيون التاريخ والسير لابن الجوزي. دار إحياء السنة- باكستان.

77 - تهذيب الأسماء واللغات للنووي. دار الكتب العلمية-بيروت. 78 - تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني. ط: أولى. دار الفكر. 79 - تهذيب الكمال للحافظ المزي. ت: د. بشار عواد. ط: أولى 1413 هـ‍. مؤسسة الرسالة-بيروت. 80 - ثمار القلوب في المضاف والمنسوب للثعالبي. ت: محمد أبو الفضل إبراهيم. ط: دار المعارف-مصر. 81 - جامع الأصول في أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم لابن الأثير. ط: ثانية 1403 هـ‍. ت: عبد القادر الأرناؤوط. دار الفكر-لبنان. 82 - جامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر. ط: إدارة الطباعة المنيرية. دار الكتب العلمية-بيروت. 83 - جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري ط:1408 هـ‍. دار الفكر-بيروت. 84 - الجامع الصغير للسيوطي مع فيض القدير للمناوي الآتي. 85 - الجامع لأحكام القرآن للقرطبي. ط: ثالثة. مصورة عن طبعة دار الكتب المصرية. 86 - الجرح والتعديل للرازي. ط: أولى 1271 هـ‍. مصورة عن طبعة دار المعارف العثمانية. دار الكتب العلمية-بيروت. 87 - جلاء الأفهام في فضل الصلاة والسلام على محمد خير الأنام صلى الله عليه وسلم لابن القيم. ت: محيي الدين مستو. ط: أولى 1408 هـ‍. دار التراث بالمدينة المنورة. وابن كثير في دمشق. 88 - جمهرة أنساب العرب لابن حزم. ت: عبد السلام هارون. دار المعارف- مصر. 89 - جمهرة الأمثال للعسكري. ضبط د. أحمد عبد السلام. ط: أولى 1408 هـ‍. دار الكتب العلمية-بيروت. 90 - جوامع السيرة لابن حزم. ت: د. إحسان عباس ود. ناصر الدين الأسد. دار المعارف-مصر. 91 - الجواهر السنية في السيرة النبوية للفاسي مع العقد الثمين الآتي. 92 - الجواهر المضية في طبقات الحنفية. ت: د. عبد الفتاح الحلو. ط: 1398 هـ‍. دار العلوم-الرياض. 93 - الجوهر الثمين في سير الخلفاء والملوك والسلاطين لابن دقماق. ت: د. سعيد

عبد الفتاح عاشور. ط: مركز البحث العلمي في جامعة أم القرى-مكة المكرمة. 94 - الحدائق في علم الحديث والزهديات لابن الجوزي. ت: مصطفى السبكي. ط: أولى 1408 هـ‍. دار الكتب العلمية-بيروت. 95 - حسن المحاضرة في تاريخ مصر والقاهرة للسيوطي. ت: محمد أبو الفضل إبراهيم. ط: أولى 1387 هـ‍. 96 - حلية الأولياء لأبي نعيم. ط: دار الكتب العلمية-بيروت. 97 - حلية العلماء في معرفة مذاهب الفقهاء للقفال. ت: د. ياسين درادكة. ط: أولى 1988 م. مكتبة الرسالة الحديثة-عمان. 98 - حماسة البحتري. عناية وضبط لويس شيخو. ط:1910 م. 99 - الخصائص الكبرى للسيوطي. ط: دار الكتب العلمية-بيروت. 100 - الدرر في المغازي والسير لابن عبد البر. ت: د. شوقي ضيف. ط: ثانية- دار المعارف-مصر. 101 - الدرر الكامنة لابن حجر العسقلاني. ط: دار الجيل-بيروت. 102 - الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي. ط: أولى 1403 هـ‍. دار الفكر- بيروت. 103 - دلائل النبوة للبيهقي. ت: د. عبد المعطي قلعجي. ط: أولى 1405 هـ‍. دار الكتب العلمية-بيروت. 104 - دلائل النبوة لأبي نعيم. ت: د. قلعجي وعبد البر عباس. ط: ثانية 1406 هـ‍. دار النفائس-بيروت. 105 - ديوان حسان بن ثابت شرح عبد الرحمن البرقوقي. ط:1401 هـ‍. دار الكتاب العربي-بيروت. 106 - الذرية الطاهرة للدولابي. ت: سعد المبارك الحسن. ط: أولى 1407 هـ‍. الدار السلفية-الكويت. 107 - ذيل تذكرة الحفاظ للسيوطي مع التذكرة. ط: دار الكتب العلمية-بيروت. 108 - الذيل على الروضتين لأبي شامة المقدسي. ط: ثانية 1974 م. دار الجيل- بيروت. 109 - ذيل العبر للحسيني آخر كتاب العبر في خبر من غبر للذهبي. ت: أبو هاجر محمد زغلول. ط: أولى 1405 هـ‍. دار الكتب العلمية-بيروت.

110 - ذيل العبر للذهبي: آخر كتاب العبر في خبر من غبر للذهبي نفسه. ت: أبو هاجر محمد زغلول. ط: أولى 1405 هـ‍. دار الكتب العلمية-بيروت. 111 - الذيل على العبر في خبر من غبر لأبي زرعة ابن العراقي. ت: صالح مهدي عباس. ط: أولى 1409 هـ‍. مؤسسة الرسالة-بيروت. 112 - الرسالة المستطرفة لبيان مشهور كتب السنة المشرفة للكتاني. ط: ثانية 1400 هـ‍. دار الكتب العلمية-بيروت. 113 - الروض الأنف في تفسير السيرة النبوية للسهيلي. ط: دار المعرفة-بيروت. 114 - روضة الطالبين للإمام النووي. ت: عادل عبد الموجود وعلي معوض. ط: أولى 1412 هـ‍. دار الكتب العلمية-بيروت. 115 - الرياض الأنيقة في شرح أسماء خير الخليقة صلى الله عليه وسلم للسيوطي. ت: أبو هاجر محمد السعيد زغلول. ط: أولى 1405 هـ‍. دار الكتب العلمية-بيروت. 116 - الرياض النضرة في مناقب العشرة للمحب الطبري. ط: أولى 1405 هـ‍. دار الكتب العلمية-بيروت. 117 - زاد المسير في علم التفسير لابن الجوزي. ط: رابعة 1407 هـ‍. المكتب الإسلامي-بيروت ودمشق. 118 - زاد المعاد في هدي خير العباد لابن قيم الجوزية. ت: شعيب وعبد القادر الأرناؤوط. ط: سابعة 1405 هـ‍. مؤسسة الرسالة ومكتبة المنارة الإسلامية. 119 - الزهد لابن المبارك. ت: حبيب الرحمن الأعظمي. ط: دار الكتب العلمية- بيروت. 120 - الزهد لهناد بن السري. ت: عبد الرحمن الفريوائي. ط: أولى 1406 هـ‍. دار الخلفاء-الكويت. 121 - الزهد لوكيع بن الجراح. ت: عبد الرحمن الفريوائي. ط: أولى 1404 هـ‍. مكتبة الدار بالمدينة المنورة. 122 - زهر الآداب وثمر الألباب للحصري القيرواني. ت: محمد محيي الدين عبد الحميد. ط: رابعة. دار الجيل-بيروت. 123 - سبل الهدى والرشاد (السيرة الشامية) للصالحي. ط: المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بمصر. 124 - السلاح لابن سلام. ت: د. حاتم الضامن. ط: ثانية 1405 هـ‍. مؤسسة الرسالة-بيروت.

125 - سنن الترمذي. ت: عزت عبيد الدعاس. ط:1385 هـ‍. دار الدعوة-مصر. 126 - السنة لابن أبي عاصم. ت: الألباني. ط: ثانية 1405 هـ‍. المكتب الإسلامي بدمشق. 127 - سنن الدارقطني مع شرحه التعليق المغني للمحدث محمد شمس الحق العظيم آبادي. ط: لاهور-باكستان. 128 - سنن الدارمي. ت: السيد عبد الله هاشم. ط:1404 هـ‍. باكستان. 129 - سنن أبي داود. ت: الدعاس والسيد. ط:1388 هـ‍. دار الحديث-بيروت. 130 - السنن الكبرى للبيهقي. مصور عن طبعة دائرة المعارف العثمانية بالهند. 131 - سنن ابن ماجه. ت: محمد فؤاد عبد الباقي. المكتبة العلمية-بيروت. 132 - سنن النسائي بشرح السيوطي وحاشية السندي. عناية أبي غدة. ط: أولى. دار البشائر الإسلامية-بيروت. 133 - سير أعلام النبلاء للذهبي. ط: رابعة 1406 هـ‍. مؤسسة الرسالة-بيروت. -السيرة الحلبية-إنسان العيون في سيرة الأمين المأمون. 134 - السيرة النبوية لابن هشام. ت: السقا والأبياري والشلبي. مؤسسة علوم القرآن. 135 - السيرة النبوية لابن هشام بشرح الخشني. ت: د. همام سعيد وأبو صعيليك. مكتبة المنار-الأردن. 136 - السيرة النبوية وأخبار الخلفاء لابن حبان. ت: السيد عزيز بك. ط: أولى 1407 هـ‍. مؤسسة الكتب الثقافية. 137 - شذرات الذهب لابن العماد الحنبلي. 138 - شرح السنة للبغوي. ت: شعيب الأرناؤوط وزهير الشاويش. ط: ثانية 1403 هـ‍. المكتب الإسلامي-بيروت ودمشق. 139 - شرح الشفا لملا علي القاري. ت: حسنين محمد مخلوف. 140 - الشريعة للآجري. ت: محمد حامد الفقي. ط: أولى 1403 هـ‍. دار الكتب العلمية-بيروت. 141 - شعب الإيمان للبيهقي. ت: محمد السعيد زغلول. ط: أولى 1410 هـ‍. دار الكتب العلمية-بيروت. 142 - الشعر والشعراء لابن قتيبة. ط: ثانية 1405 هـ‍. دار الكتب العلمية- بيروت.

143 - شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام للفاسي. ت: د. عمر تدمري. ط: أولى 1405 هـ‍. دار الكتاب العربي-بيروت. 144 - الشفا في شمائل صاحب الاصطفا صلى الله عليه وسلم مع شرح الملا علي القاري المتقدم. 145 - الشمائل للترمذي آخر سنن الترمذي المتقدم. -الشمائل للبغوي-الأنوار في شمائل النبي المختار. 146 - صبح الأعشى في صناعة الإنشا للقلقشندي. ت: محمد حسين شمس الدين. ط: أولى 1407 هـ‍. دار الكتب العلمية-بيروت. 147 - الصحاح للجوهري. ت: أحمد عبد الغفور عطار. ط: ثالثة 1404 هـ‍. دار العلم للملايين-بيروت. 148 - صحيح ابن خزيمة. ت: محمد مصطفى الأعظمي. ط: أولى 1395 هـ‍. المكتب الإسلامي-بيروت. 149 - صحيح البخاري مع فتح الباري الآتي. 150 - صحيح مسلم. ت: محمد فؤاد عبد الباقي. دار إحياء الكتب العربية. 151 - صحيح مسلم بشرح الإمام النووي. نشر وتوزيع إدارة البحوث بالسعودية. 152 - صفة الصفوة لابن الجوزي. ت: محمود فاخوري. ط: ثالثة 1405 هـ‍. دار المعرفة-بيروت. 153 - الصمت وآداب اللسان لابن أبي الدنيا. ت: نجم خلف. ط: أولى 1406 هـ‍. دار الغرب الإسلامي-بيروت. 154 - الضعفاء الكبير للعقيلي. ت: د. عبد المعطي قلعجي. ط: أولى 1404 هـ‍. دار الكتب العلمية-بيروت. 155 - طبقات الحنابلة لابن أبي يعلى. دار المعرفة-بيروت. 156 - طبقات خليفة. ت. د. أكرم العمري. ط: ثانية 1402 هـ‍. دار طيبة- الرياض. 157 - طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة. ت: د. عبد الحليم خان. ط: 1407 هـ‍. دار الندوة الجديدة-بيروت. 158 - طبقات الشافعية الكبرى للسبكي. ت: الطناحي والحلو. دار إحياء الكتب العلمية-بيروت. 159 - طبقات الصوفية للسلمي. ت: نور الدين شريبة. ط: ثانية 1406 هـ‍، دار الكتاب النفيس-حلب-سوريا.

160 - طبقات فحول الشعراء لابن سلام. ت: محمود شاكر. مطبعة المدني-القاهرة. 161 - الطبقات الكبرى لابن سعد. دار صادر-بيروت. 162 - الطب النبوي لابن القيم. ت: د. عبد المعطي قلعجي. ط: خامسة 1404 هـ‍. دار الوعي-حلب. 163 - العباب الزاخر واللباب الفاخر للصغاني. ت: محمد حسن آل ياسين. دار الطليعة-بيروت. 164 - العبر في خبر من غبر للذهبي. ت: محمد السعيد زغلول. ط: أولى 1405 هـ‍. دار الكتب العلمية-بيروت. 165 - عشرة النساء للنسائي. ت: عمرو علي عمر. ط: ثالثة 1408 هـ‍. مكتبة السنة-القاهرة. 166 - العقد الثمين لتقي الدين الفاسي. ت: محمد حامد الفقي. ط: ثانية 1406 هـ‍. مؤسسة الرسالة-بيروت. 167 - العقد الفريد لابن عبد ربه الأندلسي. ت: د. مفيد قميحة. ط: أولى 1404 هـ‍. دار الكتب العلمية-بيروت. 168 - عمدة الأخبار في مدينة المختار للعباسي. ت: محمد الطيب الأنصاري. ط: خامسة. نشر أسعد الحسيني. 169 - عمل اليوم والليلة لابن السني. ت: بشير عون. ط: أولى 1407 هـ‍. مكتبة دار البيان-دمشق. 170 - عمل اليوم والليلة للنسائي. ت: د. فاروق حمادة. ط: ثانية 1407 هـ‍. مؤسسة الرسالة-بيروت. 171 - عون المعبود شرح سنن أبي داود للعظيم أبادي. ت: عبد الرحمن عثمان. ط: ثالثة 1399 هـ‍. دار الفكر-بيروت. 172 - عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير. ت: د. محمد الخطراوي ومحيي الدين مستو. ط: أولى 1413 هـ‍. مكتبة دار التراث بالمدينة المنورة ودار ابن كثير بدمشق. 173 - غريب الحديث لابن الجوزي. ت: د. عبد المعطي قلعجي. ط: أولى 1405 هـ‍. دار الكتب العلمية-بيروت. 174 - غريب الحديث للخطابي. ت: عبد الكريم العزباوي. ط: مركز البحث العلمي-جامعة أم القرى بمكة المكرمة 1402 هـ‍.

175 - غريب الحديث لأبي عبيد القاسم بن سلام الهروي. طبعة مصورة عن دائرة المعارف العثمانية 1396 هـ‍. 176 - الفائق في غريب الحديث للزمخشري. ت: علي البجاوي ومحمد أبو الفضل إبراهيم. ط: ثانية. البابي الحلبي-القاهرة. 177 - فتح الباري شرح صحيح البخاري للحافظ ابن حجر العسقلاني. ط: أولى 1407 هـ‍. دار الريان-القاهرة. 178 - فتوح البلدان للبلاذري. ط:1403 هـ‍. دار الكتب العلمية-بيروت. 179 - الفخر المتوالي فيمن انتسب للنبي صلى الله عليه وسلم من الخدم والموالي للسخاوي. ت: مشهور سلمان. ط: أولى 1407 هـ‍. مكتبة المنار-الأردن. 180 - الفردوس بمأثور الخطاب للديلمي. ت: محمد السعيد زغلول. ط: أولى 1406 هـ‍. دار الكتب العلمية-بيروت. 181 - الفروسية لابن القيم. ت: محمد نظام الدين الفتيح. ط: أولى 1410 هـ‍. دار التراث-المدينة المنورة. 182 - الفصل في الملل والأهواء والنحل لابن حزم. ت: د. نصر وعميرة. ط: 1405 هـ‍. دار الجيل-بيروت. 183 - فصل المقال في شرح كتاب الأمثال للبكري. ت: د. إحسان عباس ود. عبد المجيد عابدين. ط: ثالثة 1403 هـ‍. مؤسسة الرسالة-بيروت. 184 - الفصول في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم لابن كثير. ت: محمد العيد الخطراوي ومحيي الدين مستو. ط: سادسة 1413 هـ‍. دار التراث بالمدينة المنورة وابن كثير بدمشق. 185 - فضائل الصحابة للإمام أحمد. ت: وصي الله عباس. ط: أولى 1403 هـ‍. مؤسسة الرسالة-بيروت. 186 - فضائل الصحابة للنسائي. ط: دار إحياء السنة النبوية. 187 - الفهرست لابن النديم. دار المعرفة-بيروت. 188 - فهرس الفهارس للكتاني. ت: د. إحسان عباس. ط: ثانية 1402 هـ‍. دار الغرب الإسلامي-بيروت. 189 - فوات الوفيات للكتبي. ت: د. إحسان عباس. دار صادر-بيروت. 190 - فيض القدير شرح الجامع الصغير للمناوي. دار إحياء السنة النبوية. 191 - القاموس المحيط للفيروز أبادي. ط: ثانية 1407 هـ‍. مؤسسة الرسالة-بيروت.

192 - القول البديع في الصلاة على الحبيب الشفيع للسخاوي. ت: بشير عون. مكتبة المؤيد بالطائف ودار البيان بدمشق. -قيام الليل لمحمد بن نصر المروزي-مختصر قيام الليل للمقريزي الآتي. 193 - الكامل في الأدب للمبرد. ت: محمد أحمد الدالي. ط: أولى 1406 هـ‍. مؤسسة الرسالة-بيروت. 194 - الكامل في التاريخ لابن الأثير. ت: عبد الله القاضي. ط أولى 1407 هـ‍. دار الكتب العلمية-بيروت. 195 - الكامل في الضعفاء لابن عدي. ط: ثانية 1405 هـ‍. دار الفكر-بيروت. 196 - الكبائر للذهبي. ت: محيي الدين مستو. ط: سابعة 1411 هـ‍. دار ابن كثير بدمشق ودار التراث بالمدينة المنورة. 197 - الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري. دار المعرفة-بيروت. 198 - كشف الأستار عن زوائد البزار للهيثمي. ت: حبيب الرحمن الأعظمي. ط: ثانية 1404 هـ‍. مؤسسة الرسالة-بيروت. 199 - كشف الخفاء ومزيل الإلباس للعجلوني. ت: أحمد القلاش. ط: رابعة 1405 هـ‍. مؤسسة الرسالة-بيروت. 200 - كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون لحاجي خليفة. مكتبة ابن تيمية. 201 - اللآلىء المصنوعة في الأحاديث الموضوعة للسيوطي. ط:1403 هـ‍. دار المعرفة-بيروت. 202 - لحظ الألحاظ بذيل طبقات الحفاظ لابن فهد. ط: دار الكتب العلمية-بيروت. 203 - لسان العرب لابن منظور المصري. ط: دار صادر-بيروت. 204 - لسان الميزان لابن حجر العسقلاني. مصور عن طبعة دائرة المعارف العثمانية. 205 - لطائف المعارف لابن رجب الحنبلي. ت: إبراهيم رمضان وسعيد اللحام. ط: أولى 1409 هـ‍. دار الكتب العلمية-بيروت. -المجتبى-سنن النسائي. 206 - المجتنى لابن دريد. ت: د. محمد عبد المعين خان. ط: ثالثة. دائرة المعارف العثمانية بالهند. 207 - المجروحين لابن حبان. ت: محمود زاد. ط: ثانية 1402 هـ‍. دار الوعي- حلب. 208 - مجمع الأمثال للميداني. ط:1985 م. دار مكتبة الحياة-بيروت.

209 - مجمع الزوائد ومنبع الفوائد للهيثمي. ط: ثالثة 1402 هـ‍. دار الكتاب العربي- بيروت. 210 - المجموع شرح المهذب للإمام النووي-دار الفكر. 211 - المحبر لابن حبيب. ت: د. شتينر. دار الآفاق الجديدة-بيروت. 212 - المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية الأندلسي. ت: المجلس العلمي بفاس ط:1397 هـ‍. 213 - المحلى لابن حزم. دار الآفاق الجديدة-بيروت. 214 - مختصر تاريخ دمشق لابن منظور. ط: أولى 1404 هـ‍. دار الفكر-دمشق. 215 - مختصر قيام الليل للمقريزي. ط: أولى 1408 هـ‍. باكستان. 216 - مرآة الزمان في تاريخ الأعيان لسبط ابن الجوزي. ت: د. مسفر الغامدي. ط: 1407 هـ‍. مركز إحياء التراث بجامعة أم القرى-مكة المكرمة. 217 - مرشد المحتار إلى خصائص المختار لابن طولون. ت: د. بهاء الشاهد. مكتبة الإمام الشافعي. 218 - مروج الذهب ومعادن الجوهر. شرح د. مفيد قميحة. ط: أولى 1406 هـ‍. دار الكتب العلمية-بيروت. 219 - مساوىء الأخلاق ومذمومها للخرائطي. ت: مصطفى الشلبي. ط: أولى 1412 هـ‍. مكتبة السوادي-جدة. 220 - المستدرك على الصحيحين للحاكم. ط: دار الفكر-بيروت. 221 - مسند الإمام أحمد. ط: خامسة 1405 هـ‍. المكتب الإسلامي-دمشق-بيروت. 222 - مسند الإمام أحمد. ت: أحمد شاكر. ط:1377 هـ‍. دار المعارف- مصر. 223 - مسند الحميدي. ت: حبيب الأعظمي. عالم الكتب-بيروت. 224 - مسند أبي داود الطيالسي. ط: دار المعرفة-بيروت. 225 - مسند أبي يعلى الموصلي. ت: إرشاد الحق الأثري. ط: أولى 1408 هـ‍. دار القبلة-جدة. 226 - مشارق الأنوار على صحاح الآثار للقاضي عياض. المكتبة العتيقة-تونس. دار التراث-القاهرة. 227 - مشكل الآثار للطحاوي. ط: أولى 1333 هـ‍. دائرة المعارف النظامية- الهند.

228 - مصابيح السنة للبغوي. ت: د. يوسف المرعشلي وزميليه. ط: أولى 1407 هـ‍. دار المعرفة-بيروت. 229 - مصباح الزجاجة في زوائد ابن ماجه للبوصيري. ت: موسى علي ود. عزت عطية. دار الكتب الحديثة-القاهرة. 230 - المصباح المضي في كتاب النبي الأمي صلى الله عليه وسلم. تصحيح محمد عظيم الدين. ط: ثانية 1405 هـ‍. عالم الكتب-بيروت. 231 - المصنف لابن أبي شيبة. ت: عبد الخالق الأفغاني. ط: ثانية 1399 هـ‍. الدار السلفية-الهند. 232 - المصنف لعبد الرزاق الصنعاني. ت: حبيب الرحمن الأعظمي. ط: ثانية 1403 هـ‍. المكتب الإسلامي-بيروت. 233 - المطالب العالية لابن حجر العسقلاني. ط: دار الباز-مكة المكرمة. 234 - المعارف لابن قتيبة. ت: د. ثروت عكاشة. ط: رابعة-دار المعارف- مصر. 235 - معالم التنزيل للبغوي. ت: خالد العك ومروان سوار. ط: ثانية 1407 هـ‍. دار المعرفة-بيروت. 236 - معالم السنن للخطابي. ط: أولى 1411 هـ‍. دار الكتب العلمية-بيروت. 237 - معجم البلدان لياقوت الحموي. ط:1399 هـ‍. دار إحياء التراث العربي- بيروت. 238 - معجم الشعراء للمرزباني. ط: ثانية 1402 هـ‍. دار الكتب العلمية-بيروت. 239 - المعجم الصغير للطبراني مع الروض الداني. ت: محمد شكور أمرير. المكتب الإسلامي-بيروت. 240 - المعجم الكبير للطبراني. ت: حمدي السلفي. ط: ثانية. 241 - معجم ما استعجم من أسماء البلاد والمواضع لأبي عبيد البكري. ت: مصطفى السقا. ط: ثالثة 1403 هـ‍. عالم الكتب-بيروت. 242 - معجم ما ألف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. د. صلاح الدين المنجد. ط: أولى 1402 هـ‍. دار الكتاب الجديد-بيروت. 243 - معجم المؤلفين لكحالة: دار إحياء التراث العربي-بيروت. 244 - معرفة السنن والآثار للبيهقي. ت: سيد كسروي حسن. ط: أولى 1412 هـ‍. دار الكتب العلمية-بيروت.

245 - معرفة الصحابة لأبي نعيم. ت: د. محمد راضي عثمان. ط: أولى 1408 هـ‍. مكتبة الدار بالمدينة المنورة ومكتبة الحرمين بالرياض. 246 - المعرفة والتاريخ للبسوي. ت: د. أكرم العمري. ط: أولى 1410 هـ‍. مكتبة الدار بالمدينة المنورة. 247 - مغازي الواقدي. ت: د. مارسدن جونس. عالم الكتب-بيروت. 248 - المغني لابن قدامة. ط:1401 هـ‍. مكتبة الرياض الحديثة-الرياض. 249 - المغني عن حمل الأسفار للعراقي. في هامش إحياء علوم الدين للإمام الغزالي. ط: أولى 1406 هـ‍. دار الكتب العلمية-بيروت. 250 - مفتاح السعادة ومصباح السيادة لأحمد بن مصطفى (طاش كبرى زاده) ط: أولى 1405 هـ‍. دار الكتب العلمية-بيروت. 251 - مفردات الراغب. ت: صفوان داوودي. ط: أولى 1412 هـ‍. دار القلم بدمشق والدار الشامية ببيروت. 252 - المفضليات للضبي. ت: أحمد شاكر وعبد السلام هارون. ط: سابعة. دار المعارف-مصر. 253 - المقاصد الحسنة في بيان كثير من الأحاديث المشهرة على الألسنة للسخاوي. ت: عبد الله الصديق وعبد الوهاب عبد اللطيف. ط: أولى 1399 هـ‍. دار الكتب العلمية-بيروت. 254 - مناقب أبي حنيفة للكردري. ط:1401 هـ‍. دار الكتاب العربي-بيروت. 255 - مناقب أبي حنيفة للمكي. ط:1401 هـ‍. دار الكتاب العربي-بيروت. 256 - مناقب عمر بن الخطاب رضي الله عنه لابن الجوزي. ت: د. زينب القاروط. ط: ثالثة 1407 هـ‍. دار الكتب العلمية-بيروت. 257 - مناقب عمر بن عبد العزيز لابن الجوزي. ضبط: نعيم زرزور. ط: أولى 1404 هـ‍. دار الكتب العلمية-بيروت. 258 - منال الطالب في شرح طوال الغرائب لابن الأثير. ت: د. الطناحي. نشر مركز البحث العلمي بجامعة أم القرى-مكة المكرمة. 259 - المنتخب لعبد بن حميد. ت: مصطفى شلباية. ط: أولى 1405 هـ‍. دار الأرقم-بيروت. 260 - المنتخب من كتاب أزواج النبي صلى الله عليه وسلم لابن زبالة. ت: د. أكرم العمري. ط: أولى 1401 هـ‍. الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة.

261 - المنتظم في تاريخ الأمم والملوك لابن الجوزي. ت: محمد ومصطفى عطا. ط: أولى 1412 هـ‍. دار الكتب العلمية-بيروت. 262 - المنمق في أخبار قريش لابن حبيب. ط: أولى 1405 هـ‍. عالم الكتب- بيروت. 263 - منهاج السنة النبوية لابن تيمية. نشر مكتبة الرياض الحديثة. 264 - موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان للهيثمي. ت: محمد حمزة. دار الكتب العلمية-بيروت. 265 - المواهب اللدنية للقسطلاني. ت: صالح الشامي. ط: أولى 1412 هـ‍. المكتب الإسلامي-بيروت، دمشق-عمان. 266 - الموضوعات لابن الجوزي. ت: عبد الرحمن محمد عثمان. ط: ثانية 1407 هـ‍. مكتبة ابن تيمية-القاهرة. 267 - الموطأ للإمام مالك. ت: محمد فؤاد عبد الباقي. ط: البابي الحلبي. دار إحياء الكتب العربية. 268 - ميزان الاعتدال للذهبي. ت: علي البجاوي. ط: أولى 1382 هـ‍. دار المعرفة-بيروت. 269 - النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة لابن تغري بردي. مصورة عن دار الكتب المصرية. 270 - نزهة النظر شرح نخبة الفكر لابن حجر العسقلاني. ط:1404 هـ‍. مكتبة طيبة بالمدينة المنورة. 271 - نسب قريش لمصعب الزبيري. ط: ثانية 1976 م. دار المعارف-مصر. 272 - نصب الراية لأحاديث الهداية للزيلعي. مصورة عن الطبعة الهندية. دار الحديث. 273 - النكت الظراف على الأطراف لابن حجر العسقلاني. على هامش تحفة الأشراف. 274 - نهاية الأرب في فنون الأدب للنويري. مصورة عن طبعة دار الكتب. 275 - النهاية في غريب الحديث والأثر لابن الأثير. ت: الزاوي والطناحي. المكتبة العلمية-بيروت. 276 - نوادر الأصول في معرفة أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم للحكيم الترمذي. ت: أحمد السايح والسيد الجميلي. ط: أولى 1408 هـ‍. دار الريان-مصر.

277 - نيل الأوطار للشوكاني. دار الحديث-القاهرة. 278 - هدية العارفين للبغدادي. مكتبة ابن تيمية. 279 - الوافي بالوفيات للصفدي. ت: هلموت ريتر. ط:1381 هـ‍. 280 - الوثائق السياسية لمحمد حميد الله. ط: رابعة 1403 هـ‍. دار النفائس- بيروت. 281 - الوزراء والكتاب للجهشياري. ت: السقا والأبياري والشلبي. ط: ثانية 1401 هـ‍. مصطفى البابي الحلبي-مصر. 282 - الوسائل إلى معرفة الأوائل للسيوطي. ت: عبد القادر أحمد عبد القادر. ط: أولى 1410 هـ‍. دار ابن قتيبة-الكويت. 283 - وفاء الوفا بأخبار المصطفى صلى الله عليه وسلم للسمهودي. ت: محيي الدين عبد الحميد. دار إحياء التراث العربي-بيروت. 284 - الوفا بأحوال المصطفى صلى الله عليه وسلم لابن الجوزي. ت: مصطفى عطا. ط: أولى 1408 هـ‍. دار الكتب العلمية-بيروت. 285 - الوفيات لابن رافع. ت: صالح عباس ود. بشار عواد. ط: أولى 1402 هـ‍. مؤسسة الرسالة-بيروت. 286 - -وفيات الأعيان لابن خلكان. ت: د. إحسان عباس. دار صادر-بيروت.

§1/1