الإبانة في اللغة العربية

الصحاري

الإبانة في اللغة سلمة بن مسلم العوتبي الصحاري . . . . . . فإنها سماع بينهم واتباع لهم، وأخذٌ عنهم. . . . . . عليها. وقد ألّفْتُ هذا الكتاب في أصول اللغة و. . . . .، وذكرت أحرفاً من دخيل غيرها فيها، وفسرت شيئاً من الكلام الجاري على ألسنتهم، لا يعرف معناه، ولا يقف على فحواه، دون الغريب. . . . . . الذي لا يتكلمه إلا متفيهق، ولا يتكلفه إلا متعمق، ولا يحسن أن يؤتى به إلا في الشِّعْر والخُطَب. ورتبته على حروف المعجم؛ ليكون أسهل معرفة، وأقل كلاماً. وسميته بكتاب "الإبانة". ومعنى الإبانة في اللغة: الظهور والوضوح، من قولهم: بان الصُّبْحُ، إذا ظهر ضياؤه. ويقال: بانَ الشيء يَبِينُ إِبانَة، فهو مُبِين. وتَبَيَّنَ يتبيّن تَبَيُّناً فهو مُتَبَيِّن. واستبان يَسْتَبينُ استبانَةً، فهو مستبين، بمعنى واحد. والاسم: البَيانُ والتِّبيان. وقال: ففي هذا بيان إن عقلتُم ... وقد يُنجي من الجهلِ البَيانُ ويقال أيضاً: بان الشَّيْءُ من الشَّيْء، إذا انفصل، يَبين بيناً وبيْنُونَةً. والإعراب في اللغة يسمى إبانة، يقال: قد أعرب فلان عن كذا، إذا أبان. والعرب تقول للبهمى: العِرْب واحدته عِرْبة. وإنما قيل له العِرب؛ لأن الشوك إنما يظهر فينماز الورق، [أي]، إنه قد بانَ من العِرْب. وإلى الله تعالى الرغبة في إفهامِيَهْ، وإقداري على إتمامِيَهْ، إنه ولي ذلك، والقادر عليه.

باب في اللسان والفصاحة والبيان

باب في اللسان والفصاحة والبيان قال الله، عز وجل: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ}. واللسان: الذي يُنطق به، قد يُذَكَّر ويُؤَنّثُ. والألسن بيان التأنيث في عدده. والألسنة للمذكر. وأصل اللسان يقال له: الجَذْرُ. وهو أيضاً أصل الكلام، وأصل كل شيء، وأصل [الذَّكَرِ، وأصل الحساب الذي يقال: عَشَرَة في عَشَرَة، أو كذا في كذا. نقول: ما جَذْرُه؟ أي ما مبلغ تمامه؟ فتقول]: عَشَرَة في عَشَرَة: مئة، ومئة في مئة: عَشَرَةُ آلاف. [ويقال لِسِقِي الماء]، إذا سقيت الدَّبَرة من الأرض: قد بلغ جَذْرَه. وقال يصف قرن بقَرَة:

وسامعتين تعرف العِتق فيهما ... إلى جَذْر مدلوك الكعوب محدد ويقال للرجل الغليظ القصير: إنه لمُجَذَّر. ويقال لأصل اللسان أيضاً: العكدة، ويقال لطرفه ومستدقه: أسلة. ويقال: لسن فلان فلاناً، معناه: تكلم فيه وهو يلسنه، قال طَرَفة: وإذا تلسُنُني ألسُنُها ... إنني لست بموهون فقر يقول: إذا كلمتني كلمتُها. والموهون: الضعيف. والفقر: البادي العورة الممكنها، تقول: قد أفقرك الصيد فارمه، أي أمكنك من نفسه. ورجل لسن: بين اللسن. وقوم لسن: ذوو لسان. واللسن المصدر. واللسَن، بتحريك السين؛ طول اللِّسان. واللِّسْنُ، بكسر اللام: اللغة. يقال: لكل قوم لِسْن، أي لغة. ويقال للرجل المنبسط اللسان: بسيط، والمرأة بسيطة، والفعل: بَسُطَ بساطةٌ. واللسان: الرسالة. وقال الفراء: اللسان بعينه مُذَكّر، فإذا أنث فإنما يراد به الرسالة، قال أعشى باهلة: إني أتتني لسان لا أسر بها ... من علو لا عجب فيها ولا سخر وقال آخر: ندمت على لسان فات مني ... فليت بأنه في جوف عِكْمِ

فإذا أريد بذلك الرسالة أو القصيدة من الشعر أُنِّث. وأما اللسان بعينه فلم أسمعه من العرب إلا مُذَكّراً. قال أمية: فاسمع لسان الله كيف شكولُه ... تُعجب ويلسُنك الذي يستشهد لسان [الله]: كلام الله. شُكوله: ضروبه. ويلسنك: يكلمك، ويستشهد بهذا. واللسان أيضاً: الثناء الحسن. قال الله عز وجل: {وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الآخِرِينَ}، قيل: ثناء حسناً فيما بعدي. وأصاة اللسان: [رزانته، كالحصاة. وقالوا: ما له حصاة ولا أصاة، أي: رأي يُرجع إليه. ويقال: إنه لذو حصاة وأصاة، أي ذو عقل ورأي]. ويروى هذا البيت: وإن لسن المرء ما لم تكن له ... أصاة، على عوراته، لدليل ما الإنسان بإنسان لولا اللسان. وقال بعض الحكماء: اللسان وزن الإنسان. وقال خالد بن صفوان: ما الإنسان لولا اللسان إلا صورة ممثلة أو بهيمة

مرسلة، ثم أنشأ يقول: وما المرء إلا الأصغران: لسانه ... ومعقوله، والجسم خلق مصور فإن صورة راقتك فاخبر، فربما ... أمر مذاق العودِ والعودُ أخضر وقال المعيدي: المرء بأصغريه: لسانه وجنانِه؛ إن نطق نَطَق ببيان، وإن قاتلَ قاتلَ بِجَنان. والجَنَان: القلب. وقال سهل بن هارون: العقل رائد الروح، والعلم رائد العقل، واللسان ترجمان العلم. وقال بعض الأدباء: كلام المرء وافد أدبه. وقال زهير: وكائن ترى من صامت لك معجب ... زيادته أو نقصه في التكلم لسان الفتى نصف ونصف فؤاده ... ولم يبق إلا صورة اللحمِ والدم وقال أعرابي: عن الله تعالى رفع درجة اللسان على غيره من جوارح الإنسان، فأنطقه بتوحيده؛ فليس في الأعضاء شيء ينطق بذكر الله سواه. وفي اللسان عشر خصال: أداة تُظهر البيان، وشاهد يخبر عن الضمير، وحاكم يفصل بين الخِطاب، وناطق يرد به الجواب، وشافع يدرك به الحاجة، وواصف تعرف به الأشياء، وواعظ ينهى عن القبيح، ومعز تُسكن به الأحزان، وحاصد يذهب الضغينة، ومونِق يلهي الأسماع.

وقال جرير: لساني وسيفي صارمان كلاهما ... وللسيف أشوى وقعة من لسانيا ومعنى أشوى، أي أبقى، والإشواء: الإبقاء. وقال بعض الهذليين: [فإن من القول التي لا شوى لها ... إذا زل] عن ظهر اللسان انفلاتها وقال آخر: ........ لي قناعتي ... وكنزي آدابي، وسيفي لسانيا وقال الحجاج بن يوسف: المرء مخبو تحت لسانه. وقال الشافعي: والمرء كالمخبو تحت لسانه ... ولسانه مفتاح باب مغلق وقال آخر: عقل الرجل مدور تحت لسانه. وقيل: جمال المرأة في وجهها، وجمال الرجل في لسانه. وعن العباس بن عبد المطلب أنه قال للنبي، صلى الله عليه وسلم: "فيم الجمال يا رسول الله؟ قال: في اللسان". وروي عنه صلى الله عليه، أنه قال لعمه العباس: "يعبجني جمالك. قال: وما جمال الرجل؟ قال: لسانه". قال الشاعر:

وما حُسن الرجال لهم بزين ... إذا ما أخطأ الحسن البيان كفى بالمرء عيباً أن تراه ... له وجه وليس له لسان واللسان يسمى فصلاً، قال الشاعر: وعانية كالمسك، طاب نسيمها ... تلجلج منها، حين يشربها، الفصل كأن الفتى يوماً، وقد ذهبت به ... مذاهبه، لقاء، وليس له أصل عانية: الخمرة، منسوبة إلى قرية يقال لها عانة، ويقال: قرية بالجزيرة. قال امرؤ القيس: أنُف كلون دم الغزال معتق ... من خمر عانة أو كروم شَبام وشِبام: قرية أيضاً، وشِبام: جبل، قال الأعشى: قد نال رب شِبام فضل سؤدده ... إلى المدائن خاض الموت وادرعا وشِبام: حي من اليمن أيضاً. فالفصل في البيت الأول: اللسان، والأصل في الثاني: العقل. فصل روي عن النبي، صلى الله عليه، أنه قال: "تعلموا العربية فإنها اللسان الذي يكلم الله بها عباده يوم القيامة". وعنه، صلى الله عليه، أنه قال: "أعربوا القرآن فإنه عربي".

والإعراب هو البيان، يقال: أعرب الرجل يُعرب إعراباً، فهو مُعْرِب، إذا بيَّن وأوضح. وقيل: نزل القرآن بلغة أهل الحجاز. وعن النبي صلى الله عليه، من طريق ابن مسعود أنه قال: لسان صدق " [أحِبوا العرب] لثلاث: لأني عربي، ولسان الله عربي، وكلام أهل الجنة عربي، ومن أبغضهم فليبغضني". وقال مقاتل بن حيان: "كلام أهل السماء العربية" [ثم] تلا: {حم، وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ، إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ}. قال جعفر بن محمد: أول من تكلم بالعربية المبينة، التي نزل بها القرآن، إسماعيل، وهو ابن خمس عشرة، وأنشأه الله على لسان أبيه إبراهيم، عليه السلام. وكان النبي صلى الله عليه، أفصح ........ أتسمعني ألحن على المنبر؟ قال يحيى: الأمير أفصح الناس. قال يونس: وصدق، كان أفصح الناس، إلا أنه لم يكن يروي الشعر. قال: أتسمعني ألحن؟ قال: حرفاً، قال في أي؟ قال: في القرآن. قال: فذلك اشنع له. قال: ما هو؟ قال: يقول: {إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ} الآية، {أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} بالرفع. قال: فبعث به إلى خراسان، وبها يزيد بن المهلب. قال: فكتب يزيد بن المهلب إلى الحجاج: "إنا لقينا العدو وفعلنا وفعَلنا واضطررناهم إلى عُرعُرة الجبل، ونزلنا بالحضيض". فقال الحجاج: ما لابن المهلب وهذا الكلام. قيل له: إن ابن يعمُر عبد

مَولى. فقال: إذن. عُرعُرة الجبل: رأسه، وعُرعُرة كل شيء: رأسه. والعرعرة: رأس السنام. والحضيض: القرار. ويقال: تجبَّلنا وأقاموا بالحضيض، وهو قرار الأرض عند سفح جبل. قال الحطيئة: زلت به إلى الحضيض قدمه فصل قال الله، عز وجل: {الرَّحْمَنُ، عَلَّمَ الْقُرْآنَ، خَلَقَ الإِنسَانَ، عَلَّمَهُ الْبَيَانَ}، فسمَّى كتابه بياناً. وقال تعالى: {هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ}. وعن النبي، صلى الله عليه: "إن من الكلام لحكمة، وإن من البيان لسحراً". وتكلم رجل بحضرة ابن عباس بفصاحة، فقال: هذا السحر الحلال. وقال الحسن: الفصاحة والطيب لا يوجدان إلا في الشريف. وسمع الحسن مناظرة قوم في النحو فقال: أحسنو، يتعلمون لغة نبيهم، صلى الله عليه. وقال الخليل بن أحمد: أ [خذ] النبي، عليه رحمة ربه ... من كل مالغة أصح وأعرب وقد حث، صلى الله عليه وسلم، وذوو العلم من بعده على إصلاح الألسنة وتعلم اللغة وحسن العبارة؛ فروي عنه، عليه السلام، أنه [قال]: "رحم [الله]

امرأ أصلح من لسانه". وعن عمر قال: سمعت رسول الله، صلى الله عليه، يقول: "رحم الله امرأ أصلح من لسانه". وعن ابن عمر أنه كان يضرب ولده على اللحن. وعن الخليل قال: سمعت أيوب السختياني لحن فقال: أستغفر الله. وقال يونس بن حبيب: ليس للاحن مروءة، ولا لتارك الإعراب بهاء، ولو حلَّ بيأفوخة أعنان السماء. اليأفوخ من الجمجمة، وهو من القبيلة: المقدمة والمؤخرة. وجماع اليأفوخ: اليآفيخ، قال العجاج: أو كان ضرباً في يأفيخ البُهَم ... عنك حتى ما جزعنا من ألم والذي [يكون] من الصبي قبل أن يتلاقى العظمان من اليأفوخ يقال لها: الرماعة واللماعة والنمغة. وأعنان السماء: نواحيها. وقال أبو عكرمة: كان عمر إذا سمع رجلاً يخطئ قبَّح عليه، وإذا أصابه يلحن ضربه بالدرة. ويروى أن كاتباً لأبي موسى الأشعري كتب إلى عمر كتاباً فلحن فيه. فكتب عمر إلى أبي موسى: أن اضرب الكاتب سوطاً واعزله عن عملك.

يروى عن النبي، صلى الله عليه، أنه لحن عنده رجل فقال: "أرشدوا أخاكم". وقيل إن رجلاً قصد أبا بكر، رضي الله عنه، في حاجة، فكثر لحنه ... إبداده. فقال له: استر عورتك وسل حاجتك. فبادر الرجل ثوبه. فقال له عمر، رضي الله عنه، وكان حاضراً: لم يردك خليفة رسول الله، [صلى] الله عليه، بهذا، إنما أمرك بإصلاح لسانك. وعن عمر، رحمه الله، أنه قال: "أحبكم إلينا أحسنكم وجهاً حتى نستنطقكم، فإذا استنطقناكم كان أحبكم إلينا أحسنكم منطقاً حتى نختبركم، فإذا اختبرناكم كان أحبكم إلينا أحسنكم مَخْبَراً". وقال عبد الملك بن مروان: "اللحن هجنة الشريف، والعجب آفة العقل، والكذب فساد كل شيء". وعن الشعبي أو غيره أنه قال: اللحن في الشريف كالجُدري في الوجه الحسن. قال الخليل بن أحمد: دخلت على سليمان بن علي فرأيته يلحن اللحنة بعد اللحنة فقلت: أيها السيد، أبوك علي السَّجاد، وعمك عبد الله الحَبْر، والعباس بن عبد المطلب جدك، وما ولدك إلا خطيب أو فصيح، وأرى في كلامك سقطاً. قال: أقليلاً أم كثيراً؟ فقلت: بك بقل. قال: إنك لا تسمعه مني أبداً بعدها. قال فما أذن لأحد سَنَة. ثم دخلت عليه، فرأيته أفصح الأولين والآخرين. ثم غبرْتُ عنه يومين أو ثلاثة، فأتيته بأبيات عملتها فأنشدته:

لا يكون السَّري مثل الدَّنـ ... ي لا ولا ذو الذكاء مثل الغبي لا يكون الألد ذو المقول المُرْ ... هف عند الحجاج مثل العيسي قيمة المرء كل ما يحسن المر ... ء قضاء من الإمام علي أي شيء من اللباس على ذي السـ ... رو أبهى من اللسان البهي ينظم الحجة السنية ي السر ... د من القول مثل عقد الهدي وترى اللحن في الحسيب أخي الهيـ ... ــــأة مثل الصَّد [ى] على المشرفي فاطلب النحو [للحجاج]، وللشعـ ... ـــر مقيماً والمسند المروي والخطاب البليغ عنـ[ــــد جواب ا] لـ ... ــــخصم يرمى به في النديِّ فارفض القول من طغام [عنـ ... ـــه] وعادوه بغضة للنبي وعن عمر، رضي الله عنه، [أنه خرج على قوم] يرمون فعاب عليهم سوء رميهم. فقالوا: نحن قوم متعلمين. فقال عمر: للحنكم أشد علي من سوء رميكم، سمعت رسول الله، صلى الله عليه، يقول: "أصلح الله امرأ أصلح من لسانه". فقال بعضهم: يا أمير المؤمنين: أيضحى بالضبي؟ قال: وما عليك لو قلت ظبي؟ قال: إنها لغة. قال: رُفع العتاب، ولا يضحّى بشيء من الوحش. وعن عمر بن عبد العزيز أنه خرج على قوم يرمون بالنشاب، فعاب عليهم رميهم،

فقالوا: نحن قوم متعلمين يا أمير المؤمنين. فقال سوء الكلام أسوأ من سوء الرماية، تعلموا الكلام ثم تعلموا الرماية. وعن ابن عمر أن رجلاً أتاه فقال له: يا أبا عبد الرحمن، ما تقول في رجل مات وترك أبوه وأخوه؟ فقال ابن عمر: ويحك، أباه وأخاه. فقال الرجل: فما [لأ] باه وأخاه؟ قال ابن عمر: لأبيه وأخيه. قال الرجل: قد قلت فأبيت. قال ابن عمر: إنا لله وإنا إليه راجعون، ما فاتك من أدبك أضر بك مما فاتك من ميراثك. وقيل: دخل رجلان على سليمان بن عبد الملك فقال أحدهما: مات أبانا، رحمه الله، فوثب أخينا على ميراثنا من أبونا فرضينا بك لتنصفنا منه. فقال سليمان: لا حفظ الله أخاك ولا رحم [أباك] ولا رد مالك، اخرج عني، فوالله ما أدري أمن لحنك أعجب أم [من ....] له. قال زهير لرجل: تعلم النحو، قال: وأي شيء أصنع بالنحو؟ [قال له: إن بني] إسرائيل كفرت في كلمة، أنزل الله تعالى في الإنجيل: ["أنا ولدت عيسى"، فقرؤوها مخففة "ولَدْتُ عيسى" فكفروا. وقال الله، عز وجل، في الإنجيل لعيسى، عليه السلام: "أنت نبيي، وأنا وَلّدْتُك" مثقل، فحرفته النصارى وقرأوا: "أنت بُنَيّي وأنا وَلَدْتُك" مخفف. قال ابن شبابة: حضرت جنازة بمصر، فجاءني بعض القِبط فقال لي: يا كهل، مَنِ المتوفّي؟ فقلت: الله. قال: فضربت حتى كدت أموت. ودخل رجل من الأشراف على زياد بن أبيه فقال: إن أبينا هَلَك، وإن أخونا

غصبنا على ميراثنا من أبانا. فقال زياد: ما ضيعت من نفسك أكثر مما ضيعت من مالك. قال الوليد لبعض بني عمه: من خَتنك؟ قال: عذرني غلام من الحي. فقال عمر ابن عبد العزيز: إن أمير المؤمنين يقول لك: من خَتَنُك؟ فاستحيا الوليد وأقام في منزله أربعين يوماً يصلح لسانه، ولا يخرج للناس. وقال رجل للحسن: يابو سعيد، أين رُبيت؟ قال: بالأيْلة. قال: منها أتيت. وروي أن رجلاً قال للأصمعي: يا أبو سعيد، فقال: يا لُكع، كسب الدوانيق شغلك أن تقول: يا أبا سعيد. وروي أن رجلاً قال له: يا أبي سعيد، فقال له: لا أدركتني بالفتحة، لقتلتني بالكسرة. وجاء رجل إلى صديق له، فوقف ببابه، ونادى: يابو فلان، فلم يُجبه، فقال: يابي فلان. فقال له: قل الثالثة وادخل. يريد قل: يابا فلان. ودخل رجل على عمر بن عبد العزيز، فتكلم وأكثر. فقال شرطي على رأسه: قد أوذيت الأمير. فقال عمر: أنت والله أشد أذى لي منه. ولحن خالد بن صفوان عند عبد الملك بن مروان، فقال عبد الملك: اللحن في الكلام أقبح من العوار في الثوب النفيس. وقال بعضهم: كان مؤدبو المدينةي ضربون على الخطأ واحدة وعلى اللحن ستاً. وكان ابن سيرين يسمع الحديث ملحوناً فيحدث به ملحوناً. فقال الأعمش: إن كان الذي حدث به ابن سيرين لحناً، فإن رسول الله، صلى الله عليه، لم يلحن. وقال أبو بكر: لأن أخطئ في القرآن أحب إليّ من أن ألحن فيه. قال الحسن: منْ لحن في القرآن فقد كذب على الله غير متعمد. قال خليد العصري: أتينا سلمان الفارسي ليقرئنا القرآن، فقال: إن القرآن عربي فاستقرئوا رجلاً عربياً، فقرأنا على

زيد بن صوحان. وعن ابن مسعود: أعربوا القرآن فإنه عربي. وقال مكحول: من قرأ القرآن بالعربية ضوعف أجره [مر] تين. وقيل للحسن: إن [إمامنا] يلحن، فقال: نحُّوه. عن أبي موسى البصري قال: قال رجل للحسن: يا أبا سعيد، ما أراك تلحن. فقال: يا ابن أخي، إني سبقت اللحن. عن ابن عون قال: كنت أشَبِّه لهجة الحسن بلهجة رؤبة بن العجاج. وهبُ بن جرير قال: قرأ أبي علي أبي عمرو بن العلاء، فقال له: لأنت أفصح من معد بن عدنان. كان سابق الأعمى يقرأ: {الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ} بفتح الواو، وكان ابن جابان يقول له إذا لقيه: ما فعل الحرف الذي تكفر بالله فيه؟ وقرأ أيضاً: {وَلا تُنكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا}. وكان ابن جابان يقول: وإن [آمـ]ـنوا أيضاً لم ننكحهم. وقرأ الحجاج: {إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ}، نصب أن سهواً، فلما تلقَّتها

لام خبير أسقطها، فكان تغيير القرآن أسهل خطأ وأيسر ذنباً عليه من اللحن فيه. روي أن علي بن حمزة الكسائي ويعقوب بن إبراهيم القاضي، اجتمعا عند الرشيد، وكان أبو يوسف يزري على علي النحو، فقال له الكسائي: ما يقول القاضي في رجلين اتُّهما بقتل عبد لرجل، فقدمهما إلى قاض، فادعى عليهما قَتْل عبده. فسأل القاضي أحدهما، فقال: أنا قاتل عَبْدِه، وسأل الآخر فقال: أنا قاتل عَبْدَه، أيهما القاتل؟ فقال: جميعاً. فقال الكسائي: بئس ما قلت، أنعِم النظر. فقال: الذي قال: أنا قاتل عبده. فقال: وهذا أيضاً خطأ. فقال الرشيد: أما علمت أن الذي قال: أنا قاتل عبده، قد وعد بقتله ولم يقتله، وأن من قال: أنا قاتل عبده قد أقر بالقتل؟ فانتبه أبو يوسف، فقال: قليل من العلم كثير، وأعمل نفسه حتى علم من النحو ما كان يتحذر به من اللحن. وقيل: إن سائلاً سأل أبا يوسف عن رجل حلف أن امرأته طالق أن دخلت الدار، وآخر حلف أن امرأته طالق إن دخلت الدار. فقال: أيتها دخلت فقد حنث الحالف. قال: وكان الكسائي حاضراً فقال: أوليس الخرس أحسن من هذا الجواب؟ وسمع أبو يوسف مقالته فشكاه إلى الرشيد فقال: صدق الكسائي، الخرس أحسن من اللحن. أما علمت أن من خفض قد خلف على شيء يكون في المستقبل؟ فمتى دخلت امرأته الدار حنث، والآخر إنما حلف يمينه بفعل ماض، فإن كانت امرأته دخلت الدار قبل حلفه عليها فقد طَلُقَت، وإن لم تكن دخلت لم تطلق. قال: وكانت هذه المسألة حدت أبا يوسف على أن طلب النحو وتعلمه. فصل [أول من عمل النحو] وأول من عمل النحو أبو الأسود الدؤلي، ثم عرضه على علي بن أبي طالب،

فقال: ما أحسن هذا النحو الذي أخذت فيه، فسمي نحواً بذلك. ومعنى النحو: القصد نحو الشيء، نحوت نحو فلان: إذا قصدت قصده، وذلك نحو قولك: نحوت حضرتك، أي قصدت حضرتك. والنحو: المثل، تقول: هذا نحو هذا، أي مثل هذا. والنحوُ: القرب. والنّحو: الصدد. والنَّحْوُ: الكتب. والنحو: الصقب، يقال: الصقب والسَّقَبُ، بالصاد والسين، لغتان، عن الأصمعي. ومنه الحديث: "الحمار أحق بصقبه"، أي بقربه. والنّحو: المصدر. والنّحوُ: الأمَم. والنّحْوُ: السَّطْرُ. والنحو: الناحية. والنّحو: الانحراف. وقيل: إن أبا الأسود وضع وجوه العربية ثم قال للناس: انحوا نحو هذا، فسمي نحواً. ويجمع النحو على الأنحاء. وقال: وللكلام وجوه في تصرفه ... النحو فيه لأهل الرأي أنحاء وسمع أبو الأسود رجلاً يقرأ: {أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ} بخفض اللام، فقال: لا إخالني يسعني هذا، وألَّف شيئاً قليلاً، وأعمق الناس النظر بعد ذلك فيه، وأطالوا الأبواب. وقال يونس بن حبيب: إنما أسّس النحو لأبي الأسود علي بن أبي طالب. وحدّث الهيثم بن عدي أن أبا الأسود أول باب ألفه من النحو باب التعجب؛ وذلك

أن بنتاً [له] تقوده [في] بيته، وقد كُفَّ بصره إذ ضربتها الرمضاء فأحرقتها فقالت: يا أبَهْ، ما أشد الحر، بكسر الراء، فظنَّ أنها تريد: أي الحر أشد. فقال: يا بُنَية، وغرةُ القيظ، ومعمعان الصيف. فلما تلفَّت إليها بكت وقالت: يا أبَهْ، ما أشد الحر، ففهم عنها وقال: يا بنية، قولي: ما أشد الحر، وعمل باب التعجب. وقال ابن الأنباري: أول من وضع النحو أبو الأسود الدؤلي، ثم ميمون الأقرن، ثم عنبسة الفيل، ثم عبد الله بن أبي إسحق. قال: فوضع عيسى بن عمر في النحو كتابين، سمى أحدهما "الجامع" والآخر "المكمل"، فقال الخليل بن أحمد: بطل النحو جميعاً كلُّه ... غير ما ألف عيسى بن عمر ذاك إكمال وهذا جامع ... فهما للناس شمس وقمر وأبو الأسود الدؤلي هو أول من وضع نقط المصاحف، ثم فتح باب الشكل الخليل بن أحمد، والخليل الذي استنبط من علم النحو ودقائقه ما لم يسبقه سابق، ولم يلحقه لاحق، ووضع علم العروض. وعن أبي عثمان المازني قال: سمع أبو الأسود رجلاً يقرأ: {أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولِهِ} بكسر اللام، فقال: أو قد بلغ الناس إلى ما أرى؟ ابغوني كاتباً ذهناً. فجاؤوه برجل، فدفع إليه مصحفاً، ثم قال له: قلمك بيدك، واسمع كيف أقرأ، فإذا رأيتني قد ضممت فاي فألقِ قدّام الحرف نقطة، وإذا فتحت فاي

فألق على الحرف نقطة، وإذا [كسرت] فاي فألق تحت الحرف نقطة. فشكل المصحف كله على ذلك، وهي سنّة باقية. [ثم] وضع الخليل صور الشكل، فجعلها مفاتح مستغلق الكلام، ومترجم معاني متشابهة، وهي تسعة أوجه: ضم وفتح وتسكين وهمز وتشديد ونصب منون ورفع منون وجر منون. ثم صنع سيبويه الكلام على ثمانية مجار، ولقبها بثمانية ألقاب: رفع وضم، ونصب وفتح، وجر وكسر، وجزم ووقف. وأخذ ذلك البصريون عن الخليل؛ فهو الإمام فيه، وله فضيلة السبق عليهم. وهذا إنما أحدثه المحدثون؛ فأما العرب العاربة فما كان بهم حاجة إلى معرفة نحو ولا عروض؛ إذ كان [لسانهم] فصيحاً، وكلامهم صحيحاً خلقة، طبعهم الله تعالى عليها، وفصاحة أبانهم الله بها، فكانوا بذلك أغنياء عن تعلم النحو، متكلمين بأصح كلام وأفصحه، وأوضح بيان وأملحه. وكانوا لصحة ذوقهم لزنة الشعر أغنياء عن تعلم العروض. وكانوا مصححين للكلام غير مصحفين، ومعربين غير لاحنين، لساناً عربياً، وبياناً طبعياً. وكان اللحن عندهم بمعنى الصواب، كما هو عند غيرهم بمعنى الخطأ. وقد أفردت له فصلاً يأتي بعد هذا إن شاء الله. وقد قالت الشعراء في مدح النحو فأكثروا، وكل ذلك حضاً منهم على معرفة العربية، والنطق باللغة اليَعْرُبية؛ فمن ذلك قول بعضهم: النحو يصلح من لسان الألكن ... والمرء تعظمه إذا لم يلحن لحن الشريف يحطه عن قدره ... فتراه يسقط من لحاظ الأعين

وترى الشريف إذا تبين لحنُه ... أبصرت فيه هجانة ..... وترى الوضيع إذا تفوَّه لفظه ... يرنا إليه بأوجه وبأعين ما ورث الآباء فيما ورثوا ... أبناءهم مثل العلوم فاتقن فإذا طلبت من العلوم أجلَّها ... فأجلُّها عندي مقيم الألسن ووزن الكلام وزينته النحو، وهجنته وشينه اللحن. فصل قال الله، عز وجل، مخبراً عن سليمان، عليه السلام: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ}، فجعل الله تعالى [ذلك] منطقاً، وخصَّ سليمان، عليه السلام، بأن فهمه معاني ذلك المنطق، وأقامه [فيه] مقام الكلام من الطائر. وكذلك لو قال: علمنا منطق البهائم والسباع لكان ذلك آية وعلامة. وقد علم الله تعالى إسماعيل منطق العرب بعد أن كان ابن أربع عشرة [سنة]. قال الخليل: وكلام كل شيء: منطقه. والفرق بين الإنسان والطير أن ذلك المعنى منها سمي منطقاً وكلاماً على التشبيه بالناس وعلى السبب [الذي] يجري. والناس ذلك لهم على كل حال. وقالوا: الإنسان هو الحي الناطق، قال الله تعالى: {وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ}. وقال: منطق الطير على التشبيه

بمنطق الناس. ثم قالوا: بُعْد الصامت والناطق. ثم قالوا: بُعْد الدار يُنْطِق. قال أبو بكر: في الصامت والناطق قولان: أحدهما: أن يكون الصامت: الذهب والفضة، والناطق: الحيوان. والقول الآخر: أن يكون الناطق: الذي له كبد. قال خالد بن كلثوم: الناطق عند العرب: كل ما كان له كبد، واحتج بقول الشاعر: فما المال يخلدني صامتاً ... هُبلت ولا ناطقاً ذا كبد ذريني أروي به هامتي ... وقدك، أطلت من اللوم، قد معنى: وقدك: حسبك. ويقولون: نطق العصفور وتكلم أيضاً. قال كثير: سوى ذكرة منها، إذا الركب عرَّسوا ... وهبَّت عصافير الصريم النواطق [قال كلثوم بن عمرو]: يا ليلة بحوارين ساهرة ... حتى تكلم في الصبح العصافير ونقول: نطق الناطق يَنْطِقُ نُطْقاً وإنه لمنطيق بليغ. والكتاب الناطق: البين، [قال لبيد]: أو مذهب جدد على ألواحه ... الناطق المبروز والمختوم

والمنطق: كل شيء شددت به وسطك. والمنطقة: اسم خاص. والنطاق: خيط تشد به المرأة في وسطها للمهنة. قال أبو كبير الهذلي: حملت به، في ليلة، مزؤودة ... كرهاً، وعقد نطاقها لم يحلل يقول: باشرها بعلها غصباً، وهي مرعوبة غير متأهبة للمباشرة فتحل نطاقها وتأتي فراشها، فجاء المولود شهماً مذكراً لا حظَّ للتأنيث فيه. ويقال: إذا أردت نجابة ولدك، فاغضب أمُّه واغشها. وقولهم: سكت ألفاً ونطق خلْفاً: هو مثلٌ يضرب للرجل يطيل الصمت، فإذا تكلَّمَ تكَلَّمَ بالخطأ. يعنون أنه سكت عن ألْف كلمة، ثم تكلم بالخلْف عن الكلام والخلف: الرديء من القول. قال ابن الأعرابي: كان أعرابي جالساً مع قوم فحبق حبقة، فتشوَّر، وأشار بإبهامه نحو إسته وقال: إنها خلف نطقت خلفاً. فسمّى صوت ذلك الموضع نطقاً خَلْفاً. وقوله: حبق حبقةً: أي ضرط ضرطَة. فصل كان النبي، صلى الله عليه، أفـ[ـصح] الناس لساناً، وأملحهم بياناً، وأوجزهم كلاماً. وكان ذلك الإيجاز يجمع كل ما يريد. وكان كلامه لا فضول فيه، ولا تقصير كلام، يتبع بعضه بعضاً، بيْن كلامه توقَّف يفهمه سامعه ويعيه.

قال عبد الله بن الحارث: نشأت سحابة على عهد رسول الله، صلى الله عليه، فقالوا: "يا رسول الله، سحابة نشأت. قال: كيف ترون بواسقها؟ قالوا: ما أحسنها وأشد تراكمها. قال: كيف ترون قواعدها؟ قالوا: ما أحسنها وأشد تمكنها. قال: كيف ترون رحاها؟ قالوا: ما أحسنها وأشد استدارتها. قال: كيف ترون جوفها؟ قالوا: ما أحسنه وأشد سواده. قال: كيف ترون برقها، أخَفْواً أو وميضاً أم يشق شقاً؟ قالوا: بل يشق شقاً. فقال، صلى الله عليه: الحيَا الحيَا. فقالوا: يا رسول الله، ما أفصحك، ما رأينا الذي هو أفصح مِنْك. فقال: ومن أين يكون أفصح مني، وإنما أُنزِل القرآن بلساني لسان عربي مبين". قال الأخفش: بواسقها: حالها. والباسق: المُشرف التام من كل شيء. قال: كباسقة الوسمي ساعة أسبلت ... تلألأ فيها البرق وابيض جيدها قواعدها: أسافلها، وهي أن تكون متمكنة في الأرض. ورحا السحاب: مستداره ومعظمه، وهو بفتح الراء والحاء. قال: إذا رجفت فيه رحى مرجحنَّة ... [تبّ]ـعَّق ثجَّاج غزير الحوافل الخَفْوُ: أن يظهر شيء ثم يخفى. قال: [خفى] كاقتذاء الطير والليل ضارب ... بجثمانه والبرق قد كاد يسطع

[اقتذاء] الوميض: تكشفه، يقال: أومضت المرأة: إذا ضحكت فبدت نواجذها، من هذا. والشَّقُّ: أن تُشَق السحابة فيذهب فيها البرق. والحيا، مقصور: الغيث. وقال صلى الله عليه: "أنا أفصح العرب بيد أني من قريش، ويروى: " [مـ]ـيد" بالميم، ونشأت في هوازن، واسترضعت في بني سعد بن بكر، فأنى يأتيني اللحن"؟ وصدق، صلى الله عليه، في قوله، هو أفصح العرب نطقاً، وأحسنهم خَلْقاً وخُلُقاً، وأكرمهم جوداً، وأوفاهم عهوداً، وأتمُّهم وفاء، وأكرمهم شرفاً، وأعلمهم معرفة، وأعمهم صفة، صلى الله عليه. وقال المعقر البارقي، بعد ما كُف بصره، لابنته، وسمع صوت رعد: أي شيء ترين؟ قالت: أرى سحماء عقَّاقة كأنها حُولاء ناقة، ذات هيدب دان، وسير وان. فقال: يا بنية، وائلي بي إلى جنب قَفلة، فإنها لا تنبت إلا بمنجاة من السيل. قولها: سحماء، السحماء: السحابة السوداء. قال: عفا آيه نسج الجنوب مع الصِّبي ... وأسحم دان مزنه متصوب يعني بالأسحم: السحاب الأسود.

وقولها: عقاقة، أي ذات برق، يقال: انعقَّ البَرْقُ: إذا سرى في السحاب. وعقيقة البرق: ما يبقى في السحاب من شعاعه، وبه تشبه السيوف فتسمى عقائق. قال: بسمر من قنا الخطي لدن ... وبيض كالعقائق يختلينا ويروى: "ذوابل أو بيض يعتلينا". فمن روى "يختلينا" أراد: يجعلن الرقاب لها خلاً، والخلا: الحشيش الرطب. ومن روى "يعتلينا" أراد: يعتلين الرؤوس. وقولها: حِولاءُ ناقة، الحِولاءُ للناقة: هي كالمشيمة من المرأة. قال: على حُوَلاء يطفو السخد فيها ... فراها الشيذمال عن الجنين ويروى: "الشّيْذُمان"، وهو الذئب. والهيدب: إذا رأيت سحابة تسلسل في وجهها للودق، فانصب كأنه خيوط متصلة. والداني: القريب. والواني: البطيء. والقفلة: جمع قفل، وهو ضرب من الشجر لا ينبت إلا مرتفعاً من السيل. وقوله: وائلي بي: من الموْئِل، والموْئل والمآل: الملجأ والمحترز، وكل شيء يؤول إلى شيء، إذا رجع إليه. وكأنه أراد: ألجئيني إلى قَفْلة. وقيل: خرج أعرابي ضرير في بُغا إبل له ضلت، ومعه بنية له تقوده، فمراً بواد معشب، فقالت: يا أبه، ما رأيت مرتع إبل كهذا. قال: إن رد الله علينا إبلنا. فلم يلبثا أن وجداها. فأرسلاها فيه، فجعلت تخضم أطوله وأقصره. فبينما هما كذلك

قالت بنيته: يا أبه، إني أخاف المطر. قال: وما الذي ترين؟ قالت: أرى سحاباً دواني وسحاباً تواني. قال: ارعي، لا بأس عليك. فرعت ساعة ثم قالت: يا أبه، إني أخاف المطر. قال: وما الذي ترين؟ قالت: أراها كبطون الأتن القمر في المرابط الغبر. قال: ارعي، لا بأس عليك. فرعت ساعة ثم قالت: يا أبه، إني أخاف المطر. قال: وما الذي ترين؟ قالت: أرى سحاباً دون سحاب كأنه نعام يعلق بالأرجل. قال: ارعي، لا بأس عليك. فرعت ساعة ثم قالت: يا أبه، إني أخاف المطر. قال: وما الذي ترين؟ قالت: أراها سحاباً أكاد أدفعه بيدي. قال: ارعي، لا بأس عليك. فرعت ساعة ثم قالت: يا أبه، إني أخاف المطر. قال: وما الذي ترين؟ قالت: قد انتصبت واسلنطحت وابيضت. قال: ويحك، انجي، ولا أظنك ناجية. فلم يبلغا آخر الوادي حتى سال أوله. معنى قولها: سحاباً دون سحاب، تريد بذلك: الرباب من السحاب، وهو الذي يصفه الشاعر: كأن الرباب، دُوَيْنَ السحاب ... نعام تعلق بالأرجل ومعنى اسلنطحت: انبسطت. وروي أيضاً أن رجلاً من العرب كان قد كبر، وكان في داخل بيته، وكان ابنه تحت السماء، فقال لابنه: يا بني، كيف ترى السماء؟ قال: أراها قد نكَّبت وتبهرت، وأرى بروقها أسافلها. قال: أخلقت. قوله: نكبت: أي عدلت. وتبهَّرت: أي تقطعت من البُهر.

قال [أبو عمرو] بن العلاء: قال لي ذو الرمة: ما رأيت أفصح من أمَة بني فلان، قلت لها: كيف كان المطر عندكم؟ قالت: غِثْنا ما شِئنا. يقال: غيثت الأرض فهي مَغِيثة، وقد غِثْنَا نحن فنحن مغيثون. الأصمعي عن أبي عمرو بن العلاء قال: رأيت أعرابياً بمكة فاستفصحته، فقلت [له] ممن الرجل؟ قال: من الأزد. قلت: من أيهم؟ قال: من بني الحدان بن شمس. فقلت: من أي بلاد؟ قال: من عُمان. قلت: صف بلادك. فقال: سيف أفيح، وفضاء صحصح، وجبل صلدح، ورمل أصيح. فقلت: أخبرني عن مالك. فقال: النخل. فقلت: وأين أنت عن الإبل؟ فقال: كلا، إن النخل أفضل، أما علمت أن النخل حملها غذاء، وسعفها ضياء، وكربها صلاء، وليفها رشاء، وجذعها غماء، وقرؤها إناء. فقلت: وأنى لك هذه الفصاحة؟ فقال: أنا بقُطر لا يسمع فيه ناجخة التيار. قوله: أفيح: أي واسع، والصحصح: الأملس. والصلدح: الصلب. والأصيح: بياض يخالطه حُمرة. والرشاء: الحبل. والقرء: أصل النخلة. والقطر: الناحية من الأرض ........ والناجخة: الصوت. والتيار: الموج. ومن أهل عُمان الفصحاء والخطباء والبُلغاء والشعراء الذين يعرفون ولا يجهلون كثير غير قليل، ولهم أخبار شاهدة وأحاديث سائرة. عبد الله بن معاذ يرفعه إلى هنيد التيمي قال: إني لواقف بسوق عكاظ، وهي أحد أسواق العرب في الجاهلية، وتكون في أعلى نجْد قريباً من عرفات. وكانت من أعظم أسواق العرب، وكانت قريش تنزلها وهوازن وأسلم وغطفان

والأحابيش، وهم الحارث بن عبد مناة وعقل والمصطلق، وطوائف من أفياء العرب. فكانوا ينزلونها في النصف من ذي القعدة، ولا يبرحون حتى يرون هلال ذي الحجة، ثم ينقشعون. وكان فيها أشياء ليست في شيء من أسواق العرب. فإذا أهلوا وانقشعوا ساروا بأجمعهم إلى ذي المجاز، وهو قريب من عكاظ، وأقاموا فيها حتى يوم التروية، ووافاهم بمكة حجاج العرب ورؤوسهم [ممن] لم يكن شهِد تلك الأسواق. وأسواق العرب في الجاهلية عشر، فأولها: سوق دومة. ثم المشقر بهجر. ثم صحار. ثم دبا، وكانت إحدى فرضتي العرب. ثم الشِّحر. شِحر مهرة. ثم عدن. ثم صنعاء. ثم الراية بحضرموت. وعكاظ. ثم ذو المجاز. وقال عبد الله بن معاذ يرفعه إلى هُنيد التيمي قال: إني لواقف بسوق عكاظ، إذا رجل من مهرة، منزله بصحار عمان، يسمى الصحاري، وإذا الناس يركبونه ويسألونه عن أنسابهم، وهو يفسر لهم، وكان من أعلم الناس. فمر به عطارد بن حاجب الزراري فقال: شاسع من مهرة ومنزله صحار ما أستفيد منه علماً. فأبصره الصحاري، فأعجبه شارته، فقال: ممن أيها الرجل؟ قال: لا تعرفني. قال: إن كنت من العرب أو من أشرافهم عرفتك. قال: فإني من العرب. قال: من أيهم أنت؟ قال: من مُضر. قال الصحاري: لأعيّرن اليوم المضري. قال الصحاري: أمن الأرحاء أنت أم من الفرسان؟ قال عطارد: فعرفت أن الفرسان قيس وأن الأرحاء ولد [إلياس] قال: قلت: من الأرحاء. قال: فأنت إذاً من وَلَد خِندف. قال: قلت: أجل. قال: فمن الأزمة أنت أم من الجماجم؟ قال: فخبرت طويلاً ما أكلمه، ثم أذكرني ذهني، فعلمت أن الأزمة ولَد خُزيمة وهم قريش، وأن الجماجم ولد أُدّ.

قال: قلت: بل من الجماجم. قال: فأنت إذاً من ولد أد؟ قلت: أجل. قال: فمن الروابي أم من الصميم؟ قال: فوجمت ساعة، أي سكت، ثم عرفت أن الروابي الرباب، وأن الصميم تميم، فقلت: لا بل من الصميم. قال: فأنت من بني تميم. فقلت: أجل. قال: فمن الأقلين أم من الأكثرين أم من إخوانهم الآخرين؟ قال: فأدركني ذهني، فعرفت أن الأكثرين وَلَدُ زيد، وإخوانهم الآخرين ولد عمرو بن تميم، والأقلين ولد الحارث. قلت: لا بل من الأكثرين. قال: فأنت إذاً من ولد زيد: فقلت: أجل. قال: من الذُّرى أم من الثماد أم من النجود؟ قال: فعرفت أن الذرى مالك، وأن النجود سعد، وأن الثماد امرؤ القيس. فقلت من الذرى. قال: فأنت إذاً من ولد مالك. قلت: أجل. قال: فمن الأنف أم من الذنب؟ فعرفت أن الأنف حنظلة، وأن الذنب ولد ربيعة: فقلت: من الأنف. قال: فأنت إذً من ولد حنظلة. قلت: أجل. قال: فمن الوشيظ أم من الفرسان أم من البروج؟ فعرفت أن الوشيظ البراجم، وأن الفرسان يربوع، وأن البروج مالك بن حنظلة. فقلت: لا بل من البروج. قال: فأنت إذاً من ولد مالك. فقلت: أجل. قال: فمن السحاب أم من النجوم أم من البدور؟ فعرفت أن السحاب بنو عدوية، وأن النجوم بنو طهيَّة، وأن البدور بنو دارم. فقلت: لا بل من البدور. قال: فأنت من بني دارم. قلت: أجل. قال: فمن الهضاب أم من الناب أم من الشهاب؟ فعرفت أن الهضاب بنو مجاشع، وأن الناب بنو عبد الله بن دارم، وأن الشهاب بنو نهشل. فقلت: لا بل من الناب. قال: فأنت إذاً من ولد عبد الله بن دارم. قلت: أجل. قال: فمن الزوافر أم من النبيت؟ فنظرت فإذا الزوافر الأحلاف، وإذا النبيت زرارة. فقلت: لا بل من النبيت. قال: فأنت إذاً من ولد زرارة بن عُدس. فقلت: أجل، أنا منهم. قال: أيهم أنت؟ فقلت: أنا عطارد بن حاجب بن زرارة. قال: رغمت يا تميمي، إني لا أحسن شيئاً. فقلت: ما رأيت أحداً قط أعلم منك. قال: بل أنا لم أر قط أحداً أعلم منك.

الهيثم بن عدي، يرفعه، قال: خرج الحجاج بن يوسف إلى القاوسان، فإذا هو بأعرابي في زرع له، فقال له: ممن أنت؟ قال: من أهل عمان. قال: فمن أي القبائل أنت؟ قال: من الأزد. قال: فكيف علمك بالزرع؟ قال: إني لأعلم منه علماً. قال: فأي [الزرع] خير؟ قال: ما غلُظ قصبه، واعتمَّ نبته وعظُمت حبته. قال: فأي العنب خير؟ قال: ما غلظ عموده، وعظم عنقوده. قال: فما خير التمر؟ [قال]: ما غلظ لحاؤه، ودق نواه، ورق سحاه. قال عمرو بن بحر: لربما سمعت من لا علم له يقول: ومن أين لأهل عمان البيان؟ وهل يعدون لبلدة واحدة من الخطباء والبلغاء ما يعدون لأهل عمان؟ منهم: مصقلة بن رقبة، أخطب الناس قائماً وجالساً ومنافساً ومجيباً ومبتدئاً. ثم ابنه من بعده كرب بن مصقلة. ولهما خطبتا العرب: العجوز في الجاهلية. والعذراء في الإسلام. وقال أبو عبيدة: ما سمعنا مثلهما في الإسلام إلا خطبة قيس بن خارجة بن سنان في حمالة داحس، فقد ضرب به المثل؛ وذلك أن قيساً أتى الحاملين، وهما

خارجة بن شيبان والحارث بن عوف، وضرب مؤخر راحلتيهما بالسيف وقال: مالي وهذه الحمالة أيها [العشمتان] فد فقأت عين بعير عن ألف بعير. قالوا: وما عندك؟ قال: عندي رضى كل ساخط، وقِرى كل نازل، وخطبة من لدن تطلع الشمس إلى أن تغرب، آمر فيها بالصلة، وأنهى فيها عن القطيعة، وأخوف فيها درك العواقب، وما تخفى به النوائب. فزعموا أنه خطب من غدوة إلى الليل. فقال قائلهم، وهو يذكر غيره: فلو قال حتى تغرب الشمس قائماً ... لكان كقيس في ديار بني مُر وهو خطيب قيس في الجاهلية، وخطيبهم في الإسلام سحبان بن وائل الباهلي. ومن أهل عمان من الخطباء: صحار العبدي الخطيب، صاحب الخلفاء. ومن خطباء أهلها المذكورين المشهورين: صعصعة بن صوحان، وزيد، وأخوهما، خطباء مصاقع. ومن خطبائهم مرة بن التليد، وهو من الأزد، لم يكن في الأرض أجود منه ارتجالاً وبديهاً، ولا أعجب فكراً وتحبيراً منه. وكان رسول المهلب إلى الحجاج، وله عنده كلام محفوظ. ومنهم عرفجة بن هرثمة البارقي. ومنهم بشر بن المغيرة بن أبي صفرة، ولم يكن في الأرض عماني أنطق منه. وكان خطيب مصر يحيى بن يعمر، وكان

مولده ومنشؤه، إلى أن بلغ الأهواز. وكذلك الجحاف بن حكيم، وغيرهما: فالذي ينكر أن يكون بعمان خطباء ليس يقول ذلك بعلم. الجشمي، يرفعه إلى ابن عباس في لغة أزدعمان في القرآن قوله تعالى: {أَعْصِرُ خَمْراً}، قال: عنباً؛ وذلك أنهم يسمون العنب خمراً. وقوله، عز وجل: {وَكُنْتُمْ قَوْماً بُوراً} يعني: قوم سوء. وقوله تعالى: {وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ}؛ وذلك أنهم يقولون تزوج فلان فلانة. قال ابن الكلبي: {إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ}، يعني عقبى الدار. قال أبو عمرو بن العلاء: وأظن أهل عمان يقولونها. [وقوله] تعالى: {وَلا تَضْحَى}، قال: لا تصيبك الشمس. واليمن وأهل عُمان يقولون للشمس: الضِّح. ولغة أهل عمان موجودة كثيراً في القرآن وفي الأشعار. ومن أهل عمان: الخليل بن أحمد الأزدي، وكان خرج إلى البصرة وأقام بها، فنسب إليها. وهو صاحب كتاب "العين" الذي هو إمام الكتب في اللغة، وما سبقه إلى تأليف مثله أحد، وإليه يتحاكم أهل العلم والأدب فيما يختلفون فيه من اللغة، فيرضون به ويسلمون له. وهو صاحب النحو وإليه ينسب، وهو أول من بوبه

وأوضحه ورتبه وشرحه. وهو صاحب العروض والنقط والشكل، والناس تبع له، وله فضيلة السبق إليه، والتقدم فيه. ومنهم: أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد الأزدي، وهو صاحب كتاب "الجمهرة"، وله مصنفات كتب عدة. وهو الخطيب المذكور، والشاعر المشهور، والفصيح الذي يقف عن كلامه البلغاء، ويعجز عن آدابه الأدباء، وتستعير منه الفصحاء، وتستعين بكلامه الخطباء. وهو خطيب في شعره، ومصقع في خطبه، وقدوة في أدبه، وحكيم في نثره، ومجيد في شعره، لا زيادة عليه في فنون العلوم والآداب. وليس هذا مما وضعت له هذا الكتاب، ولكن يذكر الشيء بمثله. فصل قال العتابي: إذا حُبس اللسان عن الاستعمال اشتدت [عليه] مخارج الحروف. وزعم محمد بن الجهم أنه أطال الفكر في أيام محاربة الزط، فاعترته حبسه في لسانه. وقال ابن المقفع: إذا كثُر تقلب اللسان رقت جوانبه وطالت عذبته. قال الله تعالى، حكاية عن موسى، عليه السلام: {وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي، يَفْقَهُوا قَوْلِي}. والعقدة: رتَّة كانت في لسانه لجمرة بادر إدخالها في فيه إذ

راعته عقوبة فرعون حين أخذ موسى، عليه السلام، بلحيته وهو لا يعقل. وقال فرعون: هذا عدو لي. فقالت امرأته: إنه لا يعقل. والرتة: عجلة في الكلام، نقول: رجل أرت. وقال ابن عباس: كانت فيه رُتَّة، ولم يكن يبين الكلام. والرتة: كالريح تمنع [منه] أول الكلام، فإذا جاء منه شيء اتصل. والرتة تكون غريزة. أسماء بنت عميس قالت: سمعت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يقول: "اللهم إني أسألك كما سألك أخي موسى، أن تحلل عقدة من لساني". قال وهب: كان على طرف لسان موسى، عليه السلام، شامة، ولا يُعرف أحد، قبله ولا بعده، في طرف لسانه شامة، وهي العقدة التي ذكرها الله، عز وجل، والعقدة في اللسان عقدة التمتام. والتمتمة: أن ترى اللسان يخطئ موضع الحروف، فترجع إلى لفظ كأنه التاء والميم، وإن لم يكن بيناً. والرجل تمتام. والتأتأة: الترداد في التاء. والفأفأة: الترداد في الفاء. والعُقلة: التواء اللسان عند إرادة الكلام. والحُبسة: تعذر الكلام عند إرادته. واللفف: إدخال حرف في حرف.

والغمغمة: أن تسمع الصوت، ولا يتبين لك الكلام. والطمطمة: أن يكون الكلام مشبهاً لكلام العجم. وقال عنترة: تأوي له قلص النعام، كما أوت ... حزق يمانية لأعجم طمطم [قوله]: "تأوي له"، [معناه]: "تأوي إليه". قلص النعام: أولادها حين يدففن ويلحقن ولم يبلغن المسان، واحدتها قلوص. وجمعها قلائص أيضاً. قال: ألا أيهذا [القانص] الخشف خله ... وإن كنت تأباه فعشر قلائص [ويروى]: "تبري له حول النعام كما انبرت". والحُول: التي لا بيض لها، فيقول: إذا نفق هذا الظليم اجتمع إليه النعام كما تجتمع حزق الإبل لإهابة راعيها. والحزق: الجماعات، واحدتها حزقة، ويقال: حزيقة وحزيق وحزائق وحازقة. والأعجم الطمطم الذي لا يفهم. وقيل أراد ملكاً من ملوك الفرس. والطمطم: الذي يتكلم بالعربية فلا يفصح شيئاً. ويقال: رجل طِمطِم، طُمطُماني بمعنى واحد.

وقال ابن الأنباري: أراد راعياً أعجم لا يفهم كلامه. وقال: كم من حسيب أخي عي وطمطمة ... فدم لدى القوم، معروف أذا نُسبا والطمطمي والطمطماني: الذي لا يفصح. ومن روى بيت عنترة: "تبري له حول النعام"، أراد: تعرض له، يقال: قد تبريت لفلان، أي تعرضت له، أنشد الفراء: وأهلة ود قد تبريت ودهم ... [وأبليتهم في الحمد جُهدي ونائلي] أي تعرضت لودهم. وقد يجيء في الشعر في نعت العُجم الأعجم أفصح، يريد به: بيان القول وإن كان بغير العربية، كقول أبي النجم. أعجم في آذانها فصيحا وعنى بقول: "أعجم في آذانها فصيحا": صوت الحمار أنه أعجم، [وهو] في آذانها فصيح بين. واللكنة: أن يُتعرض على الكلام باللغة الأعجمية.

واللثغة: أن يعدل بحرف إلى حرف. والغُنة: أن يشوب صوت بالخيشوم. والخُنة أشد منها. والترخيم: حذف الكلام. واللفف: ثقل في الكلام. والعجمة تكون في الأعجمي، وهو عند العرب الذي في لسانه عُجمة وإن كان من العرب. والعجمي: الذي أصله من العجم وإن كان فصيح اللسان. ويقال للدواب عجم لأنها لا تتكلم. وقال الله تعالى: {وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ عَلَى بَعْضِ الأَعْجَمِينَ} أراد: الذين في ألسنتهم عُجمة. قال الشاعر: ألا قاتل الله الحمامة غدوة ... على الفرع ماذا هيَّجت حين غنت تغنت غناء أعجمياً فهيجت ... جواي الذي كانت ضلوعي أجنَّت وقال الفراء وأبو العباس: الأعجم: الذي في لسانه عُجمة، والأعجمي بمعنى العجمي، وقولهما هو الفصيح عندنا. والفصاحة: ضد العُجمة، وهي من أعظم ما يحتاج إليه الإنسان لدينه ودنياه. ويقال: ليصانع أحد بلسانه عن دينه، ألا يستمع إلى قول موسى، صلى الله عليه؛ {وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَاناً فَأَرْسِلْهُ مَعِي}؟ وقوله: {وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي}؟

يقال: هو رجل فصيح، قد فصح فصاحة، وقد أفصح الرجل بالكلام، فلما كثر وعرف، أضمروا القول واكتفوا بالفعل، كما قالوا: أحسن وأسرع، يريدون: أحسن العمل، وأسرع في المشي ونحوه. ونقول: أفصح يا فلان ولا تجمجم. والفصيح في كلام العامة المعرب. قال الشاعر: سيل من سبيل ربك حق ... منتهى كل أعجم وفصيح الأعجم: لما لا يتكلم، والفصيح: ما تكلم. ويقال للرجل إذا لم يكن يتكلم بالعربية فتكلم بها: قد فصح. وإذا كان يتكلم بالعربية ثم جادت لغته: قد فصح، تفصح فصاحة. ويقال للرجل المتكلم نباج. ويقال: افترش فلان لسانه: تكلم كيف شاء. ورجل نبار بالكلام: فصيح بليغ. والنبر بالكلام: الهمز، وفي الحديث أن رجلاً قال: يا نبيء الله. فقال النبي صلى الله عليه: "لا تنبر باسمي"، أي لا تهمز. وكل شيء قد رفع شيئاً فقد نبره. وانتبر الجرح والشيء كما ينتبر الأمير فوق المنبر. ورجل مفوَّه وفيه منطيق: إذا كان فصيحاً. واعلم أن اللسان منع أربعة أشياء: منع أن يلفظ بساكن؛ لأنه لا يُلفظ، ويخفى فيخفو عنه اللسان؛ لأنك إذا حركت لسانك تحرك الحرف. ومنع أن يقف على متحرك؛ لأنك إذا سكنت سكن الحرف. ومنع أن يلفظ بحرف واحد؛ وذلك أن الحرف الواحد تبتدئ به ثم تريد أن تسكت عليه، فلا يجوز أن تحرك لسانك وتسكته في حال واحدة. ومنع أن يجمع بين ساكنين؛ لأنك إن سكت على الحرف الساكن، فلا يمكنك

أن تنتقل من الساكن إلى ساكن حتى تحرك لسانك. وقد تجمع بين ساكنين في الوقف، كقولك: هذا زيد؛ فالياء ساكنة، وسكنت الدال لما سكت عليها. قال: روي أنه لما قدم [على] رسول الله، صلى الله عليه، وفد تميم، سأل، عليه السلام، عمرو بن الأهتم عن الزبرقان بن بدر، فمدحه. فقال الزبرقان: يا رسول الله، إنه ليعلم مني أكثر من هذا ولكن حسدني. فذمه. ثم قال: ما كذبت في الأولى، [و] لقد صدقت في الأخرى، رضيت فقلت أحسن ما علمت، وسخطت فقلت أسوأ ما علمت. فقال رسول الله، صلى الله عليه: "إن من البيان لسحراً". وقيل: وفد العلاء بن الحضرمي إلى النبي، صلى الله عليه وسلم، فقال: "أتقرأ من القرآن شيئاً" فقرأ "عبس"، وزاد فيها من عنده: "وهو الذي أخرج من الحُبلى نسمة تسعى، من بين شراسيف وحشى". فصاح به النبي، صلى الله عليه وسلم: "كُف، فإن السورة كافية". ثم قال له: "هل تروي من الشعر شيئاً"؟ فأنشده: فحي ذوي الأضغان تسب قلوبهم ... تحيتك القربى، وقد ترقع النعل فإن دحسوا بالهجر فاعف تكرماً ... وإن خنسوا عنك الحديث فلا تسل فإن الذي يؤذيك منه سماعه ... وإن الذي قالوا وراءك لم يقل ويروى: "تحيتك الحسنى". ويروى: "فإن بدؤوا بالكره فاغض تكرماً". ويروى: "وإن كتموا عنك الحديث". فقال النبي، صلى الله عليه: "إن من الشعر

حُكْماً، وإن من البيان سحراً". وروي أنه قال، عليه السلام: "وإن الذي قالوا وراءك لم يقل" مرتين. فصل في إبانة الكلام الكلام معروف. تقول: كلمته تكليماً. قال الله، عز وجل: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيماً}. وكليمُك: الذي يكلمك وتكلمه. ويقال لواحدة الكلام كَلِمَة وكِلْمَة. وكَلِمَة، متحركة، لغة تميمية. هكذا عن رؤبة في قوله: لا يسمع الرَّكب بها رجع الكَلِمْ والكُلام، بضم الكاف: الأرض الصلبة فيها حجارة وحصى صغار، وهو ما غلظ من الأرض وخشن. قال بشر بن أبي خازم: وخرق سبسب لا نبت فيه ... كأن كلامه زُبر الحديد والكِلام، بكسر الكاف: الجراح، والواحد كَلْم. قال أبو بكر، رضي الله عنه،

وجوه الكلام

يرثي النبي، صلى الله عليه وسلم: أجدّك ما لعينك لا تنام ... كأن جفونها فيها كلام وقال زهير: يعفّى الكلام بالمئين فأصبحت ... ينجمها من ليس فيها بمجرم ويروى: "تُعفّى الكُلوم" وهي جمع كَلْم. وقد كلمت الرجل [أ] كلِمهُ كَلْماً، وهو رجل كليم في قوم كَلْمَى، أي جريح في قوم جرحى. وقريح في قوم قرحى. والكَلِم، بفتح الكاف وكسر اللام؛ جمع كلمات، وواحد الكلمات كلمة، وجمع الكَلِم كَلام. قال الله تعالى: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ}. والكَلِم منتظم لكل لغة، يكون عربياً وفارسياً وأرامياً ونبطياً وهندياً وغير ذلك، مما لا يحصى كثرة. والكلام كله: عربيه وعجميه ثلاثة أشياء: اسم وفعل وحرف، جاء لمعنى، ليس أكثر من ذلك. ولا يخلو الكلام من هذه الأشياء الثلاثة، أو من بعضها؛ لأنك إذا قلت: قد تكلم عبد الله، فعبد الله اسم، وتكلم فعل فيما مضى، وقد أمر ينتظر الكلام. والكلام على وجوه؛ فمنها التساوي: وهو أن تكون الألفاظ متساوية الإيتاء متفقة الانتهاء؛ كقول بعضهم: حتى عاد تعريفك تصريحاً وتمريضك تصحيحاً، فهذا أحسن المنازل. ومنها: اتفاق البناء: كقول النبي، صلى الله عليه وسلم: "خير الماء الشَّبِمُ،

وخير المال الغنم، وخير المرعى الأراك والسَّلم، إذا سقط كان لجيناً، وإن يبس كان دريناً، وإذا أكل كان لبيناً". واعتدال الوزن: كقوله اصبر على حر اللقاء ومضض النزال، وشدة المصاع، ودوام المراس؛ لأن هذا كله بوزن واحد في الحركة والسكون والزوائد. واشتقاق اللفظ: كقوله: العُذر مع التعذُّر واجب. وقوله: "لا ترى الجاهل إلا مُفْرِطاً أو مفرِّطاً". وعكس اللفظ: كقوله: اشكر من أنعم عليك، وانعِم على من شكرك. والاستعارة؛ كقوله يصف رجلاً بالمنع: هو مُسحت، من حيث جئته وجدت لا. وتوفير الأقسام: كقوله: فإنك لم تخْلُ فيما بدأتني به من مجد أثلته، وشكر تعجَّلته، وأجر ادخرته. وتصحيح المقابلة: كقوله: أهل الرأي والنصح لا يساويهم ذوو الأفن والغش، وليس من جمع إلى الكفاية الأمانة كمن أضاف إلى العجز الخيانة. وكلام فيه طول.

وصحة القسم: كقوله: أنا واثق بمسالستك في حال تمثل ما أعلم من مشارستك في الأخرى؛ لأنك إن عطفت وجدت لدناً، وإن غُمزت ألفيت شثناً. وتلخيص الأوصاف: كقوله: مواعيد لم تثبت بمصنطل، ومرافد لم تشب بمن. وبشر لم يمازجه ملق، وود لم يخالطه مذق. والمبالغة: مثل قول الأعرابي في دعائه: اللهم إن كان رزقي نائياً فقربه، أو قريباً فيسره، أو ميسراً فعجله، أو قليلاً فكثِّره، أو كثيراً فثمِّره. والتكافؤ: كقوله: كدر الجماعة خير من صفو الفرقة. كقول بعضهم، وقد قيل له: إنك سيد لولا جمود يدك، فقال: ما أجمد في الحق، ولا أذوب في الباطل. وهو كقول الآخر: إن كنا أسأنا في الذنب، فما أحسنت في العفو. والإرداف: كقول أعرابية: له نعم قليلات المسارح، كثيرات المبارك، إذا سمعن أصوات المزاهر أيقن أنهن هوالك. تصفه بالجود والكرم، فأتت بمعان وأرداف ولواحق له، من غير تصريح لما أرادت بعينه. والتمثيل: كما كتب يزيد بن الوليد إلى مروان بن محمد، حين تلكأ عن بيعته: "أما بعد، فإني أراك تقدم رجلاً وتؤخر أخرى. فإذا أتاك كتابي هذا فاعتمد على

أيهما شئت، والسلام". والسجع: قال النبي، صلى الله عليه: "المسلمون تتكافأ دماؤهم، ويسعى بذمتهم أدناهم، وهم يد على من سواهم". [وقال]: "أنهاكم عن القيل والقال، وكثرة لاسؤال، وإضاعة المال، وعقوق الأمهات، ووأد البنات، ومنع وهات". في سجع كثير. ومن أسجاع العرب: وصف أعرابي الحرب فقال: أولها نجوى، وأوسطها شكوى، وآخرها بلوى. ووصف أعرابي أميراً فقال: يقضي بالعشوة، ويطيل النشوة، ويقبل الرشوة. ومن أسجاع البُلغاء: وصف أبو عبيد الله خالداً فقال: بلاغته أعرابية، وطاعته أعجمية، وآدابه عراقية، وكتابته سوادية. وسمع أبو العيناء بعض ألفاظ ابن المقفع، فقال: كلامه صريح، ولسانه فصيح، وطبعه صحيح، كأن بيانه لؤلؤ منثور، وروض ممطور. ومن أسجاع الزهاد: وصف عمر بن ذر قومه فقال: ألسنة تصف، وقلوب تعرف، وأعمال تخلف. وقال: بخل الواجد سوء ظن بالواحد.

وقال غيره: منع الموجود، سوء ظن بالمعبود. وقال: محلة الأموات، أبلغ العظات. ومن أسجاع أصناف الناس: وصف كاتب قومه فقال: ألحاظهم سهام، وألفاظهم سمام. وقال آخر: أخي من سد خللي، وغفر زللي، وقَبِلَ عِلَلي. وقال: النعمة مربوطة بأضعف الأسباب، والفرصة تمر مر السحاب، فانتهز الفرصة قبل اعتراض الغصة. وقال: إذا هبت رياحك فاغتنمها ... فإن لكل خافقة سكون والصحيح: وهو ما صح لفظاً ومعنى. والسَّنَد والمسند إليه: فالسند: المبتدأ به، والمسند إليه: المبني عليه كقولك: عبد الله صالح؛ فعبد سند، وصالح مسند إليه، ولا يجد المتكلم بداً منهما، ولا يتم الكلام إلا بهما. والتصحيف: وهو تبديل حرف بحرف، كقوله: بسر قريباً لا يوجد، يريد بسر قريباً لا يؤخذ. ومثله: {أَوْ تَحُلُّ قَرِيباً مِنْ دَارِهِمْ} على التصحيف: {أَوْ يَحُلُّ قَرِيباً مِنْ دَارِهِمْ}. ومنه: أن رجلاً كتب قصة يذكر فيها ضعف جسده، وقلة صبره على المشي، ورفعها إلى بعض الوزراء. فكتب له على ظهر كتابه: يريد بن جلد إلى عامله بهذا التوقيع. فبقي لا يعرفه. ثم دُعي بجميع كُتَّاب العراق، فكل منهم يقرؤه يزيد بن خالد، حتى رد إليه القصة، فإذا التوقيع يزيد بن جلد، وكان الباقون يصحِّفونه. ومنه: ما حكى الجاحظ أنه سمع رجلاً ينشد:

يزيد بن قيلي لا يزيد بن عنزة ... وما ذي الذي يرضيك نا بين من قبلي ففكر فيه، فإذا هو: تريدين قتلي، لا تريدين غيره ... وماذا الذي يرضيك يا بَثْنَ من قتلي {ذَرْهُمْ يَاكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا} صحفها بعضهم: "درهم يأكلوا ويتمتعوا". فقال بعض: رخيص والله. وهو ضد الملحون، وكذلك الملحون، ضد المعرب. والمستقيم: وهو على ضربين: حسن وقبيح؛ فالمستقيم الحسن: رأيت زيداً أمس، وسألقى عمراً غداً. والمستقيم القبيح: قد زيداً رأيت، وقد عمراً أتيت؛ لأنك نقضت المعنى بالتقديم والتأخير. والمستقيم الكذب: حملت الجملَ، وشربت ماء البحر. والمستحيل: وهو الخارج عن الصواب إلى المحال. والمُحال: الذي لا يصح له معنى نحو قولك: آتيك أمس، وأتيتك غداً. والمُحال الكذب نحو قولك: أحمِل الجبل أمس، وشربت ماء البحر غداً. والمحال من الكلام: ما حُوِّل عن وجهه؛ فهو كلام مستحيل، ويجمع محال. وكل شيء استحال من الاستواء إلى العوج يقال له مستحيل. ورجل محوال: كثير محال الكلام. والغَلَط: وهو قولك: ضربني زيد، وأنت تريد: ضربت زيداً، فغلطت. فإن تعمدت ذلك كان كذباً منك.

والرمز: [وهو] الذي حُكي عن فيثاغورس في وصاياه المرموزة أنه قال: احفظ ميزانك من النّدا، وأوزانك من الصدا. يريد بحفظ الميزان: حفظ اللسان من الخنا. وبحفظ الأوزان من الصدا: حفظ العمل من الهوى. ولا يوجد الرمز في علم معنوي، ولا في كلام لغوي. والرمز في غير هذا المعنى تحريك الشفتين بكلام غير مفهوم. ومثله: الهمس واللغز، وهو غير مجد فهماً، ولا مفيد علماً، بل هو مفسدة للأدب. وعِلم النوكي: وهو كقول الشاعر: رجل مات وخلّف رجلاً ... ابن أم ابن أخي أخت أبيه معه أم بني أولاده ... وأبو أخت بني عم أبيه وإنما يريد: ميتاً خلّف أباً وزوجة وعماً. ويكون في الشعر من جهة الإعراب، أن يكون كاللحن في الوصل، وهو صحيح في الفصل كقوله: يا خالاً، الدُّرة الحمراء وابنتها ... على طعامك ملحاً غير مدقوق وإنما يريد: يا خال، ينادي خاله، قد ذرت الحمراء وابنتها على طعامك [ملحاً غير مدقوق] وهما امرأتان. أو كقول الشاعر: لقد طاف عبد الله بالبيت سبعة ... فسل عن عبيد الله ثم أبا بكر وإنما يريد: لقد طاف عبدان لله، رجلان، فسلعن عبيد الله، أي أسرع. يقال:

سلعن الرجل: إذا أسرع. ثم أبا بكر، وهو رجل، أن يفعل كما فعل عبيد الله في السرعة. ويكون أيضاً من وجه الإعراب كقوله: إن فرعون ومن شايعه ... والنبيين، جميعاً في سقر فهذا على تقديم الكلام وتأخيره؛ والنبيين قسم أقسم بهم، كأنه أراد: إن فرعون ومن شايعه في سقر وحق النبيين. ويكون أيضاً من طريق اللغة، كقوله: وكافر مات على كفره ... وجنة الفردوس للكافر وصائم صام وصلى الضحى ... وكان ذاك الصوم للفاطر يريد بالكافر: اللابس للسلاح في سبيل الله. يقال: كفر درعه: إذا لبسها. ويقال: واد كافر: إذا غطى ما على جوانبه. ومنه سُمِّي الكافر؛ لأنه يستر الحق، ويقال: كأنه الغطاء على قلبه. والليل كافر أيضاً؛ لأنه يغطي النهار. ومغيب الشمس كافر الشمس. قال لبيد: حتى إذا ألقت يداً في كافر ... وأجن عورات الثغور ظلامها يعني الشمس. وقوله تعالى: {كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ}. فسر الكفار جمع كافر، وهم الزراع، لأن الزارع إذا ألقى البذر في الأرض فقد كفره، أي غطاه. وكل كلام ليس بواضح مستقيم فهو لُغَيْزَى، ولا فائدة فيه، وكأنما يراد به

أنواع المنظوم والمنثور

اللّبس والامتحان في الكلام، يقال في مثل: أبيض قرقوف، لا شعر ولا صوف، بكل بلد يطوف، يعني الدرهم الأبيض، يقال له قرقوف. والمنظوم والمنثور على أربعة أنواع، فمنه: الحديث يتفاوضه الناس بينهم من غير قصد لشيء بعينه. والخبر: وهو ما أخبر به الرجل غيره. والخُطبة: وهو كلام في أمر، طال أو قصر. والرسائل: وهو ما كان من الكلام [الذي يُكتب به]. واللغز: وغير هذا من وجوه الكلام ما يأتي من بعد إن شاء الله. ومعاني الكلام عشرة: خبر، واستخبار، واستفهام ودعاء، وأمر ونهي، وطلب وتمن، وتعجب وعرض. فالخبر: زيد في الدار. والاستخبار: أزيد في الدار؟! والاستفهام: أزيد عندك؟ وهما واحد عند عامة النحويين. والدعاء: يا زيد ويا عمرو. والتمَنِّي: ألا ماء فأشربه، وليت زيداً عندنا فنكرمه. والأمر: لمن هو دونك، نحو: يا غلام، اسقني. والنهي: نحو: لا تعجل، ولا تذهب.

والطلب إلى من أنت دونه نحو: يا رب، اغفر لي. وللأمير: انظر في أمري. ولفظ الأمر والطلب واحد. والتعجب: نحو: ما أحسن زيداً. والعرض: ألا تنزل فنقبل، ألا تزورنا فننكرمك. وقد يجيء في الكلام لفظان مختلفان والمعنى متفق، نحو قولك: قعد وجلس، فاختلف اللفظان واتفق المعنيان. ويجيء لفظان مختلفان والمعنى مختلف، نحو قولك: ذهب وقعد، فاختلف اللفظان لاختلاف المعنيين. ولفظان متفقان والمعنى مختلف، نحو قولك: وجدت عليه، في الموجدة. ووجدت الضالة: إذا أصبتها؛ فاتفق اللفظان واختلف المعنى. ولا يستقيم في الكلام أن تفرق بين المضاف والمضاف إليه؛ لأنهما شيء واحد، ألا ترى أنه لا يجوز أن تقول: هذا عبد اليوم الله، إلا أن يأتي في شعر اضطراراً كقول ذي الرمة: كأن أصوات من إيغالهن بنا ... أواخر الميس أصوات الفراريج والمعنى: كأن أصوات أواخر الميس من إيغالهن بنا، ففصل بين المضاف والمضاف إليه، وهذا ضرورة، ولا يعمل على ضرورة الشِّعر. فأما المطلق الكلام المختار له لا يُتَكَلَّم بمثل هذا. والميس: شجر تتخذ منه الرحال. يسمى بالفارسية الكرب. ومنه تتخذ رحال

الشام. فلما كثُر رحال الميس على ألسنتهم سموا الرحال نفسها الميس. قال: وضعنا الميس عنها بعد أين فصل والكلام كله أجمع من تسعة وعشرين حرفاً مع الهمزة. غير أن الهمزة لا تقع في الكتاب، وهي حرف كسائر الحروف. ويتولد من هذه الحروف ستة أحرف، وهي من كلام العرب وغيرهم. وهذه الستة الأحرف: الهمزة التي بيْنَ بيْنَ؛ وذلك أنها ليست بهمزة محققة، ولا ألف ساكنة. وألف الإمالة، نحو قولك: بشري وسَلْمي، فهذه ألف ممالة، وإمالتها أنهم فتحوها نحو الياء، وليست بياء. وألف التفخيم نحو: ألف الصَّلوة يكتبها أهل الحجاز بالواو، وإنما هي الصلاة، إلا أنها لما فُخِّمَت كتبت واواً والنون الخفيفة التي في عَنْك ومِنْكَ. والشين التي كالجيم نحو: أشدق، في العظيم الشَّدق، فلا هي شين ولا جيم، ولكن بينهما. والصاد التي كالزاي، نحو: مصدر، فلا هي صاد صحيحة، ولا زاي خالصة، ولكن بينهما. فذلك خمسة وثلاثون حرفاً، وهي من كلام العرب. ثم تصير اثنين وأربعين حرفاً مع سبعة أحرف ليست من كلام العرب، ولكنها من كلام الفرس والنبط وبعض أهل اليمن وغيرهم، وهي: الجيم، بين الكاف والجيم، نحو قول بعض أهل اليمن في الشرج الشّرْك، وفي لجام لِكَام، فلا هي جيم صحيحة ولا كاف.

والضاد الضعيفة، كقول أهل عمان وبعض أهل البحرين: ضربني، فلا هي ضاد ولا صاد، ولكن بينهما. ونحو: الصاد التي كالسين، نحو كلام أهل بغداد: سدق، يريدون صدق. ونحو: كلام النبط، يقولون: علي بن أبي تَالب، يريدون طالب، فيجعلون الطاء تاء. ونحو: الظاء التي كالطاء، يقولون: طلمني، يريدون ظلمني يجعلون الظاء طاء. ونحو: الجيم التي كالشين، يقول قوم: شعفر، يريدون جعفر. ونحو: الباء التي كالفاء، يقول بعضهم: فابهم، يريدون بابهم، فيجعلها بين الفاء والباء. فذلك اثنان وأربعون حرفاً، فكل كلام الناس لا يخلو من هذه الحروف أو من بعضها. والذي كَثُرَ الكلام منه حتى لا نهاية له، وإنما أصله من اثنين وأربعين حرفاً

أن تقدم الحروف وتؤخرها، وتزيد وتنقص، وتسكن وتحرك، وتكسر وتفتح، وتضم وتكرر الحرف، فلذلك كَثُر. وتثقله وتخففه؛ ألا ترى أنك تستخرج من الخاء واللام والدال كلاماً كثيراً، فتقول: خلد فيدل على أنه بقي. ثم تقول: خُلد، فيدل على أنه البقاء؛ فقد جئت بمعنيين لضمك الخاء مرة وتسكين اللام، وفتح الخاء مرة أخرى. ثم تقدم الحرف وتؤخر الآخر فتقول: دخل فيدل على أنه ولج فيما مضى. ثم تقول خدل، فيدل على أنه ممتلئ؛ لأنه يقال للساق خدلة إذا كانت ممتلئة. ثم تزيد الألف، فتقول: خالد، فينتقل إلى معنى باق؛ لأنك تقول خُلِّد فهو خالد. فيتولد من ثلاثة أحرف كلام كثير. فصل وكلام العرب مبني على أربعة أصناف: على الثنائي والثلاثي والرباعي والخماسي. فالثنائي: ما يكون منه على حرفين نحو: قد، هل، بل، ونحوه. والثلاثي: نحو: ضرب، خرج، دخل. والرباعي: مثل: دحرج، قرطس، هملج وهي أفعال. ومن الأسماء نحو: عبقر، عقرب، قرعب، وما أشبهه. والخماسي من الأفعال: اسحنك واقشعرَّ واسحنفر. ومن الأسماء نحو: سفرْجل وشمرْدل، وكنهبل شجر.

وليس للعرب بناءً في الأسماء ولا في الأفعال أكبر من خمسة أحرف، فمهما وجدت زيادة على خمسة أحرف في اسم أو فعل، فاعلم أنها زيادة على البناء، وأنها ليست من أصل الكلمة، مثل: قرعبلانة، إنما أصل بنائها قرعبل، وهي دويبة. ومثل: عنكبوت، إنما هي عنكب. والا [سم] لا يكون أقل من ثلاثة أحرف: حرف يبتدأ به، و [حرف] يحشى به الكلمة، وحرف يوقف عليه مثل: سعد وعمر ونحوهما من الأسماء. فإن وردت عليك كلمة خماسية أو رباعية معراة من الحروف الذلق، أو من الشفوية، ليس فيها حرف واحد أو اثنان أو فوق ذلك، من هذه الحروف، فاعلم أن تلك الكلمة محدثة ليست من كلام العرب. وحروف الذَّلَق والشفوية وغيرها تجدها بعد هذا في باب الحروف من هذا الكتاب إن شاء الله. قال الخليل: والكلمة المبتدعة: التي تكون غير مشوبة بشيء من هذه الحروف مثل: الخضعتج والكشعضج وأشباه ذلك. فإذا جاءت كلمة خماسية ليس فيها حرف أو حرفان من الحروف الذُّلْق والشفوية وهي: ر ل ن ذلقية، ف ب م شفوية، ستة احرف، فاعلم أنها ليست بعربية، وهي مثل: العضاثج، لأنه ليس فيه من الستة

الأحرف شيء. ولم يأت شيء من كلام العرب يزيد على خمسة أحرف إلا أن يلحقها زيادات ليس من أصلها ثم توصل حكاية بحكاية، كقول الشاعر: فتفتحه طوراً، وطوراً تجيفه ... وتسمع في الحالين منه جلنبلق يحكي صوت باب ضخم في حال فتحه وإصفاقه، وهما حكايتان متباينتان جَلْنْ على حدة، وبلق على حدة، إلا أنهما التزقتا في اللفظ، فظن [السامع] غير البصير أنهما كلمة واحدة. ونحو ذلك قول الآخر في حكاية جري الدواب: جرت الخيل فقالت: ... حَبَطَقْطَقْ [حَبَطَقْطَقْ] وإنما ذلك إرداف أُردفت به الكلمة، كما أردفوا العصبصب، وهو من العصب، [يقال]: يوم عصيب عصبصب. وليس في كلام العرب كلمة خماسية صدرها مضموم وعجزها مفتوح إلا ما جاء من البناء المرخم نحو الذُّرَحْرَحَة والخُبَعْثِنَة. وأما السُّقُرْقَع فشراب لأهل

الحجاز من الشعير والحبوب، وهي كلمة حبشية ليست من كلام العرب. وبناء المنبسط الرباعي، فإن الجمهور الأظم منه لا يعرى من الحروف الذلق أو من بعضها، إلا كلمات نحواً من عشر جئن شواذاً، وهن هؤلاء الكلمات: العسجد، والعسطوس، والقُداحِس، والدعشوقة، والدهدعة، والدَّهدَقَة، والزهزقة. وليس من تأليف العرب قعسج، وقعنج ودعثج، ولو جاء عن ثقة. وليس بعد الدال زاي في شيء [من] كلام العرب فأما المهندس الذي يقدر مجاري القني حيث تفجر، فهو مشتق من الهنداز، وهي فارسية، فصيرت الزاي سيناً في الإعراب. وليس في كلام العرب شين بعد لام في كلمة عربية محضة، وله تمام في حرف الشين من هذا الكتاب إن شاء الله. وتقول العرب: ليس في الكلام [كلمة] رباعية مختلفة الحروف على فعلال، نحو خفقان، لا يكون إلا بكسر الفاء على فعلال [نحو] الكشخان، وليس هي من

كلام العرب. تقول: كشخه يكشخه تكشيخاً، إذا قال له: يا كِشْخان، على وزن فعلان، بكسر الأول. وتقول للشاتم: لا تكشخ فلاناً. ولم يجيء في كلامهم مؤخراً مخففاً إلا في مؤخر العين ومقدم العين فقط. ولم يجيء في شيء من كلامهم على بناء نُجُوّ إلا أن يتكلف مُتكلَّفٌ من بديت على قياس رميت وقضيت فيقولون في التعجب من بديت: لبدُوّ الرجل، كما يقولون من قضيت: لقضو الرجل. ومن رميت: لرُمُوّ الرجل، ونحو ذلك. فصل ليس في كلام العرب فِعِل إلا إبد وإطل وإبل وحِبر، وهو القَلَح في الأسنان، وحرف من الصفة، قالوا: امرأة بِلِز، وهي الضخمة. وليس في الكلام فعل وصفاً إلا حرف من المعتل وُصف به الجميع، وذلك [قولهم]: قوم عدى. وقال غيره: وزِيَم، وأنشد: باتت ثلاث ليال ثُم واحدة ... بذي المجاز تراعي منزلاً زيما

وقال سيبويه: لا يعلم في الكلام إفعلاء إلا إِربِعاء. وقال أبو زيد: قد جاء الإرمداء، وهو الرماد العظيم، وأنشد: لم يبق هذا الدهر من آيائه ... غير أثافيه وإرمدائه فجمع آيا على آياء وهو أفعال. ولم يأت على أفعلاء إلا حرف واحد، قالوا: الأربعاء، وهو عمود من أعمدة الخباء، بضم الباء، ولا نعلم أنه جاء على هذا الوزن غيره. فأما أفعلاء فهو كثير في الجمع نحو: أنبياء وأصفياء وأصدقاء. ولم يجيء على بناء ويح في جميع الكلام إلا خمس كلمات: وَيْح، ووَيْس، وَوَيْلٌ، ووَيْه، وَوَيْتِ. وليس في كلامهم فوعول، حتى إنهم قالوا في نوروز نيروز فراراً من الواوين. وليس في كلامهم دِكْر، وربيعة تغلط فتقول: دِكْر في معنى ذِكر. والعرب لا تكاد تقول: تفاعل، إنما هو تفاعل بالضم مثل: تفاخر، وتكاثر، وما أشبه ذلك. وليس في كلامهم يُفعول، فأما يسروع، فإنهم ضموا الياء بضمة الراء. ويقوي ذلك انه ليس في كلامهم يُفعل. وليس في كلامهم مِفعل إلا منخر. فأما منتن ومغيره، فإنها من أغار وأنتن،

ولكنهم كسروا كما قالوا: أجوءك ولإمِّك. وليس في كلامهم مفعل بغير هاء ولا مفعل. وليس في الأسماء ولا في الصفات فُعِل، ولا تكون هذه البنية إلا في الفعل. وقال الأخفش: قد جاء في فُعِل حرف واحد هو الدئل، وهو دويبة صغيرة تشبه ابن عرس، وأنشد: جاؤوا بجمع لو قيس معرسه ... ما كان إلا كمعرس الدول قال: وبها سميت قبيلة أبي الأسود الدؤلي. وليس في كلامهم مفعل. قال الكسائي: قد جاء حرفان نادران، لا يقاس عليهما. قال الشاعر: ......... ... ليوم روع أو فعال مكرم ومكرم: جمع مكرمة. ومعون: جمع معونة. وقال الفراء: ليس في كلامهم اسم على مثال مَفْعُل، وفي كلامهم مَفْعُلَة مثل: مشرُقة ومَقْبُرَة.

وقال جميل: بثين، الزمي لا، إن لا، إن لزمته ... على كثرة الواشين، أي معون قال: هذا جمع معونة مثل تمرة وتَمْر. ويقال: في لغة للوعَلِ وُعِل، بضم الواو وكسر العين، وليس ذاك بمطَّرد. قال الخليل: لأنه لم يجيء في كلامهم اسم ولا نعت على فُعل، إلا أن الواو دعتهم إلى الضم في هذا الاسم وحده. وأما دول (دُئِل) بن بكر، فإنه اسم موضوع خاص. وليس في أبنيتهم فيعل، ولا اسم على فعلول. فإن قيل زيتون، فقل: وزنه فعلول، والأصل زوتون، فاستثقلوا الجمع بين واوين، فردوا الأولى إلى الياء ليصح. وكثير من العرب يقولون في يَعْفُر يُعْفُر. وليس في أبنيتهم فُعيّل، وإنما جاء فُعيل في الأعجمية نحو مُريِّق وما أشبهه. وقال سيبويه: في أبنيتهم فُعَّيْل وذكر الشُّرَّيْق. وليس في كلامهم فعليل، مفتوح الأول ولا فِعِلول ولا فِعال في صدرها فاء مكسورة، إلا اليسار، يعني به الشِّمال. أرادوا أن يكون جذرهما واحداً، ثم اختلفوا فيه؛ فمنهم من يهمز فيقول: أسار، ومنهم من يفتح الياء فيقول: يسار، ومنهم من همز، وهو قبيح، فيقول أسار.

ولم يجيء في كلامهم افعَوْعَل مجاوزاً [إلا] اعروريت، تقول: اعروريت الفرس: ركبته معرورياً اعريراراً، بلا شيء بينه وبين ظهره. وليس في كلامهم فعلول، بفتح الفاء وتسكين العين، إنما يجيء فُعلول نحو: هُذلول وزنبور وعصفور. وقال غير الكسائي: قد جاء فعلول في حرف واحد نادر، قالوا: صعفوق، فخذ باليمامة. قال العجاج: من آل صعفوق وأتباع أُخر ولا تكون فعلى إلا صفة، وأما ضيزى فإنها فُعَيْلى، بالضم وكسرت الضاد لمكان الياء، وقرئ ضيزى بفتح الضاد. ولم يأت فُعاليل إلا حرف واحد لا يعرف غيره، قالوا: ماء سخاخين. ولم يأت فَعُلان إلا حرف واحد. وهو موضع. قال ابن مُقبل: ألا يا ديار الحي بالسبعان ... ألح عليها بالبلا الملوان ولا يُعرف فَعِل يفعل إلا في حرف شاذ وهو فضل يْضُل، فهذا من السالم. ومن المعتل: مت أموت، ودمت أدوم. وليس في كلامهم فعلين وإنما هو فِعْلِين مثل غسلين، ولا فَعَل يفعل، يفتح فيه الماضي والمستقبل، مما ليس فيه حرف من حروف الحلق إلا قَلى يَقْلَى وجَبَى يَجْبَى،

وسَلى يَسْلى، وغَسَى الليل يغسى. ولم يجيء في كلامهم على بناء العمد إلا أربعة أحرف: أديمٌ وأدَم، وعمود وعمد، وأفيق وأفق، وإهاب وأهب. وزاد الفراء حرفاً خامساً: وقضيم وقضم يعني العكاك والجلود. وقرأ أهل الكوفة عُمُد، بضمتين، وهو أيضاً جمع عمود مثل رسول ورسل. وروي عمد، بفتح العين وإسكان الميم، والأصل الحركة. وليس في كلامهم على بناء فَعِلّى من الرباعي إذا فتح صدره وكُسر من حشوه، إلا مثقلاً بالياء المرسلة، وهو بناء نزر نحو: المرعزَّى والشَّفْصلى، وليست المرعزى [على] تقدير مفعلَّى، ولكنها على تقدير فعللى. وكل فعل رباعي ثقل آخره فإن تثقيله معتمد على حرف من حروف الحلق. ولا يكون في كلامهم فعل أبداً في الأفعال، تقول: ضرب، قتل، عَلِم ظرف، فثانيه متحرك أبداً. وليس في كلامهم يكون على حرفين غير سبع كلمات وهن: ذو وفو وأخو وأبو وحمو وامرؤ وألو. والعرب لم تتكلم قط باسم على حرفين آخره ساكن. والأسماء النواقص قد حكاها النحويون كلهم وما ذكروا فيها ساكناً إلا فو وفا وفي. وليس في الكلام أفعيل ولا أفعول ولا أفعال ولا أفعيل ولا إفعال ولا أفاعل ولا أفاعيل إلا للجمع. ولا فاعل ولا فاعَيْل ولا فَاعَوْل ولا فاعلاء، ولا شيء لم نذكره من هذا النحو. ولا مِفعال ولا فعلال ولا تَفْعَال إلا مصدراً. ولا فِعِلان ولا فِعُلان ولا فُعُلان، ولا ما كان من هذا النحو. ولا فُعيال ولا فَعْوال ولا فعيلاًز ولا فِعَلَى ولا فَعِلَى ولا فعيلان ولا فِعُلان.

وليس في الأسماء والصفة يُفْعِل ولا يُفْعُل ولا يَفْعَال ولا يُفْعُول. ولا نعلم فُعَيَّل اسماً ولا صفة، ولا فُعِيل ولا فِعْيَل ولا فُعْيُل، ولا مَفْعِيل ولا مُفْعِيل، ولا فَعْلَيْت ولا فُعْلَيْت، ولا فِعْلَيْل ولا فُعْلُن ولا فَعْلُن ولا يَفْعُل، ولا مفعل بغير الهاء. ولا فَوْعَل ولا فِعوَّل ولا فُعَوَّل ولا فِعِلُول ولا فُعَلول ولا فَعَّل ولا فُعِّل ولا فَعَل، ولكن قد جاء فعل وهو قليل. قالوا: تُبَّع. ولا فَعْلُل ولا فِعْلُلَ، ولا فَعُل ولا فِعُلَ ولا فِعِلْعِل ولا فُعُلْعُل، ولا فَنْعَليل ولا فِعَاليل ولا فَعْلال ولا فيعلال ولا فعْلُلاء ولا فعلل ولا فَعُلَل ولا فُعلَل ولا فَعَلّل ولا فعلل ولا فُعْلُل. وأما جخدب [وجخدب]: ضرب من الجراد ضخم، فأكثر الناس على إنكاره. وقالوا: إنما [يقال] له أبو جخادب. فصل وقد جاء في كلام العرب: وفَعَلْتُ وفُعَلْتُ، وفَعْل وفُعْل وفِعْل وفَعَل وفَعِل وفَعُل وفُعَل وفُعُل [وَفِعَل]، وفَعلَّة وفُعَلَة وفُعْلَة وفَعْلَة وفِعْلَة، وفَعَلَة وفُعَلَّه. وفَعَالة وفُعَالة، وفِعَالة وفُعولة وفَعُولة ومَفْعُلَة، ومَفْعَلَة ومِفْعَلَة ومُفْعَلَة. وأُفْعُولَة، وفُعُوليّة، وفَعليله، وفعلالة، وتفعالة وفَعْلَلة مثل: قرودته عظيمة، وفعالة، مثل حمَارة الصيف، وفعللة وفعلة، وفعل، وفعلل وفِعْوَلّ مثل: رجل قثول، وهو العيي الفدم،

قال [الراجز]: لا تجعلني كفتى قثول ... رث كحبل الثلة المبتل وفِعَل وفُعْل مثل: ... وبعير عُبر: عظيم. وفُعَّال مثل: حسان وكُرّام. وفعال مثل: ضخام وطوال. وفعال مثل: حصان. وفِعال مثل: حصان. وفَعَال، [بالخفض] مثل: حذام وقطام. وأفاعل مثل رجل أباتر: لا يقبل قول أحد ولا يلوي على شيء. وفعلول، مثل: بهلول، وفعلول مثل: جمل تربوت: ذلول. وفعلل، مثل: هدبد، وهو عمش بالعين. وفعلل، مشددة العين، مثل: زملق، وهو الذي يقضي شهوته قبل أن يُفضي إلى المرأة. وفعلل مثل: الزلزل، وهو الأثاث والمتاع. وفنعلل، مثل: ناقة حندلس: ثقيلة المشي.

وفعلل، مثل سفنج: [وهو] السريع. وفعلول، مثل: كنهور. ومُفْعَنلل، مثل: مُسْحَنْكك. ومُفعلل، مثل: مُجلعب. ومِفعل، مثل: منسج الفرس. ومَفْعِل، مثل: منسم الناقة. وفعيل، مثل: مليح وقبيح. وفعِّل، مثل: أيِّم، وقيِّم، وديِّن. وفَعُول، وفَعال، وفُعال، ومَفْعِل، ومَفْعَل، ومُفْعُل، مثل: مُنْصُل ومُنْخُل. ومِفْعَال، وفَعْلَل، مثل: جنجن، لواحد الجناجن، وهي عظام الصدر. وفُعْلُل، مثل: دُخلل. وفُعْلَل، مثل: قعدد. وفَعْلَل، مثل: كَبْكَب.

وفِعْلال، مثل: شمراخ. وفُعْلول، وفَعْلى، وفُعْلى، وفاعال، وفَعْلاء، وفُعَلاء، وفِعلاء، نحو: الطرفاء، والصعداء، والحِرباء. وفِعْلَى، نحو: الشعْرَى. وفِعلى، نحو: الزمكى. [وفَعَلى، نحو]: الجمزى. [وفِعْلَى، نحو]: الذكرى. [وفِعْلَى، نحو]: البُقيا. وفعْلَلَى، نحو: القهقهرى. وفيْعَلَى، نحو: الخيزلى. وفُعنْلاء، نحو: الجلنداء. وفُعالى، نحو: الحُبَارى. وفُعالى، نحو: شُقارى، وخبازى وزبادى، وكلهن نبت. ومفعولاء نحو: المشيوخاء. والمشيوخ والمكبور: الكبار، والمصغور: الصغار.

وفعلياء، مثل: كبرياء. وفعالى نحو: حوايا. [وفاعلاء نحو: حاوياء] وفعلان [وفنعليل، مثل: خنشليل، هو الماضي، وفَعْلى، مثل عَلْقى وملأى] وفُعلى، مثل: العُذرى، وهو العُذر. قال: .............. ... إني حددت ولا عذرى لمحدود والمحدود: المصروف عما يريد. وفِعْلَى، مثل: العِمْقى، نبت، والشعرى: نجم. وقد يجيء في كلامهم فعلت وأفعلت بمعنى واحد أشياء كثيرة مثل: وفى وأوفى، وسقى وأسقى وخلا وأخلى، وسرى وأسرى، وثوى وأثوى، وجدى وأجدى، وجرم وأجرم، ونعش وأنعش، وبرق وأبرق، ورعد وأرعد، وهلكت الشيء وأهلكته. ومهرت [المرأ] ة وأمهرتـ[ها] ومضح الرجل عرضه وأمضحه: إذا شانه. قال الفرزدق: وأمضحت عرضي في الحياة وشنتني ... وأوقدت لي ناراً بكل مكان وقال غيره: أما ابن عوف، فقد أوفى بذمته ... كما وفى بقلاص النجم حاديها فجاء باللغتين.

وقال: سقى قومي بني مجد وأسقى ... نميراً والقبائل من هلال وقال معن بن أوس المزني: أعاذل، هل يأتي القبائل حظها ... من الموت أم أخلالنا الموت وحدنا؟ وقال: غيره: ............... ... أسرت إليك ولم تكن تسري وقال: غيره: ثوى في مُلْحد لابد منه ... كفى بالموت نأياً واغتراباً وقال: الأعشى: أثوى وقصر ليله ليزودا ... ومضى، وأخلف من قتيلة موعدا وقال بعض: يقال: ثوى الرجل ولا يقال أثوى، وكأنهم يرون بيت الأعشى بفتح الثاء، أثوى، على معنى الاستفهام. وقال: غيره: وأنبئتها أحرمت قومها ... لتنكح في معشر آخرينا

وحرمني أفصح من أحرمني. وقال ذو الرمة: إذا خشيت منه الصريمة أبرقت ... له برقة من خلب غير ماطر وقال: الفرزدق: أخذن اغتصاباً خطبة عجرفية ... وأمهرن أرماحاً من الخط ذبلا وصرت الشيء إلى وأصرته: إذا أملته إليك. قال: أجشمها مفاوزهن حتى ... أصار سديسها مسد مريج وبلَّ الرجل من مرضه وأبلَّ. قال: إذا بل من داء به، ظن أنه ... نجا، وبه الداء الذي هو قاتله وجهدته وأجهدته. قال الأعشى: .............. ... جهدن لها مع إجهادها وشقذت الرجل: إذا طردته، وشقذ هو: إذا ذهب، وهو الشقذان. قال: إذا غضبوا علي وأشقذوني ... فصرت كأنني فرا مُتار أشقذوني: طردوني. والفرا: الحمار. والمتار: المنظور إليه بالأعين.

وحصرني الشيء وأحصرني: أي حبسني. قال [ابن ميادة]: وما هجر ليلى أن تكون تباعدت ... عليك، ولا أن أحصرتك شغول وجلا القوم عن الموضع وأجلوا: تنحوا عنه. وأجليتهم أنا وجلوتهم، لغة. قال أبو ذؤيب: فلما جلاها بالإيام تحيزت ... ثبات عليها ذلها واكتئابها يعني العاسل جلا النحل عن مواضعها بالإيام، وهو الدخان. ولمت الرجل وألمته. قال معقل بن خويلد الهذلي: حمدت الله أن أمسى ربيع ... بذات الهون مخلياً ملاماً [وفتنت الرجل وأفتنته قال]: لئن فتنتني، لهي بالأمس أفتنت ... سعيداً فأمسى قد قلا [كل مسلم] [وفرثت] الشيء [أفرثه]: فرقته. أفسحت القران نسلته.

هو شيء كثير في [كلامهم] .......... [باب في] الأمثلة اعلم أن أمثلة الأسماء تسعة عشر: ثلاثة أحداث الأسماء ........ ؛ فالأسماء تكون ثلاثية ورباعية وخماسية. والثلاثية منها [عشرة]: فَعْل، وفُعْل، وفَعَل، وفِعِل، وفُعُل، وفِعَل، وفَعِل، وفُعِل، وفُعَل، وفَعُل، [وفِعْل]، [مثل]: [صقر]، وقرط، وجبل، وإبل، وطُنُب، وضِلَع، وكبد، وجعل، ورجل، و [عِكم]. [والرباعية خمسة أمثلة] وهي: فعلل، وفِعْلِل، وفُعلل، وفِعَل. [نحو]: جعفر، وضفدع، وكرسف، ودرهم، وقمطر. فأما جُخد [ب، فأكثر الناس على] إنكاره. يقولون: إنما يقال:

أبو جخادب. ومن ها هنا زعموا أن النون في جـ[ندب] زائدة؛ لأن هذا المثال لا يكون أصلاً، إنما يكون حرفاً للزيادة لازماً له. وكل ما خرج على هذا، يعني كل ما خرج على مثال فعلل، فإنما يخرج بحرف زائد، فاعلم. والخماسية أربعة أمثلة وهي: فعَلَّل، [نحو]: سفَرْجل. وفِعْلَل، [نحو]: [جردحل] وفُعلل، [نحو]: قذعمل، ونحو: خزعبلة. وفعللل، نحو: جحمرش، وهي الأرنب المسنة، وقيل: المرضع. واعلم أن الأبنية معمولة على الفاء والعين واللام، وعلى الحركات الثلاث، فكأنا وضعنا "فعل" فحركنا الفاء بالحركات الثلاث فجاء: فَعْل وفِعْل وفُعْل. ثم حركنا العين بما حركنا به الفاء فجاء: فَعَل، وفِعَل، وفُعُل. ثم جمعنا بين الكسرة والفتحة فجاء: فَعِل وفَعِل. ثم جمعنا بين الضمة والفتحة فجاء: فُعَلِ وفَعُل. وامتنعت العرب أن تجمع في الأسماء بين الضمة والكسرة؛ لأن الضمة أثقل الحركات، والكسرة أيضاً ثقيلة. فلم يجيء في الأسماء ولا في الأفعال فعل. ولم يجيء في الأسماء فُعِل. فأما قولهم: الدئل، فإن أهل العربية يزعمون أنه فُعِل في الأصل، سمي به كتسميتهم رجلاً يضرب، واحتملوا هذا المثال .....

قولهم: ضرب وقتل وما أشبه ذلك؛ لأنه جاء على غير جهته، وذلك [أنه يجعل] لفاعله. فلما جُعِل لغير فاعله جاؤوا به على بناء ليس [على بناء مثاله]، وكل اسم حدث، فقد أحدث منه ثلاثة أمثلة: مثال [لما مضى، ومثال لما] أنت فيه ولما لم يحدث. ومثال للأمر. وذلك: ضرب [ويضرب واضرب]. نقول: يضرب الساعة، ويضرب غداً، واضرب. والأسماء ........ [أحدا] ث، يعني المصادر، كلها تسعة عشر، ليس في الكلام غير ذلك ...... الأمثلة ثلاثة، ولها أمثلة كثيرة. والرباعية مثال واحد [هو فعلل، نحو: دحرج]. وما بعد ذا من الأمثلة الباقية فهي بالزيادة، فعلى عدد فعلل ثلاثة أمثلة و ...... وفاعل وافعل. وليس في كلام العرب شيء يخرج عن هذه الأمثلة التسعة عشر وهي: فَعَل، وفَعِلَ، وفَعُل، وفَعْلَلَ، وفاعَلَ، وأفعل، وفعّل، وتفعلل، وتفعَّل، وتفاعل، وافتعل، وافعل، واستفعل، وافعوعل، وافعوَّل، وافعالَّ، وافعنلل، وافعلل. مصادر فَعَل حمِد يحمَدُ حمداً. (فَعْلاً). عَلِم يعلم علماً (فعلاً). سمع يسمع سماعاً (فعالاً).

كره يكرَهُ كراهة (فعالة). نفَذَ ينفذ نفوذاً. طرِب يطْرَب طرباً. ضحِكَ يضحكُ ضَحْكاً. نقِم ينقَمُ نَقْمة. نعُمَ ينْعُم نُعُومة. سقِم يسقَمُ سُقماً، (فُعْلاً). نسِي ينسى نسياناً. حسَب يحسُبُ حساباً. لقِي يلقَى لُقياناً، (فُعلاناً). رحِمَ يرحَمُ رحمَةً، (فْعلَة). سمَن يسمُنُ سمناً. (فَعْلاً). قبِل يقبَل قبولاً، (فعُولاً). عجِل يعجَلُ عَجَلَةً، (فعَلَة). غَنِم يغنَم غنيمة، (فَعِيلة). لقي يلْقى لُقاً، (فُعَلاً).

واعلم أن المصادر تختلف ولا تجيء على قياس واحد. نقول: ضَرَبَ ضَرْباً، وضرب الفَحْلُ الناقة ضراباً، فجاء على فِعَالٍ. والحُجَّة في ذلك أن تقول مثله: كذَب كِذاباً. قال الشاعر: فصدقتها وكذبتها ... والمرء ينفعه كِذابه يريد كَذِبُه. ولا يختلف منها ما زاد فعله على ثلاثة أحرف. وإنما الاختلاف فيما كان على ثلاثة أحرف؛ وذلك أن ما كان على أربعة أحرف نحو: أخبر إخباراً وأرسل إرسالاً، فهذا لا يتكسر. وما كان على فعلل فإن مصدره فعللة. يقولون: دحرجة دحرجة وحَلْحَلَه حَلْحَلَةً، وزلزله زلزلة، فهو غير منكسر، وقد قالوا فيه: زلزله زلزالاً، وقلقله قلقالاً، فهو غير منكسر. وما كان على انفعل فمصدره انفعال نحو: انكسر انكساراً، وانحدر انحداراً. وما كان على فاعل فمصدره فعال ومفاعلة، وذلك قولك: قاتل قتالاً ومقاتلة، فهو غير منكسر. وما كان على فعَّل فمصدره تفعيل، نحو: كذَّب تكذيباً، وأمَّر تأميراً، فهو غير منكسر. وما كان على تفعَّل فمصدره تفعُّل نحو: تقرَّأ تقرُّؤاً، وتجرأ تجرؤاً، فهو غير منكسر، إلا أن يكون من بنات الواو، فإن الواو تقلب فيه ياء، وذلك قولك: تعدَّى تعدياً، وهو من العدو.

وقد يجيء في مصدر فعَّل تفعلة. قالوا: كرم يكرم تكرمَةً، بمنزلة التكريم. وما كان على افتعل فمصدره افتعال نحو: اختبر اختباراً، واعتكف اعتكافاً، فهو غير منكسر. وما كان على افعلَّ فمصدره افعِلال، وذلك نحو: احمرَّ احمراراً، واحولَّ احولالاً. فهو غير منكسر. وما كان على افعالَّ فمصدره افعيلال، وذلك نحو: احمار احميراراً، واسوادّ اسويداداً، [وهو غير منكسر]. وما كان على افعوعل فمصدره افعيلال، وذلك نحو: اعشوشب البلد اعشيشاباً، وهو غير منكسر. وما كان على افعوَّل فمصدره افعوال، وذلك نحو: اجلوَّذ اجلواذاً، وهو الإسراع في السير. يقال: اجلوَّذ فلان يجلوذ اجلواذاً. ومثله: اخروط اخرواطاً، وهو أيضاً الانجراد في الأمر والدخول فيه. واجلوذ الليل: إذا طال. قال: أيا حبّذا حبَّذا حَبّذا ... حبيب تحملت فيه الأذى ويا حبذا برد أنيابه ... إذا ضمني الليل واجلوذا أي طال وامتد. وما كان على استفعل فإن مصدره استفعال، وذلك نحو: استعصم استعصاماً. وهو

غير منكسر. فهذا الذي ينقاد. وأما الذي يختلف مصدره: فما كان على ثلاثة أحرف، وذلك قولك: قَتَل يقتُل قتْلاً. ثم قالوا: طلب يطلب طلباً، وجلب يجلب جلباً. وسلب يسلب سلباً، وحلب يحلب حلباً، وغلب يغلب غلباً، وهرب [يهرب] هرباً. ورقص رقصاً، فجاء على فَعْلٍ. وهذه مصادر جاءت نوادر. قال حسان: بزجاجة رقصت بما في قعرها ... رقص القلوص براكب مستعجل ثم قالوا: فرغ يفرغ فراغاً، فجاء على فَعَال. وقالوا: قعد يقعد قعوداً، فجاء على فعول. ومثله: جلس جلوساً. وقالوا: فعِل يفعل فعلاً، نحو: حزن يحزن حزناً. وقالوا: طبخ طبخاً، فجاء على قتل قتلاً. وقالوا: ذهب ذهاباً، فجاء على فعال. وقالوا: غفر يغفر غفراً ومغفرة وغفراناً. ويقال: الغفيرة في موضع المغفرة. وقد جاءت مصادر على فاعلة، وهي قليلة، من ذلك {أُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ}، ومعناه: بالطغيان. وقالوا: شب الفرس شباباً، وشمس شِماساً، وهب الفحل هِباباً، فهذا كله يبنى

على فعال؛ لأنه من الهيجان. وقد جاء على فعل، قالوا: حمق حمقاً وضعف ضُعفاً. وقد قالوا: الضَّعف مثل الجَهد.

باب في الحروف

باب في الحروف قال الخليل: حروف العربية تسعة وعشرون حرفاً، منها خمسة وعشرون [حرفاً] صحاحاً لها أحواز ومخارج، وأربعة حروف [جوف، وهي الواو والياء والألف اللينة، والهمزة، وسميت جوفاً لأنها تخرج من الجوف، فلا تقع في مدرجة من مدارج اللسان، ولا من مدارج الحلق، ولا من مدرج اللهاة]. وبدأنا في التأليف بالأرفع منها وهي العين. وقد ذكرتها على ترتيب تأليفه، وسميت كل حرف منها باسمه تحته، ليكون أسهل لطلبه. ع ح خ غ: حلْقية. ق ك: لَهَويتان. ص س ز: أسْلية. ط ت د: نِطعية. ظ د ث: لثوية. ر ل ن: ذلقية. ف ب م: شفوية. ج ش ض: شجرية. ي واو والألف والهمزة: هوائية. الحلقية: سميت بذلك لأن مبدأها من الحلق. والحروف التي ليست من الحلق يقال لها: الصتم. واللهوية؛ لأن مبتدأها من اللهاة. والشجرية؛ لأن مبتدأها من شجر الفم، وهو مفرجه. وأسلية؛ لأن مبتدأها من أسلة اللسان، وهي مستدق طرفه. والنطعية؛ لأن مبتدأها من نطع الغار الأعلى. واللثوية؛ لأنها من اللثة. والذلقية؛ لأنها من ذلق اللسان، أي تحديد طرفه، كذلق اللسان، والشفوية، وقيل: شفهية؛ لأنها من الشفة. والهوائية؛ لأنها من الهواء، لا يتعلق بها شيء. فنسب كل حرف إلى مدرجته، [وموضعه الذي يبدأ منه].

وكان يسمي الميم مطبقة؛ لأنها تطبق [الفم] إذا لفظ بها. فهذه تسعة وعشرون حرفاً منها أبنية كلام العرب. ومنها: المضاعف: وهو ما كان على حرفين. ومنها: الثلاثي الصحيح: وهو أن يكون على ثلاثة أحرف، لا واو فيها، ولا ياء، ولا ألف، ولا همزة. ولارباعي: وهو على أربعة أحرف. والخماسي: وهو على خمسة أحرف. وما زاد على خمسة أحرف في كلمة فليست بعربية. ومنها: المعتل نحو: عاق، عوق، عقي، عقاء، مما يدخله ألف أو واو أو ياء أو همزة. والحروف المجهورة تسعة عشر حرفاً: الهمزة والألف، والعين، والغين، والقاف، والباء، والجيم، والضاد، واللام، والنون، والراء، والميم، والياء، والواو، والزاي، والدال، والذال، والطاء، والظاء. وسميت مجهورة؛ لأن الاعتماد يشبع الحروف، فلا يجري النفس حتى ينقضي الاعتماد، ويخرج صوت الصدر مجهوراً. والحروف المهموسة عشرة: الهاء، والفاء، والصاد، والحاء، والخاء، والكاف،

أسماء الحروف

والتاء، والثاء والسين، والشين. وسميت مهموسة؛ لأن الاعتماد يضعف في موضع الحرف، فيجري النفس قبل انقضاء الاعتماد. والحروف الشديدة ثمانية: الهمزة، والقاف، والكاف، والباء، والجيم، والطاء، والتاء، والدال. وسميت شديدة؛ لأن وقع اللسان يشتد في موضعها ويضغط الحرف. والحروف الرخوة ثلاثة عشر حرفاً: الهاء، والحاء والخاء، والغين، والفاء، والسين، والشين، والصاد، والضاد، والتاء، والطاء، والدال، والزاي. وسميت رخوة؛ لأن الاعتماد يضعف في موضع الحرف، ولا يضغط ضغطاً يمنع الصوت أن يخرج، فيخرج الحرف رخواً لذلك. وحروف القلقلة خمسة: الباء، والجيم، والقاف، والطاء، والدال. وسميت بذلك؛ لأنها ضغطت من مواقعها. واللام: يقال لها المنحرف؛ لأنها منحرفة عن مخرج النون إلى مخرج اللام. [والراء]: ويقال لها الحرف المكرر؛ لأنك إذا نطقت بها كنت كأنك ناطق بحرفين، براءين. والحروف المطبقة أربعة: الصاد، والضاد، والطاء، والظاء. وسميت مطبقة؛ لأن اللسان ينطبق عليها. والحروف المنفتحة: كل ما كان غير مطبق من الحروف. والألف: يسمى هاوياً؛ لأن الصوت يمتد فيها، ويقع عليها الترنم في القوافي

وغيرها. [وحروف المد: الألف، والواو، والياء]؛ وإنما احتملت المد لأنها سواكن، اتسعت مخارجها حتى جرى فيها الصوت. وحروف الاستعلاء سبعه، وهي تمنع الإمالة: القاف نحو: قادر. والغين نحو: غائم. والصاد نحو: صادق. والطاء نحو: طارق. والظاء نحو: ظالم. والضاد نحو: ضامن. والخاء نحو: خاتم. فصل وقال: ابن شبيب: الذي فصل بين الحروف، التي أُلِّف منها الكلام، سبعة أشياء، وهي: الهمس، والشدة، والإرخاء، والإطباق، والجهر، والمد، واللين؛ لأنك إذا فعلت هذا اختلفت الحروف، واختلف الصوت. ولو كانت مخارج الحروف واحدة لكانت بمنزلة أصوات البهائم، ولم يفهم به الكلام. والكلام كله، العربي وغيره، ألف من أربعة أشياء: من الحرف المتحرك، والحرف الساكن، والحركة والسكون. والحرف المتحرك أكثر من الحرف الساكن؛ لأن الحرف المتحرك هو حرف وحركة. والحرف الساكن إنما هو حرف، والحرف والحركة أكثر من السكون؛ لأن الحركة ترجيع والساكن ميت. والحرف قبل الحركة؛ لأنك تجد الحرف ولا حركة، ولا تجد الحركة إلا في حرف. والحركة أيضاً حرف، إلا أنها أقل من الحرف؛ لأن الحرف مستقل بنفسه، والحركة لا تقوم بذاتها حتى تكون مع الحرف، والحركة هي التي تبين الحرف، وهي التي قعشت الحرف؛ يَدُلُّك على ذلك أنك إذا قلت: امرؤ، فإن الميم ساكنة. فإذا قلت:

أمر، فالميم قائمة، وقد ألبستها الحركة ففتحتها. والعم أنه لا يوصل في الكلام إلى أن تجمع بين حرفين ساكنين البتة في موضع أخبرك به. وإنما امتنع الكلام من الجمع فيه بين ساكنين، أن الحرف إذا سكن سُكت عليه، ولم يتحرك به لسان ولا شفة. فإذا أردت أن تنقل لسانك وشفتك إلى أن يلفظ بحرف آخر. لم يمكنك ذلك دون تحريك اللسان. فإذا تحرك اللسان تركت الجمع بين ساكنين. ألا ترى أنك لو أردت أن تلفظ بمحمد، على أن تسكن الحاء منه، لم تقدر على ذلك؛ لأن الحاء، إن سكنت والميم بعدها ساكنة، لم يمكن ذلك؛ لأنك لو قلت: مُح، لم تقدر أن تذكر الميم حتى تضم شفتيك، وضم الشفتين ليس إلا بعلاج، والعلاج لا يكون إلا بتحرك. ويجوز أن تجمع بين ساكنين في الوقف؛ لأن الساكن الأول أصله السكون، والثاني إنما يسكن لسكونك عليه، وذلك نحو قولك: زيد؛ فالياء أصلها السكون، والدال سكنت لأنك وقفت عليها، ولأنك لو وصلت كلامك تحركت، فكنت تقول: زيد يا فتى. ويجتمع ساكنان في الكلام إذا كان الساكن الأول واواً ساكنة، أو ياء ساكنة، أو ألفاً ساكنة، وكان الساكن الثاني حرفاً مدغماً نحو قولك: ماء حار، فقد جمعت بين ساكنين: الألف والراء الأولى مدغمة. ومثله: أصيم، إذا صغرت أصم؛ فياء التصغير ساكنة، والميم المدغمة ساكنة. وأما ابتداء الحروف فلا يكون إلا بالحركة؛ لأن اللسان يلطف ويجفو عن أن يلفظ بساكن؛ لأنه إذا ابتدأ بالحرف تحرك، فلا يجوز أن يكون متحركاً وساكناً في حال واحدة. كما لا يجوز أن يكون قائماً قاعداً في حال واحدة. وأخف الحركات ما تباعدت حروفه بعضها من بعض؛ يدلُّك على ذلك أن الحروف إذا تدانت مخارجها لزمها الإدغام؛ لأنهم استثقلوا أن يخرجوا حرفاً من موضع، ثم يعودوا إلى ذلك الموضع فيخرجوا حرفاً آخر. ألا ترى أنك لا تكاد تجد

كلاماً قد جمعوا فيه بين حرفين ظاهرين مثلين؟ ليس في الكلام مثل: ضضب، ولا مثل ررل، ولا مثل ققب، ليس ذلك البتة. وإنما ثقُل عليهم هذا لأنهم كرهوا ذلك لما ذكرنا. وقد يجمعون بين حرفين متواليين في آخر الكلمة، وذلك أيضاً قليل. قالوا: الغضض، والبدد، والجدد. ولكنه، وإن جاء، فإنه ثقيل. ألا ترى أن بعض القراء يدغم {خَلْقُكُم} حتى يجعل القاف كافاً كراهة أن يلفظ بالقاف والكاف لقرب مخرجيهما. واعلم أن "قائم" أهون من بائع؛ لأن الهمزة قريبة من العين في المخرج. وأخف ما يكون من الكلام ما توالى فيه حرفان متحركان وبعدهما ساكن. وثلاثة أحرف متحركات أثقل من حرفين متحركين. وكثرة المتحركات أحسن من كثرة السواكن. والعرب لا تبتدئ كلامها بالسواكن بتة.

فصل في اللحن اللحن عند العرب: الفِطنة. ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم "لعل أحدكم أن يكون الحن بحجته"، أي أفطن وأغوص عليها؛ وذلك أن أصل اللحن أن تريد الشيء فتوري عنه بقول آخر، كقول العنبري الأسير، كان في بكر بن وائل حين سألهم رسولاً على قومه، فقالوا له: لا ترسل إلا بحضرتنا؛ لأنهم كانوا أزمعوا غزو قومه، فخافوا أن ينذر عليهم. فجيء بعبد أسود، فقال له: أتعقل؟ قال: نعم، إني لعاقل. قال: ما أراك عاقلاً. ثم قال: ما هذا؟ وأشار بيده إلى الليل، فقال: هذا الليل. قال: أراك عاقلاً. ثم ملأ كفيه من الرمل فقال: كم هذا؟ فقال: لا أدري، [وإنه] لكثير. فقال أيما أكثر النجوم أم التراب؟ قال: كل كثير. قال: أبلغ قومي تحية، وقل لهم: ليكرموا فلاناً، يعني أسيراً كان في أيديهم من بكر؛ فإن قومه لي مكرمون. وقل لهم: العرفج قد أدبى، وقد شكَّت النساء. وأمرهم أن يعروا ناقتي الحمراء، [فقد] أطالوا ركوبها، وأن يركبوا جملي الأصهب بآية ما أكلت معكم حيساً. واسألوا الحارث عن خبري. فلما أدى العبد الرسالة إليهم قالوا: لقد جُن الأعور، [والله] ما نعرف له ناقة حمراء ولا جملاً أصهب. ثم سرحوا العبد، ودعوا الحارث فقصوا عليه القصة. فقال: أنذركم. وأما قوله: أدبى العرفج، يريد أن الرجال قد استلأموا ولبسوا السلاح.

وقوله: شكَّت النساء، يريد: اتخذن الشكاء للسفر، وأنشد: شكت النساء في الشتاء فقلنا ... بل رديه فصادفته سخيناً وقوله: الناقة الحمراء: أي ارتحلوا عن الدهناء واركبوا الصمان، فهو الجمل الأصهب. وقوله: أكلت معكم حيساً؛ يريد: أخلاطاً من الناس قد غزوكم؛ لأن الحيس يجمع التمر والسمن والأقط. فامتثلوا ما قال، وعرفوا لحن كلامه. وأخذ هذا المعنى رجل كان أسيراً في بني تميم، وكتب إلى قومه شعراً: حلوا عن الناقة الحمراء أرحلكم ... والبازل الأصهب المعقول فاصطنعوا إن الذئاب قد اخضرت براثنها ... والناس كلهم بكر إذا شبعوا يريد: أن الناس كلهم، إذا أخصبوا، أعداء لكم كبكر بن وائل. وقيل لمعاوية: إن عبيد الله بن زياد يلحن. فقال: أوليس بظريف ابن أخي أن يتكلم بالفارسية؟ فظن معاوية أن الكلام بالفارسية لحن إذا كان معدولاً عن جهة العربية. وقال الفزاري: وحديث ألذه [هو مما ... ينعت الناعتون يوزن وزنا منطق صائب وتلحق أحيا ... ناً، وخير] الحديث ما كان لحنا

يريد: أنها تعرض في حديثها فتزيله عن جهته، فجعل ذلك لحناً. وأما اللحن في العربية فهو راجع إلى هذا؛ لأنك إذا قلت: "ضرب عبد الله زيد" لم يدر أيهما الضارب ولا المضروب، فكأنك قد عدلته عن [جهته]؛ فإذا أعربت عن معناك فهم عنك. فسمي اللحن لحناً؛ لأنه يخرج على نحوين، وتحته معنيان، وسمي الإعراب نحواً؛ لأن أصل النحو: قصدك الشيء. تقول: نحوت كذا، أي قصدته؛ فالمتكلم به ينحو الصواب، أي يقصده. وقال الله، عز وجل، لنبيه، صلى الله عليه: {وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ} فكان رسـ[ـول] الله، صلى الله عليه، بعد نزول هذه الآية يعرف المنافقين إذا سمع [كلامهم]، يستدل بذلك على ما يرى من لحنه، أي ميله في كلامه. واللحانة: الرجل الكثير اللحن، القادر على الكلام، العالِم بالحجج. وقال بعضهم: لحن الرجل: إذا فطن بحجته، يلحن لحناً بالتثقيل. وقال غيره: لا أعرف اللحن بالتثقيل في ترك الصواب، في القراءة والنشيد، ولا نعرفها إلا مخففة. واللحن يخفف ويثقل. تقول: لحَّن ولحْن. و ..... اللحن والألحان: الضروب من الأصوات الخفيفة الموصوفة. ولحن كل شيء: منطقه ولغته ....... عن أبي عمر الضرير: إلى الله أشكو أنني وسط معشر ... يخالف لحني في الكلام لحونها

يقولون: شونستي إذا قلت مرحباً ... وما كنت أدري يا أخي كيف شونها [وقال أبو مهدية]: يقولون لي: شنبذ، ولست مشنبذاً ... طوال الليالي أو يزول ثبير ولا قائلاً زوذاً لأعجل صاحبي ... وبستان من قولي علي كثير [ولا تاركاً لحني لأحسن] [لحنهم ... ولو دار صرف الدهر حيث يدور] [قوله: شنبذ، هو بالفارسية شنبوذ، أي كيف كان]. وقوله: زوذاً، أي اعجل وبستان يعني: خذ. والعرب تسمي أصوات الطير بأسماء كثيرة، فمنها: غناء، ودعاء، وبكاء، ونوح، وترنُّم، وطرب، وضحك، وهدر، وهدْل، وهتف، وصدح، وسجع، ومنطق، وقرقرة، وتغريد، ولحن، وكلام، وإرنان، وعويل. [قال جهم بن خلف]، [وهو من أهل هذا العصر]:

وقد هاج شوقي أن تغنت حمامة ... مطوقة ورقاء تصدح في الفجر هتوف تُبكي ساق حر، ولا ترى ... لها دمعة يوماً على خدها تجري تغنت بلحن فاستجابت لصوتها ... نوائح بالأصياف في فنن السدر إذا فترت كرَّت بلحن شج لها ... يهيج للصب الحزين جوى الصدر دعتهن مطراب العشيات والضحى ... بصوت يهيج المستهام على الذِّكر فلم أر ذا وجد يزيد صبابة ... عليها، ولا ثكلى تبكي على بكر فأسعدنها بالنوح حتى كأنما ... شربن سلافاً من معتقة الخمر تجاوبن لحناً في الغصون كأنها ... نوائح ميت يلتدمن لدى قبر بسرة واد من تبالة مونق ... كسا جانبيه الطلح واعتم بالزهر فقلت: لقد هيجتن صباً متيماً ... حزيناً، وما منكن واحدة تدري [وذكرتموني أم عمرو ومجمعاً .. غنينا به في سالف الدهر والعصر فيالهف نفسي أن تناءت ديارها ... ويا لهفتي وجداً على أم ذا عمرو] [وقال حميد بن ثور]: وما هاج هذا الشوق إلا حمامة ... دعت ساق حر في حمام ترنماً مطوَّقة خطباء تصدح كلما ... دنا الصيف، وانجاب الربيع فأنجما عجبت لها أنى يكون غناؤها ... فصيحاً، ولم تفغر بمنطقها فما؟ الحر: فرخ الحمام. ويقال: الساق: الحمامة الذَّكر.

ويقال: ساق حر: ذكر القماري. ويزعم الأصمعي أن معنى قول جهم: "هتوف تبكّي ساق حر" إنما هو حكاية صوت وحشي الطير من هذه النواحات. ومعنى قول حميد: "مطوقة خطباء"، الخطْباء: التي لونها يضرب إلى كُدرة، ومشرب حمرة في صفرة كلون الحنظلة. والخطباء: قبل أن تيبس، وكلون حمر الوحش؛ كقول ذي الرمة: تنصبت حوله يوماً تراقبه ... قود سماحيج في ألوانها خطب يصف العانة. وقال آخر: وما هاج هذا الشوق إلا حمامة ... تُبكي علي خضراء سمر قيودها صدوح الضحى، معروفة اللحن ... لم (×××) تقود الهوى من مسعد ويقودها وقال آخر: ألا أيها القمريتان تجاوبا ... بلحنيكما ثم ارفعا تسمعانيا فإن أنتما استطربتما (×××) ... لحاقاً بأطلال الغضى فاتبعانيا فإن تتجاوبن (×××) فعليله ... على هيجان الحزن بقيا فؤاديا وقال قيس:

ألا يا حمامات اللوى عُدن عودة ... فإني إلى أصو [اتكن] حزين فعدن، فلما عُدن كدن يمتنني ... وكدت بأسراري لهن أبين فلم تر عيني مثلهن حمائماً ... بكيْن ولم تدمع لهن عيون وله أيضاً: لقد هتفت في جنح ليل حمامة ... على فنن تبكي وإني لنائم فقلت اعتذاراً عند ذاك وإنني ... لنفسي فيما قد أتيت للائم أأزعم أني عاشق ذو صبابة ... بليلى، ولا أبكي، وتبكي الحمائم؟ كذبت وبيت الله، لو كنت عاشقاً ... لما سبقتني بالبكاء الحمائم وقال أبو كبير: ألا يا حمام الأيك، إلفُك حاضر ... وغصنك مياد ففيم تنوح [أفق، لا تنُح من غير شيء فإنني ... بكيت زماناً والفؤاد صحيح] وقال آخر: حمامة بطن الواديين ترنمي ... سقاك من الغد الغوادي مطيرها

وقال آخر: وقد هاجني نوح قمريَّة ... طروب العشي، هتوف الضحى وقال آخر: وما هاج هذا الشوق إلا حمائم ... لهن بساق رنة وعويل تجاوبن في عيدانة مرجحنة ... من السدر، رواها المصيف مسيل تطربنني حتى بكيت وإنما ... يهيج هوى جمل علي قليل تطربنني، معناه: استخففنني. والعيدانة: شجرة صلبة قوية لها عروق نافذة إلى الماء. قال الشاعر: اصبر عتيق فإن القوم أعجلهم ... بواسق النخل أبكاراً وعيدانا والعيدان: جمع عيدانة. وقال أبو تمام: هن الحمام، فإن كسرت عيافة ... من حائهن، فإنهن حمام لا تنشجن لها، فإن بكاءها ... ضحك، وإن بكاءك استغرام وقال جميل: أإن هتفت ورقاء ظلت سفاهة ... تبكي على جُمل لورقاء تهتف؟

وقال آخر: لقد تركت فؤادك مستحناً ... مطوقة على فنن تغنى يميل بها، وتركبه بلحن ... إذا ما عن للمحزون أنا فما يحزنك أيام تولى ... تذكرها، ولا طير أرنا وقال آخر: وهاتفين بشجو، بعدما سجعت ... ورق الحمام بترجيع وإرنان باتا على غصن بان في ذرى فنن ... يرددان لحوناً ذات ألوان وقال آخر: وإن سجعت هاجت لك الشوق سجعها ... وإن قرقرت هاج الهوى قرقريرها ويقال لكل طائر طرب الصوت: غرد. وقال آخر: وما ذات طوق فوق خوط أراكة ... إذا قرقرت هاج الهوى قرقريرها وقال آخر: إذا غرَّد المكاء في غير روضه ... فويل لأهل الشاء والحمرات ويقال في حمام الوحش من القماري والفواخت والدباسي وما أشبه ذلك: قد

هدَل يهدل هديلاً، فإذا طرَّب قيل: غرَّد تغريداً. والتغريد يكون للحمام والإنسان، وأصله من الطير. وبعض يقول للجمل: هدر، ولا يكون باللام. والحمام يهدل، وربما كان بالراء. وبعضهم يزعم أن الهديل: من أسماء الحمام الذَّكر. قال الشاعر: إذا سجعت حمامة بطن وجٍّ ... على بيضاتها تدعو هديلا الهديل: يقال فرخُها. وقال الراعي: كهداهد كسر الرعاة جناحه ... يدعو بقارعة الطريق هديلا قال الأصمعي: الهُداهد: الحمام الذي يهدهد في هديره كما قالوا: قراقر، وإنما أراد هديلاً يرى كثير الصياح، أي طائر كان. ويقال: هدهد الفحْلُ: إذا صوَّت بالهدير. وسمعت ماداً من السماء: إذا سمعت صوت الرعد. وقال ابن الأعرابي: الهداهد: الهُدهُد (×××) وقارعة الطريق: أعلاه، اشتق من القرع، يقال: نزل بقارعة الطريق. وأصابته (×××) على قروع كتفيه. ويروى: بقارعة الطريق: وهو الموضع الذي يُمَرُّ فيه ويقرع بالوطء. والهديل فيه ثلاثة أقوال: يقال: هو الذَّكر من الحمام، ويقال: هو فرخ الحمام. ويقال هو صوته.

فصل في اللحن يقال: رجل لحن، إذا كان فطناً، ورجل لاحن، إذا كان أخطأ. قال لبيد بن ربيعة: متعود لحن يعيد بكفه ... قلماً على عسب ذبلن وبان ويقال: قد لحن الرجل يلحن لحناً، إذا أخطأ. ولحن يلحَن لحناً، إذا أصاب وفطن. يقال: رجل فطن: بيِّن الفِطنة والفطن. وقد فطن لهذا الأمر، وهو يفطن فطنة، فهو فاطن له. وأما الفطن: فذو فطنة للأشياء، ولا يمتنع كل فعل من النعوت أن يقال: قد فطُن وفعُل، أي صار فطناً، إلا القليل. واللحن، بتسكين الحاء: الخطأ. واللحن، بفتح الحاء: الفِطنة. وربما سكنوا الحاء في الفطنة. قال الله تعالى: {وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ} معناه: في معنى القول، وفي مذهب القول. وقال القتَّال الكلابي: ولقد لحنت لكم لكيما تفهموا ... ولحنت لحناً ليس بالمرتاب معناه: ولقد بينت لكم. ومنه قول عمر بن عبد العزيز: عجبت لمن لاحن الناس كيف لا يعرف جوامع الكلم.

واللحن غير هذا: اللغة. ومنه قول عمر بن الخطاب: "تعلموا الفرائض والسنن واللحن كما تتعلمون القرآن"؛ فاللحن ها هنا: اللغة. وقال أبو عبيد: اللحن: هو الخطأ؛ وذلك أنهم إذا تعلموا الخطأ فقد تعلموا الصواب. وقال يزيد بن هارون: اللحن: النحو، ومن ذلك الحديث: "إنا لنرغب عن كثير من لحن أبي" معناه: من لغته.

فصل في الدخيل والمعرَّب إن الله، تبارك وتعالى، خاطب نبيه، صلى الله عليه، باللسان العربي؛ لأنه لسانه ولسان قومه. ولكن قد يقع غير العربية في كلام العرب، على ثلاثة أوجه منها: أن تكون الكلمة في اللسانين جميعاً بلفظ واحد، كما ذكر أن المشكاة بالحبشية: الكوَّة التي لا تنفذ لها، وهي بلسان العرب كذلك. ومن الدليل على أنها بلسان العرب قول أبي زبيد الطائي يصف السبع، وما ذكر في شيء من أخباره أنه أتى أرض الحبشة: كأن عينيه مشكاتان من حجر ... قيض اقتياضاً باطراف المناقير ويروي قيضا؛ فمن روى قيض، ذهب إلى الحجر، ومن روى قيضا ذهب إلى المشكاتين. ومعنى قيض: ثقب. ويقال: قيض واقتيض وقُضَّ واقتضَّ بمعنى: إذا ثُقب، ومنه: اقتضت المرأة. وكذلك ما يروى عن موسى في قوله تعالى: {يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ} قال: الكفلان: الضِّعفان من الأجر بلسان الحبشة. والكفل في كلام العرب: الحظُّ والنصيب، وهو من الأجر والإثم: الضعف. كما جاء: له كِفلان من أجر، وعليه كفلان من إثم. وكذلك ما روي عن أبي ميسرة في قوله تعالى: {يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ}، أي: سبحي بلسان الحبشة. والتأويب: التسبيح أيضاً

بلسان العرب. وروي عن ابن عباس في قوله تعالى: {فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ}، قال: هو بالعربية: أسد، وبالفارسية شير. وبالنبطية: أريا، وبالحبشية قسورة:، وعنبسة أيضاً. وبلغة أزد شنوءة: الرماة. وقال ثعلب: قسورة: سواد أول الليل، ولا يقال لسواد آخر الليل قسورة؛ فقد فسره بالعربية أسداً ثم أعاد اسمه بالحبشية، فدل ذلك على اتفاقه في اللسانين. ومن ذلك: أن تقع إلى العرب الكلمة من غير لسانهم، فيستخفونها حتى تكثر على ألسنتهم، وتجري مجرى كلامهم، وتصير مما يتخاطبون به، ويفهمه بعضهم عن بعض، ولا ينكرونه منهم. فمن ذلك: هيت لك. ذكر الفراء أنها لغة لأهل حوران، سقطت إلى مكة، فتكلموا بها حتى اختلطت بكلامهم، فخاطبهم الله، عز وجل، بها في قوله: {هَيْتَ لك}، ومعناه: هلم لك، وأنشد الفراء: أبلغ أمير المؤمنيـ ... ـن، ابن الزبير إذا أتيتا أن العراق وأهله ... سلم إليك، فهيت هيتا ولما لم تكن هذه الكلمة من خالص كلامهم، اختلفوا في الآية، فقرأها علي وابن عباس: هُئت لك، بضم الهاء وضم التاء، بمعنى تهيأت لك. وقرأ أهل المدينة: هيت لك، بكسر الهاء وترك الهمز وفتح التاء. ولم يفسر لنا معناها. ومن ذلك: أن الكلمة من كلام العجم تقع إلى العرب فيعربونها، ويزيلونها عن ذلك اللفظ إلى ألفاظهم، فهي حينئذ عربية؛ لأنها قد خرجت من ذلك اللسان إلى لسانهم، كما يروى عن سعيد بن جبير في قوله تعالى: {حجارةً من سِجّيل}

أنها بالفارسية: سنق وجل، أعربتها العرب فقالوا: سجيل. على أن تأويلها [عند] علماء العرب على خلاف ما يقال في تفسيرها عند العجم؛ لأنهم زعموا أن معناها: حجارة وطين، وهي فيما روى ابن الكلبي عن ابن عباس: [السجيل]: طين يطبخ حتى يصير مثل الآجر. قال: قال صالح: رأيت منها عند أم هانئ [.......]، وهي حجارة على صورة بعر النم، فيها خطوط حمر على هيئة الجزع. وقال الفراء: السجيل: الحجارة التي يُعمل منها الأرحاء. وقال أبو عبيدة: هي حجارة أشد من الحجارة. وقال الراجز: ضرباً يشل النعم شلولا ... ضرباً طلخفاً في الطلى سجيلا يشل: يطرد. يقول: ضرب يحول بين القوم وبين إبلهم حتى تصير لنا فنشله. وطلخف: متدارك شديد. والطلى: الأعناق. وقال ابن مُقبل: ورجلة يضربون البيض عن عرض ... ضرباً تواصى به الأبطال سجينا فأبدل اللام نوناً، وقد قرئ بهما جميعاً. ورجلة: أراد: رجلى، وهم الرجال. والرجل: جمع راجل. ورجْلَة: جمع رجل. وقال بعضهم: أدخل الهاء للمدح. عن عُرض: لا يبالون من ضربوا، إنما يعترضون القوم اعتراضاً.

ومن ذلك: الطور هو بالسريانية طورا، أعربته العرب فقالت: طور، وأجروا عليه الإعراب، وأدخلوا عليه الألف واللام فصار من كلامهم. وكذلك: اليم، هو بالسريانية يماً، موقوف في كل حال، فأعربته العرب. والاستبرق: هو بالفارسية اصتبرا، وهو الغليظ من الديباج. ومن كلام العجم ما دخل في كلام العرب على سبيل إزالة الكلمة عن لفظها حتى تصير من كلامهم، كقولهم: دِرهم بهرج، أي زائف. وأصل البهْرج: الباطل، وإنما هو فارسي معرَّب، وأصله: نبهره، ويقال: بوهرة. وقال: وكان ما اهتض الجحاف بهرجا وعن ابن عباس في قوله تعالى: {طه}، يقول: يا رجل، يعني محمداً، صلى الله عليه وسلم. وهي بلسان عك. والرهوج: المشي السهل اللين، وهو بالفارسية رهوار، أي هملاج. موسى: هو بالعبرانية موشى فعرِّب. كما قالوا مسيح، وإنما هو مسيحا.

وموسى: اسم الموضع الذي وُجد فيه موسى، عليه السلام، بالعبرانية، وهو اسم الماء والشجر؛ فالماء: مو، والشجر شا، فسمي بهما، فأعربته العرب، فجعلت الشين سيناً. وكذلك كل ما أعربته غيرته، كما قلبت يهوذا يهودا، فغيرت الذال دالاً، ومثله كثير. والقيروان: معربة، وهي القافلة؛ بالفارسية: كاروان. قال امرؤ القيس: وغارة ذات قيروان ... كأن أسرا بها الرعال والقيروان ها هنا: معظم الشيء. والمنج: إعراب المنْك، دخيل ليس بعربية محضة، وهو شيء يتراءى في الماء يُخاف منه. الدَّوق: اسم أعجمي، وهو اللبن الذي مخض وأخذت زبدته. ودشيش: كلمة فارسية مبنية من كلمتين يتكلم بها لاعبو النرد من لعب الفصين. والنرد: فارسي، وهو النرد شير. وسمرَّج: أصله بالفارسية: سيه مره، أي استخراج الخراج ثلاث مرات. قال العجاج:

يوم خراج يخرج السمرجا والجريدة: ليس في كلام العرب العاربة، وهي التي يخرج فيها ما على الناس من المال. والكاغد: معرب، ليس بعربية محضة. والصنارة: رأس المغزل، وهو دخيل ليس من كلامهم. والشونيز: دخيل. والطرش: دخيل، وهو ثقل في السمع، ولم يبلغ الصمم. يقال: رجل أطروش، وامرأة أطروشة وطرشاء. وقد طرِش يطرش طرشاً. والخشكنان: دخيل معرّب، أصله فارسي. وشالم وشوْلم: كلمتان دخيلتان. والمتّ: اسم أعجمي، وهو كالمد للإزار. ويقال للشص الذي يصطاد به السمك صنارة، والجمع صناير.

والسراويل: أعجمي أعرب وأنث، والجمع: سراويلات. وقال قيس. أردت لكيما يعلم الناس أنها ... سراويل قيس والوفود شهود وأن لا يقولوا: غاب قيس وهذه ... سراويل عادي نمته ثمود وبذ جميع الناس أصلي ومفخري ... وقد به أعلو الرجال مديد ولقيس هذا وشعره حديث تركته. والزرير: الذي يصبغ به، من كلام العجم، وهو نبات له نور أصفر. والزرافة: بالفارسية أشتر كاو پلنكـ، ولها خلق حسن مستقبح عند الجهال. والزرفين والزُّرفين، بالفارسية لغتان. والدَّرز: الخياطة، والجمع: الدروز، وهي بالفارسية معربة. فرزان: اسم أعجمي. الرطانة: تكلم الأعجمية، تقول: رأيت أعجميين يراطنان، وهو كل كلام

لا يفهمه العرب. قال ذو الرمة: دوية ودجى ليل كأنهما ... يم تراطن في حافاته الروم والناظر والناطور: من كلام أهل السواد، وهو الذي يحفظ لهم الزرع، وليست بعربية محضة. وعسطوس: من رؤوس النصارى بالرومية. وقال ذو الرمة: ............ ... عصا عسطوس، لينها واعتدالها وعسطوس: شجر يشبه الخيزران. ويقال: شجرة تكون بالجزيرة لينة الأغصان. والعلَّوش: الذئب، بلغة حمير، وليس من بناء كلام العرب؛ لأنه ليس في كلامهم شين بعد لام. واللعز: من كلام أهل العراق، يقولون: لعزها: فعل بها ذلك، وليس بعربية محضة. والتبليط: أن تضرب فرع أذن الإنسان بطرف سبابتك ضرباً يوجعه. تقول:

بلطت له تبليطاً، وبلطت أذنه تبليطاً. وهي كلمة عراقية مستعملة. والديابود: في قول الشماخ، يقال: ليست بعربية، وهو ثوب، كما ذكروا. ويقال: هو كساء، وهو الذي له سدنان، وهو بالفارسية: الدوابوذ، فعربوه بالدال، وهو: كأنها وابن أيام ترببه ... من قرة العين مجتاباً ديابود ويروى: تربته. يقال: تربته أهله، أي تنبته أهله. قال ابن ميادة: ألا ليست شعري هل أبيتن ليلة ... بحرة ليلى حيث ربتني أهلي أي نبتني. قوله: مجتاباً: أي قد ألبس الديابود، وهو كل ما نسج على نيرين مثل ثياب الروم. والدبن: نبطي معرب، وهو اسم حظيرة تتخذ للغنم، وإن كان من حجارة سمي صيرة، وإن كان من خشب سمي زرباً، وإن كان من خشب سمي زرباً، وإن كان من قصب وطين سمي دبناً. والبند: دخيل مستعمل، كقولك: فلان كثير البنود، والبند أيضاً: كل علم من أعلام الروم يكون للقائد، والجميع: البنود، يكون تحت كل بند عشرة آلاف. والدمل: مستعمل بالعربية، والجمع: الدماميل، قال أبو النجم:

وامتهد الغارب فعل الدمل وكندرة البازي: مجثم يهيأ من خشب أو مدر، دخيل، ليس بعربية؛ وبيان ذلك أنه لا يلتقي في كلمة واحدة عربية حرفان مثلان في حشو الكلمة إلا يفصلان كالعقنقل ونحوه. والفرعنة: مشتق من فرعون، وليس بكلام عربي صحيح. والدهنج: حصى أخضر، يحك به الفصوص، وليس من محض العربية. والإشراس: دخيل فارسي، وهو ما يستعمله الإسكاف وغيره في الإلزاق. والعهعخ: كلمة أنكرت أن تكون من كلام العرب، وقد تكلم بها أعرابي سئل عن ناقته فقال: تركتها ترعى العهعخ، وسئل عنها الثقات [من] علمائهم فأنكروا أن تكون من كلامهم. وقال آخر: هذا أعرابي تكلم بها عبثاً. وقال الفذ منهم: هي شجرة يتداوى بورقها. وقال أعرابي: إنما هو الخعخع. قال الخليل: هذا موافق لقياس العربية وللتأليف، وإن كان قد ذكر في أول كتابه أن العين والخاء: عخ، خع مهملان. وضهيد: كلمة مولدة؛ لأنه فعيل، وليس من بناء كلامهم، وقد جاء في

الشعر. قال: رأيت الهملع ذا اللعوتيـ ... ن ليس بآب ولا ضهيد الهملع: الرجل المتخطرف الذي يوقع وطأه توقيعاً شديداً من خفة وطئه. وأربنت الرجل: أعطيته ربوناً، وهو دخيل، وهو نحو عربون. والطجن: معرب من كلام العجم، وليس بعربية محضة، وهو القلو على الطيجن، وهو المِقْلى، والطاجن هو بالفارسية تابه. والكرد: العنق، وهو فارسي معرب، أصله: كردن. قال الشاعر: وكنا، إذا الجبار صعَّر خده ... ضربناه فوق الأنثيين على الكرد والأنثيان: الأذنان. والأنثيان، بالضم: الخصيتان. والطنبور: قد استعملت في لفظ العربية. والبربط معرب؛ لأنه ليس من ملاهي العرب، وهو أعجمي، فأعربته العرب حين سمعت به [.....].

والفرطومة: منقار الخُف، إذا كان طويلاً محدد الرأس. وفي الحديث: "إن شيعة الدجال شواربهم طوال، وخفافهم مفرطمة". والبطريق: بلغة أهل الشام والعراق والروم، هو القائد. والزرجون: الخمر، بالفارسية زركون، أي لون الذهب، وهي أيضاً إسفنط وإصفنط، وأحسبها بالرومية. والسجنجل: المرآة بالرومية. القفشليل: المغرفة، وأصلها بالفارسية: كفجلاز. والبرق: الحمل، أصله بالفارسية بره. والسرق: الحرير، أصله بالفارسية: سره، أي جيد. واليلمق: القباء، بالفارسية: يلمه.

والمهرق: الصحيفة، وهي بالفارسية: مهره. والألوة: العود، وأصلها بالفارسية. والدرع: بالفارسية: كردماند، معناه: عُمِل وبقي، فعربت فقيل: قردماني. قال لبيد: فخمة ذفراء ترتى بالعرى ... قُرْدُمانياً وتركاً كالبصل قال أبو عبيدة: هو قباء محشو. وقال غيره: هي دروع. والبورياء: بالفارسية، وهي بالعربية: الباري والبوري. السبيج: أصله بالفارسية: شبي، وهو القميص. قال العجاج: كالحبشي التف أو تسبجا وقال أيضاً: كما رأيت في الصلاء البردجا والبردج: السبي، وهو بالفارسية: برده.

وقال أيضاً: عكف النبيط يلعبون الفنزجا وهو بالفارسية: فنزكان وپنجكان. البالغاء: ممدود، وهو الأكارع. بالفارسية: پايها. الششقلة: كلمة حميرية، قد لهج صيارفة العراق بها في تعيير الدنانير، يقولون: قد ششقلناها: أي عيرناها، إذا وزنوها ديناراً ديناراً وليست بعربية. وتقول العرب كلمة كأنها دخيل، [وهي]: اردده إلى بُنْكه الخبيث، يريد به: أصله. وتقول: تبنَّك في عز. والبُنك: [ضرب] من الطيب، دخيل. القمنجر: القواس، وهو بالفارسية: كمان كَرْ، وأنشد الراجز: مثل القسي عاجها المقمجر وقال الأعشى:

وبيداء تحسب آرامها ... رجال إياد بأجيادها قال أبو عبيدك أراد جود [ياء] بالنبطية أو بالفارسية وهو الكساء. والأصمعي يرويه بأجلادها، أي بشخوصها وخلقها. البالة: الجراب، وبالفارسية باله. والجُدّاد: الخيوط المعقدة، وهي بالنبطية: كدَّاد. ودرهم قسي: أي هو تعريب قاشي. [ويقال]: هو فعيل من القسوة، أي فضته رديئة صلبة ليست بلينة. وقسي، مخفف السين، مثقَّل الياء، على مثال تقي. ودراهم قسيات، وقد قسا الدرهم يقسو. قال أبو زبيد يذكر حفر المساحي: لها صواهل في صم السلام كما ... صاح القسيات في أيدي الصياريف والنمي، بالرومية: الفلس.

قال النابغة: وقارفت، وهي لم تجرب، وباع لها ... من الفصافص بالنمي سفسير يعني: السمسار. وقوله: باع، أي اشترى. واليرندج: جلد أسود، وهو بالفارسية: إيرنده. قال الشماخ: وداوية قفر تمشى نعاجها ... كمشي النصارى في خفاف اليرندج ويقال: الأرندج. والكرَّز: البازي، وهو أيضاً الرجل الحاذق. بالفارسية: جزه. والمرعزَّى: بالنبطية: المرنزى. والصيق: الريح، وأصله بالنبطية: زيقا. والفرانق: إنما هو بروانه.

قال امرؤ القيس: وإني زعيم، إن رجعت مملكاً، ... بسير ترى منه الفرانق أزورا الفرانق: البريد، ويقال: برانق أيضاً. والقيروان: دخيل مستعمل، وهو معظم العسكر والقافلة. قال عباس بن مرداس: له قيروان يدخل الطيروسطه ... صحيحاً فيهوي دونه وهو ميت يصف الجيش. وفي الحديث قال: "يغدو إبليس بقيروانه إلى الأسواق". والسدير: فارسي، أصله: سادلي، أي فيه ثلاث قباب مداخلة، وهو الذي يسميه الناس سه دلي، فأعرب. والخورنق: الخرنكاه، أي موضع الشرب، فأعرب. وهرزوقا، بالنبطيية: محبوس، وهو بالعربية: محرزق. قال الأعشى في النعمان:

فذاك، وما أنجى من الموت ربه ... بساباط حتى مات وهو محرزق المحرزق: المضيق عليه. وقول رؤبة: في جسم شخت المنكبين قوش قوش: قصير، وهو بالفارسية كوشك، فعرب. وقول العبدي: .......... ... كدكّان الدرابنة المطين الدرابنة: البوابون، واحدها دربان بالفارسية. وقول [أبي] دؤاد: فسرونا عنه الجلال كما سـ ... لَّ لبيع اللطيمة الدخدار الدخدار بالفارسية: تخت الدار، أي يمسك التخت.

والأشق: وهو الأشج، وهو دواء كالصمغ، دخيل في العربية، ليست محضة. والصفصفة: دخيل في العربية، وهي الدويبة التي تسميها العرب السفسك. والفصفصة: وجمعها فصافص، وهو القتّ الرطب. قال الأعشى: ألم تر أن العِرض أصبح بطنه ... نخيلاً وزرعاً نابتاً وفصافصا وهي بالفارسية: إسپست. والقمقم، بالرومية: قوقمس. قال عنترة: وكأن رُباً أو كحيلاً معقداً ... حش الوقود به به جوانب قمقم والطست والتور والطابق والهاون فارسي.

قال أبو عبيدة: ربما وافق الأعجمي العربي. قالوا: غزل: سخت، أي صلب. والسختيت: يقال إنها فارسية اشتقها رؤبة بقوله: هل ينجيني حلف سختيت ... أو فضة أو ذهب كِبريت منهم ومن خيل لها صتيت؟ والزور: القوة. والدست: الصحراء، وهو دشت بالفارسية. وأنشد الأصمعي: قد علمت فارس وحمير والـ ... أعراب بالدشت أيكم نزلا يريد: الصحراء. ولم يكن يذهب إلى أن في القرآن شيئاً من لغة غير العرب. وكان يقول: هو اتفاق يقع بين اللغتين. وكان غيره يزعم أن القسطاس: الميزان بلغة الروم، والغساق: البارد المنتن بلغة الترك، والمشكاة: الكوة بلغة الحبشة، والطور: الجبل بالسريانية.

وقولهم: لا دهْلَ، بالنبطية: لا تخف. قال بشار يهجو الطرماح: رأى جملاً يوماً ولم يك قبلها ... من الدهر يدري كيف خلق الأباعر فقال: شطاناً مع ظبايا ألاليا ... وأجفل إجفال النعام المبادر فقلت له: لا دهل مِل كمل بعدما ... رمى نيفق التبان منه بعاذر وظبايا في لغة النبيط: عربي، وشطاناً: شيطان. ألا [ليا]: كلمة التغويث بالنبطية، وقوله: لا دهل مِل كمل، ويروى: من قَمْل، أي: من جمل. ونيفق التبان: سعته. والتبان: شبه سراويل صغيرة، تذكره العرب، وجمعه تبابين. والعاذر: الحدث، يقال: أعذر فلان، أي أحدث من الغائط. وعن ابن عباس أنه قال: التنور بكل لسان: عجمي وعربي، وعن علي أنه قال: التنور: وجه الأرض. وقال رؤبة: أعد أخطالاً له ونرمقا

باب في وجوه اللغة

باب في وجوه اللغة وفي لغة العرب: الحقيقية، والمجاز، والتكرير، والإيجاز، والكناية، والإضمار، والحذف، والاختصار، والحكاية، والاتساع، والاستعارة، والإتباع، والإشمام، والإشباع، والاشتقاق، والترخيم، والإغراء، والإدغام، والتوكيد، والأضداد، والمقلوب، والإبدال، والجُوار، والمنقول والإيهام، والمعدول، والمعاريض، والنقص، والزيادة، والتقديم، والتأخير، والإمالة، والتفخيم، والتصغير، والتعظيم، ومخاطبة الواحد بلفظ الاثنين، ومخاطبة الاثنين بلفظ الواحد، ومخاطبة الغائب بلفظ الشاهد والشاهد بلفظ الغائب، وذكر شيء بسببه، وذكر سببه به، والأمثال. وكل ذلك لاتساعها وفصاحتها، وتفهمهم لظاهر معانيها وكناياتها. وقد ذكرت من كل شيء من ذلك طرفاً مختصراً؛ كراهة الإطالة، إن شاء الله. الحقيقة الحقيقة: ما وضح لفظه وصح معناه، ولم يكن فيه لبس ولا إشكال، ولا ريب ولا محال. ومعنى الحقيقة: ما تصير إليه حقيقة الأمر ووجوبه. نقول: بلغت حقيقة هذا الأمر، أي: بلغت حقه، يعني: يقين شأنه. وفي الحديث: "لا يبلغ أحدكم حقيقة الإيمان حتى لا يعيب على مسلم بعيب هو فيه".

المجاز ومعنى المجاز: طرف القول ومأخذه. فمن المجاز قول الله، عز وجل: {اِئْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ}، هذا عبارة: لتكوينه إياهما فكانتا. وكما قال الشاعر: يشكو إلي جملي طول السرى ... يا جملي، ليس إلي المشتكى صبر جميل فكلانا مبتلى والجمل لم يشك حقيقة، ولكنه خبر عن كثرة أسفاره، وإتعابه جمله، وقضى على الجمل أنه لو كان متكلماً لشكى ما به. والسرى: سير الليل، نقول: سرى يسري سُرَى وسرياً. وكل شيء طرق ليلاً فهو سار. ومنه قوله، عز وجل: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً}. وقال امرؤ القيس: سريت بهم حتى تكل مطيهم ... وحتى الجياد ما يقدن بأرسان

وقال آخر: سرى يخبط الظلماء والليل عاكف ... حبيب بأوقات الزيارة عارف والسرى يؤنث ويذكر، قال آخر: هن الغياث إذا تهولت السرى ... وإذا توقَّد في النجاد الحزور النجاد: أرض فيها صلابة وارتفاع. والحزور: ما خشن من الحصى. ويقال: طالت سرى القوم، وطال سراهم. ونقول أسرى فلان فلاناً، ولا يقال غيره. وسرى به وأسرى به واحد. وكقول عنترة في فرسه: فازورَّ من وقع القنابلبانه ... وشكى إلي بعبرة وتحمحم لما كان ما أصابه يشتكى مثله، ويستعبر منه، جعله مشتكياً ومستعبراً. وليس هناك شكاية ولا عبرة حقيقة، ولكنه مجاز. وكذلك قوله، عز وجل: {يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلْ امْتَلاتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ}. وقوله تعالى: {تَدْعُوا مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى} هذا عبارة عن سعتها، وأنها لما كانت مصير من أدبر وتولى، فكأنها الداعية لهم.

كقول أبي النجم: مستأسداً ذبانه في غيطل ... يقلن للرائد: أعشبت انزل ولم يقل الذبان شيئاً من ذلك، ولكنه دل على نفسه بطنينه، ودل مكانه على المرعى؛ لأنه لا يجتمع إلا في عُشب، فكأنه قال للرائد: أعشبت فانزل. وكقول الآخر: ولقد هبطت الواديين فوادياً ... يدعو الأنيس بها الغضيض الأبكم والغضيض الأبكم: الذباب. يريد: أنه يطن فيدل طنينه على النبات والماء، فكأنه دعاء منه. وأما قوله تعالى: {قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ}؛ فإن هذا، على ما ذكره أبو عبيدة، مجاز الموات والحيوان الذي يشبه تقدير [فعله] بفعل الآدميين. وقال الجنابي: قال بعضهم: أنثا بمن فيهما من الخلق، فغلب المذكر المؤنث. وقال بعضهم: أجرامها مجرى الآدميين في الطواعية، كما قال تعالى: {وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا}؟ والجلود مؤنث، ولم يقل: شهدتن؛ لأنه أجراها مجرى الآدميين. ومثل هذا في اللغة والشعر موجود، يقولون: أصابنا وابلون، في [الوابل]،

وحرة وحرون. وقال الجعدي: سريت بهم والديك يدعو صباحه ... إذا ما بنو نعش دنوا فتصوبوا ولم يقل: فتصوبن. وقال عبدة بن الطبيب: إذا صوت الديك، يدعو بعض أسرته ... إلى الصباح، وهم قوم معازيل وقال الراجز: كفى بالمشرفية واعظينا ولم يقل: واعظات. وقال تعالى: {إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ}. فأجراهم مجرى الآدميين. ومثله قول الشاعر: قف بالديار فحيها بتحية ... واستحفها واستخبر استخبارا واستبحث الطلل المقيم على البلى ... عن أهله واستنطق الأحجارا أين اللواتي كن فيك قواطناً ... قد بن عنك ضحى فصرت بوارا فتكلمت تلك الديار ولم تكن ... تلك الديار تكلم الزوارا قالت: برغمي بان أهلي كلهم ... وبقيت تكسوني الرياح غبارا

فقال: تكلمت الديار وقالت، والديار لا تتكلم ولا تقول، ولكن لما كانت على الحالة التي لو كانت ممن يتكلم ويقول لقالت هذه المقالة، وخبرت بهذه الحالة، جاز أن نعبر عنها بذلك مجازاً. ومثله عن بعض الحكماء أنه قال: وقفت على المعاهد والجنان، فقلت: أيتها الجنان، أين من شق أنهارك وغرس أشجارك، وجنى ثمارك. فإن لم تُجبك حواراً أجابتك اعتباراً. ومثله قول الشاعر: سألت الدار تخبرني ... عن الأحباب ما فعلوا فقالت: بي أناخ القو ... م أياماً وقد رحلوا فقلت: من أين أطلبهم ... وأي منازل نزلوا فقالت: بالقبور هم ... لقوا، والله، ما عملوا ومثله قول الآخر: امتلأ الحوض وقال: قطني ... سلا رويداً، قد ملأت بطني والحوض لا يقول حقيقة، وإنما هذا على أنه لما كان في حالة من يكتفي بما فيه أن لو كان متكلماً لقال ذلك، أطلق عليه هذا القول مجازاً. وكذلك الديار لا تقول شيئاً، وإنما هو على هذا المعنى. ومثله قول المجنون:

أقول لرئم مر بي وهو راتع ... أأنت أخو ليلى؟ فقال: يقال وإن لم تكن ليلى غزالاً بعينها ... فقد أشبهتها ظبية وغزال فقال إن الغزال أجاب فقال: يقال. وهذا على ما تقدم ذكره. وقال عز وجل: {جِدَاراً يُرِيدُ أَنْ يَنقَضَّ}، والجدار لا إرادة له، ولكن هذا قول العرب للشيء إذا قرب من الشيء وتهيأ له. ويريد: كاد، أي قارب. وأنشد الفراء: يريد الرمح صدر أبي براء ... ويرغب عن دماء بني عقيل فجعل للرمح إرادة، ولا إرادة له. وأنشد الفراء: فلما أراد الصبح منه تنفساً ... أنخنا فعرسنا وما كدت أفعل وأنشد الفراء: إن دهراً يلف شملي بسلمى ... لزمان يهم بالإحسان وقال الراعي: في مهمه قلقت به هاماتها ... قلق الفؤوس إذا أردن نصولا ويروى: في نفنف. فالمهمه: القفر المستوى، والنفنف: ما بين أعلى الجبل إلى أسفله. وما بين كل شيئين نفنف. وقلقت: رجفت كما ترجف الفأس إذا أرادت أن تسقط من الخشبة. ونصولا: يقال: قد نصل نصولا إذا خرج. وليس للفؤوس إرادة.

وقال أبو النجم: بأن رأيت العارض المستحلبا ... باتت تناديه الجنوب والصبا العارض: السحاب، وليس ثم نداء، ولكن المعنى: كانت تستدعيه وتجمعه، فجاز ذلك. وقال ابن مقبل: كمثل هيل النقا طاف الوشاة به ... ينهار حينا وينهاه الثرى حينا وليس ثم نهي، ولكنه كأنه يمنعه، فوضع ينهاه في موضع يمنعه. والنقا: الرمل. والهيل: ما تناثر منه. وقال أبو النجم: كأن رملاً هم بالتقطع ... فهو جثاً فوق دهاس مضجع وليس ثم من الرمل هم. والدهاس: الرمل. وقال أيضاً: همت الأفعى بأن تسيحا ... وسكت المكاء أن يصيحا وليس من الأفعى هم، والمكاء: طائر. وقال الراجز: ورماد نار قد تهيأ للبلي ... وسواد منه كلون الجوزل الجوزَلُ: الفرخ، شبه سواده بسواد الفرخ أول ما يخرج ريشه.

وقال القطامي: باتت تضاحكه البروق بساطع ... كسنا الحريق ولا مع لمعانا وقال عبيد: سائلي بناحجر بن أم قطام إذ ... ظلت به السمر الذوابل تلعب وهي لا تلعب. وقال الجعدي: سألتني عن أناس هلكوا ... أكل الدهر عليهم وشرب والمعنى أنه أبادهم وأذهبهم، كما قال عبيد في لعب الذوابل. ومعنى لعبها: قتالهم وهلكهم وتشردهم. وقال ذو الرمة: وأبيض موشي القميص نصبته ... على خصر مقلات سفيه جديلها يعني الناقة. والمقلات: التي لا ولد لها. وسفيه: يقول مضطرب. والجديل: الزمام، وجعل الجديل سفيهاً ولا سفه منه، ولكنه، لما خف وأسرع وتحرك، سماه سفيهاً؛ لأن السفه خفة وطيش. ومثله قول زياد الأعجم:

سبقت يداك له بعاجل طعنة ... شهقت لمنفذها أصول جوانح. كأنها لما سالت وتبادر دمها صير ذلك سفهاً. وقال زيد الخيل: بجمع تضل البلق في حجراته ... ترى الأكم منه سجداً للحوافر. الحوافر تجعل الأكم سجداً. وقال سويد: ساجد المنخر لا يرفعه ... خاشع الطرف أصم المستمع وهذا كلام العرب. وكذلك يقولون: نبت البقل، وطالت الشجرة، وأينعت الثمار، وصاح الشجر: طال، لما تبين للناظر، ودل على نفسه، جعلوه كأنه صائح؛ لأن الصائح يدل على نفسه بصوته. ومالت النخلة، ورخص البيع وغلا. ومثل هذا كثير، يطلقون الكلام على ما لا يعقل ولا فعل له، إطلاقهم له على ما يعقل ويفعل، مجازاً واتساعاً. وكذلك يقولون: وقفت الشمس، واحمر الأفق، وأظلم الليل، وظهرت النجوم، وطلع القمر وغاب، وسقط الحائط، وسطع الغبار. قال الشاعر: إذا لم يغبر حائط في سقوطه ... فليس له بعد السقوط غبار فأضاف السقوط والغبار إليه، وهو مفعول به. قال تعالى: {فَإِذَا عَزَمَ الأَمْرُ}، وإنما يعزم عليه. وكذلك قوله تعالى:

{فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ}، وإنما يربح فيها. ومثل ذلك قولهم: ناقة تاجرة، أي تنفق نفسها، فكأنها لما كان عليها من الأعلام ما يدعو إلى نفاقها قيل لها: تاجرة. والعرب تقول: مال ينطق: إذا رأوه نطقوا عجباً به، فقالوا: سبحان الله. ومثله قول الشاعر: وأعور من نبهان، أما نهاره ... فأعمى، وأما ليله فبصير فجعل الصفة للنهار والليل. وقال آخر: أما النهار ففي قيد وسلسلة ... والليل في جوف منحوت من الساج وقال جرير: لقد لمتنا يا أم غيلان في السرى ... ونمت وما ليل المطي بنائم والليل لا ينام، وإنما ينام فيه. وقال آخر: فنام ليلي وتجلى همي وقال آخر:

نهارهم ظمآن أعمى وليلهم ... وإن كان بدراً ظلمة ابن جمير أي يظمؤون فيه. قال الطرماح: وأخو الهموم إذا الهموم تحضرت، ... جنح الظلام، وساده لا يرقد كأنه قال: لا يرقد هو على وساده، ولا يُرقده وساده. وقال الله، عز وجل: {بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ}، وهما لا يمكران، ولكن المكر فيهما. وقرأ ابن مسعود: {بَلْ مَكَروا اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ}، أي مكر بعضهم على بعض فيه. وقال تعالى: {وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ}. وإنما كُذِب به. وقال [كلثوم بن عمرو العتابي]: يا ليلة لي بحوارين ساهرة ... حتى تكلم في الصبح العصافير فقال: ساهرة، والليلة لا تسهر، وإنما يسهر فيها. وكذلك المائدة، هي في لفظ إلى فاعلة، والفاعل غيرها، إنما ميد بها أهلها، وهذا من السبب الذي حولت صفته إلى شيء من سببه، كقوله تعالى: {فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ} وإنما يرضى بها أهلها. والعرب تقول: تضعضع البناء وخشع، وردى الطلل والربع لفقد فلان، ولبكاي

على فلان، وبكت الناقة من بكاي. وقال الشاعر: لما أتى خبر الزبير تضعضعت ... سور المدينة والجبال الخشع وقال: بكى حارث الجولان من هُلك ربه ... وحوران منه خاشع متضائل وحوران والجولان: جبلان. وقال آخر: وقفت بها القلوص ففاض دمعي ... فما ملكت مدامعها القلوص وقال آخر: وعرفت من شرفات مسجدها ... حجرين طال عليهما العُصُر وقال ابن أحمر: بكيا الخلاء، فقلت، إذ بكيا: ... ما بعد مثل بكاكما صبر فقال: حجرين بكيا. وقال آخر: سبحان من سبحت طير الفلاة له ... والريح والرعد والأنعام والكفر فالكفر: مواضع في الجبال، وهذا كله لا يعقل التسبيح. ومثله قولهم: الشمس أرحم بنا في الشتاء من القمر، فجعلوا لها رحمة وهي لا تعقل. وقد جاء عن النبي، صلى الله عليه: "الإيمان قيدُ الفتكِ". وعلم أنه ليس هناك

قيد، ولكنه جعل منع الإيمان إياه تقييداً له. وقوله، صلى الله عليه، في أهل الإسلام وأهل الشرك: "لا تراءى نارهما". وروي أنه، صلى الله عليه، أقبل من سفر، فلما رأى أحداً قال: "هذا جبل يحبنا ونحبه"، والجبل لا محبة له. ويقولون: منزلي ينظر إلى منزل فلان، ودورنا تناظر. ويقولون: إذا أخذت في طريق كذا فنظر إليك الجبل، فخذ يميناً عنه. وإذا كنت بمكان كذا، حيث ينظر إليك الجبل، فخذ عن يسارك [أو] عن يمينك. قال: ......... ... وكما ترى شيخ الجبال ثبيرا وشيخ الجبال: يعني أبا قبيس. وتقول العرب: هذه الجبال تتناظر، إذا كان بعضها قبالة بعض، وإذا كان الجبل من صاحبه بالمكان الذي لو كان إنسان رآه، جاز ذلك. وعلى هذا المثل قال النَّبي، صلى الله عليه، في نار المشركين [والمسلمين]: "لا تراءى ناراهما". [ومع قول الشاعر]: لا تراءى قبورهما وقال الشاعر: سل الدار من جنبي حبر فواهب ... بحيث يرى هضب القليب المضيح

وتقول العرب: نزل الغيث وارتفع، وزكت السماء، وضحكت الأرض، وفاض الماء وغاض، وآل الشيء وآض. قال الشاعر: إن السماء إذا لم تبك مقلتها ... لم تضحك الأرض في شيء من الخضر ويقولون: هذا شجر واعد، إذا نور، كأنه لما نوَّر وعد أنه يثمر. ونبات واعد، إذا أقبل بماء ونضر. ويقولون: سمع الأرض وبصرها، والأرض لا سمع لها ولا بصر. ويجعلون للفعل قولاً، ويقولون: قال برأسه، وقال بيده، إذا حرك رأسه وأومأ بيده، ولم يقل شيئاً. ويقولون: قال الحائط فمال، وقل برأسك [إلي]، أي أمله. وقالت الناقة، وقال البعير. ولا يقال في هذا المعنى: تكلم. كما قال أبو النجم: قد قالت الأنساع للبطن الحق ... قدماً، فآضت كالفنيق المحنق الأنساع: السيور. والفنيق: الجمل، وليس ثم قول، إنما المعنى: لحق البطن بالظهر. وقال الأعشى: ويقسم أمر الناس يوماً وليلة ... وهم ساكتون والمنية تنطق

وهذا في الأشعار الشاهرة، والأمثال السائرة أكثر من أن يحصى. التكرير والتكرير من مذاهب العرب، كما أن من مذاهبهم الاختصار. قال الله تعالى: {كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ، ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ}، و {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً، إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً}، و {أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى، ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى}. وعن ابن عباس أن النبي، صلى الله عليه، أخذ بيد أبي جهل بن هشام، فهزه مرة أو مرتين، ثم قال له: "أولى لك فأولى، ثم أولى لك فأولى"، قال: فأوعده، صلى الله عليه، مرة بعد مرة، ثم نزلت الآية بعد ذلك على ما أوعد النبي، صلى الله عليه، أبا جهل، وهو وعيد بعد وعيد. والعرب تقول للرجل إذا قارب العطب: أولى لك، أي كدت تذهب، وفيه تهدد لمن يعقل. وقال قوم: أولى لك: أي وليك المكروه. والعرب تقول ذلك إذا دعت عليه بالمكروه. والعرب تكرر في الصفات، قال الله، عز وجل: {وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً}. وقرأ ابن مسعود: {وللظّالمين أعَدّلهم} فكرر الكلام في الظالمين ولهم. وأنشد الفراء:

فأصبحن لا يسألنه عن بما به ... أصعد في غاوي الثرى أم تصوّبا فكرر الباء مرتين. وقال عمرو بن ملقط: ألفيتا عيناك عند اللقاء ... أولى فأولى لك ذا واقيه ألفيتا، معناه: وجدتا، كأنه يقول من الخوف: ذا واقيه كأنه قال: يا ذا بواقيه. ومثله: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ، ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ}. [وكذلك]: {فَغَشَّاهَا مَا غَشَّى}. ولو لم يقل: {مَا غَشّى} لكان ذلك المعنى. وكذلك: {فَغَشِيَهُمْ مِنْ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ}. وكذلك: {فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى}. وكذلك قولهم: المال بين زيد [وبين] عمرو، فكرَّر البيْنَ مرتين. قال عدي بن زيد: وجعل الشمس مصراً لا خَفَاءَ به ... بين النهار وبين الليل قد فصلا

يعني: حاجزاً. وقال آخر: بين الأشج وبين قيس باذخ ... بخ بخ لوالده وللمولود ومثله: جاد مجد. وقالوا: جد في الأرض وأجد. وقال الشاعر: ............... ... حطامة الصلب حطوماً محطماً فكرر معنى واحداً. ولو قلت: هذا شارب شروب، أو ضارب ضروب، لمن كثر شربه وضربه، كان أسهل من أن تقول: ضارب ضارِب؛ لاختلاف المعنى واللفظ؛ لأن ضارباً، لمن كان منه ضرب مرة واحدة، وضروب وشروب لمن كان كثر ضربه وشربه. ويقول الرجل للرجل: اعجِل اعْجِل، وللرامي: ارمِ ارْمِ. قال الشاعر: كم نعمة كانت لكم كَمْ كم وكم وقال آخر: وكم نعمة أودى وكم غبطة طوى ... وكم سيد أهوى وكم غزوة قضم وكم هدَّ من طود منيف ... وكم فض من قصر مشيد وكم وكم وقال الراجز:

هلا سألت جموع كنـ ... دة يوم ولوا: أين أينا؟ وقال عوف بن الخرع: وكادت فزارة تشقى بنا ... فأولى فزارة أولى فزارا وقالت الخنساء: هضمت بنفسي كل الهموم ... فأولى لنفسي أولى لها ومثله قوله: عز وجل: {اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ} ثم قال: {وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ}. وإنما تقع من في كلامهم للآدميين. ثم قال: {وَكَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ}، وهم مَنْ مَن. وهذا التكرير كقوله تعالى: {فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ} وهما من الفاكهة. وقوله، عز وجل: {يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ} يجوز أن يكون أراد جبريل، وهو من الملائكة، عليهم السلام، فكرر. فأما تكرير المعنى بلفظين مختلفين فلاتساع المعنى والإشباع في اللفظ، وذلك كقول القائل: آمرك بالوفاء، وأنهاك عن الغدر. والأمر بالوفاء هو النهي عن الغدر.

وآمركم بالتواصل [وأنهاكم عن التقاطع. والأمر] بالتواصل هو النهي عن التقاطع. وقال الله، عز وجل: {نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ}، والنجوى هو السر. وقال تعالى: {وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ}. ويقولون: من قبل ذاك ومن قبل. قال: إذا أنا لم أوْمَنْ عليك، ولم يكن ... كلامك إلا من وراء وَراء فكرر وراء مرتين. وقال آخر: ترمي بها من فوق فوق وماؤه ... من تحت تحت سريه يتغلغل وقال ذو الرمة: لمياء في شفتيها حوة لعس ... وفي اللثاث، وفي أنيابها شنب واللعس: حوة، فكرر لما اختلف اللفظان. ومثله قول كعب بن سعد الغنوي: أخي، ما أخي، لا فاحش عند بيته ... ولا ورع عند اللقاء هيوب

والورع هو الهيوب، فلما اختلف اللفظان حسن التكرير. وقال تعالى: {وَلا تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ}. والعيث هو الفساد. وقولهم: لا تجر عليه ولا تظلمه. والجور هو الظلم. وقال الشاعر: ألا حبذا هند وأرض بها هند ... وهند أتى من دونها النأي والبعد والنأي هو البعد. ومثله كثير. الإيجاز والإيجاز: هو الاختصار، وقولهم: كلام موجز وخطبة موجزة، يراد به الاختصار. والإيجاز في الكلام: هو ضد العي فيه والإكثار. وقال معاوية بن أبي سفيان لصحار العبدي: ما الإيجاز؟ قال: أن تجيب فلا تبطئ، وتقول فلا تخطئ. فقال معاوية: أو كذلك تقول؟ قال صحار: أقلني يا أمير المؤمنين، لا تخطئ ولا تبطئ. وتكلم رجل بحضرة بعض العرب، فجعل يردد كلامه، ثم سأل العربي فقال: ما الفصاحة عندكم؟ قال: الإيجاز فقال: ما العي؟ فقال: ما أنت فيه منذ اليوم. ويقال: كلام وجزٌ وواجز ووجيز. وقد وجَزَ الرجل وأوجز، ووجزَ الكلام وأوجزه، وأمرٌ وجيز موجز، وقد أوجزته إيجازاً، أي اختصرته.

الكناية الكناية أنواع، ولها مواضع، فمنها: أن يكنى عن اسم الرجل بالأبوة ليزيد في الدلالة والتعظيم له. وذهب هؤلاء إلى أن الكنية كذب، ما لم يكن الولد مسمى بالاسم الذي كني به عن الأب، وتقع للرجل بعد الولادة. وقالوا: إن كانت الكنية للتعظيم، فما باله كنى أبا لهب وهو عدوه، وسمى محمداً، صلى الله عليه، وهو وليه ونبيه؟ والجواب عن هذا: أن العرب ربما كانت تجعل اسم الرجل كنيته، وكانت الكنية والاسم واحداً. وربما كان للرجل الاسم والكنية، فتغلب الكنية على الاسم، فلا يعرف إلا بها، كأبي سفيان، وابي طالب، وأبي ذر، وأبي هريرة. ولذلك كانوا يكتبون: علي بن أبو طالب، ومعاوية بن أبو سفيان؛ لأن الكنية بكمالها صارت اسماً واحداً، وحظ كل حرف الرفع ما لم ينصبه أو يجره حرف من الأدوات أو الأفعال؛ فكأنه حين كني قيل: أبو طالب. وقد روي أن علي بن أبي طالب كان إذا شهد في كتاب [كتب]: شهد علي ابن أبو طالب، يجعله اسماً. وقد روي أن اسم أبي لهب عبد العزَّى، فإن كان هذا صحيحاً فكيف يذكره رسول الله بهذا الاسم وفيه معنى الشرك والكذب؟

والكناية مثل قوله، عز وجل: {هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ}، فكنى عن المعنى. وعن ابن باس في قوله تعالى: {أَوْ لامَسْتُمْ النِّسَاءَ}. أن الملامسة هي الجماع، ولكن الله يكني ويعف. وقوله تعالى: {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ الْغَائِطِ} فذكر الموضع، وكنى عن السبب الذي يكون فيه. وكذلك: العذرة، هي فناء الدار، وسميت الأنجاس التي تلقى بفناء الدور باسم المكان. وكذلك: النجوة، مأخوذ اسمها من المكان الذي يذهب إليه الإنسان، وهو المكان المرتفع، تسميه العرب نجوة. هذا ومثله مما يذكر الشيء ويراد به غيره ويكنى عن ذكره، هو كناية. وقال بشار: يا قرة العين، إني لا أسميك ... أكني بسلمى أسميها وأعنيك ويروى: "أكني بأخرى". فهذا أيضاً من الكناية عن الشيء بذكر غيره. والعرب تكني عن الشيء ثم تظهره لتبين عنه. وقال مالك بن أبي كعب:

لعَمْرُ أبيها لا تقول ظعينتي ... ألا قرعني مالك بن أبي كعب كنى عنها ثم أظهرها ليعلم. والعرب تقول: أخي وأخوك أينا أبطش، يريدون: أنا وأنت نصطرع، فننظر أينا أشد، فتكني عن بطشه بأخيه؛ لأن أخاه كنفسه. قال ...... أخي وأخوك ببطن النسيـ ... ر ليس به من معد عريب فكنى عن نفسه بأخيه. وقد حصل شيء من هذا الباب في باب التعريض. الضمير والإضمار كقوله، عز وجل: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} يعني: تزويج أمهاتكم، فأضمر تزويج. ومثله: {فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ}، يعني: على زنائهن، فأضمر الزنا. ومثله: {اخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً} يعني: من قومه. ومثله: {مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ}، يعني الأرض. وكذلك قولهم: ما عليها أعلم من فلان، يعني الأرض.

ومثله قوله، عز وجل: {حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ}، يعني الشمس. ومثله قوله تعالى: {وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمْ الْعِجْلَ}، أي أشربوا في قلوبهم حب العجل فأضمر. ومثله: {وَاسْأَلْ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا}، مجازه: سل أهل القرية ومن في العير. قال امرؤ القيس: فأقسم لو شيء أتانا رسوله ... سواك، ولكن لم نجد لك مدفعا معناه: لو شيء أتانا رسوله سواك لرددناه، فأضمر لعلم المخاطب بما أراد. وهو كقولك: لو زرتني. معناه: لسررتني، فيضمر لسررتني لفهم المخاطب بما يريد وأنشد: وأنت صاحبها المذكور قد علمت ... ذاك العمائم يوم الخندق السود يريد: أصحاب العمائم السود فأضمر.

وقال آخر: تحسبه خزاً تحته وقزَّا ... وفرشاً محشوة إوزا يريد: ريش إوز فأضمر. والإوز: طائر. قال النابغة: كأنك من جمال بني أقيش ... يقعقع خلف رجليه بشن يريد: كأنك جمل من جمال، فأضمر. وأقيش: حي من الجن. قال الأسدي: كذبتم، وبيت الله، لا تنكحونها ... بني شاب قرناها تصر وتحلب أضمر التي شاب قرناها. ومثله قول جرير: تعدون عقر النيب أفضل مجدكم ... بني ضوطرى لولا الكمي المقنَّعا ضوطرى: غليظ سمين كثير اللحم. يقول: هلا تعدون الكمي، فأضمر تعدون. والعرب تضمر الشيء وإن لم يجر له ذكر. قيل: إذا كان معلوماً معناه كما قال القطامي:

قرم إذا ابتدر الرجال عظيمة ... بدرت إليه يمينه الأيمانا لما كان في قوله: عظيمة، أمر عظيم، رُدَّ إليه على المعنى. وكما قال حميد بن ثور: وصهباء منها كالسفينة، نضجت ... به الحمل، حتى زاد شهراً عديدها صهباء: ناقة بيضاء تضرب إلى الحمرة، وهو من علامات الكرم. نضجت: أتمت الحمل وزادت على أيامها، وهو أكرم للولد. وقوله: منها، من الإبل، ولم يجر للإبل ذكر. وبه: بالولد، أضمره. ولم يجر له ذكر لما وصف الحمل؛ لأنه معروف. وقال الفراء: إنما يحسن الإضمار في الكلام الذي يجتمع ويدل بعضه على بعض كقولهم: كسب فلان المال فبنى الدور والعبيد واللباس: اتخذ ذلك؛ لأن البناء لا يقع على العبيد واللباس، ولكنه من صفة اليسار. وأنشد المفضل: ولقد رأيتك لا تنا ... ل لأكلة ماء وخبزا وأنشد الفراء لبعض بني أسد يصف فرسه: علفتها تبناً وماء بارداً ... حتى شتت همالةً عيناها أي من سوء الحال. ويقولون: ما أدري أغيَّره الدَّهر أم مال أصاب. ولا يجوز النصب في المال؛ لأن ما

قبله مرفوع، والهاء مضمرة؛ كأنه قال: أم أصابه مال. قال الشاعر: فما أدري أغيَّرهم تناء ... وبُعد الدار، أم مال أصابوا؟ أراد: أصابوه، فأضمر الهاء. وأنشد هو وغيره: ورأيت زوجك في الوغى ... متقلداً سيفاً ورمحا ومثله: {وَمَا مِنَّا إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ} أي: إلا من له مقام معلوم. ومثله: {إِلاَّ إِنَّهُمْ لَيَاكُلُونَ الطَّعَامَ}، أي: إلا إنهم "من"، فأضمر من. وإنما جاز ذلك؛ لأن "من" بعض للشيء الذي هي منه فاستغنى [عن] مَنْ لذلك. قال ذو الرمة: تولَّوا فمنهم دمعه سابق له ... وآخر يذري عبرة العين بالمهل والماء لا يعلف، ولكنه من صفة الغذاء. والرمح لا يتقلَّد، ولكنه من صفة السلاح.

وقال حاتم: أماوي، ما يغني الثراء عن الفتى ... إذا حشرجت يوماً وضاق بها الصدر يريد: النفس، فأضمر. ومثله قول الآخر: لقد عَلِمَ الضيف والمرملون ... إذا اغبر أفق وهبَّت شمالا كأنه قال: وهبّت الريح شمالاً، فأضمر الريح. والمرْمِلُ: الذي نفد زاده. والعرب قد تستعمل الإضمار كثيراً كما قال عز وجل: {فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا} إنماهو على إضمار: احذروا ناقة الله. وقال بعضهم: على معنى: اتقوا ناقة الله. وقال بعضهم: على معنى: لا تعقروا ناقة الله. ومثله: قوله تعالى: {وَلَوْ تَرَى إِذْ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُوا رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا} على إضمار: يقولون يا ربنا. وقوله تعالى: {وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ، سَلامٌ عَلَيْكُمْ}، على إضمار: يقولون سلام عليكم. وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى}، على إضمار: قالوا ما نعبدهم.

والعرب تُضمر "رُبَّ" في أشعارها كثيراً، وتضمرُ "قَدْ" في الأيمان. يقولون: والله لجئت، أي: لقد جئت. قال امرؤ القيس: حلفت لها بالله حَلْفَة فاجر ... لناموا، فما إن من حديث ولا صال يريد: لقد ناموا. وصال: في موضع مصطل، يقال: صلى واصطلى بمعنى. قال الله، عز وجل: {كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنتُمْ أَمْوَاتاً} المعنى: وقد كنتم. ومثله: {وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ}، المعنى: فقد كذبت. ومثله: {حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ} يريد: والله أعلم قد حصرت. ولولا إضمار قد لم يجز مثله في الكلام. وقولك للرجل: أصبحت كثُرَ مالك. يريد: قد كثُر مالك، ولا يجوز إلا بإضمار قد. ويُضمر جواب لما، كما قال امرؤ القيس: فلما أجزنا ساحة الحي وانتحى ... [بنا بطن واد ذي نعاف عقنقل] البيت جوابه مضمر، معناه: فلما أجزنا ساحة الحي وانتحى بنا، خلونا. ولولا هذا الإضمار لكان الكلام مُحالاً.

وتُضمر الجحد مع كاف التشبيه إذا أرادته لكثرة استعمالهم لذلك؛ فيقولون: عمرو فارساً، وكاليوم رجلاً، أي ما رأيت كذلك. ومنه قول ابن أحمر: كالكلب والكلَّاب قال له: ... كاليوم مظلوماً ولا ظُلِما أراد: لم أر كاليوم، فأضمر لم أر. الحذف الحذف حذفان: حذف بعض الكلام، وحذف بعض الحروف؛ إيجازاً واستغناء بما بقي منه عما حذف. وهو في كلامهم وأشعارهم كثير إذا كان فيما ألقوا دليل على ما ألقوا. قال الله، عز وجل: {أَلاَّ يَسْجُدُوا لِلَّهِ}، أي: ألا يا هؤلاء اسجدوا، فحذف هؤلاء، وأبقى يا. قال المرقِّش: ألا يا اسلمي يا هند، هند [بني بدر] ... وإن كان حيانا عدى آخر الدهر

وقال آخر: ألا يا اسلمي لا صرم في النوم فاطما ... ولا أبداً ما دام وصلك دائما وأنشد أبو العباس: ألا يا اسلمي قبل الفراق ظعينا ... تحية من أمسى إليك حزينا تحية من لا قاطع حبل واصل ... ولا صارم قبل الفراق قرينا قال العجاج: يا دار سلمى يا اسلمي ثم اسلمي ... بسمسم، أو عن يمين سَمْسَمِ وقال ذو الرمة: ألا يا اسلمي يا دار مَيَّ على البِلَى ... ولا زال منهلاً بجرعائك القطر وقال الكُميت: ألا يا اسلمي يا ترب أسماء من تِرْبِ ... ألا يا اسلَمي، حييت عني وعن صحبي أرادوا في جميع هذه الأبيات: ألا يا هذه، فحذفوا "ألا هذه" وتركوا "يا". وقال آخر: يا لعنة الله والأقوام كلهم ... والصالحين على سمعان من جار

أراد: يا هؤلاء، فحذف هؤلاء. وأنشد الفراء: وقالت: ألا يا اسمع نعِظك بخطة ... فقلت: سمعنا فانطقي وأصيبي أراد: وقالت يا هذا اسمع، فحذف هذا. وأنشد الفراء أيضاً: يا قاتل الله صبياناً تجيء بهم ... أم الصبيين من زند لها واري أراد: يا هؤلاء، قاتل الله. وقال أبو نخيلة: أمسلم يا اسمع، يا ابن كل خليفة ... ويا سائس الدنيا ويا جبل الأرض أراد: يا هذا اسمع، فحذف هذا. وقال الله، عز وجل: {أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ}؟ ومثله: {مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ} يريد: كلّمه الله. ومثله: {لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ}، تقديره: ما تعبدونه، فحذف الهاء. والعرب، إذا

طال عليها الاسم بالصفة، حذفوا الهاء. قال الشاعر: ذريني، إنما خطئي ولومي ... علي، وأن ما أهلكت مال أي: إن ما أهلكته هو مال. قال قيس بن ذريح: وفي عروة العذري، إن مت أسوة ... وعمرو بن عجلان الذي قتلت هند يريد: الذي قتلته هند، فحذف الهاء. وقال الله، عز وجل: {أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَى، وَوَجَدَكَ ضَالاًّ فَهَدَى، وَوَجَدَكَ عَائِلاً فَأَغْنَى}. قيل، والله أعلم: فآواك، وفهَدَاك، وفأغْناك، فحذف الكاف. والعرب إذا حذفوا مرفوعاً، رفعوا ما بعده عِوَضاً منه، وغن حذفوا منصوباً نصبوا. قال الله عز وجل: {حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ}، أي: مَلَكُ الموت. فلما حُذف الملَك ارتفع الموت؛ ألا ترى إلى قوله تعالى: {قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ}. وقال عز وجل: {وَاسْأَلْ الْقَرْيَةَ}، إنما: واسأل أهل القرية، فحذف الأهل، فانتصبت القرية. وكذلك: {لا تُكَلَّفُ إِلاَّ نَفْسَكَ}، أي: لا تكلَّف إلا طاقة نفسِك،

فحذف الطاقة وانتصبت النفس. وأكثر العرب يحذفون الياء في النداء، إذا أضافوه إلى أنفسهم، قال الله تعالى: {يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ} يريد: يا قومي. ومثله: {رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ}. و {رَبِّ احكُمْ بالحقِّ}، فحذف [الياء]. ومثله كثير. ومنهم من ثبَّتها، ومنهم من يحذف، [والحذف] أكثر. والعرب تحذف الألف من آخر الكلمة، إذا كان في أولها حرف من حروف الجر مثل: لم، وعمَّ ومِمَّ، وفيم، وبم. والأصل في ذلك الألف: لِمَا، وعمّا، ومما، وفيما، وبما. فلما صار في أوائلها حروف الخفض حذف الألف منها. قال الله تعالى: {فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ}؟ و {لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ}، و {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ}؟ و {مِمَّ خُلِقَ} و {فِيمَ كُنتُمْ}؟ و {فَبِمَ تُبَشِّرُونَ}؟. وكذلك: غلام، وحتّام، وعَلام، يريدون: إلى متى، وحتى متى، وعلى ما. ومن العرب من يجعل مكان الألف هاء في الوقف. يقولون: لِمَهْ، وعَمَّهْ، ومِمَّهْ، وفِيمَه، وبِمَه.

والعرب تحذف الفاء من الجواب. قال الله تعالى: {قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ، قَالُوا}، والجواب: فقالوا، فحذف الفاء استغناء، فاكتفى بالمعنى؛ لأنه يحسن الوقف على ما قبله، ألا ترى أنك تقول: ماذا قال لك؟ فتقول: كذا وكذا. والعرب تحذف النون المضافة؛ لأنهم يستثقلونها. قال الله تعالى: {أَنَّهُمْ مُلاقُو رَبِّهِمْ}، والأصل: ملاقون، فحذف النون. ومثله: {إِنَّا كَاشِفُوا الْعَذَابِ} و {إِنَّا مُرْسِلُو النَّاقَةِ} و {إِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ}. والأصل في كل هذا النون؛ لأنه جمع، إلا أنهم يستثقلون النون فيحذفونها، فصير الكلام مضافاً. ويقولون: هؤلاء مسلمو البلاد وصالحوها، وهذه عِشرو زيد، وإحدى عشري زيد. وهذه عشروك، وثلاثوك، وإحدى عشريك، وثلاثيك. وقد يحذفون إحدى النونين من الكلمة. قال الله تعالى: {قُلْ أَتُحَاجُّونَنَا فِي اللَّهِ} وقرئ: {أتُحاجُّونَا} بنون واحدة. قال الشاعر: تراه كالثغام يُعَلُّ مِسْكاً ... يسوء الفاليات إذا فليني يريد: فلينني. والعرب تحذف الألف من المؤنث. يقولون: جاريتك زنيه، بفتح الهاء وحذف

الألف. وقرئ: {وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ} بفتح النون والهاء، أراد: ابنها، فحذف الألف وهي لغة للعرب. وقرأ بعضهم ابنها بإثبات الألف، وهي قراءة شاذة. وتقول العرب: تعلقت الخطام، أي تعلقت بالخطام. وقال: تعلقت هنداً ناشئاً ذات مئزر ... وأنت، وقد قارفت لم تدر ما الحُلم أراد: تعلقت بهند. وقال المجنون: تعلقت ليلى وهي ذات موصَّد ... ولم يبد للأتراب من ثديها حجم وأنشد الفراء: نغالي اللحم للأضياف نيئاً ... ونرخصه إذا نضج القدور أراد: نغالي باللحم، فحذف الباء. وقال الله، عز وجل: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} أي: وقت الحجِّ. وقال الله تعالى: {وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ}، أي: إذا كالوا لهم، فحذف اللام. وأنشد الفراء:

إذا قالت حذام فأنصتوها ... فإن القول ما قالت حذام ومثله قوله عز وجل: {بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا}، وإنما هو: بدلنا لهم. [ومثله قوله تعالى]: {عَسَى رَبُّنَا أَنْ يُبْدِلَنَا}، أي: يُبْدِل لنا. وأنشد الفراء: إن كنت أزمعت الفراق فإنما ... زُمَّت ركائبكم بليل مظلم أراد: أزمعت على الفراق، فحذف على. وأنشد الفراء: وأيقنت التفرق يوم قالوا: ... تقسم مال أربد بالسهام أراد: بالتفرق، فحذف الباء. وأنشد ابن الجراح: لقد طرقت حيال الحي ليلى ... فأبعد دار مرتحل مزارا أراد: فأبعد بدار، فحذف الباء. والعرب تقول في جواب كيف أنت؟: خير، عافاك الله؛ يريدون: بخير، فيحذفون الباء. ويقولون: والله أفعل ذاك، يريدون: لا أفعل ذاك. ويقولون: أتانا فلان مغيب الشمس، أي حين كادت تغيب. قال ذو الرمة:

فلما لبسن الليل [أو] حين نصبت ... له من خذا آذانها وهو جانح أراد: أو حين أقبل الليل. وكذلك يحذفون من الكلمة الحرف والشطر والأكثر، ويبقون البعض والشطر والحرف يوحون به؛ فيقولون: لم يك، فيحذفون النون مع حذفهم الواو لاجتماع الساكنين. ويقولون: لم أُبَلْ، يريدون: لم أُبَالِ. ويقولون: ولاك افعل كذا، يريدون: ولكن. قال الشاعر: فلست بآتيه ولا أستطيعه ... ولاك اسقني إن كان ماؤك ذا فضل والعرب تجترئ بإظهار ما تظهر في أول الكلام عما ينبغي أن يظهر بعده مع شئت وأردت، فيقولون: خذ ما شئت. معناه: أن تأخذ، وكن مع من شئت، أي: أن تكون معه؛ فتترك ذلك لأن المعنى معروف. ومنه: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ}. ومثله: {فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ}. المعنى، والله أعلم: في أي صورة ما شاء أن يركِّبك فيها. والعرب تحذف ألف "يا" من الكتاب؛ من ذلك: يكتبون {يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ}: يقوم، بحذف الألف. وإنما جاز حذف الألف من "يا"؛ لأن "يا" يُدْعَى بها

الأشياء، ولا يُدعى بها الأفعال، فحذفوا الألف لكثرة الاستعمال. وحكى الفراء عن العرب: ألا يا ارحموا، ألا يا تصدقوا علينا، بمعنى: ألا يا هؤلاء، افعلوا هذا. ويقولون: سترى، يريدون: سوف ترى، فحذفوا الواو والفاء. وكذلك: سيكون وسيفعل، أي: سوف يكون وسوف يفعل. ويقولون: بينا، يريدون: بينما. ويقولون: المنا، يريدون: المنازل. قال لبيد: درس المنا بمتالع فأبان ................ يريد: المنازل فحذف. وقال [الطرماح]: تتقي الشمس بمدرية ... كالحماليج بأيدي التلام المرية: القرون ها هنا والحماليج: منافيخ الصاغة، شبَّه قرونها بها إذا نفخ فيها. والحملجة: شدة الطي. والتلام؛ أراد: التلاميذ، يعني غلمان الصاغة، فحذف.

وقال أبو دؤاد: ............ فكأنما تذْكي سنابكها الحُبا أراد: الحباحب، فحذف. وقال آخر: أناس ينال الماء قبل شفاههم ... لهم واردات الغرض شم الأرانب أراد: الغرضوف، فحذف. وقال آخر: في لجة، أمسك فلاناً عن فُلِ أراد: عن فُلان، فحذف. وقال آخر: قواطناً مكة من وُرق الحمي أراد: الحمام، فحذف. وقال جرير: أبحت حِمى تهامة بعد نَجد ... وما شيء حميت بمستباح

أراد: حميته، فحذف الهاء. وقال الأعشى: إن محلاَّ وإن مرتحلاً ... وإن في السفر ما مضى م هلا أراد: [إن] لنا محلاً وإن لنا مرتحلاً، فحذف لنا لِعِلْم المخاطب بما يعني. ويقولون: زيداً لقيت، ورجل لقيت. وقال: فيوم لنا، ويم علينا ... ويوم نساء، ويوم نُسر أراد: نساء فيه، ونُسَرَّ فيه. وقال آخر: وخالد يحمد أصحابه ... بالحق ولا يحمد بالباطل أراد: يحمده، فأضمر الهاء. والعرب قد تبتدئ بكلام ثم تحذف خبره، استغناء عنه؛ لعلم المخاطب به. قال، عز وجل: {وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ} الآية. ثم قال، عز وجل: {بَلْ لِلَّهِ الأَمْرُ جَمِيعاً} مجازه: لو سيرت به الجبال لسارت، أو قطعت به الأرض لتقطعت، أو كُلِّم به الموتى لنُشرت.

ومثله: {فَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ} الآية. ومثله، مما تُرِك بغير خبر، قوله تعالى: {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً} إلى قوله: {وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ}. ومثله: {أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ} إلى قوله: {مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ}. ومثله: {أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنْتَ تُنقِذُ مَنْ فِي النَّارِ}. ومثله: {أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً}. ثم قال: {فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ}. ومثله: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} إلى قوله: والبَادِ}. ومثله: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ اتَّقُوا مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}. ثم قال: {وَمَا تَاتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلاَّ كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ}. ومثله: {حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا} الآية. والمعنى: أن القوم كلِّموا بلغتهم، وبما يعقلون، فجاز ذلك عندهم؛ لأنك إذا قلت: لولا فلان، ثم سكت، علِم المستمع أنك تريد: لولا فلان لفعلت كذا. وكذا لو قلت: لولا حرمتك وصحبتك، ثم سكت.

ومثله قولك للرجل: إن رأيت أن تقوم معنا، أي: فافعل، فيحذف الجواب. ومثله في الشعر قول امرئ القيس: وجدِّك لو شيء أتانا رسوله ... سواك، ولكن لم نجد لك مدفعا ثم قال: فبتنا نصد الوحش عنا كأننا ... قتيلان، لم يعلم لنا الناس مصرعا كأنه قال: لو أتانا سواك لرددناه، ولم نقض حاجته. وقال آخر: فلو مارسوه ساعة إنَّ قِرْنه ... إذا خام أخدان الإماء يطيح فترك الخبر، كأنه قال: لعرفوه. وقال [عبد مناف بن ربع] الهذلي: حتى إذا أسلكوهم في قتائدة ... شلاً، كما تطرد الجمالة الشردا هو آخر القصيدة، فتركها بلا خبر. وقال: حتى إذا بلغ العناء أنوفها ... ونفت بدرة صائك متفجر الصائك: الدم. وليس بعد هذا البيت شيء.

وقال آخر: حتى إذا دجا الظلام المختلط ... جاؤوا بصبح هل رأيت الذيب قط؟ كأنه قال: مثل لون الذئب، فترك الخبر. وقال أبو ذؤيب: فما إن وجد معولة رقوب ... بواحدها، إذا يغزو تضيف تنفض مهده وتذود عنه ... وما تغني التمائم والعكوف الرقوب من الأرامل والشيوخ: الذي لا ولد له، ولا يستطيع كسب نفسه. ويقال: الذي لا يقدم من ولده شيئاً. وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: "الرَّقوب الذي لا فرط له". وأصل الرقوب: الذي لا يبقى له ولد. وقوله: تضيف: تعدل، يقال: ضاف الطريق، إذا عدل. والتمائم: العوذ، الواحدة تميمة. قال النمر بن تولب: فإن المنية من يخشها ... فسوف تصادفه أينما ثم قال: وإن تتخطاه أسبابها ... فإن قصاراه أن يهرما

وقال آخر: أمسلمتي للموت أنت فميت ... وهل للنفوس المسلمات بقاء؟ أراد: فميت أنا، فحذف أنا؛ لأن معناه في الكلام مفهوم. وقال عمرو بن معدي: إذا قلت سيروا نحو ليلى لعلها ... جرى دون ليلى مائل القرن أعضب فقال: لعلها، ولم يجيء بخبر. وقال أبو دؤاد: ومن له بالطعن والضراب ... يلمع في كفي كالشهاب كأنه قال: من له حاجة في سيف يلمع. ثم قال: إن من شيمتي لبذل تلادي ... دون عرضي، فإن رضيت فكوني وقال: أو تأتَّي لرحلة واحتمال ... لنوى غربة ودار شطون فقال: إن رضيت فكوني، فترك الخبر، كأنه قال: كوني كما أنت، أو كوني معي.

وقال آخر: أتوني فقالوا: يا جميل تبدلت ... بثينة أبدالاً، فقلت: لعلها وقال آخر: ألا يا عين بكي لي شنينا ... وبكّي لي الملوك الذاهبينا فلو في غير معركة أصيبوا ... ولكن في ديار بني مرينا أراد: فلو في معركة أصيبوا لكان كذا، فحذف الجواب. ومثله: وكنت لزاز خصمك لم أعرِّد ... وقد سلكوك في يوم عصيب وقالوا في كلامهم: هل أنتما فتقيداها؟ المعنى: هل أنتما قائمان فتقيداها؟ وقال الله، عز وجل: {وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمْ الْحَرَّ}، [معناه: تقيكم الحر] والبرد، فاكتفى بالحر من البرد. ومثله: {إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى}، معناه: الهدى والإضلال، فاكتفى بالهدى من الإضلال فحذفه. ومثله: {وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى}، معناه: فهَدَى وأضل، فحذف.

وقول الشاعر: وما أدري إذا يممت وجهها ... أريد الخير أيهما يليني أألخير الذي أنا أبتغيه ... أم الشر الذي هو يبتغيني وقال أبو ذؤيب: عصاني إليها القلب إني لأمره ... سميع، فما أدري أرشد طلابها؟ فمعناه: أرشد طلابها أم غير رشد، فاكتفى بالرشد من الذي يخالفه. ومعنى البيت الأول: أريد الخير والشر، فاكتفى بالخير من الشر فحذف. ومن الحذف شيء يأتي بعد هذا في باب الياء من الكتاب إن شاء الله. الاختصار والاختصار في الكلام هو [أن] تنزع الفضول وتستوجز الذي يأتي على المعنى، وكذلك الاختصار في الطريق. والعرب تختصر الكلام لعلم المخاطب بما أريد به. فمن ذلك: قول الله، عز وجل: {فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ}؛ فإنه خرج مخرج [قولك]: فيقال لهم: أكفرتم؟ فاختصر.

ومثله: {فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلاَّ رَبَّ الْعَالَمِينَ}، أي إلا من يعبد رب العالمين. ومثله، حكاية عن إبراهيم عليه السلام: {إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ}، قيل: ذاهب إلى حيث أمرني ربي. ومثله: {فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانفَجَرَتْ}. المعنى: فضرب فانفجرت. وقوله تعالى: {فَانْفَجَرَت} دليل على أنه ضرب، فاختصر، ولم يذكر: فضرب؛ لأن ما بعده دل عليه. ولمثل هذا سميت العربية المختصرة. ومثله: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنْ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا}. المعنى: ويقولون: ربنا تقبل. ومثله: {أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً}، أي: ووصى بالوالدين. ومثله: {وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً}، أي: أرسلنا. وقال الشاعر: رأتني بحبليها، فصدَّت مخافة ... وفي الحبل روعاء الفؤاد فروق أراد: مقبلاً بحبليها. ومثله: {عَنْ الْيَمِينِ وَعَنْ الشِّمَالِ قَعِيدٌ}، اكتفى بذكر الثاني من الأول.

ومثله: {وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ}، أي: ولكن البرَّ بر من آمن بالله. وقال الهذلي: يمشِّي بيننا حانوت خمر ... من الخُرس الصراصرة القطاط أراد: صاحب حانوت خمر، فأقام الحانوت مقامه اختصاراً. وقال كثير يذكر الأظعان: حزيت لي بحزم فيدة تُحدى ... كاليهودي من نظاة الرقال أراد: كنخل اليهودي من خيبر، فأقامه مقامها. [ومثله قوله تعالى]: {فَلْيَدْعُ نَادِيَه}، أي: أهله. وقال ذو الرمة: [لعرفانها والعهد ناء]، وقد بدا ... لذي نهية أن لا إلى أم سالم أراد: أن لا سبيل إلى أم سالم.

ومثله: {فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ}، أي: وادعوا شركاءكم، وكذلك هو في مصحف عبد الله. وقال الشاعر: تراه كأن الله يجدع أنفه ... وعينيه إن مولاه ثاب له وفر أي: يجدع [أنفه] ويعمي عينيه. وقال جميل: إذا ما الغانيات برزن يوماً ... وزججن الحواجب والعيونا والعيون لا تزجج، وإنما أراد: وزججن الحواجب، وكحّلن العيون. وقال آخر: تسمع للأحشاء منه لغطا ... ولليدين جسأة وبددا البددُ: انفراج اليدين، والجساة: غلظ متسع ما بين اليدين، والجسأة لا تسمع، فكأنه [قال]: قد ترى.

ومثله: قوله: عز وجل: {إِلاَّ كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ} أراد: إلا كباسط كفيه إلى الماء ليقبض عليه فيبلغه فاه. قال ضابئ: وإني وإياكم وشوقاً إليكم ... كقابض ماء لم تسقه أنامله وهو من: وسق يسق ويسقه من الوسق. والعرب تقول لمن تعاطى ما لا يجد منه شيئاً: هو "كالقابض على الماء". قال: ومن يصحب الدنيا يكن مثل قابض ... على الماء خانته فروج الأصابع ومن الاختصار قوله تعالى: {مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ}، يريد: على الأرض. وقوله: {فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً}، أي: بالوادي. وقوله: {إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ}، أي: بموسى، أنه ابنها. وقوله: {وَالنَّهَارِ إِذَا جَلاَّهَا} يعني: الدنيا أو الأرض.

وقال حميد بن ثور في أول قصيدة: وصهباء منها كالسفينة نضجت ... به الحمل حتى زاد شهراً عديدها أراد: صهباء من الإبل. وأنشد الفراء: إذا نهي السفيه جرى عليه ... وخالف، والسفيه إلى خلاف أراد: جرى على السَّفه. ومنه قوله تعالى: {فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَاباً يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ}، أراد: فبعث الله غراباً يبحث التراب على غراب ميت ليواريه، {لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ}. ومن الاختصار: القسم بلا جواب، إذا كان في الكلام بعده ما يدل عليه؛ كقوله تعالى: {وَالنَّازِعَاتِ غَرْقاً} إلى قوله: {فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْراً} ثم قال: {يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ} ولم يأت بالجواب، كأنه قال: والنازعات وكذا وكذا لتبعثن، فقالوا: {أَئِذَا كُنَّا عِظَاماً نَخِرَةً} نبعث؟! ومن تتبع هذا من كلام العرب وأشعارها يجده كثيراً.

وقال الشاعر: فلا تدفنوني، إن دفني محرَّم ... عليكم، ولكن خامري أم عامر يريد: لا تدفنوني، ولكن دعوني للتي يقال لها إذا صيدت: خامري أم عامر، يعني الضبع، لتأكلني. والعرب تقول: قد خسر بيعك وربحت تجارتك. يريدون بذلك الاختصار. قال الشاعر: وكيف تواصل من أصبحت ... خلالته كأبي مرحب يريد: كخلالة ويجوز خِلالة وخُلالة وخَلالة أبي مرحب، فاختصر. ومثل ذلك من كلامهم: بنو فلان يطؤهم الطريق، أي: أهل الطريق، والطريق لا يطأ. وكذلك: ما زلنا نطأ السماء حتى جئناكم، أي: ماء السماء، والسماء لا توطأ. وحكي عن العرب: أطيب الناس الزبد، وأنفع الناس الدواء، أي: أطيب طعام الناس الزبد [وأنفع علاج الناس الدواء]. ومثله قول الخنساء: ترتع ما رتعت، حتى إذا ادّكرت ... فإنما هي إقبال وإدبار

فجعلت الإقبال والإدبار. وقال: كأن عذيرهم، بجنوب سلّى، ... نعام قاق في بلد قِفار أي: عذير نَعام. وقال ذو الخِرق الطهوي: حسبت بغام راحلتي عناقاً ... وما هي، ويب غيرك، بالعناق أي: بغام عناق. وهذا مثل: خشيت صياحي زيداً، أي صياح زيد. قال ذو [الخرق الطهوي]: سادوا البلاد، وأصبحوا في آدم، ... بلغوا بها بيض الوجوه فحولا فقال: في آدم، أي: في بني آدم. والعرب تقول: أيش تقول؟ يريدون: أي شيء تقول؟ فيختصرون. وقال بعضهم: بغير نون كأنها أيش. وقالوا: أيش عندك؟.

الحكاية الحكاية لا تكون إلا في الأسماء والكُنى، ولاتكون إلا بأربعة أفعال: بقرأت وكتبت ووجدت وسمعت. والمخاطب يحكي على قدر لفظه في حال الرفع والنصب والجر؛ فإذا قال: رأيت زيداً، فقل: من زيداً؟. وإذا قال: هذا زيد، قلت: من زيد. وإذا قال: مررت بزيد، قلت: من زيد. وكذلك في الكنية القول واحد. وبعض العرب، إذا قيل له: رأيت زيداً، يقول: من زيد؟ يستفهم عنه، ولا يحكيه، كلام معلوم. وتقول: قرأت: الحمد لله، وكتبت: أبو جاد، ووجدت: الله أكبر كلمة صدق، وسمعت الناس يقولون ذاك، تحكي ما تُخبر عنه. قال ذو الرمة: سمعت: الناس ينتجعون غيثاً ... فقلت لصيدح: انتجعي بلالا فرفع الناس على الحكاية. وقال آخر: كتبت: أبو جاد وحطّي مرامر ... وخرّقت سربالاً ولست بكاتب وقال آخر:

وجدنا في كتاب بني تميم ... أحق الخير بالجري المعار فقال: أحق، فرفع على الحكاية. وقال آخر: فأجبت قائل: كيف أنت؟ بصالح ... حتى مللت وملَّني عوّادي فقال: بصالح، فحكى؛ لأنك تقول: أنا صالح. وقال حسان: إني وجدت: الله أكبر أخذة ... يدعى بها للكلب واليعفور فرفع على الحكاية؛ لأنه يقول: الله أكبر. وقال آخر: لو أن من قال نار، أحرقت فمه ... لما تفوَّه باسم النار مخلوق فرفع النار على الحكاية. وقال آخر: لتسمعنَّ وشيكاً في دياركم ... الله أكبر، يا ثارات عثمانا فقال: الله أكبر، فحكى. والحكاية تبطل لمجيء الواو؛ فإذا تكلَّم المتكلمُ برفع أو نصب أو خفض، وقد دخلت الواو؛ فأجبه بالرفع إذا قال: رأيت زيداً؟ فقل: ومن زيد؟ فإن قال: رأيت أبا

محمد، فقل: ومن أبو محمد؟؛ لأن الحكاية تبطُل لمجيء الواو، ويرتفع الجواب بمن. ولو قال: رأيت زيداً؟ فلم تُجبه بالواو، لقلت: من زيداً؟ لأن الواو لم تدخل في الجواب، والنُّعوت لا تحكى فإذا قال: رأيت الطريق؟ فقل: مَنْ الطريق؟ أو قال: مررت بالطريق؛ فقل: من الطريق؟ وما أشبه ذلك مثله. وتقول: قرأتُ: {والطُّورِ} [و] {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى}، وقرأت: {وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ} [و] {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ}؛ فتأتي بواوين: واو القسم وواو العطف وإنما تقع الحكاية في هذا الموضع. ومثله: إذا وصلْت المحكى بهاء بعده، فإن لم تصله استعملت الأفعال فتقول: قرأت الطور، قرأت سورة، قرأت براءة، قرأت الحمد؛ لأنك لم تحك ما في الإمام، وإنما حذفت الواو من المقسم به؛ لأنك عدّيت الفعل إلى الاسم، ومثله كثير. الاتساع والاتساع معروف في كلامهم، وهو: إقامة الكلمة موضع الأخرى اتساعاً. وهو كالاستعارة؛ وذلك لسعة لغتهم، وحسن فصاحتهم، وفهم كل منهم ما يريده الآخر. كقول الله، عز وجل: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ} أي: عن شدة من الأمر.

وأصله: أن الإنسان إذا وقع في أمر عظيم، شمَّر عن ساقه، فاستعيرت الساق في موضع الشدة اتساعاً. قال دريد بن الصمة: كميش الإزار، خارج نصف ساقه ... صبور على العزاء، طلاع أنجد وقال الهُذلي: وكنت، إذا جاري دعا لمضوفة، ... أشمِّر حتى ينصف الساق مئزري قول دريد: "كميش الإزار، أي: هو مشمّر من أمره، وهذا مثل. ويقال: رجل كميش، أي: عزوم ماض. وقول الهُذلي: "لمضوفة"، أراد به: مفعلة من التضيف. نقول: نزلت به مضوفة من الأمر، أي: شدة. وقال الله عز وجل: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً}؛ أي: قصدنا لأعمالهم وعمدنا لها. والأصل: أن من أراد التقدم إلى موضع عمد له وقصده. ومثله: {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ}؟ أي: كافراً فهديناه، فاستعار الموت مكان

الكُفْر، والحياة مكان الهداية اتساعاً. ومثله كثير. قال الشاعر: إذا سقط السماء بأرض قوم ... رعيناه، وإن كانوا غضابا لأنهم يقولون للمطر: سماء؛ لأنه من السماء ينزل. ويقال: ما زلنا نطأ السماء حتى أتيناكم. ويقال: ضحكت الأرض: إذا أنبتت. وبكت السماء: إذا أمطرت. وقال: وضحك المزن بها ثم بكى يريد بضحكه: البرق، وببكائه: المطر. وقال الأعشى: يضاحك الشمس منها كوكب شرق ... مؤزر بعميم النبت مكتهل ومن الاتساع قولهم: قطع الوالي اللض وضربه. وإنما قطعه أعوانه وضربوه. وكذلك: بني فلان الدار، وإنما بناها غيره بأمره. وكذلك: قدم الأمير: إذا قدم أهله وأعوانه. وكذلك: كنا في كتبة فلان، ثم تحولنا إلى بني فلان، ولم يتحول من موضع

إلى موضع؛ وإنما المعنى: تحوَّلت الكتبة إليهم. وكذلك: فلان ظاهر مشهور، وهو في بيت لا يُرى، إذا كان ظاهر الأمر والنهي. ومثل ذلك: قوله، عز وجل: {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى}، وهو لم يل ذلك، جل ثناؤه، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم والملائكة، صلى الله عليهم، بتأييد الله رمَوْا. ومن الاتساع: قوله، عز وجل: {فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاً وَحَزَناً}. ولم يلتقطوه ليكون لهم كذلك، ولكن ليسروا به .. فلما كان المعنى: إلى أن يكون لهم عدواً وحزناً، جاز أن تقول ذلك اتساعاً. ومثله: قولهم: أعددت الخشبة لأن يميل الحائط فأعمده. ولم يعدها لذلك، ولم يرد ميل الحائط. قال الفرزدق: وأنتم لهذا الدين كالقبلة التي ... بها أن يضل الناس يهدي ضلالها ولم تنصب القبلة لأن يضل الناس. وقال آخر: وللموت تغذو الوالدات سخالها ... كما لخراب الدهر تُبنى المساكن والأم لا تغذو أولادها للموت، ولا تُبنى البيوت للخراب؛ وإنما تُبنى للعمارة، وتغذو الأم ولدها للمنفعة والسرور. ولكن لما كانت العاقبة إلى الموت والخراب، جاز ذلك اتساعاً.

ومثله: قول الآخر: أموالنا لذوي الميراث نجمعها ... ودورنا لخراب الدهر نبنيها ولم يجمع المال للوارث، ولم تُبْن الدار للخراب، ولكن ليسكنها. ومثله: قول الأعشى: جاءت لتطعمه لحماً ويفجعها ... بابن، فقد أطعمت لحماً وقد فجعا ومثله: قوله تعالى: {فَلَمَّا جَاءَهُمْ نَذِيرٌ مَا زَادَهُمْ إِلاَّ نُفُوراً}. والنذير لا يزيدهم نفوراً، إنما يدعوهم إلى رشدهم. ومثله: {وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنَامَ، رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنْ النَّاسِ}. وإنما هي خشب لا تُضل ولا تَهدي. ولكن، لما ضلوا عنها، جاز ذلك اتساعاً. ومثله: {وَلا تَذَرُنَّ وَدّاً وَلا سُوَاعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً، وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيراً}. وهي أصنام لا تُضِل ولا تعقل شيئاً، ولكن المعنى ما ذكرنا. ومثله: قول الرجل لابنه أو لصاحبه: أخرجتني من مالك أو كُتُبك، ولم يكن فيهما قط، ولكنه على الاتساع. وشبيه بهذا: قوله، عز وجل: {مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ} ولم يكن في تلك الحال قط. ومثله: {يُخْرِجُهُمْ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} [و] {مِنْ النُّورِ إِلَى

الظُّلُمَاتِ}. وهم كفار لم يكونوا في نور قط. وقوله تعالى: {حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ}، كأنه قال: حتى صار. ومثله: قول ساعدة: فقام ترعُد كفاه بمحجنه ... قد عاد رهباً رذياً طائش القدم فقال: عاد رهباً. الرهب: الجمل الذي استعمل في السفر وكل. والأنثى رهبة. والرذي: المهزول من الإبل الذي لا يستطيع براحاً. والأنثى رذية. وقال الشماخ: ولقد قطعت الخرْق يحمل نمرقي ... رهب لأهوال الخروق رهوق النمرق: الوسادة، وربما قالوا: نُمرقة. وقال آخر: أطعت العِرس في الشهوات ... حتى أعادتني عسيفاً عَبْدَ عَبْدِ ولم يكن عبداً قط. وقال امرؤ القيس: وماء كلون البول قد عاد آجناً ... كتيماً به الأصوات في كلأ مُخلي

فقال: عاد آجناً، يريد: صار. قال الغنوي: فإن تكن الأيام أحسن مرة ... إلي فقد عادت لهن ذنوب والعرب تقول: عميت عن كذا وكذا وصممت عنه، وإن لم يكن أعمى ولا أصم. قال مسكين الدارمي: أعمى إذا ما جارتي خرجت ... حتى يواري جارتي الستر وأصم عما كان بينهما ... سمعي، وما سمعي به وقر فجعل نفسه أعمى أصم لم يبصر ولم يسمع. وقال آخر: وكلام سيء قد وقرت ... أذني عنه، وما بي من صمم ومثله قولهم: احتج فلان ولم يحتج، أي: لم يحتج بحجة تنفعه. وكذلك: قال ولم يقل، أي: لم يقل قولا ينفعه. وقال آخر: يُلقين بالخبار والأجارع ... كل جهيض ليّن الأكارع

ليس بمحفوظ ولا بضائع يعني الإبل. والأجارع: الرمال. والجهيض: سقط الناقة. والخبار: الأرض الصلبة. ومثله: قال الشاعر: بلهاء لم تحفظ ولم تضيَّع وقال أبو النجم: وقد أجوب البلد البراحا ... المرمريس القفرة الصحصاحا بالقوم لا مرضى ولا صحاحا يريد: من الإعياء والتعب. وأجوب: أقطع. والمرمريس: من صفة الفلاة، وهي التي لا نبات بها. والعرب تقول: آسيت الموضع، أي: أهله. قال الله تعالى: {يُؤْذُونَ اللَّهَ} أي: أولياء الله. وقال: {إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ}. وقال المهلهل يرثي أخاه كليبا: أنبئت أن النار بعدك أوقدت ... واستب بعدك يا كليب، المجلس

أي: أهل المجلس. قال الله تعالى: {فَلْيَدْعُ نَادِيَه} أي أهل ناديه. ومثله: {فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمْ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ} أي: أهل السماء وأهل الأرض. قال الشاعر: ومن جالس الجُهّال أصبح جاهلاً ... ومن جالس الألباب يوماً تفهما أي: من جالس أهل الألباب. قال الله تعالى: {هُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ اللَّهِ} أي: أهل درجات. والعرب تقول: هذا طريق ضاحك ولاحِب، تعني ظاهراً واضحاً. ويقال: ضحكت الطلعة: إذا بدا ما كان فيها مستخفياً. قال الشاعر: أما ترى الأرض قد أعطتك زهرتها ... بخضرة، واكتسى بالنور عاريها وللسماء بكاء في جوانبها ... وللربيع ابتسام في نواحيها يعني بالابتسام: ظهور النبات. وقال آخر:

كل يوم بأقحوان جديد ... تضحك الأرض من بكاء السماء يريد بالضحك أيضاً: الطلوع والظهور. [و] بالبكاء: نزول المطر من السماء. وللعرب في كلامها الاتساع الذي لا يؤتى عليه لكثرته. الاستعارة العرب تستعير الكلمة فتضعها مكان الكلمة إذا كان المسمى بها بسبب من الأخرى، أو مجاوراً لها، أو مشاكلاً؛ فيقولون للنبات: نوء؛ لأنه عن النوء يكون عندهم. قال رؤبة: وجف أنواء السحاب المرتزق أي: جف البقل. ويقولون للمطر سماء؛ لأنه من السماء ينزل. ويقول الناس: "لقيت من فلان عرق الجبين"، أي شدة. ومنه قوله، عز وجل: {وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً} [و] {وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيراً}. والفتيل: ما يكون في شق النواة. والنقير: النقرة التي في ظهرها. ولم يرد أنهم

لا يُظلمون ذلك بعينه، وإنما أراد: أنهم لا يُظلمون شيئاً، ولا مقدار هذين التافهين الحقيرين. والعرب تقول: "ما رزاأته زبالاً" والزِّبال: ما تحمله النملة بفيها. يريدون: ما رزأته شيئاً. قال النابغة: يجمع الجيش ذا الألوف ويغزو ... ثم لا يرزأ العدو فتيلا وكذلك قوله، عز وجل: {مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ}، وهي الفُوفَة التي فيها النواة، أي القشرة. يريد: ما يملكون شيئاً. ومنه قوله، عز وجل: {وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا [عَلَيْهِمْ]} يريد: أطلعنا عليهم. وأصله: أن من عثر بشيء وهو غافل، نظر إليه حتى يعرفه. فاستعير العثار مكان التبيين والظهور. ومنه قولهم: "ما عثرت على فلان بسوء قط"، أي: ما ظهرت على ذلك منه.

ومنه قوله تعالى: {إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي}، أراد: الخيل، فسماها خيراً لما فيها من المنافع. قال الراجز: والخيل والخيرات في قرنين قال [طفيل]: وللخيل أيام، فمن يصطبر لها ... ويعرف لها أيامها الخير تُعقب وقال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ اللَّيْلَ لِبَاساً} أي: ستراً وحجاباً لأبصاركم. وقال ذو الرمة: ودوية مثل السماء اعتسفتها ... وقد صبغ الليل الحصى بسواد [أي]: لما ألبسه الليل سواده وظلمته، صار كأنه صبغه. وقد يكون اللباس والثوب كناية عما ستر ووقى؛ لأن اللباس والثوب ساتران واقيان.

قال الشاعر: كثوب ابن بيض وقاهم به ... فسدَّ على السالكين السبيلا قال الأصمعي: ابن بيض: رجل نحر بعيراً له على ثنية فسدَّها، فلم يقدر أحد أن يجوز، فضرب به المثل فقيل: "سد ابن بيض الطريق". وقال غير الأصمعي: ابن بيض: رجل كانت عليه إتاوة فهرب بها، فاتَّبعه مطالبه. فلما خشي لحاقه وضع ما يطلبه به على الطريق ومضى. فلما أخذ الإتاوة رجع وقال: سدّ ابن بيض الطريق، أي: منعنا من اتّباعه حين وفى بما عليه، فكأنه سد الطريق. فكنى الشاعر عن البعير بالثوب، إن كان التفسير على ما ذكر الأصمعي، [أو]، عن الإتاوة، إن كان التفسير على ما ذكر غيره، بالثوب؛ لأنهما وقيا كما يقي الثوب. ومن الاستعارة: اللسان يوضع موضع القول؛ لأن القول يكون به. قال الله تعالى: {وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الآخِرِينَ}، أي: ذكراً حسناً. وقال الشاعر: إني أتتني لسان لا أسرُّ بها ... من علو، لا عجب منها ولا سخر أي: أتاني خبر لا أُسَرُّ به.

ومنه: قوله تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ}، أي: كل ذي مخلب من الطير، وكلَّ ذي حافر من الدواب، كذلك قال المفسرون. وسمّى الحافر ظفراً على الاستعارة كما قال الشاعر، وذكر ضيفاً: فما رقَدَ الوِلدان حتى رأيته ... على البَكْرِ يمريه بساق وحافر فجعل الحافر موضع القدم. وكما قال آخر: سأمنعها، أو سوف أجعل أمرها ... إلى مَلِكٍ أظلافه لم تشقَّقِ أي: ليس ببهيمة، يريد بالأظلاف: قدميه، وإنما الأظلاف للشاء والبقر. والعرب تقول للرجل: هو غليظ المشافر، يريدون: الشَّفَتَين، والمشافر للإبل. قال الحطيئة: قروا جارك العيمان لما جفوته ... وقلص عن برد الشتاء مشافره والعرب تقول: ذُقت هذا الأمر ذوقاً، بمعنى: علمته علماً واختبرته اختباراً، وإن

كان الذوق، في الحقيقة، لا يكون إلا باللسان. قال الله تعالى: {فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ} أي: فأبلاهم بذلك؛ لأن الخوف والجوع لا يصح ذوقهما في الحقيقة، وإنما هذا على استعارة العرب. قال الشاعر: فذوقوا كما ذقنا غداة محجَّر ... من الغيظ، في أكبادنا، والتحوُّب ولم يرد به ذوق الفم قال الشماخ: فذاق أعطته من اللين جانباً ... كفى، ولها أن يغرق السهم حاجز ويقول الرجل، إذا بالغ في عقوبة عبده: ذُق، وكيف ذقته؟ قال الله تعالى: {ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ}. ثم تجاوزوا في ذلك إلى أن قال يزيد بن الصعق: وإن الله ذاق حلوم قيس ... فلما راء خفَّتها قلاها رآها لا تُطيع لها كبيراً ... فخلاها تردد في عماها

فزعم أن الله يذوق. أولا ترى إلى هذه الاستعارات، واحتمال هذه اللغة لوجوه المعاني الصحيحة القائمة عندهم على تقاربها وتباعدها مقام الوضوح؟ وقالوا أيضاً: طعمت لغير الطعام. قال العرجي: فإن شئت حرّمت النساء سواكم ... وإن شئت لم أطعم نُقاخاً ولا بردا النقاخ: الماء البارد، والبردُ: النوم. وقال الله تعالى: {فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي}. لم يطعمه، يريد: لم يذق طعمه. والعرب تسمي ما لا يؤكل مأكولاً. قال الله تعالى: {حَتَّى يَاتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَاكُلُهُ النَّارُ}. قال أوس بن حجر: وقد أكلت أظفاره الصخر، كلما ... تعايا عليه طول مرقى توصلا فجعل النحت والتنقص أكلاً. وقال خُفاف بن ندبة:

أبا خُراشة، أما كنت ذا نفر ... فإن قومي لم تأكلهم الضبع والضبع: السنة؛ فجعل تنقص الجدب، وتحيف الأزمنة أكلاً. قال مرداس بن أدية: وأدَّت الأرض مني مثل ما أكلت ... وقربوا لحساب القسط أعمالي وأكل الأرض لما صار في بطنها: إحالتها له إلى جوهرها. وقال الله، عز وجل: {الَّذِينَ يَاكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَاكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً}؛ فقد قال تعالى إنهم يأكلون، وإن شربوا بتلك الأموال الأنبذة، ولبسوا الحُلل، وركبوا الدواب، ولم ينفقوا منها درهماً واحداً في سبيل المأكل. وقال الشاعر: وليس الذئب يأكل لحم ذئب ... ونأكل بعضنا بعضاً عياناً ويقال: فلان يتأكَّل الناس، وإن لم يأكل من طعامهم شيئاً. قال دُهمان النهري: سألتني عن أُناس هلكوا ... شرب الدهر عليهم وأكل وقيل: نزل النعمان بن المنذر، ومعه عدي بن زيد، في ظل شجرة مونقة مرتفعة، [ليلهو النعمان] هناك. فقال له عدي، أيها الملك، أبيت اللعن، أتدري ما تقول هذه الشجرة؟.

قال: وما الذي تقول؟ قال: [تقول]: رُبَّ ركب قد أناخوا عندنا ... يمزجون الخمر بالماء الزُّلال ثم أضحوا لعب الدهر بهم ... وكذاك الدهر حالاً بعد حال قال: فتنغَّص النعمان. وهو أكثر من أن يحصى. الإتباع الإتباع: هو قولهم: عطشان نطشان، وجائع نائع، وعيي شيي، وما أعياه وأشياه وأشواه أيضاً. وجاء بالعي والشي. وقبيح شقيح، وجاء بالقباحة والشقاحة. ولا تكاد [العرب] تعزل الشُّقْح من القُبْح؛ إنما هو مثل: حسن بسنٍ. وأجمع أكتع، ولا يفردون أكتع من أجمع. وكثير بثير، وشيطان ليطان، وحار يار، وقيل: جار بالجيم. ومائق دائق، وحاذق باذق. ومليح قزيح. وشحيح نحيح. وحقير نقير. وفقير وقير. وهو كثير فاختصرته.

الإشمام والإشمام: شمةٌ غير إشباع كقولك: هذا العمل، [وتسكت]، فتجد [في] فيك إشمام اللام، لم يبلغ أن يكون واواً، ولا تحريكاً يعتد به، ولكن شمةٌ من ضمة خفيفة. ويجوز ذلك في الكسر والفتح أيضاً. وكقول الله، عز وجل: {وَيَدْعُ الإِنسَانُ} وكان مجازه. يدعو، ولكن الشمة أخفت الضمة. ومثله: {وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ} والحُجَّة في هذا أنهم اكتفوا بالضمة من الواو. ومثله: إذاه سيم الخسف آلى بقسم ... تالله لا يأخذ إلا ما احتكم أراد: إذا هو فحذف الواو. وحكى الكسائي عن العرب: أقبَل يضربه لا يألُ. أراد: لا يألو، فاكتفى بالضمة من الواو. وقال: له زجلٌ كأنه صوت ظبي ... إذا طلب الوسيقة أو زمير

قال: كأنه، ولم يقل كأنَّهو مشبع. وقال أمية بن أبي الصَّلت: فسبحانه من كل إفك وباطل ... وكيف يلد ذو العرش أم كيف يُولدُ فقال: يَلْد، ولم يقل: يَلِد بإشباع. ومثله: ألم تعجب لذئب بات يعوي ... ليؤذن صاحباً له بالتّلاق فترك الإشباع بالشمة؛ لأنها أخت الضمة. وكذلك إنما يكتفون بالكسرة من الياء. من ذلك: قوله عز وجل: {مَا كُنَّا نَبْغِ} و {يَوْمَ يَاتِ}، وهي لغة فاشية سائرة عند العرب. قال [كعب بن مالك]: ما بال هم عميد بات يطرقني ... بالواد من هند إذ تعدو عواديها أراد: بالوادي، فاكتفى بالكسرة من الياء فحذفها. وقال آخر: ولكن ببدرٍ سائلوا عن بلائنا ... على الناد، والأنباء بالغيب تنفع

أراد: على النَّادي، فاكتفى بالكسرة من الياء فحذفها. وقال الأعشى: وأخو الغوان متى يشأ يصرمنه ... ويكنَّ أعداء بُعَيْد وداد أراد: وأخو الغواني، فاكتفى بالكسرة من الياء. وقال آخر: فما وجد النجدي وجداً وجدته ... ولا وجد العذري قبل جميل أراد: قبلي، فاكتفى بالكسرة من الياء. وأنشد الفراء: يا عين جودي بدمع منك مجهودا ... وابك ابن أمي إذا ما مات مسعودا وقال حسان بن ثابت: يا عين بكي سيد الناس، واسفحي ... بدمع، فإن أنزفته فاسكبي الدما أراد: يا عيني. وقال آخر: يا نفس صبراً على ما كان من مضض ... إذ لم أجد لفضول الناس أقرانا أراد: يا نفسي.

والعرب تقول: لا أدْرِ، لا لعَمْرِ، فيحذفون الياء في السكون. قاله الفراء. [وقال بعض الأنصار]: ليس تخفى يسارتي قدر يوم ... ولقد تُخفِ شيمتي إعساري أراد: تُخفي، فاكتفى بالكسرة من الياء. وأنشد: كفَّاك: كفّ ما تليق درهماً ... جوداً وأخرى تُعطِ بالسيف الدما أراد: تُعطي، فاكتفى بالكسرة من الياء. وقال أبو خراش: فلا أدر من ألقى عليه رداءه ... خلا أنه قد سُلَّ من ماجد محض وكذلك: حذف واو الجمع في كلام العرب موجود كثيراً اكتفاءً منهم بالضمة منها. قال .... : متى تقول خلت من أهلها الدار ... كأنهم بجناحي طائر طار أراد: طاروا، فاكتفى بالضمة من واو الجمع.

ومثله: فلو أن الأطبا كان حولي ... وكان مع الأطباء الشفاة إذا ما أذهبوا وجداً بقلبي ... وإن قيل: الشفاة هم الأساة أراد: كانوا، فحذف الواو. ومثله: إذا ما شاء ضروا من أرادوا ... ولا يألوهم أحد ضرارا أراد: شاؤوا. ومثله: شبوا على المجد وشابوا واكتهل لو أن قومي حين أدعوهم حمل على الجبال الصم لارْفَضَّ الجَبَل أراد: اكتهلوا وحملوا، فاكتفى بالضمة من الواو، ثم سكن اللام للقافية. وقال آخر: جزيت ابن أوفى في المدينة قرضه ... وقلت لشفَّاع المدينة أوجف

وقال آخر: لو ساوفتنا بسوف من تحيتها ... سوف العيوف لراح الركب قد قنع أراد: قد قنعوا، فحذف. وقال آخر: راحت بأعلاقه خودٌ يمانية ... تدعو العرانين من بكر وما جمع أراد: ما جمعوا، فحذف. وقال آخر: ومن حذف الياء أيضاً قول لبيد: فانتضلنا، وابن سلمى قاعد ... كعتيق الطير يغضي ويجل أراد: ويجلّي، فحذف. وقال الأعشى: ومن كاشح ظاهر غمره ... إذا ما انتسبت له أنكرن أراد: أنكرني، فحذف.

وقال آخر: إذا حاولت من أسد فجورا ... فإني لست منك ولست مِنْ أراد: مني، فحذف. وقال آخر: وهم وردوا الجفار على تميم ... وهم أصحاب يوم عكاظ إنْ أراد: إني، فحذف. [وهو] كثير في أشعارهم. الإشباع الإشباع: كقولك: هذا رجل. قال الأعشى: قالت هريرة، لما جئت زائرها: ... وَيْلي عليك وويْلي منك يا رجل فقال: يا رجل، فأشبع. وقال أيضاً: أرقْتُ، وما هذا السُّهاد المؤرِّقُ ... وما بي من سُقم وما بي معشق

فأشبع. ومنهم من يشبع في ميمات الجمع، فيقول: منكمو عليكمو. ومنهم من يقطع؛ فأياً ما فعلت فصواب. وقال الله، عز وجل: {وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا}. كانت نوناً مفتوحة، فمد فيها ألفاً للإشباع. وقوله تعالى: {أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولا}. فمد فيها ألفاً للإشباع. وقد يُتْبِعون الفتحة ألفاً للإشباع. قال الراجز: قلت وقد خرَّت على الكلكال يا ناقتي ما جُلت من مجال قوله: الكلكال، يريد: الكلكل. وقال عنترة: ينباع من ذفري غضوب جسرة ... زيافة مثل الفنيق المكدم ومعناه: ينبُع، من نَبَع الماء ينبُع، فزاد الألف على الإنباع لفتحة الباء. ويتبعون الضمة واواً. قال:

الله يعلم إنا في تلفُّتنا ... يوم الفراق إلى أحبابنا صور وإنني حيث ما يثني الهوى بصري ... من حيث ما سلكوا أدنو فأنظور أراد: فأنظُرُ، فوصل الضمة بالواو. ويتبعون الكسرة الياء. قال امرؤ القيس: كأني بفتخاء الجناحين لقوة ... على عجل مني أطأطئ شيمالي أراد: شمالي. ويروى: شِملالي. يقال: طأطأت، أي: أسرعت. ومنه قوله: عز وجل: {سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنسَى}، فرفع تنسى جزم بلا على النهي. والألف صلة لفتحة السين. وقال أيضاً: ألا أيها الليل الطويل ألا انجلي .................. موضع "انجلي" جزمٌ على الأمر، وعلامة الجزم فيه سكون اللام في الأصل، ثم احتاج إلى حركتها بصلة لها ليستوى له وزن البيت، فكسرها ووصل الكسرة بالياء. وقال آخر:

إذا الجوزاء أردفت الثريا ... ظننت بآل فاطمة الظنونا الألف في الظنون صلة لفتحة النون. وقال آخر: هجوت زبَّان ثم جئت معتذراً ... من سبّ زبان، لم تهجو ولم تدع الواو صلة لضمة الجيم. وهو كثير في أشعارهم. الاشتقاق والاشتقاق: هو أن يُشتق للشيء اسم من صفته أو لونه أو فعله؛ كما سمي الإنسان إنساناً لنسيانه. قال الله تعالى: {وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ}. وقال أبو تمام: لا تنسينَّ تلك العهود فإنما ... سميت إنساناً لأنك ناسي وقيل: سمي إنساناً لأنسه. وكما سمي القلب قلباً لتقلبه. قال [الهذلي]: وما سمي الإنسان إلا لأنسه ... ولا القلب إلا أنه يتقلب وكقول إبراهيم:

هم هيجوا الحرب واسمُ الحرب قد علموا ... لو ينفع العلم مشتق من الحرب وكقول أبي تمام: لما رأى الحرب رأي العين توفلس ... والحرب مشتقة المعنى من الحرب وسميت قريش قريشاً؛ لأنهم كانوا أصحاب تجارة. ويقال: قرش الرجل شيئاً يقرشه: إذا كسبه وأخذه. وتقرَّش فلان مالاً: إذا أخذه أولاً فأولاً. ويقال: اقترشت الرماح اقتراشاً: إذا وقع بعضها على بعض. قال القُطامي: قوارش بالرماح كأن فيها ... شواطن ينتزعن بها انتزاعا وسأل معاوية ابن عباس: لم سميت قريش قريشاً؟ فقال: بدابَّة في البحر هي أعظم دواب البحر، لا تظفر بشيء من دواب البحر إلا أكلته؛ فسميت قريشاً لأنها أعظم العرب. قال معاوية: هل تروي من ذلك شيئاً؟ فأنشده قول الحميري: وقريش هي التي تسكن البحـ ... ر، بها سميت قريش قريشا تأكل الغثَّ والسَّمين ولا تتـ ... رك يوماً لذي الجناحين ريشا ولهم آخر الزمان نبي ... يكثر القتل فيهم والخموشا

ويقال: قد قرّش يقرّش تقريشاً: إذا حرش. وقال الحارث [بن حلزة]: أيها الناطق المقرّش عنّا ... عند عمرو، وهل لذاك بقاء؟ وقرواش: اسم رجل، فعوال، مشتق من قريش. وهو شيء كثير فاختصرته. الترخيم الترخيم: سمي ترخيماً لأنه قطع للحرف؛ من قول العرب: جارية مرخمة: إذا كانت تقطع كلامها. والترخيم: هو أن تحذف آخر حرف من الاسم. قال جميل بثينة: قالت: يا جميل، أربتني فقلت: ... كلانا يا بثين مريب يريد: يا بثينة، فحذف الهاء. وقوله: أربتني، أي عرَّضتني للتهمة. ويروى: أربتنا، أي عرَّضتنا للتهمة. يقال: أراب يريب إرابة وريباً: إذا أتى بتهمة. وأراب صاحبه: إذا عرضه للتهمة. قال كثيّر عزّة: فيا عزَّ، إن واش وشى بي عندكم ... فلا ترهبيه أن تقولي له مهلا كما لو وشى واشٍ بعزَّة عندنا ... لقلنا: تزحزح لا قريباً ولا سهلا

فقال في الأول: يا عز، فرخّم لما كان نداء. وقال في الثاني: عزّة، فأثبت الهاء ولم يرخم. فإن جعلت الاسم مفرداً مستغنياً عن الهاء، رفعته فقلت: يا بثين، أقبلي، ويا عز، أقبلي، وياميُّ، أقبِلي. قال الشاعر: فياميُّ، ما يدريك أين مناخنا ... معرفة إلا لحي يمانية شحرا وتقول: يا أميمة أقبلي. ويجوز نصبها إذا توهمت فيها فتح الترخيم. قال النابغة: كليني لهم يا أميمة ناصب ... وليل أقاسيه بطيء الكواكب فإذا رخمت اسماً فيه مدة التأنيث أو ياء التأنيث، قلت يا حَمْرَ، أقْبلي، ويا أسم، أقبلي، في الترخيم بحمراء وأسماء. قال الشاعر: ألم تعلمي يا أسم، ويحك أنني ... حلفت يميناً، لا أخوان أميني ويجوز: يا اسم، ويا حَمْرُ. وتقول في ترخيم حارث وعامر ومالك: يا حار، أقبل، ويا عام، أقبل، ويا مال، أقْبِل. قال الشاعر:

يا حار، لا أُرمين منكم بداهية ... لم يلقها سوقة قبلي ولا مَلِكُ وقرئ: {وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ}. وفي حديث عمر، رضي الله عنه، أنه قال لمالك بن أوس: "يا مال، إنه قد دفَّت علينا من قومك دافة، وقد أمرنا لهم برضخ، فاقسمه بينهم". قوله: يا مال، يريد: مالك، فرخّم. والدّافة: القوم يسيرون جماعة سيراً ليس بالشديد. يقال: هم يدفون دفيفاً. ومنه الحديث المرفوع: أن أعرابياً قال: يا رسول الله، هل في الجنة إبل؟ فقال، صلى الله عليه: "نعم، إن فيها لنجائب تدف بركبانها في الجنة". وقال: فقلت، ولم أملك، أمال بن مالك ... لفي جمل عود عليه أياصر أي: ولم أملك صبراً، فحذف الصبر. أمال بن مالك، أراد: يا مالك بن مالك، فرخَّم. لفي جمل: شبه فمه في سعته بفم جمل. وأياصر: جمع أيصر، وهو كساء [يُجمع] فيه الحشيش. فإذا أردت ترخيم اسم على ثلاثة أحرف، ثانيه ساكن، لم يجز؛ لأنك إذا حذفت الحرف الآخر، لزمك أن تحذف الحرف الساكن الذي قبله، فيبقى الاسم على حرف واحد؛ فخطأ أن ترخم زيداً وعمراً وبكراً.

فإذا كان الاسم على ثلاثة أحرف متحركات كلها، جاز ترخيمه من قول الفراء، ولم يجز ترخيمه من قول الكسائي. فتقول في ترخيم رجل: يا رجُ، أقْبِل. وقال الكسائي هذا خطأ؛ لأن أقل أصول الأسماء ثلاثة، فلا يجوز أن أسقط من الثلاثة حرفاً. وقال الفراء: قد جاء في كلام العرب أسماء على حرفين منها: يد ودم وهن، وما أشبه ذلك. وأكثر ما يكون الترخيم في النداء، وربَّما استعمل في غيره؛ لقول الشاعر: وما أدري، وظني كل ظن ... أمسلمني إلى قومي شراح أراد: شراحيل، فرخّم في غير النداء. الإغراء العرب تغري بعليك ورويدك ودونك. يقولون: عليك زيداً، ينصبون زيداً؛ لأن المعنى: خُذْ زيداً، ورويدك زيداً؛ لأن المعنى: انتظر زيداً. وقد يحذفون الكاف وينصبون أيضاً؛ فيقولون: رويدَ زيداً. وإنما نصبوا لأن الكاف مضمرة. قال الشاعر:

أقول، وقد تلاصقت المطايا: ... رويد القول، إن عليك عينا وأجاز الفراء خفض زيد إذا حذف الكاف، وقال: المعنى فيه أنك تأمر زيداً باحتباسه. والعرب تغري بكذب عليك كذا وكذا؛ كقول عمر، رضي الله عنه: "كذَب عليكم الحج، كذب عليكم العُمرة، كذب عليكم الجهاد، ثلاثة أسفار كذبن عليكم". قوله: كذب عليكم: يعني الإغراء، أي: عليكم به وكان الأصل في هذا أن يكون نصباً، ولكنه جاء عنهم الرفع شاذاً على غير قياس. قال معقر البارقي: وذبيانية وصت بنيها ... بأن كذب القراطف والقروف معناه: عليكم بالقراطف والقروف فخذوها. وواحد القراطف قرطف وهي قطيفة مُخملة والقروف: الأوعية. وعن أعرابي أنه نظر إلى ناقة نضو لرجل فقال: كذب عليك البرد والنوى، بالنصب. حكى ذلك أبو عبيدة. والعرب تقول للمريض: كذب عليك العسل كذا، أي: عليك به. والإغراء يكون للشاهد، وقد جاء أيضاً للغائب.

قال النبي، صلى الله عليه: "من لم يستطع الباءة فعليه بالصوم فإنه له وجاء". وروي: إجاء. لا واو. وهذا الخبر حجة على الإغراء للغائب. وقد يجيء التحذير بلفظ الإغراء؛ يقولون: الليل الليل، والأسد الأسد، والطريق الطريق وأخاك أخاك. والمعنى: احذر الليل والأسد، وخلّ الطريق، وأكرم أخاك. قال: أخاك أخاك، إن من لا أخاله ... كساع إلى الهيجا بغير سلاح وكذلك: نفسك نفْسَك، أي: احفظ نَفْسَكَ. قال: فنفسك نَفْسَكَ، إن تأتنا ... تنم نومةً ليس فيها حُلم [والرفع جائز [نقول]: اللهُ اللهُ، أي: هو الله فاحذره. [وقوله، عز وجل]: {نَاقَةَ اللهِ} منصوبة على [التحذير]، ولو رفعت على ضمير: هذه ناقة الله، وفيها

معنى التحذر لجاز. والعرب تقول: هذا العدو [فاهربوا]، وفيه معنى التحذير. وأنشد الفراء والكسائي: إن قوماً منهم عمير وأشباه ... عمير ومنهم السفاح لجديرون بالوفاء إذا قا ... ل أخو النجدة: السلاح السِّلاحُ] الإدغام معنى الإدغام: أن يدخل حرف في حرف حتى يصير مثل المدغم، كقوله، عز وجل: {بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ}. صارت اللام راء حين أدغمت في الراء. وإنما أدغموا الحرف في الحرف؛ لأنه من مخرجه. وكرهوا أن يُخرجوا حرفاً من موضع ثم يعودوا إلى ذلك الموضع فيخرجون مثل ذلك الحرف؛ فكان أن جُعِلا حرفاً واحداً، أخف عليهم من أن يجعلوا الحرفين في كلمتين من موضع واحد. وإذا كان حرفان مثلان في كلمتين ومخرجهما واحد؛ فإن شئت فادغم، وإن شئت فلا تُدغم، وترك الإدغام أحسن. وذلك مثل: {الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ}، لم يُدغموا اللام واللام فيهما؛ لأن اللام الأولى في كلمة والثانية في كلمة، والأولى متحركة، وإن شئت أدغمت. والألفات لا تُدغم في شيء، ولا يُدغم فيها؛ لأنها حرف ميت؛ فلو أدغموا فيهما تحرَّكت فتحوَّلت همزة. فلما [لم] يدغموها لم يُدغموا فيها.

والياء لا تُدغم في الفاء، ولا تدغُم الفاء فيها. والسين لا تُدغم فيما قرب منها، لا تدغم في اللام كما أُدغمت اللام في الراء. والنون تُدغم في الميم، نحو: عمن، يريد: عن من. ولا تُدغم الميم في النون فنقول: قُم نذهب، فتجعل، الميم نوناً. والنون تُدغم في اللام. قال أبو صخر: كأنهما مل الآن لم يتغيرا ... وقد مر للدارين بعدنا عصر والعصر ها هنا: الدهر. يقال: عَصْر وعصُر، وجمعه: أعْصُر وعُصُور. وحروف الفم أقوى على الإدغام من حروف الشفتين. وقال آخر: عوّد لسانك قول الخير تحظ به ... إن اللسان لما عودت معتاد موكل يتقاضى ما رسمت له مِلء ... خير ولاشر، فانظر كيف ترتاد يريد: من الخير والشر، فأدغم النون في اللام. ولا يُدغم أبداً إلا الأول في الثاني، ولا يُدغم الثاني في الأول. ومن الحروف ما لا يُدغم فيما قرُب منها؛ فالهمزة لا تُدغم في شيء، ولا يُدْغَمُ فيها. وتقول: هو من بني العَنْبَر. وإن شئت قُلْت: هو من بني العنر، فحذفت النون إذا كانت بعدها لام تظهر. فإذا قلت: هو من بني الرَّجل، لم تقل: بنرجل؛ لأن اللام في الرجل تظهر.

قال الشاعر: غداة طُفت علماء بكر بن وائل ... وعُجنا صدور الخيل نحو تميم أراد: على الماء، فحذف اللامين. وتقول: زياد الأعجم فإذا تركت الهمزة قلت: زياد اللعجم، تريد: الأعجم، فتترك الهمزة، وتُبْدِلُ من التنوين لاماً وتُدغمها في اللام التي بعدها. وعلى هذا قرأ أبو عمرو: {وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَاد للُّولَى} وقرأ نافع: عادً الأولى، بالهمز. والأصل فيه: عاداً الوُولى؛ فأبدلوا من الواو المضمومة همزة فصارت عاداً الأولى، فحولت ضمة الهمزة إلى اللام، وأسقطت الهمزة، وأُدغمت النون في اللام فصارت عاد اللُّولى. وابنُم للعرب فيه مذهبان: منهم من يُعربه من الميم ويلزم النون الفتح. ومنهم من يُعربه من النون والميم فيقول: ابنَم وابنَما وابْنَمٍ. وقال الفراء: إنما أعرِبَت من مكانين؛ لأنه قلَّ، ومع قِلّته، أن النون آخره، وهو حرف خفي فزيدت عليه الميم، كما زيدت على فم وعلى ما قَلَّ. قال الشاعر في إعرابه من جهتين: غرَّاءُ، لم تسغب ولما تسقم ... ولم يُلِحْها حزن على ابْنَمِ

وقال في اللغة الأخرى: تعاورتما ثوب العقوق كلاكما ... أبٌ غير بَر وابْنَم غير واصل تعاورتما، تعني: تعاونتما. يقال: تعاورَ القوم فلاناً واعتوروه ضرباً، أي: تعاونوا، فكلما كفَّ واحد، ضرب آخر. والتعاور عام في كل شيء. وقال في لغة [المثنى والجمع]: هذان ابنمان. وفي جمعه: هؤلاء ابنمون. قال الكُمَيت: ومنا ضرار وابنَماه وحاجب ... مؤجج نيران المكارم لا المخبي وقوم من العرب يقفون عند الساكن في الحرف إذا انقطع نفس الرجل منهم، ولا يقف عند المتحرك. ثم يعيدون الذي يقفون عليه في الابتداء إذا كان مدغماً؛ فيقولون: قام الرجل؛ فإذا انقطع نفس أحدهم عند الألف واللام، قال: قام الّ، ثم يقول بعْدُ: الرجل، فيدغمون اللام في الرجل، فيعيدونها من أجل الإدغام. فإذا كانت اللام غير مدغمة لم يعيدوها. من ذلك أنهم يقولون: قام الحارث فإذا اضطروا إلى الوقف على الألف واللام قالوا: قام الْ، ثمّ يقولون في الابتداء: حارث، ولا يعيدون الألف واللام؛ لأن اللام ظهرت، فكرهوا إعادتها لظهورها. أنشد بعض العرب: قلت لطاهينا المطرِّي في العمل ... عجِّل لنا هذا وألحقنا بِذَلْ بالشحم إنا قد أجِمنا ذا بجل

فأعاد الألف واللام في الشحم لاندغام اللام في الشين. وليس في مذهب الفراء ولا العرب الفصحاء الوقوف على بعض الحروف دون بعض. لا يجوز أن تقف على ألْ وتبتدئ: هاكم التكاثر؛ وإن كان قد جاء ذلك عن بعض العرب. فإذا كان بعد "هل" ففيها لغتان: بعضهم يبين لام هل، وبعضهم يُدغمها فيقول في هل تعلم: هَتعْلَم؛ فإنما أُدغمت اللام في الهاء فثقّلوها. قال الشماخ: فقال له: هتّ تشتريها فإنها ... تُباع إذا بيع التّلاد الحرائز يريد: هل تشتريها، فأدغم اللام في التاء. وقال الكسائي: يقولون: قد تيتُك، وقد تّاك، أي: قد أتيتك، وقد أتاك، فيدغمون. ومن قرأ على التخفيف، ولم يمكن، قرأ: {يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ}: "يُخيل إليه". و: {هَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ} و {أنْزَلْ لَيْكَ} أي أنزل إليك. وللإدغام شرح طويل فاختصرته.

التوكيد التوكيد فيه لغتان: يقال: توكيد وتأكيد، ووكدته وأكدته. والهمز في العقد منه أجود. وتقول: وكدتُ اليمين. وتقول: إذا عقدت فأكِّد، وإذا حلفت فوحِّد. فمن التوكيد قوله، جل جلاله: {أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ}. ونعلم أن الأموات غير أحياء، وإنما جاء به توكيداً. ومثله: {فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ}، جاء به توكيداً. كما قال الشاعر: ثلاث واثنتان، فهن خمس ... وسادسة تميل إلى السهام ومعلوم أن ثلاثاً واثنتين هنَّ خمس. وكما قال عبد بني الحسحاس: تجمعن من شتى: ثلاث وأربع ... وواحدة، حتى كمُلن ثمانيا ومعلوم أن ثلاثا وأربعاً وواحدةً هن ثمان. ولكن قد يجوز بالتأكيد في بعض كلمهم، كما يوجزون في بعضه.

وكذلك قوله تعالى: {لا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ} جاء به توكيداً. وسأل ابن كيسان ثعلباً عن ذلك فقال: لم أدخل اثنين، وإلاهان اثنان؟ فقال: لإخراج الشك الذي يعترض في قلب الملحد، فأتى بلفظ اثنين في معنى واحد. وقول القائل: قد أشهدت شاهدين اثنين، هو تأكيد ومبالغة. وقوله: عَدْلين، زيادة في التوكيد. والعرب ربما جاؤوا بالحرف الذي لا يستعملونه توكيداً. وقد قرئ: {عَمَّا قَلِيلٌ} رفعاً؛ لم يُعملوا عن، وأعملُوا ما فرفعوه باسم ما. ومن قرأ: {عَمّا قليلٍ} بالجر، لم يُعمِلوا ما، وأعملوا عن، يريدون: عن قليلٍ. ومنه قوله، عز وجل: {لَقَدْ وُعِدْنَا هَذَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا}. فلو قال تعالى: وُعِدنا وآباؤنا، أجْزَى. وكذلك: {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى}. فلو قال تعالى: إنا نحي الموتى، لأجْزَى. جاء بنحن توكيداً. كما قال، عز وجل: {إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ}، وإنما هو: إني أنا الله، فجاء بالنون توكيداً، وهي نون أخرى. وكذلك: {إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ}. جاء بأنه توكيداً. وكذلك: {مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ} مِنْ، جاء بها توكيداً.

وكذلك: {وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ}. والطيران لا يكون إلا بالجناح. ومثله من الكلام: جئتك بنفسي، ومشيت إليك برجلي، وكلّمتُك بلساني، ونظرت إليك بعيني، وسمعته بأذني. والمجيء لا يكون إلا بالنفس، والمشي لا يكون إلا بالرجل، والكلام لا يكون إلا باللسان، والنظر لا يكون إلا بالعين، والسمع لا يكون إلا بالأذن. ولكن كل هذا توكيد. قال أوس بن حجر: وتنكسف الشمس، شمس النها ... ر مع النجم والقمر الواجب والشمس لا تكون إلا بالنهار. وقال الآخر: أجل شغلت فلا أعطيت من سعة ... حتى يغيب لحيي رأسك الجول واللحيان لا يكونان إلا للرأس. والجُول: زاوية القبر. وقال عنترة: حرِقُ الجناح، كأن لحيي رأسه ... جَلمان بالأخبار هش مُولعُ ومثله قول طرفة: فأصبحت فقعاً نابتاً بقرارة ... تصوح منه والذليل ذليلُ

تصوّحُ: تقطَّرُ، فأخبر أن الذليل ذليل، وهو توكيد. وقال تعالى: {فَخَرَّ عَلَيْهِمْ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ}. يقال: خرَّ على فلان منزله واستهدم وسقط، وليس هو تحته؛ فإذا قال: من فوقه، عُلِمَ أنه تحته. وقال تعالى: {وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ}. قال المبرد: المعنى فيه: أنه كان يصلح أن يقول: ولي نعجة أنثى في موضع آخر. فلَمّا قال: واحدة، بلغ النهاية. وأنشد مسلمة عن الفراء عن الكسائي فيمن أتى بلفظ الاثنين وهو بمعنى واحد: ومهمهين فدفدين مرتين ... قطعته بالسَّمت لا بالسمتين فأدخل اثنين وأخرج الشك. وقال الأعشى: وقد غدوت إلى الحانوت يتبعني ... شاو مشل شلولٌ شلشلٌ شوِلُ فالشاوي: الذي يشوي. والشَّلول: الخفيف. والمِشَلّ: الطرد. والشُّلشُل: الخفيف السريع. والشَّول مثله. والألفاظ متقاربة المعنى، وجمع بينها، وأريد بذكرها المبالغة والتوكيد. والعرب تقول للرجل، توبخه: أنت قلت كذا، وأنت فعلت كذا. وقولهم: أنت، توكيد عند أهل اللغة. وقوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} معناه: ليس كهو شيء، وإنما أدخل المِثل

توكيداً للكلام. وقال أوس بن حجر: وقتلى كمثل جذوع النخيل ... تغشاهم سبل منهمر وإنما أراد: كجذوع النخيل لا كمثله. وقال الشاعر: إلى الحول ثم اسم السلام عليكما ... ومن يبك حولاً كاملاً فقد اعتذر وإنما أراد: ثم السلام عليكما، وكذلك فسِّر: بسم الله الرحمن الرحيم؛ كأنه قال: بالله الرحمن الرحيم. وإنما أدخل الاسم زيادة في الكلام وتأكيداً. الأضداد والأضداد: مثل قولهم للعطشان: ناهل، وللذي قد شرب حتى روي: ناهل. وقال: والطاعن الطعنة يوم الوغى ... ينهل منها الأسل الناهل وقولهم: لله در فلان، يكون مدحاً وذماً. قال في الذم: وبنو أمية أسلمونا للردى ... لله در ملوكنا ما تصنع

والسُّدْفة في لغة تميم: الظلمة. والظلمة تأتي على الضوء. والحميم: الماء الحار والماء البارد أيضاً. قال الشاعر: فساغ لي الشراب، وكنت قبلاً ... أكاد أغص بالماء الحميم أي: بالماء البارد. ونون قبلاً، وهي صفة، لأنه خرج مخرج الأسماء. وطلعت على القوم: إذا أقبلت إليهم حتى يروك. وطلعت عليهم: إذا غبت عنهم. ولمقت الشيء: إذا كتبته، في لغة هذيل، ولمقته: محوته، في لغة قيس. وبعت الشيء: إذا بِعْتَه، وبعته: اشتريته. وشعبت الشيء: أصلحته، وشعبته: شققته. والجون: الأسود، والجوْن: الأبيض. والتِلاع: ما علا من الأرض، والتِّلاع: ما خفض منها. والجلل: الأمر العظيم والأمر الحقير. قال امرؤ القيس: بقتل بني أسد ربَّها ... ألا كل خطب سواه جلل

أي: كل خطب سواه حقير. وقال الحارث بن وعلة: قومي هم قتلوا أميم أخي ... فإذا رميت يصيبني سهمي فلئن عفوت لأعفونَّ جللا ... ولئن سطوت لأوهنن عظمي أي: لأعفونَّ عظيماً. والماثل: القائم. والماثل: اللاطي بالأرض. والصريم: الصبح. والصريم: الليل. والبَثْر: القليل. والبَثْر: الكثير. الرهوة: الارتفاع والانحدار. وراء: يكون: خلف، ويكون قدّام. وكذلك: قدّام. دون: تكون فوق، وتكون تحت. أفرع: صعد ونزل. الخُلوف: القوم الغيَّب والمتخلفون. والذرية: الأولاد والآباء، وهي للنساء أيضاً. والهاجد: النائم والقائم المصلي بالليل. سواء الشيء: غيره ونفسه أيضاً.

قال الله تعالى: {قَالَ لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ}. وقال الله، عز وجل: {وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ}. المشيح: الجاد في الأمر. قال أبو النجم: قباً أطاعت راعياً مشيحا والمشيح: الجبان. وبعير معبَّد: إذا كان مذللاً قد طُلي بالهناء من الجرب حتى ذهب وبَرَهُ. قال طرفة: إلى أن تحامتني العشيرة كلها ... وأفردت إفراد البعير المعبّدِ وبعير معبّد: إذا كان مُكرماً. قال حاتم: تقول: ألا أمسك عليك فإنني ... أرى المال عند الباخلين معبّدا معناه: مكرماً. ويروى: معتَّدا، أي يجعلونه عدةً للدهر. أطلبت الرجل أعطيته ما طلب، وألجأته إلى أن يطلب. أشكيت الرجل: رجعت له من شكايته إلى ما يحب وأتيت إليه أمر إشكائي منه.

الإهماد: سرعة السير والإقامة. خفيت الشيء: أظهرته وكتمته. قال امرؤ القيس يصف عدو فرسه وإظهاره الجرذان من جحرتهن بشدته: خفاهن من أنفاقهن كأنما ... خفاهن ودق من سحاب مجلِّب وأهل المدنية يسمون النباش المختفي؛ لأنه يخرج الأكفان ويظهرها. وخفا واختفى واحد: أظهر وأخفى وأرى. وقال امرؤ القيس أيضاً: وإن تدفنوا الداء لا نخفه ... وإن تبعثوا الحرب لا نقعد ويروى: لا نخفه، بالضم، والمعنى واحد. وقال عبدة بن الطبيب: يخفي التراب بأظلاف ثمانية ... في أربع مسهن الأرض تحليل يريد: يظهر التراب، يعني: الثور الوحشي. وقال النابغة: يخفي بأظلافه حتى إذا بلغت ... يُبْسَ الكثيب تداعى التُّرْبُ فانهدما

وقولهم: لا أمَّ لك، مدح وذم. قال: وإذا تكون كريهة أدعى لها ... وغذا يحاس الحيس يدعى جندب هذا، وجدكم، الصغار بعينه ... لا أم لي، إن كان ذاك، ولا أب أسررت الشيء: أخفيته وأظهرته. قال الله تعالى: {وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ}، قيل في التفسير: أظهروها، ويقال: كتموها. وقال الفرزدق: فلما رأى الحجاج جرَّد سيفه ... أسرَّ الحروري الذي كان أضمرا يريد: أظهر، وهذا من الأضداد، وهو كثير فاختصرته. المقلوب القلبُ: تحويلك الشيء عن وجهه. تقول: كلام مقلوب: قلبته فانقلب، وقلبته فتقلب. ومن قال: أقلبتُه، بالألف، فقد أخطأ. والقلب أيضاً: صرفك إنساناً، تقلبه عن وجهه الذي يريد. والفعل اللازم من ذلك: الانقلاب.

والقلب سمي قلباً لتقلُّبِه. وفي الحديث: "سبحان مقلب القلوب". وفيه أيضاً: "إن لكل شيء قلباً، وقلب القرآن يس". وقال الشاعر: ما سمي القلب إلا من تقلبه ... والرأي يصرف بالإنسان أطوارا فمن المقلوب قوله، عز وجل: {وَلَقَدْ ذَرَانَا لِجَهَنَّمَ [كَثِيراً مِنْ الْجِنِّ وَالإِنسِ]}. يقول: ذرأنا جهنم لكثير من الجنس والإنس. وقال الأعشى: لمحقوقة أن تستجيبي لصوته ... وأن تعلمي أن المُعان موفق أي: الموفق معان، فقلب. وقال آخر: ترى الثور فيها مُدخِل الظل رأسه ... وسائره باد إلى الشمس أهيعُ أراد: مُدْخِل رأسه الظلَّ، فقلب؛ لأن الظل التبس برأسه، فصار كل واحد منهما داخلاً في صاحبه. ومثله:

كانت فريضة ما تقول كما ... كان الزناء فريضة الرَّجم أي: كما كان الرجم فريضة الزنا، فقلب. ومثله: أصبح ينعى للملاح نفسه، أي ينعى لنفسه الملاح. والعرب تقول: "اعرض الناقة على الحضو"، تريد: اعرض الحوض على الناقة. ومن المقلوب أن تقدم ما يوضحه التأخير، وتؤخذ ما يوضحه التقديم؛ كقوله تعالى: {فَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ}، أي: مخلف رسله وعده؛ لأن الإخلاف قد يقع بالوعد كما يقع بالرسل. وكذلك قوله تعالى: {دَنَا فَتَدلّى}، أي: تدلى فدنا، لأنه تدلى للدنو، ودنا للتدلي. وقال النابغة: وقد خفت، حتى ما تزيد مخافتي ... على وعِل في ذي القفارة عاقل وكان الوجه أن يقول: حتى ما تزيد مخافة وعل على مخافتي، فقلب؛ لأن المخافتين استويا. وفي البيت أيضاً حذف وهو: تزيد مخافتي على مخافة وعْل، فحذف مخافة. وقال الله تعالى: {خُلِقَ الإِنسَانُ مِنْ عَجَلٍ}، مجازه: خُلِق العجل مِنَ الإنسان.

والعرب تفعل هذا إذا كان الشيء من سبب الشيء، بدأوا بالسبب. ومثله: {مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ}. والعُصبة هي التي تنوء بالمفاتيح. والعرب تقول: إذا طلعت الشِّعْرى استوى العود على الحرباء. المعنى: استوى الحرباء على العُود. ومثله قول الشاعر: وتركب خيل لا هوادة بينها ... وتشقى الرماح بالضياطرة الحُمر المعنى: وتشقى الضياطرة بالرماح، فقلب. الضيطر من الرجال: الضخم الذي لا غناء عنده. وقال آخر: آمل، والإنسان من طول الأمل ... آمل أن أراه نخلاً قد حمل والمعنى: طول الأمل من الإنسان، فقلب. وقال العجاج: يشقى بأم الرأس والمطوَّق ... ضرب هدال الأيكة المسوَّق المطوق: العُنُق. والهدال: الأغصان. والأيكة: الشجرة. والمسوّق: الذي له سوق؛ كأنه قال: تشقى أم الرأس. والمطوق بالضرب، يعني: ضرب السيف، فقلب.

وقال آخر: حسرت كفي عن السربال آخذه ... فرداً يجر على أيدي المفدينا أراد: حسرت السربال عن كفي، فقلب. وقال الأعشى: وقد لحقن بهم تُعدي فوارسنا ... كأننا رعن قُفّ يرفع الآلا أراد: الآل نرفعه، فقلب. والآل يكون طرفي النهار بكرة وأصيلا. والسراب: هو الذي يكون نصف النهار، تراه كأنه ماء. قال الله، عز وجل: {كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً}. قال امرؤ القيس: يضيء سناه أو مصابيح راهب ... أهان السليط بالذُّبال المفتَّل ويروى: أمال السليط. ويروى أو مصابيح راهب، بالخفض، على أنها منسوقة على اللمع؛ كأنه قال: كلمع اليدين أو مصابيح راهب أهان السليط. وهي الرواية المتفق عليها. وإنما يريد: كأن مصابيح راهب في سناه، فقلب. ومثله:

حتى إذا احتدمت وصا ... ر الحمر مثل ترابها أي: صار ترابها مثل الجمر. والحَدْم: شدة إحماء حر الشمس والنار. نقول: حدمه كذا واحتدم. قال الأعشى: وإدلاج ليل على غرَّة ... وهاجرة حرها يحتدم ويروى: محتدم. ومثله قال: كأن لون أرضه سماؤه يريد: كأن لون سمائه من غبرتها لون أرضه. ومثله لامرئ القيس: يضيء الفراش وجهها لضجيعها ... كمصباح زيت في قناديل ذبال يريد: في ذبال قناديل، فقلب. ومثله: كأن أنساعي وكور الغريز وإنما هو: غرز الكور.

وقال أبو ذؤيب: عرفاء قد رفع المرار سنامها ... فنوت، وأردف نابها بسديس يقول: أردف سديسها بناب، فقلب. وقوله: فنوت: أي كثر نيها، وهو شحمها. وقوله: سديس، أي: سدست وبزَلَتْ. وناقة ناوية: كثيرة الني. وقال آخر: قد سالم الحيات منه القدما ... الأفعوان والشجاع الشَّجعما فنصبهما، وكان الوجه رفعهما؛ لأن من سالمته فقد سالمك؛ فهما فاعلان ومفعولان. ويروى: [قد سالم] الحيات منه القدم ... الأفعوان والشجاع الشجعم رفع الأفعوان، وهو نعت للحيات. والحيات نصب على المعنى. وقال الشماخ يذكر أباه: منه وُلدت، ولم يوشب به حسبي ... لياً كما عُصب العِلباء بالعود وكان الوجه أن يقول: كما عُصب العود بالعلباء، فقلب؛ لأنك تقول: عصبت

العِلباء على العود، كما تقول: عصبت العود بالعلباء. والعِلباء: عصب للعنق، وهما علباوان، والجميع: العلابي. ويقلبون الحروف بعضها ببعض، فيقولون: أنبضت القوس وأنضبتها: إذا جذبت وترها لتصوت. ودمقت فاه ودقمته: إذا ضربته. وأحجمت من الأمر وأجحمت. وطمس الطريق وطسم: إذا درس. وقاع الفحل على الناقة وقعا. واضمحل الشيء وامضحل: إذا ذهب. وحمت يومنا ومحت: إذا اشتد حره. وصعق الرجل وصقع. وصاعقه وصاقَعَه. وصعق الغراب وصقع. وقال جرير: يناشدني النظر الفرزدق بعدما ... ألحقت عليه من جرير صواقع وهذا كما قالوا: جذب وجبَذَ. وأغرل وأرغَلُ، وهو الأقلف، وجمعه: غُرْل. وقال الكميت: ترى أبناءنا غرلاً عليها ... وتنكؤهم بهن مختَّنينا وما أطيبه وأيطبه. وبطيخ وطبيخ.

وقد روي عن النبي، صلى الله عليه، أنه قال: "أكلت بطيخاً ورُطباً، فما كان أطيبه". ونقول: أيطب به وأطيب به. ومكان أبرش وأربش، وأرشم وأرمَش. وأرض برشاء: كثيرة النبت، مختلف الألوان. ومكان عميق ومعيق، وهي لغة تميم، وقد معُقَ معاقة. ولا تصلح هذه اللغة في القراءة. ولفت الرجل وجهه وفتل. طفس وفطس: إذا مات. وجخجخ وخجخج: إذا لم يُبد ما في نفسه. ويقولون: تهتاب ودهداب، يقلبون الدال تاء. وسراه وستاه، وسدّاه تسدية، وستّاه يستِّيه، للثوب. ويقلبون الدال ذالاً. وفي قراءة ابن مسعود: {فَشَرِّ ذْ بِهِم}. ونمرود ونُمْروذ.

الإبدال والإبدال قولهم: مدهته ومدحته. وهتنت السماء وهتلت. والكتلُ والكتَنُ: وهو التلزُّج. ولعاعة ونعاعة. و [هو] بقل ناعم. وسجيل وسجين. واين وأيم وهو الحيَّة. وطامه الله على الخير وطانه يعني: جبَله. وفناء الدار وثناء الدار. وجدث وجدف، وهو القبر. والمغافير والمغاثير، وهو دود يخرج من العُرفط حلو يصيح بالماء فيشرب. يقال: قد أغفر العُرفط: إذا ظهر ذلك فيه. وواحد المغافير مغفور ومُغفر. والعرفط: شجرة من شجر العضاة تأكله الإبل. والواحدة: عُرْفُطة. وجذوت وجثوت: وهو القيام على أطراف الأصابع. وبعير رفل ورِفَنّ: سابغ الذنب. ونبض العرق ونبذ، ينبض وينبذ. وتريَّع السراب وتريَّه: إذا جاء وذهب. وهرت فلان الشيء وهرده: إذا خرَّقه. وهو شثن الأصابع وشثل. وهو كبنُ الدَّلو وكَبْلُ الدلو: يعني: شفتها. وجردبت في الطعام وجردمت: وهو أن تستر بيدك ما بين يديك من الطعام عن غيرك. قال الشاعر: إذا ما كنت في قوم شهاوى ... فلا تجعل شمالك جردبانا

وضربه ضربة لازب ولازم. ونعامة ربداء ورمداء: التي لونها كلون الرماد. وخمدت النار وهمدت. وبزق الرجل وبصق. والصراط والزراط. وهام وحام، وهو هائم وحائم من العطش. وهرقته وأرقته. وأساغ إلى الشيء وأصاخ. واعلنكس الليل واعرنكس. ومرست الشيء ومرصته، وهو غمز بالأصابع. والكُسْت والكُسط والكُسبرة والكُزبرة. والقهر والكهر. وقرئ: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَكْهَرْ}. والصَّقب والسقب وهو: ولَدُ الناقة، وهو: الطويل أيضاً من كل شيء مع ترارة. وهو القرب أيضاً. ومنه: "الجار أحق بصقبه وسقبه". وصديغ وسديغ: وهو اسم الولد إلى سبعة أيام؛ سمي به لأنه لا يشدُّ صدغه إلى سبعة أيام. والرصغ والرسغ، والسين أفصح. ويقولون: هذا علج، يريدون: علي، فيبدلون الجيم من الياء، حرصاً على البيان؛ لأن الياء من مخرج الجيم، والجيم أمشى في الفم من الياء، فإذا وصلوا لم يُبدلوا. قال الشاعر: خالي عويف وأبو علِج ... المطعمان الشحم بالعشج وبالغداة فلق البرنج ... يقلع بالقرن وبالصيصج

يريد: علي والعشي والبرني [والصيصي]. والعرب تُبدل من السين ياء، فيقولون في الخامس: خامي، وفي السادس: سادي. قال: مضى ثلاث سنين منذ حل بها ... وعام حلت، وهذا التابع الخامي يريد: الخامس. ويقال: جاء فلان خامياً وسادياً. وقد جاء مثل هذا في العدد إلى العشرة. وهو في آخر الكتاب موجود إن شاء الله. والعرب تعوض الحرف الخفيف من الثقيل؛ فيبدلون الياء من الحرف إذا استثقلوه في الشعر ليتم لهم الوزن. فمن ذلك قول الشاعر: ومنهل ما أن له حوازق ... ولضفادي جمه نقانق المنهل: الماء الذي ينهل منه، أي: يروى. وحوازق: مضائق. يعني: أنه ليس بغدير ولا نهر، وإنما هو بئر، وجمه: كثرة مائه. أراد: ولضفادع جمه، فأبدل الياء من العين لخفتها. وقال آخر في عقاب:

لها أشارير من لحم تتمره ... من الثعالي ووخز من أرانيها أشارير: جمع إشرارة، وهو ما يجفف من اللحم ها هنا. وكل ما شررته فهو إشرار. والمتمر: ما قُطع صغاراً، فإن قطع كباراً فهو ضفيف. فإذا قُطع طولاً فهو قديد، وجمعه الوشيق. والوخز: الشيء اليسير. والثعالي: أراد: الثعالب، فأبدل من الباء ياء. وأرانيها: أراد: أرانبها، وهو جمع الأرنب. والبدل في الكلام على وجهين: وجه على الغلط، نحو: مررت برجل حمار، كأنه أراد أن يقول: مررت بحمار فغلط، فقال: برجل، ثم أدرك كلامه بعد فقال: بحمار. والوجه الثاني: يكون على البيان، نحو: مررت بعبد الله عاقل لبيب كأنك قلت: مررت بعاقل لبيب. قال الله، عز وجل: {لَنَسْفَعَاً بِالنَّاصِيَةِ، نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ}، على البدل. وقد قرئ بالرفع والنصب: ناصيةٌ بدل من الأول، كاذبةٌ: نعت لها. والعرب تبدل النكرة من النكرة، والنكرة من المعرفة، والمعرفة من النكرة. قال الله، عز وجل: {إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ، صِرَاطِ اللَّهِ}. ثم قال النابغة: لئن كان بالقبرين قبر بجلق ... وقبر بصيداء الذي عند حارب

فأبدل نكرة من معرفة. وكذلك: مررت برجل أخيك، إذا أردت به البدل. قال الله تعالى: {وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ، اللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبَائِكُمْ الأَوَّلِينَ}. قال ذو الرمة: ترى خلفها نصفاً قناة قويمة ... ونصفاً نقاً يرتج أو يتمرمر رواية سفلى مضر: نصف قناة، على المبتدأ والمبني. ورواية عُليا مضر: نصفاً قويمة، على البدل. وهو جامع لمن قرأ: {وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ} بالرفع والنصب. قال الراجز: لقد رأيت يا لقومي عجبا ... حمار قبان يقود أرنبا مجازه: رأيت عجباً، رايت حمار قبّان، وهو حجة لمن قرأ: {وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ}. قال جميل: وآخر عهدي من بثينة أنها ... تريني بنانا كفُّهن خضيب حجة لمن قرأ: {وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ}.

وقال كثير: وكنت كذي رجلين: رجل صحيحة ... ورجل رمى فيها الزمان فشُلَّت يروى بالرفع والجر. وقال آخر: إني وجدتك يا جرثوم من نفر ... جرثومة اللؤم لا جرثومة الكرم وقال آخر: إنا وجدنا بني جلّان كلهم ... كساعد الضب لا طول ولا عِظم وكل شيء من هذا البدل يجوز في المعرفة والنكرة، وهو على مثال حاله في الجر. ويجوز أن يرفع الآخر من كل شيء من هذا، فتقول: مررت برجل أخوك، كأنك قلت: هو أخوك؛ فهو ابتداء، وأخوك خبر الابتداء.

الجوار الجِوار والجُوار، بالكسر والضم، لغتان، وهو المجاورة والجميع: الأجوار. قال: ورسم دار أجْوار والجيرة والجيران كذلك جماعة. والجؤار، بالضم والهمز: صوت البقر. جأرت تجأر جؤاراً: وهو رفع صوتها. والعرب تخفض بالجوار وتنصب. قال الله تعالى: {قُتِلَ أَصْحَابُ الأُخْدُودِ، النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ}. فجرَّه لقرب الجوار وقال، عز وجل: {اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ}. والعُصوف من صفة الريح، لا من صفة يوم، فجرَّه لقرب الجوار، كما قالوا: جحر ضب خرب، والخراب من صفة الجُحر لا من صفة الضب. وقال أبو عبدان: العرب، إذا جاؤوا باسم موصوف، وجعلوا بين الاسم والصفة ظرفاً، جعلوا الصفة من صفة الظرف. ويوم: ظرف، وإنما جرّه بفي، ولو لم تكن في، لكان نصباً؛ لأنه ظرف. وقال الله تعالى: {كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ، فَرِيقاً هَدَى وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمْ الضَّلالَةُ}. نصبهما جميعاً على إعمال الفعل فيهما، أي: هدى فريقاً، ثم أشرك الآخر في نصب الأول، وإن لم يدخل في معناه. والعرب تُدخل الآخر المشترك بنصب ما قبله على الجوار، وإن لم يكن في معناه. وقال امرؤ القيس:

كأن أباناً في أفانين ودقه ... كبير أناس في بجاد مزمل فخفض مزملاً على الجوار، ووجهه الرفع لأنه من صفة الكبير لا من صفة البجاد. والبجاد: كساء من أكسية الأعراب، من وبر الإبل وصوف الغنم مخطط، والجميع: بُجُد. ومثله: كأن نسج العنكبوت المرمل خفض المرمل على الجوار للعنكبوت، وهو في المعنى نعت للنسج. وأنشد الفراء: كأنما ضربت قدّام أعينها ... قُطناً بمستحصد الأوتار محلوج فخفض محلوجاً على الجوار لمستحصد، وهو في المعنى نعت للقطن.

المنقول والمنقول: هو ما نُقِل من الكلام عن أصله. وأكثر ما يكون في المعتل. قالوا: كان اسم الله، تقدَّست أسماؤه، إلاهاً، على فعال، فأدخلوها الألف واللام، فقالوا: الإله. ثم خففوا الهمزة وأدغموا اللام في اللام، فقالوا: الله، عز وجل. وأصل الإله: ولاه، من: تأله الخلق إليه، أي فقرهم وحاجتهم إليه، كما يقال في وعاء: إِعَاء، وفي وشاح: إِشَاح. ثم تدخل الألف واللام للتعظيم والتعريف، فصار الإله. وأصل القيُّوم: القيْيوم؛ فلما اجتمعت الياء والواو، والسابق ساكن، جعلتا ياء مشددة. وأما القيَّام فأصله: القيْوَام؛ فلما اجتمعت الياء والواو، والسابق ساكن، جُعلتا ياء مشددة. وأما القيّم فأصله: القَيْوِم؛ فلما اجتمعت الواو والياء، والسابق ساكن، أبدلوا من الواو ياء، وأدغموا فيها الياء التي قبلها، فصارتا ياء مشددة. والحي، أصله: الحيْو؛ فلما اجتمعت الياء والواو، والسابق [ساكن]، جعلتا ياء مشددة. وأصل مهيمن: مؤيمن، فأبدلوا من الهمزة هاء، كما قالوا: أرقْتُ الماء وهرقته، وهياك وإياك. قال: يا خال هلا قلت إذ أعطيتني: ... هياك هياك وحنواء العنق

وقال آخر: فهيَّاك والأمر الذي إن توسعت ... موارده ضاقت عليك مصادره فمن قال: أرقت الماء، قال: أريق إراقةً. ومن قال هرقت الماء، قال: أهريق هراقة. ومنهم من يقدِّر أن الهاء من الفعل، فيزيد عليها ألفاً، فيقول: أهرقت الماء أهريق إهراقة. وقال زهير في اللغة الأولى: ينجمها لقوم غرامة ... ولم يهريقوا بينهم ملء محجم وأنشد أبو العباس في اللغة الثانية: فلما دنت إهراقة الماء أمسكت ... لأعزله عنها، وفي النفس أن أثني وأصل الحي: حيوة، فردوا إلى الياء. وقال بعضهم: الأصل ياءان، لأنه من: أحييت، فأدغم الياءَ في الياءِ. وأصل ميت: ميوِت مثل: صيقِل، فأدغموا الواو في الياء. وقال قوم: كان أصله: مويت، فأدغمت الواو في الياء ونُقِل، فقيل: ميت. ولغة: يخففون فيقولون: ميت. قال الشاعر: ليس من مات فاستراح بميت ... إنما الميت ميت الأحياء

فجاء باللغتين معاً. وقال بعض: التخفيف لما مضى، والتثقيل لما يستقبل، واحتج بقول الله، عز وجل: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ}. أي: ستموت وسيموتون، والله أعلم. وأصل الإنسان: إنسيان، يظهر لك في التصغير، تقول: أنيسيان، وتجمع: أناسي، ومرجع المد الذي حذف وهو الياء. ومن العرب من يقول في إنسان: إيسان، بالياء، ويجمعه: أياسين. وقد جمعوا إنساناً: أناسية. ومنهم من يجمع الإنسان: أناسين مثل: بستان وبساتين. فأما قوله تعالى: {وَأَنَاسِيَّ كَثِيراً}، فقيل: واحدهم إنسي. والعرب توقع الإنسان على المذكر والمؤنث والواحد والجميع. ومنهم من يقول في المؤنث: إنسانة. وقال: إنسانة تسقيك من أسنانها ... خمراً حلالاً، مقلتاها عنبه وأصل آدم: أأدم، فجعلوا الهمزة الساكنة ألفاً لانفتاح ما قبلها. وأصل الناس: النيس، فصارت الياء ألفاً لتحركها وانفتاح ما قبلها. وقرأ الكسائي "الناس" بالإمالة. وإنما أمال ليدل على ألف منقلبة من ياء. وقال ابن الأنباري: الأصل في الناس: النُّوس. وقال سيبويه: أصل الناس: الأناس، فتركوا الهمزة تخفيفاً، وأدغموا اللام في النون. وأصل الأيام: أيوام، والياء منها مثقلة. ويدلّك على أصل الواو أنك تقول: يوم. وله تمام في حرف الياء من هذا الكتاب إن شاء الله. وكذلك: سيئة، الياء مثقلة؛ لأن الأصل: سيِّوة، فقلبت الواو ياء، وأُدغمت فيها.

وأصل ديار: ديوار، من: دار يدور، فقلبوا الواو ياء، وأدغموا الياء فيها. وصيب، أصله: صيوب، ألا ترى أنك تقول: صاب يصوب؟ فقلبوا الواو ياء وأدغموا الياء فيها، وهو المطر، وجمعه: صياب. وقولهم: رجل صب، أصله: صبب، فاستثقلوا الجمع بين الباءين المتحركتين، فأسقطوا حركة الباء الأولى، وأدغموها في الثانية. وأصل القيام: قِوام. وكذلك ضياء، أصله: ضواء؛ لأنه من الضوء. وأصل خيفة: خوف. فلما كُسر ما قبل الواو انقلبت ياء. وأصل إياك: إيياك، فاستثقلوا إظهار الياءين، فأدغموا الأولى في الثانية، فثقلت. ومنهم من يقول: أصلها: إيواك، فقلبوا الواو ياء، وأدغموا الياء فيها. ويقال: إيواك، فقلبوها من الواو ياء لسكونها، وأدغموا الياء، ثم جاؤوا بالألف الأخرى التي بعد الياء ليرتفع بها الصوت. ثم جاؤوا بالكاف للخطاب، فقالوا: إياك. والكاف، في الظاهر، في معنى الخبر؛ لأنها تصير في معنى الإضافة. وقال قوم: هو في الأصل: إي واك، فحولوا الواو ياء، وأدغمت الياء في الياء وشددت. وأصل نستعين: نستعون؛ لأنها في المعاونة. فلما [كسر] ما قبل الواو، انقلبت ياء. ويقال: نستعين، بكسر النون، وإستعين بكسر الألف، وتستعين بكسر التاء. كما يقال: إحبُّ، وتِحِبّ، ونِحِبّ، بكسر الألف والتاء والنون. وقال: إحِبُّ لحُبِّها السودان حتى ... إحبَّ لحبها سود الكلاب

وقرئ على هذه اللغة: {وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمْ النَّارُ} بكسر التاء والتاء. ولا يجوز فيه بالياء؛ لأن الياء والكسر أختان. وأصل جهنم: جهانم، فأدغمت الألف في النون. وقال بعضهم: أصلها: جهينم، فأدغمت الياء في النون. وقال بعضهم: جهننم، فأدغمت النون في النون؛ لأنهم استثقلوها، واللسان يجفو عنها. وقال ابن دريد: جهنم اسم أعجمي، وكان الأصل جهانم. وسميت جهنم لسعتها وعمقها وغزرها. وأصل عنتم: عندتم، فقلبت الدال تاء وأدغمت في التاء. وكذلك أصل ستة: سدته، ألا ترى أنك تقول سدس؟ فذلك يدل على الدال، فقلبت الدال تاء وأدغمت في التاء وقال بعضهم: أصلها سدسة، فثقلوا التاء من ستة، كذلك دليله أنك تقول: أسداس وسديسة، فلزمهم أن يدغموا الدال في السين؛ لأنها من مخرجها حتى تصير ستة؛ لأن الحرف المثل، إذا أدغم، صار مثل ما أدغم فيه. فلما اجتمعت ثلاث سينات، وثقل ذلك عليهم، أبدلوا مكان السين تاء ثقيلة، فقالوا: ستة. والدليل على أنهم استثقلوا السينات أنهم يقولون: سديسة وأسداس. ولما فصلت الياء والألف من الحرفين لم يستثقلوا. وقال ابن شبيب: كرهوا أن يجمعوا بين الدال والسين، فأدخلوا الياء، كما أدخلوها في مدَّكر، وإنما هو مدتكر. فلما حقروا قالوا: سديسة، فردوه إلى اصله؛ لأن الياء قد دخلت حاجزة بين الدال والسين. كقولك: طست، وإنما هو طسس، فعافوا اجتماع حرفين مثلين من جنس

واحد، فأتوا بالتاء التي هي عوض من السين التي هي لام الفعل. فلما حقروه قالوا: طسيسة، فردوها إلى أصلها للحاجز الذي دخل بين السينين. وأصل اللهم: اللهمم، ميمان، فاستثقلوا إظهار الميم الأولى، فأدغموها في الثانية، وثقَّلوها للإدغام، وفتحوها؛ لأنها شبيهة بنون الجمع. ولم يقدروا لها على حركة إلا بالنصب؛ لأنه قبح الرفع والخفض. وحسن النصب لأنه أخف الحركات عليهم. وأصل كنا: كننا، نون الكون ونون الاسم؛ فإذا التقى حرفان من جنس، والأول ساكن، أدغم في الثاني. وأصل أنا: آنا، وهكذا هو في الخط؛ إلا أن العرب تحذف هذه الألف لأنهم يكرهون أن يجعلوا فتحة بين ألفين، فيحذفون الألف الثانية في الاتصال، ويثبتونها في الوقف، وهي لغة قريش وتميم وغطفان وعبد القيس. وأماطيئ وغيرهم من العرب، فإنهم يثبتونها في الوصل. قال الكسائي: سمعت أعرابياً فصيحاً يقول: أنا شيخ العشيرة فاعرفوني ................ فأثبت الألف. وأصل يا أبت: يآب، فوجدوا الكلام ضعيفاً ناقصاً، ولا يكون اسم أقل من ثلاثة أحرف، فأدخلوا هاء لتمامه، إلا أنها تكتب تاء، والإعراب الهاء. والتاء لغة قريش كما كتبوا التابوه: تابوت. وأصل القول: قول، والبيع: بيع. وقال بعض: الأصل فيهما: قول وبيع، فصارت الواو والياء ألفين لتحركهما وانفتاح ما قبلهما.

وبعض يقول في قيل: قُيِلَ، وسيق: سيق: وحيل: حُيِل. وقرأ بعضهم بذلك. وكان الأصل في قيل: قول، فكرهوا أن يجمعوا بين ضمة وواو، فألقوا الضمة من القاف فسكنت، ولم يستقم لهم أن يبتدئوا بساكن، فسكنوا، علاج الكسرة التي في الواو، فألقوها على القاف الساكنة، فانكسرت القاف، ثم قلبوا الواو ياء لانكسار ما قبله فقالوا: قيل. والذي قرأ بضم القاف، فإنه أقر الضمة التي كانت في الأصل أولاً، ثم استثقل ضمة وواواً مكسورة، فقلبها ياء؛ لأن الياء أخف من الواو. وأصل يَقُول: يَقْوُل: ويَقُومُ: يَقْوُم، ويبيع: يبيعُ، ويسير: يسْيِرُ، على مثال: يعبد ويضرب. وأصل خاف: خوف، ونام: نَوَمَ. وأصل يخاف: يَخْوُف، وينام: ينْوُم. وأصل الدائم منه: قاوُل وخاوُف وناوُم. وكان أصل الأسماء الممدودة أن يقال: الكساو، والفضاي، ورأيت الكساو والفضاي. ونظرت إلى الكساي والفضاي؛ فهمزوا ذلك؛ لأن الهمزة أقرب الأشياء من الياء والواو والألف. وأصل لم يزدد: لم يزتود، فصارت الواو ألفاً لتحركها وانفتاح ما قبلها، ثم سقطت لسكونها وسكون الدال، وأبدلوا من التاء دالاً لقربها منها. وقيل: أصلها: يزتد. فأبدلوا من الياء دالاً لأنها أشبه بالزاي، وأسكنوا الدال الثانية للجزم، وجعلوا الياء ألفاً؛ لتحركها وانفتاح ما قبلها، ثم أسقطوا الياء لسكونها وسكون الدال الثانية. وأصل زاد: زَيَدَ. وأصل خفت: خوفْتُ. وأصل المستقيم: المستَقْوم. وأصل يزن:

يوزِن. ويصل: يوْصِل. ويَعِد: يوْعِد. وأصل ميعاد: مِوْعَا. وميراث: مِوْرَاث. وميقات: مِوقات. وميزان: مِوزان وميتة: مِوتة. فلما وقعت الواو ساكنة، وقبلها كسرة، قلبت ياء، فإذا ذهبت الكسرة، ردت الواو، فقيل: موازين، ومواقيت، ومواريث، ومواعيد. وأصل جيد: جيود. وأصل أحد: وَحَد، أي واحد؛ انقلبت الواو ألفاً. وليس في كلام العرب واو قلبت همزة، وهي مفتوحة إلا حرفان: أحد، وقولهم: امرأة أناة، أي رزان؛ لأن الواو إنما تستثقل عليها الكسرة والضمة، فأما الفتحة فلا تستثقل. وهذان الحرفان شاذان. وزاد ابن دريد حرفاً ثالثاً، قال: إن المال إذا زكا ذهبت أبالته، أي: وبالته. وزاد محمد بن القاسم رابعاً: إليا معرفاً. والأصل: ولى، من: أولاه معروفاً. فإن جمعت بين واوين قلبتها همزة؛ كراهة لاجتماع واوين. وأصل قويت: قووت، فكرهوا الجمع بين واوين. وأصل كلا: كلْوَى، وهي منقلبة من واو. وأصل يد: يدي؛ لأنها أيدي. وأصل فم: فُوه؛ ودليل ذلك قولهم: أفواه، وفُوَيْه، إذا صغَّروه. غير أنهم أبدلوا مكان الواو ميماً، وحذفوا الهاء، فقالوا: فم، فصار مثل يدودم. وأصل من: منا. قال الشاعر: منا موت يعقوب بكيت فما الذي ... تبقي المنايا من جميع الخلائق؟ ففتح على الأصل.

وقال آخر: منا أن ذر قرن الشمس [حتى] ................. فحذفوا الألف من منا، كما حذفوا الياء من يد. وأصل عن: عني مثل: عصي، فكسروا النون من عن على الأصل. وفتحوا النون من منا مثل قفا. وأصل خُذ: أوخذ. وكُلْ: أُوُكل. ومر: أومر؛ فحذفوا الهمزة؛ لأنه كان يلزمهم أن يقولوا: أأمر، أأخذ، أأكل؛ فيجتمع همزتان: همزة من الأصل، وهمزة ألف الوصل. فلما ثقل اجتماع الهمزتين عليهم، حذفوا الهمزة الأصلية، وهي الثانية، وسقطت ألف الوصل؛ لأنها إنما دخلت لسكون الهمزة [الثانية، فلما] سقطت الهمزة، استغنوا ن الألف، كما قالوا: زن، عد، فحذفوا ألف الأمر لذهاب الواو من: عد، وصل؛ وهو من: الوصل والوزن والوعد. ومن العرب من يُتم هذا فيقول: أأكل، أأمر، أأخذ. وقد قال الله، عز وجل: {وَامُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ} على هذه اللغة. وأصل دينار: دنار. وأصل ديوان: دِوّان؛ يدلك على ذلك: مدنَّر ومدوَّن، ودنينير ودويوين. فلما كان أصله دنار ودوان، استثقلوا اللفظ بالواو المثقلة والنون؛ فأبدلوا مكان الواو المدغمة ياء، فصارت ديواناً وديناراً؛ فالنون والياء والواو والياء غير مدغمة أخف عليهم من الواوين الثقيلتين. فلما جمعوا وصغَّروا فقالوا: دواوين ودويوين، ففصلوا بين الواوين والنون بالألف والياء، لم يبدلوا.

وأصل أخ: أخُو. وأصل أب: أبو؛ من الأخوة والأبوة. غير أن العرب استثقلت هذه الواو، ولم يأمنوا أن تنقلب ألفاً لانفتاح ما قبلها، فتصير أخا وأبا، كما قالوا: قفا وعصا، فحذفوا الواو والياء مع الإعراب؛ ألا ترى أنهم قالوا: أدل لجماعة الدّلو، فقلبوا الواو ياء. أو قالوا: هذا قاض، فحذفوا الياء مع التنوين. فلما ثنوا وأمنوا الإعراب، ردوا الواو، فقالوا: أخوان وأبوان؛ لأن الإعراب قد صار في الألف والياء في أخوين وأبوين. وأما قولهم: أخت وبنت، وقالوا: أختان وبنتان، فلم يردوا الواو فيقولوا: أختوان وبنتوان، وأخوتان، وبنوان، وهو أيضاً من الأخوة والبنوة؛ لأن أختاً وبنتاً قد زادوا فيهما هذه التاء، وبنوهما بناء آخر، فلم يكونوا ليردوا ما حذفوا، وقد بنوا لهما بناءً آخر على حيالهما. وأصل ليّك: لويك. فلما اجتمعت الياء والواو، والسابق ساكن، جعلتا ياء مشددة. كما قال الله، عز وجل: {وَكَانَ أَمْراً مَقْضِيّاً}، وأصله: مقضوي، فلما اجتمعت الياء والواو، فكان مثل ما تقدم. وكذلك: كويته كياً، ولويته لياً. وأصل مطية: مطيوة. وأصل طلَّ يطلُّ: طلل يطلُلُّ، فكرهوا أن يجمعوا بين حرفين من جنس واحد؛ فاستثقلوا حركة الحرف الأول وأدغموه في الثاني، كما قالوا: ضم يضم، والأصل: ضمم يضمُمُ، فأسقطوا حركة الميم الأولى وأدغموها في الثانية كما ذكرنا. وأصل مهما: ماما، فاستثقلوا أن يقولوا: ماما؛ لاستواء اللفظين؛ فحذفوا الألف منها، وجعلوا الهاء خلفاً منها، ثم وصلت بها فدلت على المعنى. وأصل المنارة: منورة، فألقيت فتحة الواو على النون، فصارت الواو ألفاً لانفتاح

ما قبلها. ووزن المنارة من الفعل: مفعلة [من النور]. وجمع المنارة، على القلة: منارات، وعلى الكثرة: مناور. [قالوا: منائر]، بالهمز والياء، لغتان شاذتان لا يقاس عليهما. وأصل التليد: الوليد. وأصل التالد: الوالد، فأبدلت التاء من الواو. وكما قالوا: ميزان، وأصله: موزان وقالوا: التراث، وأصله: الوُراث. وتُجاهي، أصلها: وجاهي. وأصل يريق: يروق، فأبدلوا من الهمزة هاء، فصار يهروق، فاستثقلوا الكسرة في الواو، فألقوها على الراء، وصارت الواو ياء لانكسار ما قبلها. وأصل أرقت الماء: أريقت الماء، فألقيت فتحة الياء على الراء، وصارت الياء ألفاً لانفتاح ما قبلها، ثم سقطت؛ لسكونها وسكون القاف. وأصل حيث: حوث، فتقلب من الواو إلى الياء، وجعلت ضمة الثاء خلفاً من الواو. وأصل شاكي: شائك، فقلب كما قالوا: جرف هار، وأصله: هائر. قال الشاعر: فلو أني رميتك من قريب ... لعاقك عن دعاء الحي عاق أراد: عائق. وأصل غد: غدوٌ، فحذفت الواو، وعريت الدال.

قال لبيد: وما الناس إلا كالديار وأهلها ... بها، يوم حلوها، وغدواً بلاقع وقال ابن أحمر: أغدواً واعد الحي الزيالا ... وشوقاً، لا يبالي الحي بالا وأصل مسومة: موسمة لأنها من: وسمت الشيء، إذا علمته، فنقلت الواو من موضع الفاء إلى موضع العين، كما قالوا: ما أطيبه وأيطبه. وأصل الميسم: المِوْسَم، وهو الحُسن. فلما سكنت الواو، وانكسر ما قبلها، صارت ياء، كما قالوا: ميثاق، وأصله: مِوْثاق؛ لأنه مفعال من وثقت، ودليل هذا أنهم يقولون في جمعه: مواثيق. وأصل حياك الله: أحياك الله، بمنزلة: كرّمك وأكرمك. وأصل جوان: جواني، فاستثقلت الضمة في الياء فأسقطت، وأسقطت الياء لسكونها. وأصل دار: دور، على مثال حجر، فصارت الواو ألفاً لتحركها وانفتاح ما قبلها. وديار، في الجمع، بمنزلة: عبْد وعباد، وبحر وبِحار. ويقال في جمع الدار أيضاً: دور وأدؤر. والأصل في أدؤر: أدور؛ فلما انضمت الواو همزت. وأصل الخليّ: الخلْيو؛ فلما اجتمعت الياء والواو، والسابق ساكن، أبدل من الواو ياء، وأدغمت الياء الأولى فيهما فصارتا ياء مشددة. كذلك حكم الواو إذا سبقت

الياء والواو ساكنة. وأصل الموالي: المواليُ، فاستثقلت الضمة في الياء فأسقطت، وأسقطت الياء لسكونها وسكون التنوين. وأصل جالت: جالوتْ، فصارت الواو ألفاً لتحركها وانفتاح ما قبلها، وسقطت لسكونها وسكون التاء، وكسرت التاء لسكونها وسكون اللام. وأصل تأتا له: تأتوي له، فصارت الواو ألفاً لتحركها وانفتاح ما قبلها. ومعنى تأتا: أي أصلح. وقال بعضهم: تأتا، معناه: تسوَّس. وأصل ناج: ناجيُ، وعماد: عمادي، وناع: ناعِيُ، فاستثقلوا الضمة في الياء وحذفوها، وبقيت الياء ساكنة والتنوين ساكن، فحذفوا الياء لاجتماع الساكنين. وكذلك استثقلوا الكسرة في الياء فحذفوها، فبقيت الياء ساكنة، والتنوين ساكن، فأسقطوها لسكونها وسكون التنوين. وإنما استثقلوا الضمة والكسرة في الياء؛ لأن الضمة والكسرة إعراب، والياء إعراب، فكرهوا أن يدخلوا إعراباً في إعراب. والعرب تستثقل الضمة والكسرة في المكسور ما قبلهما، ولا يستثقلون الفتحة فيهما. والعلة في هذا أن الضمة والكسرة تخرجان بتكلف شديد، والفتحة تخرج مع النفس بلا مؤونة. وأصل حبذا: حبَّ وذا، فجعلوهما واحداً. وقيل: الأصل: حبب ذا، ثم أدغموا الباء الأولى في الثانية، فقالوا: حبذا، ثم رفعوا بها.

وأصل الطست: طس. ولكنهم كرهوا تثقيل السين، فخففوها وأسكنت، وظهرت التاء في موضع هاء التأنيث لسكون ما قبلها. وكذلك تظهر في كل موضع يسكن ما قبلها غير ألف الفتح. والجمع: الطساس. والطساسة: حرفة الطساس. ومن العرب من يتم الطسّة، فيثقل السين ويظهر الهاء. وأصل أعاد: أعود. وأقال: أقيل؛ لأنك تقول: يقيل ويعيد. فلما ذهب الواو، وجاءت ألف ساكنة، وذهبت الحركة، وضعوا هاءً آخر المصدر، فقالوا: يقيل إقالة، ويعيد إعادة، فصارت عوضاً من ذهاب الحركة التي كانت في الواو والياء في أفعل، ألا ترى أنك إذا لم يكن في الفعل واو ولا ياء لم يدخلوا الهاء، فيقولون: أرسل إرسالاً، وآمن إيماناً إذا لم يكن في أرسل واو ولا ياء، لم يدخلوا الهاء على المصدر. وأصل عِدَة: وِعْدَة، وصِلَة: وِصْلَة، وزِنَة: وزنة؛ لأنه من: وعدت، ووصلت، ووزنت، فقالوا عدة، وصلة، وزنة؛ لأنهم لما قالوا: يعد، ويصل، ويزن، فحذفوا الواو منه في يفعل، وكان وجهه: يوصل، ويوزن، ويوعد، حذفوا الواو أيضاً من المصدر؛ ليكون المصدر فيما يحذف منه بمنزلة يفعل فيما حذف منه. وأصل عدي: أوْعَدِيّ، وأصل عمي: أوعمي، فحذف الواو من الأمر بناءً على حذفها من المستقبل، وهو: يعِدُ ويعِمُ، وأصله: يوعِد ويوعِم؛ فحذفت الواو لوقوعها بين الكسرة والياء. وأصل دُعي: دُعُو، فصارت الواو ياءً. وأصل ادعوا: ادعُوَنْ، فحذف النون علامة للجزم، والواو ضمير الجمع، وكان الأصل: ادعوو؛ فالواو، التي هي لام الفعل، ساكنة، والواو، التي هي للضمير، ساكنة فعافوا اجتماع ساكنين، واجتماع حرفين مثلين في المعتل؛ لأن جنس هذا الفعل معتل اللام، وربما أخرجوه على الأصل. قال الشاعر:

من البرامكة الذين من الندى ... خلقوا وإن دعووا إليه أجابوا فأتى به على الأصل مع اعتلاله. وقال حاتم: وداع دعاني دعوةً فأجبته ... وهل يدعووا الداعين إلا المبلد؟ فأتى به على الأصل. وقال آخر: فأنت خلصاني دون العمي ... أدعوو من أجلك لا أسمي فأتى به على الأصل. وأصل اقضوا: اقضيوا، فعافوا اجتماع الساكنين: الياء وواو الضمير. وأصل إيجل: إوْجَل، فقلبوا الواو ياء لانكسار ما قبلها. ونقول: أيجل ثم أوجل، ردوه إلى أصله لانفتاح ما قبله. وأصل الريح: ريُوح، فأسقطوا الواو وقالوا: ريح. وقد تجمع أرواحاً على الأصل، ورياحاً على القلب. قال الصمة بن عبد الله القشيري: وكانت رياح تحمل الحاج بيننا ... فقد عميت أرواح ريا وصمَّت فجاء باللغتين جميعاً. وقال زهير: قف بالديار التي لم يعفها القدم ... بلى، وغيَّرها الأرواح والديم

فجمعها على الأصل. والحاج: جمع حاجة، مثل: ساع جمع ساعة. وأصل الولي: الوالي، فأدغم الألف في الياء. وقال بعضهم: طرح الألف وثقل الياء عوضاً منها. كذلك عصي وعلي، فهما عاص وعال، فطرحوا الألف منهما، وثقلوا الياء عوضاً. وأصل أوَّه: أوْه؛ فالاختيار أن يكون الأصل: أوه. قال الشاعر: فأوه من الذكرى، إذا ما ذكرتها ... ومن بعد أرض بيننا وسماء وأصل رويد: أرود. وأصل ليال: ليالي، والاختيار أن يكون الأصل: ليالي، بالفتح؛ لأنه لا ينصرف، فاستثقلوا الكسرة على الياء فحركوها، وعوضوا التنوين مما حذفوا. وأصل أي: أوي، فلما اجتمعت الياء والواو، والسابق ساكن، أبدلوا من الواو ياء وأدغموها في الياء التي بعدها. وأصل أدل، جمع دَلْو: أدلو. وأصل ألح، جمع لِحَى: ألْحُوٌ. فنقلوهما إلى الياء لما وصفتا. وأصل مصوغ: مصووغ، من صاغ يصوغ.

وأصل تقوى: وقيا، والتاء في أولها مبدلة من واو، والواو مبدلة من ياء. وأصل مغزو: مغزوو. وأصل حي: حيي. وأصل بيع: بُيعَ، فنقلوا حركة العين إلى الياء. وكذلك ذوات الياء والواو، هذه سبيلها نحو: كيل الطعام. و {وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا}. وأصل التراث: وراث؛ لأنه من: ورثت، فأبدلوا الواو تاء، كما قالوا: التخمة والأصل: الوخمة. وأصل مال: مَوِل، فقلبوا الواو ألفاً لانفتاح ما قبلها وتحركها. ويقال: رجل مال: إذا كثر ماله. وأصل الملك: ملأك، بالهمز. قال: فلست لإنسي ولكن لملأك ... تنزَّل من جو السماء يصوب وأصل آمن: أأمن، فاستثقلوا الجمع بين همزتين في أول الكلمة. وأصل مرضية: مرضوة، فقلبوا من الواو ياء لأنها أخف. قال الجرمي: هذا مما قلبت العرب فيه الواو ياء بغير علة.

ومثله قول عبد يغوث: وقد علمت عرسي مليكة أنني ... أنا الليث معدواً علي وعاديا ومن العرب من يقول: مرضوة على الأصل. وأصل رضيت: رضوت، فانقلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها. والعرب تقول: أرض مسنية، والأصل: مسنوَّة، وهي التي سقيت بالسانية: وهو الناضح الذي يستقى عليه. والجمع: السواني، والذكر والأنثى فيه سواء. وأصل يلد: يَوْلِد، ويعد: يَوعِد؛ فسقطت الواو لوقوعها بين ياء وكسرة. وأصل تواصوا: تواصيوا، فسقطت الياء لسكونها وسكون الواو. وأصل يرى: يرأى. ومن العرب من يأتي به على الأصل. قال الشاعر: أري عينيَّ ما لم ترأياه ... كلانا عالم بالترهات وفي {أَرَأَيْتُ} أربع لغات: أرأيت، على الأصل بالهمز. وأرايت بتليين الهمزة، وأريت بحذف الهمزة تخفيفاً، وهي قراءة الكسائي، وينشد: أريت إن جئت به أملودا ... مرجلاً ويلبس البرودا

أقائلن أحضروا الشهودا؟ ... كاللذ تزبى زبية فاصطيدا الأملود: اللين. كاللذ، يريد: الذي. والقراءة الرابعة: أرايتك، وهي قراءة ابن مسعود. والعرب تقول: رأى ورآي بالمد. قال كثير: وكل حميم رآني فهو قائل: ... من أجلك هذا هالك اليوم أو غد ويروى: هذا هامة. ونقول: الرجل يراك، وأصله: يرأيك، فصارت الياء ألفاً لتحركها وانفتاح الهمزة، ثم ألقيت فتحة الهمزة على الراء، واستثقلت الهمزة. وكذلك: لن يراك، الأصل: لن يرأيك. ونقول: لم يرك، ولم يراك؛ فمن قال: لم يرك، قال: أسقطت الألف المنقلبة من الياء للجزم، وبقيت الألف المبدلة من الهمز. وأصل طاح: طوِحَ. وأصل يطيح: يطوِحُ، مثل حسب يحسب. وأصل يتمطى: يتمطَّط. ومعنى تمطّى: تبختر. وفي الحديث: "إذا مشت أمتي المطيطاء، وخدمتهم فارس والروم، كان بأسهم بينهم". قال الشاعر: تقضي البازي إذا البازي كسر أراد: تقضض.

وأصل شاء: شيأ، فجعلوا الياء ألفاً لتحركها وانفتاح ما قبلها. وكذلك أصل الماء: الموه، فجعلوا الواو ألفاً لتحركها وانفتاح ما قبلها، فصارت: ماه، ثم أبدلوا من الهاء همزة، لقرب مخرجها منها؛ وذلك أن أقصى مخارج الحلق الهاء والهمزة، فصار ماء. وأصل شتان: شتت، وفتحة النون هي فتحة التاء. وأصل كنت: كونت. وأصل كُدْتُ: كُوُنْتُ. وأصل كُدْتُ: كُيِدْتُ؛ فأنقص من كنت واو، ومن كدت ياء. وأصل طغوا: طغيوا، فحذفت الياء لسكونها وسكون واو الجمع. وأصل آوى: أأوى، فاستثقلوا الجمع بين همزتين، فلينوا الثانية: اوى، فهو مؤو، والمفعول: مؤوي. وأصل يجد: يوجد، فسقطت الواو لوقوعها بين فتحة وكسرة. وأصل قيمة: قيومة، فقلبوا الواو ياء وأدغموها في الياء، فالتشديد من خلل ذلك. وأصل أوتوا: أأوتوا، فصارت الهمزة الثانية واواً لانضمام ما قبلها. وأصل يقيموا: يُقْوِمُوا، فنقلوا كسرة الواو إلى القاف، فانقلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها. وأصل فتى: فتي، ورأيت فتياً، ومررت بفتي. وكذلك أصل عصاً: عصوٌ وعصواً وعصوٍ، فصارت الواو والياء ألفين، لتحركهما وانفتاح ما قبلهما، وسقطت الألف لسكونها وسكون التنوين. وأصل البرية: البريئة، فتركوا الهمزة تخفيفاً، وهو من: برا الخلق، وهو البارئ

المصور. عن أنس قال: "جاء رجل إلى النبي، صلى الله عليه، فقال: يا خير البرية. قال: ذاك إبراهيم خليل الرحمن". وإنما قاله تواضعاً، صلى الله عليهما. قال العجير [يمدح نافع] بن علقمة: يا نافعاً، يا أكرم البريه ... والله لا أكذبك العشيه إنا لقينا سنة قسيه ... ثم مطرنا مطرة رويه فنبت البقل ولا رعيه ... فانظر بنا القرابة العليه والقرب مما ولدت طفيه فأمر له بألف شاة. وقال آخرون: من ترك الهمز من البرية أخذه من البرا وهو التراب. وأصل يؤتون: يؤتيون، فذهبت الياء لالتقاء الساكنين. وأصل رضي: رضيو، فقلبوا من الواو ياء لانكسار ما قبلها. وأصل رضوا: رضيوا، فحذفوا الياء لسكونها وسكون واو الجمع بعد أن أزالوا ضمها. وأصل آمنوا: أأمنوا. الهمزة الأولى تسمى ألف القطع، والثانية: سنخية. وأصل تطلع: تطيلع؛ فتاء الافتعال، إذا أنثت بعد صاد أو ضاد أو طاء أو ظاء، تحولت طاء، ثم أدغموا الطاء في الطاء، فالتشديد من خلل ذلك. ومظلَّم، من الظُّلم، مفتعل، أصله: مظتلم، فأبدلوا من التاء طاء، ومن الظاء الطاء،

فأدغموها في الطاء التي بعدها. ومنهم من يغلب الظاء فيقول: مظلم. قال زهير: هو الجواد الذي يعطيك نائله ... عفواً ويظلم أحياناً فيظلم وأصل قنا: إوقينا، ذهبت الياء للجزم، والواو لوقوعها بين الكسرتين، فبقيت قاف واحدة. وأصل ترميهم: ترميُهم، فاستثقلوا الضمة على الياء فخزلوها. وأصل الشتاء: الشتاو؛ لأنه من: شتا يشتو. فلما تطرفت قبل الواو ألف، قلبوا من الواو همزة. وجمع الشتاء: أشتية، كرداء وأردية. وأصل ساهون: ساهيون؛ لأنها على وزن فاعلون، من: سهَا يسهو سهواً، فهو ساه؛ فاستثقلوا الضمة على الياء وقبلها كسرة فخزلوها، ثم حذفوها لسكونها وسكون الواو. ويقال: سها يسهو سهواً. قال: أترغب عن وصية من عليه ... صلاة الله تقرَن بالسلام؟ أما تخشى السهو فتتقيه ... أم أنت مبرأ من كل ذام؟ الذام: الذم. وأصل إنا: إننا، فلما اجتمع ثلاث نونات، حذفت واحدة اختصاراً. وأصل جاء: جيأ، فصارت الياء ألفاً لتحركها وانفتاح ما قبلها. ومدّت الألف تمكيناً للهمزة عند الكتابة بألف واحدة؛ لأنه حين اجتمع ألفان اجتزأوا بواحدة، وإذا اجتمع ثلاث ألفات اجتزأوا باثنتين. والمصدر: جاء يجيء جيأ ومجيئاً، فهو جائي، والأصل جائئ، فاستثقلوا الجمع بين الهمزتين، فلينوا الثانية، فصارت ياء لانكسار ما قبلها، وحذفوها لسكونها وسكون التنوين، فصارت جاء مثل قاض ورام.

وأصل تكأة: وكأة. وأصل كِلتا: كِلْوا، والتاء بدل من الواو. وأصل عدان: عِتْدان، فاستثقلوا التاء عند ظهورها مع الدال، ولاسيما إذا كانت ساكنة، فأدغمت التاء في الدال. وإنهم ليدغمونها إذا كانت متحركة. يقولون: هذه ثلاثة دراهم، تدغم الهاء المبدلة من الدال لتشابهها، فإذا سكنت التاء دخلت في الدال. وأنكر آخرون ذلك، واحتجوا بقول الله، عز وجل: {وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً}. وقالوا: إن أعد من تأليف عين ودال. [وأنشد]: أعددت للحرب صارماً ذكرا ... مجرب الوقع غير ذي عتب أي: غير ذي التواء عند الضريبة ولا نبوة. وأصل مدعو: مدعوو. وأصل مرجو: مرجوو. كما نقول: مضروب. وأصل مرمي: مرموي. وأصل مقضي: مقضوي. وأصل مطوي: مطووي. فلما سكنت الواو وبعدها ياء، قلبت الواو ياء، ثم أدغمت في الياء بعدها، حتى صارت ياء ثقيلة.

وكذلك كل ما أدغمت حرفاً في حرف وصار مثله وثقلته. وكذلك أصل قضى: قضوي، ورمى: رموي، وطوى: طووي، كما تقول: ضرب. فقلبت الواو ياء ثم أدغمت في الياء بعدها، فصارت ياء ثقيلة. وأصل مقول: مقوول. ومجود: مجوود. ومعود: معوود. فلما تحركت الواو بالضمة، وبعدها ساكن، ولم تقدر أن تسكنها، فتجمع بين حرفين ساكنين، حذفتها، فتبقى: مقول ومجود ومعود. نقول: هذا قول مقول. وهذا مال مجود به. وهذا معود في مرضه. وأصل يَلِدُ: يَوْلِد؛ فلما جاءت الواو بين ياء وكسرة، حولوها. فإن جاءت الواو بين ياء وفتحة، أو بين ياء وضمة، لم تحذف. مثل: يوطؤ ويوضؤ، ويوجل، ويوحل. فإن قيل: لِمَ لَمْ تسقط الواو من: يوعد، ويوزع، وقد حلت بين ياء وكسرة؟ فقل: إن هذه الواو مدة لا واواً صحيحة؛ لأن الواو، إذا سكنت وانضم ما قبلها تصير مدة، فصارت بمدة الألف في واعد. وأصل موسر: ميسر. وموقن: ميقن؛ فصارت الياء واواً لانضمام ما قبلها. وأصل غازين: غازيون. وقاضون: قاضيون. فلما انضمت الياء وبعدها واو ساكنة، لم تقدر على إسكانها، فتجتمع بين ساكنين، ولا على تحريكها، حذفتها. وأصل يزدد: يزود. وأصل يكيل: يكتول، فأعلّوا الواو. ومفتعل من الذخر أصله: مذتخر، ومنهم من يقول: مذّخر.

وأصل مضطجع: مضتجع. وأصل يتزن: يوتزن. وكذلك: يتعد: يوتعد. ويتثق: يوتثق. وأصل دابة: داببة، ودواب: دوابب، فأسكنوا الأولى وأدغموها في الباء التي بعدها. وأصل أعوذ: أعوُذ، فاستثقلوا الضمة على الواو، فنقلت إلى العين، فصارت أعوذ. وكذلك: أقول، أصلها: أقول. وأزول، أصلها: أزول. وما أشبهه هذه علته. وأصل الرجيم: المرجوم، صرف مفعول إلى فعيل، لأن الياء أخف من الواو. وكما قيل: كف خضيب، والأصل: مخضوبة، ولحية دهين، والأصل: مدهونة. وصريع وجريح وقتيل، كل هذا أصله الواو؛ لأنه مفعول. والعرب تضع "فعيل" أيضاً في موضع "مُفْعِل". قال الله تعالى: {سَمِيعٌ بَصِيرٌ}، أي مُبصر. وقال عمرو بن معدي كرب: أمن ريحانة الداعي السميع ... يؤرقني وأصحابي هجوع أي: المسمع. ومثله: بديع، أي: مبدع. وأليم، أي: مؤلم. وأصل لكنا: لكن أنا، فحذفوا الهمزة اختصاراً، وأدغموا النون في النون. قال:

وترمينني بالطرف، أي أنت مذنب ... وتقلينني، لكن إياك لا أقلي أراد: ولكن أنا، يخاطب امرأة. وأنشد: ............. ... ولكنني من حبها لعميد وقال: لولا أن معناه: ولكن إنني، لما أدخل الشاعر اللام؛ لأن اللام لا تكون جواباً للكن، وإنما هي جواب لإن. وأصل جزاء: جزاي، فأبدلوا من الياء همزة، وأبدلوا من التنوين ألفاً، فاجتمع ثلاث ألفات: الأولى مجهورة، والثانية مبدلة من الياء، والثالثة مبدلة من التنوين. وأصل الماء: موه، فأبدلوا من الواو ألفاً لتحركها وانفتاح ما قبلها، وأبدلوا من الهاء همزة لقرب مخرجها منها، ولأن الهمزة أجهر من الهاء، وأبدلوا من التنوين ألفاً؛ ففيه ثلاث ألفات. والدليل على أن أصل الهمزة في الماء هاء، أن العرب تقول في جمعه: أمواه. ومنهم من يقول في الوقف على الماء؛ ماي وكذلك في: دعاء: دعاي، وفي ندى: نداي. قال: غداة تسايلت من كل أوب ... كنانة عاقدين لهم لوايا وقال آخر:

إذا ما الشيخ صمَّ فلم يكلَّم ... ولم يك سمعه إلا ندايا وأصل أستطيع: أستطوِع، فاستثقلوا الكسرة في الواو فنقلوها إلى الطاء، فصارت الواو ياء، لانكسار ما قبلها. وحذفوا التاء من: تستطيع كما حذفوها من استطاع. وقال الحطيئة: والشعر لا يسطيعه من يظلمه ... يريد أن يعربه فيعجمه وأصل الآن: الأوان. وأصل العذارى: العذاري. وأصل الأمر [من رأى: ارأ]، والفعل ثلاثة أحرف، فصار على حرف واحد؛ لأن الهمزة سقطت تخفيفاً، والألف للجزم، فبقي الأمر على حرف واحد [هو] ر]. ومثله قول العرب: ع كلامي: وش ثوبك. وقِ زيداً. ولِ الأمر. وفِ بالوعد. وأصله من: وفى يفي. ووعى يعي. ووشى يشي، وولي يلي. فذهبت الياء للجزم والواو لوقوعها بين ياء وكسرة، فبقي الأمر على حرف. قال الله تعالى: {وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} والأصل: إِوقينا، ذهبت الياء للجزم، والواو لوقوعها بين الكسرتين، وبقيت قاف واحدة، فنقول: قِ يا رجل، وقيا للاثنين، وقُوا للجماعة. قال الله، عز وجل: {قُوا أَنفُسَكُمْ}.

وكذلك نقول: ر يا زيد، ورَيا للاثنين، وروا للجماعة، ورَيْ يا هند، ورَيا مثل المذكَّرين، ورين يا نسوة. إذا وقفت على كل ذلك قلت: عِهْ وقِهْ، بالهاء لا غير. وأصل ترميهم: ترميهم. وأصل مِيْسَم: مِوْسَم. وأصل سيما: وسمى، فحولت الواو من موضع الفاء، فوضعت في موضع العين، فصار سَوْمَى، وجُعلت الواو لسكونها وانكسار ما قبلها، فقيل: سيما. ويقولون: سيمياء أيضاً. قال ابن عنقاء الفزاري: غلام رماه الله بالحسن مقبلاً ... له سيمياء لا تشق على البصر فزاد على السيما ألفاً ممدودة. ومعنى الحرف في مده كمعناه في قصره. وأصل هلم: أم يا رجل، أي: اقصد، فضموا هل إلى أمَّ، وجعلوهما حرفاً واحداً، وأزالوا أم عن التصرف، وحوّلوا ضمة همزة أم إلى اللام، وأسقطوا الهمزة، فاتصلت الميم باللام. وهذا مذهب الفراء. وأصل درِّي: درُّو على مثال: سبوح قدّوس. فجعلوا الواو ياء، والضمة التي قبلها كسرة، فقالوا: دُرِّيّ.

ومثله من كلام العرب: عتا عُتُواً وعتياً. وخطيَّة: تُجمع بالهمزة وغير الهمز؛ فمن همزها قال: خطيئات. ومن لم يهمز قال: خطايا. قال بعض: بُني هذا الجمع على ترك الهمز من خطيئة، وأجريت خطيئة مجرى قولهم: مطية ومطايا، وهدية وهدايا، وحشية وحشايا. وقال آخرون: الأصل فيه: خطيئة وخطائئ، مثل: قبيلة وقبائل، فاستثقلوا الجمع بين همزتين، فأبدلوا من الثانية ياء، ثم سكّنوا الياء، فلزمهم أن يسقطوها، لسكونها وسكون التنوين؛ فكرهوا أن يقولوا: خطاءً فيلتبس بالواحد، كقولك: عطاءً وقضاءً، ففتحوا الهمزة وجعلوا الياء ألفاً كما قالوا: جارية جاراةٌ، وناصية ناصاة؛ فصار خطاءً، فأبدلوا من الهمزة ياء، فصار: خطايا. وأصل لِمَ: لما، أي: فلأي شيء. فحذفوا الألف ليفرقوا بين "ما" في الاستفهام، وبين "ما" التي بمعنى الذي؛ كقولك: فعلت ذلك لما تُحب. وقد أثبت بعضهم الألف على الأصل. قال بعض الأنصار: إنا قتلنا بقتلانا سراتكم ... أهل اللواء ففيما يكثر القيل فإذا أسقطوا الألف بقيت الميم على فتحها. قال الفراء: وقد كثرت في كلمهم حتى سكنوا الميم تشبيهاً بالأداة. وأنشد: يا أبا العوام لم خلفتني ... لهموم طارقات وفكر

ونقول: عيي الرجل، وحيي عمراً طويلاً، فتظهر الياءان على الأصل. وإن شئت أدغمت فقلت: حي وعي لاجتماع حرفين متحركين من جنس واحد. قال الله، عز وجل: {وَيَحْيَا مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ}. وتقرأ: {مَنْ حَيِيَ عَنْ بَيِّنَةٍ} على الأصل. ويقال: عيّت المرأة وعييت. والرجلان عييا وعيّا. والرجال عيُّو وعيُو. قال: عيُّو بأمرهم كما ... عيَّت ببيضتها الحمامه جعلت لها عودين من ... نشم، وآخر من ثمامه وقال آخر: وكنا حسبناهم فوارس كهمس ... حيوا بعدما ماتوا من الدهر أعصرا ونقول: الرجل لن يعيى، فنختار إظهار الياءين، كما قال الله، عز وجل: {أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى}؟. وأصل نحن: نحن، فألقوا ضمة الحاء على النون للإدراج.

المعدول معنى المعدول: أي الممال عن وجهه. نقول: عدلته عن الطريق، وعدلت أنا عن الطريق. والعدل: أن تعدل الشيء عن وجهه فتميله. والعدل أيضاً: مثل الشيء سواء. وإذا أردت أن تقيم شيئاً قلت: عدلته، أي: أقمته حتى اعتدل واستقام. وعن عمر بن الخطاب، رحمه الله، أنه قال: "الحمد لله الذي جعلني في قوم، إذا ملت عدلوني، كما يُعْدل السهم في الثقاف". وتقول: عدلت الدابة إلى مكان كذا. فإذا أردت الاعوجاج نفسه قلت: ينعدل في مكان كذا، أي: يعوج. وقال ذو الرمة: وإني لأنحي الطرف من نحو غيرها ... حياءً، ولو طاوعته لم يعادل أي: لم ينعدل. فمن المعدول قولهم في أسماء النساء: هذه رقاش وغلاب، وحذام، وفطام، ولكاع، وفساق. وأهل الحجاز وناس من بني تميم يكسرون ذلك بغير تنوين على حال، فيقولون: هذه حذام، ورأيت حذام، ومررت بحذام. وإنما كسروه لأنه معدول عن: فاعلة؛ فحذام معدول عن حاذمة، ورقاش عن راقشة، وفطام عن فاطمة، وغلاب عن غالبة، وفساق عن فاسقة، في حال المعرفة والتسمية. وما كان من هذا في الفعل أو في الصفات فهو مكسور في اللغات كلها، لا

يختلف فيه. وقولك للرجل: تراك ونزال، تعني: اترك، وانزل. قال الشاعر: تراكها من إبل تراكها ... أما ترى الموت لدى أوراكها وقال زهير: ولأنت أشجع من أسامة إذ ... دعيت: نزال، ولج في الذعر والمعدول ينقسم على أربعة أقسام: فمنها: ما عدل عن اسم، نحو: حذام وفطام. قال الشاعر: إذا قالت حذام فصدقوها ... فإن القول ما قالت حذام وقال النابغة: أتاركة تدللها قطام ... وضناً بالتحية والسلام؟ ومنها: أن يكون نعتاً غالباً، نحو قولهم للمرأة: يا فساق، يا خباث، يا لكاع، يا فجار. قال:

أطوف ما أطوف، ثم أوي ... إلى بيت قعيدته لكاع وهو ذم، ويقال يقال لها: ملكعانة أيضاً. قال: عليك بأمر نفسك يا لكاع ... فما من كان مرعياً كراع ورجل لكيع، وامرأة لكيعة؛ كل ذلك يوصف به الحُمق والموق واللؤم. ويقال: اللكع: العبد. ومنها: أن يكون معدولاً عن مصدر مؤنث، نحو قول الشاعر: وذكرت من لبن المحلَّق شربة ... والخيل تعدو بالصعيد بداد ومنها: أن يكون في موضع أمر، نحو: حذار ومناع. قال: مناعها من إبل مناعها ... أما ترى الموت لدى أرباعها؟ وقال آخر: حذار من أرماحنا حذار وكذلك قالوا: دفار [للريح النتنة. قيل للأمة: يا دفار. ويقال للدنيا: دفرة وأم دفر وأم دفار].

والدَّفر: وقوع الدود في الطعام واللحم ونحوهما. وإنما أجرت العرب هذه الأسماء لما صرفوها إلى فعال؛ لأنهم وجدوا أكثر حالات المؤنث إلى الكسر، كقولك: أنت، عليك. وقال قوم: إن كل شيء عدل، من هذا الضرب، عن وجهه، حمل على إعراب الأصوات والحكايات من الزجر أو نحوه مجروراً، كما تقول في زجر البعير: ياه ياه. إنما هو يضاعف "ياه" مرتين. قال ذو الرمة: ينادي بيهياه وياه كأنه ... صويت الرويعي ضل بالليل صاحبه كذلك قالوا للمنية: حلاق؛ لأنها تحلق كل شيء. قال مهلهل: ما أرجي بالعيش بعد ندامى ... قد أراهم سقوا بكأس حلاق مثل: حذام وفساق وغيرهما. وأما رباب وصلاح، فإنه لا يكون جراً؛ لأنه قد سمي به شيء قبل أن يكون اسماً للمرأة. وأما سعاد وشمال، إذا كان اسم امرأة، فلا يكون جراً؛ لأن أوله غير مفتوح على وزن فعال، وهو غير معدول من فاعلة. وقال الكسائي: يقال: كويته وقاع، وجاءت الخيل بداد، أي متبددة.

وقال الشاعر: كنا ثمانية وكانوا جحفلاً ... لجباً فشلوا بالرماح بداد أي: متبددين. وقال أيضاً: وكنت، إذا منيت بخصم سوء ... دلفت له فأكويه وقاع وهي الدارة على الجاعرتين وحيثما كانت، ولا تكون إلا دارة. وقال الكسائي: سببته سبَّة تكون لزام، وحيدي حياد، وحضار، وفيحي فياح، أي: اتسعي عليهم. قال: دفعنا الخيل شائلة عليهم ... وقلنا بالضحى: فيحي فياح أي: اتسعي عليهم. وكذلك: سماع، بمعنى: اسمع. قال: ومؤتلك زمع الكلاب يسبني ... فسماع أستاه الكلاب سماع

ونزال: بمعنى انزل. قال أبو مقروم الضبي: فدعوا: نزال، فكنت أول نازل ... ,علام أركبه إذا لم أنزل؟ وقال الأحمر: نزلت بلاء على الكفار، يعني البلاء، يحكيه عن العرب. ونزلت بوار على الناس. وأنشد: قتلت، فكان تباغياً وتظالماً ... إن التظالم في الصديق بوار والشعر لأبي مكعث الأسدي. وأنشد لعمرو بن معدي كرب: أطلت فراطهم حتى إذا [ما] ... قتلت سراتهم كانت: قطاط وفي الحديث: "يا نعاء العرب"، أي: انعهم. وقال الأموي: يقال: ركب فلان هجاج، غير مجرى: إذا ركب رأسه.

وأنشد: .................. وقد ركبوا على لومي هجاج قال الكميت: ................ [بهم] لا هَمام لي لا همام أي: لا أهُمُّ. ونقول: حَذار حذار، أي: احذر. وعاج، مِن زَجْر الإبل. قال ابن أحمر: كأني لم أزجر بعاج نجيبة ... ولم ألق، عن شحط، خليلاً مصافياً ويقال: عاج، بلا تنوين، مخفوضاً. وإن شئت جزمت على توهم الوقوف نقول: عجعجت بالناقة: إذا قلت: عاج. والعرب تقول للفرد: فرادى، وللاثنين: مثنى، وللثلاثة: ثُلاث، وللأربعة: رباع. قال الله، عز وجل: {وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى}. وقال تعالى: {مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ} و {أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى}، يعني: اثنين اثنين، وواحداً واحداً. وهذا يسمى المعدول.

الإيهام الإيهام في المعنى بمنزلة التعريض بالشيء، وهو: التورية عن الشيء بغيره مما يدل على مراد المتكلم؛ كقول الرجل للرجل: إن إنساناً لقي اليوم من فلان أمراً عظيماً، يعني بالإنسان نفسه، وهو يوهم مخاطبه أنه يريد غيره. وهو في معنى التعريض. وفي الحديث: أن النبي، صلى الله عليه، "كان إذا أراد سفراً، ورّى عن نفسه بغيره". وأما في الإعراب: يقول الشاعر: مشائيم، ليسوا مخلصين عشيرة ... ولا ناعب إلا ببين غرابها فخفض ناعباً على توهم الباء، أراد: ولا بناعب. ومثله: معاوي، إننا بشر فأسجح ... فلسنا بالجبال ولا الحديدا فنصب الحديد على توهم حذف الباء: فلسنا بالجبال ولا بالحديد. ومثله: فكيف بليلة لا نجم فيها ... ولا قمر لساريها منير

فخفض القمر على توهم الباء. يريد: فكيف بليلة ليست بليلة نجم ولا بليلة قمر. وهو كثير فاختصرته.

التعريض التعريض بالكلام: هو ما يشبه بعضه بعضاً في المعنى ومنه قول عمر، رحمه الله: "لكم في معاريض الكلام مندوحة عن الكذب"، أي سعة. وقول ابن عباس، رحمه الله: "ما أحب بمعاريض الكلام حمر النعم". وحمر النعم: هي الحمر من الإبل، وهي أفضل ما يكون منها. وهذه لفظة تقولها العرب في الشيء تجلّه وتعظّمه. وقد جاء التعريض في القرآن. قال الله، جل ثناؤه. {وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ} الآية. إنما هو مثل ضربه الله تعالى له، ونبهه على خطيئته، وكنى عن النساء بذكر النعاج، كما كنى عنترة بذكر الشاة عن المرأة، قال: يا شاة ما قنص لمن حلت له ... حرمت علي وليتها لم تحرم يعرض بجارة، يقول: أي صيد أنت لمن حل له أن يصيدك، فأما أنا، فإن حرمة الجوار قد حرمتك علي. وكما كنى الآخر عن النساء بالقلص، وهو أن رجلاً كتب إلى عمر، رضي الله عنه، في مغزى كان فيه، قال: ألا أبلغ أبا حفص رسولاً ... فدى لك من أخي ثقة إزاري قلائصنا، هداك الله، إنا ... شغلنا عنكم زمن الحصار فما قلص وجدن معقَّلات ... قفا سلع، بمختلف النجار

يعقلهن جعد شيظمي ... وبئس معقل الذود الظؤار وإنما كنى بالقلص، وهن النوق، عن النساء، عرّض برجل يقال له جعد كان يخالف [إلى] المغزيات من النساء، ففهم عمر ما أراد. وقيل: إنه جلد جعداً ونفاه، والله أعلم. قوله: "فدى لك من أخي ثقة إزاري"، مختلف فيه. قال قوم: أراد نفسه. وقال قوم: أراد امرأته. والعرب تسمي المرأة إزاراً. وقوله: معقلات، من العقال. وسلع: جبل أو موضع. والنجار: الأصل والمنبت من كريم أو لئيم. وتقول العرب: إن نجارها لواحد. وقال الراجز يصف الإبل: شُكْلُ النجار وحلال المكتسب والذود من الإبل: من الثلاثة على العشرة. والعرب تقول: "الذود إلى الذود إبل". والظؤار: جمع ظؤور، وهي من النوق التي تعطف على ولد غيرها، أو على بو. نقول: ظئرت عليه فاظأرت، فهي ظؤور ومظؤورة. وقال: .................. مثل الروائم بواً بين أظار

وقال متمم بن نويرة: فما وجد أظآر ثلاث روائم ... رأين مجراً من حوار ومصرعا أظآر: واحدتها ظئر، وتجمع ظؤاراً، على فعال. وروائم: عواطف. يقال: رئمت الناقة على البو وعلى ولدها: إذا عطفت. [وأنشد] للخنساء: على صخر، وأي فتى كصخر ... إذا ما الناب لم ترأم طلاها والطلا والحوار: ولد الناقة، والجماعة: الأطلاء والحيران. وبهذا المعنى قال عبد الله بن رواحة الأنصاري حين اتهمته امرأته بجارية، فقالت: إن لم تكن فعلت فاقرأ [القرآن]، فإن الجنب لا يقرأ [القرآن]، فقال: شهدت بأن وعد الله حق ... وأن النار مثوى الكافرينا وأن الماء تحت العرش طام ... وفوق العرش رب العالمينا وتحمله ثمانية شداد ... ملائكة الإله مسوّمينا ويروى: وتحمله كرام كاتبونا. فبلغ ذلك النبي، صلى الله عليه وسلم، فضحك، فقال: "رحم الله نساءكم

يا معاشر الأنصار". وروي أن جابر بن عبد الله أتى إلى النبي، صلى الله عليه، فقال: يا رسول الله، إني قمت إلى جارية في بعض الليل، فاتهمتني المرأة، فقلت: إني لم أفعل شيئاً، فقالت: اقرأ ثلاث آيات من كتاب الله، عز وجل، إن كنت صادقاً، فأنشأت أقول: وفينا رسول الله يتلو كتابه ... إذا انشق معروف من الصبح ساطع يبيت تجافى جنبه عن فراشه ... إذا استثقلت بالمشركين المضاجع أغر وهوب ماجد متكرم ... رؤوف رحيم واضح اللون ناصع فقالت: أما إذا قرأت ثلاث آيات فأنت صادق. فقال رسول الله، صلى الله عليه: "رحم الله ابنة عمك، فقد وجدتها فقيهة في الدين". وروي هذا الحديث أيضاً عن عبد الله بن رواحة، وأنها، لما أشهدها، قالت: آمنت بالله، وكذّبت بصري قال عبد الله: فأتيت رسول الله، صلى الله عليه، فأخبرته، فضحك حتى بدت نواجذه. فجعلا كلامهما عرضاً ومعرضا فراراً من القراءة. وهكذا معنى المعاريض في الكلام. وعن ابن عباس، في قول الله، عز وجل، حكاية عن موسى، عليه السلام: {لا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ}، قال: لم ينس، ولكنه قال: لا تؤاخذني بما نسيت، فأوهمه النسيان، تعريضاً، ولم ينس ولم يكذب. ومنه قول إبراهيم، صلى الله عليه وسلم: {إِنِّي سَقِيمٌ}، أي: إني سأسقم؛ لأن

من كُتب عليه الموت فلابد أن يسقم. ومثله قوله، عز وجل: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ}، أي: ستموت وسيموتون، فأوهم القوم بمعاريض الكلام أنه عليل، وإن لم يكن عليلاً ولا كاذباً. وكذلك، في قوله حين خاف على نفسه وامرأته: "إنها أختي"؛ لأن بني آدم جميعاً يرجعون إلى أبوين، فهم إخوة، ولأن المؤمنين إخوة. وكذلك قوله، عليه السلام: {بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنطِقُونَ}. أراد: فعله الكبير، إن كانوا ينطقون فسلوهم؛ فجعل النطق شرطاً للفعل، [أي]: إن كانوا ينطقون فقد فعله الكبير، وهو لا يعقل ولا ينطق. وقد روي عن النبي، صلى الله عليه: "إن إبراهيم كذب ثلاث كذبات، ما منها واحدة إلا وهو يماحل بها عن الإسلام". فسماها كذبات؛ لأنها شابهت الكذب وضارعته. ولذلك قال بعض السلف لابنه: "يا بني، لا تكذبن، ولا تشبهن الكذب". فنهاه عن المعاريض؛ لئلا يجري عليها، فيتجاوزها إلى الكذب، وأحب أن يكون حاجزاً بين الحلال والحرام.

ومن ذلك: أن يسأل الرجل عن رجل قد رآه، فيكره أن يكذب، وقد رآه، فيقول: إن فلاناً ليرى. ومثله: حديث امرأة عثمان بن مظعون، حين بلغ النبي، صلى الله عليه، عنه وعن أصحابه ما بلغه مما كانوا هموا به من السياحة والتعبد. فجاء إليهم، عليه السلام، فوجدهم قد تفرقوا، فسألها عن الحديث، فقالت: إن كان عثمان قد أخبرك بذلك، يا رسول الله، فقد صدق. فكرهت أن تنمَّ على زوجها بما كان منه، وكرهت أن تكذب النبي، صلى الله [عليه]. [فسمي] هذا تعريضاً. ومن ذلك قوله، عز وجل: {وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ}. والمعنى: إنا لضالون أو مهتدون، وإنكم لضالون أو مهتدون. وهو يعلم أن رسوله، صلى الله عليه، المهتدي، وأن مخالفه الضال. وهذا كما تقول للرجل يكذبك ويخالفك: إن أحدنا لكاذب. وأنت تعنيه، فكذبته من وجه هو أحسن من التصريح. وروي أن قوماً من الأعراب خرجوا يمتارون. فلما صدروا، خالف رجل منهم، في بعض الليل، إلى عكم صاحبه، فأخذ منه براً وجعله في عكمه. فلما أرادوا الرحلة قاما يتعاكمان، فرأى عكمه يشول وعكِم صاحبه يسفل. فأنشأ يقول: عكم تغشَّى بعض أعكام القوم ... لم أرعكما سارقاً قبل اليوم فخوَّن صاحبه بوجه هو أحسن وألطف من التصريح. وكذلك قول الله تعالى: {فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلْ الَّذِينَ

يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ}. فالمخاطبة للنبي، صلى الله عليه وسلم، والمراد غيره من الشكاك؛ لأن القرآن إنما أنزل بمذاهب العرب كلها، وهم يخاطبون الرجل بالشيء ويريدون غيره؛ ولذلك يقول متمثلهم: "إياك أعني واسمعي يا جارة". ومن ذلك قول النبي، صلى الله عليه وسلم: "أنزل علي كتاب لا يغسله الماء". أراد به: محفوظ في صدور الرجال، يأخذه الآخر عن الأول إلى يوم القيامة. فإن محي بالماء لم يذهب كما ذهب كثير من كتب الله، عز وجل، لم تحفظ وباد أهلها كصحف شيت وصحف إبراهيم، عليه السلام. وكل كتاب لا يحفظ، إذا محي ذهب. ومن ذلك قول الله، عز وجل: {فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ}. يقال: هذا من معاريض الكلام؛ لأنه لم يكن عندهم [علم] أنه على دينهم؛ فلذلك لم يقولوا: إن الله يجزيك تصدقك. وذكروا أن مهلهلاً، لما أراد عبداه قتله، حمّّلهما بيت شعر إلى ابنتيه، وكان من المعاريض، وهو: من مخبر الأقوام أن مهلهلاً ... لله درُّكُما ودرر أبيكما فلما قتلاه وجاءا إلى الحي سألتاهما ابنتاه عنه، فقالا: مات، فقالت ابنته الصغرى: ما كان أبي يموت عن غير وصية، فهل أوصاكما بشيء؟ فقالا: استحملنا بيت شعر

إليكما وهو: من مبلغ الأقوام أن مهلهلاً ... لله درّ كما ودرّ أبيكما فقال أهل الحي: ما نرى في هذا البيت وصية. فقالت ابنته الصغرى، بلى وأنصاب وائل، فدونكم العبدين، فاستوثقوا منهما حتى أخبركم أن العبدين قتلا أبي، وإنما أراد: من مبلغ الأقوام أن مهلهلاً ... أضحى قتيلاً بالفلاة مجدلا لله دركما ودر أبيكما ... لا يبرح العبدان حتى يقتلا ومن ذلك: أن شيخاً كان يقف على رأس الرشيد، فخلا المجلس يوماً، وذكر شاب من الهاشميين أمر الجماع فأكثروا. فقال الشيخ: كم تكثرون مما تصفون، عتقت ما ملكت، ونسائي طوالق، وعلي مئة حجة، إن برحت ركبتي من موضعهما حتى وطئت أربعين مرة. فغضب الرشيد وقال: لأعتقن عليك مماليكك، ولأطلقن نساءك، ولألزمنك الحج. فقال: يا أمير المؤمنين، لا تغضب، فوالله ما برحت ركبتي قط من موضعهما، أفتراني ما وطئت في طول عمري أربعين مرة؟ فضحك الرشيد وقال لله در المعاريض. ومثله قول النبي، صلى الله عليه وسلم: "لا تستضيئوا بنار المشركين". يريد، صلى الله عليه وسلم: لا تستشيروهم، ولا تستعينوا بهم في مصالح دينكم. فأقام الرأي في الخبر مقام السراج في الظلمة. وهذا كقول الله، عز وجل: {لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَالُونَكُمْ خَبَالاً}. والمعاريض كثيرة في كلامهم وأشعارهم.

فصل في نحو من ذلك قال الله، عز وجل: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ}، قيل: أراد تعالى بثيابه قلبه، أي طهره من عبادة الأوثان. قال عنترة: فشككت بالرمح الأصم ثيابه ... ليس الكريم على القنا بمحرم قيل: أراد قلبه، وقيل: بدنه. وعن أبي رزين قال: عملك أصلحه. قال: كان الرجل إذا كان خبيث العمل قالوا: فلان خبيث الثياب، وفلان طاهر الثوب، إذا كان حسن العمل، نقياً من الغدر والريب. وفلان دنس الثوب، إذا كان غادراً ذا ريب. قال امرؤ القيس: ثياب بني عوف طهارى نقية ... وأوجههم بيض المشاهد غران والعرب تقول: وثياب فلان، أي: وحياته. وفداك ثوبي، أي نفسي. قال الأعشى: فإني وثوبي راهب الحج والذي ... بناه قصي وحده وابن جرهم وقال ابن عباس: لا تكن غادراً فتدنس ثيابك، فإن الغادر دنس الثياب. وقال الشاعر: فإني بحمد الله لا ثوب غادر ... لبست ولا من سوءة أتقنَّع

وقال الحسن: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} قال: خلُقك فحسنه. وقال الفراء: وثيابك فقصر. قال: تقصير الثياب طُهر. وقال ابن سيرين: اغسلها بالماء. قال الزجاج: العرب تسمي المرأة لباساً وإزاراً، وبيتاً وحرثاً، وقال في قول الشاعر: فدىً لك من أخي ثقة إزاري قال: امرأتي. قال الشاعر: إذا ما الضجيع ثنى عطفها ... تثنت فكانت عليه لباسا والعرب تكني عن المرأة باللؤلؤة والبيضة والسرحة والأثلة، والنخلة، والشاة، والبقرة، والنعجة، والودعة، والعتبة، والقوارير، والربض، والفراش، والإزار، والثياب، والريحانة، والظبية، والدمية، وهي الصورة، والنعل، والغُل، والقيد، والجارة، والمزخة والقوصرة. وكنى الفرزدق عنها بالجفن، فجعلها جفناً لسلاحه، وكانت امرأته ماتت وهي حامل، فقال:

وجفن سلاح قد رزئت فلم أنح ... عليه، ولم أبعث عليه البواكيا وفي جوفه من دارم ذو حفيظة ... لو أن المنايا [أنسأته] لياليا وكنى آخر عنها بموضع السرج من الفرس، فقال يخاطب امرأته: فإما زال سرج من معد ... فأجدر بالحوادث أن تكونا يقول: ربما مت فزلت عنك، فانظري [كيف] تكونين بعدي. وقال علي بن أبي طالب: أفلح من كانت له مزخَّه ... يزخها ثم ينام الفخه وقال أيضاً: أفلح من كانت له قوصرَّه ... فأكل منها كل يوم مره وقال أيضاً: أفلح من كانت له كرديده ... يأكل منها وهو ثان جيده وقال أيضاً: أفلح من كانت له ثرعامه ... ورسَّة يدخل فيها هامه

كنى بالمزخة والقوصرة عن المرأة. ومزخه الرجل: امرأته. ويقال: زخ الرجل امرأته يزخها. وقوله: الفخة، هي فعلة من الفخخ، وهو دون الغطيط في النوم. النقص النقص يكون مصدراً، ويكون قدراً للشيء الذاهب من المنقوص، اسم له. نقول: نقص ينقص نقصاً ونقصاناً، فهو منقوص. ونقول: نقص الشيء نفسه ونقصته أنا، استوى في هذا الفعل اللازم والمجاوز. ومعنى هذا النقص الذي ذكرته: ذهاب بعض الكلمة منها. والعرب تنطق بالحرف الواحد فيدل على الكلمة التي هو منها. قال الشاعر: قلنا لها: قفي، قالت: قاف ... لا تحسبي أنا نسينا الإيجاف فنطق بقاف فقط. وهو يريد: قالت: أقف. وقال الراجز: ما للظليم عاك، كيف لا يا ... ينقدُّ عنه جلده إذا يا أهبى التراب فوقه إهبا يا يريد: يفعل شيئاً فقال: يا، ثم ابتدأ كلامه.

وقال آخر: جارية قد وعدتني أن تا ... تدهن رأسي وتفلّيني وا وتمسح القنفاء حتى تنتا يعني: تذهب عني الأذى، فأفاض التاء، وألغى ما سواها، فقال: أن تا، يريد: أن تدهن وتمسح القنفاء، يعني الفرْج. وقال: نادوهم أن الجموا ألاتا ... صوت امرئ للجليات عيا يريد: ألا تركبوا. والجليات: آخر الخيل. قالوا جميعاً كلهم الافا ... ثم تنادوا بعد ذلك الضوضى منهم: بهاب وهلاويايا وقال آخر، ويروى للقيم بن أوس بن سعد بن مالك: إن شئت أشرفنا كلانا فدعا ... الله جهداً ربه فأسمعا بالخير خيرات وإن شراً فآ ... ولا أريد الشر إلا أن تآ

يريد: إلا أن تشاء، فأدخل الهمزة. وقوله: "إن شراً فآ"، يريد: إن شراً فشر، فاقتصر على الفاء والتاء. وحكي عن راعيي غنم قال أحدهما لصاحبه: ألا تا؟ فقال الآخر: بلى فا. يريد: ألا تنهض؟ فقال الآخر: بلى فانهض. وحكي أيضاً عن رجلين قال أحدهما لصاحبه: ألا تا؟ فقال الآخر: بلى فا. يريد: ألا ترحل؟ فقال الآخر: بلى فارحل. ويقال: إن حروف أب ت ث من ذلك، ذُكرت مقطعة لتعرف إذا ألِفَتْ. ومثله: ما حكي عن أم خارجة، أنه كان يأتيها الرجل خاطباً إلى نفسه للتزويج، فيقول لها: خِطب، فتقول له: نكحٌ. يريد الرجل: إني جئتك خاطباً لك، فتقول له: قد نكحتك نفسي، فتقتصر على هاتين الكلمتين من كلمات. فضربت العرب بها المثل فقالت: "أسرع من نكاح أُمِّ خارجة". والعرب قد تأخذ الحرف من الكلمة فتجمعه إلى حرف آخر من كلمة أخرى، فتجمعها كلمة تامة؛ كقول الشاعر: أقول لها ودمع العين جار ... ألم تحزنك حيعلة المنادي؟ يريد قول المؤذن: حي على الصلاة. فهذه كلمة جمعت من: حيَّ ومن: على. يقال: حيعل يحيعل حيعلة، وقد أكثر من الحيعلة، إذا قال: حي على الصلاة. وقال آخر:

ألا رُبّ طيف منك بات معانقي ... إلى أن دعا داعي الصباح فحيعلا وقال آخر: فبات خيال طيفك لي عنيقاً ... إلى أن حيعل الداعي الفلاحا وكذلك: قد بسمل الرجل، إذا قال: بسم الله. وقد أكثر من البسملة، إذا أكثر من قول: بسم الله. قال الشاعر: ألا بسملت ليلى غداة لقيتها ... ألا حبذا ذاك الحبيب المبسمل أي قالت: بسم الله. وقد أكثر من الهيللة، أي من قول: لا إله إلا الله. وأكثر من الحمدلة، أي من قول: الحمد لله. ومن الحولقة، أي من قول: لا حول ولا قوة إلا بالله. [وجعفل جعفلةً]: هو من الجعفلة، أي من قول: جعلت فداك. ومثله قولهم: تعبشم الرجل وتعبقس، ورجل عبشمي وعبقسي. يريد: من عبْد شمس ومن عَبْدِ القيس؛ فبنوا من الكلمتين كلمة. قال الشاعر: وتضحك مني شيبة عبشمية ... كأن لم ترى قبلي أسيراً يمانيا فأخذ الباء والعين من عبد وأسقط الدال، وأخذ الشين والميم من شمس وأسقط السين، فبنى من الكلمتين كلمة واحدة.

ومثله: قد تبهيم الرجل: إذا أتى فعل البهيمة. ويتمهجر الرجل: إذا يتشبه بالمهاجرين. ويتمولى: أي يتشبه بالموالي. وتمقدر الرجل، أي: تكلف القدرة على شيء يتكلفه بتعب. ومثله: قد تزيَّبت حصرماً. يقال للرجل يروم بلوغ حالة ليس من أهلها. أي: إنك تريد أن تكون زبيباً وأنت حصرم بعد. ومثله قولهم: "أستتيست الشاة": أي صارت تيساً بعد أن كانت عنزاً. ومثله قولهم: "إن البغاث بأرضنا يستنسر". والبغاث: الطير الذي يصاد، واحدتها بغاثة. ويقال: بُغاثة، وجمعة بغاث وبغثان. قال: بغاث الطير أكثرها فراخاً ... وأُمُّ الصقر مقلاة نزور والمقلاة: القليلة الولد. وبغاث، بالضم، لغة فيه. ومثله قول طرفة: "قد استنوق الجمل". أي: صار الجمل ناقة؛ وذلك أنه كان عند الملك عمرو بن هند، فأنشده المسيَّب بن علس هذا البيت: وقد أتلافى الهم عند احتضاره ... بفحل عليه الصيعرية مكدم فقال طرفة، وهو غلام: استنوق الجمل؛ لأن الصيعرية سمة يسمون بها النوق دون الفحول. فغضب المسيب وقال: من هذا الغلام؟ قالوا: طرفة بن العبد. فقال: ليقتلنَّه لسانه. فكان كذلك. وكان طرفة معجباً وقتله إعجابه.

ومثله: قد تمذهب الرجل بكذا، أي: اعتقد ذلك المذهب وتحمله. ومثله: ما روي عن النبي، صلى الله عليه، أنه قال: "تنيعشوا صائفين، وتثريوا شاتين". أي: كونوا كبنات نعش متفرقين في جلوسكم في الصيف لأجل الحرل، وكونوا كالثريا مجتمعين في جلوسكم لأجل البرد؛ لأن الحر لا يحتمل التضايق، والشتاء يحتمله. وهذا من آدابه لأمته، صلى الله عليه. ويقولون: تطلَّس الرجل: إذا لبس طيلسانه. وتقلنس: إذا لبس القلنسوة. وتندّل وتمندل: إذا لبس المنديل. وتمدرع وتدرّع: إذا لبس المِدْرَعَة. وتمسكن وتسكّن: إذا صار مسكيناً. وقال بعضهم لأبي خليفة الفضل بين حُباب الجمحي: أيشتنُّ المترمّن؟ فقال: نعم، ويتمحلب ويتندَّل. قوله: أيشتن، من الإشنان. والمترمّن: آكل الرمان. ويتمحلب: من المحلب. ويتندَّل: من المنديل. ومثله: خرج القوم يتمغفرون: إذا خرجوا يجتنون المغافير من شجره. وهو صمغ الألا بخاصة. وواحد المغافير: مغفور ومُغْفُر. ومثله: قول عمر، رحمه الله: "اخشوشِنُوا واخشوشِبوا وتمعددوا". يقول: دعوا عنكم التنعُّم وزي العجم، وعليكم بمعدّ وما كانوا عليه في زيهم ومعاشهم.

وكانوا أصحاب غلظ وخشونة. والمتمعدد: البعيد. وقال معن بن أوس: قفا، إنا أضحت قفاراً ومن بها ... وإن كان من ذي ودنا، قد تمعددا أي تباعد. وفي رواية أخرى عن عمر: "تمعددوا واخشوشنوا، وانزوا عن الخيل، واقطعوا الركب". وخبر آخر عنه: "عليكم باللبسة المعدية"؛ لأن معداً إنما كان لباسها البُجد والعبا. ويقولون: بأبأت الصبي: إذا قلت له: بأبي وأمي، أي أفديك بأبي وأمي، فاكتفى من كلمات بواحدة. قال الراجز: والخيل [مني أهل] ما أن يُعْلَيْنْ ... وأن يبأبأن وأن يفدَّيْنْ ويقولون: قرطس الرجل: إذا أصاب بسهمه القرطاس، وهو كل أديم ينصب للنضال. والرمية التي تصيب اسمها مقرطسة. ويقولون: تغطرس الرجل: إذا فعل الغطرسة، وهي الإعجاب بالنفس والتطاول على الأقران. يقال: فتى متغطرس.

قال: كم فيهم من فارس متغطرس ... شاكي السلاح يذود عن مكروب وتغطرس على كذا: أي جسر عليه. ورجل غطرس وقوم غطارس. ومثله: تفقعس: إذا انتمى إلى فقعس، حي من بني أسد. وتعقرس: انتمى إلى عقرس، حي من اليمن. مثل قولهم: تيمَّن: انتمى إلى اليمن، وتنزَّر: انتمى إلى نزار. وكل هذا من باب: تفعَّل، وهو اقتصار على بعض الحروف من الكلام.

الزيادة الزيادة معروفة من كلام العرب. وهي على ضربين: زيادة حروف، وزيادة كلام تام. فمن زيادة الحروف: الألف: تزاد في آخر الكلمة، ولا تزاد أولاً أبداً؛ لأنك، إن زدتها وابتدأت بها، تحركت فصارت همزة. ولكن تزاد ثانية في: ضارب وما أشبهه؛ لأنه فاعل. وثالثة في: مقاتل؛ لأنه من قتل. ورابعة في: علْقَى وسلمى؛ لأنه من علِق وسَلِم. فالألف زائدة، وإنما يكتبونها بالياء من أجل الإمالة. وتزاد خامسة [في]: حبنطَى، فالألف والنون زائدتان؛ لأنه فعنْلى؛ فالفاء والعين واللام من الأصل، والألف والنون زائدتان. وتزاد سادسة، لا تجاوزه أبداً، وهو قولهم: اشهيباب واحميرار؛ فلا تكون إلا في المصدر؛ فالألف والياء والهمزة في أوله وإحدى الباءين زوائد. وهو من الفعل افعيلال، وإنما الأصل: الفاء والعين وإحدى اللامين؛ لأنك تقول: شهبة، فلم يتبق إلا الشين والهاء والباء، والهاء الآخرة زائدة للتأنيث. فهذه حال الألف. وتزاد الألف آخراً إشباعاً وتفخيماً. قال الله تعالى: {وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا}. وقد تقدم هذا في باب الإشباع. والباء تزاد. قال الله تعالى: {بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ}. والباء زائدة، قيل في التفسير: إلحاداً بظلم.

ومثله: {تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ}. قيل: تُنبت الدهن، والباء زائدة. قال الشاعر: نحن بنوجعدة أصحاب الفلج ... نضرب بالسيف ونرجو بالفرج أي: ونرجو الفرج، والباء زائدة. وقال عنترة: شربت بماء الدُّحرضين فأصبحت ... زوراء تنفر عن حياض الديْلَم يريد: ماء الدحرضين، والباء زائدة. ومثله: {عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ}. و {وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ}. أي: هزِّي إليك جذع النخلة. ومثله: {فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ، بِأَيِّيكُمْ الْمَفْتُونُ}. ومثله قول الأعشى: ضمنت برزق عيالنا أرماحنا ... ملء المراجل والصريح الأجردا وقال امرؤ القيس: فلما تنازعنا الحديث وأسمحت ... هصرت بغصن ذي شماريخ ميال أي: هصرت غصناً، فالباء زائدة.

قال أمية بن أبي الصلت: إذ يسفُّون بالدقيق وكانوا ... قبل لا يأكلون شيئاً فطيرا أي: يسفون الدقيق. وقال الله تعالى: {تُلْقُونَ [إِلَيْهِمْ] بِالْمَوَدَّةِ}. أي: المودة. وقال الحارث بن حلزة: قبل ما اليوم بيَّضت بعيون الـ ... ـناس فيها تعيطٌ وإباء يريد: بيضت عيون الناس. قال الفراء: سمعت أعرابياً من ربيعة، وسألته عن شيء. فقال: أرجو بذلك. يريد: أرجو ذلك. وأنشد أبو الجراح: فلما رجت بالشرب هزّلها العصا ... شحيح له عند الإزاء نهيم أراد: فلما رجت الشرب. والإزاء: وضعك شيئاً على [فم] مصب الماء في مجراه [إلى] الحوض. تقول: آزيت الحوض إيزاء. والنهيم: زجرك الإبل لتمضي. قال قيس بن زهير:

ألم يأتيك، والأنباء تنمي، ... بما لاقت لبون بني زياد؟ أراد: ما لاقت، والباء زائدة. وقال آخر: بواد يمان يُنبت الشثَّ صدره ... وأسفله بالمرخ والشبهان أراد: ينبت المرخ، والباء زائدة. والتاء: تزاد في: {وَلاتَ حِينَ مَنَاصٍ}. وفي: ثمت، ورُبَّت، وفي عفريت؛ لأنه من عَفَر. وفي معتدل، وما أشبهه؛ لأنه من العدل. والكاف: تزاد أيضاً في كلامهم إذا سئلوا: كيف تعملون الأقط؟ يقولون: كهين، يريدون: هين. قال آخر: وصاليات ككما يؤثفين فأدخل كافاً على كاف، وإنما المراد: يؤثفين. ومعنى يؤثفين: من الأثفيَّة. قال: تنفي الغياديق عن الطريق ... قلص عن كبيضة في نيق يريد: قلص عن كما تقلص عن بيضة في نيق. وإنما يصف السحاب. والغياديق: الماء الكثير. والنيق: حرف الجبل.

والكاف [في قوله] تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}. وكذلك يدخلون اللام على اللام زيادة. وقال: ولا والله ما يلفى لما بي ... ولا للما بهم أبداً دواء واللام: تزاد في: عبدل، وفي: ذلك. لا تزاد في غيرهما. يريدون: عبد وذاك. والجميع أولئك وأولالك وألالك. قال الشاعر: ألا لِك قومي، لم يكونوا أشابة ... وهل يعظ الضليل إلا ألالِكا؟ يقال: هؤلاء قوم أشابة، أي: ليسوا من مكان واحد. وكذلك الأشابة في الكسب: مما يخالطه من الحرام وما لا خير فيه. والوشب: شبيه بالأشابة في المعنى. نقول: رجل من أوشاب الناس. والضليل، على بناء سكير: الذي لا يقلع عن الضلالة. والسين: تزاد في مستخبر؛ لأنه من الخبر. والميم: تزاد في: مخرز ومروحة وما أشبه ذلك؛ لأنه من: خرزْتُ وتروّحت. وفي: مسجد، من سجدت، وفي مضرب، من ضربت. فإن كانت في ثلاثة أحرف لم تكن زائدة، نحو: مشط وميل ومهد؛ لأنه لابد من

ثلاثة أحرف: الفاء والعين واللام. والميم تزاد أولاً ولا تزاد آخراً إلا في أحرف معروفة، وهي: زُرقم: وهو الأزرق الشديد الزرقة. وستهم: وهو عظيم الإست. ويقال: ستاهي وأسته. وسلطم: من السلاطة وهو الطول. وكردم وكلدم: من الصلابة. أرض كلدة. والدلهم: من الدَّله، وهو التحير. فإن كان هذا من هذا فالميم زائدة. وإن [كان] من ادلهمَّ الليل، فالميم أصلية. وشبرم: وهو القصير من [الرجال والقـ]ـصير الشبر. فأما الشُّبرم، ضرب من النبت، فليست الميم فيه زائدة. وفسحم: من الفساحة. وجلهم: من جلهة الوادي، وهي ناحيته. وجلهتا الوادي: ناحيتاه إذا كان فيهما صلابة. وخلجم: من الخلج، وهو الانتزاع. وصلقم: من الصلق، وهو رفع الصوت. وشدقم: الواسع الشدق. والميم في: منديل زائدة مكسورة. والنون: تزاد في: رعشن وعثمان؛ لأنه من الارتعاش والعثم، فالنون زائدة. وقالوا للمرأة المهزولة والخرقاء في عملها: خلبن وخلباء والجميع: خلا بن.

قال رؤبة: وخلطت كل دلاث علجن ... تخليط خرقاء اليدين خلبن فجاء بالاسمين جميعاً. والنون في علجن أيضاً زائدة، وهي الغليظة المستعلية الخلق. وقالوا للضيف: ضيفن. وقيل: الضيفن: هو ضيف الضيف. قال الشاعر: إذا جاء ضيف، جاء للضيف ضيفن ... فأودى بما تقرى الضيوف الضيافن وقالوا: امرأة سمعنّة نظرنة، وهي التي إذا تسمعت أو تبصرت، فلم تر شيئاً، تظنت تظنياً. وقال الأحمر، أو غيره: سمعنَّة نظرنَّة، بكسر السين والنون. وأنشد: إن لنا لكنَّه ... معنَّة سمعنَّه نظرنَّة مفنّه ... إلا تره تظنَّه ويقال: في خلق فلان خلفنة، مثال درفسة، يعني الخلاف. ورجل سيفان: وهو الطويل الممشوق. وامرأة سيفانة. ورجل موتان الفؤاد، وامرأة موتانة.

والهاء: تزاد في: حمدة وحمزة؛ لأنه من الحمد والحمز. والحمز: الشدة. والحامز: الشديد من كل شيء. ورجل حامز الفؤاد حميزه: إذا كان قوي الفؤاد شديده. ونقول: حمز اللوم في فؤاده، أي: أوجعه. قال الشماخ: فلما شراها فاضت العين عبرة ... وفي الصدر حزَّاز من اللوم حامز شراها: باعها. والحزاز: وجع في القلب من غيظ أو أذى. وقالوا: رجل علامة للعالم. ونسَّابة للنساب. وتقوالة، من المنطق. ودقرارة: وهو النمام، وجمعه: دقارير. وجماعة: للجامع للمال. ومبذارة: للمبذِّر لماله. وسندأوة وقندأوة: وهو الخفيف، وهي من النوق الجريئة. ورجل ضحكة ولعبة: كثير اللعب، وتلعابة أيضاً. ولعنة: كثير اللعن. وهزأة: يهزأ بالنا. وسخرة: يسخر بالناس. وعذلة: كثير العذْل. وخذلة: يخذل. وخدعة: يخدع. وهذرة: كثير الكلام وأمنة: يثق بكل أحد. وحمدة: يكثر حمد الأشياء بأكثر مما فيها. ونومة: كثير النوم. وكذلك: نومة أيضاً: خامل الذكر لا يؤبه له. وجثمة وجثَّامة للنؤوم. وسهرة: قليل النوم. وقعدة: لا يبرح. وكذلك: ضجعة، ومسكة للبخيل.

وصرعة: شديد الصراع. وهُمَزة لُمَزة: يهمز الناس ويلمزهم، أي يعيبهم. قال: تدلي بودي إذا لقيتني كذباً ... وإن أغب فأنت الهامز اللمزة ورجل نتفة: ينتف من العلم ولا يستقصيه. وأكلة شربة: كثير الأكل ولاشرب. وحطمة: كثير الأكل. ورجل وكلة تكلة: أي عاجز يكل أمره إلى غيره ويتَّكل عليه. وعلنة: يبوح بسره. وسؤلة: كثير السؤال. وولعة: يولع بما لا يعنيه. وهلعة: يهلع ويجزع. وحولة: محتال. ونكحة: كثير النكاح. وعرقة: كثير العرق. ومثله كثير من زيادة الهاء في المذكّر زيادة ومبالغة. والهمزة: تزاد أولاً ووسطاً وآخراً. نقول: أحمد وأحمر، فهو أفعل، والهمزة زائدة، وإنما مثلت بالألف، وليست ألفاً؛ لأنها متحركة، والألف لا تتحرك. ألا ترى أنك إذا قلت: أحمد كأنك قلت: عحمد؛ فوضع العين مكانها يدلُّك أنها همزة لا ألف. وقالوا: شأمل، فزادوا الهمزة، وهي من الفعل فعأل. وقال بعضهم: شأمل، وهي فأعل، فزادوها وسطاً.

وقالوا: حمراء وبيضاء، فزادوها آخراً. والواو: تزاد في نحو: قسور؛ لأنه من قسرت. والواو لا تزاد أبداً أولاً. وتزاد ثانية في: حوقل وجوهر وكوكب؛ لأنه فوعل؛ فالفاء والعين واللام من الأصل، والواو زائدة. وتزاد ثالثة في: قسور وجهور؛ لأنه من قسر وجهر. وتزاد رابعة في: مفعول نحو: مفقود. وفي: فعلول نحو: جمهور، فهي زائدة. وواو النسق قد تزاد حتى يكون الكلام كأنه لا جواب له، كقوله تعالى: {حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا}. وقال الجنانيُّ: قال أصحاب العربية في هذه الواو: إنما هي للعدد. والعرب، إذا عدوا عدداً عدَّة، لم يدخلوا عليه الواو، وإنما أدخل الواو في ذكر الجنة دون ذكر النار؛ لأن؛ أبوابها ثمانية، فأدخل الواو على معنى العدد. قال الله تعالى: {سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْماً بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ} فأدخل الواو في ثمانية. وقال تعالى: {فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ}. وقوله، عز وجل: {فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ، وَنَادَيْنَاهُ}. ومثله: {حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَاجُوجُ وَمَاجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ، وَاقْتَرَبَ

الْوَعْدُ الْحَقُّ}. قال امرؤ القيس: فلما أجزنا ساحة الحي وانتحى ... بنا بطن خبت ذي ركام عقنقل أراد: انتحى بنا، والواو زائدة. وقال آخر: حتى إذا قُفلت قلوبكم ... ورأيتم أبناءكم شبوا وقلبتم ظهر المجن لنا ... إن اللئيم الغادر الخب أراد: قلبتم، والواو زائدة. وقال الله، عز وجل: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاءً}. والمعنى: الفرقان ضياء، والواو زائدة. قال [لبيد]: حتى إذا يئس الرماة وأرسلوا ... غضفاً دواجن قافلاً أعصامها والمعنى: أرسلوا، والواو زائدة. غضفاً: يعني كلاباً مسترخية الآذان، واحدها أغضف، والكلاب كلها غضف. يقال: غضفت أذنه تغضف غضفاً، وقد غضفها يغضفها غضفاً. ويقال للحية إذا تطوَّى: قد تغضَّف. ويقال: قد تغضَّفت البئر على من فيها فقتلتهم. وقال بعض أهل اللغة: إذا [كان] الاسترخاء في الأذن خلقة فهو غضف. فإن أرخاهما، ولم يكن ذلك خلقة، فهو غاضف.

والدواجن: المعودة للصيد. وقوله: "قافلاً أصعامها"، معناه: يابسة قلائدها في أعناقها من القد، جعلها كأنها ربط القرب. وعصام القربة: ما شدت به. وقال بعض النحويين: واحد الأعصام: عصام، وهو جمع على غير قياس. وقال غيره: واحد الأعصام: عُصْم، وهي في الجمع بمنزلة قولك: قُفل وأقفال، وبُرد وأبراد. والميم: زيدت [في] أنتما؛ لئلاً يكون أنتا، فالخطاب للواحد. قال: يا مُرَّ، يابن واقع، يا أنتا ... أنت الذي طلَّقت عام جعتا واختيرت الميم لأنها من زيادات الأسماء؛ وذلك أنهم يزيدونها في: مخلد ومنصور ومزيد، وما أشبه ذلك. وتقول في جمع المذكر: أنتم قمتم، فتزيد الميم في الجمع بناءً على التثنية، وأصله: أنتمو قمتموا، فحذف الواو تخفيفاً؛ لأنهم يستقلونها في أواخر الحروف. ومنهم من يثبتها ويخرج الحرف على أصله. وحذف الواو من أنتمو حذف عارض. والحذف لا يقاس عليه؛ ألا ترى أنهم قالوا: لم تك، يريدون: لم تكن، فحذفوا النون، ولم يقولوا: لم أق في: لم أقل، وذلك مِن: قال يقول، وذاك من: كان يكون، والفعل واحد. واللام: تزاد في الكلام أيضاً كقوله تعالى: {لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ}. والياء: تزاد أولاً في: يزيد، وهو مِنْ زاد، ويربوع، الواو والياء زائدتان؛ لأنه من الفعل يفعول.

والياء زائدة في اسم يحيى، وهي ناقصة في اسم سارة. عن الضحاك قال: كان اسمها يسارة، التي لا تلد، فقال لها جبريل، عليه السلام: كنت يسارة لا تحملين، فصرت سارة تحملين. قالت: يا جبريل، نقصت اسمي. قال: إن الله، عز وجل، قد وعدك أن يجعل هذا الحرف في اسم ولد من ولدك اسمه حيي، فسماه يحيى، وسمي يحيى لأن الله تعالى أحياه من موات، أخرجه من شيخ كبير وامرأة عاقر. [ومن زيادة الكلام] قولهم: بسم الله. الاسم زيادة. قال أبو عبيدة: بسم الله، إنما هو بالله. وأنشد للبيد: إلى الحول ثم اسم السلام عليكما ... ومن يبك حولاً كاملاً فقد اعتذر أي: يعذر. ويقال: معنى اعتذر: أعذر، أي أتى بما يعذر معه، أي: السلام عليكما. ومثله: {تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ}. أي: تبارك ربك. والوجه: يزاد أيضاً في الكلام. قال الله تعالى: {وَلا تَطْرُدْ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ}. أي: إلا هو.

و {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ}. أي: فثم الله. و {إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ}. أي: لله. وعلى: تزاد في الكلام. قال حميد بن ثور: أبى الله إلا أن سرحة مالِكٍ ... على كل أفنان العضاه تروق أراد: تروق كل أفنان العضاه، وعلى زائدة. وعن: تزاد أيضاً، كقوله تعالى: {فَلْيَحْذَرْ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ}. وإن الثقيلة، أيضاً تزاد؛ كقوله تعالى: {قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ}. وقال الشاعر: إن الخليفة إن الله سربله ... سربال ملك به ترجى الخواتيم وإن الخفيفة: تزاد أيضاً؛ كقول الشاعر: ما إن رأيت ولا سمعت بمثله ... ............ وقال الله، عز وجل: {وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ}. قال بعضهم: أراد فيما مكناكم فيه وإن زائدة.

وإذ: قد تزاد، كقوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ} و {إِذْ قَالَ لُقْمَانُ لابْنِهِ}. وقال ابن ميادة: إذ لا يزال قائل: أبِنْ أبِنْ ... هوذلة المشآة عن ضرس اللَّبِنْ الهوذله: التحرك والاضطراب. وما: قد تزاد، كقوله تعالى: {فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ}. و {عَمَّا قَلِيلٍ}. و {أَيّاً مَا تَدْعُوا}. [قيل: المعنى: فبنقضهم ميثاقهم، وعن قليل، وأياً تدعوا]؛ فما زائدة فيهن. قال الشاعر: لو بأبانَيْنِ جاء يخطبها ... رُمّلِ ما أنف خاطب بدم كأنه أراد: رُمِّل أنف خاطب، وما زائدة. قال حسان بن ثابت: ولدنا بني العنقاء وابني محرق ... فأكرم بذا خالاً وأكرم بذا ابنما كأنه أراد: أكرم بذا ابناً.

مسألة: الحروف المقطعة في القرآن

مسألة إن سأل سائل فقال: ألستم تزعمون أن القرآن نزل بلغة العرب، فهل تجدون في اللغة كقول الله، عز وجل: {ألم ذلك الكتاب} و {ألمص} و {كهيعص}، وسائر ما في القرآن من هذا اللفظ؟ وهل يقول الرجل: لام نون زيد ذاهب؟ أو ميم عمرو ذاهب؟ قيل له: نعم، قد يوجد ما يشبه هذه الفواتح في كلامهم؛ كقولهم: ألا انعم صباحاً. ألا إن زيداً يقول ويفعل كذا وكذا. يقول امرؤ القيس: ألا انعم صباحاً أيها الطلل البالي ... وهل ينعمن من كان في العصر الخالي! وقال أيضاً: ألا إنني بال على جمل بال ... يقود بنا بال ويحدو بنا بال فألا من قوله افتتاح كلام وزيادة فيه. وقد تردف ألا بلا أخرى. يقولون: ألالا، كقول الشاعر: فقام يذود الناس عنها بسيفه ... وقال: ألالا من سبيل إلى هند وقال كثير:

ألا لا أرى بعد ابنة النضر لذة ... لشيء، ولا ملحاً لمن يتملح وكقولهم في الدعاء: أي ربي، افعل لي كذا وكذا. وكقول أحدهم لابنه: أي بنيّ، افعل كذا ولا تفعل كذا. وكزيادة الطائية في كلامهم ذو. يقولون: هذا ذو قال كذا، ورأيت ذو قال ذاك، ومررت بذو قال ذاك؛ بالواو في كل حال. ومما يدل على أنها زيادة في الكلام منهم، أنها لا تتغير بوجوه الإعراب. وكذلك قولهم للأنثى: ذات قالت ذاك، بالرفع في كل حال. وأنشد: وإن الماء ماء أبي وجدي ... وبئري ذو حفرت وذو طويت أراد: التي احتفرت. قال الفراء: سمعت أعرابياً منهم يقول: بالفضل ذو فضَّلكم الله به، والكرامة ذات أكرمكم الله به. يريد: بها. ويقولون في الاثنين: هما ذو قالا ذاك. وفي الجميع: ذو قالوا. وفي النساء: هاتان ذواتا ترى وذوا ترى. وفي الجميع: هؤلاء ذوات ترى وذو ترى؛ فيرفعون ذات وذوات في كل حال كما قالوا ذو في كل حال. وأنشد: جمعتها من أينق موارق ... ذوات ينهضن بغير سائق

ومنه [ما] رواه الأشعري: أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: "ليس إم بر أم صيام إم سفر". يريد، عليه السلام: ليس من البر الصيام في السفر. وروي أن بعض العرب سأله، صلى الله عليه، عن ذلك بهذه العبارة، فأجابه بمثلها ليفهمه؛ لأنها لغة لهم وهي لغة يمانية يقولون: إم عند خيار الناس، إم يطعم الطعام، إم يضرب الهام؛ فهم يخبرون بذلك في مبتدأ كلامهم زيادة فيه. ولكن العرب لا تفتتح كلامها بشيء من حروف الهجاء. لا يقولون: ألف قام زيد، ولا ألف باء تاء ضربت زيداً. وإنما جاء ذلك في القرآن على ما قاله ابن عباس وغيره، والله أعلم. وقد قالت الشعراء ما يشبه ذلك. قال الراجز: ما للظليم عاك، كيف لا يا ... ينقدُّ عنه جلده إذايا أهبى التراب فوقه إهبايا يريد: يفعل شيئاً، فقال: يا، ثم ابتدأ كلامه. وقد افتتحت الشعراء أشعارها بحروف: أب ت ث وبنوها عليها. كقولهم: ألف، أبدأ بذكري طفلة ... سلبت عقلي وسمعي والبصر باء، بعينين كعيني جؤذر ... وبوجه مشرق مثل القمر

تاء، تلفت الآن لا شك بها ... قد يتيح الله لي منها وطر ثاء، ثوى في القلب مني حبها ... ففؤادي ليس عنها ينزجر إلى آخر حروف أب ت ث. فلو يأتي بهذه الحروف أمام شعره لكان كلاماً تاماً صحيح المعنى. فكأن هذه الحروف في أوائل الأبيات شبيهة بوضع الحروف المفتتح بها السور مثل: {ص والقرآن} و {ق والقرآنِ}، و {ن والقلم}. على أنه قد اختلف المفسرون في هذه الحروف التي في أوائل [السور]. فقال قوم: هي افتتاح للسور. وقال قوم: هي حروف مقطعة من حروف المعجم، ذكرت لتدلَّ أن هذا القرآن المؤلف من هذه الحروف المقطعة هي حروف أب ت ث، فجاء بعضها مقطعاً، وجاء تمامها مؤلفاً ليدلا القوم الذين نزل عليهم القرآن أنه بحروفهم التي يعقلونها لا ريب فيه. وروي عن الشعبي أنه قال: لله تعالى في كل كتاب سر، وسره في القرآن حروف الهجاء المذكورة في أوائل السور. وقال بعضهم: هي أسماء للسور، تعرف كل سورة بما افتتحت به منها. وكان بعضهم يجعلها أقساماً. وبعضهم يجعلها حروفاً مأخوذة من صفات الله، عز وجل، يجتمع بها في المفتتح الواحد صفات كثيرة.

فإن كانت أسماء للسور، فهي أعلام تدل على ما تدل عليه الأسماء. وإن كانت أقساماً فيجوز أن يكون الله تعالى أقسم بالحروف المقطعة، واقتصر على ذكر بعضها من ذكر جميعها، فقال، عز وجل: {ألم} وهو يريد جميع الحروف المقطعة؛ كما يقول القائل: تعلمت أب ت ث، وهو لا يريد تعلم هذه الأربعة الأحرف دون غيرها من التسعة وعشرين. ولكنه، لما طال عليه أن يذكرها كلها، اجتزأ بذكر بعضها. ولو قال: تعلمت ح ط ص، لدل أيضاً على حروف المعجم كلها. وعن بعضهم، وأحسبه علياً، قال: الرَّحِمُ هو [من] الرحمن. وكان بعضهم يقول {حم}، معناها: قضي والله ما هو كائن. وقال الأخطل: وما أرى الموت يأتي من يُحَمُّ له ... إلا كفاه، ولاقى عنده شغلا وقال أبو عبيدة: {ألم} ساكنة كلها؛ لأنها هجاء، ولا يدخل في حروف الهجاء إعراب. قال أبو النجم العِجلي: أقبلت من عند زياد كالخرف ... أجر رجلي بخط مختلف كأنما تكتبان لام ألِف فجزمه لأنه هجاء، وتكتبان وهي لغة.

وقال الزجاج: "إن هذه الحروف ليس تجري مجرى الأسماء المتمكنة والأفعال المضارعة التي يجب الإعراب لها، وإنما هي تقطيع الاسم المؤلف الذي لا يجب الإعراب فيه إلا مع كماله. فقولك: جعفر لا يعرب الجيم ولا العين ولا الفاء ولا الراء دون تكميل الاسم. وإنما هي حكايات وقعت على هذه الحروف؛ فإن أجريتها مجرى الأسماء، وقع فيها الإعراب لأنك تخرجها من باب الحكاية". قال الشاعر: كافاً وميمين وسيناً طاسما وكما قال أيضاً: .............. كما بينت كاف تلوح وميمها فذكر طاسماً؛ لأنه جعله صفة للسين، وجعل السين في معنى الحرف. وقال: كاف تلوح، فأنَّث، ذهب بها مذهب الكلمة. وكذلك سائر حروف المعجم. فمن قال: هذه كاف حسنة، فلمعنى الكلمة. ومن قال: هذا كاف حسن، فلمعنى الحرف. قال يزيد بن الحكم يهجو النحويين: إذا اجتمعوا على ألف وواو ... وياء هاج بينهم جدال وأما إعراب أبي جاد وهواز وحطّي، فزعم سيبويه أن هذه معروفات الاشتقاق

في كلام العرب، وهي مصروفة. نقول: علمت أبا جاد، وانتفعت بأبي جاد، ونفعني أبو جاد. وكذلك هوّاز. وكذلك حطي، القول فيهن واحد، هن مصروفات منونات. وأما كلَمُون وسعفص وقريشيات، فإنهن أعجميات. تقول: هذه كلمون يا هذا. وتعلمت كلمون يا هذا. وانتفعت بكلمون يا هذا وكذلك سعفص. فأما قريشيات فاسم للجميع مصروفة بالألف والتاء. نقول: هذه قريشيات، وعجبت من قريشيات، وتعلمت قريشيات يا هذا. وقد كثرت الأقاويل في الحروف التي في أوائل السور، ولم يتفق المفسرون فيها على شيء، فلزم أن نأتي بمثله في معناه من لغة العرب. وإنما ذكرت ما يشبه زيادتها في أوائل السور من كلام العرب وأشعارها، تقريباً في التشبيه لا تحقيقاً؛ لأن التحقيق في كلام الله، عز وجل، لا يقوله أحد، سيما ما وقع فيه الاختلاف بين المفسرين وأهل العلم بالتأويل. ومع قول الشعبي: إن لله في كل كتاب سراً، وسره في القرآن حروف الهجاء، فهل يقدر أحد أن يدعي الاطلاع على سر الله، عز وجل. وقول الله، عز وجل: {ألر، تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ، إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} مغن عن الاحتجاج على المعارض في ذلك، إلا أن يكون ملحداً. فلعمري إن الملحد لا يحتج عليه بالقرآن؛ لأنه لا يؤمن بقوله. لكن قد ذكرت ما يقرب ويسوغ من كلام العرب وشعرها. وقد قال القتيبي قولاً سديداً مصيباً في ذلك، بعد أن ذكر أيضاً طرفاً من كلام

العرب وشعرها واحتجاجات يطول ذكرها. قال في آخر كلامه: "وهذا [ما] لا يعرض فيه؛ لأنا لا ندري كيف هو، ولا من أي شيء أخذ [خلا "صاد"] وما ذهب إليه فيها". فختم كلامه بالاستغفار من تحقيق ذلك. وما إخاله ترك القطع بالقول فيه، مع علو درجته في العلم والتفسير لكتاب الله، عز وجل، إلا لموضع اختلاف العلماء والمفسرين، والله أعلم. التقديم والتأخير التقديم والتأخير في كلام العرب جائز كثير. قال الله، عز وجل: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجَا، قَيِّماً}. أي: أنزل الكتاب قيماً ولم يجعل له عوجا. ومثله قول الأعشى: لقد كان في حول ثواء ثويته ... تقضي لبانات ويسأم سائم أراد: لقد كان في ثواء حول ثويته. ومثله: {فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ}. أي: ربت واهتزت. وقرئ: {ورَبَأتْ}. تقول العرب: ربت وربأت.

وقال ذو الرمة: فأضحت مباديها قفاراً رسومها ... كأن لم سوى أهل من الوحش تؤهل أراد: كأن لم تؤهل سوى أهل من الوحش، فقدّم وأخّر. ومنه قول الله تعالى: {وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكَانَ لِزَاماً وَأَجَلٌ مُسَمًّى}. أي: لولا كلمة سبقت من ربك وأجل مسمى، لكان العذاب لزاماً. وقال الشاعر: فأوردتها ماء كأن جمامه ... من الأجن حناء معاً وصبيب أراد: كأن جمامه حناء وصبيب معاً. يقال: هو ورق السُّمْسُم، وهو أحمر. وقال الأعشى: ويمنعه يوم الصياح مصونة ... سراع إلى الداعي تثوب وتركب أراد: تركب إلى هذا الممنوع لتمنعه، ثم تثوب، أي ترجع. ومثله قوله، عز وجل: {اقْتَرَبَتْ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ}. معناه، على ما قيل: انشق القمر واقتربت الساعة. ومثله قول ابن أحمر:

فذلَّ ابن الخليفة واستقينا، ... من البئر التي حفر، الأميرا أي: أسقينا الأمير من البئر التي حفر، أي حفرها، فحذف الهاء. وهذا من التقديم والتأخير، وهو عندهم مفهوم. ومنه قوله تعالى: {فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى}. وإنما هو أحوى ثم يصير غثاء بعدما يبس. وأحوى: شديد الخُضرة. والحوَّة: حُمرة في الشفة تضرب إلى السواد، والعرب تحب ذلك. قال ذو الرمة: لمياء في شفتيها حوة لعس ... وفي اللثات، وفي أنيابها شنب صفراء في نعج، بيضاء في دعج ... كأنها فضة قد مسها ذهب ومنه قوله تعالى: {فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً}. والتسريح ثم المتعة؛ ففيه تقديم وتأخير. ومنه قوله، عز وجل: {فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَقَ}. أي: بشَّرناها بإسحق فضحكت. ومثله: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}. قال ابن عباس في رواية الكلبي: أراد: ولا تعجبك أموالهم ولا أولادهم في الحياة الدنيا؛ إنما يريد الله ليعذبهم بها في الآخرة.

وكذلك قوله، عزّ اسمه: {فَأَلْقِهِ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ}. وإنما المعنى: فانظر ماذا يرجعون ثم تول عنهم، على التقديم والتأخير. العرب تقول: رجعت القول: إذا أجبت فيه. وقال أوس بن حجر: أما حصان فلم تضرب بكلَّتها ... قد طفت [في كل] هذا الناس أحوالي على امرئ سوقة ممن سمعت به ... أندى وأكمل منه أي إكمال قال الأصمعي: قرأ علي أعرابي: فمن يعمل مثقال ذرة شراً يره، ومن يعمل مثقال ذرة خيراً يره. قدّم وأخّر. فقيل له: قدَّمت وأخّرت. فقال: خذا جنب هرشى أو قفاها، فإنه ... كلا جانبي هرشى لهن طريق هَرْشى: جبل كبير فيه عقبة.

الإمالة اعلم أن الإمالة فرع والتـ[ـفخيم] هو الأصل؛ فلو خّمت جميع الكلام لم تكن مخطئاً، ولو [أملْت جميع] الكلام كنت مخطئاً. والإمالة في مواضع معروفة لا تجاوزها. وإنما يمال ما كان يرجع إلى الياء؛ لأن الإمالة إنما هي نحو الكسر، والكسر من الياء. ومنهم من يميل ما كان من الواو [نحو] دعا، تقول: دعا، وغزا، تقول: غزا؛ لأن هذا تقول فيه: دُعِي وغزِي، فتنقلب الواو إلى الياء. ولا تُمِلْ ما كان من الواو نحو: القفا والعصا والرضا؛ لأنه: قفوان وعصوان ورضوان. هذا من الواو فلا تُدخله الإمالة. ومنهم من لا يرى الإمالة في شيء من كلام العرب. المدائني قال: سمعت أبا زيد النميري يقول، وذكر قراءة حمزة: يقول الله، عز وجل: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ}، كأنه ينكر الإمالة بهذا القول. والإمالة لا صورة لها، وضدها التفخيم. التفخيم [روى] زيد بن ثابت أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: "نزل القرآن بالتفخيم".

والتفخيم: هو أن تكون الألف كالواو في لغة أهل الحجاز. يقولون: الصلة والزّكوة والمِشكوة، يرومون الضمة ولا يضمونها ضمَّة صحيحة، ولا ألفا خالصة. والتفخيم أكثر صحة وأكثر فصاحة، وهو أصل الكلام والإمالة فرع عليه. والرفع في الكلام تفخيم. والألف المفخم: الذي يضارع الواو، يشبهها. والفعل: فخم فخامة. وألف التفخيم ضد ألف الإمالة، وهي مثل الألف التي في الصَّلوة.

التصغير التصغير عند العرب على أنحاء [أربعة] في قول الخليل: تقريب وتقليل وتصغير وتحقير. وقال غيره: على ضربين: تقليل وتعظيم. وقيل أيضاً: على اختصاص ومدح وانتقاص وذم؛ فأما المدح والتعظيم فكقول عمر في ابن مسعود: "كنيف ملئ علماً". يمدحه بذلك. وكذلك قول علي في نفسه، حين قال لكميل: "يا كُميل، أما والله لو طرحت لي وسادة لقضيت لأهل التوراة بتوراتهم، ولأهل الإنجيل بإنجيلهم، ولأهل الزبور بزبورهم، ولأهل الفرقان بفرقانهم. ثمَّ مسح على بطنه وقال: كنيف ملئ علماً. آه آه، لو وجدت لهذا العلم من يحمله". وتفسير كنيف في حروف الكاف من هذا الكتاب إن شاء الله. وقال سلمة بن وقش يوم السقيفة: "أنا جذيلها المحكَّك، وعذيقها المرجب، وحجيرها الموأَّم". ويقال: إن قائل هذا الحباب بن المنذر الأنصاري. قوله: جذيلها، فإنه تصغير جذل، وهو عود ينصب للإبل الجربى لتحتكَّ به من الجرب. فأراد أنه يستشفى برأيه كما تستشفي الإبل الجربى بالاحتكاك بذلك العود. وعذيقُها المرّجّب: فالترجيب للنخلة الكريمة أنها إذا مالت بنوا من جانبيها بناءً يدعمها كي لا تسقط. فذلك الترجيب.

وقال بعض الأنصار يصف النخل: ليست بسنهاء ولا رجَّبية ... ولكن عرايا في السنين الجوائح الرجبية: من المرجّب. والسنهاء: التي تحمل سنة وتحيل سنة. وترجيب العذق: أن يوضع على سعفها ثم يضم بالخوص يئلا ينفضها الريح. ويقال، إنها مع ذلك: يوضع الشوك حوالي الأعذاق لئلا يدنو منها آكل؛ فذلك أيضاً ترجيب. قال سلامة بن جندل: والعاديات أسابي الدماء بها ... كأن أعناقها أنصاب ترجيب شبه أعناق الخيل بحجارة كانت تنصب فيهراق عليها دماء النسائك في رجب. وبعض يقول: شبهها بالنخل المرجَّبة. والأول أعرب. وأسابي الدماء: طرائقه، الواحدة أسبيَّة. وقوله: حجيرها: تصغير حجر. والموأَّم: الضخم. ومثله: قول النبي، صلى الله عليه وسلم، لعائشة: الحُميراء. وقولهم لأبي قابوس الملك: أبو قبيس. وقول الرجل: رأيت الأصيلع عمر بن الخطاب يُقَبّل الحجر. يريد بذلك مدحه. وقال أوس بن حجر: فويق جبيل شامخ الرأس لم تكن ... لتبلغه حتى تكلَّ وتعملا وقولهم: دبَّت إليه دويهية الدهر، وهو تصغير داهية: وذلك إذا أرادوا لطافة

المدخل ودقة المعنى. وقال الشاعر: وكل أناس سوف تدخل بينهم ... دويهية تصفر منها الأنامل وقال عمر [بن] أبي ربيعة: وغاب قمير كنت أرجو غيوبه ... وروّح رعيان ونوَّم سمَّرُ وهذا على المديح لا على التحقير. وقيل: إن سعيد بن المسيّب، لما سمع هذا البيت قال: قاتله الله صغّر ما كبَّر الله. قال الله، عز وجل: {وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ}. ولعمر في هذا حجتان: أحدهما: أن العرب تصغر الاسم على المدح. والثانية: أنهم يسمون القمر، في أول الشهر وآخره، قميراً. ومع ذلك فإن ابن أبي ربيعة قد أنشد هذه القصيدة ابن عباس فما أنكر عليه شيئاً. وقال آخر: وقمير بدا ابن خنمس وعشريـ ... ـن له قالت الفتاتان قُومَا قوله: قُوما، أراد: قُومن بالنون الخفيفة، ثم أبدل منها ألفاً؛ كقول الله، عز وجل: {لَنَسْفَعَاً بِالنَّاصِيَةِ}. والعرب تصغِّر الضحى: ضحياً. يريدون: الضَّحاء، والضحاء ذكر، فلو أراد

الضحى بعينها لقال: ضُحيَّة؛ لأنها أنثى. قال: لعلكما ابني منذر أن تبينا ... ضحي غد من ذو العطاء المحلل وقال آخر: أياما أحيسنها مقلةً ... ولولا الملاحة لم أعجب أياما، يريد: ياما، والألف افتتاح كلام في النداء، مثل: أيا صاحب. وأحيسنها: تصغير أحسنها. ومقلة، نصب بحذف مِنْ، يريد: من مُقلة، فحذف من فنصب مُقلة. والعرب [تقول]: ما أحيسن أخاك، فتصغّره لأنه على لفظ الاسم، وهو في المعنى على تقطيع المعني. وحكاه الكسائي عن العرب، [يقولون]: ما أميلحه. يقولون: لله درُّك رجلاً، ينصبون رجلاً. التفسير: يريد: ما أظفرك من رجل. ورُبَّ اسم إذا صُغِّر كان أملأ للصدر، مثل قولك: أبو عبيد الله، هو أكبر في السماع من أبي عبد الله. وكعب بن جعيل هو أفخم من كعب بن جعل. وربما كان التصغير خلقة وبنية لا تتغيَّر، مثل: الحُميّا، وهنيدة، والقُطيعا، والمريطا، والسميرا. وليس هذا كقولهم: القصيرا. وفي كبيد السماء، والثريا. وكذلك: مهيمن، ومسيطر، ومبيقر، وكميت؛ فهذه أسماء جاءت مصغرة، ولا مكبر لها. ومما جاء من طريق التحقير قولهم: بُخيل ونذيل. وقد قرئى: {وَمريته حَمَّالَةَ

الْحَطَبِ} على التحقير لها والذم. وربما صغروا الشيء من طريق الرقة والاختصاص، كقول عمر، رحمه الله: "أخاف على هذا الدين الغُرَيِّب". وليس يريد بتصغيره. احتقاراً له، بل شفقة عليه ورقة له. وكقول الرجل: صديّقي وأخيّي، وليس يريد به تقليلاً منه. قال الشاعر: أخيِّي ويا شقيّق نفسي ... أنت غادرتني لأمر شديد وقال آخر: أخيَّين كنا فرق الدهر بيننا ... إلى الأمد الأقصى، ومن يأمن الدهرا؟ والتصغير إنما يكون في الأسماء خاصة، ولا يكون في الأفعال ولا في الحروف التي جاءت لمعنى، ولا في الظروف التي لا تكون اسماً؛ وذلك أنك لا تصغر: ضرب ويضرب، ولا عِند ولا خلْف، وما أشبه ذلك. وإنما تصغر الأسماء نحو: زيد وعُمر، وما أشبه ذلك. وبنية التصغير: ضم الأول من الاسم وفتح الثاني والمجيء بياء التصغير ثالثة. فإذا كان ثاني الاسم ياء ثم صغرته قلت فيه ثلاثة أوجه: تقول في بيت: بُيَيْت. وفي شيخ: شييخ. وفي شيء: شُيَيْء. والوجه الثاني: بَيَيْت وشيَيْخ وشَيَيْء.

والوجه الثالث: بُوَيْت وشُوَيخ وشُوَيْء. وقُدّام: تؤنّث وتُذكَر؛ فمن ذكرها صغّرها بغير هاء. ومَنْ أنثها صغرها بالهاء فقال: قديديمة. قال: قديديمة التجريب والحلم، إنني ... أرى غفلات العيش قبل التجارب ويروى: "أرى العيش والتطريق قبل التجارب". وتصغر: فوق وتحت وقبل وبعد ودون فيقال: فُوَيْق وتحيت وقُبيل وبُعيد ودُوين. ووراء تصغيره: وُريئة. قال امرؤ القيس: ضليع إذا استدبرته سدَّ فرجه ... بضاف فويق الأرض ليس بأعزل وقال النابغة الذبياني: سفحت بنظرة، فرأيت منها ... تحيت الخِدْر واضعة القرام وقال عمرو بن كلثوم: قَرَيْناكُم فأعجلنا قِراكم ... قبيل الصبح مرادة طحونا

وقال الحطيئة: إذا النوم ألهاها عن الزاد خِلْتها ... بُعيد الكرى باتت على طي مجسد وقال علقمة بن عبدة: طحابك قلب في الحسان طروب ... بعيد الشباب عصر حان مشيب قال العجاج: كأن في فيه إذا ما شحجا ... عوداً دويْن اللهوات مُولجا

التعظيم التعظيم كقولهم: رجلٌ ما رجلٌ، ورجلٌ أي رجُلٍ، ورجلٌ قَدْكَ به رجلاً، أي: حسبك به رجلاً. وقطك به رجلاً، أي: حسبك به رجلاً. وقدْك وقطْك بمعنى واحد. قال النابغة: قالت: ألا ليتما هذا الحمام لنا ... إلى حمامتنا ونصفه فقد أي: حسبي. وقال: امتلأ الحوض وقال قطني ... مهلاً رويداً قد ملأت بطني أي: حسبي. وكذلك قولهم: ناهيك بفلان، أي: إنه غاية ينتهى إليها في الفضل. وقال الخليل: قولهم: رأيت رجلاً ناهيك من رجل، ونهاك من رجل، فإن الكاف في هذا الكلام كاف مخاطبة، وتفسيره: قد انتهى الرجل في كماله إلى الغاية. وقال: هو الشيخ الذي حدّثت عنه ... نهاك الشيخ مكرمة وفخراً ويقال: نهت بالشيء ونوّهت به: إذا رفعت ذكره.

وكذلك: بخ بخ هو تعظيم عندهم للشيء وإعجاب به. وهو يثقّل ويخفّف. وقال: بخ بخ لهذا كرماً فوق الكرم وقال العجاج: إذا الأعادي حسبونا بخبخوا أي قالوا: بَخٍ بَخٍ. ويقول الشاعر: بين الأشجّ وبين قيس باذحٌ ... بَخْبِخْ لوالده وللمولود فأخذه الحجاج فقال: والله لا تبخبخُ بعدها أبداً، فقتله. ومنه قول الله، عز وجل: {الْقَارِعَةُ، مَا الْقَارِعَةُ}. و {الْحَاقَّةُ، مَا الْحَاقَّةُ}. و {فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ (8) وَأَصْحَابُ الْمَشْئَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْئَمَةِ}. و {وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ}. و {وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ}. أي شأنهم عظيم.

وكل ما في كتابه، عز وجل، من نحو هذا فمعناه التعظيم، أي: ما أعظمه. وقال جرير: أتيح [لك] الظعائن من مراد ... وما خطب أباح لنا مرادا وقال أيضاً: إذا أعرضوا عشرين ألفاً تعرّضت ... لأم حكيم حاجة هي ماهيا وقال خِداش بن زهير: وهلال ما هلال هذه ... قد هممنا بهلال كل هم يأخذون الأرش من إخوانهم ... فرق السمن وشاة في القسم ثم قالوا لنمير: جمخراً ... ما بكعب وكلاب من صمم قوله: "جمخرا"، كقوله: بَخْ بَخْ. وقال كعب بن سعد الغنويّ: أخي ما أخي، لا فاحش عند بيته ... ولا ورع عند اللقاء هيوب قوله: أخي ما أخي، كقول العرب: زيد، أي: عظيم الشأن. وكذلك قولهم: صولة هي ما هي، وحاجة هي ما هي.

مخاطبة الواحد بلفظ الاثنين، والاثنين بلفظ الواحد والشاهد بلفظ الغائب، والغائب بلفظ الشاهد العرب تثنّي الواحد. قال الله، عز وجل: {أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ}. وإنما يقول، جل وعلا، لمالك، فثنّى. قال المبرد: هذا فعل مثنّى ومؤكداً. لما قال: ألقيا ناب عن قوله: ألْقِ ألْقِ. وكذلك قِفا، معناه: قِفْ قِفْ، عن فعلين، فثنّى. وقال الفرءا: العرب تأمر الواحد والقوم بما تأمر به الاثنين. قال الشاعر: فإن تزجُراني يا ابن عفّان أنزجر ... وإن تتركاني أحمِ عِرْضاً ممنَّعا والعرب تقول: ويحَكَ، ارْحلاها وازجُراها. وأنشد الفراء: فقلت لصاحبي لا تحبسانا ... بنزع أصوله واجتزَّ شيحا وكان الحجاج، إذا أمر بقتل رجل، قال: يا حرسيّ، اضربا عنقه. وهذا من كلامهم معروف؛ لاتساع لغتهم وبليغ فصاحتهم. قال امرؤ القيس: قِفَا نَبْكِ من ذكرى حبيب ومنزل ...............

فقال: قِفَا، وهو يخاطب واحداً؛ ألا تراه يقول بعد هذا: أصاح، ترى برقاً أريك وميضه ... كلمع اليدين في حبي مكلَّل؟ ويروى: أحار، ترى برقاً. يريد بقوله: أصاح: صاحبي. وبقوله: أحار: أحارث، فخاطب واحداً. وقوله: أحارِ: ترخيم أحارث. وأنشد الفراء: ألا يا حار، ويحك لا تلُمني ... ونفسك لا تضيّعها، ودعني وقال ابن الأنباري: في "قِفَا" ثلاثة اقاويل: أحدهن: أن يكون خاطب رفيقين له، وهذا ما لا نظر فيه ولا مؤونة. والقول الثاني: أن يكون خاطب رفيقاً واحداً وثنّى؛ لأن العرب قد تخاطب الواحد بخطاب الاثنين، فيقولون للرجل: قُوما وارْكَبَا. وأنشد الفراء: أبا واصل فاكسوهما حلَّتيهما ... فإنكما، إن تفعلا، فَتَيانِ بما قامتا أو تغلواكم فغاليا ... وإن ترخُصا فهو الذي تُردان قال: أبا واصل فاكسوهما حلّتيهما، ثم ثنّى فقال: فإنكما. وأنشد الفراء:

خليليَّ قوما في عطالة فانظرا ... أناراً ترى من نحو أبانيْنِ أو برْقا؟ فقال: خليليّ، فثنَّى ثم قال: أناراً ترى؟ فوحّد. وقال امرؤ القيس: خليليّ، مرّابي على أم جندب ... ............... ثم قال: ألم تر أنّي كلما جئت طارقاً ... ............. فوحّد. والقول الثالث: أن يكون أراد: قِفْنَ، بالنون الخفيفة، فأبدل الألف من النون، وأجرى الوصل على الوقف. وأكثر ما يكون هذا في الوقف، وربما أجرى الوصل عليه. وقال ابن عِكرمة، في قول الحجاج: "يا حرسيّ، اضربا عُنُقه"، أي: اضربنَّ، فأبدل من النون الألف. وهذا مشروح في باب الألف.

وأما مخاطبة الشاهد بشيء ثم يخاطب الغائب به فكقوله، عز وجل: {حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا}. [وقوله]: {وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُضْعِفُونَ}. [وقوله]: {وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمْ الإِيمَانَ}، ثم قال: {أُوْلَئِكَ هُمْ الرَّاشِدُونَ}. وقال النابغة: يا دار ميّة بالعلياء فالسند ... أقوت وطال عليها سالف الأبد وقال عمرو بن أحمر: وعرساك صفراوان في ظل دومة ... تجرّان أطراف الذُّيول الضوافيا وقوله: صفراوان: أي تزعفرت امرأتاه. والثوب الضافي: الواسع. هذا يخاطب نفسه به. وعرساه: امرأتاه. يقول: لما مات نحروا إبله واقتسموها. ومثله: يا ليت شعري عنك دختنوس ... إذا أتاها الخبر المرموس

أتخمش الخدين أم تميس؟ ... لا، بل تميسُ، إنها عروس وقال أوس بن حجر: لازال مسك وريحان له أرج ... على صداك بصافي اللون سلسال يسقي صداه، ومُمساه ومصبحه ... رفهاً، ورمسك محفوف بأصلال فخاطب ثم ترك، ثم خاطب. والأرج: الرائحة الطيبة. يقال: طيَّب الله أريجتك. والسَّلسال: العذب من الماء. الرَّفه: الكثير. قال الأسود: يا نضْلُ، إنك أن تطيف بعلبة ... لكدٍ جوانبها ووطب مسند خبر لنضلة من كمي فارس ... شاك وعجلزة صنيع المرود فخاطب ثم ترك المخاطبة. العُلبة: المحلبة. اللكد: الوسخ. والوطب: الزّق. والعِجلزة: الخفيفة، يريد الفرس. والمرود: الحلقة التي تُشد بها الدابة. وقال كُثير بن عبد الرحمن: أسيئي بنا أو أحسني لا ملومة ... لدينا ولا مقلية إن تقلَّت

وأما مخاطبة الغائب ثم تركه إلى مخاطبة الشاهد فكقوله، عز وجل: {وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَاباً طَهُوراً، إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً}. وقال امرؤ القيس: له الويل إن أمسى ولا أُمُّ هاشم ... قريب، ولا البسباسة ابنةُ يشكرا له الويل: يعني نفسه. البسباسة: امرأة من بني أسد بن خزيمة. وعن ابن الكلبي: أنها امرأة من بني أسد. وابنة يشكر: امرأة من بني الحيرة. ثم قال: اشيم مصاب المُزن اين مصابه ... ولا شيء يغني عنك يا ابنة عفزرا ومصاب المُزن: حيث يصوب. يقال: صاب يصوب صوباً. والمُزن: السحاب الأبيض. فخاطب غائباً ثم خاطب شاهداً. وقال لبيد: باتت تشكى إليَّ النفس مجهشة ... وقد حملتك سبعاً بعد سبعينا فرجع عن مخاطبة غائب إلى شاهد. قوله: مجهشة: أي ناهضة إليه، هامة بالبكاء.

قال الطرماح: لما رأيتهم حزائق أجهثت ... نفسي، وقلت لهم: ألا لا تبعدوا قال الهذلي: يا ويح نفسي، كان جدَّة خالد ... وبياض وجهك للتراب الأعفر وقال عنترة: حلت بأرض الزائرين فأصبحت ... عسراً عليَّ طلابك ابنة مخرم ويروى: شطَّت مزار العاشقين. والزائرون: الذين يزئرون عليه من أجلها، وأصله من زئير الأسد. ثم قال بعد هذا البيت: علقتها عرضاً، وأقتل قومها ... .............. وهذا أيضاً مخاطبة غائبة. ثم قال بعده: ولقد نزلت، فلا تظني غيره ... ..................... وهو مخاطبة شاهدة. ثم قال بعده: ما راعني إلا حمولة أهلها ... ...............

وهو أيضاً مخاطبة غائبة. وقال أيضاً: عرضت لعامر بلوى نُعيج ... مصادمتي فخام عن الصدام ولو صادمتني لحملت ... إلى زوراء مقفرة هيام الهيامُ من الرمل: ما كان رُقاقاً يابساً. وقال آخر: وعنترة الفلحاء جاء ملأماً ... كأنه فندٌ، من عماية أسحم إنما قال: الفلحاء؛ لتأنيث اسمه. يقال: رجلٌ أفلح وامرأة فلحاء. والفلحُ في الشفة دون العلم؛ فالأعلم: مشقوق الشَّفة العليا كالبعير، وكل بعير أعلم. والأفلح: مشقوق الشفة السفلى. والفند: القطعة من الجبل. وعماية: اسم جبل. وقال آخر: فتلك التي لا وصل إلا وصالها ... ولا صرْمَ إلا من صرمت يضير وقال النابغة الذبياني: أتاركة تدلُّلها قطام ... وضناً بالتحية والكلام

ثم قال: فإن كان الدلال فلا تلجي ... وإن كان الوداع فبالسلام فكل هذا مخاطبة غائب ثم رجوع عنه إلى مخاطبة شاهد. وكل ذلك مفهوم عنهم لفصاحتهم ووضوح لغتهم. وقال الله، عز وجل: {وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ}. ولم يقل: له؛ لأنهم يخاطبون الغائب بلفظ الشاهد. وحجة أخرى أنهم ربما جعلوا أول الكلام خبراً، وآخره مخاطبة. ومنه قوله تعالى: {ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى، أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى}.

ومن هذا الباب أنهم يخاطبون غيرهم بما يريدون به أنفسهم، ثم يعودون بخطابهم إليهم قال امرؤ القيس: سمالك شوق بعدما كان أقصرا ... وحلت سليمى بطن قوفعرعرا ثم قال: بعينيك ظُعن الحي لما تحمّلوا ... على جانب الأفلاج من جنْبِ تيمُرا ثم قال: فشبَّهتهم في الآل لما زهاهم ... عصائب دوم أو سفيناً مقيرا ثم قال: فدعْها، وسل الهمَّ عنك بجسرة ... ذمول إذا صام النهار وهجَّرا وقال الأعشى: ودع هريررة، إنَّ الرَّكب مرتحل ... وهل تُطيق وداعاً أيها الرجل؟! ثم قال الأعشى: علقتها عرضاً، وعُلّقت رجلاً ... غيري، وعُلّق أخرى غيرها الرجل

قوله: عرضاً: أي هكذا غرة لا أعلم بها، اعترضت لي كذا. وقال [الحارث بن حلزة]: وبعينيك أوقدت هندٌ النّا ... ر أخيراً تُلوى بها العلياء ثم قال: فتنورت نارها من بعيد ... بخزاز، هيهات منك الصلاء وقال زهير بن أبي سلمى: وفارقتك برهن لا فَكِاكَ له ... يوم الوداع، فأمسى رهنها غلقا [ثم قال: ما زلت أرمُقهم، حتى إذا هبطت ... أيدي الركاب بهم من راكس فلقا] وقال أيضاً: بان الخليط ولم يأووا لمن تركوا ... وزودوك اشتياقاً أية سلكوا ثم قال: هل تُلحقني وأصحابي بهم قُلُص ... يزجي أوائلها التبغيل والرتك ويروى: "هل تبلّغني أدنى دارها قُلص".

والتبغيل: ضربٌ من الهملجة. والرَّتك: ألام مشي الدواب. وإنما أراد: أنَّ فيها كل [ضرب من الدواب]. يقال: رتكت رتكاً ورتكاناً: إذا قاربت الخطو. وقال علقمة بن عبدة: طحابك قلب في الحِسان طروب ... بُعيد الشباب عصر حان مشيب ثم قال: تكلفني ليلى، وقد شط وليها ... وعاد عوادٍ دونها وطوب وقال أيضاً: أطعت الوشاة والمشاة بصرمها ... وقد أنهجت حبالها للتقضب وقد وعدتك موعداً لو وفت به ... كموعود عُرقوب أخاه بيثرب وقالت: فإن يُبخل عليك ويعتلل ... تشك، وإن يكشف غرامك تدرب وتدرب: من الدرابة. وتشكَّ: تشكو ذاك. ثم قال: فقلت لها: فيئي، فما تستفزني ... ذوات العيون والبنان المخضب وقال الراعي عبيد بن حصين:

ما بال دفِّك بالفراش مذيلا ... أقذى بعينك أم أردت رحيلا؟ البال: الحال. والدَّف: الجنب. والمذيل: الفاتر المسترخي. ويقال: فلان مذل بماله: أي مسترخ به طيب النفس بإنفاقه. والقذى: ما دخل في العين. يقال: قذيت عينه، تقذى قذى، مقصور. ثم قال: لما رأت أرقي وطول تقلبي ... ذات العشاء وليلي الموصولا ذات العشاء: أي الساعة التي فيها العشاء. يقال: جاءنا ذات العِشاء. ويقال: العِشاء: إلى ثلث الليل. والموصول: كأنه وُصل أوَّله بآخره من طوله. وقال حسان بن ثابت في يوم قريظة يبكي سعداً: لقد سجمت من دمع عينيك عبرة ... وحُقَّ لعيني أن تفيض على سعد فقال: عينيك، ثم قال: وحُقَّ لعيني. وقال الصمة بن عبد الله: حننت إلى ريّا ونفسك باعدت ... مزارك من ريَّا وشعباكُما معا ثم قال: ولما رأيت البِشْرَ قد حال دونه ... وجالت بنات الشوق يحننَّ نُزّعا

تلفَّت نحو الحي حتى وجدتني ... وجعت من الإصغاء ليتاً وأخدعا وأذكر أيام الحِمى ثم أنثني ... على كبدي من خشية أن تصدَّعا ثم قال: وليس عشيَّات الهوى برواجع ... إليك، ولكن خل عينيك تدمعا بكت عيني اليُمنى، فلما زجرتها ... عن الجهل بعد الشيب أسبلتا معا فكل هذه الأبيات هي مخاطبة منهم لغيرهم، والمراد بذلك أنفسهم، ثم يرجعون إلى مخاطبة أنفسهم كما ترى. وهو أكثر من أن يؤتى عليه في أشعارهم وكلامهم. والشاعر يخاطب نفسه كأنه يراها، ويخبر عن نفسه كأنه يخاطب غيره. قال لبيد: كبيشة حلت بعد عهدك عاقلا ... وكانت له شغلاً، على النأي شاغلا وقال آخر: نظر ابن سعد نظرة ويْب بها ... كانت لصحبك والمطي خبالا أراد: نظرت نظرة فعشقت، وكانت حزناً. ثم خاطب نفسه فقال: كانت لصحبك. وابن سعد هو نفسه. ويْب بها: حُزن بها. وكان أصل الكلمة: ويب بفلان: أي حُزنٌ. ثم كثرت حتى جعلوها حرفاً واحداً، فقالوا: ويب فلان، وويب فلان. ثم أفردوها ونوّنوها فقالوا: ويب بفلان، وويباً بفلان.

ومما يجمع ويراد به الواحد والاثنين قول الله، عز وجل: {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ} والطائفة: واحد واثنان وأكثر. والعرب تجعل الطائفة واحداً وجماعة. قال الشاعر: وطائفة ناديت من أرض قفرة ... نجاءك مني أنني من ورائكا والطائفة من كل شيء: قطعة. تقول: طائفة من الناس وطائفة من الليل. قال الله تعالى: {وَطَائِفَةٌ مِنْ الَّذِينَ مَعَكَ}. ومثله: {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ}. قال قتادة: هو رجلٌ [واحد] ناداه: يا محمد، إن مدْحي زين، وإن ذمي شين. فخرج إليه النبي، صلى الله عليه وسلم، فقال: "ويْلَك، ذلك الله". ونزلت هذه الآية. ومثله: {فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ}. أي: أخوان فصاعداً. ومثله: {وَأَلْقَى الأَلْوَاحَ}. قيل: إنهما لوحان. وقوله تعالى: {فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى}. والقائل السامري وحده؛ لأن معناه: أنه قال ذلك ومن اتبعه. ويجوز أن يكون جمعه في القول برئاسته على من اتبعه، فكان قوله قولهم جميعاً مثل: {إِذَا طَلَّقْتُمْ}، وإنما يخاطب النبي، صلى الله عليه؛ لأن أمره غياه لأمَّته. [وقوله تعالى]: {فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} وهما قلبان. [وقوله]:

{أُوْلَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ}. يعني: عائشة وصفوان بن المعطّل. وقوله تعالى: {بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ}. وهو واحد؛ يدلُّك على ذلك [قوله]: {ارْجِعْ إِلَيْهِمْ}. ومثله: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمْ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ}. فالناس جَمْع، وكان الذي قال رجل واحد. [وقوله تعالى]: {هَؤُلاءِ ضَيْفِي فَلا تَفْضَحُونِ} و {إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ}. و {يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً}. والعرب تقول: كثير الدرهم والدينار. يريدون: الدراهم والدنانير. قال الشاعر: هم المولى، وقد جنفوا علينا ... وإنا من لقائهم لزور قال الله تعالى: {هُمْ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ}. أي: الأعداء. ومثله: {وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقاً}، أي: رُفقاء.

وقال الشاعر: فقلنا: أسلموا، إنا أخوكم ... فقد برئت من الإحن الصدور [وقال الله، عز وجل جلاله: {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمْ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ}. فقال تعالى {أحدَهم} وهو واحد. ثم قال، عز وجل: {ارْجِعُونِ} فجمع. وقال، سبحانه، في قصة فرعون: {قُرَّةُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لا تَقْتُلُوهُ} وإنما قالت امرأة فرعون لفرعون، فجمع. وليس قول من قال: {قُرَّةُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ} لا يُثنّى. ولو كان هكذا لقالت: لا تقتله عسى أن ينفعني أو اتخذه ولَدَا. والعرب تثنّي الجماعة. قال الله تعالى: {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ}]. وهما اثنان، فرُدّا إلى الجمع. والخصم جمع أيضاً في اللفظ. [قال، عز وجل: {وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ} الآية. كانوا اثنين. ثم قال تعالى: {قَالُوا لا تَخَفْ خَصْمَانِ}، فرُدّا إلى اثنين]. وقال، عز وجل: {فَنَادَتْهُ الْمَلائِكَةُ}. وهو ملك واحد، وهو جبريل، صلى الله عليه وسلم. فجمع. وقال النبي، صلى الله عليه وسلم: "هذان جماعة". وهو كثير لا يُحصى.

وأما ذكر الشيء بسببه وذكر سببه به فما جاء عنهم من ذكر الجزاء على الفعل بمثل لفظه نحو قوله، عز وجل: {إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ، اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ}. وكذلك: {فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ}. و {مَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ}. و {جَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا}. كل هذا لا يجوز على الله، سبحانه، حقيقة، ولكنه جائز على مذاهب العرب في سعة لغتها، يذكرون الشيء بسببه وبما قرُب منه؛ فسمّى، عز وجل، عقوبتهم على استهزائهم استهزاءً، إذ كان من سببه. وكذلك المكر، هو منه تعالى عقوبة، فسماه باسم مكرهم. والسيئة هي من المبتدئ سيئة، ومن الله تعالى جزاء. وقوله تعالى: {فَمَنْ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ}؛ فالعدوان الأول ظلم، والثاني جزاء. والجزاء لا يكون ظلماً، وإن كان لفظه كلفظ الأول. وقيل لجرير: لم تهجو الناس؟ فقال: إني لا أبتدي، ولكني أعتدي. ومنه قول النبي، صلى الله عليه وسلم: "اللهم إن فلاناً هجاني، وهو يعلم أني لست شاعراً فأهجوه. اللهم العنْهُ عدد ما هجاني به، أو مكان ما هجاني". أي: جازه جزاء الهجاء. وكذلك قوله تعالى: {نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ} قيل: تركوا أمر الله فتركهم من رحمته.

ومنه قولهم: راوية ماء. والراوية: هي البعير الذي يستقى عليه الماء. فإذا كثُر صحبة الشيء للشيء اجرى عليه اسمه؛ كقول النبي، صلى [الله] عليه وسلم: "الجفاء والقساوة في الفدادين". يعني: الزراع أصحاب البقر التي يحرث عليها. والفدادون: هم البقر، واحدها فداد، بالتخفيف، فأجرى على إثباتها اسمها. وفي "غريب الحديث": أن واحدها فدان، مشدد، وهي البقرة [التي يُحرث بها]. يقول: إن أهلها أهل قسوة وجفاء لبعدهم من الأمصار والناس. وفي حين أجد: "من بدا جفا"، كأنه يقول: إن أهل البادية فيهم الجفاء. وقال بعض: الفدادون [بالتشديد]: هم الرجال، واحدهم فدّاد. وقال الأصمعي: هم الذين تعلو أصواتهم في حروثهم وأموالهم [ومواشيهم وما يعالجون منها]. وكان أبو عبيدة يقول غير ذلك كله، قال: الفدادون: هم المكثرون من الإبل،

الذين يملك أحدهم المئتين منها إلى الألف، يقال له: فدَّاد، إذا بلغ ذلك. وهم مع هذا جفاة [أهل] خُيلاء. ومنه الحديث: "إن الأرض إذا دُفن فيها الإنسان قالت له: ربما مشيت علي فداداً ذا مال كثير وذا خيلاء". وقال الخليل: الفدادون: هم أصحاب الإبل. وقال في الحديث: "هلك الفدادون إلا من [أعطى في نجدتها ورِسْلِها] ". [يقول]: إلا من أخرج زكاتها في شدتها ورخائها. قال: فالفدادون هنا هم أصحاب الإبل. ويقال: فديدٌ من الإبل، يصف الكثرة. وفائد من الغنم. ونحوه: ما رُوي عنه، صلى الله عليه وسلم، "أنه نهى عن عسب الفحل".

قال أكثر أهل اللغة: إنه الكراء الذي يؤخذ على ضراب الفحل، فذكر العسب، وأراد ما يؤخذ عليه من المال. وقد قال بعضهم يهجو قوماً أعارهم غلاماً له فحبسوه عليه. وقيل: هو زهير، وكانوا أسروا غلامه فقال: لولا عسبه لتركتموه ... وشر منيحة أير معار

باب دخول بعض الصفات على بعض

باب دخول بعض الصفات على بعض مِنْ: تدخل على "عند"، وعلى "على": وأنشد الكسائي: باتت تنوش الحوض نوشاً من على ... نوشاً به تقطع أجواز الفلا وتدخل على "عن". قال ذو الرمة: .............. ... إذا نفحت من عن يمين المشارق وتقول: كنت مع أصحابي، فأقبلت من معهم. وكان معها، فانتزعته من معها. ويقول العرب: جئت من عليه، كقولك: من فوقه. وجئت من معه، كقولك: من عنده. وقال مزاحم: غدت من عليه بعدما تمَّ ظمؤها ... تصلُّ وعن قيض ببيداء مجهل وقال الكسائي: "مِنْ" تدخل على جميع حروف الصفات إلا على الباء واللام [وفي]. قال الفراء: "ولا تدخل عليها نفسها. وإنما امتنعت العرب من إدخالها على الباء واللام لأنهما قلَّتا، فلم يتوهموا فيهما الأسماء؛ لأنه ليس من أسماء العرب

اسم على حرف واحد. وأدخلت على الكاف لأنها في معنى مثل". و"مِنْ" تدخل على "مُذ". قال زهير: لمن الديار بقُنَّة الحِجر ... أقوين من حجج ومن دهر وتقول: حدثني فلان من فلان، بمعنى: عنه. ولهيت بفلان، بمعنى: عنه. و"من" تجيء موضع الباء. قال الله تعالى: {يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ}. أي: بأمر الله. و {يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ}. أي: بأمره. و {مِنْ كُلِّ أَمْرٍ، سَلامٌ}. أي: بِكُل. و"مِنْ" مكان "في": قال الله تعالى: {مَاذَا خَلَقُوا مِنْ الأَرْضِ}. أي: في الأرض. و"مِنْ" مكان "على": [قال تعالى]: {وَنَصَرْنَاهُ مِنْ الْقَوْمِ}. أي: على القوم.

عَنْ "عَنْ" مكان "الباء": يقال: رميت عن القوس، يعني: بالقوس. قال امرؤ القيس: تصُدُّ وتبدي عن أسيل وتتقي ... بناظرة من وحش وجرة مطفل أي: [تصد بأسيل. وقوله: تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى}. أي: بالهوى. "عَنْ" مكان "على" قال ذو الإصبع العدواني: لاه ابن عمك، لا أفضلت في حسب ... عني، ولا أنت ديّاني فتخزوني أي: لم تفضل في حسب علي]. [وقد قال قيس بن الخطيم: ................... ... تدحرج عن ذي سامه المتقارب أي: على ذي سامه. "عَنْ" مكان "بَعْد" قال] الحارث بن عباد:

[قرِّبا] [مربط النعامة مني ... لقحت حرب وائل عن حيال أي: بعد حيال. ومنه قول امرئ القيس: وتضحي فتيت المسك فوق فراشها ... نؤوم الضحى لم تنتطق عن تفضل ومنه أيضاً: ومنهل وردته عن منهل أي: بعد منهل]. وقال النابغة الجعدي: واسأل بهم أسداً [إذا جعلت] ... حرب العدو تشول عن عقم أي: بعد عقم.

"عَنْ" مكان " [مِن] أجل" قال لبيد: لورد تقلص الغيطان عنه ... ........... أي: من أجله. وقال النمر: ولقد شهدت إذا القداح توحدت ... وشهدت عند الليل موقد نارها عن ذات أولية أساودُ ريَّها ... وكأن لون الملح فوق شفارها أي: من أجل ذات أولية. "عن" مكان "مِن" قال: أفعنك لا برق كأ [نَّ] وميضه ... غاب تسنَّمه ضرام موقد؟ يريد: أمنك البرق؟ "في" تدخل مكان "على" تقول: لا يدخل الخاتم في إصبعي، أي: على إصبعي. قال الله تعالى: {فِي جُذُوعِ النَّخْلِ}. أي: على جذوع النخل.

وقال الشاعر: وهم صلبوا العبديَّ في جذع نخنلة ... فلا عطست [شيـ]ـبان إلا بأجدعا وقال عنترة: بطل كأن ثيابه في سرحة ... يُحذى نعال السبت ليس بتوأم أي: على سرحة، من طوله. "في" مكان "إلى" قوله، عز وجل: {فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ}. أي: إلى أفواههم. ومثله: {فَتُهَاجِرُوا فِيهَا}. أي إليها. "في" مكان "الباء" قال زيد الخيل: وتركب يوم الروع فيها فوارس ... بصيرون في طعن الفرائض والكُلى أي: بصيرون بطعن.

وقال آخر: وخضخضن فينا البحر حتى قطعنه ... على كل حال من غمار ومن وحل أي: خضخضن بنا. وقال الأعشى: ............... ... وإذا تنوشد في المهارق أنشدا [أي]: إذا سئل بكتب الأنبياء أجاب. ["في" بمعنى] "مع" قوله، عز وجل: {وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ}. أي: مع عبادك. ومثله: {لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ}. ومثله: {فَادْخُلِي فِي عِبَادِي}. ومثله: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ}. كل هذا بمعنى مع. وقال امرؤ القيس: وهل ينعمن من كان أقرب عهده ... ثلاثين شهراً في ثلاثة أحوال؟!

ويقال: فلان عاقل في حلم، أي: مع حلم. وقال آخر: أو طعم غادية في جوف ذي حدب ... من ساكب المُزن يجري في الغرانيق أي: مع الغرانيق، وهي طير الماء. "في" مكان "الباء" قال رجل في ابنته: وأرغب فيها عن لقيط ورهطه ... ولكنني عن سنبس لست أرغب [فقال: أرغب فيها، يعني بنتاً له] أي: بها، فأقام صفة مقام صفة. "في" مكان "عن" قوله تعالى: {وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى}. نقول: في هذه الأيام. وتكون مكان "مِن" كقوله تعالى: {وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً}. أي: من كل أمة.

وتكون بمعنى "عِندَ" قوله تعالى: {قَدْ كُنتَ فِينَا مَرْجُوّاً}. أي: عندنا. ومثله: {وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفاً}. أي عندنا. "إلى" مكان "في" تقول: جلست إلى القوم، أي: فيهم. قال النابغة: قلا تتركني بالوعيد كأنني إلى الناس مطلي به القار أجرب يريد: في الناس. وقال طرفة: وإن يلتق الحي الجميع تلاقني ... إلى ذروة البيت الرفيع المصمد أي: في ذروة البيت الذي يصمد إليه ويُقصد. "على" بمعنى "في" قال الله تعالى: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ}، [أي]: في

مُلْك سليمان. ومثله: {أَوْ عَلَى سَفَرٍ}، أي: في سفر. ويقال: كان كذا على مُلك فلان، أي: في ملكه وعهده. "على" مكان "عن" يقال: رضيت عليك، أي: عنك. قال القُحيف العقيلي: إذا رضيت عليَّ بنوقشير ... لعمر الله أعجبني رضاها يريد: عني. ويقال: رميت على القوس، بمعنى عنها. [قال]: أرمي عليها وهي فرع أجمع أعني: عنها. وقال آخر: لم تعقلا جفرة [عليَّ]، ولم ... أوذ صديقاً، ولم أنل طبعا

[أي: عني]. وقال آخر: إذا ما امرؤ ولّى عليَّ بودِّه ... وأدبر لم يصدر بإدباره وُدّي أي: ولّى عني بودِّه. وقال الأعشى: فمرَّ نضيُّ السهم تحت لبانه ... وجال على وحشيِّه لم يثمثم وضع "على" في موضع "عن". "على" مكان "الباء" قول الشاعر: والله لولا النار أن نصلاها ... أو يدعو الناس علينا الله لما سمعنا لأمير قاها ... ما خطرت سعد على قناها يريد: ما تخطرت سعد بقناها. القاه: بمنزلة الجاه، ويقال: القاه: الطاعة.

"على" مكان "عند" قال الله تعالى: {وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ}. أي: عندي. "على" مكان "مع" قال الشاعر: كأن مصفحات في ذُراه ... وأنواحاً عليهن المآلي أي: كأن مصفحات على ذرى السحاب، وأنواحاً معهن المآلي. وقال الشماخ: وبُردان من خال وسبعون درهما ... على ذاك مقروظ من القد ماعز أي: مع ذاك. "على" بمعنى "من" قوله تعالى: {إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ}. قال أبو عبيدة: أي: مِن الناس. قال صخر الغي: متى ما تُنكروها تعرفوها ... على أقطارها علقٌ نفيث أي: من أقطارها.

ومنه قول الله، عز وجل: {مِنْ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمْ الأَوْلَيَانِ}. أي: استحق منهم. "على" بمعنى "الباء" نقول: [ارْكَبْ] على اسم الله. أي: باسم الله. ويقال: عَنُفَ عليه وبه. وقول الشاعر: شدُّوا المطي على دليل دائب ... ............. أي: بدليل. وقول أبي ذؤيب: وكأنهن ربابة، وكأنه ... يسر يفيض على القداح ويصدع أي: بالقداح. "على" مكان "اللام" قال الراعي:

رعته أشهراً وخلا عليها ... فطار النيُّ فيها واستعارا أي: خلالها. "اللام" مكان "على" يقال: سقط لفيه، أي: على فيه. قال: ............ ... فخرَّ صريعاً لليدين وللفم أي: على اليدين والفم. وقال آخر: كأنَّ مخوّاها على ثفناتها ... معرسَّ خمس وقَّعت للجناجن [أي: وقعت على الجناجن]. وقال الله تعالى: {وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ}، [أي: لا تجهروا عليه].

"اللام" في مكان "إلى" قال الله تعالى: {بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا}، أي: إليها. و {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا}، أي: إلى هذا. يدُلُّك على ذلك قوله تعالى في موضع آخر: {وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ}، وقوله تعالى: {وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}. "اللام" بمعنى "مع" قال متمم بن نويرة: فلما تفرَّقنا كأني ومالكاً ... لطول اجتماع لم نبِت ليلة معا أي: مع طول اجتماع. "اللام" بمعنى "بعد" [كقولهم]: كُتِب لثلاث خَلَوْنَ، أي: بعد ثلاث. قال الراعي: حتى وردن لِتِمّ خمس بائص ... جُداً تعاوره الرياح وبيلا

أي: بعد خمس. وبائص: بعيد سابق، من قولك: باص: سبق. والجُدُّ: البئر القديمة الجيدة الموضع من الكلأ، والجمع: أجداد. وتعاوره: تسفي عليه الريح جنوباً مرة وشمالاً مرة وصباً مرة ودبوراً مرة. والوبيل: الوخيم. [يقال]: كلأ وبيل، وماء وبيل. وقد استوبل فلان فعلته، أي: استوخمها. "اللام" بمعنى "من أجل" تقول: فعلت ذاك لعيون الناس، أي: من أجل عيونهم. قال العجاج: تسمع للجرع إذا استحيرا ... للماء في أجوافها خريرا أراد: تسمع للماء خريراً في أجوافها من أجل الجرع. ويقال: فعلت ذلك لك، أي من أجلك. "إلى" مكان "من" قال ابن أحمر في ذلك: ......... ... يسقَّى، فلا يروى إلي ابن أحمرا أي: مني.

"إلى" مكان "عند" يقال: هو أشهى إلي من كذا، أي: عندي. قال أبو كبير: أم لا سبيل إلى الشباب، وذكره ... أشهى إلي من الرحيق السلسل أي: عندي. وقال الراعي: ثقالٌ إذا راد النساء خريدة ... صناع، فقد سادت إلي الغوانيا [أي: عندي]. وقال النابغة الجعدي: وكان إليها كالذي اصطاد بكرها ... شقاقاً وبغضاً بل أطمَّ وأهجرا [أي عندها]. وقال حميد بن ثور: ............. ... وذكرك سبات إلي عجيب أي عندي.

"إلى" بمعنى "مع" قوله، عز وجل: {وَلا تَاكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ}. [أي: مع أموالكم]. وقوله تعالى: {مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ}، أي: مع الله. وقوله تعالى: {وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ}، أي مع شياطينهم. قال الأعشى: أو بيضة في الدعص مكنونة ... أو درة شيفت إلى تاجر أي: مع تاجر. ويقال: فُلان عاقل إلى حسب ثاقب، أي: مع حسب. وقال ابن مفرغ: شدخت غرَّة السوابق فيهم ... في وجوه إلى اللمام الجعاد أي: مع اللمام. وقال ذو الرمة: بها كلُّ خوّار إلى كل صعلة ... ضهول، ورفض المذرعات القراهب

أي: مع [كل] صعلة. وقولهم: "الذود إلى الذود إبل"، أي: مع الذّود. "الباء" مكان "عن" وإنما تأتي الباء مكان [عن] بعد السؤال. قال الله، عز وجل: {الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيراً}، أي: عنه. ويقال: أتينا فلاناً نسأل به، أي: عنه. وقال علقمة بن عبدة: فإن تسألوني بالنساء فإنني ... خبير بأدواء النساء طبيب وقال ابن أحمر: تسائل بابن أحمر من تراه ... أعارت عينه أم لم تعارا؟ وأنشد الفراء: دع المغمَّر لا تسأل بمصرعه ... واسأل بمصقلة البكري ما فعلا وقال آخر:

ولا يسأل الضيف الغريب إذا شتا ... بما زخرت قدري له حين ودَّعا "الباء" مكان "مِنْ" تقول العرب: شربت بماء كذا، أي: من ماء كذا. قال الله تعالى: {عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ}، أي: منها. وقال الهُذلي، وذكر السحاب: شربن بماء البحر ثم تصعدت ... متى لجج خضر لهن نئيج أي: شربن من ماء البحر. قال عنترة: شربت بماء الدُّحرضين، فأصبحت ... زوراء تنفر عن حياض الديلم "الباء" مكان "في" [قال الأعشى]: ما بكاء الكبير بالأطلال ... وسؤالي وما ترُدُّ سؤالي أي: في الأطلال.

"الباء" مكان "على" قوله تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَامَنْهُ بِدِينَارٍ}، أي: على دينار. "الباء" مكان "اللام" قال الله تعالى: {مَا خَلَقْنَاهُمَا [إِلاَّ] بِالْحَقِّ}، أي: للحق. "الباء" بمعنى "على" قال عمرو بن قميئة: بودِّك ما قومي على [أن] تركتهم ... سُليمى، إذا هبَّت شمال وريحها أي: على وُدِّك قومي، وما زائدة. "الباء" بمعنى "من أجل" قال لبيد: غُلب تشذَّر بالذحول كأنها ... جن البدي رواسياً أقدامها [أي: من أجل الذحول]. الغلب: غلاظ الرقاب. وتشذر معناه: تقمطر وينتصب بعضهم لبعض، يصف

به القوم، بمنزلة تشذر الناقة، وهو: عقدها ذنبها. وقوله: بالذحول معناه: للذحول، كما يقال: قد تشذرلي فلان بالبغضاء، يريد: للبغضاء، ويقال: تذر، معناه: يُوعد بعضها بعضاً كتشذر الفحولة بعضها لبعض. ويقال: قد تشذر لي فلان: إذا أوعدني وتهددني. وقال بعض أهل اللغة: [الأغلب]: الجاسي العنق لا يلتفت [من شدته] ويقال: هذه صفة الأسد. يقال منه. قد غلب يغلب غلباً. قال العجاج: ما زلت يوم البين ألوي صلبي ... والرأس حتى صرت مثل الأغلب قوله: "صلبي"، الصَّلْب في الصُّلْب، والصُّلب: الظهر، وهي عظم الفقار المتصل في وسط الظهر. ويقول [الله تعالى]: {مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ}. ويروى: "غلب تشازر"، وتشازرهم: نظر بعضهم إلى بعض بمآخير عيونهم. والبدي: واد لبني عامر. وقيل: البدي: البادية. وقيل: موضع. وقيل: التشذر: رفع اليد ووضعها، أي أنهم كانوا يفعلون ذلك إذا تفاخروا وتثالبوا. ويروى: "غُلب تشذر". ويروى: "جن البُدَيّ"، بضم الباء.

باب إدخال الصفات وإخراجها

باب إدخال الصفات وإخراجها تقول: شكرتك وشكرت لك. ونصحتك ونصحت لك. وكلتك وكلت لك. واستجبتك واستجبت لك. واستحييتك واستحييت منك. قال الله تعالى: {اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ}. وقال، عز وجل: {وَنَصَحْتُ [لَكُمْ]} ... وقال، جل وعلا: {فَاسْتَجَبْتُمْ لِي}. ثم قال الشاعر: شكرت له يوم العكاص نواله ... ولم أك للمعروف ثم كنودا وقال آخر: نصحت بني عوف فلم يتقبلوا ... نصحي ولم تنجح لديهم وسائلي وقال كعب بن سعد الغنوي: وداع داع: يا مَنْ يجيب إلى الندى ... فلم يستجبه عند ذاك مجيب وتقول العرب: شكرتك، وشكرت لك. وتقول: شكرت بالله، كما تقول: كفرت بالله. وتقول العرب: كفرتك، وكفرت بك. ومكنتك، ومكنت لك. قال الله، عز وجل: {مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ}. وقال تعالى:

{إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الأَرْضِ}. واشتقتك، واشتقت إليك. وبلغتك، وبلغت إليك. وهديته الطريق، وهديته إلى الطريق. وعددتك [مئة]، وعددت لك. واخترت الرجال زيداً، واخترت من الرجال زيداً. قال الله، عز وجل: {وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً}. وأستغفر الله ذنبي، ومن ذنبي. قال الشاعر: أستغفر الله ذنباً لست محصيه ... رب العباد إليه الوجه والعمل وكنيتك أبا فلان، وبأبي فلان. ولست منطلقاً، وبمنطلق. وسرقت زيداً مالاً، ومن زيد مالاً. وكذلك: سلبت. وزوجته امرأة، وبامرأة. وشغبت على القوم، وشغبتهم. وشبعت خبزاً ولحماً، ومن خُبز ولحم. ورويت ماءً ولبناً، ومن ماء ولبن. ورحت القوم، ورُحت إليهم. وتعرَّضت معروفهم، ولمعروفهم. ونأيتهم، ونأيت عنهم. وحللتهم، وحللت بهم. ونزلتهم، ونزلت بهم. وأمللتهم، وأمللت عليهم، من الملالة. ونعم الله بك عيناً، ونعمك عيناً. وطرحت الشيء، وطرحت به. [ومددته]، ومددت به. وأشاب الحزن رأسه، وبرأسه. وبت القوم، وبت بهم. وحققت أن تفعل

كذا، وحقَّ لك. وغاليت السلعة، وغاليت بها. وثويت البلد، وثويت به وفيه. وجاورت القوم، وجاورت فيهم. وأويت الرجل، وأويت إليه. وأويته: نزلت به. قال الله تعالى: {إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ}، و {آوَى إِلَيْهِ أَخَاهُ}. وظفرت بالرجل، وظفرته. وأظل عليه، وأظله. قال عنترة: ولقد أبيت على الطّوى، وأظله ... حتى أنال به لذيذ المطعم أي: أظل عليه. وجمَّلك الله، وجمَّل عليك. وحاطهم [الله] بقصاهم، وحاطهم قصاهم، أي: كان منهم في قاصيتهم. وقال الله، عز وجل: {إِنَّمَا ذَلِكُمْ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ}. أي: يخوفكم بأوليائه. وقال الله تعالى: {لِيُنذِرَ بَاساً شَدِيداً}، أي: لينذركم ببأس شديد. وقال، عز وجل: {لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلاقِي}، أي: ليذركم بيوم التلاق. وهو كثير فاختصرته.

التشبيه التشبيه في كلام العرب كثير. وجاء في كتاب الله، عز وجل، كثير من ذلك. قال الله تعالى: {أَوْ كَصَيِّبٍ مِنْ السَّمَاءِ}. و {أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ}. [وقال]: {كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ}. و {كَمَثَلِ الْكَلْبِ}، و {كَمَثَلِ الْحِمَارِ}. و {كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ}. و {كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ}. و {فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ}. و {كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ}، و {كَعَصْفٍ مَاكُولٍ}. و {كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ}، و {كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ}. وهو كثير في مواضع من الكتاب. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "مثل المؤمن كمثل الخامة من الزرع تفيئها الريح مرة ها هنا ومرة ها هنا. ومثل الكافر كمثل الأرزة المجذية على الأرض حتى يكون انجعافها مرة". وقال صلى الله عليه وسلم: "المؤمن كالجمل الأنف، إن قيد انقاد، وإن أنيخ على صخرة استناخ". في أخبار كثيرة.

وتشبيه الشيء بالشيء هو: أن تجمعهما صفة أو لون أو علة، إلا أنه ليس الشيء بعينه؛ لأنه لو كان هو الشيء بعينه لبطل التشبيه، [ولكان الشيئان شيئاً واحداً، ومحال أن يكون الواحد شيئيين، أو الشيئان شيئاً واحداً، وإنما صحة التشبيه] بالمقارنة لعلة من العلل؛ ألا ترى إلى قوله تعالى في صفة الحُور: {كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ} و {كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ} و {إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤاً مَنثُوراً}؟ فقد شبه، تعالى، ما هو لحم بالحجارة، كما شبَّه الماء بالجبال، فقال تعالى: {وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ}، لما جمعهما علة اللون والارتفاع. وللعرب التشبيه الحسن المصيب بألطف عبارة وأقرب معنى. [وما] تركت شيئاً إلا وقد شبَّهته، فأحسنت وأصابت. وفي كل شيء من ذلك لهم الأشعار المستحسنة، يطول ببعضها الكتاب، فتركتها اختصاراً. ولابن الرومي كلام في الواصفين يأتي آخر هذا الباب إن شاء الله. قال ابن الكلبي: أول من بكى الديار امرؤ القيس بن حارثة بن الحمام بن معاوية. وإياه عنى امرؤ القيس بن حجر [بقوله]: يا صاحبي قفا النواعج ساعة ... نبكي الديار كما بكى ابن حمام قال أبو عبيدة: هو ابن خذام.

وله: عوجا على الطلل المحيل لعلنا ... نبكي الديار كما بكى ابن خذام قال: وهو القائل: كأني غداة البين يوم تحملوا ... لدى سمرات الحي ناقف حنظل أراد: أنه بكى في الديار عند تحملهم كأنه ناقف حنظل. وناقف الحنظلة ينقفها بظفره، فإن صوتت علم أنها مدركة فاجتناها، فعينه تدمع لحدة الحنظل وشدة رائحته، كما تدمع عينا من جف الخردل. فشبه نفسه حين بكى بناقف الحنظل. قال أبو عبيدة: إن أول من قيد الأوابد امرؤ القيس ابن حجر الكندي، قوله في صفة الفرس: وقد أغتدي، والطير في وكناتها، ... بمنجرد قيد الأوابد هيكل [والأوابد: الوحوش]. فتبعه الناس على ذلك. قال غيره: وهو أول من شبَّه الثغر في لونه بشوك السيال، فقال: منابته مثل السدوس، ولونه ... كشوك السيال، فهو عذب يفيص

فأخذه الأعشى فقال: باكرتها الأغراب في سنة النو ... م، فتجري خلال شوك السيال فاتبعه الناس. وهو أول من قال: فعادى عداء بين ثور ونعجة ... ........... وهو أول من شبَّه الحمار بمقلاء الوليد، وهو عود القلة. وبكر الأندري. والكر: الحبل. وشبه الطلل بوحي الزبور في العسيب، والفرس بتيس الحلَّب، وبيعفور الفلاة. واليعفور: ظبي يضرب إلى الحمرة. وشبه أربعة أشياء بأربعة أشياء، فقال: له أيطلا ظبي، وساقا نعامة ... وإرخاء سرحان وتقريب تتفل

[والأيطل: الخاصرة. والسرحان: الذئب. والتتفل: ولد الثعلب]. فاتبعه الناس على هذا الوصف وأخذوه، ولم يجتمع لهم ما اجتمع له في بيت واحد. وما تفرد به قوله في العقاب: كأن قلوب الطير رطباً ويابساً ... لدى وكرها، العُنّاب والحشف البالي فشبه شيئين بشيء في بيت واحد. قال المبرّد: "فإن اعترض معترض فقال: فهلا فصل فقال: كأنه رطباً العناب، وكأنه يابساً الحشف. قيل له: العربي الفصيح الفطن اللقن يرمي بالقول مفهوماً، ويرى ما بعد ذلك من التكرير عياً. قال الله، عز وجل، وله المثل الأعلى: {وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمْ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ}، علماً بأن المخاطبين يعرفون وقت السكون ووقت الاكتساب". الثوري قال: سمعت عمرو بن الحارث يقول: ما رأى الأصمعي مثل نفسه، لقد قال له الرشيد يوماً: أنشدوا أحسن ما قيل في العُقاب، فعذَّر القوم، أي اعتذروا، ولم يأتوا بشيء. فقال: هات أصمعي. قال: نعم يا أمير المؤمنين: ثم استمر بها عزم فحذرها ... كأنما الريح هبت في خوافيها ما كان إلا كرجع الطرف إن رجعت ... ملي تمطَّق مما في أشاقيها

ثم قال: يا أمير المؤمنين، وهذا امرؤ القيس يقول: كأن قلوب الطير رطباً ويابساً ... لدى وكرها، العنَّاب والحشف البالي فشبه شيئين في بيت واحد فأحسن. فقال الرشيد: لله درك يا أصمعي، ما بعل القوم بشيء إلا وجدت عندك منه شيئاً. وقوله: بعل القوم، أي: بقو مبهوتين لا يأتون بشيء. ومن تمثيله العجيب قوله: كأن عيون الوحش حول خبائنا ... وأرحلنا، الجزع الذي لم يثقب وقوله: إذا ما الثريا في السماء تعرضت ... تعرض أثناء الوشاح المفصل وقد أكثر الناس في الثريا، فلم يأتوا بما يقارب هذا المعنى، ولا بما يقارب سهولة هذه الألفاظ. وقوله: كأن الثريا علقت في مصامها ... بأمراس كتان إلى صم جندل وتشبيهاته كثيرة يطول بها الكتاب. وكل تشبيه، وإن حسن، فهو دون تشبيه؛ لأن الشعراء عنه يأخذون، ومن بحره يستقون، وهو إمام الشعراء، وقد ذكره النبي، صلى الله عليه وسلم، فقال: "قائد الشعراء إلى النار".

ومن عجيب التشبيه قول النابغة: فإنك كالليل الذي هو مدركي ... وإن خلت أن المنتأى عنك واسع وقوله: فإنك شمس والملوك كواكب ... إذا طلعت لم يبد منهن كوكب وقال عنترة: وغادرن نضلة في معرك ... يجر الأسنة كالمحتطب يقول: طعن وغودرت الرماح فيه، فظل يجرها كأنه حامل حطب. وقال: جادت عليه كل بكر حرة ... فتركن كل قرارة كالدرهم يصف الحديقة أنها امتلأت كلها، فكانت استدارتها كالدرهم، وليس أنها كقدر الدرهم في السعة. والعرب تشبه الشيء بالشيء، ولا تريد به كل الشيء، إنما تشبهه ببعضه. من ذلك قولهم: بنو فلان بأرض مثل حدقة الجمل، والأرض واسعة، إنما يريدون أنها كثيرة الماء، ناعمة العشب مخصبة، ولم يذهبوا إلى سعة العين ولا إلى ضيقها. ويقولون: بنو فلان في مثل حولاء الناقة، وهي هنة مثل المرآة تسقط مع السلى فيها ماء صاف. والقرارة: مستقر الماء في بطن الوادي.

ومن حسن التشبيه قوله: هزجاً يحك ذراعه بذراعه ... قدح المكب على الزناد الأجذم وروى الأصمعي: "غرداً يسن ذراعه بذراعه". قوله: "يحك ذراعه بذراعه" معناه: يمر إحديهما على الأخرى، وكذلك الذباب. وأصل السن: التحديد، وهذا مثل. يريد: قدح المكب الأجذم على الزناد وهو يقدح بذراعه، فشبه الذباب [به إذا سن] ذراعه بالأخرى برجل أجذم يقدح ناراً بذراعيه. والأجذم: المقطوع اليد. وهذا أحسن التشبيه، وما سبقه إليه غيره، ولا يظن أن يأتي بمثله أحد من بعده. ومن التشبيه المفرط المتجاوز قول الخنساء: وإن صخراً لتأتم الهداة به ... كأنه علم في رأسه نار فجعلت المهتدي يأتم به، وجعلته كنار في رأس جبل. ومن التشبيه الحسن قول عمرو بن كلثوم: كأن سيوفنا فينا وفيهم ... مخاريق بأيدي لاعبينا وقوله: كأن ثيابنا منا ومنهم ... خضبن بأرجوان أوطلينا الأرجوان: شجر أحمر. وكل شديد الحمرة عند العرب أرجوان. وإنما شبه

الدم به. ويقال: الأرجوان: ضرب من الصبغ. وقيل: الزعفران. ومثله قول الآخر: كأن جوادينا لدى حومة الوغى ... إذا اصطدما كبشان ينتطحان كأن حسامي فوقه وحسامه ... إذا اضطربا برقان يختطفان كأن سنانينا بكفي وكفه ... شهابان مصباحان يتقدان كأن سقوط النبل بيني وبينه ... دباً وجراد ثم مشتبكان كأن قميصي بالدماء وقميصه ... قميصاً عروس عصفرا ضرجان وكل شيء يتلطخ بدم أو غيره يقال: قد تضرج. ومنه قول ذي الرمة: وماء قديم العهد بالناس آجن ... كأن الدبا ماء الغضا فيه يبصق وردت اعتسافاً، والثريا كأنها ... على قمة الجوزاء ابن ماء محلق فأدلى غلامي دلوه، يبتغي بها ... شفاء الصدى، والليل أرهم أبلق فجاءت بنسج العنكبوت كأنه ... على عصويها سابري مشبرق يصف ماء قديماً لا عهد له بالوراد؛ فقد اصفر واسود. يريد: أن النجم قد نجم فيه. فجاءت، يعني الدلو، بنسج العنكبوت. والسابري: الرقيق من الثياب والدروع. والمشبرق: الممزق.

وأنشد أبو زيد: لهونا بسربال الشباب ملاوة ... فأصبح سربال الشباب شبارقا وقد أجاد علقمة بن [عبدة] الفحل في وصف الماء الآجن فقال: فأوردتها ماء كأن جمامه ... من الأجن، حناء معاً وصبيب الصبيب: عصارة الحناء. وقيل: شجر يشبه السذاب، يطبخ فيؤخذ عصيره فيختضب به. وقيل: الصبيب: الدم. ومن التشبيه الحسن قول علقمة بن عبدة: كأن إبريقهم ظبي على شرف ... مفدَّم بسبا الكتان ملثوم فهذا حسن جداً. ومن التشبيه الحسن قول جرير في صفة الخيل: يشتفن للنظر البعيد كأنما ... إرنانها ببوائن الأشطان يشتفن ويشتوفن: بمعنى. ببوائن الأشطان، أراد: شدة صهيلها، يقول: كأنما يصهلن في آبار واسعة تبين أشطانها عن نواحيها. ونظير ذلك قول النابغة الجعدي:

ويصهل في مثل جوف الطوي ... صهيلاً يبين للمعرب المعرب: العالم بالخيل العِراب. ومن التشبيه الحسن قول ذي الرمة: بيضاء في دعج، صفراء في نعج ... كأنها فضة قد مسها ذهب وقوله: كأن سناناً فارسياً أصابني ... على كبدي، بل لوعة الحب أوجع وقوله: تشكو الخشاش ومجرى النسعتين كما ... أن المريض إلى عواده الوصب الخشاش: ما كان في عظم الأنف، وما كان في المارن فهو برة. ومن التشبيه العجيب قول الشماخ: فقربت مبراة كأن ضلوعها ... من الماسخيات القي الموتَّرا وماسخة: من بني نصر بن الأزد، وإليهم تنسب القسي الماسخية. وأحسن ما قيل في صفة الضلوع قول الراعي: وكأنما انتطحت في أثباجها ... فدر بشابة قد تممن وعولا

الفادر: المسن من الوعول. الأثباج: الأوساط. قال الأصمعي: شبه اشتباك اضلاعها بقرون البقر إذا انتطحت فدخل بعضها في بعض، يقول: إن أضلاعها غلاظ شداد. والفدور: المسان من الوعول؛ لأنها أقوى وأصلب، الواحد: فادر وهو بمنزلة القارح من الخيل والبازل من الإبل والضالع من المعز. وقوله: قد تممن وعولا، يقول: قد صرن مساناً. قال الراجز: كأن حيث تلتقي منه المحل ... من جانبيه وعلان ووعل ولا يقال له وعل حتى يتم. ومن التشبيه الحسن قول الأخطل يصف القناص والكلاب: فأرسلوهن يذرين الرياح، كما ... يذري سبائخ قطن ندف أوتار يعني: ما تساقط من القطن. يقال لقطع القطن إذا ندف: سبائخ. ويقال: سبخ الله عنك الأذى يعني: كشفه وخففه. ومنه قول النبي، صلى الله عليه وسلم، [لعائشة]، وسمعها تدعو على سارق سرقها: "لا تسبخي عنه بدعائك عليه". قول الفرزدق: مستقبلين شمال الشأم تضربنا ... بحاصب كنديف القطن منثور الحاصب: ريح تحمل التراب والحصباء، وهو الصغار من الحصى، وكذلك ما تناثر من دقاق البرد والثلج فهو حاصب.

وقوله تعالى: {إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِباً} يعني: حجارة قذفوا بها. قال الأعشى: لنا حاصب مثل رجل الدَّبى ... وجأواء تبرق عنها النجوم الجأواء: الكتيبة إذا كثرت كأنها ملبسة حمرة من كثرتها. وقال الفرزدق أيضاً: وركب كأن الريح تطلب منهم ... لها سلباً من جذبها بالعصائب يعني: أن الريح تنفض لي عمائمهم من شدتها كأنها تسلبهم إياها. وقول زهير: ومفاضة كالنهي تنسجه الصبا ... بيضاء كفَّت فضلها بمهند مفاضة، يعني: الدرع، وهي الواسعة. والنهي، بكسر النون وفتحها، لغتان: نهي الغدير حيث ينخرم السيل في الغدير فيوسع، والجميع: النهاء، ممدودة، وهو أحسن ما يشبه به تضاعيف الدرع. وقول الفرزدق: يعضون أطراف العصي تلفهم ... من الشأم حمراء الضحى والأصائل وإنما يعضون أطراف العصي من الحمر في أيديهم، فيعض أحدهم عصاه،

ويدخل يده في ثيابه من شدة البرد. وهذا يصف مسافرين. وقوله: "تلفهم من الشأم"، يريد: ريحاً من الشام، وهي الشمال. حمراء الضحى والأصائل، أي: حمراء الآفاق أول النهار وآخره. وقول ذي الرمة يصف البزاة والصقور بالبياض: من الزرق أو صقع كأن رؤوسها ... من القهز والقوهي بيض المقانع والقَهْزُ والقِهْزُ، لغتان: ضرب من الثياب يتخذ من صوف كالمرعزى وربما يخالطه الحرير، ويشبه الشَّعْر اللين بذلك. وقال أيضاً: كأنه دملج من فضة نبه ... في ملعب من جواري الحي مفصوم يذكر غزالاً، شبهه بدملج فضة، وإنما جعله مفصوماً لتثنيه وانحنائه، [إذا نام]. ولم يقل: "مقصوم"، فيكون بائناً. والبرة تنفصم إذا انصدع ناحية منها. والانفصام: الانقطاع. والانفصام: الانكسار للشيء فيكون بائناً باثنتين. قال الله تعالى: {لا انفِصَامَ لَهَا}. والنبه: من صفة الدملج، يعني أنه وجد على غفلة من غير طلب. والنبه: الضالة تجدها على غفلة، تقول: وجدته نبهاً، أي: من غير طلب. والنبه أيضاً: الانتباه من النوم. وأنبهته من الغفلة بهذا الأمر.

وقال صخر: لعمري لقد انبهت من كان نائماً ... وأسمعت من كانت له أذنان ورجل نبيه: شريف، قد نبُه نباهة، وقد شرف. ونبه فلان باسم فلان: إذا جعله مذكوراً. وقوله أيضاً يذكر الريح: حدتها زباني الصيف حتى كأنما ... تمدُّ بأعناق الجمال الهوارم حدتها: ساقت هذه الريح. والإبل الهوارم: التي تأكل الهرم، وهو ضرب من الحمض، وإذا أكلته غلظ وبرها وانتشر. أراد: أن الريح تجر من الغبار مثل أعناق هذه الإبل. وقوله: إذا أمست الشعري العبور كأنها ... مهاة علت من رمل يبرين رابيا وقوله: كأنني من هوى خرقاء مطرَّف ... دامي الأظل، بعيد الشأو مهيوم المطرف: البعير الذي يصاب من إبل قوم آخرين. ويقال: أطرفت شيئاً، أي: أصبته ولم يكن لي. والأظل: باطن منسم البعير. والدامي: قد دمي من نكبة الحجارة. والشأو: بُعْدْ الهم والنزاع، تقول: إنك لذو شأو بعيد. والمهيوم: الذي قد أصابه

الهُيام، وهو كالجنون من العشق. وقال عنترة يصف فلاة: يكون بها دليل القوم نجم ... كعين الكلب في هبَّى هباع شبه النجم بعين الكلب لكثرة نعاسه؛ فأنت تراه يفتح عينه ثم يغضي، كذلك النجم يظهر ساعة ثم يخفى للقتام ساعة. وهبَّى: نجوم قد حال الهباء دونها، الواحد هاب مثل: غاز وغزَّى. وقباع: دواخل في القتام. والقُبوع: الدخول. قال ذو الرمة: وحيران ملتج كأن نجومه ... وراء القتام العاصب الأعين الخزر الحيران: ليل كأنه قد تحير فليس يكاد ينقضي. وملتج: له لجة. وإذا رطب الهواء زال القتام، فرأيت النجوم كباراً، ولذلك تقول العوام: "إن الكواكب تنتفخ في الشتاء". قال ذو الرمة: ألمَّت بنا والعيس حسرى كأنها ... أهلَّة محل زال عنها قتامها

جعلها أهلة محل؛ لأن الأهلة في سنة الجدب أدق في النظر ليبس الهواء وكدورته. وقال أيضاً: وردت وآفاق السماء كأنها ... بها بقر أفتاؤه وقراهبه وخص الأفتاء والقراهب وهي المسان دون الصغار؛ لأن وروده كان في الصبح، فقد خفيت الصغار وبقيت الكبار، وهو يعني النجوم. قال غيره: وقد كانت الجوزان وهناً كأنها ... ظباء أمام الذئب طرَّدها النفر شبهها لتباعدها بظباء نوافر، وذلك في وقت قربها من الأفق في أول الليل، فإذا قرب الصبح خفيت صغارها وبقيت كبارها، فشبهت بالبقر والظباء؛ وذلك أن النجوم إذا ابتتدأت من الشرق رأيتها متباعدة متبددة، فإذا توسطت السماء اجتمعت وتدانت، وإذا انحطت للغروب تباعدت أيضاً وتبددت. وقال ذو الرمة: وحتى اعترى البهمى من الصيف نافض ... كما نفضت خيل نواصيها شُقر البهمى: نبات تجد الإبل وجداً شديداً به ما دام أخضر، فإذا يبس هرَّ شوكه وامتنع. الواحدة والجميع بهمى ويقال للواحدة أيضاً بهماة. شبَّه نفض الصيف له إذا

يبس بنفض الخيل الشعر لنواصيها؛ لأن ورق الشجر إذا يبس ابيض، وناصية الأشقر من الخيل بيضاء. والعرب تشبه من لا نفع عنده ولا ضر ببنات نعش. قال بعضهم يهجو قوماً: أولئك معشر كبنات نعش ... خوالف لا تنوء مع النجوم يقول: لا نفع عندهم ولا ضر ولا ذكر لهم، كبنات نعش لا نوء لها، ولا ينسب إليها مطر، ولا برد، ولا حر. خوالف: متخلفة عن النجوم. والخالفة: ما لا خير عنده. وقال بشر بن أبي خازم يذكر دورانها حول القطب: أراقب في السماء بنات نعش ... وقد دارت كما عطف الظؤار يريد: أنه سهر ليلته إلى أن دارت بنات نعش، وهي تنقلب ليلته في آخر الليل. وخص بنات نعش لأنها لا تغيب. ولذلك يجعلون الاهتداء بها وبالفرقدين. قال الراعي: لا يتخذن إذا علون مفازة ... إلا بياض الفرقدين دليلا وقال آخر: وكل سماكي كأن ربابه ... متالي مهيب من بني السيد أوردا سماكي: مطر بنوء السماك. وربابه: سحابه. والمتالي: الإبل التي تتلوها

أولادها. والمهيب: الراعي. ونعم بني السيد سود، فشبه الغنم بها. والرباب: سحاب متدل دون سحاب [فوقه]. قال الشاعر: [كأن الرباب دوين السحاب ... نعام تعلق بالأرجل [وقال أمية بن أبي الصلت]: وشوذت شمسهم إذا طلعت ... بالجلب هفاً كأنه كتم شوذت: عممت، والمشوذ: العمامة. والجلب: سحاب لا ماء فيه. والهف: الرقيق، شبهه بالكتم في حمرته، وذلك من علامات الجدب. والكتم: نبات يخلط مع الوسمة للخضاب الأسود. وقال جران العود: وقد لاح للساري سهيل كأنه ... إذا ما بدا من آخر الليل يطرف ويروى: أراقب لمحاً من سهيل كأنه ... إذا ما بدا في دجنة الليل يطرف ويروى:

"وقد عارض الشعرى سهيل كأنه". قوله: يطرف: يطبق عينه ويفتحها، وهو من التشبيه الحسن. وإذا فتح الإنسان عينه وأدام النظربها لا يطبق جفنه قيل: فلان ما يطرف عينه. والطرف: تحريك الجفون في النظر. نقول: شخص بصره فما يطرف. وقال آخر: كأن سهيلاً رامها وكأنها ... حليلة وخم جنَّ منه جنونها يصف ناقته، يقول: هذه الناقة لها هوى في ناحية اليمن، فكأنها ترأم سهيلاً، أي: تعطف بعنقها كما ترأم الناقة على ولدها، وكأنها امرأة وخم من الرجال، وهو المستثقل المبغض؛ فهي تطالع الرجال وتلتفت إليهم. وقال حميد بن ثور يصف البرق: خفى كاقتذاء الطير وهناً كأنه ... سراج، إذا ما يكشف الليل، أظلما واقتذاء الطير: تغميضها أعينها وفتحها إياها [كأنها] تلقي القذى منها. وقال ابن هرمة: فإني وتركي ندى الأكرمين ... وقدحي بكفي زنداً شحاحا كتاركة بيضها بالعراء ... وملبسة بيض أخرى جناحا يشبه نفسه في فعله هذا بفعل النعامة؛ وذلك أنها تدع بيضها ساعة الحاج للطعم،

فإن هي رأت في خروجها ذلك بيض نعامة أخرى قد خرجت للطعم، حضنت بيضها ونسيت بيض نفسها، ولعل تلك أن تصاد فلا ترجع إلى بيضها حتى تهلك. ولذلك تقول العرب: "أحمق من نعامة" و"أشرد من نعامة". وقال آخر يصف عيون الكلاب إذا عاينت الصيد: محرجة حص كأن عيونها ... إذا أذَّن القناص بالصيد، عضرس محرجة: في أعناقها الحِرج، وهي القلادة. وقيل: الحِرْج: الودع يجعل في القلائد، ويجمع على: أحراج، وثلاثة أحرجة. وقال الأعشى: بنواشط غضف يقلدها الأ ... حراج، فوق متونها لمع وحص: أي سريعة العدو، يقال: مر يحص حصا. ويقال: الحص: القوائم التي ليس عليها شعر. يقول: تبيض عيونها حتى تختل الصيد. والعضرس ها هنا: البرد. وفي نسخة: عضرس، بفتح العين والراء. وقال أعرابي، وكسر الذئب شاة له مع الصبح، واسمها وردة، وتكنى أمَّ

الورد: أودى بوردة أم الورد ذو عسل ... من الذئاب إذا ما راح أو بكرا لولا ابنها وسليلات لها غرر ... ما انفكت العين تذري دمعها دررا كأنما الذئب، إذ يعدو على غنمي ... في الصبح طالب وترٍ كان فاتأرا اعتامها، اعتامه شثن براثنه ... من الضواري اللواتي تقصم القصرا قوله: اعتامها، أي: اختارها، والاعتيام: الاختيار. تقول: اعتمت فلاناً، واعتمت أفضل ماله. والموت يعتام النفوس. قال طرفة: أرى الموت يعتام الكرام، ويصطفي ... عقيلة مال الباخل المتشدد يقال: يعتام ويعتمي ويستري ويستمي ويصطفي ويختار، كله بمعنى. والشثن: غلظ في الأنامل. وأسد شثن البراثن، وهي مخالبه. وتقصم: تدق. والقصم: دق الشيء الشديد. ويقال للظالم: قصم الله ظهره. وقال كعب بن زهير: كأن لم يلاق المرء عيشاً بنعمة ... إذا نزلت بالمرء قاصمة الظهر والقصرة: أصل العنق، وكذلك قصرة النخلة: عنقها. وقال الحسن: يقرأ: {إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ} يفسر: أن الشرار يرتفع فوقهم كأنه أعناق النخل، ثم ينحط عليهم كالأنوق الأسود.

والجمع: القصر والقصرات. والقصر: داء يأخذ في القصرة حتى تغلظ من داء لا من صلابة. يقال: بعير قصر، ويجوز في الشعر أقصر. وفي شعر الأعرابي دليل على أن الذئب إنما يعدو على الغنم مع الصبح عند فتور الكلب عن النباح؛ لأنه بات ليلته كلها دائباً يقظان يحرس، فلما جاء الصبح جاء وقت نوم الكلاب وما يعتريها من النعاس. وقال آخر: كأن بلاد الله، وهي عريضة، ... على الخائف المطلوب كفة حابل يؤدَّى إليه أن كل ثنية ... تيممها، ترمي إليه بقاتل وهذا من أحسن التشبيه. والثنية: أعلى مسيل في رأس جبل، ترى من بعيد فتُعرف. ومثله في الخوف قول عبيد بن أيوب: لقد خفت حتى لا تمر جماعة ... لقلت: عدوَّ أو طليعة معشر فإن قيل: أمن، قلت: هذه خديعة ... وإن قيل: خوف، قلت: حقاً فشمر وخفت: خليلي ذا الصفاء، ورابني ... وقيل: فلاناً أو فلانة فاحذر ومثله في هذا المعنى قول بشار الأعمى:

يروعه السرار بكل شيء ... مخافة أن يكون له السرار ومن التشبيه المستطرف قوله أيضاً: كأن فؤاده كرة تنزَّى ... حذار البين إن نفع الحذار وفي هذه الصفة: أقول وليلتي تزداد طولاً ... أما لليل بعدهم نهار؟ ومن التشبيه الحسن في أخذ البري بذنب الجني قول النابغة: وحمَّلتني ذنب امرئ وتركته ... كذي العر يكوى غيره وهو راتع وكانوا إذا أصاب إبلهم العُرّ كووا السليم ليذهب العر عن السقيم فأسقموا الصحيح من غير أن يبرئوا السقيم. وكانوا إذا كثرت إبل أحدهم فبلغت الألف فقؤوا عين الفحل، فإن زادت الإبل على الألف فقؤوا عينه الأخرى، فذلك المفقَّأ والمعمى اللذان سمعت بهما. وكانوا يزعمون أن المفقأ يطرد عنها العين والسُّواف [والغارة]. والسواف: داء. فقال الأول:

فقأت لها عين الفحيل تعيفاً ... وفيهن رعلاء المسامح والحامي الرعلاء: التي تشق أذنها وتترك مدلاة لكرمها. وقال آخر: فكان شكر القوم عند المنن ... كي الصحيحات وفقؤ الأعين وكانوا إذا نذروا نذراً بذبح عتيرة، والعتيرة: جمع عتائر، وهي من الشاء، ذبحوا مكان ذلك ظباء؛ فلذلك يقول الحارث بن حلزة: عنناً باطلاً وظلماً كما تُعـ ... ـتر عن حجرة الربيض الظباء وكانوا، إذا أوردوا البقر فلم تشرب، لكدرة [الماء] أو لقلة العطش، ضربوا الثور ليقتحم الماء؛ لأن البقر تتبعه كما تتبع الشول الفحل، وكما تتبع أتن الوحش الحمار، فقال في ذلك عوف بن الخرع: تمنَّت طيء، جهلاً وجبناً ... وقد خاليتهم فأبوا خلائي هجوني، إن هجوت جبال سلمى ... كضرب الثور للبقر الظماء وقال في ذلك أنس بن مدرك في قتله السُّليك بن السلكة:

إني وقتلي سليكاً، ثم أعقله ... كالثور يضرب لما عافت البقر أنفت للمرء، إذ تغضى حليلته ... وأن يشد على وجعائها الثفر ويروى: "على وجعائه". والوجعاء: الدبر. وقال الهيبان الفهمي: كما ضرب اليعسوب أن عاف باقر ... وما ذنبه أن عافت الماء باقر وإنما سمى الثور يعسوباً لأنه أمير البقر، [وهي تطيعه كطاعة إناث النحل لليعسوب، فسماه باسم أمير النحل تشبيهاً]. والباقر [والبقر: جمع البقرة، والبقير]، مثل: الحمير والضنين والجامل. والباقر: جماعة البقر مع رعاتها، وكذلك الجامل. وقد قرئ: {إِنَّ الْبَاقِرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا}. وكانوا يزعمون أن الجن هي التي تصد الثيران عن الماء حتى تُمسك البقر عن الشرب حتى تهلك. وقال [في ذلك] الأعشى: فإني، وما كلفتموني، وربكم ... لأعلم من أمسى أعق واحوبا لكالثور والجني يضرب ظهره ... وما ذنبه أن عافت الماء مشربا

وما ذنبه أن عافت الماء باقر ... وما إن تعاف الماء إلا ليضربا وقال يحيى بن منصور الذهلي: لكالثور والجني يضرب وجهه ... وما ذنبه إن كانت الجن ظالمه وقال نهشل بن حري: أتترك عارض وبنو عدي ... وتغرم دارم وهم براء؟ كدأب الثور يضرب بالهراوى ... إذا ما عافت البقر الظماء ومن التشبيه الحسن المصيب قول العباس بن الأحنف: صرت كأني ذبالة نصبت ... تضيء للناس وهي تحترق وشبيه بهذا قول الآخر: وفتيلة المصباح تحرق نفسها ... وتضيء للساري وأنت كذالكا وقال ابن الطثرية حين حلق أخوه لمَّته: فرحت برأس كالصخيرة أشرفت ... عليها عقاب ثم طارت عُقابها يقول: إن العقاب إذا سقطت على ص خرة ذرقت، فيبقى أثر ذلك أبيض كما تشاهد.

فصل زعم ابن الرومي أن الواصفين ثلاثة: الناعت والعائب والحاكي. ولكل واحد منهم غاية ومذهب؛ فالناعت والعائب يتفقان في المذهب، ويفترقان في الغاية كقول الناعت: هي أحسن من الشمس والقمر، وسائر أمثال الحسن. وكقول العائب: هي أقبح من القرد، وسائر أمثال القبح. ثممَّ يفترقان في الغاية؛ فتكون غاية الناعت الإطراء، وغاية العائب الإزراء. وأما الحاكي فخالفهما في المذهب والغاية معاً؛ وذلك أن مذهب الحاكي الصدق على أعيان الأشياء وأمثال صورها عن حقائقها. والمقدمة الثانية: أن كل منعوت ضربان: أحدهما: السبب. والآخر: البغية. فأما السبب فالأمر المدلول به على غيره، كما وصف الله تعالى الجنة في سورة الرحمن، وما وصف الأصمعي في كتاب "خلق الفرس" عضواً عضواً. ومثله ما وصف الله به، عز وجل، الجنة حيث يقول تعالى: {وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الأَنفُسُ}. وكما قال بعض النعات في الفرس: إنه يستغرق الوصف ويسبق الطرف. والمقدمة الثالثة: أن النعوت المحمودة أربعة وهي: المفسرات والمجمهرات والمعقبات والمجملات. فالمفسرات: هي [التي] تستغرق الأسباب، وتأتي على المنعوت فصَّاً فصا. والمجمهرات هي التي تستغرق جوامع الأسباب، وتأتي على المنعوت جمهوراً

جمهوراً، وتأتي على أكثره. والمعقبات: هي [التي] تستغرق مهمات النعوت المعفي ذكرها على ذكر غيرها وإن قلت. والمجملات: هي التي تستغرق البغية وتأتي على غاية ما تجري إليه النعوت. والمقدمة الرابعة: أن العلل، التي هي لها يحسن الجمع بين أجزاء المنعوت وأبعاضه، علتان: إحداهما: أن يكون ائتلافهما في الكلام على حسب ائتلافهما في خلق المنعوت وبغيته. والأخرى: أن تكون مؤتلفة في نسبة واحدة، والنسبة ذات ضروب شتى. [الضرب الأول]: كقول امرئ القيس: له أيطلا ظبي وساقا نعامة ... وإرخاء سرحان وتقريب تتفل فإنما حسن جمعه بين هذه الأبعاض المختلفة والأجزاء المتحاجزة لاتفاقها في الاستعارة والإضافة؛ فأيطلان مستعاران من الظبي، مضافان إليه، وكذلك ما بعده. والضرب الثاني: كقوله: سليم الشظى، عبلُ الشوى، شنج النسا ... له حجبات مشرفات على الفال فحسن جمعه بين هذه الأشتات لتناسبها في اعتدال الوزن واتفاق القافية وتهيئتها سجعاً في شعره.

والثالث: كقول أبي دؤاد: حديد السمع والناظر ... والعرقوب والقلب حسن جمعه مع المباينة لتناسبها في الحدة. وكقوله: عريض الخد والجبهـ ... ـة والصهوة والجنب لتناسبها في العرض. والضرب الرابع: كقول بعضهم: وأحمر كالديباج، أما سماؤه ... فريا، وأما أرضه فمحول حسن جمعه بين سراته وقوائمه على تفاوتهما؛ لأنه ألف بينهما بنسبتين، إحداهما: أنه كناهما بكنيتين متكافئتين متزاوجتين، وهما السماء والأرض المتقابلتان في النسبة، المتكافئتان في العظم، المتزاوجتان في جاري الكلام. والسبب الثاني: أنه ضاد بينهما بضدين محمودين، وهما: اندماج السراة وريها، ومحض القوائم وظمؤها. والضرب الخامس: كقول الكميت: وآب أبو الشعثاء أشعث دامياً ... وإن أبا جحل قتيل مجحَّل فهذه النسب كلها داخلة في حد المطابقة واسمها.

الأمثال وللعرب الأمثال التي لا يؤتى عليها كثرة مع حسن معانيها وإصابتها ووضوحها وإبانتها، وهي أكثر أمثال أهل الأرض، وإن كان للفرس أيضاً أمثال كثيرة؛ فهي، مع كثرتها، لا بعشر أمثال العرب. فقد حكى أبو عبيدة، فيما روى أبو حاتم عنه، أنه أوصل إلى أحمد بن سعيد بن سلم الباهلي أربعة عشر ألف مثل عربي بعضاً في الجلود، وبعضاً في القطني، وبعضاً في القراطيس، وبعضاً في الخزف. فتفرد العرب من بين الأمم بكثرة الأمثال هو بمادة الشعر التي هي ثابتة بالتوالد على مدى الأيام، كما النسل في الأنام. فبأبيات الشعر كثرت أمثالهم، وزادت على أمثال سائر الأمم أضعافاً مضاعفة. هذا إلى مالهم من أمثال النثر. وقد جاء الكتاب والأخبار بالأمثال، ولها كتب مفردة فيها، ومفسرة لمعانيها. وقد أودعت كل حرف من حروف المعجم شيئاً منها مما هو على الحرف المبتدأ به، مثل: الألف والباء والتاء والثاء، إلى آخر الحروف، وهي تأتي بعد هذا إن شاء الله.

باب في شيء من أقاويل العرب وتسميتهم ومذاهبهم

باب في شيء من أقاويل العرب وتسميتهم ومذاهبهم للعرب إقدام على الكلام، وتوسع وهجوم على جليل المعاني ودقيقها، حتى إنهم ليخرجون بكلام من رفع إلى نصب وخفض. ومن نصب إلى خفض ورفع. ومن خفض إلى رفع. ومن مذكر إلى مؤنث. ومن مؤنث إلى مذكر بالإضافة. كل ذلك لاقتدارهم على الفصاحة والإبانة؛ فهم مفصحون كيف نطقوا، ومصيبون بما أطلقوا. وهم يطيلون إذا كانت الإطالة أوضح للإبانة، ويوجزون حيث يغني الإيجاز عن الإطالة. وبكل ذلك جاء كتاب الله، عز وجل؛ لأنه نزل بلسانهم. فمن تصفح كلامهم، وتصحح معانيهم، وقف على أفصح كلام، وعرف أحسن معان وأوضح بيان. وهم، لثقتهم بفهمهم عن بعضهم بعض، يتكلمون فيما بينهم كيف شاؤوا وبما شاؤوا، وهو مفهوم عنهم، ومعلوم منهم، وهذه فضيلة أيضاً لهم. وقد سمت العرب القطاة بصوتها حين تهيأ لها ثلاثة أحرف: قاف وطاء وألف .. فكان ذلك هو صوتها سموها به. ثم زعموا بعد ذلك أنها صادقة في تسميتها نفسها قطا. وقال الشاعر يذكرها: وصادقة ما خبرت، قد بعثتها ... طروقاً، وباقي الليل في الأرض مسدف فجعلها مخبرة، وجعل خبرها صدقاً حين زعمت أنها قطاً، وإن كانت القطاة لم ترد ذلك. ولكن هذا توسع منهم في كلامهم. وقال الكميت:

لا تكذب القول إن قالت قطا صدقت ... إذ كل ذي نسبة لابد منتحل وقال مزاحم العقيلي في تجاوب القطاة وفرخها: فنادت وناداها، وما اعوج صدرها ... بمثل الذي قالت له لم يبدل والصبيان يسمون الشاة ما ما، كأنهم سموها بالذي سمعوه منها حين جهلوا اسمها؛ لأن الذي تهيأ للشاة قولها ما. وقال ذو الرمة: لا يرفع الصوت إلا ما تخوَّنه ... داع يناديه باسم الماء مبغوم ويروى: "لا ينعش الطرف". ونقول: بغم الظبي يبغم بغوماً، وهو أرخم صوته. والرخامة: لين في المنطق، حسن في النساء. وجارية رخيمة الصوت، ورخم كلامها وصوتها، ومرخومة الصوت أيضاً. ويقال للرجل الضعيف الصوت: رخيم وأبح وأغن وأصحل. والمبغوم: الولد، وأمُّه تبغمه، أي: تبغم إليه. والبقرة تبغم. وامرأة بغوم: رخيمة الصوت. قال: حبذا أنت يا بغوم إلينا ... ..................

وقيل لصبي يلعب على بابهم: من أبوك يا غلام؟ وكان اسم أبيه كلباً، فقال: وَوْ وَوْ وَوْ. وسماه بصوته؛ لأن الذي تهيأ للكلب وَوْ، وعف [عفْ] وأشباه ذلك. والعرب تخبر عما لا يعقل إخبارها عمن يعقل مجازاً وتوسعاً؛ فمن ذلك: أنه كان مكاتب لبني منقر ظلع بمكاتبته أي: عجز عنها، فأتى قبر غالب أبي الفرزدق فاستجاربه، فأخذ منه حصيات فشدَّهن في عمامته، ثم أتى الفرزدق فخبَّره، ثم قال: إني قلت شعراً. فقال: هاته فقال: بقبر ابن ليلى غالب عذت بعدما ... خشيت الردى، أو أن أرد على قسر بقبر امرئ يقر البنين عظامه ... ولم يك إلا غالباً ميت يقري فقال لي: استقدم إمامك إنما ... فكاكك أن تلقى الفرزدق بالمصر فخبر عن ميت بالقول. والعرب وأهل الحكمة من العجم يجعلون كل دليل قولاً؛ فمن ذلك قول زهير: أمن أم أوفى دمنة لم تكلم ... ............ عنده أن يبين بما يرى من الآثار فيها عن قدم أهلها وحدثان عهدهم. وكذلك قوله: "فقال لي استقدم إمامك"، البيت، أي: جرب مثل هذا منك في المستجار به،

وليس هناك قول أصلاً، ولكن على هذا المعنى. والعرب، إذا طال عليها وصف الجميع، خرجت من الرفع إلى النصب ثم تعود بعد إلى الرفع. وقالت خرنق بنت هفان، وقيل: خرنق أخت طرفة بن العبد: لا يبعدن قومي الذين هم ... سم العداة وآفة الجزر النازلين بكل معترك ... والطيبون معاقد الأزر ويروى: "النازلون والطيبين". ويقال: هذا على التعظيم والمدح؛ لأن العرب تنصب الأسماء في موضع الرفع على المدح والذم. فأما على المدح فالذي تقدم ذكره، وأيضاً قول الآخر: إلى الملك القرم وابن الهمام ... وليث الكتيبة في المزدحم وذا الرأي حين تغم الأمور ... بذات الصليل وذات اللجم ونسخة: اللحم بالحاء. فنصب ليث الكتيبة [وذا الرأي] على المدح. ونقول: أنا الظريف قائم، فنصب الظريف على المدح لأنا. ويجوز [رفعه] على المدح أيضاً. ولا يجوز رفعه على النعت؛ لأن المكنى لا ينعت؛ لأن النعت دل على

الاسم. والمكنى لم تكن عنه حتى عرف؛ فليس بك حاجة إلى أن تدل على ما عرف. وقال الله، عز وجل: {وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ}. فنصب المقيمين على المدح، ورفع "المؤتون" على المدح. ويقولون: نحن بني تميم ضاربون كبش الكتيبة. قال الراجز: نحن بني ضبة أصحاب الجمل وقال آخر: أنا ليث العشيرة فاعرفوني ... حميداً قد تذريت السناما وقال الفرزدق: ألم تر أنا بني دارم ... زرارة منا أبو معبد كأنه قال في التمثيل: أعني بني دارم، وأمدح بني دارم. وفي المدح قولهم: اللهم صل على أبا القاسم. على معنى: أمدح أبا القاسم، وأعني أبا القاسم. وإن شئت رفعت على تقدير: هذا أبو القاسم. وإن شئت جررت على اللفظ. وهو، صلى الله عليه: سيدَ المرسلين، وسيدُ المرسلين، وسيدِ المرسلين؛ فتنصب وترفع على المدح، وتخفض على التكرير؛ كأنك قلت: على سيدِ المرسلين.

وأما على الذم، فوق الشاعر: وكل قوم أطاعوا أمر سيدهم ... إلا نميراً أطاعت أمر غاويها الظاعنين ولما يظعنوا أحداً ... والقائلين: لمن دار نخليها نصب الظاعنين على الشتم والذم. وقال: سقوني الخمر ثم تكنفوني ... عداة الله من كذب وزور وهذا كقولك: دخلوا علي أعداء الله، أي: أذكر أعداء الله. وقال: لعمري، وما عمري علي بهين ... لقد نطقت بطلاً علي الأقارع أقارع عوف، لا أحاول غيرها ... وجوه قرود تبتغي من تجادع كأنه قال: أذكر وجوه قرود. وقوله: "بُطلاً" يعني: باطلاً، كقولهم: قال فلان ضلاً، يعني: ضلالاً. وأعطى قلاً، أي: قليلاً، وكثراً، أي كثيراً. وكذلك: كثر، أي كثير. وقال آخر: طليق الله لم يمنن عليه ... أبو داود وابن أبي كثير ولا الحجاج عيني بنت ماء ... تقلِّب عينها حذر الصقور

كأنه قال: أعني بنت ماء، على الذم. وقرئ: {وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ} وحمالة؛ فرفعوا ونصبوا على الذم. وأضمروا في الرفع هي، كأنهم قالوا: هي حمالة الحطب. وقرئ: {وَامْرَأَتُهُ حَامِلَةُ الْحَطَبِ}. والعرب تنصب أيضاً على الاختصاص. تقول: إنا بني فلان نفعل كذا. فلما قلت: إنا، قد أعني بني فلان، أردت أن تخصهم ولم ترد أن تخبر أنهم بنو فلان؛ وذلك أنك إذا قلت: إنا بنو زيد فإنما أردت أن تخبر بالفعل، ونصبت على الاختصاص بفعل. وإذا قلت: إنا بني زيد، فلم ترد أن تخبر أن أباكم زيد، إنما أردت أن تخبر بالفعل، ونصبت بني على الاختصاص بفعل مضمر، تريد: أعني. قال: إنا بني منقر، قوم ذوو حسب ... فينا سراة بني سعد وناديها ومثله قول الفرزدق: بنا تميماً يكشف الضباب لم يرد صاحب البيت الأول أن يخبر أن أباهم منقر، وإنما نصب بني منقر علي الفخر. ولم يجعل الفرزدق بنا [الخبر]، إنما الخبر: يكشف الضباب. ثم اختص تميماً على: أعني تميماً. والعرب تنصب على الترحم أيضاً.

قال: فأصبحت بقرقرى كوانسا ... فلا تلمه أن ينام البائسا كأنه قال: أعني البائسا. ويقولون: به البائس داء، ينصون البائس على الترحم، حين لم يقدروا أن يقولوا: به البائس فيعطف ظاهر على مضمر، وإنما أرادوا أن يقولوا: بالبائس داء. وقد يقال: به البائس على معنى: البائس به داء. وقد يجوز: به البائس داء، على التبيين، أي: به بالبائس؛ لأنك لما قلت: "به"، لم تعرف ما أجود الوجوه في هذا النصب. ومن العرب من يرفع الكلام أجمع بعد كان. كما قال: وما كان قيس هلكه هلك واحد ... ولكنه بنيان قوم تهدَّما وقد قرئ: {قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ} إلى قوله تعالى: {أَحَبَّ إِلَيْكُمْ} فالرفع، وهي قراءة يحيى بن يعمر، فيما زعموا على طريق الغلط، لما كثر الأسماء وطال الوصف. وقرئ: {عَشِيرَاتِكُم} على الجمع، وهي قراءة أبي. والعرب تؤنث المذكر بإضافته إلى المؤنث.

قال: وتشرق بالقول الذي قد أذعته ... كما شرقت صدر القناة من الدم والصدر مذكر، فأنثه لأنه أضافه إلى القناة، والقناة مؤنث. وذلك يجوز ما كان من الشيء؛ لأن الصدر هو من القناة؛ فلذلك قد جاز. ولو قلت: هذه غلام مريم، لم يجز؛ لأن الغلام غير مريم. وقال: لما أتى خبر الزبير تضعضعت ... سور المدينة، والجبال الخشع السور مذكر، فأنثه لأنه أضافه إلى المدينة، والمدينة مؤنث؛ لأن السور من المدينة. قال الله تعالى: {فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ}. والأعناق مؤنث، ولم يقل خاضعات؛ لأنه أضافها إلى مذكر وهو الهاء والميم، وهي أسماء القوم. ولو أنث لقال: أعناقها. ومثله: {فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ}، أي: هذا الشيء. وقال بعضهم: كانوا يذكرون الآلهة، فأراد أن يعرفهم جهلهم، فقال: هذا ربي، فلما أفلت، أي: أنتم جهال، ولو كان رباً لم يغب ولم يزل. قال المفسرون: ما شك إبراهيم، عليه السلام، إلا يوماً وليلة، ثم هداه الله تعالى. وإذا دخل بين الاسم المؤنث والفعل حاجز، ففيه وجهان: إن شئت ذكرت

الفعل، وإن شئت أنثته، كقوله، عز وجل: {وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ}. [وفي موضع آخر: {وَأَخَذَتْ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ}]. [وكقوله تعالى]: {وَلا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ}، و {تُقْبَل} بالتاء. [وقوله]: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} و {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ}. ومثله كثير في القرآن والكلام والشعر والأمثال. وهذا في الآدميين قبيح قليل. نقول: قامت في الدار جاريتك. فإن قلت: قام، فقبيح، وهو جائز على قُبحه. قال جرير: لقد ولد الأخيطل أم سوء ... على قمع استها صلب وشام والعرب تضيف الفعل إلى الآمر به، تقول: قتل الأمير فلاناً، وضرب فلاناً؛ إذا كان هو الآمر بذلك دون أن يكون مبايناً له. قال الله [تعالى]: {فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ}، أي: طمست الملائكة أعينهم بأمرنا. وكذلك قوله تعالى: {فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ}، وإنما قتلهم الملائكة يوم بدر. وكذلك: {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى}.

قال الحسن وغيره: لم تكن هزيمة القوم برميتك، ولكن الله هزمهم برميتك. وعن النبي، صلى الله عليه: "من كسا لله، وسقى لله، كساه الله حلة الكرامة، وسقاه من الرحيق المختوم". يقول: نأمر أن يكسا ويسقى، لا أن يباشر ذلك. وأما قوله [تعالى]: {فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ} وقوله، عز وجل: {أَوَلَمْ تَاتِهِمْ بَيِّنَةُ مَا فِي الصُّحُفِ الأُولَى}؛ فإن بعضهم ذكر أنهم إنما ذكروا الفعل من أجل الحاجز وهي الهاء التي في جاءه، والهاء والميم التي في تأتهم. وقال بعضهم: أرادوا المصدر، فذكروا لذلك، كأنه أراد: فمن جاءه وعظ من ربه. [و]: أولم يأتهم بيان ما في الصحف الأولى، أو تبين ما في الصحف. وقرأ بعضهم: {تَاتِهم} على تأنيث البينة. وأما قول الشاعر: إن السماحة والمروءة ضمنا ... قبراً بمرو على الطريق الواضح [فقال: ضُمّنا] ولم يقل: ضُمنتا، فلأن بعضهم ذكر أنه أراد الجود والكرم، فرده على المعنى لا على اللفظ. وقال بعضهم: أراد المصدر؛ كأنه قال: إن السماح والمروءة. وقال بعضهم: شيئان ضصمنا؛ لأن الشيء يقع على كل شيء من قبل أن يعلم أذكر هو أم أنثى. وعن بعض العلماء: أن الرواية: "إن السماحة والمغيرة ضمنا". فإن كان كذلك لم يجز إلا ضمنا.

وأما قول أبي ذؤيب: لو كان مدحة حي منشراً أحداً ... أحيا أباكُنَّ، يا ليلى، الأماديح كأنه أراد لامدح، كأنه قال: لو كان مدح حي أو مديح حي منشراً أحداً. فقال: منشراً، ولم يقل: منشرة. والعرب قد تؤنث فعل المؤنث بالتاء والنون، فإذا جاؤوا بإحديهما، استغنوا بها عن الأخرى. قال الله، عز وجل: {تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنْ الدَّمْعِ}. ولم يقل: يفضن. وقال تعالى: {وَأُوْلاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ}، ولم يقل: تضعن. ويقولون: النساء يذهبن، والنساء تذهب، بالتاء. وبناتك يخرجن وتخرج. والعرب لا تجمع بين علامتين في التأنيث، لا تقول: النساء ترمين، ولا تفعلن، بالتاء. إنما تقول: يرمين ويفعلن، بالياء. قال الله، عز وجل: {وَلا يَحْزَنَّ وَيَرْضَوْنَ بِمَا آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ}. ثم قال جرير: يرمين من خلل الستور بأعين ... فيها السقام وبرء كل سقيم فقال: يرمين لئلا تجتمع علامتان للتأنيث. والعرب تجعل لفظ المذكر ولامؤنث سواء في كل ما كان على فعل يفعل وفي آخره واو؛ ألا ترى إلى قوله، عز وجل: {إِلاَّ أَنْ يَعْفُونَ}، وإلى قوله تعالى: {رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ}، وإنما النساء كن يدعونه.

وقال، جل وعلا: {اللاَّتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحاً}. كل هذا لفظ المذكر ولامؤنث فيه سواء؛ لأنك تقول: عتايعتو، ودعا يدعو، ورجا يرجو. وكذلك: هن يتلون كتاب الله؛ لأنك تقول: تلا يتلو. وهن يقرأن، وما أشبه ذلك. وإذا حملوا المعنى على المكان ذكروا الفعل في المؤنث. قال: فلا مزنة ودقت ودقها ... ولا أرض أبقل إبقالها ولم يقل: أبقلت، فذكَّر الفعل، وهي الأرض، وهي مؤنثة؛ لأنه أراد المكان؛ لأن الأرض مكان. وقد قالوا: هؤلاء بنو نعش، يريدون: بنات نعش. وقال الشاعر: تمزَّزتها والديك يدعو صباحه ... إذا ما بنو نعش دنوا فتصوبوا فذكر بنات نعش. وإنما ذكروا لأن أول أحوال الأسماء التذكير، فردوه إلى المذكر. وقد قالوا: أمة الله جاء وهذا قبيح في الشعر. قال: فإما تري لمَّتي بدّلت ... فإن الحوادث أودى بها

يريد: أودت بها، فذكَّر. وما يكون من المذكر في نعته الهاء، فهو خلاف هذا. قال الحطيئة: وآمرهم هوْكودة في نزالهم ... وما بهم حيد إذا الحرب قرت على هذا التكرار أراد: أمرهم مرة واحدة؛ كما قال الله، عز وجل: {وَمَا أَمْرُنَا إِلاَّ وَاحِدَةٌ}، يريد: إلا مرة واحدة. والعرب، إذا جمعوا مؤنثاً ومذكراً، غلبوا المذكر على لامؤنث، وإن كان المذكر أقل من المؤنث. قال الله تعالى: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ} إلى قوله، عز وجل: {ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ}. فجمع المذكر ولامؤنث، فغلَّب المذكر على المؤنث. والعرب تخرج بلفظها من مذكر إلى مؤنث، ومن مؤنث إلى مذكر بالإضافة. قال الله تعالى: {أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنْ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ} فذكَّر، فجعل اللفظ على الخلْقِ. ويجوز أن يكون جعل اللفظ على الطين، وهو مذكر. وأما الهيئة فهي مؤنثة. قال الشاعر: يا أيها الراكب المزجي مطيته ... سائل بني أسد ما هذه الصوت فجعله على الصيحة. ومثله: قال الله تعالى: {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُوْلُوا الْقُرْبَى} إلى {فَارْزُقُوهُمْ

مِنْهُ}، ولم يقل: منها. والقسمة مؤنثة. أراد بالقسمة المال، ويجوز الميراث. ومثله [قوله تعالى]: {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَتْهُمْ آيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِهَا} إلى قوله تعالى: {كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ}، فذكَّر لأنه أراد الرسول، صلى الله عليه وسلم. ومثله: {فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ آيَاتُنَا مُبْصِرَةً قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ}. [أي]: هذا الذي ظهر لنا سحر مبين. ثم قال تعالى: {وَجَحَدُوا بِهَا}، يعني: الآية؛ فجعل اللفظ في الأول على المعنى؛ لأن المعنى مذكَّر، وردَّ في الآخر إلى اللفظ. قال الشاعر: لما أتى خبر الزبير تهدمت ... سور المدينة والجبال الخشع والسور مذكر فأنثه لأنه أضافه إلى المدينة وهي مؤنث. [والعرب تُخرج المكنى على ما تقدم. قال الله: {وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ}، أي: يفعل الإسرار إليهم بالمودة لما كان في {تُسِرُّون} معنى الإسرار أن خرج المكنى عليه. قال القُطامي: قرم إذا ابتدر الرجال عظيمة ... سبقت إليه يمينه الأيمانا يريد: إلى الابتدار لما كان في ابتداء ذكره أخرج المكنى عليه. أنشد الفراء:

هم الملوك وأبناء الملوك لهم ... والآخذون به، والساسة الأول لما كان في الملوك معنى الملك قال به على معنى الملك]. والعرب تستغني بالشيء عن الشيء إذا كان من سببه. قال الله تعالى: {ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ}، وإنما قدمت الأنفس. [وقال تعالى]: {وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاثِينَ لَيْلَةً}. يريد: ثلاثين يوماً. فلما كان الليالي من سبب الأيام استغنى بذكرها؛ لأن الأيام لا تكون إلا بالليالي. وكذلك الأيدي من الأنفس. والعرب قد تضيف الاسم إلى الصفة، كما قال الله تعالى: {لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ} [وقال]: {وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ}. وإنما هو: الدعوة الحق، والحق اليقين؛ فنزع الألف واللام من الاسم، وأضافه إلى الصفة. وربما ردوا الصفة إلى المصدر. قال الله تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْراً}. إنما هو: غائر، فردَّ إلى المصدر. والعرب تقدم الخبر قبل الاسم. قال الله تعالى: {وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ}، فقدم الخبر. والعرب تضيف بما كان فيه الألف واللام إلى ما كان فيه الألف واللام إذا كان فعلاً أو صفة. يقولون: الكثير المال، والحسن الوجه. قال الشاعر: وأنا الناصر الحقيقة إذ أظ ... لم يوم تضيق فيه الصدور وقال الله، عز وجل: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى}.

وما جاء (على) فعلى فهو أبداً صفة. والعرب تأمر نفسها. يقول الرجل منهم، واسمه زيد ليفعل زيد كذا وكذا، وهو زيد، أي: أفعل كذا. وأنكر هذا الضبي وقال: [لا يجوز] في الكلام أن يأمر الإنسان نفسه؛ لأنه يكون آمراً مأموراً، وهذان ضدان لا يجتمعان. والعرب تفرد فعل الاثنين والجميع إذا تقدم. قال الله، جل اسمه: {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ}. ومنهم من يجمع فعل الجميع إذا تقدم. قال الله تعالى: {وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا}. وقال، عز وجل: {ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ}. وقال بعض أهل العلم: سمعت أبا عمرو الهذلي وهو يقول: "أكلوني البراغيث"، وكان فصيحاً. والعرب تبدأ بالأقل قبل الأكثر. يقولون: خمسة وعشرة. و: لم يترك قليلاً ولا كثيراً. قال عيسى بن عمر: قلت لأعرابي: كم في المسجد من سارية؟ فقال: خمسون وخمسمئة وخمسة آلاف. وكذلك يقدمون الاسم على الكُنية. يقولون: عبد الله أبو محمد. ومحمد أبو

عبد الله. وقالوا: العمران، يريدون: أبا بكر وعمر، فبدؤوا بعمر قبل أبي بكر وهو قبله. وكذلك: القمران، يريدون: الشمس والقمر؛ لأن هذا من كلامهم ومذاهبهم. وليس في كلام العرب ثلاثة فلوس، ولا ثلاثة كلاب. ولكنهم يقولون: ثلاثة أفلس، وثلاثة أكلب. وأما الجمع الكثير فهو الفلوس والكلاب. والحمد والشكر، والحرام والحلال، والمنُّ والسلوى، والذي ومَنْ، وكلّ وكلهم، والطفل، والطير، والسمع، والعدو، والصيف، والبرهان، كل هذا وما أشبهه لفظ مجموع لا يفرد. وقول من قال: جمع البرهان البراهين باطل. وواحد القثَّاء: قثاً. ومن همزة قال: قثَّاءة. وواحد الزبى: زبية. وواحد الإناث: أنيث. وجمع المرء: مرؤون. والعرب تدعو بلن. قال الأعشى: لن تزالوا كذلكم ثم لا زلـ ... ـت لهم خالداً خلود الجبال [وقد قيل في قول موسى]، عليه السلام: {رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ

ظَهِيراً لِلْمُجْرِمِينَ}، إنه يجوز أن يكون دعاء. والعرب تضيف فعل الواحد إلى الجماعة إذا كانوا راضين بفعله. قال الله تعالى: {فَعَقَرُوا النَّاقَةَ}، وإنما عقرها واحد، فأضاف فعله إليهم لأنهم كانوا راضين بعقرها، وهو قُدار بن سالف. قال زهير: فتنتج لكم غلمان أشأم كلُّهم ... كأحمر عاد ثم ترضع فتفطم غلمان أشأم، يريد: غلمان شؤم. يقال: شؤم وأشأم، مثل: عجم وأعجم. وأحمر عاد: إنما هو أحمر ثمود. وعاد وثمود عنده واحد؛ لأنهم كانوا في دهر واحد. وكان ثمود أحمر الشعر أزور سناطاً قصيراً. وقال الله تعالى: {فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ}. لما كانت الأبناء راضية بفعل الآباء من قتل الأنبياء والمعاصي وأشباه ذلك، دخلوا معهم في الإثم ولزمهم اللوم وشاركوهم فيها أيضاً. فكذلك تقول العرب: قتلنا وهزمنا وفضحناكم يوم الجفار ويوم النسار، ويوم جبلة، ويوم كذا ويوم

كذا، أي قتلت أبناؤنا آباءكم، على مجاز اللغة. وأما قوله تعالى: {فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ}؟ فالمعنى: لم قتلتم؛ لقوله تعالى: {مِنْ [قَبْلُ]}. كما قال، عز وجل: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ}، أي: ما تلت. وقوله تعالى: {يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ}، أي: يخلده. ويشترك فعل ويفعل في معنى واحد. قال الشاعر: ولقد أمر على اللئيم يسبني ... فمضيت عنه وقلت: لا يعنيني فقال: أمر، ثم قال: مضيت. وقال آخر: وإني لآتيكم تشكر ما مضى ... من الأمر، واستنجاز ما كان في غد أي: ما يكون. وقال الحطيئة:

شهد الحطيئة حين يلقى ربَّه ... أن الوليد أحق بالعذر أي: يشهد. وقال: آخر: فما أضحى، ولا أمسيت إلا ... وإني منكم في كوفان أي: في شر وبلية. ويقال: كفت من جلده، أي: أخذت منه قطعة. فقال: أضحى، ثم قال: أمسيت. وحكي في تفسير: {يَا أَبَانَا مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ}. أي: يمنع. ومثله: {وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ}، أي: سينادون. والعرب تجعل فاعلاً على مفعول، إذا لم يخافوا التباساً، كما قالوا: هذا أمر عارف، أي: معروف. وما أنت بحازم عقل، أي: محزوم. ونحن في سر كاتم، [أي]: مكتوم، و {مَاءٍ دَافِقٍ}، أي: مدفوق. وهذه تطليقة بائنة، أي: مبانة. والراحلة هي المرحولة. و {عِيشَةٍ [رَاضِيَةٍ]}. أي: مرضية. ويجوز أن تكون مرضية لأهلها. وقالت خرنق: يفلق بين هادي الورد منهم ... رؤوساً بين حالقة ووفر

يريد: محلوقة. وقالت نائحة همام بن مرة: لقد عيَّل الأيتام طعنة ناشره ... أناشر، لا زالت يمينك آشره أي: مأشورة ومقطوعة بالميشار. يقال: أشره ووشره. فجاءت على معنى مفعول. ومثله قوله تعالى: {لا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ}. أي: لا معصوم. وقيل: لا عاصم: لا مانع. ويجعلون "أفعل" في موضع "فَعِل" و"فاعِل". قال الله تعالى: {وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ}. قال ابن عباس: أي: هيّن عليه. وقال الراجز: قبحتم يا آل عوف نفرا ... ألأم قوم أصغراً وأكبرا يريد: صغيراً وكبيراً. ويقال: إن لها أسفلاً وأعلى، وأوسطاً وأدنىً وأقصىً، منون كله. وحكي عن العرب أنهم يقولون: الحق الأعظم، يريدون: العظيم. وقال ذو الرمة: أخي قفرات دببت في عظامه ... شفافات أعجاز الكرى فهو أخضع

يريد: فهو خاضع. وشفافات الكرى: بقيات. والشفافة: البقية من كل شيء. وأعجاز الكرى: أواخره. وقال آخر: لعمرك ما أدري، وإني لأوجل .. على أينا تعدو المنية أول قوله: أوجل، يريد: وجل. وقال آخر: تمنى رجال أن أموت، وإن أمت ... فتلك سبيل لست فيها بأوحد يريد: بواحد. وقال الأحوص: يا دار عاتكة تحمَّل أهلها ... حذر العدى وبها الفؤاد موكَّل ويروى: يا دار عاتكة التي أتعزَّل ... حذر العدى، وبها الفؤاد موكَّل إني لأمنحك الصدود وإنني ... قسماً إليك، مع الصدود، لأميل يريد: لمائل. والعرب ربما وصفت مذكراً بلفظ المؤنث، كقولهم للرجل: رحمة، وعبد الله

بركة، وزيد نسَّابة، وعمر علامة. ويقال للرجل، إذا لم يحج: صرورة. قال النابغة الذبياني: لو أنها عرضت لأشمط راهب ... عبد الإله صرورة متعبد لرنا لبهجتها وحسن حديثها ... ولخاله رشداً وإن لم يرشد وأما قوله تعالى: {بَلْ الإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ}، فليس هذا من وصف الإنسان، أي: الإنسان على نفسه حجة. وقال بعضهم: بينة؛ كقولك: على رأسه قلنسوة، وعليه عمامة وملحفة. والعرب تصف المؤنث بالمصدر؛ فلا يدخلون في المصدر الهاء، كقولهم: إنما خلَّفت فلانة لك عذاباً وسجناً، ونحو ذلك بغير الهاء. قال الله تعالى: {جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً}. وإذا كانت الكلمة المؤنثة ظرفاً، فالواحد والاثنان والجميع من المذكر والمؤنث بغير هاء. قال الله تعالى: {إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنْ الْمُحْسِنِينَ}. والعرب تفعل ذلك في: قريب وبعيد. قال: فإن تُمس ابنة السهمي منا ... بعيداً لا نكلمها كلاما

وقال الشنفرى: تؤرقني، وقد أمست بعيداً ... وأصحابي بغيهم أو تباله وقال آخر: ليالي، لا أسماء منك بعيدة ... فتسلو، ولا أسماء منك قريب والعرب ترد الفاعل إلى فعيل، مثل: قادر وقدير، وقاعد وقعيد، وناصر ونصير. قال الله، عز وجل: {عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}. معناه: قادر. و {عَنْ الْيَمِينِ وَعَنْ الشِّمَالِ قَعِيدٌ}، إنما هو قاعد. و {مَا لَكَ مِنْ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ}. وتضع "فعيل" في معنى "مفعل". قال الله تعالى: {وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ}. مجازه: المحكم المبين الواضح. و {هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ}. مجازه: معتد. قال أبو ذؤيب: .............. ... ولم تشعر إذاً أني خليف أي: مُخْلِف. وتضع "فعيل" في موضع "مفعل". قال الله تعالى: {وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}. مجازه: مؤلم.

وسميع مجازه: مسمع. قال عمرو بن معدي كرب: أمِنْ ريحانة الداعي السميع ... يؤرقني وأصحابي هجوع أي: الداعي المسمع. وبصير مجازه: المبصر. والعرب تقول: غضبت عليك مما تعلم، أي: من أجل ما تعلم. قال الله، عز وجل: {كَلاَّ إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ}. قيل: من الخلق الذين تعلمون ممن كلفوا وقامت عليهم الحُجة. كأنه قال: من الذين يعلمون؛ لأنا قد أعلمناكم من الذين قد لزمهم الأمر والنهي. ووجه آخر: أن يكون {مِمَّا يَعْلَمُونَ}: من أجل ما يعلمون من الثواب والعقاب والأمر والنهي. وقال الأعشى: أأزمعت من آل ليلى ابتكارا ... وشطت على ذي هوى أن تزارا المعنى عندنا: من أجل ليلى؛ لقوله: "وشطَّت على ذي هوى"، فدل على أنه لم يزمع معهم، أي: من أجلهم لنأيهم عنه. والعرب تقول: فعلت هذا لزيد، أي: من أجل زيد. قال النمر بن تولب:

ما كنت أخدع للخليل بخلة ... حتى يكون لي الخليل خدوعا وقال آخر: وخطة خسف تجعل الموت دونها ... نقول لها: للموت أهلاً ومرحبا الخسف: الضيم. والعرب تقول: لا أزيل بمعنى: لا أزال. قال سعد: سمعت الأخطل مرة يقول، وقد قدم البصرة: لا أزيل أفعل ذلك. يريد: لا أزال. والعرب تقول: الأحمر، ويلقون الهمزة فيقولون: الحمْرَ، فيفتحون اللام ويقرون ألف الوصل؛ لأن اللام في نية السكون. وبعضهم يقول: ولحمر، ولا يقر ألف الوصل، يريد: الأحمر. والعرب لا تهمز فاعلاً ولا مفاعلاً. والعرب تقول: الأمر فوق ما يوصف، إذا كان أكبر مما يوصف ودون ما يوصف. قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا}، يعني: فما دونها. والعرب تسمي أصحاب الماء القليل: الساملين. والسَّمَل: الماء القليل. الكسائي: العرب تقول: هذا باز حسن، وجمعه: بيزان، مثل: نار ونيران، وخال وخيلان. وهذا باز حسن وجمعه: بزاة، شبيه بقاض وقضاة، وغاز وغزاة. والعرب تقول: هذا رجل غاز، ورجل غزاء، إذا غزا كثيراً. وهم رجال غزو، يريد: غزواً بعد غزو. قال الله تعالى: {أَوْ كَانُوا غُزًّى}.

والعرب تسمي المجلس مقاماً، بفتح الميم. وقد قرئ: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ}، بفتح الميم، يريد: المجلس. وقرئ: {مُقَامٍ} بضم الميم، يريد: مقامة. والمقام والمقامة: الموضع الذي تقوم فيه. وفي القرآن: {يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا}. والمقامة: هي موضع الإقامة للمقيم فيه، والجمع: المقامات. وقال: يومان: يوم مقامات وأندية ... ويوم سير إلى الأعداء، تأويب والعرب تضيف الفعل إلى الآمر، وإن لم يتولاه بنفسه. يقولون: فلان ضربه السلطان، وإنما أمر بضربه غيره. وتقول: بنيت الدار، وإنما أمر فبناها غيره. قال الله، عز وجل: {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى}، فأضاف الفعل إلى نفسه، عز وجل، وإنما رمتهم الملائكة، عليهم السلام، بأمره جل جلاله. والعرب تقول: فلان يخلق ثوباً، أي: يقدِّره. قال الله تعالى: {وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً}، أي: تقدِّرون. وقال زهير: ولأنت تفري ما خلقت وبعـ ... ـض القوم يخلق ثم لا يفري تقول: فريت الشيء: إذا شققته، فكأنه قال: تقدّرُ ثم لا تشق. والعرب تقول: بعد زيد عمراً، أي: بعدُ زيد من عمرو. وبعدت حالك حالي؛ أي:

حالك من حالي. قال: تسيئين لياني وأنت ملية ... لقد بعدت في الوصف حالك حاليا أي: حالُك من حالي. والعرب ربما جاؤوا باسمين، فجعلوا اللفظ أحدهما. قال الله تعالى: {وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ}، ولم يقل: يرضوهما. فجعل اللفظ [على] أحدهما. ومثله: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ}، ولم يقل: ينفقوهما. ومثله: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْواً انفَضُّوا إِلَيْهَا}، ولم يقل: إليهما. ومثله كثير. وقال عمر بن ضابئ البرجمي: فمن يك أمسى بالمدينة رحله ... فإني وقيار بها لغريب ويروى: وإني وقيّاراً، بنصب الاسمين؛ فالرواية الأولى يريد: فإني لغريب بها وقيّار. والرواية الثانية، فإنه يأتي بخبر واحد، وهو حجة لمن قال: إن زيداً وعمراً قائم.

قال ذو الرمة: تلك الفتاة التي عُلِّقتها عرضاً ... إن الكريم وذو الإسلام يختلب أراد: إن الكريم يختلب وذو الإسلام. ويروى: "إن الكريم وذا الإسلام يختلب"، بنصب الاسمين، ويأتي بخبر واحد. وقال آخر: وإن دموعي إثره لكثيرة ... لو أن البكاء والزفير يريح ولم يقل: يريحان. وقال حسان بن ثابت: إن شرخ الشباب والشعر الأسـ ... ـود ما لم يعاص كان جنونا ولم يقل: ما لم يُعاصا. وقال آخر: إن الشباب والفراغ والجده ... مفسدة للمرء أي مفسده وقال الأنصاري الخزرجي: نحن بما عندنا، وأنت بما ... عندك راض، والرأي مختلف

وقال الأعشى: بناه سليمان بن داود حقبة ... له أزج صم وطي مزنق أراد: صم عقوده ومبانيه، فألقى ذلك وكفَّ خبره. والعرب قد تصف الجماعة بصفة المفرد وتجعل الصفة واحدة، وإن كان الاثنان جماعة. قال الله تعالى: {حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ}، والحدائق جمع، ولم يقل: ذوات بهجة. والعرب تستثني الشيء من الشيء الذي ليس هو منه. قال الله، عز وجل: {فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلاَّ رَبَّ الْعَالَمِينَ}، [فاستثنى رب العالمين] منهم، وليس هو منهم. وقال تعالى: {مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ}، والظن ليس من العلم. وقال النابغة: حلفت يميناً غير ذي مثنوية ... ولا علم إلا حسن ظن بغائب فاستثنى حسن الظن من العلم، وليس هو من العلم. والعرب تجعل أكثر الشيء بمعنى كل الشيء، يقولون: أرض بني فلان أكثر ما تنبت كذا، ولا تنبت غيره. وقوله، عز وجل: {يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ}. قال الحسن: فمعناه: كلهم كاذبون. والعرب ربما لم يجيئوا بالجواب إذا كان الكلام يدل على المعنى. قال الله،

عز وجل: {وأمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا}. أمر، ثم قال تعالى: {لا نَسْأَلُكَ رِزْقاً}، فلم يجئ جواب، ولو كان جواباً لقال: "لا نسألك رزقاً"، بتسكين اللام. ومثله: {وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ} الآية، ثم قال، عز وجل: {لِلَّهِ الأَمْرُ جَمِيعاً}، ولم يجئ بالخبر؛ لأن اللفظ دل على المعنى. والمعنى: لو كان قرآناً على ما تصفون؛ لكان هذا القرآن لا يكون غيره. ومثله: {وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ} الآية. [ومثله: {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً} الآية]. ومثله: {أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ}. ومثله: {أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنْتَ تُنقِذُ مَنْ فِي النَّارِ}؟ ومثله: {أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً}، ثم قال تعالى: {فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ}. ومثله: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} إلى {والبَادِ}. ومثله: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ اتَّقُوا مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}، ثم قال، عز وجل: {وَمَا تَاتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلاَّ كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ}. ومثل هذا كثير؛ وذلك أن القوم تكلموا بلغتهم وبما يعقلون. فجاز أن يبتدئ ثم

يدعه بغير خبر؛ لعلم المخاطب بما يريد المخاطب. قال امرؤ القيس: وجدك لو شيء أتانا رسوله ... سواك، ولكن لم نجد لك مدفعا كأنه قال: لو أتانا سواك لرددناه ولم نقض حاجته. وقال آخر: فلو مارسوه ساعة إن قرنه ... إذا خام أخدان الإماء يطيح كأنه قال: لعرفوه، فترك الخبر. وقال ربعي بن عبد مناف: حتى إذا أسلكوهم في قتائدة ... شلاً كما تطرد الجمالة الشردا وهو آخر القصيدة، فتركها بلا خبر. وقال آخر: حتى إذا بلغ العناء أنوفها ... ونفت بدرة صائك متفجر وليس بعد هذا البيت شيء. والصائك: الدم. وقال الأخطل:

خلا أن حياً من قريش تفضلوا ... على الناس أو أن المكارم نهشلا وهو آخر القصيدة فنصبه وكف عن خبره. والعرب تأمر بلفظ الاستفهام، تقول: هل أنتم ذاهبون؟ أي: اذهبوا. أو: هل أنت ساكت؟ أي: اسكت. قال الله تعالى: {فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ}؟ أي: انتهوا. وقد تجيء بلفظ الاستفهام وهو إيجاب ليس باستفهام في الحقيقة. قال الله تعالى: {يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلْ امْتَلاتِ}؟ تقول: قد امتلأت. وأما: {وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ} قال النحويون، أبو عمرو وقطرب ويونس: هذا على الإيجاب. والمعنى: هل في من زيادة؟ لا أنها تسأل الزيادة؛ لأن الله تعالى قال لها: {هَلْ امْتَلاتِ} حين امتلأت. وقال تعالى: {أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا}؟ جاءت على لفظ الاستفهام، والملائكة، عليهم السلام، لم تستفهم ربها، ولكن معناها الإيجاب، أي: إنك ستفعل. قال جرير لعبد الملك بن مروان: ألستم خير من ركب المطايا ... وأندى العالمين بطون راح فأوجب ولم يستفهم. ولو كان استفهاماً لم يكن مدحاً. وقوله: بطون راح، يريد: جمع راحة الكف. قال عبيد:

دان مسف فويق الأرض هيدبه ... يكاد يدفعه من قام بالراح [الراح]: جمع راحة، مثل ساع: جمع ساعة. والهيدب: السحاب الذي ينصب الماء منه كأنه بخيوط متصلة. والعرب تسمي النعمة إِمَّة. وقرئ: {على إِمّةٍ}، أي: نعمة. قال عدي: ثم بعد الفلاح ولارشد والإمـ ... ـمة، وارتهم هناك القبور

فصل في الكسر والعرب تخرج من آخر حرف من الكلمة حرفاً مثله، كما قالوا: رماد رمديد، ورجل رعشن، وهذا دخيل فلان ودخلله. وناس من أهل اليمن والشحر يكسرون كل فعيل من غير أن يكون فيه حرف من حروف الحلق، وهو قبيح. يقولون: كثير وكبير وشِهيد وسِعيد ورحيم. ويقرؤون: {وَمَا شَهِدْنَا إِلاَّ بِمَا عَلِمْنَا}. على تلك اللغة. ولغة تميم وسفلى مضر يكسرون فعيلاً في كل شيء كان ثانيه من حروف الحلق. يقولون: شهيد وبعير. ولغة أخرى شنعاء يكسرون كل فعيل فمنها: الضنين والنصيب. والنصب فيهما هو الصواب العالي. وبعض العرب يقول: ضحاها وبلاها وطحاها بالكسر، وهي لغة الذين يقولون: غزيت وعفيت، يردون الواو إلى الياء كما ردوا الألف إلى الياء. قالوا: أخطأت وأخطيت، وأسأت وأسيت، وقرأت وقريت، وتوضأت وتوضيت. وأمٌّ وإِمّ، وبكيَّا وبكيا، وقد قرئ بهما. وقد يردون فعالة إلى فعيلى، يقولون: خليفى، على بناء هجيري، يعني: الخلافة.

ومثله أحرف: رديدى من الرد، ودليلى من الدلالة، وخطيبى من الخِطبة، وحجيزى من حجزت، وهزيمى من الهزيمة، ونحو ذلك. وتقول: خطت الثوب وهو مخيط، وكان حده مخيوطاً، فليَّنوا الياء كما لينوها في خاط؛ فالتقى ساكنان: سكون الياء وسكون الواو، فألقوا الواو الساكنة، فقالوا: مخيط، ويقال: مخوط، بإلقاء الياء لالتقاء الساكنين. وكذلك يرد: مكيل ومكول. والإرمداء: الرماد. قال: لا يبق هذا الدهر من ثريائه ... غير أثافيه وغرمدئه الثرياء: الثرى. ومن العرب من لا ينون عند الألف واللام شيئاً، وهم حمير وغيرهم. وقرأ الحسن وابن سيرين: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، الله}، على هذه اللغة، كرهوا التنوين عند الألف واللام. قال يوسف النحوي: سمعت فصحاء العرب يقولون: اللهم صل على محمد النبي، لا ينونون؛ لاستثقال الألف واللام. ويقولون: صل على محمد عبدك ونبيك، نونوا، لأنه ليس مستقبله الألف واللام. [ومنهم] من يقول في: {فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ}: {فَادْعِ لَنَا رَبَّكَ}، بكسر العين، وهي قليلة. ومثله: اهجه، بكسر الجيم، يكسرون ما سقط منه الواو للجزم؛ وليس هو كثيراً.

والضم أفصح وأعلى؛ غير أن بعضهم ينشد [لبعض] بني أسد: قد طال ما سرت فيكم ولم ... تعف آثاري رياح ولا قطر بكسر الفاء، والأصل الضم. وقال آخر: اعل الطريق واجتنب أرماما ومن نوادر العرب: فداء، يقال بالرفع والنصب والجر. وأنشد للنابغة: فداء ما تُقِلُّ النعل مني ... إلى أعلى الذؤابة للهمام والعرب تقول: أرسل فلان الطائر من يده، إذا خلاه. وعلى ذلك فسر قوله، عز وجل: {أَلَمْ تَرَى أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزّاً}؟، بمعنى التخلية. قال الراجز: أرسل فيها مقرماً غير قفر ... طباً بإظهار المرابيع الشور [أرسل] يعني: خلاه. والمقرم من الإبل: الضخم. غير قفر: غير مهزول. والطب: الرفيق بالشيء. والمرابيع: الإبل التي تلقح في الربيع. ويقولون: لا ينبغي أن يكون كذا، أي: لا يكون له أن يفعل ذلك.

قال ابن أحمر: في رأس خلقاء من عنقاء مشرفة ... ما يبتغى دونها سهل ولا جبل على هذا المعنى. ورأس خلقاء يعني: الصخرة الملساء. وعنقاء: اسم جبل. والعرب تقول: أصبحت فقيهاً، وأمسيت شاعراً، أي: صرت كذلك، لا يريدون الصباح والمساء. وأصبحتم متعاونين، أي: صرتم؛ ألا ترى إلى قوله، عز وجل: {فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ}، ولم يكن قتالهم بالليل إنما كان بالنهار. والعرب تسمي كل شيء بين شيئين برزخاً، وجمعه برازخ. وتسمي السنة حجة، والسنن حججاً. قال الله تعالى: {عَلَى أَنْ تَاجُرَنِي ثَمَانِيَةَ حِجَجٍ}. ويقولون في الجارية: غلامة، وفي العجوز: شيخة وعجوزة. قال الأسدي: ومركضة صريحي أبوها ... يهان لها الغلامة والغلام وقال آخر: فلم أر عاما كان أكثر باكياً ... ووجه غلام يسترى وغلامه يسترى، أي: يختار. تقول: استريت الشيء، أي: اخترته. [وسراة الشيء: خياره، وكذلك تسريته، أي: اخترته].

قال الأعشى: وقد أخرج الكاعب المسترا ... ة من خدرها وأشيع القمارا وقال: وتضحك مني شيخة عبشمية ... كأن لم تري قبلي أسيراً يمانيا وقال: وقد زعم النسوان أني عجوزة ... مشنجة الأوداج، أو شارف خصي ويقولون: رجل ورجلة للمرأة، وهي لغة طيء. قال: خرقوا جيب فتاتهم ... ولم يبالوا سوأة الرجله ويقولون في هذا المعنى للمرأة: هي رجلة، أي: راجلة. وقال: فإن يك قولهم صادقاً ... فسيقت نسائي إليكم رجالا أي: رواجل. ويقولون: إنسان وإنسانة. قال: إنسانة تسقيك من أسنانها ... خمراً حلالاً مقلتاها عنبه

وقالوا: فرسة، فأدخلوا الهاء في هذه الأسماء لتحقيق التأنيث. والعرب تسمي الدين الخلق. قال الله تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} فسر: لعلى دين عظيم. وقيل عن عائشة أنها قالت: "ما أراد إلا خُلُقه" والله أعلم. وتسمي الوصف الخلق. قال الله تعالى: {إِنْ هَذَا إِلاَّ خَلْقُ الأَوَّلِينَ} أي: ما هذا إلا وصف الأولين وكذبهم. وقرأ حمزة والأعمش وأكثر قراء الكوفة: {إِنْ هَذَا إِلاَّ خُلُقُ الأَوَّلِينَ}، برفع الخاء واللام والقاف، أي: ما هذا الذي نحن عليه إلا دين الأولين. وتسمي أعناق النخل القصر. وقال النحويون: الدار والديار: المساكن والمنازل. وقال بعضهم: الدار: المنازل والمساكن، والديار: جمع الجمع. وقيل: إن القرية لا تسمى قرية إلا بالناس فيها. والبلد يسمونها بلداً، وإن لم يكن فيها أحد. والعرب ربما جاؤوا بلفظ المجازاة ولم يجازوا بالجواب. وكذلك الأمر. قال الله تعالى: {إِنْ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ فَانفُذُوا}: ثم قال تعالى: {لا تَنفُذُونَ إِلاَّ بِسُلْطَانٍ}. والعرب: تقول: أزيد أذن لك بكذا؟ أي: أمرك بهذا. قال الله تعالى: {أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ}. والعرب تقول للمذنب عند التهدد والوعيد: عُد مرة أخرى لترى ما تصير إليه. وهم لا يريدون أن يعود.

وكذلك يقولون للرجل: لا أبقى الله عليك إن أبقيت. واجهد جهدك، ولا يريدون أن يبلغ جهده. قال الله تعالى: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ} و {فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ}. و {وَقُلْ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ} الآية. و {قُلْ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ} إلى {إِنَّا مُنتَظِرُونَ}. هذا، وما أشبهه، تهدد وزجر. وقال عبيد بن الأبرص: حتى سقيناهم بكأس مرة ... فيها المثمَّل ناقعاً فليشربوا يريد: التهدد. وقال أبو النجم: هي الملازيم فموتي أودعي لا تطمعي في فرقتي لا تطمعي فقال: موتي، وهو لا يريد ذلك، وإنما أراد التهدد. والعرب تقول للرجل تهدده: سأتفرغ لك وللنظر في أمرك، وليس القائل لذلك مشغولاً، والمعنى فيه التهدد، يريد: سأجد في أمرك والنظر فيه. قال الله تعالى: {سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلانِ}. قيل: المعنى في ذلك التهدد لهم،

أي: سنفرغ لكم مما وعدناكم من الثواب وأوعدناكم من العقاب. تقول العرب: أتفرَّغ وأفرغ. وقرأ جماعة: سيفرغ، أي: سيفرغ الله لكم؛ واحتجوا بقوله تعالى: {كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَانٍ}. قال أبو عبيدة: سنفرغ لكم: سنحاسبكم؛ لم يشغله شيء تبارك وتعالى. وقال ابن قتيبة: سنقصد لكم. وقال ابن عباس: سنفرغ لكم: من محاسبتكم يوم القيامة؛ إن الله لا يشغله شيءٌ عن شيءٍ من خلقه. وقال الحسن: سنفرغ لكم يوم القيامة مما وعدناكم في الدنيا أنا صانعوه لكم من ثوابكم بأعمالكم غير ظالميكم شيئاً ولا مقصرين عن شيء من ذلك. والعرب تقول: استعمرته في كذا، أي: استعملته. قال الله، عز وجل: {وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا}. والعرب تقول لكل من نزل به الهم: هو ابن هم، وأخو هم، إذا لحقه ذلك. قال الحارث بن حلزة اليشكري: أتلهى بها الهواجر إذ كـ ... ـل ابن هم بلية عمياء أتلهى بها، معناه: بالناقة، أي: أركبها وأتعلل بسرعتها في تلك الساعة، يريد: في شدة الحر، ولا أجد، مع ما أنا فيه، شدة من الحر علي. والهواجر: انتصاف النهار، واحدتها هاجرة. وسميت الهاجرة هاجرة لبعدها من وقت البرد وطيب الهواء؛ ومن قولهم: هجرت الرجل، إذا ابتعدت منه.

قال المجنون: لقد عشت من ليلى زماناً أحبها ... أخا الموت إذ بعض المحبين يكذب معناه: أجد همّا يكسب الموت. وقال ابن الطثرية: حلفت لها أن قد وجدت من الهوى ... أخا الموت لا بدعاً ولا متأشبا المتأشب: الجامع للشيء من ها هنا وها هنا. والبلية من قول الحارث مفسرة في حرف الباء من هذا الكتاب، بعد هذا إن شاء الله. والعرب تقول: هؤلاء [لا] كذا ولا كذا، بين ذلك. قال الله تعالى: {لا فَارِضٌ وَلا بِكْرٌ} فالمعنى: بين هذين الأمرين في الصغر جداً والمسنة جداً. والعرب تسمي السيد العظيم من الرجال عيراً. قال الأعشى: قد نطعن العير في مكنون فائله ... وقد يشيط على أرماحنا البطل أراد: قد نطعن السيد. وفائله يعني: عرقاً في الفخذ، عليه أكثر لحم الفخذ، وهو

النسا في الساق. ومكنونه: الدم الذي فيه، يعني: إنا بصراء بالطعن، نضع أرماحنا حيث نشاء. ويشيط، أي: يهلك. يقول: إنا لعزتنا ومنعتنا لا يثأر أحد منا بدم، فهو يذهب باطلاً. وتشيط الدم، إذا غلا بصاحبه. يقال: شاط دمه، وأشاط دمه فلان، وأشاط بدمه. واستشاط فلان غضباً، يعني: الامتلاء من الغضب. قال: أشاط دماء المستشيطين كلهم ... وغل رؤوس القوم فيهم وسلسلوا والعرب لا تكاد تقول الخطب إلا في الأمر الجليل. قال الله تعالى، حكاية عن إبراهيم عليه السلام: {قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ}، أي: الأمر الجليل الذي جئتم به. وخاطبهم بذلك لما أخبروه بخبر عن الله، عز وجل، عَلِم أنهم مرسلون، فقال: فما خطبكم. وخاطبهم بالمرسلين، صلى الله عليهم أجمعين. قال الفراء: أهل الحجاز يقولون: مشى إلى البيت حافياً رجلا، بمعنى: راجلاً. ويقال رجل رجلان، أي: راجل. ويقال: رجل رجلاً وهو رَجْلان، وأنشد: علي، إذا عاينت ليلى بخلوة ... أن أزدار بيت الله رجلان حافيا وقال الله، عز وجل: {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَاناً}. أي: فرجالة.

قال الأخطل: وبنوا غدانة شاخص أبصارهم ... يمشون تحت بطونهن رجالا لأنهم مسنودون وأبصارهم شاخصة إلى من يقودهم. وتحت بطونهن، يعني الخيل. ويقال: رجل، أي راجل، وإنما قيل للسيد من الرجال عير؛ لأنه شُبِّه بالحمار في الصيد إذ كان أجل ما يصاد. من ذلك الحديث: أن أبا سفيان استأذن على النبي، صلى الله عليه، فحجبه ثم أذن له، فقال: ما كدت تأذن لي حتى تأذن لحجارة الجلهتين. فقال عليه السلام: "يا أبا سفيان، أنت كما قال القائل: كل الصيد في جوف الفرا". يعني بالفرا: الحمار الوحشي، أي: أنت في الناس كحمار الوحش في الصيد، أراد أنها كلها دونه. والفرا: الحمار، يهمز ولا يُهمزُ. قال أبو عبيدة: العرب تترك همز ثلاثة أحرف أصلها الهمز: النبي وهو مِنْ: أنبأ عن الله، عز وجل. والجابية وهي: جبأت. والذرية وهي مِنْ: ذرأ الله الخلق. وبعضهم يهمز النبي ويخرجه على أصله. والعرب تستغني بعدد الأسماء عن عدد الأفعال إذا بدأت بالأفعال قبل الأسماء. وعلة أخرى أن الفعل إذا كان مبتدأ به، يكون فارغاً، فلما كان فارغاً لا ضمير فيه، لم يثنَّ ولم يجمع. نقول: قام الزيدان، وقام الزيّدون.

قال الله، عز وجل: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ}، فجمع الفعل في حال التأخير. وقال تعالى في حال التقديم: {وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ}، فأفرد الفعل في حال التقديم. وبعض العرب، وهو سليم وبنو تميم وبنو قُشير ومن جاورهم من أهل الحجاز، يجمعون الفعل في حال تقدمه. يقولون: قاموا الزيدون. وذلك على السؤال والتفسير في قول البصريين، وعلى كلامين في قول الكوفيين؛ كأنهم لما قالوا: قاموا، قيل: مَنْ؟ قالوا: الزَّيدون. قال الله، عز وجل: {ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ}. وقال تعالى: {وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا} وقال، عز وجل: {لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ} فجمع الفعل في حال تقدمه، على السؤال والتفسير؛ كأنه لما قال: {ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا} قيل: من؟ قال: {كثيرٌ مِنْهُم}. وكذلك ما هو مثله.

قال: ولكن ديافي أبوه وأمه ... بحوران يعصرن السليط أقاربه فقال: يعصرن، فجمع الفعل في حال تقدمه على السؤال والتفسير. وقال آخر: يا أوْسُ، لو نالتك أرماحنا ... كنت كمن تهوي به الهاويه ألفيتا عيناك عند اللقا ... أولى فأولى لك ذا واقيه فقال: ألفيتا عيناك، فثنّى الفعل في حال تقدمه على السؤال والتفسير. [ويروى: "ألفيتا عيناك عند القفا"]. قال الفرزدق: رأين الغواني الشيب لاح بمفرقي ... فأعرضن عني بالوجوه النواضر فقال: رأين، فجمع الفعل في حال تقدمه، على تلك اللغة. قال الراجز: قُلن بنات العم: يا سلمى وإن كان فقيراً معدماً؟ قالت: وإن

فجمع الفعل في حال تقدمه، وهو كثير لا يحصى. والعرب تقدم ما هو أهم لها، وهم ببيانه أغنى، وإن كانا جميعاً ليهمانهم ويعنياهم. قال الله تعالى في تقديم المفعول قبل الفاعل: {وَإِذْ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ}؛ فالمفعول مقدَّم قبل الفاعل. وقال، عز وجل: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ}. وقال تعالى: {فَلَمَّا جَاءَ آلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ}. وقال، عز وجل: {وَتَغْشَى وُجُوهَهُمْ النَّارُ}. ويقولون: قتل أرضاً عالمها، وقتلت أرض جاهلها. ويقولون: حسبانك على الله، وهو جميع الحساب. ويقولون: قاسمت فلاناً، أي: أقسمت له. ونصحت ونصحته، وأبيعك هذا، أي: أبيع منك. قال: أبعتكه، إن كنت تبغي ابتياعه ... ولم تك مزاحاً، بعشرين درهماً وتقول: سمعتك، أي: سمعت منك. قال الله تعالى: {إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ}، أي: اسمعوا مني. وقال تعالى:

{هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ}، أي: يسمعون منكم. والعرب، إذا أرادوا أن يثنُّوا شيئين هما خلقة في نفس الشيء، نحو القلب واليد، قالوا: قلوبهما وأيديهما، ونحو ذلك في الأشياء كلها. قال الله تعالى: {فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [وقال]: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا}. وقيل: إنما فعلوا بما في البدن واحد؛ فجعلوا تثنيته جمعاً؛ لأن أكثر ما في البدن شيئان، فإذا أرادوا تثنية الواحد حملوه على الأكثر، وإذا أرادوا أن يثنوا ما في البدن اثنان منه قالوا: قطعت يدي الزيدين ورجلي العمرين. وإنما قالوا في قوله تعالى: {فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} الآية: أراد الأيمان، ولا يجوز أن يكون أراد يداً من هذا ويداً من هذا؛ وبذلك جرى الحكم عند الفقهاء. وقد يجوز تثنية ما في البدن واحد. قال الفرزدق: بما في فؤادينا من الهم والجوى ... فيجبر منهاض الفؤاد المسقف [ويروى: المشغف]. وإنما كان وجهه: بما في أفئدتنا؛ لأن الفؤاد من الإنسان واحد.

قال: هما نفثا في فيَّ من فمويهما ... من النابح العاوي أشد رجام قال أبو ذؤيب: فتخالسا نفسيهما بنوافذ ... كنوافذ العبط التي لا ترقع وروي: العطب. قوله: "فتخالسا" معناه: أن أحدهما: يخلس من الآخر طعنة. ويقال: تختلس نفسه. والنوافذ: جمع نافذة، وهي الطعنة التي تنفذ. [والعُبُط: قتب البعير، والله أعلم]. والعُبُط: شق الجلد الصحيح ونحر البعير الصحيح من غير مرض. وله تمام شرح في حرف العين من هذا الكتاب إن شاء الله. والعُطُب: جمع عطبة، وهي القطنة. والمعنى: كنوافذ الثياب؛ أي: نفذت الطعنة في جلودهم ولحومهم كما تنفذ في الثياب. وتقول: عيناك حسنتان، ويجوز: عيناك حسنة، وكذلك: عينك حسنة. وكذلك: عيناك نظرتا، وعينك نظرتا، وعيناك نظرت؛ لأن إحدى العينين إذا نظرت، فقد نظرت العين الأخرى. وهما عند العرب بمنزلة شيء واحد. قال الفرزدق: فلو رضيت يداي بها وضنَّت ... لكان علي للقدر اختيار ويروى: "للقدر الخيار". فقال: يداي. ثم قال: وضنَّت؛ لأن عمل إحدى اليدين بمنزلة عملهما.

وقال امرؤ القيس: وعين لها حدرة بدرة ... شُقَّت مآقيهما من أخر فقال: عين. ثم قال: مآقيهما؛ لأن نظر إحدى العينين بمنزلة نظرهما جميعاً، ولو أحد الجمع لجاز؛ لأنه يرى بكل واحد من المذكورين. قال: كلوا في نصف بطنكم تعيشوا ... فإن زمانكم زمن خميص وقال آخر: الواردون، وتيمٌ في ذرى سبأ ... قد عض أعناقهم جلد الجواميس مسألة فإن قال قائل: قد زعمت أن ما في البدن منه شيئان تثنيته مخالفة لجميعه، فما معنى قوله، عز وجل: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا}؟ قيل له: إنما أراد يميناً من هذا ويميناً من هذا، فجمع في موضع التثنية؛ لأنه بمنزلة الرأس والقلب، فافهم إن شاء الله. وتقول: ضربت رأس زيد، وأرؤس الزيدين، وأرؤس الزيدين. وتقول: ما أحسن رؤوسهما، وهو الأجود. وقد قالوا: ما أحسن رأسيهما.

قال الشاعر: ظهراهما مثل ظهور الترسين فجاء باللغتين في بيت واحد، يريد ظهورهما. والعرب تقول: قد استعان الرجل: إذا حلق عانته. كذلك: قد استحل. وزعموا أن بشير بن عمرو بن مزيد حين قتله الأسدي قال له: أخر علي سراويلي، فإني لم أستعن، أي: لم أحلق عانتي. والعرب تتكلم بالأفعال المستقبلة، ولا يتكلمون بالماضي منها؛ فمن ذلك قولهم: عم صباحاً. ولا يقولون: وعم صباحاً. ويقولون: ذر ذا ودعه، ولا يقولون: وذرته ولا ودعته. ويقولون: عسيت أن أفعل ذلك، ولا يقولون: أعسي، في المستقبل، ولا عاس في دائم. والعرب تُدخل الفاء في خبر الابتداء، إذا كان الخبر من سبب الاسم. قال الله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} و: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا} فأدخل الفاء فيهما. والعرب قد تضيف الشيء إلى نعته، نحو قولهم: صلاة الظهر، وحب الحصيد. وقال، عز وجل: {وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ}. ولم يقل: الدين القيمة، والعلة ما ذكرناه. وقال آخرون: إنما التقدير: وذلك دين ملة القيِّمة، وذلك دين الحنيفية

القيمة؛ فحذف المضاف إليه، وأقام المضاف مقامه؛ كما قال تعالى {وَاسْأَلْ الْقَرْيَةَ}، أي: سل أهلها. قال الشاعر: أتمدح فقعساً وتذم عبساً؟ ... ألا لله أمك من هجين ولو أقوت عليك ديار عبس ... عرفت الدار عرفان اليقين فأضاف عرفاناً إلى اليقين، وهو أراد: عرفاناً بعينه يقيناً. والعرب تسمي ظاهر الرجل نهاره، ومكنونه ليله. قال الأعشى: نهار شراحيل بن عمرو يرييني ... وليل أبي عمرو أمر وأعلق والعرب تقول: دين قييم وقيماً بكسر القاف والياء، وبتخفيفهما، وهما لغتان. وقال بعضهم: قيماً بالكسر: جماعة، وقيماً: واحد. والعرب تقول: رنوت، أي: طربت، كلمة سائرة في أفواههم. والعرب تسمي الذين يدخلون في قوم ليس منهم: أشابات القوم. وهو فارسي أعربته العرب من قولهم: وقعوا في أشوب، أي: اختلاط. قال: تعدو غواة على جيرانكم سفهاً ... وأنتم لا أشابات ولا ضرع

والعرب تسمي الأربعة إستاراً. قال جرير: إن الفرزدق والبعيث وأمه ... وأبا البعيث لشر ما إستار والعرب تنزل الشجعان مراتب. والاسم العام: شجاع، ثم بطل، ثم بهمة، ثم أليس. هذا قول أبي عبيدة. ويقال: قوم شجعاء، وشجعة، وشجعة، على تقدير: غلمة وصحبة. ورجل شجيع، أي: شجاع. ومنه: عجيب وعجاب. ورجل بين الشجاعة والشُّجعة، مثل: حسن الصحابة والصُّحبة. ثم يقولون للجماعة: صحبة على هذا المعنى. وامرأة شجاعة، ونسوة شجاعات. قال الحصين: من الصبح حتى تغرب الشمس، لا ترى ... من الخيل إلا خارجياً مسوماً ويروى: من القوم، والخارجي: يخرج ويشرف بنفسه، من غير أن يكون له قديم. قال أبو عمرو: قلت لأبي العباس: كيف سموا السيد سنوراً؟ قال: لأن عظم حلق الفرس يقال له السنور، وهو أعز موضع في الفرس؛ لأنه مستقر رأسه. والسيد: الرئيس، والرئيس: الشاة التي عقر رأسها. والشاة: الثور. والثور: ظهور الحصبة. والحصبة: صغار الجمر. والجمرة: الفحمة. ولفحمة: القسورة. والقسورة: ظلمة الليل. والعرب تسمي الرجل جَمَلاً، ولا يسمونه بعيراً، ولا يسمون المرأة ناقة. ويسمون

الرجل ثوراً. ولا يسمون المرأة بقرة، ويسمون الرجل حماراً، ولا يسمون المرأة أتانا. ويسمون المرأة نعجة، ولا يسمونها شاة. ولا يجعلون شاة اسماً مقطوعاً، ولا يجعلونه علامة، مثل: زيد وعمرو. ويسمون المرأة عنزاً، ويسمون الناقة بعيراً. قال: لا نشتكي لبن البعير وعندنا ... لبن الزجاجة واكف المعصار قال هشام: العرب تقول: اسقني لبن بعيرك، يريدون: لبن ناقتك. وقال الأصمعي: البعير يكون مذكراً ومؤنثاً، وهو بمنزلة الإنسان، تقول: هذا بعير، إذا عنيت جملاً، وهذه بعيرة، إذا عنيت ناقة. قال: وسمعت أعرابياً يقول: صرعتني بعير لي. يقال: أباعر، للجمع، وجمع الجمع: بُعران وبِعْران بالضم والكسر. قال بعض لصوص العرب: وإني لأستحيي من الله أن أرى ... أطوف بحبل ليس فيه بعير وأن أسأل المرء اللئيم بعيره ... وبُعران ربي في الفلاة كثير وروي عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أنه سمى النخلة عمة لنا، فقال عليه السلام: "نِعمت العمة لكم النخلة، خُلِقَتْ من فضلة طينة آدم، عليه السلام".

وهذا كلام صحيح المعنى لا يعيبه إلا من لا يعرف مجاز الكلام. والعرب تقول: خاتِمْ وخاتَم وخاتام وخَيْتام. وقال اللحياني: لعل أبا عبيدة أن يلينا ... أيوعِدنا بخيتام الأمير؟ وقال آخر: يا خل ذات الجورب المنشق ... أخذت خاتامي بغير حق وحكى اللحياني: فلان خاتِمُ القوم وخاتمتهم. والعرب تقول: سمنٌ وسمَن، لغتان. قال الراجز: بتنا بحسان ومعزاه تئط ... في سمن منها كثير وأقط والعرب تقول: رجل حذِر وحَذْرٌ، وعَجِلٌ وعَجْلٌ، وفطن وفطْن، ونكِرٌ ونكْرٌ، ولحمٌ ولحَم، تخفف وتثقل. وبُخلٌ وبخَل وبَخْلٌ وبخِلٌ، أربع لغات. ورجل لحيم: كثير اللحم. ويقال: لحم لحامة، ورجل لحمٌ: أكول للحم. وبيت لحم: يكثر اللحم فيه. ويقال للرجل: أملحت وملَّحت يا فلان، في اللغتين، أي: جئت بكلمة مليحة. وأكثرت ملح القِدر. والمُلحة: الكلمة المليحة. والملاحة: منبت اللحم. ويقولون: رجل ورَجْلٌ، وقصُرٌ وقصْرٌ. وقد عَلْم، يريدون: عَلِمَ؛ يسكنون الثاني

إذا [كان] مضموماً أو مكسوراً؛ لأنهم يستثقلون الضمة والكسرة فيحذفونها، ولا يستثقلون الفتحة لأنها أخف الحركات؛ ألا ترى أنه ليس أحد يقول في جبل: جَبْل، فيسكن؟ ويقولون: شُرْبَ، يريدون: شُرِبَ. قال: فإن النبيذ الصرد إن شُرْبَ وحده ... على غير شيء أوجع الكبد جوعها الصرد: القليل. والتصريد في السقي دون الري. والمُصرّد: المقلل. صرَّدَ له عطاءه، إذا أعطاه قليلاً. ويقال: كبِدٌ وكَبْدٌ وكِبْدٌ. وقال ابن الدمينة: ولي كبدٌ مقروحة من يبيعني ... بها كبداً ليست بذات قروح وقال عروة: فويلي على عفراء ويلاً كأنه ... على الكبد والأحشاء حدُّ سنان وكذلك يقال: كَلِمَة، وكلْمَة، وكِلْمَة. وفخِذٌ، وفَخْذٌ، وفِخْذٌ. ويقولون: رُجم، يريدون: رُجِمَ. قال الشاعر: رُجْمَ به الشيطان من هوائه

والعرب ربما سموا الشيء بفعل غيره وسموا الفاعل بمكان فعله. قال: نحن سبقنا الحلبات الأربعا ... الربع والقرح في شوط معا الشوط: الطلق، الواحدُ، فسمى الخيلَ حلبةً، والحلبةُ: موضعُ الجزاء والاستباق. ويقولون للرجلِ: غُزاة، وهم يغزون، والنساء يغزون، والنساء غُزاة، وهن يغزون ويدعون. وكل جمع للمذكر والمؤنث انضم ما قبلَ مُعتلِّ فِعله، وهي الواو، فهذه قياسه. قال ابن السُّليماني: لو أن صدور الأمر يبدون للفتى ... كأعجازه لم تلقه يتندمُ والعربُ تحملُ كثيراً من النعتِ على أفعلي كأنه نسبة. قال أبو دؤاد: ولقد اغتدى يُدافع ركضي ... أجولي [ذو] ميعةٍ إضريجُ أجولي، أي جوال. وذو ميعةٍ، أي سريع العرقِ، وهو مدحٌ في الفرس وكذلك الهِضَبُّ: هو كثير العرق. قال طرفة:

من يعابيب ذكور وُقح ... وهضباتٍ إذا ابتل العُذُر وُقَّحٌ: صلابٌ. ويروى: وهضابات. والصلُودُ من الخيلِ: الذي لا يعرقُ، وهو ذم فيهن. والعربُ تقول للرامي إذا أصاب: مرحى، فإذا أخطأ قالوا: أيحي. ويقال أيضاً رمى فأصاب في الأول فإذا ثَنَّى فأصاب قيل أيحي. وقال أمية بن أبي عائذ الهذلي: يُصيبُ الفريصَ وحقاً يقُو ... لُ مرحى وأيْحى إذا ما يُوالي والعَرَبُ تقولُ: /1/ 264/ للرجل الكذابِ: مِطخْ مِطخْ، أي باطلٌ باطلٌ قولك. والعربُ تقول: اللسانُ والسيفُ هما خليلا الرجل. وتقول في المثل: "الصِّلِّيَانُ خُبزَةُ الإبل" وهو نبتٌ. والعربُ تقولُ: لا رُغْبى لي في هذا الأمر، أي لا رغبة، وعلى الله تُكلاني، أي توكُلي. وهذه واوٌ قُلبت تاء. قال يعقوبُ بن السكيت: "بيوتُ العرب ستة: قبةُ من أدمٍ، ومظلةٌ من شعر، وخباءٌ من صوفٍ، وبجادٌ من وبرٍ، وخيمةٌ من شجرً، وأُقنةً من حجرٍ" وقال غيره: "قُبةٌ من مدرٍ، وبيتٌ من

وبر، وطرافُ من أدمٍ" والنؤيُ: لالحفرُ الذي يحفرُ حول الخيام. والعربُ تقولُ: هزمتُ عليك، أي عطفتُ عليكَ، وقال: هزمتُ عليك [اليوم] يا أم مالكٍ ... فجودي علينا بالودادِ وأنعمي والاهتزامُ: الذبحُ. تقولُ العربُ: اهتزموا شاتكم قبل أن تهزلَ فتهلك، قال الراجز: إني لأخشى ويحكم أن تُحرموا ... فاهتزموها قبل أن تندموا والعربُ تُقسمُ ما يقعُ في التفسير على خمسة أقسام فتقول لما يدعو إلى الخير: إلهامٌ، ولما يدعو إلى الشر: وسواسٌ، ولما يدعو بعدُ خيراً: أملٌ، ولما يوقعُ خوفاً: إيجاسٌ، ولما كان خالياً من هذه الأشياء كتوهم: الإنسان قدامٌ، أو حدوث شيء مما لا يضره ولا ينفعه: وهمٌ، وهاجسٌ، وخاطرٌ، وظن. والعرب تقول في الشيء تقديرا: هذا شَهْرٌ، أي مقدار شهر. قال الله - تعالى- {رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيّاً}

قال ابن عباس: مقدار بُكرة وعشيةً، مقدار البُكرة في الدنيا والعشية، وليس الجنة ليل فكيف فيها غدو وعشي. ومثله قوله تعالى في ذكر الريح {غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ}، أي مقدار شهر. وقال الأبيرد: فحياك عنا الليل والصبح إذ غدا ... وهوج من الأرواح غدوتها شهر مسألة إن سأل سائلٌ: لأي شيء وحَّدَ السمع في جميع القرآن 1/ 265 وجُمع غيره مثل القلوب، والأبصار والأفئدة، والجلود، وشِبْهه؟ فيقال: لأن السمعُ يكونُ بمعنى المصدر في قول الفراء نحو قولك: سمعتُ سمعاً، وفي قول سيبويه، لإحاطته بالأماكن الأربعة، ولأنه لا يحتاج إلى تكلف ولا تحرك، وذلك أن الإنسان يسمعُ ما بين يديه وما خلفه وما عن يمينه، وما عن شماله بغير تكلف لا تحرك. والبصرُ يحتاجُ أن يتحرك يميناً وشمالاً ووراء، إنما يُبصرُ ما بين يديه فقط، فجعلَ كل واحدٍ من هذه التحويلات شيئاً فجُمع لهذا المعنى، ووُجِّدَ السمعُ لما ذكرناه. وقول الله - عز وجل- {خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ}، وهو يريد

أسماعهم. وقال الزجاج: "فيه ثلاثةُ أوجه. منها: أالسمعَ في معنى المصدر فوحد، كما تقولُ: يعجبني حديثُكم وضربكم، فوحد لأنه مصدر. ويجوز أن يكون المعنى: على مواضع سمعهم، وحُذفت المواضعُ ودلَّ السمعُ عليها كما تقول: أصحابك عدلٌ، أي أصحاب ذوو عدلٍ. ويجوز أن يكون لما أضاف السمع إليهم دل على معنى أسماعهم. قال الشاعر: بها جيفُ الحسرى فأما عظامها ... فبيضٌ وأما جلدها فصليبُ الحسرى: المُعْيِيَة. والصليبُ: اليابسُ الذي لم يُدبغْ. والعربُ تقول: حيا الله فَيْهَلَتَك، أي وجهك. والعرب تقول: هذه زوجُ فلانٍ، وفي القرآن {أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ} و {قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ}. وهذه لغةُ أهل الحجاز. وأما أهل العراق فيقولون: زوجة الرجُلِ، وقال: فإن الذي يمشي يُحرشُ زوجتي ... كماشٍ إلى أُسدِ الشرَى يستبيلُها

ويروى: يستثيرها. فمن قال: زوجة جمع زوجات. وقال: يا صاح بلغ ذوي الزوجات كلهم ... أن ليس وصلٌ إذا انحلت عُرى الذَّنَبِ وإنما نزل القرآنُ بلغة أهل الحجاز، وقول العراق جائز 1/ 266 والعربُ تصلُ الكافَ في الخطاب، والهاء في الأخبار، والنون والياء التي للنفسِ، فتقول: إنك أنتَ قائمٌ، ومررت بك أنت، وكيف أنتَ، وكذلك إنه هو قائمٌ، ومررت به هو يا هذا، وإني أنا ذاهبٌ، ومررت به أنا. مسألة فإن قيلَ: قد نجدُ الكاف والهاء والنون والياء في موضع نصبِ وخفضٍ، فلأي شيء وُصلت بهذه الحروف التي هي رفعٌ؟ فقل: لأن الكاف والهاء والنون والياء ضعافٌ فوُصلت بهذه الأشياء لقوتها وتكون على مذهب التوكيد، والعربُ تزيد في اسم جبريل وميكائيل ياء بعد الهمزة كقول جرير: عبدوا الصليب وكذبوا بمحمدٍ ... وبجبرئيل وكذبوا ميكالا وبعض يقول: جبرئلُ وميكال مخفف. وبعضٌ يزيدُ ألفاً أخرى [جبرائيل]. وبعض يقول: جبريلُ - بفتح الجيم وإٍقاط الهمزة، وبعضٌ يقولُ:

جبرئِلُّ وميكألٌّ - بقصر الهمزة وتشديد اللام -. وبعضٌ يقول: وجبرالُّ وميكالُّ يزيد ألفاً أخرى. "وبعض يقول: جبريل - بفتح الجيم وإسقاط الهمزة". ويقالُ: هذا خطأ، وليس في الكلام فَعْليل وهذا اسمٌ أعجمي. وقيل ليعقوب - عليه السلام - إسرائيل لشدته وقُوته وبطشه. ويقال: إن ملكاً دعا له فقال: إسْرا إِل، المعنى شدد الله، أي زِده شدةً بالله فجُمعت الكلمتان كلمة فقالوا: إسرائيل. وهذا كما قالوا: أيشِ يقول؟ المعنى: أي! ُ شيء يقول؟؟ وحكى الكسائي عن العرب: ما شرُّ اللبن للمريض؟ وهذا قيل على ترك الهمز. ومن قال: أشرك قال: ما أشرك! ولم يُحك ما خير اللبن للمريض؟ فلو حُكى هذا لكان على ترك الهمز كما قال: هو خير منك. والعربُ تُخبرُ عما يكونُ بلفظ ما قد كان. قال الله - تعالى {فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثّاً} يعني تكون. و {أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ} أي سيأتي قريباً. و {فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ} يعني نسوقه إليه. وقول إبراهيم - عليه السلام- {إِنِّي سَقِيمٌ} أي سأسقم و {إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ} أي سأذهبُ. قال:

وإني لآتيكم لأشكو ما مضى ... من الأمر واستنجاز ما كان في غد وقال ابن خذَّاق: قد رجلوني وما رُجلتُ من شعثٍ ... وألبسوني ثياباً غير أخلاق ورفعوني وقالوا: أيُّما رجُلٍ ... وأدرجوني كأني طي مخراقِ قال هذه المقالة، وهو حي بَعْدُ، يعني بذلك أنه سيصل إلى هذه الأشياء التي ذكرها لا محالة. وقال آخر: شاب الغُرابُ وليس قلبك تاركاً ... ذكر الغضوب ولا عتابُك معتبَا يعني: يشيبُ الغُرابُ. وقال عز وجل- {وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً} يعني: ويجازيهم بذلك غداً، وهو كثيرٌ في القرآن والأشعار. وقد يُحكى عنهم أيضاً يكونُ بمعنى كان. منه قوله - عز وجل- {ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} يعني فكان. وإنما جاز هذا، لأن العرب تُسمى الشيء بما يؤولُ إليه

في العادة والعُرف. والغالبُ عندها يجوز إطلاق ما يكون بلفظ ما كان ومضى إذا غلب على ظنها كونه. وهذا أكثر من أن يُحصى عنهم. والعربُ قد تكتفي في الشيء ببعض أوصافه فلا يكونُ في ذلك دليل على أنه ليس فيه غير ذلك، وإنما تفعله اكتفاء بذكر بعض ما فيه لعلمها بما يُراد به كقولهم: فلانٌ يبيع الخز، فلا يكون في ذلك دليل على أنه لا يبيعُ غيرهُ من الثياب، فيقالُ: فلان بائع الخز يبيع كذا، فلا يكونُ في بعضه ما ينقضُ بعضاً لأنهم يعنون:" هذا من بيعه وهذا من بيعه. وأنشد الأصمعي وغيره في صفة رجل: جلا الطبيب والجمام والبيض كالدمي ... وفرق العذارى رأسه فهو أنزعُ أراد طول معالجته هذه الأشياء أصلعتْهُ ولم يكن في ذلك دليل على أنه لم يُعالج غيرها 1/ 267 من مأكلٍ ومشربٍ وعللٍ وأشباه ذلك. وهذا كثيرٌ يقعُ في كلامهم. والعربُ تقولُ: اذكر المعنى الذي أتيتُك فيه وأتيتُكَه، وأنشد: يا رُبَّ يومٍ قد تنزاه حوْل ... ألفيتني ذا عينٍ وطول تنزي: تثب، وأرادَ حولي فحذف الياء. والعينُ: الاعتراض في الأمور. والطولُ: الزيادةُ والفضلُ، أراد تنزي فيه. وأنشد الفراء:

قد صبحت بصبحها الغلامُ ... بكبدٍ خالطها سنامُ في ساعة يحبها الطعامُ أي يحب فيها. والعربُ تجعلُ الصُّفْرَةَ سواداً. قال النابغة: تلك خيلي منه وتلك ركابي ... هُنَّ صفرٌ أولادُها كالزبيب وقال آخر: وصفراء ليس بمصفرةٍ ... ولكن سوداء مثل الحُمم ويقالُ في الألوان: أصفرُ فاقعٌ، وأحمرُ قانيء، وأخضرُ ناضرٌ وأغبرُ أقتمُ وقاتم، وأسودُ غربيب. والغربيب: الشديد السواد. وحالِكٌ وحلكوك، ومُسْحَنْكِك، وفاحمٌ، وحُلْبُوبٌ، ويحموم، وديجور، وحانك. وقال الشاعر: بين الرجال تفاوتٌ وتفاضلٌ ... ليس البياضُ كحالك غربيبِ وأبيض يَقَق وَلَهق. كُل هذا إذا كان شديداً لونه. قال رؤبة: افترشت أبيض كالثوب اللهق وقال اللحياني: يقال: في الألوان كلها: ناصع، وخالص، وفاقع ولم يقله

غيره، والأول المعمولُ به. والفُقوعُ لا يوصف به من الألوان إلا الصفرة. قال الفراء: الصفرُ من الإبل: سودها. ألا ترى الأسود من الإبل إلا وهو مُشْرَبٌ صُفْرَة، فلذلك سمت العربُ سود الإبل صُفْرَها كما سموا أبيض الظباء أدماً لما يعلو بياضها من الظلمة. والعربُ يسقطون المضاف من الاسم استغناء بالاسم عنه، وذلك في الأسماء المشهورة فيقولون: إنما السخاء حاتم، وإنما الشعر زهير. يريدون سخاء حاتم وشعر زهير. قال الله عز وجل 1/ 269 {وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ} فاستغنى بذكر الأول عن الآخر فأسقطه، لأن المعنى معروف. قال النابغة: وكيف تخاللُ من أصبحت ... خلالته كأبي مرحبِ أي كخلالةِ أبي مرحب. وكذلك يجعلون الفعل خبراً للاسم إذا كان في محل المصدر. وأنشد الفراء: لعمرُك ما الفتيانُ أن تنبت اللحى ... ولكنا الفتيانُ كل فتى ندبِ جعل أنْ [تَنْبُتَ] خبراً للفتيان، لأن المعنى: ما الفتيان بنبات لحاهم. والعربُ تقولُ: رَنَوْتُ، أي طربتُ، كلمة سائرة في أفواههم. والراني: الطربُ، ورنوتُ: نظرتُ. والعربُ قد تنفي الشيء ثُمَّ تثبته بعد. قال

زهير: قف بالديار التي لم يعفها القدمُ ... بلى وغيرها الأرواح والديمُ فقال: لم يعفها فنفى ثم قال: بلى، فأثبت ما نفاه وأوجبه. وقال الطرماح: ألا أيها الليل الطويلُ ألا أصبح ... بصبح وما الأرواح منك بأروح بلى إن للعينين في الصبح راحة ... بطرحهما طرفيهما كل مطرح والعرب تنفي الشيء على وجهين: تنفيه لعدمه في نفسه، ولعدم حالةٍ من أحواله وإن كان حاضراً. يقول القائلُ: ليس لي غُلام فيجوز أن [لا] يكون له غلام أصلاً، ويجوز أن يكون [له] غلام ولكن ليس بنافع. وكذلك فلان لا مال له، يجوز أن لا مال له ألاً، ويجوز أن يكون له مال، ولكن ليس بنافع له أو غائب عنه بحالٍ ما. مسألة إن سأل سائلٌ عن قول الله - عز وجل - حكايةً عن الخضرِ - عليه السلام - في السفينة {فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا}. فأضاف الإرادة إلى نفسه ثم قال في معنى

الغلام {فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا [رَبُّهُمَا] خَيْراً مِنْهُ} فأشرك معه غيره، ثم قال في الجدار {فَأَرَادَ رَبُّكَ} فأضاف الإرادة إلى الله تعالى - وحده عز اسمه. قيل له فيه قولان: أما أهلُ اللغة فقالوا: إن الله - تعالى- أتى باختلاف الألفاظ 1/ 270 واتفاق المعاني ليكون ذلك أدل في البلاغة، وأبلغ في الحكاية، فخبر تعالى عن نفسه كما يُخبرُ البلغاءُ عن أنفسهم، لأن البلغاء تأتي باختلاف الألفاظ إذا كانت المعاني متفقة. وأما أهلُ العلمِ بالقرآن فإن معنى أردتُ أنه لما تقدم إليه أن أمامهم ملكاً {يَاخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً} وهذا ما لا يقعُ باجتهاد رأي، قال: أردتُ، لأن تلك كلمة منسوبة إليه فيما فعل، وإن كان قد تقدم إليه فاعلم به. قال في قصة الغُلام {فَأَرَدْنَا} فضم إرادته إلى إرادة غيره، لأن الله جل ذكره - أطلعه على ما في بقاء الغلام من فساد الأبوين، وإن في قتله صلاحاً لهما. قال: فأراد الله تعالى ذلك، وأردت ذلك، لأن في هذه القصة معنى زائداً على المعنى الأول مرحباً لقوله: {فَأَرَدْنَا} فاستوى القول في حقيقة المعنيين. وقال في قصة الجدار {فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا}. وبلوغُ الأشد بورودِ وقتٍ لم يأتِ بعد، وهو لله - عز وجل- وحده، ليس لأحدٍ في ذلك علم، فلذلك قال الله تعالى: {فَأَرَادَ رَبُّكَ} فجرى كل قولٍ على الخضر. على ما بدا من قوله. والله تعالى أعلمُ. مسألة إن سأل سائلٌ ما وجهُ قول النبي - صلى الله عليه وسلم - للرجُل الذي استشاره بالتزويج

(عليك بذات الدين تربت يداك). ومعنى تربت يداك في اللغة، أي: افتقرت ولصقت بالتراب من شدة الفقر. والنبي - صلى الله عليه وسلم - لا يدعو على أحدٍ من المؤمنين. قيل له في ذلك أجوبة. والمختار منها جوابان: أحدهما أن يكون أراد النبي - صلى الله عليه وسلم - الدعاء الذي لا يُراد به الوقوع كقولهم للرجل إذا مدحوه: قاتله الله ما أشعره! وأخزاه الله ما أعلمه! ولا 1/ 271 يريدون بذلك ذماً ولا دعاء عليه كقول امرئ القيس: فقالت سباك الله إنك فاضحي ... ألست ترى السمار والناس من حولي سباك الله: أبعدَك الله ولعنك. قال بعضٌ: أي سلط الله عليك من يسبيك من بلد إلى بلد. فهذا وإن كان ظاهره دعاء عليه، فقد قال بعض إنها قصدت به دعاء عليه في الحقيقة، وإنما هو على كلامهم. ومثله قوله أيضاً: فهو لا تنمى رميتُه ... ماله لا عُد من نفره يقول: إذا عُد نفرُه، أي قومُه لم يُعد منهم كأنه قال: قتله الله أماته الله. وكذلك قولهم: هوت أمه وهبلتْهُ وثكلَتْهُ أمه. قال كعب بن سعد الغنوي: هوت أمه ما يبعث الصبح غادياً ... وماذا يواري الليلُ حين يؤوبُ

وقال جميل: رمى الله في عيني بثينة بالقذى ... وفي الغُر من أنيابها بالقوادح وفي وجهها الصافي المليح بقتمة ... وفي قلبها القاسي بود ممانح كل هذا لا يريدون به دعاء ولا ذماً ولا إهلاكاً في الحقيقة، ولكنه على وجه المدح والتعجب من الشيء والاستحسان له وعلى كلامهم، وذلك من مذاهبهم. وقيل في قول جميل: (رمى الله في عيني بثينة بالقذى) أراد بعينيها: رقيبيها. يقال للرقيب عين. وأنيابها ساداتُ قومها. يقال للسيد ناب. قال امرؤ القيس: فلما دخلتُ الخدر خدر عنيزة ... فقالت لك الويلات إنك مرجلي قال الأصمعي: عنيزة لقب لفاطمة. وفيه قولان: أحدهما أن يكون دعاء منها عليه في الحقيقة. والقولُ الآخر أن يكون دعاء منها له كما تقول العرب للرجل إذا رمى فأجاد: قاتله الله ما أرماه! على ما تقدم من التفسير. قال الشاعر: لك الويلات أقدمنا عليهم /1/ 272 ... وخيرُ الطالب الترة الغشوم وقالت الكندية ترثي إخوتها: هوت أمهم ماذا بهم يوم صرعوا ... ببيسان من أنياب مجد تصرما ويُروى: أسباب مجدٍ. قولها: هوت أمهم، دعاء عليهم في الظاهر، وهو دعاء

لهم في الحقيقة. والجواب الثاني أن هذا الكلام مخرجه من الرسول صلى الله عليه وسلم مخرج الشرط وأنه قال صلى الله عليه وسلم (عليك بذات الدين تربت يداك) إن لم تفعل ما أمرتك به. وهذا حسن. اختيار ثعلب والمبرد. قال بعضهم أراد بقوله - عليه السلام - تربت يداك ذهب إلى الغنى. وهذا غلط، لو أراد الغني لقال أتربت يداك لأنه يقال: أترب الرجلُ إذا كثر ماله بالألف فهو مترب وترب يترب بلا ألف إذا افتقر. ومثل قوله - صلى الله عليه وسلم - في الرجل، قوله - صلى الله عليه وسلم- لصفية بنت حُيي حين قيل له يوم النفر إنها حائض فقال: (عقري حلقي ما أراها إلا حابستنا)، أي عقرها الله فأصابها بوجع في حلقها. قال أبو عبيد: إنما هو عقراً حلقا. وأصحاب الحديث يقولون: عقري حلقي. وهذا كلام جارٍ على ألسنة العرب، يقولون لا يريدون وقوعه. ومن المعنى الأول في الدعاء قول الله عز وجل {قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ} و {قُتِلَ الإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ} و {قَاتَلَهُمْ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ}، وأشباه ذلك. وأما ما هو دعاء منهم حقيقة على الإنسان قولهم: فاهاً لفيك. ومعناه الخيبة لك. وأصله جعل الله لفيك الأرض كما يقال لفيك الحجر وبفيك الأثلبُ. ويقال: الأثلبُ - بالفتح والكسر- والأثلبُ: التراب. وقال رجلٌ من بَلْهُجَيْم:

فقلت لها فاهاً لفيك فإنه ... قلوص امريء قاريك ما أنت حاذره قاريك/1/ 273 من القرى. ومثله قولهم: "لليدين وللفم". معناه كبه الله ليديه ولفمه. وهذا يُرْوى عن عائشة أنها قالت لرجل أصابته نكبة. ومثلهُ للمنخرين. وهذا يُروى عن عمر أنه قال لرجل أُتي به سكران في شهر رمضان فعاقبه فقال: (للمنخرين للمنخرين. أولداننا صيام وأنت مُفطر)؟! ومعناه كبه الله لمنخريه ومثله جدع الله أنفه وشك سمعه. ومثله: "بجنبه تكون الوجبة" أي الصرعة. ومثله: كلا جانبيك لا لبيك، أي لا تكن التلبية أو السلامة. والعرب تقول: بفيه البرى وُحمى نيرا ... وشر ما برى البري التراب ومنه جدع الله مسامعه. ومعناه: قطع الأذنين. فأما قولهم "أسكت الله مسامعه" فإنه الصمم. ويقال: شك الله سمعه وشك سمعه. مثله: "به لا بظبي". أي جعل الله ما أصابه لازماً له. ومنه قول الفرزدق: أقول له لما أتاني نعيه ... به لا بظبي بالصريمة أعفرا ومنه قولهم: لا لعاً لفلان، أي لا أقامه الله، ويقال للناقة إذا دعوت لها بالنهوض

والارتفاع لَعَا. قال الأعشى: بذات لوث عفرتاة إذا عثرت ... فالتعس أدنى لها من أن أقول لعا وقال الأخطل: ....................... ... (ولا لعا لبني شيبان إن عثروا) عن الخليل: قال أعرابي لآخر: دعاك الله، أي عذبك الله. وقال ثعلب: معنى دعاك الله، أماتك الله. وقال المبرد في قوله تعالى: {تَدْعُوا مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى} أي تُعَذِّب. وقال ثعلب تدعو بأسمائهم واحداً واحداً. وقولهم: شَلَّت يده، أي ذهبت. والشلل ذهابُ اليد. ويقال: شَلَّت، وأشَلَّت، ولا يقال شُلَّت. قال: رأيتُ رجالاً يضربون نساءهم ... فشلت يميني يوم أضرب زينبا قال: وما ساءني إلا كتاب كتبته ... فليت يميني قبل ذلك شلتِ

وقال كثُير: شلت يدا فاريةٍ فرتها ... وعميت عينُ التي رأتها وأما ما هو دعاء للإنسان منهم حقيقة قولهم: نسأه الله، أي أخر الله أجله وأطال عمره. ومنه: بَلَغ الله بك أكلاً العمر، أي أقصاه. ومنه نِعْم عَوْفُك. وتأويلُه 1/ 274 نِعْمَ بالُك وشأنُك ونحوه. ويقال: تركتهم على عوفٍ جميلة أي حال جميلة. وقال بعضُ: العوف: الفرج. وأنكر ذلك أبو عمرو. وقال الخليل: العوف الفرج. والعوف أيضاً: نبتٌ طيبُ الريح. والعوف من أسماء الأسد. والعوف: الضيف. ومنه قولهم للقادم من سفرٍ خير مارد في أهل ومال، أي جعل ما جئت به خير ما رجع به الغائب. ومنه دعاؤهم في النكاح: على يدي الخير واليمن. ومنه قولهم: بالرفاء والبنين. وفي غريب الحديث أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يُقال ذلك. قال أبو عبيد قال الأصمعي: الرفاء يكونُ في معنيين، يكون من الاتفاق وحسن الاجتماع. قال: ومنه أُخذَ رَفْو الثوب لأنه يُرْفأ فيُضَمُّ بعضُه إلى بعض ويُلام منه. ويكون الرفاء من الهدوء والسكون. وأنشد لأبي خراش الهذلي: رفوني وقالوا يا خويلد لا تُرع ... فقلتُ وأنكرتُ الوجوه همُ همُ يقول: سكنوني. وقال أبو زيد: الرفاء الموافقة وهي المرافأة مهموزة.

وأنشد: ولما أن رأيت أبا رُويم ... يرافين ويكره أن يُلاما ومنه قولهم: لا يقطط الله فاك، أي يكسر الله فاك. وقال: يا بنت لا يقطط الرحمن فاك فقد ... أضمرت في القلب والأحشاء نيراناً وقولهم: هُنئتَ بالخير 1/ 275 ولا تُنْكه أي أصبت خيراً ولا يعيبك الضُر. فصل العرب تنسب كل خير إلى اليمين، وكل شر إلى الشمال. قال الله - عز وجل - {أَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ (27) فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ (28) وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ} إلى قوله: {وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ} {وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ (41) فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ} الآية. ومثله: {فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ} هم أصحاب الجنة وهم الذي يُعطون كتبهم بأيمانهم {وَأَصْحَابُ الْمَشْئَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْئَمَةِ} هم أهل النار وهم الذين يُعطون كتبهم بشمالهم. وقال: يا ليت شعري إذا الرحمن أبرزني ... إلى الحساب الذي قلبي له يجفُ هل آخذن كتابي باليمين غداً ... أم بالشمال التي في أخذها اللخف

وسئل ابن عرفة عن قول جرير: وقائلة والدمعُ يحدرُ كُحلها ... أبعدَ جرير تكرمون المواليا وباسط خير فيكم بيمينه ... وقابض شر فيكم بشماليا فقال: سمعت ثعلباً يقول: ينسبُ كل خيرٍ إلى اليمين وكل شر إلى الشمال. يقول الرجل من العرب لمخاطبه: اجعلني في يمينك، ولا تجعلني في شمالك أي: اجعلني من أهل التقدم ولا تلحقني تقصيراً ولا تأخيراً. فاليمين في قوله - عز وجل- كناية عن التقدم، والشمال كناية عن التأخر. قال ابن الدمينة: أبيني أفي يُمنى يديك جعلتني ... فأفرح أم صيرتني في شمالك أراد التقدم والتأخر 1/ 276 والعربُ تُتْبعُ اللفظة اللفظة، وإن كانت غير موافقة لها في المعنى. من ذلك قراءة أكثر الأئمة {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ} فخفضوا الأرجل على النسق على الرؤوس، وهي خلافُها في المعنى، لأن الرؤوس تُمسحُ، والأرجُل تُغسلُ. قال الحطيئة: إذا ما الغانيات برزن يوماً ... وزججن الحواجب والعيونا فنسق العيون على الحواجب، والعيون لا تزجج إنما تكحلُ. وهذا كثيرٌ في كلام

كلام العرب. والعَرَبُ تقول: ألم تر إني ما فَعَل فلان. أي: اعلَمْهُ. قال الله تعالى: {أَلَمْ تَرَى كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ}. أي تَعْلَم من رؤية القلب. ذكرت هذا في باب الرؤية في الراء من هذا الكتاب. وقال الفرزدق: ألم تر أني يوم جو سويقةٍ ... بكيتُ فنادتني هنيدة مالكا أي اعلم ذلك مني ولم يره صاحبه فعل شيئاً. وقال آخر: ألم ترني أبصرتُ ظبياً وظبيةً ... لدى روضةٍ خضراء يرتعيان وما رأى صاحبه ذلك، ولو كان رآه ما احتاج إلى أن يخبره. والعربُ تقول للرجل يسيء في فعله: والله لأعرفن لك ذلك، أي لأحفظه لك. قال: ليعرفن لكم مثلاً بودكم ... عيباً وأجلابكم فيمن يعادينا وقال الطفيل: وللخيل أيام فمن يصطبر لها ... ويعرفْ لها أيامها الخير تعقب أي يحفظ لها أيامها ويُحسن إليها. وتعقبُ ثابتة الخير بآنية. وبهذا قريء قول

الله - عز وجل- {فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ} بالتخفيف قرأها 1/ 277 الكسائي وأبو عبد الرحمن السلمي وقتادة مخففة يريدون غضب منه وجازى عليه. ولعمري لقد جازى حفصة بطلاقها. قال المفضل: وهو وجهٌ حسن. والعربُ كلها تُخفف الميم. ومثلها في حال الرفع مثل {أَنُلْزِمُكُمُوهَا} أنمنحكموها ويثبتون في حال النصب ما كنت لألزمكموها وما كنت لأمنحكموها والعربُ تكتفي في المدح والذم. بأفعل في كلامها لتعلمهم بالمعنى فيقولون الصلاة والصومُ أفضلُ من سائر الأعمال، وعبد الله أسخى من غيره. وقال الفرزدق: إن الذي سمك السماء بنى لا ... بيتاً دعائمه أعز وأطول أي من بيوتكم فاكتفى عنه للعلم به. والعربُ تقول: إذن أضربك بالنصب، فإذا قالوا: أنا إذن أضربكُ رفعوا الفعلَ أولى بالاسم من إذن كأنهم قالوا: أنا أضربُك إذن. قال الفراء: وقد نصبت العرب بإذن وهي بين الاسم وخبره في إنَّ وخبرها فقالوا: أني إذن أضرِبَك. وأنشد: لا تتكرني بينهم شطيرا ... إني إذن أهلك أو أطيرا

يُقال: طار من كذا، إذا استخف، وطار من الحزن أي جُنَّ، والعربُ تقول: عندي دابتان أركبهما وأستقي عليهما الماء، وإنما يَرْكَبُ واحدةُ منهما ويستقي على الأخرى، وذلك لاجتماعهما. قال الله عز وجل {وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا} وإنما يستخرج من الماء المِلْح دون العذب فجاز ذلك لاجتماعهما. واللفظ بالألف يكون استفهاماً والمعنى خبر، وإنما تكلمت به العربُ في خمسة أحرُف في سواء، وفي لأنظرن أقام عبد الله أم زيد؟ ولأعلمنَّ 1/ 278 عمرو ذاهبٌ أم محمد؟ وما أبالي افتقرت أم استغنيت؟ وليت أزيدٌ قام أم عمرو؟ وأنشد الفراء: سواء إذا ما أصلح الله أمركم ... علينا أدس مالكم أم أضارم وأنشد: سواء عليك العقر أم أنت نازلاً ... بأهل البيوت من سليم وعامر وقال حسان: ما أبالي أنب بالحزن تيسٌ ... أم لحاني يظهر غيبٍ لئيم وقال زُهير: وما أدري وسوف إخال أدري ... أقوم آلُ حصن أم نساءُ

والعربُ إذا دعت نكرة موصولة بشيء آثرت النصب. يقولون: يا رجلاً كريماً، ويا راكباً على البعير أقبل، وكذا إذا نادوا النعت وحده قالوا: يا راكباً أقبل، ويا قائماً اقعد، وأنشد الفراء: يا سيدا ما أنت من سيد ... موطأ الأعقاب رحب الذراع ما أنت من سيد على التعجب .. مُوطأ الأعقاب أي مُتبع متقدم للناس. رحب الذراع: واسِعُه، وهو مثلٌ، أي كثير العطايا. وأنشد: ألا يا قتيلاً ما قتيلُ بني عبس ... أتتك أطراف الرماح من الدعس والعربُ تقول: ما عندَ فلان مُعَوَّل، أي من أمر يُعَوَّل عليه. قال امرؤ القيس ابن حُجْر: وإن شفائي عبرةٌ إنْ سفحتُها ... فهل عند رسم دارس من مُعول ويقال: معنى قوله من مُعَوَّل: من محمل. يُقال: عول على فلان أي أحمل عليه. وأنشد أبو العباس عن ابن الأعرابي: أتيتُ بني عمي ورهطي فلم أجد ... عليهم إذا اشتد الزمان مُعولا 1/ 279

والعربُ تقول: ربطتُ الفرس لا يتفلت وأوثقت العبد لا يفر بالجزم والرفع وأنشد بعض بني عقيل: وحتى رأينا أحسن الود بيننا ... مساكنةً لا يقرف الشيء قارفُ وأنشد: لو كنتَ لو جئتنا حاولتَ رؤيتنا ... أتيتنا راجلاً لا تعرف الفرسُ ينشد جزماً ورفعاً. والعربُ تقول: أطرَدْتُ الرجُلَ، أي صَيَّرتُه طريداً، وطردْتُه نَحَّيْتُه فقلتُ له: اذهب. والعربُ تقول: بارك الله عليك وفيك وباركك الله. والعربُ تقولُ: امش على أمرك وامضِ على أمرك أي: الزمْهُ. قال الله - عز وجل - {وَانطَلَقَ الْمَلأ مِنْهُمْ أَنْ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ}. والعربُ تقول: شططْتَ عليَّ في السوم. وأكثر القول أشططت. والشططُ السَّرَف والجور. يُقالُ منهما: أشطَّ فلان. قال الأحوص: ألا يا لقومي قد أشطت عواذلي ... ويزعمن أن أودي بحقي باطلي والعربُ تكتفي بالمصدر عن الفعل لأنه يتولد فيقولون: أقبل عبدُ الله ضرباً، أي: يضربُ ضرباً. قال الله تعالى: {فَطَفِقَ مَسْحاً} أي: يمسحُ مسحا، وطفق أي: ما زال يفعلُه. يُقال: طفِقَ وظل يفعلُ نهاراً وبات يفعلُ ليلاً. والعربُ ربما أتبعَت الضمة الضمة، قد قالوا: الرُّعُبُ والرُّعْبُ. وروى ابنُ الأعرابي بيت النابغة:

فتلك تُبلغني النعمان أن له ... فضلاً على الناس في الأدنى وفي البَّعُد قال: أراد البُعْد فثقل. وهو كثيرٌ في الشعر والكلام مثل نُصُبٍ ونُصْبٍ، وسقم وسَقَم 1/ 280 وحُزْن وحَزَن. والعربُ تقولُ: مررتُ برجل حسن العين قبيح الأنف، والمعنى حسنةٌ عينُه قبيحٌ أنفه. وأنشد الفراء: ولكن ترى أقدامنا في نعالكم ... وآنفنا بين اللحى والحواجب معنى آنفنا بين لحاكم وحواجبكم في الشبه. والعربُ تقول: هذا حسنُ الوجه قائماً، فإذا كان النعتُ ذماً أو مدحاً آثرت العربُ اتباعه الاسم فقالت: هذا حسن الوجه كريم، وهو شر. أنشد الفراء: ومن يشوه يوم فإن وراءه ... تباعة صياد الرجال غشوم يشوه: يخطيء مقتله. متباعةُ: طلب. وصياد الرجال يعني الموت. خفض الغشوم لأنه نعت لصياد في مذهب مدح. ولو نصبه على أن لفظه نكرة، ولفظ الذي قبله معرفة لجاز. والعربُ تقول للرجل الذي تعظه ما يصير إليّ من هذا الأمر فخذه، أي لستُ أريد منه شيئاً. قال الله عز وجل {قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ} معناه: هل ترونني أريد على ذلكم منكم أجراً. وعن بعض العربَ قال: فلان يُرجَّلُ شعره يوم كل جمعة، يريد كل يوم جمعة. والمعنى واحد، قال الله - عز وجل-: {عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ}. وفي قراءة عبد الله: على

قلب كل متكبر، والمعنى واحد، والعربُ لا تكاد تقول: أناب فلان إلا إذا نزع عن كل شيء كان منه. وأهل تهامة 1/ 281 يقولون: أنتَ كمثلي وأنا كمِثُلِك يريدون: أنت مثلي وأنا مِثْلُك. وقال ابن أحمر: ما أم عُفرٍ على دعجاء ذي علق ... ينفي القراميد عنها الأعصم الوقل إلا كمثلك منا غير أن لنا ... شوقاً وذلك مما كُلفت جللُ الغُفْر: ولد الأروية، وينفي القراميد، أي يدفَعُها إذا أراد الصعود إليها، والدعجاء: قُلَّة من الجبال، وذو علقٍ: جبل. والقراميد: ما عرض من الصخر، ويقال للواحدة قرمدة وقرميدة. والأعصم الذي في يده بياض. والوقِلُ: الذي يصْعَدُ في الجبل، يقال له: وَقِلَ ووَقل وقد وقل إذا صعد. والكاف يكونُ في مثل، تقول: زيد كعمر ومثل عمرو فيكون المعنى واحداً. قال الشاعر: ورعت به الهراوة أعوجي ... إذا وتت الركاب جرى ونابا أراد بفرس كالهراوة [في] شدته. أعوجي منسوب إلى فرس مشهور. معناه: بمثل الهِرَواة. ولولا ذلك لم يدخل الباء على الكاف. والعربُ تجمع بين الكاف ومثل. قال الله - عز وجل- {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} واجتماعهما دليل على أن معناهما واحد. والعربُ تقول: جثا فلان أي برك على ركبتيه وجذا أيضاً يجثو جثواً بالثاء والذال. قال: إن حملوا لم تزل مواقفنا ... وإن حملنا جثوا على الركب

والعرب تنصِبُ ما يأتي بعد ما وترفعه بمضمر مثل (هي) وهو وأشباههما. أنشد الفراء: فسيروا فاما حاجةٌ تقضيانها ... وإما مبيت صالح ورفيق وأنشد: ومن لا يزل يستودع الناس ماله ... تزنه على بعض الأمور الودائع يرى الناس إما جاعلوه وقاية ... لأموالهم أو تاركوه 1/ 282 فضائع فيرفع بإضمار هي حاجة تقضيانها وهم جاعلوه. قال الله - تعالى- {فَإِمَّا مَنّاً بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً}. نصب مناً وفداء على المصدر، وفيه مضمرٌ. المعنى: فأما أن تمنوا منا. والعربُ تجمعُ بين الشيئين من الأسماء والأدوات إذا اختلفَ لفظهما. فمن الأسماء قول الشاعر: من النفر اللائي الذين إذا هُمُ ... يهابُ اللئامُ حلقةَ الباب قعقعوا فجمع بين اللائي والذين وأحدهما مُجْزِ عن الآخر. وأما في الأدوات فقول الشاعر: ما إن رأيتُ ولا سمعت به ... كاليوم هانيء أينق جرب فجمع بين ما وبين إن وهما جحدان يجزي أحدهما عن الآخر. والعربُ تأمر بلفظ الاستفهام ومعناه أمر. قال لبيدُ:

ألا تسألان المرء ماذا يُحاول ... أنحب فيقضى أم ضلال وباطل والعرب تسمى الثريا النجم. قال الراعي: وبات يعد النجم في مستحيرةٍ ... سريع بأيدي الآكلين جمودها مستحيرة: إهالة سمينة فهي صافية، ومستحيرة ليست تجري من كثرتها وسريع جموده من رقتها وذلك أكرم لها. والعربُ تُسمى المرأة المحجوبة مقصورة وقصيرة. والعرب تُسمى الحجلة المقصورة ويسمون المرأة المحجوبة المقصورة والقصورة. وأنشد لكثير: لعمري لقد حببت كل قصورة ... إلى وما تدري بذاك القصائرُ أردتُ قصورات الحجال ولم أُرد ... قصار الخُطى شر النساء البحاترُ ويروى: البهاترُ، ومعناهما واحد، وهن القصار. يُقالُ: رجلٌ بُحْتُر وبُحتري وبهتر، 1/ 283 وامرأة بحترية وبُحْتَرة وغيره كل قصيرة. وأردت قصيرات (الحجال المحبوسات عن الناس) وقال () أو غيره: أحب من النسوان كل قصيرة ... لها (نسبٌ في الصالحين) قصير

أي: قصيرة عدد الآباء إلى الأب الأكبر (ومن ذلك قوله تعالى) {حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ} قيل: قُصِرْنَ على أزواجهن، (أي حُبِسْنَ) عليهم بالمحبة فلا يُردن غيرهم. وقال الحسن: مستكات (). وهذا أشهر في كلام العرب. قال الفراء: العرب تجعلُ ولا كريم تابعاً لكل شيء نفت عنه المدح فيقالُ: ما اللحم سمين ولا كريم، ولا الدلو بواسعة ولا كريمة. قال الله - عز وجل-: {لا بَارِدٍ وَلا كَرِيمٍ} قال الكسائي: ولم أرَ العرب قالت: لا وحدها حتى تتبعها بأخرى أو تُشبه بها. لا يقولون: لا عبد الله خارج حتى يقولوا: ولا فلان أو ولا قادم، ولا مررت برجل لا محسن حتى يقولوا ولا مجمل. وبهذا جاء القرآن {لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ}. وقد جاءت مفردة في الشعر، وهو جائز. وأنشد لسعد بن مالك جد طرفة: من فر عن نيرانها ... فأنا ابن قيس لا براح وقال الضحاك بن هشام:

وأنت امرؤ منا خلقت لغيرنا ... حياتك لا تُرجى وموتك فاجع والعرب تقول: "في كل شجرٍ نار، واستمجد المرخ والعفار" وذلك أنهما كثير النار. قال الأعشى: زنادُك خيرُ زناد الملو ... ك خالط منهن مرخ عفارا ومما هو كثير النار 1/ 284 تُقدح منه () بأنه أكثرها ناراً وأن الريح تهُبُّ عليه. () بعضاً فيُقْدَح منه النار. (والعربُ تقول أنظرنا) انتظرنا. وقال عمرو بن كلثوم: أبا هندٍ فلا تعجل علينا ... (وأنظرنا نُخبرك اليقينا) فمعناه ههنا: انتظرنا قليلاً لأنه ليس () إنما هو استماع كقولك للرجل: استمعْ. قال الكسائي: سمعتُ (بعض العرب) يقول:

أنظرني أكلمك فسألته عن المعنى. فقال: (). وسمعتُ غيره يقول: أنظرني: أرقني. والعرب تدخلُ الفاء في خبر كل اسم يُوصلُ مثل الذي ومن وما لأنهم يشبهونها بالجزاء، وإلقاؤها صواب. فمن أدخل الفاء ذهب بالذي وأخواتها إلى الجزاء، ومن ألقاها فهو على القياس لأنه يُقال: إن أخاك قائمٌ، ولا يُقال: إن أخاك فقائم. قال الله - عز وجل- {قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ}. والعربُ تقولُ: هو نصب عيني ونصبَ عيني، وهما في حالٍ سواء. والعربُ تقول: استغشى فلانٌ ثوبه، أي: تلقفَ به. قال الله - عز وجل-: {وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ}. قال المفضل: تلقفوا بها. وقال المجنون: وإني لأستغشي وما بين نعسةٌ ... لعل خيالاً منك يلقى خياليا وقال الحسن: استغشوا ثيابهم، أي: نفضوها وقاموا عني. قال المفضل: والعربُ لا تقولُ: استغشى ثوبه: نفضه. والعربُ تقول: نشطت بعيري، أي ربطتُ الحبل في يده، وأنشطته بالألف إذا حللتُه. ويقولون: كأنما أنشط من عقال. وربط: نشط، 1/ 285 والرابط: الناشط الخارج. ومنه قيل للثور ناشط، لأنه في مرتعه يخرج من بلد إلى بلد. وقال زهير:

ثلاث كأقواس السراء وناشط ... قد اخضر من لس الغمير جحافله السراء: شجر يُتَّخَذُ منه القسي، واللسُّ: الأخذ بمقدم الفم من غير تمكن، والغميرُ: النبتُ يخرجُ مع نَبُتٍ قد جف فيغمره، والجحفلة: الشفة. والعرب تقول للشيء الضعيف أو الكليل هو ظنون، قال الفراء: سمعتُ بعض قُضَاعةَ يقول: ربما ذلك على الرأي الظنون، يريد الضعيف من الرجال، والعربُ تقول: هذا العدو فترفع، وفيه معنى التحذير. وأنشد الكسائي والفراء: إن قوماً فيهم عُميرٌ وأشبا ... هـ عمير وفيهم السفاح لجديرون بالوفاء إذا قا ... ل أخو النجدة: السلاح السلاحُ فرفع وفيه معنى الأمر بليس السلاح، أي الأمر الذي يحتاجون فيه إلى السلاح. وقالا: لو رفع رافعٌ عز وجل-: {نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا} على ضمير هذه ناقة الله فيها معنى التحذير لكان صواباً. والعرب تقفُ على النون الخفيفة على حسب ما قبلها، فإن كان مفتوحاً كانت ألفاً، وإن كان مضموماً كانت واواً، وإن كان مكسوراً كانت ياء والوقوف على قوله - عز وجل - {لَنَسْفَعَن بِالنَّاصِيَةِ} بالألف لانفتاح ما قبلها. وكذا حكم النون الخفيفة عند العرب. وفي قراءة عبد الله {لَأسْفَعَن بِالنَّاصِيَةِ}. والعربُ إذا جاء الفعلُ بين صفتين تُرجع الثانية على الأولى أخروا النصب كقولهم عبد الله في الدار 1/ 286 قائماً فيها وقائماً بها، وإذا لم ترجع الثانية على الأولى اعتدل عندهم الرفعُ والنصبُ كقولهم: في الدار عبد الله قائماً إليك وقائمٌ إليك. وأنشد الفراء

وغيره: والزعفران على ترائبها ... شرقاً به اللباتُ والنحرُ فنصبت لأن معنى الترائب واللبات واحد. والعرب تقول: تركتُ الناس إلى فلان عُرفاً واحداً، إذا توجهوا إليه وأكثروا. قال الله - عز وجل- {وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفاً}. قال الكلبي: المعنى- والله أعلم- والمرسلات بعُرْفٍ، فلما أسقط الباء نصب، وبعُرْف وبالعُرْف واحد، لأن الشيء إذا كان عاماً تكلمت به العرب بالألف واللام، وبطرحهما. فيقول: خُلِقَ الإنسان من طين، ومن الطين. ورويتُ من الماء ومن ماء، أي أرسلت عُرفاً من الله - عز وجل- إلى خلقه. ويُقالُ: عُرْفاً كثيراً كعُرْف الفرس. والعربُ تطرحُ من الكلام فيه وعنده في مكان هو فيه مستقيم فيقول: هذا رجل لا رأي ولا عقلَ ولا خيرَ ولا شيء، يريدون عنده وله، وذلك لأن المعنى قد عُرِف. وتركته في أرض لا ماء ولا شجر أي لا ماء فيها ولا شجر. ويقول العرب: جاءتك الناس، يريدون جماعات الناس، واجتمعت قومُه، يريدون: عشيرته، وهو حسنُ. قال الله - تعالى-: {كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ} و {كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ} أراد العشيرة والأمة. والله أعلم. والعربُ تقول: ليس ما تزويج ولا مهر، فيجعلون ما وحدها اسماً بغير صلة. وقال: لا تعجلا بالسير وادلواها ... لبئسما بُطءٌ ولا ترعاها قال الفراء: نِعْمَ ما ونِعِمَّ ما بالتخفيف والتثقيل، وكل 1/ 287 صواب. والعرب تقول: لا أدري من أي عاد هو؟ ومن أي تُبَّع هو؟ لا يجُرُّونَ عاد ولا تُبَّع يجعلونهما أمنين. والعربُ تقول: عجبتُ من لوم الناس بعضهم بعضاً وبعضهم بعضاً، وسمعتُ وقعَ أنيابه بعضها فوق بعض، وبعضها فوق بعض، إذا أردت على

الأول خفضت وإذا مضيت، على التأويل رفعت، ومن العرب من يقول إذا أضاف إلى يوم وحين وزمان وشهر وأشباه هذا، أضافه إضافة، وإضافة ليست بمحضة، يجعلُه في حال النصب والخفض والرفع نصباً أبداً، وتنشِدُ العربُ هذا البيت: على حين عاتبت المشيب على الصبا ... وقلت لما أصح والشيب وازعُ ومنهم من يخفض ومن حين تطلعُ الشمس إلى حين تغيب. والخفض هو الوجه. قال عز وجل: {إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} القراءة بالخفض، ولو نصب لكان صواباً. ومن عذاب يومئذ، ومن خزي يومئذ، ومن فزع يومئذ. ومن جعلهن مضافات فإن العرب، منهم من يخفض، ومنهم من ينصب "يوم"، على ما ذكرت لك. وعامة القراء يقرءون بالنصب من خفض ومن نصب جميعاً، يرجعون إلى النصب، قال 1/ 288 في المطففين: {يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ}. ويقول: لك يومان يوم تُضحى ويوم تُفْطر، والعربُ أكثر قولها أن تجمعَ بيْنَ الساكنين، ومنهم من يُحرك فيتبع الساكن الأول لما أدغم إن كان ما أدغمت مكسوراً كسرت، وإن كان مرفوعاً رفعت، وإن كان منصوباً نصبت، كما قالوا في عبد شمس وعبشمس، وهو عبشمي، ولقيت عبشمس. هذا ما كان أوله مفتوحاً، فأما ما كان أوله مكسوراً أو مضموماً فإنهم يكسرونه أبداً إذا حركوا في حال الخفض والرفع مثل: {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ} إذا أدغمت القاف عند الكاف وخفضت جمعت بين ساكنين في لغة من جمع، فإن حركت الراء بها دون {بِشِرْكِكُمْ} يخفضون الراء. ومثل هذا في الكلام في مُلِككم إنْ حركت

خفضت الكاف، وإن أدغمت فيمن جحع بين ساكنين جزمت اللام والكاف. والعربُ تقول: لا آتيك السَّمَر والقَمَر. فالسَّمَرُ في هذا الموضع سوادُ الليل. وتقول: "اللهم سِمْعَ لا بِلْغَ"، وسَمْعَ لا بَلْغَ، وسِمْعاً لا بِلْغا وسَمْعاً لا بَلْغَاً، أي أسمعُ بالدواهي لا تبلغني. قال الكسائي: إذا سمعوا الخبر لا يعجبُهم قالوا: سِمْعَ ولا بِلْغَ، وسَمْعَ لا بْلَغَ وسَمْعاً ولا بَلْغاً. فصل الأخيران: العدْل والهذَر، والأخرسان: النؤي والحجر، والأخبثان الجَدْب والعسر، والأطيبان، الخصب واليُسْر، الأغْزَران: البحر والمطر، الأنضران: النّوْر والزَّهَر، الأسيران: الشعر والسَّمَر، الأفيحان: البدو والحضر، الأصدقان: الآي والسؤر، الأكثران النصر والظفر، الأكران: القدر والخطر، 1/ 289 الأفشلان اللوم والجور، الأكرمان: السمع والبصر، الأعجزان. العِيُّ والحصر، الأغبران الرمل والمدر، الأخضران: الزرع والشجر، الأحمران: اللحمُ والخمْر، الأجملان: الحمدُ والشكر. وقال: إن الأحامرة الثلاثة أهلكت ... ما لي وكنتُ بهن قدما مولعا الراحُ واللحمُ السمين أحبه ... والزعفران به أروح مُنَقَّعا والأسودان: التمرُ والماء، والأبيضان: الخبز والماء، وقيل: الشحم والشباب، وقيل: اللبن والماء، والأطيبان: الطيبُ والنكاح، والأصفران: الذهب والزعفران،

والمرمضان: الوَجْد والكَمَد. المقرحان: الدمع والسُّهد، المُنْحِلان: السُّقْم والجُهْد، ويقال: الورس، الوابلان: السكب والبرد، الأسودان: القلب والكبد، المعجبان: الغصن والعقد، المُعْرضان: العقل والقود، الأجمدان: الصبر والجلد، الأقصدان: القرب والصدد، الراسيان: الركن والعمد، المصرعان: البغي والحسد، المعقلان: العز والعَدد، النعمتان: الأمن والرَّغَد، الماضيان: السيف والأسل، الهاديان: الرُّشْدُ والسَّدَد، العُدَّتان النصر والمدد، المحرمان: البأس والعدَد، الأشأمان. الغُرابُ والصُّرَد، الموبقان: الجُبْن والنكد، الأسعدان: النَّجْحُ والرَّشَد، المبهجان: البِشْرُ والصَّفَد، الوطنان: الأهل والولد، المفضيان: الوعر والجدد، الذخران: الطارف والتالد، الأعضمان: الرأسُ والجسد، الكاهلان: الجيدُ والكتدُ، المقلقان: الجوعُ والصرد، الأبكمان: النؤي والوتد، 1/ 290 الفتيتان: المالُ والولد، الزايغان: الأمتُ والأود، العاملان: العُمر والأيد، القمران: الشمس والقمر، العمران أبو بكر وعمر، وقيل لعثمان يوم الدار، تسلك سيرة العمرين. وقال الفرزدق يمدحُ هشام بن عبد الملك: فحل بسيرة العمرين فينا ... شفاء للقلوب من السقام البصرتان: الكوفة والبصرة، الجديدان والملوان: الليل والنهار، والعصران: الغداة والعشي قال حميد بن ثور: ولن يلبث العصران يوم وليلة ... وإذا طلبا أن يدركا ما تيمما وقال آخر:

وأمطله العصرين حتى يملني ... ويرضى بنصف الدين والأنف راغم وقال ابن مقبل في الملوين: ألا يا ديار الحي بالسبعان ... أمل عليها بالبلي الملوان والصرعان: الغداة والعشي قال: كأنني نازع يثشنيه عن وطن ... صرعان رائحة عقل وتقييد والحجران: الذهب والفضة، والأصمعان: القلب الذكي والرأي الحازم، والأصغران: القلب واللسان. قال: وما المرء [إلا] الأصغران لسانه ... ومعقوله والجسم خلقٌ مصور الغاران: البطن والفرج وهما الأجوفان قال: ألم تر أن الدهر يوم وليلة ... وأن الفتى يسعى لغاريه دائبا قال: فإنك إن أعطيت بطنك سؤله ... وفرجك نالا منتهى السؤل أجمعا الطرفان: الرجل نسبه من قبل أبيه ونسبه من قبل أمه. وهو قولهم: "لا يدري أي طرفيه أطول".

وأنشد أبو زيد: فكيف بأطرافي إذا ما شتمتني ... ومن بعد شتم الوالدين صلوحُ يراد أجداده من قبل أبيه وأمه. يقال: فلان كريم 1/ 291 الطرفين. قال ابن الأعرابي: طرفاه: لسانه وذكره. وقيل: قلبه ولسانه. والأخبثان: البخرُ والسهر، الأسودان: قيل: الليل والحرة. "وضاف قوم مزبداً المدني فقال: ما لكم عندي إلا الأسودان، فقالوا: إن ذلك لمقنع، التمر والماء. قال: ما ذلكم عنيت، إنما أردت الليل والحرة". المسجدان: مسجد الكوفة ومسجد المدينة. قال الشاعر: لكم مسجد الله المزوران والحصى ... لكم قبصه من بين أثرى وأقترا الحرمان: مكة والمدينة، والخافقان: المشرق والمغرب، لأن الليل [والنهار] يخفقان فيهما. المصران: الكوفة والبصرة، وهما العراقان. والقريتان: مكة والطائف. قال الله - عز وجل- {لَوْلا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنْ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ} يعني: مكة والطائف. الهجرتان: هجرة إلى المدينة وهجرة إلى أرض الحبشة. الأهيغان: الخِصْبُ وحُسْنُ الحال. الأبتران: العبد والعير، سُميا أبترين لقلة نسلهما. الأصرمان: الذئب والغُراب لأنهما انصرما من الناس، أي انقطعا. قال

المرار: على صرماء فيها أصرماها ... وخربت الفلاة بها دليلُ صرماء: فلاة ليس فيها ماء. الأزهران: الشمس والقمر، الفرجان: سجستان وخُراسان. الأيهمان عند أهل البادية: السيلُ والجمَلُ الهائج، وهما الأعميان، وعند أهل الأمصار: السيلُ والحريق. فصل العربُ تَزْجُر الإبل بِهَيْدِ وهادِ. يقول هيد هيد تزجر بذلك وتحُث. قال الراجز: معاتبةٌ لهن حلا وحوبا ... وجل غنائهن هيا وهيد الحوب: زجرٌ للبعير ليمضي، وللناقة حل وحِس، ويزجرون الجمل بجاه. قال الراجز: وهو يُحمق رجلاً هجاه: يقول للناقة 1/ 293 قولاً للجمل ... يقول جاه ثم يثنيه بحل ومن زجر الناقة هيج. قال ذو الرمة: أمرقت من جوزه أعناق ناجيةٍ ... تنجو إذا قال حاديها لها هيج والجمل يهاج في زجره كذلك فإذا حكوا ضاعفوا

فقالوا: هجهج كما يُضاعفون الولولة من الويل فيقولون: وَلْوَلتِ المرأة إذا أكثرت من قولها الويل" مشتق من المعتل كما يُشتق من المُقل. والهَجْهَجَة أيضاً صوت الرجل إذا صاح بالأسد. وعيق من أصوات الزجر يعيق في صوته. والنهيم من زجر الإبل تصيحُ بها لتمضي. يقول: نَهَمْتُها نهماً ونهيماً. ويقولون للبعير أيضاً جيء جيءْ ليشرب وهي الجَاجَأة. تقول: جأجأت به. الأصمعي يقال للبعير إذا زجرته حَوْبُ وحَوبَ. وللناقة جَزْم وحَلْ وحَلَى لا حَلَيْتُ. غيْرُه حَوَّيْتُ بالإبل من الحَوْب. ويقال: جوتَ جوتَ إذا دَعوتَها إلى الماء قال: ..................... ... كما رُعتَ بالجوت الظماء الغواديا والإهابةُ: الصوت بالإبل ودعاؤهن. ويقال: عاج وجاه ويقالُ للناقة إذا دعوت لها بالنهوض والارتفاع: لعا. قال الأعشى: بذاتِ لوثٍ عفرناة إذا عثرت ... فالتعس أدنى لها من أن أقول لعا العفرناة: الشديدة، واللوثُ: قوةٌ وثقل في الجسد لكثرة اللحم وهي الضخمة،

وليس يمنعها ذلك من السرعة. ويقولون للفرس: اجْدَمِ وأقدِم إذا هيجَ ليمضي، وأقدم أجودهما، وإجِدْ أيضاً. وتُزْجَرُ البَغْلُ بِعَدْ وعدس. قال يزيد بن مُفرغ لثعلبة: عدس ما لعبادٍ عليك إمارةٌ ... غزوت وهذا تحملين طليقُ وتزجر العنَْزَ والبقرة أوس أوس، والشاة إسْ وهِسْ، وللكلب 1/ 294 وسَرْمَاً سَرْمَا إذا دَعَوْته إليك. والسَّرْم من زجر الكلاب وهو هذا. والعربُ تزجر الزِّجْرَ، ولو رُفعَ أو نُصِبَ كان جائزاً، لأن الزجر والأصوات والحكايات تُحرك أواخرها على غير إعرابٍ لازم، وكذلك الحروف والأدوات التي لا تتمكن في التصريف، فإذا حُوَّل من ذلك شيء إلى الأسماء حُمِلَ عليه الألف واللام وأُجري مجرى الاسم كقول الكميت: حلفت برب الناس يا أم خالدٍ ... بأمك إذ أصواتنا المال والحب وروُي: الهال والحُبَ. وقال: والحوبُ لما ثقل، والحل، وقيل الحُوبُ - بضم الحاء. والعرب تسمى دعاء الراعي الإبل شياعاً. وقال الخليل: الشياع: قصية ينفخ فيها الراعي. قال قيس بن ذريح: أحن إليك من طرب وشوق ... حنين النيب تطرب للشياع

باب الأسماء المتفقة بالمعاني المفتقرة

وانيب جمع نابٍ، وهي المُسِنَّة من النوق، ويجمع أيضاً نُيوب. فصل الأخفش؛ العربُ تُكنى الدواب، الفيل أبو الحجاج. الجمل: أبو صفوان. الأسد: أبو الحارث وأبو ثور وبه كُنِّي عمرو بن معد يكرب. الذئب: أبو جعدة. الغزال: أبو الحسين. الفرس: أبو طالب. البرذون: أبو المضاء. البغل: أبو المختار. الحمار: أبو زياد. الكلْب: أبو خالد، وأبو ناصح، ويقال للبحر: أبو خالد. السَّنْورُ: أبو خِداش. الثعلب: أبو الحصين. النسر: أبو يحيى. الخنزير: أبو قادم. الديك: أبو حسان وأبو يقظان وأبو نبهان، الثور: أبو مُزاحم. الدجاجة: أم حفص. الضبُّ: أبو الحِلْس وأبو الحسْل، والحِسْل ولدُ الضَّبُّ. الغُرابُ: أبو زاجر. الحمام: أبو 1/ 295 المهدي. الجرادة: أم عوف. القرد: أبو قيس. القملة: أم عقبة. الضفدع: أبو قادم: السلحفاة أم العوام. الفأر: أبو حاتم. الحية: أبو يقظان. العقرب: أم ساهر. الضبع: أم عامر. الخنفساءة: أم سالم. الذباب: أبو جعفر. باب الأسماء المتفقة بالمعاني المفتقرة السماء: المعروفة. والسماء: المطر. ومنه قوله:"ما زلنا نطأ السماء حتى أتيناكم" أي الغيث. والسماء: الكلأ. قال: إذا نزل السماء بأرض قوم ... رعيناه وإن كانوا غضابا والسماء: سقفُ كل شيء، وما علا فهو سماء.

الأرض الأرضُ التي عليها الناس. والأرض: سَفِلَةُ البعير والدابة. يقال للبعير شديد الأرض إذا كان شديد القوائم. قال حُميد بن الأرقط يصفُ فرساً: ولم يقلب أرضها بيطار ... ولا لحبليه بها حبار يعني: يقلب قوائمها من علة بها. وقال خُفافُ بن نُدبة: إذا ما استحمت أرضه من سمائه ... جرى وهو مودوع وواعدُ أصدق سماؤه: أعلاه، وأرضه: قوائمه. والأرض. الرعدة. قال ابن عباس: "أزلزلت الأرض أم بي أرض، أم بي رعدة". والأرض الزكامُ. قال ذو الرمة: إذا توجس ركزاً من سنابكها ... وكان صاحب أرض أم به الموم الأرض الزُّكامُ، والمومُ: البرسامُ. النجم النجمُ معروف من النجوم. والنجمُ: الثُّريا. قال ذو الرمة:

حتى إذا ما استقل النجم في غلسٍ ... وضوح البقل ملوي ومحصودُ النجمُ: الثريا، وضوح: يبس، والنجمُ من النبات 1/ 296: ما لم يقم على ساق والشجر ما له ساق. الكوكب الكوكبُ واحدُ كواكبِ السماء، والكوكبُ أيضاً معظمُ النبات، وكذلك كوكب كل شيء معظمه. قال الأعشى: يضاحك الشمس منها كوكب شرق ... موزرٌ بعميم النبت مكتهلُ منها: من الروضة الجزاء، وكوكبها: معظمها. شرق. أي: مُشرق، والعميم والمكتهل: التام. وقال أبو المقدام الراعي: كوكبٌ فيه كوكبٌ قد رأينا ... كوكب زرته فقلت وقالا يعني بالكوكب الأول البقرة الوحشية لأنها بيضاء وتُسمى كوكباً. وقوله: فيه كوكب، يعني أنها عقوق بولد، وهو كوكب آخر، أي فصاح بها، وقال آخرون: إنما عني بالكوكب الثاني كوكباً من الكواكب التي في السماء. والكوكب الثالث: كوكب عين الإنسان. النهار النهار: ضد الليل، والنهار فرخ الحباري. قال: يدير النهار بحشر له ... كما زاول الغُفة الخيطلْ

العفة: الفأرة، والخيطلُ: السنوْرُ. ويقال: النهار فرخ القطاة. الليل الليلُ: ضد النهار، والليلُ: فرخ الكروان. قال: ثم لولا رأيته بنهارٍ ... وقصاراً رأيتهن طوالا يعني بالقصار: الليالي في الصيف قصارٌ، وفي الشتاء طوالٌ. الجمل الجملُ المعروف، وهو الواحد من الجمال. والجملُ 1/ 297 أيضاً ضربٌ من السمك يقال له جملُ البحر. والقلوص: الصغيرة من الإبل، والقلوص أيضاً الحُباري. الإنسان الإنسان: الواحد من الناس، والإنسان: مأمن مياه العرب بنجد معروف. الصبي الصبي: الصغير من الناس، والصبي أيضاً القدم. الشيخُ الشيخُ من الناس معروف، وهو أيضاً من المطر دون الرذاذ. العجوز والعجوز من النساء [الشيخة الهرمة] والعجوز: الكعبة، والصبي [و] ملتقى طرق الفكين من الذقن. قال الراجز:

"مستحملاً أكفالها الصبيا" العبدُ العبدُ واحد عبيد، والعبدُ أيضاً جبلٌ من جبال طبيء. قال: مخائف أسود الرتقاء عبد ... يسير المخفرون ولا يسير اليد اليد من الإنسان ضد الرجل، واليد: النعمة والمنة من الرجل إلى غيره. الرجل الرجل: ضد اليد، والرجل: القطعة من الجراد. قال: فإن لم أصبحكم بها مستطيرة ... كما زهت النكار رجل جراد والرجل: رجل السراويل. ونقول: فلانٌ قائمٌ على رجل: إذا أجد في أمر حزنه. العين العين معروفة، والعين: المال العتيد الحاضر، والعين على معانٍ كثيرة، وقد ذكرت بعضها في حرف العين من هذا الباب. البطن البطنُ من الإنسان معروف، والبطن: الغامضُ من الأرض.

الظهرُ الظهر من الإنسان [معروف]، والظهرُ: ما ارتفع من الأرض، والظهرُ أيضاً المرعى في الصحراء. الثنايا 1/ 298 الثنايا من أسنان الإنسان، والثنايا جمع الثنية وهي الطريق والجبل. الضرس الضرس من الإنسان معروف، والضرسُ قطعة من المطر يتفرقُ في الأرض، والجميعُ الضروس. السن والسنُّ من الإنسان [معروفة] أيضاً. وهو قطعة من العُشْبِ يتفرقُ في الأرض، والسن عند بعض العرب: الثورُ الوحشي. قال الراجز: * يخور فيها كخوار السن * الرحى والرحى من الأضراس، والرحى كركرةٌ البعير. الاصبَعُ والاصبعُ من الإنسان معروفة، وهي أيضاً الأثر الحسن. قال لبيد: من يجعل الله عليه اصبعا ... في الخير أو في الشر يلقاه معا

الظُّفْرُ والظُّفْرُ من الإنسان معروف، وهو من الجسد ما سوى الشوى والرأس [البدن] والبدن شبه درع إلا أنه قصير قدر ما يكون على الجسد فقط قصير الكُمَّين والجميع الأبدان. وقال: (ترى الأبدان منها مسبغات) ... ......................... وقد حصل هذا في الجزء التاسع يضيق ههنا. الثَّوْرُ الثَّوْرُ من البقر معروف، والثَّوْرُ: القطعة من الأقِط، وجماعته الثيران. قال: بعد ثور رأيت في جحر نمل ... وقطاة تحملُ الأثقالا وقال آخرون: الثور ما يثيره النمل من حجرتها فتكثبه. وأكثر ما يوجد أن الثور القطعة من الأقط. قال أبو ذؤيب الهذلي: ونباتاً رأيتُ سبحان ربي ... يأكل الثور في ظلال السحاب 1/ 299 النبات: بنو آدم، قال الله - عز وجل- {وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنْ الأَرْضِ نَبَاتاً}.

والثور القطعة من الأقط وهي لغة للعرب. وقال آخر: وثوراً قد أكلتُ بغير خبز ... وثوراً بعد ذاك فما شيعتُ البقرة البقرة: الأنثى من البقر. والبقرة اسم للمرأة يُكنى بها عن ذكرها تصريحاً. والبقرةُ: العيال الكثير. يقولون جاء فلان يسوق بقرة أي عيالاً. الحمال الحمار واحد الحمر معروف. الحمار أيضاً حجر ينصب على حجرين آخرين ويجفف عليه الأقط. قال الراجز: لا ينفع الشاوي فيها شاته ... ولا حماراه ولا علاته الحمارة والحمارة الأنثى. والحمارة أيضاً حمارةُ السرج، وهي الخشبة يُوضعُ عليها السرج. [الأتان] والأتان هي الأنثى أيضاً من الحمر، وهي أ] ضاً صخرة في بطن الوادي تُسمى أتان الضحل. قال أبو المقدام:

وأتانا رأيتُ واردة الماء ... م سنيناً فما تذوق بلالا قوله: فما تذوق بلالاً، أي ليس فيها روح فتشرب. وقال علقمة: هل تلحقني بأخرى القوم إذا شحطوا ... عيرانة كأتان الضحل علكوم الضحل: الماء القليل. والعلكوم. الناقة الجسيمة السنمة. والعيرانة: الناقة الجذعة الصلبة الشديد، وقيل: شبهها بالعير لسرعتها. العيرُ العيرُ: الحمارُ، سيد القوم، والعير على معان كثيرة تطول. [الجحشة] 1/ 300 الجحشَة: الصغيرةُ من الحُمر، وهي أيضاً الصوف الملفوف كالحلقة. الشاة الشاة من الغنم معروفة، والشاة يُكنى بها عن المرأة، وقد مر في باب الكناية. الكبشُ الكبشُ: معروف، والكبشُ: رئيس القوم، ورئيس الجيش. يقالُ: فلان كبشُ قومه إذا كان شديداً بطلاً. قال: وقد غادرتُ كبشهم جهاراً ... بحمد الله طلحة في المجال

وقال أبو المقدام: وكباشاً رأيتها مقرنات ... جاعلات من السيوف ظلالا الكباش: رؤساء القوم. مقرنات: صافين في الحر صغا، وظلالا، سيوفهم مخترطة للقتال. [العنزُ] العنز معروفة من الغنم. والعنز: الأكمةُ السوداء. [الحمل] والحملُ: ولد الضأن، والحمل: السحابُ الكثيرُ الماء. الظَّبْيُ الظبيُ والظبية معروفان، وهما الغزالان، والظبيُ: كثيب معروف. قال امرؤ القيس: وتعطو برخص غير ششن كأنه ... أساريع ظبي أو مساويك إسحل الرخصُ: الناعم، والشننُ: الغليظُ، والأساريعُ جمع أُسْروع وهو دود يكونُ على الشوك والحشيش. يقالُ: اليسروع وأسروع والجمع يساريع وأساريع. وإسْحِل: شجرٌ من شجرِ السواك، والظبية: حياء الفرس الأنثى.

الدجاجة الدجاجةُ واحدةُ الدجاج معروفة 1/ 301 والدجاجَةُ: الكُبَّةُ من الغَزْل، وهي أيضاً قطعةُ صوفٍ يلُفُّها الغازل ذراعه كالحلقة، والفَرُّوجة الصغيرة من الدجاج، وهي أيضاً الدُّراعة، والفَرُّوجُ: فروج القباء. البيضة البيضة: بيضةُ الدجاجة وغيرها، معروفة. والبيضة أيضاً بيضةُ الحديد وهي العُقْر، وعلى معانٍ كثيرة تطولُ. الفَرْخُ والفرخ: بيضةُ الحمام وغيره، والفرخُ: فرخُ الهامة، وهو مستقر الدماغ. النَّسْرُ النَّسْرُ: طائرُ معروف، والنسران في السماء نسر طائرٌ ونسرٌ واقع، ونسرُ الحاقر: لحمة يابسة يُشبهها الشعراء بالنوى. قال الشاعر: يُرى بين حواميه ... نسور كنوى القسب الحاميتان عن يمين السُّنْبُكِ وشماله.

العُقَابُ العُقَابُ: طائرٌ، والجميع العِقْبَانُ، وثلاث أعقبٍ، تُنَوِّنه العربُ إذا رأته. هذا كلامهم، لأنها لا تعرف إناثها من ذكورها فإن عرفه عارف قال: هذا عُقَابٌ ذكر. والعُقَابُ: العَلَمُ الضخم تشبيهاً بالعقاب الطائر. وقال أبو المقدام: وعقاباً يطيرُ من غير ريش ... وعُقاباً مقيمة أحوالا العُقَابُ الأول: الراية، والعقاب الثانية: الحجر البارزُ في طي البئر تُدْعى بالعُقاب. يُقالُ: أصْلح عُقَاب بئري 1/ 302 فتُخْرج حجراً في الطي متقدمة ليقوم عليها من يريد النزول إليها. وقال الحارث بن ظالم في العلم: وهل أبصرت مثل بني لؤي ... إذا رُفعت على الرأس العقابُ وقال الشاعر في العقاب: وإذا عقابهم المدله أبصرت ... تبدو بأفصح ذي مخالب جهضم الصَّقر الصَّقْرُ طائرٌ من الجوارح، بالصاد والسين جائز. والصقرُ ضربُ الحجارة بالمعول، والصقرُ: دِبْسُ الرطبِ، والصَّقْرُ لبنٌ حامضٌ أشد ما يكون حموضة، والصقْرُ عند بعضهم الخطط من الشعر وأذن الفرس.

القطاة القطاةُ من الطَّيْرِ معروفة، والقطاةُ موضعُ الردف من الفرس وهي لكل خلق. الغُرابُ الغُرابُ معروف. قال الشماخ: فأنحى عليها ذات حد غُرابها ... عدو لأوساط العضاه مُشارزُ والغُرابُ: قذالُ الرجل، قال ساعدة: شاب الغراب فلا فؤادك تارك ... ذكر الغضوب ولا عتابك يعتبُ والغرابان من الفرس حرفاً الورك به المشرفان. قال الجعدي: على أن هاديه مشرق ... وظهر القطاة ولم يجدب الذُّبَابُ الذُّبابُ اسمٌ واحدٌ للذكر والأنثى، وكذلك الغُراب، والغالبُ عليه في الكلام التذكير، كما أن الغالب في العُقاب التأنيث. والذباب أيضاً ذُباب السيف وهو رأسه الذي فيه ظبته، وجاء في الحديث "كثمرة السوط يتبعها ذباب السيف" وثمرة السوط: طرفه، 1/ 303 وحدُّ كل شيء ذبابه: وقال أبو المقدام: وذباباً رأيته في ذبابٍ ... مع ذُبابٍ يقطع الأوصالا

الذباب الأول هو الذباب بعينه، والذباب الثاني ذباب العين، وهو إنسانها، والذباب الثالث هو طرف السهم. القوسُ القوسُ معروفة، والقوس: حمارُ الوحش. قال أبو المقدام: بعد قوسٍ أكلتُ في ظل قوس ... ثم قوس بريتها ونصالا القوسُ الأول: حمارُ الوحش، ويقالُ: القوس: بقيةُ التمر في الجُلَّة، وهي لغة للعرب، والقوس الثاني: الرملُ، والقوس الثالث أراد بها القوس، والنصال: النبال. الثعلبُ الثعلبُ معروف، والثعلب ما دخل في الرمح من جُبَّةِ السنان، وهو الأجوفُ منه قال دريد بن الصمة: أطعنُ النجلاء يعوي كلبها ... ثعلب العامل فيها مرجحن والثعلبُ الجُحْرُ الذي يسيلُ منه ماء المطر. الضَّبْع الضبع معروفة، وهي الأنثى، والذكر ضبعان، وفي لغة ضبع مثقل، والضبع: السنةُ المجدبة. قال: أبا خُراشة أما أنت ذا نفر ... فإن قومي لم تأكلهم الضبعُ

الفهدُ الفهد معروف، والأنثى فهدة، والفهد مسمار [في و] اسط الرحل. الكلبُ الكلبُ معروف، والكلبُ: المسمارُ في قائم السيف، وهو على معانٍ كثيرة، وقد ذكرتُ بعضها في حرف الكاف من هذا الكتاب. الحمامة الحمامة معروفة، والحمامةُ: الموضعُ الذي يصيب الأرض منه صدر الفرس إذا ربض. 1/ 304 الذهبُ الذَّهَبُ معروف، والذَّهَبُ: المكيال يُكال به باليمن، والجميع أذهاب. العَنْبَرُ العنبرُ من الطيب معروف، والعَنْبَرُ: التُّرْسُ، وبه سُمي العنبر بن عمرو بن تميم أبو هذه القبيلة. الكافور الكافورُ من الطيب معروف، والكافور عين ماء في الجنة، والكافور نبتٌ له نورٌ كنور الأقحوان، والكافور طلعٌ يخرجُ من النخل كأنه نعلان مطبقان والحمل بينهما منضود.

الوَرْد الوردُ من النور معروف، والورد كل لونٍ يضربُ إلى صفرةٍ حسنة من لون الدواب وغيرها، ومنه فرس وردٌ. وقال: أيا بنت عبد الله وابنة مالكٍ ... ويا بنت ذي الجدين والفرس الورد وهو بين الأشقر والأحمر. الريحان الريحان معروف، والريحان: الرزق، قال: ويرفع أقواماً ويوضع معشراً ... وقدر بالريحان بين الخلائق البيتُ البيتُ معروف من البيوت، والبيت أيضاً المرأة، والبيتُ: القبر. الحصيرُ الحصير معروف، والحصيرُ أيضاً الملك. قال: ومقامة غُلْب الرجال كأنهم ... جن لدى باب الحصير قيام النَّعْلُ النعل معروفة، والنَّعْلُ: القطعة [من الأرض] قال: فدى لامريء والنعلُ بيني وبينه ... شفى غيم نفسي من رؤوس الحوائر

الحواثر بنو حوثرة بطن من عبد القيس 1/ 305 الطريق الطريقُ معروف، والطريق النخلُ التي تُنالُ باليد. قال الشاعر: وكلُّ كميتٍ كجذع الطريق ... م يردي على سلطات لُثُم الفقير الفقير من الناس معروف، والفقير بئر معروفة، والفقير أيضاً نقار يحفر في الأرض ينفذ بعضها في بعض حتى يجتمع ماؤها في بئر واحدة. والفقير من الدواب المصاب فقار ظهره، يقال مفقر وفقير. قال لبيد: لما رأى لُبدُ النسور تطايرت ... رفع القوادم كالفقير الأعزل العسل العسل معروف، والعسل عدوٌ من عدو الذئب. قال الجعدي: عسلان الذئب أمسى طاوياً ... برد الليل عليه فنسل العسلان من النسلان. ويرو: أمسى قارباً. القارب: الطالب للماء، ولا يقال لطالب الماء نهاراً قارب. الخَلُّ الخل: المصطبغ به معروف، والخل: الطريقُ في الرمل. قال الشاعر:

أقبلتها الخل من شوران مصعدة ... إني لأزري عليها وهي تنطلق وله معان أخر تركتها. المِلْح الملح معروف. والملح: الشَّحْمُ. يقال: جَزُورٌ مُمَلَّحٌ إذا كنا فيه باقي شحم. والمِلْحُ والمَلْحُ - بكسر الميم وفتحها - الرضاع - بكسر الراء وفتحها. وقال رجلٌ وكانت له إبل يسقي من ألبانها قوماً ثم أنهم أغاروا عليها فذهبوا بها فقال: وإني لأرجو ملحها في بطونهم ... وما بسطت من جلد أشعث أغبرا يقول: أرجو 1/ 306 أن تحفظوا ما شربتم من ألبانها وما بسطت من جلودكم بعد أن كنتم مهازيل. مسألة في الألوان يُقالُ إذا بُولغَ في نعت الألوان: أبيض يقق، ولهق، وبلق، وأبيض ناصع. واليققُ واللَّهَقُ والبَلَقُ: البياضُ. قيل في البياض: رجلٌ أغر وامرأة غراء. والقمرُ والقُمْرَةُ البياض. حمارٌ أقمر، والقمراءُ ضوءُ القمر. والزُّهْرَةُ البياضُ. والجوْنُ أبيض وأسود بالضد والاسم الجونة. والوضح: البياض، والواضح: الأبيض، وقيل للدراهم الوضح لبياضها. والغُبْشَةُ: بياضٌ إلى حُمرةٍ يُقالُ: جملٌ أغبش. والمُلْحَةُ: البياضُ، ومنه كبشٌ أملح، وهو الأسود تنفذه شعرة بيضاء، أي تعلو سواده. وفي الحديث: "أتى النبي عليه السلام بكبشين أملحين أقرنين جونين". وأنشد الأخطل:

ملح المتون كأنما أنيستها ... بالماء إن يبس النضيح جلالا ويقال: أسود حالك وحانِك، والحنك: السواد، وغريب، وحلكوك، وحلبوب، ودلهم، (ودنجد)، وأسحم وأنشد: وطيلسان عبهبان أسحما ... أدعج دجداجاً دنجداً دلهما ودجداج وسُحْكُوك ومُسْحَنْكك. يُقالُ: أتانا مُسْحَنْكِك الليل، والخدرُ السواد. وأنشد العجاج: * وخدر الليل فيجتاب الخدر * ومنه عُقاب خُدارية، والخادِرُ الأسود. والبُرْقة سوادٌ وبياض. جبلٌ أبرق، وكبشٌ أبرق. لون التراب إلى السواد، ويقال للأسود أصفر. والخُضْرَة السواد. وأنشد للفضل بن عبيد: وأنا الأخضر من يعرفني ... أخضر الجلدة في بيت العرب والغُثْرَة لونُ الغُبْرَة، كبش أغْثر، والأمْغَرُ لونُ المَغْرَةِ، والاسم المَغَرَة ..

والخصيف ذو لونين، يقال: كتيبة خصيفٌ. والحُمِّة: حُمَّرَةِ إلى سوادٍ. يقال: كُميتُ أحم. والسُّمْرَةُ يقالُ لها اللمى والظمي. يُقال: رمح أظمى، 1/ 308 وامرأة ظمياء ولمياء. والصهبة: حُمْرَة إلى بياض. والشُّقْرَةُ: حُمْرَة صافية. والرُّمْلَةُ خطوط بيض وسود وهي الرمل والإرمال. والمرَه والمُرْهَةُ والمقه: حمرة في العين. وأنشد لذي الرمة: من الناصعات البيض في غير مرهةٍ ... ذوات الشفاه الحو والأعين النجل والصيحة: حمرةٌ إلى بياض. قال: ورأيته يحمي الصحاب كأنه ... صبحاء تحمي شبلها وتحيد والرُّقْطَةُ والرَّقَطُ، والعُرْمَةُ، شاة عرماء ورقطاء، ودجاجة رقطاء وأفعى عرماء. وأنشد: أبا وافدٍ لا يوطئنك بغاضتي ... رؤوس الأفاعي في مرابضها العُرم والكُهْبَةُ كالغيرة، ومنه أكهبُ وكَهْبَاء. 1/ 309

بسم الله الرحمن الرحيم هذا بابُ تفسير شيء من الكلام الجاري بين الناس على توالي حروف المعجم إلى آخرها، والتوفيق بالله عز وجل، ثم نختم الكتاب بشيء من الألفاظ الغريبة، والمعاني اللغوية، والأبيات المعنوية إن شاء الله. الألف الألف حرف لين، وهي هوائية، ويُقالُ لها المجهورة، ومعنى هوائية أي أنها في الهواء، وهي أيضاً حرف مد. والألف تذكر وتؤنث. فمن ذكر جعله على الحرف، ومن أنث أراد الكلمة، وكذلك الحروف، هذا حكمها. وفي كتاب آخر اثنان وخمسون ألفاً وثمانمائة [حرف]، وهي في الحساب الكبير والصغير واحد. وعددها في القرآن ثمانية وأربعون ألفاً وتسعمائة وتسعون ألفاً. والألفاتُ تكون في أوائل الأسماء وأوائل الأفعال، فالتي في أوائل الأسماء تنقسم على أربعة أقسام: ألف أصل، وألف وصل، وألف قطع، وألف استفهام. فألف الأصل تعرفها بمخير بأن تجدها فاء من الفعل، وتجدها ثابتة في التصغير. من ذلك قوله عز وجل: {وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي} هذه الألف أصل، لأن إصري مثاله من الفعل افعلي فالألف بحذاء الفاء. وتقول في التصغير أصير كما ترى فنجد الألف ثابتة في التصغير. واعلم أن ألف الأصل في الأسماء تكون مضمومة ومكسورة 1/ 311 ومفتوحة. فالمضمومة قوله - عز وجل- {قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ} الألف في أذن أصلية، لأنك تقول في

مثالها فُعُل، فالألف بحذاء الفاء، وتقول في تصغيرها أذينة، فتجد الألف ثابتة في التصغير. وكذلك {يَا أُخْتَ هَارُونَ} الألف في أخت أصلية، لأنها فاء من الفعل، وهي ثابتة في التصغير. ألا ترى أنك تقول في التصغير: أخية. والمفتوحة قوله تعالى-: {أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ}. الألف في الأمر أصلية، لأنك تقول في مثاله فعل فتجد الألف بحذاء الفاء. وتقول في تصغيره: أمير فتجد الألف ثابتة في التصغير، وكذلك {مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ} الألف في الأب ألفُ أصل، لأنك تقول في تصغيره أبي، وتقول في مثاله فعل، فالفاء بحذاء الهمزة. والمكسورة قوله - عز وجل- {وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي}، فالابتداء فيها يمثل الوصل، إذا وجدتها مكسورة في الوصل كسرتها في الابتداء، وإذا وجدتها مفتوحة في الأصل فتحتها في الابتداء، وإذا وجدتها مضمومة في الوصل ضممتها في الابتداء. وألف القطع في الأسماء على وجهين: أحدهما: أن تكون في أوائل الأسماء المفردة، والوجه الآخر: أن تكون في أوائل الجمع. والتي تكون في أوائل الأسماء المفردة تعرفها 1/ 312 بثباتها في التصغير، وبأن محن الألف فلا تجدها فاء ولا عيناً ولا لاماً. من ذلك قوله- عز وجل- {فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ}. فالألف في أحسن ألف قطع لأنك تقول في تصغيره، أحيسن، فتجد الألف ثابتة في التصغير. فإن قال قائل: فقد زعمت أن ألف الأصل تُعرف بثباتها في التصغير، وأن ألف القطع تُعرف بثباتها في التصغير فما الفرق بينهما؟ قيل له: إن الفرق بينهما أن ألفَ الأصل فاء من الفعل، والألف القطع ليست فاء ولا عيناً ولا لاماً، وألف القطع في الجميع تعرفُها بأن جد الألف واللام يحسن دخولهما عليها وتمنحنها فلا تجدها فاء ولا لاماً

كقوله- تعالى-: {وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا}. الألف في الألوان ألفُ قطع، لأنك تُدخلُ عليها الألف واللام، فتقول: الألوان، ومثالها من الفعل أفعال، والألف ليست فاء ولا عيناً ولا لاماً. وألفاتُ الوصل في الأسماء تسعة: ألفُ ابن، وابنة، واثنين [واثنتين]، وامريء، وامرأة، واسم، واست. فهؤلاء الثمانية تكسر الألف في الابتداء فيهن وتحذف في الوصل، والتاسعة الألف التي تدخل مع اللام للتعريف، وهي مفتوحة في الابتداء ساقطة في الوصل. وتُعْرَفُ ألفُ الوصل بسقوطها 1/ 313 في التصغير. تقول في تصغير ابن بُنَيّ، وفي ابنة بُنَيَّة وفي ابنتين بنيتين قال: بنيتي صابراً أباكما ... انكما تبغين من يراكما وقال في بني: بني إذا ما سامك الذل قاهر ... عزيز فإن الذل للعز أحرز فلا تحملن يوماً عليه تعززا ... فقد يورث الذل الطويل التعزز وقال الله - عز وجل- {يَا بُنَيَّ أَقِمْ الصَّلاةَ}. وقال أبو منصور لابنته: بنية لا تجزعي واصبري ... عساك بصبرك أن تظفري وفي امريء مُرَيء، وفي اسم سُمي، وفي استٍ سُتَيْهَة، فتجد الألف ساقطة في جميع هذه الأسماء، وإذا سقطت فهي ألف وصل، وإذا ثبتت الألف في التصغير

فهي سخية أي أصلية. وسنخُ كل شيء أصله، وسنخُ الكلمة أصلُ بنائها، والعربُ تهمزُ ألف الوصل في صدر الشعر، وهو مما لا يلتفت إليه، وإنما ذكرته لتعرفه. قال قيس بن الخطيم: إذا جاوز الاثنين سر فإنما ... بنث وتكثير الحديث قمين فهمز ألف الاثنين، وهي ألف وصل، وقال الآخر: لا لا أرى إثنين أحسنَ شيمةً ... على حدثان الدهر مني ومن جُمل فإن قيل: فقالت ابن قيس ذا .... وبعض الشيب بعجبها لم قطع الألف فقل: هذا البيت صواب، والألف المقطوعة فيه أأبن قيس ذا 1/ 314 فحذف الألف الثانية للوصل، وبقى ألف الاستفهام. وأما الألف التي تدخل مع اللام للتعريف قوله تعالى {بسم الله} إذا وقفتَ على الله تبارك وتعالى ابتدأت الرحمن بفتح الألف، وإذا وصلتَ أذهبتها، وتعرفها بالسقوط من الاسم الذي هي فيه، وبدخول الألف واللام عليها، فإذا صلح سقوطها من الاسم، وبطل دخول الألف واللام عليها فهي ألف وصل، وإذا كان غير ذلك فهي ألف قطع، فإذا قلت: {الرحمن الرحيم} {الْحَمْدُ لِلَّهِ} علمت الألف في الحمد ألفُ وصل. والألفات اللاتي يكن في

أوائل الأفعال تنقسم على ستة أقسام: ألف أصل، وألف وصل، وألف قطع، وألف المخبر عن نفسه، وألف الاستفهام، وألف ما لم يسم فاعله. فأما ألف الأصل فإنها تبتدأ في الماضي وتعرفها بأنك تجدها فاء من الفعل ثابتة في المستقبل. وألف الوصل فإنها تسقط من الدرج وتفتح أول المستقبل وهي مبنية على ثالث المستقبل إن كان مفتوحاً فتحت، وإن كان مضموماً ضُمت، أو مكسورة كسرت. تقول: يا زيد اضرب ويا عمرو اشتم، 1/ 315 ألف وصل لأنه ضرب يضرب وشتم يشتم. الألف مفتوح، وألف القطع ويقالُ ألف الفصل إنما، فإنك تعرفها بمحنتين إذا جاز بعدها أم، وحسن في موضعها هل، وأوله مضموم في المستقبل: يكرمُ ويعطي ويُحصى، وألف المخبر عن نفسه فإنك تعرفُها إذا حسن بعد الفعل الذي فيه وكان مستقبلاً. مسألة فإن قيل: لِمَ فتحت الألف في أدعو، وضممتها في أفرغ وكلتاهما ألف المخبر عن نفسه؟ قيل له: إذا كان الماضي على أقل من أربعة أحرف أو أكثر - فألف المخبر عن نفسه فيه مفتوحة لأن الماضي دعا فهو أقل من أربعة أحرف، وإذا كان الماضي على أربعة أحرف فألف المخبر عن نفسه فيه مضمومة. والذي يُفتح لأن الماضي أكثر من أربعة أحرف قوله: {أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي} فتح الألف، لأن الماضي استخلص، وهو أكثر من أربعة أحرف. أفرغ، لأن الماضي أفرغ فتجده على أربعة أحرف، وألف المخبر عن نفسه في فعل ما لم يسم فاعله لا يكون إلا مضموماً قلت حروف الماضي أو كثرت كقولك: أكرم، وأضمرت، واستخلص. 1/ 316 وألف ما لم يسم فاعله يكون في أربعة أمثلة في أفْعَلَ واسْتَفْعَلَ وافْتَعَل وانْفَعَل، وقد يكون في فعل كقولك. أُخِذَ وأُمِرَ، وأكِلَ وليست لازمة جميع هذا البناء، وإنما صارت ألِفُ ما لم يُسَمَّ

فاعله مضمومة لأن فِعْلَ ما لم يُسَمَّ فاعِلُه يقتضي اثنين فاعلاً ومفعولاً، وذلك أنك إذا قلت: ضرب وشتم دل الفعل على ضارب ومضروب وشاتم ومشتوم، فضموا أوله لتكون الضمة دالة على اثنين. وألف الاستفهام مثل قوله تعالى: {اطَّلَعَ الْغَيْبَ} وهي ألف وصل، ومثله: {اسْتَكْبَرْتَ}، {أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ} و {اصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ}. كل هذا استفهام ماض وألفاتها في الخبر، فإذا كان مستقبلاً فلابد من ألفين ألف الاستفهام وألف الفعل، فإن شئت جعلتهما ألفاً ممدودة، وإن شئت خففتهما. قلت: اضرب زيداً، وأشرب ماء، وإن شئت ااضرب زيداً وااشرب ماء. فإذا كانت الألف أصلية وهو بألفين {أَأَنذَرْتَهُمْ} وإن شئت خففت الألفين، وإن شئت جعلتهما ألفاً ممدودة. ومثله {أَأَرْبَابٌ}، ومثله: {أَأَمِنتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ} فما كان بألف أصلية ماضياً كان أو مستقبلاً فيجوز بألفٍ مطولة أو بألفين منقرضتين، وأما أربعة أحرف، ولا يجوز البينة بهمزتين قوله- تعالى-: {أَاللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ} {وَاللَّهُ خَيْرٌ} وذلك أن كل اسم فيه ألف ولام لا يحسن فيه ألف ولام أخرى 1/ 317 فليس يجوز إلا بألفٍ ممدودة، وإنما يجوز بالألفين ما كان بالألف الأصلية. ألا ترى أنك تقول في الخبر: الله أعطاك هذا، فإن استفهمت قلت: آلله أعطاك هذا؟ فتمدُّ الألف لتفصل بين الاستفهام والخبر. قال ذو الرمة:

أبا ظبية الوعساء بين جلاجل ... وبين النقا آأنت أمْ أمُّ سالم ويُرْوَى: فيا ظبية. ويُروى: أي كأنه أأنت فاستقبل بهمزتين بينوا لبينتين فأدخل بينهما ياء خفيفة راحة للسان. وروي أن بني تمم يقرءون أي {أَنذَرْتُكُمْ} فيدخلون ياء خفيفة للسان. وقال آخر: تظاللت فاستشرفسته فوجدته ... فقلت له آأنت زيدُ الأراقم هذه ألف الاستفهام، وأمارتُها أم لابد منها، فإذا كانت ألف الاستبخار لم يحتاجوا معها إلى أم، وربما أسقطت ألف الاستفهام استغناء عنها لأن أم دلالتها نحو قول امريء القيس: تروح مع الحي أم تبتكر ... وماذا يضيرك لو تنتظر أراد: أتروح فحذفها استغناء عنها وبمعرفة موضعها في المعنى. وفي أم قال الله تعالى- {وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ} يريد أمنها. وقال الأخطل: كذبتك عينك أم رأيت بواسط ... غلس الظلام من الرباب خيالا

يريد أكذبتها. قال آخر: لعمرك ما أدري وإن كنت داريا ... شعيث بن سهم أم شعيث بن منقر يريد أشعيث بن سهم قال عمر بن أبي ربيعة. لعمرك ما أدري وإن كنت دارياً ... بسبع رمين الجمر أم بثمان ويروي: لسبع 1/ 318 رمينا الجمر، يريد أبسبع. وقال آخر: رفوني وقالوا يا خويلد لم تُرع ... فقلت وأنكرتُ الوجوه هم همُ رفوني: أدنوني كأنه قال: ألم ترع فحذف الألف. وكان ابن عباس يقول في قول الله - عز وجل- {فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ} أفلا جاز العقبة؟ والعربُ قد تستفهم بحرف وحرفين وتثبت الألف وتحذفها. قال الأعشى: أهل تذكر من أدلى بحجته ... وهل يكذب أمثالي إذا نطقوا

فقال: أهل، ثم قال: وهل وأثبت الألف ولم يثبت في بيت واحد. وقد يجيء الألف في لفظ الاستفهام وليس باستفهام ولكنه تقرير وإيجاب. قال الله - جل وعز- {أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا}. وهذا من الملائكة عليهم السلام بمعنى الإيجاب، أي أنك ستفعل. وقال جرير: ألستم خير من ركب المطايا ... وأندى العالمين بطون راح فأوجب ولم يستفهم، ولو كان استفهاماً ما كان مدحاً. وقال الفرزدق: ألسنا أكثر الثقلين رجلاً ... وأعظمنا ببطن حراء نارا فهذا أيجاب وليس باستفهام. وحراء: جبل بمكة يُذكر ويؤنث وقد ذكره رؤبة في شعره وأنثه الفرزدق في هذا البيت. وقال القطامي: أليسوا بالألي قسطوا جميعاً ... على النعمان واقتدروا السطاعا فهذا إيجاب، وليس باستفهام، وكيف يكون استفهاماً وقد دخلوا فتنة؟!

والسطاعُ: الخشبة تُنصبُ وسط الخباء والرُّواق ونحوهما، والجمعُ السطُع وثلاثة أسطعة. وقد تجيء الألف في الرفع والنصب والجر في لغة بني الحارث بن 1/ 319 كعب لأنها أخف حركات المد واللين. يقولون: رأيتُ رجلان، ومررت برجلان، وهذان رجلان. قال الله - تعالى- {إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ}. وأنشد سيبويه في ذلك: أي قلوص راكب تراها ... ثالوا عليهن فثل علاها واشدد بمتني حقب حقواها ... إن أباها وأبا أباها قد بلغا في المجد غايتاها ... ناجية وناجيا أياها على تلك اللغة. وقال الراجز: تعرفُ منها الأنف والعينانا ... ومنخرين أشبها ظبيانا وقال آخر:

تزود منا بين أذناه ضربة ... دعته إلى هاب التراب عقيم فقال: بين أذناه على تلك اللغة. وقال آخر: فأطرق إطراق الشجاع ولو يرى ... مساغاً لناباه الشجاع لصمما فقال: لناباه على تلك اللغة. ويروى عن عائشة أنها كانت تقرأ {إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ}. قال قاسم بن يزيد وكانت عائشة تقول: غلط الكاتب في هذا. وقال الخيل بن أحمد: اقرأ {إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ} بسكون النون. والمعنى ما هذان إلا ساحران، وأنشد: ثكلتك أمك إن قتلت لمسلماً ... حلت عليك عقوبة المتعمد أي: ما قتلت إلا مسلماً. وقال آخر: ألا سل الله تغييراً لما صنعت ... نامت وإن أسهرت عيني لعيناها أراد ما أسهرت عيني إلا عيناها. وقال الله عز وجل: {وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ

لَفَاسِقِينَ}، أي ما وجدنا أكثرهم إلا فاسقين، وهو أكثر من أن يُحصى. ومن الألفات: ألف إمالة نحو: راع وصار، كسروا الراء على بناء 1/ 320 رعيتُ والصاد على بناء صرتُ. ولا تجوز الإمالة في قال ولا جال لأنك تقول: قلتُ وجلتُ فتضم ولا تُكسر. وألف التفخيم التي هي كالواو فلا هي ضمة صحيحة ولا ألف خالصة، وأصل الألف الواو فقلبت ألفاً، وكذلك يميلون بها إلى الواو شيئاً، وكذلك كتبت الصلوة والزكوة والحيوة بالواو، فإذا أضفت شيئاً من هذا إلى مكنى كتبته بالألف نحو: صلاتي، وصلاتك، وزكاتي وزكاتك، وحياتي وحياتك. وألف مبدلة من نون مثل قوله - عز وجل- {لَنَسْفَعَاً بِالنَّاصِيَةِ} و {لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونَا مِنَ الصَّاغِرِينَ} فقلبت النون ألفاً، لأن النون من الزيادات، والألف من الزيادات، وهي أخف بنات المد واللين. قال الفرزدق: نبتم نبات الخيزراني في الثرى ... حديثاً متى ما يأتك الخير ينفعا أراد ينفعن فقلب النون ألفاً عند الوقف. وقال جرير: يساور سواراً إلى المجد والعُلا ... وأقسم حقاً إن فعلتُ لتفعلا أراد لتفعلن. وقال الأعشى:

وصل له حين العشيات والضحى ... ولا تعبد الشيطان والله فاعبدا أراد فاعبدن، فقلب النون ألفاً. وربما جمعوا بين الثقيلة والخفيفة فيقدمون الثقيلة ويؤخرون الخفيفة. قال الله تعالى: {لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُوناً مِنَ الصَّاغِرِينَ}. وقال الأعشى: ولا تقربن جارة [إن] سرها ... عليك حرام فانكحن أو تأبدا فقال: تقربن فثقل ثم قال: فانكحن فخفف. مسألة إن قيل: لِمَ جاز الألف في استكبر واستحوذ أن يبني على الباء في يستكبر، والواو في يستحوذ، وهما خامسان، وقد زعمت أن الألف بُني على الثالث؟ فيقال له: الباء في يستكبر 1/ 321 وإن كانت خامسة في اللفظ فهي ثالثة في التقدير، وذلك أن أصول الحروف الفاء والعين واللام، وما سوى هؤلاء الثلاثة الأحرف فزائد لا يُلتفتُ إليه، فلما قُلنا يستكبر ويستحوذ، وجدنا وزنه في الفعل يستفعل، فالكاف في يستكبر، والحاء في يستحوذ بحذاء الفاء، والباء والواو بحذاء العين. فعليهم يقعُ البناء ولا يلتفت إلى السين والباء لأنهما زائدتان. فكل ما أتاك من هذا الجنس، فابن الألف فيه على غير الفعل ولا يلتفت إلى الزائد.

أم أم حرف استفهام على أوله فيصير في المعنى كله حرف استفهام ويكون أم بمعنى بل أم، ويكون أم الاستفهام بعينها كقولك: أم عندك غداء حاضر، أي أعندك؟ وهي لغة قيسية. قال الأعشى: أأم للدلال فإن الفتاة ... يحق على الشيخ إدلالها فهذا استفهام بحرفين. وتكون أم مبتدأ الكلام في الخبر، وهي لغة يمانية. "يقول قائلهم أم نحن خيار الناس أم نطعم الطعام أم يضرب وهو يخبر". وقال آخر: أم في موضع العطف وإشراك الإعراب بمنزلة الواو لأنها تكون في الاستفهام في كل موضع تكون معناه أيهما. وذلك قولك: أزيداً رأيت أم عمراً، لأن معناه أيهما رأيت. فأنت استيقنت أنه رأي أحدهما ولا يدري أيهما هو؟ قال ابن شبيب: أم لا يعطفُ بها إلا مع استفهام تقول: أزيدٌ أتاك أم عمرو؟ قال الله جل وعز {أَأَنْتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنْ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنزِلُونَ} 1/ 322 وتكون بمعنى بل، قال جل وعز {أَمْ أَنَا خَيْرٌ} مجازُه بل أنا خيرٌ منه. وأنشد الفراء: فوالله ما أدري أسلمى تغولت ... أم النوم أم كل إليَّ حبيبُ

فمعنى أم ههنا بمعنى بل. وروى أبو زيد الأنصاري عن العرب أنهم يجعلون أم زائدة. وعن بعض القُراء أنه قرأ {أَمْ أَنَا خَيْرٌ} يعني هذا البيت خيراً. وقال قوم: أم صِلَة. وقيل: إن بعضهم قرأ: {أَنَا خَيْرٌ} بحذف أم. وقال الأخطل: كذبتك عينك أم رأيت بواسط ... غلس الظلام من الرباب خيالا مجازه بل رأيت خيالاً. وقال جرير: نال الخلافة أم كانت له قدراً ... كما أتى ربه موسى على قدر مجازه بل كانت. وقال آخر: ما أكرم الأصهار إن صاهرتهم ... أم ما أحق القوم بالخلق الندي مجازه بل ما أحق. وتكون أم بمعنى ألف الاستفهام، فمن ذلك قوله - تعالى- {أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ} مجازه يقولون. وهو كثير. وكل ما في كتاب الله - عز وجل - من ذكر أمن فهو في المصحف موصول الأربعة أحرف، كتبت في المصحف مقطوعة في سورة النساء {أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ

وَكِيلاً}، وفي سورة التوبة: {أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ}، وفي الصافات {أَمْ مَنْ خَلَقْنَا إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِنْ طِينٍ لازِبٍ}، وفي فُصلت {أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَاتِي آمِناً يَوْمَ الْقِيَامَةِ}، فالذي كتب موصولاً حُجته أن ميم أم اندغمت في ميم من فصارتا ميماً مشددة، وبني الخط على اللفظ، والذي كتب مقطوعاً كتب على الأصل. أو أو حرفُ عطف يُعطفُ به ما بعده على ما قبله، 1/ 323 فإذا وضعت أو بعينها أثبتها. ويُقالُ أو ف يمعنى يكون واواً ويكون في معنى بل في قوله تعالى: {إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ}، قيل: بل يزيدون، ومعناه ويزيدون، والألف زائدة. قال لبيد: لو يقوم الفيل أو فياله ... ندَّ عن مثل مقامي وزحل يريد الفيل وفياله أي صاحبه. زحل تباعد وتَنحى. ويُقال: احذر البئر لا تقع فيها، فتقول: أو يُعافى الله، أي بل يُعافى الله عز وجل، وربما كانت بمعنى واو النسق كقوله تعالى: {عُذْراً أَوْ نُذْراً} و {يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} وكذلك {أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً}. هذا كله عند المفسرين بمنزلة واو النسق، وقوله تعالى: {إِلاَّ كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ} {فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى}

{وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً}. كل هذا بمعنى الواو بلغة بني تميم ومن جاورهم من أهل الحجاز، والمعنى كلمح البصر وأقرب، وكان قاب قوسين [وأدنى]. ولا تُطع منهم آثماً وكفوراً، لا لم يأمره أن يطيع واحداً منهما. وكذلك {وَكُنَّا تُرَاباً [وَعِظَاماً أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ] أو آبَاؤُنَا} المعنى: وآباؤنا، جَعلَ أو بمعنى الواو، فإن كانت أو تعني إضافة الثاني إلى الأول كانت بمعنى الواو فيقولون: من أطعمني خبزاً أو تمراً يريدون خبزاً وتمراً. ومنه قول النابغة: قالت ألا ليتما هذا الحمام لنا ... إلى حمامتنا أو نصفه فقد أي ونصفه. وقال ثوبة بن الحمير: وقد زعمت ليلى بأتي فاجرٌ ... لنفسي تُقاها أو على فُجورها ويروى: أو عليها فجورها، أراد وعليها، لأن الثاني مضاف إلى الأول. 1/ 324 وقال جرير: نال الخلافة أو كانت له قدراً ... كما أتى ربه موسى على قدر

أي وكانت له قدراً، لأن الثاني مضاف إلى الأول، وهو الخلافة، وليس الثاني غير الأول. وقال آخر: قرى عنكما شهرين أو نصف ثالث ... إلى ذاكما ما غيبتني غيابيا أي، اسكنا، من قر يقر إذا سكن، وأراد قرى شهرين ونصفاً ولا يجوز قرا شهرين بل نصف شهر. وقال متمم بن نويرة: فلو كان البكاء يرد ميتاً ... بكيت على بُجير أو عقاق (على المرأين) إذ هلكا جميعاً ... بشأنهما بشجو واشتياق أراد بكيت على بجير وعقاق. وقال قوم: معنى الآية: {وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً} ولا كفورا. واحتجوا بقول الشاعر: لا وجدُ ثكلى كما وجدتُ ولا ... ثكلُ عجولٍ أضلها ربعُ أو وجدُ شيخ أضل ناقته ... يوم توافى الحجيج فاندفعوا أراد ولا وجدُ شيخ. وقالوا: معنى الآية: مائة ألفٍ بل يزيدون، وهو قولُ الفراء. واحتجوا بقول

الشاعر: بدت مثل قرن الشمس في رونق الضحى ... وصورتها أو أنت في العين أملحُ فمعناه: بل أنت في العين أملح. وإذا كان الثاني غير الأول فهو بمنزلته، كانت أو لشك لا غير، كما تقول: قام عبد الله أو زيد لست تعلم من قام منهما، وإن كنت قد أثبت القيام. وتقول: أعندك تمر أو عنبٌ لست تستفهم عن أحدهما على يقين من الآخر، ولكنك في شك منهما، فأردت أن يكون الاستفهام ولم تعلم أيهما عنده فاستفهمت لتخبر باليقين منهما، وإذا كان الفعلُ على الأمرين جميعاً فهو بأو، وإذا وقع أحدهما فهو أم، لأن أو بمعنى تكرار أم. 1/ 325 وأو تأتي للشك تقول: رأيت عبد الله أو محمداً، وتكون للتخيير بين شيئين كقوله تعالى: {أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} {أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} أنت في هذا مخير أيا فعلت أجزي عنك. وتكون أو بمعنى حتى كما قال امرؤ القيس: فقلت له لا تبك عينك إنما ... نحاول ملكاً أو نموت فتُعذرا [وقال]: لتقعدن مقعد القصي ... مني ذا القاذورة الذمي أو تحلفي بربك العلي ... أني أبو ذيالك الصبي

فقال أو تحلفي، يعني حتى تحلفي، وقال آخر: إن على كل رئيس حقاً ... أن يخضب الصعدة أو تندقا يريد حتى تندق. والصعدة: القناة المستوية تنبت كذلك لا تحتاج إلى تثقيف. وقال آخر: صعدة نابتة في حائر ... أينما الريح تميلها تمل والحائر: حَوْضٌ يُسَيَّبُ إليه مسيلُ الماء في الأمطار. وجمع الحائر حيران، "ويسمى حائراً، لأن الماء يتحيرُ فيه، يرجع أقصاه إلى أدناه، وكذلك تحيرت الأرض بالماء لكثرته". وقال لبيد: حتى تحيرت الديارُ كأنها ... زلفٌ وأُلقي قتبها المحزوم زلفٌ: مصانع المياه، الواحدة زلفة. الديار: المزارع. وقال عنترة: أكرهت فيها صعدة بربيئة ... سمراء يقدمها سنان لهذم

وألقى القِتْبَ وما عليه، يقول: أُشِقَّت وألْقِيَ ذاك عنها. ومحزوم: مشدود والماء يتَحَيَّرُ في الغيم. يُقال: قتِب وقَتَبِ. وقد يجيء بمعنى الإباحة، قال تعالى-: {أَوْ كَصَيِّبٍ مِنْ السَّمَاءِ}. فأو دخلت ههنا لغير شك، وهذه تسميها الحذاق باللغة أو 1/ 326 الإباحة. تقول جالس الفقهاء أو أصحاب الحديث أو أصحاب النحو، وينبغي مجالسة هؤلاء. فالمعنى أن التمثيل مباح لكم في المنافقين إن مثلتموهم بالذي استوقد ناراً، فذلك مثلهم، أو مثلتموهم بأصحاب الصيب فهو مثلهم، أو مثلتموهم بهما جميعاً فهما مثلاهم، كما أنك إذا قُلت: جالس الحسن أابن سيرين، فكلاهما أهل أن يجالس. إن جالست أحدهما فأنت مطيعٌ، وإن جالستهما جميعاً فأنت مطيع أيضاً. أمَا وإمَّا وأمَّا أمَا استفهام جَحْد كقولك: أما عندك زيد؟ فإذا قُلت أما إنه وأما والله، فإنها توكيد اليمين توجبُ بها الأمر كقولك: أما لو علمتُ بمكانك لفعلتُ كذا. وقد تجيء أما في موضع ألم تقول: أما سمعت قول فلان أي ألم تسمع؟ أما كفاك ما جرى من فلان، أي ألم يكفك. قال الشاعر: أما يكفيك أنك تملكيني ... وأنَّ الناس كلهم عبيدي أي: ألم يكفك. وقال آخر: أما صحا أما ارعوي أما انتهى ... أما رأى الشيب بفوديه بدا

معنى: ألم يصحُ، ألم ينته، ألم يرعو. ويقول: أما آن لك أن تفعل كذا بمعنى ألم يأن لك. وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعمه أبي طالب يا عم أما آن لك أن تقول معي لا إله إلا الله وأني محمد رسول الله وأنا كفيلك بالجنة. وتقرأ: ما آنا لك وما اآن لك، وألم يأن لك، أي لم يحن لك. وإمَّا - بالكسر - فهو اختيار من أمرين. تقول: إمَّا أن تزورني وإمَّا أن أزورك بتكرار مرتين. فإذا قُلت: إمَّا أن عندك لي خُبزاً فإنه وجوب وتوكيد. وتقول العرب: افعلْ كذا إما مصيباً وإما مخطئاً. 1/ 327 ولو قلت في هذا المعنى إن مخطئاً وإن مصيباً جاز لك. وتكون إما في معنى أو وذلك قولك: رأيتُ إما زيداً وإما عمراً، ومعناه: رأيت زيداً أو عمراً. والعربُ تقول: إما نعم مربحة وإما لا مربحة، فهي بالكسر تخييرٌ في الأمرين. قال حاتم: أماويَّ إما مانعٌ فمبين ... وإما عطاء لا ينهنهه الزجر يقول: إما هذا وإما هذا. وقد تجيء إما بمعنى إن {فَإِمَّا يَاتِيَنَّكُمْ} {إِمَّا تَرَيْنَ} وما أشبه فزيدت ما والنون ثقيلة. وأما - بالفتح - لابد لها من لزوم الفاء في خبرها لتعلق الكلام الآخر بها، وفتحت الألف ليفرق بين إمَّا وأمَّا لأنَّ إمَّا المكسورة تُعرف في المجازاة فأرادوا أن يُفرقوا بين أمَّا التي يؤكد بها الكلام وفتحت وبين إما التي في معنى المجازاة وفي معنى أو. ألا ترى أنك إذا قلت: أما زيدٌ فمنطلق

باب أما وإما

أنه في معنى زيد منطلق لا فرق بينهما غير أنك تدخل أما للتوكيد. دليل ذلك لو أن رجلاً شهد على رجل فقال: أما هذا فقد قتل فلاناً أو قال: هذا قتل فلاناً، كانت الشهادة واحدة، لأن معنى الكلام واحد. وإذا قلت: رأيت أمَّا زيداً وأما عمراً ثم ألقيت أمَّا فقلت رأيتُ زيداً وعمراً تغير الكلام ولم يكن في معنى الأول، لأن معنى رأيت أما زيداً وأمَّا عمراً معنى الشك في أحد الاسمين، وإذا قلت: رأيتُ زيداً وعمراً فقد اشتملت الرؤية عليهما جميعاً، وكلما حسن السكوت على أمَّا ولا تحتاج إلى تكرير فهي أما مفتوحة، وذلك قولك: أمَّا زيدٌ فمنطلق، لأن الكلام قد تم فإذا لم يستغن الأول عن تكرير أمَّا فهي إمَّا مكسورة، وذلك قولك: 1/ 328 رأيتُ إما زيداً وإما عمراً لأنك لو قلت: رأيت إما زيداً لم يتم الكلام وعلى هذا جميع. باب أمَّا وإمَّا قال الله - تعالى- {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى * وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى} فجاء بالفاء لتعلق الكلام بها. وقال الشاعر: أما ابن طوق فقد أوفى بذمته ... كما وفى بقلاص النجم حاديها فجاء بالفاء ليُعلق آخر الكلام بها. ولا يجوز أن تولي إما الفاء، فخطأ أن تقول إمَّا فقائم زيد وإمَّا فقائم عمرو. الفراء عن العرب: إمّا هي تكون التي رأيت فزيدت والله وقد تجيء إيما في موضع إمّا. وقال عمرو بن أبي ربيعة: رأيتْ رجلاً إيْما إذا الشمس عارضت ... فيضحي وإما بالعشي فيخصرُ

يُقالُ: ضحَا الرجلُ يضحى إذا أصابه حرُّ الشمس. وقد تُسمى الشمس ضحاء ممدودة. قال الله تعالى-: {لا تَظْمَأُ فِيهَا وَلا تَضْحَى} أي لا يؤذيك حر الشمس. وتقول: إضحَ يا رجل - بكسر الألف - أي ابرز للشمس. وضح يا رجل من ضحت الأضحية. وتقول للقوم: أضحوا بصلاة الضُحى، أي أخروها إلى ارتفاع الضُّحى. ويُقال: هَلُمَّ نَتَضَحَّى، أي نَتَغَدّى. وأضحى الرَّجُلُ يُفْعَلُ ذاك إذا فَعَلَه من أول النهار، وأضحى إذا بلغ وقت الضحى. وقوله: فيخصر. الخصر: بردٌ يبرد تجده في أصابعك. وقال: يا ليتما أُمنا شالث نعامتها ... إيما إلى جنة إيما إلى نار وقال آخر: بدا هيدب إيما الربى تحت ودقه ... فيروى وإيما كل واد فيزعب الربى جمع ربوة، وفيها ثلاث لغات: رَبْوَة ورُبْوَة ورِبْوَة، وهي أرضٌ مرتفعة طيبة. ويقال: الرَّبْوَة في قوله تعالى: {إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ} هي أرض فلسطين 1/ 329 وبها مُقام الأنبياء، يُقال: لها الرَّبْوة. ويُقال هي دمشق، وبعض يقول: بيت المقدس. والله أعلم. يقال: زَعَبْتُ الإناء والحوضَ: إذا ملأته فهو مزعوب.

قولهم: أمّا بَعْدُ قال اللغويون: معناه: أمّا بَعْد الكلام المتقدم فحذفوا ما كانت بَعْدُ مضافةً إليه فضُمَّت، ولو تُرك الذي هي إليه مضافة لفُتحت كقولهم: أمَّا بَعْدَ حمد الله والصلاة على نبيه فإني أقول كذا وكذا، لا يجوز ضمها في هذا الكلام، فإذا أُفرِدت ضُمَّت. قال الفراء: وإنما اختاروا لها الضم لتضمنها معنيين: معناها في نفسها، والمعنى المحذوف بعدها فقويت فحملت أثقل الحركات كما قالوا: الخصب حيثُ كان المطر فضموا حيثُ لتضمنها معنى مُحلين كأنهم قالوا: الخصبُ في مكان فيه المطر. وكذلك نحن انضم لتضمنه معنى التثنية والجمع. قال الله تعالى: {لِلَّهِ الأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ} أراد قَبْلَ كل شيء، وبَعْدَ كل شيء فضمها لما حذف الذي كانتا مضافتين إليه. وقال هشام: إنما ضموهما كراهة أن تُكْسَرا فتُشبها المضاف إلى المتكلم، وكرهوا أن يفتحوا فتشبها الاسم الذي لا يجري، الذي يُنْصَبُ في موضع الخفض فضموا إذ لم يبق إلا الضم. وقال البصريون: إنما ضموا لأن هذا الظَّرْفَ مخالفٌ سائر الظروف لقيامه مقام المضاف إليه فبنوا على الحركة التي لا تدخلُ على الظروف لمخالفته إياها وهي الضمة ولم يبنوه على الفتحة والكسرة إذ كانت الظروف تفتح وتكسر فيقال: جلستُ عندك وخرجت من عندك. قال الشاعر: إذا أنا لم أومَن عليك ولم يكن ... لقاؤُك إلا من وراءُ وراءُ 1/ 330 فضمَّ وراء للعِلَل التي وصفناها. وقال آخر:

فلو أن قومي لم يكونوا أعزة ... لبعدُ لقد لاقيتُ لابد مصرعا ومن العرب من يقول: لله الأمر من قبل ومن بعد. قال: ومن قبل نادى كل مولى قرابة وما عطفت [مولى] علينا العواطفُ فمن أخذ بهذه اللغة قال: أمَّا بَعْدَ فقد كان كذا وكذا - بفتح الدال - ثنى على فتحها بالإضافة. ومنهم من يقول: لله الأمرُ قبلاً وبعداً ولله الأمرُ من قبل ومن بعدٍ، فمن أخذ بهذين الوجهين [قال]: أمّا بعداً فكان كذا وكذا - بالفتح والتنوين، وهو وجهٌ شاذ والذي قبله أحسن منه. أنشد أبو العباس: فساغ لي الشراب وكنتُ قبلاً ... أكاد أغصُّ بالماء الحميم واختلفوا في أول من قال أمَّا بعدُ فيقال داود صلى الله عليه، ويقال: قُسّ بن ساعدة الإيادي [وروى] الشعبي عن زياد في قوله تعالى: {وَفَصْلَ

الْخِطَابِ} قال هو: أمَّا بَعْد. ويُقال: أمَّا بَعْدُ فأطال الله بقاءك إنه كان كذا وكذا، وأمّا بَعْدُ أطال الله بقاءك أنه كان كذا وكذا، فمن أدخل الفاء على أطال قال ابتداء الكلام أطال فدخلت الفاء عليه كما تدخُلُ على خبر الاسم الملاصق لأمّا. ومن تخطى بالفاء أطال الله فأدخلها على إن قال إن ابتداء الخبر، وأطال الله بقاءك دعاء معترض بمنزلة الملقى المؤخر. وكان أبو العين يكتبُ في كتبه في موضع أما بعدُ أمّا قبلُ إلا كلمة تامة يستفتحُ بها الكلام توكيداً وإيجاباً، وهم يفتتحون الكلام بيا، وبألا، وبألايا وقد زعم بعض النحويين أن يا للنداء 1/ 331 والاستفتاح كلام كأنهم قالوا يا هذا، وألا يا هذا، ويا هؤلاء. وأكثر ما يتكلمون بذلك في الأمر والدعاء والتعجب والتلهف لكثرة ذلك في كلامهم. فمن الأمر قول الأعشى: ألا قل لِتَيَّا قبل مرتها اسلمي ... تحية مشتاقٍ وإن لم تكلم وفي الدعاء قول الأخطل: يا فَلَّ خيرَ الغواني كيف رُعْنَ به ... فشربُه وشلَّ منهم وتصريد وفي التعجب قول الصِّمَّة بن عبد الله القشيري: ألا قاتلَ الله اللوى من محلةٍ ... وقاتل دنيانا بها كيف ولت وفي التلهف قول بعض بني أسد: ألا بكر الناعي بخير بني أسد ... بعمرو بن مسعود وبالسيد الصمد

وقد جاءت مع رُبَّ على طريق التعجب والتلهف. قال عمر بن أبي ربيعة: ألا ربما أنضيت فيك ركائبي ... وكلفتها طي الفلا وهي ظُلَّعُ فالظَّلْعُ كالغمزِ في الرجل من داء يكونُ بها. والدابة تَظْلَعُ في مشيتها عنه. قال الله تعالى: {أَلا يَوْمَ يَاتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ} وقال عز وجل: {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} وهو كثيرٌ في القرآن وفي كلامهم وأشعارهم، فيقول أحدهم: هل رأيت فلاناً فيقول: ألا لا، فتكون ألا زائدة مفتاح الكلام. وكان الحسنُ يقولُ في خطبةِ النكاح ألا إنَّ فلاناً قد خطب إليكم. وقال امرؤ القيس: ألا انعم صباحاً أيها الطللُ اليالي ... وهل يعمن من كان في العُصُر الخالي وقال كثير: ألا لا أرى بعد ابنة العمِّ لذة ... لشيء ولا مِلْحاً لمن يتملحُ وألا معناها هلا في حال، وف يحال تنبيه كقولك: ألا أكرم زيداً، تكونُ ألا صلة لابتداء الكلام، 1/ 332 كأنه يُنَبِّه المخاطب وقد تُرْدَفُ بلا أخرى فيقال: ألا لا كما قال: فقام يذود الناس عنها بسيفه ... وقال ألا لا من سبيل إلى هندِ

ويقال: هل ذاك فيقول: ألا لا جعَلَ ألا تنبيهاً ولا نفياً. وأمَّا قوله: {أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ}، فهذه لا أدخلت عليها ألف الاستفهام كما تقول: أليس تَعْلَمُ؟ فليس للنفي، وكذلك ألم. والعربُ تأمرُ بلفظ الاستفهام ومعناه أمر. قال الله - تعالى- حكاه عن إبراهيم - عليه السلام- فقال: {أَلا تَاكُلُونَ} أي كُلوا كما قال لبيد: ألا تسألان المرء ماذا يحاول ... أنحبٌ فيُقْضى أم ضلال وباطلُ أي سلا المرء. ألاَّ ألا مثقلة جمعُ أن لا. وتقولُ: أمرتك أن لا تفعل ذاك، ولكن النون تُدْغَمُ في اللام، وفي لغة تُبَيَّنُ، وكذلك لئلا معناه لأن لا. إلاَّ إلاّ حرْف تحقيق بَعْدَ جَحْد، وتكونُ أيضاً استثناء كقولك: ما رأيتُ إلا زيداً، وتكونُ إيجاباً لشيء يؤكد فيكون معناهام عنى ما ولكن كقولك: زيد غيرُ وادّ غير أنّي أخذنا بالفضل. قال: وجارة البيت أراها محرما ... كما يراها الله إلا أنَّما مكارم السَّعْي لمن تَكَرَّما وأمَّا قولهم: وألاّ فإنها [أن] لا تُقال من كلمتين شَتَّى. ألا ترى إلى قوله

تعالى: {وَأَنْ لا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ}. معناه: وأن لم تعلوا. وتكون إلا بمعنى إلا أن تكون. قال الله عز وجل: {مَا فَعَلُوهُ إِلاَّ قَلِيلٌ مِنْهُمْ} مجازه إلا أن يكون قليلٌ منهم. وقال تعالى: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلاَّ اللَّهُ} مجازه إلا أن يكون الله. وقال الشاعر: فليس غير سُليمى اليوم غيره ... وقع الحوادث إلا الصارم الذكر مجازه إلا أن يكون الصارم الذكر. وقال الآخر: وبلدةٍ ليس بها أنيس ... إلا 1/ 333 اليعافيرُ وإلا العيسُ مجازه إلاً أن يكون اليعافيرُ وإلا أن يكون العيسُ. ويقول في تقديم المستثنى وتأخيره: فما لي إلا آل أحمد شيعةٌ ... وما لي إلا مشعب الحق مشعبُ مجازه ما لي شيعةٌ إلا آل أحمد. وتقول: ما أتاني من القوم إلا زيدٌ وما زارني من الرجال إلا عمرو فترفع على التحقيق إلا أن يكون الكلام لا يتم دونه. قال الله -

عز وجل- {وَمَا أَمْرُنَا إِلاَّ وَاحِدَةٌ} {إِنْ هِيَ إِلاَّ أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا} و {هَلْ هَذَا إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُكُمْ} و {إِنْ هُوَ إِلاَّ رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ} فترفع هذا كله على التحقيق، وعلى أن الكلام لا يتم دونه. وتقول: هذا درهم غير زائق، فترفع لأن الزائف من الدرهم ولا يحسن أن تقول: هذا درهم إلا زائفاً تستثنى النعت من المنعوت، فغيرُ زائف نعتٌ للدرهم وتكون إلا بمعنى الواو فتقول: كل يموت إلا زيدٌ وعمرو والمعنى زيدٌ وعمرو، وقد قُريء {لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنْ الْقَوْلِ إِلاَّ مَنْ ظُلِمَ}، ومجازه: ومن ظلم. لا يحب الله لأنه ليس بمستثنى، وكذلك {يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلاَّ اللَّمَمَ} ومجازه: واللمم. قال الشاعر: وكل أخ مفارقه أخوه ... لعمر أبيك إلا الفرقدان ومعناه: والفرقدان. ويكون إلا وغير بمعنى ولكن. وقوله - عز وجل-: {ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ * إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا} مجازه ولكن الذين آمنوا لأنه لا يستثنى الشيء إلا من جنس الشيء. وقال الفرزدق: وما لي ذنبٌ غير أني ابن غالبٍ ... وأني من الأثرين غير الزعانف مجازه: 1/ 334 ولكني ابن غالب. وتقول: أتاني القومُ إلا زيداً إلا عمراً. قال جل

وعز {إِلاَّ آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلاَّ امْرَأَتَهُ} فأتى باستثناءين من غير حرف عطف. وقد يأتون بالتحقيق من غير حرف عطف، فيقولون: مالك إلا درهم إلا دينار. قال الراجز: مالك من شيخك إلا عملُه ... إلا رسيمُه وإلا رملُه وأما بيت الفرزدق: وعض زمانٍ بابن مروان لم يدع ... من المال إلا مسحت أو مُجلفُ فمعنى لم يدع أي لم يبق كأنه قال: لم يُبْقِ من المال إلا مسحت أو مُجَلَّفُ. ورواية الكوفيين إلا مُشْحَفٌ أو مُجَلَّفُ، أي: والمُجَلَّفُ تلك حاله. ويقولون: ما بقي من المال إلا درهما فيضمرون النكرة ولا يضمرون المعرفة. وقال الراجز: لم يبق إلا الدين والقصائدا ... ويعملات تقطع الفدافِدا كأنه قال: لم يبق شيء إلا الدين والقصائدا والفدافدا. وما جاء إلا بمعنى الواو قول الأعشى: إلا كخارجة المكلف نفسه ... وابني قبيصة أن أغيب ويشهدا معناه: وكخارجة. وقال دجاجة بن عمرو الزاري:

إلا كناشرة الذي ضيعتُمُ ... كالغُصن في غُلوائه المتنبت يريد: وكناشرة. وقوله: غُلوائه: سُرعة بنائه وارتفاعه وبهوه. وكل ما في كتاب الله - عز وجل- من ذكر إلا والابتداء به قبيح إلا في سورة الأنفال: {إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ} وفي سورة التوبة: {إِلاَّ تَنفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً} و {إِلاَّ تَنصُرُوهُ} وتقول: ألق زيداً، 1/ 335 والالقاء معناه: وإن لم تلق زيداً فدع زيداً. وقال: فطلقها فلست لها بكفء ... وإلا يعل مفرقك الحُسامُ فأضمروا إنْ لا يُطلَقها يعلُ. إلى إلى حَرْف من حروف الصفات، وهي تخفض مثل على ومِن وفي وأشباهها وقد تكونُ بمعنى مع. قال الله - تعالى-: {وَلا تَاكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ} أي مع أموالكم. ومثله: {مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ} أي مع الله - وتكون بمعنى الانتهاء والحد كقوله - تعالى-: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} فهذا حد وانتهاء. ومثله: {يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْداً} فهذا انتهاء.

أوْلى أولى تهدد ووعيد. قال الله- تعالى-: {أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى} وقال عز وجل: {فَأَوْلَى لَهُمْ} ثم ابتدأ فقال: {طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ}. وقال الشاعر لمنهزم: ألفيتا عيناك عند القفا ... أوْلى فأوْلى لك ذا واقيه ومعنى أوْلى لك وأوْلى لهم، أي قد وليك شر فاحذر. قالت الخنساء: هممتُ بنفسي كل الهموم ... فأولى لنفسي أوْلى لها أين والأين: وقتٌ من الأمكنة. تقول: أين فلان فيكون منتصباً في الحالات كلها لأنه غير منصوب. وأمَّا الأيْن من الإعياء فإنَّه تَصَرَّف وهو يجري مَجْرى الكلام في كل شيء. والعربُ تشتق منه فاعل. وقالوا في الشعر: يقول يا آن أينا ... ...............

وقال تعالى: {أَيْنَمَا تَكُونُوا يَاتِ بِكُمْ اللَّهُ جَمِيعاً}. أينما حرف لأنها شرط، وهي من حروف الجزاء. تقول: أينما تكن أكن 1/ 336 فتجزم الفِعْلَ الأول بأينما وتجعل الفعل الثاني جواب الجزاء. أيَّان وأيَّان مشاكلة لمتى إلا أنها كناية للحين. إذا قُلْت للرجُل: أيَّان تخرج، فمعناه في أي حين تخرج. قال الله: {يَسْأَلُونَكَ عَنْ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا}، والمعنى في أي حين مرساها. وقال ابن قتيبة: أيان بمعنى متى، ومتى بمعنى أيٌ، ويرى أصلها أي أوان فحذف الهمزة والواو، وجُعِلَ الحرفان واحداً. قال الله -تعالى-: {أَيَّانَ يُبْعَثُونَ} و {أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ} أي يوم القيامة. أوان أوان بمنزلة الساعة إلا أنَّ الساعة جزء مؤقت من أجزاء الليل والنهار. قال: * هذا أوانُ الشد فاشتدي زيم * وزيم: اسم فرس. الآن والآن اسم الساعة التي فيها الكلام والأمور ريثما تتبدى وتسكت. والعربُ

تنصبه في الجر والنصب والرفع لأنه [لا] يتمكن في التصريف، فلا يثنى ولا يجمع، ولا يُصغر، ولا يُضاف إليه شيء. هذا قولُ الخليل. وقال ابن قتيبة: "الآن هو الوقت الذي أنت فيه، وهو حدُّ الزمانين حد الماضي من آخره، وحد الزمان المستقبل من أوله". قال الفراء: "وهو حرفٌ بني على الألف واللام ولم يُخلعا منه، وتُرك على مذهب الصفة، لأنه صفة في المعنى واللفظ، كما رأيتهم فعلوا بالذي فتركوه على مذهب الأداة، والألف لازمة غير مفارقة، وأرى أنَّ أصله الأوان، حذفت منه الألف وغُيَّرت واوه إلى الألف، كما قالوا في الراح والرياح. وأنشد امرؤ القيس: كأن مكاكي الجواء غُديَّةً ... [نشاوي] تساقوا بالرياح المفلفل قال: فهي مرةً على تقدير فعلِ، ومرة على تقدير فَعَال، كما قالوا: زمن وزمان. وإن شئت جعلتهما من قولك: آن لك أن تَفْعَلَ كذا، أي حان أدخلت عليها 1/ 337 الألف واللام ثم تركتهما على مذهب فَعَل منصوبة، كما قالوا: "نهى رسولُ

الله صلى الله عليه وسلم عن قيل وقال، وكثرة السؤال" فكانتا كالاسمين وهما منصوبتان، ولو خفضتا على النَّقْلِ لهما من حدِّ الأفعال إلى الأسماء في النية كان صواباً. وسمعتُ العرب تقولُ: من شُبَّ إلى دُبَّ، ومن شُبَّ إلى دُبَّ مخفوض مُنَوَّن يذهبون به مذهبَ الأسماء، والمعنى مُذْ كان صغيراً يشبُّ إلى أن دَبَّ كبيراً. قال الله - تعالى-: {الآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ} قال عز وجل: {الآنَ وَقَدْ كُنْتُمْ بِهِ} أي في هذا الوقت وهذا الأوان تتوب وقد عصيت قبلُ؟ ". أنَّى أنّى تكون بمعنيين بمعنى كيف نحو قوله عز وجل: {أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا} أي كيف. وقوله تعالى: {فَاتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ}. وتكون بمعنى مِنْ أيْنَ نحو قوله- عز وجل: {قَاتَلَهُمْ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} وقوله- تعالى-: {أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ}. والمعنيان متقاربان، يجوز أن يتأول في كل واحدٍ منها الآخر. قال الكميت: أنى ومن أينَ آبك الطربُ ... من حيثُ لا صبوةٌ ولا ريبُ فأتى باللغتين معاً, وقال الخليل: أنى: معناه: كيف ومن أين شئت. وقوله

تعالى: {أَنَّى لَكِ هَذَا} و {أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا} أي كيف يكون. قال: ومطعم الغُنْمِ يوم الغُنْمِ مُطعمُهُ ... أنى توجه والمحروم محرومُ أي من ما توجه وكيف ما توجه. قال ابن الأنباري: أنى مُشاكلة لأين. وقال السجستاني: أنى على ثلاثة معان من أين لك، وكيف شئت، 1/ 338 ومتى شئت. وقوله-تعالى-: {أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ} على وجه التعجب لا على وجه الاستفهام. وأنى بمعنى متى. ومنه قوله تعالى: {فَاتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} أي متى شئتم، وكيف شئتم. وأنى بمعنى أين، وقد تأوله قوم ههنا، وبمعنى أي جهة. ومنه قوله - تعالى-: {يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا} وقال الكميت يصف حماراً مع أنه: تذكر من أنى ومن أين شُربه ... يؤامر نفسيه كذا الهجمة الأبِل يؤامر نفسيه، أي نفس تقول له: اقصد هذا المشرب، ونفس تمنعه منه. وتقول: اقصد غيره، وذلك من حذر الصائد الأبِل الحاذق برعيه الإبل والقيام عليها. والهجمة ما بين الستين إلى التسعين من الإبل. هذا (قول) المفضل بن سلمة

الضبي. وقال الخليل: الهجمة ما بين التسعين إلى المائة وإذا بلغت مائة فهي هُنَيْدة. آن آن الشيء يئينُ أيْنَاً إذا حان وقوعه فهو أين، وأني يأني أنْيَاً وإِنْيَاً وإنيّ مقصور فهو آن. قال الله - عز وجل-: {أَلَمْ يَانِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ} أي ألم يحن. قال الشاعر: ألما يئن في أن تُجلى عمايتي ... وقد شاب أصداغي بل قد أنى ليا فجمع اللغتين. وقوله تعالى: {غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ}، أي بلوغه. أدنى أدنى على خمسة أوجه. أدنى: أحْرَز. ومنه قوله تعالى: {ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُوا}، أي: أحرز لأموالكم. وأدنى بمعنى أقرب، ومنه: العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر، أي الأقرب. وأدنى: أحرى، ومنه: {ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُوا}. وأدنى بمعنى أقل، ومنه: {أَدْنَى مِنْ ثُلُثَي اللَّيْلِ}، وأدنى بمعنى دون ومنه: 1/ 339 {أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ}.

أنْ الخفيفة أنْ الخفيفة نِصْفُ اسم وتمامه يَفْعَلُ كقولك: أحبُّ أن ألقاك فصار أنْ وألقاك في المنزل اسماً واحداً. وكل ما في كتاب الله عز وجل من ذكر أن لن فإنَّه حرفان إلا في موضعين في الكهف: {أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِداً}، وفي سورة القيامة: {أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ} فهذان الموضعان في المصحف بلا نونٍ. وتقولُ: أن سيقوم زيد فترفع يقومُ لا غير لدخول السين عليه. قال الله- عز وجل-: {عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى} فإذا لم تفرق بين أن والفعل بشيء نصبتَ ولم ترفع كقولك: ظننتُ أن يقوم زيدٌ، وحسبتُ أن يقعُدَ عمرو ولأنَّ أن المشددة لا تلي الفِعْلَ فلما وليته المخففة لم تحكم المشددة، وتقولُ: أردتُ أن لا يقوم زيدٌ، وأحببتُ أن لا أسُوءَ عمراً فتنصب المستقبل بأن ولا يجوزُ رَفْعُه، لأن المشددة لا تكونُ مع الإرادة والمحبَّة. ألا ترى أنك تقول: ظننت أنَّ زيداً لا يقوم، ولا تقولُ: أردتُ أنَّ زيداً لا يقومُ. فإذا قُلْت خِفْتُ أنْ لا يقوم زيدٌ أو أعجبني أن لا يقعد عمرو، وكان لك في المستقبل الرَّفْعُ والنصبُ، إذا رفعْتَ قلت: المشددة تقعُ مع هذه الأفعال فأقول: خفت أنَّ زيداً قائمٌ وأعجبني أن زيداً لا يقوم. قال الشاعر في الرفع: إذا مُتُّ فادفني إلى أصل كرمةٍ ... تُروي عظامي بعد موتي عروقها ولا تدفنني بالعراء فإنني ... أخاف إذا ما مت أن لا أذوقها فرفع المستقبل، لأن الشديدة تقع في موضع الخفيفة، وتقول: أردت أن أقوم،

وأراد زيدٌ أن يقعد، 1/ 340 تنصبه فتقول: أردتُ أقوم. قال طرفة: ألا أيهذا الزاجري أحضر الوغى ... وأن أشهد اللذات هل أنت مخلدي فنصب أحضر بإضمار أن. وقال آخر: يا ليتني مت قبل أعرفكم ... وصاغنا الله صيغة ذهبا أراد قبلَ أن أعرفكم. وقال آخر: من بعد تنزله الجميعُ وفيهم ... خود تطلَّى بالعبير وتصنعُ أراد من بعد أن تنزله الجميع. وقال ذو الرمة: وحُقَّ لمن أبو موسى أبوه ... يوفقه الذي نصب الجبالا أراد أن يوفقه. ويجوز رفعُ المستقبل في هذه الأبيات كلها من قول الفراء لأن الناصب لما سقط رجع المستقبلُ إلى حقه. وقال جرير: نفاك الأعزُّ بن عبد العزيز ... وحقك تُنفى عن المسجد فلكُ [في] تُنفى الرَّفْعُ والنصب. إذا نصبت قُلْتَ: أضمرتَ أنْ، وإذا رَفَعْتَ

قلت لما سقطت أن رجع المستقبل إلى حقه. ويُروى: بحقك تُنْفَى عن المسجد. فالباء صلة تُنْفَى كأنه قال: تُنْفَى عن المسجد باستحقاقك، وتكون أن والفُعْل اسماً وتنصب الفعل بها، وكقولك: يسرني أن يأتيني، فهو اسم، كأنك قلت: يَسُرّني ذلك. وفي كتاب الله- عز وجل-: {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} كأنه قال: والصيام خيرٌ، وتكون زائدة نحو قولك لما أن جاءوا، وأما والله لو [أن] فعلْتَ كذا لكان خيراً لك. يريد: أما والله لو فعلتَ كذا. وقد تكون في معنى أي. قال الله - عز وجل-: {وَانطَلَقَ الْمَلأ مِنْهُمْ أَنْ امْشُوا} أي: امشوا. وتكون في معنى إذ. قال ذو الرمة: ذكرتك أن مرت بنا أمُّ شادنٍ ... أمام المطايا تشرئبُّ وتسنحُ 1/ 341 تشرئبُّ أي تمدُّ عُنقها وترفعُ رأسها لتنظر. وتسْنَحُ أي تجيء عن اليمين. سأل يونس رؤبة عن السانح والبارح فقال: السانح ما ولاك ميامنه، والبارحُ: ما ولاك مياسره. وتقول: كتبتُ إليك أن لا تقول ذاك أي أنك لا تقول ذاك. وقد يخففون أن مع الكاف. يقولون: ظننت أنكَ عالمٌ فخففوا مع الكاف لاتصاله بأنْ ولم يقولوا في ظننت أنَّ زيداً يقومُ حتى ثقلوا أنَّ. قال:

فلو أنك في يوم الرخاء سألتني ... فراقك لم أبخلْ وأنتِ صديقُ فخفف مع الكاف. وقال آخر: أكاشره وأعلم أن كلانا ... على ما شاء صاحبه حريص أراد أنَّ فخففها. وأن الثقيلة منصوبة الألف إذا حَسُن في موضعها ذاك أبداً نحو قولك: قد بلغني أنه ظريف، لأنك قد تقول: قد علمتُ ذاك، وما لم يحسن في موضعه ذاك فهو إنَّ مكسورة. تقولُ: إنَّ زيداً منطلق لأنَّه لو ألْقَى إنَّ وما عملت فيه ثم قال ذاك لم يكن كلاماً وإنَّ بمنزلة الفعل وأنّ بمنزلة أسماء الفاعلين. وإذا حسُن أن تجعَلَ مظانّ أن وما عملت فيه ذاك حرفاً من حروف الجر فهي أيضاً أن مفتوحة. تقولُ: أشهدُ أنك ظريفٌ، لأنك تقول: أشهدُ على ذاك، فكلُّ ما حسُن فيه ذاك فهو أنَّ بالفتح. قال الله - تعالى-: {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنْ الْجِنِّ} على معنى أوحى إليَّ بذاك. وقد يخففون أنّ ومعناها التثقيل مع سوف وقد ولا ومع السين. تقولُ: قد علمتُ 1/ 342 أن سيذهبون وأن سوف يذهبون وأن لا يذهبون، لأنك تقول: قد علمتُ أنكم لا تذهبون، فكل ما حسُنَ فيه الضمير هكذا فإنَّ فيه ثقيلة في المعنى، والفِعْلُ بَعْدَها رَفْعٌ نحو قولك: قد علمت أنْ لا تضربُها لأنَّك

تقول: علمت أنَّك لا تضربها، وظننت أن لا تضربُها لأنك تقول: ظننت أنك لا تضربها، وإنما احتمل التخفيف، لأن هذه لحروف التي تكون معها عوضاً من الثقيل، وحذف الإضمار. وقد قُريء هذا الحرف رفعاً ونصباً {وَحَسِبُوا أَلاَّ تَكُونَ فِتْنَةٌ} وتكونُ. ولا يجوز نصب شيء من هذا مع السين ولا مع سوف ولا مع قد، إنما يجوز مع لا خاصة، لأنَّ لا لا تحولُ بين العامل وعمله. تقول: أمرتُه أن لا يصنع ذاك وأخبرني أن سيصنع ذاك، وأن سوف يصنع ذاك. وأن الرجلُ يئن أنيناً من الأنين. قال: يشكو الخشاش ومجرى النسعتين كما ... أن المريضُ إلى عُواده الوصيبُ والخشاش: ما في أنف البعير. والعِران أن يُجعل في البرة وهو بين المنخرين ويكون للبخاتي. والبُرة تكونُ في أحد جانبي المنخرين وهي من صُفْرِ أو فضة، وربما كانت من شعر، فإذا كانت من شعر فهي الخُزامة. يُقال: خششتُ الناقةَ بالخشاش وعرنْتُها بالعِران وخزَمْتُها بالخُزامة وزمَمْتُها وخطمْتُها وأبْرَيتُها بالبُرة. هذه وحْدَها بالألف. أنَّ وإنَّ أعْلَم أنَّ أنّْ تُخَفَّف وتثقل، ومعنى التخفيف بها التثقيل، ثم اعْلَم أنَّ إنَّ في أربعة مواضع مكسورة الألف. عند الابتداء، وعند لام الخبر، 1/ 343 وَبَعْد القول وبعد

القسم. تقولُ في الابتداء: إنَّ زيداً قائمٌ. وتقول عند القسم: والله إن زيداً قائم، وعند لام الخبر: علمت إنَّ زيداً لقائم. لولا اللام لزم أن تقول: علمتُ أنَّ زيداً قائم. قال الله عز وجل: {وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ} فلولا اللام كان الكلام والله يَعْلَمُ أنَّك رسوله فلما جاءت اللام كُسرت أنَّ فصارت إنَّ. قال الشاعر: وأعلَمُ علماً ليس بالظن أنه ... إذا ذل مولى المرء فهو ذليل وإن لسان المرء ما لم يكن له ... حصاةٌ على عوراته لدليلُ فقال في البيت الأول: "أنَّه" ففتح لأنها قد توسطت. وقال في الثاني: وإنَّ فكسر لمجيء لام الخبر. وقال آخر- وهو جرير-: فعليك جزيةُ معشر لم يشهدوا ... والله إنَّ محمداً لرسولُ فكسر إنَّ لمجيء لام الخبر. وكلُّ ما لم يحسُن في موضعه ذاك فهو إنَّ مكسورة تقول: إنَّ زيداً قائمٌ وعمرو، ترفَعُ عمراً من ثلاثة أوجه على الموضع قَبْلَ دخول إنَّ. قال جل وعز -: {إِنَّ الأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ} كأنه قال: الأمر كله لله فدخلت إنَّ فعملت في الأمر، وبقي كلُّه على حال رَفْعِه. وقال - تعالى-: {أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ} و {وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ}. وقال - عز

وجل: {فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ} و {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ} فرفع ما جاء بعد الخبر على ثلاثة أوجه على الموضع قبل دخول إنَّ وعلى ضمير هو كأنَّك قُلت: إنَّ زيداً قائمٌ هو وعمرو وأنَّ الله بريءٌ من المشركين هو ورسوله على اشتراكه في خبرٍ واحد كقولك: جاء زيدٌ وعمرو وأنا وجاء عمرو فاشتركا في فعل واحد. وقال جرير بن عطية: إنَّ الشواحج بالضُّحى هيجنني ... في دار زينب والحمامُ الوقعُ رفعَ الحمامَ لمجيئه على الأوجه الثلاثة. وقال آخر: ألا لا تلمني إن صدرك واغر ... ونفسك إن دارت عليك الدوائر فرفع ما جاء 1/ 344 بعد الخبر. ومن قال: إنَّ زيداً قائمٌ وعمراً نصب عمراً على العطف على زيد، وقد كان ابن مسعود يقرؤها: {أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ} نصب رسوله وقد جاء بعد الخبر على العطف. وقال الشاعر: فما كنتُ ممن يبعثُ الحرب بينهم ... ولكن مسعوداً حباها وجندبا فنصب جندبا على العطف، وقد جاء بعد الخبر على العطف. وتقول: إنَّ زيداً في الدار قائم وقائماً. فمن قال قائمٌ نصب زيداً بأنَّ ورفع قائماً بخبر إنَّ وألقى فيها وجعله على مستقر فكأنَّه قال: إنَّ زيداً قائم فيها. قال الله - عز وجل-: {إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ} رفع على منتهى الخبر و {إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ

الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ} فرفع فيها على منتهى الخبر، وقيل: فيها غير مستقر، كأنه قال: إنَّ المجرمين خالدون فيها، وإن أصحاب الجنة فاكهون في شغل. قال النابغة: فبت كأني ساورتني: أتتني واشتغلت عليَّ، فرفع ناقِعاً على منتهى الخبر وجعل فيها لغواً. وقال أيضاًك وتُسقى إذا ما شئت غير مُصردٍ ... بزوراء في أكنافها المسكُ كارعُ فرفع كارعاً على منتهى الخبر، فكأنه في التمثيل: المسكُ كارعٌ في أكنافها. وقال آخر: لا درَّ دري إن أطعمتُ نازلكم ... قرف الحتي وعندي البُر مكنوزُ فرفع مكنوزاً على منتهى الخبر كأنه قال: والبُرُّ مكنوزٌ عندي وجعل عندي 1/ 355 غير مستقرة. وقِرْفُ الحَتيِّ: قِثْرُ المُقْل ونحوه من قِشْرِ الشَّجَر. والحَتيُّ: سويقُ المُقْل. ومن قال: إنَّ في الدارِ زيداً قائماً فإنما نصب زيداً بأنَّ والخبر في الصفة وفيها

مستقر، ونصب قائماً على القطع في قول الكوفيين، وعلى الحال ف يقول البصريين. قال جل وجهه: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ * فَاكِهِينَ}، وقال الله- تعالى-: {آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ} فنصب فاكهين وآخذين على القطع والحال والاستغناء وتمام الكلام وجعل فيها مستقراً. وتقول: إنَّ زيداً في الدار وعمراً وعمروٌ، فمن نصب عمراً جعله عطفاً على زيد. قال جل وعز: {أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ} بالنصب إلى آخر الآية. وحكى هذه القراءة عن النبي صلى الله عليه وسلم فجعله عطفاً. وقال الشاعر: إن الخلافة والنبوة فيهم ... والمكرمات وسادة أبطالا فنصب سادة أبطالاً على العطف. ومن قال: وعمرو رفعها على الثلاثة الأوجه التي ذكرناها مُقدماً، وهي الموضع، وعلى أنَّه جاء بعد الصفة كأنه قال: وفيها عمرو، وعلى ضمير هو أي هو وعمرو. وقال الفرزدق: تنحوا عن البطحاء إن قديمها ... لنا والجبالُ الباذخاتُ الفوارعُ

رفع الجبال لما جاء بعد الصفة على الأوجه الثلاثة. وقد جاء في بعض القراءات: {أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ} إلى آخر الآية، وهي حجة لمن قال: إنَّ زيداً فيها وعمرو. وفي لغة تميم وباهلة تقول: إنْ زيداً قائمٌ مخففة في معنى مثقلة. وبَلَغنا أنَّ ابن مسعود كان يقرأ: {وَإِنَّ كُلاًّ لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ} يأتي بها مخففة في معنى مثقلة. وقال الشاعر: إن الحي والقوم الذي أنا منهم ... لأهل مقاماتٍ وشاء وجامل فأتى بها مخففة في معنى مثقلة. وقال الأعشى: في فتية كسيوف الهند قد علموا ... أن هالكٌ كل من يحفى وينتعلُ أراد أنه هالك. وقال آخر: أمسى أبانٌ ذليلاً بعد 1/ 346 عزته ... وإن أبان لمن أعلاج سورائي وتقول: إن زيدٌ قائم. وتأويل الكلام: ما زيدٌ قائمٌ، ومعناها الجحد ودليله أنك تُدخِلُ معها إلا فتقول: إنْ زيدٌ إلا قائم. قال الله جل ذكره: {إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلاَّ اللاَّئِي

وَلَدْنَهُمْ} فالمعنى ما أمهاتهم إلا اللائي ولدنهم. فإذا دخلت على أن ألا خرجت من معنى الجحد وصارت إيجاباً كقولك: ألا أنْ زيدٌ قائمٌ، وألا أن قام زيدٌ وألا أنْ جلس بكرٌ. فتأويل الكلام قد قعد زيدٌ وقد جلس بكر. قال الشاعر: ألا أن سرى همي فبتُّ كئيبا ... أحاذرُ أن تنأى النوى بغضوبا وقال آخر: ألا أنْ بليل [ان] مني حبائبي ... وفيهن ملهى لو أردن الاعب فتأويل الكلام: قد سرى همي، وقد بان مني حبائبي، فإذا دخلت اللامُ معها كانت أيضاً إيجاباً كقولك: أن قام لزيد وأن قعد لعمرو. وكذلك أن ضرب زيدٌ لعمراً. ولا يجوز أن تدخل اللام على الفاعل. فخطأ أن تقول: أن ضرب لزيدٌ عمراً وأن شتم لزيدٌ بكراً. وتكون إن تعني ما. قال جل جلاله {إِنْ الْكَافِرُونَ إِلاَّ فِي غُرُورٍ}. وتكون مضمومة إلى ما فترفعُ خبرها. قال: وما إن طِبّنا جُبْنٌ ولكن ... منايانا وطعمة آخرينا وقيل في قوله - عز وجل-: {إِنْ نَفَعَتْ الذِّكْرَى} أي قد نفعت الذكرى. إنَّ قال الأخفش: كلُّ شيء جاء بَعْدَ القول وهو إنَّ مكسورة الألف إن حَسُنَ

مكانه ذاك نحو قولك: قُلْتُ إنّ زيداً منطلق، وقُلْتُ إنك ظريف، لأنَّ القوْلَ لا يَقَعُ ما بعده إلا على الابتداء 1/ 347 منقطعاً من الأول. ألا ترى أنَّ العربَ تقول: قُلْتُ: عبد الله منطلقٌ، وأقول أخوك ذاهب. وقال الله جل ذكره: {وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ} إلا يُجْرونَها مُجْرى الظن. قال الشاعر: أمَّا الرحيلُ يكون بعْدَ غدٍ ... فمتى تقول الدار تجْمَعُنَا تقول في هذا: متى تقول إنَّ زيداً منطلقٌ، كما تقولُ: متى تظنُّ أنَّ زيداً منطلقٌ لأنك تقول: متى تظنُّ ذاك. وتقول: أما أنه منطلق لأنه لا يحسن ههنا أما ذاك. وقد قالت العرب: أما أنه منطلق تجعلُ أما في معنى حقاً، لأنَّ أما في المعنى حقاً كأنه ذكر حقاً فجعلها طرفاً وأن تقول حق أنك ذاهب أجود كأنك قلت يحقُّ ذاك. وقال الشاعر: أحقاً أن جيرتنا استقلوا ... فنيتنا ونيتهم فريقُ وقد قال ناسٌ حقاً أنك منطلق على قولك أنه منطلق حقاً فنصب حقاً على المصدر كأنَّه قال: أحق ذاك حقاً، وهذا وهو من كلام العرب، وإنما يفتح لأنَّه ليس يحْسُن أن تبتديء أن في كل موضع. لو قُلْتَ اليوم أن عبد الله منطلق لم يَحْسُن. ويقولون: إنَّ في موضع أجَل فيكسرون ويثقلون. ويقولون في هذا المعنى إنّه

يكون الفاصلة في الوقوف وتسقط إذا صرفوا. وبلَغَنا أنَّ أعرابياً أتى عبد الله بن الزبير فسأله فحرمَه فقال: لعن الله ناقةَ حَمَلَتْني إليك. فقال ابنُ الزبير: إنَّ وراكبها، أي أجل. وقيل: إنَّ رجلاً من الأعراب جاء إلى عمر بن الخطاب رحمه الله فقال: يا عمر الخير: جُزيتَ الجَنَّة اكسُ بُنَيَّاتي وأمَهُنَّه ... واجعل جوابي إنَّ إنَّ إنَّه أولى فإني سوف أمضينَّه. فقال عمر: فإذا مضيت فماذا يكون؟ فقال: أكن على حالي لتُسألنَّه ... يوم يكون الأعطيات جُنَه 1/ 348 والوقف المسؤول بينهُنَّه ... إما إلى نارٍ وإمّا جَنَّه فبكى عمر - رحمه الله - بكاءً شديداً وخلع جبته فكساه وأمر له بشيء من الزَّاد وقال: خذه لا لشعرك ولكن لهول ذلك اليوم. قال الفراء: في لغة هذيل وذبيان وغطفان يقول الرَّجُل للرَّجل: أفَعَلْت كذا؟ فيقول: إنَّه، أي نعم وأجل. وأنشد ذلك: شاب المفارقُ إنّ إنّ من البلى ... شيب القَذال مع العذاب الواصل فقال: إن إنّ أي نعم نعم. وقال آخر: إذا قال صحبي إنك اليوم رائحٌ ... ولي حاجة لم أقضها قلت إنّ لا

وقال آخر: كلهم كان خطيباً مقولاً ... يحكي من وجد عليه الكَلْكَلا للمنعوها من على إنَّ لا. قال بعض الرُّجَّاز: قُلْنَ بناتُ العم يا سلمى وإن ... كان فقيراً مُعدماً قالت وإنْ أي نعم وأجل. وقال بعضُ البصريين إنَّ بمعنى نعم وإنَّ لا اسم ولا خبر. قال الشاعر: إنَّ لا خير فيه أبعده ... م الله ليزري بنفسه ويدني وقال بعضهم: إنَّ بمعنى نَعَم ومعَها هاء مضمرة في قوله- عَزَّ وجل-: {إِنْ هَذَانِ} أراد إنَّه هذان لساحرانِ ودخلت اللام على ساحرين كما يقولون زيدٌ لقائم. قال الشاعر: خالي لأنتَ ومن جريرٌ خاله ... ينل العلاء ويكرم الأخوالا

واحتجوا بقول الآخر: أمُّ الحليس لعجوزٌ سلهبه ... ترضى من اللحم بعظم الرَّقبه وقال آخر: بكرت عليَّ عواذلي ... يلحينني وألو مُهُنَّه ويقُلْنَ شبَّ قد علاك ... م وقد كبرتَ فقلت إنَّه وللعرب فيهن لغتان: التخفيف والتثقيل. فمن خَفَّفَ رَفَع بها إلاَّ أنَّ ناساً من أهل الحجاز يخففون وينصبون على أيْ نعم توهم الثقيلة 1/ 349 وقيل: إنهم يقرءون: {وَإِنَّ كُلاًّ لَمَّا} يخففون وينصبون كلا و {إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ}. ومنهن من يجعَلُ اللام في موضع إلاَّ ويجعلُ إنْ جحداً على تفسير ما هذان إلا ساحران. قال: أمسى أبانٌ ذليلاً بعد عزته ... وإنْ أبانٌ لمن أعلاج سورائي وتقول: إنَّ زيداً إنَّ عمراً يُكرمه إذا رجع إليه ذكره قلت: إنَّ زيداً إنَّ عمراً يكرم كان محالاً لأنَّ الضمير لم يرجع إليه وهو ملتبس. قال جرير:

إن الخليفة إن الله سربله ... سربال مُلْكٍ به تُرْجى الخواتيم فأتى بتكرير لما رجع الذَّكْرُ. وهم يقولون: إنَّ رجلاً ويسكنون ويضمرون للنكرة الخبر. قال الأعشى: إنَّ محلاً وإنَّ مُرتحَلاَ ... وإنَّ في السَّفرِ ما مضى مهلا أراد: إنَّ لنا ههنا محلاً وإنَّ لنا ثمَّ مُرْتَحلا. ويقولون: إنَّ رجلاً وإنَّ مالاً وإنَّ ولداً يُضْمِرون الخبر. يريدون: إنَّ لنا رجلاً وإنَّ لنا مالاً وإنّ لنا ولداً. ويقولون: إنْ حقاً وإن كذباً. يريدون إن كان حقاً وإن كان كذباً فيضمرون. قال: قد قيل ذلك إنْ حقاً وإن كذباً ... فما اعتذارك من شيء إذا قيلا أنا أنا فيها لغتان بحذف الألف وإثباتها. وأحسن ذلك أن تُثْبِتَها في الوقوف. فهذه الآية: {لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي} معناه لكن أنا فحذف الهمزة وحذفت نون لكن فالتقت نونان فأدغمت في صاحبتها. وأنا تُخفَّفُ وتثقل، فيقال: أنّا وأنَا. ومن العرب من يقول: أنه على الهاء، والاسم أنْ والألف صلة ليس بها حركة النون. دليله أنَّكَ إذا وَصَلْتَ كلامك ذهبت الألف في الوصل فتقول: أنا فَعَلْتُ 1/ 350 ذلك، فالألف محذوفة من أنا في اللفظ، وإنما كتبت بالألف لئلا يلتبس أنا بأنْ التي تقعُ

على العقل في قولك: أحِبُّ أن تَفْعَلَ ذلك. قال الشاعر: أنا سيفُ العشيرة فاعرفوني ... حُميداً قد تذربتُ السناما وقال آخر: أنا الضامنُ الحامي عليهم وإنما ... يُدافعُ عن أحسابهم أنا أو مثلي ومن العرب من يقف إني وإنني بمعنى، وكذلك أنا وأننا. قال تعالى: {إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ}. وقال تعالى: {فَإِنِّي قَرِيبٌ} وقال: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ} و {إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِياً} أحد النونين زائدة، والعربُ تزيد هذه النون. ويُقال: قد آن لك يئين أن تفْعَلَ كذا وأنا لك يأني أنا. وأنشد الثوري: تقولُ بِنْتي قد أنا أناكا ... يا أبتا علَك أو عساكا ويُقال: قدْ نال لك وأنا لك في ذلك المعنى، وقد أتى الشاعر فيه اللغتين فقال:

ألمَّا يئن لي أن تسلا عمايتي ... وأسلو عن ليلي بلى قد أنا لنا ويُرْوى: ألما يئن لي فهذا من آن. ويُرْوى: ألَّما ينل لي، فهذا من نال. والأنا من الأناة، وهي التؤدة، وأنه لذو أناةٍ إذا كان لا يعجل في الأمور، أي تأنَّى فهو آن أي مُنَأنَ. قال النابغة: الرفقُ يُمنٌ والأناةُ سعادةٌ ... فاستأن في رفق تلاقِ نجاحا ويُقال: استأنيتُ فلاناً أي لم أعجله، واستأنيتُ في الطعام أي انتظرتُ إدراكه. ويقال للمرأة الحليمة المواتية أناة والجميع الأنوات. وقال أهل الكوفة: إنما هي من الونى. ويقال: هي الباركة. وإذا أوْقَعْتَ 1/ 351 عندها إذا أثبت الألف. وإذا وقفتَ قُلْتَ أنه، وإن شئت: أنا، وحذفُها أحسن. وتقولُ: أني يأني لك كذا أنا، وقد آن لك وأنى لك أن تفعل كذا، وقد آن لكذا يأني بوزن يعين مثل: حان يحينُ حيناً، وقد أني يأني أنياً. وأنى مقصور. والإناءُ ممدود، واحدُ الآنية. والأواني جمع الجَمْع فعال على أفعِلة على فواعل. إذ وإذا وإذن العربُ تقولُ: إذا ما مضى وهي واجبة، وإذن غير واجبة. تقول: أتيتُك إذ أتاك زيدٌ. فهذا الواجب. قال الشاعر: ذكرتُك إذ فاض الفراتُ بأرضنا ... وفاض بأعلى الرَّقَّتين بحارُها وتقول: أتيتُك إذا أتاك زيدٌ، فهذا غير الواجب. قال امرؤ القيس:

إذا ما جرى شأوين وابتل عطفه ... تقول هزيز الريح مرت بأثأب فهذا غيرُ واجب. وإذا لما يُستقبل لوقتين من الزمان. وقد يكون معنى إذ معنى إذا، وتكون إذ لما يُستقبل كما تكونُ إذا لما يُسْتَقْبَلُ، وهو في القرآن والأشعار كثير. قال الله - تعالى-: {وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ}. ومثله: {وَلَوْ تَرَى إِذْ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ} كأنه قال: إذ وُقِفُوا، لأن هذا لم يقع بعد. قال أبو النجم: ثم جزاه الله عنَّا إذ جنى ... جنات عدنٍ في العلالي العلا يعني إذا جزاه، لأنَّ لم يقع بعد. وقال الأسود: فالآن إذ هازلْتُهنَّ فإنما ... يقلن ألا لم يذهب المرء مذهبا والمعنى: إذا هازلتهن. وقال أوس: الحافظ الناس في تحوط إذا ... لم يُرسلوا تحت عائذ رُبَعَا وهبت الشمألُ البليلُ وإذ ... بات كميعُ الفتاة مُلْتَفِعا فقال إذا وإذ في معنى واحد. وقال بعض أهل اليمن: وندمان يزيد الكأس طيباً 1/ 352 سقيتُ إذا تغوَّرتِ النجومُ فقال: إذا والمعنى إذ تغورت، وإذ تكون من حروف الزوائد، وقوله تعالى:

{وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ} {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ}، وكل ما كان مثله فالمعنى على ما فُسر. وكذلك إذا قد تكون زائدة. قال الأسود بن يعْفُر النهشلي: فإذا وذلك لامهاه لذكره ... والدهر خلطَ صالحاً بفساد معناه: وذلك لامهاه لذكره، أي لا طعم ولا فضل. وقال عبد مناف بن ربع الهذلي، وهو آخرُ القصيدة: حتى إذا أسلكوهم في قتائدة ... شلاً كما تطردُ الجمالةُ الثُّرُدا معناه: حتى أسلكوهم وإذا زائدة. وقتائدة: موضعٌ أو جبل. وإذا أُضيف إلى إذ كلمة جُعلت غاية للوقت وجرت كقولك: يومئذ، وعشينئذ يكتبان معاً، فإن وصلتهما وكنايتهما ملزوقة فإن وصلتها بكلمة تكونُ صلة ولا تكون خبراً كقوله: (عشية إذ تقول بنو لؤي) ... ..................... كما كانت في الأصل حيثُ جُعِلَت صلة أخرجتها من حد الإضافة، وصارت الإضافة إلى قولك إذ تقول جملة، فإذا أفردتها نونتها لالتزاقها بالكلمة التي معناها كأنها كلمة واحدة، وهو قولك: عشينئذ بنو فلان يقولون كذا، لأنَّ يقول ههنا خبر، وفي البيت صلة، وإنما جاءت في سبع كلمات موقتات في حينئذ وساعتئذ وعامئذ ويومئذ وليلتئذ وغداتئذ وعشيتئذٍ، ولم يقل إلا بإذ، وإنما خُصَّت هذه الكلمات بها لأنها أٌرب ما يكون في الحال كقولك: الآن. وإذ وإذا اسمان

يكونان ظرفين في موضع نصب، وذلك أنك إذا قُلْت: أتيتُك إذ كنت أميراً فإن معناه لما كنت أميراً. وإذا قلت آتيك إذا أدرك البرُّ أي آتيك زمن يدرك البُرَّ فيدلك على أنَّ إذ وإذا ظرفان منصوبان انتصاب زمن لأنَّ زمناً ظرفٌ 1/ 353 وإذن: جواب تأكيد الشرط تُنَوَّنُ في الاتصال وتُسكَّنُ في الوقف. وتكتبُ إذاً بالألف ولا تكتب بالنون، لأن الوقف عليها بالألف وهي تشبه النون الخفيفة مثل قوله- تعالى-: {لَنَسْفَعاًَ بِالنَّاصِيَةِ} {وَلَيَكُونَاً مِنَ الصَّاغِرِينَ} إذا أنت وقفت على الألف. قال الفراء ينبغي إذا نصبتَ الفعل المستقبل أن تكتبها بالنون، فإذا توسطت الكلام كانت لغواً كتبت بالألف. قال القتيبي: وأحبُّ إليَّ أن تُكْتَبَ بالألف في كل حالٍ، لأنَّ الوقوف عليها بالألف في كلِّ حال. أذُن موضعُ السمْع ظاهره وباطنه. يُقالُ للرجل هو أُذُن، وللمرأة هي أُذُن، والقوم كذلك، وهو الذي يسمع من كل أحد. قال الله - عز وجل-: {قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ}. والأذُنُ: عُرْوَة الكوز ونحوه. ويُقال: الأكوابُ كيزان لا آذان لها. والأذن مصدر أذِنْتُ بالشيء، وذلك إذا استشنعته واستمعت له وأصْغَيْتَ إليه. وآذنت للشيء آذنُ إِذْناً وآذَنْتُ بهذا الشيء أي عَلِمْتُ به. وآذنني فلان أي أعلمني. قال عز وجل: {فَقُلْ آذَنْتُكُمْ عَلَى سَوَاءٍ} أي أعلمتكم، ثم قال الحارث بن

حلزة: آذنتنا ببينها أسماءُ ... رب ثاوٍ يملُّ منه الثواء أي: أعلمتنا. والآذان اسم للتأذين، كما أنَّ العذاب اسمٌ للتعذيب. وقال: * حتى إذا نودي بالآذين * فحولوه إلى فُعْلُل. والإذْن تَسَهُّلُ الأمر بالدخول. تقول: أذِنَ لي يَاذَن بالدخول على الوالي وغيره. وقال: سأترك باباً أنت تملك إذنه ... وإن كنتُ أعمى عن طريق المسالك فلو كنت بواب الجنان 1/ 354 تركتها ... وحولتُ رجلي مُسرعاً نحو مالك وقال: سأترُكُ باباً أنت تملكُ إذنه ... وأهجره حتى تلين قليلا إذا لم نجد يوماً إلى الإذنُ سلَّما ... وجدنا إلى ترك الوصول سبيلا أذى الأذى: كلُّ ما تأذَّيْتَ به وما يكره ويغمّ، ورجل أذىّ إذا كان شديد التأذي فعل لازم، والفِعْلُ أذِيَ يَاذَى أذَىّ. قال الله- تعالى-: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى} قيل: قذر ونجس. أتى أتى - مقصور - من الإتيان، وهو المجيء. قال الله-تعالى-: {أَتَى أَمْرُ اللَّهِ

فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ}. وآتى - ممدود- من الإتيان، وهو الإعطاء. آتاه: أعطاه. قال جل وعز: {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} أي أعطوهم من مال الله الذي أعطاكم، وكذلك: {وَآتُوا الزَّكَاةَ} أي أعطوا. وأنْطَى لغة في أعطى، وقُرِيء: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ}. أفٌ أفٌ من التأفيف. تقول: قد أفَّفْتُ فلاناً، أي قُلتُ له: أفٌ لك ويُقال: "أفٌ: وسخ الأذُن، وتُفٌ: وسخُ الأظْفَارِ، ثم اسْتُعْمِلَ ذلك عند كلِّ شيء يُضْجَرُ منه. وقيل: الأفُّ: القِلَّة وهو مأخوذ من الأفَفِ، وهو القِلَة. التف منسوق على أفٌ ومعناه كمعناه. قال الشاعر: ألا حبذا هندٌ وأرضٌ بها هند ... وهندٌ أتى من دونها النأي والبعدُ وقال آخر: وقدمت الأديم لراهشيه ... وألقى قولها كذباً وميسنا والمين هو الكذب. "فإذا أفردت أف ففيها عشرة أوجه: أفَّ لك - بفتح الفاء-، وأفِّ -بكسر الفاء -، وأفُّ بضم الفاء، وأفاً بالنصب والتنوين، وأفٍّ -

بالخفض والتنوين-، وأُفٍّ بالرفع والتنوين وأُفّي - بإثبات الياء-، وإِفَّ لك بكسر الألف وفتح الفاء، وأُفَّةٌ لك بضم الألف وإدخال الهاء، وأُفْ - بضم الألف وتسكين الفاء. قال حسان: 1/ 355 فأف للحيان على كل آلة ... على ذكرهم في الذكر كل عفاء وقال أبو حية النميري: حياء وبُقيا أن تشيع نميمةٌ ... بنا وبكم أُفٌّ لأهل النمائم وقال الآخر: عصيتم رسول الله أف لبغيكم ... وأمركُم الشيء الذي كان غاوياً فمن قال أُفًّ جعله بمنزلة مُدَّ يدك يا رجل، ومن قال: أفٍّ جعله بمنزلة مُدَّ يدك، ومن قال: أفٌّ جعله بمنزلة مُدُّ يدك، وأُفْ بمنزلة مُدْ قال: إذا أنتَ لم تنفع فضر فربما ... يُرجى الفتى كيما يضر وينفعا وقال: قال أبو ليلى لحبل مُدَّه ... حتى إذا مددته فُشده إن أبا ليلى نسيج وحدِه

ومن قال: أفَأ نصبه على مذهب الدعاء كما تقول: وَيْلاً للكافرين، ومن قال: أُفٍّ لك رفعه باللام كقوله-تعالى-: {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ}، ومن قال: أفٍّ خفضه على التشبيه بالأصوات كما تقول: صهٍ ومهٍ. ومن قال: أُفَّةٌ نصبه أيضاً على مذهب الدعاء وترفعُ أيضاً مع التنوين، وكذلك إذا قالوا: أفَ وَتُفَ لم يجاوزوا الرفع والنصب مع التنوين، ومن قال أُفّي لك أضافه إلى نفسه؛ ومن قال: أُفْ شبهه بالأدوات بمن وكم وبل وهل. أخّ أخّ كلمة فارسية يتكلم بها عند التوجع. قال: * وصار وصلُ الغانيات أخا * معناه أفّ وَتُفّ آه الآه من التوجه. قال المثقبُ: إذا ما قُمتُ أرحلها بليل ... تأوه آهةَ الرجل الحزين ويُروى تهوه هاهة الرجل الحزين. وبيان القطع أحسن. ويكون هاه في موضع آه. وتقول في النداء: آفلان، وتمدُّ أيضاً فيقال: أيا فلان.

إيه إيه- بالكسر - للاستزادة والاستنطاق 1/ 356 كقول ذي الرمة: وقفنا فقلنا إيه عن أم سالم ... وما بالُ تكليم الديار البلاقع وتقول للرجل يحدثُك إيه أي زد من الحديث. وإيه - بالفتح- تكونُ زجراً ونهياً كقولك: إيه حسبُك يا رجل. والعربُ قد تنونهما جميعاً فيقولون: إيهٍ وأيهاً. قال حاتم. أيها فدى لكم أمي وما ولدت ... حاموا على مجدكم واكفوا الذي اتكلا وقيل: إيه حدث، وأيهاً كفَّ، ولا يقال بغير التنوين ها بفخامة الألف. [واه] وآه تلذُّذٌ وتلهف، وتنونُ أيضاً كقول أبي النجم: * واهاً لريا ثم واهاً واهَا * وقال الساجعُ: أو من بناتك واهاً تركن قلبي هباها هذا من التوجع. أوّاه الأوّاه: الدعاءُ بالخير. قال الله-تعالى-: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ}. ويقال:

هو الكثير الدعاء، ويقال: كثير التأوه أي التوجع شفقاً وفرقاً. والتأوُّه أن تقول: [آه] وأوه، وفيه سبع لغات: أوْهِ، وأوْهُ، وأوْهَ وأوَّه وآه وآهة وأوْه من عذاب الله - بالتشديد ولاقصر-. ويقال: هو يتَاوَّه ويتأوى. وقال قيس بن ذريح: فأوه من الذكرى إذا ما ذكرتها ... ومن بُعد أرض دوننا وسماء ويروي فأوِّ من الذكرى. وفي الأوَّاه سبعةُ أقوال: الرحيمُ، والفقيه، والمُسبحُ، والدعاءُ، والمؤمنُ، والموقِنُ. وقال أهلُ اللغة: الذي يتأوَّه من الذنوب. أوَّاب رجاع، أي: توّاب، والآيبُ: الراجعُ، والمآب: المرجع. والتأوُّبُ الجيدُ الأوب أي: سريع الرجوع. وقوله تعالى: {يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ}. قيل: سبحي معه نهاره كله كتأويب السائر نهاره كله. وقيل: أوبي سبحي بلسان الحبشة. قال ابن الأنباري: "فيه سبعةُ أقوال. قال قوم: الأوابُ: الراحم وقيل: التائب،

وقيل: المسبح، وقيل: الذي يُذنبُ ثم يتوب ثم 1/ 357 يُذْنِبُ ثم يتوبُ. وقيل: المطيع. وقيل: الذي يذكرُ ذنبهُ في الخلاء فيستغفر منه. وقال أهل اللغة هو الراجع إلى التوبة، من قولهم: قد آب يؤوب أوباً إذا رجع. قال عبيد بن الأبرص: وكل ذي غيبة يؤوبُ ... وغائب الموتِ لا يؤوبُ أي لا يرجع. وقال آخر: رس كرس أخي الحمى إذا غبرت ... يوماً تأوَّ به منها عقابيلُ أراد عاوده وراجعه. والعقابيل: البقايا لا واحد لها والأوبُ: ترجيع الأيدي والقوائم في السَّيْرِ، والفِعْلُ من ذلك التأويب. قال: كأنَّ أوب ذراعيها وقد عرقت ... وقد تلفع بالقور العساقيل والأوْب من قولك: جاءوا من كل أوبٍ، أي من كل وجهٍ وناحية. أوهِ وآنية تكونُ تعجباً وغير تعجب، فمن التعجب ما حدث عيسى بن عمر قال: وقف

على قوم فقيل له: ما اسمك؟ فقال: التنقام فقال رجلٌ منهم: التنقام أوهِ! فهذا تعجب. ووجدت أيضاًز قلت لكرسي مني ترددا ... فسا فقال فسا آنية ومعناها التعجب، أي لا ترده دون غده. وغير التعجب ما وجدته أيضاً قال: * فرعبُ رأس العبدِ بالعصى * فقال الدم أوه. فهذا ليس من التعجب، أي يُقال: أبي فلانٌ يأبى إباءً أي ترك الطاعة ومال إلى المعصية كقوله عز وجل: {فَكَذَّبَ وَأَبَى}. وكل من ترك أمراً أو رده فقد أبى. والإباءُ في اللغة هو الامتناع. وقولهم: أبى فلانٌ أن يظلم معناه منع من ظُلْمِه. وقال بعض الصحابة يعني الكفار: وإن أرادوا فتنةً أبينا * فليس يعني بقوله: أبينا كرهنا أن يظلمونا لأن ليس بمدح، وإنما يريد أنَّا نمنعهم من ظُلمنا إن أرادوا ذلك. قال الله عز وجل: {يَابَى اللَّهُ إِلاَّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ} يعني أنه يمنع 1/ 358 الكفار من إطفاء نوره. وقولهم: أبيت اللعنَ، أي أبيت أن تأتي ما تستحق عليه اللعن. وفيه قول آخر - وهو أرادهما - وهو أبيت اللعن. اللعن- بكسر النون - يقول بعض العرب على معنى يا بيت اللعن إذ يا بيت السلطان

والقدرة والطرد وحكى الفراء هذا الوجه الثاني ناهياً عن استعماله مستقبحاً. وقولهم: رجلٌ أبيٍّ وقومٌ أبيون وأُباة (خفيف) قال: نماني كلُّ أصيد من أبان ... أبيٌّ الضيم من نفرٍ أبات وتصغير الأب أبيٌّ، وتصغير الآباء على وجهين وأجودهما أبيون والآخر أُبياء. والأبوة الفعلُ من الأب كقولك: تأبيتُ أباً وتبنيتُ ابناً وتأممتُ أماً بين الأبوة والأمومة، والبُنُوة. ويقول: هو يأبو هذا اليتيم إباوة أ] يغذوه كما يغذو الأبُ ابنه. ويجوز في الشعر أن نقول هذان أباك وأنت تريد أباك وأمَّك قال: أقبل يهوي من دُوين الطربال ... فهو يُفدى بالأبين الخال من قال: أب وأبان وأبون، ومن قال: رأيت أُبَيْكَ وأباك، يريد: "أبوك" وأباك. أمّ والأمُّ جمعُها في الناس أمهات، وفي البهائم أمَّات. وقيل: أمَّهَات واحدتها أمَّهَة وقال: أمهتي خندفُ والبأسُ أبي ... حيدةُ خالي ولقيطٌ وعدي

* وحاتم الطائي وهاب المئي * ويُقال: أمّ وإمّ - ضم وكسر. وقد جاء في جميع الأم في الناس أمات. قال: إذ الأمهاتُ فصحن الوجوه ... فرجتَ الظلام بأماتكا فجاء باللغتين جميعاً. والأمُّ الحسبُ. [أُمَّة] أمة تنقسمُ في كلام العرب على وجوه، تكونُ جماعةٌ قال الله - تعالى-: {وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنْ النَّاسِ يَسْقُونَ} أي جماعة، كما قال عز وجل: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ} أي جماعة. قال: [طيرٌ رأت] بازياً نضحُ الدماء به ... أو أُمَّةٌ خرجت رهواً إلى عيد معناه أو جماعة. وتكون الأمة /المنفرد بالدين، وكل قوم في دينهم بين أمتهم. وكان إبراهيم عليه السلام أمةً وزيد بن عمرو أمةً. وقال النبي صلى الله عليه وسلم (يُبْعَثُ زيد بن عمرو أمةً وحده)، فمعناه 1/ 359 يبعثُ منفرداً بدين. وفيه يقول ورقة بن نوفل:

رشدت وأنعمت ابن عمرو وإنما ... تجنبت تنوراً من النار حاميا وهو القائل: وأسلمتُ وجهي لمن أسلمت ... له المُزنُ تحملُ عذباً زُلالا وقيل: إن أمة محمد صلى الله عليه وسلم هم المسلمون خاصة، وقيل: هم مَنْ أُرسِلَ إليه ممن آمن به أو كفر، وقيل: إنهم من أمته في الاسم لا في الملة. وكل جيل من الناس أمة على حدة. وكلُّ جنس من السباع أمة. وجاء في الحديث (لولا أن الكلاب أمة لأمرتُ بقتلها فاقتلوا منها كل أسود بهيم). وينشدون للنابغة: حلفتُ فلم أترُك لنفسك ريبةً ... وهل يأثمن ذو أمة وهو طائعُ بضم الألف وكسرها، فمن ضم الألف جعله اقتداء بسُنَّةِ مُلْكِه ومن كسر الألف جعله ديناً من الائتمام كقولك: أيأتمُّ الإمام إمةً وفلانٌ أحقُّ بإمةِ هذا المسجد أي بإمامته وإماميته. وتكونُ الأمةُ ألأمَّ. يقال: هذه أمةُ فلانٍ أي أمٍّ فلان. قال الشاعر: تقبلتها من أمةٍ لك طالما ... تُنوزع في الأسواق عنها خمارُها والأمَّةُ: الدين. قال الله-تعالى-: {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ}. والأمة:

الحين كقوله- عز وجل-: {إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ} و {وَاِدَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ}. والأمة: القامةُ. يقالُ: فلانٌ حسنٌ، الأمة، أي القامة. أمه والأمهُ- بالفتح- النسيان- وقد قُريء: {وَاِدَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ} أي بعد نسيان: وأمه الرجلُ يأمهُ أمهاً إذا نسي، والآمةُ: العيبُ. قال النابغة: فأصبن أبكاراً وهُنَّ بآمةٍ ... أعجلتهن مطيةُ الإعذار وهي آمة - بوزن عامة - العيبُ في كل أمر. قال: حلاً أبيت اللعنَ حلا ... م إنَّ فيما قُلْت آمَه وأمِه الرَّجلُ يأمَهُ أمَهاً، أي: نسي. والآمة بوزن العامة العيب في كل أمر. والآمة من الصبي 1/ 360 فيما يُقالُ هو ما يتعلق بسرته حين يُولدُ، ويقال: ما لُفَّ فيه من خرقة وما خرج معه قال:

ومؤودةٍ مقرورة في معاوز ... بآمتها مرسُومةٍ لم تفسُدِ والأمةُ - مخفف - هي العبدة. يُقالُ: هذه أمةُ فلانٍ أي عبدته. وجمعُ الأمة إماء وآمي. قال: ........................ ... (كما تهدي إلى العُرُسات آمي) أي إماء. تقولُ تأميتُ أمةً أي جعلتها أمة وأميت أيضاً. قال: * يرضون بالتعبيد والتأمي * ولو قيل: تآمت، أي: صارت أمة كان صواباً. ويقال: إماء وآمٍ. قال (يزيد): إذا تبارين معا كالآمي ... في سبسبٍ مُطرِد القتام يعني مطايا كأنهن إماء يبتدرن شيئاً. إمّة والإمّة - بالكسر - النِّعْمَة. وقرأ مجاهد وعمر بن عبد العزيز- {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ} معناه على نعمة. وقال عدي بن زيد:

ثم بعد الفلاح والمُلك والإمَّة ... م وارتهم هناك القبور وقال زهير: ألا لا أرى ذا إمة أصبحت به ... فتركه الأيام وهي كما هيا ألم تر للنعمان كان بإمة ... من العيش لو أن امرءاً كان ناجيا وقال ابن مقبل: لعلك يوماً أن تريني بإمةٍ ... ويكثر ربي ميرتي ولقاحيا وقال الأعشى: ولا الملك النعمان يوم لقيته ... بإمته يُعطى القطوط ويأفقُ بإمَّتِه أي بنعمته. والقطوط جمع قِطّ وهو الكتاب بالجوائز، ويأفِقُ أي يسرف. إمام كل من اقتدى به وقُدَّم في الأمور فهو إمام، والنبي صلى الله عليه وسلم إمامُ الأمَّة والخليفةُ إمامُ الرعيَّة، والقرآنُ إمامُ المسلمين، وإمامُ الغلام هو ما يتعلَّمُ كل يومُ، والمصحفُ الذي يوضع في المسجد يُسمى الإمام، والإمام الطريق. قال الله - عز

وجل-: {وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُبِينٍ}، والإمام: الكتاب، ومنه: {يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ 1/ 361 بِإِمَامِهِمْ} أي بكتابهم، ويقال: بدينهم، والإمام: كلُّ ما ائتممت به واهتديتَ، والإمام: القصدُ فعلاً واسماً. أمَام تقولُ: صدرُك أمامُك ترفَعُه لأنك جعلته اسماً، وتقولُ: أخوك أمامك تنصبه، لأن أمامك صار موضعاً للأخ، وتكونُ الأمام بمعنى قُدَّام. وأمَّا قولُ لبيد: فعدت كلا الفرجين تحسب أنَّه ... مولى المخافة خلفُها وأمامُها فإنه ردَّ الخلف والأمام على الفرجين كقولك: كلا جانبيك مَوْلى مَوْلى المخافة يمينك وشمالك، ومثل قولك: كلا الرجلين. ضربتُهما وضربْتُه وكلاهما قائمان وقائم. والأمم: الشيء اليسير الهَيِّنُ الحقيرُ، تقولُ: قد فعلتُ شيئاً ما هو بأمم دون، والأمم: الشيءُ القريبُ كقول الشاعر: كوفيةُ نازحٌ محلتُها ... لا أممٌ دارُها ولا صقَبُ وأمَّ فلانٌ أمراً أي: قصده حتى الطريق. ومن هذا الحرف تقولُ: أممتُ فلاناً بالسيفِ أو بالعصا أمَّا، وذلك إذا وصلت الضربة إلى دماغه، ورجلٌ مأموم. والشجَّة الأمَّةُ التي تهْجُمُ على الدِّماغ، والأميمُ هو المأموم، والأميمُ الحجارةُ التي يُشْدَخُ بها الرأسُ. وتقولُ: أينَ أمَّتُك يا فلان أي إلى أيْنَ تَؤْمُّ. وتقولُ: أممتُ ويَمَّمْتُ بمعنى، ويَمَّمْتُ فلاناً بسهمي ورُمْحي أي توخيته دون ما سواه.

قال: يممته الرمح شزراً ثم قلت له ... هذا المروءة لا لعب الزحاليق يقول: قتل مثلك هو المروءة. ومن قال: أممْتُه في هذا البيت فقد أخطأ، لأنَّه لا يُقالُ شزراً ولا يكونُ شزْراً إلا من ناحية ولم يقصد به أمامه. والزحاليق جمعُ زُحلوقة وهو آثار 1/ 362 تزّلُج الصبيان فوق الطين وما أشبهه من لُغَتِهم. قال امرؤ القيس: لمن زُحلوقةٌ زُل ... بها العينان تنهل ينادي الآخر الأل ... ألا حُلوا ألا حُلوا والألُّ في معنى الأوَّل مثل القُلُّ بمعنى القليل، والكُثْرُ بمعنى الكثير، والظِلُّ بمعنى الظلال، والإيام [بمعنى] الدُّخان. قال أبو ذؤيب: فلما جلاها بالإيام تحيرت ... ثباتٍ عليها ذُلُّها واكتئابُها والأوْلَعُ حَرُّ العطش في الجوفِ والإيماء إشارةٌ برأسك أو بيدك كإيماء المريض للركوع والسجود. وأوْمَى برأسه أي قال لا، ويُقَالُ أوْمأ بالهمز وأوْمى بلا همز. قال ذو الرُّمة: ..................... ... (بنهزٍ كإيماء الرؤوس الموانع)

وقال آخر: أوْمت بكفيها من الهودج ... لولاك هذا العام لم أخْرج والإيماء ما كان إلى قُدام، والإيتاءُ ما كان إلى وراء. قال الفرزدق: ترى الناس ما سرنا يسيرون خلفنا ... وإن نحنُ أومأنا إلى الناس وقفوا ويقالُ: إنَّ هذا لجميل بن معمر صاحب بثينة سرقه الفرزدق منه. [أُمًّ] أمًّ القرآن: فاتحةُ الكتاب، لأنها أوَّلُ كل ختمةٍ ومبتدؤها، ويُسمى أصل الشيء أماً. قال الله - عز وجل-: {وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ} أي في أصل الكتاب، وهو اللوح المحفوظ، وأمُّ الرأٍ: مجتمعُ الدماغ، وقوله-تعالى-: {فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ}، لأن الكافر إذا دخل النار فصارت مأواه كانت أماً له كالطفل الذي يأوي إلى أمه وكالبهائم التي لا تكونُ إلا مع الأمَّات. وقال الفراء: العربُ تقولُ: أمٌّ وأُمَةٌ، فمن أثبت الهاء في الواحد جمعه على أمهات، وقال بعضهم في تصغير أمّ أميمة، والصواب أميْهَة تصغيرها على لفظها، وهم الذين يقولون: أمات. ومن العربِ

ومن يحذف ألف أم في مواضع كثيرة بمنزلة ألفات الوصل، كقول عدي بن زيد: أيها العائب عندم زيدٍ ... أنت تفدي من أراك تعيبُ إنما أراد عندي 1/ 363 أمَّ زيدٍ فلمَّا حذف الألف التزقت يا عندي بصدر الميم فالتقى ساكنان فسقطت الياء لذلك. وقولهم: لا أُمَّ لك في موضع مدح وفي موضع ذم. وأمُّ القُرى مكة، وكل مدينة هي أمُّ ما حولها من القرى. وأمُّ الرُّمح: لواؤه وما لُفَّ عليه. قال: وسلبنا الرُّمح فيه أمَّه ... من يد العاصي وما طال الطولْ والأمُّ في قول الفرزدق: ما فيهم من الكتاب أُمُّ ... وما لهمُ من حسبٍ يلُمُّ أي: حسبُ يصلحُ أمورهم. أيِّم امرأة أيِّم وقدْ تأيَّمَت إذا كانت ذات زوج، أو كان لها قبلَ ذلك زوج فمات عنها وهي تصلُحُ للأزواج، والأيامى جمعها. تقولُ: آمت المرأة تئيم أيمةً واحدةً. قال الشماخ:

يقر بعيني أن أنبأ أنَّها ... وإن لم أتلْها أيِّم لم تَزَوِّج وقال غيره: وإن تنكحي أنكحْ وإنْ تتأيَّمي ... يد الدَّهْرِ ما لم تنكحي أتَأيَّمُ [إيّ] إي مُثقلة -بكسر الألف- للتحذير وتقول العربُ: إذا بلغ الرجلُ الستين فإياه وإيَّا الشوابِّ. قال الشاعر: فإيَّاك إيّاك المُزاحَ فإنّه ... يُجَرّيء عليكَ الطِّفْلَ والدَّنِسَ النذْلا ويقولون: للمحذَّرِ إيَّاك وزيداً فمنهم من يجْعَلُ التحذير مكسوراً، ومنهم من ينصبه في التحذير ويكسر ما سواه للتفرقة ويجعل أيَّا مكان اسم منصوب كقولك: ضربتك قال: كاف اسم مضروب. وكلُّ مفعول مخاطب مفعول إذا تقدَّم كان إيّاك ضربتُ، فإن تأخَّرَ كان يعطف فقط كقولك: ضرَبْتُكَ، وإن كان المفعول غائباً كان تقدمه بإياه كقولك: إياه ضربتُ فإن تأخَّر بالهاء وحدها كقولك: ضربْتُه وإيّاه - مكسور الألف لا غير - قال اللهُ- عز وجل-: {بَلْ إِيَّاهُ

تَدْعُونَ} ثم قال الشاعر: كأنَّا يومَ قُرَّى إنَّما نقتُلُ إيَّانا وقال آخر: * إليكَ حتى بلغتْ إيَّاكا * وقد يجوز في ضرورة الشعر وإصلاح المعنى، ولا يجوز في لكلام أقصد إيَّاك. ويجوزُ في الكناية [أنّ] تقول: أقصد إيّاه. لا تقول: وحكى قُطرب أيَّاك - بفتح الألف - وما قالها غيرُه. وإيَّاك وإيَّاكما وإيَّاكم، وإيَّاكِ، وإيَّاكما وإيَّاكُنَّ، وإيَّاه وإيَّاهما وإيَّاهم وإيَّاها وإيَّاهما 1/ 364 وإيَّاهن وإيَّاي وإيَّانا ضمير المضمر المنصوب فكلُّ موضع وقع فيه إيَّا فهو نصبٌ وذلك قولك: أنا وزيداً قائمان، فإذا أضمرتَ الاسم قلت: إني وإيَّاه قائمان. قال الله - عز وجل-: {وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى}. قال الشاعر: هوى يا فتى خلفي وقُدامي الهوى ... وإني وإياها لمختلفان قال: وإيَّاها ولم يقلْ هي لأنَّ إيَّاها في موضع نصب وهو ضميرُ المضمر المنصوب. وتقول: إنّي وإيَّاك قائمان وليتني وإيَّاك منطلقان. أيّ واعلم أنَّ لأيّ أربعة معانٍ: معنى الاستفهام، ومعنى الجزاء، ومعنى الخبر،

ومعنى التعجب. تقولُ في الاستفهام: أي الرجلين قام أزيدٌ أم عمرو؟ وفي الجزاء: أي الرجلين يأتك أكرمه، وفي التعجب: أي رجل أخوك! وفي الخبر: لأضربن إياهم يقوم، فيكون بمنزلة قولك: لأضربن الذي يقوم في اللفظ، وتأويل أي تأويل الجزاء. وإذا أضفت أياً إلى المعرفة كانت بعضها وإذا أُضيفت إلى النكرة كانت كلها. تقول: أي الرجلين قام فيكون أي أحدهما، ولا يجوز أيُّ الرجلين قاما لأنَّها إذا أُضيفت إلى المعرفة لم تك نكلها. وتقول: أيُّ الثلاثة قام فتجعل أي واحداً من الثلاثة، ويجوز أن تقول: أيُّ الثلاثة قاما فتجعل أي اثنين من الثلاثة، ولا يجوز أن تكون أيّ الثلاثة قاموا لما ذكرنا. وأيّ لا يعملُ فيها الاستفهام ولا حرف الشدّ. قال الله-تعالى-: {لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً} ولم يقلْ أيهم - بفتح الياء. ومثله {لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى} 1/ 365 كلُّ هذا استفهام لا يعملُ الفعلُ فيه. وقوله تعالى: {ثُمَّ لَنَنزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيّاً} رفع بالابتداء وهو استفهام، ويجوزُ أيهم بالنصب وذلك أنه إذا حسُنَ فيه الذي جاز فيه النصبُ كأنَّه يقول لننزعن الذي أشد على الرحمن عتيا. ومثله: {فَلْيَنظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَاماً} يجوز أيَّها - بالفتح - لأنه يحسُن أن تقول الذي أزكى طعاماً. وتقول: زيدٌ أيُّما رجلٍ، وهذا رجلٌ وأيُّما رجلٌ يصيرُ نعتاً وخبراً للابتداء.

قال: أنا ابنُ من تخضعُ الرقابُ له ... يرحمه الله أيما رجلُ وقال: فأومأت إيماء خفياً لحبترٍ ... ولله عيناً حبترٍ أيُّما فتى فأيُّما مبنيَّة على ما قبْلَها كقولك: لله زيدٌ أيُّما فتىً وأيُّما رجلٌ مبنية. أي خبر لما قبلها، فأيُّ بمنزلة من وما. تقول: أيهم أخوك وأيتُهم أخْتُك وأيما الأبين أحبُّ إليك وأيَّا ما تحبُّ منهم تجعلُ ما صلة وكذلك أيَّما الأخوين، ما صلة ولم يبق، لأنَّ أي مضاف. وقوله- عز وجل-: {أَيّاً مَا تَدْعُو} ما صلة، أي تدعو أياً. وقال- تعالى-: {أَيَّمَا الأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ} أي قضيت أياً، وما صلة وجعله اسماً. إيْ إي- مُخفَّف- معناه نعم. وقال الله عز وجل-: {قُلْ إِي وَرَبِّي} قيل: معناه نعم وربي. وليس في القرآن كله حرف يتحولُ له عضو عند النُّطْقِ به إلا هذا الحرف. [أيْ] أيْ- مخفف - تفسيرٌ للمعاني. تقول: أي كذا وكذا كأنَّه بمعنى هو كذا وكذا.

[أيايا] أيايا في الزجر. أيَّيْتُ بالإبل وأيايَهْ تأييةً. قال ذو الرُّمَّة: إذا قال حاديها أيايا اتَّقَيْتُه ... بمثل الذُّرى مطلنفئات العرائك مطلنفئات: لاطئة قد خفضها وكسرها الجمل. والعرائكُ أسنمةُ الإبل. وعربكةُ البعير: سنامه إذا عركه الجمل وكسره. آية والآية من القرآن، والآية العلامات، الألفُ التي في وسطها هي في الأصل ياء، وكذلك ما جاء في بيانها نحو: الغاية، والراية، وما أشبهه، فلو تكلفت من الآية اشتقاقاً على قياس علامة مُعْلَمة 1/ 366 لقُلْتَ: آيةُ مأياةٌ وقد آييتُ. والآيةُ هي كلامُ مجموع قصة قصة. ومعنى قال الله عز وجل-: {لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً} أي علامة في قول أبي عمرو وأبي عبيدة. وحكى أبو عمرو: خرجَ القوْمُ بآيتهم أي بجماعتهم لم يدعوا وراءهم شيئاً. وأنشد لِبُرْج بن مُسْهر الطائي: خرجنا من النقبين لا حي مثلنا ... بآيتنا نُزْجى اللقاح المطافلا بآيتنا: بجماعتنا، ونُزْجي: نسوقُ. واللقاحُ: ذوات اللَّبَن من الإبل. واحدتُها لقحة، والمطافيل: جمعُ مطفل وهي التي معها طفلٌ أو ولدٌ صغير. والآية: العلامة قال عبد بني الحسحاس الأسدي:

ألكني إليها عمرك الله يا فتى ... بآية ما جاءت إلينا نهاديا ألكني أي أبلغ ألو كنى وهي الرسالة، وعمرك الله يعني نشدتك الله، وسألتك بالله، والتهادي: مشي على هون وسهولة. وقال: بآية إعجام وخط خططته ... لنا في طريق الجلس والمتغور كأنَّها جعلت في الموضع الذي أرادت الاجتماع فيه أحجاراً يُستدل بها. وقوله: وخط خططته، كأنها اعتدت عليه بشيء وخطت خطاً وكذا كانوا يفعلون. الجلْس والمتغوّر: طريقُ الغور، أي في الطريق الذي ينفذُ إليها. ومعنى الآية من القرآن أنَّها علامة تدلُّ على ما يرادُ بها من أمر أو نهي أو قصة وما أشبه ذلك. والآية أيضاً الرسالة، فكأنَّها رسالة بعْدَ رسالة، وإخبار بعد إخبار. وقال النابغة: من مبلغٌ عمرو بن هند آيةً ... ومن النصيحة كثرة الإنذار قال كعب بن زهير: ألا أبلغا هذا المُعرض آية ... أيقظان قال القول إذ قال أم حُلُم وقال الصمة: ألكني إلى ريَّا ألكني لحاجةٍ ... من الحاج قد همت بنفسي وهمت وقال عمر بن أبي ربيعة:

ألكني إليها بالسلام فإنه ... يُشهر إلمامي بها ويُنكر ُ أي أبلغها حاجتي وسلامي. 1/ 367 والألوك: الرسالة، وهي المألكة على مَفْعُلَة. قال النابغة: ألكني يا عيينُ إليك قولاً ... سأهديه إليك إليك عني وإنما سُميت الرسالة ألوكاً لأنها تؤلك في الفم مُشْتَقاً من قول العرب: الفرس يألك اللجام ويعلكه بمعنى واحد، أي يمضغُ الحديد. [إي] [إي] بكسر الألف وتخفيف الياء واسكانها تدخلُ في اليمين كالصلة والمفتاح. ومنه: {قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ}. وقال ابن قتيبة: "إي بمعنى بلى ولا تأتي إلا قبل اليمين صلةً لها". أيْض الأيضُ: صيرورةُ الشيء شيئاً غيره وتحويله عن حاله. تقولُ: آض سوادُ شعره بياضاً. وقال: حتى إذا ما آض ذا أعراف ... كالكودن الموكف بالإكاف

آض أي صار، وكذلك المثلة. والكوْدَن: البَغْل. يُقال: إكاف ووِكَاف وإشَاح ووِشَاح وإرْث وَوِرْث. وتقول: افعل ذاك أيضاً أي عُدْ لما مضى، والتنوين فيه أصوب. وتفسير أيضاً زيادة، كأنَّه آض يئيضُ أيصاً، أي عاد يعودُ عوداً. وقال ذو الرمة: إذا ما الرياح السُّدْمُ آضت كأنَّها ... من الأجْنِ أحناء معا وصبيبُ السُّدم جمع سُدُم وهو الذي وقعت فيه الأقمشة حتى كاد يندفن ويقال: أسْدام، ومَنْهَلٌ سُدْم وسُدُم. إلّ الإلُّ: الربوبية. قال أبو بكر لقراءة مُسَيلمة: ما خرج هذا من إلّ، وقوله- عزَّ وجل-: {إِلاًّ وَلا ذِمَّةً}. يقال في بعض التفسير هو الله عز وجل. والإلُّ قُرْبى الرَّحِم. قال: لعمرك إنَّ إلَّك من قريش ... كإلِّ السقب من رأل النعام والألُّ والأليلُ ما يجده الإنسانُ من فجع الحُمَّى ونحوها. قال ابن ميادة: وقولا لها ما تأمرين بوامقٍ ... له بعد نومات العيون أليلُ 1/ 368

ويقولون: إيل اسمٌ منأسماء الله - عز وجل - بالعبرانية، وإن كان كل اسم في آخره إيل نحو إسرائيل وجبرائيل وميكائيل وهو معبد الله نحو: عبد الله وعبيد الله، فآل يؤول الشيء إلى كذا أي رجع إليه. والآلُ: السَّرابُ، وآلُ الرجُلِ: قرابته وأهلُ بيته. قال جميل: بثينة من آل النساء وإنما ... يكن لأدنى لا وصال لغائب أي بثينة من النساء. وقوله: لأدنى أي للأدنى. زعم الكسائي أنه سمع من يصغر آل أُوَيل، فإذا أضافته العربُ إلى اسم صحيح ليس بموضوع ردوه إلى الأصل فقالوا: أهل. وقال الضبي في قوله- عز وجل-: {بَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ} أي مما ترك موسى وهارون. وآلُ البعير: ألواحُه، وآلُ الخيمة: عمدُها. وألْيَةُ الشاة وألْيَةُ الإنسان [العجيزة]. أولُ: قرية على شاطيء البحر. [أُس] وأسُّ كل شيء أصْلُه، وفي لغة أس والجمع الآساس ممدود. قال: لم تبلغ الفرع الذي نلته ... إلا ببحثٍ منك عن أُسسه ويقال: [أُس] الحائط وأساس الحائط، والجمعُ آساس وأُسُس. فمن قال أسّ قال: آساس، ومن قال: أساس قال أُسس. وذلك أس للزيادة في الموقد. قال النابغة:

فلم يبق إلا [آل] خيم منضد ... وسفع على أس ونؤي مثعلبِ وقولهم: ما لفلان أصل ولا فصل معناه: ما له عقلُ ولا لسان وهو الأصلُ والفصلُ، الدليل على ذلك قول الشاعر: وعانية كالمسك طاب نسيمها ... تلجلج منها حين يشريها الفصل كأن الفتى يوماً وقد ذهبت به ... مذاهبها لقي وليس [له] أصلُ عانية منسوبة إلى قرية يُقال لها عانة، ونسيمها: ريحها، ونسيم الريح هبوبها. وقوله: تلجلج يريد تتلجلجُ فأسقط التاء. ومثله في شعرهم وكلامهم كثير. والفصلُ: اللسان. وقوله: 1/ 369 لقى هو الشيء المُلْقَى في الأرض. والأصلُ: العقلُ، يعني أنه ساقط لا عقل له ولا كلام فيه. [الأنف] والأنفُ 1/ 370 معروف وجمعُه أنوف، وبعير مأنوفٌ، أي يُقادُ بأنفه لأنَّه إذا عقَرَه الخِشَاش انقاد. وفي الحديث: "إن المؤمن كالبعير الآنف حيث ما قيد انقاد" أي مأنوف، كأنَّه جُعِلَ في أنْفِه خِشاش يُقاد به. والآنف: الذليلُ المُنْقَاد. والأنَفَةُ: الحمِيَّة والأنُف من المرعى والمشارب والمسالك ما لم يُسْبَق إليه كالأنْف. وكأسٌ أنفٌ ومنهلٌ أنُفٌ. [الأبْنُ] والأبْنُ: مصدر المأبون، والأبْنَةُ عُقْدَةٌ في العصا، والأبْنَةُ العيْب.

[الإبَة] والإبةُ: الخِزْيُ. قال ذو الرُّمة: إذا المرئي شبَّ له بناتٌ ... عقدن برأسه إبةٌ وعارا [الأنام] والأنامُ ما على ظهر الأرض من جميع الخلقِ، ويجوز في الشعر أنيم. [الأمانة] والأمانة: نقيضُ الخيانة، والأمين ضد الخائن، ورجلٌ أمين وأمَّان ويُقالُ: ما كان فلانٌ أميناً ولقد أمُنَ يأمُنُ أمانة". والأمينُ أيضاً الأمِنُ والمفعولُ مأمون، وأمين ومؤتمن، والأمينُ الوفيُّ بالعهد. قال عمرو بن كلثوم: قفي نسألكِ هل أحدثتِ صرماً ... لوشك البين أم خُنْتِ الأمينا وأمين من التأمين يُقْصَرُ وَيُمَدُّ. قال الشاعر في القصر: تباعد مني فُطْحُلٌ إذ رأيته ... أمينَ فزاد اللهُ ما بيننا بُعْدا

وقال الآخر في مده: صلى الإله على لوطٍ وشيعته ... أبا عبيدة قل بالله آمينا والأصلُ في آمين القَصْر، وإنما مُدَّ لترفيع الصوت بالدُّعاء كما قالوا: آوَّه، والأصل: أوَّه، والاختيار أن تقول: الأصلُ أوَّه وأنشد: فأوَّه من الذكرى إذا ما ذكرتُها ... ومن بُعْدِ أرض بيننا وسماءِ ولا يُشدَّدُ الميم في آمين فإنَّه لحْنٌ، والعامة ربَّما فعلوا ذلك. وأما قوله- تعالى-: {وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ} فالميم مشددة لأنَّه من أممتُ أي قصدتُ. وقرأ الأعمشُ ولا 1/ 371 آمُي البيت الحرام بالإضافة. ويُقال: أممْتُكَ وتَأَمَّمْتُكَ وتَيَمَّمْتُكَ أربعُ لغات. وقرأ أبو صالح: {وَلا تأتَّمُوا الْخَبِيثَ} وقرأ مسلم بن جُندب: ولا تُيَمَّموا. ويُقال: أفضلُ الدُّعاء يوم عرفة آمين. وقد سمى الله تعالى التأمين دعاء. قال عز وجل: {قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا}، وإنما كان الداعي موسى فقط، وهارون يُؤمن على دعاء موسى صلى الله عليهما. وآمين بمعنى استجب يا رب. يُقال منه أمَّنَ على دعائه تأميناً، والدليلُ على أنَّه توكيد للدعاء بمعنى الاستجابة قول جميل: حلفتُ يميناً يا بثنية صادقاً ... فإن كنت فيها كاذباً فعميتُ

أمين وصم السمع مني ولم أجب ... نداء وشل العشر ثم نُعيت والأمنيةُ أفعولةٌ وربما طُرحت الألف فقيل مُنْيَةُ مثل خية في أخيَّة قال: ألا يا يا نفس إن ترضى بقوت ... فأنتِ عزيزةٌ أبداً غنيه دعي عنك المطامع والأماني ... فكم أمنية جلبت منيه أمس أمس مكسورة على كل حال إذا كانت مفردة، فإذا أضفتها أو ألحقت فيها الألف واللام أجْرَيْتَ فيها الإعراب. تقول: مضى أمس بما فيه ورأيتُ أمس ظبياً ومررت أمس برجل، كُسِرَ كلُّه. قال حاتم: هل الدهر إلا اليومُ أو أمس أو غدُ ... كذاك الزمان بيننا يترددُ كُسِرَ أمسِ وهو في موضع رَفْع، وإنما كسروه في جميع الحالات للين السين ونية الياء كأنَّهم أرادوا بأمسِ [أمسى]. وقال الفراء: كأنَّهم ردوه إلى ثبات الياء من أمسيتُ. ولين السين نحو قولهم: أحْسِبُ وأحْسَبُ فلما كانت لينة كسروها، فإذا ألحقت [بها] الألف واللام قلت: [مضى] الأمسُ بما فيه، ورأيتُ الأمس رجلاً، ومررت بالأمس برجل. قال العجاج:

* غُضفاً طوها الأمس كلابيُّ * وذلك إذا أضفت قلت: مضى أمسنا بما فيه 1/ 372 ورأيتُ أمسنا ظبياً. قال: مضى أمسك الماضي شهيداً معدلاً ... وأصبحتَ في يوم قريب إلى غد فإن جعلت أمس نكرة أجريت الإعراب فيها أيضاً. فتقول: رأيتُ أمسنا ظبياً، فأمَّا إذا جعلتُه معرفة فالكسر. قال: اليوم أعلم ما يجيء به ... ومضى بفضل قضائه أمس ومن العرب من يُدْخِلُ عليه الألف واللام ويدعُه مخفوضاً على ما كان عليه قبل دخولهما. قال: وإني حُبِسْتُ اليوم والأمس قبله ... ببابك حتى كادت الشمس تغربُ فتقول: ما رأيته مذ أمس فترفع وكان الحكم أن تخفض إلا أنهم رفعوه لئلا يلتبس بلغة الذين يخفضون بمذ الوقت الماضي. ومنهم من يقول: ما رأيته مُذْ أمس. قال الراجز: ما زال ذا هزيزها مُذ أمس ... مصغية خدودها للشمس وقال الكسائي: كُسِرَ أمسِ لأنَّ أصله الأمر: أمس عندنا يا رجل فسُمَي به وترك

على لفظ الأمر، فإن صغرته أعربته بوجه الإعراب، لأنَّ التصغير أزال عنه شبه الأدوات فتقول: أميس وأميسُنا. وبعضهم يقولُ: ما رأيته مذ أمسا. قال الراجز: لقد رأيتُ عجباً مُذْ أمسا ... عجائزاً مثل السعالي خمسا يأكلن ما جمعن همسا ... لا ترك الله لهن ضرسا وبعضهم يقولُ: رأيته أمس فينونون لأنه بنى على الكسر شُبِّه بالأصوات نحو غاق في حكاية صوت الغُراب فينونون، وهذه لغةٌ شاذّة. وبعض العرب يتركه على كسرته ونية الألف واللام فيقول: رأيتُ بالأمس يا هذا، ويقولُ: رأيتُه أول من أمس إذا أردتَ يوماً قبل الأمس. فإن قُلْت: أوَّلَ أمس فهو أمس بالغداة، ورأيتُه أوَّلَ من أمس إذا أردت يوماً قبل الأمس. فإن قُلت: أوَّل أمس فهو أمس بالغداة، ورأيتُه أول من أول أمس إذا أردت يوماً قبل أمس من أمس. وحُكي عن بعض العرب: رأيتُه أوَّلَ من أمسين وأوَّل من أُموس. قال الشاعر: مرت بنا أول من أمسينه ... تجُرُّ في ملحفها الرجلينه وقال آخر: مرت بنا أول من أموس ... تميس فينا مشية العروس وإذا جمعت أمس على أدنى العدد قُلت: ثلاثة أمؤُس مثل فرخ وأفْرُخ وفَلْس 1/ 373 وأفْلُس، ويجوزُ ثلاثة أماسٍ مثل فَرْخ وأفْراخِ وزَبْد وأزْبَاد، والأمسيُّ منسوب إلى أمْس. فصلٌ من الألف أيضاً الأسى: الحُزْنُ، والأسى العزاء، والأسى جمعُ آس على وزن فاعل وهو

الطبيب، والأسِيُّ فعيل المداوي والجميع الأسَاوي. وتقولُ في الأسى: أسِيَ يَاسَى أسَىً فهو أسْيَان وامرأةٌ أسْيا والجميع أسَاياً، وإن شئت آسيون والإناث آسيات. وآسَيْتُه عَزَّيْتُه فأنا أوْسَيْتُه تَوْسِيَةً وتَاسيةً. وتَأسى مثل تَعَزَّى، والأسْوُ علاج الطبيب الجراحات بالأدوية والحياطة. تقول: أسَى يأسْو أسْواً. والأسَى جماعةُ الأسوة من المواساة والتأسَي. وتقول: هؤلاء القوم أُسْوةٌ في هذا الأمر أي حالُهم فيه سواء واحد. وتقول: إسْوةً وإِسَيَ. وفلانٌ يأتَسي بفلان أي يَرْضى لنفسه ما رضيه ذلك لنفسه قال: هلا ذكرت أسىً في مثلها غير ... إذ وافق الشوق من معتادها وقفا والآسون: الأطباء. قال: هم الآسونَ أمَّ الرأس لما ... تواكلها الأطبةُ والإساءُ والإساء هم الأطباء وكرر لاختلاف اللفظ، وهو في كلامهم كثير. [الإباء] والإباءُ من أبيتُ الشيء. [الأثى] والأثيُ: النميمة. تقول: أثاكَ يُواثيكَ فهو مواث. قال: ولستُ إذا ذو الوُد ولي بوده ... منطلقٍ آثي عليه وأكذبُ ولكنه إن دام دمت وإن يكن ... له مذهبٌ عني فلي عنه مذهبُ

[الآفة] والآفة: عرضٌ مُفسدٌ لما أصاب من شيء. ويُقالُ: آفةُ الظرف الَّصلفُ، وآفةُ العِلْمِ النِّسْيان، وهي الآفات، وإذا دخلت على قومٍ قيل: قد إِفُوا وفي لغة قد إيفوا. [الأيْم] والأيمن من الحَيَّات الأبيضُ اللطيف. قال: كأنَّ زمامها أيمٌ شجاعٌ ... تأد في غصون معضئله شبه تحريك الزمام بحيةٍ بين أغصان. ويقال: أيمٌ وأيِّم 1/ 374 كما يُقال: لينُ ولَيِّن، وهَيْن وهَيِّن، وأيْن وأيِّن. قال تأبط شراً: تسري على الأين والحيات مختفياً ... نفسي فداؤك من سارِ على ساق والأينُ: التعبُ. وقال آخر: هينونَ لينون أيسارٌ ذوو يُسرٍ ... سواس مكرمةٍ أبناء أيسارِ وقال في تثقيل الأيم: ولقد وردتُ الماء لم يشرب به ... بين الربيع إلى شهور الصيف

إلا عواسر كالمراط معيدةٌ ... بالليل مورد أيم متغضف الصيف: يعني مطر الصيف. العواسرُ التي تعسِرَّ بأذنابها يعني ذِئاباً عادوه أذنابها والمراط: السهام التي تمرطُ ريشها. ومعيدة يعني معاودة للورد يقول: هذا مكان لخلائه فيه الحيات وترده الذئاب. ومتغضف: يريد بعضه على بعض، ذهب إلى تثني الحيَّة. [الأميم] والأميم: الحجارة التي يُشْدَخُ بها الرأسُ. والأميم هو المأموم آمَّةً، وهي التي تهجمُ على الدِّماغ. ورجلٌ مأمومُ وقد شج مأمومه وآمّة بفتح الألف، وهي الواضحة. قال اليشكري: فأمه آمةً بالفهر موضحة ... فوهاء تغرقُ فيها اصبع الآسي والفِهرُ: الحجرُ. والآٍي: الطبيب. وأمِه يَامَه أمْهَاً أي نسي. وتقول: أوَيْتُ فلاناً أي أرثي له، وارحم أيَّه ومأويّه ومأواه. قال: ................. ... ولو أنني اسْتَأويْتُه ما أوى ليا [الآتي] والآتيَّ: الغاية. قال رؤبة: * حتى إذا ما بلغ الآتيَّ *

والآتيَّ: جماعة، والإتاءُ جماعةُ أيضاً، وهو ما وقع في النهر من خشب أو ورق ونحوه مما يحبس الماء. والآتيُّ عند العامَّة: النَّهْرُ الذي يجري فيه الماء [إلى] الحوض 1/ 375 والجمع الأتِيّ والأتِيُّ والإتاء. وقال بعض: الأتيُّ: السيلُ الذي يأتي لا يُدْرَى من أين أتى. قال: * سيل أتى مده أتيُّ * وقال النابغة: خلت سبيل أتيٍّ كان يحبسه ... ورفعته إلى السجفين فالنضد آتيتُ الماء تأتياً وتاتِيةً إذا وجهْتُ له مجرى. وقال: وبعض القول ليس له إتاءٌ ... كسيل الماء ليس له إتاءُ وبعضُ خلائق الأقوام داءٌ ... كمخض الماء ليس له دواءُ ويقال: أتاه التوي وهو مجراه، ورجلٌ أتيٌّ إذا كان في قوم ليس منهم وأتى توايٍّ كذلك. والإتَاوَةُ: الخَرَاجُ وكلُّ قسمة تُقْسَمُ على قوم فتُجْبَى. قال: وفي كل أسواق العراق إتاوةٌ ... وفي كل ما باع امرؤ مكس درهم

والإتاءُ: نَمَاءُ الزرع والنَّخْل. يُقال: نخلُ ذو إتاءٍ أي ذو نماءٍ. وتقول: آتيتُ فلاناً على أمْرِ وآتاه، ولا تَقُلْ واتيْتُه إلا في لغة أهل اليمن قبيحة، وما جاء من نحو: آسَيْتُ وآكَلْتُ وآمَرْتُ فهو كذلك وإنَّما يَجْعَلُونها واواً على تحقيق الهمزة تُواكِلُ وتُوامِرُ ونحو ذلك. والاتاء بالمدِّ من الإعطاء. آتاه: أعطاه. قال الله- تعالى-: {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ}. وأتى مُقصر من الإتيان وهو المجيء. قال الله- عز وجل-: {أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ} وأنطَى لغة في أعطى. وقُريء {إِنَّا أَنطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ}. [أفْلَطني] أفْلَطَني: لغة تميم قبيحة من أفْلَتني. وتقول هُذَيْل: لقيتُ فلاناً فلاطاً أي بغتةً. وفي الحديث: أأضْرَبُ فلاطاً أي مفاجأة. [الآبدة] الآبدة: العربية من الكلام. [أببتُ] وتقول العربُ: أببتُ فلاناً من أرض كذا، أي سرت إليه. ويجوز في هذا أتيته.

[أنيث] واحدُ الإناث أنيث، واعلم أنَّ أحداً قد يكون في معنى الجمع. قال الله - تعالى-: {وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا} فجمع. وقال عز وجل: 1/ 376 {فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ} فجمع. ويقال: رجل أبجٍ وأبه وأجْلَح وأجْلَه. وقيل: أجْلَه أبْلَغُ في الصفة من أجْلَح. وفلانٌ أخضرُ هو مدحٌ وذمٍّ فمعنى المدح كثير الخصب والعطاء من قولهم: "أباد الله خضراءهم" أي خصبهم. وقال اللهبي: وأنا الأخضر من يعرفني ... أخضرُ الجلدة في بيت العرب ومعنى الذم أنه لئيم، والخُضرةُ عندهم اللؤمُ. قال: كسا اللؤم تيماً خضرةً في جلودهم ... فويل لتيم من سرابيلها الخُضر [الأنْزَعُ] الأنزعُ من الرجال: المرتفعُ نزعتاه في جانبي الناصية فينحاصُ الشعرُ عن

موضعهما. يُقال: نزع فلانٌ نزعاً، ورجلٌ أنْزَع وامرأة نزعاء، وقوم نُزْع. قال هُدْبَة بن الخشرم: فأوصيك إن فارقتني أمَّ معمرٍ ... وبعض الوصايا في الأماكن تنفعا فلا تنكحي إن فرق الدهر بيننا ... أغم القفا والوجه ليس بأنزعا ضروباً بلحييه على عظم زوره ... إذا القوم هشوا للفعال تقبعا ولا قُرزُلاً وسط الرجال جُنادفاً ... إذا ما مشى أو قال قولاً تتلعا ولا تنكحي إلا امرءاً ذا نبالة ... وضيء القفا والوجه أنزع أفرعا الأغمُّ: الذي يسيلُ شَعَرُ رأسه حتى يُطْبِقَ جَبْهَتَه وقفاه. ويُقال: أغَمُّ الوجه والقفا، وامرأةٌ غَمَّاء كذلك، وهو مما يدل على حُسن خلق صاحبه. وتقبع: تداخل. يقول: إذا هشَّ القومُ لفعل جميل أي لإنواله ومالوا إليه يقبعُ هذا، أي تداخل وانقبض عنه. ويُقالُ للقُنْفُذ قُبَع لأنه يَقْبَعُ رأسه أي يُدْخِلُه. ومن هذا قبيعةُ السَّيْف لما يستُرُ أعلى قائمه. ويُقال للنَّجْمِ إذا ظهر ثُمَّ خفي انقبع. والقُرْزُل [اللئيم]. والجنادف: الجسيمُ الجافي من الناس. والتَّتَلُّعُ رَفْعُ 1/ 377 الرأس ومدُّ العُنُق عند الكلام والمشي. ويُقال: إنَّه ليتتالعُ في مشيته إذا مدَّ عُنُقَه ورفع رأسه. ويُقال: إن رجلاً سأل عُمر بن الخطاب - رحمه الله- فقال: يا أمير المؤمنين: "الفُرْعَانُ خَيْرٌ أم الصُّلْعَان؟

فقال: الفُرْعانُ خيرٌ من الصُّلْعان. وكان أبو بكر كثير الشَّعر، وكان عمر أصلع. والصَّلَعُ ذهابُ [شعر] الرأٍ من مقدمه إلى مؤخره، فإن ذهب وسطه كذلك. نقول: صلعَ يَصْلَعُ صَلَعاً وهي الصَّلِيعَة وصَلْعَاء وصُلَعَاء والجَمْعُ: الصَّلْعُ والصَّلْعَان. والصَّلَعَةُ: مَوْضعُ الصَّلَع من الرأس حيثُ يُرى. وقال الأعشى: وأنكرتني وما كان الذي نكرت ... من الحوادث إلا الشيب والصلعا وقال بشر بن أبي خازم: كبرتُ وقالت هندُ شبت وإنَّما ... لداتي صُلْعَانُ الرجال وشييها وفي بعض الرواية أنَّ الصَّلَعَ تطهيرٌ وعلامةُ أهل الصلاح. وكذلك وجد أهلُ التوراة عندهم فحلقوا أوساط رؤوسهم تشبهاً بالصالحين. [الكشفةُ] والكشفةُ شعرٌ مستدير في القصاص، وقُصاصُ الشعرِ ما يظهر منه من مقدم ومؤخر. [القرعةُ] والقرعةُ تقع في الشعر. [النَّزَعَةُ] والنزعةُ: قد مضى ذكره.

[الجَلَحَةُ] والجلحَةُ: انحسارُ [شعر] مقدم الرأس. [اسم] وللعربِ في اسم لغات. يقال: اسمٌ واُسْمٌ - بكسر الألف وضمها - وسِمٌ وسُمٌ - بإسقاط الألف وكسرِ السين وضمها-. [أيْش] كلمةٌ قد أميتت إلا أنَّ الخليلَ ذكرَ أنَّ العرب تقول: ائتِ به من أيش وأيْشِ، ولم يستعملوا أيْش إلا في هذه قطُّ، ومعناه كمعنى من حيث هو في حال الكينونة والحدة والوحدة. [أرْعن] فلانٌ أرْعَن مَعْناه المُسْتَرْخي. قال: فرحلوها رحلة فيها رعن ... حتى [أنخناها] إلى مَنٍّ ومَنَ أراد فيها استرحنا. وقيل: فيها استرخاء من شدة السير.

[أنْوَك] وفلانٌ أنْوَك: معناه: العاجز الجاهلُ، والنَّوْكُ عِنْدَ العرب العجزُ والجهلُ. قال: تضحكُ مني شيخةٌ ضحوك ... واستنوكت وللشباب نُوكُ وقد 1/ 378 يشيب الشعر السُّحكوك وقال الأصمعي: الأنْوَك: العييُّ في كلامه، واحتجَّ بقول الشاعر: وكن أنوك النوكى إذا ما لقيتهم ... وكن عاقلاً إذ ما لقيت ذوي العقل وقال الخليل: النوك الحُمقُ، والنَّوْكى: الجماعة، والمسْتَنْوِك: المُسْتَحْمِق، ويجوزُ: قوم نُوكٌ، والنواكةُ: الحماقةُ: [الآنُك] والآنُك هو الأسْرُبُّ، والقطعةُ آنكة في موضع الآنُك، وقيل: هو الرصاص المذاب، ومنه الحديث (من استمع إلى قينة صب في أذنيه الآنُك يوم القيامة).

[أمْرَد] وفلانٌ أمْرَد هو الذي خداه أملسان لا شعر فيهما، أُخِذَ من قولهم: شجرةٌ مرداء إذا سقط ورقها عنها. ويقال قد تمرد الرجل إذا أبطأ خروج لحيته بعد إدراكه. والقصرُ الممردُ هو المملَّس. ومن هذا اشتقاقه. قال - عز وجل-: {صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوَارِيرَ}. والصرح عند العرب القصر. [أحمق] وفلانٌ أحمق أي مُتَغَيْر العقل، أُخِذَ من الحُمق وهو عند العرب الخمرُ. يقال: قد حمقَ الرجلُ إذا شرب الخمر. قال النمر بن تولب: لقيم بن لقمان من أخته ... فكان ابن أختٍ له وابنما عشية حمق فاستحصنت ... إليه فجامعها مظلما فمعنى حمق: شرب الخمر. [أرْمَلَة] وامرأة أرْمَلة هي التي قد مات عنها زوجها سُميت بذلك لذهاب زادها، فقد كان كاسبها من قول العرب: قد أرْمَلَ الرجل: إذا ذهب زاده، وكذلك أقْتَرَ وأنْفَضَ وأقوى. قال ابن محكان: ومرسلو الزاد معني بحاجتهم ... من كان يرهب ذماً أو يقي حسبا

[ألَدَّ] وفلان ألدَ معناه في كلامهم: الشديدُ الخصومة والجدال. يُقال: رجلٌ ألدُّ من قومٍ لَدَّ وامرأة لداء. قال- عز وجل-: {وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ} أي شديد الخصومة. قال الشاعر: إن تحت الأحجار حزماً وجوداً ... وخصيماً ألد ذا معلاق وقال آخر: وكوني على الواشين لداء شغبةً ... كما أن للواشي ألدُّ شغوبُ قال تعالى: {وَتُنذِرَ بِهِ 1/ 379 قَوْماً لُدّاً}. قال بعض المفسرين: معناه فُجاراً، وقال غيره: معناه: صُماً. وقال بعض اللغويين: يقال: رجلٌ ألدُّ وأبلُّ إذا كان فاجراً. قال: ألا تتقون الله يا آل عامرٍ ... وهل يتقي الله الأبل المصممُ عن عائشة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: (أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم)، والألدُّ: الشديد الخصومة العسر الانقياد وهو اليَلَنْدَدُ والألنددُ. قال طرفة:

فمرت كهاةٌ ذات خيف جلالةٌ ... عقيلة شيخ كالوبيل يلندد والياء ي يلندد بدلٌ من الهمزة كما يقال: اليَرَقَان والأرَقَان واليَرَنْدَج: والأرَنْدَج [إزاء] تقولُ: بنو فلان إزاء بني فلان إذا كانوا لهم أقراناً. والإزاء أيضاً ما كان بحذاء شيء، تقول: يوازي فلاناً في حلمه وعقله. وتقولُ: أزيتُ له آزي أزْياً إذا أتيته من وجه مأمنه لتختله. وكلُّ شيء ينضمُّ إلى شيء فهو إزاءٌ له. وإزاءُ المعيشة ما شئت من رغدها وخفضها. قال: إزاء معاش ما تحل إزارها ... من الكيس فيها سورة وهي قاعد الإزاء في هذا البيت قيمُ المال ومصلحه. وقاعد أي قعدت عن الولد. أضْحَى يُقال: أضْحَى الرجُلُ يَفْعَلُ كذا إذا فعله من أوَّلِ النَّهار. وأضحى إذا بلغ وقت الضحى. ويوم إضْحِيَان ولَيْلَة إضْحِيَانَة لا غَيْمَ فيها إذا [كانا] مضيئين. والأضْحِيَّة والجَمْعُ الضَّحَايا وهي الشاة التي تُضَحِّي بها أو تُذْبَحُ يوم الأضْحَى. وفيها أربعُ لغاتٍ: منهم من يقول: أُضْحِيَّة [بالضم] وإضْحِيَّة بكسرها، فمن جمع على هاتين اللغتين قال: أضَاحِيُّ. ومنهم من يقول: أضْحَاةً فمن جمع على

هذا قال: أضاحي خفيفة مصروفة في الرفع والخفض، فإذا جاء النصبُ قُلْتَ: رأيتُ أضاحيَ فاعلم. وقال الأصمعي: تُجْمَعُ أضْحَاة أضْحَىّ وبه سُميّ يومُ الأضحى. ويُقال هذا ضَحِيَّة فمن جمع 1/ 380 على هذا قال: ضحايا. [وأضحاة وأضحى] مثل أرطاة وأرْطَىّ. ويُقال: ضحَّ يا رجلُ من ضحيتُ بالأضحية. والأضحى يُذكَّرُ ويؤنثُ. ألا ليت شعري أن تعودن بعدها ... على الناس أضحى تجمعُ الناس أو فطرُ ويقال: دنَتِ الأضحى، وربما ذكروها يذهبون إلى اليوم. قال: رأيتكم بني الخذْواء لما ... دنا الأضحى وصللت اللحامُ توليتم بودكم وقلتم ... لعك منك أقرب أو جُذام عكَّ وجُذام قبيلتان من اليمن. وتقولُ للقوم: أضْحُوا بصلاة الضُّحى أي [صلوها لوقتها] ولا تؤخروها إلى ارتفاع الضحى. إبراهيم العربُ تقول: إبراهيمُ وإبْرَاهامُ وإبْرَهَمُ بغير ألف، وذلك أنَّ إبراهيم اسمٌ

أعجميٍّ فإذا عرَّبَتْهُ العربُ فإنها تخالف بين الألفاظ، قال الشاعر * عُذْتُ بما عاذ به إبراهيم * يريد إبراهيم صلى الله عليه وسلم. وقال آخر: نحن آل الله في كعبته ... لم يزل ذاك [على] عهد ابرهم [أدري] أدري أي أعلم، وقد أدْرَيْتُه أي أعْلَمْتُه به. قال الله- عز وجل-: {قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلا أَدْرَاكُمْ بِهِ} أي ولا أعلمكُم به. ودرى فلانٌ يدري أي علم يَعْلَمُ. وأدْرَى فلانٌ غيره يُدريه إدراءٌ فهو مُدْرِ له به، إذا أعْلَمَه به. أدري. قال (رؤبة): * أيام لا أدري وإن سألت * العربُ ربَّما حذفت الياء فتقول: لا أدرِ يريدون: لا أدري، وقال رؤبة: ولا أدري من ألقى عليه رداءه ... سوى أنه قد سل عن ماجد محض ويُقال: ما أدراك بكذا أي ما أعلمك. قال الفراء: كُلُّ ما في كتاب الله - عز

وجل- ما أدراك فقد أدراه، وما يدريك فما أدراه بعدُ يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكل ما في القرآن من ألم ترَ فمعناه ألم تخبر، ألم تعلم ليس من رؤية العين كقوله- تعالى-: {أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ} {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ}. أقَرَّ أقَرَّ الرجلُ يُقِرُّ إقراراً بفعل أو بقولٍ أو بحقٍّ فهو مُقِرٌّ. وقولهم: أقرَّ اللهُ عينك، فيه اختلافُ كثير 1/ 381 قال بعضٌ: أبردَ اللهُ دَمْعَكَ وهو مأخوذٌ من القُرِّ والقِرَّة وهما البَرْد. وقال الأصمعي: دمعةُ الفرح باردةٌ ودمعةُ الحزن حارة، وأنْكَر ذلك أبو العباس وقال: الدمعُ كله حار كان في فرح أو حُزْنٍ. قال: والمعنى: لا أباك الله أي أقرها على أن لا تكون باكية. وقال أبو عمرو الشيباني: معناه: أنام الله عينك. وعن الأصمعي قال: أقَرَّ مُشتقٌ من القرور وهو الماء البارد. وقال جماعة من أهل اللغة معناه: صادفت ما يرضيك حتى تقرَّ عينك من النظر إلى غيره واستغناء بما في يديك، واحتجوا بأن العرب تقول للذي يُدرِكُ ثأره صابت بقُرَ أي صادف فؤادك ما كان متطلعاً إليه فقر. وقال أبو عمرو: معنى قولهم: أسخن الله عينه أي: أبكاه الله حتى تسخن عينه بالدموع. وقال غيره: أسخن وهو مأخوذ من سُخْنةِ العين، وهو كل! ُ ما أبكى العين وما أوجعها. قال ابن الدمينة:

يا سخنة العين للجرمي إن جمعت ... بيني وبين هوى وحشية الدارُ [أنشأ الشاعر يقول] وقولهم: أنشأ الشاعر يقول معناه ابتدأ يقول. أنشد الفراء: حتى إذا حصل الأمو ... ر وصار للحسب المصائر أنشأت تطلب ما تغير ... م بعدما نشب الأظافر معناه: ابتدأت تطلبُ. وتقولُ أنشأ فلانٌ حديثاً / وأنشأ الله السحاب إنشاءً، ومنه قوله- تعالى- {أَنشَأَكُمْ} ابتدأكم وخلقكم. [أري فلانٌ على فلان] وقولهم: أربي فلانٌ على فلان أي ظلمه وزاد عليه، وفيه لغتان: أربي وأرمي. قال الشاعر: لقد أرمى وأفرط من سبابٍ ... ومن سفهٍ فحاربه الرماء والربا معناه في كلامهم الزيادة، وذلك أن صاحبه يزدادُ على ماله عليه، ويقال له: الرماء جاء في الحديث (إني أخافُ [عليكم] الرماء) أي [الربا].

ومنه قولهم: قد ربا السويق أي زاد وأربى. ومنه قولهم: قد أصاب فلاناً ربوٌ أي انتفاخ وزيادة نفس. وهو من قولهم: جلس على ربوة 1/ 382 من الأرض، معناه على ماكن مرتفع. وفيه تسعةُ أوجه مذكورة في باب الراء بعد هذا إن شاء الله. وقولهم: إني لأربأ بك عن كذا أي لأجلك وأرفَعُك. أُخذ من قولهم: قد جلس على ربأ من الأرض أي على موضع مرتفع، ويقال: قد أربأ عليَّ السبع إذا أشرف عليه. [أدْلى دَلْوَه] وأدْلى الرَّجُلُ دَلْوَه بالألفِ أرسلها ليملأها ودلاها بلا ألف أخرجها. الذي والتي التي تكونُ للواحد والجميع ولا يقع اسماً إلا بصلة، وذلك أنك لو قلت: جاءني الذي، لم يتم الكلام حتى تصله فتصير الصلة تفسيراً لأنك لو قلت: أتاني الذي فقد علمت أنه قد أتاه شيء ولا يدري ما هو كما أنه إذا قال: أتاني زيد علم أنه قد أتاه المُسمى بزيد فاختص هذا من بين من سُمي بعمرو ومحمد وخالد وما أشبه ذلك. وأصلُ الذي لَذْ على وزن عد ثم دخلت الألف واللام للتعريف، فالشديد من حال ذلك. قال المفضل: الذي اسمٌ يحتاج إلى صلة فعل كقولك: الذي قام زيد أو صلة صفة كقولك: الذي في الدار زيد أو باسم مكنى وخبره كقولك: الذي هو أخوك زيد، وصلة الذي لا يتقدمه. لا تقول: الطعام الذي أكل زيدٌ، ولا يجوز أيضاً أن تؤخره، فخطأ أن تقول: الذي أكل زيد الطعام، وكذلك الذي ضرب زيدٌ عمراً، خطأ لأنك لا تحول بني الذي وصلته بخبره. والذي

للمذكر، والتي للمؤنث. وقد تُعَبِّر بالذي وهو واحدٌ عن الجماعة. قال الله - تعالى-: {مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً} استفهمهم وهم جماعة بالذي استوقد ناراً، وهو واحد. وقال الله- تعالى-: {ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ} رجع إلى المنافقين فجمع. وقال بعض: إنما قال: مثلهم كمثل [الذي] استوقد ناراً ثم قال: ذهب الله بنورهم لأنَّ الذي يكون للواحد والجميع، فلذلك شبه بالذي. وقال: استوقد فوحد لفظ الذي لأنه واحد ثم قال: ذهب الله بنورهم على معنى 1/ 383 الجمع كما قال تعالى: {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُوْلَئِكَ هُمْ الْمُتَّقُونَ} فوحد جاء بالصدق على اللفظ، وقال: أولئك على المعنى. وقال أبو عبيدة: والذي جاء بالصدق في موضع الجمع. وقال الأشهب بن رميلة: وإن الذي حانت بفلج دماؤهم ... هم القوم كل القوم يا أم خالد وفي الذي أربع لغات وخامسة طائية فمنها الذي بإثبات الياء، والّذِ بخفض الذال وحذف الياء، واللذْ بجزم الذال، واللَّذيّ بتشديد الياء. قال الشاعر في اللذ: واللذِ لو شاءت لكانت براً ... أو جبلاً أشم مشمخراً وقال:

فلم أر بيتاً كان أحسن بهجة ... من اللذ له من آل عزة عامرُ وقال في تشديد الذي: وليس المال فاعلمه بمال ... وإن أغناك إلا للذي يريد به العلاء ويمتهنه ... لأقرب أقربيه وللقصبي والطائية. يقولون للذكر: هذا ذو قال كذا، ورأيتُ ذو قال ذاك ومررت بذو قال ذاك بالواو في كل حال. وفي تثنية الذي ثلاث لغات: اللذان بتخفيف النون، واللذان بتشديدها، واللذا بحذف النون. قال الأخطل: أبني كلاب إن عمي اللذا ... قتلا الملوك وفككا الأغلالا وفي الجمع ثماني لغات فمنهن الذي بالياء في الرفع والنصب والخفض، ومنهن اللذون في الرفع بالواو وبالياء في النصب والخفض، وهي لبنى كنانة وبعض بني أسد وبعض هذيل. قال: وبنو نويحية اللذون كأنهم ... معط مخدمةٌ من الخزان مُعط جميع أمْعَط وهو الذي لا شعر على جسده كالذئب الأمعط قد تمعط شعره وقد معط الذئب ولا يقال: معط شعره. ومخدمة بها خدمة وهو

يبوأ عليك سوادٌ وسواد في بياض يكون عند الرسغ، ويُسمون موضع الخلخال مخدماً، والخدمة: سير غليظ يُشدُّ في رسغ البعير فسموا الخلخال خدمة لذلك. والخِزَّان جمع خُزَز وهو ولدُ الأرنب 1/ 384 ومنهن اللاؤن في الرَّفع بالواو، وبالياء في النصب والخفض وهي لهذيل. وقال الفراء: وأنشد بعضهم: هم اللؤن فكوا الغل عني ... بمرو الشاهجان وهم جناحي قال: وسمع الكسائي من هذيل هم اللاؤ بالواو في الرفع، وبالياء في النصب والخفض مع حذف النون، ومنهم من يجعلها بالياء في الرفع والنصب والخفض. قال الله - عز وجل-: {وَاللاَّئِي يَئِسْنَ مِنْ الْمَحِيضِ}. قال الفراء: وهذه اللغة سواء في الرجال وفي النساء. وفي قراءة عبد الله {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ}. ومنهم من يحذف الياء في الرجال والنساء. قال الفراء وأنشدني رجل من بني سليمك فما آباؤنا بأمن منه ... علينا اللا وهم مهدوا الحجورا وهذا في التذكير. وأنشد في التأنيث: اللاَّ يكن مرابعاً ومصايفاً ... لك والغصونُ من الشباب رطابُ ومنهم من يقولُ: هم الألي قالوا ذاك. قال عبيد بن الأبرص:

نحن الألي فأجمع جمو ... عك ثم وجههم إلينا وقال القطامي: أليسوا بالألي قسطوا جميعاً ... على النعمان وابتدروا السطاعا قسطوا مالوا عن الحق، والسطاعُ الخشبة تُنْصَبُ في وسط الخباء ووسط الرواق ونحوهما، والجميع السُّطُع وثلاثة أسطعة. (وكأن) الذين في الرفع والنصب والخفض بالياء لأنها مبنية. وهذا في قول من أثبت الياء في الذي. فأما من قال بلغة طيء: الذِ فأسقط الياء فإذا ثنى بألف فقال: اللذان، وإذا جمع جَمَعَ بالواو، فقال اللذون. قال: نحن اللذون صبحوا الصباحا ... وغادروها غارةً ملحاحا وفي التي ثلاث لغات غير الطائية. التي واللَّتِ واللَّتْ. أنشد الفراء: فقلت اللَّتْ تلومك إن نفسي ... أراها لا تعوذ بالتميم وفي التثنية ثلاث لغات غير الطائية 1/ 385 اللتان بالنون الخفيفة، واللتان بالتشديد، واللتا بحذف النون. وأنشد الفراء: هما اللتَا لو ولدت تميمُ ... لقيل فخرٌ لهم صميمُ وفي الجمع اثنتا عشرة لغة: اللاتي واللاتِ واللواتي واللواتِ بحذف الياء

وإثباتها، واللَّوا بحذف التاء [واللا] واللاء واللائي واللأات بالقصر على وزن اللغات، واللأات على وزن الأغاني بإثبات الياء وحذفها، والتي على وزن لفظ الواحدة. ومنها قوله- عز وجل-: {أَمْوَالَكُمْ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَاماً}. أنشد الفراء: اللات بالبيض لما تعدُ أن درست ... صفر الأنامل من قرع القوارير وأنشد: فواحزني على قلب ... بُضيض على اللاتي وأنشد: أولئك أخداني وأخدانُ شميتي ... وأخدانك اللاآت زين بالكتم وأنشد: جمعتُها من أينقٍ غزارٍ ... من اللا شُرفن بالصرار

وإذا صغرت التي قلت: اللُّتيّا، وجمعُ اللُّتَيَّا اللُّتَيَّات. وقال في تصغير التي: * بعد اللُّتَيَّا واللُّتَيَّا والتي * وقال في جمع الذي: ورب (كثير الذين) جمعتهم ... مواقف شتى من بلاد تنائف الأمثال على الألف "الكذوب قد يصدق" "أساء سمعاً فأساء إجابة". "أفضيتُ إليه بشقوري"، أي أخبرته بأمري وأطلعته على ما أسره من غير. "أخبرته بعُجري وبُجرِي"، أي أظهرتُه من ثقتي به على معايبي. "الليل أخفى للويل" قال: * الليلُ أخفى والصباح أفصحُ * "والحديث يسمى شجون". قال الفرزدق:

فلا تأمنن الحرب إن استعارها ... كضبة إذ قال: الحديث شجونُ وهو ضبة بن أدٍّ. "أمِنَ صبوح يُرقَّق". "إياك أعني واسمعي يا جاره" "أخوك حتى إذا أنضج رمد" "اذكر الغائب يقترب" "اذكر غائباً تره" "إن حسبك من شر سماعه" "الذئب يأدو للغزال" أي يختله ليوقعه. 1/ 386 المُزَاحَةُ تُذْهِبُ المهَابَةَ" "إنما هو كَبَرْقِ الخُلَّب". "الذئب يُكنى أبا جعدة" "إنَّ البُغاثَ بأرضنا يستنسر" "إنَّ كنتَ ريحاً فقد لاقيتَ إعصاراً" "الحديدُ بالحديد يُفْلح" "النَّيْعُ يقْرَعُ بَعْضُه بَعْضاً" "أنْ تَسْمَعَ بالمعيدي خيرٌ من أن تراه" "أمكراً وأنت في الحديد "أوَّلُ الغزوِ أخْرَق" "الفحلُ يحمي شولَه

معقولاً" "الخيلُ تجري على مساويها" "إنَّ العَوَانَ لا تُعَلِّمُ الخِمْرَة" "أطِرِّي فإنك ناعِلَة" "الشُّجَاعُ مُوَقَّ" "أكْذبِ النَّفْس إذا حَدُثْتَها" "الحُمِّي أضرَعَتْني لك" "أصغرُ القوم سُفْرَتُهم" "المِعْزَى يُبْهَى ولا يَبْني" "الوحدةُ خيرٌ من جليس السوءِ" "أنْصَفَ القارةَ من راماها" "أضيء لي أقْدَحْ لك" أي كن لي أكن لك. "إنما يجزي الفتى ليس الجمَلُ". "اسقِ رقاشِ إنَّها سَقَّاية" "أسَعْدٌ أمْ سُعَيْدةٌ". "النَّكلُ رامها" "الحفائظُ "تُحَلِّلُ الأحْقاد" "انْصُر أخاك ظالماً أو مظلوماً" "أنْفُكَ مِنْكَ وإن كان أجْدَع". "العَصَا من العُصَيَّة".

"إنَّما القَرْمُ من الأفيل". القَرْمُ ههنا: الفَحْلُ، والأفِيلُ: الصغيرُ من الأبل. "ابْنُك ابنُ بُوحِكَ" أي ابنُ نفسك الذي ولدْتَه ليس من تبنيته. "ابْنُك من دَمَّ عقبيك". "أيْنَ أُوَجِّه ألْقَ سَعْدا". "العُقُوق ثُكْلُ من لم يَثُكَلِ". "المُلْكُ عقيم". "إذا نزا بك الشَرُّ فاقْعُد". "الحليمُ مطيَّةُ الجَهُول" "إنه لواقعُ الطَّائِر" "إنَّه لساكنُ الريح" "إنَّ دواءَ الشَرِّ أن تَحُوصَه"، أي تُلائمُه وتُصْلِحُه، وأصْلُ الحوْص: الخِيَاطة. "إذا عَزَّ أخوك فهُن" "إذا لم تَغْلِبْ فاخْلُبْ" "إلاَّ حَظِيَّة فلا ألِيَّة" "إن أردتَ أنْ تُطاعَ فسَلْ ما يُسْتَطاع" "إنَّك إنْ كلفتني ما لم أطق ... ساءك ما سرك مني من خُلُق"

"الحمدُ مَغْنَم والذم مَغْرَم" "إنَّما سُمِّيتَ هانئاً لتهنأ"، والهانيء هو المُعطي. "إن الرثيئةَ تفثأ الغضب". والرثيئةُ اللبن الحامض 1/ 387 يُخْلَطُ بالحُلْو. ويفْثَأ: يكْسِرُ ويكُفُّ الغَضَبَ. "العَوْدُ أحمَدُ" "أمٌ فَرَشَت فأنامت" "الْتَقى الثُّرَيَان" "إنَّما الشيء كشكله" "إلى أمِّه يَلْهَفُ اللَّهْفَان" "إنَّما أكِلْتُ يوم أكل الثَّوْرُ الأبْيَضُ" "إنَّ الشَّفيقَ بسوءِ ظنّ مُولَعُ" "أخوك من صَدَقك" "الشحيحُ أعْذَرُ من الظَّالم" "أهْلُ القتيلِ يَلُونَه" "اسْتَكْرَمْتَ فاربط" "اطلب تظفر" "ألْقِ دَلْوَكَ في الدِّلاء" "احْلُبْ حَلَباً لك شَطْرُه" "أنا

غريرُك من هذا الأمر" "أنا ابنُ بجْدَتِهَا" "أنا منْه كحاقن الإهالة" "أعْط القوْس باريها" "الخَيْلُ أعْلَمُ بِفُرْسَانِها" "المرءُ يَعْجَزُ لا مَحَالة" "العالم كالحُمُةَ يأتيها البُعَدَاءُ ويَزْهَدُ فيها القُرَبَاءُ" "أزْهَدُ النّاسِ في العالم جاره، ويُقال أهْلُه" "إذا زَلَّ العَالِمُ زَلَّ بِزَلَّتِه عالمٌ" "أما بغير تنوين" "أفواهها مَجَاسُّها" "أزل بسر ما أحاد سعر" "أنْجَدَ من رأى حضناً" "الأمر سُلْكى ولَيْسَ بمخْلُوجَة" "أنْ تَردَ الماءَ بماءٍ أكْيَسُ" "اشْتَرِ لِنَفْسِكَ وللسُّوقِ" "آخِرُهاَ أقَلُّها شُرْبَاً" "التَّقَدُّمُ قَبْلَ التَّنَدُّمِ" "الفِرارُ بِقرابٍ أكْيَسُ" "أقْصَرَ لماً

أبصرَ" "الذِّئبُ خالياً أسدٌ" "أمْرَ مُبْكيانِكَ لا [أمْرَ] مضحكاتك" "اتق الصِّبْيَان لا تُصبكَ بأعقابها" "اتِّقِ خيرها بشرها وشرها بخيرها" "إنَّ السَّلامة منها تركُ ما فيها" "أوَّلُ الحزمِ المشورة" "افْعَلْ كذا وخلاك ذمٌّ" ائتِ به من حسِّكَ وبسِّكَ، ويقالُ من عَسَّكَ وبَسِّك" "الليلُ طويلٌ وأنت مقمر" "الجحْشُ لَمَّا بَذَّك الأعيار" "الثَّيْب عُجالةُ الرَّاكب" "الحُسْنُ أحْمَرُ" "أتْبعْ الفَرَسَ لجامَها" "النَّفْسُ مُولَعَةٌ بِحُبِّ العَاجلِ" "السِّراحُ من النَّجَاح" "أوْرَدها سَعْدٌ وَسَعْدٌ مشتملٌ" "أهْوَنُ السَّقْي 1/ 388 التشريعُ" "الاَّدَهِ فَلادَهِ" "اسْقِ أخاك النَّمَرِيَّ" "الأمْرُ يَحْدُث دونَه

الأمْرُ" "أسائرٌ القوم وقد زال الظُّهرُ" "إن كان بي تشُدُّ أزْرَك فارْخِه" "الصَّيْف ضَيَّعْتِ اللَّبَن" "إذا نام ظالعُ الكلاب" "أرسِلْ حكيماً ولا توصه" "الظُّلْم مرْتَعُه وخيم" "أحشفاً وسوء كيْل" "أغَيْرَة وجُبْناً" "أكسْفَاً وإمساكا" "إنْ يُقْتَلْ يَنْقِمْ وإن يُتْرَك يَلْقَمْ" "الأكْلُ سَلَجَانٌ والقضاءُ لَيَّانٌ" "إذا طَلَبْتَ الباطل أنْجَحَ بك" "أعطاني فُلانٌ اللَّفَاءَ دونَ الوفاء" "أكْلاً وذمَاً" "إبدأهُمْ بالصُّراخ يفِرُّوا" "اضربْه ضرب غريبة الإبل" "إنَّك لا تجني من الشَّوْكِ العَنِبَ" "أحمر بقلة" "أنتَ تَئِق وأنا مئقٌ فكيف نتَّفِق"

"أُعْطِيَ العَبْدُ كُراعاً فَطَلَبَ ذِراعاً" "النَّقْدُ عند الحافِر" "أحَرُّ من القَرْع" "المسألَةُ آخِرُ كسْبِ المرء" "الأنْسُ يُذْهِبُ المهَابة" "وأحُشُّكَ وتَروثُني" "اختلط المَرْعِيُّ بالهَمَل" "أسَاءَ رَعْيَاً فَسَقَى" "أجناؤها أبناؤها". الأجْنَاءُ هم الجُنَاة، والأبنءُ: البُنَاةُ، الواحِدُ منها جانٍ وبانٍ. "وهذا جَمْعٌ عزيزٌ في الكلام أن يُجْمَعَ فاعل على أفْعَال". ونظائره: شاهد وأشْهاد، وصاحب وأصحاب. "اعضبه عَضْبَ السَّلَمة" "إن ضجَّ فَزِده وقْراً" "نَّ الضَّجُورَ قد تَحْلُبُ العُلْبةَ" "الذِّئبُ يُغْبَطُ بِغَيْرِ بِطْنَة" "إنَّ الجَبَانَ حَتفُه من فَوْقِه" "أفْلَتَ وانْحَصَّ الذَّنَبُ" "الصِّدق يُنبي عَنْك لا الوعيد" "أسْمَعُ جَعْجَجَةً ولا أرى

طحْناً" "أسْمَعُ صَوْتاً وأرى فَوْتاً" "أوْسَعْتُهم سَباً وأوْدوا بالإبِلْ" "اقْصِد بِذَرْعِك" "ارْقَ على ظَلْعِك" "افْرَخَ رَوْعُك" "النَّبْعُ يَقْرَعُ بَعْضُه بَعْضاً" "إنْ ذَهَبَ عَيْرٌ فَعَيْرُ 1/ 389 في الرِّباط" "إذا جاء الحَيْنُ غَطَّى العَيْنَ" "أتْتَكَ بحائنٍ رجلاه" "إنَّ الشَّقِيَّ وافِدُ البَرَاجِم. ويُقال: راكبُ البَرَاجمِ" "اليومَ خَمْرٌ وَغَداً أمْرٌ" "إنْ تَعِشْ تَرَ ما لم تَرَ" "أتَى أبَدٌ على لُبَدٍ" "انْقَطَعَ السَّلَى في البَطْنِ" "إحدى لَيَاليك فَهِيسي هيسي، وقيل: فَكيسي كيسي" "إذا [ما] القارِظُ العَنَزِيُّ آبا" "هو على حُنْدَر عَيْنِه" أي يجيءُ منها في الرأس.

"أجعْ كَلْبَكَ يَتْبَعْك" "العَاشِيَةُ تُهَيِّج الآبيةَ" "الماءُ مِلْكُ أمرٍ"، أي الماء مِلاكُ الأشياء "الشَّدُّفي القَدّ أيْسَرُ من مجالسه الضِّد" "افتضحوا واصطلحوا" الرائدُ لا يكذب أهله" "المَنَايا على الحَوايا" "المرءُ أعْلَمُ بِشَأنِه" "الشَّمَاتَةُ لُؤْمٌ" "التَّجَرُّد لغَيْرِ نكاح مُثْلَةٌ" "التَّمْرَةُ إلى التَّمْرَةِ تَمْرٌ" "الذَّودُ إلى الذُّوْدِ إبِلٌ" "إنَّه لَهتْر أهْتارٍ" "إنَّه لَصِلُّ أصْلالِ" "إنَّه لداهِيَةُ الغَبَرِ" "إنَّه لَحُوَّلٌ قُلَّبٌ" "إنَّه لَنِقَابٌ" "إنَّه لَعَضٌّ" "إنَّه لَذُو بَزْلاءَ" "إنَّه لألْمَعِيٌّ" "إنَّه نَجْدٌ

فصل من أمثال العرب في غاية التشبيه

حَكَاكَ" "إنَّه لَشَرَّابُ بِأنْقُع". * * * فصلٌ من أمثال العرب في غاية التشبيه. قولُهم: "إنَّه لأحْذَر من غُرَابٍ" "وأبْصَرُ من غُرابٍ" "وأسْمَعُ من قُرَادٍ" "وأسْمَعُ من فَرَسٍ في غَلَسٍ" "وأنْوَمُ من الفَهْدِ" "وأوْثَبُ من فَهْدٍ" "وأخَفُّ رأسَاً من الذِّئبِ" "وأخَفُّ رَأساً من الطَّائِر" و"أمْنَعُ من أمِّ قِرْفَةَ" و"أظْلَمُ من الحَيَّة" و"أمْسَخُ من لَحْمِ الحُوَارِ" و"أعَزُّ من الأبْلَقِ العَقُوقِ" و"أعَزُّ من كُلَيْبِ وائِل" و"أنْفَذُ من خارق" و"أمْضَى من النَّصْلِ" و"أصْدَقُ 1/ 390 من

قطاة" و"أصْنَعُ من تُنَوِّط" و"أصْنَعُ من سُرْفَةٌ" و"أجْوَدُ من لافظة" و"أخْدَع من ضَبٌ حَرسْتَه" "أحْمَقُ من [راعي] ضَأنِ ثمانين" و"أحْمَقُ من العَقْعَق" و"أحْمَقُ من الممهورة إحدى خَدَمَتَيْها" و"أحمَقُ من دُغة" و"أحْمَقُ من رِجْلَة" و"أحْمَقُ من حمامة" و"ألَصُّ من شِظَاظٍ" و"أسْرَق من الزَّبَبة" وهي الفأرَة البَرِّيَّة. و"أذَلُّ من فَقْع بِقَرْقَر" و"أذَلُّ من وَتدِ" و"أجْبَنُ من صَافِر" و"أجْبَنُ مِنْ صِفْرِدٍ". قال:

وأنت كالليثِ لدى أمنه ... وفي الوغى أجبن من صفرد و"أبْصَرُ من عُقَاب" و"أحْسَنُ من الشَّمْسِ والقمر" و"أقْبَحُ من السِّحْرِ" و"أقْبَحُ من زوال النِّعَم" و"أصْرَدُ من عَنْزِ جَرْباء" و"أجْوَعُ من كَلْبَةِ حَوْمَلَ" و"أطَمَعُ من كَلْبَةِ حَوْمل" و"أطْمَعُ من أشْعَبَ" و"أطْفَلُ من ذُبَابٍ" و"أعْيَا من باقلٍ". قال الأرَيْقِط: أتانا وما داناه سحبان وائل ... بياناً وعلماً بالذي هو قائل فما زال عنه اللقمُ حتى كأنه ... من العي لما أن تلكم باقلُ وسَحْبَان هو [من] بني بكر كان لَسِنَاً بليغاً. و"أحْمَق من باقلِ وهَبنَّقة"

وهما رجلان، فباقِلٌ الذي قد ذكرتُه، وهو القائل في نفسه: يلومون في حمقه باقلاً ... كأن الحماقةً لم تخلقِ وله حديث. وقال آخر: أحمقُ من باقلٍ وأجهلُ من ... هبنقة النوك صاحبُ الودع و"أبْلَغُ من قُسَّ بن ساعدة" وهو سحْبَان بن وائل. و"أفْحَشُ من فاسِيَة" يعني الخُنْفُسَاء. و"أخْيَلُ من مُذَالة" وهي الأمةُ المهانَة، وهي في ذلك تتبَخْتَرُ. و"أرْمى 1/ 391 من ابن تِقْنِ" وكان رجلاً رامياً وقال: * أرمي بها أرْمي من ابن تِقْنِ * و"أبَرُّ من العَمَلّس"، وكان بَراً بأُمِّه حتى كان يحملها على عاتقه. و"أعقُّ من ضَبٍّ"، وذلك أنَّه يأكُلُ وَلَده، قال: أكلت بنيك أكل الضب حتى ... تركتهم وليس لهم عديد

ويروى: حتى تركت بنيك ليس لهم عديل. و"أرْوى من ضَبٍّ" و"أضَلُّ من ضَبٍّ" و"أخَبُّ من ضَبَ" و"أحيَا من ضَبَ" و"أقْصَرُ من إبهام الضَبِّ"، كما يقال "أقْصَرُ من إبهام الحُبَارَى" و"أقْصَرُ من إبهام القطاةِ" قال: إنَّا وجدنا بني جيلان كلهم ... كساعد الضب لا طول ولا عظم و"أبَرُّ من هِرّ" وهي تأكلُ ولدها من شدة محبته. و"أصْبَرُ من الضاغط" وهو البعيرُ الذي قد حَزَّ مِرْفَقَه جَنْبُه. و"أصْبَرُ من عَوْدٍ بجَنْبَيْهِ الجُلَبْ" و"الحسان الدفاث" والجُلَبُ: إناء "الدين"، والعَوْدُ: المُسِنُّ من الإبل. و"أدَمُّ من بَعْرَة" يعني في دَمَامة خِلْقَتَه. و"أعْرَى من المِغْزَل" وأكسى من البَصَلِ" و"أكْيَسُ من قِشَّة"، وهي القِرْدَة، يُضْرَبُ هذا [المثل] للصِّغار

خاصة. و"أنَمُّ من صُبْحِ" و"مِنْ جُلْجُل و"أبْعَدُ من بَيْضِ الأنُوقِ" قال: طلب الأبلق العقوق فلما ... لم يجده أراد بيض الأنوق الأنُوق: ذَكَرُ الرَّخَمِ. و"أسألُ من فَلْحَسٍ" وهو الذي يتخير طعام الناس، وهو الذي تسميه العامة الطفيلي. و"أشجع من ليث عِفِرِّين". قال أبوعمرو: الأسد، كأنه قال: أشجع من ليث ليوث بعِفِرِّين من نازلها تَصْرَعْه. وقال الأصمعي: هو دابة مثل الحرباء تتعرضُ للراكب وتضرب بذنبه. و"أشْجَعُ من أسامة". وهو الأسدُ. وقال: ولأنت أشجع من أسامة إذ ... دعيت نزال ولج في الذعر و"أحْيَا من كَعَابٍ" [و"أحْيَا من فتَاة"] قالت ليلى الأخيلية: أشدُّ حياء من فتاة 1/ 392 حيية ... وأشجع من ليث بخفان خادر

ويروى: فتى كان أحيا من فتاةٍ. و"أزْهى من غُرابٍ" قال: تزاهي علينا كزهو الغراب ... وأنت الحقير لدينا الذليل و"أسمحُ من لافظة" وهي الرحى. قال: تجودُ فتجزلُ قبل السؤال ... وكفك أسمحُ من لافظه و"أبطأ من الأعرج". قال: أنوم من فهد وأبطأ من ... م الأعرج في الجاهلين إن أرسلا و"أخف رأساً من الطائر" قال: يبيت الليل يقظانا ... خفيف الرأس كالطائر و"أخرقُ من حمامة" قال: خرقوا بأمرهم كما ... خرقت ببيضتها الحمامه وضعت لها عودين من ... نشمٍ وآخر من ثُمامه

و"أصنعُ من سُرْفَة" قال: أحذق خلق الله من صنعةٍ ... موفق أصنع من سرفه و"آكل من نار" و"أشربُ من رمل" قال: فيا آكل من نار ... ويا أشرب من رمل ويا أبعد خلق الله ... إن قال من الفعل و"أجمعُ من ذرة". قال: تجمعُ للوارث جمعاً كما ... تجمعُ في قريتها الذره و"أروغُ من ثعلب" قال: كل خليل كنت خاللته ... لاترك الله له واضحه كلهم أروغ من ثعلب ما أشبه الليلة بالبارحة "أحذرُ من غراب" قال: يحذر مما قضاه خالقنا ... وليس ينجو الغراب من حذر و"اختلُ من ذئب" قال:

"اخْتَلُ من ذئب بصحراء هجر" و"أخْيَلُ من ديك" وأغْيَرُ من ديك" و"أكرَم من ديك" و"أكْذبُ من فاختةٍ". قال: أكذب من فاختة ... تقول وسط الكرب والطلع لم يبد لها ... هذا أوان الرُّطب الفاختة: طائرُ. و"أثْقَلُ من يد في رَحِمٍ" "أثْقَلُ من طَوْدِ" "أثْقَلُ من أُحْدٍ" "أخَفُّ يداً من عقاب"، يقال ذلك إذا كان يسرق. "أخَفُّ من ريشة" و"أشْهَرُ من فارس 1/ 393 الأبقل" و"أروى من النقاقة" وهي الضفادع. "أسْرَعُ من نكاح أمِّ خارجة" وقد تقدم حديثها في أول الكتاب. في باب البعض منه و"أشأمُ من خَوْتَعَة" وهو رجل، و"أشأمُ من طُوَيس"، قيل كان مخنثاً، وُلِدَ يَوْمَ ماتَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقعد يوم مات أبو بكر، وأسلم

الكتاب يوم مات عمر. و"أشأمُ من البَسُوس" وهي ناقة أيضاً، وبسبببها وقعت الحربُ بين ربيعة. و"أشأمُ من قُدار بن سالف" و"أصَحُّ من عَيْر بني سَيَّارة، وقيل: أبي سيارة العدواني، لأنه دفَعَ الناس من جمع أربعين سنةً على حماره. و"أحَنُّ من شارف" و"أشْجَى من حمامة" وأشْجَى من يومِ الفراق" "أسرُّ من ساعة التلاق" "أرَقُّ من الهواء" "أطَيْشُ من فَرَاشة" وألحُّ من خُنْفُسَاء" "أسْرَعُ من عَدْوى الثَّوَبَاء" و"أشْغَلُ من ذاتِ النَّحْيَيْنِ" و"ألْزَمُ لك من شَعَراتِ قَصَّك" "أقسى من صخرة" و"من حَجَر" أبْصَرُ في الليل من الخُفَّاشِ" "أصْغَرُ من عَيْنِ الدِّيْك" "أحْقَدُ من

جمل" "أغْدَرُ من ذئب" "أعْطى من عَقْرب" و"ألّوَطُ من مَطَرٍ في حديقَة" "أشْكَرُ من كَلْبٍ" و"أجْوَعُ من كلب" و"أمْضى من نَصْل" و"أحْسَنُ من بَيْضَةٍ في رَوْضَةٍ" "أقْوَدُ من لَيْلٍ" "أدنى من حَبْلِ الوريد" "أجْوَدُ من كَعْبِ ابن مامةِ" "أسْخَى من حاتم" "أوْفى من السَّمَوْأل" "أبعد من الثُّرَيَّا" "آلف من خِشْف" "أعْدى من سَبُع" "أشفق من أمِّ على وَلَد"، "أضيق من سَمِّ الخياط" "أفرَغُ من حَجَّام سَابَاطٍ" "أجْرأ من أسد" "أحْرَصُ من

خِنْزير" " ألَحُّ من خُنْفُسَاء" "أسْمَعُ من السَّمْع الأزلِّ" وهو وَلَدُ الكلب من الذِّئب أو الضَّبْع قال: تُراه حديد الطرف أبيض واضحاً ... أغر طويلاً أسمع من سمع و"أزْهى من 1/ 394 ذُبابٍ"، لأنه يقعُ على أنْفِ الملك وتاجه. "أصْنَعُ من الدَّبي" وهو النَّحْلُ. و"أطْوَلُ من عصا الجبان" و"أبْلَه من الحمام" و"أعْبَثُ من قِرْد" و"أزنى من قِرْد" وقيل: هو رجلُ من هُذَيْل يُقال له قِرْد بن معاوية. و"أسْلَحُ مِنْ حُبَارَى" و"أشْرَدُ من نَعَامٍ" قال: وهم تركوك أسلح من حُبارى ... وهم تركوك أشرد من نعام و"أذلُّ من فَقْع بقاع". والفَقْعُ: ضَرْبٌ من الكَمْأةِ، وهو الأبيض منها، ولهذا

حرف الباء

ولهذا سُمي الحمامُ فقيعاً والواحدة فقيعة. قال النابغة: حدثوني بني الشقيقية ما يمنع ... م فقعاً بقرقر أن يزولا والقرقرُ: القاعُ. يهجو النُّعْمانَ ويشبهه بالفقع لذلتها. وقال آخر: تدعو هوازن بالإخاء ومالكاً ... فقعُ القراقر بالفضاء الواثن والواتن: لغتان: الشيء المقيم الراكد في مكانه. و"أذلُّ من النَّقَد" والنَّقَدُ: صِغارُ الغَنَمِ وَيُجْمَعُ على النِّقَادِ. و"أذلُّ من وَتِد" قال: وكنت أذل من وتد بقاع ... يشجع رأسه بالفهر واجي والعربُ تُسمى الوتد شجيجاً. والفِهْرُ: الحجرُ. و"أنْتَنُ من العَذِرَة" 1/ 395 حرف الباء الباء شفهية. وقال: شفوية، وهي بمنزلة الفاء وتدخلها الإمالة. يقولون: باء،

وإنَّما كُسرت فقيل مررت بعبد الله، لأنك تقول: تثبتُ باء فتردها إلى الياء وتميلها أيضاً وتقول الباء فتميلها، والكسرة بما كان من الباء وبما حسنت فيه الإمالة أولى. وعددُ الباء في القرآن اثنا عشر ألفاً وأربعمائة وثمانية وعشرون باء، وفي الحساب اثنان، وفي كتاب أحد عشر ألفاً ومائتا حرف. والعربُ تقيمُ الباء مُقام مِنْ، حُكي عنهم أنهم يقولون: سقاك الله بحوض الرسول صلى الله عليه وسلم، أي من حوض الرسول. وتجعلُه في موضع على كقوله: ألم تلمم على الدِّمن البوالي ... ............... أي بالدِّمن. وفي موضع مع قال: داويتُه بالمحض حتى شتا ... بحيدب الآري بالمرود أي مع المرود. والعربُ تجعلُ الباء ميماً والميم باء فيقولون: لازب 1/ 396 وسَيَّدَ رأسه وسمَّد رأسه إذا استأصله، واطْيأنَّ واطمَأنَّ. تقول: لا يطبئن لك ولا يَطْمَئِنَّ إليك. والعربُ تُدْخِلُ الباء في المدح والذم، فيقولون في المدح: كفاك به رجلاً ونهاك به وناهيك به، وفي الذَّمِّ بئس به رجلاً، فإذا طرحوا الباء رفعوا. قال الله تعالى: {قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ} أي كفى الله شاهداً أي رسوله. وكل ما في القرآن كفى بالله فمعناه كفى الله أي أغنى عن غيره. وكذا تستعمِلُه العَرَبُ بالباء إرادة المدح. وقال مضرس الأسدي:

وقومي إن لقيت فسائليهم ... كفى قوماً بصاحبهم خبيرا وقال آخر: وخبرني عن غائب المرء هديه ... كفى الهدى عما غيب المرء مخبرا والباء تُجعلُ على وجوه، فمنها أنْ تدل على السبب كقولهم: القوةُ بالله، وعن فلان بفلان، ومنها أن تدل على المحل كقولهم: بوجه فلان آخر. ومنها أن تكون للمجازاة كقولك: أكرمْتُك بإحسانك، قال الله-تعالى-: {فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ}. قال الشاعر: بما كنت تقفوه بزادك كله ... وتلحقه عند العشاء الملاحقا يعني فرساً، وتقفوه أي تَحُفُّه به. وتكون للبدل قال الأعشى: على أنها إذ رأتني أقا ... دُ [قالت] لما قد أراه بصيراً أي هذا بذاك. ويزيدون الباء في أول الكلمة. قال عز وجل: {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ}، قيل في التفسير: إلحاداً بِظُلْم. و {تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ} قيل: تُنْبِتُ

الدهن. قال عنترة: شربت بماء الدحر ضين فأصبحت ... زوراء تنفر عن حياض الديلم وقد تقدم ذِكْرُ من هذا في باب الزيادة من الكتاب. والعربُ تؤكد كلامها بالباء. قال امرؤ القيس: ألا هل أتاها والحوادث جمة ... بأن امرأ القيس بن تملك بيقرا فقال بأنَّ، والمعنى أنَّ فأتى بالباء توكيداً. يُقال: بيْقَرَ الرَّجُلُ: إذا ترك الحضر، وبيقر إذا أعيا، وقال بعض: بيقر أتى 1/ 397 العراق، وقال آخرون، كل من خرج من أرض إلى غيرها فقد بيقر. وقال آخرون: مشى من المرض مشياً يقارب بين خطاه. وتملكُ أمُّه. والتَّبقُّر: التَّفَتُّح والتوسع من بقرتُ البطن وهو شقه. وفي الحديث: (نهى عن تبقر المال) أي نهى عن التفريق في البلدان فيتفرق القلب لذلك. ومنه: فتنةُ باقرة، أي منتشرة متَّسِعَة عامة مفسدة. والبَقَرُ جمعُ البقرة، والبقير، والباقِر. والباقرُ: جماعة البَقَرِ مع رُعاتِها وكذلك الجامل. وقال في الباقر: وما ذنبه أن عافت الماء باقر ... وما إن تعافُ الماء إلا لتضربا ويقال: بَسْمَلَ الرجل: إذا قال: بسم الله. قال الشاعر: ألا بسملت ليلى غداة لقيتها ... ألا بأبي ذاك الحبيب المبسمل

بل [تأتي للتدارك]. تقول: ما رأيتُ زيداً بل عمراً، وتكونُ لترك شيء وأخذٍ في غيره. قال الله -عز وجل- {ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ (1) بَلْ الَّذِينَ كَفَرُوا} فترك الكلام الأول وأخذ ببل في كلام ثان ثم قال - تعالى- حكاية عن المشركين: {أَؤُنزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنَا بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي} فترك الكلام وأخذ ببل في كلام آخر أيضاً: {بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ} وأشباه هذا كثير. قال الشاعر: بل هل أريك حمول الحي غادية ... كالنخل زينها ينعٌ وإفضاحُ وإذا وليت اسماً وهي بهذا المعنى خفض وشبهت برب وبالواو تأتي مبتدأة. قال آخر: * بل منهلٍ تأتي على الفياض * وهي حرفُ تحقيق وتنقسم على ثلاثة أقسام، يكون حرف نسق استدراكاً للكلام، ويكون لترك الكلام وأخذِ في غيره، ويكون في معنى رُبَّ، فإذا زدتَ على بل ألفاً مقصورة صارت جواباً للجحد وصلح الوقف عليها كقوله - عز وجل:

{أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى} "والعرب ربما جعلوا أم إذا سبقها استفهام [و] لا تصلح أم فيه على جهة بل فيقولون: هل لك قبلنا حق أم أنت رجل تريد الظلم، بل أنت معروف بالظلم" قال: فوالله ما أدري أسلمى تغولت ... أم النومُ 1/ 398 أم كل إليَّ حبيبُ يريد: بل كلٍّ إليَّ حبيبُ. ومنه قوله-تعالى-: {وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ} معناه: بل يزيدون. قال الشاعر: بدت مثل قرن الشمس في رونق الضحى ... وصورتها أم أنت في العين أملحُ يريدُ: بل أنت في العين أملحُ. وبل بمنزلة أخواتها في العطف. وإذا قال قائل: قام زيدٌ، فرددت عليه بل قمت وبل قمنا كان لك وجهان تقول: بل قمتُ وبل قام أنا، وبل قُمنا وبل قام نحن، وإنما جاز أن تفصل بين المكنى، لأن التأويل ما قام إلا أنا وما قام إلا نحنُ. قال الشاعر: أصرمت حبل الوصل أم صرموا ... يا صاح بل صرموا الحبال هم والمعنى: ما صرم الحبال إلا هم.

بَلَى بلى حرف تردُّ به النفي وموضوع لكل إيجاب، وإقرار قَبْلَه جَحْد. ألا ترى أنك إذا قُلت ما فعلت فقال المجيب بلى قد فعلت أنه قد أوجب الفعل ببلى بعد ما نفى في أول كلامه، ومنه قوله-تعالى-: {أَيَحْسَبُ الإِنسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ * بَلَى قَادِرِينَ}. وبلى جواب لكلام فيه جحد، فإذا قال الرجل للرجل ألست تقوم؟ قال: بلى. قال الله - عز وجل-: {أَلَمْ يَاتِكُمْ نَذِيرٌ * قَالُوا بَلَى} و {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} فإنما صارت بلى تتصل بالجحد لأنها رجوعٌ عن الجحد إلى التحقيق وهي بمنزكلة بل، وبل تأتي بعد الجحد بقولهم: ما قام أخوك بل أبوك، وما أكرمتُ أخاك بل أباك، فإذا قال الرجل للرجل ألا تقوم فقال: بلى، أراد أقوم فزاد الألف على بل ليحسن السكوت عليها لأنه لو قال: بل كان يتوقع كلاماً بعد بل فزاد الألف على بل ليزول عن المخاطب هذا التوهم. قال الله - عز وجل-: {وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَعْدُودَةً} ثم قال بعد {بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً} فأتى بها بعد الجحد. وهي حرفٌ 1/ 399 دالٌّ على الإقرار والرجوع عن الجحد فقط. والعرب توجبُ الشيء بعد نفيه ببلى فتقول: ما بقي من كذا وكذا شيء بلى كذا وكذا، فهذا إيجاب بعد نفي. قال الشاعر: تعلم أنه لا ظئر إلا ... على متنظر وهو البتور بلى شيء يوافق بعض شيء ... أحايناً وباطلهُ كثيرُ

فقال: لا ظئر فنفى ثم قال: بلى شيء فأوجب. بلاء البلاءُ على ثلاثة أوجه: نعمة واختبار ومكرمة. والله- تعالى-: يُبْلى العباد بلاء حسناً وبلاءً سيئاً. قال الحارث بن حلزة: وهو الرب والشهيد على يوم ... م الحوارين والبلاءُ بلاء "معناه: والبلاءُ شديد. ويجوز أن يكون البلاء من البلية، ويجوز أن [يكون] البلاء منا لإبلاء والإنعام" كما قال: فما من بلاء صالح أو تكرم ... ولا سؤدد إلا له عندنا أصل وأبْلَيْتُ فلاناً عُذراً أي بليتُ فيما بيني وبينه ما لا ألوم على بعده. والبلوى هي البلية، والبلوى: التجربة، بلوته بلوى، وأُبْلى الإنسان وابتلى. قال الشاعر: بليت وفقدان الحبيب بلية ... وكم من كريم يُبْتَلى ثم يصبر وله تمام يأتي بعد هذا إن شاء الله في الجزء الحادي عشر. تفسير البلية البلية أصلها ناقة كانت العرب إذا مات الرجل منهم عقروا ناقته أو فرسه عند قبره وشدت عنقها إلى ذنبها فلا تُطعم ولا تُسقى حتى تموت ويدفنون معه سلاحه، ويقال يدفنون معه قوائم دابته، فتلك الدابة تُسمى البلية. وقال أبو عمرو: البلية التي

تُبْلَى على صاحبها أي تُعْقَلُ عِنْدَ قبره فلا تُعلَفُ ولا تُسْقَى حتى تموت، وربما حُفِرَ للبلية وربما أحْرِقَت بالنار. وقال قوم إنها تُعْكسُ على قبر صاحبها، والعكسُ والرَّكس هو أن يُشد رأسها إلى يديها. يقال: عكسها وركسها. والعكاسُ والركاسُ: الحبلُ. هذا أصل البلية فسموا كل أمرٍ عظيم يقع فيه الإنسان بلية يشبهها بأمر هذه البلية لشدته. وأمر البلية مشهور في العرب قد ذكرته شعراؤهم. قال حتى أوافي بها تدمي مناسمها ... مثل البلية من حلي ومن رحل وقال لبيد: 1/ 400 تأوي إلى الأطناب كل رذية ... مثل البلية قالص أهدامها تأوي: ترجعُ، والأطنابُ الخيامُ، وقيل: الحبال التي تُشَدُّ في طرفي الخباء، والرَّذِيَّة: المرأة المستكينة المهزولة، والبلية التي تقدم تفسيرها، وجمعها بلايا قال: كالبلايا رؤوسها في الولايا ... ما نحات الهجير حُر الخدود ويروي: مانحات السَّمُوم. والولايا جمع ولية وهي البذرعة. والرذايا جمع رذية وهي الناقة التي [لا] تُركبُ لهُزالها وهو تمثيل، وإنما يريد به الأرامل واليتامى. وقال قومٌ: إنما كانوا يعقلون البلية وهي الناقة عند قبر صاحبها، يقولون: إذا قام من قبره ركبها، ومنه قول جوينه بن الأشيم: يا سعد إما أهلكن فإنني ... أوصيك إن أخا الوصاة الأقرب لا تتركن أباك يعثر خلفهم ... نصباً يخُب على اليدين وينكب

فاحمل أباك على بعير صالح ... واهي الحُطيئة إنه هو أقرب ويقولون: إنَّ من يفعلْ ذلك له حُسر ماشياً. والأهْدام في قول لبيد جمعُ هدم، وهو الهِدْمِل، والأطنابُ وهي حبالُ الفسطاط. قالص: تحسرت لأنها خُلْقان تقطعت. والبلاء لغة في البلى قال: * والمرء يبليه بلاء السربال * وبلى الشيء بلاءً فهو بالٍ. قال امرؤ القيس: ألا إنني بالٍ على جمل بال ... يقودُ بنا بال ويحدو بنا بال والبالُ: بالُ النفس، وهو الاكتراث، ومنه أشتق باليتُ ولم يخطرُ ببالي ولم يكرثني، والمصدر البالة والمبالاة. وفي مواعظ الحسن: لا يباليهم باله. والبليل الاسم من بل. ويُقال: بل فلانٌ من مرضه واستبل أي بريء. قال: إذا بل من داء به ظن أنه ... تجاوبه الداء الذي هو قاتله وبل فلانٌ بفلان أي وقع به. وقال: بلت به غير طياش ولا رعش ... إذ جلن في معرك يخشى به العطب وقال طرفة:

إذا ابتدر القوم السلاح وجدتني ... منيعاً إذا بلَّت بقائمه يدي بلت: قبضت، وقيل: ظَفِرت، لئن بَلِلْتَ به لتجد به رجل سوء. قال ابن أحمر: فبلى إن بللت بأريحي ... من القتيان لا يمشي بطينا يلوم ولا يُلام ولا يبالي 1/ 401 ... أغثاً كان لحمك أو سميناً والبالُّ مصدر الأبل من الرجال وهو الذي لا يستحي ولا يبالي ما قال. قال: ألا تتقون الله يا آل عامر ... وهل يتقي الله الأبل المصمم والبلية: وسواس الهموم في الصدر وهو البلبال والبلابل. والبليل: الريح الباردة. بَلْه بَلْهَ كلمة في معنى كيف. قال: بله أني لم أخن عهداً ولم ... أقترف ذنباً فتجزيني النقم وقال آخر: فخرت على أفناء كعب وعامرٍ ... فمن بله من عبس بأن قال شاعر

يريد به كيف. ويقال: بله في معنى فعل وفي معنى دع. قال أبو زبيد: حمال أثقال أهل الود آونة ... يكفيهم الجهد مني بله ما أسع قال كعب بن مالك يصف السيوف: تذر الجماجم ضاحياً هاماتها ... بله الأكف كأنها لم تخلق فخفض هذا ببله. وقال آخر: تمشي القطوف إذا غنى الحداة بها ... مشى الجواد فبله الجلة النجبا وتروى: الأكف [والجلة] بالنصب على معنى [دع] [الأكف] على معنى فدع الجلة النُّجُبا. وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يقول الله - تعالى-: "أعددتُ لعبادي الصالحين ما لا عينٌ رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر بله ما أطلعتهم عليه". وفي خبر: ولا أذُنٌ سمعت ذخراً بله من أطلعتهم عليه. ويقال في مثل "تحرقك النارُ أن تراها بله أن تصلاها". تقول: تحرقُك النَّارُ من بعيد فدع أن تدخلها. وفي بله ثلاثة أقوال: قال جماعة من أهل العلم: معنى بله على، وقيل: معناها دع، وقيل: كيف. والعربُ تنصبُ ببله وتخفض، فمن خفض بها جعلها بمنزلة على وما أشبهها من حروف الخفض.

بَلَه البَلَهُ: الغَفْلَةُ عن الشيء. قال: * أبلَهُ صدافٌ عن التَّفَحش * والبَلَهُ على ضربين. بلهٌ يكون على نقص عقل وفطنة، وبلهٌ يكون تغافلاً عن الأشياء الذميمة تكرماً وحلماً. وفي الحديث: "أكثر أهل الجنة البُلْهُ" ويقال: "بلاهةً 1/ 402 عقل لا بلاهة جهل". وذكر بعض العرب معاوية فقال: لقد كان يتباله لنا وهو أدهى العرب. وفي الإنجيل: أنَّ المسيح عليه السلام قال: كونوا حُلَماء كالحيَّات وبُلَهاء كالحمام. وفي أمثال العرب "أبله من الحمام"، ورجلٌ أبله وامرأة بلهاء، ونساء ورجالٌ بُلْه. قال: يكتبين المسوح في كبة المشتى ... م وبلهٌ أحلامهن وسام يكتبين يدخن الكباء وهو ضربٌ من العود. والدُّخْنَة وكُبَّة الشتاء: معظمُ الشتاء وشدته. والوسام: صفة لهن بالحسن. يقال: إنها لوسيمة قسيمة وقد وسُمَت وسامةٌ. قال عمرو بن كلثوم: ظعائن من بني جُشم بن بكر ... خلطن بميسم حسباً ودينا وقال أبو النجم: * بلهاء لم تحفظ ولم تُضيع * والتَّبَلُّه: طلبُ الضَّالة. والبَلْبَلة: بلبلة الألسن المختلفة. ويقال- والله أعلم- "إنَّ

بابل إنما سُميت به، لأن الله - عز وجل- لما أراد أن يخالف بين ألسنة بني آدم بعث ريحاً فحشرتهم من كل أفقٍ إلى بابل فبلبل بها ألسنتهم ثم فرقتهم تلك الريح في البلاد". وفي الحديث: (كان الناس بذي بلي) ويروى بذي بليان مكسورة الباء مشددة اللام. يُقال: أراد بذلك- والله أعلم- تفرق الناس وتشتت أمرهم. وقال الشاعر يصف رجلاًك ينام ويذهب الأقوام عني ... يقال أتوا علي ذي بليان يعني أنه أطال النوم ومضى أصحابه متفرقين إلى مواضعهم لا يعرفهم. "وبلة اللسان: وقوعه على موضع الحروف واستمرراه على المنطق. يقال: ما أحسن بلة لسانه، وما يقع لسانه إلا على بلته" والبِلُّ: المباح بلغة حمير. وفي الحديث: (وهي لشارب حل وبل). بُدّ تقول: ليس من الأمر بُد، لا محالة، وفي معنى لا محالة أي لا حيلة والميم زائدة. قال أبو بكر: "قد ألزمته نفسي وجعلته واجباً عليها من قولهم: قد أبد الرجل القوم وقد أبد الراعي الوحش 1/ 403 إذا ألزم كل واحد منهما حتفه. قال أبو ذؤيب:

فأبدهن حتوفهن فهارب ... بذمائه أو بارك متجعجع والمتجعجع: الواقع على الجَعْجاع وهي الأرض. بذمائه: أي بحُشاشة نفسه. ويُقال: بل يعني بذلك قوة قلبه" "ويقال: مالي منه بُد" ولا عُنْدَدٌ ولا مُعْلَنْدَدٌ، ولا مُحْتَدٌّ ولا مُلْتَدٌّ، ولا حُنْتَألٌ، ولا حُنْتَانٌ، ومالي عنه وعي، أي مالي عنه مصرفٌ. قال: تواعدن ألا وعي عن فرج راكس ... فرحن ولم يغضرن عن ذاك مغضرا ويقالُ: لا حُمَّ من ذاك ولا رُمَّ [منه أي] لابد منه. وما لي عنه مُنْتَعرُ ولا مُنْتَقَذٌ ولا حجر، أ] مصرف. وما لي عنه مراغم أي مهرب وقيل: المُراغم: المضطرب. وقيل: المهاجر". قال ابن أحمر: لا بد من جزع الروي المنافر ... ولحاقها بالرافع المخدر وقال آخر: الموتُ شيء لا محيص عنه ... وليس بد للعباد منه وقال آخر: وقائل قال لي لابد من فرج ... فقلت واغبطة الادري من فرج "والبُدُّ بيتٌ فيه أصنام وتصاوير وهو إعراب بُت بالفارسية". وبددتُ الشيء

فرقته، من قولهم: أبددتهم العطاء إذا فرقته فيهم ولم أجمع اثنين منهم في عطية، ومنه حديث أم سلمة (إن مساكين سألوها فقالت لخادمها: أبدهم تمرة تمرة). وقال رجل من العرب: إن لي صرمة أمنح وأطرِقُ [وأُنِمُّ] وأبِدُّ وأفْقِرُ وأقْرُنُ. والصِّرْمَةُ: القطعة من الإبل. وأمْنَحُ: أهِبُ ألبانها. وأطْرِقُ: أعطي الفحل منها القوم يضرب في إ [لهم. وأُنِمُّ. أفَرِّقُ منها. وأُفْقِرُ: أعيرُ بعضها 1/ 404 وأهِبُه فيركب من فقار ظهره. أقْرُنُ: أضمُّ البعير إلى البعير فأهبهما أو أعيرهما. بدادِ - مخفوض الدال - التفرق. ذهب القوم بداد وجاءت الخيلُ بدادِ على مثال لكاع وحذام، واستبد: فلانٌ بالأمر، أي انفرد به، وبَدَّ عن جُرْحه، أي شق. والبدد مصدر الأبد وهو الذي بين يديه تباعد عن جنبيه. وتقول في الأمر: بداد بداد أي: تفرقوا وتبددوا. وفلاة بديد لا أحد فيها. والبادان هما باطنا الفخذين، واحدته بادة. وتقول: باد الشيء يبد يَبَاداً، وأباده الله. وقولهم: "أباد الله خضراءهم" "قال الأصمعي: يُقال: أباد اللغ غضراءهم أي: خيرهم وغضارتهم، ولا يُقال خضراءهم. وقومٌ مغضورون إذا كانوا في خير ونعمة. فالخضراء في غير هذا اسم من أسماء الكتيبة. وروي عنه أيضاً أنه قال: أباد الله خضراءهم - بالخاء- أي خصبهم وسعتهم. وقال قومٌ من أهل اللغة: أباد الله غضراءهم، أي حُسنهم وبهجتهم. وقال ابن الأعرابي: أباد الله خضراءهم، أي سوادهم. والخُضْرَةُ عند العرب: السَّوادُ. يقال لليل: أخضر

لسواده. وقال أبو جعفر أحمد بن عُبيد: أباد الله خضراءهم وغضراءهم، أباد جماعتهم وقيل: خضراءهم: خصبهم وسعتهم. ذهب إلى قول ابن الأعرابي أباد الله سوادهم، لأن سواد الليل معظمه. قال أبو سفيان بن حرب لرسول الله صلى لاله عليه وسلم يوم فتح مكة: يا رسول الله، قد أ [يح سواد قريش فلا قريش بعد اليوم". والبدرُ: القمر وسُمي بدراً لمبادرته بالغروب طلوع الشمس لأنهما يراقبان في الأفق صبحاً. وقيل: سُمي بدراً لتمامه من اسم البدرة وهي عشرة آلاف تامة، وكل شيء تم فهو بدر. وفعلتُ ذلك عوداً وبدءاً وفي عوده وبدئه وبدأته. وبيداء مفازة ملساء بين المدينة ومكة. وفي الحديث: (إن قوماً يغزون البيت فإذا نزلوا البيداء بعث الله جبريل عليه السلام فيقول: يا بيداء بيدي بهم فتنخسف). [بَيْد] وبَيْدَ بمعنى غَيْر، وعن النبي صلى الله عليه وسلم 1/ 405 عليه وسلم أنه قال: " (أنا أفصحُ العرب بيد أني من قريش) أي غير أني. قال الشاعر: عمداً فعلتُ ذاك بيد أني ... إخالُ إن هلكتُ لم ترني وترني من الرنين، وهو ارتفاع الصوت بالبكاء، والبكاءُ يُمدُّ ويُقْصَرُ. قال كعب بن مالك الأنصاري:

بكت عيني وحُق لها بكاها ... وما يُغني البكاء ولا العويل فجاء باللغتين جميعاً. بَذَّ بَذَّ الشيءُ يَبُذُّ بَذَاً، وهو أن يخرج على غيره في حسن أو عمل كائن ما كان. بذني الشيء: سبقني. قال امرؤ القيس: فألقيتُ في فيه اللجان فبذني ... وقال صحابي قد شأونك فاطلب بَذَّني: سبقني. وشأونك: سبقنك أيضاً. وتقول: قد بذه في المكارم وغيرها إذا سبقه وفاته فيها ببذه. والبذاذة: سوء الحال. والهيئة باذة، وفي هيئة فلان بذاذة، أي رثاثة. بَرُّ البرّ نقيض الكِنّ. خرجتُ براً وجلستُ براً على النكرة وتستعمله العرب. والبرِّية: الصحراء. والبرُّ: البارُّ بذوي قرابته، وقومٌ بررة وأبرار. وتقول: ليس يَبَرُّ وهو بارٌّ غداً، والمصدر والاسم: البرُّ مستويان. والعربُ تقول: بر لواحد البررة. وبعضهم يقول: باراً وبراً لقوله تعالى: {وَبَرّاً بِوَالِدَتِي}. وبرت يمينه: صدقت، قال.

قليل الألايا حافظ ليمينه ... وإن سبقت منه الألية برت وأبرها الله، أي أمضاها على الصدق، وأبررت يميني إبراراً، وبر الله حجك فهو مبرور، وبُرَّ حجك، وفلان يبرك: يطيعك. قال: لا هم لولا أن بكراً دونكا ... يبرك الناس ويفجرونكا وقد أبر عليهم: غلبهم. وابتر فلان أي انتصب مفرداً من أصحابه. [الباريء] "والباريء في كلام العرب: الخالقُ. براً الله عباده يبرؤهم برءاً إذا خلقهم. ومنه قول علي في يمينه: والذي فلق الحبة وبرأ النسمة. قال ابن هرمة: وكل نفس على سلامتها 1/ 406 ... يميتها الله ثم يبرؤها أي يُعيد خلقها. والبريئةُ: الخلقُ تهمزه ولا تُهمزُ، فمن همزها أخذها من برأ الله الخلق، ومن لم يهمزها أخذها من بري الله الخلقُ مبنية على ترك الهمزة، ويجوز أن يكون مأخوذاً من البري وهو التراب. وتقول: بريتُ العود والقلم أبريه برياً. ويقالُ للذي يسقط منه إذا بُري: البُراية. وبرئتُ من المرض، وبرأت أبرأ برءاً، وبُرءاً، وبرئتُ من الرجل والدين براءة. وبعضٌ يقول: بروتُ القلم والعود وهم الذين يقولون: قلوتُ البُرَّ أقلوه، والياءُ أصوب. والبُرْء: السلامةُ من السقم. تقول: يبرأ ويبرؤ وبرأتُ بُرْءاً قال:

لعل عينك تبرا من قذى فيها ... .................. وبريء يبرأُ بمعناه. والبراءة من العيب والمكروه، ولا يقال إلا بريء وفاعله بريء وبراء، وامرأةٌ براء ونسوةٌ برآء سواء. وبُرآء على قياس فُعَلاء جمع البريء، ومن ترك الهمز قال بُرا. وتقول: برأتُ الرجل أي بريء إليَّ وبرئتُ إليه مثل برأتُ المرأة، أي صالحتها على المفارقة، وأبرأت الرجل من الدين والضمان وبرأته. والمبارأة أن يباري الرجل الرجل فيصنع كما يصنع في كل شيء متعاليان. وبري فلانٌ لفلانٍ إذا عرض له وهو يبري له برياً. قال ذو الرمة: تبري له صعلة خرجاء خارجة ... فالحرف دون بنات البيض منتهب والبريُّ: السهمُ الذي قد أُتِمَّ بَريْهُ ولم يُرَش ولم يُنْصَلْ، وبريتُ القوس برياً. قال: يا باري القوس برياً ليس تحسنه ... لا تظلم القوس أعط القوس باريها والبور: التجربة، وبُرْتُ فلاناً، وبُرْتُ ما معه جرَّبْتُه. قال لبيد: وتدعي العلم فلو برته ... لم تدر من سبح من غنى وقولهم حتى أبور ما مع فلان أي أعلمه وأدريه. وبُرْتُ الناقةَ أبورها أي أدنَيْتُها

من الفحل لأنظر 1/ 407 أحاملٌ هي أم لا؟ وذلك الفحل مبوراً إذا كان عارفاً بالحالين. والبوار: الهلاكُ، والبائرُ: الهالك، وبار الشيء هلك. يُقال: هو بورٌ وهما بورٌ وهم بورٌ. هذا في لغة، واللغةُ الفضلى: هو بائر وهما بائران وهم بور، أي ضالون هَلْكى قال الله- تعالى-: {وَكُنْتُمْ قَوْماً بُوراً} وسوقٌ بائرة: كاسدة. وبارت البياعات أي كسدت، وبار الطعام: كسد. وفي الحديث "تعوذوا بالله من بوار الأيم" أي من كسادها. ومنه قوله- عز وجل-: {يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ} معناه: لن تكسد ولن تهْلِكَ. والبور يكون للمذكر والمؤنث والاثنين والجمع بلفظ واحد. هذا قول الفراء. وقال أبو عبيدة: البورُ: جمعُ واحد بائر على مثال ناقة عائذ إذا كانت حديثة النتاج، ونوقٌ عُودٌ إذا كُنَّ كذلك. قال الشاعر: لا أمنع العوذ بالفصال ولا ... أتبعُ إلا فريسة الأجل ومما يدل على صحة قول الفراء قول ابن الزبعري للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول المليك إن لساني ... راتقٌ ما فتقتُ إذ أنا بور

وقال الأنصاري لبني قريظة: هم أوتوا الكتاب فضيعوه ... فهم عُمي عن التوراة بور وعن ابن عباس قال: البور: الفاسد. قال الفراء: البور عند العرب لا شيء. يُقال: أصبحت أعمالهم بوراً أي لا شيء، ومنازلهم قبوراً. وفي الحديث: (سكة مأبورة) أي طريقة مستقيمة. وبأرتُ الشيء وابتأرتُ وائتبرتُ ثلاث لغات أي خبأت. وفي الحديث: (أنَّ عبداً لقي الله فلم يبتئر خيراً). قال أبو عبيدة: ابتأرتُ الشيء وائتبرتُ ابتئاراً [وائتباراً]. قال القطامي: فإن لم تبتئر رشداً قريش ... فليس لسائر الناس ابتئارُ يعني اصطناع الخير وتقديمه واتخاذه. ومنه سميت الحفير البؤرة يعني بأرتُ بؤرة أي حفيرة فأنا أبأرها بأراً، وهي حفيرة صغيرة للنار توقد فيها. [البُرْهة] والبُرْهَةُ حينٌ من الدهر الطويل. والبرهان بيان 1/ 408 الحجة وإيضاحها.

[البَرْدُ] والبَرْدُ: القُرُّ، والبَرْدُ: النَّوْم. يُقال: بَرَدَ الرَّجُلُ إذا نام. قال عز وجل: {لا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْداً وَلا شَرَاباً} قيل: نوماً وقال: بردت مراشفها علي فصدني ... عنها وعن قبلاتها البرد أراد النوم. وقال: البردُ: بردُ الشراب. وزعموا أن العرب تصف المرأة بالبرد واحتجوا بقول النابغة: زعم الهُمام بأن فاهاً بارد ... عذب إذا ما ذقته قلت ازدد وقال العرجي: فإن شئت حرمت النساء سواكم ... وإن شئت لم أطعم نُقاخاً ولا بردا النُّقَاخُ: الشرابُ العذبُ، والبردُ: النَّوْمُ. وقولهم: ضربه حتى برد أي حتى مات. قال أبو زبيد: بارزٌ ناجذاه قد برد المو ... تُ على مصطلاه أي برود

وقولهم: ما برد في يدي منه شيء [معناه ما ثبت]. بَتَّ تقولُ: بَتَّ فلانٌ الشيء وبتره، أي قطعه. وقولهم: بتاً بتلاً أي قطعاً مستأصلاً. والبتلُ كلمة توصل بالبت. ومنه طلقها ثلاثاً بَتَّةً أي قطعت الثلاث حبائلها من حبائله. وأبتَّ فلانٌ طلاق امرأته أي طلقها طلاقاً بائناً، والفعلُ المجاوزُ منه الإبتاتُ في كل شيء. ويقالُ أبْتَتَّ القضاء على فلانٍ وبتتُّ أي قطعتُ. وقال الأصمعي: يُقال أبتتُّ بالألف ولا يقال بتتُّ بغير ألف. وقال الأنباري: يُقال: طلقَها ثلاثاً بتةً بتلَة، فالبَتْلَة أيضاً القاطعة من قولهم: بَتَلْتُ الشيء: قطعته. ومنه قولهم في صفة مريم عليها السلام: العذراء البتول أي المقطوعة عن الرجال. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تَبَتُّلَ في الإسلام) فمعناه: لا يتقرب المسلم إلى ربه تبارك وتعالى بترك التزويج كما تفعل الرهبان وغيرهم من الكفار. {وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً} أي انقطع إليه انقطاعاً. قال امرؤ القيس: تضيء الظلام بالعشاء كأنها ... منارةُ ممس راهب متبتل وقال أميةُ ابن أبي الصلت 1/ 409 في مريم:

أنابت لوجه الله ثم تبتلت ... فسبح عنها لومة المتلوم أراد: قطعت النكاح ورفضته. وقولهم: لا أفعلُ هذا البتة معناها القطعة، أي قد قطعت هذا الفعل قطعةً وتركته. ويقال: صدقة بتة بتلة. والبتلة قريبة المعنى من البتة أصلها القطع أيضاً. والبتاتُ: الزادُ. قال الشماخ: أبو خمسٍ يُظِفن [به] صغار ... غدا منهن ليس بذي بتات البتاتُ: الزادُ والمتاعُ. يقال: بتتُ وتزودت بمعنى، وبتتُ الرجل تبتيتاً إذا زودته. قال طرفة: ويأتيك بالأخبار من لم تبع له ... بتاتاً ولم تضرب له وقت موعد قوله: تبع له أي تشتري. ورجلٌ أحمق بات شديد الحُمق. وبات الرجل مهموماً، أي ظل، ومن قال بات، أي نام فقد أخطأ. ألا ترى أنك تقول: بتُّ أراعي النجوم معناه. بتُّ أنظر إلى النجوم، فلو كان نوماً، كيف كان ينام وينظر إنما هو ظللت أراعي. تقول: أباتهم اللص إباتةً حسنة وباتوا بيتوتةً صالحة، وأياتهم بياتاً، كل ذلك دخول الليل وليس من النوم في شيء. قال امؤر القيس: فبات عليه سرجه ولجامه ... وبات بعيني قائماً غير مرسل يقول: بات هذا الفرس مهيئاً لا يرسل في وجه الصبح كأنه أراد العدو فكان معداً لذلك. وبات بعيني، أي حيث أراه لكرامته عليه، وكلاهما ليس من النوم في شيء. تقول: بتُّ أمتعُ كذا بالليل كما تقول بالنهار ظلتُ. قال الله-تعالى-:

{وَاللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ}، ولا يجوز أن تقول بالنهار: بتُّ أصنعُ كذا. ويقال: ما عند [فلان] يبت ليلة ولا بيتة ليلة - بكسر أوله- يعني القوت. والبيتوتة: دخولك في الليل، وبيوت العرب أحياؤها. [بَتٌّ] والبتُّ: ضربٌ من الطيالسة يُسمى الساج مربع غليظ لونه أخضر. وقال العجاج: من كان ذا بت فهذا بتي ... مقيظ مصيف مشتي تخذته من نعجات ست ... سودٍ قصار من خيار الدشت من غزل أمي ونسيج بنتي. والجميع: البتوت. بَثَّ بَثَّ يَبُثُّ بثاً إذا فرق كقول القائل: بثوا الخيل في الغارات، وبثَّ الصيادُ كلابه على الصيد، وخلق الله 1/ 410 الخلق فبثهم في الأرض فتفرقوا لمعايشهم. ومتاعٌ مبثوثٌ مبسوط. والبثُّ: أشدُّ الحزن وهو الذي لا صبر لصاحبه حتى يبثه ويشكوه.

بج البُجْرَةُ: السُّرَّةُ النَّاتئةُ وصاحبها أبْجَر، وقد بجر بجراً وبُجرةً، وسُرَّة البعير بُجْرة عظمت أو لم تعظم. والبُجْرُ: الأمرُ العظيم. تقول: جئت بأمر بجر قال: عجبت من امرأة حصان رأيتها ... لها ولدٌ من غيرها وهي عاقر فقلتُ لها بجراً فقالت مجيبتي ... أتعجب من هذا ولي زوج آخر قوله: لها ولدٌ من غيرها، من اللهو، وتريد بالزوج زوجاً من الحمام والبجاري: الدواهي [واحدها] بُجريٍّ وبُجْرَّية قال: تريدها أيعلم أنه هو الكاذب الآتي الأمور البجاريا. وفي مثل: "عَيَّرَ بُجَيْرٌ بَجَرَه ونسي بَجَيْرٌ خبره". والبُجْلُ: البُهتانُ العظيم. تقول: جئت بأمرٍ بُجْلٍ، ورميتُهم بِبُجْلِ، أي بأمرٍ عظيمٍ منكر. وبَجَل كقولك: كفى. وقال: * ردوا علينا شيخنا ثم بجل * أي ثم كفى. قال لبيد: فمتى أهلك فلا أحفله ... بجلي الآن من العيش بجل أي حسبي.

وهو مجزوم لاعتماده على حركة، الجيم ولا يتمكن في التصريف. ورجلٌ بجبل ذو بجالة وبجلة وهو الكهل الذي ترى له هيئة وتبجيلا [وسناً. ولا يقال: امرأة بجالة] ورجلٌ باجلٌ وقد بجل يبجل بجولاً والأبجلان: عرقان في اليدين، وهما عرقا الأكحلين من لدن المنكب إلى الكتف. والباج: البيان. وقال عمر: "لولا أن يكون الناس باجاً واحداً". بَحٌّ البحَحَ مصدر الأبحَ. بَحَّ يَبُحُّ بَحَحاً، ويَبُحُّ بُحُوحاً وبُحُوحَةً وبُحَّة وإذا كان من داء فهو البُحاحُ. قال: ولقد بححتُ لكن الندا ... ء لجمعكم هل من مبارز والبحبُوحَةُ: وسطُ محلة القوم. قال جرير: قومي تميم هم القوم الذين هم ... ينفون تغلب عن بحبوحة الدار والتبحبح: التمكن في الحلول والمُقام. وقال أعرابي في امرأة ضربها الطلق: "تركتها تبحبحُ على أيدي القوابل" والبُحُّ: صُفْرَةُ البيض، عاقبوا بين الباء والميم. وباح الشيء: ظهر. ويقال للرجل: البؤوح بيحان بما في صدره. والباحة: عرصة الدار، وفي الحديث: (نظفوا أفنيتكم ولا تدعوها كباحة اليهود). والإباحة شبه

النُّهبى، وكذلك استباحوه وانتهبوه. قال: حتى استباحوا آل عوف عنوة ... بالمشرفي وبالوشيج الذيل وفي الحديث: (الأشياء كلها مباحة إلا ما حرم الله في كتابه) معناه الناس منه في سعة. ويُقا للتمر بوحٌ، يقال: طلعت بوح، ويقال لها بواح أيضاً، ويقال لها البيضاء. بَخْ كلمة تُقال عند الإعجاب بالشيء، تثقلُ وتخففُ، وقد مضى تفسيره في باب التعظيم من الكتاب. وقالوا بَخْ بَخْ وأصله بخٍّ بخٍّ، قال الشاعر: بين الأشج وبين قيس باذخ ... بخبخ لوالده وللمولود ويدل على أنَّ أصله التثقيل، وهي أحد الأسماء التي يُسمى بها الفعلُ والخبر، فهي اسم مدحت وفخرتُ كما أنَّ هيهات اسم بعد، وأفٍّ اسم أضجرُ وهي مبنية لنيابتها عن الفعلُ والتقى في آخرها ساكنان هما الخاءان المدغمة إحداهما في الأخرى فكسرت الثانية على أصل التقاء الساكنين ويدخلها تنوين التنكير. وتَبَخْبَخَ الحَرُّ إذا سكن بعض فورته، وتبخبخت الغنمُ إذا سكنت حيث كانت، وتبحْبَحَت- بالحاء - إذا كانت في بُحْبُوحةِ الدار. وتبخبخَ لحمُه إذا سُمع له صوتٌ من هُزال بعد سمن. ودرهمٌ بخي إذا كتب عليه بخْ، ودرهمٌ معمعيٌّ إذا كُتب عليه مع، مضاعف لأنه منقوص، وبخبخةُ العجل: هديره. وباخت النار تبوخ بؤوخاً وبوخاً 1/ 411 وأباخها مطفئها، أي أخمدها، وأبخْتُ الحرب إباخةً. قال يصف الحرب:

.............. ... فأضحت ما يبوخ لها سعيرُ والتوبيخ: اللومُ، وهو التوعد أيضاً. بَزٌّ البَزُّ: من المتاع، والبزُّ: السَّلْبُ. تقول: عززتُهُ فسلبته. قال الشاعر: من عز بز ولم تؤمن بوائقه ... ومن تضعضع مأكولٌ ومشروبُ أي من غلب سلب، والاسم: البَزُّ، بَزَّ بَزاً. وقالت الخنساء: كأن لم يكونوا حمىً يُتَّقى ... إذا الناس إذ ذاك من عز بزا والابتزازُ: التجرد من الثياب. تقول: بُزت من ثيابها أي جردت. والبزلاء: الرأي الجيد. يقال: إنه لذو بزلاء. قال الراعي: من أمر ذي بدواتٍ لا تزال له ... بزلاء يعيا به الجثامة اللبد وقيل: البزلاء: الداهية. والجثامة: الأسدُ. وجملٌ بازل وناقةٌ بازل، ولا يقال: بازلة. ويقال: بزل نابه، ونابه بازلٌ. وطلعٌ بازلة. والبزلُ: تصفية الشراب ونحوه. والمبزلُ: الذي يُصفى به. وقولهم: رجلٌ بازلٌ "معناه: المحكم بالقوة، أُخِذَ من بُزول البعير وهو أن يخرج نابه بعد سبن سنين تأتي عليه وهو أقوى ماي كون، وهو بمنزلة القارح من الدواب من ذوات الحافر".

وقولهم: رجلٌ باسل: فيه قولان. قال الفراء: الذي قد حرم على قرنه الدنو منه لشجاعته، أي لشدته، أخذ من البسل، وهو الحرام. قال ضمرة بن ضمرة: بكرت تلومك بعد وهن في الندى ... بسل عيك ملامتي وعتابي والبسل: الشيء المحرم. قال: حنت إلى النخلة القصوى فقلت لها ... بل حرام ألا تلك الدهاريس والبسلُ هو الحرام فكرر لاختلاف اللفظ. ويكون البسل أيضاً الحلال. قال الشاعر: أيقبل ما قلتم وتُلقى زيادتي ... دمي إن أحلت هذه لكم بسل أي حلال. والبسلُ يكون بتأويل آمين. إذا دعا أحدهم على الآخر. قطع الله مطاك، فيقول الآخر: 1/ 412 بسلاً بسلاً أي آمين آمين. قال الشاعر: لا خاب من نفعك من رجاكا ... بسلاً وعادى الله من عاداكا معنى بسلاً ههنا آمين. والباسلُ: الشجاع. والباسل: المُرُّ وقد بسل الرجل يبسل بسالة أي صار مراً. والإبسالُ أن يبسلَ الرجلُ بعمله فيُخذلُ ويوكل إليه. والبسلة: أجرة الراقي على رقيته. وبسر: الرجلُ ييسر فهو باسرٌ من هم أو فكر. قال الله - عز وجل-: {ثُمَّ

عَبَسَ وَبَسَرَ} والبسور: العبوس، والبُسرُ في كلامهم الذي لا يبلغُ الرطب ولا وقته من قولهم: قد بسر الرجل الحاجة إذا طلبها في غير وقتها، وقد بسر الفحل الناقة إذا أتاها في غير وقتها. قال الراعي: إذا احتجبت بنات الأرض منه ... تبسر يبتغي فيها البسارا والبسرُ: الإعجال، وقيل: البسرُ: القهرُ، والباسرُ: القاهر. قال الكميت: إذا الحربُ تعدو أوان اللقا ... ح وجهها الباسرون اقتسارا وبسر الحبْنَ إذا فتحه قبْلَ أن يَنْضَج. والبياسرةُ قومٌ من أهل السَّنْدِ يؤاجرون أنفسهم من أهل السفن لمحاربة عدوهم. ويقال: رجلٌ بيسريٌُّ. والبسارة، وقيل: البسار، وهو مطر يدوم على أله السند في أيام الصيف لا يُقلع عنهم ساعة. وبسْ: زجرٌ للحمار، يقال: بس بس، والعامة يقولون: بس بمعنى حسبُ، ولا أصل لها في اللغة، غير أنهم يقولون كلمة بس كلمة مضافة إلى حس. يقال: ضرب فلانٌ فما قال حس ولا بس غير مصروف. وهو مثل قولهم: حَسَن بَسَن. وقولهم: جاء بتُرَّهات البسابس. يقول: جاءنا بالكذب، والبسابس: الأرض الخلبَّة لا شيء فيها. وبُسَّ الشيء فانبس أي نُسِفَ من أصله، وقوله -تعالى-:

{وَبُسَّتْ الْجِبَالُ بَسّاً} أي استؤصلت، والله أعلم. وبئس نقيض لكلِّ صالح، وهو ضد نعم. يُقال: بئس الرجل ونعم الرجل، يُخبرُ عنهما بالذم والمدح. والعرب تدخل الباء على نعم وبئس فيقولون: ما زيد بنعم الرجل 1/ 413 قال حسان: ألستم بنعم الجار يؤلف بيته ... كذي العرف ذا مال كثير ومعدما وحُكي عن بعض العرب وقد بُشر بابنةٍ له فقيل له: نعم الولد هي قال: والله ما هي بنعم الولد نصرها بكاء وبرها سرقة. فأدخل الباء على نعم. والباء لا تدخل على الأفعال، لا تقول: ما بقائم زيدٌ، وتقول: ما قائم زيدٌ، ولا تقول: بحسن مدح المرء نفسه، وتقول: ما حسن مدح المرء نفسه، فإن قيل: فقد قال الفرزدق: فأصبحوا قد أعاد الله نعمتهم ... إذ هم قريش وإذ ما مثلهم بشر قيل له: المعنى: وإذ ما بشر مثلهم، فلما قدم مثل وهي نعتٌ للنكرة نصبها على القطع، كما تقول: عندي رجلٌ قائمٌ فإذا قدمت قائماً قلت عندي قائماً رجلٌ فنصبت قائماً على الحال. والبأسُ: الحربُ، والبأساءُ: الفقرُ وسوء الحال، وعذاب بئيس، أي شديد. بَشَّ تقول: بَشَّ فلانٌ بفلانٍ بشاشةً، ورجلٌ بشٍّ هَشٍّ. والبَشُّ هو اللطف في المسألة والإقبال على الإنسان.

والبشر: الإنسان، والباشر، قالوا الواحد رجلاً كان أو امرأة. تقول: هي بَشَرٌ وهن بشر، وهما بشر، لا يثنى ولا يجمع. وقال بعضهم يثنى لقوله-عز وجل-: {أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا}. والبشرةُ أعلى جلدة الوجه والجسد من الإنسان. والبشير الذي يُبشر القوم بأمرٍ خير أو شر، والبشارة تباشر القوم بأمر حق. والبشارة والبشارة لغتان. والبشمُ: تُخمةٌ عن الدسم. والبشعُ: [طعمٌ] كريه فيه مرارةٌ وحفوف، ورجلٌ بشع وامرأة بشعة، وهو الكريه ريح الفم وهو الذي لا يتخلل ولا يستاك، والمصدر: البشعُ والبشاعة والفعلُ بشع يبشعُ بشاعةٌ. والبشكُ: في السير خفة في نقل القوائم. يُقال: إنه ليبشُكُ ويَبْشِك بَشْكاً وبَشَكاً والمرأة بشْكَى بالعمل، أي سريعة. 1/ 414. بَصَّ بص الشيء يبصُّ بصيصاً إذا برق بريقاً، وفي لغة: وبص يبص وبيصاً. وبصبص الكلبُ: حرك ذنبه طمعاً أو خوفاً، والإبلُ تفعلُ ذلك إذا حُدي بها. وقال رؤبة: * بصبصن بالأذناب من لوح وبق * وقال غيره: فحلٌ إذا سمع الفحول هديره ... بصبصن ثم رمين بالأبعار

والبصر: العين إلا أنه مُذكرٌ، والبصر: نفاذٌ في القلب. والبصارة مصدر البصر، والبصيرة يقال: هي الدرعُ. ويقال: ما لبس من السلاح. وبصائر الدماء طرائفها. والبُصْرُ: غلظُ الشيء، تقول: بصر الجبل وبصر السماء وبصر الأرض، وهو نحو قولك سكال بضَّ. البضاضةُ: الثراء في اكتناز اللحم في نصاعة. تقول: بشرة بضة 1/ 415 وامرأة بضة بضيضة. وبض الحجر خرج منه الماء يشبه العرق، وكذلك كل شيء، وفلان "ما يبض حجره"، أي ما يَنْدَى بخير. والبضْعُ: من العدد ما بين ثلاثة إلى عشرة، وقيل: تسعة. وفُسر قوله: {بِضْعِ سِنِينَ} أي سبع سنين، وقيل: تسع. وقال أبو عبيدة: ما لم يبلغ العقد ولا نصفه، يريد ما بين الواحد إلى الأربعة، وقيل: من ثلاثة إلى تسعة. وعن أبي عبيد ما بين ثلاث وخمس. وقال قتادة: ما بين الثلاث والتسع والعشر. وقال الأخفش: من واحد إلى عشرة. [وقال] الفراء في قوله-تعالى-: {فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ} ذكر أنه لبث سبعاً بعد خمس بعد قوله: {اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ} وقال: "والبضعُ ما دون العشر" ابن عباس قال: لما نزلت: {الم * غُلِبَتْ الرُّومُ} ناحب أبو بكر قريشاً فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم:

(ألا احتطت فإن البضع ما بين السبع والتسع. ناحب ف ياللغة: حاكم. يقال: ناحبتُ الرجل إذا حاكمته أو قاضيته إلى رجل. قال لبيد: ألا تسألان المرء ماذا يحاول ... أنحب فيُقضى أم ضلال وباطل يقال في عدد المؤنث: بضع، وفي عدد المذكر بضعة فمجراه مجرى خمس وخمسة وست وستة. عتيق بن يعقوب اليزيدي قال: سمعتُ مالكاً يقول: أتيتُ ابن شهاب فحدثني ببضعة وأربعين حديثاً ثم قال لي: إيه أعدها على فأعددتُ عليه الأربعين وأٍقطت البضعة فأدخل الهاء على البضعة بتذكير الحديث. وأما البضعة من اللحم فمفتوحة الباء وجمعها بضع وبضع. قال زهير: دماً عند شلو تحجل الطير حوله ... وبضع لحام في إهاب مُقدد والبضاعة: ما أبضعت للبيع كائناً ما كان، ومنه الإبضاع. والبضاعةُ المزجاة: القليلة. قال: ومرسلٌ ورسولٌ غير متهم ... وحاجة غير مزجاة من الحاج أي غير منتقصة من الحوائج. ويقال: المزجاة: الردية التي لا تؤخذ بسعر الجياد من الدراهم والدنانير. قال أبو عبيد: المزجاة أخذت من الإزجاء، وهو من السوق، وأنشد لحاتم: ليبك على ملحان ضيف مدقع ... وأرملةٌ تُزجي مع الليل أرملا

أي تسوق أرملاً لضعفه. وقال عدي بن زيد: وحبي بعد الهدو تهاديه 1/ 416 م شمالٌ كما يُزجى الكسير معناه: تسوقه شمال كما يُساق الكسير. وقيل: البضاعةُ كانت أقطاً وسمناً وصوفاً وغير ذلك من أمتعة الأعراب. وقال الكلبي: جاؤوا بصنوبر وحبة الخضراء فباعوه بدراهم لا تجوز في الدراهم وتجوز في سائر الأشياء، فلذلك قالوا: تصدق علينا. وقال مجاهد: المزجاة: القليلة، وبقوله كان يقول أبو عبيدة، وبه يقول الخليل. وقولهم: بيضةُ العُقْر: معناه مرة واحدة لا ثانية لها. والعُقْر: استعقامُ الرحم، وهو أن لا تحمل المرأة، عقُرَت المرأة: إذا لم تحمل فهي عاقر، ورجلٌ عاقر إذا لا يولد له، قال: لبئس الفتى إن كنت أعور عاقراً ... جباناً فما أغنى لدى كل مشهد ويقالُ: بيضةُ العُقْر: معناه بيضةُ الديك، وذلك أن الديك يبيضُ بيضةً واحدة لا ثانية لها فيُضْرَبُ مثلاً لكل من فعل فعلةً واحدة لم يُضِف إليها مثلها.

وقولهم: فلان بيضةُ البلد. هو من الأضداد إذ يكون مدحاً وذماً يرادُ به واحد البلد الذي يجتمع إليه ويقبل قوله. قالت امرأةت ترثي عمرو بن عبدود، وتذكر قتل علي إياه: لو كان قاتل عمرو غير قاتله ... بكيته ما أقام الروح في جسدي لكن قاتله من لا يُعاب به ... وكان يُدعى قديماً بيضة البلد وأما الذمُّ فإنه يُراد به أنه منفرد لا ناصر له بمنزلة البيضة التي يقوم عنها الظليم وبتركها منفردة لا خير فيها ولا منفعة، قالت امرأة ترثي بنين لها: لهفي عليهم لقد أصبحت بعدهم ... كثيرة الهم والأحزان والكمد قد كنت قبل مناياهم بمغبطة ... فصرت مفردة كبيضة البلد والبلَدُ: كل موضع مستحيز من الأرض عامراص كان أو [غير] عامر أو خالياً أو مسكوناً فهو بلدٌ، والطائفة منه بلدة والجمع البلاد والبلدان اسم على الكورة. والبلدُ: المقبرة، ويقال هو نفس القبر. وقال: كل امريء تاركٌ أحبته ... ومسلمٌ وجهه إلى البلد 1/ 417

وربما جاء البلد يعني به التراب. بَطَّ البط معروف. والجُرح يُبَطُّ بطاً، والبطيطُ: العجيب من الأرض. وقال: ألم تتعجبي وتري بطيطاً ... من الحقب الملونة الفنونا والبطيطُ: الكذب، ولا يقال منه فعل يفعلُ. وقال (خربيل) تأتيك بالبطيط. والبطيطُ بلغة أهل العراق: رأس الخف. والبطة أرز مطبوخ. والبَطَر: في معنى كالحيرة والدهش. يقال: بطر يَبْطَرُ، وهو في معنى كالأشر وغمط النعمة. تقول: بطر فلانٌ النعمة أي كأنه مرح حتى جاوز الشكر وتركه وراءه. قال عز وجل: {وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا} والبيطارُ معروف يُبَيْطِرُ الدواب أي يعالجها من الداء، ومن ذلك سُمي كتاب البيطرة، ورجلٌ بطرير وأكثر ما يقال في المرأة: بطرت حتى تمادت ف يالغي. والبطل: الشجاع الذي تَبْطُل جراحته ولا يكترث لها ولا تكفه عن نجدته، وهو بين البطولة، وقل ما يستعمل الفعل وهو بطل. وتبطل الرجل مستعمل أي أنه

بَطَلَ، وتَبَطَّلَ الشيء أي أنه باطل. والبُطْلُ مصدرُ الباطلُ، وقد بَطَلَ يَبْطُلُ الشيءُ بُطْلاً إذا ذهب باطلاً، والبُطْلُ: الباطِلُ أيضاً، كما قالوا: ضُلَّ للضلال، وقُلٌّ للقليل، وكُثْرٌ للكثير، والكُبْرُ للكبير. وقال النابغة: لعمري وما عمري علي بهين ... لقد نطقت بطلاص على الأقارع والبطشُ: التناول عند الصولة، والأخذ الشديد في كل شيء. قال الله - عز وجل-: {وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ} والله ذو البطش الشديد جل وعز. والبطنُ: خلاف الظهر في كل شيء، والباطن ضد الظاهر، والبطانةُ والظهارة باطن الثوب وظاهره، وكل شيء يستعمل من الظهر استعمل مثله من البطن، وبطانة الرجل: وليجته من القوم الذين يريدون خلوته، ويدخلونه في دخلة أمره، وبطانته: سريرته. ويقال: بطنُ الراحة وظهرُ الكف، وباطن الإبط، وباطن الخف، ولا يقولون: بطن الإبط بل باطن، وباطن الخف، والنعمةُ الباطنة 1/ 418 التي قد خصت، والظاهرة التي قد عمت، والبطنةُ: امتلاءُ البطن من الطعام، وهي أيضاً الأشر من كثرة المال، يقال: أثرت به البطنة، ويقال: "البطنةُ تُذهبُ الفطنة"، والبطين: ضخم البطن ورجلٌ مبطان وهو الذي يغيب بالعشيات عن الناس في السَّرَبِ وغيره. وقال متممُ: لقد غيب المنهال تحت ردائه ... فتى غير مبطان العشية أروعا

أي كبير البطن كثير الطعم. ويُقال إن متمماً قال: ما ذكبت فيما قلت في أخي إلا في هذا البيت، ولقد كان مبطاناً أي ينتفخ فصير كالزق فلا يقدر على النهوض، ورجلٌ مبطان لا يزال يأكل كثيراً دون أًحابه. بَظَّ يُقال: بَظَّ على كذا وكذا، أي ألح، وبظَّ الضارب أوتاره ليهيئها للضرب يبُظُّ بظاً، وهو تحريكه أوتاره، ويقال في لغة: بض بالضاد، والظاء أحسن. بَعَّ البعاعُ: ثِقَلُ السحاب من المطر. قال امرؤ القيس: وألقى بصحراء الغبيط بعاعه ... نزول اليماني ذي العياب المحمل ويروي بكسر الميم، ومن روى بفتح الميم، جعل اليماني جملاً ومن روى بالكسر جعل اليماني رجلاً وشبه السيل به لنزوله في هذا الموضع. وبعاعُه: متاعُه. يقال للتاجر: أخرج إلينا بعاعك أي متاعك. ويقال: ألقى علينا بعاعه وأرواقه وجراميزه وشراشره وعبالته وأعباءه وبركه أي ثقله ونفسه. قال: عن علي عمك أن تواقي ... وأن تبيتي ليلة لم تعتقي وأن تُري كأباء لم تبر نشقي توافي أي تحمل عليك ما لا تقوين، والإبرنشاق الفرح. ويُقال للسَّحَاب إذا ألىق كل ما فيه: ألقى بعاعه. ويُقال: بعَّ السحابُ يبعُّ بعاً إذا ألح بمكان، وألقت الحرب بعاعها على بني فلان قال:

وذاك لأن الحرب ألقت بعاعها ... على أسرة (الأبرين) 1/ 419 حتى تمزعوا ويعق المطر وهو ذو الصوت، والمطر الباعق يفاجيء بوابل شديد. والانبعاق: أن ينبعق الشيء عليك مفاجأة. قال: تيممت بالكديون كي لا يفوتني ... من المقلة البيضاء تفريط باعق الكديون: عكر الزيت. يعني بالباعق المؤذن إّا انبعق بصوته إّا نادى بُعاقاً فهو باعق، والمعنى أنه تيمم بالزيت. وبعقت الإبل: نحرتها. وبعتُ: بمنزلة اشتريتُ، والابتياع الاشتراء، والبيع ضد الشراء تقول: بعته وابتا عأي اشترى، والبيعُ اسم يقع على المبيع، والجمع البيوع. وتقول بنو فلان بعوا أمراً أي جنوا وجروا. وقال عوف بن الأحوص: وابسالي بني بغير جرم ... بعوناه ولا بدم مراق بعوناه: جرمناه. قال: لقينا من تدرئكم علينا ... وقتل سراتنا ذات العراقي

قوله: ابسالي بني يعني انتهاءهم وإسلامهم للهلكة بغير جُرم جنيناه وقوله- عز وجل-: {أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ} قيل: تُرتهن وتُسلمُ للهلكة. وقوله: تدرئكم يعني اعتمادهم بالغارة عليهم والغزو. ويقال: حي بني فلان ادرؤا مكاناً كأنهم اعتمدوه بالغزو. قال: أتينا عامراً من أرض رامٍ ... معلقة الكنائن تدرينا وقوله: ذات العراقي، يعني: الأمر العظيم والشر. يُقال: لقيت منه ذات العراقي، والأرابي، واحدها أُربي، والبُجاري واحدها بُجريٌ، والأمرين والبرجين والفتكرين، والأقورين والأقوريات، وقال أبو زيد: الأقورين والأمرين - بكسر الراء-، والأول بفتح الراء عن أبي عبيدة، وكل ذلك بمعنى الشر والأمر العظيم 1/ 420 وكان عوف بن الأحوص الكلابي ربيئة وحمل عن غنى لبني قُشير دم ابن السجفية فقالوا: لا نرضى بك فدفعهم رهناً. قال الشنفري: هنالك لا أرجو حياة تسرني ... سمير الليالي مبسلاً بالجرائر

سمير الليالي: أبدُ الليالي. والبوع والباعُ: لغتان، ولكنهم يسمون البوع في الخلقة، وأما بسطُ الباع في الكرم ونحوه فلا يقولون إلا كريم الباع. وقال: له في المجد سابقةٌ وباع ... ....................... والبوعُ أيضاً مصدرُ باع يبوعُ، وهو بسط الباع في المشي والتناول في الذِّرْع، والإبل تبوع في سيرها. وقال النابغة: تشيح على الفلاة فتعتليها ... بيوع القدر إذ قلق الوضين يشيحُ: يقطع، ويعتليها: يستولي عليها، والوضين: البطانُ العريضُ من السيور إذا كان مضاعف النسج بعضه إلى بعض وهو في موضع موضون مثل قتيل في موضع مقتول، وهو من أبطنة الإبل، وقلق الوضين: اضطرابه وتحركه، وذلك عن تعب الناقة وضمرها. يقال: يتلقلق ويتقلقل لغتان. وقال بعضهم: القلق في اللسان، وقال بعضهم في الذنب، والرجلُ بيوع بماله إذا بسط معه باعه. وقال: لقد خفتُ أن ألقى المنايا ولم أنل ... من المال ما أسمو به وأبوع وبعج فلانٌ بطن آخر بالسكين إذا شقه وخضخضه فيه، وقد تبَعَّجَ السحاب تبَعُّجاً، وهو انفراجه عن الودق، وبعج المطر تبعيجاً من شدة فحصه الحجارة، ورجلٌ بعجٌ كأنه منفرج البطن من مشيته.

قال: ليلة أمشي على مخاطرة ... مشياً رويداً كمشية البعج بَعْد بعد كلمةٌ دالةٌ على الشيء الأخير. تقول: هذا بعد هذا منصوب، فإذا قلت: أما بعد فلا تصفه إلى شيء ولكنك تجعله غاية نقيضاً لقبل، قال الله - عز وجل-: {لِلَّهِ الأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ} فإذا لم يكونا غاية فهما نصبٌ لأنهما صفة. تقول: أقمتُ خلاف زيد، أي بعد زيد. 1/ 421 وذكر النحويون أن مجاز {لِلَّهِ الأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ} لله الأمر من قبل كل شيء ومن بعد كل شيء، فلما حُذف المضاف إليه جُعِلَ الرفع دليلاً عليه. قال أبو النجم: قد كنت قبل ذلك العلاء ... وبعد ذلك الثنا والحمد أراد قد كنت قبل كل شيء يا ذا العلا، وبعد كل شيء، فلما حذف المضاف إليه جعل الرفع دليلاً عليه. وكذلك أول مضمومة إذا لم تضفها، فإذا أضفتها نصبتها. تقول: ابدأ به أولُ. وقال الشاعر: أوصيكم بالله والبر والتقى ... وأعرضكم والبر بالله أول فإن قومكم سادوا فلا تحسدونهم ... وأنفسكم دون العشيرة فاجعلوا فرفع مثل الأول. وقال آخر:

لعمرك ما أدري وإني لأوجل ... على أين تعدو المنية أول فرفع لما ذكرنا، والبُعدُ على معنيين: أحدهما ضد القرب. تقول: هذه القرية بعيد، وهذه القرية قريب، تريد به تحويل اسم إلى اسم ولا تردي به النعت. مسألة فإن قيل: لمَ قُلت القرية بعيد وقريب، وهما مؤنثان؟ قيل: هذا موضعٌ يكون فيه المؤنث والجمع بلفظ واحد ولا يدخلون فيه التاء لأنه ليس بصفة، ولكنه ظرف موضع لهن، والعرب تفعل ذلك في قريب وبعيد. قال الله-تعالى-: {إِنَّ رَحْمَةَ [اللَّهِ] قَرِيبٌ مِنْ الْمُحْسِنِينَ} قال الشاعر: فإن تُمس ابنةُ السهمي منا ... بعيداً لا تكلمها كلاما وقال آخر: ليالي ما أسماء منك بعيدة ... فتلو وما أسماء منك قريب فإذا جعلوا صفة في معنى مقتربة قالوا: هي قريبة وهما قريبتان وهن قريبات قال أبو زبيد الطائي يصف الأسد:

وصف هزبراً أزيا ضيغما شرساً ... وعينه في الدجى مستبرقٌ لمع ولم يقل مستبريقة لمعة، وهي مؤنث، لأن العرب تصف المؤنث بصفة المذكر ويريدون به جنسها، والجنس مذكر. ويجوز أن نقول: امرأة جالس وقاعد، تريد به جنس المرأة لا المرأة قال: وأعين الناس 1/ 422 وأركانهم ... مخالف لكن من القاسط وقال: مخالف ولم يقل مخالفة، لأن أراد به الجنس، فقس على هذا. مسألة فإن قال قائل: ما الدليل على قريب وبعيد أنهما اسمان؟ فيقالُ ألا ترى أنك تقول: قريبة قريب و [بعيدة] بعيد. بَعُدَ يَبْعُد بُعْداً فهو بعيدٌ، وباعدته مباعدة وبعاداً. والبعد والبِعَادُ أيضاً من اللعنِ كقولك: أبعده الله، أي لا يُرثى له مما يزل به. وقال: وقلنا أبعدوا كبعاد عاد ... ...................... وهذا من قوله: بُعْداً له وسحقاً، وفِعْلُه: بَعُدَ يَبْعُدُ بُعْداً، وإذا أهنته لما نزل به من سوء قلت: بعداً له {كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ} وإنما نصبه لأنه جعله مصدراً ولم

يجعله اسماً. وفي لغة تميم: بُعْدٌ له وسُحْقٌ له، وكذلك لغة أهل الحجاز يرفعون ويحتجون أنه موصوف وصفته. يقولون: هو مثلُ قولك: غلامٌ له وفرس له، وإذا أدخلوا الألف واللام لم يقولوا إلا بالرفع، والبُعْدُ والسُّحْقُ له. فما [كان من الشتم] فهو بعد، وما كان من البعد فهو بعد يبْعُدُ. وتقول: بَعُدَ يَبْعُدُ بِعَاداً، إذا مات أو فارق طويلاً. قال الشاعر: يقولون لا تبعد وهم يدفنوني ... وأين مكان البعد إلا مكانيا وقال آخر: أبا الفضل لا تبعد أيا خير جندب ... بلى إن من زار القبور ليبعدا وقال آخر: يقولون لا تبعدوهم يدفنوني ... بلى إن بعدي أبعد البُعْدَ في غد وتقول: أبعدُ وأبعدون، وأقرب وأقربون، وأباعد وأقارب. وقال: من الناس من يغشى الأباعد نفعه ... ويشقى به حتى الممات أقاربه فإن يك خيراً فالبعيد يناله ... وإن يك شراً فابن عمك صاحبه [البعيرُ] والبعيرُ: الجملُ، والعربُ إذا رأت ناقةً وجملاً يقولون: هذا بعيرٌ ما لم

يعرفوه، فإذا عرفوه قالوا للذكر جمل وللأنثى ناقة كما يقولون للذي لا يدرون أرجلٌ هو أم امرأة: هذا إنسان، فإذا استبان قيل للذصكر رجلٌ وللأنثى امرأة، وقد قال بعضهم إنهم يسمون 1/ 423 الناقة بعيراً أيضاً وأنشد: لا تشتكي لبن البعير وعندنا ... لبن الزجاجة واكف المعصار ويقال: أباعر للجمع، وجمع الجمع بُعْرَانُ وبِعْرانٌ - بالضم والكسر. [بُعْصُوصَة] والبُعْصُوصَةُ دُوَيْبَةٌ صغيرةٌ لها بريق من بياضها. يقال للصبي يا بُعْصُوصَةُ لصغر خلقه وضعفه. بَعْض بعضُ كل شيء: طائفةٌ منه. تقول: جاريةٌ حُسَّانَة يشبه بعضها بعضاً وبعضت الشي ءتبعيضاً إذا فرقته أجزاء. وبعض مُذكر في الوجوه كلها كقولك: هذه الدار متصل بعضها ببعض. والعربُ تجعل بعضاً في معنى الكل. قال لبيد: تراك أمكنة إذا لم أرضها ... أو يعتلق بعض النفوس حمامها أراد كل النفوس، لأن الموت لا يترك بعض النفوس، ولكنه ينزل بالنفوس كلها. ويروي: أو يرتبط، ويروي أوي عتفي بالفاء، ويُروى أو يخترم. يُقال: عافتي يعوفني، وعفاني يعفوني مثل دعاني يدعوني، وجزم يعتلق لكثرة الحركات.

والبعض قد يكون بمعنى الشيء بأسره لأنها منه فيدل عليه. قال تميم بن أبي [بن] مقبل: لولا الحباء وبعض الشيب عبتكما ... ببعض ما فيكما إذ عبتما عوري أراد لولا الحياء والشيب لأنه لا بعض له يحد دون بعض. [البَعْطُ] والبَعْطُ منه الإبْعَاطُ، وهو الغلو في الجهل والقبح. ينقال لقد كان منه إبعاط وإفراط، إذا لم يقل قولاً على وجهه. وكل أمرٍ قبيح يُنسب إلى الإبعاط. [البَكْعُ] والبَكْعُ: شدة الضرب المتتابع. تقول: بكعْتُه بالسيف والعصا بكعاً. [البَعْلُ] والبَعْلُ: الزوجُ. بَعَلَ يَبْعَلُ بُعُولَةً فهو بَعْلٌ مُسْتَبْعِلٌ. والأرضُ البعلُ التي لا يصيبها مطرٌ في السنة إلا مرة. والمرأة تبعل إذا كانت مطيعة لزوجها. والأزواج هم البعولة، ورجل بعلٌ وهو الذي ينهب عند الحرث وهم البعلون والمرأة بعلة. [وامرأة بعلة] لا تحسن لبس الثياب. والبعلُ: الذكرُ من النخل والناس يسمونه الفحل. والبعل: صنمٌ، قال الله- عز وجل-: {أَتَدْعُونَ بَعْلاً} 1/ 424 والتباعُلُ: المُبَاعلَة،

والبعالُ: ملاعبةُ المرء أهله، والمرأة تتبعلُ إذا لم تخالف زوجها، وفي الحديث في أيام التشريق أنها أيامُ أكل وشرب وبعال. قال الحطيئة يمدحُ رجلاً: وكم من حصان ذات بعل تركتها ... إذا الليل أدجى لم تجد من تُباعله يقول: إنك قد قتلت زوجها أو أَسَرْتَه. قال الكسائي: أيام أكل وشرب، وكان يقرأ {فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ} وتقول: شَرْبٌ، وشِرْبٌ، وشُرْبٌ. [البَلَدُ] والبلدُ: كل موضع مستحيز من الأرض عامراً كان أو غير عامر أو خالياً أو مسكوناً، والطائفةُ منه بلدةق. والبلدُ: المقبرةُ، ويقال هو نفس القبر. قال: كل امريء تارك أحبته ... ومسلمٌ وجهه إلى البلد وربما جاء البلدُ يعني به التراب. والبلدُ في القرآن: {لا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ} يعني مكة نفسها، وقيل: "سُميت مكة بكة لأنها كانت تبُك أعناق الجبابرة إذا ألحدوا فيها بظلم، وقيل: سميت بكة لأن الناس يبك بعضهم بعضاً في الطواف"، أي يدفع بعضهم بعضاً. وكان الحسنُ يقول: يتباكون فيها من

كل وجه. وقيل أيضاً جعله من بككتُ الرجُلَ إذا رددته ووضعت منه، ويقال: بكة يُزْدَحهم عليها. والبلدة بلدة النحر وما حواليها. وقال: أنيخت فألقت بلدة فوق بلدة ... قليل بها الأصوات إلا بغامها والبلدة: بلجة ما بين العينين. والبلادة نقيض النفاذ والمضاء في الأمور، وفرس بليدٌ قد بَلُدَ. والتبلدُ: نقيضُ التجلد، وهو استكانة وخضوع. وقالك ألا لا تلمه اليوم أن يتبلدا ... فقد غُلب المحزون أن يجلدا وقولهم: رجل بليد. فيه قولان: قال قوم: المتحير الذي لا يدري أين يتوجه وهو قول أبي عمرو، وقال: إنما قيل للصبي بليد لأنه قليل التوجه فيماي راد منه. وقال الأصمعي: البليدُ: الذي يضرب بإحدى يديه على الأخرى من الغم. والبلدة: هي الراحة، وبلد الرجل: إذا نكس وضعف في العمل وغيره حتى في الجري وقال: جرى طلقاً حتى إذا قيل سابق ... تذاركه 1/ 425 أعراقُ لؤمٍ فبلدا

والمبالدة: المُبَالَطَةُ بالسيوف والعصي [إذا] اجتلدوا بها. [بَلَّ] وبل الرجل رحمه يبُلُّها بلاً إذا وصلها. وفي الحديث (بُلُّوا أرحامكم ولو بالسلام). [بلاء] وقولهم: وجميلُ بلائه عندك. قال أبو بكر: معناه: وجميل نعمه عندك. والبلاءُ على أربعة وجوه، يكون من البلية، ويكون من النعم. قال الله - عز وجل-: {وَفِي ذَلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ} فيه قولان: أحدهما أن يكون مما صنع بكم من إنجائه إياكم من فرعون وقومه، والآخر أن يكون من: البلية ويكون المعنى في ما كان يصنع بكم فرعون من أذاه إياكم بلية عظيمة. ويكون البلاء الاختبار. قال الله - عز وجل-: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ} معناه: ولنختبرنكم. قال تعالى: {وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ} فمعناه اختبرناهم بالخصب والجذب. وقال عز وجل: {يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ} فمعناه تُختبر. قال زهير:

جزى الله بالإحسان ما فعلا بكم ... وأبلاهما خير البلاء الذي يبلو معناه فاختبرهما. وقال أبو الأسود الدؤلي: أريت امرءاً [كنتُ] لم أبله ... أتاني فقال اتخذني خليلا فمعناه: لم أختبر. وقال الأحنفُ بن قيس: "البلاءُ ثم الثناءُ" فمعناه: النعمُ والإحسان ثم يقع الثناء بعدهما. ويكون البلاء مصدر بلى الثوب يبلى بلى وبلاء. قال الراجز: والمرء يبليه بلاء السربال ... مر الليالي وانتقال الأحوال وقال آخر: وكل جديد يا أميم إلى بلى ... وكل امريء إلا أحاديثه فان وكل جديد يا أميم إلى بلي ... وكل امريء يوماً يصير إلى كان ويقال: قد بلى فلانٌ الثوب يبليه تبليةً. قال: إذا ما شئت أن تسلى حبيباً ... فأكثر دونه عدد الليالي فما سلى حبيبك مثل نأي ... ولا بلى جديدك كابتذال

بَدَلٌ البدلُ: الذي يكونُ منالشيء خلفاً وبدلاً، والتبديلُ تغيير الشيء إلى غير حاله واستبدل ثوباً مكان ثوب، وأخاً مكان أخ، ونحو ذلك وقال: مستبدلاً غير مغبون ولا 1/ 426 لحز ... داراً بدار وأزواجاً بأزواج اللحزُ: الشحيحُ النفس. ومنهُ المبادلة، والبأدلةُ: اللحمةُ بين الإبط والثندوة كلها، والرعثاوان عبالتهما الأفخاذ والبآدل وقال: فتى قُدَّ قَدَّ السيفِ لا متضائلٌ ... ولا رهل لباته وبآدله بدن البَدَنُ من الجسد ما سوى الشوى والرأس، والبدنُ شبه درع إلا أنه قصثر قدر ما يكون على الجسد فقط قصير الكمين والجمع الأبدان. قال الله - عز وجل-: {فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ} قيل: اليوم نرفعُك على نجوةٍ من الأرض. وأنشد الفراء: ومولى رفعنا عن مسيل بنجوة ... وجاء رأتنا أن يكون الأولا وقال بعض المفسرين: ببدنك بدرعك، والبدن الدرعُ. قال:

ترى الأبدان فيها مسبغاتٍ ... على الأبطال واليلب الحصينا وقيل: ببدنك لا روح فيك، وقيل: ببدنك وحدك. وعن ابن مسعود: ننحيك - بالحاء - أي تُلْقيك على نجوة من الأرض. وقول أبي عمرو ويعقوب: ننجيك مخففة. ورجلٌ بادنٌ وامرأة بادنةٌ وبادنٌ ومُبَدَّنٌ ومُبَدَّنة وهما السمينان الجسيمان وقال: على كورها (والعايس) وجناءُ بادن ... ................. والبدنث: الشيخُ. قال الأسود بن يعفر: هل لشباب فات من مطلب ... أم من بكاء البدن الأشيب وبدن الرجل تبدينا إذا أسن. قال: وكنت خلتُ الشيب والتبدينا ... والهم مما يُذهل القرينا بَيْنَ البيِّنُ من الرجال: الفصيحُ، وقيل: رجلٌ بين وجهيرٌ إذا كان بين المنطق وجهيرَ المنطق، والبينُ: الفراق، والبينُ - بكسر الباء - القطعة من الأرض قدر مدٌ البصر. قال ابن مقبل:

بسرو حمير أبوال البغال به ... أنى تسديت وهنا ذلك البينا وتقول: بينهما بون بعيد، وبينٌ أيضاً، وبونٌ أبلغُ في الصفة 1/ 427 وتفاوت الحال. والعربُ تقول: هو بين ذلك، لأن ذلك وإن كان لفظه واحداً فهو في معنى اثنين يؤدي عن شيئين في المعنى. ومثله {لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ}، لأنه يأتي على التثنية والجمع، ولا يجوز بين أيهم المال ولا بين من قسم المال لأنهما يكونان لكل مثل الآخر. والبينُ: الفُرْقةُ والوصل أيضاً. قال عز وجل: {لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ} أي وصلكم، وبينا فلان معناه: بينما. [بَنى] وبنى الرجل يبني بناء وبنى مقصوراً أيضاً وبنيةً وبنياً. والبنيةُ: الكعبةُ، والبنوة مصدر الابن. تقول تبنيته أي ادعيت بنوته، والنسبة إلى الأبناء بنويٌّ وإن شئت أبناويَّ نحو أعرابي. [الأبْنُ] والأبْنُ مصدر المأبون، وفلانٌ يؤبنُ بشر أي يُزَنُّ به، ولا يقال يؤبن إلا في الشر. وقولهم: بأبأتُ الصبي أي قلت له: بأبي أنت وأمي، وهي البأبأة. ومعناه: بأبي أنت أي أفديك بأبي فحذف لدلالة المعنى عليه. وفيه ثلاثُ لغاتٍ بأبي، وبيبي

بأبي أنت أي أفديك بأبي فحذف لدلالة المعنى عليه. وفيه ثلاثُ لغاتٍ بأبي، وبيبي وبيبا، فمن قال بأبي أخرجه على أصله، ومن قال: بيبي ليْنَ الهمزة، ومن قال بيبا جعلَ آخره بمنزلة سكري وغضبي وحُبْلَى، وقول العامة بيبي بتسكين الياء خطأ بإجماع. أنشد الفراء: قال الجواري ما ذهبت مذهباً ... وعينني ولم أكن معيباً أريت إن أعطيت نهداً كعثبا ... أذاك أم أعطيت هيداً هيدَبا أبرد في الظلماء من مس الصبا ... فقلتُ لا بل ذاكما يا بيبا أحذَرُ ألا تفضحا وتحربا ... هل أنت إلا ذاهب لتلعبا قالت امرأة من العرب ترثى ابنين لها: وقالوا: جزعتُ أن بكيتُ عليهما ... وهل جزعٌ أن قلتُ يا بيباهما وقال آخر: ألا بيبا من لستُ أعرف مثلها ... ولو درت أبغي ذلك الشرق والغربا [البَوَاء] والبواءُ: التكافؤ، ويقال: إنَّ فُلاناً لبواء بفلان، أي. كفؤ. وقولهم: هذا بابُ كذا وباب كذا، معناه في هذا طريق كذا وطريق كذلك. وأباتُ [فلاناً]

بفلان [قتلته به] واستبأهم قاتل 1/ 428 أخيه، أي طلب إليهم أن يقيدوه. واستبأت مثل استقدت قال: فإن يقتلوا منا الوليد فإننا ... أبأنا به قتلى تُذل المعاطسا البؤ - مهموز - في القود. وقيل: استبأهم أي قال لهم أبيئوه عليَّ حتى أقتله، ادفعوه إليَّ. قال: فقلت لهم بوؤا بعمرو بن مالك ... ودونك مشدود الرحالة مُلجما يعني فرساً. والعرب تقول: كلمناهم فأجابونا عن بوء واحد أي كلهم أجابوا جواباً واحداً. وتقول: هم في الأمر بوءٌ سواء، أي أكفاء نُظراء، وأبيء فلانٌ بفلان، أي قُتِلَ به. قال: ألا تنتقي عنا ملوكٌ وتتقي ... محارمنا لا يبئأ الدم بالدمِ ويقال: باء فلانٌ بدم فلانٍ أي إذا أقر به على نفسه واحتمله طوعاً بوجوبه، وباء فلانٌ بذنبه إذا احتمله كرهاً لا يستطيع دفعه كما باءت اليهود بالغضب من الله - عز وجل-: وبناء باثمي، أي استولى عليه. والبأو من الزهو والكبر والافتخار. والباء والمباءة واحدٌ وهي منزل القوم حيث يبيتون. ويقال لكل منزل ينزله القوم: تبوؤا منزلاً وبوأهم منزل صدق، والبوءة موضع.

[بَوٌّ] والبَوٌّ- غير مهموز - جلدٌ يُحشى فتعطفُ عليه الناقة بشمه. قال الفرزدق: تحن بزوراء المدينة ناقتي ... حنين عجول تبتغي البو رائم وقولهم: فلانٌ بَوٌّ، معناه أنه ذو جسم وطلل وليس له باطنٌ ولا عقل. والبوُّ عند العرب أن يُذبح الفصيل فيسلخ برأسه وقوائمه ثم يحشى تبناً لتعطف عليه أمهن وتشمه ولا تنكره وتدر عليه حتى لا ينقطع لبنها. قالت الخنساء: فما عجول على بو تطيف به ... لها حنينان إصغار وإكبارُ ويروي: فما عجولٌ على بو تطيف به ... قد ساعدتها على التحنان أظار يوماً بأوجد مني يوم فارقني ... صخرٌ 1/ 429 وللدهر إحلاءٌ وإمرارُ العجولُ من الإبل: الوالهُ التي فقدت ولدها، والجميعُ العجل. وقال:

أحن إليك حنين العجول ... إذا ما الحمامة ناحت هدلا وأظآر واحدها ظئر وهي التي تعطفُ على ولدٍ ليس لها. بهر بهرتَ فلاناً إذا أنت عالجته حتى ينبهر، والاسم البهرُ، وبهرتُ المرأة قذفتها ببهتان. وقال الكميت: قبيح بمثلي نعتُ الفتاة ... م إمَّا ابتهاراً وإما ابتدارا والابتهارُ أن يقذفها بنفسه كاذباً ولم يفعل، فإن كان فعل فهو الابتيار. ويقال: الابتهار بالذنب أكبر من ركوبه". والأبْهَرانِ: عرْقان، وقيل: هما الأكحلان، وقيل: هما عرقان مكتنفا الصلب من الجانبين. قال النبي - صلى الله عليه وسلم-: (ما زالت أكلةُ خيبر تعاودني فهذا أوان قطعت أبهري" يعني: عرقي. قال الشاعر: وللفؤاد وجيبٌ تحت أبهره ... لدم الغلام وراء الغيب بالحجر اللدْمُ: ضربُ المرأة صدرها وعضديها في النياحة، والالتدامُ: فِعْلُها بنفسها. تقول: لدمت والتدمت. ويقال: الأبهرُ: عرقٌ مستبطنٌ [في] الصُّلْبِ، فإذا انقطع

فلا حياة بعده، وإذا عجز الشيء عن الشيء قيل: قد بهره، وبهرت الشمس النجوم أي غلبتها بضوئها. وقال ذو الرمة: .................... ... كما يبهرُ البدر النجوم السواريا وقال آخر: وقدبهرت فما تخفى على أحد ... إلا على أحد لا يعرف القمرا الباهر: الغالب ضوءاً، وبهراءُ: حيُّ من اليمن، وبهراً في معنى تباً قال: تفاقد قومي إذ يبيعون مهجتي ... بجارية بهراً لهم بعدها بهرا 1/ 430 أي تباً لهم. وقول ابن أبي ربيعة: ثم قالوا تحبها قلت بهراً ... عدد القطر والحصى والتراب أي حباً باهراً ظاهراً. وبهرة الشيء: وسطه، وابهارَّ الليلُ: إذا انتصف. بهل تقول: باهلتُ فلاناً إذا دعوتما الله على الظالم منكما، وبهلتُه: لعنته وابتهل إلى الله في الدعاء، أي اجتهد وجد. وامرأة بهيلةٌ لغةٌ في بهيرة، والبهيرةُ: الصغيرة الخِلْقَة الذليلة، ويُقال هي الضعيفة عن المشي. والأبْهَلُ: حَمْلُ شجرٍ يُقالُ له

بالفارسية أيرس، ويسمى بالعربية عَرْعَراً، وليس الأبْهَلُ بعربيةٍ محضة. والباهلُ: المتردد بلا عمل، والراعي بلا عصا، وأبهل الراعي إبله إذا تركها، وباهلة: حي من العرب. وقال بعض: البُهْلُ: الإبلُ التي لا رعاة لها، وكذلك امرأة باهلةٌ إذا كانت لا زوج لها. قال الكميت: لا ينبح الكلب تحت أيطلي طارقها ... ولا يقال لها مجهومة بهل وبُهْلول أي حي كريم، والجمعُ بهاليل. [البَهَقُ] البهَقُ: بياضٌ كدرٌ، وكلُّ بياض كدرٍ يُقال له بهق. وأنشد لرؤبة: بل بلدٍ يُكسى الشعاع الأبهقا ... من السراب والقتام الأعيقا والشعاعُ: المنتشرُ من السراب، والأعبق: الملتزق. وقال الخليل: البهق: بياضٌ دون البرص يعلو البشرة. وقال: البقاقُ: أسقاطُ متاع البيت، "وبلغنا أن عالماً من علماء بني إسرائيل وضع للناس سبعين كتاباً من الأحكام وصنوف العلم فأوحى اللهُ إلى نبيٍّ من

أنبيائهم أن قُلْ لفلان إنك ملأت الأرض بقاقاً فإن الله لم يقبل من بقاقك شيئاً". والبقاقة والبقبقة حكاية صوتٍ كما يتبقبقُ الكوز في الماء، يقال للكثير الكلام بقباق. [البَقْوَى] والبقوى لغةٌ في البقيا لأهل المدينة قال: وما صد عني خالد من بقية ... ولكن أتت دوني الأسود الهواصر يريد بالبقية هنا البقيا عليه. والعربُ تقول: نشدتك الله والبُقيا معناه 1/ 431 نشدتك الله أن تُبْقي علينا. والبائقة: الأمرُ الشديد. يُقالُ: باقتهم بائقة وهي تبوقهم بوقاً، والبوقُ مصدرُ البائقة، وبوائق الدهر: شدائده، ويقال للإنسان إذا كان لا يكتُم سراً إنما هو بوقٌ، والموبقة والموبقات: الدواهي. [البليغُ] والبليغُ الذي يبلغُ بعبارة لسانه كُنْهَ ما في قلبه، وقد بلُغَ يبْلُغُ فهو بليغٌ إذا استحكم. قال الله- عز وجل-: {وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً}. ويقال: أحمقُ بلغٌ - بفتح الباء- إذا كان يبلغُ في حاجته، وقيل: الأحمقُ البلغُ

الذي بلغ في الحماقة. قال ابن الأعرابي يقال: خطيب بِلْغٌ - بكسر الباء - إذا كان ذا بلاغة في منطقه، وأحمق بلغٌ إذا كان يبلغُ في حاجته، وقال ابن الأعرابي: يقال: "أمر الله بَلْغٌ" بفتح الباء، أي بلغ ما أراد. ويقال إذا أصاب الناس جائحة "اللهم سمع لا بَلْغٌ" أي لا يبلغنا ما سمعنا به. الفراء يقول: اللهم سمعٌ لا بِلْغٌ وسمعٌ لا بَلْغٌ وسمعاً لا بَلْغَاً، أي: أسمعُ بالدواهي ولا تَبْلُغُني. قال الكسائي: إذا سمع الرجل الخبر لا يعجبه: قالوا: سمعٌ لا بِلْغٌ وسمعٌ لا بَلْغٌ وسمعاً لا بَلْغَاُ: وقال الخيل: البِلْغٌ: البليغُ من الرجال، وقد بَلُغَ بلاغةً، وبَلَغَ الشيءُ وهو يبْلُغُ بُلُوغاً. [بَشَّ] وبشَّ فلانٌ بفلانٍ أي: سُرَّ وفرح وانبسط إليه. قال: [ألم تعلما] أنا نبشُّ إذا دنت ... بأهلك منا نيةٌ وحمولُ كما بص بالأبصار أعمى أصابه ... من الله جُلّي نعمةٍ وفضولُ فمعناه: يبشُّ ويفْرَحُ، ويقالُ: قد تَبَشْبَش فلانٌ بفلانٍ إذا سُرَّ به وانبسط إليه. والأصلُ في تبشبش: تبشش فاستقلوا الجمع بين ثلاث شينات فأبدلوا من الثانية باءٌ

وهو مأخوذ من البشاشة وهي الانبساط والسرور. قال الشاعر: لقد أسمعُ القول الذي كاد كلما ... تذكر نيه النفسُ قلبي تصدع فأبدي لمن أبداه مني بشاشة ... كأني مسرورٌ بما منه أسمعُ وما ذاك عن عجبٍ به غير أنني ... أرى أن ترك الشر للشر أقطع [بثث] ويُقال: بثَثْتُ الرَّجُلَ إذا كشفْتُه، وكذلك بَثَثْتُ الشيء المُغطى، ومنه حديثُ ابن مسعود. أنه (ذكر بني إسرائيل وتغييرهم وتحريفهم وذكر عالماً كان فيهم وعرضوا عليه كتاباً اختلقوه 1/ 432 على الله- عز وجل-: فأخذَ ورقةً فيها كتابُ الله - عز وجل- فعلقها في عُنُقِه فلبس عليها ثياباً فلمَّا قالوا له: أتؤمنُ بهذا الكتاب؟ أومأ إلى صدره [وقال] آمنتُ بهذا الكتاب، فَلَمَّا مات بثبثوه فوجدوا الورقة فقالوا إنما عني هذا). والأصلُ في بثبثوا بثثوه فأبدلوا من الثانية باءً، وهو مأخوذٌ من بثثتُ الحديث إذا أفْشَيْتُه وأظهرته. ومثله في كلامهم كثير. قولهم: على بكرةِ أبيهم إذا جاؤوا كُلُّهم معاً، وجاؤوا بقضهم وقَضيضِهم معناه بكبيرهم وصغيرهم. والقضُّ في كلام العرب: الحصى الصِّغار

والقضضُ صغاره وما يُكْسَرُ منه. وقال أبو ذؤيب: أم ما لجنبك لا يلائم مضجعاً ... إلا أقض عليك ذا المضجع فمعناه إلا كان تحتك قضضاً، وهو الحصى الصغار. ويقال: جاء القوم قضُّهم بقضيضهم، أي كُلُّهم. قال: وجاءت سُليم قضها بقضيضها ... تُمسحُ حولي بالبقيع سبالها وقال الحصين بن الحمام المري: وجاءت جحاش قضها بقضيضها ... وجمعُ عوال ما أدق وألاما وقولهم: قد جاء بالضَّحِّ والريح. والضِّحُّ: ما برز للشمس، والريحُ ما أصابته الريح. وجاؤوا بأسرهم، أي بجمعهم وخلقهم، والأسْرُ في كلامهم الخَلْقُ، قال الله - عز وجل-: {وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ} أي خلقهم. قال الشاعر: شديدُ الأسر يحمل أريحياً ... أخا ثقة إذا الحدثان نابا

وقال عمران بن حطان: براك تراباً ثم صيرك نطفة ... فواك حتى صرت ملتئم الأسر معناه: حتى صرت ملتئم الخلق. قال الفراء: يثقال: أسرِ الرجل أحسن الأسر، أي خلق أحسن الخلق". وقولهم: "جاء بالشوك والحجر". معناه: التكثير لما جاء به، والمعنى: جاء بكل شيء. ومثله "جاء بالطَّمِّ والرُّمِّ" الطَّمُّ: الماء الكثير، والرمُّ. ما كان بالياً خلقاً مما يُتقَمَّمُ واحدته رمةٌ، وهو بكسر الطاء والراء، فإذا أفرد الطم ولم يذكر بعده الرم فتحت الطاء فقيل: جاء بالطم يا هذا" وقال الخليل: الطمُّ: ما جاء به الماء، والرمُّ ما يتحاتُّ من ورق الشجر، والطم: الكبسُ. وقولهم: أخذ الشيء برمته. فيه قولان: أحدهما أن الرُّمَّة قطعةٌ من حبل، فيكون معناها في هذا الموضع أن يُشد بها الأسير، ذلك أنهم 1/ 433 كانوا يشدون الأسير، فإذا قدموه ليُقْتَلَ قالوا: قد أخذناه برمته، أ] بالحبل المشدود به ثم استعمل في

غير هذا. والقول الآخر: أن يكون [المعنى] قد أخذت الشيء تاماً كاملاً لم ينقص منه شيء. والرُّمة: قطعةُ حبلٍ تُشد في رجل الجمل وعنقه فيقال: قد أخذت الجمل برمته، أي بالحبل المشدود [به] ثم استعمل في غير هذا. قال الكميت: يصل السهب بالسهوب إليهم ... وصل خرقاء رمة في رمام سُمي ذو الرمة ذا الرمة بقوله في صفة وتد: * أشعث باقي رُمة التقليد * ويقال: أخذتُ الشيء برمته وبزغبره وبزَ بَرِه وبزأً بِجِه وبجملته، حكاه أبو عبيد بتسكين اللام، وحكاه غيره بجملته - بفتح اللام-، وقد أخذ الشيء بظليفته، وبرُبَّانه، وحذافيره، وحذاميره، وجزاميره، وجراميزه وبصنايته وسنانيه، أخذه كله لم يدع منه شيئاً" وأخذتُه بحذافيره أي بأجمعه، وواحد الحذافير حذفار. وقال بعض أهل اللغة: الحِذْفار: الجانب والناحية من الشيء. وقال أبو عمرو: الحِذْفارُ: الرأس، وأنشد لذي اللحية الأزدي يصفُ روضة: خُضاخِضَةٌ بخضيع السيول ... م قد بلغ الماء حذفارها

أي بلغ رأسها". قولهم: أبو البدوات، أي الآراء التي تظهر له، وواحدُ البدوات بداة. يُقال: بداةٌ وبدوات كما يقال: قطاة وقطوات، وكانت العرب تمدح بهذه اللفظة. ويقولون للرجل الحازم، فلان ذو بدوات أي ذو آراء تظهرُ فيختار بعضها ويسقط بعضها، أنشد الفراء: من أمر ذي بدوات ما تزال له ... بزلاء يعيا بها الجثامة اللبدُ ويقال: بدأ فلانُ فلاناً بالشر وبدا بهمز وغير همز. قال الشاعر: إني من القوم الذين إذا ابتدا ... بدؤوا بحق الله ثم النائل وقولهم: ما عدا مما بدا. معنى بدا: ظهر. وقولهم: برح الخفاءُ، أي المكتوم في براح من الأرض. والبَرَاحُ: ما ظهر، ومن ذلك قالوا قد أجْهَدَ إذا صار في جهادٍ منالأرض. والجهادُ: ما غَلُظَ وارتفع. قال: أبي الشهداء عندك من معد ... فليس لما تدب به خفاء

أراد هو ظاهر. ويقالُ: برح الحفاءُ: زال الحفاءُ، أي ظهر الأمر. فمعنى برح في هذا القول زال من قولهم: ما برح 1/ 434 فلان، أي ما زال من الموضع. ويقال أيضاً: ما برحتُ أفْعَلُ كذا بمعنى ما زلتُ أفعله. قال الله- عز وجل-: {لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ} معناه لا أزالُ. وقال الشاعر: إذا أنت لم تبرح تؤدي أمانةً ... وتحمل أخرى أفرحتك الودائع معناه: أثقلتك الودائع. وقال الآخر: فما برحوا حتى رأى الله سعيهم ... وحتى أشرت بالأكف المصاحف أي ما زالوا. وأشرت: رفعت. والبرحُ والتبرح: الإلحاح. قال ذو الرمة: متى تظعني يا مي عن دار جيرة ... لنا والهوى برحٌ على من يطالبه وتقول: هذا الأمر أبرحُ عليَّ من ذاك أي أشق. وقال ذو الرمة: أنينا وشكوى بالنهار كثيرة ... عليَّ وما يأتي به الليل أبرح أي أشق. وقال آخر: وأبرحُ ما يكون الشوق يوماً ... إذا دنت الديار من الديار أي أشق. والبراحُ: البيان، من قولك: جاءنا بالكفر براحاً. وبراح من أسماء

الشمس على مثال حذام وقطام. قال: هذا مقام قدمي رباح ... للشمس حتى دلكت براح بفح الباء، وأخذه من البروح، وهو زوال الشمس. ومنهم من يرويه "حتى دلكت براح" بكسر الباء والحاء إذا كادت تغيب وهو ينظر إليها براحته، ومنهم من [يرويه] براح، وهذا يحقق أنه اسمها. وقولهم: قد بَلَّح فلانٌ في يدي، معناه قد انقطع فلم يبْقَ عنده جواب، وقد بلَّحَ الغريمُ في يدي. معناه لم يبق عنده شيء يقضيني، وهو مأخوذٌ من قولهم: قد بَلَّحَتِ الرَّكيّة، إذا ذهب ماؤها، وقد بلح الفرسُ والبعيرُ إذا انقطع جريه وسقط إعياء وكلالاً. قال متمم: ونجاك منا بعد ما ملت جانباً ... [ورمت] حذار الموت كل مرام مُلح إذا بلحن في الوعث لاحق ... سنابك رجليه بعقد حزام وقال الأعشى: وإذا حمل ثقلاً بعضهم ... فاشتكى الأوصال منه وبلحْ

وبلح - مُشدد - يقال بمعنى بلدَ. وبلْدَحَ الرَّجُلُ: إذا بَلَّدَ وأعْيَا. والبَلَحُ: الخلالُ ما دام أخضر صغاراً. 1/ 435 وقولهم: فلانٌ باقعة، معناه: حَذِرٌ مُحتالٌ حاذقٌ. والباقعة عند العرب: الطائر الحذر الذي يشرب الماء من البقاع. والبقاعُ: مواضع يستنقع فيها الماء ولا يرد المشارع والمياه المحضورة خوفاً من أن يُحتال عليه فيُصطاد، ثم شبه كل حذر محتالٍ به. وقولهم: بشرتُ فلاناً بكذا، أي سررته، والبشارة تكون بالخير والشر والعامة تخطيء في هذا فيذهبون إلى أنه لا يكون إلا في السرور والفرح، والعربُ تقوله في الخير والشر. قال الله: {فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} ويُقالُ: قد بشرتُ الرجل أبشره بشراً، إذا سررته وأفرحته. قال عبد الله بن مسعود: (من أحب القرآن فليبشر) معناه: فليسر وليفرح. وأنشد الفراء: بشرتُ عيالي إذا رأيتُ صحيفة ... أتتك من الحجاج يُتلى كتابها معناه: سررتُ عيالي وفرحتهم. ويقال: أبشرتُ الرجل أبشره إبشاراً إذا أخبرته بالشيء. قرأ حميد {إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ}، ويثقال: قد استبشر الرجلُ بالأمر وأُبْشِرَ به، وبشر به يبشُرُ بمعنى. وقال عبدُ قيس بن خفاف البُرْجُمي:

وإذا رأيت الباهشين إلى الندى ... غُبْراً أكفهم بقاع ممحل فأعنهنم وابشر بما بشروا به ... وإذا هم نزلوا بضنك فأنزل معناه: واستبشر بما استبشروا به، والبِشْر: الفرحُ والسرور. وقريء {وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ} يريدُ: سروراً وفرحاً. ورجل بَرَمٍ ولا برم وهو الذي لا يدخل مع القوم في الميسر فإذا 1/ 436 قمروا وذُبحت الجزور جاء فأكل من لحمها. قال متمم بن نويرة: ولا برماً تُهدى النساء لعرسه ... إذا القشع من حس الشتاء تقعقعا القشْعُ بيتُ من أدمٍ، والجميع القُشُوعُ، وربما اتخذ من جلود الإبل صواناً للمتاع، ويقال إذا ضربته الريح والبردُ: تقيض، فإذا حرك تقعقعت أثناؤها أي نواحيها، وبه سُمي المبرم. والمبرمُ: المُضْجِرُ، والبَرَمُ: المصدرُ، والبَرَمُ: الضجَرُ. قال نُصيبٌ: وما زال بي ما يحدث الدهر بيننا ... من الهجر حتى كدت بالعيش أبرمُ معناه: أضجر. والبرمُ: ثمرُ الأراك وهو شيء لا طعم له من حلاوة ولا حموضة ولا معنى له. والبرمُ بَرَمُ العِضَاهِ، وهي هنةٌ مدحرجة في كل العضاه، وهي صفراء إلا في العُرْفُط فإنَّ برمته بيضاء، وبرمةُ السلم وهي أطيب البرم ريحاً وهي

ثمرته. [البُرْقُع] والبُرْقُع: معروف و [جمعه] براقع تلبسه الداوب ونساء الأعراب، وفيه خرقان للعينين. قال توبة بن الحمير: وكنت إذا ما جئت ليلى تبرقعت ... فقد رابني منها الغداة سفورها ويقال: بُرْقَع وبُرْقَع وبُرْقُوع، وقال: وخد كبرقوع الفتاة ملمع ... وروقين لما يعد أن يتقشرا والبِرْقع: اسم السماء السابعة. [البَخْسُ] والبخسُ فقءُ العين بالإصبع وغيرها. والبخسُ من الظُّلْم [أن] تبخس أخاك حقه فتنقصه كما يبخس الكيال مكياله فينقصه. قال الله - عز وجل-: {وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ} ناقص دون ثمنه. والأباخس الأصابع، والواحدُ أبخس. [بَنائق] وبنائقُ القميص دخاريصُه، واحدتها بنيقة، وواحدةُ الدَّخاريص دخْرِصَة،

وسميت الدخاريص بنائق لجمعها وتحسينها، من قولهم: قد بنق الشيء إذا حسنه، وقد بنق كتابه إذا جوده وحسنه. وقال طرفة: تلاقي وأحياناً تبين كأنها ... بنائق غر في قميص مقدد الغُرُّ: بيضٌ. شبه آثار النسع في جلد الناقة ببياض بنائق القميص. 1/ 437 ومُقدَّد مقطع، وقيل: مخرق. وقالت ليلى الأخيلية في زوجها: ومقدد عنه القميص تخاله ... وسط البيوت من الحياء سقيما حتى إذا رُفع اللواء رأيته ... وسط الخميس على الخميس زعيما الخميسُ: الجيش الكثير، والزعيم الذي يسودُ قومه. [البَذْلُ] والبَذْلُ: نقيضُ المَنْع، وكل من طابت نفسه بشيء فهو باذلٌ، والبذلةُ من الثياب ما تُلْبَسُ ولا تُصان والمبتذل من الرجال الذي يلي الأعمال بنفسه. والمباذِلُ من الثياب: الخُلْقان التي تُبْتَذَلُ، والواحد مبذلة. [بَهِيٌّ] ورجلٌ بهي ذو بهاء، والبهاءُ ما ملأ العين روعه وحسنه. والفِعْلُ بهي يبهَى وبهو يبهو بهاءً، وبهأتُ بالشيء: أنستُ به فأنا أبهو به بهوءاً مهموز. والبهو: المُقَدِّمُ أمام البيوت والجمعُ الأبهاء، والبهوُ: كناسٌ واسعٌ يتخذه الثورُ. وقال رؤبة:

أجوف بهى بهوه فاستوسعا ... منه كناس تحت عين أينعا وبهي بهوه جعله ذا بهو، أي عمل فيه ما يشبه الصفة الواسعة. وفي الحديث (أبهوا الخيل فقد وضعت الحرب أوزارها) وهذا عند الفتح قاله النبي صلى الله عليه وسلم. وأبهيتُ الإناء أفرغته. والبيت الخالي باه. وفي المثل "المعزي تُبْهي ولا تُبْني" وذلك أن بيوت الأعراب، وهي أخبيتهم تكون من الوبر أو من الصوف ولا تكون من الشعر، وربما صعدت المِعْزَى الخباء فخرقته، فذلك قوله تُبْهي. يُقال: أبهيتُ البيت أبهيه، إذا خرقته وهو بيتٌ مُبْهَي. فإذا أردت أنه انخرق هو قلت بيت باه. والبوهةُ من الرجال: الضعيف الطائش. قال امؤر القيس: أيا هندُ لا تنكحي بوهةً ... عليه عقيقته أحسبا وعقيقته: شعره الذي يولد به، وهو ذمُّ. والأحسب: الذي ابيضت جلدته من داء ففسدت شعرته فصار أحمر وأبيض، وكذلك من الناس والإبل، وهو الأبرص. والبوهةُ: ما طارت به الريح من التراب. تقول أوهن من صوفةٍ في بوهةٍ. والباه: الحظ في النكاح. وقال: تطلبين الجاه إذ 1/ 438 فاتَهُنَّ الباه

وقيل: [إنّ] امرأة مات عنها زوجها فمر بها أخو الزوج وقد تزينت فقال: للباه تزينت. وقولهم: بكى فلانٌ فلاناً بأربعة، معناه بأربعة أمواق، في كل عينٍ ما قان فحذفت الأمواق لبيان معناها عندهم. [البَهْمَةُ] والبهمةُ: اسمٌ للذكر والنثى من أولاد بقر الوحش، ومن كل شيء من ضرب الغنم. والبهائم جمع بهيمة من أولاد المعزي [والبهام جمع بهمة] قال الكميت: جز ذي الصوف وانتقاء لذي المُخة م ... وانعق ودعدعا بالبهام وقال المجنون: تعلقتُ ليلى وهي ذات موصدٍ ... ولم يبد للأتراب من ثديها حجم صغيرين نرعى البهم يا ليت أننا ... إلى اليوم لم نكبر ولم تكبر البهمُ المُوَصَّدُ: ألْبِسَةُ الأعراب واحدتها: الأصدةُ والمؤصَّد ويسمى النقبة، والحجمُ:

الثدي إذا نهد. قال الأعشى: قد حجم الثديُ على نحرها ... في مشرق ذي بهجة ناضر والحجمُ: نتوءُ الشيء، يقال: مشت الحُبْلَى فوجدت حجم الصبي في بطنها. وقال: والكعب أدرم ما يبين له ... حجم وليس لرائشه حد الدَّرَمُ: استواءُ الكعبين إذا لم تتبين فهو أدرم. ونصب صغيرين على الحال منه ومنها. ومثله: رأيتك شابين معناه في شبابي وشبابك، ولقيتك راكبين، يريد: لقيتك في حال ركوبنا جميعاً فنصب على الحال من التاء والكاف. قال الشاعر: فلئن لقيتك خاليين لتعلما ... أني وأنك فارس الأحراف فنصب خاليين على الحال من التاء والكاف. وأبهم الأمرُ، أي اشتبه فلا يُعرفُ وجهه، واستبهم الأمرُ استبهاماً. وتقول أبْهَمْتُ أبْهِمُ إبهاماً فهو مُبْهَمٌ والفاعل مُبْهِمٌ، وبابٌ مُبْهَمٌ إذا أغلق فلا يُهْتدى لفتحه وقال: وكم من شجاع مارس الحرب مرة ... فغاص عليه الموت والباب مبهمُ والبهيمُ من الألوان: ما كان 1/ 439 لوناً واحداً لا شية فيه، وليلٌ بهيمٌ لا ضوء فيه إلى الصباح. وكل ذات أربع من دواب البر والبحر يُسمى بهيمة. وفي الحديث (يُحْشَرُ الناسُ يوم القيامة بُهْمَا)، أي ليس بهم شيء مما كان بهم في الدنيا نحو البرص والعرج، يقال: بل عُراة ليس معهم من متابع الدنيا شيء. والبُهْمَةُ: الأبطال. وقال متمم:

وللشرب فابكي مالكاً ولبهمة ... شديد نواحيها على من تشجعا ويقال: البُهْمَةُ: الكتيبة. والبغيُ: الظُّلْمُ، والباغي: الظالم. قال: خُفافُ بن عمير، وأمُّه يُنسب إليها. ولما أن بغوا وطغوا علينا ... ميناهم بثالثة الأثافي قال أبو عبيد: ثالثة الأثافي: القطعةُ من الحبل تُجْعَلُ وإلى جنْبِها الائنتان، وتكون القطعة متصلة بالحبل. وهو من أمثالهم إذا رمى الرجلُ صاحبه بالمعضل "رماه بثالثة الأثافي" والبغي في عدو الفرس اختيال ومرحٌ وإنه ليبغي في عدوه، ولا يقال: فرس باغ. وامرأةُ بغي بغياً بغية تبغي بغاء. والبغيةُ نقيضُ الرشدة في الولد، تقول هو ابن بغية. قال: لدى رشدة من أمه أو بغيةٍ ... فيغلبها فحلٌ على النسل منجب والبغيةُ مصدر الابتغاء، تقول: فلانُ بغيتي أي طلبتي، وعند فلان بغيتي. وبغيتُ الشيء أبغيه بُغاءً، وابتغيته كذلك، وهما الطلبُ. وتقول: ابغني حبيباً، وتقول: لا ينبغي لك، وما ينبغي لك أن تفعله، أي ما كان لك أن تفعله. والبغايا الجواري. قال ابن حلزة: .................... ... وبالبغايا البيض واللعس

والبغايا جمع بغي. قال: أبلغ أبا بكر إذا ما جئنه ... أن البغايا رُمن أي مرام أظهرن من موت النبي شماتة ... وخضبن أيديهن بالعلام واقطع - هديت- أكفهن بصارم ... كالبرق أو مض في فتوق غمام العُلاَّم: الحِنَّاء. والبيغُ: ثُؤورُ الدم وفورته حين يظهر في العروق. يقال: تَبَيَّغَ به الدَّمُ، ويقال: إنك لعالمٌ ولا تباغُ برفع ونصب ولا تُبَاغا ولا تُبَاغوا، 1/ 440 وفي لغة تُبَاغَوا وفي الاثنين: تُبَاغَيَا. وقيل معناه: لا يباغيك أحد. وقال قومٌ: لا تُصبك عينُ على الدعاء فتجزم. تقولُ: لا تَبَغْ. وتفسيره من البَيْغ. تقولُ: لا تَبَيَّغَت بك العينُ. وفي الحديث: (عليكم بالحجامة لا يتبيغ بأحدكم الدم فيقتله). والتبيغ. التَّهَيُّجُ. وقال قومٌ: أصلُه من البغي. وقال تَبَيَّغ، يريد تبغّى فقدم الياء وأخر الغين وهو [مثل] جَبَذَ وجَذَبَ وما أطيبه وأيْطَبَه. والبَوْغاءُ الترابُ الهابي في السماء. وطاشةُ الناس وحمقاهم هم البوغاء. وقال بعض: البوغاءُ: الترابُ الواقفُ مثل غبار. الدقيق في الموضع [الذي] يُكالُ فيه. وغبارُ المراغة وغُبَارُ المسك أيضاً إذا ارتفع يُقال له البوغاء. قال الكميت:

فقد تحولت عن بوغاء مدرجة ... إلى روابي طوراً بعد أطوار وقولهم: هذا من بابني. البابةُ عند العرب: الوجهُ، والباباتُ: الوجوه. قال: بني عامر ما تأمرون بشاعر ... تخير بابات الكتاب هجائيا معناه: تَخَبَّرَ هجائي من وجوه الكتاب، فإذا قال الناس: الشيء من بابتي فمعناه: من الوجه الذي أريده ويصلح لي. وبغذاذ أصلُ اسمه للأعاجم، والعربُ تختلف فيه إذ لم يكن أصله من كلامها، ولا اشتقاقه من لغتها. وبعض الأعاجم يزعم: أن تفسيره بالعربية بُسْتَان رجل، فَبَغ: بستان، وذاذ: رجُلٌ. وبعضهم يقول: بَغْ: صنمٌ كان لبعض الفرس يعبده، وذاذ: رجلٍ ولذلك كره بعض الفقهاء أن يُسمى هذه المدينة بغذاذ لعلة اسم الصنم، وسميت مدينة السلام لمقاربتها دجلة، وكانت دجلة تُسمى قصر السلام. فمن العرب من يقول: بغدان - بالباء والنون- وبعضهم يقول: بغداد - بالباء والدالين-، وهاتان اللغتان هما السائرتان في العرب المشهورتان. قال:

قل للشمال التي هبت مزعزعة ... تذري مع الليل شفانا بصراد أقري السلام على نجدٍ وساكنه ... وحاضر باللوى إن كان أوبادي سلام مغترب 1/ 441 بغدان منزله ... إن أنجد الناس لم يهمم بإنجاد وقال آخر: ألا يا غراب البين مالك واقفاً ... ببغدان لا تحلو وأنت صحيح فقال غراب البين وانهل دمعه ... نقضي لبانات لنا ونروح ألا إنما بغدان دار إقامة ... أراحك من دار العذاب مريح اللحْيَاني: يقال: بغدانُ، ومغدانُ للمجانسة التي بين الباء والميم، كما يقال: ما اسمك؟ وباسمك؟ وعذاب لازمٌ ولازبٌ في حروف كثيرة. وبعضهم يقول: بغداذ وهي أشذ اللغات وأقلُّها. قال أعرابي يمدحُ الكسائي: ومالي صديق ناصح أغتدي له ... ببغداذ إلا أنت برِّ موافق

وقال آخر: بغداذُ سقياً لك من بلاد ... يا دار دار الأنس والإسعاد بدلت منك وحشة البوادي ... وقطع وادٍ وورود وادي وقال آخر: يا طول شوقي إلى بغداذ من بلد ... فيه الي لج في هجري وإبعادي وقرب بغداذ من قلبي وإن بعدت ... بغداذ مني لم أضح ببغداد وبغداد في جميع اللغات مذكر ومؤنث. يقال: هذه بغداد وهذه بغدان [وهذا بغداد وهذا بغدانُ]. [البادية] والباديةُ سُميت باديةً لبروزها وظهورها، وهي من بدا إليَّ كذا وكذا يبدو إذا ظهر لي. ويقالُ: قد بدا لي بداءٌ، إذا ظهر لي رأيٌ آخر. وأنشد الفراء:

لو على العهد لم تخنه لدمنا ... ثم لم يبد لي سواك بداء ويقال للبادية مفازة. قال الأصمعي: إنما سميت مفازة وهي مهلكة تفاؤلاً لصاحبها بالفوز. بخ [البَخَقُ] البخَقُ أقبحُ ما يكون من العور وأكثره غمصاً. وقال يصف الرامي كسر من عينيه تقويم الفوق ... وما بعينيه عواوير البخق يعني بالفوق اعوجاج السهم. [البَخَصُ] والبَخَصُ: ما ولى الأرض من تحت أصابع الرجلين وتحت مناسم البعير والنعام، وربما أصاب الناقة [داء] في بخصها فهي مبخوصةٌ تظْلَعُ من ذلك، وبخَصُ اليد لحمُ أصول الأصابع مما يلي 1/ 442 الراحة. والبخصُ في العين لحمٌ عند الجفن الأسفل وعند الجفن الأعلى. والبخصُ: لحمُ الذراع أيضاً. وبخصت عينه إذا بخصتَ باصبعك فيها.

البَزْخُ" الجرفُ بلغة أهل عُمان. والبَزَخُ: تقاعُسُ الظهر عن البطن. وربما مشى الإنسان متبازخاً كمشية العجوز إذا تكلفت إقامة صلبها فتقاعس كاهلها وانحنى ثبجها. ومن العرب من يقول: تبازخْتُ عن هذا الأمر، أي تقاعست عنه. [بَيْدَخ] ويَبْدَخُ اسم امرأة. قال: هل تعرفُ الدار لآل بيدخا ... جرت عليه الريح ذيلاً أنيخا أي كثير التراب. وامرأة بيدخة تارة لغة حميرية. واسم المرأة التي فتنت الملكين هاروت وماروت بيدخت. [البِطِّيخ] البطيخُ: معروف، والبطيخةُ مجتناه ومنبتته. [البَخْتُ] والبَخْتُ: معروفٌ، فارسية، ورجلٌ مبخوتُ إذا كان ذا لعب. [البَذَخ] والبذَخُ: تطاول الرجل بكلامه وافتخاره. بذَخ يَبْذُخُ بذَخاً وبُذوخاً. وفي

الكلام هو باذخٌ، وفي الشعر بَذَّاخ يجوز وقال: * أشمُّ بذَّاخٌ نمتني البُذَّخُ * والباذِخُ: الجبلُ الطويلُ، ولجمعُ: البواذخُ والباذِخات. والفِعْلُ بذخْتُ بذوخاً. [البَرْخ] والبرْخُ: ضربٌ بقطعُ بعض اللحم بالسيف. والبرْخُ بلغة أهل عمان: الرخيص، ويقال: البَرْخُ: الجرف. ويقال: كيف أسعارهم؟ فيقال: بَرْخ، أي رخيص. وقال الراجز: ولو أقول برخوا لبرخوا ... لمار سر جيس وقد تدخدخوا برخوا يعني: اتركوا أخذها بالنبطية. [البَخَرُ] البَخَرُ: تَغَيُّرُ ريح الفم من نتن غالب. رجلٌ أبخرُ وامرأة بَخْراء وقد بخر بخراً. والبخرُ مجزوم: فعلُ البخار. يقال: بخرت القدر وهي تَبْخَر بُخاراً وبخراً، وكل شيء يسطع من ماء حار فهو بُخار، وكذلك من الندى. وبخورٌ: دخنة يُتَبَخَّرُ بها. وبناتُ بخْرِ ومَخْرِ: سحاباتٌ بيض واحدتها بنتُ بخرٍ ومَخْر. وقال طرفة:

كبنات المخر [يمأدْنَ] إذا 1/ 443 .... أنبت الصيف عساليج الخضر اشتق من بُخار البَخْرِ، لأن هذه السحائب إنما تعلو في البحر لا تكون في البر. وأظنه يقال: بناتُ بحرٍ أيضاً. [البَلَخُ] والبَلَخُ مصدرُ الأبْلَخ، وهو العظيمُ في نفسه الجريء على ما أتى من الفجور، والمرأة بَلْخاء. وقال: سما للفوج الجار أبلخُ فاجر ... أخو بكرات كان للغي جانبا وهو الذي دخله الزهو من مكرُمة. وبَلْخ مدينة من كورة خراسان. [البَخَلُ] والبَخَلُ: معروف، والبُخْلُ أيضاً، وقريء {وَيَامُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ} وبالبخل، وقد بَخِلَ بَخَلاً وبُخْلاً، ورجلٌ بخيلٌ مُبَخَّلٌ يوصفُ بالبُخْلِ. والبَخْلَةُ بُخْلٌ مرة واحدة. وقال عدي بن زيد: وللبخلة الأولى وإن كان باخلاً ... أعف ومن يبخل يُلم ويُزهد

بغ تقول: أصابتهم بغشةً من المطر، أي قليل منه. والبُغْضُ: نقيضُ الحبِّ، والبِغْضَةُ والبَغْضَاءُ: شِدَّةُ البُغْضِ، ورجلٌ بغيضٌ قد بَغُضَ بَغَاضَةً، وقد بَغُضَ إلينا بِغْضَة وبَغَاضَةً، وتقول: نَعِمَ الله بك عيناً وأبغضً بعدوك عيناً، وهو محبوبٌ غير مبغوض. والبَغْزُ: ضربٌ بالرجل أو بالعصا. وقال: واستحمل السير مني عرمساً أجدا ... تخال باغزها بالليل مجنونا البَغْتُ والبَغْتَةُ: الفَجْأةُ، وباغَتَهُ: فاجأه، ويباغِتُه يفاجئه. وقال: ولكنهم ماتوا ولم أدر بغتة ... وأفظعُ شيء حين يفجؤك البغتُ وتقولُ: بَغَرَ النَّوُّ إذا ما هاج بالمطر. قال العجاج: * بغرَةَ نجمٍ هاج ليلاً فبَغَر * وبَعِيرٌ بَغِرٌ: بَعِيرٌ قد بَغَرَ فلا يَرْوَى وقال: سرنا بقيقاة وأنت بغيرُ ... ................. والقِبقاةُ والقِيقَاءُ وهي قشرُ الطلعة يُجعلُ منها مشربة كالثلاثة. والثلاثة: مشربة أيضاً يُتخذُ من الطلع، تقول: شرب فأكثر ولم يرو. وتقولُ: بخَعَ الرَّجُلُ نفسه إذا قتلها غيظاً من شدة الوجد. قال ذو الرمة:

ألا أيهذا الباخع الوجد نفسه ... بشيء نحته عن يديه المقادرُ ومنه قوله- عز وجل-: {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ}، وبخعت بالشيء بخوعاً إذا أقررت به على نفسك، وبخع لي فلانٌ بالطاعة أي أقر. 1/ 444 والبُقْعَةُ من الأرض: قطعةٌ على غير هيئة التي إلى جنبها. وبقاع وبُقَع، والبَقيع موضع في أروم شجر من ضروب شتى، وبه سُمي بقيع الغرقد بالمدينة. والغرقَدُ: شجر كانت تنبت هناك فبقى الاسم لازماً للموضع وذهب الشجرُ. وتقول: بقعتهم باقعة من البواقع، أي داهية من الدواهي. والباقعة: الداهية من الرجال. وفي الحديث: (يوشك أن يعمل عليكم بقعان أهل الشام)، يريد به خدم أهل الشام، شبههم لبياضهم بالشيء الأبقع الذي فيه بياض. [بَرَع] وبرع الرجلُ يَبْرُعُ وهو يتبرعُ من قبل نفسه بالعطاء. وقالت الخنساءُ: جلدُ نبيلٌ [جميلٌ] بارعٌ ورعٌ ... مأوى الأرامل والأيتام والجار وتقول: وهبتُ لفلانٍ شيئاً تبرعاً.

[بَلَع] وبلع الرجل يبلع بلعاً أي يشرب، ويبتلع الطعام ابتلاعاً إذا لم يمضغه. والبالوعة: البلوعة. بئر تحفر يضيق رأسها يجري فيها ماء المطر. وبالوعة لغة أهل البصرة. والمبْلَعُ: موضعُ الابتلاع من الحلق، وبلعَ فيه الشيب تبليعاً: [يداً وظهر]، وبُلَع من النجوم يقال: سعدُ بُلَعَ يجعلونه معرفة. [بَصَق] بصق لغة في بَسَقَ وبَزَق. [بَزَغَ] وبزغت الشمس بُزوغاً: إذا بدا منها طلوع، ونجوم بوازع، والبزْغُ والتبزيغُ: تشريطُ شعرٍ الدابة بمبزغ من حديد. [البَقْلُ] البَقْلُ من النبات ما ليس بشجرٍ دقٍّ ولا جل، وفرقُ ما بين البقل ودِقِّ الشجر أن البقل إذا رُعِيَ لم يبق للبَقْلِ ساق، والشجرُ إذا رُعي بقي له ساق وإ دقت. وابتقل القوم إذا رعوا البقل، والإبلُ تبتقلُ إذا أكلت البَقْلَ، وأبْقَلَتِ الأرْضُ: إذا أنبتت وهي مُبْقِلَةٌ. والمُبْقِلَةُ: ذاتُ البَقْلِ. ويقالُ للمر أول ما يخرج وجهه: قد بقل وجهه. وباقِلٌ: رجلٌ كان يُعرف بالعيِّ فيقال: "أعيا من باقل" ويُقال: بَلَغ من عِيِّه أنَّه

اشترى ظبياً، فسُئل بكم اشتريت الظَّبْيَ؟ فأخرج أصابع يديه ولسانه، أي بأحد عشر درهماً 1/ 445 فأفلت الظبي وذهب. وهو القائل في ذلك: يلومون في حمقه باقلا ... كأن الحماقة لم تخلق خروج اللسان وفتح البنا ... ن أخف علينا من المنطق [البَكُّ] البَكُّ دقُّ العُنُقِ. ويقال: سميت مكة بكة لأنها كانت تَبُكُّ أعناق الجبابرة إذا ألحدوا فيها بظُلْمٍ لم يناظروا. وفيها أقوالٌ غير هذا. [البَتْكُ] والبَتْكُ أن تَقْبِضَ على شعرٍ أو ريش ونحو ذلك فتجذبه إليك فيُبْتَكُ من أصله، أي فَيَنْبَتِكُ من أصله، أي فينقطع وينتف. فكل طائفة من ذلك في يدك فاسمها بتكة. قال زهير: حتى إذا ما هوت كف الغلام لها ... طارت وفي كفها من ريشها بتكُ أي قطع. والبَتْكُ: قطعُ الأذن من أصلها. وفي القرآن: {فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ}. والباتِكُ: السيفُ القاطع.

[البَرَكَةُ] والبركةُ من الزيادة والنماء، وكانوا يسمون الشاة الحلوب بركة وبركتين وبركات. وفي الحديث: (من كانت عنده [شاة كانت] بركة، ومن كانت عنده شاتان كانتا بركتين). والبرُكُ: الإبِلُ، والبُروك اسم لجماعتها. والبركةُ: حلبة من حلبِ الغداة، وابترك الرجل في آخر ينتقصه ويشتمه مقبلاً عليه. ويقال في بعض اللغات فلان جميل بكيل متنوق في لبسه ومشيه وهو يتبكلُ أي يختال. والبكيئةُ: الناقة والشاة القليلة اللبن، بكؤت تبكؤُ بكاءةً ممدودة. وباكيتُ فلاناً فبكيته أي أبكي منه. [البِدْعُ] والبِدْعُ: اسم الشيء لم يكن، والله تبارك وتعالى هو بديع السموات والأرض، لأنه ابتدعهما وما بينهما ولم يكونا شيئاً. ويُقرأ: {بَدِيعُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ} بالنصب على وجه التعجب لما قال المشركون أي بدعاً بديعاً ما اخترقتم أي عجيباً على التعجب، والله أعلمُ أهو كذلك أم لا. فأما قراءة العامة فالرفع. ونقول: هو اسم من أسماء الله، هو البديع لا أحد قبله، والبدعُ: الشيء يكون أولاً في كل أمرٍ كقوله-تعالى-: {قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعاً مِنْ الرُّسُلِ}، أي لستُ بأول

مرسل. وقال: ولستُ ببدع من النائبات ... ونقض الخطوب وإمرارها ويُروى: وإبرامها، أي 1/ 446 لستُ ببدع في ذلك، بل سُبِقْتُ إليه. وقال: لا تلوموا فلستُ في الحب بدعاً ... لم ألاق الهوى من الناس وحدي وقال عدي بن زيد: فلا أنا بدعٌ من حوادث تعتري ... رجالاً عرتهم بعد بؤسي بأسعد وزَعَم قُطْرب أنَّ العرب تقولُ: بدعتُ الشيء أبْدَعُه فأنا بادعٌ وبديع مثل ناصر ونصير. والبدعةُ: اسمُ ما ابتُدعَ من الدين وغيره، وجئت بأمرٍ بديع [أي] عجيب. وأبدعَالبعيرُ فهو مبدعٌ، وهو داءٌ يصيبه، وقيل: أُبدع بالرجل إذا قام بغيره. الأمثالُ مما أوَّلُه باء "بيتي يبخلُ لا أنا". تقول: ليس البُخْلُ من أخلاقي، ولكن ليس لي ما أجودُ به. قال: الله يعلمُ والأيامُ شاهدة ... أنا كرام ولكنا مفاليس به لا بِظَبْي يُقال ذلك عند الشماتة، أي جعل الله ما أصابه لازماً له. ومنه قول الفرزدق:

أقول له لما أتاني نعيه ... به لا بظبي بالصريمة أعفرا ويقال إن الظبي أبداً صحيحٌ لا داء به. "بما لا أخشى بالذئب" "بأذن السماع سُميت" "بَقِّ نعليك وابْذُل قدميك" "بيْنَ المْمِخَّةِ والعَجْفَاء" ومثله:"بين الأمرين" "بصْبَصْنَ إذ حُدين بالأذناب" "جاء فلانٌ بالرقم" و"بالسِّلْتِم" و"بالعَنْقَفير" و"بالدَّرْدَبيس" و"بأمِّ الرُّبَيْق على أُرَيق". "وبإحدى بنات طبقٍ" و"بمطفئةِ الرَّضْف" و"لقيتُ منْه البُرَ حِين" و"بناتِ بَرْح". وعن عائشة أنَّها قالت لعلي: "قد بَلَغْتَ منَّا البُلَغِين" و"جاء بالطُّلاطِلَة" و"بأمِّ حَبَوْ كَرَى" و"بالضَّئبِل" و"بالأرَبى" و"بالإرْب" و"بالفِلْق"

و"بالذَّرَبَيًّا" و"بالفَليقة" و"بالأزْيَب" و"بالخنْفَقيق" و"بالدَّهاريس" و"بالنئطل" و"بالنئادي". وكل هذا أسماء للدواهي العظام. "بينهُم عِطْرُ منشم" يُراد به الشر العظيم. ومختلفٌ في منشم، قال الخليل: هي امرأة من حمير أو من همدان، عطارة وكانوا إذا تطيبوا بطيبها ند الحرب اشتدت بينهم فصارت 1/ 447 مثلاً في الشر. وقال الأصمعي: زعموا أنها امرأةٌ عطارةٌ فتحالف قومٌ فأدخلوا أيديهم في عطرها على أن يقاتلوا حتى يموتوا. وقال أبو عمرو بن العلاء: مَنْشِمَ إنما هو من التنشيم في الشرِّ، ومنه قولهم: "ما نَشَّمَ الناسُ في عثمان". وقال أبو عبيدة: مَنْشِم: اسمٌ وُضع لشدة الحرب وليس ثمَّ امرأة، كقولهم: "جاؤوا على بَكْرَةِ أبيهم" وليس ثمَّ بكرة.

وقال أبو عمرو الشيباني: مَنْشَمِ امرأة من خُزاعة كانت تبيع عطراً، فإذا حاربوا اشتروا منها كافوراً لموتاهم فتشاءموا بها. وقال ابن الكلبي: منْشِم: ابنةُ الوجيه الحميري. وعن أبي عمرو أيضاً أن منشم امرأة من خُزاعة عطارة. وقال أبو زياد الكلبي: كُنا نسمعُ مشيختنا الذين كُنا نتعلمُ منهم ويقولون: منْشَم عطارة كانت في بعض الأمم، وكان لا يدهن أحد بدهنها إلا أصابه شر ذلك اليوم فتشاءمت بها العرب. وقال الباهلي: كانت امرأة من عبد القيس تزوها رجل من قومها فزفت إليه ومعها زُفافُها فخرق بها زوجها فأقرت عليه فضربها ودق [أنفها] فخرجت إلى زُفافها وقد كسر أنفها فقلن لها [بئس] ما عطرك يا منشمُ. وفيها أقوالٌ أخرى، وأكبر ما يوجد أنها امرأة كانت تبيع الحنوط. قال زهير: تداركتما عبساً وذبيان بعدما ... تفانوا ودقوا بينهم عطر منشم وقال الجعدي: عفت بعد حي من سُليم وعامر ... ومن غطفان بينهم عطرُ منشم قال الأعشى:

حرف التاء

أراني وعمراً بيننا دق منشم ... فلم يبق إلا أن أجن ويكلبا حَرْف التاء التاء نطيعة لأن ميدانها نِطعُ الغار الأعلى، والتاءُ أختُ الطاء حتى إن في كلام شبط يجعلون الطاء تاء. يقولون: علي بن أبي تالب، يريدون علي بن أبي طالب، ويقولون: تبيب تَيِّيب في طبيب طَيِّب، يقال من ذلك: لا أستتيعُ أي لا أستطيعُ، ولا استيعُ أي لا أسطيعُ، ومن ذلك غلط وغلتْ. في الحديث: 1/ 448 (لا غلت على مسلم. ويقال: الغلطُ في المنطق، والغَلَتُ في الحساب خاصة. يُقال: غلت في الحساب غلَتا. والتاء حرفٌ من حروف المعجم لا يُعربُ، يُقال تاوتي في موضع ذا ... وعددها في القرآن ثلاثة آلاف وخمس تاءات، وفي الحساب الكبير أربعمائة، وفي الصغير أربع. وهذه صورة الأربعة في الحساب الهندي. غو. والتاء تكونُ في القسم في اسم الله-تعالى-، تقول: تالله، ولا يجوز في غير هذا الاسم، لا يجوز تالرحمن ولا تالرحيم ولا تربي. وقد تُدْغَمُ التاء في التاء كقوله-تعالى-: {نَاراً تَلَظَّى}. وتلظى فعلُ مضارعٌ، وكل فعل يكون غداً فهو مضارع والأصلُ: تتلظى، ولو كان تلظى فعلاً ماضياً لقيل: تلَظَّت

تتلظى تلظياً فهي مُتَلَظِّية، وكذلك: {تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا} و {يَسْأَلُونَ عَنْ أَنْبَائِكُمْ} وقال تعالى: {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ} فأظهرها ولم يدغمها. وقال امرؤ القيس: ألم تر أني كلما جئت طارقاً ... وجدتُ بها طيباً وإن لم تطيب يريد: تتطيبُ. وقال آخر: ألا يا اسلمي ثم اسلمي ثمت اسلمي ... تحية مشتاق وإن لم تكلم يريد تتكلم. ومثله: فأف لدنيا لا يدوم نعيمها ... تقلب تارات بنا وتصرف يريد: تتقلب وتتصرف. وقال الله-تعالى-: {حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا} فأدغموا التاء في الدال فصارت دالا ساكنة فلم يصح 1/ 449 الابتداء بساكن فأدخلوا ألفاً يقع بها الابتداء. وكذلك {اطَّيَّرْنَا}، الأصل فيه: تطيرنا، وكذلك {اثَّاقَلْتُمْ} وقال: تولى الضجيع إذا مشتاقها حصر ... عذب المذاق إذا متابع القُبلُ أراد: إذا ما تتابع القُبَلُ، فأدغم التاء الأولى في الثانية فسُكنت فلم يصح الابتداء

بساكن فأدخل ألفاً يقع بها الابتداء. ومن العرب من يجعلُ بعض التاءات في الصدور دالات نحو: الدرياق لغة في الترياق، والدهدار لغة في التهتار، التحريض لغة في الدَّحْريض. ومثله: اجدمعوا عليه واجتمعوا عليه، ويجتره ويجدره. التاءات: ثلاثة أصلية وغير أصلية، وثالثة تجري مجرى الأصلية. فإذا وجدت تاء في الجمع فامتحنها بالواحد والتصغير، فإن وجدتها فيهما فهي أصلية، وإن لم تجدها فيهما فهي غير أصلية، فالتاء في الأبيات أصلية، تقول في الواحد: بيت، وفي التصغير: يُبَيْت، وكذلك هي في الأصوات فتعرب الأصلية بوجوه الإعراب. والتي غير الأصلية مثل الحمامات، لأنك تقول في الواحد: حمام، وفي التصغير حميم، فهذه التاء مخفوضة في موضع النصب فرقاً بينها وبين الأصلية، وإذا كانت التاء في الجمع فامتحنها بالوقف عليها، فإن كانت في الوقف هاء فإنها تجري مجرى الأصلية فتكون معربةٌ بوجوه الإعراب، تقول: هؤلاء إخوتك، ورأيت إخوتك، ومررت بإخوتك فتعربها بوجوه الإعراب لأنها تكون في الوقف عليها هاء وتاء ف يالمؤنث بمنزلة ذا في المذكر. تقول: ها إن تا هندُ وها إن ذا زيدٌ. قال النابغة: ها إن تا عذرة إلا تكن نفعت ... فإن صاحبها قد تاه في البلد ولا تكادها تأتي إلا مع ذا. وقبيح أن تقول ها إن زيداً قائمٌ، وربما فعلوه. والتاء إذا كانت اسماً كُسرت مثل رجل تقوالة من المنطق، والتمثال، والتجفاف، وأشباه ذلك. وجاء التفعال في حروف قليلة نحو: تمراد وتلقاء، وإنما صارت 1/ 450 تلقاء اسماً لأنه صار في حال لدن وجيأل. وإذا كانت الهاء مصدراً فهي مفتوحةٌ مثل فعلتُه تفعالاً. ومثله تمثالاً وجففتُ الفرس تجفافاً. وما كان مصدراً فالتاء مفتوحة تجري

مجرى المصدر في كلام العرب لا تُجمعُ ولا تُصَغَّرُ. وقال بعض العرب: التاء لا تدخل في الآن، لا يقولون تالآن. وقال ابن الأنباري: وجدنا التاء تلحق مع الأوان فيقولون هذا كان تاوان، ويقال: اذهب تلان، فمن ذلك حديث ابن عمر وسأله رجلٌ عن عثمان فذكر شيئاً فيه ثم قال: اذهب تلان أًحابك، وقال الشاعر: نولي قبل يوم بيني جمُانا ... وصلينا كما زعمت تلانا فليس ههنا لا. وقال أبو عبيد القاسم بن سلام في {وَلاتَ حِينَ} إن الوقوف يكون على لا، والابتداء تحين فتكون التاء مع حين لثلاث حجج إحداهن أن تفسير ابن عباس يشهد لها، وذلك أنه قال: ليس حين بد (فزاد وقد علم أن ليس هي أخت لا وبمعناها. والحجة الثانية أنا لا نجد شيئاً في شيء من كلام العرب، ولات إنما [هي] المعروفة لا. والحجةُ الثالثة أن هذه التاء إنما وجدناها تلحق مع حين ومع الأوان. وقال أبو وجزة السعدي من [بني] سعد [بن] بكر:

العاطفون تحين ما من عاطف ... والمطعمون زمان أين المطعم ومن إدخالهم التاء في أوان قول أبي زبيد الطائي: طلبوا صلحنا ولات أوان ... فأجبنا أن ليس حين بقاء وقال ابن قتيبة: "لات شبه بليس في بعض المواضع ولم تتمكن تمكنها ولم يستعملوها إلا مضمراً فيها، لأنها ليست كليس في المخاطبة والإخبار عن غائب. ألا ترى أنك تقول: ليست وليسوا، وعبد الله ليس ذاهباً فتبنى عليها، ولات لا يكون فيها ذلك. قال الله عز وجل: 1/ 451 {وَلاتَ حِينَ مَنَاصٍ}، أي ليس حين مهرب، وبعضهم يقول: {وَلاتَ حِينَ مَنَاصٍ} فيرفع لأنها عنده بمنزلة ليس، وهي قليلة، والنصبُ فيها أحسنُ، وهو الوجه، وقد يخفض بها. قال: فلما علمت أنني قد قتلته ... ندمت عليه لات ساعة مندم وإنما تكون لات مع الأحيان وتعمل فيها، فإذا جاوزتها فليس لها عمل. وقال بعض البغداديين: التاء قد تُزاد في أول أوان وأول حين وأول الآن، وإنما

[هي] لا ثم تبتديء فتقول: تحين وتلان [والدليل على هذا أنهم يقولون تحين] من غير أن يتقدمها لا، واحتج بقول الشاعر: العاطفون تحين ما من عاطف ... والمطعمون تحين ما من مطعم وجر العرب بها يفسد هذا المذهب، لأنهم إذا جروا ما بعدها جعلوها كالمضاف بالزيادة، وإنما هي لا زيدت عليها الهاء، كما قالوا: ثم وثمة. وقال ابن الأعرابي في قول الشاعر: العاطفون تحين، إنما هو العاطفونه بالهاء ثم نبتديء فتقول: حين ما من عاطف، فإذا وصلت صارت الهاء تاء [وكذلك قوله: وصلينا كما زعمته ثم تبتديء فتقول: لاتا فإذا وصلته صارت الهاء تاء] وذهبت همزة الآن. قال: وسمعتُ الكلابي ينهى رجلاً عن عمل فقال: حسبك تلان أراد: حسبكه الآن، فلما وصل صارت الهاء تاء". وبعض العرب يقف على الهاء بالتاء، تقول: ضعه في المشكات، وهذه قطات، وهذا حمزتْ، وهذا حبُّ الذرت، يريد الذرة. وأنشد بعض الرجاز:

من بعد ما وبعد ما وبعدمت ... صارت بنات النفس عند الغلصمت وكادت الحرةُ [أنْ] تُدْعَي أمَتْ فوقف على الهاء بالتاء. فصلٌ منه قولهم: رجلٌ تَقِيٌّ معناه: مُوَقّ نَفْسَه من العذاب بالعمل الصالح. وأصله من: وقيتُ نفسي أٌيها. قال النحويون: الأصلُ فيه: وقُويٌ فأبدلوا من الواو الأولى تاء لقرب مخرجها منها كما قالوا: مُتَّزر، وأصل مُوْتَزِر. قال جرير: متخذاً من عضوات تولجا ... أردى بني مُجاشع وما نجا فالتولَجُ: المنْجي، وأصلُ توْلج: ووْلَجْ فأبدلوا من الواو الأولى تاء وأبدلوا من الواو الثانية في تقي تاء وأدغموها في الياء التي بعدها 1/ 452 وكسروا القاف لتصح الياء. قال أبو بكر: الاختيارُ عندي أن يكون أصلُ تقي تقيي فأدغموا الياء الولى في الثانية. وقولهم: تَغَمَّدَنا الله برحمته معناه: سترنا، وهو مأخوذٌ من غمدتُ السيف إذا سترته. ومنه قول النبي صلى

الله عليه وسلم (لا يدخل [أحدٌ] الجنة بعمله، قيل: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ولا أنا، إلا أن يتغمدني الله برحمة). قال الشاعر: نصبنا رماحاً فوقها جد عامر ... كظل السماء كل أرض تغمدا معناه: [نصبنا] رماحنا وجدنا ثابت. وكل أرض تغمدا، معناه: ظلُّ السماء يسترُ كل أرض ويُظلها، وكذلك نحنُ نقهرُ ومنَغْلِبُ كل مُنَازع. وقولهم: تناوش القومُ أي تناول بعضهم بعضاً في القتال. قال الله - عز وجل-: {وَأَنَّى لَهُمْ التَّنَاوُشُ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ} أي تناول التوبة. قال الشاعر: فما ظبيةٌ ترعى برير أراكة ... تنوش وتعطو باليدين غصونها وتعْطو: تتناول أيضاً وكرر لاختلاف اللفظ. ويُقال: نأشْتُ أنأش نأشاً أي تأخرتُ. وقال: تمنى نئيشاً أن يكون أطاعني ... وقد حدثت بعد الأمور أمورُ

وعن ابن عباس في قوله - تعالى-: {وَأَنَّى لَهُمْ التَّنَاوُشُ} قال: هو الرجوع. وأنشد: تمنى أن تؤوب إليك مي ... وليس إلى تناوشها سبيل فمعناه إلى رجوعها. وقَوْلُهم: قد توَسَّمْتُ فيه الخَيْرَ فيه قولان: أحدهما: رأيتُ فيه الخير، والآخر: رأيتُ فيه حُسْنَ الخير ويكون مأخوذاً من الوسامة، وهي الحُسْنُ، ومنه قوله-تعالى-: {وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ} فيه ثلاثة أٌوال: قال مجاهد: المسومة: المُطَهَّمَة الحسان. ويُقال: المعلمة بالسيما. قال كعب بن مالك يمدح النبي صلى الله عليه وسلم: أمينٌ محبٌّ في العباد مُسومٌ ... بخاتم رب قاهر للخواتم ويقال: المُسَومَة: المرعية. يقالُ: أسميت الإبل وسامت هي. قال الله- عز وجل-: {فِيهِ تُسِيمُونَ} ثم قال الشاعر: وأسكن ما سكنت ببطن وادٍ ... وأظعنُ إن ظعنتُ فلا أٍيمُ وقولُهم: قَدْ تَرَيَّش الرَّجُلُ معناه: قد صار إلى معاش ومالٍ. قال الله: {وَرِيشاً وَلِبَاسُ

التَّقْوَى}. فالرياش في قول جماعة المفسرين المال، وكذلك الريش 1/ 453 قال: فريشي منكم وهواي معكم ... وإن كانت زيارتكم لما ما ويقال: رشت فلاناً إذا أعطيته مالاً وأنلْتُه خيراً. قال: فرشني بخير لا أكونن ومدحتي ... كناحت يوماً صخرة بعسيل العسيلُ: الذي يمسحُ العطارُ به المسك. وعن عليّ أنه اشترى قميصاً بثلاثة دراهم وقال: (الحمدُ لله الذي هذا من رياشه) معناه: من ستره. وعن عيسى بن عمر أنه قال: الريشُ والرِّياشُ واحدِ، وهما بمنزلة الدَّبْغ والدِّبَاغ، واللَّبْس واللِّباس، والحِلّ والحلال، والحِرْم والحَرَام. وقال الفراء: في الرِّياش وجهان: أحدهما أن يكون جمعاً للريش، والثاني أن يكون بمعنى الريش بمنزلة قولهم: لِبْس ولباس. وأنشد: فلما كشفن اللبس عنه مسحنه ... بأطراف طفل زان غيلاً موشما الطفلُ: الرخصُ اليدين والرجلين من الناس، والغيْل: السَّاعِدُ الممتليء من اللحم الحسن، والمُوَشَّمُ: المنقوش بالوشم. وقولهم: لا تُبَسِّقْ علينا معناه: لا تُطول علينا، مأخوذ من البُسُوق، وهو الطول. قال الله - عز وجل-:

{وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ} قال: وإن لنا حظائر باسقات ... عطاء الله رب العالمينا وقولهم: لا تُجَلِّح علينا [معناه]: لا تُكاشف، مأخوذ من الجلح، وهو انكشاف الشعر عن مقدم الرأس. هذا قول. وقال ابن الأعرابي لا تشدد وتُقم على المفارقة والمخالفة، مأخوذ من قولهم: ناقة مجالح إذا تصبر على البرد وتقضم عيدان الشجر اليابسة حتى يبقى لبنها. وقولُهم: كما تَدِينُ تُدانُ معناه كما تصنعُ يُصنعُ بك. وقال أبو عبيدة: واعلم وأيقن أن مُلْكَكَ زائلٌ ... ................ وقولُهم: لا تُبَلِّم معناه: لا تجمعْ عليه أنواع المكروه وقبيح القول. وهو تُفَعَّل من الأبْلَمَة وهي خوصةُ البقل، فالمعنى لا تجمع عليه المكروه كجمع الخوصة للبقل. ويقالُ: الأبْلَمَة خوصة المُقْل، وفيه ثلاث لغات: أبْلُمَة، وإِبْلِمَة، وأبْلَمَة. وقال الأصمعي: لا بُلْم: لا تُقَبِّح فِعْلَه وتُفْسِده.

قال: وهو مأخوذٌ من قولهم: قد أبْلَمَتِ الناقةُ: إذا ورم حياؤها. وقولهم: قد تَرَبَّدَ وجْهُه معناه: قد تغَيَّرَ وصار لونه كلون الرماد من قولهم: نعامة ربداء ورمداء، إذا كان لونها كلون الرماد. قال الأعشى: وإذا أطاف لغامه بسديسه ... فثنى وزاد لجاجة وتربدا شبهته هقلا يباري 1/ 454 هقلةً ... ربداء في خيط نقانق أبدا اللُّغَامُ: الزَّبَدُ، والسَّديسُ: سِنٌّ من أسنانه، والهِقْلُ: ذَكَرُ النَّعَام، والنقانق جمع نقنق وهو ذكر النَّعَام، والخيطُ: القطعةُ من النعام، والأبَّدُ: المتوشحة. وقولهم: لا تلوسُ كذا معناه: لا تناله، وهو مأخوذٌ من قولهم: ما ذُقْتُ لواساً، أي ما ذُقْتُ ذواقاً. وقولهم: قد تعذر عليَّ الأمرُ معناه: ضاق علي، وإنما سميت العذراء عذراء لضيقها، ويقال: للجامعة التي تجمعُ بها بين يدي الأسير وعنقه عذراء لضيقها. قال الفرزدق: رأيت ابن دينار يزيد رمي به ... إلى الشام يوم العنز والله شاغله بعذراء لم تنكح حليلاً ومن تلج ... ذراعيه تخذل ساعديه أنامله

ومعنى هذا البيت أن الرجل جنى على نفسه وبحث عن مكروهه كما بحثت العنز عن المُدْية فذُبحت بها. وقولهم: قد تَخَيَّلَتْ معناه: أرت وشبهت. ويقالُ: تَخَيَّلَت وخَيَلَتْ، وخَيَّلَت هو الكلام الجيدُ. وأصله من السحابة إذا خيلت وتخَيَّلَت أي أرت مخالة المطر. وقال يعقوب: معنى خَيَّلَت شبهت، وأنشد بيت زهير: تجدهم على ما خيلت هم إزاءها ... وإن أفسد المال الجماعات والأزل قال الأصمعي: معناه إذا حبس الناس أموالهم لا تسرح وجدتهم ينحرون، وإذا ضاق أمرُ الناس وجدتهم يسوسون. ومعنى إزاءها: هم القائمون بها، والخالُ عندهم: السحابُ الذي يُخَيَّلُ إليك أنَّ فيه المطر. وقال الفرزدق: أتيناك زواراً ووفداً وشامة ... لخالك خال الصدق مُجد ونافع وقولهم: قد تشَرَّدَ القومُ معناه: ذهبوا في البلاد. قال الله- عز وجل-: {فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ} معناه: فزع بهم من خلفهم. قال الشاعر: أطوفُ بالأباطح كل يوم ... مخافة أن يُشرد بي حكيم

معناه: أن يُسمع. وقولهم: قد تَصَلَّفَ الرَّجُلُ فيه وجهان أحدهما أن يكون تصلف: قل خيره ومعروفه. وأصلُ الصلف: قِلة النَّزَلِ، يقال: إناء صلفٌ إذا كان قليل الأخذ من الماء. الآخر أن يكون تبغض من قولهم: صلف الرجل زوجته يصلفها صلفاً إذا أبغضها. 1/ 455 ورجلٌ صلفٌ لامرأته أي مبغض لها، فإذا أبغضته هي قيل: فركتْهُ تفركه فركاً، وامرأةٌ فاركٌ لزوجها وامرأة صلفةٌ من نساء صلفات وصلائف إذا لم تحظ عند زوجها. وقال القطامي يذكر امرأة: لها روضةٌ في القلب لم ترع مثلها ... فروك ولا المستعبرات الصلائف وقال ذو الرمة: إذا الليل عن نشر تجلى رمينه ... بأمثال أبصار النساء الفوارك وقولُهم: قد تَبَحْبَحَ في الدَّار معناه: قد توسطها، وهو مأخوذٌ من البُحْبُوحَة. وبُحْبُوحَةُ كل شيء وسطُه وخياره. وقولهم: تطَوَّلَ فلانٌ على فلانٍ معناه في كلامهم الفضلُ. قال: وقال لجساس اغثني بشربة ... تدارك بها طولاً علي وأنعِم

وقال الله- عز وجل-: {ذِي الطَّوْلِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ}، فمناه ذو الفضل والسعة على عباده. وقولهم: قد تجانب الرجلان الأصلُ في تجانب: تباعد، ومنهُ: تجَنَّبْتُ فلاناً أي تباعدتُ منه، ومنه: جارٌ جنبٌ للبعيد. قال الشاعر: ما ضرها لو غدا بحاجتنا ... غاد كريمٌ أو زائرٌ جنبُ أي أو زائر بعيد. ومنه ما يزورنا إلا عن جنابة، معناه إلا عن بُعْدٍ. قال علقمة ابن عبدة: فلا تحرمني نائلاً عن جنابة ... فإنى امرؤ وسط القباب غريب وقال الله - عز وجل-: {وَالْجَارِ الْجُنُبِ} وقال تعالى: {فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ} معناه عن بُعدٍ، كذا قال أبو عبيدة. وقال الفراء: [معناه] عن جانب البحر. وقولهم: قد تشَعَّبَت أمورُ القوم معناه: تَفَرَّقت. يقال: شعبتُ الشيء فرَّقْتُه، وشعَبْتُه: جمعْتُه، وهو من

الأضداد. وقولهم: تباً لفلان معناه: خساراً له وهلاكاً. قال الله - عز [وجل]-: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ} معمناه: خسرت يداه وقد خسر هو. ومنه {وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ}. معناه: غير خسار وهلاك. وقال بشر بن أبي خازم: هم جدعوا الأنوف وأرغموها ... وهم تركوا بني سعد تبابا قال الشاعر: عرادة من بقية قوم لوط ... ألا تباً لما عملوا تبابا وتَبَّبْتُ القوم: قلتُ لهم: تباً لكم. ويقال: تباً لفلان تباً تبيباً والتباب الهلاك. قال: أرى طول الحياة وإن تأبى ... تصيره الدهور إلى تباب واستتبَّ له الأمرُ: إذا تهيَّأ له، ورجلٌ تاب: ضعيف، والجمع الأتباب. هُذَليّ. وقولهم: 1/ 456 ما تَرَمْرَمَ فلانٌ معناه: ما تحرك. ويقالُ: ترمرمَ القومُ: حركوا أفواههم للكلام.

قال: ومستعجبٍ مما يرى من أناتنا ... ولو زبنته الحرب لم يترمرم وقال آخر: يصفُ الملك: إذا ترمرم أغضى كل جبار ... ........... وقولهم: تَسَبَّبْتُ إلى كذا أي توصلتُ. وتأنيتُ الرجلَ، انتظرته ولم أعجل في أمره، وآنيتُ عشاء: أخرتُه. قال الحطيئة: وآنيتُ العشاء إلى سهيل ... إلى الشعري فطال بي الأناء ومنه الحديث للذي يتخطى رقاب الناس يوم الجمعة: (رأيتُك آذَيْتَ وآنَيْتَ) آنيتَ: أخرتَ المجيء وأبطأت. قال: لا يوحشنك من كريم نفرة ... ينبو الفتى وهو الجواد الخضرم فإذا نبا فارفق به وتأنه ... حتى تعود له الطباع الأكرم ومنه قيل للمتمكث في الأمر متأن. قال الأصمعي: تمثلتُ في بعض سكك

المدينة بقول الشاعر: قد يُدرك المتأني بعض حاجته ... وقد يكون من المستعجل الزلل فإذا القائل يقول: وربما فات بعض القوم أمرهم ... مع التأني وكان الحزم لو عجلوا فألعقْتُ فلم أر أحداً. وقولهم: تَجَشَّمْتُ كذا معناه: فعلْتُه على كرهٍ ومشقة. قال المرار الفقعسي: يمشين هوناً وبعد الهون من جشم ... ومن حياء غضيض الطرف مستور وقولهم: سألت فلاناً فما تلعثم معناه: ما توقف ولا تلبث. قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما أحد عرضت عليه [الإسلام] إلا كانت له عنده كبوة غير أبي بكر، فإنه لم يتلعثم] والكبوة: الوقفة. وقولهم: تَقَبَّلَ فلانٌ بكذا معناه، قد تكفل، والقَبَالةُ معناها في كلامهم: الكفالة.

وقولهم: تَمَنَّيْتُ كذا معناه: قدرته وأحببت أن يصير إلي من المنى وهو القدر. التمني 1/ 457 يقع على ثلاثة معان أحدهن، تمنى قدر شيئاً أحب أن يبلغه، والثاني: تمنى: تلا وقرأ. قال الله - عز وجل-: {إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ} أراد إذا تلا ألقى الشيطان في تلاوته. وقال الشاعر في عثمان: تمنى كتاب الله أول ليله ... وآخره لاقى حمام المقادر وقال آخر: تمنى كتاب الله أول ليله ... تمنى داود الزبور على رسل والمعنى الثالث: كذب ووضع حديثاً لا أصل له. قال رجلٌ لابن دأب وهو يحدث: أهذا شيء رويته أم شيء تمنيته. فمعناه: افتعلته لا أصل له. وقوله- عز وجل-: {لا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلاَّ أَمَانِيَّ} أراد: إلا أنهم يتمنون على الله الباطل. ويقالُ: الأماني معناها التلاوة، ويقال: هي الأحاديث المفتعلة. وفي الأماني لغتان: أماني وأمانٍ بتثقيل وتخفيف. قال كعب بن زهير:

فلا يغرنك ما منت وما وعدت ... إن الأماني والأحلام تضليل وقال جرير: تراغيتم يوم الزبير كأنكم ... ضباع بذي قار تمنى الأمانيا وتحدى فلانٌ فلاناً إذا باراه ونازعه الغلب. وتردى فلانٌ أي مات. قال الله - عز وجل-: {وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى} قال بعضٌ: إذا هلك، وقال بعضٌ: إذا سقط في النار على رأسه. وتصدى فلانٌ لفلان لينظر إليه، أي رفع رأسه وصدره إليه. وقولهم: تكَمَّشَ الجِلْدُ معناه: تقَبَّضَ فاجتمع، وكذلك انكمش في الحاجة، معناه: اجتمع فيها. قال: كميش الإزار خارج نصف ساقه ... صبور على الجلاء طلاعُ أنجد كميش الإزار: المثمرة الذي قد جمعه وقبضه. قيل: نزلت في أبي سفيان بن حرب. قال عدي بن زيد: خطفته منسية فتردى ... وهو في الملك يأملُ التعميرا

وهذا من الردى، وهو الهلاكُ. والتردي في مهواة هو التهورُ فيها. ومنه المتردية، وهي التي قد تردت في بئر وهوة فهلكت. والتردي من لبس الرداء، وكذلك الارتداء. والأنجُد: جمعُ نجد وهو ما ارتفع من الأرض، والجلاء: الخصلة الجليلة العظيمة إذا فُتحت جيمها مُدت، وإذا ضمت قُصرت. وقولهم: فلان يتضَوَّر معناه: يُظهر منه الضُرَّ الذي به التقلقل والاضطراب والصياح 1/ 458 وفي الحديث (دخل النبي صلى الله عليه وسلم وعلى أم العلاء وهي تضور من شدة الوجع والحُمَّى فقال النب يصلى الله عليه وسلم: إنَّ الحُمَّى تنقِّي خبث المؤمن كما تُنَقِّي النار خبث الحديد). وتتضورُ: تتفعلُ من الضور، والضورُ بمعنى الضُر. وقولهم: تشتت القوْمُ معناه: تفرقوا. وقولهم: تعس فلانٌ وانتكس، معناه في كلامهم: الشر. قال الله - عز وجل-: {فَتَعْساً لَهُمْ} أراد: ألزمهم الله الشر. هذا قول أبي العباس. ويقال: النعْسُ: البُعْدُ. قال الأعشى: بذات لوث عفرناة إذا عثرت ... فالتعس أدنى لها من أن أقول لعا وانتكس [معناه] قُلِبَ أمره وأفسد. ومنه: نُكِسَ المريضُ في علته. وقيل:

الأصل فيه: أن يُجعل أسفل الشيء أعلاه. أبو هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (تعس عبد الدينار، تعس عبد الدرهم وعبد الخميصة، إن أعُطيَ رضي، وإن مُنع سخط، تعس وانتكس، فإذا شيك فلا انتفش، طوبى لعبد أشعث رأسه، مغبرة قدماه في سبيل الله، إن كانت الحراسة كان في الحراسة، وإن كانت السياقة كان في السياقة، طوبى له ثم طوبى له) قوله: صلى الله عليه وسلم: وإذا شيك فلا انتقش، معناه: وإذا وقع في شر فلا تخلص منه، فذكر الشوك مثلاً. ومعنى شيك أصابه الشوكُ. يقال: قد انتقشت حقي على فلان إذا استخرجته ولم أدع منه شيئاً. ومن ذلك: المِنْقَاش سُمي منقاشاً لأنه يُستَخْرَجُ به الشوك وغيره. عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من نوقش الحساب عُذِّبَ)، فنوقش من الاستقصاء. عن يعقوب: التَّعْسُ أن يخر على وجهه، والنكْسُ أن يخرَّ على رأسه قال: والتَّعْسُ أيضاً الهلاكُ. وأنشد للمخبل الحارثي: وأرماحهم ينهزنهم نهز جمة ... يقلن لمن أدركن تعساً ولا لعا قولُهم: تغاووا عليه معناه: جهلوا عليه وزلوا، وتغاووا: تفاعلوا من غوى الرجلُ يغوي غياً وغواية: إذا جهل وأساء. قال:

ومن يلق خيراً يحمد الناس أمره ... ومن يغن لا يعدم على الغي لائما وقولهم: تعال يا رجل أصلُه تفاعل من العلو، أي ارتفع ثم أكثروا استعماله حتى جعلوه بمنزلة 1/ 459 أقبل، فصار الرجل يقول وهو في الموضع المنخفض للذي على المكان المرتفع تعال، يريد: أقبل. قال الفرزدق: تعال فإن عاهدتني لا تخونني ... نكن مثل من يا ذئب يصطحبان ويقالُ للرجلين: تعاليا، وللرجال: تعالوا - بفتح اللام -، وللمرأة تعالي - بفتح اللام - وللمرأتين تعاليا وللنسوة تعالين. وإذا قيل للرجُل تعالَ فأراد أن يقول: لا أفعلُ قال لا أتعالى على مثال لا أتقاضى. وقولهم: قد تكَفَّلْتُ بالشيء معناه قد ألزمته نفسي وأزلْتُ عنه الضَّيْعَةَ والذهاب، وهو مأخوذٌ من الكفل، والكفلُ ما يحفظ الراكب من خلفه. وقولهم: يَتَبَجَّحُ فلانٌ بكذا معناه: تعظم وترفع، وهو تَفَعَّلَ من بَجَحَ وبَجَحَت نفسه، إذا عظُمت وارتفعت. وفي حديث أم زرع: (أنَّ المرأة الحادية عشرة قالت: زوجي أبو زرع وما أبو زرع! أناس من حُلي أذني، وملأ من شحم عضدي وبجَّحَني فَبَجَحَت عليَّ نفسي) أي عظمني ورفع من قدري فعظمت علي نفسي. قال الشاعر.

وما الفقر من أرض العشيرة ساقنا ... إليك ولكنا بقرباك نبجحُ أي نفتخر ونتعظمُ. قولهم: قد تلألأ وجهُ فلانٍ أي حَسُنَ وأضاء، فأشبه بشدة إضاءته اللؤلؤ، وتلألأ تَفَعَّلَ من اللؤلؤ، والعربُ تُسمى الذي يصنعُ اللؤلؤ لألاء، ويجوز لأآء وعلى وزن لعاء بهمز في آخر الحرف. قال عبيد الله بن قيس الرقيات: حبذا الحج والثريا ومن بالـ .... ـخيف من أجلها ومُلقى الرحال يا سليمان إن تلاق الثريا ... تلق عيش الخلود قبل الهلال 1/ 462 درة من عقائل البحر بكرٌ ... لم يشنها مثاقب اللآل وقولهم: قد تَيَامَنَ الرَّجلُ معناه في كلامهم أخذ ناحية اليمين، وأشأم إذا أخذ ناحية الشام. والعامةُ تغْلَطُ في معنى تيامن فتظن أنه أخذ عن يمينه، وليس كذلك، إنما يُقال: أخذ عن يمينه يا من، وشاءم إذا أخذ عن شماله، فإذا أمرت الرجل أن يأخذ عن يمينه قلت له يا من، وعلى شماله شائم، وإذا أخبرت عنه قلت: يا من وشاءم. تحت [تحت] نقيض فوق. وفي الحديث (لا تقوم الساعة حتى يظهر الفحش والبخل ويخون الأمين ويؤتمن الخائن وتهلك الوعول وتظهر التحوتُ. قالوا: يا

رسول الله ما الوعول؟ وما التُّحُوتُ؟ قال: الوعولُ: وجوه الناس وأشرافهم، والتحوتُ يعني الذين كانوا تحت أقدام الناس لا يشعر بهم). تخومُ الأرض وزتخومُ الأرض [مَفْصِلُ] ما [بين] الكورتين والقريتين. [و] منتهى أرض كل كورة وقريةٍ تخومها. وفي الحديث (ملعونٌ من غير تخوم الأرض). [التُّخَمَة] التخمة تاؤها واو، في الأصل: الوُخَمَةُ، يقال: اتَّخَمَ أتْخَمَه كذا، ومنه من يخفف، يقول: تَخِم يَتْخَمُ بحذف تثقيل التاء، وبعض يقول: متروكٌ على ما كان عليه في قولك: اتَّخَمَ. والتُّخَمةُ ما تَأذّى به الإنسانُ من الطعام، وكذلك: النُهمة والبردة والكِظَّة. والتُّقَى، وأجمعوا كلهم على تَقِيَ يَتْقِي - بالتخفيف - ويَتَّقي جائز، وتُقَيّ وتَقِيَّة واحدة. وقريء {إِلاَّ أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَيةً} {تُقَاةً} و (الئلة والزلدة) واحد، والزلازل، والدلائل. وتمتم الرجلُ عن الشيء إذا وقفُ عنه، وتكَلَّمَ فما تمتم ولا تلعثم أي وقف. وتلَعْثَمْتُ عن هذا الأمر، أي نَكَلْتُ وامتنعت.

والتُّرُّ: أن تقْبِضَ على يد الرجل ثم تُتَرْتِره أي تحركُه. والتُّرُّ: كلمةٌ تتكلَّمُ بها العرب إذا غضب أحدهم على الآخر قال: والله لأقيمنه على التُّرُّ. قال الخليل: سمعتها من الفصحاء ولا أحسِنُ تفسيهرا. والترمن: آلة صيادي السمك، وهو من كلام أهل العراق. والترهات: الأحاديث الكاذبة (كالأكاني) الواحدة تُرَّهَةُ. قال رؤبة: * وحقةٍ ليس بقولٍ التُّرَّه * والتُّرَّه: مُشددةُ الراء إن شئت همزت، وإن شئت لينت وثقلت وإن شئت طرحت الهاء وخففت التاء فقلت: التُّريه والتَّريه مكسورة الراء خفيفة. مجزوم 1/ 463 البراء، كل هذا الفاتُ، وتفسيره ما ترى المرأة، من المحيض أصفر أو بياضاص قبلُ أو بعدُ. والتِّمُّ: الشيء التامُّ، تقولُ: جعلْتُه لك تماً أي بتمامه. وتتمةُ كل شيء ما يكون تماماً لغايته كقولك: هذه الدراهم تتمةُ المائة. ويقال: وُلِدَ المولود لتمامه، إذا استكمل أيامه، وسائرُ الكلام - بالفتح- يقال: بلغ الشيء تمامه، وهذا تمامُ حقك. وقال الشاعر: وأشعث غره الإسلام مني ... خلوت بعرسه ليل التمام

وقال آخر: (نتجت) حروبهم لغير تمام ... ................... وقال: تمخضت المنون لهم بيوم ... أنى ولكل حاملة تمام وتمامُ - بالفتح أيضاً، والأنى: الإبطاء. والتميميةُ: قلادة من سيورٍ وربما جُعِلَت فيها العُوذة تُعلق في أعناق الصبيان. وقال أبو ذؤيب: وإذا المنية أنشبت أظفارها ... ألفيت كل تميمة لا تنفع التميمةُ: العُوذَةُ، وكل ما علقتَ من خرزٍ أو غيره فهو تميمة، والجمعُ التمائم. قال الفرزدق: وإن تميماً لم تكن أمه ابتغت ... له صحة في مهده بالتمائم وقال كثير: تعلقتها بين الجواري صغيرة ... وما حليت إلا التميم المنظما وقال آخر: بلادٌ بها نيطت علي تمائمي ... وأول أرض مس جلدي ترابها نيطت: عُلِّقَت. نَطْتُ بفلانٍ هذا الأمر، أي علقتُه.

وتأبَّل: الرَّجُلُ عن امرأته تأبُّلاً، أي اجتزأ عنها كما يجتزيء الوحش عن الماء. قال لبيد: كلما حركت غرزي أجمزت ... أو قرابى عدو جون قد أبل الغرْزُ: الركاب، وأجْمَزَت أسرعت، وأجْمَزَ البعير إجمازاً إذا أرع، وقرابى يعني سيفه. والجون في لونه، وهو الحمار الوحشي. قد أبلَّ: قد أكل الرُّطْبّ فاجتزأ به عن الماء. والتوُّ: الحَبْلُ يُفْتَلُ طاقاً واحداً والجمعُ الأتْواء. وتقولُ: جاء فلانٌ تواً، أي وحده. وتقولُ العربُ: وجه فلانٌ من خيله بألف توٍّ، والتو من الخيل واحدٌ. وإذا عقدت عقداً بإدارة لرباطٍ مرة واحدة قلت: بتو واحد. قال: جاريةٌ ليست من الوحش ... لا تعقد المنطق بالمتتن إلا بتو واحد أو تنِّ والنون في تَنٍّ 1/ 465 زائدة، والأصلُ فيها تاء خففها من تو. فإن قلت على أصلها تو خفيفة مثل لو جاز. ويقال: آتيتُ فلاناً على أمره مؤاتاة، ولا تقل واتيته إلا في لغة لأهل اليمن قبيحة. وللعرب لغةٌ في التهتار. يقولون: دهدار، يقلبون

التاء دالاً، وذلك أن منهم من [يجعلُ] بعض التاءات في الصدور نحو: الدرياق لغة في الترياق، والدِّخْرِيص لغة في التِّخْريص، ومثل ذلك اجتمعوا واجدمعوا، ويجتره ويجدره. والتهتار من الحُمْقِ والجهل، تقول: أهْتِرَ الرجُلُ إذا فقد عقله من الكبر وهو مُهْتَرٌ. قال: إن الفرزدق لا ينفك مغتلماً ... من النواكة تهتاراً بتهتار يريد به التَهْترَّ بالتَّهْتَرِّ. والعربُ تقول: تيهٌ وتوْهٌ، لغتان، يتيه تيهاً وتوهاً. وتيهاً أعمهما. والتيه: الحيرةُ، والمكان الذي يتحير فيه. يقال: تاه يتيه تيهاً ومتيهاً ومتاهاً إذا تحير، وأرض متيهةٌ ومتيهةٌ وتيهاء إذا كان لا يُهتدى بها. قال: وقوم هم كانوا الملوك هديتهم ... بتيهاء لا يبدو بها ضوءُ كوكب وتيه الكبرُ، من هذا أجد إنما هو حيرةٌ وجهل، إلا أنه يقال منه: تاه يتيه تيهاً - بالكسر - فهو تائهٌ وتياه، لأن ذلك عادته. فأما في الحيرة فلا يُقال إلا تائه. التفسرةُ: اسمٌ للبول الذي ينظر إليه الأطباء يُستدلُّ به على مرض البدن، وكل شيء يُعرف به الشيء فهو تفسرته.

[التامور] والتَّامور: القلْبُ. والعربُ تقول: حرفٌ في تامورك خيرٌ من ألأفٍ في كتابك، يريدون في قلبك. والتامور أيضاً: صومعةُ الراهب [قال الشاعر]: لدنا لبهجتها وحسن حديثها ... ولهم من تاموره يتنزل والتامور أيضاً [القلب] مع الدم. قال [الشاعر]: أنبئت أن بني سُحيم أدخلوا ... أبياتهم تامور نفس المنذر ويقال: ما في الديار تامور، يراد ما في الدار أحد، وما في البئر تامور، أي ليس فيها ماء. قال أبو عبيدة: التامورُ: الإبريق. قال [الشاعر]: وإذا لها تامورة ... مرفوعة لشرابها التاموُ في اللغة على ستة أقسام، وهو موضع الأسد الذي يسكنه. سأل عمر ابن الخطاب عمرو بن معد يكرب الزبيدي عن سعد بن أبي وقاص [فقال]: هو أسدٌ في تاموره. 1/ 466 والتامورُ والتامورةُ بمعنى واحد. والتامورُ موضع الراهب، والتامورُ: الدَّمُ، والتامورُ: القلبُ، والتامورُ: الماء، والتامورُ بمعنى أحد. قال أبو بكر: فيجوز أن يكون تامور جمع تامورة فيقع حينئذ على عدة أباريق.

والتابوه: لغة في التابوت لقريش. ويقال: تعَلَّمْ: في معنى اعلم. قال: تعلم أنه لا طير إلا ... على متطير وهو الثبور أي اعلم. وقال القطامي: تعلم أنَّ بعد الخير شراً ... وإن لتالك الغيم انقشاعا وقال كعب بن زهير: 1/ 467 تعلم نبي الله أنك مدركي ... وأن وعيداً منك كالأخذ باليد وقال القطامي: تعلم أن بعد الغي رشداً ... وأن لهذه الغبن انقشاعا أي، اعلم. وإذا قيل لك: اعلمْ أنَّ زيداً خارجٌ قلتَ: قد علمتُ، وإذا قيل لك: تعلمْ أنَّ زيداً خارج لم تقل قد تعلمتُ. تعرضت الناقةُ: في سيرها: إذا أخذت يميناً وشمالاً. قال عبد الله ذو البجادين المزني يُخاطب ناقته عند مصيره إلى ركوبة عقبة، وكان دليل النبي صلى الله عليه وسلم: تعرضي مدارجاً وسومي ... تعرض الجوزاء للنجوم

هذا أبو القاسم فاستقيمي. والسوم: السيرُ في ناحية. وتعرضت الرفاق: أسألهم. مسألة إن قال قائلٌ: لِمَ قالوا: تلكَ ولم يقولوا: تلك - بفتح التاء-؟ قيل: إنَّ التاء من الذال في ذيك فكسروا التاء كما كسروا الذال، وسكنوا اللام في تلك كما كانت الياء ساكنة في ذيك وأدخلوا اللام في تلك كما أدخلوها في ذلك. وإذا صغرت ذِه قلت في التصغير هاتَيَّا، لأن المبهمة إنما تُصغر وتترك أوائلها على حركاتها ليفصل بينها وبين غيرها ويزاد في أثرها ألأف فلذلك لم يقل ذيَّا لئلا تلتبس بتصغير ذا، ولكنك صغرت الاسم الذي في معنى ذِه ولا لبس وهو تا، وتِه. تقول: تا أمة الله، وهاتِه أمةُ الله، وهاتي أمةُ الله كما قال: * فكيف وهاتا هضبةٌ وكثيبُ * كما أنك إذا ثنيت هذه قلت: هاتان لئلا تبتلبس بقولك: هذان إذا ثنيت هذا. تأثفَ القوم فلاناً تأثُّفَاً إذا صاروا حوله كالأثَافيّ. وهذا مثلٌ. وقولهم: قد امْتُقعَ لونُ فلان، أي تغير لونه، وفيه عشرُ لغات عن الفراء: امتقعَ بالميم، وانتقع بالنون، وابتُقع بالباء، واهتُقع بالهاء، وانسَفَّ بالنون والسين، واستفع بالسين والتاء، والتمع بالتاء، والميم، وابتسر بالياء والتاء والسين، والتُمِيً بالتاء والميم والياء، والتُهِمَ بالتاء والهاء والميم.

الأمثال على ما أوَّله تاء "تنزو وتلينُ" قال: ولما دخلتُ السجن كبر أهله ... وقالوا أبو ليلى الغداة حزين وفي عرصات السجن سطر مؤرخ ... بأنك تنزو ساعة وتلين ويروي 1/ 468 ............ ... بأنك تنزو ثم سوف تلين "تسمَع بالمُعَيْدِيُّ لا أن تراه" "تَجَنَّبَ روضةً وأحالَ يَعْدو" أي ترك الخصب واختار الشقاء. "ترى الفتيان كالنخل، وما يُدريك ما الدَّخْلُ". هذا فيمن له منظرٌ ولا خير معه أو فيه خيرٌ ولا منظر له. "أنت تئقٌ وأنا مئِقٌ فكيف نتفقُ". التئقُ السريعُ إلى الشر، والمئِقُ: السريع إلى البكاء. وقال ابن الأنباري: معناه: "أنت ممتليء غضباً وأنا سيء الخلق فلا نتفق أبداً" "تَجُوعُ الحُرَّةُ ولا تأكلُ بثديها" "تَركَ الخداع من كشف القِناع" "تَسْقُطُ النَّصيحةُ على الظَّنة" "ترِقَّى لمن لا يعرفُك" ويقال: "تَرِقُّ لمن لا يعرفك" بالتذكير. "تركتُهم على مثل

حرف الثاء

مَقْلع الصمْغَة" "تركته مثل ليلة الصدر" "تركتهعلى أنقى من الراحة" "ترك الظبي ظله" "تمنعي أشهى لك". حرف الثاء الثاء لثوية لأنَّ مبدأها من اللثاة، وهي من الحروف المهموسة، وعددها في القرآن ألف ومائتان وستة وتسعون. وفي الحساب الكبير أربع مائة، وفي الصغير ثمان. وهذه صورة الثمانية في حساب الهند وقد تُبدلُ بالثاء حرفاً يقولون: فناء الدار، وثناء الدار، والمغافير والمغاثير، وحدوث، وحدوف وجدف [وجدث] (مرث الحينُ ومرده]. ثُمَّ من حروف العطف يشترك ما بعدها بما قبلها إلا أنها تبين الآخر من الأول، ومنهم من يلزمُها هاء التأنيث يقول: ثُمَّتَ كان كذا. قال الشاعر: ثُمت جنب (حية) أضما ... أرقم يسقى من يُعادي السما وتقول العرب: لقيتُ زيداً ثُمَّتَ عمراً. قال الشاعر:

إنا نقاتلهم ثُمت نقاتلهم ... عند اللقاء وهم جاروا وهم جهلوا وهي لغة فاشية في قيس بن ثعلبة. وثُمَّ بمنزلة الفاء في الاشتراك إلا بين الأمرين في ثم مهلة. وإذا قلت: أكلتُ خبزاً فتمراً، علم أنك لم تلبث أن وصلتَ أكلك الخبز بأكلك التمر. وإذا قلت: رأيتُ زيداً ثم عمراً، فثم فيها مُهْلَة بسكتة، وإن قلت: اختصم زيدٌ ثم عمرو صار محالاً، لأن ثم فيها مهلة بسكتة، وكذلك إن قلتَ اختصم زيدٌ فعمرو صار محالاً، لأن الفاء [ليس] فيها مهلة، وكذلك اختصم زيدٌ أو عمرو محال، وكذلك اختصم 1/ 469 زيدٌ لا عمرو، محال لأن لا للجحد. وقد يكون ثم في معنى الواو. قال: سألت من خيرها أبا ... ثم أماً فقالت لمه قال الله -تعالى-: {فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ} إلى قوله: {ثُمَّ كَانَ مِنْ الَّذِينَ آمَنُوا} المعنى وكان من الذين آمنوا، لأنه لا يجوز أن تقول {فَكُّ رَقَبَةٍ} إلى قوله {ذَا مَتْرَبَةٍ} من قبل أن يكومن من الذين آمنوا. ومثله {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ} المعنى: وتوبوا إليه. والعربُ إذا أخبرت عن رجل بفعلين نسقوا الأول على الآخر إذا كن من خبر المتكلم. يقول الرجل لصاحبه: قد بلغني ما صنعت يومك هذا ثم ما صنعت أمس أعجب. وهذا نسقٌ من خبر المتكلم، يعني (أله أتساءل له) خبراً كان له في أمس. وثم معناه البعيد، وهنا للقريب. قال الزجاج:

ثم مبني على الفتح. لا يجوز أن يُقال ثماً زيدٌ، وإنما بنى على الفتح لالتقاء الساكنين. وثمَّ في المكان إشارة بمنزلة هناك زيد، وإن أردت المكان القريب قلت: هنا زيدٌ، وإن أردت المكان المتراخي قلت: ثمَّ زيدٌ وهناك زيدٌ قائماً. مُنعت ثم الإعراب لإبهامها، ولا أعلمُ أحداً شرح ثم هذا الشرح، لأن هذا غير موجود في كتبهم. والثَّمُّ: إصلاحُ الشيء وإحكامه، يقال منه: ثممت أثُمُّ ثمّاً. ويُقال للشيخ إذا كبر وولى: انثم انثماماً، والثمام: شجرٌ ضعيف. قال [الشاعر]: فلو أن ما أبقيت مني معلقاً ... بعود ثمام ما تأود عودها [الثَّنَي] والثني دون السيد ويقال ل الثنيان أيضاً. قال أوس بن مغراء التميمي: ترى ثنانا إذا ما جءا بدأهم ... وبدؤهم إن أتانا كان ثنيانا والبدء من الرجال: السيدُ الذي يُعَدُّ في أول ما يُعدُّ من سادات قومه، والجماعة البدوء. والثني أ] ضاً الذي يعاد مرة 1/ 470 من بعد مرة. قال عدي بن زيد: أعاذلُ إن اللوم ف يغير كنهه ... على ثني من غيك المتردد والثاني: الأمرُ العظيم يقعُ بين القوم، وأصلُه (الحزر. يُقال أثايب خررك وهو حرر لي على وزن بع) وهو منخرق ما بين (الحررين). والثاني: الفساد.

[الثور] والثورُ: الذكرُ من البقر، والثورُ: قطعة من أقِط، والثور: بُرْجٌ من بروج السماء، والثورُ قد يُسمى به السيد وبه كُنى عمرو بن معد يكرب أبا ثور. ومنهم من يقول هو التَّوْرُ - بالتاء- والثاءُ أعمُّ وأحْسَنُ وأعرفُ. ويقول الناس فيما بينهم للرجل البليد يا ثور. والثورُ أيضاً ما كان على وجه الماء من عرمض أو شيء، وذلك من قول الشاعر: إني وقتلى سُليكاً ثم أعقله ... كالثور يُضربُ لما عافت البقر يُقال: إن البقر إذا انتهى إلى ماء فوقه ثور لم ترد البقر. ضرب الثور يعني حتى يتفرق عن وجه الماء. ويقال: بل يضرب الثور الذكر من البقر فيقحمه الماء، فإذا نظرت إليه البقر وارداً وردت. والثوران مصدر ثار يثور ثوراً وثوراناً. يُقال: التقوا قنا هؤلاء في وجوه هؤلاء وثار الغُبارُ، وثار الدخان، وثار القطا نهضت من مواضعها، وثار الدم من وجه فلان إذا تفشى فيه وظهر. وقال في المغرب: "ما لم يسقط ثور الشفق". والثورُ: الحمرةُ التي تظهرُ بعد سقوط الشمس لأنها تضيء وتثور، وثورتُ كدور الماء فثارت، وثورتُ الأمر، وأثرتُ الأسد إذا هجته، وأثرتُ فلاناً إذا هيجته لأمر واستثرت صيداً إذا أثرته من مكمنه. وقال: 1/ 471 أثارت الليث من عريس غيل ... له الويلات مما يستثير ويُقال: ثراهم الله، أي كثرهم الله. والثروة: الكثرة في العدد، إنه لذو ثروة من مال. والثراء - ممدودة- هو عدد المال نفسه. والمُثْري: الرجلُ الكثير الثراء. والثرى

في كل تُراب لا يصير طيناً لازباً إذا بُلَّ. ومن أمثال العرب: "لا تُوبِس الثرى بيني وبينك" قال: فلا توبسوا بيني وبينكم الثرى ... فإن الثرى بيني وبينكم مُثْري والثرى- مقصور - الترابُ. [الثَّوْلُ] الثَّوْلُ كالجنون يصيب الشاة فلا تتبع الغنم وتستدير في مرتعها. يقال: شاة ثولاء بينةُ الثول، ورجل أثول وامرأة ثولاء. قال: تلقى الأمان على حياض محمد ... ثولاء مخرفة وذئب أطلسُ لا ذا تخاف ولا لذلك جرأةٌ ... تهدا الرعيةُ ما استقام الريسُ [ثَيِّب] ويقال: امرأةٌ ثَيِّبٌ ورجلٌ ثَيِّبٌ، الذكر والأنثى فيه سواء، وذلك إذا كانت المرأةُ قد دُخِلَ بها والرَّجُلُ قد دُخِلَ به. [ثَوَيْتُ] ويقال: ثَوَيْتُ في بلد كذا أياماً، أي أقمتُ. قال الله - عز وجل-: {وَمَا كُنتَ

ثَاوِياً فِي أَهْلِ مَدْيَنَ} أي مقيماً. [ثَغْر] ويُقال: للفم ثغر. قال: وحتى لوان السف ذا الرأس عضي ... لما ضرني من فيه نابٌ ولا ثغر والسفُّ: الحيةُ التي تطير في الهواء. [الثَّنَاءُ] والثناءُ في المدح لا غير، والثنا - مقصور- يكون في الخير والشر. قال عنترة: أثنى علي بما علمت فإننـ ... سمحٌ مخالقتي إذا لم أُظلم [الثمر] الثمرُ: حملُ الشجر، والولدُ: ثمرةُ القلب، والثمرُ: أنواعُ المال. والعربُ تُسمى المال ثمراً، والعقلُ المثمرُ: عقلُ المسلم، والعقلُ العقيم عقل الكافر. [الثُّلَّةُ] والثُّلَّةُ: الجماعةُ من الناس الكثير. قال عز وجل: {ثُلَّةٌ مِنْ الأَوَّلِينَ * وَثُلَّةٌ مِنْ

الآخِرِينَ}. والثُّلَّةُ: قطيعٌ من الغنم غير كثير. قال: آليتُ بالله ربي لا أسالمهم ... حتى يُسالم رب الثَّلَّةِ الذيبُ [الثُّعْل] والثُّعْل: زيادة تكون في أطباء الناقة والبقرة وضرع الشاة. والثعول من الشاء: التي تُحْلَبُ من ثلاثة أمكنة وأربعة للزيادة التي في الضرع. قال: وذموا لنا الدنيا وهم يرضعونها ... أفاويق حتى ما يدر لها ثُعلُ والأفاويق: ما اجتمع من الببن في الضرع، والفواق: قدرُ رجوع اللبن إلى الضرع. وثُناء - ممدود- غير مصروف 1/ 472 من قولك: جاء القوم ثُنَاء ثُنَاء، وأُحادَ أُحادَ، وثُلاثَ ثُلاثَ، أي جاؤوا اثنين اثنين وثلاثة ثلاثة. والثناءُ - بالمد والكسر - بمنزلة الفناء للدار. [ثِمالٌ] ثمالُ اليتامى، أي غياثُهم، ويُقال للذي يكون فيه شراب الحمار في جوفه ثميلة والجمعُ ثمايل. وقال بعضهم: ما في ثمايل الحُمُر. وقال بعضهم: ثميلةُ: البطن خاصة ما يكونُ فيه الطعام والشرابُ، والجمع ثمايل. وقال: الثُّمْلَةُ: الحبُّ أو

حرف الجيم

التمر أو السويق يكون في الوعاء نصفه فصاعداً، والجميع ثمل. والثُّمْلَةُ ما أخرجتَ من أسفل الركبة من الطين والتراب، والجمع ثمل. والثُّمَالَةُ: الرغوة، والجمع الثُّمالُ. وقال بعضهم: الثَّمْلَةُ والثَّمَلَةُ: الخِرْقَةُ والمُشَاقَةُ تُغْمَسُ في القطران فيُطْلَى بها الجَرَب في الإبل. ويُقال لها الرَّبَذة أيضاً. وقال بعضهم: الرَّبْذَةُ: خرْقَةُ المحيض. وقال بعضهم: "إنما أنْتَ ربْذَةُ الرَّبَذِ" أي منتن لا خير فيك مثل: "ثأطةٌ مُدت بماء" يُضربُ للرجل إذا اشتد موقه وحمقه. والثَّاطَةُ: الحمأةُ، فإذا أصابها الماء ازدادت فساداً ورطوبة. حرف الجيم الجيم شجرية، وسميت شجرية- لأن مبدأها من شجر الفَمِ وهو مفْرَجُه والجيم أخت الشين في المنطق، والعرب تؤنثها، تقول: هذه جيم، وعددها في القرآن أربعة آلاف وثلاثمائة واثنتنان وعشرون جيماً، وعدده في غيره ثلاثة آلاف ومائتان وثلاثة وسبعون. وعددها في الحساب الكبير والصغير ثلاثة، وهذه صورة الثلاثة في الحساب الهندي. [الجَدُّ] الجَدُّ: أبو الأب. والجِدُّ: نقيضُ الهزل. وقولهم: أجَدَّك- بفتح الجيم - يستحلفُه بجدِّه أي ببخته. وقولهم: أجدك - بكسر الجيم وفتح الدال - يستحلفه بجده وحقيقته. تقول: جد فلانُ ف يأمره إذا كان ذا مضاء وحقيقة، وأجدَّ في السير إذا انكمش، أي عزم ومضى فيه. والجُدَّادُ: الخيوطُ المعقدةُ، وهي مُعربةٌ، يقالُ

لها بالنبطية كُدادا. قال الأعشى: ..................... ... والليلُ غامرُ جُدادها أي الخيوط يسترُها الليلُ بسواده. والجدادُ جمعُ الجدود من الأتُن. والجَدْجَدُ: النفنف الأملس، ومفازةٌ جَدْجَد. والجَدَّاءُ: المفازةُ اليابسة 1/ 473 التي لا نبات بها، وكذلك السَّنَةُ الجَدَّاء، ولا يقال: عامٌ أجدّ: وشاةُ جداء: يابسة اللبن ومقطوعةُ الأذن أيضاً، وناقة مقطوعة الأذن أيضاً، وناقةٌ جدود، وجدادُ النخل: صِرامُها. والجبُّ: قطعُ الشيء من أًله. والجدُّ: قطعٌ أيضاً، وكذلك الجُدُّ: قطعٌ مستأصلٌ. [الجَزُّ] والجزُّ للشعر والصوف والحشيش ونحوه. قالت الخنساء: جززنا نواصي فرسانهم ... وكانوا يظنون أن لا تُجزا وكان العرب إذا أسر الفارس منهم فارساً جزَّ ناصيته وأطلقه. [الجُرْجور] والجُرْجُورُ: الكاملة، يُقال: مائة جرجور، كما يقال: مائة كاملة. قال الأعشى: يهبُ الجلة الجراجر كالبستان ... م تحنو لدردق أطفال

الجِلَّةُ الجراجر: السِّمَان. يُقال: مائة جُرْجُور جبار عظام. البُستان: نخل. تحنو: تعطفُ. الأطفال: الفُصلان. قال الكميت: ومقل أسقتموه فأثرى ... مائة من عطائكم جرجورا وقال بعضهم: الجُرْجُورُ: الكرام. يقال للمرأة وغير المرأة، واحتج ببيت الأعشى. [الجَدْعُ] والجَدْعُ: قطعُ الأنف والشفَة. قال: ........................ ... وأنفُ الفتى من وجهه وهو أجدعُ والجداع: السنة التي تُذهب كل شيء. [جَلَف] ويُقال: سنةٌ جالفة وجارفةٌ، وسنون جوالف وجوارف، ورجلٌ مجلفٌ قد جلفهُ الدهْرُ، أي أتى على ماله، وهو أ] ضاً مجرف" قال الفرزدق: وعض زمان يا بن مروان لم يدع ... من المال إلا مُسحتا أو مُجلف وجلفتُ اللحم عن العظم، واللحم عن الجلد، والطين عن الأرض".

والريح تجفل السحاب الخفيف من الجهام، أي تستخفه فتمضي به، واسم ذلك السحاب: الجفل. والجفالُ والجُفُولُ: سرعةُ العدو. وانجفل الليل والظل: إذا ذهب. والإجفيلُ السريعُ من كل شيء. [الجالبة] والجالبةُ والجوالبُ من الدهر: حالاتُ تجيء بآفات. [الجِبِلُّ والجِبِلَّةُ] والجِبِلُّ والجِبِلَّةُ: الخَلْقُ، وكل أمةٍ مضت فهي جبلة علىحدة. وقال الله - عز وجل-: {وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلاًّ كَثِيراً}. 1/ 474 وقال تعالى: {وَالْجِبِلَّةَ الأَوَّلِينَ}. وأما الجبلُ فمن خفف اللام جعله مثل قتيل وقِتْل، وجبيل وجبل، وهو الخلقُ. ومن قال: جُبُلاً فهو على -ثقل- الجبلة، ومعناه واحد. وجُبِلَ الإنسان على كذا، أي طُبع، وأُجْبِلَ الإنسان على كذا، أي طُبع، وأجْبَلَ القوم: صاروا في الجبال، وتجبلوا دخلوها. [الجُبُنُّ] والجبنُّ - مُثَقَّل - وهو الذي يؤكل، والواحدة جُبُنَّة، وقد تجبنَ الرجلُ إذا صار كالجُبْنِ. [الجَزَرُ]

والجَزَرُ: معروفٌ، والواحدة جزرة. [الجَرَضُ] والجَرَضُ: الغصُّ بالريق عند الموت، والجرَضُ: اختلاف الفكين عند الموت. والجريضُ في قوله: "حال الجريضُ دون القريض". الجريضُ: الغُصَّة، والقريضُ: الجِرَّة. حالت الغُصَّة دون الجِرَّة، فذهبت مثلاً في الأشياء. ومات فلان جريضاً، أي مريضاً مغموماً، وقد جَرِضَ يَجْرَضُ جَرَضاً شديداً. ورجلٌ جُراض، أي كبير. [الجَمْشُ] والجَمْشُ: حَلْقُ النُّورة، وركبٌ جميش، أي محلوق، والجمشُ: المغازلة يقرصُها ويلاعبها ويغازلها. [الجرسُ] والجَرْسُ: الصوت نفسه. ويقال: جرستُ الكلام، أي تكلمتُ به. والجرسُ مصدرُ الصوت المجروس. وجرسُ الحرف نغمةُ الصوت، والحروف الثلاثة: الحروف التي لا جروس لها، وهي الياء والواو والألف. وسائر الحروف مجروسة.

[الجِلْسِيُّ] والجِلْسِيُّ: ما حول الحدقة. قال بعضهم: الجلسيُّ: ما حول العين، قال الشماخ: فأضحت على ماء العُذيب وعينها ... كوقب الصفا جلسيها قد تغورا أراد ظاهر عينها الذي كان بادياً قد غار. [الجِنْسُ] والجِنْسُ: كل ضرب من الشيء، ومن الناس، والطَّيْرُ، وحدود النحو والعروضن والأشياء جملة. والجميعُ: الأجناس. 1/ 475 [الجِبْسُ] والجبسُ: الجبانُ الرديء، وهو أيضاً اللئيم من الناس قال: تبجست تهجو رسول المليك م .... قاتلك الله جبساً لئيما [الجِفْسُ] والجِفْسُ يقالُ لغة في الجبس وهو الجفيسُ، [جِلْفٌ] ورجلْ جِلْفٌ: جافٍ في خلقَتِه وأخلاقه.

[جَبَرَ] وجبَرْتُ الكسرَ فجَبَرَ. قال العجاجُ: * قد جبرَ الدين الإله فجَبَر * وجبرتُ فلاناً فاجتبر إذا نزلت به فاقةٌ فأحسنتُ إليه. وأجبرتُ فلاناً على ما لا يريد، وأجبره القاضي على تسليم ما قضى عليه. [جَرْباء] وأرضُ جرباء: مقحوطةٌ لا شيء فيها، والجربياء: شمالُ باردة. [الجوارُ] والجِوارُ والجُوارُ: المجاورة. [جَيْرِ] ويقولون: جيرِ في معنى أجل. قال الطفيلُ: وقلن ألا البردي أولُ منزل ... بلى جير إن كانت رواء أسافله

وتقول" فعلتُ هذا من جريرتك ومن جراك [أي] من أجلك. قال أبو النجم: فاضت دموع العين من جراها ... واهاً لريا ثم واهاً واها وقال: رسم دار وقفتُ في طلله ... كدت أقضى الحياة من جلله [الجُمَاءُ] والجُماءُ: قدرُ الشيء ومحزرته. تقولُ: هم جماء مائة. كقولك: زُهاء مائة. [الجِلاء] والجِلاءُ - بكسر أوله والمدّ - من جلوتُ الشيء. والجلاءُ- بفتح الجيم والمدِّ - بياضُ يوم، تقولُ: ما أقمتُ عنده إلا جلاء يوم واحد، أي بياض [يوم] واحد كما قالوا: سوادُ ليْلَة. وجلاَ الصَّيْقَلُ السيفَ، وأمرٌ جليٌّ، أي واضح، والله - تعالى

- (يجلي) الساعة، [أي] يُظهرها كقوله-تعالى-: {لا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلاَّ هُوَ}. ويقال للمريض: جلا اللهُ عنكَ المرض، وجليتُ عن البيان وعن الشيء إذا أظهرتُه. وتجليتُ الشيء: نظرتُ إليه. وجلوتُ العروس فهي مجلوةُ. والجلا- مقصور- هو الإثمد سُمي به لأنه يجلو البصر. والجلاءُ من جلا الرجلُ من بلده يجلو جلاء، لغة أهل الحجاز. وقال عز وجل: {وَلَوْلا أَنْ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ الْجَلاءَ}. وقيسٌ وتميم يقولون: جلا الرجل من بلده يجلو جلواً وجلاءً. والجالي: الخارج عن بلده. قال: أتجلين في الجالين أم تصبرين لي ... على خبر نجد والكريم صبور والجالي يجلو الصقر. وتقول: أجليناهم عن بلادهم فجلوا. والجاليةُ هم أهلُ الذمة الذين جلوا من أرض إلى أرض، والجميع 1/ 476 الجوالي. ويُقال: أجلوا عن القتيل - بالألف - لا غير. وقيل لهم: جوالي لأنهم جلوا عن مواضعهم. والجلا: انحسارُ الشعر عن مقدم الرأٍ. والجلا: كُحْلَ يَجْلو البصر. قال الشاعر: وأكحلك بالصاب أو بالجلا ... ففقح لكُحلك أو غمض ويروى بالجلاء، وهو حُكَاكَةُ الحجر. وأسْعَطَك، وأنْشَغَكَ، والنَّشُوغُ - بالعينِ والغينِ - وهو السَّعُوطُ. ومعنى فَقِّحْ: افتح عينك. يُقال: قد فَقَّحَ الجِرْوُ: إذا فتح عينه. فَقَّحَ الوَرْدُ إذا انفتح.

[الجُنُونُ] والجنون معروف، وهو المَجَنَّة، ورجلٌ مجنون والجمعُ مجانين. وقال: شكوتم إلينا مجانينكم ... ونشكو إليكم مجانيننا فلولا المعافاة كُنا كهم ... ولولا البلاء لكانوا كنا وبه جنونٌ ومَجَنَّة وجنَّة. وأرضٌ مجَنَّة: كثيرة الجِنَ. والجَنَانُ: رُوعُ القلب. وجَنَّ الليلُ يجُنُّ جناً ومَجَنَّةُ، وأجَنَّة الليلُ وجَنَّ عليه الليلُ. قال عز وجل: {فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَباً} وجنانُ الليل: مصدر. قال دريد بن الصمة: ولولا جنان الليل أدركَ ركضنا ... بذي الرمث والأرض عياض بن ناشب ويروى: ولولا جنونُ الليل، أي: غطاؤه وسواده. وما جَنَّكَ من شيء فهو جنان. قال ابن أحمر الباهلي: جنانُ المسلمين أودُّ مساً ... وإن جاورت أسلم أو غفارا يقول: دخولك في المسلمين أو ذلك، وجاورت أي سوادهم. يقول لناقته. والمِجَنُّ: التُّرْسُ. والجنينُ والجِنُّ وسموا بذلك لاستتارهم عن

العيون. والملائكة - عليهم السلام - سُموا جناً وجنَّة لتواريهم عن أعين الناس. قال الله - عز وجل-: {وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً} معناه: وبَيْنَ الملائكة. وقال الأعشى في صفة سليمان عليه السلام: وسخر من جن الملائك تسعةً ... قياماً لديه يعملون بلا أجر أراد بالجن الملائكة وأضافهم إليه لاختلاف اللفظين. وربما أوقعت العرب الجن على الإنس، والإنْسَ على الجن إذا فُهشم المعنى ولم 1/ 477 يدخلْه التباس. قال الله - عز وجل-: {فِي صُدُورِ النَّاسِ * مِنْ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ} أراد في صدور الناس جِنَّهم وناسهم. وقال بعضٌ: كل مستجنٌ فهو جني، ومنه الجنين في البطن، والجنين في القبر. قال-تعالى-: {وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ}. قال عمرو بن كلثوم: ولا شمطاء لم يترك شقاها ... لها من تسعةٍ إلا جنينا تخبر أنها قد دفنتهم كلهم، والجنين: المقبور. الأصلُ فيه إلا مُجناً فصرف من مُفْعَل إلى فَعِيل كقوله-تعالى-: {الْكِتَابِ الْحَكِيمِ} أراد المُحْكَم. ويقولُ

عمرو بن معد يكرب: أمن ريحانة الداعي السميع ... يؤرقني وأصحابي هجوعُ أراد المُسْمع، فصرف من مُفْعِل إلى فَعيل، والعربُ إذا مدحوا رجلاً بالشدة والنجدة سموه جنيناً تشبيهاً بالجن. قال النابغة: سهكين من صدأ الحديد كأنهم ... تحت السنور جنةُ البقار وقال حاتم: عليهن فتيان كجنة عبقرٍ ... يهزون بالأيدي الوشيج المقوما عبْقَر: أرضٌ تسكنها الجن فصارت مثلاً لكل منسوب إلى شيء رفيع. ومنه الحديث في عمر (فَلم أرَ عبقرياً يفري فرية) أي يعمل عمله ويقول قوله ونحو هذا. قال زهير بن أبي سلمى: بخيل عليها جنةٌ عبقرية ... جديرون يوماً أن ينالوا فيستعلوا وكذلك إذا استحسنوا امرأة قالوا: هي جنية. قال المقنع الكندي: وفي الظعائن والأحداج أملح ... من حل العراق وحل الشام واليمنا جنية من نساء الإنس أحسن من ... شمس النهار وبدر الليل قد قُرنا وقال:

جنيةٌ أم لها جن تعلمها ... رمى القلوب بلا قوس ولا وتر والجُنةُ: الدرعُ، وكل ما وفى فهو جنة. والجنةُ: البستان. قال: وإذا أهل جنة حفظوها ... حين تغشى نوائب وحقوق 1/ 478 بذلوها لابن السبيل وللعافي م ... وللمعتفين فيها طريق وجف الشيء يَجِف ويَجَفُّ جفوفاً لغتان، وجفَّفْتُ الثوب تجفافاً - بفتح التاء - يكونُ مصدراً. والجماجم من الرجال السادة الكرام. قال: سمت بنا إن مسنا ريب حقبةٍ ... أصاب ثناها من معد جماجما والجُداءُ: مبلغَ حساب الضرب. يُقال: ثلاثة في ثلاثة: جُداءُ ذلك تسعة. والجدي - مقصور بمعنى الجدوى، وهي العطيةُ. وجَلْوَى: اسم فرس مشهور في الجاهلية لبني يربوع. جَلََعْبَي هو شديد العين. [الجَذَع] والجذع من الدواب معروف. والجَذَعُ: الدهر يسمى جذعاً لأنه جديد. قال: يا بشرُ لو لم أكن منكم بمنزلة ... ألقى على يديه الأزلَمُ الجذعُ أرادَ الدَّهْرَ. وقال بعضهم: الأزْلَمُ الجذَعُ في هذا الموضع: الأسدُ. وهذا

خطأ. وإنما هو الدهر. يقول: لولا أنتم لأهلكني الدهرُ. والجَذْع - بفتح الجيم وتسكين الذال - حبسُ الدابة على غير علفٍ. وجِذْعُ النخلةِ معروف. [جَرْع] وجَرْعُ الماء جمعه جراع، فإذا جرعه مرةً قُلْتَ اجترعه، وإذا تابع مرة بعد مرة قلت: يتجرعه. قال الله- عز وجل-: {يَتَجَرَّعُهُ وَلا يَكَادُ يُسِيغُهُ}. وقال الشاعر: * الجَرْعُ أروى والرشيفُ أشْرَبُ * أي جَرْعُ 1/ 479 الماء أروى لك، وترشُّفُك إياه ترَشُّفَاً أطول لمتاعك به. [الجَعْرُ] والجَعْرُ: ما يبس في الدُّبُر من العَذِرَة أو خرج يابساً. وفي الحديث أنَّ عُمَرَ - رحمه الله- قال: (إني رجلٌ مِجْعَارُ البَطْنِ) ويقال للكلب الأجعر يجْعَرُ جَعْراً. وقال بعضٌ: يُقال ذلك لكل كلبٍ أو سَبُع. والضَّبُع تُسمى جعارِ وأمّ جعارِ لكثرة جَعَارِها. [الجُعَلُ] والجُعَلُ: دابةٌ من هوام الأرض، والجميع جِعْلان. وفي الحديث (لينْتَهِيَنَّ أقوامٌ

عن عيبة الجاهلية بالآباء وليكونُنَّ أهونَ على الله من الجِعْلان). ورَجُلٌ جُعَلُ: لَجُوجٌ مؤذٍ. [الجُعْبُوبُ] والجُعْبُوب من الرجال. الدَّنيء، والجِعِبَّاءُ: اسمُ الدُّبر. [جُمَاعُ] وجُمَاعُ كل شيء: مجتمع خَلْقِه. وضربتُ فلاناً بجُمْع كفي، وجُمْع - بضم الجيم وكسرها. وصاحبُ الكسر يقول: أعطيته من الدراهم جمع الكف كقولك: مِلْءَ الكَفِّ. ويقال: ترك فلانٌ امرأته بجُمْع وسار، أي تركها وقد أثقلت. وقال بعضٌ: ماتت بجُمْع، أي ماتت وهي عذراء. وقالت الدهنَاءُ بنت مسحلٍ امرأةُ العجَّاج حين نشزت عليه للوالي "أصْلَحَك اللهُ، إني منه بجُمْع، أي حامل، وقيل: بجُمْع، أي عذراء لم يقتضني". وجمعٌ موضع سُمّيَ لاجتماع الناس فيه. ويوم الجمع: يوم القيامة. [جَعِمَ] وقد جَعِمَ الرَّجُلُ يجْعَمُ إذا قَرِمَ إلى اللحم. والجعماء من النساء التي أنكر عقلها هرماً، ولا يُقال للرجل أجْعَم. ورجلٌ جعْظَرِيّ وجِعْنِطَار وجَعْنَظَر والجِنْعِظ وجواظة. كلُّه الأكولُ وحضوضي. من أسماء النار. والجَمْجَمَةُ أن لا تبينَ

كلامك من غير عِيّ قال: لعمري لقد طال ما جمجموا ... فما أخروه ولا قدموا والجاشِرِيَّةُ: شُرْبُ السحر ونصف النهار. والجِرِشَّي: النفسُ قال: بكى جزعاً من أن يموت وأجهشت ... إليه الجرشي وأزمعلَّ حنينها ونسخة: جنينها. أجهش الرجل إجهاشاً إذا تهيأ للبكاء. ورجلُ جريش: ذو صرامةٍ ونفاذ. وطامٌ جشبٌ ليس معه أُدْمٌ. والجصُّ: معروف، وهو من كلام العجم، ولغة أهل الحجاز فيه القص. وجشمتُ الأمر جشماً 1/ 480 وجشامةٌ: تكلفته وتجشمتُه، وجشمني فلانٌ وأجشمني أمراً، أي كلفني. والجِنَازَةُ: الإنسانُ الميتُ، والشيء الذي ثَقُلَ على قوم واغتمُّوا به هو أيضاً جنازة. قال صخر: وما كنتُ أخشى أن أكون جنازة ... عليك ومن يغتر بالحدثان فأما الجنازة فهو خشب الشرْجَع وينكرون قول من قال: الجنازة: الميت. وعن ابن الأعرابي: الجنازةُ - بالكسر- سرير الميت، والجنازةُ - بالفتح - الميتُ نفسه. وأنشد:

كان ميتاً جنازة خير ميت ... غيبته حفائر الأقوام وإذا مات الإنسان فإن العرب تقول: رمي في جنازته فمات، وقد جرى في أفواه العامة الجنازة -بفتح الجيم- والنحارير ينكرونه. ويقال: طعن في جنازته وفي نبطه، ومعناه: [مات]. [الجزاف] والجزاف في/ الشراء والبيع، دخيل وهو بالحدس لا بكيل ولا بوزن، تقول: مصعته واشتريته بالجزافة والجزاف، وقال: الجزاف والجزاف في البيع، وليس الجزاف بشيء. والجبر: البخيل من الناس. [الجزم] والجزم: الحرف إذا سكن آخره بلا إعراب. والجزم: ضرب من الكتابة وهو تسوية الحروف، وقلم جزم لا حرف له، ومن القراءة أن تجزم الكلام جزماً وتضع الحروف مواضعها في بيانٍ ومهل. والجزم: القطع أيضاً. وجزم على الأمر إذا سكت عليه، وفعل ذلك جزماً. والجزم: أن تشتري حمل النخل قائماً في أكمامه. تقول: اشتريت جزم نخل فلانٍ،

أي اشتريتُ حِمْلَه. وجدف لغة في جدث، وهو القبر. [جدير] ونقولُ: فلانٌ جديرٌ لذلك الأمر، أي خليق له، وما كان جديراً. ولقد جدُرَ جدارَةً، وأجْدِرْ به أن يفعل ذلك. قال: .................... ... جديرون يوماً أن ينالوا فيستعلُوا [أجْرَد] ورجُلُ أجْرَدُ لا شعر على جسده. وفي الحديث: (أهلُ الجنَّة جُرْدٌ مُرْدٌ مكحلون) والمشؤوم يُسمى جاروداً. [الجَدِلُ] والجَدِلُ: الشديدُ الجدال والخصومة. والجَدَلُ هو تردد الكلام بين اثنين، وأصله من الجدالة، وهو وجه الأرض. وقيل: الجدْلُ هو الصرعُ فشبه المتجادلين بالمتصاعرين لما يروم كل منهما من كسر صاحبه. قال: قد أركبُ الآلة بعد الآلة ... وأترك العاجز بالجداله يعني يتركه صريعاً على وجه الأرض. [الجِلْدُ]

والجلْدُ: غشاء جسد الإنسان والحيوان كلِّه. يُقال: جِلْدَة العين ونحو ذلك. وقوله- عز وجل-: {وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا} أي لفروجهم. [جُنْد] وكلُّ صنفٍ في الخلق جُنْدُ على حدة. وفي الحديث: الأرواح جنودٌ مُجَنَّدة). [الجِيلُ] والجيلُ: كلُّ صنفٍ من الناس، والجميع أجيال. وجال يجولُ جيلالاً - غير مهموز - فِعْلال. قال: للقَلْبِ من خوفهم جيلالُ والجُولُ: العقلُ. تقولُ: رجلٌ ليس له جولٌ، أي عقل. والجالُ والجُولُ 1/ 483 جانباً البئر، وجالا الوادي: جانباً مائه، وجالا البحر: شطاه، والجمعُ الأجوال. وقال ذو الرمة: إذا تنازع جالا مجهل قُذف ... أطراف مطرد بالخزن منسوج أي تنازع الشراب بينهما. [الجَيْألُ] والجيألُ: الضبع. والجيأل: الداهية.

[الجَدَفُ] والجدَفُ في الحديث (ما لا يُغطّى من الشراب). وجَدَّف الرجُلُ تجديفاً كأنه يستقلُّ ما أعطاه الله - عز وجل-. [الجَدْبُ] والجَدْبُ معروف. والجادِبُ: الكاذب، والجادِبُ العائب. وفي الحديث (جَدَبَ لنا عُمَرُ السمر بعد العشاء) أي عابه وذمَّه. [الجِبْتُ] والجِبْتُ في قول الله - تعالى- تفسيره الكاهن، وتفسيره الساحر. [جَذْرٌ] وجَذْرُ كل شيء أصله، وجَذْرُ اللسان، وجَذْرُ الإنسان، وجَذْرُ الحساب: أصله. وهو الذي يقال له عشرة: في عشرة مائة، يُقال: ما جذره؟ أي: ما مبلغُ تمامه؟

[الجُرَذُ] والجُرَذُ: الذكرُ من الفأر، والجمعُ: جُرْذان. [الجَذَلُ] والجَذَلُ: شدةُ الفرح والسرور. تقولُ: جذلْتُ لهذا الأمر جذلاً، ورجلٌ جذِلٌ وجذْلانُ، وامرأة جَذْلَى. وجِذْلُ كل شيء: أصلُه. [الجاهُ] والجاهُ بمعنى الوجه، فلانٌ له جاهٌ، أي وجهٌ ومنزلةٌ وقَدْرٌ، فأخرت الواو من موضع الفاء وجُعِلَت في موضع العين فصار جُوَهاً ثم جعلوا الواو ألفاً لتحركها وانفتاح ما قبلها فقالوا: جاه. وحكى الفراءُ عن العرب: أخافُ أن تجوهني بشيء، بمعنى تواجهُني. [الجُهْدُ] والجُهْدُ - بالضم- الوُسْعُ والطاقَةُ. قال الله-عز وجل-: {وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ} أي: إلا طاقتهم. والجهدُ - بالفتح - المشقةُ والمبالغةُ. تقولُ: بلغتُ ذلك بجهدي، أي بمشقة. ويقالُ في هذا المعنى الجُهْدُ - بالضم أيضاً - لغة فيه.

والجَهْدُ: بلوغُك غاية الأمر الذي لا تألو عن الجهد فيه. تقول: جَهَدْتُ جهْدي، وجهدتُ فلاناً - بكسر الهاء - إذا بلغتُ مشقته، وأجهدته على أن يفعل كذا وكذا. [الجَلَلُ] والجَلَلُ: الأمر العظيم، والأمرُ الصغير. وهو حرفٌ من الأضداد. قال امؤر القيس: بقتل بني أسد ربها ... ألا كل شيء سواه جلل أي صغير. وقال- في الكبير - الحارث بن وعلة الجرمي: فلئن عفوت لأعفون جللا ... ولئن بكيت لجل ما أبكاني وقال نابغة بني شيبان: 1/ 484 كل المصيبات إن جلت وإن عظُمت ... إلا المصيبة في دين الفتى جللُ أراد سهلة. وقال عمران بن حطان: يا خول كيف يذوق الخفض معترف ... بالموت والموتُ فيما بعده جللُ

معناه: والموتُ سهلٌ فيما بعده. وقال آخر: كل [شيء] ما خلا الموت جلل ... والفتى [يسعى] ويلهيه الأمل فمعناه: كل شيء سهلٌ. [الخَجْخَجَةُ] والخَجْخَجَةُ: كلمةٌ يُكْنَى بها عن الجماع. يقال: بات يُخَجْخِجُها ليلته. ويقال: خجْخَج الرجل عن المشي: إذا توقف عنه. [جَفَّفَ] وجَفَّفْتُ تجْفَافاً أي تجفيفاً، وتجَفْجَفَ الثَّوْبُ بمعنى جَفْ، وكلُّ ما جفَ وانتثَر منه شيء، والذي يَنْتَثِرُ منه يُقال له: الجُفَافة- بالضم-. [الجُفَاءُ] والجُفَاءُ: الباطلُ الذي ليس بشيء. قال الله- عز وجل-: {فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً} قال الشاعر: حميت على العهار أطهار أمةٍ ... وبعض الرجال المدعين جفاء والجفاءُ: نقيضُ البِرُّ، والجفوةُ: نقيض الصلةِ وهي ألزمُ في ترك الصلة من

الجفاء، لأن الجفاء قد يكون [في] فعلاته إذا لم يكن [له لبقٌ] ولا ملقُ. [اجْلَوَّذَ] واجْلَوَّذَ الليلُ: إذا طال وامتدَّ، وكذلك اجْلَوَّذ السيرُ إذا طال. فصلٌ منه قولهم: رجلٌ جَحَّام، فيه قولان: قال قومٌ: الجَحَّامُ معناه: الضيقُ البخيلُ، أُخِذَ من جاحِم الحرب، وهو ضيقها وشدتها. قال: والحرب لا يبقى لجاحمها ... م التخيل والمراح وقال قومٌ: الجَحَّامُ الذي يتحرقُ حرصاً وبُخْلاً، أخذ من الجحيم وهي النار المسْتَحْكِمةُ والمُتَلَظِّيَة. قال: جحيماً تلظى لا تفترُ ساعة ... ولا الحر منها غابر الدهر يبردُ وقال الفراء: الجحيمُ: الجمرُ الذي بعضه على بعض. قال أحمد بن عبيد: إنما قبل للجحيم: جحيم لأنها أُكْثِرَ وقودها، أُخذ من قول العرب: قد جَحَمْتُ النار: إذا أكثرتُ وقودها. قال عمران بن حطان:

يرى طاعة الله الهدى وخلافه ... م الضلالة يُصلي أهلها جاحم الجمر والجحيم تجري، وهو معروف مؤنث في قول قوم، لأن فيه الألف واللام، وكل ما لا يجري إذا دخلت عليه الألف واللام وأضيف أجري وهو مُذكر في قول 1/ 485 آخرين. [جَهَنَّم] وجَهَنَّمُ فيها قولان: قال يونس: وأكثرُ النحويين جهنمُ اسمُ النار التي يُعَذِّبُ الله بها في الآخرة، وهي أعجمية لا تجري للتعريف والعجمة. وقال آخرون: جهنم: اسم عربي سميت نار الآخرة به لبعد قعرها، وإنما لم تجر لثقل التعريف ويقال التأنيث. وعن رؤبة أنه قال: "ركية جهنام" يريد بعيدة القعر. وقال الأعشى: دعوت خليلي مسحلاً ودعوا له ... جهنام جدعاً للهجين المذمم قال أبو بكر: فتركه إجراء "جِهِنَّام" يدل على أنه أعجمي. وقولهم: رجلٌ جاسوس معناه المتجسس الباحث عن أمور الناس. يُقال: تَجَسَّسَ وتَحَسَّسَ بمعنى واحد. هذا إجماعُ أهل اللغة. وفرق بينهما يحيى بن أبي كثير فقال: التجسسُ: البَحْثُ عن عورات الناس. والتَّحَسُّسُ: الاستماع لحديث القوم. وقيل: جاسوس وناموس بمعنى، وأنكر ذلك قومٌ، وقد قُريء: {وَلا

تَجَسَّسُوا} بالجيم {وَلا تَحَسَّسُوا}، بالحاء، والجيم أكثر. وجاء في الحديث (لا تجسسوا ولا تحسسوا) فقال بعض: نُسقت إحداهما على الأخرى، لأن الثانية تخالف الأولى. وقال أهل اللغة: نُسقت لمخالفة اللفظ، والمعنى واحد. وسئل علي بن أبي طالب عن الجاسوس هل هو في القرآن؟ فقال: نعم، قوله- عز وجل-: {وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ}. وقولهم: هَلَمَّ جرّا معناه: سيروا هينتكم، أي تثبتوا في سيركم ولا تُجهدوا أنفسكم، أخذَ من الجر في السوق وهو أن تترك الإبل والغنم تَرعى في السيل. قال الراجز: لطالما جررتكن جرا ... حتى نوى الأعجفُ واستمرا معنى نوى الأعجفُ: صار له نَيٌّ، والنَّيُّ: الشَّحْمُ، والنِيءُ - بكسر النون والهمز - اللحم الذي لم ينضجْ. وجراً في نصبه ثلاثةُ أوجهٍ، قال الكوفيون: نُصِبَ على المصدر، لأنَّ في المعنى جروا جراً. وقال البصريون هو مصدر وُضع موضع الحال. وقال بعض النحويين: نُصِبَ "جراً" على 1/ 486 التفسير. [الجِزْيَةُ] والجزيةُ معناها في كلامهم: الخراج المجعولُ عليهم، وسُميت جزية لأنها

قضاء منهم لما عليهم. أُخذَ من قولهم: قد جزى يجزْي: إذا قضى. قال الله- عز وجل-: {لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً} معناه: لا تقضي ولا تُغني. والمُتَجازي: المتقاضي. وقولهم: أجاز فلانٌ فلاناً جائزة "أصلُ الجائزة أن يُعطى الرجلُ الرجلَ ماء ويجيزه ليذهب لوجهه فيقولُ الرجل إذا ورد الماء: أجزني أي أعطني ماءً حتى أذهب لوجهي وأجوز عنك، ثم كثر هذا في كلامهم حتى سموا العطية جائزة". قال الراجز: يا قيم الماء فدتك نفسي ... أحسن جوازي وأقل حبسي "وأهل المدينة يقولون: قد أمرتُ فلاناً يتجازى ديني على فلان، أ] يتقاضاه. ويقال: أجزاني الشيء: يجزيني فهو مُجْزٍ إذا كفاني. قال أبو الأسود: دع الخمر يشربها الغواة فإنني ... رأيتُ أخاها مجزياً لمكانها فإن لا يكنها أو تكنه فإنه ... أخوها غذته أمه بلبانها ومنه قول الناس قد اجتزأت بكذا وتجزأت به. قال: فإن الغدر في الأقوام عار ... وأن الحر يجزأ بالكراع

فمعناه يكتفي به. قولهم: جاء فلانٌ يجرُّ رجليه معناه جاء مثقلاً لا يقدر أن يحمل رجليه. ويقال: جاء فلانٌ يجر عطفيه، إذا اء متبختراً كأنه يجر ناحيتي ثوبه. ويقال للرجل الفارغ: "جاء يضرب أصدريه وأزدريه". وإذا جاء متبختراً متكبراً: جاء ثاني عطفه. وقال - عز وجل-: {ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ}. وقال الفراء: ثاني عطفه، أي يجادل ثانياً عطفه معرضاً عن الذكر. وقولهم: فلانٌ جهمُ الوجه أي غليظه. قال جرير: إن الزيارة لا ترجي ودونهم ... جهم المُحيا وفي أشباله غضف ويقال: جهمني فلانٌ بكذا، أي تجهمني، غلظ لي في القول وزاد فيه. قال الشاعر: فلا تجهمينا أم عمرو فإننا ... بنا داء ظبي لم تخنه قواهله يريد: فإنا لا داء بنا كما أن الظبي لا داء به. وقولهم: جَلَّ هذا عن الوَصْفِ معناه: عظم شأنه، وقصر عنه الوصف. وجل معناه: عظُمَ من الجلَلِ، والجلَلُ:

العظيم، وكذلك 1/ 487 الجليل هو العظيم من الجللِ. وقولهم: رُطَبٌ جَنِيٌّ معناه: طَرِيٌّ، وأصلُه مجنوٌّ فصرفَ عن مفعول إلى فعيل، كما يقال: مقدورٌ وقدير. يقالُ: قد جَنَيْتُ الثمَرَ أجْنيه إذا تناولته من نخلة. والجني: تناولُ الثمر من النخل. قال الله - عز وجل-: {وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ} فمعناه: ما يُجتني منهما دانٍ قريب. قال المفسرون: إذا كان الرجل قائماً ارتفع الثمر إليه حتى يتناوله، وإذا كان قاعداً أو مضطجعاً تدلى عليه حتى يتناوله، وهو معنى قوله- عز وجل-: {وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلاً}. وقال الشاعر في الجني: وطيب ثمارٍ في رياض أريضة ... وأغصانُ أشجار جناها على قرب. قولهم: فلانٌ جميل معناه: الحسنُ الذي كأنَّ ماء السمن يجري على وجهه، أُخذَ من الجميل، وهو الودَكُ. يقال: قد اجتَمَلَ الرَّجُلُ: إذا أذاب الودك. قال لبيد: أو نهته فأتاه رزقه ... فاشتوى ليلة ريح واجتملْ وقولهم: فلانٌ جَزْلٌ من الرجال معناه: القَويُّ المْحْكَمُ. من ذلك قولهم: قد أجْزَلَ فلان العطية، أي أحكمها وقواها. ويقال: حطبٌ جزلٌ إذا كان محكماً قوياً. وأنشد

الفراء: فمن يأتنا يوماً يقص طريقنا ... يجد حطباً جزلاً وناراً تأججا وقال الخليلُ: الجزْلُ: الحطبُ اليابسُ، والجزْلُ: العطاء الكبير الجزيل، ورجلٌ أجْزَلَ العطاء، وعطاءٌ جزْلٌ، وأجزلَ الرجلُ العطاء. وقولهم: رجلٌ مجْذومٌ معناه: المقطوع بعض اللحم وبعض الأعضاء. يقال: جذمْتُ الشيء أجْذِمُه جذْماً إذا قطعته، وجذم فلانٌ وصل فلان إذا قطعه، وجذمت اليدُ تجذَمُ جذماً: إذا انقطعت، ورجلٌ أجذمُ: مقطوعُ اليد. وعن النبي -صلى الله عليه وسلم -: (ما من أحدٍ حفظ القرآن ثم نسيه إلا لقي [الله] تعالى أجذَمَ) قال أبو عبيد: الأجْذَم: مقطوع اليد، واحتج بقول المتلمس: وهل كنت إلا مثل قاطع كفه ... بكف له أخرى فأصبح أجذما وعن علي (من نكث ببيعة لقي الله أجذم ليست له يد). وقولهم: جمحَراً كقولهم: بَخْ بَخْ، فقدم تقدم ذكره. وتقول فلان من جمهور القوم أي من معظمهم، والجمهور والجمهرة واحدٌ، والجمع الجماهير. والجمهور: الجماعةُ من الناس، والجيل ونحوها. 1/ 488 والجمهرةُ المجتمع. والجمهور: الرملُ الكثير المتراكم

الواسع. قال ذو الرمة: خليلي عوجا من صدور الرواحل ... بجمهور حزوى فابكيا في المنازل والجمهور: الرَّمْلَةُ المشرفة على ما حولها، وهي المجتمعة، وحديث موسى بن طلحة أنه شد دفن رجل فقال: "جمهروا قبره" فهو غير ذلك، وإنما أراد أن يُجمع عليه التراب جمعاً ولا يصير ولا يصلح. وقولهم: فلانٌ جاهلٌ معناه: لا علم له بالأِشياء. مأخوذ من الأرضين المجاهل التي لا أعلام بها يُهتدى بها لطرقها، الواحدة مجهلة. والجهلُ: نقيضُ العلم. تقول: جهل فلانٌ حق فلان، وجهل على فلان، وجهلتُ هذا الأمر، والجهالةُ أن تفعل فعلاً بغير علم، والتجاهُل أن تفعل فعلاً بعلم. وقيل: الجاهل يتعلمُ والمتجاهلُ لا يريد أن يفهم. والجاهل: هو الذي الجهلُ غالبٌ عليه وفيه، والمتجاهل المعتمد للجهل القاصد له بالفعل، وبينهما فرق. والأصم أهون من المتصامم، والأعمى أهون من المتعامي، والناسي أقرب من المتناسي. قال الشاعر: أجهالاً تقول بني لؤي ... قعيد أبيك أم متجاهلينا أي نشدتك بأبيك. وقال أبو بكر الأصفهاني: قل لي تناسيت أم أنسيت الفتنا ... أيام رأيك فينا غير ذي الرأي والجاهلية الجهلاء: زمان الفترة إذ لا إسلام. والجاهلية: جاهليتان، فالجاهلية

الأولى جاهلية إبراهيم عليه السلام وهو قوله- عز وجل-: {وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى} التي وُلِدَ فيها إبراهيم عليه السلام كانوا أهل زينة وأموال، كانت المرأة تتخذ الدرع من اللؤلؤ فتلبسه ثم تمشي وسط الطريق ليس عليها غيره، وكان ذلك في زمان نمرود الجبار وكانوا كفاراً. قال ابن عباس: كانت فترة بين نوح وإدريس عليهما السلام "وكانت ألف سنة وكان بطنان من ولد آدم أحدهما السهلُ والآخر الجبلُ، وكان نساء أهل السهل صباحاً وفي الرجال 1/ 489 دمامةُ، وكان رجال أهل الجبل صباحاً وفي النساء دمامة وإن إبليس أتى رجلاً من أهل السهل في صورة غلام فأجر نفسه منه فكان يعمل له فاتخذ شيئاً" به مثل الذي يبس بها الراعي وهو أول مزمار اتخذ في الأرض فكان يزمر بصوت حسن حتى ركن إليه أهل تلك القرى فجعلوا ينتاوبون منزل ذلك الرجل الذي معه فتتزين النساء ويتبرجن للرجال وإن بعض أهل الجبل أتاهم في بعض تلك الحال فرأى ما رأى من حسن النساء وتبرجهن فأتى أصحابه فذكر لهم ذلك فانتقلوا إليه فنزلوا جميعاً حتى ظهرت الفاحشة فيهم فهو قول الله عز وجل: {وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى} والجاهلية الأخرى التي وُلِد فيها نبينا محمد صلى الله عليه [وسلم] كانوا أهل قشف في المعيشة والطعم والبؤس، وكان الله - تعالى قد وعد نبيه - عليه السلام - أن يفتح عليه الأرض فقال- تعالى- قل لنسائك إذا أدركن ذلك لا يتبرجن تبرج الجاهلية الأولى. والتبرجُ: إبداء المرأة وجهها، وقيل: هو إظهار

محاسنها. والجهل مستقبحٌ بإجماع كما أن العلم مستحسن بإجماع. ويقال: الجهلُ داء والعلم دواء، والجهل عورة تسترُ والعلم زينةٌ تظهرُ، والجهلُ نقيصة يستعاذُ منها، وقد فُسر الجهلُ في قوله- عز وجل- حكاية عن موسى عليه السلام: {أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنْ الْجَاهِلِينَ} يعني السفهاء الذين يسخرون ويهزؤون، والعلمُ فضيلة يُرْغَب إلى الله تعالى فيها، والجهلُ أقبح ما في الإنسان، والعقل أملحُ ما في الإنسان. وقيل: كان عمر رحمه الله- إذا قرأ {يَا أَيُّهَا الإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ} قال: الجهلُ يا ربُّ. وقيل: نزلت في أبي الأشد بن أشد ابن كلدة وكان أعور شديد البطش فقال: أخذت بحلقة من باب 1/ 490 الجنة ليدخلنها مشركين ثم قُتِلَ يوم فتح مكة، وقيل: نزلت في الوليد بن المغيرة المخهزومي، وفيه نزلت: {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً} وكان يسمى الوحيد في قومه، ويقال: وحيداً دعياً، ويقال: لا مال له ولا ولد. وقال الكلبي في الآية الأولى: نزلت في أبي بن خلف. وقوله- تعالى-: {أَتَتَّخِذُنَا هُزُواً}، أي تسخرُ منا وتهزأ، وهذا من غلظ طبعهم؛ وجفاء أخلاقهم نسبوا نبيهم إلى / السخرية والهزء وحاشاه من ذلك. وقومُ نوح- عليه السلام- لما جهلوا فضله عادوه وكذبوه

وسموا أهل الجاهلية بجهلههم الحق، ويقال من جهل شيئاً عاداه، ويقال: المرء عدو ما جهل، ولهذا قال يحيى بن خالد لابنه: عليك السلام بكل نوع من العلم فخذ منه فإن المرء عدو ما جهل، وأنا أكره أن تكون عدو شيء من العلم. وأنشد: تفنن وخذ من كل علم فإنما ... يفوق امرؤ ف يكل فن له علم فأنت عدو للذي أنت جاهلٌ ... به ولعلمٌ أنت تعلمه سلم ومن علامة الجاهل أنك تجده للعالم معادياً وعليه زارياً. وقل ما تكون محنة فاضل إلا من قبل ناقص، وبلوى عالم إلا على يد جاهل. وقال بعضهم: وإني شقي باللئام ولا ترى ... شقياً بهم إلا كريم الشمائل وقال أبو تمام: وإذا أتتك مذمة من ناقص ... فهي الشهادة لي بأني فاضل وقال آخر: فلا غرو أن يُمنى أديب بجاهل ... فمن ذنب التنين تنكسف الشمس "التنينُ: نجمٌ من نجوم [السماء]، وليس بكوكب، ولكنه بياض خفي يكون جسده في ستة بروج من السماء وذنبه دقيق أسود فيه التواء يكون في البرج السابع من رأسه وهو ينتقل كتنقل الكواكب الجواري، واسمه بالفارسية في حساب النجوم الجوزهر، وفي نسخة هشْتُنْبُر، وقيل: ازدها، وهو من النحوس". وقيل

لبزُرُجْمَهِرْ: ما لكم لا تعاتبون الجُهال! فقال: إنا لا نُكلف العُمْيَ أن يُبْصِروا ولا الصُّمَّ أن يسمعوا. قال الخليل بن أحمد: لو كنت تعلم ما أقول عذرتني ... أو كنت أجهل ما تقول عذلتكا لكن جهلت مقالتي فعذلتني ... وعلمت أنك جاهل فعذرتكا عُذْرُك عندي لك مبسوط، والذنبُ عن مثلك محطوط ليس بمسخوط فعال أمر كل الذي يفعل مسخوط. وقال ابن المعتز: نعمة الجاهل كروضة على مزبلة. وقال بعضهم: نعم الله لا تُعابُ ولكن ربم استصبحت على أقوام. وقال: خنازير ناموا عن المكرمات ... فنبههم قدر لم ينم فيا قبحهم عندما خولوا ... ويا حسنهم في زوال النعم وقال آخر: فظ غليظٌ كأن الثور أدبه ... فليس يصلح إلا للمحاريث وقال: كأنه في سوء تأديبه ... علم في كتاب سوء الأدب وقولهم: لا جَرَمَ قال ابن الأنباري: كان الأصلُ فيها لابد ولا محالة ثم كثُرَ استعمالهم حتى جعلوها بمنزلة قولهم: حقاً فصاروا يقولون: لا جرم أنك محسنٌ 1/ 492 على معى حقاً أنك محسنٌ وأجابوها بجوابات الأيمان، ولا جرَم ما أحسنُ إليك فقالوا: لا جرمَ لأحسننَّ إليك. قال الله - عز وجل-: {لا جَرَمَ أَنَّ لَهُمْ

النَّارَ} فمعناه: حقاً لهم النار. وقال بعض النحويين: لا، ردٌّ لكلام، ومعنى جرم: كسبَ. قال الله- تعالى-: {وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ} فمعناه: ولا يحملنكم بُغضُ قومٍ ولا يكسبنكم. وقال: نصبنا رأسه في رأس جذع ... بما جرمت يداه وما اعتدينا معناه بما كسبت يداه. وأنشد الفراء: يا أيها المشتكري عجلاً وما جرمت ... إلى القبائل من فتك وإباس وقال بعض النحويين: معنى جرم: حق من قولهم: جرمتُ إذا حققتُ. قال: ولقد طعنت أبا عيينة طعنة ... جرمت فزارة بعدها أن يغضبوا معناه: حققت فزارة الغضب. ورواه الفراء: جرمت فزارة على معنى أكسبت الطعنةُ فزارة الغضب. وقال ابن قتيبة عن الفراء: جرمت فزارة بالنصب أي كسبتهم الغضب أبداً. وقال: ليس قول من قال: حُقَّ لفزارة

الغضب بشيء". وقال جماعةٌ من النحويين في قوله -تعالى-: {لا جَرَمَ أَنَّ لَهُمْ النَّارَ} لا، رد لكلام ثم ابتدأ فقال: جرم أن لهم النار على معنى أكسب كفرهم أن لهم النار. وفي جرم ست لغات: يقال: لا جرم أنك محسنٌ، وهي لغة أهل الحجاز، ولا جُرْمَ - بضم الجيم وتسكين الراء -، وبنو فزارة يقولون: لا جر، وبنو عامر يقولون: لا ذا جرم أنك قائمٌ. وأنشد الفراء: * إن كلاباً والدي لا [ذا] جرم * ويُقال: لا أنَّ ذا لا جرم وأنك محسنٌ، ولا عن ذا جرم أنك مُحسنٌ. الأمثال على ما أوَّلُه جيم "جاء فلانٌ بالهيل والهيلمان"، "جئنه بالهواء واللواء" أي بكل شيء "جاء فلانٌ بما صاء وصمت" "جاور ملكاً أو بحراً" "الجحْشَ لما بذك الأعيار" "جوِّع كلبكَ يتبعك" "جانيك من يجني عليك" "جلت الهاجنُ عن الولد" ومن أمثالهم: "أُخِذَ البريء بذنب الجاني". قولهم:

جنى ابن عمك ذنباً فابتليت به ... إن الفتى بابن عم السوء مأخوذ آخر: لم أكن من جناتها علم الله ... م وإني بحرها اليوم صالي آخر: وحرب جرها سفهاء قوم ... وحل بغير جانيها العقاب آخر: رأيتُ الحرب يضرمها أناس ... ويصلي حرها قوم براء فصلٌ من الجهل أيضاً الجهلُ: سببُ كل معرة وجالب كل مضرة، وهو المذهب لخير الدنيا والآخرة، لويس حاله أوضع للإنسان، ولا أقبح لذكره، ولا أفضح لقدره، ولا أذم لأمره من الجهل، وهو الداعي للعار والهادي للنار، والمقربُ من الندامة والمبعد عن السلامة. وقال أبو الدرداء: علامةُ الجهل ثلاثٌ: العجبُ وكثرة المنطق فيما لا يعنيه، وأن ينهى عن شيء ويأتيه. قال المتوكل الكناني ثم الليثي: لاتنه عن خلق وتأتي مثله ... عار عليك إذا فعلت عظيم

وقال عمر بن عبد العزيز: "لا يُعدُّ منك من الجاهل كثرة الالتفات وسرعة الجواب". وقال بعض الحكماء: "الجاهلُ إذا انقطع فإلى التجهيل يفزع، والجاهل ميت وإن كان حياً، ومعدوم وإن كان شيئاً، وفقيراً وإن كان غنياً. وقال الشاعر: 1/ 493 وفي الجهل قبل الموت موتٌ لأهله ... فأجسامهم قبل القبور قبور وإن امرءاً لم يحيى بالعلم ميت ... فليس له حتى النشور نشور وقد شبه الجهال بالأموات والدواب. قال: روامل للأسفار لا علم عندهم ... بمودعها إلا كعلم الأباعر لعمرك ما يدري البعير إذا غدا ... بأوساقه الأرواح ما في الغرائر فصلٌ منه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (خالطوا الناس بأخلاقهم وخالفوهم في أعمالهم). وكذلك قال بعض البلغاء: "رب جهل وقيتُ به علماً وسفهٍ حميتُ به حلماً" ولهذا قيل: إنَّ الجهلَ يُدفعُ بالجهل والشر يُمنعُ بالشر، "والحديد يُفْلح بالحديد" قال: قومنا بعضهم يقتل بعضاً ... لا يُفل الحديد إلا الحديد وقال كعب الغنوي: ولن يلبث الجهال أن ينهضموا ... أخا الحلم ما لم يستعن بجهول

حرف الحاء

وقد روي أن النبي - صلى الله عليه [وسلم] كان إذا سافر يستصحب قوماً من الزعارة والجفاء يدرأ بهم عن نفسه جهل ذوي الجهل، فالله أعلم بصحة ذلك. وقال علي بن أبي طالب: لئن كنت محتاجاً إلى الحلم أنني ... إلى الجهل في بعض الأحايين أحوج ولي فرس للحلم بالحلم ملجم ... ولي فرس للجهل بالجهل مسرج فمن شاء تقويمي فإني مقوم ... ومن شاء تعويجي فإني معوج وما كنت أرضى الجهل خدناً وصاحباً ... ولكنني أرضى به حين أحوج فإن قال بعض الناس فيه سماجةٌ ... فقد صدقوا والذل بالحر أسمج آخر: لا تطلب العقل ولا أهله ... فإن أهل العقل قد بادوا والتمس الجهل وأشياعه ... فإن أهل الجهل قد سادوا وقال سُقراط: "ينبغي للعاقل أن يخاطب الجاهل مخاطبة المطبِ للمريض"، وقيل: طبعُ الإنسان الجهل، وطبعُ الجهل اللسان، وطبعُ اللسان المعصية. وقيل: لولا جهلُ الجاهل لما عُرف عقلُ العاقل. حرف الحاء الحاء حرفٌ حلقي "ولولا بُحةٌ فيه لأشبه العين لقرب مخرجهما. وبعد الحاء الهاء ولم يأتلفا في كلمة واحدة أصلية الحروف، وقبح ذلك على ألسنة 1/ 494 العرب لقرب مخرجهما، لأن الحاء في الحلق تلزقُ العين، وكذلك الهاء والحاء ولكنهما

يجتمعان من كلمتين لكل واحدة معى على حدة كقول لبيد: يتمادى في الذي قلت له ... ولقد يسمع قولي حي هل وكقول الآخر: حيهاوة وحيهله، وإنما جمعتهما من كلمتين من حي ومن هلْ. حي كلمة على حدة ومعناها هلُمَّ وهل جئتنا فجعلهما في كلمة واحدة، وكذلك في الحديث (إذا ذُكِرَ الصالحون فحي هل بعمر، ويقال: فحي هلا بعمر، يعني: إذا ذكروا فاذكر أنت عمر". [هَحٍّ] وهحٍّ فجايز في حكاية المتأحِّح مستعمل لأنها في الحكاية أحسن من أحّ، والحكاية يجوز فيها كل تأليف ما يريدون من بيان المحكي، ألا ترى أن الابتداع في الحكايات محتمل جائز عند جميعهم، ولا يجوز الابتداعُ في غير ذلك عندالعرب. والحاء توضع موضع الهاء، يقولون: فلانٌ محتم بأمر فلان أي مهتمّ، والاحتمام والاهتمام واحدٌ، وسُمي الحميم حميماً لأنه يحتم بصاحبه، أي يهتم. ويقال: هو محمٌّ له، أي قريب، ومحِمٌّ إذا كان اهتمامه به. وقال جرير: أما تجزينني ونجي همي ... أحاديث بذكرك واحتمام حاء - ممدودة - قبيلة هي حاء وحكم وقال:

طلبنا الثأر في حكم وحاء. ويقولون: ابن المائة "لا حاء ولا ساء" أي [لا] محسنٌ ولا مسيء، ويقال: لا رجل ولا امرأة، وقيل: لا يستطيع أن يقول: حاء، وهو أمر للكبش عند السفاد، وللغنم عند السقي. ويقولون: حأحأتُ به وحاحيتُ، ولا يستطيع أن يقول: سأ وهو للحمار. يقول: سأسأستُ بالحمار إذا قال: سأ. وقد يقيمون الهاء مقام الحاء لأنها أختها. يقولون: مدهه أي مدحه، والمده، أي المدح، وأجله أي أجلح. وفي كلام الفرس يوجد كثير من ذلك. يقولون: هبيبي يريدون حبيبي، وأهِبّة أي أحبة، وهرج عليك أي حرج عليك، وهُرَذ أي جُرَذ، وأهمد، يريدون أحمد، والحاء قد غلبت العين 1/ 495 والهاء في لغة سعدٍ حيث يقولون: كنتُ محهم في معنى معهم. ومما أبدلت العين فيه حاء قولهم: العَزْم والحَزْم وهو واحدٌ، وكذلك ضبعت الخيلُ وضبحت: إذا أسرعت، وبعثرَ الشيء وبحْثَرَ: إذا أثاره وفرقه، ورجلٌ عفْضَاج وحِفْضَاج كثير اللحم، وعنْظي به وحنْظَى به إذا ندد به، ونزل بعراه وبحراه أي بقربه. وعدد الحاء ف يالقرآن أربعة آلاف ومائة وثلاثون حاء، ستة وسبعون، وفي الحسابين الكبير والصغير ثمانية، وهذه صورة الثمانية في حساب الهندي. الحَقُّ الحَقُّ: نقيضُ الباطل. تقول: حَقَّ يَحِقُّ حقاً معناه وجب يجبُ وجوباً،

وتقول: يحِقُّ عليك أن تفعل ذلك، وحقيقٌ عليك ذلك، وحقيق فعيلٌ في معنى مفعول كقولك: محقوق أن تفعل ذلك، وللمرأة أنت حقيقةً لذلك يجعلونه كالاسم يذكرون ويؤنثون. ويقال: أنت محقوقةٌ أن تفعلي ذلك. قال الأعشى: وإن امرأ أسرى إليك ودونه ... من الأرض موماة وبيداء سملق لمحقوقةٌ أن تستجيبي لصوته ... وأن تعلمي أن المعان موفق ويقال: أحق فلان الحق: إذا أظهره حتى يعرفك أنه حق، من ذلك قوله- عز وجل-: {لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ}. [أحْرِ به] ويقولون: أحْرِ به أن يكون كذا بمعنى أخلق به وأجدر به، وإنه لحري أن يكون ذلك، وإنه لحج بأن يفعل كذا أ] حري والحراةُ: الخليق، كقولك: بالحري أن يكون كذلك. قال الشاعر: إن يقل إنهن من عبد شمس ... فحري بأن يكون وكانا وتقول: ما أحراه وأحرِ بك أن تكون كذا. قال الأعشى: فإن كنت توعدنا بالهجاء ... فأحرِ بمن رامنا أن يخيبا

الحبُّ الحُبُّ نقيض البُغْضِ. وتقولُ: حَبَّ إلينا هذا الشيء فأنا المحبُّ وهو المحبُّ، وحَبَّ إلينا هذا الشيء وهو يحب حباً من غير أن تقول: أحببته، وتقول: حب شيء كذا وكذا بمعنى أحبُّ شيء. قال: منعت شيئاً فأكثرت الولوع به 1/ 496 ... وحبُّ شيء إلى الإنسان ما مُنِعا أي أحبُّ شيء. وقيل: حببتُ الشيء في معنى أحببته، وحبِّ يحِبُّ، وعلى هذا قيل: محبوب. وقال: لعمرك أنني وطلاب مصر ... لكا لمزداد مما حب بُعدا قال: فوالله لولا تمركم ما حببتكم ... ولكنني لم أجد من حبكم بُدا وقوله: لم أجد، يريد: لم أجده، وهو جائزٌ في شعرهم وكلامهم. قال: لم يمنع الناسُ مني ما أردت وما ... أعطيهم ما أرادوا حسن ذا أدبا أراد حَسُنَ هذا أدباً فخفف ونقل ضمة السين إلى الحاء. وقال آخر في

الخفيف المكسورة. فإن أهجُه يضجر [كما] ضجر بازلٌ ... من الأدم دبرت صفحتاه وغاربه يريد: ضجر بازلٌ دبرت صفحتاه، فخفف وسكن. ومثله كثير. [حَبَّذا] حبَّذا إنما هو حَبَّ وذا فجعلوا الشيئين شيئاً واحداً، وقيل: الأصل حَبُبَ ذا، ولا موضع لذا في حبذا لأنها جُعلت مع حبَّ حرفاً واحداً، ولذلك لا يُثنى حبذا ولا يؤنث ولا يجمع، يقال: حبذا إخوتك وحبذا جواريك. والمرفوع بحبذا لا يتقدم لأنه صدرُ الكلام. وحبذا ترفع الأسماء وتنصب ما يأتي بعد المعرفة من النكرة كقولك: حبذا زيدٌ رجلاً وحبذا محمدٌ عالماً رجلاً، وحبذا زيدٌ معناه نعم رجلاً زيدٌ، وحب من المحبة، وذا اسم مبهم للحاضر المذكور المشار إليه وهما كالاسم الواحد. وإذا كان الخبر نكرة رفعت الاسم ونصبت الخبر فقلت حبذا عبد الله رجلاً، نُصِبَ رجلاً على الحال لأنه نكرة، فإن كان الخبر معرفة رفعت فقلت حبذا عبد الله أخونا لأنك وصفت معرفة بمعرفة. قال الشاعر: ألا حبذا حبذا حبذا ... حبيب تحملتُ فيه الأذى ويا حبذا بردُ أنيابه ... إذا أظلم الليلُ واجلوذا اجلَوَّذ الليلُ: إذا طال وامتد.

[حَيْثُ] حيثُ أصلها حوثُ فقلبوا الواو ياء وأعقبوا ضمة تدل على الذاهب وعلى الأصل، وهو مما بُني على السكون ثم كان ما قبل آخره ساكناً 1/ 497 فحُرك بالضم، وفيها أ {بع لغاتٍ: حوثُ وحَوْثَ وحَيْثُ وحَيْثَ، وحَوْثُ لغة طيء على الأصل. قال: تحن إلى الفردوس والحرف دونها ... وأيهات من أوطانها حوثُ حلتِ فقال: حوثُ على الأصل. واللغة العليا حيث ترفعُ الثاء وبها جاء القرآن، وفيها اختلافٌ. قال بعض هي مبنية على الضم، وقال بعض على الفتح، وقال بعض: تجري بالإعراب، وهي أداة للرفع ترفع الاسم بعده. وعن العرب أن اليمن وبني تميم ينصبون حيث في موضع نصب. يقولون: حيث لقيته ونحو ذلك. وقال ابن الأنباري: أصلها حوثُ فعُدِلت عن الواو إلى الياء وجعلت ضمةُ التاء خلفاً من الواو. وهذا قول الكسائي. وقال الفراء: ضُمت لتضمنها حالين، فإذا قلت: عبدُ الله حيث زيدٌ، فمعناه عبد الله ف يمكان فيه زيدٌ، فلما قامت حيث مقام محلين أعطيت أثقل الحركات، وهي الضمة في كل حال ثم قال: [من قال] حيث شبهها بقولهم: من قبلُ ومن بعدُ. ومن قال: حيث شبهها بسوف وكيف، ومن قال: حوث قلب الياء واواً لأن الياء أختُ الواو وأجود. وتقولُ: قعدتُ حيث قعد زيدٌ، أي في المكان الذي قعد فيه، لأن حيثُ لا يكونُ إلا موضعاً. وتقولُ: حيثُ تقعدُ أقْعُدُ، المعنى في المكان الذي تقعدُ فيه أقعدُ وهي للفعل، وذلك أنك إذا قلتَ أكون حيثُ يجلس زيدٌ أحسنُ من قولك: أكونُ حيثُ زيدٌ يجلس، وإنما كان

الفعل بعدها أحسن لأن فهاي معنى الجزاء، والجزاء بالفعل أولى منه بالاسم. ألا ترى أنك تقول: إن تأتني آتك وإن يأتني زيدٌ آته. ويقبحأن تقول: إن زيدٌ يأتني آته. حسْبُ حسبُ مجزوم معناه: كفى. تقول: حسبُك ذلك، أي كفاك ذلك، وقد أحسبك 1/ 498 ذلك أي كفاك، وأحسبني ما أعطيتني أي كفاني. وقولهم: حسبُنا اللهُ أي كافينا الله. منه قوله-تعالى-: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنْ اتَّبَعَكَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ} وقال الشاعر: إذا كانت الهيجاء وانشقت العصا ... فحسبك والضحاك سيف مهند فمعناه: يكفيك ويكفي الضحاك. وقولهم: حسيبك اللهُ فيه أربعةُ أقوال: قال قومٌ: الحسيبُ: العالمُ، ومعنى هذا الكلام التَّهَدُّد، ومعناه الله عالمٌ بظلمك ومجازيك عليه، واحتجوا بقول المخبل السعدي: ولا تدخلن الدهر قبرك حوبةً ... يقوم بها يوماً عليك حسيبُ معناه: يحاسبك عليها عالمٌ بها. وقال آخرون: معناها: المقتدر عليك الله. وقال قومٌ: الحسيبُ: الكافي، فمعناه: كافي إياك الله. وقالوا: لفظه لفظُ الخبر ومعناه

معنى الدعاء كأنه قال: اسأل الله أن يكفيك. وقال قومٌ: الحسيبُ: المحاسبُ، فمعنى حسيبك الله: محاسبك الله، واحتجوا بقول المجنون: وناديتُ يا ذا العرش أول سؤلتي ... لنفسي ليلى ثم أنت حسيبها أي ثم أنت محاسبها. قالوا: فالحسيب هو المحاسب بمنزلة قولهم: الشريب: 1/ 499 المشارب. وأنشد الفراء: فلا أسقي ولا يُسقى شريبي ... ويرويه إذا أوردت مائي معناه: ولا يُسقى مشاربي، ومن الحسيب قوله عز وجل: {كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيباً}. فيه أربعة أقوال: يُقال: عالماً، ويقال: مقتدراً، ويقال: كافياً، ويقال: محاسباً. ويقال: حسبانك على الله، أي حسابك، وقال ذلك بعض بني نمير. وقال شاعرهم: على الله حسباني إذا النفس أشرفت ... على طمع أو خاف شيئاَ ضميرها والحسبُ: الشرفُ في الآباء، وفيه اختلاف، قال قومٌ: هو مآثر الرجل وأفعاله الحسنةُ. وقال قوم: شرف الآباء، ورجلُ كريم الحسب وقومٌ حسباء. وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: (لحسب المال 1/ 500 والكرم التقوى).

وقولهم: فلانٌ حسيب معناه: كريمٌ يَعُدُّ أفعالاً ومآثر جميلة كأنه يحسبها وتُحسب له. وأحسبتُ الرجل إذ أطعمته وسقيته حتى يشبع وتعطيه حتى يرضى. قال شاعر من بني تميم: ونُقفي وليد الحي إن كان جائعاً ... ونحسبه إن كان ليس بجائع نُقفي: نبرُّ ونلطف. والحسبان من الظن، تقول: حسب يحسبُ وقد قُريء بهما. والحسبُ والتحسيبُ: دفنُ الميتِ تحت الحجارة. قال: ................... ... غداة ثوى في الرمل غير محسب ويُقال: غير محسب، أي غير مُكفن. [حَتَّى] حتى لها مواضع شتى، فإذا كانت غاية جررت بها ما بعدها 1/ 501 تقول: أتاني القوم حتى زيدٍ، قال الله- عز وجل-: {فَتَرَبَّصُوا بِهِ حَتَّى حِينٍ}. قال الشاعر: فلا عبيدة توفي بالذي وعدت ... ولا فؤادك حتى الموت ناسيها فإذا وصلتها بشيء فلك الرفع في حال الرفع، والنصبُ في حال النصب،

والجَرُّ في حال الجر. تقول: أتاني القوم حتى زيدٌ أتاني، ورأيتُ القوم حتى زيداً رأيت، ومررت بالقوم حتى زيد مررت به. وتقولُ: أكلتُ السمكة حتى رأسها ورأسُها ورأسِها، ثلاثة أوجه، فالنصبُ بمعنى أكلتُ رأسها، والرفعُ بمعنى وبقى رأسها، والخفض بمعنى حتى انتهيت إلى رأسها. [قال الشاعر]: ألقى الصحيفة كي يخفف رحله ... والزاد حتى نعله ألقاها يُنشد بالرفع والنصب والجر. وتقول: ما زلتُ أسيرُ حتى أدخُلُها بمعنى حتى دخلتها. وقرئ {حَتَّى يَقُول} ويقول. من نصب قال: هو مستقبلٌ، ومن رفع قال: الماضي يحسن من موضعه فتقول: معناه: حتى قال الرسول. قال امرؤ القيس: مطوت بهم حتى تكل غزاتهم ... وحتى الجياد ما يقدن بأرسان ففي "تكلُّ" وجهان الرفعُ والنصبُ على ما مضى من التفسير. وقال آخر: أحب لحبها السودان حتى ... أحب لحبها سود الكلاب والمعنى حتى أحببت، فإذا دخل بين حتى وبين الفعل حاجزٌ رفعت الفعل فتقول: ضربته حتى يتحرك، مجازه ضربته حتى ليس يتحرك. قال حسان بن

ثابت الأنصاري: يغشون حتى ما تهر كلابهم ... لا يسألون عن السواد المقبل مجازه حتى ليس تهر كلابهم، وتكون حتى بمنزلة الفاء والواو. ويقولون: ضربته حتى وجهه محمر، مجازه: فوجهه محمر. قال أبو ذؤيب: حميت عليه الدرع حتى وجهه ... من حرها يوم الكريهة أٍفع مجازه: فهو أسفع. وقال آخر: فوا عجبا حتى كليب تسبني ... كأن أباها نهشل ومجاشع معناه: وكليب تسبني. وقال آخر: فما زالت القتلى تمج دماءها ... بدلجة حتى ماء دجلة أشكل 1/ 502 المعنى فماء دجلة أشكل. ويروى: حتى كليب تسبني بالجر، أراد فيا عجبا لسب الناس إياي حتى كليب. وتقول: إن القوم حتى زيد قيام وحتى زيداً قيامٌ وحتى زيدٌ قيام. الخفض بحتى، والنصب بجعل حتى نسقاً على القوم، والرفع تنوي التأخير كأنك قلت: إن القوم قيامٌ حتى زيد. قال أبو العباس: كأن الناس حين تمر حتى ... عواتق لم تكن تدع الحجالا قيام ينظرون إلأى تلال ... زقاق الحي تنتظر الهلالا

أجاز الفراء في العوائق ثلاثة أوجه: الخفض بحتى، والنصب على النسق، والرفع على معنى التأخير. وتقول: ضربتُ زيداً حتى هو مرجوم، فترفع هو بمرجوم، ومرجوماً بهو، ويجوز: ضربتُ زيداً حتاه مرجوماً فتخفض الهاء بحتى وتنصب مرجوماً على الحال. ويجوز: ضربتُ زيداً حتاه مرجوم، يريد حتى هو مرجوم فتحذف الواو لأن قبل الهاء ألفاً كما قال الشاعر: واكفيه ما بحتي وأعطيه سؤله ... وألحقه بالقوم حتاه لاحق أراد حتى هو لاحق، فحذف الواو. والعرب تقول: حتام عتاؤك، يريدون حتى متى عناؤك كما قالوا: علام، يريدون على ماذا، وعم أي عماذا، وبم أي بماذا. قال الشاعر: فتلك أولات السوء قد طال مكرهم ... فحتام حتام العناء المطول حين الحينُ: الوقت من الزمان. تقولُ: قد حان أن يكون ذاك، وهي تحينُ حينونة ويجمع على الأحيان والأحايين، وحينتُ الشيء جعلتُ له حيناً. والعربُ تضيف الحين إلى الفعل الماضي والمستقبل فتكون إضافته غير محضة فينصبونه. قال: على حين انحنيتُ وشاب رأسي ... فأي فتى دعوت وأي حين وقال النابغة: 1/ 503 على حين عاتبت المشيب على الصبا ... وقلت ألماً تصح والشيب وازع [وقال الشاعر]:

تذكر ما تذكر من سليمي ... على حين المراجع غير دان ومن العرب من يُعربُ اليوم بوجوه الإعراب إذا أضافه إلى الماضي. تقول: أعجبني يوم قام زيدٌ، ورأيته يوم قام زيدٌ، ونظرتُ إلى يوم قام زيدٌ وليس بالوجه. ومن العرب من ينصب فيقول: أعجبني يوم زيدٌ قائمٌ، ورأيته يوم زيدٌ قائمٌ، ونظرت إلى يوم زيدٌ قائمٌ. وتقول: مضى يومئذ بما فيه، ولقيته يومئذ ونظرتُ إلى يومئذ فتنصب اليوم إذا أضفته إلى إذ. هذا هو الاختيار. وحينئذ تبعيدُ قولك الآن فإذا باعدوا باذ قالوا حينئذٍ ثم خففوا الألف فأبدلوها ياء فكتبوا على التخفيف حينئذ. وتقول: لقيت زيداً حين دعاني ولا تقل حيث دعاني، وخرجت حين كلمني ولا تفل حيث كلمني، لأن حيث لا تكون إلا موضعاً، وحين لا تكون إلا وقتاً. قال الله - عز وجل-: {فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ}. والحينُ يوم القيامة. والحَيْنُ - بفتح الحاء - الهلاك. تقول: حان يحينُ، وكل شيء لم يوفق للرشاد فقد حان حيناً. وتقول: حينه الله فتحين، والحائنة النازلة ذات الحين، والجميع الحوائن. قال النابغة: بتبل غير مطلبٍ إليها ... ولكن الحوائن قد تحينُ الحُجَّةُ الحُجَّةُ: الوجْهُ الذي يكون به الظفر عند الخصومة. والفِعْلُ حاجَجْتُه فحَجَجتُه،

واحتججت عليه بكذا، والحُجَّةُ جمعها حُجَج، والحِجَاجُ المصدر. والحجَّةُ - بالفتح - قضاءُ نُسُك سنة واحدة. اولحجة - بالكسر - لغة [قال الله - عز وجل-: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} وحج البيت] وقد قريء بهما، والنصب أحسن. والحجة - بالفتح- شحةُ الأذن. قال لبيد: يرضن ضعاف الدر في كل حجة ... وإن لم تكن أعناقهن طوالا واختلف في هذا البيت فقال بعضهم: الحجةُ: السنةُ، وقال آخر: الحجة شحمة الأذن، وقال آخر: بل الحجة ها هنا سير إلى المواسم. والمحجةُ: قارعةُ الطريق. وقال: ألا أبلغا عني حريثاً رسالة ... فإنك عن قصد المحجة أنكبُ ويقالُ: حججتُ الشَّجَّة أحُجُّها إذا أدْخَلْتُ الميل لتنظر ما سبرها. قال: يحج مأمومة 1/ 504 في قعرها لجف ... فاستُ الطبيب قذاها كالمغاريد واللجف: الاعوجاج، والمغاريد: الصغير.

حَبْل الحبلُ بمعنى الوُصْلَة قال الله-عز وجل-: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً}. أي بعهده وكتابه، يريد تمسكوا به لأنه وصلة لكم إليه، ويقال للأمان: حبل، لأنَّ الخائف مستتر مقموع، والأمر منبسط بالأمان متصرف فهو له حبل أي إلى كل موضع يريده. وقال امرؤ القيس: إني بحبلك واصلٌ حبلي ... وبريش نبلك رائش نبلى يريد أني واصلٌ بيني وبينك. وأصلُ هذا في البعيرين يكونان مقترنين وعلى كل واحد منهما حبلٌ فيقترنان لوصل هذا بحبل هذا. وقال أبو زبيد: ناط أمر الضعاف فاجعتل الليل ... م كحبل العادية الممدود يريد أن مسيره اتصل بالليل كله فكأنه حبلٌ ممدود. والحبلُ: العهدُ، والعهدُ: التواصلُ، ويُجمعُ ذلك على الحبال. قال الأعشى: ووفاءٌ إذا أجرتَ فما غُرَّ ... ت حبالٌ وصلتها بحبال أي ما غر صاحبها منها إذا أعطبتها كانت قوية. وحبائل الموت: أسبابه. وتقولُ: احتبله الموتُ. قال لبيد:

حبائله مبثوثة بسبيله ... وتبقي إذا ما أخطأته الحبائل والحبلُ: الخُلُق وجمعُه حبولٌ، والحَبْلِ: الداهية، وجمعها حبول. قال كثير: فلا تعجلي يا عز أن تتفهمي ... بنصح أتى الواشون أم بحبول وروى أبو عمرو بخبول. والخبلُ: الفسادُ. والمحْبِلُ: الكتابُ الأول. قال: لا تقه الموت وقياتُه ... خُط له ذلك في المحبل ويقال: المحبلُ: خلقةُ الرحم. حَرَج الحَرج المأثم الضيق، رجلٌ حارجٌ: آثِمٌ، وحَرِجٌ وحَرَجٌ، كما تقول: دنفٌ ودَنِفٌ في معنى الضيق من الصدر. وأصلُ الحرج. الضيقُ، فمن الضيق الشك كقوله- تعالى-: {فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ} أي شك. ومن الضيق الإثم، قال الله-تعالى-: {لَيْسَ عَلَى الأَعْمَى حَرَجٌ} أي إثم. فأما الضيق بعينه فقوله-تعالى-: {مَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} أي من ضيق،

و {يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً} معناه: شديد الضيق، ويقال: حرجاً: شاكاً. وقال كعب بن مالك الأنصاري: فيكون عند المجرمين بزعمهم ... حرجاً ويفقهها 1/ 505 ذو الألباب وقال عمران بن حطان: وكذاك دين غير دين محمدٍ ... في أهله حرج وضيق صدور وقد تحرج فلانٌ أي قد تدين وضيق على نفسه. ويقال: قد تحوب يمشي: تحرج. وقال عمر بن أبي ربيعة: قولي يقول تحوبي في عاشق ... كلف بكم حتى الممات متيم والتحوبُ: التفعُّلُ من الحوب، وهو عندهم الإثم. قال الله-تعالى-: {إِنَّهُ كَانَ حُوباً كَبِيراً} أي إثماً عظيماً. وقال الفراء: الحوبُ- بالفتح - المصدر، [والحوبُ - بالضم] الاسم، وقرأ الحسن {إِنَّهُ كَانَ حُوباً كَبِيراً} بفتح الحاء. وقال الفراء: الحائبُ في لغة بني أسد القاتل. والحرجُ: سريرُ الموتى. قال امرؤ القيس: فإما تريني في رحالة جابر ... على حرج كالقر تخفق أكفاني

القرُّ: مركب من مراكب النساء. الحِجْرُ الحِجْرُ والحُجْرُ - بكسر الحاء ورفعها - الحرامُ. وهو حجرُ المرأة وحِجْرها بالفتح والجر، ويقال: الغلامُ في حجر أبيه وحجره - بالفتح والكسر- والفتحُ أكثر اللغتين. وقوله تعالى: {قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ} قال بعض: اللُّبُّ والعقلُ، وقال بعضٌ: القرابة. وقال: يريدون أن يهضوه عني وإنه ... لذو نسب دان إليَّ وذو حجر حِرْم ويُقالُ: حِرْمٌ وحَرامٌ، وحِلٌّ وحَلالٌ. ومن قرأ {وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ} يقول: واجب، ومن قرأ: وحرامٌ، يقول: حَرَّم ذلك عليها فلا تُبْعَث يجوز يوم القيامة. والمُحْرِمُ: الداخِلُ في الشهر الحرام. وقال المخبلُ: وإذ فتك النعمان بالناس محرماً ... فمُليء من عوف بن بكر سلاسله وليس هو من إحرام الحج، ولكنهن الداخلُ في الشهر الحرام. ومنه قول الراعي:

قتلوا ابن عفان الخليفة محرماً ... ودعا فلم أر مثله مخذولا وإنما جعله محرماً لأنه قتل في ذي الحجة، وقال قومٌ: معنى قوله محرماً، أي له حرمة الإسلام، ويُقال للرجل إذا كانت له حرمة: إنه لمحرمٌ. ومنه قول زهير: جعلن القنان عن يمين وحزنه ... وكم بالقنان من مُحل ومُحرم يعني بالمحرم الذي له عهدٌ وحرمةٌ، والمحل الذي لا عهد له قد خرج من العهد 1/ 506 وقال آخر: قتلوا كسرى بليل محرماً ... فتولى لم يشيع بكفن ويقال: أحرمنا دخلنا في الشهر الحرام، وأحللنا: خرجنا من الشهر الحرام إلى أشهر الحل. ويقال: حل من إحرامه يحل حلاً بغير ألف، وقد أحرم. قال أبو عبيدة: يُقال: حلَّ الرجل من إحرام وأحل جميعاً. ويقال: رجلٌ حلالٌ وحِلٌّ. والحلٌّ ما جاوز الحرم، والحلُّ: الحلالُ نفسه. ويقال للرجل الذي لا يرى للشهر حُرمةٌ ولا يتدين باجتناب ما يجتنب فيه: رجلٌ مُحِلٌّ أي قد أحل الحرام، كما قيل لابن الزبير: مُحِل لأنه قاتل بمكة. 1/ 507 ابن أبي ربيعة: ألا إن قلبي معنى غزل ... يحب المحلة من أحب المحل وأحرم الرجل: إذا دخل في عمل الحج وأوجبه على نفسه فهو محرمٌ، وقوم حرام قد أحرموا للحج، وقيل: هو ذو رحم مُحْرِمٍ ومُحْرِمٌ بالرد على هو، والخفض بالرد على رحم.

حَرَمَ تقولُ: فلانٌ حرم فلاناً ما سأله وأحرمه أيضاً، وحرمه أفصح اللغتين، وقد جاء عنهم أحرمه قال: وانبئتها أحرمت قومها ... لتنكح في معشر آخرينا والحرامُ ضد الحلال، والإحرامُ ضده الإحلال، والمحروم ضد المرزوق. [المحدود] والمحدودُ الممنوع وضده المجدود- بالجيم- وهو من الجَدِّ يعني البَخْتَ، إنَّ بخْتَه يُنِيلُه ما يريده، ولقد انصرف عن الشيء من الخير والشر. ويُقال للرامي: اللهم احدده، أي لا توفقه للإصابة، وتقولُ: حددتُ فلاناً عن كذا أي منعته وصرفته عنه. قال النابغة: إلا سليمان إذا قال الإله له ... قم في البرية واحدُدْها عن الفندِ الفَنَد: الزُّورُ، والحدادُ: البوابُ، وكل من حبس شيئاً فهو حداد. قال الأعشى: فقمنا ولما يصح ديكُنا ... إلى جُونةٍ عند حدادها يعني الخمار، والحداد أيضاً: السَّجَّانُ. قال الشاعر: لقد ألِفَ السَّجَّانُ بين عصابةٍ ... يسائل في الإسجان ماذا ذنوبها

وتقول: حدُّ ذا أن يكون هذا، معناه: معاذ الله. قال زيد بن عمرو: 1/ 508 لا تعبدن إلهاً غير خالقكم ... فإن سئلتم فقولوا دونه حددُ والإحدادُ أن تُحِدَّ المرأة على زوجها. تقولُ: أحدت المرأة على زوجها بعد موته فهي مُحد بغير هاء، ويقال أيضاً حدت بغير ألف، ويقال هي لغة النبي صلى الله عليه وسلم. وفي الحديث (لا ينبغي لأحد أن يُحد على ميت أكثر من ثلاثة أيام إلا المرأة فإنها تُحد على زوجها أربعة أشهر وعشراً). والحدُّ: فصلُ ما بين كل شيئين. ومنتهى كل شيء حده. وحدُّ كل شيء: طرف سنانه، واستحد الرجل: إذا حلق عانته أو غير ذلك بموسى، واحتد حده فهو حديد وبه حدة حديدة، وهو ضد الحليم، وهم حديدون بمعنى واحخد. وحاددته عاصيته. ومنه: {يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} معناه: يعادون ويشاقون، وأحددت بصري إلى كذا وأنا أحده إليه. إحداداً، وأحد القومُ إليَّ النظر، وأحددت سلاحي فأنا أحده إحداداً. وقولهم: فلانٌ حظوظ إذا كان ذا حظ من الرزق، ورجل محظوظ ومجدود وجديدٌ. وجمع الحظ: أحظٍ وحُظوظ وأحاظٍ.

والحَظُّ: النصيب من الخير والفضل. والحضُّ - بالضاد - من الحث على الخير، لأن الحثَّ أجمع يكونُ في الشوق والسهر وفي كل شيء. والحُضُضُ والحُضَضُ: دواءٌ متخذٌ من أدواء الإبل يُكْتَحَلُ به. ويقال: حُضُض وحْضَض وحُضَظ - بضم وتُقَدم الضاد وتؤخره، وقيل: حُضّظْ- بضم الحاء وفتح الضاد وبالظاء. ويقال: من الحظ حظةٌ وحظوة وحُظْوة. حال الحالُ: حالُ الرجُلِ. والعربُ تؤنثه. يقال: حالُ حسنةٌ وحالٌ سيئة، وحالاتُ الدهر وأحواله: صروفه. والحالُ: الوقتُ الذي أنت فيه. والحَوْلُ: سنةٌ بأسرها. وأحال الشيء: إذا أتى عليه حولٌ كاملٌ. والحُوَلُ هو الحيلةُ. تقولُ: ما أحْوَلَ فلاناً أي أنه لذو حيلة. والمحالةُ: الحِيلَةُ نفسها. ويقولون في موضع لابُد: لا محالة. وقال: متى ما تزرنا تلقنا لا محالة 1/ 509 ... بقرقرةٍ ملساء ليست بقردد فنون اضطراراً، والوجه ألا ينون. قال النابغة: ولا أنا مأمونٌ بشيء أقوله ... وأنت بأمرٍ لا محالة واقع ورجلٌ حُوَّل: ذو حيلةٍ وحيل. وقال النابغة:

وما غرهم لا بارك الله فيهم ... به وهو فيه قُلبُ الرأي حولُ والمرأة حوله قُلَّبة. وتقول العربُ: هذا رجلْ حواليٌّ إذا كان ذا حيل، ورجُل حول قُلَّبٌ، أي يُقَلِّبُ الأمور ويجيد الحيل فيها. وقال الشاعر: هل تنسأن يومي إلى غيره ... إني حوالي وإني حذر وقيل عن معاوية إنه قال في مرضه: "إنكم لتقلبون حولاً قُلَّباً" يعني نفسه ممتدحاً بذلك. ورجلٌ محوال: كثير مُحال الكلام. والمحال من الكلام ما حُول عن حاله، يقال: كلامٌ مستحيل. والحائل المتغير اللون. والحائلُ: كل شيء تراه يتحرك من مكانه ويتحول من موضع إلى موضع ومن حال إلى حال. وقال: رمقتُ بعيني كل شيخ وحائل ... لأنظر قبل الليل كيف تحولُ والناقةُ الحائلُ التي لا تحملُ تلك السنة، وكذلك كلُّ حاملٍ منقطع عنها الحملُ سنة أو سنوات فهي حائلٌ حتى تحمل. تقولُ: حالت تحولُ حيالاً وحؤولاً. والحالُ: الترابُ الليِّن الذي يُقالُ له: السهلة. والحوالةُ: إحالتُك غريماً وتحويلُ ماء من نهر إلى نَهْر. حِنّ الحِنُّ: حَيٌّ من الجنِّ، يقالُ منهم الكلابُ السودُ البُهْمُ. تقول: كَلْبٌ حِنّي. أبو

رجاء العاردي قال: سمعتُ ابن عباس يقول: السُّودُ من الكلاب الحِنُّ، والبُقْعُ منها الجِنُّ" ويقالُ: إنَّ الحِنَّ ضَعَفَةُ الجِنّ، كما أنَّ الجني إذا كفر وظلم وأفسد قيل: شيطان ماردٌ قوي على البنيان والحِمْلِ الثقيل وعلى استراق السَّمْع [فإذا زاد] فهو ماردٌ، فإنْ زاد فهو عفريتٌ، فإن زاد فهو عبقري، كما أن الرجل إذا قاتل في الحرب فأقدم ولم يُحْجِمْ فهو الشُّجَاعُ، وإنُ زاد فهو بطلٌ 1/ 510 وإن زاد فهو بُهْمَة، فإن زاد فهو أليسُ. هذا قولُ أبي عبيدة، وبعضٌ يَزْعُم أنَّ الحِنَّ والجِنَّ جنان وذهبوا إلى قول الأعرابي الذي أتى بعض الملوك ليكتب في الزَّمْنَي. قال: إن تكتبوا الزمني فإني لزمن ... وظاهر الداء وداء مستكن أبيت أهوي في شياطين تُرِنَ ... مختلفٍ نجواهم جِنّ وحِنّ والحنينُ: معروفٌ، وحنينُ الناقةِ على معنيين، وحنينُها: صوتُها إذا اشتاقت إلى ولِدها، [وحنينُها نزاعها إلى ولدها] من غير صوت. قال رؤبة: حنت قلوصي أمس بالأردن ... حِنَّي فما ظُلمت أن تحِنّي والحَنَّانَةُ: الجِذْعُ الذي يَخْطُبُ عليه النبي - صلى الله عليه وسلم- ثُمَّ تحولَ إلى المنبر فحنت إليه حتى ضمها إليه فسكنت وسُميت الحنانة. والحنَانُ الرحمة، والفعل منه التَّحَنُّنُ. قال امرؤ القيس:

ويمنحها بنو شمجي بن جرم ... معيزهم حنانك ذا الحنان أي رحمتك يا رب. وتقول: حنانكَ وحَنَانَيْكَ بمعنى. وحَنانَيْكَ أي رحمة بعد رحمة، ومنه قوله-تعالى-: {وَحَنَانَاً مِنْ لَدُنَّا} أي رحمة من لدنا. وتقول: حنانيك يا فلان افْعَل كذا يُذَكْرُه الرَّحْمَة. قال طرفة يخاطب النعمان بن المنذر: أبا منذر أفنيت فاستبق بعضنا ... حنانيك بعض الشر أهونُ من بعض أي ارحم وبر. حَتْمٌ الحَتْمُ: إيجابُ القضاء، والحاتِمُ القاضي. قال أمية بن أبي الصلت. حناني ربنا وله حبرنا ... بكفيه المنايا والحُتُومُ والحاتِمُ: الغُرابُ الأسودُ، ويقال بل هو غراب البين أحمرُ المنقار والرجلين وسُميَ حاتماً لأنه يحتِمُ بالفراق أي يوجبه. قال خثيم بن عدي: وليس بهياب إذا شد رحله ... يقول عداني القوم واقٍ وحاتم ولكنه يمضي على ذاك مقدماً ... إذا صد عن تلك الهنات الخُثارم الواقُ: الصردُ، والحاتمُ الغرابُ، والخثارمُ:

الذي يتطير. وقال المرقش من بني سدوس: ولقد غدوت وكنت لا ... أغدو على واق وحاتم فإذا الأشائم كالأيا ... من والأيامن كالأشائم وكذاك لا خير ولا ... شر على أحدٍ بدائم ويُقال: نعق الغُراب ينعقُ 1/ 511 نعيقاً ونعبْ ينْعَبُ نعيباً ونعْباً فإذا مرت عليه السنون الكثيرة وغلُظَ صوتُه قيل: شحَجَ يَشْحَجُ شحيجاً. وقال ذو الرمة: ومستشحِجاتٍ بالفِراقِ كأنها ... مثاكيلُ من صيابة النوب نوحُ والنوبة توصفُ بالجرع. حَتْن حَتْنُ الإنسان: قِرْنُه الذي هو مثله ليس عليه فضلٌ، وكذلك المكيالان إنما كل واحد حتْنُ صاحبه إذا كان مثله سواء. قال الكميت: كفى وهم أنتم والمشهورون هم ... تحاتن بين الأصوع الكيل حِلْم الحِلْمُ ضد الجهل، وهو الأصلُ، ويُجْمَعُ على الأحلام، قال الله- عز وجل-: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ}. وأحلامُ القوم: حُلَماؤهم، والواحِدُ حليم. وقال

الأعشى: فأما إذا جلوا بالعشي ... فأحلام عاد وأيدي هُضُم وتقول: حلمتُ عن الرجل حلماً وأنا حليمٌ. قال جرير بن عطية: حلمتُ عن الأراقم فاستجاسوا ... فلا زالت قدورهم تفور والحُلْمُ: الرؤيا. تقول: حَلَمْتُ في النوم أحلمُ حلماً وأنا حالمٌ، وفي الحديث (من تحلم ما لم يحلم) يعني تكلفَ حُلماً لم يره كُلِّف أن يقعد سعيرة ويُعَذَّبَ عليها. وقال أبو حلمتُ لكم في نومتي فغضبتم ... فلا ذنب لي إن كانت العين تحلمُ ويجمعُ الحُلْمُ على الأحلام، قال الله - عز وجل-: {أَضْغَاثُ أَحْلامٍ} والفاعلُ: حالِمٌ ومُحْتَلِمٌ. وحَلِمَ الأديمُ يَحْلَمُ حَلَمَاً إذا انتَقَبَ. وقال الوليدُ بن عقبة: فإنك والكاب إلى علي ... كدابغة وقد حلم الأديم يمنيك الإمارة كل ركبٍ ... وقد حلم الأديمُ فلا أديمُ

حَلْف الحَلْف والحَلِفُ لغتان، وهو القسمُ، والواحدُ حلفَةً, قال امؤر القيس: حلفْتُ لها بالله حلفة فاجر ... لناموا فما إن من حديث ولا صال يريد لقد ناموا فأضمر قد. وقال النابغة: فأصبحت لاذوا الضغن مني مُكذب ... ولا حلفي على البراءة نافع ويقولون: محلوفةً 1/ 512 بالله ما قال ذاك ينصبون على ضمير يحلف بالله محلوفةً، على معنى يحلفُ بالله قسمه، والمحلوف هو القسم. وقال بعضهم: يقال: حلَفَ بالله محلوفاً وحلفاً، وتقول: رجلٌ حلافٌ وحلافةٌ: كثيرُ الحلف. ويقال: قد أحلفَ الغلام إذا جاوز رهاق الحُلُم. وقال بعضهم: الغلامُ المحلفُ قبلَ أن يتبين إدراكه ويتمارى فيه فيختلف واحد أنه مُدركٌ ويحلف آخر أنه ليس بمدرك، وكل شيء مختلفٍ فيه فهو مُحِلْفٌ. [حَرٌّ] حرٌّ: نقيض البرد. والحُرُّ واحدُ الأحرار، والحُرُّ: الحسنُ. قال طرفة:

لا يكن حبك داء قاتلاً ... ليس هذا منك ما وي بحر إي ليس بفعل حسن. والحَرُّ - بفتح الحاء - ما استوى من الأرض من رمل وحصى يضربُ إلى السواد والبياض. قال قيس بن الخطيم: ترى الحرة السوداء يحمر لونها ... ويبيضُ منها [كل] ريع وفدفد والحِرَّةُ - بكسر الحاء - أشدُّ ما يكونُ من العطش. تقول: حرت كبدُه تحرُّ حِرَّةً، ومصدره الحَرَرُ، وهو يُبْسُ الكبد عند العطش والحُزْنِ. والحَرَّان: العطشانُ. والحرى العطشى. والحرارة حُرْقَةٌ في طعم شيء أو في القلب من التوجع. والحُرَّةُ من النساء والإبل: الكريمة. وقال أوس: ولا تأمنن الدهر بتل بن حرة ... ظلمت وكنْ هديت على وجل حم الحَمْوُ: أبو الزَّوْج وكلُّ من ولي الزوج من ذي قرابته فهم أحْمَاء المرأة، أمّ زوجها حمَاتُها. وفي الحمو ثلاثُ لغات: هو حمَاها مثل عطاها وحمُوها مثلُ أبيها وحمْؤُها مقصور مهموز. وتقول: هذا حموك ورأيتُ حماك ومررت بحميك - مخفف بلا همز- والهمزُ فيه لغةٌ رديئة. وقال في رجل طَلَّق امرأته

فتزوجها أخوه: لقد أصبحت أسماء حجراً مُحرماً ... وأصبحتُ من أدنى حموتها حما حَبٌّ الحَبُّ معروفٌ وهو حب الطعام وغيره. قال عنترة: ما راعني إلا حمولة أهلها ... وسط الديار نسف حب الخمخم ويروى: الحِمْحِم بالحاء والحمولة - بفتح الحاء - ما يُحملُ عليها الثقلُ والمتاع من الإبل. قال الله عز وجل: {حَمُولَةً وَفَرْشاً} الفرشُ: الصغارُ التي لا تطيق أن يحمل عليها. وقال بعض المفسري: الحمولة: الإبلُ، والفرشُ: البقرُ والغنم، وأهلُ اللغة على القول الأول. والحمولةُ- بضم الحاء - المتاعُ الذي يكون على الدواب. والحِبُّ والحِبَّة بمنزلة الحُبِّ، يُقال: فلانُ حب فلانةٍ، وفلانةُ حِبَّة فلان، أي حبيبها وحبيبته. والحِبُّ أيضاً القُرْطُ من حَبَّةٍ واحدة. قال: تبيتُ الحيةُ النضناض منه ... مكان الحِب يستمع السرارا والحبُّ: حُبك للشيء. قال أبو صخر: فيا حبها زدني جوىً كل ليلة ... ويا سلوة الأيام موعدك الحشرُ وقال بعض في تفسير الحُب والكرامة. إنَّ الحُب الخشبات الأربعُ التي تُوضعُ

عليها الجرةُ. والكرامةُ: الغطاء الذي يوضع فوق تلك الجرة من خشب كان أو من خزف. والحَبَابُ - بفتح الحاء -[نُفاخَّاتُه] وفقاقيعه التي تطفو فيه كأنها القوارير، ويقالُ معظمه، ويقال الطرائق المعترضة فيه. قال حميد: يشق حباب الماء حيزومها بها ... كما قسم الترب المغايل باليد فقد دل هذا البيت على أنه معظم الماء. والحُبَابُ-بضم الحاء - حية. قال: أما الوشاح فحال في أترابها ... حول الحباب كمايحول الدملج وقيل للحية حباب لأنه اسم شيطان، والحيةُ يقال لها شيطان. قال: تلاعب متني حضرمي كأنه ... تعمج شيطان بذي خروع قفر ويروي: مثنى. والحُبَاب: الحيةُ الذكر. قال الشاعر يصف ناقة وزماماً: سباحية فيها سباح كأنه ... حُبَاب بكف السنا وبين اسطع حشر سباحية: تامة، وجملٌ سباح تام. والحِبابُ - بكسر الحاء - جمعُ حب. قال الشاعر: واسأل حبابَ المالكية إذ نأت ... مجفرة الدفين حوضي عيهم وقولهم: رجلٌ حكيم. فيه ثلاثةُ أقوالٍ. قال ابن الأعرابي هو 1/ 514 المتيقظُ العالم. واحتج بقول بشر بن أبي خازم:

تناهيت عن ذكر الصبابة فاحكم ... وما طربي ذكراً لرسم بسمسم معناه: فتنبه وتيقظ. وقال آخرون: هو المتقن للعلم الحافظ له. أخذَ من قولهم: قد أحكمتُ العِلْمَ إذا أتقنته، فأصله المحكم فصرف عن مفعل إلى فعيل كقول عمرو بن معدي: أمن ريحانة الداعي السميع ... ................. معناه: المسمع. وقال آخرون معناه الذي يَرُدُّ نفسه ويمنعها من هواها. أُخِذَ من قولهم: قد أحكمتُ الرجل إذا رددته عن رأيه. وإنه سُميت حكمةُ الفرس حكمة لأنها ترُدُّ من غربه، وقد حكم الرجل يحكم إذا تناهى وعقل، وقيل للقاضي حكمٌ وحاكمٌ لعقله وكمال أمره، ويقال: أحكمتُ الفرس فهو محكمٌ إذا جعلتُ له حكمة. وقال ابن الأعرابي: الجيدُ حكمتُ الفرس فهو محكوم، والحكمةُ: اسم العقل، وجمعها حكمٌ. وقولهم: حازم، حازمٌ معناه جامعٌ لرأيه متثبت في شأنه، أُخِذَ من قولهم: قد حزمْتُ المتاع إذا جمعته. ويقال: قد حزم الرجل وحزُم - بضم الزاي وفتحها، وعزم الصبي وعزم. قال: وصاحب قد قال لي وما حزم ... عرس بنا بين زقاقات فنم فقلتُ من نام هنا فلا سلم. وقولهم: حَيَّاك اللهُ وبيَّاك في حياك ثلاثة أقوال: منهم من قال: سلامُ الله عليك من قوله-تعالى-

{تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ} ومنهم من قال: ملكك الله، والتحية المُلْك، ومن قال: أبقاك الله، والتحية: البقاء، من قولهم: التحياتُ لله: البقاء لله. وفي بياك خمسةُ أقوال، منهم [من قال] هو إتباع لحياك لا يستعمل مفرداً لا معنى له. ومنهم من قال معناه: بوأك الله [فتركت العرب] الهمزة فقلبت الواو ياء ليزدوج مع حياك. ومنهم من قال: معناها أضحكك الله. ومنهم من قال: قربك الله، ومنهم من قال: اعتمدك الله بالخير. وقولهم الحمد لله والشكر بينهما فرقٌ، والعامةُ تخطيء في التأويل فتظن أنهما 1/ 515 بمعنى، وليس كذلك، لأن الحمد عند العرب الثناء على الرجل بأفعاله الكريمة، فهو [إذا] قال: حمدتُ فلاناً فمعناه أثنيت عليه ووصفته بكرم أو شجاعة أو حسب. قال الشاعر: نزور امرءاً أعطى على الحمد ما له ... ومن يُعط أثمان المحامد يُحمد معناه: أعْطَى على الثناء ما له. وقال زهير: فلو كان حمدٌ يخلدُ الناس لم يمت ... ولكن حمد الناس ليس بمخلد معناه: فلو كان ثناء يخلد الناس. والشكر معناه في كلامهم أن تصف الرجل بنعمةٍ سبقت منه إليك. قال النبي - صلى الله عليه وسلم - (من أزِلت إليه نعمةٌ

فليشكرها) معناه: فليصف صاحبها بإنعامه عليه. وقوله عليه [الصلاة والسلام] أزلت، أي أسديت إليه واصطنعت عنده. يقال منه: أزللتُ إلى فلان نعمة فأنا أزلُّها إزلالاً. قال كثير: وإني وإن صدت لمثن وصادق ... عليها بما كانت إلينا أزلت ورواه بعضهم: (من أُنزلت إليه نعمة) وليس بمحفوظ، ولا وجه له في الكلام، وقد يقع الحمد على ما يقع عليه الشكر، ولا يقع الشكر على ما يقع عليه الحمدُ. الدليل على هذا أن العرب تقول: قد حمدت فلاناً على حسن خلقه وشجاعته وعقله، ولا يقولون قد شكرت فلاناً على حسن خلقه وعقله وشجاعته، فالحمدُ أعم من الشكر، ولذلك افتتح الله - تعالى- فاتحة الكتاب به فقال: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}. وقولهم: بَيْنَ حاذفٍ وقاذفٍ الحاذفُ بالعصا، والقاذف بالحجارة. ويقال: بين حاذف وقاذ بحذف الفاء من القاذف. وقال بعضٌ: بقينا بين كل حاذف وقاذف، وبين كل ستوف وزائف. وتفسير ستوق وزائف تجده في حرف السين إن شاء الله. وقولهم كُتِبَ بالحِبْرِ والمداد سُمّي [الحِبْرُ] حِبْراً لأنه مُزين للكتاب أُخِذَ من قولهم: حَبَّرْتُ الشيء: إذا

زينته، كان يقال لطفيل في الجاهلية: مُحَبِّرٌ لتزيينه شعره. وفي الحديث (يخرج رجل من النار 1/ 516 قد ذهب حبره وسبره) أي قد ذهب جماله وبهاؤه. قال ابن أحمر يذكر زماناً قد مضى: لبسنا حبره حتى اقتضينا ... لأعمال وآجال قُضينا أراد بالحبر الجمال والنضارة. ويُقال: إنما سُمي الحبرُ حبراً لأنه يؤثر في القرطاس. يُقال للأثر: حِبْرٌ وحَبَارٌ. قال الأرقط - وذكر فرساً-. ولم يُقلب أرضها بيطار ... ولا لحبليه بها حبارُ والحبارُ: الأثرُ، وهو الحبرُ أيضاً. قال: لقد أشمتت بي أهل قيد وغادرت ... بقلبي حبراً آخر الدهر باقيا أراد بالحبر الأثر. والحبرُ أيضاً: العالمُ، ويقال فيه: حِبْرٌ وحَبْرٌ - بالكسر والفتح - كما يُقال: جِسْرُ وجَسْرٌ، ورِطِلٌ ورَطْلٌ وثوبٌ شِفٌّ وشَفٌّ إذا كان رقيقاً، ومثله كثير. وقال الفراء: يقال للعالم: حَبْرٌ وحِبْرٌ وقال: هو كَعْبُ الحِبْر- بكسر الحاء - لأنه أَيف إلى الحِبر الذي يُكتبُ به إذا كان صاحب كُتبٍ وعلوم فكأنه

[اختار] الكسرَ مع كعب خاصة لأنه علمٌ في رواية الأحاديث المتقدمة، ومشهورٌ بنقل الكتب الأولية فأضيف إلى الحِبر على عنى صاحب الكتب وكعب العلوم، كما قيل: طُفَيْل الخَيْل، أي الحاذق بركوبها ووصفها. ومع غير كعب - بفتح الحاء وبكسره - إذا أريد به العالم، وأما المِدادُ فتفسيره في باب الميم إن شاء الله. وقولهم: فلانٌ يتَحَيَّنُ فلاناً معناه: ينتظِرُ وقتَ غفْلَتِه، يُقال: قد حُيِّنت الناقة: إذا جُعِلَ لحلْبِها وقتٌ معلوم. قال في صفة الناقة: إذا أفنت أروى عيالك أفنها ... وإن حينت أروى على الوطب حيتها والأفْنُ: أن تُحْلَبَ في كل وقت ولا يكون لحلبها وقتُ معروف. والأفْنُ في غير هذا النقصُ. قال بعض الحكماء: "البِطْنَةُ تأفِنُ الفطنة" أي تنقصها. قال: باض النعام بها فنفر أهله ... إلا المقيم على الدوى المتأفن معناه: 1/ 517 المتنقص. وقولهم: (نعوذ بالله من الحور بعد الكور) معناه: النقصانُ بعد الزيادة، مأخوذ من كور العمامة وحورها، وهو تنقضها بعد كورها، وهو شدها، واحتج من قال بهذا، إنما روي أن الحجاج بعث رجلاً أميراً على جيش ثم بعث به [بعْدَ

مدة] تحت رجل آخر فقال [للحجَّاج]. هذا الحَوْرُ بعد الكور، فقال له الحجاجُ: وما الحوْرُ بعد الكورِ؟ فقال: النقصان بعد الزيادة. ورواه بعض أهل العلم: (الحورُ بعد الكون) بالنون، من قولهم: حار بعد ما كان، أي كان على حالة جميلة فحار عنها، أي رجع عنها. يُقال: حرا يحور حوراً إذا رجع. منه قوله- تعالى-: {إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ} معناه: أن لن يرجع. قال لبيد: وما المرء إلا كالشهاب وضوئه ... يحور رماداً بعد إذ هو ساطع أي: يرجعُ رماداً. والحورُ عند العرب: البياض، من قولهم: خُبْزٌ حواري إذا كان أبيض. والعينُ الحوراء فيها ثلاثة أقاويل: قال أبو عبيدة: الحورُ: شدةُ بياض العين في شدة سوادها. وقال أبو عمرو الشيباني: [الظبية] الحوراء: السوداء العين التي ليس في عينها بياضٌ، ولا يكون هذا في الإنس إنما يكون في الوحش. وكذلك قال سعيد بن جبير في قوله-تعالى-: {حُورٍ عِينٍ}. الحورُ: السودُ الأعين. وقال ابن السكيت: الحورُ عندالعرب سعة العين وكبرُ المقلة وكثرة البياض. وقال قُطرب: الحوراء: الحسنة المحاجر الواسعتها. وقال قيس بن الخطيم:

عيناء جيداء يستضاء بها ... كأنها خوط بانة قصف وقال الفراءُ: الحورُ العينُ فيها لغتان: حور عينٌ، وحيرٌ عينٌ. والحواريون فيهم خمسةُ أقوال: البيضُ الثياب، أخذ من الحور وهو البياض، ومنه قول العرب: امرأة حوارية من نساء حواريات، وهن المقيمات بالأمصار لبياضهن وبعدهن من قشف أهل البادية. قال: فقل للحواريات يبكين غيرنا ... ولا تبكنا إلا الكلاب النوابح 1/ 518 وقال قومٌ الحوريون: المجاهدون، واحتجوا بقول الآخر: ونحن أناس يملأ البيض هامنا ... ونحن حواريون حين تزاحف وقال بعض المفسرين: الحواريون: القصارون، وقال قوم: الصيادون. وقال قومٌ: الملوكُ. وقال الفراء، الحواريون خاصة أصحاب الأنبياء، من ذلك قول النبي صلى الله عليه [وسلم] (الزبير ابن عمتي وحواريي من أمتي)، فمعناه من خاصة أصحابي. وقال قُطرب: الحواريون من قول العرب: قد حُرْتُ القميص أحوره: إذا غسلته ونظفته. وقولهم: حسمتُ مجيء فلان

أي قطعته، والحسم في هذا: القطعُ. قال الشاعر: يا ويح هذا من زمان أهله ... ألبُ عليه وخيره محسوم أي مقطوع. وقوله- عز وجل-: {ثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً} فإن الحسومَ - ههنا -المتابعة، وقيل: هي المشائيم، وأهلُ اللغة على القول الأول. قال الشاعر: فأرسلت ريحاً دبوراً عقيما ... فدابت عليهم لوقت حسوما وقال الفراء: أصل هذا من حسم الداء، وذلك أن يُحمى الموضع ثم يتابع عليه بالمكواة. وقولهم: لست من أحلاسها معناه: ليس من أصحابها الذين يعرفونها وهو بمنزلة قولهم: بنو فلان أحلاسُ خيل، أي هم يقتنونها ويضمرونها ويلزمون ظهورها. والأحلاسُ مأخوذٌ من الحلس وهو كساء تحت البرذعة يلي ظهر البعير ويلزمهه، فشبه الذين يعرفون الشيء ويلزمونه بهذا الحلس. والحلسُ في غير هذا الفسطاط. منه الحديث: (كن في الفتنة حلس بيتك) أي الزم بيتك ولا تدخل مع الناس في فتنتهم. قال: طب عن الأمة مسا ... وارض بالوحدة أنسا كن لقعر البيت حلسا

(حتى تأتيك [يد] خاطئة أو منية قاضية). ومنه حديث ابن مسعود (أحلاس البيوت). وقولهم: 1/ 519 فلانٌ حَنَّاج مأخوذٌ من قولهم: حَنَجْتُ الحبل أحْنِجُه حَنُجَاً إذا فتلته [فتُلاً] شديداً، والحبل محنوج، وسُمي المخنث حتاجاً لتلويه، وهي كلمةٌ فصيحة. وقولهم: في أيَّ حَزَّةٍ أتَيْتَنَا معناه: الوقتُ والحينُ قال: ويبيت فوق ملاءة محبوكة ... وأبنتُ للأشهاد حزة أدعي أي وقت أدعي. والحُزَّةُ: الجافي الحديث. أخَذَ بِحُزَّتِه أي بِعُنُقِه، وهي حُزَّةُ السراويل وحجزه. والحُزَّة: قطعةُ كبدٍ أو غيره. قال: يكفيه حزة لحم إن ألم بها ... من الشواء ويكفي شربه الغمر والحَزُّ: قطعُ اللحم غير بائن، وقد حَزَّ حُلْقُومَه بالسيف واحْتَزَّه.

والمحبوكة في البيت المتقدم هي المحسنة من قوله- تعالى-: {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ} أي ذات الخلق الحسن. هذا قول ابن عباس. وقال أبو عبيدة: الحُبُكُ: الطرائق في السماء من آثار الغيم. وقال الفراء: الحُبُكُ: التكسرُ. ويُقال للتكسر [الذي] يكون في الرمل والشعر والماء حبك. قال زهير: مكلل بأصول النبت تنسجه ... ريح الجنوب لضاحي ما به حبك [ويروى: مكللٌ بأصول النجم تنسجه ريح خريق]. النجم بين النبت والشجر، وقيل: النجم: كل ما لم يكن له ساق من النبت، والخريقُ: الريحُ الشديدة. وواحِدُ الحُبُكِ حبيكة وحِبَاك. وفي حُبُك ثلاثة أوجهِ: الحُبُك - بضم الحاء والباء، وهو مذهب العوام، والحُبْك - بضم الحاء وتسكين الباء، وبها قرأ أبو مالك الغفاري. وقرأ الحسن: الحِبْك. ويُقال: ما طعمنا عنده حبكة ولا لَبَكة. وبعضٌ يقول: عبكة ولبكة. والحبكةُ والعبكةُ الحبةُ من السويق، وللبكةُ: اللقمة من الثريد.

وقولهم: قد صارَ كأنَّه حممة معناه عندهم الفحمة، وجمعُها حُمَمٌ. ومنه الحديث: (إنَّ رجلاً أوصى بنيه فقال: إذا أنا متُّ فأحرقوني بالنار حتى إذا صرت حُمماً فاسحقوني ثم ذروني لعلي أضل الله) فمعناه: إذا صرتُ فحماً. قال طرفة: 1/ 520 أشجاك الربع أم قدمه ... أم رمادٌ دارسٌ حممه وقولهم: منزل محفوفٌ بالنَّاس معناه: الناسُ مجتمعون بحفافيه، وحفافاه: جانباه. وقوله-تعالى-: {وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ} قال أبو عبيدة: معناه: يطيفون بحافتيه أي بجانبيه. وأنشد: تظل بالأكمام محفوفة ... ترمقها أعين جُراهما وقولهم: لا يقدر على هذا من هو أعظمُ حكمةً منكَ. وقال بعض أهل اللغة: الحكمةُ القدرُ والمنزلة، واحتجَّ بحديث عمر - رضي الله عنه- (إنَّ العبدَ إذا تواضع لله رفع الله حكمته وقال له: انتعش، رفعك الله، فهو في نفسه حقير، وفي أعين الناس كبير) وللحديث تمام تركته. والحكمةُ: القَمْلَةُ العظيمةُ،

والحكمة: جديدةٌ في اللجان مستديرة على الحنك تمنع الفرس من الفساد والجري. ويقال: فرسٌ محكومة ومحكمةٌ. ومنه قولهم: قد حكم الحاكم أخذ معناه: قد قال [قولاً] منع به عن الظلم والفساد. ويقال: حكم اليتيم عن كذا، أي رده عنه. قال جرير: أبني حنيفة أحكموا سفهاءكم ... إني أخاف عليكم أن أغضبا وقولهم: قد حَصِرَ الرَّجُلُ معناه: قد احتبس عليه الكلام وضاق مخرجه. وأصلُ الحصر عندهم: الحبسُ والضيق. قال عز ذكره: {أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ} أي: ضاقت. والحصر عندهم احتباس الحدث، والأسرُ: احتباس البول. وأحصر الرجل المرض: إذا حبسه. قال عز وجل: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْيِ} أي فإن حبسكم المرضُ. وقال قيس المجنون: ألا قد أرى والله حبك شاملاً ... فؤادي وإني مُحصرٌ لا أنالك ويُقال للملك حصير لأنه محجوبٌ محبوسٌ لا يكاد الناس يعاينونه. يقال: قد غضب الحصير على فلان، أي غضب عليه الملك. قال: ومقامة غُلب الرقاب كأنهم 1/ 521 ... جن لدى باب الحصير قيام

والحصير: الحبس. قال عز ذكره: {وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيراً} معناه: حبساً. والحصر بالشيء: الكتوم له قال: ولو تسقطني الوشاة لصادفوا ... حصراً بسرك يا أميم ضنينا والحصور: الذي [لا] إربة له في النساء. قال عز ذكره في ذكر يحيى بن زكريا صلى الله عليه [وسلم] {وَسَيِّداً وَحَصُوراً} والحصورُ كالهيوب: المحجم عن الشيء. والحصيران: الجنبان، والحصيرُ: قرندُ السيف. وقولهم: حَرِدَ الرَّجُلُ معناه: قد أزعجَهُ الغضبُ من قولهم: قد حَرِدَ البعير يحْرَد حرداً: إذا نالته علةً في بدنه مزعجة له يضرب بيديه منها الأرض. وقد يستعار هذا لغير البعير. قال نابغة بني ذبيان: فبهثن عليه واستمر به ... صمع الكعوب بريئات من الحرد أي: بريئات من هذه العلة. وأكثرُ كلام العرب قد حرد حرداً بفتح الراء [ومن العرب من يقول: قد حرد الرجل حرداً بتسكين الراء] إذا غضب. قال: أسود شرى لاقت أسود خفية ... تساقوا على حرد دماء الأساود

معناه: على غضب وحقد. ويقال: قد حرد الرجل: إذا قصد اغلشيء يحرد حرداً. قال عز ذكره: {وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ} فمعناه على قصدٍ. قال الشاعر - وهو الأشهب بن رميلة: حرد الموت حدرهم فاصطفاهم ... فعل ذي ميعة كالخبير معناه: قصد الموت قصدهم. قال أبو عبيدة: ويجوزُ أن يكون معنى قوله عز وجل-: {وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ} على منع. قال العباس بن مرداس: وحارب فإن مولاك حارد نصره ... ففي السيف مولى نصره لا يحارد معناه: فإن مولاك منع من نُصرتك فإن السيف لا يمنعك نصرته. ويقال: قد حردتُ الجلد أحدره تحريداً: إذا عوجته في القطع فجعلتُ بعضه دقيقاً وبعضه عريضاً. قال طرفة: ووجه كقرطاس الشآمي 1/ 522 ومشفر ... كسبت اليماني قده لم يحرد أي لم يُعوج. ويروى: قده -بكسر القاف-، ويجرد، أي لم يجرد من

الشعر، فهو ألين له. القدُّ - بكسر القاف - الجلدُ، والقدُّ - بالفتح - مصدر أقده قداً. ويقالُ: لأن حردت حردك، أي قصدت قصدك. ويقال: على حَرْدَ وحرَدَ لغتان، كما يقال: الدَّرْك والدَّرَك، والطَّرْد والطَّرَد. وقولهم: على فلانٍ حُلَّةٌ الحُلَّةُ لا تكون إلا ثوبين إزاراً ورداء من جنس واحد، وسميت حُلة لأنها تحل على لابسها كما يحل الرجل على الأرض. قال: نحل بلاداً كلها حل قبلنا ... ونرجو الفلاح بعد عاد وحمير وقولهم: حابي فلانٌ فلاناً معناه: مال إليه، أُخِذَ من حبي السحاب الذي يدنو بعضه من بعض. قال عدي ابن زيد: وحبي بعد الهدو تزجيه ... م شمالٌ كما يُزجى الكسير ويقال: معناه قد خصه بالميل، أخذ من الحبوة من قولهم: وحبوتُ الرجلُ أحبوه إذا أفضلت عليه وأحسنت إليه. قال النابغة: حبوتُ بها غسان إذ كنتُ لاحقاً ... بقومي إذ أعيتْ عليَّ مذاهبي وهي العطيةُ التي يحبو بها الرجل صاحبه ويخصه بها. قال زهير:

أحابي بها ميتاً [بنخل] وابتغي ... ودادك بالقول [الذي] أنا قائل وفلانٌ يحابي فلاناً، أي يسامحه ويساهله، والحوبة والحيبة الحاجة. والحوبُ: الذي يذهب ماله ثم يعود إليه. وقولهم: حَقَنَ دَمَه معناه: قد حبسه في جلده وملأه به، وكل شيء قد ملأت به شيئاً أو دسسته فيه فقد حقنته، ومنه سميت الحُقنة حُقْنَة. وقولهم: قَدْ حدَسْتُ في الأمر أحْدِسُ وعكَلْتُ أعْكُلُ: إذا قلت فيه برأيك. هذا قول الفراء. وقال غيره: معنى حدستُ ظننتُ ظناً بلغت منه غاية الشيء في عدده أو وزنه. والأصل فيه من قولهم: قد بلغتُ الحداس 1/ 523 أي الموضع الذي يُعدى إليه وتطلبُ لحاقه. وحكى الفراء: حدس فلان فلاناً إذا صرعه، فأحدهما حادسٌ والآخر محدوس. قال: بمعترك شط الحبيا ترى به ... من القوم محدوساً وآخر حادساً فمعنى حدستُ على هذه الرواية: أصبتُ. وقولهم: حماليق العَيْن وهي باطنُ الأجفانِ، واحدُها حملاقٌ. قال عبيد بن الأبرص:

فدب من رأيها دبيباً ... والعين حملاقها مقلوبُ والحماليقُ: أعطيةُ العينين من تحت ومن فوق. والحدقةُ سواد العين. والشحمةُ التي فهيا البياض والسوادُ هي المقلة. وإنسانُ العين: المثال الذي في السواد الذي تسميه العامة البؤبؤ. وقولهم: حُمَةُ العَقْرَبِ العامةُ تخطيء فيها فتشدد الميم منها، وهي مُخففةٌ عند العرب لا يجوز تشديدها، وتخطيء في تأويلها أيضاً وتظنُّ أنَّ الحُمة الشوكةُ التي تلسعُ بها وليس كذلك، إنما الحمةُ السُّمُّ، سُمُّ الحية والعقرب والزنبور. ويقال للشوكة الإبرة. وقولهم: هو أجَلُّ من الحَرْشِ [الحرْشُ]: التحريضُ من قولهم: حَرَّشْتُ بين الرجلين. وأصلُ الحَرْش في صيد الضباب أن يُجاءَ بحيةٍ إلى جُحر الضبِّ فيتحرك فإذا سمع الضب حركتها خرج ليقاتلها فاصطيد. وكانت العرب تتحدث في أول الزمان بأن الضب قال لابنه: احذر الحرش يا بُني، فبينما هما ذات يوم مجتمعان إذ سمعا [صوت] محفارٍ حافر يحفر عنهما. فقال ابن الضب لأبيه: يا أبت: هذا الحرش؟ فقال: هذا أجلُّ من الحرش، ثم ضربوا هذا مثلاً لكل من كان يخشى شيئاً فوقع فيما هو أشد منه. وقولهم: قد حرضتُ فلاناً، معناه: قد أغريته وأفسدتُ عليه وهو مأخوذٌ من الحرض. والحرضُ والحارضُ: الفاسدُ في جسمه 1/ 524 وعقله. قال الله - عز وجل-:

{حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً} قال الفراء: الحارضُ: الفاسدُ الجسم والعقل. قال قد حرض الرجلُ فهو حارضٌ، وما كان حرضاً، ولقد حرضته وأحرضتُه على الشيء. وقال أبو عبيدة: الحرضُ الذي قد أابه الحزنُ، وأنشد للعرجي: إني امرؤ لج [بي] هم فأحرضني ... حتى بليتُ وحتى شفني السقم وعن ابن عباس: الحرضُ: مرضٌ دون الموت. وأنشد: أمن ذكر ليلى أن نأت غربةٌ بها ... كأنك حم للأطباء محرض وعن أنس بن مالك أنه قد قرأ {حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً} قال: المعنى: حتى تكون مثل عود الأشنان. وقولهم: قد أحلَطَ الرَّجُلُ أي قد بالغ في الغضب من قولهم: قد أحْلَطَ الرجلُ في الأمر: إذا بالغ فيه واجتهد. قال ابن أحمر: وألقى التهامي منهما بلطاته ... وأحلط هذا لا أريم مكانيا أي: اجتهد في اليمين وبالغ فيها.

وقولهم: قد حس فلان. العامةُ تخطيء في هذا فتظن أن معنى حس سمع ووجد، وليس كذلك، العرب تقول: أحس فلان [الشيء] يحسه إحساساً إذا وجده. قال الله- عز وجل-: {هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ} معناه: هل تجده. قال الأسود بن يعفر: نام الخلي وما أحس رقادي ... والهم محتضر لدي وسادي ويقال: حس فلان القوم: إذا قتلهم. قال الشاعر: تحسهم بالبيض حتى كأنما ... نفلق منهم بالجماجم حنظلا ويقال: حس فلانٌ يحس ويحسُّ إذا رق وعطف. قال الكميت: هل من بكى الدار راج أن تحس له ... أو يبكي الدار ماء العبرة الخضل معناه: راج أن يرق له ويرحمه. قال الله- عز وجل-: {إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ} معناه: إذ تقتلونهم بإذنه. ويقال: سنةٌ حسوسٌ: إذا كانت شديدة قليلة الخير. قال: إذا تشكوا سنة حسوسا ... تأكل بعد الأخضر اليبيسا وقولهم: جيء به من حسك وبسك، فيه قولان: قيل: من [حيثُ] كان

ولم يكن 1/ 525 وقيل: من حيثُ تدركه حاسةٌ من حواسك، والحس في غير هذا: القتلُ، والحس - بكسر الحاء - والحسيسُ: الصوتُ. قال الله - عز وجل-: {لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا}، أي لا يسمعون صوتها. والعرب تقول عند الألم: حَسِّ حَسِّ، ويقال: صوت فما قال: حَسَّ ولا بَسَّ. منهم من لا ينون [ومنهم من] يقول حَسَّ ولا بَسَّ، ومنهم من يكسر الحاء فيقول: حِسّ. وقولهم: أخذ الشيء بحذافيره، قد حصل ذكره في باب الباء. وقولهم: قد احتفل الرجلُ، معناه قد جمع وزاد وأكثر من الشيء الذي قصد له. وكذلك محفل القوم: مجتمعهم، وجمعُ المحفل محافل. قال: وإن كبير القوم لا علم عنده ... صغير إذا التفت عليه المحافل ومنه الشاة المحفلة وهي التي يحبس لبنها أياماً في ضرعها فلا يحلب، وفيها جاء النهي [عن] بيعها، وقال: (إنها خلابة) أي خديعة.

وقولهم: أصاب فلاناً الحمامُ، أصلُه القدرُ ثم استعمل حتى صار معبراً عن الموت والمكروه. يُقال: حُمَّ الشيء: إذا قُدِّر. قال لبيد: ألا يا لقومي كل ما حُم واقع ... وللطير مجرى والحتوف مصارع وقال الشرقي بن القطامي: المنايا: الأحداث، والحِمامُ الأجَلُ، والحَتْفُ الغدْر، والمنون: الزمان، وقال بعض الأعراب: أعززْ عليَّ بأن أروع شبهها ... أو أن يذقن على يدي حمامها وقولهم: قد انتحل كذا، معناه: قد ألزمه نفسه، أُخِذَ من النحلة- وهي الهبة والعطية يعطاها الإنسان. قال - عز وجل-: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} أراد هبةً. والصداقُ: فرضٌ، لأن أهل الجاهلية كانوا لا يعطون النساء من مهورهن شيئاً فقال وآتوا النساء صدقاتهن هبة من الله عز وجل، وفرض للنساء على الأزواج. ويقال للنحلة: الديانة من قولهم: هو ينتحلُ قول فلان، والقولان متقاربان. وانتحل فلانٌ شعر فلان إذا ادعاه أنه قائله 1/ 526

1/ 526 وَنُحِلَ الشاعرُ قصيدة إذا رُويت عنه وهي لغيره. قال الأعشى: فكيف أنا وانتحالي القوافي ... بعد المشيب كفى ذاك عارا وقولهم: رجُل حَلَقِيّ هو الذي في ذَكَرِه فسادٌ لا يصلُ من أجلْه إلى أن ينكح لكنه يُنْكَحُ، وهو مأخوذٌ من [قول] العرب: قد حلق الحمارُ يحلقُ حلقاً: إذا أصابه داءٌ في قضيبه، فربما خُصي فيبرأ، وربما مات. قال: خصيتك يا ابن حمزة بالقوافي ... كما يُخصى من الحلق الحمارُ وقولهم: حاشى فلانٍ هي كلمةٌ تخفض ما بعد [ها] وتُضم إليها لام الصفة. قال الله عز وجل: {قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ}. قال النابغة: فلا أرى فاعلاً في الناس يشبههم ... ولا أحاشي من الأقوام من أحد لا أحاشي: لا أستثني. قال ابن الأنباري: حاشى في كلام العرب: أعزلُ فلاناً بالحشى: بناحية، فلا أُدْخِلُهُ في جملتهم. ومعنى الحشى في كلامهم الناحيةُ والجانِبُ، يكْتَبُ بالياء، يُقال: فلانٌ في حشي فلان أي في كنفه وناحيته. ويقال: ما

أدري أي الحشا أهلك، أي بأي طوائف الأرض. وقال بعض الهذليين: يقول الذي أمسى إلى الحزن أهلهُ ... بأي الحشا أمسى الخليط المباين وفيها لغات. يقال: حاشى عبد الله، بالنصبِ، وعبد الله، بالخفض، وحاشى لعبد الله، وحشا عبد الله. قال عمر بن أبي ربيعة: من رامها حاشى [النبي] وآله ... في الفخر غطمطه هناك المزبد وأنشد الفراء: حشا رهط النبي فإن منهم ... بحوراً لا تكردها الدلاء فمن نصب (عبد الله) نصبه بحاشى، لأنها مأخوذة من حاشيت أُحاشي. ومن خفض كان له مذهبان: أحدهما بإضمار اللام، لكثرة صحبتها حاشى، كأنها ظاهرة. والوجه الآخر أن يقول: أضفتُ حاشى إلى عبد الله، لأنه أشبه الاسم لما لم يأت منه فاعل. ويجوز الخفض بحاشا لأن حاشا لما خلتْ من الصاحب أشبهتِ الاسم، فأضيفت إلى ما بعدها. 1/ 527 ومن العرب من يقول: حاش لفلان، فيُسْقِطُ الألفَ التي بعد الشين، وقد قُرئ {َقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ} وحاشى. ومعناهما واحد. وقال المفسرون: قوله عز وجل {َقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ} معناه: معاذ الله.

وقال اللغويون: له معنيان، أحدهما التبرئة والاستثناء، واشتقاقه من قولك: كنتُ في حَشَى فلانٍ أي في ناحيته. وكلُّ ما استثنى بحاشى فإنه زائد. تقول: ذهب القومُ حاشى زيدٌ. وفيه ثلاث لغات: حَاشَى وحَشَى وحَاشَ. وقولهم:] حبلُ الوريد هو الوريد، فأضيفت إلى نفسه لاختلاف لفظي اسمه. والوريدُ عِرقان بين الأوداج وبين اللبتين، تزعم العرب أنه من الوتين، والوتين عِرقٌ مستبطنُ القلب أبيض غليظ، كأنه قصبةٌ، مُعلَّقٌ بالقلب، يَسْقي كُلِّ عرقٍ في الإنسان. ويقالُ لمتعلق القلب من الوريد: النياط. وسُمي نياطاً لتعلقه بالقلب. وسُمي الوريدُ وريداً لأن الروح ترده. وقال الخليل: الوتين عِرْقٌ يسقي الكبد، وثلاثةُ أوتنةٍ، والجميعُ الوُتُن. ورَجُلٌ موتونٌ إذا انقطع وتينُه، وهو نياطُ القلبِ. وقيل: الوتينُ عِرْقُ القلْب. قال الشماخ بن ضرار: إذا بلغتني وحططت رحلي ... عرابة فاشرقي بدم الوتين

وقولهم: حَسَنٌ بَسَنٌ قيل إنه لا يُفْرَدُ بَسَنٌ مِن حَسَن لأنه تابعٌ كنطْشان مع عَطْشان وما أشبهه. وقولهم: فلانةٌ حَليلةُ فُلان فيها قولان: قال جماعةٌ من أهل اللغة: قيلَ لامرأةِ الرجُلِ حليلة، لأنها تحلُّ معه ويحُلُّ معها، واحتجوا بقول الشاعر: ولستُ بأطلس الثوبين يصبي ... حليلته إذا نام النيامُ أراد: يصبي امرأة جاره إذا حلت عنده. وقال آخرون: إنما قيل لها حليلة لأنها تحلُّ له ويحلُّ لها. وقالوا: الأصل في حليلة: مُحَلَّة أي مُحَلَّةٌ لزوجها، فصرفت عن مُفْعَلَة إلى فعيلة. أنشد الفراء: 1/ 528 تقول حليلتي لما رأته ... فلائل بين مبيض وجون تراه كالثغام يُعل مسكاً ... يسوء الفاليات إذا فليني وقولهم: وَقَعَ في حَيْص بَيْصَ وحاص باص أي في مالا يقدر أن يتخلص منه. والحيْصُ: الحَيْدُ عن الشيء. تقول: حاصَ عَنْ كذا يحيصُ وتحايص حيصاً

وحيوصاً: إذا عدل وحاد عن الجهة أو سلم من شيء، فقد حاص عنه. وهو حياصٌ وحَيُوصٌ إذا كان ذلك من عادته. تقول: مالكَ من هذا الأمر محيصٌ، أي: محيد. وحيصَ بيصَ يا هذا. قال: قد كنت قبل اليوم في راحة ... [واليوم] قد أصبحتُ في حيص بيْصْ أي في ما لا أقدر على الخروج منه. قال: قد كنت ولاجاً خروجاً صيرفاً ... لم تلتحصني حيص بيص لحاص وقولهم: قد أحْوَجَ الرجُلُ إذا احتاجَ. والحَوْجُ من الحاجةِ. والحاجُ: جمع حاجة. قال النابغة: شددتُ عليها الرحل ثم نصصتها ... ولن يطلب الحاج واهن والتحَوُّجُ: طلبُ الحاجة بعد الحاجة. والحِوَجُ: الحاجات. قال:

لعمري لقد ثبطتني عن صحابتي ... وعن حوج قضاؤها من شفائيا ويروى: لقد طال ما ثبطتني. وقولهم: قد قضيتُ كل حاجةٍ وداجة فيه قولان، أحدهما ما لا يُذكر احتقاراً له. ويقال: الداجةُ بمعنى الحاجة، فنسقت عليها لخلافها لفظها. وقولهم: في قلبي أحزان معناه: حرقة. قال الشماخ: فلما شراها فاضت العين عبرة ... وفي القلب أحزانٌ من اللوم حامزُ شراها: باعها. ويقال: في قلبه عليه حسيفةٌ وحسكةٌ وكتيفةٌ وسخيمةٌ وضِعْنٌ وحِقْدٌ وترَةٌ وغمٌّ ووغرٌ وتبلٌ وذَحْلٌ وغِمْرٌ ووصَبٌ ودِمْنَةٌ، كلّه بمعنى. وقولهم: ليْتَ فلاناً في الحَشِّ الحَشُّ: موضع الخلاء. وقال أبو عبيد: الحُشُّ عند العرب: البُسْتان، بالفتح والضم، وجمعُهُ حُشان. 1/ 529 وقولهم: كيف أهلُكَ وحامّتك أي قرابتك. ومنه: فلانٌ حميمُ فلانٍ، معناه: قريبُ فلان. وجاء في الحديث:

"تعوذوا بالله من شر السامة والحامة والعامة". فالسامة: الخاصة، والحامة: القرابة. ويقال: كيف سامتك وعامتك؟ أي كيف من تخص وتعم؟ قال الراجز: هو الذي أنعم نُعمى عمت ... على الذي سلموا وسمت أي وخصت. وقال الشاعر في الحميم: لعمرك ما سميته بمناصح ... شقيق ولا سميته بحميم وقولهم: قد حَفِيَ فلانٌ بفلان أي قد أظهر العناية في سؤاله إياه. قال الأعشى: فإن تسألي [عني] فيا رُب سائل ... حفي عن الأعشى به حيث أصعدا أي معنى الأعشى بالسؤال عنه. قال الله عز وجل: {يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا} أي كأنَّكَ معنيٌّ بها، ويقال: كأنك عالمٌ بها، ويقال: كأنك سائلٌ عنها. قال الشاعر: سؤال حفي من أخيه كأنه ... بذكرته وسنان أو متواسن وقال الله عز وجل: {إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيّاً}، معناه: كان بي معنياً. وقال

الفراء: معناه كان عالماً لطيفاً يجيب دعائي إذا سألته. وقولهم: هو من حَشَمِ فلانٍ أي من أتباعه الذين يغضبون له ويغضب لهم دون أهله وولده. معنى قولهم: قد احتشم الرجل: [قد انقبض]، والاحتشامُ: الانقباضُ والحِشُمة. [قال الشاعر: لعمرك إن خبز أبي] مليل ... لبادي اليبس محشوم الأكيل أراد: ينقبض من يريد أكله لبُخل صاحبه. والأكيل: الضيفُ الذي تأكلُ معه. وقولهم: حُمْرُ النعم. النَّعَمُ: الإبل، وحُمْرُها كرِامُها وأعلها منزلةً. وقولهم: وقوع بحبالِ فلان أي في ما يعلقه به. والحبلُ عند العرب: السببُ وما يوصل الرجل بالرجل، تشبيهاً بالحبل المعروف. قال عز وجل: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً} أي بعهده وما يصلُكم به. قال تعالى: {أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلاَّ بِحَبْلٍ مِنْ اللَّهِ} أي إلا أن يعتصموا بحبل الله، فأضمر الفِعْلَ وأقام الحَبْلَ مُقام العهد. قال:

1/ 530 فلو حبلاً تناول من سليم ... لمد بحبلها حبلاً متينا أراد بالحبل العهد. وقولهم: حطَّ الله وزرك الذي أنقض ظهرك الحطُّ: وضعُ الأحمال والأثقال عن الدواب. والحط: الحدرُ من العلو، كقول امرئ القيس: مكر مفر مقبل مدبر معا ... كجلمود صخر حطه السيل من عل والوِزْرُ: الحِمْلُ الثقيل من الإثم، وقد وزر فلان يزر وهو وازر. ويُقال: موزور غير مأجور. أنقضَ ظهرك: أي أثقل ظهرك حتى سُمع نقيضه أي صوته، وهذا الأمثل. ويُقال: أنقض ظهرك أثقله حتى جعله نقيضاً. والنقْضُ: البعيرُ الذي قد أتْعَبَهُ السير والعملُ فنقض لحمه، فيقال حينئذ نقض. وقال الشاعر: * واحطُطْ بعفوٍ منك أوزاري * وقيل إن بني إسرائيل قيل لهم: حِطَةٌ إنما قيل لهم ذلك ليستحطوا بها أوزارهم فتُحط عنهم. وقيل: حِطة بمعنى حُطَّ عنا الذنوب لخطئنا. والرفعُ على تقدير حُطَّ عنا ذنوبنا حطة. ويقال الرفع على مذهب الحكاية، هو ضعيف. قال بعض: حِطَّة كلمة عرابية ومعناه: لا إله إلا الله جل جلاله، وقال بعضهم: أستغفر الله. وقال ثعلب: وقوله حطة إضمار "هذه حِطّة" وجميعُ القول إذا جاء بعده ما يُضمرُ له جاز فيه الرفع، فالرفع بما يُضْمَرُ له، وإنما يرفعون ما جاء بعد القول ولم

يعدوا القول فينصبوا به إذا كان إدخاله وإخراجه آخراً نحو قولك: قلتُ عبد الله قائمٌ، ترفع عبد الله بقائم، وقائماً بعبد الله، ولم يعمل القول لأن دخوله وخروجه واحد؛ فقولك: عبد الله قائمٌ وقلت عبد الله قائمٌ؛ واحد؛ لأن القول مُسْتَغْنٍ عنه، فإذا جاء في موضع الحاجة إليه نصب كالفعل الواقع [في] قولك: قلتُ قولاً بليغاً، وقلتُ مقالاً جيداً؛ فهذا واقع متعد والقول في هذا الموضع في القرآن ليس بواقع 1/ 531 ومثله: {وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ} {وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ} و {قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ} كل هذا بإضمار "هي"، ولو نصبت على "تعذر معذرة" و"نطبع طاعة"، جاز في العربية، إلا أنه في القرآن بالرفع لا غير، ولم يقرأ به أحدٌ نصباً. وقال الحياني المقرئ: [قال] بعضهم: حطةً نصباً جعلها بدلاً من اللفظ بالفعل يقول: يحطٌ حطةً، هو مصدر مثل حَمِدَ حمداً. وجمعُها حُطَط وهو ما يحطُّ الخطايا. وهي كلمةُ أمروا أن يقولوها في معنى الاستغفار، فبدلوها وقالوا: حطاً شِمقانا أي حنطة حمراء. ويقال للنجيبة السريعة حطت تحطت في سيرها. قال النابغة يمدح النعمان: فما وخدت بمثلك ذات غرب ... حطوطٌ في الزمام ولا لجون

والوخدُ ضربٌ من السَّيْر، وغَرْبُ كلِّ شيءٍ حدُّهُ، واللجُون التي تأكلُ اللجنَ وهو علف الأمصار. وقولهم: قد حوَّقَ فلانٌ على فُلان ومعناه: قد أدان عليه قولاً أو فِعْلاً ليس بمستقيم. وهو مأخوذٌ من حُوقِ الذكر. وهو ما دار حول الذكر يقال حُوقٌ وحَوْق لغتان. ويقال للجرح إذا انبثر تحوَّقَ وقالت ابنة الجماز: ما هي إلا حطة وتطليق ... أو صلة أو بين ذاك تعليق قد وجب المهرُ إذا غاب الحُوق يقال: حَطَّةٌ وحِطْوةٌ وحَطْوةٌ. وقولهم: فلانٌ حَسُود معنى الحسد أنْ يتمنى الحاسدُ ما عند المحسودِ كُلَّه لنفسه ولا يبقى عند المحسود منه شيء. والعربُ تقولُ: حسدك حاسِدُكَ، إذا دعوا للرجُل. الأمثال على ما أوله حاء حسبُك من شر سماعه وحسبك من غني شبعٌ وريٌّ حال الجريضُ دون القريض. والجريض هو الغَصَص.

الحريص يصيدك لا الجواد والحمد مغْنَم والمذمَّةُ مغْرَم الحُرُّ حُرَ وإنْ مَسَّهُ الضُرّ، والعَبْدُ عَبْدٌ وإن مَشى على الدُرّ 1/ 532 الحقُّ أبْلَج والباطلُ لَجْلَج. أبْلَج أي نَيِّرٌ واضح. ويقال: أبْلَجَتِ السَّماءُ إبلاجاً إذا أنارَتْ وأضاءتْ، وأبْلَجَ الحقُّ فهو أبْلَجُ مُبْلجٌ. وقال: كالحق أبلج لا يحيل سبيله ... والصدق يعرفه ذوو الألباب لا يحيل سبيله: لا يشتبه فهو محيلُ قد حال. والحفائظ تُحلِّلُ الأحقاد. وقال القطامي: أخوك الذي لا يملك النصر نفسه ... وترفض عند المحفظات الكتائف وقال آخر: الحق أبلج لا تخفى معامله ... كالشمس تظهر في نور وإبلاج واللَجْلَجَةُ أنْ يتكلمَ الإنسانُ بكلام غير بيّنٍ، وهو لجلج لِسانُهُ، وكلامٌ مُلَجْلَج.

الحرُّ يُلْحى والعصا للعبد حُبُّك للشيء يُعْمِي ويُصمُ. ويروى هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم. والحديدُ بالحديدِ يُفَلُّ. قال الشاعر: قومنا بعضهم يُقتل بعضاً ... لا يفل الحديد إلا الحديدُ

حرف الخاء

بسم الله الرحمن الرحيم حرف الخاء

بسم الله الرحمن الرحيم حرف الخاء الخاء حَلْقيّة، وهي أخت الغين، وهما في حيز واحد، والخاء أرفع من الغين، وعددها في القرآن ألفان وخمسمائة وخمسٌ. غيره: ألف وأربعمائة وستة عشر. وفي الحساب الكبير ستمائة، وفي الصغير اثنا عشر. خلا تقول: خلا الشيء يخلو خلاءً، ممدوداً، ولا شيء فيه، وهو خال. وخلا الرجلُ خلوةً، واستخلَيْتُ الملِكَ فأخلاني أي: خلا معي، وخلاني، وخلا لي مجلسه. وخلى فلان مكانه إذا مات. وقال دريد بن الصمة يرثي أخاه: فإنْ يك عبد الله خلى مكانه ... فما كان وقافا ولا طائش اليد وقال آخر: فإن يك عبد الله خلى مكانه ... وبان فقد أضحى يؤاخي الملائكا وتقول: لا أخلا الله مكانك، تدعو له بالبقاء، قال: إذا ما ابن عبد الله خلى مكانه ... فقد أخلقت بالجود عنقاء مغربُ والخلا، مقصور: الرطب، وهو الحشيس الذي يُحَشُّ من بقولِ الربيع، تقول: اختليته، وبه سمى المخلاة لأنهم كانوا يخلون لدوابهم، فيها، والواحدة منه مخلاة. 1/ 533 قال الأعشى: وحولي بكرٌ وأشياعها ... فلست خلاةً لمن أوعدنْ

والخليُّ: الرجُلُ الذي لا همَّ له. قال: نام الخلي وبت الليل مرتفقا ... مما أعالج من هم وأحزان ويقال: ويلٌ للشجي من الخلي. وأكثر أهل اللغة يقولون: ويلٌ للشجي من الخلي، يخففون الشجي ويثقلون الخلي، وعن الأصمعي أنه ثقلهما جميعاً. قال الشاعر. ويلٌ الشجي من الخلي فإنه ... نصب الفؤاد بحزنه مهموم قال: أنت خليٌّ من هذا الأمر وخِلْوٌ منه وهُنَّ أخلاء قال: أخلاي بي شجو وليس بكم شجو ... وكل امرئ من شجو صاحبه خلو ويقال: أنا خلاءٌ منك ونحن الخلاء منك، لا تثني ولا تجمع ولا تؤنث. وخلا لفظةٌ يُستثنى بها، وهي تخفض وتنصب؛ تقول: ما في الدار أحدٌ خلا زيدٍ وزيداً، نصبٌ وجر. فإذا قلتَ: ما خلا، نصبت، لأنه قد بَيَّنَ الفِعْلَ. وتقول: ما أردتُ مساءتك خلا أني وعظْتُك، معناه: إلا أني وعظْتُك. قال: خلا الله لا أرجو سواك، وإنما ... أعد عيالي شعبةً من عيالكا

والشعبة: الطائفةُ من كل شيء. وتقول: ما أتاني أحدٌ خلا أخيك؛ فإن قُلْتَ: ما خلا، نصبتَ. قال لبيد: ألا كل شيء ما خلا الله باطل ... وكل نعيم لا محالة زائل فنصب بما خلا. وقولهم: خاتَلَ فلانٌ فلاناً أصل المخاتلة المشيُ للصيد قليلاً قليلاً في خُفْيةِ لئلاَ يسمع حساً، ثُمَّ جُعِلَ مثلاً لكل شيء وُرِّيَ وسُتِرَ على صاحبه قال: حنتني حانياتُ الدهر حتى ... كأني خاتلٌ يدنو لصيد قريبُ الخطو يحسبُ من رآني ... ولست مقيداً أني بقيد يعني كبره وضعف مشيه. وقولهم: قد خَدَعَ فلانٌ فلاناً أي قد أظْهَرَ أمراً أضْمَرَ خِلافَهُ من الفساد، مأخوذ من خدع، والخدْع الفساد. والخادع عند العرب: الفاسد من الطعام وغيره. قال: 1/ 534 أبيض اللون لذيذٌ طعمه ... طيبُ الريق إذا الريقُ خدع أي فسد: وقوله عز وجل {يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ}، أي يُظهرون

الإيمان ويُضْمِرون الكُفْرِ، فيغيب الله تعالى عنهم غير الذي يُظهر لهم، لأنه تعالى يُظهر لهم النعم، ويحسن لهم الحال، ويغيب عنهم ما قد أوجبه عليهم من العذاب، فجازاهم بمثل فعلهم. ويقال إن معنى قوله تعالى {َهُوَ خَادِعُهُمْ} هو جازيهم على المخادعة، فسمى الجزاء على الشيء باسم الشيء الذي له الجزاء، كقوله عز وجل {بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ}. فأخبر عن نفسه بالتعجب وهو يريد: بل جازيتهم على عجبهم من الحق، فسمى فِعْلَهُ باسم فِعْلهم. ويقال: معنى قوله تعالى: {َهُوَ خَادِعُهُمْ}: وهو معاقبهم. وهذا معروفٌ في كلامهم. يقول: خَدَعَ يَخْدَعُ خَدْعاً وخديعة وخَدْعةٌ واحدةٌ، ورَجُلٌ مُخَدَّعٌ أي خُدِعَ مراراً في الحرب، وبه يُفسر قول أبي ذؤيب: وتنازلا وتعاقفت خيلاهما ... وكلاهما بطلُ اللقاء مُخدعُ ويقال: الحرب خُدْعةٌ وخَدْعةٌ. ولغة النبي صلى الله عليه وسلم: "الحربُ خَدْعةٌ". وحكى بعضهم خَدْعة بفتح الخاء. والخدعة الغَفْلة، والخَدْعةُ المرة الواحدة، والخُدْعةُ الذي يُخْدَعُ به، والخُدْعةُ الرجلُ المخدُوع وهو الخديع أيضاً، وغُولٌ خَيْدَع وطريقٌ خَيْدَع وخادع مُخالفُ القصد حائدٌ عن وجههِ لا يُفْطَنُ به والخدعةُ قومٌ به يُخْدَعون. وقولهم: فلانٌ خبيثٌ مُخَبِّث الخبيث ذو الخُبْثِ في نفسه، والمخبّث الذي أصحابه وأعوانه خبثاء، وكذلك قولهم: قويٌّ مقوي، القويُّ ذو القوة، والمقوي الذي دوابُّه قوية، وكذلك قولهم:

ضعيفٌ مُضَعِّف، والضعيفُ ذو الضَّعْف في نفسه، والمضعِّف الذي دوابه ضعاف. وفيه قولٌ ثانٍ، وهو أن يكون المخبثُ الذي يعلم غيره الخُبْث. والحديثُ المروي 1/ 535 "أعوذ بالله من الخُبْثِ والخبائث" عند دخول الخلاء: من الكفر والشرك. والخبائث الشياطين. والخَبَثُ، بفتح الخاء والباء، ما تخلصُهُ النارُ من رديء الحديد والفضة، من ذلك الحديثُ المرويُّ "الحُمَّى تنقّي الذنوب كما تنقّي الكيرُ الخبثَ". قال الشاعر: سبكناه ونحسبه لجيناً ... فأبدى الكيرُ عن خبثِ الحديد وقول ثالث: وهو أن يكون المخبِّث بمعنى الخبث لا زيادة لمعناه على معناه إلا زيادة الإطناب والمبالغة، ويجري مَجْرى قولِ العرب: هو جادٌّ مُجِدُ وضرابٌ ضروبٌ، ومعناهما واحد. قال: * حطامة الصلبِ حطوماً مُحطما * والألفاظ الثلاثة يرجعون إلى تأويل واحد. والخِلْطُ من الرجال فيه قولان متقاربان. يقال: هو المختلط النسب. ويقال هو ولد الزنا. وقولهم: فلانٌ خَوَّارٌ

معناه: ضعيف فقد خارَ في العمل يخورُ خوراً إذا ضَعُفَ. ويقال: خار الثوْرُ يخورُ إذا صاح. قال الله عز وجل {عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوَارٌ}. قال الشاعر: هونْ عليك إذا رأيت مجاشعاً ... يتخاورون تخاور الأثوار والجؤار بمعنى الخُوار، يُقال جأرَ، يجأرُ جُؤاراً إذا صاح. قال: إنني والله فاقبل حلفتي ... بأبيل كلما صلى جأر الأبيل: الراهب. رجلٌ خوار وقد خَوَّرَ تَخْويراً. والخوَّارُ في كل شيء عيبٌ إلا في هذه الأشياء: ناقةٌ خوارةٌ وهي الغزيرةُ اللبَن، وبعيرٌ خوارٌ دقيقٌ حسنٌ، وشاةٌ خوارةٌ كثيرةُ اللبن، ونخلةٌ خوارةٌ وهي الصفي الكثير الحمل، وفرسٌ خوارةُ العنان لينُ العطف، والجميعُ الخور. والعدد خوارات. ويقال للدبر الخواران والخور لضعفه. وقولهم: ومن [كان هذا في الخريف] إنما سُمي خريفاً

لأنه وقتُ خرْف النخل، أي وقت اجتناء ثمره، فجعل ذلك الفعل [اسماً للـ] زمان ونُسِبَ إليه. ويقالُ سُمِّيَ الخريفُ خريفاً لتعجل مطره ونباته. وقولهم: فلانٌ خليلُ فلان معناه صديقه. والخليلُ فعيل من الخُلَّةِ، والخُلّةُ المودة. وقوله عز وجل {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً} معناه أنه كان يحب الله ويحبه الله محبةً لا نقص فيها ولا تخلُّل. ويُسمى الصديق أيضاً حِلْماً، تقول: فلان حِلْمٌ لفلان. وقال بعض أهل اللغة: الخليل المحِبُّ الذي ليس في محبته نقصٌ ولا خللٌ. ويقال: الخليل الفقير المحتاج، من الخَلَّة، والخَلَّةُ الفَقْر. قال زهير: وإن أتاه خليلٌ يوم مسبغة ... يقول لا غائب مالي ولا حرم أراد: وإن أتاه فقيرُ. 1/ 536 ويقال: معنى قوله تعالى: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً} فقيراً إليه، يُنْزِلُ فقرهُ وفاقته به لا بغيره. والخُلَّةُ، بضم الخاء، المودةُ. والخُلَّةُ أيضاً الصديق. يقالُ: فلان خُلَّتي أي صديقي. قال أوفى بن مطر المازني: ألا أبلغا خلتي عامراً ... بأن خليلك لم يُقتل

تخطأت النبل أحشاءه ... وأخر يومي فلم يعجل ويقال: فلانٌ خليلي وخِلَي وخُلَّتي وفلانةٌ خُلَتي في المذكر والمؤنث. والخُلّةُ من الإخاء والمصادقة. والخُلَّة الجماعةُ. والخّلةُ ما كان خلواً من المرعى. والخَلِّةُ: الخصلةُ والجمعُ الخلال كالخصال. والخَلَّةُ من الخصاصة والحاجة. ويقالْ: فلانٌ كريم الخَلَّة أي كريم الإخاء والمصادقة. والخُلَّةُ مصدرُ مخالة الخليلين. خاللتُهُ خُلّةً ومُخاللَةً وخِلالاً. والخُلَّةُ المرأة يخالها الرجل يتخذها خليلةً. والخَلَّةُ مصدر الاختلال. والخِلَّةُ جفنُ السيف المُغشى بالأديم، وجمعه خِلَلٌ. والخَلُّ خلولُ الجسم هزالاً وتغيراً، ورجلٌ خَلٌّ والجمع خَلُّون. [قال الشنفري ابن أخت تأبط شراً]: فاسقنيها يا سويد بن عمرو ... إن جسمي بعد خالٍ مخلُّ

وقال آخر: واستهزأت بي ابنة السعدي حين رأت ... شيبي وما خل من جسمي وتحنيبي وفلانٌ مختلُّ الجسم أي نحيف الجسم. والخللُ: الزَّلَلُ. وفي رأي فلان خلَلٌ أي زللٌ والخلَلُ ما يُبْقي الإنسانُ من الطعام، وجمعه كالواحد، واللسانُ والسيف هما خليلا الرجل في قول العرب. وقولهم: هؤلاء من خَوَلِ فُلان معناه: هؤلاء أتباعه. وواحدُ الخول خائل. يقال: فلانٌ يخولُ على عياله أي يرعى 1/ 537 عليهم. والخَوَلُ الرُّعاةُ، هذا قول الفراء. وقال غيره: خولُ الرجل: الذين يملكُ أمرهم، وهو من قولهم: خَوَّلَكَ اللهُ مال فلان أي ملكك إياه. وقولهم: خُلّدَ فلانٌ في الحَبْس معناه قد بقي فيه، من قولهم: قد خَلَدَ الرجُلُ خلوداً إذا بقي. قال عز وجل: {خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً} معناه: باقين فيها، و {يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ} معناه باقون دائم شبابهم لا يتغيرون عن تلك السن. وقال ابن أحمر:

خلد الحبيب وباد حاضره ... إلا منازل كلها قفر معناه بقي الحبيب. ويقال أخْلَدَ الرجلُ فهو مُخْلِد إذا كبرت سنه وبقي عليه سواد شعره واستواء أسنانه. وقال المفسرون: معنى قوله تعالى: {وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ} مُقَرَّطون. وقال غيره: مُسَوَّرون. قال الأعشى: ومخلدات باللجين كأنما ... أعجازهن أقاوز الكثبان وقال عمران بن حطان: مخلدون ملوكٌ في منازلهم ... لا مصرفٌ لهم عنها ولا حول أراد: مبقين ملوكاً، والحِوَلُ التحوُّل. قال الله عز وجل {لا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلاً}، فمعناه تحويلا. وقولهم: فلانٌ مِنْ خَمّان الرجال أي من أرذالهم وكذلك كل ردي من كل شيء، ويُقال لرديء متاع البيت خَمّان. قال: سرت تحت أقطاع من الليل حنتى ... بخمان بيتي فهي لا شك ناشز

أقطاع الليل جمع قِطْع، والقِطْعُ من الليل طائفةٌ. وحَنَّتي امرأتي. وقولهم: فلانٌ مُخَنَّث معناه: مُتَثَنٍّ مُتَكَسِّر، يُقال للمرأة خُنَثّ لتكسرها وتثنيها. وجاء في الحديث النهيُ عن اختناث الأسقية، فمعناه أن يثني فم السقاء ثم يشرب منه، كراهة أن يكون فيه دابة أو تنين. ومنه الحديث عن عائشة أنها ذكرتْ وفاة رسول اله صلى الله عليه وسلم فقالت: "فأخْنَثَ في حجْري ولم أشعر به". 1/ 538 تريد انثنى. ويذهبُ إلى الرأس أو غيره. ويُقالُ للمُخَنَّث: يا خُنَاثَةُ ويا خُنَيْثَةُ، ويقال للرجل: يا خُنَثُ، وللمرأة يا خَنَاثِ، على تقدير لُكَعَ ولَكَاعِ وفي تَخَنُّثِ الرجُلِ إذا فَعَلَ فِعْلَهُم. والخِنْثُ باطنُ الشِّدْقِ عند الأضراس من فوقُ وأسفلُ. وتقول: خُنْث. والخُنْثى ليس بذكرٍ ولا أنثى. وهو كما يُقال إناثة الأنثى، والخُنْثى من الرجال له ما للرجال وللمرأة، ومنه اشتُقَّ المُخَنَّث. ويقال: بل سُمي المخَنَّثُ لتكسره كما تُخَنَّثُ السقاء والجوالقُ إذا عطفته. تقول: خنثتُ فم القربة فانخنثَ. وقولهم: الخَضِر عبدٌ صالح قال أهل العربية: هو الخَضِرُ بفتح الخاء وكسر الضاد، واختلف في العلة التي من أجلها سُمي خضراً؛ فروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "يجْلِسُ على فروةٍ" بيضاء فإذا

هي تهتزُّ من تحته خضراء"، عن مجاهد قال: كان إذا صلى في موضع أخضر ما حوله. وعن عكرمة قال: إنما سُمي الخضر خضراً لحسنه وإشراق وجهه، لأنه كان إذا جلس في موضع اخضر ما حوله. وقال آخرون: إنما سمي خضراً لحسنه وإشراق وجهه، لأن العرب تسمي الحسن المشرق خضراً تشبيهاً للنبات الأخضر الغض. قال الله تعالى: {فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِراً}. ويقال: قد اخْتُضِرَ الرجل إذا مات شاباً لأنه يؤخذ في وقت الحُسن والإشراق. قال بعض الرواة: كان شيخٌ قد ولع به شاب من الحي يقول له: قد أجْزَزْتَ يا ابن أخي، ويختضرون، أي يموتون شباباً. وكتاب الخاء قد أجززت. ويجوزُ في العربية: الخِضْر، كما قالت: الكِبْد والكِلْمة، والأصل: الكَبِدُ والكلمِةُ. وفي الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم "إياكم وخضراء الدمن" يعني المرأة الحسناء 1/ 539 في منبت السوء شبهها بالشجرة الناضرة في دمنة البعْر. وفيه تفسير آخر، هو معنى قول زُفَرَ بن الحارث: وقد ينبت المرعى على دمن الثرى ... وتبقى حزازات الفؤاد كما هيا وتروى: حرارات.

يقول: نحنُ وإنْ أظهرنا لكم سرى، فإن كان تحته الحقد كهذا الدمن الذي يظهر فوقه النبت مهتزاً وتحته الفساد. وهذا نحو قول الآخر: وفينا وإن قيل اصطلحنا تضاغن ... كما طر أوتار الجراب على النشر الطَّرُ: ما نبتَ من الوبر، يقال: طَرّ وبَرَّ الحمار إذا ألقى شعرهُ ونبتَ شعرٌ آخر. والجرابُ الجَرْبَةُ من الإبل. والنشرُ أن يظهر الوبرُ على الدبر فيغطيه وتحته الفساد. يقول: نحنُ وإنْ تراخينا وأظهرنا صلحاً كالشعر والوبر النابت عن الدبر، فظاهره سليم وباطنه دوي. وتقول: خضر الزرع يخضر خضراً وأخضره الريُّ إخضاراً. والخُضَارةُ: البحرُ. ويقال: خَضِرٌ مَضِرٌ وخَضْرٌ مَضْرٌ للشيء يؤكل شهوةً ويؤخذُ هنياً. ويقال: ذهب دمُ فلان خضِراً مضِراً وخضْراً مضْراً إذا ذهب فلم يُطلب به. وقولهم: خليجٌ منْ ماء الخليج ماءٌ منقطعُ من ماءٍ أعظم منه، وأصله الخَلْجُ وهو القطعُ والجَذْب. قال الشاعر: ولأنت أجودُ من خليج مفعم ... متراكم الآذي [ذي] دفاع المتراكم: المتراكب، والآذي: الأمواج، ويقال للسيل أيضاً: آذي.

جناحا البحر خليجاه، وقال أبو النجم: إلى فتى فاض أكُف الفتيان ... فيض الخليج مده خليجان والخلجُ جذبُ الشيء. تقول: أخذتُ بيده فخلجته من بين أصحابه. واختلاجُ الأعضاء: تحريكها. والخَلْجُ كالانتزاع. قال: نطعنكم سُلكى [و] مخلوجة ... لفتك لأمين على نابل ويروى: لقتل الأمين. يعني: يطعنهم طعناً سريعاً كسرعة رد المُغري للسهامعلى المركب للريش، لأنه حين يُغريها يدفعها إلى المركب دفعاً سريعاً لئلا يجفُ الغراء فلا تأخذ الريش، واللأمان: السهمان. والنابل: الصانع للنبل الحاذق. وتخالَجَتْني الهمومُ أي: نازعتني. 1/ 540 وخَلَجَتْهُ الوالجُ أي شَغَلَتْهُ الشواغل. ويقال للميت أو للمفقود اخْتُلِجَ من بينهم فذُهِبَ به. والمختونُ يتخلّج في مشيه: يتمايلُ مرَّةً يُمْنَةً ومرةً يُسْرةً. وقال: أقبلتْ تُمشي الخلاء بعينيها ... وتمشي تخلج المختون

والخليج: ما اعوج من النبت. والخلجُ: الفسادُ، في هذا الأمر خلجٌ، أي فسادٌ. قال: فإن يكن هذا الزمان خلجا أي نحى شيئاً عن شيء. [والخَلْج] ضربٌ من النكاح، أي هو: إخراجهُ منها، والدعسُ إدخالهُ فيها. وقولهم: فلانٌ خالٌ الخالُ: المختالُ الشديد الخيلاء، والخُيَلاءُ اسم الاختيال، والتخايُلُ خُيَلاء في مهْلةٍ، والخالُ من الاختيال. قال: فإن كنت سيدنا سُدتنا ... وإن كنت للخال فاذهب فخل وسميت الخيلُ خيلاً لاختيالها في مشيها، والخيلُ جماعةُ الفرسٍ لا واحد لها مِنْ لفظها مثل الإبل. والخائلُ: المتعهد للشيء والمصلحُ له والقائمُ به. والخالُ معروفٌ، وهو أخو الأم. والخالُ ثوبٌ من ثياب اليمن. والخالُ كالظَّلْع والغَمْزِ في الدابة.

والخال اللواءُ. والخالُ غَيْمٌ ينشأُ يُخَيَّلُ إليك ماطرٌ ثُمَّ يَعْدوكَ، فإذا كان فيه رعدٌ وبرْقٌ فاسمُ تلك السحابة: المخِيلة، فإذا ذهب عنها المطرُ لم تُسَمَّ مخيلة، فإنْ لم تُمْطِرْ سُمِّيَتْ خُلًَّباً. وقولهم: فلانٌ خَجِلٌ أصل الخَجَلِ في اللغة الكَسَلُ والتواني وقلة الحركة، ثم كثُرَ استعمالهم له، حتى أخرجوه إلى معنى الانقطاع في الكلام والخفر. قال النبي صلى الله عليه وسلم للنساء: "إنّكُنَّ إذا جُعْتُنَّ دقِعْتُنَّ، وإذا شَبِعْتُنَّ خَجِلْتُنَّ". وفي قوله عليه السلامُ أقوال أحَدُهُنَّ أن يكون المعنى: إذا جُعْتُنَّ خَضَعْتُنَ وَذَلَلْتُنَّ فيكون الدَّقْعُ: الذُّلَّ وشدة الفَقْرِ، من قولهم: ألْصَقَهُ بالدَّقْعاءِ، أي بالتراب والأرْض، وفي هذا نهاية الخُضوع. ومعنى قوله عليه السلام: "وإذا شَبِعْتُنَّ خَجِلْتُنَّ": [كَسِلْتُنَّ] وتوَانَيْتُنَّ. ويُقالُ الخجلُ في اللغة أن يبقى الإنسان متحيراً دهشاً باهتاً. قال الكميتُ: 1/ 541 ولم يدقعوا عند ما نابهم ... لوقع الحروب ولم يخجلوا فمعنى لم يدقعوا: لم يذِلّوا ولم يخضعوا. ومعنى لم يخجلوا: [لم] يبقوا

باهتين متحيرين دهشين، ولكنهم جدوا في الحرب. وقال أبو عبيد: ومعنى الخجل في حديث النبي صلى الله عليه وسلم الأشرُ والبَطَرُ. وقال ابن الأعرابي: الدَّقَعُ سوءُ احتمال الفَقْر، والخجلُ سوءُ احتمال الغني. وقال الخليلُ: الخَجَلُ أن يَفْعَلَ الإنسانُ فعلاً فيستحي منه فيبقى متشوراً. والتشوُّرُ الخَجَلُ أيضاً، شَوَّرْتُ بفلان وتشوَّرَ فلان. وخَجِلَ البعيرُ خجلاً إذا صار في الطين فبقي فيه كالمُتَحْيّر. وقولهم: فلان خَلْفُ سُوء أي ليس بخلفٍ صالح بعد أبيه. قال الشاعر: فبئس الخلفُ كان أبوك فينا ... وبئس الخلف خلف أبيك خلفا قال الله عز وجل: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ}. والخلفُ من يجيء من بعدُ. قال لبيد: ذهب الذين يُعاش في أكنافهم ... وبقيتُ في خلف كجلد الأجرب والخلْفُ: الرديء من القول. يقال: سكتَ ألفاً ونطق خلفاً. أي سكت عن ألف كلمة ونطق بخطأ.

قيل: كان أعرابي جالساً مع قوم فحبق حبقةً، فأشار بإبهامه نحو استه فقال: إنها خلفٌ نطقتْ خلفاً. وقال: خذا خَلْفُ سوءٍ وهؤلاء خَلْفُ سوءٍ، جمعه وواحده سواء. والخَلَفُ بتحريك اللام يكون خلفاً صالحاً، ولا يجوز أن يقال من الأشرار خلفٌ بتحريك اللام ولا من الأخيار بجزم اللام. وقال ابن السكيت: يقال خلفُ صدقٍ وخلفُ سوءٍ بتحريك اللام فيهما جميعاً. والخلْفُ ضد أمام. قال لبيد: فغدت كلا الفرجين يحسب أنه ... مولى المخافة خلفها وأمامها 1/ 542 وروي: فعَدَتْ، من العدو. ارتفع خَلْفُها وأمامُها بالترجمة عن الفَرْجَين، معناه هما خَلْفها وأمامُها. والخلاف بمنزلة بَعْدَ. قال الله تعالى: {وَإِذاً لا يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلاَّ قَلِيلاً} وتُقرأ خَلْفَك أيضاً أي بَعْدَكَ. قال متمم: عفت الرذاذ خلافهم فكأنما ... بسط الشواطب بينهن حصيرا والشواطبُ من النساء اللاتي يُشَقَقْنَ السَّعَفَ للحصير، وهن أيضاً اللواتي يُقَدَدْن الأديم بعدما يخلُفْنَهُ. وقولهم: أخفى فلانٌ الشيء

أي ستره. وخفاه: أي أظهره. قال امرؤ القيس: خفاهن من أنفاقهن كأنما ... قفاهن ودقٌ من سحاب محلبِ يعني الجرذان أخرجهن جريُ الفرس من جحرتهن كما يخرجهن السيلُ إذا دخل عليهن، لأنهن سمعن لجريه صوتاً كصوت السيل فحسبنه سيلاً. ويروي مجلب، ويروي مركب. وقال علقمة: خفي الفأر من أنفاقه فكأنما ... تخلله شؤبوب غيث منقب أي أخرجه من نفقه وهو جُحْرُه. وأخفى فلانٌ الشيء: واراه. وأخفاه: أظهره، كأنه من الأضداد. وخفي واختفى واحد. واستخفيت من فلان أي: تواريت منه، ولا يُقال اختفيت، إنما الاختفاء أن يظهر له. وأهل المدينة يسمون النباش المختفي، لأنه يخرج الأكفان ويُظهرها. وقرئ {أَكَادُ أُخْفِيهَا} قيل: أظهرها. وقرئ: أخفيها، بضم الألف، قيل إنه من السر. وفي بعض القراءات {فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ} أي ما أظهر لهم. وقرئ: أخفى لهم أي أظهر لهم. القراءتان جميعاً بفتح الهمزة فيهما. وعن السجستاني: أخفيها أي أسترها، وأظهرها أيضاً. أخفيت وهو من الأضداد.

وقولهم: لا أمشي لك الضراء ولا أدُبُّ لك الخَمر الضراء، ممدود، أرض مستوية يكون فيها السباع ونبذٌ من شجر. والضراء المشي فيما يواريك عمن تكيده وتطلبه، قال الكميت: 1/ 543 [وإني على حبيهم وتطلعي ... إلى نصرهم] أمشي الضراء وأختل والخمرُ: وهدةٌ يستخفي فيها الذئب ونحوه. وفي تسمية الخمر خمراً ثلاثةُ أقوال، أحدهن لأنها تُخامر العقل أي تخالطه. قال: فخامر القلب من ترجيع ذكرتها ... رس لطيف ورهن منك مكبول ويقال: خامره الداء أي خالطه في جوفه. قال كثير: هنيئاً مريئاً غير داء مخامر ... لعزة من أعراضنا ما استحلت والقول الثاني: لأنها تُخمرُ العقل أي تستره، من قولهم: قد خمرت المرأة رأسها الخمار إذا غطتهُ. ويُقال للحصير الذي يُسجدُ [عليه] خُمْرَةٌ، لأنه يستر الأرض ويقي الوجه من التراب. قالت عائشة: كنت أناول رسول الله صلى الله عليه وسلم الخُمْرَة وأنا حائض.

والقول الثالث: لأنها تُخَمَّرُ أي تُغطى لئلا يقع فيها شيءٌ. وتقول: خمرتُ الإناء إذا غطيتهُ بخرقةٍ أو بشيء. وفي الحديث: "خمروا شرابكم ولو بعود". وفي الحديث: "خمروا آنيتكم". وفي الحديث: "لا تجدُ المؤمن إلا في إحدى ثلاث: في مسجد يعمره، أو بيت يخمره، أو معيشة يدبرها". يخمره: يستره. وتقول: دخل في خمار الناس وخمارهم وخمرهم وغمارهم، كل ذلك إذا دخل في جماعتهم، فخفي فيهم. وقولهم: بِتْنا على الخَسْفِ معناه على غير أكل. يُقالُ: بات القومُ على الخسف إذا باتوا جياعاً ليس لهم شيءٌ يتقوتونه. وبات الدابةُ [على] الخسف إذا لم يكن له علف. قال الشاعر: بتنا على الخسف لا رسلٌ نقات به ... حتى جعلنا حبال الرحل فصلانا ويقات به من القوت. ومعنى قوله: حتى جعلنا حبال الرحل فُصلانا: حتى شددنا النوق بالحبال لتدر علينا، فنتقوت لبنها. والخسفُ في غير هذا: الهوانُ والذل. قال عمرو بن كلثوم: إذا ما الملكُ سام الناس خسفاً ... أبينا أن يقر الخسف فينا

1/ 544 وقال الآخر: ولا يقيم على خسف يقر به ... إلا الأذلان عير الحي والوتد والخسفُ هو الجوْز بلغة أهل الشحر، والواحدة خسفةٌ. وقولهم: خاس فلانٌ بفلان معانه غدر به. قال ابن الدمينة: فيا رب إن خاست بما كان بيننا ... من الود فابعث لي بما فعلت نصراً معناه: إن غدرت. وخاس فلانٌ عهده أي أخلف وخان. وقولهم: دع فلاناً يخيسُ معناه: يلزمُ موضعه، والأصل فيه من خيس الأسد، وهو الموضع الذي يلازمه ويأويه. قال الشاعر: كأن حمى حيرانة حال دونه ... أبو أشبل في خيسه متمنع ويقال للموضع الذي يجلس فيه الناس ويلزمونه مُخَيَّس. والإنسان يُخَيَّسُ في مُخَيَّس حتى يبلغ منه شدة الهم والغم والأذى. ولذلك

سُمي سجن الحجاج مُخَيَّساً. قال النابغة: وخيس الجن إني قد أذنت لهم ... يبنون تدمر بالصفاح والعمد أي: أحبسهم وذَلِلْهُمْ وكُدَّهُمْ في العمل. قال آخر: فلم يبق إلا داخر في مخيس ... ومنجحر في غير أرضك في جحر أراد بالمخيس السجن. والداخر: الصاغر. تقول: دَخَرَ يَدْخَرُ دُخُوراً أي صَغُرَ يَصْغُرُ صَغَاراً، وهو الذي [يفعلُ] ما تأمره كُرهاً على صغرٍ ودُخور. وخاسَ الشيءُ يخيسُ خيساً إذا فسد وتغير كالتمر واللحم والجوز ونحوه، فإذا أنتن قالوا: أصل فهو مُصِلٌّ، وقرئ: {أَئِذَا ضَلَلْنَا فِي الأَرْضِ} أي أنتنا. والزاي في اللحم والجوز أخص من السين. وقولهم: خَتَرَ فلانٌ بِفلان أي غدر به، ويُقال الخَتْرُ أسوأُ الغَدْرِ، كما أن المدؤوم أشد من الختر. رجل ختار: غدارٌ. قال الله عز وجل: {كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ}. وفي الحديث "إنك لن تُمدَّ لنا شبراً من غدر إلا مددنا لك باعاً من ختر". وقال ابن عباس في قوله تعالى: {خَتَّارٍ كَفُورٍ} قال: الختارُ: الغدارُ الظلومُ الغشوم. واحتج بقول الشاعر:

1/ 545 لقد علمت واستيقنت ذات نفسها ... بأن لا يخاف الدهر ضري ولا ختري وقولهم: قد خَبَّبَ فلانٌ على فلانٍ صديقه معناه: أفسد عليه. والتخبيبُ إفسادُ رجل عبد رجل أو أمته. تقول: خببها أي أفسدها. قال امرؤ القيس: أدامت على ما بيننا من نصيحة ... أميمة أم صارت لقول المخبب؟ وقولهم: خذل فلانٌ فلاناً معناه: ترك نصرته. وخذلان الله تعالى العبد أن لا يعصمه من السيئة فيقع فيها. قال الله عز وجل: {إِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ}. ورجلٌ مخذولٌ: قد تُرك وحده لا ينصره أحد. قال الشاعر: قتلوا ابن عفان الخليفة محرماً ... ودعا فلم أر مثله مخذولاً وقولهم: قد خنس فلانٌ عن فلانٍ حقه معناه: قد أخره عنه وغيبه، وهو مأخوذٌ من الخنس، وهو تأخر الأنف في الوجه. يقال للبقرة: خنساء لتأخر أنفها في وجهها. والبقر كلها خنسٌ. قال لبيد: خنساء ضيعت الفرير فلم يرم ... عُرض الشقائق طوفها وبغامها

والفرير: ولد البقر الوحشية. ويُقال فُرار مثل ظئر وظُؤار ورِحْل ورِحال. لم ترم: لم تبرح. عُرْضَ: ناحية وجانب. والشقائق: جمع شقيقة وهي أرض غليظة بين رملتين. طوفها: مجيئها وذهابها. وبُغامها: صوتها تختلسه اختلاساً متلذذة به [إذا] فقدت ولدها. وفي الحديث "الشيطانُ يُوَسْوِسُ إلى العبد، فإذا ذكر الله خنس" أي انقبض عنه. والخنوسُ: الانقباض والاختفاء، تقول: خنس من بين القوم، ولغةُ ضبيعة انخنس. وقد أُمِرَ النبي صلى الله عليه وسلم بالاستعاذة من شر الشيطان، فقيل له {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} لما فيه من ذكر الخناس. وقولهم: قد خلب فلاناً حُبُّ فلانةٍ معناه: قد وصل حُبُّها إلى خلبه وهو غشاءُ القلب. وقيل: الخِلْبُ الذي بين الزيادة والكبد. وقال بعض الأعراب: من كان لم يدر ما حب نعت له ... أو كان في غفلة أو كان لم يجد فالحب أوله روعٌ وآخره ... مثل الحزازة بين الخلب والكبد

ويقال للرجل إذا كان تحبه النساء وتملن إليه: إنه لَخِلْبُ نساء. 1/ 546 ويقال: فلانٌ خلابٌ، إذا كان يخلبُ الناس أي يذهب بقلوبهم. قال جرير: أخلبتنا وصددت أم محلم ... أفتجمعين خلابةً وصدودا وامرأة خلابةٌ: مذهبةٌ للفؤاد وخلوبٌ أيضاً. ورجلٌ خلبوت: ذو خديعة واختلاف في الشيء. قال: ملكتم، فلما أن ملكتم خلبتم ... وشر الملوك الخالب الخلبوت والخلابة: المخادعة. وفي الحديث: "إذا تبايعتم فقولوا لا خلابة". ويقال: إذا لم تَغْلِبْ فاخلبْ. وقولهم: فلانٌ يخْتَبَلُ معناه: خاملُ الذكر، وهو أيضاً الذي يكون في قلبه أو صنيعه أو مذهبه سوء الخلق. والخَبَلُ جنونٌ أو شبهةٌ في القلب،، ورجلٌ مخبولٌ به خبلٌ، وهو مخبلٌ لا فؤاد له قد خبله الدهر والخزن والحب والداء والشيطان خبلاً. قال: يكر عليه الدهر حتى يرده ... ذوي شنجته جن دهر وخابله جن الدهر: جنون الدهر. ودهرٌ خبلٌ: متلو على أهله لا يرون فيه سروراً.

ورجلٌ به خبالٌ: أي مس وشر. وهو خبالٌ على أهله: أي عناءٌ. وفي الحديث "من أكل الربا أطعمه الله أو ملأ الله جوفه من طين الخبال يوم القيامة". ويقال هو ما ذاب من حُراقةِ أجساد أهل النار فاجتمع. وقولهم: أخزى الله فلاناً معناه أذله وكسره وأهلكه. والأصل فيه أن يفعل الرجل فعلةً يستحيي منها وينكسر لها ويذل من أجلها. قال ذو الرمة: خزاية أدركته عند جولته ... من يابس الطرف مخلوطاً بها غضب ويقال: خزي الرجل يخزي خزاية إذا استحيا. (وخزي يخزي خزيا) إذا انكسر وهلك وذل. والخزوُ: كفُّ النفس عن همتها وصبرها على مر الحق، تقول: خزوتها خزواً. قال لبيد: غير أن لا يكدينها في التقى ... واخزها بالبر لله الأجل قال الأصمعي: واخزها أي: سُسْها بالبر. وقال غيره: اقهرها، يقول أجبرها على ذلك لله الأجل الأعظم. وقيل: الخزاية المخازاة. قال الشاعر:

لاه ابن عمك لا أفضلت في حسب ... عني ولا أنت دياني فتخزوني وقولهم: خَصَف فلانٌ نَعْلَهُ الخصفُ معناه في كلام العرب ضمُّ شيء إلى شيء. ومنه المخْصَف والخصاف. قال الله عز وجل {وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ} معناه يضمان 1/ 547 بعض الورق إلى بعض ليسترهما. يقال: قد خصف الرجل واختصف. قال الأعشى: قالت أرى رجلاً في كفه كتفٌ ... أو يخصف النعل لهفي أية صنعا والاختصاف: سرعةُ العدو، من أخصف يخصف إخصافاً أي أسرع، وهو بالحاء أيضاً جائز. وقولهم: أخذ فلانٌ الشيء خلساً أي مكابرةً. والاختلاسُ أوحى من الخلس وأخصُّ. والقرنان يتخالسان أيهما يقدر على صاحبه. قال أبو ذؤيب: فتخالسا نفسيهما بنوافذ ... كنوافذ الغط التي لا ترفع

والخُلْسَةُ النُّهْزَةُ، والنُّهْزَةُ: اسم الشيء الذي هو لك معرضٌ كالغنيمة. تقول: انتهزها فقد امكنتك قبل الفوت. وقولهم للهرة: اخسئي معناه: تباعدي. تقول: خسأتُ الكلب فانخسأ، يراد: طردته وباعدته. قال عز وجل {كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ} معناه مطرودين أي مبعدين. قال: فاخسأ إليك فلا كليباً نلته ... والعامرين ولا بني ذبيان وقال الله تعالى {خَاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ}، فالخاسئ المُطَرَّدُ المُبْعَدن والحسيرُ التعِبُ الكالُّ. وأنشد الفراء: إذا ما المهاري بلغتنا بلادنا ... فبعد المهاري من حسير ومتعب وقول العامة: إخس، خطأ. قال ابن أبي إسحق لبكر بن حبيب: ما ألحن حرفاً. فمرت به سنورةٌ، فقال لها: إخس. فقال: هذه! ألا قلت: أخسئي. ويقال هي السِنَّوْرُ والسَنَّوْرةُ والهرُّ والهرةُ والضَيْوَنُ. وخسأ كلمة أفراد الشيء

فيقال خسا أو زكا، فخسا فردٌ، وزكا زوج كما تقول: شفعٌ أو وتر. قال: كانوا خساً وزكاً من دون أربعة ... لم يخلفوا وجدودُ الناس تعتلج فمن أجراهما جعلهما نكرتين، ومنْ لم يُجرهما جعلهما معرفتين، ويكتبان بالألف، لأن أصل زكا من زكوت، وأصل خسا الهمزة، وإذا كانت الهمزة قبلها مفتوح وهي ظرف كتبت ألفاً. قال: ومخوف تلقى ملكتُ عنانه ... يعدو على خمس قوائمه زكا أي على قائمتين وواحدة. وقولهم: الخابية والخوابي الخابية معناها في كلامهم التي تُخَبَّأ الأشياءُ فيها، وهي مأخوذة من خبأتُ، بُنِيَتْ على ترك الهمز في قول أبي عبيدة 1/ 548 وأبي عُبيد، كما بُنى النبي على ترك الهمز، وهو مأخوذٌ من النبأ. ويقالُ: خبأتُ الشيء وخباته وخبيْتُهُ. ويقال: أبْطَأتُ وأبْطاتُ وأبْطَيْتُ، وقرأتُ وقرأتُهُ وقرَيْتُهُ. ويقال: صحيفةٌ مقروةٌ ومقروءةٌ ومقرية. وقولهم للشيء يفوت فيؤسف عليه: خبا عليه وهو قول العامة خبالية، وقولهم هذا خطأ. وقولهم: فلانٌ مِنْ خِنْدَفٍ

أصل هذا الاسم أن ليلى القُضاعية قالت لزوجها إلياس بن مضر بن نزار: ما زِلْتُ أُخَنْدِفُ في إثركم. فقال لها: فأنت خِنْدَفُ. فذهب لها اسماً إلى يومنا هذا، وصارت مُضَرُ نسلين؛ أحدهما قيس عيلان، والآخر خندف. والخِنْدَف مشيةٌ كالهرولة للنساء ودون الرجال. وقولهم: فلان من خثزاعة إنما سميت خُزَاعة بهذا الاسم لأنه حين ساروا مع قومهم من سبأ، أيام سيْل العرم، فانتهوا إلى مكة، تخزعوا عنهم، فأقاموا، وساروا الآخرون إلى الشام. واسمُ أبيهم حارثة بن عمرو. قال حسان بن ثابت يذكر ذلك: فلما هبطنا بطن مر تخزعت ... خزاعة عنا بالحلول الكراكر الكراكر: كراديس الجبل. وقولهم: فلانٌ الخليفة أصله خلافة رسول الله صلى الله عليه [وسلم]، والأصلُ فيه خليفٌ، بغير هاء، فدخلت الهاء للمبالغة في مدحه، كقولهم: رجلٌ علامةٌ نسابةٌ راويةٌ، أرادوا به مبالغة في المدح، ولو لم يريدوا المبالغة لقالوا: رجلٌ علامٌ راوٍ وعلام ونسابٌ. قال الفرزدق:

أما كان في معدان والقتل شاغل ... لعنبسة الراوي على القصائدا وسُمي الخليفة أمير المؤمنين لأنه يأمرهم فيسمعوا أمره ويقفون عند قوله. وأول من كتب أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه. ويقال: قال الخليفة، وقالت الخليفة، وقال الخليفة الآخر والخليفة الأخرى، فمن ذكر قال: معناه فلان، ومن أنثَ قال: هو وصفٌ دخلته علامة التأنيث، فحمل الفعل على المؤنث. قال: أبوك خليفة ولدته أخرى ... وأنت خليفة ذاك الكمال فقال: ولدتهُ أخرى، ولم يقل: آخر، نعتاً للتأنيث. ومن 1/ 549 استعمل لفظ المؤنث قال في الجمع: خلائف. ومن استعمل المعنى المذكر قال في المع: خلفاء. قال الله عز وجل {خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ}. وقال تعالى {خَلائِفَ فِي الأَرْضِ} ثم قال الشاعر: فأما قولك الخلفاء منا ... فهم منعوا وريدك من وداجي وقال الآخر: إن الخلافة بعدهم لذميمة ... وخلائف ظرف لمما أحقر ويقالُ: خلف الرجلُ يخلفُ خلافةً وخليفي إذا صار خليفةً. قال عمر رضي الله عنه: "لولا الخليفي ما سُبِقْتُ إلى الأذان".

ويقال: خلف الفمُ والطعامُ يخلُفُ خُلوفاً إذا تغير. وجاء في الحديث "لخلوفُ فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك". ويقال: قد خَلَفَ الرجل يخلِفُ خلافةً إذا كان متخلفاً لا خير فيه، مُويِّساً من رشده. ورجل خالفٌ وخالفةٌ إذا كان كذلك. ويُقال إن نومةَ الضحى لمخلفةُ الفم، يُراد: لمغيرةٌ. ويقال: أكل فلانٌ الطعام فبقيتْ بين أسنانه وفي فيه خلفةٌ، وهو ما بقي بين الأسنان من اللحم وغيره. ويقال لها: الطُّرامة والخُلالة. وقدْ أطرم فوه إذا كانت الطرامة بين أسنانه. فدخل خليفةٌ خالفهُ مخالفٌ يخالفُ ذو إخلافٍ وخُلْف. والخَلَفُ هو الخليفةُ بمنزلة مال يذهب فيُخْلِفُ الله عليك خَلَفةً، وبمنزلة والدٍ يموتُ فيكون ابنه خالفاً له أي خليفةً له يقوم مقامه. وتقول للمعزى: خلف الله لك بخير. وتقول لمن ذهب ماله: أخلف الله عليك خيراً مما ذهب منك. والخلفُ من الشيء هو البدل منه، وهو بتحريك اللام. والخلف مصدر الإخلاف، تقول: أخْلَفَ وعدي وظني. والخلوفُ: القوم الغائبون. وبعثنا فلاناً يُخْلِفُ ويَخِلْفُ لنا أي يستقي لنا، فهو مخلفٌ.

والخِلْفَةُ: الاستقاءُ. يقال: من أين خلفتكم؟ (نسخة خلفتك). والخلْفَةُ مصدر الاختلاف، ومنه {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً} أي: إذا فاتهُ أمرٌ بالنهار تداركه بالليل، وإن فاته بالليل تداركه بالنهار. والخيفان من الإبل كالإبطين من الناس. ويقال: لفلان خلفان إذا كان له ذكرٌ وأنثى. وقولهم: أباد الله خضراءهُمْ أي خصبهم وسعتهم. قال النابغة: يصونون أبداناً قديماً نعيمها ... بخالصة الأردان خُضر المناكب 1/ 550 يعني بخَضر المناكب: سعة ما هم فيه من الخصب. وقال ابن الأعرابي: أباد الله خضراءهم معناه سوادهم. والخضرة عند العرب السوادُ. يقال: ليلٌ أخضر، لسواده. قال الشماخ: وليل كلون الساج أسود مظلم ... فليل الوغى داج كلون الأرندج الساجُ: طيلسان أخضر، وجمعه سيجان، ومنه قول أبي هريرة "أصحاب الدجال عليهم السيجان". والأرندج جلودٌ سود.

وإنما قيل للأسود أخضر لأن الشيء إذا اشتدتْ خُضرتُه رُئِيَ أسودَ. وقال الأصمعي: يُقالُ أباد الله غضراءهم وغضارتهم أي: خيرهم، ولا يقال خضراءهم. قال: ويقال قومٌ مغضورون إذا كانوا في خير ونعمة. ويقال أباد الله خضراءهم وغضراءهم أي جماعتهم. وقيل: أباد الله سوادهم، لأن سواد الشيء معظمه. وقال أبو سفيان بن حرب لرسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة: يا رسول الله قد أبيح سواد قريش فلا قريش بعد اليوم. وقال قومٌ من أهل اللغة: يُقال أباد الله غضراءهم أي: حُسْنَهُمْ وبَهْحَتَهُمْ. قالوا: والغضارة الحُسْنُ والبَهْجَةُ. واحتجوا بقول الشاعر: احثوا التراب على محاسنه ... وعلى غضارة وجهه النضر وقولهم: فلان أخضر، لها معنيان، أحدهما مدحٌ، والآخر ذم، فالمدح معناه كثير الخصب والعطاء، من قولهم: أباد الله خضراءهم، أي خصبهم. قال اللهبي: فأنا الأخضر من يعرفني ... أخضر الجلدة من بيت العرب والذم معناه لئيم. والخضرة عند العرب: اللؤم. قال جرير:

كسا اللؤم تيما خضرة في جلودها ... فويلاً لتيم من سرابيلها الخضر ويروي: فيا ويل تيم. وقولهم: فلانٌ خسيسٌ الخِسَّةُ: انحطاط القَدْرِ والمنزلة. والخساسةُ مصدرُ الخسيس. وقد خس الرجل يخس خسوسةً وخساسةً. وقد خُسَّ حَظُّهُ خساً فهو مخسوس. والخيس: من أكل الحرام، وقيل: من استتر بالطيبات عن أهله. وقولهم: فلانٌ خطاط أي جيد الكتابة. قال الله عز وجل {وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ} أي: لا تكتب كتاباً. والخط: الكتابة ونحوه مما يُخَطُّ. 1/ 551 والخُطة اسمٌ مشتقٌّ من الخط، كالنُّقْطَةِ من النَّقْطِ. والخطوط على وجوهٍ؛ فمنها الخط المعروف، ومنها ما يكون استراحة الأسير والمهموم كما يعتري النائم من قرع السن، والغضبان من تصفيق اليد وتجحيظ العين، قال تأبط شراً: لتقرعن على السن من ندم ... إذا تذكرت يوماً بعض أخلاقي وفي خط الحزين يقول ذو الرمة: عشية ما لي حيلة غير أنني ... بلقط الحصى والخط في الدار مولع

أخط وأمحو الخط ثم أعيده ... بكفي والغربان في الدار وقعُ وذكر النابغة صنيع النساء وفزعهن إلى ذلك إذا سبين واغتزين وفكرنَ، فقال: يخططن بالعيدان في كل منزل ... ويخبأن رمان الثدي النواهد وقد روي في ذلك الخجل والمتعلل كما يفزع إليه مهومٌ. قال القاسم بن أمية بن أبي الصلت: لا ينقرون الأرض عند سؤالهم ... لتلمس العلات بالعيان وربما اعترى هؤلاء عدد الحصى إذا كانوا في موضع حصى ولم يكونوا في موضع تراب، وهو كقول امرئ القيس: ظللتُ ردائي فوق رأسي قاعداً ... أعد الحصى ما تنقضي عبراتي وقال آخر يصف امرأة قُتِلَ زوجها فهي محزونة تلقطُ الحصى، شعراً: وبيضاء مكسال كأن وشاحها ... على أم أحوى المقلتين خذول عقلت لها من زوجها عدد الحصى ... مع الصبح أو في جنح كل أصيل يقول: لم أعطها عقلاً إلا الهم الذي دعاها إلى لقط الحصى. وخط آخر وهو خط الحادي والعراف والزاجر.

وقولهم: خَطَبَ فلانٌ خُطْبَةً وخَطَبَ خِطْبَةً فالخُطْبَةُ بالضم الموعظة، والخِطْبَةُ بالكسر خطبةُ الخاطب للمرأة. تقول: خطبها يخطبها خطبةً. ولو قيل: خطبتها لجاز وحَسُنَ. وكان الرجل في الجاهلية إذا أراد الخطبة قام في النادي فقال: خِطْبٌ خِطْبٌ. فمن أراده قال: نِكْحٌ نِكْحٌ. والرجلُ خِطْبُ المرأة والمرأةُ خِطْبُ الرَّجُلِ أيضاً. وقرئ {مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ} بالضم، وهو المشاهدة. وعن الفراء قال: هما لغتان خطب الرجل ونكح أيضاً. وقال روح بن 1/ 552 عبد المؤمن: الخِطْبَةُ بالكسر مصدر، والخُطْبَةُ بالضم اسمٌ. والخُطْبَةُ مصدر الخطيب. تقول: فلان يَخْطُبُ القوم ويخْتَطِبُ. والخُطْبةُ إن شئت خُطْبَةُ النكاح، وإن شئت خُطْبَةُ الموعظة. وجمعُ الخطيب خُطباء، وجمعُ الخاطب خُطَّاب. والخِطابُ مراجعةُ الكلام. والخُطوبُ جمعُ خطبٍ، وهو الأمر. قال الشاعر: ألا ليت شعري والخطوب كثيرة ... أكل خلاص المسلمين استقرت وقولهم: حديثُ خُرافة وهو رجلٌ من بني عُذْرة سبتْهُ الجن فكان معهم، فلما استرقوا السمع من السماء

أخبروه فخبر به أهل الأرض بلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعائشة: "إن أصدق الأحاديث حديث خُرافة". والخرافةُ حديث يُسْتَمْلَحُ كذبٌ. وخرفتُ فلاناً أي حدثته بالخرافات. وقولهم: فلانٌ في خِفَارةِ فُلان أي في ذمته، والإخفار انتهابُها، تقول: أخْفَرَ الذمة فهو يُخْفِرُ إخفاراً إذا لم يفِ لمن يَخْفِرُه. وفي الحديث "من صلى الغداة فإنه في ذمة الله فلا يخفرن الله في ذمته". أي لا تؤذوا المؤمن. قال زهير: فإنكم وقوماً أخفروكم ... لكالديباج مال به العباء والخفور: هو الإخفار نفسه. وقال: فواعدني وأخلف ثم ظني ... وبئس خليقة المرء الخفور وخُفيرُ القوم: مجيرهم الذين يكونون في ضمانه ما داموا في بلاده. وقال: لا يجوزن أرضنا مضري ... بخفير ولا بغير خفير

تقول: هو يخفر القوم خفارةً. قال: كل له جارة تحمي خفارتها ... والماء سيان ممجوج ومشروب وقولهم: فلانٌ ليس له خَلاق أي ليس له رغبة في الخير ولا في الآخرة ولا في صلاح الدين. قال الله عز وجل {وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ}. قال الحسن وقُطرب: الخلاقُ: الدينُ. واحتج بقول الشاعر: وقبيلة حبب إذا لاقيتهم ... نظروا إلي بأعين الإنكار خيبتُ منكرهم وقلت أردهم ... لخلاق معروف وحسن جوار والخلاقُ: النصيبُ من الحظ الصالح. قال الله تعالى: {فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلاقِكُمْ} قال الشاعر: ما تُرجى في العيش بعد نُدامى ... قد أراهم سقوا بكأس خلاق 1/ 553 أي سقوا بكأس نصيبهم من الموت. وقال بعضهم: الخلاقُ: الجُبّةُ، وجمعه أخْلِقَةٌ وخَلَقٌ. والخَلاقُ: الحُجَّة. والخَلْقُ: تقديرك الأديم لما أردت. قال زهير بن أبي سلمى:

ولأنت تفري ما خلقت وبعـ ... ـض القوم يخلق ثم لا يفري فريُ الأديم: شَقَّهُ. ورجلٌ خالقٌ: صانعٌ. والخلْقُ: الكذب. ومن قرأ {إِنْ هَذَا إِلاَّ خُلُقُ الأَوَّلِينَ} أي كذبهم. ومن قرأ (خَلْق) حمله على المصدر، كقولك: خلقوا الكذب خلقاً. والخُلُقُ: الطبيعةُ، وهي الخليقةُ. وتقول: تَخَلَّقَ فلانٌ بخُلُقِ فلان، وخالق الناس بخُلقِ حسنِ. قال الشاعر: خالق الناس بخلق حسن ... لا تكن كلباً على الناس تهر قال الله تعالى لنبيه عليه السلام {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} ولا أعظم مما سماه الله تعالى عظيماً. قالوا: قالت عائشة: ما أنزلها الله عليه إلا في خُلقه. وقال غيرها: أراد به دينه. والله أعلم. وعنه صلى الله عليه وسلم: "بُعثتُ لأتمم محاسن الأخلاق". وتقول: إن هذا لمخلقةٌ للخبر إذا كان خبيراً به. وفلانٌ خليقٌ بهذا الأمر: أي خبيرٌ به. وإنه لخليقٌ لذلك أي: شبيهٌ. وما أخلقه: أي ما أشبهه. ورجلٌ خليقٌ: إذا تم خلقه.

وامرأةٌ خلقاء مثل الرَّتْقاء، لأنها مصمتة مثل الصخرة الخلقاء وهي الملساء. قال ابن أحمر: في رأس خلقاء من عنقاء مشرقة ... ما يبتغي دونه سهلٌ ولا جبل وقولهم: فلانٌ خارجي معناه الذي يخرج ويشرف بنفسه من غير أن يكون قديماً. قال الحُصين: من الصبح حتى تغرب الشمس لا ترى ... من القوم إلا خارجياً مسوما والخارجية خيلٌ لها عرقٌ في الجودة فتخرج سوابق. والخراجُ والخَرْجُ واحدٌ، وهو شيء يخرجه القوم في السنة من مالهم بقدر معلوم. والخرج أخص من الخراج، وهو الإداوة. والخرجُ رزقٌ أيضاً، يقال: أد خراج رأسك وخرج مدينتك. وقوله تعالى: {أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجاً فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَيْرٌ} أي أجراً على ما جئت [به] وأجرُ ربك وثوابه خيرٌ. وقوله {فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً} أي جُعلاً. وقولهم: فلان خارصٌ معناه: يخْرُصُ ما على النخلة، والجميع الخراص. وتقول: بكم خرصُ نخلك؟ أي: كم مقدار ما خُرِصَ من حملها. والخَرْصُ بالفتح: المصدر.

والخَرْصُ: الحَزْرُ في العدد والكيل. والخرص الكذب. ومنه: {وَإِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ تَخْرُصُونَ} أي: الكاذبون الذين قالوا للنبي 1/ 554 صلى الله عليه [وسلم] ساحر. وقولهم: لا خَيْرَ عِنْدَهُ ولا مَيْر قال أبو بكر الخيرُ: المال. قال الله تعالى {وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ} أي: لحب المال. والخير: الخيل أيضاً. قال تعالى {إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي} أي الخيل. والخيرُ: كل ما رزقه الله تعالى عباده، وهو الذي يُراد في هذا المثل. والميرُ ما جُلِبَ ليتزودَ ويتقوت. قال {وَنَمِيرُ أَهْلَنَا} أي نجلب إليهم الزاد والقوت. قال أبو ذؤيب: أتى قرية كانت كثيراً طعامها ... كرفغ التراب كل شيء يميرها الرفغُ من الرفاغة وهي الخصب السعة، يقال: عيشٌ رفيغٌ رافغٌ إذا كان واسعاً.

ورجلٌ خيرٌ وامرأةٌ خيرةٌ وقومٌ خيارُ وأخيارٌ، وامرأةُ خيرةٌ في جمالها وميسمها. وفي القرآن {خَيْرَاتٌ حِسَانٌ} وخيراتٌ مخففٌ ومثقلٌ أيضاً. والخير بكسر الهاء: الهيئة. والخير أيضاً: الكرمُ قال: وما حسن الرجال لهم بزين ... ولكن زينهم حسبٌ وخير والخيرة، خفيفةً، مصدر اختار خيرةً، مثل ارتاب ريبةً، والخيرةُ، الاختيار. وقولهم: مات خُفاتا أي مات ولم يشعر به حتى طُفي. وأخفته الله حتى خفت. وزرعٌ خافتٌ كأنه بقي فلم يبلغ غاية الطول. وخفت الصوت من الجزع، وصوتٌ خفيت وخفيضٌ. وخافت الرجل بقراءاته: إذا لم يرفع صوته. وقومٌ مخافتون إذا تشاوروا بينهم سراً. وامرأةٌ خفوتٌ لفوت: وهي المستحسنة في الوحدة، فإذا صارت في النساء غمرتها وخفتت في جنب من كان أحسن منها. ولفوتٌ أي فيها انقباض والتواء، وقيل: كثيرةُ الالتفات إلى الرجال. والخفتُ والخُفَاتُ: النعاس. قال ابن ميادة:

فكانت لنا لهواً تجليى نعاسياً ... إذا ما خفتنا بالحزون السباسب وقولهم: فلانٌ خَتَنُ فلان أي صِهْرُهُ: يقول رجلٌ: خاتَنْتُ فلاناً مُخَاتَنةً. والخَتَن زوْجُ فتاة القوم، وأبواها خَتَنَاه وحَمَواه، 1/ 555 المرأة. وأمُّ الزَّوْج حماةُ المرأة وأبوه حماها. وقولهم: خَتَمْنا زَرْعَنا أي سقيناه آخر سقيةٍ، وهي الخَتْمُ والختام اسم، وكل عملٍ يُفْرَغُ منه فهو مختوم. والخَتْمُ: الطينُ الذي يُختَمُ به. والخَتْمُ: الفعل، تقول: خَتَمَ يَخْتِمُ خَتْماً، والخاتِمُ: الفاعل. والخاتَمُ: ما يُوضَعُ على الطينةٍ، وهو اسمٌ مثل العالم. والخِتام: الطينُ الذي يُخْتَمُ به على كتاب. قال الله تعالى: {خِتَامُهُ مِسْكٌ}. وقرئ {خَاتَمُهُ مِسْكٌ} أي ريح المسك. وقيل: بل الختام. والخِتَامُ هاهنا ما خُتِمَ عليه. وخاتمةُ السورة آخرها. وكل شيءٍ عُمِلَ وآخرهُ خاتمة. ويُقال: خاتَم وخاتام وخَيْتام. وقال سيبويه: جَمْعُ خاتام خواتيم، وجَمْعُ أخاتِم

على الصحة خواتيم. وأنشد: لقد تركت خزيمة كل وعد ... تمشي بين خاتام وطاق وجمعُ خَيْتام خياتيم. والطاقُ: الثوب. وقال آخر في الخاتام: قولا لذات الجورب المنشق ... أخذت خاتامي بغير حق ويقال: خاتِمٌ، بالكسر، وهي أفصحه.

الأمثال على الخاء خامري أُمَّ عامِرِ. هي الضُّيُعُ يشبه بها الأحمق. خيرُ مالك ما نفعك. خير الفقه ما حاضرت به. خُذْ ما قطع البطحاء. خذ من جذع ما أعطاك. خذ ما صفا ودع ما كدر. خلاؤك أقنى لحيائك. خير حالبيك تنطحين. خلعُ الدرع بيد الزوج. خذ من الرضفة ما عليها. جعل الله سعيك في خياب بن خياب، وتباب بن تباب، وهباب بن هباب أي خاب سعيُك.

خلا لك الجو فبيضي واصفري. * * * تم رقاعُ القطعة الأولى من كتاب الإبانة، تأليف الشيخ العالم العلامة الماهر الحَبْرِ الفقيه الطاهر سلمة بن مسلم العوتبي الصُحاري، رحمه الله تعالى ونفع المسلمين بما ألفه وصنفه، ونفعه به إن شاء الله تعالى، بتاريخ نهار السبت لثلاث عشرة ليلة خلت من شهر جُمادى الأولى من سنة سبع وستين وتسعمائة للهجرة النبوية، على مُهاجرها الصلاة والسلام. كتبه عبد الله بن عمر بن زياد بن أحمد بن راشد بيده لنفسه.

الجزء الثاني من كتاب الإبانة تأليف الشيخ الإمام العالم النزيه أبي المنذر سلمة ابن مسلم بن إبراهيم العَوْتَبي الصُحاري العُماني رحمه الله تعالى، وجعل الجنة مأواه.

حرف الدال

بسم الله الرحمن الرحيم حرف الدال

بسم الله الرحمن الرحيم 2/ 1 حرفُ الدال الدّال نطْعيّة، وهي أختُ التاء، وقد يقيمون إحداهما مقام الأخرى، كقولهم: دَهْدار وتَهْتار، وسُداة وسُتات، وتَسْدِيَة وتَسْتِةَ. وعددها في القرآن خمسة آلاف وتسعمائة وتسعون دالاً. غيره: ستمائةٍ واثنان وأربعون. وفي الحِسابَيْنِ أربعة، وهي صورةٌ في الحساب الهندي. علـ. وقولهم: لله درُّ فلان تكونُ مَدْحاً وذمّاً وعند التعجُّبِ من الشيء. وإذا شتموا إنساناً قالوا: لا دَرَّ دَرَّه، أيْ: لا كَثُرَ خَيْرُه، ولا كانت له حَلَوُبة. ويقالُ: لله درُّك وفِعْلُك. وَدَرَّ اللبنُ يَدُرُّ دراً: إذا كان منه شيءٌ كثير. ودرَّ السَّحابُ، ودَرَّت السماءُ. ودَرَّتِ العُروقُ: إذا امتلأتْ دماً. وسحابةٌ مِدْرارة وناقة دَرُور. وقولهم: فلانٌ دميم أي: قبيح. والدمامةُ مصدرُ الدميم. قال: كضرائر الحسناء قلن لوجهها ... حسداً وبغياً إنه لدميم أي قبيح. والضرائر جمع ضَرَّة، وهُنّ النساءُ يكُنَّ زوجاتٍ لرجل واحدٍ، وكل واحدةٍ منهن ضرةٌ للأخرى. ويقال: أدَمَّنا. فلانٌ، وأدَمُّ، أي: أقْبَحَ الفِعْلَ.

والفِعْلُ اللازم دَمَّ يَدِمُّ ويَدُمُّ. ويقال: دَمَمْتَ يا هذا تَدِمُّ دَمامَةٌ أي قَبْحَتْ، فأنتَ دميمٌ قبيح. وقولهم: فلانٌ دائِصٌ الدائصُ عند العرب: الذي يدور حول الشيء ويتبعُهُ، داص يديصُ إذا فَعَلَ ذلك. قال سعيد بن عبد الرحمن بن حسان بن ثابت: أرى الدنيا معيشتها عناء ... فنخطئها وإياها نليصُ فإن بعدت بعدنا في بغاها ... وإن قربت فنحن لها نديص نليصُ: أي نَنْظُرُ إليها يمنةً ويسرةً، من اللوْص وهو المُلاوَصَةُ، وهو من النَّظَر. وقولهم: فلانٌ داعِرٌ أي: خبيثٌ فاجر [مؤذٍ، أُخِذَ] منْ قولهم: عُودٌ دَعْرٌ: إذا كان كثير الدُّخان. والدَّعِرُ: ما احترقَ مِنْ حَطبٍ أو غَيْرهِ فطفيءَ قبل أن يشتد [احتراقُه، الواحدةُ دُعَرَةٌ، هو أيضاً من الزناد ما قُدحِ به] مراراً حتى احترق طرفُه، فصار دُعَراً لا يُورى. [وقولهم: رجلٌ ديوث] معناه في كلامهم: الذي يُدْخِلُ الرجالَ إلى امرأته، وأصلُه بالسريانية.

وكذلك القُنْذُع [والقُنْذَعُ والقُنْذُوع]. والديايثةُ جمعُ ديوث. [وقولهم: قد دَمْدَمُ فلانٌ] على فلان فيه قولان: أحدهما أن يكون [المعنى: قد تكلم وهو مُغْضَب. وأصلُ الدمدمة: الغضب. من ذلك قوله عز وجل: {فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا}. معناه: فغضب عليهم. والقول الآخر: أن يكون معنى دَمْدَم عليه: كلمةُ بكلامٍ أزْعَجَه وحَرَّكَ قلْبَهُ، لأن أكثر أهل اللغةِ والتفسير قالوا: معنى دمدم عليهم: أرْجفَ الأرض بهم، أي] حركها. / والرَّجْفَةُ في اللغة الحركة. قال ورقةُ بن نوفل: فقالوا لأحمد قولاً عجيباً ... تكاد البلادُ له ترجُفُ آخر: فدمدموا بعد أن كانوا أولى نعم ... وعيشة أسكنوا من بعدها الحُفرا ودُمَّ الشيء بكذا: أي طُلِيَ به ولُطخ. ويقال للشيء السمين كأنه دُمَّ بالشحم دماً. قال: عقلاً ورقماً يظل الطير تتبعه ... كأنه من دم الأجواف مدموم

والدِمْدِمُ: داءٌ معروف، وبعضٌ يقول: دُوَدِم، وتفسيره: دم الأخوين. والدَّمامةُ بالدال: الخَلْقُ، وبالذالِ: الخُلُق. دميم في خَلْقه. والحُجَّة البيتُ المتقدم. وقولهم: فلانٌ داهيةٌ أي: مُنْكَرٌ بصيرٌ بالأمور. والدَّهْيُ والدَّهْوُ لغتان في الدهاء. تقول: دَهَيْتُهُ، إذا نسبته إلى الدهاء، فهو مدهِيُّ ومَدْهُوٌّ. وتَدَهّا الرجلُ: فَعَلَ فِعْلَ الدُّهاةِ. والمصدرُ الدَّهاءُ. والدَهْياء: داهيةٌ من شدائد الدَّهْر. قال: وأخو محافظة إذا نزلت ... دهياء داهية من الأزم الأزْمُ: الجدْبُ والمَحْلُ. والأزْم: شدةُ العض. وأزَمَتْ السَّنَةُ: إذا اشتدت، تأزِمُ أزماً. وسنةٌ أزمةٌ أزوم قال: وشتوةٍ فللوا أنياب أزمتها ... عنهم وقد كلحت أنيابها الأزم وقولهم: فلان دَغَّار

هو المُخْتِلسُ في سرعة. والدُّغْرُ: الاقتحام بلا تثبت. وفي الحديث "ليس في الدَّغْرةِ قَطْع". إي إذا اسْتَلَبْتَ. ولغةٌ الأزْدِ في صبيانهم: "دَغْري لا صفي" أي: احملوا لا تُصافوا. وقيل: الدَّغْرةُ: الغَمْزَةُ والدَّفْعَةُ بسرعة. والمحدثون يقولون: الدَّغَرَةُ، بفتح. وأهل اللغة يجزمون. ومَنْ قال: الدَّغْرُ الغَمْزُ والدَّفْع، قال هو مِنْ قولهم: قد دَغَرَت المرأةُ حَلْقَ الصبي تَدْغَرُهُ دغْراً، إذا غَمَزَتْ العُذْرَةَ وداوَتْها. قال النبي صلى الله عليه وسلم:"لا تُعَذِّبَنَّ أولادكُنَّ بالدَّغْر"، وهو غمزُ الحَلْق. قال جرير: * غَمْزَ الطبيبِ نغانغَ المَعْذُورِ * والنغانغ: لحماتٌ عند اللهوات واحدتها نُغْنُغ. والدَّغْرُ أن تَرْفَعَ المرأةُ ذلك الموضع بأصبعها. ويُقال للنغانغ أيضاً اللغانين واللغاديد، واحدتُها لُغْنُون ولُغْدُود. وقيل: لُغْد وجَمعُهُ لِغاد. وقولهم: قَطَعَ اللهُ دابِرَ فُلان معناه: آخر. يقال دَبَرَ القومَ دَبْراً إذا كان آخرهم.

وفي الحديث: "ومِنَ الناسِ مَنْ لا يأتي الصلاة إلا دَبْرِيا" آي آخر الوقت. أُخِذَ من هذا. قال أبو عبيد: قال أبو زيد: الصواب دبرياً. قال الأصمعي: دابِرُ القومِ أصلهم. قال: فِديّ لكما رجلاي أمي وخالتي ... غداة الكلاب إذ تُحَز الدوابر [معناه]: إذا تقطعُ أصول القوم. قال تعالى: {فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ} الخليل: آخر ما بقي منهم. والدبار: الهلاك: دَبَرَ القومُ يدبرون دباراً. وتقول: جعل الله الدَّبْرَةَ عليهم. ويقال: دبر أمرهم، أي: تولى إلى الفساد. ومن قرأ {وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ} يقول: ولي. ليذهب. ودابرتُ فلاناً: عاديته. والمدابر من المنازل: نقيض المقابل. ودابرني فلانٌ: جاء خلْفي.

والدبْرُ: المال الكثير، لا يثني ولا يجمع، [يقال]: مالان دبرٌ وأموالٌ دِبرٌ. وقولهم: داهَنَ فلانٌ فلاناً أي: أبقى على نفسه ولم يناصحه. تقول العرب: 2/ 3 ما أدهنت إلا على نفسك: أي أ [قيت. أنشد الفراء: من لي بالمزرد اليلامق صاحب إدهان وألْقِ آلقِ الألْق: استمرارُ اللسان بالكذب. تقول: وَلَقَ يَلِقُ وَلْقاً. قرأت عائشة {إِذْ تَلَقَّوْنَهُ} بكسر اللام وفتح التاء: أي إذ تستمر ألسنتُكُم بالخوضِ في ذلك والكذب فيه. ومن قرأ {تَلَقَّوْنَهُ} أراد: يتلقى بعضكم من بعض. وقرأ اليماني: {تَُلْقُونَهُ} بضم التاء: أي تُذيعونه وتشيعونه. المُداهِنُ: المصانع المؤازِر. والإدْهانُ: اللينُ والمصانعة. وقوله تعالى: {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ} أي تلينُ فيلينون لك. قال:

وفي الحلم إدهان وفي العفو دربة ... وفي الصدق منجاة من الشر فاصدق والدربةُ: العادة. وقولهم: فُلانٌ دارِيّ أي: عَطَّارٌ. والدّاريُّ: العطار. وقيل: مثلُ جليسِ العالِم مثلُ جليس الداري، يعني العطار، إنْ لم يصبْ من عطْرِه فمن ريحه. والداري أيضاً: ربُّ النِعَم، لأنه مقيمٌ في داره فينسبوه إليها. قال: ليت رُفيداً يلحق الداريون ... أهل الجناب البُدن المكفيون والداريُّ أيضاً: الملاحُ الذي يلي الشراع. ويقال: درى فلانٌ يدري دريةً ودرياً أي علم علماً. وقولهم: ما لي في هذا الأمر دركٌ أي: منفعةٌ ولا دفعُ مضرة. والدركُ معهم: حبلٌ تُشد به عراقي الدلو ليُمنع من أن يُصيب الرشاء. وقيل: ما لي في هذا الأمر دركٌ: أي مرقي ولا مصعدٌ. ومنه {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ} فهو المرقاةُ. ويقالُ: أسفلُ درج النار. قال ابن مسعود: هي

توابيت من حديد مبهمةٌ عليهم. والمبهمةُ: التي لا أقفال لها. وقولهم: دوَّخ في البلاد أي: ذَلَّلَها بكثرةِ وطئه إياها، من قولهم: قد دَوَّخني الحيُّ: إذا ذلّلني. ويُقال: قد دُخْتُ لهذا الأمر، أي: ذلَلْتُ. قال المسيب بن علس: فدوخوا عبيداً لأربابكم ... فإن ساءكم ذاكم فاغضبوا ويقال: دوَّخْنا القوم تدويخاً، ودُخْناهم دوْخاً: أي وطئناهم وذللناهم. وقولهم: داريْتُ فلاناً أي: لا يَنْتُهُ، من قولهم: داريتُ الظَّبْيَ ودَرَيْتُهُ: إذا احتلْتُ له وختَلْتُهُ حتى أصيدهُ. قال: فإن كنت لا أدري الظباء فإنني ... أدس لها تحت التراب الدواهيا ويقال في غير هذا: دارأتُ الرجل، إذا دفعتُه، بالهمز. وتدارأ الرجلان: إذا تدافعا. قال تعالى {فَادَّارَاتُمْ فِيهَا} أي فتدافعتم فيها. ويجوز بلا همز. وتقول: اللهم إني أدرأ بك في نحر فلان لتكفيني شره.

وأدْرأتُ الحدَّ: أسقطتُهُ عن صاحبه من وجه. ودارأتُ أجود. ومنه اشتقتِ المُدارأة بين الناس. ويقال: دارها تعشْ بها. والمدْرِيَةُ في لغة: المِدْراةُ نفسها. وتقول: قد دريْتُ الشيء أدريه: إذا عرفته، وأدريتُهُ غيري: إذا أعْلَمْتُهُ. قال تعالى {وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ} [أي] أي شيء أعلمك. وقولهم: دَلَّسَ فلانٌ على فُلان أي زوى عنه العَيْبَ الذي في متاعه، وسترهُ كأنه غطاه في ظُلْمةِ مأخوذٌ من الدلس، وهو عندهم الظلمةُ يقال: فلانٌ لا يُدالسُ ولا يُوالس. فيُدالِسُ: لا يُوَرّي ولا 2/ 4 يسترُ على صاحبه العيب. ويوالسُ: يَخُونُ، من الإلْسِ. والإلْسُ والألْسُ عندهم: الخيانة والكذِبُ. ألَس يَالِسُ ألْساً. والألْسُ: الأكل الكثير. والألْسُ مِثْلُ مَسِّ وجنون، ورجُلٌ مألُوسٌ قد أُلِسَ ألْساً.

وقولهم: قد أخذنا في الدَّوْسِ والدَّوْسُ: تسويةُ الحديقة وتزيينها، مأخوذٌ من دياس السَّيْف، وهو صَقْلُهُ وجلاؤه. داس الصيقل السيف يدوسه دوساً، ودياساً: إذا صقله وجلاه. قال: صافي الحديدة قد أضر بصقله ... طول الدياس وبطنُ طير جائع ويقال للحجر الذي يُجلى به السيفُ مدوس. قال: وكأنما هو مدوس متقلب ... بالكف إلا أنه هو أضلع وقولهم: هو أحسنُ مَنْ دَبَّ ودَرَج دَبَّ: مشى. ودرج: مات. قال: قبيلةٌ كشراك النعل دارجة ... إن يهبطوا الغور لا يوجد لهم أثر دارجةٌ: ذاهبة. وتقول: درج قَرْنٌ بعد قرن، أي، فنوا فأدرجهم الله إدراجاً. وكل شيء مما خلق الله يسمى دابة مما يدبُّ. والاسم أنعامٌ مما يُركبُ. ويقولون للبرذون دابة، يُذكر ويؤنث على تأنيث الدابة. وتصغيرها دويبة، الياء ساكنة بإشمام الكسرة. وقولهم: ما في الدار ديار

أي أحد. قال تعالى: {مِنْ الْكَافِرِينَ دَيَّاراً} أي: أحداً. قال جرير: وبلدة يس بها ديار ... تنشق في مجهولها الأبصار وما بالدار ديورٌ وداريٌّ ودوريٌّ ودُعْويٌّ ودُبِّيٌّ: أيْ منْ يدعو ولا من يدب، وما بها عريب. قال: بسابس لم يصبح ولم يمس ثاوياً ... بها بعد بين الحي منك عريب وما بالدار طوري، ودِبِّيجٌ، وسفرٌ. قال: فوالله ما تنفك منا عداوة ... ولا منهم ما دام من نسلنا سفر وما بها أرمٌ وإرمي. قال: تلك القرو نورثنا الأرض بعدهم ... فما يحس عليها منهم أرم وما بها وابرٌ وكرِّابٌ وما بها مُعْرِبٌ ولا أنيسٌ ولا زاجرٌ ولا نابحٌ (ولا راع ولا داع) ولا تامور، كله بمعنى واحد.

وما بها داع ولا مجيب. وصافرٌ فيه قولان: أحدهما: ما فيها شيءٌ يصفرُ به، ومعنى صافر مصفور، مثل ماء دافق أي مدفوق، وسر كاتمٌ أي مكتوم. والقول الثاني: ما بالدار أحدٌ. قال: خلت المنازل ما بها ... ممن عهدت بهن صافر وقولهم: رجلٌ داءٌ ممدودٌ مهموزٌ: أي ذو داء. وامرأة داءةٌ: أي ذات داء. وقد داء الرجل يداءُ داء، ويقال: دوى. والداءُ ممدودٌ مهموزٌ: اسمٌ جامعٌ لكل مرض ظاهر، حتى قالوا: الحُمْقُ داءٌ لا دواء له. والدوى: الرجلُ الطويلُ المرض. 2/ 5 (والدَّوْءُ: الأزْمُ، والأزْمُ: الحِمْيةُ). والدَّوَى: الرجل الأحمق. والداء الدوي: هو الداء الباطن. والداء الدوي: هو الذي لا يُعْلَم به حتى يظهر منه سِرٌّ وشَرٌّ. والداءُ العياءُ: الذي لا دواء له، ويقال أيضاً: الحُمْق. وقولهم: فلانٌ دَنِسُ الأخلاقِ والأفعال

أي: وسِخُها. مأخوذٌ من الدنس، وهو الوسخ يَلْزَقُ بالثياب ونحوها. دَنِسَ يَدْنَسُ دنساً. وقولهم: قد درس الرَّجُلُ القرآن أي: راضهُ وذلل لسانه [به]. والدرسُ عندهم: الرياضة والتذلل. طريق مدروس: إذا كثرَ مشيُ الناس فيه حتى ذللوه وأثروا فيه. وقال الزجاج في قوله تعالى: {خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ}، أي: بجدَ وترْكِ الريب. {وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ} أي ادرسوا ما فيه. ويقال للطريق في الثلج: درس. قال الراجز: فحي عهداً قد عفا مدروسا ... كما رأيت الطلل المطروسا المطروس: الممحُوُّ ومن ذلك: درس الرجل الكتاب ودارسه. قال: وعركتهم بالخيل يوم درستهم ... بالمرهفات وللنساء عويل ويقال: قد دارس الرجل الطعام ودرسه. ويقال: هذا زمان الدياس والدراس.

وقولهم: فلانٌ فيه دُعابة وهي المزاح. فيه ثلاث لغات: المُزاحةُ والمِزاحُ والمَزْحُ. يقال: دعَبَ دعْباً إذا قال قولاً يُسْتَمْلَحْ، كما تقول: مزح يمزَحُ مزحاً. قال الطرماح: واستطربت ظُعنهم لما احزأل بهم ... مع الضحى ناشط من داعبات دد يعني: الجواري اللواتي يمازحهن ويُدأدِدْنَ بأصابعهن. والدَّدُ: الضربُ بالأصابع في اللعب. ويروى: من داعب ددد، يجعله نعتاً للداعب ويكسَعُهُ بدالٍ ثالثةٍ، لأن النعت لا يتمكن أقل من ثلاثة أحرف، فإذا استقر فعلاً أدخلوا بين الدالين الأولين همزةً لتستقر طريقة الفعل ولئلا تثقل الدالاتُ إذا اجتمعن، فيقولون: دَاددَ يُدَادِدُ دَادَدَةً. والدَّدَدُ: اللهو، والدَّدَنُ لغةٌ فيه. وفي الحديث: "ما أنا من دَدِ ولا الدَّدُ مني". ويقال: "ما أنا من دَدى ولا دَدَى مَنِيَّة"، وهو الباطل، ويكتبُ بالياء. زعم بعض أهل اللغة أن أصله الياء. ومنهم من يحذف الألف فيقول: "ما أنا مِنْ دَدٍ ولا دَدٌ مَنِيٍّة". وفيه ثلاث لغات: دَدٌ مثل دَمٌ ويَدٌ، ودَداً مثل حصاً، وعَصاً، ودَدَن مثل حَزَن.

وفي حديث النبي صلى الله عليه [وسلم] أنه كانت فيه دُعابة. وفي حديث آخر قال "لأني أمزح وما أقول إلا حقاً". وقولهم للأمَةِ: دَفَار أي يا نَتِنَة. ويقال للدنيا: دَفِرَةٌ وأم دفار. والدَّفْرُ: وقوع الدُّودِ في الطعام واللحم ونحوهما. وقولهم: دَمَّرَ فلانٌ على فلان 2/ 6 أي أهلكه. والدَّمارُ: الهلاك. ودَمَرَ القوْمُ وهم يدمرون دماراً. والفاعل مُدَمِّر، والمفعول مُدَمَّر، والمصدرُ التدمير، والاسم الدمار. ودمرتُ الدار: دخلتها. والدامِرُ: الداخِلُ. والمصدرُ الدُّمُور. وفي الحديث: "من اطَّلَعَ في دار قومٍ بغير إذن فقد دمر". أي دخل. أبو عبيد: ولا يكونُ الدُّمورُ إلا أن يدخُلَ بغير إذن، فإنْ دخلَ بإذنٍ فليس بدُمور.

وقولهم: فلان في مدعاةٍ دُعِيَ إلى الطعام، وكذلك هو في دعوة. قال ثعلب: الدَّعْوَةُ بالفتح في الطعام وغيره. وقال قُطْرُب: الدعوة بالفتح، دعاء الرجل صاحبهُ. قال عنترة: دعاني دعوة والخيل تردى ... فلا أدري بإسمي أم كناني وبالضم: إلى الطعام. يقال فلانٌ في دعوةِ فلان. قال خالد بن الأقطع: ودعوةُ أقوام دلفت لجمعهم ... بخيل ورجلٍ والهنيدة تنحرُ والهُنَيدة: المائةُ من الإبل. ويقال هُنيدة بلا ألفٍ ولام. والدعوة بالكسر، فعن ثعلب والخليل وقطرب أنها في النسب: أن يدعي الرجل إلى غير قومه أو يدعيه غير أبيه وقومه، وهو الدعي. قال: ودعوة هارب من لؤم أصل ... إلى فحل لغير أبيه حوب قال: تزعم أنك من باهلة ... تلك لعمري دعوة خاملة وقولهم: دعَّ فلانٌ فلاناً أي: دفعهُ عنهُ. ودَعَّ اليتيم: إذا دفعه عن حقهِ. قال:

ألم أكف أهلك فقدانه ... إذا القوم في المحل دعوا اليتيما وهو الدفع في جفوة. وقال {يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعّاً} أي يُدْفعون. وفي الحديث "إنكم مُدَعُّونَ يوم القيامة مقدمة أفواهكم بالفدم" أي تُمنعون من الكلام. وتقول: دع هذا، مخفف، أي اتركه. والراعي إذا زجر صغار الإبل قال: داعْ داعْ. وإن شئت جررتها ونونتها، وإن شئت أسكنتها على توهم الوقف، تقول: دعْدَعْت بهنَّ. والدعاء على وجوه: دعاء مسألة، قال: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} و {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً}. قال المجنون: دعا المحرمون الله يستغفرونه ... بمكة يوماً أن تمحى ذنوبها ودعاء نداء صوت. قال: {كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لا يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَاءً وَنِدَاءً} و {إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ}. وقال الغنوي:

وداع دعا يا من يجيب إلى الندى ... فلم يستجبه عند ذاك مجيب آخر: وداع دعانا دعوةً فأجبته. ودعاء تسمية. قال آخر: وإذا دعونك عمهن فلا تجب ... فهناك لا تجد الصفاء مكانا وقال جرير: أزمان يدعونني الشيطان من غزلي ... وكن يهوينني إذ كنت شيطانا ودعا: جعل. قال تعالى: {أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَداً} 2/ 7 مجازه: أن جعلوا، ويس من دعاء الصوت. وقال الأحمر: أهوى لها مشقصاً حشراً فشبرقها ... وكنت أدعو قذاها الإثمد القردا أهوى لها: بعينه. أدعوا: أجْعَلُ وأُسمي. وقولهم: قد دانَ فلانٌ لفلان أي: أطاعه وانقاد له. والدينُ: الطاعةُ. وقد فسر قوله تعالى {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} على وجوه: قال ابن عباس والحسن: الدين: القضاء والحكم. قال

أبو عبيدة: الدينُ: الجزاء والحساب. ومنه قولهم: كما تدين تدان. أي كما تفعلُ تُجازى. وقال ورقة بن نوفل: واعلم وأيقن أن ملك زائل ... واعلم بأن كما تدين تدان والدين: الملك، في قوله {لِمَنْ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ}. والدينُ: القهرُ والقدرةُ. ومعنى القهر: الاستعلاء والاقتدار، وهو قوله تعالى: {فَلَوْلا إِنْ كُنتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ} فسر: غير مملوكين مقهورين. والدين أيضاً: المطيعون المقهورن، ومنه قول ابن مقروم الضبي: ويوم الحرب إذ حشدت معد ... وكان الناس لا ما نحن دينا والدين أيضاً: الطاعةُ. وقال عمرو بن كلثوم: وأيام لنا ولهم طوال ... عصينا الملك فيها أن ندينا طوال: من الشدة في الحرب. والدينُ الفعلُ، من قولهم: كما تدين تُدان. أي كما تفعلُ يُفْعَلُ بك. وقال رجلٌ من الأنصار:

لم نقص ديناً ولم تذهب لنا ترة ... إنا كذاك ندين الدين بالدين أي لم نَفْعَلْ بقومٍ شيئاً من قتل وأخذ مال فأمكنهم مثل ذلك منا. والدينُ: الدأبُ والمداومة على الشيء. قال المثقب العبدي: تقول إذا درأت لها وضيني ... أهذا دينه أبداً وديني درأتُ: رفعتُ. والوضينُ: الحزام، وأكثرُ ما يقال الوضين لهودج المرأة. ويقال لحزام الرحْل: الغَرْض والغُرْضَة، ولحزام القتب: البطان. ويريد بدرأتُ: أي شددتُ الرحْلَ بالوضين وجذبتُه. والدينُ: العادةُ. قال امرؤ القيس: كدأبك من أم الحويرث قبلها ... وجاراتها أم الرباب بمأسل والدين: السلطان. والدين معروفٌ، وهو ما يتدين الإنسان به من إسلام وغيره. وقولهم: دوْلةُ فلانٍ يقال: دَوْلة ودُولة لغتان. قال تعالى: {كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً} أي كيلا يتداوله الأغنياء بينهم. ويُقال: الدولةُ في المال، والدَّوْلَةُ في الحرب. وقال الحجاج: يستدالُ منا كما أدلنا منها. والدؤلول: داهيةٌ من دواهي الدهر وشدائده، والجمع الدآليل.

والدَّلالةُ والدِّلالةُ مصدرُ الدليل، والاسم الدليلي. يقال: اقبلوا هدى الله ودليلاه. والدّليلي يُمدُّ، ويقصر. 2/ 8 وقولهم: فلانٌ دُنْياويّ أي صاحب دنيا، منسوب إليها. ودُنْييّ ودُنيَويّ أيضاً. وسميت الدنيا لأنها دنت وتأخرت الآخرة. والسماءُ الدنيا هي القربى إلينا. والرحم الدانية والدنيا هي القريبة. وقولهم: ضَخْمُ الدَّسِيعَةِ أي: كريمُ المائدة. ويقال: بل الدَّسِيعَةُ: كَرَمُ فِعْلِ الرجلِ في أموره. قال أوس بن حجر: ضخمُ الدسيعة حمالٌ لأثقالِ والدَّسْعُ: خروجُ قريض البعير وهي جرتُهُ بمرة واحدة، إذا دفعها وأخرجها إلى فيه. وقولهم: دُفعَ فلانٌ إلى فُلانٍ أي انتهى إليه. ومنه اشتقَّ قولُ العرب: غشيتنا سحابةٌ فدفعناها إلى بني فلان: أي انصرفت عنا إليهم. وقولهم: قد دَنَّقَ وَجْهُ الرَّجُلِ أي: ضمر هُزْلاً من مرض أو نصب، يُدَنِّقُ تدْنيقاً. وتقول: دانقٌ ودانَقٌ وداناق، وكسرُ النون أفصح. وجمع دانقِ دوانيق، وكل جمع يجوزُ على مفاعل يجوزُ على مفاعيل.

وقولهم: دَنَّخَ فلانٌ لِفُلانٍ أي: خضع له وذلَّ. والتَّدْنيخُ: خضوعٌ وذِلّة وتنكيسُ الرأس. تقول: لما رآني دنَّخَ. ورجلٌ مُدَنَّخُ الرأس: إذا كان فيه ارتفاع وانخفاضٌ في رأسه. والتَّدْنيخُ في البطيخة والقرعةِ أني كون قد انهزم بعضها وخرج بعضها. قال: ولو رآني الشعراء دنخوا ... ولو أقول: دربخوا، لدربخُوا وقولهم: درج بنو فلان أي فنى واحدٌ بعد واحدٍ فأدرجهم الله إدراجاً. قال ابن هرمة: أرجماً للمنون يكون قومي ... لريب الدهر أم درج السيول أي: أم هم على درج السيول. والدرجُ: جماعة عتَبِ الدرجة. وفي الدرجة ثلاثُ لغات: درجة مثل قصبة، ودُرَجَةٌ، متحركة، ودُرُجَةٌ. والدرجةُ أيضاً: الرفعةُ في المنزلة. قال {هُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ اللَّهِ} أي لهم درجات، كقولك: هم طبقات. ودرجات الجنان: منازلُ أرفعُ من منازل، كقوله: {نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ} ودرجات بعضها فوق بعض.

الأمثال على الدال دع داعي اللبن. دردب لما عضه الثقاف. دع امرءاً وما اختار. إلا دهٍ فلا دهٍ، أي: إن لم تثأر بالآن فلا تثأر به أبداً. هذا قول الخليل. قال أبو عبيدة: معناه الرجل يقول أريد كذا فإن قيل له لا يمكن، قال فكذا وكذا. دون ذا وينفق الحمار. دُهْ دُرَّيْن سعدُ القَيْن.

حرف الذال

بسم الله الرحمن الرحيم حرف الذال

بسم الله الرحمن الرحيم حرف الذال الذال لثوية، وهي أخت الثاء، وقد يقيمونها مقامها، يقولون: حذوتُ وحثَوْتُ، وغير هذا مما يشبهه كثير. وعددها في القرآن ألف وتسعمائة وتسعةٌ وثلاثون ذالاً. وفي الحساب الكبير سبعمائة، 2/ 9 وفي الصغير أربعة، وفي الاف. ذو ذو اسمٌ ناقصٌ وتفسيره: صابح. ذو مال: أي صاحب مال. والتثنية ذوان، والجمعُ ذوون. وليس في كلام العرب اسمٌ يكون إعرابه على حرفين غير سبع كلمات، وهي: ذو وفو وأخو وأبو وحمو وامرؤ وأولو. فأما فو فمنهم من ينصب الفاء، وهو أحسن، ومنهم من يُتبع الفاء الميم. وتقول: هي ذات مالٍ، وهما ذواتا مالٍ، وهن ذوات مالٍ. ويجوز في الشعر: ذاتا مال. قال: وخرق قد قطعت بلا دليل ... بعنسي رجلة ذاتي ثمال وإتمامها في التثنية أحسن. والطائية يزيدون (ذو) في كلامهم. يقولون للذكر: هذا هو، وقال ذاك. أنشد: وإن المساء ماء أبي وجدي ... وبئري ذو حفرت وذو طويت أراد: التي احتفرتُ. وقد تقدم ذكرُ هذا في باب الزيادة.

والذوون هم الأدنون الأولون. قال الكميت: وقد عرفت مواليها الذوينا أي الأخصين. وإنما جاءت النون لذهاب الإضافة. والأنثى في الأصل: "ذاةٌ" فكثرت، فقالها أكثرهم "ذات"، وهي ناقصة، وتمامها ذواة مثل نواة. وأما ذا وذِهِ في هذا وهذه، فاسمان مكنيان. ذلك العربُ تذهب بـ"ذلك" مذهب "هذا"، و"هذا" مذهب "ذلك". وأصل "ذلك" "ذا" للإشارة، ثم وصلوه بالكاف ليخبروا به عن غائب، فقالوا: ذاك، ثم زادوه لاماً، لأن اللام من زيادات الأسماء، فقالوا: ذلك، وكسروا اللام لأنهم شبهوها بنون الاثنين. وقيل: كُسِرتْ لأنها جاءتْ بعد ألفٍ ساكنة كما قالوا: قطام وحذَامِ، وإنما يذهبون بـ"ذلك" مذهب "هذا" و"هذا" مذهب "ذلك" لما كان غائباً. وأما ما كان حاضراً رأي العين فلا يقولون له "ذلك". وبلغنا أن ابن مسعود قرأ {هذا فَذُوقُوهُ وَأَنَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابَ النَّارِ} وفي قراءتنا {ذَلِكُمْ فَذُوقُوهُ} وقال أبو عبيدة: {ذَلِكَ الْكِتَابُ} معناه هذا الكتاب. قال خُفَافُ بن ندبة السلمي، وندبة أمه حبشية، وكان من غربان العرب، قال:

أقول له والرمح يأطر متنه ... تأمل خفافاً إنني أنا ذلكا و"ذلك" مبنية لا يبين فيه إعراب رفع ولا سواه. وقولهم: فلانٌ له ذكرٌ أي: شرفٌ وصوتٌ. قال تعالى: {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ} أي: شرف. وتقول: ما زال ذلك مني على ذكر وذُكْرٍ. قال بعضهم: الذِكْرُ، بالكسر، باللسان، وبالضم ما كان بالقلب. والذكر: ما تجدد بالقلب بعد النسيان. قال: ذكرتك لما أتلعت من كناسها ... فذكرك شباث إلي عجيب والذكرُ: الحفظ، ومنه {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ}. أي: لا تنسوني من قلوبكم فأنساكم من رحمتي. قال: بني عامر ما تذكرون بلاءنا ... إذا كان يوماً ذا كواكب أشنعا 2/ 10 أي تحفظون ذلك. والذِكْرُ: النطق بالشيء، منه {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} و {لا تَاكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرْ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ}. والذِكْرُ: الخبرُ، منه: ذهب ذكرُ فلان في الناس، أي خبره.

والذكر: الموعظة، منه {إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ} والذكر: الثناء والقول الحسن، منه: {فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً}. وكانوا يثنون على آبائهم. قال كثير: دع عنك سلمى إذ فات مطلبها ... واذكر خليلك من بني الحكم والذكر: العيبُ والقولُ البيحُ، وهو من الأضداد، وأصلهُ الخير في كل مذكور، قال {سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ} أي يعيبهم. قال: فدع لي عيباً لا تلظ بذكره ... فالأم منه حين تذكر عايبه والذكرُ: الكتاب، منه {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ} و {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ}، وقولهم في الوثائق: هذا ذكر حق فلان. وتقول: أذكرته حاجتك. وذكرته أي وعظته. وأذكرته: أي ناظرته. وقولهم: فلانٌ في ذرى فلانٍ أي في ناحيته. قال:

متى تأتي أبا نبهان يوماً ... فإنك في ذرى منه وظل والذرى، مقصورٌ غير مهموز، ما تذريت به من شجرة أو حائط أو ما أشبهه، ويكتبُ بالألف، وأجازه الفراء بالياء والألف. والذروةُ أعلى السنام، وأعلى كل شيء ذروته حتى الحسب. والذريةُ: النساء، في حديث عمر، رحمه الله، وقيل: الأولاد وأولادهم. والذريةُ: الآباءُ، لأن الذرية وقع منهم، وهو من الأضداد. والذريةُ: النسلُ، وأصله الهمزُ، فترك لكثرة الاستعمال، والذرا واحدٌ، وقال بعض النحويين: تقدير ذرية فُعْلِيَّة من الذرّ، لأن الله أخرج الخلق من صلب آدم كالذر، وأشهدهم على أنفسهم {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى}. وقال غيره: أصل ذرية: ذُرْوُوَة، تقدير فُعْلُوَة، فلما كثر التضعيف أُبْدِلَت الواو الآخرة ياء، فصارت ذُرْوية، ثم أدغمت الواو في الياء فصارت ذرية. وقيل: ذرية فعولٌ من ذرأ الله الخلق، فأبدلت الهمزة ياء، كما أبدلت في نبي. قال ابن الأنباري: "ذرية فيها أوجه: أحدها أن تكون من ذرأ الله الخلق، فيكون أصلها: ذروءة، تُرك همزها، وأبدل من الهمزة ياء، فصارت: ذروية، فلما اجتمعت الياء والواو، والسابق ساكن، أبدل من الواو ياء، فأدغمت في الياء التي بعدها، وكُسرت الراء لتصح الياء. والوجه الثاني: أن تكون منسوبةً إلى الذرّ. والثالث: أن تكون من ذروتُ، فتكون: فعلولة، ويكون أصلها ذرورة، فأُبْدِلَ

من الراء التي بعد الواو ياء، وأُبدل من الواو ياء، وأدغمت في اياء التي بعدها. ومنهم من يكسر الذال فيقول: الذرية، وقرأ زيدُ بن ثابت {ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ}. وقرأ بعضهم أنه بفتح الذال وتخفيف الراء فأخرجهما مخرج "البرية" ويقال: ذرية وذرية لغتان. وقولهم: فلانٌ ذَرِبُ اللسان وهو عيبٌ وذمٌّ. ذرَبَ اللسانُ يذْرَبُ: إذا فسد 2/ 11 وذربتْ معدةُ الرجل تذربُ ذرباً إذا فسدت. قال: ألم أك باذلاً وُدي ونصري ... وأصرف عنكم ذربي ولغبي اللغبُ: الرديء من الكلام. والذربُ: الكلامُ الفاسد. قال: ولقد طويتكم على بللاتكم ... وعلمتُ ما فيكم من الأذراب معناه: من الفساد، وهذا قول الأصمعي وأبي العباس. وقال غيرهما: الذربُ اللسان هو الحاد اللسان، وهو يرجع إلى معنى الفساد. والذِّرِبُ: الحادُّ من كل شيء. لسانٌ ذَرِبٌ وسنانٌ ذَرِبٌ وسُمٌّ ذَرِبٌ وطعامٌ مذروبٌ، وفعله: ذَرِبَ ذرَباً وذَرابَةً. وقومٌ ذَرْبٌ: بينو الذرابة. قال: * إنّي لقيتُ ذِرْبَةً مِنَ الذِّرَب *

يعني سليطة من النساء. ورجلٌ ذليقُ اللسان وذَلْقٌ لسانه، وذَلُقَ الرجلُ ذلاقةً، وإنه لذو لسان ذَلِقٍ وذَليق، أي فصيحٌ بليغ، وفي الحديث "إذا كان يوم القيامة جاءت الرحمُ فتكلمت بلسانٍ طُلَقٍ ذُلَقٍ تقول اللهم صل من وصلني واقطع من قطعني". وقولهم: فلانٌ ذكيّ معناه: كامل الفطنة، من قولهم: قد ذكَتْ النارُ إذا تم وقودها. ويقال: مسكٌ ذكي: تام الطيب نافذ الريح. قال جميل: صادت فؤادي بعينيها ومبتسم ... كأنه حين أبدته لنا برد عذبٌ كأن ذكي المسك خالطه ... والزنجبيل وماء المزن والشهد وذكيتُ الشاة: أتممتُ ذبحها وبلغتُ الحد الواجب فيها. قال: نعم هو ذكاها وأنت أضعتها ... وألهاك عنها خرقة وفطيم والذكاءُ على وجهين: فذكاءُ النار التهابها مقصورٌ ويكتب بالألف لأنه من الواو، ويقال: ذكت النار تذكو ذكاء. والذكاءُ من الفهم ممدود. والذكاءُ من السن أيضاً ممدود. والعربُ تقول: جريُ المذكيات غلابٌ: أي جرى المسنات مغالبةٌ. وبعضهم يقول: جري المذكيات غلاءٌ، جمعُ غلوة، وهو مدى الرمية. قال في ذكاء الفطنة.

شهم الفؤاد ذكاؤه ما مثله ... عند العزيمة والأناة ذكاء وقال زهير في ذكاء تمام السن: يفضله إذا اجتهدا عليه ... تمام السن منه والذكاء وقال آخر في ذكاء النار: ويُضرم في القلب اضطراما كأنه ... ذكا النار تدفيه الرياح اللواقح وذُكاء: الشمسُ، وابن ذكاء: الصبحُ. وقال: ولست بمعطيك الذي أنت مغرم ... فتسأله ما أبرق ابن ذكاء وقال ثعلبة بن صعير المازني: فتذكرا ثقلاً رثيداً بعدما ... ألقت ذكاء يمينها في كافر الرثيد المنضد: يعني بيض النعام. والكافر: الليل. يعني ما بدأ في الغروب. قال الراجز: فوردت قبل انبلاج الفجر ... وابن ذكاء كامن في كفر أي: كامن في سواد الليل. ويقال: مسكٌ ذكي وذكية. التذكير للمسك، والتأنيث للرائحة. قال: لقد عالجتني بالسباب ولونها ... حديد ومن أثوابها المسك ينفح

2/ 12 أراد الرائحة. قال أبو هفان: المسكُ والعنبرُ يذكران ويؤنثان. قال: والمسكُ والعنبر خير طيب ... آخذتان الثمن الرغيب وقال الأعشى في التذكير: إذا تقوم يضوع المسك آونة ... والعنبر الورد من أردانها شمل آخر: وألين من مس الحرامات يلتقي ... بها رنة الحادي والعنبر الورد مسك أذفر، أي: ذكي شديد الرائحة. والذفر عندهم كل ريح ذكية وشديدة ومن طيب أو نتن، فالطيب مسك أذفر، والنتن: قولهم شممتُ ذَفَرَ إبطه أي نتنه، وشممتُ ذفر الحديد: أي نتنه وسهكه. قال: بكتيبةْ جأواء ير ... فلُ في الحديد لها ذفر يريد: النتن. والذفَرُ: مصدر الأذفر، والاسم: الذفرة. وبالدال النتن فقط، محرك. وقولهم: رجلٌ ذِمّيَ أي: له عهدٌ منسوبٌ إلى الذمة، وهي العهد. وأهلُ الذمة: أهل العهد. قال الله

تعالى: {لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلاًّ وَلا ذِمَّةً}. إلالُّ: القرابة. قال أبو عبيدة: الإلُّ العهدُ، والذمة: التذمم ممن لا عهد له. وأنشد: إن الوشاة كثير لو أطعتهم ... لا يرقبون بنا إلا ولا ذمما ويقال: الإل الحلفُ، ويقال: الجوار. قال عكرمة: الإلُّ: الله تعالى. قال في القرابة: لعمرك إن إلك من قريش ... كإل السقب من رأل النعام أراد به القرابة. والذمامُ: كل حرمةٍ تلزمُك إذا ضيعتها، منه المذمة. وتقول العرب: ذَمَّم يَذُمُّ ذَمَّاً، وهو في اللوم في الإساءة، ومنه التذمم. ويقال من التذمم: قد قضيتُ منه مذمة صاحبي. أي اختصصتُ أن لا أذم. وقولهم: هذا شيء يلزم الذمة، هو عبارة عن النفس، أي يلزم النفس. والذَّمُّ: الذميمُ المذْمُوم. وقال في يونس عليه السلام: فقاءه الحوت زرياً ذما، أي: مذموماً يشبه الهالك. وتقول: افْعَلْ كذا وخلاك ذَمُّ: أي خلاك لومٌ. وتقول: ما يلزمُك من ذلك ذم ولا ذامٌ ولا ذيم. والذامُ: الاحتقار. وتقول: ذأمته فهو مذؤوم: أي محقور. والذماء، بالمد، حُشاشةُ النفس، ويقال: قوةُ القلب.

وقال أبو ذؤيب: فأبدهن حتوفهن فهارب ... بذمائه أو بارك متجعجع أي متقلب. والذَّماءُ: الرائحةُ المنتنة، مقصور. وتقول: ذمأه رائحة الجيفة إذا أخذ بنفسه. والبئر الذمة: قليلة الماء، بئر ذمة وجمعها ذمامٌ. قال ذو الرمة يصف عيون الإبل أنها قد غارت من طول السير، قال: على حميريات كأن عيونها ... ذمامُ الركايا أنكزتها المواتح المواتح: المستقية، واحدتها ماتح. والمايح بالياء واحد الماحة، وهو الذي إذا قل ماء الركية فلم يمكن أن يغترف بالدلو فغرف بيديه منها فجعله في الدلو فذلك المايح. وقال آخر: يا أيها المايح دلوي دونكا ... إني رأيت الناس يحمدونكا يثنون خيراً ويمجدونكا وقولهم: فلانٌ ذريعتي الذريعةُ عندهم: ما يدني الإنسان من الشيء ويقربه منه، وأصله أن يرسل البعير يرعى مع الوحش حتى يأنس بالوحش، 2/ 13 فإذا أراد الرجل أن يصيدها استتر بالبعير، حتىت إذا حاذى الوحش، ودنا رماها، فصادها. ويُسمون هذا البعير الذريعة والدرية.

ثم جعلت الذريعة مثلاً لكل شيء أدنى وقرب من شيء. قال: وللمنية أسبابٌ تقربها ... كما تقرب للوحشية الذرع وقولهم: فلانٌ يذُبُّ عن أهلِه أي يمنعُ عنهم ويدفعُ. والمذَبَّةُ: هنةٌ تُتَّخَذُ ليُذَبَّ بها الذُّبابُ. وفي الحديث "من كُفي ذبذبه وقبقبه ولقلقه فقد كُفي". ذبذبه: فرجه، وقبقبه: بطنه، ولقلقه: لسانه. وسُمي الفرجُ ذبذباً لتحركه وتردده، ومنه: التذبذب وهو التحركُ والتردد. وقولهم: مِلْحٌ ذَرآنيُّ وُصِفَ بذلك لبياضه، من قولهم: قد ذرئ الرجل يذرأ إذا أخذ الشيب في مقدم رأسه، وقد ذرئت لحيته أي شابت. قال: وقد علتني ذرأة بادي بدي ... وصار للنحل لساني ويدي معناه: علاني الشيب أول كل شيء وقبل كل شيء. وقوله: وصار للنخل لساني ويدي أي خرجتُ من الشباب ودخلتُ في الكهولة. والعامة ُ تقول بالدال خطأ فتقول: دراني.

وذرأ الله الخلق: خلقهم. قال {وَلَقَدْ ذَرَانَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً} أي خلقنا. وذئرت النساء على أزواجهن في الحديث معناه: نفرْنَ ونشزْنَ واجترأنَ. يقال منه: امرأةٌ ذائر. قال عبيد بن الأبرص: ولقد أتانا عن تميم أنهم ... ذئروا لقتلى عامرٍ وتغضبوا أي: نفروا من ذلك وأنكروه، وقيل: أنِفُوا. وقولهم: فلانٌ ذِمْرٌ أي شجاع، وقومٌ أذمار، ورجلٌ ذمرٌ وذميرٌ أي منكرٌ شديد. والذَّمْرُ: الحضُّ واللوم معاً، والقائد يذمُرُ أصحابه إذا لامهم وأسمعهم ما كرهوا ليجدوا في القتال. والتَّذَمُّرُ من ذلك اشتقاقه. والقومُ يتذامرون في الحرب. قال عنترة: لما رأيت القوم أقبل جمعهم ... يتذامرون كررت غير مذمم أي: يحُضُّ ويزجر بعضهم بعضاً. والتذمير: معالجةُ المذمر للناقة وولدها، والمذمر للإبل كالقابلة للنساء، وهو الذي يدخل يده في حياء الناقة فيلمسُ الولد فيقبضُ على ذفرييه وعنقه، فيعلم أذكرٌ هو أو أنثى. ويقال: المذمرُ هو الكاهل والعنق وما حوله إلى الذِفْري، وهو أصل الأذُنِ.

والذفري من القفا [هو الموضع] الذي يُعْرَقُ من البعير، وهما ذِفْريان من كل شيء. ومن العرب من يقول: هذه ذِفْرَىّ، فيصرف. والمُذَمَّرُ: الموضعُ الذي يلمسه المذمر. والذمارُ ذِمارُ الرجل وكل شيء يلزمه حماه والدفع عنه، وإن ضيعه لزمه اللوم عليه. وسُمي ذماراً لأن الإنسان يذمُرُ نفسهُ أي يحرضها على القيام به. يقال: ذمرتُ الرجل أذْمُرُهُ ذمراً إذا حرضته. قال الفرزدق: فجر المخزيات على كليب ... جرير ثم ما منع الذمارا 2/ 14 وقال عمرو بن كلثوم: ونوجد نحن أمنعهم ذماراً ... وأوفاهم إذا عقدوا يمينا وقولهم: ذَبَلَ الشيءُ هو دِقَّتُهُ بعد أن كان ريانا، من الناس والنبات. ذَبَل يَذْبُلُ والذُّبُولُ مصدرُ الذابل. والذُبْلُ: جلدُ السلحفاة البحري. والذُّبالةُ: ذُبالة الفتيلة التي يُسْرجُ بها. قال امرؤ القيس: يضيء الفراش وجهها لضجيعها ... كمصباح زيت في قناديل ذبال الذبال يخفف ويثقل. فأراد: في ذُبال قناديل، فقلب. قال:

كأن أنساعي وكُورُ الغَرْزِ أي وغرز الكور. وذوي العود يذوي: إذا أضر به العطش أو الحر، فذبل وضعف. ولغةُ أهل بيشة ذأي وقال: وقام به حتى ذأى العود والتوى ... وساق الثريا في ملاءته الفجر وقولهم: بَيْنَنَا ذَحْلٌ أي: طلب مكافأة بجناية أو عداوة أو دم. قال الراعي: وإذا قريش أوقدت نيرانها ... وثنت ضغائن بينها وذحولا ويروى: أوقدتْ وثنتْ: ذكرتْ العداوة والدماء التي بينها. والثني يكون في ذكر الخير والشر، والثناء يكون في الخير فقط. وقولهم: فلانٌ يذودُني عن كذا أي يمنعني. والذائِدُ: المانعُ. قال تعالى: {وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمْ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ}

أي تكفان عنهما. وأكثر ما يستعمل في الغنم والإبل، وقد يستعمل في غيرها، يقال: سنذودكم عن الجهل. قال زهير: ومن لا يذد عن حوضه بسلاحه ... يهدم ومن لا يظلم الناس يُظلم قال الأصمعي: أي من ملأ حوضه ولم يذُدْ عنه غشي وأستضعفَ. وقال أبو عبيدة: الذودُ: الحبس، يذودان: يحبسان الغنم. وقال يعقوب: يذود: يدفعُ، وذاد الإبل يذودها ذوداً وذياداً عن الحوض إذا نحاها عنه. وقد اذَدْتُ الرجل: إذا أعنته على ذياد إبله. قال الراجز: ناديت في الحي ألا مُذيدا ... فأقبلت فتيانهم تخويدا ومن لا يَظْلمِ الناس يُظلم: أي من كف عنهم ظلموه وركبوه. وقيل: معناه: إن الضعيف إذا لم يظلم الناس ظُلِم. قال النجاشي: قبيلةٌ لا يغدرون بذمة ... ولا يظلمون الناس حبه خردل وقولهم: ذهب من فلان الأطيبان

وهما الأكل والنكاح. والأطيبان من الأشياء التي جاءت مثناة لا يفرد واحدهما، ومنه قولهم: ما عندنا إلا الأسودان:" أي التمر والماء. والملوان: الليل والنهار. ومثله كثير يأتي آخر الكتاب إن شاء الله. 2/ 15 وقولهم: لن تعدم الحسناء ذاما أي ذماً. قال الفراء: الذامُ: الذم، ذأمتُ الرجل أذأمُهُ ذأماً وذممتُهُ أذُمُّهُ ذماً، وذِمْتُهُ أذِيمُهُ ذيْماً. ورجلٌ مذمومٌ ومذؤوم ومذيمٌ. قال تعالى: {اخْرُجْ مِنْهَا مَذْؤوماً مَدْحُوراً} قال حسان: وأقاموا حتى أبيروا جميعا ... في مقام وكلهم مذؤوم وأنشد أبو عبيدة: تبعتك إذ عيني عليها غشاوة ... لما انجلت قطعتُ نفسي أذيمها وأنشد الفراء: تعاف وصال ذات الذيم نفسي ... وتعجبني المنعمة النوار وقال أصحاب الأخبار: أولُ من تكلم بهذا حبي ابنة مالك بن عمرو العدوانية، وكانت من أجمل النساء، فسمع بجمالها مالك بن غسان، فخطبها إلى

أبيها، وحكمه في مهرها، وسأله تعجيلها، فلما عزم قالت أمها لتباعها: إن لنا عند الملامسة رشحة فيها هنة، فإذا أردتم إدخالها على زوجها فطيبنها بما في أصدافها. فلما كان الوقت أعجلهن زوجها، فأغفلن تطييبها. فلما أصبح قيل له: كيف رأيت طروقتك البارحة؟ قال: ما رأيت كالليلة قط، لولا رُويحةٌ أنكرتها. فسمعت كلامه، فقالت: لن تعدم الحسناء ذاما. فأرسلتها مثلاً. وقولهم: كعامٌ مُذَرَّحٌ أي مسته الذراريح، وهو جمع ذُرَحْرَحَة. ومنهم من يقول: ذريحةٌ واحدةٌ، وهو أعظم من الذباب، شيء مجزعٌ منقوشٌ بحمرةٍ وسواد فتصير دواء لمن عضه الكلب. والذُّرُحْرُح واحدة الذراريح، فيه ثماني لغات: ذُرُّوح وذُرُّوحة وذُرّيح وذُراح وذُرحْرَح وُرُحْرُح وذُرَّح وذُرَّحْرَح، لغة بني تميم، حكاه اللحياني. الأمثالُ على الذال ذكرني فوك حماري أهلي. ذكرتني الطعن وكنتُ ناسيا. ذليلٌ عاذ بقرملة، القَرْمَلَةُ من دق الشعر، والقراميل من الشعر أو الصوف تصل به المرأة شعرها.

ذُل لو أجدُ ناصراً. ذل من أنت ناصر الذئب خالياً أسدٌ. ذهبت [هيفٌ] لأديانها. ذهب الناس وبقينا في النسناس. قال: ذهب الناس فاستقلوا وصرنا ... في بقايا أراذل النسناس في أناس تراهم الناس ناساً ... فإذا حصلوا فليسوا بناس قال لبيد: ذهب الذين يعاش في أكنافهم ... وبقيت في خلف كجلد الأجرب يتأكلون مذمة وخيانة ... ويعاب قائلهم وإن لم يشغب الذود إلى الذود إبلٌ.

حرف الراء

بسم الله الرحمن الرحيم حرف الراء

بسم الله الرحمن الرحيم حرف الراء الراء ذُلْقِيَّة، وهي أخت اللام، وعددها في القرآن اثنا عشر ألفاً ومائتان وستةٌ وأربعون راء. أحد عشر ألفاً وسبعمائة وثلاثةٌ وستون. وفي الحساب ثمانٍ. رُبَّ تُفْردُ واحداً من جميع يقع على واحد يعني به الجميع، كقولك:2/ 16 رُبَّ خيرٍ لقيته. ويقال: رُبَّةَ ما كان كذلك. وربما تخفف الباء. وهي خافضة لما بعدها، ولا تقع إلا على منكور وللعرب في رُبَّ لغات؛ فقريش تقول: رُبَّ مثقلة. وقيس ومن جاورهم يقولون: ساكنة مخففة، قال: أزهيرُ إن شبتُ القذال فإنه ... رب هيضل لجب لففت بهيضل فخففها كأنه شبهها في التمثيل ببل. ويروى: هيضل مصع. والهيضلُ: جماعة مسلحة أمرهم واحد، فإذا جعلته نعتاً قلت: هيضلة. واللجبُ: صوتُ العساكر، ومصع: أي ذو ضرب بالسيوف، وبنو تميم ومن جاورهم من أهل نجد يقولون أيضاً: رُبَّ رجلٍ. وبعض العرب من علياء مُضر، وهم دون سفلى مُضر في الفصاحة، يقولون: رُبَّتَ رجلٍ [و] رُبَّتما رجل. قال الأعشى:

ماوي [يا] ربتما غارة ... شعواء كاللدغة بالمنسم كأنهم شبهوا رُبَّتَما بثَمَّتَ، لأن العرب تقول: لقيتُ زيداً ثَمَّة وعمراً. قال الأعشى: إن نقاتلهم ثمت نقتلهم ... عند اللقاء وهم جاروا وهم جهلوا لغة فاشية في قيس بن ثعلبة. ورُبَّ تخفضُ النكرات ولا تقع على المعارف. تقول: رُبَّ رجلٍ قام، ورُبَّ عبدٍ اشتريت، ولا تقل: رُبَّكَ، ولا رُبّي. وفيها لغات: رَبَّ ورُبَّ ورِبَّ ورُبَّتَ ورُبَتَ، خِفّ. قال: أشيبان ما يدريك أن رب ليلة ... غبقتك فيها والغبوق حبيب وتقول: رُبَّ رجلٍ ظريف عاقل، فتخفض الرجلَ برُبَّ، والظريف والعاقل نعتان له. وتقول: رُبَّ مِثْلِكَ قائماً، فتنصبُ قائماً على القطع مِنْ مِثْل، لأن لفظها لفظُ المعرفة، والخفضُ على الإتباع، لأن تأويلها تأويل النكرة. قال: ومثلك معجبةً بالشباب ... صاك العبير بأجسادها معنى صاكَ: لصِقَ. فنصبَ مُعْجَبَةً على القطع من مثل، ويجوز الخفض على ما ذكرنا.

وإذا أدخلت مع رُبَّ الهاء، ففيها لغتان: تشديد الباء وتخفيفها. تقول: رُبَّه رجال ضربت. ورُبَّه في التثنية: رُبَّهُما رجلين صالحين ضربت، ورُبَّهُمْ رجالاً صالحين ضربت. ويجوز أن [تأتي] الهاء مع الاثنين والجمع فتقول: رُبَّه رَجُلَيْن صالِحَيْنِ، ورُبّه رجالاً صالحِيْن. ويجوز أن تخفضَ الرجل فتقول: رُبّه رجلٍ صالح. وخفضه على التكرير، كأنك قُلْتَ رُبَّه رجلٍ صالح قد ضرب. قال: واهه رأيتُ وهايا صدع أعظمه ... وربه عطباً أنقذتُ من عطب وتقول: رُبَّ عَبْدٍ وأمَةٍ ودارٍ وخيْل قد ملكتُهُمْ وملكْتُهُ، فمن قال ملكتهم، قال: هم جماعة. ومن قال: ملكته، قال: ذلك شيء مجهول كأني قلت: رُبَّ شيءٍ ملكته. أنشد الفراء: فلم أر مكنوزين يقري فربتا ... ولا وقع ذاك السيف وقع قضيب

فوجد، لأن المكنوزين هما مجهولان. ونقول: رُبَّ من قائمٌ سريع الذهاب، فتخفضُ "مَنْ" برُبَّ، وترفَعُ قائماً بإضمار هو، وتخفضُ سريعاً على النعت لـ "مَنْ"، وإنما جاز لرُبَّ أن تقع على "مَنْ" لأنها تكون نكرةً إذا شئتَ، ومعرفةً إذا شئتَ. أنشد الكسائي والفراء: ألا رُبَّ من تغتشه لك ناصح ... وموتمن بالغيب غير أمين فخفض "ناصحاً" على النعت لـ"مَنْ"، و"ما" بمنزلة "مَنْ" تقول: 2/ 17 [رُبَّ ما] أكلتُه طيبٍ، فيخفض طيباً نعتاً لـ "ما". وتقول: رُبما رجل ظريف، (فيه وجهان: الخفض على أن "ما" صلة، كأنك قلت): رُبَّ رجلٍ ظريف. والرفعُ على أن تجعل "ما" حرفاً واحداً، كقوله تعالى {رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ}، قرئ: ربما يود، مثقل، وربما مخفف، وربما مجزوم الباء. وقولهم: لئيمٌ واضع فيه أربعة أقوال. قال اليماني: الراضعُ الذي يرضعُ اللؤم من ثدي أمهِ، أي وُلِدَ في اللؤم ونشأ فيه.

قال الطائي: هو الذي يأخذ الخُلالة فيأكل بُخلاً، وحرصاً على أن لا يفوته شيءٌ. وقال أبو عمرو: وهو الذي يرضعُ الشاة والناقة قبل أن يحلبها من شدة جشعه، والجشعُ: الشرهُ. قال الشاعر: إني إذا ما القوم كانوا ثلاثة ... كريماً ومستحياً وكلباً مجشعا كففتُ يدي من أن تنال أكفهم ... إذا نحن أهوينا ومطعمنا معا وقال قومٌ: الرضاعُ هو الراعي الذي لا يُمسكُ معه محلباً، فإذا جاءه إنسانٌ وسأله أن يسقيه احتج عليه بأنه لا محلب معه، وإذا أراد هو الشراب رضع. تقول: رضُعَ يرْضُعُ الرجلُ رضاعةٌ فهو رضيعٌ وراضعٌ: لئيم، والجمعُ الراضعون. ويقالُ: نُعِتَ به لأنه يرضَعُ لبن ناقته من لؤمه ولا يحلبها فيسمع الضيفُ. ورضع الصبي يرضع رضاعةً ورضاعاً. وقولُهُمْ: فلانٌ ركيك أي: ضعيفُ العقل. ويقال: رجلٌ ركيكٌ ورُكاكة: إذا كان لا يغارُ على أهله ولا يهابه أهله. جاء في الحديث "لعن النبي صلى الله عليه [وسلم] الركاكة". والأصلُ في هذا من الرِّكَّ وهو المطر الضعيف. وفي الحديث "أصاب المسلمين يوم

حُنَيْنٍ رِكٌّ مِنْ مطر فنادى مُنادي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا صلوا في الرحال". والعرب تقول: اقطعْها من حيثُ رَكَّتْ. وتقول العوام: رَقَّتْ. قال القُطامي: تراهم يغمزون من استركوا ... ويجتنبون من صدق المصاعا أي: من استضعَفُوا. والرَّكُّ: إلزامُك الشيء إنساناً. تقول: ركَكْتُ هذا الحق في عنقه، ورككتُ الأغلال في أعناقهم. وقولهم: فلانٌ جالسٌ على ركوةٍ ورُبوةٍ أي مكان مرتفع. وفيه سبعة أوجه: ضم الراء، وهو مذهب العامة. وكسرها، وهو مذهب ابن عباس، وقرأ: بربوةٍ، وبالفتح مذهب عاصم واليحصبي. قال نصيب: أناة كأن الحق منها بركوة ... تأزرها ردفٌ من الرمل مسهل وأنشد أبو العباس: فيا ربوة الربعين حييت ربوة ... على النأي منا واستهل بك الرعدُ ورباوة، قرأ الأشهب العقيلي: برباوة. وقال:

وبنيتُ عرصة منزل برباوة ... بين النخيل إلى بقيع الغرقد ويقال: جلس فلانٌ على رُباوةٍ وربَاوةٍ ورباءٍ من الأرض. وقيل في قوله تعالى: {إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ} قيل: هي أرض فلسطين، وبها مقام الأنبياء. وقيل: دمشق. وقيل: بيت المقدس. والله أعلم. ورُبْوة، بلا همز، طائفةٌ من الليل. وسمي رُبْوة بن العجاج لأنه ولد في نصف الليل. قال ابن الأنباري: "رُبْوة يُهْمَزُ ولا يُهْمَز، فمن همزه أخذه من رأبتُ الشيء: ضممتُ بعضه إلى بعض. ومن لم يهمز أخذه من راب اللبنُ يروبُ إذا أدْرَكَ. ويجوزُ أن يكون مأخوذاً من قولهم: الرجالُ روبي: إذا استرخوا من الكسل والنعاس. قال: فأما تميمٌ تميم بن مر ... فألفاهم القوم روبي نياما 2/ 18 وربا المال يربو: أي يزداد، وصاحبه مُربٍ. وأربأت فلاناً: حارسته وحارسني. قال ابن هرمة: باتت سليمي فبت أرمقها ... كصاحب الحرب بات يربؤها والربِّيَّهُ ما عُمِلَ في الجاهلية من الربا وغيره. وفي الحديث "تُرفعُ عنهم الربية".

وربا الجرحُ والأرضُ وكل شيءٍ: أي يزداد، يربو ربواً. وربا فلان: أصابه نفس في جوفه. ودابةٌ بها ربوٌ. والرابيةُ: ما ارتفع من الأرض. وربا الإنسان يربا: أي أشرف على الشيء. وقولهم: ليس في هذا الأمرِ رَيْب أي شك: قال: ليس في الحق يا أميمة ريب ... إنما الريب ما يقول الكذوب وقال الهذلي: وقالوا: تركنا الحي قد حضروا به ... ولا ريب أن قد كان ثم لحيم حَضَروا وحَضِروا بفتح الضاد وكسر: وأحاطوا به. ولحيم: أي مقتول. ويقال: مسْلَمٌ لَحْمُهُ، ولَحَمهُ القوم إذا أسلموه. يقال: رابني الأمرُ وأرابني إذا شككتُ فيه. وقال الهذلي: لقد رابني من جعفر أن جعفراً ... بخيل على قرض ويبكي على جُمل قال الخليل: أرابني لغةٌ رديئةٌ. والرَّيْبُ والرَّيبَةُ: التُّهمة.

قال جميل: بثينة قالت: يا جميل أربتنا ... فقلتُ: كلانا يا بثين مريب أي عرضتنا للتهمة. والريبُ: صرفُ الدهر وحدثه. قال أبو ذؤيب: أمِنَ المنون وريبه تتوجع ... والدهر ليس بمعتبٍ من يجزع والرّيْبُ: ما رابك من أمْرٍ تتخوفُ عاقبتهُ. قال أبو ذؤيب أيضاً: فشربن ثم سمعن حساً دونه ... شرف الحجاب وريب قرع يُقرعُ أي قرعُ سهمٍ بقوس سمعه فرابه. وأراب الأمرُ: أي صار ذا ريب. والإربُ: العُضْوُ. يقال: عضوٌ مؤربٌ أي موفرٌ. قال الكميت: ولانتشلت عضوين منها يحابر ... وكان لعبد القيس عضو مؤرب أي: كان لهم نصيبٌ وافر. وقطعت اللحم إرباً، الواحدة إربٌ. وفي الحديث "أرِبْتَ مِنْ يَدِكَ" أي قطعها الله.

2/ 19 والإربُ: الحاجة المهمة. تقول: ما إربك إلى هذا الأمر: أي حاجتك إليه. والمأربة بالضم والكسر، الحاجة، والجمع المآرب. والتأريبُ: التحريش. وتأرب علينا فلان: أي تعسر وخالف والتوى. والأريبُ: العاقلُ. والإرْبُ مصدرُ الأريب، وأجوده الإرْبَةُ، أرُبَ يأرُبُ إرْبةً. والمؤاربةُ: مُداهاةُ الرجلِ ومخاتلته. وفي الحديث "مؤاربةُ الأريب جهدٌ وعناء لأنه لا يُخْدَعُ عن عقله" قال عبيد بن الأبرص: أفلح بما شئت وقد يُدرك ... بالضعف وقد يُخدع الأريب الأريب: العاقل. قدْ رَبَعْتُ الحجرَ أي: قد أشلْتُهُ لأعرف بذلك شدتي. منه الحديث "إن النبي صلى الله عليه وسلم مر بقوم يربعون حجراً". ويقال أيضاً: ارتبعتُ الحجر: إذا أشلْتُهُ. ومرَّ ابن عباس بقومٍ يتجاذون حجراً، فقال: "عمال الله أقوى من هؤلاء" التجاذي: الإشالة.

ومر صلى الله عليه [وسلم] بقوم يتجاذون مهراساً، فقال: "أتحسبون الشدة في حمْلِ الحجارة، إنما الشدة أن يمتلئ أحدكم غيظاً ثم يغلبه". وقال عليه السلام لآخر: "الشديدُ مَنْ غلب نفسه". والمرْبَعَةُ: خشيةٌ مربعةٌ تحملُ بها الأحمال فتوضع على ظهر الدواب. قال الراجز: أين الشظاظان وأين المربعة وأين وسق الناقة الجلنفعة الشظاظان: العودان يُجْعَلان في عُرى الجوالق. والمِرْباع: كانت العرب إذا غزت أخذ الرئيسُ ربعَ الغنيمة، وقسم ما بقي بينهم. قال الشاعر: لك المرباع منها والصفايا ... وحكمك والبسيطة والفضول الصفايا: جمع صفية وهو ما اختاره أمير الجيش لنفسه قبل الأقسام. والبسيطةُ: ما انبسط من معظم القوم أي ما اختلس. والفضول: ما فضل. ويقال: اربعْ على ظَلْعِك وعلى نفسك: أي انتظرْ. قال الأحوص: ما ضر جيراننا إذا انتجعوا ... لو أنهم قبل بينهم ربعوا

وقولهم: قد راعني كذا أي قد وقع في رُوعي الخوف. والرُّوعُ، بالضم: النفس، وبالفتح: الخوف. قال صلى الله [وسلم]: إن رُوح القُدس نفثً في رُوعي أن نفساً لن تموت حتى تستكمل رزقها، فاتقوا 2/ 20 الله وأجملوا في الطلب". وقال عنترة: ما راعني إلا حمولة أهلها ... وسط الديار تسف حب الخمخم وروعُ القلبِ: ذهنه وخلده. تقول: وقع ذلك في رُوعي وفي خلدي. ويقال: رُوعُه ورواعُه. الرَّوْع: الفزعُ في الحرب وغيره. قال عمرو بن كلثوم: وتحملنا غداة الروع جرد ... عُرفن لنا نقائذ وافتلينا الأجردُ من الخيل: القصيرُ الشعر الكريم. ونقائذ: استنقذتْ من قومٍ آخرين، واحدها نقيذة. وافتلين: فُطِمْنَ من أمهاتهن. افتَلَيْتُ المهر عن أمه إذا فطمتُهُ، وقد ربيته وهو فِلْو. والرَّيْعُ: الرجوع إلى الشيء، يقال: راع عليه القيءُ إذا رجع. قال طرفة:

تريع إلى صوت المهيب وتتقي ... بذي خضل روعات أكلف ملبد أي: يعطفُ ويرجعُ. والمهيبُ: الداعي. والرَّيْعُ: فضلُ كل شيء على أصله، نحو البذور والدقيق وغيره. وكل ما يروع من جمال أو كثرة فهو رائعٌ. وفرسٌ كريمٌ رائعٌ يروعك حسنه. ورجلٌ رائعٌ وامرأةُ رائعة. قال يصف فرساً: رائعةٌ تحمل شيخاً رائعاً ... مجرباً قد شهد الوقائعا والأروعُ من الرجال: من له اسمٌ وخفارةٌ وفضلٌ وسؤدد، وهو بين الروع. وتقولُ: راعني سمعك وأرعني: أي استمع. وأرعى فلانٌ إلى فلانٍ: أي استمع إليه. وكان المسلمون يقولون: يا رسول الله صلى الله عليه [وسلم] راعنا، أي استمع منا، فحرفت اليهود فقالت: راعنا يا محمد، ويلحدون إلى الرعونة يريدون النقيصة والوقيعة فيه، فلما عوتبوا قالوا: نقول كقول المسلمين، فنهى الله عن ذلك فقال: {لا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انظُرْنَا}. وكان الحسن يقرأ {وَرَاعِنَا لَيّاً

بِأَلْسِنَتِهِمْ} بتنوين، ومعناه: لا تقولوا حمقاً، من الرعونة. وتُقرأ بلا تنوين في البقرة. قال الزجاج: قد قيل في (راعنا) بلا تنوين ثلاثة أقوال: قيل: أرعنا سمعك، وكان المسلمون يقولون للنبي صلى الله عليه [وسلم]: أرْعنا سمعك. وكانت اليهود تتابُّ بينها. بهذه الكلمة، وكانوا يسُبُّونَ النبي عليه السلام في بيوتهم، فلما سمعوا هذه الكلمة اغتنموا أن يُظهروا سبه بلفظٍ يسمعه ولا يلحقهم في ظاهره شيء، فأظهر الله النبي والمسلمين على ذلك ونهى عن الكلمة. وقيل هو من المراعاة والمكافأة، فأمروا أن يخاطبوه بالتعزيز والتوقير، فقيل لهم: لا تقولوا (راعنا) أي كافئنا في المقال كما يقول بعضكم لبعض وقولوا: (انظرنا) أي أمهلنا، واسمعوا كأنه قيل لهم استمعوا. وقال قومٌ: (راعنا) كلمةٌ كانت تجري مجرى الهُزْء والسخريا، فنهوا أن يلفظوا بها بحضرة النبي صلى الله عليه [وسلم]. 2/ 21 وقول اليهود اشتقوه من (أرعن)، والأرْعَنُ: الأحْمَقُ. وقالوا: إنا لنَشْتُمُهُ في وجهه، فلما نزلت هذه الآية قال سعيد لليهود: لئن قالها رجلٌ منكم لأضربن عنقه. قال أبو صالح: (راعنا) هي بلغة اليهود سبٌّ قبيح، فلما قال المسلمون للنبي صلى الله عليه [وسلم]: راعنا سمعك، قال اليهود: هذه أحب إلينا من كذا وكذا لأنها سُبّةٌ، وكنا نُسرها، فالآن نظهرها إذا قالها المسلمون. قال أبو عبيدة: هذه من راعيت.

ويقال: أرعني سمعك وراعني سمعك: أي اسمعْ إليّ. وراعنا، بالتنوين، كأنها سبة، وبالعربية. قال الحسن بن إسماعيل: وفي نهي الله عن قول (راعنا)، وهي عربية، لا مكروه، لأنها شاكلت بالعبرانية معنى مكروهاً دليلٌ على أن لفظ العرب والعجم إذا اتفقا حُمِلَ ذلك على المراد والمعنى، لا على اللفظ، وكان الحُكْمُ فيها مصروفاً إلى المعنى، مثلٌ إلى ذلك أن الزور بالعجمي: القوة، فإن شهد أعجمي بشهادة باللسان الأعجمي وقال بالفارسية: "دادم بزور" أي شهدتُ على فلان شهادة قوية، لم يصرف ذلك إلى أنه شهد يزور، لأن الزور بالفارسية: القوة، وبالعربية: الباطل. وكذلك كل لفظةٍ بالعربية شاكلت العبرانية أو الفارسية باللفظ وفارقتها في معنى، فالحكم للمعنى. وتقول: رَعُنَ الرجلُ يَرْعُنُ رعناً وهو أرعن: أهوج. والمرأةُ رعناء. والرَّعْنُ من الجبال ليس بطويل وجمعهُ رُعُون، وقيل: هو الطويل. وقولهم: فلانٌ ربُّ الدارِ أي مالكها. قال: فإن يك رب أذوادٍ بحُسمي ... أصابوا من لقائك ما أصابوا والرَّبُ ينقسم ثلاثة أقسام: الملك، والسيد المطاع، قال الله تعالى {فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْراً} أي سيده. قال: وأهلكن يوماً رب كندة وابنه ... ورب معد بين خبت وعرعر أي سيد كندة.

والرَّبُ: المصلحُ، من قولهم: ربَّ الرجلُ الشيء يربه رباً، والشيء مربوبٌ: إذا أصلحه. قال الفرزدق: كانوا كسالئة الحمقاء إذ حقنت ... سلاءها في أديم غير مربوب أي مُصْلَح. وأرَبَّت السحابة بهذه البلدة: أي أدامت بها المطر. ورببتُ نعمتي عند فلان: إذا زِدْتُ فيها لئلا يعفو أثرها. قال: يرب الذي يأتي من العرف إنه ... إذا سئل المعروف زاد وتمما وأربَّ بقلبي الهمُّ أي أقام به. وكل من ملك شيئاً فهو ربه، ولا تقال بغير الإضافة إلا لله الواحد القهار. وقال الحارث بن حلزة في الرب بمعنى السيد. وهو الرب والشهيد على يو ... م الحيارين والبلاء بلاء 2/ 22 يعني بالرب: المنذر بن ماء السماء. ويقالُ: رَبَّني فلانٌ يربني رباً إذا ملكني. قال علقمة بن عبدة: وأنت امرؤ أفضت إليك أمانتي ... وقبلك ربتني فضعت ربوب أي ملكتني قبلك ملوكٌ فضعتُ حتى صرتُ إليك.

وفي الرب لغتان: تشديد الباء وتخفيفها. قال: وقد علم الأقوام أن ليس فوقه ... رب غير من يعطي الحظوظ ويرزق وجمعهُ أرباب ورُبوب وأرُبٌّ. وقولهم: فلانٌ رِبِّيٌّ أي كامل العلم. والربانيون كذلك. قال محمد بن الحنفية حين مات ابن عباس: اليومَ مات رباني هذه الأمة. وكذلك قال الحسن البصري حين مات جابر بن زيد: اليوم مات رباني هذه الأمة. ابن عباس: في قوله تعالى: {لَوْلا يَنْهَاهُمْ الرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ} الربانيون: العلماء الفقهاء، والأحبار: من ولد هارون عليه السلام كانوا من رؤساء اليهود. قال أبو العباس: إنما قيل للفقهاء الربانيون لأنهم يربون العلم أي يقومون به. والربي واحد (الربانيون): وهم الذين صبروا مع الأنبياء عليهم السلام، نُسبوا إلى التأله والعبادة للرب في معرفة الربوبية لله تعالى. والإربابُ: الدنُّوُّ مِنْ كل شيء. قال ذو الرمة يصف الشول:

فيقبلن إرباباً ويعرضن هيبة ... صدود العذارى واجهتها المجالس وتقول: رببتُ الصبي والمُهْرَ تخففُ وتُثَقَّل ورببتُهُ ورببْتُهُ. حضنته. قال: كان لنا وهو فلو نرببُه. والربيبة: الحاضنة. والربيبة والربيب معروفان. والرابُّ: زوج الأم، والرابةُ: امرأةُ الأب. قال: جزا الله الرواب جزاء سوء ... وألبسهن من برص قميصا يبغضن الغلام إلى أبيه ... وكان على مودته حريصا وربيبُ الرجل: ولدُ امرأتِه، والرجلُ أيضاً ربيبُ ولدها من غيره. وقولهم: قد رطل فلان شَعْرَهُ أي أرخاه وأرسله، من قولهم: رجلٌ رطْلٌ، إذا كان مسترخياً لين المفاصل. والرطل من الرجال الذي فيه فصاصةٌ. وفرسٌ رطلٌ: خفيف، ومن قال رطلٌ بالفتح فقد لحن. وغلامٌ رطلٌ: إذا كان رطباً لم يصلب بعد. قال:

* دلوٌ تمطى بالغلام الرَّطْلِ * والرطْلُ، مكسورٌ: ما يوزنُ به. تقول: فيه كذا وكذا رطلاُ، ويقال: رَطْلٌ ورِطْلٌ للمكيال، والكسرُ أفصح. قال: لها رِطْلٌ تكيل الزيت فيه ... وفلاح تسوق به حمارا الفلاح: المُكاري. وقولهم: فلانٌ في عيشٍ رغدٍ أي كثير واسع لا يغبُّ من مال أو ماء أو عيش أو كلأ، 2/ 23 وقد أرغد: إذا أصاب عيشاً واسعاً. وفي (رغد) لغات: فتحُ الغين، وجزمها وهو أقلُّهما. قال الله تعالى: {وَكُلا مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا}. قال: تأتيهم من وجوه غير واحدة ... من فضله فهم فيما اشتهوا رغد آخر: رأيت غزالاً يرتعي وسط روضة ... فقلت أرى ليلى تلس بها الزهرا فيا ظبي كل رغدا هنيئاً ولا تخف ... فإني لكم جارٌ وإن خفتم الدهرا وتقول: عيشٌ رغدٌ رغيدٌ: رفيه. وقوم رغدٌ ونساء رغَد.

وقولهم: رشقني بكلمةٍ أي رماني: مأخوذٌ من رشق السهام. يقال: رشقتُ رشقاً: إذا رميتُ. والرشْقُ، بالكسر: هو اسم المذهب الذي يرمون إليه، وقيل: هو اسم السهام. قال أبو زبيد يصف المنية: كل يوم ترميه منها برشق ... فمصيب أو صاف غير بعيد صاف: عدل. صاف السهمُ عن الهدف: إذا عدل عنه. وتقول: رشَقْتُ القومَ ببصري، وأرشَقْتُ فنظرتُ: أي طمحْتُ ببصري. قال ذو الرمة: كما رشقت من تحت أرطي صريمة ... إلى نبأة الصوت الظباء الكوانس والرشقُ والرَّشْقُ لغتان: وهو صوتُ القلم. وفي حديث النبي موسى عليه السلام قال "كأني برِشْقِ القلم في مسامعي حتى جرى على الألواح بكتبه التوراة". ويقال للغلام المعتدل: رشيق، وللجارية: رشيقة ومُرْشِقٌ ومُرْشِقَةٌ، وقد رَشُقا رَشاقةُ. وقولهم: زُرْتُ ما عند فلان أي طلبته وأردته. قال أبو النجم: إذا رازت الكنس إلى قعورها ... واتقت اللافح من حرورها

يعني طلبت البقر الظل من قعور الكُنُس. والحَرُور: ريحٌ حارةٌ تهب بالليل. والسموم تهب بالليل والنهار. قال الله تعالى {وَلا الظِّلُّ وَلا الْحَرُورُ}. وقال تعالى {وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ}. وقال: من سموم كأنها لفح نار ... سفعتها ظهيرة غراء الظهيرةُ: حدُّ انتصاف النهار، هذا قول ابن الأنباري. قال الخليل: الرَّوْزُ: التجربة، يقال: رُزْهُ ورُزْ ما عند فلان. والرازُ: رأسُ النباشين، والجمعُ الرَّازَةُ، وحرفتُه الريازَةُ. وقولهم: رَزَحَ فلانٌ أي ضعف وذهب ما في يده، وأصله من قولهم: رزَحَتْ إبلُ بني فلان وكلابُهُمْ: أي ضعفت ولزقت بالأرض، فلم يكن لها نهوض. قال: لقد رزحت كلابُ بني زبيد ... فما يعطون سائلهم نقيرا ويقال: أُخِذَ من: المَرْزَح، وهو المطمئن من الأرض. فيقال للرجل إذا ضَعُفَ: رَزَحَ، على جهة المثل، أي لزم المطمئن من الأرض 2/ 24 وضعف عن الارتفاع إلى ما علا منها. وقولهم: أصاب فلاناً الرُّعافُ أي الدمُ السائلُ السابق. يقال: رعفَ فلانٌ أصحابه: إذا سبقهم في السَّيْر، وقد

جاء راعفاً: أي سابقاً. قال الأعشى: به ترعف الألف إن أرسلت ... غداة الصباح إذا النقع ثارا أي يسبق الألف ويتقدمُهُمْ. ويقالُ: رَعَفَ، بفتح العين، يرْعَفُ ويرْعُفُ فهو راعِفٌ، ولا تُضَمُّ في الماضي. قال جميل: تضمخن بالجادي حتى كأنها ... أنوفٌ إذا استعرضتهن رواعف غيره: أأبان أحباب عليك أعزة ... وظل غراب البين بالبين يهتف بكيت دماً حتى لقد قال قائل ... أهذا الفتى من جفن عينيه يرعف وقولهم: رَقَص فلانٌ معناه: الارتفاعُ والانخفاض. ويقالُ: أرْقَصَ القوْمُ في سيرهم إذا كانوا يرتفعون وينخفضون. قرأ ابن الزبير {ولأرْقَصُوا خِلالَكُمْ} والقراءة {وَلأَوْضَعُوا}، فمعنى أرقصوا: ارتفعوا وانخفضوا. قال الراعي: وإذا ترقصت المفازة غادرت ... ربذاً تبغل خلفها تبغيلا ترقصت: ارتفعتْ وانخفضتْ، وإنما يرفعها ويخفضها السراب. والرَّبِذُ: الخفيفُ الريع. والتَّبْغيل: ضربٌ من السير.

وأوضعوا: أسرعوا. أوضع الراكبُ يوضع إيضاعاً فهو موضعٌ. قال امرؤ القيس بن حجر: أرانا موضعين لوقت غيب ... ونسحر بالطعام وبالشراب وضعت راحلته تضع: إذا أسرعت، وربما قالوا: وضع الراكب يضع فهو واضع: إذا أسرع. والرقْصُ والرَّقَصُ والرقصانُ لغاتٌ، ولا يقال: يرْقُصُ، إلا للاعب والإبل ونحوه، وما سوى ذلك يُقال: تقفز أو ينقُزُ أو ينْقُر. قال: برب الراقصات إلى قريش ... يثبن البيت من خلل النقاب والسراب يرقص. وربما قيل للحمار الوحشي إذا لاعب عانته: يرقص. قال لبيد: حتى إذا رقص اللوامع بالضحى ... واجتاب أردية السراب إكامها ويروى: فبتلك إذا رقص. والنبيذُ إذا جاش رقص. قال حسان بن ثابت.

بزجاجة رقصت بما في قعرها ... رقص القلوص براكب مستعجل وقولهم: زيتٌ ركابيُّ معناه في كلامهم: محمولٌ على الركاب، وهي الإبل، واحدتها راحلة، على غير لفظها، ولا واحد لها من لفظها، وكذلك الغنمُ والنَّعَمُ والشَّاءُ والبقرُ والقومُ، لا واحد لهم من ألفاظهم. والراكب: الركاب. وأصحاب الإبل يقال لهم: ركبٌ، إذا كانوا نحو عشرة، وركبٌ في الجمع، كقولهم: طائِر وطَيْر، وصاحب وصحْب، وسافِر وسَفْرٌ. قال أبو صخر: ألا أيها الركبُ المخبون هل لكم ... بساكن أجراع الحمى بعدنا خبر فقالوا: قطعنا ذاك ليلاً ولم يكن ... به بعض من نهوى وما شعر السفر والأركوب أكثر من الراكب، وجمعُهُ: أراكيب، ولا واحد له في لفظه. والرَّكَبَةُ أقلُّ من الرَّكْب، وواحدهم راكب مثل كامل وكملة، وكافر وكفرة، وحافد وحفدة، وهم الخُدام. 2/ 25 وكل شيء علا شيئاً فقد ركبه. وركِبَهُ الدَّيْنُ، ونحو ذلك كذلك. ورُكَّاب السفينة. وأما الرُكْبانُ والرَّكْبُ والرُّكوب فراكبو الدواب. وتقول: ما أحسن ركبته، بالكسر، أي ركوبه، وقِعْدَته أي قُعوده. وأما الرَّكْبَةُ والجلسةُ، بالفتح، فتعني به مرة واحدة.

والركوب: كل دابة تُرْكَبُ، منه {فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ} والركوبةُ: اسمٌ لجميع ما يُرْكَبُ، كالحمولة. والمركبُ: الذي يغزو على فرس غيره. والركبُ معروف، والجمع الأركابُ، وهو للمرأة خاصة، كالعانة للرجل. والمُرَكَّبُ هو المُرَكَّبُ في الشيء مثل الفَصِّ ونحوه، لأن المُفَعَّلَ والمُفْعَلَ كلٌّ يُرَدُّ إلى فَعيل مثل: ثوبٌ مجددٌ وجديد، ومُطلق وطليق، ومقتول وقتيل. وقولهم: ما لفلان رُواءٌ ولا شاهدٌ أي: ماله منظرٌ ولا لسانٌ. وكذلك الري. قال الله تعالى: {أَحْسَنُ أَثَاثاً وَرِئْياً}، الأثاث: المتاع، والري: المنظر. قال: أشاقتك الظعائن يوم بانوا ... بذي الري الجميل من الأثاث قال المخبل: قالت سليمي قد أراه يزينه ... ماء الشباب وفاحم حلكوك لله در أبيك رب غميدر ... حسن الرواء وقلبه مركوك

والغَمَيْدَرُ: الحسنُ الناعم الشباب والنضرة. والركاكةُ: نقصُ العقل. واشتقاق الحرفين كليهما من "رأيت أرى" "ورأيتُ أرأى". قال: أحن إذا ذكرت بلاد نجد ... فلا أرأى إلى نجد سبيلا ويقال: راءى بعمله مُراءاةً ورثاءً. ويُقال: منازلهم رئاءٌ، أي يقابل بعضها بعضاً. وداري ترى دارك: أي تقابلها. قال: أيا أبرقي أعشاش لا زال مدجن ... يجود كما والنخل مما يراكما رآني ربي حين تحضر منيتي ... وفي عيشة الدنيا كما قد أراكما أي: مما يقابلكما. ويقال: رأيتُ رأياً ومرأى، ورأيتُ رؤيةً ورؤيا وريا. ويقال في جمع الرؤية: رؤي بالقصر. وقرأ بعض قراء الأعراب {لِلرُّْيَا تَعْبُرُونَ}. والرَّئيُّ، بفتح الراء وكسر الهمزة: الذي يعتادُ بعض الناس من الجن، يقال له: رئي من الجن، وتراءى له تابعه من الجن: إذا ظهر له ليراه. والرئي، بكسر الراء والهمزة: الثوب الفاخرُ الذي يُنشر ليُرى حُسنُهُ. وبعضهم يقول: ريتُ بمعنى رأيتُ، وعليه قُرئ {أَرَيْتَ الَّذِي يَنْهَى} قال:

أقسم بالله أبو حفص عمر ... ما رايها من نقب ولا دبر فاغفر له اللهم إن كان فجر أي: كذب. وقولهم: رِفادَةُ السَّرْج من قول العرب: رَفَدْتُ الرجل أرفِدُهُ إذا أعنْتُهُ. وسُميت الرفادة رفادة لأنها تمسكُ السرج وكأنها تعينه. والرِّفْدُ: العطاء والمعونة. وهو أيضاً القدح العظيمُ قال الأعشى: رب رفدٍ هرقته ذلك اليو ... م وأسرى من معشر أقتال أراد بالرفد: القدح. وسُمي القدحُ رفداً لما يكون فيه من الشراب الذي هو عونٌ ومنفعةٌ. قال الخليل: الرفْدُ: القدح 2/ 26 الصغير القصير الجوانب، والمِرْفَدُ عُسٌّ ضخمٌ يحلبُ فيه. والرٌّفُودُ من النوق التي تملأ مرفدها. وقولهم للحدثِ: رَجيع لأنه رجع عن حالته الأولى. ونُهيَ عن الاستنجاء بعظمٍ أو رجيع. وكل ما رجع فيه مِنْ قولٍ أو عمل فهو رجيع. قال الشاعر:

ليت الشباب هو الرجيع على الفتى ... والشيب كان هو البدئ الأول والرجيعُ يقع على الرَّوْثِ وحدثِ الناس كليهما. والرجيعُ: الرَّوْثُ من كل شيء. قال الأعشى: وفلاة كأنها ظهر تُرس ... ليس إلا الرجيع فيها علاقُ (أي: علق تتعلقُ به). والرجيعُ من الكلام: المردودُ إلى صاحبه. والرَّجْعُ في القرآن. والرَّجْعُ نباتُ الربيع. وقال المنخل الذهلي يصفُ السيف: أبيض كالرجع رسوبٌ إذا ... ما ثاخ في محتفل يختلي ثاخ: رسب، والمصدر الثوخ، شبهه بماء المطر من صفائه. وكذلك الركس معناه أنه رجع عن حالته الأولى، يقال: ركستُهُ وأرْكَسْتُهُ إذا أعدتُه إلى أمره الأول. قال الله تعالى: {وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا} أي أعادهم إلى الكفر، وأرْكسُوا ورَكَسُوا بمعنى. وفي الحديث (أُتِيَ رسول الله صلى الله عليه [وسلم] بعظمٍ في الاستنجاء، أو رَوْث، فردَّهُ وقال: إنَّهُ رِكْسٌ". وإذا وقعَ أحدٌ في أمرٍ بعدَ أن نجا منه قيل: ارتكسَ فيه. والرَّكُوسيَّةُ: قومٌ لهم دينٌ بين النصارى والصابئين.

و (أُبْسِلوا) مخالفٌ لـ (ارْكَسُوا)، إذ معناه: ارتُهِنوا وأسلموا. قال: وإبسالي بني بغير جرم ... بعوناه ولا بدم مُراق إبسالي: إرهاني. والبغوُ: الجُرْم. وقولهم: سمعتُ الرعد قال اللغويون: الرَّعْدُ: صوت السحاب. قال ابن عباس: اسمُ ملك. قال علي: الرعدُ: صوتُ ملكٍ يزجُرُ السحاب بالتسبيح والثناء على الله تعالى، والبرقُ تلفته يميناً وشمالاً. وأصحاب الحديث وأكثر [أهل] العلم يقولون: الرعدُ ملكٌ أو صوتُ ملكٍ. وعن شهر بن حوشب قال: الرعدُ صوتُ ملكٍ يقول: سبحان ربي العظيم. قال ابن عباس: الرعدُ ملكٌ من الملائكة، وهو الذي يسمعون صوتَهُ، والبرقُ سوطٌ من النور يزجر به السحاب. وكذلك عن مجاهد وعكرمة وعن شيخ صحب النبي صلى الله عليه [وسلم] فسمعه يقول: "إن الله يُنشئ السحاب فينطق أحسن المنطق ويضحك أحسن الضحك" فذُكِرَ أن منطقه الرَّعْدُ، وضحكه البرق، وهذا شاهدٌ لأقوال اللغويين. قال علي: البرْقُ مخاريقُ الملائكة. قال مجاهد: البرق مَصْعُ ملكٍ.

المخاريق: ثوبٌ يضربُ به الصبيان بعضهم بعضاً. قال عمرو بن كلثوم: كأن سيوفنا فينا وفيهم ... مخاريق بأيدي لاعبينا والمصْعُ في اللغة: التحريكُ والضربُ. وقال القُطامي: تراهم يغمزون من استركوا ... ويجتنبون من صدق المصاعا 2/ 27 وتقول: رعدتْ السماءُ وبرقت، وأرعدتْ وأبرقتْ، بمعنى واحد. ويقال: رعدَ فلانٌ لفلانٍ وبرق له. قال: وإذا جعلت جبال فارس دونكم ... فأبرق هنالك ما بدا لك وارعد وأرعدني فلانٌ: إذا أوعدك من بعيد. قال الكميت: أرعد وأبرق يا يزيد ... فما وعيدك لي بضائر والرواعدُ: سحاباتٌ فيها ارتجاس رعدٍ. ورجلٌ رعديدٌ: جبانٌ، وترعيد يدعُ القتال من رعدةٍ تأخذه. وكل شيء يترجرج فهو يترعدد كما تترعدد الآليةُ. وقولهم: أرغمَ اللهُ أنْفَهُ قال الأصمعي: الرَّغْمُ: كلُّ ما أصاب الأنف مما يؤذيه ويُذله.

والرغم أيضاً: المساءةُ والغضبُ. يقال: فعلتُ كذا على رغم فلان: أي على غضبه ومساءته. قال المسيب بن علس: تبيت الملوك على رغمها ... وشيبان إن غضبت تعتب قال ابن الأعرابي: معنى أرغم الله أنفه أي عفره بالرغام، وهو التراب يختلط برمل. ومنه الحديث عن عائشة رحمها الله في المرأة تُوضأُ وعليها خضابها قال: "اسلتيه وأرغميه" أي ألقيه في الرغام، وهو ترابٌ فيه رمل. قال لبيد: كأن هجانها متأبضات ... وفي الأقران أصورة الرغام ويقال: رغم فلانٌ إذا لم يقدر على الانتصاف، وهو يرغم رُغماً. وفي الحديث "إذا صلى أحدكم فليلزم جبهته وأنفه الأرض حتى يخرج منه الرغم" أي حتى يخضع ويذل. ويقال: م أرغمُ من ذاك شيئاً: أي ما أكرهُ. ويقال: رغم أنفُهُ: إذا خاس في التراب. وأرغمتُ فلاناً: حملتُهُ على ما لا يقدر أن يمتنع منه. ورغمْتُهُ: قلتُ له: (رغماً لك ودغماً، وهو راغِمٌ داغِمٌ). والرَّغامُ، بالفتح: الثرى. والرغام، بالفتح والضم: ما يسيل من الأنف من دم ونحوه.

والمُراغمةُ: الهجرانُ، وفلانٌ يُراغِمُ فلاناً أياما [ثم] يرجع إليه. وقوله تعالى {يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَماً كَثِيراً وَسَعَةً} أي: متسعاً. وتقول: راغمتُ وهاجرتُ المذاهب. قال الجعدي: * عزيزُ المُراغَمِ والمهرب * والرغامي: زيادة الكبد. وقولهم: سوقُ الرَّقيق قال أبو العباس: سُمي العبيدُ رقيقاً لأنهم يرقون لمالكهم ويخضعون له ويذلون. والرقُّ: العبودية. والجمع الرقيق، ولايُوحدُ منه على بناء الاسم. ويقولون: رق فلانٌ: أي صار عبداً. وفي المثل: الدينُ رق فانظر لمن ترق. والرِقَّةُ: مصدرُ الرقيق، عام، حتى قالوا: فلانٌ رقيقُ الدين. والرَّقُّ: الصحيفة البيضاء. قال الله تعالى {فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ} أي في صُحف. وأرقَّ فلانٌ: في رقة الحال والمال. وقولهم: أصابَتْهُمُ الرَّجْفة

معناه: التحريك، تحريك الأرض. يقالُ: رجَفَ الشيء إذا 2/ 28 تحرك قال الشاعر: وتُحنى العظام الراجفات من البلا ... وليس لداء الركبتين طبيب والرجفةُ في القرآن: كل عذابٍ أخذ قوما، فهو رجفةٌ وصيحةُ وصاعقةٌ. والرعدُ يرجفُ رجفاً ورجيفاً، وذلك تردد هدهدته في السحاب. وقولهم: رَأيْتُ كذا الرويةُ على معانٍ: رؤيةٌ بعين، ورؤيةٌ بلقب، ورؤيةُ علم. قال الله تعالى {أَلَمْ تَرَى كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ} والنبي صلى الله عليه [وسلم] لم ير ذلك لأنه كان قبل مولده بثلاثٍ وعشرين سنة، وقبلَ مبعثهِ بثلاثٍ وستين سنة، في تفسير عمرو بن قائد عن ابن عباس. قال الضبي: كان ورودُ أصحاب الفيل قبل مولده بخمس وخمسين ليلة، وُلِد صلى الله عليه بالاثنين لعشرٍ خلونَ من ربيع الأول، وكان قدومهم لنصف المحرم. قال النقاش: كان قدوم الفيل لثلاث عشرة بقيت من المحرم، وُولِدَ عليه السلام لثمان خلَوْنَ من ربيع الأول بعد قدوم أصحاب الفيل بخمسين يوماً، وإنما هو بمعنى ألمْ تعْلَم، كقولك: ألَمْ يبلغْكَ كذا؟ ألَمْ تخْتَرْ ما فعل فلان؟ والعربُ تقول: ألم تر كيف فعل ربُّكَ، كيف فعل كذا؟ المعنى: ألم تر إلى فِعْلِ ربّك؟ قال: ألم تر أن الله أنزل مُزنه ... وعُفْرُ الظباء في الكناس تقمع قال امرؤ القيس:

تنورتها من أذرعاتٍ وأهلها ... بيثرب أدنى دارها نظراً عالي تنورتها: نظرتُ إلى نارها وأنا بأذرعات، يعني الشام، وأهلُها بيثرب أدنى دارِها، ولم ير ناراً، ولكنه من فرط الشوق يقول كأنني أراها. قال أبو عبيدة: أليس بصيراً من يرى وهو قاعدٌ ... بمكة أهل الشام يختبرونا وإنما يراهم بقلبه. ورؤيةُ اختيار، قولك: أترى أن فلاناً يجيء معنا، أي يختارُ ذلك. والرؤيا مؤنثة، قال الله تعالى: {هَذَا تَاوِيلُ رُؤْيَاي مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقّاً} ثم قال: رأيت رؤيا ثم عبرتها ... وكنت للأحلام عبارا والعرب على همزة الرؤيا، فإن لم ترد الهمزة قالوا: الرُّيا، لأن الواو والياء إذا اجتمعا صارا ياء شديدة. وزعم الكسائي أنه سمع أعرابياً يقول: {إِنْ كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ}. قال: وأنشد أبو الجراح: لعرضٌ من الأعراض يمشي حمامه ... ويضحي على أفنانه الغين تهتف أحب إلى قلبي من الديك رية ... وباب إذا ما مال للغلق يصرف

أراد: رؤية. وقولهم: لِفُلانٍ على فُلانٍ رَيْم أي: فضل. قال المخبل: فأقع كما أقعى أبوك على استه ... رأى أن ريماً فوقه لا يعادله والرَّيْم: عظمٌ يبقى بعد قسم لحم الجزور. 2/ 29 قال: وكنتم كعظم الريم لم يدر جازر ... على أي بدأي مقسم اللحم يجعل ويروى: على أي أدنى. والرَّيْمُ: البراحُ، والفعلُ: رامَ يريمُ ريماً. قال: أبانا فلا رمت من عندنا ... فإنا بخيرٍ إذا لم ترمْ أي: لا بَرِحْتَ. وكل من أحب شيئاً وألفه فقد رِيَمهُ. والرَّيْمُ: اسمٌ لما ترومُ من كل شيء. والرَّيْمُ: الدَّرَجَةُ والرَّيْمُ: القَبْرُ

والرِّيمُ، بالكسر، الظبيُ الأبيضُ الخالصُ البياض. والرَّوْمُ: طلبُ الشيء. والمرامُ: المطلبُ. والرِّماءُ: الزيادة، مهموز، أرمي فلانٌ على هذا: أي زاد فيه. قال: وأسمر خطياً كأن كعوبه ... نوى القسب قد أرمى ذراعاً على العشر ويروى: أربي وأردي كُلُّه بمعنى زاد. القَسْبُ: تمرٌ يابسٌ. ومن قال بالصاد فقد أخطأ. وقولهم: فلانٌ ردادٌ أي مُجَبِّرٌ، وإليه يُنسبُ المجبرون، وكلُّ مجبر يقال له: رداد. والرَّدْرَدُ: الشيءُ يقال له رِداد ورَدِيد. والرِّدّيدي بمعنى الردّ، وفي الحديث "لا رديدي في الصدقة". أي لا ردَّ فيها. والرِّدَّةُ مصدرُ الارتداد. وردِيَ فلانٌ أي هلك فهو ردٍ. قال دريد بن الصمة: تنادوا فقالوا أردت الخيل فارساً ... فقلتُ أعبد الله ذلكم الردِي أي: الهالك.

والرِّدْءُ: المعين. قال {رِدْءاً يُصَدِّقُنِي}. (ورأد الضحى: أي ارتفاعه). ورُوَيْد: تصغير إرواد. ومعنى رُوَيْد الإمهال والتمكث، يقال: امش مشياً رويداً أي لا تستعجل. وقال الخليل: رُويد كأنه تصغير رَوْد من غير أنْ يُستعملَ الرَّوْدُ فيه، فإذا أردت بـ (رُوَيْد) الوعيد نصبتها بلا تنوين وجازَيْتَ بها، قال: رُويد تصاهل بالعراق جيادنا ... كأنك بالضحاك قد قام نادبه وإذا أردْتَ بـ (رُوَيْد) المهلة والإرواد في المشي والأمر فانصب ونونْ. تقول: امش رويداً يا فتى، وإذا عمل عملاً قلت: رُوَيْداً رُوَيْداً يا فتى، أي: أرْوِدْ. ويقولون: أرْوِدُ، بمعنى: (رُوَيْداً) المنصوبة. وراودْتُ فلاناً عن كذا: أي أردتُهُ على أن يفْعَلَهُ. والإرادة أصْلُها الواو. والرَّيْدَةُ تستعملُ في مصدر الإرادة والارتياد والرَّوْد. وقولهم: فلانٌ يرْجُو فلاناً أي يطمع فيه. والرجاء، بالمد، نقيضُ اليأس، والفعل منه رجا يرجو، ورجّى

يُرَجَّى، وارْتَجى يَرْتَجي، وتَرَجّى يترجّى تَرَجيَّاً. ومَنْ قال: رجايا، فقد أخطأ. وكذلك من قال: رجاه أن يفعل كذا فقد أخطأ، إنما هو رجى أن يفعل ذاك. قال الله تعالى {وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ} أي يطمعون فيها. والرجاء: الخوف. قال الله تعالى {فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ} أي يخاف. ومنه {مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً} أي تخافون. قال أبو ذؤيب: إذا لسعته النحل لم يرج لسعها ... وخالفها في بيت نوبٍ عواملُ أي لم يخف لسعها (ويروى: وخالقها، يُقال للرجل خالف إلى أهل فلان إذا هو خرج من بيته فأتاهم). وتقول: أرجأت الأمر يا رجلُ وأرجيْتُهُ، بلا همز، إذا أخرته. 2/ 30 وقولهم: فلانٌ يرْهَبُ فلانا إي يخافُه. رَهِبْتُ الشيء رهباً ورهباً أي خِفْتُهُ. وأرهَبْتُ فلاناً: أي أخفْتُهُ. والرَّهْباءُ: اسمٌ من الرَّهَبِ، يقال: الرَّهْباءُ من الله، والرَّغْباءُ إليه، والنَّعْماءُ منه. وفي المَثَل: رَهَبُوت خيرٌ من رحمُوت. ويقال: رَهَبُوني خيرٌ من رحَمُوني يريد: أنْ تُرْهَبَ خيرٌ من أن تُرْحم. ورغبوني للرغبة أيضاً. وقال تعالى {وَاضْمُمْ

يَدَكَ إِلَى جَنَاحَكَ مِنْ الرَّهْبِ} الجناح: الإبطُ، والجناحُ: اليدُ. والرَّهَبُ والرهبةُ والرُّهْبُ: كُمَّ القميص. وقولهم: فلانٌ يروغُ مِنْ فُلان أي يحيد عنه. والرَّوِّاغ: الثَعْلَبُ. وفي المثل: أرْوغ من ثَعْلَب. وطريقٌ رائغٌ: مائلٌ. وراغ فلانٌ إلى فلان: إذا مال سراً إليه. تقول: فلانٌ يريدني عن أمرٍ وأنا أريغه. قال: يديرونني عن سالم وأريغه ... وجلدة بين الأنف والعين سالم يعني موضع التقطيب، للبُغْض. وراغ عليه يضربه: أي مال. قال الله تعالى {فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْباً بِالْيَمِينِ} أي مال عليهم يضربهم باليمين، والرواغ منه. وقوله {فَرَاغَ إِلَى آلِهَتِهِمْ} أي مال في خفاء، ولا يكون الرَّوْغُ إلا في خفاء. والرُّغاء: رُغَاءُ الإبل، ممدودٌ ويكتبُ بالألف. والضَّبُعُ ترغو.

والرُّغى جمع رغوة اللبن، يكتب بالياء، وفيها ستُّ لغات: رغوةٌ ورِغْوَةٌ ورُغْوَةٌ ورَغَاوَةٌ ورِغَاوَةٌ ورُغَاوَةٌ. وقولهم: رَغِبَ فلانٌ إلى فلانٍ في كذا أي طلب إليه. والرَّغْبَةُ: الطلبُ. ورَغِبَ فلانٌ في الشيء فهو راغبٌ، ورَغِبَ رَغْبَةً ورَغْبَى مثل سَكْرى. وتقولُ: اللهُم إليك الرَّغْباءُ ومِنْكَ النّعْماء. وإنه لوهوبٌ لكل رغيبةٍ، أي مرغوبٌ فيها، والجميع: الرغائبُ. قال أعشى باهلة: أخو رغائب يعطيها ويسألها ... يأبى الظلامة منه النوفل الزفر النوْفَلُ: الكثيرُ النوافِل أي الفضائل، والزُّفَرُ: المحتملُ الكثيرُ الحمالات. ورجلٌ رغيبٌ: أي واسعُ الجوْفِ أكولٌ، وقد رَغُبَ رُغْباً ورَغَابةً. ووادٍ رغيبٌ وحَوْضٌ رغِيبٌ أي واسع. ورغِبْتَ عن هذا الأمر إذا نَزَّهْتَ نفسكَ عنه وارتفْعتَ عن طلبه. وفي الحديث "الرُّغْبُ شُؤم". ورَغِبَ فلانٌ عن كذا أي تركه وزهد فيه. قال تعالى: {وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ} أي يرفعُ نفسه عنها. وأصلُ الرغبةِ رَفْعُ الهمة عن الشيء وإليه. تقول: رَغِبْتُ في فلانٍ وإليه (إذا سمت نفسك) قال:

شر الخلائق من كانت مودته ... مع الزمان إذا ما خاف أو رغبا وأنشد الفراء لرجل في ابنته: وأرغبُ فيها عن لقيط ورهطه ... ولكنني عن سنبس لستُ راغبا فيها: أي لها، أقام صفةُ مقام صفةٍ، أراد لقيط بن زُرارة ورهطه: بنو دارم، وسنبس من طيء. ثم كثُرَ في كلامهم الرغبة في الشيء حتى جعلوا كل نبرة 2/ 31 رغبة. وقولهم: جاء فلانٌ في الرّعيل الرعيلُ: القطيعُ من الخَيْل يكونُ متقدماً في أوائلها. قال عنترة: إذ لا أبادر في المضيق فوارسي ... ولا أوكل بالرعيل الأول وأبو رعال الذي يرجم الحاج قبره من ثقيف، ويقال بالغين معجمة. قال جرير: إذا مات الفرزدق فارجموه ... كرجم الناس قبر أبي رغال واختلفَ فيه، قيل: كان مصدقاً وجاء إلى رجُلٍ له شاةٌ ومعها بائعٌ لها وصبيةٌ صغيرة، فأراد أخذ الشاة، فقال له الرجل: خُذ الجدي فإن هذه الشاة تُرْضعُ هذه الصبية، وإن أخذتها هلكتْ وهلكَ الجديُ، فأبى إلا أخذها، فلما أيقن بذلك رماهُ

بسهم فقتله، ثم قبره على الطرق، فرجم الناس قبره في الجاهلية والإسلام. وقيل: كان قائد الفيل، ودليل الحبشة إلى البيت، كان عند أبرهةَ الحبشي يدله على البيت حتى أنزله بالمُغمس، فلما أنزله به مات أبو رِغال هنالك، فرجمت العرب قبره، فهو القبر الذي يرجُمُ الناس بالمُغَمس، وسائسُ الفيل، يقال له أنيس، واسم الفيل محمود، قالت عائشة: لقد رأيتُ قائد الفيل وسائقه بمكة عميين مقعدين يستطعمان. وقولهم: رُجِمَ فلانٌ أي رُميَ بالحجارة. والرَّجْمُ في القرآن القَتْلُ في شأن لوط عليه السلام. والرَّجْمُ: اسمٌ لما يُرْجَمُ به الشيء، والجميع الرُّجوم، ومنه {رُجُوماً لِلشَّيَاطِينِ}. والرَّجْمُ: القَذْفُ بالغيب والظَّنُّ، ومنه قوله تعالى {لأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيّاً} أي لأقولن فيك ما تكره. والرَّجْمُ: السبُّ. والرَّجْمُ: التُّهْمَةُ. والرَّجْمُ: اللَّعْنُ. والرَّجْمُ: اللَّعْنُ. والرَّجْمُ: القَذْفُ بالحجر. والرَّجَمُ: القبرُ، والجمعُ الأرْجام. قال كعب بن زهير:

أنا ابن الذي لم يخزني في حياته ... ولم أخزه حتى أغيب في الرجم والرُّجْمَةُ حجارةٌ مجموعةٌ كأنها قبور عادٍ، والقبور: الرُّجام. ورجمتُ والأمرُ المُرَجَّمُ: المظنون، وقوله تعالى: {رَجْماً بِالْغَيْبِ} أي ظناً غير يقين. قال زهير: وما الحربُ إلا ما علمتم وذقتم ... وما هو عنها بالحديث المُرجم أي: لم يُرْمَ فيه الظنُّ. وقولهم: خَرَجَتْ روحُ فلان أي نفسه، والرُّوحُ: النفسُ التي يحيا بها البدن. ومنهم من يقول: خرج رُوحه، فيُذكر، والجميع الأرواح. والرُّوحُ والرِّيحُ واحدٌ اكتنفَتْهُ معانٍ تقاربَتْ فبُني لكل معنى اسمٌ من ذلك الأصل، وخُولِفَ بينها في حركة البناء. والرُّوحُ: جبريل عليه السلام، قال الله تعالى {وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ} و {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ} يعني جبريل. وقيل: الروح ملكٌ عظيمٌ يقومُ وحدهُ صفاً والملائكة صفاً. وقال {يَسْأَلُونَكَ عَنْ الرُّوحِ قُلْ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي}.

2/ 32 والروحُ: النفْخُ، سُمي روحاً لأنه يخرجُ من الروح، قال ذو الرمة يذكرُ ناراً قدحها: وقلتُ له ارفعها إليك وأحيها ... بروحك واقتته لها قيتة قدرا أي: أحيها بنفخك. والمسيحُ روحُ الله، لأنها نفخةُ جبريل عليه السلام في درع مريم عليها السلام ونُسِبَ الرُّوحُ إلى الله لأنه كان بأمره، ويجوزُ أن يكون سُمي روح الله لأنه بكلمته كان، قال الله تعالى {كُنْ} فكان. وكلامُ الله رُوحٌ، لأنه حياةُ الجاهل وموتُ الكافر. ورحمةُ الله روحٌ، قال تعالى {وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ} أي رحمة، وكذلك قال المفسرون. ومن قرأ {فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ}، بضم الراء، قال: برحمة ورزق. والريحان: الرزق. قال النمرُ بن تولب: سماء الإله وريحانه ... ورحمته وسماء درر فجمعَ بين الرزق والرحمة كما قال {فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ}. قال أبو عبيدة: فروحٌ وريحانٌ أي حياةٌ وبقاءٌ لا موت فيه. ومن قرأ {فَرَوْح} أراد الراحة وطيب النسيم.

وقد يكون الرَّوْحُ الرحمة. قال الله تعالى {َلا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ} أي من رحمة الله، سماها روحاً لأن الرَّوْحَ والراحة يكونان بها. قال الفراء: الريحُ تُذكرُ وتؤنث، وأنشد: كم من جراب [عظيم] جئتَ تحمله ... ودُهنه ريحها يغطي على التفل أراد الأرج والنشر، فلذلك ذكره. ويقال: هي الريحُ وهو الريح، يُذكر ويؤنث. الرحمة على سبعة أوجه: الأول: الإسلام منه {يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ} يعني في الإسلام. والثاني: الجنة. منه {يَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِي}. والثالث: المطر. منه {يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ} يعني المطر. والرابع: النعمةُ. منه {وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ} أي نعمته. والخامس: النبوةُ. ومنه {أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ} يعني النبوة. والسادس: القرآن. منه {وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ} يعني القرآن.

والسابع: الرزْقُ. منه {مَا يَفْتَحْ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ}. يعني: من رزق. وقوله {وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمْ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوهَا} يعني: طلب الرزق. والمرحمَةُ: الرَّحْمَةُ. رحِمْتُهُ رَحْمَةً ومَرْحَمَةً. وترَحَّمْتُ عليه: أي قلت رحمهُ اللهُ. والرَّحِمُ: القرابةُ القريبةُ. قال الأعشى: أرانا إذا أضمرتك البلا ... د نُجْفى ويقطع منا الرحم والأرْحامُ: القراباتُ. وقال أيضاً: وصلاتُ الأرحام قد علم الله ... وفك الأسرى من الأغلال رمَزَني فُلانٌ يَرْمُزُني الرَّمْزُ على وجوه: يكونُ باللسانِ، وهو الصوتُ الخفي. ويكونُ تحريكَ الشَّفَتَيْنِ بكلام غير مفهوم. ويكونُ الإشارة بالحاجب وغيره بلا كلام، ومثلُهُ الهمسُ. قال الله تعالى {أَلاَّ تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلاَّ رَمْزاً}. 2/ 33 قال النحويون: هو تحريكٌ بالرأس. وقال ابن عباس: الرمزُ بالشفتين والحاجبين واليدين والعينين. وقال في موضع آخر: الرمزُ بالشفتين والحاجبينِ

واليدين والعينين. وقال في موضع آخر: الرمزُ الإشارةُ باليد والوحي بالرأس. وأنشد: ما في السماء من الرحمن مرتمز ... إلا إليه وما في الأرض من وزر والمُرْتَمِزُ الذي يرمز برأسه ويده. وقال ابن قتيبة: الرّمْزُ وحيٌ وإيماءٌ باللسان أو باليد أو بالحاجب. رمزَ إلي: أي أشار إليَّ بأخذ يده. ومنه قيل للفاجرة رامزة ورمازة لأنها ترمز ونومئ ولا تُعْلِن. قال قتادة: إنما كانت عقوبةً عُوقبَ بها، الآية، بعد مشافهته الملائكة فيما يُسرُّ به. ويُقال للجارية الهمازة بعينها الغمازة بفيها: رمّازَة، وترمِزُ بفيها وتغمز بعينها. الرأفة في اسم الله الرؤوف الرحمن الرحيم. الرؤوفُ: الشديدُ الرحمةِ. والرافةُ. أرَقُّ من الرَّحْمة. قال أبو عبيدة: في قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَحِيمٌ} معنى تقديم وتأخير، والمعنى: لرحيمٌ رؤوف، أي الرحيم شديد الرحمة. وفيها أربعُ لغات. الرؤوف بضم الهمزة، بلا واو، وقد قرئ بالوجهين. قال كعبُ بن مالك:

نطيع نبينا ونطيع رباً ... هو الرحمن كان بنا رؤوفا وقال جرير في اللغة الثانية: ترى للمسلمين عليك حقا ... كفعل الوالد الرؤف الرحيم والثالثة: رأفٌ، بتسكين الهمزة. قال: فآمنوا بنبي لا أبا لكم ... ذي خاتم صاغه الرحمن مختوم رأفٌ رحيمٌ بأهل البر يرحمهم ... مقربٌ عند ذي الكرسي مرحوم وقال الكسائي والفراءُ: يقالُ: اللهُ رئفٌ، بكسر الهمزة. والرحمنُ: الرقيق. والرحيمُ أرَقُّ من الرحمن. وقال أبو عبيدة: الرحمن مجازه عند العرب ذو الرحمة، والرحيمُ مجازُهُ الراحمُ، قال: ورُبما سَوَّت العربُ بين فعلان وفعيل، فقالوا: ندمان ونديم، واحتج بقول الشاعر [النعمان بن نضلة]: فإن كنت ندماني فبالأكبر اسقني ... ولا تسقني بالأصغر المتثلم وقولهم: فُلانةٌ ربيبةُ فُلان أي بنتُ امرأتِهِ من غيره، قيل لها ربيبة، وهي ربيبة لأنها يُرَبّيها، وهي فعيلة بمعنى مفعولة، أصلُها مربوبة، حُوّلَتْ من مفعولة إلى فعيلة، مثل: قتيل وجريح وطبيخ،

الأصل: مقتُول ومطْبُوخ ومجْرُوح. ويُقال: رَبَّبَ فلانٌ فلاناً، ورَبّى فلانٌ فلاناً ورَبَّتَ فلانٌ فلاناً، وتَرَبَّبَ فلانٌ فلاناً. قال: رببها أهلها وفنقها ... حُسنُ غذاءٍ فخلقُها عممُ قال آخر: ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة ... بحرةِ ليلى حيثُ رببني أهلي آخر في المعنى: ترببها الترعيب والمحض خلفة ... ومسكٌ وكافورٌ ولُبنى تأكلُ قولهم: هو رِجْسٌ نِجْسٌ قال: الرجسُ: النتن، ومنه {فَزَادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ} أي نتناً إلى نتنهم. والنجسُ بمعنى النَّجْس، وإنما يكسرونه إذا جاء بعد 2/ 34 "الرجس"، فإذا أفرد قيل: نجسٌ، ولم يقل نجسٌ. والرجزُ، بالزاي، هو الرجس، بالسين، بمعنى، والسينُ والزايُ أختان في هذا الموضع، وفي قولهم: الأسدُ والأزْد، ولَزِقَ ولَسِقَ به. ويقالُ: الرِّجْزُ، بالزاي، العذابُ. قال الله تعالى {رِجْزاً مِنْ السَّمَاءِ} أي عذاباً.

قال رؤبة: لكم رامنا من عديد مُبزِ حتى وقمنا كيده بالرجزِ والرجسُ من الرجال: القذِرُ، وقد رَجُسَ وهو يرْجُسُ رجاسةً، وربما قالوا إنه كالخنزير ونحوه. ورجسُ الشيطان: وسوسته وهمزهُ ونحو ذلك من أمره. والرجْسُ: الصوتُ الشديد للرعد، والهدير للبعير. والرجْزُ: مصدرُ يرجُزُ ويرتَجِزُ أي يقول الرجزَ، وهو المشطور والمنهوك، والواحدة أرجوزةٌ، والجميع الأراجيز. قال الأغلب: أرجزاً يريدُ أم قصيدا والرَّجْزُ: عبادةُ الأوثان، ويقالُ: إثمُ الشركِ كُلّه رجْز، وقرأ بعضهم: {وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ}، وقرئ {وَالرُّجْزَ} والمعنى واحد. وقال بعضهم: أراد به الصنم. الأمثال على الرّاء رُبَّ سامع بخبري ولم يسمعْ عُذْري. رُبَّ كلمةٍ تقولُ لصاحبها دعني دعْني.

رُبَّ كلمةٍ سلبتْ نعمة. رُبَّ ساع لقاعد. رُبَّ أخ لكَ لم تلدهُ أمك. رُبَّ لائم مليم. رُبَّما كان السكوت جواباً رزْقُ الله لا كدُّكَ. رُوَيْدَ الشعرَ يغبَّ رمتني بدائها وانسلت. رُمي فلانٌ بحجره. أي بقرنٍ مثله. رُبَّ أكلةٍ تمنعُ أكلات. رُبَّ عجلةٍ تهبُ ريثاً. رُوَيْدَ الغَزْو يتَمَرَّقُ.

رضيتُ من الغنيمة بالسلامة. رُمي برسن فلانٍ على غاربه. الرُّغْبُ شؤمٌ. رُبَّ صلفٍ تحت الراعدة. رُهباك خيرٌ من رُغباك. رُبَّ فرَقٍ خيرٌ من حبٍّ. رُبِّ رميةٍ من غير رامٍ. رُوغي جغارِ وانظري أين المفر. رضا الناس غاية لا تُدرك. ربضُك منك وإن كان سماراً. رُبَّما أكلَ الكلبُ رَبَّه إذا لم ينل شبعه. شعر: رُبَّ رجاءٍ فض من مخافة ... ورُبَّ أمنٍ سيعود آفة

رُبَّ صباح لامرئ لم يمسه ... حتفُ الفتى موكلٌ بنفسه حتى يحل في ضريح رمسه يا رُب إحسان يعودُ ذنباً ... ورُب سلم سيعود حربا يا رُب حمدٍ سيعود ذما ... ورُب حربٍ سيعودُ سلما قال الأعشى: رُبما تجْزَعُ النفوسُ من الأمر ... له فرجةٌ كحل العقال

حرف الزاي

بسم الله الرحمن الرحيم حرف الزاي

بسم الله الرحمن الرحيم حرف الزاي الزايُ أسليَّةٌ، وزيد في كتابتها ياءٌ تفرقةً بينها وبين الراء. وفيها لغتان: الزايُ والزاءُ. والزاءُ أقل، 2/ 35 وألفُها ترجعُ إلى الياء، فتكونُ من تأليف واوٍ ويائين. وتصغيرها زُيَيَّة. وعددها في القرآن ثلاثةُ آلافٍ وستمائةٍ وثمانون. غيره: ألفٌ وخمسمائة وسبعون. وهي في الحسابين سبع. وقولهم: زاهدٌ ومُزْهِدٌ الزاهِدُ: القليلُ الرغبة في الدنيا، والمُزْهِدُ: القليلُ المال. قال النبي صلى الله عليه [وسلم]: "أفضلُ الناس مؤمنٌ مزهدٌ" أي: قليل المال. يُقالُ: قد أزهدَ الرَّجُلُ يُزْهِدُ إزْهاداً إذا قل ماله. قال الأعشى: فلن يطلبوا سرها للغني ... ولن يسلموها لإزهادها أي لن يطلبوا نكاحها، ولن يدعوه لقلة مالها. والسرُّ: النكاح، منه {وَلَكِنْ لا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرّاً}. قال امرؤ القيس: ألا زعمت بسياسة اليوم أنني ... كبرت وأن لا يحسن السر أمثالي وقيل السر: الزنا. قال: ويحرم سر جارتهم عليهم ... ويأكلُ جارهم أنف القصاع

قال الفراء: بنو أسد يقولون: زَهِدْتُ في الرَّجُلِ أزْهَدُ فيه. والزُّهْدُ والزَّهادةُ في الدُّنيا، ولا يقال: (زاهدٌ) إلا في الدنيا خاصة. ومالٌ زهيدٌ: أي قليل. قال: ومالي عيبٌ في الرجال علمته ... سوى أن مالي يا أميم زهيد أي قليل. ورجلٌ زهيدٌ وامرأةٌ زهيدةٌ، وهما القليلُ طمعُهُما. وقولهُم: فلانٌ زاهرُ [الزُّهُور] تلألؤُ السراج الزاهر، والأزْهَرُ هو القمَرُ. والزَّهر: كل لونٍ أبيض كالدرة. قال عبد الرحمن بن حسان بن ثابت: وهي زهراء مثل لؤلؤة الغواص ... صيغت من جوهر مكنون وقولهم: فلانٌ زاجرٌ أي يزْجُرُ الطَّيْرَ، وهو أن يقول إذا رأى طائراً أو غير ذلك من الخلق يبتغي أن يكون كذا وكذا، فعند ذلك يقال: يزجُرُ الطير. قال لبيد: لعمرُك ما تدري الضوارب بالحصى ... ولا زاجراتُ الطير ما الله صانع فسلهن إن لاقيتهن متى الفتى ... يُلاقي المنايا أو متى الغيثُ واقع

وزجرْتُ فلاناً عن سوء فازتجر، وهو النهي. وزَجَرْتُ البعير حتى مضى: أي حثثتهُ. وزَجَرْتُ الرجُلَ فازتَجَرَ وازْدَجَرَ بمعنى. وقولهُم: فلانٌ زَعيمُ القومِ أي رأسُهُمْ وسيّدُهُمْ الذي يتكلَّمُ عنهم. قالت ليلى: حتى إذا رفع اللواء رأيتهُ ... تحت اللواء على الخميس زعيماً والزَّعامَةُ: مصدرُ الزعيم الذي يسود قومه. تقول: زَعُمَ يَزْعُمُ زعَامةً: أي صار لهم زعيماً. والزعيمُ أيضاً: الكفيل بالشيء، منه {وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} 2/ 36 أي كفيل. وأهلُ العربية يقولون: إذا قيل: ذكر فلانٌ كذا، فإنما يقالُ ذلك لأمر حق، فإذا شُك فيه فلم يُدرَ لعلهُ كذبٌ أو صدق، قيل: زعم فلان، فـ"ذَكَر" أحرى إلى الصواب. وقوله "زَعَم" مائلٌ إلى الكذب، وكذلك تفسير {فَقَالُوا هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ} أي بقولهم الكذب. والتزعُّمُ: التكَذُّبُ. قال: يا أيها الزاعمُ ما تزعما أي: يا أيها الكاذبُ ما تكذبا. والزُّعْمُ تميمية، والزَّعْمُ حجازية. وتقول: (زعمت أني لا أحبها) وفي الشعر: زعمتني لا أحبها، وأما في الكلام

فأحسَنُهُ أن يوقع الزعم على "أنّ" دونَ الاسم. قال الهُذلي: فإن تزعميني كنتُ أجهل فيكم ... فإني شريت الحلم بعدك بالجهل وتقولُ: زعمتني فاعلاً كذا. قال: زعمتني شيخاً ولستُ بشيخ ... إنما الشيخُ من يدب دبيبا وتقول: زعم فلانٌ في غير مزعم (أي طمع) في غير مطمع. وأزْعَمْتُهُ إزعاماً: أطمعْتُهُ إطماعاً. قال عنترة: علقتها عرضاً وأقتل قومها ... زعماً لعمر أبيك ليس بمزعم أي طمعاً ليس بمطمع. وقال الفراء: الزَّعَمُ والزَّعْمُ. والمزْعَمُ: الطَّمَعُ. ويروى: زعْماً وزُعْماً. وقولهم: زارني فلانٌ أي مال إليّ. مأخوذٌ من الزَّور، وهو الميلُ. والقوسُ زوراءُ لميلها. قال عمرو بن معد معدي كرب: أيوعدني إذا ما غبتُ عنه ... ويصرفُ رمحه والزرق زور

أي: مائلة. قال الله تعالى {تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ} أي تمايل. وفي (تزاور) أربعة أوجه: قرأ أهل الحرمين وعامةُ أهل البصرة (تزاور) بتشديد الزاي. وقرأ الكوفيون (تزاور) مخففةً. وقرأ أبو رجاء: تزوار. وقرأ قتادةُ: تزورُّ. فمن قرأ: تزاورُ، أراد: تتزاورُ، فأدغم التاء في الزاي، فصارتا تاءً مشددةً. ومن قرأ: تزاورُ، فاستثقل الجمع بين تائين، فحذف إحداهما. ومن قرأ: تزوار، أخذه من ازوارّ يزوارُّ. ومن قرأ: تزْوَرُّ، أخذهُ من ازْوَرّ يَزْوَرُّ، مثل: أحْمَرَّ يَحْمَرُّ. قال عنترة: فازور من وقع القنا بلبانه ... وشكا إلي بعبرة وتحمحم وأنشد أبو العباس: ما للكواعب يا عيساءُ قد جعلتْ ... تزور عني وتطوى دوني الحجر ومن جعَلَهُ: تزوارُّ، جعله بمنزلة تحمارُّ وتصفارُّ.

وتقول: زارني فلانٌ، والفعلُ زار يَزُورُ زيارةً. والزَّوْرُ: زائر، والزَّوْر جمْعٌ. والزَّوْرُ: الذي يَزُورُكَ من واحدٍ، أو جمع ذكرٍ أو أنثى. قال: زارني زورٌ سررتُ به ... ليت ذاك الزور لم يرم أي: لم يبرح. قال صلى الله عليه وسلم: "زُرْ غباً تزددْ حباً" 2/ 37 قال: إذا شئت أن تُقْلى فزر متواتراً ... وإن شئت أن تزداد حباً فزر غباً ومفازةٌ زوراء: أي مائلة ع القصد والسمت. والزُّورُ: الكذبُ، اشتق من تزوير صدر البعير. والمُزَوَّرُ من الإبل: الذي إذا سَلَّهُ المُذَمِّرُ من بطن أمةِ اعوجَّ صدرُهُ، فيغمزُهُ ليقيمه، فيبقى من غمزه أثرٌ يُعلمُ أنهُ مزورٌ. وزوَّرَ كلاماً: أي ثقفه وقومَهُ قبل أنْ يتكلم به. قال نصر بن سيار: أبلغ أمير المؤمنين رسالة ... تزورتها من محكمات الرسائل وقال الحجاجُ لرجلٍ قدم عليه من قبل المهلب، فوصف له الحرب، فأبلغ في منطقه وقال: هل زورت هذا الكلام قبل دخولك إليّ؟ قال: لا يعلمُ الغيبَ إلا الله. والزوير: صاحب القوم ورأسهم، قال.

بأيدي رجالٍ لا هوادة بينهم ... يسوقون للموت الزوير اليلنددا الزنيم والمزنم الدعي. قال الشاعر: زنيمٌ تداعاه الرجال زيادة ... كما زيد في عرض الأديم الأكارع قال القطامي: وإن نصابي إن سألت وأسرتي ... من الناس حي يقتنون المزنما أي تستعبدونه. وقيل: إني من القوم الذين هذه سمةُ إبلهم. والمُزَنَّمُ من الإبل: الذي تُشقُّ أذُنُهُ من أعلاها شقين أو من أسفلها ثلاثةً ثم تترك. فلذلك الزنيمُ والزَّنْمَةُ والزّنم: المعلقُ في القوم ليس منهم. قال حسان: وأنت زنيمٌ نيط في آل هاشم ... كما نيط خلفَ الراكب القدحُ الفرد ويُقال للتيس زنيم له زنمتان. وقولهم: قَدْ زَكَنَ عليهِ أي شبه عليه. والتزْكينُ: التشبيهُ، ويقعُ على الظن الذي يقع في النفوس. قال الفراء: يقال: زَكِنْتُ الشيء إذا عَلِمْتُهُ، وأزْكَنْتُهُ غيري: إذا أعْلَمْتُهُ. قال قعنب بن أم صاحب:

ولن يراجع قلبي حبهم أبداً ... زكنتُ بغضهم مثل الذي زكنوا أي علمتُ من بغضهم مثل الذي علموا. وتقول: أزْكنْتُهُ إزْكاناً. وقيل: زكِنْتُ أزْكَنُ زكناً. الزَّكِيُّ التقيُّ. ورجالٌ أزكياء: أتقياء. والزَّرْعُ يزكو زكاءً، ممدود، وكلُّ شيءٍ يزداد وينمي فهو يزكو زكاء وزكاة المال: تطهيره، والفعلُ منه: يُزكي تزكيةً. وتقول: هذا لا يزكو بفلان: أي لا يليق به. وتقول: إن فلاناً لزكاء النقد: أي حاضره وعينه. وتقول: زكأهُ مائة درهم: أي نقده. والزكا: الشفعُ، أي الزوج زكريا فيه أربعُ لغات، وهو اسم موضوع زكرياء. وقد جاء بالمد، وف يالتثنية، زكرياءان وزكرياوان. والثانية: زكريا، بطرح الهمزة، التَّثْنَيِةُ: زّكرييان، 2/ 38 والجمع زكريون. والثالثة: زكريٌّ مثل مدني ومدنيان مثل ياء النسبة.

الرابعةُ: زكري، مخففة، وفي التثنية: زكريان، الياءُ خفيفة، والجمعُ: زكرُون، بلا ياء. وتقول في الخفض: مررتُ بزكريا، تنصبه لأنه لا يُجرى، يكون في الخفض نصباً. وأهل البصرة يمدونه، وأهل الكوفة يقصرونه، وذلك أن كل اسم آخره ألف قبلها حرف معتلٌّ يجوز في المدُّ والقصرُ. وقولهم: قد زَوَّرَ عليه كذا وكذا فيه أربعة أقوال: أحدهن أن يكون التزويرُ فعل الكذب والباطل ويكون مأخوذاً من الزور، وهو الكذب والباطل. قال خالدُ بن كلثوم: التزويرُ: التشبيه. قال أبو زيد: التزويرُ: التزويقُ والتحسينُ، والمُزَوَّرُ من الكلام والخطُّ: المُحَسِّنُ. قال الأصمعي: التزوير: تهيئة الكلام وتقديره، واحتج بحديث عمر أنه قال يوم سقيفة بني ساعدة "كنتُ زورْتُ في نفسي مقالة أقوم بها بين يدي أبي بكر، (فجاء أبو بكر) وما ترك شيئاً مما زورته إلا أتى به". زَنْدٌ متين الزَّنْدُ: الشديدُ الضيق، والمتينُ: الشديدُ البُخْلِ. قال عدي بن زيد: إذا أنت فاكهت الرجال فلا تلع ... وقل مثل ما قالوا ولا تتزند والمُزَنَّدُ: اللئيم، وقالوا: الدعيُّ.

والزَّنْدُ والزَّنْدَةُ: خشبتان تُقْدَحُ بهما النار، العليا زند، والسفلى زندة. والجمع: الزُّنُود. قال عنترة: هزجاً بسن ذراعه بذراعه ... قدح المكب على الزناد الأجذم والزنادُ: عودٌ تقدحُ منه النار. الزاوية موضعٌ مجتمع، سميت زاوية لتقبضها واجتماعها وانحرافها عن الحائط. ويقال: أزْوي القَوْمُ بعضهم إلى بعض، أي اجتمعوا. وانزوت الجلدة في النار إذا اجتمعت وتقبضت. ولا يكون الانزواء إلا باجتماع مع تقبض. قال صلى الله عليه [وسلم]: "زُويتْ لي الأرضُ، فأريتُ مشارقها ومغاربها، وسيبلغُ ملكُ أمتي ما زُوي لي منها". وقال صلى الله عليه [وسلم]: "إن المسجد لينزوي من النخامة كما تنزوي الجلدةُ في النار". أي تجتمعُ وتنقبض من كراهيته لها. قال الأعشى: يزيد يغض الطرف عني كأنما ... زوى بين عينيه على المحاجم وتقول: زوى عني هذا الشيء يزويه زياً. ومن قال: أزوى، فقد أخطأ. والزاوية: موضعٌ بالبصرة. الزلزلة زُلْزِلَ بالموضع الزلزلة. والزلازل في كلامهم: الشدائد. قال:

فقد أظلتك أيام لها حمس ... فيها الزلازل والأهوال والوهل الحمس: الشدة. والزلازل: الشدائد. والوهَلُ: الفزَعُ، وهل 2/ 39 الرجلُ يوْهَلُ وهلا: إذا فزع. والزلزلةُ معناها التخويف والتحذير. قال تعالى: {وَزُلْزِلُوا} أي خوفوا وحُذروا. وقيل: أُخذت الزلزلة من الزلل في الرأي، فـ (زُلْزِلَ بالقوم) أي: صُرِفوا عن الاستقامة وأوقع في قلوبهم الخوف والحذر. أصل (زلزلوا): زُللوا، فأُبْدِلَ من اللام الثانية زاياً، كراهية للجمع بين اللامات، كما قالوا: صرصر الباب إذا صوت، وأصلُه: صررَ، ونظائره كثيرة. والزلزلةُ: تحريك الشيء. والزَّلْزالُ: كلمةٌ مشتقةٌ جُعِلَتْ للزلزلة. والزلازلُ: البلايا ونحوها. والزللُ مثل الزلة في الخطأ. والزللُ والمزلة مثل الدحض. المزلة: المكانُ المدحض. وإذا زلت قدمُ الإنسان قلت: زَلَّتْ قدمُهُ زلاً. وإذا زَلَّ في (مقاله أو خُطبته) أو نحوها قلت: زلَّ زلةً. قال:

وإذا رأيت بلا محالة زلةً ... فعلى صديقك فضل حلمك فاردد والعربُ تقول: قد زل الرجل في رأيه، وأزيل عن موضعه حتى زال. والزَّلَةُ، في كلام الناس، عند الطعام. يقال: اتخذ فلانٌ زلةً. وأزَلَّةُ الشيطانُ عن الحق: إذا أزالهُ. والإزلالُ: الإنعامُ. قال صلى الله عليه [وسلم]: "من أُزِلَّتْ إليه نعمةٌ فليكاف بها". قال كثير: وإني وإن صدت لمثن وصادق ... عليها بما كانت إلينا أزلت وزال الملك يزول، وزواله: ذهابه. وزالت الشمس زيالا. وزال القومُ: إذا خاضوا في مكانهم في الحرب وغيرها. قال كعب: في فتية من قريش قال قائلهم ... ببطن مكة لما أسلموا زُولوا أي قال لهم: هاجروا إلى المدينة. وتقول: زال زوال فلان وزويله. قال الأعشى: هذا النهار بدا لها من همها ... ما بالها بالليل زال زوالها

(اختلفوا في ما يعنيه، قيل: أراد: زال الخيال زوالها). وقول العرب: ما زال يفعل كذا: يريدون دوام ذلك منه. ومنه: التزايُلُ، وهو: التباين. وةزيلت بينهم: ميزتُ بينهم، وقوله {لَوْ تَزَيَّلُوا} أي لو تميزوا. وقال أبو عبيدة: انمازوا. والأزْلُ: شدةُ الزمان وضيقُ العيش وشدائد البلوى. وقولهم: زوج حمام العامةُ تُخطئ في هذا، فتظنه اثنا، وليسه من مذاهب العرب، إذ كانوا يثنونه فيقولون: زوجان من الحمام، يعنون الذكر والأنثى. ويعنون هذا، وقولهم: زوجان من الخفاف، يعنون 2/ 40 اليمين والشمال، ويوقعون الزوجين على الجنسين المختلفين، نحو الأبيض والأسود، والحلو والحامض، الدليل على ذلك قوله تعالى {وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى}، فأوقع الزوجين على اثنين. ولا تقول العرب للواحد من الطير: زوج، كما تقول للاثنين: زوجان، بل يقولون للذكر: فرد، والأنثى: فردة. قال الطرماح: خرجن اثنتين واثنتين وفردة ... يبادرن تغليساً شمال المداهن

وتقول العرب في غير هذا: المرأةُ زوجُ الرجلِ وزوجته، والرجُلُ زوجُ المرأة. قال تعالى: {اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ}. وأنشد أبو عكرمة: فبكى بناتي شجوهن وزوجتي ... والأقربون إلي ثم تصدعوا ولغةُ أهل الحجاز: زَوْج، ولغة أهل العراق: زوجة، وكل جائز. وقوله: {مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ} قال ابن عباس: الزوجُ: الواحد من كل شيء، والبهيج: الحسن. وأنشد للأعشى: وكل زوج من الديباج يلبسه ... أبو قدامة محبوا بذاك معا وقولهم: قد ازدَمَلَ فلانٌ الحِمْلَ أي: قد حملهُ. والزِّمْلُ عند العرب: الحِمْل. وازدمل: افتعل من "الزّمل"، أصله: ازْتَمَلَهُ، فلما جاء التاء بعد الزاي جُعِلَتْ دالاً. قال الكميت: كما توضع الأثقالُ وهي مهمة ... بمسلمة استيلاؤها وازدمالها والازدمال: احتمال الشيء كله بمرة واحدة. والدابةُ تزمُلُ في مشيها وعدوها زملا وزمالاً: إذا تحامل على يديه نشاطاً.

والزميلُ: الرَّديفُ على البعير. هكذا تكلمت به العرب. قال كعب الغنوي: وذي ندب دامي الأزل قسمته ... محافظة بيني وبين زميلي والتزمُّلُ: التلفف في الثياب، ومنه قوله تعالى {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ}. والزُّمَيْلُ: الرَّذْلُ من الرجال، وهو الزُّمَيْلَةُ والزُّمَلُ والزُّمَّال، كله قد قالته العرب. والأزْمَلُ: صوتٌ وجلبةٌ، والجمعُ: الأزامِلُ. ويُسمى حمارُ الوحش: أزملاً، لشدة صوته. زبل فلان زبل أي وسخ. والزَّبْلُ: السِرْقينُ وما أشبهه، فكأنه شبه بذلك. والمزْبَلَةُ: ملقى ذلك. والزَّبيلُ: ما يُتَّخَذُ من الخوص بعروتين، وجمعُهُ زُبُلٌ وزُبلان. والعامةُ تقول: زنبيل، وهو خطأ. وقولهم: قد زبنني فلانٌ عن حقي الزَّبْنُ: دفعُ الشيء عن الشيء، والناقةُ تزبنُ ولدها عن ضرعها برجلها، والحربُ تزينُ الناس إذا صدمتهم، وحربٌ زبونٌ. قال: ومستعجبٍ مما رأى من إيابنا ... ولو زبنته الحرب لم يترمرم

أي لم يتكلم. وقال: بينا الفتى في نعيم العيش حوله ... دهر فأمسى به عن ذاك مزبونا وتقول: أخذتُ زبنى من هذا الطعام: أي حاجتي. 2/ 41 والزبانيةُ واحدها زبنية: وهو كل متمرد من إنس أو جن. يقال: فلانٌ زبنيةٌ عفريةٌ. قال حسان: زبانية حول أبياتهم ... وخور لدى الحرب في المعمعة والعامةُ تقول: فلانٌ زبونٌ، بمعنى المستضعف المستقبل الأبله، ولا وجه لقولهم. وقولهم: زعف فلانٌ فهو مزعف أي دنا من الموت. قال: فأصبح من حيث التقينا شريدهم ... قتيلاً ومكتوف اليدين مزعف أي دنا من الموت. زَعَبَ زَعَبْتُ القربة زعباً: إذا ملأتها، وقيل: إذا حملتها مملوءةً. والزعبُ: الدفعُ، ومنه الحديث "وأزعب لك زعبةً من المال" أي أعطيك دفعةً من المال. ويقال: جاء سيلٌ يزْعَبُ: أي يتدافع. ويرعبُ الوادي، بالراء، أي: يملأه. زكم يُقال: زكمَ فلانٌ بنطفته: أي رمى بها.

ويقالُ: زكْمَةُ أبيه، مثل عجزة أبيه: يعني آخر ولد أبيه. والزكمة من الزكام، رجلٌ مزكومٌ. زَجَمَ يقالُ: ما تَكَلَّمَ فلانٌ بزجْمةٍ أي بنسبةٍ وبنبْسَةِ كلمة. ويقال: زَجَمَ زَجْمَةً إليه: إذا ألقى كلمةً إليه (من سبب الأسرار). زبّ الزَّبَبُ: مصدرُ الأزَبُّ، وهو كثرةُ الشعرِ على الذراعين والحاجبين والعُنٌ، والجمع الزُّبُّ. ورجلُ أزبُّ وامرأةٌ [زَبَّاء]، وسميت الزباء بذلك لأنها كانت شعرة البدن. ويقال: جاء بالداهية الزباء: أي العظيمة. وجربٌ أزَبُّ: يريدون كثير القنا، جعله كالشعر على الجسد. وبعير أزبُّ: كثير الوبر. والزُّبُّ بلغة اليمن: اللحيةُ. قال: ففاضت دموع الجحمتين بعبرة ... على الزب حتى الزب في الماء غامس والتزبب في الكلام: التزيدُ. والزبيبةُ: قرحةٌ تخرجُ في اليد وتسمى: العرفَة.

وزُبيّ: جمعُ زُبْيَة، وهي أماكن تُحفرُ للأسد. قال: فظللتُ في الأمر الذي قد كيدا ... كاللذ يُزَبّي زبية فاصطيدا يريد: كالذي، فحذف. والزُّبي أيضاً: أماكن مرتفعة. وفي المثل "قد بلغ الماء الزبى" قال العجاج: * وقد علا الماء الزبى فلا غير * وكتابه في الوجهين بالياء، لقولك زبية. وفي حديث عثمان أنه حين حوصر كتب إلى علي: "أما بعدُ؛ فإنه قد بلغ السيلُ الزبى وجاوز الحزام الطبيين: فإن كنت مأكولاً فكن أنت آكلي ... وإلا فأدركني ولما أُمزق قوله: الزبى، فإنه: زُبى الأسد تُحْفَرُ له، وإنما جُعِلَتْ مثلاً في بلوغ الماء إليها، لأنها إنما تجعلُ في الزوابي من الأرض، ولا تكون في المنحدر، ولا يبلغها إلا سيل عظيم.

و: جاوز الحزام الطبيين: أي قد اضطرب من شدة الشر حتى صار خلف الطبيين من اضطرابه. يُضرب هذا المثل للأمر العظيم الفظيع. وأما قوله: فإن كنتُ مأكولاً فكن أنت آكلي ... البيت، 2/ 42 فإنه تمثل به لشاعر من عبد القيس جاهلي يقال له الممزق، وإنما سُمي ممزقاً لبيته هذا. وبعضهم يقول: الممزق. زها تقول: معهُ زُهاءُ كذا: أي قدرُ ذلك. والزَّهْوُ: من الكبر والعظمة. رجلٌ مزْهُوٌّ: معجبٌ بنفسه، ولا يُقال زها، لا يقال منه إلا فُعِلَ. ويروى عن عائشة أنها قالت "لنا حلي يستعار للعرائس وفلانةٌ تُزْهى أن تلبسه" وأنشد: لم تنازع به خلائقه الكبر ... ولا الزهو تيهة التيهورا والتيهور، في لغة أهل نجد، ما بين أعلى شفير الوادي وأسفله العميق، وبين أعلى الجبل وأسفله من المهوى: تيهور. والريحُ تزهى النبات: إذا هزتْهُ. والسرابُ يزْهى الرفقة: كأنما يرفعها.

والأمواجُ تزهى السفينة: ترفعها. قال: يظل الآل يرفعُ جانبيها ... ويزهاها لهم حالاً فحالا وازدهيتُ فلاناً: إذا تهاونت به. قال: ففجعني قتادة وازدهاني ... بها والدهر متسعُ العتاب وزهو النبات: نورُهُ. وزها الثمرُ: بدا صلاحه حمرةً أو صفرةً. زيز جمعُ زيزاة، وهي [الأرضُ] الغليظةُ الصلبة. [زيق] زالزيق: زيقُ الجيبِ المكفوف. وزيقُ الشياطين: شيء يطير في الهواء كأنه زيدٌ تسميه العرب: لُعابَ الشمس. [زقي] والزُّقاءُ: الصياح، تقول: زقا يزقو ويزقي زقياً لغتان، يقال ذلك في صياح الديك ونحوه من الطير. وقرأ ابن مسعود: {إِنْ كَانَتْ إِلاَّ زقيةً وَاحِدَةً}. يعني صيحة. قال توبة بن الحميري: ولو أن ليلى الأخيلية سلمت ... علي وفوقي جندل وصفائح لسلمتُ تسليم المحبين أو زقا ... إليها صدى من جانب القلب صائح

[زوق] ويقال: زَوَّقَ يُزَوِّقُ تزْويقاً: إذا زين. وفي الحديث "زوقوا". [زنق] وزنقا: كلمة عراقية، معناها عندهم: لا شيء. الزلق الزَّلَقُ: المكانُ المزْلَقَةُ. والمِزْلاقُ لغةٌ في المزلاج، وهو الذي يُغْلَقُ به البابُ. والتَّزْليقُ: تمليسُكَ الموضعَ حتى يصير كالمزلقة وإن لم يكن فيه ماء. والعربُ تقول: أزْلَقَ يَزْلَقُ، وزَلِقَ يَزْلَقُ، بفتح اللام. وقرئ {لَيُزْهِقُونَكَ} بضم الباء وكسر الهاء وسكون الزاي، وهي لغة لبعض العرب، يقال: أزْلَقْتُهُ بمعنى أزْهَقْتُهُ. ومنهم من يقول: مأخوذ من الزهق، فمن قرأ {لَيُزْلِقُونَكَ} بفتح الياء، أي يستأصلونك، من: زَلَق لسانه وزَلَّقَهُ إذا حلقَهُ. ومن قرأ {لَيُزْلِقُونَكَ} بضم الياء، يعني يُزيلونك، ويقال: يعتانُونَكَ، أي يصيبونك بعيونهم. زنأ تقول: زنأ الرجلُ في الجبل يزنو زنُواً: إذا صعد. 2/ 43 وقال أبو المقدام: رُبَّ ركب وهم مشاة رأينا ... وزناء للزانئين حلالا

يريد بالركب المشاة: قيل الرجال إذا لبست النعال. والزناء: الصعود في الجبل. قال: وغلام زنا بمكة ليلا ... مع رجال زنوا بغير حرام وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ذات يوم "لأن أزنين سبعين مرة أحب إلي من أن آكل لقمة ربوا". أراد به فيما قيل: الصعود في الجبل. والزناءُ، ممدود، وهو الضيق. قال الأخطل يذكر القبر: فإذا قُذفت إلى زناء قعرها ... غبراء مظلمة من الأحفار وزنأ الرجلُ ببوله يزنأه زنُوءاً: إذا احتقن، ومنه الحديث "لا يصلي أحدكم وهو زناء"، أي حاقنٌ بوله. وأزنأ الرجل بوله إزناءً: إذا احتقنه. زحل زَحَلَ الشيء: إذا زال عن مكانه. قال لبيد: لو يقوم الفيل أو فياله ... زال عن مثل مقامي وزحل والمزْحَلُ: الموضع الذي يُزْحَلُ إليه وعنه. وقال: وتركت حد السيف من أن يضيمه ... إذا لم يجد عن شفرة السيف مزحل زحن زحَنَ الرجل يَزْحَنُ زحْناً ويتزَحَّنُ تزَحُّناً: وهو بُطْؤُهُ عن أمره وعمله.

وإذا أراد رحيلاً فعرض له شُغْلٌ يبطئه، قلت: له زحْنةٌ بعدُ. زَنَحَ التَّزَنُّحُ: التَّفَتُّح في الكلام، ورفعُ الرجل نفسه فوق قدره. قال: تزنحُ بالكلام علي جهلاً ... كأنك ماجدٌ من آل بدر زحّ الزَّحْزَحَةُ: التَّنْحِيَةُ عن الشيء. وفي القرآن {وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنْ الْعَذَابِ} و {زُحْزِحَ عَنْ النَّارِ} أي بُوعَدِ. وتقول: تزححْ عن البئر لا تقع فيها. وقال ذو الرمة: رأتنا كأنا قاصدين لعهدها ... به فهي تدنو تارة وتزحزحُ يصف الظبية أراد بعدها ولدها. وقد تجيء الزاي موضع الصاد. أبو حاتم قال: اختلفَ رجلان في السقر والصقر أبالسين أم بالصاد، فسألتُ أعرابياً: كيف تقول؟ فقال: أنا أقوله بالزاي. وأنشد ابن دريد:

ولا تهيبني الموماة أركبها ... إذا تجاوبت الأزداء بالسحر أراد: الأصداء. وتقول: صندوق وسُنْدوق وزُنْدوق، وبصقَ وبسَقَ وبَزَقَ، وبُصاق وبُساق وبُزاق. والزّدُّ، وفي لغة: السدُّ، وهو من لعب الصبيان. ولصِقَ ولزق ولسق. لصِقَ: لتميم، ولسق: لقيس، ولزق: لربيعة، وهي أقبحها. وازْدَلَبَ بمعنى استلَبَ، لغة رديئة. وقولهم: زَبَرَ فلانٌ فلاناً يزْبُرُهُ زَبْراً إذا انتهزهُ والمْزْبِئرُّ: المُقْشَعِرُّ من الناس والدواب. 2/ 44 والزُّبْرَةُ من الحديد: القطعةُ الضخمة. وكانت للأحنف بن قيس خادمةٌ سليطةٌ تسمى زبراء إذا غضبت قال الأحنف: قد هاجت زبراء، فذهبت مثلاً في الناس، حتى قيل لكل من هاج غضبه: هاجت زَبْراؤُهُ. وقولهم: فلانٌ زَمِنٌ أي ذو زمانةٍ، والفعلُ زَمِنَ يَزْمَنُ زَمَناً وزَمَانَةً. وقومٌ زمني وأزمنةٌ، غيره. وأزْمَنَ الشيء: إذا طال عليه الزمن، وهو الزمان، وجمعُ الزّمَنِ أزْمان. وجمعُ الزمان أزمنة. قال الأعشى:

لعمرك ما طول هذا الزمن ... على المرء إلا عناء معن يقال: زمنٌ وأزْمُنٌ وأزْمانٌ وزمانٌ وأزمنة. قال الشاعر: يا زماناً أورث الأحـ ... رار ذلا ومهانة لست عندي بزمان ... إنما أنت زمانة وقولهم: زهقت نفسُ فلان أي هلكت وبطلت، وكل شيء هلك وبطل فقد زهق، منه {جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ} قال: ولقد شفى نفسي وأبرأ حزنها ... إقدامه مهراً له لم يزهق أي لم يهلكْ. والزاهق من الدواب: السمينُ الحسنُ. قال زهير: القائد الخيل منكوباً دوابرها ... منها الشنون ومنها الزاهق الزهم الشنونُ: بين السمين والمهزول. والزاهق: السمينُ. والزَّهِمُ: أسمن منه. وقيل: الزاهقُ: الشديدُ الهُزال حتى يجد زُهومةَ غُثُوثَةِ لحمِهِ. والزهِمُ: قال بعضهم هو السمينُ الغاية في السمن. والزهمُ: الكثيرُ الشحم. والزَّهَقُ: الوهْدَةُ رُبَّما وقعت فيها الدواب فهلكت. ويقالُ: انزهَقَتْ أيديها في الحُفَر.

وقيل: الشَّنُونُ: الذي ذهب الشحمُ من بطنه وبقي في ظهره. قال الشماخُ: فسل الهم عنك بذات لوث ... عذافرة مضبرة أمون إذا ضربت على العلات حطت ... إليك حطاط هادية شنون حطت: اعتمدت. هادية: أتان في أول الأثُن. والشنون: بين السمن والهُزال. وقولهم: زِبْرِج وزُخْرُفٌ الزِّبْرجُ: الذّهَبُ. وزِبْرِجُ الدُّنيا: زهْرَتُها. وقيل: الزّبْرجُ: النَّقْش. وقيل: السحابُ فيه ألوان حُمرة وبياضٍ وغيرهما. وقيل: السَّحابُ الخفيفُ الذي تُسفرُهُ الريح. وقال الخليل: الزَّبْرجُ: الذهبُ، والزَّبْرجُ: زينةُ السلاح، والزِّبْرجُ: الوشْيُ، والزَّبْرجُ في السحاب: النمرةُ، وهو سوادٌ وحمرةٌ. وزخرُفُ القول: المُزَيَّنُ، ومنه {أَخَذَتْ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا} أي زينتها. قال القطامي:

وهيج أحزاني حمول ترفعت ... عليهن غزلانٌ علها الزخارف 2/ 45 أراد بالزخارف: الذهب وغيره من الزينة كالوشي والديباج كان حسناً، وإن أراد أحدهما كان له ذلك. وقولهم: زيف قال: تقول العرب: درهمٌ زيفٌ، ولا أعرفُ زائفاً. قال: وقول امرئ القيس: كأن صليل المروِ حين تطيره ... صليلُ زيوفٍ ينتقدن بعبقرا يدل على زيف كسيف وسيوف. وليس في هذا دليل من أجل أن العرب تجمعُ فاعلاً على فُعول، فزائفٌ وزيوف كشاهد وشهود وقاعد وقعود. وقال اللحياني: زاف الدرهَمُ يزيفُ زيفاً وزيوفاً. ودرهَمٌ بينُ الزيوفة: إذا ردؤ [و] رُدَّ، وكذلك القوم. قال: ترى القوم أسواء إذا جلسوا معاً ... وفي القوم زيف مثل زيف الدراهم ودِرْهَمٌ زيْفٌ وزائِفٌ سُمِّيَ بالمصدر وبفعله، وقال اللحياني: زِفْتُ الدراهم وزَيَّفْتُها. وقال هُدْبَةُ بن الخشرم يصف قفرة: ترى ورق الفتيان فيها كأنهم ... دراهم بعض جائزاتٌ وزائفُ وقال الخليل: والزَّيْفُ منْ وَصْفِ الدراهم، يُقال: دِرْهَمٌ زائفٌ، وقد زافتْ

عليهم دراهمُهُم، وهي تزيفُ عليهم، وهي زُيُوف نعْتٌ لها. وقولهم: في خُلُقِ فلانٍ زَعَارّة أي شراسة لا يكاد يلينُ ولا ينقادُ، وهي شديدةُ الراء، وكذلك حمارَّة القيظ: الصيف، زعارة وحمارة، وهاتان كلمتان لا نظير لهما في كلام العرب جاءتا على فعالة. [الزرع] والزرعُ معروفٌ، والله يزرعه أي ينميه حتى يبلُغ غايته. قال الله تعالى {أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ} والمزرَعَةُ: الأرضُ التي يُزْرَعُ فيها، يقال فيها: مَزْرَعَة ومَزْرُعَة، بضم الراء وفتحها. ويقال للصبي: زرعه الله: أي بلغه الله تمام شبابه. والمُزْدَرِعُ: الذي يَزْرَعُ لنفسه زرعاً خصوصاً، وهو مفتعل، دخلتْ الدالُ بدل تاء مفتعل، وكذلك تصير تاء افتعل بدل الزاي والدال، إلا أنها تحسنُ مع الحروف. وهم الذين يقولون: اجَمَعُوا بمعنى اجتمعوا، وهي أقبحها. والمفعول به: مُزْدَرَع، قال الشاعر: واطلب لنا منهم نخلاً ومزدرعاً ... كما لجيراننا نخلٌ ومزدرع وقولهم: فلانٌ زِنْديق معناه: جاحدٌ بالآخرة والربوبية، وقد تزندق يتَزَنْدَقُ الرجل تزنْدُقاً. وهم زنادقة. وقال ابن الراوندي:

سبحان من أنزل الأشيا منازلها ... وصير الناس محروماً ومرزوقا فعاقل فطن أعيت مذاهبه ... وجاهلٌ أحمقٌ تلقاه مرموقا كأنه من خليج البحر مغترف ... ولم يكن بارتزاق القوت محقوقا 2/ 46 هذا الذي ترك الألباب حائرة ... وصير العالم التحرير زنديقا الأمثال على الزاي زُيّنَ في عين والد وَلَدُه. زوج من عودٍ خيرٌ من قعودٍ. زُرْ غباً تزْدَدْ حُباً. تَمَّ الحرف

حرف السين

بسم الله الرحمن الرحيم حرف السين

بسم الله الرحمن الرحيم حرف السّين السينُ حرفُ هجاء. تقول: سينٌ مُسَيَّنة، (وقيل: مُسَوَّنة)، وهي أسليَّة، وهي أختُ الصاد والزاي في مخرجهما، لا في المضاعف، فلا تأتلفان، فأهملتا، سر، رس. وقد يبدلون من السين زاياً، كما قالوا لصانع الدُّروع: سراد وزَرَّاد، وسراط وزراط. والسَّرْدُ: الخَرْزُ. وعددها في القرآن خمسة آلاف وسبعمائة وستة وسبعون، غيره: ثمانمائة وسبعون. وفي الحساب الكبير: ستون، وف الحساب الصغير: اثنا عشر. والسين حرفٌ يحصل في كثير من أسماء مستحسنة. قال ابن عباس لعمر رضي الله عنهما: إني نظرتُ إلى الأفراد فلم أر أحب إلى الله من السبعة، فذكر السموات سبعاً والأرضين سبعاً، والليالي سبعاً، والأفلاك سبعةً، والنجوم سبعة والسعي سبعاً، والطواف سبعاً، ورمي الجمار سبعاً، وخلق الإنسان من سبع، ورزقه من سبع، شوق في وجهه سبعاًن والحواميم سبعٌ، والحمدُ سبع آيات، والقراءةُ على سبعة أحرف، والسبعُ الطُّول، والسبعُ المثاني، والسجودُ على سبعة أعضاء، وأبواب جهنم سبعةٌ، وأسماؤها سبعةُ، وأدراكها سبعٌ، أصحاب الكهف سبعةٌ، وأهلك عاداً بالريح في سبع ليال، ومكث يوسف في السجن سبع سنين، ومكث أيوب في بلائه سبع سنين، والبقراتُ سبعٌ، والسنونُ الجدية سبع، والسنونُ الخصبة سبع، والصلوات الخمس سبع عشرة ركعة، وقال تعالى {وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ}، وقال تعالى {إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ

اللَّهُ لَهُمْ} وحرم من النساء سبعاً، ومن الصهر سبعاً، والأيام سبعاً، وجعل رسول الله صلى الله عليه [وسلم] طهارة الإناء من ولوع الكلب سبع مرات، وحروف سورة القدر إلى قوله {سلامٌ} هي سبعة وعشرون حرفاً، وقالت عائشة - رضي الله عنها - "تزوجني رسول الله صلى الله عليه [وسلم] وأنا بنتُ سبع سنين" وأيام العجوز سبعة، ثلاثةٌ من شباط وأربعةٌ من آذار. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "شهداء أمتى سبعةٌ: القتيل في سبيل الله، والمطعون، 2/ 47 والسُّلُّ والحرق والغرق والبطن والنفساء" وأقسم الله تعالى بسبعة بالشمس وضحاها إلى {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا} وكان طول موسى عليه السلام سبع أذرع، وطول عصاه سبع أذرع، (وظفرته سبعة أذرع). ومن الحروف المستحسنة: سلامةٌ، وسلامٌ، وسعادةٌ، وسموٌّ، وسناً، وسدادٌ، وسرور، إلى حروفٍ كثيرةٍ، يطول تعدادها. وللعرب في كل سين تجيء بعد القاف وكل صاد تجيء بعد القاف لغتان: منهم من يجعلها سينانً، ومنهم من يجعلها [صادا] مثل السُّقْع والصُّقْع لا يبالون أمُتَّصلة كانت أم منفصلة بعد أن يكونا في كلمة واحدة، إلا أن الصاد في بعض أحسن، والسين ف يبعض أحسن، وفي السُّقع السينُ أحسنُ، والصاد قبيح، وهي الناحية من الأرض. وكذلك لغةٌ لبعض الأعراب يحولون السين التي تجيء قبل الطاء موصولة ومفصولة، فيقولون في بسط: بصط. قرأ الفراء: {وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْصُطُ}

{وَزَادَهُ بَصطَةً} و {بِمُصيْطِرٍ}. ولا تجوز السين في كلمة جاءت القاف فيها قبل الصاد، إلا أن تكون الكلمة سينية، لا لغة للصاد فيها. وقولهم: السلامُ عليكم فيه قولان: قيل: السلام هو الله تعالى. والمعنى: الله عليكم، أي على خلقكم. وقيل: معناه: السلامة عليكم. والسلامُ ينقسم في لغة العرب على أربعة وجوه: يكون التسليم، كقولك: سلمتُ عليه سلاماً أي تسليماً. ويكون الله تعالى، قال {السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ} ويكون السلام جمع سلامة. ويكون السلام الشجر العظام واحدتها سلامة. وسلام، بالكسر: الصخور، واحدتها سلمةٌ. ويقال: السلام عليك من المسالمة، معناه: نحنُ سلمٌ لكم. ويقال: سلم بمعنى سلام، كحرم وحرام، وحل وحلال. وقولهم: قرأ سفراً من التوراةِ معناه: كتاباً. والسفرُ عند العرب: الكتابُ، وجمعُهُ أسفار، ومنه {يَحْمِلُ أَسْفَاراً}.

والسفرُ: جزءٌ من أجزاء التوراة. وكلُّ كتاب سفرٌ وسفرْ وسُفْر، بالضم والفتح والكسر، والجميعُ أسفار. قال الفراء: الأسفارُ: الكتبُ العظام، واحدها سفر، وقوله تعالى {بِأَيْدِي سَفَرَةٍ}. قال الفراء: السفرةُ: الملائكة، واحدها: سافرٌ، وقيل للملك: سافر، لأنه ينزل بما يقع به الفلاح بين الناس، بمنزلة السفير: وهو المصطلح بين القوم قال: وما أدع السفارة بين قومي ... وما أمشي بغش إن مشيت والسفيرُ: المكنسةُ، سفرت البيت وغيره: إذا كنسته. وفي الحديث "دخل عمرُ إلى النبي صلى الله عليه [وسلم] فقال له: يا رسول الله! لو أمرتَ بهذا البيب فسُفِرَ" وكان في بيت فيه آهبٌ وغيرها. أراد: سُفِرَ: كُنِسَ. والسَّفْرُ: قومٌ مسافرون سُفَّار. وسُمّيَ السَّفَرُ سفراً لأنه يُسْفِرُ 2/ 48 عن أخلاق الرجال: أي يكشفها ويوضحها، من قولهم: سفرتٍ المرأةُ عن وجهها: إذا كشفته وأظهرته. والسفيرُ: ما تساقط من الشجر أيام الخريف فسفرت به الريح. والسُّفْرَةُ: طعامٌ يُتخَذُ للمسافر، فكثر ذلك على ألسنتهم حتى سموا وعاء طعام المسافر سُفْرَة. والسفسيرُ: الذي يقوم على الناقة يصلحها، والجميعُ سفاسير. (والسفسيرُ: بياعُ القتِّ).

والسفسيرُ: السمسارُ. والسَّفَر: بياضُ النهار. أسفرَ القومُ: أي أصبحوا. وفي الحديث: "أسْفِروا بالفجر فإنه أعظمُ للأجر". ويقال: سفر وجهُ فلان: إذا أضاء وأشرق. والسُّفُورُ: سفرت المرأة نقابها عن وجهها: أي كشفته. قال توبة بن الحمير: وكنتُ إذا ما جئتُ ليلى تبرقعت ... لقد رابني منها الغداة سفورها وذلك أن الجارية منهم لم تكن تسفر قبل التزويج. السَّيّد قال الضحاك: السيدُ: الحليم:. ورُوي عنه أيضاً أنه التقي. وقال قومٌ: هو الكريم على ربه. وقال قومٌ: هو الذي يفوق في الخير قومه. وقيل: الحسنُ الخلُق. والسيد أيضاً: الرئيسُ الذي يملكُ أمرهم وينقادون له، يقال منه: ساد يسود سيادة، قال: أتطمع أن تسود ولا تغني ... وكيف يسود والدعة البخيلُ فإن سيادة الأقوام فاعلم ... لها صعداء مسلكها طويل آخر:

فإن كنت سيدنا سدتنا ... وإن كنت للخال فاذهب فخل والسيد أيضاً: زوج المرأة. قال الأعشى: فبت الخليفة من بعلها ... وسيد نعم ومستادها والسيد أيضاً: المالكُ. وسيد الجارية: مالكها. وساد الرجل قومه يسودهم: أي صار سيدهم. والمسودُ: السيدُ. قال: خلت الديارُ فسدتُ غير مدافع ... ومن الشقاء تفردي بالسؤدد والمسود: الذي قد ساده غيره. قال: * وما الناس إلا سيدٌ ومسودُ * وسودَ فلاناً قومُه: أي جعلوه سيدهم. والمُسَوَّدُ: السيدُ. قال: وإن لقوم سودوك لفاقة ... إلى سيد لو يظفرون بسيد قال عصامُ في نفسه: نفسُ عصام سودت عصاما ... وعلمته الكر والإقداما وصيرته ملكاً هُماما

وساد الرجل قومه: إذا احتمل أمورهم وحلم عنهم. قالت امرأة من العرب لطوق بن مالك في ابن لها: إذا أنت لم تُذنب عليك غواتنا ... ولم يبد منا جدنا وجديدنا ولم تعف عن زلاتنا ابن مالك ... ولا ما بدا منا فكيف تسودنا آخر: ولا أحمل الحقد القديم عليهم ... وكيف يسود القوم من يحمل الحقدا ويقال: السؤدد أربعة: العقلُ، والفقه، والأدبُ، والعلمُ. وقولهم: فلانٌ سريٌّ من الرجال 2/ 49 أي رفيع. ومعنى سروَ الرجلُ يسروُ فهو سريٌّ أي ارتفع يرتفعُ فهو مرتفعٌ، مأخوذٌ من السراة، وسراةُ كل شيء: ما ارتفع منه وعلا. قال: وأنشد الأخفش أبا عمرو بن العلاء بيت الأعشى: قالت قبيلة ما له ... قد جللتْ شيباً شواته فقال أبو عمرو: صحَّفْتَ، كبرتَ الراء فظننتها واواً، وإنما هو: سراتُه، وسراةُ كل شيء: أعلاه. قال أبو عبيدة: فمكثنا دهراً نظن أن أبا الخطاب، وهو الأخفش، أخطأ وأن أبا عمروٍ هو المصيب، حتى قدم علينا أعرابي، فسمعناه يقول:

اقشعرت شواتي، يريدُ: جلدة رأسي، فعلمنا أن أبا الخطاب وأبا عمرو أصابا جميعاً. وتقول: سرو الرجل سراوةً، وهو سر، وسرى يسري / سرياً [فهو] سري. وسري يسرو سرواً، فهو سري، وقوم سرواتٌ: سراةٌ. والسرو: سخاءٌ في مروءة. والسري: النهر فوق الجدول ودون الجعفر. وسروتُ الثوب عنه أسروه سرواً واستريته استراء: إذا نزعته. واستريت الشيء: خلعته. قال: سرى ثوبه عنك الصبا المتخايل ... وقرب للبين الخليط المزايل ويروي: المزاول. ويقال: سَرَّى وسَرَى، بالتشديد والتخفيف، واستريتُ الشيء: تخيرته وتسريته. وسراةُ الشيء: خياره. قال: فلم أرَ عاماً كان أكثر باكيا ... ووجه غلام يُسترى وغلامه يُسترى: أي يُختار. وقولهم: قد سُريَ عن الرجُل أي قد كُشف عنه ما كان يجده من الغضب والغم، من قولهم: قد سروتُ

الثوب عن الرجل سريته: إذا كشفته. ومنه الحديث "الحساء يرتو فؤاد الحزين ويسرو عن فؤاد السقيم". فمعنى يرتو: يشُد ويُقوي، ومعنى يسرو: يكشفُ. وفي الحديث "أن النبي صلى الله عليه [وسلم] أُخبر بخبر غمه، فامتقع لونه، ثم سُري عنه". أي كُشِفَ عنه ما وجده. ومعنى امْتُقع: تغير، وفيها عشرُ لغات، مضت في حرف التاء. وقولهم: فلانٌ سخيٌّ أي جواد. والسخاء: الجودُ. ورجلٌ سخي. وسخا يسخو سخاً وسخاء، بالمد والقصر. وتقولُ: سخيتُ نفسي وبنفسي عن هذا الشيء: أي تركته وما تُنازعني نفسي إليه. قال الخليل بن أحمد: أبلغ سليمان أني عنه في سعة ... وفي غنى غير أني لستُ ذا مال سخي بنفسي أني لا أرى رجلاً ... يموتُ هزلاً ولا يبقى على حال وتقول: سخيتُ سخواً. [سوخ] وساخت الأرضُ تسوخُ سوخاً: إذا انخسفتْ، وقيل: تسوخ سؤوخاً وسوخاناً.

وكذلك تسوخ الأقدام في الأرض، وساخت بهم الأرض، فهي تسوخ سوخاً, وقولهم: فلانٌ سمحٌ أي يجودُ بما لديه. وقد سمح سماحةً. ورجلٌ مسماحٌ وقومٌ سمحاء ومسامحي. قال: 2/ 50 غلب المساميح الوليد سماحة ... وكفى قريش المعضلات، وسادها سميدعٌ الشجاع. قال أبو عبيد: الكريم. ويقال: هو السهلُ، ويقال: النجدُ الشديد. قال متمم بن نويرة: وإن ضرس الغزو الرجال وجدته ... أخا الحرب صدقاً في اللقاء سميدعا وقولهم: توسَّمْتُ فيه الخير فيه قولان: أحدهما: رأيتُ أثر الخير فيه وعلامتَهُ، وسُميت السمةُّ سمة لأنها أثر في الموضع. ويقال: القول الآخر: رأيتُ فيه حُسْنَ الخير، أُخِذَ من الوسامة، وهي الحُسْنُ. يقال: رجلٌ وسيمٌ قسيمٌ: وهو الحسنُ. قال تعالى: {وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ} فيه ثلاثة أقوال:

قال مجاهد: المطهمةُ الحسان. ويقال: المعلمةُ بالسيما. ويقال: المرعيةُ، منه: أسمت الإبل وسامت. قال تعالى: {فِيهِ تُسِيمُونَ}. وأنشد أبو عبيدة: وأسكن ما سكنت ببطن واد ... وأظعن إن ظعنت فلا أسيم وفلانٌ موسومٌ بالخير: أي عليه علامته، وكذلك الشر، قال: ومُسر الخير موسومٌ به ... ومسر الشر موسومٌ بشر وفلانةٌ ذات ميسم، وميسمها: أثر الجمال، وقد وسُمَتْ وسامةً, قال عمرو بن كلثوم: ظعائن من بني جُشم بن بكر ... خلطن بميم حسباً ودينا وسُمي الوسمي من المطر لأنه يسمُ الأرض فيصير فيها أثرٌ من المطر. وتوسمتُ في فلان خيراً: أي رأيتُ عليه أثره. قال: توسمته لما رأيت مهابة ... عليه وقلتُ: المرءُ من آل هاشم ويقال: سيما فلانٍ حسنه: أي علامته، من وسمتُ الشيء أسمهُ وسماً: إذا علمْتُهُ. قال جرير: لما وضعتُ على الفرزدق ميسمي ... وعلى البُعيث جدعت أنف الأخطل أراد بالميسم: العلامة التي يعرفون بها.

وأصل ميسم: موسم، فصار الواو ياء لسكونها وانكسار ما قبلها. وأصل سيما: وسمى، فحولت الواو في موضع الفاء، فوضعت موضع العين، كما قالوا: ما أطيبه وأيطبه، فصار سومي، فجعلت الواو ياء لسكونها وانكسار ما قبلها، فقيل: سيما، ومنه {سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ} و {يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ} وبسيمائهم وبسميائهم، ثلاث لغات. قال الشاعر: غلامٌ رماه الله بالحسن مقبلا ... له سيمياء لا تشق على البصر فزاد على السيماء ألفاً ممدودة، ومعنى الحرف في مده كمعناه في قصره. وفلان سمي فلان: أي اسمهما واحد. قال تعالى: {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً} ليس أحد يسمى الله غير الله تعالى. قال الحسنُ: هل تعلم له شبهاً. قال ابن عباس في موضع آخر: هل تعلمُ له ولداً تبارك وتعالى، وقال: السمي: الولد. (قال: أما السمي فأنت منه مكثر ... والمال قدماً يغتدي ويروح) والسماء: سقفُ كل شيء. 2/ 51 والسماءُ: المطر، ومنه: ما زلنا نطأ السماء حتى أتيناكم: أي الغيث. والسماءُ: المطرةُ الجيدة. والسماوةُ: شخصُ كل شيء. وسومته في مالي: أي حكمتُهُ.

وسئمت الشيء: مللته وبرمته. والسأمُ: الملالة، سئم يسأم سأماً فهو سئيم. قال زهير: سئمت تكاليف الحياة ومن يعش ... ثمانين حولاً لا أبا لك يسأم ويقال: سئمتُ من الشيء، فأنا أسأم منه سأماً وسأمةً، ساكنة الهمز، وسآمةً، بألفٍ بعد الهمزة، مثله: رأفة ورآفة، وكأبة وكآبة. قال لبيد: ولقد سئمت من الحياة وطولها ... وسؤال هذا الناس كيف لبيد والسامةُ: عرقٌ في جبل [كأنه خط] ممدودٌ يفصل بين الحجارة وجبلة الجبل، والجمع السامُ. وإذا كانت السامةُ ممدها من قبل تلقاء المشرق إلى المغرب لم تُخْلِفْ بتةً أن يكون فيها معدنُ فضة. ولذلك يقول بعض الناس: السامُ الفضةُ، وهو غلط. قال الأصمعي: عِرْقُ الذهب، الواحدة سامةٌ. عن بعض العلماء: السامُ: الذهبُ نفسهُ. [السيراء] وقيل: السيراءُ: الذهب، وقيل لضربٍ من البرودِ: السيراء. قال النابغة:

صفراء كالسيراء أخلص لونها ... ريا الروادف بضة المتجرد فهذا يدل على الذهب. قال قيس بن الخطيم: كشقيقة السيراء أو كعسامة ... ربعية في عارض مخبوب تدل على أنه أراد البرد لاقترانه بالشقيقة. وقولهم: فلانٌ ساحرٌ السحرُ: الخديعة. وفلانٌ يسحر بكلامه: أي يخدعُ. ومنه {إِنَّمَا أَنْتَ مِنْ الْمُسَحَّرِينَ} أي من المخدوعين، وقيل: من المعللين. وقالوا في قوله تعالى {فَأَنَّى تُسْحَرُونَ} أي من أين تُخدعون. وقال أبو عبيدة: أي كيف تمنعون وتصدون عنه، من قولهم: سحرت أعيننا عنه فلم نبصره. وفي قوله تعالى: {إِلاَّ رَجُلاً مَسْحُوراً} أي مخدوعاً، لأن السحر خديعة وحيلة. قال امرؤ القيس: أرانا موضعين لوقت عيث ... ونسحر بالطعام وبالشراب أي: نعللُ فكأنا نخدعُ. وقال آخر: أرانا موضعين لوقت غيب ... ونسحر بالشراب وبالطعام كما سحرت به إرم وعاد ... وأضحوا مثل أحلام النيام

قال لبيد: فإن تسألينا: فيم نحن؟ فإننا ... عصافير في هذا الأنام المسحر أي: المعلل. والناس يقولون: سحرتني بكلامك: أي خدعتني. ويكون السحرُ: الاستهزاء والسخرية، ويكونُ: الصرف. سحرتُهُ عن كذا: أي صرفته عنه. والساحر كان في قوم فرعون: العالم، قال: {يَا أَيُّهَا السَّاحِرُ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ} أي العالم. عن ابن عباس قال: عظموه بقولهم: يا أيها الساحر، وكان الساحر يعظمونه ويوقرونه. 2/ 52 وكل شيء يؤكل فهو مسحور لأن له سحراً. قال عائشة "مات رسول الله صلى الله عليه [وسلم] وهو بين سحري ونحري". والسحرُ لا يكونُ إلا داخلاً، ولغةُ قريش بفتح السين، وأهلُ نجد يضمونها. والبطنُن نصفان فالأعلى منه: السحرُ، وهو الذي يخرج منه الكلام والنفسُ والصوتُ، ومنه المجاري، والأسفَلُ: هو القُصْبُ، وفيه الأعْفَاجُ. وفي الحديث "كأني أنظرُ إلى ابن قمعة بن خندف يجرُّ قصبهُ في النار" وهو أول من غير دين إسماعيل ومن بحر البحيرة والسابية.

وجمع القُصب أقصابُ. والسحرُ والسحرُ لغتان. والسحرُ: البيانُ، كما جاء في الحديث "إن من البيان لسحرا". والسحرُ: آخر الليل. تقولُ: لقيته سحر وسحراً، يُنونُ ولا يُنَوَّنُ. ولقيته بالسحر الأعلى، ولقيته بسُحْرَةٍ ولقيته سُحرةً. قال الطرماح: بان الخليط بسحرة فتبددوا ... والدار تسعف بالخليط وتبعد ولقيته بأعلى سحرين وبأعلى السحرين. وتقول: سحري هذه الليلة، وسحريةَ هذه الليلة. وأسحرنا مثل أصبحنا. وتسحرنا: أكلنا سحوراً. والسحورُ، بالفتح، اسم ما يؤكل. والسحورُ، بالضم اسم الفعل. وقولهم: سخِرَ فلانٌ من فلانٍ أي استهزأ منه، وسخر به. والسخريةُ: مصدرٌ فيهما جميعاً، وهو السُّخري أيضاً، كقولك: هؤلاء سِخْريُّ وسخريةٌ، وسخريةُ فلان وسخريةُ. ومنه: سَخْراً وسَخَراً أيضاً. والسُّخْرَةُ: الضحكةُ. والسُّخْرَةُ: ما تسخرتَ من خادم أو دابةٍ بلا أجرٍ ولا ثمن، وهم لك سخرةً وسُخْرِيٌّ. وقرئ: {فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيّاً} أي سخرةً من سُخْرةِ الخول، وما

سوى ذلك (سِخْرِياً) من الاستهزاء. وسخرتُ دابةَ فلان سُخْراً، أي بغير أجرٍ. قال الجياني: ما كان من الاستهزاء جاز كسر سينه ورفعها: سخرياً وسُخْرياً. وأما قوله في الزخرف فبالضم فقط، لأنه من السخرةِ لا من الاستهزاء، ولأن يستعبد بعضهم بعضاً. وسخرت المطيَّةُ: إذا أطاعت فطاب لها السَّيْرُ. وقولهم: فلان سادمٌ نادمٌ وندمانٌ وسدمان: أي مهتم. والجميعُ ندامى سدامىة ونُدّامٌ سُدَّامٌ. وهو النَّدَمُ والندامة. وقيل في السادم قولان: قيل: السادمُ: المتغيرُ العَقْل، ووأصْلُهُ من قولهم: ماءٌ سادمٌ ومياهٌ سُدْمٌ وأسْدام: إذا كانت متغيرة. قال ذو الرمة: وماء كلون الغسل أقوى فبعضه ... أواجن اسدامٌ وبعضٌ معور وقيل: السادمُ: الحزينُ الذي لا يطيق ذهاباً ولا مجيئاً كالممنوع من ذلك، من قولهم: بعيرٌ مسدمق: إذا كان ممنوعاً 2/ 53 من الضرابز والتَّنَدُّمُ: أنْ يتبعَ الإنسانُ أمراً فيندم عليه ندماً، يُقال: التقدُّمُ قبل التَّنَدُّم. وقل ما يُفْرَدُ السَّدَمُ من الندم.

وسدومُ: مدينة من مدائن قوم لوط عليه السلام، وكان قاضيها يقال له: سدوم، وله أحاديث جهل. وقولهم: سَامِد أي غافل، والسُّمودُ في الناس: الغفلةُ والسهوُ عن الشيء. يقال: دعْ عنكَ سُمودَك. وعن ابن عباس في قوله تعالى: {سَامِدُونَ} قال: السُّمودُ: اللهو والباطل، وأنشد لهرملة بنت بكر تبكي قوم عاد: ليت عاداً قبلوا الحق ... ولم يبدوا جحودا قيل: قم فانظر إليهم ... ثم ذر عنك السمودا لن تراهم آخر الدهر ... كما كانوا قعودا والسامِدُ: اللاهي، ببعض اللغات، يقال للجارية: اسمُدي لنا: أي غني لنا. والسامدُ على سبعة أوجه: اللاهي، والمغني، والقائم، والساكت، والحزينُ، الجائع، والرافع رأسهُ. سمَدَ يَسْمِدُ وَيسْمُدُ. والسامِدُ: آخِذُ الشعْرِ، سَمَدَ الشَّعْرَ: إذا أخذه. السّايَةُ فيها قولان:

فَعَل فُلانٌ بفُلانٍ سايةً، قال اليمامي: هي الفَعْلَةُ من السوء، أصلها الهمزُ، فتُرِكَ. والمعنى: قصد به إلى مكروهه والإساءة به. وقيل: معناه [جعل لما يُريد أن] يفْعَلَهُ به طريقاً، فالسايةُ: فعْلَةٌ من (سويت)، أصلها: سوية، فلما اجتمعت الياء والواو والسابق ساكنٌ جعلوهما ياء مشددة، ثم استثقلوا التشديد، فاتبعوه الفتحة التي قبلها فقالوا: ساية، كما قالوا: دينار وديوان [وقيراط]، أصله: دِنار ودِوّان وقِرّاط، فاستثقلوا التشديد فأتبعوه الكسرةَ التي قبله. والسوء: نعتٌ لكل لغةٍ في المساءة. وتقول: أردْتُ مساءتك ومسايَتَكَ، وهي تُسيءُ، بلا مدّ، والسوءُ الاسمُ الجامعُ للآفات والداء. والمسايةُ لغةٌ في المساءة. (تقول: مساءتك ومسايتك). وأسأتُ إليه في الصنع. واستاء فلانٌ: من السوء، بمنزلة اهتم، من الهم. والسيءُ والسيئةُ عملان قبيحان، السيء ذكرٌ، والسيئة أنثى. والسيئةُ: اسمٌ كالخطيئة., والسوأى: فُعلى، اسمٌ للفَعْلَةِ السيئةِ كالحسنى للحسنة، والسوأى: الفعلةُ القبيحةُ. رَجُلٌ سخيفٌ لا تثبت معه.

والسخفةُ عندهم: الخِفَّةُ من الجوع. ومنه حديث أبي ذر قال: "مكثتُ أياماً ليس لي طعامٌ ولا شرابٌ إلا ماء زمزم فسمنت فلم أجد على كبدي سخفة جوع". أي خفة جوع. والسخفةُ: رِقَّةُ العقل. رجلٌ بينُ السخفِ، وهذا من سخفِ عقلك وسخافته. (وثوبٌ سخيفٌ: رقيقُ النسج بين السخافة). ولا يكادون يقولون (السُّخْفَ) إلا في العقل خاصة، والسخافةُ عام حتى في السحاب والسقاء إذا تغير وبلي. 2/ 54 والعُشْبُ السخيف، والرجلُ السخيف. قال المغيرة بن حبناء يهجو أخاه صخراً: وأمك حين تنسب أم صدق ... ولكن ابنها طبع سخيف آخر: أتيت أبا جعفر مرة ... فصادفت نذلاً وضيعاً سخيفاً ولولا الضرورة لم آته ... وعند الضرورة تأتي الكنيفا السَّفيه والسَّفيهُ: خفيفُ العقل، أيضاً قليل الحِلْمِ، ومنه: ثوبٌ سفيه: أي خفيفٌ رقيق. قال ذو الرمة: وأبيض موشي القميص عصبته ... على ظهر مقلاة سفيه جديلها

الجديلُ: الزمامُ، أي خفيفٌ زمامها. وتسفهت الريح الشيء: استخفته وحركته. قال: مشين كما اهتزت رياح تسفهت ... أعاليها مر الرياح النواسم ومن لا يُميزُ تمييزاً صحيحاً فهو سفيه. والسَّفَهُ والسَّفَاهُ والسَّفَاهَةُ: نقيضُ الحلم. سَفَّهْتُ أحلامهم: أي قُلْتُ إنهم جهلة لا حُلوم لهم. وسَفِهَ الرجُلُ: صار سفيهاً. وسَفِهَ رأيهُ وحِلْمَهُ ونفسَهُ: إذا حمَلَها على أمرٍ سفهاً. والسفاء والسَّفَهُ: الجهلُ والطيش. قال: كم أزالت رماحُنا من أناس ... سافهونا بغرةٍ وسفاء يعني الجهل والسفه. ورجلٌ سفي: سفيه، وقد سفي يسفي فهو سفيه. والسفَهُ على وجهين: سفهُ هلاك، وسفَهُ طيش. قال تعالى: {وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ} أي أوبق نفسه وخسرها وأهلكها. يقال: سفهت نفسك: أهلكتها، وليس من سفه الطيش. سَفُهَ، بالكسر والضم، الرجل نفسه: إذا أهلكها بفعل منه. والسفه والسفاه: ضعف الرأي والجهلُ. قال النمر بن تولب:

بكرت نصيحتك الملامة فاعلمي ... سفهاً تبيتك الملامة فاربعي وقال الوليد بن يزيد بن عبد الملك: عتبت سلمى علينا سفاها ... قد عصين فيها اللئيم سفاها ويقال: سَفِهَ يَسْفَهُ سفهاً، وسَفُهَ يَسْفُهُ سفهاً وسفاهة. وقوله تعالى: {إِلاَّ مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ} قال الفراء: نصب (نفسهُ) على التفسير، وكان الأصل: سفُهَتْ نَفْسُهُ، فلما أضاف الفعل إلى صاحبها خرجت (النَّفْسُ) مُفسرةً لتُعْلِمَ موضع السفه. قال يونس: سَفِهَ نفسه بمعنى: سَفَّهَ بنفسهِ. قال الأخفش: معناه سفه في نفسه، فلما سقط حرف الخفض نصب ما بعده، كقوله تعالى {وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ} أي: على عُقْدَةِ. وتقولُ: سَفِهَ نفسهُ مثل: صبر نفسه، ولا يقال: سَفِهْتُ زيداً ولا صبرتُهُ. قال جرير: 2/ 55 أبني حنيفة أحكموا سفهاءكم ... إني أخاف عليكم أن أغضبا قال الله تعالى: {سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنْ النَّاسِ} قيل: معنى السفه في الآية التي

قبلها: من سفه الهلاك لا سفه الأحلام، والله أعلمُ. والسفَهُ: الجهلُ، يكون لكل شيء، يقال للكافر سفيه، كقوله {سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ} يعني اليهود. وقوله {فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهاً أَوْ ضَعِيفاً}، قال ابن عباس: سفيهاً: جاهلاً بالإملاء، والضعيف: الأحمق. قال مجاهد: السفيه: الجاهل، والضعيفُ: الأحمقُ. ويقال للنساء والصبيان سفهاء، لجهلهم، كقوله تعالى: {وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمْ} يعني النساء والصبيان. ويُقال: ما قل سُفهاء قوم لوطٍ إلا ذلوا. وقال: لابد للسؤدد من رماح ... ومن سفيه دائم النباح ومن عديد يتقى بالراح وقال المهلب بن أبي صفرة: لأن يطيعني سفهاءُ قومي أحب إلي من أن يطيعني حلماؤهم. قال: بني هلال ألا تنهوا سفيهكم ... إن السفيه إذا لم ينه مأمور وقال حسان لعلي: إنك تقول ما قتلتُ عثمان ولكن خذلته ولا أمرتُ به، ولكنك لم تنه عنه، فالخاذل أخو القاتل، والسكوتُ أخو الرضا. [السَّفي] والسفي: جمعُ سفاةٍ، مقصور، وهو ترابُ البئر والقبر.

قال كثير: وحال السفي بيني وبينك والعدا ... ورهن السقي غمرُ النقيبة ماجد آخر: فلا تلمس الأفعى يداك تريدها ... ودعها إذا ما غيبتها سفاتها فأما السفاء، بالمد، فالخفةُ والطيش. السَّفِلَةُ السَّفِلَةُ (سُمي تشبيهاً بسفِلةِ البعير): وهي قوائمه. ويقال: فلانٌ من سفلة الناس، وعليه جمعُ علي أي شريفٌ رفيع، مثل: صبية وصبي. وسفلةٌ: لغةٌ في سُفْلَة. والأسفلُ: نقيضُ الأعلى. والسُّفْلُ: نقيضُ العلو. ويقال: سِفْلٌ وعِلْوٌ. والتسَفُّلُ والتعَلي. والسِفْلَةُ: نقيضُ العلية. والسَّفَالُ: نقيضُ العلاء. والسُّفُولُ: مصدر، وهو نيقضُ العلو. وقيل: السَّفِلَةُ: الذي يأكل الطيبات مستتراً عن أهله، وقيل: هو الذي يأكل الحرام. وقيل: هو الكافرُ. وقيل هو الذي يدفعُ الناس بعجزه، فاشتقوا له هذا الاسم

لأنه دفعه بأسفله. وقيل: هو الذي لا يخاف الله. ويقال للسفلة: رجسٌ. الساقطُ اللئيم في حسبه ونفسه، وهو الساقطة أيضاً. قال: * نحن الصميمُ وهم السواقطُ * ويقال للمرأة الدنيئة الحمقاء: سقيطة. 2/ 56 والسقاطاتُ من الأشياء: ما يُتهاونُ به، فلا يُعتد به من رُذالةِ الثياب والطعام ونحوه. وسقطُ البيت: نحو الإبرة والفأس والقدر ونحوه، والجميعُ الأسقاطُ. والسقطُ: الخطأُ في الكتابة والحساب. والسِقْطُ، بالكسر: لعله ما سقط من الزناد. قال ذو الرمة: وسقط كعين الديك عاودت صحبتي ... أباها وهيأنا لموقعها وكرا قال أبو عبيد: في سقط الولد والنار والرمل ثلاث لغات، كسرٌ وفتحٌ وضمٌ. قال الرياشي: لا يعرفُ الأصمعي سقط الرمل إلا مفتوحاً، ويجيز الثلاث اللغات في النار. ويقال: سقط الولدُ في بطن أمه، ولا يقال: وقع.

وفلانٌ يحن إلى سقطه: أي حيثُ وُلِدَ. ويقال لكل من وقع في مهواة، أو وقع اسمه من الديوان: وقع وسقط، جميعاً. وإذا لم يلحق الإنسان ملحق الكرام، يقال: تساقط. قال سويد: كيف ترجون سقاطي بعدما ... لفع الرأس مشيبٌ وصلع أي كيف يظنون أني أسقط عن النجدة وقد ذربتني الأمور. وقوله: لفع الرأس: أي شمله الشيب كأنه غطاءٌ على سواد الرأس واللحية. وقولهم: لكل ساقطةٍ لاقطة معناه: لكل كلمة ساقطة، أي يسقط لها الإنسان، لاقطٌ لها متحفظٌ بها. وكان يجب أن يُقال: لكل ساقطةٍ لاقطٌ، أي لكل كلمةٍ خطأ متحفظٌ بها، فأُدْخِلَت الهاء في اللاقطة لتزدوج الكلمةُ الثانية مع الأولى، كما قالوا: فلانٌ يأتينا بالغدايا والعشايا، فجمع الغداة: غدايا، ليزدوج الكلام مع العشايا. وقال الفراء: العربُ تُدخِلُ الهاء في نعت المذكر في المدح والذم، فالمدح قولهم: رجلٌ راويةٌ وعلامة ونسابة، والذم قولهم للأحمق: فقاقة وهلباجة وجخابة، ذهبوا إلى معنى البهيمة. ولم يقل هذا غير الفراء ومن أخذ بقوله.

وقولهم: أخذهُ أخْذَ سبْعَةٍ أي أخذ سبعة، بضم الباء: وهي اللبؤة، فسكن الباء. وقرئ {وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ}. قال بعض النحويين: من قرأ بضم الباء أراد الأسد، ومن قرأ بسكونها فغيره من السباع. قال الأخفش والفراء والكسائي: هما لغتان بمعنى. قال ابن الأعرابي: أخذه أخذ سبعة، يعني من العدد، وخص اسبعة لأنها أكثر ما يستعملون في كلامهم، كقولهم: سبع سموات، وسبع أرضين، وسبعة أيام. قال هشام بن الكلبي: سبعةُ اسمُ رجل، هو سبعةُ بن عوف، وكان رجلاً شديداًن فضُرِبَ به المثل. 2/ 57 وقيل: أرادوا المبالغة وبلوغ الغاية. ومن أراد سبعةَ رجال أسكن الباء وثقل في بعض اللغات وأصله الجزمُ، قال تعالى {سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ}. ولا يجوز تحريك الباء في العدد إلا أن يريد قوماً سبعة، سابع وسبعة. مثل كعالم وعلمة، وكاتب وكتبة. وفلانٌ سبع فلاناً، قيل: يرميه بالقبيح، منْ: سبعهُ الذئبُ: إذا رميته. وقيل: قال: فيه قولان: غمه وذُعِرَ منه، يقال: سبعتُ الوحش: إذا ذعرته، وكذلك سبعت الأسد: إذا ذعرته وأفزعته. قال الطرماح يذكر ذئباً:

فلما عوى لفت الشمال سبعته ... كما أنا أحيانا لهن سبوعُ وتقول: سبعتُ فلاناً: إذا وقعتَ فيه وقيعةً والمسبعُ: الدعيُّ، تميمية. والمسْبَعُ: الذي تموتُ أمهُ فيتولى رضاعه نسوةٌ فيغتدي بينهن. وقيل: هو ولدُ الزنا. وعبدٌ مسبعٌ: أي مهملٌ، هذيلية، وهو المترفُ حلي وما يريد. قال أبو ذؤيب يصف حمار الوحش: صخب الشوارب لا يزال كأنه ... عبدٌ لآل أبي ربيعة مسبع وتقول: تُرك حتى صار كالسبع من جرأته على الناس. وقيل: هو الذي [ينسب] إلى سبعة آباء في العبودية أو في اللؤم. وقيل: وُلِدَ لسبعةِ أشهر. والسبيعُ كالعشير في العدد. وأرضٌ مسبعةٌ: ذات سباع. والمسبعُ: الراعي الذي أغارت السباع على غنمه. قال: قد أسبع الراعي وضوضي أكلبه ... واندفع الذئب بشاة يسحبه

المِسْوَرَة سُميتْ مسورة لعُلوها وارتفاعها، من سار يسور سوراً: إذا ارتفع. قال العجاج: فرُب ذي سرادق محجور ... سُرتُ إليه من أعالي السور أي: ارتفعت إليه. قال أبو عبيدة: قالوا جميعاً في [جمع] سورة البناء، سور، الواو ساكنة. وسورةُ القرآن بعضهم يهمزها، وبعضٌ لا يهمزها، وسميت سورة في لغة من لا يهمزها، لأنه يجعلُ مجازها مجاز منزلة ثم ترتفع إلى منزلة أخرى كمجاز سورة البناء. قال النابغة: ألم تر أن الله أعطاك سورة ... ترى كل ملك دونها يتذبذب أي منزلة شرف ارتفعت إلهيا عن منازل الملوك. ومجازُ سورة في لغة من همز مجاز قطع من القرآن لأنه يجعلها من قولهم: أسأرتُ سؤراً منه: أي أبقيت وأفضلتُ فضلةً منه. وفي الحديث "أسئروا من طعامكم" أي أبقوا منه. ويقال: أسأروا في الحوض بقية، وبقيةُ كل شيء سؤره. 2/ 58 وسورةُ الشراب: حُميَّاهُ الذي ترتفع في الرأس، سار يسورُ. وسورةُ الحرب والغضب: شدته وبطشه. والسوارُ: الذي يسور الشراب في رأٍه سريعاً، وقيل: هو الذي يَرُدُّ سؤره في

القدح. قال: من شاربٌ مريحٌ للكاس نادمني ... لا بالحصور ولا فيها بسوار وقولهم: السكينةُ على فُلان هي فعِيلَة من السكون الذي هو وقارٌ، لا الذي هو ضد الحركة. قال الهُذلي: لله قبرٌ غاله ماذا يجنـ ... ـن لقد أجن سكينةً ووقارا قال الفراء: معناها عندهم: الطمأنينة، ومنه {فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ}. قال علي: السكينةُ وجهٌ كوجه الإنسان، ثم هي بعد ريحٌ هفافة. وقال مجاهد: لها رأسٌ كرأس الهر وجناحان، وهي من أمر الله تعالى. وقال مقاتل: كان في السكينة رأس كرأس الهرة إذا صاح كان الظفر لبني إسرائيل. والسكينةُ: الوداعةُ والوقار. تقول: إنسانٌ وديعٌ وقورٌ هادٍ ساكنٌ. والسكينةُ مصدرُ فعل المسكين، وهو مفعيل كالمنطيق، فإذا اشتقوا فعلاً قالوا: تمسكن إذا صار مسكيناً. والسكينُ يذكر ويؤنث، وجمعهُ السكاكين. وسُكان السفينة: ذنبها الذي تُعدلُ به. وسكن بمعنى سكت، سكنت الريحُ وسكن المطر وسكن الغضب، و {سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ} أي سكن.

والسكن، مجزوم: هم العيال، وهم أهلُ البيت. والسكنُ: السكانُ. والسكنُ: المنزلُ، وهو المسكن. والسكنُ: الرحمةُ، وما تستريح وتسكنُ إليه. سرد فلانٌ الكتابَ درسهُ محكماً مجوداً، أي أحكم درسه، من قولهم: سردتُ الدرع: أحكمتُ مساميرها، ودرعٌ مسرودةٌ: محكمةُ المسامير والحلق، ومنه قوله تعالى {وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ} قال الفراء: أي لا تجعل المسامير غلاظاً، فتقصم الحلق، ولا دقاقا، فنقلق في الحلق. قال: من كل سابغة تخير سردها ... داود إذ نسج الحديد وتبع قال الآخر في سرد الكلامك وأسرده مستأنساً عند أهله ... كما يُسرد الياقوت والدر في النظم أراد: وأُحْكِمَ درسهُ ونظمُهُ. وسرد فلانٌ القراءة والحديث يسردُهُ سرداً: أي تتابع بعضه على بعض. وسمي السرادُ زَرَّاد، لقرب السين من الزاي، كما قالوا: الأسد: أزْد، فإذا صغروا أرجعوا إلى السين، فقالوا: أسيد. والمسردُ: المثقبُ، وهو السرادُ. قال طرفة: كأن جناحي مضرحي تكنفا ... حفافيه شكا في العسيب بمسرد

سبيل الله تعالى طريقه الذي يريده ويثيب عليه. والسبيلُ: الطريق، يُذكر ويؤنث. قال الله تعالى {وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ 2/ 59 الرُّشْدِ لا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً} أراد الطريق. وقال {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ} وفي بعض المصاحف {لا تتخذوها}. وقال {وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ}. بالياء والتاء. قال: فلا تبعد فكل فتى أناس ... سيصبح سالكاً تلك السبيلا وقال قيس الرقيات يمدح عبد الله بن جعفر: إذا مُت لم يوصل صديق ولم تقم ... طريق إلى المعروف أنت منارها والسابلةُ: المختلفةُ في الطرقات في حوائجهم، والجميع السوابلُ. وسبيلٌ سابلٌ: مثل شِعْرٌ شاعرٌ، اشتقوا له من اسمه فاعلاً. والسبل: المطرُ. وأسبل الزرعُ: إذا سنبلَ. والسبولةُ: هي سُنبلةُ الذرة والأرزّ ونحوهما إذا مالت. وقولهم: شرابٌ سَلْسالٌ معناه: عذبٌ سهلُ الدخول في الحلْق، وفيه لغات: سلْسَال وسَلْسَبيل وسلْسَل. قال أبو كبير:

أم لا سبيل إلى الشراب، وذكره ... أشهى إلي من الرحيق السلسل وقوله تعالى: {عَيْناً فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلاً} يجوز أن يكون اسماً للعين غير منون، ويجوز أن يكون صفة للعين ونعتاً قال عبد الله بن رواحة: إنهم عند ربهم في جنان ... يشربون الرحيق والسلسبيلا وقال ابن عباس: معنى سلسبيلا: ينسلّث في حلوقهم انسلالا. قال سعيد بن المسيب: هي عين تجري من تحت العرش في قضيب من ياقوت. وقيل: معناها: سل ربك سبيلاً إلى هذه العين. قال أبو بكر: هذا خطأ، لأنه لو كان كذلك لفُصِلَتْ اللام من السين، واتصالها أكبرُ دليل على غلط القوم، وأوضح بُرهان على أنهما حرفٌ واحد لا يُفصلُ بعضهُ من بعض. وماءٌ سلسل: عذبٌ. وسُلاسِل: صافٍ يتسلْسَلُ في الحَلْق. والماء إذا جرى في صببٍ وحدورٍ يُقال: تسلسلَ، وهو السَلْسَالُ. وخمرٌ سلْسَل. قال حسان: يُسقون من ورد البريض عليهم ... بردي يصفق بالرحيق السلسل والسليلُ: الولدُ.

وكل من سل شيئاً من شيء فهو: سليل. والسلُ: طرائق السنام. والسليلُ: دماغُ الفرس. وقولهم: نظيفُ السَّراويلُ أي عفيفُ الفرج. والسراويل كناية عن الفرج، مثل عفيف المئزر، والإزار: إذا كان عفيف الفرج. قال أبو تمام: لا يضمر الفحشاء تحت ثيابه ... حلوٌ شمائله عفيف المئزر أي: الفرج. وقيل: نجِسُ السراويل: غيرُ عفيف الفرج، ويكنون بالثياب عن النفس والقلب. قال امرؤ القيس: فإن كنتِ قد ساءتك مني خليقةٌ ... فسُلي ثيابي من ثيابك تنسل فيه ثلاثةُ أقوال: قيل: الثيابُ كناية عن الأمر، 2/ 60 أي: اقطعي أمري من أمرك. وقيل: المعنى: سُلّي قلبي من قلبك. وقيل: هذا كناية عن الصريمة، كان الرجل يقول لامرأتِهِ: ثيابي من ثيابك حرام. ومعنى البيت: إن كان في خُلُق لا ترضينه فانصرفي. وقولُ الناس: فلانٌ بليدُ السراويل ليس من كلام العرب.

[السوق] والسوقُ سُميتُ سوقاً لأن الأشياء تُساقُ إليها ومنها، جمعُها أسواق. والسُّوقُ، بالضم: اسمٌ من سُقْتُ، وبالفتح: المصدرُ. سُقْتُ أسُوُقُ سوقاً. والسوْقُ: الحشرُ، والناس يُساقون يوم القيامة أي يُحشرون. وتقول: رأيته يسوق سياقاً: أي ينزع نزعاً. والسوقة: أوساط الناس، والجمعُ: السوقُ. والعامةُ تظن السوقة أهل الأسواق والمتبايعون فيها وليس كذلك عند العرب، إنما السوقة عندهم: من لم يكن ملكاً، تاجراً كان أو غير تاجر. قال زهير: يا حار لا أرمين منكم بداهية ... لم يلقها سوقة منكم ولا ملك يقال: رجلٌ سوقةٌ ورجلان سوقةٌ ورجالُ سوقةٌ وامرأة سوقةٌ وامرأتان سوقةٌ ونساء سوقةٌ. وقولهم: سخَّم وجهَهُ أُخِذَ من: السُّخام: وهو سَوادُ القِدر. والسُّخامُ، في غير هذا: اللَّيْنُ. شعرٌ سُخام: أي لَيِّنٌ. وعسلٌ سخام. وقيل للخمر سخامية للينها.

والسخامي من الخمر: لونٌ يضربُ إلى السواد. قال: * سخاميةً سوداء تحسب عندما * والسخَمُ: مصدرُ السخيمة وهي: موجِدَةٌ في النفس وحِقْدٌ محتملٌ. تقول: سخمت بصدرِ فلانٍ: أي أغضبته في شيء. وسللتُ سخيمتَهُ بالقولِ الطيبِ اللطيف وبالتراضي. والسُّخامُ: الريشُ الليّنُ الذي تحتَ الريش من الطير، والواحدة بالهاء. وقولهم: حَلَف بالسَّماء أي بالسماء المعروفة. قال الأصمعي: بالمطر. والسماءُ عندهم: المطرُ. قال الله تعالى {وَأَرْسَلْنَا السَّمَاءَ عَلَيْهِمْ مِدْرَاراً}. أي أرسلنا المطر. قال النابغة: كالأقحوان غداة غب سمائه ... جفت أعاليه وأسفله ندى وقيل: [معناه]: حلف بربّ السماء. وكذلك قال المفسرون في قوله {وَالسَّمَاءَ} وجميع الأقسام: أراد: ورب هذا كُله. قال الفراء وقُطرب: إنما أقسم الله بهذه الأشياء، ليُعجب منها المخلوقين، ويعرفهم قدرته فيها، لعظم شأنها عندهم، لدلالتها على خالقها عز وجل.

والسماء: سقف كل شيء. والسماءُ: المطر، وجمعهُ: أسميةٌ، وسُمي. وأسمتِ السماءُ: إذا أمطرت .. ومنه: ما زلنا نطأ السماء حتى أتيناكم. يعني: الغيث. والسُّمي: بُعْدُ ذهاب اسم الرجل. قال: لأوضحها وجهاً وأكرمها أباً ... وأسمحها كفاً وأعلنها سُمي 2/ 61 [السّمُّ] والسمُّ معروفٌ. والسَّمُّ والسُّمُّ: خرتُ الإبرة. ومنه {حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ}. وسمُّ الأذُنِ: ثقبها. والسمومُ: الثقوب كلها، المنخران والمِسْمعَان والفم. والسمُومُ: الريحُ الحارةُ ليلاً تهبُّ أو نهاراً. ونباتٌ مسمومٌ: أصابتْهُ السمومُ. ويقال: السمائمُ، وهو جمع. وقولهم: السَّوادُ سوادُ الإنسان: شخصُهُ. والسواد عندهم: الشخص، وكذلك البياض. قال حسان بن ثابت: يغشون حتى ما تهر كلابهم ... لا يسألون عن السواد المقبل

أي عن الشخص. والسوادُ، بالكسر والضم، عندهم: السرار. يُقال: ساودتُ الرجلَ أساوِدُهُ مساوَدةً [وسواداً]؛ وبالكسر المصدر، وبالضم الاسم، مثل: الجِوار والجُوار، فالجِوار مصدرُ جاورتُهُ مُجاورةً وجِواراً، والجُوار الاسم. قال: من يكن في السواد والددِ والإغـ ... ـرام زيراً فنني غير زير الزيرُ: الذي يحبُّ مجالسة النساء. ومنه قال النبي صلى الله عليه [وسلم] لابن مسعود "أذُنُكَ على أن تَرْفَعَ الحجاب وتستمع سوادي حتى أنهاك". والسوادُ: معظمُ القوم والعسكر. وسواد الكوفة: عمرانها وحضرتها. وبياضُها: خرابُها وعامِرُها وهو ما حواليها من القُرى والرساتيق. وتقول: رمَيْتُهُ فأصبتُ سواد قلبِهِ وسويداءَ قلْبِهِ. السِّكَّةُ سُميت سكةً لاصطفاف الدور فيها، ويُقال للطريق المستوية [المصطفة] من النخل: سكة. قال رسول الله صلى الله عليه [وسلم]: "خيرُ المال سكةٌ مأبورةٌ ومهزةٌ

مأمورةٌ". فالسكةُ: الطريقةُ المصففةُ من النخل. والمأبورة: الملقحة. يقال: أبرتُ النخلة أبرها: إذا ألقحتها. ومنه الحديث "من باع نخلاً قد أُبرت فثمرتُها للبائع إلا أن يشترطها المشتري". ويقالُ: قد ائتبرت غيري: إذا سألته أن يأبر لك نخلك. قال طرفة: ولي الأصل الذي في مثله ... يصلح الآبر زرع المؤتبر المؤتبرُ: ربُّ الزرع، والآبر: هو الملقحُ. والمُهْرَةُ المأمورة: هي كثيرة النتاج، وفيها لغتان: مأمورة ومؤمرة. ويقال: أمرها الله تعالى وآمرها: إذا أكثرها. قال تعالى: {أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا}، فيه ثلاثة أوجه: أحدهن أن يكون: أمرناهُم بالطاعة فعصوا. والثاني: أن يكون أمرنا: أكثرنا. والثالث: أمرناهم: جعلناهم أمراء. والسكةُ أوسعُ من الزقازق. والسكاكُ: الهواءُ. تقول: ارتفع في السُّكاك. ويقال: استَكَّ سمعُ فلان: أي صم، وتوصفُ به القطاة، فهي سكاء. قال: أما القطاة فإني سوف أنعتها ... نعتاً يوافق نعتي بعض ما فيها سكاء مخطومة في ريشها طرق ... حُمرٌ قوادمها سودٌ خوافيها

وبعير أسكُّ. وبئر سكوك: إذا كانت ضيقه الخرق. أسْبَلَ عَلَيْهِ أي أكثر عليه كلامه، أُخِذَ من قولهم: السبل، وهو المطرُ. قال ابن هرمة: وعرف أني لا أطيق زيالها ... وإن أكثر الواشي علي وأسبلا 2/ 62 وقال آخر في سبيل المطر" لم يلق بعدك منزلاً فيحله ... فسقيت من سبل السماك سجالا وقولهم: أحدَّ السِّكِّينَ على المِسَنِّ سُمي مسناً لأن الحديد يُسَنُّ عليه أي: يُحَكُّ عليه. ويُقال للذي يسيلُ عند الحك: سنين، ولا يكونُ إلا مُنْتِناً. قال تعالى: {مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ}. فيقالُ: المحكوك. قال ابن عباس: هو الرطبُ. ويقال: المسنونُ: المُنْتِنُ. قال أبو عبيدة: المسنونُ: المصبوبُ. يقالُ: سننتُ الماء على وجهي: إذا صببتُهُ عليه. ويقال: شننتُهُ، بالشين أيضاً. وعن الحسن أنه كان إذا توضأ سن الماء على وجهه سناً: أي صبَّهُ صباً. وحكى اللحياني فرقاً بين سننتُ وشننتُ، فقال: سنَنْتُ: صبَبْتُ،

وشننتُ: فرِّقْتُ. منه: شننتُ عليهم الغارات: إذا فرقتها عليهم. أنشد أبو العباس: بقيتُ وفري وانحرفتُ عن العلا ... ولقيت أضيافي بوجه عبوس إن لم أشُن على ابن هند غارة ... لم تخل يوماً من نهاب نفوس ويقال: المسنُونُ: المصبوبُ على صورة ومثال، من قولهم: رأيتُ سُنة وجهه: أي صورة وجهه. وسُمي الوجه المسنونُ مسنوناً لأنه كالمخروط. ويقال: سِنانٌ سنينٌ: أي حديد ومسنونٌ أيضاً. قال: * فيه سنانٌ سنينُ الحد منفصم * والسَّنَنُ: قصدُ الطريق. تقول: الْزَمْ سنن الطريق. والمُسَنَّنُ: طريقٌ يُسْلَكُ. وفلانٌ يسننُّ: أي يمضي على أمرٍ شاء، لا يزجره عن زاجر. والسننُ عند العرب: المذهب. قال: ألا قاتل الله الهوى ما أشده ... وأًرعه للمء وهو جليد دعاني إلى ما يشتهي فأجبته ... فأصبح بي يستن وهو يريد

[سيّ] السيُّ: المِثْلُ. وسيان: مثلان. قال: فإياكم وحية بطن وادٍ ... هموز الناب ليس لكم بسي أي بمثل. وتقولُ: هما سيان: أي مثلان. غير أن العرب تقول: هما سواء. وإذا جمعوا سيان قالوا: سواسي، ولا يقولون: سواسين. والعالي في كلامهم المعروف: هم سواء. قال الراعي: ضافي العطية راجيه وسائله ... سيان أفلح من يعطي ومن يعدُ قال جرير: وبلدةٍ ليس بها ديارُ ... سيان فيها الليل والنهار أي: هما مثلان. قالت التمناه بنت الهيثم الشيباني في أبيات تذكر فيها كشفها لوجهها، قالت: أي هما مثلان. ولساعتي هذي ببذلي حرهُ ... سيان عندي حره وجهنم قال الحطيئة: 2/ 63 سُئلت فلم تبخلْ ولم تُعط طائلاً ... فسيان لاذم عليك ولا حمدُ وتقول: هذا سيُّ هذا: أي مثلُ هذا. ومعنى سيما: أي مثلما، وهو قولك سواء. قال امرؤ القيس:

ألا رُب يوم لك منهن صالح ... ولا سيما يوم بدارة جلجل ولا سيما: ولا مثلما، وتروي: سيما يوم، بالجر، وهو أجود، لأن (ما) زائدة. ومن رفع جعل (ما) اسماً، كأنه قال: ولا سي الذي هو يوم. وسي منصوبٌ. قال زهير: جوارٌ شاهدٌ عدلٌ عليكم ... وسيان الكفالة والتلاء والتلاءُ: الحوالة. يقال: قد أتْلَيْتُ فلاناً على فلان بما كان لي عليه: أي أحلْتُهُ. قال أبو عبيدة: التلاءُ أن يُكْتَبَ على سهم أو قدح: فلانٌ جار فلان. يقال: أتلبْتُهُ ذمةً: أي أعطيتُهُ ذِمَّةً، وسيان: مثلان مستويان. والسيُّ: المكانُ المستوي. وقولهم: تَسَبَّبْتُ إلى فُلان أي توصَّلْتُ. والسبب عند العرب: كلُّ شيء جر مودةً وصلةً، وأصلُهُ أنهم يسمون الحبل: سبباً، وإذا كان مشدوداً في شيء يجذبُهُ لم يُقل له سببٌ. قال: وقال الشامتون هوى زيادٌ ... لكل منية سبب معين ومنه {فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ}. قال أبو عبيدة والفراء: السببُ: الحبْل. وقال الفراء: معنى الآية {مَنْ كَانَ

يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنصُرَهُ اللَّهُ} محمداً صلى الله عليه وسلم بالغلبة، فليشدُدْ في سماء بيته حبلاً، ثم ليختنق به. فلذلك قوله تعالى {ثُمَّ لِيَقْطَعْ}، [أي: ثم ليقطع] اختناقاً، {فَلْيَنظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ} إذا فعل ذلك غيظه. قال أبو عبيدة: المعنى: من كان يظن أن لن يصنع الله له ولن يرزقه. وقال: وقف أعرابي يسألُ الناس في المسجد الجامع، فقال: من نصرني نصره الله. ويقالُ: قد نصر المطرُ أرض بني فلان إذا جادها وعمها. قال: إذا انسلخ الشهر الحرام فودعي ... بلاد تميم وانصري أرض عامر آخر: أبوك الذي أجدى علي بنصره ... فأنصت عني بعده كل قائل والسببُ: كل ما تسببتَ به من رحِم وغيره وكان وصلةٌ إلى ما تريد. قال النبي صلى الله عليه [وسلم]: "كلُّ سببٍ ونسبٍ ينقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي". واستَسَبَّ له هذا الأمر: أي تهيأ له. فإذا تم الأمر واجتمع قلت: استتبَّ له. والسبابُ: المشاتمةُ. وسبهُ: شتمه. والسبَّةُ: العار. 2/ 64 ويقال: سبةٌ من سباتِ الدهر: أي حالٌ بعد حالٍ.

وقولهم: سطَا فُلانٌ على فلان أي بطش به. قال الله تعالى {يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا}، أي يبطشون. وقيل: ينالونه بالمكروه من الشتم والضرب. والسطوُ: القهرُ، يُقال منه: سطوتُ به وعليه: إذا سطوتُ عليه وثباً وضرباً وشتماً. والسطوةُ العليا: لله على أعدائه. ويقال: نعوذُ بالله من سطوات نقمه. قال: فلئن عفوت لأعفون جللاً ... ولئن سطوت لأوهنن عظمي وقولهم: غضِبَ السُّلْطانُ فيه قولان: أحدهما لتسلطه. والثاني: سُمي سلطاناً لأنه حجةٌ من حجج الله تعالى على خلقه. والسلطانُ عند العرب: الحجة. قال الله تعالى: {وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطَانٍ}. أي: من حجه. و {أَمْ لَكُمْ سُلْطَانٌ} بهذا. {أَوْ لَيَاتِيَنِي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ} أي حجة. والسلطانُ يُذكرُ ويؤنثُ: غضب السلطانُ، وغضبتْ السلطانُ. و {هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ}: أي حجته.

{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ} أي حجة. وحكي عن العرب: قضت به عليك السلطان. قال: أحجاج لولا المُلك هنت وليس لي ... بما قضت السلطان منك يدان التذكر على معنى الرجل، والتأنيثُ بمعنى الجمع، وقال: هو جمعٌ، وواحده: سليط. يقال: سليطٌ وسلْطان، كما يقال: قفيزٌ وقُفْزان، وبعير وبُعران، وقميص وقُمصان، ولم يقل هذا غيره. والسلطانُ: قدرةُ الملك، وقدرةُ من جعل له ذلك، وإنْ لم يكن ملكاً، كقولك: قد جعلتُ لك سلطاناً على أخذ حقي من فلان. والنونُ في السلطان زائدة، لأن أصل بنائه من التسليط، بلا نون. والسليطُ من الرجال والسليطةُ من النساء: الطويلا اللسان الشديدا الصخب. والفعلُ سَلُطَ سلاطةً وسلُطَتْ. والسلاطةُ مصدرهما. وقولهم: عليه سِرْبالٌ ينقسم السربال على قسمين: يكونُ القميص، ويكون الدرع. ومنه {سَرَابِيلَ تَقِيكُمْ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَاسَكُمْ} الأول: القميص، والثاني: الدرع. قال امرؤ القيس: ومثلك بيضاء العوارض طفلة ... لعوب تنسيني إذا قمت سربالي

أي قميصي. قال لبيد: الحمد لله إذ لم يأتني أجلي ... حتى لبست من الإسلام سربالا أي قميصاً. آخر: باسلة الوقع سرابيلها ... بيضٌ إلى دانئها الظاهر يريد: الدرع. قال تعالى: {سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ} أي قُمصهم، جمع سربال. 2/ 65 السَّبْتُ السبتُ: القَطْعُ. سبتَ رأسَهُ: إذا حَلَقَهُ وقطع الشعْرَ منهُ. ونعلٌ سبِتَّيةٌ: إذا كانت مدبوغةً بالقرظِ، محلوقةَ الشعر. قال عنترة: بطل كأن ثيابه في سرحة ... يُحذى نعال السبت ليس بتوأم وسُمي يوم السبت لأن الله ابتدأ خلقهُ فيه وقطع فيه بعض خلقِ الأرض، أو لأنه تعالى أمر بني إسرائيل بقطع الأعمال فيه. منه {وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتاً} أي قطعاً لأعمالكم. وقيل: سُمي سبتاً لأن الله تعالى أمر بني إسرائيل بقطع الأعمال فيه والاستراحة فيه من الأعمال، واستراح من خَلْقِ السموات والأرض يوم السبت. وفي هذا نظر.

قال أبو بكر: هذا خطأ عندي، لأنه لا يُعْرَفُ في الكلام: سبت بمعنى استراح، إنما المعروف فيه: قطع، ولا يُوصفُ سبحانه بالاستراحة، لأنه لا يتعب فيستريح، ولا يشتغل فينتقل من الشغل إلى الراحة، والراحةُ لا تكونُ إلا بعد تعب أو شُغْلٍ، جل الله عن ذلك. واتفق العلماء أن الله ابتدأ الخلق يوم السبت، ولمْ يخْلِقْ يوم الجمعة سماء ولا أرضاً. وقالت اليهود: ابتدأ بالأحد، وفرغ بالجمعة، واستراح يوم السبت. فقول هؤلاء خارج عن اللغة، وموافقٌ لتأويل اليهود، ومُباين لقول المسلمين. استلم الحَجَرَ أخذهُ ومسَّهُ بيده. وزنه: افتعَلَ، من السِلَّمَة، والسَلِمَةُ: الحجرُ والصخرةُ، جمْعُها: سلام. ويكون "استلم": افتَعَلَ من "المُسَالَمة" يُرادُ به: ضم الحجر إليه، وفعَلَ به ما يَفْعَلُ المسَالِمُ بمَنْ يُسَالِمُهُ. ويكونُ "استلَمَ": استفْعَلَ من "اللأمَةِ". واللأمَةُ السلاحُ، يريد: أنه حصنَ نفسَهُ بمس الحجر من عذاب الله تعالى، لأن السلاح إنما يُلْبَسُ لِيُحَصَّنَ به البدنُ مما لعَلَهُ يصيبه من السلاح. قال امرؤ القيس: إذا ركبوا الخيل واستلأموا ... تحرقت الأرض واليوم قر والأصل في "استلم" على هذا المعنى، فحولوا فتحة الهمزة إلى اللام، وأسقطوا الهمزة، كما قالوا: خابية، بلا همز، وأصله: خابئة، لأنها (فاعلة) من خبأتُ، وكما

قالوا النبي، بلا همز، وأصلُه الهمزُ، لأنه مِنْ: أنبأ عن الله إنباءً. ويقال: استلمتُ الحجر، بلا همز، تخفيفاً واختصاراً. واستلأمته، بالهمز. واستلام الحجر: تناوله بالكف، وباليد، والقُبْلَةِ. ومسحهُ أيضاً بالكف: استلام. وفي الحديث "كان النبي صلى الله عليه [وسلم] يطوف ويستَلِمُ الحجر بمحجن كان معه". ويُقال: أخذه سلماً: إذا أسره ولم يشركه أحدٌ فيه. قال الله [تعالى]: {وَرَجُلاً سَلَماً لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ}. 2/ 66 والسَّلَمُ: السَّلَفُ. وفي الحديث: "لا سَلَمَ إلا في وزنٍ معلومٍ أو كيْلٍ معلومٍ إلى أجل معلومٍ". والسُّلَّمُ: السببُ والمرقى، والجميعُ السلاليمُ. قال الله تعالى: {أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ}. قال ابن قتيبة: سلمٌ: درجٌ. قال السجستاني: سُلَّم: مصعد. ويقال: هي السُّلَّم والسُّلُمُ. قال ابن مقبل: لا تحرز المرء أحجاء البلاد ولا ... تبنى له في السموات السلاليم أحجاء: نواح، واحدها حجاً، مقصور، يُلْجأُ إليها. والسلْمُ: لدغ الحية. والملدوغ سليمٌ ومسلوم. ورجلٌ سليمٌ: أي سالمٌ.

وسُمي اللديغ سليماً تفاؤلاً له بالسلامة، ولأنه من سمع به أيضاً قال: سلمهُ الله. قال النابغة: يسهدُ من نوم العشاء سليمها ... لحلي النساء في يديه قعاقع يسهدُ: يُسَهَّرُ لئلا ينام، فيجري فيه السُّمُّ فيقتله، وكانوا يجعلون في يد اللديغ الحلي ويحر كونه لئلا ينام. وكانوا يريدون أن تعليق الحلي وخشخشة الجلاجل على السليم مما لا يفيق ولا يُبرأ إلا به. قال: كأني سيم نابه كلم حية ... ترى حوله حلي النساء موضعا قال زيد الخيل: فثم يكون العقل منه صحيفة ... كما عُلقت فوق السليم الجلاجل [السِّفاحُ] السفاح في كلام العرب: الزنا، منه {مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ} أي: مُزانين. قال: فما ولدتكم حية بنت مالك ... سفاحاً وما كانت أحاديث كاذب والسفْحُ: الصبُّ. منه {أَوْ دَماً مَسْفُوحاً} أي: مصبوباً. قال كثير: أقول ونضوى واقف عند رمسها ... عليك سلام الله والعين تسفحُ

الرمس: الترابُ. ورمسُ القبر: ما حُثِي عليه. تقول: رمسنا القبر بالتراب. والرَّمْسُ: الترابُ تحملُه الريح فترمُسُ به الآثار أي تعفيها. والرياحُ الروامس، وكل شيء نُثِرَ عليه الترابُ فهو مرموس. وسفح الدمع سفوحاً، وسحتِ العين دمعها سفحاً، وسفح الدمعُ سفحاناً. قال الطرماح: مفجعةٌ لا دفع للضيم عندها ... سوى سفحان الدمع من كل مسفح والسفحُ للدمع كالصب. رجلٌ سفاحٌ: سفاكٌ للدماء، وسُمي السفاحُ سفاحاً لكثرة ما سُفح: أي سُفِكَ، من الماء في أيامه. وقولهم: استكان الرَّجُلُ أي خضع وذَلَّ، منه {فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ}. قال: لا أستكين إذا ما أزمة أزمت ... وإن تراني بخير فاره اللبب وفي اشتقاقها قولان: قيل: استفعَلَ من كان يكون، وأصله استكون، فحُوَّلَتْ فتحةُ الواو إلى الكاف وجُعِلَتِ الواوُ ألفاً لانفتاح ما قبلها وتحركها في الأصل، كقولهم: استقام، أصله: استقومَ.

وقيل: هو افْتَعَلَ من السكون، فكأن أصله (استكنَ) فوصل فتحة الكاف بالألف، لأن العرب رُبما وصلتِ الضمة بالواو 2/ 67 والفتحة بالألف، والكسرة بالياء، فمن الضم قوله: لو أن عمراً هم أن يرقودا ... فانهض وشد المئزر المعقودا أراد: يرقُدَ، فوصل ضمةَ القاف بالواو آخر: * قلتُ وقد خرت على الكلكال * أراد: على الكَلْكَل، فوصل فتحةَ الكاف بالألف. آخر: لا عهد لي بنيضال ... أصبحتُ كالشنن البالي أراد: بنضال، فوصل كسرة النون بالياء. وقد تقدم شيء من هذا في باب الإشباع من أول الكتاب. وقولهم: السُّرِّيَّةُ سميت سُريَّةً لاتخاذ صاحبها إياها للنكاح، وهي "فُعْليَّة" من السر، وهو الجماع. ومنه {لا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرّاً} أي جماعاً. وسُمي النكاح سراً لأنه يُخْفَى ويُسْتَرُ عن الناس، فشبه بالسر من القول،

وربما سمت العرب الزنا: سراً. قال الشاعر: ويحرم سر جارتهم عليهم ... ويأكل جارهم أنف القصاع أراد: الزنا. وقيل: سميت سُرية لسرور صاحبها بها، وهي "فُعْلِيَّة" من "السُّرّ". قال ابن الأعرابي: السُّرَّ عندهم السرورُ بعينه. وقال بعضهم: يجوز أن تكون السُّريَّة "فُعُّولَة" من "السُّرور" أصلها: سُرُّورة، فاستثقلوا الجمع في ثلاث راءات، فأبدلوا من الثالثة ياء، وأبدلوا من الواو ياء، فأدغموها في التالية بعدها، فصارتا ياء مشددة، وكسروا ما قبل الياء ليصح. ويُقال: سُرَّيَّة وسِرَّيَّة، بالضم والكسر. وفي الجمع: سَراريٌّ وسراري، بتثقيل الياء وتخفيفها، فمن ثَقَّلَ أثبتها في الخط، ومن خففها حذفها لسُكُونها وسكون التنوين في الرفع والخفض. وفي النصب يثبتها في الخط في اللغتين جميعاً، كقولهم: رأيتُ سراريَّ وسَراريَ، وكذلك مع الألف واللام تُثبتُ في المذهبين جميعاً كقولهم: رأيتُ السَّراري وقام السَّراري، ومِثْلُهُنَّ: القُماري والرياشي والدراري والأماني. تقول: تَسَرَّرْتُ سُرَّيَّةً، وتسرَّيْتُ غلطٌ. والسُّرْسُورُ: العالِمُ الفَطِنُ الدخَّالُ في الأمور. والسَّريسُ: العِنِّينُ من الرجال، والجمعُ سُرَساء. قال لبيد:

أفي حق مواساتي أخاكم ... ويظلمني السريس من الرجال؟! وجمعُ السَّريس: سُرَساء. وسرارُ القوم: أوسطُهُمْ حسباً. والسَّرارةُ مصدرُ السَرِ في الحسب والمنبتِ. [سَوْفَ] سوف تأكيدٌ للاستقبال، وكذلك سَأفْعَلُ، ومعناهُما تأكيد لفعل مستقبل. وفي "سَوْفَ" أربعُ لغات: سوف يُعطيك، وسَيُعْطيكَ، وسوْ يُعْطيكَ، وسَفْ يُعْطيكَ. وفي حرف ابن مسعود: {وَلَسَيُعْطِيكَ رَبُّكَ} ويعطيك حرف مستقبل، والكاف اسم محمد صلى الله عليه وسلم، وأهل الحجاز يقولون: سَوْ تَرى، وسَوْ تعلمون، يَطْرحَوُنَ الفاءَ. والذين قالوا: سَتَرَوْنَ، وسَتَعْلَمُونَ، يطْرَحُونَ الفاء والواو جميعاً. 2/ 68 ويقولون: سَوَّفْتُهُ تسْويفاً: إذا دَفَعْتَهُ في وعدٍ تعِدُهُ. وسوف فلانٌ تسويفاً: أكثر من قول: سوفَ يكونُ كذا. والسوْفُ: الشَّمُّ. سَافَهُ يَسُوفُهُ سَوْفاً واسْتَافَهُ اسْتيافاً. قال: * إذا الدَّليلُ اسْتافَ أخْلاقَ الطُّرُقْ * والمسافُ: الأنْفُ. وكان لِلْعَرَبِ دليلٌ يقالُ له الهِدْلِق، فعَمِيَ وكان في عَماهُ أدَلَّ من غيره، فامْتَحَنَهُ قَوْمُهُ بعْدَ عماه، فحملوا تراباً من قو، حتى أتوا به الدو، فقالوا له: أيْنَ نَحْنُ يا هِدْلِقُ؟ فقال أرُوني تُرابَ الأرضِ حتى أشُمَّهُ. فأعْطَوْهُ من التراب الذي حَمَلُوهُ مِنْ قَوَّ. فقال: التُّرْبَةُ تُرْبَةُ قَوّ، وأيدي الركاب في الدَّوّ.

والمسافة ما بين الأرضين سُميت مسافةً، لأن الدليل إذا اشتبه عليه الأرضُ، أخذ التراب فشمه من الأرض. والجمعُ مسافات. وأساف فهو مسيفٌ: مات وهلك مالُه. والسوافُ: الهلاكُ. وقد ساف ماله يسوف سوفاً: إذا هلك. والسوافُ: فناءٌ يقع في الإبل، وهي مالُ العرب. يُقال: قد أساف مالُ فلان: إذا هلك، وأساف فلانٌ أيضاً. قال: فأثل وأسترخي به الحال بعدما ... أساف ولولا سعينا لم يؤثل وتأثَّل في موضع أثَلَ. وأثْلَةُ كل شيءٍ أصلهُ. وتقول: أثَّلَ اللهُ مالك: أي عظمَهُ. وقولهم: ذهب القومُ أيدي سبا أي تفرقوا فلا يُرجى لهم رجوع. قال ذو الرمة: أمِن أجل دار طير البين أهلها ... أيادي سبا بعدي وطال احتيالها ونسابي القومُ: إذا سبى بعضهم بعضاً، وسبيتهم سبياً وسباءً وسبيّ، مقصور. وقولهم: سباكَ اللهُ أي لعنَكَ ونحّاك عن خيره. وقد يُستعملُ في موضع المدح كقولهم: قاتله الله، وقطع الهل لسانه. قال امرؤ القيس:

فقالت: سباك الله إنك فاضحي ... ألست ترى السُّمار والناس أحوالي وقيل: سباك الله: أبعدك الله. وسبأت النار فلانً: إذا أحرقته. وسبأته السياط: إذا لذعته. سَلَقهُ بلسانه أي أسمعهُ ما يكره. ولسانٌ مسلقٌ: حديدٌ مُذَلَّقٌ. منه {سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ} أي آذوكم بالكلام. وخطيبٌ مسلقُ ومِسْلاقٌ وسلاق. قال الأعشى: فيهم الخصب والسماحة والبذْ ... لةُ فيهم والخاطبُ المسلاقُ وصلقوكم لغةٌ فيه ولا تُقرأ بها. وأصل الصلق: الصوتُ، قال لبيد: فصلقنا في مُراد صلقةً ... وصداء، ألحقتهم بالثلل صلقنا من الصوت، يقال: سمعتُ صلقةَ القوم أي صوتهم. ومُراد وصُداء: حيان من العرب. والثلاث: القلال. السليقي من الكلام: ما لا يُتعاهدُ إعرابُهُ، وهو في ذلك فصيحٌ بليغٌ في السمع عثور في النحو.

2/ 69 والسلْقَةُ: الدَّنِيَّةُ. وقولهم: سَفيقُ الوجْهِ قليلُ الحياءِ والسَّفْقُ: لغة في الصّفْقِ، تقول: سَفُقَ وهو يَسْفُقُ سفاقةً: إذا لم يكُنْ سخيفاً، وكان سَفِيقاً. والسَّفيقُ: ضِدُّ السخيفِ من النسيج وغيره. وقولهم: الزَمْ سواء الطريق أي قصدهُ: والسَّواءُ: الوَسَط، وهو العَدْلُ أيضاً والقصْدُ، وفسر منه قوله تعالى {فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ} أي وسط الجحيم. وسوى: بمعنى غيْر، بكسر السين، مقصور، يُكتبُ بالياء، وقد يُفْتَحُ أولُهُ، فيُمَدُّ، ومعناهما واحدٌ. قال الأعشى: * وما قصدت من أهْلِها لسوائكا * أي لغيرك، ففتح ومدَّ. قال ثَعْلَبُ: يُقالُ سوى وسُوى وسواء وسِواء كله بمعنى غير. وتقول: على سواء: أي على استواء. وهم على سويةٍ من الأمر، كذلك. ومنه {آذَنْتُكُمْ عَلَى سَوَاءٍ} أي: أعلمتكم فصرتُ أنا وأنتم على سواء في العلم فاستوينا فيه، وهذا من المختصر. وقوله تعالى {مَكَاناً سُوًى} أي مكان مُعَلِّم، أي قد عَلَّمَ القوْمَ الخُروجَ، وتصغير سواء الممدود سُوي.

وقولهم: فلانٌ من أهْلِ السُّنَّةِ أي الطريقة المحمودة، فحذف نعت السُّنة لانكشاف معناه من السُّنَّة. يقالُ: خُذْ على سننِ الطريق وسُنَّنِه وسَلْكِهِ وسُلْكِهِ وسِلْكِه وملْكِهِ وسُنْحِهِ وسُجْحِهِ ودُرَرِهِ وثُكْنِهِ ومرتكنه ولَقَمِهِ وبَلَقِهِ ووضَحِهِ ولفائه: أي على وسطه وجادته. ويقال: ركبَ فلانٌ الجادة والحَرَجَة والمجَبَّةَ بمعنى، ثم تستعمل السين في شيء يراد به القصد. قال جرير: نبني على سنن العدو بيوتنا ... لا نستجير ولا نحل حريدا قال لبيد: من معشر سنت لهم آباؤهم ... ولكل قوم سنةٌ وإمامُها والسُّنَّةُ: ما سَنَّ الرجل من عملٍ أو أمْرِ ليُقْتَدَى به، والسُّنَّةُ يُقتدى بها. واستنَّ الرجلُ: إذا مضى على أمرٍ لا يرده عنه رادٌّ. قال: دعاني إلى ما يشتهي فأجبته ... فأصبح بي يستن حيث يريد [السَّنِقُ] والسِّنِقُ من العامةِ: الشرِهُ الحريصُ على الطعام. وهو خطأ، إنما المعنى الذي

يريدون به هذه الكلمة هو أن يُقال: رجلٌ لَعْمَظٌ ولُعْمُوظٌ ولَعْوٌ ولَعْوَدٌ ولعَاً، منقوص، وأرْشَمُ، كُلَّهُ بمعنى الشَّرِهِ الحريص على الطعام. والأرْشَمُ الذي يتشممُهُ ويحرصُ عليه. قال: لعاً حملته أمُّهُ وهي ضيقةٌ ... فجاءت بيتن للضيافة أرشما وأما السنقُ من الدواب: هو الذي يصيبه من الرطب البشمُ، وهو الأحم بعينه، إلا أن الأحَمَّ من الناس. والفصيلُ إذا أكثر من اللبن حتى يكاد يمرض يقال: سَنِقَ. قال الأعشى: ويأمرُ لليحموم كل عشية ... بقت وتعليق وقد كاد يسنقُ 2/ 70 وقولهم: سؤَّلَتْ له نَفْسُه كذا وكذا أي زينَتْهُ له وأغْوَتْهُ، تُسَوِّلُ تسويلاً، منه {الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ} و {سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي} أي زينت لي وأغوتني، و {سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْراً} أي زَيَّنَتْ. والتَّسْويلُ: توليد السائل، من السائل على المسئول. تقول: سوَّلَ المسألة. والسُّؤال معروف، والعربُ قاطبةً تحذِفُ همزة "سَلْ"، فإذا وُصِلَتْ بالواو والفاء هُمِزَتْ كقولك: فاسْألْ واسْأل. (وتقول: ساولْتُهُ مُسَاوْلةُ، في لغة هُذَيْل، ومن قال: سابلْتُهُ، فقد أخطأ).

وتقول: سألْتُهُ سُؤالاً، وسألْتُهُ مسْألةً، وتقول: سَلْتُ سالةً. قال المجنون: وناديتُ يا ذا العرش أول سالتي ... لنفسي ليلى ثم أنت حسيبها قال الله تعالى: {فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ} بالهمز، وبعضُهُمْ يقول: سالتُمْ، فيجمع بينَ ساكنين. وبعضهم يجعله من أولاد الثلاثة فيقول: سَلْتُم، وأنتم تسَالون، مثل: خفتم وتخافون، قال: تعالوا فسالوا يعلم الناس أينا ... لصاحبه في أول الدهر تابعُ وقرأ بعضهم: {كَمَا سِيلَ مُوسَى} بكسر السين وترك الهمزة، وهي لغةُ مَنْ لا يرى الهمز. قال: سالت هذيل رسول الله فاحشة ... ضلت هذيل بما قالت ولم تصب وهو من السؤال، إلا أنها لغة من لا يهمز. قال آخر: سالتاني الطلاق أن رأتاني ... قل مالي قد جئتماني بِنُكْرِ

الأمثال على حرف السين سُبَّني واصدق. سكت ألفاً ونطق خلفاً. سد ابن بيض الطريق. سقط العشاء به على سرحان. سُرِقَ السارق فانتحر. سمِنَ كلبكَ يأكلك. سمنَ كلبٌ في جوع أهله. قال: هم سمنوا كلباً ليأكل حقهم ... ولو علموا بالحزم ما سمن الكلبُ سَقَتْ دِرَّتَهُ غرارُهُ. سبق سيلُهُ مطرهُ. سبق السيف العذلَ. تم حرْفُ السين، والحمد لله حق حمده، وصلى الله على رسوله محمدٍ النبي وآله وسلم.

حرف الشين

بسم الله الرحمن الرحيم حرف الشين

بسم الله الرحمن الرحيم حرف الشين الشينُ شجريّة، وهي في مخرج الصاد، وهي من حروفِ الهجاء، تقول: شَيَّنْتُ شيناً. وعددُها في القرآن ألأفان ومائة وخمسةَ عشر شيناً، وهي في أول الحساب الكبير ثلاثمائة، وفي الصغير أربعة، وهذه صورتها بالهندية علـ. وليس في كلام العرب شينٌ بعدَ لام في كلمةٍ عربية محضة، والشيناتُ كلها في كلامهم قبل اللام. قليش وأقْلَش: اسم أعجمي، وهو دخيل. والشِّلْقُ: على خِلْقَةِ السمكة صغيرٌ له رجلان عند ذقنه كرجل الضفدع لا يد له يكون في أنهار البصرة، وليس في حد العربية. والشَّلْقُ أيضاً في كلامهم: الضربُ والبضْعُ، وليس هي بعربية محضة. والشينُ حرفٌ يحصلُ في أسماء كثيرة مكروهة فمنها: الشُؤْمُ، والشَّرُّ، والشرْكُ، والشَّكُّ، والشَّتاتُ، 2/ 71 والشجاجُ، والشُّحُّ، والشَّنآنُ وهو البُغْضُ. ومن العرب من يَتْرُكُ همزةَ الشَّنآن، فيجعلها مثل: أتان، قال: وما العيش إلا ما تلذ وتشتهي ... وإن لام فيه ذو الشنان وفندا وشنار، وشماتة، وشين، وشيطن، وشياطين، وشتم، وشقر، وشعوب، وشعل، وشذ، وشذَّ، وشور، وشطط، وشطاط وهو المتفرقُ من الأمر، وشعاع وهو من التفريق أيضاً، وشعار، وشغب، وهو تهييجُ الشر، وشره، وشلح، وشُبْعَة، وشناعة، وشُنْعَةٌ، وشُحّ، وشمال، وشتيت، وشتّ، وشتات، وشراسة، وشخْت، وشوك، وشارك، وشادن من البعد، وشاذب، وشطر، وشطور، وشامت، وشانئ، وشلل، وشاطر، وشطارة، وشين، يريد الشين في قولهم: عَلَيْكِش وبِكِش وذواتها

إذا كانت الكافُ تتحرك إلى الخفض، ولا يقولون: عليكَشْ بالنصب بتحرك الكاف إلى النصب. وعن الفراء أنه سمع العرب يقولون: كُلُّكَشْ، بالنصب، فأما لاخفض فأنشد فيه غير واحد. قال: عوجي علينا يا ابنة الحشحاش ... والركن إن تمسحه كفاشي إني دعوت مخلصاً هباش ومن العرب من يقول: عَلَيْشِ وإلَيْشِ، يريدُ عليكِ وإلْيكِ: الأصمعي: أعرابي يخاطب ظعينةً معه في هودج، وقد أتاها بثوبٍ من تاجرٍ فلم ترضَهُ، ثم أتاها بآخر فلم ترْضَهُ، ثم بثالث فكرِهَتْهُ، فقال: علي فيما ابتغي أبغيش ... بيضاء تُرضيني ولا ترضيش يكون لهواً لبني بنيش ... إذا تكلمت حثت في فيش ثم نغاديش بما تعطيش ... فتراً من الذل لم تحوش حتى تنقي كنقيق الديش [الشَّيءُ] الشيء من الأشياء، والعربُ لا تصرفُ (أشياء)، وقيل: إنما تُرِكَ إجراءُ (أشياء) لأنها شُبّهَتْ بفَعْلاء، وكثُرَت في الكلام حتى جُمعَتْ: أشياوات وكما جمعوا فعلاء: فعلاوات. قال الفراء: كان أصلُ شيء: شَيِّيءٌ، على وزنِ: شَيِّعٌ، كتقدير فَيْعِل، ثم جُمع على أفْعِلاء. قال الخليل: كان التقديرُ في (أشياء) من الفعل (أفعا) كأن همزتها قدمت من

(شاءَ) فصارت أولاً تذهب إلى أصلها (فعلاء) مثل: حمراء. وقد جُمِعَتْ أشياء: أشاوى مثل صحراء صحاري، فإذا صغرْتَ قلت: أشياء، مثل حُميراء. والعربُ تكنى بـ (شيء) عن كل معرفة. و (شيء) نكرة إذا أمُّوا إليها، لأنها على كل حالٍ شيءٌ وذلك لمعرفتهم. قال امرؤ القيس: لعمرك لو شيء أتانا رسوله ... سواك ولكن لم نجد لك مدفعا قالوا: هو كما يُقال لو أرسل إليَّ أبي ما ذهبتُ 2/ 72 إليه. والشيء يكون للكل وللبعض، قال الله تعالى: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ} فيكون لمن له الدم وحده، ولمن له فيه شريكٌ أو شركاء. [الشَّيُّ] والشيءُّ، بلا همزة، مصدر شَوَيْتُ، والشِّواءُ الاسم. وتقول: اشْتَوَيْتُ [أي اتخذْتُ شواءً]. [وأشْوَيْتُهم] إذا أطعمتهمْ شواءً. وانشوى اللحمْ، ولا تقلْ اشتوى، إنَّما المُشْتَوى الرَّجُلُ. والشَّوى: اليدان والرجلان. وقولهم: رَمَيْتُهُ فأشْويْتُهُ: أي أصبتُ يديهِ ورجْلَيْهِ، وكذلك كلُّ رَمْيَةٍ لم تُصِبِ المقْتَل. قال: وكُنْتُ إذا الأيَامُ أحدثن نكبةً ... أقول شوىً، ما لم يُصِبْنَ صَميمي

والشوى أيضاً: جِلْدةُ الرأس. والشوى أيضاً: الخطأُ في الرَّمْي. تقول: رماه فاشتواه: إذا أخطأه البتَّةَ. والشَّوىُّ: جماعةُ الشاة. وتقولُ في لغةٍ: هذه شييَّةُ فلان. والشاءُ تُمَدُّ، وتُحْذَفُ الهاءُ فتصير اسماً للجماعة، والواحدة مقصورةٌ، وأصلها شاهةٌ، وتصغيرها شُويَهْةٌ. ويقالُ: هو الشَّاءُ، ممدود. وصاحب الشاءِ الكثير: شاويٌ. قال: ولست بشاوي عليه مهانة ... إذا ما غدا يعدو بقوس وأسهم ويروى: عليه دمامةٌ. والشوى: رُذال المال. قال: أكَلْنا الشوى حتى إذا لم نجد شوى ... أشرنا إلى خيراتها بالأصابع وقوله {نَزَّاعَةً لِلشَّوَى} جمعُ شواةٍ، وهي جلدةُ الرأس. وشيءٌ: يصلُح في موضع (أحدٍ)، وأحدٌ يصلحُ في موضع (شيءٍ) إذا كانت في الناس، فإذا كانت في غير الناس لم يصلح في موضعها أحد. قال الله تعالى {وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ}. وفي قراءة عبد الله: {وَإِنْ فَاتَكُمْ أحَدٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ}.

وشيءٌ الرجل: ماله. وقولهم: هذا شيء: أي مالي. وقوله {وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ} أي حقوقهم التي تجب لهم. [الشاطر] الشاطرُ فيه قولان. قال الأصمعي: المتباعِدُ من الخير، من قولهم: نوى شُطْرٌ: أي بعيدة، واحتج بقول امرئ القيس: * شاقك بينُ الخليط الشطُرْ * قال أبو عبيدة: الشاطرُ: الذي شطر نحو الشر وأراده، ومن قوله {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}. أي نحوه. قال الهذلي: إن العشير بها داء مخامرها ... فشطرها نظر العينين محسورا قال أبو عبيدة: العشير ناقةٌ لم تُرْكَب. وشطرها: نحوها. قال الخليل: التي اعتصات فلم تحملْ سنتها. وقيل: هي الصعبة. ومحسور: أي معيي كليل لا تبصر. قال آخر في معنى: نحو: توجه شطر جار غير حقر ... بمن بفعاله الحسبُ الصميمُ

وشطرُ كل شيء: نصفُهُ. وخبزٌ مشطورٌ بالصحناة: أي مطليّ. وشاةٌ شطور: وهي التي أحد خلفيها أكبر من الآخر. ومنزلٌ شطيرٌ: أي بعيد. 2/ 73 وشطر فلانٌ على أهله: أي تركهم مُراغِماً ومخالفاً لهم. ويُقال: شطرَ فلانٌ شطوراً وشطورةً وشطارةً: وهو الذي أعيا أهلهُ ومن يؤدبه خبثاً. وقولهم: فلانٌ شيطان أي قوي نشطٌ مرحٌ. قال جرير: أزمان يدعونني الشيطان من غزل ... وكن يهوينني إذ كنت شيطانا [وقول الرجل للرجل إذا استقبحه]: يا وجه الشيطان، فيه ثلاثة أقاويل: أحدهُنَّ: أن الشيطان، وإنْ كان لم يُعاين، فصورته في القلوب [في] نهاية الوحشة، فأوْقَعَ الرجُل [التشبيه] على ما يتصور في نفسه ويحيط به عِلْمُه.

والقول الثاني: أن العرب تُسمى ضرباً من الحيات، ذا عُرفٍ، من أسمج ما يكون منها: رؤوس الشياطين، الواحدة: شيطانة، والواحد: شيطان. قال حميد بن ثور الهلالي: فلما أتته أنثبت في خشاشه ... زماماً كشيطان الحماطة مُحكماً والثالث: أن العرب تُسمى ضرباً من النبات وحْشِ الرؤوس: رؤوس الشياطين، فشبه بهذا لسماجته ووحشته. وكذلك قوله تعالى {كَأَنَّهُ رُؤُوسُ الشَّيَاطِينِ} فيه الثلاثة الأقاويل التي وصفنا. وقولهم: شيطانُ الحماطة يعنون الحية. ويُسَمُّونَ الجمل شيطاناً على وجه التطير له، كما تُسمى الفرسُ الكريمةُ شوهاء، والمرأة صماء وبخراء وخنساء وجرباء، وأشباه ذلك على جهة التطير. وزعم قومٌ في قوله تعالى {كَأَنَّهُ رُؤُوسُ الشَّيَاطِينِ} أنه ثمرُ شجر يكون ببلاد اليمن له منظرٌ كريه. وقال المتكلمون: ما عني إلا رؤوس الشياطين المعروفين بهذا الاسم من فسقة الجن ومردتهم. وقد يُسَمُّون الكبر والطغيان والخنزوانة والغضب الشديد شيطانا، على التشبيه. قال عمر بن الخطاب، رحمه الله: "والله لأنزعن نُعَرَتَهُ ولأضربنه حتى أنزع شيطانه من نُخَرَتِهِ".

وربما قالوا: ما فلانٌ إلا شيطان، يريدون الشهامة والنفاذ وأشباه ذلك. وفي الحديث "إن الشيطان الذي يُفْرَدُ لمن حفظ القرآن ينسيه إياه يسمى حبوب وهو صاحب عثمان بن أبي العاص". والشيطان على تقدير فيعال. وتشيطن الرجلُ: أي صار كالشَّيْطان، وفَعَلَ فِعْلَهُ وفي الشيطان قولان: أحدهما: أن يكون سُمي شيطاناً لتباعده من الخير، أُخِذَ من قول العرب: دارٌ شطون ونوىً شطون ونيةً شطون. قال النابغة الشيباني: فأضحت بعدما وصلت بدار ... شطون لا تُعادُ ولا تعودُ والقول الثاني: أن يكون سُمي شيطاناً لغيه 2/ 74 وهكلاه، أُخِذَ من قول العرب: قد شاط الرجل يشيطُ: إذا هلك. قال الأعشى: قد نطعن العير في مكنون فائله ... وقد يشيط على أرماحنا البطل أي: قد يهلك. وقال ابن خالويه: شيطان: فعلان، من: أشاط يُشيطُ إشاطةً، وأشاطَهُ: أهْلَكَهُ. ومِنْ: شاطَ بقلبه، يعني ابن آدم، أي: مال به. ويكونُ: فَيْعالاً، من: شطنَ أي بعُدَ، كأنهُ بعُدَ عن الخير، كما سُمِّيَ إبليس لأنه أبْلَسَ منْ رحمةِ الله أي يئسَ، وكان اسمه: عزازيل. قال:

أيما شاطن عصاه عكاه ... ثم يُلقى في السجن والأغلال معنى عكاه: شدهُ، يعني به سليمان عليه السلام. وكُلُّ متمردٍ من الناس وغيرهم يقال له: شيطان. قال الله تعالى {وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ} أي إلى رؤساء المنافقين واليهود. وأما قوله {طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ} فقيل: الحيا، وقيل: الجن. وأما قول شبيب بن البرصاء: نوى شطنتهم عن هوانا وهيجت ... لنا طرباً، إن الخطوب تهيج شطنتُهمْ: خالفتْ وباعدت. ويقال: بئر شطونٌ: أي عوجاء فيها عوجٌ فيُستَقى منها بشطنين: أي. بحبلين. وقولهم: فلانٌ شَهْمٌ الشَّهْمُ: هو الحمُولُ جيدُ القيام بما حمل، الذي لا تلقاه إلا طيب النفس بما حمل، وكذلك هو من غير الناس. هذا عن الفراء. قال الأصمعي: الشهمُ: الذكيُّ الحادُّ النفس الذي كأنَّهُ مُروعٌ من حدة نفسه. وكذلك هو من الإبل. وأنشد للمخبل السعدي يصف ناقة: وإذا رفعت السوط أفزعها ... تحت الضلوع مروعٌ شهمُ

يعني قلباً ذكياً. والمشهوم كالمذعور. والشهوم: السادة الأنجاد النافذون في الأمور. وقولهم: فلانٌ شَمَّرِيُّ الشمريُّ فيه ثلاثةُ أقوال: قيل: الجاد النحرير، أصله في كلامهم شمريُّ، فغيرتْهُ العوامُّ. قال الفضل بن العباس في عتبة بن أبي لهب: ولين الشيمة شمري ... ليس بفحاش ولا بذي قال أبو عمرو: الشمريُّ: المنْكَمِشُ في الشر والباطل المتجردُ لذلك، وهو مأخوذُ من التشمير، وهو الجد والانكماش. وقال بعضهم: الشمريُّ: الذي يمضي لوجهه، أي يركب رأسه في الباطل ولا يرتدع. ويقال: شُمَّريَّ بضم الشين وفتح الميم، وبعضهم بكسر الشين وبفتح الميم: وهو الماضي في الحاجات. قال: ليس أخو الحاجات إلا الشمري ... والجمل البازل والطرف القري وشمر: اسم ملكٍ من ملوك اليمن يقال إنه غزا مدينة الصُّغّد فهدمها 2/ 75 فسُميّ

شمركند، وهو سمرقند. وقال بعضهم: لا بل هو بناها فأعربتْ، فقيل: سمرقند. ورجلٌ مشمرٌ: ماضٍ في الأمور. وشر مشمرٌ. وقولهم: فلان شهيد الشهيدُ سُمي شهيداً لأن الله وملائكته شهودٌ له بالجنة. وهو فعيل بمعنى مفعول، مثل: طبيخ ومطبوخ. قال أبو العباس: ويُقال للأرض شاهدة له، لأن دمه يصب عليها، فتشهد له بذلك عند الله، فسمي شهيداً لهذا المعنى. ونقولُ: شهيد وشهداء. والمشهدُ: مجمعُ الناس. وقوله تعالى {وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ} الشاهد: النبي صلى الله عليه وسلم، والمشهود: يوم القيامة. ولغةُ تميم: شهيد، وبعير، يكسرون (فعيل) في كل شيءٍ كان ثانيه من حروف الحلق. وقولهم: فلانٌ شاعرٌ الشاعر في كلامهم: العالِمُ الفَطِنُ، من قولهم: ما شعرتُ بكذا: أ] ما فطنتُ له ولا علمتُ به.

قال عبد الله بن رستم: قيل للشاعر: شاعر: لأنه يفطنُ لما لا يفطنُ له غيره. وأجاز الفراء: ليتَ شعري أباك ما صنع، بمعنى: ليتني أعلمُ أباك ما صنع. وأنشد: ليت شعري مسافر بن أبي عمـ ... ـرو وليت يقولها المحزون أي: ليتني أعلمُ مسافراً. قال آخر: ليت شعري إذا القيامة قامت ... ودُعي للحساب أين المصيرا قال أبو العباس: المصير منصوب بـ (شعري)، والمعنى: ليتني أعلمُ المصير أين هو. وقولهم: ليت شعري: أي ليت علمي. وما يشعرك: أي ما يدريك. وقيل: شعرتُه: أي عقلتُهُ. وشعرٌ شاعرٌ: أي شعرٌ جيد، كقولهم: سيلٌ سائلٌ، وطريقٌ سالكٌ، وإنما هو شعرٌ مشعورٌ به. قال: شعرتُ لكم لما تبينت فضلكم ... لغيركم من سائر الناس أشعر وقولهم: أنشأ الشاعر: أي ابتدأ يقول. أنشد الفراء: حتى إذا حصل الأمو ... ر وصار للحسب المصائر أنشأت تطلبُ ما تغير ... بعدما نشب الأظافر أي: ابتدأتَ تطلبُ.

وقولُهم: شَنَّعَ فلانٌ على فُلانٍ أي: قد أخبرَ عنهُ بأمرٍ قبيحٍ شديدٍ عظيم. وتقولُ: شنعْتُ على فلانٍ هذا الأمر تشنيعاً، وقد استشنَعَ بفلانٍ جهْلُهُ. وكلامُ العرب: أمرٌ أشنَع، وخصلةٌ شنعاء: إذا كانت شديدةُ عظيمة. قال: أناسٌ إذا ما أنكر الكلب أهله ... حموا جارهم من كل شنعاء مضلع معناه: إذا لبسوا السلاح وتقنعوا به فأنكر الكلبُ صاحبهُ، منعوا جارهم من أن ينزل به أمر شديد عظيم. 2/ 76 ويقال: قد أضلعني الأمر: إذا غلبني واشتد علي. والشَّنَعُ والشَّنَاعةُ والشُّنُوعُ كله مثل قُبْحُ ما يُسْتَشْنَعُ إذا قَبُحَ. قال القطامي: ونحنُ رعيةٌ وهم رعاة ... ولولا رعيهم شنع الشنار الشَّنارُ هو العار. وقصة شنعاءُ: أي قبيحة. قال: * وفي الهام منه نظرةٌ وشنوعُ * أي قبحٌ واختلافٌ يتعجبُ منه. وتقولُ: رأيتَ العام أمراً شنعتُ به شُنْعاً، أي: اسْتَشْنَعْتُهُ.

وقولهم: اشْتَرطَ فلانٌ على فُلان أي جعل بينه وبينه علامةً. ومنه قولهم: نحن في أشراط القيامة: أي علامتها. ومنه تسميتهم الشرط شرطاً لأنهم جعلوا لأنفسهم علامة يعرفون بها. قال أوس بن حجر: فأشرط فيها نفسه وهو معصم ... وألقى بأسباب له وتوكلا أي: جعل نفسهُ علماً لذلك الأمر. ومنه سميت الشرطُ لأنهم جعلوا لأنفسهم علامةً يُعرفون بها. وقولهم: شجاني كذا أي أحزنني. يقال: شجوتُ الرجل أشجوه شجواً: إذا أحزنتُهُ. قال: ومما شجاني أنها يوم أعرضت ... تولت وماء العين بالدمع حائر أي: أحزنني. قال نصيب: وأدري فلا أبكي وهذي حمامةٌ ... بكت شجوها لم تدر ما اليوم من غد أي: بكت حزنها. ويُقال: بكى فلانٌ شجوه، أي: حُزْنَهُ. قال: فبكى بناتي شجوهن وزوجتي ... والحاضرون علي ثم تصدعوا

أي: بكين حُزْنَهُنَّ. ويقالُ: أشجيتُ الرجل أشجيه: إذا غصصته، وقد شجا الرجل يشجى شجاً: إذا غص. وقال المجنون: وما بي إشراك ولكن حبها ... كعود الشجا أعيا الطبيب المداويا والشجي، مقصور: ما نشب في الحلق من غُصَّة هَمٌّ أو نحوه. قال طرفة: إذا أنت عاديت الرجال فأشجهم ... بما كرهوا حتى يملوا التعاديا وشجي فلانٌ بكذا: يشجى شجاً شديداً. والشجي اسمٌ لذلك الشيء. قال سويدُ بن أبي كاهل: ويراني كالشجي في حلقه ... عسراً مخرجهُ ما يُنتزعْ والشجوُ: الهَمُّ، شجاه فهو يشجوه، وإنهُ لشج. وفي المثل: ويلٌ للشجيُّ من الخلي. وفي لغة: أشجاني الهمُّ، ويقال: حَزْنْتُ الرجل وأحزنتُهُ. قال: لقد طرقت ليلى فأحزن ذكرها ... وكم قد طرانا ذكر ليلى فأحزنا

[الشجن] والشَّجَنُ: الهمُّ والحُزْنُ. وتقول: أشجنني هذا الأمر فشجِنْتُ، فأنا أشْجُنُ شُجونا إذا تحزنتُ. وفي الحديث في الرحم "هي شجنةٌ من الله تعالى، وشجنةُ الرحم معلقةً بالعرش". ومعنى الشِّجْنَة: القرابة المشتبكةُ كاشتباك العروق. وقيل: هي كالغصن من الشجرة. يُقال: هذا شجرٌ متشجنٌ: إذا التف بعضُهُ في بعض. ومنه "الحديثُ ذو شجون" أي يشتبكُ بعضه ببعض. قال الخليل: ذو فنونٍ وأعراض. قال الفرزدق: ولا تأمنن الحرب إن استعارها ... كضبة إذ قال: الحديث شجون ويقال: شَجْنَةٌ وشُجْنَةٌ وشِجْنَةٌ، وإنما سُمي الرجُلُ (شجنة) بهذا. ويقال: شَجَنْتَ بيني وبينهُ: أي خلطتَ. وقولهم: شَوَّشْتُ الشيءَ 2/ 77 قال أبو بكر: لا أصل لها، والصواب: هوَّشْتُ الشيء. وشيءٌ مُهَوَّشٌ. ومنه الحديث "ليس في الهيشات قودٌ" أي الفتنةُ والاختلاط. ويُروى "إياكُمْ وهَوْشاتُ الليل" بالواو.

ومنه "من أصاب مالاً من مهاوش [أذهبه الله في نهابر] ". ومعنى هَوَّشْتُ: خلطْتُ وهيجْتُ. ومنه قولهم في كُنْيَةِ بعض الشعراء: أبو مُهَوَش. ومنه قول ذي الرمة يذكر النار: تعفت لتهتان الشتاء وهوشت ... بها نائجات الصيف شرقية كُدرا ومعنى هَوَّشَت: هيجتْ. والوشوشةُ: كلامٌ في اختلاط، وكذلك التشويشُ. والأشُّ [والأشاش: الهشاش، وهو الإقبال على الشيء بنشاط]. وشأوتُ القوم: سبقتهم. وشأوُ الناقة: زمامها وبعرها. وتقول: أخرجتُ من البئر شأواً من ترابها. والمشآةُ: زبيلٌ أو شيءٌ يخرجُ به من البئر ذلك. وناقةٌ شوشاء، ممدودة، وشوشاةٌ أي: خفيفة. قال حميد بن ثور: من العيس شوشاةٌ مزاق ترى بها ... ندوباً من الأنساع فذا وتوأما

وشأشأتُ بالحمار: إذا زجرْتُه ليمضي، قلت: شَوْشَوْ وشأي يشوءُ شواء: إذا اشتاق. قال المخزومي: بكر الحدوج فما شأونك عدوة ... ولقد رآك تشاء بالأظعان والشأو: الطلقُ. قال امرؤ القيس: إذا ما جرى شأوين وابتل عطفه ... تقول هزيز الريح مرت بأثأب شأوَيْن: طلَقَيْن. عِطْفُهُ: عُنُقُه. والهزيزُ: الصوت. والثْأبُ: شجرُ التين، واحدتُه أثْأبة. وقولهم: فلانٌ أشِرٌ أشِرٌ: معناه بطرٌ. وأشِرَ ياشَرَ أشَراً إذا بَطِرَ، والأشِرُ: البَطِرُ. قال الأخطلُ يخاطبُ بني أمية: لم يأِروا فيه إذ كانوا مواليهم ... ولو يكون لقومٍ غيرهم أشروا أي بطروا. وكذابٌ أشِر وأشرُ لغتان، قرأه العامة بكسر الشين. وقيل: قرأ مجاهد {مَنْ الْكَذَّابُ الأَشِرُ} بالضم. والعِلّةُ في ضمها أنهم أرادوا المبالغة في ذمه، فصار

بمنزلة قولهم: رجلٌ فَطُنّ، إذا أرادوا المبالغة في وصفه بالفطنة، ورجلٌ حذُرٌ، مبالغة في وصفه بالحذر، وإلى هذا ذهب من قرأ {وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ} فضموا الباء على المبالغة. وأنشد الفراء: أبني لبيني إن أمكم ... أمةٌ وإن أباكم عبدُ فضموا الباء على المبالغة. وقرأ أبو قُلابة {مَنْ الْكَذَّابُ الأَشِرُ} بفتح الشين وتشديد الراء، وهذا غير مستعمل في كلامهم، لأنهم يستعملون حذف الألف من هذا، ويقولون: فلانٌ شرٌّ من فلان، وخيرٌ من فلان، ولا يكادون يقولون: أشرُّ، ولا أخيرُ، وربما قالوه. وإذا تعجبوا قالوا: ما أِر فلاناً!، وما شر فلاناً!، وما أخير فلاناً! وما خيرَ فلاناً! ومخير! وكذلك ما شد عليك كذا! وأنشد الفراء: ما شد أنفسهم وأعلمهم بما ... يحمي الذمار به الكريم المسلم آخر: قاتلك الله ما أشد عليـ ... ـك البذل في صون عرضك الخرب 2/ 78 والأشِرُ: المرحُ، تقول: رجلٌ أشرٌ وأشرانُ، وقومٌ أشاري. وقولهم: شرهٌ وشرهان النَّفْس أي حريص. واللَّعْمَظُ: الشَّهْوان الحريص.

ورجلٌ لعْوٌ ولعاً، منقوص، مثل اللَّغْمظ وبمعناه. والأرْشَمُ: الذي يتشمَّمُ الطعام ويحرصُ عليه. قال جرير: لقي حملته أمه، وهي ضيفة ... فجاءت بيتن للضيافة أرشما والجردَبان: الذي يضعُ يدهُ على الشيء من الطعام بين يديه كي لا يتناوله غيره شرهاً وحِرْصاً. قال: إذا ما كنت في قوم شهاوى ... فلا تجعل شمالك جردبانا ويُروى: جرديانا. [شَها] ورجلٌ شهوان، بجزم الهاء، وامرأةٌ شهوى، وأنا إليه شهوانُ، وشهي يشهى، والتشهي: شهوةٌ بعد شهوة. قال العجاج: * فهي شهاوي وهو شهواني * ويقال: شهَتِ المرأةُ على زوجها فأشهاها: أي أطلبها ما اشتهتْ. وهيا شراهيا، بالعبرانية: يا حي يا قيوم. وقولهم: هو شارٍ من الشراةِ معناه الذي باع الدنيا بالآخرة، فسُموا بهذا الاسم حتى عُرِفُوا به، قال الله تعالى

{وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ}. يقال: شريتُ الشيء أشريه: إذا بعته، وشريتُهُ: إذا اشتريتُهُ. وبعتُهُ: إذا دفعته إلى المشتري بالثمن. وبعته: إذا اشتريته. وقد تحتمل (اشتريتُ) المعنيين اللذين يجمعهما (شريت). ومنه {وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ} أي باعوه. قال الشماخ: فلما شراها فاضت العين عبرة ... وفي القلب حران من الوجد حامزُ يعني: فلما باعها. قال آخر في حمل البيع على معنى الاشتراء: فيا عز ليت النأي إذ حال بيننا ... وبينك باع الود لي منك تاجر أي: اشتري. وقال الفراء: سمعتُ أعرابياً يقول: بع لي تمراً بدراهم. أي اشتر لي. وقال حذيفة عند موته: بيعوا لي كفناً. أي اشتروا. وقيل لجرير: من أشعرُ الناس؟ قال: الذي يقول: ويأتيك بالأخبار من لم تبع له ... بتاتاً ولم تضرب له وقت موعد أي: مَنْ لم تشتر له البتاتَ الزادَ. وشري الرجلْ الرجلَ البيعَ يشري شراء، ممدودٌ ومقصور.

وشرْوَى الشيء: مِثْلُه، حتى إنهم يقولون: فلانٌ شروى فلان أي مثله سواء. قالت هندُ بنتُ عتبة، وفي موضع الخنساء: أخوين كالصقرين لم ... يُرَ في الورى شرواهما والعرب تقول: لا تبع: أي لا تشتر. وبعتُ بمنزلة اشتريت، والابتياعُ: الاشتراء. والشراءُ، يُمَدُّ ويقصر، يقال: شَرَيْتُ واشْتَرَيْتُ لغتان، كما قال تعالى {الَّذِينَ اشْتَرَوْا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ}. قال يزيد بن مفرغ الحميري: شريت بُردا ولولا ما تعرض لي ... من الحوادث ما فارقته أبداً أي بعت. وبُرْدٌ: غلامٌ كان له فباعه، فندم على بيعه. وفيه يقول: وشريت بُرداً ليتني ... من قبل بُردٍ كنتُ هامه هامةً تشكو الصدي ... بين المشقر واليمامه 2/ 79 كان إذا قُتِلَ الرجُلُ فلم يثْأرْ به قومه خرج من رأسه طائرٌ اسمه عندهم: الهامة، فيقول: اسقوني اسقوني، ومن هذا أحاديث العرب. قال: يا عمرو [إنْ] لا تدع شتمي ومنقصتي ... أضربك حتى تقول الهامة: اسقوني وهو كثيرٌ في شعرهم، فرد النبي صلى الله عليه وسلم ذلك.

قال آخر: هل الجود إلا ما بذلت خياره ... ووجهك مبسوط وسنك تضحك فمن مبلغٌ أفناء كندة أنني ... شريت لهم مجداً بما كنت أملك أي: ابتعت مجداً. يقال: شريْتُ أشْرِي مصدرُهُ شراء، واشتريتُ أشتري اشتراءٌ، وبعتُ وابتعتُ. وكل ما في القرآن من شيئين يجيئان من أمر الشراء والبيع مما لا دراهم فيها ولا دنانير، يضع التاء، إلأا فيما اشتريت به، وهو الثمن، وذلك: اشتريتُ ضيعةً بألفي دينار وعبداً بمائتي درهم، فإن جئت بما لا درهم فيه ولا دينار دخلت التاءُ في أي الجنسين شئت. تقول: اشتريتُ كبشاً بحمل وحملاً بكبش. قال الله تعالى {اشْتَرَوْا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ} ويجوز: اشتروا الآخرة بالحياة الدنيا، على غير هذا المعنى. والعرب تقول للذي يمسكُ بشيء: قد اشتراه، وليس ثم شراءٌ ولا بيعٌ، ولكن رغبتُه فيه وتمسكه به كرغبة المشتري بماله ما يرغب فيه. قال الله تعالى {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوْا الضَّلالَةَ بِالْهُدَى}، وليس هنالك شراءٌ على الحقيقة. قال: أخذت بالجمة رأساً أزعرا ... وبالثنايا الواضحات الدردرا وبالطويل العمر عمراً حيدرا ... كما اشترى المسلم إذ تنصرا الأزعر: الرأسُ المتفرقُ الشعر قليله. والدُّرْدُر: موضعُ منابت الأسنان قبل نباتها وبعد سقوطها. وفي المثل: أعييتني بأشُرِكِ فكيف بِدُرْدُرِك.

الحيدرُ: القصير. والشَّرْيُ: شجرُ الحنظل، والأريُ: العسلُ. قال تأبط شراً: وله طعمان أري وشري ... وكلا الطعمين قد ذاق كل قال الأعشى: كأن جنياً من الزنجبيـ ... ـل يُعل بفيها وأريا مشورا تقول: شُرْتُ العسل أشورهُ شوراً، وأشرتُهُ أشيرهُ إشارةً، وأشترْتُ اشتياراً. والشُّورةُ: الموضع الذي يعسلُ فيه النحْلُ إذ دحتها. والمشْتارُ: المجتني للعسل. المشورةُ، مفعلةٌ، اشتُقَّ من الإشارة. تقول: أشرتُ عليه بكذا وكذا. والمشِيرةُ: هي الإصبعُ التي تُسمى السبابة. والتشَوُّورُ: الخجلُ. تقول: شوَّرْتُ بفلان، وتشَوَّرَ فلانٌ. وشَرِيَ السحابُ يشْرَى شرياً: إذا تفرَّقَ في وجه الغيم. وشرى: موضعٌ كثيرُ الأسود، قال: أسود شرى لاقت أسود خفية ... إذا الحرب أبدت عن نواجذها العُصْلِ وشرى وخفية: موضعان خاصان من مسابع الأسد.

وقولهم: قد شَوَّرْتُ فلاناً أي عبتُه وأبدَيْتُ عورته. 2/ 80 وهو مأخوذٌ من الشَّوار. والشَّوارُ: فَرْجُ الرجل، ويقال للذي إذا دُعي عليه: أبدى الله شواره. أي عورته. ويقال: معناه: قد فعلْتُ به فعلاً استحيا منه، فظهرتْ عورتُه. الشَّحْثُ من قولهم: فلانٌ شحاث. خطأ، لأن شحثَ من المُهْمَل مع الخليل، والصواب: رجلٌ شحَّاذ، بالذال، وهو: مُلح في مسألته، من قولهم: شحذ الرجلُ السيف، إذا ألحَّ عليه بالتحديد، والمُلِحُّ في مسألته مُشَتَّبَهٌ بهذا. يقال: سيفٌ مشحوذٌ، وشفرةٌ مشحوذةٌ. قالت عائشة بنت عبد المدان"ك حُدثْتُ سراً وما صدقت ما زعموا ... من قولهم ومن الإفك الذي اقترفوا أنحوا على ودجي ابني مرهفةٌ ... مشحوذة وكذاك الإثم يقترفُ وشحذْتُ السكين أشحذُهُ شحذاً فهو مشحوذ وشحيذ. والشحذان: الجائع. الشريدُ فيه قولان:

أحدهما: الهارب، من قولهم: شرد البعير وغيره: إذا هرب. قال: أين الرقاد الذي قد كنت أعهده ... ما باله عن جفون العين قد شردا قال الأصمعي: الشريدُ: المُفْرَدُ، وكذلك قال التمامي، [وأنشد]: تراه أمام الناجيات كأنه ... شريد نعام شذ عنه صواحبه وشرد البعيرُ يشردُ شِراداً، وكذلك الدواب. وفرسٌ شرودٌ: وهو المستعصي. وقافية شرود: عابرةٌ سائرةٌ في البلاد. وقال: شرودٌ إذا الراؤون حلوا عقالها ... : محجلة فيها كلام محجل وشردَ الرجل شروداً وهو شاردٌ، فإذا كان: هو مُشرد، فهو طريدٌ شريد. وقد تشرد القوم: أي قد ذهبوا في البلاد. وفي القرآن {فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ} يقال: معناه: فزعْ بهم. قال: أطوف في الأباطح كل يوم ... مخافة أن يُشرد بي حكيم معناه: يُسمع بي. وقولهم: قد انشعَبَتْ الأمور أي تفرقت.

وشعبتُ الشيء: فرقْتُهُ. وشعبتُهُ: إذا جمعته. وهو من الأضداد. ورجلٌ شعابٌ: أي يضُم ويجمعُ. قال ابن الدمينة: وإن طبيباً يشعب القلب بعدما ... تصدع من وجد بها لكذوب أي: يجمعُ القلب. ومعنى تصدعَ: تفرق. قال الله تعالى {يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ} أي يتفرقون. وقيل للمنية: شعوب، لأنها تُفَرِّقُ، قال: ونائحة تقوم بقطع ليل ... على رجل أهانته شعوب أي: المنيةُ المفرقةُ. قال الخليل: هذا من عجائب الكلام ووسع العربية أن الشعب يكون تفرقاً ويكون جمعاً. قال ذو الرمة: لا أحسب الدهر يُبلى جدة أبدا ... ولا تقسم شعباً واحداً شعبُ تقسم: تفرق، والشعبُ هاهنا: حالات شبابه جُعِلَتْ كُلُّها شعباً واحداً، يعني: أمراً واحداً يعني الشيب والكبر. وتفسيره: إني ظننتُ أنْ لا يقسم الأمر الواحد 2/ 81 الأمور الكثيرة. وشعبَ الرجلُ أمره: أي فَرَّقَهُ. ويقال للميت: شعبتْهُ شعوب فانشعب: أي أماتَهُ الموتُ فمات. وانشعب الرجلُ: ماتَ.

وشعوبٌ: معرفة لا تنصرف ولا تدخل فيه الألف واللام، ولا يُقال: هذه الشعوب، ولكن: هذه شعوب. قال الفرزدق في ذئب خلصه من فوقه: يا ذئب إنك إن نجوت فبعدما ... شر وقد نظرت إليك شعوب وقال يزيد بن معاوية: أعص العواذل وارم الليل عن عرض ... بذي سبيب يقاسي ليله خببا حتى تُصادف مالاً أو يقال فتى ... لاقى التي تشعب الفتيان فانشعبا ويروي: حتى تمول أو حتى يُقال فتى. قيل: كانت العربُ تسمى هذين البيتين: اللؤلؤتين. ويقالُ للأب الكبير الجامع: شعب، بفتح الشين، وجمعه: شُعوب. من قوله {وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ}. وأنشد أبو عبيدة: بني عامر إن يركب الشعب منكم ... لذمتنا نركب له بشعوب قال أبو العباس: الشعب: الأبُ الأكبرُ الذي ينتمون إليه، والقبيلة دون الشعب، والفصيلة دون القبيلة. قال الله تعالى {وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْويهِ}. والقبيلةُ ثُمَّ العِمارة.

ويقال للعرب: شعبٌ، وللعجم: شعبٌ، والموالي: شعبٌ، والتُرك: شعبٌ، والجميع شعوب. والشُّعُوبيُّ: الذي يُصغرُ شأن العرب ولا يرى لهم على غيرهم فضلا. والشعْبةُ من الأمر: طائفة منه، وكذلك من شُعَب الدهر وحالاته. وأشْعَبُ: الذي يقال فيه: أطْمَعُ من أشعب. قيل: هو أشْعَبُ بن جبير مولى عبد الله بن الزبير من أهل المدينة، ويكنى أبا العلاء. قُتِلَ عثمانُ وهو غلام، وبقي إلى أيام المهدي. الأصمعي قال: قال أشعبُ: كفلتنا عائشة بنتُ عثمان أنا وأبا الزناد، فما زال يعلو وأسفُلُ حتى بلغنا ما ترون. وقال: أنا أشأمُ الناس؛ وُلِدْتُ يومَ قُتِل عثمان، وخُتِنْتُ يوم قتل الحسين. التشعبُ: التفرق، كما يتشعبُ رأس المسواك. [الشَّعَثُ] والشَّعَثُ: انتشارُ الأمر وزلله. قال زيد بن مالك الأنصاري: لم الإله به شعثاً ورم به ... أمور أمته والأمر منتشر قال النابغة: ولست بمستبق أخاً لا تلمه ... على شعث أي الرجال المهذب والأشعث: اسم الوتد لتشعث رأسه.

قال رميم: وأشعث عاري الضرتين مشجج ... بأيدي السبايا لا ترى مثله جبرا السبايا: الواحدة سبية وهي الخادم. وتقول في الدعاء: لمَّ اللهُ شعثكُمْ. ورجلٌ أشعثُ، وقد شَعِثَ شعَثَاً وشُعُوثَةً، وشَعَّثْتُهُ أنا تشعيثاً: وهو: المغْبَرُّ الرأس المُتَلَبِّدُ حافُّ الشَّعْرِ غير الدهين. قال: 2/ 82 وأشعث في العمامة غير زغل ... قديما عهده بالفاليات والزغْلُ: الدَّهينُ. تقول: زغلت رأسه بالدهن، وزغلت الأرضُ إذا أخذتْ سقيها. وإنْ نعتَّ امرأة قلتَ: هي شعْثاء، مثل حمراء وسوداء، أجاز: وامرأةً شعْثَةَ الرأس. قال الأعشى: رب رفدٍ هرقته ذلك اليو ... م وشعث من معشر أقيال والمُشَعَّثُ من العروض في الضرب الخفيف من الشعر: ما صار ف يآخره مكان (فاعلاتُن)، (مَفْعُولُن)، كقول سلامة بن جندل: وكأن ريقتها إذا نبهتها ... صهباء عتقها لشرب ساقي

وقولهم: تَشَتَّتَ القَوْمُ أي تفرقوا. تقول: شَتَّ شَعْبُهُمْ شتاتاً وشتَاً: أي تفرق جمعهم. قال الطرماح: شت شعب الحي بعد التئام ... وشجاك الربع ربع المقام والشَّتُّ: مصدرُ الشيء الشَّتيت، وهو المتفرقُ. وتقول: جاء القومُ أشتاتاً، وأمرُهُم في شتات: أي تفرق جمعهم. وقولهم: شتَّانَ ما بينَ الرجُلَيْن معناه: مختلف [ما] بينهما. وفيه ثلاثة أوجه: شتَّانَ أخوك وأبوك، وشتَّان ما أبوك وأخوك، وشتَّانَ ما بينَ أخيك وأبيك. فمن قال شَتَّان أخوك وأبوك رفَعَ الأب بشتَّانَ، والأخ نسقٌ عليه، وفتح نُونَ شتان. وكما قلنا: و (ما) صلة. ويجوزُ في هذا كسرُ النونِ من شتان على أنَّه تثنيةُ: شتَّ. والشَّتُّ: المتفرِّق، وجمعُهُ أشتات. قال الله تعالى: {يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتاً} أي يرجعُ الناسُ متفرقين مختلفين. وواحد الأشتاتِ: شتّ. ومن قال: شتانَ ما بين أخيك وأبيك رفع (ما) بشتان على أنها بمعنى الذي،

و (بين) صلة (ما). والمعنى: شتانَ الذي بين أبيك وأخيك. ولا يجوزُ في هذا كسرُ النون من شتان، لأنها رفعتْ اسماً واحداًز قال الأصمعي: لا يُقال: شتانَ ما بينهما، لأنهم قالوا: شتانَ ما هما، ولم يقولوا: شتان ما بينهما. قال جرير: لشتان المجاور دار أروى ... ومن سكن السليمة والجنابا ولم يقل: ما بين. وقول ربيعة الرقي: لشتان ما بين اليزيدين في الندى ... يزيد سُليم والأغر بن حاتم ليس بحجة، إنما هو مُوَلَّدٌ ولحنٌ، والحجةُ قول الأعشى: شتان ما يومي على كورها ... ويوم حيان، أخي جابر وشتان مصروفةٌ عن شَتُتَ، والفتحةُ من النون هي الفتحةُ التي كانت في التاء، فالفتحة تدل على أنه مصروفٌ عن الفعل الماضي، وكذلك وشكان وسرعان، تقول: وشكان ذا خروجاً وسرعان ذا خروجاً. وقولهم: فلانٌ شَعْوَذِيٌّ ليس من كلام أهل البادية.

والشَّعْوَذَةُ: خفَّةٌ في اليد، وأخذٌ من عجائب تفعلُ كالسحر في رأي العين. 2/ 83 قال الخليل: وأظن الشعوذي اشتقاقاً منه لسرعته، وهو الرسول للأمراء على البريد في مهماتهم. تقول: رجلٌ مشعوذٌ، وفعلُه: الشَّعْوَذَةُ. وبلغنا أنه كان على عهد الحجاج رجلٌ يقال له يوسف، منسوبٌ إلى الشعوذة، فقال الحجاج: من ظَفِرَ به فيقتله؟ فأُتي به، فأمر بضربه، فلما أخذته السياطُ، وقعتْ السياطُ بظهر الحجاج، فكفَّ عنه، فقال يوسف: أصلح الله الأمير! ائذنْ لي فأشعوذ بين يديك وتنظر إلى عجائب، ثم شأنك أن تقتل فبذنبٍ، وإن تعفُ فأنت أولى بالعفو. قال: اعمل ما شئت. فدعا بطست فيها ماء، ثم قال: ائذَنْ لي فأسبح فيها. قال: نعم. فوثب في الطست، فغاص غوصة فذهب فلم يُرَ بعْدَ ذلك، فهو المشعوذ. قال الليث: لقيتُ رجلاً بالبصرة يحدث الناس، فقلتُ: مَنْ أنت؟ قال: أنا فلان ابن سليمان الطيار. فقلتُ: من كان سليمانُ؟ فقال: شعوذيُّ الحجاج. وقولهم: خبرٌ شائعٌ أي قد اتصل بكل أحد، فاستوى علمُ الناس به، ولم يكن عند بعضهم دون بعضهم. يُقال: سهمٌ شائعٌ ومُشاعٌ: إذا كان في جميع الدار، فاتصل كل جزء منه بكل جزء منها. وأصلُ هذا في الناقة إذا أرسلت بولها إرسالاً متصلاً قيل: قد أشاعت به، فإذا قطعته، قيل: قد أوزَغَتْ به إيزاغاً. قال الشاعر: إذا ما دعاها أوزغت بكراتُها ... كإيزاغ آثار المدى في الترائب

آخر: بضرب كآذان الفراء فضوله ... وطعن كإيزاغ المخاض تبورها إيزاغ المخاض: أن ترمي ببولها قِطْعةً قِطُعةً، أي تنضحُهُ نضحاً. يقال منه: أوزغتِ الناقةُ. ورجلٌ مشياعٌ ومذياعٌ: وهو الذي لا يكتم شيئاً ولا سراً. وشعْتُهُ وشِعْتُ به: [أذعْتُه]. وشيعتُ فلاناً: خرجتُ معه لأودعه إلى منزله ومقصده. قال: ارجع فحسبك ما تبعت ركابنا ... إن المشيع لا محالة يرجع ويقول الناس: شيعنا رمضان: وهو الصوم بعده بستة أيام. فكره بعض العلماء المواظبة على ذلك كل سنة مخافة أن يتخذه الناس كالفريضة. وشيعةُ الرجل: إخوانه، مأخوذٌ من الشياعُ: وهو الحطبُ الصغار الذي تُشْعَلُ به النارُ. ويقالُ: الأشياع: الأتباع، من قولهم: شاعَكَ: أي اتبعك قال: ألا يا نخلة من ذات عرق ... برود الظل شاعكم السلامُ ورجلٌ مشيعُ القلبِ: إذا كان شُجاعاً، وهو قد شُيعَ قلبه، فهو يركبُ كل هول. قال عنترة:

ذلل ركابي حيث شئت مشايعي ... قلبي وأحفزه برأي مبرم مشايعي: مصاحبي. وقيل: معيني. وأحفِزُهُ: أدفعهُ. والحفز: أن تدفع الشيء وتدنو منه. ويروي: 2/ 84 مشايعي لبي ولبَّهُ: عقْلُهُ. لا يعزب عني عقلي. ومُبْرَم: مُحْكَم. والشيْعُ: مقدارٌ من العدد. تقول: أقمتُ شهراً أو شيع شهر، وكان معه مائة رجل أو شيع ذلك. وشاع الخبر في الناس يشيع إشاعة ومشاعاً وشيعوعة. فهو شائعٌ: إذا ظهر وتفرق. وغارةٌ شعواء: فاشية. قال: كيف نومي على الفراش ولما ... تشمل القوم غارة شعواء وقولهم: شُعِفَ فلانٌ بفلان أي ذهب به حُبُّهُ كل مذهب. قال الفراء: هي من الشعف، وهي عندهم: رؤوس الجبال. وواحد الشعف: شعفةٌ، فكأن معنى شُعِفَ بفلان: ارتفع حبُّهُ في أعلى المواضع من قلبه. قال غيره: الشعفُ هو الذعر، فكأن المعنى هو: مذعورٌ خائفٌ قلقٌ.

وقال النخعي: الشعفُ: شعفُ الدابة حين تُذْعَرُ. قال أبو ذؤيب: شعف الكلاب الضاريات فؤاده ... فإذا رأى الصبح المصدق يفزع قال أبو عبيدة: ثم نقلته العرب من الدواب إلى الناس. قال امرؤ القيس: أيقتلني وقد شعفتُ فؤادها ... كما شعف المهنوءة الرجلُ الطالي فالشعف الأول من الحب، والثاني من الذعر، شبه أحدهما بصاحبه. وقرأ أبو رجاء والحسن: {قَدْ شَعَفَهَا حُبّاً} وقرأ سائر القراء: شغفها، بمعنى دخل حبه تحت شغاف قلبها. وشغافُه: غِلافُه. قال: ولكن هما دون ذلك والجٌ ... مكان الشغاف تبتغيه الأصابع وأنشد أبو عبيدة: يعلم الله أنحبك مني ... في سواد الفؤاد تحت شغاف ويقال: شَغَافٌ وشُغُفٌ. قال قيس بن الخطيم:

إني لأهواك غير ذي كذب ... قد شع مني الأحشاء والكبد وقيل: شعفُ كل شيء أعلاه. والشَّغَافُ: مولجُ البلغَم، وقيل: بل هو جلدةُ القلب أي غشاؤه وحجابه. وشغفٌ: موضعٌ بُعمان يُنْبِتُ الغاف العظام. قال: حتى أناخ بذات الغاف من شغف ... وفي البلاد لهم وسعٌ ومضطرب وقولهم: قد شَفَّني الحُبُّ أي أنحلني. والشُّفُوفُ: نُحول الجسم من الهم والوجد. قال الأعشى: فأرسلت إلى سلمى ... بأن النفس مشفوفة فما جادت لنا سلمى ... بزنجير ولا فوفة زنْجر فلانٌ لفلانٌ: إذا قال بظفر إبهامه على ظُفْر سبابته ثم قرع بينهما في قوله: ولا مثل هذا. والاسم: الفوفةُ، والفوفُ: مصدرُ قولك: ما فاف فلاناً فوفاً. والزَّنْجَرةُ: ما يأخذ بطنُ الظفر من طرف الثنية. [الشَّكْلُ] الشَّكْلُ: الشبه والمثل، وجمعه أشكال. قال تعالى {وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ}

أي من جنسه وضربه. قال نصيب: كانوا بها لا ترى شكلاً كشكلهم ... فعارفوها فباد العرف والحسب 2/ 85 والشكلُ في غير هذا: شكلُ المرأة. والشُّكْلُ: جمع الشِّكال. والشُّكْلُ: جمع الأشكل، وهو الذي في عينه شُكْلَةٌ، والشُّكْلَةُ: حمرةٌ في بياض العين وفي سوادها شُهْلَةٌ. ويقال للمرأة النصفة العاقلة: شهلة كهلة، اسمٌ لها خاصة لا يوصف الرجل في مثل حالها. والفِنْد: شَهْلُبن شيبان، وهو القائل: شددنا شدة الليث ... غدا والليث غضبان وطعن كفم الزق ... غدا والزق ملآن ويروى: عدا. وليس في العرب شهلٌ غيره بشينٍ معجمة. أنشد أبو عبيد: ولا عيب فيها غير شكلة عينها ... كذاك عتاق الطير شهل عيونها

والأشْكَلُ: الشيئان المختلطان. قال جرير: فما زالت القتلى تمور دماؤها ... بدجلة حتى ماء دجلة أشكل أي: خلطان. وقال عليُّ في صفة النبي صلى الله عليه [وسلم]: "في عينه شُكْلَةٌ" أي حُمْرةٌ في بياض عينيه. وشكلْتُ الكتابة: إذا قيدتها بالتنقيط والإعجام. وقوله تعالى {قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ} أي على ناحيته وطريقته. وقيل: على خليقته وطبيعته، وهو من الشكل. يقال: لست على شكلي وشاكلتي. وقولهم: رجلٌ شَكِسٌ شَرِسٌ شَمُوسٌ شِصٌّ شَحيحٌ الشّكِسُ: سيء الخُلُق في المبايعة ونحوها. تقول: شَكِسَ يَشْكَسُ شكَساً. والليلُ والنهارُ يتشاكسان: أي يتضادان. وكذلك الشركاء الشَّكِسُون، كقوله {فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ} والشَّرِسُ والأشْرَسُ: العَسِرُ الشديدُ الخلاف. قال:

فظلتُ ولي نفسان نفس شريسةٌ ... ونفس تعناها الفراق جزوع ورجلٌ أشرس: ذو شِراسٍ في المعاملة. والشَّمُوسُ: العَسِرُ، وهو في عداوته كذلك، خلافاً عسراً على من نازعه، وإنه لذو شِماسٍ شديد. وشمس لي فلانٌ: إذا أبدى لك عداوته كأنه قد هم أن يفعل. قال: شُمسُ العداوة حتى يُستقاد لهم ... وأعظم الناس أحلاماً إذا قدروا والشمسُ والشَّمُوسُ من الدواب: الذي إذا نُخِسَ لم يستقر. والشَّمّاسُ: من بعض رؤوس النصارى، والجميعُ: الشَّمامِسةُ. والشِّصُّ: اللصُّ الذي لا يُبْقي شيئاً إلا ألمي عليه. شصٌّ: بين الشُّصوص. ويقال: شَصَّتْ معيشتهم شُصوصاً، وإنهم لفي شَصوصاء: أي شدة. وشَصَّ الإنسانُ يشِصُّ شَصَّاً: إذا عض نواجذه على شيء صبراً. والشحيحُ: البخيلُ. والشُّحُّ مصدرُ الشحيح. وشُحُّ النفس: حرصها على ما ملكتْ.

والشُّحُّ: البُخْلُ، وهو الحرص. قال الله تعالى: {وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ}. وهما يتشاحان على الأمر: لا يريد كل واحدٍ منهما أن يفوته. يقال: رجلٌ شحيحٌ وشحاحٌ، ومكانٌ شحاح، بالفتح: أي صلبٌ قليل 2/ 86 النبات. وجمعُ الشحيح: أشِحَّة، وهو أدنى العدد. وزندٌ شحاحٌ: لا يوري. وخطيبٌ شحشحٌ: وهو الماهر الماضي في خُطبتِه. والشَّحْشَحُ: المواظِبُ على الشيء الماضي فيه. قال ذو الرمةك لدن غدوة حتى إذا امتدت الضحى ... وحث القطين الشحشحانُ المكلفُ [الشَاذِبُ] الشاذِبُ فيه قولان: أحدهما: المطروحُ المهملُ الذي لا خير فيه، أُخِذَ من شذَبِ النخلة: وهو ما يُلْقَى عنها من السعف والليف. قال: إذا حُط عنها الرحل ألقت برأسها ... إلى شذب العيدان أو صفنت تمري صفنتْ: قامتْ على ثلاث. قال الأعشى: وكل كميتٍ كجذع السحوق ... يزين الفتاء إذا ما صفن

يريد: قام على ثلاث. تمري: تستخرج. وقيل: الشاذبُ: العاري من الخير، من قولهم: شذَّبْتُ النخلةَ أُشَذِّبُها تشْذيباً: إذا ألقيتُ عنها كرانيفها، وعريتها منها. قال: أما إذا استقبلته فكأنه ... في العين جذعٌ من أوال مُشذبُ والشذَبُ: قشرُ الجلد. والشَّذْبُ: المصدر من شذَبَ يَشْذُبُ، وهو كل شيء تنحيه عن شيء. ومنه: غلامٌ شاذبُ: أي مُتَنَّح عن أهله ووطنه. والشَّوْذَبُ: الطويلُ من كل شيء. شريعة الإسلام هي ما شرع الله لعباده من أمرِ الدين وأمرهُمْ بالتمنسك به مثل الصلاة وغيرها من الشرائع. قال: شريعة حق نير لم يردها ... إلى غير دين الله دين مذبذب قال الله تعالى: {شَرَعَ لَكُمْ مِنْ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً} أي: وضح لكم وعرفكم طريقه. وشريعة من الأمر: أي سُنة وطريقة. قال الله تعالى {شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً}: سنةً وطريقةً.

ومنهاج: طريق واضح. قال ابن عباس: الشرعةُ: الدين، والمنهاج: الطريق. واحتجَّ بقول أبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب: لقد نطق المأمون بالصدق والهدى ... وبين للإسلام شرعاً ومنهجا يعني النبي صلى الله عليه [وسلم]. وشرعةٌ وشريعةٌ واحد. ويقالُ: الشِّرْعةُ: هي ابتداءُ الطريق، والمنهاج: الطريقُ المستقيم. ويقال: هذا شرعةُ ذلك: أي مثله. ونحنُ في هذا الأمر شرعٌ. وشرعٌ: يخففُ ويثقلُ، والتثنيةُ والجمع والمذكر والمؤنث فيه سواء. تقول: هما وهم وهُنَّ فيه شرعٌ واحد. وشرعُكَ هذا: أي حسبُكَ هذا وكفاك، وشرعي: أي حسبي وكفاني، والمعنى واحدٌ في كل هذا. وشرعتُ الشيء: إذا رفعته جداً. وحيتانٌ شُرَّعٌ: رافعةٌ رؤوسها، كقوله {تَاتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً}. وقيل: خافضةٌ رؤوسها للشرب. وقيل: ظاهرة. 2/ 87 والشراعُ معروفٌ، وثلاثةُ أشرعة، وجمعه شُرُعٌ. وشرعنا السفينة تشريعاً: أي جعلنا لها شراعاً.

وقولهم: فلانٌ على شفا أي حد أمرٍ. وشفا كل شيء: حرفُهُ وحده، مثل: شفا البئر والوادي والقبر. وشفيره، أيضاً: حرفُه. تقول: رأيتُهُ قاعداً على شفا نهر. والجمعُ: الأشفاء، ومنه {شَفَا جُرُفٍ هَارٍ} {وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنْ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا}. قال ابن عباس: على شفير النار، فأنقذكم الله بمحمد صلى الله عليه وسلم. قال المرداس: تكب على شفا الأذقان كباً ... كما ذلق المخذم عن خفاق وشفا ما بين الليل والنهار: عند غروب بعض الشمس حتى يبقى بعضها. قال العجاج: وافيته قبل شفاء أو شفا ... والشمسُ قد كادت تكون دنفا أي حين اصفرتْ. والشفاءُ معروفٌ: وهو ما يُبرئ السقم. شفاه الله يشفيه شفاءً. واستشفى فلانٌ: إذا طلب شفاء. وأشفيتُ فلاناً: إذا وهبتُ له شفاء من الدواء. ويقالُ: شفاءُ العمى السؤالُ. قال الله تعالى {وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ} قال الشاعر:

شفاء العمى طول السؤال وإنما ... يزيد العمى طول السكوت على الجهلط قال: والشَّفَةُ نقصانها واو، تقول: ثلاث شفوات، فإذا أردت الهاء قلت: شفاه. والمشافهة: اشتقاق فِعْلُهُ من الشفة. وتشوَّفَ الرجلُ أمراً: إذا طمح ببصره إليه، وكذلك تشوفُ الأوعال على معاقل الجبال. وتشوَّفَتِ المرأة: إذا توثبت وظهرت تنظر ويُنْظَرُ إليها. وشيف الشيء شافاً، وهو نقيضُ البغْضِ والمقت. والشَّفُّ: ضربٌ من الستور يُرى ما خلفه. واسْتَشْفَفْتُ ما وراءه: أي أبصرتُ. والشَّفُّ: الرِّبْحُ، شففتُ فأنا أشِفُّ: أي ربحتُ. والشفُّ: الزيادةُ. يشفُّ الشيء: أي يزيده. قالنهار بن توسعة اليشكري: فإن خفت الأيام كانت حلومهم ... رزاناً على المجد الجسيم تشف وقولهم: شجر بينهم أمرٌ أو خصومة أي اختلفَ واختلطَ، وكذلك اشتجر بينهم. واشتجر القوم وتشاجروا: أي اختلفوا. قال الله تعالى: {حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} أي اختلط. قال ابن عباس: أشكل عليهم. قال زهير:

متى يشتجر قومٌ تقل سرواتهم ... هم بيننا وهم رضا وهم عدل وشجرةً: تجمعُ على الشَّجَرِ، والشَّجَرات، والأشْجار ومنبت الشَّجَر الكثير المجتمع منه: شَجْراء. والمَشْجَرُ: أرضٌ تُنْبِتُ الشَّجَر الكثير. وأرضٌ شجيرٌ ووادٍ شجيرٌ. وهذه أشجَرُ مِنْ غيرها: أي أكثرُ شَجَراً. وأهلُ الحجازِ يقولون: هذه الشَّجَرُ، وهم الذين يقولون: هي البُرُّ، 2/ 88 وهي الشّعيرُ، وهي الذَّهَبُ، لأن القطعة منها ذَهَبةٌ، وهذه الآية بلغتهم {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ}. ولولا هذه اللغة لقال: ولا ينفقونَهُ، لأنّ المذكر غالبٌ للمؤنَّثِ إذا اجتمعا. والشَّجيرُ: الغريبُ. والشَّجِيرُ: الصَّفِيُّ الخليلُ، وهم من شُجَرائي: أي أصْفيائي. وقولهم: لسْتُ مِنْ شَرْجِ فُلان أي لستُ من أشباهِهِ ونُظرائه. وأصله: أنْ تُشَقَّ الخَشَبَةُ بنصْفَيْن فيكونأحدهما شَرِيجاً للآخر. قال الأصمعي: قال يوسف بن عمر: أنا شَريجُ الحَجّاج: أي مِثْلُهُ وشبهُهُ في البلاء والشَّرَ. قال المُنَخَّلُ الهُذَليّ:

وإذا الرياحُ تكمشتْ ... بجوانب البيتِ القصير ألْفَيتني هشَّ الندى ... بشريج قدحي أو شجيري أي بمثل قدْحي. قال أبو العباس: معناه: أضْرِبُ في هذا الوقت بقِدْحَيْن أحدهما لي والآخرُ مُسْتعار. والشَّريجان: لونانِ مُختلِفان من كلّ شيء. قال: شَريجانِ من لَوْنَيْن خلطان منهما ... سوادٌ ومنه واضحُ اللونِ مُغربُ يعني: الشَّعْرَ. والشَّرْجُ: النّوع. والأشْرَجُ: الذي له خُصْيَةٌ واحد. ويُقال ذلك أيضاً لمن دَخَلَتْ خُصْيَتُهُ في صَفَنِها فلحقَتْ بأصلها. وقولهم: قد أشاط فلانٌ بدمِ فُلان أي عرَّضَهُ للهلكة. يقالُ: قد شاطَ الرجلُ يشيطُ: إذا هلكَ. وقد شاطَ دَمُهُ، إذا جُعِلَ الفِعْلُ للدّم، وإذا كان للرجُلِ قيل: قد شاط بدمه، وقد أشاطَ دَمَهُ، وأشاطَ بدمِهِ. قال الأعشى: قدْ نَطْعَنُ العير في مكنون فائله ... وقد يشيطُ على أرماحنا البطلُ أي: يَهْلَكُ.

وقد استشَاطَ غضباً: يعني الامتلاءُ من الغضبِ. قال: أشاط دماء المستشيطين كلهم ... وغُل رؤوسُ القوم منهم ونسنسوا وفي (اسْتَشَاطَ) قولان: أحدهما: أن يكون احْتَدَّ وخَفَّ وتحرَّقَ، من قولهم: ناقةٌ مِشْيَاط: إذا طار فيها السِّمَنُ. والآخر: أن يكون: احْتَدَّ وأشْرَفَ على الهلاك، من قولهم: قد شاط الرجلُ يشيطُ: إذا هَلَكَ. وشُطُوءُ الشَّجَرِ والنباتِ: ما خرجَ حوْلَ الأصل، والواحد شُطْءٌ وجَمْعه أشْطاء، ممدود. وأشْطَأتِ الشَّجَرَةُ: إذا خرج ما حواليها، وهي مُشْطِئة، ومنه {كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ}. وشاطيء الوادي: معروفٌ، اسمٌ له مِنْ غير فِعْل، كالوادي، والجمع: الشُّطوط، ومنه {مِنْ شَاطِئِ الْوَادِي الأَيْمَنِ}. والشَّطَوِيُّ من الثياب: مِنَ الكتَّاب يُعْمَلُ بأرضٍ يقالُ لها: شَطَاةٌ.

وقولُهُم: فلانٌ شتمَ فلاناً أي ذَكَرَهُ وقاتَلَهُ بالقبيح يشْتُمُهُ شَتْماً. وفي المثل: من شَتَمَك؟ قال: مَنْ بَلَّغَكَ. قال: 2/ 89 إن من بلغ شتمً عن أخ ... فهو الشاتم لا من شَتَمك آخر: لعَمْرُكَ ما سب الأمير عدوُّهُ ... ولكنما سبَّ الأمير المُبلِّغُ وأسدٌ شتيمٌ وحِمارٌ شتيمٌ: أي كريهُ الوجه. وقولهم: قَدْ شَمَّتُّ العاطِسَ أي: دَعَوْتُ له، فقلت: يرحمُك الله. وفيه لغتان: السِّينُ والشّينُ. والشّينُ أعلى وأفصح. وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه [وسلم] أنّه عَطَسَ عندَهُ رجُلان فَشَمَّتَ أحدَهُما ولم يُشَمِّت الآخر، فسُئِلَ عن ذلك، فقال: "هذا حَمِدَ الله فشَمَّتُّهُ وهذا لم يحْمَدِ اللهَ فلم أُشَمِّْتْهُ". والحديث عن النبي صلى الله عليه [وسلم] أنّه لما أدْخَلَ فاطمةَ على عليّ، قال لهما "لا تُحدثا شيئاً حتى آتيكما"، فأتاهما، فدعا لهما، وشَمَّتَ عليهما وانْصَرَف. فَشَمَّتَ معناه كمعنى الدعاء، إلا أنَهُ نُسِقَ عليه لخلافِهِ لفْظَهُ.

والشَّماتةُ معروفةٌ، تقول: شَمِتَ به شَماتةً، وأشْمَتَهُ اللهُ به، كما قال اللهُ تعالى {فَلا تُشْمِتْ بِي الأَعْدَاءَ} قال: ليس في الموْتِ لدى الموْتِ لمن مات شماتة غير أني أحمدُ الله تعالى إذْ أماتَهْ ورُويَ أنّ أيُّوب عليه السلام قال: لم يكُنْ فيما ابْتُلِيتُ به أشدَّ عليَّ منْ شماتةِ الأعداء. [الشَّمَطُ] الشَّمَطُ: الاختلاط، البياضُ بالسواد. يقال: الليلُ إذا خالطهُ بياضُ الصبح: شميط. والقَتُّ إذا خُلِطَ به التّبنُ: شميطٌ أيضاً. قال: فإني على ما كنت تعهدُ بيننا ... وليدين حتى أنت أشْمَطُ عانسُ آخر: أما ترَيْ شمطاً في الرأس لاح به ... من بعدِ أسودَ داجي اللون فينانِ قال حسان: إما تري رأسي تغير لونهُ ... شمطاً فأصبح كالثَّغام المُجْفِلِ الثَّغامُ: جمعُ ثَغَامة وهي مع أبي عُبَيْد شجرةٌ لها نورٌ أبيض يُشبه به الشَّيْبُ.

قال آخر: هي شجرةٌ تبيضُّ إذا أصابها المَحْلُ ويسْوَدُّ بعضها، فتوصَفُ بالإخْلاس لذلك، وإذا غَلَب البياضُ على السواد فهو أثْغَم، ويقال: أغْثَم. قال: أما تريْ شيباً علاني غثَمُه ... لهزم خدي به مُلَهزِمُه وفي الحديث أن أبا بكر أدْخَل أباه على النبي صلى الله عليه [وسلم] وكأنَّ رأسَهُ ثَغَامة. ورجُلٌ أشمَط وامرأةٌ شَمْطاء. قال عمرو بن كُلثوم: ولا شَمْطاءُ لم يترك شقاها ... لها من سبعةٍ إلا جنينا شَمْطاء: امرأةٌ كبيرةٌ قد شَمِطَ رأسُها. والشَّمَطُ: الشَّيْبُ في لحيةِ الرَّجُلِ ورأسِ المرأة. ولا يُقالُ للمرأةِ شَيْباءَ، ولكنْ شَمْطاء. وقد يُقالُ لِبَعْضِ الطَّيْر إذا كان في ذَنَبِه سوادٌ وبياضٌ: إنَّهُ لشَميطُ الذُّنَابي. وقولهم: صارَ فلانٌ كالشَنِّ البالي وهي القِرْبَةُ الخَلَق والإداوَةُ الخَلَق. قال النابغة: أُسائِلُها وقدْ سَفَحَتْ دموعي ... كأن مفيضَهُنَّ غُروبُ شَنٍّ وفي المثل: فلانٌ لا يُقَعْقَعُ لَهُ بالشِّنان. قال النابغة:

كأنّكَ مِنْ جمال بني أُفَيْشِ ... يُقَعْقَعُ خلف رِجْلَيْهِ بشنِّ 2/ 90 والشينُ: قَطرانُ الماءِ من الشَّنَّةِ، شيءٌ بَعْدَ شيء. قالك يا منْ لدَمع دائم الشَّنين ... يُطْرِبُنا والشَّوْقُ ذو شُجونِ وشَنُّوا عليهمُ الغارة إشْناناً: أي بَثُّوا. وشَنَّ: حيٌّ من عَبْدِ القَيْس. وفي المثل: وافقَ شَنٌّ طبقة. وطبقة: قبيلة، وقيل: إنهما تلاقيا فتقابلا بالرَّمي فتساويا، فقيل: وافقَ شَنٌّ طبقة. [الشَّيْنُ] والشَّيْنُ: نقيضُ الزّيْن، والفِعْلُ: يَشِينُ شَيْناً. قال: لعَمْري وما عمري عليَّ بهين ... لقد شان حُرَّ الوجه طعنةُ مُسهِرِ [الشّأنُ] والشَأنُ: الخَطْبُ والأمر. منه {كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَانٍ}. الشؤونُ: عروقُ الدَمْع مِنَ الرأسِ إلى العَيْن، والواحدةُ شأن. والشُّؤُون: مجاري الدمْع من القبائل، وهو ما بَيْنَ كُلّ قبيلتَيْن شأن.

[الشانيء] والشانيء: المُبْغِضُ. قال الله تعالى {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ} أي: مُبغِضُك. يُقال: شنَأ يَشْنَأُ: أي أبْغَضَ يُبْغِضُ. ومنهُ: الشَّنآن، قال تعالى {وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ} أي بَغْضاءُ قوم. قال البصريون: شنآنُ قَوْمٍ، بالفتح، بَغْضَاءُ قوم. وشَنيءُ قَوْمٍ، بالكسر كَسْرِ النون، بغيضُ قَوْم. قال الكوفيون: شَنَآن وشنيءُ مصدران. قال أبو عبيدة: لا يَجْرِمَنَّكُم: يحملنّكُم. قال أبو أسماء بن الضِّريبة البَصْريّ: ولقد طَعَنْتُ أبا عُيينةَ طعْنةً ... جرمتْ فزارةَ بعدها أن يغضبُوا قال: وشنَآن: بَغْضاء، متحركة الحروف، وهي مصدرُ شَنِئْتُ أشْنَأُ، وبعضُهم يُسكِّنُ النُّون الأولى. قال الأحوص: وما العيشُ إلا ما يُلَذُّ ويُشْتَهى ... وإن لام فيه ذو الشنان وفنِّدا وشنِئْتُ، في موضع آخر، [شَنِئْتُ حَقَّكَ]: نُؤْتُ به وأقررْتُ به وأخْرَجْتُهُ

من عندي. قال الفرزدق لمعاوية: ولو كان هذا الأمرُ في جاهليةٍ ... شنِئْتَ به أو غُصَّ بالماء شاربُهْ عَنْ وهب قال أوحي إلى نبي من بني إسرائيل في آخر أمرهم أن قُلْ لِقَوْمِكَ لا تدعوني فإني قد شَنِئتُ، وإنهُ لحقٍّ عليٍّ أنْ أذْكُرَ منْ ذكرني، وأن ذكري للظالمين لعنةٌ لهمْ. والمصدر من ذلك: الشَّناءَةُ والشَّنآن. ورجلٌ شناءةٌ وشنائيةٌ، بوزن: فعالةٍ وفعاليةٍ: أي مُبْغِضٌ سيءُ الخُلُق. قال أبو العباس: رجلٌ شَنْآنة وشَنْآنِيَة، بوزنِ: فَعْلانة وفَعْلانِيةٍ، وقَوْمٌ شُنَآء، ممدود. والشُّنْؤُ: البُغْضُ، بوزْن فُعْلِ. والشَّنَآنُ، بوزنِ فَعَلان، والشَّنْآنُ، بوزن فَعْلان: كُلُّهُ في البُغْضِ والعداوة. والشَّنؤءَةُ: الرَّجُلُ البغيضُ الذي يَتٌضزَّزُ من الشيء ويتَقَذَّرُ. شَظَفُ العَيْشِ يُبْسُهُ. قال جميل: تمنّيْتُ منْ حُبي بثينة أننا ... على شظفٍ في البحر ليس لنا وفْرُ

ويُرْوى: على شَرْمٍ، وهو أغْزَرُ البحر. ويُروى: على رَمَثِ، وهو المَرْكَبُ، وجمْعُهُ أرماث. ومنه الحديثُ "إنّا نركَبُ على أرْماثِ لنا". والشَّظِيفُ من الشَّجَرِ: الذي لم يَجِدُ رِيَّهُ فخَشُنَ وصَلُبَ من غير أن تَذْهَبَ نُدُوَّتُهُ. 2/ 91 والفِعْلُ منه: شَظِفَ يَشْظُفُ شِظَافاً وهو شَظِيفٌ. وقولهم: عارٌ وشنارٌ العارُ يَلْزَمُ الرجُلَ مِنْ فِعْلِ فَعَلَهُ. والشَّنَارُ: العَيْبُ، وقَلَّ ما يُفْرَدُ الشَّنارُ من العار. وقد أفرَدَهُ الشاعر، فقال: * ولولا رَعْيُهُمْ شَنُعَ الشَّنارُ * الشَّريبُ كثيرُ الشُّرْب مترفٌ به، مثل سَكِير وخَمير. ورجلٌ شَرُوبٌ: شديدُ الشُّرْب. والشَّرْبُ لغةٌ فيه وهو المصدر، وقريء {شُرْبَ الْهِيمِ} والشربُ: وَقْتُ الشُّرْب. والشِّرْبُ: حَظُّكَ من الماءِ، وهو أيضاً طريقُ الماءِ، على السِّعَةِ، وكُلُّ م لا يُمْضَغُ فلا يُقالُ له إلا شِرْب. وماءٌ شروبٌ: وهو الذي فيه مرارةٌ ومُلُوحَةٌ، ولما يُمْنَعُ من الشّرب، وهو بَيْنَ العَذْبِ والمِلْح.

وماءً شَريبٌ: كُلُّ ما يُشْرَبُ. وشِريبُكَ: الذي يُشاربُكَ. وقولهم: الشَّذا وهو الحِدَّةُ، وهو حَدُّ كُلِّ شيءٍ. وشَذاةُ الرجُل: حِدَّتُهُ وجُرأتُهُ. ويُقال للجائع إذا اشْتدَّ جوعُه: ضَرِمَ شَذَاهُ. والشَّذا: ذُبابُ الكَلْبِ. والشَّذا: البَعُوضُ، وقيل: أصْغَرُ من البَعُوضِ تسميه العربُ الأذى. والشَّذا: الأذَى. والشَّذا: سُفُنٌ يُقاتَلُ فيها. والشَّذا: طرفٌ من الشيءِ. قال: فَلَوْ كان في ليلى شَذَاً من خصومةٍ ... للديتُ أعناقَ الخصوم الملاويا لَدَّيْتُ من التَلَدُّدِ في التَلَفُّتِ، وهو أنْ يَعْطِفَ بِعُنُقِهِ مَرَّةً كذا ومرةً كذا. ويقالُ: شَذَا مِنَ العِلْم شَذْواً إذا أخذَ منه طرفاً، وعِنْدَهُ شَذْوٌ منه. الشُّجاعُ شديدُ القَلْبِ.

والشَّجاعَةُ: شِدّةُ القَلْب عند الناس. ورجلٌ أشْجَع: يَرْجعُ معناه إلى الشُّجاع. وفلانٌ بَيِّنُ الشَّجاعةِ والشُّجْعَة مثل: الصَّحابَةِ والصُّحْبة. وامرأةٌ شُجاعة، ونسْوةٌ شُجاعات وشَجائع، وقوْمٌ شُجَعَاء وشِجْعَةٌ وشُجْعَةٌ على تقدير غِلْمة وصُحْبة. ورجُلٌ شجيعٌ: أي شُجاع، مثل عجيب وعُجاب. والأشْجَعُ من الرجال: كأنّ به جُنوناً، جُرأةً وصرامةً. قال الأعشى: بأشْجَعَ أخاذٍ على الدهر حُكْمَهُ ... فمن أيما تأتي الحوادثُ أفْرَقُ ومن قال: الأشْجَعُ من الرجال: المَمْسُوسُ، فقدْ أخطأ، لو كان كذلك ما مدحَتْ به الشُّعَراء. والشَّجِعَةُ مِنَ النساء: الجريئةُ الجَسُورةُ على الرجال في كلامها وسلاطتها. واللَّبُؤَةُ الشَّجْعاء: الجريئةُ الجسُورة (على الرجال، وكذلك الأشْجَعُ مِنَ الأسود. والشُّجاعُ: ضَرْبٌ من الحيات، الجميع شجْعات، وثلاثةُ أشجعة. [الشَّقيقُ] الشَّقيقُ: الأخُ، يُقال: شَقيقي وشِقّي وشِقُّ نفسي، بمعنى.

وأخْتُ الرَّجُلِ: شَقِيقَتُهُ. وشِقُّ النَّفْس هي مشَقَّةُ النَّفْسِ. والشُّقَّةُ: السَفَرُ البعيد. وشُقَّةٌ شاقّة، وأمْرٌ شاقٌّ، ويُقالُ: شقّة من القَمَر. قال .... : كأنها ظَبْيَةٌ ترعى بأقربةٍ ... أو شقة خرجتْ من جوف ينهُورِ اليَنْهُورُ ما بَيْنَ أعلى شَفِير الوادي وأسفله العميق. ومِنْ أعلى 2/ 92 الجبل وأسْفَلِهِ من المهوى: تَيْهُور، بلغة نجد. والشُّقَّةُ من الثياب: جَمْعُها شُقَقٌ. وانْشَقَّتْ عصاهُمْ: أي تَفَرَّقَ أمْرُهُمْ. والشِّقاقُ: الخلافُ والعداوة. قال الله تعالى {لا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي} أي عداوتي. رَجُلٌ مُشْحِمٌ مُلْحِمٌ إذا كَثُرا عِنْدَه. وشَاحمٌ لاحمٌ إذا كانا عنده. وشحيمٌ لحيمٌ إذا كَبُرَ شَحْمُ بدَنِهِ ولَحْمُهُ. وشَحِمٌ لَحِمٌ إذا كان يحبُّهما ويَقْرَمُ إلَيْهما. وشَحَّامٌ لَحّامٌ إذا كان يبيعُهما، هذا قولُ الفراء. قال غَيْرُهُ: وقولُهم: شاحِمٌ لاحِمٌ إذا كان يُطْعِمُهُما الناس. الشَّبُور شيءٌ مثلُ البُوق فارسيِّ يكونُ لليهود إذا أراد رأسُ الجالوت تحريمَ كلام الرَّجُلِ

منهم نفخوا عليه بالشّبُّور. وليس تحريم الكلام من الحدود القائمة في كتبهم، ولكنّ الجاثليق ورأسَ الجالُوت لا يمكنُهما في دار الإسلام حَبْسٌ ولا ضَرْبٌ، فليس عندهما إلا أنْ يُغَرَّما المال ويحرَّما الكلام. ولما أنْشَدَ المُفَضَّلُ قولَ أوس: وذاتُ هدمٍ عار نواشرُها ... تُصْمِتُ بالماء تولباً جدعا جذَعا، بالذال، فُضحَ المفَضَّلُ، ورفَعَ صَوْتَهُ، فقال له الأصمعي: لو نَفَخْتَ بالشَّبُّور لم يَنْفَعْكَ، تَكَلَّمْ كلامَ النّمْلِ وأصِبْ. الهِدْم: الخَلِقُ البالي، والجميعُ أهدام. النواشر: عروقُ باطن المعْصَم مع أبي عمرو، ومع الأصمعي: عصبُ الذراع مِنْ باطنِ وظاهر، الواحدةُ: ناشرِة. والمِعْصَمُ: مَوْضعُ السِّوار من المرأة. والتّوْلبُ: منْ أولاد الحُمُرِ ما أتي علَيْهِ وفُصِلَ من الرّضاع. والجَدعُ: سَيءُ الغذاء، والجَدَعُ: سوء الغذاء. ويُصْمِتُ: يُسْكِتُ. الشِّبر: معروفٌ، مُذَكَّر. والشَّبْرُ: حَدٌّ في فِعْل النكاح. يُقالُ: أعطاها شَبْرَها. وقيل: هو شَبْرٌ، بالفتح. والشَّبَرُ: قيلَ شيءٌ يُعْطيه بَعْضُ النَّصارى بعْضاً يتقربون به. الشَّهْرُ سُميَ شهراً لشُهْرَتِهِ، لأن الناس يُشْهرُون دخوله وخُروجه. يقال: جِئْتُك في قُبُلِ

الشَّهْرِ، وفي شبابهِ، أي في عَشْرٍ مَضَينَ مِنْه، ودُبُرُه: عَشْرٌ بقينَ منْهُ، وكذلك في عَقِبِ الشَّهْرِ وفي كُسْئِهِ، أي بعد مُضيّه. وشهرٌ كريتٌ وقميطٌ ومُجَرَّمٌ، ويوم طرّاد، وحولٌ مُجَرَّم: أي تامٌّ. والشَّهْرُ عددٌ، والشُّهُورُ جماعةٌ. والمُشاهَرَةُ: المُعاملةُ شهراً بِشَهْرٍ. وأشْهَرَتِ المرأةُ: أي دخلَتْ في شهرِ ميلادِها. والمُشْهِرُ الذي أتى عليه شَهْرُهُ. قال: وما مُشْهِرُ الأشبالِ رِئبالُ غابةٍ ... تنكبه غُلْبُ الليوثِ الخوادِرِ تَنَكَّبُهُ، يريد: تتنكَّبُهُ. والشُّهْرَةُ: ظُهورُ الأمْرِ في سعةٍ حتى يشْهَرَهُ [الناس] ويشتهرونه. ورجلٌ مشْهورٌ ومُشَهَّر. وشَهَرَ سَيْفَهُ: إذا انتضاهُ فرفَعَهُ على الناس. قال: يا ليتَ شعري عنكُمُ حنيفا ... أشاهرون بعدنا السُّيوفا

2/ 93 وفي الحديث "ليس منا من شهر السلاح علينا". قال رميم: وقدْ لاح للساري الذي كمل السّرى ... على أخريات الليل فتقٌ مشهرُ أي صُبْحٌ مُشَهَّر. وامرأة شهيرةٌ، وأتان شهيرةٌ: وهي العريضةُ الضَّخْمة. الأمثالُ على حرف الشِّين شُخْبٌ في الإناءِ وشُخْبٌ في الأرْض. أفْضَيْتُ إليه بِشَقُوري. أي بأمري وسري. شوى أخُوك حتَّى إذا أنْضَجَ رَمَّدَ. شَرُّ يَوْمَيْها وأغواهُ لها. قال: شرُّ يوميها وأغواه لها ... ركبت عنزٌ بحِدْج جَملا شرابٌ بأنْقُعِ. أي مُعاودٌ للخَيْرِ والشَّر. شِنْششنَةٌ أعْرِفُها مِنْ أخزَم.

شَبَّ عمروٌ عن الطَّوْق. الشّماتَةُ لُؤم. الشَّحيحُ أعْذَرُ من الظالم. شُبْ شَوْباً لكَ بعْضُه. شَرُّ الرأي الدَّيَريُّ. شرُّ ما أجآك إلى مُخَّةِ عُرْقوب. الشَّعِيرُ يُؤْكَلُ وَيُذَمُّ. شاهِدُ البُغْضِ اللَّحْظُ. شِدَّةُ الحِرْصِ مِنَ المتالف.

حرف الصاد

بسم الله الرحمن الرحيم حرف الصاد

بسم الله الرحمن الرحيم حرفُ الصّاد الصّاد أسَلِيّة، تصغيرُها صُوَيْدَة. ولا تأتَلِفُ مع الضاد ف يكلمة واحدة. أصلية أصلاً، والدليل أنَّهُمْ استعْمَلُوا حِسابَ الجُمَّل في العواشر، فقالوا: الصادُ ستون، والعين سبعون، والفاء ثمانون، والضاد تسعون، وهو لفظ (صَعْفَض)، فلما احتاجُوا أن يتكلموا به مُعَرَّباً، قالوا (صعفص) فجعلوابدل الضادِ صاداً، لأن الضاد والصادَ لم تجريا على ألسنتهم في كلمةٍ واحدة. وعدد الصادِ في القرآن ألفان وتسعٌ وثلاثون صاداً، وفي الحساب الكبير ستون، وفي الصغير اثنا عشر. وقوله تعالى} {ص} موقوف كسائر حروف الهجاء جزْماً نية الوقوف عليها. وصادِ، بالكَسْرِ، من المُصاداة: وهو الانتظار. قولك: (صاديتُ فلاناً): أي انتظرْتُهُ وتوقعتُهُ. وصادُ: رُفِعَ بمعنى: هذا صادٌ. وصادَ: نُصِبَ على مَذْهَب الأدوات مثل إنَّ ولَيْتَ. وقد قيلَ إنّ (صاد) بالكَسْر خرجَ خُروجَ: حازِ بازِ، حاثِ باثِ، حاصِ باصِ، فيكونُ هذا وزْنُهُ وفي الرفع والخفض. وقولهم: صلّى الرَّجُلُ دعَا وسألَ رَبَّهُ. والصلاةُ مع العربِ على أربعة أوجه: تكونُ الصَّلاةَ المعروفة التي فيها الركوعُ والسُّجودُ، منه {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ}.

والصلاةُ: الترحم، منه {أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ}. قال كعبُ بن مالك: صلى الإلهُ عليهمُ من فتيةٍ ... وسقى عظامَهُمُ الغمامُ المسْبِلُ آخر: صَلَّى على يحيى وأشْياعِهِ ... رَبَّ كريمٌ وشفيعٌ مُطاعْ ومنه الحديثُ الذي رُوي عن ابن أبي أوْفى، قال: أتَيْنا النبي صلى الله عليه [وسلم] بصدقةِ عامِنا، فقال "اللهُمّ صلِّ على آلِ أبي أوفى" تَرَحَّمَ عليهم. والصلاةُ: الدُّعَاءُ، مثل الصلاة على الميتِ لأنّها لا رُكُوع 2/ 94 فيها ولا سُجود. منه قولُه عليه السلام: "إذا دُعِيَ أحَدُكُمْ إلى طعامٍ فَلْيُجِبْ، فإنْ كانَ مُفْطِراً فليأكُلْ، وإنْ كان صائماً فَلْيُصَلِّ" أيْ فلْيَدْعُ لهُمْ بالبركة. وقوله عليه السلام: "إنَّ الصائِمَ إذا أُكِلَ عِنْدَهُ الطَّعامُ صَلَّتْ عَلَيْهِ الملائِكَةُ حَتَّى يُمْسي". أي: دَعَتْ له الملائكة. واللهُ وملائكتُهُ يُصَلُّونَ على أهْلِ البَيْتِ إذا اجتمعوا على طعامِهِمْ. منه {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} الآية. معناه: اللهُ يغفِرُ له، والملائكةُ تَسْتَغْفِرُ له، والمؤمنون يُصَلّثونَ عليه. وفي الحديث: "مَنْ صَلَّى على النبي واحدةً صَلَّتْ عَلَيْه الملائكةُ عَشْراً" وكلُّه الدُّعاءُ، وكُلُّ داعِ هو مُصَلٍّ. قال الأعشى:

عَلَيْكِ مثل الذي صَلَّيْتِ فاغتمضي ... نوماً فإنَّ لجنَبِ المرء مُضْطَجعا [وله أيضاً]: وصهباء طاف يهوديُّها ... وأبرزها وعليها خُتُم وقابَلَها الريحُ في دنها ... وصلى على دَنِّها وارْتَسَمْ وله أيضاً: لها حارسٌ لا يَبْرَحُ الدَّهْرَ بَيْتَها ... وإنْ ذُبِحَتْ صلى عليها وزَمْزَما أي: دَعَا لها بالسلامة. والصلاةُ: الدِّين. قال تعالى {أَصَلاتُكَ تَامُرُكَ} أي: دينُكَ. قال الخليل: صلوات الرَّسُولِ عليه السلام: دُعاؤه للمسلمين. وكذلك صلوات المؤمنينَ عليه: دُعاؤهم له وذِكْرُه لهم. وصلواتُ الله على أنبيائهِ والمؤمنين من عباده: حُسْنُ ثنائِه عليْهِمْ وذكره لهم. وصلاةُ الملائكةِ: الاستغفار. والصلاةُ أكثرُ مِنَ الصَّلَوات. قال الله [تعالى]: {أَقِيمُوا الصَّلاةَ} {وَأَقِمْ الصَّلاةَ}.

وألِفُ الصَّلاةِ واو، ولأنّ جَمْعَها الصَّلَوات، والتَّثْنِية: صَلَوان. وصَلَواتُ اليهود: كنائسُهُمْ، واحدها: صَلُوتا، فَعُربَتْ صلوات، منه {لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ}. أراد هذه البيوت، على ما فسروا، واللهُ أعْلَمُ. والصَّلا: وَسَط الظَّهْرِ للنّاسِ، ولكلّ ذي أرْبَع. يقال: كُلُّ أنْثى إذا وَلَدَدتْ انْفَرَجَ صلاها. وإذا جاء الفَرَسُ على أثَرِ الفَرَسِ السابق، قيل: صلّى، وجاءَ الفَرَسُ مُصَلِّياً لأن رأسَهُ يتْلُو صلا الذي بَيْنَ يَدَيْه. ومِنْهُ قَوْلُ عَلِيّ: سُبِقَ النبيُّ، وصَلَّى أبو بكر، وثلَّثَ عُمَرُ، ثُمَّ خَبَطَتْنا فِتْنَةٌ، فما شاء الله. وأصْلُهُ في الخيْل: السابقُ الأوَّلُ، والمُصَلِّي التالي الذي يتلوه لأنّه يكونُ عِنْدَ صَلاَ الأوَّل، وصَلاَهُ: جانِبا ذَنَبِهِ عَنْ يمينه وشِماله. في اللُّغْزِ: ألا لا تُصلِّ ألا لا تُصَلِّ ... حرامٌ عليك فلا تَفْعَل فإنّ المُصَلّي إلى ربهِ ... من النارِ في الدَّرَكِ الأسْفَلِ آخر: اتقِ اللهَ والصلاةَ فدَعْها ... إنَّ في الصومِ والصلاةِ فسادا المعنى فيه: إتْيانُ الذّكْرانِ وركوبُ صلاهُم أي ظهورهم. والصَوْمُ: ذَرَقُ النّعام. صامَ الرَّجُلُ أي أمْسَكَ عن الطعام والشراب، وكُلُّ مُمْسك عن الطعام وعن الشراب والكلام

فهو عِنْدَ العَرَبِ صائم. قال اللهُ تعالى {إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْماً} أي صَمْتاً. 2/ 95 وخَيْلٌ صِيامٌ: أيْ قائمة بلا اعتلافٍ ولا حركة. والصيامُ: قيامٌ بلا عملٍ. قال النابغة: خَيْلٌ صِيامٌ وخَيْلٌ غيرُ صائمةٍ ... تحتَ العجاج وخيلٌ تعْلُكُ اللُّجُما ويُرْوى: تألُكُ اللُّجما. أي قيامٌ وغيرُ قائمة، أي يُحارَبُ عليها. ومصامُ الفَرَسِ: مَوْقِفُهُ. وصَامَ النَّهارُ: إذا ثَبَتَتْ الشَّمْسُ في كَبِدِ السَّماء. وصامت الشّمْسُ: حينَ يَسْتَوي مُنْتَصَفُ النَّهار. وصامَ النَّهارُ: إذا ارتَفَعَ. وصامَ الرجلُ وغيرُه: إذا وقَفَ. قال امرؤُ القيس: فَدَعْ ذا وسَلِّ الهَمَّ عَنْك بجَسْرةٍ ... ذَمُولٍ إذا صامَ النَّهارُ وهَجَّرا ويقال للصائم: سائح، لتركهِ الطعامَ والشَّرابَ، قال اللهُ تعالى {السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ} فالسائحون: الصائمِون. قال الله [تعالى]: {عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ} أي صائمات. قال أبو طالب:

وبالسائحين لا يذوقون قَطْرَةً ... لربَهِمُ والراتِكاتِ العواملِ ورجالٌ صُوَّمٌ ونِساءُ صُوَّمٌ، ولغة تميم صُيَّم. وجَمْعُ صائم: صُيَّم وصُوَّم. ويُقال: قَوْمٌ صُوَّمٌ وفُطَّرُ: أيْ صائمون ومُفْطِرون. والصَّوْمُ يُسَمَى صَبْراً، منه {اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ} قيل: بالصَّوْم. والصَّوْمُ أيضاً: عُرَّةُ الطَيْر، ويُقالُ أيضاً: ذَرَقَ النّعامُ بِصَوْمه. قال الطِرِمّاح: في شناظي أقَنِ بَيْنَهُما ... عُرَّةُ الطائرِ مِنْ صَوْمِ النَّعام والصَّوْمُ: شَجَرٌ. الصِّدِّيقُ كثيرُ الصِّدْقِ. مثل: سِكِّيت وشِرّيب وسِكِّير، إذا أكْثَرَ ذلك. وكُلُّ مَنْ صدق بأمرِ الله لا يتخالَجُهُ فيه شَكٌّ فهو صدِّيق، ومن صَدَّقَ النبيَّ فهو صدِّيق، وسُمِّيَ أبو بكر صِدِّيقاً لذلك. وقيل: سُمِّيَ الصِّدِّيق بتفسيره للرؤيا، واللهُ أعلمُ. وتفسير {يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ} أنه الكثير الصِّدْق، على ما تقدَّم مِنَ التَّفْسير، واللهُ أعلمُ. والصِّدْقُ: نقيضُ الكَذِبِ. وفلانٌ صَدِيقُ فُلانٍ: أي يَصْدُقُهُ بِنُصْحِهِ.

والصَّديقُ مأخُوذٌ مِنَ الصِّدْق، يُقالُ: صَدَقْتُ الرَّجُلَ الحديثَ أصْدٌقُهُ صِدْقاً، والصِّدْقُ الاسم. صادَقَ فلانٌ فلاناً مُصادقةً وصِداقاً، وعلى وَزْنِ: قاتَلَهُ مُقاتَلَةً وقِتالاً. ويُقال: مُحمدٌ صديقي، والمُحَمَّدان صَدِيقي، والمُحمَّدونَ صَديقي، وهِنْدُ صَديقي، والهِنْدانِ صديقي، والهِنْداتُ صديقي. قال الله {أَوْ صَدِيقِكُمْ} أراد: أصدقائكم. قال: ولو حاربُوا قومي لكنتُ لقومها ... صديقاً ولم أحملْ على قومها حقداً وأنشدَ الفراء في تذكير المؤنث: فلو كنتَ في يوم الرخاء سألْتَني ... فِراقَكَ لم أبْخَلْ وأنتَ صديقُ وقالت امرأةٌ من العرب لأبي زيدٍ النحوي: 2/ 96 تنحَّ للعجزو عَنْ طريقها ... إذْ أقْبَلَتْ جائيةً مِنْ سُوقِها دَعْها فما النَّحْوِيُّ مِنْ صَديقها أي: مِنْ أصْدِقائها. ويجوزُ: القَوْمُ أصْدِقاؤك، وإنْ شِئتَ: صَدِيقُوك. وحكى أبو العباس: القَوْمُ أصادِقُك. قال: فلا زِلْنَ دَبْرى ظُلَّعاً لَمْ حَمَلْنها ... إلى بَلَدٍ ناءٍ قَليلِ الأصادِقِ

وتقول: فُلانةٌ صديقةٌ، وإنْ قلتَ: صديقٌ، جاز. قال: إذا الناسُ ناسٌ والزمانُ بغبطةٍ ... وإذْ أمُّ عمارِ صديقٌ مساعفُ والصداقةُ مصدرُ الصديق، واشتقاقُهُ مِنْ صدق المودة والنصيحة. وصَدَقْتُ القَوْمَ: إذا قلتُ لهم صِدْقاً. وكذلك من الوعيد، إذا أوقَعْتَ بهِمْ قُلتَ: صَدَقْتُهُمْ. قال: الصِّدْقُ يُنببي عَنْكَ لا الوعيدُ وتقول: هذا رَجُلُ صِدْقٍ، يُضاف، بكسر الصاد، معناه: نِعْمَ الرَّجُلُ هو. وامرأةُ صِدْقٍ، وقَوْمُ صِدْقٍ كذلك، فإن أردْتَ النَّعْتَ قُلتَ: هو الرَّجُلُ الصَّدْقُ، وهي صَدْقَةٌ، وقومٌ صَدْقُون، ونِساءٌ صَدْقات. والصَّدْقُ: الكاملُ في كل شيء. وصَدَقَ القومُ القتالَ: أي اشْتدوا وتخشَّنُوا، مِنْ قَوْلهم: رجُلٌ صَدْقٌ: إذا كان صُلْباً. وفُلانٌ صَدْقُ اللقاء: أي شَدِيدُه. وقال متمم: وإنْ ضَرَّسَ الغَزْوُ الرِّجال رأيْتَه ... أخا الحربِ صدقاً في اللقاءِ سَمَيْدَعَا ضَرَّس: يقول: كرِهُوهُ وامتنعُوا عنه. والصَّداقُ والصَّدْقَةُ: وهو المَهْر.

والصُّدْقَةُ: لغة في الصَّداق. [وفي الصّداق] خمسُ لغات: كَسْرُ الصاد، وفتْحُهُ، قال الفَراءُ والأخفش: كسْرُهُ أجْوَدُ، وهو الصَّدُقَةُ بفتح الصادِ وضمِّ الدال. والصُّدْقَةُ، بضم الصاد وتسكين الدال. والصُّدُقَةُ، بضمهما، هي أقلُّها وأرأدها. وقريء: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ}. عن قتادة {صَدْقَاتِهِنَّ} بفتح الصادِ وتسكين الدال. فإنْ صحَّت هذه القراءة، فواحِدُها: صَدْقة، وهي لُغةٌ سادسةٌ. والصَّدَقَةُ: ما تَصَدَّقْتَ به على مسكين. وفي التفسير أن المُتَصَدِّقَ هو المُعْطي الصَّدَقَةَ. والمُصَدِّقُ: الذي يأخُذُ صَدَقَةَ الغَنَم. قال: ودَّ المُصَدِّقُ من بني عبرِ ... أنَّ القبائل كُلَّها غَنَمُ والعامَّةُ تَغْلَطُ فتقول: يَتَصَدَّقُ: إذا سأل، وفلانٌ يتصدَّقُ إذا أُعْطِي، وهو غَلَطٌ، إنما المُتًَدّشقُ هو المعْطي، والمُعْطَى هو السائِلُ. مِنْهُ {وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ}. الصّارِمُ الماضي في كل أمرٍ، وقدْ صَرُمَ صَرَامةً. وسيفٌ صارمٌ: قاطعٌ ذو صرامةٍ. ولسانٌ صارِمٌ: فصيحٌ. قال حسان بن ثابت: لساني صارمٌ لا عيبَ فيه ... وبحْري لا تكدِّرُهُ الدِّلاءُ

قال عبد الله بن العباس حين كُفّ بَصَرُه: إن يأخُذِ اللهُ من عيني نُورَهُما ... ففي لساني وقلْبي منهما نورُ قلبي ذَكيُّ وعقْلي غيرُ ذي أفنِ ... وفي فمي صارمٌ كالسَّيْفِ مأثُورُ والصَّرْمُ: القَطْعُ. والصُّرْمُ: اسمٌ للقطيعة، وفِعْلُهُ اسمٌ للمُصَارَمَةِ. والصَّريمةُ: إحكامُكَ أمراً وعَزْمُكَ عليه. 2/ 97 والصَّريمُ، في القُرآن: اللَّيْلُ. والصَّريمةُ مِنَ الرِّمال: قِطْعةٌ ضَخْمَةٌ مُنْصَرِمةٌ عَنْ سائرِ الرّمال. قال: أقولُ له لما أتاني نعيُّهُ ... به لا بظبي بالصريمة أعْفَرا والصِّرْمةُ: القطْعَةُ من الإبل نَحْوٌ منْ ثلاثين. والصِّرْمُ: الطائفَةُ مِنَ القَوْمِ ينزِلُونَ بإِبِلِهْم في ناحيةٍ من الماءِ، فَهُمْ أهْلُ صِرْم، والجَمْعُ الأصْرام. والصِّرامُ: وَقْتُ صِرام النَّخْلِ. وأصْرَمَ النَّخْلُ: إذا بَلَغَ وَقْتَ الإصْرام. والصَّرامُ: الحَرْبُ. وأصْرَمَ الرَّجُلُ: إذا ساءَتْ حالُهُ وفيه تَماسُكٌ بَعْدُ. والاسْمُ منه: الإصْرام. قال: نُسَوِّدُ ذا المالِ القليل إذا بدتْ ... مُروءتُهُ فينا وإنّ كانّ مُصْرِما

وانصَرمَ كُلُّ شيءٍ: إذا انقطَعَ وذَهَبَ. والصَّرْمُ: الهَجْرُ. والصُّرمُ: القطيعةُ. يقال: صَرَمْتُ الشيءَ أصْرِمُهُ صَرْماً: إذا قَطَعْتُهُ. قال امرؤ القيس: وإنْ كُنْتِ قدْ أزْمَعْتِ صُرْم] فأجْمِلي وصَرَمَ فلانٌ فلاناً: أي قطعَ ما بينهما من المودّة. والصَّرْمُ في كلامِهِمْ معناه: القَطْع. ويُقال لِلَّيْل صَريم، وللنَّهار صَريم، لأنَّ كُلَّ واحدٍ منهما يَنْصَرِمُ مِنْ صاحبه. قال: فَباتَ يَقُولُ أصْبحُ لَيْلُ حَتَّى ... تجَلَّى عَن صَريمتِهِ الظَّلامُ قال آخر: علامَ تقُومُ عاذِلتي تَلُومُ ... تؤرِّقُني إذا انْجابَ الصَّريمُ قال زهير: غدَوْتُ عليه غُدْوَةً فوجدتُهُ ... قعُوداً لديهِ بالصَّريم عواذِلُهْ معناه: في آخر الليل. وقولهم: فلانٌ صُلْبُ القَناةِ أي: صُلْبُ القامة. والقَناةُ عندهُمُ: القامةُ. قال امرؤ القيس:

سباطِ البنانِ والعَرانين والقَنا ... لِطافِ الخُصُورِ في تمامِ وإكمال أراد بالقَنا: القامات. ورَجُلٌ صُلْبٌ صَليبٌ: ذو صلابة، والفِعْلُ: صَلُبَ. وقدْ تَصَلَّبَ لكَ فلانٌ: أيْ تَشَدَّدَ لك. والصلابَةُ مِنَ الأرضِ: ما غَلُظَ واشْتَدَّ، فهي صُلْبَة، والجميع: الصِّلَبَةُ. والصّالِبُ من الحُمّى: الذي لا تَنْفَضُ، وتأخُذُ بحرارةٍ لا بَرْدَ فيها. ويُقال إنّها مِنْ قِبَل الدم، تُذكَّرُ وتُؤَنَّث، فإذا قُلْتَ: أخَذَتْهُ الحُمَّى الصالِبُ، أنَّثْتَ، وإذا لم تُسَمِّ الحُمَّى، ذَكَّرْتَ، فَقُلْتَ: أخَذَهُ الصّالبُ. والصَّلْبُ [لغةٌ] في الصُّلْب. والصُّلْبُ: الظَهْرُ، وهو عَظْمُ الفَقَار المفصل في وَسَطِ الظهر. يقالُ: صُلْبِّ وصَلَبِّ وصَالَبٌ. وقريء {مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ} قال: * في صَلَبِ مِثْل العنانِ المُؤْدَمِ * قال العباس بن عبد المطلب يمْدَحُ النبي صلى الله عليه وسلم: تُنْقَلُ منْ صالبٍ إلى رحمٍ ... إذا مَضَى عالمٌ بدا طَبَقُ فيقالُ: الصُّلْبُ والصَّلَبُ والصَّالَبُ والقَرَا والظَّهْرُ والمَتْنُ والمَتْنَةُ بمعنى واحد.

والصُّلَّبُ رُبَّما جاء بمعنى الصُّلْبِ، كالقُلَّبِ الحُوَّلِ: أي المُحْتال حَوْلَهُ، والقُلَّبِ: ذو التَّقْليب. والصَّليبُ: ما تَتَّخِذُهُ النّصارى. والصَّليبُ: يُقال وَدَكُ الجيفةِ. قال أبو بكر: قال أهلُ 2/ 98 اللغةِ: إنّما سُمّيَّ المصلوبُ مصْلوباً لما يسيلُ منهُ من الوَدَكِ، أُخِذَ مِنَ الصَّليبِ، وهو عِنْدَهُمُ الوَدَكُ، يُقالُ: قد اصْطَلَب الرَّجُلُ: إذا جَمَعَ العِظَامَ فَطبَخها لِيُخْرِجَ وَدَكَها فَيتأدَّمَ به. قال: * وباتَ شَيْخُ العِيالِ يَصْطَلِبُ * آخر: جريمةَ ناهضٍ في رأس نيقٍ ... ترى لعظام ما جمعَتْ صليبا والتَّصْليبُ: خِمْرَةٌ للمرأةِ، ويُكْرَهُ أن تُصَلِّي في تَصْليبِ العِمامةِ حتّى تَجْعَلَهُ كَوْراً بَعْضَهُ فَوْقَ بعض. والصَّليبُ: ما أذَبْتَهُ مِنَ الشَّحْمِ، اصْلبِ الشَّحْمَ: أي: أذِبْهُ. الصَّرْفُ والعَدْل قال أبو بكر: فيه سَبْعَةُ أقوال: يُرْوَى عن النبي صلى الله عليه [وسلّم] أنه قال:

"الصَّرْف: التَّوْبَةُ، والعَدْلُ: الفِدية" وبهذا قال مكحول والأصمعي. قال يونس: الصَّرْفُ: الاكْتِساب، والعَدْلُ: الفِدْيةُ. قال أبو عبيدة: الصَّرْفُ الحِيلةُ. وقيل: الصَرْف: الفريضَةُ، والعَدْلُ التطوُّع. وقال الحَسَنُ ضِدَّ ذلك. قال قتادة في قوله تعالى {وَلا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ} قال: لو جاءت بكُلِّ شَيْءٍ لَمْ يُقْبَلْ منها. وقيل: العَدْلُ: المِثْل. قال الله تعالى {أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَاماً} أي مِثْلُ ذلك. وقال جماعةٌ مِنْ أهْلِ اللغة: العَدْلُ والعِدْلُ لعتان، بمنزلةِ السَّلْمِ والسُّلْم، لا فرْقَ بينهما. والصَّرْفُ: فصْلُ الدراهم في القيمة، وكذلك بيعُ الفِضَّة بالذَّهَبِ، والذَّهَبِ بالفضَّة، ومنه اشتُقَّ اسم الصَّيْرَفي لتصريفه أحَدَهُما بالآخر. والتَّصريفُ: اشتقاقُ بَعْضِ الكلامِ من بَعْض كبِنْيةِ الأفعالِ مِنَ المصادر، وأشباهِ ذلك. {وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ}: يُصَرِّفُها مِنْ وَجْهٍ إلى وَجْه، وكذلك يُصَرِّفُ السُّيُولَ والخُيول والأمور. وصَرْفُ الدَّهْرِ: حَدَثُهُ. وصَرْفُ الكلمة: إجراؤها بالتَّنْوين.

والصَّريفُ: حِرْمةُ الشَّاءِ والبَقَرِ والكِلابِ. تقولُ: صَرَفَتْ فهي صارفٌ، وقَدْ صَرَفَتْ تَصْرِفُ صُروفاً. والصَّريفُ: صَوْتُ نابِ البعير حينَ يَصْرِفُ به حتى حَرَقَ أحدهُما بالآخر. قال: حَرَقَ نابُهُ يَحْرِقُ ويَحْرُقُ، والمصدر منهما جميعاً، حُرُوقاً. والصَّريف: اللَّبَنُ الحليبُ ساعةَ يُحْلَبُ. والصِّرْف مِنْ كّلِّ شيءٍ: الخالصُ مِنْهُ. والصَّرْفُ: أن تَصْرِفَ إنْساناً عنْ وجه يُريدُهُ إلى مَصْرِفٍ غيرِ ذلك، وكذلك الصَّرْفُ في الكلام: أنْ يُصْرَف الكلامُ على حَدِّ العَربيّةِ بواوِ أو فاءِ أو ثُمَّ عَنْ وجه النَّسَق والجواب، فينصبَ الفِعْلَ. قال المُتَوَكِّلُ: لا تَنْهَ عَنْ خُلُقِ وتأتي مِثْلَهُ ... عارٌ عليكَ إذا فعلتَ عظيمُ نَصَبَ (تأتيَ) على وجه النهي، ولم يَجْعَلْهُ نَسَقاً. وكذلك: لا تأكُل السَّمَكَ وتأكل اللَّبَن. ومثله {وَلَمَّا يَعْلَمْ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ}. والصَّرَفَانُ: ضَرْبٌ مِنَ التَّمْرِ أجْوَده وأوْزَنه. وقول القائل: أجَنْدَلاً يَحْمِلْنَ أمْ حديدا أمْ صَرَفاناً بارِداً شَديدا

قال بعضهم: الصَّرَفَانُ هاهنا: الموتُ. وقيل: هو الرَّصاص. 2/ 99 والصِّرْفُ: شيء أحْمَرُ يُصْبَغُ به الأديم. وقال ابن كَلْحَبَة: كُمَيْتٌ غيرُ مُخْلِقَةٍ ولكن ... كَلَوْنِ الصِّرْفِ عُلَّ به الأديمُ وقولهم: فلانٌ صَبٌّ أي به صَبَابةٌ. والصَّبابَةُ: رِقَّةُ الشَّوْق. يُقال: قد صَبَّ الرَّجُلُ يَصَبُّ صَبَّاً وصَبابةً، وقَدْ صَبِبْتَ يا رجُلُ، وأنْتَ تَصَبُّ. قال: يصبُّ إلى الحياةِ ويشتهيها ... وفي طُولِ الحياةِ له عناءُ وهذا أصبُّ مِنْ هذا: أيأرَقُّ شوقاً. وقال آخر يخاطِبُ الحمامة: فإني فيما قدْ بدا مِنْكِ فاعْلَمي ... أصَبُّ بهذا منْكِ قَلْباً وأوْجَعُ ورجُلانِ صَبَّان، ورِجالٌ صَبُّون، وامرأةٌ صَبَّةٌ، وامرأتانِ صَبَّتانِ، ونساءٌ صَبَّاتٌ. وأصْلُهُ: رَجُلٌ صَبِبٌ، فاسْتَثْقَلُوا الجَمْعَ بَيْنَ البائَيْنِ المتحرّكَتين، فاسْكَنُوا الباءَ الأولى وأدْغَمُوها في الثانية. وقال الخليل: الصَّبابةُ: المَحَبَّةُ والوَجْد. والصَّبَابةُ مَصْدَرُ الرَّجُلِ الصَّبِ والمرأةِ الصُّبَّة، والفِعْلُ: صَبَّ إلَيْها يَصَبُّ عِشْقاً فهو صَبُّ بها. والصُّبابةُ، بالضَّمَ: بقيَّةُ الشيئء، يُقالُ: ما بَقِيَ مِنْ نَفسِ فلانٍ إلا صُبابةٌ، وما بقي في أسْفَلِ الإناء مِنَ الشَّرابِ وغَيْره إلا صُبابة. قال:

طَرِبْتُ إلى فَوْزِ وهَيَّجَ لَوْعَتي ... صُباباتُ كأسٍ راحُها يَتَوزَّعُ والصَّبيبُ: عُصارةُ الحِنّاء للخِضاب، وهو أيضاً: شَجَرٌ يُشْبِهُ السّذاب، يُطْبَخُ فيُؤْخَذُ عَصِيرُه، فيختضِبُ الشُّيُوخ به، وهو أيضاً الدم. قال عَلْقَمَةُ بن عبدة: فأوْرَدْتُها ماءً كأنَّ جِمامَهُ ... منَ الأجْنِ، حِنَّاءٌ معاً وصَبيبُ والتَّصَبْصُبُ: شِدَّةُ الخِلافِ والجُرْأةِ. وتَصْبَصَب الشَّيءُ: نَفِدَ. والصَّبَبُ: صَوْتُ نهْرٍ أو طريقٍ تكونُ في حُدور. وفي صفة النبي صلى الله عليه وسلم "أنه كان إذا مشى فكأنه يتقلَّعُ مِنْ صَخْرِ ويَنْحَدِرُ مِنْ صَبَبٍ": يخطو تكفياً ويمشي الهُوَيْني بغير تَبَخْتُرٍ صلى الله عليه وسلم. وقولُهم: أجْبَنُ مِنْ صافرٍ الصافِرُ هو الرَّجُلُ الذي يَصْفِرُ للفاجرة، فَهُوَ يخافُ كل شيءٍ ويُفْزِعُهُ. قال ذو الرمة: أرجو لكمْ أن تكونوا في إخائكمُ ... كلباً كوَرْهاء تقْلي كُلَّ صَفَارِ لما أجابَتْ [صفيراً] كان آتيها ... من قابسٍ سبط الوجعاء بالنار قالوا: معنى هذا أن امرأةً كان يصْفِرُ لها رجُلٌ للفُجور، فتأتيه إذا سَمِعَتْ صَفِيرَهُ،

ففطِنَ زَوْجُها لذلك، فَصَفَرَ لها فجاءَتْهُ، وهي ترى أنَّهُ ذلك الرجُلُ، فشَيَّطَها بميسم معه، فلمَا صَفَرَ ذلك الرّجُلُ، قالت: قدْ قَلَيْنا كُلَّ صَفَّارٍ، أي: قَدْ قَلَيْنا كُلَّ زانٍ وعَفَفْنا. قال الأصمعيُّ: الصّافِرُ: ما يَصْفِرُ من الطَّيْرِ. وقال: إنّما وُصِفَ بالجُبْنِ لأنّه لَيْسَ من الجوارِح. وقولهم: ما في الدّارِ صافِرٌ أي ما فيها شيءٌ يُصْفَرُ به. قالوا: فمَعْنى صافِر: مَصْفُور، مثل: دافِق: أي مَدْفُوق، وسرٌّ كاتِمٌ: أي مكتوم. والقول الثاني: ما بالدارِ أحدٌ. قال الشاعر: خَلَتِ المنازِلُ ما بها ... ممَّنْ عَهِدْتُ بهِنَّ صافِر والصَّفَرُ: دُودٌ يَقَعُ في الكَبِد فيَلْحَسُها حتى يَقْتُلَ صاحِبَها، يقالُ: رَجُلٌ مَصْفُورٌ: أي في بطنه الصَّفَرُ، ويقعُ أيضاً في شراسيفِ الأصْلاب. قال الأعشى: 2/ 100 لا يتأرّى لما في القِدْر يرْقُبُهُ ... ولا يعضُّ على شُرْسُوفَةِ الصَّفَرِ والصُّفْرُ: الشَّيءُ الخالي، تقولُ: صَفِرَ الإناءُ صُفُوراً وصَفَراً، وهو صِفْرٌ، والجميعُ والواحدُ والذَّكَرُ والأنثى فيه سواء. ويُقالُ للرَّجُلِ إذا هَلَكَ: صَفِرَتْ وطابُهُ، لأنَّهُ إذا مات فرغت نَفْسُه. قال امرؤ القيس:

وأفْلَتَهُنَّ عِلْباءٌ جريضاً ... ولو أدْركْنَهُ صَفِرَ الوِطابُ قال تأبط شراً: أقول للحبانٍ وقد صَفِرَتْ لهُم ... وطابي ويومي ضيقُ الحجرِ مُعْوِرُ لِحْيان: قبيلة من هُذَيْل. وصَفِرَتْ: فَرغَتْ. والصِّفْرُ: الفارغُ، والوِطابُ: جمعُ وَطْب، وهو مسك اللبن خاصة. وقوله: صَفِرَتْ لهم وطابي: أي لم يَكُنْ لهم عِنْدي خَيْرٌ. ورُويَ: الحَجْر، بفتح الحاءِ قَبْلَ الجيمِ فِراراً من تِلْكَ اللفظة، وهي الصحيح. ويقال: إنّهُ ضَنَّ عَلَيْهم بالعَسَلِ الذي كان شارَهُ، فَصَبَّهُ، فَصَفِرَتْ وطابُهُ. وفيه تفسيره غير هذا. وقوْله: ضَيِّقُ الحَجْر، مَثَلٌ، فإنّ الحَشَراتِ إذا خافَتْ لجأتْ كُلُّها إلى حجرتها، فإذا ضاقت عَلَيْها وَصَلَ إليها الطالِبُ. والبعيرُ الأصْفرُ هو: الأسْودُ. قال الأعشى: تِلْكَ مِنْها خَيْلي وتلكَ ركابيِ ... هُنَّ صُفْرٌ أوْلادُها كالزبيب واخْتُلِفَ في قوله تعالى {بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا} قال أبو عبيدة: إنْ شئتَ صفراء وإن شِئْتَ سوداء، كقوله {جِمَالَةٌ صُفْرٌ} أي سُود. وكذلك عن

ثعلب. وقال الفراء: كانت صفراء حتى ظلفها وقرناها. وقال الزجاج: الفاقع نعتٌ للأصْفَر الشديد الصُّفْرَةِ. يقالُ: أصْفر فاقع وأحمر قانيء وأبيض ناصع. قال: يسعى بها ذو تُومَتَيْن مُنَطَّقٌ ... قنأتْ أنامِلُهُ من الفِرْصادِ أي احمرّت حُمْرَةً شديدةًز ويُقالُ: أغبر قاتم، وأبيض يَقِق ولَهِق ويَقَق ولَهاق، وأسود حالِكٌ وحُلْكوك وحَلَكُوك ودَجُوجِيَ. وعن غيره: أسود غِرْبيب، والغِرْبيبُ: الشّديد السواد. قال: بَيْنَ الرّجالِ تفَاوُتٌ وتفاضُلٌ ... ليس البياضُ كحالكِ غِرْبيبِ وأسْوَدُ فاحِمٌ، ومُسْحَنْكِكٌ، وحُلْبوبٌ، ويَحْمُوم، ودَيْجُور، وحالِكٌ، وحَانِكٌ. وأحْمَرُ قانيءٌ، وقاتِمٌ، وأصْفَرُ فاقِعٌ، وأخْضَرُ نَاضِرٌ، وأغْبَرُ أقْتمُ، وقال المُفَضَّلُ بْنُ سلمة الضَّبِّي في قوله {صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا} قال: جاء في

التفسير: كانتْ صفْراءَ حتّى ظلفاها وقرناها، وزَعَمَ قومٌ أنّ معنى صَفْراء: سوداء، وما عَلِمْتُ أحداً منَ العُلَماءِ قال ذلك، وإنْ كانتْ الصُّفْرَةُ عند العرب سواداً، والذي يُبْطِلُ معنى السَّواد قوله تعالى {فَاقِعٌ لَوْنُهَا}، لأن الفُقُوعَ لا يُوصَفُ به مِنَ الألوان إل الصفر، يُقال: فَقَعَ وفَقَعَ فُقُوعاً. ومما جاء في الصُّفْرَةِ بمعنى السواد قوله: وصفْراءَ لَيْسَتْ بمُصْفَرَّةٍ ... ولكن سوداء مثل الحمم وقال اللحياني: يُقالُ في الألوانِ كُلّها: ناصع وخالص 2/ 101 وفاقع. ولم يَقُلْهُ غَيْرُه، والمعمولُ عليه. قال ابن قتيبة في صفراء بِقَوْلِ المُفَضَّلِ، قال: وقَوْلُ من قال سوداء غَلِطَ في نُعوت البقر. قال: وإنما يكونُ ذلك في نُعوت الإبل: يُقال: بعيرٌ أصْفَر، أي أسود، لأنّ السُّودَ من الإبل يشوب سوادها بصُفْرةٍ، والعرب لا تقول أسودُ فاقع، فيما أعلم، إنما هو أسْوَدُ حالك وأحمرُ قانيء وأصفرُ فاقع وأبيضُ يقَق وأخَضَرُ ناضِر. قال السجستاني: صفراء: سوداء، وعنْ سعيد بن جبير أنها صفراء القرن والظّلف. قال النقاش: صفراء الجِلْد. يقال: صفراءُ الأطراف، ويقال: سوداء. والاصْفِرار: فِعْلُ اللَّوْن الأصْفَر. والصْفيرار: عَرَضٌ يَعْرِضُ للإنسان. وقولهم: قَدْ صَبَغْتُ الثَّوْبَ أي قد غَيَّرْتُهُ عَنْ حالته الأولى إلى حالةٍ أخرى من سوادٍ أو حُمْرَةٍ أو صُفْرَةٍ.

وفي (يَصْبغُ) ثلاثُ لغات: صَبَغَ الثَّوْبَ يَصْبَغُهُ ويَصْبُغُهُ ويَصْبِغُهُ، وكذلك: دَبَغَ الجلْدَ يَدْبغُهُ، وكذلك نَعَقَ الغرابُ يَنْعقُ، ونَهَقَ الحمارُ يَنْهقُ، فيه الثلاثُ اللُّغات. والصَّبْغُ في كلامِهِمْ معناه: التَّغْيير، منه قوله تعالى {صِبْغَةَ اللَّهِ} الصِبْغَةُ: الخِتانةُ، ومعناها: الانتقالُ مِنْ حالٍ إلى حال. قال الفراء: معنى هذا أن النصارى كانوا إذا وُلِدَ لهُمُ المولودُ صَبَغُوه في ماءٍ لهم، وقالوا: هذا تطهيرٌ له بمعنى الخِتانة، فقال اللهُ تعالى {صِبْغَةَ اللَّهِ} يأمر بها محمداً صلى الله عليه [وسلم]. قال السجستاني: صِبْغَة الله: دينُ الله وفِطْرَتُهُ التي فَطَرَ الناس عليها. كذلك عن أبي عبيدة والمُفضَّل والحسن بن إسماعيل. ونَصَبَ (صِبْغةَ) على الأمْرِ والإغْراء، فأضْمَرَ الفِعْلَ، والمعنى: الْزَمُوا صِبْغةَ الله. وقولُهُمْ: قَدْ صَبَغُوني في عَيْنَيك فيه وجهان: أحدهما: غَيَّرُوني عِنْدَكَ، وأخبروك أني قدْ تغَيَّرْتُ عَمَّا كُنْتُ عليه. قال: دع الشَّرَّ وانزِلْ بالنجاةِ تحرزاً ... إذا أنْتَ لم يصْبِغْكَ في الشرِّ صابغُ أيْ لم يُدْخِلْكَ فيه مُدْخِلٌ.

والقولُ الآخر: أنْ يكون معناه: أشاروا إليك بأني مُوضعٌ لما قصَدْتَني به، واحتجُّوا بقولِ العربِ: صَبَغْتُ الرَّجُلَ بعيني وبيدي: أي أشَرْتُ إليه. وقال الفراء: صَبَغْتُ الثَّوْبَ أصْبِغُهُ وأصْبَغُهُ وأصْبُغُهُ. والصَّبْغُ: مصدرُ صَبَغْتُ. والصِّباغةُ: حِرْفَةُ الصّبَّاغ. والصِّبْغُ والصِّباغَ: ما يُصْطَبَغُ به في الأطْعِمةِ ونَحْوها. وصَبَّغَتِ الناقةُ: لغةٌ في سَبَّغَتْ، يقال: سَبَّغَتِ الناقةُ تَسْبيغاً فهي مُسَبِّغٌ: إذا كانت كلما بنَتْ على ولدها الوبرَ في بطنِها أجْهَضَتْهُ، وكذلك من الحوامِل كُلِّها. ومعنى أجْهَضْتُه: أسْقَطَتْهُ، وهو يُقال للناقة خاصة، أجْهَضَتْ 2/ 102 إجهاضاً إذا ألْقَتْ ولَدها، والاسم: الجِهاضُ، واسمُ الولَدِ السُّقْطِ: الجَهيض. قال: يَطْرحْنَ بالمهامِهِ الأغْفَالِ ... كُلِّ جَهيضٍ لثِقِ السِّرْبالِ حيّ الشهيقِ ميتِ الأوْصالِ الأغفال: جمعُ غُفْلِ، وهو سَبْسَبٌ بعيدٌ لا علامةَ فيه. واللَّثِقُ: الُبْتَلُّ بالماءِ. والسِّرْبالُ: القميص. والقميص هاهنا استعارة. [الصِّمِّيتُ] الصِّمِّيتُ: السَّيِّدُ الشريف. والصّامِتُ: الساكِتُ. والصَّمْتُ: طُولُ السُّكوتِ. قال داود عليه السلام: الصَّمْتُ حكمٌ وقليلٌ فاعِلُه. ويُقالُ: قَدْ أخَذَهُ الصُّماتُ.

وقُفْلٌ مُصْمَتٌ: أي قد أُبْهِمَ إغْلاقُه. وبابٌ مُصْمَت كذلك. والإصْماتُ: الإسْكاتُ. والمُصَمِّتُ: الذي يُرْضيك حتى تَسْكُتَ. قال: إنك لا تشكُو إلى مُصمتِ ... فاصْبِرْ على الحِمْلِ الثَّقيل أو مُتِ والصَّمُوتُ: العَسَلُ. قال العباسُ بن مِرْداس: كأنّ صموتاً طافت النحلُ حولها ... تناولها من رأس رهوة شائرُ الرَّهْوَةُ: شِبهُ تلٌّ صغير يكونُ في مُتونِ الأرْضِ وعلى رؤوسِ الجبالِ، وهي مواضعُ الصُّقُورِ والعِقْبان. والشائرُ والمُشْتَارُ: المجتني لِلْعَسَلِ. شُرْتُ العَسَلَ أشُورُهُ شَوْراً، وأشَرْتُهُ أُشِيرُهُ إشارةٌ، واشْتَرْتُ إشتاراً. والشُّورَةُ: الموضعُ الذي تُعَسِّلُ فيه النَّحْلُ إذا دَخَنَها. وقولهم: لِفُلانٍ مالٌ صامِتٌ وناطِقٌ فيه قولان: أحَدُهُما: أنَّ الصامِتَ: الذهب والفِضَّة، والناطقَ: الحيوانُ. والثاني: الناطِقُ: الذي له كَبِدٌ. قال خالدُ بن كُلثوم: الناطِقُ عند العَرَبِ كُلُّ ذي كبدٍ. قال: فما المالُ يُخْلِدُني صامتاً ... [هُبِلْتَ] ولا ناطقاً ذا كبد

وثوبٌ مُصْمَتٌ: لونُهُ واحد لا يُخالِطُهُ غَيْرُهُ. وحَلْيٌ مُصْمَتٌ: لا يُخالِطُهُ غيْرُهُ. وأدْهَمُ مُصْمَتٌ: لا يخالط لَوْنَهُ غيرُ الدُّهْمَة. قال: ألا أبْلغُ أبا إسْحق أني ... رأيتُ البُلْقَ دُهماً مُصْمتاتِ أري عينيَّ ما لم ترْأياهُ ... كِلانا عالِمٌ بالتُّرَّهات وحَلْيٌ مُصْمَت: قدْ نَشِبَ على لابِسِه، فما يتحرَّكُ ولا يَتَزْعزَعُ، مثل الدُّمْلُج والخَلْخالِ، ونحوِه. صَهْ كلمةُ زَجْرِ للسُّكُوت. قالت عائشةُ لما دَخَلتِ البَصْرَةَ وحَصَلَت بالمِرْبَدِ، قالت في هودجها: صَهٍ صَهْ، تُريدُ إسكاتَ القَوْمِ، فسَكَتُوا لِقَوْلِها، ثُمَّ خَطَبَت خُطْبَتَها المْعْرُوفة. ومنه الحديث: "مَنْ لغَا فلا جُمْعَةَ له، ومَنْ قال صَهْ فقد لغا". ومعنى صهٍ: اسكُت: قال: إذا قال حاديهم لتشبيه نبأةٍ ... صهٍ، لم يكُنْ إلا دويُّ المسامع النَّبْأةُ: الصوتُ الخفيُّ لا يُدْرَى مِنْ أينَ هو. قال الحارث ابن حِلِّزَة:

آنسَتْ نَبْأةً وأفْزعَها القَنَّا ... صُ عصراً وقدْ دنا الإمساءُ آنسَتْ، هاهنا: أحَسَّت. والإيناسُ: النَّظَرُ، والإيناسُ: الوجدان، منه {آنَسَ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ} أي: وَجَدَ. 2/ 103 ومنه {آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً} أي: وجدْتُم. وكل شيء من موْقُوفِ الزّجْرِ فالعَرَبُ تَرُدُّهُ إلى الخَفْض، وما كان غَيْرَ مَوْقُوف فالعَرَبُ تتركُهُ على حركة حَرْفِهِ في الوجوه كُلّها. وتُضاعفُ صه للتصريف فيقالُ: صَهْصَهْتُ القَوْمَ ولِلْقَومِ. وقولهم: صاحَ فُلانٌ أي اشْتَدَّ صَوْتُه. والصِّياحُ: صَوْتُ كُلِّ شيءٍ اشْتَدَّ، تقولُ: صاحَ صَيْحَةً وصِياحاً. والصَّيْحَةُ: العَذَابُ. وكُلُّ ذِكْرِ الصَّيْحَةِ في القرآن فهو في ديارهم، والرَّجْفَة في دارِهم، كقوله {فَأَخَذَتْهُمْ الصَّيْحَةُ} {فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ}. وصيحةُ الغَارَةِ: صَيْحَةُ الحيِّ إذا فُوجئوا لها. والصَّائِحَةُ: صَيْحَةُ النّائِحَةِ، يُقالُ: ما تَنْتَظِرون إلا مِثْلَ صَيْحَةِ الحُبْلى: أي شراً يُعاجِلُهُمْ. وقوله {إِنْ كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً} عن ابن عباس قال: يقول تعالى: ما

كانت إلا صيحةً واحدةً من جبريل، قام على باب القريةِ، فصاحَ صَيْحَةً، فخمدوا أجمعين. ويقالُ: صاحَ الغُرابُ ونعَقَ وشَحَجَ وقولهم: أي صاحبي. ويقولون: صاح. الصّدى هو الصَّوْت، وسنَذْكُرُه بَعْدُ، إنْ شاء الله. قال توبةُ بن الحُمَيِّر: فلو أن ليلى الأخيلية سَلَّمَتْ ... عليَّ وفوْقي جَنْدَلٌ وصفائحُ لسَلَّمْتُ تسليم البشاشة من زقاً ... إليها صدىً من جانب القَبْر صائحُ وقولهم: صَرَخَ فُلانٌ أي صاح صيْحَةً شديدةً. والصَّرْخَةُ مِنْ الصِّياح عِنْدَ المُصيبة والفَزْعَةِ. والصَّريخُ: أنْ تأتيَ قوماً فتسْتغيثَ بهم عند الغَارةِ. واسمُ ذلك: الصارخُ والصَّريخُ أيضاً. واسمُ ذلك الصَّوْت: الصريخُ أيضاً. والمصرخ: مصدرُ صرَخْتُ والمصرخ: مصْدَرُ أصْرَخْتُ والمُسْتَصْرِخُ: هو المُسْتَغيثُ

والمُصْرِخُ: المُغيثُ، وقوله {فَلا صَرِيخَ} أي لا مُغيثَ لهم. وقوله {مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ} أي ما أن بمغيثكم وما أنتم بمغيثي. والصريخُ: المُفْزعُ أيضاً، والعَوْنُ، تقولُ: أصْرَخْتُهُمْ إصْراخاً: أي أغَثْتُهُمْ أنْقَذْتُهُمْ. والاصْطِراخُ: التّصارُخُ. وقولهم: صَمَّمَ على كذا أي مضى على رأيِهِ فيه، وأنْفَذَ إرادَتَهُ. وقال حميدُ بنُ ثور: وحَصْحَصَ في صُمِّ الحصى ثَفِناتِهِ ... ودامَ بِسَلْمَى أمْرَهُ ثُمَّ صَمَّما قال المتلمسُ: فأطْرَقَ إطْراقَ الشُّجاع ولو يرى ... مساغاً لناباه الشُّجاعُ لصَمَّمَا وصَمَمُ الأذُنِ: ذَهابُ سَمْعِها. وفي القَناةِ: اكتنانُ جَوْفِها. وفي الحَجَرِ: الصَّلابةُ. وفي الأمْرِ: الشدّة. وفِتْنَةٌ صَمَّاءُ. والصِّمَّةُ: من أسماءِ الأسَدِ. وقولُهُم: صَمَامِ صَمَامِ، على معنيَيْنِ:

على: تَصَامُّوا في السُّكوتِ. وعلى: احْمِلوا في الحَمْلَةِ. 2/ 104 والتَّصْميمُ: المُضِيُّ في الأمر. وصَمَّمَ الشُّجَاعُ في عَضَّتِهِ: إذا ثَبتَ. وفُلانٌ من صَميمِ قَوْمِهِ: أيْ مِنْ خالِصِهِمْ وأصْلِهِمْ. والصَّمْصَامَةُ: السَّيْفُ القاطعُ، وأوّلُ مَنْ سَمَّاهُ بذلك عمرو بنُ معدي [كرب] حيثُ وَهَبَ سَيْفَه ثُمَّ قال: خليلي لم أخُنْهُ ولم يَخُنّي ... على الصَّمْصَامَةِ السَّيْفِ السَّلامُ ومِنَ العرب من يَجْعَلُهُ اسم معرفة للسَّيْف فلا يَصْرِفُهُ، كقوله: تَصْميمَ صَمْصَامَةَ حَيْثُ صَمَّما وصَميمُ الحَرِّ والشتاءِ: أشَدُّهما حَراً وبرْداً. وصْوتٌ مُصِمٌّ: يُصِمُّ الصِّماخَ. والسِّماخُ لغةٌ في الصِّماخ، ولغة تميم: الصَّمْخُ والصّماخ. وقولهم: أصَمَّ اللهُ صَدَى فُلان أي أماتَهُ اللهُ حتى لا يُسْمَعَ لصوتِهِ، إذا صاحَ في بَيْتٍ أو صحراء، صدىً.

والصدى: الصَّوْتُ الذي يَسْمَعُهُ الصَّائحُ في البيتِ الخالي والصَّحْراء مثل صوته. والصَّدى ينقسمُ على خمسةِ أقسام: صدأ الحديد، مهموز، ويكتبُ بالألف، قال: صدأ الحديد على أنوفِهِمُ ... يتَوَقَّدُونَ توَقُّدَ النَّجْمِ والصَّدَى: جوابُ الصَّوْتِ، مقصور ويُكْتَبُ بالياء. وكذلك الصَّدى: ذَكَرُ البُوم. قال: عَطْشى يُجاوِبُ بُومُها صوتَ الصدى ... والأصْرَمانِ بها المُقيمُ العازِبُ الأصْرَمان: الذِئْبُ والغُراب. وقيل: الصَّدى: طائِرٌ لَيْسَ بِذكَرِ البُومِ، تتشاءَمُ به العَرَبُ، ويَزْعُمُ بَعْضُهُمْ أنه يَجْتَمعُ مِنْ عِظامِ الميت، وجمعه أصداء. قال توبةُ بن الحُمَيِّر: لسلَّمْتُ تسْليمَ البشاشَةِ أو زقا ... إليها صدىً مِنْ داخِل القَبْرِ صائحُ قال لبيد يَرْثي أخاهُ زيداً: فلَيْسَ الناسُ بَعْدَكَ في نَقيرٍ ... ولا هُمْ غيْرُ أصْداءٍ وهامِ قال ثابت وابنُ الأعرابي: الصَّدى: جِسْمُ الإنسانِ إذا ماتَ. والصّدى: الدّماغ نَفْسُهُ. ويُقالُ: بل هو الموْضِعُ الذي يُجْعَلُ فيه السَّمْعُ من الدّماغ. والصّدى: صَدى الصَّوْت، يقول امرؤ القيس في وَصْفِ الدّارِ التي تُكَلَّمُ فلا تُجيب ولا يُسْمَعُ لها صَدىً:

صَمَّ صَدَاها وعَفَا رسْمُها ... واسْتَعْجَمَتْ عن مَنْطِقِ السَّائِلِ والصَّدى: طائرٌ يَزْعُمُ العَرَبُ أنّ الرَّجُلَ إذا ماتَ خرجَ من رأسهِ، واسمه الصَّدى، فيصيحُ عليه: وافُلاناه، فقال النبي صلى الله عليه [وسلم]: "لا صَدَى ولا هامة" أي أنّ ذلك كَذِبٌ وباطِلٌ. والصَّدى: العَطَشُ الشديدُ، ولذلك تَنْشَقُّ جَبْهةُ مَنْ يموت عطشاً. قال طرفَةُ بنُ العبد: كريمٌ يُرَوّي نفسَهُ في حياتِهِ ... سَيَعْلَمُ إنْ مُتنا غداً أيُّنا الصَّدي ويُقالُ: عَطْشانٌ صَدٍ، وعَطِشٌ صَدٍ. قال النابغة: زَعَمَ الهُمامُ ولم أذُقْهُ بأنَّهُ ... يُسْقَى بريقِ لثاتها العَطشُ الصَّدِي وتُكْتَبُ بالياء. يُقال: قَدْ صَدِيَ الرَّجُلُ صدىً: إذا عَطِشَ، 2/ 105 ورجُلُ صَدٍ وصادٍ وصَدْيان، وامرأةٌ صَدِيَةٌ وصادِيةٌ وصَدْياء وصَدْيانَة، أي: عَطْشانة. قال عبيد الله بن عبد الله بن مسعود: ولمْ يقْضِ جيراني لُبانةَ ذي الهوى ... ولم يَرْعَووا مِنْ طُولِ تَحْلِيةِ الصّدي وفي نُسْخةٍ: يَرِعُوا. ويُقال: فُلانٌ صدى آبال وصدى مال: أيْ حَسَنُ القِيامِ على إبلِهِ وماله. قال:

ألا إنّ أشْقَى النّاسِ إن كُنْتَ سائلاً ... صدى إبلِ يُمْسي ويُصْبحُ غاديا وهو في هذا المعنى مقصور يُكْتَبُ بالياء. وصَدَّاء، ممدودة مُشَدَّدة: بِئرٌ لَيْسَ في الأرض ماءٌ أطْيَبُ منْ مائها، وهي مَشْهورةٌ في العَرَبِ، قد ذكَرَتْها الشُّعَراءُ في أشْعارِها وضَرَبَتْ المثلَ بها. قال ضرار بن عُتْبَةَ السَّعْدي: فإني وتهيامي بزينب كالذي ... يحاول من أحواضِ صداءَ مشربا يرى دُونَ بَرْدِ الماءِ هولاً وذادةٌ ... إذا جاء صاحُوا قَبْلَ أن يتَجنَّبا أي: قبل أن يمتليء. كما قال الآخر: حتى إذا ما غيرُها تحَبَّبا وفي مَثَل: ماءٌ ولا كصداء. وقائِلُ هذا: القَذُور بنتُ قَيْس بن خالد ذي الجدين الشَّيْباني في زَوْجها لقيط بن زرارة، وله حديثٌ طويلٌ تركْتُه. قال أبو بكر: (الماءُ) مرتفعٌ بإضمارِ (هذا)، ويجوزُ: فبعثْتُ جاريتي فقُلْتُ لها اذهبي ... قولي مُحِبُّكِ هائماً مخْبُولا أراد: هذا مُحِبُّكِ. آخر: أأنْتَ الهِلاليُّ الذي كُنْتَ مرةً ... سمِعْنا به والأرْحَبِيُّ المُعَلَّفُ

أراد: هذا الأرْحَبيّ. فأمّا النَّصْبُ فأكثرُ ما يُسْتَعْمَلُ مع الاستفهام، كقولهم: أقائماً والناسُ قد قعدوا؟! أساكتاً والناسُ قد تكلَّموا؟! بمعنى أراك ساكتاً، أتكونُ ساكتاً؟ وقدس معوا في غير الاستفهام: وراكبها عَلِمَ اللهُ. حامِلَها عَلِمَ اللهُ، على معنى: أراك راكِبَها. والصَّداةُ: فِعْلُ المُتَصَدّي، وهو الذي يَرْفَعُ راسَهُ وصدْرَه. تقول: جَعَلَ فُلانٌ يَتَصَدّى لِلْمَلِكِ لينْظُرَ إليه. والتَّصْدِيَةُ: ضَرْبُكَ يداً على يدٍ ليَسْمَعَ صَوْتَ ذلِكَ إنْسانٌ، وهو مِنْ فِعْلِ النّساءِ، والفِعْلُ: صَدَّى يُصَدّي. والتَّصْدِيَةُ: التصفيقُ بالأيدي، وكانُوا في الجاهلية يَفْعَلُونَ ذلك في الطَّواف بالبيت وهم عُراةٌ، قال اللهُ عَزَّ وجَلَّ {وَمَا كَانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلاَّ مُكَاءً وَتَصْدِيَةً}. والمُكاءُ: الصَّفيرُ، والتّصْديَةُ: التصفيقُ. وقالت امرأةٌ في طوافِها وهي عريانة: اليَوْمَ يَبْدُو بعضُهُ أو كُلُّهُ ... وما بدا مِنْهُ فلا أُحِلُّهُ قال حسانُ بن ثابت: نقومُ إلى الصلاةِ إذا دُعينا ... وفِعْلُكُمُ التَّصَدّي والمكاءُ [الصَّيَدُ] والصَّيَدُ مَصْدَرُ الأصْيَد، وهو على معنَيْين:

مَلِكٌ أصْيَدُ: لا يَلْتَفِتُ إلى الناس يميناً ولا شمالاً. 2/ 106 والأصْيَدُ: مَنْ لا يُطيقُ الالتفاتَ مِنْ داءٍ أو نحوه. والفِعْلُ: صَيِدَ يَصْيَدُ. وأهلُ الحجازِ يُثْبِتُون الياءَ والواوَ فيما كانَ على أفْعَل وفَعْلاء نحو ضَيِدَ وعَوِرَ. وغيرُهُمُ يقول: صادَ يَصَادُ وعارَ يَعارُ. ودَواءُ الصَّيَدِ أن يُكْوى مَوْضعٌ من العُنُقِ، فيذهب الصَّيَدُ. والصَّيْدُ: ما كانَ مُمتَنِعاً، ولم يكُنْ له مالكٌ، وكانَ حلالاً أكْلُه، فإذا اجتمعت فيه الخِلالُ فهو صَيْد. قولهم: صادَتْ فلانةُ قَلْبَ فُلان، من الصَّيْد، فهو استعارة. [الصَّدِيدُ] والصَّديدُ: الدَّمُ المُخْتَلِطُ بالقَيْح في الجُرْح. يُقالُ: إصْدادُ الجُرْح. والصُّدادُ: ضَرْبٌ من الجُرْذان. والصُّدودُ: ضِدُّ الوِصال. والصَّدُّ: مَصْدَرُ صَدَّ يصُدُّ صَداً، وهو الإعْراضُ. وصَدَّ يَصِدُّ صُدوداً وهو شِدَّةُ الضَّجيج. وفي القُرآن: {إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ} أي يَضِجُّون.

وصَدَدْتُ فلاناً عنْ كذا: أي عدَلْتُهُ عَنْهُ. والصَّدَدُ: ما اسْتَقْبَلَكَ، تقولُ: هذهِ الدّارُ على صَدَدِ هذه، أي: قُبالَتَها. وقَوْلُهُمْ: قَدْ صَرّحَ فُلانٌ بهذا أيْ قَدْ كَشَفَهُ وَبَيَّنَهُ، أُخِذَ من الصريح، وهو عندهم: اللَّبَنُ الخالِصُ الذي لا يُخَالِطُهُ غيرُهُ. قال: دعاها بشاةٍ حائل فتحلَّبَتْ ... له بصريح ضَرَّةُ الشَّاةِ مُزْبِدِ والصريحُ مِنَ الخَيْل والرّجال: مَحْضُ النَّسَب. ويُجْمَعُ الرّجالُ على: الصُّرَحاء، والخَيْلُ على: الصّرائح. وخَمْرٌ صُراح، وكأسٌ صُراح: إذا لَمْ تُمْزَجُ. قال: وكأسٍ صُراحِ لم تُشبْ بمزاجِ وتقولُ: جاءَ الكُفْرَ صُراحاً: أي جهاراً. وتكلّمْتُ بكذا صُراحاً. والصَّرْحُ: بَيْتٌ مُفْرَدٌ ضَخْمٌ طويلٌ في السَّماءِ، وجمْعُهُ: صُروح. والصَّرْحُ: قَصْرٌ، وكُلُّ بناءٍ مُشِْرفٍ مِنْ قَصْرٍ وغَيْرِه هو صَرْح. [الصَّلَفُ] الصَّلَفُ: مُجاوزَةُ قَدْرِ الظَّرْف والبَراعةِ، والادّعاءُ فوقَ ذلك. وفي المَثَلِ: رُبَّ صَلَفٍ تَحْتَ الرّاعدة. إذا لم يكُنْ فيها مَطَر. قال:

لا تَنْبُ عنّي بأنْ تَرَى خَلَقي ... فإنّما الدرُّ داخلَ الصَدَفِ علمي جديدٌ وملبي خلقٌ ... وإنما اللبسُ مُنتهى الصَّلَفِ وطعامٌ صَلِفٌ: وهو كالمسِيخ لا طَعْمَ له. والصَّلْفُ: نَعْتٌ للذَّكَرِ. وإذا لم تَحْظَ المرأةُ عِنْدَ زَوْجِها وأبْغَضَها قيل: صَلِفَتْ عنده تَصْلَفُ صَلَفاً. وامرأةٌ صَلِفَةٌ مِنْ نساءٍ صَلِفاتٍ وصلائف. قال القطامي: لها رَوْضَةٌ في القلب لم ترع مثلها ... فروكٌ ولا المستعبراتُ الصلائفُ وقولهم: قد تَصَلَّفَ الرَّجُلُ، وفيه وجهان: أحدهما: قَلَّ خَيْرُهُ ومَعْرُوفُه. وأصْلُ الصَّلَف: قِلَّةُ الترك، يُقالُ: إناءٌ صَلِفٌ: إذا كان قليلَ الأخْذِ مِنَ الماء. والوجْهُ الآخر: تَصَلَّفَ: تَبَغَّضَ، مَنْ: صَلَفَ الرجُلُ زَوْجَتَهُ يَصْلِفُها صَلَفاً: إذا أبْغَضَها. ورجُلٌ صَلِفٌ لامْرأتِهِ: أيْ مُبْغِضٌ لها، فإذا أبْغَضَتْهُ قيل: فَرَكَتْهُ تَفْرَكُهُ فِرْكاً. وهذا في بابِ الفاءِ أكثرُ شرحاً إنْ شاءَ الله. والعامَّةُ تَغْلَطُ في الصَّلَف فتَضَعَهُ مَوْضعَ التّيهِ والحُمْق، ولَيْسَ كذلك إنما هو ما ذكَرْتُه. 2/ 107 والصَّلِيفانِ: صَفْحَتا العُنُق.

الصُّورُ فيها قولان: أحدُهُما: قيل: هو قَرْنٌ يُنْفَخُ فيه، ورُوِيَ ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم. قال الشاعر: نطحاً شديداً لا كنطْحِ الصُّورَيْنِ أي القَرنَيْن. قال قتادة: الصُّورُ جمعُ صُورةَ. قال: ومعنى نُفخَ في الصُّور: أي في الصُّوَرِ للأرواح. وعَنْ أبي هُريرة أنه قرأ {يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ}. وقال أصحابُ هذا القول: صورةٌ وصُوَر بمنزلة سُورة وسُوَر، لِسُوَرَةِ البِناء. وأكْثَرُ أهْلِ العِلْم على القَوْلِ الأوّل. والصَّوَرُ: الميل، والرَّجُلُ يَصُورُ عُنُقَهُ إلى الشيء: إذا مال نَحْوَهُ بها وبِوَجْهِهِ. والنّعْتُ: أصُوَر. قال: وقُلْتُ لها غَضِّي فإني إلى التي ... تُريدين أن أحنو بها غيرَ أصْوَرا والفِعْلُ: صَوِرَ.

والصَّوْر: النَّخْلُ الصِّغار، لم أسْمَع مِنْهُ واحداًز والصُّوار: القطيعُ من البقر، والعدد: أصْوِرَةً، والجميعُ الصِّيران. والصِّيرُ: الشَّقُّ. وفي الحديث: "مَنْ نَظَرَ في صِيرِ بابٍ ففُقِئتْ عَيْنُهُ فهي هدَرٌ". قال كعبُ الغنوي في الصُّوار: سُحَيْراً وأعْجازَ النُّجُومِ كأنها ... صُوارٌ تَدَلَى من سواء أمين ويقال: أنا على صير حاجتي: أيْ على طرفٍ منها. قال زهير: وقد كُنتُ من سَلْمى سنيناً ثمانياً ... على صير أمرِ ما يمُرُّ ولا يحْلُو أيْ: لا يتمُّ ولا يَنْقَطعُ. والصِّيرُ: السَّحْناهُ، ويُرْوى عن سالم عبن عبد الله أنه مَرَّ عليه رَجُلٌ معه صِيرٌ، فَلَعَقَ فيه، ثُمَّ سأل: كيفَ يُباعُ؟ والصَّحْناهُ بوَزْنِ فَعْلاه، إذا ذَهَبَ عنها الهاءُ دخَلَها التنوينُ، ويُجْمَعُ على: الصَّحْنا، بِطَرْحِ الهاء. وأما قول كَعْب فشبه النجومَ في السَّحَرِ بقطيع البقر. وصيرُ كل شيء [و] أمْر: مَصيرُه. والصَّيْرورَةُ: مَصْدَرُ صارَ يَصيرُ.

قال بعض: صَيُّور الأمْرِ: آخِرُهُ، يُقال: صارَ صيُّورَهُ ومَصِيرَهُ إلى كذا. قال الكميتُ يمدح عبد الملك: ملكٌ لم يُضيع الله بدالٍ ... ولم يُضِعْ صَيورا وصارَةُ الجَبَلِ: رأسُه. وقولُهُمْ: قد صَعِقَ الرّجُلُ فيه قولان: قيل: قدْ غُشِيَ علَيْهِ. وقيل: ماتَ. والأول أشْهَرُ وأكثرُ. قال الله {وَخَرَّ مُوسَى صَعِقاً} أي مغشياً عليه. وقيل: ميتاً، والأولُ هو الأكثرُ. وصُعِق الرَّجُلُّ: أصابتهُ صاعِقَةٌ، وهي العذاب. وتميمُ تقول: صُقِعَ، وناسٌ من ربيعة تقول: السَّاعقة. وغيرهم يقول: الصَّاعقة، وهو أحْسَنُ، لأنّ الصَّعْقَ: الصوت. ويقولون: الصَّاقِعَةُ والصَّواقعُ، قال: أعدَّ اللهُ للشعراءِ مني ... صواقعَ يُخْضِعُونَ لها الرقابا قال: وأنْشَدَ الفراء: ترى الشَّيْبَ في رأسِ الفرزدق قد علا ... لهازم قردٍ رنحتْهُ الصواقِعُ

والصَّقْعة معناها في كلامهم: الغَشْيَة. قرأ عمر، رحمه الله، {فَأَخَذَتْهُمْ الصَّاعِقَةُ وَهُمْ يَنظُرُونَ} يريدون: الغشية. وقيل: الصاعِقَةُ: الموْتُ. وقيل: كُلُّ عَذابٍ مُهْلِك، منه {فَأَخَذَتْهُمْ الصَّاعِقَةُ وَهُمْ يَنظُرُونَ}. وفيها ثلاثُ لغات: صاعِقَةٌ وصَعْقَةٌ وصاقِعَةٌ. قالك 2/ 108 يحكُونَ بالمصْقُولةِ القواطع ... تشقق البرقِ عن الصواقع وقال بعضُ اللغويين: الصاعِقَةُ: العَذابُ، والصَّعْقَةُ: الغَشْيَةُ. ويُقال في جمعها: صَعٌات. وقريء {فَأَخَذَتْهُمْ الصَّاعِقَةُ} أي: الصَّيْحةُ الشديدةُ. وتكونُ بمعنى السَّقْطَة مِنْ شدةِ الصَّيْحَةِ وهَوْلِها. ومن قرأ {الصَّاعِقَةُ} فهي واحدةُ الصواعِق. والمعنى الأولُ أحبُّ إلينا، لأن صاعِقةً واحدةً لا تقتُلُ الناسَ كُلَّهُم. وصَعْقَعَ الغرابُ وصَقَعَ. قال جرير: يناشدني النصرَ الفرزْدَقُ بعدما ... ألحت عليه من جرير صواقعُ وله: ألم ترَ أنَّ المُلْحِدين أصابهُمْ ... صواقعُ لا بل هُنَّ فوقَ الصواقع

وهذا مما يُسْتَعْمَلُ مقلوباً كما: جذَبَ وجَبَذَ، وأرغل وأغرل. وقال الزجاج في قوله تعالى: {فَأَخَذَتْهُمْ الصَّاعِقَةُ} قال: معنى الصاعقة: ما يُصْعَقُون منه: أي يموتون، فماتوا. والدليلُ على أنهُمْ ماتوا قوله {ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ} في هذه الآية ذكر البعث بعد الموت وقع في الدنيا مثل قوله: {فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ} ومثله {فَقَالَ لَهُمْ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ} وذلك احتجاجٌ على مشركي العربِ الذين لم يكونوا موقنين بالبعث. والصَّقْعُ: الضّرْبُ ببسْطِ الكفّ. والسَّقٍْعُ لغةٌ فيه. ويُقال: صَقَعْتُ رأسَهُ بيدي. والديكُ يصْقَعُ بصوتِهِ، بالصاد، وهي أحسنُ، والسنُ جائزٌ. والصَّقيعُ: الجليدُ الذي يقع من السَّماءِ فيحسر النَّبات أي يحرقه، بالصاد أحسنُ، والسينُ قبيح. والصَّوْقَعَةُ: وسط الرأس. ويُسمى كُلُّ ما وقع على ذلك الموضع من عمامةٍ أو رداءٍ أو خمارٍ صوْقَعةً، وهو أسْرَعُهُ وسخاً. وتقولُ: سَوْقَعَة، بالسين، وهو أحسن. الصَّوْمَعة سُمِّيَتْ صَوْمَعةً لضُمُورها وتدقيق رأسِها، مِنْ قَوْلِ العَرَبِ:

ثريدةٌ مُصَمَّعة: إذا دَقَّقَها وأحَدَّ رأسها. ويُقالُ: خرَجَ السَّهْمُ مَتَصَمِّعاً بالدم: إذا تَلَطَّخَ فضمُرَت قُذَذُهُ. قال امرؤ القيس: وساقان كعْبَاهُما أصمعا ... ن لَحْمُ حماتيهما مُنْبَتِرْ الحَمَاةُ: عَضَلَةُ السَّاق، والعَرَبُ تَسْتَحِبُّ انْبِتارها. وأذنٌ ضَمْعاء: لطيفةٌ لاصِقةٌ بالرأس. وكَبْشٌ أصْمَعُ ونَعْجةٌ صَمْعاء. ورَجُلٌ أصْمَعُ القَلْب: إذا كان حادَّ الفِطْنَة. والأصْمعان: القَلْبُ الذكيُّ والرأيُ الحازِم. واسمُ الأصمعي: عبد الملك بن قُرَيْب، سُمِّيَ الأصْمَعِيَّ إمّا لحدَّةِ قَلْبِهِ وإمَّا لِصِغَرِ أُذُنِهِ. ورجُلٌ أصْمَعُ وامْرأةٌ صَمْعاءُ الكعْبَين: إذا لَطُفَ كعْبُهما وتحَدَّد. وظَليمٌ أصْمَعَ ونعامةٌ صَمْعاء وقناةٌ صَمْعاء: إذا لَطُفَ عُقَدُها واكْتَنَزَ جَوْفُها. ورُمْحٌ أصْمَع. وإذا اكتَنَزَت البَقْلَةُ وارتَوَتْ قيل لها: صمعاء. قال رميم: رعَتْ بارِضَ البُهْمي جميماً وبُسْرَةً ... وصَمْعاءَ حتى آنفَتْها نِصالُها البُهْمي: نباتٌ يَنْبُتُ في السَّهْلِ، والبارضُ: أوَّلُ ما 2/ 109 يَتَبَرَّضُ منه أي يَظْهَرُ ويَطْلُع. والجَميمُ: نباتٌ كثيرٌ كالجُمَّةِ للرأس. والبُسْرَةُ: نباتٌ لم يُدْرك. وهو الغَضُّ مِنْ كُلِّ شيء.

وقولهم: أصابَ الصَّوابَ فأخطأ الجواب معناه: أراد الصواب. قال الله تعالى {تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ} أي حيثُ أراد. قال: وغيرها ما غير الناس قبلها ... فباتتْ وحاجاتُ النفوس تُصيبها أي: تريدها. ولا يجوزُ أن تكون أصاب الصَّواب الذي هو ضد الخطأ، لأنه لا يكونُ مُصيباً ومُخْطِئاً في حالٍ واحدةٍ. والصُّيَّابُ والصُّيَّابَةُ: أصلُ كُل قوْمٍ، والخيارُ من كل شيء. والصَّيِّبُ: السَّحابُ ذو صَوْب، ومنه {أَوْ كَصَيِّبٍ مِنْ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ} يريد: السَّحاب. وصابَ الغيثُ موضع كذا يصُوبُ صوباً. قال علقمة: كأنهُمُ صابتْ عليهمْ سحابةٌ ... صواعقها لطيرهن دبيبُ صابَ يصُوبُ: لما جاءك مِنْ فوق يقول: طيْرُها ما أفْلَتَ مِنْهُ لم تقتله الصواعِقُ بقى يدبُّ لا يَقْدِرُ على الطيران. والصَّوْبُ: المَطَرُ.

والصَّبْوُ والصُّبُوَّةُ والصَّبْوَةُ: هي جَهْلَةُ الفُتُوَّةِ واللَّهوِ والغزلِ. ومنه التصابي والصَّبا والصَّبي. وقد صبا فلانٌ إلى فلانةٍ صبْوَةً. قال: ألمْ تعلمي يا ربةَ الخدر أنني ... صبوتُ إليكم والشقيُّ الذي يصبو وصبا في اللهْوِ يَصْبُو صَباءً، ممدود. وصبَتِ الريحُ تصْبُو صَبَاً، مقصور، وهي ريحُ الصَّبا التي تَسْتَقْبِلُ القِبْلَةَ، سُمِّيَتْ بذلك بمعنى أنَّها تحِنُّ إلى البيت لاستقبالها إياه، من صَبَا إلى الشيءِ يصْبُو: إذا اشتاقَ إليه وحَنَّ. وقال المجنون: أيا جبَلَيْ نُعْمان بالله خليا ... سبيل الصبا يخلُصْ إلى نسيمها فإن الصبا ريحٌ إذا ما تنسمت ... على نفس مغموم تجلت غمومها والصَّبْوَةُ: جماعةُ الصبيان، والصِّبْيَةُ لغةٌ، والمصدرُ الصبي. رأيتُ فلاناً في صباه: أي في صغره. صبي يصبي صِباً. وامرأةٌ مُصْبٍ: كثيرةُ الصبيان. والصابئون: قومٌ من النصارى يُشبِهُ دينُهم ديِنَهُمْ إلا أن قِبْلَتَهُم منْ نَحْوِ مهَبٍّ الجنوب حيالَ منتصفِ النهار، ويزعُمون أنهم على دين نوح عليه السلام. وقولهم ألْيَنُ مِنْ قولِ النصارى، سُموا صابئين لخروجهم من دين إلى دين، يقال: صبأ فُلانٌ، مهموز، ويُقال: صبأ نابُ البعيرِ وصبأ النجْمُ وأصْبأ: إذا طَلَعَ. وصبأتِ الثَّنِيَّةُ طلعها، وصبأتْ ثَنِيَّتُهُ: إذا طَلَعَتْ.

والصَّابُ: عُصارةُ شجرةٍ مُرَّة، وقيل: هو عُصارةُ الصَّبْر. قال مرار: لم يضرني ولقدْ بلغتُهُ ... قطع الغيظ بصابٍ وصبرْ وكانت قريش تُسمي النبي صلى الله عليه [وسلم] صابئاً، ويسمُّونَ أصحابَهُ كذلك، لخروجهم من دين إلى دين. وقولهم: قُتِلَ فُلانٌ صَبْراً معناه: حَبْساً. ومنه الحديثُ "نهى أنْ تُصْبَرَ البَهيمةُ ثمَّ تُرْمى حَتى نُقْتَلَ"، وحديثٌ آخر "نهى عنْ قتْل شيءٍ من الدوابِّ صبراً"، وحديثٌ آخر "أنَّ رجُلاً أمْسَكَ رجُلاً، وقتَله آخر، فقال النبي صلى الله عليه [وسلم]: اقتُلوا 2/ 110 القاتِلَ واصبروا الصابرَ" فمعناه: واحبسوه حتى يموت كما حبس الذي ماتَ قَبْلَهُ. ومنه الصَّوْمُ، سُمّيَ صَبْراً لأنَّهُ حَبْسُ النَّفْسِ عن المطْعَمِ والمَشْرَبِ وغيرِهِ. قال الله تعالى {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ} قال مجاهد: الصَبْرُ: الصوم، ويقالُ: صَبَرْتُ نفسي على الأمْرِ: إذا حَبَسْتُها. قال: فصَبَرْتُ عارِفةً لذلك حُرةً ... تَرْسُو إذا نفْسُ الجبانِ تَطَلَّعُ ويقالُ: نفْسٌ صابرةٌ وصَبُور، وعارفة وعَرُوف. قال:

نفْسٌ عَرُوفٌ إذا ما أكرمتْ ألِفَتْ ... وإنْ تَرَ الهَوْنَ لا تألَفْ على الهَونِ أرادَ بالعروف: الصابرة. ويُقال: بهيمةٌ مصبورةٌ أي محبوسة. وقد اسْتَحْلَفَ القاضي فلاناً يميناً صبراً: أيْ حَبَسَهُ وألْزَمَهُ اليمين، فإنْ حَلَفَ مِنْ غيْرِ أنْ يَحْبِسَهُ ويُلْزِمَهُ اليمين، لم يُقلْ: حَلَفَ صَبْراً. والصَّبْرُ: نقيضُ الجزَع. والصَّبْرُ: نصْبُ الإنسان للْقَتْل. يُقالُ: هُوَ يُصْبَرُ صَبْراً وهو مَصْبُور. قيل: لا يشْهَدَنَّ أحدُكُمْ قَتْلَ الصَّبْرِ فتناله السخطة. وكلُّ من حَبَسْتَهُ لِقَتْل أو يمين فَقَدْ صَبَرْتَهُ، وهو قَتْلُ صَبْرِ ويمينُ صَبْر. والصَّبِر: عُصارةُ شجرةٍ ورَقُها كَقُرُبِ السَّكاكين طوالٌ غِلاظٌ في خُضْرَتِها غُبْرَةٌ وكُمْنَةٌ ويخرجُ ف يوسطها ساقٌ عليه نورٌ أصْفَرُ (تَمِهُ الريحُ كريههُ). وصُبْرُ كُلِّ شيءٍ: أعلاه، ويُقالُ: جانبُه. ويقالُ: صبر وبصر، كما يقال: جذب وجبذ. وصَبِيرُ القَوْم: الذي يَصْبِرُ لهم في أمُورهم. [الصَّرَّةُ] الصَّرَّة: الصَّيْحَةُ.

والصَّرَّةُ: شِدَّةُ الصِّياح. وقوله تعالى {فَأَقْبَلَتْ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ}. قال السجستاني: شدةِ صوت. قال ابن عباس: في ضجّةٍ. وإقبالُها في الصَّرَّة: أخذُها فيها، ولا يعني أنها أقْبَلَتْ، ولم يَقُلْ مِنْ مكانٍ إلى مكان فقالت: آوه. ومِثْلُهُ: أقْبَلَ فلانٌ يقولُ كذا: أي أخذَ يقولُ ذلك، لا أنه قاله وهو مُقْبِلٌ بوجهه إليه. وقال الحسن: قالتْ: ألا إليَّ ألا إليَّ! قال أبو عبيدة: صَرَّة: شِدَّة صوْت. قال القتبي: صَرَّةٌ: صَيْحةٌ. ولم تأتِ مِنْ موضع إلى مَوْضع، إنما هو كقولك: أقْبَلَ يتكلَّمُ، وأقْبَلَ يَصيحُ. ووجدت عن بعض يقولُ: في صَرَّة: أي في جماعة، واللهُ أعلمُ. والصِّرُّ: البَرْدُ. والإصْرارُ: العَزْمُ على الأمْرِ والشيء لا يُهَمُّ بالقُلوع، منه {وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ}. وأصِرّى على وزن أفْعِلي: اسم من الإصرار.

وأصَرَّيْتُ الشيء: قطَعْتُه ومَنَعْتُه، ومنه قولهم: هو مِنّي أصِرَّى: أي عزيمة. الأحمر: هي مني صِرَّى وأصِرَّى وصِرِّي وأصِرِّي. قال الخليل: قال بعضهم: هذه كلمةٌ من أصِرَّي [أي] جِدٌّ. وقال آخر: هي مِنْ أصَرَّي [أي] جِدٌّ، وخُفِّفَ أصِرَّي: أي كانتْ مني عزيمةٌ. وهي لغات. والصَّرُورَةُ من الرجال والنساء: الذي لم يحج الفريضة ولا يريد التزويج البتة. وصَرَّ الحِمارُ: إذا سوى أذُنَهُ، منْ غير أن يذكر الأُذُنَ. 2/ 111 وصَرَّتْ أُذُني صريراً: إذا سَمِعَتْ صوتاً. [الصَّرى] والصَّرَى: الماءُ الذي طالَ مكْثُهُ وتغَيَّرَ. وهذه نُطْفَةٌ صَراةٌ. وقد صَرَى فلانٌ الماء في ظهره زماناً: [أي حبسه].

والصَّرَى: الدَّمْعُ، واللَّبَنُ، وهو أنْ يجتمع الدمْعُ فلا يجري، وترْكُ اللبَنِ حتى يفْسُدَ طَعْمُهُ: تقولُ: شرِبْتُ لبناً صريّ. قالت الخنساء: فلَمْ أمْلِكْ غداة نعيُّ صخرِ ... سوابقَ عبرةٍ حلبتْ صراها وأصْرَتِ الناقةُ: إذا اجْتَمَعَ لَبَنُها في ضَرْعها. وهو ماءٌ صرِيٌّ وصرى، لغتان. وقد صَرِيَ يَصْرَى، وصَرَيْتُ ما بَيْنَهُمْ: أصْلَحْتُهُ. والصَارِي: هو الملاح، مثل: العاصي، يُجْمَعُ على صُرَّاءِّ على غَيْرِ قياس. وقولهم: قَدْ صَكَّ فُلانٌ وَجْهَ فُلان أي ضَرَبَهُ. والصَكُّ: ضَرْبُ الشيء بالشيء العريض ضَرْباً شديداً. قال الله تعالى {فَصَكَّتْ وَجْهَهَا}. قال ابن عباس: وضعت يديها على جبينها. قال السجستاني والقتبي: ضربتْ وجْهها بجمع أصابعها. والصَّكَكُ: اصطكاكُ الركبتين. والنَّعْتُ: رَجُلٌ مُصْطَكٌّ. والصَّكُّ: الكتابُ الذي يُصَكُّ للشِّراءِ، وفِعْلُهُ يَصُكُّ صَكَّاً. وقد صُكَّ البابُ: إذا أُغْلِقَ.

[الصُّنْبور] الصَنْبُورُ: اليتيمُ. وفي الحديث "إنّ قريشاً كانوا يقولونَ إنّ محمداً صلى الله عليه وسلم صُنْبور". قال أبو عبيد: الصُّنْبُورُ: النَّخْلَةُ تخرجُ في أصْلِ النَّخْلة الأخرى لم تُغْرَس. قال الأصمعي: هي النخْلَةُ تَبْقى مُنْفَردةُ ويَدِقُّ أسْفَلُها. ولقيَ رَجُلٌ رَجُلاً من العَرَبِ، فسألهُ عنْ نَخْلةٍ، فقال: صَنْبَرَ أسْفَلُهُ وعَشِشَ أعلاه. أي: دَقَّ أسْفَلُهُ وقلَّ سَعَفُهُ ويبِسَ. قال أبو عُبيد: فشبّهوهُ بها، يقولون: إنَّهُ فَرْدٌ ليس له ولَدٌ ولا أخٌ فإذا مات انقطعَ ذِكْرُهُ. وقولُ الأصمعي أعجَبُ إليَّ مِنْ قول أبي عُبَيدة. قال أوس بن حجر يعيبُ قوماً: مُخَلَّفُونَ ويَقْضي الناس أمرهُمُ ... غُشُّ الأمانة صُنْبُورٌ فَصُنْبُور ويروى: غشو الأمانة: ويُروى: غشي الملامة، أي: الملامة تغشاهم. والغَشَّةُ من الشَّجر: الدقيقةُ القُضْبان المتفرقة التي أثكلت مِنْ أعلاها وصُنْبِرَ أسْفَلُها، والجميعُ غشَاتٌ. قال جرير:

فما شجراتُ عيصك في قريش ... بغشاتِ الفروع ولا ضواحي قال أبو عبيد: في (غش) ثلاثة أوجه: غشواً وغش وغُشّي. يقال: رجلٌ غُش: ضعيفٌ لا أمانة له. والصُّنْبورُ في غير هذا: قصبةُ الإداوة من حديدٍ أو رصاصٍ أو غيره. والصَّنَوْبَرُ: شَجَرٌ أخضر شِتاءً وصيفاً. [الصِّهْرُ] الصِّهْرُ: الخَتَنُ: والمُزَوَّجُ إليه صِهْرُ الخَتَنِ. ولا يقالُ لأهْلِ بيت الرَّجُل [إلا] أخْتان، ولا لأهل بيتِ المرأةِ إلا أصْهار. ومِنَ العَرَب من يجْعَلُهُمْ أصْهاراً كُلَّهُم وصُهَراء. والفِعْلُ المُصاهرة. 2/ 112 والصِّهْرُ: حُرْمَةُ الخُتونَةِ. والخَتَنُ: الصِّهْرُ، تقول: خاتَنْتُ فلاناً مُخاتَنَةً، وهو الرَّجُلُ المُتَزَوِّجُ في القوْمِ، والأبوانِ أيضاً ختنا ذلك المُتَزَوِّج. والرجُلُ خَتَنُ المرأةِ، والمرأةُ ختَنَةُ الرَّجُل. والخَتَنُ: زَوْجُ فتاةِ القَوْم ومَنْ كان من قِبَلِهِ مِنْ رَجُلِ وامْرأةٍ، وهم كُلُّهم أخْتانٌ لأهْلِ المرأة. قال الشاعر: * هلْ لكَ في القَوْمِ ابنُ عَمٍّ أوْ خَتَن * قال عبد الله بن عبد الله بن جعفر: لكل أب يأنثى إذا ما ترَعْرَعَتْ ... ثلاثةُ أصْهارِ إذا ذُكِرَ الصِّهْرُ

فبَعْلٌ يُراعيها وخِدْرٌ يكنُّها ... وقَبْرٌ يُواريها وخيرُهُمُ القَبْرُ قال عقيل بن عُلَّفَة: إنّي وإنْ سيق إليَّ المهرُ ... ألفٌ وعُبْدانٌ وذَوْدٌ عشرُ أحَبُّ أصهاري إليَّ القَبْرُ آخر: سميتُها إذْ وُلِدَتْ تموتُ ... والقبرُ صِهْرٌ ضامزٌ زميتُ يا بنتَ شيخ مالَهُ سُبْرُوت والضامزُ: الساكتُ الذي لا يتكلم. وإذا لم يجتر البعيرُ قيل: قد ضَمَزَ ضُمُوزاً. وناقةٌ ضَمُوزٌ وضامِزٌ: لا يُسْتَمَعُ لها رُغاء. وقيل: حِمارٌ ضامِزٌ: لأنه لا يجْتَرُّ. والزِّمّيتُ: الساكنُ، والمتزمِّت الساكن، وفيه زماتةً. والسَّبْرُوتُ: القليلُ المالِ الفقيرُ. ولمّا نَكَحَ اسماعيلُ عليه السلامُ ف يجرهم بامرأةٍ منهم قال في ذلك عمرو بن الحرث بن مضاض الجرهمي: وصاهرنا من أكرمُ الناس والدا ... فأبناؤه منا ونحنُ الأصاهِر وأمُّ الزَّوْج حماة المرأةِ، وقد مضى في حرفِ الحاء.

والكَنَّةُ: امرأةُ الابنِ والأخ، مذكورٌ في باب الكاف إن شاء الله. وقوْلُهم: تَنَفَّسَ فُلانٌ الصَّعَدَاءَ أي تَنَفَّسَ بتوجُّعوحزنٍ. قال: وما افترأتُ كتاباً منك يُبْلِغُني ... إلا تنفستُ منْ وجدٍ بكُمْ صُعدا وتقول: صَعِدَ فُلانٌ يَصْعَدُ صُعوداً إذا ارتقى مُشْرِفاً وشيئاً مُنْتَصِباً. وأصْعَدَ يُصْعِدُ إصْعاداً فهو مُصْعِدٌ: إذا صار مُسْتَقْبِلَ حُدورِ نَهْرٍ أو وادٍ أو أرْضٍ أرْفَع من الأخرى. والطريقُ مِنْ مكانٍ مُنْخَفِضٍ إلى أعلاه يقال له: الصَّعُود. ومِثْلُهُ مِنْ أعلاه إلى أسْفَل هو الهَبوط. والصَّعودُ أيضاً بمنزلة الكَؤُود من العقبة وارتكاب مشقةٍ في أمر. والعَرَبُ تُؤنّثُ الصَّعُود. وقول العَرَبِ: لأرْهِقَنَّكَ صَعُودا: أي لأجَشُّمَنَّكَ مَشَقَّةً من الأمر. وإنما اشْتقُّوا ذلك لأن الارتفاع في صعود أشَقُّ من الانْحِدارِ في هَبُوط. وفي القرآن {سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً} يُقال: مشقةً من العذابِ، ويقالُ: بل هو جبلٌ في النار من جمرةٍ واحدةٍ يُكَلَّفُ الكافرُ ارتقاءه ويُضْرَبُ بالمقامع، كُلَّما وضعَ رِجْلَهُ عليه ليرتقي ذابت إلأى أصل وركيه ثمَّ تَعُودُ إلى مكانِها صحيحة. ويقالُ: نَزَلَتْ في الوليد بن المُغيرة وأنه يُكَلَّفُ أنْ يَصْعَدَ جبلاً في النار من صخرةٍ ملساء، فإذا بلغَ 2/ 113 إلى أعْلاها لم يُتْرَكْ أن يَتَنَفَّسَ، وحُذِفَ إلى أسْفَلِها ثُمَّ يُكَلَّفُ مِثْلَ ذلك. وكُلُّ أمْرٍ ركبتَهُ أو فَعَلْتَهُ بمشقَّةٍ عَلَيْكَ فقد تَصَعَّدَك، ومنه قول عمر رحمه الله:

"ما تَصَعَّدَتْني خِطْبَةُ النّكاح" ويروى: "ما تَصَعَّدَني شيءٌ ما تَصَعَّدَتْني خِطْبَةُ النكاح". أي: ما شَقَّتْ عَلَيَّ. يُقال: تَصَعَّدَني الأمْرُ: أي شقَّ عَلَيَّ. ويقال: وقعَ القومُ في صعود، وهي العَقَبةُ المنكَرَةُ الصَّعْبَةُ، وكذلك الكؤُود. والصَّعيدُ: وجْهُ الأرض قَلَّ أو كَثُرَ. تقُولُ: عَلَيْكَ بالصَّعيد، أيْ: اجْلِسْ على الأرْض. وتَيَمَّمْ بالصَّعيد: أي خُذْ بِكَفِّكَ من غُبارِه للصلاة. قال رميم: وفتيةٍ مثل النشاوي غيد ... قد استحلُّوا قسمة السجود والمسْحَ بالأيدي من الصعيد آخر: قومٌ حَنُوطُهُمُ الصَّعيدُ وغُسْلُهُم ... نجعُ الترائب والرؤوس تُقَطَّفُ وفي الحديث "إياكُمْ والقُعودُ بالصَّعيدِ" يعني: الطُرُقات. ويُقال للحديقة التي خَرِبَت وذهَبَ شجَرُها: قد صارت صعيداً، أيْ أرضاً مُسْتَويةً لا شيء فيها. الصَّفْقَةُ أصلُها مِنْ: صَفَقَ يَدَهُ على يَدِهِ: أي ضَرَبَها، ومنه: صَفَقْتُ رأسَهُ بِيَدي صَفْقَةً: أي ضَرَبْتُهُ ضَرْبَةً، ومنه يُقالُ: ربِحَتْ صَفْقَتُكَ: إذا اشْتَرى شَيْئاً. ويقالُ: أتَت الخليفةَ صَفْقَتُهُمْ: أي بَيْعَتُهُمْ، كانُوا يتصافَقُونَ بأيديهم عِنْدَ كُلِّ

أمر يُبْرِمُونه، فتكون كالحَلُفِ، والدليل على انقطاع الأمْر. وكانوا يتصافقون في البيع بأيديهم: فقد وجبَ بيْنَهُم. وأصْفَقَ القومُ لفلان: أي أجْمَعوا له واجتمعوا له. وأصْفَقَ القَوْمُ على أمْرٍ: أي اجتمعوا عليه. وكُلُّ هذا الصّادُ فيه أحْسَنُ مِنَ السين. الصُّعْلُوكُ الصُّعْلُوكُ: الفقيرُ. تَصَعْلَكَ الرَّجُلُ: إذا كان ذلك، والجميع الصعاليك. قال: كأن الفتى لم يعرَ يوماً إذا اكتسى ... ولم يكُ صعلوكاً إذا ما تمولا قال يزيد بن معاوية: إن اتباعك مولى السوء تتبعُهُ ... لكالتصعْلُكِ ما لمْ تتِّخِذْ نشبا والعامةُ تجْعَلُ الصُّعْلُوكَ الشُّجاعَ، والصَّعْلكةَ الشَّجاعةَ، وهو خطأ منهم. والحديثُ عن النبي صلى الله عليه [وسلم] "أنه كان يَسْتَفْتِحُ بصعاليكِ المهاجرين" أي بفقرائهم. والصعاليكُ، مع العرب: الفقراء. والصُعْلُوك: الفقير. قال حاتم: عنينا زماناً بالتصَعْلُكِ والغنى ... فكلاً سقاناه بكأسيهما الدَّهْرُ

أراد: بالفَقْرِ والغِني. وقيل: التّصَعْلُكُ: الغَزْوُ والحرب، والعصر: الدهر. الصَّدَقَة أصلُها: ما صَدَقَْ نِيَّةُ المرءِ لله تعالى في فِعْلِهِ، ثُمَّ كَثُر حتى جعلوه فيما يُخْرَجُ من الأموالِ لله. والأصْدِقَةُ: الزكاةُ التي تجبُ لله تعالى. 2/ 114 الأمثالُ على حَرفِ الصاد الصَّمْتُ حُكْمٌ وقليلٌ فاعِلُهْ. صَدْرُكَ أوْسَعُ لِسِرِّكَ. صَرَّحَ الحَقُّ عَنْ مَحْضِهِ. صَرَّحَ المَحْضُ عن الزُّبْدِ. الصَّيْفَ ضَيَّعْتِ اللَّبَنَ. صَيْدَكَ لا تُحْرَمْهُ. الصّدقُ يُنْبي عَنْكَ لا الوعيدُ.

صَدَقَني شرّ بَكْرِهِ. صَمَّتْ حَصَاةٌ بِدَمٍ. صَارَ الأمْرُ إلى الوزَعَةِ. صُغَرَاؤُها أمَرُّها. صَفْقَةً لم يَشْهَدْها حاطِبٌ. صارَ خَيْرُ قُوَيْسٍ سَهْماً.

حرف الضاد

بسم الله الرحمن الرحيم حرف الضّاد

بسم الله الرحمن الرحيم حرف الضّاد الضّادُ شَجْرِيَّة، وعددُها في القرآن مائةٌ واثْنانِ وثلاثون ضاداً. وفي الحساب الكبير تسعُون، وفي الصغير سِتّة. والضّادُ حَرْفٌ تَخْتَصُّ به العربيَّةُ دُونَ غيرها، لأنّ ليس في لُغةِ العَجَمِ الضّادُ، وقيل الظّاء، ويُؤْمَرُ المُصَلِّي بإظهارها في {الضَّالِّينَ} من الفاتحة. وبعضُ قَوْمِنا أفْسَدَ صلاةَ مَنْ لَمْ يُظْهِرْها، وشدّدَ في إظهارها ليفرّق بيْنَها وبَيْنَ الظّاء.

وقولهم: فلانٌ يضِلُّ أي جائزٌ عن القَصْدِ غيْر مُهْتَدٍ إليه. وَضَلَلْتَ مكاني: إذا لم تَهْتَدِ إليه. وضلَّ الشيءُ يَضِلُّ ضلالاً: إذا ضاعَ. وضلَّ الرَّجُلُ يَضِلُّ ويَضَلُّ، ومَنْ كَسَرَ قال: ضَلَلْتُ، بالفتح، ومَنْ فَتَحَ قال: ضَلِلْتُ، بالكَسْر. وتقول في الأمْرِ: اضْلِلْ، مِنْ يَضِلُّ، ومِنْ يَضَلُّ: اضْلَلْ. وأضْلَلْتُ بعيراً: إذا أفْلَتَ فَذَهَبَ. ويُقالُ: أضْلَلْتُه إذا ضَيَّعْته. وضَلِلْتُ الشيءَ: إذا خَفيَ عَلَيَّ مَوْضِعُهُ. تقولُ: ضَلِلْتُ المَسْجِدَ والدَارَ. قال اللهُ تعالى {فِي كِتَابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنسَى} أي لا يَخْفى على رَبّي مَوْضِعُه. قال الجَعْدي: أنشُدُ الناسَ ولا أنْشِدُهُمْ ... إنّما يَنْشُدُ من كان أضَلّ أي: ضَيَّعَ. قال: وَجْدي بها وَجْدُ المُضِلِّ قَلُوصَه ... بمكةَ لم تَعْطِفْ عليه العواطِفُ أي المُضَيّع قَلُوصَه. وكذلك قال الأخفش.

يقالُ: ضَلِلْتُ أضَلُّ، مثل عَلِمْتُ أعْلَمُ، وضَلَلْتُ أضِلُّ، مثل: ضَرَبْتُ أضْرِبُ. قال: 2/ 115 وللصّاحِبُ المَتْرُوكُ أعْظَمُ حُرْمةً ... على صاحبي منْ أنْ يَضِلَّ بَعيرُ قال عمرو بنُ كُلْثوم: فمَا وجَدَتْ كَوَجْدي أمُّ سَقْبٍ ... أصلَّتْهُ فَرَجَّعَتِ الحنينا أي: فقَدَتْهُ. والتَّضْلال مَصْدَرٌ، كالتَّضْليل. والتَّضليلُ: مَصْدَرُ ضَلَّلْتُ. ورَجُلٌ مُضَلَّلٌ: لا يُوَفَّقُ لِخَيْر، صاحِبُ غَواياتٍ وبَطالات وأضاليل، الواحِدةُ أُضْلُولَةٌ. والضَّلِّيلُ: الذي لا يُقْلعُ عن الضَّلالة. والضُّلُّ بمعنى الضَّلال، مثل: البُطْلُ بمعنى الباطِلِ، والقُلُّ بمعنى القليل، والكُثْر بمعنى الكثير. والضّلالُ: ضِدُّ الهُدى. والضّلالةُ: ضِدُّ الهداية، منه {يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} أي: بَطَلْنا وصِرْنا تُراباً فلم يُوجَدْ لنا لَحْمٌ ولا دَمٌ ولا عَظْمٌ. وَرُوي: {صَلَلْنا} أي أنْتَنَّا وتَغَيَّرْنا، مِنْ قَوْلِهِمْ: صَلَّ اللَّحْمُ وأصَلَّ وصَنَّ: إذا أنْتَنَ وتَغَيَّرَ.

[الضَّنينُ] والضَّنينُ: الشَّحيحُ البخيلُ. فِعْلُهُ: ضَنَّ يَضِنُّ ضَنَّاً وضِنَّةٌ ومَضَنّة، فهو ضانٌّ ضَنينٌ، وكُلُّهُ الإمساكُ والبُخْلُ. قال ابنُ هرمة: إنَّ سَلْمى واللهُ يكْلَؤُها ... ضَنَّتْ بِشَيءٍ ما كانَ يَرْزَؤها قال الله تعالى {وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ} تفسيره: بِمُتَّهَمٍ. وتقولُ: هذا ثَوْبٌ مَضَنَّةٌ وعِلْقٌ مَضَنَّةٌ: أي يُضَنُّ به. ومَنْ قرأ {بِضَنِينٍ} بالضاد: أي بكتوم لِما أُوحِيَ إلَيْهِ مِنَ القُرْآن. وقَرَأَتْ عائشة {بِظَنين} بالظّاء: تفسيرُهُ: بمُتَّهَم. وتقول: هذا ضنّي مِنْ بَيْنِ إخواني: يعني مَنْ يكْرُمُ عَلَيْكَ شِبه الاختصاص. وفي الحديث "إنَّ لله ضنائِنَ من خَلْقِهِ يُحْييهِمْ في عافيةٍ ويُمِيتُهم في عافية". [الضّنْكُ] الضّنْكُ: الضِّيقُ، منه {فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً} قال قتادة: الضَّنْكُ: جَهَنَّم. قال الضَّحَّاكُ: الضَّنْكُ: الكَسْبُ الحرام. قال ابنُ مسعود: الضَّنْكُ: عَذابُ القَبْر. قال عنترة:

إنّ المَنِيَّة لو تُمَثَّلُ مُثِّلَتْ ... مِثْلي إذا نَزَلُوا بِضَنْكِ المَنْزِلِ أي: بضيقِ المَنْزِل. والضَّنْكُ للذّكَرِ والأنثى، بغير هاءٍ، وكلّ عَيْشٍ أو مكانٍ أو مَنْزِلٍ ضيِّقٍ فَهُوَ ضَنْكٌ. قال: * إذا تَبَوَّأنا بِضَنْكِ المَنْزِلِ * وكذلك قولهم: فلانٌ في ضيقٍ أي ضاقَتْ يَدُهُ من المال. وتَقُول: ضَاقَ الأمْرُ يَضِيقُ ضَيْقاً وضِيقاً وضَيْقَةً، والضَّيِّقُ والضَّيْقُ لغتان. ويقالُ: الضَّيِّقُ نَعْتٌ، والضَّيْقُ اسمٌ. والنَّعْتُ أيضاً أضيق، مِثْل جَيِّد. يقالُ: ضيّقٌ وضائقٌ، وقُريء بهما. وضِيقَة: مَنْزِلٌ للقَمر بِلِزْقِ الثُرَيَّا مما يلي الدَّبَرانِ، تزعُمُ العَرَبُ أنّهُ نَحْسٌ. قال: * بضيقةَ بَيْنَ النَّجْمِ والدَّبَرانِ * نَصَبَ ضِيقةَ لأنه اسم معرفة لا ينصرف. [الضرير] الضَّريرُ: ذاهِبُ البَصَرِ، وكذلك إذا أضَرَّ بِهِ المَرَضُ، يُقال: رَجُلٌ ضَرِيرٌ وامْرأةٌ ضَريرةٌ.

والضَّريرُ اسمٌ للمُضَارَّةِ، وأكْثَرُ ما يُسْتَعْمَلُ في الغَيْرة. تقولُ: 2/ 116 ما أشَدَّ ضَريرَهُ عليْها!. ورَجُلٌ ضريرُ: بَيِّنُ الضَّرارةِ. وقوْمٌ أضِرّاء. والضّرير: مصدر ضارَّهُ. وفي الحديث "لا ضَرَرَ ولا ضِرارَ في الإسلام". وتقولُ: ضريرٌ على الأمْرِ: إذا كانَ ذا صَبْرٍ عليه. والضّريران: جانبا الوادي الضَّيْقان. والضّرَّتانِ: امْرأتا الرَّجُل، والجميعُ الضَّرائر. قال: كضرائرِ الحَسْناءِ قُلْنَ لوجهها ... حَسَداً وبَغْياً إنه لدميمُ والضَّرُّ والضُّرُّ لُغتان، فإذا جَمَعْتَ بين الضّرِّ والنَّفْع فتَحْتَ الضّادَ، وإذا أفْرَدْتَ الضّرَّ ضَمَمْتَ الضّادَ، إذا لم تَجْعَلْهُ مَصْدَراً، هكذا يَسْتَعْمِلُهُ العَرَبُ، ومنه قولُهُ تعالى {وَإِذَا مَسَّ الإِنْسَانَ الضُّرُّ}. والضَّيْرُ: المضّرَّةُ، منه قولُهُ تعالى {لا ضَيْرَ إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنْقَلِبُونَ}. وتقول: ضَرَّني وضَارَّني، بمعنى.: وضارٌّ وضائرٌ، قال: أرْعِدْ وأبْرِقْ يا يَزيـ ... دُ فما وعيدُكَ لي بِضائِرْ

والضَرَّاءُ: الفَقْرُ والقَحْطُ وسُوءُ الحالِ وأشْباهُ ذلك، وهو ضِد السَّرَّاء. والضَّرَاءُ، مُخَفَّفِ: ما واراكَ مِنْ شَجَرٍ وغيره. وفي مثل: هُوَ يَمْشِي لَهْ الضَّراء ويدِبُّ له الخَمَرَ، إذا كان يَخْتِلُ. قال: * يَمْشِي الضَّراءَ ويَخْتِلُ * قال ابن أحمر: دَبَبْتُ لها الضَّراءَ وقُلْتُ أبْقى ... إذا عزَّ ابنُ عمِّكِ أن تَهُونا يعني: الداهية. والضَّراء: جمع، وهو ما ضَرِيّ للصَّيْد. والضَّراء: الكلابُ السَّلُوقيَّةُ، واحدها ضِرْوٌ، قال الشاعر: مُقَزَّعٌ أطْلَسُ الأطْمارِ ليس لهُ ... إلا الضَّراءَ وإلا صَيْدَها نَشَبُ وجَرَّةٌ ضاريةٌ بالخَلِّ وقَدْ ضَرِيَتْ ضَراوةً. وفي الحديث "إنّ لِلَّحْمِ ضَراوةً كَضَراوةِ الخَمْرِ، وإنّ اللهَ يبغض البيت اللحم وأهله". [الضَّجِرُ] الضَّجِرُ: ضَيِّقُ النَّفَسِ، مِنْ قَوْلِهِم: مكانٌ ضَجْرٌ: أي ضَيِّق. قال دريد:

فإما تُمْسِ في جَدّثٍ مُقيماً ... بِمَسْهَكَةٍ مِنَ الأرواح ضَجْرِ والضَّجَرُ: اغِتِمامٌ فيه كلامٌ وتَضَجُّر. وضَجَرُ النّاقةِ: أنْ تكْثِرَ الرُّغاء، وإنّها لَضَجُور. وقولُهُم: الضِّحُّ والرّيح والضِّحُ والضِّيحُ: ضَوْءُ الشَّمْس. قال ابنُ الأعرابي: الضَّحُّ: ما بَرَزَ للشَّمْسِ، [والرّيحُ]: ما أصابتْهُ الرِّيحُ. قال الأصْمعيُّ: الضِّحُّ: الشَّمْسُ، [منه] قوله تعالى {لا تَظْمَأُ فِيهَا وَلا تَضْحَى}. قال الفراء: تَضْحى: تَعْرَقُ، وفيها لَهُ قولٌ آخر، وهو: لا تَبْرُزُ للشمس. قال: فمنْ مُبْلِغٌ أصحابَهُ أنَّ مالِكاً ... ثَوَى ضاحياً في الأرْضِ غَيْرَ ظَليلٍ معناه: بارزاً للشَّمْسِ. وقال أبو عُبَيْدة: جاء بالضِّحِّ والرِّيحِ، معناه: جاءَ بِكُلِّ شيء. والضِّحُّ: البراز الظاهر. قال أبو بكر بن الأنباري: والاختيار: الضِّحُّ على ما مضى من التفسير. قال: وللشَّمْسِ أسماء، يُقالُ لها: الضِّحّ، وإلاَهَة.

قال: فأعجَلْنا إلاهةَ أنْ تَؤُوبا ويُقالُ لها: الغَزالة. قال: تَوَضَّحْنَ في قَرْنِ الغَزَالةِ بَعْدَما ... تَرَشَّقْنَ دِرَّاتِ الرِّهامِ الركائكِ ويقالُ لها: البَيْضاء والسِّراج والجارية وذُكاء. قال: فتَذَكَّرا ثَقَلاً رثيداً بَعْدَما ... ألْقَتْ ذُكاءُ يَمِينَها في كافرِ 2/ 117 فتذكّرا: يعني الظَّليمَ والنَّعامةَ. والثَّقَلُ: بيضهما، والرَّثيد: المنْضُود. والكافِرُ: اللَّيْل. وتُسمى: بُوحٌ، وبَراح، بوزن نَظامِ وحَذامِ. وتُسمى: الجَوْنة. قال: يُبادِرُ الجَوْنَة أن تَؤوبا وحاجبَ الجَوْنَةِ أن يَغيبا وتُسمى: مهاةً. قال: ثُمَّ يَجْلُو الظلامَ رَبُّ رحيمٌ ... بمهاةٍ شُعاعُها مَنْشُورُ

والضُّحى، بالضم، مقصورٌ، فإذا فُتحَ أوَّلُها مُدَّت وذُكِّرَتْ، تقولُ: هُوَ الضِّحَاءُ، وتقولُ للقوم: أضْحُوا بِصلاةِ الضُّحى: أي أخروها إلى ارتفاع الضُّحى. والضَّحَاءُ للإبل بمنزلةِ الغَداء، يقال: ضَحُّ إبِلَكَ. قال النابغة الجَعْدي: أعْجَلَها أقْدُحي الضَّحَاءَ ضُحَىً ... وهو يُناضي ذوائبَ السَّلَمِ (ويقالُ: هَلُمَّ نتضحَّى: أي نتغدّى. وقولهم: رأيتُ ضَلْعَ فُلان [على فلان] أي مَيْلَهُ عليه. يُقال: ضَلعَ الرجُلُ يضْلَعُ ضَلْعاً إذا مالَ وأذْنَبَ، فهو أضْلَع وضالع. قال النابغة: أتُوعِدُ عَبْداً لم يخُنْكَ أمانةً ... وتتركُ عَبْداً آمِناً وهو ضالعُ وَرُمْحٌ ضَلعٌ: إذا كان مائلاً. وقدْ ضَلِعَ يضْلَعُ إذا كانَ المَيْلُ خلقةً فيه، وإنْ لم يكُنْ خلْقةٌ فهو ضالع، كما يُقالُ: عَرَجَ الرَّجُلُ يَعْرُجُ إذا كانَ خلقةً، وعَرُجَ يَعْرجُ إذا غَمَزَ من شيءٍ أصابه. وحُكِيَ أنّ عبد الله بن الزبير نازعَ مروانّ بن الحكم بَيْنَ يَدَيْ مُعاوية، فرأى ابنُ

الزُّبَيْر ضَلْعَ معاوية مع مروان، فقال: "يا معاوية! أطع اللهَ نُطِعْكَ، فإنّه لا طاعةَ لكَ عَلَيْنا إلا ما أطَعْتَ الله، ولا تُطْرِقْ إطْراقَ الأفْعُوان في أصول السَّخْبَر". والسَّخْبَرُ: ضَرْبٌ من الشَّجَر، وهو الإذْخِرُ، تكونُ الأفاعي في أصُولِهِ. وعَنْ بعْضِ اللُّغَويّين: رجُلٌ ظالعٌ، بالظّاء، إذا كان مائلاً مُذْنباً، وهو شبيهٌ بالظّالع من الإبل، وهو الذي يُتَوَقَّى إذا مَشَى. والضَّلعُ للبعير كالعَضّ للدوابّ. والضِّلْعُ والضِّلَعُ لُغتان. والعَرَبُ تقولُ: هذه ضِلَعٌ، وثلاثُ أضْلُع، والجميعُ الأضْلاعُ. ويقال: الضِّلَعُ القُصَيْري والقُصْرَى: وهي آخِرُ الأضْلاعِ وأقْصَرُها من كُلِّ ذي ضِلَع. ويقالُ: خُلِقَتْ حَوَّاءُ مِنْ ضِلَع آدم عليه السلام القُصَيْري. وتقولُ: اضطلعتُ بهذا الحِمْلِ: أي حَمَلْتُهُ بأضلاعي، وإنّي له مُضْطَلعٌ، ومُطَّلعٌ، الضادُ مُدْغَمَةٌ في الطاءِ، ليس من المُطَالَعةِ والإظهار، أجَودُ. والضّالِعُ: الجائرُ المائِلُ، ولذلك سُمِّيت الضِّلَعُ ضَلْعاء. وفي الحديث "إنّ الالتواء الذي في أخْلاقِ النِّساء إنّما هو وراثةٌ عَلِقَتْهُنَّ مِنَ الضِّلَع لأنها عَوْجاء". والضَّليعُ: الطويل الأضلاع والعريضُ الصدر الواسعُ الجَنْبَيْن. قال امرؤ القيس: ضليعٌ إذا اسْتَدْبَرْتَه سَدَّ فَرْجَهُ ... بِضافٍ فُوَيقَ الأرض لَيْسَ بأعْزَلِ

2/ 118 ويُروى عن عُمَرَ أنّهُ قال: اشْتَرِ البعيرَ ضليعاً فإن أخْطَأكَ مَخْبَرٌ لم يُخْطِئْكَ مَنْظَرٌ. الضّافي: السّابِغُ يعني الذَّنَبَ. ضفا الشَّعَرُ يَضْفُو: إذا كَبُرَ. وَدِيمةٌ ضافيةٌ وهي تَضْفو ضَفْواً: تخصبُ عليها الأرض. ونِعْمَةٌ ضافية: أي سابِغةٌ واسِعةٌ. ويُقال: خَيْرُ فُلانٍ ضافٍ على أهْلِه وقَوْمِهِ. قال الراجز: * أجِدْ علَيْنا [من] جَداكَ الضافي * وفرَسٌ ضافي العَرْفِ والذَّنَبِ، والضَّافي: الذَّنَبُ التامّ. وقولهم: فلانٌ ضَيْفُ فلان الضَّيْفُ: النَازِلُ على الرَّجُلِ. ضَافَني فُلانٌ: نَزَلَ عَلَيَّ فأضَفْتُهُ. وتقول: ضِفْتُهُ: أي نَزَلْتَ عليه وأضافَك. وتَضَيَّفْتُ فلاناً: نَزَلْتُ عليه. قال الأعشى: تَضَيَّفْتُهُ يوماً فَقَرَّبَ مَجْلسي ... وأصْفَدَني على الزّمانةِ قائدا قال آخر: يا أيُّها الهاربُ مِنْ ضَيْفِهِ ... وتارِكَ البَيْتِ على الضَّيْفِ قد جاءَكَ الضَيْفُ بزادٍ له ... فارْجعْ فكُنْ ضَيْفاً على الضَّيْفِ

وهو ضَيْفٌ وضُيوفٌ وأضْيَافٌ وضيفان. وفي لُغةٍ لهم: وهما وهم وهي وهُما وهُنَّ ضَيْفٌ، يستوي فيه المذكَّرُ والمُؤَنَّثُ والواحِدُ والتثنيةُ والجمعُ. والضَيْفَنُ: ضَيْفُ الضَّيْف. قال: إذا جاءَ ضَيْفٌ جاءَ للضَّيْفِ ضَيْفَنٌ ... فأودى بما يُقْري الضيوفَ الضيافِنُ والضَّيافِنُ: جَمعُ ضَيْفَن. والضِّيفُ: جانبُ الوادي، وقد تضَايَفَ الوادي: إذا تَضَايَقَ. قال أبو زَيْد: الضِّيفُ: الجَنْبُ، ونهي النبيُّ صلى الله عليه [وسلم] عن الصَّلاةِ إذا تَضَيَّفَت الشّمْسُ، أي: دَنَتْ للمغيب. وأضَفْتُ الشيءَ إلى الشَّيءِ: ألزمْتُهُ إياه. وتقولُ: هو مُضافٌ إلى كذا أي: مُمَالٌ إليه. قال امرؤ القيس: فلمّا دَخَلْناهُ أضَفْنا ظُهورنا ... إلى كُلِّ حارِيٍّ جديدٍ مُشَطَّبِ أي: أسْنَدْنا ظُهورنا إليه وأمَلْناها. ومنه قيل للدَّعيّ: مُضاف، لأنّه أسْنِدَ إلى قَوْمٍ ليس منهم. وقد ضاف السَّهْمُ يَضيفُ: إذا عدَل عن الهدف، وفيه لُغةٌ أخرى بالصّاد. والمضُوفَةٌ مَفْعُلَةٌ من التضَيُّف. تقولُ: نَزَلَتْ بهم مَضُوفَةٌ من الأمْرِ: أي شِدَّة. قال: وكُنْتُ إذا جاري دَعَا لِمَضُوفةٍ ... أُشَمِّرُ حتى يَنْصُفَ الساقَ مِئْزَري

والمُضافُ: الرَّجُلُ الواقعُ بَيْنَ الخَيْلِ والأبْطالِ في الحَرْبِ، ولا قُوَّة بهِ. وقولهم: ضامني هذا الأمْرُ أي: انْتَقَصَني، وضامَني حَقّي: أي انتقصني. وتقولُ: ما ضِمْتُ وَضُمْتُ، بالكَسْرِ والضمّ، وهو الكلام. قال: وإني على المَوْلى وإنْ قَلَّ نَفْعُهُ ... صَبُورٌ، وإما ضِمْتُ غَيْرُ صَبُور [الضَمُّ] والضَّمُّ: ضَمُّكَ الشَيءَ إلى الشَّيءِ. وتقولُ: ضاَمَمْتُ فلاناً: أي قُمْتُ مَعَهُ في أمرِ. والضُّمامُ: كُلُّ شَيءٍ تَضُمُّ به شيئاً إلى شَيء. والإضمامةُ: الجماعةُ مِنَ الناسِ ليسَ أصْلُهُمْ واحداً، ولكنّهُمْ لفيفٌ اتفَقُوا، والجميعُ الأضاميم. 2/ 119 وتقولُ: إضْمامَةٌ مِنْ كُتُب، وهي المجموعةُ المَضْمُومُ بعْضُها إلى بَعْض بمنزلة الإضْبارة. والضَّمُّ: النكاحُ. قال: وقالت لا تَضُمّ كضَمِّ زَيْدٍ ... وما ضَمّي ولَيْسَ معي شبابي؟! يعني النكاح. والضمامة: الدّاهيةُ الشديدة.

[الضَّمْنُ] والضَّمْنُ والضّمانُ واحد. والضَّمِينُ والضَّامِنُ: الكفيلُ، وكُلُّ شَيْءٍ أحْرِزَ فيه شيءٌ فقد ضُمِّنَهُ. يقالُ: تَضَمَّنَتْهُ الأرْضُ، وتَضَمَّنَهُ القَبْرن وتَضَمَّنَتْهُ الرَّحِمُ. قال: كأنْ لم يَكُنْ فيها مُقيماً ولم يكُنْ ... بها ساكناً إذْ ضُمَّنَتْهُ قُبُورها قال الراجز: والقَبْرُ صِهْرٌ ضامِنٌ زِمِّيتُ والضَّمِنُ: الذي به الزّمانَةُ في جَسَدِهِ مِنْ بلاءٍ وكسْرٍ أو غيره، والاسمُ منه: الضَّمَنُ. قال: ما خِلْتُني زِلْتُ بَعْدَكُمْ ضَمِناً ... أشْكُو إليكُمْ حُمُوَّةَ الألَم حُمُوَّتُهُ: من الحامي، وهو غَيْرُ مهموز. والضَّمانُ: هو الداءُ نَفْسُه. قال ابن أحمر، وكان أصابه بعض ذلك في جسدِه: إليكَ إلهَ الخَلْقِ أرفَعُ رَغْبَتي ... عِياذاً وخوفاً أن تُطيلَ ضَمانيِا وقولُهُم: رَجُلٌ ضَرْبٌ أي خفيفٌ قليل اللحم ليس بجسيم. قال طرفة:

أنا الرجُلُ الضَّرْبُ الذي تَعْرِفُونه ... خَشاشٌ كرأسِ الحيَّةِ المُتَوَقِّدِ ورجُلٌ مِضْرَبٌ: شديدُ الضّرْب. والضّرْبُ معروفٌ. والضّرْبُ مَصْدَرُ: ضَرَبْتُ الرَّجُلَ ضَرْباً. والضَّرْب يقعُ على أعمالٍ كثيرةٍ: في التجارة، وفي الأرض، وفي سبيل الله يَصِفُ ذهابَهُ وأخْذَهُ فيه. وضَرَبَ يَدَهُ إلى كذا. وضَرَبَ فُلانٌ على يَدِ فُلان: إذا أفْسَدَ عليه أمراً قد أخَذَ فيه وأراده. والمُضارَبَةُ: مُفاعَلَةٌ من الضَرْبِ في التجارةِ. وضَرَبَ الدَّهْرُ مِنْ ضَرَباتِهِ: إنْ كان كذا وكذا. وأضْرَبَ عن الأمْرِ: أي كَفَّ عَنْهُ. والضَّرْبُ: النَّحْوُ والصِّنْف، تقولُ: هذا ضَرْبُ ذلك: أي نحوه. قال: وما رأينا في الأنام ضَرْبا ... ضَرْبَكَ إلا حاتماً وكعْباً أي مثله. وهذا ضَرْبُ ذاك: أي مثله. وقال: ذهَبَتْ لداتي والشَّبابُ فليس لي ... مما بقي في العالمين ضريبُ وهذا أمرٌ ضريبُ كذا: أيْ مِنْ جِنْسِهِ.

وهذا ضَرْبٌ آخر: أي صِنْفٌ آخر. واضطرَبَ الأمرُ والحَبْلُ بين القوم: إذا اختلفَتْ كلمتُهم. وقولهم: فلانٌ ضُحْكَةٌ أي يَضْحَكُ النّاسُ مِنهُ، ورجُلٌ ضُحَكَةٌ، بتحريك الحاء، أي كثيرُ الضّحِك، وكذلك ضحّاك بمعناه، وهو أحْسَنُ في النَّعْتِ مَنْ ضُحَكَة. والضَّحِكُ معروفٌ، تقول: ضَحِكَ يَضْحَكُ ضَحْكاً وضَحِكاً، وقوله: {فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَقَ} نقول: طَمِثَتْ. قال: وإني لآتي العِرْسَ عِنْدَ ظُهورِها ... وأهْجُرُها يَوْماً إذا تَكُ ضاحِكا والضّحْكُ، قال بعضٌ: هو الثَّلْجُ، وقيل: هو الشَّهْدُ، وقيل: هو الطَّلْعُ، مأخوذٌ من قولهم: ضَحِكَت الكافورةُ وهي قِشْرُ الطَّلْعةِ إذا انْشَقَّت. وأنشد الباهلي: 2/ 120 وعهدي بسلمى ضاحكاً في لُبانةٍ ... ولم يَعْدُ حُقَّاً ثَدْيُها أنْ تحلَّما اللُّبانةُ والإتْبُ والعَلَقَةُ والشَّوْذَرُ والبَقيرةُ واحِدٌ. وقوله: ولَمْ يَعْدُ: أي لم يُجاوِزْ. والحُقَّان: ما تَفَلَّكَ منَ الثَدْيَيْنِ. تَحَلَّما: ارْتَفَعَا وقَوِيا. وقال الأخطل: تَضْحَكُ الضّبْعُ من دِماءِ غُنَيٍّ ... إذْ رأتْها على الحِدابِ تَمُورُ الحِداب: جَمْعُ حَدْب وهو ما ارتفَعَ من الأرْض. وتَمُورُ: تجري. واخْتُلِفَ في ذلك، فقال بعضهم: إنّ الضّباعَ إذا رأتْ ذُكُورَ الموتى حاضَتْ فرَحاً وجاءتها فقَعَدتْ عليها. وقيلَ: تَضْحَكُ فَرَحاً بها لأجل لُحومها.

وأنشد الأصمعي لابن أخت تأبط شراً وهو الشنفري الأزدي، ويُقال إنه منحولٌ إياهُ، نحَلَهُ خلفُ الأحمر: تضحكُ الضَّبْعُ لِقَتْلي هُذَيْل ... وترى الذِّئْبَ لها يستَهِلً وقال آخرون: هو الزُّبْد، وهو بالزُّبْدِ بالشّهد أشبه، لقولِ أبي ذؤيب: فجاء بِمَزْجِ لم يَرَ الناسُ مِثْلَهُ ... هو الضَّحْكُ إلا أنّه عَمَلُ النَّحْلِ ويقالُ: الضَحْكُ: اللَّعِبُ. والضّحَاكُ: أحَدُ ملوكِ اليَمَن. قال الله تعالى فيه {وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَاخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً} وفيما يقالُ إنه مَلَكَ الأرض. والضَّحُوكُ منَ الطُّرُقِ: ما وضَحَ واسْتَبانَ. الضَّحِيَّةُ هي التي يُضَحّى بها، أي تُذْبَحُ يوم الأضْحى، وفيها أربعُ لغات: أُضْحِيَّةٌ، وإضْحِيَّةٌ، جمعها أضَاحِيّ، ومنهُمْ من يقول أضْحاةٌ، وجَمْعُها أضاحي، خفيفة مصروفة في الرَّفْعِ والخَفْضِ، وفي النَّصْبِ أضاحي، وقال الأصمعي: تجمع أضْحاةٌ أضْحَىّ، مثل أرْطَأة وأرْطيً، وبه سُمِّيَ يَوْمُ الأضْحى. وتقولُ: ضَحِّ يا رجُلُ، مِنْ ضَحَّيْتُ الأضْحِيَةَ. وأضْحَى يَفْعَلُ كذا: إذا فَعَلَهُ مِنْ أوَّلِ النَّهارِ.

وأضْحَى: إذا بَلَغَ وَقْتَ الضُّحى. ويقالُ: يَوْمٌ إضْحِيان ويَوْمٌ إضْحِيانةٌ: إذا كانا مُضِيئَيْن لا غَيْمَ فيهما. الضّريح فيه قولان: قيل: قَبْرٌ بلا لَجدْ، وقيل: هو الشَّقُّ في وسطه. والشَّرْحُ: حَفْرُكَ الضَّريحَ للميت، يُقال: ضَرَحُوا له ضَريحاً، ويقال: ضَريحٌ وضَريحةٌ. وأنشد أبو زَيْد: أخارجُ إنْ تُصْبحْ رَهينَ ضَريحةٍ ... ويُصبحْ عَدُوٌّ آمشناً لا يُفَزَّعُ فقَدْ كانَ يَخْشاك البريء ويَتَّقي ... أذاكَ ويَرْجُو نَفْعَكَ المُتَضَعْضعُ والضَّرْحُ: أنْ تأخُذَ شيئاً فتَرْمي به، تقولُ: ضَرَحْتُهُ عَنّي: أي رَمَيْتُ به عني. وتقولُ: اضْطَرَحوا فلاناً: أيْ رَمَوْهُ في ناحيةٍ. والضُّراحُ: بَيتٌ في السَّماءٍ يُقالُ إنّهُ مُقابِلُ الكَعْبَةِ. وقيلَ للرَّجُلِ السَّيِّد السَّرِيّ: مَضْرَحِيّ. وقيل: المَضْرَحيُّ: الأبيضُ من كُلِّ شيء. [الضّابطُ] الضّابِطُ: شديدُ البَطْشِ والقُوَّةِ والجِسْم. والضَّبْطُ: لُزومُ شيءٍ لا يُفارِقُهُ في كُلِّ شيءٍ. والأضْبَطُ: أعْسَرُ يَسَرٌ، وهو الذي يَعْمَلُ بِيَدَيْهِ جميعاً، والمرأةُ ضَبْطاء، وكان عُمَرُ - رحمه الله - كذلك. قال الكُمَيْت:

2/ 121 هو الأضبْطُ الهَوّاسُ فينا شجاعةً ... وفيمنْ يُعاديهِ الهِجَفُّ المُثَقَّلُ الهَوَّاس: مِنْ صِفاتِ الأسَد، والهِجَفُّ: الظَّليمُ المُسِنُّ. [الضَّبُعُ] الضَّبُعُ: السَّنَةُ المُجْدِبَةُ. قال: أبا خُراشَةَ إمّا كُنْتَ ذا نَفَرٍ ... فإنّ قومِيَ لم تَاكُلْهُمُ الضَّبُعُ وإذا كانت السَّنَةُ جَدْبَةً سَمَّتْها العَرَبُ: الضَّبُعُ. والضَّبُعُ مَعْرُوفةٌ، والذَّكَرُ: ضِبْعان، وفي لغة: ضَبع، والجَمْعُ في الذّكَرِ والأنثى ضِباع. ويُجْمَعُ الضِّبْعانُ الذّكَرُ منها على الضِّبْعانات. قال: وبُهْلولاً وَشِيعَتَهُ تَركْنا ... لِضِبْعاناتِ مَعْقُلَةٍ مَثَابا جمعُ الضِّبْعانِ بالتاءِ لم يُرَدْ به التأنيث، إنّما هو كقولكَ: مِنْ رِجَالاتِ الناس. والعَرَبُ تُكْني الضَّبُعَ أُمّ عامر. قال تأبَّطَ شَراً: فلا تَقْبِروني إنّ قبري مُحَرَّمٌ ... عَلَيْكُمْ ولكنْ أبشري أمَّ عامرِ إذا ضربُوا رأٍي وفي الرأسِ أكْثَري ... وغُودرَ عِندَ المُلْتَقى ثَمَّ سائِري هنالكَ لا أبغي حياةً تَسُرُّني ... سميرَ الليالي مُبْسَلاً بالجرائرِ أراد: دَعُوني للضِّباع تأكُلُني، فحذف هذا الكلامَ كُلَّه. قال آخر:

ومنْ يَفْعَلِ المعروفَ في غير أهلهِ ... يُلاقي الذي لاقى مُجيرام عامرِ أعدَّ لها لما استجارتْ ببيْتِهِ ... لتأمَنَ، ألبانَ اللقاح الدرائر فأسْمَنَها حتى إذا ما تمكَّنَتْ ... قَرتْهُ بأنيابٍ لها وأظافرِ فقُلْ لذوي المعروفِ هذا جزاءً مَنْ ... يجودُ بمعروفٍ إلأى غير شاكرِ ولهذا الشِّعْرِ حديثٌ تركْتُهُ. والمَضْبَعَةُ: اللَّحْمَةُ تَحْتَ الإبط من قُدُمٍ، وفي الحديث "مَدَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم ضَبْعَيْهِ إلى السّماء". وتقولُ: أخَذْتُ بِضَبْعَي فُلانٍ فلم أفارِقْهُ. وقولهم: في قَلْبِ فُلانٍ عَلَيَّ ضِبُّ أيْ غِلّ كامِنٌ وحِقْدٌ وبُغْضٌ، بِكَسْرِ الضّاد، والجَمْعُ ضِباب. وقد أضَبَّ الرَّجُلُ عَلَى غِلٍّ في القَلْبِ، فهو يَضِبُّ إضباباً. قال سابِقُ البربري: ولا تَكُ ذا وجْهَيْن تُبْدي بَشاشةً ... وفي القَلْبِ غِلٌّ عائِبُ الضِبِّ كامِنُ قال عَبْدَةُ بنُ الطبيب: إنّ الذينَ تَرَوْنَهُمْ خلانكمْ ... يشفي صُداعَ رُؤوسِهِم أنْ تُصْرَعُوا فضِلَتْ عداوَتُهُمْ على أحْلامِهِمْ ... وأبَتْ ضِبابُ صُدورهمْ لا تُمْزَعُ قومٌ إذا دَمَسَ الظَّلامُ عَلَيْهِمُ ... حَدَجُوا قَنَافِذَ بالنَّميمةِ تُهْرَعُ قال الجاحظ: هذا من غُرَرِ الأشعار، وهو مما يُحْفَظ.

ويُقالُ: في قَلْبِهِ علَيَّ ضبٌّ وضِغْنٌ وتَبْلٌ وحِقْدٌ وإحْنةٌ وتِرَةٌ ووَغْمٌ وحَزاز وحَزازَةٌ وغَمَزٌ [وغِمْرٌ] ودِمْنَةٌ وحَسِيفَةٌ وحَسَكَةٌ وكَتِيفَةٌ وحَبَنٌ ووَتْرٌ. قال: فأحْمِلُ في ليلى لقومٍ ضغينةً ... وتحْملُ في ليلى عليَّ الضَّغائِنُ أي الحقد: قال نصيب في التَّبْل: 2/ 122 أمِنْ ذِكْرِ ليلى قد يُعاودني التَّبْل ... على حين شاب الرأٍُ واسْتوْسَقَ العقْلُ قال رميم في الذ! َحل: إذا ما امرؤٌ حاوْلْن أن يَقْتُلَنَّهُ ... بلا إحْنَةٍ بَيْنَ النُّفوسِ ولا ذَحْلِ قال الأعشى في الوَغْم: يقومُ على الوَغْمِ في قوْمِهِ ... فيغفرُ إنْ شاءَ أو يَنْتَقِم قال في الحَزازة: إذا كان أبناءُ الرجالِ حزازةٌ ... فأنتَ الحلالُ الحُلْوُ والباردُ العَذْبُ قال الأعشى في الغِمْر: ومن كاشح شانئ غِمْرُهُ ... إذا ما انتسبْتُ له أنْكَرَنْ

قال غيره في الدِّمْنة: ومِنْ دِمَنٍ داويتها فشفيتها ... بسِلْمِكَ لولا أنتَ طال حُرُوبُها قال آخر في الحِسّ: أخوك الذي لا تَمْلكُ الحِسَّ نَفْسُهُ ... وتَرْفَضُّ عِنْدَ المُحْفظاتِ الكتائفُ ورجلٌ ضُباضِب: جريء. وامْرَأةٌ ضِبْضِب. وقولهم: ضازَ فُلانٌ فُلاناً حَقَّه أي نَقَصَهُ. وضازَ في الحُكْمِ: إذا جارَ. وضِيزى، ووزنُه فُعْلى، وكَسَرَتِ الضَّادَ الياءُ، وليس في النُعوت فِعْلي. وقال الخليل: ضِيزَى: عَوْجاء، وأضْوَز: أعْوَج. وليس في باب الضّادِ والزاي في باب المعتلّ مُسْتَعْمَلٌ غَيْر ضيزى. يقالُ: ضِزْتُهُ حَقَّهُ أضيزُهُ: إذا نَقَصْتُهُ ومَنَعْتُهُ، قال الله تعالى {قِسْمَةٌ ضِيزَى} أي ناقصة. وقال قَوْمٌ: ضازَهُ يُضِيزُهُ ويَضِيزُهُ فهو ضائِز، والمفعول مَضُوزٌ. قال:

فإنْ تنْأ عَنَّا نَنْتَقِصْكَ وإن تُقِمْ ... فَحَقُّكَ مَضُوزٌ وأنْفُكَ راغِمُ وتقول في الكلام: قسمةٌ ضيزى وضازني وضوّزني. وفسرها ابن عباس: قٍمةٌ ضيزى: جائرة، حتى وصفوا أن الله تعالى له بناتٌ لا إله إلا هو، واحتجَّ بقول امرئ القيس: ضازت بني أسدٍ بحُكْمِهِمُ ... إذْ يعدلون الرأس بالذَّنْبِ وقال السجستاني: ناقصة. قال: وقيل جائرة. الأمثالُ على حَرْفِ الضّاد ضَرَبَ في جَهَازِهِ. يعني البعير إذا رَمَى بأداتِهِ وضَرَب بِها رَحْلَهُ. ضَلَّ الدُّرَيْصُ نَفَقهُ. الدُّرَيْصُ: وَلَدُ اليربوع، نَفَقه: جُحْره. ضِغْثٌ على إبَّالةٍ. ضعف الشِّبْلُ عن الطلب.

حرف الطاء

بسم الله الرحمن الرحيم حرف الطّاء

بسم الله الرحمن الرحيم حرفُ الطّاء (الطّاءُ حَرْفٌ منْ حُروفِ العَرَبيّة، والألِفُ تَرْجعُ إلى الياء، إذا هَجَّيْتَهُ جَزَمْتَهُ ولم تُعْرِبْهُ. تقول: (طَ، دَ) مُرْسَلةَ اللَّفْظِ بلا إعْرابٍ، فإذا وَصَفْتَهُ وصَيَّرْتَهُ اسماً أعْرَبْتَهُ كما تُعْرِبُ الاسمن تقول: طاءٌ مكتوبةٌ طويلةٌ، لمّا وصَفْتَهُ أعْرَبْتَهُ). والطّاء نِطَعيَّةٌ ولا تدخلُ الطّاءُ مع التاء في كلمة من كلام العرب، طت، تط مُهْمَلان، وعددُها في القرآن ثمانمائة واثنان وأربعونُ طاءً، وفي موضع آخر ألفٌ ومائتان وأربعة وستون طاءً. وفي الحسابَيْنِ تِسْعَةٌ، وهذه صورة التسعة 9. 2/ 123 وقوله تعالى {طه} يقال: طِهِ، وَطَهِ، وطِهَ، وطَهَ، وَطَه، فمَنْ قرأ طِهِ، بالكَسْر، قال: طاءٌ مِنْ طاهِر، وهاءٌ مِنْ هادٍ. ومن قرأ طَهَ [قال] بأنه أمْرٌ من الله تعالى لنبيه عليه السلام أنْ يَطَأ على الأرْضِ بجمع قدمه، وذلك أنَّهَ لما نَزَلَ عليه الوحيُ كان يمشي على أطراف أنامله، حتى وجِئ من ذلك، فأنزلَ اللهُ {طَهَ} يا محمد {مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى} وعن بعض المفسرين أنه قال: طه، بالعبرانية: يا رَجُلُ، وأنشد: إنّ السفَاهَة طه مِنْ خلائِقِكُمْ ... لا قَدَّس اللهُ أخلاقَ الملاعينِ وبلغنا أن موسى عليه السلام لما سمع كلام الله اسَتَفَزَّهُ الخوفُ حتى قام على أطرافِ أصابع قدميه خوفاً، فقا الله {طه ما ...} أي اطمئنّ يا رجل.

ابن عباس: يا إنسان يعني يا مُحمد بِلُغَةِ عَكّ. الكَلْبيّ: هو بلسانِ عَكّ: يا رَجُل، فإذا قُلْتَ لعكِّيٍّ: يا رجلُ! لم يَلْتَفِتْ إليك، فإذا قُلْتَ: طه، التفتَ. العرجيُّ: طه حَرْفٌ من أسماءِ الله افْتَتَح به السورة، وطه بكلام طيّ: يا رجُل. عِكْرِمة: طه: يا رجُلُ: بالحبشية. قتادة: يا رجل، بالسريانية، ويُقال: بالقبطية. قال أبو عبيدة: لا ينبغي أن يكونَ اسماً لأنَّهُ ساكِنٌ، ولو كان اسْماً لدخَلَهُ الإعراب. [الطّريفُ] الطَّريفُ عندهم الشيءُ المُحْدُث الذي لم يكُنْ عُرِفَ، وهو مُشْتَقٍّ مَنَ الطرائف. والطّارفُ من المالِ: المُحْدَثُ الذي اكْتَسَبَهُ الرَّجُلُ. والتَّلِيدُ والتالِدُ: ما وَرِثَهُ عن آبائِهِ ولم يكسْبُه. قال متمم: بُوِدّيَ لو أنّي تَمَلَّيْتُ عُمْرَهُ ... بما لي من مالٍ طريفٍ وتالِدِ قال اللديغ: وأصْبَحَ مالي من طريفٍ وتالدٍ ... لغيري وكان المالُ بالأمس ماليا ويُقال: طارفٌ وطِرْفٌ وطريف. قال:

* بذَلْتُ [له] مِنْ كُلِّ طِرْفٍ وتالِدِ * وأطْرَفْتُ فلاناً شيئاً: أيْ أعْطَيْتُهُ ما لَمْ يُعْطَ مِثْلَهُ مما يُعْجِبُهُ. واطَّرَفْتُ شيئاً: أي أصَبْتُهُ، ولم يكُنُ لي. وكذلك البعيرُ المُطَّرَف: أيْ أصَبْتُهُ مِنْ قوْمٍ آخرين. قال رُمَيْم: كأنني من هوى خرقاء مُطَّرَفٌ ... دامي الأظَلَّ بعيدُ السأوِ مهْيُومُ السَّأوُ: بُعْدُ الهَمّ والنَّزاع. ورجُلٌ طَرِفٌ لا يَثْبُتُ على امرأةٍ ولا صاحِب. والطَّرِفُ: الذي بَْنَ جَدِّهِ الكبير [وبينه] آباءٌ كثير، وهُمْ أشْرَفُ مِنَ القُعْدُد. والقُعْدُد: الذي لَيْس بَيْنَهُ وبَيْنَ جَدِّهِ آباءٌ كثيرة. قال أبو وجزة: أمَرُّونَ ولأدونَ كُلَّ مُبَارَكٍ ... طَرِفُونَ لا يَرِثُونَ سَهْمَ القُعْدُدِ والطَّرْفُ: تحريكُ الجُفُونِ في النَّظر، وهو الشاخِصُ بِبَصَرٍ فلا يَطْرِفُ. [والطّرْفُ]: اسمٌ جامعٌ لِلْبَصَر، لا يُثَنَّى ولا يُجْمَعُ. والطَّرْفُ: إصابَتُك عَيْناً بِثَوْبٍ أو شَيْء، والاسْمُ الطُّرْفَةُ. تقولُ: طُرِفَتْ عَيْنُهُ، وأصابَتْها الطُّرْفَةُ، وطَرَفَها الحُزْنُ بالبكاء. قال: * والعَيْنُ مَطُرُوفَةٌ إنسانُها غَرِقُ *

وطرفا الإنسان: لِساَنُه وذَكَرهُ، لقولهم: ما تدري أيّ طرَفَيْهِ أطْوَلُ. قال الفراء: معناه: أي أبويْهِ 2/ 124 أشرف. يُقال: كريمُ الطَّرَفَيْن. أنشد أبو زيد: فكَيْفَ بأطْرافي إذا ما شَتَمْتَني ... وهل بَعْدَ شَتْم الوالدين صُلُوحُ؟! والمطرف: ثوبٌ من خزّ مربّع مخطط. والطراف: بيتٌ من أدم. وطرافٌ ممدد ممدود بالأطناب. قال طرفة: رأيت بني غبراء لا ينكرونني ... ولا أهل هذاك الطراف الممدَّدِ بني غبراء: المحاويج. وقولهُمْ: ما يُساوي طَلْيَةً قيل: الطَّلْيَةُ قِطْعَةُ حَبل يُشَدُّ بِرِجْلِ الحَمَلِ والجَدْي. وقيل: هو حَبْلٌ يُشَدُّ في طُلْيَة الحَمَل، وطُلْيَتُهُ: عُنُقُه، ويُقال للعُنُقِ: طُلْيَة، والجَمْعُ: طُلى. قال بعضُ الأعراب: سَلَبْنَ ظِباءَ ذي بقّرٍ طُلاها ... ونُجْلَ الأعْيُن البَقَرِ الصِّوارا وقال أبو عمرو والفَرَّاء: يُقالُ للعُنُقِ: طُلاةً والجمْعُ: طُليّ. قال الأعشى: مَتَى تُسْقَ مِنْ أثنائِها بعد هَجْعَةٍ ... من اللَّيْلِ شِرْباً حِينَ مالَتْ طُلاتُها

وبعضهم يقول: طَلْيَة واحدة. وقال ابن الأعرابي: ما يُساوي طَلْيَةً مِنْ هِناءٍ يُطْلَى به البعير. وكُلُّ شيءٍ طُلِيَ به فهو: الطِّلاءُ. والطَّلَى: الولدُ الصّغير من كُلِّ شيء، ويقالُ لولد الظَّبْي حِينَ يسقُطُ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ: طَلاَ، وهو منقوصٌ يُكْتَبُ بالألف. والطِّلاء: شربٌ من الأشربة. والطُّلاء، بالضمّ والتشديد: الدمّ. وقولهم: فلانٌ طاهِرُ الثِّياب أيْ لَيْسَ بِدَنِسِ الأخلاق، وفُسِّرَ {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ}. أي قلبك. قال امرؤ القيس: ثيابُ بني عوفٍ طهاري نقيةٌ ... وأوجُهُهُمْ بيضُ المحاجِرِ غُرَّانُ أخْرَجَهُ على بناء سُودان وحُمْران. والطَّهُورُ: اسمٌ كالوُضُوءِ، كُلُّ ماءٍ نظيفٍ اسمُهُ طَهُور. والتَّوْبةُ التي تكونُ بإقامةِ الحدود، نحْوَ الرَّجْم وغيرهِ طهُورٌ للمُذْنِب. والطُّهْرُ: نقيضُ الحَيْض، تقول: طَهَرَتْ، وطَهُرَتْ لغَةٌ، فهي طاهِرٌ، إذا انْقَطَعَ عنها الدم، فإذا اغْتَسَلَتْ قيل: تطهّرت. والاطِّهارُ: الاغْتِسال.

والتَّطَهُّرُ: التَنَزُّهُ عن الإثْم وما لا يُحْمَلُ. الطَّيَّاش غيرُ المُقْتَصِد في قوله وفِعْلِهِ، من قولهم: طاشَ السَّهْمُ إذا لَمْ يُصِبْ ووقعَ على غيرِ قصد. قال لبيد: صادَفْنَ منهُ غِرَّةً فأصَبْنَها ... إنَّ المنايا لا تطيشُ سِهامُها أي: لا تقع على غير قَصْد. قال آخر: رَمَتْني أُمُّ عَيَّاشِ ... بِسَهْمٍ غَيْرِ طَيَّاشِ قال دُرَيْدُ بنُ الصمَّة يَرْثي أخاه: فإنْ يَكُ عبدُ اللهِ خَلَّي مكانَهُ ... فما كان وقافاً ولا طائِشَ اليدِ والطَّيْشُ: خِفَّةُ العَقْلِ، طاشَ يَطيشُ طَيْشاً وتقول: طَيْشاً الرَّجُلُ رأيه وأمْرُه مثل رَهْباً سواء. وتَرَهُّباً الرَّجُلُ في أمْرِهِ: إذا هَمَّ بِهِ وأمْسَكَ عنه. ورهبات أمرك ورأيك إذا لم تقوِّمْه. الطَّرَب الخِفَّةُ، والعامَّةُ تَظُنَّ أنَّ الطَّرَبَ لا يكونُ إلا معَ الفَرَحِ، وهو خطَأ. قال ابن

الدمينة: ولا خَيْرَ في الدُّنيا إذا أنتَ لم تكُنْ ... حبيباً ولم يَطْرَبْ إليك حبيبُ أي: لم يخِفّ. آخر: وما هاج هذا الشوق إلا حمائمٌ ... لهن بساقٍ رنةٌ وعويلُ 2/ 125 تطَرَّبْنَني حتى بكيتُ وإنما ... يهيج هوى جُمْل عَليَّ قليلُ تطرَّبنني: أي استخففنني. قال آخر: يقُلْنَ: لقدْ بكيت، فقلتُ: كلا ... وهل يبكي مِنَ الطَّرَبِ الجليدُ قال آخر: فأراني طرباً في إثرهِمْ ... طَرَبَ الوالِهِ أو كالمُخْتَبَلْ قال رؤبة: الطَّرِبُ: المُشْتاقُ. والطَّرَبُ: الشَّوق، وأطْرَبَني هذا الشَّيْءُ إطْرابا. الطَّحْوُ البَسْط: يقال: طحا اللهُ الأرضَ ودحاها: إذا بسطها، منه {وَالأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا}. أي بسَطَها ووَسَّعَها، يقال: طَحَا يَطْحُو طَحْواً فهو طاح، والأصل:

طَوِحَ يَطْوِحُ مثل حَسِبَ يَحْسِبُ. وقوله تعالى {وَمَا طَحَاهَا} أي: وَمَنْ طحاها في مذهب أبي عبيدة. وطَحَا قَلْبُ فُلان في اللَّهْو: تَطَاوَلَ وتَمادى وذَهَبَ به مَذْهباً بعيداً. وهو يَطْحا به طَحْواً وطَحْياً. قال علقمة: طَحَا بِكَ قَلْبٌ في الحِسانِ طَرُوبُ ... بُعَيْدَ الشَّبابِ عَصْرَ حانَ مَشِيبُ والطائح: الهالك [أو] المُشْرِفُ على الهلاك. وكُلُّ شيءٍ ذهَبَ وفَنِيَ فقدْ طاحَ يطيحُ طَيْحاً وطَوْحاً لغتان. وطوّحوا بفلان: حملوه على ركوبِ مفازةٍ يُخَافُ هلاكُهُ فيها. قال رُمَيْم: ونشْوانَ من كأسِ النُّعاسِ كأنه ... بحبْلَيْنِ في مَشْطُونةِ يتَطَوَّحُ أي: يجيءُ ويذهَبُ في الهواء. وطَوَّحَ بثوبِهِ وطيَّحَ: إذا رمى به في مَهْلَكَةٍ. الطّارِقُ الآتي ليلاً، وكُلُّ مَنْ أتاكَ ليلاً فقدْ طَرَقَك، ولا يكونُ الطُّروقُ إلا بالليل. قال امرؤ القيس:

ألمْ تَرَ أنّي كُلَّما جِئتُ طارقاً ... وجدتُ بها طيباً وإنْ لم تَطَيَّبِ طارقاً: بالليل، ولا يكونُ بالنهار. قال جرير: طرَقَ الخيالُ لأمّ حَزْرةَ موهناً ... ولحَبَّ بالطَّيْفِ المُلِمِّ خيالا وسُمِّيَ النَّجْمُ طارقاً لأنه يطلعُ بالليل. قالت هِنْدُ بنتُ عُتْبَةَ يومَ أُحُد: نحنُ بناتُ طارق نمشي على النمارق المسكُ في المفارق الدُّرُّ في المخانِق إنْ تُقْبِلُوا نُعانق أو تُدْبِروا نُفَارِق فِراقَ غَيْرَ وامِق أي نَحْنُ بناتُ النَجمِ شَرَفاً. والطَّرْقُ: ضَرْبُ الصُّوفِ بالمِطْرَقة. والضربُ بالحصى. والتَّطْريقُ معناه: التكهُّنُ والتَّخْمين، أصْلُهُ مَنْ الطَّرْق، والطَّرْقُ: ضَرْبُ الحَصَى بَعْضه على بعضٍ ثُمَّ يُزْجَرُ به. قال لبيد: لعَمْرُكَ ما تَدْري الطّوارِقُ بالحصى ... ولا زاجراتُ الطَّيْرِ ما اللهُ صانعُ

فسَلْهُنَّ إنْ لاقيتهنَّ متى الفتى ... يلاقي المنايا أو متى الغيثُ واقعُ والطُّرْقَةُ: بمنزلة الطَّريقةٍ من طرائقِ الأشياء. والطَّرِيقَةُ من الخُلُقِ: لِينٌ وانقياد. والطَّريقَةُ أيضاً: الحالُ، تقول: فلانٌ على طريقةٍ حسنةٍ. وكُلُّ امرأةٍ طروقَةُ زَوْجشها. يُقال للمزوّج: كَيْفَ طَرُوقَتُك؟ 2/ 126 والطريقُ تؤنّثُه العَرَبُ. وأُمُّ طريق هي: الضَّبُعُ. والطَّرْقُ: الشَّحْمُ. قال: إنّي وأتْيَ ابْنِ غَلاقٍ ليقريني ... كغابط الكلب يبغي الطَّرْقَ في الذَّنَبِ وقولهم: مَنْ حَبَّ طَبَّ أي: منْ حَبَّ فَطِنَ وحَذِقَ واحْتالَ لمن يُحِبُّ. والطِّبُّ: الحِذْقُ والفطنةُ. وسُمِّيَ الطبيبُ [طبيباً] لِفَطَنِهِ. يقالُ: رَجُلٌ طَبٌّ وطبيبٌ: إذا كانَ حاذِقاً. قال عنترة: إن تُغْدِفي دوني القناعَ فإنني ... طَبٌّ بأخْذِ الفارس المستلئم وقال علقمة:

فإن تسألوني بالنساء فإنني ... خبيرٌ بأدواءِ النساءِ طبيبُ ومعنى حَبَّ: أجَبَّ. قال الكسائي والفراء: أحْبَبْتُ الرَّجُلَ وحَبَبْتُهُ. وأنشدا: وواللهِ لولا تَمْرُه ما حَبَبْتُه ... وما كان أدنى مِنْ عُبيدٍ ومُشْرِقِ وعن أبي رحالة أنه قرأ {فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمْ اللَّهُ} بفتح الياء. والطِّبُّ: السِّحْرُ، والمطْبُوبُ: المسْحُورُ. وطِبَبُ الشَّمْسِ: طرائِقُها التي تُرى فيها إذا طَلَعَتْ. وطِبُّك: شَهْوَتُكَ. وأطْباك الشيُّ: أعْجَبَكَ. وقولهم: طُبعَ على قَلْبِ فُلان أي غُشِّيَ على قلبه بالصَّدأ والوَسَخِ والدَّنَس، من قولهم: قد طَبِع السَّيْفُ يَطْبَعُ طبعاً إذا دَنِسَ، منه {كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ}. وفي الحديث "نعوذُ باللهِ من طَمَعِ يُدْني إلى طبَعِ". أي: دنس. قال: لا خَيْرَ في طمع يُدني إلى طَبَع ... إنّ المطامع فقْرٌ والغنى الياسُ وقال الأعشى يمدح هَوْذَة بن علي:

له أكاليلُ بالياقوتِ فصَّلَها ... صُوَّاغُها لا ترى عيباً ولا طبعا أي: ولا دَنَسا. وطبَعُ السيف: الصَّدأ الذي يعلوه. قال: بيضٌ صوارمُ نجلوها إذا طبعتْ ... تخالُهنّ على الأبطال كتانا ويقال: إنّ فلاناً لطبعٌ أي: دنيء الخُلُق. ويقال: لا يتزوَّجُ في العوالي إلا كُلُّ طمعَ طبعَ، ولا يتزوَّجُ في الموالي إلا كُلُّ بطرٍ أشرٍ. والطَّباعُ: ما جُعِلَ في الإنسان من طباع المأكل والمشربِ وغيرهِ من الأطبعة التي طُبعَ عليها. والطَّبيعةُ: الاسم مثل السجية والخَلِيقَةِ ونحو ذلك، والجميعُ الطبائع. قال لبيد: لكل امريء يا أمَّ عمرو طبيعةٌ ... وتفريقُ ما بينَ الرجالِ الطبائعُ والطَّبْعُ: الخَتْمُ على الشيء، كما قال الحَسَنُ: إنّ بَيْنَ اللهِ وبَيْنَ عَبْدِهِ حَداً إذا بَلَغَهُ طُبعّ [على] قلبه فلم يُوَفَّقْ بعده بخير.

والطّابَعُ: الخاتَمُ الذي يُخْتَمُ به. والطّابعُ: الرَّجُلُ الذي يَخْتِمُ. واللهُ طَبَعَ الخَلْقَ كُلَّهُ: أي خَلَقَهُمْ. وطُبعَ على القُلوبِ: أي خُتِمَ عَلَيْها. [الطَّمَعُ] والطَّمَعُ معروفٌ، تقول: إنَّ فلاناً لطمعٌ حريصٌ، والجْمْعُ أطْماعٌ ومطامع. قال: ألا يا نفس إن ترضى بقوتٍ ... فأنتِ مليةٌ أبداً غنية دعي عنكِ المطامع والأماني ... فكم أمنيةٍ جلبتْ منية آخر: 2/ 127 طمعاً بليلي أن تلينَ وإنما ... تُضربُ أعناقَ الرجالِ المطامعُ وفي المثل: أطْمَعُ منْ أشْعَبَ، وهو أشعب بن جبير مولى عبد الله بن الزبير، مِنْ أهل المدينة، وكان يُكْنَى أبا العلاء، وله أخبارٌ طريفةٌ في فَرْطِ الطَّمَع. والطَّمَعُ: رِزْقُ الجُنْد، وقد أمر لهم بأطماعهم. وتقول: ما أطَمَعَ فلاناً، وأطْمُعَ، بضم الميم، في التعجب. وكذلك التَّعَجُبُ في كل شيءٍ مَضْموم، كقولك: لَخَرُجَت المرأةُ، إذا كانت

كثيرةَ الخروج، ولَقَضُوَ القاضي فلانٌ، مضموم، ونحو ذلك أجمع، إلا ما قالوا في نِعْمَ وبِئْسَ روايةً عنهم، غير لازم لقياس التعجب. وامرأةٌ مِطْماع: تُطْمعُ ولا تُمَكِّنُ المُطْمَعَ مما أطمَعَتْ فيه. والمَطْمَعةُ: [ما طُمعَ] منْ أجْلِهِ، كقولك: إنّ قَوْلَ المُخاضَعَةِ لمَطْمَعَ'ٌ. وقولهم: طَمَرْتُ الشيءَ أي سَتَرْتُه، من قولهم: طَمَر الجرحُ إذا سَفُلَ، وهو من الأضداد، تقول: طَمَر الجرحُ إذا سفل، وطَمَرَ إذا علا وارتفع. وقولهم: طامِر بن طامر، وهو برغوث بن برغوث، سمي البرغوثُ طامِراً لِبُروزهِ وارتفاعه. تقول: طَمَر نفسَهُ أو شيئاً: إذا خبّأه بحيثُ لا يُدْرى. والطِمْرُ: الثَوْبُ الخَلَق، وجمعه أطْمار. والطَّمِرُّ والطُّمْرورُ والطِّمْريري: نعتُ الفرسِ الجوادِ الكريم. والطُّمُورُ: شِبْهُ الوثُوبِ في السَّماء. قال: وإذا قَذَفْتَ له الحصاة رأيْتَهُ ... ينزو لطلعتها طُمُورَ الأخيلِ أي كما يَطْمِرُ الأخْيَلُ في طيرانِه. والأخْيَلُ: طائرٌ الغالِبُ عليه الخضرةُ ومُشَرَّبٌ حُمْرةٌ، ويُسَمّى الشِّقِرَّاقُ الأخْيَلَ، والعربُ تقولُ: هو الطائِرُ المشؤوم، وتسمّيه الفُرْسُ: كاحوك.

وتقول العرب: أنْصَبَّ عليهمِ منْ طَمارِ: وهو المكانُ المُرْتَفعُ. قال: إلى بطلِ قدْ عَقَّرَ السيفُ وجْهَهُ ... وآخَرَ يَهْوي من طَمَارِ، قتيل ورواه بعضهُم بالنصب, [الطُُّرامة] الطُّرامَةُ: وَسَخٌ يكونُ على الأسنان، وهو أشَدُّ من القَلَحِ: شبه خُضْرَةٍ تعلو الأسنان. قال: إني قليتُ خنينها إذْ أعْرَضَتْ ... ونواجذاً خُضراً من الإطرامِ والطَّرْيَمُ: اسم السَّحاب. والطُّرْمَةُ: البَثْرَةُ في وسط الشَّفَةِ السُّفلى، والتُّرْفَةُ في العُليا، فإذا جَمَعُوا قالوا: طُرْمَتَيْن، بتغليبِ الطُّرْمَةِ على التُّرْفَةِ، وهي ناتئةٌ في وسط الشّفةِ خلقةً، وصاحِبُها أتْرَف. والطّارِمَةُ، دخيل من الأعجمية: وهي بيتٌ كالقُبَّةِ من الخشَب. والطُّرْمُ: اسمُ الكانون. والطُّرْمُ: قيل: الشَّهْدُ، وقيل: الزَّبْدُ. وقال في النساء. ومنْهُنَّ مثلُ الشَّهْد قد شيبَ بالطَّرْم يريد: الزُّبْد.

وقولهم: طَلَّحَ فلانٌ على فُلان ألحَّ عليه في المسألةِ وغيرها، حتى أتعبه فَصَيَّرَهُ بمنزلةِ الطًّلْحِ. والطّليحُ من الإبل: [الذي قدْ مَنَّهُ السَّيْر] والطَّلْحُ أيضاً: الرَّجُلُ التَّعِبُ الكالُّ. 2/ 128 وناقةٌ طليحٌ: مُعْيِيَةٌ كالَّةٌ، وأيْنُقُ طَلِيحاتٌ وطلائحٌ وطُلَّحٌ. قال: مثاباً لأفْناءِ القبائِل كُلِّها ... تَخُبُّ إليها اليَعْمُلاتُ الطلائح آخر: بكطى بعل ميٍّ أنْ أنيخْتْ قلائِصٌ ... إلى بيتِ ميٍّ آخرَ الليلِ طُلَّحُ وبعيرٌ طليحٌ وناقةٌ طليح. والطلاحةُ: الإعياء. قال الأعشى: وتراها تشكُو إليَّ وقد آ .... ضَتْ طليحاً تُحْذَى صُدورَ النِّعالِ والطلاحُ: ضِدُّ الصَّلاح، والفِعْلُ: طَلَحَ يَطْلُحُ طلاحا، وفلانٌ صالحٌ وفُلانٌ طالحٌ. وقولهم: طُوبَاكَ إنْ فَعَلَْتَ كذا الصوابُ: طُوبى لك، منه {طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ}.

وطُوباك لحنٌ من العَوامّ، ورُوي عنْ عائشة أنَّها تَصَدَّقَتْ بشِقَّة من تمرٍ ثُمَّ قالتْ: طُوبايَ إنْ قُبِلَتْ. والله أعلم. واختُلِفَ في معنى طُوبى، فقال أهلُ اللغةِ: طُوبى لهم معناه: خيرٌ لهم. عن إبراهيم قال: الخيرُ والبركةُ التي أعطاهم الله. قال ابن عباس: اسمُ الجنَّةِ بالحَبَشيّة. قال سعيد بن مَسْجُوح: اسمها بالهندية، معناه اسمها لهم. قال قتادة: الحُسْنى، وعنه: أنها كلمةٌ عربيةٌ، تقول العرب: طُوبى لكَ إنْ فَعَلْتَ كذا. قال مُغيثُ بن سُمَيّ: طُوبى شجرةٌ في الجَنَّة، ليس في الجنَّةِ دارٌ إلا وفيها غُصْنٌ منها، فيجيء الطيرُ، فيقعُ على الغُصنِ، فيؤكَلُ منْ أحدِ جانبيهِ شواءٌ ومنَ الآخر قديرٌ. قال شهرُ بنُ حَوْشَب: طوبى: شجرةٌ في الجَنَّةِ منها كلُّ شجرِ الجنة، أغصانُها من وراء سُورِ الجنة. قال أبو هريرة: هي شجرةٌ في الجنة يقول الله لها: تَفَتَّقي لعبدي عما شاء! فتَتَفَتَّقُ له عن الخَيْل بسُروجها ولُجُمِها، وعن الإبل برحائلها، وعما شاء من الكُسْوَةِ. قال: طوبى لمن يستبدلُ الطودَ بالقُرى ... ورسلاً بيقطين العراق وفومها

الطَّوْدُ: الجَبَلُ، والرِسْلُ اللَّبَنُ، واليَقْطينُ: القَرْعُ، والفُومُ: الخُبْزُ والحِنْطَةُ، وقيل: هو الثُّومُ، بالثاءِ، والفاءُ بدلٌ من الثاء، وقال الله تعالى {وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا}. وفي مصحفِ عبد الله: وثُومها. وقال الكلبي: الفُوم: هي الحبوبُ، قال: وطار ربيئهم لما رآنا ... بكفةِ فومةٍ أو فُومتانِ قال الفراء هي لغةٌ قديمةٌ، تقول: فَوِّمُوا: أي اختَبِزُوا. قال ابن عباس: قيل للفُوم: الحِنْطة. قال أبو محجن الثقفي: قد كنتُ أحسبني كأغنى واحد ... قدم المدينة من زراعة فوم ومن قرأها بقراءة عبد الله {ثُومِها} فهذا المُبَيَّنُ. قال أمية: كانتْ منازِلُهُمْ إذ ذاك ظاهرةً ... فيها الفراديسُ والفُومانُ والبصلُ [الطَّلالةُ] الطَّلاَلةُ: الحالُ الحَسَنَةُ والهيئةُ الجميلةُ، من النَّباتِ المطْلول: الذي أصابَهُ الطّلُّ فحسَّنَهُ. والطَّلُّ: صِغَارُ القَطْرِ، مِنْهُ {فَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ}

قالوا: بل القَطْرُ العِظامُ. والطَّلُّ: القَطْرُ الصغار، وجمعُ الوابل: وَبْلٌ، وجمعُ الطَّلُّ: أطُلُّ وطُلُول. قال نًيب: سقى تلك المقابر ربُّ مُوسى ... سجال المُزنِ وبلاً ثُمَّ وبلا قال أبوعمرو: ليستْ لهُ طلالةٌ، هذا قول ابن الأعرابي: أ] ْ ليس له ما يفْرَحُ به ويُسَرُّ. 2/ 129 والطلالةُ: الفَرَحُ والسرور. ولبعض الأزد: فلما أنْ وبِهْتُ ولم أصادفْ ... سوى رحلي بكيتُ بلا طلالة أي بغير فرح ولا سرور. قال الأصمعي: الطَّلالةُ: الحُسْنُ والماءُ. وطُلَّتِ الأرضُ: أي أصابها الطلُّ. قال أبو ذؤيب: وأرى البلاد إذا حللتِ بغيرها ... جدباً وإن كانت تُطَلُّ وتخصبُ ومَنْ قال: طَلَّتْ عليكَ، بالفتح، فإنما يَذْهَبُ إلى معنى طَلَّتْ عليكَ السَّماءُ. والطَّلُّ: المَطْلُ للديات وإبطالُها. قال: تلكُمْ هُريرةُ لا تجِفُّ دموعُها ... أهُريرُ ليس أبوكِ بالمطلولِ

أي: لا يُنْسى دَمُهُ ولا تبطلُ دِيَتُهُ. والإطْلال: الإشرافُ على الشيء. أطَلَّ عليه: أشْرَفَ عليه، وهو مُطِلٌّ: أي مُشْرِفٌ. قال الشماخ: مظلٌّ بزُرْقٍ ما يُداوى رميُّها ... وصفراء من تَبْع عليها الجلائزُ الرَّمِيُّ: المَرْمِيّ، الجلائز: عقبٌ يُلْوَى على القَوْس، واحدها جِلاَزَةٌ. قال جرير: أنا البازي المطل على نُميرٍ ... أُتيحَ من السماء له انصبابا أُتيح: هُيِّءَ. وقولهم: قامَ على طاقةٍ أي على ما يمكنه من الهيئة. والطاقُ والطَّوْقُ عندهم: القُوَّةُ على الشيء، ومنه قولهم: ليس لي بهذا الأمر طاقة. أي قوة. والطَاقةُ: القوةُ، وتسمى الإطاقة الطاقة، كقوله: {وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ} والطَّوْقُ: مصدرٌ من الطاقةِ. قال: كل امرئٍ مجاهدٍ بطوقِهِ ... كالثَّوْرِ يحمي أنفهُ بروقهِ يقول: كُلُّ امرئٍ متكلفٌ ما أطاقَ.

وفي الحديث: "مَنْ غَصَبَ جارَهُ حداً من أرضِهِ طوَّقه اللهُ يوم القيامةِ سَبْعَ أرْضين، ثم يَهْوي به في نارِ جهَنَّم" أي يجعلُ طوقاً في عُنُقِهِ. وقولُهُمْ: ليْسَ لِفِعْلِهِ طَعْمٌ أي لَذَّةٌ ومَنْزِلةٌ في القَلْب. قال: ألا مَنْ لنفس لا تموتُ فينقضي ... شقاها ولا تحيا حياة لها طعمُ أي: حلاوة ومنزلةٌ في القلب. وطعمُ كل شيءٍ: ذَوْقُه. والطَّعْمُ: الأكْلُ بالثَّنايا. وتقولُ: إنّ فلاناً لحَسَنُ الطَّعْمِ، وإنَّهُ ليَطْعَمُ طَعْماً حَسَناً. والطَّعْمُ: الحَبُّ الذي يُلقَى للطَّيْر. وتقول: اطْعَمْ هذا الشيء: أي ذُقْهُ. قال الله تعالى {وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ} جَعَلَ ذَوْقَ الشرابِ طعماً نهاهم أنْ يأخُذوا مِنْهُ إلا غَرْفَةً، وكان فيها رَيُّهُمْ ورَيُّ دوابِّهِمْ. والطُّعْمُ، بالضم: الطَّعام. والطَّعامُ: اسمٌ لم يُؤْكَلُ، والشَّرابُ لما يُشْرَبُ، والجميع أطْعِمة والأطْعِمات جماعةُ الجماعةِ. والطَّعام، في القَوْلِ العالي منَ الناس، هو البُرُّ خاصةً.

ورَجُلٌ مِطْعامٌ، ولا يُقالُ مِطْعامةٌ، لأنّ مِفْعال في الذَّكَرِ والأنْثى سواء. وفلانٌ كريمُ الطِّعْمَةِ ولئيمُ الطِّعْمَةِ، وإنّما كُسِرَ ذلك كما كُسِرَت الجِلْسة والمِشْيَة والرِّكْبَة وما أشْبَهَه ذلك. واطَّعَمَتْ الثمرةُ، على بناءِ افْتَعَلَتْ: أي أخَذَتْ طَعْمَها. والمُطْعِمَةُ: القَوْسُ سُمِّيَتْ بذلك لأنّها تُطْعِمُ الصَّيْدَ. قال رُمَيْم: وفي الشمالِ من الشَّرْيانِ مُطْعِمَةٌ ... كبْداءُ في عجْسِها عطفٌ وتقويمُ وعجْسُها: مَقبضُها، وقيل: عَجْزُها، وهو مَعْجِسُها أيضاً. 2/ 130 وفي مثل: لا آتيك سجيسَ عُجَيْسٍ، معناهما الدَّهْرُ. قال: وآليتُ لا آتي ابن ضرةً طائعاً ... سَجِيسَ عُجَيْسٍ ما أبانَ لِساني وقولهم: قد طلق فلانٌ فلانةً بتَّةً بَتْلَةً معناه: مُرْسَلَةً مُخْلاةً، من قولهم: أطلقْتُ الناقة فطلقت: إذا كانت مشدودةً فأزْلت الشَّدَّ عنه وخَلَّيْتَها، فَشُبّهَ ما يقَعُ بالمرأةِ بذلك، لأنها كانتْ متصلة الأسباب بالرَّجُلِ، وكانت الأسْبابُ كالشدِّ لها والعَقْلِ، فلما طلقها قَطَعَ الأسباب، الدليلُ على ذلك قولهم: هي في حبالِ فلانٍ: أي أسبابُها متصلةٌ به. ويُقالُ: طَلَقَتْ المرأةُ وطَلُقَتْ، وقَدْ طَلَقَتْ النّاقَةُ وطَلُقَتْ طَلْقاً عند الولادة، وهي طالقٌ من الطلاق، على غَيْرِ بناءٍ على الفِعْل. وهي طالِقِةٌ، على البناء على: طَلَقَتْ تَطْلُقُ، وقد طَلَقَتْ وطَلُقَتْ تطلُقُ طَلاَقاً، وهي طالِقٌ وطالِقةٌ غداً، وكذلك كُلُّ فاعلةٍ

تستأنِفُ ذلك لزمتها الهاء. قال الأعشى: أيا جارتي بيني فإنَّكِ طالقة ... كذاك أمورُ الناس غادٍ وطارقة وبيني فإنّ البين خيرٌ من العصا ... وإن لا تزال فوق رأسي بارقة وبيني حصان الفرْجِ غير ذميمةٍ ... وموموقة فينا كذاك ووامقة وذُوقي فتى حي فإني ذائقٌ ... فتاة أناس مثل ما أنت ذائقة قوله: أيا جارتي يريد: أيا زوجتي، وكان سببُ قوله أنّ أخْتانَهُ أخذوه بطلاق امرأته، وقالوا: لا نَرْفَعُ عَنْكَ العصا أو تطلقها ثلاثاً، فإنّك قد أضْرَرْتَ بها، فَعِنْدَ ذلك قال هذا. والطَالِقةُ من الإبل: ناقةٌ تُرْسَلُ في الحي ترعى حيثُ شاءت لا تُعْقَلُ إذا راحَتْ ولا تُنَحَّى في السَّراح والجميع المطاليق. وتقولُ: أطْلَقْتُ الناقةَ وطَلَّقْتُ: أي حَلَلْتُ عِقالَها فأرْسَلْتُها وهي تَطْلُقُ. والطلاقُ: هُدُوُّ السُّمّ بالمَلْسُوع. قال النابغة: تَنَاذَرَها الرّاقون من سوء سُمِّها ... تُطَلِّقُهُ طوراً وطوراً تراجعُ يقول: يهدأ عَنْهُ الوَجَعُ طوْراً ويُراجِعُهُ طوْراً. ورُوي: تُراسِلُهُ حالاً. ويقالُ للسليم إذا لُدِغ ثمَّ رَجَعَ إليه نَفَسُهُ: قَدْ طُلِّقَ. ويقال: النِّساءُ طالِقٌ. قال: * المالُ هَدْيٌ والنِّساءُ طالِق * النّساءُ جَمْعٌ لا واحد له، فردَّ طالِقاً على لفظِ النساء.

وقال الفراء: لما كُنْتُ أقولُ: هذه النساء طالقاً على لفظ هذه، ومثله: بِيضٌ ذاتُ أطهار، لأني أقول: بيض فَرُدَّ (ذات) على لفظ هذه. وقال الكسائي: لما كان الرَّجُلُ يقولُ لامرأتِهِ: أنْتِ طالق، ترك لفظ طالق كما هو على الحكاية. ورجلٌ مِطْليق ومِطْلاق: كثيرُ الطَّلاقِ للنساء. ويقالُ: طلاقٌ وطَلقٌ وتَطْليقَةٌ وطَلقَةٌ. قال: 2/ 131 أرى الليلَ في طُوله عيشة ... وليستْ بطلقٍ ولا ملكنة والطلاقُ أيضاً: ذهابُ الغَيْم. وقولهم: طَلَّقَها بَتَّةً بَتْلَةً، معناه: قاطعةً، أي قطعت الثلاثُ حبائلها مِنْ حبائِله. يقالُ: أبْتَتُّ على فلانٍ القضاء، وبَتَتُّ، أي: قطعتُ. هذا قول الفراء. وقال الأصمعي: يقالُ: بَتَتُّ، بغير ألِف. وأبانَ الرَّجُلُ امرأته: إذا طلّقها طلاقاً بتاتاً. وقالت هندُ بنتُ عُتبة امرأةُ الحجاج بن يوسف: وما هندُ إلا مُهرةٌ عربيةٌ ... سليلةُ أفراس تحللها بغلُ فإن نُتِجَتْ مهراً كريماً فبالحري ... وإن كان إقرافاً فمِنْ قبل الفحْلِ ويروى: فما أنْجَبَ الفَحْلُ. فلما بلغَ الحجاجَ قولُها أمر ابن القريّة أن يطلّقها عنه بكلمتين، وحمله إليها مائة

ألف، فلما أتاها، قال لها: يا هِنْدُ! كُنْتِ فَبِنْتِ. وأتاها بالمائة، فقالت: ما فَرِحْنا إذْ كانَ ولا حَزِنَّا إذْ بانَ. ويُروى: ما فَرِحْنا إذ كُنّا ولا حَزِنّا إذْ بِنّا، المائة الألف لكَ بشارة. وتقولُ: أبَتَّ فلانٌ طلاقَ فُلانة: أي طَلَّقها طلاقاً باتاً، والمُجاوِز منه الإبتاتُ في كل شيء. والمُنْبَتُّ: الأحمقُ الشديد الحُمْقِ. وانْقَطَعَ فلانٌ عن فُلان فانْبَتَّ وانْقَبَضَ. قال: فحلَّ في جُشَمٍ وانبتَّ مُنْقبضاً ... بحيلةٍ من ذُرى الغُرِّ الغطاريف وفي الحديث: "المُنْبَتُّ لا أرْضاً قطَعَ ولا ظَهْراً أبْقى" معناه: الذي قدْ أتْعَبَ دابته حتى عَطِبَ ظَهْرُها، فبقي مُنْبَتَاً مُنْقَطعاً به. والبَتْلَةُ أيضاً: القاطِعَةُ، مِنْ قولهم: بَتَلْتُ الشيءَ: وقطعته. ومريمُ عليها السلام العَذْراءُ البَتُولُ: المقطوعةُ عن الرجال. قال عليه السلام: "لا تَبَتُّلَ في الإسْلام". أي لا يتقرب المسلمُ إلى ربه بترْكِ التزويج كما يفعلُ الرهبان وغيرهم من الكفار. قال الله تعالى: {وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً}. أي: انقطع إليه انقطاعاً. قال امرؤ القيس: تُضيء الظلام بالعِشاءِ كأنَّها ... منادَةُ مُمْسَى راهبٍ مَتَبَتَّلِ

وقال أمية بنُ أبي الصلت في مريم عليها السلام: أنابتْ لوجهِ الله ثم تبتَّلَتْ ... فسَّبخَ عنها لومةَ المتبتلِ سَبَّخَ: خَفَّفَ، ومنه الحديث قال النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة وسمعها تدعو على سارِق سَرَقَها: "يا عائشة! لا تُسَبِّخي عنهُ بدعائِكِ عليه" أي: لا تخففي. وكُلُّ من خَفَفَ عن شيءٍ فقد سَبَّخَ عنه. وفي الدعاء: "اللهُم سَبِّخْ عنه الحُمّى" أي: خفِّفْها وسُلَّها. ويقال لقِطَع القُطْنِ إذا نَدِفَ: السَّبائخ. قال الأخطل: فأرسلوهن تُذْرينَ التُّرابَ كما ... تَذْري سبائخَ قُطْنِ نَدْفُ أوتارِ والبَتْلُ كلمةٌ تُوصَلُ بالبَتِّ، ومنه قيل: الصَّدَقَةُ يَبُتُّها الرجُلُ منْ مالِهِ صَدَقَةٌ بَتَّةٌ بَتْلَةٌ، أي: قاطعة. 2/ 132 والطَّلاقُ: طَلْقُ المخاضِ عند الولادة، تقول: طُلِقَتْ فهي مَطْلُوقَةٌ، وضَرَبَها الطَّلْقُ. ورَجَلٌ طَلْقُ اليَدَيْن: سَمْحٌ بالعَطاءِ. وطَلِيقُ اللسانِ وطَلْقُ اللسانِ: ذو طلاقةٍ وذَلاقةٍ.

ولسانُه طَلْقٌ ذَلْقٌ، وطَلْقٌ ذَلْقٌ معاً: مُستَمِرٌّ. وتقول: لا تُطَلِّقُ نَفْسي لهذا الأمرِ: أي لا تَنْشَرِحُ له ولا تَسْتمِرُّ به. والطَّلْقُ: الشَّوْطُ الواحدُ في جَرْي الخَيْل. والطّلَقُ: الحَبْلُ القصيرُ الشّديدُ الفَتْلِ يَقوُمُ قياماً. وقولهم: ما عِنْدَهُ طائلٌ ولا نائل الطَّائِلُ: الفَضْلُ، أُخِذَ من الطَّوْلِ، منه {ذِي الطَّوْلِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ} أي: ذي الفَضْلِ على عباده. قال: وقال لجساس أغثني بشربةٍ ... تَدَارَكْ بها طولاً عليَّ وأنْعِمِ أيْ: فضلاً. وقيل: الطائِلُ هو الفَضْل، منْ قولهم: قَدْ طالَ فُلانٌ فلاناً: إذا فَضَلَهُ وغَلَبَهُ بالطَّوُل. يُقال: طَاولني زيدٌ وطُلْتُهُ، وطاولتْني هِنْدُ فطُلْتُها. قال الفرزدق: إنَّ الفرزدق صخرةٌ ملمومة ... طالت فليس تنالُها الأوعالا أي: فضلْتُها بالطَّوْل وغلَبْتُها. والنائِلُ هو: العطاء، أُخِذَ مِنّ النّوال، وهو العطاء. والمعنى: ما عِنْدَهُ فضلٌ ولا عطاء.

ويُقالُ: النائلُ هو البُلْغَةُ، مِنْ قولهم: قد نِلْتُ كذا أنالُهُ نَيْلاً: إذا بلغْتُهُ. وطال فلانٌ فلاناً: إذا فاقَه في الطُّول. قال: تحتُّ بقرْنَيْها برير أراكةٍ ... وتعطُوا بظلفَيْها إذا الغُصْنُ طالها أي: طاوَلها فلم تَنَلْهُ. وطالَها: كان أطْوَلَ مِنْها، تقول: طاوَلْتُهُ فَطُلْتُهُ: أيْ: كُنْتُ أطْوَلَ منه. والطِّوَلُ: التّمادي، تقول: طالَ طِوَلُكَ يا فُلان: أي تماديك في كذا. وبعضهم يقول: طال طِيَلُكَ. وتقول للشَّيء الخسيس الدُّون: هذا غَيْرُ طائل، واشتقاقُه مِنَ الطَّوَلِ، والتأنيثُ والتذكير فيه سواء. قال: * لقد كَلَّفُوني خُطَّةً غَيْرَ طائل * والطُّولُ: جماعةُ الطَّويل. والطِّيَلُ: لغةٌ في الطِّوال. والطُّولُ: مَدى الدَّهْر. والطِّوَلُ: الحبلُ الطويلُ جداً. قال طرفة: لعمْرُك إنّ الموتَ ما أخْطأ الفتى ... لكالطولِ المُرْخى وثنياهُ باليدِ ثِنْياه: طرفاه. والتطاوُلُ في معنى هو: الاستطالة على الناس إذا هو رَفَعَ نَفْسَهُ فوْقَهُم في القَدْر.

وفي معنى آخر: أنْ يقومُ قائماً ثمَّ يتَطَاوَلُ في قيامه ويمدُّ قوائمه إلى الشيء. والعَرَبُ تقولُ: طَوِّلْ لِفَرَسِكَ يا فُلان: أي أرْخ له الطَّويلةَ، وهو الحَبْلُ تُشَدُّ بقائمةِ الدابة ثُمَّ تُرْسَلُ في مرعى. وقولهم: هو أشْأمُ مِنْ طُوَيْس قال الكلبي: طُوَيْس مُخَنَّثٌ من أهل المدينة، وُلِدَ يومَ ماتَ النبي صلى اللهُ عليه [وسلم]، وقَعَدَ يوم ماتَ أبو بكر، وأثسْلِمَ [الكتاب] يوم مات عُمَر. والطَّوْسُ: الشَّيءُ الحَسَنُ، ويقالُ للشيء الحَسَنِ: إنّه لَمُطَوَّسٌ. والطاووس: فاعول من الطَّوْس. 2/ 133 والطَّيْسُ: الملكُ العظيمُ الخَطر. والطَّيْسُ: العدد الكثير، واختلف فيه؛ قيل: هو ما كانّ على وجْهِ الأرض من الترابِ والقتام. وقال قوم: هو خَلْقٌ كثيرُ النسلِ مثلُ الذرّ والهوام. والطَّاسُ: إناءٌ مِنْ صُفْر، وجمعه طاساتٌ وطيسان، ويجوز للشاعر أن يقول: طاسة. والطَّسْتُ: أصلها طِسَّة، وأكثرهم كرهوا تثقيل السين، فخففوا، والجمع: الطِّسَاسُ. ومِنَ العَرَب من يُتِمُّ الطِّسَّةَ فيثِّقل السين ويُظْهِرُ الهاء. والعَرَبُ لا تَجْمَعُ الطَسْتَ إلا: الطِّسَاس، ولا يُصَغِّرونها، ومَنْ جمَعَها: طِسَّات، فالتاءُ تاء تأنيث بمنزلة: بنت وبنات. وقيل في الحديث "املوا الطسوس وخالفوا المَجُوس"، والطُّسُوس: جمع طِستْ، مثل: دُسُوس ودَسْت.

ويقال: طَسَتْ نفسي، ونفسي طَاسِيَةٌ: إذا تَغَيَّرَتْ من أكلِ الدَّسَمِ. قولهم: فلانٌ لَبِسَ الطَّيْلَسان وهو الرّداء بكَسْرِ اللام وفتْحها، ولم أرَ "فَيْعَلان" مكسوراً غيره، وأكثَرُ ما يجيء مفْتوحاً أو مَضْمُوماً، نحو: الخَيْزَران والجَيْسَمان، ولكن لما كانتْ الكسرةُ والضمةُ لغتين اشتركتا في مواضع كثيرة ودَخَلَت الكسرةُ مَدْخَلَ الضمة. والطِّلسُ: كتابٌ قد مُحِيَ ولم يُنْعَمْ مَحْوُهُ فيصيرُ طِرْساً، وإذا مَحَوْتَ الكتابَ لِتُفْسِدَ خَطَّةُ قُلْتَ: طَلَسْتُهُ، فإذا أنْعَمْتَ مَحْوَهُ قُلْتَ: طَرَسْتُهُ. والطَّلَسَةُ، بالضم والفتح: مَصْدَرُ الأطْلَس: وهي غُبْرَةٌ في غُبْسَةٍ. والأطْلَسُ من الذئاب هو أخْبَثُهُ. قال رميم يصف صائداً: مُقَزَّعٌ أطلسُ الأطمارِ ليسَ لهُ ... إلا الضراء وإلا صيدها نشبُ [الطَّفَس] الطَّفَسُ: القَذَرُ. والطَّقَسُ: قَذَرُ الإنسانِ إذا لَمْ يتعاهَدْ نفْسَهُ بِغَسْلِ وتنظيف. والمرأةُ هي طَفِسَةٌ، والرَّجُلُ طَفِسٌ: إذا كانا كذلك. [الطرّ] الطَّرُّ، في كلامهم: القَطْع. ورَجُلٌ طَرّارٌ: يَقْطَعُ الأشياء فيأخذها. طَرَّطَرَاً: إذا فَعَلَ ذلك. وسُمِّيَتْ الطُّرَّةُ مِنَ الشَّعْرِ لأنها مقطوعةٌ من جملته ومفصولةٌ منه. والطَرَّةُ، بالفتح: المَرَّة، وبالضمِّ: اسمُ الشيء المقطوع، بمنزلة: الغَرْفة هي المرة الواحدة،

والغُرْفة الاسم. وكذلك: الفَرْجَةُ والفُرْجَةُ، والخَطْوةُ والخُطْوة، والحَسْوَةُ والحُسْوَة. والطَّرُّ: كالشَّلُّ، يَطُرُّهُمْ بالسَّيْفِ طَرْاً. وسِنَانٌ مَطْرور وطَرير: مُحَدَّد. ورجُلْ طَريرٌ: ذو طُرَّةٍ وهيئةٍ حَسَنَةٍ. قال: ويُعْجِبُكَ الطريرُ فتختبره ... فيخلفُ ظنكَ الرجلُ الطريرُ وتقول:" قد طَرَّ شاربُ الغلام، وهو طارٌّ قَدْ طَرَّ شاربُه: إذا نَبَتَ. وأطرّ: إذا حَلَق. وَطَرَّ وَبَرُ الحِمارِ: إذا ألقى شَعَرَهُ وألقى شَعْراً آخر. وطرأ علينا فُلانٌ وهو يَطْرؤُ طُرُواً: إذا خَرَجَ عليكم مِنْ مكانٍ بعيد مُفَاجأةً، ومنه اشتق الطُّرَّاني. 2/ 134 والطَّرا يُكَثَّرُ به عدَدُ شَيْء، يقالُ: أكْثَرُ من الطَّرا والثَّرى. وقيل: الطَّرا في هذه الكلمة: كلُّ شيءٍ من الخَلْق لا يُحْصى عَدَدُهُ. وفي أحد القولين: كلُّ شيءٍ على وجه الأرض من التراب والحصى والبطحاء ونحوه فهو الطَّرا. والطَّراءَةُ: مصدرُ الشيء الطّرِيُ، وهو بَيَنُ الطّراوة. وقولهم: طَيْرُ اللهِ لا طَيْرُك أيْ: فِعْلُ اللهِ وحُكْمُهُ لا حُكْمُك وفِعْلُك وما نَتَخَوَّفُه منك. قال أبو عبيدة: الطائرُ

عند العَرَب: الحظّ، وهو تسميةُ العوامْ: البَخْت. قال الفراء: الطائرُ عندهم: العَمَل، ومنه {وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ} أي: عمله. قالتْ رقيقةُ بنت أبي صيفي تعني النبي صلى الله عليه [وسلم]: منا من الله بالميمونِ طائرُهُ ... وخيرِ من بُشرتْ يوماً به مُضرُ قال اللحياني: يقالُ: طَيْرُ الله لا طَيْرُك، وطَيْرُ الله لا طَيْرَكَ، وطائِرُ اللهِ لا طائرُك، [وطائِرَ الله لا طائِرَك]، وصَبَاحُ اللهِ لا صباحُك، [وصباحَ الله لا صباحَكَ]، ومساءُ اللهِ لا مَساؤك، [ومساءَ اللهِ لا مساءَك]، كُلُّ هذا إذا تطيَّروا من الإنسان. قال أبو بكر: الرَّفْعُ بمعنى: هذا طائر، والنَّصْبُ [على معنى]: نُحِبُّ [طائِرَ الله] ونريده. والطِّيَرةُ: مصدرُ قولك: اطَّيَّرْتُ، أي: تَطَيَّرْتُ. والطِّيرةُ لغةٌ، ولم يُسْمَعُ في مصادرِ "افتعَلَ" على "فِعْلة" غير الطّشيرة والخِيرة، كقولك:" اخْتَرْتُه خِيرةً، نادرتان. والتَّطايُرُ: التَّفَرُقُ والذَّهابُ.

والطَّيْرُ معروف وهو: اسْمٌ جامعٌ مؤنَّث، والواحِدُ طائر، وقَلَّ ما يقولون: طائرة، للأنثى. والعَرَبُ تقولُ: فجْرٌ مُسْتَطيرٌ، وغُبارُ مُسْتطار. وفي الحديث: "إذا رأيتُمُ الفَجْر المُسْتَطيل فكُلُوا ولا تُصَلُّوا، وإذا رأيتُمُ الفَجْرَ المُسْتَطِيرَ فلا تأكُلوا وصَلُّوا" يعني بالمُسْتَطير: المعترِض في الأفُق، كما قالوا للفَحْل: هائج، يقالُ للكلْبِ: الطَيَّار. وقولهم: عدا فُلانٌ طَوْرَه أيْ قَدْرَه الذي يجب له. والطَّوْر: التّارة. وطَوْراً بَعْدَ طَوْر: تارةً بَعْدَ تارة. والناسُ أطْوارٌ: أي أخْيَاف على حالاتٍ شتّى. منه {وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَاراً} قال النابغة: وإنْ أفاق لقدْ طالتْ عمايُته ... والمرءُ يُخْلِقُ طوراً بعد أطْوارِ وقال كُثَيّر بن عبد الرحمن: فطوراً أكُرُّ الطرفَ نحو تهامةٍ ... وطوراً أكُرُّ الطرفَ كَراً إلى نجْد والطَّوار: ما كان على حَذْوِ الشيء أو حِذائِه، وتقول: هذه الدّارُ على طوارِ هذه الدّار: أي حائطُها مُتَّصِلٌ بحائِطِها على نسقٍ واحدٍ. وتقول: رأيتُ معَهُ حبلاً بطوارِ هذا الحائِطِ، أي: بِطُوله. والطَّوْر: مصدر طَارَ يَطُور بفلان، كأنه يحومُ حولَيْهِ ويدنو منه.

والطُّورُ: اسم جبل معروف. وقولهم: طغى فُلانٌ أي: ارتَفَعَ وَعَلا. وكُلُّ شيءٍ جاوَزَ القَدْرَ فقد طغى مثلما طَغى الماءُ على قَوْم نوح، أي: علا، وكما طَغَت الصَّيْحة على 2/ 135 ثمود، منه {كَلاَّ إِنَّ الإِنسَانَ لَيَطْغَى (6) أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى}. قال ابن عباس: لَيْسَ مِنْ طعام ولا شرابٍ ولا مالٍ يَسْتَغْني به الرَّجُلُ إلا طغى. وعنه: مَنْ جَمَعَ الخُبْزَ والأدَمَ طغى. والطُّغيانُ والطُّغوانُ لغة فيه، والفِعْلُ طَغَوْتُ وطَغَيْتُ، والاسم: الطَّغْوى، قال الله تعالى {كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا} مِنَ الطُّغْيان. والطّاغِيةُ، كالعافية والرّاهية وما أشبهها. والطغيا: البَقَرةُ الوَحْشِيَّةُ، يقالُ: طَغَتْ تَطْغى: إذا صاحت وسُمِعَتْ. طَغْيُ فلان: أي صَوْتُه، هُذَلِيَة. والطَّاغِيةُ: الجبَّارُ العنيد. تقول: طَغى فُلانٌ عَلَيَّ وبَغَى، من البَغْي وهو الظُّلْمُ، والباغي: الظّالم. قال خفاف بن عمير وينسب لأمّه ندبة: ولما أنْ طغوا وبغوا علينا ... رميناهُم بثالثةِ الأثافي ثالثةُ الأثافي: القطعةُ من الجَبَلِ تُجْعَلُ إلى جنبها اثنتان وتكون هي متصلة بالجَبَل.

والطُّغْيانُ: الكُفْرُ والغيّ، منه قوله تعالى {فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} أي في غيهم وكفرهم. وقولهم: جاؤوا مثل الطِّمِّ والرِّمِّ فالطِّمُّ: ما جاء به الماءُ، والرِّمُّ ما يتحاثُّ من ورق الأشجار. والطِّمُّ: الكيس. والطَّمُّ، بالفتح: طَمْرُ الشيء بالتراب، يقالُ: طَمَّ إناءه، أي: ملأه، طَمَاً. والرَّجُلُ يَطِمُّ في سَيْرِهِ طميماً، وهو: مَضَاؤه وخِفَّتُهُ. ويَطِمُّ رأسه طمّاً: إذا أخذ شعره. والطَّامَّة في القرآن: القيامة الداهية التي تطمُّ على سواها، قال تعالى {فَإِذَا جَاءَتْ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى}. وطمَّ البَحْرُ: إذا غَلَبَ سائِرَ البحور، وكذلك القوم. والطِّمْطِميُّ والطُّمْطُمانيّ: هو الأعْجَمُ الذي لا يفصح. [طُفَيْليُّ] طُفَيْليَ: لَيْسَ مِنْ كلام العَرَب، وهو مُوَلَّدٌ ومِنْ كلامِ أهل العِراق، وهو أن يأتي وليمةً أو صنيعاً لم يُدْعَ إليه، يقال: طَفَّلَ تطفيلاً. وأوَّلُ مَنْ فَعَلَ ذلك طُفَيْلُ العرائس في الجاهليّة، فَكُلُّ مَنْ فَعَلَ فِعْلَهُ نُسِبَ إليه، فقيل: طُفَيْليّ.

وَمِثْلُهُ: الواغِلُ، وهو: الداخلُ على القَومِ في طعامِهِمْ أو شَرابهم من غَيْرِ دعوة، يقال: وَغَلَ يَغِلُ وُغُولاً. قال امرؤ القيس: حَلتْ لي الخمرُ وكنتُ امرءاً ... عن شُربها في شُغُلِ شاغِلِ فاليوم أشرب غيرَ مُسْتَحْقِبٍ ... إثماً من اللهِ ولا واغلِ وهو أيضاً: الخُذامِذ، الذي يجيء من غير أن يُدْعى ولا يُسَرُّ بمجيئه إذا جاء. وقولهم: فلانٌ طر لا إذا رأى الخير تدلى ولا إذا رأى الشرَّ تعلّى ليس بصحيح، وهو مما أهمله الخليل، وأظنّها كلمة مولّدة جاءت على جهة المزاح، فكَثُرْتُ واستُعْمِلَتْ ولا أصل لها. [الطِّمْلُ] 2/ 136 الطِّمْلُ: الرَّجُلُ الفاحِشُ لا يُبالي ما أتى وما قيلَ له، تقولُ: إنَّهُ مِلْطٌ طِمْلٌ، والجميع: الطُّمُول وإنّه لَبَيِّنُ الطُّمولة. قال: أطاعوا في الغواية كل طِمْل ... يجرُّ المُخْزِياتِ ولا يبالي والطَّملالُ: الفقير. [المُطَنَّفُ] المُطَنَّفُ: المُتَّهمُ. وَطنَّفْتُه: اتّهَمْتُهُ. والطَّنَفُ: التُّهْمة. وتقول: يُطَنَّفُ نَفَسُ فلانٍ بهذه السَّرِقة ونحوِها، وإنّ لطَنِف بهذا الأمْرِ، أي: مُتَّهَمٌ.

[الطُّنُوُّ] والطُّنُوُّ: الفُجور. يقالُ: طَنَا إليها، وقَوْمٌ طُنَاةٌ: زُناةٌ. [الطّغام] والطَّغامُ: الوَغْدُ من الناس، وقيل: هو أرْذالُ الطَّيْرِ والسِّباع، فشُبْهَ بِهِنَّ. وتقولُ: هؤلاءِ طَغامٌ وطَغامة، للجماعة وللواحِدِ سواء. قال: وكنتُ إذا هممتُ بفعل أمرٍ ... يخالفُني الطَّغامَةُ والطَّغامُ [الطُّهْرُ] الطُّهْرُ على عَشرةِ أوجه: الأوّل: إمساكُ الدم عن المرأة، قوله تعالى {حَتَّى يَطْهُرْنَ} يعني إمساك الدم. الثاني: الاستنجاءُ، قوله تعالى {يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} الثالثُ: الاغتسالُ بالماء، قوله تعالى: {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَاتُوهُنَّ}. الرابعُ: التَّنَزُّهُ عن أدْبارِ الرجال، قوله تعالى: {إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ}. الخامسُ: الطُّهْرُ من الحَيْضِ والأذى، لقوله تعالى {لَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ} السادسُ: الطُّهْرُ مِنَ الذُّنُوبِ، قوله تعالى {لا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ} يعني: الملائكة

ومثله: {صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} يعني: من الذُّنوب. السابعُ: الطُّهْرُ منَ الشِّرْك، قوله تعالى {وَطَهِّرْ بَيْتِي لِلطَّائِفِينَ} أي: من الشِّرْك. الثامن: طُهْرُ القَلْبِ، قولهُ تعالى: {ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ}. التاسعُ: الحِلُّ، {هَؤُلاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ} أيْ: أحَلُّ لكُمْ من الرَّجال. العاشرُ: الطُّهْرُ منَ الإثْم، قوله تعالى {لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ} يعني: من الآثام. [الطِّفْلُ] الطِّفْلُ: الصغيرُ منْ أولادِ الناس والبَقَر والظِّباءِ والخَيْلِ والإبِلِ ونحوها من الخَلْق، وجمعُهُ: أطفال، والمصْدَرُ: الطُّفُولَةُ والطُّفُوليّةُ. والطِّفْل: النّارُ حينَ تُقْدَح. واخْتُلِفَ في قول زهير: لأرْتحِلَنْ بالفجرِ ثمَّ لأدلِجَنْ ... إلى الليلِ إلا أنْ يُعَرِّجَني طِفْلُ قيل: هو وَلَدُ ناقته إلا أن تَضَع، فاحتبس لذلك. وقيل: إلا أن أقْدَحَ ناراً لما أُصْلحُ منْ طعامي. وتقولُ: فَعَلَ ذلكَ في طفُوليّتِهِ، أي: وهو طِفْل، ولا فِعْلَ له لأنه ليس له قَبْلَ ذلك حالٌ فيتحوَّلُ منها إلى الطُّفُولة. والطِّفْلُ جمْعٌ لا واحِدَ له من لَفظِهِ، مثل الضَّيْف، لا واحِدَ له من لفظه، قال الله تعالى

{ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً} كما قال: {أَوْ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ} وجمعُ الجمع: أطفال. وقال {وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ}، ومثله: {ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ} و {هَؤُلاءِ ضَيْفِي} , وجمعُ الضَّيْف: أضياف. 2/ 137 قال أبو عبيدة: مجازُ طِفْل أنَّهُ مَوْضعُ أطْفال، والعَرَبُ تَضَعُ لَفْظَ الواحِدِ في معنى الجميع. قال: في حَلْقِكُمْ عَظْمٌ وقَدْ شَجينا قال: فقُلنا أسلموا إنا أخوكم ... فقد برئت من الإحن الصدورُ وقال تعالى {وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ} أي: ظُهراء. وأطْفَلَت المرأةُ والظَّبْيَةُ: إذا كان لها ولدٌ طِفْلٌ، فهي مُطْفِلٌ. قال لبيد: فعلا فروع الأيْهُقانِ وأطْفَلَتْ ... بالجهلتين ظباؤها ونعامُها أدْخَلَ النَّعام اضطراراً إلى قافية البيت. والعَرَبُ تُسَمَى الرَّجُلَ أيضاً طِفْلا، قال:

لقينا بها أطْفالكُمْ وخُيولَكُم ... عليها سرابيلُ الحديدِ المُسردِ والطَّفْلُ، بالفتح: الرَّخصُ اليَدَيْن والرِّجْلَيْن من الناس. امرأةٌ طَفْلَةُ الأنامل، والفِعْلُ: طَفُلَ طُفُولَةً وطَفَالةً، مثل: رَخُصَ رُخُوصَةً وَرَخَاصةً. والطَّفَلُ، بفتح الفاء، الغداةُ والعَشِيّ مِنْ لَدُنْ أن تهمّ الشمسُ بالذُّورِ إلى أنْ يَسْتَمْكِنَ الصُّبْحُ من الأرْض، فيقالُ: طفلت الشَّمْسُ وهي تطْفُلُ طَفْلاً، ثُمَّ تُضيءُ وتُصْبح، وقَدْ يُقالُ: طَفَّلَتُ تطفيلا: إذا وَقَع الطَّفَلُ في الهواءِ وعلى الأرْضِ بالعَشِيّ قال: باكرتُها طَفَلَ الغداة بغارةٍ ... والمبتغون خِطارَ ذاك قليلُ وقال لبيد: * وعلى الأرْض غيابات الطَّفَلْ * الأمثال على حَرْفِ الطّاء طينه خَيْرٌ من طيبه. طَوَيْتُ فلاناً على بِلالِه وبُلولِهِ وبُلُلَتِهِ. أي احتملتُ إساءته وأذاه على ما فيه. يا طبيبُ طبّ لِنَفْسِكَ ويقال: طب لنفسك. شعر: طلبَ الأبْلَقَ العَقُوقَ فلما ... لم يجدهُ أرادَ بيضَ الأنُوقِ الأنوق: ذكر الرَّخَم.

حرف الظاء

بسم الله الرحمن الرحيم حرف الظّاء

بسم الله الرحمن الرحيم حَرْفُ الظّاءِ الظَّاءُ لِثَوِيَّةٌ، وعددُها في القرآن ألفان ومائتان وأربعةٌ وستون ظاءً. وفي الحسابِ الكبير تسعمائة، وفي الصغير اثنا عشر. قال الخليلُ بن أحمد: الظَّاءُ عَرَبيّةٌ لم تُعْطَ أحَداً مِنَ العَجَمِ، وسائرُ الحروف قد اشتركوا فيها. [الظَّريفُ] الظَّريفُ: البليغُ جيّدُ الكلام. قال الأصمعيُّ وابن الأعرابيّ: الظَرْفُ في اللسان. واحتجّا بقول عمر، رحمه الله: إذا كان اللِّص ظَريفاً لم يُقْطَعْ. معناه: إذا كان بليغاً واحتجَّ عَنْ نَفْسِهِ بما يُسْقِطُ عَنْهُ الحَدَّ. وقال غيرهما: الظَّريفُ: حَسَنُ الوجه والهيئة. وقال الكسائي: الظَّرْفُ يكونُ في الوجْهِ واللِّسان، يُقالُ: لسانٌ ظريفٌ ووَجْهٌ ظريفٌ. وأجاز: ما أظْرَفُ زَيْدٍ؟ في الاستفهام. 2/ 138 على معنى: ألِسانُهُ أظْرَفُ أم وَجْهُهُ. قال الخليل: الظَّرْفُ: البراعة وذكاءُ القلب. ولا يوصَفُ [به] السيِّدُ ولا الشَّيْخُ، إلا الفِتْيانُ الأزْوال والفَتَياتُ الزَّوْلات.

والفتى الزَّوْل: الخفيفُ الظَّريف، ووصيفةٌ زَوْلةٌ: نافِذةٌ في الرّسائِل والحوائج، وفِتْيانٌ أزْوال. وقيل: الظّريفُ: الوَرعُ الدّين. قال الشاعر. ليس الظريفُ بكامل في ظرفه ... حتى يكون عن الحرام عفيفا فإذا تورع عن محارم ربه ... فهناك تدعوه الأنامُ ظريفا والظَّرْفُ: مصدرُ الظَّريف، وفعله: ظَرُفَ ظَرافةً، فهو ظَريف، وهم الظُّرَفاءُ، وفِتْيَةٌ ظِراف، وهي في الشِّعرِ أحْسَنُ، ونِسْوةٌ ظِرافٌ وظرائِف. والظَّرْفُ، في المصدر، أحْسَنُ من الظَّرافة. والظُّروفُ، في النَّحْوِ، التي تكونُ مَواضعَ لغيرها نحو: أمام وقُدّام. تقول: خَلْفَكَ زَيدٌ. نَصَبْتَ "خَلْفَكَ" لأنّه ظَرْفٌ لما فيه، وهو مَوْضعٌ لشيءٍ قد حَلَّ فيه. [ظَلِف] ظَلِفُ النّفْس: مُمْتَنعٌ من أنْ يأتيَ دَنِيَّاً يُدَنِّسُهُ ويؤثِّرُ فيه. يقالُ منه: أرضٌ ظَلِفَةٌ: إذا لم تُؤَدِّ أثراً. قال: ألمْ أظْلِفْ عن الشعراءٍ نفسي ... كما ظُلِفَ الوسيقةُ بالكُراع الكُراع: أنْفٌ في الحَرَّةِ ينقاد فإذا سِيقَتْ فيه وسيقةٌ لم تتبيّنْ فيه لها أثراً. فيقول: أمنعُ الشُّعراءَ مِنْ أنْ يؤثروا في عِرْضي كما تمنع هذه الوسيقة من أنْ يؤثّر فيها.

الوسيقة في الإبل كالرّفقةِ من النّاس. والظَّلْفُ: كَفُّك الإنْسان عن الطَّمَع في شيءٍ لا يُحْمَدُ به، تقول: ظَلَفْتُهُ عن هذا الأمر. قال: لقدْ أظْلِفُ النفس عن مطمع ... إذا ما تهافت ذِبانُهُ والأظْلوفَةُ: أرضٌ فيها حِجارةٌ حِداد إذا كانت خِلْقَةُ تلك الأرضِ جَبَلاً، والجميعُ: الأظاليف. ومكانٌ ظليفٌ: خَشِنٌ فيه رَمْلٌ كثير، الواحدةُ أُظْلُوفة. والظِّلْفُ: ظِلْفَ البَقَرةِ وما أشْبَهَها، وهو ظُفْرُها، إلا أنَّ عمرو بن مَعْدي كرب قال اضطراراً: * وخَيْلي تَطاكُمْ بأظْلافِها * أراد: الحوافر، واضطر إلى القافية، فاعتمد على الإطلاق، لأنها في القوائم. تقول: يأكلها بِضِرْس ويطأُه بظِلْف. والظّلِيفُ: الذّليل السَّيّءُ الحالِ في معيشته. وقولهم: فلانٌ لا يقوم بظنّ نفسه أي لا يقوم بقوت جسمِهِ ولا بمؤونةِ نَفْسِهِ، هذا قول الأصمعي. وقال أبو العباس: الظنُّ البرواز الذي يُوضَعُ بَيْنَ الجُوالقَيْن.

فمعناه: لا يقومُ بهذا المقدار. وأنشد: * مُعْتَرضاً مِثْلَ اعْتراضِ الظنِّ * والظَّنُّ في معنى هو الشّكُّ، وفي معنى هو اليقين. ومنه قوله تعالى {وَظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنْ اللَّهِ إِلاَّ إِلَيْهِ}. أي: استيقنوا وعلموا. وما كان في القرآن في معنى اليقين فإنه يقينٌ على علموا واستيقنوا. وقوله تعالى: {وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لا يُرْجَعُونَ} {وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ} وما أشبهه، فإن معناه الشك. 2/ 139 فالظنُّ في كلام العرب يكونُ شكاً ويكون يقيناً. قال دريد: فقلتُ لهم: ظُنّثوا بألفي مُدَجّجِ ... سراتُهُمُ في الفارسي المُسردِ لم يُرِدْ أن يَجْعَلَ الشَّكَ شكّاً، وأنهم قصدوا على معنى: قصدوا القومةَ فأنْذَرَهُمْ. قال ابن مقبل: ظني بهم كعسي وهم بتنوفةٍ ... يتنازعُونَ جوائِزَ الأمْثالِ لم يُرِدْ: ظَنّي بهم كَظَنّ، وإنّما أرادَ اليقين.

والظنُّ بمعنى: حسب، قوله تعالى {إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ} أي حَسِبَ أن لا يرجع إلى الله. ومِثْلُه {وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لا يَعْلَمُ كَثِيراً مِمَّا تَعْمَلُونَ} أي: حَسِبْتُم. والظَّنُّ: الإنْكارُ، قوله تعالى {ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا} أي: إنكارُ الذين كفروا. والظَّنُّ يكونُ مصدراً، فالمصْدَرُ قولك: ظَنَنْتُ ظَنَاً، مثل: ضَرَبْتُ ضَرْباً. وتقول: ظَنُّهُ بي حَسَنٌ، وجمعه ظُنون. قال النابغة: أتَيْتُكَ عارياً خلقاً ثيابي ... على خوفٍ تُظَنُّ بي الظُّنونُ والظَّنين: الرَّجُلُ المُتَّهَمُ الذي تُظَنُّ به التُّهْمَةُ، ومصدره: الظَّنَّة. وقرئ {وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِظَنِينٍ} أي: بِمُتَّهَم، عن عائشة رحمها الله. قال الشاعر: وأعْصي كل ذي قربى لحاني ... بحبكِ فهو عندي كالظنين وتقول: هو مَوْضعُ ظِنَّتي وَظَنّي. وتقول العرب: وَصْلُ فُلانٍ ظَنُون: إذا كانَ ضعيفاً. قال الشاعر: كلا يوميْ طُوالةَ وصْلُ أرْوى ... ظَنُونٌ آن مُطرحُ الظّنُونِ والظَّنُون: الرجُلُ السَّيءُ الظن بكل أحَد.

والظَّنُونُ: القليلُ الخَيْر. قال: بل أيها الرجُلُ الظنونُ أما ترى ... أني أضُرُّ إذا أشاءُ وأنْفَعُ والتَّظَنّي، يقال: هو في موضع التَّظَنُّن، تَظَنَّيْتُ تَظَّنِّياً. والظَّنُون: البئرُ التي يُظَنُّ أنَّ بها ماءً ولا يكونُ. ومَظِنَّةُ كل شيء: موضعه الذي يألَفُهُ ويؤخذ منه. قال النابغة: * فإنَّ مَظِنَّةَ الرَّجُلِ الشَّبابُ * ويقال: طَلَبَه مَظَانَّةً، أي: ليلاً ونَهَاراً. [الظالم] الظّالِمُ: الذي يضعُ الأشياءَ في غير مواضِعها، ومنه قولهم: مَنْ أشْبَهَ أباه فما ظَلَم: أي فما وضعَ الشَّبَهَ في غَيْرِ مَوْضعِهِ، قال: أقولُ كما قد قال قبلي عالمٌ ... بهنَّ ومنْ أشْبَهْ أباه فما ظلمْ ويُرْوى: مَنْ يُشْبِهْ أباه فما ظلم. ويقالُ: ظَلَمَ الرَّجُلُ سِقاءَهُ: إذا أسْقاه قَبْلَ أن يَخْرُجَ زُبْدُهُ. قال: إلى معشرٍ لا يظلمون سقاءهم ... ولا يأكلونَ اللَّحْمَ إلا مقدرا

آخر: وصاحِبِ صدقٍ لم تنلني شكاته ... ظلمتُ وفي ظُلْمي له ظالماً أجْرُ يعني: وَطَبَ اللَّبن. ومعنى ظَلَمْتُ: سقيتُهُ قَبْلَ أن يَخْرُجَ زُبْدُهُ. ويقالُ: قد ظَلَم المَطَرُ أرْض بني فُلان: إذا أصابَها في غَيْرِ وقته. وقَدْ ظَلضمَ الماءُ أرْضَ بني فلان: إذا بَلَغَ منها الماءُ مَوْضِعاً لم يكُنْ يَبْلُغُهُ. ويكونُ الظُّلْمُ: النُّقْصان، ومنه قوله تعالى {وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ 2/ 140 كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} معناه: ما نقصونا من ملكنا شيئاً إنما نقصوا أنْفُسَهُمْ. وقوله تعالى {وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئاً} أي: بِشِرْك. ويكونُ الظًّلْمُ: الجَحْد، قوله تعالى: {وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا} أي: فجحدوا بها. ومِثْلُهُ {بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ} أي يَجْحَدون. والظُّلْمُ: الضَّرَرُ {وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ}. وظُلْمُ البعير: أنْ يعتبط من غير علّة. وأرضٌ مَظْلُومةُ: إذا حُفِرَتْ وَلَيْسَ موضع حَفْر. ويقالُ: الزم الطَّريقَ ولا تَظْلِمُه، أي: ولا تَعْدِلْ عنه.

والأصْلُ في الظُّلْم ما ذكرهُ أهْلُ اللغة. وتقولُ: ظُلِمَ فُلانٌ فاظَّلَمَ، أي: احْتَمَلَ الظُّلْمَ بطيبِ نَفْسِه. واظَّلَمَ افْتَعَلَ، كانَ قياسُهُ اظْتَلَمَ فَشُدِّدَتْ وقُلِبَتْ التَّاءُ ظاءُ, والسَّخِيُّ إذا كُلِّفَ ما لا يجدُ قيل: هو مَظْلوم، وقال زُهَيْر: هو الجوادُ الذي يُعطيك نائلَهُ ... عفواً ويُظلمُ أحياناً فيَظَّلِمُ أي: يَحْتَمِلُ الظُّلْمَ كَرَما لا قَهْراً. وفي الحديث "الظُّلْمُ ظُلُمات على أهْلِهِ يَوْمَ القيامة". والظَّلْمُ يقال هو: الثَّلْج، ويقالُ: هو الماءُ الذي يجري على الأسنان مِنْ [صفاءِ] اللون لا مِنَ الرّيق. قال: تَجْلُو عوارِضَ ذي ظَلْمٍ إذا ابتسمتْ ... كأنهُ مُنْهَلٌ بالراح معْلُولُ وقيل: الظَّلْمُ: صفاءُ الأسنانِ وشدّةُ ضوْئِها. والظُّلامَةُ: اسم مَظْلَمَتِكَ تَطْلُبُها عند الظالم. تقولُ: أخَذَهُ منّي ظُلاَمةً. وتقولُ: ظلَّمْتُهُ تظليماً: أنْباتُهُ أنّه ظالم. ورجُلٌ ظَلومٌ، أي: يأخُذُ ما لَيْس له ويضع الأشياءَ في غير مواضعها. وقولهم: فُلانةٌ ظعينةٌ وهي المرأة في الهَوْدَجِ. ثم كَثُر ذلك حتى صاروا يريدون بذلك الزوجة.

والظعينة: المرأةُ لأنها تَظْعَنُ إذا ظَعَنَ زوجُها وتُقِيمُ إذا أقامَ. وقيل: الظَّعينَةُ: الجَمَلُ الذي يُرْكَبُ، سمّيَتْ الظعينةُ به لأنّها راكبتُهُ، كما سُمِّيَتْ المزادةُ راويةً وإنّما الرّاويةُ البعيرُ. ويُبَيِّنُ أنَّ الظَّعينَةَ البعيرُ قوله: تَبَيَّنْ خليلي هي تَرَى منْ ظَعائنٍ ... لميةً أمثالِ النخيل المخارِفِ والنساءُ لا يُشَبَّهنَ بالنخيل، إنّما تُشَبَّهُ بالنخيلِ الإبِلُ التي عليها الأحْمالُ، وأكثَرُ ما يقالُ "الظعينة" جارية راكبةً. قال زهير: تبصرْ خليلي هل ترى من ظعائن ... تحملنَ بالعلياءِ من فوقِ جُرْثُمِ قال يعقوب: الظّعائِنُ: النّساءُ في الهوادج، واحدتُه ظعينة، ويقالُ للمرأة في بينها ظَعيِنة. والظَّعُون: البعيرُ الذي تركبه المرأة. ويقال: هذا بعيرٌ تظعنُهُ المرأة: أي تركبه. والظِّعانُ: النّسْعَةُ التي يُشَدُّ بها الهودج. وقال أبو عبيدة: الظَّعائِنُ: النّساء، والظَّعائِنُ: مراكبُ النّساء، وهو من الأضْداد. والظّعائِنُ في هذا البيت، قيل: النّساء على الإبل، فهل ترى 2/ 141 مِنْ ظعائنٍ، وهل ترى ظعائناً، بمعنى. والظَّعَنُ: الخروجُ، والظّاعِنُ: الخارِجُ، تقول: ظَعَنَ يَظْعَنُ ظَعَناً. قال علقمة:

لم أدْرِ بالبَيْنِ حَتّى أزْمَعُوا ظَعَنا وقوْلهم: ظَلَّ فلانٌ يَفْعَلُ كذا معناه في النَّهارِ دونَ اللّيل. وتقولُ: ظَلَّ فُلانٌ نهارَهُ صائماً. ولا يكون "ظَلَّ" إلا لعملِ في النّهار، كما أنّ بات يفعل كذا [لا يكون] إلا بالليل. وربما جاء بالليل نادراً في الشّعر. والظُّلولُ: فِعْلُ الشَّيْء بالنّهار. تقول: ظَلِلْتُ أظَلُّ ظُلولاً، فإنْ كانَ ليلاً قلت: بِتُّ أُصَلّي، فإن اتّصَلَ الفِعْلُ لَيْلاً ونهاراً فهو ظُلولٌ أيضاً، كقوله تعالى {الَّذِي ظَلَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفاً}. وأهْلُ الحجازِ يكسرونَ الظاء على كَسْرَةِ اللامِ التي أُلْقِيَتْ فيقولون: ظِلْنا وظِلْتُم. وتميمُ تَدَعُها مَفْتُوحةً على حالها، يقولون: ظَلْنا وظَلْتُم، كقوله: {فَظَلَلْتُمْ تَتَفَكَّهُونَ} والأمرُ فيه: ظَلَّ واظْلَلْ. واللَّيْلُ في كلامِ العَرَبِ يُسَمّى ظِلاً. قال تعالى {أَلَمْ تَرَى إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ} قيل: هو الليل. والإظْلالُ: الدُّنُوُّ. تقول: قَدْ أظلَّكَ فُلانٌ، أي: كأنّه ألقى عَلَيْكَ ظِلَّهُ مِنْ قُرْبِهِ. وتقولُ: لا يُجاوِزُ ظِلِّي ظِلَّكَ.

وقال رؤبة: [غادَرَهُنَّ السَّيْلُ في ظَلائلا] كلُّ مَوْضع تكونُ فيه الشَّمْسُ فتزول عنه فهو ظِلٌّ وفَيْءٌ يُقالان جميعاً، وما سوى ذلك فَظِلٌّ، ولا يُقالُ فيه فيء. والظِّلُّ الظّليلُ هو: الجنَّةُ، لقوله {وَنُدْخِلُهُمْ ظِلاًّ ظَلِيلاً}. والظِلّ معناه في اللغة: السَّتْرُ، يُقالُ: لا أزال الله عنّا ظِلَّ فلان. أي: سَتْرَهُ لنا. ويقالُ: هذا ظِلُّ الشَّجَرةِ، أي: سَتْرُها وتَغْطيَتُها. ويقالُ لِظُلمَةِ الليل: ظِلّ، لأنّها تَسْتُرُ الأشْياءَ وتُغَطّيها. قال رميم: قد أُعْسِفُ النازح المجهول معسفُهُ ... في ظل أخضر يدعو هامه البُومُ يريد بالأخْضَر: اللّيل. قال امرؤ القيس: ولما رأتْ أنَّ الشريعةَ دُونَهُ ... وأنَّ الكلوم من فرائصها دامي تيممت العين التي عند ضارج ... يفيءُ عليها الظِلُّ عرمضُها طامي العَرْمَضُ: نبتٌ أخضر كالصُّوف يكونُ فوقَ الماءِ المُزْمن، وهو أيضاً شجرةٌ من العِضا لها شضوْكٌ أمثال مناقير الطَّيْر. الأمثال على الظَّاءِ الظُّلْمُ مَرْتَعُهُ وخيم. ظالمٌ يَتَظَلَّم.

حرف العين

بسم الله الرحمن الرحيم حرف العين

بسم الله الرحمن الرحيم حرفُ العَيْنِ العَيْنُ حَلْقِيَّة، وهي أقصى الحروفِ في الحَلْق، وبها بدأ الخليلُ في كتابه، وهي شبيهة بالحاء، قال الخليل: الحاءُ أرْفَعُ منها لولا بُحَّةٌ فيها لأشْبَهَتْها، وقد يُقيمها بعَضُهُمْ مقامها فيقولون: مَحَهُمْ، يريدون: مَعَهُمْ. وعددها في القرآن عَشْرَةُ آلافٍ وعشرون عَيْناً، وفي الحساب سبعون، ويه لغةُ تميم، كقول الشاعر: 2/ 142 إنَّ الفؤاد على الذلفاء قد كمنا ... وحُبُّها مُوشكٌ عنْ يصدعَ الكبدا أراد: أنْ يَصْدَع. آخر: قالوا الوشاةُ لهندٍ عن تُصارمَنا ... ولستُ أنسى هوى هِنْدِ وتنْساني معناه: أنْ تُصارِمَنا. قال رميم: أعِنُ توسمتَ منْ خرقاءَ منزلةً ... ماءُ الصبابةِ منْ عينيكَ مسجومُ يريد: إنْ تَوَسَّمْتَ، ويروى: إن، وهذه لغةُ مَنْ يقيمُ العَيْنَ مقامَ الألِفِ والألِفَ مقامَ العَيْن لقرب مخرجهما، وذلك في الفتح، فإذا كسروا رجعوا إلى الألف. وجماعةٌ من العَرَب يقولون: أشْهَدُ عَنِّ محمداً رسول الله صلى الله عليه [وسلم]، ويقولون: والله عني، يريدون إنّي، ومنه قول قَيْلَةَ في حديثها للنبي صلى الله عليه [وسلم]: تَحْسَبُ عَنّي نائمة. تريد: أنّي. قال المجنون:

فعيناكِ عيناها وجيدُكِ جيدُها ... سِوى عنَّ عظم الساق منك دقيقُ يريد: سوى أنّ. وقال أيضاً: وما هجرتُكِ النفسُ يا ليل عن قلي ... قلته ولا عنْ قل منك نصيبُها أتضربُ ليلى عن ألم بأرضها ... وما ذنبُ ليلى عن طوى الأرض ذيبها أراد: أن، فأبْدَلَ من الهَمْزةِ عَيْناً. قال كعب بن سعد الغنوي: ألم تعلمي علا يرد منيتي ... قعودي ولا يُدني الوفاة رحيلي يريد: أن لا. وتقولُ العربُ: لألَّني، تريد: لعَلّني، فيُبْدِلون من العَيْن ألفاً. قال: أريني جواداً ماتَ هُزْلاً لألني ... أرى ما تَرين أو بخيلاً مُخَلدا يريد: لعلّني. وقد يُبْدِلونَ بالعَيْنِ نُوناً، يقولون: أنْطِني، يريد: أعطِني. وقرئ {أَنْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ}

وبعضُ لغاتِ العَرَبِ يَكْسِرون العَيْن في فِعْلِ كُلّ كلمةٍ يكون مَوْضعَ عَيْنِها حَرْفٌ من حروف الحلق، نحو: الضَّئين والبَعير والشَّهيد. وبعضُ اليَمَنِ مما يلي عُمانَ والشحر يكسرون فعيل كلّه، يقولون لِلكَثير: كِثير. العَيْن هي الناظرةُ لِكُلِّ ذي بَصَر، والعَيْنُ الجاريةُ من عيونِ الماء، وكذلك عَيْنُ الرّكية. قال: عينانِ عينانِ لا ترقى دُموعهما ... لكلِّ عينٍ من العينين نونان نونانِ نُونانِ لم يخططهما قلمٌ ... في كل نونٍ من النونين عينان يريد بالعَيْنَيْنِ الأولَيَيْن عَيْنا ماء، وبالنُّونَيْن: السَّمَكَتَيْن، وبالعَيْنَيْنِ المؤخرتين: عَيْنَيْ السَّمكَتَيْنِ يُبْصرانِ بهما. والعَيْنُ من السَّحاب: ما أقْبَلَ عَنْ يمين القِبْلة، وذلكَ السُّقْعُ يُسَمَّى العَيْن. يُقال: نَشأتْ السَّحابَةُ مِنْ قِبَلِ العَيْنِ فلا تكادُ تُخْلِفُ. وعَيْنُ الرّكيةِ، لِكُلّ ركيةٍ عينان كأنَّهما نُقْرتان في مُقَدِّمها. وعَيْنُ الشَّمسِ: صَيْخَدُها المُسْتَديرةُ، وسُمِّيَتْ صَخَداً لِشِدِّة حرِّها. والعَيْنُ: المالُ العتيدُ الحاضِرُ. ويُقالُ: فلانٌ كريمٌ عَيْنَ الكَرَم. وقولهُم: أثَراً بَعْدَ عَيْن، أي: معاينة.

والعَيْنُ: الدّينار، كقَوْلِ أبي المِقْدام: حَبَشياً له ثمانون عيناً ... بين عينيهِ قد يسوقُ إفالا 2/ 143 وإذا أصَبْتَ شيئاً بعينَيْك قُلْتَ: عِنْتُهُ أعِينُهُ عَيْناً وهو مَعْيُون. ورجلٌ مِعْيانٌ: خبيثُ العَيْن، قال: قَدْ كان قَوْمُكَ يحسبونكَ سيداً ... وإخالُ أنك سيدٌ معْيون ومَعِينٌ أجود. والعَيْنُ: الذي تبعثُهُ ليتجسَّسَ لكَ الخَبَرَ، تسميّه العَرَبُ: ذا العُيَيْنَتَيْنِ. والعَيْنُ: المَيْلُ في الميزان، تقول: أصْلحْ عَيْنَ مِيزانِك. وعَيْنُ القَوْمِ: شَرِيفُهُمْ، تقول: هؤلاءِ أعيانُ قَوْمِهِمْ، أيْ: أشرافُهُم. وعَيْنُ كُلّ شيءٍ: أجَوَدُهُ. وعَيْنُ القَلْبِ، وعَيْنُ المتاع، وعَيْنُ الحديث، يقالُ في الجَمْع: أعيان الرّجال، وأعيانُ الأحاديث. قال: ولكنَّما أغدو، علي مفاضةٌ ... دلاصٌ كأعيانِ الجرادِ المُنَظَّم وكذلك يُقالُ: عُيونُ المسائل، وعُيون الأخْبار. والعَيْنُ بمعنى الحِفْظ، تقول: اجعل هذا بِعَيْنِكَ، أي: بِهَمِّكَ وحِفْظِكَ. والعَيْن بمعنى العقوبة. تقولُ: أصابَتْهُ عَيْنٌ من عُيونِ الله، أي عقوبته، وتقول: هذا عَيْنُ سُوقنا، أي: خَيْرُ شيء فيه. والعَيْنُ: حقيقةُ الشيء.

والعَيْنُ: الرَّقيبُ. قال جميل: رمى اللهُ في عيني بُثينة بالقَذى ... وفي الغُرِّ من أنيابها بالقوادِح يعني: قريبيْها اللَّذَيْنِ يرقبانها. قال أبو ذؤيب: ولو أنني اسْتَوْدَعْتُهُ الشَّمْس لارتقتْ ... إليه المنايا عَيْنُها ورقيِبُها والعَيْنُ: المَطَرُ أيّام لا يُقْلعُ. عَنْ حَرْفُ خَفْضِ، ويكونُ اسماً كقولك: أخذت مِنْ عَنْ يمينه، فَلَوْلا أنّها اسْمٌ لم تُلْقَ عليها الأداةُ التي تَقَعُ على الأسماء، وهي مِنْ مَوْقُوع "مِنْ" على "عن"، لذلك إنّها اسم. ويكون للتراخي، تقول: أطْعَمتُهُ عَنْ جُوع، جَعَلْتَ الجوعَ متراخياً عنه. بإطْعامِكَ إياه. وتقولُ: أخَذْتُ ذلكَ سماعاً عَنْهُ، أضَفْتَ الأخْذَ إليه بـ "عَنْ". وكسروا نونَ عَنْ لأنّ العَيْنَ مفتوحة، فكرهوا توالي فَتْحَتَيْن في الحرف، وتدخل على هذا القول قولُهم: إنِ اللهُ أمْكَنَني فَعَلْتُ، فَقَدْ كَسَرُوا كَسْرَتَيْن. قال الأخفش: إنّما كَسَرُوا النُّونَ من "عَنْ" لالتقاءِ السّاكِنَيْن النُّون واللاّم، وفَتحُوا نُونَ "مِنْ" لاجتماع ساكِنَيْنِ أيْضاً، لأنَّ العَرَبَ قَدْ تُحرِّكُ لاجتماع لساكِنَيْن بالفَتْحِ والكَسْرِ جميعاً، الدليلُ قولُه {الم * اللَّهُ} ففتحوا الميمَ لاجتماع ساكنين الميم واللاّم بعدها.

و"عَنْ" تكونُ: في، الباء، وموضع علي، وبعد وأجل. قد مضى بابُ دُخُولِ بعضِ الصفّات على بعض. وعمّا معناه: عَنْ ما، فأدُغِمَتْ الميمُ الثانيةُ وألزق، فإذا اسْتُفهِمَ به حذف الألف، كقولك: عَمَّ تَسَلْ. وَعمّا معناه: عَنْ ما، فأدُغِمَتْ الميمُ الثانيةُ وألزق، فإذا اسْتُفهِمَ به حذف الألف، كقولك: عَمَّ تَسَلْ. قال الله تعالى {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ}. وتقولُ: إذا ما اختبرْتَ: سَلْ عَمَّا بدا لكَ. 2/ 144 ومِنَ العَرَبِ مَنْ يَجْعَلُ مكانَ الألِفِ هاءً في الاستفهام. تقول: عضمَّهْ وَلِمَهْ ومِمَّهْ وفِيمَهْ. [العُنُوُّ] والعُنُوُّ والعَنَاءُ مصدرُ العاني، وهو: الأسير. والعاني: الخاضعُ المتذلّل، منه {وَعَنَتْ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ} وكانتْ تلبيةُ أهل اليَمَنِ في الجاهليّة: عدٌ إليك عانيِة عبادك اليمانية أنّا نجحُّ الثانية على قلاص ناجية وقولهم: أعْنُوا فُلاناً، أيْ: أبْقوُه في الإسار.

والعَنْوَةُ: القَهْرُ. وعُنْوانُ الكتابِ، فيه لغات: عَنْوَنْتُ، وعَنَّيْتُ، وعَنَّنْتُ ويقال: عُلوان الكتاب. وتقول: عَنَاني هذا الأمْرُ يَعْنيني عِنايَةً فأنا مَعْنيٌّ به. وقَدْ عَنَتْ أمورٌ، أي: نَزَلَتْ ووقَعَتْ. قال: إنّي وإنْ تعني أمورٌ تعتني ... على طريق العُذْرِ إنْ عذرتني والعَناءُ: التَعْنِيَةُ والمَشَقَّة. وأعْنانُ كُلِّ شيءٍ: نواحيه. وعَنَّ لكَ الشَّيْءُ: إذا اعْتَرَضَ وظَهَرَ أمامَك، وهو يعينُّ عُنُوناً. ورَجُلٌ مِعَنٌّ: يعترِضُ في كُلِّ شيء، وهو المِتْيَحُ. وعَنانُ السَّماءِ: ما عَنَّ مِنْها لكَ، أي: بدا. ويُقالُ: بَلْ عَنانُ السَّماءِ: السَّحاب، الواحِدةٌ عَنانَةٌ. وأعْنانُ السَّماءِ: نواحيها. وعنانُ كلِّ شَيْءٍ: أوْلُهُ. ويقالُ: اعتنّ لكذا أو أخذه عَنَناً، أي: اعْتراضاً باطِلاً. وقولهم: بينهما شركَةُ عِنانٍ، أي: إذا عَنَّ لهما شَيْءٌ اشتريا واشتركا فيه. قال:

وشاركنا قريشاً في تُقاها ... وفي أنسابها شِركَ العِنانِ عند حرفُ صفةٍ يكونُ مَوْضِعاً لغَيْره، ولَفْظُهُ نَصْبٌ، لأنّه ظَرْفٌ لغيره في التقريب شِبْهُ اللَّزْقِ، ولا يكادُ يجيءُ في الكلام إلا منصوباً، لأنه لا يكونُ إلا صفةً معمولاً فيها أو مُضْمَراً فيها فِعْلٌ إلا في حَرْفٍ واحدٍ، وذلك أنْ يقول القائِلُ لِشَيْءٍ، بلا عِلْم: هذا عِنْدي، فيُقالُ: أوَلَكَ عِنْدٌ؟ فَيُرْفَعُ. وتقولُ: إنّه يُرادُ به ها هنا القَلبُ وما فيه مِنْ مَعْقُولِ اللُّبّ. يقالُ: ما لِفلانٍ عِنْدٌ، أيْ: لَيْسَ له رأيٌ ولا فَهْمٌ. وفُلانٌ له عِنْدٌ، أي رأيُ وفَهْمٌ. وقال الرِّياشي: إنْ صَحَّت فهي "عَنْد" بفتح العَيْن، يُقالُ: ما لَهُ عَنْدٌ، أي: ما لَهُ عَقْلٌ ولا عِنْدَهُ شَيْءٌ. وعَنَدَ الرَّجُلُ يَعْنُدُ عُنوداً، وهو: أنْ يَعْرِفَ الرَّجُلُ الشَّيْء فيأبى أنْ يَقْبَلهُ ويُقرَّ به، كَكُفْرِ أبي طالبٍ، كانَ مُعاندةً ومخالفةً. والجبَّارُ العنيدُ هو المتجبّر، عَنَدَ عَنْداً وعُنُوداً. على صِفةٌ، وللعرب فيها ثلاث لغات، يقولون: على زَيدٍ مالٌ، وعلاكَ مالٌ، يريدون عَلَيْك، ويقولون: كنتُ على السَّطْح، ويقولون في مَوْضعٍ آخر: على، علِ، وعَلُ، وترفعه على الغاية. قال عبدالله بن رواحة: شَهِدْتُ ولم أكْذِبْ بأنَّ محمداً ... رسولُ الذي فوق السمواتِ مِنْ عَلُ

يقالُ: منْ عَلِ، ومِنْ علِ، ومِنْ عَلُ، ومِنْ علا، ومِنْ 2/ 145 علو، ومِنْ عَلْوَ، ومِنْ عالٍ، ومِنْ مُعَالٍ، وعِلِّيِّين جماعة عِلِّيّ في السَّماء السَّابِعَةِ إليه يُصْعَدُ بأرواح المؤمنين. قال: على عليٌّ على عِلِّيٌّ والعَرَبُ تقولُ: عَليْهُمُ، بضمّ الهاء والميم، وعَلَيْهِمِ، بكسرهما، وقد قُرئ بهما، ويجوز عليهموا، بإثبات الواو، وهذا يجيء في بابِ الواو، إن شاء الله. ولكَ في "عَلَيْه مالٌ" أربعة أوجه: عَلَيْهِ مالٌ، وعَلَيْهي مالٌ، وعَلَيْهُ مالٌ، وعَلَيْهُو مالٌ. فمن قال: عَلَيْهُ مالٌ، فالأصلُ علَيْهُو، فحذَفَ الواوَ لسُكونها وتَرَكَ الضَّمةَ دليلاً علَيْها. ومَنْ قال: عَلَيْهوا مالٌ، فإنّه يُثْبِتُ الواوَ على الأصْلِ ويجعلُ الهاءَ حاجزاً، وهذا أضْعَفُ الوجوه، لأنَّ الهاءَ لَيْسَتْ بحاجزٍ حصينٍ. ومَنْ قالَ: عَلَيْهِ مالٌ، فإنَّما قَدَّرَ عَلَيْهي مالٌ فَقَلَب الواوَ بالياء التي قَبْلَها ثُمَّ حَذَفَ الياءَ لسُكُونِها وسكونِ الياءِ التي قَبْلَ الهاءِ، كما قَلَبَ الواوَ في قَوْلِهِ: مررتُ بهي ناقتي. ومَنْ قال: عَلَيْهي مالٌ، فَحُجَّتُهُ كَحُجَّتِهِ في إثباتِ الواو، إلاّ أنّ (عَلَيْهُ) أجْوَدُ مِنْ عَليْهو. وأجْوَدُ اللُّغات ما في القرآن {مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِماً} ثُمَّ بَعْدَهُ في الجودةِ "عَلَيْهُ مالٌ" بالضمِّ، ثُمَّ عَلَيْهي، ثُمَّ عَلَيْهُو، وهي أردأها. ورُوي أنّ يعقوبَ الحضرميّ ضَمَّ الهاءَ في التَّثْنِيَةِ كما ضمَّها في الجَمْع. قال الفراء: مِنَ العَرَبِ مَنْ يقولُ: عَلَيْهُما، بضم الهاءِ في التثنية.

و"على" حَرْفُ جَرِّ يُكْتَبُ بالياء، لأنّ ألِفَها تصيرُ مع المُكَنّى ياءً، نحو: عَلَيْكَ. ومِنْهُمْ مَنْ يقولُ: عَلاكَ دِرْهَمٌ، يعني: عَلَيْك. ويقولون: جَلَسْتُ إلاَكَ، يريدونَ: إليْكَ. قال: طارُوا علاهُن فطرْ عَلاها ... واشدُدْ بمثني حقبٍ حَقْواها و"على" بمعنى فوق، وذلك أنَّكَ إذا قُلْتَ: أخَذْتُ على مَوْضِعِ كذا، فأنْتَ تريدُ أنَّكَ صِرْتَ فَوْقَهُ. ووضعتُ عليه القَلَنْسُوةَ والحِمْلَ، وجعلتُه على السّطح، إنّما أرَدْتَ: أنَّك جعلتَهُ فَوْقَهُ. وقد تصيرً اسماً، قالوا: جئتُ مِنْ عَلَيْهِ، كقولك: مِنْ فَوْقه. قال: غَدَتْ منْ عليهِ ما تم ظمؤها ... تصلُّ وعن قيض ببيداءَ مجهلِ وتكونُ (علا) فعلاً ماضياً، كقوله تعالى {وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ} تقول العربُ: علا زيدٌ على الجَبَل يَعْلُوا ُلُواً، وعَلِيتُ في المكانِ أعْلُو عَلاءً. قال: لما علا كعبُكَ لي عليتُ ... ما بي غني عنكَ وإنْ غنيتُ

ومنهم من يَضُمُّ الهاءَ والميم ويُلْحِقُهُما واواً، يقولون: عَلَيْهُمُوا وفيهُموا وإليهُمُوا. ومنْهُمْ مَنْ يكسِرُهُما ويُلْحِقُهما ياءً، يقولونُ: عَلَيْهِمي وفيهِمي وبِهِمي. وأهْلُ الحجازِ يَصُمُّونَ هذا كُلَّه. 2/ 146 وتقولُ العربُ: عَلامَ كانَ كذا، يُريدون: على ماذا. قال الفرزدق: علامَ بنَتْ [أختُ] اليرابيع بيتها ... عَليَّ، وقالت لي بليل تعَممِ أي: صرعهما. وكُلُّ شَيْءٍ علا فهو يَعْلُو عُلُواً، وكذلك عَلاَ يَعْلي عَلاءً في الرِّفْعَةِ والشَّرَف. والعَلاءُ: الرِّفْعَةُ. والعِلْوُ: الارتفاع، ومِنْه العِلاءُ والعُلُوّ. والمعلاة: كسبُ الشَرَف، وهي المعالي. وهو عِلْوُ الشَّيْءِ وسِفْلُهُ وعُلْوُه وسُفْلُه. وفُلانٌ من عِلْيَةِ النَّاس، أي: مِنْ أشْرافهم، وهؤلاءِ عِلْيَةُ قومهم، بكسر العَيْن. وعالِيةُ الوادي وسافِلَتُهُ. وأعْلى كُلِّ شَيْءٍ: عالِيَتُهُ. وعُلْيا مُضَر وسُفْلاها. وإذاقلت: عُلْيا قلتَ: سُفْلى، وإذا قُلْتَ: سُفْل، قُلْتَ: عُلا. والثَّنايا العُليا، والثَّنايا السُّفْلى.

والنسبة إلى عُلوى: عُلويّ، على فعيل. عسى كلمةٌ مُطْمِعَةٌ. تقولُ: عَسَى يكونُ كذا، وعَسَيْتُ، وعَسِيتُ، بكسْرِ السّين وفتحها، وقيل: لا يجوز إلاّ فَتْحُها ومَنْ كَسَرَ فَقَدْ أخْطَأ. وعَسَيْنا وعَسِينا وعَسَوْا وعَسَيْن. فإذا أهْلُ النّحو يقولون: هو فِعْلٌ ناقِصٌ، لأنَّك لا تقولُ مِنْهُ: فَعَلَ يَفْعَلُ عَسَى يَعْسَى، إنّما هو فِعْلٌ اسْتُعْمِل في بَعْضِ الكلام ولا يكونُ منه (فاعل) ولا (يفعل) ولا (مفعول). وله ظائر، ومن نظائر [هـ] لَيْسَ، ألا ترى أنَّكَ تقولُ منه: لَسْتُ ولَسْنا، ولا تقولُ: لاسَ يليس. ومنهم من يُثَنّى (عسى) ويجمعها كما يثّني الأفعال ويجمع. قال الفرّاء: وهي في قراءة عبد الله - فيما أعلم {عَسَيوا أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ}. و (عسى) من الله واجبٌ في القرآن، ومن الآدميين كلمة تجري مَجْرى (لَعَلَّ). والعَرَبُ تجعلُ (عسى) رجاءً ويقيناً. قال ابن مُقْبِل: ظني بهم كعسى، وهم بتنوفةٍ ... يتنازعون جوائِزَ الأمثالِ ويُروى: غرائب الأمثال. وهي الشيءُ السائر. فقوله: ظنّي بهم كعسى، أي: كيقين، ولا يقول: ظنّي بهم كظنّ، يريد: رجاءً كرجاء.

وعسى لا تكون إلا مع (أنْ) في أكثر اللّغات. تقول: عسى زَيْدٌ أن يقوم، وعسى زيدٌ أن يقدم، ومنه قوله تعالى {فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَاتِيَ بِالْفَتْحِ}. وبعضهم يقول: عسى زيْدٌ يقدم، فيضمرها ويستعملها أيضاً. قال هدبة بن الخشرم: عسى الكَرْبُ الذي أمسيتَ فيه ... يكونُ وراءه فرج قريب فيأمن خائفٌ ويُفكُّ عانٍ ... ويأتي أهلهُ النائي الغريبُ وأخرجَ (أن) ورفع بعد حَذْفِ (أنْ). وبعضهُم يروي: فيأمَنَ ويُفَكُّ، تًنْتَصِبُ بنيَّة (أنْ). قال الله تعالى في الرفع {قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَامُرُونَنِي أَعْبُدُ} مجازه: أنْ أعْبُدَ، فرفع بفقدان (أن). 2/ 147 وقال الله تعالى {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَراً مِنْ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ} مجازه: ليستمعوا، فَرَفَع لِفُقْدان لام كي. وقال {لا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلإٍ الأَعْلَى} والمعنى: لأنْ لا يَسْتَمِعُوا، فرفَعَ لفُقْدانِ الناصِبِ، وهو كثير. وممّا نُوِيَ فيه (أن) فَنُصِبَ، قال طرفة: ألا أيهذا الزاجري أحضُرَ الوغى ... وأنْ أشهد اللذات هل أنت مُخلِدي ورُويَ: أحْضُرُ، لفُقْدان (أنْ). قال أبو الأسود:

فإني وجدتُ الحُبَّ في القلب والأذى ... إذا اجتمعا لم يلبثِ الحُبُّ يذْهَبُ أراد: أن يَذْهَبَ، فرفَعَ لفُقْدان (أن)، وهو حُجَّةٌ لمن قرأ {أعْبُدْ} ولو قرأ قارئٌ {أعْبُدَ} بنيةِ (أنْ) كانَ مُصيباً. آخر: للبسُ عباءةٍ وتقر عيني ... أحبُّ إليَّ من لُبسِ الشفوفِ فقال: وتَقَرَّ عيني، بمعنى: وأنْ تَقَرَّ عيني، ورفعه بَعْضُهُمْ لفُقْدان (أنْ)، وكلتا اللغتين جيدة. وتقولُ: عَسَى أن يكونَ كذا، وهي كلمةُ رجاءٍ وطمع وانْتِظار، وإليها يَفْزَعُ المهمومُ والمكروب، وهو رجاءٌ لا يُدْرَى أيكونُ ذلك أمْ لا يكون. قال: عسى فرجٌ يكونُ عسى ... نُعلل أنفساً بعسى وأقربُ ما يكون المر ... ء من فرج إذا يئسا وتقول: عَسَا الرجُلُ وعَتَا. بمعنى واحد، وهو: إذا كَبِرَ. قال الله عز وجل {وَقَدْ بَلَغْتُ مِنْ الْكِبَرِ عِتِيّاً}. قال ابن عباس: العِتِيُّ: اليُبوسُ من الكِبَرِ. وأنشد: إنما يُعذر الوليدُ ولا يُعـ ... ذرُ منْ كان في الزمان عتيا قال أبو عبيدة: كلُّ مبالغِ مِنْ كِبَرٍ أو كُفْرٍ أو فَسادٍ فقد عتا يعتو عتياً، ومنه:

مَلِكٌ عاتٍ: إذا كانَ قاسيَ القَلْبِ غَيْرَ لَيِّن. وعسَا الشَّيْخُ يَعْسُو عَسْواً وعُسِيَّا: إذا كَبِرَ. ويقالُ: للّيْلِ إذا اشتدَّتْ ظُلْمَتُهُ: قَدْ عَسا. وعَسِيَ النَّباتُ: إذا غَلُظَ. وعَسِيَتْ يَدُهُ تَعْسُو عُسُواً: إذا غَلُظَتْ مِنْ عَمَلِ. وكانَ خلاّد صاحبُ شُرْطةِ البصرة يُكْنَى أبا العَسَا. وعيسى جَمْعُهُ: عِيسُون، بضمّ السّين، لأنّ الياءَ ساقطةٌ، وهي زائدةٌ، وكُلُّ ياءٍ في آخر الاسم إذا كانَتْ زائدةً فإنّها تسقُطُ عِنْدَ الجَمْع، الدليلُ على أنّ واو عيسى أنّه مَنْ: أعْيَسُ وعَيْسى، فالألِفُ في أعْيَسُ زائدةٌ، والياء في عَيْسَى زائدة، كما تقولُ أفْعَلُ وفُعلَى، فإن اسْتَعْمَلْتَ الفِعْلَ قلت: عَيَسَ يَعْيَسُ، أو: عاسَ، فذَهَبَتْ تلكَ الياءُ في وُجُوهِ التَّصْريف، وعلى هذا القياس: مُوسى. وجَمْعُ عِيسى عِيسُون، ذَهَبَتْ الياءُ لأنّها زائدة. والأعْوَسُ: الصَّيْقَل. قال جرير: تجلو السيوفَ وغيركم يعصى بها ... يا ابن القيون وذاك فِعلُ الأعوسِ ويقالُ لكلّ وصافٍ للشيءِ: هو أعْوَسُ وصَّافٌ. والعَسْعَسَة: يقالُ: رقة من الظلمة فلِذلكَ قيل في 2/ 148 أوّل النّهار وفي آخره. ويقالُ: عَسْعَسَ اللَّيْلُ: إذا أقْبَلَ وإذا أدْبَرَ وهو من الأضداد.

والعِيسُ، عند العَرَبِ: الإبِلُ العِرابُ خاصةً وهي العربيّة. وقولهم: فلانٌ عَرَبيّ مِنَ العَرَبِ العاربة أي الصَّريحُ مِنْهُمْ. والعَرَبُ المُسْتَعْرِبة: هم الذين دخلوا فيها فاسْتَعْرَبُوا وتَعَرَّبوا. والأعاريبُ: جماعةُ الأعراب. وقولهم: ما بها عَريب، أي: ما بها أحَد. قال ابن الدمينة: بسابسُ لم يُصبحْ ولم يُمس ثاوياً ... بها بعد بين الحي منك عريبُ قال عبيدُ بنُ الأبرَص: فعردةٌ فقفا حبر ... ليس بها منهم عريبُ أي: أحد. وأعْرَبَ الرَّجُلُ: إذا أفْصَحَ القَوْلَ، وأعرَبَ الكَلامَ وأعْرَبَ به. والتَّعْريبُ والإعرابُ: أسامي من قولك: أعْرَبتُ إعراباً: وهو ما قَبُحَ من الكلام فأقمته، وكُرِهَ الإعرابُ للمُحْرِم. والعَروبةُ: يَوْمُ الجُمُعة. والمرأةُ العَروبُ: الضَاحِكُةُ الطيّبةُ النفس، وهُنَّ العُرُبُ، ومنه تفسير {عُرُباً أَتْرَاباً}.

والعَرَبُ: النّشاطُ. وعَرِبَ الرَّجُلُ يَعْرَبُ عَرَباً: إذا اتَّخَمَ. وكذلك أعْرَبَ الفَرَسُ، من النِّشاط، فهو عَرِبٌ وهو التُّخَمَةُ، وهو أنْ يَدْوَى جَوْفُهُ من العَلَف. العَالَمُ سُمّي عَالَماً للاشتهار والوضوح به، ومِنْهُ: المَعْلَمُ، وهو الذي يُعْلَمُ مِنْهُ مَضَانٌّ الشيء، وإليه يرجعُ معنى العلامة، ولذلكَ سُمِّيَ الجَبَلُ عَلَماً، لِشُهْرَتِهِ ووضوحِه، وقالت الخنساء في أخيها صَخْر: وإنَّ صخراً لتأتمُّ الهُداةُ بهِ ... كأنهُ علمٌ في رأسه نارُ وقيل: لَمْ يُسَمَّ العَالَمُ عالَماً من جهةِ الاشتقاق، وإنّما هو لمعنى آخر يَدُلُّ عليه، وهو أنَّهُ تُوْخَذُ منه الأفعالُ المُحْكَمَةُ. وتقولُ: رَجُلٌ عالِمٌ وعليمٌ، وقيل: العُلَماءُ جَمْعُ عَليم، وهو الاختيار. والعِلْمُ: نقيضُ الجَهْلِ، تقولُ: عَلِمَ الرَّجُلُ الشيءَ: إذا فَهِمَهُ. وعَلِمَ العالِمُ عِلْماً. وعَلُمَ، بضمّ اللاّم: إذا سادَ أهْلَ زمانِهِ، أي: تَقَدَّمَهُمْ في العِلْم وصِحَّةِ المعرفة، وهذا يدلُّ أنّ العِلْمَ مأخوذٌ مِنْ "عَلُمَ". ويقالُ: رَجُلٌ عالِمٌ، ولَيْسَ العِلْمُ في كُلِّهِ، وإنَّما هو في بَعْضِهِ، وكذلك الذي لم يعلَمْ أنّه لعالِمٌ عَنْ قليلِ، وفاقِهٌ في الفِقْهِ، وسائِدٌ في السيّد، وكارمٌ في الكَريم. وعالِمُ كُلِّ زمانٍ أُمَّةٌ. والأمَّةُ تنصرِفُ على وُجوهٍ في اللُّغَة تقدَّمَ ذِكْرُها. واللهُ تعالى العالِمُ العَليمُ العَلاَّمُ.

والرَّبَّانيّون هم العُلَماءُ والفُقَهاءُ والأحْبارُ عُلماء دونَ الأنْبياءِ في العِلْم، وكُلُّ رَبَّانيّ حَبْرٌ ولَيْسَ كُلُّ حَبْرِ رَبَّانيّاً. وقيل: هُمُ كاملو العِلْم. قال مُحَمّد بن الحنفيّة يَوْمَ ماتَ ابنُ عبّاس: "اليوم مات رَبَّانيُّ هذه الأمَّة" وكذلك قال الحَسَنُ يوم ماتَ جابِرُ بن زيد. وقال ثعلب: إنّما قيل للفقهاء ربانيّون، لأنَّهُمْ يُرَبُّون العِلْم: أيْ يقومون به. 2/ 149 قال أبو عُبيدة: العَرَبُ لا تعرِفُ الرَّبانيّ، ويقالُ: هي عِبْرانيّة أو سِرْيانيّة. والرّبانيُّ والرَّبِّيّ لا يُسَمّى به إلاّ مَنْ كانَ عالماً معلّماً. والأحْبارُ أيضاً: كَتَبَةُ العِلْم، واحدهم حَبْرٌ وحِبْر. والحِبْرُ: الهيئةُ والحُسْنُ، ومنه الحديث "غَيَّرتِ النّارُ حِبْرَهُ وَسِبْرَهُ وأثره". ويقالُ: ما أحْسَنَ حَبَارُ بَلَدِكُمْ. فكانَ العالِمُ يُسَمّى حَبْراً، إذا تناهى في العُلوم، فأوْرَدَ على المُتَعَلّم أحْسَنَ العُلوم، أو يُحَسِّنُ العِلْمَ في غَيْر المُتَعَلَّم بيانه حتى يَفْرَحَ به قلبُهُ مَحْبوراً به مسروراً، فَسُمِّيَ بذلك حَبْراً. ومنه قوله تعالى {فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ}. قال أبو عمرو: رَجُلٌ عليه حَبْرُ الشّبابِ، أي: حُسْنُهُ. وسُمِّيَ الحِبْرُ الذي يُكْتَبُ به، لأنّه أُخِذَ من الحُسْن. وقيل: لثياب اليَمَن: حِبَراً، واحدها حِبَرةٌ، لِحُسْنِها. قال أبو موسى الأشعري وسلمانُ الفارسيّ: لا تَسَلُنا وهذا الحَبْرُ بَيْنَ أظْهُرِكُمْ. يريد: ابن مسعود.

والحبْرُ: العالِمُ مِنْ عُلَماءِ الدّين، والجميعُ الأحْبارُ، ذِمِّياً كانَ أو مُسْلِماً بَعْدَ أن يكُونَ كتابياً. قال رؤبة: * من كُتُبِ الأحْبارِ خُطَّتْ سَطْراً * والحِبْرُ سُمِّيَ بذلك لأنَّه يُؤَثِّرُ، قال: لقد أشمتت بي أهل فيد وغادرتْ ... بجسمي حبراً، بنت مضان، باديا ويقالُ للأحْبارِ حِبْرٌ وحَبضار، وعُلوبٌ واحِدُها عَلْبٌ، وبَلَدٌ والجميعُ أبْلاد. قال طرفة: كأنَّ علوب النسع في دأياتها ... مواردُ منْ خلقاء في ظهر قردد العُلُوبُ: الآثارُ، والنَّسْعُ: سُيُورٌ مُظَفَّرة، يقال: نِسْعَةٌ ونِسْعٌ وأنْسَاعٌ ونُسُوعٌ. الدَّأيات: مُلْتقى الأضلاع. والموارِدُ: السُّيُولُ، وهي طُرُقُ الوُرَّاد. والخَلْقاء: هي الملْساءُ، يعني الصَّخْرة، وكلُّ ما يَمْلَسُّ فهو أخلق. وقَرْدَد: أرْضٌ مُسْتَوِيةٌ. وظَهْرُ القَرْدَدِ: أعلاه. وقال ابن الرقاع في "الأبلاد": ذَكَرَ الديار توهما فاعتادها ... من بعدِ ما شمل البلى أبلادَها ويُقالُ: الحِبْرُ عِطْرُ الأحْبار.

وتقولُ: عَلَّمْتُهُ العِلْمَ تعليماً، وأعْلَمْتُهُ إعْلاماً: إذا أشْعَرْتُهُ شيئاً جَهِلَهُ. والعَلَمُ: الرّايةُ التي إليها مجتمع الخَيْلِ. والعَلَمْ: الجَبَلُ. والعَلَمُ: عَلَمُ الثَّوْبِ ورَقْمُهُ. والعَلَمْ: ما يُنْصَبُ في الطّريقِ ليكونَ علامةً يُهْتَدى بها. والعَالَمُ: الطَّمْشُ، وهو الأنَامُ، يَعْني الخَلقَ كُلَّهُ، والجميعُ العَالَمُون. وقُرئ: {وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ} تُعْلَمُ به السَّاعَةُ. والعَالَمين، قال ابنُ عباس: هم الخَلْقُ الذي فيه رُوحٌ كُلُّه، فالإنْسُ عالَمٌ، والجِنُّ عَالَمٌ، والملائِكةُ عالّمٌ، وسبعونَ ألفَ عالمٍ بَعْدَ ذلكَ لا يَعْلَمُهُمْ إلا اللهُ تعالى. وقال الحَسَنُ: يعني بذلك عَالَمَ كُلِّ زمانٍ، لأنَّ كُلٍّ زَمانٍ عالمٌ، وهذا اسمٌ جامعٌ للنَّاسِ والجِنِّ مَنْ مضى مِنْهُم، وقَدْ يُقالُ لأهْلِ كُلِّ زَمانٍ: عَالَمٌ. قال العجاج: 2/ 150 *فخندفٌ هامة هذا العالم * * قوم لهم عزُّ الشامِ الأكرمِ * وقوله تعالى: {وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ} تفسيره: نساءِ عَالَمٍ زَمانِها. وقال أبو عُبيدة: العَالَمين: المخلُوقين. ولم يَقُلْهُ غَيْرُهُ، ولَيْسَ لشيءٍ لأنّه لا يُقالُ للمواتِ: عالَم.

والعَالَمين تقولُه العَرَبُ جميعاً بالياءِ على كُلِّ حال إلا قوْماً مِنْ بني كنانة ومِنْ بني أسد يقولون في الرَّفع بالواو، والنصبِ والجرِّ بالياء. وكذلك هؤلاء يقولون في "الذين" في الرفع: الّذون، وفي النَّصْبِ والخَفْضِ: الّذين، بالياء. وقال الزجّاج: العالَمين: كُلُّ ما خَلَقَ اللهُ، كما قال تعالى: {وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ}، وهو جَمْعُ عَالَم، تقولُ: هؤلاءِ عالَمٌ، وهؤلاءِ عالَمون، ورأيتُ عَالَمين، ولا واحِدَ لعَالَمٍ مِنْ لَفْظِه. وإنّ (عالَم) لأشياء مختلفة، وإنْ جُعِلَ (عالَم) لِواحدٍ منها صار جمعاً لأشياء مُتَّفِقة. وقال ابنُ عباس: العَالَمين: كُلُّ شَيْءٍ فيه الرُّوح، وهو جميعُ العَالَم، وهو الخَلْقُ المَخْلُوق، وعنْ جماعةٍ من المفسرين وغيره كذلك. قال النَّقَّاش: العالَمُ لا واحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ كالأنام والرَّهط والجِنْس، لا واحِدَ له مِنْ لَفْظِهِ. العاقِلُ فيه قَولان: قيل هو الجامعُ لأمرِهِ ورَأيِهِ، هو مأخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِمْ: عَقَلْتُ الفَرَسَ: إذا جَمَعْتَ قوائمه. وقيل: الذي يحبسُ نَفْسَهُ ويَرُدُّها عَنْ هواها، أُخِذَ مِنْ قَولِهِمْ: قد اعْتُقِلَ لسانُ الرَّجُل: إذا حُبسَ ومُنعَ من الكلام. والحِجْرُ: العَقْلُ، ومنه قوله تعالى {هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ} أي: لذي عَقْلِ ولُبّ. قال:

دنيا دنت من جاهل وتباعدت ... عن قرب ذي لُب وذي حِجْر والحِجْرُ: اشاوي كثيرة والحِجْرُ: ديارُ ثَمُود وحِجْرُ الكَعْبةِ. والحِجْرُ: الفَرَسُ الأنثى. والحِجْر والحُجْرُ، لغتان: هو الحرام. والحِجْرُ: القرابة، قال: يريدون أن يقصوه عني وإنه ... لذو حسبٍ دانٍ إليَّ وذو حجرِ والحِجَي، مقصور: العقل أيضاً. قال الأعشى: إذا هي مثل الغصن ميالةٌ ... تروقُ عيني ذي الحجي الناظر والنُّهَي والنُّهْيَةُ: العَقْلُ واللُّبُّ، تقولُ: إنَّه لذو نَهْيَةٍ، وإنَّهُمْ لَذَوُو نُهى، وذُو مَنْهاة. يُقالُ: رَجُلٌ ذو مِرّة، أي شِدّة وعَقْل. قال الله تعالى {ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى} أي: ذو عَقْلِ وشِدَّةٍ. قال: قد كنتُ قبلَ لقائكم ذا مرةٍ ... عندي لكل مخاصمٍ ميزانُهُ ويقالُ: فلانٌ له جُولٌ ومَعْقُول: أي عَقْلٌ ورأيٌ قَويٌّ وعَزْمة.

والمَعْقُولُ: ما يَعْقَلُهُ فُؤادُك، قيل: هو العَقْلُ نَفْسُهُ. قال الرّاعي: حتى إذا لم يتركوا لِعظامِهِ ... لحماً ولا لِفُؤادِه مَعْقُولا وتقولُ: ما أشَدَّ جُولَهُ، أي: عَقْلَهُ. ورأيُهُ كَجُولِ البِئْرِ: إذا كان صَلْباً لم يحْتَجْ إلى طيّ. 2/ 151 وجُولُ الرَّكِيَّةِ: جانبها من الداخل يقالُ له: جُولُ الركيّة وجَالُها. والعَقْلُ في وُجوهٍ كثيرةٍ مختلفةٍ معانيه: كقولك: عَقْلُ الجاهِلِ، وعَقْلُ المريضِ، وعَقْلُ المَعْتُوهِ، ونحوه. وعَقَلْتُ البَعيرَ، وعَقَلْتُ القَتِيلَ، وعَقَلْتُ فلاناً، أي: اعْتَقَلْتُهُ للِصِّراع. والعَقْل: الدِّيَةُ. والعقلُ: ثَوْبٌ أحمر تَّتخِذُهُ نِساءُ العرب. والعَقْلُ: مِنْ شِيّاتِ الثِّيابِ ما كانَ نَقْشُهُ طويلاُ. وما كانَ نَقْشُهُ مُسْتَديراً فهو الرَّقْمُ. والعَقْلُ: المَعْقِلُ، وهو الحِصْنُ، والجميعُ العُقول والمعاقِلُ. والعَقْلُ: نقيضُ الجهل، تقول: عَقَلَ فُلانٌ عَقْلاً فهو عاقل. وعقلت بعد الصِّبا، أي: عَرَفْتُ الخطأ الذي كُنْتُ فيه، والصَّبِيُّ إذا أدْرَكَ وذكا يقال: ذكا الصَّبِيُّ وعقل. قال عليُّ بنُ أبي طالب:

إنَّ المكارمَ أخلاقٌ مُطهرةٌ .. فالعقلُ أولها والدينُ ثانيها والعِلمُ ثاثها والحلمُ رابعها ... والجودُ خامسها والعرف ساديها والبِرُّ سابعها والصبر ثامنها ... والشكر تاسعها واللينُ عاشيها والنفسُ تعلمُ أني لا أصدقها ... ولست أرشد إلا حين أعصيها والعين تعلمُ في عيني محدثِها ... إن كان من سلمها أو من أعاديها قوله: ساديها وعاشيها، يريد: سادسها وعاشرها. وتقول: خامي أي: خامس. قال الشاعر: ما وهب الله لامرئ هبةً ... أفضل من عقل ومن أدبه هما جمال الفتى فإن فُقدا ... ففقده للحياةِ أجملُ به آخر: يُعد رفيع القوم من كان عاقلاً ... وإنْ لم يكن في قومه بحسيب وإنْ حل أرضاً عاش فيها بعقلهِ ... وما عاقلٌ في بلدةٍ بغريب آخر: إذا جُمع الآفاتُ فالبخل شرها ... وشر من البخل المواعيد والمطلُ ولا خير في عقل إذا لم يكن غني ... ولا يخر في مال إذا لم يكن عقل فإن كنت ذا مال ولم تك عاقلاً ... فأنت كذي رجلٌ وليس له نعلُ ألا إنما الإنسانُ غمدٌ لعقله ... ولا خير في غمدٍ إذا لم يكن نصلُ فإن كان للإنسان عقل فإنه ... هو الأصلُ والإنسانُ من بعده فصلُ

آخر: إذا لم يكن للمرء عقلٌ فإنه ... وإن يك ذا نيل، على الناس هين وإن كان ذا عقل أجل لعقله ... وأفضل عقلٍ عقلُ من يتدين آخر: إذا فكرت في الأمر ... وجدت الفضل للعقل وعيبُ العقل أن العيش ... لا يصفو لذي العقل وقال أرسطوطاليس: العقلُ سببُ رداءة العيش. وقولهم: استراحَ مَنْ لا عَقْلَ له فيه قولان: أحدهما أنَّ المقصود بهذا هو الأحمق إذا كان 2/ 152 يَصْرِفُ هَمَّهُ إلى المأكُول والمَشْروبِ والمنكوح، وإذا استقامَ في ذلك لم يفكّر في عاقبةٍ، فَعَيْشُهُ رَغِدٌ وبالُهُ رَخِيٌّ، والعاقِلُ لَيْسَ كذلك لِفِكْرِهِ في العواقبِ، ويُشْبِهُ بهذا الصَّبِيَّ الذي لا يفكّرُ في شيءٍ مُسْتَقْبَلِ ولا يَهْتَمُّ إلا بما يأكُلُه ويَشْرَبُهُ أو يَلْهُو به. قال الراعي: ألِفَ الهمومُ وساده وتجنبتْ ... كسلانَ يُصبحُ في المنام ثقيلا أي: تجنَّبْتْ هذا الأحمق، الذي لا يُزْعِجُهُ ما يُزْعِجُ العاقل، فتَحُول بَيْنَهُ وبَيْنَ النّوم. ولامرئ القيس: وهَلْ ينعمَنْ إلا سعيدٌ مُخلدٌ ... قليلُ الهمومِ ما يبيتُ بأوْجالِ

أراد بالسّعيد المُخَلّد: الأحمق. وقيل: الصَّبِيُّ الذي يلبسُ الخُلْدةَ، وهو القُرْطُ والسّوار، منه {وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ}. قيل مُسَوَّرون، وقيل: مُفَرَّطون. [العابدُ] العابِدُ: الخاضعُ لرّبِهِ. عَبَدْتُ اللهَ أعْبُدُهُ: أي خَضَعْتُ له وتذلَّلْتُ وأقْرَرْتُ له بالرُّبوبيّة، أُخِذَ مِنْ قولهم: طريقٌ مُعَبَّدٌ، أي: مُذَلّل قَدْ أثَّرَ الناسُ فيه. قال طَرَفة: تُباري عناقاً ناجياتٍ وأتبعتْ ... وظيفاً وظيفاً فوق مورِ مُعبدِ أي: طريق مُذَلّل. ويقالُ: بَعيرٌ مُعَبَّد، أي: مُذَلّلٌ قَدْ طُلِيَ بالهِناء مِنَ الجَرَبِ حتّى ذَهَبَ وَبَرُ. وله: إلى أن تحامتني العشيرةُ كُلُّها ... وأُفْرِدتُ إفرادَ البعيرِ المُعبدِ معناه: المُذَلّل. ويقالُ: بعيرٌ مُذَلّل: إذا كانَ مُكَرَّماً، وهذا من الأضْداد. قال حاتم:

تقولُ ألا أمسكْ عليك فإنني ... أرى المال عند الباخلين معبدا معناه: مُكرَّما. ويُروى: مُعَدَّدا، أي: يجعلونَهُ عُدَّةً للدَّهْر. قال الله [تعالى]: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} قال أهلُ اللغة: معناه: نَخْضَعُ وَنَذِلُّ ونَعْتَرفُ بربويتك. وقال أهل التفسير: إيّاك نُوَحّد. والعَبْدُ: المملوكُ، جماعتُهُ: العبيد، وهم العِباد، وعَبدُون أيضاً، إلا أن العامة أجمعوا على تَفْرِقَة ما بين عبادِ اللهِ وعبيد العبيد المملوكين، تقولُ: هذا عَبْدٌ بَيِّنُ العُبُوديّةِ، ولم يَشْتَقُّوا منه فِعْلاً، ولو اشتُقَّ مِنْهُ فِعْلٌ لقيلَ: عَبُدَ، أي صار عَبْداً، ولكنّه قدْ أُمِيتَ الفِعْلُ منه فلا يُسْتَعْمَلُ. وأمّا عَبَدَ يَعْبُدُ، فلا تُقالُ إلا لمن يَعْبُدُ الله تعالى، وأمّا عَبْدٌ خَدمَ مولاه، فلا يقال: عَبَدَه، ولا يقال: يَعْبُدُ مولاه. ويقالُ: تَعَبَّدَ فُلانٌ فُلاناً، أي: اتَّخَذَهُ لِنَفْسهِ عَبْداً. قال: تَعبدني نمرُ بنُ سعدٍ وقد أرى ... ونمرُ بن سعدٍ لي مطيعٌ ومهطعُ والمُهْطعُ: المُقْبِلُ على الشَّيْء بِبَصَرِهِ ولا يُرْفَعُ عنه. وتقول: أعْبَدَ فُلانٌ فُلاناً، أيْ: جَعَلَهُ عَبْداً، وعلى ذلك قرأ بَعْضُهُمْ {وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ} رَفَعَ، كما تقول: ضَرُبَ عَبْدِ الله، 2/ 153 أي صار الطاغوتُ يُعْبَدُ، مثل: قَفُةَ الرَّجُلُ وظَرُفَ.

وَعُبَّدُ الطّاغوتِ: معناه عُبَّادُ الطّاغوت، مثل سجد وركع. وعَبَدَ الطّاغوتِ: أرادَ عَبَدَةَ الطَّاغوتِ، مثل كَفَرٌ وفَجَرةٌ، فَطَرَح التّاء في اللفظ، والمعنى في الهاء. وعُبُدُ الطّاغوتِ: جماعةٌ، ويقالُ للمشركين: عَبَدةُ الأوثانِ والطّاغُوت. ويقولن للمُسْلِمين: عُبَّاد. ويقولون: اسْتَعْبَدْتُ فُلاناً، وهو قريب المعنى مِنْ تَعَبَّدْتُهُ إلا أنَّ تَعَبُّدَكَهُ أخَصُّ من استعبادِكَهُ. وهُمْ العِبِدَّي: جماعةُ العبيد الّذين وُلِدُوا في العُبودِيّة، تعبيدةً بن تَعبيدة، أيْ في العُبُوديَّةِ إلى آباءٍ. ويُقالُ في جَمْع العبيدِ عُبداء. وقرئ {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَاداؤكَ} قال: تركتُ العبدا ينقرون عجانها ... كأنَّ غراباً فوق أنفكَ واقعُ والعَبَدُ: شِبْهُ الأنَفِ والحَميَّة من قَوْلِ يَسْتَحيْي منه الرَّجُلُ ويَسْتَنْكِفُ، فيَعْبَدُ لذلك، منه قوله تعالى {فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ} أي الآنفين، وقيل: الجاحدين. وقالَ عليّ: "عَبِدْتُ فَصَمَمتُّ" أي: أنِفْتُ فَسَكَتُّ. وعَبَدَ فلانٌ فُلاناً حَقَّهُ: أي جَحَده. [العاجِزُ] العاجزُ: الضَّعيفُ، وهو نقيضُ الحازم، والعَجْزُ نقيضُ الحَزْم.

قال: المرءُ يَعْجِزُ لا المَحَالة. المَحَالةُ: الحِيلةُ: والحُوَيْلُ: الحَوْل. وتقولُ: عَجَزَ يَعْجِزُ عَجْزاً وهو عاجزٌ. والعَجُوزُ: المرأةُ الشَّيْخَةُ، والجميعُ العَجائِزُ، والفِعْلُ: عَجَزتْ تَعْجِزُ عَجْزاً، ولغةٌ أخرى: عَجّزَتْ تُعْجِّزُ تعجيزاً، وكلاهما حَسَنٌ. ويقالُ: عاجَزَ فُلانٌ: إذا ذَهَبَ فَلَمْ يُوصَلْ إليه، وبهذه اللغة قَوْلُهُ تعالى {وَمَا أَنْتُمْ بِمُعَاجِزِينَ فِي الأَرْضِ}. والعَجُزُ: مُؤَخَّرُ الشيء، والجميعُ الأعْجاز، حتى أنهم ليقولون: أعْجُزُ الأمْرِ وأعْجازُهُ، وفي الحديث "لا تُدَبِّروا أعْجازَ أُمورِ قَدْ وَلَّتْ صُدورُها". والعَجُوزُ: الخَمْرُ، لِقِدَمِها. والعَجُوزُ: نَصْلُ السَّيْفِ. قال أبو المقدام: وعجوزٍ رأيتُ في فم كلبٍ ... جُعِلَ الكلبُ للأميرِ حمالا والكلبُ هاهنا: يريد ما فَوْقَ النَّصْل مِنْ جانبَيْه حديداً كانَ أو فضّة. والعَجْزَاءُ مِنَ النِّساءِ: الضَّخْمَةُ العَجيزة. قال أبو النَّجم: مِنْ كُلِّ عجزاء سقوط البُرقع بلهاءَ لم تحفظْ ولم تُضيعَ

والعِجْزَةُ وابنُ العِجْزةِ، يقال: هو آخِرُ ولد الشَّيْخ والمرأةِ الكبيرة. وقيل: هو هرمة بن هرمة. ويقالُ: وُلِدَ لِعِجْزَةٍ: أيْ بَعْدَ ما كَبُرَ أبوه. وأنْشد: واسْتَبْصَرَتْ في الحي أحوى أمردا عِجْزَةَ شيخين يُسمى معبدا وقولهم: فلانٌ عُرَّةٌ فيه أربعة أقوال: قال أبو عبيدة: العُرَّة الذي يجني على أهْلِهِ ويُلْحِقُهُمْ مِنَ الجناية ما يَلْحَقُ مِنَ العرّ. 2/ 154 والعُرُّ: الجَرَبُ، منه {فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ} أي: جنايةٌ كجِنَايةِ الجَرَب. قال هشامُ بنُ عُقبة أخي رُمَيْم: إذا الأمر أغنى عنكَ حنويه فاجتنب ... معرة أمرٍ أنت عنه بمعزل وقيل: العُرَّةُ: القَذِرُ الدَّنِسُ الذي يُلْحِقُ أهْلَهُ قَذَراً ودَنَساً كَدَنَسِ العُرَّةِ. والعُرَّةُ: العَذِرَةُ. قال الأصمعي: العُرَّةُ: الذي يعرُّ أهْلَهُ، أي: يعيبُهم ويُدَنّسُهم كما يُدَنِّسُ العَرُّ صاحبه. والعَرُّ والعُرِّةُ عندهم: الجَرَب. وقيل: العُرَّةُ: الضّعيف العاجزُ الذي لا يَدْفَعُ الضَّيْمَ عَنْ نَفْسِهِ ويُظْلَمُ فلا يَنْتَصِرُ.

أُخِذَ من: العُرّ، وهو شَيْءٌ يَخْرُجُ بالبعير، تزعُمُ العَرَبُ أنّه إذا أصابَ البعير برك إلى جانبه بعيرٌ صحيحٌ فيُكْوى الصحيحُ فيبرأ العليل. قال النابغة: أخذتَ علي ذنبه وتركتهُ ... كذا العر يكوى غيره وهو رائعُ فالعَرُّ والعُرُّ والعُرَّةُ كُلُّه: الجَرَب. قال الخليل: ويقالُ: العُرَّةُ: القَذَرُ بعينه. وفي الحديث "لَعَنَ اللهُ بائعَ العُرَّةِ ومُشْتَريها" قالتْ عائشة "مالُ اليتيمِ عُرَّةٌ لا أخْلِطُهُ بمالي" قال الأخْطَلُ في الجَرَب: إن العداوة تلقاها وإن قدمت ... كالعُر يكمن حيناً ثم ينتشر والمعَرَّةُ: الإثمُ. والتَّعَارُّ: السَّهَرُ والتَقَلُّبُ بالليل في الفراش. وفي الحديث "كُلَّما تعارَرْتُ ذَكَرْتُ الله". تقول منه: تَعَارَّ يَتَعارُّ تَعَاراً. ورَجُلٌ مَعْرور: أصابَهُ ما لا يَسْتَقِرُّ له. والمَعْرور: المَقْرور. وعُرَّة الطَيْرِ: سَلْحُهُ. وصَوْمُهُ: سَلْحُهُ. تقولُ: عَرَرْتُ فُلاناً بمكروه: أي أصبتُهُ به.

والمُعْتَرُّ، في القرآن الذي يتعرّضُ ليصيبَ خيراً ولا يسأل. تقول: عَرَّةُ يعرّه، واعترّه يعترّه، وعراه يعروه، بمعنى واحد. والعَرارة: البهارة البَرِّيّة، وقيل: نَبْتٌ يشبهُ البهار طيّبُ الرائحة. قال: تمتع من شميم عرار نجدٍ ... فما بعد العشية من عرارِ والعرارةُ: السُّؤْدَد. قال الأخْطَلُ: إن العرارة والنبوح لدارم ... والمستخف أخوهم الأثقالا النُّبوحُ: كثرة العدّة. وقيل: العَرارة: الارتفاع، ومنه سُمّيَ السُّؤْدد عَراراً، أي: بيت رفيع. والعُراعِرُ: الرجُلُ الشريف. [عرو] وتقولُ: عَراكَ يَعْرُوكَ عَرْواً: إذا غَشِيَكَ وأصابَكَ. وأخَذَتْ فُلاناً العُرَوَاءُ: أي الحُمَّى بنافضِ. وعُرِيَ الرَّجُل فهو مَعْرُوٌّ. وتقولُ: اعتراه الأمْرُ والهمُّ: عامٌّ في كُلِّ شَيْءٍ، حتى قالوا: الذَّلَفُ يعتري الملاحة. الذَّلَفُ: غِلَظٌ واستواءٌ في طَرَفِ الأنْف ليس بحَدٍّ غليظ، ولكنّه يعتري الملاحة.

2/ 155 وقال: وما مِنْ مُؤمِن إلا ولَهُ ذَنْبٌ يعتريه. وتقول: عَرِيَ فُلانٌ عِرْوَةً وعِرْيَةً شديدةً وعُرْياً. واعْرَوْرَيْتُ الفَرَسَ ورَكِبْتُهُ مُعْرَوْرِياً اعريراءُ بلا شيءٍ بَيْنَكَ وبَيْنَ ظَهْره. واعْرَوْرى فلانٌ الفَرَسَ: إذا رَكِبَهُ كذلك. ولم يجيء افْعَوْعَلَ مُجاوِزاً غيره. والنَّخْلةُ العَرِيّةُ: التي تُعْزَلُ مِنْ جُمْلَةِ النَّخْلِ عند البيع، وهو أنْ تُجْعَلَ ثمرتُها لمحتاج عامِها ذلك أو لِغَيْر محتاج، والجميعُ: العَرايا، والفِعْلُ منه: الإغْراءُ. وفي الحديث "إنَّهُ رَخَّصَ في العَرايا" قال فيها: ليستْ بسنهاء ولا رُجيبةٍ ... ولكن عرايا في السنين الجوائح ورجلٌ عِرْوٌ من الأمْرِ: لا يَهْتَمُّ به. العَيَّارُ العَيَّارُ: هو الذي يُخلي نَفْسَهُ وهواها ولا يردّها ولا يَرْدَعُها. مأخوذٌ مِنْ: عارَتِ الدّابّةُ: إذا انْقَلَبتْ. وقَوْلُهُم: تعايَرَ الرَّجُلُ مُشْتَقٌّ في هذا، وأصْلُهُ: تَعَايَرَ القَوْمُ: إذا ذكروا العارَ بَيْنَهُمْ، ثم قيل لكُلّ مَنْ تكلَّمَ بقبيح: قد تَعايَرَ. والعارُ: كلُّ شَيْءٍ لَزِمَتْ به سَبِيبَةٌ أو عَيْبٌ. والفِعْلُ: التَّعْيِيرُ، وفي بَعْضِ الكلام أنّ اللهَ يُغَيِّرُ ولا يَعَيِّرُ. والعارِيَّةُ سُمِّيَتْ لأنَّها عارٌ على مَنْ طَلَبَها، فَمَنْ قال هذه المقالة قال: هم يَتَعَيَّرون مِنْ جيرانِهِمْ الماعون، وقال: إنّما العارِيَّةُ مِنَ المُعَاوَرةِ والمُناولة، يعاوِرُون، أي:

يأخُذُونَ ويُعْطُونَ الأمتعةَ بعضهُم بعضاً. قال: إذا رَدَّ المُعاوِرُ ما اسْتعارا قال رميم: وسقطٍ كعين الديك عاورتُ صاحبي ... أباها وهيأنا لموقعها وكرا وقيل: المُعَارُ من العاريّة. والمُعَارُ: السَّمِينُ. تقول العَرَبُ: أعيروا خَيْلَكُمْ، أي: أسْمِنُوها. قال: أعيروا خيلكم ثم اركضوها ... أحق الخيل بالركض المعارُ أي: السَّمين. قال: وجدنا في كتاب بني نمير ... أحق الخيل بالركض المعارُ والعِيارُ من الكَلْبِ والفَرَس: ذهابُهُ كأنَّهُ مُتَفَلِّتٌ من صاحبه بتردّد. والعِيارُ: ما عايَرْتَ به مِنْ وزْنِ أو كَيْلِ. والتَّعاوُرُ عامٌّ في كُلِّ شيء، وهو أنْ يَعْتَوِرَ الشَّيْءُ الشَّيءَ بالفِعْلِ مواظبةً عَلَيْهِ وإدامةً، كتَعَاوُرِ الرّياح الرُّسُومَ. قال الأعشى: دمنةٌ قفرةٌ تعاورها الصيفُ ... بريحين من صباً وشمالِ وعَارَتِ العَينُ تَعارُ عَوَراً: وهو ذَهابُ أحَدِ العَيْنَيْن. قال:

تسائل يا ابن أحمر من رآه ... أعارت عينهُ أم لم تعارا والفِعْلُ على ثلاثِ لغات: اعْوَرَّ وَعَوِرَ وَعَارَ. والعَوَرُ لا يكونُ إلا بإحدى العَيْنَيْن. 2/ 156 والعَوْراءُ: الكلمةُ القبيحةُ يُمْتَعَضُ مِنْها وتُغْضِبُ. قال كَعْبُ الغَنَوي!: وعَوْراءَ قد قيلتْ فلمْ أستمع لها ... وما الكَلِمُ العوراءُ لي بقتول والعَيْرُ: الحِمارُ الوَحْشِيُّ والأهْلِيّ. والعَيْرُ: العظْمُ الناتئ وسط الكتف. وقيل: العَيْرُ في القَدَمِ: الناتئ في ظهره. وتسمّي العَرَبُ إنْسان العَيْنِ: عَيْراً أيضاً. والعَيْرُ: سَيِّدُ القَوْم. والعَيْرُ: اسمُ مَوْضع كان خِصْباً فغيَّرَهُ الدَّهْرُ فأقْفَرَ وكانت العَرَبُ تَسْتَوْحِشُهُ. قال امرؤ القيس: ووادٍ كجوفِ العير قفرٍ قطعته ... به الذئبُ يعوي كالخليج المغيلِ وعَيْر النَّصْلِ: حَرْفٌ في وَسَطِهِ، كأنَّهُ شطبةٌ. وقصيدةٌ عائِرةٌ: سائرةٌ. ويقالُ: ما قالتِ العَرَبُ بَيْتاً أعْيَرَ منْ قولِ الشاعر: فمَنْ يلقَ خيراً يحمد الناسُ أمرهُ ... ومن يغو لا يعدمْ على الغي لائما

يعني: بيتاً أسْيَرَ. ويقالُ: فُلانٌ عُيَيْرُ وَحْدِه: أي نَسِيجُ وَحْدِهِ. والعِيرُ: القافلةُ، وهي مُؤَّنثة. وقولهم: فُلانٌ عَبِرٌ فيه ثلاثة أقوال: قال الأصمعيّ هو الذي يُعْبِرُ العَيْنَ، أي يأتي بما يُبْكيها. والعَبْرَةُ: الدَّمْعَةُ قال ابنُ السكيت: العُبْرُ والعَبَرُ: سُخْنَةُ العَيْنِ. قال غيره: العُبْرُ: الغمُّ والهَمُّ، فإذا قيل: فُلانٌ عَبِرٌ فمعناه هَمٌّ وغَمُّ لأهْلِهِ. والعَبْرَةُ: الدَّمْعَةُ، وجَمْعُها عِبَرٌ. قال: والله ما نظرت عيني إذا نظرت ... إلا ترقرق منها دمعها دُررا ولا تنفستُ إلا ذاكراً لكمُ ... ولا تبسمتُ إلا كاظماً عبرا والعِبْرَةُ: الاعتبارُ بما مَضَى. وعَبْرَةُ الدَّمْع: جَرْيُهُ. والدَّمْعُ نَفْسُهُ أيضاً: عَبْرَة، والجمعُ عِبَرٌ. وقال أبو جعفر: العَبْرَةُ تُنْزِلُ الدَّمْعَةَ، وهي ارتفاع الغَمِّ مِنَ الصَّدْر حتى يَخْنُقَ فَيكاد يقتل، يقال: خنقتْهُ العَبْرَة. والدَّمعةُ لا تقتل. وأنشد لرميم: أجلْ عبرةً كادتْ لعرفان منزلٍ ... لمية لو لم تُسهل الماء تذبحُ وعَبِرَ فلانٌ يَعْبَرُ عَبَراً من الحُزْنِ، وهو عَبْران عَبِرٌ، والمرأةُ عَبْرى وعَبِرَةٌ. والعُبْرُ: الكثير.

وعَبَرَ يَعْبُرُ الرُّؤْيا عَبْراً وعِبارةً، ويُعَبّرها تَعْبيراً: إذا فَسَّرَها. وعَبَرْتُ النَّهر عُبوراً. وعِبْرُ النَّهْرِ: شَطُّهُ. وتقول: عَبَّرْتُ عن فلانٍ تعبيراً: إذا عَيِيَ عَنْ حُجَّتِهِ فتكلمت بها عنه. وعَبَّرْتُ الدَّنانيرَ: وَزَنْتُها ديناراً ديناراً. والمِعْبَرَةُ: سَفِينةٌ يُعْبَرُ عَلَيْها النَّهْرُ. وناقةٌ عُبْرُ أسْفارِ: لا تَزالُ يُسَافَرُ عليها. العَرْبَدَةُ والمُعَرْبِدُ: الذي تأتي مِنْهُ أفعالٌ قبيحةٌ لا يعتمدُها ولا يعتقِدُ 2/ 157 الأذى بها، أُخِذَ من: العِرْبَدّ، وهي حَيَّةٌ تَنْفُخُ ولا تؤذي. ويقالُ: لِلمُعَرْبِدِ: السَّوّار، أُخِذ مِنَ السَّوْرةِ: وهي الغَضَبُ والحِدَّةُ. [العَبَامُ] العَبَامُ: غليظُ الخِلْقة. تقولُ: عَبُمَ يَعْبُمُ عَبَامَةٌ. قال: وأنكرتُ إنكارَ الكريم ولم أكنْ ... كفدمٍ عبامٍ سيل نشياً فجمجما نشياً: أي شيئاً يُعطيه.

وهو أيضاً العَيُّ الثقيلُ. وقولهم: رَجُلٌ عفْرٌ فيه ثلاثة أقوال: أحدهنّ: العِفْرُ: المَوَثَّقُ الخَلْق المُصَحَّحُ الشّديدُ، أُخِذَ مِنْ: عَفَر الأرْضِ، وهو التُّراب. يُقالُ: عافَرَ فُلانٌ فُلاناً: إذا تآخَذا على أنْ يلتقيان على العَفَر. ويقالُ: رَجُلٌ عِفِرٌّ، بكسر الفاءِ وتشديد الرّاء، والجمعُ عِفِرُّون، مثل شمر شِمِرّ: إذا كان شديداً يُشَمَّرُ فيه عن السّاعِدَيْن. ويُقالُ: ليثٌ عِفِرٌّ: أي لَيْثُ ليوث يَصْرَعُ كُلَّ ما عَلِقَ به وَيُعَفّرُهُ بالأرض. وقال الأصمعي: يقال: فلانٌ أشْجَعُ مِنْ لَيْثِ عِفِرّين: وهو دابّةٌ يتحرّى الراكِبَ ويضربُ بِذَنَبِهِ. ويقالُ: عِفِرُّون: بَلَدٌ يكونُ فيه هذا اللَّيْث. وناقةٌ عَفَرْناةٌ: أي شديدة. ويقالُ للغُولِ: عَفَرْناة: ويقالُ: للأسَدِ: عَفَرْناة، للذكر والأنثى. وقيل: العِفْرُ: الكَيِّسُ الظّريف. قال الخليل: يقالُ رَجُلٌ عِفْرٌ: بَيِّنُ العَفارةِ، إذا وُصِفَ بالشَّيْطَنة، والجَمْعُ: أعْفارٌ. ويُقالُ للشيطانِ: عِفْريت وعِفْرية وعُفارية، وقد قرئ {قَالَ عِفْريةٌ مِنْ الْجِنِّ}. قال جرير، في اللغة الثالثة:

قرنتُ الظالمين بمرمريس ... يذل بها العُفارية المريدُ المَرْمَريس: الداهيةُ الشديدة. وفي الحديث "إنَّ اللهَ يُبْغِضُ العِفْرِيَةَ النِفْرِيَةَ الذي لا يُرْزَأ في مالِهِ وجِسْمِهِ" وفيه ثلاثة أقوال: يقالُ: العِفْرِيَةُ: هو العِفْرُ، زيدَ ياءً وهاءً. والنِّفْرِيَةُ إتباع. ويُقالُ: العِفْرِيَةُ النّفْرِيَةُ: الجَمُوعُ المَنُوعُ. وقيل: القَوِي الظَّلُوم. ويُقالُ: لِعُرْفِ الدّيكِ: عِفْرِيَة قال: كَعِفْريَةِ الغَيُورِ مَنَ الدَّجاج والعِفْرِيَةُ أيضاً، مِثَالُ فِعْلِلَة، من الإنسان: شَعْرُ النّاصِية، ومِنَ الدّابَةِ: شَعْرُ القَفا. والعِفْرُ: الذَّكَرُ مَنَ الخنازير. ويقالُ للخبيث: عَفَرْنَي، أيْ: عِفْرٌ: وهم العَفَرْنَوْنَ وأسَدٌ وَلَبُؤَةٌ ورَجُلٌ عِفْرِيٌّ. وقَدْ عَفَّر فلانٌ خَدَّ فلان: أي أداره في التراب وحركه. والعَفْرُ: التُّراب، وظهر الأرض، يقالُ: ما على عَفْرِ الأرْضِ مثله. ومعنى العُفْرَة في اللّغةِ: البياضُ لَيسَ بالنّاصع. وفي الحديث: 2/ 158 كان النبيُّ صلّى الله عليه [وسلّم] إذا سَجَدَ جافَى عَضُدَيْهِ حَتَّى يُرى مِنْ خَلْفِهِ عُفْرَةَ إبْطِهِ.

وقال الخليل: العُفْرَةُ في اللَّوْنِ أن يضْرِبَ إلى غُبْرةٍ في حُمْرةٍ، كَلَوْنِ الظَّبْي الأعْفَر. قال: يقولُ لي الأنباط إذ أنا ساقطُ ... به لا بظبي بالصريمة أعفرا وقال الفرزدق: أقول له لما أتاني نعيه ... به لا بظبي في الصريمة أعفرا وكذلك الرَّمْلُ الأعْفَر. وتَعْفيرُ الوَحْشيَّة ولَدَها: إذا أرادَتْ فِطامَهُ قَطَعَتْ عنه الرّضاع يوماً أو يوميْن، فإنْ خافَتْ أن يضرّه ذلك ردّته إلى الرّضاع أياماً ثُمَّ أعادَتْهُ إلى الطَّعام، تَفْعَلُ به ذلك ثلاثَ مَرَّات حَتَّى يستمِرَّ عليه، فذلك التَّعفير، وهو معَفَّرٌ. قال لبيد: لِمُعفرٍ قهدٍ تنازع شلوهُ ... غبسٌ كواسبُ لا يمن طعامُها ويُقالُ: ظِباءٌ عُفْرٌ، أي: غيرُ خالصةِ البياض، تُشْبِهُ ألوانُها لَوْنَ التُّراب. وقَوْلُ أبي هُرَيْرة: لَدَمُ عَفْراءَ في الأضاحي أحَبُّ إليَّ مِنْ دَمِ سوداوَيْن. يريدُ بالعَفْراء: البَيْضاء. وقولهم: فلانٌ ضَيِّقُ العَطَنِ أي ضَيّقُ النَّفْسِ قليلُ العَطاءِ فكنى بالعَطَنِ عَنْ ذلك، وأصْلُه: المَوْضعُ الذي تَبْرُكُ فيه الإبْلُ لترِدَ الماءَ. ويقال: قَدْ عَطَنَتْ الإبلُ تَعْطُنُ فهي عَاطِنةٌ: إذا بَرَكَتْ في عُطُنِها.

وقَدْ أعْطَنَها صاحِبُها والقائمُ بشأنها يُعْطِنُها إعْطاناً: إذا فَعَلَ ذلك بها. قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "صَلُّوا في مَرابِضِ الغَنَم ولا تُصَلُّوا في أعْطانِ الإبِلِ". ويقالُ: لِمَواضِعها التي تأويها عند البُيوت: الثَّايات، واحدتُها ثاية. وأعطَنَ القَوْمُ الإبِلَ حَبَسُوها مع الماءِ بَعْدَ الوِرْدِ. قال لبيد: عافتا الماءَ فلم نُعطنهما ... إنما يعطن من يرجو العللْ وأمّا أعْطانُها في الحديث: فكُلُّ مَبْرَكٍ يكونُ مألفاً للإبل فهو عَطَنٌ بمنزلةِ الوَطَن للنّاس والغَنَم والبَقَر. والمَعْطِنُ أيضاً: هو ذلك المَوْضع. قال: ولا تكلفني نفسي ولا هلعي ... حرصاً أقيم به في معطن الهون وقال بعض: لا تكونُ أعْطانُ الإبِلِ إلاّ على الماء، فأمّا مباركها في البرية وعند الحي فهي المآوى والمراح، واحدتُها موءاة وجميع المراح: مراحات. ويقالُ: عَطِنَ الجِلْدُ عَطَناً: إذا تُرِكَ في الماء والدّباغ حتى فَسَدَ ونَتَن، فهو عَطِنٌ، ونحو ذلك كذلك. العِنِّينُ هو الذي لا يطيق إتيانَ النّساءِ، ويُسَمَّى الحَرِيكَ والغمر والعَجِيزَ والسَّرِيس.

قال: 2/ 159 أتيتك خاطباً كي تنكحني ... فقلت بأنه رجل سريس ولو جربتني لحمدت فعلي ... لديك وقلت: أنتَ الدردبيسُ الدَّرْدَبيسُ: الداهية. والعِنّينَةُ مَنَ النِّساء: التي لا تريدُ الرجال، وهي ضيقة وغمرة أيضاً. وقولهم: قَدْ عِيلَ صَبْري أي غُلِبَ صَبْري. وعَالَني الأمْرُ يعولني عولاً: إذا غلبني. قرأ ابنُ مسعود: {وَإِنْ خِفْتُمْ عَائلَةً فَسَوْفَ} معناه خصلةً تعولكم، أي: تغلبكم قالت الخنساء: يكلفُهُ القومُ ما عالهم ... وإن كان أصغرهم مولدا أي: ما غَلَبَهُمْ. وعالَ الرجُلُ يعيلُ عَيْلَةً: إذا افْتَقَرَ. قال: وما يدري الفقيرُ متى غناه ... وما يدري الغني متى يعيلُ أي: يَفْتَقِرُ. وقَدْ عالَ الرَّجُلُ عِيالَهُ يَعُولُهُمْ عَوْلاً وعُؤولاً وعِيالاً: إذا مانَهُمْ وأنْفَق عليهم.

وأعالَ يُعِيلُ فهو مُعيل: إذا كَثُر عيالُه. والعِيالُ: جماعةُ عَيِّل، تقولُ: عِنْدي كذا وكذا عَيِّيلاً، أي: نَفْساً مِنَ العيال. ورَجُلٌ مُعَيِّلٌ ومُعَيَّلٌ. والعَوْلُ: قَوْتُ العِيال. والقُوتُ: الاسم، والقَوْتُ المصدرُ. والعَيْلةُ: الحاجةُ والفاقة. وفي الحديث "ما عالَ مُقْتَصِدٌ ولا يَعيلُ" أي: ما افْتَقَرَ ولا يَفْتَقِر. وعالَ الرَّجُلُ يَعِيلُ: إذا تبختر، وتَعَيَّل يَتَعيَّلُ: إذا فَعَلَ ذلك. وعالَ الرَّجُلُ في حُكْمِهِ: إذا مالَ، يَعُولُ. وعالَ ميزانُهُ: إذا مالَ. منه {ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُوا} أي: تميلوا. قال: إنا تبعنا رسول الله واطرحوا ... قولَ الرسول وعالوا في الموازين والعَوْلُ: ارتفاعُ الحِسابِ مِنَ المسائِلِ والفرائضِ. تقول: عالَتْ تَعولُ عَوْلاً. ويقالُ: للفارِض: اعلُ الفريضة. وأعْوَلَ الرَّجُلُ: يُعْوِلُ: إذا صاحَ ورَفَعَ صَوْتَهُ. وأعْولَتِ المرأةُ كذلك. والعَوْلَةُ من العَوْلِ، والعَوْلُ من المُعَوَّلِ. عَوَّلْتُ به: استعنْتُ به. وعَوَّلْتُ عَلَيْه: أي صَيَّرْتُ أمري إليه.

وعوَّلْتُ على الرَّجُلِ:" إذا اتَّكَلْتُ عليه. ومِنْ قولهم: على اللهِ مُعَوَّلي. أي: على اللهِ توكُّلي. وقولهم: أخذ البلادَ عَنْوَةً فيها وجهان: أحدُهما: أخْذُ البلادِ بالقَهْرِ والذُّلِّ. والوجهُ الآخر: عَنْ تسْليمٍ من أصحابها لها طاعةً بلا قتال. قال: فما أخذوها عَنوةً عن مودةٍ ... ولكن بضربِ المشرفي استقالها والعَنْوَةُ هاهنا: التسليمُ والطاعة. ومَنْ قال: العَنْوةُ: القهر والذل، احتجَّ بقولِ العَرَب: عضنَوْتُ لِفُلان أعْنُو له عَنْوةً: إذا خَضَعْتُ له. منه {وَعَنَتْ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ} أي: خَضعَتْ وذَلَّتْ. قال أمَيَّة 2/ 160 بن أبي الصلت: مليكٌ على عرش السماء مهيمنٌ ... لعزته تعنو الوجوه وتسجدُ أي: تذِلُّ وتَخْضَعُ. قال الفرّاء: معنى {وَعَنَتْ الْوُجُوهُ} أي: نَصِبَتْ وعَمِلَتْ. قال: ويقالُ: معناه: هو وضْعُ المُسْلم يَدَيْهِ على رُكْبَتَيْه وَجَبْهَته على الأرْض إذا سَجَدَ. قال: والعَرَبُ تقولُ: الأرْضُ لم تَعْنُ بشيءٍ، بضمِّ النُّونِ وكَسْرِها، أي: لم تِنبِتْ شَيْئاً.

وفي الحديث "اتّقُوا اللهَ في النِّساء فإنّهُنَّ عَوانٍ عِنْدَكُمْ"، أي ذليلاتٌ مُسْتَسْلِماتٌ. وقولُهُم: فُلانٌ عَدُوّي أي: يعدو بالمَكْرُوهِ والظُّلْمِ. يُقالُ: عَدَا فُلانٌ على فُلانٍ يَعْدُو عَلَيْهِ عَدْواً: إذا ظَلَمَهُ، منه قوله تعالى {فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ} وقرأ الحَسَنُ {عَدْواً}، فمعناهما: ظُلْماً. والرَّجُلُ العادي: اشْتُقَّ منْهُ، وهو الذي يحيفُ على الناسِ ظُلْماً وعُدْواناً. وعدا فُلانٌ طَوْرَهُ وقَدْرَهُ، ومنه العُدُوانُ والعَداءُ والاعْتِداءُ والتعدّي. قال أبو نُخَيْلة: * ما زال يَعْدُو طَوْرَهُ العبدُ الرّدي * * ويَعْتَدي وَيَعْتدي وَيَعْتَدي * وتقولُ: هو عَدُوّي وهم عَدُوِّي، ومنه قوله تعالى {وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ} فوحَّد في مَوْضع الجَمْع. قال النابغة الشيباني: إذا أنا لضمْ أنْفَعْ خليلي بودّه ... فإنَّ عدوي لم يضرهم بُغْضي

أي: أعدائي، فوحَّد في مَوْضع الجمع. ويقالُ: فلانَةٌ عَدُوَّةُ فُلانٍ وعَدُوُّ فُلانٍ، فَمَنْ أنَّثَ قال: هو خَبَرٌ للمؤنَّث، فعلامَةُ التأنيثِ لازمِةٌ له، ومَنْ ذكَّرَ قال: ذَكَّرْتُ (عدواً) لأنّه بمنزلة: امرأةٌ غَضُوب وظَلومُ وصَبُور وقَتُول. ويُقال في جَمْع العدوّ: عِديٌ وعُداةً وعُديّ، بضمّ العَيْن، والاختيار ضَمُّ العَيْنِ مع الهاءِ وكَسْرُها مع عدم الهاء. قال: معَاذَةَ وجهِ اللهِ أنْ أُشمِتَ العِدى ... بليلى وإنْ لم تجزني ما أدينها ويجمعُ العَدُوُّ: أعداء. وجَمْعُ الأعداء: أعادي، والعُداةُ والعدايا. قال: ويا بانةَ الوادي قد اكتر بيننا ... وشاةُ الأعادي فاعلمي عِلْمَ ذلِكِ فالأعادي جَمْعُ الجَمْع. ويقالُ: عَادَى فُلانٌ فُلاناً مَعَاداةً وعداءً. والعِدَى، بالكَسْرِ مَقْصورٌ، هي: الحِجارَةُ والصُّخُورُ تُجْعَلُ في القَبْر، قال كثير: وحَالَ السفي بيني وبينكِ والعِدى ... ورهنُ السفي غمرُ النقيبة ماجِدُ السَّفَي: تُرابُ القَبْرِ والبِئْر. والعَرَبُ تُسمي الأعْداءَ بأسماء كثيرة منها: قولهم: صُهْبُ 2/ 161 السَّبالِ، وسُودُ الأكباد، وإنْ لم يكُونوا كذلك. وقال قَيْسُ الرُّقَّيات: وظلالُ السيوفِ شيبن رأسي ... ونزالي في القومِ صُهْبِ السِّبالِ

وقال الأعشى: فما أُجشِمْتُ من إتيان قومٍ ... همُ الأعداءُ والأكبادُ سُودُ وهم الأقْيالُ، واحِدُهم قيل، لعلّه الأقتالُ بالتاء. والأقْران والكاشح والمُشَاجِرُ والشَّانئ، ومنه قوله تعالى {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ}. وللأعشى: ومن شانئ كاسفٍ بالُهُ ... إذا ما انتسبتُ لهُ أنْكَرَنْ والدَّيْلَم: الأعداء مِمَّن كانوا. قال عنترة. شَرِبتُ بماء الدُّحْضرين فأصبحتْ ... زوراءَ تنفرُ عن حياضِ الدَّيْلَم فكُلُّ عدُوٌّ عِنْدَ العَرَبِ دَيْلَم وإنْ كانُوا عَرَباً، وكذلِكَ صُهْبُ السِّبالِ وإنْ كانُوا عَرَباً، وأصْلُهُم الرّوم. قال أوْس بن حَجَر: نَكَّبْتُها ماءهُمْ لما رأيتهُمُ ... صُهبَ السِّبَالِ بأيديهم بيازيرُ واحدتُها: بَيْزَرَة، وهي العصا. (آخر: كأني إذْ رهنتُ بني قومي ... دفعتهم إلى صُهبِ السبالِ أي: كَأنّي دَفَعْتُهُمْ إلى الأعداء).

وقولهم: ما عَدا مِمّا بَدا معناه: ما صَرَفَك عَنّي ممّا ظَهَرَ لَكَ مِنِّي. يُقالُ: عَداني عَنْ لِقائِكَ كَذا وكَذا: أي صَرَفني عنه. قال: عداني عنْكَ والأنْصَار حربٌ ... كأنَّ طلابها الأبطال هِيمُ أي صرفني. وأوَّلُ مَنْ قالَ: ما عَدا مِمّا بدا، عَليُّ بنُ أبي طالب لَّما قَدِمَ البَصْرَةَ، قال لابْنِ عَبَّاس: امْضِ إلى الزُّبَيْرِ، ولا تأتِ طَلْحَةَ، فاقْرَا عَلَيْهِ منّي السَّلامَ، وقُلْ له: (عَرَفْتَنِي بالحِجاز وأنكَرْتَني في العِراق، فما عَدا مِمّا بَدا. فأبْلَغَهُ الرّسالة فقال له: أقْرِهِ منّي السَّلامَ وقُلْ له) عَقْلُ خليفةٍ، واجتماعُ ثلاثةٍ، وانْفرادُ واحدٍ، وأمِّ مَبْرورةٌ، ومُشاوَرَةُ العشيرة. وتقولُ: ما رأيْتُ أحداً عَدا زَيْدٍ، أي: سِوى زَيْدٍ. وعَدَا عليه فَضَرَبَهُ لَيْسَ عَدوْاً على الرَّجْلَيْنِ، لكن من الظُّلْمِ. وتقولُ: عَدَتْ عَوادٍ بَيْنَنا، وعادَتْ عوادٍ بَيْنَنَا. قال عَلْقَمَةُ بنُ عبدة الفحل: تُكلفُني ليلى وقدْ شطَّ ولْيُها ... وعادَتْ عوادٍ بيننا وخُطوبُ ولا تَجْعَلْ مَصْدَرُهُ مُعَادةً، لكن تَجْعَلُهُ (عِداء) خيفةَ الالتباس.

وتقولُ: عادَكَ بمعنى: عاداكَ، حُذِفَ الألِفُ مِنْ أمام الدّالِ، ويقالُ: أرادَ القَلْبَ فَجَعَلَ بَدَلَ (عاداك): عادَك. والعَدُوى: طَلَبُكَ إلى والٍ لِيُعْدِيَكَ على مَنْ ظَلَمَكَ: أي يَنْتَقِمَ لكَ منه باعتدائه عليك. 2/ 162 والعَدْوى: ما قيل إنَّهُ يُعْدي مِنْ جَرَبٍ أو غَيْرِهِ. وفي الحديث: "لا يُعْدي شَيْءٌ شَيْئاً ولا عَدْوى ولا طِيرَةَ في الإسْلام". والعَداءُ: الشُّغْلُ. قال زهير: فصرمْ حبلها إذ صرمته ... وعادك أن تلاقيها عداءُ قولُه: عادَك، أرادَ: عَداكَ، مثل قولهم: قاتَلَهُ اللهُ، أي: قَتَلَهُ اللهُ. وقيل: العَداءُ: الضَّرْب، والعَدْوُ: اسمٌ لِلْمَشْغَلَة. وتقولُ: عَدِّ عَنْ هذا: أي دَعْهُ وَخُذْ في غَيْرِهِ. وعَدِّ عَنِّي إلى غَيْري. قال النابغة: فعدِّ عما ترى إذ لا ارتجاع لهُ ... وإنم القتود على عيرانةٍ أُجُدِ وقولهم: يَوْمُ العيد العيدُ عندهُم: الوقت الذي يَعُودُ فيه الفَرَح والحُزْنُ، وأصْلُهُ العِوْدُ، لأنَّهُ مِنْ عادَ يَعُودُ عَوْداً، فَلَمَّا سُكِّنَتْ الواوُ وانْكَسَرَ ما قَبْلَها صارَتْ ياءً. مِنْ ذلك قوْلُهُم: مُوسِرٌ ومُوقِنٌ، أصْلُهُ مُيْسِرٌ ومُيْقِنٌ، لأنَّهُ مِنْ: أيْسَرَ وأيْقَنَ. الدليلُ جَمْعُهُ مياسير، ومِنْهُ مِيزان

ومِيعاد [وميقات] أصْلُهُ: مِوْزان ومِوْعاد ومِوْقات، لأنَّهُ مِنَ الوَقْتِ والوَعْدِ والوَزْن، فلّما سُكِّنَتْ الواوُ وانْكَسَرَ ما قَبْلَها صارت ياءً. قال: عاد قلبي من الطويلة عيدُ ... واعتراني من حُبِّها تسهيدُ فالعيدُ ها هنا: الوَقْتُ الذي يَعودُ فيه الحُزْنُ والشَّوْق. والعِيدُ: ما يَعْتادُ مِنَ الشَّوْقِ والحُزْنِ. وجميعُ العيدِ: أعياد. وتَصْغِيرُهُ: عُيَيْد. ولا يُجْمَعُ: أعْواداً. قال الخليل بنُ أحمد: كُلُّ يَوْمِ مَجْمَعِ، وسُمِّيَ عيداً لأنَّهُمْ قد اعتادُوه. وتقولُ: عادّني بمعنى: اعْتادَني. والعَوْدُ: تَثْنِيةُ الأمْرِ عَوْداً بَعْدَ بَدْءٍ، بَدَأ ثُمَّ عادَ. والعَوْدَةُ: عَوْدَةٌ مَرَّةً واحِدةً، كَقَوْلِ مَلَكِ المَوْتِ لأهْلِ البَيْتِ إذا قُبِضَ أحَدُهُمْ: إنّ لي فيكُم لَعَوْدَةً ثُمَّ عَوْدَةً ثُمَّ عَوْدةً حَتَّى لا يبقى منكم أحَدٌ. وعادَ فُلانٌ عَلَيْنا بمعروفِهِ: أي أحْسَنَ ثُمَّ زادَ، كقَوْلِهِ: قد أحسن سعدٌ في الذي كان بيننا ... فإنْ عاد بالإحسان فالعَوْدُ أحْمَدُ والعَوْدُ: الجَمَلُ المُسِنُّ وفيه بَقِيَّة، والجَمْعُ عِوَدَةٌ، والعِيَدَةُ لُغَةٌ فيه. والعَوْدُ: الطَّريقُ القديمُ. قال:

عودٌ على عودٍ لأقوام أول ... يموتُ بالترك ويحيا بالعملْ الأوَّلُ: الجَمَلُ، والثاني: الطريق، لأنَّهُ يموتُ إذا لم يُسْلَكْ ويَحْيَا إذا سُلِكَ. والعَوْد: السُّؤْدَدُ القَديم. قال: هل المجدُ إلا السؤدد العودُ والندى ... ورأبُ الثأي والصبرُ عندَ المواطنِ الثَّأي: الفَسَادُ، والرَّأبُ: الإصْلاح. والمعَادَةُ: المُصيبة. والمَعَاوِدُ: المآتِمُ. والمَعَادُ في كُلِّ شيءٍ: المصير. وقولُهُمْ: مَنْ عَذِيري مِنْ فُلانٍ أي: مَنْ يَعْذِرُني مِنْهُ. قال أبو العبّاس: العَذِيرُ المَصْدَرُ بمنزلة النكير. قال: عذيرك من سعيدٍ كل يومٍ ... يفجعنا بفرقته سعيدُ أي: أعَذَرَ مِنْ سعيد. 2/ 163 وقال صلى الله عليه [وسلم]: "لَنْ يهلكَ النّاسُ حَتَّى يُعْذِروا من أنْفُسِهمْ" قال أبو عبيد: معناه: حى تكْثُرَ ذُنُوبُهم وعُيوبُهم. وكانَ يَقُولُ: حَتَّى يُعْذِروا [من أنْفُسهمْ] بضَمِّ الياء.

يُقالُ: قد أعْذَرَ الرَّجُلُ يُعْذِرُ: إذا كَثُرَتْ ذنوبُه وعَيُوبُه. قال أبو عبيد: المَعْنى: يَعْذِروا مَنْ يُعَذِّبُهُمْ فيكونُ لهم العُذْرُ. قال: وهو كالحديث الآخر "لَنْ يَهْلِكَ على اللهِ إلا هالِكٌ"، واحتجَّ بِقَوْلِ الأخْطَل: فإنْ تَكُ حَرْبُ ابني نزار تواضعتْ ... فقدْ أعذرتنا في كلابٍ وفي سعدِ أيْ: جَعَلَتْ لنا عُذْراً فيما صنَعْنَا. ويُرْوى: عَذَرَتْنا وَقَدْ أعْذَرَ فُلانٌ في طَلَبِ الحاجة: إذا بالَغَ فيها، وعَذَّر إذا لم يبالغْ. وقَدْ أعْذَرَ الحَجَّامُ الصَّبِيَّ وعَذَرَهُ، لُغَتان. وقَدْ عَذَرْتُ الصَّبِيِّ: إذا كانَتْ به العُذْرَةُ، وهي وَجَعٌ في الحَلْقِ، فغمزتُه. وعَذَرْتُ الرَّجُلَ فأنا أعْذِرُه عُذْراً ومَعْذِرةً. واعْتَذَرَ فُلانٌ من ذَنْبِهِ اعْتِذاراً وعُذراً. والمَعْذِرَةُ والعُذْرُ: الاسم. وعَذِيرُ الرَّجُلِ: ما يَرومُهُ ويحاوِلُهُ ممّا يُعْذَرُ عليه إذا فَعَلَهُ. وأعْذَرَ فُلانٌ: إذا أبْدَى عُذْراً. وتَعَذَّرَ الأمْرُ: إذا لم يَسْتَقِمْ. والمُعَذِرُونَ، بالتّثقيل: الذينَ لا عُذْرَ لهم ولكنّهُمْ يتكَلَّفُونَهُ. والمُعْذِرُونَ، مُخَفَّف: الذينَ لهم عُذْر، وقُرِئ بهما جميعاً.

والعُذْرَةُ: عُذْرَةُ الجارِيِةِ العَذْراء. والعَذْراءُ: التي لم يَمَسَّها الرَّجُلُ. والعَذِرَةُ: البَدَا، وهو الحَدَثُ من الغائِطِ. وأعْذُرُ الرَّجُلِ وعاذِرُهُ: حَدَثُهُ. ورُبَّما سَمَّتِ العَرَبُ فِناءَ الدَّارِ: عَذِرَةً، لإلقائها به. كما سُمِّيَ الخَلاءُ: الغائِطَ، وإنَّما الغَائطُ: المُطْمَئِنُّ مِنَ الأرْضِ. قال بشّارُ يَهْجُو الطِّرِمّاح: فقلتُ له لا دهْلَ من قمل بعدنا ... ملا ينفقُ التبان منهُ بعاذِرِ لا دَهْل، بالنَّبَطيَّة: لا تَخَفْ مِنْ قَمْلِ مِنْ جَمَل. ومُلْكٌ عَذَوَّرِيٌّ: واسعٌ عريض. قال: وحازَ لنا اللهُ النبوة والهُدى ... فأعطى به عزاً ومُلكاً عذورا وحِمارٌ عَذَوَّرٌ: واسعُ الجَوْفِ. وقولهُم: لَعَمْري معناه: وحياتي، والعمرُ عند العرب: الحياة والبقاء، وفيه ثلاث لُغات: عُمْر، بِضمِّ العَيْنِ وتسكينِ الميم، وعُمُر، بِضَمِّهِما، وعَمْر، بفتح العَيْنِ وتسكين الميم، وقُرِئ {فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً} وعُمْراً. قال: أبي امرؤُ القيس هل سمعتَ بهِ ... هيهات هيهات طال ذا عُمُرا

آخر: أيها المبتغي فناءَ قريشٍ ... بيد الله عمرها والبقاءُ آخر: بان الشبابُ وأخلفَ العمرُ ... وتغير الإخوانُ والدهرُ 2/ 164 قال الله تعالى {لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ} قال ابن عباس: وحياتك. ومنه قولهم: لعَمْرُ الله، أي: وبقاءِ اللهِ الدائم. وإنّما اختاروا الفَتْح في القَسَم لأنَّه أخَفُّ على اللّسانِ من الضَمّ، وعَمْرُك، موضِعُهُ رفْعٌ بجواب اليمين. قال الفَرّاء: الأيْمانُ تَرْتَفِعُ بجواباتها، فإذا أنْفَلْت اللامَ نَصَبُوه، فقال: عَمْرَكَ لا أقومُ، إنَّما نَصَبُوه على مَذْهَبِ المصْدَر. قال: عَمْرَكِ اللهُ ساعةٌ حديثنا ... ودعينا من ذكر ما يؤذينا قال الخليل: نُهِيَ مِنْ قَوْل: لَعَمْرِ الله. وتقولُ: أعْمَرَك اللهُ أنْ تَفْعَلَ كذا، يحلّفه بالله أو يسأله طولَ عُمُرِهِ. وفي لغةٍ: رَعَمْلُكَ، أي: لَعَمْرُكَ.

وتقولُ إنَّكَ عَمْري لَظَريفٌ: أي لَعَمْري. والعُمَارةُ: حَقُّ العِمَارةِ وأجْرُها. والعَمَارُ: الآسُ. والعَمَارُ: كُلُّ شَيْءٍ على الرَأسِ مِنْ عِمامَةٍ أو قَلَنْسُوَةٍ وغير ذلك. منه يقالُ للمُعْتَمِّ: مُعْتَمِر. اعْتَمَرَ: زارَ البَيْتَ. ومعنى الاعْتِمار في كَلامِهِمْ: الزيارة، قَوْل جماعةٍ مِنْ أهْلِ اللّغةِ، وحُجَّتُهُمْ قوله: يُهِلُّ بالفرقد ركبانها ... كما يهل الراكب المعتمرْ وقيل: معنى الاعتمار والعمرة: القَصْد. قال: لقد سما ابن معمر حين اعتمرْ ... مغزىً بعيداً من بعيد وضبر أراد: حينَ قَصَدَ. قال عامرُ بن الحارث أعشى باهلة: وجاشتْ النفسُ لما جاء جمعُهُمُ ... وراكبٌ جاء من تثليث معتمرُ وقيل: المعتمرُ، هاهنا، كانَ في شكّ. وقيل: كُلُّ منْ قصد إلى شيءٍ فقد اعتمرَ وهو معتمرُ. والإفلاسُ يكنى: أبا عَمْرَة.

وقولُهُمْ: عَفَا اللهُ عَنْكَ. أي دَرَس اللهُ ذُنُوبَكَ ومحاها عَنْكَ، مِنْ قوْلِهِمْ: عَفَا المَنْزِلُ يَعْفُو عفواً: إذا انْدَرَسَ وامَّحَتْ آثارُهُ. قال امرؤ القيس: فتوضح فالمقراة لم يعفُ رسمها ... لما نسجتها من جنوبٍ وشمأل وقال لبيد: عفت الديارُ محلها فمقامها ... بمنىً تأبد غولها فرجامها ويقال:" عَفَا الشَّعْرُ يَعْفُو عفواً: إذا كَثُرَ. وعَفَوْتُهُ أعْفُوه: إذا كَثَّرْتُهُ. وفي الحديث "حفُّوا الشواربَ وأعفوا اللُّحى"، أي تُكَثَّرُ وتُوَفَّرُ. وعَفَا القَوْمُ يَعْفُون عفواً: إذا كَثُروا، منه قَوْلُهُ تعالى {حَتَّى عَفَوا} أي: كَثُروا. ويُقالُ: قَدْ عَفَا الرَّجُلُ فهو عافٍ: إذا طَلَبَ حاجةً، ومنه الحديثُ "مَنْ أحْيا أرْضاً ميّتة فهي له، وما أكَلَتِ العافيةُ فهو له صَدَقَة". وفي موضع آخر: "مَنْ غَرَسَ شَجَرةً مُثْمِرَةً فَمَا أكَلَتْ العافيةُ مِنْها كُتِبَتْ له صَدَقة". والعافيةُ: كُلُّ طالبٍ رزقاً مِنْ إنْسانٍ أوْ غيرهِ، وجمعُ العافية: العُفاةُ. قال الأعشى: 2/ 165 يطوفُ العفاة بأبوابه ... كطوف النصارى ببيت الوثنْ

ويُروى: تطيفُ. ويقال: اعْتَفى وعَفَا. وفلانٌ كثيرُ العافية: أي كثيرُ الأضيْاف. والعَفْوُ: أحَلُّ المالِ وأطْيَبْهُ. وقيل في قوله تعالى {خُذْ العَفْو} أي: عَفْوُ أموالِكم مما فضل منْ أقواتكم وأقواتِ عيالكم. وقيل: العَفْوُ: الطّاقَةُ والمَيْسُور. ويقالُ: خُذْ ما عَفَا لَكَ، أي: ما أتى لَكَ سَهْلاً بِغَيْرِ مَشَقَّة. والعافيةُ: دفاعُ اللهِ عَنْ عَبْدٍ، تقول: عافاه اللهُ مِنْ مكروهٍ، وهو يُعافيه مُعافاةً. والعَفَاء: التُّراب. والعَفَاءُ: الدُّروس. قال زهير: تحملَ أهلها منها فبادوا ... على آثار من ذهب العفاءُ [عافّ] والعِيَافَةُ: زَجْرُ الطَّيْرِ. ورَجُلٌ عائفٌ بِتَطيُّرِهِ. والعَيُوفُ من الإبِلِ: الذي يَشَمُّ الماءَ فَيَتْرُكُهُ وهُوَ عَطْشان. والعَوْفُ والضَّيْف: هو الحَالُ. تقول: نَعِمَ عَوْفُكَ: أي ضيْفُكَ. وكُلُّ مَنْ ظَفِرَ باللَّيْلِ بشيء فذلك الشيء عُوَافَتُهُ وعُوافُهُ. ويقالُ: عَافَ يَعَافُ الشَّيْءَ عِيَافاً: إذ كَرهَهُ مِنْ طعامٍ أو شرابٍ.

وعَوْفُ الرَّجُلِ: ذَكَرُهُ. وقولهم: عَرْقَل فُلانٌ على فُلانٍ أي عَوَّجَ عليه الكلامَ والفِعْلَ، ومنه سُمِّيَ عَرْقَلَةُ بنُ الحكيم. والعِرْقيلُ: صُفَرَةُ البَيْض. قال: (طَفْلَةٌ تحسبُ المجاسد منها ... زعفرانا يُدافُ أو عرقيلا وقيل: العِرْقِلُ: ظاهرُ البيض، وهو قشرها الأعلى، والبياضُ عرقية وعَرَاقيّ. وقولهم: صلاةُ العصر سُميَتْ بذلك لأنها العَشيُّ في آخِرِ النَّهار، يقال لِلْعَشِيّ: عَصْر وقَصْر، يُقال: القَصْرُ: حينَ يَدْنُو غُروبُ الشَّمْسِ. قال) الحارثُ بنُ حِلِّزَة: آنَسَتْ نبأةً وأفزعها القنا ... صُ عصراً وقد دنا الإمساءُ ويروى: قصراً يعني عصراً. ويُقال للغَداةِ والعَشِيّ: العَصْران. وقيل: العَصْران: الليلُ والنّهار. وقال حميد بن ثور: ولا يلبثُ العصران يومٌ وليلةٌ ... إذا طلبا أن يُدركا ما تيمما آخر: أُماطِلُهُ العصرين حتى يملني ... ويرضى بنصف الدين والأنفُ راغمُ

والعَصْرُ: الدَّهْرُ، فَسَّرَ قولهُ تعالى {وَالْعَصْرِ} أي: والدَّهْر، فإذا احتاجو إلى تَثْقيلِهِ قالوا: عُصُر، مضمومٌ، وفي التخفيف بَفَتح العَيْن. وقال امرؤ القيس: وهَلْ يَنْعَمَنْ مَنْ كانَ في العُصُرِ الخالي والاعتصار أن يَغَصَّ الإنْسان بالطّعام، فَيَعْتَصِرُ بالماءِ: وهو شُرْبُهُ قليلاً قليلاً. قال عديُّ بن زيد: لو بغيرْ الماء حلقي شرقُ ... كنتُ كالغصانِ بالماءِ اعتصاري والجاريةُ إذا حُرِّمَتْ عَلَيْها الصَّلاةُ فقد: أعْصَرَتْ وهي مُعْصِرٌ، وقالوا: بَلَغَتْ عَصْرَها وعَصُرُهَا وعُصُورَها. 2/ 166 وقيل: إذّا بلغت وقربت من [الحيض]، وهي مُعْصِرٌ. قال: * قَدْ أعْصَرَتْ أو قَدْ دَنَا إعْصارُها * والإعْصار: الغُبارُ الذي يستديرُ ويسطع، وغبارُ العَجاجَةِ إعصارٌ أيضاً. والعَصَرُ: المَلْجَأُ. والعَصْرُ: العَطِيَّةُ. قال طَرَفَة: لو كانَ في إملاكنا واحدٌ ... يعصرُ فينا كالذي نعصرْ [العشاء] العِشاءُ: صلاةُ المَغْرب. قال النبي صلى الله عليه [وسلم]: "إذا حَضَرَ العَشَاءُ

والعِشَاءُ فابْدَأوا بالعَشَاءِ". والعِشَاءُ عند العَامَّةِ مِنْ لَدُنِ الغُروبِ إلى أنْ يُوَلِّيَ صَدْرُ اللَّيل، وبعضٌ يقولُ: إلى طُلوع الفَجْرِ، يحتجُّونَ بلغز الشاعر: غدونا غدوةً سحراً بليل ... عشاءً بعدما انتصفَ النهارُ وأنْكَرَ بعضٌ أن تُسَمَّى صلاةُ المغْرِبِ عِشاءً، وقال: إنَّما العِشاءُ صلاة العَتَمة. والعَشَاءُ: الأكْلُ وَقْتَ العِشاء. والعِشاءُ: آخِرُ النَّهارِ، فإذا قُلْتَ عَشِيَّةً فهي ليومِ واحدٍ. ويُصَغِّرونَ عَشِيَّة: عُشَيْشيان، وذلك عند آخِر ساعةٍ من النّهار عِنْدَ مُغَيْرِبان الشَّمْس، ويجوزُ فيها: عُشَيْشِيَة وعُشَيَّة. وعَشَا العَيْنَيْنِ، مقصورٌ، يُكْتَبُ بالألِفِ، رَجُلٌ أعْشى وامرأةٌ عَشْواء: إذا كانا ضعيفيْ البَصَرِ في الظُّلْمَةِ، وهو عَرَضٌ حادِثٌ ورُبَّما يذْهَبُ. قال الأعشى: لما رأتْ رجلاً أعشى أضر به ... ريبُ المنون ودهرٌ خائرٌ خبلُ وامرأتان عَشْواوان، ونِساءٌ يَعْشَيْنَ، ورَجُلانِ أعْشَيَان، ورجالٌ أعْشَوْن وعُشْوٌ، وهُما يَعْشَيَانِ. والعَشْوُ: إتْيانُكَ ناراً تَرْجُو عِنْدَها هُدىً أو خَيْراً، يقالُ: أعْشُوها عَشْواً وعُشُوْاً.

قال الحطيئة: متى تأته تعشو إلأى ضوء ناره ... تجد خير نار عندها خير موقد والعاشِيَةُ: كُلُّ شيءٍ يَعْشُو باللَّيْلِ إلى ضَوْءِ نارٍ. والعَشْوَةُ والعِشْوَةُ والعُشْوَةُ، لُغاتٌ في معنى: أنْ تَرْكَبَ أمْراً على غَيْرِِ بيان. وتقُولُ: أوْطأني فُلانٌ عَشْوَةً وُعُشْوَةً أي: حَمَلَني على أمْرٍ غَيْرِ رَشِيدٍ. والعَشْواءُ مِنَ النُّوقِ: التي لا تُبْصِرُ باللَّيْلِ فهي تَضْرِبُ بِيَدَيْها ورِجْلَيْها. قال زهير: رأيتُ المنايا خبط عشواء من تُصبْ ... تُفتْهُ ومنْ تخطئ يُعمرْ فيهرمِ يعني: رأيْتُ المنايا كَخَبْطِ عَشْواء، ضَرَبَها مَثَلاً. العَتَمَةُ قال اللُّغَويُّون: سُمِّيَتْ عَتَمةً لِتَأخُّرِ وَقْتِها، مِنْ قولهم: قَدْ أَعْتَمَ الرَّجُلُ قِراهُ: أيْ أخِّرَهُ، وأعْتَمَ حاجَتَهُ: أيْ أخَّرَها. ويقال: عَتَمَ القِرى: أي تَأخَّر. وكذلك: عَتَمَتْ الحاجةُ. قال الشاعر يهجو قَوْماً: 2/ 167 إذا غاب عنكم أسودُ العين كنتمُ ... كراماً، وأنتمْ، ما أقام، ألائِمُ تحدثُ ركبانُ الحجيج بلؤمكم ... ويقري به الضيفَ اللقاحُ العواتِمُ أسَوْدُ العَيْنِ: جَبَل. يقولُ: إذا غابَ هذا الجَبَلُ صِرْتُمْ كراماً، ولا يَغيبُ.

ويَقْري به الضَّيْفَ اللِّقاحُ العَواتِمُ: يعني أنَّ أهْلَ الأنْدية يتشاغَلُون بِذكْرِ لُؤْمكم عنْ حَلْبِ لقاحِهِمْ حتى يُمْسُوا، فإذا طَرَقَهُمْ الضَّيْفُ صادَفَ الألبان بِحالِها، فتِلْكَ حاجته، فكانض لُؤْمكُمْ الاشتِغال بِوَصْفِهِ قِري الأضْياف. والعَتَمَةُ: هي الثُّلُثُ الأوَّلُ مِنَ اللَّيْل بَعْد غَيْبُوبَةِ الشَّفَقِ. ويقالُ: قَدْ أعْتَمَ القَوْمُ: إذا صاروا في ذلك الوقت. وعَتَّمُوا تَعْتيماً: إذا سضاروا في ذلك الوقت وَصَدَرُوا في تِلْكَ السَّاعَةِ، فكأنَّ العَتَمَةَ سُمِّيَتْ بالوَقْتِ مِنَ اللّيل. وعَتَّمَ الرَّجُلُ يُعَتِّمُ: إذا كَفَّ عن الشَّيء بَعْدَ المُضِيّ فيه، وأكثرُ ما يقالُ [عَتَّم] تَعْتيماً. ويقالُ: حَمَلْتُ على فُلانٍ فما عَتَّمْتُ أنْ ضَرَبْتُهُ: أي [فما] تَنَهْنَهْتُ ولا أبْطَاتُ. [العِصْمَةُ] العِصْمضةُ في كلام العرب: المَنْع. عَصَمْتُ فُلاناً مِنْ فُلانٍ: أي مَنَعْتُهُ. منه قوله تعالى: {لا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ} أي: لا مانعَ {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنْ النَّاسِ}: أي يمنعك. قال: وقلتُ عليكم مالكاً إن مالكاً ... سيعصمكم إن كان في الناس عاصمُ

أي: سيمنعكُمْ. وأعْصَمَ الفارِسُ: إذا تَمَسَّكَ بِعُرْفِ دابَّتِهِ لئلا يَقَعَ. قال: * كِفْلُ الفُروُسَةِ دائِمُ الإعْصامِ * وأعْصَمْتُ فُلاناً: إذا هَّياتُ له شَيئاً يَعْتَصِمُ به. والغَريقُ يَعْتَصِمُ بما تنالُهُ يَدُهُ، أي: يلجأ إليه. [العَيْشُ] العَيْشُ: المَطْعَمُ والمَشْرَبُ وما تكونُ منه الحياةُ. والمَعِيشةُ: اسْمٌ لما يُعاشُ به، تقولُ: إنَّه لفي مَعِيشةٍ ضنْكٍ ومَعيشةٍ رَغْدٍ. والعِيشَةُ كقولِكَ: عاشَ فلانُ عيشةً صِدْقٍ وعيشةً سَوْءٍ يَعْني ضَرْباً من العَيْشِ، مثل الحِيسَة والشِيبَة. والعَيْشُ: المَصْدَرُ الجامعُ والمَعَاشُ يجري مجْرى العَيْش، عاشَ عَيْشاً ومَعَاشاً. وكُلُّ شَيْءٍ يُعَاشُ بِهِ، أو فيه مَعيشَتُهُمْ فهو مَعاشٌ، والأرْضُ مَعاشٌ لِلخَلْقِ فيها معايِشُهُمْ. والمَعِيشُ، بِطَرْح الهاء: هو المَعِيشَة. ورَجُلٌ عائشٌ: أي حالُهُ حَسَنَةٌ. وإنَّهُمْ لَيَعِيشُونَ: إذا كانَتْ بِهِمْ بُلْغَةٌ مِنَ العَيْشِ.

وقولهم: كانَ ذلك بَيْضَةَ العُقر أي كان ذلك مَرَّةً واحدةً لا ثانية لها. ويقالُ: بَيْضةُ العُقْر، معناه: بَيْضَةُ الدِّيك، ولأنَّه 2/ 168 يَبيضُ بَيْضَةً واحِدةً لا ثانيةَ لها، فَيُضْرَبُ بهذا لِكُلِّ مَنْ فَعَلَ فِعْلَةً واحِدةً لَمْ يُضِفُ إلَيْها مِثْلَها. وقيلَ: بَيْضَةُ العُقْرِ: آخِرُ بَيْضَةٍ تكونُ منَ الدَّجاجةِ لا تبيضُ بَعْدَها، فتُضْرَبُ مَثَلاً لِكُلِّ شَيْءٍ لا يكونُ بَعْدَهُ شيءٌ مِنْ جِنْسِهِ. ويقالُ: للرَّجُلِ الأبْتَرِ الذي لا يَبْقَى له وَلدٌ بَعْدَهُ: هو بَيْضَةُ العُقْر. وقيل: هي بيضَةُ الدّيكِ تُنْسَبُ إلى العُقْر لأنّ الجاريةَ العَذْراءَ يُبْلَى ذلك منها ببيضةِ الدِّيكِ فَيْعْلَمُ شأنُها فَتُضرَبُ مَثَلاً لكلّ شيءٍ لا يُسْتَطاعُ مَسَّهُ رَخَاوَةً وضَعْفاً. والعُقْرُ: دِيَةُ فَرْجِ المرأةِ إذا غَصَبَتْ نَفْسَها. والعُقْرُ: اسْتِعْقامُ الرّحِمِ، وهو أن لا تحمِلَ المرأةُ، يقال: قَدْ عَقَرَتِ المرأةُ: إذا لم تَحْمِل، وهي عاقِرٌ، ورَجُلٌ عاقِرٌ: إذا كانَ لا يُولَدُ له. قال: لَبِئْسَ الفتى إن كانت أعور عاقراً ... جباناً فما أغنى لذي كل مشهد وتقول: امرأةٌ عاقِرٌ: بها عُقْر، ونسْوَةٌ عُقَّرٌ وعواقِرُ، والفعل: عَقُرَتْ فهي تَعقُرُ، وتُعْقَرُ أحَسنُ لأنَّهُ شَيْءٌ ينزلُ بها لا مِن فِعْلِها بِنَفْسِها. وعُقْرُ الدّارِ: مَحَلَّةُ القَوْم. وعُقْرُ الدّارِ: مَحَلَّةُ القَوْم. وعُقرُ الحَوْضِ: مَوقِفُ الإبِلِ إذا وَرَدَتْ. وكُلُّ شيءٍ فُرجَةٌ بَيْنَ شَيْئَينِ فهو: عُقْرٌ وعَقْرٌ، لُغَتان.

والعَقَارُ: ضَيْعَةُ الرَّجُل، والجميع: عَقَاراتٌ. ويقالُ: العَقَارُ: النَّخْلُ، ثُمَّ كَثُرَ ذلِكَ حَتَّى ذَهَبُوا به إلى مَتَاعِ البَيْت. قال الأصمعي: العَقَارُ: الأرْضُ والمَنْزِلُ والضِّياعُ أُخِذَ مِنَ العُقْر: أصْلُ الشيء. يقالُ: رأيْتُ عُقْرَ المَنْزِلِ. وعَقْرَه: أصْلَهُ. قال: كرهتُ العقرَ عقرَ بني سُليم ... إذا هبتْ لقاريها الرياحُ وإذا بَقِيَ الرَّجُلُ متحيراً دَهِشاً، قيل: قد عَقِرَ الرَّجُلُ. والعُقَارُ، بالضمّ، الخَمْرُ. والعِقَارُ [و] المُعاقَرَةُ: إدْمانُ شُرْبها. والعَقيرُ: الفَرَسُ المَعْقُورُ، وكُلُّ عضقِيرٍ مَعْقُور، والجميع: عَقْري. قال لبيد: لما رأى لُبَدَ النسور تطايرتْ ... رفَعَ القوادِمَ كالعقير الأعْزَلِ شَبَّهَ النَّسْرَ بالفَرَسِ قَدْ عُقِرَ وهو أعْزَل مائلُ الذَنَبِ. ومَنْ روى: كالفقيرِ، فإنَّهُ مكسورُ الفِقارِ. ويُقالُ في الشَّتْمِ: عَقْراً لَهُ وَجَدْعاً. وامرأةٌ عَقْرَى حَلْقى تُوصَفُ بِشُؤْمٍ وخِلافٍ. ويقالُ: عَقَرَها الله: أي عَقَرَ جَسَدَها وحَلْقَها: أيْ أصابضها بِوَجَع الحَلْق. قال الليثُ: إنَّما اشتِقاقُها أنَّها تَحْلِقُ قَوْمَها وتَعْقِرُهُمْ: أي تَسْتأصِلُهُمْ مِنْ شؤمِها عليهم. وقولهم: رَفَع عَقيرَتَهُ أي صَوْتَهُ إذا تَغَنَّى أو قَرأ، وأصْلُهُ أنَّ رَجُلاً قُطِعَتْ إحدى رِجْلَيهِ فَرَفَعَها على

الأخرى ورَفَعَ صَوْتَهُ بالبكاءِ والنَّوْحِ عَلَيْها، فَجُعِلَ ذلكَ 2/ 169 مَثَلاً لِكُلِّ مَنْ رَفَعَ صَوْتَهُ، فقيل: قَدْ رَفَعَ عقيرتَهُ، وقيل: إنَّه رَفَعَ صَوْتَهُ بالغِناءِ. وأصْلُها المَعْقُورَةُ: فَصِرِفَتْ عَنْ (مَفْعُولة) إلى فَعِيلة) ودَخَلَتْ هاءُ التأنيث، لأنَّها أُجْرِيَتْ مجرى: النَّطيحةِ والذَّبية. وقولهم: فُلانٌ عُضْلَةٌ مِنَ العُضَل أي داهيةٌ من الدَّواهي، ومِثْلُه: جاءَ فُلانٌ بِمُعْضِلة، أي: بخصلةٍ شديدةٍ وكلمةٍ عظيمةٍ لا يُهْتَدَى لمثلها ولا يُوقَفُ على جَوابِها، مِنْ قَوْلِهِمْ: داءٌ عُضَالٌ ومُعْضِلٌ: إذا كان شديداً لا يُهْتَدَى لدوائِه ولا يُوقَفُ على علاجِهِ. قالتْ: شفاءٌ من الداء العُضالِ الذي بها ... غُلامٌ إذا هَزَّ القناة شَفَاها وتقولُ: أعْضَلَ بِيَ القَوْمُ: أي اشْتَدَّ أمْرُهُمْ عَلَيْك. قال عمر- رحمه الله-: (أعْضَلَ بي أهْلُ الكُوفَة، ما يَرْضَوْنَ بأميرِ، ولا يَرْضَاهُمْ أمير) أي: اشْتَدَّ أمْرُهُمْ عليَّ. ومِنْهُ قَوْلُهُ: مُعْضِلةٌ ولا أبا حَسَن، يعني: حالة صعبة شديدة ولا أرى أبا حَسَن، فحَذَف أرى، يعني: عَلِيَاً. ورَجُلٌ عَضِلٌ: إذا كانَ قويِّ العَضَلِ. والعَضَلَةُ عند العَرَبِ: كُلُّ لَحْمِ يجتمعُ. قال القطاميّ:

إذا التَيَّازُ ذو العَضلاتِ قُلْنا ... إليْكَ إليْكَ ضاقَ بها الذِّراعا التَّيَّازُ: الرَّجُلُ المُلَزَّزُ المفاصِل كَأَنَّهُ يَتَقلَّعُ في مِشْيَتِهِ مِنَ الأرْضِ تقلُّعاً. وتقُولُ: عَضَّلْتُ عَلَيْهِ أمْرَهُ: أيْ ضَيَّفْتُ عَلَيْهِ ظُلْماً. وعَضَلاتُ المرأةَ وعَضَّلْتُها تَعْضيلاً: إذا مَنَعْتُها من التَّزويج ظُلْماً. ومنه قوله تعالى {فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ}. وعَضَّلَتِ المرأةُ بِوَلَدِها: إذا عَسُرَ عليها ولادُها. وكذلك: أعْضَلَتْ وأعْسَرَتْ فهي مُعْضِلٌ مُعْسِرٌ، والجميعُ: مَعَاضيِل. وقولهُم: عَنَاني الشَّيءُ شَغَلَني، ولا يَعْنيني: ولاَ يَشْغَلُني. قال: عناني عنك والأنصاب حربٌ ... كأنَّ صُلاتها الأبطال هيمُ أي: شَغَلَني. آخر: لا تَلُمني على البكاء خليلي ... إنهُ ما عناك قد عناني ويقالُ: الشَّيْءَ لا يَعْنيني، بِفَتْح الياء، ولا يجوزُ ضَمُّها. قال: إنَّ الفتى ليس يقميه ويقمعُهُ ... إلا تكلفُهُ ما ليسَ يعنيه

ومعاناةُ الشَّيْءِ: مُقاساتُهُ. وقولُهُمْ: جَنَّةُ عَدْن الجَنَّةُ: البُسْتان. والعَدْنُ: الإقامَةُ. عَدَنَ في المَوْضع: إذا أقام فيه. وسُمِّي مَعْدِنُ الذَّهَبِ والفِضَّةِ مَعْدِناً لِثَباتِهِما فيه. وقال كَعْبُ الأحْبار: عَدْن: قَصْرٌ في الجنَّةِ لا يَسْكُنُهُ إلا نبيٌّ أو صِدّيقٌ أو شَهيد. وقال الحَكَمُ: عَدْن: قَصْرٌ في الجَنَّة لا يَسْكُنُهُ إلا نَبِيٌّ أو صِدّيقٌ 2/ 170 أو مُحَكَّمٌ في نَفْسِهِ، [والمُحَكِّمُ في نَفْسِهِ] الذي يُخَيَّرُ بَيْن القَتْلِ والكُفْرِ فيخْتَارُ القَتْلَ. وقال غَيْرُه: عَدْنُ: بُطْنَانُ الجِنان. ومَعْدِنُ كُلِّ شَيْءٍ: ما يكونُ فيه أصْلُهُ وَمُبْتَدَأهُ. وعَدْنانُ مأخُوذٌ مِنْ هذا. قال الأعشى: وإنْ يُسْتَضَافُوا إلى حِمْلِهِ ... يُضافوا إلى راجح قَدْ عَدَنْ يُسْتَضَافُوا: يُضْطَرُّون إليه، وقيل: يُضَمُّون إليه. وعَدَنَتْ الإبِلُ تَعْدِنُ عُدُوناً: إذا أقامَتْ في الحَمْضِ خاصَّةً. والعِدَّانُ: الزَّمان. قال:

* ككسِرى على عِدانِهِ وكَقَيْصَرا * وقوْلُهُمْ: شَتَمَ عِرْضي أي: ذَكَرَ أسْلافي وآبائي بالقبيح. والعِرضُ عِنْدَ العَرَب: الأسْلافُ والآباء، ذكر ذلك أبو عُبيد وأنْكَرَهُ ابنُ قُتيبة، وقال: العِرْضُ: نَفْسُ الرَّجُل. وقال ابنُ الأنباري بقول أبي عبيدة وأنْكَرَ الآخر. وقال الخليل: عِرْضُ الرَّجُلِ: حَسَبُهُ. وقيل: هُوَ ما يُمْدَحُ به ويُذَمُّ. وقيل: خليقَتُهُ المحمودة. وأكْثَرُ النَّاسِ تقول: عِرْضُهُ: نَفْسُهُ، وهو المُختارُ. قال حَسَّان: فإن أبي ووالده وعرضي ... لعرض محمدٍ صلى الله عليه وسلم منكم وقاءُ والعَرْضُ: خِلافُ الطُّولِ. وعَّرضْتُ الشَّيءَ وأعْرَضْتُهُ: أي جَعَلْتُهُ عَريضاً. وعَرَّضْتُ أهْلي عُراضَةً: من الهديَّةِ تُهديها إليهم إذا قَدِمْتَ من سَفَر. وعَرَضَ مِنْ سِلْعَتِهِ: إذا عارَضَ بها إعطاءَ واحدةٍ وأخْذَ أخْرى. وعارَضْتُهُ في البَيْع فَعَرَضْتُهُ عَرْضاً: إذا غبنْتَهُ وصارَ الفَضْلُ في يَدكَ.

واعْتَرَضْتُ الشيءَ: تكَلَّفْتُهُ وأدْخَلْتُ نَفْسي فيه. والعِرِّيضُ: الدّاخِلُ في ما لا يَعْنيه، والمُتَعَرِّضُ لِلنّاسِ بالشَّرِّ. وعارَضْتُ فُلاناً: أي أخذتُ في طريقٍ، ثمّ لقيتُهُ وعارَضْتُهُ بمتاع أو غيْرِهِ مُعارضَةً. ونَظَرْتُ إلى فُلانٍ مُعَارَضَةً: أي مِنْ عُرْض. واعْتَرَض الشَّيءُ: إذا صارَ عارِضاً كالخَشَبةِ المُعْتَرِضَةِ واعْتَرَضَ فُلان عِرْضي: إذا وَقَعَ فيه وانْتَقَصَهُ. وعارَضْتُهُ الكتابَ مُعارَضَةً. وجاءَتْ فلانة بابنِ عَنْ عِراضِ ومُعارَضةٍ: إذا لم يُعْرَفْ أبوه. وعرَّضْتُ بِفُلان ولِفُلان تعريضاً: إذا قُلْتَ فيه قَوْلاً وأنْتَ تعيبُهُ، ومنه المعاريضُ بالكلام. والعَرْضُ: السَّحابُ. وسَحابٌ عارِضٌ. والعَرْضُ: الجَيْشُ العَظيمُ الضَّخْمُ، شَبَّهَهُ بالعَرْضِ مِنَ السَّحاب. والعَريضُ: الجَدْيُ إذا بَلَغَ وَنزا أو كاد يضنْزُو. والعَروضُ: عَرُوضُ الشِّعْرِ، وهي فواصِلُ الأبْياتِ، وهي تُؤَنَّثُ وتُذَكَّرُ. وقيل: مُؤَنَّثة فقط، ومعناه: النّاحيةُ من العِلْمِ. والعُرْضُ: طريقٌ في الجَبَل، وجمعُهُ عُروض. وتقولُ: جَرَى في عُرْضِ الحديثِ وعِراضه. وكُلُّ شيء من الشِّعرِ عَنْ عُرْضٍ، فَعَنْ جانبٍ، لأنّ 2/ 171 العَرَبَ تقولُ: نَظَرْتُ إليه عَنْ عُرْضٍ.

والعَرَضُ: مِنْ أحْداثِ الدَّهْرِ، نحو المَرَضِ والموت. وفُلان عُرْضَةٌ للنّاس: لا يزالون يَقَعُون فيه. وفلانٌ عُرْضةٌ للشَّرِّ: أيْ قَوِيٌّ عَلَيْهِ. والعَرْضُ: كُلُّ مالٍ غَيْر نَقْد. وعَرَضُ الدُّنْيا: القليلُ مِنْها والكثير. ويُقالُ: الدُّنيا عَرَضٌ حاضِرٌ يأخُذُ مِنْها البَرُّ والفاجِرُ. وقيل: عَرَضُها: طَمَعُها، وما يَعْرِضُ مِنْها. وعَرُضَ الشَّيْءُ يَعْرُضُ عِرَضاً. وقولهُ تعالى: {عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ} يريدُ: سَعَتَها، ولم يُرِدِ العَرْضَ الذي هو خِلافُ الطُّول. والعَرَبُ تقول: بلادٌ عريضةٌ: أي واسعةٌ في الأرْضِ العريضةِ يَذْهَبُ. وقال النبي صلى الله عليه [وسلم] للمنهزمين بأُحُد: "لقَدْ ذَهَبْتُم فيها عَرِيضةً" قال: كأن بلادَ اللهِ وهي عريضةٌ ... على الخائف المطلوبِ كفةُ حابلِ وقولهم: لِفُلان عُقْدَةٌ أصْلُ العُقْدةِ عِنْدَهُمْ: الحائط الكثيرُ النَّخْلِ. ويقالُ: القَرْيَةُ الكثيرةُ النَّخْل، فكانَ

مَنِ اتَّخَذَ ذلكَ قَدْ أحْكَمَ أمْرَهُ عِنْدَ نَفْسِهِ واستوثَقَ منه، ثُمَّ صَيَّروا كُلَّ شَيْءٍ يَسْتَوْثِقُ به الرَّجُلُ لِنَفْسِهِ ويَعْتَمِدُ عليه: عُقْدة. وقيل: هي القَرْيَةُ الكثيرةُ النَّخْلِ لا يكادُ غُرابُها يطيرُ ويُفارِقها. العُقْدَة: الضَّيْعةُ، والجميعُ العُقَدُ. تقولُ: اعْتَقَدَ الرَّجُلُ مالاً. واعْتَقَدَ الإخاءُ والمودَّةُ بَيْنَهُما: إذا ثَبَتا على ذلك. والعَقْدُ مثلُ العَهْد، والجميعُ: العُقود. وعاقَدْتُهُ عَقْداً مِثْلُ: عاهَدْتُهُ عَهْداً. والعَقْدُ: عَقْدُ اليمين، وهو أن يَحْلِفَ يميناً لا لَغْوَ فيها ولا استثناء فيجبُ عليه الوفاءُ بها والكفّارة، ومنه قَوْلُهُ تعالى {أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} أي: بالعُهود. ويُقالُ: عَقَدَ لي عَقْداً: أي جَعَلَ لي عَهداً. قال الحُطَيْئة: قومٌ إذا عقدوا عقداً لجارهم ... شدوا العناجَ وشدوا فوقهُ الكربا الكَرَبُ هو العِنَاج، وهو سَيْرٌ يُشَدُّ في أسْفَلِ الدَّلْوِ ويُعْقَدُ في العَرَاقيّ، وهو الصَّليب. ويقالُ: العُقودُ هي الفرائِضُ التي ألْزِمُوها. قال الله تعالى: {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمْ الأَيْمَانَ}. وعُقْدَةُ النِّكاح: وُجُوبُهُ.

وعُقْدَةُ كُلِّ شَيْءٍ: إبْرامُهُ. والعُقْدَةُ في البَيْع: أحْكامُهُ إذا وَجَبَتْ. والعَقْدُ: عَقْدُ البِنَاءِ، والجميعُ: الأعْقَادُ. وتقولُ: عَقِدَ الرَّجُلُ وعَقِدَتْ المرأةُ، والنَّعْتُ: أعْقَدُ وعَقْداء: إذا كانَتْ في لسانِهِ عُقْدة وغِلَظٌ في وسَطِهِ، وهو عَسيرُ الكلام، والفِعْلِ عَقِدَ يَعْقَدُ عَقَداً، كقوله تعاليى {وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي}. 2/ 172 وقولهم: العَصَا مِنَ العُصَيَّة فيه قَوْلان: أحُدُهُما أنّ الأمْرَ العَظيمَ يَتَولَّدُ من الأمْرِ الصَّغير، كما أنّ العُصَيَّةَ تكونُ عُصَيَّةً ثم تكْبُرُ فتصيرُ عَصَاً، فلا ينبغي لأحَدٍ أنْ يحقّرَ أمْراً صَغيراً، فإنّه لا يَدْري متى يكْبُرُ وينمي ويَعْظُمُ. ومِثْلُهُ قَوْلُهُمْ: * الأمْرُ تَحْقرُهُ وَقَدْ يَنْمي * قال الرياشيّ: العُصَيَّةُ: فَرَسٌ كانَتْ كريمةً، فنَتَجَتْ مُهْراً كريماً، فَسُمِّيَ: العَصَا، فَضُرِبَ مَثَلاً، فقالوا: العَصَا مِنَ العُصّيَّة. قال: أشبهَ المرءُ أباهُ ... والعصا منهُ العُصية كيف يأتي بسرور ... حيةٌ منْ نسل حية

والعَصَا: جماعَةُ الإسْلام، فمَنْ خالَفُهُم قيل: شَقَّ عَصَا الإسْلام والمُسْلِمين. والعَصَا مُؤَنَّثة، تقول: عَصَا وعَصَوان وعِصِيّ، وثلاث أعْصِ. وكُلُّ مَنْ وافَقَهُ شَيْءٌ فأقام عليه، قيل: ألْقَى عصاهُ. قال: فألقَتْ عصاها واستقرتْ بها النوى ... كما قر عيناً بالإيابِ المسافِرُ كانتْ هذه امرأة كُلَّما تزوَّجَتْ فارَقَتْ، ثُمَّ أقامَتْ على زَوْج، وكانَتْ علامةُ إبائها أنّها لا تكشفُ عنْ رأسها، فلّما رَضِيَتْ بالأخيرِ ألْقَتْ خِمَارها عَنْ رأسِها، فذَهَبَ هذا البَيْتُ مثلاً. وعصى الرَّجُلُ يَعْصي عِصْياناً ومَعْصِيةً. والعِيصُ: مَنْبِتُ الشَّجَرِ. التَّعاطي التَّعاطي: التَّناول، مِنْ قَوْلِ العَرَب: قَدْ عَطَوْتُ أعْطُو: إذا تناولْتُ. قال مرؤ القيس: وتعطو برخص غير شثن كأنهُ ... أساريعُ ظبي أو مساويكُ إسحل أيْ: تتناوُل هذه المرأةُ بَبَنَانٍ رَخْصِ غَيْرِ خَشِنٍ. والأساريعُ: دوابّ تكونُ في الرَّمْل واحِدُها: أُسْرُوع ويَسْرُوع، ويَسَاريع جَمْعُ هذا.

ظَبْيٌ: اسم كثيب. والعَطْوُ: التَّناوُلُ باليَدِ. وعَطَا الظَّبْيُ فَهُوَ عاطٍ: إذا رَفَع يَديْهِ إلى الشَّجَرَةِ ليتناولَ شيئاً مِنَ الشَّجَرِ أو الوَرَقِ. قال: ويوم تعاطينا بوجه مقسم ... كأن ظبيةٌ تعطو إلى وارقِ السلمْ والمُعاطاةُ: المُنَاوَلَةُ. والعَطَاءُ: اسْمٌ جامِعٌ لما يُعْطى، فإذا أفرَدْتَ قُلْتَ: العَطِيَّة، وجَمْعُها: العَطايا. وإذا سَمَّيْتَ الشيءَ بالعَطاءِ منَ الذَّهَبِ والفِضَّة قُلْتَ: ثلاثَةُ أعْطِية، وجمعُ الجميع أُعْطيات. والتَّعاطي: تناوُلُ ما لا يَحِقُّ، منه: تعاطي فُلانٌ ظُلْمَكَ. وفي القرآن {فَتَعَاطَى فَعَقَرَ}. يُقالُ: قامَ الشَّقيُّ على أطْرافِ أصابع رِجْلَيْهِ، ثُمَّ رَفَعَ يَدَهُ فَضَرَبَها فَعَقَرها. وقيل: تَعاطيِهِ: جُرْأتُهُ، كقوْلِ القائل: تَعاطَى فُلان أمْراً لا يَنْبَغي له. والتعاطي أيضاً في القتل. واعتاطَتْ النَّاقَةُ: إذا لم تَحْمِلْ سَنَواتٍ مِنْ غَيْر عُقْر، ورُبَّما 2/ 173 كانَ مِنْ كَثْرَةِ شَحْمِها، وكذلك المرأةُ. وناقُةٌ عائِطٌ قَدْ عاطَتْ تَعِيطُ عِياطاً، واعتاطَتْ، اعْتيِاطاً، ونُوقٌ عَوطٌ.

وعَوْطَطْ عِيط: كلمةٌ يُنادي بها الأشِرُ مَعَ السُّكْر. فإذا لم يَزِدْ على واحِدة ومَدَّ، قيل: عَيَّط، فإنْ رَجَعَ قيل: عَطْعَطَ. [العَرَكِيُّ] العَرَكيُّ: الصَّيادُ للسَّمَك، وجَمْعُهُ عَرَكٌ، وجَمَعُ العَرَكِ عُرُوك، ومنه الحديث: أنّه كَتَبَ على بَعْضِ اليهود أو نَصَارى نَجْران "وعَلَيْهِمْ رُبُعُ المَغْزِل، ورُبعُ ما صادَ عُرُوكُهُمْ" أي: رُبْعُ ما تغزِلُهُ النِّساءُ ويصيدُهُ الصَيَّادون. قال زهير: يغشى الحداة بهم حر الكثيب كما ... يغشى السفائن موج اللجة العرك اللُّجَّةُ: مُعْظَمُ الماءِ، والعَرَكُ: الملاّحُون، واحِدُهُمْ: عَرَكيّ، ومنه أنَّ العَرَكيَّ قال: يا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه [وسلم]! إنَّا نَرْكَبُ أرْماثاً لنا. وهو جَمْعُ رَمَثٍ: خَشَبٌ يُضَمُّ بَعْضُهُ إلى بَعْض ويُرْكَبُ عليه في البَحْر. قال جميل: تمنيتُ من حبي بثينة أننا ... علري رمثٍ في البحر ليس لنا وفرُ على دائم لا يعبرُ الفُلكُ موجةُ ... ومن دوننا الأهوال واللُّججُ الخضرُ فنقضي هم النفس من غير رقبةٍ ... ويغرقُ من نخشى نميمته البحرُ الدائمُ: السّاكنُ. وتقولُ: لقيتُهُ عَرْكَةً بعد عَرْكَةٍ، أيْ: مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ.

وعَركات: مرّات: وعَرَكَتِ المرأةُ وهي تَعْرُكُ عَرْكاً فهي عَارِكٌ: طامِثٌ. قالت الخَنْساءُ بنتُ الشريد: لن تغسلوا أبداً عاراً أظلكُمُ ... غسل العوارك حيضاً بعد إطهار والعَرِكُ والعَرِكُون: أشِدّاءُ الصّراع. والعَرَكُ: والعَرِكُ: صَوْتٌ شَدِيدٌ في الخُصومة. وقولهم: أكَلَ فُلانٌ العُراقَ أي: الفِدْرَةَ مِنَ اللَّحْمِ في قَوْلِ أبي عُبَيْدَة. قال القتبيّ: العُراق: العِظام، يُقالُ لِلْعَظْم الذي عليه اللحم: عَرْقُ، وللخالي من اللحم: عُراق، بمنزلة: ظِئَر وظُؤار. قال أبو بكر: قَوْلُ أبي عُبَيْد هو الصّواب، لأنَّ العَرَبَ تقولُ: أكَلْتُ العَرْقَ، ولا تقولُ: أكلْتُ العَظْمَ، والدليلُ أنّ أُمَّ اسحق العَنْزِيّة قالت: "جئتُ النبي صلى الله عليه [وسلم] فوَجَدْتُهُ في مَنْزِلِ حفصة بنت عمر بن الخطّاب، بَيْنَ يَدَيْهِ قَصْعَةٌ فيها ثَريدٌ ولَحْمٌ، فقال: يا أمَّ إسحق هَلُمّي فَكُليّ وكُنْتُ صائمةً، فَمِنْ حِرْصِي على الأكْلِ معَهُ صلى الله عليه [وسلم] نَسِيتُ صَوْم]، فأخَذَ عَرْقاً فناوَلَنِيهِ، فلَمَّا أدْنَيْتُهُ مِنْ في ذَكَرْتُ صَوْمي، فجعلْت لا آكُلُ العَرْقَ ولا أضَعُهُ، فقالَ لي: ما لَكِ يا أُمَّ اسحق؟ فَقُلْتُ: يا رسولَ الله! إنّي صائمةٌ. فقال ذو اليَدَيْنِ: الآن بَعْدَما شَبِعْتِ؟! فقال

صلى الله عليه [وسلم]: لا، ضَعي العَرْقَ مِنْ يَدِكِ وأتِّمي 2/ 174 صَوْمَك، فإنّما هو رِزْقٌ ساقَهُ اللهُ إليك". فقَوْلُها: لا آكُلُهُ يَدُلُّ أنَّهُ لَحْمٌ مُنْفَرِدٌ أو لَحْمٌ على عَظْم. والعُراق: الأكْلُ، مِنْ قولهم: عَرَفْتُ العَظْمَ عُراقاً: إذا أكلْتُ ما عليه من اللّحم. والعَظْمُ مَعْروقٌ. ويقالُ: قَدع تَعَرَّقَ: إذا أكَلَ اللَّحْمَ مِنْ على العَظْم. ومنه حديثُ جابر قال: "رأيْتُ أبا بَكْرٍ أكَلَ خُبْزاً ولَحْماً ثُمَّ أخَذَ العَرْقَ فَتَعَرَّقَهُ وقام إلى الصَّلاةِ، فقالَ له مولىً له: ألا تَتَوضَّأ؟ فقال: أتَوَضَّأ مِنَ الطَّيَبات؟! " وحديثُ النبي صلى الله عليه وسلم "أنَّه أكَلَ مَعَ فاطمة عَرْقاً ثُمَّ جاءَ بلالُ فأذنه بالصَّلاةِ، فَوثَب، فتعلَّقَتْ بِثَوْبِهِ فقالَتْ: ألا تتوضَّأ يا أبَتِ؟ فقال: مِمَّ يا بُنَيَّةْ؟ قالَتْ: مِمّا مَسَّتِ النّارُ. قال: أوَلَيْسَ أطْهَرُ طعامِكُمْ ما مَسَّتْ النّار؟ " فَدَلَّ على أنَّ العَرْقَ اللَّحْمُ. قال الخليلُ: العُراق: العَظْم الذي أُخِذَ مِنْ عليه اللّحْم. قال: * فَألْقِ لِكَلْبِكَ مِنْها عُراقا * فإذا كانَ بِلَحْمِهِ فهو: عَرْق، ساكُن الرّاء: وهو الفِدْرَةُ مِنَ اللّحم، وهي القِطْعةُ. وعَرَقْتُ العَظْم وأنا أعْرُقُهُ عَرْقاً، واعْتَرَقْتُهُ اعْتِراقاً، وأتَعَرَّقُهُ تَعَرُّقاً: إذا أكَلْتُ ما علَيهِ مِنَ اللّحم.

وأعْرَقْتُ فُلاناً عَرْقاً مِنْ لحم: أي أعْطَيْتُهُ. وتقولُ العَرَبُ: اسْتَاصَلَ اللهُ عِرْقَاتَهُمْ: أيْ شأفَتَهُمْ، يَنْصِبُون التَّاءَ رِوايةً عَنْهُمْ ولا يَجْعَلُونَها كالتَّاءِ مِنْ جَمْع التأنيث. وتقول العَرَبُ: إنَّهُ لَمُعَرَّقٌ له في الكَرَمِ والحَسَبِ، وإنَّهُ لَمُعَرَّقٌ له في اللُّؤم والقَرَم. والعَرِيقُ مِنَ الخَيلِ والنّاسِ: الذي له عِرْقٌ في الكرَم. والعِراقُ في العَرَبيّة: شاطيءُ البَحْرِ على طُولِهِ، غَيْرَ أنَّهُ مُشْتَقٌّ لِعِراقِ القربة: الثَّنْيُ الذي يُثْنَى فيها فَيُخْرَزُ. ورَجُلٌ مَعْروق [و] مُعْتَرِقٌ: إذا لم يكُنْ على قَصَبَتِهِ لَحْمٌ. والعَرَقُ: مَعْروفٌ، لم يُسْمَعْ له بِجَمْع، فإنْ جُمعَ كانَ قياسُهُ على: فَعَلٍ وأفْعالٍ: عَرق وأعْراق، مثل: حُدَث وأحْداث. ويُقال: اللَّبَنُ عَرَقٌ يَتَحَلَّبُ في العُروقِ حتّى يَنْتَهِيَ إلى الضّرْع. قال الشّمّاخ: تُضْحي وقدْ ضمنتْ ضراتُها عرقا ... مِنْ طيب الطعم صافٍ غير مجهودِ ويُروى: غُرَقاً، بالغَيْن. ويقالُ: جَهَدْتُ اللَّبَنَ: إذا أخَذْتُ زُبْدَهُ كُلَّه، فأنا أجْهَدُهُ. وقولهم: مات فلان عبطة أي: شاباً صَحيحاً، واعْتَبَطهُ الموْتُ. قال أُميَّةُ بنُ أبي الصَّلْت:

مَنْ لمْ يمت عيطة يمت هرماً ... للموتِ كأسٌ فالمرءُ ذائقها واللَّحْمُ العَبيطُ: الطَّرِيّ، لأنّه عَبْطُ ساعِدٍ. ودمٌ عبيطٌ: أي طَرِيٌّ. وزَعْفَران عَبيط: شُبِّهَ بالدَّمِ العبيط بَيِّن العَبْطَة. والعَبيطَةُ: هي الشَّاةُ أو النّاقَةُ أو الجَمَلُ المُعْتَبَط. قال: ولهُ لا يني مِنْ عبائط كُو ... مٍ إذا حانَ منْ رفاقِ نُزولِ 2/ 175 يقالُ: تأنَّى أُنِيَاً: إذا فَتَرَ. والعَبْطُ: أن يُنْحَرَ شيءٌ مِنْ ذلكَ من غَيْرِ داءٍ ولا كَسْرِ ولا عِلَةٍ. وفي المثل: أعَبيطٌ أم عارضٌ، أي: أنُحِرَتْ مِنْ داءٍ أم على صِحَّةٍ. وعَبَطَتْهُ الدّواهي: نالتْهُ مِنْ غَيْرِ استحقاق. وقولهم: هذا عَجيبٌ أيْ: شَيْءٌ يُعْجَبُ منه. تَعَجَّبَ تَعَجُّباً، وأمْرٌ عجيبٌ وعُجابٌ. وفَرَّقَ الخليلُ بَيْنَ العَجيب والعُجاب، قال: العَجيبُ مثلُ العَجَب، والعُجاب: مُجاوزٌ حَدٌّ العَجَب، كالطَّويلِ والطُّوال، فالطّويلُ في النّاس كثير، والطّثوالُ: الأهْوَجُ المَشْهورُ في الطُّول. وقيل: العَجيبُ والعُجابُ واحد.

وتقولُ: هذا العَجَبُ العاجِبُ: أي العجيب. والاستعجابُ: شدَّةُ التَعَجُّب. تقولُ: هذا مُتَعَجِّبٌ ومُسْتَعْجِبٌ. قال أوس بن حجر يمثل به المُهَلَّبَ بن أبي صفرة: ومستعجبٍ مما يرى من أناتنا ... ولو زينته الحربُ لم يترمرمِ زَبَنَتْهُ: دَفَعَتْهُ. لم يَتَرَمْرَم: لم يُحَرِّكْ فاهُ بالكلام. وشيءٌ مُعْجِبٌ: إذا كانَ حَسَناً جداً. وَعَجَّبْتُ فُلاناً بكذا تعجيباً: فعَجِبَ منه. والعَجْبُ مِنْ كلّ دابَةٍ: ما ضمَّتْ عليه الوَرِكَ مِنْ أصل الذَّنَب. [العَيْبُ] العيب: ما أدخل على صاحِبهِ نقصاً وذمَّاً. يقالُ: عَيْبٌ وعابٌ مثل: ذَمٌّ وذامٌ، ومنه: المعَاب. وعابَ فُلانٌ فُلاناً: إذا أدْخَلَ عليه عيباً. ورَجُلٌ عَيَّابٌ وعَيَّابةٌ: يَعيبُ النَّاسَ وَقَّاعَةٌ فيهم. وعابَ كُلُّ شيءٍ: إذا ظَهَرَ فيه العَيْبُ. وعابَ الماءُ: إذا ثَقَبَ الشَّطَّ، فَخَرَجَ مُجاوِزَهُ، ولازِمُهُ واحدٌ. وعَيْبَةُ المَتَاعِ، والجمعُ: العِيَابُ. عِبءْ العِبءُ: كُلُّ ثقلِ مِنْ غُرْمِ أو حَمَالةٍ، والجميعُ: الأعباءُ. وقال مسافر بن خالد:

وحَمْلُ العبءِ عن أعناق قومي ... وفعلي في الخطوب بما عناني وتقولُ: ما عَبَاتُ به: إذا لم تُبالِهِ ولم تَرْتَفعْ به. وما أعْبَأ بهذا الأمْرِ: ما أصْنَعُ بِهِ، كأنَّكَ تَسْتَقِلُّهُ وتَسْتَحْقِرُهُ. عَبَاء، ممدود: العَبَايَةُ: ضَرْبٌ مِنَ الأكْسِيَةِ واسعٌ فيه خُطوطٌ سُودٌ كِبارٌ، والجَمْعُ: العَبَاءُ. والعَبَاةُ لغةٌ فيه. والعَبَا مقصور: الرَّجُلُ العَبَامُ في لُغَةٍ، وهو الجافي الغِرّ. العَدْلُ هو العَدْلُ بني سَعْدِ العشيرةِ، وكانَ على شُرَطِ تُبَّع إذا أراد قَتْلَ رَجُلٍ دَفَعَهُ إليه، فجرى المَثَلُ بهِ في ذلك الدَّهْر، فصارَ الناسُ يقولونَ لكُلِّ شيءٍ ينسبونُ إليه: هو على يَدَيْ عَدْل. والعَدْلُ مِنَ النّاسِ: المَرْضِيُّ، وقَوْلُهُ وحُكْمُهُ عَدْلٌ. هذا عَدْلٌ وهذهِ عَدلٌ وهُمْ عَدْلٌ. قال زُهَيْر: متى يشتجرْ قومٌ يقل سرواتهُمْ ... هم بيننا فهم رضي وهمُ عدلُ ورجُلٌ عَدْلٌ ورَجُلانِ عَدْلانِ ورجالٌ عُدول، على العدّة، وإنَّهُ لَعَدْلٌ وَبيِّنُ العَدْلِ والعُدُولَةِ.

وعِدْلُ شَيْءٍ: نَظِيرُهُ ومِثْلُهُ. 2/ 176 والعِدْلُ: مِثْلُ الشّيء سواءً بعينِهِ لا يُخالِفُهُ في قليل ولا كثير، وهما مُعْتَدِلانِ مستويان. وإذا أرادَ إقامةَ شيءٍ قال: عَدَّلْتُهُ: أي أقْمْتُهُ حتى اعْتَدَلَ واستقامَ. وعن عُمَرَ - رحمه الله - أنّه قال: "الحَمْدُ لله الذي جَعَلَني في قَوْمٍ إذا مِلْتُ عَدَّلوني كما يُعَدَّلُ السَّهْمُ في الثّقاف". وعَدَلْتُ فُلاناً عَنْ طريقه، وعَدَلْتُ الدابَّةَ إلى مكانِ كذا، فإذا أرادَ الاعشوجاجَ نَفْسَهُ قال: يَنْعَدِلُ في مكانِ كذا وكذا: أيْ يَنْعَوجُ. والعَدْلُ: الحُكْمُ بالعَدْلِ والحقّ. وقَدْ عَدَلْتُ فُلاناً أعْدِلُهُ، أي: صِرْتُ مِثْلَهُ ونظيرَهُ، ومنه اشْتُقَّ: ما يَعْدِلُكَ عِنْدَنا شيءٌ، أي: ما يَقَعُ عِنْدَنا شَيْءٌ مَوْقِعَك، وهو العَدْلأ. والعادِلُ: المُشْرِكُ الذي يَعْدِلُ بِرَبِّهِ، كقَوْلِ المرأةِ للحجّاج: "إنَّكَ لَقَاسِطٌ عادِلٌ" ولم تَقُلْ مُقْسِطٌ عَدْل، وإنَّما كَفَّرَتْهُ. قال الله [تعالى]: {بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ} أي: يُشْرِكُون. وتقولُ: اللَّهُمَّ لا عِدْلَ لَكَ. هكذا سمعناهم يقولون، أي: لا مِثْلَ لكَ. وعَلَيْه عِدْلُ ذلك في الكَفَّارة، أي: مِثْلُهُ في القَدْر، وليس بالنَّظير بِعَيْنِهِ. ويُقالُ: العَدْل: الفِداء، ويقالُ: الفريضة. والعَدْلُ: نقيضُ الجَوْر. والاعتدال: الاستواء.

والمُعْتَدِلُ مِنَ الطّعام: ما لَيْسَ بحارٍّ ولا بارد. العَبيرُ العَبيرُ عَنْدَ العَرَب: الزَعْفَران وَحْدَهُ في قول أبي عُبيدة. وأنْشَد للأعشى: وتبردُ برد رداء العرو ... س بالصيف رقرقت فيه العبيرا وتسخنُ ليلةَ لا يستطيـ ... ـع نباحاً بها الكلبُ إلا هريرا أي: رَقْرَقْتَ فيه الزَّعْفرَان. ومعنى رَقْرَقْت: رَقَّقْتَ، واسْتَثْقَلَ الجَمْعَ بَيْنَ ثلاثِ قافاتٍ فأبَدَلَ من الثانيةِ راءٌ، كقولهم: تَكَمْكَمَ: لَبِسَ الكُمَّةَ، أصلُهُ: تَكَمَّمَ، فأبْدَلُوا من الميم الثانيةِ كافاً. وقال غيْرُ أبي عبيدة العبيرُ: أخْلاطٌ مِنْ ضُروبِ الطِّيب، واحتجَّ بالحديث: "أتَعْجَزُ إحْداكُنَّ أنْ تَتَّخِذَ تُومَتَيْنِ فَتَخْلِطَهُما بعبير أو زَعْفَران". دَلَّ أنَّهُ غَيْرُهُ. والتُّومَةُ: شبيهةٌ بالحَبَّةِ تُتَّخَذُ مِنْ ذَهَبٍ أو فضة. العَصيدَةُ سُمِّيَتْ عَصِيدةً لأنَّها تُجْذَبُ وتُلْوَى، يُقالُ: قَدْ عَصَدَ الرَّجُلُ يَعْصِدُ: إذا لوى عُنُقَهُ ومالَ لِلْمَوتِ. قال رميم: إذا الأروعُ المشبوبُ أضحى كأنهُ ... على الرحلِ مما منه السيرُ عاصِدُ

الأرْوَعُ: الذي يروعُ جمالُهُ النّاس. والمَشْبُوبُ: البديعُ الجمال، ومنِّه: ذَهَبَ بِمُنَّته. ويُرْوى: إذا النّاشِئُ الغِرِّيدُ ... والناشئ: أرادَ به الحدث الشّباب. والغِرّيد: المُغَرِّدَ بغنائِهِ، أي: يُطْرِبُ. شَبَّهَ ذو الرّمة النَّاعِسَ الذي يَعْصِدُ لخفَّةِ رأسِهِ، وقال بَعْضُهُمْ: العاصِدُ في هذا البيتِ هو الميّتُ، وهو خَطَأ. 2/ 177 والِعِصْوادُ: جَلَبَةٌ في بَلِيّة، تقول: عَصَدَتْهُم العَصاوِيدُ، وهم في عِصواد بينهم. يعني: البلايا والخُصُوماتُ. وتقولُ: جاءت الإبِلُ عَصاوِيدَ: يَرْكَبُ بَعْضُها بَعْضاً، وكذلك عَصَاوِيدُ الظّلام. وقولُهم: فُلان يعاقِرُ النَّبيدَ أي: يُداوِمُهُ، وهو مَأخُوذٌ مِنْ: عُقْرِ الحَوْضِ: وهو أصْلُهُ، والمَوْضع الذي تقومُ فيه الشّاربة. وعُقْرُ المَنْزِلِ: أصْلُهُ، وهو عَقْرٌ وعُقْرٌ، لُغَتان. قال: كرهْتُ العقر عقر بني شُليل ... إذا هبت لقاريها الرياحُ وسُمِّيَتْ الخَمْرُ عُقاراً لأنَّها عاقَرَتِ الظرف الذي هي فيه، أي: داومَتْهُ. وقال أبو عبيدة: إنّما سُمِّيَتْ الخَمْرُ عَقَاراً لأنَّها تعقر شاربها، مِنْ قَولِ العَرَبِ: كِلابُ بني فلان عُقار: إذا كانَ يعقر الماشية. الأمثالُ على العَيْن عيي صامت خير من عيي ناطق

عِنْدَ النَّوَى يَكْذِبُكَ الصّادِقُ. عَرَفَتْني سباها الله عيل ما عاله، وعيل ما هو عائله. عَيَّرَ بُجَيْرٌ بُجَرَةَ، نَسِيَ بُجَيْرٌ خَبَرَه. عَنِيَّتُهُ تَشْفي الجَرَبَ. عَوْدٌ يُعَلَّمُ العَنْجَ. عدوّ الرَّجُلِ حُمْقُهُ وصَدِيقُهُ عَقْلُهُز العَصَا مِنَ العُصّيَّة. العُقوقُ ثُكْلُ مَنْ لم يُثْكَل عِنْدَ الصَّباحِ يَحْمَدُ القَوْمُ السُّرى. عِنْدَ فُلانٍ من المالِ عائِرةُ عَيْن.

عارِكْ بِجدٍّ أوْ دَعْ. عَبْدٌ وخُلِّيَ في يَدَيْه. عَبْدٌ مَلَكَ عَبْداً. عندَ جُهَيْنَةَ الخَبَرُ اليّقينُ، ويقال: جُفَيْنَة. على هذا دارَ القُمْقُم. على يَدَيَّ دارَ الحديث. على الخَبيرِ سَقَطْتَ. على أهلها دلّت براقِش. عَثَرَتْ على الغَزْلِ بِأخَرَةٍ فَلَمْ تَدَعْ بِنَجْدٍ قرَدَةً. العالِمُ كالحَمَّةِ يأتيها البُعَدَاءُ ويَزْهَدُ فيها القرباء. عَشِّ ولا تَغْتَرَّ. عِنْدَ النّطاح يُغْلَبُ الكَبْشُ الأجَمُّ.

عادَ العيث على ما خَبَّل. عادَ فُلانٌ على حافرته. العَيْرُ أوْقى لِدَمِهِ. عمك خرجك. عوير وكسير وكلّ غير خير. عادَ الرَّمْيُ على النزعة. عادةُ السُّوءِ شَرٌّ منَ المَغْرَم. عادَتْ لِعِتْرِها لَمِيس. عِزُّ الرَّجُلِ اسْتِغْناؤه عَنِ النَّاسِ. العزلة عبادة. عِشْ رَجَباً تَرَ عَجَباً. عدا العارضُ فحزر.

اعْلُلْ تَخْطُبْ. عَسَى الغُوَيْرُ أبْؤُسا. عَاطٍ بِغَيْرِ أنْواطٍ. العَاشِيَةُ تَهيجُ الآبِيَةَ. عُشْبٌ ولا بعير.

حرف الغين

بسم الله الرحمن الرحيم حرف الغين

بسم الله الرحمن الرحيم حَرْف الغَيْن الغَيْنُ حَلْقِيَّة، وعددها في القرآن، ألفٌ ومائتانِ وتسع عَشْرَة. وفي الحساب الكبير ألأف، وفي الصغير أربعة، وهذه صورةُ الأربعة: علـ غير تكونُ استثناءً، تقول: هذا دِرْهَمٌ غَيْرَ دانقٍ. وتكونُ اسماً، تقول: مررتُ بغيركَ، وهذا غَيْرُكَ. وتكون نعتاً، تقول: هذا دِرْهمٌ تامٌّ غَيْرُ دينارٍ، 2/ 178 معناه: مُغايرٌ ديناراً. وإذا قُلْتَ: مَرَرْتُ بِغَيْرِ واحدٍ، معناه: بجماعة. وغيرُ لا تكُونُ عند المبّرد إلا نكرة. وغيرُهُ يقول: تكونُ نكرِةً في حالٍ ومعرفةً في حالٍ. والغَيْرُ: النَّفْعُ. تقولُ: غرتُ فلاناً، فأنا أغيِرُه، وبعضُهُمْ يقول: أغورُه: إذا نفعْتُهُ. قال الهذلي: ماذا يغير ابنتي ربع عويلهما ... لا ترقدان ولا بؤسي لمن رقدا أي: ما يَنْفَعُ. وتقولُ: خَرَجَ يَغِيرُ أهْلَهُ، أي: يَمْتارُ لَهُمْ. والغِيرَةُ: الدِّية، والجمع غَيرٌ وأغْيَار. قال: لنجدعن بأيدينا أنفوكم ... بني أميمة، إن لم تقبلوا الغيرا

وسُمِّيَتْ الدِّيةُ: الغيَرَ، لأنَّها تُغَيِّر من القَوَدِ إلى الرّضى بها، فَسُمِّيَتْ غِيَراً لذلك. ومنه الحديث "أنّ رَجُلاً قُتِل له حميمٌ فطالَبَ بالقَوَدِ فقالَ له النبيُّ صلى الله عليه [وسلم]: ألا تَقْبَلُ الغِيَرَ؟! ". قال الكسائيّ: الغَيْرُ اسم واحد، وجمعه أغْيَار، وقال أبو عمرو: الغِيَرُ جَمْعُ غِيرةٍ، تقول: غارني الرَّجُلُ يَغِيرُني إذا أعطاكَ الدِّية، ويَغُورُني أيضاً، والاسم: الغِيْرَةُ، وجَمعُها غِيَر. ومنه حديثُ عمر وعَبْدِ اللهِ بن مسعود في المرأةِ التي قُتِلَتْ قد عَفَا بَعْضُ أوليائها، وقد ذكرتُهُ في كتابِ الضياء إن شاء الله. والغِيَرُ: مِنْ تَغَيّر الحال، وهو اسم واحد، بمنزلة النَّطَعِ والعِنَب وما أشبههما. قال: فمَنْ شكرَ الله يلقى المزيدَ ... ومنْ يكفُرِ اللهَ يلقَ الغِيَر والجماعةُ من النّاس، يقالُ لهم: الغَارُ. ورَجُلٌ مِغوارٌ: كثيرُ الغارات، ويقالُ: هو المُقَاتِلُ. والإغارةُ: فَتْلُ الحَبْلِ. وغارت الشَّمْسُ غياراً، أيْ: غابَتْ. قال أبو ذؤيب: هل الدهرُ إلا ليلةٌ ونهارها ... وإلا طُلوعُ الشمس ثم غِيارُها واسْتَغَارَ الجرحُ والقَرْحَةُ: إذا تَوَرَّمَتْ. قال الراعي:

* وطالَ النَّيُّ فيها واسْتغارا * وغَوْرُ كُلِّ شيءٍ: قَعْرُه. والغَيُورُ: الجَزُوعُ مِنَ المُشَاركةِ في حُرْمَتِهِ. وكذلك المرأةُ تغارُ على زَوْجِها، أي: تَجْزَعُ مِنْ مُشَاركةِ غَيْرِها لها فيه. ويقالُ: غارَ الرَّجُلُ على أهْلِهِ يَغَارُ غَيْرَهُ. قال جرير: أمنْ يغارُ على النساء حفيظةً ... إذ لا يثقن بغيرة الأزواج والغَيْرانُ: الرَّجُلُ الغَيُور، والجميعُ: غُيُرٌ. وامرأةٌ غَيْرى وغَيُور، قال: يا قوم لا تأمنوا إنْ كنتم غيراً ... على نسائكمُ كِسْرى وما جَمَعا وقال بعض الحكماء: ما فَجَر غَيُورٌ قطّ. تقول: إنَّ الغيور الذي يَغَارُ على كُلِّ أنْثى، والغارُ لُغَةٌ في الغَيْرةِ. قال أبو ذؤيب: إذا استعجلتْ يوماً كأنّ نشيجها ... ضرائرُ حرميٍّ تفاحش غارُها وفي موضع آخر: لهنّ نشيجُ بالنَّشيج كأنَّها. والنَّشيج: صوْتُ الباكي الذي ينقطع صَوْتُهُ ونَفَسُهُ في حَلْقِهِ، 2/ 179 فشبّههُ بصَوْتِ القُدُور، فأُكِلَ قبل أنْ ينطبخَ. والضّرائِرُ: النِّسوة. وحِرْمِيّ: نسبة إلى الحِرْم.

الغار: الغَيْرة. أي اشتدَّتْ غَيْرَتُها، فشبَّهَ أصْواتَ القُدُورِ بأصْواتِ الضّرائِرِ الغائرات. [الغَريبُ] الغَرِيبُ: البعيدُ عَنْ وَطَنِهِ. وأصْلُ الغُرْبَةِ: البُعْد. يقالُ للرَّجُلِ: اغْرُبْ عَنَّا، أي: أبْعُد. ويُقالُ: قَذَفَتْهُ نوىً غَرْبَةٌ، أي: بعيدة. قال: أما من مقام اشتكي غربةَ النوى ... وخوفَ العِدى فيه إليكَ سَبيلُ ورجُلٌ غُرُبٌ جُنُبٌ: بمعنى الغريب. قال: ولكنَّنا في مَذْحجِ غُرُبانِ أي: غريبان. والغُرْبَةُ: الاغترابُ مِنَ الوَطَن. والغَرْبَةُ: النَّوى والبُعْدُ. وأغْرَبَ القَوْمُ: إذا انْتَوَوْا. والغَرْبُ: الذِّهابُ والتَّنَحّي عن النّاسِ. وأغْرَبْتُهُ وغَرَّبْتُه: إذا نَحَّيْتُهُ. وأغْرِبْهُ عَنْكَ وغرَّبْهُ، أي: نَحِّهِ.

وعانة مُغْرِبَةٌ: بعيدة. والمُغْرِبُ: الذّاهِبُ في الأرْضِ، يقالُ: أغْرَبَ وغَرَّبَ. والعَنْقَاء المُغْرِب، ويقال: المُغْرِبة. قال: إذا ما ابنُ عبدِ الله خلي مكانهُ ... فقد حلقَتْ بالجُودِ عنقاءُ مغربِ وقال في (مُغْرِبة): غالتْهُمُ الغوثل أو عنقاء مغربةٌ ... فلا تُرى منهم عينٌ ولا أثرُ الغُولُ: المَنِيّة، ويقالُ: كان طائراً لم يَبْقَ في أيدي الناسِ مِنْ صِفَتِها غَيْرُ اسمها. ويقال: هو اسمٌ لا أصْلَ له. ويُقالُ: إغرابُها: غَرْبُها في طيرانِها. وسُمِّيَتْ عَنْقاء لِبَياضٍ كانَ في عُنُقِها. والأعْنَقُ مِنَ الكلاب: الذي في عُنُقِهِ بياضٌ كالطوّق. وسُمِّيَتْ العُقاب عَنقاء لأنها تعنق بصيدها ثُمَّ تُرْسِلُهُ، أي: ترفعه. والغريبُ مِنَ النّاسِ في كُلِّ عصْرِ: مَنْ تَمَيَّزَ عَنْهُمْ بخصالٍ وأفْعالٍ كريمة. يقالُ: فلانٌ غريبُ زمانِهِ، وغريبٌ في زَمانِهِ. قال: ويغرب منّا في العُلى كلّ مغربٍ ... فكُلُّ امرئٍ منا غريبُ زمانهِ وكذلك مَنْ جفاهُ قَوْمُهُ سُمِّيَ غريباً، يقالُ فلانٌ غريبٌ في قومه. قال ... : وليس غريباً من تناءت ديارُهُ ... ولكن من يُجفى فذاك غريبُ ويُروى: ولكنَّ مَنْ يُقْصى.

وكذلك مَنْ مَضى أقْرانُهُ وأترابُهُ وبقي في قَرْنٍ آخر سُمِّيَ غريباً. وتمثَّل معاويةُ لما كبر وفَقَد أترابَهُ ولداتِهِ بهذا البيت. قال: إذا ما مضى القرنُ الذي أنتَ منهمُ ... وغُودرتَ في قرنٍ فأنتَ غريبُ وعن الشافعي، أنّه لما دَخَل بغداد غريباً اجتاز بقومِ فسألَهُمْ عن الطريق، فأرشدوه، ولا يعرفونه، فمضى وهو يقولُ: غريبُ الدار ليس له صديقٌ ... أجلُّ سؤاله أين الطريقُ 2/ 180 ويُروى: جميع سؤاله. آخر: إن الغريب له مخافةُ سارقٍ ... وخضوع مديون وذلةُ عاشقِ فإذا تذكر أهلهُ وبلادهُ ... ففؤاده كجناح طير خافق آخر: فحسبُ الفتى ذُلاً وإن أدرك الغنى ... ونال ثراءً أن يقال غريبُ آخر: الفقرُ في أوطاننا غربةٌ ... والمال في الغربة أوطانُ والغريبُ من الكلام: الغامِضُ. تقولُ: غَرُبَتْ هذه الكلمةُ، فهي تغربُ غرابةً، وصاحبُها مُغْرِبٌ، وفلانٌ يغربُ في كلامه. والغَرْبُ: جامٌ مِنْ فضّةٍ. وسَهْمُ غَرَبٍ، بفتح الرّاء: وهو الذي لا يُعْرَفُ راميه، وما عُرِفَ راميه فَلَيْسَ بِغَرَب.

والغَرَبُ: الفَرَسُ الحديدُ الفؤاد. والغُرابُ معروفٌ، والجميع غربان، والعدد أغْرِبَةٌ. والغُرابانِ: نُقْرَتانِ عند الصلوين في العَجُز. والغراب: قَذَالُ الرَّجُلِ. قال ساعدة: شابَ الغُرابُ فلا فؤادك تاركٌ ... ذكرَ الغضوب ولا عتابك يعتبُ والغِرْبيب: الشِّعْرُ الأسود. قال: بين الرجالتفاوت وتفاضلٌ ... ليس البياضُ كحالكٍ غربيب وقولُهُمْ: فُلانٌ غُلٌّ قَمِلٌ أصْلُهُ أنَّهُمْ كانُوا يَغُلُونَ الأسيرَ بالقِدّ فيقمل عليه، فيلقى منه شدّة، ثم كَثُرَ به وجرى [مجرى] المثل حتى عَنَوْا به كلّ ما لقي منه شِدَّةً وأذىً. قال عمر- رحمه الله: (النّساءُ ثلاث، فهَيْنَةٌ لَيْنَةٌ عفيفةٌ مُسْلِمةٌ تُعينُ أهْلَها على العَيْش ولا تُعين العَيْشَ على أهْلِها، وأخْرى وعاءٌ للولد، والأخْرى غُلٌّ قَمِلٌ يَضَعُهُ اللهُ في عُنُقِ مَنْ يشاء ويفكُّهُ مِنْ عُنُقِ مَنْ يشاء). والغِلُّ، بالكَسْرِ: الشَّحْناءُ والسخيمة. وقيل: هو الحَسدُ، ومنه قَوْلُه تعالى {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ} أي: مِنْ حَسَدٍ، لأنّ أهْلَ الجِنّة لا يَتَحاسَدون.

ويقالُ: قَدْ غَلَّ قَلْبُ الرَّجُلِ يَغِلُّ، بفتح الياء وكَسْرِ الغَيْن، مِنَ الغِلِّ. وفي الحديث "ثلاثٌ لا يَغِلُّ عَلَيْهِنَّ قَلْبُ مُؤْمِنِ". وغَلَّ يَغُلُّ: إذا سَرَقَ مِنَ الفَيْء، ومِنْهُ قوله تعالى {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ} ويُغَلَّ، وقُرئ بهما. وقَدْ أغَلَّ الرَّجُلُ يُغِلُّ، فهو مُغِلٌّ: إذا خانَ. قالَ النَّمِرُ بنُ تَوْلَب: جزى اللهُ عنا جمرةَ ابنة نوفلِ ... جزاءَ مُغل بالأمانة كاذبِ [الغَليل] الغَليلُ: حَرُّ الجَوْفِ لَوْحاً وامْتِعاضاً. وقَدْ أغَلَّت الضَّيْعَةُ: إذا أعْطَتْ الغَلَّة. والتَّغَلْغُلُ إلى الشَّيء: هو التدخُّلُ والتَوَسُّطُ، ومنه الماءُ الغَالُّ سُمِّيَ بذلك لأنّه يتدخَّلُ ويتوصَّلُ إلى أُصولِ الشَّجَر. قال قَيْسُ بنُ ذُرَيْح: تغلغلَ حيثُ لا يبلغْ شرابٌ ... ولا حزنٌ ولم يبلغْ سُرورُ أي: تدخَّلَ وتوسَّطَ إلى قلبي.

ومِنْهُ: قَدْ غَلَّ فُلانٌ كذا وكذا: اقْتَطَعَهُ ودَوَّسَّهُ في 2/ 181 متاعِهِ. وأصْلُ تَغَلْغَلَ: تغلَّلَ، فأسْقَطُوا الجَمْعَ بَيْنَ اللاّمات، ففصلوا بالغَيْن، كما قالوا: صَرْصَرَ البابُ في صَرَّرَ، وتَكَمْكَمَ في تَكَمَّمَ: إذا لَبِسَ الكُمَّة، وله نظائر كثيرة. والمُغَلْغَلةُ: الرّسالةُ مِنْ بَلَدٍ إلى بَلَدٍ. [الغيلة] ومنه: الغيلةُ، وهو الاغتيال. وقُتِلَ غِيلةً، أي: اغْتيالاً، وهو أنْ يُخْدَعَ فيصير إلى مَوْضعِ يَسْتَخْفي له، فإذا صارَ إليه قُتِلَ. والغُولُ: المنيَّة. وغالَهُ المَوْتُ: أهلَكَهُ. قال: وما ميتةٌ إن متها غير عاجزِ ... تغال إذا ما غالتِ النفسَ غولُها والغَيْل: رِضاعُ الصبيّ على الحَبَلِ. والغَوْلُ: الصُّداع: ومِنْهُ قولُهُ تعالى {لا فِيهَا غَوْلٌ} قال أبو عبيدة: الغَوْلُ أنْ تَغْتالَ عُقُولَهُم. قال: وما زالتِ الكأسُ تغتالُنا ... وتذهبُ بالأول الأولِ ويقالُ: الخَمْرُ غولُ الحِلْم، أي: تغتالُ عقولهم فتذهب بها. قال ابن عباس: لا

فيها نتنٌ ولا كراهية كخمر الدنيا، واحتجَّ بقولِ امرئ القَيس: رُبَّ كأس شربتُ لا غول فيها ... وسقيتُ النديم فيها مزاجا الغريم سُمِّي غريماً لإدامَتِهِ التَّقاضي وإلحاحِهِ فيه. قال الله تعالى: {إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَاماً} أي: مُلِحِّاً دائماً. وقيل: هَلاكاً. وقيل: لازِماً. قال الحَسَنُ: كُلُّ غريمٍ يفارِقُ غَرِيمَهُ إلا النَّارَ. والغَريمُ: الدائنُ، والذّي لَهُ، جميعاً. قال: مثلُ الغريمين ذا مُلِحٌّ ... فظُّ التقاضي وذاك ملْطُ المِلْطُ: الذي يَذْهَبُ بما يَجِدُ سَرِقَةً واسْتِحْلالاً، والجمعُ المُلُوطُ والأمْلاط، والفعل مَلَط مُلُوطاً. ويقال: إنّه لَمِلْطٌ: وهو الفاحِشُ الذي لا يُبالي ما أتَى وما قيل فيه. ومنه قوله تعالى {إِنَّا لَمُغْرَمُونَ}. ومِنْهُ قولهم: فُلانٌ مُغْرَمٌ بالنّساءِ، أي: يُحِبُّهُنَّ وِيلازِمُهُنَّ. والغَرَامُ: الهلاكُ. قال الأعشى: إنْ يُعاقب يكن غراماً وإنْ يُعْـ ... ـطِ جزيلاً فإنه لا يُبالي قال حاتم:

فما أكلةٌ إن نلتها بغنيمةٍ ... ولا جوعةٌ إن جعتها بغرام أي: بِهَلاكِ. وقيل: الغُرَّامُ: الذين عَلَيْهِمْ المالُ، والغُرَماءُ: الذين لَهُمُ المالُ. والغُرْمُ: أداءُ شَيْءٍ يَلْزَمُ مثل كفالة يغرمها، والغَرِيمُ: المُلْزَمُ ذلك. [الغَلِقُ] الغَلِقُ: كثيرُ الغَضَبِ. قال عمرو بنُ شأس: فأغلقُ من دون امرئٍ إن أجرتُهُ ... فلا يبتغى عن رأيه غلقُ القفل أي: أغْضبُ مِنْ ذلك غضباً شديداً. ويقالُ: الغَلِقُ: الضَّيِّقُ الخُلُقِ العَسِرُ الرِّضى. تقول: غَلِقَ فُلانٌ، أي: احْتَدَّ. وغَلِقَ الرَّهْنُ في يَدِ المُرْتَهِن: إذا لم يُفْتَكَّ. قال زُهَير: وفارقتك برهن لا فكاك له ... يوم الوداع فأمسى رهنها غلقا 2/ 182 والمِغْلاقُ: المِرْتاجُ. والغَلاَقُ والغَلْقُ: ما يُفْتَحُ به ويُغْلَقُ. [الغَشُومُ] الغَشُومُ: الذي يَخْبِطُ النّاسَ ويأخُذُ كُلَّ ما قَدَرَ عليه، وأصْلُه مِنْ: غَشَمَ الحاطِبُ:

وهو أنْ يحْتَطِبَ لَيْلاً فيَقطَعَ كُلَّ ما قَدَرَ عليه بلا نَظَرِ ولا فِكْرِ. قال: فقُلتُ: تجهزْ فاغشم الناس سائلاً ... كما يغشم الشجراء بالليل حاطبُ الشَّجْراءُ: جمع شجرة، يقالُ: شَجَرَةٌ وشَجْراء، وقَصَبَةٌ وقَصْباء، وطَرَفةٌ وطَرْفاء. والغَشْمُ: الغَصْبُ. وتقول: إنَّهُ لَذُو غَشَمْشَمَةٍ وغَشَمْشَمِيَّةٍ. والغَشَمْشَمُ: الجَرِيء الماضي. قال: * عَبْلُ الشَّوى غَشْمَشِماً غَشَّاما * وقولهم: قَدْ غَشَّ فُلانٌ فُلاناً أي: خَلَطَ ما يَسُرُّهُ بما يَسُوؤه، وأُخِذَ من الغَشَشِ، وهو المَشْربُ الكَدِر. قال الراجز: قَدْ كان في بئر بني نصر مخشْ ومشربٌ يُروى به غيرُ غششْ أي: غَيْر كَدِر. وفي الحديث: "مَنْ غَشَّنا فَلَيْسَ مِنّا" والغِشُّ: هو أنْ لا تَمْحَضَ النَّصِيحة.

وتقولُ: لقِيتُهُ غِشاشاً: وذلك عِنْدَ مُغَيْرِبانِ الشَّمْس. وشُرْبٌ غِشاشٌ: قليلٌ والغِشاشُ أيضاً: العَجَلة، تقولُ: ما لَقِيتُهُ إلاّ غِشَاشاً: أي على عَجَلةٍ. [الغَبْنُ] الغَبْنُ في البَيْع، بجزْم الباءِ، غَبَنْتُهُ في تجارِتِهِ فهو مَغْبُونٌ. والغَبَنُ، بتحريكِ الباء: في الرأي والعَقْلِ. قال: إذا تلفتْ نفسي لشيء أريدهُ ... فقد ذهبت نفسي وقد ذهب الثمن لها تطلب الدنيا فإن أنا بعتها ... بشيءٍ من الدنيا فذلكم الغبنْ أراد: الغَبْن، فحَرَّك المجْزومَ لاستقامَةِ الشِّعر، وللشاعِرِ ذلك جزم المتحّرك. ويقالُ: غَبِنَ رأيَهُ، أي أخطأه. وغَبَنَهُ يَغْبِنُهُ غَبْناً: إذا غبن عقله. وغَبَنَهُ يَغْبِنُهُ: إذا غبن في الشِّراء. ومعنى الغَبْن: النَقْصُ في المُعاملاتِ، وكُلُّ نَقْصٍ غَبْن. وتقولُ: غَبنْتُ فلاناً أغْبِنُه غَبْناً: إذا مَرَرْتَ بِهِ فَلَمْ تَفْطُنْ له. قال الأعشى: ومَا إنْ على جارِهِ تلفَةٌ ... يساقطها كسقاط الغبنْ يقولُ: تَطْرَحُهُ كما تَطْرَحُ الشَّيْءَ تَتَهاوَنُ به. والغَبينَةُ مِنَ الغَبْن، كالشَّتيمة من الشَّتْم.

وتقولُ: أرى هذا الأمْرَ علَيْكَ غَبْناً. وقَوْلُهُ: {يَوْمُ التَّغَابُنِ} يعني: في الآخرة بالأعمال. وقولُهم: غادَرْتُهُ أي: تَرَكْتُهُ، وكذلك: أغْدَرْتُهُ، ومنه قوله تعالى {لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً} وفي بعض المصاحف {لا يُغْدِرُ} وهما بمعنى. وفي الحديث "ليتْنَي غُودِرْتُ مَعَ أصْحابِ النُّحْصِ نُحْصِ الجَبَل" أي لَيْتَني تُرِكْتُ مَعَهُمْ شهيداً. والنُّحًُ: أصْلُ الجَبَلِ وسَفْحُهُ. والغَدْرُ: نَقْصُ العَهْد، غَدَر يَغْدُرُ غَدْراً: إذا نَقَضَ [العَهْدَ] ونحوه. ورَجُلٌ غُدَرٌ: غَدَّار. وامرأةٌ غَدَارِ: غَدَّارة، ولا يقالُ: هذا رَجُلٌ غُدَر، لأنَّ (غُدَر) في حدّ المعرفة عِنْدَ العَرَب. 2/ 183 ورَجُلٌ ثَبْتُ الغَدَرِ: إذا كان ثَبْتاً في القتالِ أو في الكلام. وأصْلُ (الغَدَر): الموضعُ الكثيرُ الحجارة الصَّعْبُ المَسْلَك الذي لا تكادُ الدّابَّةُ تتخلَّصُ مِنْهُ، فكأَنَّ [قولك]: غادَرَهُ خَلْفَهُ في الغَدَر، واسْتُعْمِلَ ذلك كثيراً حتى صارتِ (المغادَرَةُ): المُخَلَّفَة. وكُلُّ مَتْروكٍ في مكانٍ فَقد غودِرَ. وقولهم: قَدْ تَغَاوَوْا عَلَيْهِ أي: قَدْ جَهِلوا عَلَيْهِ، وَزَلُّوا.

وتَغَاوَوْا: تَفَاعَلُوا، مِنْ: غَوَى الرَّجُلُ يَغْوِي غَيَّاً وغَوايةٌ: إذا جَهِلَ. قال: فمنْ يلقَ خيراً يحمدِ الناسُ أمرهُ ... ومن يغو لا يعدم ْعلى الغي لائما وقد غَوِيَ الفَصيلُ يَغْوَى: إذا بَشِمَ مِنْ لَبَنِ أُمِّهِ عِنْدَ الإكْثار. قال: مُعَطَّفَةُ الأثناء ليس فصيلُها ... برازئها درأ ولا ميتٍ غوى والغَوايةُ: الانْهماكُ في الغَيّ. والتغاوي: التَّجَمُّعُ. والغَوْغاءُ، ممدود: الجراد، وبه سُمِّيَتْ سَفِلَةُ النَّاسِ. وقولُهم: قَوْمٌ غُثاء أصْلُ الغُثَاءِ عِنْدَ العَرَبِ: ما يَعْلُو الماءَ مِنَ القِماشِ والزَّبَدِ ممّا لا يُنتَفَعُ به، فَشُبِّهَ كُلُّ ما لا خَيْرَ فيهِ ولا نَفْعَ، بالغُثاء. والغُثاءْ: هو الجُفاءُ، يقالُ: قَد غُثى الوادي يَغُثي: قَدْ انْجَفَأ يَنْجفِيءُ، إذا عَلاهُ ذلك. قال نابغةُ بني شيبان: غُثاءُ السيل يضرحُ حجرتيه ... تجلله من الزبد الجُفاءُ وقال الله تعالى {فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ}. قال مُجاهد: معناهُ: يَذْهَبُ خُموداً.

قال أبو عمرو: يقالُ: جَفَأت القِدْرُ: إذا غَلَتْ حَتَّى يَنْضَبَ زَبَدُها، وسَكَنَتْ حتّى لم يَبْقَ مِنْ زَبَدِها شَيْءٌ. قال الفرّاء: الجُفاءُ: ما جَفَأَهُ الوادي، أي: رَمَى به. وقرأ رُؤبة: {فَيَذْهَبُ جُفالاً} أي: قِطَعاً. يقالُ: جَفَلَتِ الرّيحُ السَّحابَ: إذا قَطَّعَتْهُ وذَهَبتْ به. قال: وإنَّ سناءَ اللئام الغني ... فإن زال صاروا غثاء جُفالا قال الله تعالى {فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى} الغُثاء: اليابس. والأحْوى: الأسود. والغُثاءُ: الغَثَيَان، وهو خبثُ النَّفس. وغَثِيَتْ وغَثَتْ نَفْسي، وهي تَغْثي غَثيّ. [غوث] وضُرِبَ فُلانٌ فَغَوَّثَ تَغْويثاً: إذا قال: واغَوْثاه، مَنْ يُغيثُني. والغَيْثُ: المَطَرُ. والغَيْثُ: ما نَبَتَ مِنَ الغَيْثِ، ويُجْمَعُ على الغُيُوث. [غثر] والغَثْراء:" سِفْلَةُ النَّاسِ وجمهورُهُم. الغَيْثَرَةُ: الجماعة.

وقولهم: هذا الشَّيءُ غايةٌ أي: عَلاَمةٌ في جِنْسِهِ لا نظيرَ له، أُخِذَ مِنْ: غاية الحَرْب: وهي الرّايةُ والعَلامَةُ تُنُصَبُ لِلْقَوْمِ فيقاتِلونَ ما دامَتْ واقفةً. قال الشماخ: إذا ما غايةٌ رُفعت لمجدٍ ... تلقاها عرابُ باليمين ومن ذلك غايَةُ الخَمّار: وهي خِرْقةٌ كانَ يُعَلِّقُها على بابهِ فتكون علامةً لِكَوْنِ الخَمْرِ عِنْدَهُ. قال عنترة: ربذٌ يداه بالقداح إذا شتا ... هتاك غايات التجار ملومِ يعني: رجُلاً اشترى ما كانَ عِنْد الخَمَّارِ من الخَمْرِ، فَقَلعُوا 2/ 184 الغايات، دليلٌ على أنَّهُ لم يَبْقَ مَعَهُمْ مِنْها شيءٌ. ويقالُ: معنى قولهم: هذا غاية: أي هو مُنْتَهَى هذا الجِنْسِ في الجودة، أُخِذَ مِنْ غايةِ السَّبْق: وهي قَصَبَةٌ تُنْصَبُ فيكونُ مُنْتَهَى السَّبْقِ عِنْدَها ليأخُذضها السّابِقُ، فكذلك الغايةُ منَ الأشياءِ: هو مُنْتَهى الجَوْدَة. والغاية: مَدَى كُلِّ شيء، وألأفها ياءٌ، وهي من تأليف غَيْنٍ وياءَيْنِ، وتَصْغيرُها غُيَيَّة، وكذلك كلُّ شيءٍ على بناءِ الغاية مما تَظْهَرُ فيه الياءُ بَعْدَ الألِفِ الأصْلِيّة، فألِفُها تَرْجعُ إلى الياء في التصريف. ألا تَرى أنَّكَ تَقُولُ: غَيَّيْتُ غايةً. [غيب] والغَيَابَةُ: ظِلُّ شُعاعِ الشَّمْسِ بالغَداةِ والعَشِيّ وَظِلُّ الغَيْم. قال لبيدُ بنُ ربيعة:

فتدليتُ عليه قافلاً ... وعلى الأرضِ غياباتُ الطفلْ والطَّفَلُ: غُيُوبُ الشَّمْسِ في هذا. وقولهم: قَدْ غَرَّ فلانٌ فُلاناً قيل: عَرَّضهُ للْهلكَةِ والبَوار، من قولهم: ناقَةٌ مُغَارٌّ: إذا قَلَّ لَبَنُها وذَهَبَ لِجَدْبِ أو لِعِلَّةٍ لحقَتْها أو بَلِيَّة. وقيلَ: غَرَّهُ بمعنى: نَقَصَهُ وظَلَمهُ بسَتْرِهِ عَنْهُ ما هُوَ حَظٌّ له، مِنَ (الغِرار) وهو: النُّقْصانُ قال النبي صلى الله عليه [وسلم]: "لا غِرارَ في الصَّلاةِ ولا تَسْليمَ" أي: لا نُقْصانَ فيها مِنْ تضييع حُدُودِها وسُجودها. قال: إن الرزية من ثقيفٍ هالكٌ ... ترك العيون ونومهن غرارُ ونَوْمُ نِّصْفِ النَّهارِ يقالُ له: التَّغْرِير والقيلُولة. والنَّوْمُ القَليلُ يقالُ له: التَّهْويم، والكثيرُ يُقالُ له: التَّسْبيح. ويقالُ: مَعْنى غَرَّهُ: فَعَلَ بهِ ما يُشْبِهُ القْتْلَ والذَّبْحَ، أُخِذَ مِنْ: الغِرار، وهو: حَدُّ السّكّين والشَّفْرة. ويقالُ: للّذي يُطْبَعُ عليه النّصال: غِرار. والغُرورُ: مَصْدَرُ غَرِّ يَغُرُّ فَيغْتَرُّ بهِ المَغْرور غرّة. وقوله تعالى {إِلاَّ فِي غُرُورٍ} قال ابنُ عباس: إلا في باطِل، واحتجَّ بِقَوْل حَسَّان بن ثابت يهجو أُبيِّ بنَ خَلَف:

تُمنيك الأماني من بعيدٍ ... وقولُ الكفر يرجعُ في غرور والغرورُ: الشَّيْطانُ يَغُرُّ الإنْسانَ. وفي القرآن {وَمَا يَعِدُهُمْ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُوراً} وفيه {وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ}. وتقولُ: أنا غَرِيرُكَ مِنْ هذا الأمْرِ، أي: اغْتَرَّ بي عَنْهُ، معناه: سَلْني منه على غِرَّة وغَفْلة. وأنا غَرِيرُك مِنْ فُلان: أي أُحَذِّرَكَهُ. وأنا غَرِيرُ فُلان، أي: كَفِيلُه. وأغْرَرْتُ بالقَوْمِ تغْريراً، وتَغِرِّة مثل تَجِلّة. والغَرَرُ كالخَطَر، غَرَّر فُلانٌ بمالِهِ، أي: حمَلَهُ على خَطَر. والغَارُّ: الغَافِلُ. والغَرَّارَةُ: الدُّنْيا. ويُقالُ: اطْوِ الثَّوْبَ على غَرِّه، أي على نَحْوِ ما كانَ طُوِيَ، وكُلُّ ثَنْي غَرٌّ. وحُكيَ عَنْ رُؤبة أنَّهُ نُشِرَ عَلَيْهِ ثَوْبُ خَزّ، فَنَظَر إليه وقَلَّبَهُ، ثم قال: اطْوِهِ على غَرِّهِ، 2/ 185 أي: على كَسْرِهِ. والغِرُّ كالغَمْرِ، والمؤْمِنُ غِرٌّ كَريمٌ. وجَاريةٌ غِرَّةٌ: غَرِيرةٌ. والغَرُّ: زَقُّ الطائِرِ فَرْخَهُ. قال مُعاوية "كان النبي صلى الله عليه [وسلم] يَغُرُّ عَلَيٍّ

العِلْمَ غَرَاً" أي: يَزُقُّهُ زَقَاً. وقَوْلُهُمْ: فُلانٌ غُرَّةٌ مِنْ غُرَرِ قَوْمِهِ، أيْ: رأسٌ مِنْ رؤوسِهِمْ. وغُرَّةُ النَّباتِ: رأسُهُ. ورَجُلٌ غُرٌّ وامْرأةٌ غَرَّاء. وتقول: هذا غُرَّةً مِنْ غُرَرِ المتَاع. وفي الحديث: "الغُرَّةُ وهو عَبْدٌ أو أمَة". قال: كُلُّ قتيل في كُليبٍ غرة ... حتى ينال القتل آلُ مرة أي: كُلُّهُمْ لَيْسَ بِكُفْءٍ لِكُلَيْب، إنّما هم بمنزلة العَبيد والإماء. والغرَّةُ: التي تُودَى في الجَنين، إنّما هي غُرَّةُ عَبْدٍ أو أمَة. وسُمِّيَتْ غُرَّة، لأنّها عَيْنُ ما يملك. قال ابن أحمر: إن نحن إلا أناس أهل سائمةٍ ... ما إن لنا دونها حرثٌ ولا غُرَرُ أي: نحْنُ قليلو المالِ، ليس لنا إلا ما نَرْعى، لا عَبِيدَ لنا ولا زَرْعَ ولا خَيْلَ. الأغَرُّ من الخَيْلِ: الأبيضُ موضع الجَبْهةِ، فإنْ صَغُرتْ فهي قُرْحَة، وإن استطالَتْ فهي شِمْراخ، فإن انْتَشَرَتْ فهي غُرَّة شادخة. وهي التي من أصْلِ الناصيةِ إلى الأنْفِ. وهو الإعرابَ أيضاً. قال: شادخٌ غُرتُها من نسوةٍ ... هن يفضلن نساء الناس غُرّ آخر:

شدختْ غرةُ السوابق فيهم ... في وجوه إلى اللمام الجعاد والمُحَجَّلُ: الأبيضُ موضع الخلخال، ويقالُ للخلخالِ: حِجْل. قال: مبتلةٌ هيفاء أما وشاحها ... فيجري وأما الحجلُ منها فلا يجري فإذا كانَ البياضُ في ثلاثِ قوائم قيل: هو مُحَجَّلُ ثلاثٍ مُطْلَقُ واحدة، فإذا كانَ في يَدِهِ ورِجْلِهِ اليُسْرى أبْيَنَ قيل له: شِكالٌ، وإن كانَ في يَدِهِ اليُمْنى قيل: بِهِ شِكالٌ مُخالِفٌ، وكان النبي صلى الله عليه [وسلم] يكرهه. "أبو هريرة قال: قيل: يا رسول الله! ألا تَعْرِفُ أُمَّتَكَ يَوْمَ القيامة؟ فقال: أرأيْتَ لو كان لِرَجُلِ خيلٌ مَحَجَّلةٌ في خَيْلِ دُهْمِ بُهْمِ ألا يَعْرِفُ خَيْلَهُ؟ قالوا: بلى يا رسُولَ الله. قال: فإنَّهُمْ ياتُون يومئذٍ غُرَّاً مَحَجَّلين من الوضوء". والدُّهْمُ: السُّودُ، والبُهْمُ: التي لا يخالِطُ سوادَها لَوْنٌ آخَرَ، يقالُ: أسْوَدُ بَهِيم وكُمَيْتٌ بهيم. قال أميّة: زارني موهناً وقد نام صحبي ... وسجي الليلُ بالظلام البهيم ويقالُ: أمرٌ أغَرُّ مُحَجَّل: إذا كانَ واضحاً بيِّناً. قال الجَعْدي: ألا حييا ليلى وقولاً لها هلا ... فقدْ ركبتْ أمراً أغر مُحجلاً وغُرَّهُ الهِلالِ: لَيْلَةَ يُرَى. والغُرَرُ: ثلاثَةُ أيّامٍ من أوَّل الشَّهْر.

[الغَانِيَةُ] أصلها مع جماعة مِنْ أهل اللُّغة: ذاتُ الزَّوْجِ التي اسْتَغْنَتْ بِزَوْجِها، ثُمَّ كَثُرَ ذلك حتّى جَعَلُوا ذلك لِذَاتِ الزَّوْجِ 2/ 186 ولِغَيْرِ ذاتِ الزَّوْج. قال: أُحِبُّ الأيامى إذ بثينةُ أيمٌ ... وأحببتُ لما أن غنيت الغوانيا آخر: أزمان ليلى حصانٌ غير غانيةٍ ... وأنتَ أمردُ معروفٌ لك الغزلُ وقيل: الغانيةُ التي تُعْجِبُ الرّجالَ ويُعجِبُها الرِّجالُ. وقيل: البارعةُ الجَمَال التي أغْنَاها جمَالُها عن الزِّينة. وقيل: هي المُقِيمةُ في بَيْتِها. وغِنَى المالِ، مقصورٌ يُكْتَبُ بالياء، ورَجُلٌ غَانٍ بكذا وكذا. والغَنِيُّ: ذو الوَفْر. قال: إنَّ الغني أخو الغني وإنما ... يتقارظان ولا غنى للمقتر والتَّقْريظ، بالظَّاء: المَدْحُ. وغَنِيَ عَنْ كذا وكذا. قال طَرَفة: متى تأتني أصبحك كأساً رويةً ... وإنْ كنت عنها غانياً فاغن وازددِ ويُرْوى: وإنْ كُنْتَ عَنْها ذا غِنىً.

والغِنَاءُ، ممدود، مِنَ الصَّوْت، تقولُ: غَنَّي يُغَنّي أُغْنِيَّة وغِناءً، ممدود. قال: تغَنْ بالشعر إما كنتَ قائلهُ ... إنّ الغناءَ بهذا الشعر مضمارُ وتَغَنَّى واسْتَغْنى بمعنى. والغَناءُ: الإجزاء، رَجُلٌ مُغْنِ، أي: مُجْزئ. وفلانٌ لقَليلُ الغَناءِ عَنْكَ. وغَنِيَ القومُ في المَحَلَّةِ: إذا طالَ مُقامُهُمْ فيها. ومَغْنَى الدَّار: موضعُ الحُلولِ والمُقام، والجميعُ: المَغَاني. وتقولُ للشيءِ إذا فَنِيَ {كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ} أي: كَأنْ لم تَكُنْ. [الغين] وغِينَتْ السَّماءُ غَيْناً: هو إِطْباقُها الغَيْم. وكُلُّ ما غَطَّى شَيئاً حَتَّى يلبسه فَقَدْ غَيَّنَ عليه. يُقالُ: يَوْمُ غَيْمٍ وغَيْن. قال: كأني بين خافيتي عُقابٍ ... أصابً حمامةً في يوم غين وقولهم: هو في غَمَّاءٍ مِنْ أمْرِهِ أي: في أمُرٍ مُلْتَبِسٍ شديدٍ عليه.

ويُقال: إنَّهُ لَفِي غُمَّةِ مِنْ أمْرِهِ: إذا لم يَهْتَدِ له. والغَمَّاءُ: الشَّديدةُ مِنَ الدَّهْرِ. ويَوْمٌ غَمٌّ ولَيْلَةٌ غَمَّةٌ وغَمَّى بوزنِ فَعْلَى: إذا كانَ على السّماءِ غَيْمٌ. والغَيْمٌ: السَّحابُ، غامَتِ السَّماءُ وأغَامَتْ، وأمْرٌ غامٌّ، ورجُلٌ مَغْمُوم. ومُغْتَمٌّ: ذو غَمً. ورَجَلٌ غَمٍ: مثل غَميَ. وامرأة غَمٍ: إذا أُغْمِيَ عَلَيْها. ورَجْلٌ غَميّ: وهو المُشْرِفُ على المَوْتِ، وكذلك امْرأةٌ غَميّ، الواحدة والاثنان والجميعُ على لَفظِ الواحد. ويقالُ: غَمْيٌ مثل رَمْيٌ. وهو أن يُغَمَّ عليهم الهِلالُ. والغَمْيَةُ: أنْ يُغْمَى على الإنْسانِ حتّى يُظَنَّ أنَّهُ قَدْ ماتَ ثُمَّ يَرْجعُ حَيَّاً. والغمّةُ: الأمْرُ المُشْكِلُ، وقيل: الأمْرُ الفظيع. والغَمَّاء: الخصلة الشَّديدة. قال: أغمّ مفرج الغماء عنه ... كأن جبينه لألاءُ شمسِ والغَمَمُ: كثرة شعر الرأس. ورَجَلٌ أغَمّ وامرأة غَمَّ كذلك، غَمَّ يَغَمُّ غَمَماً، وكذلك في القَفا، والأنْزَعُ: الذي انْحَسَرَ الشَّعْر عن جانَبِيْ 2/ 187 جَبْهَتِهِ، فإذا زادَ قليلاً فهو أجْلَحُ، فإذا بَلَغَ النّصْفَ أو نَحْوَهُ فهو أجْلى ثم هو أجْلَهُ. وقيل: الغَمَمُ دليلٌ على سوءٍ خلق صاحبه.

ورَجُلٌ أنزَعُ وامْرأةٌ نَزْعاء وقوم نُزْعٌ. والأفْرَعُ: التامُّ الشَّعر، وامرأةٌ فَرْعاء، وقَوْمٌ فُرْعٌ. وقيل إنَّ رجلاً أتى عَمَرَ - رحمه الله- فقال يا أميرَ المؤمنين! الفُرْعان خَيْرٌ أم الصُّلعان؟! قال: بل الفُرْعانُ خَيرٌ مِنَ الصُّلْعان. وكان أبو بكر أفْرَعَ، وكان عَمَرُ أصْلَعَ، رحمهما الله. وقولهم: هُوَ في غَمْرَةٍ مِنْ أمْرِه الغَمْرَةُ: مُنْهَمَكُ الباطِل. تَقُولُ: هو يَضْرِبُ في غَمْرةِ لَهْوِ وغَمْرَةِ فتنةٍ: قال: * ألا إنَّهُ في غَمْرَةٍ يَتَسَكَّعُ * المُتَسَكِّعُ: الذي يَمْشي متعسّفاً لا يَدْري أين يتسكَّعُ مِنْ أرْضِ الله. والمُغَامِرُ: الذي يَرْمي بِنَفْسِهِ في غَمْرةٍ من الأمور. وغَمْرَةُ المَوْتِ: شِدَّتُهُ وهُمُومُه التي تَغْمُرُهُ كما يَغْمُرُ الماءُ الشيءَ: إذا عَلاَهُ وغَطَّاهُ. والغَمْرُ: الماءُ المُغْرِق. وغِمارُ البُحور: جماعةُ الغَمْرِ. وغَمَرَ فُلانٌ فُلاناً: إذا علاهً بفضلِهِ. والغُمْرُ: مَنْ لم يُجَرِّب الأمور، وجَمْعُهُ: الأغْمار. قال: * وما أنَا بالغُمْرِ الغَرير ولا الغُفْلِ * ويُقالُ: رَجُلٌ غُمْرٌ وغَمْرٌ، مثل: بُخْل وبَخْل.

والغَمْر: السَّيْدُ المِعْطاء. وفُلانٌ غَمْرُ الرِّداء، أي: واسعُ المعروف. وعَيْشٌ غَمْرُ الرِّداء: واسعٌ. قال: غمرُ الرداء إذا تبسم ضاحكا ... غلقت لضحكته رقابُ المالِ والغِمْرُ: الحِقْدُ. والغُمَرُ: القَدَحُ الصَّغير. قال أعْشى باهلة. تكفيه حزة فلذ إن ألم بها ... من الشواء ويروي شربة الغُمَرِ ويُرْوى: حَرَّة فِلْذٍ. والتغميرُ: الشُّرْبُ القليل. والغامِر: ضدّ العامِر، تقولُ: دارٌ غامِرةٌ: خَرابٌ. وقولهم: دَخَلَ في غُمارِ النَّاسِ، أي: في مُجْتَمَعِهِمْ وفي تَغطيتهم. من قولهم: قَدْ غَمَرَ الماءُ الشيء: إذا غَطَّاه. ويقالُ: قَدْ غَسَلَ يَدَهُ من الغَمَرِ، أي: غطّى عَلَيْها من الرائحةِ المكروهة. والغَمَرُ: ريحُ اللَّحْم. قال ابن الأنباري: هذا مما تخطئُ فيه العَوامّ، إنّما هو خُمار النّاس بالخاءِ لا بالغَيْنِ، وهو جميعُهم، أي: اسْتَتَرَ بهم وتغَطّى، ومِنْهُ الخَمَرُ، وهو كُلُّ ما اسْتَتَرَ به الإنسانُ من شَجَرٍ وغَيْرِه. أنْشَدَ الفرّاء:

ألا يا زيدُ والضحاك سيرا ... فقد جاوزتما خمر الطريق وقولهم: رَجُلٌ غُفْلٌ أي: جاهِلٌ بأمْرِه لا يُعْرَفُ ما عِنْدَهُ. ورَجُلٌ غُفْلٌ: لا يُعْرَفُ [لَهُ] حَسَبٌ، والجميعُ: الأغْفَالُ. والغُفْلُ: الذي لا يُرجى خَيْرُهُ، ولا يُخافُ شَرُّهُ. وغَفَلَ الرَّجُلُ يَغْفُلُ غَفْلَةً وغُفُولاً. والتَّغافُلُ: التَعَمُّدُ. 2/ 188 والتَغَفُّل: خَتْلٌ عَنْ غَفْلَةٍ. وأغْفَلْتَ الشَّيْءَ: تَرَكْتَهُ غفلاً وأنْتَ له ذاكِرٌ. والمُغَفَّلُ: مَنْ لا فِطْنَةَ لَهُ. والغُفْلُ: سَبْسَبٌ بَعيدٌ لا علاَمَةَ فيه. وناقَةُ غُفْلٌ: لا سِمَةَ عَلَيْها. وطَريقُ غُفْلٌ: لا مَنَارَ فيه. [الغُرْفَةُ] الغُرْفَةُ: العِلِّيَّةُ يقالُ للسَّماءِ السَّابِعَةِ: غُرْفَة، قال لبيد: سوى فأغلق دون غرفة عرشه ... سبعاً شداداً دون فرع المعقل والغُرَفُ: منَازِلُ رفيعة. قال آخر:

قد بين الله في الفرقان ما وُعدوا ... بقوله غرفُ من فوقها غرف قيل: منازِلُ رفيعة فوقها منازِلُ أرْفَعُ منها. والغَرْفَةُ، بالفتح: المرَّة الواحِدة باليَدِ، وهو مَصْدَرُ: غَرَفتُ. والغُرْفَةُ، بالضم: مِقْدارُ مِلء اليَدِ مِنَ المَغْرُوف. وقرئ {إِلاَّ مَنْ اغْتَرَفَ غُرْفَةً} وغُرْفَةً بهما جميعاً. واخْتُلِفَ فيها، فقالَ بَعْضُهُمْ: غُرْفَة: يريدُ بالدِّلاءِ والأواني. وغَرْفَة: هو باليَدِ. وقيل: الغُرْفَة الاسم، والغَرْفَة المَصْدَر، وقيل: هُما لُغَتان. وقولهم: اللَّهُمَّ تَغَمَّدْنا مِنْكَ بَرَحْمَةٍ ومَغْفِرَةٍ أي: اسْتُرْنا، أُخِذَ مِنْ: قَدْ غَمَدْتُ السَّيْفَ في غمده: إذا سَتَرْتَهُ: ومنه حديث النبي صلى الله عليه [وسلم] "لا يَدْخُلُ أحْدٌ الجنَّةَ بِعَمَلِهِ، قيل: ولا أنْتَ يا رَسُولَ الله؟ قال: ولا أنا، إلا أنْ يَتَغَمَّدَني اللهُ برحمته" قال الشاعر: نصبن رماحاً فوقها جد عامرِ ... كظل السماءِ كل أرض تغمدا أي: ظِلُّ السماءِ يَسْتُرُ كُلِّ أرْضٍ ويُظِلُّها، وكذلك نَحْنُ نَقْهَرُ ونَغْلِبُ كُلَّ مُنازع. [المغْفِرَة] والمَغْفِرَةُ: التَّغْطِيَةُ، أي: اللهُمَّ اسْتُر عَلَيْنا وغَطِّ ذُنُوبَنا، وهو مَأخوذٌ مِنْ قَوْلِ

العَرَبِ: قَدْ غَفَرْتُ المتَاعَ في الوعاءِ أغْفرُهُ غَفْراً، أي: غَطَّيْتُهُ. تقولُ: اللهُمَّ اغْفِرْ لنا مَغْفِرةً وغَفْراً وغُفْراناً. وسُمِّيَ المِغْفَرُ مِغْفَراً لأنَّه يَغْفِرُ الرأسَ، أي: يُغَطِّيه. وقال أعْرابيٌّ لَرَجُلِ: اصْبغْ ثوْبَكَ أسْوَدَ فإنَّهُ أغْفَرُ لِلْوَسَخِ. يُريد: أنَّ الوَسَخَ لا يستبينُ فيه. وغَفَرَ اللهُ ذَنْبَهُ، أي: سَتَرَهُ اللهُ عليه. وتَغَمَّدْتَ فُلاناً: إذا أخَذْتَهُ تَحْتَكَ حتّى تُغَطِّيَهُ. ويقالُ: جاءَ القَوْمُ جَمَّاءَ الغَفيرِ، أي: بِلَفِّهِمْ ولَفيفِهِمْ. وفَسَّرَ ابنُ كَيْسانَ الجَمَّاءَ: بيضة الحديد، والغَفيرُ: الساترة الرأس، وضَرَبَهُ مَثَلا للإجماع، تقول: مَرَرْتُ بالقَوْمِ الجَمَّاءِ الغَفيرِ، فتضعه مَوْضعَ الحال، وفيه الألف. وقولهم: أبادَ اللهُ غَضْراءَهُم أي: خَيْرَهُمْ وغَضَارَتَهُمْ. والغَضْراءُ: [أرضٌ] طيبةٌ عَلِكَةٌ خَضْراء. ويُقَالُ: قَوْمٌ مَغْضُورُونَ: إذا كانُوا في خَيْرِ ونِعْمةٍ. وفُلانٌ قَدْ غَضِرَ بالمالِ والسَّعَةِ: إذا أخْصَبَ بَعْدَ 2/ 189 إقْتار. وإنَّهُ لَفي غَضَارَةِ عَيْشِ وغَضْرائِهِ. [والغضراءُ والغُضْرَةُ]: الأرْضُ لا ينبتُ فيها النَّخْلُ حَتَّى تُحْفَرَ وأعْلاها كَذَّانٌ أبْيَض.

وغَضَرَ الرَّجُلُ على كذا، أي: عَطَفَ عَلَيْه. وقَوْلُهُمْ: غُفَّةٌ مِنْ عَيْشٍ أي: بُلْغَةٌ يسيرة، كما قال: * وغُفَّةٍ مِنْ قَوامِ العَيْشِ تكْفيني * والغُفَّةُ: شَيْءٌ مِنَ العَلَفِ قليل. والفَارُ: غُفَّةٌ للسَّنَّوْر. الغَضبُ أصْلُهُ اسْتِعْظامُ المُنْكَرِ الذي يأتيه الجاني حتّى يَعُمَّ المنكر ويبلغ من قِبَلِهِ، فإنْ قال قائِلٌ: إذا كانَ هذا معنى الغَضَبِ، فكيفَ جازَ إضافَتُهُ إلى اللهِ عز وجل؟! قيل له: إنَّ هذه الصّفة لا تليقُ بِوَصْفِهِ تعالى، ولكنْ لّما كانَ ذلك أصْلهُ في كلامهم، خاطَبَهُمْ الله عز وجل بما يعرفونه، وهو مِنْهُ تبارَكَ وتعالى عُقُوبةٌ وانتِقام، ومِثْلُهُ في مجازِ القرآن كثير. ورَجُلٌ غَضُوبٌ غَضِبٌ غُضُبَّةٌ: شَدِيدُ الغَضَبِ كثيرُهُ. والغَضُوبُ: الحَيَّة الخبيثة. والغَضُوبُ: النَّاقَةُ العَبُوس. والتَّغْبِيضُ: أنْ يُريدَ الإنْسانُ البكاءَ فَلاَ يُجِيبُهُ. [الغَصُّ] الغَصُّ: الطَّرِيّ، والغَضِيضُ: الطَّرِيُّ.

والغَضُّ: الغَضَاضَةُ: وهي: الفُتُورُ في الطَّرْف. وتقولُ: غَضَّ وأغَضَّ وأغْضَى: إذا ناءَ بَيْنَ جَفْنَيْهِ ولا تَلاقٍ. قال: وأحمرُ عريضٌ عليهِ غضاضةٌ ... تعرض لي من حينه وأنا الرقمْ الدّاهية. قال جرير: فغُضِّ الطرف إنكَ من نمير ... فلا كعباً بلغتَ ولا كِلابا والغَضُّ: وَزْعُ العَدْلِ، أي: كَفُّهُ. والغَضْغَضَةُ: الغَيْضُ. والتَّغْضيِضُ: النُقْصان. وقولُهُمْ: غَمَضَ فُلانٌ النَّاسَ أي: تَهاونَ بهم وبِحقُوقِهِمْ. وكذلك غَمَضَ النِّعْمة: إذا كَفَرها واسْتَقَلَّها، وكذلك قَهَل قَهْلاً بهذا المعنى. وفُلانٌ مَغْمُوصٌ عَلَيْهِ في دِيِنِهِ: أي مَطْعونٌ عَلَيْهِ فيه. [الغسْلُ] الغَسلُ، بِفَتْح الغَيْنِ، المصدر، وبِضَمَّها تَمامُ غُسْلِ الجَسَدِ كُلِّهِ، وَبِكَسْرِها هو الخِطْمِيُّ. قال امرؤ القيس: ولمْ تُغسلْ جماجِمُهُمْ بغسلٍ ... ولكن في الدماء مُرَمَّلينا

والغَسُولُ: كُلُّ شَيْءٍ غَسَلْتَ بِهِ رَأساً أو ثَوْباً أو نَحْوَه. والمُغْتَسَلُ: مَوْضع الاغْتِسالِ، تصغيره: مُغَيْسَل، والجَمْعُ: المَغَاسِلُ والمَغَاسِيلُ. وغَسيلُ الملائكةِ: حَنْظَلَةُ بن عامر. قال النبيُّ صَلَّى اللهُ [وسلّم]: "رأيْتُ الملائكةَ يُغَسِّلُونَهُ وآخَرِينَ يَسْتُرونَهُ". [الغَمُوسُ] الغَمُوسُ: يَمينٌ لا استثْناءَ فيها يُقْتَطَعُ بِها حَقٌّ، سُمِّيَتْ غَمُوساً لأنَّها تَغْمِسُ صاحبَها في الذّنْب. وعن النبيِّ صلّى اللهُ عليه [وسلم]: "اليمينُ الغَمُوسُ تَدَعُ الدِّيارَ بَلاقعَ". 2/ 190 والمُغَامَسَةُ: أنْ يَرْميَ الرَّجُلُ بِنَفْسِهِ في الخَطْبِ. وقولهُم: في فُلانٍ غَمِيزَة أي: جَهْلَةٌ في العَقْل وَضَعْفَةٌ في العَمَل. تقولُ: سَمِعتُ مِنْهُ كَلِمةً فاغْتَمزْتُها في عَقْلِهِ. والمَغَامِزُ مِنَ المَعايب. وتَقُولُ: ما في هذا الأمْرِ مَغْمَزٌ، أي: مَطْمَع. والغَمْزُ بالجَفْنِ والحاجِبِ: إشارة. والغَمْزُ: العَصْرُ باليَدِ. جارِيةٌ غَمَّازَة: وهي الحَسَنَةُ الغَمْزِ لِلأعَضاء.

والغَمْزُ في الدّابَةِ منْ قِبَل الرَّجُل، والفِعلُ: تَغْمِزُ. [الغَلَطُ] الغَلَطُ: كُلُّ شَيْءٍ يَعْيا الإنْسانْ عَنْ وَجْهِهِ وإصَابَةِ صَوَابِهِ مِنْ غَيْرٍ تَعمُّدٍ. تقولُ: غَلِطَ يَغْلَطُ غَلَطاً. وتقولُ: غَلِتَ الرَّجُلُ في حِسابِهِ يَغْلَتُ غَلَتاً. وتَقُولُ: غلِطْتُ، في مَعْني: غَلِتُّ. والغَلَطُ في المَنْطِقِ، والغَلَتُ في الحسابِ خاصَّةً. قال النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم: "لا غَلَتْ على مُسْلِم". وقيل: هُنَّ لغَتانِ غلِطَ وغَلِتَ بمعنى. وقولهم: رَجُلٌ مَغْنُوطٌ أي: مَهْمُوم. والغَنْطُ: الهَمُّ اللاّزِمُ. وقَدْ غَنَظَهُ هذا الأمْرُ يَغْنِظُهُ ويَغْنُظُهُ، لُغَتان. وغَنَظْتُهُ وأغْنَظْتُهُ: إذا بَلَغْتُ مِنْهُ الهَمَّ. قال: ولقدْ لَقِيتُ فوارساً من رهطهم ... غنظُوك غَنْظَ جَرادةِ العَيَّار وقيل: الغَنْظُ: هو أشَدُّ الكَرْبِ، وهو إشْرافُ الرَّجُلِ على الموت.

وقولُهم: غَبَرَ فُلانٌ في المكان إذا مَكَثَ فيه، يَغْبُرُ غُبُوراً، والغَابِرُ: الباقي، والغَابِرُ: الماضي أيضاً، وهو من الأَضْداد، والأشْهَرُ عِنْدَهُمْ: الباقي. قال رؤبة: فَمَا وَنَى مُحَمَّدٌ مُذْ أنْ غَفَرْ له الإلُه ما مَضى وما غَبَرْ ومِنْهُ قَوْلُهُ تعالى {إِلاَّ عَجُوزاً فِي الْغَابِرِينَ}، أي: في الباقين. قال: تَغَزَّ بصبرٍ لا وجدك لن ترى ... سنام الحمى أخرى الليالي الغوابرِ وقال [وهو] مَحْكيٌّ [عن] عبد الله بن العباس: أحياؤُهُم خزيٌ على أمواتهم ... والميتون فضيحةٌ للغابر وقال الأعشى في معنى: الماضي: عضَّ ما أبقى المواسي له ... من أمه في الزمن الغابر أي: الماضي: وغُبْرُ اللَّيْلِ: آخِرُهُ. وغُبْرُ اللَّبَنِ: بَقِيَّتُهُ. قال جميل:

فكلّفت يوم البين من غُبْرِ الصبا ... نوى من جميع أسلكتها الأباعِرُ والغُبَّرُ: جَمْعُ غابِر. والغَبَرةُ: تَرَدُّدُ الغُبار، فإذا سَطَعَ سُمِّيَ غُبَاراً. والغَبَرُ: لَطْخُ غُبَارٍ. وعِرقٌ غَبِرٌ: لا يَزالُ مُنْتَقِضاً. قال: فهو لا يبرأ ما في صدره ... مثل ما لا يبرأ العرقُ الغَبِر والنَّاسُورُ: هو العِرْقُ الغَبِر. وداهِيةُ الغَبَر: التي لا يُهْتَدَى لِلْمَنْجَى مِنْها. قال الجرمازي: 2/ 191 * داهِيةُ الدَّهْرِ وصَمْصَامُ الغَبَر * وفلانٌ مُغْبِرٌ في عَمَلِهِ: دائمٌ لا يَفْتُر. [الغَداء] الغَداءُ: ما يُؤْكَلُ أوَّلَ النَّهار. والغِذاءُ: بالذّال: الطّعامُ والشّرابُ. واللَّبَنُ غِذَاءٌ للصَّبِيِّ وتُحْفَةٌ للكبير. تَقُول: غَذَا يَغْذُو غِذَاءً. وتقولُ: غَدَا غَدُكَ، وغَدَا غَدْوُكَ، ناقصٌ وتامٌّ. قال لبيد: وما الناسُ إلا كالديار وأهلها ... بها يومَ حلُّوها وغدواً بلاقعُ وغَدا يَغْدُو غُدُواً، واغْتدى يَغْتدي، مثل الغَدَوات.

والغُدى: جَمْعُ غُدْوة. قال: بالغُدَى والأصائِلِ والغَدَوِيُّ: كُلُّ ما في بُطُونِ الحوامِل، ورُبَّما جُعِلَ في الشَّاءِ خاصَّة. والغِذَاءُ: السِّخَالُ الصِّغَارُ، الواحِدُ: غِذِيٌّ. وقولُهُم: شَابٌّ غُرانِق وغُرْنُوق وهو الأبْيَضُ الجميلُ. قال: ألا إن تطلابي لمثلك زلةٌ ... وقد فات ريعانُ الشبابِ الغُرانِقُ والغِطْرِيفُ: السَّيِّدُ الشَّريفُ، وقيل: هو الفَتَى الجميل. وقولهم: رَجُلٌ غِطْرِسٌ وقوم غَطارِسٌ أي: جَسُور. تَغَطْرَسَ على كَذَا: إذا جَسَرَ عليه. والغَطْرسَةُ: الإعْجابُ بالنَّفْسِ والتَّطاوُلُ على الأقران، تقولُ: رَجُلٌ مُتَغَطْرِسٌ. قال: كمْ فيهم من فارس متغطرس ... شاكي السلاح يَذُودُ عن مكروبِ وقولهم: هذا غَيْبٌ أي: شكَ. والغَيْبُ: ما غابَ عن الإنْسانِ فَلَمْ يُشَاهِدْهُ.

يقالُ: غَابَ يَغِيبُ غَيْباً وغَيْبَةً. والمُشَاهَدُ: ما شاهَدَهُ: وقوله تعالى: {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ}، قال بَعْضُهُمْ: بالجَنَّةِ والنَّارِ والبَعْثِ بعْدَ المَوْتِ والحِسَاب، هذا غَيْبٌ لم يَرَوْهُ بَعْدُ. وقال عَطَاء: الغَيْبُ هو الله، مَنْ آمَنَ بالغَيْبِ فقد آمَنَ بالله، وهو قَوْل ابن عباس، واحتج بقولِ أبي سُفْيانَ بن الحرث: وبالغيبِ آمنا وقد كان قومنا ... يصلون للأوثان قبل محمدِ صلى الله عليه وسلم. وقيل: ما أخْبَرَهُمْ به الرسولُ مِنْ أخْبارِ الأمَمِ وغَيِْرِها، وكُلُّ غَيْبٌ. والغَيْبَةُ من الغَيْبُوبَةِ. وتقول: أغَابتِ المرأةُ فهي مُغِيبةٌ: إذا غابَ عَنْها زَوْجُها. وغابَ الرَّجُلُ يَغيبُ غَيبَةً, وقال عَبيدُ بن الأبرص: وكل ذي غيبةٍ يؤوب ... وغائب الموتِ لا يؤوب والغِيبَةُ مِنَ الاغتيابِ. وغَبا فُلانٌ غَبَاوةً فهو غَبِيٌّ: إذا لم يَفْطُنْ لِلخِبِّ وغَيْرِهِ. [غبب] والخِبُّ: الخَدِيعَةُ، والغِبُّ: وِرْدُ يَوْمٍ وظَمَأُ يَوْمٍ. وفي الحديث: ":زُرْ غِبَّاً تَزْدَدْ حُبَّاً".

وتقول: ما يَغُبُّهُمْ لُطْفي. وتقول: لهذا الأمْرِ مَغَبَّةٌ طيِّبةُ، أي: عاقبة. 2/ 192 وَغَبَّتِ الأمورُ: صارَتْ إلى أواخِرِها. قال: * غِبَّ الصَّباح يَحْمَدُ القَوْمُ السُّرى * وَغَبَّ اللَّحْمُ يَغُبُّ غُبُوباً فهو غَابٌّ إذا تَغَيَّرَ. وكذلك الثِّمارُ. [الغِبْطَةُ] الغِبْطَةُ: حُسْنُ الحالِ، وهو مَغْبُوطٌ ومُغْتَبِطٌ. وبَيْنَ المَغْبُوطِ والمَحْسُودِ فَرْقٌ، فالمَغْبُوطُ الذي تَغْبِطُهُ بما عِندَهُ وتُحِبُّ لِنَفْسكَ مِثْلَهُ مَنْ غَيْرِ أنْ يَزُول ذلك عنه، والمحسودُ الذي تَحْسِدُهُ على ما عِنْدَهُ وتُحِبُّ ذلكَ أنْ يكونَ لكَ دُونَهُ ويزولَ عَنْهُ. قال: لكل أخي بغضاء عندي حيلةٌ ... بشيءٍ وإنْ أعيا علي احتيالُها سوى حاسد النعماء يبدو جمالُها ... علي فلا يرضيه إلا زوالها وقولهُمْ: غَلاَ السِّعْرُ يَغْلُو غَلاءً، ممدوداً: إذا ارْتَفَعَ وجاوَزَ حَدَّهُ. والإنْسانُ يَغْلُو في الأمْرِ غُلُوّاً: إذا جاوَزَ حَدَّه، كما غَلَتِ اليهودُ في دينها: قال الله تعالى {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ} أي: لا تُجاوزوا الحَدَّ ولا تَرَفَّعوا

عن الحقّ. قال أبو عُبَيْدة: الغُلُوُّ هو الاعتداء. وأغْلَيْتُ الشَّيْءَ في الشراء: إذا غَالَيْتُ به. والغَلاَءُ ضِدُّ الرُّخْص. قال: ابتعتُ طيبة بالغلاء وإنما ... يعطي الغلاء بمثلها أمثالي وتركت أسواق القباح لأهلها ... إن القباح وإن رخصن غوالي والرَّجُلُ يَغْلُو بالسَّهْمِ غَلْوا، والسَّهْمُ نَفْسُهُ يَغْلُو. والمُغالي بالسَّهْمِ: الرّافعُ يَدَهُ يُريدُ به أقْصى الغاية، قال: وإنّ السهم يرميه المغالي ... فيرقى ثم غايته النزولُ وكلُّ مَرْماةٍ مِنْ ذلك: غَلْوة. والمِغْلاةُ: سَهْمٌ يُتَخَّذُ لِمُغالاَةِ الغَلْوَةِ. وفي لُغَةٍ مِغْلَى مُذَكَّرة. والفَرْسَخُ التامُّ: خُمْسٌ وعِشرونَ غَلْوَةً. والدابَّةُ تَغْلُو في سَيْرِها غَلْواً. والغلْوُ: أوَّلُ الشّبابِ. قال: فمضى على غُلوائه وكأنَّهُ ... نجمٌ سرتْ عنهُ الغيوم فلاحا وقولهم: عَلَى بَصَرِهِ غشاوة الغشاوة: ما غَطَّى العَينَ فَمَنَعَها عن النَّظَرِ، يقالُ: غِشَاوة وغَشاوة وغُشَاوة، والكَسْرُ أفْصَحُ.

وغشْوَة وغِشْوَة وغُشْوَة، والفَتْحُ أفْصَحُ. قال الحارث بن خالد المخزومي: تبعتك إذ عيني عليها غشاوةٌ ... فلما انجلت قطعتُ نفسي ألومها والغاشِيةُ: القِيامَةُ. وغِشْيانُ الرّجُل المَرأةَ: إتْيَانُهُ إيّاها، والاسم: الغِشْيان، والفِعْلُ: غَشِيَ يَغْشَى. [غاضَ الماءُ] غَاضَ الماءُ: أي: نَقَصَ وَغَارَ، يَغِيضُ غَيْضاً ومَغَاضاً. 2/ 193 والمَغِيضُ: المَوْضِعُ الذي يَغيضُ فيه، وكذلك المَغَاضُ. وَغِيضَ ماءُ البَحْرِ فهو مَغيضٌ، مَفْعولٌ به. وتقول: غِضْتُهُ أنا غضْتُه، أي: فَجَّرْتُهُ إلى مَغِيض. وانْغاضَ الماءُ حِجازية. والإغْضَاءُ: إدْناءُ الجُفُونِ. قال لبيد: فانْتَضَلْنا وابنُ سلمى قاعدٌ ... كعتيق الطير يُغضي ويجلْ ابنُ سَلْمى: النُّعْمانُ بنُ المُنْذِر. كعِتَاقِ الطير: كَكُرْكِيِّها وما يُصادُ مِنْها. يُغْضِي: يكُفُّ طَرْفَهُ. ويُجَلْ: ينظر.

وتقولُ: غَضَوْتُ على القَذَى، أي: سَكَتُّ، ويُقالُ: أغْضَيْتُ. قال: أغْضَى على مضض الأمورِ وغمضَا ... ومضى إلى حيث القضاء به مضى وليلٌ غاضٍ، يَغْضُو غَضُواً وغضواً: إذا غَشَّى على كُلِّ شَيْء. وغَيْضُ الأرْحامِ، قال ابن عباس: غيضوضةَ الرحم: ما ينقص من التِّسْعَةِ أشْهُر، وما يزداد عليها. قال مجاهد: هي المرأة التي ترى الدَّمَ في الحمل، فذلك الدّمُ في حَمْلها نَقْصٌ من الولدِ بقدر ما خرج منها من الدّم يُزَادُ على ميقاتِ الحبل ثُمَّ يُتِمُّ الوَلَدُ ما نَقَصَ ممّا خَرَجَ منها من الدم. قال أبو عبيدة: ما تُخْرِجُ مِنَ الأوْلادِ وممّا كان فيها، وما يكونُ مَنْ غَيْرِ الأولاد، و {وَمَا تَزْدَادُ} أي: ما تُحْدِثُ وتَحْدُثُ {وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ} وهو (مِفْعالٌ) مَنَ القَدَرِ. وقال القُتَبي {وَمَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ} أي: ما ينقص في الحَمْلِ عن تِسْعَةِ أشْهُر من السَّقط وغَيْرِهِ وما يزدادُ على التسعة. وقولهم: رَجُلٌ غَوْدَقَةٌ الذي يَتَعَلَّقُ بكلّ شَيْء، يُشَبَّهُ بالغَوْدَقَةِ: وهي التي تَخْرُجُ بها الدَلْوُ من البئر، وجَمعُها غَوادِقُ. وماءٌ عَذْبٌ غَدِقٌ، ومنه قوله تعالى {وَأَلَّوْ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقاً} قال ابن عباس: كثيراً جارياً، وأنْشَدَ:

بذي كراديس مُلتفاً حدائقها ... جادت بنبتٍ بها أنهارها غدقا ومَطَرٌ مُغْدَوْدِق: كثيرٌ. والغَيْدَقُ: النَّاعِمُ، وهو الغَيْداق والغِيداق والغَيْدَقان. قال: بعدَ التصابي والشبابِ الغيدقِ ... أزمان إذ نحنُ بعيش دغفقِ أي: واسع آخر: رُبَّ خليلٍ ليَ غَيْداقٍ رَفِلْ وقولهم: سَمْعْتُ غِطَاطَ الغَطَاطِ في الغُطَاطِ فالغِطاطُ: الصَّوْتُ. والغَطَاطُ: القَطَا. والغُطَاطُ: السَّحَرُ. وقال الخليلُ الغِطَاطُ: طَيْرٌ كالقَطَا غُبْرٌ. قال:

ومَنهلٍ وردته التقاطا ... طام فلم ألق به فراطا 2/ 194 إلا القطا وأربُداً غطاطا ... فهن يلغطن به إلغاطا كالتُّرْجُمانِ لَقِيَ الأنْبَاطا التقاطا: مفاجأة واتفاقا من غَيْرِ قَصْدٍ، وكذلك: وَرَدْتُهُ لعاناً وإبلاطاً، بمعنى. والفُرّاطُ: هم المتقدّمون. وواحد الغَطَاط غَطَاطَةٌ. يُلْغِطْنَ: يَصِحْنَ. يقال: لَغَطَ يَلْغَط لَغْطاً ولَغَطَاً. وألْغَطْنَ يُلْغِطْنَ إلْغَاطاً: إذا صِحْنَ وسَمِعْتَ لَهُنَّ لَغَطاً، أي: صَوْتاً، وأكْثَرُ ما يقالُ ذلكَ فيما لا يُفْهَمُ. والتُّرْجُمانُ: المُعَبِّرُ اللغتين المُخْتَلِفَتَيْنِ، وهو مُعَرَّبٌ من (تركمان)، ويُجْمَعُ تراجِمَة وتَراجِم، وفِعْلُهُ: تَرْجَمَ يُتَرْجِمُ تَرْجَمةٌ. قال: إنَّ الثمانين وبُلِّغْتُها ... قد أحوجت سمعي إلى تُرجمان والأنْباطُ: جمع نَبَط، سُمُّوا بذلك لاستنباطِهم المياهَ، وهم الغَيَطَاءُ أيضاً، والنسبة إليهم: نَبَطِيّ ونَباطِيّ ونِباطيَ. الأمثال على حرف الغَيْن غَمَراتٌ ثُمَّ يَنْجَلينا. أغُدَّةً كَغُدَّةِ البَعيرِ ومَوْتاً في بَيْتِ سَلُولَّية؟! أغَيْرَةً وَجُبْناً؟! غَثُّكَ خَيْرٌ مَنْ سَمِينِ غَيْرِك. غَادَرَ وَهْيَةً لا تُرْفَعُ

حرف الفاء

بسم الله الرحمن الرحيم حرف الفاء

بسم الله الرحمن الرحيم حَرْفُ الفاءِ الفاءُ شَفَوِيَّة، وعددُها في القُرآن ثمانية آلاف وستمائة فاءٍ، وفي الحساب الكبير مائتان، وفي الصَّغير ثمانية والفاءُ تُشْرِكُ بين الأمْرَيْنِ كالواو، وتَفْصِلُ بينهما، لأنَّك إذا قُلْتَ: مَرَرْتُ بزيدٍ فَعَمْرو لم يُشكَّ أنَّك مَرَرْتَ بعمروٍ بَعْدَ مُرُورِكَ بِزَيْد. والواو تُشْرِكُ ولا تَفْصِلُ، لأنَّكَ إذا قُلْتَ: مَرَرْتُ بِزَيْدٍ وعَمْرو، أشْرَكْتَ بَيْنَهُما ولم تَدُلَّ على أنّ الآخر بعد الأوَّل، والفاء قد يُنْسَقُ بها. قال امرؤ القيس: فتوضح فالمقراة لم يعفُ رسمها ... لما نسجتها من جنوبٍ وشمألِ فتُوضحَ فالمِقْراة نَسَقٌ على الدُّخُولِ فَحَوْمَلِ. والفَاءَ حَرْفٌ يصلُ ما بَعْدَهُ بِما قَبْلَهُ، تقولُ: فَفَعَلْتُ كذا، فالفاءُ واصِلةٌ ما يجيء بَعْدَها مَنَ الكلام بما كانَ قَبْلَها. قال عنترة: فبعثتُ جاريتي فقلتُ لها اذهبي ... فتجسسي أخبارها لي واعلمي والفاءُ تكونُ فيها مُهْلةٌ، وهي تُضْمَرُ في بعض الأحايين ولا تَظْهَرُ، فمنهُ قوله تعالى {إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ}. قال: من يفعل الحسنات الله يشكرها ... والشر بالشر عند الله مثلانِ مجازه: فالله يَشْكُرُها.

ومَنْ قال: اخْتَصَمْ زيدٌ فعمرو، كانَ مُحالاً، لأنَّ الفاءَ فيها مُهْلَة. وكذلك: اخْتَصَمَ زَيْدٌ ثُمَّ عَمْرو مُحال لأنّ (ثُمَّ) فيها مُهْلةٌ وسكتة. 2/ 195 وكذلك اخْتَصَمَ زَيدٌ لا عمرو، محالٌ من الكلام، لأنّ (لا) نفي. والعَرَبُ تَسْتَأنِفُ بالفاءِ عِنْدَ تَمامِ الكلام. قال الله تعالى {وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} أي: مِنَ الأمم، وتَمَّ الكلامُ، ثم اسْتَانَفَ بقوله تعالى {فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ}. ومنذ لك قولُ عَنْتَرة: يا دار عبلة بالجواء تكلمي ... وعمي صباحاً دار عبلة واسلمي فوقفت فيها ناقتي فكأنها ... فدنٌ لأقضي حاجة المتلومِ وتكونُ جَزَاءً وتكونُ نَسَقاً. والفاءُ إذا كانَتْ جواباً لأمْرٍ أو نَهْيٍ أو اسْتِفْهام، أو تَمَنُّ أو جُحُودٍ أوْ نَفْيِ أو دعاء فهي تَنْصب. فالأمْرُ والنهي نحو: ائْتِنا فَنُكْرِمَكَ وائِتنا فَنُعْطِيَكَ، ولا تأتِهِ فَيَضْرِبَكَ، قال الله تعالى {لا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِباً فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ} قال: يا ناقُ سيري عنقاً فسيحاً ... إلى سليمان فتستريحا وهذه جوابُ الدُّعاء والاستفهام: أعِنْدَكَ شَيْءٌ فَنَأتِيَكَ؟!

والتمنّي: ليتَكَ عنْدنا فَنُكْرمَك. قال الله تعالى: {يَا لَيْتَنِي كُنتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً} ومِثْلُهُ: {يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ}. والنّفيُ: لا مالَ لكَ فَنُكْرِمَكَ. والجُحودُ: ما أنْتَ بصاحبي فَأُعْطِيَكَ. فإنْ جاءت الفاءُ ولم تَكُنْ جواباً لهذه الستة وهي رفع، تقول: أنا أتَيْتُكَ فتكْرِمُني وأنْتَ تأتيني فَاكْرِمُكَ. ويدخُلُ الرَّفعُ في هذا الباب. تقول: ما تأتينا فتحدّثُنا، بالرَّفْع والنَّصْب، ومَثَلُ النصب قَوْلُه {لا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا}. ومَثَلُ الرّفع قوله {وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ}، هذا جوابُ النَّفْي، وهو مَوْضعُ نَصْبٍ، وإنَّما ارتَفَعَ لأنَّ النَّفْيَ إذا دَخَلَ بَيْنَهُ وبَيْنَ الجوابِ كلام مرفوعٌ، فهو رفع {وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ} كلامٌ بَيْنَ نَفْي وجواب، فإذا لم يَكُنْ بَيْنَهُما كلام، فالجوابُ منصوب، ألا ترى أنه قال: {لا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا} والنَّصْبُ في حَذْفِ النّون، لأنَّهُ (فيموتون) فلّما لم يكُنْ بَيْنَ النَّفْي والجوابِ كلامٌ مرفوعٌ نصب الجواب. وقال بَعْضُهُمْ في قوله تعالى {فَيَعْتَذِرُونَ} قال: هو في معنى: لا يُؤْذَنُ لهم بالاعتذار وهم يَعْتَذِرون، قال {لا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ} فهذا يدلُّ أنَّهُمْ يعتذِرون. وقال بَعْضُهم: إنَّما هي ساعاتٌ: لا ينطقُون وساعة يَعْتَذِرُون. وقال تعالى {وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً} هذا جوابُ النفي، فرفع لأنه ردّه على قوله {لَوْ تَكْفُرُونَ}

والتَّمنّي إذا كانَ بَيْنَهُ وبَيْنَ الجوابِ كلامٌ مَرْفوعٌ جاز أن يُرْفَعَ الجوابُ ويُنْصَبَ، وكذلك في جواب الاستفهام، قال الله تعالى {أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا}، نَصَبَ لأنّه جوابُ الاستفهام، بالفاء فنُصِبَ. 2/ 196 ومن جوابِ الاستفهام، تقولُ هل يقومُ زيدٌ فأُكْرِمَهُ؟! نَصَبْتَ (أكْرِمَهُ) لأنّهُ جوابُ الاستفهام. وقدْ رَفَعَهُ بعض القُرّاء لأنَه جَعَلَهُ نَسَقاً على (نفرض). وتقولُ: ما قامَ زيدٌ فأُكْرِمَهُ، نُصِبَ بالفاء لأنّه جوابُ الجَحْدِ. وتقولُ: لَيْتَ لك مالاً فتتصَدَّقَ منه، فنَصَبَ (تتصدّق) بالفاء لأنّها جوابُ التّمنّي. وتقولُ: يَغْفِرُ الله لِزَيْدٍ فَيْدْخِلَهُ الجنَّة، فتنصبُ (يُدْخِلَ) بالفاء لأنّها جوابُ الدُّعاء. والعَرَبُ تَجْعَلُ الفاءَ تنوبُ عن خبرٍ معها مُضْمَر، قال الله تعالى: {فَنَقَّبُوا فِي الْبِلادِ}، أي: عمرناهم فنقبوا في البلاد. والله أعلم. قال ابن أحمر: من جُند نعمان لما أن تضمنهم ... درب الجنود فساروا بعدُ أو نزلوا أي: فلم أعْلَمْ بَعْدَ ذلك أساروا أم نزلوا أو لِمَ أنالُ بعد ذلك. قال ابن عنزة: قتلتُ أباها على حبها ... فتمنع إن منعتْ أو تنيلُ أي: فما شاءت بَعْدَ ذلك أنْ تَفَعَلَ.

في في: حرْفُ وعَاءٍ وحَرْفُ جَرّ، لأنَّكَ إذا قُلْتَ: جَعَلْتُهُ في الكيس وفي البَيْتِ، فإنّما صار الكِيسُ والبيْتُ وعاءً. تقول: اللَّبَنُ في الوَطْبِ، والسَّمْنُ في النُّحي، والتَّمْرُ في الظَّرْفِ، فهي حَرْفُ وعاءٍ. وقد تكونُ (في) على سبعة أوجه، وقد ذَكَرْتُها في باب الصّفات. فم في فَمِ أربعُ لغات، مِنْهُمْ مَنْ يُعْرِبُهُ من جِهَتَيْنِ: من الفاءِ والميمِ فتقولُ: فُمُكَ، ورَأيْتُ فَمَك، وأخْرَجْتُهُ مَنْ فِمِكَ. ومنهم مَنْ يُعْرِبُهُ مِنْ جهة واحدةٍ من الميم، ويُلزِمُ الفاءَ الفَتْحَ في كُلِّ حال: هَذَا فَمٌ، ورأيْتُ فَمَاً، وأخرجْتُهُ مِنْ فَمِهِ. وعن يونس أنّ من العَرَبِ مَنْ يُلْزِمَ الفاءَ الكَسْرَ في كُلِّ حالٍ، وهو على هذا الوَجْهِ مُعْرَبٌ مِنْ جهةٍ واحدةٍ أيضاً. قال زهير: بَكَرْنَ بكوراً واستحرن بسحرةٍ ... فهن ووادي الرس كاليد في الفم ويقالُ: هذا فُوكَ، ورأيتُ فاكَ، وأخرجْتُهُ مِنْ فِيكَ. قال العجاج: * خالَطَ من سَلْمَى خياشِماً وَفَا * يعني: وَفَماً. وأصل (فم): فوْه، الدليلُ قَوْلُهُمْ: فُوَيْه، في التَّصغير، وأفوّاه، في الجمع، غَيْرَ أنَّهُمْ أبدلوا مكانَ الواوِ ميماً وحَذَفوا الهاء، فقالوا: فَمْ، مثل: يَدْ، ودَمْ. وإنّما

قالوا: هذا فوك وفوه، لِلْغَير، وهذا فِيَّ، إذا أضافوا إلى أنْفُسِهِمْ، ولم يقولوا: فَوي، كما قالوا للغير: فُوهُ، لأنَّ ياءَ الإضافة لا يجُاوِرُها إلا حَرْفٌ مكسور، فلما انكَسَرتْ الواو انْقَلَبَتْ ياءً وأُدْغِمَتْ في الياء التي بعدها، فقالوا: فِيَّ، وفُتِحَتْ الياءُ لاجتماع الساكنين. قال: كلانا يا أُخي يحب ليلى ... بفي وفيك من ليلى الترابُ أي: بفمي وفمِكَ. آخر: 2/ 197 قالت الضفدعُ قولاً ... فسرته العلماءُ في فمي ماءٌ وهل ينطقُ ... من في فيه ماءُ فجاتا باللُّغَتَيْن جميعاً. قال الخليل: أصْلُ فَمْ: فوه، والجمع أفواه، والفِعْلُ فَاه يَفُوهُ: إذا فَتَح فاهُ للكلام. وقيل: إنه تُجْعَلُ الواوُ في (فَمَوَيْن) بدلاً من الذاهبة، فإنّ الذاهبة هاءٌ وواو، وهما إلى جنبِ الفاءِ، ودَخَلَتْ الميم عوضاً منهما، والواو في (فَمَوَيْن) دَخَلَتْ بالغَلَط. قال الفرزدق: هما نفثا في فيَّ من فمويهما ... على النابح العاوي أشدُّ لجامي

وعن المفضَّل بن سَلَمة الضَّبيَ: فَهَوَيْهِما. قال: وغلط لأنَّ الميم مكان الواو، فكان ينبغي إذا أراد يبلغ به الأصل أن يقول: فوهَيْهِما. قال رَجُلٌ مِنْ بَلْهُجَيْم: فقُلتْ لها: فاها لفيك فإنَّها ... قلوص امرئٍ قاربك ما أنت حاذِرهُ وهذا من أمثالهم في الدعاء، بمعنى: الخَيْبَةُ لَكَ، وتريد: جَعَلَ الله لِفيكَ الأرْضَ، كما يُقالُ: بِفيكَ الحَجَرُ، وَبِفيكَ الأثْلَبُ، وهو التُّرابُ. وقاريك، بمعنى: يَقْرِيكَ، مِنَ القِرى. وحُكي عَنْ بَعْضِ العَرَب أنَّهُ سَلَّمَ إلى بِنْتٍ له صَغيرةٍ قِرْبَةً وأمَرَها بِمَسْكِها فَغَلَبْتها، فقالت له: يا أبَتِ: أشْدُدْ فَاها، غَلَبَني فُوها، لا طاقة لي بفيها. ورَجُلٌ أفْوَهُ: واسع الفمِ. وفيِّهٌ: أكُولٌ. وقولهم في اسم الله تعالى: فاطر السَّموات والأرض أي: خالقهنّ. وفَطَرَ اللهُ الخَلْقَ، أي: خلَقَهُمْ وابَتَدأ صَنْعَةَ الأشيْاءِ. والفِطْرَةُ: الدّين الذي طُبِعَتْ عَلَيْهِ الخَلِيقة، فَطرهُمُ اللهُ على مَعْرِفَتِهِ والإقْرارِ بِرُبُوبِيَّتِهِ. ومِنْهُ حديثُ النبيّ صلى الله عليه [وسلم]: "كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ على الفِطْرةٍ حَتَّى يكونَ أبواهُ اللَّذانِ يُهَوِّدانِهِ ويُنَصِّرانِهِ ويُمَجِّسانِهِ". ولهذا الخبرِ تفسيرٌ عن أقوامٍ يكثر، وهو في كتاب الضّياء إن شاء الله.

والفِطْرُ: تَرْكُ الصَّوْمِ، يُقالُ: أفْطَرَ الرَّجُلُ وأفْطَرْتُ فُلاناً وفَطَّرْتُهُ. وفي الحديث: "أفْطَرَ الحاجِمُ والمحْجُومُ" قال بعض: غُشِيَ على المَحْجُوم أو كادَ، فصبَّ الحاجِمُ في فيهِ ماءً فرآه النبي صلى الله عليه [وسلم] فقال: أفْطَرَ الحاجِمُ والمَحْجُوم. قال الناسخُ: ويُوْجَدُ في رواية أنّ الحاجِمَ والمَحْجُوم كانا يغتابان في هذه الحال، والله أعْلَمُ. [الفتّاحُ] الفَتَّاحُ في كلامِهِمْ: الحاكِمُ، ومنهُ قوله تعالى {إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمْ الْفَتْحُ}، أي: إنْ تَسْتَفْضوا فقد جاءكم القضاءُ. و {مَتَى هَذَا الْفَتْحُ} أي: القضاء. قال: ألا أبلغْ أبا عصمٍ رسولاً ... فإني عن فتاحكم غني ومنه {رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ} أي: اقْضِ بَيْنَنَا. قال الفراء: أهْلُ عُمان يُسَمُّونَ القاضي: الفَتَّاح. 2/ 198 والفَتَّاح والفَتْحُ: القَضاء، ومنهُ قوله تعالى: {قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا}، أي: يقضي. {وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ}. ابنُ عَبَّاس قال: ما كُنْتُ أعْرِفُ ما فاطِرُ السمواتِ والأرْضِ حتّى أتياني أعرابيّان يختصِمان في بئر، قال أحدهما: أنا فَطَرْتُها، أي: ابتدأتُها. البُكَيْريُّ عن ابن عباس قال: جَمَعْتُ غريبَ القرآنِ كُلَّهُ إلا خَمْسةَ أحرف: قوله

{الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ} وقوله {ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ} وقوله {أَتَدْعُونَ بَعْلاً} وقوله {رِدْءاً يُصَدِّقُنِي} وقوله {مَقَالِيدُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ}. فأمَّا الفَتَّاحُ فإنّي تزوَّجْتُ امرأةً مِنْ حِمْيَر، فَوَقَعَ بَيْني وبيْنَها كلامٌ، فقالت: بيني وبَيَنكَ الفتَّاحُ. فقُلْتُ: ما الفتَّاح؟ فقالت: القاضي. وفي خبر آخرَ عنه: ما كُنْتُ أعْرِفُ ما الفَتّاح في القُرآن حَتَّى سَمِعْتُ امرأةً تقولُ لِزَوْجِها، وقد جرى بَيْنَهُما خُصُومة: بَيْني وبَيْنَكَ الفَتَاح، فعلِمْتُ أنّه الحاكم. وفي خبرٍ آخر عنه: ما كَنْتُ أدري قوله {رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ} الآية، سَمِعْتُ بِنْتَ ذي يَزَن الحِمْيَري وهي تقولُ: هَلُمَّ أُفاتِحْكَ، يعني: أقاضيك. وقولُه: {لَنْ يَحُورَ} فإنّي رَأيْتُ أعرابياً قد عَدَتْ عَنْهُ ناقَةٌ له، وهو يَدْعُوها ويقولُ: حُوري حُوري، أي: ارْجِعي ارْجِعي. قال الشاعر: وما المرء إلا كالشهاب وضوئه ... يحور رماداً بعد إذ هو ساطعُ وقوله {أَتَدْعُونَ بَعْلاً} فقلتُ: البَعْلُ: الزَّوْجُ الذي نَعْرفُ، فرأيْتُ أعرابياً يضربُ أمَةً أو ناقةً له، فقلتُ: لِمَ تَضْرِبُ هذه؟ فقال: أنا بَعْلُها، أي: رَبُّها. فقلت: أتَدْعُونَ صَنَماً رَبّاً؟! وأمّا {رِدْءاً يُصَدِّقُنِي} فإنّى كُنْتُ مُنْحَدراً، فأصابني ظَمَأٌ شَديدٌ، فأتَيْتُ أعرابياً، فاسْتَسقَيْتُهُ، فقال: أنْتَ رِدْئي، قُلْتُ: وما الرِّدْءُ؟ قال: أمَا قَرَأتَ القُرآنَ؟ قُلْتُ: هو الذي اضطرّني إلى سؤالِكَ. قال: ما سَمِعْتَ قَوْلَ مُوسى عليه السلام: {رِدْءاً يُصَدِّقُنِي} وهو الشَّريكُ والمُعين. وأمَّا {مَقَالِيدُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ} فإنّي كُنتُ حاجَّا ورأيْتُ غُلاماً أعرابياً معه

مِفْتاحٌ، وهو ينادي: لِمَنْ هذا الإقْليد؟ فَعَرَفْتُ أن مَقَاليد: مفاتيح. قال البُكَيْريّ: يُقالُ في واحِدِها: إقليد ومِقْليد ومِقْلاد. والإقْليدُ: المِفْتاحُ، بلغة اليَمَن. قال تُبَّعُ حَيْثُ حَجَّ البَيْتَ: وأقمنا به من الدهر سبتاً ... وجعلنا لبابه إقليدا السَّبْتُ: الدَّهْر، وقيل: سِتُّون سَنَةً. قال لبيد: وعمرتُ سبتاً قبل مجرى داحس ... لو كان للنفس اللجوج خلودُ ويُرْوى: وعمّدتُ دَهْراً. وقال قومٌ في قوله {إِنْ تَسْتَفْتِحُوا} أي: تَسْتَنْصِروا فَقَدْ جاءكُمُ النّصْرُ. 2/ 199 وفي الحديث "أنّ النبيَّ صلى اللهُ عليه [وسلم] كانَ يَسْتَفْتِحُ بصعاليكِ المهاجرين" أي: يَسْتَنْصِرُ. والاسْتِفْتَاحُ: الانتصار. واسْتَفْتَحْتُ الله على فلان، أي: سألْتُهُ النَّصْرَ عليه. والفَتْحُ: أنْ تَحْكُمَ بَيْنَ مَنْ يَخْتَصِمُ إليْكَ. والفَتْحُ: نَقيضُ الإغْلاقِ. والفَتْحُ: افتتاحُ دار الحَرْب. والفَتْحُ: النَّصْرُ. والفُتْحُ، بالضمّ: الواسع. بابٌ فُتْحٌ، أي: واسع.

رُوِيَ عن أبي الدَّرْداء أنّه أتى بابَ مُعَاويةَ فَلمْ يأذَنْ له، فانْصَرَفَ وهو يقولُ: مَنْ أتى باباً فَلَمْ يُفْتَحْ له وَجَدَ إلى جنبه باباً فُتْحاً. وفَوَاتحُ القُرآنِ: أوائِلُ السُّوَرِ. وفاتحةُ الكتابِ: الحَمْدُ، ويُقالُ لها أيضاً: أُمّ الكتاب. وافتتاحُ الصلاةِ: التكبيرةُ الأولى. وفَتَحْتُ الباب، مَخَفَّف، يريدُ: مرَّةً واحدةً. وفَتَّحْتُ، مُثَقَّل، مراراً. وقَرأ قَوْمٌ في الزّمر {فُتِحَتْ} و {فُتِّحَتْ} بالتثقيل، أرادوا: فَتْحاً بَعْدَ فَتْحِ. وقرأ الحَسَنُ وحَمْزَةُ والكوفيون فُتِحَتْ {وفُتِحَتْ} بالتخفيف، أرادوا: فَتْحاً واحداً. وقولهم: فلان فقيه مُفْلِقٌ معناه: فُلان تقديرُهُ: فُعَال، وتَصْغيرُهُ: فُلَيْن، وقيلَ أصله: فُعْلان، حُذفَتْ مِنْهُ واوٌ أوي اءٌ، كما حَذَفُوا منَ الإنسان، وتصغيرُهُ على هذا: فُلَيَّان، وحُجَّتُهُمْ: فُل بن فُل، كقولِهِمْ: هيّ بنُ بيّ، وهَيَّان بنُ بَيَّان. وفُلانٌ وفُلانةٌ مِنْ أسماءِ النّاس، معرفة، لا يَحْسُنُ فيها الألِفُ واللاّمُ. ويقالُ: هذا فُلانٌ آخر لأنّه لا نكرة [له]، ولكنّ العَرَبَ إذا سَمَّتِ الإبِلَ قالوا: هذا الفلانُ، وهذه الفُلانَةُ، فإذا نَسَبْتَ قُلْتَ: فُلانٌ الفُلانيّ، لأنَّ كُلَّ اسْمٍ يُنْسَبُ إليه فإنّ الياءَ التي تَلْحَقُهُ تُصَيِّرُهُ نكرةً، وبالألِفِ واللاّمِ يصيرُ معرفة في كُلِّ شيء. قال:

ألا لَعَنَ اللهُ الوشاة وقولهمْ ... فلانةُ أضحت خِلةً لفلانِ قال: فاستغنِ باللهِ عن فلانٍ ... وعن فلانٍ وعن فلانِ وقال الله تعالى {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً (27) يَا وَيْلَتِي لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً} قد تكلَّمَ في ذلكَ مَنْ رقَّ عِلْمُهُ وكَثُرَ سُخْفُهُ وَجَهْلُهُ بما تكَلَّمَ. وقال القتبي: إنّما أرادَ اللهُ بالظالِمِ كُلَّ ظالمٍ في العالَم، وأرادَ بِفُلان كُلَّ مَنْ أُطِيعَ بمعصيةِ الله، أو راضي بإسخاط الله. قال: * في لَجّةٍ أمْسِكْ فُلاناً عَنْ فُلِ * يريدُ: فُلاناً عن فُلان، لم يُرِدْ أحَداً بِعَيْنِه، وإنّما أرادَ أنَّهُمْ في غَمْرَةِ الشرّ وصحّته، فالحَجَزَةُ تقول لهذا: أمْسِكْ، ولهذا: كُفّ. والظّالِمُ دليلٌ على جماعةِ الظالمين، كقوله {وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَابًا}، يريدُ: كلّ الكافرين. 2/ 200 [الفقيه] وأمَّا الفقيهُ فمعناه: العالِمُ، وكُلُّ عالمٍ بشيءٍ فقيهُ، ومنه قولُهم: ما يَفقَهُ ولا ينْقَهُ، معناه: ما يَعْلَمُ ولا يَفْهَمُ. يقالُ: نَقِهْتُ الحديث أنْقَهُهُ، إذا فَهِمْتهُ.

ومنه قولهم: فقيهُ العَرَب، أي: عالِمُ العَرَبِ. ومِنْهُ قولُهُ تعالى {لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ}: ليكونوا علماء به. وتقولُ: فَقِهَ الرَّجُلُ يَفْقَهُ فِقْهاً، إذا عَلِمَ. والتَّفَقُّهُ: تَعَلُّمُ الفِقْهِ. وأفْقَهْتُهُ، أي: بَيَّنْتُ له. قال الأصمعيّ: قال أعرابيٌّ لعيسى: شَهِدْتُ عَلَيْكَ بالفِقْهِ، يريدُ: بالفِطْنَةِ والفَهْمِ. [المُفْلِقُ] والمُفْلِق: الذي يأتي بالعَجَبِ مِنْ حِذْقِهِ، يقال: أفْلَقَ: إذا جاءَ بالعجَب. وقيلَ: مُفْلِقٌ: يجيء بالدّواهي، أُخِذَ مِنَ الفَليقة، وهي عندهم: الدّاهية. قال: إذا عرضتْ داويةُ مدلهمةٌ ... وغرد حاديها فرين به فِلْقا والفِلْقُ: اسمُ الدّاهية مِنْ كُلِّ شيء، ومنها الفَلِيقُ. وكتيبةٌ فَيْلَق: مُنكَرةٌ شديدة. وامرأةٌ فَيْلَق: داهيةٌ صَخَّابة. والفَليقُ والفَليقَةُ: كالعجيب والعجيبة.

وتقولُ العربُ في مثل: يا عجباً لهذا الفَليقة ... هل تُذهبنالقوباء الريقة وتقولُ: هذا أمْرٌ مُفْلِق، أي: عَجَبٌ. والفَلَقُ هو الفَجْرُ، قوله تعالى {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} هو الصُّبْح، واللهُ فَلَقَهُ، أي: أبداه وأوْضَحَهُ فانْفَلَقَ. قال الله تعالى {فَالِقُ الإِصْبَاحِ}، والله يَفْلِقُ الحَبَّ بالنَّباتِ فَيَنُفَلِق عَنْ نَبَاتِهِ. وكانَتْ يمينُ عليّ بن أبي طالب: والذي فَلَقَ الحبَّةَ وبَرَأ النَّسْمَةَ. ويقالُ: الفَلَقُ وادٍ في جهنّم. قال ابن عباس: الفَلَقُ: الصُّبْحُ إذا انْفَلَقَ عَنْ ظُلْمةِ اللّيل، واحتجَّ بمنحولِ زهير: الفارج الهم مسدولاً عساكره ... كما يفرج عن ظلمائه الفَلَقُ عن مخارق قال: لقيتُ الحَسَنَ في طريقٍ وهو يحدو ويقول: يا فالقَ الإصباح أنتَ ربي وأنتَ مولايَ وأنتَ حسبي فأصلِحَن باليقين قلبي

ويُرْوى: ... فأصلحن مني فساد قلبي ونجني من كرب يوم الكرب وقولهم: رجُلٌ فطِنٌ أي: ذو فِطْنَةٍ للأشياء، ولا يمتنعُ كُلُّ فِعْلٍ مِنَ النُّعُوتِ مِنْ أنْ يُقالَ: قَدْ فَعُلَ، إلا القليل. وفَطَّنْتُهُ لهذا الأمر تَفْطيناً، قال رؤبة: وقد أعاصي في الشباب الميال ... موعظة الأدنى وتفطين الوال تفطينُهُ: تأديبُهُ وبيانُهُ الشَّيء. وفِطِنْتُ بالشيء أفْطَنُ به فِطْنَةً وفَطنةً ومفطناً فأنا فَطِنٌ به وفاطِنٌ، أي: عالمٌ به. ورَجُلٌ فَطِنٌ: بَيِّنُ الفِطْنَةِ. وقد فَطَنَ لهذا الأمْرِ يفطُنُ له. وتقولُ: فَهِمْتُ الشّيءَ أفْهَمُهُ فَهْماً وفَهْمَةٌ ومَفْهَماً، فأنا بِهِ، فَهِمٌ، وتَفَهَّمَ يَتَفَهَّمُ تَفَهُّماً وتَفْهِمَةً ومُتَفَهَّماً فهو مُتَفَهِّمٌ. وتَفَقَّهَ يَتَفَقَّهُ تَفَقُّهاً وتَفْقهَةً ومُتَفَقَّهاً فهو مُتَفَقِّهٌ، 2/ 201 وفَقِهْتُ الشَّيْءَ أفْقَهُهُ فِقْهاً وفقههةً ومَفْقهاً، فأنا فَقيهٌ وفَقِهٌ وفاقِهٌ. ونَقِهْتُ الشَّيْءَ أنْقَهُهُ نَقْهاً ونقهة ومَنْقَهاً، فأنا ناقِهٌ ونَقِهٌ، أي: عالمٌ به. وخَبَرْتُ الشَّيْءَ أخْبُرُهُ خُبْراً وخُبْرةً ومَخْبراً، فأنا خابرٌ.

وشَعْرتُ وشَعُرْتُ أشْعُرُهُ شِعْراً وشَعْراً وشِعْرَةً ومَشْعَراَ، فأنا شاعِرٌ، أي: فَطِنٌ به. وفي الأمر اعْلَمْ وافْهَمْ وانْقَهْ وافْقَهْ واخْبَرْ واشْعَرْ وافْطَنْ. وكُلُّ هذا بابٌ واحدٌ. وقولهم: رَجُلٌ فصيحٌ مُفَوَّهٌ فتيقٌ الفَصيحُ في كلام العامةِ: المُعْرِبُ. قال: سبيل من سبيل ربك حق ... منتهى كل أعجم وفصيح والأعْجَمُ: ما لا يتكلَّمُ، والفصيحُ: ما يتكلّم. وقَدْ فَصُحَ الرَّجُلُ فَصاحَةً. وقد أفْصحَ بالكلام، فلّما كَثُرَ وعُرِفَ أضمروا القَوْلَ واكتَفَوْا بالفِعْلِ، كما قالوا: أحْسَنَ وأسْرَعَ، يريدونَ: أحْسَنَ في العَمَلِ وأسْرَعَ في المَشْي. ويقالُ للرَّجُلِ إذا لم يكُنْ يتكلَّمُ بالعربية فتكلَّم بها: قد أفْصَحَ. وإذا كانَ يتكلَّمُ بالعربيّة ثُمَّ جادَتْ لُغَتُهُ: قد فَصُحَ يَفْصُحُ فَصاحةً. والفِصْحُ: فِطْرُ النَّصارى. قال الأعشى: به تقرب يوم الفصح ضاحيةً ... يرجو الإله بما أسدى وما صنعا ويروى: سدّى. والمُفَوَّهُ: القادِرُ على الكلام، فاهَ يَفُوهُ وَفُهْتُ أنا، كُلِّهُ مِنَ النُّطْقِ والكلام. والفَصيحُ: البيِّنُ اللّسانِ واللهجة.

[الفُوهُ] والفُوهُ أصلُ تأسيس الفَمِ، فاهَ يَفُوهُ بالكلامِ: إذا لَفَظَ به. قال أميّة: وفيها لحمُ ساهرةٍ وبحرٍ ... وما فاهوا به لهمُ مقيمُ واسْتَفَاهُ الرَّجُلُ: إذا اشتدَّ أكْلُهُ بَعْدَ قلّةٍ. [الفَهُّ] والفَهُّ: العَيُّ عن حُجَّتِهِ. وامرأةٌ فَهَّةٌ. والمَصْدَرُ: الفَهَاهَةُ. وقَدْ فَهَّ يَفَهُّ فَهَاهةً وَفهَّاً وفَهَّةً. وفَهِهْتَ يا رَجُلُ. ورَجُلٌ فَهِيهٌ: إذا جاءتْ مِنْهُ سقْطَةٌ أو جَهْلَةٌ من العِيّ وغيره. قال: فلمْ تلقني فهاً ولم تلق حجتي ... ملجلجةً أبغي لها منْ يقيمها الفاره الفارِهُ عندهم: الحاذِقُ، ومنه {وَتَنْحِتُونَ مِنْ الْجِبَالِ بُيُوتاً فَارِهِينَ}. قال الفرّاء: حاذقين. ومن قرأ {فَرِهين} أراد: متفرّهين أشِرين بطِرين. قال أبو عبيدة: الفارِهُ: المارِحُ، والفَرِهُ: الحاذِقُ. وأنشد:

لا أستكينُ إذا ما أزمةٌ أزمتْ ... ولن تراني بخير فاره اللببِ أي: لَنْ تراني مَرحاً بَطِراً. قال الخليل: فَرِهين: أشِرين مَرِحين، وفارهين: حاذقين. قال النابغة: أعطى لفارهةٍ خلو بتابعها ... من المواهب لا تُعطى على حسدِ يعني بالفارهةِ: القَيْنة وما يَتْبَعُها من المواهِبِ، والجميعُ: الفَوارِهُ والفُرُهُ. تقولُ: فَرُهَ الشّيءُ فَراهَةً، فهو فارِهٌ بَيِّنُ الفَرَاهةِ 2/ 202 والفراهِيَةِ. وغُلامٌ فارِهٌ، وجاريةٌ فارهةٌ، وحمارٌ فارِهٌ بمعنى الحَسَن، ولا يقالُ: فَرَسٌ فارِهٌ. [الفاسِقُ] الفاسِقُ عندهم: الخارجُ مِنَ الإيمان إلى الكُفْرِ، وعنِ الطاعةِ إلى المعصية، أُخِذَ مِنْ قولهم: فَسَقَتْ الرُّطَبَةُ: إذا خَرَجَتْ مِنْ قِشْرَتِها. وقيل: الفاسق: الجائِر، لقوله تعالى {إِلاَّ إِبْلِيسَ كَانَ مِنْ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ} أي: فجارَ. قال رؤبة: يهوين في نجدٍ وغور غائرا ... فواسقاً عن قصدها جوائرا وقال الخليل: الفِسْقُ: التَرْكُ لأمْرِ الله تعالى، وفِعْلُهُ: فَسَقَ يَفْسُقُ فِسْقاً وفُسُوقاً، ورَجُلٌ فسِقٌ فِسّيقٌ فاسِقٌ. قال سليمان:

عاشوا بذلك حرساً في منازلهم ... لا يظهر الجوار فيهم آمناً فسقُ قال: رأتْ غلاماً كالفنيق ناشئاً ... أبلجَ فسيقاً كذوباً خاطئاً والفُوَيْسِقَةُ: الفأرةُ، أمر النبي صلى الله عليه [وسلم] بقتلها في الحرم. الفاجِرُ معناه في كلامهم: المائلُ عن الخَيْر، قال ذلك أهْلُ اللغة، واحتجُّوا بقوْل لبيد: وإن تتقدم نغش منها مُقدماً ... غليظاً وإن أخرتَ فالكفل فاجرُ أي: مائل. والكِفْلُ كِسَاءٌ يُوضَعُ خَلْفَ الرَّجُل. وقيل للكذّابِ: فاجِر، لميله عن الصّدْق. وجاء أعرابيٌّ إلى عمر، رحمه الله، فشكا إليه نَقَبَ إبِلِهِ ودَبَرها، فقالَ له عمر: كذَبْتَن ولم يحملْهُ. قال الأعرابي: أقسم بالله أبو حفص عمر ... ما إن بها من نقبٍ ولا دبرْ فاغفر له اللهمَّ إن كان فجرْ معناه: إنْ كانَ مالَ عن الصِّدْق. والفُجُورُ: الرِّيبةُ، والكَذِبُ مِنَ الفُجُور.

وقد ركِبَ فلانٌ فاجِرَهُ، وفاعِلُهُ: فاجِرٌ، والجميعُ: الفُجَار. قال الله تعالى {أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ} وقوله: {بَلْ يُرِيدُ الإِنسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ} بقَوْل: سَوْفَ أتُوبُ. والفَجْرُ: ضوْءُ الصَّباحِ، وقد انْفَجَرَ الصُّبْحُ. والفَجْرُ: تَفْجِيرُكَ الماءَ. والمَفْجَرُ: المَوْضعُ الذي يَنْفَجِرُ مِنْهُ الماءُ. وتقول: قَدْ انْفَجَرَ عليهمُ القَوْمُ، وانْفَجَرَتْ عليهم الدّضواهي: إذا جاءهم الكثيرُ مِنْها بَغْتَةً. والفِجَارُ: مِنْ وَقَعاتِ العرب بِعُكاظ، تَفَاجَرُوا فيها، واسْتَحَلُّوا كُلَّ حُرْمة. الفاتِكُ الذي يركبُ ما تدعوهُ نَفْسُهُ مِنَ الجنايات وغيرها، والجمعُ: الفُتَّاكُ. وأصْلُ الفَتْكِ أن يَقْتُلَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ غارّاً غافلاً، فجعلوا كُلَّ مَنْ هَجَمَ على أمْرٍ عظيمٍ فاتكاً. قال خَوّات بنُ جُبَير صاحبُ ذاتِ النُّحْيَيْن: فشدتْ على النحيين كفاً شحيحةً ... على سمنها والفتكُ من فعلاتي والفَتْكُ: أن تَهُمَّ بأمرٍ فتركبه، وإنْ كانَ قَتْلاً، كما فَعَلَ الحارثُ بنُ ظالم حينَ سأله ابنُ أخيه: ما الفَتْكُ 2/ 203 يا عمُّ؟ فقال: أنْ تَهُمَّ بأمْرِ فتفعل. فكرَّرَ عليه، فقال:

ناوِلْني سَيْفَكَ يا ابنَ أخي. فناوَله، فضَرَبهُ، ثم قال: هذا الفَتْكُ. وقال: * وما الفَتْكُ إلاّ أنْ تَهُمُّ فَتَفْعَلا * وقال: وما الفتك ما شاورت فيه ولا الذي ... تحدث من لاقيت ما أنت فاعله ويروى: تُحَذِّرُ. قال: قل للغواني أما فتكن فاتكةً ... توهي اللئيم بضربٍ غير تحليل وعن النبي صلى الله عليه [وسلم] "قَيْدُ الإيمانِ الفَتْكُ، لا يَفِتكُ مُؤْمِنٌ". وفي الفَتْكِ ثلاثُ لغات: فَتْك وفِتْك وفُتْك. وقولهم: هو فاتِقٌ راتِقٌ أي هو يَفْتَحُ ويُغْلِقُ. قال ابنُ الزَّبَعْري للنبي صلى الله عليه [وسلم] شعراً: يا رسول المليك إن لساني ... راتِقٌ ما فتقتُ إذ أنا بُورُ وقوله تعالى {كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا} معناه: كانت السمواتُ سماءً واحدةً، والأرْضُون أرْضاً واحدةً، ففتقت السماءُ فَجُعِلَْ سَبْعاً، والأرضُ فَجُعِلَتْ سَبْعاً. ويقالُ: كانت السَّماءُ لا تُمْطِرُ والأرضُ لا تُنْبِتُ فَتَفَتَّقَتْ السَّماءُ بالمطرِ والأرضُ بالنّباتِ. ويقالُ: كانت السَّماءُ والأرضُ جميعاً ففتَقْناهما بالهواءِ الذي جَعَلَهُ بينهما، فانْفَصَل كُلُّ شيءٍ انْفَصَلَ من ارْتِتَاقِهِ فهو فَتْق.

والفَتْقُ يُصيبُ الإنسانَ في مَراقِ بَطْنِهِ يَنْفَتِقُ الصِّفاقُ الدّاخِلُ. والفَتَقُ: الصُّبْحُ نَفْسُهُ. وقال رميم: وقدْ لاح للساري الذي كمل السرى ... علىخريات الليل صبحٌ مشهرُ وقولهم: فلانٌ فَنيخٌ الفَنيخُ في كلامهم: المَقْهُورُ المَغْلوبُز قَدْ فَنَخَ فُلانٌ فُلاناً: إذا قَهَرهُ وغَلَبَهُ. قال: يعلمُ الجهال أني مفنخُ ... لهامهم أرُضُّها وأنقخُ أم الصدى على الصدى وأصمخُ صَمَخَ [فلانٌ] فُلاناً، وهو من العَيْب. والفَنيخُ: الرّخْوُ الضّعيف. قالت امرأةٌ: ما لي والفنيخ والشيوخ ... الناهضين صاح كالفروخ وفَنَّخْتُهُ تَفْنِيخاً، أي: ذَلَّلْتُهُ. وفَنَخْتُ رَاسَهُ فَنْخاً: إذا فَتَّتُّ العَظْمَ مِنْ غَيْرِ شَقَّ ولا إدْماء. وقولهم: شَيخٌ فانٍ أي: قدْ نَفِدَ عُمْرُهُ. والفَنْاءُ: نَفَادُ الشّيءِ. قال:

كتب الفناء على الخلائق ربنا ... وهو المليكُ وملكه لا ينفدُ وقيل: الفَناءُ: الهَرَمُ، واحتجُّوا بِقَوْلِ عُمَرَ: "حَجَّةُ هاهنا ثُمَّ اخدعْ هاهنا" يريد: أقِمْ هاهنا حتى تَهْرَم. يَحُضُّ على الغَزْوِ ويْأمُرُ به ويُفَضْلُهُ على الحجّ بعد حَجَّة الإسلام. قال لبيد: حبائله مبثوثةٌ بسيبيله ... ويفنى إذا ما أخطأته الحبائل يريدُ بالحبائل: أسباب الموت. يقولُ: فإذا أخْطَأهُ الموتُ هَرِمَ. فالفَنَاءُ، بالفتح نقيضُ البقاء، فَنِيَ يَفْنَى. 2/ 204 والفِناءُ، بالكَسْرِ، سَعَةُ أمامِ الدار، والجمْعُ: أفْنِية. والفَيْنَةُ بَعْدَ الفَيْنَة، أي: الحِينُ بَعْدَ الحِين. وقولهم: قد فُحِمَ الصَّبِيُّ فيه قولان: قيل: تغَيَّرَ وَجْهُهُ من شِدَّةِ البكاءِ. ويقالُ: بكى حتى انْقَطَعَ. ومنه: قد عَدَا حتّى فُحِمَ، أي: حتّى انقطع. ويقالُ: ناظَرْتُ فُلاناً حتّى أفْحَمْتُهُ، أي: قطعتُهُ. ويقالُ: للّذي لا يقولُ الشِّعْرَ: مُفْحَمٌ، لأنّه مُنْقَطعُ عن قولِ الشِّعْرِ. والفَحْمُ: الجَمْرُ الطَّافي، واحِدتُهُ فَحْمَةٌ. وشَعْرٌ فاحِمٌ وقد فحم فحوماً، وهو الأسودُ، قال: الحَسَنُ. قال الأعشى:

مبتلةٌ هيفاءُ رودٌ شبابها ... لها مقلتا ريم وأسود فاحم وقولهم: قَدْ فَتَّ في عَضُدِهِ معناه: كَسَرَ مِنْ قُوَّتِهِ. والفَتُّ: الكَسْرُ، والعَضُدُ: القُوَّة، ومعنى في: مِنْ، والصِّفاتُ (يقومُ بَعْضُها مقامَ بعض. وقيل: معنى فَتَّ في عَضُدِه: فَتَّ الخِذلانُ في أعوانِهِ. والعَضُدُ: الأعوانُ. يقالُ: رَجُلٌ له عَضُدٌ، أي: له أعوان). قال الله تعالى: {وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً} أي: أعواناً. وقال تعالى: {سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ} قال ابن عباس: العَضُدُ: المُعِينُ النّاصر، وأنشد للنابغة: في ذمةٍ من أبي قابوس منقدةٍ ... للخائفين ومن ليست له عضدُ ويقالُ: مَعْنَى فَتَّ في عَضُدِهِ: كَسَرَ مِنْ أعْوانِهِ، أي: كَسَرَ مِنْ ثباتِهِمْ وقوّتهم عنه. قال قيس: من كان ذا عضد يدرك ظلامته ... إن الذليل الذي ليست له عضدُ

وفُتَاتُ كُلِّ شَيْءٍ: كُسَارَتُه وسُقاطَتُه. فُتَاتُ المِسْكِ وفُتَاتُ الخُبْزِ وفُتَاتُ العِهْنِ ونحوه، قال زُهير: كأنَّ فُتات العهن في كل منزلٍ ... نزلن به، حب الفنا لم يحطمِ الفَنَا هاهنا: عِنَبُ الثَّعْلَب. قال الخليل: لا يُقالُ لها شجر الثعلب. وقولهم: ما فَتَأ فُلانٌ يَفْعَلُ كذا أي: ما زال، وفَتَأ يَفْتَأُ، أي: ما يزالُ، مِنْهُ قوله تعالى {تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ} أي: لا تزالُ. قال أوسُ بنُ حجَر: فما فتأت خيلٌ تثوبُ وتدعي ... ويلحق منها لاحق وتقطع أي: فما زالت. آخر: لعمرك ما تفتأ تذكر خالداً ... وقد غاله ما غال تبع من قبلُ [الفتى] والفتى والفتاةُ: الشابُّ والشَّابَّةُ. والفَتَاءُ: المَصْدَرُ من الشّباب، ممدود، إنّه لَفَتىً بَيِّنُ الفَتَاءِ، أي: بَيِّنُ الشَّبابِ. وفَعَلَ

ذلكَ في فَتَائِهِ، ممدودٌ مَهْموزٌ. قال: إذا عاش الفتى مائتين عاماً ... فقد أودى اللذاذةُ والفتاءُ وجماعةُ الفَتَى: فِتْيةٌ وفِتْيان وأفْتاء. ويُقالُ لما بَيْنَ الثَّلاثةِ إلى العَشْرَةِ: فِتْيَة، ولِما بَعْدَ العشرةِ إلى ما بلغ: فِتْيان. وتقولُ: أفْتَى الفقيهُ يُفْتي إفتاءً: إذا بَيَّنَ المُبهَمَ، وهو مُفْتي. وتقولُ: الفُتْيا فيه كذا وكذا. وأهْلُ المدينة يقولون: الفَتْوى. وقولُهُمْ: قَدْ فَخَّمْتُ الرَّجُلَ أي: عَظَّمْتُهُ. رَجُلٌ فَخْمٌ، أي: عظيم. ومُفَخَّم: مَوْصُوفٌ بالعِظَمِ. وفَخُمَ الرَّجُلُ يَفْخُمُ فَخَامةً. 2/ 205 وفُلانٌ يُفَخِّمُ فُلاناً، أي: يُبَجِّلُهُ ويُنَبّلُهُ. وهو يُفَخِّمُ الكلامَ تَفْخِيماً، أي: يُعَظِّمُهُ. وسَيِّدٌ فَخْمٌ: نبيلٌ. وامرأةٌ فَخْمَةٌ: نبيلةٌ جليلةٌ جميلةٌ. قال: نَحْمَدُ مَوْلانا الأعزَّ الأفْخَما وقولهم: فَرَّطَ فُلانٌ في حاجتي أي: قَدَّمَ فيها التقصير والعَجْزَ، من قولهم: قَدْ فرطَ الفارِطُ في طَلبِ الماء. والفارِطُ: هو الذي يتقدَّمُ إلى الماءِ، وجمعُهُ فُرَّاط.

قال القطامي: فاستعجلونا وكانوا من صحابتنا ... كما تعجل فراطٌ لورادِ معناه: كما تعَجَّلَ المُتَقَدّمون في طَلَبِ الماء. والصحابةُ: جَمْعُ صاحب، ويقالُ: صِحاب وصُحْبَة وصَحابة. وكان أبو عمرو بن العلاء يقولُ في قوله الله [تعالى]: {وَأَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ} أي: مُقَدِّمون إلى النّار مُعَجَّلُونَ إلَيْها. ومِنْ ذلك قولُ النبي صلى الله عليه وسلم: "أنَا فَرَطُكُمْ على الحَوْضِ". أي: أنا أتقدّمكم إليه حتّى ترِدوه عليَّ. ومنه قولهم في الصلاةِ على الصبيّ الميّت: اللهمّ اجْعَلْهُ لنَا فَرَطاً. أي: اجْعَلْهُ أجْراً متقدماً. قال الكسائيُّ والفراء: معنى قولِهِ {وَأَنَّهُمْ مُفْرَطُون} أي: مَنْسِيُّون في النّار. يقال: أفْرَطْتُ الرَّجُلَ: أخَّرْتُهُ ونَسِيتُهُ. وقرأ نافع {وَأَنَّهُمْ مُفْرِطُون} بكسر الراءِ. وقرأ أبو جعفر {وَأَنَّهُمْ مُفَرِّطُون}.

فمعنى قراءة نافع: وأنَّهُمْ مُفْرِطونَ على أنْفُسِهِمْ في الذُّنوب. ومعنى قراءة أبي جعفر: مُضَيِّعون مُقَصِّرون، وهو مأخوذٌ من هذا، أي: مُقَدِّمُونَ العَجْزَ والتقصير. ومنه قَوْلُهُ تعالى: {تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ}. وقرأ ابنُ هرمز: {وَهُمْ لا يُفَرِطُونَ} بتسكين الفاء. ومعنى القراءتَيْن: لا يقدمون العَجْزَ والتَّقْصير. قال: أم الكتاب لديه لا يُفرطها ... فيها البيان وفيها الخط والعلمُ وقال تعالى {يَا حَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا} قرأ علقمةُ بنُ قيس {فَرَطْنا} بتخفيف الرّاء. ومعنى القراءتين على ما تقدَّمَ من التفسير. وقال تعالى: {يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ} وفي ذات الله بمعنى. ومعنى فرَّطَ في جَنْبِ الله، أي: ضَيَّعَ حَظَّهُ مِنْ عند الله. ويقالُ: ما فَعَلْتُ في جَنْبِ حاجتي. وقال كثير: ألا تتقين الله في جنبِ عاشقٍ ... له كبدٌ حرى عليكِ تقطعُ يريد: تتقطَّع، فأدْغَمَ التاءَ في التّاء. والفارِطُ: الذي يَبعَثُهُ القَوْمُ لِحَفْرِ البئر. قال أبو ذؤيب:

وقدْ أرسلوا فُراطهم فتأثلوا ... قليباً سفاها كالإماءِ القواعدِد سَفَاها: تُرابها. والفارِط مِنَ الأمْرِ: الفائتُ. والفَرْطُ مِنَ الزّمانِ: الحِينُ بَعْدَ الحِينِ، تقولُ: لقيتُهُ في الفّرْطِ بَعْدَ الفَرْطِ. قال: ومنْ إنْ أزره فرط عامين لم يطبْ ... من الدهر نفساً بالذي كان يبخلُ 2/ 206 ومَنْ إنْ أزُرْهُ بَعْدَ وَقْتِ عامَيْنِ. وتقولُ: فُلانٌ تَفَارَطَتْهُ الهُمومُ، أي: لا تُصيبُهُ الهُمومُ إلا في الفَرْط بَعْدَ الفَرْط. وأفْراطُ الصَّباحِ: أوَّلُ تباشيرِهِ، واحِدُهُ: فُرْط. قال الهمذاني: إذا الليل أدجى فاستقلت نجومه ... وصاح من الأفراط هامٌ جواثمُ واخْتُلِفَ في هذا، قال بعضُهُمْ: أرادَ أفْراطَ الصَّباح، لأنّ الهامَ إذا حَسَّ بالصّباح صَرَخَ. وقال آخرون: الفَرْطُ: العَلَمُ المستقيم من أعلامِ الأرض التي يُهْتَدى بها. ويقالُ: فرط إلينا من فلان خَيْرٌ أو شرّ. والإفْراطُ: إعْجالُ الإنْسان في أمْر قَبْلَ التَثَبُّت، كقوله {أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا}. وأفْرَطَ فلانٌ في أمْرِهِ، أي: عَجِلَ فيه وجاوَزَ القَدْرَ، وكُلُّ شَيْءٍ جاوَزَ قَدْرَهُ

فَهُوَ: مُفْرِط، تقولُ: طُولٌ مُفْرِطٌ وقِصَرٌ مُفْرِطٌ. وقولهم: قَدْ فَتَنَتْ فُلانَةٌ فُلاناً أي: أمالَتْهُ عن القَصْد. وتقولُ: فَتَنَ فُلانٌ يَفْتِنُ فُتُوناً، فِعْلاً لازماً، فهو فاتنٌ، أي: مَفْتُون. وفَتَنَهُ غَيْرُهُ. قال: رخيمُ الكلام وضيعُ القيا ... م أمسى فؤادي به فاتنا أي: مُفْتَتَناً. وتقولُ: فَتَنَ بها وافْتَتَنَ بها. ومعنى الفتْنة في كلامِهِمْ: الميلةُ عن الحقّ والقَصْد. والفِتْنَةُ في القرآن على سبعة أوجه: الأوّلُ: الشِّرْك، قوله تعالى: {حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ} وأشباهه، أي: شِرْك. والثّاني: الكُفْرُ، قوله تعالى {فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ} يقول: طلب الكُفْر. والثالثُ: البَلاءُ، قوله تعالى {وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} أي: ابْتَلَيْنَاهُمْ. وقوله {وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ} يقولُ: لا يُبْتَلُون، وأشباهُه. والرابعُ: الحَرْق، قوله تعالى {إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} وقوله:

{يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ} يقول: يُحْرَقُون. الخامسُ: الاعتذار، قولُهُ: {ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلاَّ أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} أي: لم يكُنْ اعتذارُهُمْ. والسادِسُ: القَتْلُ، قوله: {إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمْ الَّذِينَ كَفَرُوا}: أي يقتلونكُمْ. السَّابعُ: العَذَابُ، قوله {جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ} يعني: عذابَ النّاس {كَعَذَابِ اللَّهِ}. والفشتْنَةُ: الصَّدُّ والاستزْلال، قولُهُ تعالى: {وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ} أي: يَصُدُّوك ويَسْتَزِلُّونكَ. ومِثْلُهُ: {وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنْ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ}. ومِثْلُهُ: {مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ}. 2/ 207 والفِتْنَةُ: العِبْرةُ، قوله: {رَبَّنَا لا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا} أي: ليعتبروا أمْرَهُمْ بأمْرِنا، فإذا رأوْنا في ضرٍّ وبَلاءٍ ورَأوْا أنَّهم في غبطةٍ ورخاءٍ ظَنُّوا أنَّهُمْ على حَقٍّ ونحنُ على باطل. وقال {وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ}. والفِتْنَةُ: الاخْتبارُ، يقالُ: فَتَنْتُ الذَّهَبَ في النّارِ مُخْتَبِراً له لأعرِفَ خالِصَهُ مِنْ غَيْرِ

خالِصِه. قال الله تعالى {وَفَتَنَّاكَ فُتُوناً} أي: اختبرناكَ بذلك اختباراً. قال الشاعِرُ في مَعْنى الإحْراق: إذا جاء عبسى جررنا برأسه ... إلى النار والعبسي في النار يفتن أي: يُحْرَقُ وأهْلُ نَجْدِ يقولون: أفْتَنَتِ المرأةُ فُلاناً إفْتاناً، وسائِرُ العَرَبِ يقولون: فَتَنَتْ، وهما لغتان، ومعناهما واحد. ذُكِرَ أنّ سعيد بن المُسَيَّب مَرَّ بِنِسْوةٍ يَضْرِبْنَ بالدُّفِّ وُيُنْشِدْن: لئن فتنتني لهي بالأمس أفتنتْ ... سعيداً فأمسى قد قلا كُل مسلم وألقى مفاتيح القراءة واشترى ... وصال الغواني بالحديث النمنم فقال سعيد: كذبتُنَّ يا عدوّاتِ الله. فجمع في هذا الشِّعْرِ والبَيْت اللغتين جميعاً. والشّعْرُ لأعشى همذان. والفَتَّانان: يقال: مُنْكَرٌ ونَكِيرٌ. والفَتَّانُ: الشَيْطانُ. والفُتَّان جماعة. وقولهُم: وَقَعَ هذا الأمْرُ فَلْتةٌ أي: وَقَعَ على غَيْرِ إحْكام. ويقالُ: كانَ ذلكَ الأمْرُ فَلْتَةً، أي: مُفَاجأةً، ومنه قولُ عمر رضي الله عنه:

كانتْ بَيْعَةُ أبي بكر رحمه الله فَلْتَةً وَقَاه اللهُ شَرَّها. أي: كانَتْ فجأة. والفَلْتَةُ: آخِرُ يَوْمٍ من الشَّهْرِ الذي بَعْدَهُ [الشَّهْرُ الحرام] كآخِرِ يَوْمٍ مِنْ جُمادَى الآخرة، وذلك أنْ يرى فيه الرَّجُلُ ثَارَهُ، فَرُبَّما تَوَانى فيه، فإذا كان الغَدُ، دَخَلَ الشَّهْرُ الحرامُ، فَفَاتَهُ، فُسُمِّيَ ذلك اليَوْمُ: فَلْتَة. وتقولُ: أفْلَتَ فُلانٌ فُلاناً، وانْفَلَتَ منه، بمعنى. وأفْلَتَ فُلانٌ فُلاناً: إذا خَلَّصَهُ حتَّى انْفَلَتَ. وَتَفَلَّتَ فُلانٌ إلى فُلانٍ وإلى هذا الأمْرِ: إذا نازَعَ إليه. يقالُ: فَلَتَ فُلانٌ وأفْلَتَ، لغتان. [الفَيْء] الفَيْءُ في اللُّغَةِ: ما كانَ للمسلمين خارجاً عن أيديهم فَرَجَعَ إلَيْهِمْ، مِنْ قَوْلِ العَرَبِ: قَدْ فاءَ الرَّجُلُ يَفيءُ فَيْئاً: إذا رجع. قال الله تعالى {حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} أي: حتى ترجع. ويقالُ للموضع الذي تكونُ فيه الشَّمْسُ ثُمَّ تزولُ عنه: فَيْء، لأنّه رَجَعَ إلى مِثْلِ الحالِ التي كانَ عَلَيْها قَبْلَ أنْ تَقَعَ عليه الشَّمْس. ويقالُ لِمَا كانَ قَبْلَ طُلوع الشَّمْسِ: ظِلّ، ولِمَا كانَ بَعْدَ الزَّوالِ: 2/ 208 فَيء وظِلّ جميعاً، ويُقالُ للظِلّ والفَيْء: الأبْرَدان. قال: إذا الأرْطَى توسد أبرديهِ ... خُدودُ جوازيءٍ بالرمل عين

يُريدُ بالأبْرَدَيْن: الظّل والفَيْء في وَقْتِ نِصْف النّهار. والجوازئ: الظِّباءُ. يقولُ: كانت هذه الظِّباءُ في ظِلٌّ، فَلَمّا زالت الشَّمْسُ تَحَوَّلَ الظِّلُ فصارَ فَيْئاً، فَحَوّلت وُجُوهَها. وجَمْعُ الفَيْء: أفياء. ويقالُ: فاءَ الفَيءُ إذا تَحَوَّل عن جِهَةِ الغَدَاةِ. وتَفَياتُ الشَّجَرَ: دَخَلْتُ في أفيائها. والفَيْءُ: الرُّجوعُ عن الغَضَب، إنّ فُلاناً لسَريعُ الفَيْءِ عَنْ غَضَبِهِ. وفَاءَ الرَّجُلُ يَفيءُ فَيْئاً في الرُّجوع إلى المرأةِ مِنَ الإيلاء. [فأو] وفَأوْتُ رأسَ فُلانٍ وفَأيْتُهُ بالسّيْفِ فَأواً وفَاياً، لغتان. وهو: ضَرْبُكَ قِحْفَهُ حَتَّى يَنْفَرِجُ عن الدّماغ. واللازِمُ الفَايُ. والانْفِياءُ في كُلِّ شَيْءٍ: الانفراج. ومنه اشْتُقَّ: الفئِة، وهي: طائفةٌ من النّاسِ، والجميع الفئون [والفئات]. وقولهم: رَجُلٌ فافاء الفَأفَأةُ في الكَلامِ: التّردادُ في الفاءات تَغْلِبُ على اللّسان. يُقالُ: فأفَأ يُفَأفِئ فافَأةً. ورَجُلٌ فأفاءٌ وامرأةٌ فَأفَاءةٌ. قال الشاعر:

يقولون فأفاء فلا تنكحنه ... ولست بفأفاءٍ ولا بجبان [الفيفاءُ] والفَيْفَاء: الصَّحْراءُ المَلساء. والفَيافي جَمْعٌ، وهي فَعْلاء من (الفَيْف): وهي المَفَازةُ التي لاماءَ فيها، مع الاسْتِواء والسَّعَة، فإذا أنِّثَتْ فهي الفَيْفَاءُ. وفَيْفُ [الريح]: مَوْضِعٌ بالبادية. [الأفْواف] والأفُوافُ: ضَرْبٌ [من عُصْب] باليمن. بُرْدٌ فواف وبُرْدٌ مُفَوَّف. والفَوْفُ مَصْدَرُ: فافَ فُلانٌ، وذلك أنْ يُسْألَ الرَّجُلُ فيقول بِظُفْر إبْهامِهِ على ظُفْرِ سَبَّابَتِهِ: ولا ذا. والاسم: الفُوقَةُ. [الفَنُّ] الفَنُّ: الضَّرْبُ، والفُنُونُ: الضُّروبُ. والرَّجُلُ يُفَنِّنُ في الكلام: يَسْتَوْفي فَنَاً بَعْدَ فَنّ.

والتَّفَنُّنُ: فِعْلُكَ. والفَنَنُ: الغُصْنُ المستقيم طُولاً أو عَرْضاً. والتَّفْنِينُ: فِعْلُ الثِّوْبِ إذا بَلِيَ فَيُفَنَّنُ بَعْضُهُ مِنْ بَعْض مِنْ غَيْر تَشَقُّقِ شديدٍ. واليَفَنُ: الشّيخُ الفاني، ويقالُ: ياؤه أصليّة. وقيل: هو على تَقْدير (يَفْعَلُ) لأنّ الدَّهْرَ عَمِل فَنَّهُ وأبْلاه. قال: * دَعْ عَنْكَ قَوْل اليَفَنِ المُحَمَّقِ * [أفِنَ] وأفِنَ الرَّجُلُ أفَناً وهو مأُفُون، من الحُمْق. وفي مثَل: وِجْدانُ الرَّقين يُعَفّي على أفَنِ الأفين. أي: وجدان الفِضَّةِ يُغَطّي على حُمْقِ الأحمق. والأفَنُ: الحُمْقُ. والأفينُ: الأحْمَقُ. 2/ 209 وأفانينُ الشَّبابِ: أوائِلُهُ. ويُقالُ: الأفانين: أشْياءُ مُخْتَلِفَةً مثل ضُروُبِ الرّياح وضُروبِ الطَّبْخِ ونحوها. وقولهم: فاظَتْ نَفس فُلان أي: خَرَجَتْ. يقالُ: أفاظَ اللهُ نَفْسَهُ وفاظَ هو نَفْسُهُ. قال أبو عمرو بنُ العلاء:

يُقالُ: فاظَ الميّتُ، ولا يُقالُ: فاظَتْ نَفْسُهُ، ولا فاضَتْ، بالضّاد. وعن الفرّاء قال: أهْلُ الحجازِ وطيءّء يقولون: فاظَتْ نَفْسُهُ. قال: ونارَ حربٍ تسعرُ الشواظا ... لا يدفنون منهم من فاظا وقُضَاعةُ وتميمُ وقيسْ: فاضَتْ نَفْسُهُ، على مثالِ: فاضَتْ دَمْعَتُهُ. قال دكين الرّاجز: أجتمع الناس وقالوا: عُرسُ ... إذا قِصاعٌ كالأكف ملسُ ففقئتْ عينٌ وفاضتْ نفسُ قال الكسائي: يقالُ: فاظَتْ نَفْسُهُ وفاظَ هو نَفْسُهُ، وأفاظّ اللهُ نَفْسَهُ. وعن الفَرَّاءِ وأبي عَمْرو الشَّيْباني: أفاظَ الميّتُ نَفْسَهُ. وفي حديث سَعْد بن الرَّبيع يَوْمَ أُحُد ومخاطبته لِزَيْد بن ثابت حينَ بَعَثَهُ إليه النبي صلى الله عليه [وسلم] فَوَجَدَهُ بَيْن القَتْلى، فأدّى إليه الرّسالة، فأجابَ عنها، ثُمَّ فاضَتْ نَفْسُهُ. فهذا الحديثُ رُويَ بالضّاد. والفَيْظُ والفَيْظُوظَةُ مَصْدَرُ: فاظَتْ نَفْسُهُ، وهي تفيظُ فَيْظاً وتَفوظُ فَوْظاً، والفاعِلُ: الفائظُ. قال ذو الرمة: حتى إذا كُن محجوزاً بنافذةٍ ... وفائظاً وكلا روقيهِ مختضبُ

آخر: إذا لدغتْ وجرى سُمها ... فنفس اللديغ لها فائظة وقولهم: فاتَ فُلانٌ أي: ماتَ. وفاتَ الشَّيْءُ يَفُوتُ فَوْتاً فهو فائتٌ: إذا لم يُدْرَكْ بحالٍ. قال: إلى كم لا أسائل عن خليل ... وعن ذي ألفةٍ فيقال ماتا كأن بصاحب لي أو صديق ... إذا ما سيل عني قال: فاتا آخر: تأهب أخي لريب المنو ... ن فإنك لابد تلقى المماتا فمن عاش شب ومن شب شاب ... ومن شاب شاخ ومن شاخ ماتا ومن مات فات ومن فات باد ... ومن باد عاد رميماً رُفاتا ومنهُ قولهم: أدْرِكْ أمْرَ كذا مِنْ قَبْلِ الفَوْت. وتقولُ: بَيْنَهُما فَوْتٌ فائتٌ، كقولك: بَيْنَهُما بَوْنٌ بائِنٌ. وبَيْنَهُما تَفَاوُتٌ وتَفَوُّتٌ. وتقولُ: إنَّهُ لا تَفَاوُتَ، وهو (تَفَاعُل) من الفَوْت، أي: لا سَبْقَ إليه. وقولهم: رَجُلٌ مُفَرَّك أي: مَتْرُوكٌ مَبْغَض. يقالُ: قدْ فاركَ فُلانٌ فُلاناً: إذا تَارَكه. وقيل: هو مِنْ قولهم: فَرَكَتِ المرأةُ زَوْجَها: إذا أبْغَضَتْه، فهي فاركٌ مِنْ نساءٍ

فواَرك، فإذا أبْغَضَها هو قيل: صَلَفَها. وقيل: قَدْ صَلِفَتْ عنده. قال الحطيئة: كفاركٍ كرهت ثوبي وإلباسي 2/ 210 أبو عبيد قال: خَرَجَ أعرابيٌّ وكانت امرأته تَفْرُكُهُ وكانَ يُصْلِفُها، فأتْبَعَتْهُ نواةً، وقالت: شَطَّتْ نَواكَ وناءَ سَفَرُك. ثم أتْبَعَتْها رَوْثَةً، وقالت: رَثَيْتُكَ وَراثَ خَيْرُك. ثُمَّ أتْبَعَتْهُما حَصَاةً، وقالت: حاصَ رِزْقُك وحُصَّ أتَرُكَ. تَفْرُكُه: تَبْغَضُهُ، ويُصْلِفُها: يُبْغِضُها. قال: وقدْ خُبرتُ أنكِ تفركيني ... وأصلفُكِ الغداة فلا تُبالي شَطَّت: بَعُدَتْ، وناءَ: بَعُدَ. وراثَ: أبْطَأ، وحاصَ: حادَ، وحُصَّ: مُحِيَ. والفِرْكُ: البُغْضُ. فَرِكَتْ المرأةُ زَوْجها، وهي فارِكٌ. والفَرْكُ: المَصْدَرُ، وجَمْعُها: فوارِك. قال رُؤْبة في وَصْفِ الحمار وعانَتِهِ: فعفَّ عن أسرارها بعد الغسقْ ... ولمْ يُضعها بين فركٍ وعشقْ أسرارها: جمع سِرّ وهو الجماع. والعَشَق: المُلازَمة. عَسِقَ بها عَسَقاً، وعَسِقَتْ بالفحل: أرَبَّتْ به. والعَسَقُ لُغَةٌ رديئة. قال رميم: إذا الليلُ عن نشز تجلى رمينهُ ... بأمثالِ أبصار النساء الفوارك وكان امرؤ القيس مُفَرَّكاً قد فَرَكَتْهُ غَيْرُ امرأة، واسمه سُلَيْمان. قال ثعلب: امرؤ القيس بمنزلةِ عبد الله وعبد الرحمن، وفي إعرابه أربعةُ أوجه:

امرؤ القيس، بضم الرّاء والهمزة، وفتح الراء وضم الهمزة. ومُرْؤ القيس، بضمّ الميم والهمزة بغير ألف. ومَرْؤ القيس، بفتح الميم وضمّ الهمزة. وكان يُسَمّى الملكَ الضَّلّيل، لأنّه ضَلَّ عن مُلْكِ أبيه، وسُمِّيَ مُعَنَّىً، لأنّه مُعْتَرِضٌ للشّعراءِ، مِنْ: عَنَّ يعِنُّ للشُّعراء. ويُسَمَّى المَقْصُور، لأنّه اقْتَصَر على مِلْكِ أبيه. هذا قول ابن السكّيت. وقال أحمد بن عبيد: إنّما سُمِّيَ المقصور لأنّه اقتصر على مِلْكِ أبيه كأنّه كرهه فَمُلِّكَ شاءَ أو أبَى، وهذا أصحّ. والفَرْكُ: دَلْكُكَ شيئاً حتّى يَنْقَلعَ قِشْرُهُ. تقولُ: قد افْتَرَكَ البُرُّ: إذا اشتدَّ في سُنْبُلِهِ وأمْكَنَ الفَرْك. وتقولُك بُرٍّ فَريكٌ: وهو الذي يُفْرَكُ فَيُنَفَّى. وتقولُ: قد انْفَرَكَ مَنْكِبُهُ، وانْفَرَكَتْ واثِلَتُهُ. والواثِلَةُ: مِنَ العَضُد، فإذا زالت عن صَدَفِةِ الكَتِفِ فاسْتَرْخى الكَتِفُ قيل ذلك. فإنْ كانَ ذلكَ في واثلةِ الفَخذِ والوَرِكِ لم يُقَلْ ذلك. ولكنْ يقالُ: قد حُرِقَ الرَّجُلُ فهو مَحْرُوقٌ، وحُرِقَتْ حارِقَتُهُ. فائلُ الرَّاي لا يُصيبُ في رأيه. تقول: تَفَيَّلَ رأيُ فُلانٍ، أي: أخْطَأ في فَرَاسَته. وفَيَّلْتُ رأيَهُ. وفيه ثلاثُ لغات: فائلُ وفَيِّلُ وفَالُ. وفيه ثلاثُ لغات: فائلُ وفَيِّلُ وفَالُ.

والفألُ، من قَوْلِكَ: تفاءلْتُ بكذا، مِنَ الطِّيرَةِ. وقيل: كان النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم يحبُّ الفَالَ الحَسَنَ. وقال عليُّ بنُ أبي طالب: تفاءلُ بما تَهْوى يَكُنْ فَلَقَلَّما ... يقالُ لشيءٍ كانَ إلا تكوّنا والتَّفَيُّلُ: زيادةُ الشَّباب. [فلي] والتَّفَلّي: التكلُّفُ. [الفُول] والفُولُ: حَبٌّ يُسَمَّى الباقِلاّءَ، الواحِدةُ: فُولَةٌ. [الفِلْو] والفِلْوُ: المُهْرُ والجَحْشُ. وقد فَلَوناهُ عنْ أمَه، أي: فطمناهُ. 2/ 211 وافْتَلَيْناهُ لأنْفُسِنا: اتَّخَذْناه. قال الأعشى: مُلمِعِ لاعَةِ الفُؤاد إلى جَحْـ ... شِ فَلاهُ عَنْها فبئْسَ الفالي الفالي: الذي قَطَعَهُ عن الرّضاع. وفَلاهُ: قَطَعَهُ عنه. والفلاءُ: الفِطام. قال عمرو ابن كلثوم:

وتحمِلُنا غداة الروع جُردٌ ... عرفن لنا نقائذ وافتلينا نقائذ: جمعُ نَقِيذة، وهو ما أنْقَذْتَهُ من أيدي العدو وغيرهم. وأفْلَيْتُ المُهْرَ: ربَّيْتُهُ وهو فلو. قال ابن الأنباري: افْتُلِينَ: فُطِمْنَ عَنْ أُمَّهتِهِنّ. [الفَلُُّ] والفَلُّ: المُنْهَزِمُ، والجَمعُ: فُلولٌ والفُلاّل. والتَّفْليل، يقالُ: تَفَلُّلٌ في حَدّ السّكّين وفي غُروبِ الأسنان. قال النابغة: ولا عَيْبَ فيهمٌ غير أن سيوفهم ... بهن فلولٌ من قراع الكتائب [الفَدْمُ] الفَدْمُ: العَيُّ عن الحُجَّة والكلام. والفِعْلُ: فَدُمَ فَدَامةً. قال: فأنكرتُ إنكارَ الكريم ولم أكُنْ ... كفدمٍ عبامٍ سيلَ شيئاً فجمْجَما والفِدامُ: شَيْءٌ تَتَّخِذُهُ العَجَمُ تَشُدُّه على أفواهها عند السَّقْي، والواحدةُ: فِدامة. قال العجاج: * كأنَّ ذا فِدامةٍ مُنَطَّقا *

والفِدامُ: لِلْكُوزِ والإبْريقِ ونَحْوِهِ. وإبريقٌ مُفَدَّمٌ ومَفْدوم. قال: مُفَدمةٌ قزاً كأن رِقابها ... رِقابُ بناتِ الماء أفزعها الرَّعْدُ وفي الحديث: [إنَّكُمْ مَدَّعُوَّونَ يَوْمَ القيامةِ مُفَدَّمَةٌ أفْواهُكُمْ بالفِدام] ثُمَّ إنّ أوَّلَ ما يُبَيّنُ عن أحَدِكُمْ لَفَخِذُهُ ويَدُه" يعني أنَّهُمْ مُنِعُوا من الكلامِ حتّى تكلّم أفخاذُهم، فشبّه ذلك بالفِدام الذي يُشَدُّ على الفم. وبَعْضُهم يقول: الفَدام، بالفتح، والوجْهُ الكَسْرُ. وقولهم: رَجُلٌ فَزَّاعة أي: يفزّع النّاسَ تفزيعاً كثيراً. ورَجُلٌ مَفْزَع وقَوْمٌ مَفْزَع، يستوي فيه التّذكيرُ والتأنيثُ: إذا كانَ يُفْزَعُ إليه في الأمور، ومفَزَعَةٌ أيْضاً. ومَفْزَعَةٌ: يُفْزَعُ مِنْهُ. وقولهم: ذهب دمُ فُلانٍ فَرغَاً أيْ: لَيْس فيه قَوَدٌ ولا دِيَةٌ. قال طُلَيْحَةُ الأسدي: فإنْ تكُ أذوادٌ أصبن ونسوةٌ ... فلن تذهبوا فرغاً بقتل حبالِ وتقول: فَرَغَ وفَرِغَ، لغتان، فَرَاغاً.

ويُقْرأ {حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ} وقوله [تعالى]: {أَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغاً} أي: خالياً من الصَّبْر. ويُرْوى: فُرُغاً، أي: مُفَرَّغاً. قال الأخفشُ: فارغَ من ذِكْرِ الوَحْي. قال غيره: فارغٌ من كُلِّ شيء إلا من ذِكْرِ موسى. وكذلك قولُ ابن عباس قال أبو عبيدة: فارِغْ من الحُزْنِ، لِعِلْمِها أنّه لم يَغْرَق. ومِنْهُ قولُهم: دَمٌ فَرْغ، أي: لا قَوْدَ فيه ولا دية. وأنْكَرَ القتبيّ هذا التفسير، وقال: كَيفَ يكونُ فارِغاً من الحُزْن في وقتها ذلك، والله تعالى يقولُ {لَوْلا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا} وهل يَرْبِطُ إلا على قَلْبِ الجازع المَحْزون. قال: وقَدْ خالَفَهُ المفسّرون إلى الصّواب، وقالوا: أصْبَحَ فارِغاً مِنْ كُلَّ شيءٍ إلا مِنْ أمْرِ مُوسى عليه السلام. 2/ 212 والفَرْغَ: مَفْرَغْ الدَّلْوِ، وهو: خَرْقُها الذي يأخُذُ الماءَ. والفِراغْ: ناحِيَتُهُ الذي يُصَبُّ منها. وقوْلُهُ تعالى {أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً} أي: اصْبُبْ، والإفراغُ: الصَّبُّ. وتقولُ: افْتَرَغْتُ، أي: صَبَبْتَ على نَفْسِكَ ماءً. وقولهم: رَجُلٌ فَسْلٌ أي: رَذْلٌ نَذْلٌ لا مُروءةَ له ولا جَلَدَ. والفِعْلُ: فَسُلَ يَفْسُلُ فَسْلاً. ويقال: مَفْسُولٌ، أيضاً، ومثله: المَخْسُول والمُخَسَّلُ، وهو: المرذول.

وفُسَالةُ الحَديدِ: ما يتناثَرُ منه عند الضَّرْب إذا طُبِعَ. وقولهم: رَجُلٌ فاحِشٌ وفَحَّاش أي: فاعِلٌ وفَعَّالٌ لِلْفُحْشِ. وأفْحَشَ الرَّجُلُ، أيْ: قالَ قَوْلاً فاحِشاً. وقد فَحَشَ عَلَيْنا. وكُلُّ شيءٍ تجاوَزَ قَدْرَهُ فهو: فاحِشٌ. والفَحْشَاءُ: اسم الفاحِشة. والعَرَبُ تقولُ: الفاحِشَةُ كاسْمِها، وكُلُّ مُسْتَقْبَحِ مِنْ قَوْلٍ أو فِعْلٍ: فَحْشاء. وقولهم: رَجُلٌ فَرَضِيٌّ أي: ذو عِلْم بالفَرائِضِن ولا يُقالُ: فَرائضيّ، لأنّه لا يُنْسَبُ إلى الواحد. والفَرْضُ: مَصْدَرُ كُلِّ شَيْءٍ تَفْرِضُهُ فَتُوجِبُهُ على الإنْسانِ بِقَدْرٍ مَعْلُوم. والاسمُ: الفَرِيضةُ. وكذلك الفرائضُ في الميراث: فَرائِضُ اللهِ وحُدودُهُ التي أمَرَ بها ونهى. وفَرَضَ: أوْجَبَ، ومِنْهُ قولُهُ تعالى {إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ} أي: إلى مكّة. وقيل: مَعَاد: الجَنَّة. وأصْلُ الفَرْض: القَطْعُ. يقالُ لكُلِّ حَزٍّ: فَرْض، في خَشَبةٍ أو ما كانَ بالفَرْضِ ثابتاً بالإلْزام كما يثبت الحَزُّ في العُودِ وغَيْرِهِ إذا حُزَّ فتبقى علاماتُهُ. والفارِضُ في غَيْرِ هذا: الضّخْم مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، والذَّكَرُ والأنْثى فيه سواء، يُقالُ:

لِحْيَةٌ فارِضٌ: إذا كانَتْ ضخمةً. والفارِضُ في قَوْلِهِ تعالى: المُسِنَّة. فَرَضَتْ البَقَرةُ فهي فارضٌ: إذا أسَنَّتْ. [قال]: يا رُبَّ ذي ضغن وضب فارضِ ... له قروءٌ كقروء الحائض قال الراجز: شيب ما رأسي فرأٍي أبيضُ ... محامل فيها رجال فُرَّضُ ولبعض العرب: لعمري لقد أعطيت ضيفك فارضاً ... تُجرُّ إليه ما تقوم على رجلِ أي: أعَطَيْتَ [بقرةً] هَرِمَةً. وفرَضَ على خمسة أوجه. [الأوّل]: أوْجَبَ، منه {فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ} ومنه: {فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ}. الثاني: بَيَّنَ، منه: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ}. وقولُهُ: {سُورَةٌ أَنزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا} أي: بَيَّناها.

الثالثُ: أحَلَّ، منه قولُهُ تعالى: [{مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ} أي: أحَلَّ. الرابع: أنْزَلَ، منه قَوْلُهُ تعالى]: {إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ}. الخامسُ: الفريضَةُ بِعَيْنِها، قولُه في المواريث: {فَرِيضَةً مِنْ اللَّهِ} وقولُه في آخر آيةِ الصَّدَقاتِ {فَرِيضَةً مِنْ اللَّهِ}. والفَرْضُ: الهِبَةُ، منه: أفْرَضَهُ إفْراضاً، وفَرَضَ له فَرْضاً. ويُقالُ: ما أعْطَاهُ فَرْضاً ولا قَرْضاً، فالقَرْضُ ما يجِبُ رَدُّهُ، والفَرْضُ الهِبَةُ. وقال الحَكَم بن عَبْدَل الأسدي: وما نالني حتى تجلتْ وأقلعتْ ... أخو ثقةٍ عني بفرض ولا قَرْضِ والفَرْضُ في المِسْواك خاصّة: ما شَعَثَهُ صاحِبُهُ بأسْنانِهِ. 2/ 213 [فاقعٌ] وقوله تعالى {فَاقعٌ} أي: ناصعٌ صافٍ لونُها. يُقالُ: فَقَعَ يَفْقَعُ ويَفْقُعُ فُقُوعاً، فهو فاقِعٌ، وهو أخْلَصُهُ. والإفُقاعُ: سُوءُ الحال. أفْقَعَ الرَّجُلُ فهو مُفْقِعٌ: فقيرٌ مَجْهودٌ أصابَتْهُ فاقِعةٌ مِنْ فواقع الدَّهْرِ، أي: بائقة من البوائق. وفَقيرٌ مُفْقِعٌ مُدْقِعٌ. والمُفْقِعُ أسْوأُ ما تكونُ مِنْ حالاتِهِ.

والتفقيع: صَوْتُ الأصابع. [الفَكِهُ] الفَكِهُ يتفكَّهُ بالطّعامِ وبأعراضِ النّاس. وفَكِهٌ أيضاً: طَيِّبٌ ضاحِكٌ. وقَوْمٌ فكِهون، أي: عِنْدَهُمْ فاكهةٌ كثيرةٌ، كما يُقالُ: رَجُلٌ لابنُ وتامِرٌ، أي: ذو لَبَنٍ وتَمْرٍ كثير. وفَكِهُونَ وفاكِهونَ سَواء، أي: مُعْجَبُون، مثل: حاذِرٌ وحَذِرٌ. وفي التفسير: فاكِهونَ: ناعِمُون، وفَكِهُونَ: مُعْجَبُون. وفَكَّهْتُ القَوْمَ تفكيهاً بالفاكهة، وفاكَهْتُهُمْ مُفَاكَهَةً بِمُلَح الكَلامِ والمُزاح. والاسم: الفكيهةُ والفاكهةُ. قال عَدِيُّ بن زَيْد: إذا أنتَ فاكَهْتَ الرجال فلا تلعْ ... وقُلْ مثل ما قالوا ولا تتزندِ ويُرْوى: ولا تتربَّدِ، أي: لا تضِنَّ ولا تَبْخَلْ. وتقولُ: تَفَكَّهْنا من كذا، أي: تَعَجَّبْنا. وقوله [تعالى]: {فَظَلْتُمْ تَتَفَكَّهُونَ} أي: تَعَجَّبُونَ. و {فَاكِهِينَ بِمَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ}، أي: ناعمين. ومَنْ قرأ {فَكِهِينَ} في وصْفِ أهْل النارِ يَعْني: أشِريَنَ بَطِرين. [التّفَكُّنُ] [التفكُّنُ: التَّلَهُّفُ على الشَّيْء ظَنَّ أنَّهُ يَظْفَرُ بِهِ ففاته. قال:

أما جزاءُ العارف المستيقن ... عندي إلا حاجة التفكن والتُّفَكُّنُ، أيضاً: التندُّم. قال النبي صلى الله عليه وسلم: مثلُ العالمِ كالحَمَّةِ يأتيها البُعَدَاءُ ويَزهَدُ فيها القُرَباء فبينا هُمْ كذلك إذ غارَ ماؤها، فانْتَفَعَ بها قَوْمٌ وبقي قوْمٌ يَتَفَكَّنُون" أي: يتندّمون. وقولُهُمْ: هذا فَصْلُ ما بيْنَهُما معناه: المباينُ ما بَيْنَهُما. والفَصْلُ: بَوْنُ ما بَيْنَ الشَّيَئيْن. وعَنْ ابن عباس في قول الله تعالى {إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ} أي: جِدُّ وما هو باللّعِب. وفَصْلُ الخِطاب: أمّا بَعْد، ويقالُ: البَيَّنَةُ على الطّالِبِ واليمينُ على المطْلوب. والفَصْلُ: القَضاءُ بَيْنَ الحقِّ والباطِلِ. والفاصِلُ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ: الحاجِزُ ما بَيْنَهُما. والانْفِصالُ: مُطاوعةُ الفَصْلِ، مِنَ البَيْنُونَة. والفَيْصَلُ: الفاصِلُ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ. والفَصْلُ: القَطْعُ المُبْرَمُ. وفاصَلَ فُلانٌ فُلاناً. وهذا فَصْلٌ مِنَ الباب، بَيْنَهُ وبَيْنَ ما قَبْلَهُ وما بَعْدَه. قضاءٌ فَصْلٌ وفاصِلٌ.

وهذا الفَصْلُ بَيْنِي وبينَك. وكذلك الفَصْلُ من الرسالة، والجميعُ: الفُصُولُ. والفِصَالُ: الفِطامُ. وقولهم: مِنْ كُلِّ فَجٌّ عَميق أي: من بُعْد. وقال أبو عُبَيدة: مِنْ كُلّ مسلكٍ وناحية. قال الخليل: 2/ 214 الفَجّ: الطريقُ الواسعُ في قُبُل جَبَل ونَحْوِهِ، والجميعُ: الفِجاجُ. وكُلُّ فَتحِ بَيْنَ شيئَيْن: فَجّ. وقولهم: لابُدَّ مِنْ فَرَجِ الفَرَجُ: ذَهابُ الغَمِّ وانكشافُ الكَرْبِ، تقول: فَرَّجَهُ اللهُ فانْفَرجَ، وفرَّجَهُ تفريجاً. قال: يا فارجَ الكربِ مسدولاً عساكرهُ ... كما يُفرِّجُ غم الظلمةِ الفَلَقُ آخر: عسى الكربُ الذي أمسيتَ فيه ... يكون وراءه فرجٌ قريبُ ويُرْوى: يكونُ وراهُ لي. قال آخر: وقائل قال لي لابد من فرج ... فقلتُ واغتظْتُ: لِمْ لابُدَّ مِنْ فَرَجِ؟ آخر:

لا تأيسن وإن طالت مطالبةٌ ... إذا استعنت بصبر أن ترى فرجا والفَرْجُ: اسمٌ لجميع العَوْراتِ للرّجالِ والنِّساءِ، وجَمْعُهُ: فروج. وما بَيْنَ قوائم الدّابَةِ: فُروج. وفُروجُ الجبالِ. وفروجُ الثُّغور. قال حميد بن ثَوْر الهلالي: كأن هزيز الريح بين فُروجِهِ ... أحاديثُ جن زُرنَ جناً بجيهما ويروى: كأنَّ هويّ الصوت. يعني بالفروج: بَيْنَ قوائمه. والفَرِيجُ: البارِزُ. والمُفْرَجُ: القتيلُ الذي لا يُدْري منْ قاتِلُهُ. والفَرُّوجُ والمُفَرَّجُ: القَبَاءُ المُشَقَّقُ مِنْ خَلْفِهِ. قال: فإنْ تضحكي مني فيا رُب ليلةٍ ... تركتكِ فيها كالقباء المُفَرَّجِ ويُروى: ترَكتُكِ تَحْتي. والفَرْجَةُ: من الفَرَجِ. والفُرْجَةُ: فُرْجةُ الحائط. أبو عمرو بن العلاء قال: هَرَبْتُ من الحَجَّاجِ وكُنْتُ باليَمَنِ على سطحي يوماً، فسمِعْتُ قائلاً يقولُ: رُبُّما تجزعُ النفوس من الأمرِ ... له فرجةٌ كحلِّ العقالِ فخرجْتُ فإذا برجلٍ يقولُ: مات الحجّاج، فما أدري بأيّهما كُنْتُ أشَدَّ فَرَحاً، بِفَرْجة أم بموتِ الحجّاج؟!

قال الأصمعي: الفَرْجَةُ، بالفتح، من الفَرَجِ، وبالضَّمَ: فُرْجَةُ الحائط. [الفَرَحُ] الفَرَحُ: نقيضُ الحُزْنِ. رَجُلٌ فَرِحٌ وَفَرْحان، وامرأةٌ فرحةٌ وفَرْحى. قال: إذا الكلبُ لم ينشط إلى الصيدِ فرحةً ... فلا الكلبُ فرحانٌ ولا صاحبُ الكلبِ وقيل: المِفراحُ: نقيضُ المِحْزان. قال: فلستُ بمفراح إذا الدهرُ سرني ... ولا جازعاً من صرفِهِ المتقلبِ ومنه قوله تعالى {لا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ} قيل: لا تأشَرْ ولا تَبْطر. قال ابن أحمر: ولنْ يُنسيني الحدثانُ عرضي ... ولا ألقي من الفرح الإزارا وتقولُ: ما يَسُرُّني بِهِ مَفَروحٌ ومُفْرِحٌ، فالمَفْروح: الذي أنا أُسَرُّ به، والمُفْرِحُ: الذي يُفْرِحُني. قال جميل: حزينٌ إذا شطتْ بكم غربةُ النوى ... لعمري وإن تدنو بك الدارُ أفرحُ وقال: ترى الزل يكرهن الرياح إذا جرتْ ... وبثنةُ إنْ هبتْ لها الريحُ تفرحُ وكانت الرواية: تَرَى الزُّلَّ يَلْعَنَّ الرياحَ، فَغُيِّرَتْ، ولا ينبغي لأحدٍ أن يَلْعَنَ الرّياحَ امرأةٌ ولا رَجُلٌ.

امرأةٌ زلاء ورَجُلٌ أزَلُّ، والجمعُ منهما: زُلّ، وهو مَدْحٌ في الرَّجُلِ وعَيْبٌ في المرأةِ، فمعنى قوله: أنَّ بُثَيْنة كبيرةُ العجُزِ، فإذا هَبَّت الرّيحُ لم تَرْتَفعْ ثيابُها عنها، وإنّما تَرْتَفعُ 2/ 215 ثِيابُ الزُّلِّ. فالزُّلُّ يَكْرَهْنَ الرّياحَ إذا جَرَتْ وبثينَةُ تَفْرَحُ بذلك. وتقولُ: رَجُلٌ مُفْرَحٌ: قَدْ أثْقَلَهُ الدَّيْنُ. [الفِرْدَوْس] قال الفرّاءُ: الفِرْدَوْسُ عِنْدَ العَرَبِ: البُسْتانُ الذي فيه الكُروم. وقال الكلبي: البُستان الذي فيه الكروم بالروميّة. وقال السّدِّي: الفِرْدَوْس أصْلُهُ بالنبطيّة: فَرْداساً. قال عبد الله بن الحارث: الفِرْدَوْس: الأعْناب. وعَنْ سَمُرَة: الفِرْدَوْس: رَبْوَةٌ خَضْراء في الجَنَّة هي أعلاها وأحْسَنُها. وعَنْ أُمامة أنَّ الفِرْدَوْس: سُرَّةُ الجنَّة. وممّا يدلُ على أنّ الفِرْدَوْسَ بالعربية قولُ حَسَّان: وإن ثواب اللهِ كل موحدٍ ... جنانٌ من الفِرْدَوسِ فيها يُخَلَّدُ قال عبدُ الله بن رواحة: وجنانِ الفِردوسِ ليس يخافون خروجاً منها ولا تحويلا

وقال الخليل: الفِرْدَوْس: جَنَّةٌ ذاتُ كَرْمٍ. وكَرْمٌ مُفَرْدَسٌ: أي مُعَرَّش. والمُفَرْدَسُ: الضّخْمُ. قال العجاج: * وكَلْكَلاً ومَنْكِباً مُفَرْدَسا * وقولهم: فَنَكَ فُلانٌ بمكانِ كذا أي: لَزِمَهُ وأقامَ بِهِ فَلْم يَبْرَحْهُ. يقالُ: فَنَك يَفْنُكُ فُنوكاً. وتقولُ: فَنَكْتُ وأفْنَكْتُ: إذا داوَمْتَ على عَدْلٍ أو شيء. قال عبيدُ: إذْ أفْنَكَتْ في فسادٍ بَعْدَ إصْلاحِ والفَنيكانِ من كُلِّ ذي لَحيّ: الطَّرفان اللّذانِ يتحرّكان منَ الماضغ دُونَ الصُّدْغَيْنِ، وما جُعِلَ الفَنيكُ واحداً إلا في الإنسانِ، فهو: مجمعُ اللَّحْيَيْنِ في أوْسَطِ الذّقن. قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"أمَرَني جِبْريلُ أنْ أتَعَاهَدَ فَنِيكي عند الوضوءِ بالماء". ويقالُ له: الإفنيكُ، أيضاً. [الفُسْطاطُ] الفُسْطَاطُ: ضَرْبٌ من الأبنيةِ، وجَمْعُهُ فسَاطيط. قال كعبُ الغنويّ: وقد شالتِ الجوزاءُ حتى كأنها ... فساطيطُ ركبٍ بالفلاةِ نُزول وفيه سَبْعُ لغات: يقالُ: فَسْطاط وفِسْطاط وفُسْطاط وفِسْتاط وفُسْتاط وفَسْتاط

[وفسّاط]. والفُسْطاطُ: مُجْتَمَعُ أهْلِ الكُورةِ حوالي مَسْجِدِ جماعتهم. تقولُ: هؤلاءِ أهْلُ الفُسْطاطِ. والفُسْطاط: المدينةُ، ولهذا قيل لمصر: فُسْطاط. والفَسيط: عِلاَقةُ ما بَيْنَ القِمَعِ والنَّواة، وهو: الثُّفْروقُ. والفَسيطُ: قُلامَةُ ظُفر. قال الشاعر يشّبه الهلالَ بأوّل ليلة بالظُّفْر: كأن ابن ليلته جانحاً ... فسيطٌ لدى الأفقِ منْ خِنْصر وقولهم: فَطَسَ الرَّجُلُ فهو فاطِسٌ أي: ماتَ مِنْ غَيْرِ داءٍ ظاهرِ. والفُطُوسُ مَصدَرُ الفاطِسِ. ورَجُلٌ أفْطَس وامرأةٌ فَطْسَاء، وقَدْ فَطِسَ يَفْطَسُ فَطْساً. والفَطَسُ: انْخِفاضُ قَصَبةٍ الأنْفِ. والفَطْسُ: حَبُّ الآسِ، الواحِدَةُ: فَطْسَةٌ، بالفَتْح والضَّمّ.

وقولُهُمْ: فُؤادٌ مَفْؤودٌ أي: أصابَهُ داءٌ، وفَؤُدَ الرَّجُلُ فهو مَفْؤودٌ كذلك أيضاً 2/ 216 معناه. والفُؤاد سُمِّي فُؤاداً لِتَفَاؤدِهِ، والتَّفاؤدُ: التَّوّقُّدُ. وافْتَأدَ [القَوْمُ]: أوقدوا ناراً ولَهْوّجُوا عَلَيْها لَحْماً. وفَأدْتُ: شَوَيْتُ. [فود] والفَوْدان: فودا الرأسِ، وهما مُعظَمُ شَعْرِ اللِّمَّةِ ممّا يلي الأذُنَ. والفائِدَةُ: ما أفادَ اللهُ العَبْدَ مِنْ خَيْرٍ يستفيدُهُ. وتقولُ: أفادَ خيراً واستَفَادَ وفادَتْ له فائدةٌ. ويقالُ لذكيِّ الفُؤَادِ المُتَوقِّد: شهد. وقال أبو كبير: * شهدٌ إذا ما نامَ لَيْلُ الهَوْجَلِ * الهَوْجَلُ: المتواني المبطئ. وقولهم: فَدَيتُكَ أي: أفْديكَ من الأسْواءِ، وهو: (فَعَلْتُ) في مَوْضع (أفْعَلُ) وهو مُخْتَصَرٌ من الكلام لكثرةِ استعمالهم له، فأغْناهُمْ عِلْمُهُمْ بِمُرادِ المخاطب عن الإطالة.

ومن العَرَبِ مَنْ يقول: فَدَوْتُكَ، مكانَ: فَدَيْتُكَ، وقَدْ جاء مِثْلُهُ عَنْهُمْ، قالوا: حَكَوْتُ، أي: حَكَيْتُ، وقَلَوْتُ البُسْرَ وقَلَيْتُ، ومِثْلُهُ كثير، وهي في بابِ الواوِ، إن شاء الله. وفي (فداء) ثلاثُ لُغات: فَداء وفِداء وفُداء. والفداء ممّا يُقْصَرُ ويُمَدُّ، ومن قَصَرَهُ كتَبَهُ بالياءِ. قال: أقولُ لها إذ هن ينهرن فروتي ... فدى لك عمي إن زلجت وخالتي أي: إنْ مَرَرْتِ. قال النابغة: مهلاً فداءً لك الأقوامُ كلهمُ ... وما أثمر من مالٍ ومن ولدِ يُروى بالجرّ والنَّصْب. وقال: مهلاً فداءً لك يا فضالة ... أجرهُ الرمح ولا تُهاله من الهَوْل. وحكى الفرّاء أنَّه سَمعَ بَعْضَ العَرَبِ يروي: فَدى، بالنَّصْبِ، بفتح أوَّلِهِ، فيقصره، ولَمْ يُجِزْ مع الفَتْحِ غَيْرَ القَصْر، سَمِعَهم يقولون: فَدىّ لك. والفَداءُ، بالفتح أيضاً ممدود: جماعةُ الطَّعامِ من الشَّعير والتَّمْرِ ونحوه. قال: كأن فداءها إذ جردوه ... وطافوا حوله سلكٌ يتيمُ السُّلَكُ: وَلَدُ الحَجَلِ، الواحِدةُ: سُلاكة.

[فَحْوى الكلام] فَحْوَى الكلام: مَعْناهُ: ويقالك مَعْنى كلامه، ومعناهُ كلامِهِ، ولَحْنُ كلامِهِ، وحَوِيرُ كَلامِهِ، كُلُّه سَواء. والفَحْوى يُمَدُّ ويُقْصَرُ. وقولهم: رَجُلٌ فَظٌّ ذو فَظَاظةٍ أي: فيه غِلَظٌ في مَنْطِقِهِ وتَجَهُّمٌ، ومنه قَوْلُهُ تعالى {وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} كُلُّ جماعةٍ تفرقوا، قيل: انْفَضُّوا. وتقولُ: فَظَّ اللهُ جَمْعَهُمْ، أي: فَرَّقَهُ. وفَضَضْتُ الخَتْمَ عن الكتابِ أفُضُّهُ فَضَاً، أي: كَسَرْتُهُ، ومنه: لا يُفْضُضِ الله فاكَ: أي: لايكْسِرُ اللهُ فاكَ. قال: يا بنتُ لا يَفْضُضِ الرّحمنُ فاكِ فقدْ ... أضَرَمْتِ في القَلْبِ والأحشاءِ نيرانا ولا يقال: فاكِ لا يفْضُضِ الله، فإنَّهُ خطأ. ولا يقالُ: أفَضَّ يُفِضُّ. والفَضْفَضةُ: سَعَةُ الثَّوْبِ وغَيْرِه. يقالُ: دِرْعٌ فَضْفَاضٌ، وبَطْنٌ فَضْفاضٌ، وسحابةٌ فَضْفضاضَةٌ. 2/ 217 والفَضِيضُ: ماءٌ عَذْبٌ تصيبُهُ ساعتئذٍ. تقول: افْتَضَضْتُهُ. [الفَضَاء] والفَضَاءُ: المكانُ الواسعُ.

والفَضى، المقصور يُكْتَبُ بالياء: الشَّيْءُ المُخْتَلِطُ مثل التَّمْرِ والزَّبيبِ في جِرابٍ واحدٍ. قال: فقلتُ لها يا عمتا لك ناقتي ... ونمر فضى في عيبتي وزبيبُ آخر: متاعهم فوضى فضى في رحالهم ... ولا يحسنون الشر إلا تناديا [فوضى] وصار النّاسُ فوضى، أي: متفرقين، وهو جماعةُ الفائض، ولا يُفْرَدُ كما لا يُفْرَدُ الواحِدُ مِنَ المتفرِّقين. والوَحْشُ فَوْضى، أي: مُتَفَرِّقة. والقَوْمُ الذين أمْرُهُمْ واحِدٌ يقالُ: أمْرُهُمْ بَيْنَهُمْ فَوْضى فَضَى، أيْ: لا أميرَ عَلَيْهِمْ. قال الشاعر: لا يصلُحُ الناسُ فوضى لا أمير لهمْ ... ولا صلاح إذا جُهالهم سادوا وفاضَ الماءُ والدَّمْعُ والخَيْرُ وهو يَفِيضُ، أي: كَثُرَ، فَيْضاً وفَيْضُوضَةً. ويقالُ: أرضٌ ماؤها فَيْضٌ وغَيض، الفَيْضُ: كثير، والغَيْضُ: قلي. وأفاضَ القَوْمُ في الحديث: إذا أخَذُوا فيه. وحديثٌ مُسْتَفَاضٌ، وقد استفاضوا، أي: أخَذُوا فيه. ومَنْ قال: مُسْتَفيضٌ يقول: هو ذائعٌ في النّاسِ، مِنَ الماءِ المُسْتَفيض.

وأفاضَ النّاسُ مِنْ عَرَفات إلى مِنىً: إذا رَجَعُوا. وفَوَّضْتُ أمْري إلى الله، أي: أرجعتُهُ إليه. وقَوْلُهُمْ: رَجُلٌ فَرُوقَةٌ أي: كثير الفَرَقِ، أي: الخوف. وقومٌ فُرُقٌ فُرّاق، ورجلٌ فَرِقٌ، وامرأةٌ فَرِقةٌ. والفَرْقُ: تَفْريقُ ما بَيْنَ الشَّيئَيْن. والفِرْقُ: طائفةٌ من النّاسِ ومِنْ كُلِّ شيء. قال أعرابيُّ لِصِبْيانِ رآهم: هؤلاءِ فِرْقُ سُوء. والفَريقُ: الطّائفةُ مِنَ النّاس، وهو أكْثَرُ من الفِرْقِ، ولا يقال إلا مِنَ النّاس، وهم فِرْقَةٌ أيضاً. قال الشاعر: وقال فريقُ القومِ لما نشدتُهُمْ ... نعمْ وفريقٌ أيمنُ اللهِ لا ندري قال الله تعالى {فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ}. وكُلُّ طائفةٍ من الماءِ: فِرْق. قال تعالى {كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ} يريدُ بذلك: الفِرْق من الماءِ. والفُرقَانُ: كُلُّ كتابٍ أنءزَلَهُ اللهُ تباركَ وتعالى فَرَقَ به بَيْنَ الحقِّ والباطِلِ، وسمّى اللهُ التوراةَ فُرْقاناً في القرآن.

ويومُ الفُرْقان: يَوْمُ بَدرٍ ويَوْمُ أُحُدٍ فَرَقَ اللهُ بين الحقِّ والباطل. والفُرقانُ على أربعةِ أوْجُه: الفُرقان يَوْمُ بَدْر. والفُرْقان: نُورٌ، منه {يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَاناً}، أي نوراً. الثالث: الحجّة، قوله تعالى {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ}: أي: الحُجّة. الرابع: الكتاب، {نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ} أي: الكتاب. وسُمِّيَ عُمَرُ الفاروقَ لأنّه فَرَقَ بين الحقِّ والباطِلِ. 2/ 218 والفَرْقُ: الفَلَقُ في لُغَةٍ. قال رميم: حتى إذا انشق عن أثوابه فرقٌ ... هاديه في أخريات الليل منتصبُ وقد انْفَرَقَ الفَجْرُ، أي: انْفَلَقَ الصُّبْحُ. والفَرْقُ: مَوْضِعُ المَفْرِقِ من الرأس، ومَفْرِقُ ما بَيْنَ الفريقَيْنِ. [الفائق] الفائقُ: الفاضِلُ على غَيْرِهِ. فُلانٌ يَفُوقُ قَوْمَهُ فَوْقاً، أي: يعلوهم بالفضل والزيادةِ عليهم. وفلانٌ يفوقُ فُلاناً: إذا بَزّه وكان له الفَضْلُ عليه. وفُلانٌ يفوق فَوْقَهُ، أي: يعلو سَطْحَهُ عُلُواً.

وجاريةُ فائِقةٌ: إذا فاقت النَّساءَ في الجَمال. وفَوْق: نقيضُ تَحْ، فَمَنْ جَعَلَهُ صِفَةً نَصَبَهُ، كقولك: عبْدُ الله فَوْقَ زَيْد، لأنّه صِفَة. ومَنْ جَعَلَهُ اسماً رَفَعَهُ، كقَوْله: فَوْقُهُ رأسُه، لأنّه هاهنا اسم، لأنّه هو الرأسُ نَفْسُهُ، [رُفِعَ] كُلُّ واحدٍ مِنْهُما بصاحِبِه، الرأسُ بالفَوْقِ، والفَوْقُ بالرأس. وتقولُ العَرَبُ: ما أقامَ فُواقَ ناقةٍ، أي: قَدْرَ رُجُوعِ اللَّبَنِ إلى الضَّرْع. وكُلَّما اجْتَمَع مِنَ الفثواقِ دِرَّةٌ فاسْمُها: فِيقَة. قال الأعشى: حتى إذا فيقةُ في ضرعها اجتمعتْ ... جاءت لترضع شق النفس لو رضعا وبعضُهُمْ يقول: فَوَاق، بفتح الفاءِ، وفي الحديث:"لينقذ بهم الله ولو بِفَواقِ ناقة" معناه: من النّار، ولو بقي مِنْ عمرهم كَفَواقِ ناقة. وتقولُ: أفاقَ الرَّجُلُ يُفيقُ إفاقةً وفَواقاً، وفي القرآن: {مَا لَهَا مِنْ فَوَاقٍ} يعني قريشاً في الجاهلية ما لها مِنْ فَواقٍ مِنْ تِلْكَ الصَّيْحَةِ التي أصابَتْهُمْ يَوْمَ بَدْرٍ فلم يُفيقوا مِنْها إفاقةً ولا فَواقاً. وكُلُّ مَغْشِيٍّ عليه أو سَكْران إذا انْجَلى ذلك عنه قيل: قَدْ أفاقَ. والفاقَةُ: الحاجَةُ، ولا فِعْلَ لها. وقولهم: رَجُلٌ فقير نَعْتٌ لِلْمُحْتاج الذي لا مالَ له.

والفَقْرُ: الحاجة، وفِعْلُهُ: الافْتِقار، منه قوله تعالى {أَنْتُمْ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ} الفُقراء: ضدّ الأغنياء. والفَقْرُ: ضِدّ الغِنى. قال: وإني إلى أن تُسعفاني بنظرةٍ ... إلى أمِّ أوْفى مرةً لفقيرُ أي: المَحْتاج. وقال الآخر: لقد منعتْ معروفها أم جعفرٍ ... وإني إلى معروفها لفقيرُ أي: لَمُحْتاجٌ. والفقيرُ من الدّوابِّ: مَكْسُورُ الفِقار. قال لبيد: لما رأى لبد النسور تطايرتْ ... رفع القوادم كالفقير الأعزلِ ويرى: كالعقير. وهو (فعيل) في مَوْضع (مفعول) مثل: قتيل ومَقْتُول، شبهه لانتتاف ريشِهِ وذَنَبِهِ بِبِرْذَوْن مَفْقُورِ الظَّهر مائلِ الذّنَب، وهو: نَسْرُ لُقْمان بن عادٍ الذي ماتَ معه. ورجل مُفْقِرٌ، أي: قويٌّ. والفاقرةُ: الدّاهيةُ، كأنّها تَكْسِرُ فِقارَ الظَّهْرِ. والفُقْرُ: لغةٌ في الفَقْرِ رديئةٌ. وأفْقَرهُ اللهُ فهو فقير. وأغنى اللهُ مَفَاقِرَه، أي: وُجوُهَ فَقْرِهِ. قال الشّماخ:

لمال المرء يصلحه فيُغني ... مفاقره أعف من القنوع وقولُهُمْ: فُلان فُرانِقُ فُلانٍ 2/ 219 شَبَّهُوا أُلْفَتَهُ له واتّباعَهُ باتّباع الفُرانِقِ للأسَدِ. وقولهم: قَدْ فَنَّد فلانٌ فُلاناً أي: كَذَّبَهُ، وقيل: خطَّأه، وقيل: عَجَّزَهُ، وقيل: لامَهُ. قال النابغة: إلا سليمان إذ قال المليك له ... قم في البرية واحددها عن الفَنَدِ الفَنَدُ: الخَطأ مِنَ القَوْلِ. فَسَّر ابنُ عَبّاس {لَوْلا أَنْ تُفَنِّدُونِ}، أي: تكَذِّبون، قال قتادة: تُسَفِّهون. قال أبو عبيدة: تُسَفِّهُون وتُعَجِّزون وتَلُومون. قال الشاعر: يا صاحبي دعا لومي وتفنيدي ... فليس ما فات من أمر بمردود قال غيره: تفنِّدون: تُجَهِّلون. والفَنَدُ يَقَعُ في مواضعَ كثيرة؛ منه الكَذِبُ، ومنه العَجْزُ، والسَّفَهُ، والجَهْلُ، واللّوْمُ، والخَرَفُ، وتَغَيُّر العَقلِ. وأفْنَدَ الرَّجُل: إذا تكلَّم بالفَنَد منَ الكلام، أو بَلَغَ وَقْتَ الهَرَم. قال رؤبة:

* يا أيُّها القائلُ قَوْلاً فَنَدا * وتقول: شَيْخٌ مُفْنِدٌ، ولا يقال: عجوزٌ مُفْنِدةٌ، لأنَّها لم تكُنْ في شبيبتها ذاتَ رأي فتُفْنِد في كِبَرها. قال أبو دؤاد: وكهول هم مصابيحُ الدجى ... ظاهرو النعمة في غير فندْ وأصْلُ الفَنَدِ: الخَرَفُ، ثُمَّ قيلَ: أفْنَدَ الرَّجُلُ: إذا جَهِلَ وأصْلُهُ ذلك. الفُدَّاد مُخْتَلَفٌ فيه. قال الأصْمَعِيُّ: هُمُ الّذين تَعْلُو أصْواتُهم في حُروثِهِمْ وأمْوالِهِمْ. وبه قال الأحمر. يقالُ منه: فَدَّ الرَّجُلُ يَفِدُّ فَدِيداً: اشْتَدَّ صَوْتُهُ. قال: أنبئتُ أخوالي بني يزيدُ ... ظُلماً علينا لهم فديدُ وهم الفَدّادون. قال أبو عمرو: الفَدَداين، مُخَفَّفة، واحِدُها: فَدَّان، مُشَدَّدَة: هي البَقَرُ التي تَحْرُثُ. قال أبو عبيدة: ولَيْسَ الفَدَّادونَ مِنْ هذا في شيء. وكانَ يقولُ: هُمُ المُكْثِرُون من الإبِلِ يَمْلِكُ أحَدُهُم مِنْها المائتين إلى الألْف، واحدهم: فَدَّاد. وهم مَعَ ذلكَ جُفَاةٌ [أهْلُ] خُيْلاء.

ومنه الحديث "إنّ الأرْضَ إذا دُفِنَ فيها الإنْسانُ قالت له: بما مَشَّيْتَ علَيَّ فَدَاداً ذا مالٍ كثيرٍ وخُيَلاء". وقيل: هُمُ البَقَرُ إلى يُحْرَثُ عَلَيْها، فَأُجْريَ على أرْبَابِها اسْمُها، إذ كانَ ذلك مِنْ مَذْهَبِ العَرَبِ أن يُذْكَرَ الشَّيءُ ويُرادَ به غَيْرُهُ إذا كانَ مِنْ سَبَبِهِ. وقال الخليل: الفدّانُ: جَمْعُ أداةِ ثَوْرَيْنِ في القِرانِ. وكُلُّ هذا تَفْسيِرُ الحديثِ عن النبي صلى الله عليه [وسلم] "أنَّ الجَفَاءَ والقَسْوَةَ في الفَدّادين". وكُلٌّ ذَهَبَ في تفسيرِهِ إلى وَجْه. [الفَذُّ] الفَذُّ: الفَرْدُ، يُقالُ: فَذٌّ وتَوْأم، والتَّوْأمُ: الثّاني. ويُقالُ: فَذٌّ لا تَوْأمَ مَعَهُ، أي: لا ثاني مَعَهُ. والتَّوأمانِ: وَلَدانِ في بَطْن. تقول: أتْأمَتْ المرْأةُ فهي مُتْئمٌ. ويقالُ: الفَذُّ: القليلُ. والفَذُّ: أوَّلُ سِهامِ القداحِ، ثُمَّ التّوْأمُ. ويقالُ: كَلِمةٌ شاذَّةٌ وفاذَّةٌ. وقولهم: فَسَخْنا البَيْعَ أي: نَقَضْناهُ فانتقَضَ. ويقال: افْسَخْ عِمامتكَ، أي: حُلَّها، وكان فسخُ البيع هو حَلُّ ما يُعْقَدُ مِنْهُ كَحَلِّ العِمامةِ بَعدَ شَدِّها.

2/ 220 واللَّحْمُ إذا تَهرَّأ قيل: انْفَسَخَ وتَفَسَّخَ عِنِ العَظْمِ. وكذلك: تَفَسَّخَ الجِلْدُ عَنِ العَظْمِ، والشَّعْرُ عن الجِلْدِ، ولا يقالُ إلا لِشَعْرِ المِيتَةِ وجِلْدِها. والفَسْخُ: رِقَّةُ عَقْلِ الإنْسانِ. رَجُلٌ فَسيخٌ: لا يَظْفَرُ بحاجَتِه. [الفَشْخُ] والفَشْخُ، بالشّينِ: اللَّطْمُ والصَّفْعُ في لَعِبِ الصِّبْيان. [الفَرْسَخُ] الفَرْسَخُ: واحِدٌ الفَراسخ مِنْ فراسخِ الطّريقِ ويقالُ إنَّهُ ثلاثَةُ أمْيالٍ وسبعةُ آلافِ خُطْوةَ. والمِيلُ: مَنَارٌ يُبْنَى للمُسافِرِ في أنْشازِ الطّريقِ وأشْرافِها.؟ والفَرْسَخُ عند العَرَبِ: كُلُّ ما لَهُ طُولٌ وبُعْدٌ. يُقالُ: انْتَظَرْتُكَ فَرْسخاَ مِنَ النَّهارِ، أي: وَقْتاً طَويلاً. ويقالُ: فَرْسَخَتِ الحُمَّى عَنْ فُلان: إذا بَعُدَتْ عنه. وقولهم: أفْرِزْ لي سَهْمي أي: اعزِلْهُ. وأفْرزَ فُلانٌ لِفُلانٍ نصيبَهُ من هذه الدارِ، أي: عَزَلَهُ وأفْرَدَهُ له. فرزان: اسم أعجمي [من الشطرنج]. وبعضُهم يقول: فَزَرْتُ له نَصِيبَهُ، بتقديم الزّاي، والأوَّل أعْرَفُ.

وقولهم: مَرَّ بِنَا فائجُ وليمةِ فُلانٍ أي: فَوْجٌ مِمَّن كانَ في طعامِهِ. والفَائجُ من الفَيْج، كأنَّهُ مُشْتَقُّ من الفارسيةِ، وهو رسولُ السُّلْطانِ على رِجْلَيْهِ. والجمعُ: الفُيُوج. وقولهم: ما يَمْلِكُ فُلانٌ فَتيلاً ولا نقيراً ولا قِطْميراً الفَتيلُ: سَحاةٌ في شَقِّ النّواةِ. وقيل: بَلْ هو ما فَتَلْتَ بَيْنَ أصابعكَ من خيطٍ وغيره. وقال اسعدةُ بن جؤيةَ: فذلك حين يتركه ويغدو ... سليباً ليس ف ييده فتيلُ فسَّرَ ابنُ عباس الفتيلَ في القرآن: الذي يكونُ في شِقَّ النّواةِ وما فَتَلْتَ بين أصابِعِكَ، وأنْشد للنابغة: يجمعُ الجيش ذا الألوف ويغزو ... ثم لا يرزأ العدو فتيلا ولآخر: أعاذلَ بعض لومك لا تُلحي ... فإن اللوم لا يغني فتيلا والقِطْميرُ: الجِلْدةُ البَيْضاءُ على النّواةِ، قال أمية:

ولم أنلْ منهم فسيطاً ولا زيـ ... ـداً ولا فوقة ولا قطميرا والنَّقيرُ: هو ما في النواة ومنه تَنْبُتُ النخْلةُ. وأنشد: وليس الناس بعدك في نقير ... وليسوا غير أصداءٍ وهامِ آخر: لقَدْ رزحت كلابُ بني زبيدٍ ... فما يعطون سائلهم نقيرا وللنابغةِ في الفتيل أيضاً: لما رد البكاءُ لها فتيلا وما ضر الغطارفة الشؤون قال: يا أيها الساعي ليدرك مجدنا ... ثكلتك أمك أن ترد فتيلا وقولهم: أهْلُ الشَّامِ والجزيرةِ على فاثورٍ واحدٍ كأنَّهُمْ يَعْنُونَ: على بساطٍ من الأرْضِ واحد. والفَاثورُ: عند العامة: خِوان. وأهلُ الشامِ يَتَّخِذون خِواناً مِنْ رُخامَ يُسَمُّونَهُ: الفَاثُور. قال: والأكلُ في الفاثور بالظهائر ... لقماً تمد غصن الحناجر وقولهُ: في الفاثور، يعني: على الفاثور. وهو معهم أن تكونَ (في) موضعَ (على)، و (على) مَوضعَ (في). والفاثورُ: خِوانٌ مِنَ المَرْمَرِ شِبْهُ صَدْرِ المرأةِ إذا كان 2/ 221 واسعاً. قال:

ونحراً كفاثور اللجين يزينه ... توقد ياقوت وشذر منظما إذا انقلبت فوق الحشية مرةً ... ترنم وسواس الحلي ترنما اللّجَيْن: الفضة. والشَّذْرُ: قِطَعٌ من الذَهَبِ، الواحدة شَذْرَة. والترنُّمُ: كُلُّ صَوْتٍ يَسْتَلِذُّ به السامعُ. وقولهم: هذا الفَسْرُ أي: التَّفْسيرُ، والفَسْرُ هو التَّفْسيرُ، وهو بيانُ الكُتُبِ وتَفْصِيلُها. والتَّفْسرة: اسمُ البَوْل الذّي يَنْظُرُ إليْهِ الأطِبّاءُ يُسْتَدلُّ بِهِ على مَرَضِ البَدَنِ. وكُلُّ شَيْءٍ يُعْرَفُ به الشّيءُ: تَفْسِرَتُهُ. [الفرس] والفَرْسُ: دَقُّ العُنُقِ. وفي الحديث: أنَّ عُمَرَ رَحِمَهُ اللهُ أمَرَ مُنادِيَهُ فنادى: ألا لا تَفْرِسُوا ولا تَنْخَعُوا. أي: لا تكسروا عُنُقَ الذّبيحة حتّى تَبْرُدَ. وتقولُ: هذا فارسٌ بَيِّنُ الفروسة والفُرُوسِية. والفُروسِيَّةُ مَصْدَرُ الفارِسِ. والفِراسة: مَصْدَرُ التَّفَرُّس. وتقولُ: هذا فَرَسٌ وهذا فَرسٌ، الذَّكَرُ والأنثى فيه سواء. [الفرار] الفِرارُ: الفَوْتُ والهَرَبُ، ومِنْهُ قوْلُهُ تعالى {قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمْ الْفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنْ

الْمَوْتِ}. ومنه {فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ}. والفِرارُ والمَفَرُّ لُغَتان. وقيلَ: المَفَرُّ: المَهْرَبُ [وهو] المَوْضعُ الذي يُهْرَبُ إليه. والفَرُّ: الرَّجُلُ الفَارُّ. وأفْرَزْتُهُ: ألْجأتُهُ إلى الفِرار. ورَجُلٌ فَرُورٌ [و] فَرُورَةٌ: مِنَ الفِرار. قال: لا عار لا عار في الفرار ... فر نبي الهدى إلى الغار والفِرارُ: الكراهية، ومنه قوله تعالى {الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ}. والفِرارُ: تَرْكُ الالتفاتِ، ومنه قوله تعالى {يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ} الآيات. أي: لا يلتفِتُ إليهمْ لاشتغالِهِ بنفسهِ. والفِرارُ: التَّباعُدُ، ومنه قوله تعالى {فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلاَّ فِرَاراً}. والفَرِيرُ: وَلَدُ البَقَرَةِ. والفَرُّ: مصدرُ فَرَرْتُ عَنْ أسْنانِ الدّابَةِ. ويَفْتَرُّ عَنْ أسنانِهِ: إذا تَبَسَّمَ.

وفرَّ فُلانٌ عَمَّا في نَفْسِهِ، وفَرَّ فُلانٌ عَنْ هذا الأمْرِ: أي: فَتَّشَهُ. والفَرْفَرَةُ: مِنَ الطَّيشِ والخِفَّةِ. رَجُلٌ فَرْفَار وامرأةُ فَرْفَارة. وما زال فُلانٌ في أفُرَّة شَيْءٍ من فلان. والفُرْفُورُ: الحَمَلُ السَّمينُ. وقولُهُمْ: جاءوا مِنْ فَوْرِهم أي: مِنْ وَجْهِهِمْ ذلك. وكُلُّ جائشٍ: فائرُ. ويُقالُ: مِنْ فَوْرِهِمْ: مِنْ غَضَبِهِمْ. يقالُ: فاَرَ فائرُهُ: إذا غَضِبَ. جاشُوا لِلْحَربِ فاقتتلوا من قال الله تعالى {وَيَاتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا}. والفَوْرُ: فَوْرُ القِدْرِ والنّارِ والدُّخَانِ والغَضَبِ. تقولُ: أفَرَتْ القِدْرُ تَافِرُ أي جاشَ غَلَيانُها كَأنَّها تنزو نَزْواً. وفارَ العِرْقُ يَفُورُ، أي: انْتَفَخَ. والفَارُ، مَهْمُوزٌ، الفَأرَةُ الواحِدةُ، والجَمْعُ: الفِئران. وأرضٌ مَفَارَّةٌ، يقال: فِيَرةٌ. والفَريُّ: الأمْرُ العظيم، ومنه قوله تعالى {لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيّاً}. والفِرْيَةُ: مِنَ الكَذِبِ والقَذْفِ. والفَرَأ، مقْصورٌ، من حُمُرِ الوَحْشِ: الفَتِيُّ. ومَنْ تَرَكَ الهمز قال: فَرا، ومنه

قولُ النبي صلى الله عليه [وسلم] لأبي سُفْيان بن حَرْب: "كُلُّ الصَّيْدِ في بَطْنِ الفَرا" يعني: الحمار. 2/ 222 وفي الحديث "أنَّ أبا سفيانَ أستأذَنَ على النبي صلى الله عليه وسلم، فحَجَبَهُ، ثم أذِنَ له، فقال: ما كِدْتَ تَأذَنُ لي حتى تأذَنّ لحجارةِ الجَلْهَتَيْن، فقال: يا أبا سفيان! أنتَ كما قال القائلُ: كُلُّ الصَّيْدِ في جَوْفِ الفَرا، أو: بَطْن الفَرَا - الشَّكُّ مِنْ أبي عبيد- فقال: أنت في الناس كحمارِ الوََحْشِ في الصَّيْدِ" يعني: أنّها كُلَّها دُونَهُ. فتألَّفَهُ بهذا الكلام يَسْتَعْطِفُهُ، وكان مِنَ المؤلَّفةِ قُلوبُهُمْ. والجَلْهَتانِ: أرادَ جانبيْ الوادي. والمعروف في كلامهم: الجَلْهَتان. قال أبو عبيد: لم أسْمَعْ بالجُلْهُمَةِ إلا في هذا الحديث. وجمع الفَرأ: الفِرَاء، ممدود. قال ابنُ زُغْبَة: بضربٍ كآذان الفراء فضوله ... وطعن كإيزاغ المخاض تبورها الإيزاغْ: دَفْعُ البَوْلِ، وهو أنْ تَعْرَضَ الناقَةُ على الفَحْلِ لتُعْرَفَ ألاقحٌ أم حائل. وهو رَمْيُ البَوْلِ قِطْعةً، أي: تَنْضَحُهُ نَضْحاً، تقول منه: أوْزَغَتِ النّاقة. آخر: إذا اجتمعوا عليَّ وأشقذوني ... فصرتُ كأنني فرأ متارُ أراد: مُتَأر، فخفَّفَ، من قولهم: أتْأرْتُهُمْ بَصّري، أي: جَدَّدْتُ إليهم النَّظَر.

قال: أتأرتهم بصري والآل يرفعهم ... حتى اسمدر بطرف العين إتآري وترْكُ الهَمْزِ في هذا جائزٌ، وما أشبهه. ولامرئ القيس: * كأنَّ مَكَانَ الرِّدْفِ مِنْهُ على رَالِ * الرَالُ: فَرْخُ النّعام، مهموز، فلم يَهْمِزْ للقافية والتليين. والاسْمِدْرار: عَشَاءُ البَصَر، وهو السَّدَرُ. تقولُ: أسْدَرَ بَصَرُ [فلان] سَدَراً: إذا لم يَكَدْ يُبْصِرُ الشَّيْءَ فَهُوَ سَدِرٌ وعَيْنُهُ سَدِرَةٌ. وفي المَثَل: قَدْ أنْكَحْنَا الفَرا فَسَنَرى: زوّجْنا مَنْ لا خَيْرَ فيه فَسَنَعْلَمُ كيف تكون العاقبة. وقولهم: فُلانٌ فاضِلٌ ومُفَضَّل ومشفْضَال أي: كثيرُ المَعْرُوف. والفَضيلةُ: الدَّرَجةُ الرَّفيعةُ في الفَضْلِ. والتَّفَضُّلُ: التَّطَوُّول على غَيْرِكَ. وقَدْ أفْضَلَ فلانٌ على فلانٍ، أي: أنالَهُ مِنْ فَضْلِهِ وأحْسَنَ إليه. والفضَالُ: اسْمٌ للْمُفَاضَلَة.

والتَّفاضُلُ والفُضَالَةُ: ما فَضَلَ من شَيْء. والفَضْلَةُ: البقيَّةُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. قالت امرأة سائلة: حطمتنا حواطم الأعوام ... وبرانا تصرفُ الأيام وأتيناكم نمد أكفاً ... لفُضالاتِ زادكم والطعام فاطلبوا الأجر والمثوبة فينا ... أيها الزائرون بيت الحرام من رآني فقد رآني ورحلي ... فارحموا غُربتي وذُل مقامي وأفضل فُلانٌ مِنَ الطعامِ: إذا تَرَكَ مِنْهُ شيئاً. ولغَةُ الحجاز: فَضَلَ يَفْضُلُ. وقال اللحياني: فَضُلَ وفَضَلَ، وهو يَفْضُلُ ويَفْضَلُ. قال غيره: فَضِلَ يَفْضَلُ. (ومتَّ تَمُوتُ ودُمْتَ تَدومُ) وقيل: إنَّ بَعْضَ العَرَبِ تقولُ: نَعِمَ يَنْعُمُ مثل فَضِلَ يَفْضُلُ. وفَضُلَ منه شيءٌ، بضمِّ الضّادِ، في المستقبل، فيقالُ: يَفْضِلُ. وليس في كلام [العرب] حَرْفٌ من السالِم يُشْبِهُهُ، وفي المعتلّ، مثلُهُ، قالوا: مِتَّ، فكسروا، ثمّ قالوا: تَمُوتُ. وكذلك دُمْتَ، ثُمَّ قالوا: تدوم. 2/ 223 وقولهم: رَجُلٌ فَرِجٌ عن الفَرَّاءِ قال: إذا كانت تبدو مَعَارِيهِ. قال أبو علي: المَعَاري: التي لا يَنْبَغي أنْ تَتَعَرّى.

ورجلٌ فَرِجٌ: إذا بدا ما في صدره. الأمثالُ على حَرْفِ الفاءِ فَاهَا لِفِيكَ. فَتَلَ في ذُرْوَتِهِ. فَلِمَ خُلِقَتْ إذا لمأخْدَعْ الرِّجالَ، يعني: لِحْيَتَه. الفَحْلُ يَحْمي شَوْلَهُ مَعْقُولا. فَتىً ولا كمالِكٍ. فلان بن أنس بن فلان. الفقر الحاضر الطمعُ الغائب. فَرِّقْ بَيْنَ مَعَدٌّ تَحَابُّ.

حرف القاف

بسم الله الرحمن الرحيم حرف القاف

بسم الله الرحمن الرحيم حرفُ القاف القافُ لَهَوِيَّة، وعددُها في القرآن ستة آلاف وثمانمائة وثلاثة عَشَرَ قافاً، وفي الحساب الكبير مائة، وفي الصغير أربعة. وهي حَرْفٌ مِنْ حروفِ المعجم هذه صورته: ق. قاف في القرآن مُخْتَلَفٌ فيه. قال مجاهد: هو جَبلٌ أخْضَرُ من زُمُرِّد محيطٌ بالخَلْق. قال الضّحَّاك: هو مِنْ زُمُرَّدةٍ خضراء محيطٌ بالسّماء، فَخُضْرةُ السَّماءِ مِنْه. قيل لابن عباس: فما بالُ الأرْضِ لا تَخْضَرُّ مِنْ خُضْرَتِهِ؟! قال: لأنّ السماءَ مَوْجٌ مكفوفٌ والبَحْرُ هو ماء فلو كانت الأرضُ ماءً، لاخضَّرتْ، وعُروقُ الجبال كُلُّها منه، فإذا أراد الله الزلزلةَ بأرْضِ أوحى إلى المَلكِ الذي عنده أني حرّك عِرْقاً من عُروقِ الجَبَل فيحرّك الجبلُ الذي تحته. وهو أوَّلُ جَبلِ خُلِق، أبو قُبَيْس بَعْدَهُ، وهو الجَبلُ الذي الصَّفا تَحْتَهُ، ودُونَهُ قاف، مسيرة جبل فيه تَغْرُبُ الشَّمْسُ ويقالُ له الحجاب، ومنه قوله تعالى {حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ} له وجْهٌ كَوَجْهِ الإنْسان وقلوبٌ كَقُلُوبِ الملائكةِ في المعرفة. وقيل: ما أصابَ الناس من الزُمرّد فهو ما يَسْقُطُ منه. قال الحسن: قاف فاتحةُ السورة. وفي موضع آخر عَنْهُ أنّه اسمٌ سمّي اللهُ تعالى به القُرآنَ ثَمَّ أقْسَمَ به. ويقالُ: هو اسمٌ من أسماءِ الله تعالى.

وقال الخليل: قاف اسم جبلِ يقالُ هو محيطٌ بالدنيا، وقيل: هو من زَبَرْجَدةٍ خضراء منها خُضْرَةُ السماء، بلغنا أنَّهُ يُصَيِّرُهُ اللهُ ناراً، يحصر الناس من الآفاق. وليس القافُ قَبْل الجيم إلا في كلمة، وهي: القُنْفُجُ، وهي الأتانُ القصيرةُ العريضة. قَدْ حَرْفٌ يُوجَبُ به الشَّيْءُ، كقولك: قَدْ كانَ كذا، والخَبَرُ أنْ تقولَ: كانَ كذا، فأُدْخِلَ (قَدْ) توكيداً لتصديق ذلك. وتكونُ (قَدْ) في موضع تُشْبِهُ (رُبَّما)، وعندها تميلُ (قَدْ) إلى الشَّكِّ، وذلك إذا كانتْ مع الياء والتاء والنون والألف في الفِعْل، كقولك: قد يكونُ الذي تقولُ. و (قد) حرفُ انتظارِ لجواب، لأنَّكَ إذا قُلْتَ لِرَجُل: قَدْ كانَ كذا، فإنّما ذلك لانتظارِهِ مِنْك، لأنَّكَ لا تقولُ (قد) إلا وأنْتَ تَعْلَمُ أو ترى أنَّ المخاطَبَ ينتظرُ ذلك مِنْك. والعَرَبُ تَضُمُّ (قد) في كثيرِ في من كلامِها، ذكرْتُ شيئاً مِنْهُ في بابِ الإضْمارِ مِنْ أوَّلِ الكتابِ. 2/ 224 و (قَدْ) مثل (قَطْ) في معنى (حَسْب)، تقول: قَدْني، أي: حَسْبي. قال النابغة: قالت ألا ليتما هذا الحمام لنا ... إلى حمامتنا أو نصفه فقد أي: حَسْبي. ويُرْوى: قالت فيا ليت. والقَدُّ: قَطْعُ الجِلْدِ وشَقُّ الثَّوْب، ونحو ذلك.

وفلانٌ حَسَنُ القدِّ. وصار القَوْمُ قِدَداً: تَفَرَّقَتْ حالاتُهُمْ، ومنه قوله تعالى: {طَرَائِقَ قِدَداً} قال ابن عباس: منقطعة في كُلِّ وَجْه، وأنْشَدَ: ولقد قلتُ وزيدٌ حاسرٌ ... يومَ ولت خيلُ زيدٍ قددا والرَّجُلُ يَقْتَدُّ الأمُور: إذا دَبَّرها ومَيَّزها بِعِلْم وإتْقان. ورَجُلٌ قَدّادٌ يَقُدُّ الكلامَ قَدَّا: وهو تشقيقُهُ إيّاهُ وكَثْرَتُه. وتَقَدَّدَ البعيرُ: إذا سَمِنَ بعد الهُزال أو هزل بعد السِّمَنِ. القديرُ في صفته تعالى قدير بمعنى قادر مثل بصير وسميع. بمعنى: سامعٌ وباصِرٌ، وقيل بمعنى: مسمع، قال عمرو بن معد يكرب: أمِنْ ريحانة الداعي السميع ... يورقني وأصًحابي هجوع أي المسمع. ومثله: عليم وعالم وخبير وخابر وحكيم وحاكم. القيّوم الحيُّ الذي لا يموتُ. قال مجاهد: هو القائم على كُلِّ شيءٍ، وكذلك قال قتادة وأبو عبيدة: قال: إنَّ ذا العرش للذي يرزقُ النّا ... س وحي عليهمُ قيومُ

وفيه ثلاث لغات: القَيُّومُ والقَيَّامُ، وقرأ عمرو: القَيِّم، وكذلك هو في مصحف عبد الله. فالقَيُّوم: الفَيْعُول، أصله: القَيْوم، فلما اجتمعت الياء والواو، والسابِقُ ساكن، جُعِلَتَا ياءً مُشَدَّدةً. والقَيَّام: الفَيْعَال، أصْلُه: القَيْوَام. والقيِّمُ اخْتَلَفَ فيه الفَرَّاءُ وسيبويه، [فأمّا سيبويه فقال] القيِّمُ وزْنُهُ الفَيْعَل، وأصْلُهُ: القَيْوِمُ، وأنكره الفراء، وقال: أصْلُهُ: قَويمٌ. وفي الدّعاء: قِيَام السّمواتِ والأرض، أي: عِمادُها. المُقيت قيل: الحفيظ. وقال ابن عبّاس: المُقْتَدِر، واحتجَّ بِقولِ الشاعر: وذي ضغن كففتُ النفس عنهُ ... وكنتُ على مساءته مُقيتا ويروى: وقرن قد تركتُ لدى بكر ... وكنتُ على مساءته مقيتا أي: مُقْتَدراً. وقال بعضُ فصحاءِ المُعمرين: ثم بعد الممات ينشرني منْ ... هو على النشر يا بني مقيتُ أي: مُقْتَدِر.

قال أبو عبيدة: المُقِيتُ عِنْدَهُمْ: المَوْقوفُ على الشّيء، وأنشد لليهودي: ليتَ شعري وأشعرن إذا ما ... قربوها منشورة ودعيتُ ألي الفضل أم علي إذا حو ... سبتُ إني علي الحساب مقيتُ أي: مَوْقُوف. [المُقْسِطُ] المُقْسِطُ: العادِلُ، عندهم، يقالُ: أقْسَطَ يُقْسِطُ: إذا عَدَلَ، ومنه قوله تعالى {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} أي: العادلين. قال الشاعر: ملكٌ مقسطٌ وأكملُ من يمـ ... ـشي ومَنْ دونَ ما لديه الثناءُ يقالُ: قَدْ قَسطَ الرَّجُل فهو قاسِطٌ: إذا جارَ، ومنه قوله تعالى {وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً} أي: الجائرون. قال القطامي: أليسوا بالألي قسطوا جميعاً ... على النعمان وابتدروا السطاعا 2/ 225 وقالت امرأةٌ للحجاج: إنَّكَ لقَاسِطٌ عادِلٌ، ولم تَقُلْ: مُقْسِطٌ عَدْلٌ، وإنَّما كَفَّرَتْهُ، والعادِلُ: المُشْرِكُ الذي يَعْدِلُ بربّه، ومنه قوله تعالى {ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ}.

والقِسْطُ: العَدْل، وحُكْمُ القِسْطِ: حُكْمُ العَدْلِ، وأقْسَطْتُ بَيْنَهُمْ وإليَهِمُ، وأخَذَ كُلٌّ قِسْطَهُ: أي حَقَّهُ. وتَقَسَّطوا الشَّيءَ بَيْنَهُمْ، أي: قَسَّمُوه بالسَّوِيَة. وكُلِّ مِقْدارٍ هو قِسْطٌ حتى في الماء. والقِسْطاسُ، والقُسْطاسُ لغة، وهو: أقْوَمُ الموازين، وقيل الشّاهين. والقُسُوطُ: المَيْل عن الحقِّ. [القُدُّوسُ] القُدُّوس: الطّاهِرُ الذي طَهُرَ من الأولادِ والشُّرَكاء والصّاحِبَةِ والوَلَد. والقُدْسُ: الطَّهارة. والقُدّوسُ: من أسماء الله تعالى. قال رُؤْبة: دعوتُ رب العزة القدوسا ... دعاءمن لا يقرع الناقوسا ومن العَرَب مَنْ يَفْتَحُ القافَ، وبه قَرأ أبو الدينار الأعرابي. والقُدْسُ عند العَرَبِ: الطُّهْرُ. ورُوحُ القُدُسِ معناه: الطُّهْرُ. والقُدُسُ: المُطَهَّرُ. [القُنُوتُ] القُنُوت أربعةُ أقْسام:

يكونُ طاعةً، كقوله {كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ} أي: مُطيعون. ويكونُ الصلاة، كقوله {يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ} قال الشاعر: قانتا لله يتلو كتبه ... وعلى عمدٍ من الناس اعتزل وطول القيام، قال جابرُ بن عبد الله: "سُئِلَ النبي صلى الله عليه [وسلم]: أيُّ الصلاةِ أفضلُ؟. فقال: طولُ القُنُوتِ" أي طولُ القيام. ويكونُ السُّكوتَ، عَنْ زيد بن أرْقَم قال: كُنَّا نتكَلَّم في الصلاةِ حتى نَزَلتْ {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} فأمسكنا عن الكلام. قال الخليل: القُنُوتُ: الطّاعةَ. قَنَتَ لله، أي: أطاعه. وقَنَتَتِ المرأةُ لزوجها: أطاعَتْهُ، {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} أي: مطيعين. والقُنُوتُ: الدُّعاءُ في الصلاةِ قائماً. [القاضي] القاضي في اللغة: القاطع لِلأمور المُحْكِمُ لها. القَضَاءُ والقَضِيَّةُ: الحُكْمُ. يُقالُ: عَدَلَ في قَضِيَّتِهِ، أي: في حُكْمِهِ. قال الله

تعالى {فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ} أي: قطعهنّ وأحْكَمهُنَّ. والقاضي: الحاكِمُ، والجميعُ: القضاةُ، وإنّما قيل للقاضي: حاكِم وحَكَم، لِعَقْلِهِ وكمالِ أمْرِهِ. والحاكِمُ: المانعُ مِنَ الظُّلْمِ، ولأنَّهُ يَنْصُرُ المَظْلُومَ على الظّالمِ، ومنه سُمّيَتْ حَكَمَةُ الدّابّة، لأنّها تمنعُهُ وتقوّمه. وتقولُ: أحكمْتُ الفَرَسَ فهو مُحْكَمُ، وحَكَمْتُهُ فهو مُحَكَّمٌ: إذا جَعَلْتَ له حَكَمةً، وهي: الحديدةُ المستديرةُ في اللِّجام على حَنَكِ الفَرَس. ويقالُ: أحكَمْتُ الرَّجُلَ: إذا رَددْته عَنْ رأيِهِ. ويقالُ: يا فُلان، أحْكِمْ بَعْضَهُمْ عن بعض، أي: رُدَّ بَعْضَهُمْ عَنْ بَعْض. ويُقالُ: قد أحْكَم الرّجُلُ: إذا تناهى وعَقَلَ. والحاكِمُ: المانعُ النَّاسَ من كُلِّ ما لا ينبغي لَهُمْ فِعْلُهُ، قال عمرو بن كلثوم: ونحنُ الحاكمون إذا أطعنا ... ونحن العازمون إذا عُصينا أي: نحنُ الذين نَمْنَعُ النَّاسَ من كُلِّ ما لا ينبغي لهمْ الدُّخُولُ 2/ 226 فيه، ونحن العازمون إذا عَزَمْنا على الأمور أنْفَذْنا عزيمتان ولم نهَبْ أحداً. ويُروى: العازمون، أي: العزامة مِنَّا لا تُطاقُ. والعازِمُ: الشرير. والحاتِمُ: القاضي. والحَتْمُ: إيجاب القَضَاءِ. قال أُمَيَّةُ بنُ أبي الصَّلْت: حناني ربنا وله حنونا ... بكفيه المنايا والحتومُ

حَنَوْنا، أي: عَنَوْنا. ويقال للقاضي: الحافي، وتحافَيْنا إلى فُلان، أي: تحاكَمنا إليه. والحاتِمُ: الغُرابُ الأسْوَدُ، ويقالُ: بل هو غُرابُ البَيْن أحمر المنقار والرَّجْلَين، سُمِّيَ حاتماً، لأنّه يَحْتِمُ بالفراق، أي: يُوجِبُهُ، قال خيثم بن عدي: ولستُ بهياب إذا شد رحله ... يقول: عداني اليوم واقٍ وحاتمُ الواق: الصُّرَدُ، والحاتِمُ: الغراب. وقولهم: القضاءُ والقَدَرُ، القضاءُ على وجوهٍ، ومنه قوله تعالى {فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ} أي: أحْكَمَ خلقهنَّ. قال أبو ذؤيب: وعليهما مسرودتان قضاهما ... داود أو صنع السوابغ تبع أراد: قضاهما: أحكمهما. والقضاءُ: الحتمُ، وهو أصلُهُ، قال الله تعالى {فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ} أي: حَتَمَهُ عليها. والقضاءُ: الأمرُ، قوله تعالى {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ} أي: أمَرَ. والقَضَاءُ: الإعْلامُ والإخْبارُ، قولهُ تعالى {وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إسْرائِيلَ فِي الْكِتَابِ} أي: أعلمناهم وأخبرناهم.

والقضاءُ بمعنى: العَمَل، قوله تعالى {فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ} أي: اعْمَلْ ما أنْتَ عامِلٌ واصْنَعْ ما أنْتَ صانعٌ. وقال الشاعر في عُمَرَ بن الخطاب: قضيت أموراً ثم غادرت بعدها ... ولائج في أكمامها لم تفتق ويُروى: بوائقَ. أي: عَمِلْتَ أعْمالاً. والقَضَاءُ: الفراغ، قوله: قُضِيَ قضاؤكَ، أي: فُرِغَ مِنْ أمْرِكَ. ويقالُ: للميّت: قَدْ قَضى نَحْبَهُ، أي: فَرَغَ. وهذه كُلُّها فروغٌ ترجعُ إلى أصْلٍ واحدٍ، وهو الحتم. قال الله تعالى {يَا لَيْتَهَا كَانَتْ الْقَاضِيَةَ} أي: ميتة لا حياةَ بَعْدَها. والقاضيةُ: المَوْتُ. ويقالُ: في حَسَبِهِ قضاه، أي قِصَرٌ وعَيْبٌ، وقد قضوا الرّجُلَ. والانْقِضَاءُ: فَناءُ الشَّيْءِ وذَهَابُهُ، وكذلك التَّقَضّي، منه تَقَضِّي الأيّام واللّيالي. قال: تقضي ليالي الدهر والناس هادمٌ ... وبانٍ ومقضي وقاضٍ ومقرضُ القَدَرُ: القضاءُ المُوَقَّت، تقولُ: قَدَّر اللهُ هذا تقديراً. والمِقْدارُ: اسمُ القَدَرِ، تقول: قَدَّر اللهُ هذا تقديراً. والمِقْدارُ: اسمُ القَدَرِ، تقول: إذا بلغ العبدُ المقدارَ ماتَ. وقال: لو كان خلفك أو أمامك هائباً ... بشراًسواك لهابك المقدارُ

وتقول: الأشياءُ مقادير، أي: لكل شيءٍ مقدارٌ وأجَل. والمقدار أيضاً هو: الهِنداز. والقَدَرِيَّةُ: قَوْمٌ يُنْسَبُونَ إلى التكذيبِ بالقَدِّرِ. وتقولُ: ينزِلُ المطرُ بِمِقْدار، أي: بِقَدَرِ وقَدْر، مَجْزوم ومَثَقَّل، لغتان. والقَدْرُ، جزم: مَبْلغُ الشيء. وقوله تعالى {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} أي: ما وَصَفوهُ حَقَّ وصْفِهِ. 2/ 227 وتقولُ: جَعَل اللهُ كُلَّ شيءٍ بِقَدَر، كقوله {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ}. ولكل شيءٍ قَدْرٌ، مجزوم، ومِنْهُ قولُهُ تعالى {قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً}. والقَدْرُ: مَصْدَرُ قولِكَ، قد قَدَرَ اللهُ الرِّزْقَ لعبادِهِ يَقْدِرُهُ، أي: يجعَلَهُ بِقَدْرِ. وقولُهُ تعالى {مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ} أي: قادر. والقَدْرُ: فِعْلُ الله، وهو الخَلْق. وفي الحديث "القَدرُ سرّ الله إياكُمُ وإياه". والمَقْدُورُ هو: فِعْلُ العَبْدِ. والمقادير من الله. والتقديرُ: تقديرُ الشَّيْء. وكُلُّ شَيْءٍ مُقْتَدِر: وهو الوسَطُ منه. واللهُ قادرٌ وقديرٌ ومُقْتَدِرٌ ومُقَدِّرٌ، والقُدْرةُ له تعالى.

وتقولُ: قَدِرْتُ على الشَّيءِ أقْدِرُ قَدْراً وقديراً وقُدْرَةً وقَدَراناً ومَقْدَرَةً ومَقْدُرَةٌ ومَقْدِرَةً، أضْعَفُها. وليلةُ القَدْرِ: ليلةُ الحُكْم، كأنَّه يقدِّرُ فيها الأشياء. وقولهم: فلانٌ قَؤولٌ مِقْوَلٌ قُوَلَةٌ معناه كلّه: جريءٌ في الكلام. والمِقْوَلُ مَنْ أسْماءِ اللّسان. وفي الحديث "إنّ لي مِقْوَلاً ما إن يَسُرُّني به مِقْولاً" معناه: لِسانُه. والقَوْلُ: حكايةُ الكلام. قال يَقُولُ قَوْلاً، وقال شِعْراً، فالفاعِلُ قائل، والمَفْعولُ مَقُول. والقَالَةُ: القَوْلُ الفاشي في النّاس مِنْ خَيْرٍ أو شَرٍّ. والقالةُ تكونُ في موضع: قائلة، والقَالُ في موضع: القائل. كما قال بشار: * إنّي أنَا قالُها * أي: أنا قائلها. وتقولُ العَرَبُ: أنا قَالُ هذا الشِّعْرِ، معناه: أنا قائِلُهُ، من كثرةِ ما يقولون: قال وقيل له. ويُقالُ: بل هما اسْمان مُشْتَقَّانِ من القَوْلِ. ويقال: قِيلٌ على بِناءِ فِعْلِ من الواو، ولكنّ الكسرةَ غَلَبَتْ فقُلِبَتْ الواوُ ياءً. قال أبو الأسود:

وصلهُ ما استقام الوصلُ منه ... ولا تسمع به قيلاً وقالا قال: ملوا البكاء فما يبكيك من أحدٍ ... واستحكم القيلُ في الميزان والقالُ وعن النبي صلى الله عليه [وسلم]: "نهاني رّبي عن القِيلِ والقالِ، وإضاعةِ المالِ، وعَنْ مُلاحاةِ الرّجال". ورَجُلٌ تِقْوالَةٌ وقَوَّال، وامرأةُ قوّالةُ: كثيرةُ القَوْل. وتَقَوَّلَ فُلانٌ باطِلاً، أي: قالَ ما لَمْ يكُنْ. وتقولُ: اقْتالَ قَوْلاً، أي: اختْارَ لِنَفْسِهِ قَوْلاً مِنْ خَيْرٍ أو شرّ. والمَقَالُ المَصْدَرُ. وقالَ الرَّجُل يقولُ قَوْلاً وقَوْلَةً وقيلاً وقِيلةً ومَقَالاً وقيالاً وقيالةً وقَالاً وقَيَلاناً وقيلانة فهو قائل. وقال يَقِيلُ من القَيْلُولة: وهو نَوْمُ نِصْفِ النَّهار، وهي القائلةُ، والفِعْلُ قالَ يَقِيلُ قَيْلُولةً ومَقِيلاً. والمَقيلُ أيضاً: المَوْضِعُ الذي يَقيلُ فيه القائل، قال النبي صلى الله عليه [وسلم]: "قِيلُوا فإنّ الشياطينَ لا تَقيلُ". والمَقيلُ: الدَّعَةُ والنِّعمَةُ وقلَّةُ التَّعَب. وقالتْ قُرَيْشُ للنبي صلى الله عليه وسلم وأصْحابِهِ إذْ هُمْ في الحاجة 2/ 228 والتعب: إنّا لأكْرَمُ مَقَاماً وأحْسَنُ مَقيلاً، فأنْزَلَ اللهُ {أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرّاً وَأَحْسَنُ مَقِيلاً}. وقولهم: رَجُلٌ قارئٌ أي: عابِدٌ ناسِكٌ، وفِعْلُهُ التَّقَّرُّؤ والقِراءة، والجَمْعُ القُرّاء. قال جرير:

يا أيها القارئ المرخي عمامته ... هذا زمانُك إني قد مضى زمني ويقالُ: قَرَأتُ القُرآن، وهو تحقيق، وقراتُ، بلا همز، وهو تليين، وقَرَيْتُ، بالياء، وهو مبدل، ثلاث لغات، عن الكسائي. وقَرأ الرَّجُلُ القُرآن يَقْرَأُ قراءةً وقُرَآناً، مهموز، ومَقْرأَ، فهو قارئ. وقرأتُ الكتاب قراءةً فهو مَقْروء. ويقالُ: قرأتُ القرآن عَنْ ظَهْرِ غَيْب، أو نَظَرْتُ فيه. ولا يقالُ (قرأتُ) إلاّ لما نَظَرْتَ فيه من شِعْرِ أو حديثٍ فَقَراتَهُ. والقُرّاءُ: الذين يَقْرأون كتاب الله تعالى. وقولهم: قرأتُ القُرآن قال أبو عبيدة: سُمِّي القُرآنُ قُرآناً، لأنّه يجمع السُّوَرَ ويضُّمُّها. الدليلُ: قَوْلُه [تعالى]: {فَإِذَا قَرَانَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ}. أي: ألَّفْنَا مِنْهُ شيئاً فضَمَمْناهُ إليك فَخُذْهُ واعمل بما فيه وضُمَّه إليك. قال عمرو بن كُلْثوم: ذراعي عيطل أدماء بكرٍ ... هجان اللون لم تقرأ جنينا قال أبو عبيدة: معناه: لم تضُمَّ في رَحِمِها وَلَداً.

قال قُطْرُب: إنّما سُمّيَ القُرآن قُرآناً لأنَّ القارئ يُظْهِرُهُ ويبينُهُ ويُلْقيه مِنْ فيه، أُخِذَ مِنْ قَوْلِ العَرَبِ: ما قرأتْ النَّاقَةُ سَلَيّ قَطّ، أي: ما رَمَتْ بِوَلَدٍ. قال حميد بن ثور: أراها غلاماها الخلا فتشذرتْ ... مراحاً ولم تقرأ جنيناً ولا دما أي: لَمْ تَرْمِ بجنينٍ ولا دمٍ. تَشَذَّرَتْ: حَرَّكَتْ رَاسَها مَرَحاً ونَشَاطاً للرّاعي. وقولهم: قَرَأتِ المرأةُ دَماً وهي تَقْرَأُ قُرْءاً، وأقْرأتْن أي: حاضَتْ، وهي تَقْرَأ إقراءً، وهي مَقْروّن ولا يُقالُ ذلك إلا للمرأةِ خاصةً إذا حاضَتْ. ويقالُ للمرأةِ: قَعَدَتْ أيَّام قرائِها، وللنّاقةِ أيّامَ قُرْئِها، وذلك أوَّلَ ما تَحْمِلُ حتى يَستَبْيِنَ حَمْلُها، فإذا اسْتَبَان ذَهَبَ عنها اسْمُ القُرْء. والقُروءُ مُخْتَلَفٌ فيه، قيل: هو الحَيْضُ، وهي الثلاثُ الحَيِضُ التي تَعْتدُّها المرأةُ، وهي لُغَةُ مَنْ يقولُ: ثلاثَةُ عُدول وثلاثَةُ شُروح، حُجَّتُهُمْ قولُ النبي صلى الله عليه وسلم للسائلة "إذا أقْبَلَتْ الحَيْضَةُ تَدَعِي لها الصّلاةَ أيّامَ أقْرائِكِ، فإذا أدْبَرّتْ فاغْتَسِلي وصَلِّي". وقيل: القُروءُ: الطُّهْرُ، وحُجَّتُهُمْ قولُ الأعشى: وفي كل عام أنت جاشم غزوةٍ ... تشد لأقصاها عزيم عزائكا مورثةٌ عزاً وفي الحي رفعةً ... لما ضاع فيها من قروءِ نسائكا

قالوا: والأعْشى ممَّن يُحْتَجُّ بِشِعْرِهِ في اللُّغة، وهو مِنْ فُصَحاءِ العَرَبِ، واللهُ خاطَبَ العَرَبَ بما تَفْهَمُهُ وتعقله. قال أبو عبيدة: كُلِّ قَدْ أصاب لأنَّ القُروءَ خُروجٌ 2/ 229 من شيءٍ إلى شيءٍ، فخرجَتْ من الطُّهْرِ إلى الحَيْضِ، ومن الحَيْضِ إلى الطُّهْر. قال: وأظُّنُه أنا مِنْ قَوْلِهِمْ: قَدْ أقْرَأتِ النُّجُومُ: إذا غابت. قال غَيْرُه: القُرْءُ: الوَقْتُ، يقالُ: رَجَعَ فُلانٌ لِقُرُوئِهِ ولقِرائِهِ، أي: لِوَقْتِهِ الذي كان يرجع فيه، فالحَيْض يأتي لِوَقْتٍ، والطُّهْرُ يأتي لِوَقْت. قال ابنُ السَّكِّيت: القَرْءُ: الطُّهْرُ والحَيْضُ، من الأضْداد. وقولهم: فلانٌ قُدْوةٌ وقِدْوَةٌ وَقِدَةٌ كله معناه: يُقْتَدَى به. والقَدْوُ: الأصْلُ الذي يَتَشَعَّبُ منه تَصْريفُ الاقتداء. قال الشاعر: فالجود من راحتيك قدوته ... فكان حذواً في الشعر والخطب وبعضُهُمْ يكْسِرُ فيقول: قِدْوَتُهُ، أي: بك يَقْتَدَي. تقولُ: اقتدى فُلانٌ بفلانً: إذا فَعَلَ مِثْلَ فِعْلِهِ، وفي القرآن {فَبِهُدَاهُمْ اقْتَدِهِ}. وتقولُ: مَرَّ فُلانٌ يَتَقَدَّى بهِ فَرَسُهُ، أي: يَلْزَمُ سَنَنَ السَّيْرِ. ويجوزُ في الشِّعْرِ:

تقْدُو بِهِ فَرَسُهُ، وتَقَدَّيْتُ على فَرَسي. القريحةُ معناها: جودُ الاسْتِخْراج، من قَوْلِ العَرَبِ: قَدْ قَرَحْتُ بِئراً واقَتَرَحْتُها. إذا حَفَرْتُها في موضع لا يخرجُ منه الماء، قال: وداويةٍ مستودع رذياتُها ... تنائف لم يقرح بهن مُعين أي: لم يُسْتَخْرَجْ بهنّ. والرَّذِيات: ما أوْجَفَ من الرّكابِ فَهَلَكَ، الواحدة: رَذِيّة، ويُجْمَعُ: رَذَايا أيضاً. ويقالُ للمرأةِ والرَّجُلِ إذا لم يُصِبْ أحَدَهُما الجُدَرِيُّ: قُرْحَان، والجَمْعُ: قُرْحانون. وكذلك الجَمَلُ إذا لم تُصِبْهُ عرةٌ. وتَقُولُ: للّذي يُصيبُهُ في جَسَدهِ قَرْحٌ: إنّه لَقَرِحٌ قَرِيحٌ بِهِ قَرْحَةٌ داميةٌ. وقد قَرِحَ قَلْبُهُ من الحُزنِ. والقُرْح لُغَةٌ فيه، وقد قُرِئ بهما. وقيل: القَرْحُ، بالفتح: الجِراح، وبالضَّمِّ: ألَمُ الجرْحِ. والماءُ القَرَاحُ: الذي لايخالِطُهُ شَيْءٌ، وهو الذي يُشْرَبُ على إثْرِ الطَّعام. قال الأعشى: ألسنا الفارجين لكل كربٍ ... إذا ما غُص بالماءِ القراح والقَراحُ من الأرْضِ: كُلُّ قِطْعَةٍ على حيالِها منابتُ النَّخْلِ وغيرُ ذلك. والقِرْواحُ مِنَ الأرضِ: المُسْتَوي مِنْ ظُهورِها. قال أوس يصف الماءَ:

فمن بعقوته كمن بنجوته ... والمستكن كمن يمشي بقرواح العَقْوَةُ: القُرْبُ، والنَّجْوَةُ: البُعْدُ. وتقولُ: قَرَحَ الفَرَسُ يَقْرَحُ قُروحاً فهي قَارِحٌ. وقَرَحَ نَابُهُ، والجميع القُرْحُ والقُرَّحُ والقَوَارِحُ. قال: نحنُ سبقنا الحلبات الأربعا ... والربعُ والقرحُ في شوطٍ معا ويقالُ للأنْثى: قارحٌ، ولا يُقالُ قارحة. 2/ 230 والقُرْحَةُ: الغُرَّةُ في وَسْطِ جَبْهَتِهِ، والنَّعْتُ أقْرَحُ وقَرْحاء. ويقالُ للصُّبْح: أقْرَح، لأنَّه سوادٌ في بياض. ورَوْضَةٌ قَرْحاء: يكونُ في وسطها نَوْرٌ أبيض، قال رُميم: حواءُ قرحاء أشراطيةٌ وكفتْ ... فيها الذهابُ، وحفتها البراعيم حَوَّاء: الشديدةُ السَّواد من الريّ، والقَرْحاء قد مضى تفسيرُها. أشراطية: مُطِرَتْ بالشَّرَطَيْن، وهما نجمان الواحد شَرَطٌ والجميع أشْراط. والذِّهابُ: الأمطارُ الليّنة، واحِدُها ذِهابة. وقولهم: لِفُلانٍ قَدَمٌ في الخَيْر أي: سابِقَةٌ. قال حَسَّانُ يخاطب النبي صلى الله عليه [وسلم]: لنا القدمُ الأولى إليك وخلفُنا ... لأولنا في ملة الله ناجع والنُّجْعَةُ: طَلَبُ الكَلأِ والخَيْر.

وقيل: القَدَمُ: العَمَلُ الصالح. قال: صل لذي العرش واتخذ قدماً ... ينجيك يوم العثار والزلل معناه: واتّخِذْ عملاً صالحاً. وقال الله تعالى {أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ}. ففي القَدَمِ أربعةُ أقوال: قيل: السابقة. وقيل: العملُ الصالح. قال مجاهد: القَدَمُ: الخَيْرُ. وعَنِ الحَسَن أو قتادة قال: القَدَمُ: مُحمدٌ صلى الله عليه وسلم يَشْفَعُ لهم عِنْدَ ربِّهم. وقال الخليل: القَدَمُ: السابقةُ في الأمر، وكذلك: القُدْمَةُز وقوله تعالى {قَدَمَ صِدْقٍ} أيْ سَبَقَ لَهُمْ عند الله خيرٌ وللكافرين شَرٌّ. وفي الحديث "إنّ جَهَنَّمَ لا تُسْكَنُ حتَّى يَضَعَ اللهُ فيها قَدَمهُ" قال الحسن: حتى يَجْعَلَ اللهُ فيها الذين قَدّمَهُم لها مِنْ شِرارِ خَلْقِهِ، وهم قَدَمُ الله إلى النار، كما أنَّ المسلمينَ قَدَمُهُ للجنّة. قال الأشعري: كُلُّ سابقٍ في خَيْرٍ أو شَرٍّ فهو قَدَمٌ عند العَرَب. ويقالُ: فُلانٌ قَدَمٌ في الإسْلام وقَدَمٌ في الجاهلية، أي: سابقةٌ في الإسْلامِ وشَرَفٌ،

وسابقةٌ في الجاهليةِ وعارٌ. وقال ابنُ الأعرابي: القَدَمُ: المتقدّمُ في الشَّرَف. والقَدَمُ: القَديمُ وإنْ لم يَكُنْ مِنْهُ شرف. قال العجاج: زل بنو العوام عن آل الحكم ... ولُبسَ المُلْكُ لملكٍ ذي قدمْ أي: متقدّم. وقال آخر: فغدت به قدم الفخار فغودرت ... اسنانه من فضه من حالق أراد: ما تقدَّم له من شَرَفِهِ. والقَدَمُ، في غير هذا: الشُّجاع. قال أبو زيد: يقالُ: رَجُلٌ قَدَمٌ إذا كان شجاعاً. وتقولُ: قَدَمَ فلانٌ، وهو يَقْدُمُ قَوْمَهُ، أي: يكونُ أمامهم. والقُدُمُ: ضِدّ الأخُر، بمنزلة: قُبُل ودُبُر. ورَجُلٌ قُدُمٌ: وهو المُقْتَحِمُ للأشياءِ يتقدَّمُ النّاسَ ويمضي في الحربِ قُدُماً. والمقدمة: وجهة، والواحد: مقدم. [القلب] القَلْبُ: مُضْغَةٌ مِنَ الفُؤادِ مُعَلَّقَةٌ بالنِّياط، والجميعُ: القلوبُ. قال اللُّغَويون: إنّما سُمِّيَ القَلْبُ قَلْباً لتقلُّبِهِ وكثرةِ تَغَيُّرهِ، وأصْلُهُ من: قَلَبْتُ الشَّيْءَ أقْلِبُهُ. قال:

ما سُمي القلبُ إلا من تقلبه ... والرأيُ يصرفُ والإنسانُ أطوارُ 2/ 231 والعربُ تكني بالقَلْبِ عن العَقْلِ، يقولون: دَلَّهُ قَلْبُهُ على الشيء، يريدون: دلّه عَقْلُهُ. قال الله تعالى {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ} أي: لمن كان له عقْلٌ وتمييز، وربما كنوا بالفؤادِ عن العَقْلِ والقَلْبِ. والقَلْبُك صَرْفُكَ إنْساناً بِقَلْبِهِ عَنْ وَجْهِهِ الذي يُريدُ. والفِعْلُ اللاّزِمُ مِنْ ذلك: الانقلاب. والقَلْبُ: تحويلُكَ الشَّيْءَ عَنْ وَجْهِهِ. تقولُ: كلامٌ مَقْلوبٌ، قَلَبْتُهُ فانْقَلَبَ، وقَلَّبْتُهُ فَتَقَّلَبَ. وأقْلَبْتُهُ، بالألف، خطأ. وفي الحديث: "إنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ قَلْباً، وقَلْبُ القُرآنِ يس". والقَلْبُ: المَحْضُ، تقول: جِئْتُكَ بهذا الأمْرِ قَلْباً، أي: مَحْضاً لا يَشُوبُهُ خَلْطٌ. وقَلْبُ النَّخْلةِ: شحْمَتُها. وقُلْبُها، بالضمّ: شَظيةٌ بَيْضاء تخرجُ في وَسَطِها كأنَّها قُلْبُ فِضَّةٍ رَخْصَةٍ طيّبةٍ، سُمِّيَتْ قُلْباً لبياضها. والقُلْبُ: مِنَ الأسْوِرَةِ. ويقالُ لِلحيَّةِ البيضاءِ: قُلْبٌ تشبيهاً به. والقَليبُ: البِئْرُ قَبْلَ أن تُطْوى، والجمْعُ: القُلُبُ. ويقولونَ: ما فيه قَلَبَهُّ، أي: لا دابّة ولا غائلة. والقالَبُ دخيلٌ في العربية، ومنهم من يقولُ: قالِب، وهو: مِثالٌ من طينٍ أو

خَشبٍ يُعْمَلُ عليه مِثْلُهُ منْ فِضَّةٍ أو ذهَبٍ وما يشبهُهما. ورَجُلٌ حُوَّلٌ قُلَّبٌ، وهو: الذي يُقَلِّبُ الأمور. والحُوَّلُ: صاحِبُ حِيَل. وعَنْ معاويةَ أنَّهُ قالَ في مَرَضِهِ: إنّكُمْ لتُقَلِّبونَ حُوَّلاً. قُلَّباً إنْ وُقِيَ هَوْلَ المَطْلَع. والقِلَّوْبُ: والتقليب: الذِّئبُ بِلُغَةِ اليمن، وبَعْضٌ يقولُ: قِلاَّب. قال الشاعر: أيا جحمتا بكي على أم واهبٍ ... قتيلة قلوبٍ بإحدى الذنائب الذَّنائبُ: جمع ذِنَاب، وهو مِنْ مسايلِ الماء. قال مُهَلْهِلُ بنُ ربيعة: فإنْ يكُ بالذنائب طال ليلى ... فقد يبكي على الليل القصير وقولهم: قرضت فُلاناً معناه: مَدَحْتُهُ، والقريضُ: مَدْحُ الحيّ، والتأبين: المدحُ للميّت. قال متمم: لعمري وما دهري بتأبين هالك ... ولا جزع مما أصاب فأوجعا يقالُ: أبَّنْتُ الرَّجُلَ: إذا رَثَيْتُهُ ومدحتُهُ بعد مَوْتِهِ، والمادِحُ مُؤَبِّنٌ، والمَيِّتُ مُؤَبَّنٌ. وأدَمُّ مَقْروظ، أي: مدبوغٌ بالقَرَظِ. وأنا أقْرِظُهُ قَرْظاً. والقارِظُ: الذي يجْمَعُ القَرَظَ. وفي المَثَلِ: حَتَّى يَؤوب القارِظُ العَنَزِيّ. وقال بِشْرُ بن أبي خازم لابنته عند موته:

فرجي الخير وانتظري إيابي ... إذا ما القارظُ العنزي آبا القارِظُ العَنَزِيُّ: رَجُلٌ ذَهَبَ يَبْتَغي القَرَظَ، فيقالُ إنّ الجنَّ اسْتَهْوَتْهُ فلم يَؤُبْ، فصار مَثَلاً. قال أبو ذُؤيب: وحتى يؤوب القارظان كلاهما ... وينشر في القتلى كليب لوائل القارظان كلاهما مِنْ عَنَزة، فالأكبر هو: يَذْكُرُ بنُ عَنَزة لِصُلْبِهِ. والأصغر هو رُهْمُ بن عامر بن عَنَزة. وكذلك في المَثَلَ: حتّى يؤوبَ المُنَخَّلُ. 2/ 232 وقِصَّتُهُ نحو من قصة العَنَزِيّ، غير أنّه لم يَكُنْ مِنْ سَبَبِ القَرَظِ. وقولهم: قَرَفَ فُلانٌ فُلاناً أي: ألصَقَ به عَيْباً وذمّاً. ومنه الحديث عن النبي صلى الله عليه [وسلم] لعائشة: "إنْ كُنْتِ قارَفْتِ ذَنْباً فَتُوبي إلى الله مِنْهُ" قال الله تعالى {وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ} أي: وليكتسبوا وليلصقوا بأنفسهم. قال الشاعر: وإني لآتي ما أتيتُ وإنني ... لما اقترفت نفسي علي لراهبُ معناه: لما ألْصَقَتْني وأكْسَبَتْني.

قالت عائشة: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يُصْبحُ جُنُباً منْ قِرافٍ غير احتلام". أي من مُجامَعةٍ ومُواقَعةٍ في شَهْرِ رمضان. والقِرافُ هو الجماعُ ها هنا. والعربُ تخلط. والقَرْفُ مِنَ الذّنْبِ والجُرْم. وتقول: فلانٌ يُقْرِفُ بِسُوءٍ أي: يُرْمى به ويُظَنُّ به، فهو يَقْتَرِفُ ذَنْباً، أي: يأتيه ويَفْعَلُهُ. وتقولُ: فلان قَرَفَني، وهؤلاءِ قِرْفَتي، أي: بِهِمْ وعِنْدَهُمْ أظُنُّ طَلِبَتي وبُغْيَتي. وتقولُ: سَلْ بَنِي فُلانٍ عَنْ ضالَّتِكَ فإنَّهُمْ قِرْفَةٌ، أي: وَقَعَ عِنْدَهُمْ مِنْ ذلكَ خَبرٌ. والعَربُ تقولُ: ما أبْصَرَتْ عَيْني ولا قَرَفَتْ يدي، أي: ولا دانت ذلك. وفُلانٌ يَقْتَرِفُ لعيالِهِ، أي: يَكْتَسِب، ومنه قولُهُ تعالى: {وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً} أي: يَكْسَبُ. والمُقْرِفُ: الذي قَدْ دَاني الهُجْنَةَ. قال رميم: تريك سنة وجهٍ غير مقرفةٍ ... ملساءَ ليس بها خالٌ ولا ندبُ أي: كريمةُ الأصل لم تُخالِطْها هُجْنَة. والقُروفُ: الأوْعِيَةُ تُتَّخَذُ مِنَ الجُلودُ. قال الشاعر: وذُبيانيةٍ أوصت بنيها ... بأن كذب القراطف والقروف

ويروى: وصَّت. والشعر لِمُعَقَّر بن حمار البارِقيّ حليف بني النّمير. القَراطِفُ: القُطُفُ، واحدها قَرْطَف، وهي قطيفة مُخْمَلَةٌ، والقَطيفةُ من الدثار. قال الشاعر: عليه المنامةُ ذاتُ الفضولِ ... من الرهن كالقرطفِ المخملِ والقَرْقُوف: الدرهم الأبيض. ويقالُ في لُغز: أبْيَضُ قَرْقُوف، لا شعر ولا صوف، بكلّ بلدٍ يطوف. يعني: الدرّهم الأبيض.

وقولهم: قد قفا فُلان فلاناً وقَذفه، وقشبه، وقذعه، وقدعه، وقمعه، وقفده، وفقخه، وقصعه، وقعصه، وقدصه، وقصره، وقسره، وقضعه، وقثره، وقطره، وقمطه، وقذفه، وقهله، وقصبه فهذه عشرون كلمة مختلفة المعاني ومتفقة ومتقاربة، جمعها حرف القاف ويأتي تفسير كل كلمة واحدة منها إن شاء الله. [قفاه] معنى قفاه: أتبعه كلاماً قبيحاً. تقول: قفوْت أثر فلان أقفُوه قفْوا، إذا تبعته. والقُفُوَّة: مصدر من قولك: قفَّوْتُ الرجل قُفُوّاً وهو أن تُتبع شيئاً من بعده. وقفوت الرجل: قفته بالريبة. وفي الحديث: "من قفا مؤمناً" أي قذفه بالريبة قال الشاعر: وقام ابن مية يقفوهم ... كما تختل الفهدة الخاتله ومنه: قافية الشعر، سميت قافية لأنها تقفو البيت وهي خلف البيت كله. قال الله تعالى {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ}.

قال مجاهد: لا ترُمْ ما ليس لك به علم. وقال ابن الحنفية: لا تشهد بالزور. وقال أبو عبيدة: "مجازه لا تتبع ما لا تعلم ولا يعنيك". وقال النبي عليه السلام: "نحن بنو النضر بن كنانة لا نقذف أمَّنا ولا نقفو أبانا"، وفي نسخة: "لا نقفو أُمَّنا ولا ننتفي آباءنا". وفي كتاب ابن الأنباري: "لا نقذف أبانا ولا نقفو أمَّنا، فمعنى نقفو: نقذف". قال الجعدي: ومِثْلُ الدُّمَى شم العرانين ساكن ... بهنَّ الحياء لا يشعن التقافيا ويروى: "لا يُشعن التعافيا"، أي التقاذف. وقَفوته: قلت من خلفه إنه فجر. وقال أبو عبيد: "الأصل في القفو والتقافي: البهتان يرمي به الرجل صاحبه"، واحتج بقول حسان بن عطية: من قفا مؤمناً بما ليس فيه حبسه الله في ردغة الخبال حتى يأتي بالمخرج". وقال القاسم بن

محمد: لا حدَّ إلا في القفو البيِّن؛ معناه: إلا في القذف. وقال الفراء: القفو مأخوذ من القِيافة، وهو تتبع الأثر، يقال: قد قاف القائف يَقوفُ فهو قائف قيافة، تقدَّمت الفاء وأخَّرت الواو، كما قالوا: جَذب وجبذ، وصبَّ وبصَّ. وقال الكسائي: قرأ بعضهم {ولا تَقُفْ} بوزن تقل، وحجته قول الشاعر: فلو كنت في غمدان تحرس بابه ... أراجيل أحبوش وأسود آلف إذاً لأتتني حيث كنت منيَّتي ... يحث بها فاد لإثري قائف والقافة: قوم يعرفون شبه الأبناء للآباء، فيلحقونهم بهم، وبه يقول الشافعي ويحكم به. والقَفِية في غير هذا المعنى المتقدم: الإكرام. وقال الخليل: القفاوة من البر واللُّطف؛ تقول: فلان قَفِيٌّ بفلان، وهو يُقفي ويَقتفي به، إذا أكرمه وألطفه جداً. قال الشاعر: وعُيِّب عني إذ فقدت مكانه ... تلطف كف بره واقتفاؤها [القذف] القذف: هو في موضع بمعنى القَفو، وهو الرَّمي من كل شيء، والرمي بالكلام القبيح. والقذف: الشتيمة، يقال: قذفني فلان، أي شتمني. قال طرفة:

وإن يقذفوا بالقذع عِرضك فاسقهم ... بكأس حياض الموت قبل التهدد وقد يجيء القذف في معنى الظن والتهمة، قال النابغة: لا تقذفَنّي بركن لا كفاء له ... ولو تأثَّفَك الأعداء بالرصد أي لا تتهمني بما لا أطيق. ويقال للمنجنيق: قذَّاف: وسبسب قُذُف وقَذَاف، وبلده كذلك [أي بعيدة]. والقُّذْف: الناحية، والقُذُفات: النواحي، واحدتها قُذْفة، وبه شهرت الشرف. وعن ابن عمر أنه كان لا يصلي في مسجد فيه قُذُفات يقال: إنما هي قُذَف واحدتها قَذُوفة، وهي الشُّرف وكل ما أشرف من رؤوس الجبال فهي قُذُفات. قال امرؤ القيس: منيف تزلُّ الطير عن قذفاته ... يظل الضباب فوقه قد تعصَّرا ويروى: نيافاً، أي عالياً. [قشب]

قشبه: لطخ به شراً، وكل شيء يخلط به شيء يفسده [فقد قشب]؛ تقول: قشبته أنا تقشيباً. والقشب: خلط السم بالطعام، والقشب: اسم للسم. قال النابغة: فبتُّ كأن العائدات فرشنني ... هراساً به يُعْلَى فراشي ويقشب ويقال: نسر قشيب، إذا خلط له في اللحم يأكله سُمُّ، فإذا أكله قتله، فيؤخذ ريشه فيراش به السهام. قال الهذلي: به ندع الكميَّ على يديه ... يخر تخاله نسراً قشيبا وكذلك قشب طعامه. وقال عمر لبعض بنيه: قشبك المال، أي ذهب بعقلك. والقشيب والقشب: كل شيء طري جديد. وسيف قشيب: حديث الجلاء. وثوب قشيب: جديد. وكل شيء مدرته فقد قشبته؛ كقوله: قشَّبتنا بفعال لست تاركه ... كما يقشب ماء الحمَّة الغرب [وقدر] قشيب: قدر قد خالطها قذرٌ؛ وبناء قشيب: [قد أحاط به

قذر]. وقد قشب قشابة، إذا خلص وحسن. [القسب] والقسب- بالسين: صوت الماء وخريره؛ قال عبيد بن الأبرص: أو فلج ماء ببطن واد ... للماء من تحته قسيب ويروى: أو جدول في ظلال نخل ... للماء من تحته قسيب قذعه القذع: سوء القول من الفحش ونحوه؛ [تقول]: قذعت الرجل، فأنا أقذعه قذعاً، إذا رميته بالفحش من القول. قال العجاج: يا أيها القائل قولاً أقذعا ويقال: فلان أقذع القول إقذاعاً، كما يقال: أساء إساءة. قدعه القدع: كفك إنساناً عن شيء يريده بيدك ولسانك. قدعته عن هذا الأمر فانقدع، أو يراك فينقدع لمكانك.

وامرأة قدعة، ونسوة قدعات وهن القليلات الكلام، الكثيرات الحياء. والتقادع في الشيء: التهافت مثل الفراش، والتهافت التساقط. [قمع] قمعه: أذله، فذل واختبأ فرقاً. وكان قمعه بن إلياس بن مضر اسمه عمرو، فأغير على إبل أبيه فانقمع في البيت فرقاً، فسماه أبوه قمعة. والقَمَعُ: ذباب، الواحدة قمعة. والقِمْعُ: ما التزق بأعلى التمر والعنب ونحوه، والجميع الأقماع، ويكون لأشياء كثيرة. [قَفَد] قفده: صفعه ببسط الكف في قفاه، تقول: قفده يقفده قَفْداً. والقفدانة: غلاف المكحلة وربما كانت من أديم. والأقفد: الذي في عنقه استرخاء/ من الناس. والظليم أقفد وأمه قفداء. [قَفَخَ] قفخه: كسر رأسه شدخاً، وكذلك إذا كسرت العرمض عن وجه أن تقول: قفخته.

قال: قفخاً عن الهام وبجاً وخضا [قصع] قصعه: القصع في معنى الصفع إلا أنه يكون على الهامة، والصفع مما يلي القفا. وغلام قصع [وقصيع]، وجارية قصعة وقصيعة. وقد قصع الغلام قصاعة إذا كان قميئا لا يشب ولا يزداد؛ تقول: قصع الله شبابه. والقاصِعاء: اسم فم جُحر اليربوع، وهو الأول الذي يدخل منه، وهو اسم جامع. [قَعَصَ] قعصه: قتله، والقعص: القتل، ضربه فأقعصه قتله مكانه. ومات فلان قعصاً: أصابته رمية أو ضربة فمات مكانه. قال يصف الحرب: فأقعصتهم وحلَّت ركبها بهم ... وأعطت النهب هيان بن بيَّانا هيان بن بيان، أي من لا يعرف ولا يُعرف أبوه.

والقعاص: داء يأخذ الدواب فيسيل من أنوفها شيء. تقول: قُعصت الدابة فهي مقعوصة. [قرص] قرصه: القرص بالإصبع، تقول: ما زال يقرصني منه قارص أي كلمة مؤذية. قال الشاعر: قوارص تأتيني وتحتقرونها ... وقد يملأ القطر الإناء فيفعم والقرص بالأصابع: قبض على الجلد بأصبعين وغمز حتى يؤلمه ويوجعه لياً. وتسمى عين الشمس عند الغيبوبة قرصا. والقرص من الخبز وما أشبهه، والجمع قِرَصة. تقول: للصغير جداً: قُرصة واحدة، والتذكير أعمُّ. وكل شيء عصرته بين شيئين أو قطعته فقد قرصته. ويقال للمرأة: قرصي العجين، أي قطعيه قِرَصة. [قصر] قصره: رده دون مراده. وتقول: قصرت نفسي على هذا الأمر قصراً، وأنا أقصرها قصراً. وقصرت طرفي، أي لم أرفعه إلى ما لا ينبغي. قال الله تعالى {قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ} قصرن طرفهن على أزواجهن، فلا يرفعن إلى غيرهم، ولا يُردن بهم بدلاً.

والمقصورة: المحبوسة في بيتها وخِدرها لا تخرج، كما قال الشاعر: من الهيف مقصور عليها حجالها ويقال: جارية مقصور وقصيرة، أي محبوسة ليست بخارجة؛ قال كثير: فأنت التي حببت كل قصيرة ... إلي، وما تدري بذاك القصائر عنيت قصيرات الحجال، ولم أُرِد ... قصار الخطى، شر النساء البحاتر البحاتر: القصار؛ ويُروى: كل قصورة. [وقال الشاعر]: أحب من النسوان كل قصيرة ... لها نسب في الأكرمين قصير وأقصرت عن الشيء، إذا نزعت عنه وأنت تقدر عليه؛ وقصرت عنه [قصوراً، إذا عجزت عنه ولم تبلُغْه]. والقاصر: كل شيء قصر عنك. وتقاصرت إلى فلان نفسه ذلاً. ومن قال في وصيته: والثلث لبني عمي قصرة أي يقتصر به عليهم خاصة دون غيرهم. وقصر الشيء: غايته، وقال العباس بن مرداس: لله درك لم تمني موتنا ... والموت ويحك قصرنا والمرجع أي غايتنا، وهو القُصار والقُصارى.

ويقال للمتمني ما لا ينال: قصاراه والخيبة؛ وله: عش ما بدا لك قصرك الموت ... لا معقل عنه ولا فوت والقصر: والعشي، وقد أقصرنا أي أمسينا. وقصر عني الغضب والوجع قصوراً: [سكن]، وقصرت أنا عن الغضب أقصر: إذا لم أغضب، وأتجاوز ذلك. والقصر: قبل اصفرار الشمس، والمقصر: العشي، والجمع المقاصر. ويقال: قصر العشي إذا دنا المساء: وقد أقصر الرجل إذا دخل في العشي، كما يقال: قد أصبح وأمسى إذا غشيه الصباح والمساء. وقصرت الصلاة قصراً وقصَّرتهما تقصيراً. وقصَّر فلان في الحاجة، إذا لم يقم بها وأهمل السعي فيها. [قسَرَ] قسره: قهره على كُره؛ يقال: قَسَره قسراً، واقتسرته فعل أعم. والقسور: الرامي الصياد؛ قال الشاعر:

وشرشر وقسور نضري الشرشر: الكلب، والقسور: الصياد؛ والجمع قسورة، وفي القرآن: {فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ}؛ قال بعضهم: الرماة، وقيل: الأسد. والقيسري: الضخم الشديد المنيع. والقيسري: المسن القديم من الرجال والإبل، قال العجاج: أطرباً وأنت قيسري؟ والدهر بالإنسان دواري [قضع] قضعه: قهره أيضاً، والقهر: القضع. وقيل: إن قضاعة قهر واحداً من الأحياء، فسموا قضاعة. وقيل: هو اسم رجل سميت به القبيلة، وكذلك القبائل سميت باسم رجالها الكُبَراء. وهو قضاعة بن مالك بن حمير. [قشر] قشره: شأمه، والقشر مصدر. والقُشرَةُ والقاشور وهو الشؤوم؛ تقول: قشرهم أي شأمهم من الشؤم.

[قطّر] قطَّره: صرعه، تقول: قطَّرته تقطيراً. قال عمرو بن معد يكرب: قد علمت سلمى وجاراتها ... ما قطر الفارس إلا أنا شككت بالرُّمح سرابيله ... والخيل تعدو زيما بيننا أي ما صرعه فخر قتيلاً إلا أنا. [قمط] قمطه: شده، ولا يكون القمط إلا شد اليدين والرجلين معاً. والقُمَّاط في بعض الصفات: اللصوص. وسفاد الطير كله: قماط، تقول: قمطها قمطاً. [قَذَم] قذمه: أكثر له من العطاء. والقُذَمُ: الكثير [العطاء]. وقذم له من العطاء وقثم أيضاً. قال الشاعر: فأمَّن الناس ما يحيا وموَّلها ... قذم المواهب من أثوابه الوُعُب [والقِذَمُّ: السيد الرغيب الخُلُق] الواسع [البلدة]، والقِذَمّ: السريع، وانقذم: أسرع.

[قهل] قهله: أثنى عليه [ثناء] قبيحاً. وأقهل الرجل: إذا تكلَّف ما لا يعيبه ودنَّس نفسه. وأقهل قهلاً: إذا استقل العطية وكفر النعمة. والقهل: كالقره في قشف الإنسان وقذر جسده. ورجل متقهل: لا يتعاهد جسده بالماء والنظافة. قال الشاعر: [من راهب] متبتل متقهل ... طاوي النهار وليله لا يرقُد والقره في الجسد كالقلح في الأسنان، وهو الوسخ. والنعت أقره وقرهاء ومتقره. [قصب] قصبه: وقع فيه بسوء، وهو مثل قهله. وقولهم: ما يعرف قبيلاً من دبير فيه قولان: قيل: الإقبال من الإدبار، أي ما يعرف ما أقبل به من الفَتْل إلى الصدر مما أدبر به عنه. وقيل: ما يعرف الشاة المقابلة من المدابرة. المقابلة: التي شقَّت أذنها إلى قُدام، والمدابرة: التي تشق من مؤخَّر أذنها.

والقبيل أيضاً: إذا مسحت اليمنى عن الشمال علواً، وإذا مسحتها سُفلا فهو الدبير. وتقول: هو من قُبُل، أي من أمامه، ومن دبر، أي من خلفه. وفي القرآن {وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ} و {مِنْ قُبُلٍ} أي من أمامه. ويجمع في هذا الموضع على الأقبال والأدبار. وسأل رجل الخليل عن قول العرب: كيف أنت لو أُقْبِل قُبلك؟ فقال: أراه مرفوعاً لأنه اسم وليس بمصدر كالقصد والنحو، إنما هو كقولك كيف أنت لو استُقْبِل وجهك بما تكره؟ والقبِلُ: الطاقة، قال الله تعالى: {فَلَنَاتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا} أي لا طاقة لهم بها. قال الكُميت: ومرصد لك بالشحناء ليس له ... بالبخل منك إذا راضخته قِبَلُ وفي موضع آخر: هو التلقاء، تقول: رأيته قِبَلاً، أي مواجهة. وأصبت هذا من قِبَلِه، أي من تلقائه، أي من لدنه، وليس من تلقاء الملاقاة، ولكن في معنى: من عنده. والقَبَل: أن ترى الهلال أول ما يُرى، تقول: رأيت الهلال قَبَلاً. والقَبَل: النشز من الأرض يستقبلك، تقول: رأيت شخصاً بذلك القَبَل.

والقبَلُ: أن يتكلم الرجل بالكلام ولم يستعد له. وفي الكفالة: قَبِلَ به فهو يقبل قبالة. ويقال: من يقبل بك؟ أي من يكفل بك؟ قال الشاعر: إن كفي لك رهن بالرضا ... فاقبِلي يا هند، قالت: قد وجب وقوله تعالى: {وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً} أي قبيلاً قبيلاً. وفسر بعضهم [قُبُلاً]: عياناً، ويستقبلونك كذلك. وكل جيل من الناس والجن: قبيل، وقوله تعالى: {هُوَ وَقَبِيلُهُ}، أي من كان من نسله. والقُبْل: رأس كل شيء مثل الجبل والأكمة وكثيب الرمل ونحوه. وقُبالة كل شيء، ما كان مستقبله فهو قُبالته، وهو مقابلة. ومن الجيران مقابل ومدابر، قال الشاعر: حمتك نفسي مع جاراتي مقابلاتي ومدابراتي والقابلة: الليلة المُقبلة، وكذلك اليوم القابل والعام القابِلُ: هو المُقبِل، ولا

يقولون من فعل يفعُل. والقابلة: المرأة التي تقبل الولد عند الولادة، والجمع: القوابل. والقبول من الرياح: هي الصبا؛ لأنها تستقبل القِبْلة، وتستقبل الدبور، وهي تهب مستقبلة القِبْلة من الشمرق وتصبو إلى المغرب. قال الشاعر: فإن تمنع سدوس بدرهميها ... فإن الريح طيبة قبول والقبول: أن تقبل العفو والعافية، وهو مصدر، تقول: يقبلها قبولاً بفتح القاف. وتقول: يقبل الله منك وعنك عملك قبولاً وتقبلاً، قال الله تعالى: {فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ}. والقَبَل في العين: إقبال السواد على المحجر. وقيل: إذا أقبل السواد على الأنف فهو أقبل، وإن أقبل على الصُّدْغين فهو أخزر. والفعل قبل يقبل قبلاً، وامرأة قبلاء، وعين قبلاء. وتقول: فعل هذا في ذي قبل أي في استئناف. ورجل مقابل في الكرم والشرف من قِبَل أخواله وأعمامه. ورجل مقتبل الشباب: لم ير فيه أثر من الكِبَر بعد. قال الشاعر: ليس بِعَل كبير لا شباب له ... لكن أثيلة صافي الوجه مقتبل

قال الأصمعي: كل كبير السن صغير الجِرم عل، وأصل ذلك القراد. والعل: القراد الضخم، والعل من الرجال: الذي يزور النساء. ورفع (أثيلة) على طلب الهاء، على معنى: لكنه أثيلة. وقبيل القوم: القيم بأمرهم للسلطان وغيرهم، ومصدره القبالة وضمانه القبالة. وكل كتاب بين قوم بقبالة أو مقاطعة فهو قبالة. [قَبْل] قبلُ: عقيب بعد، فإذا أفردوا رفعوا، فقالوا: قَبْلُ، كقوله [تعالى]: {لِلَّهِ الأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ} رُفعا بغير تنوين لأنهما غائيان، فإذا أضفتهما إلى شيء نصبت، تقول: جاءنا [قبل عبد الله] وهو قبل زيد قادم وبعده خارج، إذا وقعتا موضع الصفة. فإذا ألقيت عليهما (مِنْ) صارا في حد الأسماء، كقولك: من قبل زيد ومن بعد عمرو، فصار (من) صفة، وخُفِض قبلُ وبعدُ، لأن (مِنْ) حرف خفض. وإنما صار قبل منقاداً لمن، متحولاً من الوصفية إلى الاسمية لأنه [لا] يجتمع صفتان، وغلبه (منْ) لأن (مِنْ) صار في صدر الكلام فغلب. [تقول]: جئتك قبل عبد الله، وجاءني قبل زيد، وكان هذا من قبل ذاك، فإذا لم تُضف ولم تستعمل من مع الإضافة فسبيله الرفع، كقوله [تعالى] {لِلَّهِ الأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ} لأنهما غايتان ليس وراءهما شيء، وقبل الأول، وبعد الآخر، والآخر ضد الأول، والآخر سوى الأول، وتقول: جاءني رجل ورجل آخر، والآخر دون الرجل الأول.

وقولهم: فلان كأنه قُفَّة القُفَّة: الشجرة التي ذهب فرعها وبلي أصلها؛ قال الأصمعي: القُفة: ما بلي من الشجر والمعنى: قد كَبِر هذا الرجل حتى صار كالبالي النخر من أصول الشجر. قال الخليل: القُفَّة: كهيئة القرعة تتخذ من خوص، يقال: شيخ كالقُفَّة، وعجوز كالقفة. قال الشاعر: كل عجوز رأسها كالقُفَّه تسعى بجف معها هرشفه وقد استقف الشيخ: إذا انضم وتشنج. والقُفَّة: ثقبة الفأس. والقفقفة: اضطراب الحنكين واصطكاك الأسنان من برد أو غيره. والقُفة: الرعدة. والقفَّان: الجماعة. وأقفَّت الدجاجة: إذا كفَّت عن البيض. وقولهم: قاتل الله فلاناً فيه ثلاثة أقاويل: قال أبو عبيدة: معناه قتله. وقيل: لعن الله فلاناً، ومنه قوله تعالى: {قُتِلَ الإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ} أي لعن، عن الفراء، وقيل: عاداه الله. وهذه الأقاويل في تفسير {قَاتَلَهُمْ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ}.

أنشد أبو عبيدة: قاتل الله قيس عيلان حياً ... ما لهم دون عذرة من حجاب وقاتعك الله دون قاتلك الله. والقِتْل: القرن في الحرب والعدو، وقوم أقتال: وهم أهل وتر وتِرة. قال الأعشى: رُبَّ رفد هرقته ذلك اليو ... م وأسرى من معشر أقتال رفد: قدح. وأقتال: أعداء ذوو ترات. ويقال: تقتلت الجارية للفتى: تصف له العشق، قال: تقتَّلت لي حتى إذا ما قتلتني ... تنسكت ما هذا بفعل النواسك وقولهم: أقتل فُلان فلاناً إذا عرضه للقتل، كما قال مالك بن نويرة لامرأته حين رآها خالد بن الوليد سيف الله: أقتلتني، أي سيقتلني من أجلك، فقتله وتزوجها؛ وله حديث. وقلبٌ مقتَّل: أي قُتل عشقاً. قال امرؤ القيس: وما ذرفت عيناك إلا لتضربي ... بسهميك في أعشار قلب مقَتَّل والمقَتَّل من الدواب: الذي ذل ومرن على العمل

وقولهم: قد قنطرت علينا أي طوَّلت وكثرت الكلام؛ مأخوذ من القنطار، وهو الكثير من المال وفيه ثلاثة عشر قولاً، كلها بمعنى الكثرة: قال ابن عباس: سبعون ألفاً، وسأله نافع بن الأزرق قال: فأما قول أهل البيت فإنا نقول: القنطار عشرة آلاف مثقال. قال الكلبي: ألف مثقال ذهباً أو فضة. قال عطاء: القنطار سبعة آلاف دينار. قال أبو نصر: ملء جلد ثور ذهباً. قال سعيد بن المسيب: ثمانون ألفاً. وأما بنو جنيد فقولهم: ملء جلد ثور ذهباً أو فضة. وأنشد لعدي بن زيد: وكانوا ملوك الروم يجبى إليهم ... قناطيرها من بين حق وزائد وقال في بعض التفسير: القنطار بلسان إفريقية والأندلس: ثمانية آلاف مثقال من ذهب أو فضة. وبلسان قسطنطينية: ألف ومائتا مثقال من ذهب أو فضة. قال أبو هريرة: اثنا عشر [ألف] أوقية، والأوقية خير مما بين السماء والأرض. قال قتادة: مائة رطل من الذهب وثمانون ألفاً من الورق. قال الحسن: ألف دينار واثنا عشر من الورق، وعنه اثنا عشر ألفاً، وعنه ألف ومائتا دينار، وعنه ألف ومائتا أوقية. وقيل: القِنطار: رطل من الذهب أو الفضة.

وقال بعض أهل اللغة: القنطار: العقدة الوثيقة المحكمة من المال. وسميت القنطرة قنطرة لإحكامها. وقال أبو عبيدة: "وتقول العرب في القنطار: هو قدر وزن لا يحدونه". فهذه الأقاويل كلها تدل أنه الكثير من المال. قال ابن الأعرابي: معنى قنطرت علينا طولت وأقمت لا تبرح. وقنطر الرجل: إذا أقام في الحضر وترك البدو. وقيل: قد قنطر إذا أطال إقامته في أي موضع كان. قال: إن قلت تسري قنطرت لا تبرح وإن أردت مكثها تطوَّح قال الخليل: العرب تقول: القنطار أربعون أوقية من ذهب أو فضة، والأوقية وزن تسعة، والقنطرة معروفة، مثاقيل ونصف. والقنطر: الداهية. والقِنَطْر والقِمَطْر: توصف به الناقة في سرعتها وقوتها. والقمطر: جمل ضخم قوي. [قَطَر الرجل في الأرض] قطر الرجل في الأرض: ذهب؛ تقول: قطر قُطوراً، [إذا ذهب فأسرع]. وأقطار الأرض: نواحيها. و {مِنْ أَقْطَارِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ}: نواحيها، ويقال: قُطْر وقُتْر. والقُطْر: الشق. وعن ابن مسعود أن [رسول الله] قال: "لا يعجبنك ما ترى من

المرء حتى تنظر على [أي] قطريه يقع" أي على أي شقيه يقع في خاتمة عمله. وأقطار الفرس: ما أشرف منه. والقطار: أن تقطر الإبل بعضها إلى بعض على نسق واحد. والمقطرة اشتق اسمها من ذلك؛ لأن من حبس فيها كانوا على قطار واحد. وقطر الماء يقطر قطراً وقطراناً. والقطار: جماعة القطر. والقطران- ويخفف في لغة: هو ما يتحلب من شجر يقال له: الأبهل، يطبخ فيتحلب منه قطران؛ قال الشاعر: أنا القطران والشعراء جربى ... وفي القطران للجربى شفاء [قيل]: أبو الدقيش لا يقول غير القطران. والقُطُر: عود يتبخر به. والقِطْر: النحاس الذائب. قال ابن عباس في قوله تعالى: {عَيْنَ الْقِطْرِ} قال: أعطى الله داود عيناً من الصفر تسيل كما يسيل

الماء؛ واحتج بقول حطيئة العبسي حيث يقول: فألقي في مراجل من حديد ... بذوب القطر ليس من البرام والقطر: البرد. والقمطرة: شبه سفط يسف من قصب. قال: قمطرة: تكون للحكام [تصان] فيها كتبهم وحججهم. وقولهم: ما رأيت مثله قطُّ رفع لأنه غاية، مثل: قبلُ وبعدُ، وهو للأبد الماضي. وأما قط الذي في: ما أعطيته إلا عشرين قط، فإنه مجرور فرقاً بين الزمان والعدد. وقط- خفيفة- بمعنى حسب، تقول: قطك هذا الشيء، أي حسبكه، والطاء ساكنة لأنها بمنزلة هل وبل. وقط وقد لغتان بمعنى حسب. ويقال: قط عبد الله درهم- بنصب عبد الله- بمعنى يكفي عبد الله؛ وخفضه بمعنى حسبه بالإضافة. قال الشاعر: قد القلب من وجدبها برحت به ... قد القلب من وجد بها أبداً قد ويروى بخفض القلب. وإذا أضاف الحرفين إلى نفسه قال: قدي وقطي، ومن نصب وأضاف إلى نفسه قال: قدني وقطني، قال أبو النجم: امتلأ الحوض وقال: قطني سلا رويداً قد ملأت بطني

ويروى: قرياً رويداً قد وجعت بطني. آخر: قدني من نصر الحسين قدني آخر: قطني من قتل الحسين قطني. والقِطُّ أيضاً: الكتاب، والجمع القُطوط، والفُنداق صحيفة الحساب. ومن العرب من يقول: قطني عبد الله درهم، فيزيدون نوناً على قط، وينصب بها ويخفض، ويضيف إلى نفسه، فيقول: قطني؛ وكذلك في قد، والقياس فيهما واحد. والقطُّ: الكتاب، والجمع القطوط؛ قال الأعشى: ولا الملك النعمان يوم لقيته ... بإمته يعطي القطوط ويأفق بإمَّته: بنعمته، ويأفق: يسرف، هذا تفسير الخليل. قال أبو عبيدة: يأفق: يفضل، يقال: ناقة آفقة، وفرس آفق إذا فضله على غيره. والمقطَّة: ما يُقَط عليه أطراف الأقلام. والقطَّة: السنورة، نعت لها دون الذكر. والقطقط: المطر المتفرق المتتابع العظيم القطر. وقولهم: رجل قمقام، قرم، قدموس،

قلمَّس، قداحس، قسيم، قسيب، قصقصة، قصاقص، قهم، قبيص، قريعة، قهرمان، قملي، قميثل، قلهزم، قهمز، قلح، أقلح، قاق، فوق، قلحاس هذه أسماء مدح وذم يأتي تفسيرها إن شاء الله. القَمْقَام السيد من الرجال، وقُماقم أيضاً سمي بذلك لكثرة خيره وسعة فضله. والقمقام: البحر اسم له. والقمقام: صغار القردان، الواحدة قمقامة. وقولهم في الشتم: قمقم الله عصب فلان، أي سلط الله عليه القمقام، هذا قول الخليل. قال ابن الأنباري: معناه قبض عظمه وجمع بعضه إلى بعض. وضمه أخذ من القمقام، وهو الجيش يجمع من ههنا وههنا حتى يكبر ويضم بعضه إلى بعض. والقمقام: العدد الكثير، يقال: وقع في قمقام من الأمر. والقمقم: ما يستقى به من نحاس. القَرْم الرجل السيد. وأصله من الفحل الذي قد أقرم أي ترك حتى استقرم، فلم

يُركب ولم يستعمل، فصار مقرماً مكرماً، فشبه به السيد فيهم لعظم شأنه وكرمه عليهم. قال أوس بن حجر: إذا مقرم منا ذرا حد نابه ... تخمط فينا ناب آخر مقرم يقول: إذا هلك منا سيد خلف مكانه آخر. وجمع القرن: قروم. والتخمط من الغضب والفورة والشدة. القدموس الملك الضخم. والقدامس: الجبل المشرف. والجميع: القُدامس. والقُدموس: أعلى كل شيء، قال الكميت: أسرة الصادق الحديث أبي القا ... سم قزع القدامس القُدَّام والقدموسة: الصخرة العظيمة. ويقال: مجد قدامس، ومجد قديم بمعنى واحد. القلَمَّس الرجل الداهية المفكر البعيد الغور. وكان القلمس الكناني من نسأة الشهور على معد، [فأبطل الله النسيء]، وذلك قوله [تعالى]: {إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ ... الآية}. وقيل القلمَّس: البحر، وأنشد: قد صبحت قلمَّساً هموماً يزيده مخج الدلا جموما

مخجت الدلو إذا خضخضته. القُداحس: الجريء الشجاع. والقسيمة: الحسن. يقال: قسيم وسيم، وإنه لذو قسامة أي حُسْن. قال عنترة: وكأن فارة تاجر بقسيمة ... سبقت عوارضها إليك من الفم والقسيمة: المرأة الجميلة. والقسيمة: الجونة يكون فيها الطيب. والقسيمة: سوق المسك. ويقال للإبل إذا حملت ما كان من التجارة: لطيمة وقسيمة. والقسيمة يكون فيها الطيب أكثر. والقسام: الحُسن. والمقسَّم: المحسن. والقسامي: الحسن. والقسمة: الوجه، وجمعه قسمات، قال: كأن دنانيراً على قسماتهم ... وإن كان قد شف الوجوه لقاء قال أبو محمد الرستمي: القسيمة عندي الساعة التي تكون قسماً بين الليل والنهار، وفيها تتغير الأفواه، فتقول من طيب رائحة فيها، في الوقت الذي تتغير فيه الأفواه إذا استكرهتها: سبقت عوارضها إليك برائحة المسك. القسيب الطويل من الناس، وكذلك القاق والقوق هما الطويلان الأحمقان الأهوجان. قال العجاج: لا طائش قاق ولا عييُّ

وقال أبو النجم: أحزم لا قوق ولا حزنبل الأحزم: الحية الذَّكر، الحزنبل: القصير من الرجال. القصقصة الرجل القصير الغليظ، والقصاقص مثله. القهِمُ القليل الطعمة، أي قليل الأكل، [يقال]: إنه لقهم الطعمة. القبيص المسرع، يقال: رجل قبيص، من القباصة. والقبص: الإسراع. القريعة يقال: فلان قريعة مال: إذا كان يصلح المال على يديه ويحسن رعيته. وهو مثل ترعية وترْعِيَّة- مخفف ومثقَّل- وترعاية أيضاً، وكله بمعنى. القهرمان الحفيظ على ما تحت يده. وقال الشاعر: مجداً وعزاً قهرماناً قهقبا أي ضخماً. القملي

الحقير الصغير الشأن من الرجال. القميثل القبيح المشية، قال الراجز: ويلك يا عادي بكي رحولا عندكم الفيادة القميثلا الفيَّادة: الذي يلف ما قدر عليه أكلاً. القلهزم الضيق الخُلُق، ملحاحاً في الأمر لا يقلع. وهو أيضاً القصير. القهمز الرجل اللئيم الدميم الوجه. الأقلح الذي تعلو أسنانه صفرة القلح، والاسم القلاح، وهو اللطاخ الذي يلزق بالثغر. ويقال: امرأة قلحى وقَلِحة. قال النبي صلى الله عليه وسلم لقوم: "ما بالكم تأتوني قلحاً"، أي بغير سواك. ويقال للجُعَل أقلح لقذر فمه.

القِلْحاس الشيخ القبيح من الرجال. وقولهم: حصاة القسم أو نواة القسم ومعنى ذلك أنهم كانوا إذا قل ماؤهم في المفاوز عمدوا إلى غُمَر، وألقوا فيه حصاة أو نواة، ثم صبوا عليها الماء قدر ما يغمرها، فيعطى كل إنسان شربه من ذلك الماء. فأما الأقاسيم فهي الحظوظ المقسومة بين العباد. واختلفوا فيها، فقال قوم: الواحد منه أقسومة، وقيل: بل هي جماعة الجماعة مثل أظفار وأظافير. قال الشاعر: فاقنع بما قسم المليك فإنما ... قسم المعايش بيننا قسامها قال الله تعالى: {نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}. والقسم: مصدر قسم يقسم. والقسمة: مصدر الاقتسام، وتقول: قسَّم بينهم قسمة. والقسم: الحظ من الخير، والجميع الأقسام. والقسيم: الذي يقاسمك شيئاً بينك وبينه. وهذه الأرض قسيمة هذه أي عُزلت منها، وهذا المكان قسيم لهذا، ونحو ذلك

كذلك. والقسّام: الذي يقسم الأموال بين الناس، وهو القاسم. والقسم: اليمين، والجميع الأقسام. و {لا أُقْسِمُ} بمعنى أقسم، ويجعلون (لا) صلة للكلام. والقسامة مأخوذة من القسم لأنها أيمان. وقوله: {وَقَاسَمَهُمَا} أي حالفهما، حلف لهما ولم يحلفا له. ويكون فاعله لواحد، مثل: {قَاتَلَهُمْ اللَّهُ} أي قتلهم، ولا يقاتل الله أحد. والاستقسام: كانت العرب تضرب بالسهام، وهي الأزلام، يجيلونها عند الأصنام. وذلك أن الرجل كان إذا أراد سفراً أو أمراً من الأمور، كتب على وجهي القدح: اخرج ولا تخرج، ترْوح ولا ترُوح، وكذلك في سائر الأمور. ثم يقعد عند الصنم فيقول: أي الأمرين كان خيراً فأره لي حتى أفعله؛ ثم يجيل القدح، فأي الوجهين خرج فعله راضياً به قسماً وحظاً. وقولهم: فلان يتقمَّش، ويتقلَّش وهو قمخ، قذِر، قاذورة، قضيف، قتين، قزم، قاطِب، قلَطِيّ، قندأوٌ، قمدْ، قتودٌ، قثومٌ، قناف، قاسٍ، قائر، قميء،

قُرضوب، قسطري، قِتول وهذا القسوم معنى: يتقمَّش أي يأكل ما وجد وإن كان دوناً؛ وتقول: ما أعطاني إلا قماشاً، وهو أوتح ما قدر عليه واردؤه. والقمش: جمع القماش، وهو ما كان على وجه الأرض من فتات الأشياء، حتى يقال لرذالة الناس: قماش. يتقلَّش [الأقلش] عند العامة: المتبذل للسؤال من الناس بدناءة وإلحاح. وهي كلمة دخيلة أعجمية وليست بعربية. [قمخ] وقمخ مهملة عند الخليل ولا أصل لها. [قذر] وقذرٌ: وسخ؛ تقول: قذرت كذا أي تقذَّرته، وتقذَّرت منه. وتقول: هو قذر وقذْر لغتان، والقذر. بالكسر نعت، وفعله قذِر يقذر قذراً، ومن جزم قال: قَذُر يقذُر. [القاذورة] والقاذورة: المتقذّر من الرجال من سوء الخلق. والقاذُورَة: الغيور.

ورجل قاذُورة: [الذي يتقذر الشيء فلا يأكله]. [قضيف وقتين] قتين: قليل اللحم. وقد قضف قضافه. والقضافة: قلة اللحم، قصد مثله قتين. وقد قتن قتانة. وقراد قتين: قليل الدم، قال الشماخ: وقد عرفت مغابنها وجادت ... بدرَّتها قرى حجن قتين المغابن: الأرفاغ والآباط، الواحد مغبن. وحجن: قُراد، قتين: زهيد. يقال: امرأة قتين بينة القتن، أي بينة الزهادة. [قَزَم] وقَزَم: لئيم دنيء صغير الجثة. تقول: رجل قزم، وهو ذو قزم، وقوم أقزام وقزم وامرأة قزم، ورجلان قزمان، ورجال أقزام وقزم. وامرأة قزمة، وامرأتان قزمتان، ونساء قزمات، ورجال قزمون. ويقال للرذالة من الأشياء: قزم، والجمع قُزُم؛ قال: لا بخلٌ خالطة ولا قزم قاطب يقطب ما بين عينيه قطباً وقطوباً، وكذلك قطَّب ما بين عينيه تقطيباً، وكله

عبوس وغضب. وقاطِبَة: اسم يجمع كل جيل من الناس؛ تقول: جاءت العرب قاطبة، وغيرهم قاطبة. والقُطْب: كوكب بين الجَدْيِ والفرقدين، وهو صغير أبيض، لا يبرح موضعه أبداً. ويشبَّه بقطب الرَّحى، وهي الحديدة التي تكون في الطبق الأسفل من الرحيين، يدور عليها الأعلى، وتدور الكواكب على هذا الكوكب الذي يقال له: القُطب. قَلَطِيّ قصير جداً. والقلَّوْطُ، يقال والله أعلم: إنه [من] أولاد الجن والشياطين. قانِط يائس. والقنوط: الأياسة من الخير. يقال: قَنَطَ يَقْنِط، وقَنِط يَقْنَط- لغتان- قُنُوطاً. فمن قرأ يقنِط فهو من قنط، ومن قرأ يقنطُ فهو من قنِط. وقندأو سيء الخلق والعِداء. يقال: رأيت قندأواً. قال الشاعر: فجاء به يسوِّقُهُ ورُحْنا ... به في البَهْم قندأواً بطينا قُمُدّ

قوي شديد. تقول: إنه لقُمُد قمدود وامرأة قمدة. والقمود: شبه العسو من شدة الإباء. تقول: قَمَدَ يَقْمُدُ قَمْداً وقُمُوداً: جامع في كل شيء. والقُمْدُدُ: شديدُ [الإنْعاظ]، والرأس الضخم من كل شيء. القثوم الجموع للخير، يقال: إنه لقثوم للطعام وغيره قثماً، قال: فللكبراء أكل كيف شاؤوا ... وللصغراء أكل واقتثام والقُثَمُ: الكامل الجامع. قال أبو البختري: هو من أسماء النبي صلى الله عليه وسلم. قُنَافٌ ضخم الأنف. ويقال: بل طويل الجسم غليظه. والقنيف: الجماعة من الرجال. قاس شديد القسوة لا يلين. والقسوة: الصلابة في كل شيء. والفعل قسا يقسو قسواً، وهو قاس. وقلْب قاسٍ، وقُلوب قاسية ومنه قوله تعالى: {فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ}. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "كل قلب إذا قسالا

يبالي إذا أسا". قائر هو الذي يقور على رجليه، [أي] يمشي على أطراف قدميه لئلا يسمع صوت قدميه. قال الشاعر: على صرمها وانسبت بالليل قائرا قميء قصير ذليل؛ تقول: صاغر ذليل، يصغر بذلك، وإن لم يكن قصيراً. وتقول: أقمأته إذا أذللته. ورجل قميء، وقد قمؤ قماءة فهو قميء، وامرأة قميئة. قُرُضُوب فقير قرضبة الدهر لا شيء له؛ قال الشاعر: عز الذليل ومأوى كل قرضوب قسطري

جسيم. والقسطري أيضاً الجهبذ، بلغة أهل الشام، وهم القساطرة. قال: دنانيرنا من قرن ثور ولم تكن ... من الذهب المصروف عند القساطرة والقِتْولّ الثقيل من الرجال. وقولهم: عَبْدٌ قِنّ قال أهل اللغة: القن الذي مُلِك هو وأبواه، فإذا مُلِك هو وحده ولم يملك أبواه قيل: عبد مملكة. والقِنُّ مأخوذ من القنبة، وهي أصل المال أو المِلْك، ومنه قوله تعالى: {وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَى وَأَقْنَى}، جعل له قنية، قالت الخنساء: لو كان للدهر مال كان متلده ... لكان للدهر صخر مال قنيان وتقول: عبدٌ قِن، وكذلك الإنسان والجميع. والقنينة: معروفة. والقِنْقِن: الدليل الهادي المبصر بالماء تحت الأرض في حفر القني، والجمع القناقن.

وتقول في القميص: قُنان القميص، وهو الكم. وقنان: اسم مَلِك كان يأخذ كل سفينة غصباً. كان من اليمن، وأشراف اليمن هم بنو جُلُندى بن قنان. والقُنَانُ: ريح الإبط أشد ما يكون. وقولهم: جاء بالقض والقضيض أي: بالصغير والكبير. والقض معناه في كلامهم: الحصى الصغار، والقضض صغاره وما تكسَّر منه. قال أبو ذؤيب: أم ما لَجَنْبِكَ لا يلائم مضجعاً ... إلا أقضَّ عليك ذاك المُضجعُ أي إلا كان تحتك قضيضاً، وهو الحصى الصغار. وتقول: جاء القوم قضُّهم بقضيضهم أي كلهم، قال الشاعر: وجاءت سليم قضَّها بقضيضها ... تمسح حولي بالبقيع سبالها ولاقضقضة: كسر العظام والأعضاء. وأسد قضاقض: يقضقض فريسته. وانقضت الخيل عليهم: [انتشرت]، وانقض الحائط أي وقع، وانقض الطير: هوى من طيرانه.

والقض: التراب الذي يعلو الفراش. تقول: أقضَّ المضجع واستقض. وقد أقض الرجل إذا تتبع دقاق المطامع. ولحم قض وطعام قض: إذا وقع في التراب وأصابه فوجد ذلك في طعمه. واقتض فلان فلانة وذلك عند [أخذ] قضَّتها، وهو الاسم. ويقال للؤلؤة إذا خرقت: قد قضَّت. ودرع قضَّاء إذا كانت خشنة المس ولم تنسحق. وقولهم: أخذ منه القصاص معناه: التقاص في الجراحات والحقوق شيء بشيء. ومنه الاقتصاص والاستقصاص والإقصاص ولكل معنى. تقول: اقتص منه أي أخذ منه. واستقص: طلب أن يقصَّ منه. وأقصَّنيه [إذا اقتص لي منه]. والمقاصَّة: أن تفعل بالفاعل كما فعل، وأصله من قص الأثر إذا اتبعته، فكأن المفعول به يتتبع ما عمل به فيعمل مثله. يقا: اقتص من صاحبه، ويقتص اقتصاصاً، وأقصه من نفسه ومن غيره يقصه إقصاصاً، مكنه منه ليأخذ حقه. وقص الرجل الأثر إذا اتبعه، ومنه قوله تعالى: {وَقَالَتْ لأُخْتِهِ قُصِّيهِ} أي اتبعي أثره حتى تنظري من أخذه. ويقال: قصصت آثار القوم: [تتبعها بالليل، وقيل: هو تتبع الأثر أي وقت كان].

وتقول: في رأسه قصَّة؛ تعني الجملة من الكلام ونحوه. وقوله: {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ} يعني القرآن. ويقال: شاة مقص إذا استبان ولدها. والقصُّ: لغة في الجص. والمقصُّ: المقراض. ويقال للزاملة الضعيفة: قصيصة. وقولهم: هذا قس معناه رأس من رؤوس النصارى، وكذلك القسيس، ومصدره: القسوسة والقسيسية. والقسقس: الدليل الهادي الذي لا يغفل إنما يتفقد تلفُّتاً وتنظراً. وليلة قسقاسة: شديدة الظلمة. وقولهم: قزَّ فلان يقزُّ قزاً: أي قعد كالمستوفز ثم انقبض ووثب. وفي الحديث: "إن إبليس ليقزُّ القزَّة من الشمرق فيبلغ المغرب". والقزُّ كلمة معربة. والقزُّ معروف. والتقزُّز: التنطس، وهو النظافة.

وقولهم: ما أصابتهم العام قابَّة أي: ما أصابتهم [قطرة] من المطر. وقال خالد بن صفوان لابنه: يا بُنيَّ، لا تفلح العام ولا قابل ولا قُباقباً ولا مقبقباً؛ وكل كلمة من هذا اسم لسنة بعد سنة. ويقال لشيخ القوم: قبُّ القوم. والقبب: دقَّة الخصر والبطن. وامرأة قباء ورجل أقب، والجمع قُبٌّ. ويقال للبصرة: قُبَّة الإسلام وخزانة العرب، قال الشاعر: بنت قُبَّة الإسلام قيس لأهلها ... ولو لم يقيموها لطال التواؤها ويقال: اقتبَّ يده اقتباباً إذا قطعها. وقولهم: أصابته قُشْرَةٌ أي مطرة شديدة تقشِر الحصى من وجه الأرض، وقُشرة لغة فيها. وتقول: مطرة قاشرة: ذات قشرة. والقشرة: اسم للثوب، وكل ملبوس: قِشر. ولُعنت القاشرة والمقشورة، وهي التي تقشر وجهها بالدواء ليصفو اللون. وقولهم: أصابتهم مقرِّشة مقشِّرة أي سنة شديدة؛ لأن الناس يجتمعون عند المحل، فتنضم حواشيهم وقواصيهم.

والقرش: [الجمع والكسب والضم] من ههنا وههنا، ويضم بعضه إلى بعض. وسميت قريش قريشاً لتقرُّشها أي تجمعها إلى مكة من حواليها حين غلب قصي بن كلاب عليها. والكاسب يقرش ويقترش مثل يكسب ويكتسب. والنسبة إلى قريش قرشي ويقال وقريشي؛ قال الشاعر: بكل قريشي عليه مهابة ... سريع إلى داعي الندى والتكرم وقولهم: رجل قشف ومتقشف العامة تغلط في هذا، فيذهبون إلى معنى المتورع المتنزه عن الأشياء. وليس كذلك، إنما هو الذي [لا] يتعاهد الغسل والنظافة. والقشف: قذر الجلد، وتثقل وتخفف وتسكن الشين: وقد قشف قشافة فيمن خفف، وقشف قشفاً فيمن ثقَّل وهو أحسنها، وهو متقشف ما يبالي التلطخ لجسده. وقولهم: فلان يأكل القراضة أي: فضالة ما يقرضه الفأر، وما ينفي الجلم، والقرض بالناب. والقرض: ما يكون بين الناس من القروض، وفي كلام أهل الحجاز القرض المضاربة.

والقرْض: نُطق الشعر، والقريض الاسم كالقصير، ومنه: "حال الجريض دون القريض" والمِقْراض: الجلم الصغير. وقراضات الشَّعر: ما يُنْفى من رديئه. القصيد اليابس من اللحم، قال أبو زبيد: وإذا القوم كان زادهم اللحـ ... ــم قصيداً منه وغير قصيد والقصيد: العصا، وجمعه قصائد، قال حميد بن ثور: فظلَّ نساء الحي يمشون كرسفاً ... رؤوس رجال أوضحتها القصائد والقصيدة: المُخَّة إذا خرجت من العظم، فإذا انفصلت من موضعها أو خرجت قيل: انقصدت. والإقصاد: القتل مكانه، تقول: عضَّته حية فأقصدته ورمته المنية فأقصدته، قال: أيا عين ما بالي أرى الدمع جامدا ... وقد أقصدت ريب المنية خالدا وقولهم: قلصت نفسي أي: غثت، تقلص قلصاً. وثوب قالص وقليص ونحو ذلك مما ينقبض وينضم.

وظل قالص: قد انضم إلى أصله، قال: يطلب في الجندل ظلاً قالصا وفرس مقلَّص: طويل القوائم. وسميت القلوص من الإبل قلوصاً لطول قوائمها. والقلوص: الأنثى من النعام. والقلُوص من الآبار: التي إذا وضعت الدلو فيها جمت وكثر ماؤها، والجميع القلائص. القِصْل الضعيف الفسْل؛ قال: [ليس] بقصل حَلِس حِلْسَم والقصل: قطع الشيء من وسطه أو أسفل من ذلك قطعاً وحياً. وسمي الذي يعلف الدواب قصيلاً لسرعة اقتصاله ورجاحته. وسيف قصَّال ومقصل، أي: قطّاع. ولسان مقصل: [ماض]. وقولهم: رجل قصف أي: سريع الانكسار عن النجدة، وإذا القوم خلوا عن الشيء فترة وخذلاناً، نقول: انقصفوا عنه.

والأقصف: الذي انكسرت ثنيته من النصف، وثنيَّته قصفاء. والقصف: اللعب واللهو. والقاصف: الريح الشديدة تقصف الشجر، ومنه قوله تعالى: {فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قَاصِفاً مِنْ الرِّيحِ}. وتقول: قصفت القناة قصفاً إذا انكسرت ولم تبن، فإذا بانت قيل: انقصفت، بالألف. [قفص] ورجل قفِص: متقبِّض بعضه إلى بعض. [قصم] وقَصِمٌ: هار ضعيف سريع الانكسار. وقناة [قصمة]: منكسرة. والأقصم أعم وأكثر من الأقصف، وهو الذي انقصمت ثنيَّته ن النصف. والقصم: دق الشيء الشديد. يقال للظالم: قصم الله ظهره، قال كعب بن زهير: كأن لم يلاق المرء عيشاً بنعمة ... إذا نزلت بالمرء قاصمة الظهر وقولهم: قد أخذ فلان القماص معناه أنه قلق لا يستقر في موضع، وهو يقمص ويثب من موضعه من غير صبر. والقمص: ذباب صغار يكون فوق الماء، الواحدة قمصة. والجراد أول ما يخرج من بيضه يسمى قمصاً.

والقميص مذكَّر أنّثه جرير حيث أراد به الدرع، قال: تدعو هوازن والقميص مفاضة ... تحت النطاق تشد بالأزرار وقولهم: قلس الرجل معناه: خرج القلس من حلقه. والقلس: ملء فم أو دون ذلك. وليس بقيء، فغذا غلب فهو القيء. تقول: قلس الرجل يقلس قلساً بجزم اللام، لأنه مصدر. والتهوُّع: تهوُّع ولا قلس معه، تقول: تهوَّع الرجل يتهوَّع تهوَّعاً. والتقلس: لبس القلنسوة، وصانعها قلَّاس، والجمع القلانس. والقلامي لغة فيه. وتصغر على قليسيَّة وقلينيسة، والجمع على القلنس بطرح الهاء. وفي القَلَنسوة سبع لغات: القلنسوة، والقلنسة، والقلنيسة، والقلساة، والقَلَنْسية، والقلنساة، والقلسوة. هذه الثلاثة تصغّر، وما سواها يُكبّر. والأرسوسة: القلنسوة، قال الراجز: يا أيها المهتدي من اليمامه أرسوسة تُدْخل فيها الهامه والتقليس: وضع اليدين على الصدر خضوعاً كما يفعل النصراني قبل أن يكفر، أي قبل أن يسجد. وجاء في الكلام لما رأوه قلَّسوا له، ثم كفروا أي سجدوا. والمقلس: الملّهي: ويقال: قلّس له أي الهُ وامرح قال الكُميت: ثم استمر تغنيه الذباب كما ... غنَّى المقلِّس تطريباً بمزمار وقولهم: قنس فلان كريم

أي: أصله. والقَنْس والقِنْس جزم، أصل منبت كل شيء ومعتمده. قال العجاج: في قنس مجدٍ فوق كل قنس ويقال في أصل الرجل: قَنْس وقِنْس وكرْس وكِرْسى وأرومة وجرثومة وجذل ومنبت ومنصب وعنصر. وقولهم: قفس الرجل أي: مات فجأة، يقفس قفوساً. والأقفس من الرجال: المقرف ابن الأمة. وأمه قفساء وهي الرديئة اللئيمة، ولا تنعت بها الحرة بل تخص بها الأمة. وقولهم: أخذت قروني من هذا الأمر أي: رفضته وتركته، وقال الشاعر: أخذت قروني وانجلى بعد حِقْبة ... عماية قلب دائم الهلعان والهلعان: منازعة النفس إلى الشيء؛ والقرون: النَّفْس، وكذلك القتال هي النفس أيضاً. القَفْر وقرينة الرجل: امرأته. المكان الخالي من الناس والماء، وربما كان فيه كلأ قليل. وأقفر فلان من أهله: إذا انفرد عنهم وبقي وحده؛ قال عبيد بن الأبرص:

أقفر من أهله عبيد ... فاليوم لا يبري ولا يعيد وأقفر جسده من اللحم، ورأسه من الشعر. والقفار: الطعام الذي لا أدم فيه ولا دسم. وفي الحديث: "ما أقفر قوم عندهم خل" أي لا يعدمون الأدم. والقائف يقتفر الأثر، أي يتتبع. وقولهم: فلان قارب أهله معناه: الذي يطلب إليهم الماء ليلاً، ولا يقال لطالب الماء نهاراً قارب. والقَرَب: طلب الماء ليلاً؛ تقول: قَرِب يقرب قرباً؛ والقارب: طالب الماء ليلاً. وفي الحديث: "إن رجلاً قال: يا رسول الله، ما لي هارب ولا قارب غير هؤلاء لعيالي". وهذا مثل من يقول: ليس لي شيء، والهارب: الذي يهرب، والقارب: الذي يطلب الماء. والقِراب: مقاربة الشيء تقول: أتيته قراب العشاء، وقِراب الليل. وقُرْبان: ما تقربت به إلى الله. وقُربان الملك وقرابينه: وزراؤه. وأولو القُربى: ذوو القربى إليه. ويقال للأتان والشاة: أقربت، فهي مقرِبٌ، وللناقة أدنت فهي مُدْنٍ. وتقول: حيا وقرَّب، أي حياك الله، وقرّب دارك.

والقريب: ضد البعيد، والقُرب: ضد البُعد. ويستوي المذكر والمؤنث في القريب؛ لأنه اسم وليس بنعت، وهو تحويل في الكلام، كقولك: هذه امرأة أسد من الأسد، وغُول من الغيلان وقلبُها حجر؛ حولت اسماً على اسم، قال الله تعالى: {إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنْ الْمُحْسِنِينَ}. والرحمة اسم، والقريب اسم وليس بنعت، ولو كان نعتاً لقال: قريبة. ومثله قوله تعالى: {يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً}. ومثله قوله تعالى: {النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ}. قال الشاعر: إذ الناس ناس والزمان بِغِرَّة ... وإذ أمُّ عمارٍ صديق مساعف وقولهم: قُبِرَ فلان أي: دُفِن في القبر. وأُقْبِر: جُعِل له قبر، ومنه قوله تعالى: {ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ}، قيل: جعله ذا قبر يُوارى فيه، وسائر الأشياء تُلقى على وجه الأرض. قالت بنو تميم: أقبرنا صالحاً، أي صالح بن عبد الرحمن وكان قتله وصلبه. ويقال: أقبِرني فلاناً، أي أعطينيه لأقبره؛ يقال: قبر ومضجع. وقرئ: {يا وَيْلَنا من أنْبَهَنَا من مَضْجَعِنا} أي من قبرنا والله أعلم. أنشد الرياشي لعبد الله بن ثعلبة:

لكل أناس مقبر بفنائهم ... فهم ينقصون والقبور تزيد فما إن تزال دار حي قد أخربت ... وقبر بأكناف الديار جديد هم جيرة الأحياء أما ممرهم ... فدان، وأما الملتقى فبعيد والرَّجم: القبر، والجمع الأرجام: قال كعب بن زهير: أنا ابن الذي لم يخزني في حياته ... ولم أخزه حتى أغيَّب في الرَّجم ويقال للقبر جدث وجدف وجنن وريم؛ قال الهُذلي: لعمر أبي عمرو لقد ساقة المنا ... إلى جدث يوزى له بالأهاضب يوزى له: يقاس له على مقداره. والرَّمس: القبر، وأصل الرمس التراب؛ قال النابغة: كأن مجرَّ الرامسات ذيولها ... عليه قضيم نمقته الأصابع وأصبار القبر: نواحيه، واللحد والمُلحد سواء. واللَّحْد: الشق في حافته، والضريح: الشق في وسطه. والسَّفى: جمع سفاة. وهي تُراب القبر؛ قال أبو ذؤيب: وقد أرسلوا فرَّاطهم فتفايلوا ... قليباً سفاها كالإماء القواعد

وقولهم: هو قمنٌ أن يفعل كذا أي: جدير وخليق. وهما قمنٌ الذكر والأنثى فيه سواء، وتقول فيه كله قمين أيضاً؛ قال الشاعر: إذا جاوز الاثينن سر فإنه ... بنشر وتكثير الوشاة قمين ويقال: قمِنٌ أيضاً، ويثنّى ويُجمع ويؤنث إذا كسروا الميم، فإذا فتحت كان مصدراً على حالة واحدة. وفي الحديث: "إني قد نهيت عن القراءة في [الركوع] والسجود. فأما الركوع فعظموا الله فيه، وأما السجود فأكثروا فيه من الدعاء فإنه قَمِنْ أن يستجاب لكم" أي جدير وخليق. وفي الحديث: من رغسه الله مالاً، فلم ينفقه في ذات الله، ولم يُعط منه سائلاً، ولم يصل منه رحماً، فذلك مال قَمَنٌ وقَمِنٌ وقمينٌ". وتقول: أرغس الرجل فهو مُرغِسٌ إذا كثُر ماله. ووجه مرغوس أي حسن جميل. وقولهم: قوس قُزح للذي يبدو في السماء بعقب المطر، وهو خطأ من العامة فيه. وفي الحديث: "لا تقولوا قوس قزح ولكن قولوا قوس الله". وعن علي وابن عباس: "لا تقولوا قوس قُزَحَ فإن قُزَحَ من أسماء الشياطين. قولوا: قوسُ الله". وهو علامة الخصب ويقال له: القسطلاني والقسطانية بهاء: قوس قُزح، أي عَوَجُه. والقسطل: الغبار الساطع الشديد، ويقال: هو القسطلان. [القوس] القوس: معروفة، أعجمية وعربية، تصغيرها قويس بغير هاء مثل تصغير قِدْر قُدَير بغير هاء. وجمع القوس القياس والقِسِيّ والقُسِيّ والعدد أقواس.

وقوّس الشيخ تقويساً إذا انحنى؛ قال امرؤ القيس: أراهن لا يحببن من قلَّ ماله ... ولا من رأين الشيب فيه وقوَّسا والقوس: رأس الصومعة. وجمع قيس أقياس؛ قال زيد الخيل بن مهلهل الطائي: ألا أبلغ الأقياس: قيس بن نوفل ... وقيس بن أهبان وقيس بن خالد وتقول: قس هذا الأمر بذاك قياساً وقيساً. وتقول: خشبة قيس إصبع أي قدر إصبع، ومثله قيد شبر أي قدر شبر، كله بمعنى قَدْر؛ قال الشاعر: ليالي أن دنوت فقيد شبر ... دنت لي في ملاطفة ذراعا آخر: وإني إذا ما الموت لم يك دونه ... قدى الشبر أحمي الأنف أن أتأخرا وكذلك قاب شبر، وهو في هذا المعنى أيضاً. والمقاساة: معالجة الأمر الشديد ومكابدته. وقولهم: أخذ منه القود معناه أنه قتل قاتِل وليّه. يقال: أقاده به الحاكم فهو يقيده إقادة. وإذا أتى إنسان إلى آخر منكراً فانتقم منه بمثله يقال: استقاد منه. وتقول: استقدت منه الحاكم أي

سألته أن يأخذ لي قوداً منه. وفي الحديث [:"من قتل عمداً فهو قود"، وقال الشاعر]: هذا قتيل الحب لا ... عقل ولا قود والقوْد: نقيض السوق، وقود الدابة من أمامها وسوقها من خلفها. والاقتياد والقَوْد والقياد كله في المصادر سواء؛ تقول: اقتدتها اقتياداً، وهو أخص من القَوْد؛ لأنه إذا اقتادها [يقتادها] لنفسه، وغذا قادها يقودها لنفسه ولغيره. وقولهم: قذيَتْ عينه أي وقع فيها القذى، وهو تراب؛ وعينه تقذى قذىً، فهي قذيَّة- مخفف ومثقل، والتخفيف أحسن. وقذت إذا ألقت القذى منها تقذي قذىً. والمقذي: الذي يُخرِج من العين القذى. تقول فيه: قذَّيت عينه تقذية. والمقذي: الملقي منها القذى. ويقال: لي جذاذات وقذاذات. فالقذاذات قطع صغار تقطع من أطراف الذهب، والجذاذات من الفضة. [وقولهم: هذه قرية من القرى] القرية معناها في كلام العرب: الموضع الذي يجتمع الناس فيه. يقال: قريت الماء في الحوض. إذا جمعته فيه؛ ويقال للبعير: يقري الطعام في فيه، أي: يجمع

العلف في شدقه عند الهرم. ويقال لمكة: أم القرى، وذلك أن الأرض دحيت من تحتها، وكذلك لفاتحة الكتاب أم الكتاب لأنها أصل له. ويقال لكل مدينة قرية لاجتماع الناس فيها. وقال بعض [أهل اللغة]: لا تسمى القرية قرية إلا باجتماع الناس، وإلا فهي بلد. وقيل في قوله تعالى: {لَوْلا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنْ الْقَرْيَتَيْنِ} قيل: مكة والطائف؛ والمكي الوليد بن المغيرة المخزومي. والطائف عمرو بن عمير بن مسعود الثقفي؛ وقائل هذا القول الوليد بن المغيرة. والقرية والقِرْية لغتان. المكسورة يمانية، وجمعها على هذه اللغة قُرى. ويقال: ما زلت استقري هذه الأرض قرية قرية، والنسبة إليها قروي بنصب القاف. والقرا: الظَّهر، وظَهْر كل شيء هو القرا، والجمع الأقراء والقِروان. والقِرى: قِرَى الضيف. قريتُه أقريه قِرَىً، وإذا فتحت أوله مددت فقلت: قراء الضيف.

وقولهم: قد أنصف القارة من راماها القارة: قوم كانوا رماة الحدق في الجاهلية. وهم اليوم في اليمن وينسبون إلى أسد. زعموا أن رجلين التقيا: أحدهما قاري [والآخر أسدي]. فقال القاري: إن شئت صارعتك، وإن شئت سابقتك، وإن شئت راميتك، فقال الآخر: قد اخترت المراماة، فقال القاري: وأبيك قد أنصفتني وزدت. وأنشأ يقول: قد أنصف القارة من راماها إنا إذا ما فئة نلقاها نردُّ أقصاها على أولاها ثم انتزع له سهماً فشك فؤاده. وقيل: بل القارة في هذا المثل هي الدبَّة، وقد أنصفها من راماها لأنها ترمي الإنسان بالحجارة. وفي المثل: "لا يفطن الدُّبُّ للحجارة". والأول أعرف، وفيه ثالث تركته لضعفه. والقواري: الشهود، وفي الحديث: "المسلمون قواري الله في أرضه" أي شهوده، قال جرير: ماذا تُعَدُّ إذا عددت عليكم ... والمسلمون بما أقول قواري

والقارُ والقير لغتان، وصاحبه قيَّار؛ قالت امرأة: أمير المؤمنين أما ترانا ... فقيرات ووالدُنا فقير أمير المؤمنين أما ترانا ... كأنا من سواد اللون قير وقيَّار: اسم خاص [لفرس] كان يسمى به لشدة سواده؛ قال ضابئ بن الحارث: فمن يك أمسى بالمدينة رحله ... فإني وقيّاراً بها لغريب ويروى: وقيّارٌ. وقيل: عنى في هذا البيت غلاماً له كان يسمى قيّاراً. والقيروان: دخيل مستعمل قد ذكرته في باب الدخيل من الكتاب. وتقول: قريت الهمَّ مطيّتي بها، أي تحمّلته عليها، أي أسلّي بها همي إذا ركبتها فمضيت لحاجتي. ويقال في الحرب: قد قروها قِراها، أي أنزلوها منزلها؛ قال: إقر هموماً حضرت هموما قال عمرو بن كلثوم: قريناكم فعجَّلنا قِراكُمْ ... قبيل الصبح مرداة طحونا

والماء تقرّى في الجمع، أي تجمَّع. قال العجاج: ماء قري مده قريُّ والقريُّ: مجتمع ماء كثير في شبه واد صغير، والجمع القُريان. القِلَى البُغض. قليته فأنا أقليه قلى إذا أبغضته، ومنه قوله تعالى: {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى} أي ما تركك وما أبغضك. وبعضهم يقولأ: قلوته في قليته مثل قدوته في قديته. والقلى مقصور فإذا فتحت أوله مددت، قال نصيب: عليك السَّلام لا مللت قريبة ... وما لك عندي إن نأيت قلاء فتح أوله ومدَّه. وقليت البُر وقلوت لغتان، وبُر مقلوٌّ ومقليّ، والقلاء الذي يقْلي البُرّ للبيع. وقولهم: قانيت فلاناً مثل داريته؛ قال الكميت: كما يقاني الشَّموس قائدها

والشَّموس من الناس والدواب: الذي إذا نُخس لم يستقر. وقيل: قانيته: سكنته وهما متقاربان. ويقال: فانيته بالفاء وقانيته وشاكهته وشاكلته بمعنى. ويقال: ما يقانيني خلق فلان أي ما يشاكل خلقي. والمقاناة: المخالطة؛ قال امرؤ القيس: كبكر المقاناة البياض بصفرة ... غذاها نمير الماء غير المحلل ويقال: قانيت بين لقمتين: جمعتهما في لقمة واحدة وكل ما جمع من لونين فقد قانى: قال: قانى له في الصيف ظل بارد ... ونصي ناعجة ومحض منقع النصي: نبات من أفضل المراعي. الواحدة نصية. قال أبو العباس: يجوز في إعراب (البياض) من بيت امرئ القيس النصب والرفع والخفض: النصب على التفسير، مثل: مررت بالرجل الحسن وجهاً؛ والخفض بإضافة المقاناة إليه، وصلح الجمع بين التعريف والإضافة لأن الألف واللام معناهما الانفصال، والتقدير كبكر المقاناة البياض قوني بصفرة. ومن رفع جعل الألف واللام بدلاً من الهاء، فرفعه بفعل مضمر؛ والتقدير: كبكر المقاناة قوني بياضها بصفرة، وفيه زيادات تكرها. وقني الرجل إذا استحيا يقنى قنى. ويقال: ألا تقنى الحياء؛ قال عنترة: فاقني حياءك لا أبالك واعلمي ... أني امرؤ سأموت إن لم أقتل

إقني حياءك، أي احفظني لا أبالك، ذم منه لها. وقولهم: رجل قَيْن أي حدّاد والجميع قُيون. قال بعضهم: العرب تسمي كل من عالج الحديد قيناً من حدّاد وغيره، وبذلك جاءت أشعارهم. وقد أودرت باباً ذكرت فيه أهل الصناعات يجيء آخر الكتاب إن شاء الله. والقَيْن والقَيْنَة: العبد والأمة، وقد جرى في أفواه العامة أن القينة هي المغنية. والجميع القيان. وربما قالت العرب للرجل المتزين المعجب بالزينة واللباس: هو قينة. وهي كلمة هذلية. والمقيِّنة: المزينة. وفي حديث أم رعلة القشيرية أنها قالت: "يا رسول الله إني امرأة مقيِّنة أقيِّن النساء لأزواجهن، فهل من حوب فأميط عنه؟ فقال: لا، ولكن جدي بحسنهن ما استطعت ونفقيهن إن كسدن". قولها: مقيِّنة أي مزينة أزين النساء والحوب: الإثم، والتقيُّن: التزيُّن. وعن بعض النساء أنها قالت: كنت قينة عائشة حتى أهديت للنبي صلى الله عليه وسلم. ويقال: القينة هي الأمة صانعة كانت أو غير صانعة؛ قال زهير: ردَّ القيان جمال الحي فاحتملوا ... إلى الظهيرة أمر بينهم لبك أراد بالقيان العبيد والإماء.

القرافصة اللصوص، سموا بذلك لأنهم يقرفصون الناس يشدونهم وثاقاً. والقرفصة: شد اليدين تحت الرجلين. وفي الحديث: "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان أكثر جلوسه القرفصاء، وبيده قضيب مقشو"؛ قال: جلوس القرفصاء كذا مكاء ... كما تنساح نفسي لانبساط والقضيب المقشو: المخروط، قشوته: خرطته، وقيل: قشرته. وفي حديث آخر مع النبي صلى الله عليه وسلم: "عسيب نخلة مقشو". وقولهم: قرطس الرامي أي أصاب الهدف سواء كان قرطاساً أو غيره، وكل شيء نصب للنضال من أديم وغيره فاسمه قرطاس، فإذا أصابه الرامي بسهمه قيل: قرطس، والرمية التي تصيب اسمها مقرطسة. والقِرطاس: معروف، والقرطاس: هو الكاغد معرب وليس بعربية محضة. [وقولهم: قد جاءت القافلة] القافلة عند العرب: الرفقة الراجعة من السفر، يقال: قفل الجند إذا رجعوا. والعامة تظن أن القافلة الرُّفْقَة راجعة كانت أو ذاهبة، وهو خطأ عند العرب. وجمع القافل قافلون وقُفَّل وقُفَّال؛ قال امرؤ القيس: نظرت إليها والنجوم كأنها ... مصابيح رهبان تشب لقفَّال

وقال الصَّلتان في جمع القافلة: قل للقوافل والغزاة إذا غزوا ... والباكرين وللمجد الرائح إن السماحة والمروءة ضُمِّنا ... قبرا بمرو على الطريق الواضح فإذا مررت بقبره فانحر به ... كوم الهجان وكل طرف سابح والقفول: الرجوع إلى وطن؛ قال: سيدنيك القفول وسير إبل ... لضبَّة بالنهار من الإياب وقفل السقاء قفولاً فهو قافل: يابس، وهو قفيل. وشيخ قافل: [يابس] جلده؛ وقفل الفرس: ضمر. وأقفلت القُفْل إقفالاً فاقتفل واستقفل. والمُقتفل من الناس: الذي لا يخرج منه خير، وامرأة مقتفلة. وتقول: أعطيته ألفاً قفلة أي بمرَّة. وقولهم: قرِمْتُ إلى لقائك أي اشتدت شهوتي لذلك. يقال: قرمت إلى اللحم أقرَم، وأنا قَرِم إليه إذا اشتدت شهوتي إليه. "وكان النبي صلى الله عليه وسلم يتعوّذ من خمس: من العيمَة والغَيْمَة والأيْمَة والكَزَم والقَرَم". فالعَيْمة: شدة شهوة اللبن، يقال: عام إلى اللبن يعيم ويعام عيماً،

وما أشد عيمته، قال الحطيئة: سقوا جارك العيمان لما تركته ... وقلَّص عن برد الشراب مشافره والغيمة: أن يكون الإنسان شديد العطش كثير الاستسقاء للماء، غام يغيم غيماً. قال الشاعر يذكر حميراً: فظلَّت صوادي خزر العيون ... إلى الشمس من رهبة أن تغيما أي: ترقب مغيب الشمس حتى ترد الماء. والأيمة: طول التعزُّب، من قولهم: رجل أيم لا زوجة له، وامرأة أيم وأيمة لا زوج لها. والقرم: شدة شهوة اللحم. والكزم: شدة الأكل، من قولهم: قد كَزَم الشيء يكزمه كزماً. وقيل: الكزم البُخل، من قولهم: أكزم البنان أي قصيرها، كما يقال للبخيل المُمْسِك: قصير البنان، وجعد الكف. ويقال: هو قَرِم إلى اللحم، وعيمان إلى اللبن، وعطشان وظمآن إلى الشراب، وجائع إلى الخبز، وقطِم إلى النكاح؛ قال: وجناء ذعلبة مذكرة ... زيَّافة بالرَّحل كالقطم أراد: كالقَطِم. فسكّن الطاء. والقُرَامة: ما التزق من الخبز في التنور، وكذلك كل شيء قشرته عن الخبز فهي القُرامة.

والقِرام: ثوب من صوف فيه ألوان من العِهْن، ويتخذ ستراً، ويغشى به هودج أو كلَّة، والجمع قُرُم. وفي الحديث: "إنه دخل صلى الله عليه وسلم على عائشة، وعلى الباب قِرَام". وهو الستر الرقيق. قال لبيد: من كل محفوف يظل عصيه ... زوج عليه كلَّة وقِرامها وقال النابغة: صفحت بنظرة فرأيت منها ... تُحيت الخِدر واضعة القِرام والمِقْرَمَة: المحبس نفسه يُقْرَم به الفراش أي يُعِلَى. وقولهم: ما به قَلَبَةٌ قال الطائي: ما به شيء يقلقه، فيتقلب على فراشه من أجله. وقال الفراء: ما به وجع يخاف عليه منه، من قولهم: قُلِبَ الرجل إذا أصابه وجع في قلبه، وهو لا يكاد يُفلت منه. وقال الأصمعي: أصل القلبة في الدواب، يقال: ما بالفرس قلبة، أي ما به وجع يقلِبُ حافره من أجله، قال الراجز: ولم يقلِّب أرضها البيطار ولا لحبليه بها حَبَارُ

وقال الأصمعي: ما به قلبة، أي ما به داء، قال: وهو مأخوذ من القُلاب، وهو داء يصيب الإبل في رؤوسها فيقلبها إلى فوق. [القَتّات] القتات: النَّمام، وفي الحديث: "لا يدخل الجنة قتَّات". ويقال: قتَّ يقُتُّ قتاً إذا مشى بالنميمة، ويقال: فسَّاس ونمَّام ودرج وهماز ولماز ومهينم ومهتمل ومؤوس وممأس وقائس، ويقال: مأس بينهم يمأس مأساً، إذا مشى بالنميمة؛ ونمل إذا مشى بالنميمة. والقتِّ: الكذب والنميمة، قال العجاج: قُلت وقولي عندهم مقتوت أي: كذب. ودهن مقتَّت: مطيَّب مطبوخ بالرياحين. وقولهم: فلان صُلْبُ القناة القناة عند العرب: القامة؛ قال امرؤ القيس: سباط البنان والعرانين والقنا ... لطاف الخصور في تمام وإكمال أراد بالقنا: القامات. وكل خشبة عند العرب قناة وعصا. [وقولهم: هو من قَوْمي] القَوْم في كلام العرب: رجال لا امرأة فيهم، وكذلك الملأ والنَّفَر والرَّهْط، فمن

قال: هو من قومي أراد من رجالي الذين أفخر بهم؛ قال زهير: وما أدري وسوف إخال أدري ... أقوم آل حصن أم نساء فإن احتج محتج بقوله تعالى: {إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ}، فقال: أرسل إلى الرجال دون النساء، قيل له إرسال الله إياه إي الرجال والنساء، إلا أنه اكتفى بذكر الرجال من ذكر النساء؛ لأن الغالب على النساء اتباع الأزواج، فكان ذكرهم كافياً. وقال الخليل: القوم الرجال خاصة دون النساء في وجه، وكذلك في القرآن: {لا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ} أي رجال من رجال {وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ}. ويقال: قوم وأقاوم وأقايم: قال صخر: فإن يعذر القلب العشيَّة في الصبا ... فؤادك لا يعذرك فيه الأقايم وقال النقاش بقول الخليل، وقال: يقال هؤلاء قوم فلان، يراد به الرجال دون النساء. ولا يجوز أن تقول لرجال دون النساء، ولا يجوز أن تقول لنساء ليس فيهن رجال: هؤلاء قوم فلان، ولكن يقال: من قومه؛ لأن قومه الرجال والنساء. وسُمّوا قوماً لأنهم يقومون معه في النوائب والشدائد. وينصرونه فيها. والقَوْمَة: ما بين الركعتين من القيام، قال الليث: سألت أبا الدُّقيش كم تصلي الغداة؟ قال: قومتين، والمغرب ثلاث قومات، وكذلك قال في الصَّلوات. وتقول: فلان ذو قوميَّة على أمره وماله، ويقال: هذا الأمر لا قُوميَّة له، أي لا قوام له.

والمقام: موضع القدمين، ومنه مقام إبراهيم، وهو على مفعل. والمقام بالضم يكون مصدراً، ويكون موضع الإقامة؛ قال لبيد: عفت الديار محلها فمقامها ... بمنى تأبَّد غولها فرجامها ورجال قيَّام، ونساء قُيَّم وقائمات أعرف. ودينار قائم إذا كان مثقالاً قائماً سواء لا يرجح، وهو مع الصيارفة ناقصة حتى يرجح بشيء فيسمى ميالاً، ودنانير قُيَّم وقُوَّم. والعين القائمة: أن يذهب بصرها والخدقة قائمة صحيحة وقائم السيف: مقبضه، وما سوى ذلك فهو قائمة نحو قائمة الخِوان والسرير والدابة، والجمع القوائم. وقيِّم القوم: الذي يسوس أمورهم ويقوم بها. وفي الحديث: "ما أفلح قومٌ قيِّمهم امرأة". وفي الحديث: "لا أخرُّ إلا قائماً" أي لا أموت إلا ثابتاً على الإسلام. وكل متمسك بالحق فهو قائم به؛ والقِمَّة: الملة المستقيمة والدين القَيِّم: هو المستقيم. والقِوَام من العيش: ما أقامك وأغناك؛ قال: وبُلْغَةٌ من قِوَام العيش تكفيني

وقوام الجسم: تمامه وطوله، وقوام كل شيء: ما استقام به؛ كقول رؤبة: رأس، قوام الدين، وابن رأس [وقولهم: رجل قعقعاني] القعقعاني: الذي إذا مشى تقعقعت مفاصل رجليه، والقعقاع: مثله. والأسد ذو قعاقع إذا مشى سمعت لمفاصله قعقعة. وحمار قعقعاني: وهو الذي إذا حمل على العانة صك لحييه وقعيقعان: موضع كانت به حرب، سمي به لكثرة سلاحه وقعقعته في أيام تُبَّع. والرَّعد يقعقع: وهو صوته. ويقال لصوت الجلد اليابس قعقعة. [وقولهم: جاء فلان مقتعطاً] قعطت العمامة واقتعطتها: إذا لم أدرها تحت الحنك؛ والمقعطة: العمامة. وفي الحديث: أنه صلى الله عليه وسلم نهى عن الاقتعاط" فإذا لاثها على رأسه ولم يجعلها تحت حنكة قيل: اقتعطها، وهو المنهي عنه. قال: إذا الناس هابوا سورة عمدت لها ... طُهَيَّة مقعوطاً عليها العمائم

[وقولهم: رجل قُعْدُدٌ] القُعْدُد: الجبان القاعد عن الحرب والمكارم، ويقال قُعْدد أيضاً. قال الحطيئة للزبرقان: دع المكارم لا تنهض لبغيتها ... واقعُد فإنك أنت الطاعم الكاسي فاستعدي عليه عمر، فقال: يا أمير المؤمنين هجاني، وأنشده البيت. فقال عمر: ما أرى بأساً! فسأل عمر حسان بن ثابت عن ذلك، فقال حسان: ما هجاه ولكن ذرق عليه. والقُعْدد أيضاً: أكبر ولد الأب وأقربهم إليه نسباً. والقُعْدد في النسب: أقرب القرابة إلى الجد، يقال: هذا أقعدُ من ذلك في النسب، أي أسرع انتهاء وأقرب أباً. وتقول: مات فلان فورثه فلان بالقُعْدد، أي لم يوجد في أهل بيته أقعد نسباً إلى أجداده وإلى حيّه منه. والقُعْدد: القوم الذين لا ديوان لهم، ويقال: قَعَدٌ. وبفلان قُعَادٌ إذا لم يقدر على النهوض. والقِعْدد: من القُعود كالجِلْسة من الجلوس. والقَعْدة بالفتح: جلسة واحدة، تقول: قَعْدَة واحدة ثم قام. والقُعْدَة من الدواب: الذي يقتعدهُ الرجل للركوب خاصة. وقعيدة الرجل: امرأته، وهي قعيدة بيته؛ قال الشاعر: أنني شيخ كبير ... ليس في بيتي قعيده وقعيد الرجل: جليسه. وقعيدا كل امرئ: حافظاه، قال الله تعالى: {إِذْ

يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنْ الْيَمِينِ وَعَنْ الشِّمَالِ قَعِيدٌ}. والقعيد: ما أتاك من خلفك من ظيي أو غيره. وامرأة قاعد: من انقطع عنها الولد، وهن القواعد. وقولهم: قعيدك الله، أي نشدتك الله، وكذلك قِعدَك ويقال: قِعْدَك عمرك، قال متمم بن نويرة: قعيدك ألا تسمعيني ملامة ... ولا تنكئي قرح الفؤاد فييجعا وقال الفرزدق: قعيدكما الله الذي أنتما له ... ألم تسمعا بالبيضتين المناديا أي نشدتكما الله. [وقولهم]: القارعة أصابتهم قارعة من قوارع الدهر أي شدة من شدائده. والقارعة: الداهية، والقارعة: القيامة، في قوله تعالى: {القَارِعَةُ ما القارِعَةُ}، وقوارع القرآن: التي يقال من قرأها لم يصبه قرْع، نحو آية الكرسي، وكل شيء ضربته بشيء فقد قرعته. وفي الحديث أن ابن عباس كان يقرع بعصاه الصفا، ويقول: إن دابة الأرض لتسمع قرْعَ عصاي هذه. والقُرعَة: اسم الاقتراع، واقترع القوم وتقارعوا بينهم، وقارعت فلاناً فقرعته أي أصابتني القُرْعة دونه. وأقرعتُ بينهم إذا أمرتهم أن يقترعوا على الشيء،

وقارعت وأقرعت أصوب. وفلان قريع فلان: وهو الذي يقارعه، وفلان قريع دهره: مثل قولهم: نسيج وحده. والمُقارعة والقِراع: مضاربة القوم في الحرب، والمِقْرَعَة: معروفة. والقَرْع: حمل اليقطين، الواحدة قرعة. والقرع: ذهاب الشعر من داء، تقول: قَرِع يَقْرَع قَرعاً فهو أقرع والأنثى قرْعاء، ونساء قُرْع ورجال قُرعانٌ وقُرْع. وفي المثل: "أحَرُّ من القرع"، وهو داء يأخذ الفصيل، فيصب عليه الماء، ويُسحب في أرض سبخة، فيجد لذلك ألماً شديداً. [وقولهم: رجل قُلْعَة] القُلْعَة: الضعيف الذي إذا بطش لم يثبت. والقِلْع: الذي لا يثبت على السرج، وقد قُلع قَلعاً وقَلاعة. وفي بعض الكلام: بئس الطلة القُلْعة، التي لا تدوم لصاحبها. ومجلس القُلْعَة: الذي يُقْلَع صاحبه عنه أو يقام. والقَلْع: الرصاص الجيد. وأقلع فلان عن الأمر إقلاعاً إذا كفَّ عنه. وقولهم: رجل قِنع وهو الراضي بما قُسم له، يقنع قناعة، ورجال قَنِعون تقدير فعلون. وقَنَع- بفتح النون- يقنع قنوعاً، أي سأل وتذلل للمسألة، وهو قانع، قال الشماخ: لمال المرء يصلحه فيغني ... مفاقره أعفُّ من القنوع مفاقره: جمع مفقر.

ويروى: فينغى، ويروى: الكُنوع، والمعنى واحد. والقنوع: بمنزلة الهبوط بلغة هذيل وتؤنث، وهي بمنزلة الحدور وهو سفح الجبل أو موضع مرتفع. والقانع في القرآن: السائل. والإقناع: أن يقنع البعير رأسه إلى الماء يشرب، وهو مده رأسه للشرب. ويقال: هو قنع بالمعيشة وقانع، قال لبيد: فاقنع بما قسم المليك فإنما ... قسم المعايش بيننا علّامُها ويروى: الخلائق، يعني الخلائق الحسنة، والواحدة: خليقة. وقال أيضاً: فمنهم سعيد آخذ بنصيبه ... ومنهم شقي بالمعيشة قانع والقناع أوسع من المقنعة، وقيل: ألقى فلان عن وجهه قناع الحياء. وتقول: قنَّعت رأسه بالعصا والسوط ضرباً. [وقولهم: أحمر قُفَاعيٌّ] القُفَاعيُّ الأحمر: الذي يتقشر وجه أنفه لشدة حمرته. والأذن القفعاء: التي كأنما أصابتها نار فانزوت، ونزول من أعلاها إلى أسفلها، قفعت قفعاً. والرجل القفعاء: التي ارتدَّت أصابعها إلى القدم، تقول: قفعت قفعاً وربما تقفعت الأصابع من البرد فانقفعت أصابعه، وقفعها البرد.

والمقفعة: خشبة تضرب بها الأصابع. والقُفَّاعة: مصيدة تنصب للطير. وفي الحديث: "ذكر عند عمر الجراد، فقال: ليت عندنا قَفْعَة أو قَفْعَتين. وقولهم: قُعِمَ الرجلُ أصابه الطاعون ومات من ساعته. وأقعمته الحية: لدغته فمات من ساعته. والقَعَم في الأنف: رِدَّة إلى مَيَل. [القُمَّة] القُمَّة: المزْبَلَة والقُمامة؛ قال الشاعر: قالوا أتفْخَرُ مسكيناً فقلت لهم: ... أضحى كقُمَّة دار بين أنداء والقُمَّة: ما تتناوله السباع بأفواهها؛ قال الشاعر: ما كان جمعهم في عرض سورتنا ... إلا كقُمَّة ما يقتمه الأسد والقِمَّة: أعلى كل شيء، قال ذو الرمة: وردت اعتسافاً والثُّريا كأنها ... على قمَّة الرأس ابن ماء مُحَلِّقُ القُطْع الرَّبْو والبُهْر؛ قال:

وإني إذا ما آنس الصرم مقبلاً ... تعاودني قُطعٌ عليَّ طويل والقطع: مصدر القطع للأشياء، قال الشاعر: سأقطع حبل وصلك من حبالي ... وإن لاقيت قطعيك نجيا وفرق بين قطعت وقطَّعت بالتشديد؛ لأن التشديد في الكثرة والمبالغة. تقول: قطعت له ثوباً، وقطَّعت لهم أثواباً: الحُلل الكثيرة. وفلان قطوع لإخواته، ويجوز مِقْطاع: لا يثبت على مؤاخاة أخ، وإنه لقُطَع وقُطعة. ومقطع الحق: ما يُقْطَع به الباطل؛ قال زهير: وإن الحقَّ مقطعه ثلاث: ... يمين أو نفار أو جلاء ولصوص قُطاع وقُطَّع؛ وقِطع: الطائفة من الليل، [ومنه] قوله تعالى: {فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنْ اللَّيْلِ}؛ قال الشاعر: افتحي الباب فانظري في النجوم ... كم علينا من قِطْع ليل بهيم ويجوز فتحه، لغتان. ابن عباس: القِطْع: آخر الليل سمر؛ قال مالك بن كنانة: ونائحة تقوم بقطع ليل ... على رجل أهابته شعوب والقِطْع: ضرب من الثياب على صفة الزرابي أو الحيرية، والجمع القُطُوع؛ قال

الشاعر: أتتك العيس تنفح في بُراها ... تكشَّف عن مناكبها القطوع والقِطع: نصل صغير يجعل في السهم، والجمع الأقطاع. والقطيع: شبيه النظير، تقوله: هذا قطيع من الثياب التي قُطع منها. وقول العرب: قطيع الكلام، أي منقطع مقطوع. والقُطعة لغة في القِطْعة؛ روي أن أعرابياً من باهلة قال: غلبني فلان على قُطعة أرضي، يعني القطعة المحدودة. والقُطْعَة: موضع القطع من يد الأقطع، والقُطْعَان: جماعة الأقطع. والأقطوعة: شيء تبعث به الجارية إلى الجارية علامة أنها صارمتها. القُحّ الجافي من الناس ومن كل شيء، حتى البطيخة لم تنضح يقال لها: القُحّ؛ قال الشاعر: لا أبتغي سيب اللئيم القح يكاد من نحنحة وأح يحكي سعال الشرق الأبح والقحوحة: مصدر القُح، والفعل قحَّ قحَّ يقُحُّ قحوحة، والقحقح: فوق القب شيئاً، والعب في الماء: الجرع. والقحقح: العظم الناتئ من الظهر فوق الأليتين،

يقال: رماه ففلق قحفه، والقحقح: فوق القب، والقب أيضاً: [العظم] الناتئ. والقحة- مصدر الوقاحة من الوجه، يقال: قد وقُح وجهه وقاحة، وكذلك وقُح الفرس وقاحة وقحة: وهو صلابة حافرة وبقاؤه على الحجارة، والنعت وقاح ووقع الذكر والأنثى فيه سواء، والجمع وُقُحٌ. والقيح: المدَّة الخالصة لا يخالطها دم، قاح الجُرح يقيح، ويقال: قيَّح بالتشديد، ويقال أيضاً: أقاح يقيح. [وقولهم: رجل قحطيّ] القحطي: الأكول الذي لا يُبقي شيئاً من الطعام، وهو من كلام أهل العراق خاصة دون أهل البادية، وكأنه نُسب إلى القحط لكثرة الأكل. والقَحْط: احتباس المطر، قَحط القومُ وأقْحَطوا، وأقحطت الأرض فهي مقحوطة، وقحط المطر أي احتبس؛ قال الشاعر: وهم يطعمون إن قحط القَطْ ... رُوَهبت بشمأل وضريب الضريب: الجليد، والجليد: ما جمد من الماء، وما سقط على الأرض من الصقيع فجمد. وقولهم: رماه الله بالقادحة القادحة: الدودة التي تأكل السِنَّ والشجر، تقول: أسرعت في أسنانه القوادح؛

قال جميل: رمى الله في عيني بثينة بالقذى ... وفي الغُر من أنيابها بالقوادح والقدحة: اسم مشتق من الاقتداح بالزند. وفي الحديث: "لو شاء الله لجعل للناس قِدْحة ظلمة كما جعل لهم قدحة نور". واقتدح الإنسان الأمر: نظر فيه ودبَّره كما قال عمرو بن العاص: قاتل الله ورداناً وقدحته ... أبدى لعمرك ما في النفس وردان ومن روى: قدحته، أراد مرة واحدة. القَحْبَة فيها أقوال، وهي بلغة اليمن المرأة المسنة. والقحْم والقَحْر والقَحْب: الهرِم المسن من كل شيء. والقحبة في اللغة هي أيضاً التي تستخف للناس وتحدثهم. والتقحيب: من تلقيح النخل وهي لغة لقوم. والقحبة بلغة أهل العراق: الفاجرة، وهي لفظة عراقية ليست بعربية، وهي كذلك عند القوم الفاجرة، لا يعرفونها إلا كذلك. الأمثال على القاف - "قد بدا نجيث القوم".

- "قد استنوق الجمل". - "قد تزبيت حصرما". - "قبل الرَّمي يراش السهم". - "قبل الرماء تملأ الكنائن". - "قلب الأمر ظهراً لبطن". - "قد أعذر من أنذر". - "قرع له ساقه". - "قد يضرط العير والمكواة في النار". - "قد قفَّ منه شعره". - "قد فاز خاتلهم على نائلهم". - "قد أنكحنا الفرا فسنرى".

حرف الكاف

حرف الكاف

بسم الله الرحمن الرحيم الكاف لهوية، وعددها في القرآن عشرة آلاف وخمسمائة وثمانية وعشرون كافاً، وفي الحساب الكبير عشرون، وفي الصغير ثمانية. والكاف أخت القاف وفي مخرجها، تقول: كَهَرَهُ في موضع قَهَرَه، وقرئ: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَكْهَرْ}، وقالوا: القَفُور، ويريدون الكَفُور. والكاف ألفها واو، فإن استعملت لها فعلاً قلت: كوَّفْتُ كافاً حسنة، أي كتبت. وكذلك القسطلان والكَسْطَلان: الغبار، والقسطل والكَسْطَل؛ قال الشاعر: مصاليت ضرابون ذا التاج عزة ... وفوق القتام كسطل النقع ساطع ولغة العرب يجعلون التاء كافاً [كقولهم]: أكلك اليوم شيئاً؛ قال: يا ابن الزبير طال ما عصيكا وطال ما عنيتنا إليكا أي: عصيت. والكاف قد تكون صلة للكلام قبلها؛ قال امرؤ القيس: كدأبك من أم الحويرث قبلها ... وجارتها أم الرباب بمأسل ومنه قوله تعالى: {كَدَابِ آلِ فِرْعَوْنَ}، والمعنى كفرت اليهود ككفر آل فرعون.

وقد تجيء للتشبيه، يقولون: هذا كهذا، أي مثل هذا. وأنت كزيد، أي مثل زيد. وقد يدخلون على كاف التشبيه كافاً أخرى، فيقولون: ككُما؛ قال: ومائلات ككُما يوهيْن وقال آخر: شكوتم إلينا مجانينكم ... ونشكو إليكم مجانيننا فلولا المعافاة كنا كَهُمْ ... ولولا البلاء لكانوا كنا يريد: كنا كمثلهم، وكانوا كمثلنا، فالكاف للتشبيه. والعرب تجعل الكاف كافية من خبر قد شبهت به لكثرة استعمالهم إياها، فيقولون: كاليوم رجلاً، أي لم أر مثل هذا الرجل الذي رأيته اليوم. ويقولون للرجل ينكرون عليه الشيء: كالمجنون، وكأجن البشر، أي أنت كذلك؛ قال ابن أحمر يصف الثور والكلاب، ويقال إنه أوس بن حجر: كالثور والكلاب قال له ... كاليوم مطلوباً ولا طلبا أي: لم أر كاليوم. ومثله قوله تعالى: {كَدَابِ آلِ فِرْعَوْنَ} أي دأبهم ودأبكم؛ قال امرؤ القيس:

ورحنا بكابن الماء ينفض رأسه ... متى ما ترق العين فيه تسهل أي: بفرس كابن الماء، وهو طائر شبهه به في خفته وسرعته، وعطفه جانبه ينتقض من نشاطه. ويعني أنه من حسنه يرتفع الطرف فيه وينحدر. قال آخر: على كالخنيف السحق يدعو به الصدى ... له طرق عادية وصحون أي على طرق كالحنيف، وهو ثوب من كتان شبهه به. ويروى: له قلب يخفي الحياض أجون. والعرب تخاطب المرأة بالكاف؛ قال الله تعالى: {اقْنُتِي لِرَبِّكِ} و {يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ}، ومنهم من يفهم الشين إلى الكاف يقول: عليكش وإليكش، يريد عليك وإليك؛ ومنهم من يخاطبها بالشين وحدها. وقد ذكرته في حرف الشين. مسألة إن قال قائل: [لِمَ] لم يقولوا: ضربك زيد، فيضموا الكاف، وقالوا: ضَرَبَكَ ففتحوا؟ فقل: لأنهم يقولون في تاء الغير: ضرَبْتَ زيداً، لأنهم يخاطبونه. ولو قالوا:

ضربت زيداً، في معنى ضربت لالتبس بنا المخبر عن نفسه. فلما لم يجز ضم التاء لم يجز ضم الكاف. والعلة في الكاف كالعلة في التاء، ألا ترى أنهم قالوا: غَلَبْتَ، للواحد بفتح التاء؛ وللاثنين: غلبتما، بضم التاء وقد كانت مفتوحة في الواحد؛ ثم قالوا: عليكم كما قالوا غلبتم. وكذلك في المؤنث: عليكما وعليكُنَّ مثل غلبتما وغلبتُنَّ، فقس الكاف بالتاء فإن شأنهما واحد. فإن قال: لِمَ قالوا: أنت كعبد الله، ففتحوا الكاف، وقالوا: مررت بعبد الله، فكسروا الباء؟ قيل له: إنما قالوا: كعبد الله ففتحوا لأن الإمالة لا تدخلها؛ لأنك تقول: كوَّفت كافاً. فلما كان أصل فعلها الواو، والإمالة لا تدخلها فُتِحت. وكُسرت [الباء] لأنك تردها إلى الياء؛ لأنك تقول: بيَّأت باء لأن الإمالة تدخلها، تقول: الباء والكسرة بما كان من الياء، وبما حسنت فيه الإمالة أولى. مسألة إن الكاف إنما يستوي فيها الجر والنصب إذا قلت: هذا غلامك وضربتُك، ففتحت الكاف في موضع الجر والنصب لأنها في قولك: ضربتُك في موضع نصب، وغلامك في موضع جر؛ لأن النصب شريك الجر في قولك: رأيت رجلين، ومررت برجلين. فلما اشترك النصب والجر في الباء اشتركا أيضاً في كاف الإضمار. واعلم أنه لا يجوز في (عليكُم) كسر الكاف لأنها حاجز حصين بين الياء

والميم، فلا تقلب الضمة كسرة. وقد روي عن بعض العرب: عليكم ولَكِمْ، ولم يلتفت إلى هذه الرواية؛ وأنشد: وإن قال مولاهم على كل حادث ... من الأمر ردوا فضل أحلامكم ردوا كَمْ لها معنيان: معنى الاستفهام، ومعنى الخبر. تقول في الاستفهام: كم رجلاً قام؟ وكم رجلاً قعد؟ تنصب الرجل على التفسير عن كم، لأن تحتها عدداً مجهولاً. وتدخل (مِنْ) في الاستفهام، فتقول: كم من رجل. وتقول في الخبر: كم رجلاً قام، وكم رجلاً ضربت، وتجعلها في الخبر بمنزلتها في الاستفهام. ويجوز أن تجعلها في الخبر بمنزلة رُبّ؛ قال الفرزدق: كم عمَّة لك يا جرير وخالة ... فدعاء قد حلَبَتْ عليَّ عشاري فجعل كم بمنزلة رُبَّ فجرَّ بها. ومن رفع [جعل كَمْ] ظرفاً بمعنى مرة، ومن نصب جعلها استفهاماً. وزعم الفراء أن كم جعلتها العرب للإخبار عن الكثير ورُبّ للقليل.

وفي كم لغات: كم وكأيِّنْ وكائنْ وكأيْن وكيئن وكأنْ. قال الله تعالى: {وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ} والمعنى: وكم نبي. قال في كائن: وكائن وكم عندي لهم من صنيعة ... أيادي بنوها علي وأوجبوا آخر: وكائن بالأباطح من كريم ... يراني لو أصبت هو المصابا والمعنى: وكم بالأباطح. وقال زهير: وكائن ترى من صامت لك مُعجب زيادته أو نقصه في التكلم كما الكاف في كما تشبيه وما زائدة؛ قال: إلا إن أصحاب الكنيف وجدتُهُم ... كما الناس إما أرملوا أو تموّلوا أي كالناس، وما زائدة. والكنيف: يأتي تفسيره إن شاء الله. وكما تكون في معنى كي، تقول: كما أكرمك، فتنصب أكرمك بكما؛ قال الشاعر: وطرفك ما حيتنا فاصرفَّنه ... كما يحسبوا أن الهوى حيث تصرف وتكون بمعنى الذي، قال الله [تعالى]: {كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ} قال أبو

عبيدة: "والذي أخرجك ربك"، وقيل: معناها هنا: إذ أخرجك. ومثله قوله: {وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ} أي إذ أحسن. كِلا اسم يجمع الأجزاء، تقول: كلا الرجلين. واشتقاقه من كل القوم، وكلتهم فرقوا بين التثنية والجمع بالتثقيل والتخفيف. وقد تأتي [كل] لجميع الأشياء وللبعض، فمن جميع الأشياء قوله تعالى: {خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ}، و {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ}، و {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ}. وأما البعض فقوله تعالى: {وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ} في قصة بلقيس. قال ابن عباس: يعني مما في أرضها. وقوله: {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ}، ولم تدمر الأشياء كلها وإنما دمرت ما أمرت بتدميره دون غيره. وكل لا يقع إلا على نكرة وكل واحد، ومعناه الجماعة. وهو حرف وضع ليدل على الجماعة. ولفظه واحد، ولا يدخله التأنيث، تقول: كل الرجال يذهب، على اللفظ، وإن شئت: يذهبون، على المعنى. وكل النساء يذهب، على اللفظ، وإن شئت: يذهبون، على المعنى. وكل النساء يذهب، على اللفظ، ويذهبن على المعنى. وحُكي عن بعض أهل العلم أن بعض العرب يقول: كلَّتُهن قُلْن ذلك.

ويقولون في التأنيث: كلتاهما؛ قال الله تعالى: {كِلْتا الجَنّتيْنِ}، وقال حسان: كلتاهما حلب العصير فعاطني ... بزجاجة أرخاهما للمفصل وكلتاهما علامة التأنيث فيها الألف والتاء. وكلا واحد يقع على الاثنين في المعنى، ولا يضاف أبداً إلا إلى اثنين؛ لأن معناه معنى المثنى. وأنت في كلا بالخيار إن شئت جعلت الخبر على المعنى، فقلت: كلاهما قائمان، وإن شئت قلت: كلاهما قائم. وفي حال الإضافة، وأظهروا نصبها عند المكني. [كلأ] والكلاء ممدود جمع كلاءة وهو الحفظ؛ قال جميل: فكوني بخير في كلاء وغبطة ... وإن كنت قد أزمعت هجري وبغضتي والكلأ بالفتح: هو العُشب؛ قال زهير: فقضَّوا منايا بينهم ثم أصدروا ... إلا كلا مستوبل متوخم والكُلَى بالضم: جمع كُلية؛ قال عنترة:

من كل أروع ما جِد ذي مرة ... مرس إذا لحقت خصى بكلاهما كلّا ردع وزجر؛ قال الله تعالى: {أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ، كَلاَّ} ومثله كثير. قال الفراء: كلا بمنزلة سوف لأنها صلة، وهي حرف رد فكأنها نعم ولا في الاكتفاء، ومن جعلها صلة لما بعدها لم يقف عليها، كقولك: كلّا ورب الكعبة، لا تقف على كلّا لأنها بمنزلة: أي ورب الكعبة. ومنه قوله تعالى: {كلّا والقَمَر}، فالوقف على كلّا قبيح لأنها صلة لليمين. وقوله تعالى: {قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ} لا تقف على إي لأنها صلة لليمين. وكان ابن سعد يقول: يقول القُرّاء: إن معنى كلّا: سوف. قال الأخفض: معناها الرَّدع والزَّجْر. وقال المفسرون: معناها: حقاً. وقال السجستاني: كلا في الكلام على وجهين، وهي في مواضع بمعنى: لا يكون ذلك، وهو رد. وفي مواضع على معنى ألا، التي للتنبيه والافتتاح. قال: فما جاءت من كلا بمعنى ألا قول العرب: "كلّا زعمت أن العير لا تُقاتل" وهو مثل العرب. واحتج بقول أعشى قيس: كلّا زعمتم بأنا لا نقاتلكم ... إنا لأقوامكم يا قومنا قُتُلُ قال ابن الأنباري: وهذا غلط منه، معنى كلّا في المثل والبيت: لا، ليس كما

يقولون. قال أبو العباس: لا يوقف على كلّا في جميع القرآن. لا جواب، والفائدة فيها تقع بعدها. وفي الوقف على كلّا اختلاف إلا في سورة مريم في قوله تعالى: {لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزّاً، كَلاَّ}، وفي الشعراء: {أَنْ يَقْتُلُونِ، قَالَ كَلاَّ}، وفيها: {إِنَّا لَمُدْرَكُونَ، قَالَ كَلاَّ}. وفي سورة سبأ: {أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكَاءَ كَلاَّ}. وما لم يختلفوا فيه أنه لا يجوز الوقف عليها: في سورة المدثر لا يجوز الوقف عليها. وفي القيامة: {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ}، وفيها: {تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ}. وفي اقرأ: {عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ}. وفي ألهاكم: {ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ}. وفي المدثر: {يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ، كَلاَّ} مخيّر فيها. وقال الله تعالى: {يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ كَلاَّ} ردعاً ورداً لمقالته، ولذلك حسن الوقف عليه. قال الشاعر:

يقلن: لقد بكيت فقلت: كلّا ... وهل يبكي من الطرب الجليل ولكني أصاب سواد عيني ... عويد قذى له طرف حديد فقلن فما لدمعهما سواء ... أكلتا مقلتيك أصاب عود قال ثعلب: معنى كلّا لا، قيل له: فما لاكاف؟ قال: المعنى كقوله لا، فإذا رأيت كلّا فهي موصولة. كي حرف جر، تقول: أتيتك كي تُكرمني، رفعت أتيتك بالاستقبال، ونصبت تكرمني بكي. ويجوز أن تجعل الفعل الذي قبل كي ماضياً ودائماً، فتقول: أتيتك كي تأتيني، وأكرمتك كي تُكرمني، وأنا مُكرمك كي تُكرمني، وضربت زيداً كي يضربني، وأنا ضارب زيداً كي يضربني. ولا يجوز أن تجعل الفعل الذي بعد كي ماضياً ولا دائماً. فخطأ أن تقول: أتيتك كي أتيتني، وأكرمتك كي أكرمتني. وأكرمك كي أنت مُكرمي. والكي- بالتثقيل: كي النار، كوى يكوي بالمكواة كيَّة وكياً؛ قال الشاعر: يموت مني كلَّ يوم شيُّ وأنا مع ذاك صحيح حيُّ وآخر الداء العياء الكيُّ كيف حرف أداة، ونصب الفاء لئلا يلتقي الساكنان. ويكون استفهاماً، ويكون

تعجباً، ويكون توبيخاً. فالاستفهام مثل قولك: كيف أنت؟ وكيف حالك؟ والتعجب مثل قولك: كيف فعلت كذا وكذا! ومنه قوله تعالى: {وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمْ التَّوْرَاةُ} وهذا تعجب، والعرب تتعجب بكيف؛ قال زهير: وكيف اتقاء امرئ لا يؤوب ... من الغزو بالقوم حتى يُطيلا وكيف تعجب وقع على الاتقاء. والعرب تكتفي بكيف عن ذكر الفعل معها لكثرة دورها، منه قوله تعالى: {فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمْ الْمَلائِكَةُ} أي كيف يفعلون عند ذلك، فلم يبح بالفعل؛ قال الحطيئة: فكيف ولم أعلمهم خذلوكم ... لدى حادث ولا أديمكم قدُّوا أي فكيف يعادونهم له بما مر في الثاني والعشرين. والتوبيخ كقوله تعالى: {كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنتُمْ أَمْوَاتاً فَأَحْيَاكُمْ} هو لفظ استفهام، ومعناه تعجب وتوبيخ. معناه: وَيْحَكُم، كيف تكفرون بالله! قال الزَّجاج: وهذا التعجب إنما هو للخَلْق والمؤمنين، أي اعجبوا من هؤلاء، كيف يكفرون بالله وقد ثبتت حجته عليهم! ومعنى: {وَكُنتُمْ أَمْوَاتاً}: وقد كنتم، وهذه الواو واو الحال.

ويأتي ذكرها في باب الواو إن شاء الله. وكذلك قوله تعالى: {كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ} توبيخ على لفظ الاستفهام. وهو اسم فزال الإعراب عنه لما استفهم به ضارع الحرف، فوجب أن يسكن آخره، فلما التقى في آخره ساكنان فتحوا الفاء. فإن قيل: فهلّا حركوه بالكسر إذ كان الكسر لالتقاء الساكنين أكثر في كلام العرب، فقل: كرهوا الكسر مع الياء، والفتح أكثر في مثل قولك: جير لأفعلن ذلك، وقيل: جير في معنى أجل؛ قال طفيل: وقلن ألا البردي أول منزل ... بلى جير إن كانت رواء أسافله وقرأ ابن أبي إسحاق: {هَيْتَ لَكَ} بالكسر، وكله صواب. كاد لها ثلاثة معان، يقال: كاد يفعل ذاك، إذا قاربه، ومنه قول الكناني ويروى للفرزدق:

يكاد يمسكه عرفان راحته ... ركن الحطيم إذا ما جاء يستلم وتقول: كاد يفعل، إذا فعله؛ ومنه قول النابغة يصف كف المرأة يقول: بمخضَّب رخص كأن بناته ... عنم يكاد من اللطافة يُعقد فكأنه جعل: كاد يُعقد، للعنم؛ قال الأعشى: قد كاد يسموا إلى الجرفين فارتفعا أي سما فارتفع. ومثله قول ذي الرمة: ولو أن لقمان الحكيم تعرَّضت ... لعينيه مي سافراً كاد يبرق أي لو تعرضت له مي برق، أي دهش وتحير. قال الفرزدق: وإني أقمت اليوم والأمس قبله ... ببابك حتى كادت الشمس تعزب أي حتى غربت. واختلفوا في بيت جرير يصف إبلاً:

كوماً مهاريش مثل الهضب لو وردت ... ماء الفرات لكاد البحر ينتزف قال بعضهم: لكاد ينتزف، أي ينتزف البحر؛ وقال بعضهم: قرُب من ذلك. وكاد يكون كذا، أي لم يكن كذا. وقوله تعالى: {إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا} أي لم يرها. والعرب لم تدخل أن على كاد، تقول: كاد يكون كذا قال الله تعالى: {فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ}، وقوله تعالى: {وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي}، وقوله: {وَلا يَكَادُ يُبِينُ}. وقد يدخلونها؛ قال صلى الله عليه وسلم: كاد الفقر أن يكون كُفراً". أنشد الأصمعي: كادت النفس أن تفيض عليه ... إذا ثوى حشو ريطة وبرود والكيْد: من المكيدة والفعل منه كاد يكيد كيداً، فهو كائد والمفعول مكيد. أبو حاتم قال: سمعت أعرابياً فصيحاً بينه وبين صاحب له خصومة، فقال له: كِدْ ما شئت. والعرب تقول: كِدْنا، ومنه قوله تعالى: {كذلِكَ كِدْنا ليُوسُف}.

كذا العرب تقول: كذا وكذا، الكاف كاف تشبيه وذا اسم يشار إليه. ويقال: فعل لي فلان كذا، أي بلا حجة. قال الشاعر: تظلَّمني مالي كذا ولوى يدي ... لوى يده الله الذي هو غالبه وكذا كهكذا، وكذاك كهذا، وكذلك هو كذاك واللام زائدة. وقولهم: رجل كاتب ومصدره الكتابة، تقول: كتب يكتب كتابة وكَتْباً، وكِتْبةً ومَكْتَباً. وهو كاتبٌ. وهم كُتّابٌ وكَتَبَةٌ؛ والمفعول به مكتوب. والكتاب مصدر؛ [والكتاب، مُرسَل: التوراة؛ والمَكْتَبُ والكُتَّاب]: الذي يُعلّم فيه الصبيان؛ قال دعبل: وأتى بكُتَّاب لو انطلقت يدي ... فيهم رددتهم إلى الكُتّاب والمُكْتِبُ: المعلم، والكِتْبةُ أيضاً: اكتتابك كتاباً تنسخه. واستكتبت فلاناً: إذا أمرته أن يكتب لك، واتخذته كاتباً. والكتاب يكون واحداً وجمعاً، ومنه قوله تعالى: {وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَاباً يَلْقَاهُ مَنشُوراً} يريد واحداً. وقال: {هَذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ} يريد

جمعاً. فإذا قلت: الكُتُب، فليس إلا الجمع، وهي من ثلاثة إلى العشرة. فإذا قلت: الكِتاب، فهو الجمع الذي لا عدد له، ويكون الواحد منه الكتاب. وكل كتاب ذي حكمة فهو زَبُور، وكتاب داود عليه السلام فهو زبور اسمه الزَّبور. يقال: زَبَرت الكتاب، إذا كتبت؛ وزَبَرْت إذا قرأت. الذبْر، هُذَلية: كل قراءة خفيفة ذبرها يذبرها ذَبْراً. وبعضهم يقول: ذَبَر الكتاب، كَتَب؛ وبعضهم يقول: الذُّبور بالشيء: الفقه به والعلم؛ قال أبو ذؤيب: عرفت الديار كرقم الدواة ... كما ذبر الكاتب الحميري ويروى: كما يذْبر، ويروى: يذبرُها. قال أبو عبيدة: الزَّبر والذَّبْر بمعنى؛ وقال الأصمعي: زَبَرْت كتبت، وذَبَرْت قرأت. قال امرؤ القيس: لمن طلل أبصرته فشجاني ... كخط زبُور في عسيب يمان أراد كاتباً. قال بعضهم: سمعت أعرابياً يقول: أنا أعرف تَزْبِرِتيَهْ، أي كتابتي. وقيل: الزُّبُر كتب الأنبياء بالنبوة على ما يكون والكِتاب: المبين الحلال والحرام، وكل كتاب زَبُور. والزُّبر- مضمومة الزاي مفتوحة الباء: القِطَعُ، واحدها زُبْرَة مضمومة

الزاي، [مثل] قوله تعالى: {آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ} أي قطع. ويقال: زَبَرْت الركية أي طويتها. ومنه قيل: فلان لا زَبْر له أي لا عقل له يقيمه كما يقيم الزَّبْر الركية أن تنهار. وسمي الكتاب سفراً لأنه يحمل من مكان إلى مكان؛ والأسفار: الكُتُب بلغة كنانة؛ والسفر: الكتاب الطويل الذي ليس بكراسة؛ والسفر: جزء من أجزاء التوراة، وكل كتاب سفر والجمع أسفار. والسَّفَرَة: الكَتَبة، من قوله تعالى: {بِأَيْدِي سَفَرَةٍ، كِرَامٍ بَرَرَةٍ} بلغنا أنهم ملائكة سماء الدنيا، وهم الكتبة يحصون أعمال أهل الأرض. ويقال للكتاب: الرقيم؛ قال: لمن طلل مثل الكتاب المُرَقَّم ويقال: هو مرقوم عليك أي مكتوب، وهو فعيل بمعنى مفعول. ويقال: الرقيم اسم الوادي الذي فيه الكهف. والطلس: الكتاب قد مُحِي ولم يُنعم محوه فيصير طلساً، فإذا محوته لتفسد خطه قلت: طلسته، فإذا أنعمت محوه قلت: طرسته. وترجمة الكتاب: كلمة مولّدة عراقية غير عربية، ومعناها الإبانة؛ والدليل يقال لصاحب الترجمة: ترجمان، ولا تفتح التاء.

وسمي الكتاب كتاباً لأنه يضم بعض الحروف إلى بعض، من كتبت القِرْبة إذا ضممت خرزاً إلى خرز؛ قال ذو الرمة: وفراء غرفيَّة أثأى خوارزها ... مشلشل ضيعته بينها الكُتب الوفراء: المزادة، والغرفية: المدبوغة بالغَرْف وهو شجر، وأثأى: فسد، والمشلشل: الماء، والكُتَب: الخرز. ويقال: كتبت البغلة إذا جمعت بين شفريها بحلقة. وسميت الكتيبة كتيبة لاجتماع بعضها إلى بعض، يقال: قد تكتَّب القوم إذا اجتمعوا؛ قال الشاعر: أنبئت أن بني جديلة أدعبوا ... سفواء من سلمى لنا وتكتبوا أي: تجمعوا. والناقة إذا ظئرت كُتِب منخراها بخيط لئلا تشم البوفلا ترأم. والكَتْب: الخرز بسيرين، والفعل يكتب؛ قال الشاعر: لا تأمنن فزارياً خلوت به ... على قلوصك واكتبها بأسيار والكِتبة: الاكتتاب في الفرض والرزق، يقال: اكتتب فلاناً أي كتب اسمه في الفرض. والمُكاتب: العبد يكاتب على نفسه بثمنه، ومنه قوله تعالى:

{فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً}. [وقولهم: عندي كراسة من عِلْم] الكراسة معناها في كلام العرب: الورق المجموع بعضه إلى بعض. وقيل: مأخوذة من تكرُّس الحلي وهو اجتماعه؛ قال المسيب بن علس: إذ هي كالرَّشأ المخروف زيَّنها ... مكرس كطلاء الخمر منظوم والكرس: من أكراس القلائد، تقول: قلادة ذات كرسين وذات أكراس ثلاثة إذا ضممت بعضها إلى بعض. ورجل كروَّس: شديد الرأس كامل الجسم. والكرسي عند العرب: الأصل، يقولون: فلان كريم الكُرسي أي الأصل؛ والكرسي أيضاً: العلم؛ قال الشاعر: تحفُّ بها بيض الوجوه وعصبة ... كراسي بالأحداث حين تنوب قيل: هم العلماء. [وقولهم: رجل كيِّس] الكَيْس: العقل، والكيِّس: العاقل؛ قال الشاعر: فلو كنتم لمكيسة لكستم ... وكيس الأم يعرف في البنينا

ولكن أمكم حمقت وماقت ... فصرتم أجمعين لأحمقينا آخر: فكن أكيس الكيسَى إذا ما لقيتهم ... وكن جاهلاً إما لقيت ذوي جهل وعن الحسن قال: الأكايس من المؤمنين، إنما هو الغدو والرَّواح والفعل كاس يكيس، وتقول: هذا الأكيْس والكيِّس. والكِيْس: معروف، والجمع الكِيَسة. والكِسْوَة والكُسْوة، لغتان: وهي: اللباس، ولها معان مختلفة؛ تقول: كسَوت فلاناً، وأنا أكسوه كسوة إذا ألبسته ثوباً أو ثياباً؛ وتقول: اكتسى فلان إذا لبس الكسوة؛ وتقول: اكتست الأرض بالنبات إذا تغطَّت به. والكِساء: اسم، وفيه لغتان: كساءان وكِسَاوان، والنسبة إليه كسائي وكساوي. وتقول: مضى الليل كسؤه، أي قطعة. والكَوْس: فعل الدابة إذا كاست على ثلاث [قوائم]؛ قال الشاعر يصف الناقة إذ عقرها:

فظلَّت تكوس على أكرع ... ثلاث وكان لها أربع والكوْس: كلمة كأنها أعجمية، والعرب تتكلم بها، وذلك إذا أصاب الناس خِبِّ في البحر فخافوا الغرق، تقول: خافوا الكَوْس. [وقولهم: فلان كافر] الكفر على أربعة أصناف: كُفر الجُحود مع معرفة القلب ككفر أبي طالب، والكفر المُعاند، وكفر النفاق، وكفر القلب واللسان. والكفر نقيض الإيمان، [يقال]: رجل كافر، ورجال كافرون وكفرة وكُفار، ولا يقال في النساء إلا كوافر. وقال أهل اللغة: الكافر معناه في كلام العرب الذي يغطي نعم الله وتوحيده، أخذ من قولهم: قد كفرت المتاع إذا سترته أكْفِرُهُ كَفْراً. وقيل لليل كافر لأنه يغطي كل شيء بظلمته؛ قال لبيد: يعلو طريقة متنها متواتراً ... في ليلة كَفَرَ النجوم غمامها وله أيضاً: حتى إذا ألقت يداً في كافر ... وأجنَّ عورات الثغور ظلامها الكافر ههنا: الليل.

وواد كافر إذا غطى كل ما على جوانبه، ومنه سمي الكافر لأنه يستر الحق. ويقال للزارع كافر؛ لأنه إذا ألقى البذر في الأرض غطاه بالتراب، وجمعه الكُفّار. ومنه قوله تعالى: {كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ} أي الزُّراع. ورجل مكَفَّر: وهو المحسان الذي تُكْفر نعمه. وكلمة [مكفور] يلهجون بها يقولونها لرجل يؤمر بأمر، فيعمل خلائفه، فتقول: مكفور بك يا فلان. وإذا ألجأت مطيعك إلى أن يعصيك فقد أكفرته. والتكفير: إيماء الذمي برأسه. [ولا] يقال: سجد فلان لفلان، وإنما كفَّر له تكفيراً. والتكفير تتويج الملك بتاج. والرجل يكفر درعه بثوبه إذا لبسه فوقها، فذلك الثوب كافر الدرع. ومغيب الشمس كافر الشمس. والكفّارة: ما تكفَّر به الخطيئة والذنب والنهي. والكافور: كِمُّ العنب قبل أن ينور. والكافور: معروف والكافور عين ماء في الجنة. والكافور: نبْت له نوْر كنوْر الأقحوان. والكافور: الطَّلْع، وإذا أنَّثوا قالوا: الكُفُرَّى، وإذا ذكروا قالوا: الكافور، والجمع الكوافير، وهو طَلْح يخرج من النخلة كأنه نعلان مطبقان، والحمل بينهما منضود. ومنهم من يقول: هذه كُفَرّاهُ واحدة مشددة، وهذا كُفُرَّى واحد.

وقولهم: كُتِب هذا علينا هو على أربعة أوجه: كُتِبَ: فُرِض، ومنه قوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى}، وقوله: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ}، وقوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْقِتَالُ} أي فُرِض. الثاني: قضى، [ومنه] قوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْهِمْ الْقَتْلُ} أي قضى، وقوله تعالى: {لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمْ الْقَتْلُ} أي قُضي. الثالث: كَتَب بمعنى جعل، [ومنه] قوله تعالى: {ادْخُلُوا الأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ} أي جعلها الله لكم ميراثاً على لسان إبراهيم عليه السلام؛ ومثله: {أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمْ الإِيمَانَ} أي جعل، و {فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ}، ومثله: {فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ} كله بمعنى يجعل. الرابع: كتب بمعنى أمر، [ومنه] قوله: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} أي أمرناهم في التوراة.

الكريم الشريف الفاضل، ومنه قوله تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} أي أفضلكم؛ ومنه قوله تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ} أي شرفناهم وفضَّلناهم؛ وقال تعالى في قصة إبليس: {أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ [لَئِنْ أَخَّرْتَنِي إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ] لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلاَّ قَلِيلاً} أي فضَّلت علي، ومثله: {ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ}، وقال تعالى: {رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ} أي الشريف الفاضل وقال: {وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيماً} أي شريفاً. وقال: {إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ} أي شريف بشرف صاحبه، وقيل: شرف بالخَتْم. والكريم: الصَّفوح. وذلك من الشرف والفضل. وقال الله تعالى: {إِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ} أي صفوح؛ وقال تعالى: {مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ} أي الصَّفُوح. والكريم: الكثير؛ قال الله تعالى: {وَرِزْقٌ كَرِيمٌ} أي كثير. والكريم: الحسن، ومنه قوله تعالى: {كَمْ أَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ}

أي حسن يبتهج به. ومنه قوله تعالى: {وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً} أي حسناً. قال القُتبي: هذا وإن اختلف فأصله كله الشرف. وتقول: رجل كريم وكُرام، وقوم كِرام وقوم كَرَم، وامرأة كرم ونسوة كرم. وقد تستعمل فعل في جمع فعيل وفعول كثيراً، كقول الشاعر: لقد زاد الحياة إلي حباً ... بناتي إنهن من الضعاف مخافة أن يرين الفقر بعدي ... وأن يشربن رنقاً بعد صاف وأن يعرين إن كُسِي الجواري ... فتنبو العين عن كرم عِجاف يعني بالعجاف بناته. وتكرَّم الرجل أي تنزَّه عن أشياء أكرم نفسه عنها ورفعها. وكَرُم الرجل، وهو يكرُم كرماً أي صار كريماً. ويقال: أكرمت الرجل وكرَّمته: [أعظمته ونزَّهته]، قال الله تعالى: {أَكْرِمِي مَثْوَاهُ}، وقال: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ}. قال زُهير: ومن يغترر يحسب عدواً صديقه ... ومن لا يُكَرِّم نفسه لا يُكَرَّم

ومعنى يكرم يكرم. وكرَّمته أشد مبالغة في الإكرام من أكرمته. والكرامة: اسم للإكرام مثل الطاعة للإطاعة. وكَرُم فلان علينا كرامة، وإذا جاء السحاب بغيثه قيل: كَرُم. والكرامة: طبق على رأس الحب. وسمي الكرم كرماً لأن الخمر المشروبة من عنبه تحث على السخاء وتأمر بمكارم الأفعال، فاشتقوا منه ذلك. ولذلك قيل نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يسمي كرماً. أبو هريرة عنه صلى الله عليه وسلم: "لا تسمُّوا العنب الكرم، إنما الكرم قلب المؤمن المسلم". ابن الأنباري: "إنه صلى الله عليه وسلم كره أن يسمى أصل الخمر باسم مأخوذ من الكرم، وجعل المؤمن أحق بهذا الاسم الحسن"؛ قال الشاعر: والخمر مشتقة [المعنى] من الكرم وكذلك سموها راحاً لارتياح شاربها للعطاء إذا كان سخياً سريعاً إلى العطاء والبذل. ويقال للكرم الجفنة والحبلة والزَّرجون. والجَفْن والجَفْنَة نفس الكرم بلغة اليمن، ويقال: بل قضيب من الكرم، ويقال: بل هو ورقه. والحُبْلَة: ضرب من الحلي يُجعل في القلائد؛ قال الشاعر:

ويزينها في النَّحر حلي واضح ... وقلائد من حُبلة وسلوس والسلوس: جمع سلس، والسلس خيط ينظم فيه الخرز. والكرمة: الطاقة الواحدة من الكرم؛ قال أبو محجن الثقفي: إذا مُتُّ فادفني إلى أصل كرمة ... تروي عظامي بعد موتي عروقها ولا تدفنني بالبقيع فإنني ... أخاف إذا مُتُّ أن لا أذوقها ونقول: هذه البلدة إنما هي نخلة وكرمة، نعني بذلك الكثرة. وهكذا تقول العرب: هي أكثر الأرض سمنة وعسلة. والكرم: القلادة؛ وقال الشاعر يهجو امرأة: إذا هبطت جو المراغ فعرَّست ... طروقاً وأطراف التوادي كرومها يعني أنها إذا حلبت الإبل ألقت التوادي على عنقها فاختلطت بقلائدها وحليها وقامت مقام الحَلْي إذا لم يكن حَلْي. والتوادي: جمع تودية، وهي ما تشد به أخلاف الناقة. والكرم أيضاً: أرض مثارة منقاة من الحجارة.

[وقولهم: فلان كمي] الكمي: الشجاع، وفيه ثلاثة أقوال: قيل هو الذي يكمي عدوه، أي يقمعه، أخذ من قولهم: قد كمى فلان الشهادة إذا قمعها وسترها ولم يُظهرها؛ كماها يكميها كمياً إذا سترها. وقال أبو عبيدة: الكمي التام السلاح. وقال الخليل: الكمي: الشجاع، وسمي بذلك إذا تكمَّى في سلاحه، أي تغطّى به؛ يقال: تكمَّتهم الفتنة والشر إذا غشيتهم. قال العجاج: بل لو شهدت الناس قد تُكُمُّوا وقال ابن الأعرابي: الكمي الذي يتكمَّى الأقران، أي يتعمدهم، وجمعه كُماة؛ قال عنترة: ومدجج كره الكُماة نزوله ... لا ممعن هرباً ولا مستسلم [وقولهم: فلان كاشحٌ] الكاشح: العدو، وفيه ثلاثة أقوال: قال قوم: قيل للعدو، كاشح لأنه يعرض عنك ويوليك كشحه. والكشح: الخصر، والكشح والخصر والقرب واحد، وهو ما

يلي الخاصرة؛ قال الأعشى: ومن كاشح ظاهر غمره ... إذا ما انتسبت له أنكرن وقيل: لأنه يضمر العداوة في كشحه؛ قال المجنون: أأرضي بليلي الكاشحين وأبتغي ... كرامة أعدائي بها وأهينها وقال أصحاب هذه اللغة: إنما خص الكشح لأن الكبد فيه، فيراد أن العداوة في الكبد. وكذلك يقال: عدو أسود الكبد، أي شدة العداوة قد أحرقت كبده؛ قال الشاعر: فما جشمت من إتيان قومي ... هم الأعداء والأكباد سود ويقال: طوى فلان كشحه إذا أعرض؛ قال زهير: وكان طوى كشحاً على مستكنَّة ... فلا هو أبداها ولم يتقدم وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أفضل الصدقة على ذي الرحم الكاشح". ويقال: قد كاشح فلان فلاناً فهو مُكاشح إذا عاداه؛ قال ابن هرمة: ومكاشح لولاك أصبح جانحاً ... للسلم يرقى حيَّتي وضبابي وقال قوم: إنما سمي العدو كاشحاً لأنه أدبر بوده عنك، وقالوا: هو بمنزلة

قولهم: قد كشح عن الماء إذا أدبر عنه، وحجتهم قول الشاعر: كشح حمار كشحت عنه الحمُر أراد أدبرت عنه. وتقول: فلان بين الكشاحة والمُكاشحة. وعصا مكشح أي مقشر. الكَشْر الكشر: بُدُو الأسنان عند التبسم، يقال: كشر عن أسنانه إذا أبداها في غير ضحك، والفاعل لذلك كأنه ينافق صاحبه؛ قال المثقب العبدي: إن شر الناس من يكشر لي ... حين يلقاني وإن غبت شتم آخر: وإن من الإخوان إخوان كِشرة ... وإخوان حياك الإله ومرحبا وإخوان كيف الحال والمال كله ... وذلك لا يسوى كراعاً موربا آخر: أخوك أخو مكاشرة وضحك ... وحياك الإله وكيف أنتا وقوله: إخوان كشرة، يريد مكاشرة لأن الفِعلة قد تجيء في معنى فعال، تقول: هاجر هجرة، وعاشر عشرة، وإنما يكون هذا التأسيس فيما يكون من الأفعال على تفاعلا جميعاً.

والمُكاشرة قد تكون مداجاة، وقد تكون خوفاً وفرقاً، كقول عنترة: لما رآني قد نزلت أريده ... أبدى نواجذه لغير تبسُّم ويروى: قد قصدت أريده ... كلح الفتى جزعاً ولم يتبسم كلح: كشر وأبدى أسنانه كراهة منه لي، وخشية من الموت. ويروى: لغير تكلم. قال آخر: لعمرك إنني وأبا ذراع ... على حال التكاشر منذ حين لأبغضه ويُبغضني وأيضاً ... يراني دونه وأراه دوني فلو أنا على حجر ذبحنا ... جرى الدميان بالخبر اليقين آخر: تكاشرني حتى كأنك ناصح ... وعينك تبدي أن قلبك لي دوي [وقولهم: فلان كرَّز] الكرَّز أي داه خبيث محتال، وهو العييُّ اللئيم. وهو دخيل في العربية تسميه الفرس الكُرَّزي؛ قال رؤبة: وكرَّز يمشي بطيئ الكُرز

لا يحذر الكي بذاك الكنز وقالوا: إن الكرز من الرجال شبه بالبازي في خبثه واحتياله، وذلك أنالعرب تسمي الباز كرَّزاً؛ قال الشاعر: لما رأتني راضياً بالإهماد ... كالكرز المربوط بين الأوتاد أراد بالكرز الباز يربط ليسقط شعره. وزعموا أنه أصله بالفارسية كره، فعربته العرب وغيرت بعض حروفه. ويقال: هو الباز، وهما البازان، وهي البيزان، على مثال: هو الخال، وهي الخيلان. ويقال: هو البازي على مثال القاضي، وهما البازيان، وهي البُزاة مثل القضاة؛ قال الشاعر: لو كان عن حيلة أدعى مغالبة ... طار البزاة بأرزاق العصافير آخر: طير رأت بازياً نضخ الدماء به ... أوَّامة خرجت رهواً إلى غيل الكاذب الكاذب ضد الصادق، والكذب ضد الصدق. تقول: كاذب وكذاب، ورجل كذوب إذا كان أكثر كلامه كذباً. وكذَّب فلان فلاناً إذا لم يصدق حديثه ومقالته، وقال له: كذبت، وهو مكذِّب والآخر مكذَّب، قال الله تعالى: {فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ} فمن ثقل معناه: لا يستطيعون أن يجعلوك كذاباً، ومن خفف فمعناه: لا يقولون كذبت. ويقولون:

أكذبت الرجل إذا أخبرت أنه جاء بالكذب ورواه. وحديث عمر رحمه الله: "كذب عليكم الحج" أي وجب. هكذا عن الخليل قال: ولا يصرف في وجوه الفعل، لا يقال: يكذب، ولا يقال: كاذب، بمعنى واجب. قال أبو عبيدة: حديث عمر رضي الله عنه: "كذب عليكم الحج، كذب عليكم العمرة، كذب عليكم الجهاد، ثلاثة أسفار كذبن عليكم". قال الأصمعي: معنى كذبن معنى الإغراء، أي عليكم به؛ وكان الأصل فيه أن ينصب، ولكنه جاء عنهم بالرفع شاذاً على غير قياس، ويحقق رفعه قول الشاعر: كذبت عليك لا تزال تقوفني ... كما قاف آثار الوسيقة قائف وقوله: كذبت عليك، إنما إغراء بنفسه أي عليك بي، فجعل نفسه في موضع الرفع، ألا تراه جاء بالتاء فجعلها اسمه؟ قال معقر البارقي: وذبيانية وصت بنيها ... بأن كذب القراطف والقروف الشعر مرفوع، أي عليكم بالقراطف والقروف. قال: ولم أسمع في هذا حرفاً منصوباً إلا في شيء كان يحكيه أبو عبيدة عن أعرابي نظر إلى ناقة نضو لرجل فقال: كذب عليك البزر والنوى.

قال إسحق بن سويد: تقول العرب للمريض: كذب عليك العسل، أي عليك به؛ قال الشاعر: كذب العتيق وماء شن بارد ... إن كنت سائلتي غبوقاً فاذهبي معنى كذب: وجب، والغبق والاغتباق: شرب العشي؛ قال الشاعر: أيها المرء خلفك الموت لا ... بد منك اصطباحه فاغتباقه الاصطباح: من الصبوح، شرب الغداة ومن أي شراب كان. وأنشد ابن الأعرابي لخداش بن زهير: كذبت عليكم [أوعدوني] وعللوا ... بي الأرض والأقوام قردان موظبا أي عليكم بهجائي إذا كنتم في سفر، فاقطعوا بذكري الأرض، وأنشدوا القوم هجائي يا قردان موظب. الكميش الكميش: العزوم الماضي. تقول: كمش كماشة، وانكمش في أمره وفي الحاجة أي اجتمع منها؛ قال دريد بن الصمة: كميش الإزار خارج نصف ساقه ... صبور على الجلاء طلاع أنجد ويروى: على العزَّاء.

والكميش الإزار: الملتئم الإزار الذي قد جمعه وقبضه. والأنجد: جمع نجد، والنَّجد: ما ارتفع من الأرض. تقول: هو طلاع أنجد أي قوي غير ضعيف؛ يوصف به الرجل التام الأمر، وهذا مثل. والعزَّاء: الأمر الشديد. والجلاء الخصلة الجليلة العظيمة، إذا فتحت الجيم مددت، وإذا ضممت قصرت. وشاه كمشى: صغيرة الضرع، وهي كمشة، وربما يكون الضرع مع كموشه دروراً. الكشم والجدع الكشم والجدع اسمان في قطع الأنف. كشم فلان أنف فلان أي قطعه، ويقال: ابتلاه الله بالكشم والجدع؛ وكشمه كشماً وجدعه جدعاً. الكبش الكبش معروف؛ وكبش الكتيبة: قائدها، وكبش القوم: سيدهم. وإذا أثنى الحمَل فقد صار كبشاً، وقيل: بل حتى تخرج رباعيته. [وقولهم: قد كظني الأمر] الكظ: الذي تبهظه الأشياء وتكظه ويعجز عنها. وقد كظني هذا الأمر أي ملأني همه. واكتظ الموضع بالماء إذا امتلأ به، قال رؤبة: إنا أناس نلزم الحفاظا إذا سئمت ربيعة الكظاظا

أي ملت المكاظة، وهي ههنا القتال، وما علا القلب من غم الحرب. وقالت رقيقة بنت أبي صيفي في خبر استسقاء عبد المطلب: "فوالكعبة ما راموا حتى تفجرت السماء بمائها، واكتظ الوادي بثجيجه المثجوج". فمعنى اكتظ: امتلأ، والثجيج: الماء المثجوج أي المصبوب، ومنه قوله تعالى: {وَأَنزَلْنَا مِنْ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجاً}. والكظكظة: امتلاء السقاء إذا ملأته؛ والإنسان يتكظكظ عند الحرب [إذا تضايق في المعركة عند الحرب. وتكظكظ عند الأكل] تراه منحنياً كلما امتلأ بطنه، فينتصب جسده قاعداً. وقال الحسن: فإذا غلبته البطنة، وأخذته الكظة قال: هاتي ما يهضم طعامي. [وقولهم]: كظم فلان غيظه كظم فلان غيظه، أي حبسه ورده، يكظم كظماً؛ ومنه قوله تعالى: {والكاظِمينَ الغَيْظَ} أي حابسين الغيظ؛ قال عبد المطلب: فحضضت قومي واحتسبت قتالهم ... والقوم خوف قتالهم كظم وأصل الكظم في اللغة: حبس البعير لما في جوفه، وإمساكه عن الاجترار؛ قال الراعي:

وأفضن بعد كظومهن بجرة ... من ذي الأباطح إذ رعين حقيلا أراد: دفعن بالجرة، واجتررن بعد أن كن كظَّما لا يجتررن. ومعنى الإفاضة: الدفع بالكثرة؛ قال الله تعالى: {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ}، ومنه الإفاضة من عرفات. وأفاض الناس في الحديث: اندفعوا فيه؛ والإفاضة: الدفعة. وقوله: من ذي الأباطح، [معناه أن هذه الجرة أصلها ما رعت بهذا الموضع]، والحقيل: نبت. وتقول للإبل: هي كظوم، والناقة كظوم أيضاً إذا لم تجتر. والكظَم: مخرج النفس، تقول: قد أخذ بكَظَمي فما أقدر أتنفس، أي كربني. وإنه لكظوم كظيم، أي مكروب؛ قال الله تعالى: {فَهُو كَظِيم}. قال ابن عباس: المغموم. قال قيس بن زهير: فإن أك كاظماً لمصاب شأس ... فإني اليوم منطلق لساني والكظيمة والكظائم: خرق تحفر فيجري فيها الماء من بئر إلى بئر؛ قال الشاعر: رد الماء لا تؤخذ عليك الكظائم الكفيل الكفيل: الضامن للشيء، تقول: كفل به يكفل كفالة، ورجل كافل. وتقول: كفلت الرجل وكفلته بفتح الفاء وكسرها.

قال الخليل: الكافل الذي قد كفل إنساناً يعوله وينفق عليه. وفي الحديث: "الربيب كافل" وهو زوج أم اليتيم. وفي القرآن: {وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا} أي كفله مريم ينفق عليها حيث يساهم هو وقرابتها على نفقتها، وتكفَّلها زكريا حتى مات أبوها، فبقيت بلا كافل، فأصاب السهم زكريا؛ وقرئ: وكفِلَها بالكسر، وقرئ: وكفَّلها مشددة على معنى كفَّلها الله زكريا. ويقال: كفلت به أكفل كفالة وقبِلْت به أقبل قبالة بمعنى واحد. ويقال: أنا زعيم فلان أي كفيله. والكفيل مأخوذ من الكِفْل، وهو ما يحفظ الراكب من خلفه من السقوط. وسمي الحظ كفلاً لمنفعته، ومنه قوله تعالى: {يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ} أي حظَّين ونصيبين. والكِفْلُ من الأجر والإثم: الضعف، كقوله: له كفلان من أجر، وعليه كِفْلان من إثم. ولا يقولون: هذا كفل فلان حتى تكون قد هيأت مثله لغيره كالنصيب، فإذا أفردت فلا تقل كِفْل ولا نصيب. والكِفْل: الذي يكون في مؤخر الحرب إنما همَّته في التأخر والفرار، رجل كفل من الكفولة. والكِفْلُ: الذي لا يثبت أيضاً على الخيل، ورجال أكفال كذلك؛ قال جرير:

ما كنت تلقى في الحروب فوارسي ... عزلاً إذا ركبوا ولا أكفالا العزل: الذين لا سلاح معهم. والكفل: ردن العجز. وإنها لعجزاء الكفل، والجميع الأكفال، ولا يقولون: امرأة كفلاء مثل عجزاء. [وقولهم: رجل كهل] الكهل عند العرب: الذي قد جاوز الثلاثين، سمي كهلاً لكماله واجتماع قوته. واكتهل النبات إذا تم وحسن واستوى؛ قال الأعشى: يضاحك الشمس منها كوكب شرق ... مؤزر بعميم النبت مكتهل يضاحكها: يدور معها، ومضاحكته إياها حسن له ونضرة. والمكتهل: التام الحسن؛ قال آخر: هل كهل خمسين إن شاقته منزلة ... مسفه رأيه فيها ومسبوب وقال النبي صلى الله عليه وسلم لرجل أراد الجهاد معه: "هل في أهلك من كاهل؟ "، ويروى: من كاهل، فقال: نعم، وهو مأخوذ من الكهل. يقول: هل فيهم من أسن وصار كهلاً. وقد اكتهل الكَهْل، والمجيع كُهَّل وكُهُول. قال الخليل: الكهل الذي وخطه الشيب. ورجل كهل، وامرأة كهلة؛ وقل ما يقولون للمرأة كهلة مفردة إلا أن يقولوا

شهلة كهلة؛ قال الشاعر: ولا أعود بعدها كريا أمارس الكهلة والصبيا ويقال: نعجة مكتهلة: وهي المختمرة الرأس بالبياض، وأكد بعضهم ذلك. والكاهل: مقدم [أعلى الظهر] مما يلي العنق، وهو الثلث الأعلى، وفيه ست فقارات. وقولهم: ندمت ندامة الكُسعي قيل: هو رجل من اليمن، وقيل: هو من بني سعد بن ذبيان، وقيل: هو رجل من بني كُسع، واسمه عامر بن الحرث؛ والكُسَع: حي من اليمن وهم رماة. وكان من حديثه أنه كان يرعى إبلاً له بواد كثير العشب والخمط. فبينما هو يرعاها إذ بصر بنبعة في صخرة، فجعل يتعهدها ويقومها حتى استوت، واتخذ منها قوساً، وخطمها بوتر، وقال فيها أشعاراً اختصرتها وتركتها اختصاراً. ثم أتى قُترة على موارد حمير، فمر به قطيع، فرمى عيراً منها بسهم فأصابه، وأمخطه أي أنفذه، فصار السهم إلى الجبل فأورى النار، فظن أنه أخطأ، فقال شعراً تركته اختصاراً. ثم مر به قطيع آخر، ففعل مثل فعله الأول، ثم لم يزل يفعل ذلك خمس مرات

وهو يظن أنه يخطئ في ذلك؛ فأنشأ يقول: أبعد خمس قد حفظت عدَّها أحمل قوسي وأريد ردها أخزى الإله لينها وشدها والله لا تسلم مني بعدها ولا أرجي ما حييت رفدها ثم أخذ القوس فضرب بها حجراً وكسرها، وبات. فلما أصبح نظر فإذا الحمر مضرجة حوله مصرَّعة، واسهمه بالدماء مضرجة، فأسف وندم على كسرها، وقطع إبهامه، وقال: ندمت ندامة لو أن نفسي ... تطاوعني إذاً لقطعت خمسي تبين لي سفاه الرأي مني ... لعمر أبيك حين كسرت قوسي وضربت العرب بندامته المثل؛ قال الشاعر: ندمت ندامة الكُسعي لما ... رأت عيناه ما فعلت يداه وقال الفرزدق: ندمت ندامة الكُسعي لما ... غدت مني مطلقة نوار وكانت جنتي فخرجت منها ... كآدم حين لجَّ به الضرار وفيها: ولو أني ملكت يدي وقلبي ... لكان علي للقدر الخيار

والكسع: ضربك بيدك على دبر شيء أو برجلك. وإذا اتبع أدبارهم فضربهم بالسيف، يقال: كسعهم وكسع أدبارهم. وكسعت الرجل بما ساءه إذا تكلم فرميته على إثر قوله بكلمة سوء. وكسعت الناقة إذا تركت بقية اللبن في خلفها تريد بذلك تغزيرها؛ قال الحارث بن حلزة: لا تكسع الشول بأغبارها ... إنك لا تدري من الناتج الشول: التي شالت بأذنابها، والغُبْر: البقية من كل شيء. والكسعة: هي الحمير، والنخة: الرقيق، والجبهة: الخيل. والكسعة: النكتة البيضاء التي تكون في جبهة كل شيء. [وقولهم: فلان كلف بفلان] الكلف: شدة الحب والمبالغة فيه، يقال: فلان كلف بفلان وبفلانة إذا كان مبالغاً في محبته؛ قال الشاعر: فتيقني أني كلفت بكم ... ثم اصنعي ما شئت عن علم وقال آخر: يا قلب ويحك حداً منك ذا الكلف ... ومن كلفت به جاف كما تصف والكلف: الإيلاع بالشيء، تقول: كلف فلان بهذا الأمر وبهذه الجارية، فهو بها كَلِف ومكلَّف. وتقول: كلفت بهذا الأمر، فأنا أكلف به وتكلَّفته.

والكُلفة: ما يكلف من أمر في نائبة أو حق، والجميع الكُلف. تقول: يتكلف لإخوانه الكُلف؛ قال زهير: سئمت تكاليف الحياة ومن يعش ... ثمانين حولاً لا أبالك يسأم والمكلف: الوقاع فيما لا يعنيه. والكلف: لون يعلو الوجه فيغير بشرته، تقول: كلِف وجهه كلفاً، وهو في الوجه خاصة. وبعير أكلف، وبه كُلفة: وهو سواد في خده خفي. وقولهم: رجل كاعٌّ وكَعٌّ كاعٌّ بالتشديد: الفرق العاجز الناكص على عقبيه، لا يمضي في حزم ولا عزم. كعَّ يكعُّ ويكُعُّ كعوعاً وأكعَّه الفرق عن ذلك، وأنا أكُعُّه إكعاعاً إذا حبسته عن وجهه. وتقول أيضاً كعكعه الخوف يجري مجرى الإكعاع، وهو يكعكعه كعكعة ويكعكع هو نفسه إذا تلكأ وجبن. والكعكعة أحسن استعمالاً في المنطق من الإكعاع. والكع أيضاً: الضعيف العاجز؛ قال الشاعر: إذا كان كع القوم للرحل لازماً وتقول: كاع الرجل يكيع كيعاً وكيعة ومكاعاً وهو كائع. والكعك: الخبز اليابس. الكُتَع الكُتَع: اللئيم، جمعه كتعون. والكُتَع حرف يوصل به أجمع لا يُفْرد؛ تقول:

جمعاً كتعاً، وجُمع كُتع، وأجمعون أكتعون؛ فإذا أفرد أجمع لم تعرفه العرب. قال الخليل: ليس أصل أكتع عربية إنما هي ردف لأجمع على لفظه يقوله له، ومثله كثير. يقولون: الريح والضيح وليس للضيح وتفسير، وحسن بسن، وما يشبهه كثير؛ وأكتع توكيد لأجمع. وقولهم: كرع فلان في الماء إذا تناوله بفيه من موضعه يكرع كُروعاً وكَرْعاً. وكرع في الإناء، إذا مال نحوه عنقه فشرب منه. ورجل كَرِع: أي غَلِم، والكرعة: المغتلمة. والكُرَاع من الإنسان: ما دون الرُّكبة، ومن الدواب: ما دون الكعب. وتقول: هذه كُرَاع. وهو الوظيف نفسه؛ قال الشاعر: يا نفس لا تُراعي إذ قطعت كُراعي إن معي ذراعي وكُراع كل شيء: طرفه، مثل كُرَاع الأرض: ناحيتها. والكُراع: اسم يجمع الخيل [والكُراع: السلاح، وقيل: هو اسم يجمع الخيل والسلاح]، وإذا قال: السلاح والكُراع فإنه الخيل نفسها. وتكرَّع الرجل إذا توضأ للصلاة وأخذ في غسله أكارعه. وماء السماء يسمى الكرع. وأكرع القوم إذا أصابوا الكرع فأوردوه إبلهم.

وقولهم: كنعت أصابع فلان إذا تشنجت وتقبضت؛ قال الشاعر: أنحى أبو لقط حزاً بشفرته ... فأصبحت كفه اليمنى بها كنع والفعل كنع يكنع كنعاً فهو كنع شيخ. وقيل: الكنع: قصر [اليدين والرجلين] من داء على هيئة القطع والتعقُّف. وتكنَّع فلان بفلان إذا تشبث وتضبث وتعلق به. وكنع الموت إذا دنا واقترب يكنع كنوعاً. وأكنع الشيء إذا لان وخضع. وكنعان بن سام بن نوح: وإليه ينسب الكنعانيون، وكانوا أمة يتكلمون بلغة تضارع العربية. والاكتناع: الاجتماع، والاكتناع: التعطف، اكتنع عليه أي عطف عليه. الكَعْب الكَعْبِ من الإنسان: ما أشرف فوق رُسغه عند قدميه. وكَعْب الفرس: عظم الوكيف لعله الوظيف. والكعب لكل ذي أربع: عظم الساق الناتئ من خلف. والكعبة: البيت الحرام، يقال: كعبته أعلاه، وأهل العراق يسمون البيت المربع كعبة. وكان لربيعة بيت يسمونه ذا الكعبات. وإنما قيل: كعبة البيت فأضيف لأن كعبه يربع أعلاه.

وقال بعض: الكعبة هي الغرفة أيضاً، يقال: فلان جالس في كعبته أي غرفته. وكعبت الجارية تكعب كعوبة وكعابة، وهي كَعاب وكاعب. وقد كَعَب ثديها، والكُعوبة: النتوء. وكعَّبْت الشيء تكعيباً إذا ملأته. والكعب من القُضُب والقنا: أنبوب ما بين العقدتين، والجمع الكُعُوب. وقولهم: قد كَعَم فلاناً الخوف أي منعه من الكلام، أخذ من الكعام: وهو شيء يجعل على فم البعير. تقول: كعمته فأنا أكعمه كعماً، فهو مكعوم. قال ذو الرمة: بين الرَّجال والرَّجا من جنب واصية ... يهماء خابطها بالخوف مكعوم أي: خابط هذه المفازة قد كُعِم فوه لا يتكلم فيها من الخوف، فهو لا ينبس بكلمة. واليهماء: المفازة من سلكها تحير. والأيهم: الرجل الذي لا عقل له. وقال آخر: مررنا عليه وهو يكعم كلبه ... دع الكلب ينبح إنما هو نابح يكعم كلبه أي: يشد فمه خوفاً أن ينبح فيدل عليه ضيفاً. وأنشد ابن هرمة: ويدل ضيفي في الظلام على القرى ... إشعال ناري أو نُباح كلابي

حتى إذا أبصرنه وعرفنه ... قرَّبنه ولوين بالأذناب الكَحْل الكحل: شدة المحل، والسنة الشديدة يقال لها أيضاً: كحل؛ قال ابن جندل: قوم إذا صرَّحت كحل بيوتهم ... مأوى الضعيف ومأوى كل قرضوب والكحل: مصدر الأكحل، وهو الذي يعلو منابت أشفاره سواد من غير كُحل خلقة. قال الشاعر: كأن بها كحلاً وإن لم تكحَّل آخر: عليل الجفون بلا علة ... ومكتحل الطرف لم يكتحل وقولهم: فلان كل على أهله كل على أهله أي عيال وثقل عليهم، ومنه قوله تعالى: {وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلاهُ}، وقال: نزعت به إليك وكنت عوني ... بإذن الله وهو أخي وكلِّي والفعل منه: كلَّ يكلُّ كُلُولاً. يقال: هو كل على أهله، وهم كل على أهليهم،

وهي كلُّ، وهن كلٌّ، وبعضهم يقول: كلول في الرجال والنساء. والكل: اليتيم؛ قال الشاعر: أكول لمال الكل قبل شبابه ... إذا كان عظم الكل غير شديد والكل: الذي لا ولد له ولا والد، والفعل كلَّ كلالة وقل ما يتكلم به. والكلالة: أن يموت الرجل ولا ولد له ولا والد. وقيل: هو مصدر من تكلله النسب أي أحاط به، ومنه الإكليل لإحاطته الرأس. فالأب والابن طرفا الرجل، فإذا مات ولم يخلفهما فقد مات عن ذهاب طرفيه، فسمي ذهاب الطرفين كلالة، وكأنها اسم للمصيبة في تكلل النسب، وجرى مجرى الشجاعة والسماحة. فالكلالة من تكلله النسب أي أطاف؛ فالولد والوالد خارجان من ذلك لأنهما طرفان للرجل. والكلالة مأخوذ من الإكليل، والإكليل يكون حوالي الشيء، وليس هو من الشيء. والدليل على أن الكلالة حيث لا ولد ولا والد قول الشاعر: فها أنذا المأسور في أرض غربة ... فلا الجار يرعى لي الذمام ولا الخِل وقد كبرت سني فصرت كلالة ... فلم يبق لي فرع ولم يبق لي أصل ويقال: كلَّل الرجل إذا ذهب وترك عياله بمضيعة. والكليل: السيف لا حد له، كلَّ كلالة وكلَّة. وقالت امرأة ترثي زوجها: وخبرني أصحابه أن مالكاً ... ضروب بنصل السيف وهو كليل والكال: المعيي، يكل كلالة.

والكلة: غشاء من ثوب رقيق يتوقى به من البعوض. والإكليل: شبه عصابة مزينة بالجوهر. والإكليل: من منازل القمر. وروضة مكللة إذا حُفّت بالنور. والكلكل: أو كل شيء وصدره ومعظمه. والكلكل: الضرب ليس بحد طويل. والكلاكل في الناس: الجماعات كالكراكر في الخيل. والكلكال لغة في الكلكل. [وقولهم: رجل كزٌّ] الكزُّ: القليل الخير والمؤاتاة؛ قال الشاعر: أنت للأبعد هين لين ... وعلى الأقرب كزجاف وخشبة كزة: إذا كان فيها يُبْس واعوجاج. وذهب كزٌّ: صلب جداً. وإذا ضيقت شيئاً فقد كززته، وهو مكزوز. والكُزاز: داء يأخذ من شدة البرد تعتري منها الرعدة، تقول: رجل مكزوز. وقولهم: رجل كريه رجل كريه أي متكرَّه، وأمر كريه: مستكره ومكروه. وامرأة مستكرهة: مكروهة، غصبت نفسها؛ وأكرهته على الأمر، فهو كاره. والكريهة: [النازلة] الشديدة في الحرب. و [كرائه] الدهر: نوازله. والكَرْه والكُرْه لغتان، وقيل: الكُرْه: المشقة من غير أن يحملها، والكَرْه: إكراه

ومشقة أتحملها على كره مني. تقول إذا فعلت ذلك من تلقائك: فعلته على كُره مني بالضم؛ وإذا فعلت ذلك تحملاً حملت عليه قلت: كرهاً بالفتح. وتقول: كرهت هذا الأمر كراهة وكراهية ومكرهة وكراهين يا فتى، وكرهاً وكُرهاً؛ والكُره لغة النبي صلى الله عليه وسلم. وتقول: كرَّه إلي هذا الأمر تكريهاً أي صيره عندي بحال كريهة. الكاهن الكاهن: الذي يخط على الأرض يتكهن في ذلك، وهو العائف أيضاً الذي يزجر الطير. تقول: كهن الرجل يكهَن ويكهُن كهانة، وقلّما يقال: إلا تكهَّن الرجل، وتقول: لم يكن كاهناً ولقد تكهَّن. وتقول: تكهَّن لهم إذا قال قول الكهنة، ومنه قوله تعالى: {وَلا بِقَوْلِ كَاهِنٍ}. وفي الحديث: ليس منا من تكهن أو تُكهِّن له"، وفي حديث: "من أتى كاهناً أو ساحراً فصدَّقه فيما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد" صلى الله عليه وسلم. والكهانة المصدر، والكِهَانة الحِرفة. والحازي: الكاهن، والمُتحزّي: المُتَكهِّن. قال العجاج: قال الحوازي واستحت أن تنشعا

الحوازي: الكهنة، والنشع: جُعْل الكهانة، يقال: أنشعته إنشاعاً. والحازي أيضاً: الذي يزجر الطير؛ يقال: فلان يحزو الطير [غير] مهموز. والعراف عند العرب: كل حاز منجم وصاحب خط وعيافة. وقولهم: فعلت الشيء في غير كُنْهِه أي في غير وقته ووجهه؛ قال: وإن كلام المرء في غير كُنهه .. لكالنَّبل تهوي ليس فيها نصالها وكُنْه كل شيء: غايته؛ تقول: بلغت كُنْه هذا الشيء أي غايته. وقولهم: كفَّ عن كذا أي أمسك عنه يكُفّ كفاً وكففته أنا كفاً، وهو فعل سواء اللفظة في اللازم والمجاوز. والكفكفة: كفُّك الشيء أي ردك. والكف مؤنثة، وكفة اللثة: ما انحدر منها على أصول الثغر. وكفَّة الميزان بالكسر- وقد فُتح أيضاً- وكُفَّة السحاب وكُفَافه: نواحيه، وكِفَّة الصائد: وهي الحبالة التي يصطاد بها، وكل شيء مستطيل هو كُفَّة بالضم، وكل مستدير فهو كِفَّة؛ قال: كأن بلاد الله وهي عريضة ... على الخائف المطلوب كِفَّةُ حابل

عريضة: واسعة، لم يُرد العرض الذي هو خلاف الطول. والكُفَّة- بالضم: غاشية كل شيء وطرَّته، وثوب جيد الكُفَّة: [طُرَّته التي لا هُدْب فيها]، وكذلك كل شيء ممتد على نسق. وكُف بصر الرجل، وكُف الثوب. ويقال: لقيته كَفَّة لكفة، وكفة بكفة أي مفاجأة. والكفاف من الرزق: ما كف عن الناس أي أغنى. [والكافة] من الناس الجميع؛ ومنه قوله تعالى: {ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً} أي جميعكم، وقوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَافَّةً لِلنَّاسِ} أي تكفهم وتردعهم. واستكف السائل: إذا بسط يده يطلب. والعرب تقول: هذه كف. [وكوَّف القوم: أتوا الكوفة]؛ قال الشاعر: إذا ما رأت يوماً مطية راكب ... تبصَّر من جيرانها وتكوَّف تبصر: تأتي البصرة، وكُوفان: اسم أرض، وبها سميت الكوفة.

وقولهم: كبكب فلان فلاناً أي: دهوره، ومنه قوله تعالى: {فَكُبكبُوا فيها} أي دهوروا، ثم رمي بهم في هوة من النار، نعوذ بالله من النار. والأصل: كُبِّببوا، أي ألقوا على رؤوسهم في النار؛ من كب الإناء إذا ألقيته على وجهه. وأكبَّ الرجل على شيء يعمله [إذا لزمه]؛ والكَبْكَبة: جماعة من الخيل. وكَبْكَبُ: جبل، لا ينصرف. وقولهم: كبا الرجل أي: أكبَّ على وجهه، يكبْوا كَبْواً، فهو كاب، قال: إذا استجمعت للمرء فيها أموره ... كبا كبوةً للوجه لا يستقيلها والكُبَا: الكُناسة؛ والكِباء: ضرب من العود والبُخور- ممدود مكسور الكاف؛ تقول: قد كبيت ثوبي، أي بخرته، وقد تكبَّت المرأة أي: تبخرت. والكبى: القماش مقصور، وجمعه أكباء؛ تكتب بالياء. والتراب الكابي: الذي لا يستقر على الأرض. والزَّند الكابي: الذي لا يوري النار، فعله كبا يكبو، ولغة أكبى يُكبى إكباء. [الكئيب] والكئيب: الحزين، والكآبة: سوء الهيئة والانكسار من الحزن في الوجه خاصة. تقول: كئبت واكتأبت كأبة- جزم- وكآبة- ممدود- وكأباً، فهو كئيب ومكتئب.

الكشط الكشط: رفعك شيئاً عن شيء قد غطاه كما يُكشط الجلد عن السنام. كشط فلان عن كذا، فإذا كُشط الجلد عن الجزور سمي كشاطاً بعد ما يُكشط؛ يقال هذا في الجزور خاصة. والكشطة: هم أرباب الجزور المكشوطة. وقولهم: رأيت كرشاً من الناس أي جماعة، ويقال لكل شيء مجتمع: كرش. وفي الحديث: "الأنصار كرشي وعيبتي، ولولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار"، أي جماعتي وصحابتي الذين أثق بهم وأعتمد عليهم. وكَرِشُ الرجل: عياله من صغار ولده، يقال: كرش منثورة، أي صبيان صغار. والكرش لكل مجتر: تؤنثه العرب بمنزلة المعدة للإنسان. واستكرش الجدي والصبي: إذا عظم بطنه وأخذ في الأكل. وقال بعض: يقال: استجفر ولا يقال استكرش، والاستجفار في الأشياء كلها جائز، وهو اتساع البطن وخروج الجنين. وإذا تقبض جلد وجه الإنسان قيل: تكرش وجهه، ويقال في كل جلد كذلك. الكسلان الكسلان: المتثاقل عما لا ينبغي [أن يتثاقل عنه]، والفعل كسل يكسل كسلاً. والكسل: التثاقل عن الأشياء. والمرأة كَسْلى، وكسلانة لغة رديئة.

وأكسل الرجل: إذا فتر، وفي معنى آخر كسل إذا عزل فلم يرد ولداً. والإكسال: انكسار الذكر قبل الإنزال؛ قال الشاعر: ألا إن في الإكسال جذاً درأته ... فتركيه إجلالاً لمن قد يرانيا ويقال للفحل الفاتر: كسِل؛ قال الشاعر: لئن كسلت والحصان يكسل وامرأة مكسال: وهي التي لا تبرح مجلسها. وفلان لا تكسله المكاسل، أي لا تثقله وجوه الكسل؛ قال العجاج: فذاك لا يستكسل المكاسلا وقولهم: فلان كاسف الوجه كاسف الوجه أي عابس من سوء الحال والبال. وتقول: عبس في وجهي وكسف عبوساً وكسوفاً أي عابس؛ قال امرؤ القيس: فأصبحت معشوقاً وأصبح بعلها ... عليه القتام سيء الظن والبال وكسف القمر وخسف بمعنى، وهو يكسف كسوفاً وكذلك الشمس، وبعض يقول: انكسف، وهو خطأ. قال: الشمس طالعة ليست بكاسفة ... تبكي عليك نجوم الليل والقمرا

أي ما طلع نجم وطلع قمر، فنصبه، كقولك: لا آتيك مطر السماء؛ ثم صرفته فنصبته. وقال آخر: ألم تكسف الشمس شمس النهار ... مع البدر للجبل الواجب الواجب: الغائب؛ وجب القمر ووجبت الشمس إذا غابا. والكسف: قطع العرقوب، كسفه بالسيف يكسفه كسفاً، وكذلك في الدابة. [وقولهم: رجل كسوب] الكسوف: الطلوب للرزق. والكسب: الرزق، وفلان يكسب لأهله خيراً، وهو كاسب، وكاسبه أهله. والكَزْب لغة في الكسب، كالكُسبرة [لغة] في الكُزبرة. وقولهم: قد كدنت شفتي أي اسودت من شيء أكلته، تكدن كدناً، وهي كدنة. وهي لغة في كتن، وكتنت أصوب. وامرأة كدنة أي كثيرة اللحم. وقيل: الكِدْنة: السنام، وبعير ذو كدنة، وجمل كدن: ضخم السنَّام. ويقال: كُدنة بضم الكاف. والكوْدَن: البغل، وهو الكَوْدَني أيضاً. ويقال: الكودني من الفُحول. والكدْيَوْن: دُقاق التراب على وجه الأرض، ودُقاق السرقين. وقيل: الكديون دُرْدِي الزيت؛ وقيل: هو كل ما طليت به من دسم أو دهن؛ قال النابغة:

عُلين بكديون وأبطن حمرة ... فهن إضاء صافيات الغلائل وقولهم: القوم في كبد من أمرهم أي في شدة، وبعضهم يكابد بعضاً أي يشاقهم في الخصومة. والرجل يكابد الليل: إذا ركب هوله وصعوبته. وكابدت الليل مكابدة شديدة؛ قال العجاج: وليلة من الليالي مرَّت بكابد كابدتها وجرَّت كلكلها لولا الإله خرَّت وقوله تعالى: {لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي كَبَدٍ}. قال ابن عباس: في اعتدال واستقامة. قال لبيد: يا عين هلا بكيت أربد إذ ... قُمنا وقام الخصوم في كبد وقال أبو عبيدة: في شدة، وقال القُتبي: في شدة عليه، ومكابدة لأمور الدنيا والآخرة. وقيل في قول لبيد: في كبد، أي في القيام على الأمر الشديد. ولاكَبِد: معروفة والعرب تؤنثها وتذكرها. تقول: حلَّق الطائر في كبد السماء [وكبيداء] السماء، وإذا صغّروا [جعلوها] كالنعت، وكذلك في سوداء وسويداء قلبه، [وهما] نادرتان رويتا هكذا. والعرب تقول: هذه كبد؛ قال الشاعر:

لها كبد ملساء ذات أسرة ... وكشحان لم ينقض طواءهما الحمل وقال رجل حجازي: ألا ليت شعري هل تغيَّر بعدنا ... ظباء بذي الحصحاص نجل عيونها ولي كبد مجروحة قد بدا بها ... صدوع الهوى لو كان قين يقينها وكيف يقين القين صدعاً فتشتفى ... به كبد أبت الجروح أنينها إذا ملَّت الأكباد لانت فقد أبى ... عليها ولا كُفران لله لينها وكبد الأرض: ما فيها من معاون المال، وفي الحديث: "ترمي الأرض أفلاذ كبدها" أي ما فيها من الكنوز والأموال. والفَلْذ: كسرك قطعة من كبد أو ذهب أو فضة. والفلذة: القطعة من ذلك. ويقال: كَبِدٌ وكِبْدٌ وكَبْدٌ، وقد تقدم ذكره. وإذا أصاب الكبدَ رمية أو داء قلت: مكبود، وإذا أضر الماء بالكبد تقول: [كَبَدَه، فهو مكبود]. وفي الحديث: "الكُبَادُ من العب"، والكُبَاد: داء يأخذ في الكبد، والعب: شرب الماء من غير مص. وفي الحديث: "مُصوا الماء مصاً، ولا تعبوه عباً فإن منه الكُباد" يعني يورث وجع الكبد.

وكَبِد كل شيء: وسطه. والأكبد: الناهد موضع الكبد. وقولهم: كمدت الجُرْح أي وضعت عليه الكمادة، وهي خرقة دسمة تسخن بالنار، وتوضع مسخنة على موضع الوجع من الإنسان، تقول: كمدته. والكَمْد والكُمْدة: تغير لون بعض التغير، ويذهب ماؤه وصفاؤه. وكَمَد القصَّار الثوب، أي لم يُنق غسله. والكَمَد: همّ وحزن لا يستطاع إمضاؤه؛ وأكمده الحزن إكماداً. الكتال الكَتَال: شدة العيش وشقه وضيقه؛ قال الشاعر: إن بها أكتل أو رزاما خويربان ينقفان الهاما أكتل: من شدائد الدهر اشتق من الكتل، ورزام أيضاً: اسم شديدة؛ قال الشاعر: ولست براحل أبداً إليهم ... ولو عالجت من وتد كتالا والوتد: ضيق العيش. ورأس مُكَتَّل: مجمع مدور. والمِكْتَل: الزبيل. وقولهم: ما كرثني هذا الأمر أي: ما بلغ مني مشقة. والفعل اللازم اكترث فلان يكترث اكتراثاً.

والكِرْثئ لغة في الكفرئ: وهو السحاب المتراكم. وقولهم: رجل كوثر كوثر: أي سمح سخي كثير العطاء والخير؛ قال الشاعر: وأنت كثير يا ابن مروان طيب ... وكان أبوك ابن الخلائف كوثرا والكوثر: العجاج الملتف بعضه ببعض؛ قال الشاعر: وقد ثار نقع الموت حتى تكوثرا أي التف. وقالت عجوز: قدم فلان بكوثر كثير؛ قال القتبي: أحسبه فوعل من الكثرة، وفي القرآن: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} قيل: هو الخير الذي أعطاه الله النبي صلى الله عليه وسلم وأمته يوم القيامة. ابن عباس: هو نهر في بُطنان الجِنان، حافتاه فُتات الدر والياقوت فيها أزواجه وخدمه. قال حسان بن ثابت: وحباه الإله بالكوثر الأكبر فيه النعيم والخيرات وعن عائشة: من أراد أن يسمع خرير الكوثر فليجعل إصبعه في أذنيه. وعن ابن عباس أيضاً: الكوثر الخير الكثير منه القرآن وهو أفضله، ومنه النبوة، ومنه النهر الذي أعطاه الله في الجنة. وقال الحسن: النعمة الكثيرة هذا القرآن. وقيل: الكوثر: الهُدى، وأكثر الأخبار أنه النهر في الجنة. عن محمد بن كعب القرظي في الآية: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} أن ناساً يصلون

وينحرون لغير الله، فإنا أعطيناك الكوثر فلا تكن صلاتك ولا نحرك إلا لي. قيل: صل الأضحى، وانحر البُدْن، وقبل إلى القِبْلة بنحرك، أي استقبلها؛ من قول العرب: بيوتنا تتناحر، أي تتقابل. والكثرة: نماء العدد. ويقال: كاثرناهم وكثّرناهم؛ وبعضهم يقول: كثرناهم وهو قبيح، لأنه فعل لازم لصاحبه، ولكنه جرى على ألسنتهم. وكُثر الشيء أكثره، وقُلّة أقَلّه. والمكثار من النساء والرجال: كثير الكلام ورجل مكثور عليه: إذا كثُر من يطلب منه المعروف. وأكثَرْتُ الشيء إكثاراً، وكثَّرتُه تكثيراً. والكَثْر والكَثَر: جُمَّار النخل، ويقال له الجذب، وهو الجُمّار أيضاً. وقولهم: رمى من كثب أي من غاية قريبة؛ وأتيته من كثب أي من قُرب. والكثيب: سمي كثيباً لأنه تُراب دقاق كأنه مكثوب منثور بعضه على بعض لرخاوته. وتقول للتمر أو البُر أو نحوه إذا كان مصبوباً في مواضع لكل صوبة منه كثبة والجمع الكثب. وفي الحديث: "يعمد أحدكم إلى المرأة المغيبة، فيخدعها بالكُثبة من اللبن وغيره"، وهو القليل. وتقول: كَثَبْت الشيء أكثُبُ كَثْباً إذا جمعته، فأنا كاثب.

وقولهم: كَبِر فلانٌ من الكِبَر في السن يكبر، وكبُر يكبُرُ من العِظم، والكُبرى فعلى من الكبير، والجميع الكُبَر. ويقال: الولاء للكُبْر من الولد، والكِبْر: العظمة، والكبر: الإثم الكبير، جعل اسماً من الكبيرة كالخِطْء من الخطيئة؛ وكِبْرُ كل شيء: معظمه وفي القرآن: {وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ} قال: إثمه وخطأه. وكُبْر كل شيء: أكبرُه، والكُبْر: الرفعة في الشرف؛ كقول المرار: ولي الأعظم من سلافها ... ولي الهامة فيها والكُبُرْ والكبرياء: اسم للتكبر والعظمة؛ قال ابن [قيس] الرقيات لمصعب بن الزبير: ملكه ملك قوة ليس فيه ... جبروت منه ولا كبرياء وتقول: كبُر هذا الأمر كبارة، والكُبَار في معنى الكبير؛ قال الأعشى: فإن الإله حباكم به ... إذا ركب الناس أمراً كُبارا وأمر كبير وكُبار مثل طويل وطوال، وجسيم وجُسام، وعظيم وعُظام. وتقول: ورثوا المجد كابراً عن كابر، أي كبيراً عن كبير في الشرف والعزة. والملوك الأكابر جمع الأكبر، ولا يجوز أكبر ولا ملوك أكابر؛ لأنه ليس بنعت إنما هو تعجب. ويقال: علته كبرة ومكبَرة. [الكَنُود] الكَنُود: الكَفُور كند يكند كنوداً. وتفسير الكَنُود في القرآن: الذي يأكل

وحده، ويمنع رِفْده، ويضرب عبده. قال: شكرت له يوم العكاظ نواله ... ولم أك للمعروف ثم كنوداً والأرض الكنود: التي لا تنبت شيئاً؛ قال الأعشى: أحدث لها تحدث لوصلك إنها ... كند لِوَصْل الزائر المعتاد وله: ولكن لا يصيد إذا رماها ... وكيف تصاد غانية كنود وله: فميطي تمطي بصلب الفؤاد ... وصول حبال وكنادها قال عبد الملك للحجاج: صف لي نفسك واصدق. فقال: يا أمير المؤمنين إني كنود وعنود وحسود وحقود، فقال: ما في الشيطان شر مما فيك، وشتمه. وقولهم: كفَت فلانٌ فلاناً أي صرفه عن وجهه حتى رجع. والكَفْت: تقلب الشيء ظهراً لبطن وبطناً لظهر. وقد انكفتوا إلى منازلهم: أي انقلبوا. وفي الحديث: "وأكفتوا صبيانكم فإن للشيطان انتشاراً وخطفة" يعني بالليل. أي ضموهم إليكم، وكل شيء سضممته إليك فقد كفَّته؛ قال زهير:

ومفاضة كالنهي تنسجه الصبا ... بيضاء كفَّت فضلها بمهند أي علق درعه بسيفه فضمها إليه. ومنه قوله تعالى: {أَلَمْ نَجْعَلْ الأَرْضَ كِفَاتاً، أَحْيَاءً وَأَمْوَاتاً} أي تضمهم على ظهرها أحياء، فإذا ماتوا ضمتهم إليها في بطنها. نبأنا ... : كنت أمشي مع الشعبي بظهر الكوفة، فالتفت إلى بيوت الكوفة فقال: هذه كفات الأحياء؛ ثم التفت إلى المقبرة فقال: هذه كفات الأموات، يريد تأويل الآية. وفسرها أبو عبيدة: "واعية، يقال: هذا النحي كِفْت وهذا كفيت. قال: ثم قال: {أَحْيَاءً وَأَمْوَاتاً} منه ما يُنبت ومنه لا ينبت". قال القتبي: "كفاتاً: تضمهم فيها، والكفت: الضم، يقال: أكفت غليك هذا، أي أضمه. وكانوا يسمون بقيع الغرقد كفتة لأنها مقبرة تضم الموتى". [وقولهم: رجل كلاب] الكلاب: المكلب الذي يعلم الكلاب الصيد. والكلْبُ الكَلِب: الذي يأكل لحوم الناس، فيأخذه من ذلك شبه الجنون، ولا يعض إنساناً إلا كلب المعقور، أي أصابه داء يسمى الكلب: وهو أن يعوي عواء الكلاب، ويمزّق [ثيابه عن] نفسه، ويعقر من أصاب، ثم يصير أمره إلى أن يأخذه العُطاش، فيموت من شدة العطش، ولا يشرب. وقيل: إن دواءه من ذرائر تجفف في الظل، ثم تدق وتنخَّل، ويجعل فيه جزء من العدس المنقى، ثم يسقى منه وزن قيراطين أو قيراط بشراب صرف، ثم يقام في الشمس، ويوكَّل به من لا يدعه ينام حتى يعرق. ويفعل به ذلك مراراً، فإنه

يبرأ بإذن الله. قال الفرزدق: ولو شرب الكلبى المراض دماءنا ... شفاها من الداء الذي هو أدنف ورجل كليب، ورجال كلبى إذا أصابهم الكلب، ورجل كلب، وفعله كَلِب يكلب كلباً إذا حرص على الشيء قد كَلِبَ أشد الكلب. ودهر كلب: قد ألح على أهله بما يسوءهم، والكلب: الحِرْص، وهو مصدر كلب فلان على الشيء كلباً، أي حرصاً. والكلب والكَلْبة معروفان. وقال بعض العرب: الكَلْب من لا يعرف للكلب عشرة أسماء: الكلب المعروف؛ والذئب كلب البر؛ والأسد كلب الله؛ والكلب مسمار قائم السيف الذي فيه الذؤابة، والكُلْبة ذلك السير؛ والكلب: كلب الماء؛ والكَلب: نجم منالنجوم بحذاء الدلو من أسفله؛ والكلب: سير أحمر يجعل بين طرفي الأديم إذا خرز؛ والكلب: ما تعلق به هيئة الرجل على الحمل؛ والكلب: اسم سمكة في البحر؛ والكلب: جبل معروف. فهذه عشرة أسماء. يقال: كلب وثلاثة أكلُب وثلاث كَلْبات. وقيل: إن الكلاب آنست آدم عليه السلام، وكان يستعين بها على السباع؛ قال جرير: تعدو الذئاب على من لا كلاب له ... وتتقي حوزة المستثفر الحامي والكليب: جماعة [الكلاب] كالبعير والحمير؛ قال علقمة:

تعوَّذ بالأرطى لها وأرادها ... رجال فبذَّت نبلهم وكليب وله حديث تركته اختصاراً. والكُلاب والكَلُّوب: خشبة في رأسها عقَّافة منها، أو من حديد يخرج بها الدلاء من الآبار. [وقولهم]: كنفه الله أي حفظه وحرزه يكنفه بالكلاءة. ويقال للإنسان المخذول: لا تكنفه من الله كانفة، أي لا تحفظه. والكَنَفان: الجناحان، وكَنَفا الرجل: جناحاه. واكتنف القوم فلاناً، أي احتبسوه من كل جانب. والكِنْف بالكسر: وعاء طويل يُجعل فيه أسقاط التجار ونحوه. قال عمر لابن مسعود: كُنيف ملئ علماً، إنما هو تصغير الكِنْف، على وجه التعظيم والمدح. والكنيف: الحظيرة تحظر على القوم أو الشيء. وكان عروة بن الورد اتخذ لضعفاء قومه كنيفاً يعود عليهم بما يصيب من النواحي، وبه سمي عروة الصعاليك، وهم الفقراء من الناس. وقال في شعره: ألا إن أصحاب الكنيف وجدتهم ... كما الناس إما أرملوا أو تموَّلوا أرملوا: ذهب ما عندهم من الزاد والماء. وقال [متمم بن نويرة]: فعيني هلا تبكيان لمالك ... إذا أذرت الريح الكنيف المنزَّعا

وإنما تذري الريح الكنيف في شدة الزمن والقحط. والكنيف معروف، وهو عراقي. وأكناف الجبل والوادي: نواحيهما حيث تنضم إليه، والواحد كنيف أيضاً. الكَفْن غزل الصوف، يكفن؛ قال: يظل في الشاء يرعاها ويعمتها ... ويكفن الدهر إلا ريث يهتبد أي يأخذ الهبيد: وهو الحنظل. يهبد الرجل والظليم إذا أخذه من شجره. والكفَن: معروف، تقول: كفنته وكفَّنْتُه، ورجل مكفون ومُكفَّن. وقولهم: أمرٌ فيه كمين أي فيه دغل لا يفطن له. والكمين في الحرب معروف. وتقول: كمن الشيء يكمُن كُموتاً إذا اختفى في مكمن لا يُفْطَن له. وناقة كمون: كتوم اللقاح. ولكل حرف مكمن إذا مر به الصوت أثارة. والكمون: معروف؛ قال: فأصبحت كالكمُّون ماتت عروقه ... وأغصانه مما يمنُّونه خضر قال الليث: سمعت بشاراً يقول: إذا جئته يوماً أحال على غد ... كما يعد الكمُّون من ليس يصدق

والمُكتمن: نعت للحزين. وقولهم: رجل كرِيُّ أي يكري الإبل؛ قال: قد رابني أن الكري أسكتا لو كان معنياً بها ليهَّتا هيت: دعا، يقال: هيَّت فلان بفلان إذا صاح به ودعا. قال آخر: إن الكري والأجير في الحمل مشتركان في عناء وعمل والمكاري: الذي يكري الدواب، وجمعه مكارون. والكرى: النُّعاس، والفعل كَرِي يكرَى كرى، وهو كري. والكِراء ممدود: أجر المستأجر دابة أو غيرها، وتقول: اكتريت، أي أخذته بأجر، وأكراني دابته. وتقول: كريت نهراً كرياً: إذا استحدثت حفره. وقولهم: كوَّر فلان عمامته إذا أدارها على رأسه. والكور واللَّوْث: إدارة العمامة على الرأس. تقول: كوَّرتها تكويراً. والكِوَارة: لوث تلتاثه المرأة [على رأسها] بخمارها، وهو ضرب من الخمرة، ويقال: كوارة وكِوراة، والفتح أكثر. والكُوْر على أفواه العامة: كِير الحدّاد. والكُوْر: الرجل والجميع الأكوار. وقال يمدح النبي صلى الله عليه وسلم:

وما حملت من ناقة فوق كورها ... أعفَّ وأوفى ذمة من محمد وجمع الكُور كيران. والله {يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ} أي يغشي الليل النهار ويُغشي النهار الليل. وقوله تعالى: {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ} أي ذهب ضوءها. والكِيْر: كِيْر الحدّاد الذي ينفخ فيه يعني الزق، والجميع الكيرة. الكوألَلُ والكُؤلَةُ: الكوألل والكؤلة بفتح اللام: الرجل القصير والمرأة القصيرة، وقوم كوأللون. والكولان: نبت ينبت في الماء. يقال في المثل لما قدم عهده وعدم: "نبت عليه الكولان". والكلوة: لغة يمانية في الكُلْية. والكيُّول: آخر القوم في الحرب. وتقول: كليْته إذا رميته فأصبحت كُلْيته، وأنا كالي وهو مكلي. وكلأك الله كلاءة، أي حفظك الله وحرسك، والمفعول مكلوء مهموز؛ قال: إن سليمى والله يكلؤها ضنَّت بزاد ما كان يرزؤها

وبلغ الله بك أكلأ العمر، أي أقصاه وآخره. والكالئ بالكالئ: النسيئة بالنسيئة. وتكلأت كلأة، أي استنسأت [نسيئة]، والنسيئة: التأخير. والمكلأ: موضع مرفأ السفن. والكلأ: العشب رطبه ويابسه، والعشب لا يكون إلا رطباً. وأرض مكلئة كلئة مكلأة، أي كثيرة الكلأ، اسم للجماعة لا يُفرد. والكيل: معروف، وتقول: كال كيلاً: وبُرّ مكيل، ويجوز في القياس مكيول. ولغة أسد مكُول، ولغة رديئة مُكال. والكيل أيضاً: القتل. والفرس يكايل الفرس في الجري كيلاً بكيل، يعني المسابقة والمباراة. الكانون الكانون: الثقيل في الرجال والنساء، قال الحطيئة في أمه: أغربالاً إذا استودعت سراً ... وكانوناً على المتحدثينا والكانون: موقد النار. والكانونان: شهرا الشتاء، واحدهماكانون بالرومية. وتقول: كنى فلان عن كذا: إذا تكلم بغيره؛ قال: يا قرَّة العين إني لا أسميك ... أكني بسلمى وإني سوف أعنيك ويروى: أكني بإحدى اسمها [سلمى] وأعنيك قال قيس بن ذريح:

فإن خفت ظن الناس أن يفطنوا لنا ... صرفت نشيدي عنكم وكنيت [وقولهم]: كفْء الرجل مثله في حسب أو مال؛ قال حسان: أتهجوه ولست له بكفء ... فشر كما لخيركُما الفداء يعني النبي صلى الله عليه وسلم. والرجل كُفْ لقرنه في الحرب، وكذلك في التزويج، والجميع الأكفاء. وفلان كُفْ لك، أي هو مطيق لك في المضادة والمناوأة. وقال أيضاً: وجبريل أمين الله فينا ... وروح القدس ليس له كفاء أي لا [قيُّوم] له أحد من الخلق. وتقول: هو كفؤك أي كفء لك، والمصدر الكفاءة والكفاء؛ قال الشاعر: فأنكحها لا في كفاء ولا غنى ... زياد، أضل الله سعي زياد وفي الحديث: "المسلمون إخوة تتكافأ دماؤهم" أي كلهم أكفاء. والمكافأة مهموز: مجازاة النعم، والفعل كافأته، وأنا أكافئه مكافأة. وتقول: كفاك الله ما تحذره، [وكفى] هذا الشيء يكفي وكفاك هذا الأمر

يكفي كفاية: إذا قام به. وتقول: استكفيته أمراً فكفاني؛ قال الحميري بن الحمام: كفاني نزال العاديين كليهما ... وأعظم شيء كان من أمره يسري يعني عمرو بن معد يكرب، وله حديث تركته. قال امرؤ القيس: ولو أنني أسعى لأدنى معيشة ... كفاني ولم أطلب قليل من المال وما كان من الكفاية فهو بلا ألف. وكُفَى: جمع كُفْيَة وهو القوت؛ قال: ومختبط لم يلق من دوننا كُفى ... وذات رضيع لم ينمها رضيعها وكفاك هذا الأمر آي حسبك. تقول: رأيت رجلاً كافيك من رجل، ورجلين كافيك من رجلين، ورجالاً كافيك من رجال معناه كفاك به رجلاً. والإكفاء قلبك الشيء لوجهه. أكفأت القصعة والإناء: إذا قلبتهما. وإذا أردت أن يكفئ ما في إنائه قلت: استكفئ. والإكفاء في الشعر وجهان، قيل: هو قلب القوافي على الجر والرفع والنصب، كقوله: يعني آدم عليه السلام: تغيَّرت البلاد ومن عليها ... فوجه الأرض مغبرُّ قبيح

تغيَّر كل ذي طعم ولون ... وقل بشاشة الوجه الصبيح وجاورنا عدو ليس يغني ... لعين ما يموت فنستريح وقيل: هو أن يجعل قافية بالراء وأخرى بالزاي، كقوله: أعددته ميمونة الرمح الذَّكر تجريه في كف لشيخ قد برز وتقول: إن بني فلان لفي كوَّفان: وهو الأمر الشديد المكروه ممدود؛ قال: فما أضحى ولا أمسيت إلا ... وإني منكم في كوَّفان وقولهم: كراديس الخيل أي العظيمة الكثيرة. والكراديس أيضاً: جمع كردوس وهي فقرة من فقار الكاهل إذا عظم. ويقال: كل عظم عظُمت نحضته فهو كردوس. ورجل مكردس: قد جمعت يداه ورجلاه فشدّا أي مصرَّع ملقى. [الكرسفة] والكرسفة: مشية المقيَّد. الكِرْناس الكرناس والجميع الكرانيس: أرديات تنصب على رأس كنيف، وهي فارسية، وبياع ذلك يسمى كرانسي. الكُرسف والكُرْسُف: القُطن.

كَلْمَس كلمس وكلسم الرجل إذا ذهب، والكلمسة: الذهاب. الكُسيج والكسيج: [الكُسب] بلغة أهل السواد. الكُندر والكُنْدُر: العِلْك. وحمار كندر وكنادِر: غليظ. الكرازيم والكرازيم: شدائد الدهر في بعض اللغات؛ قال: ماذا يريبك من خِلْم علقت به ... إن الدُّهور علينا ذات كرزيم والكرزمة: يقال: أكلة نصف النهار. الكِبريت والكِبريت: عين تجري. فإذا جمد ماؤها صار كبريتاً أبيض وأصفر وأكدر. والكبريت الأحمر: يقال هو من الجوهر. ويقال: في كل شيء كبريت، وهو [يبسه] ما خلا الذهب والفضة، فإنه لا ينكسر. والكِبريت في قول دونه الذهب الأحمر حيث يقول:

هل يعصمني حلف سختيت أو فضة أو ذهب كبريت الكُلْثُوم والكلثوم: الفيل. الكُماثر والكُماثر: الرجل المجتمع الغليظ. الكَرْبَلَة والكربلة في القدمين: رخاوة، يقال: جاء يمشي مُكربلاً. وكربلاء: موضع. كنفليل ورجل كنفليل اللحية، ولحية كنفليلة: ضخمة جافية. الكوكب والكوكب: معروف من كواكب السماء، ويشبه النوْر به فيسمى كوكباً. والبياض في سواد العين يسمى كوكباً. والكوكب: القطرات التي تقع على الحشيش بالليل. وقال ابن الأنباري: هو معظم النبات. قال الأعشى: يضاحك الشمس منها كوكب شرقٌ ... مؤزر بعميم النبت مكتهل

كان بعض العرب يرفع بها الاسم والخبر، يقولون: كان الرجل منطلق وكان الرجل قائم، على إضمار الحديث والقصة والشأن، كأنه قال: كان من القصة أو من الحديث أو من الشأن الرجل منطلق؛ قال: إذا مت كان الناس نصفان شامت ... وآخر مثن بالذي كنت أفعل فرفع الاسم والخبر على ما فسرنا. قال حسان: كأن سبيئة من بيت رأس ... يكون مزاجها عسل وماء وقال الفرزدق: أسكران كان ابن المراغة إذا هجا ... تميماً بجوف الشام أم متساكر آخر: فإنك لا تبالي بعد حول ... أظبي كان أمك أم حِمار آخر: فإنك لا تُبالي بعد حول ... أسحر كان طبك أم جنون وهذا كله على أن كان داخلة على الابتداء والخبر لتجعل جملة الكلام فيما مضى، ويكون بمعنى حدث؛ فيكون فيها فائدتان: مضي الزمان، والإبانة عن

الحدث، وهي الإيمان بمنزلة قام وضرب وجلس. فهذه يقتصر فيها على الاسم دون الخبر، تقول: كان زيد، تريد: خُلق زيد، مثل قولك: كان أمر، أي حدث أمر. ومنه قوله تعالى: {إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً} كأنه قال: إلا أن تقع تجارة حاضرة، ويجوز النصب على أن تجعل كان الأولى الداخلة على الابتداء والخبر. وذلك أنك تضمر كان في كان البيع، فيصير التقدير: إلا أن يكون البيع تجارة حاضرة. قال: فدى لبني ذهل بن شيبان ناقتي ... إذا كان يوم ذو كواكب أشهب يريد: إذا وقع يوم هكذا. وأما قوله: بني أسد هل تعلمون بلاءنا ... إذا كان يوماً ذا كواكب أشنعا قال ابن السكيت: ابن شأس قال: إذا كان اليوم يوماً، فأضمر لعلم المخاطب بالمعنى. وقد قرئ (تجارة) المعنى: إلا تكون التجارة تجارة؛ قال الله تعالى: {كَبُرَتْ كَلِمَةً} أي كبرت الكلمة كلمة فأضمر لعلم المخاطب بالمعنى. قال: وإذا جعلوا كان بمعنى جاء رفعوا ولم يحتاجوا إلى الخبر. قال لبيد: إذا كان الشتاء فأدفئوني ... فإن الشيخ يهرمه الشتاء

يقول: إذا جاء. وقال تعالى: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ} أي جاء. وبعض العرب تضمر في كان وليس؛ تقول: كان عبد الله أخوك، وليس عبد الله أخوك، ومن العرب من يرفع بعد كان الكلام أجمع؛ قال: وما كان قيس هلكه هلك واحد ... ولكنه بنيان قوم تهدَّما وتقول: كان عمرو وأخوه منطلق، ترفع عمراً بكان؛ وأخوه منطلق في موضع نصب إلا أنه جملة، والجملة لا يعمل فيها عامل. وتقول: كان زيد ذاهباً، وكان الزيدان ذاهبان، وكان الزيدون ذاهبين؛ ومنه قوله تعالى: {وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ}. وتقول: كان زيد أخوك، وكان زيداً أخوك، إذا جئت باسمين معرفتين جعلت أيهما الخبر. وتقديم الخبر على الاسم في كان عربي فيصبح كثير؛ قال عمرو بن كلثوم: وكنا الأيمنين إذا التقينا ... وكان الأيسرين بنو أبينا فقدم الخبر. ويجوز: كان الأيسرون بني أبينا، على أن تجعل الأيسرين الاسم، وبني أبينا الخبر؛ وقد روي هكذا. ولكان مواضع، فمنها: لما مضى، ومنها: لما حدث يجيء بعد في موضع يكون. والعرب تفعل ذلك؛ قال الله تعالى: {كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ

صَبِيّاً}، وهو موضع حدوث ساعته. قال الشاعر: إن يسمعوا ريبة طاروا بها فرحاً ... مني وما سمعوا من صالح دفنوا أي يطيروا ويدفنوا. ومنها: لما مضى والساعة وفيما يكون؛ قال الله تعالى: {وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً}. وتجيء زيادة لا تعمل في الاسم، فهي ملغاة. قال الفرزدق: فكيف إذا مررت بدار قوم ... وإخوان لنا كانوا كرام المعنى دار جيران، وكانوا أفضل ملغاة، ولو استعملها لقال: كانوا كراماً. والعرب تقول: كُنتُك وكُنتَني، يشبهونه بضربتك وضربتني؛ قال: كأن لم يكُنها الحي إذ أنت مرة ... بها ميت إلا هوى مجمع الشَّمل جعل يكنها بمنزلة يضربها؛ قال: تنفك تسمع ما حييـ ... ـت بهالك حتى تكونه وقال أبو الأسود: فإن لا يكنها أو تكنْهُ [فإنه] ... أخوها غذته أمُّه بلبانها

وحكي عن العرب: برك على كان جنبه، أي على جنبه كان هو. كأن كأن: حرف تشبيه، تنصب الاسم والنعت وترفع الخبر، ومنه قوله تعالى: {كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ} و {كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ}. قال عمرو بن كلثوم: كأن سيوفنا منا ومنهم ... مخاريق بأيدي لاعبينا زيادة في كلا وكلتا قال الله تعالى: {كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا}، فقال: كلتا مثنى، ثم قال: آتت، فوحّد، لأن كلتا اثنتان لا تفرد واحدة منهما، فرُدَّت إلى معنى كل. كما يقال للثلاثة: كل، ثم يوحَّد الفعل فيقال: كل القوم قام. وكذلك: كلا الرجلين قام، وتأنيثه في المؤنث، وتثنيته في الاثنين جائز. قال الفراء: وكذلك فافعل بكلتا وكلا وكل إذا أضفتهن إلى معرفة وجاء الفعل بعد هن فأنث وذكر واجمع وثن ووحد، فإنه كثير في القرآن وسائر الكلام. ومنه قوله تعالى: {وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْداً}، وفي الجمع قوله تعالى: {أَتَوْهُ دَاخِرِينَ}. وتقول: كلاهما قامت، وكلتاهما قام؛ لأن المعنى يذهب إلى كلّ. وأنشد لتميم بن مُقبل يذكر الحياة والوفاة: وكلتاهما قد خُطَّ لي في صحيفتي ... وللعيش أهدى لي وللموت أروح

ويروى: فلا العيش أهواه ولا الموت أروح. قال الفراء: وقد يفرد العرب إحدى كلتا يريدون تثنيتها، وذلك قليل. قال الشاعر: في كلت رجليها سلامي واحده كلتاهما مقرونة بزائده كيف كيف: اسم غير متمكن وقيل حرف، والأول أجود، والدليل على أن يكون مع الاسم وتحتها فائدة، نحو قولك: كيف زيد؟ وتسكت، فلو كان حرفاً لما جاز ذلك، كما لا يجوز: هل زيد؟ وتسكت. والدليل على أنه ليس بفعل أنه ليس في أبنية الأفعال فعل على هذه البنية معروفة. ودليل آخر وهو أن القائل يقول: كيف زيد؟ والجواب: صالح، فيكون الجواب اسماً مثله. ولو كان حرفاً لما كان الاسم جواباً له. وفُتحت لسكون الياء، ولم يصلوا إلى إسكان الفاء فيجتمع لهم ساكنان، ففتحوا الكاف لئلا يلتقي ساكنان، ولم يكسروا الفاء لأن الفتحة أخف عليهم من الكسرة. ومعنى كيف على أنه حال، لأنك إذا قلت: كيف زيد؟ فالمعنى على أية حال هو. وتكون بمنزلة أي شيء، تقول: كيف صُغت المعنى؟ أي أيّ شيء صُغت؟ وتقول: كيف رأيت هذا؟ على جهة التعظيم. وفي القرآن: {فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ}. قال الشاعر:

أتيت بني النمر في حيهم ... فكيف رأيت سيوف النمر؟ الكارخ الكارخ: الذي يسوق الماء بلغة أهل السواد. والكراخة بلغة أهل بغداد: الشقة من البواري. والكرخ: اسم سوق بغداد، قال: كم ليلة بالكرخ قد بتها ... سكران في بستان صداح الأمثال على الكاف - "كل فتاة بأبيها معجبة". - "كل نجار إبل نجارها". - "كل مجر في الخلاء يسر". - "كل امرئ في بيته صبي". - "كل شيء مهه ومهاه ما النساء وذكرهن". - "كل ذات ذيل تختال".

- "كل أزب نفور". - "كل مرء سيعود مريئا". - "كل ضب عنده مرداته". - "كالممهورة من مال أبيها". - "كالممهورة إحدى خدمتيها". - "كالحادي وليس له بعير". - "كالقابض على الماء". - "كالطالب القرن فجدعت أذنه". - "كمبتغي الصيد في عريسة الأسد". - "كالباحث عن الشفرة". - "كمستنبضع التمر إلى هجر".

- "كمعلمة أمها البضاع". - "كتاركة بيضها بالعراء ... وملبسة بيض أخرى جناحاً - "كالنازي بين القرينين". - "كان حماراً فاستأتن". - "كان كراعاً فصار ذراعاً". - "كانت وقرة في حجر". - "كان جرحاً فبرأ". - "كان لقوة صادفت قبيساً". - "كانت بيضة الديك". - "كانت بيضة العقر". - "كانت عليه كراغية البَكْرِ".

- "كأنما أفرغ عليه ذنوباً". - "كيف بغلام قد أعياني أبوه". - "كفى حرباً جانيها". - "كلب عس خير من كلب ربض". - "كلا جانبيك لأبيك".

حرف اللام

حرف اللام

بسم الله الرحمن الرحيم اللام ذلقة، وعددها في القرآن ثلاثة وثلاثون ألفاً وخمسمائة واثنان وعشرون لاماً. وفي الحساب الكبير ثلاثون، وفي الصغير ستة. وتندغم في التاء والثاء والدال والذال والراء والزاي والسين والشين والصاد والضاد والطاء والظاء واللام والنون. وإنما صارت تندغم في الأربعة عشر حرفاً، وهي نصف حروف المعجم، لأنها أوسع الحروف مخرجاً، وهي تخرج من حافة اللسان من أدناه إلى منتهى طرفه، وفوق الضاحك والناب والرباعية والثنية، فلما اتسعت في الفم وقربت الحروف منها اندغمت فيها. والعرب قد توصل الفعل إلى الاسم باللام، كقوله [تعالى: {لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ}]، وإنما هو يرهبون ربهم. والعرب إذا نفت الفعل عن الرجل أدخلت اللام في وصفه، فقالت: ما كان زيد ليفعل كذا، أي ليس ذلك من شأنه، وفي القرآن: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ} دخلت اللام في يظلمهم، لنفي الظلم عنه تعالى، قال: فما كنا لنسلمه لشيء ... وفينا من يذب عن الحريم والعرب تدخل اللام على اللام، قال: ولا والله ما يلفى لما بي ... [ولا] للما به يوماً دواء فأدخل لاماً على لام.

ويقولون: هتل يريدون: هتن، ويقولون الغرين [والغريل] وهو ما في أسفل الحوض من الثفل، وشثن الأصابع وشثلها وهو الغلط فيها، وهو كبن الدلاء وكبلها وهو [شفتها]، وإسرائيل وإسرائين لأن النون أخت اللام. قال: يقول أهل السوق لما جينا: يا عجبا من الفتى إسرائينا واللامات إحدى عشرة لاماً: لام الأمر، ولام الخبر، ولام كي، ولام الجَحْد، ولام الإضافة، ولام الاستغاثة، ولام الدعاء، ولام التعجب، ولام بمعنى إلا، ولام الإقحام. فأما لام كي فمكسورة تنصب ما بعدها، كقولك: زرتك لتكرمني، وأتيتك لتبرني، المعنى: كي تكرمني، وكي تبرَّني، قال الله تعالى: {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} و {لِيَقُولُوا دَرَسْتَ} قال لبيد: لتذودهن وأيقنت إن لم تذد ... أن قد أحم مع الحتوف رجامها على معنى: لكي تذودهن. ولام الأمر. مكسورة تجزم ما بعدها، تقول: ليذهب عمرو. ومنه قوله تعالى: {لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ}. والاختيار عند جميع النحويين حذف اللام إذا أمرت

حاضراً، وإثباتها إذا أمرت غائباً. وربما اضطر الشاعر فحذف في الغائب، قال: محمد تفد نفسك كل نفس ... إذا ما خفت من أمر وبالا أراد: لتفد. آخر: على مثل أصحاب البعوضة فاخمشي ... لك الويل حر الوجه أو يبك من بكى يريد: أو ليبْكِ، فحذف اللام. [وقال تعالى: {فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا}] بالياء على أصل الأمر. واللام في أمر المخاطب الحاضر مطروحة عندهم لكثرتها في كلامهم، يقولون: قُلْ، ولا يقولون: لتقل: [ويقولون]: اضرب، ولا يقولون: لتضرب. وإنما تثبت في الغائب. ولام الخبر تجيء بعد إن، تقول: إن زيداً لقائم، وإن الله لغفور رحيم. فإن قلت: إن زيداً لقائم لكريم، كان سمجاً في التقدير لأنك جمعت لامي الخبر في عقدة واحدة. وقد جاء مثله في الشعر، قال:

فلو أن قومي لم يكونوا أعزة ... لخبت لقد لاقيت لابد مصرعي قوله: لخبت لقد، جمع بين لامي الخبر. ولام الجحد تجيء بعد: ما [كان]، كقولك: ما كنت لتفعل ذلك. ومنه قوله تعالى: {مَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ} و {مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ}. ولام الإضافة كقولك: لله، وللرسول، ولزيد، ولعمرو. واللام الزائدة كقولك: عبدلٌ وعنسلٌ في عبد وعنس. ولام الاستغاثة مكسورة، كقولك: يا لثارات فلان، تستغيث بقوم. قال مهلهل: يا لقومي لزفرة الزفرات ... ولعين كثيرة العبرات والاستغاثة وجهان: مستغاث له، ومستغاث به. والمستغاث له لامه مكسورة، وهو الذي مضى، والمستغاث به لامه مفتوحة، تقول: لا لعباد الله، ويا للمسلمين مفتوحة. وقال: يا لبكر انشروا لي كليباً ... يا لبكر أين أين الفرار فاستغاث بكراً في أول كلامه ففتح اللام، والثانية استغاث لهم فكسر اللام.

فإذا قال: [يا] للمسلمين، فكسر فكأنه قال: هلم إلى المسلمين. قال قيس بن ذريح: تكنفني الوشاة فأزعجوني ... فيا للناس للواشي المطاع ولما طعن العلج عمر رحمه الله قال: يا لله! يا للمسلمين! بفتح اللام، وهذه الاستغاثة. قال: يبكيك ناء بعيد الدار مغترب ... يا للكهول وللشبات للعجب ويقولون: يا لزيد لعمرو، فتحت لام زيد لأنك استغثت به، وكسرت لام عمر لأنك استغثت منه. ولام الاستغاثة بدل من الزيادة التي تلحق آخر المنادى، نحو: يا زيداه، ويا بكراه، ولا تقل: يا لزيداه، بجمع اللام والزيادة. ولام الدعاء مفتوحة، كقولك: يا لبكر. ولام التعجب مفتوحة ينصب ما بعدها، تقول: لظرف زيداً، ولحسن عمراً، يعني: ما أحسن عمراً، وما أظرف [زيداً]. وقيل: قوله تعالى: {لإِيلافِ قُرَيْشٍ} أنها لام التعجب، أي تعجبوا لإيلاف قريش لإيلافهم. الإيلاف: العهود كان رجال قريش يتجرون في أطراف البلاد، فيأخذون عهود الملوك فيأمنون بذلك حيث ساروا في رحلة الشتاء والصيف، كان يفعل ذلك أشرافهم، وفيه يقول الشاعر:

والراحلون برحلة الإيلاف فلما جاء الإسلام ذهب ذلك عنهم، أي تعجبوا لإيلافهم، أغناهم الله عنه، وآمنهم من الخوف. قال أبو عبيدة: "العرب تقول: آلفت والفت لغتان، فمجاز لإيلاف من يؤلف، ومجازها على {أَلَمْ تَرَى كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ} لإيلاف قريش". وقال ابن خالويه: قال الخليل والبصريون: اللام لام الإضافة متصلة بـ {فليعبُدوا}. وقال الفراء: يجوز أن تكون لام التعجب، أي اعجب يا محمد لإيلاف قريش، كما قال: أتخذل ناصري وتعزُّ عبساً ... أيربوع بن غيظ للمعز أي اعجبوا للمعزة. وعن النبي صلى الله عليه وسلم: "فوا ويل أمكم قريش إلفهم رحلة الشتاء والصيف". فإن قيل: كيف ابتداء الكلام بلام خافضة؟ ففيه وجهان: أحدهما: أن تكون موصولة بـ {أَلَمْ تَرَى كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ}. وقيل: معنى اللام متصل بما بعدها، معناه: فليعبدوا هؤلاء رب هذا البيت لإيلافهم رحلة الشتاء والصيف. ولام بمعنى إلا، كقوله: {وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ}، و {إِنْ كُنتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنْ الْغَافِلِينَ} أي إلا من الغافلين، قال الشاعر:

ثكلتك أمك إن قتلت لمسلماً ... حلَّت عليك عقوبة المتعهد ولام الإقحام، كقولك: عبد الله لقائم. آخر: أم الرباب لعجوز شهربه ترضى من اللحم بعظم الرقبة لام العجوز ولقائم لام إقحام. ومما تكسر فيه قوله: يا لقومي لفرقة الأحباب كأنه قال: يا فلان هلم لقومي، أي تعال إليهم. ومثله: يا للماء، كأنه قال: يا فلان تعال للماء، أي هلم إلى الماء، كأنه لما رأى الماء رأى عنده عجباً، فقال: يا للماء! أي تعالوا إلى الماء فانظروا إلى العجب. واللام مكسورة، والكلام الذي بعدها ليس بمنادى. واللام المفتوحة، الاسم الذي بعدها منادى، لذلك فتحها لأنك إذا قلت: يا لتميم، فقد ناديت تميماً واستغثت بهم؛ فإذا قلت: يا لتميم، فلم تنادهم إنما ناديت غيرهم، فانظروا العجب. قال الشاعر: يا لعنة الله والأقوام كلهم ... والصالحين على سمعان من جار

قلت: يا لعنة الله، ولم تنصبها، لأنك لم تناد اللعنة إنما ناديت غير اللعنة، كأنك قلت: يا فلان لعنة الله والأقوام كلهم على سمعان. واللام قد تدخل في معنى التاء، فتقول: لله، بمعنى تالله، وينشد الهذلي: لله يبقى على الأيام ذو حيد ... بمشمخر به الظيان والآس يريد: تالله. واللام تكون للمِلْك، لأنك إذا قلت: لزيد مال، فقد ملكته المال، واضفت إليه الملك باللام. إلا أن لام الإضافة إذا كانت من اسم ظاهر كسرتها، كقولك: لزيد؛ وبفتحها مع المضمر، تقول: لنا ولك ولهم، فتحتها لأنها مع اسم مضمر؛ وهو الكاف في لك؛ ونا في إنا، وهم في لهم، وإنما كسرت في: لي، لأنها مع الياء، والياء مضمرة، لأن ياء الإضافة لا يجاورها إلا حرف مكسور، كغلامي وداري، والميم والراء مكسورتان. وقال ابن المسيب: إنما قالوا: لعبد الله، فكسروا اللام؛ لأن أصله الفتح في قولهم: لعبد الله أفضل من زيد، فأرادوا الفصل بين لام الإضافة ولام الخبر، فكسروا لام الإضافة لئلا يكون كلام الخبر، فقالوا: لعبد الله مال. والدليل على أن أصل اللام الفتح أن بعضهم فتح لام الإضافة، لأنه ردها إلى أصلها؛ قال الشاعر: أريد لأنسى ذكرها فكأنما ... تمثل لي ليلى بكل سبيل

ألا ترى أنه فتحها؟ واللام تكون للتوكيد، وفيها معنى اليمين، كقولك: لزيد خير من عمرو. ولام التوكيد في ليفعلنَّ، يلزم معها النون لا محالة، كقولك: ليذهبن والله؛ ولا يجوز: ليذهب والله. ولام الأمر للغائب، كقولك: ليذهب زيد؛ وكذلك إذا أمر الرجل نفسه قال: لأذهب. ومنه قوله تعالى: {وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ}، وقوله: {يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ} ليس لام كي، إنما هي لام تجيء في معنى: أن يطفئوا. وقوله تعالى: {إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ} اللام لام التوكيد. ويقال: تحتها يمين مقدرة، والمعنى: إنه على رجعه والله لقادر. وقوله: {إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ} اللام لام التوكيد أيضاً. لن قال الخليل: أصلها لا أن، وصلت لكثرتها في الكلام. ألا ترى أنها تشبه في المعنى لا، ولكنها أوكد. تقول: لن يكرمك زيد، كأنه يطمع في إكرامه، فيغيب عنه. والنفي بلن كذلك، فكانت أوكد من لا. وهي جواب لسوف، يقول الرجل: سوف، فتقول أنت: لن تفعل. والنفي بلن على التأبيد، ومنه قوله تعالى: {لَنْ يَنْفَعَكُمْ الْفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنْ الْمَوْتِ أَوْ الْقَتْلِ} فهو على أبد. ولن تنصب ما بعدها؛ قال الله تعالى: {إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ، بَلَى}، ومثله

قوله تعالى: {قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلانَا}. قال: لن يلبث القربى [بأن] يتفرقوا ... ليل يكر عليهم ونهار لي لي حرفان متشابهان قُرِنا، واللام للإضافة، والياء ياء الإضافة. لئن ولو لئن ولو، سواء في المعنى وإن اختلفا في الكلام، فما من لئن إلا تصلح فيها لو، وما من لو إلا ولئن تصلح فيها؛ قال الله تعالى: {وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحاً فَرَأَوْهُ مُصْفَرّاً} وصرف إلى: لو أرسلنا. وفي الكلام: لئن فعلت ذلك لأنت الرجل الكامل، ولو فعلت ذلك لأنت الرجل الكامل؛ فلا تمتنع واحدة من الأخرى. لئن إنما هي لام يمين، وكان موضعها آخر الكلام، فلما صارت في أول صارت كاليمين، إنما يلقى به اليمين. وإن أظهرت الفعل بعدها على نفعل جاز ذلك وجزمت، فقلت: لئن تقم لا يقم إليك زيد. قال: لئن تك قد ضاقت عليكم بيوتكم ... ليعلم ربي أن بيتي لواسع آخر: لئن كان ما حدثته اليوم صادقاً ... أصم في نهار القيظ للشمس باديا واركب حماراً بين سرج وقروة ... وأعر من الخاتام صغرى شماليا

فألغى جواب اليمين من الفعل، وكان وجهه أن يقول: لئن كان كذا لأتيتك، واستحار وتوهم إلغاء الكلام؛ كما قال الآخر: ولا يدعُني قومي صريحاً لحرة ... لئن كنت مقتولاً ويسلم عامر فاللام ولئن ملغاة لا شك لحرة ... لئن كنت مقتولاً ويسلم عامر فاللام ولئن ملغاة لا شك فيه، ولكنها كثرت في الكلام حتى صارت كأنها منها. ألا ترى إلى قول الشاعر: فلئن قوم أصابوا غرَّة ... وأصبنا من رماة رفقا للقد كنا لدى أزماننا ... لصنيعين لباس وتقى فأدخل على لقد لام أخرى، لكثرة ما تلزم العرب اللام لقد حتى صارت كأنها منها. وأنشد لبعض بني أسد: [لددتهم] النصيحة كل لد ... فمجوا النصح ثم ثنوا [فقاؤوا] آخر: ولا والله ما يلفى لما بي ... ولا للما بهم يوماً دواء آخر: كما ما امرؤ في معشر غير رهطه ... ضعيف الكلام شخصه متضائل زاد على كما: ما، مرة أخرى لكثرة كما في الكلام فصارت كأنها من الكلمة.

لئلا معناها: لأن لا، فأدغمت اللام في النون؛ وفي لغة لئن. ولابد لئلا من غُنَّة في اللغتين. وقيل في قوله تعالى: {لَئِلاَّ يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ [أَلاَّ] يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ [مِنْ فَضْلِ اللَّهِ] وَأَنَّ الْفَضْلَ} أي لأن الفضل {بِيَدِ اللهِ}. ولئلا تنصب ما بعدها. لَمْ لم خفيفة: حرف جزم؛ تقول: لم أقل، فتجزم وعلامة الجزم سكون اللام، وسقطت الواو لالتقاء الساكنين. قال الله تعالى: {لَمْ يَكُنْ الَّذِينَ كَفَرُوا} كُسرت النون لالتقاء الساكنين أيضاً. قال: لم أكن من جناتها علم اللـ ... ـه ولكن لحرها اليوم صالي ولم من حروف الجحد، تقول: لم يخرج زيد، ولم يقم عمرو. اللمم واللمم: الجمع الشديد. كتيبة ملمومة، وحجر ملموم، وقوله تعالى: {أكْلاً لَمّاً} أي شديداً. تقول: لممت الشيء أجمع، أي أتيت على آخره.

واللمم: مس الجنون. واللمم والإلمام بالذنب، أي الفتنة بعد الفتنة. ويقال: هو ما ليس من الكبائر. واللمم والإلمام: الزيارة غباً. واللمة: شعر الرأس إذا كان فوق الوفرة. واللمة محققة: الجماعة من الرجال والنساء أيضاً. وفي الحديث: "جاءت فاطمة عليها السلام إلى أبي بكر رضي الله عنهما في لممة من حفدها ونساء قومها". لِمَ هي لام ضمت إلى ما، ثم حذفت الألف، كما قالوا: أيم ونحو ذلك. غير أنها لما كانت كثيرة الجري على اللسان أسكنت الميم. وقد أسكنت في بم لغة رديئة. وقولهم: لِمَ فعلت؟ أي لأي شيء، والأصل: لما فعلت، فجعلوا ما في الاستفهام مع الخافض حرفاً واحداً، واكتفوا بفتحة الميم من الألف وأسقطوها. وكذلك قالوا: علام، وعمَّ، وحتّام، والام؛ ومنه قوله تعالى: {عَمَّ يَتَساءلُونَ}، وقال: {فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ} أي لأي علة وبأي حجة. وفيها أربع لغات أفصحهن: لِمَ فعلت؟ بفتح الميم، ولِمْ بالتسكين، ولما بإثبات الألف على الأصل، ولِمَهْ بإدخال الهاء للتسكين. قال الشاعر: يا أبا الأسود لم أسلمتني ... لهموم طارقات وذكر

آخر: فلم رميتم بعبد الله في جدث ... ولم تروحتم ولم تروحونا آخر: فلا زلن دبرى ظلَّعاً لم حملنها ... إلى بلد ناء قليل الأصادق آخر: يا فقعسي لم أكلته لمه ... لو خافك الله عليه حرَّمه لِمَا لِمَا: بمعنى الذي [في] قوله تعالى: {مُصَدِّقاً [لِمَا] بَيْنَ يَدَيْهِ} أي: {مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ}. ومثله: {فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ} أي للذي يريد. ومثله: {إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ}، وكذلك كل شيء إذا كانت اللام مكسورة. وقوله: {لمَّا صَبَرُوا} أي لصبرهم، وما صلة. ومن قرأ بفتح اللام قال: حين صبروا.

لَمَا ولما: بمعنى ما، واللام صلة؛ ومنه قوله تعالى: {لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ} أي ما يتفجر، واللام صلة. ومثله: {لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ} أي ما. ومثله: {إِنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ} يعني ما. لَمّا ولما: بمعنى إلا، والميم صلة؛ ومنه قوله تعالى: {وَإِنْ [كُلٌّ] لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ}. وقوله: {وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} نقول: إلا متاع، والميم صلة. ومثله [قوله تعالى]: {إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ} يقول: إلا عليها. قال ابن خالويه: من قرأ (لما) فخفف: ما صلة، والتقدير: إن كل نفس لعليها حافظ، ومن شدد فالتقدير: إلا عليها. ولمّا: بمعنى لم، والألف صلة، [ومنه] قوله تعالى: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمْ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ}. أي: ولم ير الله الذين جاهدوا منكم. ومثله: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمْ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ}. ومثله {وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ} ومثله: {لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ}.

ولَمّا: بمعنى حين، ومنه قوله تعالى: {وَقَوْمَ نُوحٍ لَمَّا كَذَّبُوا}. ومثله: {لَمَّا جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ} أي حين. والعرب تضمر جواب لما، وقد ذكرت منه في باب الإضمار أول الكتاب. لَدُن لدن: بمعنى عند، تقول: وقفت له من لدن كذا إلى كذا. ومنه قوله تعالى: {قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْراً} أي بلغت عندي. ومثله: {لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْواً لاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا} أي من عندنا. وقد حذف منها النون، قال: من [لد لحييه] إلى منحوره أي من عنده. ولَدُن أيضاً بمعنى حين، [تقول]: من لدُن طلوع الشمس إلى غروبها، أي من حين. قال أبو سفيان بن حرب: وما زال مهري مزجر الكلب منهم ... لدُن غدوة حتى دنت لغروب

أي من غدوة حتى العشاء. وفيها أربع لغات: لَدْن أفصحها، ولدُ- بحذف النون- تليها في الجودة، ولدن ساكنة الدال مفتوحة النون، ولدْنُ بضم اللام والنون ساكنة الدالة. وقوله تعالى: {وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيّاً وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيراً} أي من عندك. واللَّدْن: كل شيء لان من حبل أو عود أو من خلق؛ تقول: لدُن لدونَة. قال: ومتني لدنة طالت ولانت ... روادفها تنوء بما يلينا ورُمح لدْن ورماح لُدْن، ونحو ذلك وفيها لغة أخرى. لَدَى هي بمنزلة لدُن وعند تقول: رأيته لدى باب الدار قائماً، وتقول: جاء في أمر من لدُنك أو لديك، أي من عندك. ومنه قوله تعالى: {مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ} أي من عند. قال امرؤ القيس: كأن سراته لدى الباب قائماً ... مداك عروس أو صلاية حنظل لدى الباب، أي عنده. ومثله قوله تعالى: {وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ} أي عنده.

لو حرف أمنية، كقولك: لو قدم زيد لولد لنا كذا. وقد يكتفي بهذا عن الجواب؛ قال الله تعالى: {لَوْ أَنَّ عِندِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ لَقُضِيَ الأَمْرُ}. وقد تكون لو موقوفة بين نفي وأمنية، كقولك: لو أكرمتني، أي لم تكرمني. ويكون جواب لو بلام إلا في اضطرار الشاعر قال: فلو أن جرماً أنطقتني رماحهم ... نطقت ولكن الرماح أجرَّت فلم يجيء باللام. قال امرؤ القيس: فلو أن ما أسعى لأدنى معيشة ... كفاني ولم أطلب قليل من المال فلم يجيء باللام. آخر: فلو كنا إذا متنا تُرِكنا ... لكان الموت راحة كل حي فجاء باللام. قال الله تعالى: {وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوا}؛ وقال: {لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً}؛ وقال: {وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ ... مَا فَعَلُوهُ}؛ وقال: {وَلَوْ تَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا} إنما اختار من اختار قراءتها بالتاء على نظائرها، نحو، قوله: {وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ}

وأشباه ذلك، يكتفي بالكلام دون رد الجواب لأن (لو) لا تجيء إلا وفيها ضمير جوابها، فإن أظهرت أو لم تظهر فكل حسن. قال امرؤ القيس: فلو في يوم معركة أصيبوا ... ولكن في ديار بني مرينا أي لو في يوم معركة أصيبوا لكان أسهله، فحذف الجواب. وله: فلو أنها نفس تموت سوية ... ولكنها نفس تساقط أنفسا فلم يظهر الجواب. وجواب لو بالفاء منصوب؛ ومنه قوله تعالى: {لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنْ الْمُحْسِنِينَ}. ولو إذا صُيرت اسماً شددت؛ تقول: هذه لو مكتوبة؛ ردت واواً على واو، ثم أدغمت. فالتشديد علامة جزم الأول، كقول أبي زبيد: ليت شعري وأين مني ليت ... إن ليتاً وإن لواً عناء [فشدد] الواو حتى جعلها اسماً. وفي بعض الكلام: "تزوج ليت بلو، فولدا كان" وهذا مثل. لوما لوما: بمعنى هلا؛ ومنه قوله تعالى: {لَوْ مَا تَاتِينَا بِالْمَلائِكَةِ} أي هلا؛ قال ابن

مُقبل: لوْ ما الحياء ولوْ ما الدين عبتكما ... ببعض ما فيكما إذ عبتما عوري لولا تكون في بعض الأحوال بمعنى هلا، وذلك إذا رأيتها بغير جواب؛ تقول: لولا فعلت كذا، تريد هلّا. ومنه قوله تعالى: {فَلَوْلا كَانَ مِنْ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ}، وقوله: {فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَاسُنَا تَضَرَّعُوا}، وقوله: {فَلَوْلا إِنْ كُنتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ، تَرْجِعُونَهَا} أي فهلّا، وقوله: {فَلَوْلا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ}. قال الشاعر: تعدون عقر النيب أفضل مجدكم ... بني ضوطرى لولا الكمي المقنَّعا أي: فهلا: تعدُّون الكمي. فإذا رأيت للولا جواباً فليست بهذا المعنى، كقوله تعالى: {فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنْ الْمُسَبِّحِينَ، لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ}. فهذه لولا التي تكون لأمر يقع لوقوع غيره. وبعض المفسرين يجعل لولا في قوله تعالى: {فَلَوْلا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ} بمعنى: لم، أي فلم تكن قرية نفعها إيمانها عند نزول العذاب إلا قوم يونس.

وكذلك: {فَلَوْلا كَانَ مِنْ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ} أي فلم يكن. والعرب تقول: وقع القوم في لولا شديدة، وذلك إذا تلاوموا، فقالوا: لولا فلولا. لَيْت ليت: كلمة تمنِّ، كقوله: ليت لي كذا، وليتني كنت كذا. وهي أداة النصب، وجوابها بالفاء نُصب، كقوله: يا ليتني كنت معهم فأفوز. وللعرب فيها لغة، يقول بعضهم: ليتي بمعنى ليتني قال ورقة بن نوفل: فيا ليتي إذا ما كان ذاكم ... شهدت فكنت أولهم دلوجا وقال طرفة بن العبد: على مثلها أمضي إذا قال صاحبي ... ألا ليتني أفديك منها وأفتدي آخر: ليت الشباب هو الرجيع على الفتى ... والشيب كان هو البدي الأول آخر: ليت الذين تحملوا نزلوا بنا ... والنازلين هم الذين تحملوا نصب النازلين لأنه جاء بعد خبر ليت وهو الوجه. قال الراجز: [يا] ليت شعري والمُنى لا تنفع هل أغدون يوماً وأمري مجمع

وليت تنصب الأسماء، تقول: ليت أخاك قادم. وللراجز: أصبح بالذلفاء قلبي مولعا ليت حياتينا وموتينا معا والليتان: صفقتا العنق، يجمع الليتة، والواحد ليت بكسر اللام؛ قال: بفرع يضيء الجيد وحف كأنه ... على الليت قنوان الكروم الدوالح لات شبه بليس في بعض المواضع، ولم تمكَّن تمكنها، ولم يستعملوها إلا مضمراً فيها؛ لأنها ليست كليس في المخاطبة والإخبار عن غائب. ألا ترى أنك تقول: لست ذاهباً، فتبني عليها، ولات لا يكون فيها ذلك. قال الله تعالى: {وَلاتَ حِينَ مَنَاصٍ} أي ليس حين مهرب، وبعضهم رفع حين لأنها عنده بمنزلة ليس، وهي قليلة والنصب فيها أحسن. وهو الوجه. وقد يخفض بها، وقد شرحتها في باب التاء شرحاً أكثر من هذا.

ليس ليس: كلمة جحود، ومعناها: لا أيس، أي لا وُجْد بطرح الهمزة وألزقت [اللام] بالياء. والدليل قول العرب: آتيني به من أيس وليس، أي من حيث هو ولا هو. وليس: فعل ماض من أخوات كان، يرفع الاسم وينصب الخبر. تقول: لسنا وليسوا مثل قمنا وقاموا، ولست مثل قمت. وتقول: ليس زيد قائماً، ولا يجوز: قائماً ليس زيد، لأن ليس لا تتصرف. ولا يجوز: ليس زيد قائماً [إذا أريد بها الحال] لأن ليس تطلب الحال والماضي لا يكون حالاً، فإذا قلت: ليس زيد قائماً، قدمت قائماً على زيد، فقلت: ليس قائماً زيد، ولا تقدم قائماً على ليس. لعل لعل: حرف شك، تقول: لعل أخاك قادم، فأنت شاك في قدومه. وقال الخليل: لعل حرف يقرب من قضاء الحاجة. ولعل: شك من الآدميين، ومن الله تعالى واجبة. وهي تنصب الاسم، ومنه قوله تعالى: {لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً}. ولعل تكون من الناس على معان: تكون بمعنى الاستفهام، تقول: لعلك فعلت ذلك، مستفهماً؛ ولعلك تقوم إلى فلان. ولا تدخل معها أن ولا سوف، لأن أن إنما تدخل معها إذا كانت يميناً، كقولك: لعلي أن أستغني. وتكون بمعنى الظن، كقول القائل: قدم فلان، فيرد عليه: لعل ذلك، بمعنى الظن.

وتكون بمعنى الخوف، بمنزلة ما أخلقه، كقول الرجل: قد وجبت الصلاة، فيرد عليه: لعل ذلك، أي ما أخلقه. قال: لعل المنايا مرة ستعود ... وآخر عهد الغابرين جديد وتكون بمعنى التمني، [كقولك]: لعل الله يرزقني، ولعلي أن أحج؛ قال: لعلي في هدى أمي وجودي ... وتقطيعي التنوفة واختيالي ستوشك أن تنيخ إلى كريم ... ينالك بالندى قبل السؤال وتكون بمعنى كي على الجزاء، تقول: أعطيتك لعلك تشكر. قال الله تعالى: {وَكَذَلِكَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ} أي كي يقولوا درست، فيعترفوا بأن الله أنزل كتبها. وتكون بمعنى عسى، [ومنه] قوله تعالى: {لَعَلِّي أَبْلُغُ الأَسْبَابَ} أي عسى. قال أبو دؤاد: فأبلوني بليَّتكم لعلي ... أصالحكم وأستدرج ثويا أي أظهروا لي ما عندكم، واستدرج ثوياً، أي أرجع في وجهي الذي جئت منه. يقال: رجع في أدراجه أي في طريقه الذي جاء منه. وثويَّ: أراد ثواي، وهو الوجه الذي يراد. وجزم: (استدرج) نسق على لعلي، لأنها في موضع جزم جواباً للأمر في قوله: فأبلوني.

وفيها لغات: لعلي، ولعلني. ولعنّي، وعلّني، وعلي، ورغنني، ولغني بضم اللام، ورغني بالراء والغين، ولونّي، ولأني وعني. كل هذه الأسماء تنصب بها الأسماء وتُرفع الأخبار قال العجاج: عل الإله الباعث الأثقالا وقال توبة بن الحُمير: وأشرف بالقور اليفاع لعلَّني ... أرى نار ليلى أو يراني بصيرها يقول: لعلني أرى النار أو أرى من رآها، أو يراني من رآها. وقيل: أراد يبصرها الكلب الذي يكون مع النار، فيبصر فينبح. وقال المجنون: وأخرج من بين البيوت لعلَّني ... أحدث عنك النفس بالليل خاليا ويروى: في السر خاليا، ويروى: من وسط الجلوس. وقد خفض بعض بعلَّ؛ قال الراجز: علَّ صروف الدهر أو دولاتها يدلننا اللمة من لماتها فتستريح النفس من زفراتها

خفض صروف. آخر: لعلني إن مت أن تعيشي بيضاء ترضيني ولا تُرضيش وقال حطائط بن يعفر النهشلي: أريني جواداً مات هزلاً لعلَّني ... أرى ما ترين أو بخيلاً مخلَّدا وقال الفرزدق: ألستم عائجين بنا لعنا ... ترى العرصات أو أثر الخيام وأنشد الفراء للحارثي: ألا تتبعونا علَّنا نقتدي بُكُم ... فأنا قبيل بالقبائل تُبَّعا وأنشد: حوادث أيام وعلَّك أن ترى ... مصيبة يوم غير طائشة السهم

وقال المرار الفقعسي: أرى شبه القفول ولست أدري ... لعل الله يجعلها قفولا ومنهم من ينونها ويجعل معها لاماً ويخفض بها، وأنشد الفراء: لعا للناس فضَّلكم عليهم ... بشيء أن أمَّكم شريم أي مفضاة. ومنهم من يقول: [عنَّك]، زعم الكسائي أنها في بني جُمح بن ربيعة. ومنهم من يقول: لونَّك؛ قال الشاعر: فقلت: امكثي حتى يشاء لونَّنا ... نحج بها، قالت: أعام وقابله قال الكسائي: سمعت رجلاً يقول: ما أدري أنه صاحبها يريد: لعله صاحبها. وقيل في قوله تعالى: {وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ} أي لعلها. قال الفراء: وهو وجه حسن، وبه نقول. وأفصح لغات العرب أن ينصب بها الاسم والخبر، وهي في بني سعد بن

تميم يقولون: لعلك أخانا. ومن خفض بها في قولهم: لعل عبد الله قائماً نصب الخبر، ورفع فقال: لعل زيد قائم. وكذا عل زيد قائماً وقائم. فمن نصب قال: لا يكون الاسم مخفوضاً وخبره مرفوع، فينصبه في الحال. والتفسير: ومن رفع فباللام. أنشد الفراء عن الكسائي: أعد نظراً يا عبد [قيس] لعلَّما ... أضاءت لك النار الحمار المقيدا فقال الكسائي: جعل لعلّما كلمة واحدة مثال إنما وكأنما [ويصل] الحمار بالفعل. وقال الفراء: هذا لا يجوز أن يوصل بالفعل، فتقول: إنما يقوم زيد، فقد زالت عن معنى إن. ولعل لم يجعل معها شيئاً ألا ترى أنك لا تقول: لعلّما تقوم. وقال: ما: بمعنى الذي؛ أضاءت النار: وهي صلة، ونصب الاسم والفعل على لغة الذين يقولون: لعل زيداً أخانا، وقد قالوا: لعله زيداً. لَعاً لعاً: كلمة تقال لمن عثر يريدون انتعش، وهو دعاء له بالانتعاش والارتفاع، مؤنثة. قال الأخطل:

فلا هدى الله قيساً من ضلالتها ... ولا لعاً لبني شيبان إن عثروا وقال الأعشى: بذات لوث عقرناة إذا عثرت ... فالتعس أدنى لها من أن أقول لعا ويروى بيت جميل: أتوني وقالوا: يا جميل تبدلت ... بثينة تبدالاً، فقلت: لعاً لها ويروى: لعلها. وقال أبو زيد: إذا دعي للعاثر قيل: لعاً لك عالياً، ومثله دعدع؛ وأنشد: لحا الله قوماً لم يقولوا لعاثر ... ولا لابن عم ناله الدهر: دعدعا وقول العرب: لا لعا لفلان، أي لا أقامه الله. ورجل لعَّاعة: يتكلف الألحان من غير صواب. ويقال للدنيا: لُعَاعَة، لسرعة زوالها. لكن لكن كلمة عطف تَعطف ما بعدها على ما قبلها، لكنها تثبت للآخر ما تنفيه عن الأول. تقول: ما رأيت زيداً لكن عمراً، قد أثبت الرؤية لعمرو دون زيد. ولو

قلت: [رأيت زيداً] لكن عمراً، كان محالاً لأنك لم تنف ولكن تثبت. ولكن الثقيلة تنصب الاسم والنعت وترفع الخبر، تقول: لكن أخاك منطلق. ومنه قوله تعالى: {وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ}. قال: وما أكثر الإخوان حين تعدُّهم ... ولكن إخوان الوفاء قليل ولكن الخفيفة ترفع الأسماء والنعوت والأخبار، تقول: لكن أخوك رجل عاقل، ولكن زيد خارج. ومنه قوله تعالى: {لَكِنْ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ}، وقوله: {لَكِنْ اللَّهُ يَشْهَدُ} النون خفيفة ولقيتها ألف ولام فانحدرت. وقوله: {لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي} أصله: لكن أنا، فطرحوا الألف الأولى، وأدغموا النون في النون، وأثبتوا الألف الثانية عِوَضاً للألف المحذوفة. وقرئ: لكنه هو الله، على هذا المعنى، إلا أنهم حذفوا الألف الثانية كما حذفوا من أنا. ألا ترى في القرآن: {أَنَا أُنَبِّئُكُمْ} إنما هو أنا فحذفوا الألف منه كما من أنا. ومنهم من يقف على الهاء فيقول: إنه، فيجوز أن يكون لكنه. وأنشد الفراء عن أبي ثروان:

وترمينني بالطرف أي أنت مذنب ... وتقلينني لكن إياك لا أقلي وسمع الكسائي: إن قائم زيد أنا قائم، فترك الهمز وأدغم، فهي نظيرة للكن. وقولهم: رجل لبيب أي ذو لبابة، واللبابة: مصدر اللبيب، وهو العاقل. وفعله لب يلب. ورجل ملبوب: موصوف باللب. قال الزجاج: قرأت على محمد بن يزيد عن يونس: لببت لبابة، وليس في المضاعف حرف على فعلت غير هذا، ولم يورده أحد إلا يونس. وسأت البصريين عنه فلم يعرفوه. يقال: قد لببت يا رجل، ولبَّ يلبُّ لبابة ولُباً ولَبّاً. ولُب الرجل: ما جعل في قلبه من العقل، وجمع اللُب ألباب. قال الله تعالى: {وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ}. واللُّباب: جامع في كل شيء ما خلا الإنسان، لا يقال في موضع لُبّ من الإنسان. ولُبّ كل شيء: داخله الذي يطرح خارجه كاللوز والجوز وشبهه. واللباب من كل شيء: الخالص. قال [أبو] الحسن في صفة الفالوذج: لباب القمح بلعاب النحل؛ لباب القمح: الحِنْطة. واللَّبَب: البال، يقال: ذلك الأمر منه في بال رخي وفي لبب رخي. واللبب من الرمل: شبه حقف؛ قال ذو الرمة:

براقة الجيد واللبات واضحة ... كأنها ظبية أفضى بها لبب واللَّب: موضع اللَّبب من الصدر، واللبة من الصدر: موضع القلادة. ولببت فلاناً: إذا جعلت في عنقه ثوباً أو حبلاً، وقبضت على موضع تلببه وأنت تعتله. ولباب [لباب] بلغة حمير: لا بأس. قال الشاعر: لله عيناً من رأى مثل حسان قتيلاً في سائر الأحقاب قتلته مقاول الجيش ظلماً ... ثم قالوا لنا لباب لَباب أي لا بأس لا بأس بلغتهم. وقولهم: لبيك وسعديك [لبيك]: أي أنا مقيم على طاعتك وإجابتك، من قولهم: قد لبَّ الرجل في المكان وألبَّ إذا أقام فيه؛ قال الشاعر: محل الهجر أنت به مقيم ... ملب ما تزول ولا تريم أي مقيم؛ ذهب إلى هذا الخليل والأحمر، قال الأحمر: أصل لبيك لبيك، فاستثقلوا الجمع بين ثلاث باءات، فأبدلوا من الأخيرة ياء كما قالوا: ديوان ودينار أصله دوان ودنار، فاستثقلوا التشديد، فأبدلوا من النون ياء. وقال الفراء: معنى لَبَّيْك: إجابتي لك يا رب، ونصب لبيك على المصدر، وثنّى لأنه أراد إجابة بعد إجابة. وقال آخرون: لبيك، معناه اتجاهي إليك، من قولهم: داري تلُبّ دارك،

أي تواجهها. وقال آخرون: معناه محبتي لك، من قولهم: امرأة لبَّة، إذا كانت محبة لولدها عاطفة عليه؛ قال: وكنتم كأم لبَّة طعن ابنها ... إليها، فما [درَّت عليه] بساعد وسعديك: معناه أسعدك الله إسعاداً بعد إسعاد. قال الفراء: لا واحد للبيك وسعديك على صحة. ومن ذلك قولهم: حَنَانَيْكَ أي رحمِك الله رحمة بعد رحمة، ومنهم من يقول: حنانك، فلا يثنّي. وقال في التثنية: أبا منذر أفنيت فاستبق بعضنا ... حنانيك بعض الشر أهونُ من بعض قال ووحد: ويمنحها بنو شمجى بن جرم ... معيزهم حنانك ذا الحنان ومنه قوله تعالى: {وَحَنَانَاً مِنْ لَدُنَّا وَزَكَاةً} أي وفعلنا ذلك رحمة لأبويه وتزكية له. قال ابن عباس: كل القرآن أعلمه إلا أربعة أحرف: الحنان والأواه والرَّقيم والغسلين. وفسر أهل اللغة الحنان: الرحمة، من قولهم: فلان يتحنن على

فلان، أي يترحم ويتعطف عليه. قال الشاعر: فقالت: حنان ما الذي أتى بك ههنا ... أذو نسب أم أنت بالحي عارف أراد: فقالت لك رحمة. آخر: تحنَّن علي هداك المليك ... فإن لكل مقام مقالا ويقال: سعديك مأخوذ من المساعدة، ومعناه قريب من معنى لبيك. وقولهم: لبيك إن الحمد والنعمة لك فيه وجهان بكسر إن وفتحها، فمن [كسرها] جعلها مبتدأة بمعنى: قلت إن الحمد، ومن فتحها فعلى معنى: لبيك لأن الحمد وبأن الحمد لك فموضع [أن] خفض في قول الكسائي بإضمار الخافض، وموضعها نصب من قول الفراء بحذف الخافض. قال ثعلب: الاختيار إن بالكسر، وهو أجود معنى من الفتح. قال: لأن الذي يكسر إن يذهب إلى أن المعنى إن الحمد والنعمة لك على كل حال، والذي يفتح أن يذهب إلى أن المعنى: لبيك لأن الحمد لك، أي لبيك لهذا السبب. فالاختيار الكسر لأن المعنى: لبيك لكل معنى، لا لسبب دون سبب، وهذا بمنزلة قول النابغة الذبياني: فتلك تبلغني النعمان إن له ... فضلاً على الناس في الأدنى وفي البعد

قال: يجوز فتح إن وكسرها، فمن كسرها جعلها ابتداء، ومن فتحها أراد: فتلك تبلغني النعمان لأن له فضلاً وبأن له فضلاً. قال: ولا يجوز في بيت الأعشى إلا الكسر، وهو قوله: ودع هريرة إن الركب مرتحل ... وهل تطيق وداعاً أيها الرجل لأنه ابتدأ إخباره، فقال: إن الركب [مرتحل] ولم يرد: ودعها لارتحال الركب. ويجوز: لبيك إن الحمد والنعمة لك، يرفع النعمة على أن تضمر لاماً تكون خبراً لإن، وترفع النعمة باللام الظاهرة. ويجوز أن تجعل اللام الظاهرة خبر إن، وترفع النعمة باللام المضمرة، والتقدير: لبيك إن الحمد لك والنعمة لك. [وقولهم: فلان لبق] فيه قولان، قيل: هو الحُلو اللين الأخلاق، [هذا] قول ابن الأعرابي، وقال: ومنه الملبقة، سميت ملبقة للينها وحلاوتها. وقيل: اللبق: الرقيق اللطيف العمل؛ قال رؤبة يصف حماراً: قباضة بين العنيف واللبق مقتدر الضيعة وهواه الشفق والحمار يوهوه حول عانته شفقة عليها، والكلب يوهوه في صوته. وقد يفعله الرجل شفقة وجزعاً.

وتقول: رجل لَبِق ولبيق وهو الرفيق بكل عمل. وامرأة لبيقة: لطيفة رقيقة ظريفة ويليق بها كل ثوب. وهذا الأمر يلبق بك: أي يزكو بك ويوافقك. والثريدة الملبَّقة: الشديدة التثريد الملينة. وقيل: لبَّقت: خلطت مثل لبكت، وإنما يقال: لبق لأنه يشبه بعض أمره بعضاً. اللُّكَع اللكع: فيه ثلاة أقوال، قال الأصمعي: اللُّكع: العيي الذي لا يتجه لمنطق ولا لغيره، أخذ من الملاكيع، وهو الذي يخرج مع السلى من البطن؛ قال ابن ميادة: رمت الفلاة بمعجل متسربل ... غرس السلى وملاكع الأمشاج الغِرْس: الجلدة التي تكون على وجه المولود. وقال أبو عمرو الشيباني: اللكع: اللئيم، وقال خالد بن كلثوم: اللكع: العبد. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "يأتي على الناس زمان يكون أسعد الناس بالدنيا لُكَعُ بن لكع، وخير الناس يومئذ مؤمن بين كريمين". [قوله: بين كريمين] فيه أربعة أقوال: قال قوم: معناه بين الغزو والحج؛ وقال قوم: معناه بين فرسين كريمين يقاتل عليهما في سبيل الله؛ وقال قوم معناه بين بعيرين يستقي عليهما ويعتزل الناس. وقال أبو عبيد: معناه بين أبوين كريمين ليجتمع له مع إيمانه كرم أبويه.

وتقول للرجلين: يا ذوي لكيعة أقْبِلا، لا تصرف لكيعة للتعريف والتأنيث وإن شئت قلت: يا ذوي لكاعة أقبلا، تصرفها لأنها مصدر على مثل السماحة والشجاعة. والجميع: يا أولي لكيعة ولكاعة أقبلوا، ويا ذوي لكيعة أقبلوا، ويا ذوي لكيعة أقبلا. وتقول للمرأة: يا لكاع أقبلي، وللمرأتين: يا ذاتي لكيعة ولكاعة أقبلا، وللنسوة: يا أولات لكيعة أقبلن. وتقول: لكع الرجل يلكع لكعاً ولكاعة: لؤم، وهو ألكع لُكَع وملكعان. وامرأة لكاع، وتقول: ملكعانة؛ قال: عليك بأمن نفسك يا لكاع ... فما من كان مرعياً كراع آخر: أطوف ما أطوّف ثم آوي ... إلى بيت قعيدته لكاع واللُّكع أصله: وسخ القلفة، ثم جعل للعي الذي لا يبين الكلام. ورجل لكيع، وامرأة لكيعة كل ذلك يوصف به الحُمق والمُوق واللؤم. ويقال: ألكع: العبد بين كريمين. واللُّكَع: اللئيم. يقال في النداء وغيره: ملكعان، هو معرفة لا ينصرف. ويقال للمُهر والجحش: لُكَع. وعلى هذا يتأول قول الحسن للرجل يستجهله: يا لُكَعُ، يقول: يا صغيراً في العلم جاهلاً به. اللئيم اللئيم عند العرب: الشحيح المهين النفس الخسيس الآباء. فإذا كان الرجل شحيحاً ولم تجتمع فيه هذه الخصال قيل له: بخيل، ولم يُقل لئيم. وكل لئيم بخيل

وليس كل بخيل لئيماً، والعامة تخطئ فتسوي بينهما. والليئم مصدره اللؤم والملأمة، والفعل لؤم يلؤم وهو ليئم، واللامة- بلا همز- هو اللؤم؛ قال: ويكاد من لام يطير فؤادها وقد ألام الرجل فهو مُلِيم إذا أتى ما يستحق اللوم عليه؛ قال الشاعر: سفهاً عذلت ولمت غير مليم ... وهداك قبل اللَّوم غير حكيم قال الله تعالى: {فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ}. ويقال: قد لِيمَ الرجل فهو ملوم إذا لامه الناس؛ قال الله تعالى: {فَمَا أَنْتَ بِمَلُومٍ}. واللَّوْم: الملامة. رجل ملوم ومليم: قد استحق اللوم. واللوماء: الملامة. والَّوْمة: الشهدة؛ والملامة- بلا همز- هو الهول. واللأمة: الدرع؛ استلأم الرجل إذا لبسها. قال امرؤ القيس: إذا ركبوا الخيل واستلأموا ... تحرقت الأرض واليوم قر

واللأم من كل شيء: الشديد. ولاءمت الشيء إذا شددت صدوعه. ورجل ملأم- بكسر الميم و [فتح] الهمزة- إذا كان يُعذر اللئام. ورجل لُومة: يلوم الناس. وقولهم: رجل لقيط أي مهين رذْل، والمرأة كذلك؛ تقول: إنه لسقيط لقيط، وساقِط لاقط، وإنها لسقيطة لقيطة، وإذا أفردوا الرجل قالوا: إنه للقيطة. ويقال: لقيطة يا ملقطان أي يا فسل أحمق، والأنثى ملقطانة. وإذا التقط الرجل الكلام ليتممه قلت: لُقَيْطَى خَلَّيْطَى، حكاية لفعله. واللقطة: اسم الشيء تجده ملقى فتأخذه، وكذلك المنبوذ لُقطة، وهو لقيط وملقوط. واللقطة- بفتح القاف: هو الملتقط اللقطة. واللقطة أيضاً: بياع اللقطات يلتقطها. واللَّقَط: قطع ذهب أو فضة توجد في المعادن؛ ذهب لقط، وهو أجوده. واللُّقاطة: ما كان مطروحاً من شاء أخذه. وإذا هجم القوم على منهل بغتة وهم لا يرونه، قالوا: التقطنا منهلاً أو غديراً، قال رؤبة: ومنهل وردته التقاطا وقولهم: لكل ساقطة لاقطة

معناه: لكل كلمة ساقطة، أي يسقط بها الإنسان لاقط لها أي متحفظ لها؛ وكان يقال: لكل ساقطة لاقط، أي محتفظ بها. قال: أدخلت الهاء في اللاقط لتزدوج الثانية [مع الأولى]، كما قالوا: العشايا والغدايا، فجمعوا غداة غدايا ليزدوج الكلام مع العشايا. قال الفراء: العرب تُدخل الهاء في نعت المذكر في المدح والذم؛ وقد مضى ذكرها. وقولهم: رجل لَقَىً أي لا يعبأ به. واللقى: ما ألقى الناس من خِرَق أو شيء لا يعبأ به؛ قال: كفى حزَناً كري عليه كأنه ... لقى بين أيدي الطائفين حريم واللقاء: من الالتقاء إذا كسرت أوله مددت؛ قال: ألا لا أبالي الموت إذ كان دونه ... لقاء بليلي وارتجاع من الوصل واللقى- بالضم: هو أيضاً من الالتقاء، إلا أنه إذا ضُم قصر؛ قال: وإن لقاها في المنام وغيره ... وإن بخلت بالبذل عندي لرابح واللقيان واللقيان: كل شيئين يلقى أحدهما صاحبه. ويقول في لغة: لقيته لقياناً، جعله مصدراً على لفظ الطغيان. والألقيَّة: الواحدة من قولك: لقي فلان ألاقي من شر. ورجل لقيٌّ: شقي لا

يزال يلقى شراً، وامرأة لقية: شقية. ورجل ملقَّى: لا يزال يلقى مكروهاً. ولاقيت بين فلان وفلان أي جمعت بينهما. ولقي فلان فلاناً لِقياً ولُقياً ولَقْية واحدة بالتخفف ولقاءة واحدة على التمام وإثبات الهمز. وكل شيء استقبل شيئاً أو صادفه فقد لقيه من الأشياء كلها. وفلان يتلقى فلاناً أي يستقبله. وتلقَّيت فلاناً إذا لقيته مرة بعد مرة. والرجل يُلَقَّى الكلام والقراءة أي يُلَقَّن. واللَّقاة والملْقاة: هو الذي تُلْقى فيه كُناسة البيت ونحوه. وقولهم: فلان لعنة لُعنة يلعنه الناس، ولُعَنَة: يلعن الناس كثيراً. واللعن: التعذيب، والمُلَعَّن: المعذَّب. واللعين: المشتوم المسبب. لعنت فلاناً إذا سببته. ولعنه الله أي عذبه الله. واللعنة في القرآن: العذاب. قال الشماخ: ذعرت به القطا ونفيت عنه ... مقام الذئب كالرجل اللعين أي: المطرود المُبْعد. وكان تحية العرب للنعمان بن المنذر: أبيت اللعن، أي أبيت أن تأتي شيئاً ما تُلعن عليه وتُلْحَى وتشتم. والتعن الرجل إذا أنصف في الدعاء على نفسه. وتلعَّنوا جميعاً إذا لعن بعضهم بعضاً، ومنه اشتق ملاعنة الرجل امرأته، والحاكم يُلاعن بينهما ثم يُفرّق. قال

جميل: إذا ما ابن ملعون تحدَّر رشحه ... عليك، فموتي بعد ذلك أو ذري والتلاعن: كالتشاتم في اللفظ، غير أن التشائم يقع كل واحد بنفسه، ويجوز أن يقع فعل كل واحد بصاحبه؛ فهو على معنيين، فكل فعل على تفاعل فالفعل منهما جميعاً. غير أن التلاعن ربما استعمل في هذا اللفظ في فعل أحدهما. وقولهم: على الكافر لعنة الله ولعنةُ اللاعنين قال ابن عباس: اللاعنون: كل ما على وجه الأرض إلا الثقلين. وقال مجاهد: [اللاعنون]: هوام الأرض، الخنافس والحيات والعقارب تلعنهم وتقول: منعنا المطر بخطايا بني آدم وذنوبهم. وجمعوا بالواو والنون- وهما للناس- لأنهن وُصفن بوصف الناس وأجرين مجراهم؛ ومنه قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ}، أثبت الواو في فعل النمل لأنهن وصفن بالقول، والقول سبيله أن يكون من الناس. ومثله: {وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ} لأنه وصفهن بصفة الناس. قال ابن مسعود: إذا تلاعن الرجلان رجعت اللعنة على مستحقها منهما، فإن لم يكن منهما، فإن لم يكن منهما مستحق لها رجعت على اليهود الذين كتموا ما أنزل الله إليهم. وقولهم: لحا الله فلاناً أي قشره وأهلكه، من لحوت العود ألحوه إذا قشرته. قال الخليل: اللحاء:

اللَّعْن، واللحاء: العَذْل. وتقول: لحيت العصا والتحيت إذا أخذت قشرها، وهو اللحاء ممدود ومقصور؛ قال الشاعر: ومُدِلَّة بتميمة ... فتغيبها بردائها لا تدخُلي بنميمة ... بين العصا ولحائها واللحاء- ممدود: هو الملامة، وهو الملاحاة كالسباب بينهم. وفي الحديث: "أول ما نهاني عنه ربي الخمر والأوثان وملاحاة الرجال؛ قال حسان بن ثابت: نوليّها الملامة إن ألمنا ... إذا ما كان مغث أو لحاء يقول: إذا ما تلاحينا على الشراب وليْنا الخمر الملامة فيما نفعله. واللواحي: العواذل؛ قال الأصمعي: أصل الملاحاة المباغضة والملاءمة، ثم كثر فجُعِلت كل ممانعة ومدافعة ملاحاة؛ قال: لحوتُ شماساً كما تُلْحَى العصا سباً لو انَّ السَّب يُدْمي لدمى واللحى- مقصور: جمع اللحية. ورجل لحياني: طويل اللحية. اللَّثْم اللَّثْم: التقبيل، من قول العرب: قد لَثِم الرجل زوجته إذا قبّلها في موضع

لثامها؛ قال جميل: فلثمت فاها قابضاً بقرونها ... شُرب النزيف ببرد ماء الحشرج الحشرج: كوز لطيف صغير. يقال: النقاب عند العرب: ما بلغت به المرأة عينها، واللفام- بالفاء: ما بلغت به طرف أنفها، واللثام: ما شدته على فيها؛ تلثَّمت المرأة: شدَّت ثوبها على فيها. أنشد أبو العباس لابن الحُداديَّة: فشدت على فيها اللثام وأعرضت ... وأمعن بالكُحل السحيق المدامع وقولهم: فلان لسعة أي قراصة للناس بلسانه. واللسع: لكل ما ضرب بمؤخرة، كالعقرب يلسع بالحُمة، ويقال: الحية أيضاً تلسع. زعم أعرابي أن من الحيات ما يلسع بلسانه، أي قرصه؛ قال: سفلة الناس تُبغض الناس دأباً ... وترى بعضهم شديد الحلاوة فهو كالعقرب التي تلسع النّا ... س على غير بغضة وعداوه وقيل: الملسَّعة: الرجل المقيم موضعاً لا يبرح؛ قال: يا هند لا تنكحي بوهة ... عليه عقيقته أحسبا

ملسعة وسط أرساغه ... به عسم يبتغي أرنباً ليجعل في رجله كعبها ... حذار المنية أن يعطبا كان الأعراب يجعلون بأرجلهم كِعاب الأرانب كالتمائم. واللَّذْع: حُرقة كحُرقة النار. تقول: لذعت فلاناً بلساني ألذعه لذعاً؛ قال أبو دؤاد: فدمعي من ذكرها مسبل ... وفي الصدر لذعٌ كجمر الغضا ولذعته [القرحة]: أحرقته، و [القرحة] إذا قيّحت تلتذع ويلذعها القيح. وقولهم: رجلٌ لُعَبَة أي كثير اللعب، وتلعابة- بتشديد العين- أي وتلعب. واللعبة: جِرْم الذي يُلْعب به كلعبة الشطرنج ونحوه. واللعاب: من يكون اللعب حرفته. ولُعاب الصبي: ما سال من فيه. لَعَبَ ولَعِب يلعب لعاباً. ولُعاباً ولُعَاب النحل: العسل. ولُعاب الشمس: السراب؛ قال ذو الرمة: في صحن بهماء يهتف السراب بها ... في قرقر بلعاب الشمس مضروج

وقولهم: ابن عمه لحّاً أي لصوقاً أخذ من لححت عين فلان إذا التصقت جفونها. ويقال: هو ابن عم لح في النكرة، وابن عمي لحاً في المعرفة، وكذلك في المؤنث والاثنين والجمع بمنزلة الواحد. فإذا كان لأخوين فهما لح، وإذا كان لأخ وأخت لم يقل لح فهو كلالة. وغيث ملحاح: أي لازم. ويقال: هو ابن عم [دني] ودِنْيا ودُنْيا، إذا ضممت الدال لم يجز الإجراء، وإذا كسرت جاز الإجراء وتركه. فإذا أضفت العم إلى المعرفة لم يجز الخفض [في] دني [لأن دنيا نكرة فلا تكون] نعتاً لمعرفة. والإلحاح: الإقبال على الشيء لا يُفتر عنه. ورجل مُلح ملحاح إذا دام. ويقال: تلحلح القوم إذا أقاموا بمكانهم وثبتوا فلم يبرحوا. قال ابن مقبل: بحي إذا قيل اظعنوا قد أتيتم ... أقاموا على أثقالهم وتلحلحوا وقولهم: فلان لحقٌ أي دعي موصل بغير أبيه، وملحق أيضاً. واللحاق مصدر قولك: يلحق لحوقاً. واللحق: كل شيء لحق شيئاً أو ألحقته به. لحقته وألحقته لغتان.

وقولهم: لخص فلان عن كذا أي استقصى خبره وبيانه وتبيينه شيئاً فشيئاً، وبعضهم يجعلها بالحاء. لخصت البعير، فأنا ألخصه: أي نظرت إلى شحم عينيه منحوراً، أنرى شحماً [أم لا]، ولا يقال اللخص إلا في المنحور. واللَّخَص: أن يكون الجفن الأعلى لحيماً، ونعته ألخص. وضرع لخص: كثير اللحم. اللَّحُوس اللحوس: الرجل المتتبع الحلاوة كالذباب. واللاحوس: المشؤوم يلحس قومه. واللحس: أكل الدود الصوف، وأكل الجراد الخَضِر والشجر، ونحوه اللاحوس أُخذ من هذا. والملحاس: الشجاع الذي يأكل كل شيء يرتفع إليه. اللَّحِز اللحز: الشحيح الضيق البخيل. وقال أبو عمرو: وهو السيء الخُلق اللئيم؛ قال عمرو بن كلثوم: ترى اللحز الشحيح إذا أمرَّت ... عليه لماله فيها مهينا وهو أيضاً العقص والحصر والشرس والشكس واليلندد. التلحز: [تحلُّب] فيك من أكل رُمّانة أو إجاصة شهوة لذلك.

اللَّحَّانَة اللحانة: كثير اللحن، القادر على الكلام، العالم بالحجج. وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إنكم تختصمون إلي ولعل أحدكم ألحن بحجته من أخيه". قال الخليل: اللحن في ترك الصواب- تثقل وتخفف- وقد تقدم أول الكتاب. اللُّحْمَة اللحمة: قرابة النسب. وفي الحديث: "الولاء لُحمة كلُحمة النسب لا تُباع ولا تُوهب". واللحمة: ما تسدي بين السديين من الثوب. واللحام: ما يُلحم به من شيء. وشجَّة متلاحمة: قد بلغت اللحم. والعرب تقول: لَحْم ولَحَم؛ ورجل لحيم: كثير اللحم؛ وقد لحم لحامة؛ ولَحِمٌ: أكول للحم؛ وبيت لحم: يكثر اللحم فيه. ولحَمَ يلحَمُ: قرم إلى اللحم، وهو لَحِمٌ. وقد لحم أصحابه إذا أطعمهم اللّحم، وهو لاحم. وقد ألحم إذا كثر عنده ذلك، وهو مُلْحِم. ابن الأعرابي: رجل شحّام لحّام: أي يبيعهما. وفي الحديث: "إن للَّحْم (ضراوة كضراوة) الخمر"، و"إن الله يبغض البيت اللحم وأهله". وباز لَحِم: يأكل اللحم، ومُلْحَم: يُطعم اللحم. وألحمت القوم إذا قتلتهم وصاروا لحماً. والملْحَمة: الحرب ذات القتل الشديد. اللوح [واللوب]: اللوح: العطش؛ قال رؤبة:

يمصعن بالأذناب من لوح وبق لوَّحه ولاحه إذا غيره، والتاح عطش، ولاحه البرد والسقم والحزن؛ قال العجاج: ولم يلحها حزن على ابنم ولا أخ ولا أب فتسهم والملواح: العطشان؛ والملواح: الضامر. واللَّوْبُ واللواب: العطش أيضاً. لاب يلوب. والواحد: لائب، والجمع: اللؤوب ولوائب، ونحل لوب ولوائب. واللَّوْح: النظرة كاللمحة، لحتُه ببصري إذا رأيته لوحة ثم خفي عليك. وألاح البرق فهو مليح، وكل من لمع ببرد أو شيء فقد ألاح ولوَّح به، ويقال للشيء إذا تلألأ: لاح يلوح لوحاً ولؤوحاً، والشيب يلوح. واللُّوح: الهواء. واللياح: الثور الوحشي لبياضه. ويقال للصبح: اللياح. وألواح الجسد: عظامه ما خلا قصب اليدين والرجلين. ويقال: بل الألواح من الجسد: كل عظم له عرض. والكتف إذا كُتِب عليها سميت لوحاً. واللوح: كل صحيفة من صحائف الخشب. اللَّهْوَقُ اللهوق: الذي يبدي من سخائه ويفتخر بغير ما هو عليه سجيته، وهو يتلهوق. وفي الحديث: "كان خُلُق النبي صلى الله عليه وسلم سجية ولم يكن تلهوقاً".

وقولهم: فلان لهِجٌ بكذا أي ولعٌ به. ورجل ملهج بالأمر أي مُولع به. واللهجة: طرف اللسان، ويقال: جرس الكلام، قالوا: فصيح اللهجة. والفصيل يلهج أمه إذا تناول ضرعها للمص، ويقال: لهجت الفصيل إذا جعلت في فيه خلالاً فشدد به لئلا يرضع. ولهوجت اللحم إذا لم تنضجه، وكذلك الأمر. وقولهم: لهد فلان فلاناً أي دفعه لهداً، وهو ملهود. ومُلَهَّد أي يدفع كثيراً من ذله، قال طرفة: بطيء عن الجُلَّى سريع إلى الخنا ... ذليل بأجماع الرجال ملهَّد ويروى: ذلول مُلَهْدَدِ. واللَّهد: الدفع، وأصله الفخر؛ يقال: لَهَدَهُ وَلَكَزَهُ وَوَكَزَهُ وَوَخَزَهُ، كل هذا إذا ضربه ودفعه. واللهد: الذي قد أثر الحِمْل بجنبه فتورم، ولَهَدَه حِمْلُه إذا ضغطه. اللَّهْفَان اللهفان: شديد اللَّهف. والتلّهُف يكون على فائت يرجوه. وتلهف إذا قال: والهفاه، والهفتاه، والهفتياه مخففة. وامرأة لهفى، ونسوة لهافى ولِهافٌ. والملهوف: المظلوم ينادي ويستغيث. وفي الحديث: "أُحب [إغاثة] الملهوف". واللهوف: الطويل.

اللَّهْبان اللهبان: العطشان؛ وقوم لهاب: عطاش جداً. واللهب: اشتعال النار الخالص من الدخان. والتهبت النار وتلهَّبَتْ. واللهب: الغبار الساطع. اللَّهُوم اللهوم: الأكول؛ لهمت الشيء والتهمت: وهو ابتلاعك بمرة؛ قال الشاعر: ذباب طار في لهوات ليث ... كذاك الليث يلتهم الذبابا وأم اللهيم هي الحمى، وقيل بل هي الموت لأنه يلتم كل أحد. وفرس لهم: سابق يجيء أمام الخيل لالتهامه الأرض، والجمع لهاميم، والواحد لهموم. وألهمه الله خيراً: لقَّنه إياه، ويستلهم الله الرشاد. وجيش لُهام أي يغيب ما في وسطه. وقولهم: لها فُلانٌ عن كذا فيه وجهان: يكون من اللهو، واللهو ما شغل من لهو وطرب؛ ويكون من الصرف عن الشيء، تقول: لهوت عن كذا، أي انصرفت عنه وقول العامة: تلهيت. وتقول: ألهاني عنك كذا، أي أنساني وشغلني. ومنه قوله تعالى: {فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى}. وتقول: لَهِيتُ- بكسر الهاء- ولَهِي يَلْهَى، وهو الترك؛ ولها يلهو من اللهو. وتقول: الْهُ عن هذا الأمر، ويقال: الْهَ عنه. واللهو في قوله: {لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ

لَهْواً} هي المرأة. واللهاة: أقصى الفم، وهي من البعير العربي شقشقته، ولكل ذي حلق لهاة، والجمع اللَّها واللَّهوات. ويقال لنواحي اللهاة: اللغنون واللغانين، وهي مشرفة على الحُلقوم. واللُّهَا- بالضم: أفضل العطاء وأجزله، الواحدة لُهْيَة. وتقول: هم لهاء ألف، كقولك: زهاء ألف. واللُّهْوَة: ما ألقي في فم الرَّحى من الحَبّ، تقول: ألهيت في الرحى أي صببت فيها لُهْوَة من الحَبّ؛ قال عمرو بن كلثوم: يكون ثِفالها شرقي نجد ... ولهوتها قضاعة أجمعينا اللُّغُوب اللغوب: شدة الإعياء، لغَب يلغُب لُغُوباً أي عيَّ؛ ومنه قوله تعالى: {لا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ}. وإذا كان الكلام مختلفاً لا معنى له قيل: كلام لَغْبٌ، مأخوذ من اللغاب وهو ريش السهم إذا لم يعتدل، فإذا اعتدل فهو لؤام؛ قال: فإن الوائلي أصاب قلبي ... بسهم لم يكن نكساً لغابا آخر: إن تنطقوا لَغباً هذراً فإنكم ... يا آل كوز بنو حمقاء مهذار اللَّغْو اللغو: الكلام المختلف في معنى واحد، تقول: لغَا يلْغو لَغْواً، أي اختلط كلامه.

وفي الحديث: "من قال في جمعة صه فقد لغا" أي تكلم. واللغو: الباطل، ومنه قوله تعالى: {وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً} أي بالباطل. وألغيت هذه الكلمة. أي رأيتها باطلاً وفضلاً في الكلام، وكذلك ما يُلْغَى ن الحساب. وفي الحديث: إياكم وملغاة [أول] الليل" يريد اللهو. واللغو أيضاً: المُسقط اللقى، تقول: ألغيت الشيء، أي طرحته وأسقطته. واللغو واللغا: الفحش؛ قال العجاج: عن اللغا ورفث التكلم وقوله تعالى: {لا تَسْمَعُ فِيهَا لاغِيَةً} قيل: كلمة فاحشة قبيحة، وقوله تعالى: {بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} أي ما لم تعقدوه يميناً، ولم توجبوه على أنفسكم. قال الفرزدق: ولست بمأخوذ بلغو تقوله ... إذا لم تعمَّد عاقدات العزائم وفيه أقوال ذكرتها في الإيمان من "كتاب الضياء". لَصِق لَصِق: لغة تميم، في لزق ولسق، والسين لِقَيس وهي أحسنها، والزاي لربيعة

وهي أقبحها إلا في أشياء. تقول: لزق الشيء يلزق لزوقاً والتزاقاً، وهذه الدار لزيقة هذه، وهذه بلزق هذه. واللازوق: دواء للجرح يلزمه حتى يبرأ بإذن الله، وكل هذا فيه لغتان: لزق ولصق. والمُلْصق: الدَّعي. واللسوق كاللصوق في كل التصريف، وهو أحسن اللغات. اللَّقِس اللقس: شَرِه النفس حريص على كل شيء؛ لقست نفسه إلى الشيء، إذا دعته إليه وحرصت عليه، ومنه الحديث: "لا تقل خبثت نفسي ولكن قل لقست نفسي"؛ قال مرار: فبأي ظنك تغلبنَّ وفيهم ... لقسون لن يدعوك ما لم تقلس وقيل: اللاقس: السيئ الخُلُق، وفلان لقس أي سيء الخلق. اللَّقْن اللَّقن: الفهم، واللقن: مصدر لقنت الشيء أي فهمته، وأنا ألقنه لقناً، ولقنني تلقيناً أي فهمني كلاماً ما لم أفهمه. وتلقنته تلقناً في معنى لقنته؛ قال الشاعر: لقن وليدك يلقن ما تلقنه ... إن الوليد إذا لقنته لقينا واللقن: شبه طست من صفر واسع ضخم إلى الطول ربما أقعد فيه الرجل في ماء سخن، من رياح تصيبه.

وقولُم: رجل لَقِفٌ ثَقِفٌ أي سريع الفهم لما يُرمى به إليه من كلام باللسان أو رمي باليد. واللقف: تناول الشيء يرقى به إليك، تقول: لقفني تلقيفاً، ولقفته والتقفته أعم. وحوض لقيف: لم يُمدر ينفجر الماء من جوانبه. لَقَب الإنسان اسم نبز عند الاسم الذي يسمى به، والجمع الألقاب؛ تقول: لقَّبت فلاناً بكذا. وتشاتم اثنان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فقال أحدهما للآخر: يا يهودي وقد كان قد أسلم- وقال الآخر نحواً من ذلك، فأنزل الله تعالى: {وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ} أي لا يدع بعضكم بعضاً إلا بأحب الأسماء إلى صاحبه. وقولهم: عليك بلقم الطريق [فالزمه] أي بمتسعه ومنفرجه فالزمه. اللقم: الطريق الواضح، وفي لغة اللمق؛ قال رؤبة: ساوى بأيديهن من قصد اللمق واللقم: مصدر لقمت ألقم لقماً. واللقم: فعلك مرة بعد مرة، واللقمة: فعلك مرة.

واللقمة: اسم لما يهيئه الإنسان للالتقام، واللقمة: أكلها بمرة واحدة. تقول: لقمة بلقمتين، ولقمتين بلقمة. وألقمته فسكت كأنما ألقِم حجراً؛ قال: قد نبح الكلب فألقمه الحجر وانبض إذا الذئب عراك بالوبر فالكلب والذئب سواء في القذر واللقمة: الاسم كالأكلة، والتقمت أحسن من لقمت؛ قال: ما هكذا جاء لنا عن حاتم تفقَّد اللقمة من في اللاقم وألقمته إلقاماً: إذا أعطيته. [وقولهم]: لَمَقْتُ عين الرجل إذا رميتها فأصبتها؛ ولمقت الشيء لمقاً إذا كتبته، ولغة بني عقيل وسائر قيس: لمقته إذا محوته. اللَّقْوَة اللقوة: داء يأخذ في الوجه يعوج منه الشدق؛ ورجل ملقو وقد لقي. واللقوة واللقوة- لغتان- وهي العقاب الخفيفة الطيران السريعة؛ قال:

تعدو به ذات إحضار ململمة ... كأنها لقوة يحتثها ضرم الضَّرم ههنا: شدة الجوع. والألوق: الأحمق في كلامه، وهو بيّن اللوق. وقولهم: أكلت لُوْقَة اللوقة: من الزبدة، ويقال: هو الزبد بالرطب، وألوقة لغة فيه. وفي الحديث: "لا آكل إلا ما لوِّق لي" أي ما لُيِّن لي من الطعام حتى يصير كالزبد في لينه. وقال رجل من بني ساعدة: وإني لمن سالمتم لألوقة ... وإني لمن عاديتم سم أسود الإلقة: توصف بها السعلاة أو الذئبة والمرأة الجريئة لخبثهن. والليق: شيء يجعل في الكُحل، القطعة منه ليقة. والليقة: ليقة الدواة، تقول: لُقْتُ الدواة ليقاً، وألقتها التقاء، وإلاقة أعرف. (وليقةُ الدواة): ما اجتمع في وقبتها من سوادها بمائها. وتقول: هذا الأمر لا يلبق بك ولا يليق، أي لا يزكو بك. وقولهم: قد لكي فلان بهذا الأمر

أي أولع به، وهو يلْكَى به لَكَى. ولكأته بالشوط لكئاً أي ضرباً. واللَّوك: مضغ الشيء الصلب وإدارته في الفم. والألُوك: الرسالة، وهي المألكة على مفعلة؛ قال لبيد: وغلام أرسلته أمه ... بألوك فبذلنا ما سأل ألكته فأنا ألكَهُ الكلام، أي أرسلته؛ قال الشاعر: ألكني يا عيين إليك قولاً ... سأبديه إليْك إليْكَ عني وسميت الرسالة ألوكاً لأنها تؤلك في الفم، من قولهم: الفرس يألك اللجام ويعلكه بمعنى أي يمضغ الحديد. وقولهم: فلان لجوجٌ أي ذو لجاجة؛ لج يلج، لغتان. قال العجاج: فقدْ لججنا في هواك لججا وقال آخر: إن اللجوج يلج إن لاججته ... مثل الشهاب يشبه المستوقد ولجَّة البحر: حيث لا ترى أرضاً ولا جبلاً؛ بحر لجي: واسع اللجة،

وكذلك لجاج جماعة اللجة. وفلاة لجية: واسعة. والتح الظلام إذا أخلط، والتجت الأصوات إذا اختلطت وارتفعت. واللجلجة: أن يتكلم بكلام غير بيِّن، وهو يلجلج بلسانه؛ قال: فلم يلفني فهماً ولم يُلف حجتي ... ملجلجة أبغي لها من يقيمها وربما تلجلجت اللقمة في الفم من غير مضغ. واللُّجُّ: من أسماء السيف؛ قال طلحة: بايعت ولجي على عاتقي- أي سيفي- لا يضر ما بايعت، ثم غالنا ما غالنا. وقولهم: لبج فلان بفلان الأرض أي ضرب به. واللُّبجة: حديدة ذات شُعَب كأنها كف أصابع، تتفرج فيوضع في وسطها لحم، ثم تشد إلى وتد، وإذا قبض عليها الذئب التبجت في خطمه، فقبضت عليه فصرعته، والجمع اللَّبَج واللُّبَج. وقولهم: فُلانٌ لجام فُلانٍ أي خصمة، واللجام: الخصم. واللجام: ضرب من سمات الإبل من الخدين إلى أصل صفقي العنق والجمع اللُّجُم واللجم. واللجام: معروف، وجمعه اللجم، والعدد ألجمة؛ تقول: ألجمت الدابة. وقولهم: فُلانٌ لِص أي خبيث معروف، ومصدره اللصوصية. والتلصيص كالترصيص في (البُنيان)، واللصص في هذه اللغة كالرَّصص.

واللصص: التزاق الأسنان بعضها إلى بعض. اللَّسّ اللس: تناول الدابة الحشيش بجحفلتها تنتفه؛ قال زهير: ثلاث كأقواس السراء وناشط ... قد اخضر من لس الضمير جحافله الضمير: نبات أخضر قد غمره اليبس. والعامة تسمي مس الشيء رفقاً لساً، ولم أجده. والملسوس: الذاهب العقل. وقولهم: فُلانٌ في لبسٍ من أمره أي في اختلاط. واللباس معروف؛ واللبسة: ضرب من اللباس. واللبسة واحدة أي مرة واحدة. ولباس التقوى: الحياء. واللَّبُوس: الدروع، وكل شيء تحصنت به فهو لَبُوس؛ قال الشاعر: البَسْ لكل حالة لبوسها إما نعيمها وإما بُوسها

وثُوْب لبوس، وقيل: لبيس؛ ومولاة لبيس وزن مفعول، والجمع لُبُس، واللبسة فَعْلَة. وقولهم: تلمَّس بيده أي تطلَّب شيئاً من ههنا وههنا. واللمس: المصدر؛ واللمس: كناية عن الجماع في قوله تعالى: {أَوْ لامَسْتُمْ النِّسَاءَ}. والملاأن يقول الرجل للآخر: إذا لمست ثوبي أو لمست ثوبك فقد وجب البيع. وقيل: هو أن يلمس المتاع من وراء الثوب لا ينظر إليه، فيوقعون البيع على ذلك؛ وجاء النهي عن ذلك. اللَّزْبة والأزبة والأزمة: الشيدة. واللُّزُوب: القحط والضيق؛ قال: وتناولوا عند اللُّزُوب طعامنا ... ورأوه حقاً واجباً موقوتاً ولوازب الدهر: شدائده، واللُّزُوب: الشدة والصلابة، والفعل لَزَب يَلْزُبُ لزباً. واللازب من الطين هو اللازق؛ قال النابغة: ولا تحسبون الخير لا شر بعده ... ولا تحسبون الشر ضربة لازِب ويقال: ضربة لازم أيضاً. وقولهم: لطَّ فلان بكذا وكذا أي لزق به، واللط: إلزاق الشيء بالشيء، كما تقول: لط فلان دون الحق بالباطل. والناقة تلُطُّ بذنبها أي ألزقته بفرجها بين فخذيها. قال أبو بكر رحمه الله: والله إن عمر لأحب الناس إلي، ثم قال: وكيف قلت؟ فقالت له عائشة ما قال،

فقال: اللهم أعز والولد ألوط؛ أي ألصق بالقلب. وكل شيء لصق بشيء فقد لاط به يلوط لوطاً. ويقال: ما يلتاط هذا بقلبي أي لا يلصق. ولأطه فلان في هذا الأمر لأطاً شديداً، أي ألحق إلحاحاً شديداً. ولطت الحوض لوطاً إذا مدرته لئلا ينشف الماء. والتاط حوضاً: لاطه لنفسه؛ والتاط ولداً واستلاطه إذا ادعاه وليس له؛ قال الشاعر: فهل كنت إلا بهثة فاستلاطها ... شقي من الأقوام وغدٌ ملحَّق ومن حديث علي بن الحسين في المستلاط لا يرث، يعني الملصق بالرجل في النسب، كان يعني الذي [وُلِدَ] بغير رشدة. وتقول: رأيته لاطئاً بالأرض أي لازقاً بها. وفلان ليّن الليطة أي السجية. والليط: قشر القصب والقنا اللازق به، القطعة منه: ليطة. والليْط: اللون، هذلية. وقولهم: رجل لُبَدٌ أي ملازم لموضع لا يفارقه. ولُبَدٌ: اسم آخر نسور لقمان عاد، أي أنه قد لبِدَ فلا يموت ولا يذهب، وأعطي لقمان عمر سبعة انسر كل نسر ثمانين سنة. وكان يأخذ فرخ النسر الذكر فيجعله في الجبل الذي كان في أصله، فيعيش ثمانين سنة،

فإذا مات أخذ آخر، وكان آخرها لُبَدٌ، وكان أطولها عمراً، وفيه قيل: "طال الأبد على لُبد"، وقال فيه لبيد: ولقد جرى لبد فأدرك جريه ... ريب الزمان وكان غير مثقل لما رأى لبد النسور تطايرت ... رفع القوادم كالفقير الأعزل من تحته لقمان يرجو نهضه ... ولقد رأى لقمان أن لا يأتلي آخر: يا نسر لقمان كم تعيش أما ... تمل طول الحياة يا لبد قد أصبحت دار آدم خربت ... وأنت فيها كأنا الوتد تسأل عقبانها إذا سقطت ... كيف يكون الصداع والرمد وقال الضبي:

ولقد ترى لقمان أهلكه ... ما اقتات من سنة ومن شهر وبقاء نسر كلما انقصرت ... أيامه عادت إلى نسر وللأعشى: فأنت الذي ألهيت قيلاً بكأسه ... ولقمان إذ خيّرت لقمان في العمر لنفسك إذ تختار سبعة أنسر ... إذا ما مضى نسر خلوت إلى نسر فعمَّر حتى خال أن نسوره ... خلود وهل تبقى النسور على الدهر ويروى: وهل تبقى النفوس على الدهر. وقال أدناهن إذ ضل ريشه ... هلكت وأهلكت ابن عاد وما تدري قال النابغة: أضحت خلاء وأضحى أهلها احتملوا ... أخنى عليها الذي أخنى على لبد أخنى عليها أي أتى عليها قال الاصمعي: هذا غلط، ومعنى أخنى: غيرها الذي غيَّره، وجعل أمره خناً وقُبحاً، وهو من الخنا. وقال أبو عبيدة: أخنى: أفسد عليه الدهر وأهرمه وأفناه. ومال لبد: لا يخاف فناؤه من كثرته. وصار القوم لبدة وأخذة ولبداً في شدة ازدحامهم. وما له سبد ولا لبد، أي ماله ذو شعر وصوف ووبر من المال. وكان مال العرب خيلاً أو إبلاً أو غنماً أو بقراً، فذهبت هذه مثلاً. اللّفْت اللفت: عسر الخُلُق؛ واللفت: لي الشيء على غير وجهه، كما تقبض على عنق

إنسان فتلفته؛ واللفت والفتل بمعنى. لفت فلاناً عن أمره ورأيه إذا صرفه عنه، ومنه اشتقاق الالتفات، ولفتاه: شقتاه. وفي القرآن: {لِتَلْفِتَنَا عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا} أي تصرفنا عن أهلنا. وفي الحديث: "الالتفات في الصلاة هلكة". واللفت: الثلجم. اللَّظُّ اللظ العسر الشديد. والإلظاظ: الإلحاح على الشيء، تقول: ألظ به، ومنه الملاظة في الحرب. ورجل ملظاظ مِلَظُّ: شديد الإبلاغ بالشيء أي مُلح به. والحية تلظظ أي تحرك رأسها من شدة اغتياظها، وتتلظى من توقدها وخبثها، والأصل تتلظظ فقلبوا إحدى الظاءين إلى الواو. وقيل: سميت النار لظى من لزوقها بالجلد، وقيل: من الإلظاظ، فأدخلوا الياء كما أدخلوا في الظن فقالوا: تظنيت. قال ابن الأعرابي سميت لظى لشدة توقدها وتلهبها، يقال: هو يتلظى أي يتوقد ويتلهب؛ قال: جحيماً تلظى لا تفتر ساعة ... ولا الحر منها غابر الدهر يبرد وفي الحديث: "ألظُّوا بيا ذا الجلال والإكرام" أي سلوا بهذه الكلمة، وداوموا السؤال بها.

وقولهم: لفظ فلان أي مات. واللفظ: الكلام؛ واللفظ: أن ترمي بشيء من فيك. والفعل لفظ يلفظ لفظاً. والأرض تلفظ بالميت إذا لم تقبله ورمت به. والدنيا لافظة ترمي [الناس] فيها إلى الآخرة. وفي المثل: "أسخى من لافظة"، قيل: الديك، وقيل: الرحى، وقيل: ما زقَّ فرخه لافظة. وقولهم: ما في [فم] فلان لعاق من طعامك أو من فضلك أي ما بقي في فيه بقية مما ابتلع. واللَّعُوق: اسم كل شيء يلعق من عسل وغيره؛ لعقته ألعقه لعقاً، ومنه اشتق اسم الملعقة. واللعقة: اسم لما يلعقه، واللعقة- بالفتح: [المرَّة الواحدة] فعل اللُّقْمة واللَّقْمةِ والأكلة والأكلة والغُرفة والغَرْفة. وفي الحديث: "إن للشيطان لعوقاً ونشوقاً يستميل بها العبد إلى هواه"، واللعوق: اسم لما يلعقه، والنَّشوق: لما يستنشقه. [اللَّمْظ] واللمظ: ما تلمظه بلسانك على أثر الأكل، وهو الأخذ باللسان ما تبقى في الفم والأسنان، واسم ذلك الذي في الفم لماظة؛ وفي القلب لُمظة سوداء يعني النقطة. وفي الحديث: "النفاق في القلب لُمظة سوداء كلما ازداد ازدادت".

اللُّقَّاعة اللقاعة: الرجل الداهية يتلقع الكلام يرمي به رمياً؛ قال الشاعر: وباتت يمنيها الربيع وصوبه ... وتنظر من لقاعة ذي تكاذب وتقول: لقعت الشيء إذا رميت به، ويقال: لقعه ببعرة أي رماه بها، ولقعه بعينه إذا أصابه بها. واللقاع: الكساء الغليظ، وقيل: هو بالفاء لأنه يتلفع به، وهذا أعرف. وقولهم: فلان ذو لوثة أي هو أحمق في فعاله. واللوثة: ثقل الجسم لكثرة اللحم. وناقة ذات لوث: هي الفخمة ولا يمنعها ذلك من السرعة. واللوث: إدارة الإزار والعمامة مرتين ونحوها، والكوْرُ في العمامة أحسن. وتلوَّث فلان في الأمر، والتاث في عملة إذا أبطأ فيه. ولا يثت فلاناً، أي زاولته مزاولة الليث؛ قال: شكس إذا لايثته ليثي وقولهم: رجُلٌ ألَفُّ أي ثقيل؛ قال: فلو كنت القتيل وكان حياً ... تشمَّر لا ألفُّ ولا شؤوم واللف في المطعم: الإكثار منه. وحديقة لفة، ويقال: ألفُّ والجمع الألفاف،

وهي الملتفة الشجر. وألفَّ الرجل رأسه تحت ثوبه كما يلف الطائر رأسه تحت جناحه؛ قال أمية: ومنهم مُلِفٌّ رأسه في جناحه ... يكاد بذكرى ربه يتقصد واللف: ما اجتمع من الناس من قبائل شتى؛ وجاء القوم بلفهم ولفيفهم [أي بجماعتهم وأخلاطهم]. واللف: ما لففوا من ههنا وههنا، كما يلفف الرجل شهود زور. اللُّبَانَة اللبانة: الحاجة من غير فاقة بل من همة، والجمع لبانات؛ قال امرؤ القيس: خليلي مراً بي على أم جندب ... نقض لبانات الفؤاد المعذَّب أي حاجات. قال عمرو بن كلثوم: تجور بذي اللبانة عن هواه ... إذا ذاقها حتى يلينا وقيل: اللبانة: بقية الحاجة، يقال: بقيت لنا لبانة من حاجة. ويقال: لبانة، وحاجة، ومأربة، ومأربة، وجمعها مآرب، وإربة أي حاجة. وقد أربت إلى الشيء آرب إرباً، أي حُجْتُ، ويقال: حاجة وحوْجاً، ولِوَجاً، ووطراً كله من الحاجة.

ويقال: وسيلة وأشكلة وشهلاء؛ قال: لم أقض حين ارتحلوا شهلائي من الكعاب الطفلة الحسناء اللَّبَن اللبن: معروف، وهو خلاص الجسد من بين الفرث والدم. وناقة لبون مُلْبِن إذا نزل لبنها في ضرعها. وكل شجرة لها ماء أبيض فهو لبنها. واللبْنَى: شجرة لها لبن كالعسل، يقال له: عسل اللبنى. واللبينى: اسم ابنة إبليس لعنه الله. واللَّبَان: الصدر؛ قال عنترة: فازورَّ من وقع القنا بلبانه ... وشكا إلي بعبرة وتحمحم لبانه: صدره، وقد يستعار للناس. واللبان: اللبن؛ قال الأعشى: رضيعي لبان ثدي أم فأقسما ... بأسحم داج عوض لا نتفرَّق آخر: دعتني أخاها أم عمرو ولم أكن ... أخاها ولم أرضع لها بلبان

وقال أبو الأسود: فإن لا يكنها أو تكنه فإنه ... أخوها غدته أمه بلبانها آخر: وأرضع حاجة بلبان أخرى ... كذاك الحاج ترضع باللبان واللبن: معروف، جمع لبنة. والتلبين: فعلك حين تضربه. واللبنة: رقعة في الجيب، وكل شيء رقعته فقد لبنته. وفرس ملبون: يسقى اللبن ورجل لابن تامر؛ قال الشاعر: وغررتني وزعمت أنك لابن بالصيف تامر أي ذو لبن وتمر. وقولهم: رضيت من حقي باللفاء أي دون الحق؛ ويقال: "رضيت من الوفاء باللفاء". قال أبو زبيد: فما أنا بالضعيف فتزدريني ... ولا حظي اللفاء ولا الخسيس وقولهم: ليلة ليلاء أي شديدة الظلمة، وليل أليل. والليلُ يُلَيّل إذا أظلم، ويقال: ليَّل الليل إذا اشتد

بظلمته، وهذه من ضرورة الشاعر: قالوا وخاثره يرد عليهم ... والليل مختلط الغياطل اليل والعرب تصغر الليلة وتؤنثها لييلية. وقولهم: لوى فلان غريمه أي مطله؛ يقال: لويته بحقه، ومطلتُه، ومعكْتُه، وطاولتُه، ودافعتُهُ، وسوفته. ولويته ليَّاناً ولياً، ومطاولة، ومدافعة، وتسويفاً، ومعكاً ودالكته مدالكة، كله جائز. وفي الحديث: "لي الواجد يحل عرضه وعقوبته". ومن أمثال العرب في الدَّين: "الأكل سلجان، والقضاء ليَّات"، أي كثير الأكل للديعن بطيء الرد؛ قال ذو الرمة: تطيلين ليَّاني وأنت ملية ... وأكثر يا ذات الوشاح التقاضيا آخر: تسيئين ليَّاني وأنت ملية ... لقد بعدت في الوصف حالك حاليا

أي حالك من حالي. تقول: بعد زيد عمراً، أي من عمرو. ومن أمثالهم: الأخذ سُرَّيطى والقضاء ضرَّيْطَي"؛ قال ابن الدمينة: وإن على الماء الذي تردانه ... غريماً لواني الدين منذ زمان أي مطلني. قال زهير: أردد يساراً ولا تعنف علي ولا ... تمعك بعرضك إن الغادر المعِكُ أي لا تمطلْني فكلما مطلتني هتكت عرضك. والمدالكة أيضاً: المدافعة. سئل الحسن: أيجوز للرجل أن يدالك امرأته؟ قال: نعم إذا كان ملفجاً، أي معدماً. قال: إذا ما رآني موسراً قال مرحباً ... فلما رآني ملفجاً مات مرحب يقال: لوى الحبل وغيره يلوي لياً، ولويت عن الأمر أي التويت عنه؛ قال: إذا التوى بي الأمر أو لويت من أين آتي الأمر إذ أتيت

واللوى- مقصور: داء يأخذ في المعدة من طعام؛ وقد لوي الرجل يلوي لوى شديداً، فهو لوٍ. واللواء- ممدود: لواء الوالي. ولوى الرَّمل- مقصور يكتب بالياء- وهو منقطعة؛ ويقال: قد الويتم فانزلوا، أي صرتم إلى لِوَى الرحل. الأمثال على اللام - "ليس لمكذوب رأي". - "لليدين وللفم". - "لتجدن فلاناً ألوى بعيد المستمر". - "لقد ذلَّ من بالت عليه الثعالب". - "لن يزال الناس بخير ما تباينوا، فإذا تساووا هلكوا". "لك [ما] أبكي ولا عبرة لي".

- "ليس عبد بأخ لك". - "ليس الهناء بالدس". - "ليس الري عن التشاف". - "لم يحرم من قصد له". - "ليس بعد الإسار إلا القتل". - "لو ذات سوار لطمتني". - "ليس هذا بعشك فادرجي". - "لبست له جلد النمر". - "لقيت فلاناً أول عين". - "لقيته أول عائنة".

- "لقيته أول وهلة". - "لقيته أول ذات يدين". - "لقيته أول صوك وبوك". - "لقيته أدنى ظلم". - "لقيته نقاباً". - "لقيته الالتقاط". - "لقيته صراحاً". - "لقيته كفاحاً وصقاباً". - "لقيته صحرة بحرة". - "لقيته بوحش إصمت". - "لقيته بين صيح ونفر". - "لقيته صكَّة عُمَيَّ".

- "لقيته في الفرط". - "لقيته عن عُفْر". - "لقيته عن هجر". - "لقيته بعيدات بين". - "لقيته ذات العُويم". - "لو تُرِك القطا لنام".

حرف الميم

حرف الميم

بسم الله الرحمن الرحيم الميم شفوية، وعددها في القرآن ستة وعشرون ألفاً وسبعمائة واثنان وعشرون ميماً، والحساب الكبير أربعون، وفي الصغير أربعة. وهي أخت الباء، وقد تبدل إحداهما من الأخرى في بعض الكلام مثل: لازم ولازب، وسمَّد رأسه وسبَّد، وغير ذلك مما قد مضى في الكتاب. وبنات مخر وبنات بخر وهي سحائب بيض يجئن في الصيف، والمحُّ والبُحُّ: صفرة البيض. من حرف من أدوات الكلام، وهو حرف جر، وهو مبتدأ الغاية كما أن إلى لُمنتهى الغاية، تقول: لزيد من الحائط [إلى الحائط]، فقد بيَّنت به طرفي ما له، لأنك ابتدأت بمن وانتهيت بإلى. وكذلك: خرجت من العراق إلى مكة. عن ثعلب: إذا قال الرجل: علي لزيد من درهم إلى عشرة، فجائز أن يكون عليه ثمانية إذا أخرجت الحدَّين، وأن يكون عليه عشرة إذا أدخلت الحدين، وأن يكون عليه تسعة إذا أدخلت حداً وأخرجت حداً. [وقد اختلفت العرب في مِنْ إذا كان بعدها ألف الوصل، فبعضهم يفتح النون، فيقول:] ومن الماء، فتح نونها لكسر الميم كراهية كسرتين في حرف في قول بعضهم. ويدخل عليهم في هذا قول القائل: إن الله (مكَّنَني فعلت) فكسرهما. قال الأخفش: فتحوا النون لاجتماع الساكنين أيضاً. وقول ثالث: إن أصل مِنْ مِنَا، وأنشد:

منا أن ذر قرن الشمس حتى فحذفوا الألف من منا، وقد ذكرته في باب المنقول. ومِنْ تكون صلة، كقوله تعالى: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} أي اتخذوا مقام إبراهيم مصلى؛ ومثله: {وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ}، ومثله: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ}. وفي هذا الموضع من صلة، ومثله كثير. والعرب تُلقي الميم من الكلمة لأنها تعيده إلى أصل الكلام، ومنه قوله تعالى: {وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ}. وقال أبو عبيدة: "مجازها [مجاز] ملاقح لأن الريح ملقحة للسحاب"، قال: أنشد جرير: لَيِبْكِ يزيداً بائس ذو ضراعة ... وأشعث ممن طوَّحته الطوائح أراد: المطاوح، فحذف الميم.

مَنْ مَنْ: حرف من أدوات الكلام يعني الواحد والاثنين والجمع، تقول: مَنْ أباك؟ ومن أبتاك؟ ومن أبوك؟ قال الله تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ} فأخبر عن الواحد بمَنْ، وقال: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ} فأخبر عن الجمع بمَنْ. وقال الفرزدق: تعال فإن عاهدتني لا تخونني ... نكن مثل من يا ذئب يصطحبان فأخبر عن الاثنين. وقال آخر: اليوم يرحمنا من كان يغبطنا ... واليوم نتبع من كانوا لنا تبعا فأخبر بمن عن الجمع. وقوله تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ} فأخبر عن واحد، وقال: {فلما آتاهُمْ} فأخبر عن الجمع، وقال: {وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ} فأخبر عن المؤنث بمَنْ. فإن قال لك قائل: رأيت رجلاً، قلت: منا، وإن قال: رأيت رجلين، قلت: منين، وإذا قال: رأيت رجالاً، قلت: منين. وإذا قال: هذا رجل، قلت: من يا هذا، وإذا قال: هذان رجلان قلت: منان يا هذا، وإذا قال: هؤلاء رجال، قلت: منُون يا

هذا. قال الشاعر: أتوا ناري فقلت: منون أنتم ... فقالوا: الجنُّ، قلت: عموا ظلاما فجعلهم منكورين، فإذا كانوا معروفين قلت: مَنْ، في الواحد والجمع والمذكر ولامؤنث، ومنه قوله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً}، فدخل تحت من الواحد والجمع والذَّكر والأنثى. وتقول: من يضربك، على لفظ الواحد، ومن تضربنك بمعنى الجماعة، لأن من تكون واحدة وثنتين وجماعة مذكرة ومؤنثة. وإن قلت في المرأة: من كلَّمتك، وإن شئت قلت: مَنْ كلَّموك، على معنى الجماعة، وإن شئت قلت: من كلَّمك، تعني جماعة؛ كله جائز. ومَنْ من حروف الجزاء، تقول: من يأتني آته، جزماً لاستوائهم في المعنى، وتعلّق الأول بالثاني. ومنه قوله تعالى: {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً} فجزمهما. وتقول: من يأتيني آتيه، فمجازه: الذي يأتيني آتيه ولا يجازى بها إذا كانت بمعنى الذي، قال الشاعر: فمن يميل أمال الله ذروته ... حيث التقى في حفافي رأسه الشعر تقول: من يأتني آتيه، المعنى: آتيه من يأتني، قال الشاعر:

فقيل: تحمَّل فوق طوقك إنها ... مطبعة من يأتها لا يضيرها مجازه: لا يضيرها من يأتها. وتقول: من يأتني آته أكرمه، فتجزم كلام الطرفين وذلك على البدل، مجازه: من يأتني: يكرمني، آته: أكرمه. ومنه: {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً، يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ} على البدل. وتقول: من يأتني آته وأكرِمْه وأكرِمُهُ وأكرِمَهُ، فالجزم على العطف على الأول، والرفع على الاستئناف، والنصب على طول الكلام، ومنه قوله تعالى: {أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِمَا كَسَبُوا وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ، وَيَعْلَمَ الَّذِينَ}؛ قال حسان بن ثابت: فإن لم أصدق ظنكم بتيقن ... فلا سقت الأوصال مني الرواعد ويعلم أكفائي من الناس أنني ... أنا الفارس الحامي الذمار المذاود في: يعلم، الإعراب كله. قال الأعشى: ومن يغترب عن قومه لا يزل يرى ... مصارع مظلوم مجراً ومسحباً وتدفن فيه الصالحات وإن يسئ ... يكن ما أساء النار في رأس كوكبا

في: تدفن، الثلاثة الأوجه: الجزم على العطف، والرفع على الاستئناف، والنصب على الخروج من الوصف. ومن للناس [وغيرهم]، تقول: من مرَّ بك اليوم من الناس؟ ومن مر بك من الإبل؟ وقد تجيء ما في موضع من أيضاً. ومن إذا كانت إخباراً احتاجت إلى صلة لأنك إذا قلت: أتاني من، ليس بكلام تام حتى تقول: من في الدار، أو من هو كذا، فتختصه بصلة فيتم. وإذا كانت من استفهاماً أو مجازاة لم تحتج إلى صلة؛ لأنك تستفهم، والتفسير على المسؤول لا على السائل. ألا ترى أنه إذا قال: من عندك؟ أنك تقول له: فلان أو زيد. قدّم التفسير المسؤول لا السائل، ولذلك استغنت مَنْ في الاستفهام عن الصلة. فإن قلت: مَنْ عندك؟ فإن عندك [ليست] صلة مَنْ؛ لأن مَنْ وما اسمان مبتدآن، وما بعدهما خبر لهما. وكذلك قولك: من يأتني آته، لا يحتاج إلى صلة لأنك مشترط، إنما أردت أن تقول: إن كان منك إتيان كان مني مثله. فلما كان من وما في هذا المعنى استغنى عن الصلة. ومن قد تكون بمعنى الجَحْد وإن كان لفظها استفهاماً، كقوله تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ مِنْ اللَّهِ حُكْماً} أي ليس [أحد] أحسن من الله حكماً؛ ومثله: من أعرف من زيد؟ أي ليس أحد أعرف منه. ما ما ومن أصلهما واحد؛ قال أبو عبيدة في قوله تعالى: {وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ

وَالأُنْثَى}، وقوله: {وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا، وَالأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا، وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا} هي في هذه المواضع بمعنى مَنْ. قال أبو عمرو: وهي بمعنى الذي، قال: وأهل مكة يقولون إذا سمعوا الرعد: سبحان ما سبحت له. قال الفراء: أراد وخلقه الذكر والأنثى، وزعم أنه في قراءة بعضهم: وما خلق الذكر والأنثى. قال ابن الأنباري: من لا تكون إلا للناس، وما لغير الناس ولا يكون للناس، تقول: ما أكلت خبزٌ، تجعله لغير الناس؛ ولا يجوز: ما ضربت زيد، لأنها لا تكون للناس. وما حرف تكون جحداً وجزاء وصلة واسماً غير آدمي. وهي ترفع الاسم وتنصب الخبر في قول أهل الحجاز إذا حسن في الخبر الباء، تقول: ما زيد أخانا، لأنك تقول: ما زيد بأخينا. وفي القرآن: {مَا هَذَا بَشَراً} لأن الباء تحسن فيه، تقول: ما هذا ببشر. وتميم ترفع [خبر] ما، تقول: ما زيد أخونا، جعلوها حرفاً مثل إنما وهل. وعلى هذا قراءتهم: ما هذا بشرٌ، إلا من عرف كيف الآية مكتوبة في المصحف. قال الشاعر: أتيما تجعلون إلي نداً ... وما تيم لذى حسب نديد فهذا على لغة تميم، ولو كانت حجازية كان: نديداً. وتقول: ما عمرو إلا أخونا، فيستوي في اللغتين. وفي القرآن: {ما هُوَ إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُكُمْ} و {وَمَا أَمْرُنَا إِلاَّ وَاحِدَةٌ}، الباء لا تحسن فيها إلا: ما عبد الله إلا

بأخينا. فإن قدّمت الخبر في باب ما رفعت، فقلت: ما قائم زيد، رفعت الخبر لأن الباء لا تحسن فيه، وتقول: ما مسيء من أعتب، وما حسن أن تشتم الناس؛ لأنك قدّمت الخبر، فرفعت لأن الباء لا تحسن فيه. لا تقول: ما بمسيء من أعتب، وما بحسن أن تشتم الناس؛ قال الشاعر: وما حسن أن يمدح المرء نفسه ... ولكن أخلاقاً تذمُّ وتمدح وتقول: ما من أعتب مسيئاً، وما أن تشتم الناس حسناً لأن الباء تحسن فيه وقد قدمت الاسم. وتقول: ما كل سوداء تمرة، وما كل بيضاء شحمة، تنصب بيضاء وسوداء، لأن فعلاء لا تنصرف في معرفة ولا في نكرة، وكل لا تقع إلا على نكرة. فإن قلت: ما كل سودءا تمرة ولا كل بيضاء شحمة، فالرفع أجود في الثاني، ويجوز النصب على أن تحمله على المعنى الأول، فتقول: ما عبد الله نِعْم الرجل ولا قريباً من ذلك، نصبت قريباً على العطف على موضع خبر ما؛ وما نِعْم الرجل عبد الله ولا قريب من ذلك، فترفع لأنك قدّمت الخبر في باب ما، فعطف قولك: ولا قريب، عليه. وتقع ما خمس مواقع: تقع اسماً، وتقع بمعنى الجَحْد بمعنى ليس. فالاسم

في قوله تعالى: {أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}. وقوله: {أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ} و {أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ} معناه: أحسن الذي، وأين الذي كنتم تشركون وتعبدون. وبمعنى أي قولك: ما هيَّج شوقك؟ أردت: أي شيء هيَّج شوقك؛ قال العجاج: ما هاج أحزاناً وشجواً قد شجا من طلل كالأتحمي أنهجا كأنه أراد: أي شيء هيج أحزاناً. وبمعنى الصلة قوله تعالى: {أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُّمْ الْمَوْتُ}، مجازه أين تكونوا، وما: صلة. ومثله: {أَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} [أي] أين تولوا فثمَّ وجه الله ومثله: {فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ} أي فبنقضهم؛ ومثله: {مَثَلاً مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا}. قال أبو عبيدة: "ما: توكيد للكلام من الحروف الزوائد" وأنشد للنابغة:

قالت: ألا ليتما هذا الحمام لنا ... إلى حمامتنا أو نصفه فقد ما: حشو. ولغة تميم [ما بعوضة] فيعملون ما. وسأل يونس رؤبة بن العجاج عن قوله: {ما بَعُوضَة} فرفعها، وأنشد بيت النابغة: ألا ليتما هذا الحمام لنا". وقد قرئ {مَا بَعُوضَةٌ} بالرفع، بمعنى الذي هو بعوضة. وقال ثعلب: نصب بعوضة بمعنى بين، والمعنى: ما بين بعوضة فما فوقها، فلما أسقط الخافض نصبه، كقولهم: مُطِرنا ما زبالة فالثعلبية، والمعنى ما بين زبالة فالثعلبية؛ قال: وقال بعض موضع ما نصب بوقوع الضرب عليها، وبجعل بعوضة بدلاً منها. قال بعض: ما صلة، والمعنى: مثلاً بعوضة فما فوقها، وما: صلة. فالعرب تصل كلامها بما إذا جاءت وسطه، فيكون دخولها وخروجها واحداً لا يعمل شيئاً؛ قال مهلهل: لو بأبانين [جاء] يخطبها ... ضرّج ما أنف خاطب بدم والمعنى: رمل أنف خاطب. قال الفراء: "نصب بعوضة من ثلاثة أوجه: أولها: أن توقع الضرب على البعوضة، وتجعل ما صلة؛ كقوله تعالى: {عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ} يريد عن قليل.

والثاني: أن تجعل ما اسماً كالذي، وتكون البعوضة صلة، وذلك جائز في ما ومَنْ، لأنهما يكونان معرفة في حال ونكرة في حال، فإذا كانا نكرة نصبت صلتهما اتباعاً لهما، وكذلك إن كانا معرفتين لأن اللفظ واحد. والعرب تقول: كل الشراب اشرب، فدع ما لبناً قارصاً، وما لبن قارص. [والثالث]: قال الفراء والكسائي: وأحب إلينا أن تجعل لما معنى ما بين بعوضة إلى ما فوقها. والعرب إذا أسقطت (بين) من كلام تصلح [إلى] في آخره نصبوا الحرفين اللذين كانا محفوظين أحدهما بـ (بيْن) والآخر بـ (إلى). قال الكسائي: وهذا كلام أهل الحجاز ومن دونهم حتى ينتهي إلى تميم، يقولون: له عشرة ما ابناً وابنة، وعشر من الإبل ما ناقة فجملاً، ومُطرنا ما زبالة فالثعلبية. قال: وسمعت أعرابياً يقول ورأى الهلال: الحمد لله ما إهلالك إلى سرارك، فنصبوا الحرف الذي كان مخفوضاً بـ (بين) وبـ (إلى)، وأنشد: يا أحسن الناس ما قرناً إلى قدم ... إلا وصال محب عاشق تصل أراد: ما بين قرن إلى قدم". وقال الفراء: من قال: سر بنا ما زبالة فالثعلبية، لم يسقط ما لأنها هي الحد بين الموضعين فلا يجوز إسقاطها. وقال ابن الأنباري: ما في الكلام تكون توكيداً، وهي التي يسميها العوام صلة. ولا أستحب أن أقول: في القرآن صلة، لأنه ليس في القرآن حرف إلا له معنى، ومنه

قوله: {مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا} لأن ما توكيد، والمعنى: من خطاياهم أغرقوا. ومنه قوله تعالى: {أَيَّمَا الأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ} ما: توكيد أي الأجلين، ومثله: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنْ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ} ما: توكيد، والمعنى فبرحمة، ومثله: {أَيّاً مَا تَدْعُوا}، ومثله كثير. قال الزجاج: في نصب بعوضة ثلاثة أقاويل، أجودها أن تكون (ما) زائدة، كأنه قال: أن يضرب بعوضة مثلاً، ومثلاً بعوضة، وما توكيد، ومثلها إلا في قوله: {لئَلاّ يَعْلَمَ} المعنى: لأن يعلم. ويجوز أن تكون ما نكرة فيكون المعنى: أن يضرب مثلاً شيئاً بعوضة. قال بعض النحويين: يجوز أن يكون معناه: ما من بعوضة إلى من فوقها. قال: والقولان الأولان قول النحويين القدماء. والاختيار عند جميع النحويين البصريين أن تكون ما لغواً، والرفع في بعوضة جائز في الإعراب، قال: ولا أحفظ قرأ به أحد أم لا. قال الجبائي المقرئ: قرأ به الأعرج. قال الزجاج: فالرفع على إضمار: هو، كأنه قال: مثلاً الذي هو بعوضة، وهذا ضعيف عند سيبويه. وما قد تجيء صلة في كلام العرب وأشعارها، قال عنترة: يا شاة ما قنص لمن حلَّت له ... حرمت علي وليتها لم تحرم قال ابن الأنباري: ما صلة للكلام، والمعنى: يا شاة قنصٍ.

ويجوز أن تكون ما في موضع خفض بإضافة الشاة إليها، وقنص: منخفض على الإتباع لما، كما تقول: نظرت إلى ما معجب لك، أي إلى شيء معجب لك. وأنشده الكسائي: يا شاة من قنص ... (البيت) زعم أنه أراد: يا شاة من يقنص، كأنه قال: يا شاة مقتنص، لأن من عنده لا تكون حشواً ولا لغاً، وأنشد الكسائي والفراء: آل الزبير سنام المجد قد علمت ... ذاك القبائل والأثرون من عددا وللزجاج في قوله: {مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا} قولان: أحدهما: فوقها [والآخر] أكبر منها، وقالوا: أصغر. وبعض النحويين يختار الأول لأن البعوضة نهاية في الصغر ومما يضرب به المثل. والثاني مختار أيضاً لأن المطلوب والغرض ههنا الصغر والتقليل. وقال الفراء. والثاني مختار أيضاً لأن المطلوب والغرض ههنا الصغر والتقليل. وقال الفراء: فما فوقها، يريد أكبر منها وهو الذباب والعنكبوت، وبه جاء التفسير. قال: ولو جُعِلت في الكلام: فما فوقها، أصغر منها لجاز. قال الجُبَّائي: العرب تقول: الأمر فوق ما يقال، إذا كان أكبر، والأمر فوق ما يقال، أي دون ما يقال. وأما إذا كانت إخباراً احتاجت إلى صلة، لأنك تقول: أكلت، ما علم المخاطب أنك تريد أن تخبره بما أكلت، فأبهمت حتى تقول ما أكلت أو ما بدا لك أن تقول من ذلك فتفسره. وإذا كانت (ما) في الاستفهام أو في المجازاة لم تحتج إلى صلة لأنك تستفهم، فالتفسير والبيان على المسؤول لا على السائل. ألا ترى أنه إذا قال: ما عندك؟ [أنك

تقول له: كذا أو كذا. قدم التفسير المسؤول لا السائل، ولذلك استغنت ما في الاستفهام عن الصلة. فإن قلت: ما عندك؟ فإن عندك ليست صلة ما، لأن من وما اسمان مبتدان، وما بعدهما خبر لهما] وكذلك إذا قلت: ما [تصنع] أصنع، فإن ما لا تحتاج إلى صلة لأنك مشترط، إنما أردت أن تقول: إن كان منك صنع كان مني مثله. فلما كان ما في مثل هذا المعنى استغنى عن الصلة. ومن مثل ما في جميع ما ذكرته فيها. [ماذا] وقوله تعالى: {مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلاً}، قال ثعلب: وماذا، تكون كلمة واحدة، المعنى: أي شيء، وهو في موضع رفع لأنها بمعنى الاستفهام. وبعضهم يجعل ماذا كلمتين، قال ابن الأنباري: حجة من جعلها حرفاً واحداً قول الشاعر: ذري ماذا علمت سأتقيه ... ولكن بالمغيَّب نبئيني ويروى: قبّليني. أراد: ذري ما علمت، فجعل ماذا حرفاً واحداً، هذا قول الأخفش. قال: والذي أذهب إليه في هذا البيت أن تكون (ما) صلة، وذا بمعنى الذي، كأنه قال:

ذري الذي علمت. وأنشد الفراء: يا خزر تغلب ماذا بال نسوتكم ... لا يستفقن إلى الديرين تحنانا وإنما جعلوا (ماذا) حرفاً واحداً لأن (ما) عامة تقع على كل الأشياء، و (ذا) عامة تقع على كل الأشياء، فلما اتفقا من جهة العموم ضمّا واحداً، هكذا حكى أبو العباس. رجع إلى مواقع وقوعها صلة كقول الشاعر: ولدنا بني العنقاء وابني محرِّق ... فأكرم بنا خالاً وأكرم بنا ابنما كأنه قال: فأكرم بنا ابناً وقد تقدم ذكر هذا الوجه. وتقع بمعنى قد في قوله تعالى: {وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ} أي فيما قد. وبمعنى ليس قوله: {مَا هَذَا بَشَراً}، وقد تقدم. مَهْ مَهْ: كلمة يراد بها كف المتكلم مما يقول، بمنزلة صه، وقد جاءت عن النبي صلى الله عليه في بعض كلامه، وعن غيره، وعن العرب. وذكرت عائشة يوماً

علياً فمدحته، فعوتبت على مسيرها، فقالت لمعاتبها: مَهْ، تلك مصيدة من مصايد الشيطان أبرأ إلى الله منها، كأنها أرادت بقولها: مَهْ، أي كُفَّ وأمسك عن هذا. مَهْيَمْ مهيم: كلمة يراد بها الاستفهام، تقول لآخر: مهيم، إذا أنكرت منه حالاً، أي: ما وراءك؟ وقيل: "دخل عبد الرحمن بن عوف على النبي صلى الله عليه وسلم وضراً من وضر مرق، فقال: مهيم؟ قال: تزوجت امرأة من الأنصار على نواة من ذهب، فقال: أبكر أم ثيب؟ فقال: بل ثيب يا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: هلا تزوجتها بكراً تداعبك وتداعبها. ثم قال له: أوْلِمْ ولو بشاة". وفي خبر أبي: "وعليه ردعاً من خلوق". الوضر: وسخ الدم واللبن وغسالة السقاء ونحوه، فكأنه بمعنى الأثر أثر صفرة: والرَّدع: أن تردع المرأة ثوباً بطيب أو زعفران، قال: ورادعة بالطيب صفراء عندنا ... لجس الندامى في يد الدرع مفتق وقوله: مهيم، كأنها يمانية معناها: ما أمرك؟ وما هذا الذي بك؟ ونحو هذا من الكلام. والنواة من الذهب قيمتها خمسة دراهم، ولم يكن ثمَّ ذهب، سميت نواة، كما يسمون الأربعين أوقية، والعشرون تسمى: نشاً، قال: من نسوة مهورهن النش

مَهَهٌ ومَهَاهٌ المهه ولامهاه: الشيء اليسير؛ لغتان. وفي مثل للعرب: "كل شيء مهه ومهاه، ما النساء وذكرهن" يقول: إن الحر يحتمل كل شيء حتى يأتي ذكر حرمه فيتمعض حينئذ ولا يحتمله؛ قال عِمران بن حطان: فليس لعيشنا هذا مهاه ... وليست دارنا الدنيا بدار وقال أوس بن حارثة لابنه مالك: يا مالك، من كرم الكريم الدفع عن الحريم. والمهاة: اللؤلؤة؛ والمهاة: بقرة الوحش. مَهْما مهما: بمنزلة ما في الجزاء، ومنه: {مَهْمَا تَاتِنَا بِهِ مِنْ آيَةٍ} أي: ما تأتنا. قال الخليل: هي (ما) أدخلت عليه (ما) ثانية لغواً، كما دخلت في متى لغواً، تقول: متى ما تأت زيداً يأتك؛ وكما أدخلت ما مع أي لغواً [مثل] قوله تعالى: {أَيّاً مَا تَدْعُوا} أي: أياً تدعوا. قال: ولكنهم استقبحوا أن يقولوا: ما ما، فأبدلوا الهاء من الألف الأولى.

قال سيبويه: "يجوز أن تكون مَهْ [كإذ] ضم إليها ما". قال ابن الأنباري: إن أصل [مهما] مَهْ ما، فأبدلوا هاء من الألف، ووصلوا مَهْ بما فدلت على المعنى. وقيل: أصلها ما ما، فثقل ذلك، فأبدلوا من الألف الأولى هاء ليفرقوا بين اللفظتين. وقيل في قوله تعالى: {مَهْمَا تَاتِنَا بِهِ} يعني بـ (مَهْ): كُفَّ، ثم ابتدأ: ما تأتنا به وعلى هذا يحسن الوقف على مَهْ. قال ابن الأنباري: الاختيار عندي أن لا يوقف على مَهْ دون ما؛ لأنهما في المصحف حرف واحد. قال امرؤ القيس: أغرّك مني أن حُبَّك قاتلي ... وأنك مهما تأمري القلب يفعل لفظ أغرَّك استفهام ومعناه التقرير؛ كقول جرير: ألستم خير من ركب المطايا ... وأندى العالمين بطون راح مَهْمَن مهمن: بمنزلة مهما في المعنى، وهي من حروف الجزاء أيضاً؛ قال حاتم: أماوي مهمن يسمع من صديقه ... أقاويل هذا الناس ماوي يندم تقول: مهما تقم أقم إليه، ومهمن تقم أقم إليه، هما سواء؛ قال زهير:

ومهما تكن عند امرئ من خليقة ... وإن خالها تخفى على الناس تُعلم متى متى: حرف استفهام عن المواقيت؛ إذا قلت لآخر: متى تخرج؟ قال: يوم كذا؛ ومتى خرج القوم؟ أي في أي وقت أو حين. ومنه قوله تعالى: {مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}. قال: متى تقول خلت من أهلها الدار ... كأنهم بجناحي طائر طاروا ويكون بمعنى وسط هذلية؛ يقال: وضعته في متى كمي [أي] في وسطه. قال أبو ذؤيب: شربن بماء البحر ثم ترفعت ... متى لجج خضر لهن نئيج النئيج: المر السريع. ومتى تكتب بالياء، فإن وصلتها بما الزائدة كتبتها بالألف لا غير، كقولك: متا ما تأت آتك. لما صارت الألف من متا متوسطة لاتصال ما بها كتبت على اللفظ؛ لأن التغيير ألزم لآخر الكلمة. ألا ترى أنك تكتب رمى وما أشبهه بالياء فإذا وصلته بمضمر كتبته بالألف، نحو رماك ورماه ورمانا، وكذلك كل ما تكتب من اسم أو فعل.

وهي أيضاً حرف جزاء مثل مهما ومهمن وأخواتها، وكذلك متاما؛ قال: متى تأتنا تلمم بنا في ديارنا ... تجد حطباً جزلاً وناراً تأججا فجزم تلمم على البدل من تأتنا. وأما قول الحطيئة: متى تأته تعشو إلى ضوء ناره ... تجد خير نار عندها خير موقد مجازه: متى تأته عاشياً، فصرف من منصوب إلى مرفوع. وفي القرآن: {نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَاكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ} أي آكلة. وجواب الأمر والنهي والتمني والاستفهام جزم مثل جواب الجزاء، تقول: ائتنا نُكْرِمْكَ؛ ومنه قوله تعالى: {ذَرْهُمْ يَاكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا} و {فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا}؛ قال الشاعر: إذا رأيت بواد حيَّة ذكراً ... فاذهب ودعني أمارس حيَّة الوادي جزم أمارس لأنه جواب الأمر. وأما قوله تعالى: {ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ} فإنما كانوا يلعبون، فقال: ذرهم، ولم يجعله جواباً. كقولك: ذرهما يأكلا؛ أي [إذا] تركتهما أكلا؛ قال: فقلت: سر نحو أرض تستفيد بها ... مالاً يفرج عنك الغمَّ إذ حضرا

فقال: تستفيد، كأنه كان قد أغذ في السير. ومتى: اسم غير متمكن بإجماع النحويين، وهو ظرف زمان. والدليل على أنه اسم أنه يجوز إدخال الجر عليه. ألا ترى أنك تقول: مذ متى، ومنْ متى، وحتى متى، وإلى متى؟ فهذا دليل واضح. ودليل آخر: لو قال قائل: متى الخروج؟ قلت: يوم الجمعة؛ فيوم الجمعة اسم، فلو كان متى حرفاً لما جاز أن يكون الجواب اسماً لأن الاسم يكون جواباً للاسم، والظرف للظرف، والحرف للحرف، ولا يدخل هذا في هذا. ودليل آخر: أن الحرف مع الاسم لا يكون تحتهما فائدة، نحو قولك: في الدار، وسكت. فلو كان متى حرفاً لما جاز: متى الخروج؟ وسكت. فلما جاز ذلك قلنا: إنه اسم، لأن الاسم مع الاسم تحصل تحتهما فائدة. مسألة سئل الشيخ أبو الحسن أحمد بن إبراهيم المتلعثم عن قول الشماخ: متى ما تقع أرساغه مطمئنة ... على حجر يرفض أو يتدحرج قال: جزم تقع بالشرط، وموضع يرفض مجزوم بالجزاء ولكنه لما كان حرفا ثقيلاً، وهو الذي يسميه النحويون المضعَّف المشدد، وهذه الضاد حرفان لأن الحرف الثقيل يُعد حرفين: الأول ساكن، والآخر متحرك، ومتى اعتبرت ذلك وجدته صحيحاً. ألا ترى أنك إذا جعلت الفعل لنفسك، وكان ماضياً قلت: ارفضضت وانتضضْتُ واسودَدْتُ، فيصير الحرف الواحد حرفين، ويزول الإدغام؟ فلما كان حرفين: أولهما ساكن، وسكن الثاني بالجزم، قد احتاج اللسان إلى الإدراج، وأن يصل هذا الحرف بكلام، فاحتاجوا إلى حركة أوقعوها عليه ليكون

سلَّماً للسان إلى النطق بالإدراج، فألقوا عليه الفتحة لأنها أخف الحركات، فقالوا: يرفض، والموضع جزم كما وصفنا. مُذ مذ: حجازية، ترفع ما مضى، وتجر ما أنت فيه. تقول فيما مضى: ما رأيته مُذ يومان، ومُذ شهران، ومُذ سنتان؛ قال الفرزدق: إني وجدت بني كليب إنما ... خلقوا وأمك مذ ثلاث ليال فرفع بمذ ما مضى. وفيما أنت فيه يقولون: ما رأيته مذ اليوم، ومذ الليلة، ومذ الساعة؛ ذهبوا بها مذهب مِنْ. مُنْذُ منذ: لغة السافلة وعلياء مضر، يجرون بها ما مضى وما لم يمض، فيقولون: ما رأيته منذ يومين، وشهرين، ومنذ الساعة؛ قال الشاعر: لعمري إنني وأبا رباح ... على طول التهاجر منذ حين ليبغضني وأبغضه وأيضاً ... يراني دونه وأراه دوني فجرَّ بمنذ ما مضى. فإذا جمعت بين مذ ومنذ قلت: ما رأيته مذ يومان ومنذ ليلتين؛ ومذ شهران ومنذ سنتين؛ قال امرؤ القيس: قفا نَبْكِ من ذكْرَى حبيب وعرفان ... ورسم عفت آياته منذ أزمان

خفض بها الماضي، وهو الاختيار. ومنهم من يكسر ميم منذ ويرفع بها؛ يقول: ما رأيته منذ يومان ومنذ شهران، وهم بنو سليم؛ حكي عنهم: ما رأيته منذ ست. فإذا لقي مذ اسم فيه ألف ولام كان للعرب فيه لغتان: أفصحهما ضم الذال، والأخرى كسرها؛ فيقولون: ما رأيته مذ اليومان، ومذ اليومان اللذان تعرفهما. وأصل مذ منذ، حذفت النون استخفافاً. وأصلها (من إذ)، فحذفت الهمزة، وجعلت من والذال شيئاً واحداً. وهما للزمان، وذلك أنك إذا قلت: ما رأيته مذ دهر. فإنما أخبرت بالوقت الذي رأيته فيه من الزمان؛ وكذلك منذ. ومنهم من يجعلها اسماً بالوقت الذي رأيته فيه من الزمان؛ وكذلك منذ. ومنهم من يجعلها اسماً، وذلك أنه إذا قال: ما رأيته مذ أيام، فإنما معناه الذي بيني وبين الغاية أيام. ومنذ مرفوعة الذال على توهم الغاية. وغاية كل شيء: محبَّته، وحالته التي ينتهي إليها أمره. مَعَ مع: حرف يضم به الشيء إلى الشيء؛ تقول: هذا مع هذا. وهو من حروف الجر، وهو للصحبة أيضاً؛ لأنك إذا قلت: كنت معه، فقد صحبته. وقولك: هما وهم معاً، وهي معاً، تريد به جميعاً. قال متمم بن نويرة: فلما تفرَّقنا كأني ومالكاً ... لطول اجتماع لم نبت ليلة معا وقال عبد الله بن [عُمَر] يرثي أخاه:

فليت المنايا كن خلفن عاصماً ... فعشنا جميعاً أو ذهبن بنا معاً أي: جميعاً. وفي مع لغات: فتح العين وهو أفصح وأكثر، وبه يقرأ؛ وجزمها لغة ربيعة؛ وأنشد: ومن يتق فإن الله معه ... ورزق الله غاد ثم رائح فصل اعلم أن كل اسم أوله ميم مما يشغل ويعمل به فهو مكسور الأول، نحو: ملحفة ومِلْحف، ومِطرقة ومطرق، ومروحة ومروح، ومرآة والعدد مرائي فإذا كثرت مرايا، ومبرد ومِحلب الذي يحلب فيه، ومخرز ومقطع ومخيط؛ إلا أحرفاً نوادر بالضم، [نحو]: مدهن ومنخل ومسعط ومدق ومكحل. وتقول للمكنسة: مسفرة ومجولة ومجرفة ومقمَّة ومخمَّة. وتقول: هذه مكسحة ومكنسة، ومرفقة ومخدة وميثرة ومزودة وميرة وهي الطعام والعلف. وتقول: مطبخ، ومربط، ومنارة وهي شمعة السراج، وهي أيضاً ما توضع عليها المسرجة. وهي مدة الدواة، ومدة الجرح، ومدة من الغاية. وملأت الإناء ملئاً بالفتح، والملء بالكسر: ما يأخذه الإناء من الماء وغيره.

والمِسْك- بالكسر: الطيب، وبالفتح: جلد الشاة، والمُسْك: ما يمسك من رمق. ويقال: مُصحف ومَصحف ومِصحف، والكسر أفصح. ومِقبض ومَقبض، ومِضرب ومَضرب، ومَنْسَك ومَنْسِك، ومَسْكَن ومَسْكِن، ومَطلع ومطلع، ومحشر، ومنخَر ومنخِر، ومِدية، ومُدية ومِغسَل ومَغسِل حيث يُغسل الموتى، ومَسْجِد ومِسْجَد، ومِقص وهو المقراض ومقص وهو الموضع الذي يُقص فيه. ومأرُبة ومأرَبَة، ومَقبِرة ومقبُرَة، ومَقدَرة ومَقْدِرَة ومَقْدُرَة. وبينهما معرفة ومعرَفة، ومعرَكة ومعرُكة، ومعونَة ومعانة، ومعتِبة ومعتبَةَ، ومهلكَة ومهكِلَة ومهْلُكَة، ومذَمَّة ومذِمَّة. وقولهم: في اسم الله تعالى: المؤمن [المهيمن] المؤمن: فيه ثلاثة أقوال: قال الكلبي: هو الذي لا يُخاف ظلمه. وقال بعض أهل اللغة: هو الذي أمِن أولياؤه عذابه؛ وأنشد: والمؤمن العائذات الطَّير يمسحها ... ركبان مكة بين الغيل والسند قال ثعلب: المؤمن عند العرب المصدق، يذهب إلى [أن] الله تعالى يصدق

عباده المؤمنين، أي يصدقهم. المهيمن: القائم على خلقه؛ قال: ألا إن خير الناس بعد نبيه ... مهيمنه التاليه في العرف والنُّكر يعني القائم على الناس بعده. ومنه قوله تعالى: {وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ}. وفي المهيمن خمسة أقوال: قيل: الرقيب؛ [يقال]: هيمن الرجل يهيمن هيمنة، إذا كان رقيباً على الشيء. وقيل: {وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ} إذا كان قباناً على الكتب. قال أهل اللغة: القبّان لا أصل له في العربية، إنما هو القفّان، وهو المتحفظ على الأمور. قال ابن الأعرابي: القفان: الأمين، وهو فارسي معرب. وقال بعض النحويين: مهيمن ومؤيمن، أبدلوا من الهمزة هاء، كما قالوا: أرقت الماء وهرقته، وإياك وهياك؛ قال: يا خال هلا قلت إذ أعطيتني ... هياك هياك وحنواء العنق آخر: فهياك والأمر الذي إن توسعت ... موارده ضاقت عليك المصادر قال ابن الأنباري: وزن مهيمن مفيعل، وعلى مثاله مسيطر وهو المسلط،

ومبيطر وهو البيطار، والمبيقر من قولهم: بيقر الرجل إذا أفسد، ويبقر أيضاً إذا أسرع في ماله ومشيه، وتبقَّر إذا دخل الحضر. والمديبر من الإدبار والتخلف، والمجيمر اسم جبل. وقولهم في اسم النبي صلى الله عليه وسلم: محمد محمد: مفعَّل من الحمد، يقال: حمَّدت الرجل أحمده إذا حمدته مرة بعد مرة، فأنا محمِّد وهو محمَّد. ويقال: كانت امرأة أبي لهب تسمي النبي صلى الله عليه وسلم: مذمما ضد محمد، وكانت قريش تؤذيه وتلعن هذا الاسم، فيقول صلى الله عليه وسلم إذا سمعه أو بلغه: الحمد لله الذي كف عني شرهم، إنما يشتمون مذمما وأنا محمد. قال حسان بن ثابت الأنصاري: يخبره رب العباد بعلمه ... على خلقه والله يقضي ويشهد فشق له من اسمه كي يجلَّه ... فذو العرش محمود وهذا محمَّد ويقال: له صلى الله عليه وسلم عشرة أسماء: محمد، وأحمد، والعاقب، والحاشر. وفي السريانية المنجونيا، وبالرومية البرفليطس، وبالعبرانية موذ موذ، وفي التوراة ماذ ماذ أي طيّب طيّب، وفي الإنجيل فالوليطا، وفي الزَّبور طاب طاب؛ وقيل: ماح يمحو الله به الذنوب. وفي القرآن يس وطه، وفي الأرض محمد، وفي السماء أحمد.

وعن ابن عباس عنه صلى الله عليه وسلم قال: "أنا أبو القاسم، وفي القرآن محمد، وفي الإنجيل أحمد، وفي التوراة أحيد أي أحيدُ أمتي عن نار جهنم يوم القيامة. ادخلوا في هموم المسلمين، واخرجوا منها بصبر، وأحبوا العرب بكل قلوبكم". وعنه عليه السلام: "لا تجمعوا بين اسمي وكنيتي، أنا أبو القاسم، الله يعطي وأنا أقسم". وعنه عليه السلام: "سمُّوا باسمي، ولا تكنُّوا بكنيتي، ولا تجمعوا بين الاسم والكُنية"؛ وقيل: هذا له وحده عليه السلام. وقال: "من كان له أولاد فلم يسم أحدهم باسمي فقد جفاني". ولم يكن قبله في الجاهلية اسم محمد إلا محمد بن أحيحة بن الجلاح هو أخو عبد المطلب لأمه. وقال عليه السلام: "إن لي عند ربي عشرة أسماء: محمد، وأحمد، والماحي الذي يمحوا الله بي الكفر، وأنا العاقب الذي ليس بعده أحد، والحاشر الذي يحشر الله العباد على قدميَّ. وأنا رسول الرحمة، ورسول التوبة، ورسول الملاحم، والمقفَّى قفَّيت النبيين جماعة، وأنا قُثم" وهو الكامل الجامع صلى الله عليه وسلم.

وسماه الله نوراً فقال: "لقد جاءكم من الله نور وكتاب مبين"؛ فالنور: محمد صلى الله عليه وسلم. [وقولهم: محمد صلى الله عليه وسلم نبي الله] النبي في كلام العرب: الرفيع الشأن والعالي الأمر، أخذ من النباوة، وهي ما ارتفع من الأرض، والأصل نبيو، فلما اجتمعت الياء والواو والسابق ساكن أبدل من الواو ياء، وأدغمت الياء الأولى فيها. ويجوز أن يكون سمي نبياً لبيان أمره ووضوح خبره؛ أخذ من النبي وهو عندهم الطريق الواضح يأخذ فيه إلى حيث يريد؛ قال القطامي: لما وردن نبياً واستتب بنا ... مسحنفر كخطوط السيح منسحل ويجوز أن يكون سمي نبياً لأنه ينبئ عن الله أي يخبر؛ أخذ من النبأ وهو الخبر. ومنه قوله تعالى: {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ، عَنْ النَّبَإِ}، ويكون الأصل نبيئاً، فترك الهمزة وأُبدل منها ياء، وأدغمت الياء الأولى فيها. وكان نافع يهمز النبيء في جميع القرآن يأخذه من النبأ. والاختيار ترك الهمز لأنه مذهب قريش والحجاز وهو لغة النبي صلى الله عليه وسلم، وقال له رجل: "يا نبيء الله، فقال: لست نبيء الله، أنا نبيُّ الله". فأنكر الهمز لأنه لم يكن من لغته صلى الله عليه وسلم. وسماه نبيئاً لأنه ينبئ عن الله تعالى.

وفي الحديث: "أن رجلاً قال: "يا نبيء الله، فقال: لا تنبر باسمي" أي لا تهمز. والنَّبْر بالكلام الهمز، وكل شيء رفع شيئاً فقد نبره؛ والمِنبر من ذلك. [وقولهم: هو من الملائكة] الملائكة عليهم السلام أخذوا من الألوك، وهي الرسالة؛ ويقال لها: مألَكَة ومألُكَة. قال الشاعر: أبلغ النعمان عني مألُكاً ... أنه قد طال حبسي وانتظاري وقوم يقولون: ملأكاً، ويقولون: ملك من الملائكة، وهو ملأك. فمن قال: ملأك، أخرج الحرف على أصله، ومن قال: مَلَك، حول [فتحة] الهمزة إلى اللام وأسقط الهمزة. قال: فلست لإنسي ولكن لملأك ... تنزَّل من جو السماء يصوب ويقال: ألكني إليه، أي أرسلني؛ وللاثنين: ألكاني، والجميع، ألكوني، وألكنني للنساء. وأصله: ألئكني، فحوّلت كسرة الهمزة إلى اللام وأسقطت الهمزة.

قال: ألكني إليها وخير الرسو ... ل أعلمهم بنواحي الخبر وما بنى على الألوك قال: أصل الكني [أألكني] فحذفت الهمزة الثانية تخفيفاً. وقال: هم الملائكة والملائك بغير هاء؛ قال الشاعر: بأيدي رجال هاجروا نحو ربهم ... وأنصاره حقاً وأيدي الملائك آخر: فإن يك عبد الله خلَّى مكانه ... وبان فقد أضحى نواحي الملائك موسى عليه السلام موسى أصل اسمه موشا، ومعناه: الماء والشجر، مو: الماء، وشا: الشجر؛ لأنه التُقِط عليه السلام من الماء والشجر، فسمي باسم الموضع الذي التقط فيه، فعرِّب اسمه فقيل: موسى. وكذلك كل كلمة عرِّبت قُلبت بعض حروفها، كما قلبوا الذال من اليهود دالاً، وهاء مهره قافاً [في] مهرق، والهاء من يلمه قافاً، فقالوا: يلمق؛ والكاف قافاً من كرد ماند، فقالوا: قردُماني. ومثله اصتبرك عرّب استبرق وهو الغليظ من الديباج؛ وقد تقدم ذكر شيء من هذا.

واليهود يجعلون كل سين من الكلام شيئاً، يقولون في سلام شلوم، وفي إسرائيل [إسرائيل، وفي إسماعيل] إشمول، وما يشبه هذا، وجمع موسى موسون وموسين، هكذا عن ثعلب. المسيح [عيسى ابن مريم عليه السلام] المسيح فيه عشرة أقاويل: قيل: سمي المسيح لأنه كان يمسح المرضى والزَّمنى بيده، فيبرئهم بإذن الله. وقيل: سمي بذلك لسياحة الأرض؛ وقيل: لأنه مسح بالبركة؛ وقيل: لأن جبريل عليه السلام كان يمسح رأسه بالزيت؛ وقيل: لأن أمه ولدته كأنه ممسوح بدهن؛ وقيل: مسيح فعيل من مسح الأرض لأنه كان يمسحها أي يقطعها؛ وقيل: لأنه كان أمسح الرجل لا أخمص له. والأخمص: ما جفا عن الأرض. من باطن الرجل؛ وقيل: المسيح الصديق؛ وقيل: أخذ من المسح، وهو الذي يُطَبِّق الموضع، فيغشي طبق الأرض بالعدل. قال بعض أهل اللغة: المسيح في كلام العرب من المسحة، والمسحة: الجمال؛ يقال: على وجه فلان مسحة من الجمال. وقال النبي صلى الله عليه وسلم في جرير: "عَلَيه مسحة ملك". والمسيح كان ممسوحاً بالجمال؛ قال:

على وجه ليلى مسحة من ملاحة ... وتحت الثياب العار لو كان بادياً فأصل مسيح مسيح مثل مفعل، فأسكنت الياء وحولت كسرتها إلى السين. واسم المسيح عليه السلام في التوراة مشيحا، فأعرب اسمه في القرآن على مسيح، وكذا لغة اليهود والنصارى قلب الحروف على ما ذكرت في موسى، وكما كان رحمن بالعبرانية رُحْمن فأعرب؛ قال جرير: أو تتركون إلى الدَّيرين هجرتكم ... ومسحكم وجهكم رحمن قربانا فأتى به على أصله. والدَّيران: تثنية دير خان النصارى، وصاحبه الذي يسكنه ديراني وديَّار. ويقال: فلان يتمسح به لفضله وعبادته، ويتقرب إلى الله تعالى بالدنو منه. والمسيخ: الدجال؛ قال: إذا المسيح يقتل المسيخا أي المسيح عيسى ابن مريم يقتل الدجال بنيزكه، والنيزك: الرمح، رمح صغير قصير، والجمع النيازك. قال ذو الرمة: ألا من لقلب لا يزال كأنه ... من الوجد شكَّته صدور النيازك وسمي الدجال مسيحاً لأنه مُسح باللعنة، ويقال: إنه ممسوح العين لا يبصر بها؛ وقيل: أخذ من المسح، وهو الذي يطبق الأرض لأنه طبق الأرض بالجور؛ وقيل: يمسح الأرض أي يقطعها. والدجال: كل ملتبس بما ليس له، فهو دجال؛

والدجال والمسيح: الكذاب، وإنما دجله كذبه وفجوره لأنه يدخل الحق بالباطل. وقيل: سمي دجالاً لأنه يغضي الحق بسحره وكذبه كما يغطي الرجل جرب بعيره بالدجل؛ والدَّجل: شدة طلي الجرب بالقطران. وقولهم: فلان مؤمن مؤمن أي مصدق لله ورسله، وآمنت بالشيء إذا صدقت به، ومنه يؤمن بالله ويؤمن بالمؤمنين؛ قال: ومن قبل آمناً وقد كان قومنا ... يصلون للأوثان قبل محمداً أي آمناً: صدقنا محمداً، منصوب بمعنى التصديق؛ وقوله تعالى: {وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا} أي بمصدق لنا. ويقال: ما أؤمن بشيء مما يقول، أي ما أصدق به. [وقولهم: فلان مسلم] المسلم فيه قولان: قيل: هو المخلص لله تعالى العبادة، أخذ من قول العرب: قد سلم الشيء لفلان، أي خلص له. ومنه قوله تعالى: {وَرَجُلاً سَلَماً لِرَجُلٍ} أي خالصاً. وقيل: المسلم معناه المستسلم لأمر الله المتذلل له؛ قال الشاعر: فقلنا أسلموا إنا أخوكم ... فقد برئت من الإحن الصدور أي استسلموا. قالوا: فالمسلم الذي يعتقد الاستسلام لله والإيمان به محمود،

والمسلم الذي يستسلم خوفاً من القتل مذموم؛ ومنه قوله تعالى: {فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنْ الْمُؤْمِنِينَ، فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ}. [وقولهم: رجل موحد] رجل موحد أي ثبت معبوده واحداً، فهو موحد والله تعالى موحد لا شريك له. [وقولهم: رجل مُلحد] الملحد في كلام العرب: الجائر عن الحق ومنه قوله تعالى: {وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ}، قال المفسرون: هو اشتقاقهم اللات من الله، والعُزّى من العزيز. وسمي اللحد لحداً لأنه في جانب القبر، ولو كان مستقيماً لقيل له: ضريح؛ قال بشر: ثوى في ملحد لابد منه ... كفى بالموت نأياً واغترابا ولحدته: أدخلته اللحد، وألحدته: إذا صنعت له لحداً. ويقال: قد لحد الرجل وألحد، إذا جار. وفرق الكسائي بينهما فقال: ألحد جار ولحد ركن. وقرأ أبو جعفر وشيبة ونافع وعاصم وأبو عمرو: يُلحدون، في جميع القرآن، وقرأ يحيى والأعمش وحمزة: يلحدون في جميع القرآن. وفرّق الكسائي بينهن فقرأ في الأعراف والسجدة: يلحدون، وقرأ في النحل: يلحدون، وقال: معناه: يركنون.

[وقولهم: رجل مُبْتهِل] المبتهل فيه قولان: قيل: المسبح لله الذاكر لله تعالى؛ وقال النابغة الشيباني: أقطع الليل آهة وانتحابا ... وابتهالاً لله أي ابتهال وقيل: المبتهل: الداعي، والابتهال: الدعاء، من قوله تعالى: {ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ} أي نلتعن ويدعو بعضنا على بعض. قال لبيد: في قروم سادة من قومه ... نظر الدهر إليهم فابتهل [وقولهم: رجل مزهد] المُزْهِد معناه قليل المال؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أفضل الناس مؤمن مزهد" أي قليل المال. يقال: قد أزهد الرجل إزهاداً إذا قل ماله؛ قال الأعشى: فلم يطلبوا سرها للغنى ... ولم يسلموها لإزهادها معناه فلن يطلبوا نكاحها للغنى، ولن يدعوها لقلة مالها. والسر: النكاح، من قوله تعالى: {لا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرّاً}، وقيل: السر: الزِّنا؛ قال الشاعر:

ويحرم سر جارتهم عليهم ... ويأكل جارهم أنف القصاع قال الفراء: بنو أسد يقولون: زهدت في الرجل أزهد فيه، وقيس وتميم يقولون: زهدت أزهده. وأما الزاهد فقليل الرغبة في الدنيا. [وقولهم: رجل مسكين] المسكين في كلام العرب: الذي سكَّنه الفقر أي قلَّل حركته. واشتقاقه من السكون، ويقال: قد تمسكن وتسكَّن إذا صار مسكيناً. ومختلف في الفقير والمسكين اختلافاً كثيراً؛ قيل: الفقير الذي له بعض ما يقيمه، والمسكين الذي لا شيء له، وهو قول يونس بن حبيب. واحتج بقول الشاعر: أما الفقير الذي كانت حلوبته ... وفق العيال فلم يترك له سَبَدُ واحتج أيضاً أنه قال لأعرابي: أفقير أنت؟ فقال: لا والله بل مسكين، أنا أسوأ حالاً من الفقير؛ وبه قال يعقوب بن السكيت. قال الأصمعي: المسكين أحسن حالاً من الفقير، وبه كان يقول أحمد بن عُبيد وابن الأنباري، قال: وهو الصحيح عندنا، لأن الله تعالى قال: {أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ} قال: والسفينة تساوي جملة من المال؛ وقال: {لِلفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ... الآية}. فهذه الحال أسوأ من حال لمساكين التي أخبر

[بها] الله تعالى. قال: والذي احتج به من البيت ليس له فيه حجة لأن المعنى كانت لهذا الفقير حلوبة فيما مضى وليست له الآن حلوبة. والذي احتج به من قول الأعرابي يجوز أن يكون أراد: لا والله بل أحسن حالاً من الفقير. والفقير معناه في كلام العرب الذي نزعت فِقْرته من ظهره، فانقطع صلبه من شدة الفقر، ولا حال هي أوكد من هذه. والدليل قوله تعالى: {أَوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ} أي قد لصق بالتراب من شدة الفقر. فلما نعته الله بهذا النعت علمنا أن ليس كل مسكين على هذه الصفة، ألا ترى أنك إذا قلت: اشتريت ثوباً ذا علم، نعتَّه بهذا النعت لأنه [ليس] كل ثوب له عَلَم. فذلك المسكين الأغلب عليه أن يكون له شيء، فلما كان هذا المسكين مخالفاً لسائر المساكين بيّن الله نعته. وعنه صلى الله عليه وسلم: "ليس المسكين الذي تردُّ اللقمة واللقمتان، لكن المسكين الضعيف. اقرأوا إن شئتم: لا يسألون الناس إلحافاً"، وعنه صلى الله عليه وسلم: "أحيني مسكيناً، وأمتني مسكيناً، واحشرني في زمرة المساكين". ومعنى المسْكنة ههنا التواضع والإخبات، فكأنه سأل الله تعالى أن لا يجعله من الجبارين، ولا يحشره في زمرتهم. والمسكنة: حرف مأخوذ من السكون، يقال: تمسكن الرجل، إذا لان وتراجع وخشع؛ ومنه قوله صلى الله عليه وسلم للمصلي: "تبأس وتمسكن وتقنع رأسك"؛ يريد: تواضع وتخشَّع الله. وكان داود عليه السلام فيما آتاه الله من

المُلك إذا دخل المسجد ورأى مسكيناً جلس إليه وقال: مسكين جالس مسكيناً. وقيل: لم يكن أحب إلى عيسى عليه السلام من أن يقال له: أيها المسكين. وقال كعب: ما في القرآن من {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} فهو في التوراة: يا أيها المسكين. [وقولهم: فلان مُتَيَّم] المتيم: المستعبد بالهوى؛ وقولهم: تَيْم الله، أي عبد الله؛ قال: أبى الله أن يلقى الرشاد متيم ... ألا كل أمر حُمَّ لابد واقع آخر: فقلت: لقد هجتنَّ صباً متيماً ... حزيناً وما منكن واحدة تدري وتيم اللات معناه عبد اللات. ويقال: رجل مغرم بالنساء، أي يحبن ويلازمهن. ورجل مُدَلَّهٌ مُدَّلِهٌ، والتَّدلُّة: ذهاب العقل من الهوى. [وقولهم: فلان مستهام] المستهام فيه قولان: قيل: الذاهب العقل، مشتق من هام الرجل يهيم إذا ذهبت لوجهه لذهاب عقله، وقيل: هو العليل القلب الذي يجد في جوفه هُياماً. والهُيَام: وجع يجده البعير في جوفه فلا يروى من شرب الماء، ويستعمل ذلك في الناس أيضاً؛ قال عروة:

بي اليأس والداء الهيام أصابني ... فإياك عني لا يكن بك ما بيا والهيام كالجنون من العشق، فهو مهيوم؛ قال: ظل كأن الهُيام خالطه [وقولهم: رجلٌ مصل] المصلي في كلام العرب: السابق المتقدم، مشبَّه بالمصلي من الخيل وهو السابق الثاني. وقيل له مصل لأنه يتبع الأول فيكون رأسه عند صلاة؛ وصلوا الفرس والبعير: ما اكتنف الذنب عن يمينه وشماله؛ قال: على صلويه مرهفات كأنها ... قوادم دلَّتها نسور طوائر ويقال للسابق الأول من الخيل: المجلي، والثاني: المصلي، والثالث: المسلي، والرابع: التالي، والخامس: المرتاح، والسادس: العاطف، والسابع: الحظي، والثامن: المؤمَّل، والتاسع: اللطيم، والعاشر: السكيت. وقولهم: رجل مخطط مخطط معناه جميل تام الجمال، وكذلك الأروع هو التام الجمال الذي يروع الناظر إليه. ورجل منصف؛ وقد تناصف الرجل إذا كان كل شيء في وجهه حسناً. قال: إني غرضت إلى تناصف وجهها ... غرض المحب إلى الحبيب الغائب

معنى غرضت اشتقت. وكذلك رجل بشير، وامرأة بشير، وجمل بشير، وناقة بشير إذا كان حسنين. ورجل مقذذ، أي حسن الزي كامل الهيئة؛ أخذ من السهم المقذذ، وهو الذي قد صنعت له القذذ وهي الريش، واحدتها قُذة. وإنما يصنع له الريش بعد أن يسوى بريه وتثقيفه. فشبه الرجل التام الزي، الكامل الهيئة، بالسهم الذي قد تم إصلاحه وحسن استواؤه. وقولهم: ما مَقَلَتْ عيني مثل فلان أي ما رأت ولا نظرت، وهو فعلت من المُقلة، وهي الشحمة التي تجمع سواد العين وبياضها، والحَدَقَة: السواد دون البياض؛ قال: لها مُقلتا حوراء طُلَّ خميلة ... من الوحش ما تنفك ترعى عرارها أي لها مقلتا ظبية حوراء ما تنفك ترعى خميلة طُلَّ عرارها. ومقلت الشيء في الماء، أي غمسته فيه. ويقال: الرجلان يتماقلان في الماء، أي يتغاطان فيه. وفي الحديث: "إذا سقط الذباب في الطعام فامقلوه"، أي اغمسوه ليخرج الشفاء كما خرج الداء. والمقلة: الحصاة التي يقدر بها القوم الماء في الفلاة إذا قل بهم ليقتسموه بالحصص على مقدار ما يغمرها من الماء. [وقولهم: رجل مَغِثٌ] المَغْثُ: الشر، والمغِث: الشرير. والمَغْثُ أيضاً: العَرْك في المصارعة

والخصومات؛ قال حسان: نوليها الملامة إن ألمنا ... إذا ما كان مغث أو لحاء معناه إذا كان شر أو ملاحاة. والمغْثُ: التباس الشجعان في المعركة. [وقولهم: رجلٌ منافقٌ] المنافق فيه ثلاثة أقوال: قال (أبو عبيد): إنما سمي منافقاً لأنه كاليربوع يكون له جُحران: نافقاء وقاصعاء إذا طلب من أحدهما خرج من الآخر؛ فقيل له منافق لأنه يخرج من الإسلام من غير الوجه الذي دخل فيه. وقيل: أخذ من النفق، وهو السرب، أي مستتر في السرب؛ وجمع النفق أنفاق. وقيل: مأخوذ من النافقاء، وهو حجر يحفره اليربوع. فإذا بلغ جلدة الأرض أرقَّ التراب، حتى إذا رابه ريب رفع التراب برأسه وخرج. فقيل للمنافق منافق لأنه يضمر غير ما يُظهر، بمنزلة النافقاء ظاهره غير بيّن، وباطنه حُفِر في الأرض. قال الأصمعي: لليربوع أربعة أحجرة: الراهطاء والنافقاء والقاصعاء والداماء. [وقولهم: فلانٌ مئقٌ] المئق فيه ثلاثة أقوال:

قيل: هو سيئ الخلق، للمثل: "أنت تئق وأنا مئق فكيف نتفق" أي أنت ممتلئ غيظاً، وإني سيئ الخلق، فلا نتفق أبداً. وقيل: هو الأحمق، ليس له معنى غيره، وهو بمنزلة جائع نائع. وقيل: هو السريع البكاء، القليل الحزم والثبات. والمُوق: حُمق في غباوة، والنعت مائق ومائقة، والفعل ماق يموق موقاً واستماق. والمأق- مهموز: ما يعتري الصبي بعد البكاء حتى النشيج الكثير؛ مئق فلان مأقاً فهو مئق، ومأق مأقاً فهو مائق؛ وتقول: قدم على مأقة أي على تباك. قال أبو الدقيش: والمؤق مؤخر العين. أي من قبل مؤخَّر عينه ومقدمها. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يكتحل من قِبَل مؤقه مرة، ومن قِبَل مأقه مرة، وقال أبو خيرة: كل مدمع مؤق مقدم العين ومؤخرها، ومأقها مقدمها. وقولهم: فلان مبرم هو الغث الثقيل حتى كأنه الذي يقتطع من الذين يجالسهم شيئاً لاستثقالهم له، بمنزلة المبرم الذي يقتطع حجارة البرام من جبلها. قال أبو عبيدة: هو الغث الحديث الذي يحدث الناس بالأحاديث التي لا فائدة لهم فيها ولا معنى لها؛ أخذ من المبرم الذي يجني البرم، وهو ثمر الأراك لا طعم له ولا حلاوة ولا حموضة ولا معنى له.

قال الأصمعي: المبرم الكل على أصحابه لا نفع عنده ولا خير، [بمنزلة البرم] وهو الذي لا يدخل مع القوم في قمارهم، فإذا قُمروا ونحرت الجزور أكل معهم من لحمها؛ قال الشاعر: ولا برم تهدي النساء لعرسه ... إذا القشع من ريح الشتاء تقعقعا قال: ثم كثر الكلام بهذا حتى صار كل مضجر يسمى مبرماً، وسموا الضجر البرم. قال: وما زال بي مما يحدث الدهر بيننا ... من الهجر حتى كدت بالعيش أبرم أي أضجر، ومنه التبرم. والإبرام: الإحكام للشيء. [وقولهم: في منزل فلان مأتَمٌ] المأتم مع العرب: النساء المجتمعات في فرح أو حُزن، والعامة تظنُّه النَّوح وليس كذلك. وقال أبو عطاء السندي وكان فصيحاً يرثي ابن هبيرة: عشيَّة قام النائحات وشققت ... جيوب بأيدي مأتم وخدود قال ابن مُقبل:

ومأتم كالدمي حور مدامعها ... لم تبأس [العيش] أبكاراً ولا عونا آخر: رمته أناة من ربيعة عامر ... نؤوم الضحى في مأتِم أي مأتَم لعله: فتاة، أي في نساء أي نساء. وقولهم: على فلان مناحة أي نوائح، لأن بعضهن يقابل بعضاً؛ أخذ من قولهم: الجبلان يتناوحان، أي يتقابلان. وتناوحت الريح إذا قابل بعضها بعضاً ويقال: نائح ونائحون وناحة ونَوْح، وقوم نَوْح، أي نائحون. قال صخر الغي: وذكّرني بُكاي على تليد ... حمام جاوبت نوحاً حماما تُرجع منطقاً عجباً وأوفت ... كنائحة أتت نوحاً قياماً التليد: ما وُرث عن الآباء. آخر: وقام علي نوح بالمآلي ... يلألئن الأكف إلى الجيوب [المرض] المرض أربعة: المريض بعينه؛ [ومرض فلان مرضاً ومرْضاً، فهو مارِضٌ ومرِضٌ ومريضٌ

نحو] قوله تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً} جمعه مرضى. والتمريض: حسن القيام على المريض، والممرض: الذي يمرض العليل، أي يقوم به؛ قال: كأن ممرضي قد قام يسعى ... بنعشي بين أربعة عجال وحولي نسوة يبكين شجواً ... كأن قلوبهنَّ على المقالي والمرض: الجرح، [ومنه] قوله تعالى: {وَإِنْ كُنتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ} أي جرحى. والمرض: الشك: [ومنه] قوله تعالى: {فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ} أي شك؛ جُعل مرضاً لأنه يوردهم إلى هلاكهم كالمرض الذي يؤدي إلى الموت؛ {فَزَادَهُمْ اللَّهُ مَرَضاً} أي شكاً وكفراً. وفيه قولان: قال بعضهم: زادهم الله بكفرهم، كقوله تعالى: {بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ}. وقال بعض أهل اللغة: فزادهم الله مرضاً لما أنزله عليهم من القرآن، فشكّوا فيه كما شكّوا في الذي قبله. [و] الدليل قوله تعالى: {وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ}. والمرض في القلب يصلح لكل ما خرج به الإنسان عن الصحة في الدين. وأصل المرض الفتور، فمرض القلب الفتور عن الحق؛ والمرض في البدن فتور الأعضاء، وفي العين فتور النظر؛ قال جرير:

إن العيون التي في طرفها مرض ... قتلننا ثم لم يحيين قتلانا والعرب تقول: يوم مريض، إذا لم تبد شمسه؛ وليلة مريضة، إذا لم تبد نجومها؛ وأنشد ثعلب: وليلة مرضت من كل ناحية ... فما يضيء لها نجم ولا قمر ومنه فلان مريض الود. ونسب مرض المنافقين إلى قلوبهم لاعتقادهم بقلوبهم؛ قالت ليلى الأخيلية: إذا هبط الحجاج أرضاً مريضة ... تتبع أقصى دائها فشفاها [تريد] التي فيها شك ونفاق. قال محمد بن صالح: إن المريض هو المريض فؤاده ... ليس الذي يشكو جوى وشلالا فالقلب يصدأ إن تركت جلاءه ... فاجعل دموعك للفؤاد صقالا والمرض: الرياء، ومنه قوله تعالى: {فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ} أي رياء. وتمريض الأمر: توهينه وترك النصح فيه. المَوْت الموت ثلاثة عشر وجهاً: موت نفس، وموت نوم، وموت عضو، وموت فقر، وموت شدة وغم، وموت غَيْرَة، وموت جَهْل، وموت جماد، وموت سُكْر،

وموت غشي، وموت فرق، وموت نطفة، وموت صنم. فموت النفس قوله تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ}؛ وموت النوم قوله تعالى: {يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا}؛ وموت الفقر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "الفقر الموت الأحمر"، والعرب تقول: الفقر الموت الأغبر؛ وموت العضو نحو ما روي عن زهير الأقطع: كان ابن سيرين إذا ذكر الموت مات كل عضو منه، وهو من الفرق أيضاً، ونحو قول الشاعر: يموت مني كل يوم شي ... وأنا مع ذاك صحيح حي وكقول أبي علي الروذ باري: أراني مع الأحياء حياً وأكثري ... على الدهر ميت قد تخوَّنه الدهر فما لم يمت مني لما مات تابع ... فبعضي لبعض دون قبر البلى قبر وقال بعض العلماء: ما انقضت ساعة من أمسك إلا بضعة من نفسك. قال أبو العتاهية في معناه: إن مع اليوم فاعلمن غداً ... فانظر بما ينقضني مجيء غده ما ارتد طرف امرئ بلذته ... إلا وشيء يموت من جسده ومنه أن موسى سأل ربه إماتة رجل كان يؤذيه، فأوحى الله تعالى إليه أن قد

أمتُّه. فلما كان اليوم الثاني وجده موسى جالساً يسف خوصاً، فقال: يا رب ألم تعدني أنك تميته؟ قال: وقد فعلت، قال: يا رب وكيف هذا؟ فأوحى الله إليه: يا موسى إني قد أفقرته، ومن افتقر فقد مات. معنى الخبر لا اللفظ يغنيه. وأنا أستغفر الله من الخطأ فيه. وموت الشدة قوله تعالى: {وَيَاتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ}. والناس يسمون الشدائد موتاً، فمعناه يأتيه من الشدائد ما يقوم مقام الموت؛ قال: ليس من مات فاستراح بميت ... إنما الميت ميت الأحياء إنما الميت من يعيش كئيباً ... كاسفاً لونه قليل الرجاء وموت العبرة قوله تعالى: {فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ}. وموت الجهل قوله تعالى: {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ}، وقوله تعالى: {وَمَا يَسْتَوِي الأَحْيَاءُ وَلا الأَمْوَاتُ} قيل: العلماء والجهال؛ قال: وفي الجهل قبل الموت موت لأهله ... فأجسامهم قبل القبور قبور فإن امرأ لم يحي بالعلم ميت ... فليس له حتى النشور نشور

وموت الجماد قوله تعالى: {وَآيَةٌ لَهُمْ الأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا}، وقوله: {وَتَرَى الأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ}. وموت السُّكْر: سقوط السكران وعدم حركته؛ قال حسان بن ثابت الأنصاري: ونمشي بين قتلى قد أميتت ... نفوسهم ولم تهرق دماء وموت الغشي كالغمية الذي يذهب فيها العقل؛ قال قيس [بن ذريح]: إذا نادى المنادي باسم لبنى ... غشيت فما أطيق له جواباً قال الله تعالى: {نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنْ الْمَوْتِ}. وموت الغرق: الخوف؛ وهو كالغشو مع تعذير لون وانقطاع كلام، كقول القائل: لقيته فمات مني فرقاً وخوفاً. وموت النطفة قوله تعالى: {وَكُنتُمْ أَمْوَاتاً فَأَحْيَاكُمْ} أي كنتم نطفاً فخلقكم. وموت الصنم الذي لا يعقل قوله تعالى: {أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ}. والموت خلق من خلق الله تعالى الذي خلق الموت والحياة. والميتة: الموت بعينه،

يقال: مات فلان ميتة سوء؛ والموتة: الجنون، والموتان: الموت، يقال: وقع في المال موتان، إذا وقع في النعم والمواشي الموت. قال ابن عباس: يقال: الموت في صورة كبش أملح، لا يمر بشيء، ولا يجد ريحه شيء، ولا يطأ على شيء، ولا يضع من أثره على شيء إلا مات. وجثم، وفاد يفود فوداً، ووجب، وبرد، وسالت نفسه، وترجرجت، ونفس، وباد، ولفظ، وثوى، وفوَّز أي صار في مفازة بين الدنيا والآخرة من البرزخ الممدود. قال الشاعر: فمن للقوافي بعده من يحوكها ... إذا ما ثوى كعب وفوَّز جرول يريد كعب بن زهير، وجرول: الحطيئة. وخرَّ الرجل إذا مات، ووتغ فهو يوتغ وتغاً، ووبق يوبق وبقاً، واستوبق استيباقاً، وأراح، ودرج، ومنه قولهم: "أكذب من دبَّ ودرج" أي أكذب الأحياء والأموات، دبَّ للأحياء، ودرج للأموات. كل هذا وما تقدمه معناه أنه مات وذهب. وتقول: هذا مأموت، أي معروف؛ قال رؤبة: هيهات منها ماؤها المأموت وموموت أيضاً. وموتان الأرض: الذي لم يُعمر بعد، وكذلك موات الأرض. فصل يقال: فاظت نفس فلان، وأفاظ الله نفسه، وفاظ هو نفسه؛ وقيل: بالضاد أيضاً

فاضت. ويقال: مات وقضى وفارق وهلك وأودى، وتردَّى وفات وتنبَّل، وكذلك الطير والبعير وكل شيء تنبَّل أي مات. وردي فلان فهو رد أي هالك، وأرداه الله: أهلكه، وأرداه الموت وغيره: أهلكه؛ قال دريد بن الصمة: تنادوا فقالوا: أردت الخيل فارساً ... فقلت: أعبد الله ذلكم الرَّدِي والتردي في مهواة: التهور فيها، والمودي: الهالك؛ تقول: أودى به الموت، أي أهلكه، واسم الهلاك من ذلك: الودى فخفف قلّما يستعمل، والمصدر: الإيداء، وكل شيء ذهب فقد أودى؛ قال الشماخ: طال الثواء على ربع بيمؤود ... أودى وكل خليل مرة مود ويروى: وربع جديد غير مردود. والتبار: الهلاك، منه {تَبَّرْنا تَتْبِيراً} أي أهلكناهم. ويقال للرجل عند موته: ما بقي منه إلا شفى، وكذلك القمر عند عرى محاقة، وللشمس عند غروبها؛ قال العجاج: ومرْبأ عال لمن تشوَّفا أدركته بلا شفاً أو بشفاً

وهو الموت والحتْف والحَيْن والرَّدى والحِمام والوفاة والثُّكْل والبَهْل والشجب والهلاك؛ قال عنترة: من كان في قلبه يمتري ... فإن أبا نوفل قد شجب وقد أطلى الرجل إذا مالت عنقه لموت أو غيره؛ قال: تركت أباك قد أطلى ومالت ... عليه القشعمان من النسور وقد أشعب الرجل إذا مات أو فارق فراقاً لا يرجع. وسميت المنية شعوب لأنها تُفرِّق. [المنيَّة] والمنية المقدورة: المحكوم بها، وهي مفعولة من المنى، والمنى: المِقدار، يقال: مناك الله ما يسرك، أي قدَّر لك. قال الشاعر: ولا تقولن لشيء سوف أفعله ... حتى تبيَّن ما يمني لك الماني أي يقدر لك المقدِّر. وأصل المنية ممنوية مفعولة من القدر، فصرفت عن مفعولة إلى فعيلة مثل مقتول وقتيل، وكان أصلها بعد النقل منيية، فلما اجتمعت ياءان، الأولى منهما ساكنة اندغمت في الياء التي بعدها فصارتا ياء مشددة. والمنون: المنية، مؤنثة وقد تذكر بمعنى الزمان والدهر، وقد تُحمل على معنى

المنايا فتعبر عن الجميع؛ قال: كأن رقيباً لريب المنون ... والسقم في أهله والحزن وبيت أبي ذؤيب: أمن المنون وريبه تتوجع ... والدهر ليس بمعتب من يجزع ويروى: وريبها. من ذكر أراد الدهر، ومن أنت أراد معنى المنية؛ قال الشرقي ابن القطامي: المنايا: الأحداث، والحِمام: الأجل، والحتْف: القدر، والمنون: الزمان. أمات الرجل إذا مات له ابن أو بنون، ومات إذا مات هو. ويقال: خلَّى مكانه إذا مات؛ قال دريد: فإن يك عبد الله خلَّى مكانه ... فما كان وقافاً ولا طائش اليد وتداعى القوم إذا ماتوا متتابعين وتعادوا وتقاذعوا وتتابعوا، والمعادة- كولك المناحة- هي المأتم. ومن أسماء المنية أم البليل؛ قال الشاعر في النعمان، وكان كسرى ألقاه تحت أرجل الفيلة: إن ذا التاج لا أبا لك أضحى ... وذرى بيته نحور الفيول

إن كسرى عدا على النعـ ... ـمان حتى سقاه أم البليل والنَّيْط: الموت؛ يقال: رماه الله بالنَّيْط. والمنا: الموت؛ قال: لعمر أبي عمرو لقد ساقه المنا ... إلى جدث يوزى له بالأهاضب وقولهم: فلان عظيم المؤونة فيه ثلاثة أقوال: يجوز أن تكون [مؤونة] مأخوذة من مُنْت الرجل إذا غلبته، فإن كانت من هذا فأصلها موونة بغير همز، فلما انضمت الواو هُمِزت، كقولهم: هو قؤول للخير، وصؤول، ونؤوم من النوم. والقول الثاني: أن تكون مأخوذة من الأون، وهو السكون والدَّعة، فعلى هذا فمعناه عظيم التسكن والدعة: التوديع لأهله وعياله. والثالث: من الأين وهو التعب والمشقة فوزنها إذاً من الفعل مَفْعُلة، وأصلها مأينُةَ. فاستثقلوا الضمة في الياء لا إعراب والياء إعراب، فاستثقلوا إعراباً على إعراب، فألقوا ضمة الياء على الهمزة، فصارت الياء واواً لانضمام ما قبلها. وإذا كانت مأخوذة من مُنْتُ فوزنها فعولة، وإذا كانت من الأوْنُ فوزنها مفعلة وأصلها مأونة- بضم الواو- فاستثقلوا الضمة لأنها إعرابان، فألقوهما على الهمزة، فبقيت الواو ساكنة.

والمائنة: اسم لما يمكن أن يُموَّن. والموْن من المؤونة، مانهم يمونُهم أي يتكلف مؤونتهم. والميون: الكّذُوب، ومائن: كاذب، والميْن: الكذب؛ تقول: مِنْتُ أمين ميناً؛ قال عدي بن زيد: وقدَّمت الأديم لراهشيه ... وألقى قولها كذباً ومينها يسبق بالمين على الكذب وهما بمعنى لاختلاف اللفظ، كقول عنترة: حييت من طلل تقادم عهده ... أقوى وأقفر بعد أم الهيثم قال الحطيئة: ألا حبذا هند وأرض بها هند ... وهند أتى من دونها النأي والبعد آخر: أخي ما أخي لا فاحش عند بيته ... ولا ورع عند اللقاء هيوب أقوى وأقفر بمعنى، والنأي والبعد بمعنى، وورع وهيوب بمعنى؛ وإنما نسقوا بأحدهما على الآخر لاختلاف اللفظ. وقولهم: فلان ضعيف المُنَّة المنة: قوة القلب؛ والمَنّ: قطع الخير، وقوله تعالى: {أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ} أي

غير مقطوع. والمَنّ: الإحسان الذي يمن به الإنسان على من لا يستثيبه. والمِنَّة: الاسم، والله المنان علينا في الأمور كلها وله الحمد عليها. والمأنة: شحم قص الصدر، والمأنة والمهنة: العمل، وكل شيء دلك على شيء فهو مئنَّة؛ وفي الحديث: "طول الصلاة وقصر الخطبة من فقه الرجل" أي مخلقة لذلك ومجدرة ونحو ذلك، ويقال: علامة لذلك. والمُنى: جماعة الأمنية، وهي ما يتمناها الرجل؛ وهي أفعولة وربما طرحت الألف فقيل: منية. والمنا: الذي يوزن به، والجميع أمناء. والمنى: الحذاء، تقول: داري منى دارك، أي حذاءها. ومنيت بكذا، أي ابتُليت به. والمتأني في اللغة: المتثبت الذي لا يعجل، ومنه الحديث: آنيت وآذيت"، فمعنى آنيت أخَّرت المجيء؛ قال الحطيئة: وآنيت العشاء إلى سهيل ... أو الشعرى فطال بي الأناء أي أخَّرت. [وقول الرجل للرجل: يا مولاي] المولى ثمانية أوجه: يكون الولي من قوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لا مَوْلَى لَهُمْ} أي لا ولي لهم، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أيُّما امرأة تزوَّجت بغير إذن مولاها فنكاحها باطل" يعني وليها؛ قال:

كانوا موالي حق يطلبون به ... فأدركوه وما ملُّوا وما نصبوا أي أولياء حق. والمولى: المعتق؛ والمولى المعتق؛ والمولى: ابن العم [نحو] قوله تعالى: {يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئاً} يعني ابن عم عن ابن عمه والموالي: بنو العم؛ قال: مهلاً بني عمنا مهلاً موالينا ... لا تنبشوا بيننا ما كان مدفوناً والمولى: الأوْلَى، [نحو] قوله تعالى: {النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ}، أي أولى بكم. والمولى: الحليف؛ قال: موالي حلف لا موالي قرابة ... ولكن قطيناً يأخذون الأتاويا والمولى: الجار. وقال الكلابي وكان جاور بني كليب، فحمد جوارهم فقال: جزى الله خيراً والجزاء بكفِّهِ ... كُليب بن يربوع وزادهم حمداً هم خلطونا بالنفوس وألجموا ... إلى نصر مولاهم مسوَّمة جردا

يعني جارهم. والمولى: الصهر. وقولهم: بيننا ممالحة أي رضاعٌ؛ ملحت فلانة لفلان، إذا أرضعت له. ومنه حديث وفد هوازن إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وقول أحدهم: "يا محمد لو كنا ملحنا للحارث بن أبي شمر أو للنعمان بن المنذر لحفظ ذلك لنا". وذلك أن داية النبي صلى الله عليه وسلم كانت من بني سعد بن بكر. ويقال: فلان لم يحفظ المِلْح، أي لم يحفظ الرَّضاع. وقال أبو الطمحان القيني وكانت له إبل، فسقى قوماً من ألبانها، فأغاروا عليها فأخذوها، فقال: وإني لأرجو ملحها في بطونكم ... وما بسطت من جلد أشعث أغبرا أي أرجو أن تحفظوا لبنها وما بسطت من جلودكم بعد أن كنتم مهازيل. آخر: لا يبعد الله ربُّ العبا ... د والمِلح ما ولدت خالده قال الأصمعي: المِلْح الرَّضاع، وقيل: البركة، وقيل: [اللهم] لا تبارك فيه ولا

تُمَلَّحْ. والعرب تعظم الملح والنار والرماد. ومن الملح قولهم: ملح فلان على ركبته، فيه قولان: قيل: مضيع لحق الرضاع غير حافظه فأدنى شيء ينسيه حق الرضاع؛ كما أن الذي يضع الملح على ركبته أدنى شيء يبدده. والقول الثاني: أن يكون ملحه على ركبته يتبدد من أدنى شيء؛ قال مسكين الدارمي: لا تلمها إنها من أمة ... ملحها موضوعة فوق الركب والملح: من الملاحة، تقول: مَلُحَ يمْلُح ملاحة، فهو مليح. ولاممالحة: المؤاكلة. والمُلْحَة: الكلمة المليحة. والملاَّحة: منبِت الملح. وتقول للرجل: أملحت وملَّحت يا فلان، في معنيين: أي جئت بكلمة مليحة، وأكثرت ملح القدر. [وقولهم: أنا في مندوحة عن كذا] المندوحة: السعة؛ ندحت الشيء إذا وسَّعته، وإنك لفي مندوحة من الأمر وندحة، ومنه قول أم سلمة لعائشة: قد جمع القرآن ذيلك فلا تندحيه، أي لا توسعيه ولا تكشفيه بالخروج. أنشد أبو العباس: فأنت إن لم تريدي ذاك لي سعة ... مالاً ومندوحة عما تريدينا آخر في الجمع:

ذو مناديح وذو منبطة ... وركابي حيث يممت ذلل لا تذمَّن بلداً تكرهه ... وإذا زالت بك الدار فزل [وقولهم: بقي فلان متلدداً] المتلدِّد: المتحير ينظر يميناً وشمالاً، أخذ من اللديدين وهما صفحتا العنق. بقيت متلدداً أي متحيراً أنظر مرة إلى هذا اللديد ومرة إلى هذا اللديد. واللَّدود: ما سقيه الإنسان في إحدى شقي الفم؛ قال صلى الله عليه وسلم: "خير دوائكم اللدود والسعوط والحجامة والمشي". واللدود: جمعه ألدة؛ قال ابن أحمر: شربت الشكاعى والتددت ألدة ... وأقبلت أفواه العروق المكاويا والوجور: ما سقيه الإنسان في وسط فمه، وهذيل تقول: لدَّه عن كذا، أي حبسه. [وقولهم: فلان يمنع الماعون] الماعون: قال يونس: الماعون في الجاهلية: كل عطية ومنفعة، واحتج بقول الشاعر:

بأجود منه بماعونه ... إذا ما سماؤهم لم تغم والماعون في الإسلام: الزكاة والطاعة؛ قال الراعي لعبد الملك بن مروان: قوم على الإسلام لما يتركوا ... ماعونهم ويضيعوا التهليلا قال ابن عباس: الماعون: المعروف كله حتى ذكر القدر والقصعة والفأس، قال على الماعون الزكاة. وبعض العرب يقول: الماعون: الماء؛ قال: يصب صبيره الماعون صباً صبيره: سحابه. وتقول: ما له سعنة ولا معنة، المعن: المعروف، والسعن: الودك، ويقال: ما له قليل ولا كثير. والماعون فاعول من المعن. وقولهم: أمر مبهم معناه أمر لا يفهم ولا يعرف له وجه يؤتى منه؛ مأخوذ من قولهم: حائط مبهم، إذا لم يكن له باب. ويقال للرجل الشجاع: بُهمة، إذا كان لا يدري من أين يؤتى. قال ابن السكيت: كل لون خلص ولم يخالطه غيره يقال فيه بهيم، كقولهم: أشقر بهيم، وأدهم بهيم، وكُميت بهيم.

والمُبهم: غير المظهر، وباب مبهم إذا غلق فلم يهتد لفتحه؛ قال: وكم [من] جبان أغلق الباب دونه ... فعاص عليه الموت والباب مبهم وفي الحديث: "يحشر الناس بهماً" أي ليس بهم شيء مما كان بهم في الدنيا نحو البرص والعرج؛ وقيل: بل عراة ليس بهم من متاع الدنيا شيء. والبُهمة: الأبطال؛ قال متمم: وللشرب فابكي مالكاً ولبهمة ... شديد نواحيها على ما تشجعا ويقال: البُهمة: الكتيبة. وقولهم: قد مارى فلان فلاناً أي قد استخرج ما عنده من الكلام والحجة، وهو مأخوذ من قولهم: مريت الناقة والشاة أمريها إذا مسحت ضروعها لتدر، أو مرت الريح السحاب إذا أنزلت منه المطر واستخرجته. ويقال: قد أمررت الرجل إذا خالفته وتلويت عليه. ويروى أن أبا الأسود سأل رجلاً عن رجل، فقال: ما فعل الذي كانت امرأته تشاره وتُهارُّه وتزارُّه وتمارُّه؟ فتزاره: من الزرر وهو العض، وتماره: تخالفه وتلوى عليه. ويقال: إنه مأخوذ من مرار الفتل، وعن ابن عباس أنه قال: الوحي إذا نزل من السماء سمعت الملائكة مثل مرار السلسلة على الصفا. فمعناه أن السلسلة إذا جُرَّت

على الصفا تلوى حلقها واختلف. ويقال: امترى الرجل يمتري امتراء إذا شك، ومنه قوله تعالى: {فَلا تَكُنْ مِنْ الْمُمْتَرِينَ}؛ قال: أما البعيث فقد تبيَّن أنه ... عبد فعلَّك في البعيث تماري والمروءة: كمال الرجل لأفعاله، يقال: مرؤ الرجل، وقد تمرأ: إذا تكلف المروءة. وهو مريء: بين المرأة، وقد مرؤ: والمرأة: تأنيث المرء، ويقال: مرة، بلا ألف. والمرآة: تقدير المفعلة لأنها أداة، والجميع المرائي. والمرآة: مصدر الشيء المرئي، يقال: ما كان مرئياً. ولقد مرؤ مراءة، وهذا الشيء يمرئ الطعام واستمرأته. والمرو من الحجارة: الصلبة. والمئرة: العداوة؛ مأرت بين القوم مماءرة، أي عاديت؛ وامتأر عليه، أي احتقد. والميرة- بلا همز: جلب القوم الطعام للبيع. والعيال يمتارون لأنفسهم ويميرون غيرهم ميرأ. [الموْر] والمور: الموج؛ والموْر: مصدر مار يمور وهو الشيء يتردد في عرض. والموْر: تراب وجولان تمور به الريح؛ وفي القرآن: {يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْراً}.

وفرس مأمورة، أي كثيرة النتاج. [وقولهم: ما له عنه محيض] المحيض: الملجأ والمحيد؛ يقال: حاص يحيص حيصاً إذا عدل. والمحْص: خلوص الشيء؛ تقول: محصته أي خلصته من كل عيب. والتمحيص: التطهير من الذنوب؛ ومنه قوله تعالى: {لِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ}. وقولهم: منزل محفوف بالناس أي الناس مجتمعون بحوافيه، وحافتاه: جانباه؛ وقوله تعالى: {حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ} قيل: يطيفون بحفافيه أي بجانبيه؛ قال عمر بن أبي ربيعة: سائلا الربع بالبُلى ثم قولا ... هجت شوقاً لنا الغداة طويلا أين حي الحلول إذ أنت محفو ... ف أأهلاً أراك جميلا والمِحَفَّة: رحل يحف بثوب يركب فيه. وقولهم: أمر مريج أي مختلط. وسئل ابن عباس عن تفسير أمر مريج، فقال: مختلط، أما سمعت

قول الشاعر: فجالت والتمست به حشاها ... فخرَّ كأنه خوط مريج أي كأنه سهم قد اختلط الدم به؛ والخوط: الغصن، وجمعه خيطان. مرجت الدابة إذا خلَّيتها، وأمرجتها إذا رعيتها. ومعنى: {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ}: أرسلهما وخلاهما؛ قال النعمان بن بشير الأنصاري: مرجت لنا البحرين بحراً شرابه ... فرات وبحراً يحمل السفن أسودا أجاجا إذا طابت له ريحه جرت ... به وتراها حين تسكن ركَّدا قال الخليل: قد مُرجا فالتقيا لا يختلط أحدهما بالآخر. والمرج: أرض واسعة فيها نبت كثير تمرح فيها الدواب. والمارج من النار: الشعلة الساطعة ذات اللهب الشديد؛ ومنه قوله تعالى: {وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ}. وقد مرجت عهود القوم وأمرجوها إذا لم يفوا بها وخلطوها. ويقال: مرجت الشيء: أفسدته، ومرج عليه نبله أي أفسده. وقولهم: ميَّزت الدراهم أي قد فصلتها، وقطعت بعضها من بعض؛ ومنه قوله تعالى: {وَامْتَازُوا الْيَوْمَ

أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ}. قال أبو عبيدة: معناه انقطعوا عن المؤمنين، وكونوا فرقة واحدة؛ ومنه قوله تعالى: {تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنْ الْغَيْظِ} أي ينقطع بعضها من بعض. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تهلك أمتي حتى يكون التمايل والتمايز والمعامع". فالتمايل: أن لا يكون للناس سلطان يكفهم عن المظالم، فيميل بعضهم على بعض بالغارة. والتمايز: أن ينقطع بعضهم عن بعض، ويصيروا أحزاباً بالعصبية. والمعامع: شدة الحرب والجد في القتال؛ وأصله من معمعة النار، وهو سرعة التهابها؛ قال: جموحاً مروحاً وإحضارها ... كمعمعة السعف الموقد شبه حفيفها من المرح في عدوها بمعمعة النار إذا التهبت في السعف. والميز: التمييز بين الناس والأشياء، تقول: مِزت بعضه من بعض، وأنا أميزه ميزاً، وقد انماز بعضه من بعض؛ قال حسان: من جوهر ميز في معادنه ... مفصَّل باللجين والذهب وامتاز القوم واستمازوا إذا صارت كل عصابة منهم ناحية؛ قال الأخطل: فإلا تغيرها قريش بملكها ... يكن عن قريش مستماز ومزحل وإذا أراد الرجل أن يضرب عنق آخر قال له: مايز رأسك، أو يقول: ماز، ويسكت أي مُدّ عنقك.

[وقولهم: فلان قائم في المحراب] المحرام مع العامة اليوم: مقام الإمام في المسجد، وكانت محاريب بني إسرائيل مساجدهم التي يجتمعون فيها للصلاة؛ قال الأعشى: وترى مجلساً يغصَّ به المحـ ... ـراب للقوم والوجوه رقاق قال أبو عبيدة: المحراب عند العرب سيد المجالس ومقدَّمها وأشرفها، وإنما قيل للقِبْلة محراب لأنه أشرف مواضع المسجد، ويقال للقصر محراب لأنه سيد المنازل؛ قال امرؤ القيس: وماذا عليه أن يروض نجائباً ... كغزلان رمل في محاريب أقوال ويروى: أقيال، يعني قصوراً. قال الأصمعي: المحراب عند العرب الغرفة؛ قال: ربَّة محراب إذا جئتها ... لم ألقها أو أرتقي سلَّماً أراد: الغرفة؛ ومنه قوله تعالى: {إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ} والتسوُّر يدل على ما ذكرنا. قال أبو عمرو: دخلت محراباً من محاريب حمير، فنفح في وجهي ريح المسك.

قال أحمد بن عبيد: المحراب مجلس الملك، سمي محراباً لانفراد الملك فيه، لا يقربه أحد، ويتباعد الناس منه؛ وكذلك محراب المسجد لانفراد الإمام فيه. وفلان حرب لفلان إذا كان بينهما عداوة؛ قال: وحارب مرفقها دفَّها ... وسامى بها عنق مسعر أي بعد مرفقها من دفها. [وقولهم: هذه مفازة] المفازة: المهلكة، سميت مفازة من الفوز تفاؤلاً بالسلامة؛ قال قيس بن ذريح: كأني في لبنى سليم مسهد ... يقلب في أيدي الرجال يميد قال ابن الأعابي: المفازة: المهلكة من قول العرب قد فوَّز فلان إذا هلك، وفوز إذا ركب المفازة ومضى منها، قال حسان: لله در رافع أنى اهتدى فوَّز من قراقر إلى سوى والمفازة سميت بها لأن الناس يعودون ولا يهتدون. قال غيره: قيل للديغ سليم لأنه أسلم إلى ذلك الأمر، فأصله مسلم، فصرف من مفعل إلى فَعيل مثل مُحْكم

وحكيم. وقولهم: مثقال ذرة أي وزن ذرة، ومنه قوله تعالى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ} أي وزن ذرة؛ قال الشاعر: وعند الإله ما يكيد عباده ... وكلاً يوفيه الجزاء بمثقال أي عنده علم ما يعمل عباده، ومعناه يوزن. ومثقال الشيء: ميزانه من مثله. والثقلة: نعسة غالبة. والمثقل: المرأة إذا أثقلت من حملها؛ والمثقل: الذي قد حُمل عليه فوق طاقته من الحمل، وهو أيضاً الذي قد أثقله المرض. [وقولهم: بيننا مسافة] المسافة البُعد، وأصله أن القوم كانوا إذا أشكل عليهم الطريق فلم يعرفوا مقداره، شموا تربته فعرفوا بذلك مقدار قربه وبعده. ويقال: قد ساف التراب يسوفه سوفاً، وقد استافه يستافه استيافاً؛ قال رؤبة: إذا الدليل استاف أخلاق الطرق

أي عرف مقداره. قال امرؤ القيس: على لاحب لا يهتدى بمناره ... إذا سافه العود الديافي جرجراً إذا شمه البعير المسن ضغا من بعده. والضغاء: صوت الذليل إذا شق عليه، وإنما خص المسن لأنه أعلم بالطريق. وقولهم: هذا غير مجد عليك أي غير نافع لك، ولا عائد بخير يصل إليك؛ أخذ من الجدا وهو العطاء والفضل؛ يقال: قد تعرضت لجدا زيد وجدواه، إذا تعرضت لمعروفه وعطائه؛ قال الشاعر: ما شمت برقك إلا نلت ريقه ... كأنما كنت بالجدوى تبادرني والجدا في غير هذا المعنى مقصور يكتب بالألف، والجداء: الغناء ممدود يكتب بالألف؛ يقال: إنه لقليل الجداء عنك. قال [نابغة بني شيبان]: فعجت على الرسوم فشوقتني ... ولم يك في الرسوم لنا جداء [وقولهم: فلان ماجد] الماجد: نبيل الشرف، والمجد: نُبل الشرف؛ وقد مجد الرجل ومجد لغتان، وهو يمجد. ويمجد أخذ من مجد البعير، وهو امتلاؤه شبعاً ويقال: مجدت الإبل

مجوداً إذا نالت من الكلأ قريباً من الشبع، وعرف ذلك في أجسامها؛ وقد أمجد القوم إبلهم، وذلك في أول الربيع. وقد أمجد الرجل إذا أطعم وسقي حتى يكتفي صفاقه، وأمجد الرجل: كرم فعاله. والله المجيد: تمجَّد بفعاله، ومجَّده خلقه لعظمته. وقولهم: بيت مزوَّق أي معمول بالزاووق في لغة بعض أهل المدينة: الزئبق. والزئبق في التزاويق مُزَوَّق مفعَّل من الزاووق. وقولهم: فلان مجذوم أي مقطوع بعض اللحم والأعضاء؛ يقال: جذمت الشيء أجذمه جذفاً إذا قطعته، وجذم فلان وصل فلان إذا قطعه. ورجل أجذم أي مقطوع اليد. وعن النبي صلى الله عليه وسلم: "ما من [أحد] حفظ القرآن ثم نسيه إلا لقي الله أجذم". قال أبو عبيد: الأجذم: مقطوع اليد، واحتج بقول المتلمس: فهل كنت إلا مثل قاطع كفه ... بكف له أخرى فأصبح أجذما وقولهم: قد منحني فلان خيراً أي وهب لي ذلك. وأصل المنحة أن يدفع الرجل إلى الرجل شاة أو ناقة يجعل

له لبنها وهي للدافع، ثم كثر استعمالهم حتى جعلوا المنحة هبة وعطاء. وفي الحديث: "المنحة مردودة، والدَّين مقضي، والعارية مؤداة، والزعيم غارم". والعرب تقول: منا من يجزُّ ويجم ويفقر ويعمر ويرقب ويمنح ويتم ويعري ويحيل ويفحل. فيجز: يعطي الجزة من الصوف بعد الجزة؛ ويجم: يعطي الجمم وهي الديات، واحدتها جمة، ويفقر: يعطي الرجل البعير يركبه من فقار ظهره؛ ويُعمر: يعطي الرجل البعير ينتفع به ما دام المُعطي حياً؛ ويرقب كذلك؛ ويمنح: يعطي البعير والشاة من ينتفع بألبانهما؛ ويتم: يعطي الناس تمام أكسيتهم وحبالهم؛ ويعري: يجعل [للرجل تمر نخلة من نخله]، أو أكثر سنة أو سنتين؛ ويحيل: يعطي الناس الميرة قبل أن ترد أبلهم؛ ويفحل: يعطي الرجل البعير يضرب به إبله، يقال: قد أفحلتك فحلاً إذا فعلت ذلك. وقولهم: قد منَّ فلانٌ على فلانٍ له وجهان: أحدهما: أحسن إليه غير معتد بالإحسان؛ يقال: لحقت فلاناً من فلان منة، أي نعمة. والثاني: يان يُمنَّ عليه، فيعظم الإحسان إليه ويفخر به، ويذكره حتى يفسده وينغصه. والأول مستحسن، والثاني مستقبح. فمن المعنى الأول قولهم: الله المنَّان الذي ينعم غير فاخر بالإنعام. ومن الثاني المذموم [قول الشاعر:

أفسدت بالمن ما أسديت] من حسن ... ليس الكريم إذا أسدى بمنان ومنه قوله تعالى: {أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ} أي لا يمن الله عليهم به فاخراً أو معظماً كما يفعل بخلاء المنعمين. ويقول بعض المفسرين: غير ممنون: غير محسوب، وقيل: غير مقطوع، من قولهم: منين، إذا أبلاه السفر وذهب بقوته. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا كُفِرت النعم حسن الامتنان". والمن: شيء كان يسقط على بني إسرائيل كالعسل الجامس حلاوة، ويقال: هو الترنجبين، وقيل: الطرنجبين. وقال الحسن: هو شراب حلو نزله الله تعالى من السماء. وسئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الكمأة، فقال: "هي نفيَّة من المن، وماؤها شفاء للعين". [وقولهم: فلان من أهل المِربد] المربد: محبس الإبل والغنم وغيرها، ومنه مربد المدينة لأنه كان محبساً للغنم. والمربد بالبصرة سمي مربداً لأنه كان سوقاً للإبل؛ ومنه حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "تيمم بمربد النعم وهو يرى بيوت المدينة"، ومن حديث الآخر: "أن مسجده كان مربداً ليتمين كانا في حجر معاذ بن عفراء. فاشتراه [معوذ بن عفراء] فجعله للمسلمين، فبناه رسول الله صلى الله عليه وسلم مسجداً"؛ ومنه حديثه

الآخر: "أنه كان له صلى الله عليه وسلم مربد يحبس فيه". وربما جعلت العرب العصا التي تجعل في باب محبس الإبل معترضة مربداً لأنها من سببه كما سموا موضع الدابة آرياً لأنه من سبب الآري. والآري في الحقيقة: هو الحبل الذي تحبس فيه الدابة. والمربد في غير هذا: الذي يجعل فيه التمر بعد الجُذاذ بمنزلة الجرين، ومثله للطعام البيدر والأندر. [وقولهم: قد نالتهم ملمَّة من دهرهم] الملمة: الخصلة المكروهة؛ وأصلها من ألم فلان بفلان يلم إلماماً، إذا أتاه وزاره زيارة غير كثيرة ولا متصلة؛ قال: ألمم بليلي ولا تكثر زيارتها ... يا طالب الخير إن الخير مطلوب والإلمام: اسم من ألممت معناه كمعنى الإلمام؛ قال جرير: بنفسي من تجنبه عزيز ... علي ومن زيارته لمام ويجوز أن يكون اللمام جمع اللمم، واللمم اسم من ألممت، معناه كمعنى الإلمام، فجمع على فعال مثل: جمل وجمال، وجبل وجبال؛ قال: ألا لا تخافا نبوتي في ملمة ... وخافا المنايا أن تفوتكما بيا وقال آخر في جمعها:

فلو فقدت تيم مقامي ومشهدي ... وخط لأوصالي من الأرض أذرع ونالتهم إحدى ملمات دهرهم ... تمني حياتي من يعق ويقطع وقولهم: فلان مكفهر أي منقبض كالح لا يرى فيه أثر بشر ولا فرح؛ من قولهم: جبل مكفهر، إذا كان منزلاً صلباً شديداً لا تصل إليه آفة ولا تناله حادثة؛ قال الحارث بن حلزة: مكفهر على الحوادث لا تر ... توه للدهر موئد صماء المكفهر: الصلب الذي لا تعتريه الحوادث، وترتوه: تنقصه وتنقص منه؛ والموئد: الداهية العظيمة التي تغلب كل شيء تصل إليه وتهلكه؛ والصماء: التي لا يسمع لها صوت لاشتباك الأصوات فيها. وفي الحديث: "القوا الكافر والمنافق بوجه مكفهر" أي منقبض لا بشر فيه ولا طلاقة. [وقولهم: فلان ملط] الملط: الذي لا يعرف له نسب ولا أب؛ من قولهم: قد انملط ريش الطائر إذا سقط عنه. وقولهم: فلانٌ مأبونٌ

أي معيب؛ والأبنة: العيب. تقول: أبنت الرجل آبنه إذا عبته، ويقال: في حسب فلان أبنة، أي عيب؛ من قولهم: عود مأبون، إذا كانت فيه أبنة، وهي العقدة يعاب بها. قال الأعشى: سلاجم كالنحل ألبستها ... قضيب سراء قليل الأبن سلاجم: نصال طوال. شبه النصال في خفتها بالنحل. قضيب: القوس. سراء: شجر، الأبن: العقد. وقولهم: كلام مستأنف أي مبتدأ لم يتقدم قبل هذا الوقت؛ من قولهم: كأس أنف، إذا لم يشرب بها قبل ذلك؛ وروضة أنف، إذا لم تُرع قبل ذلك الوقت. قال عنترة: أو روضة أنفاً تضمن نبتها ... غيث قليل الدمن ليس بمعلم وأرض أنيفة، إذا كان نباتها يسبق نبات غيرها؛ وهذه أرض آنف من هذه، أي نبتها يسبق. وقولهم: مغص فلانٌ من كلام فُلانٍ أي شق عليه وأوجعه؛ وامتغص منه، أي توجع منه؛ وأمغصته أنا إمغاصاً، ومغصته تمغيصاً، إذا أنزلت به ذلك. وقولهم: رجلٌ مصوعٌ المصوع: الفروق الفؤاد؛ يقال: مصع فلان بسلحه على عقبيه، إذا سبقه من

فرق أو عجلة لأمر؛ ومصع الطائر بذرقه، إذا رمى به؛ والأم تمصع بولدها، إذا ولدته. والمماصعة في الحرب: المجالدة بالسيوف؛ قال: سلي عني إذا اختلف العوالي ... وجردت اللوامع للمصاع وقال القطامي: تراهم يغمزون من استركوا ... ويجتنبون من صدق المصاعا وقولهم: أمتعك الله بكذا وكذا أي نفعك به، وأبقاه لك لتستمع فيما تحب من المسار والمنافع. وكل من أعطي شيئاً ينتفع به فهو له متاع. ومتاع البيت: ما يستمتع به الإنسان في حوائجه، وكذلك كل شيء تمتعت به فهو متاع؛ ونقول: إنما العيش إلمام ثم نزول. قال المشعث: تمتع يا مشعث إن شيئاً ... سبقت به الممات هو المتاع والدنيا متاع الغرور كما قال الله تعالى؛ قال قيس بن ذريح: لقد كنت حي النفس لو دام وصلنا ... ولكنها الدنيا متاع غرور ومنه متعة المطلقة، يمتعها زوجها بشيء يصلها به، من غير وجوب لذلك. ومنه اشتقت متعة التزويج في بدء الإسلام، ثم حرمها الله تعالى إلى يوم القيامة.

ومنهم من يكسر الميم. والمُتعة في الحج أن يضم الرجل عمرة إلى حجة الوداع، فذلك المتمتع، ويلزم له دم. وقولهم: رجل منيع أي لا يخلص إليه وهو في غرة؛ ومنعة تخفف وتثقل. وامرأة منيعة: متمنعة لا تواتي على فاحشة؛ تقول: منعت مناعة، وكذلك الحصن ونحوه تقول: منع مناعة، إذا لم يرم. ومنعت فلاناً عن كذا فامتنع. المائع المائع: السائل: ماع الماء يميع ميعاً، إذا جرى على وجه الأرض منبسطاً، وكذلك الدم يميع. وأمعته أنا إماعة، والشراب يميع. والمائع: ضد الجامد. وميعة الحضر، وميعة الشباب: أوله وأنشطه، والميعة: من العِطر. وقولهم: رجل محَّاحٌ أي الذي يرضي الناس بالكلام ولا فعل له. قال: والمحُّ: صفرة البيض. قال: كانت قريش بيضة فتفلَّقت ... فالمُحُّ خالصها لعبد مناف والمحُّ: الثوب الخلق البالي؛ تقول: محَّ الثوب يمحُ ويمحُّ، ويجوز استعماله في أثر الدار إذا عفا؛ تقول: محَّ وأمحَّ.

[المحو] [المحو] والمحو: لكل شيء يذهب أثره، وأنا أمحوه وأمحاه. وطيئ تقول: محيته محياً ومحواً. وامَّحى وكذلك امتحى إذا ذهب أثره. [الميح] والميح: أن ينزل الرجل إلى البئر، فيملأ الدلو ويمتح أصحابه؛ قال: لها مائح يرضى بقلة مائه ... ولم يك يرضى قلة الماء مائح آخر: يا أيها المائح دلوي دونكا إني رأيت الناس يحمدونكا يثنون خيراً ويمجدونكا وجمع المائح ماحة. والماتح بالتاء: المتناول من المائح الماء على رأس البئر، وهو المستقي، والجميع المواتح؛ قال: على حميريات كأن عيونها ... ذمام الركايا أنكزتها المواتح الذمام: جمع ذمة، وهي القليلة الماء، ومنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى على بئر ذمة. وكل من أعطى معروفاً فقد ماح، والميح يجري مجرى المنفعة. ويميح: يميح فاه بالسواك.

وقولهم: محقه الله أي نقصه وأذهب خيره وبركته. والمحق: النقصان؛ محقه الله فامَّحَق وامتحق. والمُحاق: آخر الشهر إذا امَّحق الهلال فلم ير؛ قال الشاعر: يزداد حتى إذا ما تم أعقبه ... كر الجديدين نقصاً ثم يمَّحق المزاح: المُزاح: اسم، وفيه ثلاث لغات: المزاحة والمُزَاح والمزْح، والمُزاحة مصدر كالممازحة؛ قال الشاعر: ولا تمزح فإن الجهل مزح ... وبعض الشر مبدؤه المزاح وقولهم: أصابني مرح أي: فرح شديد حتى تجاوز القدر، ومن مرح مَرِح وممراح ومروح. وتقول: مرح جلدك، أي ادهنه. وقولهم: اطلب محنة الكلمة أي اطلب معناها الذي تمتحن به فتعرف بها ضمير المتكلم؛ تقول: امتحنت الكلمة، أي نظرت إلى ما يظهر ضميرها. ومِحَن الدهر: شدائده ونوازله. [وقولهم: قد بذلت مهجتي] المهجة: دم القلب؛ قال ابن الأنباري: المهجة: هي النفس، وقال أحمد بن عبيد: المهجة خالص الشيء؛ من قول العرب: لبن ماهج وأمهجان إذا كان خالصاً

لا يشوبه غش. وعن أبي عبيد، يقال: لبن أمهجان إذا كان رقيقاً غير متغير الطعم. أنشد الفراء: عجبت لقومي إذ يبيعون مهجتي ... بجارية بهراً لهم بعدها بهرا قوله: بهراً لهم، أي تباً لهم. [وقولهم: فلان مهين] المهين: الحقير الضعيف؛ قد مهن مهانة. والمِ÷ْنَة: الحذاقة بالعمل ونحوه؛ والماهن: العبد؛ والمهنة: الخدمة، يمهنهم إذا خدمهم. والمهوأن: الأرض الواسعة. وقولهم: ما أحسن بريق وجهه أي ما أحسن ماء وجهه؛ وجمع الماء مياه، وتصغيره مويه. وتقول: أماهت السفينة، وهي تموه، إذا دخل فيها الماء، وتقول: أماهت في معنى ماهت. وأماهت الأرض: إذا ظهر فيها النزُّ. وتقول: أمهت السكين وأمهيته إذا سقيته. والنسبة إلى الماء ماهي. والماء مدَّته في الأصل زيادة، وإنما هي خلف من هاء محذوفة. وبيان ذلك في التصغير مويه، وفي الجميع مياه وأمياه. ومن العرب من

يقول: هذه ماءة فلان، يعنون البئر بمائها، ومنهم من يؤنثها فيقول: ماة واحدة، مقصورة؛ ومنهم من يمدها فيقول: ماءة؛ وماء كثير. والماء على ثلاثة أوجه: الأول: الماء، يعنيه قوله: {وَأَنزَلْنَا مِنْ السَّمَاءِ مَاءً طَهُوراً} و {ماءً مُبَارَكاً}، وأشباهه. والثاني: النطفة؛ قوله تعالى: {خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ} و {مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ}. والثالث: القرآن؛ قوله تعالى: {أَنزَلَ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا} يعني القرآن، فاحتمله الناس على قدر عقولهم. وسمي عامر ماء السماء؛ لأنه كان إذا قحط القحط احتبى فأقام ماله مقام القطر، فسمي ماء السماء إذ قام مقامه؛ قال الحارث بن حلزة: فملكنا بذلك الناس حتى ... ملك المنذر بن ماء السماء قال ابن الأنباري: سمي ماء السماء لأنه شبه عموم نفعه بعموم نفع المطر. وقولهم: رجل مسيخ أي لا ملاحة له ولا نفع فيه ولا ضر؛ قال:

وأنت مسيخ كلخم الحوار ... فلا أنت حلو ولا أنت مر وهو من الطعام: الذي لا ملح فيه، ومن الفواكه: ما لا طعم له. وقد مسخ مساخة. والمسخ: تحويل خلق إلى صورة [أخرى]، وكذلك المشوَّه الخلق. والماسخي: القوَّاس، وقيل: الماسخي: واحدا لقسي، نسب إلى ماسخة، وهي في العرب من بني أسد. وقولهم: رجل مخطٌ أي سيد كريم؛ قال رؤبة: وإن أدواء الرجال المخط مكانها من شامت وغبَّط أي حسد؛ مكانها: أي موضعها من قلوبهم. [مَطَخَ] وأما قولهم: للرجل: مطخٌ مطخٌ، أي باطل باطل. وقولهم: رجل مديخ أي عظيم عزيز؛ والمدخُ: من العظمة. قال:

مدخاء كلهم إذا ما نوكروا ... يتقوا كما يُتقى الطلي الأجرب وقولهم: رجل مخن وامرأة مخنة [أي] إلى القصر ما هو، وفيه زهو وخفة. وماخ الرجل يميخ ميخاً وتميَّخ تميُّخاً، وهو التبختر في المشي؛ والعامة تظنه بيخاً وهو غلط. وقولهم: رجل مضاغة أي أحمق؛ والمُضغ من الأمور: صغارها؛ والمضاغ: كل طعام يمضغ. المضاغة: ما يبقى في الفم في آخر مضاغك؛ والمضغة: قطعة لحم؛ وقلب الإنسان مضغة من جسده. والمُضغة: كل لحمة يخلقها الله تعالى من العلقة، وكل لحمة يفصل بينها وبين غيرها عرق فهي مضيغة. والماضغان: أصول اللحيين عند منبت الأضراس بحياله. [وقولهم: في بطنه مغص] المغص: تقطيع يأخذ في البطن [والمعى؛ وقيل: المغص]: غلظ في المعى؛ والمغس لغة فيه.

وقولهم: ثوب ممغَّر [مصبوغ بالمغرة] وهو الطين الأحمر، [والأمغر: الأحمر] الشعر والجلدة؛ والأمغر أيضاً: الذي في وجهه حمرة مع بياض صاف. وقول عبد الملك: مغَّر يا جرير، أي أنشدنا قول ابن مغراء. وشاة ممغار: شائبة لبنها بدم؛ ممغر أيضاً، وإنما يكون ذلك من كثرة اللبن، وربما يؤخر حلبها ليكثر لبنها، فمغر من ذلك. يقال: مغرت تمغَرُ مغاراً. المِقَة: المقة: المحبة؛ تقول: ومقت فلاناً أمقه مقة، وأنا وامق: شديد الحب، وهو موموق. وتقول: أنا لك ذو مقة وبك ذو ثقة. وقولهم: رجل مذَّاق ومذق ومماذق كله بمعنى ملول مختلط الرأي؛ وهو مأخوذ من مذق اللبن وهو خلطه بالماء؛ قال الراجز: ولا مؤاخاتك بالمذاق والمارق: الخارج من الدين، والمارقة: الذين مرقوا من الدين. والمروق: الخروج من شيء من غير مدخله؛ ومرق السَّم من الرَّمِيَّة، وهو يمرق مروقاً. ويقال لذي يبدي عورته: امَّرَقَ يمرِقُ.

ومرقت البيضة [مرقاً] ومذرت مذراً، إذا فسدت فصارت ماء. والمريق: شحم العصفر: يقول بعضهم: هي عربية محضة، وقال بعضهم: هي ليست بعربية. ومراق البطن مثقل [القاف] لأنه جماعة مرق، يعني ما رَقَّ منه. وقولهم: مكا الرجل يمكو أي صفر يصفر بفيه، ومنه قوله تعالى: {إِلاَّ مُكَاءً وَتَصْدِيَةً}، والمُكاء: الصفير، والتصدية: التصفيق باليدين، وكان ذلك في الجاهلية. والمكاء: طائر؛ قال: إذا قوَّق المكاء في غير روضة ... فويل لأهل الشاء والحمرات وقال: ألا أيها المكاء مالك ههنا ... ألا ولا أرطى فأين تبيض [وقولهم: رجل مكورَّى] المكورَّى: القصير العريض الخلقة اللئيم. ويقال في الشتم: يا مكورَّى، وفيه قذف؛ كما يوصف بزنية. والمكر: احتيال بغير ما يضمر، فأما الاحتيال بغير ما يبدي فهو الكيد. والكيدُ

في الحرب، والمكر في كل شيء حرام. وامرأة ممكورة: مرتوية الساق. والمكر: حسن خدالة الساق؛ قال: عجزاء ممكورة خمصانة قلق ... عنها الوشاح وتم الجسم والقصب وقولهم: رجل ماج أي أحمق؛ سمي ماجاً لأنه مج عقله. وقال كسرى: امتحنوا الإنسان بعد أن يمجَّ من عقله مجتين أو ثلاثاً؛ يعني بعد أن يشرب رطلين أو ثلاثة من الشراب. ومجَّ الرجل الشراب من فيه، أي رمى به. والمجمجة: تخليط الكُتُب وإفسادها بالقلم والضرب عليها حتى يقال: كفُّك ممجمج، وقيل: متمجمج ومترجرج سواء. والأذن تمج الكلام: لا تقبله. المَزْج: المزج: خلط المزاج بالشيء؛ قال حسان: كأن سبيئة من بيت راس ... يكون مزاجها عسل وماء ومزاج الجسم: ما أسس عليه البدن من المرة ونحوها. ومزج السنبل والعنب: إذا لوَّن من خضرة إلى صفرة. والمِزج: الشهد.

وقولهم: مشى على فلان مال أي تناج ماله وكثر؛ والمشي: تناسل المال؛ وناقة ماشية: كثيرة الأولاد. ومال ذو مشاء: ذو نماء؛ قال الشاعر: وكل فتى وإن أمشى وأثرى ... ستخلجه عن الدنيا منون أمشى: كثرت ماشيته. وتقول: إن فلاناً لذو مشاء وماشية؛ والماشية: كل سائمة ترعى من الغنم. والمشاء- ممدود: الدواء، هكذا تسميه العرب وهو مشي ومشو؛ تقول: شربت مشواً ومشياً، وهو دواء استطلاق البطن. والمشية من المشي؛ والمشي على أربعة أوجه: المشي: المضي، كقوله تعالى: {كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ}. والثاني: الهَدْي، كقوله تعالى: {وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ} أي إيماناً يهتدي به. والثالث: الممر، كقوله تعالى: {يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ} يعني أهل مكة يمرون في قراهم. الرابع: المشي بعينه، كقوله تعالى: {مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَاكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الأَسْوَاقِ}، يعني المشي. ومثله: {الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْناً} يعني المشي بعينه. والمشية- بالكسر: يريد بها الحال التي يكون عليها، تقول: حسن المشية والجلسة والقعدة والركبة والحربة، وما أشبهه مثله.

وأما الفتح فيراد به المرة الواحدة من الفعل؛ تقول: جلس جلسة وكذلك المشية والقعدة والرَّكبة، وما هو مثله. وتقول: ماش المطر الأرض، إذا سحاها. والميش: أن تميش امرأة القطن بيدها إذا أريد به الحلج؛ قال رؤبة: إلي سراً فاطرقي وميشي والمساء: المختلف الخُلُق. وقولهم: أمضَّني القول أي أحرقني وشق علي؛ تقول: أمضَّني القول والسَّوط، ومضضت به، أي بلغ مني المشقة. ومضَّني الجرح، وقال ثعلب: أمضَّني القول والجُرح بالألف، والهم يمض القلب، وكُحل يمض العين إذا كحلت بدمع. ومضضته: حرقته. والمض: مضيض الماء تمضه العنز إذا شربت. والمضمضة: تحريك الماء في الفم؛ والمصمصة: غسل الفم بطرف اللسان دون المضمضة. وفي الحديث: "مصوا الماء مصاً ولا تعبوه عباً، فإن الكُباد من العب". والمضض: الحُرقة من الهم والألم، والألم يكون ممضاً: محرقاً مؤلماً. وتقول:

مضَّني الشيء يمضُّني مضيضاً ومضاً. وعجبت من مضوائه في كذا- ممدود على مثل فُعلاء، والمضو: التقدم؛ قال القُطامي: فإذا خنسن مضى على مضوائه ... وإذا لحقن به أصبن طعانا والفرس يكنى أبا المضاء. وقولهم: لبن مضيرٌ أي شديد الحموضة؛ وقيل: إن مُضر كان مولعاً بشربه فسمي لذلك مضر. قال ابن الأنباري: "يجوز أن [يكون مأخوذاً من مضر اللبن يمضر مضراً]، ومضر النبيذ إذا حذى اللسان قبل أن يدرك، ويجوز أن يكون مأخوذاً من قولهم: ذهب دمه خضراً مضراً، أي باطلاً، وتماضر: اسم امرأة، من هذا أخذ". والتمضر: التعصب لمضر؛ قال: ولولا رجال من ربيعة لم تكن ... نزار نزاراً لا ولا من تمضَّرا والمضيرة: [مريقة] تطبخ بلبن وأشياء معه. وقولهم: مزَّق فلانٌ عِرْض فلان أي شتمه؛ ومزق العرض: الشتم. وتقول: صار الثوب مزقاً، أي قطعاً؛ وثوب

مزيق: متمزق وممزوق وممزق، وسحاب مزق. ومزيقاء: عمرو بن عامر، وسمي مزيقاء لأنه كان يمزق كل يوم حلَّتين يلبسهما، ويكره أن يعود فيهما، ويأنف أن يلبسهما غيره، وهو ملك من ملوك اليمن؛ قال: وهم على ابن مزيقياء تنازلوا ... والخيل بين عجاجتيها القسطل [وقولهم: رجل ماهر] الماهر: الحاذق بكل عمل؛ تقول: مهرت بهذا الأمر، أي صرت به حاذقاً ماهراً، وأنا أمهر به مهارة ومهارة. وامرأة مهيرة: غالية المهر. والمهر: الصَّداق؛ تقول: مهرتها مهراً، فإذا زوجتها من رجل على مهر قلت: أمهرتها، ولغة بني عامر أمهرتها: أصدقتها صداقاً. والمُهْر والمُهرة: ولد الرَّمكة-، والجميع المِهار. وقولهم: رجل ممسوس أي مجنون، والمس: الجنون. والماس: الذي لا يلتفت إلى قول أحد، ولا يقبل موعظة؛ تقول: رجل ماس: خفيف، وما أمساه. وماءست بين القوم، أي أصلحت، وهي لغة في سممت بين القوم أسُمُّ سماً، أي أصلحت. وفي موضع

آخر: مأست بين القوم أمأس مأساً، إذا نزعت وأفسدت. والمسوس من المياه: ما نالته اليد. والرحم الماسة: القريبة. وتقول: لا مساس، أي لا مماسة. ومس المرأة وماسها إذا أتاها، ومنه قوله تعالى: {قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} وتماسوهن. والمسمسة: الاختلاط في الأمر واشتباهه؛ وتقول: قد مسسته مواس الخبل. وتقول: مسيته بالسوط مسياً، أي ضربته ضرباً. المِسَنّ والمسن: الحجر الذي يسن به؛ والسن: تحديد كل شيء، تقول: سكين مسنون، وسنان مسنون وسنين. ورجل مسنون الوجه: كأنه قد سن عن وجهه اللحم. والحمأ المسنون: فسر المنتن. والمسنون في كلام العرب: المصبوب. والمسنسن: طريق تسلك. ماسَ وماس الرجل يميس ميساً، إذا تبختر يتبختر تبختراً، والميس: التبختر؛ قال: يا ليت شعري عنك دختنوس

إذا أتاك الخبر المرموس أتخمش الخدين أم تميس لا بل تميس إنها عروس وميسان: اسم كورة من كور البصرة طعامها أجود الطعام. وفي الحديث: "أن الله تعالى لما أهبط آدم عليه السلام بالهند أهبط إبليس اللعين بميسان"، والنسبة إليها ميساني وميسناني. وتقول: نارها موسية: موقدة؛ أمستيها إمساء. وقولهم: رجل ماجن معناه لا يبالي ما صنع، وما قيل له؛ وامرأة ماجنة كذلك. قال: وتقول ماجنة النساء لبعلها ... ما لي عدمتك لا أرى لك مالا ومجن الرجل يمجن مجوناً، والمُجان جماعة. والمجَّان: عطية بلا منَّة ولا ثمن؛ قال: للهدايا من القلوب مكان ... وهو مما يحبه الإنسان سيما إن أمنت فيها المكافأة، وأيقنت أنها مجان. والمِجَنُّ: الترس؛ قال: فثابر بالرمح حتى نحا ... ة في كفل كسراة المجن والمسء: المجانة؛ مسأ يمسأ مسئاً، فهو [ماسئ]: ماجن.

وقولهم: رجل مزير أي قوي على الأمور نافذ فيها، قال: ترى الرجل القصير فتزدريه ... وتحت ثيابه أسد مزير ويروى: مرير. والمرز: دون القرص؛ مرزته مرزاً. وقولهم: رجل مُطِرٌّ أي غضبان شديد الغضب؛ قال: وأنت مطر لا تجود بنائل ... فحتى متى لا ترتجى وتجود ويقال للغضب الشديد: مطرٌّ؛ قال الحطيئة: غضبتم علينا أن قتلنا بخالد ... بني مالك ها إن ذا غضب مُطِر ويقال: جاء فلان مطراً، أي مستطيلاً مدلاً. وتقول: مطرتنا السماء، وأمطرتنا أقبحهما، وأمطرهم الله مطراً أو عذاباً. ورجل مستمطر: طالب خير من إنسان؛ ومكان مستمطر: قد احتاج إلى المطر ولم يمطر. وجاءت الخيل متمطرة: يسبق بعضها بعضاً؛ قال حسان بن ثابت: تظل جيادنا متمطرات ... تلطمهن بالخمر النساء

أي يمسحن عنهن العرق بالحمر. والتطليم: ضربك الطلمة، وهي الخبزة تخبز على الحصى. ويروى: يطلمهن. وقولهم: رجل ملط أي لا يبقى شيئاً سرقة واستحلالاً، والجميع الملوط والأملاط، والفعل ملط ملوطاً. والملاط: الذي يملط [بالطين]. والملاطان: جانبا السنام مما يلي مقدمه. والملطاء- على وزن فعلاء ممدود مذكر: هو شجة السمحاق، والفعل مَلِطَ ملطاً ومُلْطَة؛ وكان الأحنف أملط. وقولهم: رجل مطول ومطالٌ أي مدافع بالدَّين والعدة ليان؛ تقول: مطلني حقي وما طلني بحقي؛ قال رؤبة: داينت أروى والديون تقضى فماطلت بعضاً وأدت بعضاً ويروى: فامتطلت. والحديث: "مطل الغني ظلم". والمطل أيضاً: قدُّ المطال حديدة البيضة التي تذاب للسيوف؛ يقال: مطلها المطَّال: يوم يطبعها بعد المطل فيجعلها صفيحة.

وقولهم: مدَّ الله في عمرك أي جعل لعمرك مدة طويلة؛ والمدَّة: الغاية، ولهذه الأمة غاية في بقاء عيشها. ومدى كل شيء: غايته، ومنه الأمد. والمدية: الشفرة. والمد: الجذب؛ والمدُّ: كثرة الماء أيام المدود. وتقول: امتد الحبل هكذا تقوله العرب. والمدد: ما أمددت به قوماً في الحرب وغيره من الأعوان والطعام. والمادة: كل شيء يكون مدداً لغيره؛ ويقال: دعوا [في الضرع] مادة اللبن؛ فالمتروك في الضرع هو الداعية، والمجتمع إليه هو المادة؛ والأعراب أصل العرب ومادة الإسلام، وهم الذين نزلوا البوادي. والمِدَاد: معروف؛ تقول: مُدَّني يا فلان، أي أعطني مدة من الدواة؛ فإن قلت: أمدني، جاز؛ وإن قلت: أمددني، خرج علي وجه المدد والزيادة. وأمد الجرح: صارت فيه مدة. والمُدّ: مكيال. والمديد من العروض: في دائرة الطويلة بناؤه على فاعلاتن ست مرات. المريد المريد من الجن والإنس والمريد: هو العاتي العاصي؛ وقد تمرَّد علينا، أي عتا واستعصى. ومرد على الشر مروداً وتمرَّد تمرُّداً، أي عتا وطغى، وكذلك قوله تعالى:

{مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ}. والأمرد: الشاب الذي قد طرَّ شاربه ولما تبد لحيته؛ والفعل تمرد مرودة ومرد مرداً؛ وفي الحديث: "إن أهل الجنة جُرْدٌ مُرْدٌ". والمرد: حمل الأراك، الواحدة مردة. ومُراد: هم اليوم في اليمن، ويقال: الأصل من نزار. وقولهم: رجل مدني وحمام مديني كلاهما منسوب إلى المدينة، وفرَّقوا بينهما فأسقطوا الياء من الناس، وأثبتوها في غيرهم. [وقولهم: قد قدمت المائدة] مائدة الرجل: طعامه؛ سميت مائدة لأنه ميد صاحبها بها وبما عليها بما يؤكل؛ تقول: مادني يميدني، إذا أعانني وأعطاني. وقوله تعالى: {أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ} أي تحرك. المنام المنام: هو النوم، ومنه قوله تعالى: {إِذْ يُرِيكَهُمْ اللَّهُ فِي مَنَامِكَ} أي نومك؛ دليله في أن أخرى: {إِذْ يُغَشِّيكُمْ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ}. ويقال: منامك: عينك، لأن العين موضع النوم؛ قال أبو عبيدة: "العين هي المنام التي تنام بها، والدليل قوله

تعالى: {وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ} ". وقولهم: متن فلانٌ فلاناً أي ضرب متنه بالسوط؛ والمتن والمتنة لغتان. والمتن يذكَّر ويؤنَّث، والجميع المتون. والمتن من كل شيء: القوي، وقد متُن متانة. والمتن من الأرض: ما ارتفع وصلب، والجمع المتان. ومتن كل شيء: ما ظهر منه؛ والمماتنة: المباعدة في الغاية، تقول: سار سيراً مماتناً، أي بعيداً. وقولهم: مثثت يدي أي مسحتها بمنديل أو حشيش أو نحوه من دسم فيها، قال امرؤ القيس: نمثُّ بأعراف الجياد أكفنا ... إذا نحن قمنا ع نشواء مضهب ويروى: نمش. قال أبو عبيد: والعرب تسمي المنديل المشوش؛ يقال: أعطني مشوشاً، أي شيئاً أمسح به يدي. ومضهَّب: لم يبلغ النضج لإعجالهم إياه. وقولهم: رجل ممثونٌ ومثينٌ أي الذي يشتكي مثانته، وكذلك إذا ضرب على مثانته قيل: ممثون، ومثن. وقد مثنه يمثنه مثناً وأمثنته. والأمثن: الذي لا يستمسك بوله في مثانته، والمرأة مثناء.

ومثنى من العدد: اثنان [اثنان]، وثلاث: ثلاثة [ثلاثة]، ورباع: أربعة [أربعة]. المِرَّة المرة: مزاج من أمزجة الجسد، وهو داء بما يهذي به الإنسان. والمرة: شدة الفتل؛ والمِرَّة: شدة أسر الخلق؛ من قوله تعالى: {ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى}، أي سوي، يعني جبريل عليه السلام خلقه الله سوياً صحيحاً؛ وذو مرة، أي صحيح قوي البدن. والمرير: الحبل المفتول؛ تقول: أمررته إمراراً. والمريرة: عزَّة النفس؛ والإمرار: نقيض النقض في كل شيء؛ قال: لا تأمننَّ قوياً نقض مرته ... إني أرى الدهر ذا نقض وإمرار والمر: المرور: والمَرّ: المرّة؛ تقول: في المر الأول وفي المرة الثانية. والمُرّ: دواء، والمُرّ: نقيض الحلو؛ يقال: مُرُّ عيشة وأمرّ. والمُريراء: حبة سوداء يكون منها الطعام أيضاً. وقولهم: مرنت يد فُلان أي صلبت واستمرت، ومرن وجهه على هذا الأمر، وهو ممرن الوجه، وقد مرن مروناً ومرونة. والمارن: ما لان من الأنف وفضل عن القصبة.

والمنارة: مفعلة من الإنارة، وبدء ذلك أنهم ينورون في الجاهلية ليهتدي ويُهتدى بها؛ والمنارة للمؤذن وللسراج. وقولهم: ملة النبي عليه السلام معناه: الأمر الذي أوضحه للناس؛ وامتلَّ الرجل، إذا أخذ في ملة الإسلام، أي قصد ما أمل منه. وقوله: {مِلَّةَ أَبِيكُمْ} فسر دينه عليه السلام؛ وقوله: {شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً}، شرعة: شريعة، أي سُنَّة وطريقة، ومنهاج: طريق واضح. ويقال: الشرعة معناها ابتداء الطريق، والمنهاج: الطريق المستقيم، ومنهج الطريق: واضحه، والمنهج: الطريق الواضح؛ قال الشاعر: إذا أفوز بنور استضيء به ... أمضي على سنة منه ومنهاج والملَّة: الرماد والجمر؛ تقول: مللت الخبزة في الملة أملُّها ملاً مملولة، وكل شيء تملُّه في الجمر فهو مملول؛ قال: يوماً يظل به الحرباء مصطخماً ... كأن ضاحيه بالنار مملول مصطخماً أي منتصباً، وضاحيه: ما ظهر منه للشمس، والمملول: الممتل، من الملة. وطريق ممل وميس، أي قد سلك فيه حتى صار معلماً. والملال: أن تمل شيئاً وتعرض عنه؛ ورجل ملول وملولة، وامرأة كذلك؛ آخر: فأجبت ما بك كيف أنت بصالح ... حتى مللت وملَّني عوَّادي

قال الشاعر: [و] أقسم ما بي من جفاء ولا ملل والملل: اسم موضع من طريق البادية على طريق مكة؛ قال الشاعر: على ملل يا لهف نفسي على ملل والإملال: إملال الكتاب ليكتب. والململة: أن يتململ الإنسان من جزع أو حرقة كأنه على جمر؛ قال: إذا ليلة نالتك بالشكو لم أبت ... لما بك إلا ساهراً أتململ والملمول: المِكْحال، وهو المرود والمحراف؛ قال القُطامي يصف شجة: إذا الطبيب بمحرافيه عالجها ... زادت على النقر أو تحريكها ضجما ويروى: على النفر، والنَّفْر: الورم؛ والنَّقْر: تحريكه الميل؛ وضجم: عوج. المِثْل المثل: الشبه، وبتحريك الثاء أيضاً، ومنه قوله تعالى: {كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ}، أي كشبه العنكبوت؛ وكذلك: {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ

الْحِمَارِ} أي شبه الحمار. والمثل: العبرة؛ ومنه قوله تعالى: {فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفاً وَمَثَلاً لِلآخِرِينَ} أي عبرة لمن بعدهم؛ ومثله: {وَجَعَلْنَاهُ مَثَلاً لِبَنِي إِسْرَائِيلَ}. والمثل: الصورة والصفة؛ كقوله تعالى: {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ}. قال الخليل: {مَثَلُ الْجَنَّةِ .... الآية} مثلها وهو يخبر عنها، وكذلك: {ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ} ثم أخبر تعالى أن الذين يدعون من دون الله، فصار خبره عن ذلك مثلاً، ولم يكن لهؤلاء الكلمات ونحوها مثلاً ضرب به لشيء آخر كقوله تعالى: {فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ} و {كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً}. والفعل من المِثْل مَثَل. والمثال: ما فُعل مثالاً أي مقداراً لغيره يحذى عليه، والجمع المثل وثلاثة أمثلة. والمثول: الانتصاب قائماً، والفعل مثُلَ يمثُلُ. والتمثيل: تصوير الشيء كأنك تنظر إليه. والتمثال: اسم لذلك الشيء الممثل المصور على هيئة غيره وخلقته- وإنما كُسرت التاء حيث جعلت اسماً كالتخقاق وأشباهه، ولو أردت المصدر لفتح التاء فقلت: مثَّلته مثالاً، وخفَّقت الفرس تخقاقاً. ويقال: هذا أمثل من ذلك، إذا كان أفضل منه قليلاً.

المُذَبْذَب المذبذب: المتردد بين أمرين أو بين رجلين لا تثبت صحابته لأحدهما؛ ومنه قوله تعالى: {مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لا إِلَى هَؤُلاءِ وَلا إِلَى هَؤُلاءِ}. والتذبذب: التردد؛ قال النابغة: ألم تر أن الله أعطاك سورة ... ترى كل ملك دونها يتذبذب أي يتردد. وقولهم: فلان مُراء أي صاحب رياء؛ يرائي بعمله غير مخلص فيه لله، وهو في معنى المنافق والمخادع. وعن النبي صلى الله عليه وسلم: "يسير الرياء نفاق". الملأ: الملأ: الجماعة، والجميع الأملاء. والملأ من بني إسرائيل: أشرافهم ووجوههم. قالت الأنصار: يوم بدر ما قتلنا إلا عجائزاً صلعاً؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أولئك الملأ من قريش". والمَلاءة: مصدر [ملؤ] والملئ: الذي عنده ما يؤدى؛ قوم ملاء وأملئاء. والمُلاءة: الريطة، وتُجمع المُلاء، وهي الملاحف؛ قال امرؤ القيس:

فعن لنا سرب نعاجه ... عذارى دوار في المُلاء المذيل والملا: ملاوة العيش؛ تقول: إنه لقي ملاوة من عيش، أي إملاءة؛ ومنه تملى فلان، والله تعالى يملي لمن يشاء فيؤجله في الخفض والسعة والأمن. والملاة: فلاة ذات حر وسراب، والجمع ملا مقصور؛ قال الشاعر: ألا غنياني وارفعا الصوت بالملا ... فإن الملا عندي يزيد الملا بُعدا والملأ- مهموز: الخلق، غير ممدود؛ يقال: احسنوا الملأ، أي أحسنوا أخلاقكم، قال الشاعر: تنادوا يا لبهثة إذ رأونا ... فقلنا: أحسني ملأجهينا أي خُلُقاً، ويقال: أحسني تمالؤاً. والملأة: الزكام؛ وقد ملئ الرجل فهو مملوء، وأملأه الله أي أزكمه، وكان في القياس أن يكون مملأ كما يقال: أكرمته فهو مكرم. والملأة: ثقل يأخذ في الرأس كالزكام من امتلاء المعدة، والرجل مملوء. والمِلْء: كظة من كثرة الأكل. والملي من الدهر: حين طويل؛ تقول: أقام ملياً. والملاوة: الحين من الدهر، ومنه قولم: تملَّيت حبيبك، أي عشت معه ملياً. وفي الملاوة لغات؛ حكى الفراء: ملوة من الدهر وملوة وملاوة. كله من الطول.

والملء: من الامتلاء؛ تقول: ملأته فامتلأ، وهو ملآن مملوء ممتلئ، وشيء مالئ الغير حسناً. وقولهم: رجل مال أي: ذو مال، والفعل تموَّل. وسمي مالاً لأنه ميال وميَّل، لأنه يميل إلى الدنيا، وقيل: لأنه يميل عن واحد إلى واحد. ومثله: رجل نال: كثير النوال، ورجلان نالان، وقوم نالون؛ ورجل صات: شديد الصوت في معنى الصَّيت؛ ورجل خال: ذو خيلاء؛ ورجل فال: يخطئ الفراسة؛ ورجل داء: به الداء. ومثله: ماء غور، ومياه غوْرٌ؛ ورجل صومٌ، ورجال صومٌ؛ ورجل نوم، ونساء نوم. والممالأة: المعاونة، ومالأت على فلان، أي عاونت عليه. قال علي: والله ما قتلت عثمان ولا مالأت على قتله. والمولة: اسم العنكبوت، قيل: وهي دابة من دواب البحر تبرق عيناها. المُوم الموْمُ: البرسام؛ ورجل مموم، وقد ميم ميماً وموماً، وهو يُمَامُ ولا يكون يموم؛ لأنه مفعول به مثل برسم. قال ذو الرمة: إذا توجَّس قرعاً من سنابكها ... أو كان صاحب أرض أو به موم

ويقال: رجل مأروض، أي مزكوم. والموم بالفارسية: اسم الجدري كأنه قرحة واحدة. والموماة: المفازة الملساء الواسعة. والمادية: حجر البلور، وثلاث ماديات ومأو. وقولهم: رجل مأو معناه: نمامة صاحب إيقاع الشر بين الناس، والمأي: النميمة؛ تقول: مأيْتُ بين القوم، ولا تكون إلا بالشر؛ قال: ومأى بينهم أخو نُكرات ... لم يزل ذا نميمة مأآء أي نمامة. والمائة: حذف من آخرها فيما يقال واو، وقال بعضهم حرف لين لا يُدرى واو أو ياء؛ والجميع المئون والمئين، هذا تقدير (الممئيين والممئين). ويقال: أمأت الغنم: بلغت مائة، وأمأيتها أي أوفيتها مائة. وقولهم: رجل مدغدغ أي مغموز في حسبه؛ قال رؤبة: واحذر أقاويل العداة النزَّغ واعلم بأني لست بالمدغدغ وقيل: مرغرغ.

المناظرة المناظرة: المكالمة والمجادلة؛ وهي أيضاً أن يتناظروا في أمر، كل منهم ينظر فيه كيف يأتيه. والمنظرة: موضع في رأس جبل، يكون فيه رقيب ينظر إلى العدو، ويحرس أصحابه. ومنظرة مصدر كالنظر. والمنظر: النظر الذي يعجب بالنظر إليه ويسرك. وفلان في منظر ومسمع، أي مما يحب النظر إليه والاستماع؛ قال [زنباع بن مخراق]: أقول وسيفي يفلق الهام حده ... لقد كنت عن هذا المقام بمنظر وقال أبو زبيد لغلامه، وكان في خفض ودعة، فقاتل أحياء من الأراقم فقتل: قد كنت في منظر ومستمع ... عن نصر بهراء غير ذي فرس وقولهم: فلان له ملك الطريق وملكه أيضاً بالكسر، أي على وجهه واستقامته؛ قال: أقامت على ملك الطريق فملكها ... لها ولمنكوب المطايا جوانبه ويقال للقدرة والطاقة: ملك [وفيها] لغات، وفُسّر قوله تعالى: {مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا} أي بقدرتنا؛ وقيل: بسلطاننا وعزتنا، وقيل: بطاقتنا؛ وقيل:

بملك أيدينا؛ وقيل: بإصابتنا ورشدنا، ولكن بالخطأ. قال الكلبي: ما نملك ذلك إنما أخطأنا لم نصب ذلك. وقال: الضبي هو أحسن الوجوه عندي. وقرئت بملكنا بالفتح والضم والكسر جميعاً. الأمثال على الميم - "من عزَّ بَزَّ". - "مقتل الرجل بين فكيه". - "محا السيف ما قال ابن دارة أجمعا". - "من أكثر أهجر". - "محترس من مثله وهو حارس". - "ما يشق غباره". - "ما يوم حليمة بسر".

- "مجاهرة إذا لم أجد ختلاً". - "مخرنبق لينباع". - "مثقل استعان بذقنه". - "معاداة العاقل خير من مصادقة الأحمق". - "ماله بذم". - "ماله صيور". - "ما له أكل". - "مثل جليس السوء كالقين إن لا يحرق ثوبك بشرره يؤذيك بدخانه". - "مرعى ولا كالسعدان". - "ماء ولا كصداء". - "منك عيصك وإن كان آشباً".

- "من يمدح العروس إلا أهلها". - "من سره بنوه ساءته نفسه". - "من حب طب". - "من يبغ في الدين يصلف". - "من حدث نفسه بطول البقاء فليوطن نفسه على المصائب". - "ما أشبه الليلة بالبارحة". - "ملكت فأسجح". - "من لم يأس على ما فاته أراح نفسه". - "من حقر حرم". - "من عيَّر عُيِّرَ". - "من أنفق ماله على نفسه فلا يتحمَّد به على الناس".

- "من ساء يكبر أو يقل". - "من فسدت بطانته كان كمن غُصَّ بالماء". - "من ذهب ماله هان على أهله". - "من سلك الجدد أمن العثار". - "من نهشته الحية حذر الرسن". - "ما حللت ببطن تبالة لتحرم الأضياف". - "ما عقالك بأنشوطة". - "من حظك موضع حقك". - "من حظك نفاق أيمك". - "ما وراءك يا عصام". - "محسنة فهيلي".

- "ما هلك رجل عن مشورة". - "من ينكح الحسناء يعط مهراً". - "من لي بالسانح بعد البارح". - "من عال منا بعدها فلا اجتبر". - "من خاصم بالباطل أنجح به". - "من حفر مغواة وقع فيها". - "مكره أخوك لا بطل". - "من نمَّ إليك نمَّ عليك". - "من غاب غاب حظه". - "من تجمَّع تقعقع عمده".

- "ما لي ذنب إلا ذنب صحر". - "ما يلقى الشجي من الخلي". - "ما أباليه عبكة". - "ما أبالي ما نهئ من ضبك". - "ما أباليه بالة". - "مذكية تقاس بالجذاع". - "متى كان حكم الله في كرب النخل". - "ما عنده خل ولا خمر". - "ما عنده خيرُ ولا ميرٌ". - " [ما عنده] ما يندي لك الرضفة".

- "ما تبلُّ إحدى يديه الأخرى". - "مرة عيش ومرة جيش". - "مأربة لا حفاوة". - "من ير يوماً يُر به". - "موت الحرة خير من العُرّة". - "مع الخواطئ سهم صائب". نفي الناس - "ما بالدار شفر". - " ... دعوي". - " ... دبيٌّ". - " ... دبيح".

- " ... دوري". - " ... طوري". - " ... وابر". - " ... صامز". - " ... ديار". - " ... نافخ ضرمة". - " ... أرم". - " ... عائن ولا عين". - " ... تأمور". كلمة بمعنى ما بها أحد. نفي الحال - "ما أدري أي الطمش هو". - " ... أي الدهراء هو".

- " ... تُرْخم هو". - " ... البرنساء هو". - " ... الطبن هو". - " ... الأورم هو". - " ... النخط هو". - " ... الورى هو". كله بمعنى ما أدري أي الناس هو. نفي المال - "ما له هلَّع ولا هلَّعة". - " ... سعنة ولا معنة". - " ... هارب ولا قارب". - " ... عافطة ولا نافطة".

- " ... حبض ولا نبض". - " ... أقذُّ ولا مريش". - " ... سبد ولا لبد". - " ... حَمّ ولا سَمّ"؛ بالفتح والضم. معناه كله لا شيء له. نفي الطعام - "ما ذقت عضاضاً ولا علوساً". - " ... عذوفاً ولا عذافاً". بالذال والدال جميعاً. - "ما ذقت أكالاً". - " ... لماجاً ولا شماجاً ولا ذواقاً". - " ... مضاغاً ولا لماظاً".

كله بمعنى ما ذقت ما يذاق أو يؤكل أو يعذف أو يلمج. نفي [اللباس] - " ... ما عليه طحربة". بضم الطاء والراء في قول الكسائي. قال الكسائي: طِحربة بكسرهما. قال أبو الجراح العقيلي: بفتح الطاء وكسر الراء. - "ما عليه فراض". نفي النوم - "ما اكتحلت غماضاً ولا حثاثاً". بضم الحاء عن أبي زيد. الأصمعي: بكسر الحاء. نفي العلم - "ما يعرف الحوَّ من اللَّو". - " ... الحيَّ من اللَّي". - " ... هراً من بر".

- "ما يدري من أبى". - "ما أدري أي طرفيه أطول". نفي الوجع - "ما به وذية". - "ما به ظبظاب". أي ليس به وجع ولا شيء منه.

حرف النون

حرف النون

بسم الله الرحمن الرحيم النون ذلقية وعددها في القرآن ستة وعشرون ألفاً وتسعمائة وخمسة وخمسون نوناً. وفي الحساب الكبير خمسون، وفي الصغير اثنان. والعرب تُبْدل النون من الكلام في سجيل وسجين، وجبريل وجبرين، وإسماعيل وإسماعيلن؛ قال الليث: سمعت عقبة بن رؤية يقول: إسماعين، يريد إسماعيل، ونهيان ونهيال؛ لغة بديل بلام في كلام كثير مر في حرف اللام. والنون حرفان الواو بينهما. [النون] والنون: السمك، وجمعه النينان. وذو النون: يونس بن متَّى عليه السلام؛ قال الشاعر: نونان نونان لم يخططهما قلم ... في كل نون من النونين عينان يعني السمكتين. والنون: شفرة السيف؛ والنون: الخط الذي في صفحة السيف؛ والنون: السيف نفسه؛ قال عمرو بن معد يكرب: فنجاه مكان النون مني ... وما أعطيته عرق الخلال النون: السيف، وعرق الخلال: كسب المودة، مصدر خاللته مخاللة وخلالاً. ومنه قوله تعالى: {لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خِلالٌ}. يقول عمرو: إنه لم يوهب لي بل غنمته.

واختلف في قوله: {ن وَالْقَلَمِ} قال أبو عبيدة: هو مثل فواخ السور؛ قال ثعلب: بالتسكين فيه على أنه من حروف التهجي. وقد قرئ بالفتح، يذهبون بها مذهب الجزم المنبسط. وفتحوها على مذهب الأدوات وإن لم يكن كهي في صورتها، إلا أنه لالتقاء الساكنين. قال: ويُقال إن نون هو الحوت الذي عليه قرار الأرضين. وعن ابن عباس كذلك، قال: وتحت النون [أي] الحوت ثور، وتحت الثور صخرة، وتحت الصخرة الثرى، ولا يعلم ما تحت الثرى إلا الله. قال الكلبي: زعم الناس أن النون هي الدواة والقلم الذي يكتب به الذكر. قال النقاش: ويقال إن نون هي الدواة التي يُكتب منها، والقلم الذي يُكتب به. ويقال: النون: الحوت التي عليها الأرض. وقال: [النون في] ديناوين: [نون] دُنيا، والنون الذي كان يأكل أهل الجنة من زيادة كبده أربعين خريفاً. وقيل: مياه الأرض كلها تصب في شدقه. مسألة إن قيل: لم ثُقِّلت النون في أنتن وضربتن؟ قلت: لأنك تقول في المذكر: أنتمو، فبعد التاء الميم والواو وهما حرفان، فنقلوا النون بعد التاء في أنتن؛ لأن الحرف الثقيل يُعَدُّ حرفين ليصير بعد التاء في المؤنث حرفين كما كان بعد التاء في المذكر حرفان. فإن قيل: قد يجوز حذف واو أنتمو، فلم لا يجوز حذف نوني أنتنَّ حتى تخففها؟ قلت: إن حذف الواو من أنتمو حذف عارض والحذف لا يقاس عليه، ألا ترى قولهم: لم نَكُ- يريدون لم نكن- فحذفوا النون، ولم يقولوا: لم

أقُو، في لم أقل؟ وذا من قال يقول، وذاك من كان يكون، والفعل واحد. واعلم أنهم ضموا النون في نحن؛ لأن الحاء ساكنة، فلم يسكنوا النون فيجتمع ساكنان، فضموها، وإنما كان الضم أولى؛ لأن هذا اللفظ للجماعة، وعلامة الرفع في الجماعة الواو. واعلم أن نون الاثنين كسرت أبداً لمجيئها مثل نون الجماعة، فسبق الكسر الياء إذا كان ما قبلها لا يكون إلا ساكناً، فلم يكونوا ليسكنوا النون وما قبلها ساكن، فيجتمع ساكنان، فحركوها بالكسر حين جاءت بعد الألف؛ لأنها صارت بمنزلة ما حُرّك من اجتماع الساكنين، وصارت بمنزلة ما هو ساقط من فوق؛ لأن الفتحة للاستعلاء، وما سقط من فوق بمنزلة المضجع، والمضجع مجرور. مع هذا إن الكسر ضد الفتح، فلما كان ما قبل النون والألف مفتوحاً كُسرت النون. فإن قيل: لم كُسرت مثل الياء في رجلين؟ قلت: لما كسرت في رفع الاثنين ألزموها الكسر في نصبهما وجرهما لتكون النون على حالة واحدة في التثنية. نَعِمْ ونَعَمْ نَعِمْ ونَعَمْ: لغتان كسر العين وفتحها، معناهما الإعراب لما يسأل عن المسؤول؛ يقول القائل: أقام زيد؟ فيرد المجيب: نعم، أي قد فعل. وقرأها يحيى بن وثاب والأعمش والكسائي: نَعِم، بكسر العين. و"روى قتادة عن رجل من خثعم قال: دفعت إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وهو بمنى فقلت له: أنت الذي تزعم أنك نبي؟ فقال: نَعِمْ". واحتج الكسائي بحديث يرورى عن أبي عثمان النَّهدي أن عمر رحمه الله سألهم عن شيء، فقالوا: نعم، فقال: لا تقولوا نعم ولكن قولوا نَعِم- بكسر العين- إنما النعم الإبل. وقال

رجل لأبي وائل شقيق بن سلمة: أشهدت صفين؟ قال: نعم [وكسر] العين وبئست الصفون. وقال رجل لأبي وائل: سمعت عبد الله بن مسعود يقول: من شهد أنه مؤمن فليشهد أنه في الجنة، قال: نعم بكسر العين. وقال بعض ولد الزبير: ما كنت أسمع أشياخ قريش يقولون إلا نعم- بكسر العين. وقال بعض العرب: كان أبي إذا سمع رجلاً يقول: نعم، قال: نعم وشاء، إنما هي نَعِمْ- بكسر العين. قال الشاعر في اللغتين: دعائي عبد الله نفسي فداؤه ... فيالك من داع دعانا نَعَمْ نَعِمْ قال الضبي: وقرأها أهل المدينة وعاصم وحمزة بالفتح، والكسر أحبُّ إلي لاختيار الكسائي لها مع علمه بلغات العرب. وذكر مع هذا أنها قراءة أصحاب عبد الله والحسن البصري، وأنها لغة عمر رحمه الله. وذكر قُطُرب أن بعض العرب يقول في الوقف: فبمْ، قال: نَعَمْ نَعَام، ومن قال: نعم نعيم، فأدخل الياء لكسره العين. وقولهم: نحن في نعمة الله ونحن واحده أنا، وهو جمع على غير قياس، وأصلها نحن فألقوا ضمة الحاء على النون للإدراج. والنعمة- بكسر النون: المِنَّة والإحسان، والنُّعمى: الحسنى؛ قال النابغة:

علي لعمرو نعمة بعد نعمة ... لوالده ليست بذات عقارب العقارب: البغي، لا يمنها: لا يُكدرها. والنعمة- بالفتح: سعة العيش والراحة؛ قال الخليل: الخفض والدعة، وكل شيء في القرآن من ذكر نعمة- بالكسر- فهو المِنَّة وهو الإفضال والعطية، وبالفتح من النُّعم وهو سعة العيش والراحة. كقوله: {وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ}. وتقول: نُعمة عين، ونَعْمة عين، ونُعمى عين، ونَعَام عين. قال الليث: جمع نِعمة نِعمات. وقد قرئ: {تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَةِ اللَّهِ} بتحريك العين؛ ويقال: نعمة نِعِمات بكسر النون والعين، ونعمات بكسر النون وفتح العين، ونعمات بكسر النون وجزم العين. والنَّعماء: اسم النعمة، والنعمة: اليد البيضاء الصالحة. وتقول: نَعِمَ بك عيناً، وأنعم الله بك عيناً، أي أقر بك عين من تحبه. والنعمة: المسرة. ونعامة والجميع نعامات. وقولهم: إن فعلت كذا فبها ونعمت قولهم: فبها، فبالوثيقة أخذت، فكنَّى عنها ولم يتقدم لها ذكر لوضوح معناها؛ قال الله تعالى: {حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ} يعني الشمس، ولم يتقدم لها ذكر، ومثله كثير.

وقولهم: [ونعمت، معناه: ونعمت] الخصلة هي، وتاؤها كتاء قامت وقعدت، لا يوقف عليها ولا تُكتب بالهاء. ومن فعل ذلك لزمه أن يعربها في الوصل، فيقول: ونعمة، كما يعرب النعمة من النعم. قال صلى الله عليه وسلم: "من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت، ومن اغتسل فالغسل أفضل" أي فبها فبالرخصة أخذ ونعمت الخصلة هي. وقيل: ونعمت على معنى الدعاء أي ونعمك الله. وقولهم: قد دقَّه دقاً نعماً أي بالغاً زائداً؛ ويقال: دققت الدواء فأنعمت دقَّه، أي زدت فيه؛ قال: فيا عجباً من عبد عمرو وبغيه ... لقد رام ظلمي عبد عمرو فأنعما أي فزاد في الظلم. وقال ورقة: رشدت وأنعمت ابن عمرو وإنما ... تجنبت تنوراً من النار حاميا وفلان أنعم، إذا أحسن أي زاد على الإحسان. وفي الحديث في أبي بكر وعمر رحمهما الله: "أولئك من الصالحين وأنعما" أي زادا؛ ومنه الحديث: أن أهل الجنة ليتراءون أهل عليين كما ترون الكوكب الدري في أفق السماء وأبو بكر وعمر منهما وأنعما". قال الكسائي وأبو عبيد: وزادا على ذلك؛ وقيل معناه:

وبالغا في الخير. وأنشد لشاعر يصف راعياً وغنمة: سمين الضواحي لم تؤرقه ليلة ... وأنعم أبكار الهموم وعونها سمين الضواحي، أي ما ضحا للشمس من غنمه؛ وقوله: لم تؤرقه ليلة، أي لم تؤرقه أبكار الهموم وعونها ليلة؛ وقوله: وأنعم: صار إلى النعم. وقولهم: حمر النَّعَم وهي الإبل، وحُمرها: كرامها وأعلاها منزلة. والنعم مع بعضهم لا تقع إلا على الإبل، والأنعام تقع على الإبل والبقر والغنم. فإذا انفردت الإبل قيل لها: نعم وأنعام، وإذا انفردت البقر والغنم لم يُقَل لها نعم ولا أنعام؛ وقيل: النعم والأنعام بمعنى واحد. قال: أكُلَّ عام نعم يحوونه يلقحه قوم وينتجونه وقال الله تعالى: {إِنَّ لَكُمْ فِي الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ}، فذكر الهاء لأنها حملت على معنى النَّعَم، كما قال الشاعر: بال سهيل في الفضيخ ففسد وطاب ألبان اللقاح وبرد

أراد: وطاب لبن اللقاح. قال ذو الرمة: وميَّة أحسن الثقلين جيداً ... وسالفة وأحسنه قذالا أراد: أحسن شيء جيداً وأحسنه قذالاً. والعرب تذكّر الأنعام وتؤنث؛ قال الله تعالى: {مِمّا في بُطُونِهِ} و {مِمَّا في بُطُونِهاهم: إنما قال: مما في بطونه، لأنه قصد إلى الذُّكران والإناث، فغلَّب المذكر؛ وقال: في بطونها، قصد إلى الإناث. يقال: نَعَمٌ وأنعامٌ، وأناعِيمُ جمع أنعام. والنَّعامة: الطريق؛ يقال: قد خفَّت نعامتهم، أي استمر بهم المسير. والنُّعامَى: اسم ريح الجنوب. وقولهم: نِعْم الرجل أخوك، وإنه لرجل نعماً، وإنه لنعيم وهو في المدح؛ وبئس الرجل أخوك، وهو في الذم. ونِعْم وبئس حقهما أن يكون بعدهما اسمان مرفوعان: الأول مجهول، والثاني معروف وهو المخبَّر عنه بالمدح والذم. ويجوز تقديم الاسم الثاني علي نِعْم وبئس، تقول: أخوك نِعْم الرجل، وأخوك بئس الرجل، ولا يجوز تقديم الاسم الأول عليهما، فخطأ قولك: [الرجل] نِعْم زيد، والأخ بئس أخوك؛ لأنهما في صلة نِعْم وبئس. وإذا سقطت الألف واللام من الاسم المقارن لنعم وبئس نصبته، فقلت: نعم رجلاً أخوك، وبئس رجلاً أخوك، وتقول: نِعْم غلام رجل غلامك، وبئس غلام رجل غلامك؛ رفع ونصب. قال الشاعر:

فنِعم مناخ ضيفان جياع ... إذا انتابوه في غلس الظلام والعرب تُدخل الباء على نعم وبئس، تقول: ما زيد بنعم الرجل؛ قال: ألست بنعم الجار يؤلف بيته ... كذي العرف ذا مال كثير ومعدما وبشر بعض العرب بابنة، فقيل له: نعم الولد هي، فقال: والله ما هي بنعم الولد، نصرها ركَّة وبرُّها سرقة. وقولهم: ناهيك بفلان أي كافيك به، من قولهم: نهي الرجل من اللحم وأنهى إذا اكتفى منه؛ قال: يمشون دسماً حول قبَّته ... ينهون عن أكل وعن شرب أي يشبعون ويكتفون. قال آخر: لو كان ما واحداً هواك لقد ... أنهى ولكن هواك مشترك تقول: مررت برجل كفاك به، وبرجلين كفاك بهما، وبرجال كفاك بهم، وبامرأة كفاك بها، وبامرأتين كفاك بهما، وبنسوة كفاك بهن؛ لا تثني كفاك ولا تجمعه ولا تؤنثه، لأنه فعل للباء. وتقول العرب: مررت برجل ناهيك من رجل، ونهاك. والكاف في هذا للمخاطبة، وتفسيره: قد انتهى الرجل في كماله إلى الغاية؛ قال:

بنو الشيخ الذي حُدثت عنه ... نهاك الشيخ مكرمة وفخرا [نهك] وتقول: نهكته الحُمَّى، إذا بدا أثر الهُزال عليه من المرض. والنهك: من التنقص، فهو منهوك وبانت فيه نهكة المرض. وتقول: انتهكت حُرمة فلان، إذا تناولها بما لا يحل؛ وفي الحديث: "انهكوا وجوه القوم" أي ابغوا جهدكم. ورجل نهيك، وقد نَهُك نهاكة: يصفه بالشجاعة كالأسد النهيك البئيس، وهو الشجاع. وسيف نهيك: قاطع ماض. وتقول: ما ينهك فلان يفعل كذا، أي ما ينفك. [وقولهم: فلانٌ نسيجُ وحدْه] نسيج وحده معناه: أوحد لا ثاني له فيه، كأنه ثوب نسج على حدته لم ينسج معه غيره؛ قال الشاعر: جاءت به معتجراً ببرده سفواء تردي بنسيج وحده

ووحده منصوب في كل حالة إلا في ثلاثة مواضع: نسيج وحده، وعيير وحده، وجحيش وحده. وفي غيرها تقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ وكقولهم: مررت بزيد وحده، وبالقوم وحدهم. وقال ابن الأنباري: في نصبه ثلاثة أقوال: قال جماعة من البصريين: نصب على الحال؛ وقال يونس: هو بمنزلة عنده؛ وقال هشام: هو منصوب على المصدر. قال هشام والفراء: نسيج وحده، وعبير وحده، وواحد أمه نكرات. الدليل قول العرب: رُبَّ نسيج وحده قد رأيت، وربَّ واحد أمه قد أسرت؛ واحتج هشام بقول حاتم: أماوي إني رُبَّ واحد أمه ... أجرت فلا قتل عليه ولا أسر [المِنْسَجُ] المنسج: الخشبة التي يضرب بها الحائك الكرباسة؛ والريح تنسج الماء إذا ضربته، فانتسجت فصارت له طرائق كالحُبُك، والريح تنسج الدار إذا نسجت المور والجول على رسومها، والشاعر ينسج الشعر، والكذاب ينسج الزور، والعنكبوت تنسج بيتها. وقولهم: هذا نخبة المتاع أي المنتزعة منه المنتقاة؛ ومنه قولهم للجبان: منخوب ونخيب ومنتخب، أي منتزع الفؤاد؛ ويقال للجبان: نخب- بتسكين الخاء- وللجبناء نخبات. قال جرير:

لهم نخب وللنخبات مر ... فقد رجعوا بغير شظى سليم ورجل نخب: لا فؤاد له؛ قال: ألا أبلغ أبا سفيان عني ... فأنت مجوَّف نخب هواء والنخبة: خيار الناس؛ تقول: انتخبت أفضلهم نخبة وانتخبتهم. ويقال للمنخوب: النخب- بكسر النون وتشديد الباء- والجميع النخبون والمنخوبون، وقد تقال في الشعر على مفاعل: مناخب. والمنخوب أيضاً: الذي ذهب لحمه وأصابه الهزال، وهم منخوبون. [وقولهم: رجل نحرير] النَّحرير: الحاذق العالم الماهر العارف بالأمور المجرب لها؛ قال: قد يعافى الجبان من غير حذر ... ويحل البلاء بالنحرير ونحيرة الشهر: أوّله، والنحور: أوائل الشهور؛ قال ابن مقبل: أرمي النحور فأشويها وتثلمني ... ثلم الإناء فأغدو غير منتصر وجلست في نحر فلان، أي مقابلاً له حيث يراني وأراه؛ من قولهم: قد نحر فلاناً ينحره نحراً، إذا قابله. والمنازل تتناحر، إذا قابل بعضها بعضاً؛ ومنه قوله تعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} أي استقبل القِبلة بنحرك، وقيل: انحر البدن وغيرها يوم الأضحى، وقيل: هو وضع اليمين على الشمال في الصلاة.

ويقال: منازللنا تتراءى، أي يقابل بعضها بعضاً؛ ويقال: الجبل ينظر إليك، والحائط يراك، أي يقابلك ويوجهك؛ ومنه قوله تعالى: {وَتَرَاهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لا يُبْصِرُونَ} أي لا يواجهونك. قال: أيا جبلي جثَّى سقى الله ما يرى ... قلالكما من شاهق وسقاكما وليتكما لا تمحلان وليتني ... وإن كنتما بالمحل حيث أراكما أي حيث أقابلكما. وقولهم: قد قضى فلان نحبه قال أبو عبيد: قضى نحبه، أي مات؛ قال: عشيَّة فرَّ الحارثيون بعدما ... قضى نحبه في ملتقى القوم هوبر أي قضى نفسه. قال أبو عبيدة: والنحب أيضاً: الخطر العظيم، واحتج بقول جرير: بطخفة جالدنا الملوك وخيلنا ... عشية بسطام جرين على نحب أي على خطر عظيم. قال أبو عبيدة وغيره: معنى قول الله تعالى: {فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ} أي

(×××) الذي كان (×××)، واحتج لقول الفرزدق: وإذ نحَّبت [كلب] على الناس أيُّهم ... أحق بتاج الماجد المتكرم ويقال: معنى قضى نحبه: (قضى) هواه. والقولان الأولان أكثر العلماء عليهما. قال الخليل: النَّحب: النذر؛ قال: وإني والهجاء لآل لأم ... كذات النحب توفي بالنذور ويقال: ناحبت الرجل، إذا حاكمته إلى رجل؛ قال لبيد: ألا تسلان المرء ماذا يحاول ... أنحب فيقضى أم ضلالٌ وباطلُ والمرأة تنحب، وهو صوت البكاء وهو النحيب. [النَّمَّام] معناه الذي لا يمسك الأحاديث ولا يحفظها؛ من الجلود النمة التي لا تُمسك الماء. ويقال: قد نمَّ فلان ينم، إذا ضيَّع الأحاديث ولم يحفظها؛ أنشد الفراء: بكت من حديث نمَّه وأشاعه ... ولفقه واش من القوم واضع ويسمى القتات؛ قال صلى الله عليه وسلم: "لا يدخل الجنة قتَّات"، منه قتَّ

يقُتُّ قتاً، إذا مشى بالنميمة؛ ويقال له: القساس، والدراج، والهماز، واللماز، والمهينم، والمهتمل، والممآس، والمائس؛ يقال: مأس بينهم يمأس مأساً، إذا مشى بالنميمة؛ ونمِلَ الرجل، إذا مشى بالنميمة. والنميمة والنميم هما الاسم؛ وهو ينمي تنمية، ويقال: لم ينِ/ نميمة ونميماً ونماً؛ ورجل نمامٌ ونمومٌ ونمٌّ؛ قال الفراء: النميم والنميمة لغتان، والجميع النمائم. قال ابن الدمينة: هجرتك إشفاقاً عليك من الردى ... وخوف الأعادي واتقاء النمائم والنميمة يقال: صوت الكتابة، ويقال: همس الكلام كما قال أبو ذؤيب: ونميمة من قابض متلبِّب ... في كفه جشء أجش وأقطع يقول: الحمر سمعت جشئاً من نميمة القانص. ويقال لكل (وشي: نمنمة)؛ والنمنم: البياض يكون على الأظفار، الواحدة نمنمة. وقولهم: فلانٌ [ناجشٌ] أي يحوش الصيد، وهو منجاش أيضاً. والنجش: أن يُنَفِّر الناس الشيء إلى غيره. وأصل النجش تنفير الوحش من مكان إلى مكان. والنجش: أن يزيد الإنسان على ثمن السلعة ولا يريد شراءها، ليزاد عليها لزيادته؛ قال صلى الله عليه وسلم: "لا تناجشوا ولا تدابروا" فالتدابر: التهاجر؛ أصله أن يولي الرجل صاحبه دبره، ويعرض عنه بوجهه؛ وهو التقاطع، قال حُمرة

ابن مالك الصدائي يعاتب [قومه]: أأوصى أبو قيس بأن تتواصلوا ... وأوصى أبوكم ويحكم أن تدابروا أي تهاجروا. قال عبد الله بن أبي أوفى: الناجش آكل رباً خائن. قال الأصمعي: النجش: مدح الشيء وإطراؤه [وأنشد للنابغة في صفة الخمر]: وترخي بال من يشربها ... ويفدَّى كرمها عند التجش [وقولهم: فلان أقل من النقد] النقد عند العرب: صغار الضأن ورذالها، وجمعه نقاد؛ قال: لو كنتم ماء لكنتم زبداً أو كنتم صوفاً لكنتم نقداً والنقد: تمييز الدراهم. والإنسان ينقد بعينه إلى الشيء، وهو مداراة النظر واختلاسه حتى لا يفطن له؛ تقول: ما زال بصره ينقد إلى ذلك الشيء نقوداً. ونقد الضرس نقداً، إذا تأكَّل وتكسَّر. النسيء النسيء هو لتأخير؛ تقول: أنسأتك البيع، وأنسأ الله في أجله، ونسأ الله في

أجله. قال صلى الله عليه وسلم: "من سره النساء في الأجل والسعة في الرزق فليصل رحمه". وقرأ ابن عباس: {مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا} على معنى: أو نؤخرها، وقوله تعالى: {إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ} أي التأخير، وهو ما كان يؤخرون من الشهور المحرمة ويقدمون؛ قال الشاعر: وكنا الناسئين على معد ... شهورهم الحرام إلى الحلال ونسأت ناقتي، إذا دفعتها في السير؛ والمنسأة: العصا؛ لأن صاحبها ينسأ بها عن نفسه وطريقه، وبها سميت عصا سليمان عليه السلام منسأة. ونسئت المرأة فهي نسئ، وذلك إذا بدا حملها. وجرى النسء في الدواب، أي السمن. ونسأت الإبل أنسؤها، إذا سقيتها. [قال الأعشى]: وما أم خشف بالعلاية شادن ... تنسئ في برد الظلال غزالها أي تسقي. [النسيان] والنسيان: ضد الحفظ والتذكر؛ وإنه لنسي: كثير النسيان الذي لا يذَّكَّر؛ قال:

كفدم عبام سيل نسياً فجمجما ومنه قوله تعالى: {وَكُنتُ نَسْياً مَنْسِيّاً}. ونسي ينسى نسياناً فهو ناس، ونسيَّته تنسية. والنَّسا: عرق يستبطن الفخذ من لدن الساق إلى أن يتصل بأربية الفخذ، والجمع أنساء، ويثنى نسيان. وأنسى وقد نسي الرجل ينسى، إذا اشتكى نساه وناقه نسياء وجمل أنسى. ويسمى في الساق الصافن، وفي البطن وفي الظهر الأبهر، وفي الحلق الوريد، وفي القلب الوتين، وفي اليد الأكحل، وفي العين الناظر. ويقال: هو نهر الجسد لأنه يمد جميع العروق. ناس [الناس]: الشيء ينوس نوساً، إذا اضطرب؛ ونوَّسته تنويساً. والناووس: مطرح المجوس، والجميع النواويس. والناس: الخلق، يقال: ناسٌ وأناسٌ وأناسي. والإنس: الناس؛ رأيت إنساً كثيراً، أي ناساً. والإنس: الناس، يستوي فيه الواحد والاثنان. والأنيس هم الإنس. وإنسي الدابة: جانبها الأيسر الذي تُرَكب منه، ووحشيها: جانبها الذي تنفر عنه. وإنسي القوس: ما يلي وجه الرجل، ووحشيها: ما يلي الأرض. وإنسان العين: بصرها، والجميع أناسي. والنسوة والنُّسْوَة والنسوان والنسوان والنسين كله جملة النساء؛ وأوانس

وآنسات؛ [قال جرير]: أوانس أما من أردن عناءه ... فعان ومن أطلقنه فطليق وقد نسئت المرأة، وهي نسء وهن نسئات، وهي التي تأخر حيضها عن وقته، ورجي أنها حُبْلى. [وقولهم: ما كان نولك أن تفعل كذا وكذا] معناه: ما كان منفعة لك، هذا الفعل خطأ. والنول والنوال: المنفعة والحظ؛ نلت الرجل، إذا نفعته ونلته حظاً. قال الشاعر: تنول بمعروف الحديث وإن تُرد ... سوى [ذاك] تُذعر منك وهي ذعور وقد نالني فلان، ونال فلان فلاناً، إذا نفعه. ويقال: معنى ما كان نولك، أي ما كان صلاحاً لك؛ قال لبيد: وقفت بهنَّ حتى قال صحبي ... جزعت وليس ذلك بالنوال أي بالصلاح. قال الخليل: معناه: حقك أن تفعل كذا؛ ويقال: النَّوْل والنَّوال: الصواب. قال لبيد:

فدعى الملامة ويب غيرك إنه ... ليس النوال بلوم كل كريم أي ليس بالصواب هذا. وفي إعرابها وجهان: أجودهما النصب، نصب نولك، على خبر كان، ورفع أن بكان. والثاني: رفع نولك بجعل النَّول اسم كان، وأن خبر كان؛ قال الله تعالى: {مَا كَانَ حُجَّتَهُمْ إِلاَّ أَنْ قَالُوا} فالحُجة خبر كان، وأن الاسم. وقرأ الحسن: {مَا كَانَ حُجَّتُهُمْ إِلاَّ أَنْ قَالُوا} فالحجة اسم كان- على قراءته، وأن الخبر. والنَّوْل: خشبة من إداة الحائك. وقولهم للغلام والرجل: يا نغفة [النَّـ]ـغفة معناها في كلام العرب: دودة تكون في أنف البعير والشاة؛ فإذا احتُقِر الرجل قيل له: يا نغفة، على جهة التشبيه بالدودة. وفي عظمي الوجنتن لكل رأس نغفتان، أي عظمان، يقال: ومن تحركهما يكون العُطاس. وربما نغف البعير فيكثر نغفه. وقولهم: نعشك الله فيه قولان متقاربان في المعنى، أحدهما: جبرك الله. وقال الأصمعي: رفَعَك الله، وقال: النعش: الارتفاع، وسمي نعش الميت نعشاً لارتفاعه.

ويقال: قد انتعش الرجل، إذا ارتفع بعد (خُمول) واستغنى بعد فقر. والنعش: سرير الميت، وهكذا تعرفه العرب؛ [قال النابغة]: ألم أقسم عليك لتخبرني ... أمحمول على النعش الهمام وعند العامة النعش للمرأة، والسرير للرجل. والربيع ينعش الناس، أي يخصبهم؛ وقال: فإنك غيث ينعش الناس سيبه ... وسيف أعيرته المنية قاطع وأصل الانتعاش رفع الرأس؛ نعشه وأنعشه، بألف وغير ألف؛ قال الشاعر: أنعشني من سيد معمَّم وقولهم: [بفلان نظرةٌ] معناه إصابة من الشيطان، ومنه الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على أم سلمة، فرأى عندها جارية بها سفعة، فقال: "إن بها نظرة فاسترقوا لها". وقال بعض أهل اللغة: النظرة: الردَّة والقُبح؛ يقال: بفلان نظرة وردة، إذا كان قبيحاً. وقال الشاعر في صفة [نحل]:

مخصَّرة الأوساط عارية الشوى ... وبالهام منها نظرة وسفوع والسفعة بمنزلة النظرة. ويقال: النَّظْرة: العيب؛ وبفلان نظرة، أي شوهة. وتقول: نظرت إلى كذا، من غير ذكر العين، ونظرت في الكتاب والأمر. [وقولهم: أنظر إلى الله ثم إليك] معناه أتوقع فضل الله ثم فضلك؛ ويقال: نظرت لعلي؛ ويقال: نظر الدَّهر إليهم، أي أهلكهم؛ وقوله تعالى: {وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ} أي ولا يرحمهم. والمنظور من الرجال: هو المنظور إليه، يرجى فضله وترمقه الأبصار؛ وهو السيد. والنظور: الذي لا يُغفِل النظر إلى ما أهمه. وناظر العين: النقطة السوداء الخالصة الصافية التي في جوف أسود العين مما يُرى إنسان العين. والنظير: المِثْل؛ لأنه إذا نُظر إليهما كانا سواء، والتأنيث النظيرة، والجميع النظائر في كل شيء. ونظرته وانتظرته بمعنى. وتقول: انظرني يا فلان، أي استمع إلي؛ ومنه قوله تعالى: {لا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انظُرْنَا}. ويقول المتكلم لمن يُعجله: أنظرني أبتلع ريقي؛ وبعت فلاناً فأنظرته، أي أنسأته، والاسم النظرة. ويقول المشتري: اشتريته بنظرة، أي بانتظار. ومنه قوله تعالى: {فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} أي إنظار.

وقولهم: نغَّص فلان علينا أي قطع علينا ما كنا نحب الاستكثار منه؛ وكل من قطع شيئاً يحب الازدياد منه فهو منغص. قال ذو الرمة: غداة امترت ماء العيون ونغَّصت ... لباناً من الحاج الخدور الروافع ونغص الرجل نغصاً، إذا لم تتم هناءته، وأكثره بالتشديد. قال: وطالما نغصوا بالفجع صاحبهم ... وطال بالفجع والتنغيص ما طرقوا [وقولهم: ندَّد فلان بفلان] أي أكثر القول فيه؛ وبالغ الاغتياب له؛ والتنديد منه، وهو أن يسمع بعيوبه ويشتمه، وقال: كأن نعام الجو باض عليهم ... إذا ريع يوماً للصريخ المندد والندُّ: ضرب من الدخنة؛ قال: تجعل النَّدَّ والألوة والمسـ ... ـك صلاء لها على الكانون والندُّ: المثل؛ تقول: ماله ند ولا نديد، والجمع أنداد، ومنه قوله تعالى:

{ويَجْعَلَ لَهُ أَندَاداً}، قال الشاعر: أتيم تجلون إلي نداً ... وما تيم لذي حسب نديد وقال حسان: أتهجوه ولست له بند ... فشركما لخيركما الفداء [وقولهم: قد نفَّزت فلا] ناً عَنّا أي طردته وأبعدته، من نفوز الظبي، وهو حركته واضطرابه. [قال الراجز]: يريح بعد الجهد والترميز إراحة الجداية النفوز يريد بالنفوز المتحركة المضطربة. والمرأة تُنَفِّزُ ابنها: كأنها ترقصه، فهذا بالزاي. [النَّفوُر] والنفور- بالراء- من الذعر: امرأة نافرة؛ ونفرت من زوجها لإضراره بها: مذعورة منه فرقة. والمنافرة: المحاكمة إلى من يقضي في خحُصومة أو مفاخرة؛ نافرت إلى فلان فنفَّرني عليه، أي غلبني وقضى لي. فكأنما جاءت المنافرة في بدء ما استعملت أنهم كانوا يسألون الحكّام: أيُّنا أعزُّ نفراً؟ [قال زهير]:

فإن الحق مقطعه ثلاث: ... يمين أو نفار أو جلاء النفار: أن يتنافروا إلى حاكم يحكم بينهم. والجلاء: أن ينكشف الأمر وينجلي، ومنه جلا العروس، أي كشف عنها. ومنه [قول الشاعر]: أنا ابن جلا وطلاع الثنايا ... متى أضع العمامة تعرفوني أي أنا ابن البارز الأمر المنكشفة. والنَّفْرُ في الحج: يوم الثاني ويوم الثالث؛ قال: فهل يأثمني الله في أن ذكرتها ... وعلَّلت أصحابي بها ليلة النفر والنفر: من الثلاثة إلى العشرة؛ ونفرك: رهطك الذي أنت منهم؛ والنفر: النفير، والجماعة أنفار الذين إذا حزبهم أمر اجتمعوا ونفروا إلى عدوهم. النَّفْس سميت نفساً لتولد النفس منها واتصاله بها؛ كما سموا الروح لأن الروح موجود به. وبعض اللغويين يسوي بين الروح والنفس إلا أن النفس مؤنثة والروح مذكر؛ قالت أخت عمرو بن عبد وُدّ ترثي عمراً وتذكر قتل علي له: لو كان قاتل عمرو غير قاتله ... بكيته ما أقام الروح في جسدي

وفرَّق بعض بينهما، فقال: الروح الذي به الحياة، والنفس التي بها العقل، فإذا نام النائم قبض الله نفسه دون روحه، والروح لا يقبض إلا عند الموت. وعن ابن جريج قال: في الإنسان نفس وروح. وبينهما حاجز، فالله يقبض النفس عند النوم ثم يردها إلى الجسد عند الانتباه. فإذا أراد إماتة العبد في نومه لم يرُدَّ النفس، وقبض معها الروح؛ يرفعه عن ابن عباس: يتوفى: ينيم، وقيل: هو من الموت. واختار ابن الأنباري أن يكون من النوم، لقوله تعالى: {فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى}، ولقوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ}. قال ابن عباس: كل نفس لها سبب تجري فيه، فإذا قضي عليها الموت نامت حتى ينقطع السبب، وما لم يقض عليها الموت تترك. والنفس عند العرب على وجوه: فالنفس التي بها الحياة؛ يقال: خرجت نفسه إذا مات، ورجعت إليه نفسه بعد الغُشي والفرق. والنفس: الإنسان بعينه، ومنه قوله تعالى: {خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ} يعني آدم عليه السلام؛ {فَاقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ} أي يقتل بعضكم بعضاً؛ وكذا كل ما في القرآن على هذا المعنى. ونفس الشيء: ذاته وعينه، ومنه قوله تعالى: {وَيُحَذِّرُكُمْ اللَّهُ نَفْسَهُ}. قال مجاهد: يحذركم اللهُ اللهَ؛ قال غيره: يحذرك الله إياه. الكلبي والحسن: يحذركم الله عقوبته. وقوله تعالى: {تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ} أي تعلم ما في ضميري ولا أعلم ما في علمك. وقيل: لا أطَّلع على غيبك؛ وقيل: لا أعلم غيبك. قال المبرد: تعلم ما لا أعلم ولا أعلَمُ ما تعلَمُ.

وفلان كهرُ النفس، أي العزة والأنفة. ورجل له نفس، أي خُلُق وجلادة وسخاء. ودابة جيدة النفس، أي آنفة من الضرب. والنفس: الرأي والإرادة؛ تقول: نفسه في كذا، أي إرادته؛ وهو ذو نفس فيه، وبين نفسين، أي رأيين وإرادتين وقال الكميت يذكر حماراً: تذكَّر من أني ومن أين شربه ... يؤامر نفسيه كذي الهجمة الآبل والهَجْمة: مال بين السبعين إلى المائة من الإبل، والأبِل: الحاذق بالرعي والقيام. والنفس: الضمير وما في قلب الإنسان. والنفس: القوة؛ تقول العرب: ما له نفس، أي قوة. ويقال: منه بيت امرئ القيس: فلو أنها نفس تموت سوية ... ولكنها نفس تساقط أنفساً أي تذهب قوتها شيء بعد شيء. والنفس: الأنفة، يقال: منه: فلان له نفس، أي أنفة؛ ودابة لها نفس، أي أنفة من الضرب. والنفس: العين التي تصيب الإنسان؛ أصابت فلاناً نفس، أي عين. قال: أصابتك نفس فاجتنبت مودتي ... وكل حسود للمحب عيون ويروى: إن الذي يغتابنا لعيون. والنفس: مقدار دبغة من دباغ الجلود؛ تقول: أعطني نفساً أو نفسين لمنيئتي؛ والمنيئة: الجِلد ما دام في الدباغ. والنفس: الدم، ومنه: له نفس سائلة، وكل إنسان نفس.

والنفس: التنفس، وهو حروج النسم من الجوف؛ وتقول: شرب الماء بنفس وبثلاثة أنفاس، وكل مستراح في ذلك نفس. ونفس الشيء نفاسة، أي صار نفيساً، وهو المتنافس فيه. وتقول: نفست به على فلان نفاسة، أي ضننت به. وهذا المكان أنفس من ذلك، أي أبعد شأناً. والمال المنفس: النفيس عند أهله. وشيء منفوس فيه، أي مرغوب. وأنت في نفس من أمرك، [أي فسحة وسعة قبل الهرم والأمراض والحوادث والآفات]. وسميت المرأة نفساء لما يسيل منها من الدم. ونفست المرأة إذا حاضت، وعركت إذا درست؛ قال: اللات كالغصن لما تعد أن درست ... صفر الأنامل من قرع القوارير أم سلمة قالت: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في لحاف، فحضت فخرجت، فشددت علي ثيابي، ثم رجعت، فقال: أنفست. ومنه أن أسماء بنت عميس نفست بالسحر، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر أن يأمرها أن تغتسل وأن تُهلَّ بالحج. ويقال: نُفَساء ونَفْساء، والجميع نفساوات ونِفاس ونُفاس؛ قال: رُبَّ شريب لك ذي حساس حيران يمشي مشية النفاس والمنفوس: المولود.

النصارى سموا بذلك للزومهم قرية تسمى ناصرة، ويقال: نصورة، ويقال: نصرى وناصرت، هذا عن بعض أهل العلم. وقال آخرون: لنصرتهم عيسى عليه السلام في أول الأمر؛ يدل على هذا أنهم يسمون النصارى أنصاراً؛ قال الشاعر: لما رأيت نبطاً أنصاراً شمَّرت عن ركبتي الإزارا كنت لها من النصارى جارا والواحد نصراني، وقيل: نصري، مثل جمل مهري من جمال مهاري؛ قال الشاعر: تراه إذا دار العشي محنفاً ... تراه ويضحي وهو نصران شامس آخر: وكلتاهما خرَّت وأسجد رأسها ... كما سجدت نصرانة لم تحنَّف وتنصر إذا دخل في النصرانية؛ قال جبلة بن الأيهم: تنصرت بعد الحق من عار لطمة ... وما كان فيها لو جبرت لها ضرر

قال ذو الرمة يصف حرباء: إذا حول الظل العشي رأيته ... حنيفاً وفي وقت الضحى يتنصر شبه انتصابه للشمس، واستقباله إياها وقت الضحى باستقبال النصارى للشمس؛ لأن صلاتهم إليها، وإذا تحول الظل فيئاً حوّل وجهه للشمس، مقابلاً للقبلة، فصار كالحنيف وهو المسلم. والنصرة: المعونة، والنصير: الناصر. وتكون النصرة باليد والمال واللسان؛ وقوله تعالى: {مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنصُرَهُ اللَّهُ} أي يرزقه الله. قال الشاعر: أبوك الذي أجرى علي بنصره ... فأنصت عني نصره كل قائل أي أجدى علي بعطيته. قال: وقف علينا سائل من بني بكر، فقال: من ينصرني نصره الله؟ أي من يعطيني أعطاه الله؟ وقيل في قوله تعالى: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} أنه الرزق. ونصر الغيث أرض كذا، أي جلاها وأحياها؛ قال الشاعر: إذا انسلخ الشهر الحرام فودعي ... بلاد تميم وانصري أرض عامر وقال الشاعر: وأنك لا تُعطي امرأ فوق حظه ... ولا تملك الشق الذي الغيث ناصره

وانتصر الرجل، إذا انتقم من ظالمه؛ ومنه قوله تعالى: {وَلَمَنْ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ}. والنصر: عون المظلوم. والنصر المصدر؛ وفي الحديث: "انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً" أي إن كان ظالماً فامنعه وانهه عن الظلم، وإن كان مظلوماً فامنع عنه الظلم. [وقولهم: رجل نجّاد] النَّجاد: المزيّن للثياب، ومنه: قد نجَّدت البيت، إذا زينته وحسنته؛ قال أبو العباس: ويجوز أن يكون سمي نجاداً لرفعه الثياب، ومنه سمي النجد نجداً لارتفاعه. وفي نجد ثلاثة أقوال: قيل: سميت نجداً لارتفاع موضعها. وقيل: لمقابلتها ما يقابلها من الجبال؛ قال بعض الأعراب: النجاد ما قابلك. وقيل: لصلابة أرضها، وكثرة حجارتها، وصعوبة سلوكها؛ من قولهم: رجل نجد، إذا كان شجاعاً قوياً. ويقال للشجاع: نجد، ويقال للرجل: نَجُدٌ ونَجِدٌ ونَجيدٌ ويجوز أن تكون سميت نَجْداً لاستيحاش سالكها، وهذا رابع. والغالب على نَجْد التذكير وهو المأثور عن العرب فيها، ولو أنثت إذا ذُهِب بها إلى معنى المدينة لم يكن خطأ؛ قال: ألم تر أن الليل يقصر طوله ... بنجد وتزداد النطاف به برداً وأنجد الرجل، إذا أتى نجداً؛ وغار إذا أتى الغور. قال الشاعر: نبي يرى ما لا يرون وذكره ... أغار لعمري في البلاد وأنجدا

ويقال: أشأم، إذا أتى الشام؛ وأيمن، إذا أتى اليمن؛ وانحجز واحتجز، إذا أتى الحجاز؛ وأمنى وامتنى، إذا أتى مِنَى؛ وجلس، إذا أتى جلساً، ويقال لنجد جَلْس. قال: قُل للفرزدق والسفاهة كاسمها ... إن [كنت] تارك ما أمرتك فاجلس أي فأت جلساً. ونزل، أي أتى مِنَى؛ قال ابن أحمر: وافيت لما أتاني أنها نزلت ... إن المنازل مما تجمع العجبا آخر: أنازلة أسماء أم غير نازله ... أببيني لنا يا أسم ما أنت فاعله [فإن تنزلي أنزِل ولا آت موسماً] ... وإن نزلت للبيع جسر وباهله أي حجَّت للتجارة. وأعمن وأعرق وأنجد [وأغار] وأخاف، أي أتى عُمان والعراق ونجداً والغور وخيْف منى. ويقال: "أنجد من رأى حضناً"؛ حضن: جبل من رآه فقد دخل نجداً. وأتهم وأجبل وأسهل وعال وساحل وكوَّف وبصَّر، أي أتى تهامة والجبل والسهل والعالية والساحل والكوفة والبصرة. قال: فإن تتهموا أُنْجِدْ خلافاً عليكم ... وإن تُعمنوا مستحقبي الحرب أعرق

آخر: أخبِّر من لاقيت أني مبصر ... وكائن ترى قبلي من الناس بصرا وما أشرف من الأرض واستوى ظهره فهو نَجْد، والجميع الأنجاد والنِّجاد والنُّجود، وفسر: [قوله تعالى] {وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ} أي طريق الخير وطريق الشر. وتقول: طريق نَجْد، أي واضح؛ ودليل نجد؛ أي هاد. ويقال للدليل الهادي الذي كأنه وُلد ونشأ بها: هو ابنُ بجدتها. قال أمية: وقد جاءك النجد النذير محمد ... دليل على طرق الهُدى ليس يهمد ويقال: استنجدت قوماً فأنجدوني، أي استغثتهم فأغاثوني؛ قال: إذا استنجدتهم ودعوت بكراً ... لنصرتنا كسرت بهم همومي ونجاد السيف: مِحْمَلُه؛ قال: فأي نجاد يحمل السيف بعدما ... قطعت القوى من محمل كان باقيا والنجد: العرق، ورجل منجود: مكروب؛ قال أبو زبيد: صادياً يستغيث غير مجاب ... ولقد كان عصرة المنجود

[وقولهم: قد أخذ القوم نُزْلَهُم] النُّزل للقوم: ما تجري عليه عادتهم (بأخذه مما) ينزلون عليه، ويصلح عيشهم به؛ أخذ من النزول. وفي بعض أحاديث الاستسقاء: "اللهم أنزل علينا في أرضنا سكنها" أي أنزل علينا من المطر ما يكون سبباً للنبات الذي تُسكن الأرض به، وتخرب بعدمه. فالسكن من سكن بمنزلة النُّزل من نزل؛ وفيه لغتان: نُزْلٌ ونَزَلٌ، وكذلك طعام قليل النُّزل والنَّزل، والفتح أكثر. وهو بمنزلة قول العرب: بُخْل وبَخل، وشُغّل وشَغَل؛ قال عِمْران بن حطان: فكيف أواسيك والأيام مقبلة ... فيها لكل امرئ عن أهله شغل [ويروى: شُغَل] وشُغَل لغة ثالثة. ومنهم من يفتح الشين ويجزم الغين، وكذلك بُخْل وبُخُلٌ وبَخْلٌ؛ قال جرير: تريدين أن نرضى وأنت بخيلة ... ومن ذا الذي يُرضي الأخلاء بالبخل والنُّزْل والنَّزَل: رَيْع ما يزرع. والنازلة: الشديدة من شدائد الدهر، والجميع النوازل. والنزول لمعان كثيرة: نزل الرجل من علو إلى سُفل، ونزل الفارس نزلة واحدة، ونزل فلان بفلان، ونزل أرض بني فلان، ونزل الراكب عن دابته؛ قال الأعشى:

قالوا الطراد فقلنا تلك عادتنا ... أو تنزلون فإنا معشر نزل والنزال في الحرب: أن يتنازل الفريقان فيتضاربون؛ قال: ولأنت أشجع من أسامة إذ ... دعيت نزال ولج في الذعر نزل هو، وأنزلته أنا، والنزل من الكتابة: المجتمع. وقولهم: نُطْتُ بفلان هذا الأمر أي علقته به. والنَّوْط: مصدر ناطَ يَنُوط نَوْطاً، ونُطْتُ بقربة بنياطها، ونياط القلب: عِرق متصل به؛ قال اللغويون: سمي نيالها لتعلُّقه بالقلب. قال العجاج: وبلدة نياطها نطي ... رقي تناصيها بلاد رقي القي: القفر لا أنيس به، وتفناصيها: تواصلها، ونياطُها: متعلها، ونطي: بعيدة؛ إنما تسمى نياط المفازة لبعدها إذا كانت منوطة بمفازة أخرى لا تكاد تنقطع. ونُوِّطَ الرحل، إذا عُلِّق [عليه]؛ قال: ألا هل فتي يخاف العطب ... يبلِّغُ عمرو بن معد يكرب بأنّا نُنَوِّطُ من مارن ... يا رُحُلِنا ثُمَّ لفطي القرب أي نُعلّق بأرحُلِنا. النُّخاع والنُّخاع: عِرْق أبيض مستبطن فقار العنق متصل بالدماغ؛ منه: تنخَّع فلان، أي رمى بنخاعته؛ ونخعت الشاة نخوعاً، إذا قطعت نُخاعها.

والمنخع- مفتوح الميم والخاء: مفصل الفهقة من الرأس، والعنق من باطن. وفي الحديث: "ألا لا تنخعوا الذبيحة ولا تفرسوا، ودعوا الذبيحة تجب؛ فإذا وجبت فكلوا". والفرس: كسر عظم العنق، والنخع: أن يبلغ القطع إلى النخاع؛ قال الشاعر: ألا ذهب الخداع فلا خداعا ... وأبدى السيف عن طبق نُخاعا ومنه اشتق: "إن أنخع الأسماء إلى الله من تسمَّى بملك الأملاك" أي أقتله وأشده. [وقولهم]: نَعَقَ الراعي بغنمه أي صاح بها زجراً؛ قال الأخطل: فانعق بضأنك يا جرير فإنما ... منتك نفسك في الخلاء ضلالا يقول: إنه كان راعياً. ونعق الغراب ونَغَق- بالغين- أحسن، والاسم: النُّعاق والنَّعيق، وهو ينعق نُعاقاً ونَعيقاً. وأنغق الغراب يُنغِق نغيقاً، قال: غيق غيق؛ قال الشاعر:

وازجروا الطير فإن مرَّ بكم ... [ناغق يهوي] فقولوا: سنحا يقولون: نغق بخير، وإذا قال: غاق، فهو النعبان وهو عندهم شؤم. ويقال أيضاً: نعق بشر؛ قال زهير: أمسى بذاك غراب البين قد نعقا وأما نغب بالغين فإنه يقال للإنسان: نغب ينغب نغباً، وهو ابتلاع الريق والماء نغبة؛ قال ذو الرمة: حتى إذا زلجت عن كل حنجرة ... إلى الغليل ولم يقصعنه نغب ونعب ينعب نعيباً ونعباً؛ قال [الأحوص الرياحي]: مشائيم ليسوا مصلحين عشيرة ... ولا ناعب إلا ببين غرابها فإذا مرت عليه السنون الكثيرة من غلظ صوته قيل: شحج يشحج شحيجاً؛ قال ذو الرمة وقيل الطرماح:

ومستشحجات بالفراق كأنها ... مثاكيل من صيابة النوب نوح والنوبة توصف بالجزع، وصيابة النوب: صميم النوب، والصيابة: الخيار من كل شيء. وقولهم: ما نقعت بخبر أي ما عُجت به ولا صدَّقت، ونقَّع الصوت: ارتفع؛ قال لبيد: فمتى ينقع صراخ صادق ... يحلبوه ذات جرس وزجل وفي القرآن: {فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً}، النقع: الغبار الساطع؛ قال الشاعر واسمه عبد العزّى: فهن بهم ضوامر في عجاج ... يثرن النقع أمثال السراح أي الذئاب؛ لكن حذف من السرحان الألف والنون، فجمعه عن سراح والعرب تقوله كثيراً؛ قال: درس المنا بمتالع فأبان يريد المنازل، فحذف الزاي واللام. ونقع السم في ناب الحية نقوعاً، إذا اجتمع؛ قال النابغة: فبت كأن ساورتني ضئيلة ... من الرقش في أنيابها السم ناقع

ونقع الإنسان نقوعاً، إذا روي من الماء؛ قال جرير: لو شئت قد نقع الفؤاد بشربة ... تدع الصوادي لا يجدن غليلاً والماء ينقع العطش نقوعاً ونقعاً. والنقيعة: العبيطة من الإبل، وهي جزور توقر أعضاؤها فتنقع في أشياء علاجاً لها؛ قال الشاعر: كل الطعام تشتهي ربيعه الخرس والإعذار والنقيعه قال: إنا لنضرب بالسيوف رؤوسهم ... ضرب القُدار نقيعة القُدّام والقُدَار: الجزار، والقدام: الملِك، ويقال: القادمون من السفر. والمناقع: جمع منقعة السيل، وهو الماء المستنقع أي المجتمع. والرجل يستنقع في الماء، إذ تبرد فيه؛ وأنقعت الدواء في الماء إنقاعاً. [وقولهم]: نكعَ فلان فلاناً أي حبسه عنه ونعصه؛ قال: بني ثعل لا تنكعوا العنز ثربها ... بني ثعل من ينكع العنز ظالم

ونكعه أيضاً: إذا ضرب ظهر قدمه على دبره، وكسعه أيضاً. وقولهم: نجع في فلان قولك أي أخذ فيه وعمِل؛ ونجع في فلان طعامه ينجع نجوعاً، إذا هنأه واستمرأه. والنجيع: دم الجوف؛ والنجعة: طلب الكلأ والخير؛ [تقول]: انتجعنا فلاناً نطلب معروفه. قال ذو الرمة: رأيت الناس ينتجعون غيثاً ... فقلت لصيدح: انتجعي بلالاً وانتجعنا أرض كذا في طلب الرزق والكلأ. وقال معاوية لأكيل له قد غاظه كثرة أكله: إنك لبعيد النجعة، أي بعيد الطلب للشبع، فغضب الرجل وقال: لعن الله طعاماً يزري عليه أهله! وقيل: إنه تناول من بين يديه دجاجة كان يأكل منها، فقال معاوية إنك لبعيد النجعة؛ قال: من أجدب انتجع يا أمير المؤمنين. النِّصع النصع: ضرب من الثياب شديد البياض، والناصع: الشديد البياض الحسن اللون. وقيل: يقال لكل ما كان من الألوان بالغاً: ناصع، ويقال لكل من تصدى للشر: [أنصع] إنصاعاً. والنصيع: البحر؛ قال: أدليت دلوي بالنصيع الزاخر وأما نعص فليست بعربية إلا ما جاء من أسد بن ناعصة المشبب بخنساء،

وكان صعب الشعر جداً، وقلما يروى له لصعوبة شعره. [وقولهم]: نعر الرجل أي رفع صوته من خيشومه؛ والنعرة هي الخيشوم، ومنها ينعر نعيراً الشاعر. والنعرة: ذباب الحمير الأزرق. ونعر عرقه نعوراً وهو خروج الدم. وامرأة نعَّارة، وتنعيرها: صخبها؛ ويقال: غيرى نعرَى ونغْرى بالغين. [وقولهم]: نبع الماء أي خرج من العين؛ ولذلك سميت العين ينبوعاً؛ تقول: نبع الماء ينبع نبعاً ونبوعاً. والنَّبع: شجر القسي، ونبايع: اسم مكان، ويجمع على نبايعات؛ وقال: سقى الرحمن حزم نبايعات ... من الجوزاء أنواء غزارا [نبغ] وأما نبغ- بالغين- فهو اسم لظهور الشيء؛ نبغ فلان، إذا لم يكن في إرثه الشعر، ثم قال فأجاد؛ تقول: نبغ منه شعر شاعر. وزياد قال الشعر على كبر سنه، فسمي نابغة؛ وقيل: بل سمي لقوله:

وقد نبغت لهم منا شؤون والدقيق ينبغ من خصاص المنخل: [يخرج]؛ وتقول: أنبغته أنا فنبغ. النَّوْع النوع: ضرب من الشيء، وكل صنف من الأشياء نوع. ويقال: النوع من الأنواع: نمط من العلم والمتاع وكل شيء. ويقال: النمط هو الطريقة؛ الزم هذا النمط، أي هذا الطريق. والنمط: جماعة من الناس أمرهم واحد؛ وفي الحديث: "خير الناس هم النمط الأوسط". والنوع- بالضمم: قيل: هو الجوع، وقيل: العطش؛ والعرب تقول: ألقى الله عليه الجوع والنوع؛ وهو جائع نائع. فلو كان الجوع نوعاً لم يحسن تكريره؛ وقيل: لاختلاف اللفظ وهو كثير. وقيل: جائع نائع من الإتباع، مثل عطشان نطشان. وقولهم: نعى فلان فلاناً له معنيان: يكون جاء بخبر موته، والنعي- بوزن فعيل: نداء الناعي؛ وتقول: نعاء العرب، أي انع العرب؛ يأمر بنعيهم. قال: نعاء جذاماً غير موت ولا قتل ... ولكن فراقاً للدعائم والأصل وفيه لغة أخرى: يا نعيان العرب؛ فمن قال هذا فإنه يريد المصدر، نعيته نعياً ونُعياناً، وهو جائز حسن.

والمعنى الثاني: هو الرجل الذي ينعى؛ قال: قام النعي فأسمعا ... ونعى الكريم الأروعا واستنعى القوم، إذا كانوا مجتمعين فبلغهم شيء فأفزعهم، فتفرقوا له نافرين. والاستنعاء: شبه النفار، والناقة إذا استنفرت استنعت. وقولهم: نقَّح فلان كذا أي نقاه؛ والنقح: تشذيبك عن العصا أبنها وأبن العُقَد. والتنقيح: تنقية الشيء من الشيء، وكل شيء من أذى نحَّيته عن شيء فقد نقحته. وكلام منقح: كأنه مهذب مصلح. النكاح النكاح: البُضع، والنكاح: التزويج، قال الأعشى: ولا تقربن جارة إن سرها ... عليك حرام فانكحن أو تأبدا وامرأة ناكح: ذات زوج؛ قال: أحاطت بخطاب الأيامى وطلقت ... غداتئذ من كان منهن ناكحا ويجوز في الشعر: ناكحة؛ قال الشاعر: ومثلك ناحت عليه النسا ... ء من بين بكر إلى ناكحه ويقولون: نكح خطب، يتبعون الكلمة الأولى الثانية، ومعناه أن الرجل كان في الجاهلية يأتي الحي خاطباً، فيقول: خطب، أي جئت خاطباً، فيقولون له: نكح، أي

قد أنكحتك. ومنه المثل: "أسرع من نكاح أم خارجة" وقد مر في أول الكتاب. والنكاح أخذ اسمه من الجماع، وسمي سراً لأنه يستر عن الناس. قال الأعشى: فلم يطلبوا سرها للفتى ... ولن يسلموها لإزهادها فعبر عنهم أنهم لا يطلبون نكاحها ليستغنوا بمالها، ولا ينصرفون لفقرها؛ قال امرؤ القيس: ألا زعمت بسباسة اليوم أنني ... كبرت وأن لا يحسن السر أمثالي وتروى: اللهو، وهو النكاح أيضاً. وفسر قوله تعالى: {لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْواً لاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا} قيل: هو النكاح، وقيل: هو المرأة، أي أردنا صاحبة لاتخذنا ذلك عندنا ولم نتخذه عندكم لو كنا فاعلين؛ تعالى الله عن قول المبطلين. وأصل النكاح الجماع، أي كثر في كلامهم حتى جعلوا عقد التزويج نكاحاً، ومثل هذا كثير في كلامهم. والنكاح عند العرب: الملاقاة حلالاً كان أو حراماً. وأصل النكاح اللزوم، وسمي التزويج نكاحاً لأن كل واحد منهما يلزم صاحبه. ومعنى التزويج ضم الرجل المرأة حتى يصيرا زوجين كل منهما زوج صاحبه. والعرب تقول: "أنكحنا الفرا فسنرى".

وقولهم: رأي فلان نجيح أي صواب؛ والنُّجح والنَّجاح: الظفر في الحوائج، تقول: نجحت حاجتك ونجَّحتها لك، وسار فلان سيراً ناجحاً ونجيحاً، أي وشيكاً؛ قال لبيد: فمضينا فقضينا ناجحاً ... موطناً نسأل عنه ما فعل تقول: أنجحنا حاجتنا، أي قضيناها. ونسأل عنه: هل قضوا حاجتهم أم لا؟ ويقال للنائم إذا تتابعت أحلامه الصدق: تناجحت أحلامك. النَّحيض النحيض: كثير اللحم، والنحض: اللحم نفسه والقطعة الضخمة تسمى نحضة ويقال: امرأة نحيضة، والفعل نحُض نحاضة، فإذا قلت: نحضت المرأة فقد ذهب لحمها وهي نحيضة، وإذا قلت: منحوضة ونحيضة فهي كثيرة اللحم. [النَّضْخُ والنَّضْحُ] والنضخ والنضح تتفقان وتختلفان؛ يقال: ما كان منه يصيب الأرض ثم يرتفع فهو نضخ، وما مضى على جهته فهو نضح. ويقولون: النضخ: ما بقي له أثر، كقوله: على ثوبه نضخ دم، ونضخ ثوبه بالطيب والزعفران؛ والنضخ في فور الماء من العين، ومنه قوله تعالى: {فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ}.

والرجل ينضح عن نفسه إذا قرف بأمر فينتضخ منه إذا أظهر البراءة منه. ويقال: نضحوهم بالنشاب ورضحوهم بالحجارة. واستنضح الرجل، إذا رش شيئاً من ماء على فرجه بعد الوضوء. وإذا ابتدأ الدقيق في حب السنبل وهو رطب، يقال: قد نضح، وقد أنضح، لغتان. والنضوح: ضرب من الطيب. وقولهم: فلان ناصح الجَنْب أي ناصح القلب ليس فيه غش، مثل قولهم: طاهر الثياب، أي ناصح الصدر. وقميص منصوح، أي مخيط؛ تقول فيه: نصحته فأنا أنصحه نصحاً، وثوب منصاح. والتنصح: كثرة النصيحة؛ قال أكثم بن صيفي: يا بني إياكم وكثرة التنصح فإنه يورث التهمة. وتقول: نصحت لفلان ونصحته نصحاً ونصيحة، وشكرت له وشكرته، ووكلت له ووكلته؛ والأول أفصح. ومنه قوله تعالى: {وَأَنصَحُ لَكُمْ} وقوله: {اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ}؛ قال: نصحت بني عوف فلم يتقبلوا ... نصيحي ولم تنجح لديهم رسائلي ويروى: وسائلي. والتوبة النصوح: أن لا يعود إلى ما تاب منه. وقولهم: [انتحس فلان] أي ليس بسعيد. والنحس: خلاف السعد، والجميع النحوس؛ يوم نحس

وأيام نحسات، من جعله نعتاً ثقله ومن أضاف إليه اليوم خففه. والنحاس: ضرب من الصفر شديد الحمرة؛ قال: كأن شواظهن بجانبيه ... نحاس الصفر تضربه القيون والنحاس: الدخان الذي لا لهب فيه؛ قال الجعدي: يضيء كضوء سراج السليـ ... ـط لم يجعل الله فيه نحاسا والنحاس: مبلغ أصل الشيء وطبعه؛ قال: يا أيها السائل عن نحاسي عني ولما يبلغوا أشطاسي ويقال: الشطس: الذي يبلغ غاية الدهاء. وقولهم: نزحت الدار أي بعدت، وهي تنزح نزوحاً. وبلد نازح، أي بعيد؛ قال جميل: بثينة قالت: يا جميل لو أننا ... نزحنا إذا ما زرتنا حيث تنزح وقد نزحت البئر ونُزح ماؤها، وبئر نزوح. وآبار نزح. وقولهم: فلان حسن النحيزة أي الطبيعة، والجمع النحائز. والنحائز: جمع شيء ينسج هو أعرض من الحزام

مثل العرقة، إلا أنه أعرض منها تشبه به الطريق. والعرقة: الطرة (×××) على جوانب الفسطاط. وهي أيضاً (×××) منسوجة من الخوص؛ قال الشماخ: وقابلها في بطن ذروة مصعداً ... على طرق كأنهن نحائز والنحز كالنحس، والنخس: شبه الدق في السحقز والراكب ينخز بصدره واسطة الرحل: [يضربها]؛ كقول ذي الرمة: إذا نخز الإدلاج ثغرة نحره ... به أن مسترخي العمامة ناعس وقال: والعيس من عاسج أو واسح خبباً ... ينحزن من جانبيها وهي تستلب يعني يسعلن سعلاً شديداً. يننخزن: ينخسن ليلحقن بهذه الناقة. والنحاز: داء يأخذ الإبل والدواب في رئتها. وناقة ناحز، أي بها نحاز. وقولهم: أنت في ندحة من الأمر أي في سعة وفسحة؛ والندح: السعة والفسحة، وكذلك المندوحة؛ ومنه: لكم في معاريض الكلام مندوحة عن الكذب. وأرض مندوحة: بعيدة واسعة. وقولهم: نحِلَ جسم فلان أي هزل ودق نحولاً، فهو ناحل، وقد أنحله الهم، حتى إنهم يقولون: سيف دقيق ناحل. قال الشاعر:

ضواربها من طول ما ضربوا بها ... ومن عض هام الدارعين نواحل وجمل ناحل: مهزول. والنحل: دبر العسل، الواحدة نحلة. والنحل: عطاؤك شيئاً بلا استعاضة. ونُحْلُ المرأة: مهرها؛ تقول: أعطيتها مهرها نحلة، إذا لم تُرد منها عوضاً. وانتحل فلان شعر فلان، إذا ادعاه أنه قائله. وتقول: نحل الشاعر قصيدة، إذا رويت عنه وهي لغيره؛ قال الشاعر: فكيف أنا وانتحالي القوافـ ... ي بعد المشيب كفى ذاك عارا وقولهم: نحُف الرجل نحافة أي ضرب الجسم قليل اللحم؛ قال: ترى الرجل النحيف فتزدريه ... وفي أثوابه أسد مزير أي حازم نافذ. وقولهم: نفحت الدابة أي رمت بحافرها؛ ونفحه بالسيف، إذا تناوله من بعيد شزراً. نفحه بالمال نفحاً، وله نفحات من المعروف، والله تعالى النفَّاح على عباده بالخيرات المُنْعِم عليهم. والأنفحة- بالفتح والكسر: تكون لكل ذي كرش.

وقولهم: فلان في نبوح من قومه أي في كثرة وعدد؛ قال: إن العرارة والنبوح لدارم ... والمستخف أخوهم الأثقالا يريد الكثرة والعدد. والكلب ينبح نبحاً ونُباحاً؛ قال: قوم إذا استنبح الضيفان كلبهم ... قالوا لأمهم: بولي على النار والحية تنبح في بعض أصواتها، وكذلك الظبي. والنوابح والنُّبوح: جماعة النابح من الكلاب. النَّحام النحام: البخيل يكثر سعاله حين يسأل؛ قال طرفة: أرى قبر نحام بخيل بماله ... كقبر غوي في البطالة مفسد والفهد ينحم نحيماً، وكذلك شبهه من السباع، وكذلك النئيم وهو صوت شديد. وقولهم: نحوت نحو فلان أي قصدت قصده؛ والناحية: كل جانب؛ تنحَّى عن الفرار: تجنَّب فلاناً فتنحى. وفي لغة نحيته، وأنا أنحاه نحياً في معنى نحَّيته؛ قال ذو الرمة: ألا أيهذا الباخع الوجد نفسه ... بشيء نحته عن يديه المقادر

أي باعدته. والباحات بلغة طيئ: النواحي، واحدتها باحه. قال المنخل: فروض القطا بعد التساكن حقبة ... فبلوعفت باحاته ومسايله والنحي: الزق؛ والنحي: جرة فخار يجعل فيها اللبن ليمخض، والفعل نحى ينحي اللبن وينحاه، أي يمخضه. وأنحيت عليه، إذا أقبلت عليه ضرباً؛ وأنحيت له بسهم؛ وكل من جد في أمر فقد انتحى فيه كالفرس ينتحي في عدوه. [النَّوْح] والنوح معروف، وهو مصدر ناح ينوح نوحاً. والنياحة كقولك: نائحة ذات نياحة، ونوَّاحة ذات مناحة. والمناحة أيضاً الاسم وتجمع على المناحات والمناوح. والنَّوح: نوح الحمام؛ ويقال: تناوحت الرياح، إذا تقابلت في الهبوب واشتد هبوبها، كما يقال: الجبلان يتناوحان، إذا تقابلا؛ قال لبيد: ويكللون إذا الرياح تناوحت ... خُلجاً تمد شوارعاً أيتامها يكللون الجفان باللحم على الثريد شبه الإكليل، وقيل: يجعل الإكليل لتعرف أنها تُنجز، فيجتمع الناس إليها. وتناوحت الرياح: هبَّت، والخُلُج: الرياح، واحدها خلوج وهي الجفان. وشوارعاً: قد شرعت الأيدي فيها، أي يشرع اليتامى. والنوح أيضاً: الجماعة من النائحات؛ قال:

هريقاً من دموعكما سجاماً ... ضباع وجاوبي نوحا قياما [النَّيْح] وأما نيَّح الله عظمك فهو دعاء له؛ والنَّيْح: اشتداد العظم بعد رطوبته من الكبر. والصغير ناح ينيح نيحاً؛ وإنه لعظم نيح، أي شديد. وقولهم: نهنهت فلاناً أي زجرته ونهيته؛ وأنت تنهنهه نهنهة، فأنت منهنه وهو منهنه. والنهنهة: الكف؛ قال الشاعر: نهنه دموعك إنها لا تنفع ... وتأنَّ قلبي عل قلبي يرجع [نَجَهَ] وكذلك نجهت الرجل نجهاً إذا استقبلته بما ينهنهه عنك فينقدع. وقيل: النَّجهُ: أن ترده أقبح رد؛ نجه ينجه نجهاً. [النَّهي] والنهي: ضد الأمر، والنهاية: كالغاية حيث ينتهي إليه الشيء، وهو النهاء، ممدود أيضاً. وفلان ينهى فلاناً، أي ينهاه عن شيء. وتقول: ما تنهاه عنا ناهية، أي ما تكفُّه عنا كافة. والإنهاء: إبلاغك الشيء، حتى إنهم يقولون: [أنهيت] إليهم السهم، أي أوصلته إليهم.

والنُّهية: اللب والعقل؛ وإنه لذو نهية ووذ نهى وذو منهاة. ونهي الغدير- بالكسر والفتح لغتان: حيث (يتحير) السيل في الغدير فيوسع، والجمع النُّهي والنهاء- ممدود. ونهاء النهار: ارتفاعه قُرب نصف النهار، بفتح النون. [نَوه] ونهت ونوَّهت بالشيء، إذا رفعت ذكره. وإذا رفعت الصوت فدعوت إنساناً قلت: نوَّهت. وقولهم: نهشته الحيَّة أي عضته وتناولته من بُعد؛ والنهس كالنهش، لأن النهس القبض على اللحم بالفم والنتف له. [النَّتْف] والنتف: نزع الشعر والريش وغيرهما بالمنتاف. والنُّتاف: ما انتتف من ذلك. والمِنتاف: هو المنتاخ والمنقاش، والمنقاش: المنتاش، والمنقش: المنتش؛ قال: لا تنقشن برجل غيرك شوكة ... فتقي برجلك رجل من قد شاكها يقول: لا تخرجها من رجل غيرك وتجعلها في رجلك. ويقال أيضاً: المنقاش: المنماص.

[النتخ] والنتخ: إخراجك الشوك بالمنتاخين؛ تقول: نتخت الشوك من رجلي؛ ونتخ ضرسه، إذا انتزعه؛ والبازي ينتخ اللحم بمنسره؛ والغراب ينتخ الدبرة من ظهر البعير. وقال زهير: تنبذ أفلاءها في كل منزلة ... تنتخ أعينها العقبان والرَّخم [وقولهم]: رجل نتفة [أي] قد نتف من كل فن شيئاً تعلماً. وقولهم: قد نزَّه فلان نفسه عن كذا أي دفع نفسه عنه تكرُّماً ورغبة عنه، وهو التنزه عنه. ومكان نزه ونزيه؛ قد نزه نزاهة. والإنسان يتنزه، إذا خرج إلى نُزهة. والتسبيح تنزيه لله تعالى مما وصفه المشركون. وقولهم: غلام ناهز وجارية ناهزة. أي قد دنا للفطام؛ قال: ترضع شبلين في مغارهما ... قد نهزا للفطام أو فُطما والنهرة: اسم الشيء الذي هو لك معرَّض كالغنيمة؛ تقول: انتهزها فقد أمكنتك قبل الفوت. وتقول: أصبت نهزتك وفرصتك ونوبتك بمعنى.

والنهز: التناول باليد والنهوض للتناول جميعاً. والدابة تنهز بصدرها، إذا نهضت لتسير؛ وتنهز برأسها إذا ذبت عن نفسها. قال ذو الرمة: قياماً تذب البق عن ننخراتها ... بنهز كإيماء الرؤوس المواتع ونخرتا الأنف: حرفاه، الواحدة نُخرة. وقولهم: فلان في ندهة من المال أي كثرة منه؛ قال جميل: فكيف ولا تُوفي دماؤهم دمي ... ولا مالهم ذو ندهة فيدوني والنده: الزجر عن كل شيء بالصياح. وقولهم: نهرته وانتهرته أي استقبلته بكلام زجرته عن شره. والنهر: من الانتهار. والنهر: لغة في النهر، والجمع النُّهُر؛ والنهر: جمع النهار؛ قال: لولا الثريدان هلكنا بالضمر ثريد ليل وثريد بالنهر يعني جمع النهار. والنهار: من طلوع الفجر إلى غروب الشمس؛ ورجل نهر، أي صاحب نهار؛ قال:

لست بليلي ولكني نهر لا أدلج الليل ولكن أبتكر والنهار: فرخ الحبارى. النبيه النبيه: الشريف؛ قد نبه نباهة، أي شرف شرفاً. ونبه فلان باسم فلان، إذا جعله مذكوراً. والنُّبْه والانتباه من النوم، وانتبه من الغفلة بهذا الأمر؛ قال صخر: لعمري لقد أبنهت من كان نائماً ... وأسمعت من كانت له أذنان والنَّبَهُ: الضالة تجدها عن غفلة؛ تقول: وجدتها نبهاً، أي من غير طلب. قال ذو الرمة في الخشف: كأنه دملج من فضة نبه ... في ملعب من جوارى الحي مفصوم وأما [معنى] أضللته [نبهاً] فهو ما تعلم أنه ضل. وقولهم: هذا المال نهبٌ أي غنيمة؛ والنهاب جمع النهب، وانتهاب إذا أخذه من شاء؛ والإنهاب:

إباحته والنهبى: اسم لما انتهبته. والمناهبة: المجاراة في الجري والحُضر، وفرس تناهب فرساً. وقولهم: رجل منهوم بكذا أي مولع به لا يشبع منه؛ ويقال: الناس منهومان: منهوم في العلم لا يشبع، ومنهوم في المال لا يشبع. والنهمة: بلوغ الهمة في الشيء. والنهيم: زجرك الإبل تصيح بها لتمضي، وهو صوت فوق الزئير. والنهامي: الحداد. النُّخُّ النخ: معرب من العجمية، [وهو] بساط طوله أكثر من عرضه. وجمعه النخاخ. والنَّخة والنُّخة- لغتان: اسم جامع للحمر؛ وفي الحديث: "ليس في النَّخة صدقة"، والنَّخة: الصدقة بعينها. وأنخ بسيره المصدق ينخ أصحاب الأموال، أي يسوقهم على ما يريد. والنخ: أن تناخ النعم قريباً من المصدق حتى يصدقها. والنخنخة: من قولك: أنخت الإبل فاستناخت، أي بركت. ونخنختها فنتنخنخت من الزجر. والنخ: قولك للبعير إخ إخ؛ يقال: نخَّ بها ونخها نخاً شديداً ونخة شديدة، وهو النائخ أيضاً.

والنخ: السير العنيف؛ قال: لقد بعثنا حادياً مزخاً أجم إلا أن ينخَّ نخا والنخُّ لم يبق لهن مخا النُّقاخ النقاخ: الماء البارد العذب الذي ينقخ منه الفؤاد لبرده ولذته. والنقخ: نقف الرأس عن الدماغ؛ قال: فإن شئت حرَّمت النساء سواكم ... وإن شئت لم أطعم نقاخاً ولا بردا والبرد: النَّوم. قالت امرأة مر بها عمر بن الخطاب رحمه الله: الا ليت شعري والخطوب كثيرة ... أكل قلاص المسلمين استعرَّت فمنهن من تسقى بعذب مذاقه ... نقاخ فتلكم طابقت فاستقرت ومنهن من تسقى بأخضر آجن ... أجاج فلولا خشية الله فرَّت وقولهم: فلان ابن نخسة أي ابن زانية، قال الشماخ: أنا الجحاشي شماخ وليس أبي ... لنخسة لدعي غير موجود

والنخس: تغريزك مؤخر الدابة أو جنبها بعود أو غيره. وسمي نخاس الدواب لنخسه الدابة حتى تنشط، وفعله النخاسة. والنخاس أيضاً: الذي يشتري العبيد لغيره؛ أخذ من النخس وهو الدفع؛ قال: أتنخس يربوعاً لتدرك دارماً ... ضلالاً لمن مناك تلك الأمانيا معناه: تدفع يربوعاً. وتقول: نخسوا بفلان، إذا هيجوه وأزعجوه، وكذلك إذا نخسوا دأبته وطردوه. والناخس: جرب يكون عند ذنب البعير، فهو منخوس. وقولهم: نسخت الكتاب أي كتبت ما فيه في غيره؛ تقول: نسخته وانتسخته وهو النَّسْخ. والنسخ: أن تزيل أمراً كان من قبل عُمِل به، ثم تنسخه بحادث غيره. وتناسخ الورثة: أن يموت ورثة بعد ورثة وأصل الميراث قائم لم يقسم، وكذكل تناسخ الأزمنة القرن بعد القرن. وقولهم: نخلت لنفسي كذا وانتخلته أي اخترته، والانتخال: الاختيار للنفس وهو أفضل الأشياء، وهو التنخل أيضاً؛ قال: تنخلتها مدحاً لقوم ولم أكن ... لغيرهم فيما مضى أتنخل يعني اختاره.

والنخلة معروفة، ونخيلة: موضع بالبادية، وبطن نخلة: موضع بالحجاز، وذات نخل: موضع بالعراق، ونخلة: واد قريب من مكة. والنخل: تنخيلك الدقيق بالمُنْخل. وقولهم: شاب نفخ وشابة نُفُخٌ مثله أي قد ملأتهما نفخة الشباب؛ ورجل أنفخان وامرأة أنفخانة؛ ورجل منفوخ وقوم منفوخون، كل هذا سمن في رخاوة. والنفخ معروف، والمنفاخ: الذي ينفخ به الإنسان في النار وغيرها، والنفيخ: الذي ينفخ في النار الموكل بذلك. والنفاخ: نفخات الورم من داء يأخذ حيث أخذ. والنفخة: انتفاخ البطن من طعام ونحوه. والنفخة: نفخة يوم القيامة. وفرس أنفخ: هو انتفاخ الخصيتين. والنفاخة: الحجاة تكون فوق الماء سمتها الفرس كويلة. وامرأة نفخانية، أي ضخمة. وقولهم: نبخ العجين نبخ ينبخ نبوخاً، أي فسد وحمض. والأنبخان هو العجين؛ والنبَّاخ: الفاسد الحامض. والمنابخة: الممالقة والمغل والمغازلة. والأنبخ: الأكدر اللون الكثير التراب. والنبخ هو الجدري نفسه.

[النَّخْوة] والنخوة: العظمة؛ تقول: انتخى فلان؛ قال الشاعر: فرُبَّ امرئ ذي نخوة قد رميته ... بقاصمة توهي عظام الحواجب وقولهم: نغض فلان رأسه [نغض رأسه] ينغضه، أي حرَّكه؛ ومنه قوله تعالى: {فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُءُوسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ} أي يحركون. والغيم إذا كثف ثم مخض يقال: نغض، حيث تراه يتحرك بعضه في بعض متحيراً ولا يسير قال: أرق عينيك عن الغماض برق ترى في عارض نغاض النَّغْل النغل: ولد الزنية، والجارية النَّغْلة، والمصدر النغلة. والنَّغَل: الأديم الفاسد في دباغه إذا ترفَّت وتفتت؛ قال: لا خير في دباغة على نغل وتقول: نَغِل ينغَل نغَلاًح وجوزة نَغِلَة.

وقولهم: نغيت إلى فلان نغيت إلى فلان ونغى إلي نغية، إذا ألقيت إليه كلمة والقى إليك أخرى. ويقال للموج إذا ارتفع: كاد يناغي السحاب؛ قال الشاعر: كأنك بالمبارك بعد شهر ... يناغي موجه غرَّ السحاب المبارك: نهر بواسط، والمناغاة: تكلمتك الصبي بما يهوى من الكلام. وقولهم: نقائض جرير والفرزدق أي نقض أحدهما على الآخر؛ والمناقضة: أن يقول شاعر قصيدة، فينقض عليه شاعر آخر بغير ما قال؛ والاسم النقيضة، وتجمع على النقائض. والنقض: إفساد ما أبرمت من حبل وغيره. والنقيض: اسم البناء المنقوض، ويجمع على النقائض. والنقض والنقضة: الجمل والناقة وقد هزلتهما الأسفار؛ قال رؤبة: إذا مطونا نقضة أو نقضا والانتقاض: أن يعود الجُرح بعد البرء، وكذلك انتقاض الأمور كلها. وقولهم: لفلان نشر نقيص النشر: الريح الطيبة؛ قال:

الريح نشر والوجوه دنا ... نير وأطراف الأكف عنم وفي الحديث: "خرج معاوية ونشره أمامه" يعني ريح المسك. وتقول: هي الريح وهو الريح، تذكر وتؤنث. والنقيص: الطيب أيضاً؛ تقول: ينقص الشيء نقاصة فهو نقيص: عذب طيب؛ قال الشاعر: وفي الأحداج آنسة لعوب ... حصان نشرها عذب نقيص وتقول: نقص الشيء نفسه، ونقصته أنا؛ استوى فيهما الفعل اللازم والمجاوز. والنقص: الخسران؛ والنقصان: يكون مصدراً ويكون قدراً للشيء الذاهب من المنقوص اسم له. والنقيصة: انتقاص الحق؛ وانتقصت حق فلان، إذا انتقصته مرة بعد مرة. والنقيصة: الوقيعة في الناس، والفعل الانتقاص. وتقول: رجل غلبه نقص في عقله ودينه، ولا يقال نقصان. وقولهم: شراب ناقس أي حامض؛ وقد نقس ينقس نقوساً. والنقس: الذي يكتب به، والجميع الأنقاس. والنقس: ضرب الناقوس. [النقش] وأما النقش- بالشين: فهو فعل النقاش، والنقاشة حرفته، والفعل نقش ينقش. (والنتش: نتفك شيئاً بالمنتاش، والنتاشة حرفته. والفعل نتش ينتش، وهو كالنقش

سواء، من نتف الشيء الأول فالأول). والمناقشة في الحساب: أن لا يدع قليلاً ولا كثيراً؛ وفي الحديث: "من نوقش الحساب هلك"، قال الشاعر: إن تناقش يكن نقاشك يا رب (م) عذاباً لا طوق لي بالعذاب والانتقاش: أن تأمر أن ينقش على فصك؛ وانتقش شيئاً لنفسه، أي تخيَّره. النسق النسق من كل شيء: ما على طريقة نظام واحد عام؛ [وقد انتسقت هذه] الأشياء بعضها إلى بعض، أي تنسَّقت. [النَّشق] وأما النشق- بالشين: فهو صب سعوط في الأنف. والنشوق: [اسم] لكل دواء ينشق. وفي الحديث: "إن لإبليس لعنه الله لعوقاً ونشوقاً يفتن بهما ابن آدم". واستنشق الريح، أي شمها وهذه ريح مكورهة النشق، أي الشم. وإذا أردت أن تجيبه قلت: استنشق الريح فإنك لا تجد ما ترجو. وقولهم: رجل نَزِقٌ وامرأة نزقة أي خفيفان؛ والنزق: خفة في كل أمر، وعجلة في جهل وحُمق؛ والفعل نزق ينزق نزقاً.

وقولهم: كتاب ناطق أي بين؛ قال لبيد: أو مذهب جدد على ألواحـ ... ـهن الناطق المبروز والمختوم والنطق: معروف؛ وكلام كل شيء: منطقه؛ وإنه لمنطيق: بليغ. والمنطق: كل شيء شددت به وسطك، والمنطقة: اسم عام. والنطاق: شبه إزار فيه تكة كانت تنتطق بها المرأة. نُقرة القفا نقرة القفا: هي الوقبة في طرف العنق بينه وبين الرأس. وإذا ضرب الرجل رأس الرجل قلت: نقر رأسه. والنَّقر: صوت باللسان؛ والنقير: نكتة في ظهر النواة منها تنبت النخلة. والنقير: أصل خشبة منقور كانوا ينبذون فيه. والمناقرة: مراجعة الكلام بين اثنين وبثهما أحاديثهما وأمورهما. وفي الحديث: "ما كان الله لينقر عن قاتل المؤمن" أي يقلع. والناقور: هو الصور الذي ينفخ فيه المَلَك، في قوله تعالى: {فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ}. ونقَّر فلان باسم فلان في الجماعة، إذا سماه من بينهم. والنقرى: تحريك الإصبع لدعوتك إنساناً؛ والرجل يدعو النقرى، إذا دعا أصحابه واحداً بعد واحد.

وإن دعا الجماعات قيل: هو يدعو الجفلى؛ قال طرفة: نحن في المشتاة ندعو الجفلى ... لا ترى الآدب فينا ينتقر وقولهم: رجل نقل أي حاضر الجواب والمنطق؛ والنقل: النعل الخلق، وقيل: (النقل: الخف الخلق، والجميع نقال). والنقل: المناقلة ف يالكلام، والشعر بين اثنين مثل المناقضة والمنافرة في الصخب؛ قال لبيد: ولقد يعلم صحبي كلهم ... بعدان السيف صبري ونقل عدان السيف: موضع، والنقل: المحاورة في الكلام. والناقلة من نواقل الدهر: شديده ينقل من حال إلى حال. والناقلة: شجة تنقل العظم من موضع إلى موضع؛ والمنقلة من الشجاج: هي التي تنقل منها فراش العظام، وهو صغارها. والنقل على الشراب: اسم محدث. [وقولهم: رجل نقاف] النقاف: صاحب نظر في تدبير الأمور والنظر في الدنيا والنقف: كسر الهامة عن الدماغ ونحوه كما ينقف الظليم الحنظل عن حبه؛ وناقف الحنظل ينقفه لينظر

نضيجه من غضه. قال امرؤ القيس: كأني غداة البين يوم تحمَّلوا ... لدى سمرات الحي ناقف حنظل يقول: اعتزلت أبكى كأني ناقف حنظل؛ لأن ناقف الحنظل تدمع عيناه لحرارته. والسمرات: شجر له شوك. والمناقفة: المضاربة بالسيوف على الرؤوس. وقولهم: نفقت السلعة أي كثر مشتروها، فهي نافقة. ونفقت الدابة: إذا ماتت، فهي تنفق نفوقاً؛ ولا يقال للدابة ماتت. قال: وإذا ما مات منهم ميت ... لا تقل مات ولكن قل نفق كأنه شبههم بالدواب. آخر: نفق البغل وأودى سرجه ... في سبيل الله سرجي والبغل والنفقة معروفة، والنفق والنافقاء والنفاق والمنافق والمنافقة كله معروف. [وقولهم: رجل نقاب] النقاب: العالم من الرجال؛ قال أوس: مليح نجيح أخو مأقط ... نقاب يخبر للغائب

قال أبو العباس: يعني بقوله: مليح، أي مملح وهو الذي يفحم خصمه، مأخوذ من الملاح، وهو عود يوضع في فم الجدي لئلا يرضع فيسنق؛ والسنق: أسوأ الشبع. قال: فكأنه لما نطقت مملح بملاح ولكن الأول أقام فعيلاً مقام مفعل. قال عمرو بن معد يكرب: أمِن ريحانة الداعي السميع ... يؤرقني وأصحابي هجوع أي المسمع. ويقال: رجل نقاب ومنقب؛ قال الشعبي: أتى بي الحجاج موثقاً، فلما بلغت الباب لقيني يزيد بن أبي مسلم، فقال: إنا لله يا شعبي لما بين دفتيك من العلم، ولا بيوم شفاعة، فبالحرى أن تنجو. ثم لقيني محمد بن الحجاج، فقال لي مثل ذلك. فلما دخلت قال: يا شعبي، وأنت فيمن خرج وكثر علينا؟ فقلت: أصلح الله الأمير، أحزن بنا المنزل، وأجدب بنا الجناب، واكتحلنا السهر، وضاق المسلك، واستحلسنا الخوف، وغشيتنا خزية لم يكن فيها بررة أنقياء، ولا فجرة أقوياء. قال: صدق، وما بروا بخروجهم، ولا قؤوا إذ فجروا؛ أطلقنا عنه. ثم احتاج إلي في فريضة، فقال: ما تقول في أم وأخت وجد؟ قلت: اختلف فيها خمسة من الصحابة- ذكر منهم ابن عباس- فقال: إن كان ابن عباس لنقاباً؛ قال: فما قال فيها النقاب؟ فأخبرته. والنقيب: شاهد القوم وكفيلهم الذي يكون مع عريفهم يسمع قولهم، والجميع

النُّقْباء. والنُّقَباء: هم الذين ينقبون عن الأخبار والأمور للقوم، فيصدقون بها. وفي القرىن: {وَبَعَثْنَا مِنْهُمْ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً} قيل: ضميناً وأميناً. قيل: والنقيب فوق العريف. والنقيبة: يُمْن العمل؛ إنه لميمون النقيبة. والمنقَبة: كرم الفعال؛ وإنه لكريم المناقب. ونقَّب القوم، أي ساروا في البلاد والأرض؛ ومنه قوله تعالى: {فَنَقَّبُوا فِي الْبِلادِ} قيل: بحثوا وتعرفوا هل من محيص، فلم يجدوا ذلك. والنُّقبة: أثر الجرب بالبعير، جمعها نُقْب. قال الشاعر: متبذلاً تبدو محاسنه ... يضع الهناء مواضع النُّقب والمنقبة: الطريق الضيق بين دارين لا يمكن سلوكه؛ وفي الحديث: "لا شُفعة في فناء، ولا طريق، ولا منقبة، ولا رُكْح، ولا رهو". والنَّقْب والنُّقْب- لغتان: طريق ظاهر على رؤوس الجبال والإكام والروابي، والجميع (الأنقاب والنِّقَابُ). والنقاب: أن تلتقي الرجل مواجهة؛ تقول: لقيته نقاباً.

وقولهم: رجل له نيقة معناه التنوُّق في جميع أموره، والتنيق لغة فيه. والنقاوة: الشيء النقي، والتنقية: اسم جامع في كل شيء ونفي السيئ، فهو ينقى نقاوة ونقاء. وفي الكلام: "لا ماءك أبقيت، ولا جسدك أنفيت"؛ والنقىيجري مجرى الصفاء في الشيء الصافي. والنقو: كل عظم من قصب، والرجلان نقو على حيالهما. والنقي: شحم العظام وشحم العين من السمن. وناقة منقية ونوق مناق، أي سمان؛ قال الشاعر: ما دام نفي في سلامي أو عين وناقة ونياق ونوق، والعدد أينق وأيانق على مثل نياق، ولكنه قدم الياء على النون، وهي لغة مثل جذب وجبذ. وقولهم: حفر فلان بئراً فما نكش منها بَعْدُ أي ما فرغ منها؛ والنكش: يشبه الأثر على الشيء والفراغ منه. يقال: انتهوا إلى عشب فنكشوه، أي أتوا عليه. وبحر لا ينكشن أي لا ينزف. والعامة تخطئ فيها فيجعلونها للطلب؛ نكشت فما وجدت، وهذا خطأ.

النَّكْس والنكس بالسين: قلبك شيئاً على رأسه تنكسه. والولاد المنكوس: أن تخرج رجلاه قبل رأسه. ونُكس في مرضه نُكساً؛ قال صالح بن عبد القدوس: إذا ارعوى عاد إلى جهله ... كذي الضنا عاد إلى نُكسه والنكس من القوم: المقصر عن غاية النجدة والكرم، والجميع الأنكاس. وإذا لم يلحق الفرس بالخيل قيل: نكَّس. الناسك الناسك: العابد؛ نسك نسكاً. والنُّسْك: العبادة، والنسك: الذبيحة؛ والنسك: الدم، وقوله تعالى: {أو نُسُكٍ} أو دم. واسم تلك الذبيحة النسيكة. والمنْسِك: الموضع الذي تذبح فيه النسائك، والمنْسَك: هو النسك نفسه؛ ومنه قوله تعالى: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكاً}. ويقال: نسك ثوبه، أي غسله؛ ونسكته أنا. وأنشد: ولا ينبت المرعى سباخ عراعر ... ولو نسكت بالماء ستة أشهر وقولهم: نقمت على فلان فعله أي كرهته منه وأنكرته عليه؛ ومنه قوله تعالى: {هَلْ تَنقِمُونَ مِنَّا} أي تكرهون وتُنكرون، وقرئ: تنقمون؛ يقال: نَقَمَ ينقِمُ، ونقِم ينقم- لغتان. قال

بن قيس الرقيات: ما نقموا من بني أمية إلا ... أنهم يحلمون إن غضبوا وقال رؤبة: لابد يوماً أن تلاقوا نقما وتقول: نقمت عليه نقماً ونقمةً، أي أنكرت عليه؛ وانتقمت منه، ونقمت منه، أي جازيته بفعله عقوبة بما صنع، كقوله تعالى: {وَمَنْ عَادَ فَيَنتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ}. وتقول: أصابته نقمة بما فعل، وأعوذ بالله من نقمه وسخطه. وقولهم: نمَّقْت الكتاب أي حسنته وزينته تنميقاً، وجائز تخفيفه. ونمقته أيضاً: نقشته وصورته، أي حسنته ورسمته؛ قال النابغة: كأن مجرَّ الرامسات ذيولها ... عليه قضيم نمقته الصوانع وقولهم: نزك فلان فلاناً بما ليس فيه أي قال فيه سوء القول؛ والنزك أيضاً: الطعن بالنيزك، وهو رمح صغير قصير.

وقيل: إن عيسى عليه السلام يقتل الدَّجال بالنيزك، وجمعه نيازك؛ قال ذو الرمة: ألا من لقلب لا يزال كأنه ... من الوجد شكته صدور النيازك النكد النكدُ: اللئيم الكثير اللؤم والشر؛ وكل شيء جر على صاحبه شراً فهو أنكد [و] نكد. والنكد- مجزوم: قلة العطاء، وأن لا يهنئه من يعطيه؛ قال: وأعط ما أعطيته طيباً ... لا خير في المنكود والناكد النكتة النكتة: شبه وقرة؛ والوقرة: شبه الوكتة، إلا أن لها حفرة، وهي أعظم من الوكتة؛ [تقول]: عين موقورة وموكوتة. والنكتة أيضاً: شبه وسخ في المرآة، ونقطة سوداء في شيء صاف؛ ومثله سواد في بياض أو بياض في سواد فهو نكتة؛ قال: لخال بذاك الخد أحسن عندنا ... من النكتة السوداء في واضح البدر وقولهم: نكث فلان عهده أي نقضه؛ وهو ينكثه نكثاً بعد عقده، ومثله: نكث البيعة. والنكيثة: اسم لنقض العهد والبيعة.

ونكث السواك، والنكاثة: ما كان في فيك من تشعث السواك، وما انتكث من طرف حبل أو نحوه أيضاً نكاثة. والنكيثة: الأمر الجليل والشدة؛ قال طرفة: وقرَّبت بالقربى وجدك إنني ... متى ما يكن أمر النكيثة أشهد والنكيثة: النفس؛ يقال: بلغت نكيثة البعير، إذا أجهدته. وقولهم: رجل نُكُر أي داه؛ تقول: فعله من نكره ونكارته. والنكر: الدهاء؛ والنكر: نعت للأمر الشديد؛ وهذا أمر نُكر، أي مُنْكر. والنكرة: نقيض المعرفة؛ تقول: نكرته، وأنكرته لغة فيه؛ ورجل منكر: داه؛ والنكر: اسم الإنكار؛ والتنكر: التغير عن حال يسر إلى حال يُكره. وقولهم: نكل عن اليمين أي كاع عنها ووقف؛ يقال: نكَل ينكل لغة يمنية، ونكل ينكل حجازية، والرفع أكثر؛ قال: لقد علمت أولى المغيرة أنني ... لحقت فلم أنكل عن الضرب مسمعا آخر: ضرباً بكفي بطل لم ينكل

أي لم ينكل عن صاحبه. والنكل: ضرب من اللجم والقيود، وكل شيء وينكل به غيره فهو نكل للمنكل به؛ قال: عهدت أبا عمران فيه نكاهة ... وفي السيف نكل للعصا غير أعزل وفي الحديث: "إن الله يحب النكلَ على النكلِ" قيل: الرجل المجرب على الفرس القوي المجرب. وتقول: رجل نِكْلٌ ونَكَلٌ. وقولهم: نكف فلان دموعه معنى النكف هو تنحية الدموع عن الخد بالإصبع؛ قال: فماتوا فلولا ما تذكر منهم ... لدى الخيف لم يُنكف لعينيك مدمع ودرهم منكوف: وهو المبهرج الرديء. والاستنكاف مع العامة: الأنف والانقباض والامتناع عن الشيء حمية وعزاً؛ ومنه قوله تعالى: {لَنْ يَسْتَنكِفَ الْمَسِيحُ} [أي] لن يأنف. النُّوْك النوك: الحمق، والنوكى: الجماعة [الحمقى]، والنواكة كالحماقة، والمستنوك: المستحمق. [وقولهم: نكأت الجُرح] ونكأت الجرح أنكؤه نكئاً، إذا قرحته وقشرته وأدميته بعدما كاد يبرأ؛ قال

متمم: فقعدك ألا تسمعيني ملامة ... ولا تنكئي قرح الفؤاد فييجعا وقولهم: نشج فلان بالبكاء أي غص بالبكاء في حلقه فلم ينتحب؛ نشج نشيجاً. والحمار ينشج بصوته نشيجاً: وهو صوت في حلقه عند الفزع. والطعنة تنشج عند خروج الدم: تسمع لها صوتاً في خروجها كالنفخة. وتنشج القِدْر عند الغليان. وقولهم: ناجِسٌ ونجيس أي لا يبرأ من دائه؛ والنجس: القذر حتى من الناس؛ وكل قذر نجس، وقوم أنجاس. ولغة اخرى: رجل نجس ورجلان نجس وقوم نجس ونسوة نجس؛ ومن لم يكن على طهارة ولم يبال فهو نجس. والنجس: اتخاذ عوذة للصبي؛ الفاعل يقال له: المنجس؛ نجست الصبي تنجيساً. قال: وحازية ملبوبة ومنجس ... وطارقة في طرقها لم تسدد يصف أهل الجاهلية أنهم كانوا بين كاهن ومنجس ونحوهما. وعن الحسن في رجل [زنى] بامرأة ثم تزوجها، قال: هو نجسها وهو أحق بها. والرجس والنجس، هكذا يقال مع النجس.

وقولهم في المثل: ناجزاً بناجز وهو مثل يد بيد، أي تعجيل بتعجيل؛ قال: جزا الشموس ناجزاً بناجز وتقول: نجز الوعد ينجز نجزاً، وأنجزته أنا إنجازاً، ونجز هو، أي وفى به؛ وهو كقولهم: حضرت المائدة، وإنما أحضرت. والتنجز: طلب شيء وعدته. وقولهم: هم من نجر واحد أي من ضرب واحد. والنجر: نجرك رأس إنسان ببرجمة إصبعك الوسطى. والنجر والنجار: هو الأصل من كريم أو لئيم. ورجل منجر، أي شديد السوق للدواب. والنجران: العطشان من كل شيء؛ وإبل نجرى ونجارى مثل عطشى وعطاشى. والنجر: الكي؛ والإنجار: لغة في الإجار وهو السطح. وقولهم: نجله بالحجر أي رماه. والنجل: النسل، وفحل ناجل، أي كريم. والنجل: سعة العين مع الحُسن؛ قال: يمسحن عن أعين دمعاً يجدن به ... نفسي الفداء لتلك الأعين النُّجل

والأسد أنجل، وطعنة نجلاء: واسعة. وقولهم: نظر في النجوم أي تفكر في أمر كيف يدبره؛ قال الحسن في قوله تعالى: {فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ} أي تفكر في الذي يصرفهم عنه إذ كلفوه الخروج معهم؛ فقال: إني طعنت؛ فنفروا هرباً عنه من الطاعون وخوفاً. وعنه في: {فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ} أنها نجوم القرآن؛ لأنه نزل جملة إلى السماء الدنيا، ثم أنزل منها نجوماً في عشرين سنة آيات متفرقة. [النجم] والنجم من النبات: ما لم يقم على ساق كساق الشجرة؛ وبه فسر: {وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ}. والنجوم: ما نجم من العروق أيام الربيع ترى رؤوسها كالمسال تشق الأرض شقاً. ونجم النبات والقرن، إذا طلع؛ قال الشاعر: مؤزر بعميم النبت تنسجه ... ريح الجنوب إذا ما نبته نجما ونجم الكوكب والرامي والرجل إذا طلع وظهر. وقولهم: نجوت فلاناً أي استنكهته؛ قال: نجوت مجالداً فوجدت منه ... كريح الكلب مات حديث عهد

والنجوة من الأرض: التي لا يعلوها السيل؛ قال: فمن بنجوته كمن بعقوته ... والمستكن كمن يمشي بقرواح والنجو: السحاب أول ما يطلع ينشأ، والجميع النجاء. والنجو: ما خرج من البطن من ريح وغيرها. والنجو: استطلاق البطن. والنجو: كلام بين اثنين كالسر؛ فلان نجو فلان، أي يناجيه دون غيره. وقولهم: نشدت الضالة أي طلبتها؛ أنشدها نشداً، وأنشدتها- لغة، إذا عرَّفتها. ومنه قوله عليه السلام في المدينة: "لا تحل لقطتها إلا لمنشد" أي معرف. والناشد: الطالب؛ وبعض يقول: نشدت الضالة، إذا عرَّفتها بغير ألف. قال أبو عثمان المازني: نشدتها، إذا طلبتها؛ وقال الخليل: نشدت الضالة وأنشدتها، إذا عرَّفتها؛ وأنشد الأصمعي عن أبي عمرو ابن العلاء: يسيخ للنبأة أسماعه ... إساخة الناشد للمنشد الناشد: الطالب، والمنشد: المعرف، والإصاخة: الاستماع، وقيل: إساخة. والنبأة: نغمة مبلغة، وهو صوت لا يشك فيه ولا يتيقنه، وهو صوت الكلاب؛ ونبأة ونغمة ونغية وطغية وغطَّة بمعنى.

ويقال: أنشدك الله لما فعلت كذا؛ ولا يقال: أنشدتك. قال: أنشد والباغي يحب الوجدان قلائص مختلفات الألوان منها ثلاث قلص وبكران وناشدون، جمع ناشد: قوم يطلبون الضوال فيحبسونها على أربابها. قال ابن عرس: عشرون ألفاً هلكوا ضيعة ... وأنت فيهم دعوة الناشد وقولهم: لحم نشل أي طبخ بغير توابل؛ والمنشل: حديدة في رأسها عقافة ينشل بها اللحم من القدور؛ وربما قالوا: منشال من المناشل. قال: ولو أني أشاء نعمت بالاً ... وباكرني صبوح أو نشيل وقدر ناشلة، أي قليلة اللحم. وقولهم: نفشت غنمي أي ترددت بالليل في المراعي بلا راع؛ والنفش بالليل والهمل بالنهار. ومنه قوله تعالى: {إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ}. والنوافش بالليل والهوامل بالنهار. وقولهم: نُشْتُ فلاناً أي أنلته خيراً أو شراً؛ والتناوش: التناول. ومنه قوله تعالى: {وَأَنَّى لَهُمْ

التَّنَاوُشُ}. والظبية تنوش الأراك من بعيد؛ وانتاشني فلان، أي أخذ بيدي من مكروه. قال القطامي: فانتاشني لك من غبراء مظلمة ... حبل تضمن إصداري وإيرادي [النأش] والنأش: الأخذ والبطش؛ من همز التناوش أخذه من هذا. [النشء] النشء: أحداث الناس؛ يقال للواحد: هذا نشء صدق ونشء سوء. قال نصيب: ولولا أن يقال صبا نصيب ... لقلت بنفسي النشء الصغار والناشئ: الشاب؛ فتى ناشٍ وناشئ ولم تنعت به الجارية. [النَّشوة] والنشوة: السكر؛ رجل نشوان وقوم نشاوى وامرأة نشوى، مثل سكران وسكارى وسكرى؛ قال: فاقبلن بالموماة يحملن فتية ... نشاوى من الإدلاج قُبل العمائم ورجل نشوان من الشراب بين النشوة بالفتح؛ ورجل نشيان بالياء للخبر بين النشوة، إذا كان يتخبر الأخبار، وأصله الواو.

[ناشئة الليل] وناشئة الليل: أوله؛ قال أبو العباس: ناشئته: ساعاته، وهو من نشأت الشيء، [أي] ابتدأته. [النشا] والنشا- مقصور: نسيم الريح الطيبة، وتقول: استنشيت نشا ريح طيبة، أي نسيمها. وقولهم: أصابني نض من فلان أي مكروه؛ والنضنضة: صوت الحية ونحوها من تحريك الحنكين؛ وحية نضناض، إذا حركت لسانها؛ قال: يبيت الحية النضناض منه ... مكان الحب يستمع السرارا والنض والناض من الدراهم: الصامت. النفيضة النفيضة عند العرب: الذي ينفض الطريق وحده؛ قال: يرد المياه حضيرة ونفيضة ... ورد القطاة إذا اسمأل التبع الحضيرة: الجماعة. واستنفض القوم: إذا بعثوا النفضة؛ والنفضة: قوم يبعثون في الأرض بها عدو وخوف.

والنفض: أن تنفض شيئاً بيدك وتزعزعه وتنفض التراب عنه، وتنفض الشجرة. والنفض: ما تساقط من غير نفض في أصول الشجر. ونفوض الأرض: نبائثها؛ ونافض الحُمّى: رعدتها. وأنفض القوم: ذهب زادهم؛ وأنفضوا: تفرقوا. النضو النضو: السهم قد بلي وفسد (من كثرة) ما يرمى به. ونضي السهم: قدحه، وهو ما جاوز من السهم الريش إلى النصل؛ قال الشاعر: فمر نضي السهم تحت لبانه ... وجاز على وحشيه لم يعتم ونضي الرمح: ما فوق المقبض من صدره؛ وقيل: النضي: الخلق من الرماح والسهام. والنضو من الإبل: الذي قد أنضته الأسفار؛ والأنثى نضوة. والمنضي: الذي صار بعيره نضواً؛ قال: أقول ونضوي واقف عند رمسها ... عليك سلام الله والعين تسفح وقولهم: نص الحديث [أي] رفعه؛ قال: [و] نص الحديث إلى أهله ... فإن الوثيقة في نصه

والنص: رفعك الشيء؛ نصصت ناقتي: رفعتها في السير؛ ونصصت الرجل، إذا استقصيت مسألته عن الشيء. ونص كل شيء: منتهاه؛ وفي الحديث: "إذا [بلغ] النساء نص الحقاق فالعصبة أولى من الأم" أي إذا بلغت غاية الصغر إلى أن تدخل في الإدراك والكبر. وتقول: أنصته وأنصت له مثل نصحته ونصحت له، ونصته لأدركه في الطلب. ونصوت فلاناً، أي قبضت على ناصيته فهززتها؛ والناصية: شعر مقدَّم الرأس. وناصيت فلاناً، إذا تقاتلتما فاخذتما بنواصيكما. ومفازة تناصي مفازة، إذا اتصلتا. والمناص: الملجأ؛ والنصية: جماعة من نُخب الناس وخيارهم؛ قال الشاعر: ثلاثة آلاف ونحن نصية ... ثلاث مئين إن كثرنا وأربع ونصأت الناقة: زجرتها؛ قال طرفة: وعنس كألواح الإران نصأتها ... على لاحب كأنه ظهر برجد ويروى: نسأتها، أي أخَّرتها عن محلها وعطنها. وقولهم: نَصَل الحافر نصولاً خرج من موضعه فسقط كما ينصل الخضاب، وكل شيء نحوه ينصل نصولاً. ونصل فلان من الجبال والطريق، إذا خرج عليك.

ونصلت السهم: جعلت له نصلاً؛ وأنصلته: أخرجت نصله. والمنصُل والمنصَل: السيف؛ ونصله: حديدته. والتنصل: شبه التبرؤ من جناية ذنب. النصب النصب: التعب والإعياء؛ وأمر ناصب، أي متعب. قال النابغة الذبياني: كليني لهم يا أميمة ناصب ... وليل أقاسيه بطيء الكواكب ناصب: في موضع منصوب، مثل خانق في موضع مخنوق، وكاس في موضع مكسو. والنصب: الداء؛ والنصب: لغة في النصيب؛ قال: عجبت لذي إرث يورث ماله ... وليس له في مال وارثه نصب والنصب: حجر كان ينصب فيعبد، وتصب عليه دماء الذبائح، والجميع الأنصاب. والنصب أيضاً: العلم. وقيل: النصب جمع النصيبة، وهي علامة تنصب للقوم. وناصبت فلاناً الشر والحرب والعداوة. ونصاب الشمس: مغيبها؛ نصاب كل شيء: أصله ومرجعه. ومنصب الرجل: مركَّبه في قومه. وقولهم: اخذت نصف حقي أي دون الكمال والنصف لغة رديئة. يقال: مالك من فلان إلا النصف، أي لا

يعطيك الحق فخذ ما أعطاك. والنصفة: اسم الإنصاف؛ انتصفت من فلان، أي أخذت حقي كملاً حتى صرت أنا وهو على النصف سواء. وهذا نصف الشيء، ونصف لغة رديئة. ويقال: نصيف، مثل ربيع وخميس وثليث وثمين وعشير. وكل شيء بلغ نصف الشيء فقد نصفه. والمرأة النصف: بين المسنة والحدثة. وقولهم: [ما] بقي من فلان إلا نسيسه أي بقية روحه؛ كما يقال: ما بقي إلا حشاشه. والنسناس: صورة على خلق الناس أشبهوهم في شيء وخالفوهم في شيء، وليسوا من بني آدم، وقيل: هم من بني آدم؛ وفي الحديث "أن حياً من عاد عصوا رسولهم فمسخوا نسناساً، لهم يد ورجل من شق، ينقزون كما تنقز الظباء، ويرعون كالبهائم". ويقال: إن أولئك انقرضوا، وإن الذين هم على تلك الخلقة ليسوا منهم؛ ولكنهم خلق على حدة. قال الشاعر: ذهب الناس فاستقلوا وصرنا ... في بقايا أراذل نسناس في أناس تراهم العين ناساً ... وإذا فتشوا فليسوا بناس النَّطس النطس: التقزز؛ ومنه التنطس وهو النظافة.

والنطاسي والنطس: العالم بالطب؛ بالرومية النسطاس. [النَّدس] والندس: الفطن السريع [الاستماع] للصوت الخفي؛ وقد يسمى الصوت الخفي ندساً. قال الشاعر: وقد توجَّس ركزاً مقفر ندس ... بنبأة الصوت ما في سمعه كذب النَّزّ النز: الخفيف؛ قال: كريم هز فاهتزا ... كذاك السيد النز لئيم هز فارتزا ... وعرق السوء يكتز النَّزْر النزر: القليل؛ وامرأة نزور: قليلة الولد. قال: وأم الصقر مقلات نزور والنزر: الثقيل؛ ونزار مشتق من النزارة، وهي القلة. وقولهم: حيل بين العير والنزوان

النزوان: مصدر بمنزلة النزو؛ وأصل من قال هذا صخر أخو الخنساء، ثم جعل كالمثل لما يحاوله الإنسان ويتمناه ولا يصل إليه؛ وله حديث يطول تركته؛ قال: أهم بأمر الحزم لو نستطيعه ... وقد حيل بين العير والنزوان [النَّزو] والنزو: الوثبان؛ والنازية: حدة الرجل المتنزي إلى الشيء، وهو النوازي. ويقال: إن قلبه لينزو إلى كذا، أي ينازع؛ قال: فأصبح لا ينزو فؤادي لرحلة ... ولا لغراب البين بالدار ينعب وقولهم: فلان نطف بسوء أي تلطخ؛ وينطف بفجور، أي يقذف؛ والنطف: التلطخ بالعيب. قال الكميت: فدع ما ليس منك ولست منه ... هما ردفين من نطف قريب نصب ردفين على معنى هما أي اجتمعا. والنطف: اللؤلؤ، الواحدة نطفة، وهي الصافية الماء وبعضهم يقول: الواحدة نطفة والجميع النطف. والنطفة أيضاً: الماء الصافي قل أو كثر، والجميع النطاف. وليلة نطوف، أي تمطر حتى الصباح. والنطف: الصب؛ والناطف: هو القبَّيط. والتنطف مثل

التقزز. وقولهم: ندر الشيء من يدي أي سقط، وكذلك نوادر الكلام تندر. والأنْدَر: المتندِّر. النَّدْب الندْب: الخفيف في الحاجة. والنادبة تندب الميت بحسن الثناء في قولها: وافلاناه!، واسم ذلك الفعل: الندبة. والندَب: الخطر، وأندب نفسه، أي خاطر بها. والندب: أثر الجرح؛ وجرح نديب، أي ذو ندب. وانتدب القوم لهذا الأمر من ذوات أنفسهم؛ وانتدب القوم إلى كذا، أي سارعوا إليه. النادي النادي: المجلس يندو القوم حواليه؛ ولا يسمى نادياً حتى يكون فيه أهله، وإذا تفرقوا لا يكون نادياً؛ وهو الندي، والجمع أندية. قال سلامة: يومان: يوم مقامات وأندية ... ويوم سير إلى الأعداء تأديب ويسمى النادي لأن القوم يندون إليه ندواً وندوة، ولذلك سميت دار الندوة بمكة، كانت لبني هاشم إذا حزبهم أمر ندوا إليها واجتمعوا للتشاور. وناقة تندو إلى نوق كرام، أي تنزع إليها في النسب.

وقولهم: ما نديني من فلان مكروه أي ما أصابني ولا نالني؛ وتقول: ما نديت بشيء تكرهه. قال النابغة: ما إن نديت بشيء أنت تكرهه ... إذاً فلا رفعت سوطي إلي يدي وللندى وجوه، تقول: ندى من طل، ويوم ند، وأرض نديَّة، وندى المطر، وندى الليل، وندى الخير وهو المعروف، وندى الصَّوْت: بعد مذهبه؛ والندى: ضرب من الدخنة؛ والندى: الشرف والكرم. وتقول العرب: أصابته المنديات؛ اشتقاقه من ندى الشر، يعني البلايا المخزيات. وندى الحُضْر: نقاؤه وجدَّته. [النَّاد] والناد: الداهية؛ تقول: أصابتهم داهية نآد ونؤود، وقد نأدته الدواهي. [النُّدأة] والنُّدأة والنَّدأة- لغتان- وهي التي تسمى قوس قُزَح. وقولهم: نزع فلان عن كذا نزوعاً أي كفَّ؛ ونازعتني نفسي إلى كذا، إذا هويته فهي تنزع إليه نزاعاً. والنزوع: الحنون إلى الشيء. والنزيع: الغريب، والنزيعة: التي تُجلب إلى غير بلادها من الخيل، وهي النزائع. وكذلك النزائع من النساء: يزوَّجن في غير عشائرهن فينقلن. وإذا أشبه المرء أعمامه وأخواله قيل: نَزَعهم ونزعوه إليهم، أي أشبههم؛ قال

الفرزدق: أشبهت أمَّك يا جرير وإنها ... نزعتك والأم اللئيمة تنزع أي اجترت شبهك إليها. والتنازع: المنازعة في الخصومات ونحوها، والفرس ينازع فارسه العنان. ورجل أنزع وامرأة نزعاء وقوم نُزع، وقد تقدّم ذكره. وقوله تعالى: {وَالنَّازِعَاتِ غَرْقاً}؛ قال أبو عبيدة: النجوم تنزع: تطلع ثم تغيب، وهي الناشطات أيضاً. وقال اقتيبي: النازعات: قيل هم الملائكة عليهم السلام تنزع النفوس إغراقاً كما يُغرق النازع في القوس، وهم الناشطات تقبض نفس المؤمن كما يُنْشط العقال أي يربط. قال النقاش: يقال: والنازعات هو مَلَك الموت ينزع روح الكافر حتى تبلغ ترقوته، ثم غرقها في حلقه، فيعذّبه في حياته قبل أن يميته. وقولهم: ليس لأمرك هذا نظام أي لا تستقيم طريقته. وفي بعض مواعظ الحسن: يا ابن آدم، عليك بنصيبك من الآخرة، فإنه يأتي على نصيبك من الدنيا، فينتظمه انتظاماً، ثم يزول معك حيث زُلت. ويقال: ما لهذا الأمر من نظام، أي متعلق يتعلق به؛ وكل وصل نظام؛

ونظمته: وصلته. والنظم: نَظْمك كل شيء إلى شيء. وقولهم: نَذِر القوم بعدوِّهم أي علموا بمسيرهم؛ والتناذر: إنذار بعض بعضاً. والنذيرة: اسم الشيء الذي يعطى؛ واليهود ربما جعلت ولدها نذيرة للكنيسة، أي خادماً لها، والجميع النذائر. والنُّذُر: جماعة النَّذير؛ والنُّذر: اسم للإنذار؛ تقول: أنذرته إنذاراً ونذراً. والنَّذر: معروف، فهو ما ينذِر به الإنسان فيجعله على نفسه نحباً واجباً. النَّذْل النذل: الذي تزديه في خلقته وعقله، وهو النذيل أيضاً، وهم الأنذال؛ والفعل نذُل نذالة. وأصل النَّذْل في كلامهم الضعيف، حتى قالوا للنحيل: نذْل. قال: أرى كل ذي مال يعظَّم أمره ... وإن كان نذْلاً خامل الذكر والاسم وقولهم: نبذت الشيء من يدي أي طرحته أمامك أو خلفك؛ قال أبو الأسود: نظرت إلى عنوانه فطرحته ... كنبذك نعلاً أخلقت من نعالكا

ومنه قوله تعالى: {فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ} أي لم يلتفتوا إليه؛ تقول: نبَذْتَ حاجتي خلف ظهرك، إذا لم تلتفت إليها. والنبيذة والنبائذ: هم المنبوذون؛ والمنبوذون: أولاد الزنا الذين يُطرحون. وتقول: نبذنا إليهم [الحرب] على سواء، أي نابذناهم الحرب. وقولهم: نثَّ فلان حديث فلان أي نشر منه ما كان كتمانه أحرى به من نشره؛ يقال: نث ينث وينُث نثاً. [النَّثا] والنثا: هو الإخبار عن الرجل بصالح فعله وبسوء فعله؛ تقول فلان حسن النثا وقبيح النثا؛ وأكثر النثا في القبح، وأكثر الثنا في الحسن، وقد يشتركان. وقولهم: فلان ينوِّر على فلان أي يشبه عليه أمراً؛ وليست بعربية محضة. وأصلها من امرأة كانت من أسحر الناس تسمى نورة؛ فكل من فعل شيئاً من هذا النحو قيل: ينوِّر. وامرأة نوار، وهي النَّفُور من الريبة؛ وناقة نوار، وهي النفور من الفحل. ونُرْتُ فلاناً، أي أنفرته من قول أو فعل. ونور الشجر: زهرته، ونوَّاره أيضاً. وتنوَّرت ناراً، أي قصدت إليها؛ قال الحارث بن حلزة:

فتنوَّرت نارها من بعيد ... بخزازى هيهات منك الصلاء والمتنور: المتنورون؛ قال: وأجَّجنا بكل يفاع أرض ... وقود المجد للمتنورينا والنائرة: الكائنة بين القوم. ومن النور نار وأنار، واستنار، أي أضاء. [النِّير] ونير الثوب: علمه؛ ونير الطريق: أخدوده الواضح. وقولهم: رجل نبيل النُّبل في الفضل والفضيلة، والنبالة أعم. والنَّبَل: جماعة النبيل مثل الأدم والأديم، وكَرَم وكريم. وفي بعض القول: رجل نَبْل، وامرأة نَبْلَة، وقوم نِبَال؛ وفي القول الأول نثبلاء. والنَّبَل: عظام المدر والحجارة، الواحدة نبلة؛ ويقال للصغار نبل أيضاً، وهو من الأضداد. وقال رجل من العرب توفي أخوه فورثه إبلاً، فعيّره رجل بأنه فرح بموت أخيه بما ورثه فقال: أفرح أن أرزا الكرام وأن ... أورث ذوداً شصائصاً نُبَلاً

والنبال: سهام عربية، وصاحبها نابل وحرفته النبالة وهو النبال. ونبلت فلاناً بطعام أنبُلُه نبلاً، إذاناولته شيئاً بعد شيء؛ قال: فلا تجفواني وانبلاني بكسرة وقولهم: نُلْتُ من فلان نيلاً أي معروفاً، وكذلك النوال. وأنالني معروفه ونولني، أي أعطاني. والنال: مصدر نُلت؛ والفعل نال ينال نالاً. ونأل ينأل نألاً، إذا نهض بحمله؛ ويقال: إذا تحرك. وما نلت له بشيء، أي ما جدت؛ وما نلته شيئاً، أي ما أعطيته. والنول والمِنْوال: خشبة من أداة الحائك. النَّفانف النفانف: المفاوز؛ والنفنف: الهواء، وكل شيء بينه وبين الأرض مهوى فهو نفنف؛ قال ذو الرمة: ترى قرطها في حرة الليت مشرفاً ... على هلك في نفنف يتطوح الهلك: مشرفة المهواة من جو السكاك. وقولهم: هذه عشرة دراهم ونيِّف ونيف- مثقل: أي زيادة؛ تقول: أنافت هذه الدراهم على عشرة، وأناف البناء

والجبل، وناقة نياف وجمل نياف: وهو الطويل في ارتفاع. [نأف] ونئفت الشيء نأفاً، أي أكلته أكلاً شديداً. وقولهم: نبا السيف على الضريبة [نبا السيف]، إذا لم يقطع؛ قال: أنا السيف إلا أن للسيف نبوة ... ومثلي لا تنبو عليك مضاربه ونبا فلان على فلان: لم ينقد له؛ ونبا بفلان منزله، إذا لم يوافقه. قال عبد قيس بن خفاف البرجمي: واحذر محل السوء لا تحلل به ... وإذا نبا بك منزل فتحوَّل ونبا بصره عن الشيء نبواً، ونبوة مرة واحدة؛ قال الشاعر: نبت عين ليلى نبوة ثم راجعت ... ولا خير في عين نبت لا تراجع ونبا السَّرج والرَّحل، إذا لم يستمسك على الظهر. وقولهم: نشَّم فلان في كذا أي أسرع؛ وفي حديث عثمان قال: لما نشَّم الناس فيه، يعني طعنوا فيه ونالوا منه. ومنه نشَّم القوم في الشيء تنشيماً. ومنشم: امرأة كانت تبيع الحنُوط للموتى، فضربت العرب بها المثل في الشر،

وقد تقدم ذكرها. قال الأعشى: فذر ذا ولكن ما ترى رأي كاشح ... يرى بيننا من جهله دق منشم وقال زهير: تداركتما عبساً وذبيان بعدما ... تفانوا ودقوا بينهم عطر منشم النيَّة النية: ما ينوي الإنسان فعلته من خير أو شر؛ والنية والنوى واحد من البُعد. والني: الشحم السمين، والني: اللحم؛ قال أبو ذؤيب: قصر الصبوح لها فشرَّج لحمها ... بالني فهي تثوخ فيها الإصبع قصر: حبس عليها؛ الصبوح: شرب الغداة؛ فشرَّج لحمها: صار شريجين لحماً وشحماً؛ تثوخ: مثل تسوخ، ويروى: تبوخ- بالباء؛ فهي: أراد الفرس؛ ويروى: فيه الإصبع، أي في اللحم. ونوت الناقة: كثُر نَيُّها؛ قال الشاعر: عرفاء قد رفع المُرار سنامها ... فنوت وأردف نابها بسديس أي أسدست وبزلت؛ أراد أن يقول: سديسها نبأت، فقلب. وناقة ناوية: كثيرة الني. والنوى: التحول من دار إلى دار أخرى، كما كانوا يبنون منزلاً بعد منزل، والفعل انتوى، والمصدر النية.

والعرب تؤنث النوى؛ قال الطرماح: فما للنوى لا بارك الله في النوى ... وهم لنا منها كهم المراهن ونقول في الشعر: نوى القوم، أي انتووا. والنواة: معروفة، نواة التمر. والنواة: خمسة الدرهمة وقد تقدمت في الميم. المناوأة والمناوأة: المناهضة؛ ناوأنا العدو، إذا ناهضناهم. [نأناء] والنأنأ: الضعيف العجز في الأمر؛ قال الشاعر: لعمرك ما سميت من سمي عاجز ... ولا نأنأ لو أنني لم أضعَّف قال أبو بكر رحمه الله: طوبى لمن مات في نأناء الإسلام، أي بدئه وأوله. وأصل النأنأة الضعف، ومنه رجل نأنأ إذا كان ضعيفاً. قال امرؤ القيس: لعمرُك ما سعدٌ بخُلَّة آثم ... ولا نأنأ عند الحفاظ ولا حَصِر ويقال: نأنأت الرجل إذا نهنهته عما يريد وكففته عنه. قال بعض أهل العلم: إنما سمي أول الإسلام النأنأة، لأنه كان والناس هادُون لم تهج بينهم الفتن.

حرف الواو

حرف الواو

بسم الله الرحمن الرحيم الواو هوائية، وعددها في القرآن الكريم خمسة وعشرون ألفاً وخمسمائة وستة وثلاثون. والواو في الحسابين ستة؛ وهذه صورة الستة بقلم الهند 4. والعرب تبدل من الواو الألف، ومن الألف الواو، فيقولون: وِرْث وإرْث، فأبدلوا من الواو لما انكسرت همزة؛ وإسادة ووسادة قال الشاعر: هل كان منكم في الحماس ساده أو مَلِكٌ تُدْحَى له غساده أي تُبسط له وسادة. والواو إذا انضمَّت صلح همزها؛ ومنه قوله تعالى: {وَإِذَا الرُّسُلُ وُقِّتَتْ}، همزت الواو لما انضمَّت. تقول العرب: هذه أجوه حسان الوجوه؛ أنشد الفراء: يخل أحيدة ويقال بعل ... وشر تموُّل منه افتقار أي وحيدة، فصغَّر وَحِدَة. ويقال: وِخاء وإخاء يعني المؤاخاة. وقال بعض شعراء بني العنبر، وقيل: هو لامرأة من بني شيبان: قوم إذا الشر أبدى ناجذيه لهم ... طاروا إليه زرافات ووحدانا ويروى: وأحدانا. والزرافات: واحدها زرافة بفتح الزاي، وقيل: بضمها. وقيل: الأصل في أحد وحَدَ، فانقلبت الواو ألفاً. وليس في كلام العرب واو قُلبت إلى همزة وهي مفتوحة إلا حرفان: أحد؛ وقولهم: امرأة أناة، أي رزان. وزاد ابن دريد حرفاً

ثالثاً: إن المال إذا زكي ذهبت أنالته، أي ونالته. وزاد محمد بن القاسم رابعاً: والأصل ولي من: أولاه معروفاً، فإن جمعت بين واوين قلبتهما همزة كراهة لاجتماع واوين. والعرب تأتي بالواو في جواب حتى وفلما وبغير الواو؛ ومنه قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا} و {حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَاجُوجُ وَمَاجُوجُ ... وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ} فجاءت بجواب حتى. وقال تعالى: {حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا} و {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا} بغير واو. وقال تعالى: {فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ، وَنَادَيْنَاهُ} فجاء بجواب فلما بالواو؛ وقال تعالى: {فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ السِّقَايَةَ} بغير واو؛ وقرأ ابن مسعود: وجعل السقاوة. وقال الجبَّائي: قال المفسرون في قوله تعالى: {فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا} و {فُتِحَتْ} فأدخل الواو؛ قالوا: يأتون جهنم وهي مغلَّقة فتفتح عليهم، ويأتون الجنة وهي مفتَّحة؛ وليس ذلك مما يدل على العربية.

وقال أصحاب العربية: إنما هي للعدد، والعرب إذا عدوا عدداً لم يدخلوا عليه الواو، وإنما أدخل الواو في ذكر الجنة لأن أبوابها ثمانية، فأدخل الواو على معنى العدد. قال الله تعالى: {سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ} إلى قوله تعالى: {وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ} فأدخل الواو في ثمانية. قال ابن الأنباري: {وفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا} قال: الواو متقحمة. وأنشد الفراء: حتى إذا قملت بطونكم ... ورأيتم أبناءكم شبوا وقلبتم ظهر المجن لنا ... إن اللئيم لعاجز خب معناه: قلبتم، فأقحم الواو. قال أبو عبيدة: الواو في هذين البيتين واو نسق، والجواب محذوف. قال ابن شبيب: الواو قد تكون صلة؛ قال الله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاءً}؛ المعنى: الفرقان ضياء، والواو صلة. وقال تعالى: {فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ، وَنَادَيْنَاهُ}، أي نادينا، والواو صلة. قال امرؤ القيس: فلما أجزنا ساحة الحي وانتحى ... بنا بطن حقف ذي قفاف عقنقل المعنى: انتحى، والواو صلة. قال لبيد:

حتى إذا يئس الرماة وأرسلوا ... غضفاً دواجن قافلاً أعصامها المعنى: أرسلوا، والواو صلة. والواو تكون جامعة وغير جامعة؛ تقول: رأيت زيداً وعمرا؛ فإن عطفت عمراً على زيد قالوا: واو جامعة؛ لأنك رأيتهما معاً؛ وإن عطفت بالواو على رأيت لم تكن جامعة، لأنك تريد: رأيت زيداً، ورأيت عمراً؛ فالواو تراها غير جامعة. وقال غيره: لا أعلم في القرآن شيئاً من الأمر ابتداؤه بالواو وغير معطوف على ما قبله إلا قوله تعالى: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى}، لأن لا مبتدأ بالواو. واتخذوا: ليس بعطف، وقرئ بفتح الخاء وكسرها، فالفتح على معنى الإخبار عن إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، والكسر على معنى الأمر؛ ومِنْ: صلة في الكلام. والمعنى: اتخذوا مقام إبراهيم مصلى. ومثله: {وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ} قد تقدم ذكره. والواو: حرف مد ولين ونسق، وتنسق بها آخر كلامك على أوله، ويشركه في إعرابه اسماً على اسم، وفعلاً على فعل، وجملة على جملة. قال الله تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} نسق بالواو على الواو. والواو للعطف يسقط في الكلام إذا طال استغنى؛ لأنه يُعْلَم أن معناه الواو. ومنه قوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} ثم قال: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ} فسقطت الواو؛ لأن القصة الأولى قد استتمت، وانقضى معنى الفرض فيها، فعُلم

أن المعنى: فُرض عليكم القصاص، وفرض عليكم الوصية. والواو للجمع، لا تجتمع مع الياء؛ تقول: رضوا، ولا تقل: رضيوا. قال الله تعالى: {رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} ولم يقل: رضيوا؛ وهو من رضي يرضى، فلما جمع حذف الياء من أجل الواو؛ لأنه لا يجمع مجتمع واو الجمع مع الياء. قال تعالى: {يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ} وفي موضع آخر: {يُذَبِّحونَ} بغير واو. وقال الفراء: إذا جاءت الواو فالمعنى أنهم يمسهم من العذاب غير التذبيح، أي التذبيح أتى [بعد] يعذبونهم بالذبح وغيره. ومعنى طرح الواو تفسير لأنواع العذاب. قال: وإذا كان الخبر من الثواب والعقاب مجملاً في كلمة ثم فسرته، فاجعله بغير الواو؛ وإذا كان أوله غير آخره فبالواو. فمن المجمل قوله تعالى: {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً، يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ} ألا ترى أنك تقول: عندي دابتان: بغل وبرذون، فلا يجوز: وبغل وبرذون، وأنت تريد تفسير الدابتين. والواو تكون حالاً وإضمار قد؛ ومنه قوله تعالى: {كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنتُمْ أَمْوَاتاً}؛ وكذلك: {أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ}؛ ومثله: {وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ} أي قدْ قُدَّ. والواو قد تُزاد في المذكر كما زيدت في المؤنث في ضربتها وبها ليستوي

المذكر والمؤنث في باب الزيادة. وعند أصحاب سيبويه والخليل أن هذه الواو إنما زيدت لخفاء الهاء؛ وذلك أن الهاء من أقصى الحلق، والواو حرف مد ولين تخرج من طرف الشفتين، فإذا زيدت الواو بعد الهاء أخرجتها من الخفاء إلى الإبانة. فلهذا زيدت وتسقط في الوقف كما تسقط الضمة والكسرة في قولك: أتاني زيد، ومررت بزيد؛ لأنها واو وصل فلا تثبت لئلا يلتبس الوصل بالأصل. فإذا شئت قلت: مررت بِهُو، وإن شئت قلت: مررت بهي؛ فقلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها. فإن قيل: بين الكسرة والهاء ليست بحاجز حصين وكان الكسرة بلا واو؛ ولو كانت الواو حاجزاً حصيناً ما زيدت الواو قبلها حركة. وقد قرئ: {فَخَسَفْنَا بِهِي وَبِدَارِهِي الأَرْضَ} و {بِهُو وَبِدَارِهُو الأَرْضَ} من قراءة أهل الحجاز. وأما {عليهمو} فأصل الجمع أن يكون بواو، ولكن الميم استغني بها عن الواو، وأيضاً تثقل على ألسنتهم حتى إنه ليس في أسمائهم اسم آخره واو قبلها حركة؛ فلذلك حذفت الواو. فأما من قرأ: {عَلَيْهِمُو ولا الضَّالِّينْ} فقليل. ولا ينبغي أن تقرأ إلا بالكسر، وإن كان قد قرأ به قوم فإنه أقل من الحذف بكثير في لغة العرب. والعرب تُظهر الواو وتُضمرها؛ تقول: لقيت عبد الله والشمس طالعة عليه. ولقيته الشمس طالعة عليه. وكذلك تقول: ما رأيت عالماً إلا وأبوك أفضل منه؛ وإن شئت قلت: إلا أبوك أفضل منه. أنشد الفراء في إظهار الواو: أما قريش فلا تلقاهم أبداً ... إلا وهم خير من يحفى وينتعل آخر: إذا ما سُتُور البيت أرخين لم يكن ... سراج لنا إلا ووجهك أنور

وأنشد في إضمارها: ما مس كفي من يد طاب ريحها ... من الناس إلا ريح كفك أطيب أراد: إلا وريح كفك. وأنشد: لقد علمت لا أبعث العبد بالقرى ... إلى القوم إلا أكرم القوم حامله أراد: إلا وأكرم القوم، فأضمر الواو. وقال كثير: فما نظرت عيني إلى ذي ملاحة ... من الناس إلا أنت في العين أملح أراد: إلا وأنت، فأضمر الواو. والعرب تقسم بالواو والفاء لأنهما أختان ومعناهما واحد؛ قال الله تعالى: {وَالنَّازِعَاتِ غَرْقاً} إلى قوله: {فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْراً} كله قسم. والواو تنقلب إلى الياء كثيراً، والياء أغلب على الواو ومنها عليها. والعرب تجعل الواو ياء، والياء واواً؛ فمن ذلك ما هو من ذوات الثلاثة: فاحت ريحه تفوح فوحا، وتفيح فيحاً؛ وفاح المسك يفوح ويفيح. وقُست الشيء وقسته قوساً وقيساً. والعرب تنصب الجواب بالواو؛ قال الشاعر:

لا تنه عن خُلُق وتأتي مثله ... عار عليك إذا فعلت عظيم وهو أحول منه وأحيل، من الحيلة. وغارني فلان يغيرني ويغورني، إذا أعطاك الدية؛ وهي الغيرة، وجمعها غير. وساغ طعامه يسوغه ويسيغه؛ ومن حيث وحوث؛ وقوم صيَّم وصوم، ونوم ونيم، والصواغ والصياغ، والمواثيق والمياثيق؛ قال: حمى لا يحل الدهر إلا بإذننا ... ولا نسل الأقوام عهد المياثق وقال: يفود ويفيد في الموت، وهو الوثوب والوثيب في الطفر. قال الشاعر: فما أرمي وأدركها بسهمي ... ولا أعدو فأدرك بالوثيب يريد بالوثب. وناقة وأنيق وأنوق وأونق؛ وبينهما بوْن وبيْن في الفضل، وهي المصايب والمصاوب، وهذا نقاية الشيء ونقاوته أي خياره، وفلان مرضي ومرضو، ومجفي ومجفو، وحمو الشمس وحميها، وداهية دهياء ودهواء، وبلي سفر وبلو سفر، وقوم خوَّف وخيَّف، والأقايم والأقاوم؛ وهو كثير لا يُحصى. ومن ذوات الأربعة: قلوت البسر وقليت، وفي البغض قليت لا غير؛ وحثوت التراب وحثيت حثواً وحثياً، وقصياً وقصواً، وفتوى وفتيا، وأتيت له وأتوت أي سعيت إليه وأتيته وأتوته؛ قالت امرأة:

يا قوم مالي وأبا ذؤيب كنت إذا أتوته من غيب وكنوته وكنيته؛ قال: وإني لأكنو عن قذور بغيرها ... وأعرب أحياناً بها وأصارح ومحوت أمحو ومحيت أمحى، ولغوت ألغو ولغيت ألغى، وعلوت وعليت، وسلوت وسليت، وهديت وهدوت، وطغوت وطغيت، وعنوان الكتاب وعنيان، ورحيان ورحوان، ورغاية اللبن ورغاوته، ورثيت فلاناً ورثوت، ونقيت العظم ونقوته: استخرجت نقيه، أي مخه؛ ونمى ينمي وينمو. وهو كثير. والواو تحذف في الأمر والنهي وجواب الأمر والجزاء وجواب الجزاء وما نسق عن الجزاء وجوابه. فمن ذلك قوله تعالى: {ادْعُ لَنَا رَبَّكَ} و {ولا تَقْفُ} بلا واو، و {فَلْيَدْعُ نَادِيَه}، و {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ} , و {فَاعْفُ عَنْهُمْ}، و {إِن تَدْعُ}، و {يَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ}، و {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ}، و {وَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ}، و {وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ}، و {قُلْ تَعَالَوْا

أَتْلُ}، و {أَوْ اطْرَحُوهُ أَرْضاً يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ}، و {فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا}، و {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ}. كل هذا الواو فيه محذوفة لأنها في موضع جزم. والعرب تكتفي بالضمة من الواو؛ وقد تقدم هذا. والعرب تقول كلمة واوية، أي مبنية من بنات الواو؛ وتقال كلمة ووية. ولو صغرت الواو والياء قلت: أوية؛ ومن الياء: أييَّة. والعرب تسقط الواو في بعض الهجاء كما أسقطوا الألف من نحو سليمن ونحوه. قال الفراء: رأيت في بعض مصاحف عبد الله فقولا فقُلا بغير واو. وزيدت الواو في عمرو فرقاً بينه وبين عمر؛ قال: أيها المدعي قريشاً سفاهاً ... لست منها ولا قلامة ظفر إنما أنت في قريش كواو ... ألحقت في الهجاء ظلماً بعمرو فإن نصب عمرو ونون أو ثني أو صغِّر أو أضيف إلى مضمر حذفت واوه، وكذلك قولك: لعمر الله. وتزاد الواو في أولئك فرقاً بينها وبين إليك، وفي أولاء فرقاً بينها وبين ألاء ونحوهما. قال حسان بن ثابت:

وأنت زنيم نيط في آل هاشم ... كما نيط خلف الراكب القدح الفرد آخر: فاقسم أن إلك من قريش ... كإل السقب من رأل النعام وقال الأعشى: زنيم تداعاه الرجال زيادة ... كما زيد في عرض القميص الدخارص وَيْ وَيْ: كلمة تكون تعجباً ويكنى بها عن الويل؛ تقول ويك إنك لا تسمع موعظتي. قال عنترة: ولقد شفى نفسي وأبرأ سقمها ... قيل الفوارس: ويك عنتر أقدم هذا قول الخليل. وقال ابن الأنباري في قول الله عز وجل: {وَيْكَأنَّهُ} ثلاثة أوجه: إن شئت قلت: ويك حرف، وأنه حرف. المعنى: ألم تر أنه؛ قال:

سالتاني الطلاق أن رأتاني ... قل مالي قد جئتماني بنكر ويك أن من يكن له نشب يحـ ... ـبب ومن يفتقر يعش عيش ضر قال الفراء: حدثني شيخ بصري: سمعت أعرابية تقول لزوجها: أين ابنك؟ فقال: ويك إنه وراء البيت! فمعناه: أما ترينه وراء البيت؟ والقول الثاني: أن يكون ويك حرفاً، وأنه حرفاً؛ فالمعنى: ويلك؛ فحذف اللام كما قالوا: قم لا أباك، أي لا أبالك؛ قال: أبالموت الذي لابد أني ... ملاق، لا أباك تخوفيني أراد: لا أبالك فحذف اللام. والقول الثالث: أن تكون وَيْ حرفاً، وكأنه حرفاً؛ فتكون بمعنى كأنه أظنه وأعلمه، كما تقول في الكلام: كأنك بالفرج قد أقبل، أي أظن الفرج مقبلاً. وقال القتبي: اختلف فيهما: قال الكسائي معنى {ويكَأنَّ اللهَ} ألم تر أن الله. وقال قتادة: ويكأن: أو لا تعلم. قال بعضهم: وَيْ صلة في الكلام، وهذا شاهد لقول الخليل فيها. وقال بعضهم: ويكأن رحمة لك بلغة حمير، كأن تشبيهاً وهي أن أُدخلت عليها كاف التشبيه. ألا ترى أنك تقول: شربتُ شراباً كعسل، وشربت شراباً كأنه عسل؛ فيكونان سواء. وقد تخفف كأن ويحذف منه الاسم، فتكون كالكاف. قال آخر:

جموم الشد شائلة الذنابى ... وهاديها كأن جذع سحوق آخر: ويوماً توافينا بوجه مقسم ... كأن ظبية تعطو إلى وارق السلم أي كظبية. قال النقاش: {وَيْكَأَنَّ اللَّهَ} قال أبو عبيدة: [مجازه] ألم تر؛ ويقال: {وَيْكَأَنَّ اللَّهَ} كلمة قائمة بنفسها غير محتاجة إلى غيرها، وإنما هي كلمة تقال عند الأمر يبده الإنسان ويأتيه بغتة. يقال: ويك إن الله هو الله والياء والكاف وصل في الكلام. قال الفراء: ويكأنَّ مع العرب تقرير؛ وقيل: معناه ألم تعلم بلغة جُرْهُم. وقال بعضهم: ويكأنه لغة، وهذا قول فاسد لأن لعل إنما هي للترجي، كما أن ليت للتمني. قال الخليل: وي مفصولة؛ لأن القوم نبهوا فانتبهوا، فقالوا: وي، متندمين على ما سلف منهم، ثم يتبدى فيقول: كأن الأمر على هذا. وقال ابن عباس: هي كأن الله، وروي صلة؛ وهذا شاهد للخليل. والنحويون يقولون: وي تعجب، لقول الخليل والوقف عليها وي. قال يعقوب الحضرمي: ويكأن كلمتان وأنشد: ويك المسرة لا تدوم ولا ... يبقي علي البؤس والتنعيم

وقال الخليل: ويك يا فلان شبه تهديد؛ وعن وي لعبد الله قال: وي لأمها من هواء الجو طالبة ... ولا كهذا الذي في الأرض مطلوب وإنما أراد وي مفصولة من اللام، فلذلك كسر اللام. وتقول العرب: وي أما ترى بين يديك. ولم يكتبها العرب منفصلة، وقد يجوز أن يكون لما كثر بها الكلام وصلت بما ليست منه، كما كتبوا: يا ابن، موصولة (في) يا ابن أم لكثرتها في كلامهم. وا وا: حرف نُدبة، كقول النادبة: وافلاناه! وكان بلال يندب النبي صلى الله عليه وسلم يوم وفاته ويقول: وانبياه! وا محمداه! وا أبا القاسماه! صلى الله عليه وسلم. وكان علي يندب خلف جنازة عمر رضي الله عنه ويقول: واعمراه! واعمراه! واعمراه! ذهب حكم السوط وجاء حكم السيف! وأي الوأي: ضمان العدة؛ وأيت له درهماً، وفي الأمر إية على نفسك. والوأى: السريعة المقتدرة الخلق من النجائب والدواب؛ وقد تجيء الوأة بالهاء، كقول امرئ القيس: وآة يزل اللبد عنها والجمع الوآيات. وفرس وأىً، أي قوي؛ قال:

راحوا بصائرهم على أكتافهم ... وبصيرتي يعدو بها عتد وأى قال الأصمعي: هو الشديد الخلق؛ يقال: عتَدٌ وعتِدٌ. وقال غيره: هو المعد للحرب والمدمج الخلق. ويعني بالبصائر دم أبيهم لم يثأروا به وجعلوه خلفهم، وطلبت أنا ثأري على فرس هذه صفته. وقائل هذا الشعر الأشعر الجعفي يعير إخوته قبول دية أبيهم. إنهم قبلوها وحملوها على أكتافهم؛ والبصيرة أيضاً: الترس. واه واه: تلذذ وتلهف؛ وتنون، كقول أبي النجم: واهاً لريا ثم واهاً واها وَيْهِ إنها منصوبة بالإغراء؛ تقول: ويه فلان، أي اضرب [يا فلان]؛ وبعض ينونه، كقول الشاعر: ويهاً يزيد [و] ويهاً أنت يا زفر معناه: افعل كذا وكذا. ويقولون: ويهاً يا فلان! في الإغراء؛ قال الكميت: وجاءت حوادث في مثلها ... يقال لمثلي: ويهاً فل

وَهَى تقول: وهي الحائط يهي وهياً، وهو واهٍ إذا تفزر وتشقق واسترخى؛ وكذلك الثوب والقربة والحبل ونحوه. قال الأعشى: أتهجر غانية أم تلم ... أم الحبل واه بها منجذم والوهي: الشق في الأديم والسقاء؛ قال الفرزدق: أقول لعبد الله لما سقاؤنا ... ونحن بوادي عبد شمس وهي: شم ويروى: يوم سقاؤه، وهذا على التقديم والتأخير، وهو من اللغو. ومعناه: أقول لعبد الله لما وهي سقاؤنا، ونحن بوادي عبد شمس: شم. ومعنى شم أي انظره، والشَّيْم: النظر، والشيم: ينظر أين موضع المطر. قال امرؤ القيس: على قطن بالشيم أيمن صوبه ... وأيسره على الستار فيذبل وهما جبلان. ويروى: (علا قطناً)؛ ويروى: على النباج فيذبل، وهما جبلان مما يلي البحرين؛ ويروى: النباج وثيتل؛ ويروى: النثاج فيذبل. ويقال: شم البرق، أي انظره أين هو؛ قال الشاعر: ما شمت برقك إلا نلت ريقه ... كأنما كنت بالجدوى تبادرني والسحاب إذا انبعق بالمطر انبعاقاً شديداً قيل: وهت عزاليه، ويقال: أرسلت السماء عزاليها، إذا جاءت بمطر منهمر. وعزالي السحاب إنما هو تشبيه بالعزلاء،

وهي مصب الماء من الراوية حيث يستفرغ ما فيها؛ والجمع العزالي. وكذلك إذا استرخى رباط الشيء قيل: وهي؛ ويجمع الوَهي بالوهِي والوْهِي. وَيْل قال الضبي: الويل شدة من العذاب؛ ويقال: صخرة في جهنم، ويقال: واد في جهنم. قال الفراء: الأصل فيه: وي للشيطان، أي حزن له؛ من قولهم: وي لم فعلت كذا. وفيها ستة أوجه، يقال: ويل الشيطان بفتح اللام وكسره وضمه، وويلاً للشيطان وويلٍ وويلٌ. فمن قال: [ويل الشيطان] قال: وي معناه حزن للشيطان، فانكسرت [اللام] لأنها لام خفض. ومن قال ويل بالفتح قال: أصل اللام الكسر، فلما أكثروا استعمالها مع وي صارت حرفاً واحداً فاختاروا لها الفتحة، كما قالوا في الاستثغاثة: يا لضبة، ففتحوا اللام وهي في الأصل لام خفض لأن الاستعمال كثر فيها مع يا فجعلا حرفاً واحداً؛ قال مهلهل بن ربيعة: يا لبكر انشروا لي كليباً ... يا لبكر أين أين الفرار؟ والدليل على أنهم جعلوا اللام مع يا حرفاً واحداً قول الفرزدق: فخير نحن عند الناس منكم ... إذا الداعي المثوب قال يا لا وأنشد الفراء للمخبل السعدي: يا زبرقان أخا بني خلف ... ما أنت ويل أبيك والفخر

ويروى: ويل. ومن قال: ويل الشيطان، فالأصل فيه ويل للشيطان، فاستثقلوا اللامات فحذفوا بعضها كما قال الشاعر: عداة طغت علماء بكر بن وائل ... وعجنا صدور الخيل نحو تميم أراد: على الماء، فحذف إحدى اللامين. ومن قال: ويل للشيطان، فإنه رفع الويل باللام. ومن قال ويلاً، نصب بفعل مضمر كأنه قال: ألزم الله للشيطان ويلاً. ومن قال: ويل جعله بمنزلة الأصوات وشبهه بقولهم: بخ لك؛ هذا عن ابن الأنباري. قال الضبي: قولهم: ويل، مرفوعة باللام ولم يسمع من العرب غير ذلك؛ فإذا أضافوها قالوا: ويلك، نصب لا غير. وإذا قرنوا بها قالوا: ويل وويك؛ أنشد الكسائي في ذلك: ويل بزيد فتى شيخ نلوذ به ... فلا أعشي لدى زيد ولا أرد وإذا قالوا: يا ويلاً له نصبوا لا خلاف فيها لأنها تخرج مخرج الدعاء، مثل يا بعداً له، إلا أن نريد بيا الانقطاع عن ويل، كأنك أردت: يا هؤلاء ويل له، فترفع حينئذ. والعرب تضيفها إلى نفسها فيقولون: يا ويلي؛ قال الأعشى: قالت خليدة لما جئت زائرها ... ويلي عليك وويلي منك يا رجل

وفي الجمع يا ويلنا. ويدخلون ياء الندبة فيقولون: يا ويلاه، ويا ويلتاه؛ ومنه قوله تعالى: {يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا}، ويدخلون التاء فيقولون: يا ويلتا؛ ومنه قوله تعالى: {يَا وَيْلَتَا أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخاً}. ويدخلون عليها هاء الندبة، فيقولون: يا ويلتاه، وبتاء على يا أبتاه. فإذا قالوا: ويل أمه ضموا اللام وكسروها؛ والذين كسروا هم الذين يقولون إم- بكسر الهمزة- فنقلوا كسرتها إلى اللام. قال السجستاني: تقول ويل لزيد؛ لأنه يحسن فيه الإضافة بغير لام، نحو ويل زيد، وهو نصب بغير لام. وتقول: تعساً لزيد، وتباً لزيد، نصب؛ ألا ترى أنك لو قلت: تعس زيد، لم يحسن. وقد يجوز في هذا كله بالألف واللام الرفع والنصب؛ قال جرير: كسا اللؤم تيماً خضرة في جلودها ... فويلاً لتيم من سرابيلها الخضر ويروى: فويل، وهو أجود. قال الشاعر: لقد ألَّب الواشون إلباً لبينهم ... فترب لأفواه الوشاة وجندل فرفع، والنصب فيه أجود؛ لأنه لا تحسن الإضافة بغير لام. والعرب تقول: ويلاً وكيلاً، يؤكدون به الويل؛ كما قالوا جوعاً ونوعاً، وبعداً وسحقاً، وحسن بسن. قال الخليل: الويل: حلول الشر، والويلة: الفضيحة والبلية؛ وإذا قال يا ويلتاه فمعناه: وا فضيحتاه، وفسر هذه الآية {يا وَيْلَتنا}. وتجمع ويلات. وتقول: ويلت، إذا أكثرت له من ذكر الويل، وهما يتوايلان. وتقول: لك

الويل، وويلاً وإيلاً كشغل شاغل من غير اشتقاق ولا فعل؛ قال رؤبة بن العجاج: وقد كسانا ليلها غياطلا وإلهام تدعو البوم ويلاً وايلاً وولولت المرأة، أي قالت: يا ويلها؛ قال الراجز: كأنما عولتها من التأق عولة ثكلى ولولت بعد المأق أي بعد البكاء. قال الأصمعي: الويل تقبيح؛ قال الله تعالى: {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ}، وقد توضع موضع التحسر والتفجع. مسألة إن قيل: ويل نكرة، والنكرة لا يبتدأ بها، فما وجه الرفع؟ فقل: النكرة إذا قربت من المعرفة صلح الابتداء بها، نحو: خير من زيد رجل من تميم، ورجل في الدار قائم؛ وكذلك ألف الاستفهام نحو قولك: أمنطلق أبوك؛ هذا قول. وقال آخرون: ويل معرفة؛ لأنه اسم واد في جهنم، نعوذ بالله تعالى منه. وَيْح ووَيْسَ قال أبو بكر: فيه قولان، قال المفسرون: الويح: الرحمة، وقالوا: وحسن أن

يقول الرجل للرجل: ويحك، وهو يخاطبه. وقال الفراء: الويح والويس كنايتان عن الويل؛ قال: ومعنى ويحك: ويلك؛ قال: وهو بمنزلة قول العرب: قاتله الله، ثم كنوا فقالوا: قاتعه الله، وكنى آخرون فقالوا: كاتعه؛ وكذلك قالوا: جوعاً له، وجوساً له، وتراباً له؛ كلها كنايات عن قولهم: ويلاً له. وقال الضبي: ويح وويس كنايتان عن الويل؛ لأن الويل كله شتم؛ معروفة مصححة فيه، مصرحة به. وقد استعملها العرب حتى صارت تعجباً يقولها أحدهم لمن يبغضه ولمن يحبه، فكنوا بها بالويح والويس. وكذلك قال بعض العلماء: ويح رحمة؛ قال حميد: ألا هيَّما مما لقيت وهيَّما ... وويح لمن يدر ما هن ويحما جعل ويحما كلمة واحدة، كما يقولون: ويل له ويلاً؛ قال المجنون: أيا ويح من أمسى تخلَّس نفسه ... فأصبح مذهوباً به كل مذهب وقيل: ويس: كلمة في موضع رأفة واستملاح. ويقال للصبي: ويسه ما أحسنه. قال السجستاني: تقول ويح وتب لزيد، تتبع الرفع رفعاً؛ وويحاً وتباً، تتبع النصب نصباً؛ وتباً لزيد وويح لعمرو، فتنصب تباً لأنه يجوز أن تكون كلمة على حيالها، ويكون قولك: ويح لعمرو، كلمة أخرى فترفعها لأن موضعها بعد اللام. وإنما نصب تباً وويحاً وهذا النحو كله بالفعل، كأنه قال: ألزمه الله الويل والويح. وَيْب وقولهم: وبيك، أصلها وي بك، فمن نصب جعلها حرفاً واحداً، ومن خفض ترك الباء على أنها صلة. وأنشد الفراء للأسدي:

فقلت: اغتبِقْها أو لغيري أهدها ... فما أنا بعد الشيب ويبك فالخمر ينشد خفضاً ونصباً. وقالوا: ويب بك وويباً بك ولم يرفعوا؛ لأن الباء ليس لها معنى في الرفع مثل اللام ولو رفعوا بها لجاز؛ قال: نظرت سعيدى نظرة ويباً بها ... كانت لصحبك والمطي خبالاً نصباً وخفضاً. ويقال: ويس وويح وويه وويْد وويْك وويْب، وأسوأهن وَيْس. وقال ابن خالويه: ويس أخف من الويل، وويح أخف من وْسَ، وويْب أخف من ويح. وقال الحسن: ويْس كلمة رحمة؛ تقول: ويل لزيد وويحه وويسه وويبه، فمتى انفرد جاز فيه الرفع والنصب، ومتى أضفت لم يكن إلا منصوباً لأنه يبقى بلا خبر، ومتى انفصل جعلت اللام خبراً. ولم يصرف العرب منها فعلاً، وأما هذا البيت: فما والٌ ولا واحٌ ... ولا واس أبو عيد فلا يلتفت إليه فإنه مصنوع. قال الضبي: أنشدني أبو العباس: لويل إن رأتني قلَّ مالي ... وهل يُبقي على المال النوال يريد يبقي على النوال المال. وقولهم في اسم الله: الودود معناه: المحب لعباده؛ من قولهم: وددت الرجل أوَدُّه وُدّاً ووِداداً ووِدّاً. والوَد- بالفتح: اسم للصنم؛ ومنه قوله تعالى: {وَدّاً وَلا سُوَاعاً}. قال الشاعر:

بودك ما قومي على أن تركتهم ... سليمى إذا هبت شمال وريحها من فتح الواو أراد وبحق صنمك عليك، ومن ضمه أراد بالمودة بيني وبينك. ومعنى البيت: أي شيء وجدت قومي يا سليمى على تركك إياهم، أي قد رضيت قولك فيهم، وإن كنت تاركة لهم فأصدقي وقولي الحق. ويقال: وددت الرجل وداداً ووِداداً وودَادَة ووِدادَة؛ قال الشاعر: ودِدتُ ودادَة لو أن حظي ... من الخُلّان أن لا يصرموني وقال عمرو بن معدي: تمناني ليلقاني قبيس ... وددت وأينما مني من ودادي ويقال: وددت الرجل مودة؛ قال العجاج: إن بني للئام زهده ما لي في صدورهم من مودده أراد: من مَودَّة، فأظهر الدالين لضرورة الشعر. قال الخليل: الوُد مصدر المودَّة، وكذلك الوداد والوِدادة مصدر ودِدْت، وهو يودّ من الأمنية؛ ويقال: من المودَّة يود مودة، وود ووددت، ومنهم من يجعلهما سواء على فَعَل يفعل. ويقال: فلان وِدُّك ووديدُك، كما تقول: حِبُّك وحبيبك؛ قال: فإن كنت لي وداً فبين مودَّتي ... ليغشاكم ودي ويسري لكم ودي والوَدُّ بلغة تميم: الوتِد؛ فإذا صغروا ردوا التاء فقالوا: وُتَيْد.

والوَدّ: الصنم لقوم نوح عليه السلام، [وكان لقريش صنم] يدعونه وداً، ومنهم من يهمز فيقول أدّ. وكان عبد وُدّ معروفاً من قريش، وبه سمي أدُّ بن طابخ جد تميم. الوَرِع الورع: الكاف عما لا يحل له، التارك له؛ ويقال: قد ورع الرجل يَرِع ورَعَا ورِعَةً، إذا كف عما لا يحل له قال الشاعر: ولم يقض جيراني لبانة ذي الهوى ... ولم يرعوا من طول تخلية الصدي وتقول: ورعْهُ، أي اكفُفْه. والورع: شدة التحرج. ويقال: رجل وَرَع- بفتح الراء- إذا كان جباناً؛ وقد وَرُع يَوْرَع، ووَرِع يَرِع ورُوعاً ووَرَعاً وَوُرْعَة ووَراعَة؛ قال كعب بن سعد الغَنَوي: أخي ما أخي لا فاحش عند بيته ... ولا وَرَعٌ عند اللقاء هيوب والوَرَع: الهيوب الذي يخاف القتال، وذكرها جائز لاختلاف اللفظين. وسمي الجبان وَرعاً لإحجامه ونكوصه؛ ومن هنالك تقول: ورَّعْتُ الإبل عن الحوض، إذا رددتها فارتدت؛ وقال: وقال الذي يرجو العُلالة ورِّعُوا ... عن الماء لا يُطْرَقْ وهنَّ طوارقه

لا يطرق: لا يبول فيه. وفي الحديث: "ورعوا اللص ولا تراعوه" أي ردوه بتعرض له أو تنبيه أو تنظُّر ما يكون من أمره. الوَغْد قال الأصمعي: الوغد هو الضعيف في كلامهم، ثم كثر استعمالهم له حتى قالوا: الليئم وغد؛ قال الشاعر: إذا سومت أمرك كل وغد ... ليئم كان أمركما سواء وقال الخليل: الوغد: الضعيف القليل العقل؛ تقول: وغد وغادة. والوغد: ثمرة الباذنجان؛ قال الشاعر: يحضر وجنتيه إذا رآني ... كلون الوغد حلاه الولي وقولهم: فلان وتح لا قدر له؛ وفيه لغتان: وتح ووتح. والوَتْح: القليل من كل شيء؛ تقول: أعطاه عطاء وتحاً، ووتح العطية وأوتح: أعطى؛ وتاحة وتِحَة والوشغ: الوتح؛ يقال: أوشغ وأوتح. الواقح الواقح: صلب الوجه قليل الحياء؛ وقد وقُح وقاحة وقِحَة. والوقح: وقاح الوجه وصلبه. قال الشاعر:

إذا رزق الفتى وجهاً وقاحاً ... تقلب في الأمور كما يشاء وكأنه مأخوذ من الحافر الوقاح، وهو الصلب الباقي على الحجارة. والنعت وقاح؛ والوقح أيضاً الذكر والأنثى فيه سواء؛ والجمع الوُقُح والوُقِّح. أنشد ابن الأعرابي: والحرب لا يبقى لجا ... حمها التخيل والمراح إلا الفتى الصبار ذو الـ ... ـنجدات والفرس الوقاح ووقح الفرس وقاحة وقحة. [وقولهم: فلان وزير فلان] قال أبو العباس: سمي وزيراً لأنه يحتمل أثقال الملك؛ والوزر معناه في اللغة الثقل، والأوزار: الأثقال. ومنه قوله تعالى: {حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا} أي أثقالها، وقوله تعالى: {حُمِّلْنَا أَوْزَاراً مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ}، {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} أي لا تحمل حاملة ثقل أخرى. قال الخليل: أوزار الحرب: آلتها؛ قال الأعشى: وأعددت للحرب أوزارها ... رماحاً طوالاً وخيلاً ذكورا والوِزر: الحمل الثقيل من الإثم.

وقد وزر يزر فلان، وهو وازر؛ ويقال: موزور غير مأجور. والوزر: الملجأ؛ ويقال: هو الجبل، ومنه قوله تعالى: {كَلاَّ لا وَزَرَ} معناه لا ملجأ، ويقال: لا جبل يلجؤون إليه. قال الشاعر: والناس ألب علينا ليس فيك لنا ... إلا السيوف وأطراف القنا وزر [وقولهم: قد وقع القوم في ورطة] قال الأصمعي: الورطة: أهوية تكون في رأس الجبل يشق على من وقع فيها الخروج منها؛ يقال: تورطت الماشية، إذا وقعت في الورطة فلم يمكنها أن تخرج؛ ووقع القوم في ورطة. قال طفيل يذكر إبلاً: تهاب طريق السهل تحسب أنه ... وعور وراط وهو بيداء بلقع وقال غيره: الورطة: الوحل تقع فيه الغنم ولا يمكنها التخلص؛ يقال: تورطت الغنم، إذا وقعت في الورطة؛ ثم ضرب هذا مثلاً لكل شدة يقع فيها الإنسان. وقال أبو عمرو: الورطة: الهلكة، واحتج بقول الراجز: إن تأت يوماً مثل هذي الخُطَّة تلاق من ضرب غير ورطه وقال الخليل: الورطة: بلية يقع فيها الإنسان؛ تقول: أورط فيه. والوِراط:

الخديعة في الغنم [وهو] أن يجمع بين متفرق أو يفرق بين مجتمع. [وقولهم: بات فلان وقيذاً] الوقيذ: شديد المرض أو شديد الهم؛ يقال: وقذه المرض يقذه وقذاً، وكذلك وقذه الهم، ووقذه التعبد؛ وهو موقوذ ووقيذ. وكذلك وقذت الرجل، ووقذت الشاة أقذها وقذاً، إذا ضربتها. ومنه [قوله تعالى]: {وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ}. فالمنخنقة: التي تُخنق فتموت ولا يدرك ذكاتها، والموقوذة: المضروبة التي تُضرب فتموت، ولا يدرك ذكاتها؛ والمتردية: التي تتردى في بئر أو من فوق جبل فتموت، ولا يدرك ذكاتها. قال الخليل: الوقذ: شدة الضرب؛ تقول: شاة وقيذ وموقوذة، أي مقتولة بالخشب، تقول: وقذوها يقذونها وقذاً؛ وكذلك كانوا يفعلون ثم يأكلون، إلى أن نهي عنه في القرآن. وشاة موقوذة، إذا فعل بها. وحمل فلان وقيذاً، أي مثقلاً مشفياً على الهلكة. وقذته فأنا أقذه وقذاً، وأنا واقذ، وهو موقوذ ووقيذ. وقولهم: قد وجب الحق معناه قد وقع، وكذلك وجب البيع، أي وقع؛ ومنه قوله تعالى: {فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا} أي سقطت ووقعت على الأرض، ويقال: بل هو خروج أنفسها. قال الشاعر: أطاعت بنو عوف أميراً نهاهم ... عن السلم حتى كان أول واجب

معناه: أول ميت ساقط على الأرض. وقال آخر: ألم تكسف الشمس شمس النها ... ر والبدر للجبل الواجب معناه: السيد الميت الذي هو كالجبل. ويقال: وجب البيع يجب وجوبا وجبة، وكذلك الحق والشمس. ووجب قلبه يجب وجيباً، أي فزع وخفق؛ قال الشاعر: وللفؤاد وجيب تحت أبهره ... لدم الغلام وراء الغيب بالحجر ويقال: وجب الحائط يجب وجبة، إذا سقط؛ وأوجب الله الشيء ووجبه. والموجبات: الكبائر من الذنوب التي أوجب الله عليها النار. والموجب من الدواب: الذي يفزع من كل شيء. وفلان يأكل في اليوم وجبة واحدة. ووجب الرجل على نفسه الطعام: إذا جعل لنفسه أكلة في اليوم. [وقولهم: قد دعي فلان إلى الوليمة] الوليمة: طعام الإملاك، والعرس: طعام الزفاف. وقال الخليل: الوليمة: طعام يتخذ على عرس، والفعل أوْلَم يُولِم؛ قال: أفي الولائم أولاداً لواحدة ... وفي العيادة أولاداً لعلات وقولهم: بات فلان وحشاً أي جائعاً؛ ومنه: توحش للدواء، أي تجوع له؛ قال:

وإن بات وحشاً لم يضق بها ... ذراعاً ولم يصبح لها وهو ضارع ويقال: قد أوحش وأقوى وأقتر وأنفق وأرمل، إذا فني زاده. ووحشي كل دابة: شقها الأيمن، وإنسيها: شقها الأيسر. وقولهم: هذا الأمر وبال أي ثقيل في العاقبة؛ ويقال: معنى الوبال الداء. قال لبيد: رعوه صيفاً وتربعوه ... بلا وبأ سمي ولا وبال معناه: ولا داء. ويقال: طعام وبيل، إذا كان ثقيلاً متخماً؛ قال: لقد اكلت بجيلة يوم لاقت ... فوارس عامر أكلاً وبيلاً ويقال: قد استوبل المدينة، إذا لم توافق جسمه وإن كان محباً لها. وقد اجتوى المدينة، إذا كره نزولها وإن كانت موافقة لجسمه. والويبل في غير هذا: الشديد؛ قال الله عز وجل: {فَأَخَذْنَاهُ أَخْذاً وَبِيلاً} معناه: شديداً. قال: أخذ الشام ذو الجلال بإبرا ... هيم من بطشه باخذ وبيل والوبيل من المرعى: الوخيم لا يستمرأ؛ قال: لقد عشيتها كلأ وبيلا وفي الحديث: "أي مال أديت زكاته فقد ذهبت أبلته" [أي] وبلته، فجعل

الهمزة بدل الواو، وهي الوخامة. والوابلة: طرف الفخذ في الورك، وطرف العضد في الكتف، وتجمع أوابل. والوبيل: خشبة القصار (التي يدق بها الثياب)؛ قال: فمرَّت كهاة ذات خيف جلالة ... عقيلة شيخ كالوبيل يلندد الكهاة: الناقة السمينة الضخمة؛ والخيف: جراب الضرع، وهو جلدة الأخلاف، يقال: ناقة خيفاء، إذا كانت ضخمة الثيل. وجلالة وجليلة بمعنى، وهي العظيمة. وعقيلة: كريمة. وشيخ يعني به بعض بني. والوبيل: نعت لهذا الشيخ، والوبيل: العصا، والوبيل: الحزمة من الحطب؛ شبه يبس هذا الشيخ بالعصا. واليلندد: سيئ الخلق عسير صخاب؛ ويروى: ألندد، وهو شديد الخصومة. وقولهم: واطأت فلاناً على كذا أي وافقته؛ والمواطأة عندهم: الموافقة. قال الله تعالى: {إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً} أي موافقة، وذلك أن اللسان يواطئ فيها العمل، والسمع يواطئ فيها القلب. وقيل: معناه: أشد قياماً، أي هي أشد على المصلي من صلاة النهار لأن

الليل تنصرف فيه القلوب إلى النوم. والوطاء: من واطأت مواطاة ووطاء؛ والوطء: من وطئت وطئاً. قال الله تعالى: {لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ}، وفيه ثلاثة أوجه: واطأت فلاناً بتحقيق الهمزة، وواطات بتليين الهمزة، وواطيت بالانتقال من الهمزة إلى الياء؛ وفلان لم يواطئ فلاناً بالهمزة، ولم يواطي بإثبات الياء، ولم يواط بحذف الياء على الانتقال عن الهمزة. قال الشاعر في اللغتين: إني من القوم الذين إذا ابتدوا ... بدؤوا بحق الله ثم النائل وأما واطنت فلاناً على الأمر، فإذا جعلتما على أنفسكما أن تفعلاه؛ فإن أردت معنى وافقته قلت: واطأته. وواطنت نفسي على أمر فتوطنت، أي حملتها عليه فذلَّت له؛ قال كثير: فقلت لها: يا عز كل مصيبة ... إذا وطنت يوماً لها النفس ذلت والوطن: معروف؛ وكل مقام قام فيه الإنسان لأمر ما فهو موطن؛ ومواطن مكة: مواقفها؛ وأوطان الأغنام: مرابطها التي تأوي إليها. ووطأت لك الأمر، إذا هيأته؛ ووطأت لك الفرس وطئاً، وقد وطؤ يوطؤ يعني الفرس. والوطء: بالقدم والقوائم، تقول: وطأته بقدمي، إذا أردت به الكثرة. والوطء أيضاً بالخيل؛ تقول: وطئنا العدو وطأة شديدة. والوطأة: الأخذة؛ وفي الحديث: "اللهم اشدد وطأتك على مضر" أي خذهم أخذاً شديداً، فأخذهم الله بالسنين.

والوطيء من كل شيء: ما تسهل ولان، حتى إنهم يقولون: رجل وطيء ودابة وطيئة بينة الوطاءة، وتقول: ثبت الله وطأته. ووطئت الجارية، إذا جامعتها؛ وأرض لا رباء فيها ولا وطاء، أي لا صعود فيها ولا انخفاض. ووطأت له المجلس: جعلته له وطيئاً. والعرب تتخذ طعاماً من التمر تسميه الوطيئة. [الوطواط] والوطواط: الجبان من الرجال، شبه بضرب من الخشاشيف لجبنه. والوطواط يقال: [ضرب من] خطاطيف في الجبل سود طوال الأجنحة. [الواطة] والواطة: من لجج الماء. وقولهم: في فلان وصمة أي عيب ومطعن؛ يقال: رجل موصم، إذا كان فيه ثقل وإبطاء وفتور. وقد وصم توصيماً، إذا وصف بذلك. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا قام الرجل من الليل أصبح نشيطاً، وإذا نام الليل أصبح موصماً". وقال لبيد: وإذا رمت رحيلاً فارتحل ... واعص ما يأمر توصيم الكسل والوصم: صدع أو كسر غير بائن في العظم والعود وكل شيء؛ يقال: أصاب

القناة وصم، أي صدع في الأنبوب طولاً؛ وقد وصم الرمح فهو موصوم، وجمع الوصم وصوم. وتقول: أجد توصيماً في جسدي، أي تكسراً من مليلة أو حمى أو نحو ذلك. وقولهم: فلان [ذو] وفاء الوفاء أي واف إذا زاد؛ يقال: وفيت بالعهد أفي، وأوفيت به أوفي قال: أما ابن طوق فقد أوفى بذمته ... كما وفى بقلاص النجم حاديها أتى باللغتين. ولغة أهل تهامة أوفيت وهي أفصح وهي لقريش، وبها نزل القرآن. وكل شيء بلغ الكمال فقد وفى وتم؛ تقول: درهم واف، وكيل واف. ورجل وفي: ذو وفاء، تقول: أوفيته حقه، ووفيته أجره وحسابه ونحو ذلك. ويقال: ارض من الوفاء باللفاء، أي بدون الحق؛ قال أبو ذؤيب: فما أنا بالضعيف فتزدريني ... ولا حظي اللفاء ولا الخسيس والموافاة: [أن توافي إنساناً] في الميعاد؛ تقول: وافيته. والوفاة الميتة؛ توفي فلان، وتوفاه الله تعالى.

[وقولهم: رجل واش] الواشي فيه ثلاثة أقوال: قيل: سمي واشياً لاستخراجه الأخبار واشياً عنها؛ من قولهم: فلان يستوشي الخبر، إذا كان يستخرجه. قال: وصهباء يستوشي بذي اللب ميلها ... قرعت بها نفسي إذا الديك أعتما يستوشي: يخرج ما عنده. وقيل: سمي واشياً النقوش وغيرها؛ وإنما سمي الوشي من الثياب وشياً لهذه العلة. وقيل: سمي واشياً لأنه يجعل نفسه علامة للوصف بالقبيح، أخذ من وشيت الثوب، إذا جعلت له علامة ما أصنعه فيه. قال الله تعالى: {لا شِيَةَ فِيهَا} أي لا علامة فيها ولا لون يخالف سائر جسدها. قال النابغة: من وحش وجرة موشي أكارعه ... طاوي المصير كسيف الصيقل الفرد أراد بالموشي المعلم بما فيه من الألوان المختلفة. ويقال: قد وشى يشي وشياً، إذا نم، فهو واش من قوم واشين. قال كثير: فيا عز إن واشى وشاني عندكم ... فلا ترهبيه أن تقولي له مهلاً كما لو وشى واش بعزة عندنا ... لقلنا: تزحزح لا قريباً ولا سهلا

آخر: إن الوشاة كثير إن أطعتهم ... لا يرقبون بنا إلا ولا ذمما والحائك واش يشي الثوب وشياً أي نسجاً وتأليفاً. والنمام يشي الكذب، أي يؤلفه؛ تقول: وشى فلان بفلان يشي وشاية. [الوشوشة] والوشوشة: كلام في اختلاط، وكذلك التشويش والأش. الوحي الوحي: سمي وحياً لأن الملك يستره عن جميع الخلق، وخص به النبي المبعوث إليه؛ ومنه: {يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً} أي يسر بعضهم إلى بعض، فهذا أصل الحرف. ثم يكون الوحي بمنزلة الإلهام؛ ومنه قوله تعالى: {وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ} أي ألهمها؛ كقول علقمة بن عبدة الفحل يصف الظليم وأنثاه: يوحي إليها بإنقاض ونقنقة ... كما تراطن في حافاته الروم الإنقاض والنقنقة من أصوات النعام. والوحي بمنزلة الأمر، كقوله تعالى: {وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ} أي

أمرتهم. ويكون بمنزلة الإشارة، كقوله تعالى: {فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيّاً} أي أشار إليهم. ويكون بمعنى الكتابة؛ قال الشاعر: كأن أخا اليهود يخط وحياً ... بكاف في منازلها ولام أراد: يخط كتاباً. ويقال: أوحى إيحاء، ووحى يحي وحياً بمعنى؛ قال الراجز: الحمد لله الذي استقلت بأمره السماء واطمأنت وحى لها القرار فاستقرت ويقال: وحى يحي وحياً، كتب يكتُب كتاباً، وأنا أحي. قال: من رسم آثار كوحي الواحي أي ككتاب الكاتب. وقولهم: رجل وعقة لعقة ورجل وعق لعق أي فيه حرص ووقوع في الأمر بجهل. والوعيق: صوت يسمع من فرج الدابة

إذا مشت؛ تقول: وعق يعق، وهو بمنزلة الحقيق من قنب الذكر. يقال: عواق ووعاق وهو العويق والوعيق؛ قال: إذا ما الركب حل بدار قوم ... سمعت لها إذا هدرت عواقا وقولهم: رجل وديع أي هادئ ساكن ذو وداعة، ويقال: ذوا وداعة؛ ويقال: رجل مُتَّدَع ومُتَّدِع: صاحب دعة؛ ونال فلان المكارم وادعاً، أي من غير أن يتكلف من نفسه مشقة. ويقال: وَدُعَ يودع، واتدع تُدْعَة وتُدَعَة مثل اتهم تهمة، واتأد تؤدة، وهو مُتَّدِع. قال لبيد بن ربيعة: يا رُبَّ هيجا هي خير من دعة مودع لا يرى فيها دعه وإذا أمرت بالسكينة والوقار قلت: تودَّع واتدع، وعليك بالمودوع من غير أن تجعل له فعلاً ولا فاعلاً على جهة لفظه، إنما هو كالمعسور والميسور لا يقال فيه عسرت ولا يسرت. وقد ودع الرجل فهو يودع وداعة، فهو وادع ساكن. والتوديع: توديع الناس في المسير بعضهم بعضاً؛ قال أبو ذؤيب: فأجبتها أن ما لجسمي أنه ... أودى بني من البلاد وودعوا

والوداع: الترك والقلى عند الفراق؛ قال: غداة غد تودع كل عين ... بها كحل وكل يد خضيب وودعته في معنى تركت إخاءه ولطفه. والعرب لا تقول: ودعته وأنا وادع، بمعنى تركته وأنا تارك، ولكن يقولون منه في الفعل الغابر: يدع، وفي الأمر دع، وفي النهي لا تدع. هكذا استعملته العرب إلا أن يضطر شاعر؛ كما قال: وكان ما قدموا لأنفسهم ... أكثر نفعاً من الذي ودعوا أي تركوا. وقال: ليت شعري عن خليلي ما الذي ... غاله في الحب حتى ودعه وقال الفرزدق: وعض زمان يا ابن مروان لم يدع ... من المال إلا مسحت أو مجلف المسحت: الذاهب؛ يقال: سحته وأسحته. فمن قال: لم يدع بمعنى (لم يتدع، فيرتفع مسحت بفعله ومجلف عطف عليه). ومن روى لم يدع بمعنى لم يترك فسبيله الرفع بلا علة مطلوبة، وهو كقولك: لم يضرب إلا عبد الله؛ وكان قياسه لم يودع ولم يؤد. وكذلك جميع ما كان كذلك نحو يوعد ويوهب. إلا أن العرب استخفت هذين الفعلين خاصة، فقالوا: لم يدع ولم يذر في لغة. وسمعنا من

فصحائهم من يقول: لم أدع ورأيي ولم أذر وأمري. وفي القرآن: {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى} أي ما تركك. والمواعدة: شبه المصالحة، وكذلك التوادع. والوديعة معروفة؛ قال: استودع العلم قرطاساً فضيعه ... فبئس مستودع العلم القراطيس وإذا قلت: أودع فلان فلاناً شيئاً، أي حول الوديعة إلى غيره؛ وفي الحديث: "ما تقول في رجل استودع وديعة فأودعها غيره؟ قال: عليه الضمان". وقولهم: وعكتني الحمى أي ركبتني؛ ورجل موعوك، أي محموم، وقد وعكته الحمى فهي تعكه. والوعك: مغث المرض؛ والوعكة: معركة الأبطال إذا أخذ بعضهم بعضاً. الوجع الوجع: اسم يجمع كل مرض؛ رجل وجع وقوم وجاعى ووجعون ونسوة وجاعى. وقد وجع الرجل يوجع وجعاً، وفيه لغات: يوجع وييجع وياجع، ومنهم [من] يكسر ييجع. ووجع فلان رأسه وبطنه، وكذلك أوجع رأسي، ويوجعني رأسي. والوجعاء: الدبر. وقولهم: رجل وضيع [أي الدنيء من الناس] وقد وضع وضاعة وضَعَةً [وَضِعَةً]؛ والوضيعة: ما

يضع الإنسان. وقد وضع فلان في تجارته، فهو موضوع فيها؛ والدابة تضع السير وضعاً، وهو سير دون؛ ويقال: إنها لحسنة الموضوع، قال جميل: بماذا تردين امرأ جاء لا يرى ... كودك وداً قد أكل وأوضعا يريد: أوضعها راكبها، وهو ذلك السير الدون. ومنه قوله تعالى: {وَلأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ}. والوضائع: قوم من الجند تجعل أسماؤهم في كورة لا يغزون بهم. الوسع الوسع: الجدة وذات اليد؛ وأوسع الرجل، إذا كان ذا سعة في المال، فهو موسع عليه. وتقول: وسعت، والوعاء اتسع فعل لازم، وكذلك استوسع. ووسع الفرس سعة ووساعة فهو وساع ووسيع. والوسع: الطاقة. وقولهم: فلان وازع العسكر معناه: يكف أولهم على آخرهم. والوازع في الحرب: الموكل بالصفوف يزع من يتقدم منهم.

والوزع: كف النفس عن هواها؛ قال: إذا لم أزع نفسي عن الجهل والصبا ... لينفعها علمي فقد ضرها جهلي وقال النابغة: على حين عاتبت المشيب على الصبا ... وقلت: ألما تصح والشيب وازع؟ أي مانع. والوزعة: الشرط. وورعت ووزعت: كففت؛ فأنا أزعه وزعاً، وهو موزوع وأنا وازع. قال الله تعالى: {فَهُمْ يُوزَعُونَ}. وزُعت أيضاً: عطفت؛ زاع يزوع زوعاً، إذا عطف. والوزوع: الولوع؛ وقوله تعالى: {أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ} أي ألهمني ذلك وأولعني به؛ وفلان موزع بكذا، أي مولع. وفي الحديث قيل: "كان النبي صلى الله عليه وسلم موزعاً بالسواك". [الولع] والولع: نفس الولوع؛ تقول: أولع بكذا ولوعاً وإيلاعاً، إذا لج. وولع يولع ولعاً، ورجل ولع ولوع ولاعة. وقيل: ولع يلع، إذا كذب. والمولَّع: الذي أصابه لمع من برص في جسده. ويقال: ولع الله وجهك، أي برصه.

والوليع: الطلع ما دام في قيقائه كأنه نظم اللؤلؤ في شدة بياضه؛ والواحدة وليعة. والتوزيع: القسمة؛ تقول: وزعنا الحوار فيما بيننا. [الوعز] والوعز: التقدمة؛ تقول: أوعزت إلى فلان في كذا، أي تقدمت إليه فيه. الوعث الوعث من الرمل: ما غابت فيه القوائم، وهو مشقة في السير، وفيه اشتق وعثاء السفر. وقوله [صلى الله عليه وسلم]: "أعوذ بالله من وعثاء السفر" يعني المشقة. وأوعث القوم وعثوا في الموعوثة والموعث. [الوعر] الوعر: المكان الصلب؛ تقول: وعر السبيل يوعر وعورة، وهو وعر، والجمع وعور؛ وتوعر المكان. وفلان وعر المعروف: قليله. واستوعر القوم طريقهم، وأوعروا في الوعر إذا وقعوا فيه. الواعية

الواعية: الصراخ على الميت، ولا يشتق منه فعل. والوعى: جلبة الكلاب في الصيد وأصواتها إذا اجتمعت. والوعوعة: من أصوات الكلاب وبنات آوى؛ وخطيب وعوع نعت حسن، قالت الخنساء: هو الفارس المدعي والخطيـ ... ـب في القوم واللسن الوعوع ورجل مهذار وعواع نعت قبيح؛ قال: نكس من القوم ووعواع وعي والوعي: حفظ القلب الشيء؛ تقول: وعى يعي وعياً. وأوعيت شيئاً في وعاء وفي إعاء لغتان. ووعى عظمه، إذا انجبر بعد كسره. [الوغى] والوغى: غمغمة الأبطال في حومة الحرب، وأصوات البعوض والنحل إذا اجتمعت، ونحو ذلك. والوغى والوعى- مقصوران يكتبان بالياء- وهما الصوت في الحرب والجلبة؛ يقال: سمعت وغى الحرب ووعى الحرب. قال الهذلي: كأن وغى الخموش بجانبيه ... وغى ركب أميم ذوي زياط

زياط: جلبة؛ قال: عوابس في وعية تحت الوعى جعلت اسماً من الوعية. الوضاح الوضاح: الأبيض اللون الحسن الوجه البسام. والوضح: بياض الصبح؛ قال الأعشى: إذ أتتكم شيبان في وضح الصبـ ... ـح بكبش ترى له قداما أي كتائب متقدمة، والكبش هنا: قائد الكتيبة، وكبش القوم: سيدهم. والوضح: بياض الغرة والتحجيل في القوائم وغيرها. والوضح: اللبن؛ والواضحة: الأسنان التي تبدو عند الضحك؛ قال: كل خليل لي صافيته ... لا ترك الله له واضحه وتقول: استوضح عن هذا الأمر، أي ابحث عنه. والموضحة: الشجة التي توصل إلى العظم؛ تقول: أوضحت عن العظم، أي ندت عنه. والوضح: حلي من فضة. وضيء الوجه

وضيء الوجه: حسنه؛ وقد وضؤ وجه فلان يوضؤ وضاءة، ووجوه وضاء. قال: مساميح الفعال ذوو أناة ... مراجيح وأوجههم وضاء ومعنى توضأ الرجل تنظف وتحسن، أخذ من الوضاءة وهي النظافة والحسن؛ وكل من غسل عضواً من أعضائه فقد توضأ. ودليل ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: "توضؤوا مما غيرت النار" أي اغسلوا أيديكم ونظفوها من الزهومة. وذلك أن جماعة من الأعراب كانوا لا يغسلون أيديهم من الزهومة، ويقولون: فقدها أشد علينا من ريحها، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بتنظيف اليد منها. قال قتادة: من غسل يده فقد توضأ؛ وقال الحسن: الوضوء قبل الطعام ينفي الفقر، وبعد الطعام ينفي اللمم. والوضوءح بالضم: الفعل، وبالفتح: اسم الماء الذي يتوضأ به، وكذلك السَّحُور والسُّحُور، والوقود: الحطب، والوقود: اللهب. قال: فأمسوا وقود النار في مستقرها ... وكل كفور في جهنم صائر أراد: فأمسوا حطب النار. وقال: أحب الموقدين إلي موسى ... وحزرة لو اضاء لنا الوقود قال ابن الأنباري: "وأجاز النحويون أن يكون الوضوء والوقود والسحور بالفتح مصادر، والأول هو الذي عليه أهل اللغة والمعروف عند الناس".

[وقد] وقال الخليل: والصحيح أن يكون المصدر بالضم، وأن يكون الوقود بالفتح: ما ترى من لهبها؛ لأنه اسم. قال: والوقود ايضاً: كل شيء توقد به النار حطباً كان أو غيره. وتقول: أوقدت النار، وأنا أوقدها إيقاداً، فأنا موقد، والنار موقدة. والموقد والمستوقد: هو الموضع الذي قد أوقدت فيه النار؛ وفي القرآن: {النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ}. وقولهم: وحر صدره علي الوحر: وغرة في الصدر من الحقد والغيظ؛ تقول: وحر صدره وحراً، وإنه لواحر الصدر. [الوغر] والوغر: اجتراح الغيظ؛ تقول: وغر يوغر صدري عليه، ووغرت الهاجرة وغراً، ولقيته في وغرة الهاجرة: حيث تتوسط الشمس السماء. والوغير: لحم يشوى على الرمضاء. ومثله الوغم. [الوغم] الوغم: هو الحقد لثابت في الصدر؛ ورجل وغم: حقود. وقال بعضهم: الوغم والوتر واحد، وهو الطلب بالدم؛ فلان يطلب فلاناً بوغم، إذا كان يطلبه بدم أو

وتر. وقال عمرو بن لأي التيمي للنعمان بن المنذر وكانوا قتلوا في بني أسد بحجر خال ابنه: وبنا تدورك في بني أسد ... وغم لخالك أكبر الوغم ويقال: توغمت الأبطال في الحرب، إذا تناظرت شزراً. وقال بعض: امرأة وحرة: سوداء دميمة. وقولهم: وهصني هذا الأمر أي ثقل علي إصابته لي؛ والوهص: شدة وطء القدم على الأرض، وكذلك لو ضرب الأرض بشيء قلت: وهصه. وفي الحديث: "أن آدم عليه السلام حين أهبط إلى الجنة- لعله من الجنة- كأنما وهصه الله إلى الأرض". معناه: كأنما رمي رمياً عنيفاً. ورجل موهوص الخلق: لازم عظامه. وقولهم: رجل وهس أي ذليل موطوء؛ قد وهسته أهسه وهساً، إذا وطئته. قال دريد: وما أنا بالمزجى حين يسمو ... عظيم ملأمور ولا بوهس

أي ولا بذليل. وقوله: ملأمور، يريد: من الأمور، فأدغم ومثله كثير. وقولهم: رجل واهن في الأمر والعمل أي ضعيف فيهما؛ والوهن: الضعف، وهو موهون في البدن والعظم، والوهن لغة فيه. قال: نحن الذين إذا ما لزبة نزلت ... لم نلق في عظمها وهناً ولا رفقا ووهن العظم يهن وهناً، وأوهنه موهنة؛ قال الله تعالى: {وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي} أي ضعف. يقال: وهن يهن وهناً فهو واهن. والواهنة: الضعف؛ قال: حتى إذا أمسى أبو خير ولم يمس به واهنة ولا سقم والوهين بلغة أهل مصر: رجل يكون مع الأجير في العمل يحثه عليه. والوهن: ساعة تمضي من الليل؛ تقول: لقيته وهناً وموهناً، أي بعد وهن؛ وأوهن الرجل، إذا صار في تلك الساعة. قال: فبت ألعبها وهناً وتلعبني ... ثم انصرفت وهي مني على بال والواهن: عرق مستبطن حبل العاتق إلى الكتف، وربما أوجعه فيقال: هني يا واهنة، أي اسكني. [الوهط] الوهط: شبه الوهن والضعف أيضاً؛ تقول: رمى طائراً فأوهطه، وأوهط جناحه. والفعل وهط يهط، أي ضعف يضعف.

والأوهاط: الخصومات والصياح. والوهط: الجماعة. وقولهم: قعد فلان وجاه فلان الوجاه والتجاه- لغتان: وهو ما استقبل شيء شيئاً؛ تقول: دار فلان تجاه دار فلان، أي مقابلتها. والوجه: مستقبل كل شيء. والمواجهة: استقبال الرجل بكلام أو بوجه. [الوهج] وهج النار والشمس: حرهما من بعيد؛ تقول: وهجت وهي تهج وتوهج؛ والجوهر إذا تلألأ يقال: يتوهج. والوهجان: اضطراب التوهج؛ قال: قطعت إلى معروفها منكراتها ... إذا خب آل الأمعز المتوهج خبَّ: ارتفع، والأمعز من الأرض: الحزنة الغليظة ذات الحجارة الكثيرة، والجمع الأماعز والمعزوات؛ والمتوهج: الشديد الحر والمتوقد. يقال: توهج النهار، إذا اشتد حره وتوقده. الوَهْدَة الوهدة: المكان المنخفض كأنه حفرة؛ تقول: أرض وهدة، ومكان وهد. والوهد: اسم يكون للحفرة. وقولهم: امرأة والهة أي ذاهبة العقل من فقدان حبيب لها؛ تقول: ولهت توله ولهاً، وولهت تله

ولهاً؛ وامرأة والهة وولهة، ودابة والهة: قد فارقت ولدها وأليفها. قالت الخنساء: كأنني واله ضلت أليفتها ... لها حنينان إصغار وإكبار [الوهل] والوهل: يجري مجرى الفزع في الأشياء كلها؛ تقول: وهِل يوهل وهلاً، إذا فزع. قال القطامي: وترى لجيضتهن عند رحيلنا ... وهلا كأن بهن جنة أولق الوهم الوهم: الغلط؛ يقال: وهم إلى الشيء يهم وهماً، إذا ذهب وهمه إليه. واوهم الرجل في كلامه يوهم إيهاماً، إذا أسقط منه شيئاً. وَهِم في الصلاة فهو يوهم، وأوهم في الحساب شيئاً. وقال بعض: أوهم في الصلاة، إذا تركها؛ ووهم في المسألة، إذا غلط فيها. وتوهمت كذا وأوهمته، إذا أغفلته؛ والتهمة اشتقت من الوهم. وللقلب وهم، والجمع الأوهام؛ وفي الحديث: "لا تدركه الأوهام" يعني الله عز وجل. والوهم: الطريق الواضح المشهور. وقولهم: رجل واهف معناه القيم على بيت النصارى الذي فيه صليبهم بلغة أهل الجزيرة. وفي

الحديث: "لا تغيروا واهفاً عن وهافته، ولا قسيساً عن قسيسيته". والوهف: مثل الورف، وهو اهتزاز النبات وشدة خضرته؛ تقول يهف ويرف وهيفاً ورفيفاً. [الوارف] والوارف من الشجر: الذي يهتز لريه، فذلك هو الوريف. قال: ذات غصون يهتز وارفها وقال آخر: ويوم تعاطينا بوجه مقسم ... كأن ظبية تعطو إلى وارف السلم الوخش الوخش: الرذل، والوخش من الناس وغيرهم: رذالتهم وصغارهم، اسم يقع على الواحد والجمع والإناث: رجل وخش، وامرأة وخش، وقوم وخش؛ وربما جمع على أوخاش اضطراراً، وربما دخلته النون ولا يدخله غيرها، كما قال: جارية ليست من الوخشن النون هنا صلة للروي. [المتخوش] والمتخوش: الضامر، والمتخاوش: المهزول المتخدد؛ قال عنترة:

أبني زبيبة ما لمهركم ... متخوشاً وبطونكم عجر بطن أعجر، إذا امتلأ جداً. وقولهم: وخط فلان شاب رأسه، وهو موخوط. وفي رأس فلان خطة شيب، أي وخطة ووخطته بالسيف، أي تناولته من بعيد؛ ووخط فلان يوخط وخطاً، أي طعن؛ والوخط: الطعن. ووخط في السير يخط وخطاً، أي أسرع؛ ووخط الظليم يخط في مشيه يعني سعة خطوه. [الوخد] وكذلك الوخد: هو سعة الخطو في المشي، وكذلك الخدي لغتان. قال النابغة: فما وخدت بمثلك ذات غرب ... حطوط في الزمام ولا لجون الغرب من الدواب: الحديد الفؤاد، وغرب كل شيء: حده. والحطوط: المخبة في سيرها؛ يقال للنجيبة السريعة: حطت وانحطت في سيرها. واللجون: التي تأكل اللجين، وهو علف الأمصار. الوخيم والوَخْم والوَخِم [هو] الثقيل؛ وطعام وخيم، وقد وخم وخامة إذا لم يستمرأ؛ واستوخمته وتوخمته، ومنه اشتقت التخمة.

وكان حد التخمة: الوخمة، ولكن العرب يحولون هذه الواو المضمومة وغير المضمومة تاء في مواضع كثيرة كما قالوا تقاة، وإنما هي وقاة؛ والتراث من الورث، وتولج من الولج، والتكلان من وكل، والتجاه من الوجاه. والوخيمة: الأرض التي لا ينتجع كلأها. وقولهم: قد وتغ فلان أي قد هلك؛ والوتغ: الإثم وقلة العقل في الكلام؛ تقول: أوتغت القول. قال: يا أمتا لا تغضبي إن شئت ولا تقولي وتغاً إن فئت والوتغ: الوجع؛ يقال: والله لأوتغنك، أي لأوجعنك. الواغل الواغل: الداخل على قوم في طعام أو شراب من غير دعوة؛ تقول: وغل يغل وغولاً. قال امرؤ القيس: فاليوم فاشرب غير مستحقب ... إثماً من الله ولا واغل والوغل: الضعيف، والجمع الأوغال. وأوغل القوم، إذا أمعنوا في مسيرهم داخلين بين جبال في أرض العدو، وكذلك توغلوا وتغلغلوا. [الولغ] والولغ- بتقديم اللام على الغين: فهو شرب الكلاب والسباع بألسنتها. وبعض

العرب يقول: يالغ، أرادوا إثبات الواو فجعلوا مكانها ألفاً؛ قال ابن قيس الرقيات: ما مر يوم إلا وعندهم ... لحم دجاج أو يالغان دما ورجل مستولغ: لا يبالي ذماً ولا عاراً. وقولهم: رجل وقور ذو وقار؛ ومستوقر: ذو حلم ورزانة. والوقار: السكينة والدعة؛ ووقرت فلاناً توقيراً، إذا بجلته ورأيت به هيبة وجلالة. وفي القرآن: {وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ}. والوقر: ثقل في الأذن؛ تقول: وقرت أذن فلان عن هذا الكلام، أي ثقل عنه سمعه، وهي تقر وقراً؛ قال: وكلام سيئ قد وقرت ... عنه أذناي وما بين من صمم ويقال: الصواب: وقِرت. والوقر- بالكسر: حمل حمار أو بغل كالوسق للبعير، والجمع الأوقار. ونخلة موقرة والجمع المواقير، وبعض يقول: يقول: نخلة موقرة، كأنها أقرت نفسها. ويقال: فقير وقير: قد أوقره الدَّين؛ وقال بعض: الوقير: القطيع من الضأن. قال

الشماخ: فأوردهن تقريباً وشداً ... شرائع لم يكدرها الوقير وقال بعض: الوقير: شاء أهل السواد؛ ويقال: الوقير والقرة: القطيع من الغنم ورعاته وكلابه؛ والقار: القطيع من الإبل. قال الأغلب: ما إن رأينا ملكاً أغارا ... أكثر منه قرة وقارا وقولهم: رجل وراق أي صنعته الوراقة؛ والورق: أدم رقاق منها ورق المصحف. والورق- بفتح الراء: الشجر والبقول، الواحدة ورقة وجمعه أوراق أيضاً. وورَّقت الشجرة توريقاً وأورقت إيراقاً، إذا أخرجت ورقها. وشجرة وريقة: كثيرة الورق؛ قال عدي بن زيد: ثم أضحوا كأنهم ورق جف (م) فألوت به الصبا والدبور والورق- بالفتح أيضاً: المال والغنم؛ قال الراجز: إياك أدعو فتقبَّل ملقي اغفر خطاياي وثمر ورقي والورق: الدم الذي يسقط من الجراحة علقاً قطعاً. والورق- بالكسر: اسم للدراهم، وكذلك الرقة؛ تقول: أعطى ألف درهم

رقة: لا يخالطها شيء من المال غيرها. والورقة: لون سواد في غبرة كلون الرماد؛ تقول: حمامة ورقاء، وأثفية ورقاء. الوقّاف الوقَّاف: مدح وذم للرجل؛ والمدح بمعنى وقوف عن الشبهات والمحارم. وفي الحديث: "المؤمن وقاف والكافر وثاب"، وقال الحسن: المؤمن وقاف متأن وليس كحاطب ليل؛ يصفه بالحلم والتؤدة لا يعجل في الأمر. والذم بمعنى الإحجام عن القتال؛ والوقاف: الجبان؛ قال دريد: فإن يك عبد الله خلَّى مكانه ... فما كان وقافاً ولا طائش اليد وقال آخر: فتى غير وقاف ولا زمل وغد وتقول: وقفت الدابة، فأنا أقفها وقفاً؛ قال عنترة: فوقفت فيها ناقتي وكأنها ... فدن لأقضي حاجة المتلوم وقال ذو الرمة: وقفت على ربع لمية ناقتي ... فما زلت أبكي عنده وأخاطبه ووقفت ضيعة، فهي موقوفة على الفقراء؛ ويجوز وقفتها توقيفاً. وعن بعض

أهل الحضر: أوقفتها إيقافاً؛ وليس بالعالي. ووقفت الكلمة وقفاً؛ وإذا وقفت الرجل على كلمة قلت: وقفت فلاناً توقيفاً، إذا أوقفته على شيء. والوقف: المسك يجعل في الأيدي من عاج أو قرون مثل السوار، والجمع الوقوف؛ وقال بعض: هو السوار. قال الكميت: ثم استمر كوقف العاج منصلتاً ... يرمي به الحدب اللماعة الحدب وقولهم: نحن على وفاق أي على الموافقة؛ وفي القرآن: {جَزَاءً وِفَاقاً}. وتقول: وافق الجزاء الذنب؛ لأن أعظم الذنوب الشرك بالله، وأشد العذاب النار. والوفق: كل شيء يكون متفقاً على تيفاق واحد، كقوله: يهوين شتى ويقعن وفقاً ومنه التوافق والموافقة؛ ووافقت فلاناً في موضع، أي صادفته؛ ووافقته على كذا، أي اتفقنا عليه معاً. ووفق الله فلاناً للخير، والله الموفق. وتقول: لا يتوفق عبد حتى يوفقه الله. ومنه الموافقة بمعنى المصادقة. وقولهم: وافق شن طبقه وشن: حي من بني عبد القيس كانوا يكثرون الغارات، فصادفهم طبق: (حي

من إياد)، فأنزوا عليهم وقهروهم، فقيل ذلك لهم. وقولهم: وقبت الشمس أي غابت فدخلت موضعها. وفي الحديث: "أنه لما رأى الشمس وقبت قال: هذا حين حلها"، [أي] وقتها، يعني صلاة المغرب. وفي حديث عائشة رضي الله عنها قالت: أخذ النبي عليه السلام بيدي، وأشار إلى القمر فقال: "تعوذي بالله منه فإنه الغاسق إذا وقب". والإيقاف: إدخال الشيء في الوقبة. والوقب: كل حفرة ماء؛ كوقبة المدهنة ووقبة الثريد، وهي أنقوعتها. ووقب الظلام يقب وقوباً، إذا أقبل وغشي. الوشيك الوشيك: السريع؛ وقول العرب: وشك البين، أي سرعة القطيعة؛ قال: قفي قبل وشك البين يا ابنة مالك ... وعوجي علينا من صدور جمالك وتقول: أوشك هذا الأمر أن يكون كذا، أي أسرع، ويوشك أن يكون كذا بكسر الشين- وفتحها خطأ لأن معناه يسرع؛ قال: يوشك من فرَّ من منيته ... في بعض غراته يوافقها

وتقول: أوشك فلان خروجاً ولوشكان ما كان كذا، بمعنى لسرعان ما كان ذلك ولعجلان. قال: أتقتلهم ظلماً وتنكح فيهم ... لوشكان هذا والدماء تصبب وقولهم: وكرت الإناء والمكيال أي ملأتهما؛ وتوكَّر الصبي، إذا امتلأ بطنه؛ وتوكَّر الطيور، إذا امتلأت حواصلها. والوكر: موضع الطائر الذي يبيض فيه، وجمعه وكور وأوكار؛ قال عدي بن زيد: شاده مرمراً وخلله كلـ ... ساً فللطير في ذراه وكور الكلس: ما كلست به حائطاً أو باطن قصر شبه الجص من غير آجر، والتكليس: التمليس، وإذا طلي ثخيناً فهو المقرمد. والوكيرة والتوكير: الطعام على بناء، يقال إذا فرغ من البناء: وكِّر لنا. وتقول: وكر الطائر له وكراً، وهي الخروق في الحيطان والشجر، وهي الوكون أيضاً. [الوكن] تقول: وكن الطائر يكن وكوناً، إذا حضن على بيضه، وهو واكن، والجمع وكون. قال:

تذكرني سلمى وقد حال دونها ... حمام على بيضاتهن وكون والموكن، الموضع الذي تكن فيه على البيض؛ والوكنة: اسم لكل وكن وعش، والجمع الوكنات. قال امرؤ القيس: وقد أغتدي والطير في وكناتها ... بمنجرد قيد الأوابد هيكل [وقولهم: رجل وكلٌ] الذي يتكل على غيره فيضيع أمره، وهو المواكل أيضاً. وتقول: وكلت بالله، وتوكلت على الله؛ وتقول: وكلت فلاناً إلى الله، وأنا أكله. والوكال والوكال في الدواب أن تكون الدابة تحب التأخر خلف الدواب. والوكيل معروف، وفعله توكل، ومصدره الوكالة بفتح الواو وكسرها. وقولهم: هذا الأمر وكف عليك أي عيب، والوكف- بالفتح- لغة فيه. والوكف: القطر؛ تقول: وكف الماء يكف وكفاً، والوكف ههنا المصدر. ووكفت الدلو وكيفاً، يريد بالوكيف: القطران نفسه. ووكف الدمع يكف وكفاً ووكيفاً؛ ودمع واكف، وماء واكف. والوكاف: لغة في الإكاف، والجمع الأكف؛ وأوكفت الدابة وأنا أوكفها إيكافاً فهي مؤكفة، واكَّفت إكافاً إذا اتخذته؛ ويجوز أوكفت وكيفاً. ويقال: وكفت الدابة توكيفاً، فهي موكفة.

وقولهم: واكبت فلاناً أي بادرته مسابقة، والمواكبة: المسابقة؛ قال دريد: واكبتهم بأمون جسرة أجد ... كأنها فدن بالطين ممدود واكبتهم: بادرتهم؛ أمون: أمينة وثيقة؛ جسرة: ناجية ماضية؛ أجد: هي التي فقار ظهرها متصل كأنه عظم واحد؛ وفدن: قصر مشيد. والوكب: سواد العين وسواد العنب وغيره إذا نضج. والوكبان: مشية في درجان، ومنه اشتق اسم الموكب. الوجد الوجد: الحُزن؛ تقول: وَجَدْتُ ووَجِدْت أجِد وجداً وجدة. وفي القرآن: {مِنْ وُجْدِكُمْ} أي من قدرتكم؛ وقرئ بالفتح، قال النحويون: من مالكم الذي تجنونه؛ وقرئ بالكسر، قالوا: متى تقدرون. وفي الظفر بالشيء وجدت أجد وجوداً؛ وفي كله: أنا واجد. الوجس الوجس: الصوت الخفي؛ والوجس: فزع يقع في القلب وفي السمع من صوت أو غيره؛ قال الله تعالى: {فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى}؛ والإنسان

يتوجس الصوت، إذا وقع في أذنه. قال ذو الرمة: وقد توجس ركزاً مقفر ندس ... بنبأة الصوت ما في سمعه كذب ندس: سموع فطن. [وقولهم]: وليجة الإنسان بطانته ودخلته من الناس؛ ومنه قوله تعالى: {وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلا رَسُولِهِ وَلا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً}. والولوج: الدخول؛ قال الله تعالى: {حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ}. [الوجل] والوجل: الخوف؛ تقول: أنا وجل من هذا الأمر، وقد وجلت فأنا أوجل وجلاً، فهو وجل وأوجل؛ قال: لعمري ما أدري وإني لأوجل ... على أينا تعدو المنية أول الواجم الواجم: الساكت على غيظ؛ والوجوم والأجوم: السكوت على غيظ وهم؛ وقد أجمني فلان، أي تركني أجم الشيء الذي كنت لا أجمه؛ وقد تكون أجمه، أي حمله على ما يأجمه مثل كرهته، أي حملته على ما يكره.

ورجل آجم، أي لا رمح معه في الحرب. الوسخ الوسخ: من الدم واللبن وغسالة السقاء والقصعة ونحوها، يقال: بدأ من البيض وضره، ومن اللحم غمره، ومن السمك صمره وزهمه، ومن الشحم ودكه، ومن الأدهان نمسه، ومن السمن والجبن واللبنم قنمه، ومن الحديد سهكه، ومن الرجيع وحره، ومن التراب كتنه، ومن الطين لثته، ومن الحناء قنيه، ومن الشهد شياره، ومن الشيء الكريه دفره- بالدال، ومن الزعفران ردعه، ومن المسك والزعفران عبقه. قال طرفة بن العبد: ثم راحوا عبق المسك بهم ... يلحفون الأرض هداب الأزر ومن الطيب كله عطره. الوطيس الوطيس: التنور، وبه شبه الحرب فيقال: حمي الوطيس، أي اشتبكت واشتدت؛ ومنه المثل عن النبي صلى الله عليه وسلم: "الآن حمي الوطيس"، والجمع الوطس. وتقول: وطسته أطسه وطساً، إذا كسرته؛ والممطس: الذي يكسر به أو يوطس؛ والجمع المواطيس؛ ومنه قول عنترة: خطارة غب السري زيافة ... تطس الإكام بذات خف ميثم خطارة: تخطر في سيرها؛ غب السرى: بعده بيوم، أي لا يكسرها السرى،

وزيافة: تزف في سيرها. ويروى: موارة؛ وهي التي تسرع رد يديها في السير؛ تطس: تكسر؛ والوطس والوطث واللثم والوثم واحد، وهو الضرب الشديد بالخف؛ والإكام: الروابي واحدتها أكمة. ويروى: تقص الإكام؛ وتقص: تكسر أيضاً. وميثم: مدق مكسر إذا أصاب شيئاً دقه وكسره. الوسط الوسط: من كل شيء: أعدله وأفضله وليس بالعالي ولا المقصر؛ قال الله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً} أي عدولاً. وتقول: قوم وسط، ورجلان وسط، ورجل وسط؛ يستوي فيه الواحد والتثنية والجمع والجمع والذكر والأنثى. ورجل وسيط، أي كريم الطرفين؛ وقد وسط يوسط وساطة فهو وسيط؛ ووسط الرجل يسط سطة ووسطاً، إذا توسط بشرفه؛ قال الشاعر: ومن يفتقر في قومه يحمد الغنى ... وإن كان فيهم واسط العم مخولاً والوسط- بساكن: يكون موضعاً للشيء، وكقولك: زيد وسط الدار، وإذا فتحت السين صار اسماً لما بين طرفي كل شيء؛ وتقول: ضربت وسطه، ووسط الدار حسن، وإذا جعلته ظرفاً جزمت السين وقلت: أتيتك وسط الدار. قال أبو العباس: وقد يجوز هذا في هذا، وهذا في هذا، والوجه ما تقدم من الفرق بينهما. وقولهم: وسد فلان عند فلان نعمه أي مهدها؛ ووسد فلان فلاناً توسيداً، أي حمله على أن يتوسد ووضع رأسه

على وسادة؛ وأوسد إيساداً، إذا طرح له وسادة. والميت يوسد يمينه في القبر. والوساد: اسم يقع على ما كان من وسائد المتاع، والوساد: كل شيء يوضع تحت الرأس وإن كان من تراب أو حجارة. ولغة تميم الإسادة، وكذلك لغتهم في كل واو مكسورة من الواوات التي تبدل على بناء فعال وفعالة. والموسد: الذي يشلي كلبه ويبعثه على الصيد. الوسيلة الوسيلة: الحاجة؛ قال عنترة: إن الرجال لهم إليك وسيلة ... إن يأخذوك تخضبي وتكحلي وفي القرآن: {يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمْ الْوَسِيلَةَ} أي يطلبون إليه القربة؛ وكل من قرب من شيء فهو وسيلة، والجمع الوسائل. ووسل فلان إلى ربه وسيلة، أي تقرب إليه؛ وقد وسل يسل، إذا تقرب إليه بأمر فهو واسل، والواسل: الطالب، وسل يسل وسلاً فهو واسل؛ قال لبيد بن ربيعة: أرى الناس لا يدرون ما قدر أمرهم ... بلى كل ذي عقل إلى الله واسل الوسن الوسن: النوم؛ وسن يوسن وسناً فهو وسن، ووسن يسن سنة فهو واسن.

وقال بعضهم: السنة دون النعاس في العين؛ ومنه قوله تعالى: {لا تَاخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ}؛ والوسنة: النعاس أيضاً؛ قال عدي بن الرقاع: وسنان أقصده النعاس فرنقت ... في عينه سنة وليس بنائم الوسامة الوسامة: الحسن؛ وقد وسم الرجل فهو وسيم، والمرأة وسيمة قسيمة، وقد قسمت وسامت، وهي ذات ميسم وجمال. قال عمرو بن كلثوم: ظعائن من بني جشم بن بكر ... خلطن بميسم حسباً ودينا وسمي الوسمي من المطر لأنه يسم الأرض فيصير فيها أثراً من المطر في أول السنة؛ وهو مطر يكون بعد الخرفي في البرد، ثم يتبعه الربعي. وتقول: توسمت في فلان خيراً وفي فلان شراً، إذا رأيت أثرهما عليه؛ وقال: توسمته لما رأيت مهابة ... عليه وقلت المرء من آل هاشم الوزمة الوزمة: الأكلة الواحدة في اليوم إلى مثلها من الغد، وكذلك البزمة. ورجل متوزم: شديد الوطء، هذلية. والوزم والوزيم: حزمة من بقل ونحوها؛ وبعض يقول: وزيمة، ويقال: البزيم أيضاً؛ قال الشاعر:

أتونا ثائرين فلم يؤوبوا ... بأبلمة تشد على بزيم الأبلمة: ما يشد على البقل والرياحين. الوطر الوطر: كل حاجة كانت لصاحبها فيها همه فهي وطره؛ ومنها قوله تعالى: {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا}، أي أرباً وحاجة. قال: ودعني قبل أن أودعه ... لما قضى من شبابنا وطراً أي: أرباً وحاجة. وقال: قضت وطراً من دير سعد وربما ... على عرض ناطحنه بالجماجم ويروى: قضت وطراً من دير لبى وأصبحت. على عُرُض .... الورى الورى: الخلق- مقصور يكتب بالياء؛ قال ذو الرمة:

وكائن ذعرنا من مهاة ورامح ... بلاد الورى ليست له ببلاد والوراء:- ممدود: ولد الولد؛ ومنه قوله تعالى: {وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَقَ يَعْقُوبَ}. وسئل الشعبي وكان معه ابن ابنه: هذا ابنك؟ قال: نعم من الوراء. والورى: داء يأخذ الرجل في جوفه- تكتب بالياء- ويقال في دعائهم: الورى وحمى خيبرا؛ ولا يعرف الأصمعي ولا أبو عمرو الورى من الياء، قالا: إنما هو الوري- ساكن الراء؛ يقال: أوراه الداء. وأنشد الأصمعي: قالت [له] ورياً إذا تنحنحا وأنشد أبو عمرو للكميت: ونغصها في الصدر قد وراني وفي الحديث: "لأن يملأ الإنسان جوفه قيحاً حتى يريه خير له من أن يملأه شعراً". وروى أبو عبيد في (غريب الحديث): "لأ، يملأ جوف أحدكم قيحاً خير من أن يمتلئ شعراً"؛ يقال منه: رجل موري- غير مهموز- هو أن يروى جوفه؛ وقال أبو عبيدة: هو أن يأكل القيح جوفه. وقال عبد بني الحسحاس: وراهن ربي مثل ما قد ورينني ... وأحمى على أكبادهن المكاويا

وقال الشعبي: يعني منالشعر الذي هجي به النبي صلى الله عليه وسلم. قال أبو عبيدة: والذي في هذا الحديث غير هذا القول؛ لأن الذي هجي به النبي صلى الله عليه وسلم لو كان شطر بيت لكان كفراً. فكأنه إذا حمل وجه الحديث عن امتاء الجوف منه أنه قد رخص في القليل منه. ولكن وجهه عندي أن يمتلئ جوفه حتى يغلب عليه، فيشغله عن القرآن وعن ذكر الله من أي شعر كان. فأما إذا كان القرآن والعلم الغالب عليه، فليس جوفه عندنا ممتلئاً من الشعر. والثور يري الكلب: يطعنه في رئته؛ قال مرار بن منقذ في وصف رجل: كم ترى من شانئ يحسدني ... قد وراه الغيظ في صدر وغر وقولهم: ورى فلان بكذا عن كذا أي عرض عنه؛ ومنه أن النبي صلى الله عليه وسلم: "كان إذا أراد سفراً ورى بغيره"، أي عرض بغيره. وقولهم: واظبت فلاناً على هذا الأمر أي أقمت على المواظبة عليه، والمداومة فيه، والتعاهد له. وتقول: وظب الرجل يظب وظوباً؛ ويقال للروضة إذا تدوولت بالرعي حتى لم يبق كلأ: إنها لموظوبة. الورود الورود إلى الشيء: الإتيان إليه دون الدخول فيه؛ ورد فلان كذا وكذا: أتاه

ووصل إليه وإن لم يدخله؛ ومنه قوله تعالى: {وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ} أتاه ولم يدخله. ابن عباس في قوله تعالى: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا} يعني الطريق عليها والنظر إليها، ولم يقل إنهم يدخلونها. وقال: وربما وردت الشيء ولم تدخله. وذهب المبرد إلى معنى قول ابن عباس: واردها: ناظر إليها، كقولك: وردت مدينة كذا، بمعنى أنه يراها ولم يدخلها. والدليل على أن الورود إلى الشيء الإتيان إليه قول ذي الرمة يصف ماء قديماً لا عهد له بالورود وقد تغير. قال ذو الرمة: وماء قديم العهد بالناس آجن ... كأن الدبا ماء الغضا فيه يبصق وردت اعتسافاً والثريا كأنها ... على قمة الرأس ابن ماء محلق فأدلى غلامي دلوه يبتغي بها ... شفاء الصدى والليل أدهم أبلق فقد بيَّن أن وروده إياه إتيانه إليه لا دخوله فيه. وقوله تعالى: {فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ فَأَدْلَى دَلْوَهُ} أي ساقيهم في التفسير. ووردت إبلي الماء، أي أتته شربته أو لم تشربه؛ لا يريدون أنها دخلته. وربما يصح دخولها ووقوعها فيه؛ وهذا ظاهر معروف في كلامهم صحيح. والوِرْد: وقت يوم الورود؛ والفعل ورد يرد الوارد وروداً. والوِرْد أيضاً: اسم من ورد يوم الورود، وما وَرَدَ من جماعة الطير والإبل، فهو وِرْد. وقوله تعالى:

{وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْداً} معناه: كما تساق الإبل يوم وردها. وأهل التفسير من الفقهاء يقولون عطاشاً؛ والمعنى: ننتظم ذلك لأن الإبل إذا سيقت في يوم وردها، فهي في ذهابها إلى الماء عطاش؛ هكذا عن الخليل. والوِرْد: من أسماء الحُمَّى؛ وقد وُرِد الرجل فهو مورود محموم. قال: إذا ذكرتها النفس آلت كأنها ... علاها من الورد التهامي أفكل والوَرْد: معروف؛ والوَرْد: لون [أحمر] يضرب إلى صفرة حسنة في ألوان الدواب وكل شيء، والأنثى وردة. وقد وَرُدَ ورودة؛ وفي لغة: قد ايرادَّ يورادُّ على قياس إدهام يدهام؛ قال الشاعر: أيا ابنة عبد الله وابنة مالك ... ويا ابنة ذي البردين والفرس الوَرْد وفي القرآن: {فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ}. والوريد: عِرق، وهما وريدان مكتنفا صفحتي العنق مما يلي مقدمها، وهما متصلان من الرأس إلى الوتين، عرقان غليظان. يقال للغضبان: قد انتفخ وريداه، والجمع الأوردة والورود أيضاً؛ ومنه قوله تعالى: {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ}. [الوتين] والوتين: عرق في الظهر يسقي الكبد؛ وثلاثة أوتنة والجمع الوُتن.

ورجل موتون، إذا انقطع وتينه وهو نياط القلب؛ قال الشماخ: إذا بلغتني وحططت رحلي ... عرابة فاشرقي بدم الوتين والأتون: الثبات في الموضع؛ يقال: أتن ووتن. قال: أتنت لها فلم أزل في خيامها ... مقيماً إلى أن أنجزت خلتي وعدي الولد الولد: اسم يجمع الواحد [والكثير] والذكر والأنثى، وفيه لغات: وُلْد ووِلْد ووَلَدَ- وهي هذلية- وقد قرئ بالجميع. والوليد: الصبي؛ قال: لقن وليدك يلقن ما تلقنه ... إن الوليد إذا لقنته لقنا والوِلْدان: جمع الوليد؛ والوِلدة: جماعة الأولاد؛ والوليدة: الأمَة؛ والوَلُود: كثيرة الأولاد؛ والوِلادة: وضع المرأة الوالدة ولدها. الوَدْيُ الودي: الماء يخرج رقيقاً على إثر البول، ويقال بالذال أيضاً. ويقال: ودى يدي، وأودى يودي، والأول أجود. ويقال للحمار إذا أنعظ: ودى، وهو واد؛ ويقال: بل وديه ما قطر منه من الماء عند الإنعاظ. والودي- مشدد: فسيل النخل الذي يقطع للغرس؛ الواحدة ودية، وتجمع

ودايا أيضاً. وتقول: ودى فلان فلاناً، إذا أدى ديته إلى أوليائه؛ قال جميل: أهلوك يا بثين أوعدوني أن يقتلوني ثم لا يدوني وقال أيضاً: إذا ما رأوني طالعاً من ثنية ... يقولون: من هذا؟ وقد عرفوني يقولون لي: أهلاً وسهلاً ومرحباً ... ولو ظفروا بي ساعة قتلوني فكيف ولا توفي دماؤهم دمي ... ولا مالهم ذو ندهة فيدوني ويروى: ندهة بفتح النون- وكلاهما الكثرة في المال. [وذأ] وتقول: وذأت عيني، إذا نبت عنه؛ وتقول: وذأته فتذاءى، أي زجرته فانزجر. والوذْء: الشتم. وقولهم: ليس في هذا الأمر وتيرة أي غميزة ولا فترة؛ قال زهير يصف بقرة في خطرها: نجأ مجد ليس فيه وتيرة ... وتذبيبها عنه بأسحم مذود وأما ما جاء في الحديث: "لم يزل على وتيرة واحدة حتى مات" فإن الفقهاء

فسروا الوتيرة: المداومة، وهو من التواتر يعني سجدة واحدة. والمواترة: هي المتابعة؛ ويقال: جاءت [الإبل والقطا] متواترات؛ وقد تواترت الإبل والقطا، إذا جاء بعضها في إثر بعض ولم يجئن مصطفات. ومنه: واتر كتبك؛ ومنه قوله تعالى: {ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَى}. وتقرأ على وجهين: بإرسال الراء تترى، وبالتنوين تترىً. فمن قال: تَتْرَى، قال معناه: وَتْرَى، فجعل بدل الواو تاء وهو جماعة مثل سكرى؛ ومن نون يقول: معناه: نعتاً، فجعل تترىً فعل الفاعل. والوتر: الذي يعلق على القوس، وجمعه أوتار؛ والفعل أوترت القوس توترها. والوترة: جليدة بين الإبهام والسبابة؛ والحاجز بين المنخرين وترة. والوتيرة: غرة الفرس إذا كانت مستديرة؛ وربما كان الفرس بهيماً فينتف ذلك الموضع لينبت عليه شعراً أبيض. والوتيرة: حلقة يتعلم عليها الطعن. وقولهم: قد وتر فلان فلاناً أي أدركه بمكروه؛ والوَتْر والوِتْر: الترة، وهي الظلامة في دم ونحوه. قال: والله لو بك لم أدع أحداً ... إلا قتلت لفاتني الوتر يعني أن الجميع ليس يرقأ دمه. وتقول في الذحل: وترته فأنا أتره وتراً. والوَتْر: لغة في الوِتْر، وهي كل شيء كان فرداً؛ والثلاثة وِتْر، قال [النبي صلى الله عليه وسلم]: "إذا استجمرتم فأوتروا"؛ وسميت صلاة الوتر لأنها ثلاث ركعات أو ركعة؛ وفعله أوتر يوتر إيتاراً.

وقوله تعالى: {وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ} قال مجاهد: الشفع: الزوجان، وما خلق الله تعالى كله شفع، والسماء والأرض شفع، والليل والنهار شفع، والذكر ولاأنثى شفع، والبر والبحر شفع. والوتر: الله جل وعز لأنه واحد لا شريك له؛ قال الشاعر: فيومان للمهدي يوم نواله ... يعدُّ ويوم باسل يمطر الدما يقسم في وتر وشفع تخاله ... على العدل بين الناس بؤساً وأنعما وعن ابن عباس قال: الوتر آدم شفع بزوجته، أي جعل بزوجته شفعاً. الوَفْر الوفر: المال الكثير؛ قال حاتم: وقد علم الأقوام لو أن حاتماً ... أراد ثراء المال كان له وفر والوافر: التام، وهو موفور؛ وقد وفرته وفرة ووفوراً، والمستعمل وفرته توفيراً. والوفرة من الشعر: ما بلغ الأذنين. الولاية الولاية- بالفتح- بمعنى النصرة؛ وقد قرئ: {هُنَالِكَ الْوَلايَةُ لِلَّهِ} بالفتح والكسر، والفتح بمعنى النصرة، والكسر بمعنى التولي، والمثل: ولي فلان ولاية، أي ولي عملاً أو أمراً. قال الفراء: وسمعناهم بالكسر في المعنيين. وأنشد:

دعيهم فهم ألب علي ولاية ... وحفرهم أن يعلموا ذاك دائب وقال أبو عبيدة: الولاية: مصدر الولي، فإذا كسرت فهي مصدر وليت العمل والأمر كله واحد. والولاية- بالفتح: ضد العداوة، وهو من الموالاة؛ ويقال: ولي بين الولاية- بالفتح، والولاية- بالكسر- فهي ولاية الوالي البلد. والولي: ضد العدو؛ والمولى: هو الولي، والموالي: الأولياء. قال الله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لا مَوْلَى لَهُمْ}، أي أن الله تعالى ولي الذين آمنوا الناصر لهم، والكافرين لا مولى لهم: لا ناصر لهم. قال الفراء: وقرأها عبد الله: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لا مَوْلَى لَهُمْ} أراد: لا ولي لهم. وقوله: {النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ} أي هي أولى بكم. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أيما امرأة تزوجت بغير إذن مولاها فنكاحها باطل"، يعني وليها؛ قال الأخطل: كانوا موالي حق يطلبون به ... فأدركوه وما ملوا وما لغبوا والموالي أيضاً: بنو العم؛ قال: مهلاً بني عمنا مهلاً موالينا ... لا تنبشوا بيننا ما كان مدفونا

(×××) لاسم لاختلاف اللفظ، وهو كثير حائز. قال آخر: موالينا إذا افتقروا إلينا ... وإن أثروا فليس لنا موالي والمولى: المملوك؛ والولي: [ولي] اليتيم ونحوه؛ والموالاة: اتخاذ المولى؛ والموالاة أيضاً: أن توالي بين رميتين أو فعلين في الأشياء كلها، تقول: أصبته بثلاثة أسهم ولاء، [وأفعل هذه الأشياء] على الولاء، أي الشيء بعد الشيء. والولاء- بالفتح: [ولاء] العتق، وولاء المولى- مصدر: من يحب. والولي: المطر الذي يكون بعد الوسمي؛ [تقول]: وليت الأرض ولياً، فهي مولية قد ولاها الغيث. والولية: الحِلس، والولايا جمعها. وولى الرجل، أي أدبر، وتولى: أجمع، لأنه لا يكون متولياً في حال الإعراض ونحوه. مر شيء من ذكره في حرف الميم. وقولهم: فلان وني في هذا الأمر أي فتر فيه وقصر؛ والونى: الفترة في العمل ومنه التواني؛ تقول: لا يني فلان عن كذا- أي لا يعجز ولا يقتر- ونياً وونيا، والأول أجود. قال العجاج:

فما ونى محمد مذ أن غفر له الإله ما مضى وما غبر أي أظهر التوبة تى طهر. والعرب تقول: لا يني فلان يفعل كذا، أي لا يزال. وناقة وانية، أي طليحة؛ والفعل ونيت ونياً لا يقال إلا هكذا؛ قال: ووانية زجرت على قفاها ... قريح الدفتين من البطان [وقال] امرؤ القيس: مسح إذا ما السابحات على الونى ... أثرن الغبار بالكديد المركل مسح: يسح الجري سحاً، أي يصبه صباً؛ يقال: فرس مسح وسحاح وسحساح، إذا انصب؛ السابحات: اللواتي في عدوهن سباحة؛ على الونى: على الجهد والفتور. تقول: إذا فعل العتاق كذا كان هو مسحاً؛ والكديد: الأرض الغليظة؛ والمركل: الذي قد سلك ووطئ وركل بالأرجل. والونى يمد ويقصر، فمن قصره كتبه بالياء. الوحا الوحا: الصوت- مقصور، والوحاء- ممدود: السرعة. وقولهم: الوحا الوحا- يمدان ويقصران. [الوجا] والوجا- بالجيم: هو الإعياء؛ يقال: وجي البعير وجاً شديداً، وهو بعير وج،

وناقة وجية- مخفف بلا همز. [الوِجَاء] والوجاء- بكسر الواو، أصله الهمز: وهو أن يضرب عرق البيضتين حتى يفضخ، فيكون شبيهاً بالخصي، وفي الحديث: "عليكم بالصوم فإنه وجاء". وقولهم: امرأة وحمى وورهاء ووزأة [وحمى] فأما وحمى: فهي الشهوى على حملها؛ تقول: وحمت تحم وحماً، وقيل: وحمت توحم، فهي وحمى بينة الوحام؛ وقال الشاعر: وكلفت الوحمى بليل حليلها ... شحوم الذرى والمفظعات الغرائبا وقال العجاج: أزمان ليلى عام ليلى وحمى أي شهوى. ونساء وحام ووحامى. والوحم والوحام في الدواب، إذا حملت استعصت فيقال: وحمت. قال لبيد: يعلو بها حدب الإكام مسحج ... قد رابه عصيانها ووحامها

وحامها: الشهوة على الحمل؛ وقيل: وحامها ههنا: الحمل؛ وقيل: وحامُها: هربها؛ يقال: وحمت: هربت. [ورهاء] وأما ورهاء فمعناه: خرقاء بالعمل؛ والوره: الخرق في كل عمل؛ قال: ترنم ورهاء اليدين تحاملت ... على البعل يوماً وهي مقاء ناشز المقاء: كثيرة الماء؛ ناشز: الناشز: النافر. وقد توره فلان في عمل هذا الشيء، إذا لم يكن له به حذاقة. [وزأة] وأما وزأة فالقصيرة؛ يقال: رجل وزأ، وامرأة وزأة؛ ويقال: رجل وزواز: طياش خفيف؛ ورجل إوز، وامرأة إوزة، أي غليظة وهي لحيمة أيضاً من غير طول. والإوز: من أسماء الحمار المصك الشديد؛ والإوز: طير الماء، الواحدة إوزة- بوزن فعلة- ويقال: هو البط، كقول الأعشى: ترى الإوزين في أكناف دارتها ... فوضى وبين يديها التين منثور [وازى] وتقول: فلان ما يوازي فلاناً في عقله وحلمه ولا يوازيه، أي ما يساويه ويجاريه فيه. ونيم الذباب ونيم الذباب: ذرقه؛ يشبه بنقط المداد. قال:

لقد ونم الذباب عليه حتى ... كأن ونيمه نقط المداد الوعد الوعد: يكون في الخير وقد يكون في الشر أيضاً؛ قال الله تعالى: {النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ}. ويكون الوعد والعدة مصدراً واسماً؛ فأما العدة فتجمع العدات، قال جرير: تعللنا أمامة بالعدات ... وما تشفي القلوب الصاديات وتقول: وعدته خيراً وأوعدته شراً، ولا تجوز أوعدته إلا في الشر. وعن يحيى ابن خالد الكريم: إذا وعد وفى، وإذا أوعد عفا. وقد جاء عن بعض العرب: أوعدته، وهو شاذ قلل غير ظاهر؛ والمعروف ما ذكرناه. قال: وإني وإن أوعدته وعدته ... لمخلف إيعادي ومنجز موعدي والوعد في الخير، والوعيد في الشر؛ قال أبو عبيدة: الوعد والوعيد والميعاد واحد، وما قال عدة. وتقول: وعدته وعداً وعدة وموعدة وموعوداً وموعداً. وعن النبي صلى الله عليه وسلم: "العدة عطية". والموعد: موضع التواعد، وهو الميعاد، ويكون مصدر وعدته، ويكون وافياً للخير؛ والميعاد لا يكون إلا وفياً أو موضعاً.

وكان رجل من أهل يثرب في الجاهلية أكذب الناس موعداً يسمى عرقوباً. وعد أخاه شيئاً من نخلة، فقال: حتى تبلح؛ فلما أبلحت قال: حتى تزهو؛ فلما زهت قال: حتى ترطب؛ فلما أرطبت قال: حتى تتمر؛ فلما أتمرت قال: حتى تصرم؛ فلما صرمها لم يعطه شيئاً، فذهبت مثلاً. قال كعب بن زهير: كانت مواعيد عرقوب لها مثلاً ... وما مواعيدها إلا الأباطيل وقال يحيى بن زياد الكوفي: فأكذب من عرقوب يثرب لهجة ... وأبين شؤماً في الكواكب من زحل وقولهم: ويل الشجي من الخلي أي ويل المهموم من الفارغ والشجي: الذي كأن في حلقه شجاً من الهم؛ والشجا: الغصص، يقال: شجي يشجى شجاً إذا غص؛ قال: صريع سلمى أتى موت شجيت به ... إن دام ما بي ورب البيت قد أفدا وقال أكثر أهل اللغة: ويل الشجي من الخلي، بتخفيف الياء في الشجي، وتثقيلها في الخلي؛ وكذلك عن أبي العباس في "الفصيح". وقال الأصمعي: بتثقيلهما؛ قال الشاعر: ويل الشجي من الخلي فإنه ... نصب الفؤاد لشجوه مهموم

الأمثال على الواو - "وا بأبي وجوه اليتامى". - "وافق شن طبقة". - "وقعت عليه رخمته". - "ول حارها من تولى قارها". - "وحمى ولا حبل".

حرف الهاء

حرف الهاء

بسم الله الرحمن الرحيم الهاء حلقية، وعددها في القرآن ستة عشر ألفاً وسبعون هاء، وفي الحسابين خمسة، وهذه صورة الخمسة في الحساب الهندي: (×××). والهاء تبدل من الألف، فيقال: فيه هشاشة وأشاشة؛ وتقول: ها زيد، يريدون: يا زيد؛ وقرئ: {هِيَّاكَ نَعْبُدُ وَهِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}، وقال الشاعر: فهياك والأمر الذي إن تشعبت ... موارده أعيت عليك مصادره وتقول: وهياك وفلاناً. وبعض العرب، وهم طيئ، يجعل مكان كل ألف مستفهمة هاء؛ تقول: هزيد فعل ذاك؟ هعندك أحد؟ وقال بعضهم: فأتى صواحبها فقلن: هذا الذي ... منح المودة غيرنا وجفانا؟ يريد: أذا الذي؟ لأن ألف الاستفهام زائدة. وهم يفعلون ذلك في كثير مما يزاد من الألفات؛ تقول: هيهات وأيهات، وهيا وأيا فلان، وهيم الله وأيم الله، وأما والله وهما والله. والعرب قد تركت الهاء في أحرف يسيرة مما هو على ثلاثة أحرف؛ وذلك قولهم في تصيغر عرس عريس، وتصغير درع الحديد دريع، وفي الناب من الإبل نييب، وحرب حريب، وقدر قدير، كله مؤنث. والهاء حرف هش قد يجيء خلفاً من الألف التي تبنى للقطع؛ كذا عن الخليل. والهاء قد تقلب تاء عند بعض العرب، فيقول: هذه قطات، وحب الذرت؛

يريدون القطاة عند بعض العرب، والذرة. وقد مر في حروف التاء. والهاءات ثماني: هاء تأنيث، نحو قائمة وقاعدة ونحوه. وهاء استراحة، نحو: كتابيه، ومنه قوله تعالى: {هَاؤُمْ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ، إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسَابِيَهْ}. قال الشاعر: يا ويلتي ويل ليه ... أفنى قديد رجاليه فلأثبتن على الزما ... ن بشر ما أبلانيه وهاء الندبة، [نحو]: أزيداه ويا عمراه. وهاء المبالغة، نحو: علامة ونسابة. وهاء السحنة، نحو: شبه ووجه. وهاء الإشارة، نحو: هذا وهذه. وهاء الضمير، نحو: طلبته وناظرته. قال الخليل: الهاء بدل الاستفهام كقوله [تعالى]: {هَاأَنْتُمْ أُوْلاءِ تُحِبُّونَهُمْ}، وتقول: ها إنك زيد، وتقصر فتقول: هإنك زيد. قال النابغة: ها إن تا عذرة إلا تكن نفعت ... فإن صاحبها قد تاه في البلد يقول: عذرة، أي معذرة؛ وتقول: ذا أمة الله، وتا أمَة الله، وهذه أمة الله، وهذي أمة الله، وكل واحد.

ويروى: ها إن ذي؛ يريد هذه. وقول العرب: لا ها الله، وهو يمين؛ قال زهير: تعلمن ها لعمر الله ذا قسماً ... واقصد بذرعك وانظر أين تنسلك والمعنى تعلم هذا قسماً لعمر الله. ويقال: هائك زيد وهائيك زيد؛ هاء- ممدودة؛ كقولك: لا بل يسألك حين تدعو باسمه فيقول: ها؛ وطال بالياء. وها: من زجر الإبل؛ تقول: ههيت بها هيهاة؛ ومن قال: هاء كحاء، قال: هاهيت. وهاء: حرف يستعمل في المناولة؛ تقول: هاء وهاك، فإذا جئت بكاف الخاطبة مددت، فكانت المدة في هاء خلفاً من كاف المخاطبة؛ فتقول للرجل: هاء، وللمرأة: هاء، وللاثنين من الرجال والنساء: هاءا، وللنساء هاؤن يا نسوة بمنزلة ها كُنَّ؛ ولم يجيء في شيء من كلام العرب يجري مجرى المخاطبة غير هذه المدة التي في وجوه ها. وإذا قال لك: هاء، قلت: ما أهاء يا هذا؛ أي ما أخذ وما أعط. وقال الفراء: ها أنتم هؤلاء؛ يقال له التقرير، والأنتما تجعل حشواً فيما بين التثنية وذا الذي يشار إليها؛ فيقال: ها أنت ذا فعلت، وفي التثنية: ها أنتم ذان، وفي الجمع: ها أنتم هؤلاء. وتقول: ها أنا [يا] رجل- بفتح الهمزة، وهأنا [يا] رجل- بجزم الهمزة، وهاك يا رجل. وتقول للمرأة في اللغات الثلاث: هائي يا امرأة، وهاك يا امرأة. وتقول في التثنية فيمن فتح همزة [هاء]: هاؤما يا رجلان، وهاؤم يا رجال،

وهاؤن يا نسوة. ومن كسر الهمزة في هاء يا رجل قال في التثنية للذكرين وللأنثيين: [هائيا]، وللذكران: هاؤوا، وللإناث: هائين. وفي إدخال الكاف للذكرين: هاكما، وللجمع: هاكم، وللإناث: هاكن؛ وهذه الحكاية عن غير الخليل. وأما هذا وهذاك فإن ها فيهما للتنبيه. [هه] قال الخليل: هه تذكرة في حال، وتحذير في حال؛ فإذا مددتها وقلت: هاه، كانت وعيداً في حال، وحكاية [لضحك] الضاحك في حال؛ تقول: ضحك فقال: هاه هاه؛ وتكون هاه في موضع آه من التوجع. قال: تأوَّه آهة الرجل الحزين ويروى: تهوه هاهة الرجل الحزين وبيان القطع أحسن. [هِيهِ وهِيهَ] وتقول: هيه- مكسورة ومفتوحة- في موضع إيهِ وإيهَ. هو للعرب فيها أربع لغات:

منهم من يقول: هو زيد؛ وهي اللغة الفاشية، وبها نطق القرآن. ومنهم من يقول: هو زيد- بسكون الواو؛ لأن الواو ملحقة، فلما كانت ملحقة لم ينل كونها. قال الكميت: سعيد وما يفعل سعيد فإنه ... نجيب قؤول هو وفي الرباض يخيب فسكن الواو. ولو أن قارئاً قرأ: {هُوَ رَبُّكُمْ} لم يكن لاحناً لهذه اللغة. وبعضهم يقول: هو بالتثقيل؛ قال: وإن لساني شهدة يشتفى بها ... وهو على من صبه الله علقم وتروى: ميسم؛ فثقل، وهي لغة تميم. فإذا كان قبل هو واو وفاء جاز إسكان الهاء؛ تقول: وهو زيد، وهو عمرو، وقد قرئ: {وَهْوَ اللهُ}؛ قال العجاج: وهو الذي أنعم نعمى عمَّت على الذين أسلموا وسمت فسكن الهاء لما كان قبلها واو. وقال النقاش في قوله تعالى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}: هو: إثبات اسم مضمر

في الهاء، وأشارت القلوب إلى الله الذي لا تدرك كيفيته، ثم أظهر الاسم المضمر الذي في قوله: هو، بقوله الله، معرفاً لهم؛ وهو معروف بكل لسان، وهو اسم الله الأعظم. وقد تجيء في الكلام توكيداً؛ قال الله تعالى: {ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}، ولو لم تكن هو في الكلام. وفي قراءة عبد الله: ذلك الفوز العظيم، بغير هو. وفي قراءتنا: {فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ}، وفي مصاحف أهل المدينة: {فَإِنَّ اللَّهَ الْغَنِيُّ} بغير هو. هي للعرب ثلاث لغات: هي: وبها نطق القرآن. وهي- بجزم الياء: قال عبيد بن الأبرص الأسدي: أخلف ما بازل سديسها ... لاحقة هي ولا نيوب فسكن الياء؛ وهي لغة بني أسد. وهي- بالتثقيل: آخر: إلا هي يا هذا فدعها فإنما ... تمنيك ما لا تستطيع غرور ويروى: ما لا يستطيع.

قال الشاعر: ألا هي إلا هي لا هي كلفت ... فؤادك شوقاً إثر ذاك حنين وتقول: هو للواحد، وهما للاثنين، وهي للواحدة، وللاثنتين هما يستوي الذكر والأنثى في التثنية، وفي الجمع المذكر هُمْ وهُمُ- بجزم الميم وتحريكها- ومنهم من يثبت الواو فيقول: هُمُو؛ قال زهير: متى يشتجر قوم يقل سرواتهم ... هم بيننا فهم رضاً وهم عدل فجزم وحرك، وفي جمع المؤنث هن. [هذا] كان هذو، وكثر استعمال هذه الكلمة فحذفوا الضم وجعلوا رفعه ونصبه وجره متروك الإعراب. ومما جاء على الأصل قول الشاعر: هذوه الدفتر خير الدفتر في كف قرم ماجد مصور فرده إلى أصله فقال: هذوه، والهاء للاستراحة والسكت. وإنما قال: هذوه، ولم يقل: هذا هوه؛ لأنه ذهب به مذهب قولهم: فداء؛ قال الراجز: أيها فداء لك يا فضاله أجره الرمح ولا تهاله

وفي كتاب: هذا به الدفتر خير دفتر. ويقولون: هذاك، بمعنى هذا؛ قال: أوردها سعد وسعد مشتمل يا سعد لا تروى بهذاك الإبل في هذه خمس لغات: يقال: هذه وهذي؛ حكى الكسائي عن العرب: {وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ}. قال الحارث بن ظالم: بدأت بهذي ثم أثني بهذه ... وثالثة تبيض منها المقادم وقال نصيب: فأودى ولا أبكي وهذي حمامة ... بكت شجوها لم تدر ما اليوم من غد وقال المجنون: فما لشهور الصيف أمست قد انقضت ... وهذي النوى ترمي بليلي المراميا

آخر: خليلي هذي زفرة اليوم قد مضت ... فمن لي غداً من زفرة قد أظلت وقالوا: هذي، لأن الياء من علامات التأنيث كالهاء. ويقال: هذِ قامت- بكسر الذال. من غير إثبات الياء. وهاتا لغة طيئ؛ قال حاتم: إن كنت كارهة معيشتنا ... هاتا فحلي في بني بدر ويقال: ذه وذي؛ وروى هاشم: تا قامت، وأنشد: خليلي لولا ساكن الدار لم أقم ... بتا الدار إلا عابراً لسبيلي ها .......................................... هَلْ خفيفة: حرف استفهام؛ تقول: هل كان كذا؟ وهل لك في كذا؟ فمن قال: من هل له في كذا؟ فهو قبيح. وأما قول زهير: وذي نسب ناء بعبد وصلته ... بهل لك لا تدري متى أنت واصله فإنما هو اضطرار.

والهل في جواب هل لك يثقل؛ قال الخليل: قلت لأب الدقيش: هل لك في زبد ورطب؟ فقال: أشد الهل وأوحاه. وهل قد تدخلها في معنى التعزير والتوبيخ ما تدخل ألف الاستفهام كقوله تعالى: {هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ}. هذا استفهام فيه تعزير وتوبيخ. والمفسرون يجعلونها في بعض المواضع بمعنى: قد؛ كقوله تعالى: {هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ}، و {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ}، و {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى}؛ هكذا كله بمعنى: قد. وقوله تعالى: {هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَنْ تَاتِيَهُمْ الْمَلائِكَةُ}، و {هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ السَّاعَةَ}، و {هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ تَاوِيلَهُ}؛ هذا كله عندهم بمعنى: ما. وهي والأولى عندهم أهل اللغة تقرير واضح. قال الكسائي: العرب تقول: هل رأيت ما صنع فلان؟ وألم تسمع لقيل قلان؟ وأما سمعت ما قال؟؛ [فالاستفهام يعني]: قد علم أنه قد رآه وقد سمعه؛ وهو من كلامهم. وقال ابن خالويه: كل ما في القرىن: {هَلْ أتاكَ} فهو بمعنى: قد أتاك. هل حرف استفهام؛ ودليل ذلك سكونه، والعرب تستفهم بحرف وحرفين؛ قال الأعشى:

أهل يكذب من أدلى بحجته ... وهل يكذب أمثالي إذا نطقوا فقال: أهل؟ فالألف حرف، وهل حرف، فهذان حرفان. ثم قال: وهل؟ وهو حرف؛ فقد جاءنا بالجميع في البيت. هَلاّ إذا دخلت على ماض كانت توبيخاً ولم يكن لها جواب؛ كقولك: هلا قمت، هلا قعدت، هلا اتقيت ربك. وإذا دخلت على مستقبل كان جوابها بلا ولا؛ كقولك: هلا تقعد؛ جوابه بلا ولا. هؤلاء للعرب فيها لغتان: هؤلاء- بالمد، وهؤلا- بالقصر- على أصل الواحد إذا قالوا: هذا، كذلك قصروا الجمع؛ والمد على أصل الواحد هذا وهؤلاء. قال الأعشى: هؤلا ثم ها أولئك أعطيـ ... ـت نعالاً محذوة بمثال فأتى باللغتين كلتيهما. وقال الكميت: وكنت لهم من هؤلاء وهؤلا ... محباً على أني أذم وأقصب فقصر على قصر الواحد.

هو ذا قال السجستاني: بعض أهل الحجاز يقول: هو ذا بفتح الواو؛ وهو خطأ، لأن العلماء الموثوق بعلمهم اتفقوا على أن هذا من تحريف العامة وخطئها. والعرب إذا أرادت معنى هو ذا قالوا: هأنذا أفعل كذا؛ ويقول الاثنان: ها نحن ذان [نفعل كذا]؛ ويقول الجميع: ها نحن أولاء نفعل كذا. ويقال للمخاطب: هأنت ذا؛ وللاثنين: ها أنتما ذان؛ [وللجميع]: هأنتم أولاء تفعلون. ويقال للغائب: ها هو ذا يفعل؛ والاثنين: ها هما ذان يفعلان؛ وللجميع: ها هم أولاء يفعلون. قال: هأنذا آمل الخلود وقد ... أدرك عمري ومولدي حجراً وقال الله تعالى: {هَاأَنْتُمْ أُوْلاءِ تُحِبُّونَهُمْ}؛ أراد: هؤلاء أنتم، ففضل لذلك المعنى. قال أمية: لبيكما لبيكما ... هأنذا لديكما وإنما يجعلون المعنى بين ها وذا إذا قربوا الخبر؛ فمعنى هأنذا أفعل: قد قرب فعلي له. هاتِ تعني: أعطني؛ مكسورة التاء مثل: رام وغاد وعاط فلاناً؛ ومنه قوله تعالى: {هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ}، أي ائتوا به. قال الفراء: لم تسمع هاتيا للاثنين، إنما تقال للواحد والجمع؛ وللمرأة هاتي، وللنساء هاتين. ويقال: ما أهاتيك، بمنزلة ما أعاطيك. وليس في الكلام هاتيك، ولا يتمنى بها.

والمهاتاة: من قولك: هات استفهاماً. ومن هات تهاتى تاؤه أصلية. ويقال: بل الهاء في موضع قطع الألف في آتى يؤاتي. ولكن العرب قد أماتت كل شيء من فعلها إلا الأمر بهات. وقال: والله ما يعطي وما يهاتي وقال ابن السكيت: يقال للمرأة: هاتي، وللاثنين: هاتيا، وللجمع: هاتين؛ وهات يا رجل، وهاتيا للاثنين، وللجمع: هاتوا. وتقول: هات لا هاتيت، وهات إن كانت بك مهاتاة. وللرجال: أنت أخذته فهاته، وزنتما أخذتماه فهاتياه، وأنتم أخذتموه فهاتوه. وللمرأة: أنت أخذته فهاتيه، وأخذتماه فهاتياه، وأنتن أخذتنه فهاتينه. هيت لك قال الخليل: بمنزلة هلم؛ يقال: إنه من كلام أهل مصر. وقرأ بعضهم: هيتُ لك، بمعنى: تهيأت لك. وقال الكسائي: هيت لك لغة لأهل حوران؛ وتلك النائحة على معنى: تعال، وهي في قراءة ابن مسعود والعامة. وعن ابن عباس وعلي أنهما قرآ: هئت لك- مهموزة- من تهيأت لك. وأهل الحجاز يقرؤون: هِيْتَ لك، بمعنى تعال. قال الصبي: قرأه أهل الكوفة وابو عمرو: هَيْتَ لك- بفتح الهاء والتاء. وعن ابن مسعود وابن عباس والحسن: هيتَ لك، تقول: هلم لك؛ وقال أبو عبيدة مثل ذلك، وأنشد:

أبلغ أمير المؤمنيـ ... ـين [أخا العراق] إذا أتينا أن العراق وأهله ... سلم إليك فهيت هيتا يعني: علي بن أبي طالب؛ ومعنى سلم إليك: سلم لك. وقرأه أهل المدينة: هيت لك- بكسر الهاء وفتح التاء غير مهموز- وهو بمعنى: هيتَ، أي تعال. ويقال: هيَّتَ فلان بفلان، إذا دعاه وصاح به؛ قال: قد رابني أن الكري أسكتا لو كان معنياً بنا لهيتا هوت هوت: شتم؛ يقال: صب الله عليه هوتة وموتة. هلم هلم: بمعنى تعال؛ كلمة دعوة إلى شيء، الواحد والاثنان والجمع في التأنيث والتذكير فيه سواء إلا في لغة لبني سعد يقولون: هلم وهلما وهلموا. وأهل نجد يجعلونها من هلممت، فيثنون ويجمعون ويؤنثون. وتوصل باللام فيقال [هلم] لك، وهلم لكما. قال الخليل: أصلها: لُمَّ، ثم زيدت الهاء في أولها. وخالفه الفراء، فقال: أصلها:

هل ضم إليها أم، والرفعة التي في اللام هي من همز أم، لما تركت انتقلت إلى ما قبلها. وكذلك اللهم، أصلها: بالله آمنا نحن، وكثرت في الكلام واختلطت، وتركت الهمزة؛ هكذا ذكر القتبي. وفي كتاب العين قال: وقال الفراء: هلم في الأصل: هل أؤم، ثم تركوا الهمزتين فقالوا: هلم؛ وكانت كلمة يستفهم بها من يأتي طعام القوم، ثم كثرت فتكلم بها الداعي. ونظيره في الكلام: تعال يا هذا؛ وأصله من العلو، حتى قالوا: لمن فوق الجبل إذا دعي إلى أسفل: [تعال]، يعني: هلم. قال ابن الأنباري: "معنى هلم: أقبل، وأصله: أم، أي: اقصد؛ فضموا هل إلى أم، وجعلوهما حرفاً واحداً، وأزالوا [أم] عن التصريف، وحولوا ضمة همزة أم إلى اللام، وأسقطوا الهمزة فاتصلت الميم باللام؛ هذا مذهب الفراء. ويقال: هلم يا رجل، وهلم يا رجلان، وكذلك في الجمع والتأنيث؛ فوحد لأنه مزال عن تصرف الفعل، فشبه بالأدوات كقولهم: صه ومه وإيه وإيهاً؛ وكل حرف من هذا لا يثنى ولا يجمع ولا يؤنث. قال الله تعالى: {وَالْقَائِلِينَ لإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا}، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "ليذادن رجال عن حضوضي كما يذاد البعير الضال، فأناديكم: ألا هلم، فيقال: إنهم قد بدلوا، فأقول: فَسُحْقاً فَسُحْقاً فَسُحْقاً". وقال: وكان دعا دعوة قومه ... هلم إلى أمركم قد صرم ويجوز أن يقال للرجلين: هلما، وللرجال: هلموا، وللمرأة: هلمي، وللمرأتين:

هلما، وللنسوة: هلمن وهلممن. وحكى أبو عمرو عن العرب: هلمين يا نسوة وإذا قيل: هلم، فأردت أن تقول: لا أفعل، فتقول: لا هلم لا أهلمه". وقال ابن السكيت: قلت: لا أهلمه- مفتوحة الهاء والألف. هن هن: كلمة يكنَّى بها عن اسم الإنسان؛ تقول: أتاني هن؛ والأنثى هنة. وإذا دعوت امرأة فكنيت عن اسمها قلت: يا هنة؛ فإن وصلت النداء بالألف والهاء وقفت عندها في النداء، فقلت: يا هنتاه؛ وفي اللغة لاأخرى: يا هنتاه؛ وللأنثيين: يا هنتاناه. ومن العرب من يسكن، فيجعله مثل: مَنْ، فيجريها مجراها، والتنوين فيها أحسن، كقوله: إذ مِنْ هن قول وقول من هن وفي فلان هنات، أي أشياء من الشر؛ ولا تقال هنات في الخير. وقال رجل من طيئ: فنعم الحي كلب غير أنا ... رأينا في وجوههم هنات ويكنى عن الذكر بهن. الهَيْنُ والهَوْنُ

الهون: مصدر الهين في معنى السكينة والوقار. قال علي: أحبب حبيبك هوناً ما، وأبغض بغيضك هوناً ما؛ وتقول: تكلم على هينتك، ورجل هين لين؛ قال: وفي لغة: هين لين، وقال: هينون لينون في مجالسهم ... من خير ما يأتاهم الأدب آخر: هينون لينون ايسار ذوو يسر ... سواس مكرمة أبناء أيسار آخر: والحية النضناض لين مسها ... وتمج منها للنفوس حماما وأهون تكون بمعنى هين. والهون: هوان الشيء الحقير الذي لا كرامة له؛ تقول: أهنت فلاناً وتهاونت به واستهنت. ويقال: المؤمن استهان الدنيا وحقرها لآخرته. والهين على ثلاثة أوجه: الهين: السهل الذي لا مشقة فيه من العمل. والهين: الذليل؛ ومنه قيل للوادع من الناس: هو لين. قال: هينون لينون أيسار ذوو يسر ... سواس مكرمة أبناء أجواد والهين: الرخيص؛ يقال: هو هين الثمن، أي رخيصه؛ وأصله واحد، وهو من الهوان والهون وهما الذل.

وتقول: هون عليك الأمر يهن؛ قال الشاعر: هون عليك وكن بربك واثقاً ... فأخو التوكل شأنه التهوين آخر: هون عليك فإن الأمور ... بكف الإله مقاديرها آخر: هون عليك ولا تبت قلق الحشا ... مما يكون وعله وعساه وتقول: فلان يكرم نفسه ويهين نفسه هوناً؛ قالت الخنساء: وبيض حميت غداة الصباح ... وقد كفت الروع أذيالها تهون النفوس وهو النفو ... س يوم الكريهة أبقى لها وهان هذا الأمر يهون هوناً؛ قال: هان على الراقد ما يلقى الأرق هيهات هيهات: معناها التبعد؛ قال الله تعالى: {هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ} أي بعيد ذلك. قال الكسائي: هيهات تخفض وتنصب بلا تنوين لغتان؛ وإنما هي هيهاة إذا قطعت. وناس من العرب كثير يقولون: أيهات؛ ولا تصلح في القراءة إلا لأعرابي تلك لغته.

قال ابن الأنباري: في هيهات سبع لغات: هيهات- بفتح التاء وخفضها، وهيهات بالرفع والنصب والخفض مع التنوين؛ قال الأحوص: تذكر أياماً مضين مع الصبا ... وهيهات هيهاتاً إليك رجوعها والسابعة: أيهات؛ وأنشد الفراء لجرير: فأيهات أيهات العقيق ومن به ... وأيهات وصل بالعقيق تواصله ومن العرب من يقول: أيهان بالنون، ومنهم من يقول: إنها بلا نون. أنشد الفراء: ومن دوني الأعيار والنفع كله ... وكتمان أيها ما أشت وأبعدا قال الضبي: منهم من يقول: أهات أهات بالخفض. هُمام همام: سيد؛ والهمام: اسم من أسماء الملوك سمي به لعظم همته؛ قال الشاعر: نفس عصام سودت عصاما وعلمته الكر والإقداما وجعلته ملكاً هماماً

قال النابغة: ألم أقسم عليك لتخبرني ... أمحمول على النعش الهمام الهم الهم: الحزن؛ والهم: ما هممت به في نفسك من أمر لتفعله. ويقال: الهم بالنهار، والجم بالليل، وقد جاء الشعر بذكر الهم في الليل؛ قال: أقضي نهاري بالحديث وبالمنى ... ويجمعني والهم بالليل جامع وتقول: أهمني هذا الأمر؛ والمهمات من الأمور: الشدائد. والهم: الشيخ الفاني؛ وتقول: هذا الأمر لا يَهُمُّني- بفتح الياء- ولا يُهِمُّني- بضمها؛ فالفتح بمعنى لا يعنيني، من قولهم: شيخ هم، إذا كان كبيراً قد ذهب لحمه؛ وبالضم يعني: لا يقلقني. وقولهم: فلان تهجد البارحة أي سهر؛ وتهجد- تفعل: من الهجود؛ قال الله تعالى: {وَمِنْ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ} أي فاسهر بذكر الله والقرآن. وهجد الرجل هجوداً، إذا نام؛ [وهجد هجوداً، إذا سهر]، وهو حرف من الأضداد. وسب أعرابي امرأته، [فقال]: عليها لعنة المتهجدين، أي الساهرين؛ وقال الحطيئة:

فحياك ود ما هداك بفتية ... وخوص بأعلى ذي طوالة هجد يريد بالهجد: السواهر. وقال المرقش: سرى ليلاً خيال من سليمى ... فأرقني وأصحابي هجود أراد [بالهجود]: النيام. وقال لبيد: قال: هجدنا فقد طال السرى ... وقدرنا إن خنا الدهر غفل معنى هجدنا: نومنا. [وقولهم: جاء في وقت الهاجرة] الهاجرة: وقت شدة الحر، وسميت الهاجرة لأنها تهجر البرد. قال أبو العباس: ويجوز أن تكون سميت هاجرة لأنها أكثر حراً من سائر النهار؛ من قولهم: [فلان] أهجر من فلان، إذا كان أضخم منه. ويقال للحوض الضخم: الهجير؛ فيكون لفظه كلفظ الهجير إذا عني به الحوض الضخم؛ قال: وقد خضن الهجير وعمن حتى ... يفرج ذاك عنهن المساء والهجر: نصف النهار، وهو الهجير والهاجرة، وأهجر القوم، إذا ساروا وقت الهاجرة. قال عمر بن أبي ربيعة: أمن آل نعم أنت غاد فمبكر ... غداة غد أم رائح فمهجر

وسميت الهاجرة لوقتها وهو انتصاف النهار وشدة الشمس؛ قال الأعشى: وإدلاج ليل على غرة ... وهاجرة حرها يحتدم ويروى: محتدم. والحدم: شدة إحماء الشمس والنار ونحوها. وهجر فلان فلاناً، معناه: ترك تعاهده وكلامه. والهجر: الهجران؛ وقوله تعالى: {اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً} أي يهجرونني وإياه. والهجران: المصارمة، وهو أن يهجر الرجل أخاه لا يكلمه. وفي الحديث: "لا يهجر الرجل أخاه أكثر من ثلاثة أيام". واشتقت هجرة المهاجرين؛ لأنهم هجروا الديار والأولاد والعشيرة كفعل أهل الرقيم. وقال عمر رحمه الله: هاجروا ولا تهجروا، أي أخلصوا الهجرة ولا تشبهوا بالمهاجرين، كما تقول: يتحلم وليس بحليم. قال الشاعر: وأكثر هجر البيت حتى كأنني ... مللت وما بي من ملال ولا هجر والهُجْر- بالضم: هذيان المبرسم وداؤه؛ وبشأنه قوله تعالى: {سَامِراً تَهْجُرُونَ} أي: تهذون في النوم. قال الشاعر وهو الكميت: ولا أشهد الهجر والقائليه ... إذا هم بهينمة هينموا الهينمة: الصوت الخفي شبه قراءة غير بينة. واليهود يهيمنون في بيعتهم؛ قال الشاعر:

ألا يا قيل ويحك قم فهينم ... لعل الله يصبحنا غماما الهيلمة: الكلام الخفي أيضاً. والاسم من الهجر: الهجيري؛ تقول: رأيته يهجر هجراً، وهجيري لغة فيه. قال ذو الرمة: رمى فأخطأ والأقدار غالبة ... فانصعن والويل هجيراه والحرب وهجيراه: عادته ودأبه؛ يعني: أن يكثر من قول: يا ويلاه! يا حرباه! ويردده. وفي الحديث: "كان هجيرى أبي بكر الصديق رحمه الله: لا إله إلا الله" أي دأبه وعادته قول ذلك وترداده. وقد أهجر القوم، إذا قالوا الخنا. الهذاء الهذاء: كثير الهذيان، وهو كلام غير معقول مثل كلام المبرسم والمعتوه ونحوه؛ تقول: هذى يهذي هذياناً وهذاء. وقيل: إن رجلاً رفع قصة إلى بعض الملوك، فلم يفهم عنه إرادته؛ فوقع على ظهرها: هذا هذا هذا؛ فلكم يفهم أيضاً عن الملك ما أراد، حتى رجع إليه واستفسر منه ذلك، فإذا هو: هذا هُذَاء! هذا هُذَاء! وقولهم: فلان يهاتر فلاناً أي يخاطبه بالسفه والكلام القبيح؛ مأخوذ من الهتر، والهِتْر: الساقط من الكلام. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "سبق المفردون، قالوا: وما المفردون؟ قال:

الذين أهتروا في ذكر الله، يضع الذكر عنهم أثقالهم، فيأتون يوم القيامة خفافاً". فالمفردون: الشيوخ الهرمى الذين مات لداتهم، وذهب القرن الذي كانوا فيه، فصاروا مفردين لذلك. قال الشاعر: إذا ما انقضى القرن الذي أنت فيهم ... وخلفت في قرن فأنت غريب وقوله: أهتروا في ذكر الله عز وجل: [الذين خرفوا وهم يذكرون الله]؛ يقال: قد خرف فلان في ذكر الله وطاعة الله؛ وقد هرم في ذكر الله؛ يرادد خرف وهرم وهو يطيع الله ويذكره. ويروى من طريق آخر: المفردون: المستهترون بذكر الله؛ والمستهترون: المولعون بالذكر والتسبيح. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "المستبان شيطانان يتكاذبان ويتهاتران". وقالالخليل: الهتر: مزق العِرْض؛ يقال: رجل مستهتر: لا يبالي ما قيل فيه، ولا ما شُتِم به. وأهتر الرجل، إذا فقد عقله من الكبر؛ تقول: مهتر. والتهتار: من الجهل والحمق. وأنشد بعضهم لابن العجاج: يا أبتا بلغت قولاً هتراً هجراً وما كنت تقول الهجرا

وللعرب لغة في هذه الكلمة دهدار، يريد تهتار. وقد مر هذا في حرف التاء. [وقولهم: قوم همج] الهمج أصله في كلام العرب: البعوض؛ ثم قيل للرذال من الناس: الهمج، واحد الهمج همجة؛ قال: بينا الفتى يسعى ويسعى له ... تاح له من أمره خالج يترك ما رقح من عيشه ... يعبث فيه همج هامج وقال علي بن أبي طالب: الناس ثلاثة: عالم رباني، ومتعلم على سبيل نجاة، وهمج رعاع أتباع كل ناعق. [وقولهم]: هزم القوم [معناه]: فرقوا وكسروا؛ والهزيمة: تفرق القوم وتكسرهم، مأخوذ من قولهم: تهزمت القربة والأداوة، إذا انكسرتا من يبس. والهزيم: السحاب المتشقق بالمطر، وكذلك هزيمة القوم تشققهم وتكسرهم؛ وقال المهدي بن الملوح: ولا زال من نوء السماك عليكما ... أجش هزيم دائم الوكفان وتقول: أصابت القوم هازمة من هوازم الدهر، أي ادهية كاسرة. وتقول:

هزمت عليك، أي عطفت عليك؛ قال: هزمت عليك اليوم يا ابنة مالك ... فجودي علينا بالنوال وأنعمي والاهتزام: الذبح؛ تقول العرب: اهتزموا شاتكم قبل أن تهزل فتهلك؛ قال الراجز: إني لأخشى ويحكم أن تحرموا فاهتزموا من قبل أن تندموا الهماز الهماز: المغتاب يهمز الناس؛ والهمزة واللمزة مثله. قال زياد الأعجم: تدلي بودي إذا لاقيتني كذباً ... وإن أغيَّب فأنت الهامز اللمزه ويقال: نعوذ بالله من الشيطان، وهمزه ولمزه، ونفثه ولمسه؛ يراد بالهمز: الغمز، والنفث: النفخ. قال حسان في أبي سفيان بن الحرب: همزتك فانخضعت لذل نفس ... بقافية تأجج كالشواظ يريد: غمزتك؛ والهمز: الغمز؛ تقول: همزت رأسه. وإنما سميت الهمزة لأنها تهمز فتنهمز عن مخرجها؛ يقال: يهت هتاً، إذا تكلم بالهمز. والشيطان يهمز الإنسان، إذا همس في قلبه وسواساً. وقولهم: هبلتك أمك أي ثكلتك، والهبل: الثكل؛ قال عِمران بن حطان:

قد كان يخشى ويرجى في عشيرته ... لأمه زينب الويلات والهبل آخر: يسل الناس ولا يعطيهم ... هبلته أمه ما أطمعه ورجل مهبل، إذا قيل له: هبِلتك أمك؛ ويقال للرجل: هبلت، قال امرؤ القيس: فقلت: هبلت ألا تنتصر والهبال: المحتال؛ والصياد يهتبل الصيد. قال- وهو ذو الرمة: ومطعم الصيد هبال لبغيته ... ألىف أباه بذاك الكسب يكتسب واهتباله: اغتنامه الصيد؛ يقال: سمعت كلمة فاهتبلتها، أي اغتنمها؛ والذئب هتبل، أي محتال. قال الشماخ: هبل فما ينفك يدعو زميله وهبل: اسم صنم كان لقريش؛ قال أبو سفيان يوم أحد: اعل هبل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: الله أعلى وأجل.

والمهبَّل: الكثير اللحم. والهِبِل: الشيخ الكبير، والمسن من الإبل؛ وقال بعضهم: الظليم المسن. وقولهم: ما يعرف هراً من بر قال الفراء: الهر: العق، والبر: اللطف؛ والمعنى ما يعرف براً من عقوق. وقال خالد بن كلثوم: الهر: السنور، والبر: الجرذ. وقال ابن الأنباري: ما يعرف هاراً من بار لو كتب له صفر. وقال أبو عبيدة: ما يعرف الهرهرة من البربرة؛ والهرهرة: صوت الضأن، والبربرة: صوت المعز. وقال ابن قتيبة: قال ابن الأعرابي: الهز: دعاء الغنم، والبر: سوقها. وقال غيره: هو من هرهرته؛ يريد ما يعرف من يكرهه ممن يبره. [وقولهم: بين القوم هوادة] الهوادة: الصلح والسكون؛ يقال: قد هود الرجل يهود تهويداً، ومنه قول عمران بن حصين: إذا مت فأخرجتموني فأسرعوا المشي، ولا تهودوا بي كما تهود اليهود والنصارى. وقال الشاعر: وتركب خيل لا هوادة بينها ... وتشقى الرماح بالضياطرة الحمر أي لا صلح بينهما. وقال الأموي:

بني هاشم كيف الهوادة بيننا ... وعند فلان سيفه ونجائبه أي كيف السكون والصلح [بيننا]. ويقال: الهوادة المحاباة؛ يقال: ليس بين الرب وبين أحد من عباده محاباة؛ قال عدي بن زيد: إذا ما امرؤ لم يرج منك هوادة ... فلا ترجها منه ولا دفع مشهد قال الخليل: الهوادة: النقيبة بين القوم يرجى بها صلاحهم وسلامة بعضهم من بعض؛ قال: فمن كان يرجو من تميم هوادة ... فليس لجرم من تميم أواصر الإصر: العهد. والتهود: التوبة؛ وقوله تعالى: {إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ} أي تبنا. والهود هم اليهود؛ هادوا يهودون هوداً. وسميت اليهود اشتقاقاً من هادوا، أي تابوا. والهدى: نقيض الضلالة؛ هدي المسلمون فاهتدوا. والعرب تقول: هدى الرجل يهدي، واهتدى يهتدي بمعنى. ولغة أهل الحجاز تثبت لك، أي هديت لك؛ ويقال: نزلت بلغتهم: {أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ}. والهدوء: السكون للحركات والأصوات؛ والهدوء من الليل: بعد نومة. ويقال: لا أهدأهم الله، أي لا أسكن الله عناءهم ونصبهم.

الهُدَى الهدى على سبعة عشر وجهاً: الأول: البيان؛ قوله تعالى: {أُوْلَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ}، ومثله: {وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ} أي بينا لهم، ومثله: {هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ} أي بينا له؛ ونحوه كثير. الثاني: الدين؛ قال الله: {إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى} أي إن دين الله هو الدين، ومثله: {إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللَّهِ} أي إن دين الله الإسلام هو الدين، ومثله: {إِنَّكَ لَعَلَى هُدًى مُسْتَقِيمٍ} وهو الإسلام. الثالث: الإيمان؛ قوله تعالى: {وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى} يزيدهم إيماناً؛ ومثله: {أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنْ الْهُدَى} أي عن الإيمان؛ ونحوه كثير. الرابع: الدعاء؛ قوله تعالى: {وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ} أي داع يدعوهم؛ ونحوه كثير. الخامس: المعرفة؛ قوله تعالى: {وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ}، ومثله: {أَمْ تَكُونُ

مِنْ الَّذِينَ لا يَهْتَدُونَ} أي يعرفون. السادس: الرسل؛ قال الله تعالى: {فَإِمَّا يَاتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى}؛ أي رسل. السابع: الرشاد؛ وقوله تعالى: {أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى} أي من يرشدني؛ ومثله: {عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ}. الثامن: أمر النبي صلى الله عليه وسلم أنه نبي ورسول؛ كقوله تعالى: {مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ الْهُدَى}، يعني: أمره عليه السلام أنه نبي ورسول. التاسع: القرآن؛ قوله تعالى: {وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمْ الْهُدَى} يعني: القرآن. العاشر: التوراة؛ قوله تعالى: {وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ}. [الحادي عشر: الاسترجاع عند المعصية؛ قوله: {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ} يسترجع عند المعصية]. الثاني عشر: الهدى إلى الحجة؛ كقوله تعالى: {وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} يعني: إلى الحجة.

الثالث عشر: التوحيد؛ قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى}. الرابع عشر: السُّنَّة؛ قوله تعالى: {وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ}، أي مستنون بسنَّتهم، ومثله: {فَبِهُدَاهُمْ اقْتَدِهِ}. الخامس عشر: الإصلاح؛ قوله تعالى: {اللَّهَ لا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ}، أي لا يصلح عمل الرياء. السادس عشر: التوبة؛ قوله تعالى: {إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ}، أي تبنا. السابع عشر: [الإلهام]؛ [قوله تعالى]: {وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى} قدَّر خلقه وهدى بإلهام الذكر الأنثى. ونظيرها في سورة طه: {أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى}، أي كيف يأتي الذكر الأنثى. وقولهم: هجم اللص على القوم أي دخل عليهم؛ من قول العرب: قد هجمت عين الرجل، إذا غارت ودخلت. ويقال: قد هجم البيت على القوم، إذا سقط عليهم ودخل. قال النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمرو بن العاص وذكر قيام الليل: "إنك إذا فعلت ذلك هجمت عيناك ونضبت نفسك".

هجمت: دخلت، ونفهت: كلَّت وأعيت. وتقول: هجمنا عليهم الخيل، ولم أسمعهم يقولون: أهجمنا. والريح تهجم التراب على الموضع، إذا جرفته فألقته عليه. والهجمة من الإبل: ما بين التسعين إلى المائة، فإذا بلغت مائة فهي هنيدة؛ معرفة ولا تجمع. قال: أعطوا هنيدة يحدوها ثمانية ... ما في عطائهم من ولا سرف وقولهم: قد أهل الهلال سمي هلالاً لأن الناس يرفعون أصواتهم بالإخبار عنه؛ من قول العرب: قد أهل الرجل واستهل، إذا رفع صوته. ومنه قوله تعالى: {وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ}، أي ما نودي به ورفعت الأصوات على الذبائح لغير الله. ومنه: قد أهل بالحج واستهل، أي رفع صوته بالتلبية. ومنه حديثه صلى الله عليه وسلم في المولود: " [الصبي] إذا ولد لم يرث ولم يورث حتى يستهل صارخاً"، أي حتى يرفع صوته بالصراخ ليستدل به على أنه سقط إلى الأرض. قال النابغة يذكر درة أخرجها الغواص من البحر: أو درة صدفية غواصها ... بهج متى يرها يهل ويسجد أي يرفع صوته بحمد الله والثناء عليه. قال ابن أحمر: يهل بالفرقد ركبانها ... كما يهل الراكب المعتمر أي يرفع صوته.

والهلال: غرة القمر حين يهله الناس في غرة الشهر، فيقولون: قد أهل الهلال، ولا يقولون: هل. والتهليل: قول لا إله إلا الله؛ تقول: قد أكثر من الهيللة، إذا أكثر من قول لا إله إلا الله. والهلال: الحية الذكر؛ والهلهل: السم القاتل؛ والهلهلة: سخافة النسج، [تقول]: ثوب مهلهل. والمهلهلة من الدروع: أردأها. والهلاهل: من وصف الماء الصافي الكثير؛ والتهليل: الفزع؛ يقال: أحجم فلان هللاً. قال كعب بن زهير: لا يقع الطعن إلا في نحورهم ... وما لهم عن حياض الموت تهليل ويقال: استهللنا الهلال وأهللناه، إذا نظرنا إليه قَبْلاً؛ وقال بعض: الاستهلال: طلب الهلال، والإهلال: رؤيته؛ والعرب تسمي الشهر الهلال. والهلال: لأول ليلة والثانية والثالثة، ثمقمر إلى آخر الشهر. والشهر سمي شهراً لشهرته؛ وقال الشاعر: لقد زاد الهلال إلي حباً ... وجوه تلتقي عند الهلال إذا ما لاح وهو شفى بشهر ... نظرت إليه من خلل الحجال والشفى بقية الهلال، وبقية النهار، وبقية البصر. والشفى: ما بين الليل النهار عند غروب الشمس، حيث يغيب بعضها ويبقى بعضها؛ قال العجاج: أوفيته قبل شفى أو بشفى والشمس قد كادت تكون دنفا

وتقول: رأيت الهلال قَبْلاً، أي في أول ما يرى. وقولهم: رجل هجع معناه: الأحمق الغافل الذي يستنيم إلى كل أحد. ويقال: هجع فلان، أي نام، والهجوع: النوم بالليل دون النهار؛ قال الله تعالى: {كَانُوا قَلِيلاً مِنْ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ}. وتقول: لقيته بعد هجعة؛ ورجل هاجع، وقوم هجع وهجوع. قال ذو الرمة: زار الخيال لمي هاجعاً لعبت ... به التنائف والمهرية النجب (وامرأة هاجعة، ونسوة هجع وهواجع وهاجعات؛ قال عمرو بن معد يكرب: أمن ريحانة الداعي السميع ... يؤرقني وأصحابي هجوع) وقولهم: رجل هلوع أي جزوع حريص؛ وهلع وهلواع وهلواعة ... كذلك قال الله تعالى: {إِنَّ الإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً} ثم فسره فقال: {إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً، وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً}.

ويقال: جاع فهلع، وأصيب فهلع، أي قل صبره. وقال أيضاً: كم من أخ لي ماجد ... بوأته بيدي لحدا ما إن جزعت ولا هلعـ ... ـت ولا يرد بكاي زيدا ويروى: زندا. والهلع: شدة الحرص. وناقة هلواعة: سريعة تخاف السوط. وقولهم: رجل هرع أي سريع المشي والبكاء؛ وهرع دمعه، إذا جرى فهو هرع. وأهرع الرجل فهو مهرع، إذا كان يرعد من غضب أو حمى أو غيره. والإهراع والهرع: شدة السوق؛ تقول: هرعوا وأهرعوا، وهم يهرعون أي يساقون ويعجلون. ويقال: هرع له، أي عجل إليه. وقال الله تعالى: {يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ}. والهرعة: القملة الكبيرة، ويقال: هي الصغيرة. وقولهم: ذبحته ذبحاً هميعاً أي سريعاً؛ والهميع: الموت. قال أسامة بن حبيب الهذلي: إذا بلغوا مصرهم عوجلوا ... من الموت بالهميع الذاعط ومن روى الهميع بالغين فقد أخطأ؛ لأن الهاء لم تجتمع مع الميم والغين في

كلمة. ذعطه: إذا ذبحه. ومنه قولهم: تهمع الرجل، إذا تباكى؛ وسحاب همع: ماطر؛ ورجل همع، وعين همعة: لا تزال تدمع. وهمع الدمع يهمع، إذا انهمل، وسقط الطل على الشجر ثم همع، أي سال. قال الطرماح: تنكر رسمها إلا بقايا ... جلا عنها جدا همع هتون الجدا: الندى، وهتون: سكوب. هبوب الريح [هبوب الريح]: كل شيء تحركه؛ قال ابن الدمينة: فلو أن ما بي بالحصى قلق الحصى ... وبالريح لم يسمع لهن هبوب والنائم يهب هباً؛ قال: ألا أيها النوام ويحكم هبوا ... نسائلكم هل يقتل الرجل الحب الهَقِمُ الهقم: شديد الجوع كثير الأكل؛ وبحر هقم: بعيد القعر واسع. والهيقم: الظليم الطويل، جمعه الهيقمانيات. وقولهم: هتك الله ستره الهتك: أن يجذب شيئاً أو ثوباً فيقلعه عن موضعه، أو يشق طائفة منه، ويبدو ما

وراءه. ورجل مهتوك الستر: متهتكه؛ ورجل مستهتك: لا يبالي أن يهتك ستره عن عورته؛ وكذلككل شيء ينشق يقال: تهتك وانهتد. والهتكة: ساعة من الليل. الهالك الهالك: الحداد، وقيل: الصيقل. والهلوك: الفاجرة؛ ولا ينعت به الرجل لا يقال هلوك إذا كان زانياً. والمهتلك: الهالك؛ الذي ليس له هم إلا أن يتضيف الناس، يظل نهاره وإذا جاء الليل أسرع إلى ما يكفله؛ قال: إلى بيته يأوي الغريب إذا شتا ... ومهتلك بالي الدريسين عائل والاهتلاك: رمي الإنسان نفسه في مهلكة. والتهلكة: كل شيء تصير عاقبته إلى الهلاك؛ والهلك والهلاك واحد. وقوم هلكى وهالكون؛ والهُلّاك- مشدد: الصعاليك الذين ينتابون الناس لطلب معروفهم؛ قال جميل: أبيت مع الهلاك ضيفاً لأهلها ... وأهلي قريب موسعون ذوو فضل وهالك أهل: هو الذي يهلك مع اهله، وكذلك الذي يهلك أهله. وقال

الأعشى في الأول: وهالك أهل يعودونه ... وآخر في قفرة لم يجن لم يجن: لم يدفن، والجنن: الدفين، ومفازة هالك من سلكها. [الهجين] والهجين: ابن العربي من الأمة التي لم تحصن، فإذا أحصنت فليس الولد بهجين؛ والجمع: الهجناء، والفعل: هجن يهجن هجانة وهجنة. والهجنة من الكلام: ما يلزمك فيه العيب؛ تقول: لا تفعل هذا فيكون عليك هجنة. والهجان من الإبل: البيض الكرام؛ ناقة هجان وبعير هجان، والجمع الهجائن. وأرض هجان، إذا كانت تربتها لينة بيضاء؛ قال ذو الرمة: بأرض هجان الترب وسمية الثرى ... عذاة نأى عنها الملوحة والبحر الهرش الهرش: المائق الجافي؛ والمهارشة بين الكلاب ونحوها: كالمخارشة. ويقال: فلان يهارش بين الكليبن؛ قال الشاعر: كأن طبييها إذا ما درا جروا ربيض هورشا فهراً

وقولهم: هشم أنفه أي كسره؛ والهشم: الكسر؛ والهاشمة: شجة تهشم العظام. والريح تهشم الشيء، أي تكسره، والهشم الشجر اليابس، إذا انكسر، وصارت الأرض هشيماً، أي صار ما عليها من النبات والشجر هشيماً، أي يبس وتكسر. وهاشم: أبو عبد المطلب جد النبي صلى الله عليه وسلم، وفيه قالت ابنته: عمرو العلا هشم الثريد لقومه ... ورجال مكة مسنتون عجاف وقولهم: أكلنا هريسة معنى الهريسة أنها هرست بالمهراس، أي دقَّت؛ والهرس: الدق بشيء عريض. والمهاريس: الإبل الجسام الثقال، ومن شدة وطئها سميت مهاريس؛ وقال الحطيئة: مهاريس يكفي رسلها ضيف أهلها ... إذا النار أبدت أوجه الخفرات الرسل: اللبن. وقولهم: رجل هدان أي بليد يرضى بما يقال له؛ تقول: قد هدنوا بالقول لا بالفعل. وقال:

قد يجمع المال الهدان الجافي من غير ما عقل ولا اصطراف والهداء لغة أخرى في الهدان؛ قال الراعي: هداء أخو وطب وصاحب علبة ... يرى المجد أن يلقى خلاء وأمرعا ويروى: هدان. ويقال: هُدن عنك فلان: أرضاه [منك] الشيء اليسير. وفي الحديث: "هدنة على دخل"، أي على فساد من القلوب. وقيل: دخن- بالنون، وهو الصحيح؛ ودخل ليس بشيء، وقد أورده الخليل في كتابه باللام والنون. قال لبيد: وفتيان صدق قد غدوت عليهم ... بلا دخن ولا رجيع مجنب والدخن: الحقد والعداوة. والهدنة: الصلح والسكون؛ والمهدنة من الهدنة وهو السكون؛ تقول: هدنة مصدر كالهدانة. والهودنات: النوق. وقولهم: رجل هامد أي مقيم بالمكان لا يبرح؛ ويقال له: هميد.

والهمود: الموت؛ ورماد هامد: قد تلبد وتغير؛ وثمرة هامدة، إذا اسودت وعفنت؛ وأرض هامدة: لا نبات فيها إلا يبس متحطم. قال الله تعالى: {وَتَرَى الأَرْضَ هَامِدَةً}؛ والهامد من الشجر: اليابس. والإهماد: السرعة في السير، والإهماد: الإقامة بالمكان أيضاً. وقولهم: رجل هبيت أي لا عقل له؛ والهبت: حمق وتدلية. وتقول: هبت الرجل فهو مهبوت: لا عقل له؛ قال طرفة: فالهبيت لا فؤاد له ... والثبيت قلبه قيمه وهبت من قدر فلان عندي عقله، أي حط من قدره؛ وفيه هبتة وبهتة أيضاً؛ قال أبو سفيان بن الحارث لحسان: فيا ويح أبواب عليك وليجة ... بفودك لولا هبتة في فؤادكا وقولهم: هرف فلان بفلان الهرف: شدة الهذيان من الإعجاب بالشيء؛ تقول: فلان يهرف بفلان نهاره كله. وفي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرافق بين أصحابه في السفر، فجاءت رفقة يهرفون بصاحب لهم، فقال: "لا تهرف قبل أن تعرف"، أي لا

تمدح أحداً قبل أن تخبر ما معه. وقولهم: رجل هواك ومتهوك أي يقع في الأشياء بحمق؛ والهوك: الحمق؛ والتهوك: السقوط في هوة الردى. وفي الحديث: "أمتهوكون أنتم كما تهوكت اليهود والنصارى؟ ". وقولهم: هجا فلان فلاناً أي وقع فيه، ونال منه بالشعر؛ يهجوه هجاء- ممدود- وهو ضد المدح. وتقول: هجأ غرث فلان، أي جوعه إذا سكن. والهجاء- ممدود أيضاً: تهجئة الحرف؛ تقول: تهجأت وتهجيت، تبدل وتهمز. والهيجاء والهيجا: الحرب- تمد وتقصر؛ قال لبيد: يا رُبَّ هيجا هي خير من دعه أكل يوم هامتي مقزعه وقال آخر: إذا كانت الهيجاء وانشقت العصا ... فحسبك والضحاك سيف مهند وهيج- مجرور- في زجر الناقة خاصة؛ قال الشاعر:

تنجو إذا قال حاديها لها: هيج والهوج من الرياح: الشديدة الهبوب التي تحمل [المور]؛ الواحدة هوجاء. وهاج البقل، إذا اصفر؛ وهاج الفحل هياجاً، وكل شيء يثور للمشقة والضرر كذلك. وهاج [بهم] الدم، وهاج الشر، وهيجته بينهم. وقولهم: هوَّشت الشيء معناه: خلطته؛ والعامة تخطئ في هذا فيقولونه بالشين وهو خطأ. وتقول: هوَّش القوم، إذا اختلطوا؛ وفي الحديث: "كل مال جمع من مهاوش أذهبه الله في نهابر". والمهاوش: الذي أصيب من غير حله كأنه من الاختلاط. والنهابر: الهلاك. و [أما] الهوس- بالسين- فهو الطوفان بالليل في جرأة؛ تقول: أسد هواس؛ ورجل هواسة: مجرب شجاع. وإذا استؤصلت قرية أو قبيلة في غارة قيل: هَيْسِ هَيْسِ، أي لا بقي منهم أحد. والهوش: إذا أنفرت الإبل في الغارة وتبددت يقال لها: هاشت تهوش فهي هوائش. وقولهم: بفلان هيضة

أي تخمة؛ والهيضة: معاودة الهم والحزن والمرض بعد المرض. ولاهيض: كسر العظم بعدما كاد يستوي جبره؛ تقول: هضته فانهاض. قال: أخوف بالحجاج حتى كأنما ... تحرك عظم في الفؤاد مهيض وقولهم: رجل هداء معناه: بليد ضعيف؛ والهداء- ممدود: هداء العروس إلى بيت زوجها؛ والهدي: العروس. قال زهير: فإن تكن النساء مخبآت ... فحق لكل محصنة هداء والهَدْيُ والهَدِيُّ- يخفف ويثقل: ما أهدى الإنسان إلى مكة من النعم، وكل شيء تهديه من مال أو متاع فهو هدي. والإهداء: أن تهدي إلى إنسان شعراً في مديح أو هجاء؛ قال: أبى الشتم أني قد أصابوا كريمتي ... وأن ليس أهداء الخنا من شماليا أي من شمائلي. والتهادي: مشي النساء والإبل الثقال، وهو مشي في تمايل يميناً وشمالاً. ورجل هادئ: وديع ساكن ذو هدء وسكينة. وقولهم: هالني هذا الأمر أي أخافني وراعني؛ والهول: المخافة من الأمر لا يدري ما يهجم عليه منه كهول الليل وهول البحر، وهو يهولني؛ وأمر هائل ولا يقال: مهول. فأما قول

الشاعر: ومهول من المناهل وحش ... ذي عراقيب آجن مدفان فتفسيره أن فيه الهول؛ وهو من كلام العرب إذا كان الشيء فيه، [أو] الشيء [عليه] أخرجوه على مفعول، كقولك: مجنون: فيه جنون، ومديون: عليه دين. والتهاويل: جماعة التهويل، وهو ما هالك؛ والتهاويل أيضاً: زينة الوشي والتصوير، وزينة السلاح والكتيبة. وهوَّلت المرأة، إذا تزينت بلباس أو حلي. والهيول: الهباء المنبت بالعبرانية، ويقال: بالرومية. وقولهم: هذا الأمر هنيء الهنيء: كل شيء أتاك بلا مشقة ولا مكروه؛ والهنء: العطية، والهنء اسم. [تقول]: هنأته وأنا أهنؤه وأهنئه هنئاً؛ وتقول: هناني الطعام وهو يهنيني؛ قال: فارعي فزارة لا هناك المرتع وقال بعضهم: هنأني الطعام يَهْنُؤُني ويَهْنَؤُني ويَهْنِئُني؛ ويقولون: هنأني ومرأني، وإذا أفردوا قالوا: أمرأني. قال كثير:

هنيئاً مريئاً غير داء مخامر ... لعزة من أعراضنا ما استحلت والهناء: ضرب من القطران؛ وناقة مهنوءة: [طليت بالهناء]. قال دريد: متبذلاً تبدو محاسنه ... يضع الهناء مواضع النقب النقب: جمع نقبة، وهو أثر الجرب. [هُنا] ههنا وهنا تقريب، وهناك أبعد؛ وما دخلته الكاف [أبعد] من الذي ليست فيه الكاف؛ وأكثر ما يقول العرب: هنالك، عند الإشارة إلى الموضع، واستعملوا كل واحدة مكان أختها، لأن المعنى فيما يشيرون إليه معروف. وقولهم: كانت من فلان هفوة أي زلة؛ والفؤاد إذا ذهب في إثر شيء يقال: هفا. [هيف] والهيف: ريح باردة تجيء من قِبَل مهب الجنوب، وهي أيضاً كل ريح ذات سموم تعطش المال، وتيبس الرطب. ورجل مهياف: لا يصبر عن الماء؛ والله أعلم. وقولهم: رجل هيوب أي جبان يهاب كل شيء؛ قال دريد:

أحي ما أحي لا فاحش عند بيته ... ولا ورع عند اللقاء هيوب الورع والهيوب واحد، ولكن كرر لاختلاف اللفظ. وفي الحديث: "الإيمان هيوب". والمهيب: الذي ترى له هيبة؛ والناس يغلطون فيقولون: هيب، بمعنى مهيب. والهيبة: إجلال ومهابة. [الهباء] والهبوة: غبار ساطع في الهواء كأنه دخان؛ والهباء: دقاق التراب ساطعه ومنثوره على وجه الأرض. والهباء: المنبث ما تراه في ضوء الشمس في البيت؛ قال الله تعالى: {فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً}، وتصغيره هبي- غير مهموز- كما يصغر الكساء كسياً؛ والهباء ليس له مس، ولا يرى في الظل. والهاب: زجر الإبل عند السوق؛ يقال: هاب هاب- يكسر ويجزم، ويقال: قد أهاب بها الرجل، [إذا صاح بها]؛ قال: أهيبا بها يا ابني صباح فإنها ... جلت عنكما أعناقها لون عظلم وقولهم: رجل هوهاءة أي جبان؛ ويقال: له هواء أيضاً؛ وقلبه هواء، والهوى هواء، وأفئدة هواء. قال حسان بن ثابت: فأنت مجوف تحب هواء

والهوْء: الإتيان بخير؛ تقول: هؤت به خيراً، وأنا أهوء به عن كذا، أي أرفعه. والهوة: الهاوية والمهواة؛ والهاوية- بالألف واللام: كل مهواة لا يدرك قعرها؛ وتقول: رأيتهم يتهاوون في المهواة، إذا سقط بعضهم في إثر بعض. والهوي- بالضم: إلى فوق، والهوي- بالفتح إلى أسفل؛ تقول: هوى يهوي هوياً، إذا سقط من علو إلى سفل. والهوى- مقصور: هوى الضمير، يكتب بالياء؛ وقال بعضهم: "الهوى هوان، ولكنه غلط باسمه"؛ قال الشاعر: إن الهوان هو الهوى غلت اسمه ... فإذا هويت فقد لقيت هوانا وإذا هويت قد تعبَّدك الهوى ... وأخضع لحبك كائناً ما كانا وقولهم: رجل هائم من العشق أي به هيام كالجنون، وهو مهيوم؛ والهائم: المتحير؛ والهيمان: العطشان. والهيم: الإبل يصيبها داء يعرض لها منه عطش فلا تروى أبداً؛ واحدها أهيم والأنثى هيماء. ومن العرب من يقول: هائم والأنثى هائمة، ثم يجمعونه على هيم؛ قال الله تعالى: {فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ}. والهيم في كلامهم: الشديدة العطش من داء، أو بعيدة عهد بالماء. قال ذو الرمة يذكر الحمار وأتنه: حتى إذا لم يجد وغلاً ونجنجها ... مخافة الرمي حتى كلها هيم وغلا: ملجأ، وقيل: بداً؛ ونجنجها: أدركها ليردها [عن] الماء، والمعنى: نجنجها، والواو تُزد مع: حتى إذا.

الأمثال على الهاء - "هان على النائم ما يلقى الأرق". - "هان على الأملس ما يلقى الدبر". - "هما كركبتي البعير". - "هذه بتلك فهل جزيتك". - "هذه بتلك والبادئ أظلم". - "هو ألزم لك من شعرات قصك". - "هل يمدح العروس إلا أهلها". - "هل تنتج الناقة إلا لمن لقحت له". - "هذا على طرف الثمام". - "هذا جناي وخياره فيه". - "هو على حبل ذراعك". حبل الذراع: عرق اليد.

- "هذا أحق منزل بترك". - "همُّك ما همَّك". - "هو يبعث الكلاب عن مرابضها". - "هو يشج مرة ويأسو أخرى". - "هو نسيج وحده". - "هو قريع دهره". - "هو واحد عصره". - "هذا أجل من الحرش". - "هذا العر لا تبرك عليه الإبل". - "هو أزرق العين". - "هو أسود الكبد". - "هو خَلْفُ خَلَفٍ".

حرف لا

حرف لا

بسم الله الرحمن الرحيم لا حرف نفي، وهو ضد نعم؛ قال الشاعر: حسن قول نعم من بعد لا ... وقبيح قول لا بعد نَعم والعرب تقول: ما لا مربحة، وأما نعم فمربحة. وعن عمرو بن عبيد أنه قال: أملوا عند مسألة الحوائج فإنه ليس في الجنة لا؛ وقال الشاعر: صرفت ألسنهم عن قول لا ... فهو لا يعرف لا إلا هو لك ولا: للنفي، وهو يعطف بها؛ تقول: مررت بزيد لا عمرو، فتنفي عن عمرو المرور الذي أوجبته لزيد. وقال الخليل: لا: حرف ينفى به ويجحد، وقد تجيء زائدة مع اليمين، كقولك: لا أقسم بالله لأكرمنك؛ إنما تريد: أقسم بالله؛ قال جميل: بثين الزمي لا إن لا إن لزمته ... على كثرة الواشين أي معون وقد تحذف لا في موضع، كقولك: والله أضربك، وإنما تريد: والله لا أضربك؛ قالت الخنساء: فآليت آسى على هالك ... وأسأل نائحة ما لها معناه: إني آليت لا آسى ولا أسأل. فإن قلت: والله أكرمك، كان أبين، وإن

قلت: والله لا أكرمك، كان المعنى واحداً. وفي القرآن: {مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ} وفي آية أخرى: {أَنْ تَسْجُدَ} والمعنى واحد. قال ذو الرمة: كأنهن خوافي أجدل قرم ... ولى ليسبقه بالأمعز الخرب وقال جرير: ما كان يرضى رسول الله فعلهم ... والطيبان أبو بكر ولا عمر فصارت لا صلة زائدة؛ لأن معناه أبو بكر وعمر. وقد تجيء لا في موضع لست، كما قال الشاعر: وقد زعمت ليلى بأن لا أحبها ... فقلت: بلى لولا ينازعني شغلي مجازه أن لست أحبها. .................... قال الفراء: قد تكون [لا] بمعنى غير في قول الله عز وجل: {ولا الضّالِّينَ}؛ قال: لا، بمعنى غير. قال الضبي: ومما يقوي

قول الفراء أن عمر رضي الله عنه قرأ: المغضوب عليهم غير الضالين. وقال أبو عبيدة: لا: من حروف الزوائد لتتميم الكلام، والمعنى إلغاؤها. قال: ويلحينني في اللهو ألا أحبه ... وللهو داع دائب غير غافل والمعنى: ويلحيني في اللهو أن أحبه. وقال ابن الأنباري في قول الله عز وجل: {وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ}، معناه: أنهم يرجعون، ولا: توكيد للكلام. وقوله تعالى: {لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ}، حكي عن الكسائي أنه قال: لا: صلة؛ والمعنى أقسم. وكذا قال الضبي وابن خالويه ومحمد بن سعدان. وأنكر الفراء هذا القول وقال: إنما لا صلة إذا تقدم الجحد، كقوله: {لا يَنفَعُكُمْ شَيْئاً وَلا يَضُرُّكُمْ}. واحتج من قال بالمذهب الأول بقول الشاعر: في بئر لا حور سرى وما شعر معناه: في بئر حور، أي في بئر هلاك، ولا: صلة. وأنكر الفراء أن تكون لا في هذا البيت صلة، وقال: جحد محض كأنه قال: في بئر ماء لا يحير عليه شيئاً، أي لا يرد عليه شيئاً.

والعرب تقدم ألا قبل [لا] في كلامها استفتاحاً، فتقول: ألا لا؛ يقول أحدهم للآخر: هل رأيت فلاناً؟ فيقول: ألا لا، ويقولون: لا ولا؛ وقال الشاعر: لا كنت إن كنت أدري كيف كنت ولا ... لا [كنت] إن كنت أدري كيف لم أكن وقال آخر: فما يستفيد المرء مالاً بقوة ... ولا باحتيال لا ولا بالتكايس ولكن لرزاق العباد بحبهم ... مقدره من كل رطب ويابس وقال ابن مناذر: لا بحرص الحريص يكسب الما ... ل ولا بسعي حازم وجليد لا ولا بالرشاد أو لا ولكن ... لحظوظ مقسومة وجدود ولا قد تكون بمعنى لم؛ قال الله عز وجل: {فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى}، بمعنى: لم يَصَّدّق ولم يُصَلِّ؛ وقال الشاعر: وأي خميس لا أفأنا نهابه ... وأسيافنا يقطرن من نجدة دما وقال الراجز: إن تغفر اللهم تغفر جما وأي عبد لك لا ألما أي لم يلم.

والعرب تسقط لا والمعنى إثباتها، كما تثبتها والمعنى إسقاطها؛ قال الله عز وجل: {رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ} فمعناه: أن لا تميد بكم؛ وقال تعالى: {يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا}، أي لا تضلوا؛ ومثله كثير. وقال عمرو بن كلثوم: نزلتم منزل الأضياف منا ... تعجلنا القرى أن تشتمونا المعنى: أن لا تشتمونا، فأسقط لا. وقال الراعي: أيام قومي والجماعة كالذي ... لزم الرحالة أن تميل مميلا معناه: أن لا تميل. وقال آخر: رأينا ما يرى البصراء فيها ... فآلينا عليها أن تباعا معناه: أن لا تباع. وربما حذفوا أن واكتفوا منها بلا؛ كقول الشاعر: احفظ لسانك أن يقول فتيلا ... إن البلاء موكَّل بالمنطق معناه: لأن لا يقول. وربما حذفوا أن ولا جميعاً؛ قال أبو النجم:

أوصيك أن تحمدك الأقارب ولا يرجع المسكين وهو خائب أراد: وأن لا يرجع المسكين وهو خائب. وقد تكون بمعنى غير؛ قال الله عز وجل: {زَيْتُونِةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ}، قيل: المعنى: غير شرقية وغير غربية. وكذلك: {وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ، لا بَارِدٍ وَلا كَرِيمٍ}، معناه: غير بارد. وكذلك: {انطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ، لا ظَلِيلٍ وَلا يُغْنِي مِنْ اللَّهَبِ}. والعرب تجعل لا مع القسم صلة، ويطرحونها من موضعها لكثرة دور القسم في كلامهم؛ وأنشد الفراء: فلا والله لا يلفى لما بي ... ولا للما بهم أبداً دواء وقال: وإلا فلا والله لا زال بيننا ... جميل الهوى ما دام منك جميل وقال امرؤ القيس في طرحها: فقلت يمين الله أبرح قاعداً ... ولو قطعوا رأسي لديك وأوصالي وقد تقدم أيضاً في موضعها لعلمهم بمعناها؛ وأنشد الفراء: فلا وأبي، أسماء زالت عزيزة ... على قومها ما قيل للزند قادح

أراد: فو أبي، أسماء [ما] زالت عزيزة. والعرب لا تقول لا وحدها حتى تتبعها بأخرى؛ قال الله عز وجل: {لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ}. وقد تقدم هذا في أول الكلام شرحاً في باب أقاويل العرب. وقولهم: لا إله إلا الله معناه: لا ثاني له، ولا أحد يستحق العبادة سواه. وهو في الكلام يقال: إثبات بعد نفي؛ والله أعلم. ويقال: فلان أكثر من الهيللة، أي من قول: لا إله إلا الله. وقولهم: لا إله غيرك قال أبو بكر: فيه أربعة أوجه في النحو، أحدهن: لا إله غيرك؛ ينصب الأول على التبرئة وغيرك يرفع على خبر التبرئة. والثاني: لا إله غيرك؛ فإله يرتفع بغير وغير به. والثالث: لا إله غيرك؛ ينصب الأول على التبرئة، وغير لوقوعها موقع الأداة كأنك قلت: ولا إله إلا أنت. قال: لم يبق إلا المجد والقصائدا غيرك يا ابن الأكرمين والدا أراد: لم يبق إلا أنت. والرابع: ولا إله غيرك؛ فإله يرتفع بغير، وغير تنصب لحلولها محل إلا،

كأنه قال: لا إله إلا أنت. وقولهم: لا حول ولا قوة إلا بالله [معناه]: لا حيلة ولا قوة إلا بالله؛ ويقال: معناه: لا حول عن معصية الله إلا بعصمته، ولا قوة على طاعته إلا بمعونته. ويقال: ما للرجل حيلة وحول واحتيال ومحتال ومحالة ومحلة. ويقال: قد حولق الرجل؛ وقال: فيصيخ يرجو أن يكون حيا ... ويقول من طرب هيا ربا [لأآل] واللأآل: صاحب اللؤلؤ، وحرفته اللئالة بوزن اللعالة. ولألأت النار، ولألأ لهبها وتوقدها؛ ولألأت المرأة بعينها ورأرأت، أي أبرقت، وتلألئ؛ قال الشاعر: وقام علي نوح بالمآلي ... يلألئن الأكف إلى الجيوب ولألأ الثور الوحشي بذنبه، إذا حركه فلمع لأنه أبيض الذنب. قال الشاعر: تلألأت الثريا فاستهلت ... تلألؤ لؤلؤ فيها اضطمار وقولهم: لات حين كذا معناه: وليس حين ذلك؛ أنشد أبو عبيدة الأسدي وهو عمرو بن شأس: تذكرت ليلى ليت حين تذكر ... تذكرتها بل دونها سير أشهر

وقال الراعي: أفي أثر الأظعان عينك تلمح ... نعم لات هنا إن قلبك متيح ميتح: مدخل فيما لا ينبغي له أن يفعله، وهو معنى قولهم بالفارسية أندرونست، أي ليس حين ذلك. وقال حجل بن نضلة: حنت نوار ولات هنا حنت ... وبدا الذي كانت نوار أجنت وقال الطرماح: لات هنا ذكرى بلهنية الدهـ ... ـر، وأنى ذكرى السنين المواضي هذا أكثر القول، وفيها قول غير هذا. وقال ابن قتيبة: ولا زيدت عليها الهاء كما قالوا: ثم وثمة؛ وقد مر ذكرها في أول الكتاب. وقولهم: لا يدري من طحاها [أي] لا يدري من بسطها؛ يقال: طحا الله الأرض ودحاها، إذا بسطها. قال الله عز وجل: {وَالأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا}، أي بسطها؛ وقال زيد بن عمرو بن نفيل:

دحاها فلما رآها استوت ... على الماء أرسى عليها الجبالا وقد مرت في حرف الطاء. وقولهم: لأرينك النجوم بالنهار معناه: لأحزننك ولأغمنك حتى يظلم عليك نهارك، فترى فيه الكواكب؛ لأن الكواكب لا تبدو في النهار إلا في شدة الظلمة. قال النابغة: تبدو كواكبه والشمس طالعة ... لا النور نور ولا الإظلام إظلام [أقوال] ويقولون: - "لا بكيتك الشهر والدهر". أي ما دام الشهر والدهر. - و"لا أكلمك ما سمر ابنا سمير". [أي: الدهر كله]. - و"لا آتيك السمر والقمر". أي: ما دام السمر والقمر، وما دام الناس يسمرون. - و"لا آتيك سجيس عجيس".

- و"لا آتيك معزى الفزر". - و"لا آتيك هبيرة بن سعد". أي: لا آتيك أبداً؛ قال الشاعر: فأقسمت لا آتي ابن ضمرة طائعاً ... سجيس عجيس ما أبان لساني ويقال: سجيس الأوجس. - و"لا آتيك ما حنت الإبل". - و"لا آتيك ما اختلف الملوان". وهما الليل والنهار، واحدهما مقصور. - و"لا آتيك ما غرد راكب". - و"لا آتيك ما حي حي". - و"لا أفعل ذلك عوض العائضين". - و"لا أفعل ذلك دهر الداهرين".

- و"لا أفعل ذلك أبد الآبدين". وأبد الأبيد. - و"لا أفعل ذلك ما حملت عيني الماء". وقولهم: أمر لا ينادى وليده قال أبو عبيدة: معناه: أمر عظيم لا يدعى فيه الصغار إنما يدعى فيه الكهول الكبار. وقال ابن الأعرابي: معناه: أمر تام كامل ما فيه خلل قد قام به الكبار، فاستغني بهم عن نداء الصغار. وقال الأصمعي: أرى أن أصله كان شدة إصابتهم حتى كانت الأم تنسى وليدها، أي ابنها الصغير، فلا تناديه ولا تذكره، ثم صار لكل شدة. وقال الفراء: هذه لفظة استعملتها العرب إذا أرادت الغاية. وقال الكلابي: هذا مثل يقوله القومإذا أخصبوا وكثرت أموالهم. فإذا أومأ الصبي إلى شيء ليأخذه لم يناده أحد لكثرة أموالهم، ثم جعلوه لكل سعة وكثرة. قال الشاعر: فأقصرت عن ذكر الغواني بتوبة ... إلى الله لا ينادى وليدها ونحو منه: قولهم: هم في خير لا يطير غرابه يقول: يقع الغراب فلا ينفر لكثرة ما عندهم؛ وقال أبو عبيد: أصله أن الغراب

إذا وقع في موضع لم يحتج أن يتحول منه إلى غيره. وقال: وقد يضرب هذا المثل في الشدة أيضاً. وقال الأصمعي: أصل هذا في الشدة والجدب يصيب القوم حتى تشتغل الأم عن ولدها فلا تناديه، ثم جعل مثلاً لكل حدث عظيم، ولكل شدة وأمر شديد. وقولهم: لا أرقأ الله دمعة فلان فيه أقوال: قال بعضهم: معناه لا قطعها الله؛ قال الشاعر: حتى إذا الإعلان نبه واشياً ... رقأت دموي خشية الإعلان وقال الأصمعي: معناه: لا رفعها الله؛ وقال: والأصل فيه من قولهم: رقأ دم المقتول، إذا رضي أهله بالدية فأخذوها، فارتفع دم المقتول لأن لا يطلب به بعد أخذ الدية. وقال المفضل بن محمد الضبي: لا أرقأ الله دمعته، من قولهم: قد رقأ دم القاتل، إذا ارتفع بعد إعطائه الدية، ولو لم تؤخذ الدية منه لهريق دمه. وأنشد لمسلم الوالبي يصف إبلاً: من اللائي يزدن العيش طيباً ... وترقأ في معاقلها الدماء معاقل: من العقل. وقولهم: لا أنام ولا ينيم قال الأصمعي معنى لا ينيم: لا يكون منه ما يرفع السهر فينام معه. وقال غيره:

لا ينيم: لا يأتي بسرور ينام له. وقال غيرهما: معناه: ولا يمنع غيره من النوم؛ قال الشاعر: وموكل بك لا أمل ... ولا أنام ولا أنيم وقال آخر: ينام المسعدون ومن يلوم ... ويوقظني التفكر والهموم صحيح بالنهار لمن يراني ... وليلي لا أنام ولا أنيم وقولهم: ما هو بضربة لازب معناه: ما هذا بلازم واجب أي ما هو بضربة سيف لازب، وهو مثل، وفيه لغتان: لازب ولازم؛ قال النابغة: ولا يحسبون الخير لا شر بعده ... ولا يحسبون الشر ضربة لازب قال الله تعالى: {من طِينٍ لازِبٍ}، معناه: لازم. وقال الفراء: يقال لازم ولازب ولاتب، وأنشد: صداع وتوصيم العظام وفترة ... وغثي مع الإشراق في الجوف لاتب وقولهم: لابد من هذا الأمر أي لا محالة منه؛ وقد مر في حرف الباء.

وقولهم: لا جرم هي بمنزلة لابد ولا محالة؛ وقد جاء في باب الجيم. وقولهم: لا أطلب أثراً بعد عين قال ابن الأنباري: العين: نفس الشيء؛ تقول: هذا ثوبي بعينه، أي بنفسه. فمعنى المثل: لا أترك نفس الشيء وأطلب أثره. وقال قوم: العين المعاينة؛ ومعنى المثل عندهم: لا أترك شيئاً وأنا أعاينه وأطلب أثره بعد أن يغيب عني. والعين عند العرب: حقيقة الشيء؛ يقال: قد جئتك [به] من عين صافية، أي من فصه وحقيقته. وقد مر شيء من ذكر العين في حرف العين، وقولهم: تسمع بالمعيدي خير من أن تراه هذا مثل يضرب لمن يبلغك عنه أمر جميل، فإذا رأيته اقتحمته عينك. وهذا قاله المنذر لشقة حين وقف بين يديه وكان يتصل به منه ما يعجبه ولا يراه. فلما رآه اقتحمته عينه، فقال: تسمع بالمعيدي خير من أن تراه. فقال له شقة: أبيت اللعن وأسعدك إلهك، إن القوم ليسوا بجزر، إنما يعيش المرء بأصغريه: لسانه وقلبه! فأعجب المنذر كلامه، فسماه باسم أبيه ضمرة، فهو ضمرة بن ضمرة، وذهب قوله: إنما يعيش المرء بأصغريه مثلاً؛ وفي خبر آخر: أصلح الله الملك، المرء بأصغريه، إن نطق نَطَق ببيان، وإن قاتل قاتل بجنان! فقال: لله درك! وله حديث يطول، وشعر تركته.

وقولهم: رجل لاع أي حريص سيئ الخلق؛ يقال: لاع وهاع، وامرأة لاعة هاعة، ورجل لائع هائع، وقم لائعون هائعون. والفعل لاع يلوع لوعاً ولووعاً، والجمع الألواع واللاعون، والمرأة اللاعة. قال أبو الدقيش: في اللغة بلا ألف، وهي التي تغازلك فلا تمكنك. قال أبو خيرة: هي اللاعة؛ وهذا المعنى. وقولهم: لا حني العطش أي غيرن ولوحني؛ والتاح الرجل، إذا عطش؛ واللوح: العطش، وكذلك لاحني البرد والسقم والحزن. ويقال للشيء إذا تلألأ: لاح يلوح لوحاً ولؤوحاً، والشيب يلوح؛ قال الأعشى: فلئن لاح في العوارض شيب ... يا لبكر وأنكرتني الغواني وألاح البرق، فهو مليح؛ قال أبو ذؤيب: رأيت وأهلي بوادي الرجيـ ... ـع من نحو قيلة برقاً مليحاً [وألاح بثوبه: أخذ طرفه بيده من مكان بعيد، ثم أداره، ولمع به ليريه من يحب أن يراه]. وكل من لمع ببرد أو بشيء فقد لاح يلوح ولوح.

وقول العرب في الجاهلية: لاه أنت يريدون: لله أنت؛ قال الشاعر: لاه در الشباب والشعر الأسـ ... ـود والراقصات تحت الرحال وقال آخر: لاه ابن عمك لا أفضلت في حسب ... عني، ولا أنت دياني فتخزوني يريد: لله ابن عمك؛ تخزوني: تقهرني، ويقال: خزاه، بمعنى ساسه. وكانوا يقولون: لا هم اغفر لي، أي اللهم؛ قال: لا هم أنت الرب يستغاث لك الحياة ولك الميراث وقال: لا هم إن الحارث بن الصمه كان وفياً ,ابياً ذا ذمه وكان الخليل ينشد لله در الشباب وقال: وكره ذلك في الإسلام؛ قال: ولا يطرح الألف من الاسم، إنما هو لله على التمام. وقولهم: لاقيت بين فلان وفلان أي جمعت بينهما؛ ولاقيت بين طرفي القضيب ونحو ذلك. كذلك: وقد تلاقيا واجتمعا بغير طرفيه؛ وتلاقى فلان وفلان، وكل شيء استقبل شيئاً أو صادفه فقد لقيه من الأشياء كلها.

وقولهم: لاذ فلان بفلان أي استتر به وكان حوله؛ يلوذ لوذاً ولياذاً، والملاذ: الموضع الذي يلاذ به ويجتمع إليه. وتقول: في الأمر لوذه. أي أجمعه. واللغة الغالبة لاذ به بغير ألف، وبعض العرب يقول: ألاذ بالألف؛ قال ابن أحمر العقيلي: لدن غدوة حتى ألاذ بحقها ... بقية منقوص من الظل صائف وقال الله عز وجل: {الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذاً} أي يستتر هذا بهذا، وهو مصدر لاوذت لواذاً، ومصدر لذت: لياذاً. واللاذ: ثياب من خز تنسج بالصين، تسميها العرب والعجم: اللاذة. وقولهم: هذا الأمر لا يعنيني أي لا يشغلني؛ يقال: عناني الأمر، إذا أشغلني. قال: لا تلمني على البكاء خليلي ... إنه ما عناك ما قد عناني ويقال: الشيء لا يعنيني- بفتح الياء- ولا يجوز بضم الياء. وقال:

إن الفتى يقميه ويقمعه ... إلا تكلفه ما ليس يعنيه وقولهم: لا يزايل سوادي بياضك أي شخص شخصك؛ قال حسان بن ثابت: يغشون حتى تهر كلابهم ... لا يسألون عن السواد المقبل أي عن الشخص. والسواد- بضم السين وكسرها: الشراب عند العرب. وقولهم: لا تبسق علينا أي لا تتطاول علينا، وهو من البسوق وهو الطول. قال الله عز وجل: {وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ}؛ قال: وإن لنا حظائر باسقات ... عطاء اله رب العالمينا [وقولهم]: لا تجلح علينا فيه قولان: لا تكاشف؛ وهو من الجلح وهو انكشاف الشعر عن مقدم الرأس. [وقال ابن الأعرابي: معناه: لا تشدد وتبقى على الشدة والمخالفة؛ من قولهم: ناقة مجالح، وهي التي تصبر على البرد وتقضم عيدان الشجر اليابس فيبقى لبنها].

[وقولهم]: قد أكثر من الحوقلة إذا أكثر من قول: لا حول ولا قوة إلا بالله؛ ويقال: حولق وحوقل، إذا قال ذلك. قال الشاعر: فداك من الأقوام كل مبخل ... يحولق إما ساله العرف سائل أي يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله. وفيه خمسة أوجه من الإعراب: الأول: لا حول ولا قوة إلا بالله بنصب الحول بلا على التبرئة، وجعل القوة نسقاً على الحول، والباء خبر للتبرئة. والثاني: لا حول ولا قوة إلا بالله: بمعنى: لا حول إلا بالله، بنصب الحول. ولا قوة إلا بالله: برفع القوة بالباء. والثالث: لا حول ولا قوة إلا بالله: بمعنى: لا حول إلا بالله، ولا قوة إلا بالله. والرابع: لا حول ولا قوة إلا بالله: رفع الحول بلا، ونصب القوة. والمعنى: لا حول إلا بالله، ولا قوة إلا بالله. والخامس: لا حول ولا قوة إلا بالله: بنصب الحول والقوة جميعاً؛ والحول غير منون، والقوة منونة. قال الفراء: لا: معناها السقوط [من الكلام]، كأنه قال: لا

حول وقوة؛ وأنشد حجة لهذا: فلا أب وابناً مثل مروان وابنه ... إذا ما ارتدى بالمجد ثم تأزرا قال أبو بكر: وإنما لم ينون الحول ونونت القوة؛ لأن الحول قرب من لا، والقوة بعدت من لا. وقولهم: لا يفضض الله فاك قال ابن الأنباري: معناه: لا يكسر الله أسنانك ويفرقها؛ وفيه وجهان: قال: لا يفضض- بفتح الياء وضم الضاد الأولى- أخذه من: فضضت الشيء، إذا كسرته وفرقته. قال الله عز وجل: {لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} معناه: لتفرقوا؛ والعامة تلحن في هذا فتقول: لا يفضض الله فاي. ولغة النبي صلى الله عليه وسلم "لا يفضض الله فاك- بفتح الياء وضم الضاد الأولى وكسر الثانية. ويروى أن النابغة الجعدي لما أنشد النبي صلى الله عليه وسلم قصيدته التي يقول فيها: بلغنا السماء مجدنا وجدودنا ... وإنا لنرجو فوق ذلك مظهرا ويروى: بلغنا السما مجداً وعزاً وسودداً؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إلى أين يا ابن أبي ليلى؟ فقال: إلى الجنة بك يا رسول الله، فقال صلى الله عليه وسلم: لا يفضض الله فاك". فقيل: إنه عمر فوق المائة فما غاب منه ضرس. وعن العباس عم النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال له: يا رسول الله إني أريد

أن أمدحك؛ فقال صلى الله عليه وسلم: قل، فقال العباس: من قبلها طبت في الظلال وفي ... مستودع حيث يخصف الورق وفيها: وأنت لما ولدت أشرقت الـ ... أرض وضاءت بنورك الأفق فنحن في ذلك لاضياء وفي ... النور وسبل الأنام نخترق فقال صلى الله عليه وسلم: "لا يفضض الله فاك". ومن قال: لا يفضض الله فاك؛ قال: لا يجعل الله فاك فضاء لا أسنان فيه. قال الشاعر: أخطط في ظهر الحصير كأنني ... أسير يخاف القتل والهم يفرج ألا ربما ضاق الفضاء بأهله ... وأمكن من بين الأسنة مخرج قال الخليل: لا يفضض الله فاك؛ وقال آخر: يا بنت لا يفضض الله فاك فقد ... أضرمت في القلب والأحشاء نيرانا ومن قال: فاك لا يفضض الله، فقد أخطأ؛ لأنه ليس من فض يفض منصوب الياء، ويقال: أفض يفض. والفض: التفرق؛ ويقال: فض الله جمعهم، أي فرقه الله؛ وفضضت الخاتم عن الكتاب، أي كسرته. والفضفضة: سعة الثوب وغيره؛ تقول: درع فضفاض، وعيش فضفاض،

وسحابة فضفاضة. والفضيض: ماء عذب تصيبه ساعة إذ، تقول: افتضضته. وقولهم: لا دريت ولا تليت قال ابن الأنباري: فيه خمسة أقوال: قال يونس بن حبيب البصري: هو لا دريت ولا أتليت- بفتح الألف وتسكين التاء؛ والمعنى: لا أتلت غبلك، أي لا كان لإبلك أولاد تتلوها، يدعو عليه بالفقر وذهاب المال. وقال الفراء: هو لا دريت ولا ائتليت، [وقال: ائتليت] افتعلت من ألوت في الشيء فيه. والمعنى: لا دريت ولا قصرت في طلب الدراية، ثم لا تدري فيكون أشفى لك. وقال الأصمعي: هو لا دريت ولا ائتليت؛ وقال: ائتليت: افتعلت، من: ألوت الشيء، إذا استطعته؛ يقال: ما ألوت الصيام، أي ما استطعته. قال الأخطل: فمن يبتغي مسعاة قومي فليدم ... صعوداً إلى الجوزاء هل هو مؤتلي؟ معناه: هل هو مستطيع. والوجه الرابع: لا دريت ولا تلوت؛ على معنى: لا أحسنت أن تتبع، فيكون من قولهم: تلوت الرجل، إذا تبعته. وحكى أبو العباس: لا دريت ولا تليت؛ قال: واصله: لا دريت ولا تلوت، فردوا الياء فقالوا: تليت، ليزدوج الكلام، كما قالوا: الغدايا والعشايا، فجمعوا

الغداة غدايا ليزدوج مع العشايا. وحكى أبو عبيدة وجهاً سادساً: لا دريت ولا أليت، ولم يفسره. والأصل عندي: ولا ألوت، أي ولا قصرت- على مذهب الأصمعي- ولا استطعت؛ فرده إلى الياء ليزدوج مع دريت، على ما مضى من التفسير. وقولهم: لأيا عرفت ذلك، وبعد لأي فعلت أي بعد مشقة وبطء وجهد؛ قال زهير: فلأيا بلأي ما حملنا غلامنا ... على ظهر محبوك ظماء مفاصله [أي] ما كنت أحمله إلا (لأياً؛ وقال أيضاً: وقفت بها من بعد عشرين حجة ... فلأيا عرفت الدار بعد توهم أي بعد إبطاء وجهد عرفتها؛ يقال: التأت، إذا عسرت، والتوت: طالت؛ ومنه لي الغريم، أي مطله). وقولهم: لا تبلم علينا أي لا تجمع [علينا] أنواع المكروه؛ وهو تفعل من الأبلمة، وهي خوصة البقل؛

ويقال: الأبلمة: خوصة المقل، وفيها ثلاث لغات: أبْلُمَة، وإبْلِمَة، وأبْلَمَة. وقال الأصمعي: معناه: لا تقبح عليه فعله؛ من قولهم: قد أبلمت الناقة، إذا ورم حياؤها. الأمثال على لا - "لا تغز إلا بغلام قد غزا". - "لا يعدم شقي مهراً". - "لا تعدم من ابن عمك نصراً". - "لا ينتصف حليم من جاهل". - "لا يذهب العرف بين الله والناس". - "لا تؤبس الثرى بيني وبينك". - "لا جديد لمن لا خلق له". - "لا جد إلا ما أقعص عنك ما تكره".

- "لا يضرك النوك ما لاقيت جداً". - "لا تعدم صناع ثلة". - "لا تعظيني وتعظعظي". - "لا تراهن على الصعبة". - "لا تجن يمينك على شمالك". - "لا ذنب لي قد قلت للقوم استقوا". - "لا ينفعك من جار سوء توق". - "لا يجتمع السيفان في غمد". - "لا ماءك أبقيت ولا هنك أنقيت". - "لا يطاع لقصير أمره". - "لا مخبأ لعطر بعد عروس".

- "لا مخبأ لعطر بعد بؤس". - "لا بقيا للحمية بعد الحريم". - "لا تكن كالباحث عن المدية". - "لا أدري أي الجراد عاره". - "لا تسل الصارخ وانظر ما له". - "لا يصلح فحلان في إبل". - "لا يجتمع فحلان في شول". - "لا يجتمع قمران في سماء". - "لا رأي لمن لا يطاع".

حرف الياء

حرف الياء

بسم الله الرحمن الرحيم [الياء] الياء هوائية؛ لأنها في الهواء لا يتعلق بها شيء. وعددها في القرآن خمسة وعشرون ألفاً وتسعة عشر ياء؛ وفي الحسابين عشر. والعرب تستثقل الضمة والكسرة في الياء المكسورة ما قبلها؛ لأن الضمة والكسرة إعراب، والياء إعراب، فكرهوا إدخال إعراب على إعراب. ولا يستثقلون فيها الفتحة، فيقولون: هذا قاض وداع، على معنى: هذا قاضي وداعي؛ ومررت بقاض وداع، على معنى: مررت بقاضي وداعي. ويقولون في النصب: رأيت داعياً وقاضياً، فيثبتون الفتحة ولا يستثقلونها؛ فمنه قوله تعالى: {يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِي اللَّهِ} {ومَنْ لم يُجِبْ داعِيَ الله}؛ فاستثقلوا الضمة والكسرة في الياء لثقلهما لأنهما يخرجان بتكلف شديد، ولم يستثقلوا الفتحة لأنها تخرج مع النفس بلا مؤونة. ومنهم من يستثقل الفتح مع الياء أيضاً، فيقول: أجيبوا داعي الله، فيسكن الياء، فيسقطها من اللفظ لسكونها، وسكون التنوين. والعرب تقول: هذا الوال والوالي، والقاض والقاضي، والداع والداعي؛ قال كعب بن مالك الأنصاري: ما بال هم عميد بات يطرقني ... بالواد من هند أو تعدو عواديها أراد: بالوادي، فحذف الياء وكذلك يحذفون بالإضافة، كقوله عز وجل: {يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ}؛ وفي القرآن كثير. وقال حسان:

يا عين بكي سيد الناس واسفحي ... بدمع فإن أنزفته فاسفحي الدما أراد: يا عيني. [فعال] وقيل: [ليس] في العربية كلمة [فعال] أولها ياء مكسورة إلا يسار. اليد لا غير؛ ويقال أيضاً: يسار- بالفتح. ومنهم من يهمز فيقول: أسار. والياء أقوى في كلام العربية من التاء؛ وعن الشعبي أن ابن مسعود قال: إذا اختلفتم في الياء والتاء فاجعلوها ياء واذكروا القرآن. والعرب تقدم الألف على الياء في النداء فيقولون: أيا زيد؛ قال: أشيبان ما أدراك أن رُبَّ ليلة ... غبقتك فيها والغبوق جميل أراد: يا شيبان. وفي المنادى تسع لغات: يقال: فلان، بإسقاط يا؛ قال الله عز وجل: {يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا}؛ وقال الشاعر: أمير المؤمنين ألست حقاً ... بأكرم من أظلته السماء أراد: يا أمير المؤمنين. ويقال: يا فلان؛ قال الله عز وجل: {يا نُوحُ}، وقال الشاعر: يا زبرقان أجابني خلف ... ما أنت ويل أبيك والفخر ويقال: وا فلان؛ ويقال: آفلان- بهمزة بعدها ألف؛ ويقال: أي فلان، وآي

فلان، وأيا فلان؛ قال العجاج: يا عمر بن معمر أيا عمر يا عمر بن عمر لا منتظر فقال: يا عمر، فتوهم أنه لم يسمع، ثم قال: أيا عمر، فاستعان بالألف ليبلغ صوته إليه. وقال الشاعر في أي: ألم تسمعي أي عبد في رونق الضحى ... بكاء حمامات لهن هدير؟ وقال آخر: أيا بانة الوادي أليس بلية ... من العيش أن تحمى عليك ظلالك وقال الشاعر: أيا عمرو لا تعذر محباً ولا تعن ... على لومه إن المحب أسير وقال آخر: أيا أثلة الطراد إني لسائل ... عن الأثل من جراك ما فعل الأثل ويقال: أفلان، على لفظ الاستفهام. ويقال: هيا فلان، كقولهم: يا زيد، هو نداء بيْنَ بيْنَ، وهو نداء أقرب؛ وقولهم: أيا زيد، فهو نداء من بُعد، وكقولهم هيا زيد؛ الهاء عِوَض من الألف كأنه أراد: أيا زيد. قال الشاعر:

هيا أم عمرو هل إلى النوم عندكم ... بغية إبصار الغداة سبيل وقولهم: يراعة ويراعٌ أيضاً أي جبان؛ قال: فارس في اللقاء غير يراع وتجوز اليراع في الشجر على القصب؛ واليراع: القصب، والواحدة يراعة؛ والقصبة التي ينفخ [فيها الراعي]. قال: أحن إلى ليلى وإن شطَّت النوى ... بليلى كما حن اليراع المثقب واليراع: كالبعوض يغشى الوجه؛ الواحدة يراعة. وقولهم: أصابه اليرقان معناه: اصفرار يلحق الجسد من علة، ويصيب أيضاً الزرع من آفة فتفسده، تخفف وتثقل، وأحسبها الأرقان. وزرع مأروق، ونخلة مأروقة؛ ولا يقال ميروقة؛ ويقال: أيرقت، إذا أصابها اليرقان. وقولهم: هذا الأمر يقين معنى اليقين: إزاحة الشك وتحقيق الأمر؛ واليقن: هو اليقين. قال الأعشى:

وما بالذي أبصرته العيو ... ن من قطع يأس ولا من يقن أراد: اليقين. وقولهم: فلان يسر أي لين الانقياد سريع المتابعة؛ قال: إني على تحفظي ونزري أعسر إن مارستني بعسر ويسر لمن أراد يسري ويوصف به الفرس أيضاً؛ ويقال: إن قوائم هذا الفرس ليسرات خفاف، إذا كن طوعه؛ والواحدة يَسْرَةٌ ويَسَرَةٌ. ورجل أعسر يسر، وهو الذي يعمل بيديه جميعاً. واليسار: اليد اليسرى، وهو نقيض اليمنى، واليسرى نقيض اليمنى. والياسر كاليامن، والميسرة كالميمنة، ومجراهما في الاشتقاق والتصريف واحد. واليسر نقيض العسر، والميسور نقيض المعسور، والتيسير نقيض التعسير، والتعسير نقيض التيسير. ويقال: اليسار يراد به الغنى والسعة؛ وأيسر الرجل فهو موسر إذا كان ذا يسار.

واليسر: نقيض البرم، وهو الذي يدخل الميسر؛ والجمع أيسار. ويسر الرجل يسراً وهو ياسر؛ وتياسر القوم، إذا تقامروا. وتياسروا في مسيرهم، وهو نقيض تيامنوا، إذا أخذوا على يسارهم. وأيسرت المرأة، إذا سهلت ولادتها. وللدعاء: أيسرت وأذكرت. وأيسرت الجنة، إذا ماتت من قبل. وقولهم: هذا ملك يميني أي ملكي؛ قال الله تعالى: {وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ}، قيل: يعني ما ملكتم. واليمين: ضد اليسار؛ واليمين: الحلف؛ واليمين: القوة. قال الله عز وجل: {فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْباً بِالْيَمِينِ} أي بالقوة، وكذلك قوله تعالى: {لأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ} أي بالقوة والقدرة عليه. قال الشماخ: إذا ما راية رفعت لمجد ... تلقاها عرابة باليمين أي بالقوة عليها. وقولهم: قد يئست من كذا أي انقطع رجائي منه، وزال طمعي عنه؛ واليأس: نقيض الرجاء، وهو قطع الطمع. ويقال: اليأس غنى حاضر، والطمع فقر حاضر؛ قال الشاعر: ما لي الغني بالذي أصبحت أملكه ... وما لي اليأس مما حاله اليأس

وأيأست فلاناً تؤايس، والمصدر الإياس؛ وقول الله عز وجل: {فَلَمَّا اسْتَيْئَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيّاً}، وقيل: لما يئسوا، وهو استفعلوا، من اليأس. وتقول: قد يئست أنك رجل صدق، في معنى: قد علمت. قال الله عز وجل: {أَفَلَمْ يَيْئَسْ الَّذِينَ آمَنُوا}، قيل: المعنى: ألم يعلموا. قال الشاعر: أقول لهم إذ العدى يأسرونني: ... ألم تيأسوا إني ابن فارس زهدم؟ أي ألم تعلموا؟ ويروى: ييسرونني؛ وهو من الأيسار، يريد: يقتسمونه؛ ويأسرونني، من الأسر. ومثله: ألم تيأس الأقوام إذ يضربونني ... بأني أبو الهيجاء أطلب بالدم ومثله: ألم تيأس [الأقوام] أني أنا ابنه ... وإن كنت عن أرض العشيرة نائيا واليأس: السل؛ قال عروة بن حزام: بي اليأس أو داء الهيام أصابني ... فإياك عني لا يكن بك ما بيا الهيام: داء يصيب الإبل، فلا تروى عنده من الماء؛ وهو في باب الهاء. وقولهم: لفلان علي يد أي نعمة سابغة، والجمع الأيادي؛ قال الشاعر:

يكن لك في القوم يد يشكرونها ... وأيدي الندى في الصالحين قروض ويد القوس: سيتها؛ ويد الرحى: فلكها؛ ويد الدهر: مدى أزمانه. وتقول: هذه الضيعة في يد فلان، أي في ملكه، ولا يقولون: في يدي فلان. ويقولون: يثور الرهج بين يدي المطر، ويهيج السباب بين يدي القتال. ويقولون: يدي فلان من يده، أي شلث؛ ورجل ميدي: مقطوع اليد من أصلها؛ وأيداه الله، والمصدر اليدي. وأيديت على فلان يداً بيضاء: من النعمة. وتقول: فلان ذو مال ييدي به ويبوع به، أي يبسط يديه وباعه. وقولهم: ذهب القوم أيدي سبا وأيادي سبا أي متفرقين في كل وجه، وكذلك الريح وغيرهما؛ قال رؤبة: مراً جنوباً وشمالاً تندقم أيدي سبا بعد إعصار الديم والنسبة إلى يد يدي، وإلى الأب أبوي؛ لأنهم يقولون: يدان، فلا تظهر الياء؛ ويقولون: أبوان، فتظهر الواو. قال العجاج: بالدار إذ ثوب الصبا يدي يدي أي واسع، وهو بالفارسية دست ثوبين. ويقال: عنى جدة الثوب كأنما رفعت عنه الأيدي ساعتئذ، ويقال: بل أراد أن الأيدي لا تتعاوره.

وتقول: لا يد لي بهذا الأمر، ولا يدان لي به، ولا يد لنا به، أي لا طاعة لي به؛ قال عروة بن حزام: تحملت من عفراء ما ليس لي به ... ولا للجبال الراسيات يدان وقولهم في النداء: يا أيها [يا]: حرف النداء، وإنما أتوا به لبعد الصوت والترنم، وليقبل عليك المنادى؛ وأي: منادى، وها: صلة. والأصل في: {أَيُّهَا النَّاسُ} يا أي هؤلاء الناس، واكتفي بالناس من أولاء فحذفوا؛ وكذلك: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ}، الأصل فيه: يا أي هذا النبي، فاكتفي بالنبي من ذا. قال الشاعر: ألا أيهذا المنزل الدارس الذي ... كأنك لم يعهد بك الحي عاهد فأخرجه على اله. وقال طرفة: ألا أيهذا الزاجري أحضر الوغى ... وأن أشهد اللذات هل أنت مخلدي وقال آخر: ألا أيهذا الباخع الوجد نفسه ... بشيء نحته عن يديك المقادر ومن العرب من يقول: يا أيه النبي، ويا أيه الرجل؛ وأنشد الفراء: يا أيه القلب اللحوح النفس أفق عن البيض الحسان اللعس

ولا يجوز أن يقرأ بهذه اللغة؛ لأنها تخالف المصحف. وقد يبتدئون كلامهم بيا، فيقولون: يا مالك؟ ويا جعلت فداك، ويا ما لفلان لا يزال يفعل كذا. قال: يا ما لليلى لا تعود مريضنا ... وإن مرضت ليلى فإني أعودها ويقولون في التعجب والتعظيم: يا حسنه رجلاً! ويا نبله راكباً! أي ما أحسنه! وما أنبله! قال الحطيئة: طافت أمامة بالركبان آونة ... يا حسنه من قوام ما ومنتقبا وأنشد الفراء: يا حسنه عبد العزيز إذا بدا ... يوم العروبة واستقل المنبرا وقد يحذفون يا، وهي تزاد كما تحذف في النداء؛ قال الأعشى: أقول لما جاءني فخره: ... سبحان من علقمة الفاخر أراد: يا سبحان الله، تعجباً من فخره. ومن العرب من يقول في النداء: يا آلله اغفر لي- بالمد؛ ومنهم يقول: يالله، فيحذف الهمزة، ومنهم من يقول: يا ألله، فيهمزون ألفها. وقال المرار: ويدعو على ماله بالسواف ... فيا آلله شرهما السواف [السواف]- بضم السين وفتحها: الهلاك؛ يقال: ساف المال يسوف، وأساف الرجل إذا هلك ماله. ونصب شرهما بفعل مضمر، أي فعل شرهما كذلك؛ وهو

جائز في الدعاء، يقولون في الدعاء: اللهم زيداً، يعني أمنه، وأشباه ذلك. وأما ياه فإنه من النداء؛ يقول الرجل لصاحبه: ياه أقبل. قال ذو الرمة: ينادي بيهياه وياه كأنه ... صويت الرويعي ضاع بالليل صاحبه والفاعل ميهيه؛ وقد يهيه ييهيه، إذا قال: ياه ياه؛ وبالوصل يا هياه وهما واحد؛ وبعضهم يقول: يا هياه، فينصب الهاء الأولى؛ وبعضهم يكره ذلك ويقول: هياه من أسماء الشياطين. ويقال: يهيهت به؛ ومن الدعاء يهياهاً؛ وتقول: يهيهت بالإبل، بالمد ياه ياه. وأما يه فحكاية ليهيه. [وهوه] والكلب وهوه في صوته، [إذا جزع فردده]، وقد يفعله الرجل شفقة وجزعاً؛ والحمار وهوه حول عانته شفقة عليها. وقولهم: مفازة يهماء اليهماء: التي لا ماء بها ولا صوت؛ ومن هذا المعنى قيل للجبل الصعب الذي لا يرتقي: الأيهم؛ قال النمر بن تولب: بإسبيل ألقت به أمه ... على رأس ذي حبك أيهما والأيهمان: السيل والحريق؛ لأنهما لا يهتدى فيهما، كما لا يهتدى ولا يستطاع إليها من المفازة. وقال بعضهم: الأيهمان: السيل والليل.

والأيهم من الرجال: الأصم؛ والأيهم: الشجاع الذي لا ينحاش لشيء؛ والأيهم أيضاً: المطبق عليه المصلوب على عقله. وقولهم: يوسف [ويونس] فيه ثلاث لغات: يُوسُف، ويُوسَف، ويُوسِف، بهمز وبغير همز؛ قال: فما صقر حجاج بن يوسف ممسكا وفي يونس أيضاً ثلاث لغات: يونُس، ويُونَس، ويُونِس. وفي جمع يوسف: اليوسفونَ، واليواسف، واليواسيف، واليواسفة. وقولهم: فلان يفعة أي قد أيفع وشب ولم يبلغ؛ والجارية يفعة؛ والجمع الأيفاع. قال الشاعر: كهول ومرد من بني عم مالك ... وأيفاع صدق لو تمليتهم رضا [تمليتهم]: تمتعت بهم، ومنه: تمليت خليلك، أي تمتعت به. واليفاع: التل المشرف، وكل شيء مرتفع فهو يفاع. وأنشد الأصمعي في صفة فرس: تراه كالصريخ على يفاع ... بنوه وهو منزوع الثياب شبه الفرس في قصر شعره بالعريان، وفي حدة قلبه وارتياعه بالفزع؛ والصريخ: المستغيث؛ وهو أيضاً المغيث، وهو من الأضداد. وقولهم: ما ينبغي لك أن تفعل كذا أي: ما بحيلك ذلك؛ قال الله عز وجل: {مَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ

وَلَداً}، أي ما يجوز أن تظن به لعزته وعظمته. وقال الله عز وجل: {لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ}. قال الضبي: ينبغي: يجب؛ وأصله: بغيت الشيء، إذا طلبته، فينبغي: ينفعل منه، إي يصير إلى ما يراد، مثل: سويت الشيء (فاستوى، وطويت الثوب فانطوى؛ قال الشاعر: ما ينبغي لك أن تميل إلى الصبا ... بعد المشيب وأن تكون جهولا) وقولهم: أي فلان هو تضرع؛ كقولهم: أي رَبُّ، إذا تضرعوا. ويقوون: رب، وأيا رب، وهيا رب، ويا رباه؛ والهاء تُضم وتكسر؛ قال: يا رب يا رباه إياك أسل عفواً أيا رباه من فعل الأجل وقولهم: صبي يتيم معناه: صبي منفرد من أبيه؛ واليُتم في كلام العرب: الانفراد؛ قال: أفاطم إني ذاهب فتبيني ... ولا تجزعي كل النساء يتيم

ويروى: يئيم؛ فمن رواه: يئيم- بالياء- أراد كل النساء يموت عنهن أزواجهن. وأنشد ابن الأعرابي: ثلاثة احباب: فحب علاقة ... وحب تملاق وحب هو القتل فقال له: زدنا؛ فقال: البيت يتيم، أي هو منفرد ليس قبله ولا بعده شيء. واليُتم في الناس من قِبَل الآباء، وفي البهائم من قِبَل الأمهات. وعن ثعلب أن اليُتم في البقر الذي لا أم له صغيراً أو كبيراً. قال الفراء: يقال: قد يتم الصبي ييتم يتماً، ويتم يتماً، وايتمه الله. ويقال للذي ماتت أمه: المقطع، ويقال لليتيم من الدواب العجي، والجمع عجايا؛ ويجب أن يكون في الطير من قِبَل الآباء والأمهات؛ لأنهما يُلقمان ويزقان. وإنما كان اليُتم في الدواب من ماتت أمه لأن أباه لا يُعرف. والمُقطع: المغلوب، ومن لا حيلة له؛ ويقال: أقطع بفلان، إذا أصابه أمر عظيم ومات ظهره. وقطعت الطير: إذا جاءت من أرض إلى أرض. ورجل مقطع: إذا لم يكن له ديوان. وعذر مقطع: إذا ذهب صوابه. ويروى قول لبيد: وهم السعاة إذا العشيرة أقطعت ... وهم فوارسها وهم حكامها ويفسر على هذا المعنى ويروى:

...... أفظعت ... وهم فوارسها وهم حكامها من الأمر الفظيع العظيم. ويقال ايضاً: يتيم ويتيمة في البالغ، لأن حقيقة اليُتم هو الانقطاع حتى قالوا: بيت يتيم، إذا انقطع عن البيوت، أو لم يكن له في الشعر ثان. وقالوا: درة يتيمة، أي منقطعة القرين. وقالوا [إن النبي صلى الله عليه وسلم]: يتيم أبي طالب؛ لعؤول النبي صلى الله عليه وسلم وهو بالغ. وهذا قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يُتْم بعد بلوغ". وقولهم: ما يواسي فلان فلاناً فيه ثلاثة أقوال: قال المفضل بن محمد [الضبي: معناه]: يشاركه؛ وهو من المؤاساة وهي المشاركة، واحتج بقول الشاعر: فإن يك عبد الله آسى ابن أمه ... وآب بأسلاب الكمي المغاور وقال مؤرج: معناه: ما يصيبه بخير؛ وهو من قول العرب: أس فلاناً بخير، أي أصبه به. وقال غيرهما: معناه: ما يعوضه من مودته ولا من قرابته شيئاً؛ وهذا مأخوذ من الأوس، وهو العِوَض. قال: وكان الأصل: ما يواوسه، فقدموا السين، وهي

لام الفعل، وأخروا الواو، وهي عين الفعل، فصار يواسوه، فصارت الواو ياء لتحريكها وانكسار ما قبلها. قال ابن الأنباري: ويجوز عندي أن يكون يؤاسي غير مقلوب، فيكون يفاعل، من اسوت الجرح، إذا أصلحته؛ فتكون الهمزة فاء الفعل، والسين عين [الفعل]، والتاء لام الفعل. ويستغنى في هذا الوجه عن القلب. وقولهم: فلان يخصف النعال أي يضم بعض الجلود على بعض؛ قال الله عز وجل: {وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ}، أي يضمان بعض الورق إلى بعض ليسترهما. يقال: قد خصف الرجل واختصف؛ قال الأعشى: قالت: أرى رجلاً في كفه كتف ... أو يخصف النعل لهفي أية صنعا وقولهم: فلان يسطو بفلان أي يبطش به؛ قال الله تعالى: {يَكَادُونَ يَسْطُونَ}، أي يكادون يبطشون؛ وقال: فلئن عفوت لأعفون جللاً ... ولئن سطوت لأوهنن عظمي

وقولهم: فلان يروغ عن كذا أي يعدل عنه ويرجع ويخفي رجوعه؛ قال الفراء: لا يقال للذي يرجع راغ يروغ إلا أن يكون مخفياً لرجوعه؛ فلا يحق أن يقال للراجع من الحج: قد راغ. فإن قدم رجل من سفر مخفياً لرجوعه جاز أن يقال: راغ يروغ. ومنه قول الله عز وجل: {فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْباً بِالْيَمِينِ}، معناه: رجع إليهم يضربهم مخفياً لرجوعه؛ وقال الله تعالى: {فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ}. قال الفراء: معناه: رجع إلى أهله في إخفاء منه لرجوعه. وقولهم: خراب يباب اليباب عند العرب: الذي ليس فيه أحد؛ قال عمر بن أبي ربيعة: ما على الرسم بالبليين لو بيَّـ ... ـن رجع السلام أو لو أجابا فإلى قصر ذي العشيرة فالصا ... لف أمسى من الأنيس يبابا معناه: خالياً لا أحد به. وقولهم: فلان يتقحم [في] الأمور أي يدخل فيها بغير تثبت ولا روية؛ يقال: قد تقحمت الناقة، إذا ندت فلم يضبطها راكبها، وكذلك: تقحم البعير.

ومن ذلك: قحمة الأعراب؛ سميت قحمة، لأنهم إذا أجدبوا [تركوا] البادية ودخلوا الريف؛ قال الشاعر: أقول والناقة بي تقحم وأنا منها مكلئز معصم ويحك ما اسم أمها يا علكم؟ المكلئز: المنقبض؛ يقال: أكلأز، إذا انقبض. والمعصم: المستمسك. (معناه: أن العرب كانت تقول: إذا ندت الناقة فذكر اسم أمها وقفت، وإذا ند البعير فذكر اسم أب [من آبائه] وقف. وأعرابي مقحم، أي نشأ بالبادية ولم يخرج منها؛ كما قال الحجاج لابن القرية: أنت أعرابي مقحم، أي نشأت بالبادية ولم تخرج منها) ...

الأمثال على الياء - "يا بعضي دع بعضاً". - "يدع العين ويطلب الأثر". - "يا مهدي المال كل ما أهديت". - "يداك أوكتا وفوك نفخ". - "يوم لنا ويوم علينا". - "يضربني ويبكي". - "يد تشج ويد تأسو". "يرى القذاة في عين أخيه ولا يرى الجذع في عينه".

باب في شيء من الألفاظ الغربية والمعاني اللغوية والأبيات المعنوية

باب في شيء من الألفاظ الغربية والمعاني اللغوية والأبيات المعنوية

بسم الله الرحمن الرحيم قال الفراء: كلام العرب إذا عرض عليك الشيء أن تقول: تُوفر وتُحمد، ولا تقل تؤثر. ومعنى توفر أي كثر مالك وتوفر؛ والوفر: المال. وتقول: فلان ينزل على صاحبه، أي يلتجئ. وتقول: فلان خفيف الشفة، أي قليل السؤال للناس. وتقول: في الناس شفة حسنة، أي ثناء حسن. وما كلمته ببنت شفة، أي بكلمة. ورجل مشفوه، إذا كثر سؤال الناس إياه. وماء مشفوه، إذا كان كثير الشاربه. وقدم رؤبة على أبي مسلم الخراساني فأجازه بمال، وقال له: المال مشفوه بالجند، أي مشغول، أي ليس منه فضل. ويقال: نحن نشفه عليك المرتع والماء: نشغله [عنك] وهو قدرنا لا فضل فيه. ويقال: خضرم الرجل، إذا لحن، وخالف الإعراب.

ويقال: كانت حمية فلان أربعة أشهر، أي مرضه. ويقال: لقيت فلاناً على أوفاز، واحدها وفز؛ وعلى أوفاض، أي على عجلة. [ويقالي: ولدت فلانة بنين على ساق واحدة، أي بعضهم على إثر بعضن ليست فيهم جارية. وولدت ثلاثة بنين على غرار واحد. ورميت بثلاثة أسهم على غرار واحد، أي على مجرى واحد. وهذا رجل لا واحد له، كما تقول: نسيج وحده، وأحوذي لا نظير له. وتقول: ................ [وتقول]: ظل يدير على كذا، ويليصه، ويلاوصه؛ بمعنى. وتقول: لا أخاً لك بفلان، أي هو ليس لك بأخ.

[وتقول]: ما لفلان فهاهة ولا تفاهة. [وتقول]: تعامس علي، أي تعامى علي فتركني في شبهة من أمره. والأمر العماس: المظلم الي لا يدرى كيف يؤتى له. ومنه: جاءنا بأمور معمسات، أي مظلمة ملوية عن جهتها. وتقول: رجل نال: كثير النوال، ورجلان نالان، وقوم أنوال. ورجل مال: كثير المال؛ ورجل صات: شديد الصوت، في معنى صيت؛ ويوم طان: كثير الطين؛ ورجل خال: كثير الخول؛ وكبش صاف: كثير الصوف؛ ورجل فال الفراسة، أي مخطئ الفراسة؛ ورجل داء: به الداء؛ وقد دئت يا رجل، تداء داء. وبئر ماهة: كثيرة الماء؛ ورجل جال مال وجائل مائل، إذا أحسن القيام على ماله يصلحه. وجرف هار، أي منهار. [وتقول]: قد القت الناقة ولداً حشيشاً، إذا يبس في بطنها. [وتقول]: قد أفصى عنك الحر؛ ولا يقال: أفصى عنك البرد.

[وتقول]: هذا رجل صير شير: حسن الصورة والشارة؛ وقد أشار إليه بيده، وشوَّر إليه. [ويقال]: أوأبت فلاناً، أي فعلت به فعلاً يستحى منه؛ وقد أتأبت، مثل أتعبت. قال أبو يوسف: حكى لنا أبو عمرو [الشيباني] قال: تغدى عندي أعرابي من بني أسد، ثم رفع يده. فقلت له: ازدد يا أعرابي، فقال: ما طعامك يا أبا عمرو بطعام تؤبة، أي بطعام يستحى من أكله. وحكى أبو عمرو: أنشصناهم عن موضعهم، أي أزعجناهم. ويقال للرجل إذا أعطى الرجل مائة درهم وزكاة مائة درهم: هو مليء زكاة، أي حاضر النقد. [ويقالي: فلان من فلان وضريب فلان، أي هما سواء في أمرهما، مستويان في ضعف أو شدة أو عقل أو مروءة.

[ويقال]: مر فلان يتوزوز ويدأل، إذا مر يقارب الخطو ويحرك منكبيه؛ ومنه خرج الحجاج [يدأل] في مشيته حتى دخل على أسماء بنت أبي بكر. الغُبَّة والغُفَّةُ من العيش: البلغة. [ويقال]: تنح غير باعد، أي صاغر؛ وغير بعيد، أي كن قريباً. [ويقال]: هو يتصأصأ أمره، أي على عجلة وجد أمره. أحصصت القوم: أعطيتهم حصصهم؛ [وأقرعتهم]، أي قارعتهم فقرعتهم. تلوت الرجل تلواً، أي تركته وخذلته. والتلاء أيضاً: أن يكتب على سهم فلان؛ يقال: أتاله سهماً؛ يعطي ذلك من يجيره، فيكون معه، فإن تعرض له أحد، وقال: أن جار بني فلان، فلا يتعرض له أحد.

وفي معنى آخر: تلا يتلو تلواً، إذا اتبع شيئاً، فهو تال، أي تابع. أقحم أهل البادية، إذا أجدبوا. المبتئس المبتئس: الكاره؛ قال حسان: ما يقسم الله أقبل غير مبتئس ... منه وأقعد كريماً ناعم البال يتنازل القوم، إذا نازل بعضهم بعضاً في القتال. واستتبعت القوم أستتبعهم، إذا تقدمت منهم ليتبعوك. هلهلت أدركه، أي كدت أدركه.

ثلبت الرجل: عبته، وثلبته: طردته. النقد عند الحافرة، أي عند أول كلمة رجعت على حافرتي، أي طريقي الذي أصبحت فيه خاصة. تقادع القوم تقادعاً، وتعادوا تعادياً؛ ومعناهما: أن يموت بعضهم في إثر بعض. أنفت الرجل آنفه، إذا تبعته؛ وقيل: أنف، والأنف. وردت على القوم التقاطاً، إذا لم تستعد لهم حتى ترد عليهم، وقد وردت الماء بغاتاً، مثل التقاط. أوذمت على نفسي سفراً، إذا أوجبته.

تنصلت الشيء، إذا أخرجته. وأقولتني ما لم أقل، وقولتني، وآكلتني، أي ادعيته علي. أودق القوم: طلبوا حاجة فلم يقدروا عليها. هرته بالأمر أهوره، إذا اتهمته. مقع فلان بسوءة: نعي بها. يقنت الأمر يقناً ويقناً، من اليقين. جحظمت الغلام جحظمة، إذا شددت يديه على ركبتيه ثم ضربته. طلعت الأرض بأهلها فهي تطلع: ضاقت بهم من كثرتهم.

رمع أنف الرجل يرمع رمعاناً، إذا تحرك من غضب. الهشيلة: أجرة الدابة خاصة. السكاك والسكاكة: الهواء بين السماء والأرض. استنتل الرجل، إذا تقدم من بين أصحابه؛ ويسمى ناتلاً. [ما غسق] من هذه الغثيثة: ما خرج من الجرح من قيح أو دم. يقال: غسق الجرح، إذا خرجت منه غثيثته؛ ويقال: غسق، إذا امتلأ مِدَّة. وغسقت العين، إذا امتلأت دمعاً، تغسق غسقاً وغسقاناً؛ قال: العين مطروفة لبينهم ... تغسق ما في دموعها شرع المنعلة: الضائقة والوقعة الشديدة. الخسف: الرضا بالظلم.

الشوى: السهل من الأمر؛ وكانت العرب تقول عند الأمر السهل: شوى ما أصابك من الأمر، أي سهل. وهو مأخوذ من قولهم: أشوى الرامي: أصاب الشوى. والشوى: الخسيس من الشيء قال الشاعر: أكلنا الشوى حتى إذا لم نجد شوى ... أشرنا إلى ألبانها بالأصابع وقولهم: لا شوى لها، أي لا بقي لها. المشايح في لغة هذيل وفي لغة العالية: هو الحذر من الشيء المذل، القلق بسره حتى يبوح به. ماحلت فلاناً: عاديته. السلاف: الأوائل المتقدمون. شبَّ الزناد النار: بعثها.

الحرس: زمان ووقت من الدهر دون الحقب؛ والدهر يقال له: الحرس. البهت: التهمة وخلط الكلام. القدموس: الملك الضخم. القنعاس: الشديد المنيع؛ ومنه: جمل قنعاس. قال جرير: وابن اللبون إذا ما لز في قرن ... لم يستطع صولة البزل القناعيس ويقال: لز فلان بكذا، أي ألز. ويقال: مالك في هذا الأمر إلا النصف، أي الإنصاف؛ قال الفرزدق: وليس بنصف أن أسب مقاعساً ... بآبائي الشم الكرام الخضارم ولكن نصفا لو سببت وسبني ... بنو عبد شمس من مناف وهاشم أولئك أكفائي فجئني بمثلهم ... وأعند أن أهجو تميماً بدارم أعند: آنف. والنصف: بين المسنة والشابة.

المدفع: المحقور الذي لا يضيف ولا يقرى. الزكمة: آخر الولد. الهطلس: اللص القاطع يهطلس كل ما وجده، أي يأخذه. السبسب والدعبوب: الطريق الواضح. والنيسب: الطريق الدارس. الغاف والغرب: شجر السرح. والعرب تسمي راكب الفرس فارساً، وراكب البعير راكباً، وراكب الحمار حماراً. الجنعاط: الذي يتسخط عند الطعام. البرشاع: السيئ الخلق.

ويقال: ألفاه وصادفه ووافطه ووالطه ولاقطه، بمعنى واحد. والقد والقط والشق، كله بمعنى واحد. فصل يقال للمرأة والرجل إذا لم يصب أحدهما الجدري: قرحان، وتجمع قرحانون. ورجل أيم، وامرأة أيم؛ ورجل عاقر، وامرأة عاقر؛ ورجل عانس وامرأة عانس؛ ورجل عدل، وامرأة عدل، ورجال عدل؛ ورجل بعيد وقريب، وامرأة بعيد وقريب. قال الشاعر: فإن تمس ابنة السهمي منا ... بعيداً ما تكلمنا الكلاما وقال: ليالي لا أسماء منك بعيدة ... فتسلو ولا أسماء منك قريب وهو خضم، وهي خضم، وهن خصم، ورجل غيور، وامرأة غيور وغيرى؛ ورجل دنف، وامرأة دنف، ونسوة دنف؛ ورجل ضيف، وامرأة ضيف، وقوم ضيف؛ ورجل طاهر، وامرأة طاهر؛ ورجل قتيل، وامرأة قتيل؛ ورجل صبور،

وامرأة صبور؛ ورجل قتير، وامرأة قتير قليلا الطعم؛ ورجل شمشليق، وامرأة شمشليق وهما المعروقان؛ ورأس دهين، ولحية دهين، وعين كحيل، وكف خضيب؛ ورجل جليد، وامرأة جليد؛ وثوب جديد، وملحفة جديد؛ وثوب قشيب، وملاءة قشيب. وهذا باب كبير. فصل ويقال: بهلة الله وبهلته، أي لعنته؛ وخَفَارة وخِفَارة؛ وبُشارَة وبِشارَة؛ ورُباوَة ورِباوَة؛ ودُوَايَة ودِوَايَة، للذي يعلو اللبن وهو يشبه الجلدة الرقيقة؛ والفُتَاحَة والفِتَاحَة، وهي المحاكمة؛ وسدفة الليل وسدفته؛ وجهمة الليل وجهمته؛ وبرهة من الدهر وبرهة؛ وما لي عنده عُرْجَة ولا عَرْجَة [ولا عِرْجَة]؛ والبُقْعَة والبَقْعَة؛ وجلست نُبْذَة ونَبْذَة، أي ناحية؛ وخطوت خُطْوَة وخَطْوَة؛ وحظيت حُظْوَة وحِظْوَة؛ وحُسْوَة وحَسْوَة؛ وعُضْو وعِضْو؛ وغُرْفَة وغَرْفَة؛ وجُرْعَة وجَرْعَة؛ والبُغْيَة والبِغْيَة؛ ولُحْسَة ولَحْسَة؛ ولُعْقَة ولَعْقَة؛ والضُّجْعَة والضَّجْعَة؛ وهُجْعَة وهِجْعَة. وهو كثير. فصل النحاس: مبلغ [أصل] الشيء وطبعه؛ قال الشاعر: يا أيها السائل عن نحاسي عني ولم يبلغوا نطاسي

المتنطس: الذي بلغ غاية الدهاء. الأضبط: الذي يعمل بيمينه كما يعمل بشماله. خزي الرجل خزاية، إذا استحيا، وخجل أيضاً: استحيا؛ وخجل أيضاً: بطر. الفيض من الناس: العدد الكثير. الازدهار بالشيء: الاحتفاظ به. أغبطت الحمى على الإنسان، إذا لزمته وأقامت عليه. الكودن: البغل، وهو الكودني أيضاً. الدثن في الجوف: مثل غليان القدر، وأصله الحركة. الدهن الغبب: المطيب؛ والكحل المروح: المطيب أيضاً. والإراقة: الادهان كل

يوم، وقد نهي عنه. قنيت المرأة، أي منعت من اللعب مع الصبيان. وفي عقل فلان صاءة، أي كأنه جهول. اللبن الوغير: المسخون. الصنا: الرماد الهامد. ويقال: رماد أرمد. داء الظبية: الفجور. الطلبان: السلفان: المتزوجان بأختين. والملأة: الزكام.

الدهانج: بعير ذو سنامين. وفي مثل: "ما أكثر الداج وأقل الحاج". رول الرجل، إذا خلط الخبز بالسمن. ويقال: فلان من فدم الرجال ورحهم وجمائهم، أي من رد بهم الحلب من الجلوس على ركبه؛ ويقال منه: احلب فكل. وتقول: قد انهم جسم فلان، أي قد ذاب وهمه الحزن، أي قد أذابه. وفلان يسيل رواله ومرغمه، أي بصاقه. وناقة طالق: وهي التي تطلب الماء قبل القرب بليلة؛ والقرب: سير الليل

لورود الغب؛ والطلق: سير اليوم لورود الغب. الرغوث: اللاهج بالرضاع من الإبل والغنم. وعدد عنكوش، أي كثير. والعمروس بلغة أهل الشام: الحمل؛ وأظنه روميا. الروبعي: الفصيل السيئ الغذاء. ويقال: بوزع، وهو اسم امرأة؛ قال جرير: إن الشواحج بالضحي هيجنني ... في دار بوزع والحمام الوقع الشواحج: الغربان؛ يقال: شحج الغراب، إذا مرت عليه السنون الكثيرة وغلظ صوته. وقال أيضاً: وتقول بوزع: قد دببت على العصا ... هلا هزئت بغيرنا يا بوزع وزوبعة: ريح من الغبار يدنو من الأرض حتى ترفعه في الهواء.

والقوطع والقودع: قمل الإبل. وبعير غليم: هائج. واللهنة والسلفة: ما يقدم للضيف قبل الطعام؛ يقال: لهنوا ضيفكم وسلفوه. ويقال: فلان مخلقة بذاك ومحراة ومقمنة ومحجاة؛ وحري وحرى؛ وحجي وحجاً وحج؛ وقمين وقم وقمن بذلك. وكلام وجز وواجز ووجيز وموجز؛ وقد وجز الرجل وأوجز، ووجز الكلام وأوجز. وما نبس بكلمة، ولا نغى نغية، ولا وشم وشمة، ولا رخم رخمة، أي ما تكلم بكلمة. قال الشاعر: تعرد عنه جاره وشقيقه ... وينشز عنه كلبه وهو ضاربه وهذا رجل خرج في حاجة مستخفياً فيها، وتبعه جار له وأخ وكلبه، فطرد

الكلب لئلا ينم عليه بنباحه فلم يرجع. فلما أضحى وخرج عليهم اللصوص هرب عنه أخوه وجاره واسلماه؛ وقاتل عنه كلبه وحماه، فقال هذا. التعريد: سرعة الذهاب والانهزام. ولما مات توبة بن الحمير قيل لمعاوية، فقال: يا لها من نغية ما أبردها؛ أي كلمة. وقيل: أقهم وأقهى وأحجم، إذا عاف الشيء. ويقال للرجل الذي لا يريد اللهو: فر وعزه وعزهاة. ويقال للضبع: غثراء، أي جمعاء. ورجل عبراني: أحمق. والهلال: الحية إذا سلخت؛ قال الشاعر:

ترى الوشي لماعاً عليها كأنه ... قشيب هلال لم تقطع شبارقه القشيب: الجديد؛ والشبارق: القطع، وثوب مشبرق: سحيق ومقطع أيضاً. القشور: المرأة التي لا تحيض. القنفشة: العجوز. الفسر: التفسير، وهو بيان الكتب وتفصيلها. والتفسرة: اسم البول الذي ينظر إليه [الطبيب] يستدل به على مرض البدن. وكل شيء يعرف به الشيء فهو تفسيره. والسفسير: بياع القت. [الناموس] الناموس: قترة الصائد. ولما نزل جبريل على النبي صلى الله عليهما قال علماء أهل الكتاب: لقد جاء الناموس الأكبر الذي كان يأتي موسى صلى الله عليه وسلم. ويقال: بل هو وعاء العلم الذي لا يتخذ إلا ليوعى فيه. وقال ناس من الجهلة: الناموس: الكذاب.

وناموس الرجل: صاحب سره؛ ويقال: نمس ينمس نمساً، ونامسته منامسة، إذا ساررته. وقالوا: الناموس: الشريعة. الغبغب: الذي يذبح فيه أهل الجاهلية. ويقال: أقرع لفرسك بلجامه، أي صكه به. قال سحيم بن وثيل: إذا البغل لم يقرع له بلجامه ... عدا طوره في بعض ما يتعود من العادة. الطربال: حائط أو ركن مائل؛ قال: أقبل يهوي من دوين الطربال فهو يفدي بالأبين والخال وفي الحديث: "إذا مر أحدكم بطربال فأسرعوا المشي"؛ ويحذرهم سقوطه عليهم.

وقوله: بالأيين والخال، يريد: بالأبوين، هذا لمن قال: أب وأبان وأبون. وقيل: الطربال: الصخرة العظيمة المشرفة من جبل أو جدار. الناطور: الحافظ للنخل؛ وقد تكلمت به العرب وإن كان أعجمياً. وقال الأصمعي: هو الناظور، سمي به لأنه ينظر. والحيوت: ذكر الحيات؛ قال: ويأكل الحية والحيوتا والشيصبان: اسم معروف، ويقال: إنهم حي من الجن. قال حسان بن ثابت: ولي صاحب من بني الشيصبان ... فحيناً أقول وحيناً هوه أي هو.

ويقال: الياسمون: الذي يسميه الناس الياسمين. قال الشاعر: وشاهدنا الجل والياسمو ... ن والمسمعات بقصابها وقصابها: أوتارها. ويقال: لكل بطن واد: بطحاء. ويقال للجة البحر: عوطب؛ وهو عند الأصمعي مأخوذ من العطب، والواو زائدة. ويقال: الناس غانم وسالم وشاجب؛ فالغانم: من قال خيراً فغنم؛ والسالم: من سكت [فسلم]؛ والشاجب: من قال شراً فأهلك نفسه. [السوف] ويقال: لشم التراب: السوف؛ قال: إذا الدليل استاف أخلاق الطرق المستاف: الأنف.

وقيل: كان هراق رجلاً دليلاً، وكان قد عمي، فكان في عماه أدل من غيره. وامتحنه قومه بعدما عمي، فحملوا تراباً من قو حتى أتوه الدو، فقالوا: يا هراق أين نحن؟ قال: أروني تراب أرض أشمه، ففعلوا، وأعطوه من التراب الذي حملوه من قو؛ فقال لهم: التربة من تربة قو، وأيدي الركاب في الدو، فقالوا: لا بخسك الله عقلك، أي لا نكذبك بعدها في دلالة. والتو: الحبل الذي يقدر فيه البناء بناه؛ وهو الحبل يفتل طاقاً واحداً لا يجعل له قوى مبرمة؛ والجمع الأتواء. والروسم: لوح صغير منقوش فيه كتابة يختم به على الطعام، والجمع الرواسيم والرواسم. والحابول: الخيط الذي يصطاد به الصيادون السمك. والعافط: العفطي من الرجال الذي لا يفصح، وهو الألكن. والنبط: هو ماء الرمل.

والمخطئ: الذي يجتهد في إصابة الشيء؛ ولا يصيب الحق فيه؛ والخاطئ: العاصي، وبينهما فرق؛ قال الله تعالى: {وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ}. الوصل- اسم: العضو؛ والوصل- المصدر: [ضد الهجران، ووصل الثوب والخف]. قول علي: أنا يعسوب المؤمنين؛ اليعسوب: السيد. والضيون: السنور؛ والسنور: السيد. وأتى أعرابي بعض القبائل، فقال: من سنوركم يا بني فلان؟ فأزم رجل منهم، [وقال]: أقول يا بني فلان؟ فقالوا: قلها وأنت لها أهل؛ فقال: أنا سنورهم، أي سيدهم. قال أبو عمرو: قلت لأبي العباس: كيف سموا السيد سنوراً؟ قال: لأن عظم حلق الفرس يقال له السنور، وهو أعز موضع في الفرس؛ لأنه مستقر رأسه. والسيد: الرئيس؛ والرئيس: الشاة التي قد عقر رأسها؛ والشاة: الثور؛ والثور:

ظهور الحصبة؛ والحصبة: صغار الحمرة؛ والحمرة: القحمة؛ والقحمة: القسورة؛ والقسورة: ظلمة الليل؛ والقسورة في قول الله تعالى: {فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ}. قال بعضهم: هم الرماة؛ وقول: هو الأسد. والقسور: الرامي، والصياد، والجمع قساورة. ابن الأعرابي قال: سألت أعرابياً ما رأيت أفصح منه مذ ثلاثون سنة، ما الحجال؟ فقال: القشب؛ قلت: فما القشب؟ قال: الذعاف؛ قلت: فما الذعاف؟ قال: الزيغان؛ قلت: فما الزيغان؟ قال الأرون؛ قلت: فما الأرون؟ قال: الجحال؛ قلت: فما الجحال؟ قال: الجرسم؛ قلت: فما الجرسم؟ قال: ثقب الإبرة؛ قلت: فما ثقب الإبرة؟ قال: رأس الروق؛ قلت: فما الروق؟ قال: المدراة؛ قلت: فما المدراة؟ قال: الجأبة؛ قلت: فما الجأبة؟ قال: الخولة؛ قلت: فما الخولة؟ قال: الظبية؛ قلت: فما الظبية؟ قال: الثيتل؛ قلت: فما الثيتل؟ قال: الحطان؛ قلت فما الحطان؟ قال: البغيبغ، قلت: فما البغيبغ؛ قال: العلهب؛ قلت: فما العلهب؟ قال: تيس الجبل.

فصل يقال: بجل، بمعنى حسب؛ قال ابن رألان السنبسي: لما رأت معشراً قلَّت حمولتهم ... قالت سعاد: أهذا ملككم بجلا أي حسب. يقال: هذا أمر ظاهر عنك: لا يلزمك عاره؛ قال أبو ذؤيب: وعيرها الواشون أني أحبها ... وتلك شكاة ظاهر عنك عارها وفي هذه القصيدة: وسود ماء المرد فاها فلونه ... كلون النؤور فهي أدماء سارها المرد: ثمر الأراك غير المدرك؛ والنؤور: خضاب يشبه الإثمد؛ والأدماء؛ البيضاء؛ وسارها: يريد سائرها؛ يصف غزالاً. الترب: الرجل الذليل، وقيل: الترب- بضم التاء. ويقال: ناصية، وناصاة بلغة طيئ؛ قال الشاعر:

لقد آذنت أهل اليمامة طيئ ... بحرب كناصاة الحصان المشهرد الحضيرة: الجماعة ليست بالكثيرة، ويقال: سبعة رجال إلى ثمانية يتقدمون القوم؛ قال: يرد المياه حضيرة ونفيضة ... ورد القطاة إذا اسمأل التبع والحضيرة: الجماعة؛ والنفيضة والجمع نفضة؛ واستنفض القوم، إذا بعثوا نفيضة وهو واحد يتقدمهم لينظر لهم الماء والطريق. واسمأل، أي قلص؛ والتبع: الظل. وروي: حضيرة ونقيضة- بالقاف، وقيل: النقيضة أكثر من الحضيرة. استاد القوم بني فلان استياداً، إذا قتلوا سيدهم أو خطبوا إليه. ولب الشر يلب ولوباً: وصل إليك كائناً ما كان. مششت الدابة- بإظهار التضعيف: [حلبتها]؛ والمشش: داء في الدابة معروف.

ترامى مثل تداعى: تراكم وتكسر بعضه على بعض. دعقت الماء: صببته. درأته تدرؤه، إذا [دفعته] فسقط. تكبير رويد رود؛ وأنشد: كأنها مثل من يمشي على رود ضربوه فما وطس إليهم توطيساً، أي لم يدفع عن نفسه. انفضخت القرحة: انفتحت.

الخظاة من كل شيء: الكثيرة؛ يقال: خظا [لحمه] يخظو، فهو خاظ؛ قال الأغلب: خاظي البضيع لحمه خظا بظا جعل بظا أهلة لخظا. وقد تجيء كلمات نحو ذلك توصل بكلمات تشبهها بالمعنى؛ كقولهم: بنا بلنا، وقولهم: مجاوزة اللئيم عن عِبْرٍ من عِبْر. وقال أبو الأسود لابن أخ له أعرس: كيف وجدت أهلك يا ابن أخي؟ قال: حظيت وبظيت؛ قال أبو الأسود: أما حظيت فقد عرفت، فما بظيت؟ قال: عربية لم تبلغك؛ فقال: لا خير في عربية لم تبلغني. وفي المصنف: حظيت المرأة عند زوجها وبظيت؛ مع الاتباع. خبر قال الأصمعي: خادنت إبراهيم بن المهدي إلى الحج. فلما نزلت بالمدينة جاءنا سماء، فخرجنا عنها مضجرين حتى أبعدنا. ثم جلسنا على أكمة نتناشد، وإذا بصبية يتلاعبون حول خباء. فلما أكثرنا أقبل علينا أحدهم فقال: أبكما علم بحب الشعر؟ قلت: نعم؛ قال: أسألكما أم تسألاني؟ فقلنا: بل سلنا. فأقبل علي وقال: ما معنى قول الشاعر: لي صاحب لا أستطيع فراقه ... ما إن يسيء ولا له إحسان بينا تراه قاصراً لقوامه ... حتى يطول كأنه شيطان

ثم أقبل على إبراهيم فقال له: وما معنى قوله: وذات طول ما لها ظل ... من غير مهر وطؤها حل وبعضها إن رمت مستصعب ... وبعضها سهل به ذل قال: ففكرنا ساعة فلم يتجه لنا شيء في معناه، فقال: أنا أخبركما بهما، قلنا: نعم، قال: بثمنين، قال: فأخرجت له درهمين علويين وزنهما دانقان، فقال لي وهو قائم على جادة الطريق وظل شخصه قد تجاوزه: الأول هذا وأشار إلى ظله، والآخر هذا وأشار إلى الطريق. فعلمنا أنه قد ارتجلهما. فلما عدنا دخلنا على الرشيد، فقال: هل حملت معك من سفرك متجراً ترجو به ربحاً؟ فقلت: نعم يا أمير المؤمنين؛ سلعتين أبيعهما من المدينة. قال: وما هما؟ فأنشدته المقطوعتين، وخبرته الخبر سوى الثمن؛ فقال: وكم شراؤهما؟ فقلت: لا أبيعهما إلا مساومة، قال: فعلي بهما ألف، قلت: لا بل ألفان، قال: فهما لك. فأخبرته بالمعنيين، فأمر لي بألفي دينار. فدخلت على إبراهيم فأخبرته الخبر. قال عثمان بن محصن: خطب أمير المؤمنين بالبصرة فقال: اتقوا الله إنه من يتق الله فلا هوادة عليه؛ فلم يدر ما قال الأمير، فسألوا يحيى بن يعمر، قال: لا ضيعة عليه. قال نص بن علي: فحدثت به الأصمعي فقال: هذا شيء لم أسمعه قط حتى كان الساعة منك؛ ثم قال: الغريب لم أسمع بهذا قط. خبر آخر قال الأصمعي: أفضى بي الطريق وأنا بالبادية إلى خباء على يفاع وفرس

مربوط بالفناء إلى رمح. وكانت الهاجرة، فعدلت إلى الخباء فاستظللت بظله ولا يعلم أهله. فسمعت قائلاً يقول: أما آن طعامنا؟ فأجابته جاريته من كسر البيت: بلى إذا شئت، فقال لها: هاته، فقدمت إليه طعاماً كانت قد أعدته، فلم يأكل. فقالت: مالك ممتنعاً وقد استعجلتني فيه؟ فقال: إذا ما صنعت الزاد فالتمسي له ... أكيلاً فإني لست آكله وحدي بعيداً قصياً أو قريباً فإنني ... أخاف مذمات الأحاديث من بعدي قال: فخرجت الجارية تنظر يميناً وشمالاً، فحانت منها التفاتة، فقالت: قم من الله على مولاي بك، ولولاك لم يأكل شيئاً حتى يموت. فأخذت بيدي فأدخلتني إليه. فاستدناني إلى طعامه، فأقبلنا نأكل وأنا أقصر وهو يلاحظني شزراً، ثم انهملت عيناه بالدموع. ثم قال: كيف احتيالي لبسط الضيف من حصر ... عند الطعام فعدته به حيلي أخاف تكرار قولي كل فاحشة ... والصمت ينسبه مني إلى البخل فقلت: تالله ما رأيت أكرم منك، فمن أنت؟ قال: أنا زيد بن بهزة الأسدي، فقلت: أنشدني أبياتاً أرويها عنك، وأشيد بها إليك، فقال: اكتب؛ فأنشدني: يقول الفتى: ثمرت مالي وإنما ... لوارثه قد يثمر المال كاسبه يحاسب فيه نفسه في حياته ... ويتركه نهباً لمن لا يحاسبه فكله وأطعمه وجالسه وارثاً ... شحيحاً ودهراً تعتريه نوائبه يجيب الفتى من حيث يرزق غيره ... ويعطي المنى من حيث يحرم صاحبه قال: فخرجت من عنده وقد حصلت ثلاث فوائد هي أحب إلي من الهنيدة.

والهنيدة: مائة ناقة؛ ولا تجمع. آخر: وصاحبين بتثليث كأنهما ... في جسم حي وروح واحد خلقا يغذوهما القشم حتى يسمنان له ... وإن أصابا هزالاً بعده افترقا هما الشحم واللحم. آخر: ما دود غار تمش الأرض كلكله ... من خلق ربك يدعى باسمه ذكرا قد استعار جناحي طائر ضرع ... فعاد أنثى فلم يعرف له غيرا هذا اليسروع هو بالسندية ساطواري. آخر: نما مالهم فوق الوصوم فأصبحوا ... لهارف مال والوصوم كما هيا

يعني أن أموالهم كثرت وعيوبهم على حالها؛ الأبيات. وقال ذو الرمة: كأنما عينها منها وقد رمصت ... وضمها السير في بعض الأضاميم المعنى: كأنما عينها ميم؛ وهذا من التشبيهات، وفيه عويص أيضاً. ومثله: نزلنا بالخليفة فاستقينا ... من البئر التي حفر الأميرا المعنى: فاستقينا الأمير من البئر التي حفر، أي حفرها. وقال غيره: سألنا من أباك سراة تيم ... تفضله فقال أبي نزارا المعنى: سألنا أباك نزاراً من تفضله بسراة تيم، فقال: أبي. وهو على التقديم والتأخير أيضاً. وقال الفرزدق:

تالله ما جهلت أمية رأيها ... فاستجهلت سفهاؤها حلماءها المعنى في هذا الاشتراك، أي استجهل الحلماء السفهاء والحلماء السفهاء، فجعل لكلا الفريقين فعلاً، وهو مفعول، فحمل على معنى البدل إذ الأول مرفوع. ومنه قول الشاعر: قد سالم الحيات منه القدما الأفعوان والشجاع الشجعما وهو من الكلام: ضربني وضربت زيد؛ ومثله: أفنى تلادي وما جمعت من نشب ... قرع القواقيز أفواه الأباريق وهذا اشتراك المجاورة فعل كل واحد منهما لصاحبه. قال لبيد: فعدت كلا الفرجين تحسب أنه ... مولى المخافة خلفها وأمامها خلفها وأمامها يرتفعان بالترجمة عن الفرجين معناهما خلفهما وأمامها. ويروى: فغدت.

آخر: أقول وقد تلحقت المطايا ... كفاك اللوم إن عليك عينا أي كفي اللوم وأمسكي، فنصب اللوم. ومثله: أصبحت لا أحمل السلاح ولا أملك رأس البعير إن نفرا والذئب أخشاه إن مررت به ... وحدي وأخشى الرياح والمطرا عطف الذئب على ما قبله بحرف العطف، وهو الواو. ويجوز الرفع على ترك الإضمار. وفي كتاب الله عز وجل: {يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً}؛ وفي موضع آخر: {يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمُونَ مَا لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ}؛ فأتى بالمعنيين جميعاً. وقد قرئ: {وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ} بالرفع والنصب؛ {وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ} رفعاً ونصباً.

ومثله: أكلت دجاجتان وديكتان ... كما أكل المهلب بيضتان الدجاج والديك والبيض مضافات إلى بلد اسمه تان؛ فهو في الفصل: أكلت دجاج تان، وديك تان، وبيض تان. وقال آخر: حمر الشيب لمتي تحميراً ... وحدا بي إلى القبور البعيرا ليت شعري إذا القيامة قامت ... ودعي للحساب أين المصيرا؟ قوله: حدا بي الشيب البعير إلى القبور؛ وأين المصيرا: يريد: وأين المصير يكون. آخر: كساني عبد الله ثوبان [في الوغى] ... وقلدني سيفان في الحرف [واحد] وقوله: كساني واحد سواي وهو الثوب الذي ...... ؛ وثوبان: اسم رجل، فشبهه بثوب عبد الله في الوغى؛ وقلدني سيفان، وهو اسم رجل آخر، يعني: قلدني أمر سيفان، فأضمر الفعل، يعني قلدني أمره في الحرب. فنصب سيفان لأنه ينصرف، وإن كان موضعه من الإعراب الجر.

آخر: الشمس طالعة ليست بكاسفة ... تبكي عليك نجوم الليل والقمرا وقيل: نصب النجوم لأنه مفعول بها؛ وأراد: أن الشمس ليست [بكاسفة] النجوم مع القمر لذهاب ضوء الشمس. ويجوز ليست بكاسفة النجوم مع القمر، فلما حذف نصب القمر؛ والأول أحسن. آخر: ومن جالس الألباب وقر لبه ... ومن جالس الفدم العيي تفدما أي جالس ذوي الألباب. وقال الله تعالى: {هُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ اللَّهِ}، قيل هم أهل درجات عند الله؛ والله أعلم. آخر: فجنبت الجيوش أبا ذنيب ... ديارك واستهل بها السحاب أراد أن الجيوش لا تقصد إلا موضع مال وثروة، فدعا عليه بالفزع من ذلك. ثم قال: واستهل على دياره السحاب؛ أراد غيظه إذا نبتت الرياض والمراعي وليس معه

ماشية / فترعاها. ومثله قول الآخر: وخيفاء ألىق الليث فيها ذراعه ... فسرت وساءت كل ماش ومصرم أي كل ذي ماشية. كما يقال: رجل مال، أي ذو مال؛ ومصرم: من لا مال له. أراد: سرت من [له] ماشية، وساءت من ليس له ماشية. ومثله في الذم قول الحطيئة: دع المكارم لا تنهض لبغيتها ... واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي وقام [الزبرقان بن بدر] يحاكمه إلى عمر بن الخطاب رحمه الله؛ فقال: هجاني يا أمير المؤمنين؛ فقال الحطيئة: ما هجوته. فدعا عمر بحسان فسأله عن ذلك، فقال: ما هجاه ولكنه سلح عليه. ومعاه: أنه جعله بمنزلة العبد إذا طعم وكسي لم يبغ مستزاداً؛ وهو غاية في الذم. وقال ذو الرمة يصف القردان:

[إذا] سمعت وطء الركاب تسقسقت ... حشاشتها من غير لحم ولا دم وفيه دليل أن الحشاشة بقية رمق، من حشاشة النفس. وقال ربيعة بن مكدم: وبانت قلوصي بالعراء ورحلها ... لطارق ليل أو لمن جاء معور قوله: لمن جاء معور، قيل: يريد وهو معور فأضمر. [وهو] في قول الله عز وجل: {إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ}؛ هذا معناه: [إن بيوتنا عورة أي ممكنة للسراق لخلوتها من الرجال. فأكذبهم الله، فقال: ليست بعورة]. وقرئ: عورة: مكشوفة لا مانع لها. وقال الفرزدق: وعض زمان يا ابن مروان لم يدع ... من المال إلا مسحتاً أو مجلف وقال ابن الأنباري: رفع مجلفاً على الاستئناف كأنه: أو مجلف. ومجلف، أي

قد جلفه الدهر، أي أتى على ماله. وهو أيضاً: مجرف؛ يقال: سنة مجلفة وجالفة ومجرفة وجارفة، وسنون جوالف وجوارف. وقال الفرزدق: غداة أحلت لابن أصرم طعنة ... حصين عبيطات السدائف والخمر فرفع الخمر على الاستئناف، والفعل للطعنة؛ وجعل حصيناً مترجماً عن ابن أصرم، والمترجم تبيع المترجم وعنه في إعرابه؛ والعبيطات في موضعها تنصب بوقوع الفعل عليها، وانخفضت التاء لأنها غير أصلية؛ والسدائف: جمع سديف، وهو شحم السنام. وقال أيضاً: إذا قال عاد من معد قصيدة ... بها حرب كانت علي بزوبرا يريد: بأجمعها؛ يقال: هذا بزوبره، يراد: بأجمعه. وزوبر لا ينصرف. وقال أيضاً:

إذا القنبضات السود طوفن بالضحى ... رقدن عليهن الحجال المسجف القنبضة: القصيرة من النساء الدميمة؛ والحجال: جمع حجلة، وهي تكون للعروس والمسجف: الذي عليه ستور، والسجف: الذي يستر باب الحجلة. ونعت الحجال بنعت المذكر المفرد على تذكير اللفظ. وقال أيضاً: أراد طريق العنصلين فأيسرت ... به [العيس] في نائي الصوى متشائم يقال: اخذ طريق العنصلين، إذا اهتدى. وقال المرار الأسدي: وقد نغنى بها ونرى عصوراً ... بها يقتدننا الخرد الخدالا أراد: [ونرى] الخرد الخدال يقديننا عصوراً. وقال النابغة:

حذاء مدبرة سكاء مقبلة ... للماء في الصدر منها نوطة سحب يصف القطاة؛ وسميت حذاء لخفتها وقصر ذنبها؛ والحذاء أيضاً: القصيدة السائرة التي لا يتعلق بها شيء من عيب وغيره؛ والحذاء: اليمين المنكرة الشديدة يحلفها الرجل يقطع بها حق غيره. قال: تزبدها حذاء يعلم أنه ... هو الكاذب الآتي الأمور البجاريا والأمر البجر: الذي [لم] يرد مثله؛ والبجاري: الدواهي والعجائب. والحذاذ: الطست، سمي بذلك لملاسته. والنوطة: الصوت. وقال عبدة بن الطبيب: يخفي التراب بأظلاف ثمانية ... في أربع وقعهن الأرض تحليل قيل: معناه أن أيديهن سراع الدفع، فمن سرعتها لو حلف أنها وقعت الأرض كان بذلك صادقاً؛ كما قال الآخر: تنفي الخزامى بأطراف مخذرفة ... لوقعهن على الجرباء تحليط وقال علقمة:

محال كأجواز الجراد ولؤلؤ ... من القلقي والكبيس الملوب المحال: الواحدة محالة، ضرب من الحلي يصاغ مفقراً، أي محززاً على تفقير وسط الجراد؛ والكبيس: حلي تصاغ مجوفة تحشى بالطيب وتكبس. وقال الشماخ: فقلت له: هت تشتريها؟ فإنها ... تباع إذا بيع التلاد الحرائز قوله: هت تشتريها، أي هل تشتريها؟ واللام تدغم في التاء لقرب مخرجهما؛ والتلاد: المال القديم، وهو التليد أيضاً؛ والحرائز: التي تحرز لا تباع لعظم قدرها عند أصحابها. وقال أيضاً: متى ما تقع أرساغه مطمئنة ... على حجر يرفض أو يتدحرج جزم تقع بالشرط، وموضع يرفض مجزوم بالجزاء؛ ولكنه لما كان حرفاً ثقيلاً وهو الذي يسميه النحويون المضعف والمشدد، وهذه الضاد حرفان؛ لأن كل حرف ثقيل يعد حرفين الأول منهما ساكن والآخر متحرك، ومتى اعتبرت ذلك وجدته صحيحاً في الاعتبار، إلا أنك إذا فعلت الفعل لنفسك وكان ماضياً قلت: ارفضضت وابيضضت واسوددت، فيصير الحرف الواحد حرفين، ويزول الإدغام. فلما كان حرفين أولهما ساكن، وسكن الثاني الجزم، واحتاج اللسان إلى الإدراج، وأن يصل هذا الحرف بكلام، فاحتاجوا إلى حركة أوقعوها عليه لتكون سلماً للسان

إلى المنطق بالإدراج، فألقوا عليه الفتحة لأنها أخف الحركات، قالوا: يرفضن والموضع جزم كما وصفنا. ولآخر: رأينا ما يرى البصراء منها ... فآلينا عليها أن تباعا ومثله كثير، وقد مر في باب لا. قال المجنون: تعلقت ليلى وهي ذات مؤصد ... ولم يبد للأتراب من ثديها حجم صغيرين نرعى البهم يا ليت أننا ... إلى اليوم لم نكبر ولم نكبر البهم ويروى: بقينا ولم نكبر ولم تكبر البهم. صغيرين: نصبهما على الحال من المتكلم ومن ليلى، وهذا اشتراك؛ تقول: لقيتك راكبين، فنصب راكبين على الحال من التاء والكاف، [كأنك] تقول: لقيتك في حال ركوبنا جميعاً. وقال الآخر: فلئن لقيتك جالبين لتعلمن ... أني وأنك فارس الأجراف

فنصب جالبين من التاء والكاف. وقال ذو الرمة: أخوها أبوها والضوى لا يضيرها ... وساق أبيها أمها اعتقرت عقراً يريد: الزند من خشبة واحدة تقطع نصفين. وقال أيضاً: فلما بدت كفنتها وهي طفلة ... بطلساء لم تكمل ذراعاً ولا شبراً يعني: ناراً أقدحها. وقلت له: ارفعها إليك وأحيها ... بروحك واقتته لها قيتة قدرا بروحك، أي بنفخك. وظاهر عليها يابس الشخت واستعن ... عليها الصبا واجعل يديك لها سترا ظاهر عليها، أي اجعل شيئاً فوق شيء؛ والشخت: الدقيق من الحطب وغيره. وقال غيره في الزند أيضاً:

طرحت عليها الفحل حتى أتت به ... نتاجاً تماماً قبل أن يبرك الفحل آخر: معطفة الأثناء ليس فصيلها ... برازئها دراً ولا ميت غوى يعني قوساً. ويروى: معطفة الأثناء ... [غوي]، بكسر الواو. ويقال أيضاً: [غوي الفصيل]، إذا لم يرو من لبن أمه، وقطع حتى كاد يهلك. وغوي الرجل يغوى، وغوى يغوى غياً فيهما جميعاً، فهو غوي وغاو وغو، كله إذا فسد. وقوله: غوى، من قول العرب: غوي الفصيل، إذا كثر من اللبن حتى بشم؛ يغوى غوى. ومنه قوله تعالى: {وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى}، أي فسد عليه مره؛ والغاوي: الفاسد، والمغوي: المفسد. وقال أبو وجزة وذكر أتناً وردن الماء: ما زلن ينسبن وهناً كل صادقة ... باتت تباشر عرماً غير أزواج حتى سلكن الشوى منهن في مسك ... من نسل جوابة الآفاق مهداج

قوله: ينسبن كل صادقة، يعني أنها تمر بالقطا وهي ترد الماء فتثيره عن أفاحيصه، فتصيح: قطا قطا، فذلك انسبابه؛ والوهن: بعد ساعة من الليل أو ساعتين؛ وتباشر عرماً: يعني بيضها، والأعرام: الذي فيه سواد وبياض، وكذلك بيض القطا؛ وغير أزواج، أي بيض القطا يكون فرداً ثلاثاً وخمساً؛ وسلكن الشوى: أدخلن قرنه في الماء فصار لها بمنزلة المسك؛ والمسك: أسورة من الذبل، والواحدة مسكة؛ ونسل جوابة الآفاق: يعني الريح أنها تجوب الآفاق بقطعها، ويجوز فتستدر السحاب فيمطر الماء من نسلها؛ ومهداج: من الهدجة، وهو حنين الناقة إلى ولدها. آخر: ومن قبل آمنا وقد كان قومنا ... يصلون للأوثان قبل محمدا يقول: من قبل آمنا، أي صدقنا محمداً صلى الله عليه وسلم، على التقديم والتأخير؛ وهو كقول الآخر: إذا تغنى الحمام الورق هيجني ... ولو تغربت عنها أم عمار قال الأعشى: هذا النهار بدا لها من همها ... ما بالها بالليل زال زوالها وقال بعضهم: أراد زال الله زوالها، ويقال: أزال الله زوالها. وقيل: يريد: هذا

النهار بدا لها من همها، فما أنا حيالها لا يأتينا بالليل زوالها؛ فدعا عليها لا زال همها يزول بزوالها، أي يزول معها حيث زالت ولا يفارقها. آخر: يا مبدي الجود إن البخل فاحشة ... لا البخل منك ولا من شأنك الجود معناه: من شأنك الجود، ولا ههنا زائدة. آخر: إن تعجبيني فقد والله أعجبني ... قتل الغلامان بالبيداء في السحر أراد: أعجبني يا قتيلة الغلامان، فحذف الياء ورخم الهاء في قتلة، وهي اسم امرأة. آخر: ما عيت ويبك من فتيان عادية ... آلوا بآبائهم أن يشربوا اللبنا معناه: حلفوا بآبائهم ألا يشربوا من لبن إبل الدية، بل يريدون الدماء. وقوله: فتيان عادية: يعني فتيان الخيل. [آخر]: إن الكريم إذا ما الثأر أظمأه ... لم يرو حتى تذوق الهامة الوسنا

معناه: أن العرب كانوا إذا قتل واحد منهم قالوا: إنه يخرج من رأسه طير يسمى الهامة يصيح ويصيح، فقال هذا القائل: لا أروى من الماء حتى آخذ بثأري، وتذوق الهامة- يعني بذلك الطير- الوسن، وهو النوم. آخر: لقد انشبت [كفي] عليك وأنعمت ... وأي يدا قيس لها أنت غارم؟ معناه: وأي نعمة قيس أنت غارم لها؟ ويجوز فأي يد أنت لها غارم؟ على البدل. وقال أعرابي في إبل له: وهبته ليس بشمشليق ولا بضاو لا ولا مطروق ولا جماع الطرف حندقوق ولا ضؤال النهد سرمقوق الأصمعي قال: تقول العرب: ذئب شمشليق، إذا كان خفيفاً معروقاً ... ، والمرأة شمشليق بغير هاء؛ والضاوي: الضعيف الدقيق الخلق؛ والحندقوق: الرجل

الأحمق؛ وضؤال النهد: دقيق القوائم؛ والسرمقوق: المضطرب الخلق والعقل. وقال بشر بن أبي خازم. أسائلة عميرة عن أبيها ... خلال الجيش تعترف الركابا تعترف، أي تسأل؛ اعترفت القوم، أي سألتهم. آخر: لا تجهمينا أم عمرو فإننا ... بنا داء ظبي لم تخنه عوامله الأموي: جهمت الرجل مثل تجهمته. قال أبو عمرو: إنما أراد به ليس بنا داء كما أن الظبي ليس به داء؛ وفيه غير هذا وهو أجود. آخر: فما لك من أروى تعاديت بالعمى ... ولاقيت كلاباً مطلاً وراميا أروى: جمع أروية؛ وتعادى القوم تعادياً؛ ومعناه: أن يموت بعضهم في

إثر بعض. قال حسان بن ثابت: كلتاهمها حلب العصير فعاطني ... بزجاجة أرخاهما للمفصل قيل: إن الخمر حلب الكرم معتصرة منها، والماء الذي مزجت به معتصر السحاب. آخر: تركت أباك قد أطلى ومالت ... عليه القشعمات من النسور يقال: قد أطلى الرجل، إذا مات عنقه لموت أو غيره، والقشعم: المسن. آخر: بدا منك داء طالما قد كتمته ... كما كضتمت داء ابنها أم مدوي

يقال: أدويت، إذا أخذت الدواية، وهي كالقشرة تعلو اللبن الحليب. آخر: إذا ما عُد أربعة فسال ... فزوجك خامس وحموك سادي فسال: جمل فسل، وهو النذل الذي لا مروءة له؛ والحمو: أبو الزوج وأخوه وعمه، وكل ذي قرابة له حمو؛ وفيه ثلاث لغات: هو حماها مثل غطاها، وحموها مثل أبوها، وحمؤها مقصور مهموز؛ وسادي: يريد سادس. قال علي بن أبي طالب: إن المكارم أخلاق مطهرة ... فالدين أولها والعقل ثانيها والعلم ثالثها والحلم رابعها ... والجود خامسها والعرف ساديها والبر سابعها والصبر ثامنها ... والشكر تاسعها واللين عاشيها يريد: سادسها وسابعها وثامنها وتاسعها وعاشرها. وبعد هذا: والنفس تعلم أني لا أصادقها ... ولست أرشد إلا حين أعصيها آخر: مروعة تستخير الشخوص ... من الخيف تسمع ما لا ترى

يعني: الوحشية؛ وزعم الأصمعي أنه أذن الوحشية أصدق من عينها. يقال: هو يستخير الشخوص، إذا تأملها وميز هذا الشخص من غيره. وقال المرار: على صرماء فيها أصرماها ... وخريت الفلاة بها دليل آخر: لحا الله قوماً لم يقولوا لعاثر ... ولا لابن عم ناله الدهر دعدها يقال للعاثر إذا دعي له: دعدع؛ ومثله لعاً لك لا عليك. قال عمرو بن كلثوم: نصبنا مثل رهوة ذات حد ... محافظة وكنا السابقينا ويروى: المسنفينا، أي المتقدمينا. أي نلنا بكتيبة مثل رهوة؛ ورهوة: جبل، ويقال: أعلى الجبل. ذات حد: كتيبة ذات شوكة، مثل: نصبنا تنصيباً. ورهوة: خفضت بإضافة مثل إليها، وانتصبت لأنها لا تجر؛ وذات حد: نعت. ومعناه:

نصبنا كتيبة مثل رهوة ذات خطر. ومحافظة: نصبت على المصدر. آخر: لما رأت أمه بالباب مهرته ... على يديها دم من رأسها غاب أي سائل؛ والدم الغابي: السائل. قال ابن قيس الرقيات: فظلال السيوف شيبن رأسي ... واعتناقي في الحرب صهب السبال ويروى: ونزالي. ويقال للأعداء: صهب السبال، وسود الأكباد وإن لم يكونوا كذلك، ويقال لهم: الديلم أيضاً. قال عنترة: شربت بماء الدحرضين فأصبحت ... زوراء تنفر عن حياض الديلم قال الأصمعي: الديلم: الأعداء وإن كانوا عرباً، وهذا كما تقول للأعداء: كأنهم الترك والديلم؛ تريد: كأن عداوتهم كعداوة الترك والديلم. وأنشد: كأني إذ رهبت بني قومي ... دفعتهم إلى صهب السبال قال ابن الأنباري عن أبي مخلد: غلط الأصمعي في قوله: الديلم الأعداء، وقيل: حياض الديلم: قرى النمل؛ وقيل: الديلم هنا: الداهية.

آخر: لما رأيت أبا يزيد مقبلاً ... أدع القتال وأترك الهيجاء قال ابن الأنباري: أراد: أن أدع القتال لما رأيت أبا يزيد؛ ففرق بين أن والمنصوب. قال: وهذا البيت مما لا يقاس عليه. آخر: أما الرحيل فدون بعد غد ... فمتى تقول: الدار تجمعنا أي بطن الدار. قال الفراء: من العرب من يذهب بالقول مذهب الظن مع حروف الاستفهام، فتقول: أقلت زيداً قائماً؟ ومتى تقول بكراً منطلقاً؟ ولا يقولون مع غير الاستفهام: قلت زيداً قائماً؛ ويروى عن بني سليم أنهم يذهبون بالقول مذهب الظن مع الاستفهام وغيره، ولا يقال على لغتهم لأنها شاذة. قال عمرو بن معدي [كرب]: وكل أخ مفارقه أخوه ... لعمر أبيك إلا الفرقدان أي والفرقدان يفترقان أيضاً؛ قال الله تعالى: {الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلاَّ اللَّمَمَ}؛ [أي] ويجتنبون اللمم، وإلا في موضع الواو.

قال العجاج: وجارة البيت أراها محرما كما قضاها الله إلا أنما مكارم السعي لمن تكرما المعنى: إنما مكارم السعي لمن تكرما. قال النابغة: فبت كأن العائدات فرشنني ... هراساً بها يعلى فراشي ويقشب ويقال: قشب فلان فلاناً بشر، إذا لطخه به. وقد مر هذا البيت بتفسيره في باب القاف. آخر: تعيرني سلمى وليس بقضأة ... ولو كنت من سلمى تفرعت دارما يقال: في حسب فلان قضأة، وغنه ذو باءة بمعنى، وهو العار وما يستحيا منه. ويقال للرجل إذا نكح وأنكح في لوم: نكح في قضأة.

وقال تأبط شراً، وهو ثابت بن جابر: أقول للحيان وقد صفرت به ... وطابي ونومي ضيق الجحر معور ويروى: مرمر الجحر- بفتح الجيم- فراراً من تلك اللفظة، وهي الصحيح. قال أبو رياش: لحيان قبلية من ذهيل؛ وصفرت: فرغت، والصفر: الفارغ؛ والوطاب: جمع وطب، وهو مسك اللبن خاصة. ويقال للرجل إذا هلك: صفرت وطابه؛ لأنه إذا هلك ومات فرغت نفسه. قال امرؤ القيس: وأفلتهن علباء جريضاً ... ولو أدركنه صفر الوطاب ومعنى صفرت لهم وطابي، أي لم يكن عندي لهم خير. وقال زفر بن الحارث: سقيناهم كأساً سقونا بمثلها ... ولكنهم كانوا على الموت أصبرا أراد أنهم استحر القتل فيهم فصبروا. فهذا وإن كان مدحاً لهم فالفاعل بهم أولي بالمدح؛ فلما قال: ولكنهم أصبر على الموت، علم الغرض. قال عمرو بن معدي كرب: فلو أن قومي أنطقتني رماحهم ... نطقت ولكن الرماح أجرت

قال أبو رياش: الإجرار: أن يشق لسان الفصيل طولاً لئلا يرضع أمه؛ فاستعاره لنفسه. يقول: لو أن قومي أبلوا بلاء حسناً لفخرت بهم ومدحتهم، ولكنهم أساؤوا فكأني مقطوع اللسان عن مدحهم. وهذا كقول عبد يغوث: أقول وقد شدوا لساني بنسعة ... أمعشرتيم أطلقوا لي لسانيا يقول: أساؤوا إلي فأسكتوني عن مدحهم. ويقال: بل شدوا لساني بنسعة حين أسروه لئلا يهجوهم. وقال بعض بني بولان: نستوقد النبل بالحضيض ونصـ ... ـطاد نفوساً بُنَت على الكرم قوله: بنت على الكرم، أي بنيت، وهي لغة طيئ. وقالت كبيشة أخت عمرو بن معدي [كرب]: فإن أنتم أثأرتم واتديتم ... فمشوا بآذان النعام المصلم قال أبو رياش: اتديتم افتعلتم من الدية، أي أخذتموها، وقولها: فمشوا، أي

امشوا بآذان النعام المصلم، وهو لا آذان له؛ أي كونوا صماً فإن الناس لابد لهم من الحديث بما فعلتم. وقال عقيل بن علفة: ولا ملق لذي الودعات سوطي ... ألاعبه وربيته أريد ذو الودعات: الطفل؛ أي لا ألاعبه تعرضاً لأمه. ويروى وربته أريد، والربة: الصاحبة، يريد بها أمه؛ وكلتا الروايتين حسن. وقال برج بن مسهر: فمنهن ألا تجمع الدهر تلعة ... بيوتاً لنا يا تلع سيلك غامض قال ابن الأعرابي: التلعة: سيل الماء؛ ويقال في المثل: "ما أخاف إلا من سيل تلعتي"، أي من بني عمتي. والكلام يتم عند قوله: بيوتاً لنا؛ ثم قال: سيلك غامض، أي يأتي من حيث جئت لا يبقى، وكذلك عداوة الأقارب. وقال الأخنس بن شهاب:

أرى كل قوم قاربوا قيد فحلهم ... ونحن خلعنا قيده فهو سارب تقول العرب: كنا نقارب قيد فحلنا، أي يقيدونه ليكون قريباً منهم لئلا يغار عليهم، ونحن لعزتنا نسرح ونرعى حيث شئنا فلا نخاف غارة. والسارب: الذاهب أين شاء. وقال أبو خراش: بلى إنها تعفو الكلوم وإنما ... نوكل بالأدنى وإن جل ما يمضي أي نحن موكلون بالحزن على ما أصابنا أخرة وإن جل ما أصبنا به قبله. هذا ضد قول أخي ذي الرمة: ولم تنسني أوفى المصيبات بعده ... ولكن نكاء القرح بالقرح أوجع قال الأصمعي: هذا بيت حكمة؛ يقول: إنما نتذكر الحديث من المصيبة وإن جل الذي يمضي قبله، فقد نسيناه.

باب في الملاحن

باب في الملاحن

[قال الشاعر]: بكت عيني اليسرى فلما زجرتها ... عن الجهل بعد الحلم أسبلتا معا قوله هذا يدل على أنه كان أعور؛ فيكون هذا كقول الآخر: عذرتك يا عيني الصحيحة في البكا ... فما أولع العوراء بالهملان كأنه بكى بالصحيحة وساعدتها السقيمة؛ وبلغ من حزن متمم بن نويرة على أخيه أن بكاه بالعوراء. وقال آخر: رمتني وستر الله بيني وبينها ... عشية آرام الكناس رميم رمتني: أن تنظر إليه وتتعرض له؛ وستر الله ههنا: الإسلام وما يحجر بينه وبين الفجور. ومن ظن أن الستر ههنا ستر البيت الحرام فقد أخطأ؛ والآرام: الأعلام، واحدها إرم وإرمي، وهي حجارة تنصب على الطريق يهتدى بها؛ والكناس: موضع؛ ورميم: اسم امرأة.

قال: ومستنبح باب الصدى يستتيهه ... إلى كل صوت وهو في الرحل جانح المستنبح: الذي يضل فينبح نبح الكلاب ليجيبه منها مجيب فيقصده قصده؛ والصدى: الصوت الذي يجيبك بمثل صوتك، وأكثر ما يكون في الجبال والمواضع الفساح؛ ويستتيهه: يتوهمه، أي إذا سمع صوت صداه تبعه، فظن أنه صوت رجل يناديه؛ والجانح: المائل، وإنما تميل إصاخة إلى الأصوات. قال: فقلت لأهلي: ما نعام مطية ... وسار تضافيه الكلاب النوابح؟ النعام: الصوت الضعيف، يقال: أنعمت الناقة؛ والمطية: ما امتطيته، أي ركبت مطاه وهو الظهر، يراد به البعير؛ ويقال: سميت مطية لأنه يمطى عليها في السير، أي يشد. والساري: السائر ليلاً؛ وأصل الإضافة: الإمالة، وجعلها للكلاب من آجل أن الضعيف تبع نبحها ومال إليه. ومعنى قوله: ما نعام مطية: أن العرب إذا أرادت الضيافة وقربت من البيوت، تنحنح الرجل وحمل بعيره على الرغاء؛ كل ذلك ليؤذن الحي بنفسه. وفي الأمثال: "كفى برغائها منادياً". وقال المتوكل الليثي: فإن بسل الله الشهور فإنني ... بيسلي جمادى عنكم والمحرم

إنما خص جمادى أنه شهر برد وجدب، كقوله: في ليلة من جمادى ذات أندية ... لا يبصر الكلب في ظلمائها الطنبا وخص المحرم لأنه شهر حرام لا يسفك فيه دم، ولا يغزى من عدو، ورجب وذو القعدة وذو الحجة. وسئل أعرابي عن الأشهر الحرم، فقال: ثلاثة سرد وواحد فرد. إن بسل الله الشهور عنكم: اختير جمادى لقراكم الضيف وصلتكم الرحم، واختير المحرم لحفظكم حرمته، ولأدائكم حقه. وقال أعرابي يخاطب امرأته: شربت دماً إن لم ترعك نضيرة ... بعيدة مهوى القرط طيبة النشر قوله: شربت دماً: [أي] قسماً، ويحتمل ثلاثة أوجه: أحدها أن الدم حرام في الإسلام، فكأنه قال: أتيت حراماً إن لم أرعك، أي أفزعك. والوجه الثاني: أن العرب كانت إذا انقطع زادها واضطرت، فصدت البعير فأخرجت من دمه بقدر ما تحتاج إليه، فأدنته من النار فأكلته. قال رجل سقاه صاحبه دماً: سقاني جزاه الله خير جزائه ... وقد كربت أسباب نفسي تقطع شراباً كأن الصرف أدمة جؤية ... يجوب بها الموماة حرف سميدع

الجؤية: الناقة لونها إلى الكلفة؛ وجائز أن يكون الشراب خمراً حملته ناقة، ولكن كذلك فسر. والوجه الثالث: أن يقول: أخذت الدية، إذا شربت من ألبانها فكأني شربت دماً؛ كقول الآخر: وإن الذي أصبحتم تحلبونه ... دم غير أن الدر ليس بأحمرا ومثله كثير. وقوله: بعيدة مهوضى القرط، أي طويلة العنق؛ والنشر: الطيب الرائحة. وقال المرقش الأكبر: النشر مسك والوجوه دنا ... نير وأطراف الأكف عنم العنم: شجر من شجر الشوك لين الأغصان لطيفة كأنها بنان جارية، والواحدة عنمة؛ ويقال: العنم: شوك الطلح. قال النابغة: بمخضب رخص كأن بنانها ... عنم يكاد من اللطافة يعقد وقالت أراكة الباهلية:

هوت أمهم ماذا بهم يوم صرعوا ... بجيشان من أسباب مجد تهدما أبوا أن يفروا والقنا في نحورهم ... ولم يرتقوا من خشية الموت سلما ولو أنهم فروا لكانوا أعزة ... ولكن رأوا صبراً على الموت أكرما إذا ما غزا منا مع الجيش واحد ... رأى سوأة ألا يروح مكلما مكلم: مجرح؛ من الكلام وهي الجراح. تعاهد أطراف القنا فبقي لها ... لئن لم يضرج من دم أن يحطما حرام علينا أن تبيت سيوفنا ... تزور من أعدائنا تقطر الدما وقال آخر: أقلقني الشوق عن وسادي ... وكيف يشتاق من يبيض؟ أي ينام؛ باض الكرى في عينيه، إذا أخذه السبات. آخر: ترى الأبدان منا مسبغات ... على الأبطال واليلب الحصينا الأبدان: جمع بدن، وهي الدروع؛ قال الله تعالى: {فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ}، معناه: نلقيك على نجوة من الأرض بدرعك؛ وقال قوم: ننجيك: من النجاة. وقرأ يزيد اليزيدي ومحمد بن المشيع: ببدنك من الثخن؛ وقال النقاش في

التفسير: {نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ}، أي بجسمك وبدرعك. قال الشاعر: كان درعك من لؤلؤ ... تتلألأ فيه الحروب قال: وقرأ بندائك، من الدعاء، وهو قوله: {لا إِلَهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ}. واليلب: قال بعض أهل اللغة: جلود تلبس تحت الدروع؛ وقال الأصمعي: اليلب: جلود يخرز بعضها إلى بعض تلبس على الرؤوس خاصة وليست على الأجساد؛ وقال أبو عبيد: جلود يعمل منها دروع وليست بترسة؛ وقال أبو عبيدة: اليلب: الدرق، قال: ويقال هي جلود تلبس بمنزلة الدروع، الواحدة يلبة. قال أبو عمرو وابن الأعرابي: هي شيء يتخذ من جلود الإبل مثل البيض تجعل في الرؤوس. قال آخر: ومستنبت لا بالليالي نباته ... وما إن تلاقى باسمه السغبان وآخر في سبع وست نباته ... ويحصد في سبع معاً وثمان الأول الطريق، والثاني القمر.

باب في أسماء الصناع الذين يعملون بأيديهم

باب في أسماء الصناع الذين يعملون بأيديهم

والفعل الصناعة؛ رجل صنيع اليدين؛ وبعضهم يقول: صنع اليدين، أي صانع؛ وصنع اليدين، أي دقيق. وامرأة صناع: هي الصانعة الرفيقة بعمل اليدين؛ وامرأة صانعة، أي ذات صناعة، والجمع الصوانع. ويقال: رجل صنيع، ولا يقال صناع إلا للأنثى. وقال أبو ذؤيب: وعليهما مسرورتان قضاهما ... داود أو صنع السوابغ تبع القين القين: الحدّاد، والجمع القيون. وقال بعضهم: العرب تسمي كل من عالج بحديدة قيناً من حداد وصيقل أو صانع أو نجار أو شعاب؛ وفي كل ذلك قد جاءت أشعارهم. وقال بعضهم: حتى عدا بسلاح ما يقومه ... قين بمطرقة يوماً على كير فهو الحدّاد. وقال كثير: ويرفع نصل السيف عن كعب ساقه ... وإن أطول القين الحمائل عاتقه فهذا الصيقل. وقال المرار: كأنه خاتم فيروز قين

وهذا الصانع. وقال آخر: ولا يستطيع المرء أن يشعب النوى ... وإن كان ذا رفق بفأس ومبرد فهذا النجار. وقال الأعشى: إذا ما النضار الأحمر القين رامه ... بشعب ودانى صدعه بكتيف فهذا الشعاب. وجعل الكميت الطبيب قيناً، فقال: ولا أكن كقتيل القين عندكم ... ولا النحيرة في عيد وأسفار فإذا كان الطبيب يبط الجراح ويعالج بالحديد قيل له: قين أيضاً، فإذا بط الرجل جرحه أو خراجاً فمات من ذلك لم يطلب بدمه، فيقال: قتلته بيدي فلا دية له، فيقول الكميت: لا تجعلوني مثل من يطل دمه ولا يطلب به. وقال: يا عجباً هل يركب القين الفرس وعرق القين على الخيل نجس

وإنما صاحبه إذا جلس الكلبتان والعلاة والقبس والقين والقينة: العبد والأمة؛ وقد جرى في ألسن العامة أن القينة هي المغنية، والجمع القيان؛ وربما قالت العرب للرجل المتزين المعجب بتزينه واللباس: هو قينة، وهي كلمة هذلية. الهالكي الهالكي: الحدّاد؛ وقال بعضهم: الصيقل، وأنشد للبيد: جنوح الهالكي على يديه ... مكباً يجتلى نقب النصال قال أبو عبيدة: الجنثي: الحدّاد، ويقال: الزراد؛ والهالكي: الحداد؛ والطباع: الذي يطبع من الحديد سيفاً أو سكيناً أو نحو ذلك، وصنعته الطباعة. [الهبرقي] والهبرقي: الصائغ، ويقال: الحداد، ويقال: الهبرقي. قال النابغة: مقابل الريح روقيه وكلكله ... كالهبرقي تنحى ينفخ الفحما [الجنثي] والجنثي: الزراد؛ قال لبيد: أحكم الجنثي من صنعتها ... كل حرباء إذا حرك صل

والحرباء والقتير: مسمار الدرع؛ وصل: صوت، يصف الدرع. [الحدَّاد] والحدَّاد: الخمار؛ قال الأعشى: فقمنا ولما يصح ديكنا ... إلى جونة عند حدادها والبواب حداد؛ لأنه يحد الناس ويمنعهم من الدخول والخروج. والحداد أيضاً: السجان؛ قال الشاعر: لقد آلف الحجاج بين عصابة ... تساءل في الأسجان ماذا ذنوبها القمنجر القمنجر: القواس؛ قال: مثل القياس عاجها القمنجر القياس: جمع قوس، وقسي وأقواس؛ عاجها: عطفها. ويروى: المقمجر، وهو القواس. [الجعاب] والجعاب: صانع الجعاب. [النبال] والنبال: صانع النبال؛ والنبال: السهام العربية، وحرفتهم النبالة.

[الفراء] الفراء والفاري: الخراز؛ قال: شلت يداً فارية فرتها وعميت عين التي أرتها مسك شبوب بم وفرتها [الشرفاع] الشرفاع: الحائك؛ قال: عليك بخف فاضرب الخف دائماً ... فإنك شرفاع لثوبك ناسج [الفلاح] الفلاح: المكاري؛ قال ابن أحمر: لها رطل تكيل الزيت فيه ... وفلاح يسوق بها حماراً يقال: رَطْل ورِطْل- والكسر أفصح- يكال به ويوزن. [الفيتق] الفيتق: النجار؛ قال الأعشى: كما سلك السكي في الباب فيتق

[السكي]: المسمار. [العركي] العركي: الصياد للسمك، وجمعه العرك؛ كما تقول في جمع العربي: العرب. وهو في حرف العين من الكتاب. [العراف] العراف: الطبيب؛ قال عروة: جعلت لعراف اليمامة حكمه ... وعراف نجد إن هما شفياني والعراف من جنس القيافة أيضاً، والقيافة والعرفة سواء؛ فكأن العراف اشتق له اسم من المعرفة، أي أنه يعرف الشيء والفأل والزجر. الكاهن الكاهن عند العرب: الطاغوت، وقيل: الطاغوت أيضاً: الكاهن. وقيل: الكاهن بالعبرانية: العالِم، وهم يقولون للعالِم: كهنا. وكان أمر الكهان مشهوراً في العرب؛ وعن النبي صلى الله عليه وسلم: "إياكم والنوم فإنها تدعو إلى الكهانة". والكاهن: الذي يظن ويخبر بما يسأل عنه على ما يقع عنده. وكان علماء الجاهلية الكهنة؛ ويقال: إنه كان للكاهن شيطان يخبره بما يسأل عنه. [الإسكاف] الإسكاف: الصانع؛ قال الشماخ:

لم يبق إلا منطق وأطراف وشعبتا ميس براها إسكاف [العصاب] العصاب: الغزّال؛ قال رؤبة: طي القسامي برود العصاب والقسامي يطوي الثياب على أول طيها حتى تكسر على طيها. [اللأآء] اللأآء: هو صاحب اللؤلؤ؛ قال الفراء: هو كلام العرب، وكره قول الناس لأآل. وقال الخليل: هو اللأآل صاحب اللؤلؤ معروف، حذفوا [إحدى] الهمزتين [حتى] استقام لهم على فعال، ولولا اعتلال الهمزة ما حسن حذفها. ألا ترى أنهم [لا] يقولون لبياع السمسم سماس وحذوهما في القياس واحد. ومنهم من يرى هذا خطأ، وإنما جاز اللأآل الهمزة لأن الهمزة معتلة لما يدخل عليها من التليين والسقوط في مواضع كثيرة؛ وحرفته اللئالة بوزن اللعالة، وصنعته كسائر الصناعات نحو السراجة والحياكة. [المقلس] المقلس: الذي يلعب بين يدي الأمير إذا قدم المِصْر.

القصاب القَصّاب: الزمار، والقُصّاب: المزامير. قال الأعشى: وشاهدنا الجل والياسميـ ... ـن والمسمعات بقصابها الخريت سمي خريتاً لشقه الفلاة؛ قال: وبلدة يعيا بها الخريت رأي الأدلاء بها شتيت ويجمع الخريت على الخرارت، وقال: يعيا على الماضي منالخرارات أراد: الأدلاء. السفسير السفسير: بياع القت، والسفسير: الذي يقوم على الناقة ويصلحها، والجمع سفاسير. الهاجري الهاجري: البناء؛ قال عدي بن زيد: وأمون وجناء كالبرج إذ رفـ ... ـعه الهاجري بالرستاق أمون: ناقة صلبة يؤمن عثارها؛ وجناء: غليظة؛ والهاجري: البناء.

باب في معرفة أسماء الأيام لعاد وثمود

باب في معرفة أسماء الأيام لعاد وثمود

كانت العرب تسمي [في] الأيام الأولى السبت بشيار؛ واشتقاقه من شورت الشيء، إذا أظهرته وبينته؛ يقال: شير أي حسن الشارة، وهي ظاهر منظره؛ ومنه قيل: القوم يتشاورون، أي يظهرون آراءهم كل واحد ما عنده. والأحد أول؛ والاثنين أهون وأوْهَن وأوْهَن وأوْهَد؛ والثلاثاء جُبَار- بالضم والكسر؛ والأربعاء دُبَار؛ والخميس مؤنساً لأنه مؤنس؛ والجمعة عروبة غير مصروفة، ومنهم من يقول: العروبة، وتسمى أيضاً رحبة. قال الشاعر: أؤمل أن أعيش وأن يومي ... بأول أو بأهون أو جبار والمردي دبار فإن أفته ... فمؤنس أو عروبة أو شيار اشتقاق هذه الأسماء أما قولهم في الأول أنهم جعلوه أول عدد الأيام. وقولهم في الاثنين: أهون وأوهد، فإنما ذهبوا به إلى معنى الهون وهو السكون؛ من قوله تعالى: {يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْناً}؛ وهذا يدل على المعنى لأن الوهدة الانخفاض، فكأنهم جعلوا الأول أعلى، ثم جعلوا الاثنين يسمى بأهون وأوهد لأنهما أخفض عن العدد. وقالوا في الثلاثاء جُبار وجِبار جميعاً؛ لأنه يُجْبَر معها العدد. والأربعاء دبار لأنه عندهم آخر العدد؛ وذلك أن الخميس والجمعة والسبت يجتمع فيه التأهب للاجتماع الجمعة، ومؤنس لقربه منها. والجمعة سميت عروبة لبيانها في سائر الأيام؛ وذلك أن الجمعة تعظم عند أهل مكة. ويروى أن سلمان رحمه الله قال له النبي صلى الله عليه وسلم: "أتدري ما

يوم الجمعة؟ هو يوم خلق الله فيه أباك آدم". والإعراب في اللغة: الإبانة. وأما تسميتهم يوم [أول] فهو اسم الأحد، وجمعه أوائل للقليل والكثير، كما يقال في الأخدع أخادع، وفي الأفكل أفاكل وهو أشد الرعدة. وكذلك أوهن وأهون للقليل والكثير جمعهما أواهن وأهاون. وأما جُبار فجمعه على أدنى العدد أجبرة، مثل غراب وأغربة، فإذا كثرت فجبران مثل الغربان، ويجوز الجبر. وكذلك مؤنس جمعه مآنس؛ وعروبة جمعها عرائب، مثل حلوبة وحلائب. وأما حربة فجمعها حربات مثل جفنة وجفنات، فإذا كثرت فهي الحربات؛ ويجوز الحربات بتسكين الراء، وهو قليل. قال ذو الرمة: أبت ذكر عودن أحشاء قلبه ... خفوقاً ولوعات الهوى في المفاصل أسماء الأيام وتثنيتها وجمعها السبت: تثنيته سبتان، وجمعه على أدنى العدد أسبت، فإذا جاوزت العشرة فهو السبوت ويجوز السبتات. وسمي سبتاً لأنهم كانوا يسبتون الأعمال فيه، أي يقطعونها.

والأحد: على أقل العدد آحاد؛ تقول: أحد وثلاثة آحاد جمعه، وأصله وحد لأنهم يستثقلون الواو فيبدلون بها الهمزة؛ إلا أن ذلك مطرد فيها إذا كانت مضمومة، نحو: أقتت، إنما هو وقتت، وأتت مخبر فيها. فإذا انكسرت أولاً فالاختيار تركها على هيئته، والبدل فيها جائز نحو: وسادة وإسادة، ووشاح وإشاح. فإذا كانت مفتوحة تركت على هيئتها لخفة الألف والفتحة وهي منها؛ فإذا أبدل مع المفتوحة فهو قلبك يحفظ حفظاً ولا يقاس عليها، نحو قولهم: أحد ووحد، ووناة وأناة؛ وأصلها من الونى. فإذا جاوزت العشرة فالأجود الآحاد، مثل أسد وآساد، وجبل وأجبال وجِبال. وأما الاثنان فلفظهما لفظ التثنية لا تلحقهما علامة التثنية ولا علامة الجمع على من قال: يوم الاثنين وأيام الاثنين. ومضى الاثنانان وهو على من جعل الواحد اثنان، هذا فجعل الألف والنون زائدتين. وحكى سيبويه الثنى؛ فعلى هذا يجمع فيقال: أثنان كثيرة وثنى كثيرة. وحكي عن بعض بني أسد: أثان كثيرة، مثل أسماء وأسام. وحكيت أثانين، وهي ضعيفة؛ وقال ثعلب: الاثنان والاثنانان والأثانين. والثلاثاء تؤنث على لفظها وتذكر إذا قصدت بها اليوم. وحكي عن يونس النحوي أن الثلاثاء يخبر عنها كما يخبر عن المؤنث، فيقال: مضت ثلاثاء وثلاثاوات. وقال ثعلب: الثلاثاء والثلاثاوات والأثالث. والأربعاء ثلاث أربعاوات، وأربعة أربعاوات على تذكي راليوم. وقال ثعلب: الأربعاء والأربعاوان والأربعاوات والأرابع. والخميس يجمع في أدنى العدد أخمسة مثل قفيز وأقفزة، فإذا جاوزت العشرة فهي الخميس [والأخمس] والخمسان، مثل رغيف وأرغف ورغفان، وكثيب

وكثبان؛ ويجمع أحمساء أيضاً، مثل نصيب وأنصباء. وقال ثعلب: تجمع أخمسة وأخامس. والجمعة تجمع على جمعات وجمع؛ وسميت جمعة لاجتماع الناس فيها. وقال ثعلب: [تجمع على] جمع وجمعات. وقال ابن الأنباري: جمع وجُمُعات وجُمَعات، والوجه الآخر جمع الجمع. قال: ويقال للاثنين: مضى الاثنان بما فيهما وفيه؛ فمن وحّد أراد اليوم، ومن ثنّى أراد اللفظ؛ ومضت الثلاثاء بما فيها وفيهن، وهو أجود لأن فيهن للقليل وفيها للكثير؛ وكذلك الأربعاء والخميس والجمعة.

باب أسماء الشهور واشتقاقها

باب أسماء الشهور واشتقاقها

المحرم سمي محرماً لأنهم كانوا يحرمون فيه القتال. صَفَر سمي صفراً لأنه كانت تصفر فيه الأشجار. وقيل أيضاً: إنهم يخرجون فيه إلى بلاد يقال لها الصفرية. وقيل: سمي صفراً لأنهم كانوا إذا خرج المحرم عنهم خرجوا في طلب الغارات، فتبقى المواضع صفراً لا أحد بها. ربيع سمي ربيعاً لارتباع العرب فيهما، أي لمقامهم فيهما؛ وقيل: لأنهم كانوا يغنمون ما يغنمون في صَفَر، ويأتون بالغنائم في ربيع؛ والربيع: الخصب. جُمادَى [سميت جُمادَى] لجمود الماء فيهما؛ لأن الوقت الذي وضعوا فيه التسمية كان الماء جامداً، فبنوا التسمية على كذلك. وكذلك قيل لهما: ملحان وشيبان لبياض الثلج فيهما. رَجَب سمي رجباً من قولهم: رجبته، إذا هبته؛ ورجبته: عظمته؛ من قولهم: عذق مرجب، أي معمود؛ ومنه قول القائل: "أنا جذيلها المحكك، وعذيقها المرجب". والعذق- بفتح العين: النخلة بعينها، والعذق- بالكسر: الكباسة. ورجب سمي: منصل الأسنة؛ لأنهم كانوا إذا دخل رجب أنصلوا أسنتهم، أي

نزعوها، وتركوا الحرب تعظيماً له. وسمي الأصم، وكانت للأوائل تسمية بذلك؛ لأن صوت السلاح لا يسمع فيه. وجائز أن يكون سمي بذلك لأنه لا يسمع فيه صوت الاستغاثة. وسمي الأصب؛ لأن الرحمة تصب فيه صباً. وقال محمد بن يزيد: سمي رجباً؛ لأنه متوسط كالرواجب. شَعْبان وسمي شعبان لتشعب الشجر فيه؛ لأن الماء بعد جموده يجري في العروق والعود، ويتمكن في ذلك الوقت. وقيل: لتشعب القبائل فيه، وهو اعتزال بعضها عن بعض. وقيل: لأنهم كانوا إذا زال رجب تشعبوا في طلب الغارات. رمضان سمي لشدة الرمض، وهو الحر؛ وقيل: لأنه ترمض فيه الذنوب؛ وقيل: لأنه من رمضت الفصال من الحر. شوال فلأنه الوقت الذي كانت الإبل تشول فيه، أي تحمل فتشول بأذنابها. ذو القعدة سمي بذلك لأنهم كانوا يقعدون فيه عن القتال، ويتأهبون للحج. ذو الحجة [سمي بذلك] لأن يُحج فيه.

[أيام التشريق] قال الأصمعي: وسميت أيام التشريق؛ لأنهم كانوا يجعلون اللحم في الشمس يجففونه. وقال غيره: سميت بذلك لأن اللحم يقطع فيها؛ يقال: شرقت اللحم، إذا قطعته. وقيل: إنما ذلك لكثرة اللحم ولكأنه نهر؛ لأنه يقال: شرق الشيء يشرق، إذا امتلأ حتى كاد يفيض؛ قال ابن مقبل: يكاد يطلع ظلماً ثم يمنعه ... عن الشواهق والوادي به شرق أي ملآن غاص. وقال الأعشى: ويشرق بالقول الذي قد أذعته ... كما شرقت صدر القناة من الدم باب كانوا يسمون المحرم: مؤتمراً، وصفراً: ناجراً، وربيع الأول: خُوّاناً وحكي خُوَاناً، وربيع الآخر: وبصان، وجمادى الأولى: الحنين، وجمادى الآخرة: ربي وربة ورباً، ورجباً: الأصم، وشعبان: عذالاً، ورمضان: ناتقاً، وشوالاً: وعلاً، وذو القعدة: ورنة وهواعاً، وذو الحجة: برك. باب سمي المحرم مؤتمراً، [لأنه] يصلح أن يكون من شيئين: أحدهما: أنه يؤتمر لترك

الحرب. والآخر أنه مفتعل من: أمر القوم، إذا كثروا. وكانوا يحرمون فيه القتال، فيكثرون في محالهم وشغلهم وقبائلهم. وسمي صفر ناجراً من شيئين: جاز أن يكون من النجر، وهو الأصل الذي يبدأ به في الحروب. وجاز أن يكون سمي من شدة الحر، وهو وقوع حرارة الحرب. وناجر هو تموز؛ لأن الإبل تنجر فيه، أي تعطش. يقال: نجرت الإبل، فهي نجرى ونجارى مثل عطشى وعطاشى. وسمي ربيع الأول خُوّاناً؛ لأن الحرب تشتد فيه فتخونهم أي تنقصهم. وربيع الآخر وبصان؛ لبريق الحديد فيه، وهو مأخوذ من الوبيص وهو البريق. [وسمي] جمادى الأولى حنيناً؛ لأن الناس يحنون فيه إلى أوطانهم. وجمادى الآخرة رُباً ورُبَّة؛ لأن فيه تعلم ما نتجت من حروبهم؛ والربى: الشاة القريبة العهد بالنتاج. ورجب سمي الأصم لما تقدم من تفسيره. وشعبان سمي عاذلاً لأنه كان يعذلهم عن الإقامة مذ حلت بهم الحرب. وسمي شوال وعلاً؛ لأنهم يجدون فيه في طلب الكسب والغارات، فكل قوم يفزعون من العذاب يلتجئون إلى مكة يتحصنون فيها. والوعل إذا جاء قاصداً لا يعرجه شيء؛ فإن أقام ببعض الطريق فليس يتوه. وسمي ذو القعدة ورنة؛ لأنه مشتق من أرن يأرن، إذا نشط وتحرك حركة

شديدة. وتبدل الواو من الهمزة نحو وزيت الحوض أزيه، إذا جعلت له إزاء. وإنما قيل له: ورنة؛ لأن القوم يتحركون فيه للحج. ويقال [له] أيضاً: هواع؛ كأنه يهوع الناس، أي يحركهم من أمكنتهم للحج. وذو الحجة سمي بركاً؛ لأنه معدول عن بارك، كأنه الوقت الذي تبرك فيه الإبل للمواسم. وجائز أن يكون بُرَك مشتقاً من البركة؛ لأن الحج الوقت الذي تكون فيه البركة. فصل العرب تسمي كل ثلاث من الشهر باسم، فتقول: لثلاث من أوله: غرر، وثلاث نُفَل، وثلاث تسع، وثلاث عشر، وثلاث بيض، وثلاث درع، وثلاث خنس ونحس جميعاً، وثلاث حنادس، وثلاث دآدئ وثلاث سرار، ويقال أيضاً: ثلاث محاق. ثلاث غرر، ويقال غر؛ سميت بذلك لأن صورة الهلال كصورة الغرة من جبهة الفرس؛ وقيل: سميت بذلك لأن غرة كل شيء أوله. والنفل لأن القمر يرتد فيها، وهو مشتق من النفل وهو الزيادة والعطية. وتسمى النفل الشهب؛ لأن سواد الليل يخالطه بياض النهار كشهبة الخيل. والتسع لأن الليلة التاسعة فيها. ويقال للثلاث التسع: بهر لأن القمر فيهن يبيض ظلمة الليل.

والعُشَر لأن العاشرة فيها. وثلاث بيض لأن القمر ليلة ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة في الليلة كلها يضيء. وقيل ليلة أربع عشرة للقمر: بدر. وثلاث درع لأن أولها أسود وآخرها أبيض، فشبهت بالشاة الدرعاء التي يسود رأسها وعنقها، ويبيض سائرها. وثلاث خنَّس ونحس، لأن القمر يخنس فيها، أي يتأخر طلوعه ومن قال: نحس، كأنه يمحق. وثلاث حنادس لأنه تشتد ظلمتها، ويقال لها: دهم، لسواد الليل؛ شبهت بالدواب الدهم لأن القمر يطلع في آخرهن. والدادئ: أخذت من الدأدأة، وهو عدو البعير حين يقدم يداً، ويتبعها أخرى سريعاً. ففي هذه الثلاث يمكث القمر حتى يكون غيوبه قريباً من طلوعه جداً. [فهو يدأدئ]، أي يسرع كإتباع البعير يديه إحداهما إلى التي تتقدمها. والسرار: آخر يوم في الشهر؛ يسمى سراراً لأن القمر يستسر فيه، وربما استسر الهلال يومين في الشهر ولا يرى. وآخر يوم في الشهر يسمى براء، من الابتراء وهو انقطاع المشي؛ يقال: بريت القلم وغيره- غير مهموز- أبريه برياً. ويقال أيضاً: ثلاث محاق؛ ويقال لليلة الليلتين: ليلاء. فصل وللعرب أسجاع في مقدار طلوع القمر من أول الشهر إلى عشر ليال تخلو منه. ويقولون في الهلال إذا كان ابن ليلة: رضاع سخيلة حل أهلها برميلة، أي قدر كمية ذلك العدد؛ وبعضهم يقول: عتمة سخيلة، أي إبطاء سخيلة في الرضاع.

وإنما قالوا: حل أهلها برميلة؛ لأن لبن الأم يقل فيقل رضاعها. وابن ليلتين: حديث أمتين بكذب ومين، أي مكث قليل، وحديثهما كذب، وهو غير متصل. وابن ثلاث: ابن ثلاث قليل اللباث؛ وقيل: حديث فتيات غير مؤتلفات، أي لا يطول حديثهن. وابن أربع: عتمة ربع غير جائع ولا مرضع؛ والربع: ما نُتج في الربيع، وهو أقوى مما نُتج في الصيف، وعتمته: عشاؤه، ورذا لم يكن جائعاً يقل في الأكل ولا يجد. وابن خمس: ابن خمس حديث وأنس؛ وقال أبو زيد: عشاء خلفات قعس؛ والخلفات: جمع خلفة وهي الحوامل، والقعس: جمع قعساء، وإنما جعلها قعساء لأنها إذا حملت مسحت بآنافها، ورفعت رؤوسها، وخرجت صدورها، فثقل أكلها. وابن ست: ابن ست سر وبت؛ لأن القمر يمكث ثلاثة أسباع من الليل، وفيه اتساع الليل والمبيت. وابن سبع: ابن سبع حديث وجمع؛ وقيل: ابن سبع دلجة الضبع؛ لأن ابن سبع يغيب نصف الليل، وفي ذلك الوقت تجول الضبع. وإنما قيل: حديث وجمع، لأنه يحكى فيه حديث الجماعة. وابن ثمان: ابن ثمان قمر إضحيان؛ والإضحيان: شديد الضوء؛ يقال: قمر إضحيان، وليلة إضحيان إذا كانت مصبحة بالقمر، وإضحيانة وضحياء. وابن تسع: ابن تسع يلتقط فيه الجزع؛ وقالوا: القطع الشسع، وإنما قالوا القطع الشسع لطول المكث منه قبل أن يغيب. وإنما خص الجزع لأنه أخفى شيء في

القمر؛ قال الشاعر: أضاءت لهم أحسابهم ووجوههم .. دجى الليل حتى نظم الجزع ثاقبه وابن عشر: ابن عشر يؤديك إلى الفجر. وهلال أول ليلة والثانية والثالثة، ثم هو القمر إلى آخر الشهر قال عمر بن أبي ربيعة: وقمير بدا ابن خمس وعشريـ ... ـن له قالت الفتاتان: قوما فصغر لصغره في ذلك الوقت. ومركب العرب أن يمثل [القمر] لما بعد القُربة من الفجر، لأنهم وضعوا الليال بجملتها إلى آخر الشهر؛ يقال لليلة ثلاث عشرة: السواء لاستواء القمر فيها.

باب مما يذكر ويؤنث

باب مما يذكر ويؤنث

ومما يذكر ويؤنث: السبيل، والطريق، والأضحى، والصاع، والسوق، واللسان، إذا أردت بها الرسالة أنثت وإلا فهو مذكر؛ قال أعشى بأهله: إني أتتني لسان لا أسر بها ... من علو لا كذب فيها ولا سخر والعجز، والمتن، والكراع، والعضل، والعنق، والعاتق، والهُدَى، والآل من السراب والسلام بمعنى، والفهر، والطست، والذنوب، والسلاح، والحانوت، والطاغوت، والسكر، والسلطان. قال: أحجاج لولا الملك هنت وليس لي ... بما جنت السلطان منك يدان فمن ذكر ذهب إلى الرجل، ومن أنث ذهب إلى معنى الحجة. [وفي السبيل] قال: سليمان المبارك قد علمتم ... هو المهدي إلى وضح السبيل وقال عز وجل: {إِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً}، وقال تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ}. والقفا من الإنسان يذكر ويؤنث. والطريق: الاختيار فيه التذكير، قال: إن السماحة والمروءة ضمناً ... قبراً بمرو على الطريق الواضح والسلم: الاختيار فيه التذكير؛ قال الله تعالى: {أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ

فِيهِ}، وجمعه سلالم وسلاليم. قال ابن مقبل: لا تمنع المرء أحجاء البلاد ولا ... تبنى له في السماوات السلاليم والسراويل: الاختيار فيها التأنيث، قال قيس بن سعد: أردت لكما يعلم الناس أنني ... سراويل قيس والوفود شهود وأن لا يقولوا: غاب قيس وهذه ... سراويل عادي نمته ثمود وقيل: امتدح بعض الأعراب والياً كان بكسكر، فأمر له بسراويل، فباعها بدرهم ونصف، وقال: مدحت حميداً كاذباً فأثابني ... سراويل لم تصلح علي فبعتها وقد قال: ما أعطيت قبلك شاعراً ... من الناس إلا دونها فقبلتها كلانا لئيم أنت حين وهبتها ... وإني لئيم النفس حين قبلتها والعسل والنحل والعنكبوت الاختيار تأنيثها؛ قال الله عز وجل: {كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً}، وقال الفرزدق: ضربت عليك العنكبوت بنسجها ... وقضى عليك به الكتاب المنزل وقال آخر في التذكير:

على هطالها منها بيوت ... كأن العنكبوت بها ابتناها وجمعها عناكب وعناكيب. والكُراع تأنيثه أجود، وجمعه أكراع؛ قال الفرزدق: تزيد يربوع بهم في عدادهم ... كما زيد في عرض الأديم الأكارع والطست يقال لها: طست وطس وطسة؛ والسكين تذكر وتؤنث، قال: يرى ناصحاً فيما بدا فإذا خلا ... فذلك سكين على الحلق حاذق وقال آخر في التأنيث: فعيث في السنام غداة قر ... بسكين موثقة النصاب وكل جمع في واحده هاء فإذا حذفت صارت جمعاً جاز فيه التذكير والتأنيث، وأهل الحجاز يؤنثونه. يقولون: هذا بقر وهذه بقر، وهو الشَّعر وهي الشعر، وهو التمر وهي التمر؛ ويقولون: [هذا]، حمامة ذكر، وهذه حمامة ذكر؛ وهذا حمام. قال الكسائي: سمعت العرب تقول: رأيت حماماً على حمامة، وجراداً على جرادة في كل هذا النوع؛ إلا أني لم أسمعهم يقولون: رأيت حياً على حية. وكل جمع بني آدم فهو مؤنث سواء كان مذكراً واحده أو مؤنثاً، نحو قولك: .... وهي الأشواق فاعرفه إلى أن الله ........ السماء، والأرض، والشمس، والقوس؛ قال:

يا باري القوس برياً ليس يحسنه ... لا تظلم القوس أعط القوس باريها والقصر، والعروس، والملح، والفأس، والكأس، والسوق، والنحل، والذهب، والفضة، والحرور، والشمال، والجنوب، والمواسي، والحرب؛ قال أبو تمام: والحرب مشتقة المعنى من الحرب والسرى سرى الليل، والغول، والغنم، والضبع، والأفعى والمذكر أفعوان، والعقارب، والخمر وصفاتها، والعقرب، والأرنب، والمنجنيق؛ قال جرير: رأيت المنجنيق إذا أصابت ... بناء الكفر هدَّمت الرخاما والبئر، والدلو وتصغيرها دلية؛ قال زهير: فشج بها الأماعز وهي تهوي ... هوي الدلو أسلمها الرشاء وقال ذو الرمة: كأنها دلو بئر جد ماتحها ... حتى إذا ما رآها خانه الكرب ودرع الحديد مؤنثة؛ قال أبو ذؤيب: حميت عليه الدرع حتى وجهه ... من حرها يوم الكريهة أسفع وحروف المعجم كلها مؤنثة، نحو الألف والباء والتاء إلى آخرها؛ فإن أردت

الحرف فهو مذكر. والبلدان كلها تؤنث إلا الشام والعراق وواسط ودابقاً. وما رأيت من البلدان في آخره ألف ونون نحو جرجان وحلوان والتأنيث في هذا كله جائز تذهب مذهب المدينة. والشهور كلها مذكر إلا الجماديين؛ قال: إذا جمادى منعت قطرها ... زان جناني عطن مغضف والسبت، والأحد، والاثنان، والخميس، مذكرات؛ والثلاثاء، والأربعاء، والجمعة مؤنثات، وإن شئت ذكرت الأيام كلها تذهب بها إلى اليوم. والنار، والدار، والكأس، والقدوم، والعصا، والرحل، والعناق، والوصي، والريح وأسماؤها، والإصبع وأسماؤها، والكبد، والكرش، والضلع، والفخذ، والكتف، وعروض الشعر، والذود من الإبل، والخيل، والغنم، والضأن، والمعز، والقتب، والقُلُب، والطباع من طباع الرجل، والمنون وهي المنية، فإذا أردت الدهر فهو مذكر؛ وينشد بيت أبي ذؤيب: أمن المنون وريبه تتوجع فالتذكير والتأنيث على معنى ما ذكرت.

واليمين والشمال وكذلك اليمين من الحلف، والجزور، والنوى، والأسنان كلها إناث لا الأنياب والأضراس كلها ذكران. والنفس، والروح وقد ذكره بعض، والثريا، والرحم، والصعود، والهبوط، والحدور، والصوت، والكؤود، والعزب، والضرب وهي العسل، والحال وقد يذكر أيضاً. واعلم أن المؤنث إذا صرف عن مفعول إلى فعيل حذفت منه الهاء من المؤنث كله؛ لأنك تقول: خضبت فهي مخضوبة، فإذا صرفت إلى خضيب حذفت الهاء؛ وهذا كله يكون في النعوت. فإذا أتبعت الأسماء، نحو قولك: هذه امرأة صبور، وهذه امرأة شكور، وهذه كف خضيب [حذفت الهاء]. فإن قلت: هذه جهولة، وهذ خضيبة من غير أن تذكر المرأة والكف دخلت فيهما الهاء لئلا يلتبس بالمذكر. وأما ما يكون للمؤنث ولا يكون للمذكر فلا تدخل فيه الهاء إلا على الشذوذ؛ فمن ذلك: امرأة حائض، وطامث، وحامل، ومرضع، ومطفل، فهذا كله لا هاء فيه لأنه لا يلتبس بالمذكر، وإدخال الهاء فيه شاذ؛ قال الأعشى: أجارتنا بيني فإنك طالقه ... كذاك أمور الناس غاد وطارقه وقال آخر: رأيت حيون العام والعام قبله ... كحائضة يزنى بها غير طاهره واعلم أن العرب تذكر من نعوت المؤنث أشياء هي من نعوت المذكر، كقولهم: وكيلك امرأة، وشاهدك امرأة، فيذكرونه. وربما أدخلوا الهاء؛ قال

الشاعر: فلو جاءوا ببرة أو بهنْد ... لبايعنا أميرة مؤمنينا [مما يذكر في البدن من الإنسان] ومما يذكر في البدن من الإنسان: الرأس، والجبين، والخد، والأنف، والناب، والصدغ، والشارب، والذقن، والظهر، والبطن، والصدر، واللحي، والروح وقد أنث، والقفا مثله، واللسان مثله. [مما يذكر ويؤنث في البدن من الإنسان] ومما يذكر ويؤنث: السن، والعنق، والأمعاء، والإبط، والعاتق؛ والاختيار في هذا كله التأنيث. [مما يؤنث في البدن من الإنسان] ومما يؤنث من البدن: النفس، والعين، والأذن، والكبد، وجمعها أكباد للقليل منها، والكثير الكبود، والعضد، والورك، والساق، ولاعقب ويجمع العقب على ثلاث أعقب وأعقاب، والقدم، واليد، والأنامل، والأصابع، والذراع، والضلع وتجمع على ثلاث أضلع وأضلاع فإذا كثرت فهي الضلوع، قال: تذكرن ذا الأعقال واللبث شجوه ... وهيجن ما بين الحشا والأضالع والسن، واليمين، والشمال، والفخذ، والكرش. إذا قيل لك: إذا كان العين مؤنثة، فلم قال أبو زبيد الطائي يصف الأسد:

هزبراً كريهاً ضيغماً شرساً ... وعينه في الدجى مستبرق لمع فلم يقل: مستبرقة لمعة، وإنما هي مؤنثة؟ فقل: لأن العرب تصف المؤنث بصفة الذكر ويريدون: جنسها مذكر. ويجوز أن تقول: امرأة جالس وقاعد؛ تريد جنس المرأة لا المرأة. قال الشاعر فيه أيضاً: وأعين الناس وأركانهم ... مخالف للزمن القاسط فقال: أعين الناس مخالف، ولم يقل مخالفة؛ لأنه أراد به الجنس، فقس على هذا تصب إن شاء الله. ويجوز أن تقول: عيناي دمعتا، وعيناي دمعت؛ قال الأعشى: ورُبَّت سائل عني خفي ... أغارت عينه أم لم تغارا وقال امرؤ القيس: أمن زحلولة زل ... بها العينان تنهل

تم كتاب الإبانة بأسره من أوله إلى آخره بعون الله وتوفيقه. والحمد لله حق حمده، وصلواته على رسوله وعبده محمد النبي صلى الله عليه وسلم، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وسلم عليه وعليهم أجمعين. وذلك في نهار يوم الأحد لتسع ليال من شهر صفر من سنة أربع وثمانين وتسعمائة هجرية نبوية على مهادها أفضل الصلاة والسلام. على يدي مالكه من فضله الكريم أفقر العبيد الراجي رحمة ربه المجيد. . . . . . . . في إحياء آثار المسلمين أهل الاستقامة رحمهم الله تعالى، ونفعنا بهم في الدنيا والآخرة إنه على كل شيء قدير، وبالإجابة على ذلك جدير، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

§1/1