الإبدال في لغات الأزد دراسة صوتية في ضوء علم اللغة الحديث

أحمد بن سعيد قشاش

مقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم الإبدال في لغات الأزد دراسة صوتية في ضوء علم اللغة والحديث إعداد: د. أحمد بن سعيد قشاش الأستاذ المساعد في كلية اللغة العربية بالجامعة المقدمة: الحمد لله الذي أنزل كتابه بلسان عربي مبين، وتفضل على عباده بنعمة النطق والتبيين، والصلاة والسلام على محمد بن عبد الله أفصح العرب أجمعين، وعلى آله وصحبه وسلم إلى يوم الدين. وبعد: فإن عنوان هذا البحث هو (الإبدال في لغات الأزد - دراسة صوتية في ضوء علم اللغة الحديث) . والأزد من أعظم القبائل العربية وأشهرها، وقد حفلت كتب اللغة والنحو والقراءات والتفسير بمادة وفيرة من لغاتهم، وكانت مصدراً مهماً من مصادر الاحتجاج اللغوي والنحوي عند علماء العربية. ومع نشاط دراسة لغات القبائل العربية في عصرنا الحديث، كتميم وطيئ وقيس وربيعة وهذيل، فإن لغات الأزد لم تحظ - للأسف - بعناية الباحثين المعاصرين، فلا أعلم أحداً درسها أو خص بعض ظواهرها بدراسة مستقلة. وفي بحث آخر أعددته عن (الأزد ومكانتهم في العربية) تبين لي ثراء اللغات المعزوة إليهم، ولكنها كانت متناثرة في ثنايا مصادر شتى لا يجمعها رباط واحد، ويتطلب تصفحها قدراً كبيراً من الصبر والجلد والأناة، لا سيما وأن الاهتمام بالمسائل اللغوية لم يكن هم اللغويين والنحويين وحدهم، بل شاركهم في ذلك الأدباء والمفسرون والمحدّثون والفقهاء، بل والجغرافيون والمؤرخون وغيرهم. وقد قمت بتصفح ما أمكن تصفحه من تلك المصادر، ودونت كل ما وجدته معزواً إلى الأزد أو إلى أحد بطونهم سواء في الأصوات أو الأبنية أو التراكيب أو الدلالة. ولما كان كل جانب من هذه الجوانب يحتاج إلى دراسة واسعة عميقة، وإلى جهد غير واحد من المشتغلين بالدراسات اللغوية، رأيت أن اقتصر في هذا البحث على دراسة ظاهرة الإبدال في لغات الأزد، وهي ظاهرة برزت بوضوح

في اللغات المعزوة إليهم، وكانت من الروافد التي أثرت مواد العربية كمًا وكيفًا، وتركت ما عداها إلى أجلٍ، لعلي أوفق إلى دراستها أو دراسة بعضها في المستقبل القريب إن شاء الله تعالى. وقد أقمت هذا البحث بعد المقدمة على تمهيد وفصلين وخاتمة وثلاثة فهارس. وفي التمهيد وضعت كلمة مختصرة تحدثت فيها عن نسب الأزد وأهم بطونهم، ومواطنهم، وفصاحتهم، وجعلتها مختصرة، استغناء بحديث مفصل عنهم في البحث السالف ذكره. وأما الفصل الأول فكان بعنوان: الإبدال في الحروف (الصوامت) ، وانتظم هذا الفصل مبحثين درست في الأول ظواهر الإبدال الملقبة في لغات الأزد، وفي الفصل الثاني ظواهر الإبدال غير الملقبة. وكان الفصل الثاني بعنوان: الإبدال في الحركات (الصوائت) وقد جاء هذا الفصل في مبحثين أيضًا، الأول عن التبادل بين الفتح والكسر في أحرف المضارعة، والثاني عن التبادل بينهما في اللام الجارة. وكان منهجي في هذه الدراسة وصف الظاهرة المعزوة إلى الأزد أو إلى أحد بطونهم، والتمثيل لها بشواهد من القرآن الكريم، أو الحديث الشريف، أو الشعر، أو النثر، مع محاولة تتبع الظاهرة في مؤلفات العلماء قديمًا وحديثًا، ووصلها بالظواهر التي تتفق معها في لغات القبائل الأخرى، أو اللهجات العربية المعاصرة، ثم أنهي الحديث عن الظاهرة بتفسيرها أو التعليل لها في ضوء الدراسات اللغوية الحديثة، مع عدم إغفال أقوال علمائنا المتقدمين، إذا وجدت لأحدهم قولاً في تفسير إحدى الظواهر. ثم انتهيت إلى خاتمة أشرت فيها إلى أهم نتائج هذا البحث. وقفيتها بثلاثة فهارس: الأول فهرس الألسنة واللغات واللهجات، والثاني فهرس المصادر والمراجع، وآخرها فهرس الموضوعات. والله أسأل أن يجعل عملي هذا خالصاً لوجهه الكريم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

التمهيد:

التمهيد نسب الأزد: تنتسب جميع قبائل الأزد إلى جدها الأكبر (الأزد) ، واسمه دراء بن الغوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان1. وكان الموطن الأصلي للأزد مأرب وما حولها من بلاد اليمن، ثم تفرقوا عن موطنهم هذا لأسباب كثيرة أهمها تهدم سد مأرب، وسوء أحوالهم الاقتصادية، كما أخبرنا بذلك ربنا في قوله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لِسَبَأٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ. فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ} 2. وقد تفرقوا بعد رحيلهم من اليمن إلى أنحاء مختلفة من أرجاء الجزيرة العربية، فمنهم من نزل جبال السراة، وهم بنو الحجر بن الهنوء بن الأزد، وبنو قرن بن عبد الله بن الأزد، وبطون من بني نصر بن الأزد الملقب بشنوءة، ومنهم غامد وزهران، وبطون من بني مازن بن الأزد، وهم شكر وبارق ومنهم بنو عمر وبنو ناشر، وأطلق على هؤلاء جميعاً أزد السراة، ونزلت بطون من بني مازن مكة والمدينة وبلاد الشام، فنزلت خزاعة مكة، ونزل الأوس والخزرج المدينة، ونزل آل جفنة بلاد الشام، وعرف هؤلاء جميعاً بأزد غسان، ومنهم من استوطن عمان، وهم بطون من بني نصر بن الأزد وأخيه مازن، وهؤلاء أزد عمان3. وقد صُنفوا تبعاً لهذه المواطن الجديدة إلى أربعة أقسام: 1- أزد السراة.

_ 1 نسب معد واليمن الكبير1/362، ونسب عدنان وقحطان44، وجمهرة أنساب العرب 330. 2 سورة سبأ 15،16. وينظر: تفسير القرطبي 14/182،183، ومروج الذهب 2/174. 3 ينظر: سيرة ابن هشام1/13، وصفة جزيرة العرب328، 330، ومروج الذهب 2/170-174، ومعجم البلدان 5/36-37، وفي سراة غامد وزهران 215 - 224.

2- أزد شنوءة، وهم في الحقيقة من أزد السراة. 3- أزد غسان. 4- أزد عُمان1. وقد تردد ذكر هؤلاء في كتب التراث، معزواً إليهم كثير من الظواهر اللغوية، أو الحوادث التاريخية. فصاحة الأزد: اشتهر الأزد، ولا سيما أزد السراة، بالفصاحة والبيان، حتى عدهم بعض العلماء من أفصح القبائل العربية. قال الخليل بن أحمد: "أفصح الناس أزد السراة"2. وقال أبو عمرو بن العلاء: "كنا نسمع أصحابنا يقولون: أفصح الناس تميم وقيس وأزد السراة وبنو عذرة"3. وقال أيضاً: "أفصح الناس أهل السروات، وهي ثلاث: وهي الجبال المطلة على تهامة مما يلي اليمن، أولها هذيل، وهي التي تلي السهل من تهامة، ثم بجيلة، وهي السراة الوسطى، وقد شركتهم ثقيف في ناحية منها، ثم سراة الأزد أزد شنوءة، وهم بنو كعب بن الحارث بن كعب بن عبد اللَّه بن مالك بن نصر بن الأزد"4. ولم تزل الفصاحة في أهل السراة حتى بعد عصور الاحتجاج بزمن طويل، وقد لفتت فصاحتهم أنظار العلماء وأثارت إعجابهم، كابن جبير في القرن السادس5، وابن بطوطة في القرن الثامن6، وفؤاد حمزة في القرن الرابع عشر7.

_ 1 معجم البلدان 3/396.وينظر: تثقيف اللسان196، وتصحيح التصحيف385، ووفيات الأعيان5/358. 2 الفاضل 113. 3 السابق 113. 4 معجم البلدان 3/205. 5 رحلة ابن جبير 111،113. 6 رحلة ابن بطوطة 180. 7 قلب جزيرة العرب 107.

الفصل الأول: الإبدال في الحروف (الصوامت) :

الفصل الأول: الإبدال في الحروف (الصوامت) : توطئة: الإبدال في الاصطلاح: جعل حرف مكان آخر مطلقاً، وهو عند علماء العربية1 قسمان: 1- إبدال صرفي، وهو الإبدال القياسي المطرد عند جميع العرب، ويقع في حروف معينة، مثل تاء افتعل إذا جاء بعدها أحد حروف الإطباق فإنها تبدل طاء، كقولهم في (اصتب) : "اصطبر" وهو لا غنى عنه، تركه يوقع في الخطأ، أو مخالفة الأكثر من كلام العرب2. وحروفه تسعة عند ابن مالك، عبر عنها في (الألفية) و (الكافية الشافية) بقوله: "هدأت موطيا"3 وفي (التسهيل) 4 بقوله: "طويت دائمًا" فأسقط الهاء. وجمعها أبو علي القالي في اثني عشر حرفًا عبر عنها بقوله: "طال يوم أنجدته"5. وهي عند الزمخشري خمسة عشر حرفًا عبر عنها بقوله: "استنجده يوم طال زط"6. والذي ذكره سيبويه منها أحد عشر حرفًا: ثمانية من حروف الزيادة، وهي ما سوى اللام والسين، وثلاثة من غيرها، وهي الدال والطاء والجيم، يجمعها في اللفظ عبارة: "أجد طويت منهلا"7.

_ 1 ينظر: الأمالي2/186، وشرح الكافية الشافية4/2079،2080، والأشموني4/282، وهمع الهوامع 3/427، والمزهر1/ 474. 2 شرح الكافية الشافية4/2080. 3 شرح الكافية الشافية4/2077، وشرح ابن عقيل 2/481، والأشموني 4/280. 4 ص 300.وينظر: المساعد 4/86. 5 الأمالي2/186. 6 المفصل 428. 7 سيبويه4/237، والتبصرة 2/812.وينظر: المقتضب 1/61، وابن يعيش 10/8، والأشموني4/283.

2- إبدال لغوي، وهو الذي يعنينا في هذا البحث، وهو سماعي غير مطرد في كلام العرب، ولكنه يختلف باختلاف القبائل، فقبيلة تقول: مدح، بالحاء، وأخرى: مده، بالهاء1. ولا يعد مخالفه مجانبًا للصواب اللغوي2، ويقع - غالبًا - في جميع حروف المعجم3. ولم تقف نظرة اللغويين عند التغيير الذي يلحق حروف الكلمة، بل رأوا أن الإبدال يكون في الحركات أيضًا، وعلى هذا فيمكن تعريف الإبدال بأنه: جعل حرف مكان آخر، أو حركة مكان أخرى4. وقد اختلف القدماء في معنى الإبدال اللغوي وسببه على رأيين: 1- فريق يرى أن كل لفظين اختلفا في حرف واحد، واتفقا في سائر الحروف هو من باب الإبدال، ومن هؤلاء أبو الطيب اللغوي الذي كان يرى أن الإبدال بجميع صوره لا يقع إلا بين لغتين مختلفتين، وقد وضح هذا بقوله: "ليس المراد بالإبدال أن العرب تتعمد تعويض حرف من حرف، وإنما هي لغات مختلفة لمعان متفقة، تتقارب اللفظتان في لغتين لمعنى واحد حتى لا يختلفا إلا في حرف واحد. قال: والدليل على ذلك أن قبيلة واحدة لا تتكلم بكلمة طورًا مهموزة، وطورًا غير مهموزة، ولا بالصاد مرة، وبالسين أخرى، وكذلك إبدال لام التعريف ميمًا، والهمزة المصدرة عينًا، كقولهم في أنّ: عنّ، لا تشترك العرب في

_ 1 الصاحبي203، والإبدال 1/316. 2 اللهجات العربية72. 3 همع الهوامع 3/427، والمزهر 1/461.وينظر: شرح الكافية الشافية4/2079، والمساعد 4/86،87، والأشموني4/279، 282. 4 اللهجات العربية71.

شيء من ذلك، إنما يقول هذا قوم، وذاك آخرون"1. 2- وفريق آخر يشترط لكي تعد الكلمتان من الإبدال تقارب الصوتين، أي: وجود علاقة صوتية بينهما تسوغ إحلال أحدهما محل الآخر، كقول الأصمعي: "النغر والمغر. الميم بدل من النون لمقاربتها في المخرج"2. وقد نص على ذلك صراحة أبو علي الفارسي في قوله: "القلب في الحروف إنما هو فيما تقارب منها، وذلك: الدال والطاء والتاء، والذال والظاء والثاء، والهاء والهمزة، والميم والنون، وغير ذلك مما تدانت مخارجه. فأما الحاء فبعيدة من الثاء، وبينهما تفاوت يمنع من قلب إحداهما إلى أختها"3. وكان تلميذه ابن جني يرى -كذلك - أن الإبدال لا يقع إلا في الأصوات المتقاربة المخارج4. وقال ابن سيده: "ما لم يتقارب مخرجاه ألبتّة فقيل على حرفين غير متقاربين فلا يسمى بدلاً، وذلك كإبدال حرف من حروف الفم من حرف من حروف الحلق"5. وفي عبارة موجزة علل الأزهري حدوث الإبدال في لغات العرب بقوله: إذا تقارب الحرفان في المخرج تعاقبا في اللغات"6. وقد وصل هذا الخلاف إلى المعاصرين، فمنهم من يرى إمكانية حدوث الإبدال في جميع أصوات العربية سواء فيما تقارب منها مخرجًا وصفة، أو ما تقارب صفة وتباعد

_ 1 الإبدال 1/69، وينظر: المزهر 1/460. 2 النوادر لأبي زيد291. 3 سر صناعة الإعراب 1/180. 4 الخصائص 2/149-152. 5 المخصص13/274. 6 تهذيب اللغة10/6.

مخرجًا. ومن أشهر القائلين بهذا الرأي عبد الله أمين في كتابه (الاشتقاق) 1. ومنهم من يقول بوجوب التقارب بين الصوتين، ومن هؤلاء الدكتور إبراهيم أنيس الذي يقول: "حين نستعرض تلك الكلمات التي فُسرت على أنها من الإبدال حينًا، أو من تباين اللهجات حينًا آخر، لا نشك لحظة في أنها جميعًا نتيجة التطور الصوتي … غير أنه في كل حالة يشترط أن نلحظ العلاقة الصوتية بين الحرفين المبدل والمبدل منه. ودراسة الأصوات كفيلة بأن توقفنا على الصلات بين الحروف وصفات كل منها. أي: أن القرب في الصفة والمخرج شرط أساسي في كل تطور صوتي"2. ونحن في بحثنا هذا سنأخذ برأي الفريقين في تفسير ظواهر الإبدال في لغات الأزد، سواء ما كان منها في الحروف (الصوامت) أو الحركات (الصوائت) .

_ 1 ص361. 2 من أسرار اللغة75. وينظر بعض أراء المعاصرين في وجوب التقارب: الإبدال لأبي الطيب (مقدمة المحقق) 1/9، ودراسات في فقه اللغة217-219.

المبحث الأول: اللغات الملقبة:

المبحث الأول: اللغات الملقبة: الاستنطاء: ... المبحث الأول: اللغات الملقبة: نعني باللغات الملقبة، تلك الظواهر اللغوية التي خلت منها لغة قريش، وعرفت بألقاب خاصة، كالكسكسة والكشكشة والطمطمانية والاستنطاء، ونحو ذلك مما ذكره ابن فارس تحت باب (اللغات المذمومة) 1 وذكره السيوطي بعنوان (معرفة الرديء والمذموم من اللغات) 2. وقد عزي إلى قبائل الأزد بعض الظواهر الإبدالية الملقبة، من غير أن تنفرد بلقب واحد منها، حيث نجد بعض المصادر تنسب اللقب إلى الأزد في حين يُنسب في مصادر أخرى إلى غيرهم من قبائل العرب، وليس هذا من قبيل التعارض في النسبة، لأن بعض الظواهر اللغوية قد تنتشر بحكم المجاورة أو الاختلاط في المواسم الدينية أو الأسواق أو الحروب بين عدد كبير من القبائل العربية، فيروي كل لغوي ما بلغه منها. وسندرس - فيما يلي - ما عزي إلى الأزد من ظواهر الإبدال الملقبة، مرتبة على حروف المعجم: 1- الاستنطاء: يفسر اللغويون هذه الظاهرة بأنها عبارة عن جعل العين الساكنة نونًا إذا جاورت الطاء، كقولهم: "أنطى" بدلاً من أعطى3. ومن شواهدها: ما روته أم سلمة - رضي الله عنها - عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قرأ "إنا أنطيناك الكوثر" 4.

_ 1 الصاحبي53. 2 المزهر1/221. 3 الإبدال لأبي الطيب 2/318، والمزهر1/222، والتاج (ن ط ا) 10/372. 4 سورة الكوثر 1. وينظر: المعجم الكبير للطبراني23/365 (862) ، وشواذ القرآن182، والكشاف4/806.

كما قرأ ابن مسعود والأعمش: (وأنطاهم تقواهم) 1 في قوله تعالى: {وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ} 2. ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: "لا مانع لما أنطيت، ولا منطي لما منعت"، وقوله: "اليد المنطية خير من اليد السفلى"، ومنه كتابه لوائل بن حُجْر: "وأنطوا الثَّبَجَة" وقوله لرجل آخر: "أنطه كذا" 3. وفي كتابه - صلى الله عليه وسلم - لتميم الداري: "هذا ما أنطى محمد رسول الله لتميم الداري وإخوته …" 4 قال الزَّبيدي: "ويسمون هذا الإنطاء الشريف، وهو محفوظ عند أولاده"5. وقال ابن الأعرابي: "شرّف النبي صلى الله عليه وسلم هذه اللغة وهي حميرية"6. ومن شواهدها في الشعر قول أعشى قيس: جيادك في القيظ في نعمة ... تُصان الجِلال وتنطى الشَّعيرا7 وأنشد ثعلب: من المنطيات المركب المعج بعدما ... يُرى في فروع المقلتين نُضوب8

_ 1 شواذ القرآن142. 2 سورة محمد 17. 3 النهاية1/206، 5/76. والثبجة: الوسط في الصدقة. 4 مسالك الأبصار لابن فضل الله العمري 1/174. 5 التاج (ن ط ا) 10/372. 6 تهذيب اللغة 14/30. 7 الإبدال لأبي الطيب 2/318، وفي ديوانه 149: (وتعطي الشعير) . 8 اللسان (ن ض ب) 1/763، (ن ط ا) 15/333.

قال الخليل: "الإنطاء لغة في الإعطاء"1 وقال الجوهري: "الإنطاء: الإعطاء بلغة اليمن"2.وعزاها ابن الأعرابي - في قوله المتقدم - وابن الجوزي3 إلى حمير. وقال التبريزي: "هي لغة العرب العاربة من أولي"4 وعزاها السيوطي5 والزَّبيدي6 إلى سعد بكر، وهذيل، والأزد، وقيس، والأنصار، وهم بطن من الأزد. ويرى الدكتور الجندي أن قيس المذكورة ليس المراد بها قيس عيلان، وإنما هي بطن من همدان، بدليل قول الأعشى السابق، وهو من قيس القحطانية. كما يرى أن هذيل المذكورة ليست تلك القبيلة المعروفة من مضر، وإنما هي هذيل اليمنية. قال: فتكون هذه اللغة قد خلصت لليمن بدليل وجود الأنصار والأزد في نص السيوطي، وجميعهم من اليمن7. غير أن هذا لا يمنع من انتقالها إلى قبائل أخرى غير يمنية، فاللغات لا تعرف الثبات بل تنتقل بين القبائل بالمجاورة والاختلاط، ومن المعروف جغرافيًا أن بعض بطون هذيل وقيس كانت تجاور الأزد في السراة8، ومن هنا يأتي التأثير، فانعكست بعض الظواهر الأزدية على قبيلة هذيل وقيس ومنهم بنو سعد بن بكر.

_ 1 العين 7/454. 2 الصحاح (نطا) 6/2512.وينظر: الفائق 1/17، والنهاية5/76. 3 غريب الحديث2/418. 4 البحر المحيط 10/556، والدر المصون 11/125. 5 المزهر 1/222. 6 التاج (المقدمة) 1/8، (ن ط ا) 10/372. 7 اللهجات العربية في التراث 1/381. 8 ينظر: معجم ما استعجم 1/15، ومعجم البلدان 3/204.

كما أن "التوزيع الجغرافي لمواطن النطق بالصيغة (أنطى) قديمًا وحديثًا، يبين أنها كانت توجد على طرق القوافل، من الجنوب إلى الشمال، ومن ثم فإن احتمال انتقال هذه الصيغة من الجنوب، أي: من بلاد اليمن، على طول رحلتي الشتاء والصيف، احتمال مقبول"1. ولا تزال هذه اللغة منتشرة في أماكن مختلفة من الوطن العربي، فقد سُمعت في العراق2 وفي صحاري مصر3 وفي غرب السودان وشرقه4. ولم يسمع للاستنطاء مثال آخر غير الفعل أعطى في لغة القبائل التي روي عنها، ومن هنا استبعد الدكتور رمضان عبد التواب أن تقلب العين وهي حرف حلقي إلى النون وهي حرف غير حلقي، فمخرج كل منهما بعيد عن مخرج الأخرى. قال: "ومن المعروف أن الصوت لا يقلب إلى صوت آخر إلا إذا كان بين الصوتين نوع من القرابة الصوتية في المخرج والصفة"5 وقد أشرنا من قبل إلى رأي فريق من العلماء القدامى والمعاصرين الذي يشترط وجود علاقة صوتية بين الحرفين المبدلين تدعو إلى إحلال أحدهما محل الآخر. ويرى الدكتور عبد الغفار حامد هلال أن تباعد مخرجي النون والعين ليس مبررًا كافيًا يمنع أن تقلب العين نونًا، فالصوتان وإن تباعد مخرجاهما إلا أن بينهما تقاربا في بعض الصفات يسوغ التبادل بينهما، كالجهر والانسفال والانفتاح، ثم هما أيضًا صوتان متوسطان بين الرخاوة والشدة6.

_ 1 العربية ولهجاتها 51. 2 دراسات وتعليقات في اللغة 125. 3 مميزات لغات العرب 13. 4 دراسات وتعليقات في اللغة 124. 5 ودراسات وتعليقات في اللغة 126. 6 اللهجات العربية نشأة وتطورًا 186، وينظر: مخارج الحروف وصفاتها 126، 127، وارتشاف الضرب1/10، وفي اللهجات العربية 141.

ومحاولة تفسير هذه الظاهرة بإيجاد علاقة صوتية بين العين والنون أراه تكلفًا لا مسوغ له، فيكفي أن نقول: إنهما لغتان، لأن إبدال العين نونًا لم يصدر - بالتأكيد - عن ناطق واحد، بل هما - كما يقول أبو الطيب اللغوي في تفسير ظواهر الإبدال - لغتان مختلفتان هذه لقبيلة، وتلك لأخرى1. وكان الدكتور إبراهيم أنيس يرى "أن الأمر لم يكن مقصورًا على الفعل (أعطى) بل يتعلق بكل (عين) سواء وليها طاء أو صوت آخر. فلعل من القبائل من كانوا ينطقون بهذا الصوت بصفة خاصة نطقًا أنفميًا، وذلك بأن يجعلوا مجرى النفس معه من الفم والأنف معًا، فتسمع العين ممتزجة بصوت النون وليست في الحقيقة نونًا، بل هي (عين) أنفمية. وعلى هذا فيمكن أن يقال: إن الرواة قد سمعوا هذه الصفة ممثلة في الفعل (أعطى) فأشكلت عليهم، ولم يصفوها لنا على حقيقتها"2. وهذا افتراض بلا دليل، ولو أن الرواة سمعوا للاستنطاء أمثلة أخرى غير الفعل (أعطى) لذكروها، لأن الأمر عندهم لا يتوقف على ظاهرة لغوية مجردة لم يحسنوا وصفها كما زعم، بل يتعلق بنص القرآن الكريم وما ورد فيه من قراءات بلغوا الغاية في وصفها وضبطها. ويرى بعض المستشرقين أن الاستنطاء لا علاقة له ألبتة بالفعل (أعطي) ، بل هو فعل سامي آخر معروف في العبرية هو (نطا) بمعنى (مد يده، ثم زيدت عليه الهمزة فصار على وزن (أفعل) في العربية، بزيادة الهمزة3.

_ 1 ينظر: ص 13، 14من هذا البحث. 2 في اللهجات العربية 142. 3 في اللهجات العربية 142.

وذهب إلى هذا الرأي الدكتور عبد المجيد عابدين، وقال: "فـ (أنطى) في العربية أصله: نطا ينطو، أي: مدّ يمدّ، يقال: نطوت الحبل، أي: مددته، وهو من أصل يختلف عن: عطا يعطو، بمعنى: تناول، وإن كان معنياهما يتقاربان في الاستعمال، ولكل لفظ في الفصحى مادته ومشتقاته. وظن السيوطي أن العين الساكنة أبدلت نونًا، وليس هناك إبدال على الحقيقة، ولا لتسكين العين أو تحريكها علاقة بالصيغة النونية"1. وكان أبو حيان - وهو على دراية ببعض اللغات السامية - يرى أيضًا أنهما أصلان مختلفان لا إبدال فيهما، قال: "قال أبو الفضل الرازيّ وأبو زكريا التبريزيّ: أبدل من العين نونًا، فإن عنيا النون في هذه اللغة مكان العين في غيرها فحسن، وإن عنيا البدل الصناعي فليس كذلك، بل كل واحد من اللغتين أصل بنفسها لوجود تمام التصرف من كل واحدة، فلا يقول الأصل العين، ثم أبدلت النون منها"2. ويرى الدكتور عبد الرحمن أيوب أن في العربية الفعل (ناط) بمعنى أسند الأمر لإنسان ما ليقوم به وهو في العبرية (ناتا) وفي الأمهرية (أمطى) مزيد عليه الهمزة كالفعل العربي (أعطى) ووجود النون في العبرية فاء للفعل والميم في الأثيوبية دليل على أن المادة الأصلية للفعل العربي (ن ط ى) 3. ولم يرتض الدكتور رمضان عبد التواب هذا التفسير، لأنه – في رأيه - يبعد عن المعنى العام لكلمة (أنطى) في العربية، وهو مطلق الإعطاء. ويرى أن

_ 1 من أصول اللهجات العربية في السودان 112. 2 البحر المحيط 10/556. 3 العربية ولهجاتها 51.

مقابل الفعل (أعطى) في العبرية (natan) أي: نون وتاء ونون. وفي السريانية في المضارع (nettal) مع إدغام النون الأولى في التاء، والنون الثانية في لام الجر. قال: ولعل ما حدث في لغة هذه القبائل التي روي عنها الاستنطاء، هو عملية نحت لما في هاتين اللغتين واللغة العربية، فأخذت فاء الفعل من العبرية والسريانية، وبقيت عينه ولامه كما هما في العربية"1. وللدكتور إبراهيم السامرائي رأي طريف في تفسير هذه الظاهرة، حيث يقول: "إني لأرى فيها أن بين الفعل (أعطى) و (آتى) قرابة، والفعلان هما هما في الدلالة، قال تعالى: {وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ} 2، وأنا أفترض أن الثلاثي (أتى) بزيادة الهمزة يؤدي هذا المعنى. وإذا ضاعفنا التاء كان عندنا (أتّى) والمضاعف يصبح (أنتى) حين يفك التضعيف ويبدل النون من إحدى التاءين على غرار طائفة من الأفعال غير هذا الفعل، وكأن (أنتى) صار (أنطى) بإبدال الطاء من التاء. ولنا أن نقول: إن (أعطى) جاء من (آتى) بإبدال الهمزة الثانية عينًا، والتاء طاء"3. وهذا الرأي قريب من واقع الكلمة في بيئتها العربية، ويعضده ما عزي إلي بعض أهل اليمن أنهم يبدلون الحرف الأول من الحرف المشدد نونًا، فيقولون في الحظّ، والإجّاص، والإجّانة، والقبّرة: الحنظ، والإنجاص، والإنجانة، والقنبرة4.

_ 1 دراسات وتعليقات في اللغة 127، 128. 2 سورة البقرة 177.وكتبت الآية في الأصل سهوًا: "وآتى المال على حبه مسكينًا ويتيمًا وأسيرًا". 3 في اللهجات العربية القديمة 80،191. وينظر: دراسات في اللغة 217. 4 الاقتضاب 2/181.

الطمطمانية:

2- الطمطمانية: تتمثل هذه اللغة في إبدال لام التعرف ميمًا، كقولهم: "طاب امهواء"1. أي: طاب الهواء. وقد عزيت هذه الظاهرة إلى الأزد، وإلى قبائل يمنية أخرى. فعزيت إلى دوس2، وهم من أزد شنوءة الذين نزلوا السراة، حيث روي عن أبي هريرة الدوسي - رضي الله عنه - أنه قال: "قلت لعثمان - وهو محصور في الدار -: طاب امضرب يا أمير المؤمنين - أي: حل القتال - قال: عزمت عليك لتخرجن، فأطعت أمير المؤمنين"3. وقال أبو العباس ثعلب: "هذه لغة للأزد مشهورة"4. وعُزيت إلى طيئ5، وهي في الأصل قبيلة يمنية هاجرت إلى شمال الجزيرة العربية. ومن شواهدها لدى طيئ قول بُجير بن عَنَمة الطائي6: ذاك خليلي وذو يعاتبني ... يرمي ورائي بامسهم وامْسَلِمة أي: بالسهم والسلمة.

_ 1 فقه اللغة للثعالبي 111، والمزهر 1/223. 2 المباني في نظم المعاني 222. 3 الكفاية في علم الرواية 184.وينظر: غريب الحديث لأبي عبيد 4/193، وتاريخ الطبري 2/675، والنهاية 3 /150. 4 مجالس ثعلب 1/58. 5 شرح المفصل لابن يعيش 9/20، ومغني اللبيب 70، والجنى الداني 207، وشرح شافية ابن الحاجب 3/215، وهمع الهوامع 1/79. 6 شعر طيئ1/344، وغريب الحديث لأبي عبيد 4/194، وشرح ابن يعيش 9/20، ومغني اللبيب 71، والأشموني 1/157، والصحاح (ذا) 6/2552، واللسان (أم م) 12/36، (س ل م) 12/297، (ذو) 15/459.والسّلِمَة: الحَجَر. الصحاح (س ل م) 5/1951.

وعزيت إلى زُبيد، قال ابن الكلبي: "أنشد أشياخ بني زُبيد لعمرو بن معدي كرب الزبيدي1: خَلِمْلِم لم أخنه ولم يخني ... علم صمصامة ام سيف ام سلام أي: على الصمصامة السيف السلام. وعزاها الخطيب البغدادي إلى الأشعريين. قال: "وهي لغة مستفيضة إلى الآن باليمن"2. وعزاها بعض المعاصرين إلى سبأ أصل قبائل اليمن3. ومعظم المصادر القديمة تعزوها إلى حمير أو إلى اليمن عامة4. وعن شمر أنه سأل امرأة حميرية فصيحة عن بلادها، فقالت: "النخل قُلٌّ، ولكن عيشنا امقمح، امفرسك، أم عنب، أم حماط، طوب، أي: طيب"5. ومن أمثال حمير: "لولا امعباب لم تنفق امكعاب"6.

_ 1 جمهرة النسب 45، ورواية الديوان 160: خليلٌ لم أخنه ولم يخنّي ... كذلك ما خِلالي أو نِدامي 2 الكفاية في علم الرواية 184. 3 لهجات اليمن قديمًا وحديثًا 64. 4 غريب القرآن لأبي عبيد 4/194، والأزهية132، 133، وفقه اللغة للثعالبي 111، ومحاضرات الأدباء 1/36، ودرة الغواص 249، والنهاية 3/150، وشرح ابن يعيش 9 /20، وشرح قطر الندى 158، والمزهر 1/223، والتصريح بمضمون التوضيح1/485 وتهذيب اللغة 12/447، 15/ 625، والصحاح 5/1951، واللسان 12/297 (س ل م) . 5 تهذيب اللغة 10/424، واللسان 10/475. 6 دراسة اللهجات العربية القديمة 85.

وقال الأخفش: "وأما ما سمعنا من اليمن، فيجعلون (أم) مكان الألف واللام الزائدتين، يقولون: رأيت امرجل، وقام امرجل، يريدون الرجل"1. وقد سمع ابن دريد هذه اللغة باليمن أيضًا، وهي الموطن الأصلي للأزد، فقال: "يقولون: رأيت امكبّار ضرب رأسه بالعَصْو، أي: بالعصا"2. وقد تكلم الرسول - صلى الله عليه وسلم - بهذه اللغة في مخاطبة أحد وفود اليمن فقال: "ليس من امبر امصيام في امسفر"3. ولا تزال هذه اللغة مسموعة في جهات كثيرة من جنوب الجزيرة العربية4 وسمعتها في منطقة الباحة في تهامة غامد الزناد، لكن الغالب عليهم إبدال الميم باء، فيقولون في امجمل (ابجمل) إلا ما كان أوله باء كالبقرة، فيقولون: (امبقرة) هروبًا من اجتماع المثلين. ويتضح من هذه الشواهد أن أل الشمسية وأل القمرية تبدلان على السواء ميمًا إلا فيما حكاه الزجاجي في حواشيه على ديوان الأدب بأن "حمير يقلبون اللام ميمًا إذا كانت مُظْهَرة كالحديث المروي، إلا أن المحدِّثين أبدلوا في (الصوم) و (السفر) وإنما الإبدال في (البِّر) فقط"5.

_ 1 معاني القرآن 1/29. 2 جمهرة اللغة 1/327.وينظر: الاشتقاق54. 3 الحديث بهذه الرواية في مسند الإمام الشافعي 2/157، والإمام أحمد 5/434، وغريب الحديث لأبي عبيد 4/194، والكفاية في علم الرواية184، ونصب الراية للزيلعي 2/461.وأخرجه البخاري في كتاب الصوم (1844) بلفظ: "ليس من البر الصوم في السفر". 4 ينظر: لهجات اليمن قديمًا وحديثًا20، ومعجم العادات والتقاليد واللهجات المحلية في منطقة عسير 64-70. 5 التصريح بمضمون التوضيح 1/485.

وكذلك حكى ابن هشام عن بعض طلبة اليمن - في القرن السابع - أنه سمع في بلدهم من يقول: "خذ الرُّمح، واركب امفرس". أي أنهم لا يبدلون اللام ميمًا في أل الشمسية، وإنما يخصون ذلك بأل القمرية، قال: "ولعل ذلك لغة لبعضهم، لا لجميعهم، ألا ترى إلى البيت السابق، وإنها في الحديث دخلت على النوعين"1. وذكر بعض المستشرقين أن بعض حمير يبدلون اللام في أل نونًا2، فتكون أداة التعريف عندهم هي النون كما في العبرية3، ولا يزال بعض قبائل سحار المتاخمة لخولان صعدة باليمن يقلبون أل الشمسية إلى (أنْ) ، فيقولون في الصلاة والثور: انصلاة، انثور4. وذكر أحمد حسين شرف الدين أن المُعَرّف في اللغات اليمنية القديمة غالبًا ما يكون بالنون في آخر الاسم، مثل (ذن مسندن) أي: هذا المسند5. ولهذا أنكر جواد علي أن ينسب إبدال اللام ميمًا في كلام حمير، وزعم أن الحديث المروي شاهدا على هذه اللغة ضعيف أو مكذوب، قال: وقد وُضِع ليكون شاهدا على الطمطمانية المذكورة، ويرى أن تنسب هذه اللغة إلى بعض طيء6. وهذا القول غير مقبول، لحكمه على الحديث بلا علم، وقد رواه العلماء الثقات

_ 1 مغني اللبيب 71، ويعني بالبيت: (بامسهم وامسلمة) والحديث: "ليس من امبر امصيام في امسفر". 2 دراسة اللهجات العربية القديمة 85. 3 في اللهجات العربية 142. 4 لهجات اليمن قديمًا وحديثًا 65. 5 لهجات اليمن قديمًا وحديثًا 20. 6 المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام 8/576.

في مصنفاتهم، ولم يحكموا عليه بالضعف أو الوضع، كما أن قلب لام التعريف ميمًا في كلام حمير وغيرهم من أهل اليمن، كالأزد وطيء أمر مستفيض مشهور عند العلماء قديمًا وحديثًا، والشواهد على ذلك كثيرة، ذكرنا شيئًا منها فيما تقدم. وحكم ابن جني على إبدال اللام ميمًا في هذه اللغة بالشذوذ الذي لا يسوغ القياس عليه1.وفي هذا الحكم نظر، لأنها "لغة قوم بأعيانهم … ولا يجوز الحكم على لغة قوم بالضعف ولا بالشذوذ. نعم لا يجوز القياس بإبدال كل لام ميمًا، ولكن يتبع إن سمع"2 كما قال في الخصائص: "الناطق على قياس لغة من لغات العرب مصيب غير مخطئ، وإن كان غير ما جاء به خيرًا منه"3. أو كما قال أبو حيان: "كل ما كان لغة لقبيلة قيس عليه"4. وقد فسر اللغويون قلب اللام ميما في هذه اللغة بأنهما من الأصوات الذلقية الشبيهة بأصوات اللين، والمخارج متقاربة بينهما، يشاركهما في ذلك النون والراء5.وهذه الأصوات يبدل بعضها من بعض كثيرًا في اللغات السامية6. ومن أمثلة قلب اللام ميمًا في العربية: "انجبرت يده على عَثَم وعَثَل، وسَمَمْت ما عنده وسَمَلت ما عنده، أي: خبرته، وأصابته أزمة وأزلة، أي: سنة، وغُرْمَة وغُرْلَة، وهي القلفة، وامرأة غرلاء وغرماء"7.

_ 1 سر صناعة الإعراب 1/423. 2 لهجات العرب 105-106. 3 الخصائص 2/411. 4 الاقتراح186. 5 الأصوات اللغوية 63. 6 التطور النحوي للغة العربية 38، ودراسات وتعليقات في اللغة 82. 7 الإبدال والمعاقبة 98.وينظر: الإبدال لأبي الطيب 2/387-381.

المعاقبة:

3- المعاقبة: عرّف ابن سيده المعاقبة بأنها: دخول الياء على الواو، والواو على الياء من

غير علة تصريفية، أما ما دخلت فيه الواو على الياء، والياء على الواو لعلة، فليس من المعاقبة، لأنه قانون من قوانين التصريف1. ويتضح من هذا التعريف أمران: أحدهما: أن المعاقبة ليست ناشئة من علة تصريفية، فليس منها، نحو: ميزان وميقات، لأن الواو قلبت ياء لعلة تصريفية هي سكونها وانكسار ما قبلها. الثاني: أن يكون المعنى واحدًا في الصيغة الواوية والصيغة اليائية، ولذا لا يعد من التعاقب ما اختلف معناه، فالكور المبني من الطين، والكير: الرق الذي ينفخ فيه، فلا معاقبة هنا2. والمعاقبة بين الواو والياء تكون في أوائل الكلم، وأواسطه وأواخره، كقولهم: غلام يَفْعة ووَفْعة، ومولود وتن ويتن، وتحوّزت إلى فئة وتحيّزت، وبينهما بون بعيد وبين بعيد، ونوّم ونيّم جمع نائم، وقلوت البسر وقليته، وهذه غنم قِنية وقنوة، وهي الجهة القصوى والقصيا3. والتعاقب بين الواو والياء كثير ألف فيه العلماء، كـ (كتاب الاعتقاب) لأبي تراب اللغوي، وكتاب (التعاقب) لابن جني، وأفرد له ابن السكيت بابًا مستقلاً في (إصلاح المنطق) 4 ومثلُه ابن سيده في (المخصص) 5. ونظم ابن مالك بعض ألفاظ التعاقب في تسعة وأربعين بيتًا6. وإذا كان اللغويون يذكرون أن الغالب على أهل الحجاز إيثار الصيغة اليائية

_ 1 المخصص14/19. 2 اللهجات العربية نشأة وتطورًا 238، 240. 3 الإبدال لأبي الطيب 2/463،464،465،472، 495، 496. 4 إصلاح المنطق 135. 5 المخصص14/19. 6 المزهر 2/279-282.

فيما تعاقبت فيه الواو والياء1، فإن المنقول عن أهل اليمن - ومنهم الأزد - أنهم يؤثرون الصيغة الواوية، قال الخليل: "الكُلوة لغة في الكلية لأهل اليمن"2. وقال ابن دريد: "عبوت المتاع عبوًا: إذا عبيّته، لغة يمانية"3. وقال الأزهري: "النيرج والنورج لغتان. وأهل اليمن يقولون: نورج"4. كما أنها وجدت في النقوش اليمنية، فكلمة قَوْل يقابلها في الفصحى قَيْل5. وفي الحديث: أنه صلى الله عليه وسلم كتب إلى الأقوال العباهلة، وروي الأقيال6. وأنشد ثعلب لرجل من طيء: تحنّ إلى الفردوس والشَّير دونها ... وأيهات عن أوطانها حوث حلّت قال: هذه لغته7. وحكى ابن السكيت عن بعض طيء أنهم يقولون في جمع ناقة: أنوق،

_ 1 معاني القرآن للفراء1/190، والإبدال لأبي الطيب2/478، المخصص 12/31، 14/19، والنهاية 3/61، والمزهر2/276، واللسان (صوغ) 8/ 442. 2 العين 5/405، وينظر: تهذيب اللغة 10/357، والمحيط 6/324. 3 جمهرة اللغة 1/368. 4 تهذيب اللغة (نرج) 11/ 38.وينظر: ديوان الأدب 2/36. 5 اللهجات العربية في التراث 1/407. 6 النهاية 4/122. 7 مجالس ثعلب2/566.

وغيرهم يقول: أنْيُق1. وأما الأزد، وهم من القبائل اليمنية المهاجرة، فقد عزيت إليهم المعاقبة في (تهذيب اللغة) 2 في قول المؤرج: "هي المعيشة، والمعوشةُ لغة الأزد". وأنشد لحاجز بن الجعيد: من الخَفِرات لا يُتْمٌ غَذَاها ... ولا كَدُّ المعوشة والعلاجُ كما عزي إلى أزد شنوءة وإلى أهل المدينة - ومعظم أهلها من الأزد - أنهم يقولون: لا يجوز هذا في القوس، أي: في القياس، من قٌسته أقوسه قَوْسًا، قالوا: هي لغة في: قِسته أقيسه قَيْسًا وقياسًا، والأصل الواو3. وجمع الهدية هدايا، وعزي إلى أهل المدينة - أيضًا - أنهم يجمعونها على هداوى بالواو4. وجاء في الاشتقاق: كاد يكود في معنى كاد يكيد، وحاد يحود في معنى حاد يحيد، لغة لزهران من الأزد5. وقد انفرد ابن دريد بعزوها لزهران، غير أنه عزاها في جمهرة اللغة6 إلى اليمن عامة، على اعتبار أن زهران إحدى قبائل الأزد اليمنية. هذا، وروى الإمام الشافعي7، وأحمد8، ومسلم9، والخطيب البغدادي10،

_ 1 إصلاح المنطق 144. 2 3/60. 3 القرطبي17/91، والمحيط 5/470،واللسان6/86، والمصباح 199. 4 العين4/77، والبارع137، واللسان15/358. 5 الاشتقاق 507،510. 6 جمهرة اللغة 2/680. 7 المسند 2/68، والأم 1/203. 8 المسند 2/244- (7328) . 9 الصحيح 2/583 (الجمعة -851) . 10 الكفاية في علم الرواية 184.

وابن خزيمة1، والبيهقيّ2، والقرطبي3، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا قلت لصاحبك: أنصت يوم الجمعة والإمام يخطب فقد لغيت" واللفظ لمسلم. قال أبو الزناد - من رجال الإسناد في الحديث -: "هي لغة أبي هريرة، وإنما هو فقد لغوت"4. وقال النووي في شرحه على صحيح مسلم: "لغا يلغو كغزا يغزو، ويقال: لغي يلغى كعمي يعمى، لغتان الأولى أفصح، وظاهر القرآن يقتضي الثانية التي هي لغة أبي هريرة، قال الله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ} وهذا من لغي يلغى، ولو كان من الأول لقال: "والغُوا" بضم الغين"5. ورواه أحمد6 ومسلم7، في غير ما تقدم، والبخاري8، ومالك9، وأصحاب السنن10 عن أبي هريرة أيضًا بلفظ (لغوت) . وهذه الرواية أشبه من سابقتها بلغة أبي هريرة الدوسي الزهراني - رضي الله عنه -.

_ 1 الصحيح 3/154. 2 السنن الكبرى 3/219. 3 تفسير القرطبي 3/99،11/126. 4 ينظر: مصادر الحديث السابقة. 5 6/138. 6 المسند 2/272 (7672) ، 2/393 (9090) . 7 الصحيح1/583 (851) . 8 1الصحيح /316 (892) . 9 الموطأ 1/103 (232) . 10 ينظر: سنن النسائي 3/104 (1402) ، 3/189 (1577) ، وابن ماجة 1/352 (1110) ، وأبي داود1/290 (1112) ، والدارمي 1/437 (1548) ، 1/438 (1549) .

كما جاء في أحاديث أخرى ما يدل على أنه - رضي الله عنه - كان يؤثر الواو على الياء، من ذلك ما أخرجه أحمد1 وابن ماجه2 عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أكذب الناس الصبّاغون والصيّاغون". ومنه حديثه - رضي الله عنه - وقد قيل له: خرج الدجال، فقال: "كَذْبة كذبها الصّواغون"3. فنطق بالصيغة الواوية، في الحديثين، وقد يكون سمعها من رسول الله بالياء، لأنه قرشي، ولكنه نطقها بالواو علي سليقته اليمنية. فإن كان أبو هريرة قد نطق بالصيغة اليائية على أنها لغة له، كما ذكر أبو الزناد، فلعلها في هذه الكلمة فقط، أفادتها قبيلته من إحدى القبائل الحجازية المجاورة التي تؤثر الياء في كلامها. وقد تجتمع اللغتان في قبيلة واحدة، كما حكى الخليل عن طيئ - وهي من القبائل اليمنية - أنها كانت تقول: "محيته محيًا ومحوًا"4. بل وعزي إلى أهل الحجاز أنهم كانوا يقولون: قنوان وقصوى وقلوت، فيما يقول التميميون: قنيان وقصيا وقليت5.

_ 1 المسند 2/292 (7907) ، 2/324 (8582) . 2 السنن 2/728 (2152) . 3 النهاية3/61، وكشف الخفاء1/191. 4 العين 3/314.وينظر: تهذيب اللغة5/277، والمخصص 13/17. 5 تهذيب اللغة 9/129، 315، والمزهر 2/ 277.

وحكى ابن السكيت عن أهل الحجاز أيضًا أنهم يعاقبون بين الواو والياء، فيقولون: الصوّاغ والصيّاغ، والمياثر والمواثر، والمواثق والمياثق1. وتابع ابن سيده ابن السكيت في إمكان المعاقبة في القبيلة الواحدة، حيث قال: "وأذكر الآن شيئًا من المعاقبة، وأُري كيف تدخل الياء على الواو، والواو على الياء من غير علة عند القبيلة الواحدة من العرب"2 ثم نقل عن ابن السكيت ما حكاه عن أهل الحجاز. فاللغات - كما يقال - ظواهر اجتماعية لا تعرف الاطراد، ولا يمكن أن ينتظمها أو يحكمها قانون عام شامل أو جامع مانع3، وإنما هي - دائمًا - تأخذ وتعطي بفعل تأثر القبائل بعضها ببعض، كما قال ابن جني في حديثه عن الفصيح يجتمع في كلامه لغتان فصاعدًا: "وقد يجوز أن تكون لغته في الأصل إحداهما، ثم إنه استفاد الأخرى من قبيلة أخرى، وطال بها عهده، وكثر استعماله لها، فلحقت - لطول استعمالها - بلغته الأولى. وإن كانت إحدى اللفظتين أكثر في كلامه من صاحبتها، فأخلق الحالين به في ذلك أن تكون القليلة في الاستعمال هي المفادة، والكثيرة هي الأولى الأصلية"4. ولعلنا نحمل على هذا التوجيه بعض صور المعاقبة التي سمعتها في ديار بني ناشر أحد بطون أزد السراة، فهم يقولون مثلاً: "دعيت، وعفيت، وغديت"

_ 1 إصلاح المنطق 137، واللسان (صوغ) 8/442. 2 المخصص 14/19. 3 لهجة ربيعة 83. 4 الخصائص1/372.

في دعوت، وعفوت، وغدوت. ويقولون: "لا حيل ولا قوة إلا بالله" في لا حول ولا قوة إلا بالله. والأخيرة لغة غابرة ذكرتها بعض كتب اللغة بلا عزو1. وقد علل سيبويه حدوث التعاقب بين الواو والياء في هذه الصيغ ونحوها بطلب الخفة وكثرة الاستعمال. فقال: "الواو والياء بمنزلة الحروف التي تدانى في المخارج، لكثرة استعمالهم إياهما، وإنهما لا تخلو الحروف منهما ومن الألف أو بعضهن، فكان العمل من وجه واحد أخف عليهم"2. وكذلك جعل ابن جني علة التعاقب بينهما طلب الخفة وكثرة الاستعمال، إذ يقول: أهل الحجاز يقولون: للصوّاغ: الصيّاغ. ووجه الاستدلال منه أنهم كرهوا التقاء الواوين - لا سيما فيما كثر استعماله - فأبدلوا الأولى من العينين ياء، فصار تقديره: الصيواغ، فلما التقت الواو والياء على هذا أبدلوا الواو للياء قبلها، فقالوا: الصيّاغ، وليس هناك علة تضطر إلى إبدالها أكثر من الاستخفاف مجردًا3. ويرى الدكتور أحمد علم الدين الجندي أن إيثار الياء على الواو من سمة القبائل المتحضرة، كقريش وكنانة وكلب، على حين نجد القبائل البدوية تؤثر

_ 1 شرح الكافية الشافية 4/2150، وتهذيب اللغة 5/244، واللسان 11/196، والمصباح 61 (حيل) . 2 الكتاب4/335. 3 الخصائص2/65، 66 (بتصرف) .وينظر: اللسان (صوغ) 8/442.

الواو، كطىء وتميم وقيس وعقيل ومن جاورهم وعامة بني أسد1. وعلل ميل القبائل البدوية إلى صوت الواو أو الضم، والقبائل المتحضرة إلى صوت الياء أو الكسر، بأن الضم مظهر من مظاهر الخشونة البدوية وطبع الجفاة من العرب، والكسر دليل التحضر والرقة في معظم البيئات اللغوية2. غير أن نسبة الميل إلى الياء أو الواو إلى الحضارة أو البداوة قول لا يصدقه الواقع، فلو كان الأمر كما قال لخلت الواو من كلام الحضر والياء من كلام البدو، وهذا ما لم يصدقه واقع تلك القبائل التي وجد في لغاتها جميعًا الواوي واليائي، كالأمثلة المتقدمة. وهل لنا أن نقول - على رأيه هذا -: إنما آثر الأزديون الواو على الياء، لأنهم من القبائل البدوية؟ كلا فالأزديون - وهم من اليمن ذات الحضارة الموغلة في القدم - كانوا أكثر من القبائل المجاورة لهم في مواطنهم الجديدة ميلاً إلى الاستقرار، وأخذًا بأساليب التحضر، وإقبالاً على الأعمال التي يأنف منها البدوي، ولذلك تغلبوا على السكان الأصليين في المواطن الجديدة التي حلوا بها على الرغم من اضطرارهم إلى النزوح عن وطنهم، وإلى التشتت في أنحاء الجزيرة العربية3.

_ 1 اللهجات العربية في التراث1/405-409. 2 مجلة مجمع اللغة العربية ص 130، العدد 41، 1397?. وينظر: في اللهجات العربية 91. 3 ينظر: العرب 808 (ج9، السنة 5) .

المبحث الثاني: اللغات غير الملقبة:

المبحث الثاني: اللغات غير الملقبة: إبدال التاء دالاً: ... المبحث الثاني: اللغات غير الملقبة: عزي إلى الأزد عدد من ظواهر الإبدال اللغوي غير الملقبة، وسندرسها فيما يلي بحسب الحروف المبدل منها، مرتبة على حروف المعجم: 1- إبدال التاء دالاً: تتحد التاء والدال في المخرج، وهو مما بين طرف اللسان وأصول الثنايا1 كما يتحدان في الشدة والإصمات والانفتاح والانسفال2 وهذا التجانس ساعد على حدوث التبادل بينهما في ألفاظ عدة، كقولهم: ستا الثوب وسداه، وغمد سيفه وغمته، والتفتر والدفتر، وهرد الثوب وهرته3. ومن صور هذا الإبدال ما روي عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنه كان يقول: "جلدّه، وفزد" وهي لغته في "جلدته، وفزت".وقد عزاها إليه أبو الزناد4 وابن بونة5.

_ 1 الكتاب 4/433، وسر صناعة الإعراب 1/47. 2 سر صناعة الإعراب 61، 64، ومخارج الحروف وصفاتها 125،127. 3 القلب والإبدال 53،54، والإبدال والمعاقبة42، والإبدال 99 - 110. 4 صحيح مسلم (2601) وشرح النووي على صحيح مسلم 16/153، ومسند الحميدي2/450. 5 اللهجات العربية في التراث 1/86.

وأبو هريرة من قبيلة دوس الزهرانية، ويمكن عزو هذه اللغة إليها، إذ لايزال بعض أهل السراة إلى اليوم يقول: "فزد، وزدّه"، في: فزت وزدته. وقد عزاها سيبويه إلى تميم أيضًا فقال: "وقالوا: فزد، يريدون فزت، كما قالوا: فحصط"1. قال السيرافي شارح الكتاب: "هي لغة لبعض تميم … يقلبون الدال من تاء فعلت إذا كان لام الفعل حرفًا من هذه الحروف الثلاثة: الزاي والدال والذال، كقولهم: فزد في معنى فزت، يشبهون هذه التاء بتاء فعلت، وليس هذا بالكثير"2. ويمكن تفسير هذه الظاهرة بأن التاء أخت الدال في المخرج، كما أن الدال والزاي حرفان مجهوران، والتاء حرف مهموس، فأبدلوا من التاء دالاً، ليقربوا بين الصوتين، وتتحقق بينهما المجانسة والتناسق الصوتي3.

_ 1 الكتاب 4/241. 2 شرح كتاب سيبويه 576. 3 ينظر: سر صناعة الإعراب 1/185، وشرح المفصل 10/48.

إبدال التاء هاء:

2- إبدال التاء هاء: استشهدوا لهذا الإبدال في لغات الأزد بلفظ واحد هو (التابوت) ، فهم يقولون: (التابوه) بالهاء، وهي لغة الأنصار خاصة، وقرئ بها - في الشواذ - قوله تعالى: {وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ} 4.

_ 4 سورة البقرة 248.وينظر: شواذ القرآن 22، وإعراب القراءات الشواذ1/261، والمحتسب 1/129، والمحرر الوجيز/133، وشرح الكافية الشافية 4/2160، وشرح المفصل 10/45، والقرطبي1/154، واللسان (توب) 1/233.

قال القاسم بن معن: "لم تختلف لغة قريش والأنصار في شيء من القرآن إلا في (التابوت) فلغة قريش بالتاء، ولغة الأنصار بالهاء"1. وروي عن زيد بن ثابت الأنصاري، وسعيد بن العاص، وعبد الرحمن بن الحارث، وعبد الله بن الزبير، والثلاثة من قريش، أنهم اختلفوا عند كتابة المصحف في (التابوت) فقال القرشيون: (بالتاء) وقال زيد: (بالهاء) فرفعوا اختلافهم إلى عثمان - رضي الله عنه - فقال: "اكتبوه التابوت، فإنه نزل بلسان قريش"2. ويري الجوهري أن التاء ليست أصلية، وأنه من (ت وب) وأصله: تابُوَةٌ، مثل ترقوة، وهو فعلوة، فلما سكنت الواو انقلبت هاء التأنيث تاء3. قال ابن بري: "الصواب أن يذكره في مادة (ت ب ت) لأن تاءه أصلية، ووزنه فاعول مثل: حاطوم، وعاقول، والوقف عليه بالتاء في أكثر اللغات، ومن وقف عليه بالهاء، فإنه أبدلها من التاء، كما أبدلها في الفرات حين وقف عليها بالهاء، وليست التاء في الفرات بتاء تأنيث، وإنما هي أصلية من نفس الكلمة"4. وذهب الزمخشري إلى أنه فعلوت، مشتق من التوب، وهو الرجوع، لأنه ظرف توضع فيه الأشياء وتودعه، فلا يزال يرجع إليه فيما يحتاج إليه من

_ 1 الصحاح (توب) 1/92. 2 سنن الترمذي 5/285. وينظر: مسند أبي يعلى1/64، وتفسير القرطبي 1/54، وسنن البيهقي2/385، والدر المصون 2/523، وشرح شذور الذهب 63. 3 الصحاح (ت وب) 1/92. 4 التنبيه والإيضاح1/45.

مودعاته. قال: ولا يكون فاعولا، لقلته، نحو: سلس وقلق، ولأنه تركيب غير معروف، فلا يجوز ترك المعروف إليه1. ويرى العكبري أنه (فاعول) وأنه لا يعرف له اشتقاق في لغة العرب2. وقد عزيت هذه اللغة إلى طيئ أيضًا، حيث كانوا يقفون على تاء جمع المؤنث وما يماثلها بالهاء، حكى قطرب عنهم أنهم يقولون: "كيف البنون والبناه، وكيف الإخوة والأخواه"3.ومنه قولهم: "دفن البناه من المكرماه"4 أي: دفن البنات من المكرمات، وهو حديث شريف5. ومثل ذلك قولهم: (هيهاه) و (وأولاه) و (اللاه) في: هيهات وأولات واللات6. ولم تعز هذه اللغة لغير طيئ والأنصار، ولا غرابة، فكلاهما من القبائل اليمنية القحطانية المهاجرة من موطن واحد. ولا تزال تسمع في اليمن، في بعض جهات صعدة، وبخاصة لدى قبيلتي

_ 1 الكشاف 1/293.وينظر: البحر المحيط 2/579،والدر المصون 2/523. 2 التبيان 1/198. 3 سر صناعة الإعراب 2/563، والممتع 1/402، وشرح المفصل لابن يعيش 10/45، والأشموني 4/214،334. 4 شرح الألفية لابن الناظم 811، وأوضح المسالك 4/287، والتصريح 5/259. 5 أخرجه الطبراني في المعجم الكبير 11/366، والأوسط2/372، والهيثمي في مجمع الزوائد3/12، والعجلوني في كشف الخفاء 1/445. 6 معاني القرآن للأخفش 1/11، وتفسير الطبري27/59، وسر صناعة الإعراب 2/563، وشرح المفصل لابن يعيش 10/45، وأوضح المسالك 4/288، والأشموني 4/214.

علاف والأبقور1. ويرى الدكتور إبراهيم أنيس أن هذه الظاهرة ليست من قبيل قلب صوت إلى آخر، بل هي حذف الآخر من الكلمة. قال: "وما ظنه القدماء هاء متطرفة هو في الواقع امتداد في التنفس حين الوقوف على صوت اللين الطويل، أو كما يسمى عند القدماء ألف المد"2. ولعل الدكتور أنيس نظر إلى عدم توفر شروط الإبدال بين الهاء والتاء، فالهاء صوت حلقي رخو، والتاء صوت لثوي شديد3، أي ليس بينهما تقارب يسوغ التبادل بينهما. والصحيح أن هذه الظاهرة هي نوع من الإبدال، وقد فسرها ابن جني بقوله: "التابوه بدل من التاء في التابوت. وجاز ذلك لما أذكره: وهو أن كل واحد من التاء والهاء حرف مهموس، ومن حروف الزيادة في غير هذا الموضع. وأيضًا فقد أبدلوا الهاء من التاء التي للتأنيث في الوقف، فقالوا: حمزه، وطلحه، وقائمه، وجالسه. وذلك منقاد مطرد عند الوقف، ويؤكد هذا أن عامة عقيل فيما لا نزال نتلقاه من أفواهها تقول في الفرات: الفراه، بالهاء في الوصل والوقف.

_ 1 لهجات اليمن قديمًا وحديثًا44، ودراسات في لهجات شمال وجنوب الجزيرة العربية24. 2 في اللهجات العربية 136. 3 الكتاب 4/433، ومخارج الحروف وصفاتها 124-126، والأصوات اللغوية 61،88.

وزاد في الأنس بذلك أنك ترى التاء في الفرات تشبه في - اللفظ تاء فتاة وحصاة وقطاة، فلما وقف وقد أشبه الآخر الآخر - أبدل التاء هاء، ثم جرى على ذلك في الوصل، لأنه لم يكن البدل عن استحكام العلة علةً، فيراعى حالُ الوقف من حال الوصل، ويفصل بينهما"1. ويرى أحد المعاصرين أنهم "عمموا في الألسن العربية الدارجة العصرية النطق بتاء التأنيث هاء (ـة - ـه) فلم يعد ذلك النطق خاصًا بالوقف، فقط، بل تعداه إلى داخل الجملة (أي في الوصل) وأصبحت هذه الهاء - في الوقت الحاضر - علامة التأنيث العادية في جميع هذه الألسن"2.

_ 1 المحتسب 1/129. 2 دروس في علم أصوات العربية 57. وينظر: لغات طيء276- 280.

إبدال السين زايا:

3- إبدال السين زايًا: حدد المتقدمون مخرج هذين الصوتين بأنه من طرف اللسان فويق الثنايا السفلى يشاركهما في ذلك الصاد3، كما أنهما صوتان يتحدان في صفة الرخاوة والانفتاح والانسفال والصفير4، ولا فرق بينهما إلا في أن الزاي صوت مجهور، والسين صوت مهموس5، لذلك سهل التبادل بينهما.

_ 3 الكتاب 4/433، ومخارج الحروف وصفاتها 118. 4 مخارج الحروف وصفاتها 127، 128. 5 سر صناعة الأعراب 1/195،197، والأصوات اللغوية 74-76.

والشواهد على هذا الإبدال كثيرة في اللغة1، جاء بعضها معزوًا إلى الأزد، وأخرى إلى ربيعة وكلب وغيرهم. قال الخليل: "الزَّقف: لغة الأزد في السقف، يقولون: ازدقف، أي: استقف"2. والأزد بالزاي لغة لهم في اسم جدهم (الأسد) 3. وقال الخليل أيضًا: "لصق يلصق لصوقًا، لغة تميم، ولسق أحسن لقيس، ولزق لربيعة، وهي أقبحها"4. وذهب ابن جني5 والزمخشري6، وابن الحاجب7 إلى أن كلبًا تقلب السين زايًا مع القاف خاصة، فيقولون في (سقر) : (زقر) . وقال الفراء: الزراط، بإخلاص الزاي لغة لعذرة وكلب وبني القين8. وهؤلاء من قضاعة، وهي من القبائل اليمنية القحطانية المهاجرة9.

_ 1 القلب والإبدال 44، وإصلاح المنطق379، وأدب الكاتب 487، والخصائص 1/374، والإبدال والمعاقبة والنظائر 64- 68، والإبدال2/107، والفرق بين الحروف الخمسة493، ووفاق المفهوم237، والمزهر1/473 - 475. 2 العين (سقف) 5/81. 3 ينظر: تفسير القرطبي1/148. 4 العين 5/64.وينظر: اللسان 10/329 (لصق) . 5 سر صناعة الأعراب1/196. 6 المفصل 442. 7 شرح الشافية للرضي 3/232، 233. 8 تفسير القرطبي1/148. 9 نهاية الأرب 358.

وأما العلة الصوتية لهذا الإبدال، فلأن السين - كما تقدم - حرف مهموس، والقاف والدال والطاء أحرف مجهورة، فأبدلوا السين زايًا، لأن الزاي من مخرج السين ومثلها في الصفير، وتوافق القاف والدال في الجهر وعدم الإطباق، وبهذا يحدث بين الزاي وتلك الأصوات تقارب وتجانس1 وهذا ما عبر عنه سيبويه بقوله: "وإنما دعاهم إلى أن يقربوها ويبدلوها أن يكون عملهم من وجه واحد، وليستعملوا ألسنتهم في ضرب واحد"2.

_ 1 التبصرة والتذكرة 2/870، وشرح الشافية للرضي3/231، 232. 2 الكتاب 4/478.

إبدال الصاد تاء:

4- إبدال الصاد تاء: تبدل الصاد تاء في كلمة واحدة هي اللصّ، فيقال: (اللصت) قال اللحيانيّ: "هي لغة طيء وبعض الأنصار"3 وعزا أبو عمرو الشيباني مقلوب اللصت إلى الأزد، فقال: "الصّلت: اللص بلغة الأسْد"4. وتعزو معظم المصادر القديمة إلى طيئ أيضًا إبدال السين تاء، فيقولون في الطسّ: (الطّست) 5 وهي اللغة التي تُلقبها بعض المصادر بالوتم6.

_ 3 اللسان (لصص) 7/87. 4 الجيم2/187.وينظر: الشوارد301. 5 القلب والإبدال لابن السكيت 42، والمخصص3/78، وجمهرة اللغة 1/144، وتهذيب اللغة 12/154، 274، والمعرب 221، وحاشيته لابن بري 120، والصحاح 1/264، والمصباح141، والتاج 4/432. 6 المزهر 1/222.

وطيئ والأزد، ومنهم الأنصار، جميعهم من اليمن، ولهذا عزا الفراء إبدال الصاد والسين تاء إلى بعض أهل اليمن1 وعزاه أبو علي إلى اليمن عامة2. ويرى ابن قتيبة أن علة هذا الإبدال هو ثقل اجتماع المثلين في آخر الكلمة، فأبدل من أحدهما تاء3. وفي (المحرر الوجيز) عن أبي علي قال: "إذا اجتمعت المتقاربة، خففت بالحذف والإدغام والإبدال، كما قالوا: طست، فأبدلوا من السين الواحدة تاء، إذ الأصل طسّ"4. وفسر بعض المعاصرين هذا التبادل من الناحية الصوتية بتقارب الحرفين في المخرج، واتفاقهما في الهمس، وتناظرهما في الرخاوة والشدة، أي: أن التاء صوت شديد مهموس، والصاد صوت رخو مهموس، وقد آثرت طيئ والأزد ومن على شاكلتهما من القبائل البدوية نطق التاء، وهو صوت شديد، لأن من سمات القبائل المتبدية الجنوح إلى السهولة والاقتصاد في الجهد، والأيسر عندها أن تنتقل الأصوات من الرخاوة إلى الشدة5.

_ 1 المذكر والمؤنث 84. وينظر: المذكر والمؤنث لابن الأنباري 1/ 389، ولابن التستري92، والمخصص 17/16. 2 شرح الفصيح للزمخشريّ 1/295. 3 أدب الكاتب106. 4 2/4. 5 اللهجات العربية في التراث 1/385، 2/455، لغات طيء191.

ويرى برجشتراسر أن التاء هي الأصل في الحقيقة، وأن الصاد الثانية مبدلة منها، لأن الكلمة معربة - كما يرى - من اليونانية، بواسطة الآرامية، أي: السريانية، وهي في اليونانية (Lestes) وفي السريانية (Lesta) . قال: ويتضح من ذلك أن (لصت) هي الأصل، وأن (لصّ) أبدلت منها لشبه التاء بالصاد، ثم أدغمت فيها1. فإن صح هذا الرأي، فإنه يدل على أن القبائل التي نطقتها بالتاء قد عربتها على أصلها في اللغة الأعجمية، وعربها آخرون إلى (اللصّ) ، بإبدال التاء صادًا، ويكون الإبدال فيها على العكس مما ذكره المتقدمون، ولا علاقة له ببداوة أو حضارة، كما علله بعض المعاصرين.

_ 1 التطور النحوي للغة العربية 52.

إبدال النون هاء:

5- إبدال النون هاء: قال ابن فارس في مادة (فكه) : "الفاء والكاف والهاء أصل صحيح يدل على طيب واستطابة، من ذلك الرجل الفكه: الطيب النفس … فأما التفكّه في قوله تعالى: {فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ} 2 فليس من هذا، وهو من باب الإبدال، والأصل تفكّنون، وهو من التندم"3.

_ 2 سورة الواقعة 65. 3 المقاييس4/446.

وجاء في تهذيب اللغة: "قال اللحياني: "أزد شنوءة يقولون: يتفكّهون، وتميم تقول: يتفكّنون. وقال مجاهد في قوله: {فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ} أي: تعجّبون. وقال عكرمة: تندمون. وقال ابن الأعرابي: تفكّهت وتفكّنت، أي: تندمت"1. وقال ثعلب في أماليه: "أزد شنوءة يقولون: تفكّهون، وتميم يقولون: تفكّنون، بمعنى: تعجبون"2.وقال أبو الطيب اللغوي: "يقال: تركته متفكنًا ومتفكهًا، أي: متندمًا. وفي التنزيل: {فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ} أي: تندمون، وهو بالهاء لغة أزد شنوءة وبالنون لغة تميم"3. وقد عزيت بالنون إلى عُكْل أيضًا4، وهم أخوة بني تميم5. وقد قرأ الجمهور {تَفَكَّهُونَ} بالهاء، وقرأ أبو حرام العكلي (تفكّنون) بالنون6.قال ابن خالويه: "تفكّن: تندّم، وتفكّه: تعجّب"7 وفسرهما ابن السكيت بالتندّم8. وقال الكسائي: "تفكه من الأضداد، تقول العرب: تفكّهت بمعنى تنعّمت،

_ 1 تهذيب اللغة 10/280. 2 المزهر1/473. 3 الإبدال2/458،459. 4 الأضداد لابن الأنباري 65، وتهذيب اللغة 10/27. 5 جمهرة أنساب العرب 480. 6 شواذ القرآن 152، وتهذيب الألفاظ 1/539، والدر المصون 10/217. 7 شواذ القرآن 152. 8 تهذيب الألفاظ 1/539.

وتفكّهت بمعنى حزنت"1. يتضح من هذا العرض اختلاف العلماء في تفسير هاتين الصيغتين، فمرة تُفسر (تفكّهون) بـ (تعجّبون) وتفسر الأخرى بـ (تندّمون) كما فسرت الصيغتان مرة بـ (تعجّبون) وأخرى بـ (تندّمون) على أنهما من الأضداد ويتعاقبان على البدل. والراجح - والله أعلم - ما ذهب إليه ابن خالويه من أن كل صيغة تختلف عن الأخرى، فـ (تفكّهون) بمعنى تعجّبون فقط، و (تفكّنون) وهي التميمية بمعنى تندّمون فقط، وقد فسرهما بهذا - من قبلُ - أبوحاتم السجستاني2.وتفسير الآية الكريمة يحتمل المعنيين، وهذا يتضح من ذكر بقية الآية والآيتين السابقتين لها: {أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ. أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ. لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَاماً فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ} 3. وليس بين النون والهاء علاقة صوتية، فهما متباعدان في المخرج والصفة، فمخرج الهاء من أقصى الحلق مما يلي الصدر، ومخرج النون من أدنى طرف اللسان فويق الثنايا، والهاء صوت رخو مهموس والنون مجهورة4، ولهذا رجح الدكتور أحمد علم الدين الجندي ألا تبادل بين الصيغتين، وأن كلاً منهما أصل

_ 1 تفسير ابن كثير4/317. 2 جمهرة اللغة3/1297. 3 سورة الواقعة 63 - 65.وينظر: لغة تميم 141. 4 الكتاب4/433،434.

مستقل1. ويرى الدكتور إبراهيم أنيس أن إحدى الصيغتين متطورة عن الأخرى، وأن (يتفكّهون) الأزدية هي الأصل، لوردها في نص قديم، في قوله تعالى: {فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ} قال: فقد تطورت في بيئة الإسلام وأصبح نطقها (يتفكّنون) وسمعها رواة اللغة منهم بعد قرنين من ظهور الإسلام2. وفسر الدكتور ضاحي عبد الباقي التطور المذكور بأن الصيغة التميمية قرئ بها في الشواذ، ومرجع القراءة بها - كما يرى - ضعف سمع المتلقي أو عدم تيقظه عند السماع، فتهيأ له أن القاري نطق (تفكّنون) بالنون، وساعد على ذلك أن سياق الآية احتمل ذلك3. وهذا توجيه بعيد، قال ابن مالك في مثله: "وهذا التوجيه لو اعترَف به من عُزيت القراءة إليه لدلّ على عدم الضبط، ورداءة التلاوة. ومن هذا شأنه لم يُعتمد على ما يسمع منه، لإمكان عروض أمثال ذلك منه"4.

_ 1 اللهجات العربية في التراث2/474. 2 من أسرار اللغة 77. 3 لغة تميم 141. 4 شرح الكافية الشافية4/ 2021 - 2022.

إبدال الياء ألفا:

6- إبدال الياء ألفًا: تبدل الياء والواو ألفًا إذا تحركتا وانفتح ما قبلهما، نحو: سعى ورمى وغزا ويقوى ويحيى وعصا ورحى. وهي القاعدة المعروفة في اللغة العربية 5.

_ 1 اللهجات العربية في التراث2/474. 2 من أسرار اللغة 77. 3 لغة تميم 141. 4 شرح الكافية الشافية4/ 2021 - 2022. 5 ينظر: الكتاب 4/383، وشرح الشافية للرضي 3/157، وارتشاف الضرب1/295.

وليست هذه القاعدة بمطردة عند جميع القبائل العربية، فقد عزي إلى طيئ أنهم يبدلون كل ياء أو واو متحركة ألفًا بشرط تحرك ما قبلها على الإطلاق، دون تخصيص هذه الحركة بالفتح، كقولهم في بَقِي ورَضِي ويموت ويمحوه، وناصية وبادية وجارية وباقية وأودية: بَقَى، ورَضَا، ويمات، ويمحاه، وناصاه، وباداه، وجاراه، وباقاه، وأوداه1. وقد رويت بعض شواهد هذا الإبدال لقبائل نجدية جاورت طيء، كتميم وأسد وقيس، ولعل هؤلاء قد تأثروا بطيء حينما هاجروا إليهم من جنوب الجزيرة العربية2. وعزي هذا الإبدال في مادة (ب ق ى) من اللسان إلى بني الحارث بن كعب3، كما عزي إليهم إبدال الياء ألفًا إذا سكنت وانفتح ما قبلها، فيقولون: أخذت الدرهمان، واشتريت الثوبان، وضربت يداه، ووضعته علاه، وذهبت إلاه، والسلام علاكم4. وقال الفراء في توجيه قوله تعالى: {إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ} 5: "قراءتنا بتشديد (إنّ) وبالألف ... على لغة بني الحارث بن كعب يجعلون الاثنين في

_ 1 ارتشاف الضرب1/302، وما يجوز للشاعر في الضرورة 166، 167، وتهذيب اللغة 14/335، ولسان العرب (نصا) 15/327، وبحوث ومقالات في اللغة242، ولغات طيء 296، 297. 2 ينظر: بحوث ومقالات في اللغة 239، 240. 3 اللسان 1/79. 4 النوادر259، ومعاني القرآن للأخفش113. 5 سورة طه 63.

رفعهما ونصبهما وخفضهما بالألف. وأنشدني رجل من الأسْد عنهم، يريد بني الحارث: فأطرق إطراقَ الشُّجاع ولو يرى ... مَسَاغًا لِناباه الشُّجاعُ لصَمَّما1 قال: وما رأيت أفصح من هذا الأسْديّ. وحكى هذا الرجل عنهم: هذا خطّ يدا أخي بعينه. وذلك - وإن كان قليلاً - أقيس، لأن العرب قالوا: مسلمون فجعلوا الواو تابعة للضمة، لأن الواو لا تعرب، ثم قالوا: رأيت المسلمين، فجعلوا الياء تابعة لكسرة الميم، فلما رأوا أن الياء من الاثنين لا يمكنهم كسر ما قبلها، وثبت مفتوحاً، تركوا الألف تتبعه، فقالوا: رجلان في كل حال"2. وينتسب بنو الحارث بن كعب إلى مِذْحَج، ودخل فيهم بطون من الأزد، وكانت لهم الرئاسة3. وعدهم بعض علماء اللغة والنسب من الأزد4. وكما عزيت هذه اللغة إلى بني الحارث بن كعب فقد عزيت كذلك إلى خَثْعَم وزُبيد وعُذْرة ومُراد5. وعزيت إلى الأزد في تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً} 6 قال أبو حيان: "والبيتوتة: هو أن تدرك الليل نمت أو لم تنم، وهو خلاف

_ 1 البيت للمتلمس، وهو في ديوانه 2. 2 معاني القرآن2/184. 3 نهاية الأرب 58. 4 الفصوص3/ 284، والأنباه على قبائل الرواة 112، والمزهر2/483. 5 الدر المصون8/67،والتصريح1/403. 6 سورة الفرقان 64.

الظلول. وبجيلة وأزد السراة يقولون: يبات، وسائر العرب يقولون: يبيت"1 وقال السمين: "يبيت هي اللغة الفاشية، وأزد السراة وبجيلة يقولون: يبات، وهي لغة العوام اليوم"2. واللغتان من غير عزو في الصحاح3، والمحيط4، والمصباح5. وبالنظر إلى القبائل التي عزيت إليها هذه اللغة - صراحة - نجدها جميعًا قبائل يمنية قحطانية تسكن جنوب الجزيرة العربية كالأزد وخثعم ومراد وبجيلة وبني الحارث بن كعب، أو قحطانية مهاجرة إلى الشمال كطيئ، وكانت قبل الهجرة تجاور إخوتها الأزد وبني الحارث بن كعب في موطن واحد حول منطقة مأرب. ولا تزال هذه اللغة مسموعة إلى اليوم في بعض مناطق السراة وفي غيرها من نواحي الجزيرة العربية، فتسمع في السراة من يقول: (بات يبات) ، (بغاه يبغاه) (عناه يعناه) في: بات يبيت، وبغاه يبغيه، وعناه يعنيه. وفي بادية غامد في السفوح الشرقية من جبال السّراة، وغامد الزناد بتهامة من يقول: "السلام علاكم"، (وركب علاه) في السلام عليكم، وركب عليه. وهي أكثر استعمالاً في بادية عتيبة وبلحارث جنوب الطائف وشرقه، وبعض بوادي الحجاز.

_ 1 البحر المحيط 8/127. 2 الدر المصون 8/498. (ب ي ت) 1/245. 4 9/473. (ب ي ت) ص 27.

الفصل الثاني: الإبدال في الحركات (الصوائت) :

الفصل الثاني: الإبدال في الحركات (الصوائت) : توطئة: الحركات في العربية ثلاث: هي الفتحة والكسرة والضمة. وهي - كما قال ابن جني -: "أبعاض حروف المد واللين، وهي الألف والياء والواو … فالفتحة بعض الألف، والكسرة بعض الياء، والضمة بعض الواو"1. ولما كانت حروف المد تتعاقب فيما بينها، فكذلك هذه الحركات تتعاقب فيما بينها في لغات القبائل العربية2. وعزي إلى بعض قبائل الأزد ألفاظ تعاقبت فيها الحركات ما بين فتح وكسر، أو ضم وكسر، وسنعالج في هذا الفصل ما يخص الجانب الصوتي من ذلك التعاقب.

_ 1 سر صناعة الإعراب 1/17. 2 لهجة ربيعة 87.

المبحث الأول: بين الفتح والكسر في أحرف المضارعة:

المبحث الأول: بين الفتح والكسر في أحرف المضارعة: ذكر سيبويه أن كسر أول الفعل المضارع لغة جميع العرب إلا الحجاز، فلغتهم الفتح، قال: وهو الأصل3. وكذلك ذكر ابن سيده، وزاد بأن قال: "وصارت لغتهم الأصل، لأن العربية أصلها إسماعيل عليه السلام، وكان مسكنه مكة"4.

_ 3 الكتاب 4/110، 111. وينظر: شرح الشافية 1/141. 4 المخصص 14/217.

وقال ابن فارس: "وكانت قريش مع فصاحتها وحسن لغاتها ورقة ألسنتها، إذا أتتهم الوفود من العرب تخيروا من كلامهم وأشعارهم أحسن لغاتهم وأصفى كلامهم ... ألا ترى أنك لا تجد في كلامهم عنعنة تميم، ولا عجرفية قيس، ولا كشكشة أسد، ولا كسكسة ربيعة، ولا الكسر الذي تسمعه من أسد وقيس، مثل تِعلمون ونِعلم"1. وعزا اللحياني في نوادره - عن الكسائي - ظاهرة الكسر إلى تميم، وقيس، وهذيل، وأسد، وجميع العرب: نهدها، وجَرْمها، ويمنها2. وجاء في اللسان: "وتِعلم، بالكسر: لغة قيس وتميم وأسد وربيعة وعامة العرب. وأما أهل الحجاز، وقوم من أعجاز هوازن، وأزد السراة، وبعض هذيل فيقولون: تَعلم، والقرآن عليها. وزعم الأخفش: أن كل من ورد علينا من الأعراب لم يقل إلا تِعلم، بالكسر"3. وقال أبو جعفر النحاس: "قرأ يحيى بن وثاب والأعمش {نَسْتَعِينُ} بكسر النون، وهذه لغة تميم، وأسد، وقيس، وربيعة"4. وقال أبو حيان: "وفتح نون {نَسْتَعِينُ} قرأ بها الجمهور، وهي لغة الحجاز،

_ 1 الصاحبي في فقه اللغة52-53. 2 بغية الآمال 152. 3 اللسان (وقى) 15/402،403. 4 إعراب القرآن1/173.وينظر: شواذ القرآن 9.

وهي الفصحى"1. وكان سيبويه يستثني الياء من الكسر في اللغة المطردة، وعلل ذلك بأنهم كرهوا الكسرة في الياء، لثقلها2. وحكى الفراء في كتاب (اللغات) عن بعض كلب، وهم من قضاعة، أنهم يكسرون جميع حروف المضارعة حتى الياء. قال: وهي من الشاذ3. وبهراء من قضاعة أيضًا4 ولم ينقل عنها الرواة سوى كسر التاء فقط، وقد اشتهرت هذه الظاهرة معزوة إليها بلقب (تلتلة بهراء) .قال ثعلب: "وأما تلتلة بهراء، فإنها تقول: تِعلمون، وتِعقلون، وتِصنعون، بكسر أوائل الحروف"5. ويرى الدكتور إبراهيم أنيس أن بهراء كانت - أيضًا - تكسر جميع الحروف حتى الياء، ولكنه لم يذكر مصدر رأيه هذا. ثم حاول أن يفسر وجود هذه الظاهرة عند هذه القبيلة بتأثرها بما جاورها من لغات كالأرامية والعبرية

_ 1 البحر المحيط1/42. 2 الكتاب 4/110.وينظر: الدر المصون1/60، والخزانة12/63. 3 بغية الآمال153، وينظر: البحر المحيط 9/78. 4 نهاية الأرب 172،365. 5 مجالس ثعلب1/81. وينظر: الخصائص2/11، وسر صناعة الإعراب1/229-230، ودرة الغواص 250، والمزهر1/211، والخزانة11/236،466، والبلغة في أصول اللغة158.

اللتين اطرد فيهما كسر حرف المضارعة1. وهذا غير مؤكد، لأن الكسر ينسب أيضًا إلى عدد كبير من القبائل العربية - كما تقدم - وتأثر بهراء بهذه القبائل أولى بالقبول من تأثرها باللغات الأعجمية المجاورة. وعزا الجوهري إلى بني أسد فتح همزة الفعل (إخال) قال: "وتقول في مستقبله: إخال بكسر الألف، وهو الأفصح. وبنو أسد تقول: أخال بالفتح، وهو القياس"2. وقد شكك الدكتور أحمد علم الدين الجندي في هذا العزو، وقال: بل هي تكسر، وإنما الذي يفتح هي قبيلة الأزد، كما في نص صاحب اللسان السابق، قال: ومن الجائز أن يكون الرواة قد خلطوا بين قبيلة الأزد وقبيلة أسد لا سيما في الكتابة3. وكسر أحرف المضارعة ظاهرة سامية قديمة، وجدت في العبرية والسريانية والحبشية 4. كما وجدت في لهجات جنوب اليمن الحديثة كالمهرية والشحرية والبوتاحارية، وفي لهجات السريان في هذه الأيام5. ولا تزال هذه الظاهرة شائعة في كثير من لهجاتنا العربية المعاصرة، في

_ 1 في اللهجات العربية 139. 2 الصحاح (خ ي ل) 4/1692.وينظر: شرح الشافية 1/141، والتصريح 2/190، والمصباح (خيل) 71. 3 اللهجات العربية في التراث1/391. 4 فصول في فقه العربية 125. 5 اللهجات العربية في التراث 1/397.

النجدية، والمصرية1، وبعض لهجات أهل السراة. وإذا كان المتقدمون يرون أصالة الفتح، كما تقدم في قول سيبويه وابن سيده. فإن المعاصرين على خلاف في ذلك، فبعضهم يرى رأي المتقدمين، وبعضهم يرى أصالة الكسر وحداثة الفتح. فممن يرى أصالة الفتح من المعاصرين الدكتور إبراهيم أنيس، حيث يقول: "نرجح أن الأصل في شكل حروف المضارعة هو ما شاع في لهجات الحجاز من الفتح في كل الحالات. وقد انحدر هذا الأصل إلى هذه اللهجات من السامية الأولى، ثم تطور إلى كسر في معظم اللغات السامية"2. ويذهب الدكتور رمضان عبد التواب إلى أصالة الكسر في أحرف المضارعة في العربية القديمة، ويحتج لذلك بدليل عدم وجود الفتح في اللغات السامية الأخرى كالعبرية والسريانية والحبشية. وبدليل ما بقي من الكسر في بعض اللهجات العربية القديمة، واستمراره حتى الآن في اللهجات العربية الحديثة3. ولم تكن أدلته هذه محل تسليم الباحثين، فقد نُقض دليله الأول - وهو عدم وجود الفتح في الساميات القديمة - بأن العربية هي اللغة السامية التي بقيت في الجزيرة بعد هجرة أخواتها الساميات، فالفتح ليس حادثًا فيها بل إنه الأصل، والكسر هو الذي حدث بعد اختلاط الساميين بغيرهم 4.

_ 1 السابق 1/397، وفصول في فقه العربية 125. 2 في اللهجات العربية 140. 3 فصول في فقه العربية 125. 4 اللهجات العربية نشأة وتطورًا 295.

ويؤكد هذا قول الدكتور جاكوب بارت: إن كسر حروف المضارعة في الساميات القديمة طارئ عليها، وليس أصلاً فيها، إذ إنه انتقل في اللغتين العبرية والسريانية من وزن فعِل يفعَل إلى الأوزان الأخرى، فصارت كلها مكسورة أحرف المضارعة إلا في اللغة العربية، في الأفعال الحلقية الفاء والجوفاء والمضعفة، فقد بقيت فيها حروف المضارعة مفتوحة1. أما دليله الثاني - وهو أن استمرار الكسر في اللهجات العربية الحديثة دليل على أصالة الكسر - فهو مردود بأن هذه اللهجات تُستعمل – دائمًا - إما متوارثة عن لغات عربية قد يكون بعضها محافظًا على الصيغة القديمة، وإما متطورة عن هذه اللغات التي غيرت نهجها وفقًا لقوانين لغوية2. ومن هنا يتضح لنا أن فتح حرف المضارعة أذهب في القدم من الكسر.

_ 1 في الأصوات اللغوية 190. 2 لغة تميم 210.

المبحث الثاني: بين الفتح والكسر في اللام الجارة:

المبحث الثاني: بين الفتح والكسر في اللام الجارة: تُكسراللام الجارة مع الاسم الظاهر، وتُفتح مع المضمر. هذه القاعدة المطردة في العربية الفصحى، بل في اللغات السامية الأخرى كالعبرية والحبشية3. أما قبيلة خزاعة الأزدية فإنها تخالف هذا الاطراد. قال ابن عقيل: "وفتح اللام مع المضمر لغة غير خزاعة، فيقول غيرهم من العرب: لَكم ولَها ولَه، بفتح اللام، وأما خزاعة فيكسرون اللام مع المضمر، كما فعل هم وغيرهم مع المظهر، وهذا في غير الياء4 والمستغاث"5.

_ 3 التطور النحوي للغة العربية160. 4 ياء المتكلم. 5 المساعد2/260.

وأكثر مصادر العربية تعزو هذه الظاهرة - أيضًا - إلى خزاعة1، عدا ابن جني فقد عزاها إلى قضاعة2، وهي موصولة بخزاعة نسبًا وجوارًا، فهما من القبائل القحطانية المهاجرة من اليمن إلى أرض الحجاز. ولما كان الإضمار يرد الأشياء إلى أصولها، كان فتح اللام مع المضمر هو الأصل، وإنما كسرت مع الظاهر - سوى المستغاث - خوف التباسها بلام التوكيد أو الابتداء3. وحكى ابن جني أن هذه اللام قد تفتح مع المظهر على الأصل في بعض اللغات، فيقال: المال لَزيد، بفتح اللام. ونقل عن أبي عبيدة، والأخفش، وخلف الأحمر، ويونس أنهم سمعوا العرب تفتح اللام الجارة مع المظهر، واستشهد بقراءة سعيد بن جبير: {وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ} 4 بفتح اللام. ونقل عن أبي زيد الأنصاري أنه سمع من يقول: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ} 5 بفتح اللام أيضًا6. وقال ابن عقيل: فتحها مع الفعل لغة عكل وبلعنبر، واستشهد بقراءة ابن جبير أيضًا7.

_ 1 شرح الرضي 4/283، وجواهر الأدب 70، وارتشاف الضرب4/1706، والجنى الداني 183، وهمع الهوامع 2/372. 2 الخصائص2/10.وينظر: الاقتراح 186. 3 الكتاب 2/376، ومعاني الحروف للرماني 56، وسر صناعة الإعراب1/ 327، واللامات للهروي 7، وللزجاجي 98. 4 سورة إبراهيم 46. 5 سورة الأنفال33. 6 سر صناعة الإعراب1/328-330.وينظر: معاني القرآن للأخفش 1/122. 7 المساعد2/260.

بعد هذا العرض يتضح أن للعرب في اللام الجارة لغير ياء المتكلم والمستغاث ثلاث لغات: الأولى: فتحها مع المضمر وكسرها مع الظاهر، وهي اللغة الفصحى. الثانية: كسرها مطلقًا مع الظاهر والمضمر، وهي لغة خزاعة، وتعزى كذلك إلى قضاعة. الثالثة: فتحها مطلقًا مع الظاهر والمضمر، وهي لغة لبعض العرب، وعزيت مع الفعل لعكل وبلعنبر. وحكم ابن جني على هاتين الأخيرتين بالشذوذ الذي لا يقاس عليه، ولكنه عاد فجوزهما بضرب من التأويل والتعليل، فقال: "إذا رُدّت في بعض المواضع إلى ضرب من التأوّل إليه فله وجه من القياس. وأما الكسر ففرع، والحمل على الأصول أجوز من النزول إلى الفروع. ووجه جوازه أنه لما شُبه المظهر بالمضمر في فتح لام الجر معه نحو قراءة سعيد بن جبير وغيرها، كذلك شُبه المضمر بالمظهر في كسر لام الجر معه"1. ولا تزال لغة خزاعة شائعة إلى اليوم في بعض الحواضر المصرية2، وسمعتها من أهل السراة بكسر لام الجر مع كاف المخاطبة فقط.

_ 1 سر صناعة الإعراب1/330.وينظر: الخصائص 2/10. 2 جواهر الأدب (الحاشية) 70.

الخاتمة:

الخاتمة: عرض هذا البحث لظاهرة الإبدال في لغات الأزد، وقد اقتضت خطته أن يكون في مقدمة وتمهيد وفصلين، تحت كل منهما مبحثان، يليهما خاتمة وثلاثة فهارس. وقد انتهى البحث إلى عدد من النتائج والمقترحات أذكر منها ما يلي: 1- أن بعض لغات الأزد التي ذمها اللغويون كالاستنطاء والطمطمانية، قد ورد لها شواهد من كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - وعليه فلا ينبغي ذمها، ولا العيب على من تكلم بها اليوم. 2- أثبت البحث أن الاستنطاء لم يرد له شاهد آخر غير الفعل (أنطى) ومن ثم بين خطأ قول بعض المعاصرين: إن اللغويين القدامى لم يصفوا لنا هذه الظاهرة على حقيقتها. 3- أثبت البحث خطأ من تشكك في الحديث المعزو للرسول - صلى الله عليه وسلم -: "ليس من امبر امصيام في امسفر". 4- توصل البحث إلى أن ظاهرة الطمطمانية، أو قلب لام التعريف ميماً لغة فاشية في جنوب الجزيرة العربية، وقد عزيت إلى معظم القبائل اليمنية، وهي باقية إلى اليوم. 5- أثبت البحث أن الأزد من القبائل العربية التي آثرت الواو على الياء في معظم كلامها، والأزد من القبائل المستقرة المتحضرة، ومن هنا ظهر عدم صحة مقولة من قال: إن الميل إلى الياء أو الكسر أثر من آثار التحضر، والميل إلى الواو أو الضم من طبع البدو الجفاة، ولو كان الأمر كذلك لخلت الواو من كلام الحضر، والياء من كلام البدو، وهذا ما لم يصدقه واقع تلك القبائل التي وجد في لغاتها جميعًا الواوي واليائي. 6- أثبت البحث أن عزو بعض الظواهر اللغوية إلى الأزد وإلى غيرهم من

قبائل العرب ليس من قبيل تعارض المصادر أو تناقضها، وإنما ذاك بسبب تأثر القبائل بعضها ببعض بالمجاورة أو الاختلاط في مواسم الحج أو الأسواق أو الحروب، أو نحو ذلك، وقد نتج عن ذلك أيضاً عزو بعض الظواهر اللغوية المتناقضة إلى قبيلة واحدة، كتعاقب الواو والياء في لغات الأزد، وذلك أن اللغات ظواهر اجتماعية لا يمكن أن ينتظمها قانون شامل أو جامع مانع. 7- اشترك الأزد وطيء - مع تباعد منازلهم - في عدد من الظواهر اللغوية، وقد أرجع البحث سبب ذلك إلى أنهما في الأصل من القبائل القحطانية المهاجرة من بيئة واحدة في بلاد اليمن. 8- أثبت البحث أن الفتح في أوائل أحرف المضارعة هو الأصل في اللغة العربية واللغات السامية، وذلك خلاف ما يراه بعض المعاصرين. 9- ربط البحث بين الظواهر اللغوية القديمة في لغات الأزد، والظواهر المماثلة لها اليوم في لهجات أهل السراة وغيرهم، وبين صلتها الوثيقة بلغات أسلافهم، ومثل هذا الربط يمهد الطريق أمام المعجم التاريخي للغة. 10- خلص البحث إلى أن معظم مناطق السراة - وهي من معاقل الضاد منذ القدم - لا تزال تزخر بظواهر لهجية كثيرة تماثل أو تخالف ما عزي إلى الأزد قديماً، وإني لأرى ضرورة جمع هذه اللهجات من أفواه أهلها، ودراستها قبل انقراضها وزوالها، لأنها تساعد في فهم وتوضيح كثير من المسائل اللغوية التي فات علماء العربية القدامى تسجيلها وتوضيحها. وبعد: فأحسب أني بهذه الدراسة قد وضّحت ظاهرة من أهم الظواهر اللغوية المعزوة للأزد، وأرجو أن تكون حافزاً لدراسة سائر لغاتهم في الأصوات والأبنية والتراكيب والدلالة، فهي لا تزال مجالاً خصباً للدراسات اللغوية الجادة. والحمد لله أولاً وآخراً، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

مصادر ومراجع

مصادر ومراجع ... فهرس المصادر والمراجع 1- الإبدال: لأبي الطيب، ت - عز الدين التنوخي، مطبوعات مجمع العربية - دمشق 1379هـ. 2- الإبدال والمعاقبة والنظائر: للزجاجي، ت - عز الدين التنوخي، مطبوعات مجمع اللغة العربية، دمشق 1381هـ.3- أدب الكاتب: لابن قتيبة، ت - محمد الدالي، مؤسسة الرسالة، ط. الثانية، 1406هـ. 4- ارتشاف الضرب: لأبي حيان - رجب عثمان محمد، مكتبة الخانجي، القاهرة، ط. الأولى 1418هـ. 5- الأزهرية في علم الحروف: لعلي بن محمد الهروي، ت - عبد المعين الملوحي، مطبوعات مجمع اللغة العربية، دمشق، 1402هـ. 6- الاشتقاق: لابن دريد، ت - عبد السلام هارون، مكتبة الخانجي، القاهرة، 1378هـ. 7- الأشموني: منهج السالك إلى ألفية ابن مالك. 8- إصلاح المنطق: لابن السكيت، ت - أحمد شاكر، وعبد السلام هارون، دار المعارف، ط. الرابعة، 1987هـ. 9- الأصوات اللغوية: لإبراهيم أنيس، دار الطباعة الحديثة، القاهرة، ط. الخامسة. 10- الأضداد: لابن الأنباري - محمد أبو الفضل إبراهيم، المكتبة العصرية، بيروت، 1407هـ. 11- إعراب القرآن: لأبي جعفر النحاس، ت - زهير غازي زاهد، عالم الكتب، ومكتبة النهضة العربية، ط. الثانية، 1405هـ.

12- إعراب القراءات الشواذ: للعكبري، ت - أحمد السيد أحمد، عالم الكتب، بيروت، ط الأولى، 1417هـ. 13- الاقتراح في علم أصول النحو: للسيوطي، ت - أحمد قاسم، 1396هـ. 14- الأمالي: لأبي علي القالي، نسخة مصورة عن طبعة دار الكتب المصرية، 1926هـ، نشر دار الكتب العلمية، بيروت. 15- الأنباه على قبائل الرواة: لابن عبد البر، (ضمن مجموعة الرسائل الكمالية) ، مكتبة المعارف، الطائف، 1980م. 16- أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك (ضياء السالك) : لابن هشام، ت - محمد عبد العزيز النجار، مكتبة العلوم والحكم. 17- البارع في اللغة: لأبي علي القالي، ت - هاشم الطعان، مكتبة النهضة، بغداد ط. الأولى 1975م. 18- البحر المحيط: لأبي حيان، ت - صدقي محمد جميل، المكتبة التجارية، مصطفى الباز، مكة المكرمة، 1412هـ. 19- بحوث ومقالات في اللغة: لرمضان عبد التواب، مكتبة الخانجي، القاهرة، ط. الثانية، 1408هـ. 20- بغية الآمال في معرفة النطق بجميع مستقبلات الأفعال: لأبي جعفر اللبلي، ت - سليمان بن إبراهيم العائد، جامعة أم القرى، مكة المكرمة، 1411هـ. 21- البلغة في أصول اللغة، للقنوجي، ت - نذير محمد مكتبي، دار البشائر الإسلامية، بيروت، ط. الأولى 1408هـ. 22- تاج العروس من جواهر القاموس: للزبيدي، دار الفكر، بيروت. 23- تاريخ الطبري، دار الكتب العلمية، بيروت، ط. الأولى 1407هـ.

24- التبصرة والتذكرة: للصميري، ت - أحمد مصطفى، مركز البحث العلمي وإحياء التراث الإسلامي، مكة المكرمة، ط. الأولى، 1402هـ. 25- التبيان في إعراب القرآن: للعكبري، ت - محمد علي البجاوي، عيسى البابي الحلبي، القاهرة. 26- التصريح بمضمون التوضيح: لخالد الأزهري، ت - عبد الفتاح بحيري، الزهراء للإعلام العربي، ط. الأولى 1418هـ. 27- التطور النحوي للغة العربية، لبرجستراس، ترجمة رمضان عبد التواب، مكتبة الخانجي، القاهرة، ط. الثانية 1414هـ. 28- تفسير الطبري (جامع البيان عن تأويل آي القرآن) دار الفكر، بيروت، 1405هـ. 29- تفسير القرطبي (الجامع لأحكام القرآن) : ت - أحمد عبد الحليم البردوني، دار الشعب، القاهرة، ط. الثانية، 1372هـ. 30- تفسير ابن كثير، دار المعرفة، بيروت، ط. الثانية، 1408هـ. 31- التنبيه والإيضاح عما وقع في الصحاح: لابن بري، ت - مصطفى حجازي الهيئة المصرية العامة للكتاب، ط. الأولى، القاهرة، 1986م. 32- تهذيب اللغة: للأزهري، جماعة من العلماء المؤسسة المصرية العامة للتأليف والأنباء والنشر، القاهرة، 1384هـ. 33- تهذيب الألفاظ: لابن السكيت، هذبه التبريزي، ت - الأب لويس شيخو اليسوعي، المطبعة الكالوثيكية، بيروت، 1895م. 34- جمهرة أنساب العرب: لابن حزم، ت - عبد السلام هارون، دار المعارف، القاهرة، ط. الخامسة،1982م.

35- جمهرة اللغة: لابن دريد، رمزي منير البعلبكي، دار العلم للملايين، بيروت، ط. الأولى، 1987م. 36- الجني الداني في حروف المعاني: للمرادي، ت - فخر الدين قباوة، ومحمد نديم فاضل، دار الآفاق الجديدة، بيروت ط. الثانية 1403هـ. 37- جواهر الأدب: للأربلي، ت - حامد أحمد نيل مكتبة النهضة المصرية، 1404هـ. 38- الجيم: لأبي عمرو الشيباني، ت - إبراهيم الأنبياري، الهيئة العامة لشؤون المطابع الأميرية، القاهرة، 1394م. 39- حاشية ابن بري علي كتاب المعرب: ت - إبراهيم السامرائي، مؤسسة الرسالة، ط. الأولى 1405هـ. 40- خزانة الأدب: للبغدادي، ت - عبد السلام هارون، مكتبة الخانجي، القاهرة، ط. الثالثة 1409هـ. 41- الخصائص: لابن جني، ت - محمد علي النجاري، دار الكتاب العربي، بيروت. 42- الدر المصون في علوم الكتاب المكنون: للسمين الحلبي، ت - أحمد بن محمد الخراط، دار القلم، دمشق، ط. الأولى 1406هـ. 43- دراسات في لهجات شمال وجنوب الجزيرة العربية: لأحمد حسين شرف الدين، مطابع الفرزدق التجاري، ط. الأولى 1404هـ. 44- دراسات في فقه اللغة: لصبحي الصالح، دار العلم للملايين، بيروت، ط. التاسعة 1981م. 45- دراسات وتعليقات في اللغة: لرمضان عبد التواب، مكتبة الخانجي، القاهرة، ط. الأولى، 1414هـ.

46- دراسة اللهجات العربية القديمة: لداود سلوم، عالم الكتب، بيروت، ط. الأولى، 1406هـ. 47- دروس في علم أصوات العربية، ترجمة الأستاذ صالح القرماوي، الجامعة التونسية، 1966م. 48- ديوان الأدب: للفاربي، ت - أحمد مختار عمر، الهيئة العامة لشؤون المطابع الأميرية، القاهرة، 1394هـ. 49- ديوان (شعر) عمرو بن معدي كرب الزبيدي: جمعه ونسقه، مطاع الطرابيشي، مجمع اللغة العربية، دمشق، ط. الثانية، 1415هـ. 50- سر صناعة الإعراب: لابن جني، ت - حسن هنداوي، دار القلم، دمشق، ط. الأولى، 140هـ. 51- السنن الكبرى: للبيهقي، ت - محمد عبد القادر عطا، مكتبة دار الباز، مكة المكرمة، 1414هـ. 52- السنن الترمذي: (الجامع الصحيح) ت - أحمد شاكر ورفاقه، مطبعة مصطفى البابي الحلبي، القاهرة، ط. الثانية 1398هـ. 53- سنن الدارمي: ت - فواز أحمد، خالد السبع، دار الكتب العربي، بيروت، ط. الأولى، 1407هـ. 54- سنن أبي داود: ت - محمد محيي الدين عبد الحميد، دار الفكر. 55- سنن ابن ماجه: ت - محمد فؤاد عبد الباقي، دار الفكر، بيروت. 56- سنن النسائي: ت - عبد الغفار، وسيد كسروي، دار الكتب العلمية، بيروت، ط. الأولى، 1411هـ. 57- شرح الشافعية ابن الحاجب: للرضي، ت: محمد محيي الدين ورفيقيه، دار الكتب العلمية، بيروت، 1395هـ.

69- صحيح البخاري: ت - مصطفى ديب البغا، دار ابن كثير، بيروت، ط. الثانية، 1407هـ. 70- صحيح مسلم: ت - محمد فؤاد عبد الباقي، دار الفكر، بيروت، 1403هـ. 71- العربية ولهجاتها: لعبد الرحمن أيوب، القاهرة 1968م. 72- العين: للخليل بن أحمد، ت - مهدي المخزومي، إبراهيم السامرائي، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت، ط. الأولى 1408هـ. 73- غريب الحديث: لأبي عبيد، نسخة مصورة عن طبعة دائرة المعارف العثمانية، بحيدر آباد الدكن، 1976، نشر دار الكتاب العربي، بيروت. 74- الفائق في غريب الحديث: للزمخشري، ت - محمد البجاوي، ومحمد أبو الفضل إبراهيم، عيسى البابي الحلبي، القاهرة، ط. الثانية. 75- الفرق بين الحروف الخمسة: للبطليوشي، ت - عبد الله الناصر، دار المأمون للتراث، دمشق، ط. الأولى، 1404هـ. 76- فصول في فقه اللغة العربية: لرمضان عبد التواب، مكتبة الخانجي، القاهرة، دار الرفاعي، الرياض، ط. الثالثة، 1404هـ. 77- فقه اللغة وسر العربية: للثعالبي، ت - خالد فهمي، مكتبة الخانجي، القاهرة، ط. الأولى 1418هـ. 78- في الأصوات اللغوية: لغالب فاضل المطلبي، وزارة الثقافة والإعلام، العراق 1984م. 79- في اللهجات العربية، لإبراهيم أنيس، مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة، ط. الرابعة 1973م.

80- الكتاب: لسيبويه، ت - عبد السلام هارون، مكتبة الخانجي، القاهرة، ط. الثالثة، 1408هـ. 81- كشف الخفاء، ومزيل الإلباس عما اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس: للعجلوني، ت - أحمد القلاش، مكتبة التراث الإٍسلامي، حلب، ودار التراث، القاهرة. 82- الكفاية في علم الرواية: للخطيب البغدادي، ت - أبو عبد الله السورقي، إبراهيم حمدي المدني، المكتبة العلمية، المدينة المنورة. 83- اللامات: لأبي الحسن الهروي، ت - أحمد عبد المنعم الرصد، مطبعة حسان، القاهرة، 1404هـ. 84- لسان العرب: لان منظور، دار صادر، بيروت. 85- لغة تميم: لضاحي عبد الباقي، الهيئة العامة لشؤون المطابع الأميرية، القاهرة، 1405هـ. 86- لغة طيء: لمحمد يعقوب تركستاني، رسالة دكتوراه في مكتبة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة. 87- لهجات العرب: لأحمد تيمور، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 1973م. 88- اللهجات العربية: لإبراهيم نجا، مطبعة السعادة، القاهرة، 1396هـ. 89- اللهجات العربية في التراث: لأحمد علم الدين الجندي، الدار العربية للكتاب، تونس، 1399هـ. 90- نشأة وتطوراً، لعبد الغفار حامد هلال، مكتبة وهبة، القاهرة، ط. الثانية، 1404هـ. 91- لهجات اليمن قديماً وحديثاً: لأحمد حسن شرف الدين، مطبعة الجبلاوي، القاهرة 1970م.

92- لهجة ربيعة: لعبد الهادي أحمد السلمون، القاهرة، 1417هـ. 93- ما يجوز للشاعر في الضرورة (ضرائر الشر) للقزاز، ت - محمد زغلول سلام، ومحمد مصطفى هدارة، منشأة المعارف، الإسكندرية. 94- مجالس ثعلب: ت - عبد السلام هارون، دار المعارف، القاهرة، ط. الخامسة، 1987م. 95- مجلة مجمع اللغة العربية في القاهرة، العدد (41) ، 1397هـ. 96- مجمع الزوائد ومنبع: للهيثمي، دار الريان للتراث، القاهرة، دار الكتاب العربي، بيروت، 1407هـ. 97- المحتسب: لابن جني، ت - علي النجدي ناصف، ورفيقيه، دار سزكين للطباعة والنشر، 1406هـ. 98- المحرر الوجيز: لابن عطية، ت - عبد السلام عبد الشافي، دار الكتب العلمية، بيروت، ط. الأولى، 1413هـ. 99- المحيط في اللغة: لابن عباد، ت - محمد حسن آل ياسين، عالم الكتب، بيروت، ط. الأولى 1414هـ. 100- مخارج الحروف وصفاتها: لابن الطحان، ت - محمد يعقوب تركستاني، ط. الثانية، 1412هـ. 101- مختصر في شواذ القرآن: لابن خالويه، نشره برجستراسر، مطبعة الرحمانية، القاهرة، 1934م. 102- المخصص: لابن سيدة، دار الفكر، بيروت، 1398هـ. 103- المذكر والمؤنث: لابن التستري ت - أحمد عبد المجيد هريدي، مكتبة الخانجي، القاهرة، ودار الرفاعي، الرياض، ط. الأولى 1403هـ.

104- المذكر والمؤنث: للفراء، ت - رمضان عبد التواب، مكتبة دار التراث، القاهرة 1975م. 105- المزهر في علوم اللغة وأنواعها: للسيوطي، ت - محمد جاد المولى، ورفيقيه، المكتبة العصرية، بيروت، 1406هـ. 106- المساعد على تسهيل الفوائد: لابن عقيل، ت - محمد كامل بركات، مركز البحث العلمي وإحياء التراث الإسلامي، جامعة أم القرى، مكة المكرمة، 1400هـ. 107- مسند الإمام أحمد بن حنبل، مؤسسة قرطبة، مصر. 108- مسند الإمام الشافعي، دار الكتب العلمية، بيروت. 109- مسند أبي يعلي: ت - حسين سليم، دار المأمون للتراث، دمشق، 1404هـ. 110- مسند الحميدي: ت - حبيب الرحمن الأعظمي، دار الكتب العلمية، بيروت. 111- المصباح المنير في غريب الشرح الكبير، للقيومي، مكتبة، بيروت، 1987م. 112- معاني الحروف: للرماني، ت - عبد الفتاح شلبي، مكتبة الطالب الجامعي، مكة المكرمة، ط. الثانية، 1407هـ. 113- معاني القرآن: للأخفش، ت - فائز فارس، الكويت، ط. 1401هـ. 114- معاني القرآن: للفراء، ت - محمد علي النجار ورفيقيه، عالم الكتب، بيروت، ط. الثالثة، 1403هـ.

116- معجم البلدان: لياقوت الحموي، دار صادر، بيروت، 1404هـ. 117- معجم العادات والتقاليد واللهجات المحلية في منقطة عسير، لعبد الله بن سالم آل فائع، ط. الأولى، 1414هـ. 118- المعجم الكبير للطبراني: ت - حمدي السلفي، مكتبة العلوم والحكم، الموصل، ط. الثانية، 1404هـ. 119- معجم ما استعجم: للبكري، ت - مصطفى السقا، عالم الكتب، بيروت. 120- المعرب من الكلام الأعجمي: للجواليقي، ت - أحمد شاكر، مطبعة دار الكتب، القاهرة، 1361هـ. 121- مغني اللبيب عن كتب الأعاريب: لابن هشام، ت - مازن المبارك، ومحمد علي، دار الفكر، بيروت، ط. الخامسة، 1979م. 122- المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام: لجواد علي، دار العلم للملايين، بيروت، ط. الأولى، 1971هـ. 123- المفصل في علم اللغة: للزمخشري، ت - محمد عز الدين، دار إحياء العلوم، بيروت، ط. الأولى، 1410هـ. 124- مقاييس اللغة: لابن فارس، ت - عبد السلام هارون، دار الفكر، 1399هـ. 125- المقتضب: للمبرد، ت - محمد عبد الخالق عضيمة، عالم الكتب، بيروت. 126- الممتع في التصريف: لابن عصفور، ت - فخر الدين قباوة، دار المعرفة، بيروت - ط. الأولى 1407?. 127- مميزات لغات العرب: لحفني ناصف، مصر، ط. الثانية 1312هـ. 128- من أسرار اللغة: لإبراهيم أنيس، مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة، ط. السادسة، 1978م.

129- من أصول اللهجات العربية في السودان، لعبد المجيد عابدين، مكتبة غريب، الفجالة، القاهرة، ط. الأولى 1966م. 130- منهج السالك إلى ألفية ابن مالك: للأشموني، دار إحياء الكتب العربية، البابي الحلبي. 131- الموطأ: للإمام مالك، ت - محمد فؤاد عبد الباقي، دار إحياء التراث العربي، بيروت. 132- نصب الرأية: للزيلعي، ت - محمد يوسف البنوري، دار الحديث، القاهرة، 1375هـ. 133- نهاية الأرب في معرفة أنساب العرب: للقلقشندي، دار الكتب العلمية، بيروت، ط. الأولى، 1405هـ. 134- النهاية في غريب الحديث والأثر: لابن الأثير، ت - طاهر أحمد الزاوي، ومحمود الطناحي، دار إحياء الكتب العربية، القاهرة. 135- النوادر في اللغة: لأبي زيد، ت - محمد عبد القادر أحمد، دار الشروق، بيروت، ط. الأولى، 1401هـ. 136- همع الهوامع: للسيوطي، ت أحمد شرف الدين، دار الكتب العلمية، بيروت، ط. الأولى 1418هـ. 137- وفاق المفهوم في اختلاف المقول والمرسوم: لابن مالك، ت - محمد شفيع النيبالي، مكتبة الإيمان، المدينة المنورة، ط. الأولى 1409هـ. 138- ابن يعيش: شرح المفصل.

§1/1